الأسئلة والأجوبة الفقهية

عبد العزيز السلمان

وَقْفٌ للهِ تَعَالَى تَأْلِيفُ عَبدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ السّلمانِ المدرس في معهد إمام الدعوة بالرياض غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين الجزء الأول طُبِِعَ عَلَى نَفَقَةِ مَنْ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وجْهَ اللهِ وَالدَار الآخرةَ فجَزاهُ اللهُ عن الإسلام والمسلمينَ خيرًا وغَفَر له ولوالديه ولمن يُعيدُ طِبَاعَتَه أو يُعِيْنُ عليها أو يَتَسبَب لها أو يُشِيرُ على مَنْ يُؤمِلُ فيه الخيرَ أن يَطبَعَه وقفًا للهِ تعالى يُوزَّع على إخوانِهِ المسلمين ... اللهم صل على محمد وعلى آله وسلم

حقوق الطبع محفوظة للمؤلف ومن أراد طباعته ابتغاء وجه الله تعالى لا يريد به عرضًا من الدنيا فقد أُذن له وجزى الله خيرًا من طبعه وقفًا أو أعان على طبعه أو تسبب لطبعه وتوزيعه على إخوانه المسلمين فقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة صانعه يحتسب في صنعته الخير والرامي به ومنبله» الحديث رواه أبو داود. وورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» الحديث رواه مسلم. ...

خطبة الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم خطبة الكتاب الحمد لله الذي تفرد بالجلال والعظمة والكبرياء والجمال، وأشكره شكر عبد معترف بالتقصير عن شكر بعض ما أوليه من الإنعام والأفضال، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله - صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. وبعد؛ فعندما كنت أدرس التلاميذ في المعهد العلمي في الفقه، طلب مني بعض التلاميذ أن أضع لهم على المقرر أسئلة وأجوبة للمراجعة، فأجبتهم إلى ذلك، ووضعت على المقرر من الفقه أسئلة قليلة جمعت لها من كتب الفقه أجوبة، وبعد مدة رأيت أني أزيد فيها وأنقص وأنقحها وأذكر معها ما تيسر من دليل أو تعليل، وحيث أن النظم يسهل حفظه غالبًا وإحضاره ويروق للسامع، فقد ذكرت ما تيسر من نظم ابن عبد القوي، ومن مختصره لابن معمر، وإن شاء الله سأذكر المصادر التي نقلتها منها من كتب الحديث والفقه في آخر الكتاب، وسميتها «الأسئلة والأجوبة الفقهية المقرونة بالأدلة الشرعية» والله المسئول أن يجعل عملنا خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به نفعًا عامًا، وأن يجعله مقربًا لنا ولمن انتفع به لديه في جنات النعيم، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليمًا كثيرًا،،، عبد العزيز المحمد السلمان

تعريف الفقه

1- تعريف الفقه س1: ما هو الفقه لغةً وشرعًا؟ وما موضوع علم الفقه؟ ج: الفقه لغةً: الفهم، وشرعًا: معرفة الأحكام الشرعية بالفعل أو بالقوة القريبة، وموضوعه: أفعال العباد من حيث تعلق الأحكام الشرعية بها ومسائله، وما يذكر في كل باب من أبوابه. س2: ما هي الأحكام الشرعية؟ اذكرها بوضوح. ج: هي الأول: الواجب، وهو ما أثيب فاعله وعوقب تاركه، والثاني: الحرام، وهو ما أثيب تاركه وعوقب فاعله، والثالث: المسنون، وهو ما أثيب فاعله ولم يعاقب تاركه، والرابع: المكروه، وهو ما أثيب تاركه ولم يعاقب فاعله، والخامس: المباح، وهو مستوي الطرفين أي ما خلا من مدح وذم. س3: من هو الفقيه؟ وما الذي يجب على المكلف تعلمه؟ ج: هو من عرف جملة غالبة من الأحكام الشرعية بالفعل أو بالقوة القريبة، ويجب على المكلف أن يتعلم من العلوم الدينية ما يحتاج إليه في عباداته ومعاملاته، وما عدا ذلك من العلوم الشرعية أو ما هو وسيلة إليها فمستحب، قال الله تعالى: {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} الآية. وعن معاوية - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين» متفق عليه، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة» رواه مسلم.

كتاب الطهارة

2- كتاب الطهارة س4: ما هي الطهارة لغةً وشرعًا؟ ولما قدمت على غيرها؟ ج: هي لغةً: النظافة والنزاهة عن الأقذار، وحقيقتها استعمال المطهرين الماء والتراب أو أحدهما على الصفة المشروعة في إزالة النجس والخبث، وقدمت الطهارة على غيرها؛ لأنها شرط من شروط الصلاة التي هي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، والشرط مقدم على المشروط. س5: ما هو الدليل على ذلك؟ ج: ما ورد عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» رواه الخمسة إلا النسائي. س6: ما هو الماء الطهور؟ وما الدليل على طهارته؟ ج: هو الطاهر في ذاته المطهر لغيره. قال الله تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ} ، وقال: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} . وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في البحر: «هو الطهور ماؤه، الحل ميتته» أخرجه الأربعة، وابن أبي شيبة واللفظ له، وابن خزيمة والترمذي، ورواه مالك والشافعي وأحمد. س7: بين ما الذي ينجس به الماء الطهور؟ واذكر الدليل على ما تقول. ج: ينجس إذا تغير لونه، أو طعمه، أو ريحه بنجاسة، لما ورد عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه» أخرجه ابن ماجه، وضعفه أبو حاتم، وللبيهقي: «الماء طهور إلا إن تغير ريحه أو طعمه

س8: بأي شيء يطهر الماء النجس؟

أو لونه بنجاسة تحدث فيه» ، وأجمع العلماء أن الماء الكثير والقليل إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت له لونًا أو طعمًا أو ريحًا أنه نجس. والله أعلم، وصلى الله على محمد. س8: بأي شيء يطهر الماء النجس؟ ج: بأحد ثلاثة أشياء: إما بزوال تغيره بنفسه، أو ينزح ويبقى بعده ماء غير متغير، وإما بإضافة ماء إليه ويزول معه التغير. 3- باب الآنية س9: ما هي الآنية؟ ولما ذكرت تلي الطهارة وما حكمها؟ ج: هي الأوعية، ولما كان الماء لابد له من وعاء ذكر تابعًا له، وحكمها أن كل إناء ظاهر ولو ثمينًا يباح اتخاذه واستعماله إلا آنية ذهب وفضة وما فيه شيء منهما أو من أحدهما إلا ضبة يسيرة من فضة لحاجة. ومن مختصر النظم: وكل الأواني الطاهرات وإن غلب ... تباح لكل مطلقًا غير عسجد وغير لجين والمضبب منهما ... فحرم على الصنفين لا تتقيد ومن فضة حوز كتشعيب قصعة ... وكره بلا حاج مباشرها زد س10: ما الدليل على تحريم أواني الذهب والفضة، وإباحة السلسلة من الفضة؟ ج: ما ورد عن حذيفة مرفوعًا: «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة» ، وعن أم سلمة: «الذي يشرب في إناء الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم» متفق عليهما، وعن أنس: «أن قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة» رواه البخاري.

س11: ما حكم استعمال آنية الكفار وثيابهم؟ واذكر دليل ذلك.

س11: ما حكم استعمال آنية الكفار وثيابهم؟ واذكر دليل ذلك. ج: تباح آنية الكفار وثيابهم إن جهل حالها. قال الله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ} و «لأنه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه توضؤوا من مزادة امرأة مشركة» متفق عليه، وعن جابر قال: «كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنصيب من آنية المشركين فنستمتع بها ولا يعيب ذلك عليهم» رواه أحمد وأبو داود. من النظم: وآنية الكفار طاهرة معا ... وأثوابهم ما لم تيقن لمفسد وما جهل استعماله من متاعهم ... مباح بلا كره بغير تقيد س12: بين حكم جلد الميتة التي تفيد فيها الذكاة بعد الدبغ، واذكر الدليل. ج: يطهره الدباغ، لما وري عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد شاة ميتة أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هلا انتفعتم بجلدها؟» قالوا: إنها ميتة، فقال: «إنما حرم أكلها» ، ولما ورد عن سودة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: «ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها ثم ما زلنا ننبذ فيه حتى صار شنا» رواه أحمد والنسائي والبخاري، وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أيما إهاب دبغ فقد طهر» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه والترمذي، وقال: قال إسحاق عن النضر بن شميل: إنما يقال إهاب: لجلد ما يُؤكل لحمه. س13: ما حكم أجزاء الميتة؟ اذكرها بوضوح وبين أنواعها. ج: الميتة نوعان: طاهرة، كالسمك والجراد وما لا نفس له سائلة متولدة من طاهر، فهذه أجزاؤها طاهرة إذا انفصلت عنها في الحياة والموت.

س14: ما حكم ما قطع من البهيمة، وما دليل الحكم؟

والثانية: كبهيمة الأنعام والطيور ونحوها مما تفيد فيه الذكاة، فهذه الصوف والشعر والوبر والريش منها طاهر والباقي نجس. قال الله تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا} والريش مقيس عليه. ونقل الميموني عن أحمد «صوف الميتة لا أعلم أحدًا كرهه» . والله أعلم، وصلى الله على محمد. س14: ما حكم ما قطع من البهيمة، وما دليل الحكم؟ ج: ما فُصِلَ مِنْ البهيمة وهي حية فهو كميتته طهارة ونجاسة، لما ورد عن أبي واقد الليثي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة» أخرجه أبو داود والترمذي؛ وأما ما لا تفيد فيه الذكاة، كالكلب والخنزير ونحوها، فهذه أجزاؤها كلها نجسة ذكيت أم لا، ولا يستثنى منها شيء. والله أعلم، وصلى الله على محمد. س15: بين حكم تخمير الإناء وإيكاء السقاء وإطفاء النار عند النوم، واذكر الدليل. ج: مستحبات لما ورد عن جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «غطوا الإناء وأوكوا السقاء، وأغلقوا الأبواب، وأطفئوا السراج، فإن الشيطان لا يحل سقاء، ولا يفتح بابًا، ولا يكشف إناءً؛ فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودًا ويذكر اسم الله فليفعل؛ فإن الفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم» رواه مسلم. وأما الدليل على إطفاء النار عند النوم، فهو ما ورد عن ابن عمر -رضي الله عنهما-، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون» متفق عليه، وعن أبي موسى الأشعري قال: احترق بيت بالمدينة على أهله من الليل، فلما حدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشأنهم، قال: «إن هذه النار عدو لكم، فإذا نمتم فاطفئوها» متفق عليه.

باب الاستنجاء وآداب التخلي

4- باب الاستنجاء وآداب التخلي س16: ما هو الاستنجاء؟ وما حكمه؟ وما دليله؟ ج: هو إزالة ما خرج من سبيل بماء أو إزالة حكمه بحجر ونحوه، وحكمه واجب، لما ورد عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار؛ فإنها تجزئ عنه» رواه أحمد والنسائي وأبو داود، وعن أنس - رضي الله عنه - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي أداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء» متفق عليه. س17: ما المراد بآداب التخلي، وما المسنون قوله عند دخول الخلاء؟ ج: المراد ما ينبغي فعله حال قضاء الحاجة وعند دخول الخلاء والخروج منه والمسنون قوله عند دخول الخلاء هو ما ورد في حديث أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كان إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث» متفق عليه، وروى أبو أمامة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يعجز أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الشيطان الرجيم» رواه ابن ماجه، وعن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل أعوذ بالله من الخبث والخبائث» رواه ابن ماجه. س18: ما المسنون قوله عند الخروج من الخلاء؟ ج: يسن قول ما ورد عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك» رواه الخمسة إلا النسائي، وعن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني» رواه ابن ماجه.

س19: بين صفة دخول الخلاء والخروج منه والجلوس لقضاء الحاجة؟

وفي «مصنف عبد الرزاق» : أن نوحًا –عليه الصلاة والسلام- كان يقول إذا خرج: «الحمد له الذي أذاقني لذته وأبقى في منفعته وأذهب عني أذاه» . س19: بين صفة دخول الخلاء والخروج منه والجلوس لقضاء الحاجة؟ ج: يقدم رجله اليسرى عند الدخول، واليمنى عند الخروج عكس مسجد ونعل، وعند الجلوس يرفع ثوبه شيئًا فشيئًا ويعتمد على رجله اليسرى، ولا يلبث إلا بمقدار حاجته، أما كونه يقدم اليسرى في الدخول واليمنى للخروج، فلأن اليسرى للأذى واليمنى لما سواها؛ لأنها أحق بالتقديم إلى الأماكن الطيبة وأحق بالتأخير عن الأذى ومحله؛ وأما كونه يرفع ثوبه شيئًا فشيئًا، فلما روى ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض، وأما كونه يكون معتمدًا على رجله اليسرى، فلحديث سراقة بن مالك - رضي الله عنه - قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتكئ على اليسرى وأن ننصب اليمنى» رواه الطبراني والبيهقي؛ ولأنه أسهل لخروج الخارج، وأما كونه لا يلبث فوق حاجته، فقيل: لأنه مضر عند الأطباء، وقيل: لأنه يدمي الكبد، وقيل: لأنه يورث الباسور. والله أعلم، وصلى الله على محمد. س20: ما حكم الكلام في حال قضاء الحاجة، وما هو دليل الحكم؟ ج: مكروه كراهة شديدة لغير ضرورة أو حاجة، لما ورد عن ابن عمر «أن رجلاً مر ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبول فسلم عليه فلم يرد عليه» رواه الجماعة إلا البخاري، وعن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتيهما يتحدثان؛ فإن الله يمقت على ذلك» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. س21: ما حكم دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله، وما دليل الحكم؟

س22: بين حكم مباشرة الفرج باليمين، واذكر الدليل على ما تقول.

ج: يكره إلا لحاجة، أما المصحف فيحرم إلا لضرورة أو حاجة؛ لما ورد عن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء نزع خاتمه» رواه الخمسة إلا أحمد، وصححه الترمذي، وقد صحح أن نقش خاتمه «محمد رسول الله» . ومن مختصر النظم: وسم إذا رمت الخلا وتعوذن ... ولا تنكشف إلا مقارب مقعد وقدم يسارًا في الدخول وعكسه ... خروجًا وأنصت في جلوسك ترشد وكن ناصب اليمنى ومعتمدًا على ... يسار وإن تعطس ففي قلبك أحمد ونح الذي اسم الله فيه بلا أذى ... ونقش الخواتيم أخب في باطن اليد س22: بين حكم مباشرة الفرج باليمين، واذكر الدليل على ما تقول. ج: مكروه لغير ضرورة أو حاجة، لما ورد عن أبي قتادة مرفوعًا: «لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه» متفق عليه. ولمسلم عن سليمان: «نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو عظم» . س23: بين حكم الاستتار والابتعاد في الفضاء لمريد قضاء الحاجة؟ ج: مستحب لما ورد عن جابر قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر فكان لا يأتي البراز حتى يغيب فلا يُرى» رواه ابن ماجه، وعن عبد الله بن جعفر قال: «كان أحب ما استتر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاجته هدف أو حائش نخل» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه. س24:ما حكم البول والتغوط في طريق الناس أو ظلهم، وما دليل الحكم؟ ج: محرم لما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اتقوا اللاعنين الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم» رواه مسلم.

س25: بين حكم البول في الجحر والسرب، والشق والماء الراكد والمستحم، واذكر دليل الحكم.

وعن أبي سعيد الحميري، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل» رواه أبو داود وابن ماجه، وقال: هو مرسل ولا يحرم في مجمع الناس على حرام كغيبة، أو لهو، أو قمار، أو شرب مسكر، أو سماع الآلات المطربة، ويجب تفريقهم بما استطاع. س25: بين حكم البول في الجحر والسرب، والشق والماء الراكد والمستحم، واذكر دليل الحكم. ج: مكروه، لما ورد عن قتادة عن عبد الله بن سرجس قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبال في الحُجْرِ» قالوا لقتادة: ما يكره من البول في الجحر، قال: يقال: إنها مساكن الجن، رواه أحمد والنسائي وأبو داود. وأما الدليل على كراهة البول في الماء الراكد والمستحم، فهو ما ورد عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه «نهى أن يبال في الماء الراكد» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه، وعن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يبولن أحدكم في مستحمه، ثم يغتسل فيه أو يتوضأ فيه؛ فإن عامة الوسواس منه» رواه أبو داود والترمذي والنسائي، إلا أنهما لم يذكرا: «ثم يغتسل فيه أو يتوضأ فيه» . س26:بين حكم إعداد الأحجار للاستجمار وطلب المكان اللين للبول. ج: مستحب، لما ورد عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار، فإنها تجزئ عنه» رواه أحمد والنسائي وأبو داود والدارقطني، وقال: إسناده حسن صحيح.

س27: بين حكم استقبال واستدبارها حال قضاء الحاجة، واذكر دليل الحكم وما تستحضره من خلاف.

وعن أبي موسى قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فأراد أن يبول فأتى دمثًا في أصل جدار فبال، ثم قال: «إذا بال أحدكم فليرتد لبوله» رواه أحمد وأبو داود. وعن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أتى الغائط فليستتر؛ فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبًا من رمل فليستدبره؛ فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج عليه» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. 5- استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة س27: بين حكم استقبال واستدبارها حال قضاء الحاجة، واذكر دليل الحكم وما تستحضره من خلاف. ج: قيل: يحرم في البنيان وغيره، لما ورد عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا جلس أحدكم لحاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها» رواه أحمد ومسلم. وعن أبي أيوب الأنصاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أوتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها؛ ولكن شرقوا أو غربوا» ، قال أبو أيوب: «فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة فننحرف عنها ونستغفر الله» متفق عليه، ولمسلم عن سلمان: «لقد نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبلة بغائط أو بول» الحديث. والقول الثاني: التفريق بين العمران والفضاء، وأنه يحرم استقبالها واستدبارها في الفضاء ويجوز في العمران، لما ورد عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: «ارتقيت يومًا على بيت حفصة فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة» رواه الجماعة.

س28: اذكر ما تستحضره مما لا يجوز الاستجمار به مع ذكر الدليل.

وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبلة ببول فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها» رواه الخمسة إلا النسائي، وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ناسًا يكرهون أن يستقبلوا القبلة بفروجهم، فقال: «أو قد فعلوها حولوا مقعدتي قبل القبلة» رواه أحمد وابن ماجه، وعن مروان الأصفر قال: «رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة يبول إليها، فقلت: أبا عبد الرحمن، أليس قد نهى عن ذلك؟ فقال: بلى، إنما نهى عن هذا في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس» رواه أبو داود. والذي تميل إليه النفس العمل بحديث أبي أيوب؛ لأنه أحوط، فاستقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط في بنيان أو فضاء حرام. قال الشيخ سليمان بن سحمان الناظم لبعض اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية: وعند أبي العباس ليس بجائز ... ولو من وراما حال فاحظر وشدد فكم بين بيت الله من ركن شامخ ... وأسوار حيطان وبيت معمد فالجهة التحريم يا صاح فاعلمن ... فخذ نص تصريح صحيح مؤيد وإن ذكروا يومًا حديثًا مجوزًا ... لذلك في البنيان غير مفند فقد ذكر ابن القيم الحبر أنها ... قضية عين خصصت بمحمد س28: اذكر ما تستحضره مما لا يجوز الاستجمار به مع ذكر الدليل. ج: يحرم بعظم وروث وماله حرمة ومطعوم وحي، لما ورد عن جابر قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتمسح بعظم أو بعرة» رواه أحمد ومسلم وأبو داود، وعن سلمان قال: «أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن لا نكتفي بدون ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع ولا عظم» رواه أحمد وابن ماجه، وعن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى أن يستنجي بروث أو بعظم، وقال: إنهما لا يطهران» رواه الدارقطني، وقال: إسناد صحيح.

س29:ما حكم الاقتصار على الماء أو الأحجار؟ وما حكم الجمع بينهما؟

وأما الدليل على تحريم الاستجمار بما له حرمة أو ذلك ككتب الفقه والحديث، فلما فيه من هتك الشريعة والاستخفاف بحرمتها، فهو في الحرمة أعظم من الروث والرمة. وأما الدليل على تحريمه بالمطعوم، فهو ما ورد في مسلم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد إخوانكم من الجن» فيؤخذ من التعليل أن زادنا مع عظم حرمته أولى. ومن مختصر النظم: وابعد لدى الصحراء عن أعين الورى ... لستر ورخو الأرض للبولة اقصد وعن موضع تخشى تعد أذاك بل ... برفق وتفريق لأليبك ترشد ويحسن الاستجمار وترًا أقله ... ثلاث بمنق طاهر حل فاقصد ويجزئ في الأولى بغير حجارة ... وإن لم تطهرك الثلاثة فازدد ومسح بقرد ذي جوانب مجزئ ... وإتباعه بالماء أولى لمقتد ويحرم ولا يجزي بعظم وروثة ... وحي ومطعوم ومحترم حد ويكره في شق وفي مسرب بوله ... ومسك فرجا باليمين فقيد وبولا بطرق الناس حرم وظلهم ... كذا تحت أشجار بها الثمر أعدد س29:ما حكم الاقتصار على الماء أو الأحجار؟ وما حكم الجمع بينهما؟ ج: يجوز الاقتصار على أحدهما، لكن الماء أفضل والجمع بين الأحجار والماء أفضل من الماء وحده، لما ورد عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نزلت هذه الآية في أهل قباء {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ} » قال: «كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، وأخرجه البزار في «مسنده» من حديث ابن عباس بلفظ: «نزلت هذه الآية في أهل قباء {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ} » فسألهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: إنا نتبع الحجارة الماء.

باب السواك

قال العمريطي: ويجب استنجاء كل محدث ... من كل رجس خارج ملوث بالماء أو ثلاثة أحجار ... ينقي بهن موضع الأقذار والجمع أولى وليقدم الحجر ... والماء أولى وحده إن اقتصر 6- باب السواك س30: ما حكم السواك؟ وهل وقته محدد؟ وما صفة الاستياك؟ ج: مسنون كل وقت، لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب» رواه أحمد والنسائي وهو للبخاري تعليق، وعن عامر بن ربيعة قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لا أحصى يتسوك وهو صائم» رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن، وصفة الاستياك أن يستاك بيده اليسرى عرضًا بالنسبة إلى أسنانه طولاً بالنسبة إلى فمه مبتدأ بجانب فمه الأيمن، لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «استاكوا عرضًا، وادهنو غبًا، واكتحلوا وترًا» . س31: ما هي المواضع التي يتأكد فيها السواك؟ اذكرها بوضوح. ج: عند الانتباه من نوم الليل، وعند الوضوء، وعند دخول المنزل، وعند الصلاة، وعند دخول المسجد، وعند تغير الفم. وعند صلاة أو تغير نكبة ... وعند انتباه والوضوء فأكد ويستاك عرضًا ثم عند تلاوة ... بعود منق طاهر غير مفسد س32: ما هي الأدلة الدالة على تأكد السواك؟ ج: أما الدليل على تأكده عند القيام من نوم الليل، فلما ورد عن حذيفة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك» رواه الجماعة إلا الترمذي. وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يرقد من ليل أو نهار فيستيقظ إلا تسوك

س33: ما هي سنن الفطرة؟ وما دليلها؟

قبل أن يتوضأ» رواه أبو داود؛ وأما عند تغير الفم، فلأن السواك شرع لإزالة الرائحة؛ وأما عند الوضوء، فلحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء» أخرجه مالك وأحمد والنسائي، وصححه ابن خزيمة، وذكره البخاري تعليقًا؛ وأما عند الصلاة، فلحديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» رواه الجماعة؛ وأما عند دخول المسجد والمنزل، فلما ورد عن المقداد بن شريح عن أبيه قال: «قلت لعائشة ـ رضي الله عنها ـ بأي شيء كان يبدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي، والمسجد أولى من البيت. 7- سنن الفطرة س33: ما هي سنن الفطرة؟ وما دليلها؟ ج: هي المذكورة في حديث أبي هريرة وحديث عائشة؛ أما حديث أبي هريرة، فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خمس من الفطرة: الاستحداد، والختان، وقص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار» رواه الجماعة، وعن زكريا بن أبي زائدة عن مصعب بن أبي شيبة عن طلق بن حبيب، عن ابن الزبير عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء –يعني الاستنجاء-» قال زكريا: قال مصعب: «ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة» رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي. س34: هل ورد شيء في قص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة؟

س35: بين حكم حلق اللحية والأخذ من الشارب، واذكر ما تستحضره من الأدلة مستقصيا لها؟

ج: يفعل ذلك كل أسبوع، لما روى البغوي في «مسنده» عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه الصلاة والسلام- كان يأخذ أظفاره وشاربه كل جمعة، ويكره تركه فوق أربعين يومًا، لما ورد عن أنس بن مالك قال: «وقت لنا في قص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة» رواه مسلم وابن ماجه، ورواه أحمد والترمذي وأبو داود، قالوا: وقت لنا رسول الله –عليه الصلاة والسلام. س35: بين حكم حلق اللحية والأخذ من الشارب، واذكر ما تستحضره من الأدلة مستقصيًا لها؟ ج: يحرم حلقها وقصها ونتفها وتحريقها. قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} ، وقال: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} ، وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} ، وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} . عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه الصلاة والسلام-: «جزوا الشوارب ورخوا اللحى خالفوا المجوس» رواه أحمد ومسلم، وعن ابن عمر عن النبي –عليه الصلاة والسلام-: «خالفوا المشركين ووفروا اللحى وأحفوا الشوارب» متفق عليه. وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله –عليه الصلاة والسلام-: «اعفوا اللحى وجزوا الشوارب، ولا تشبهوا باليهود والنصارى» ، وللبزار عن ابن عباس مرفوعًا: «لا تشبهوا بالأعاجم، اعفوا اللحى» ، وروى ابن عمر قال: قال رسول الله –عليه الصلاة والسلام-: «من تشبه بقوم فهو منهم» وله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله –عليه الصلاة والسلام- قال: «ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا النصارى» ، وروى عن ابن عمر: «من تشبه بهم حتى يموت حشر معهم» ، وعن زيد بن أرقم أن رسول الله –عليه الصلاة والسلام- قال:

س36: ما هو القزع؟ وما حكمه؟ وما دليل الحكم؟

«من لم يأخذ من شاربه فليس منا» رواه أحمد والترمذي والنسائي. عن ابن عباس قال: «كان رسول الله –عليه الصلاة والسلام- يقص أو يأخذ من شاربه وكان إبراهيم -خليل الرحمن صلوات الله عليه- يفعله» رواه الترمذي. س36: ما هو القزع؟ وما حكمه؟ وما دليل الحكم؟ ج: هو حلق بعض الرأس وترك بعضه، وحكمه مكروه، لما ورد عن نافع عن ابن عمر قال: «نهى رسول الله –عليه الصلاة والسلام- عن القزع، فقيل لنافع: ما القزع؟ قال: أن يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعضه» متفق عليه، وعن عمر: أن النبي –عليه الصلاة والسلام- رأى صبيًا قد حلق بعض رأسه وترك بعضه فنهاهم عن ذلك، وقال: «احلقوا كله أو ذروا كله» رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد صحيح. والحكمة في النهي عن الفزع، قيل: لأنه زي أهل الشرك، وقيل: لأنه زي اليهود، وقيل: لأنه يشوه الخلقة. والله أعلم. س37: ما حكم نتف الشيب؟ وما حكم تغييره؟ وما دليل الحكم؟ ج: نتف الشيب مكروه، ويكره تغييره بسواد. أما دليل الأول: فلما ورد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «لا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم، ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب الله له بها حسنة ورفعه بها درجة وحط عنه بها خطيئة» رواه أحمد وأبو داود، وعن كعب بن مرة أن رسول الله –عليه الصلاة والسلام- قال: «من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورًا يوم القيامة» رواه الترمذي والنسائي. وأما الدليل على كراهة تغييره بالسواد، فلما ورد عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: جيء بأبي قحافة يوم الفتح إلى رسول الله -عليه الصلاة والسلام- وكأن رأسه ثغامة، فقال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: «اذهبوا

س38: بين حكم اتخاذ الشعر للرجل، وحكم الختان، واذكر ما فيه من خلاف.

به إلى بعض نسائه فلتغيره بشيء وجنبوه السواد» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي، وأخرج أبو داود والنسائي من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله –عليه الصلاة والسلام-: «قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة» وأما تغييره بالحناء والكتم، فمسنون ولا بأس بورس وزعفران، لما ورد عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله –عليه الصلاة والسلام-: «إن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب الحناء والكتم» رواه الخمسة، وصححه الترمذي، عن ابن عباس قال: «مر على النبي –عليه الصلاة والسلام- رجل قد خضب بالحناء، فقال: ما أحسن هذا!» ، قال: فمر آخر قد خضب بالحناء والكتم، فقال: «ما أحسن هذا!» ثم مر بآخر قد خضب بالصفرة، فقال: «هذا أحسن من هذا كله» رواه أبو داود. س38: بين حكم اتخاذ الشعر للرجل، وحكم الختان، واذكر ما فيه من خلاف. ج: مسنون، لما ورد عن عائشة قالت: «كان شعر النبي –عليه الصلاة والسلام- فوق الوفرة ودون الجمة» رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه الترمذي، وعن أنس بن مالك: «أن النبي –عليه الصلاة والسلام- كان يضرب شعره منكبيه» ، وفي لفظ: «كان شعره رجلاً ليس بالجعد ولا السبط بين أذنيه وعاتقه» أخرجاه، ولأحمد ومسلم: «كان شعره إلى أنصاف أذنيه» . والختان واجب على الرجال مكرمة في حق النساء وليس بواجب عليهن، وذلك قول كثير من أهل العلم. قال أبو عبد الله: وكان ابن عباس يشدد في أمره، وروي عنه: «لا حج له ولا صلاة» يعني إذا لم يختتن، والدليل على وجوبه ما روي أن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال لرجل من أسلم: «ألق عنك شعر الكفر، واختتن» رواه أبو داود. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «اختتن إبراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة، واختتن

س39:ما حكم الاكتحال والطيب والأدهان؟ واذكر الدليل على ما تقول.

بالقدوم» متفق عليه، إلا أن مسلمًا لم يذكر السنين. وقال تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} ولأنه من شعائر المسلمين؛ ولأنه لو لم يكن واجبًا لما كشفت له العورة؛ لأن كشف العورة محرم، فلما كشفت له العورة دل على وجوبه. ويشرع في حق النساء أيضًا، قال أبو عبد الله: وحديث النبي –عليه الصلاة والسلام-: «إذا التقى الختانان وجب الغسل» فيه بيان أن النساء كن يختتن، وحديث عمر: أن ختانة ختنت، فقال: «أبقي منه شيئًا إذا خفضت» ، وروى الخلال بإسناده عن شداد بن أوس قال: قال النبي –عليه الصلاة والسلام-: «الختان سُّنة للرجال، ومكرمة للنساء» . وعن جابر بن زيد مثل ذلك موقوفًا، وروي عن النبي –عليه الصلاة والسلام- أنه قال للخافضة: «أشمي ولا تنهكي؛ فإنه أحظى للزوج وأسرى للوجه» والخفض: ختان المرأة، ووقت وجوبه عند البلوغ، لقول ابن عباس: «وكانوا يختنون الرجل حتى يدرك» رواه البخاري، ويسقط الوجوب عمن خاف تلفًا، والختان زمن صغر أفضل إلى التمييز؛ لأنه أسرع برأ لينشأ على أكمل الأحوال. والله أعلم، وصلى الله على محمد. س39:ما حكم الاكتحال والطيب والأدهان؟ واذكر الدليل على ما تقول. ج: مستحبات، لما ورد عن ابن عباس مرفوعًا: «كان يكتحل بالإثمد كل ليلة قبل أن ينام، وكان يكتحل في كل عين ثلاثة أميال» رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وعن أنس قال: قال رسول الله –عليه الصلاة والسلام-: «حُبب إليّ من الدنيا النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة» رواه النسائي، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من عرض عليه ريحان فلا يرده؛ فإنه خفيف المحمل طيب الريح» رواه مسلم؛ وأما الأدهان فروي الخلال بإسناد عن عبد الله بن مغفل قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الترجل إلا غبًا، قال أحمد: معناه يدهن يومًا ويومًا، والترجل: تسريح الشعر ودهنه، فاتخاذ الشعر مسنون، قال في «الفروع» : ويتوجه

باب النية

إلا أن يشق إكرامه؛ ولهذا قال أحمد: هو سُّنة ولو نقوي عليه اتخذناه؛ ولكن له كلفة ومؤنة. قال الناظم: وغبًّا تدهن واكتحل موترًا تصب ... على كل عين في القوى بإثمد 8- باب النية س40: ما هي النية؟ وما حكمها؟ ولأي شيء شرعت؟ وأين محلها؟ ج: هي لغةً: القصد، وشرعًا: عزم القلب على فعل العبادة تقربًا إلى الله. وحكمها: أنها شرط لكل عبادة شرعية غير إزالة خبث وغسل كتابية ومسلمة ممتنعة حل وطء من حيض ونفاس. وشرعت لتمييز العادة عن العبادة، ولتمييز بعض العبادات عن البعض ومحلها القلب والتلفظ بها بدعة. س41: ما هي النية المعتبرة في الوضوء والغسل؟ وما حكم ما وقع من الأعمال بدون نية؟ وما دليل الحكم؟ ج: المعتبرة في الوضوء والغسل هي: قصد رفع الحدث أو استباحة ما تحب له الطهارة، وما وقع من الأعمال بدونها غير معتد به، قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} . ومن السُّنة ما ورد عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه» رواه البخاري ومسلم. س42: مادةا معنى استصحاب حكم النية؟ وما استصحاب ذكرها؟

س43: ما هو الوضوء؟ وما الدليل على وجوبه؟ وما هو الحدث؟

وما حكم كل واحد منهما؟ ومتى يجب الإتيان بها لمريد الطهارة؟ ومتى يسن الإتيان بها؟ اذكر ذلك بوضوح. ج: استصحاب الحكم: أن لا ينوي قطعها حتى تتم الطهارة، واستصحاب ذكرها: أن تكون على باله في جميع العبادة، وحكم استصحاب الحكم واجب وحكم استصحاب الذكر مستحب، ويجب الإتيان بها عند أول واجبات الطهارة، وهو التسمية، وتسن عند أول مسنوناتها إن وجد قبل واجب. س43: ما هو الوضوء؟ وما الدليل على وجوبه؟ وما هو الحدث؟ ج: الوضوء: استعمال ماء طهور على وجه مخصوص في الأعضاء الأربعة التي هي الوجه واليدين والرأس والرجلين، وسبب وجوب الوضوء الحدث، وهو ما أوجب وضوءًا أو غسلاً. والدليل على وجوب الوضوء قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ} الآية. س44: ما هو الدليل على وجوب التسمية في الوضوء وسقوطها في السهو والجهل؟ ج: أما الدليل على وجوبها مع الذكر: فهو ما ورد عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، ولأحمد وابن ماجه من حديث سعيد بن زيد مثله. وأما الدليل على سقوطها بالسهو والجهل، فحديث «عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان، ومحلها اللسان، وصفتها بسم الله» . 9- باب فروض الوضوء وشروطه وصفته وسننه س45: اذكر ما تستحضره من شروط الوضوء. ج: الإسلام، والعقل، والتمييز، والنية، واستصحاب حكمها، وانقطاع

س46: كم فروض الوضوء وما هي؟

موجب، واستنجاء واستجمار قبله، وطهورية ماء، وإباحته وإزالة ما يمنع وصوله إلى البشرة. س46: كم فروض الوضوء وما هي؟ ج: فروضه ستة، وهي: غسل الوجه ومنه المضمضمة والاستنشاق، وغسل اليدين إلى المرفقين، ومسح جميع الرأس ومنه الأذنان، وغسل الرجلين إلى الكعبين، والترتيب، والموالاة - وتقدم أدلة فروضه. س47: ما حد الوجه؟ وما حكم غسل ما فيه من شعر في الطهارة الصغرى؟ ج: حده: من منابت شعر الرأس المعتاد غالبًا إلى النازل من اللحيين والذقن طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضًا، ويجب غسل ما فيه إن كان خفيفًا والبشرة التي تحته؛ لأنها ترى وإن كان كثيفًا فيجب غسل ظاهره ويسن تخليله؛ لأن كلا من ظاهر الكثيف وما تحت الخفيف تحصل به المواجهة، فوجب غسله. قال الناظم -رحمه الله-: ويغسل أيضًا فيه مسترسل اللحا ... كباقي شعور الوجه ياذا التأيد فما يصف الجسم اغسلنه مع الذي ... يبين ويجزي غسل بادي الملبد س48: ما هو الترتيب؟ وما الدليل على فرضيته من الكتاب والسُّنة؟ ج: المراد به كما في الآية الكريمة، أن يغسل وجهه، ثم يديه، ثم يمسح رأسه، ثم يغسل رجليه؛ وأما دليله في الآية قرينة تدل عليه، فإنه أدخل الممسوح بين مغسولين وقطع النظير عن نظيره، والعرب لا تفعل ذلك إلا لفائدة، وهي الترتيب. ثانيًا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ابدأ بما بدأ الله به» . ثالثًا: ما ورد عن عمرو بن عبسة قال: قلت: يا رسول الله، حدثني عن الوضوء، قال: «ما منكم من أحد يقرب وضوءه فيتمضمض ويستنشق فينتثر

س49: ما هي الموالاة وما دليلها؟

إلا خرت خطايا فيه وخياشيمه مع الماء، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح برأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء» أخرجه مسلم ورواه أحمد، وقال فيه: «ثم يمسح رأسه كما أمره الله، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمر الله» ، وفي حديث عبد الله الصنابحي ما يدل على ذلك أيضًا. والله أعلم. س49: ما هي الموالاة وما دليلها؟ ج: هي أن لا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله بزمن معتدل. قال الناظم: وسادسها فرض الموالاة وهي أن ... تغسل عضوًا والذي قبله ندى ودليلها ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه رأى رجلاً في قدمه قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره بالإعادة» رواه أحمد وأبو داود. وعن عمر بن الخطاب أن رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه فأبصره النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ارجع فتوضأ ثم صلي» رواه أحمد ومسلم، ولم يذكر فتوضأ. 10- صفة الوضوء الكامل والمجزي وأدلتهما س50: ما هي الصفة الكاملة في الوضوء؟ وما الذي يغسله الأقطع في الوضوء؟ ج: أن ينوي ثم يسمي ويغسل كفيه ثلاثًا، ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثًا بثلاث غرفات، ثم يغسل وجهه ثلاثًا، ثم يغسل يديه مع المرفقين ثلاثًا، ثم يمسح رأسه مرة واحدة من مقدمه إلى قفاه، ثم يردهما إلى الموضع الذي بدأ منه، ثم يدخل سبابتيه في صماخى أذنيه ويمسح بإبهاميه ظاهرهما، ثم يغسل رجليه مع الكعبين ثلاثًا ويغسل الأقطع بقية المفروض؛ فإن قطع من المفصل غسل رأس العضد منه، وكذا الأقطع من مفصل كعب يغسل طرف ساق.

س51: ما هي أدلة الوضوء الكامل؟ اذكرها مستقصيا لها.

قال في مختصر النظم: ويغسل ما يبقى من الفرض أقطع ... ومن مفصل رأسًا لسوق وأعضد س51: ما هي أدلة الوضوء الكامل؟ اذكرها مستقصيًا لها. ج: أما النية فتقدم دليلها وكذا التسمية. وعن عبد الله بن زيد في صفة الوضوء: «ثم أدخل - صلى الله عليه وسلم - يده فمضمض واستنشق من كف واحد يفعل ذلك ثلاثًا» متفق عليه. وعن حمران «أن عثمان - رضي الله عنه - دعا بوضوء فغسل كفيه ثلاث مرات، ثم غسل يده إلى اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات، ثم اليسرى مثل ذلك، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم اليسرى مثل ذلك، ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ نحو وضوئي هذا» متفق عليه. وعن عبد الله بن زيد بن عاصم ـ رضي الله عنهما ـ في صفة الوضوء، قال: «ومسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برأسه فأقبل بيديه وأدبر» متفق عليه. وفي لفظ لهما: «بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه» . وعن ابن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ في صفة الوضوء قال: «ثم مسح برأسه، وأدخل أصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه» أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة. س52: بين صفة الوضوء والمجزي واذكر الدليل على ما تقول. ج: أن ينوي ثم يسمي، ثم يتمضمض ويستنشق ويغسل وجهه ويديه ويمسح رأسه مع الأذنين ويغسل رجليه مع الكعبين مرة مرة، لما ورد عن ابن عباس قال: «توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة مرة لم يزد على هذا» رواه البخاري. س53: ما حكم التثنية في الوضوء؟ وما صفتها؟ وما الدليل على ذلك؟

س54: اذكر ما تستحضره من سنن الوضوء مع ذكر الأدلة عليها.

ج: التثنية أن يغسل كل واحد من الأعضاء الأربعة على مرتين، وحكمها جائزة، لما ورد عن عبد الله بن زيد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرتين مرتين» رواه البخاري. س54: اذكر ما تستحضره من سنن الوضوء مع ذكر الأدلة عليها. ج: من ذلك الإسباغ في الوضوء، وتخليل الأصابع، والمبالغة في الاستنشاق لغير صائم، والتيامن، والسواك، وغسل الكفين ثلاثًا، والغسلة الثانية والثالثة، وتخليل اللحية الكثيفة؛ أما دليل السواك فتقدم، وأما غسل الكفين قبل الوضوء، فهو ما روى أحمد والنسائي عن أوس بن أوس الثقفي - رضي الله عنه - قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فاستوكف ثلاثًا» أي غسل كفيه ثلاثًا؛ أما الإسباغ والتخليل والمبالغة لغير الصائم، فمن الأدلة لذلك ما ورد عن لقيط بن صبرة قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء! قال: «أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا» رواه الخمسة، وصححه الترمذي. وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعجبه التيامن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله» متفق عليه. وأما تخليل اللحية، فهو ما ورد عن عثمان - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخلل لحيته» رواه ابن ماجه والترمذي وصححه، وصفة تخليل اللحية أن يأخذ كفًا من ماء فيضعه من تحتها بأصابعه مشتبكة أو من جانبها ويعكرها. وروى أبو داود عن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضأ أخذ كفًا من ماء فأدخله تحت حنكه، وقال: هكذا أمرني ربي عز وجل» قال في «مختصر النظم» : وبالأيمن ابدأ في الطهارة كلها ... وعند انتعال أو دخول المسجد وتقديم الاستنشاق والفم سُّنة ... وبالغ إذا لم تنو صومك ترشد وتخليل الشعر الكثيف بلحية ... وتخليل الرجلين أيضًا مع اليد

مقدار الماء في الوضوء والغسل

11- مقدار الماء في الوضوء والغسل س55: ما مقدار الماء في الوضوء والغسل؟ وما هو الدليل على ذلك. ج: مقدار الماء في الوضوء مد، وللغسل صاع إلى خمسة أمداد، لما ورد عن أنس - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد» متفق عليه، ويكره الإسراف، وهو ما زاد على الثلاث في الوضوء. وتأتي أدلة كراهيته في باب الغسل إن شاء الله. س56: ما المسنون قوله بعد الفراغ من الوضوء؟ ج: المسنون أن يقول ما ورد عن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء» أخرجه مسلم والترمذي، وزاد: «اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين» . 12- باب المسح على الخفين وما في معناهما من الحوائل س57: ما حكم المسح على الخفين الطاهرين؟ وما دليل الحكم؟ ج: يجوز، لما ورد عن المغيرة بن شعبة قال: «كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة في مسير فأفرغت عليه من الإداوة فغسل وجهه وغسل ذراعيه ومسح برأسه، ثم أهويت لأنزع خفيه، فقال: «دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين» فمسح عليهما» متفق عليه. ولحديث جرير: «أنه بال، ثم توضأ ومسح على خفيه، فقيل له: تفعل هكذا؟ قال: نعم، رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال، ثم توضأ، ومسح على خفيه» متفق عليه. س58: ما حكم المسح على العمامة وخمر النساء؟ وما دليل الحكم؟

س59: بين كم مدة المسح على الخفين والعمامة والخمار؟ واذكر الدليل على ما تقول.

ج: يجوز المسح عليهما، لما ورد عن عمرو بن أمية الضمري قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على عمامته وخفيه» رواه أحمد والبخاري وابن ماجه. وعن بلال قال: «مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخفين والخمار» رواه الجماعة إلا البخاري وأبا داود. وفي رواية لأحمد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «امسحوا على الخفين والخمار» ولأن أم سلمة كانت تمسح على خمارها. ذكرها ابن المنذر. س59: بين كم مدة المسح على الخفين والعمامة والخمار؟ واذكر الدليل على ما تقول. ج: أما للمقيم فيوم وليلة، وأما للمسافر فثلاثة أيام بلياليها، لما ورد عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: «جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم – يعني في المسح على الخفين» أخرجه مسلم. وعن صفوان بن عسال قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا إذا كنا سفرًا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم» أخرجه النسائي والترمذي واللفظ له وابن خزيمة وصححاه. س60: ما مقدار ما يسمح من الخف والعمامة؟ وما الدليل على ذلك؟ ج: يمسح أكثر ظاهر قدم خف من أصابعه إلى ساقه دون أسفله وعقبه، لما روى البيهقي في «سننه» «أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على

س61: متى ابتداء مدة المسح فيما تقدم؟ أذكرها بوضوح.

خفيه وضع يده اليمنى على خفه الأيمن ويده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح أعلاه مسحة واحدة» . وعن علي - رضي الله عنه - قال: «لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى المسح من أعلاه، ولقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على ظاهر خفيه» رواه أبو داود والدارقطني ويمسح أكثر دوائر العمامة. قال في «المختصر» : ويجزئ في مسح العمامة أكثر ... كذلك أعلى الخف لا تتشدد ومسحة أعلى الخف من رأس أصبع ... إلى الساق لأسفل وعقب فأوجد س61: متى ابتداء مدة المسح فيما تقدم؟ أذكرها بوضوح. ج: من حدث بعد لبس على طاهر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن والمقيم يومًا وليلة» وقوله: «يمسح المسافر» يعني يستبيح المسح – وإنما يستبيحه من حين الحدث؛ ولأنه عبادة مؤقتة، فاعتبر أول وقتها من جواز فعلها، كالصلاة، وقيل: من المسح بعد الحدث، يُروى ذلك عن عمر - رضي الله عنه -. وهو اختيار ابن المنذر لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «يمسح المسافر ... إلخ» . فجعل اليوم والليلة للمقيم والثلاثة للمسافر كلها مسحًا، ولا يمكن ذلك إلا أن يجعل الابتداء من وقت المسح. قال في «مختصر النظم» : وإكمال طهر شرطه قبل لبسه ... لكل وشرط الطهر للجبر بعد وقد سن يومًا للمقيم وليلة ... ومبعد أسفار ثلاثًا ليسرد ومن حدث من بعد لبس حسابه ... وقيل المسح الذي بعده ابتدى س62: إذا لبس خفًا على خف فما الحكم؟ ج: إذا كان قبل الحدث، فالحكم للفوقاني، وإن كان بعد الحدث، فالحكم للتحتاني، وإن لبس خفًا فلم يحدث حتى لبس آخر، مسح على أيهما شاء مسح الفوقاني وإن شاء مسح التحتاني، وإن أحدث ثم لبس الفوقني قبل مسح التحتاني أو بعده، لم يمسح الفوقاني بل ما تحته.

س63: إذا مسح في سفر ثم أقام أو عكس أوشك في ابتدائه، فما الحكم؟

س63: إذا مسح في سفر ثم أقام أو عكس أوشك في ابتدائه، فما الحكم؟ ج: يمسح مسح مقيم؛ لأنه اليقين، وما زاد لم يتحقق شرطه، والأصل عدمه، وإن أحدث ثم سافر قبل مسحه فمسح مسافر: إن أنت لم تمسح وسافرت محدثًا ... من الحدث أمسح كالمسافر تهتد وتمم مقيمًا حين تقدم ماسحًا ... كعكس وشك في ابتداء بأوكد س64: ما حكم المسح على الجبيرة والجرح؟ وما دليل الحكم؟ ج: يصح المسح عليها في الحدثين إلى حلها، لما روى جابر - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر فأصاب رجل منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم، فسأل أصحابه: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر بذلك، فقال: «قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا؛ فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعضد أو يعصب على جرحه خرقة ويمسح عليها ويغسل سائر جسده» رواه أبو داود والدارقطني. س65: اذكر ما تستحضره من الفروق بين الجبيرة والخف؟ ج: أولاً: إن الخفين لا يمسح عليهما إلا في الحدث الأصغر فقط؛ وأما الجبيرة ففي الأكبر والأصغر. ثانيًا: أن الجبيرة لا توقيت لها. ثالثًا: أن الجبيرة لا يشترط لها ستر محل الغرض بالاتفاق. رابعًا: أن الجبيرة تستوعب بالمسح. خامسًا: أن الجبيرة تختص بالضرورة. سادسًا: أن المسح عليها عزيمة ودواء وعصابة شد بها رأسه أو غيره ولصوق على جرح أو وجع ونحوه وتضرر بقلعه أو تألمت أصبعه فألقمها مرارة كجبيرة في جواز المسح عليها، ولأنها في معناها. قال الناظم: ومن يلقم الجرح الدواء ونزعه ... مشق فمجهز مسحه في المؤكد

س66: ما الذي يبطل به المسح على الخفين؟ وماذا يعمل إذا وجد ذلك؟

س66: ما الذي يبطل به المسح على الخفين؟ وماذا يعمل إذا وجد ذلك؟ ج: ذكر الناظم منها اثنين وهما المذكوران في بيت: وإن ظهر المفروض من بعد محدث ... أو انقضت الأيام للطهر جدد والثالث: ما يوجب الغسل؛ فإذا حصل واحد منها استأنف الطهارة. وقال العمريطي ناظمًا لمبطلات المسح: ومبطلات المسح بعد صحته ... ثلاثة وهي انقضاء مدته كذلك خلع خفه من رجله ... وكل شيء موجب غسله 13- نواقض الوضوء س67: ما معنى نواقض الوضوء؟ ج: نواقضه: مفسداته، وذلك كالخارج من السبيلين، وكأكل لحم الجزور، وكالنوم الكثير، ومس الفرج باليد، وبما يوجب الغسل، وبالجنون، والسكر، والإغماء، والأدوية المزيلة للعقل، ومسه امرأة بشهوة أو تمسه بها، والردة عن الإسلام -أعاذنا الله منها-. س68: ما الدليل على أن الخارج من السبيلين ينقض الوضوء؟ ج: ما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» ، فقال رجل من أهل حضرموت: ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فساء أو ظراط. متفق عليه. وفي حديث صفوان بن عسال: «لكن من غائط وبول ونوم» . من «مختصر النظم» : وكل الذي يبدي السبيلان ناقض ... ولو طاهرًا مع نادر أو معود س69: ما الدليل على أن لحم الجزور ينقض الوضوء؟ ج: ما ورد عن جابر بن سمرة، أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم

س70: ما هو الدليل على أن النوم اليسير غير ناقض للوضوء، وأن الكثير ناقض؟

أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: «إن شئت» قال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: «نعم» ، قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: «نعم» ، قال: أصلي في مرابض الإبل؟ قال: «لا» رواه أحمد ومسلم. وعن البراء بن عازب قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل، فقال: «توضؤوا منها» ، وسُئل عن لحوم الغنم، فقال: «لا تتوضؤوا منها» الحديث رواه أحمد وأبو داود، ولا نقض في بقية أجزائها ككبد وقلب وطحال وكرش وشحم وكلية ولسان ورأس وسنام وكوارع ومصران ومرق لحم؛ لأنه ليس بلحم، وقيل: ينقض؛ لأن اللحم يعبر به عن جملة الحيوان، فإن تحريم الخنزير يتناول جملته كذلك هنا، وهذا القول أرجح وأحوط. والله أعلم. س70: ما هو الدليل على أن النوم اليسير غير ناقض للوضوء، وأن الكثير ناقض؟ ج: ما ورد عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. وفي حديث صفوان بن عسال: «لكن من غائط وبول ونوم» ؛ وأما الدليل على أن النوم اليسير غير ناقض، فهو ما ورجد عن أنس بن مالك قال: «كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عهده ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم، ثم يصلون ولا يتوضؤون» أخرجه أبو داود وصححه الدارقطني، وأصله في مسلم. ولما ورد عن ابن عباس قال: «بت عند خالتي ميمونة فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقمت إلى جنبه الأيسر فأخذ بيدي فجعلني من شقه الأيمن فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني، قال: فصلى إحدى عشرة ركعة» رواه مسلم. س71: ما الدليل على أن زوال العقل بالجنون والإغماء والسكر والأدوية المزيلة للعقل من نواقض الوضوء؟ ج: زوال العقل نوعان: أحدهما: النوم، وتقدم دليله، والنوع الثاني:

س72: ما الدليل على أن مس الفرج الأصلي باليد من دون حائل ينقض الوضوء؟

زوال العقل بجنون أو إغماء أو سكر أو نحوه، ووجه النقض بهذه؛ لأن المتصف بهذه الصفة أبعد من حس النائم، بدليل أنه لا ينتبه بالانتباه، ففي إيجاب الوضوء على النائم تنبيه على وجوبه بما هو آكد منه، فقد ذكر العلماء أن يسيره وكثيره ينقض الوضوء إجماعًا. قال ابن المنذر: أجمع العلماء على وجوب الوضوء على المغمى عليه. س72: ما الدليل على أن مس الفرج الأصلي باليد من دون حائل ينقض الوضوء؟ ج: ما ورد عن أم حبيبة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من مس فرجه فليتوضأ» رواه ابن ماجه والأثرم وصححه أحمد وأبو زرعة. وعن بسرة بنت صفوان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من مس ذكره فلا يصلي حتى يتوضأ» رواه الخمسة، وصححه الترمذي، قال البخاري: هو أصح شيء في هذا الباب. وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره فقد وجب عليه الوضوء» رواه الشافعي وأحمد. وفي رواية له: ليس دونه ستر. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما رجل مس فرجه فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ» رواه أحمد، وسواء كان المس بظهر الكف أو بباطنها. قال الناظم: وينقض مس الفرج من غير حائل ... سواء بظهر الكف أو بطنها قد س73: ما الدليل على أن مس الرجل المرأة بشهوة من دون حائل وبالعكس ينقض الوضوء؟ اذكر ذلك بوضوح. ج: استدل القائلون بذلك بقوله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} ؛ وقرئ

س74: ما هي الردة؟ وما الدليل على أنها تنقض الوضوء؟

(او لمستم النساء) . قال ابن مسعود: «القبلة من اللمس وفيها الوضوء» رواه أبو داود، وقيل: لا ينقضي الوضوء لمس المرأة، لما ورد عن إبراهيم التيمي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل بعض أزواجه ثم يصلي ولا يتوضأ» رواه أبو داود والنسائي. قال أبو داود: هو مرسل إبراهيم التيمي، وإبراهيم التيمي لم يسمع عن عائشة، وقال النسائي: ليس في هذا الباب أحسن من هذا الحديث وإن كان مرسلاً. وروي عن عائشة قالت: «فقدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة من الفراش فالتمسته فوضعت يدي على باطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان» رواه مسلم والترمذي وصححه. وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي وإني لمعترضة بين يديه اعتراض الجنازة حتى إذا أراد أن يوتر مسني برجله» رواه النسائي. وقيل: ينقض مسها مطلقًا، واستدلوا بما استدل به من يرى أنه ينقض مع الشهوة. قال بعض العلماء: وأوسط مذهب يجمع بين هذه الأحاديث مذهب من لا يرى المس ينقض إلا بشهوة. س74: ما هي الردة؟ وما الدليل على أنها تنقض الوضوء؟ ج: الردة هي الإتيان بما يخرج عن الإسلام نطقًا أو اعتقادًا أو شكًا، فمتى عاود الإسلام لم يصل حتى يتوضأ. والدليل قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ} ، وقوله: {وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} ؛ ولقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: الحدث حدثان: حدث اللسان، وحدث الفرج، وحدث اللسان أشد وفيهما الوضوء. فيدخل في عموم قوله –عليه السلام-: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» متفق عليه. س75: بما استدل من قال إن تغسيل الميت ينقض الوضوء؟ ج: الدليل: ما روي عن ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة، فروي عن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يأمران غاسل الميت بالوضوء، وعن أبي هريرة

س76: إذا تيقن متطهر الطهارة وشك في الحدث أو تيقن أنه محدث وشك في الطهارة فما الحكم؟ وما الدليل عليه؟

أقل ما فيه الوضوء، ولا نعلم لهم مخالفًا من الصحابة؛ ولأن الغالب فيه أنه لا يسلم أن تقع يداه على فرج الميت، فكان مظنة ذلك قائمًا مقام حقيقته، كما أقيم النوم مقام الحدث. وقال أبو الحسن التميمي: لا وضوء فيه، وهذا قول أكثر الفقهاء وهو الصحيح إن شاء الله؛ لأن الوجوب من الشرع، ولم يرد في هذا نص ولا هو في معنى المنصوص عليه فيبقى على الأصل؛ ولأنه غسل ميت فأشبه غسل الحي، وما روى عن أحمد في هذا يحمل على الاستحباب دون الإيجاب، فإن كلامه يقتضي في نفي الوجوب، فإنه ترك العمل بالحديث المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «من غسل ميتًا فليغتسل» ، وعلل ذلك بأن الصحيح أنه موقوف على أبي هريرة، وإذا لم يوجب الغسل بقول أبي هريرة مع احتمال أن يكون من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلأن لا يوجب الوضوء بقوله مع عدم ذلك الاحتمال أولى وأحرى. انتهى من «المغني» . والله أعلم. س76: إذا تيقن متطهر الطهارة وشك في الحدث أو تيقن أنه محدث وشك في الطهارة فما الحكم؟ وما الدليل عليه؟ ج: ينبني على يقنيه وهو الطهارة في المسألة الأولى، والحدث في الثانية، لحديث عبد الله بن زيد قال: شكى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا» متفق عليه. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا؟ فلا يخرج حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا» رواه مسلم والترمذي. وإن تيقن الحدث والطهارة وجهل أسبقهما؛ فإن جهل حاله قبلهما تطهر، وإن علم حاله قبلهما فهو على ضدها؛ فإن كان متطهرًا فمحدث وإن كان محدثًا فمتطهر؛ لأنه قد تيقن زوال تلك الحال إلى ضدها، والأصل بقاؤه، لأن ما يغير مشكوك فلا يلتفت

موجبات الغسل

إليه. ومن هذا الحديث أخذت قاعدة: اليقين لا يزول بالشك. قال الناظم: فموقن طهر ثم شك وعكسه ... على الأصل يبقى نابذًا للتردد فإن شك في سبق فطورًا كعكس ما ... يرى قبل أو مثلاً له الآن مهد لإيقان فعل قد أزال طهارة ... وبالعكس أو حاليهما في الذي ابتد 14- موجبات الغسل س77: ما هو الغسل؟ وما الأصل في مشروعيته؟ وما موجباته؟ ج: أصله: تعميم البدن بالغسل، وفي الشرع: استعمال ماء طهورًا في جميع بدنه على وجه مخصوص، والأصل في مشروعيته قوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} وموجباته: أحدها: خروج المني دفقًا بلذة من غير نائم، لما ورد عن علي - رضي الله عنه -: كنتُ رجلاً مزاء، فسألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «في المذي الوضوء، وفي المني الغسل» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه، ولأحمد فقال: «إذا حذفت الماء فاغتسل من الجنابة؛ فإن لم تكن حاذفًا فلا تغتسل» . وعن أم سلمة أن أم سليم قالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق فهل على المرأة الغسل إذا احتملت؟ قال: «نعم إذا رأت الماء» ، فقالت أم سلمة: وتحتلم المرأة؟ فقال: «تربت يداك فبما يشبهها ولدها» متفق عليه. ومن موجباته: التقاء الختانين، لما ورد عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل» متفق عليه ولمسلم وأحمد «وإن لم ينزل» ، وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قعد بين شعبها الأربع، ثم مس الختان الختان فقد وجب الغسل» ، وعن عائشة: أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يجامع ثم يكسل، وعائشة جالسة، فقال:

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إني لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل» رواه مسلم. قال الناظم يتعلق بالتقاء الختانين ستة عشر حكمًا، فقال: وتقضي ملاقاة الختان بعده ... وحد وغسل مع ثيوبة نهد وتقرير مهر واستباحة أول ... وإلحاق أنساب وإحصان معتد وفيئة مول مع زوال لعنة ... وتقرير تكفير الظهار فعدد وإفسادها كفارة في ظهارة ... وكون الإما صارت فراشًا لسيد وتحريم أصهار وقطع تتابع الصيام ... وحنث الحالف المتشدد ومن موجباته: إسلام الكافر، لما ورد عن قيس بن عاصم أنه أسلم، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل بماء وسدر – رواه الخمسة إلا ابن ماجه. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن ثمامة بن أُثال أسلم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اذهبوا به إلى حائط بني فلان فمروه أن يغتسل» رواه أحمد. ومن موجباته: خروج دم الحيض لقوله تعالى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} الآية، ولما ورد عن عائشة: أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ذلك عرق وليست بالحيضة؛ فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي» رواه البخاري، وعن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قلت: يا رسول الله، إني أشد شعر رأسي فأنقضه لغسل الجنابة؟ وفي رواية: والحيضة، قال: «لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات» رواه مسلم. ومن موجبات الغسل: خروج دم النفاس لما ورد عن أبي هريرة وأبي الدرداء قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وتنتظر النفساء أربعين يومًا إلا أن ترى الطهر قبل ذلك؛ فإن بلغت أربعين يومًا ولم تر الطهر فلتغسل» رواه ابن عدي. وقال الترمذي في «سننه» : وقد أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعون ومن بعدهم على

س78: هل على من احتلم ولم يجد بللا غسل؟ اذكر الحكم والدليل.

أن النفساء تدع الصلاة أربعين يومًا إلا أن ترى لطهر قبل ذلك، فإنها تغتسل وتصلي. ومن موجباته: موت غير شهيد معركة، لما ورد في حديث أم عطية، قالت: دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نغسل ابنته، فقال: «اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر» ، وحديث ابن عباس في الذي سقط عن راحلته فمات: «اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين» متفق عليه. س78: هل على من احتلم ولم يجد بللاً غسل؟ اذكر الحكم والدليل. ج: ليس عليه غسل، لحديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يجد البلل ولم يذكر احتلامًا، فقال: «يغتسل» ، وعن الرجل يرى أنه قد احتلم ولا يجدُ البَلَلَ، فقال: «لا غسل عليه» ، فقالت أم سليم: المرأة ترى ذلك عليها الغسل؟ قال: «نعم، إنما النساء شقائق الرجال» رواه الخمسة إلا النسائي، ولحديث خولة بنت حكيم أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، فقال: «ليس عليها حتى تنزل كما أن الرجل ليس عليه حتى ينزل» رواه أحمد والنسائي مختصرًا ولفظة: أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة تحتلم في منامها، فقال: «إذا رأت الماء فلتغتسل» . 15- صفة الغسل الكامل وصفة المجزي س79: ما صفة الغسل الكامل؟ وما صفة الغسل المجزي؟ ج: صفته أن ينوي، ثم يسمي ويغسل يديه ثلاثًا وما لوثه، ويتوضأ وضوءًا كاملاً، ويروي رأسه ثلاثًا، ثم يغسل بقية جسده ويتيامن ويدلكه، ويغسل قدميه مكانًا آخر، فهذا الغسل الكامل المشتمل على الواجبات والسنن وصفة الغسل المجزي: أن ينوي، ثم يسمي ويعم بدنه بالغسل مرة. س80: اذكر دليل كل من الغسل الكامل والمجزي.

س81: اذكر ما تستحضره من شروط الغسل وفرضه؟

ج: عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه ثلاثًا وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يخلل شعره بيده حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده» متفق عليه. وعن ميمونة بنت الحارث زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: «وضعت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضوء الجنابة فأكفأ بيمينه على يساره مرتين أو ثلاثًا، ثم غسل فرجه، ثم ضرب يده بالأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثًا، ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض على رأسه الماء، ثم غسل جسده، ثم تنحى فغسل رجليه، فأتيته بخرقة فلم يردها، فجعل ينفض الماء بيده» متفق عليه؛ وأما دليل الغسل المجزي، فقوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} ، وقوله تعالى: {حَتَّى تَغْتَسِلُوا} . 16- شروط الغسل وفرضه س81: اذكر ما تستحضره من شروط الغسل وفرضه؟ ج: يشترط أولاً: النية لحديث «إنما الأعمال بالنيات» الحديث، وتقدم. ثانيًا: الإسلام. ثالثًا: العقل. رابعًا: التمييز. خامسًا: الماء الطهور المباح. سادسًا: إزالة ما يمنع وصوله البشرة، وواجبه: التسمية، وتسقط سهوًا وجهلاً، وتقدم نحوه في الوضوء، وفرضه: تعميم البدن. س82: ما حكم إيصال الماء في الغسل إلى باطن الشعور؟ ج: يجب في الغسل من الحدث الأكبر لما ورد عن علي - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من ترك موضع شعرة من جنابة لم يصبها الماء فعل الله به كذا وكذا» قال علي: فمن ثم عاديت شعري، رواه أحمد وأبو داود. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن تحت كل شعره جنابة فاغسلوا الشعر وانقوا

س83: إذا نوى من عليه حدثان أكبر وأصغر رفع الحدث أو أطلق أو نوى رفع الحدثين أو أمر لا يباح إلا بوضوء أو غسل فاغتسل ناويا ذلك، فما الحكم؟

البشرة» رواه أبو داود والترمذي وضعفاه. وفي «الصحيحين» عن عائشة: «ثم يخلل شعره بيده حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ثم غسل سائر جسده» متفق عليه. س83: إذا نوى من عليه حدثان أكبر وأصغر رفع الحدث أو أطلق أو نوى رفع الحدثين أو أمر لا يباح إلا بوضوء أو غسل فاغتسل ناويًا ذلك، فما الحكم؟ ج: يجزؤه لقوله تعالى: {وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} ، وقال: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} فجعل الغسل في الآية الأولى غاية للمنع من الصلاة، فإذا اغتسل وجب أن لا يمنع منها؛ ولأنهما عبادتان من جنس، فدخلت الصغرى في الكبرى كالعمرة في الحج إذا كان قارنًا، قال ابن عبد البر: «المغسل إذا عم بدنه ولم يتوضأ فقد أدى ما عليه؛ لأن الله تعالى افترض عليه الغسل، وهذا إجماع لا خلاف فيه، إلا أنهم أجمعوا على استحباب الوضوء قبله تأسيًا به - صلى الله عليه وسلم -» . قال «مختصر النظم» : وفي طهرك الأحداث تقديم نية ... على أول المفروض أوجب وأكد وإحضارها بالذكر في الكل سُّنة ... وندب على المندوب تقديمها اشهد ويكفيه الاستصحاب حكمًا وقصده ... بقلب لرفع الحادث المتجدد أو الطهر ينوي فعل ما الطهر شرطهُ ... وما قطعها والشك بعد بمفسد ومن ينوي طهرًا مستحبًا وقد نسى ... إذًا حدثًا أجزاه عن حدث زد وإن تنوي من أحداثك الفرد أجزأت ... لرفعك أحدثًا ذوات تعدد وإن تنوي مع غسل وضوءًا تحصلا ... وما ترك ترتيب بذلك مفسد ولا بأس بالإسعاد حالة طهره ... ولا يكره التنشيف في المذهب امهد وعند الفراغ اسم بطرفك شاهدًا ... تلاقي غدًا باب الرضا غير موصد س84: تكلم عن حكم الوضوء في حق من عليه جنابة إذا أراد أن ينام أو يأكل أو يشرب، وحكم الوضوء في حق من أراد معاودة الوطء؟

س85: بين حكم الإسراف والغسل والوضوء مقرونا بالدليل.

ج: يسن الوضوء لمن أراد ذلك؛ أما الدليل على استحبابه في حق مريد النوم إذا كان جنبًا، فهو ما ورد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة» ، وعن ابن عمر قال: يا رسول الله، أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: «نعم إذا توضأ» رواهما الجماعة؛ وأما الدليل على استحبابه في حق الجنب إذا أراد الأكل أو الشرب، فهو ما ورد لأحمد ومسلم عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان جنبًا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ» ، وعن عمار بن ياسر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أن يتوضأ وضوءه للصلاة» رواه أحمد والترمذي وصححه؛ وأما الدليل على استحبابه في حق من أراد معاودة الوطء، فهو ما ورد عن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ» رواه الجماعة إلا البخاري. 17- الإسراف في الغسل والوضوء س85: بين حكم الإسراف والغسل والوضوء مقرونًا بالدليل. ج: مكروه، لما ورد عن عبد الله بن عمر: أن البني - صلى الله عليه وسلم - مر بسعد وهو يتوضأ، فقال: «ما هذا السرف؟» فقال: أفي الوضوء إسراف؟ قال: «نعم، وإن كنت على نهر جار» رواه ابن ماجه. وعن أبي ابن كعب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «للوضوء شيطان يقال له الولهان فاتقوا وسواس الماء» رواه الترمذي في «جامعه» . وفي «سنن الأثرم» من حديث سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله قال: «يجزي من الوضوء المد، ومن الغسل من الجنابة الصاع» قال رجل: ما يكفيني، فغضب جابر حتى تربد وجهه، ثم قال: قد كفى من هو خير منك وأكثر شعرًا.

س86: ما حكم لبث الحائض والنفساء بعد انقطاع دمهما في المسجد؟ وما حكم لبث الجنب في المسجد؟ واذكر ما تستحضره من خلاف ودليل أو تعليل.

قال القحطاني: واحذر وضوءك مُفِرطًا ومفَرطًا ... فكلاهما في العلم محذوران فقليل مالك في وضوئك خدعة ... التعُودَ صحته إلى البطلان وكثير مائك في وضوئك بدعة ... يدعو إلى الوسواس والهملان لا تكثرن ولا تقلل واقتصد ... فالقصد والتوفيق مصطحبان س86: ما حكم لبث الحائض والنفساء بعد انقطاع دمهما في المسجد؟ وما حكم لبث الجنب في المسجد؟ واذكر ما تستحضره من خلاف ودليل أو تعليل. ج: قيل: إنه يحرم مطلقًا توضؤوا أو لم يتوضؤوا؛ لقوله تعالى: {وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ} الآية. وعن عائشة قالت: جاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووجوه بيوت الله أصحابه شارعة في المسجد، فقال: «وجهوا هذه البيوت عن المسجد» ، ثم دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يصنع القوم شيئًا رجاء أن ينزل فيهم رخصة، فخرج، فقال: «وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب» رواه أبو داود، وعن أم سلمة قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرحة هذا المسجد، فنادى بأعلى صوته: «إن المسجد لا يحل لحائض ولا جنب» رواه ابن ماجه. والقول الثاني: وهو أرجح، أنه يجوز لهم المكث بعد الوضوء، لما ورد عن عطاء بن يسار، قال: رأيت رجالاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضئوا وضوء الصلاة. ثانيًا: ما ورد عن زيد بن أسلم قال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحدثون في المسجد وهم على غير وضوء، وكان الرجل يكون جنبًا فيتوضأ ثم يدخل المسجد فيتحدث، وهذا إشارة إلى جميعهم فيكون جماعًا فيختص به العموم؛ ولأنه إذا توضأ خف حكم الحدث فأشبه التيمم عند عدم الماء،

باب التيمم

ودليل خفته أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الجنب به إذا أراد النوم، واستحبابه لمن أراد الأكل أو الشرب أو معاودة الوطء. وللجنب الأولى تجنب مسجد ... وقبل وضوء حرم اللبث واصدد سوى خائف أو ملجأ عن ظهره ... وكالجنب أنثى بعد قطع الدم اعدد ويشرع غسل الفرج ثم وضوءه ... لعودة وطء أو لأكل ومرقد 18- باب التيمم س87: ما معنى التيمم لغةً وشرعًا؟ وبأي شيء ثبت؟ ج: هو في اللغة: القصد، قال امرؤ القيس: تيممت من أذرعات وأهلها ... بيثرب أدنى دارها نظر عالي تيممت العين التي عند ضارج ... يفيء عليها الظل عرمضها طامي وفي الشرع: القصد إلى صعيد طيب لمسح الوجه واليدين منه، وهو بدل طهارة الماء، وهو ثابت بالكتاب والسُّنة والإجماع، وهو من خصائص هذه الأمة. س88: ما هو الدليل على ذلك من الكتاب والسُّنة؟ ج: قال تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} وعن عمار بن ياسر، قال: بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - في حاجة فأجنبت فتمرغت بالصعيد كما تتمرغ الدابة، ثم أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فقال: «إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا، ثم ضرب بيده الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه» متفق عليه، واللفظ لمسلم. وعن عمران بن حصين قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بالناس، فإذا هو برجل معتزل، فقال: «ما منعك أن تصلي؟» قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال: «عليك بالصعيد؛ فإنه يكفيك» متفق عليه. وأجمعت الأمة على جوازه في الجملة، وأما كونه من خصائص هذه الأمة، فلما ورد عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله

س89: ماذا يعمل من أدركته الصلاة وعدم الماء؟ أو عجز عن استعماله؟ أو خاف الضرر باستعماله؟

عليه وسلم: «فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا، وجعلت تربتها لنا طهورًا إذا لم نجد الماء» رواه مسلم. س89: ماذا يعمل من أدركته الصلاة وعدم الماء؟ أو عجز عن استعماله؟ أو خاف الضرر باستعماله؟ ج: يتيمم، أما من عدم الماء فلقوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} وحديث عمار بن ياسر، وحديث عمران بن حصين وتقدما قبل هذا السؤال والجواب. وأما الدليل عليه عند العجز من مرض أو منع أو لخوف الضرر باستعماله، فحديث جابر المتقدم في باب المسح على الخفين، ومنها حديث عمرو بن العاص أنه لما بعث في غزوة ذات السلاسل، قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت، ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكروا ذلك له، فقال: «يا عمرو، صليت بأصحابك وأنت جنب؟» فقلت: ذكرت قول الله عز وجل: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} فتيممت ثم صليت، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يقل شيئًا، رواه أحمد وأبو داود والدارقطني، وأخرجه البخاري تعليقًا. س90: ما الذي يستباح بالتيمم؟ ج: كل ما يستباح بالوضوء والغسل عند عدم الماء أو خوف الضرر باستعماله أو بالعجز عن استعماله للأدلة المتقدمة، ولما ورد عن أبي ذر قال: اجتويت المدينة فأمر لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإبل، فكنت فيها فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: هلك أبو ذر، قال: «مالك؟» قال: كنت أتعرض للجنابة وليس قربي ماء، فقال: «إن الصعيد طهور لمن لم يجد الماء عشر سنين» رواه أحمد وأبو داود والأثرم وهذا لفظه وتقدم قوله: «فلم تجدوا ماء» . وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الصعيد

س91:بين حكم الصلاة عند عدم الماء والتراب وعند عدم التمكن من استعمالها.

وضوء المسلم وإن لم يجد ماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته» رواه البزار وصححه ابن القطان، ولكن صوب الدارقطني إرساله. س91:بين حكم الصلاة عند عدم الماء والتراب وعند عدم التمكن من استعمالها. ج: حكم الصلاة صحيحة، لما روت عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجالاً في طلبها فوجدوها، فأدركتهم الصلاة وليس معه ماء فصلوا بغير وضوء، فلما أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شكوا ذلك إليه، فأنزل الله عز وجل آية التيمم، رواه الجماعة إلا الترمذي، ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ولا أمرهم بالإعادة، فدل على أنها غير واجبة؛ ولأن الطهارة شرط فلم تؤخر الصلاة بعدمه كالسترة؛ ولقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» . قال في «مختصر النظم» : وصل لفقد الترب والماء ولا تعد ... على المذهب المختار في الكل فاهتد 19- صفةُ التيمم س92: ما صفة التيمم؟ ج: صفته: أن ينوي ثم يسمي ويضرب الصعيد بيديه، ثم يمسح بها وجهه وكفيه، لما ورد عن عمار بن ياسر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «في التيمم ضربة للوجه واليدين» رواه أحمد وأبو داود. وفي لفظ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بالتيمم للوجه والكفين» روا الترمذي وصححه وتقدم أدلة النية والتسمية في الوضوء والتيمم بدل عنه. س93: ماذا يعمل من وجد ماء يكفي بعض طهره؟ وما حكم صلاة من صلى بالتيمم في أول الوقت، ثم وجد الماء بعد الفراغ من الصلاة والوقت باق لم يخرج؟ ج: أما الأول فيستعمل الماء ويتيمم، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه

س94: بين ما الذي يبطل به التيمم؟ واذكر ما تستحضره من خلاف؟

ما استطعتم» ؛ وأما الثاني فصلاته صحيحة، ولا إعادة عليه، لما ورد عن أبي سعيد الخدري، قال: خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمما صعيدًا طيبًا، ثم وجد الماء في الوقت فأعاد أحدهما للوضوء والصلاة ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد: «أصبت السنة وأجزأتك صلاتك» ، وقال للذي توضأ وأعاد: «لك الأجر مرتين» رواه أبو داود والنسائي وقد روياه أيضًا عن عطاء بن يسار عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. س94: بين ما الذي يبطل به التيمم؟ واذكر ما تستحضره من خلاف؟ ج: يبطل بمبطل ما تيمم له من الطهارتين، فيبطل عن وضوء بما يبطل الوضوء، وع نغسل بما ينقضه من موجبات الغسل، ويبطل بوجود الماء لعادمه قبل الصلاة؛ وأما في الصلاة، فقيل: يبطل تيممه، وتبطل صلاته لبطلان طهارته، فيتوضأ إن كان محدثًا ويغتسل إن كان جنبًا، ويستقبل الصلاة، لما ورد عن أبي ذر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، فإن ذلك خير» رواه أحمد والترمذي وصححه، فدل بمفهومه على أنه لا يكون طهورًا عند وجود الماء، ودل بمنطوقه على وجوب إمسامسه جلده عند وجوده؛ ولأنه قدر على استعمال الماء فبطل تيممه كالخارج من الصلاة، وقيل: لا تبطل الصلاة، واحتج القائلون بذلك بأنه وجد المبدل بعد تلبسه بمقصود على استعمال الماء؛ لأن قدرته تتوقف على إبطال الصلاة وهو منهي عن إبطالها بقوله تعالى: {وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} ، وقال أهل القول الأول: ولا يصح قياسهم؛ فإن الصيام هو البول نفسه، فنظيره إذا قدر على الماء بعد تيممه، ولا خلاف في بطلانه، ثم الفرق بينهما أن مدة الصيام تطول فيشق الخروج منه، لما فيه من الجمع بين فرضين شاقين بخلاف مسألتنا وقولهم: إنه غير قادر غير صحيح؛ فإن الماء قريب وآلته صحيحة والموانع منتفية، وقولهم: إنه منهي عن إبطال

باب إزالة النجاسة

الصلاة قلنا: لا يحتاج إلى إبطال الصلاة، بل هي تبطل بزوال الطهارة كما في نظائرها انتهى. وبما يبطل التيمم بزوال عذر مبيح للتيمم كما لو تيمم لمرض فعوفي، أو لبرد فزال، أو جرح تيمم له؛ لأنه ضرورة، فيزول بزوالها. تنبيه: وفي مسح يد يجب نزع خاتم ليصل التراب إلى محله من اليد ولا يكفي تحريكه بخلاف الماء لقوة سريانه. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. وقال الناظم: ويبطله ما يبطل الماء مطلقًا ... ورؤية ماء ممكن الأخذ باليد ولا تعد إن صليت ثم وجدته ... وإن كنت فيها الغيت في المجود 20- باب إزالة النجاسة س95: ما هي النجاسة؟ وما أقسامها؟ اذكرها بوضوح. ج: النجاسة تنقسم إلى قسمين: بالنسبة إلى عينية وحكمية: أما العينية فهي: ما يستقذره ذو الطبع السليم، وعرفًا: كل عين حرم تناولها لذاتها مع إمكانه لا لحرمتها ولا استقذارها ولا لضرر بها في بدن أو عقل ولا تطهر بحال، والقسم الثاني: النجاسة الحكمية: وهي الطارئة على محل طاهر وأقسامها ثلاثة: ثقيلة، ومتوسطة، وخفيفة. س96: ما مثال النجاسة الثقيلة؟ وما صفة تطهيرها؟ وما دليلها؟ ج: نجاسة الكلب والخنزير، وما تولد منهما أو من أحدهما، وصفة تطهيرها أن يغسل سبع غسلات منقبة إحداها بتراب: فغسل أذى الخنزير والكلب واجب ... إلى السبع في الأول وترب بمفرد وكالترب أشنان وقيل لفقده ... وقيل لما أن حلة الترب يفسد وأما الدليل: فهو ما ورد عن أبي هريرة مرفوعًا: «إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا» متفق عليه، ولمسلم: «فليرقه ثم ليغسله سبع مرات أولاهن بالتراب» وإذا ثبت هذا في الكلب، فالخنزير شر منه لنص الشارع على تحريمه وجرمة اقتنائه، فثبت الحكم فيه بطريق التنبيه،

س97: ما مثال النجاسة المتوسطة؟ وما صفة تطهيرها؟ وما الدليل على ذلك؟

وإنما لم ينص الشارع عليه؛ لأنهم لم يكونوا يعتادونه. س97: ما مثال النجاسة المتوسطة؟ وما صفة تطهيرها؟ وما الدليل على ذلك؟ ج: مثالها: البول من غير الغلام الذي لم يأكل الطعام بشهوة، وكدم الحيض، وكل ما عدا الثقيلة والخفيفة، فهو من المتوسطة، وصفة تطهيرها، أن يغسل ما تنجس حتى يجزم بزوالها ولا يضر بقاء لون أو ريح أو هما عجزا، عن أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنها ـ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «في دم الحيض يصيب الثوب تحته ثم تقرضه بالماء، ثم تنضحه بالماء ثم تصلي فيه» متفق عليه. وعن خولة بنت يسار قالت: يا رسول الله، ليس لي إلا ثوب واحد وأنا أحيض فيه، قال: «فإذا طهرت فاغسلي موضع الدم، ثم صلي فيه» ، قالت: يا رسول الله، إن لم يخرج أثره؟ قال: «يكفيك الماء ولا يضرك أثره» رواه أحمد وأبو داود. س98: إذا خفى موضع نجاسة فما الحكم؟ ج: يغسل الثوب أو البدن حتى يتيقن غسلها، ليخرج من العهدة بيقين، وإن خفيت في صحراء واسعة ونحوها يصلي فيها بلا غسل ولا تحر. قال الناظم: وإن يخف تنجيس المعين فاعتمد ... من الغسل ما يأتي عليه بأزيد س99: ما صفة تطهير مثل الفرش الكبار؟ وهل العصر في الغسل للنجاسة معتبر بعد إزالة غير النجاسة؟ ج: أما العصر، فهو معتبر مع الإمكان، ليحصل انفصال الماء عن المحل المتنجس، وإن لم يكن كالزل والبسط الكبار ونحوها مما لا يمكن عصره فبدقها أو دوسها أو تقليبها أو تثقيلها.

س100:ما مثال النجاسة الخفيفة؟ وما صفة تطهيرها؟ وما الدليل على ذلك؟

قال الناظم: ونح عن الأجسام عين نجاسة ... ومن بعد هذا ابتع الماء ترشد مع العصران وأتى وإلا بدقة ... أو العرك أو تجفيف أو قلب اغتدى على حسب الإمكان في كل غسلة ... ويكفي مرور الماء على الأرض فافتدى وإن شق قلع اللون أو صرف ريحها ... بغسل ليعفى عنهما لا تشدد س100:ما مثال النجاسة الخفيفة؟ وما صفة تطهيرها؟ وما الدليل على ذلك؟ ج: مثالها: بول الغلام الرضيع الذي لم يأكل الطعام بشهوة، وصفة تطهيرها غمرها بالماء؛ لحديث أم قيس بنت محصن: «أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبال على ثوبه، فدعا بماء فنضحه عليه ولم يغسله» رواه الجماعة. وفي حديث أبي السمح أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه. وفي حديث أم الفضل أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «ينضح من بول الذكر ويغسل من بول الأنثى» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. وفي حديث علي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «بول الغلام الرضيع ينضح وبول الجارية يغسل» قال قتادة: وهذا ما لم يطعما، فإذا طعما غسلاً جميعًا. رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث حسن. قال الناظم –رحمه الله-: وبول الغلام انضحه ما لم يغذه ... طعام وبول الطفلة اغسله واعدد س101: بأي شيء تطهر الأرض ونحوها إذا تنجست بمائع أو بما له جرم وأزيل؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل. ج: يجزى في تطهير أرض وصخر وأجرنة وأحواض تنجست بمائع ولو من كلب أو خنزير وما تولد منهما مكاثرتها بالماء حتى يذهب لونها أو ريحها إن لم يعجز، لما ورد عن أنس بن مالك قال: «بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاء أعرابي فقام يبول، فقال أصحاب

س102: بأي شيء يطهر الخف والنعل إذا وطئ بهما الأذى؟ واذكر دليل الحكم.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مه مه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزرموه» فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعاه، ثم قال: «إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، وإنما هي لذكر الله –عز وجل-، والصلاة، وقراءة القرآن» ، أو كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فأمر رجلاً من القوم، فجاء بدلو من ماء فشنه عليه» متفق عليه؛ لكن ليس للبخاري فيه أن هذه المساجد إلى تمام الأمر بتنزيهما. س102: بأي شيء يطهر الخف والنعل إذا وطئ بهما الأذى؟ واذكر دليل الحكم. ج: يطهر بدلكه، لحديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه، فطهورهما التراب» ، وفي لفظ: «فإن التراب له طهور» رواهما أبو داود، وعن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه أذى أو قذرًا فليمسحه وليصل فيهما» أخرجه أبو داود وصححه ابن خزيمة. قال بعضهم: إذا وطئ الإنسان في نعله الأذى ... أو الخف يدلك بالتراب ويطهر س103: إلى كم تنقسم الميتة بالنسبة إلى الطهارة والنجاسة؟ ج: إلى قسمين: طاهرة، وهي ميتة الآدمي والسمك والجراد وما لا نفس له سائلة متولد من طاهر. والقسم الثاني: نجسة، وهي ما عدا الطاهرة. س104: ما الدليل على طهارة ميتة الآدمي من الكتاب والسُّنة؟ ج: قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} عن حذيفة بن اليمان: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيه وهو جنب فحاد عنه فاغتسل،

س105: ما الدليل على طهارة ميتة السمك والجراد؟ وضح ذلك.

ثم جاء فقال: كنت جنبًا، فقال: «إن المسلم لا ينجس» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي. وروى الجماعة كلهم نحوه من حديث أبي هريرة، قال البخاري، وقال ابن عباس: «المسلم لا ينجس حيًا ولا ميتًا» . قال صاحب «النظم» : وتطهير ميت الناس أولى وعضوه ... عن أحمد التطهير يختص من هدى س105: ما الدليل على طهارة ميتة السمك والجراد؟ وضح ذلك. ج: قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ} ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في البحر: «هو الطهور ماؤه، الحل ميتته» أخرجه الأربعة وابن أبي شيبة، واللفظ له وابن خزيمة. ورواه مالك والشافعي وأحمد، ولحديث ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أحل لنا ميتتان ودمان؛ فأما الميتتان: فالجراد والحوت، وأما الدمان: فالطحال والكبد» أخرجه أحمد وابن ماجه، وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: «غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات نأكل معه الجراد» متفق عليه. وعن جابر قال: غزونا جيش الخبط، وأميرنا أبو عبيدة، فجُعنا جوعًا شديدًا، فألقى البحر حوتًا ميتًا لم نر مثله يقال له: العنبر، فأكلنا منه نصف شهر، فأخذ أبو عبيدة عظمًا من عظامه، فمر الراكب تحته، فلما قدمنا ذكرنا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «كلوا رزقًا أخرجه الله إليكم وأطعمونا إن كان معكم» ، قال: فأرسلنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه فأكله. متفق عليه. س106: ما الدليل على طهارة ما لا نفس له سائلة؟ ج: ما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا وقع الذباب في شرب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه؛ فإن في أحد جناحيه داء، وفي الآخر شفاء» أخرجه البخاري وأبو داود، وزاد: «وإنه يتقى بجناحه

س107: ما حكم سؤر الهرة وما دونها؟ وما كان مثلها في الخلقة؟ واذكر دليل الحكم.

الذي فيه الداء» فهذا نص في الذباب، ثم عدى هذا الحكم إلى كل ما لا نفس له سائلة، كالزنبور والنحلة والعنكبوت ونحوها مما لا دم له سائل، إذ الحكم يعم بعموم علته وينتفي بانتفاء سببه. س107: ما حكم سؤر الهرة وما دونها؟ وما كان مثلها في الخلقة؟ واذكر دليل الحكم. ج: حكم سؤر هذه طاهر، لما ورد عن أبي قتادة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في الهرة: «إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم» أخرجه الأربعة وصححه الترمذي، وابن خزيمة، وعن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه كان يصغي إلى الهرة الإناء حتى تشرب ثم يتوضأ بفضلها» رواه الدارقطني، وأما ما كان مثلها أو دونها فيؤخذ حكمه من التعليل للحكم., قال في «مختصر النظم» : وما لا دم فيه يسيل فطاهر ... ولو مات إن طهرته حيًا اهتد وللبلغم احكم مع رطوبة فرجها ... وأبوال مأكول بطهر مؤبد وسؤر لسنور وما دون خلقها ... كعرس وفأر للأراضي مخدد ولا ريب في تنجيس مائع مسكر ... وما من نجاسات تولد فاشهد وما العفو في الأطفال عما يلامسوا ... بأيديهم مع قيئهم بمبعد وكمبهم طين في الشوارع طاهر ... وإلا فنزر منه عفو بأجود وما قيل يعفني عنه فالعفو يا فتى ... يخص بتصحيح الصلاة فقيد س108: ما حكم اللبن، والعرق، واللعاب، والبول، والروث، والمني، والودي، والبيض، والسور، والمخاط، والدمع، والمذي من مأكول اللحم؟ ج: ما أكل لحمه ولم يكن أكثر علفه النجاسة فبوله، وروثه، وقيئه، ومذيه، ومنيه، ولبنه وعرقه، ولعابه، ووديه، ومخاطه، ودمعه، وبيضه طاهر.

لما ورد عن أنس «أن رهطًا من عكل أو عرينة قدموا المدينة، فأمر لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بلقاح وأمرهم أن يشربوا من أبوالها وألبانها» الحديث متفق عليه. وقال - صلى الله عليه وسلم - لما سُئل عن الصلاة في مرابض الغنم: «صلوا فيها فإنها بركة» رواه أحمد وأبو داود، وعن عمرو بن خارجة قال: «خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنى وهو على راحلته ولعابها يسيل على كتفي» رواه أحمد والترمذي وصححه؛ ولأنه - صلى الله عليه وسلم - طاف على بعيره، أما الحكم بالمذكورات فبالنص، وأما في غيرها من مأكول اللحم فبالقياس. وأما الدليل على طهارة عرق الآدمي، ولبنه، ومنيه، والمخلط، والنخامة، والدمع، واللعا، والشعر، والسؤر، فمنها ما تقدم في جواب سؤال سابق، ومنذ لك ما ورد عن عائشة قالت: «كنت أفرك المني من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم يصلي فيه» رواه الجماعة إلا البخاري، ولأحمد: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسلت المني من ثوبه بعرق الأذخر، ثم يصلي فيه ويحته من ثوبه يابسًا، ثم يصلي فيه» . وأما الدليل على عرق الآدمي وشعره، فهو ما ورد عن أنس بن مالك «أن أم سليم كانت تبسط للنبي - صلى الله عليه وسلم - نطعًا فيقبل عندها على ذلك النطع، فإذا قام أخذت من عرقه وشعره فجمعته في قارورة ثم جعلته في سلك، قال: فلما حضرت أنس بن مالك الوفاة أوصى أن يجعل في حنوطه» أخرجه البخاري. وعن عثمان بن عبد الله بن وهب قال: «أرسلني أهلي إلى أم سلمة بقدح من ماء فجاءت بجلجل من فضة فيه شعر من شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان إذا أصاب الإنسان عين أو شيء بعث إليها بإناء فخضخضت له فشرب منه، فاطلعت في الجلجل فرأيت شعرات حمراء» رواه البخاري. وأما الدليل على طهارة النخامة، والبصاق، والريق، والمخلط، والسؤر، ففي حديث صلح الحديبية من رواية مسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم

س109: ما الذي يعفى عنه من النجاسة؟ أذكره بوضوح.

«أن عروة بن مسعود قام عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد رأى ما يصنع به أصحابه ولا يبصق بصاقًا إلا ابتدروه» رواه أحمد. وفي حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامة في قبلة المسجد، فأقبل على الناس، فقال: «ما بال أحدكم مستقبل ربه فيتنخع أمامه، أيحب أن يستقبل فيتنخع في وجهه؟ فإذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره أو تحت قدمه؛ فإن لم يجد فليقل هكذا» ووصف القاسم، فتفل في ثوبه ثم مسح بعضه ببعض، رواه مسلم، ولو كانت نجسة لما أمر بمسحها في ثوبه وهو في الصلاة ولا تحت قدمه؛ ولأنه لو كان نجسًا لنجس الفم ونقض الوضوء، ولم ينقل عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - فيما علمنا شيء من ذلك مع عموم البلوى به، وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ «أنها كانت تشرب من الإناء وهي حائض فيأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع فيها فيشرب وتتعرق العرق فيأخذه فيضع فاه على موضع فيها» رواه مسلم. وأما الدلالة على أبن الآدمية فقد تقدم ما يدل على طهارته، ومن ذلك ما ورد عن عائشة قالت: جاءت بنت سهيل، فقالت: يا رسول الله، إنسالمًا مولى أبي حذيفة معنا في بيتنا وقد بلغ ما يبلغ الرجال، فقال: «أرضعيه تحرمي عليه» رواه مسلم. س109: ما الذي يعفى عنه من النجاسة؟ أذكره بوضوح. ج: يعفى في غير مائع ومطعوم عن يسير دم نجس من حيوان طاهر في قول أكثر أهل العلم، وروي عن ابن عباس، وأبي هريرة وغيرهما ولم يعرف لهم مخالف من الصحابة لوقول عائشة «يكون لإحدانا الدرع فيه تحيض، ثم ترى فيه قطرة من الدم فتقصعه بريقها –وفي رواية: تبله بريقها- ثم تقصعه بظفرها» رواه أبو داود. وهذا يدل على العفو؛ لأن الريق لا يطهره ويتنجس به ظفرها وهو إخبار عن دوام الفعل، ومثل هذا لا يخفى عليه - صلى الله عليه وسلم -، قد قال العلماء: أن ما بقي في اللحم من الدم معفو عنه؛ لأنه إنما حرم الدم المسفوح ولمشقة

س110: ما حكم سباع البهائم، والطير، والحمار الأهلي، والبغل منه؟

التحرز منه ويعفى عن أثر استجمار بمحمله. والله أعلم. س110: ما حكم سباع البهائم، والطير، والحمار الأهلي، والبغل منه؟ ج: هذه أجزاؤها وما خرج منها نجس ولا يستثنى منها شيء على المشهور من المذهب، لما ورد عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يسأل عن الماء يكون بالفلاة من الأرض وما ينوبه من السباع والدواب، فقال: «إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث» رواه الخمسة، وفي لفظ ابن ماجه ورواية لأحمد: «لم ينجسه شيء ولو كانت طاهرة لم يحده بالقلتين» . وعن سلمة بن الأكوع قال: «لما أمسى اليوم الذي فتحت عليهم فيه خيبرًا أوقدوا نيرانًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما هذه النار، على أي شيء توقدون؟» قالوا: على لحم، قال: «على أي لحم؟» قالوا: على لحم الحمر الإنسية، فقال: «أهريقوها واكسروها» ، فقال رجل: يا رسول الله، أو نهريقها ونغسلها؟ فقال أو ذاك –وفي لفظ فقال: «اغسلوا» » . وعن أنس قال: «أصبنا من لحم الحمر يعني يوم خيبر، فنادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر، فإنها رجس أو نجس» متفق عليهما. فهذا نص في الحمر الأنسية وقياس في غيرها مما لا يؤكل بجامع عدم الأكل، والصحيح: أن الحمار والبغل ريقه وعرقه وما خرج من أنفه طاهر، بخلاف بوله وروثه وأجزائه؛ فإنها خبيثة نجسة، قال في «المغني» : والصحيح عندي طهارة البغل والحمار؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يركبهما ويركبان في زمنه وفي عصر الصحابة، فلو كان نجسًا لبين لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك. انتهى. وأيضًا هي أولى من طهارة سؤر الهر الذي ثبت طهارته وعلله - صلى الله عليه وسلم - بأنهن من الطوافين عليكم والطوافات ومشقة ملامسة الحمير والبغل أشق من الهر بكثير. والله أعلم.

س111: ما مثال سباع البهائم والطير مما فوق الهر خلقة؟ وما مثال ما لا يؤكل من البهائم؟

س111: ما مثال سباع البهائم والطير مما فوق الهر خلقة؟ وما مثال ما لا يؤكل من البهائم؟ ج: مثل الفيل، والبغل، والحمار، والأسد، والنمر، والذئب، والفهد، والكلب، والخنزير، وابن آوى، والدب، والقرد، والسمع والعسبار، وجوارح الطير: كالعقاب، والصقر، والحدأة، والبومة، والنسر، والرخم، وغراب البين والأبقع. 21- باب الحيض س112: ما هو الحيض؟ وما الأصل في مشروعيته؟ ومن هي المبتدأة؟ وماذا تعمل؟ ج: هو دم وطبيعة وجبلة يرخيه الرحم إذا بلغت المرأة، ثم يعتادها في أوقات معلومة لحكمه تربية الولد، فإذا حملت انصرف ذلك بإذن الله إلى تغذية الولد، ولذلك لا تحيض الحامل إلا نادرًا، فإذا وضعت الولد قلبه الله بحكمته لبنًا يتغذى به الطفل، ولذلك قُلما تحيض المرضع، فإذا خلت المرأة من الحمل والرضاع بقي لا مصرف له فيستقر في مكان، ثم يخرج في الغالب في كل شهر ستة أيام أو سبعة، وقد يزيد وقد ينقص على ما ركبه الله في الطباع؛ ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ببر الأم ثلاث مرات، وببر الأب واحدة، والأصل فيه قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} . والمبتدأة هي: التي رأت الدم ولم تكن حاضت، قال في «الاختيارات الفقهية» : ولا يتقدر أقل الحيض ولا أكثره، بل كل ما استقر عادة للمرأة فهو حيض وإن نقص عن يوم أو زاد على الخمسة أو السبعة عشر، ولا حد لأقل سن تحيض فيه المرأة ولا لأكثره ولا لأقل الطهر بين الحيضتين، والمبتدأة تجلس ما تراه من الدم ما لم تصر مستحضاه، وكذلك المنتقلة إذا تغيرت عادتها بزيادة أو نقص أو انتقال، فذلك حيض حتى تعلم أنها مستحاضة باستمرار الدم.

س113: ما حكم وطء الحائض ومباشرتها؟

قال الناظم: وعند إمام الوقت تجلس مطلقًا ... لظاهر ما يروى بغير تقيد س113: ما حكم وطء الحائض ومباشرتها؟ ج: محرم، لقوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} الآية. وأما مباشرتها، فتجوز في غير الفرج، وفي الفرج تحرم، لما ورد عن أنس بن مالك أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - اصنعوا [كذا بالأصل] ، فأنزل الله {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ} الآية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» ، وفي لفظ: «إلا الجماع» رواه الجماعة إلا البخاري. س114: ما حكم فعل الصلاة والصوم في حق الحائض؟ وما دليل الحكم؟ ج: يحرم عليها فعل صلاة وصوم؛ لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم» متفق عليه، وقوله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت أبي حبيش: «إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة» رواه البخاري والنسائي وأبو داود، وفي رواية للجماعة إلا ابن ماجه: «فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة» . س115: ما الدليل على سقوط وجوب الصلاة دون الصوم عن الحائض؟ ج: ما ورد عن معاذة قالت: سألتُ عائشة، فقلتُ: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت: «كان يصيبنا ذلك مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة» رواه الجماعة. س116: ما حكم الطواف في حق الحائض وما دليل الحكم؟ ج: يحرم عليها فعل الطواف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة إذا

س117: ما حكم الاعتداد بالأشهر في حق من تحيض؟

حاضت: «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» متفق عليه. س117: ما حكم الاعتداد بالأشهر في حق من تحيض؟ ج: ممنوع الاعتداد بالأشهر في حق من تحيض؛ لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} فأوجب سبحانه العدة بالقروء، وقوله: {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ المَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ} شرط في العدة بالأشهر عدم الحيض. س118: ما حكم الطلاق في وقت الحيض؟ وما دليل الحكم؟ ج: طلاق بدعة محرمة، لما في الطلاق من تطويل العدة، وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه طلق امرأته وهي حائض في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسأل عمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: «مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء» . من «مختصر النظم» الأشياء التي يمنعها الحيض وما يوجبه الحيض: ويمنع حيض الخود فعل صلاتها ... وإيجابها والصوم ولنقضه قد ودرسًا لقرآن ومسًا لمصحف ... وتطواف بيت والدوام بمسجد وسنة تطليق وعدة أشهر ... ووطئًا بفرج ثم يوجب فاعدد بلوغًا وغسلاً واعتدادًا به وإن ... لوطئكها افهم في الخطأ والتعمد س119: من المستحاضة؟ ج: هي من يخرج دمها في غير أوانه، وهي تارة يكون لها عادة وتارة يكون لها تمييز، وتارة تكون لا عادة لها ولا تمييز.

س120: بين ماذا تعمل المستحاضة المعتادة؟ بين الحكم مع ذكر الدليل.

س120: بين ماذا تعمل المستحاضة المعتادة؟ بين الحكم مع ذكر الدليل. ج: تجلس عادتها، لما ورد عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قالت فاطمة بنت أبي حبيش لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني أستحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فاتركي اللاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي» رواه البخاري والنسائي وأبو داود. وعن عائشة: أن أم حبيبة بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن ابن عوف شكت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدم، فقال: «امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي» ، فكانت تغتسل عند كل صلاة. رواه أحمد والنسائي، ولقظهما. قال: «فلتنتظر قدر قروئها التي كانت تحيض فلتترك الصلاة، ثم لننظر ما بعد ذلك فلتغتسل عند كل صلاة» . وعن القاسم عن زينب بنت جحش أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم - إنها مستحاضة، فقال: «تجلس أيام أقرائها ثم تغتسل وتؤخر الظهر وتعجل العصر وتغتسل وتصلي وتؤخر المغرب وتعجل العشاء وتصليهما جميعًا وتغتسل للفجر» رواه النسائي. وعن أم سلمة أنها استفتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في امرأة تهراق الدم، فقال: رواه الخمسة إلا الترمذي س121: ماذا تعمل المستحاضة التي لا عادة لها؟ بين الحكم واذكر الدليل. ج: من لا عادة لها ولها تمييز ترجع إليه، لما ورد عن عروة عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان دم الحيض فإنه أسود ويعرف، فإذا كان كذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي؛ فإنما هو عرق» رواه أبو داود والنسائي.

س122: ماذا تعمل المستحاضة التي ليس لها عادة ولا تمييز؟

س122: ماذا تعمل المستحاضة التي ليس لها عادة ولا تمييز؟ ج: ترجع إلى غالب عادات النساء، لحديث حمنة بنت جحش قالت: كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أستفتيه، فقال: «إنما هي ركضة من الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام، ثم اغتسلي فإذا استنقأت فصلي أربعة وعشرين وصومي وصلي؛ فإن ذلك يجزئك وكذلك فاعلي كل شهر كما تحيض النساء؛ فإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر ثم تغتسلي حين تطهرين وتصلي الظهر والعصر جميعًا، ثم تؤخرين المغرب وتعجين العشاء ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الصبح وتصلين، قال: وهو أحب الأمرين إليّ» رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي وحسنه البخاري. س123: ما حكم الصفرة والكدرة؟ وكم مدة النفاس؟ وضح ذلك مع الدليل. ج: الصفرة والكدرة في زمن العادة حيض، لحديث أم عطية قالت: «كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئًا» رواه البخاري وأبو داود واللفظ له، وأكثر مدة النفاس أربعون يومًا ولا حد لأقله، لحديث أم سلمة قالت: «كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين يومًا» أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والدارقطني والحاكم، وله طرق يقوي بعضها بعضًا. قال الترمذي: أجمع أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يومًا إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فتغتسل وتصلي، قال أبو عبيدة: وعلى هذا جماعة الناس، وقال في «الاختيارات الفقهية» : ولا حد لأقل النفاس ولا لأكثره، ولو زاد على الأربعين أو الستين أو السبعين وانقطع فهو نفاس؛ ولكن إن اتصل فهو دم فساد، وحينئذ فالأربعون منتهى الغالب. والله أعلم.

س124: متى يثبت حكم النفاس؟ وإذا تخلل الأربعين نقاء فما الحكم؟

س124: متى يثبت حكم النفاس؟ وإذا تخلل الأربعين نقاء فما الحكم؟ ج: يثبت حكمه بوضع ما تبين فيه خلق إنسان وإن تخلل الأربعين نقاء فهو طهر تغتسل فيه وتصوم وتصلي وتفعل ما يفعل الطاهرات. س125: ما الفرق بين الحيض والنفاس؟ ج: الفرق الأول: أن النفاس لا تعتد به المفارقة في الحياة، والثاني: أن البلوغ يحصل بالحيض، وأما النفاس فلا يثبت به بل بالإنزال المتقدم عليه وقت الجماع. قال في «المختصر للنظم» : وكالحيض فيما قيل حكم نفاسها ... سوى في بلوغ سابق وتعدد 22- الأذان والإقامة س126: ما هو الأذان؟ وما هي الإقامة؟ ج: هو لغة: الإعلام. قال تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} ، وفي الشرع: إعلام بدخول وقت الصلاة أو قربه لفجر، والإقامة: إعلام بالقيام إلى الصلاة بذكر مخصوص فيها. س127: ما الأصل في مشروعيتهما من الكتاب والسُّنة؟ ج: قوله تعالى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} الآية، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ} وأما الأدلة من السُّنة، فمنها ما يأتي قريبًا في مواضعه -إن شاء الله-. س128: في أي وقت كان ابتداء شرعية الأذان؟ واذكر الدليل على ما تقول. ج: قيل: إن أصح ما ورد في تعيين ابتداءه هو أنه عندما قدم المسلمون المدينة، لما ثبت عند البخاري ومسلم والترمذي، وقال: حسن صحيح، والنسائي من حديث عبد الله بن عمر قال: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة، وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يومًا في ذلك، فقال

س129: ما حكم الأذان والإقامة؟ وما دليل الحكم؟

بعضهم لبعض: اتخذوا ناقوسًا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: اتخذوا قرنًا مثل قرن اليهود، فقال عمر: ألا تبعثون رجلاً ينادي بالصلاة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قم يا بلال فناد بالصلاة» . س129: ما حكم الأذان والإقامة؟ وما دليل الحكم؟ ج: فرض كفاية على الرجال المقيمين لللوات الخمس المفروضة والجمعة، لما ورد عن مالك بن الحويرث، أن البني - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم» متفق عليه، ولما ورد عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من ثلاثة لا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان» رواه أحمد. س130: ماذا يعمل مع أهل بلد تركوهما؟ بين الحكم مقرونًا بالدليل. ج: يقاتل أحد بلد تركوهما؛ لأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة، وقد كان الغزاة في أيام النبرة وما بعدها إذا جهلوا حال أهل بلد أو قرية تركوا حربهم حتى يحضر وقت الصلاة؛ فإن سمعوا أذانًا كفوا عنهم، وإن لم يسمعوا قاتلوهم مقاتلة المشركين، ولما ورد عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا غزا بنا قومًا لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر إلينا؛ فإن سمع أذانًا كف عنهم وإن لم يسمع أذانًا أغار عليهم، قال: فخرجنا إلى خيبر، فلما انتهينا إليهم ليلاً فلما أصبح ولم يسمع أذانًا ركب وركبت خلف أبي طلحة وإن قدمي لتمس قدم نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فخرجوا إلينا بملكاتلهم ومساحيهم، فلما رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: محمد والله محمد، والخميس فلجأوا إلى الحصن، فلما رآهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الله أكبر الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين» متفق عليه. وعن عصام المزني قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية، فقال: «وإذا رأيتم مسجدًا وسمعتم مؤذنًا فلا تقتلوا أحدًا» رواه الترمذي وأبو داود.

س131: ما صفة الأذان؟ وكم هو من جملة؟ بين ذلك مع ذكر الدليل.

س131: ما صفة الأذان؟ وكم هو من جملة؟ بين ذلك مع ذكر الدليل. ج: الأذان خمس عشرة جملة في غير الفجر، يكبر أربع تكبيرات، ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله مرتين، وأشهد أن محمدًا رسول الله مرتين، وحي على الصلاة مرتين، وحي على الفلاح مرتين، ويقول: الله أكبر مرتين ولا إله إلا الله مرة، ويزيد في الفجر بعد قوله حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم مرتين، فيكون أذان الفجر سبع عشرة جملة. عن عبد الله بن زيد قال: «لما أجمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضرب بالناقوس وهو كاره له لموافقته النصارى طاف بي من الليل طائف وأنا نائم، رجل عليه ثوبان أخضران، وفي يده ناقوس يحمله، قال: فقلت: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قال: قلت: تدعو به إلى الصلاة قال: أفلا أدلك على خير من ذلك؟ فقلت: بلى، قال: تقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله» ، قال: ثم استأخر غير بعيد، قال: ثم تقول: إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، قال: فلما أصبحت أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بما رأيت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن هذه الرؤيا حق إن شاء الله» ثم أمر بالتأذين فكان بلال مولى أبي بكر يؤذن بذلك ويدعو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة، قال: فجاء فدعاه ذات غداة إلى الفجر، فقيل له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نائم، فصرخ بلال بأعلى صوته: الصلاة خير من النوم، قال سعيد بن المسيب فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر» رواه أحمد. وعن أنس قال: «أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة»

س132: بين معاني ما يلي من الكلمات: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم، الشفع، الوتر، الترسل، الحدر.

رواه الجماعة، وعن أبي محذورة قال: قلت: يا رسول الله، علمني سُّنة الأذان فعلمه، وقال: «فإن كان صلاة الصبح، قلت: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله» رواه أبو داود وأحمد. س132: بين معاني ما يلي من الكلمات: الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم، الشفع، الوتر، الترسل، الحدر. ج: أشهد أن لا إله إلا الله: معناها أعلم أن لا إله إلا الله، وأبين أن لا إله إلا الله؛ ولهذا سميت الشهادة بينة، وقلو الله عز وجل: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} معناه: بين الله ذلك، وأعلم أن لا إله إلا هو، وشهد الشاهد بالحق عند الحاكم معناه بين للحاكم وأعلمه ما عنده من الخير، أشهد أن محمدًا رسول الله معناها أيضًا: أبين وأعلم، والرسول معناه في اللغة: الذي يتابع الأخبار من الذي بعثه، أخذًا من قولهم: جاءت الإبل رسلاً، أي متتابعة. قال الأعشى: يسقي رياضًا لها قد أصبحت عرضًا ... زورًا تجانف عنها القود والرسل والقود: الخيل، والرسل: الإبل المتتابع. قوله: حي على الصلاة حي على الفلاح، اسم فعل معناه: هلموا إليها وأقبلوا عليها، وعلى هاهنا بمعنى: إلى، أي هلم إلى الصلاة، والحيعلة حكاية. قوله: حي على الصلاة حي على الفلاح، قال الشاعر: ألا رب طيف منك بات معانقي ... إلى أن دعا داعي الصباح فحيعلا ونظيرها في الكلام، البسملة والحوقلة إذا قال بسم الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. قال الشاعر: لقد بسملت ليلي غداة لقيتها ... فياحبذا ذاك الحديث المبسمل وزاد بعضهم: السبحلة والحمدلة حكاية قول سبحان الله والحمد لله وزاد بعض المتأخرين الطيلقلة والدمعزة حكاية قول القائل أطال اله بقاءك، وأدام عزك، وزاد بعضهم: الجعفلة حكاية قول القائل: جعلت فداك،

س133: ما الدليل على أفضلية الأذان من الكتاب والسنة؟

الفلاح الفوز والبقاء، أي هلموا إلى العمل الذي يوجب البقاء والخلود في الجنة، وقول الصلاة خير من النوم، يسمى التثويب من ثاب إذا رجع وثوب الداعي إذا كرر ذلك؛ لأن المؤذن دعا إلى الصلاة ثم عاد إليها، ويقال: تاب إليه عقله، أي رجع إليه، وأنشدوا في ذلك: وكل حي وإن طالت سلامته ... يومًا له من دواعي الموت تثويب الشفع: الزوج، يقال: شفعت الشيء إذا ضممت إليه مثله، والمراد أن يأتي بألفاظه شفعًا وهو مفسر بقوله: مثنى مثنى، قال الحافظ: لكن لم يختلف في أن كلمة التوحيد التي في آخره مفردة، فيحمل قوله مثنى على ما سواها. انتهى. فتكون أحاديث تشفيع الأذان وتثنيته مخصصة بالأحاديث التي ذكرت فيها كلمة التوحيد مرة، كحديث عبد الله بن زيد ونحوه؛ الوتر: الفرد وأوترته إذا أفردته؛ الترسل: التمهل، والثاني من قولهم: جاء فلان على رسله؛ والحدر: الإسراع؛ الله أكبر: أي من كل شيء أو أكبر من أن ينسب إليه ما لا يليق بجلاله، أو هو بمعنى كبير. والله أعلم. س133: ما الدليل على أفضلية الأذان من الكتاب والسُّنة؟ ج: قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} الآية. وعن معاوية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن المؤذنين أطول الناس أعناقًا يوم القيامة» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه. وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أذن محتسبًا سبع سنين كتب له براءة من النار» رواه ابن ماجه، وفي حديث أبي هريرة الذي رواه البخاري ومسلم: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا» . س134: بين حكم الأذان في حق المسافر، واذكر ما تستحضره من خلاف. ج: قيل: إنه واجب في السفر للجماعة، كما يجب في الحضر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به بلالاً في السفر، وقال لمالك بن الحويرث ولابن عم له: «إذا سافرتما فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما» متفق عليه. وهذا

س135: بين حكم الأذان قبل دخول الوقت، وجلوس المؤذن بعد الأذان. واذكر الخلاف.

ظاهر في وجوبه؛ ولأنه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لم يكونوا يتركون الأذان في أسفارهم، وقيل: إنه مسنون للمسافر، لما ورد عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يعجب ربك عز وجل من راعي غنم في شظية بجبل يؤذن بالصلاة ويصلي فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني فقد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي. س135: بين حكم الأذان قبل دخول الوقت، وجلوس المؤذن بعد الأذان. واذكر الخلاف. ج: لا يجوز قبل الوقت إلا الفجر بعد نصف الليل، لما ورد عن ابن مسعود، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره؛ فإنه يؤذن أو قال ينادي بليل ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم» رواه الجماعة إلا الترمذي، وعن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال ولا بياض الأفق المستطيل، هكذا حتى يستطير، هكذا يعني معترضًا» رواه مسلم وأحمد والترمذي، ولفظهما: «لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال والفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الأفق» ، وروى زياد بن الحارث الصدائي قال: «لما كان أول أذن الصبح أمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - فأذنت فجعلت أقول أقيم يا رسول الله؟ فجعل ينظر إليّ ناحية الشرق، ويقول: «لا حتى إذا طلع الفجر» ، نزل فبرز، ثم انصرف إليّ وقد تلاحق أصحابه فتوضأ، فأراد بلال أن يقيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أخا صداء قد أذن فهو يقيم» قال فأقمت» رواه أبو داو والترمذي، ويستحب أن لا يؤذن قبل الفجر إلا أن يكون معه مؤذن آخر يؤذن إذا أصبح كفعل بلال وابن أم مكتوم اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولأنه إذا لم يكن كذلك لم يحصل الإعلام بالوقت المقصود بالأذان، فإذا كانا مؤذنين حصل الإعلام بالوقت، وقيل: لا يجوز الأذان قبل طلوع الفجر، لما روى ابن عمر أن بلالاً أذن قبل الفجر، فأمره النبي صلى الله

س136: ما حكم رفع الصوت بالأذان؟ وما دليل الحكم؟

عليه وسلم أن يرجع فينادي ألا إن العبد نام ألا إن العبد نام، وعن بلال أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: «لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر» هكذا، ومد يديه عرضًا. رواهما أبو داود. ومن حديث أنس عند البخاري وغيره قال: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا غزا بنا قومًا لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر؛ فإن سمع أذانًا كف عنهم، وإن لم يسمع أذانًا أغار عليهم، فجعل شعار ديار الإسلام الأذان على طلوع الفجر» ، وقالت طائفة من أهل الحديث: إذا كان له مؤذنان يؤذن أحدهما قبل طلوع الفجر والآخر بعده فلا بأس؛ لأن الأذان قبل الفجر يفوت المقصود من الإعلام بالوقت، لم يجز كبقية الصلوات إلا أن يكون له مؤذنان يحصل إعلام الوقت بأحدهما، ويستحب أن يجلس مؤذن بعد أن أذان صلاة يسن تعجيلها، كمغرب جلسة خفيفة، ثم يقيم الصلاة، لحديث أبي بن كعب مرفوعًا «اجعل بين أذانك وإقامتك نفسًا يفرغ الآكل من طعامه في مهل، ويقضي حاجته في مهل» رواه عبد الله بن أحمد. وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال: «اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمقتضى إذا دخل لقضاء حاجته» رواه أبو داود والترمذي. وكل أذان ليس في الوقت باطل ... بلى بعد نصف الليل للفجر غرد وبعد أذان المغرب أقعد هنيهة ... وإن تشأ جميعًا أو فوائت باعد فأذن لأولاهن ثم أقم لها ... وفي باقيات للإقامة أفرد وفي موضع التأذين إن يسهلن أقم ... وفي مغرب بعد الأذان ليقعد يسيرًا فلا تكره إذًا ركعتين للمصلي بلا خلف على نص أحمد. س136: ما حكم رفع الصوت بالأذان؟ وما دليل الحكم؟ ج: مسنون، لما ورد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المؤذن يغفر له مدى صوته ويشهد له كل رطب ويابس» رواه الخمسة إلا الترمذي، وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن صعصعة عن أبيه أن أبا سعيد

س137: بين حكم ما يلي: التثويب في أذان الفجر بعد الحيعلة، الإسراع في الإقامة، جعل المؤذن أصبعيه في أذنيه، التفاته في الحيعلة يمينا وشمالا غير مستدير وكونه على علو، وكونه متطهرا قائما مترسلا، وكونه أول الوقت, وكون المؤذن عالما بالوقت، بصيرا حسن الصوت.

الخدري - رضي الله عنه - قال له: «أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة» ، قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رواه مالك والبخاري والنسائي وابن ماجه. س137: بين حكم ما يلي: التثويب في أذان الفجر بعد الحيعلة، الإسراع في الإقامة، جعل المؤذن أصبعيه في أذنيه، التفاته في الحيعلة يمينًا وشمالاً غير مستدير وكونه على علو، وكونه متطهرًا قائمًا مترسلاً، وكونه أول الوقت, وكون المؤذن عالمًا بالوقت، بصيرًا حسن الصوت. ج: هذه من المسنونات، لما ورد عن أبي جحيفة - رضي الله عنه - قال: «رأيت بلالاً يؤذن وأتتبع فاه هاهنا وهاهنا وأصبعاه في أذنيه» رواه أحمد والترمذي، وصححه. ولابن ماجه «وجعل أصبعيه في أذنيه» ، ولأبي داود: «ولوى عنقه لما بلغ حي على الصلاة يمينًا وشمالاً ولم يستدر» وأصله في «الصحيحين» ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤذن إلا متوضئ» رواه الترمذي والبيهقي مرفوعًا من حديث أبي هريرة وموقوفًا عليه، وقال: وهو أصح، وأما كونه على علو، فلأنه أبلغ في الإعلام، وروي عن امرأة من بني النجار قالت: «كان بيتي من أطول البيوت حول المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر، فيأتي بسحر فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر، فإذا رآه تمطى ثم قال: اللهم إني أستعينك وأستعديك على قريش أن يقيموا دينك، قالت: ثم يؤذن» رواه أبو داود؛ وأما كونه مستقبل القبلة، فتقدم حديث أبي جحيفة وما يفهم منه، قال في الشرح: ولا نعلم خلافًا في استحبابه، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من السُّنة أن يستقبل القبلة بالأذان، وذلك لأن مؤذني النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يؤذنون مستقبلي القبلة؛ وأما كونه قائمًا، فلما روى أبو قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال: «قم فأذن» وكان مؤذنوه صلى الله عليه وسلم يؤذنون قيامًا. قال ابن المنذر:

س138:من الأولى أن يتولى الأذان والإقامة؟ واذكر الدليل على ما تقول.

أجمع كل من نحفظ عنه أنه من السُّنة؛ لأنه أبلغ في الأسماع؛ وأما كونه مترسلاً، فلما روى جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبلال: «إذا أذنت فترسل، وإذا أقمت فاحدر» رواه الترمذي وضعفه؛ وأما الدليل على كونه في أول الوقت، لما ورد عن جابر بن سمرة قال: «كان بلال يؤذن إذا زالت الشمس لا يخرم، ثم لا يقيم حتى يخرج إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا خرج أقام حين يراه» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي. وأما كونه عالمًا بالوقت فلأمن الخطأ، وليتمكن من الأذان في أوله، وأما كونه بصيرًا، فلأن الأعمى لا يعرف الوقت فربما غلط، وكره ابن مسعود وبان الزبير أذانه، وكره ابن عباس إقامته؛ وأما كونه صيتًا، فلقوله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن زيد «ألقه على بلال؛ فإنه أندى صوتًا منك» ولأنه أبلغ في الإعلام؛ وأما التثويب، وهو قول الصلاة خير من النوم مرتين، فلقول بلال «أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ثوب في الفجر، ونهاي أن أثوب في العشاء» رواه ابن ماجه؛ وأما حدر الإقامة، فلقوله - صلى الله عليه وسلم - لبلال: «إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر» رواه أبو داود. قال في «مختصر النظم» : على نَشَزِ مُستقبلاً قائمًا فكنْ ... وفي الأذنين الأصبعين فأورد؟ وحيعل يمينًا بالتفاتٍ ويسرة ... ولا تدر الرجلين والطهر جود وخذ عن بلالٍ خمس عشرة كلمة ... ومن يقم إحدى عشرة ليعدد وإن يترسل بالأذان ويحدر ... الإقامة يظفر بالأحب ويقتدى ومن أذن احرصْ أن يقيم مكانهُ ... وللفجر بالتثويب ثنتين أفرد س138:من الأولى أن يتولى الأذان والإقامة؟ واذكر الدليل على ما تقول. ج: يستحب أن يتولاهما واحد، لحديث زياد بن الحارث الصدائي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أخا صداء أذن» قال: فأذنت وذلك حين أضاء الفجر، قال: فلما توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم

س139: ما حكم أخذ الأجرة على الأذان والإقامة؟ وما دليل الحكم؟

قام إلى الصلاة فأراد بلال أن يقيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقيم أخو صداء فإن من أذن فهو يقيم» رواه الخمسة إلا النسائي، ولفظه لأحمد. س139: ما حكم أخذ الأجرة على الأذان والإقامة؟ وما دليل الحكم؟ ج: يحرم أخذ الأجرة، ويجوز أن يجعل له رزق من بيت المال لعدم متطوع، لما روى عثمان بن أبي العاص قال: قلت: يا رسول الله، اجعلني إمام قومي، قال: «أنت إمامهم واقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا» رواه أحمد وأبو داود والنسائي. س140: بين من المقدم عند تشاح المؤذنين؟ واذكر الدليل على ما تقول. ج: يقدم أولاً أفضلهما فيه، ثم أفضلهما في دينه وعقله، ثم من يختاره الجيران، ثم قرعة؛ أما دليل الأفضل فيه، فقوله صلى الله عليه وسلم لعبد الله ابن زيد: «ألقه على بلال فإنه أندى صوتًا» الحديث، وتقدم قريبًا. وقدم أبا محذورة لصوته؛ وأما الدليل على تقديم الأفضل في دينه وعقله عند الاستواء في ذلك، فلما روى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم أقرؤكم» رواه أبو داود وغيره؛ ولأنه إذا قدم بالأفضلية في الصوت فبالأفضلية في ذلك أولى؛ لأن مراعاتهما أولى من مراعاة الصوت؛ لأن الضرر بفقدهما أشد، وأما تقديم من يختاره الجيران على غيره؛ فلأن الأذان لإعلامهم فكان لرضاهم أثر في التقديم؛ ولأنهم أعلم بمن يبلغهم صوته ومن أعف عن النظر وعن الشبهات؛ وأما كونه يقرع عند التساوي، فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا» متفق عليه ولما تشاح الناس في الأذان يوم القادسية أقرع بينهم سعد. قال الناظم: ومتقن ذا قدمه عند تنازع ... فدين فعقل فانتقا جار مسجد ومن يحتسبه فهو أو من الذي ... له رزق بيت المال أو أجر ممدد فإن يستووا أقرع كسعد وجوزن ... أذانًا لأعمى متقن أو مقلد

س141: إذا جمع أو قضى فوائت، فما الحكم؟ وكم يؤذن؟ وكم يقيم؟ وضح ذلك.

س141: إذا جمع أو قضى فوائت، فما الحكم؟ وكم يؤذن؟ وكم يقيم؟ وضح ذلك. ج: حكم الأذان والإقامة مسنون فيؤذن للأولى ويقيم لكل فريضة، لحديث عمرو بن أمية الضمري قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره، فنام عن الصبح حتى طلعت الشمس، فاستيقظ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «تنحوا عن هذا المكان» ، قال: ثم أمر بلال فأقام الصلاة فصلى بهم صلاة الصبح، رواه أبو داود. ولما ورد عن أبي عبيدة بن عبد الله ابن مسعود عن أبيه «أن المشركين شغلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالاً فأذن ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر، ثم أقام فصلى المغرب، ثم أقام فصلى العشاء» رواه أحمد والنسائي والترمذي. ولما روى مسلم عن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى المزدلفة فصلى المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين» إلى غير ذلك من الأدلة. س142: ما المسنون قوله عند سماع الأذان؟ وضحه مع ذكر الدليل. ج: يسن متابعته سرًا بأن يقول مثل ما يقول المؤذن إلا في قوله حي على الصلاة وحي على الفلاح، فيقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإلا في التثويب فيحوقل أو يقول: صدقت وبررت، لما ورد عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر، فقال أحدكم: الله أكبر، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ثم قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، ثم قال: حي على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: لا إله إلا الله

كتاب الصلاة

قال: لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة» رواه مسلم وأبو داود. وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن» رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي. وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة» رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. ومثل المؤذن قبل إذا ما سمعتهُ ... وحوقل إذا حيعل تثابن وترشد وعند فراغ منه فاسأل وسيلة ... لخير الورى تؤت الشفاعة في غد وفضل أذان المرء يعلو إمامة ... وقد قيل بل بالعكس فاختر وجود 23- كتاب الصلاة س143: ما معنى الصلاة لغةً وشرعًا؟ ولما سميت صلاة؟ ج: هي في اللغة: الدعاء. قال تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} ، وفي الحديث: «وإن كان صائمًا فليصل» . وفي الشرع: أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، وسميت صلاة لاشتمالها على الدعاء، وقيل: لأنها ثانية الشهادتين، كالمصلي من خيل الحلبة، وقيل: لما تتضمن من الخشوع والخشية لله، وقيل: لأن المصلي يتبع من تقدمه. س144: ما حكم الصلاة؟ وما دليل الحكم من الكتاب والسُّنة؟ ج: تجب وجونب عين على كل مسلم بالغ عاقل إلا حائضًا ونفساء، ودليل الحكم قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ} ، وقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} .

س145: متى فرضت الصلاة؟ وماذا يلزم من نام عنها أو غفل عنها أو نسيها؟

وقال: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} . ومن السُّنة: ما ورد عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة» الحديث متفق عليه. وعن طلحة بن عبيد الله أن أعرابيًا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثائر الرأس، فقال: يا رسول الله، أخبرني ما فرض الله علي من الصلاة، قال: «الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئًا» الحديث متفق عليه. وأجمع المسلمون على وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة. س145: متى فرضت الصلاة؟ وماذا يلزم من نام عنها أو غفل عنها أو نسيها؟ ج: فرضت ليلة الإسراء، وقيل: بعد البعثة، أي بعثته - صلى الله عليه وسلم - بنحو خمس سنين، وقيل: قبل الهجرة بسنة، ويجب على من نسى صلاة أو غفل عنها أن يصلها إذا ذكرها؛ لحديث أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك» متفق عليه. ولمسلم: «إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلها إذا ذكرها؛ فإن الله عز وجل يقول: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} » ، وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله قال: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} » رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي. س146: بين حكم تأخير الصلاة عن وقتها؟ واذكر دليل الحكم. ج: يحرم تأخير الصلاة عن وقته على القادر على فعلها الذاكر لها إلا لناوي الجمع، لنحو سفر أو مرض؛ لأنه يجب عليه إيقاعها في الوقت، فإذا خرج ولم يأت بها كان تاركًا للواجب، مخالفًا للآمر، ولئلا تفوت فائدة التأقيت؛ وأما الدليل على جوازه للعذر وتحريمه لغير عذر، فحديث أبي قتادة مرفوعًا «ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة أن تؤخر الصلاة إلى أن

س147: ما حكم جحد الصلاة أو تركها تهاونا وكسلا؟

يدخل وقت صلاة أخرى» ، وقد ورد في تفسير قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} عن بعض الصحابة أنه تأخيرها عن وقتها. وفي حديث أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يميتون الصلاة» أو قال: «يؤخرونها عن وقتها» ، وقال تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ} قال ابن مسعود إبراهيم: أخروها عن وقتها. وقال سعيد بن المسيب: هو أن لا يصلي الظهر حتى يأتي العصر، ولا العصر حتى تغرب الشمس، وقال الأوزاعي عن موسى بن سليمان عن القاسم ابن مخيمرة في هذا الآية: إنما أضاعوا المواقيت ولو كان تركًا كان كفرًا. وقال الأوزاعي عن إبراهيم بن يزيد أن عمر بن عبد العزيز قرأ {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًا} قال: لم تكن إضاعتها تركها ولكن أضاعوا الوقت. س147: ما حكم جحد الصلاة أو تركها تهاونًا وكسلاً؟ ج: ما يخل الجاحد لوجوبها إما أن يكون ممن لا يجهله كمن نشأ بدار الإسلام، فهذا يكفر؛ لأنه مكذب لله ولرسوله وإجماع الأمة ويصير مرتدًا بغير خلاف نعلمه قاله في المبدع، وإما أن يكون ممن يجهله كمن نشأ ببادية، وكحديث عهد بإسلام عرف وجوبها؛ فإن أصر على الجحد كفر، وإن تركها تهاونًا وكسلاً دعاه إمام أو نائبه إلى فعلها؛ فإن أبى حتى تضايق وقت التي بعدها وجب قتله. س148: كم مدة الاستتابة لجاحد وجوبها وتاركها تهاونًا وكسلاً؟ ج: ثلاثة أيام بلياليها كسائر المرتدين ويضيق عليهما ويدعيان كل وقت صلاة إليها؛ فأن تابا بفعلها مع إقرار الجاحد لوجوبها خلى سبيلهما وإلا ضربت عنقهما، وحيث كفر فإنه يقتل بعد الاستتابة ولا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يرق ولا يسبي له أهل ولا ولد كسائر المرتدين.

س149: ما هو الدليل على كفر تارك الصلاة من الكتاب والسنة؟

قال الشيخ: وتنبغي الإشاعة عنه بتركها حتى يصلي ولا ينبغي السلام عليه ولا إجابة دعوته. س149: ما هو الدليل على كفر تارك الصلاة من الكتاب والسُّنة؟ ج: قوله تعالى: {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} ، وقال: {فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة» رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي، وعن بريدة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» رواه الخمسة. وفي الحديث الآخر: «من ترك الصلاة متعمدًا فقد برئت منه ذمة الله ورسوله» رواه أحمد بإسناد عن مكحول وهو مرسل جيد. وعن عبد الله بن شقيق قال: «كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة» رواه الترمذي، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه ذكر الصلاة يومًا، فقال: «من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورًا ولا برهانًا ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف» رواه أحمد. وقال عمر: «لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة» ، وقال علي: «من لم يصل فهو كافر» . على الصلوات الخمس حافظ فإنها ... لآكد مفروض على كل مهتد فلا رخصة في تركها لمكلف ... وأول ما عنها يحاسب في غد بإهمالها يستوجب المرء قرنه ... بفرعون مع هامان في شر مورد وما زال يوصي بالصلاة نبينا ... لدى الموت حتى كل عن نطق مذود على المسلمين البالغين وجوبها ... سوى حيث أو ذي جنون وولد وتفويتها أو بعضها من مكلف ... حرام سوى ذي الجمع يا ذا التقيد ومن جحد الإيجاب كفره إن نشأ ... بدار الهدى ما بين أهل التعبد وتاركها وهنًا كذلك إن دعى ... وضاق بثاني الفروض وقت له قد

س150: ما معنى الشرط؟ وكم شروط الصلاة وما هي؟

إذا لم يتب واقتله بعد استتابة ... ثلاثة أيام بضيق التهدد س150: ما معنى الشرط؟ وكم شروط الصلاة وما هي؟ ج: الشرط لغة: العلامة. قال تعالى: {فَقَدْ جَاءَ أَشْراطُهَا} ، وعرفًا: ما لا يوجد المشروط مع عدمه ولا يلزم أن يوجد عند وجوده، وشروط الصلاة ما يتوقف عليها صحتها إن لم يكن عذر وليست منها، وتجب لها قبلها إلا النية فتكفي مقارنتها، بل هو الأفضل، وهي تسعة: إسلام، وعقل، وتمييز وهذه شروط في كل عبادة إلا التمييز في الحج، والرابع: الوقت، والخامس: الطهارة، والسادس: اجتناب النجاسة، والسابع: ستر العورة، والثامن: استقبال القبلة، والتاسع: النية. 24- مواقيت الصلوات الخمس س151: ما هي المواقيت؟ ومن أين يؤخذ تحديدها وما هو دليلها؟ ج: المواقيت: جمع ميقات، وهو القدر المحدد للفعل من الزمان والمكان ويؤخذ تحديدها من حديث جابر بن عبد الله «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه جبريل ظهرًا، فقال: قم فصله، فصلى الظهر حين زالت الشمس، ثم جاءه العصر، فقال: قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم جاء المغرب، فقال: قم فصله، فصلى المغرب حين وجبت الشمس، ثم جاءه العشاء، فقال: قم فصله، فصلى العشاء حين غاب الشفق، ثم جاء الفجر، فقال: قم فصله، فصلى الفجر حين برق الفجر، ثم جاءه من الغد للظهر، فقال: قم فصله، فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم جاء العصر، فقال: قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، ثم جاءه المغرب وقتًا واحدًا لم يزل عنه، ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل، أو قال: ثلث الليل، فصلى العشاء، ثم جاء حين أسفر جدًا، فقال: قم فصله، فصلى الفجر، ثم قال: ما بين هذين الوقتين وقت» رواه أحمد والنسائي والترمذي بنحوه، وقال البخاري: هو أصح شيء في المواقيت. قال العمريطي -رحمه الله- ناظمًا لأوقات الصلوات:

صلاة الظهر

مفروضها خمس فوقت الظهر ... من الزوال ينتهي بالعصر إذ صار ظل كل شيء مثله ... بعد الزوال غير ظل قبله والعصر يأتي مع مصير ظله ... بعد الزوال زائدًا عن مثله وإن بصر مثليه ظل طارى ... بعد الزوال فهو الاختياري وبعده الجواز ما لم تغرب ... وبالغروب جاء وقت المغرب وفي القديم يلزم امتداده ... إلى العشاء والراجح اعتماده ثم العشا من بعد حمرة الشفق ... وينتهي إذا بدا فجر صدق والصبح بالفجر الأخير يشرع ... وينتهي بالشمس حين تطلع 25- صلاة الظهر س152: بين حكم تقديم صلاة الظهر وحكم تأخيرها مقرونًا بالدليل. ج: يستحب تقديمها إلا في شدة الحر فالتأخير أولى، أما التقديم فدليله: ما ورد عن جابر بن سمرة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر إذا دحضت الشمس» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه وأبو داود، وعن أنس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر في أيام الشتاء وما ندري ما ذهب من النهار أكثر أو ما بقي منه» رواه أحمد، وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها» رواه الترمذي والحاكم وصححاه، وأصله في «الصحيحين» ، وأما التأخير في شدة الحر، فلما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم» رواه الجماعة، وعن أنس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان الحر أبرد بالصلاة وإذا كان البرد عجل» رواه النسائي وللبخاري نحوه. وعن أبي ذر قال: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأراد المؤذن أن يؤذن الظهر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أبرد» ، ثم أراد أن يؤذن،

صلاة العصر

فقال له: «أبرد» حتى رأينا فيء التلول، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة» متفق عليه. 26- صلاة العصر س153: ما حكم تعجيل صلاة العصر؟ وما دليل الحكم؟ ج: يستحب تعجيل صلاة العصر، لما في حديث جابر المتقدم قريبًا، ولما ورد عن أنس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العصر والشمس حية فيذهب الذاهب إلى العوالي فيأتيهم والشمس مرتفعة» رواه الجماعة إلا الترمذي، وللبخاري «وبعض العوالي من المدينة على ثلاثة أميال أو نحوه» ولأحمد وأبي داود معنى ذلك، وعن أنس قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله، إنما نريد أن ننحر جزورًا لنا وإنا نحب أن تحضرها، قال: «نعم» ، فانطلق وانطلقنا معه فوجدونا الجزور لم تنحر، فنحرت ثم قطعت ثم طبخ منها ثم أكلنا قبل أن تغيب الشمس، رواه مسلم. وعن رافع بن خديج قال: «كنا نصلي العصر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ننحر الجزور فتقسم عشر قسم، ثم نطبخ فنأكل لحمه نضيجًا قبل مغيب الشمس» متفق عليه. س154: ما الدليل على أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر؟ ج: ما ورد عن علي-عليه السلام-أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الأحزاب: «ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارًا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس» متفق عليه، ولمسلم وأبي داود: «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر» ، وعن علي قال: كنا نراها الفجر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هي صلاة العصر -يعني الوسطى» رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه، وعن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الصلاة الوسطى صلاة العصر» رواه أحمد والترمذي وصححه، وفي رواية لأحمد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وسماها لنا أنها العصر» ،

صلاة المغرب

وعن البراء عن عازب قال: نزلت هذه الآية حافظوا على الصلوات وصلة العصر فقرأناها ما شاء الله ونسخاه الله فنزلت: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الوُسْطَى} ، فقال رجل: هي إذًا صلاة العصر، فقال: قد أخبرتك كيف نزلت وكيف نسخها الله، والله أعلم. رواه مسلم. 27- صلاة المغرب س155: بين حكم تقديم صلاة المغرب مع الدليل على ما تقول. ج: يستحب تقديمها إلا ليلة جمع لمن قصدها محرمًا وإلا في الغيم لمن يصلي جماعة، وإلا في الأوفق، فالتأخير في ثلاث هذه الصور أولى فمن أدلة استحباب تقديمها، ما ورد عن سلمة بن الأكوع «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب» رواه الجماعة إلا النسائي، وعن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تزال أمتي بخير أو على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم» رواه أحمد وأبو داود، وعن جابر: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليها إذا وجبت» ، وقال رافع ابن خديج: «كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا، وإنه ليبصر مواقع نبله» متفق عليه. وعن أنس مثله رواه أبو داود. 28- صلاة العشاء الآخرة س156: هل الأولى تقديم صلاة العشاء الآخرة أم تأخيرها؟ وضح ذلك. ج: الأولى التأخير إلى ثلث الليل أو نصفه إلا إذا كان يشق على المأمومين أو بعضهم أو في حال تأخير المغرب حيث جاز التأخير لنحو جمع

صلاة الفجر

وتقدم، فمن أدلة استحباب تأخيرها ما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه، وعن جابر ابن سمرة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخر العشاء الآخرة» رواه أحمد ومسلم والنسائي، وعن عائشة قالت: «اعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بالعتمة فنادى عمر: نام النساء والصبيان، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «ما ينتظرها غيركم ولم تصلى يومئذ إلا بالمدينة» ، ثم قال: «صلوها فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل» رواه النسائي. وعن بريدة الأسلمي: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستحب أن يؤخر لعشاء وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها» رواه الجماعة، وعن أنس قال: «أخر النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء إلى نصف الليل، ثم صلى، ثم قال: «قد صلى الناس وناموا أما إنكم في صلاة ما انتظرتموها» قال أنس: كأني أنظر إلى وبيص خاتمه ليلة إذ» متفق عليه. وعن أبي سعيد قال: «انتظرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بصلاة العشاء حتى ذهب نحو من شطر الليل، قال: فجاء فصلى بنا ثم قال: «خذوا مقاعدكم؛ فإن الناس قد أخذوا مضاجعهم وإنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتموها ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم وحاجة ذا الحاجة لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل» » رواه أحمد وأبو داود. 29- صلاة الفجر س157: بين حكم تعجيل صلاة الفجر، ودليل الحكم. ج: يستحب تعجليها، لما ورد عن عائشة قالت: «كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن ثم ينفتلن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغلس» رواه الجماعة،

س158: بين وقت الاختيار ووقت الكراهة أو الضرورة.

والبخاري «لا يعرف بعضهم بعضًا» ، وعن أنس عن زيد بن ثابت قال: «تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: كم كان مقدار ما بينهما؟ قال: قدر خمسين آية» متفق عليه. وعن أبي مسعود الأنصاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات لم يعد يسفر، رواه أبو داود، وعن ابن مسعود قال: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين: جمع بين المغرب والعشاء بجمع وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها» ، ولمسلم: «قبل وقتها بغلس» ، ولأحمد والبخاري عن عبد الرحمن بن زيد قال: «خرجت مع عبد الله فقدمنا جميعًا نصلي الصلاتين كل صلاة وحدها بأذان وإقامة وتعشى بينهما ثم صلى حين طلع الفجر، قائل يقول قد طلع الفجر، وقائل يقول: لم يطلع. ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن هاتين الصلاتين حولنا عن وقتهما في هذا المكان المغرب والعشاء ولا يقدم الناس جميعًا حتى يعتموا وصلاة الفجر هذه الساعة» ، وفي حديث جابر: «والصبح كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس» . س158: بين وقت الاختيار ووقت الكراهة أو الضرورة. ج: المغرب وقت الاختيار ما قبل ظهور النجوم وما بعده وقت كراهة، والعصر لها وقت اختيار من خروج وقت الظهر إلى مصير الفي مثليه سوى ظل الزوال وهو آخر وقتها المختار، وقيل: إلى إصفرار الشمس، لما روى ابن عمر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «وقت العصر ما لم تصفر الشمس» رواه مسلم، وللعشاء الآخرة وقتان: وقت اختيار من مغيب الشفق الأحمر إلى ثلث الليل أو نصفه؛ لأن جبريل صلاها بالنبي -عليه الصلاة والسلام- في اليوم الأول، حين غاب الشفق، وفي اليوم الثاني حين كان ثلث الليل الأول، ثم قال: الوقت فيما بين هذين، وعن أبي هريرة قال: قال

س159: متى يؤمر الصبي بالصلاة؟ ومتى يضرب على تركه؟ وهل الثواب له؟

رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه. س159: متى يؤمر الصبي بالصلاة؟ ومتى يضرب على تركه؟ وهل الثواب له؟ ج: يؤمر بها لسبع، ويضرب المميز على تركها لعشر، وثواب صلاته له؛ لأنه العامل فهو داخل في عموم «من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها» ، وكذا أعمال البر كلها. وأما الدليل: فحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع» رواه أحمد وأبو داود. س160: هل أمر الصبي بالصلاة أمر وجوب وإلزام؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل. ج: أمره أمر تمرين واعتياد، لما في حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل» رواه أحمد، ومثله من رواية علي له ولأبي داود والترمذي، وقال: حديث حسن. س161: بين ما الذي تدرك به المكتوبة؟ واذكر ما تستحضره من خلاف. ج: قيل: إنها تدرك بتكبيرة الإحرام في الوقت، وقيل: وهو أرجح من القول الأول: بأنها لا تدرك إلا بإدراك ركعة، لما ورد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر» رواه الجماعة، والبخاري: «إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته» ، وعن عائشة قالت: قال

س162: متى يصل من جهل الوقت ولا يمكنه مشاهدة ما يعرف به الوقت ولا مخبر بيقين، وما الذي يكتفي به في الإخبار عن دخول الوقت؟

رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك من العصر سجدة قبل أن تغرب الشمس، أو من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه، والسجدة هنا: الركعة. قال الناظم: ومن يأت في وقت بركعة فرضه ... وعنه أو التكبير يدركه فاقتد س162: متى يصل من جهل الوقت ولا يمكنه مشاهدة ما يعرف به الوقت ولا مخبر بيقين، وما الذي يكتفي به في الإخبار عن دخول الوقت؟ ج: يصلي من جهل الوقت إذا غلب على ظنه دخول الوقت بدليل من اجتهاد أو تقدير الزمن بالصنعة أو بالقراءة أو بآلة أو نحو ذلك، مما يدل على دخول الوقت، والذي يكتفى به واحد في الأذان والإخبار عن دخول الوقت، بشرك أن يكون ثقة عارفًا بدخول الوقت؛ لأنه خبر ديني فقبل فيه قول الواحد؛ ولأن الأذان شرع للإعلام بدخول وقت الصلاة، فلو لم يجز تقليد المؤذن لم تحصل الحكمة التي شرع لها الأذان. س163: إذا أدرك مكلف من أول وقت مكتوبة قدر ما تدك به، ثم طرأ مانع من جنون أو حيض أو نفاس، ثم زال المانع وجد المقتضى للوجوب فما الحكم وما دليله؟ ج: يلزمه قضاء تلك الصلاة؛ لأن الصلاة تجب بدخول الوقت على المكلف وجوبًا مستقرًا ما لم يقم به مانع، فإذا قام به مانع بعد ذلك لم يسقطها فيجب عليه قضاؤها عند زوال المانع، لما في حديث أبي هريرة المتقدم قريبًا وحديث عائشة. س164: إذا لم يبق من وقت مكتوبة إلا القدر الذي تدرك به، ثم زال ما به من مانع من حيض، ونفاس، وصغر، وجنون، وكفر، ووجد المقتضى للوجوب من بلوغ صبي وطهر حائض ونفساء وإسلام كافر فما الحكم؟ ج: قيل: يجب قضاء تلك الصلاة وما يجمع إليها قبلها؛ فإن كان زوال المانع أو طرو التكليف قبل طلوع الشمس لزمه قضاء الصبح فقط؛ لأن

س165: إذا اجتهد من اشتبه عليه الوقت وصلى، فما الحكم؟

التي قبلها لا تجمع إليها، وإن كان قبل غروبها لزمه قضاء الظهر والعصر، وإن كان قبل طلوع الفجر لزمه قضاء المغرب والعشاء، لما روى الأثرم وابن المنذر وغيرهما عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس أنهما قالا في الحائض تطهر قبل طلوع الفجر بركعة «تصلي المغرب والعشاء، فإذا طهرت قبل أن تغرب الشمس صلت الظهر والعصر جميعًا» لأن وقت الثانية وقت للأولى في حال العذر، فإذا أدركه المعذور لزمه قضاء فرضها، كما يلزمه فرض الثانية، والقول الثاني: لا تجب إلا الصلاة التي طهرت في وقتها وحدها؛ لأن وقت الأولى خرج في حال عذرها، فلم تجب كما لو لم يدرك من وقت الثانية شيئًا. وهذا قول الحسن، وعندي أنه أرجح من الأول. والله أعلم. وإلى الأول أشار الناظم بقوله: وإن يصح مجنون ويبلغ ذو صبى ... وتطهر من حاضت ويسلم معتد قبيل غروب الشمس أو قبل فجرهم ... فإن عليهم فرضى الجمع أكد س165: إذا اجتهد من اشتبه عليه الوقت وصلى، فما الحكم؟ ج: إن بان أنه وافق الوقت أو ما بعد أجزاء ذلك ولا إعادة عليه؛ لأنه أدى ما خوطب به وفرض عليه وإن وافق ما قبل الوقت لم يجزه عن فرضه؛ لأن المكلف إنما يخاطب بالصلاة عند دخول وقتها، ولم يوجد بعد ذلك ما يزيله ولا ما يبرئ الذمة فيبقى بحاله. ويجتهد صلى فوافق وقته ... وبعد كفى لا قبل بل نفلا اعدد س166: ما حكم قضاء الفوائت؟ وهل يسقط؟ وهل يجوز التأخير؟ ج: من فاتته صلاة مفروضة لزمه قضاؤها مرتبًا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم عام الأحزاب صلى المغرب، فلما فرغ قال: «هل علم أحد منكم أني صليت العصر؟» قالوا: يا رسول الله، ما صليتها، فأمر المؤذن فأقام الصلاة فصلى العصر، ثم أعاد المغرب. رواه أحمد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» وقد رأوه قضى الصلاة مرتبًا، كما رأوه يقرأ قبل أن

اجتناب النجاسة

يركع ويركع قبل أن يسجد، ولوجوب الترتيب بين المجموعتين؛ ولأن القضاء يحكي الأداء ويسقط الترتيب بنسيانه وبخشية خروج وقت اختيار الحاضرة، وقيل: ويسقط بخوف فوت الجماعة اختاره جمع، وقيل: ويسقط الترتيب أيضًا بجهل وجوبه. والله أعلم. ويجب قضاء الفائتة فأكثر على الفور، لحديث «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» متفق عليه. ويسقط الفور عمن عليه فائتة إذا حضر لصلاة عيد فيؤخر الفائتة حتى ينصرف من مصلاه، لئلا يقتدى به، ويسقط عنه الفور إذا تضرر في بدنه أو ماله أو معيشة يحتاجها ويقضيها بحيث لا يتضرر، لقوله تعالى: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} ولحديث «لا ضرر ولا ضرار» ، ويجوز له تأخير قضاء الفائتة، لغرض صحيح «لفعله صلى الله عليه وسلم بأصحابه لما فاتتهم صلاة الصبح وتحولوا من مكانهم، ثم صلى بهم الصبح» متفق عليه من حديث أبي هريرة، والظاهر أن منهم من فرغ من الوضوء قبل غيره: والزم قضا ما فات فورًا مرتبًا ... إذا لم يفوت وقته أو يجهد ويسقط بالنسيان في كل حالة ... وخشية تفويت الأداء في المؤكد وإن يذكرن في الفرض أخرى أتم ذي ... إذا ضاق وقت واجتزئ في المسدد 30- اجتناب النجاسة س167: ما الذي يحتوي عليه الشرط السادس؟ وما الذي يُراد به؟ ج: يحتوي على بيان المواضع التي لا تصح الصلاة فيها مطلقًا، وما تصح فيه الصلاة في بعض الأحوال، وما يتعلق بذلك، ومنه يعلم ما تصح فيه الصلاة مطلقًا ويُراد باجتناب النجاسة التي هي شرط من شروط الصلاة طهارة بدن المصلي وثيابه وبقعته. قال تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} ، وقال: {رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا

س168: تكلم عن أحكام ما يلي: مصلى حمل نجاسة لا يعفى عنها عالما بها، مصلى لاقي النجاسة بثوبه أو بدنه، من صلى بالنجاسة ناسيا أو جاهلا، من طين أرضا نجسة أو فرشها طاهرا وصلى فيها، من صلى على بساط أو حصر أو نحوه طرفه نجس.

وَاللَّهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ} ، وفي «الصحيحين» عن ابن عباس قال: «مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: «إنهما ليعذبان وما يُعذَّبان في كبير» ، ثم قال: «بلى، إنه كبير؛ أما أحدهما فلا يستبرئ من البول؛ وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة» » ، وفي حديث أنس: «تنزهوا من البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه» ، وفي حديث أسماء بنت أبي بكر ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في دم الحيض: «يصيب الثوب تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه» متفق عليه، وتقدم حديث الأعرابي في باب إزالة النجاسة وحديث النعلين. س168: تكلم عن أحكام ما يلي: مصلى حمل نجاسة لا يعفى عنها عالمًا بها، مصلى لاقي النجاسة بثوبه أو بدنه، من صلى بالنجاسة ناسيًا أو جاهلاً، من طين أرضًا نجسة أو فرشها طاهرًا وصلى فيها، من صلى على بساط أو حصر أو نحوه طرفه نجس. ج: أما من حمل نجاسة لا يعفى عنها أو لاقاها بثوبه أو بدنه فتبطل صلاته لفوات شرطها، وكذا من لاقاها بثوبه أو بدنه لعدم اجتنابه النجاسة، وأما من صلى بالنجاسة ناسيًا أو جاهلاً، فقال في «الاختيارات الفقهية» : ومن صلى بالنجاسة ناسيًا أو جاهلاً فلا إعادة عليه، قاله طائفة من العلماء؛ لأن ما كان مقصوده اجتناب المحظور إذا فعله العبد مخطئًا أو ناسيًا، ولا تبطل العبادة به. وأما من طين أرضًا نجسة أو فرشها طاهرًا فصلاته صحيحة، وأما من صلى على بساط أو حصيرة طرفه نجس، فإن كان ما يصلي عليه طاهرًا فصلاته صحيحة؛ لأنه ليس بحامل للنجاسة ولا مصل عليها أشبه ما لو صلى على أرض طاهرة متصلة بأرض نجسة. س169: تكلم عن أحكام ما يلي: من جبر عظمه، أو خاط جرحه بنجس، من سقط عضو منه أو سن فأعاده، من سقط منه سن فجعل موضعه سن شاة مذكاة، وصل شعر رأس المرأة.

س170: بين حكم الصلاة فيما يلي: الحش، المقبرة، الحمام، أعطان الإبل، الأماكن النجسة، الفريضة في الكعبة، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل.

ج: من خاط جرحه أو جبر ساقه أو ذراعه ينجس من خيط أو عظم فجبر وصح لم تلزم إزالته إن خاف الضرر من مرض أو غيره، كما لو خاف التلف؛ لأن حراسة النفس وأطرافها من الضرر واجب وهو أهم من رعاية شرط الصلاة؛ ولهذا لا يلزمه شراء سترة ولا ماء للوضوء بزيادة كثيرة على ثمن المثل، فإذا جاز ترك شرط مجمع عليه لحفظ ماله، فترك شرط مختلف فيه لأجل بدنه بطريق الأولى، وإن لم يخف ضررًا بإزالته لزمته إزالته؛ لأنه قادر على إزالته من غير ضرر، وما سقط من عضو أو سن فأعاده أو لم يعده فهو طاهر؛ لأن ما أبين من حي فهو كميتته وميتة الآدمي طاهرة، وإن جعل موضع سنه سن شاة مذكاة فصلاته معه صحيحة ثبت أو لم يثبت، ووصل المرأة شعرها بشعر حرام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الواصلة والموصولة» متفق عليه. وجابر عظم والمخيط جرحه ... ينجس يخاف الضر بالقلع خلد وساقط سن الآدمي وعضوه ... كميتته طهر وعنه لمن هدى س170: بين حكم الصلاة فيما يلي: الحش، المقبرة، الحمام، أعطان الإبل، الأماكن النجسة، الفريضة في الكعبة، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل. ج: لا تصح الصلاة فيها، لما ورد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام» رواه الخمسة إلا النسائي، وقال صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا» رواه الجماعة إلا ابن ماجه، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تصلوا إلى القبور» ؛ وأما معاطن الإبل، فلما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في مرابض الإبل» رواه أحمد والترمذي؛ وأما الحش فبطريق التثنية عليه بالنهي عن المقبرة والحمام؛ لأن احتمال النجاسة فيه أكثر وأغلب؛ ولأنه

س171: ما حكم صلاة من حمل محدثا، وحكم الصلاة على مركوب نجس.

لما ورد النهي عن الكلام حال قضاء الحاجة كان المنع من الصلاة في المواضع المعدة لقضاء الحاجة أولى؛ وأما الأماكن النجسة، فلأن طهارة البقعة شرط من شروط الصلاة، ويستثنى مما تقدم جواز الصلاة على الجنازة في المقبرة، وأما الفريضة في الكعبة فلا تصح؛ لأنه يكون مستدبرًا لبعضها، قال في «الاختيارات الفقهية» : ولا تصح الفريضة في الكعبة، بل الناقلة، وهو ظاهر مذهب أحمد؛ وأما صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في البيت الحرام، فإنها كانت تطوعًا فلا يلحق به الفرض؛ لأنه صلى الله عليه وسلم صلى داخل البيت ركعتين، ثم قال: «هذه القبلة» ، فيشبه -والله أعلم- أن يكون ذكره لهذا الكلام في عقيب الصلاة خارج البيت بيانًا؛ لأن القبلة المأمور باستقبالها هي البنية كلها، لئلا يتوهم متوهم أن استقبال بعضها كاف في الغرض؛ لأجل أنه صلى التطوع في البيت، وإلا فقد علم الناس كلهم أن الكعبة في الجملة هي القبلة، فلابد لهذا الكلام من فائدة، وعلم شيء قد يخفى ويقع في محل الشبهة، وابن عباس راوي الحديث فهم منه هذا المعنى، وهو أعلم بمعنى ما سمع. انتهى. س171: ما حكم صلاة من حمل محدثًا، وحكم الصلاة على مركوب نجس. ج: الصلاة صحيحة، أما دليل المسألة الأولى، فهو ما ورد عن أبي قتادة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينت إذا ركع وضعها وإذا قام حملها» متفق عليه. وعن أبي هريرة قال: «كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره، فإذا رفع رأسه أخذهما أخذًا رفيقًا ثم أقعدهما على فخذيه، قال: فقمت إليه، فقلت: يا رسول الله، ردهما، فبرقت برقه، فقال لهما: «إلحقا بأمكما» فمكث ضوءهما حتى دخلا» رواه أحمد. وأما الدليل على جواز الصلاة على مركوب نجس أو قد أصابته نجاسة، فلما ورد عن

س172: بين حكم الصلاة على ما يلي: الفراء، البسط، الحصر، ونحو ذلك.

ابن عمر قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو متوجه إلى خيبر» رواه أحمد ومسلم وأبو داود، وعن أنس «أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو راكب إلى خيبر والقبلة خلفه» رواه النسائي. س172: بين حكم الصلاة على ما يلي: الفراء، البسط، الحصر، ونحو ذلك. ج: الصلاة صحيحة، لما ورد عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على بساط» رواه أحمد وابن ماجه، وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - «أن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته له فأكل منه، ثم قال: «قوموا فلأصلي لكم» ، قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا، فصلى لنا ركعتين ثم انصرف» متفق عليه، وعن المغيرة بن شعبة، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الحصيرة والفروة المدبوغة» رواه أحمد وأبو داود، وعن أبي الدرداء قال: «ما أبالي لو صليت على خمس طنافس» رواه البخاري في «تاريخه» . س173: ما حكم الصلاة في التعليق؟ وما دليل الحكم؟ ج: مستحبة لما ورد عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم» رواه أبو داود، وعن أبي مسلمة سعيد بن زيد قال: «سألنا أنسًا أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه؟ قال: نعم» متفق عليه. وقد أخرج أبو داود من حديث أبي سعيد الخدري أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر؛ فإن رأى في نعليه قذرًا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما» ، ولحديث أبي سعيد الخدري «فبينما النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فخلع الناس نعالهم، فلما قضى صلاته قال: «ما حملكم على إلقاء نعالكم؟» قالوا: رأيناك ألقيت نعلك فألقينا نعالنا، قال: «إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرًا» » رواه أبو داود.

باب ستر العورة وأحكام اللباس

قال بعضهم: ويندب للمرء الصلاة بنعله ... لما جاء في نص الحديث المسدد فكن تابعًا خير الورى ومخالفًا ... يهود لتظفر بالفلاح المؤبد 31- باب ستر العورة وأحكام اللباس س174: ما هي العورة؟ وما الدليل على أن سترها شرط من شروط الصلاة؟ ج: العورة لغةً: النقصان والشيء المستقبح، وشرعًا: القبل والدبر وكل ما يستحيا منه، والدليل على ذلك قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} ، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه ابن خزيمة. وعن سلمة بن الأكوع قال: «قلت: يا رسول الله، إني أكون في الصيد وأصلي في القميص الواحد، قال: «نعم» ، وأزرره ولو بشوكة» صححه الترمذي، وحكى ابن عبد البر الإجماع على فساد صلاة من صلى عريانًا وهو قادر على الاستتار، وعن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل حتى يحتزم» رواه أحمد وأبو داود. س175: ما حد عورة الرجل، والأمة، وأم الولد، والمعتق بعضها؟ ج: حدها من السرة إلى الركبة، لما ورد عن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت» رواه أبو داود وابن ماجه، وعن محمد بن جحش قال: «مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على معمر وفخذاه مكشوفتان، فقال: «يا معمر، غط فخذك فإن الفخذ عورة» » رواه أحمد والبخاري في «تاريخه» . وعن جرهد الأسلمي قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليّ بردة وقد انكشف فخذي، فقال: «غط فخذك؛ فإن الفخذ عورة» رواه مالك

س176: بين حد عورة الحرة البالغة مع ذكر الدليل.

في «الموطأ» ، وأحمد وأبو داود والترمذي، وقال: حسن، عن أبي موسى: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قاعدًا في مكان فيه ماء فكشف عن ركبته أو ركبتيه، فلما دخل عثمان غطاها» رواه البخاري. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا قال: «إذا زوج أحدكم عبده أو أمته أو أجيره فلا ينظر إلى شيء من عورته؛ فإن ما تحت السرة إلى الركبة عورة» رواه أحمد وأبو داود. س176: بين حد عورة الحرة البالغة مع ذكر الدليل. ج: كلها الحرة البالغة عورة في الصلاة إلا وجهها، لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» رواه الخمسة إلا النسائي. وعن أم سلمة: «أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار؟ قال: «إذا كان الدرع سابغًا يغطي ظهور قدميها» » رواه أبو داود، وقال صلى الله عليه وسلم: المرأة عورة رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح. س177: بين حكم الصلاة في ثوب واحد وفي ثوبين، واذكر الدليل. ج: أما الصلاة في ثوب واحد فصحيحة، وليس في ثوبين، لما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن سائلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في ثوب واحد، فقال: «أو لكلكم ثوبان» رواه الجماعة إلا الترمذي، وعن جابر «أن النبي –عليه الصلاة والسلام- صلى في ثوب واحد متوشحًا به» متفق عليه؛ وأما الدليل على استحباب الصلاة في ثوبين، فلما روي ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: قال عمر: «إذا كان لأحدكم ثوبين فليصل فيهما؛ فإن لم يكن له إلا ثوب واحد فليتزر به» رواه أبو داود، وعن عمر أنه قال: «إذا وسع الله فأوسعوا جمع رجل عليه ثيابه صلى رجل في إزار ورداء في إزار وقميص في إزار وقباء في سراويل ورداء في سراويل وقميص» .

س178: بين معاني ما يلي من الكلمات وحكمهن واذكر الدليل على ذلك: اشتمال الصماء، السدل، التلثم في الصلاة.

س178: بين معاني ما يلي من الكلمات وحكمهن واذكر الدليل على ذلك: اشتمال الصماء، السدل، التلثم في الصلاة. ج: اشتمال الصماء هي: أن يضطبع بالثوب عليه غيره، والسدل لغةً: إرخاء الثوب، واصطلاحًا: أن يطرح ثوبًا على كتفيه ولا يرد أحد طرفيه على الكتف الأخرى، واللثام: ما كان على الفم من النقاب، والتلثم: شد اللثام أو الثوب على أنفه أو فمه وكلهاتكره في حق المصلي، لما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحتبي الرجل في الثوب الواحد ليس على فرجه منه شيء» متفق عليه. وفي لفظ لأحمد: «نهى عن لبستين: أن يحتبي أحدكم في الثوب الواحد ليس على فرجه منه شيء، وأن يشتمل في إزاره إذا ما صلى إلا أن يخالف بطرفيه على عاتقيه» ، وعن أبي سعيد: «أن النبي –عليه الصلاة والسلام- نهى عن اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء» رواه الجماعة إلا الترمذي؛ فإنه رواه في حديث أبي هريرة. وللبخاري «نهى عن لبستين، واللبستان اشتمال الصماء، والصماء أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه فيبدو أحد شقيه ليس عليه ثوب واللبسة الأخرى احتباؤه بثوب وهو جالس ليس على فرجه منه شيء» . وعن أبي هريرة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة وأن يغطي الرجل فاه» رواه أبو داود، ولأحمد والترمذي «نهى عن السدل» ، ولابن ماجه «النهي عن تغطية الفم» . س179: بين حكم استعمال الحرير، والمنسوج بالذهب أو الفضة في حق الذكور. ج: يحرم على ذكر استعمال ما كله حرير، وكذا ما غالبه ظهورًا حرير إلا لضرورة أو حكة أو مرض أو حرب أو كان حشوًا أو علمًا أربع أصابع

س180: ما الدليل على تحريم افتراش الحرير وإباحة اليسير منه؟

مضمومة فما دون، أو كان رقاعًا أو لبنة جيب وسجف فراء. ويحرم استعمال منسوج بذهب أو فضة أو مموه بذهب أو فضة قبل استحالته غير ما يأتي في الزكاة؛ وأما الدليل: فهو ما ورد عن أبي موسى أن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه. وعن عمر قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تلبسوا الحرير؛ فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة» وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لبس الحرير في الدنيا فلن يلبسه في الآخرة» متفق عليهما، ومن أدلة جوازه للنساء دون الرجال ما ورد عن علي –عليه السلام- قال: «أهديت إلى النبي –عليه الصلاة والسلام- حلة سيراء فبعث بها إليّ فلبستها فعرفت الغضب في وجهه، فقال: «إني لم أبعث بها إليك لتلبسها إنما بعثت بها إليك لتشقها خمرًا بين النساء» » متفق عليه. وأما الدليل مع ما تقدم على تحريم الجلوس عليه، فهو ما ورد عن حذيفة قال: «نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشرب في آنية الذهب والفضة وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه» رواه البخاري. س180: ما الدليل على تحريم افتراش الحرير وإباحة اليسير منه؟ ج: ما ورد عن علي قال: «نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على المياثر، والمياثر: قسى كانت تصنعه النساء لبعولتهن على الرجل كالقطائف من الأرجوان» رواه مسلم والنسائي، وتقدم حديث حذيفة. وأما الدليل على إباحة اليسير منه، فهو ما ورد عن ابن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير إلا هكذا، ورفع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبعيه الوسطى والسبابة وضمهما» متفق عليه. وفي لفظ: «نهى عن لبس الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربعة»

س181: ما الدليل على جواز لبس الحرير للضورة، والحكة، والمرض والحرب؟

رواه الجماعة إلا البخاري، وزاد فيه أحمد وأبو داود: «وأشار بكفه شبر من ديباج كسرواني وفرجيها مكفوفين به، فقالت: هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبسها كانت عند عائشة، فلما قبضت عائشة قبضتها إلي فنحن نغسلها للمرضى يستشفى بها» رواه أحمد ومسلم، ولم يذكر لفظ الشبر. وعن ابن عباس: «إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من قز» . وقال ابن عباس: «أما السدى واللحم فلا نرى به بأسًا» رواه أحمد وأبو داود. س181: ما الدليل على جواز لبس الحرير للضورة، والحكة، والمرض والحرب؟ ج: ما ورد عن أنس «أن النبي –عليه الصلاة والسلام- رخص لعبد الرحمن ابن عوف والزبير في لبس الحرير في غزاة لحكة كانت بينهما» رواه الجماعة، إلا أن لفظ الترمذي: «أن عبد الرحمن بن عوف والزبير شكوا إلى رسول الله –عليه الصلاة والسلام القمل، فرخص لهما في قميص الحرير في غزاة لهما» وما ثبت في حق صحابي يثبت في حق غيره، إذ لا دليل على اختصاصه، وقيس على القمل غيره مما يحتاج فيه إلى لبس الحرير. وأما الدليل على جوازه في حال الحرب إذا تراءى الجمعان، فلأن المنع من لبسه لما فيه من الخيلاء وهو غير مذموم في الحرب، لما ورد عن جابر بن عتيك، أن النبي –عليه الصلاة والسلام قال: «إن من الغيرة ما يحب الله، ومن الغير ما يبغض الله، وإن من الخيلاء ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله؛ فأما الغيرة التي يحبها الله: فالغيرة في الريبة؛ وأما الغيرة التي يبغض الله: فالغيرة في غير الريبة، والخيلاء التي يحبها الله: فاختيال الرجل بنفسه عند القتال، واختياله عند الصدقة، والخيلاء التي يبغض الله: فاختيال الرجل في الفخر والبغي» رواه أحمد وأبو داود. س182: بين حكم لبس ما يلي من الثياب مقرونًا بالدليل: المعصفر، المزعفر، الأبيض، الأخضر، الأسود.

س183: بين حكم استعمال ما فيه صورة من الثياب وغيرها ودليل الحكم.

ج: المعصفر والمزعفر مكروهان، لما ورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: «رأى عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم ثوبين معصفرين، فقال: «هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها» » رواه أحمد ومسلم والنسائي، وعن علي قال: «نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التختم بالذهب، وعن لباس القسي، وعن القراءة في الركوع والسجود، وعن لباس المعصفر» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه؛ وأما الدليل على كراهة المزعفر، ففي حديث أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتزعفر الرجل» متفق عليه؛ وأما الأبيض من الثياب فمستحب لبسه، لما ورد عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البسوا من ثيابكم البياض، فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه، وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحسن ما زرتم الله عز وجل في قبوركم ومساجدكم البياض» رواه ابن ماجه. وأما الأخضر والأسود فيباح لبسهما، لما ورد عن أبي رمثة قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه بردان أخضران» رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة وليس مرط مرحل من شعر أسود» رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه. وفي «صحيح البخاري» عن أم خالد «أن البني صلى الله عليه وسلم ألبسها خميصة سوداء» . س183: بين حكم استعمال ما فيه صورة من الثياب وغيرها ودليل الحكم. ج: يحرم لبس ما فيه صورة من ذوات الأرواح ويحرم تعليقه وستر جدر به، لما ورد عن عائشة «أنها نصبت سترًا وفيه تصاوير فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزعه، قالت: فقطعته وسادتين فكان يرتفق عليهما» متفق عليه، وعن طلحة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة أو كلب» متفق عليه، وعن عائشة: «أن النبي

س184: ما حكم تصوير ذوات الأرواح، وما دليل الحكم؟

صلى الله عليه وسلم لم يترك في بيته تصاليب إلا نقضه» رواه البخاري. 32- حكم التصوير س184: ما حكم تصوير ذوات الأرواح، وما دليل الحكم؟ ج: محرم، وهو كبيرة من كبائر الذنوب؛ لأنه مضاهاة بخلق الله. قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا} قال عكرمة: هم الذين يصنعون الصور، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلقُ كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة» أخرجاه ولهما عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذي يضاهون بخلق الله» ولهما عن ابن عباس -رضي الله عنهما- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم» ولهما عنه مرفوعًا: «من صور صورة في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ» ، ولمسلم عن أبي الهياج قال: قال لي علي: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته، وعن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون» . س185: بين حكم تشبه الرجل بالمرأة وبالعكس واذكر دليل الحكم. ج: محرم، لما ورد عن أبي هريرة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الرجل يلبس لبس المرأة، والمرأة تلبس لبس الرجل» رواه أحمد وأبو داود، ولما أخرجه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث ابن عباس قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء» وأخرج أبو داود عن عائشة أنها قالت: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلة من النساء» .

س186: ما الأشياء التي يحرم الإسبال فيها؟ بينها مع ذكر الدليل.

س186: ما الأشياء التي يحرم الإسبال فيها؟ بينها مع ذكر الدليل. ج: يحرم الإسبال في الثوب والإزار والقميص والعمامة خيلاء، إلا في الحرب فيباح؛ أما دليل التحريم، فلما ورد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» ، فقال أبو بكر: إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال: «إنك لست ممن يفعل ذلك خيلاء» رواه الجماعة، إلا أن مسلمًا وابن ماجه والترمذي لم يذكروا قصة أبي بكر، وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الإسبال في الإزار والقميص والعمامة من جر شيئًا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» رواه أبو داود والنسائي، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينظر اله إلى من جر إزاره بطرًا» متفق عليه، ولأحمد والبخاري: «ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار» ؛ وأما الدليل على جوازه في الحرب، فحديث جابر المتقدم في جواب سؤال سابق، وقال صلى الله عليه وسلم لأبي دجانة لما رآه يختال عند القتال: «إن هذه مشية يبغضها الله ورسوله إلا في هذا الموطن» . س187: ما حكم لبس ثوب الشهرة والثوب الجميل؟ واذكر الدليل لما تقول. ج: أما ثوب الشهرة فيحرم؛ لما ورد عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه؛ وأما الجميل فجائز لبسه، لما ورد عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر» ، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يرى ثوبه حسنًا ونعله حسنًا، قال: «إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس» رواه أحمد ومسلم. س188: ما حكم التواضع في اللباس؟ وماذا يقول من استجد ثوبًا؟ ج: التواضع في اللباس مستحب، لما ورد عن سهل بن معاذ الجهني

عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من ترك أن يلبس صالح الثياب وهو يقدر عليه تواضعًا لله عز وجل دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره في حلل الإيمان أيتهن شاء» رواه أحمد والترمذي، وعن أبي أمامة إياس ابن ثعلبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا تسمعون؟ ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان إن البذاذة من الإيمان» رواه أبو داود، ويقول: «من استجد ثوبًا» ، ما ورد عن أبي سعيد قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبًا سماه باسمه عمامة أو قميصًا أو رداءً، ثم يقول: «اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له» » رواه الترمذي. تنبيه قال في «شرح المنتهى» : يسن أن يأتزر الرجل فوق سرته ويشد سراويله فوقها، وسعة كم قميص المرأة يسيرًا وقصره وطول كم قميص الرجل من أصابعه قليلاً دون سعته كثيرًا فلا تتأذى اليد بحر ولا برد ولا تمنعها خفة الحركة والبطش، ويباح ثوب من صوف ووبر وشعر من حيوان ظاهر، ويكره رقيق يصف البشرة وخلاف زي أهل بلده بلا عذر ومزرية وكثرة الارفاه، وزي أهل الشرك وثوب شهرة ما يشتهر به عند الناس ويشار إليه بالأصابع، لئلا يحملهم على غيبته فليشاركهم في الإثم، ويباح لبس السواد والقباء حتى للنساء. انتهى باختصار. وصلى الله على محمد وآله وسلم. ومما يتعلق بهذا الشرط أي ستر العورة: وسترة عورات بما ليس واصفًا ... لجلدك لا للحجم شرط التعبد وما بين سرات الذكور وركبة ... ومشكل خنثى عورة لهما احدد وعنه سوى الفرجين ليس بعورة ... وهذا المقوى في الحديث المسدد ومن أمة ما ليس يظهر غالبًا ... وقبل كعورات الذكور كما ابتدى وهذا لتصحيح الصلاة وإن تخف ... بها فتنة تستر على نص أحمد وكل سوى وجه الحرائر عورة ... وعنه وكفيها ككعب بأبعد

استقبال القبلة

وكالأمة اجعل من تراهق حرة ... كذا من حوت تبعيض عتق مؤبد وحظر تعاطي الكشف حتى لنزرها ... لغير طبيب أو ختان مؤكد ويكفي احتمال لا حقيقة رؤية ... ورأى المصلى فرجه مثل أبعد ويكره ستر الوجه فيه وأنفه ... وستر فم أو لف كم على اليد وما يشبه الزنار يكره مطلقًا ... ولا بأس في شد الإزار لِسُجد ويحرم جر اللبس للخيلاء من ... فتى مطلقًا بل في الصلاة فأكد وما بين نصف الساق والكعب سنة ... ويكره منها هابط مع مصعد ويحرم تصوير لحى ولبسه ... وتعليقه لا فرشه مع توسد ويكره ما فيه صليب مصور ... وهذا جميع للرجال ونهد وابريسما صوفًا أو لغالب احضرن ... للبس ذكور أو فراش ومسند سوى علم كالكف غير مزيد ... وقال أبو بكر ولو رقم عسجد وما غالب منه المباح محلل ... ولا تعتبر غير الظهور المجرد ولكن أبح لبس الحرير لحكة ... برد وسقم ثم في حرب جحد وجيب وسجف والرقاع مباحة ... وحشو به أو في الضرورة عدد ويكره قاني حمرة ومعصفر ... وما زعفروا أو شبه لبس النهد ولا بأس في لبس السواد وأحمر ... وصوف وكتان وبالأبيض ارتد 33- استقبال القبلة س189: ما الدليل على أن استقبال القبلة شرط من شروط الصلاة لا تصح بدونه لعاجز ومعذور ومتنفل راكب سائر في سفر أو في صلاة خوف إذا اشتد الخوف؟ ج: الدليل قوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} ، وفي حديث المسيء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فإذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة» ، وعن عمر قال: «بينما الناس بقباء إذ جاءهم آت، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم

س190: بين دليل كل صورة من الصور التي تصح فيها الصلاة إلى غير القبلة.

قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة» متفق عليه. س190: بين دليل كل صورة من الصور التي تصح فيها الصلاة إلى غير القبلة. ج: أما دليل صحة صلاة المعذور والعاجز، فقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ؛ وأما الدليل على صحة صلاة الخوف إلى غير القبلة، فهو ما ورد عن ابن عمر «أنه كان إذا سُئل عن صلاة الخوف وصفها، ثم قال: فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالاً قيامًا على أقدامهم وركبانًا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها» قال نافع: ولا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري. وأما الدليل على صحة صلاة النافلة إلى غير القبلة، فلما ورد عن ابن عمر قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يسبح على راحلته قبل أي وجهة توجهه ويوتر عليها غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة» ، وفي رواية: «كان يصلي على راحلته وهو مقيل من مكة إلى المدينة حيثما توجهت به وفيه نزلت {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} » رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه، وعن جابر قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو على راحلته النوافل في كل جهة ولكن يخفض السجود من الركوع ويومئ إيماء» رواه أحمد، وفي لفظ: «بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة فجئت وهو يصلي على راحلته نحو المشرق والسجود أخفض من الركوع» رواه أبو داود والترمذي وصححه، وأخرجه البخاري عن جابر بلفظ: «كان يصلي التطوع وهو راكب» ، وفي لفظ: «كان يصلي على راحلته نحو المشرق، فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل فاستقبل القبلة» ، وعن أنس بن مالك قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يصلي على راحلته تطوعًا استقبل القبلة فكبر للصلاة ثم خلى عن راحلته فصلى حيث ما توجهت به» رواه أحمد وأبو داود. س191:ما فرض القريب من القبلة وما فرض البعيد؟ واذكر دليل كل منهما.

س192: بين ما الذي يستدل به على القبلة عند الاشتباه؟

ج: فرض القريب من القبلة إصابة عين الكعبة، وفرض البعيد إصابة الجهة، وتقدم أدلة استقبال القبلة، وأما أدلة إصابة الجهة فمن ذلك ما ورد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما بين المشرق والمغرب قبلة» رواه ابن ماجه والترمذي وصححه، ومن الأدلة على ذلك انعقاد الإجماع على صحة صلاة الاثنين المتباعدين قبلة واحدة وعلى صحة صلاة الصف الطويل على خط مستو. س192: بين ما الذي يستدل به على القبلة عند الاشتباه؟ ج: أما بالحضر فمحاريب المسلمين أو بخبر ثقة عن يقين، وأما في السفر فإن كان عالمًا بأدلتها ففرضه الاجتهاد حتى يغلب على ظنه الجهة فيصلي إليها لتعينها قبلة له إقامة للظن مقام اليقين لتعذره، ومما يستدل به على القبلة في السفر النجوم وهي أصح أدلتها. قال تعالى: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} ، وقال: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالْبَحْرِ} ، وقال عمر: «تعلموا من النجوم ما تعرفون به الوقت والطريق» وأثبتها القطب الشمالي ثم الجدي نجم نير، فالقطب نجم خفي حوله أنجم دائرة كفراشة الرحى أو كسمكة في أحد طرفيها أحد الفرقدين، وفي الآخر الجدي والقطب وسط الفراشة لا يبرح مكانه دائمًا، وقيل: إلا قليلاً، ينظره حديد البصر في غير ليالي قمر، فإذا قوي نور القمر خفي، وما يستدل به عليها الشمس والقمر والرياح والجبال والأنهار وغيرها. س193: بين حكم ما يلي: إذا اجتهد مجتهدان فاختلفا جهة، إذا صلى المجتهد بالاجتهاد أو الجاهل بالتقليد، ثم علم خطأ القبلة. ج: أما في المسألة الأولى، فالحكم أنه يصلي كل واحد منهما باجتهاد نفسه ولا يصح اقتداء أحدهما بالآخر؛ لأن كل واحد منهما يعتقد خطأ صاحبه والمقلد يتبع أوثقهما عنده علمًا بأدلة القبلة، وأما في المسألة الثانية فلا إعادة عليه، لما ورد عن أنس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي إلى بيت المقدس، فنزلت: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا

س194: هل العارف بأدلة القبلة يجتهد لكل صلاة؟ أم يكتفي باجتهاد واحد؟

فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} فمر رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر، وقد صلوا ركعة فنادى: ألا إن القبلة قد تحولت، فمالوا كما هم نحو القبلة» رواه أحمد ومسلم وأبو داود، فلم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة، ومثل هذا لا يخفى عليه صلى الله عليه وسلم ولا يترك إنكاره إلا وهو جائز، وروى عامر بن ربيعة عن أبيه قال: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر لي ليلة مظلمة، فلم ندري أين القبلة وصلى كل رجل حياله، فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} » رواه ابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن إلا أنه من حديث أشعث السمان، وفيه ضعف؛ ولأن خفاء القبلة في الأسفار يقع كثيرًا لوجود الغيوم وغيرها من الموانع، فإيجاب الإعادة مع ذلك فيه حرج ومشقة وهو منتف شرعًا؛ ولأنه شرط عجز عنه فأشبه سائر الشروط. س194: هل العارف بأدلة القبلة يجتهد لكل صلاة؟ أم يكتفي باجتهاد واحد؟ ج: يجتهد لكل صلاة؛ لأنها واقعة متجددة فتستدعي طلبًا جديدًا، ويصلي بالاجتهاد، والثاني لأنه ترجح في ظنه ولو كان في صلاة ويبني ولا يقضي ما صلى بالاجتهاد الأول؛ لأن الاجتهاد لا ينقض الاجتهاد. قال في «مختصر النظم» : ولا تتبع فيها دلالة فاسق ... وإن يختلف أهل الذكا والترشد ففرض على الكل اتباع اجتهاده ... وللأوثق اتبع يا فتى إن تقلد وكل صلاة شئتها فاجتهد لها ... ولو أثر فرض باجتهاد بأجود وقل لمصل باجتهاد تبين ... الخطا بعد ما صلى فلا نقض ترشد س195: ما الدليل على أن النية شرط من شروط الصلاة؟ وهل يخرج الإنسان من الصلاة لشكه فيها؟ وما شرطها؟ ومتى زمنها وما كيفيتها؟ وما هي أنواعها؟ اذكرها بوضوح مع تقسيم ما يحتاج إلى تقسيم.

س196: إذا أحرم مأموم مع الإمام ثم نوى الانفراد؛ فهل يسوغ له ذلك؟

ج: أما تعريفها ودليلها والسبب في شرعيتها، فتقدم في جواب سؤال سابق، ولا يخرج لشكه في النية لعلمه أنه ما دخل إلا بها، ولا تسقط بحال، وشرطها الإسلام والعقل والتمييز وعلم بمنوى كسائر العبادات، وزمنها أول العبادة أو قبله بيسير، والأفضل قرنها بالتكبير، وكيفيتها اعتقاد القلب، والنية التي يتكلم عليها العلماء نوعان: نية المعمول له، ونية نفس العمل؛ أما الأول: فهو الإخلاص الذي يقبل الله عملاً خلا منه بأن يقصد العبد بعمله رضوان الله وثوابه، وضده العمل لغير الله أو الإشراك به في العمل بالرياء، وهذا النوع لا يتوسع فيه الفقهاء بالكلام عليه، وإنما يتوسع به أهل الحقائق وأعمال القلوب، وإنما يتكلم الفقهاء على النوع الثاني وهو نية العمل، فهذا له مرتبتان: إحداهما: تمييز العادة عن العبادة؛ لأنه مثلاً غسل الأعضاء والإمساك عن الأكل ونحوهما تارة يقع عادة وتارة عبادة، فلابد من نية العبادة، لأجل أن تتميز عن العادة، ثم المرتبة الثنية إذا نوى العبادة فلا يخلو إما أن تكون مطلقة كالصلاة المطلقة والصوم المطلق، فهذا يكفي فيه نية مطلق تلك العبادة؛ وإما أن تكون مقيدة كصلاة الفرض والرابة والوتر، فلابد مع ذلك من نية ذلك المعين، لأجل تمييز العبادات بعضها عن بعض. س196: إذا أحرم مأموم مع الإمام ثم نوى الانفراد؛ فهل يسوغ له ذلك؟ ج: إن كان لعذر يبيح ترك الجماعة كتطويل إمام وكمرض وكغلبة نعاس أو غلبة شيء يفسد صلاته كمدافعة أحد الأخبثين، أو خوف على أهل أو مال، أو خوف فوت رفقة، أو خرج من الصف مغلوبًا لشدة زحام ولم يجد من يقف معه صح انفراده فيتم صلاته منفردًا لحديث جابر قال: «صلى معاذ بقومه فقرأ سورة البقرة فتأخر رجل فصلى وحده، فقيل له: نافقت، قال: ما نافقت، ولكن لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال: «أفتان أنت يا معاذ» مرتين» متفق عليه. وكذا لو نوى الإمام الانفراد لعذر ومحل إباحة المفارقة لعذر إن استفاد تعجيل

س197: بين حكم ما إذا أحرم إمام الحي بمن أحرم بهم نائبه وعاد النائب مؤتما وحكم ما إذا سبق اثنان فأكثر في بعض الصلاة، فأتم أحدهما بصاحبه؟

لحوقه لحاجته قبل فراغ إمامه من صلاته ليحصل محصوله من المفارقة، فإن كان الإمام يعجل ولا يتميز انفراده عنه بنوع تعجيل لم يجز له الانفراد لعدم الفائدة فيه، وأما من عذره الخروج من الصف فله المفارقة مطلقًا. وإن ينو مأموم لعذر تفردًا ... أجز ولغير العذر أبطل بأوكد س197: بين حكم ما إذا أحرم إمام الحي بمن أحرم بهم نائبه وعاد النائب مؤتمًا وحكم ما إذا سبق اثنان فأكثر في بعض الصلاة، فأتم أحدهما بصاحبه؟ ج: يجوز ذلك والصلاة صحيحة، لما روى سهل بن سعد «أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فصلى أبو بكر، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة فنخلص حتى وقف في الصف، وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى ثم انصرف» متفق عليه. وحكم ما إذا سبق اثنان فأكثر ببعض الصلاة ثم سلم الإمام فائتم أحدهما بصاحبه في قضاء ما فاتهما أن ذلك صحيح أو كذا إذا ائتم مقيم بمثله فيما بقي من صلاتهما إذا سلم إمام مسافر فيصح؛ لأنه انتقال من جماعة إلى جماعة أخرى لعذر فجاز كاستخلاف. س198: اذكر ما حكم ما لو نوى أحد المأمومين الإمامة لاستخلاف الإمام له إذا سبقه الحدث، واذكر الدليل على ما تقول؟ ج: يصح ذلك منه للعذر، لما ورد عن عمرو بن ميمون قال: «إني لقائم ما بيني وبين عمر غداة أصيب إلا عبد الله بن عباس، فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الكلب حين طعنه، وتناول عم رعبد الرحمن ابن عوف فقدمه فصلى بهم صلاة خفيفة» مختصر من البخاري، وعن أبي رزين قال: «صلى علي - رضي الله عنه - ذات يوم فراعف، فأخذ بيد رجل فقدمه ثم انصرف» رواه سعيد في «سننه» ، وقال أحمد بن حنبل: إن استخلف الإمام فقد استخلف عمر وعلي، وإن صلوا وحدانا فقد طعن معاوية وصلى الناس وحدانا من حيث

س199: اذكر بعض آداب الخروج إلى الصلاة مقرونا بالدليل؟

طعن أتموا صلاتهم، وحكى عن أحمد: أن صلاة المأمومين تبطل، وقال أبو بكر: تبطل رواية واحدة؛ لأنه فقد شرط صحة الصلاة في حق الإمام فبطلت صلاة المأمومين كما لو تعمد الحدث، وعندي أن القول الأول أصح لقوة الدليل. والله أعلم. س199: اذكر بعض آداب الخروج إلى الصلاة مقرونًا بالدليل؟ ج: يستحب التطهر والخروج إليها بسكينة ووقار، لما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفًا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخطو خطوة إلا رفعت له بها درجة وحطت عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه ما لم يحدث، تقول: اللهم صل عليه اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة» متفق عليه، وهذا لفظ البخاري. وعن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» متفق عليه، واللفظ للبخاري. س200: ما المسنون قوله في حق من خرج إلى الصلاة؟ وما الدليل عليه؟ ج: يستحب أن يقول ما ورد عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصلاة وهو يقول: «اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي لساني نورًا، واجعل لي في سمعي نورًا، واجعل لي في بصري نورًا، واجعل لي من خلفي نورًا، ومن أمامي نورًا، واجعل لي من فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا، وأعطني نورًا» » أخرجه مسلم. س201: ما المسنون قوله إذا دخل المسجد وإذا خرج منه؟ ج: ما ورد عن أبي حميد وأبي أسيد قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد، فليقل: اللهم افتح لنا أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك» ، وعن فاطمة قالت: «كان

س202: ما المكروه فعله في حق من خرج إلى الصلاة أو جلس ينتظر الصلاة؟

رسول الله –عليه الصلاة والسلام- إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم، وقال: رب اغفر ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج صلى على محمد، وقال: رب اغفر لي وافتح لي أبواب فضلك» رواه الترمذي. س202: ما المكروه فعله في حق من خرج إلى الصلاة أو جلس ينتظر الصلاة؟ ج: يكره التشبيك، لما ورد في حديث أبي سعيد أنه –عليه الصلاة والسلام- قال: «إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبكن بين أصابعه، فإن التشبيك من الشيطان، فإن أحدكم لا يزال في صلاة ما كان في المسجد حتى يخرج منه» رواه أحمد. وعن كعب بن عجرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله –عليه الصلاة والسلام- يقول: «إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامدًا إلى الصلاة فلا يشبكن ين يديه، فإنه في صلاة» رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد والترمذي، واللفظ له. س203: بين حكم الكلام في أمر الدنيا في المسجد، واذكر الدليل على ما تقول؟ ج: مكروه كراهة شديدة، لما ورد عن عبد الله –يعني ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله –عليه الصلاة والسلام-: «سيكون في آخر الزمان قوم يكون حديثهم في مساجدهخم ليس لله فيهم حاجة» رواه ابن حبان في «صحيحه» . وعن الحسن مرسلاً قال: قال رسول الله –عليه الصلاة والسلام-: «يأتي على الناس زمان يكون حديثهم في مساجدهم في أمر دنياهم فلا تجالسوهم فليس لله فيهم حاجة» رواه البيهقي في «شعب الإيمان» . س204: ما الذي ينبغي أن يشتغل فيه من أقام في المسجد؟ ج: ينبغي له أن يشتغل بتلاوة كتاب الله وتفسيره، وذكر الله وسُّنة رسوله أو ما هو وسيلة إلى ذلك. قال الناظم: وخير مقام قمت فيه وخصلة ... تحليتها ذكر الإله بمسجد

س205: بين حكم تحية المسجد لمن دخله، واذكر دليل الحكم؟

وقلت: إذا ما أقمت الدهر يومًا بمسجد ... فحاول لصون الوقت عن كل شاغل سوى في كتاب الله أو سُّنة الذي ... أتى بالهدى الحاول جميع الفضائل س205: بين حكم تحية المسجد لمن دخله، واذكر دليل الحكم؟ ج: مستحبة، لما ورد عن أبي قتادة أن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» متفق عليه. وعن جابر - رضي الله عنه - قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، فقال: «صل ركعتين» متفق عليه. 34- باب صفة الصلاة س206: اذكر صفة الصلاة بوضوح تام. ج: يسن القيام إليها عند قول مقيم قد قامت الصلاة وتسوية الصف، ويقول: الله أكبر رافعًا يديه مضمومتي الأصابع ممددة حذو منكبيه كالسجود، ويسمع الإمام من خلفه كقراءته في أولتي غير الظهرين وغيره نفسه، ثم يقبض كوع يسراه على صدره أو تحت سرته وينظر مسجده، ويقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك» ، ثم يستعيذ، ثم يبسمل سرًا وليست من الفاتحة، ثم يقرأ الفاتحة، فإن قطعها بذكر أو سكوت غير مشروعين وطال أو ترك منها تشديده أو حرفًا لزم غير مأموم إعادتها، ويجهر الكل بآمين في الجهرية، ثم يقرأ بعدها سورة في الركعتين الأوليين من كل صلاة، ويجهر بها فيما يجهر فيه بالفاتحة، ويسر فيما يسر بها فيه، والأصل في هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن القيم -رحمه الله- في «زاد المعاد في هدي خير العباد» في فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في الصلاة في (ج1) في (ص108) فإذا فرغ من الفاتحة أخذ في سورة غيرها وكان يطيلها تارة ويخففها لعارض من سفر أو غيره، ويتوسط فيها غالبًا، وكان يقرأ في الفجر بنحو ستين آية إلى مائة آية وصلاها بسورة (ق) ، وصلاها بـ (الروم)

وصلاها بـ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} ، وصلاها بـ {إِذَا زُلْزِلَتِ} في الركعتين كليهما، وصلاها بالمعوذتين وكان في السفر. وصلاة فافتتحها بسورة (المؤمنون) حتى إذا بلغ ذكر موسى وهارون في الركعة الأولى أخذته سعلة فركع وكان يصليها يوم الجمعة، بـ {الم * تَنزِيلُ} السجدة، وسورة: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ} كاملتين. وأما الظهر فكان يطيل قراءتها أحيانًا حتى قال أبو سعيد: «كانت صلاة الظهر تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته، ثم يأتي أهله فيتوضأ ويدرك النبي صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى مما يطيلها» رواه مسلم. وكان يقرأ فيها تارة بقدر {الم * تَنزِيلُ} وتارة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} وتارة بـ {السَّمَاءِ ذَاتِ البُرُوجِ} {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} ؛ وأما العصر فعلى النصف من قراءة صلاة الظهر إذا طالت وبقدرها إذا قصرت. وأما المغرب، فكان هديه فيها خلاف عمل الناس اليوم، فإنه صلاها مرة بـ (الأعراف) وفرقها، ومرة بـ (الطور) ، ومرة بـ (المرسلات) . قال أبو عمر ابن عبد البر: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه قرأ في المغرب بـ (المص) ، وأنه قرأ فيها بـ (الصافات) ، وأنه قرأ فيها بـ (حم الدخان) ، وأنه قرأ فيها بـ (سبح اسم ربك الأعلى) ، وأنه قرأ فيها بـ (التين والزيتون) ، وأنه قرأ بالمعوذتين، وأنه قرأ بـ (المرسلات) ، وأنه كان يقرأ فيها بقصار المفصل، قال: وهي كلها آثار صحاح مشهورة» انتهى. وأما المداومة فيها على قراءة قصار المفصل دائمًا، فهو فعل مروان بن الحكم، ولهذا أنكر عليه زيد بن ثابت، وقال: مالك تقرأ في المغرب بقصار المفصل، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بطولي الطوليين قال: قلت: وما طولى الطوليين، قال: قلت: وما طولى الطوليين؟ قال: (الأعراف) .

وهذا حديث صحيح رواه أهل السنن، وذكر النسائي عن عائشة -رضي الله عنها- «أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بسورة (الأعراف) فرقها في الركعتين» ، فالمحافظة فيها على الآية القصيرة، والسورة من قصار المفصل خلاف السُّنة، وهو فعل مروان بن الحكم؛ وأما العشاء الآخرة، فقرأ فيها صلى الله عليه وسلم بالتين والزيتون، ووقت لمعاذ فيها بالشمس وضحاها، وسبح اسم ربك الأعلى، والليل إذا يغشى، ونحوها، وأنكر عليه قراءته فيها بالبقرة بعد ما صلى معه، ثم ذهب إلى بني عمرو بن عوف فأعاد لهم بعد ما مضى من الليل ما شاء الله وقرأ بهم بالبقرة، ولهذا قال: «أفتان أنت يا معاذ؟» فتعلق النقارون بهذه الكلمة ولم يلتفتوا إلى ما قبلها ولا ما بعدها، وأما قراءته في الأعياد، فتارة كان يقرأ سورتي (ق) (واقتربت) كاملتين، وتارة سورتي (سبح) و (الغاشية) ، وهذا هو الهدي الذي استمر صلى الله عليه وسلم عليه إلى أن لقي الله عز وجل لم ينسخه شيء، ولهذا أخذ به خلفاؤه الراشدون من بعده، فقرأ أبو بكر - رضي الله عنه - في الفجر بسورة (البقرة) حتى سلم منها قريبًا من طلوع الشمس، فقالوا: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كادت الشمس تطلع، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين، وكان عمر - رضي الله عنه - يقرأ فيها بيوسف، والنحل، وبهود، وببني إسرائيل، ونحوها من السور، ولو كان تطويله صلى الله عليه وسلم منسوخًا لم يخف على خلفائه الراشديه، ويطلع عليه النقادرون. انتهى باختصار. ولا تصح بقراءة خارجة عن مصحف عثمان، ثم يركع مكبرًا رافعًا يديه ويضعهما على ركبتيه مفرجتي الأصابع مستويًا ظهره ويقول: سبحان ربي العظيم، ثم يرفع رأسه ويديه قائلاً إمام ومنفرد: سمع الله لمن حمده، وبعد قيام ربنا ولك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، ومأموم في رفعه ربنا ولك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، ثم يخر مكبرًا ساجدًا على سبعة أعضاء: رجليه، ثم ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته مع أنفه ولو مع حائل ليس من أعضاء سجوده، ويجافي عضديه

عن جنبيه وبطنه عن فخذيه، ويفرق ركبتيه، ويقول: سبحان ربي الأعلى ثم يرفع رأسه مكبرًا ويجلس مفترشًا يسراه ناصبًا يمناه، ويقول: رب اغفر لي ويسجد الثانية كالأولى، ثم يرفع مكبرًا ناهضًا على صدره قدميه معتمدًا على ركبتيه إن سهل ويصلي الثانية كذلك ما عدا التحريمة والاستفتاح والتعوذ وتجديد النية، ثم يجلس مفترشًا ويداه على فخذيه ويقبض خنصر اليمنى وبنصرها ويحلق إبهامها مع الوسطى ويشير بسبابتها في تشهده ويبسط اليسرى ويقول: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، هذا التشهد الأول، ثم يقول: اللهم صل على محمد وعلى آله محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، ويستعيذ من عذاب جهنم ومن عذاب القبر وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال، ويدعو بما ورد، ثم يسلم عن يمينه، السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره كذلك، وإن كان في ثلاثية أو رباعية نهض مكبرًا رافعًا يديه بعد التشهد الأول، وصلى ما بقي كالثانية بالحمد فقط، ثم يجلس في التشهد الأخير متوركًا والمرأة مثله لكن تضم نفسها وتسدل رجليها في جانب يمينها. وقد نظم العمريطي ما تخالف فيه الأنثى الذكر، فقال: في خمسة تخالف الأنثى الذكر ... في الحكم ندبًا أو وجوبًا معتبر فمر فقيه سن أن يباعدا ... عن جانبيه راكعًا وساجدًا وأن يقل بطنه عن الفخذ ... عن السجود وهي ضمت حينئذ وجهره يسن بالغروب ... إلى طلوع الشمس في المكتوب وتخفض الأنثى بكل حال ... صوتًا لها بحضرة الرجال والسنة التسبيح للذكور ... إن نابهم شيء من الأمور

أركان الصلاة

وتصفق الأنثى ببطن كفها ... ظهر اليد الشمال بعد كشفها وعورة الرجال حيث تشترط ... من سرة لركبة هنا فقط وعورة الحرة دون مين ... ما كان غير الوجه والكفين وإن تكن رقيقة فكالذكر ... وسوف يأتي حكم عورة النظر 35- أركان الصلاة س207: ما هي أركان الصلاة؟ ج: أركان الصلاة أربعة عشر: القيام مع القدرة، وتكبيرة الإحرام، وقراءة الفاتحة، والركوع، والرفع منه، والسجود على الأعضاء السبعة، والاعتدال منه، والجلسة بين السجدتين، والطمأنينة في جميع الأركان، والترتيب، والتشهد الأخير، والجلوس له، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والتسليمتان. قال في «المختصر» : وأركانها خذها القيام لقادر ... وتكبيرة الإحرام والحمد فاسرد ومنها ركوع واعتدلك بعده ... سجود على آرابك السبعة اسجد وجلسته بين السجود تشهد ... أخير وأن تجلس لهذا التشهد صلاة على الهادي به وسلامها ... وأن تطمئن افهم وترتيب أشهد س208: ما الدليل على أن القيام في صلاة الفرض ركن من أركان الصلاة؟ ج: قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} ، ومن السُّنة قوله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: «صل قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا؛ فإن لم تستطع فعلى جنب» رواه البخاري، وقوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» رواه أحمد والبخاري. س209: ما الدليل على أن تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة؟

س210: ما الدليل على أن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة في كل ركعة؟ وماذا يعمل من لا يحسنها ولا شيئا منها ولا من غيرها؟

ج: ما ورد عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، عن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم» رواه الخمسة إلا النسائي، وقال الترمذي: هذا أصح شيء في هذا الباب وأحسن. وفي حديث المسيء أنه –عليه الصلاة والسلام- قال: «إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر» ، وفي حديث أبي سعيد مرفوعًا: «إذا قمتم إلى الصلاة فاعدلوا صفوفكم وسدوا الفرج، وإذا قال إمامكم: الله أكبر، فقولوا: الله أكبر» رواه أحمد. وفي حديث رفاعة أن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «لا يقبل الله صلاة امرئ حتى يضع الوضوء مواضعه ثم يستقبل القبلة، فيقول: الله أكبر» رواه أبو داود ولم ينقل عنه –عليه الصلاة والسلام- افتتح الصلاة بغيرها. س210: ما الدليل على أن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة في كل ركعة؟ وماذا يعمل من لا يحسنها ولا شيئًا منها ولا من غيرها؟ ج: ما ورد عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله –عليه الصلاة والسلام-: «لا صلة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» رواه الدارقطني، وقال: إسناده صحيح. وعن عائشة قالت: سمعت رسول لله صلى الله عليه وسلم يقول: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج» رواه أحمد وابن ماجه، وعن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يخرج فينادي لا صلاة إلا بقراءة الفاتحة ولا شيئًا منها ولا شيئًا من غيرها؟» فيلزمه أولاً تعلمها، فإن ضاق الوقت لزمه قراءة قدرها من أي سورة شاء من القرآن، فإن لم يعرف إلا آية من القرآن كررها بقدر الفاتحة. قال الله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآنِ} ؛ فإن لم يحسن قرآنًا لزمه قول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لحديث عبد الله بن أبي أوفى قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني لا أستطيع أن آخذ شيئًا من القرآن فعلمني ما يجزئني، قال: «قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله

س211: ما الدليل على أن الركوع ركن إلا الركوع بعد ركوع أول في صلاة كسوف فسنة؟

أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله» » رواه أحمد وأبو داود والنسائي والدارقطني. وعن رفاعة بن رافع: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم رجلاً الصلاة، فقال: «إن كان معك قرآنًا فاقرأ وإلا فاحمد الله وكبره وهلله ثم اركع» رواه الترمذي وأبو داود. س211: ما الدليل على أن الركوع ركن إلا الركوع بعد ركوع أول في صلاة كسوف فسُّنة؟ ج: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا} ، وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء: «ثم اركع حتى تطمئن راكعًا» ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم داوم عليه وأجمعت الأمة على وجوبه في الصلاة. س212: ما الدليل على أن الرفع من الركوع ركن من أركان الصلاة؟ وكذلك الاعتدال قائمًا، واذكر أدلتهما بوضوح. ج: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث المسيء «ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا» ؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم داوم عليه، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» رواه أحمد والبخاري، ولما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينظر الله إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده» رواه أحمد وعن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تجزئ صلاة لا يقيم فيها الرجل صلبه في الركوع والسجود» رواه الخمسة وصححه الترمذي. س213: ما الدليل على أن السجود على الأعضاء السبعة ركن من أركان الصلاة؟ وأن الرفع منه ركن؟ وأن الجلسة بين السجدتين ركن؟ ج: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} ، ومن السُّنة ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة- وأشار بيده إلى أنفه واليدين

س214: ما هي الطمأنينة؟ وما الدليل على أنها ركن من أركان الصلاة؟

والركبتين وأطراف القدمين» متفق عليه. وفي حديث المسيء: «ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا» الحديث، وعن العباس بن عبد المطلب، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب وجهه وكفاه وركبتاه وقدماه» رواه الجماعة إلا البخاري. وقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تجزئ صلاة لا يقيم فيها الرجل صلبه في الركوع والسجود» رواه الخمسة وصححه الترمذي، وعن أنس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: سمع لمن حمده قام حتى نقول قد أوهم ثم يسجد ويقعد بين السجدتين حتى نقول قد أوهم» رواه مسلم. وفي رواية متفق عليها أن أنسًا قال: «إني لا آلو أن أصلي بكم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فكان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائمًا حتى يقول الناس قد نسى، وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول الناس قد نسى» . س214: ما هي الطمأنينة؟ وما الدليل على أنها ركن من أركان الصلاة؟ ج: هي السكون، وإن قل، وقيل: بقدر الذكر الواجب ليتمكن من الإتيان به. قال الناظم –رحمه الله-: وأدنى سكونة بين رفع وخفضه ... طمأنينة قدر بها لا تشدد وفي كل ركن فاطمئن فإنها ... لركن أتت عن خير هاد ومرشد وأما الدليل: فعن أبي هريرة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ارجع فصل فإنك لم تصل» ، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ارجع فصل فإنك لم تصل» ، فرجع فصلى كما صلى، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ارجع فصل فإنك لم تصل» ثلاثًا، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني، فقال: «إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن

س215: ما الدليل على أن التشهد الأخير ركن من أركان الصلاة؟

راكعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسًا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثم افعل ذلك في الصلاة كلها» » متفق عليه. وعن حذيفة «أنه رأى رجلاً لا يتم ركوعه ولا سجوده، فلما قضى صلاته دعاه، فقال له حذيفة: ما صليت ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدًا» رواه أحمد والبخاري. وعن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشر الناس سرقة الذي يسرق في صلاته» ، فقالوا: يا رسول الله، وكيف يسرف من صلاته؟ قال: «لا يتم ركوعها ولا سجودها» ، أو قال: «لا يقيم صلبه في الركوع والسجود» رواه أحمد، وقال صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» . س215: ما الدليل على أن التشهد الأخير ركن من أركان الصلاة؟ ج: ما ورد عن ابن مسعود قال: «كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله السلام على جبريل وميكائيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقولوا هكذا؛ ولكن قولوا التحيات لله وذكره» » رواه الدارقطني، وقال: إسناده صحيح. وعن عمر بن الخطاب قال: «لا تجزئ صلاة إلا بتشهد» رواه سعيد في «سننه» ، والبخاري في «تاريخه» ، وعن ابن مسود قال: «علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كفي بين كفيه، كما يعلمني السورة من القرآن: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله» رواه الجماعة. وعن ابن عباس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن فكان يقول: «التحيات المباركات، الصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله» » رواه مسلم وأبو داود بهذا اللفظ، ورواه ابن ماجه كمسلم لكنه قال: «وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله» .

س216: ما الدليل على أن الجلوس للتشهد الأخير ركن من أركان الصلاة؟ وما الدليل على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ركن من أركانها؟

س216: ما الدليل على أن الجلوس للتشهد الأخير ركن من أركان الصلاة؟ وما الدليل على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ركن من أركانها؟ ج: أما دليل الجلوس للتشهد، فالأحاديث المتقدمة الدالة على فرضية التشهد الأخير، ومداومته صلى الله عليه وسلم وقوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي» رواه أحمد والبخاري، وأما الصلاة على النبي، فكذلك تقدم ما يدل عليها، وروى كعب بن عجرة قال: «إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج علينا، فقلنا: يا رسول الله، قد علمنا أو عرفنا كيف السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» » رواه الجماعة، إلا أن الترمذي قال فيه على إبراهيم في الموضعين لم يذكر آله، وعن أبي مسعود قال: «أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة، فقال بشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، والسلام كما علمتم» » رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي وصححه. س217: ما الدليل على أن الترتيب بين أركان الصلاة ركن من أركانها؟ ج: حديث المسيء وتقدم قريبًا، وصح أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي كذلك مرتبًا، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» . س218: ما الدليل على أن التسليمتين ركن من أركان الصلاة؟ ج: تقدم حديث علي بن أبي طالب عند تكبيرة الإحرام، وعن ابن مسعود «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره

س219: كم واجبات الصلاة؟ وما هي؟ وما الفرق بينها وبين الأركان؟

السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده» رواه الخمسة وصححه الترمذي، وعن عامر بن سعد عن أبيه قال: «كنت أرى النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه. 36- واجبات الصلاة س219: كم واجبات الصلاة؟ وما هي؟ وما الفرق بينها وبين الأركان؟ ج: واجباتها ثمانية: جميع التكبيرات غير تكبيرات الإحرام، وقوله: سبحان ربي العظيم في الركوع، وقول: سمع الله لمن حمده للإمام والمنفرد، وقول: ربنا ولك الحمد للكل، وقو: سبحان ربي الأعلى في السجود، وقول: رب اغفر لي بين السجدتين، والتشهد الأول والجلوس له؛ فأما الواجبات فما سقط منها عمدًا بطلت الصلاة بتركه وسهوًا جبره بسجود السهو، وأما الأركان فلا تسقط عمدًا ولا سهوًا ولا جهلاً. قال «المختصر للنظم» : وواجبها التكبير غير الذي مضى ... وتسميع التحميد تسبيحة قد بكل ركوع أو سجود ومرة ... سؤالك غفرانًا هديت بمقعد وسن ثلاثًا والتشهد أولاً ... وجلسته هذي الثمانية اعدد س220: ما الدليل على أن التكبير غير تكبيرة الإحرام واجب من واجبات الصلاة؟ ج: ما ورد في حديث أبي موسى الأشعري مرفوعًا: «فإذا كبر الإمام وركع فكبروا واركعوا، وإذا كبر وسجد فكبروا واسجدوا» رواه أحمد وغيره، ولما في حديث أبي هريرة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركوع، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد، ثم يكبر حين يهوي ساجدًا، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها ويكبر حين يقوم من اثنتين بعد

س221: ما الدليل على أن قول سبحان ربي العظيم في الركوع، وقول سبحان ربي الأعلى في السجود واجب من واجبات الصلاة؟

الجلوس» متفق عليه. وعن ابن مسعود قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يكبر في كل خفض ورفع وقيام وقعود» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه. س221: ما الدليل على أن قول سبحان ربي العظيم في الركوع، وقول سبحان ربي الأعلى في السجود واجب من واجبات الصلاة؟ ج: ما ورد عن حذيفة قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى» رواه الجماعة إلا البخاري. وعن عقبة بن عامر قال لما نزلت: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ} ، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا في ركوعكم» ، فلما نزلت: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ، قال: «اجعلوها في سجودكم» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي. وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي» متفق عليه. س222: ما الدليل على أن قول سمع الله لمن حمده للإمام والمنفرد واجب من واجبات الصلاة؟ وأن قول ربنا ولك الحمد للإمام والمنفرد والمأموم واجب من واجبات الصلاة؟ وهل لهم أن يزيدوا على ذلك؟ ج: ما ورد عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد» متفق عليه. وتقديم حديث أبي هريرة في جوانب سؤال سابق: «وإن شاءوا زادوا» لما ورد عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله صلى الله

س223: ما الدليل على أن قول رب اغفر لي بين السجدتين واجب من واجبات الصلاة؟ وهل له أن يزيد على ذلك؟ وضح ذلك.

عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: «اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء والأرض وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد» رواه مسلم. وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع قال: «اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات والأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» رواه مسلم، وتقدم حديث عائشة قبل هذا الجواب. س223: ما الدليل على أن قول رب اغفر لي بين السجدتين واجب من واجبات الصلاة؟ وهل له أن يزيد على ذلك؟ وضح ذلك. ج: ما ورد عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: «رب اغفر لي» رواه النسائي وابن ماجه. وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: «اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني» رواه الأربعة، إلا النسائي واللفظ لأبي داود. س224: ما الدليل على أن التشهد الأول واجب من واجبات الصلاة؟ وأن الجلوس له واجب أيضًا من واجباتها؟ ج: ما ورد عن ابن مسعود قال: إن محمدًا صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فليدع به ربه عز وجل» رواه أحمد والنسائي. وعن رفاعة بن رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قمت في صلاتك فكبر، ثم اقرأ ما تيسر عليك من القرآن، فإذا جلست في وسط

س225: اذكر ما تستحضره من سنن الأقوال مقرونا بالأدلة.

الصلاة فاطمئن وافترش فخذك اليسرى ثم تشهد» رواه أبو داود. 37- سنن الصلاة ـ سنن الأقوال س225: اذكر ما تستحضره من سنن الأقوال مقرونًا بالأدلة. ج: الاستفتاح وتقدم، وهو قوله بعد تكبيرة الإحرام: «سبحانك اللهم وبحمدك ... إلخ» وإن شاء استفتح بما ورد عن أبي هريرة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر سكت هنيهة قبل القراءة، فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: «أقول: اللهم باعد بيني وبين خطايا كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطايا بالماء والثلج والبرد» » رواه الجماعة إلا الترمذي، ومنها التعوذ لقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} . وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان إذا قام إلى الصلاة يستفتح ثم يقول: «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه» » رواه أحمد والترمذي، ومنها البسملة، لما روت أم سلمة «أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم وعدها آية؛ ولأن الصحابة أثبوتها في المصاحف» ، وعن نعيم المجمر أنه قال: «صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن، ثم قال: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه النسائي. ومنها التأمين لحديث: «إذا أمن الإمام فأمنوا» متفق عليه. وعن أبي هريرة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا {غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} قال آمين حتى يسمع من يليه من الصف الأول» رواه أبو داود وابن ماجه، ومنها قراءة السورة بعد الفاتحة في الأوليين من رباعية أو مغرب، وفي صلاة الفجر والجمعة والعيدين والتطوع كله، ومنها الجهر بالقراءة للإمام في الصبح والجمعة والعيدين والأوليين من مغرب وعشاء،

لما ورد عن قتادة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب ويسمعنا الآية أحيانًا ويطول في الركعة الأولى ما لا يطيل في الثانية وهكذا في الصبح» متفق عليه. وعن جبير بن مطعم قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور» رواه الجماعة إلا الترمذي، وعن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر {ق وَالْقُرْآنِ المَجِيدِ} ونحوها وكانت صلاته بعد إلى تخفيف، وفي رواية كان يقرأ في الظهر بالليل إذا يغشى، وفي العصر نحو ذلك، وفي الصبح أطول من ذلك. وعن عائشة -رضي الله عنها- «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بسورة الأعراف فرقها في الركعتين» رواه النسائي، وعن ابن عمر قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} ، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} » رواه ابن ماجه وعن عروة قال: «إن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - صلى الصبح فقرأ فيهما بسورة البقرة في الركعتين» رواه مالك في «الموطأ» ، وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال: «صلينا وراء عمر بن الخطاب الصبح فقرأ فيهما بسورة (يوسف) وسورة (الحج) قراءة بطيئة، قيل له: إذًا لقد كان يقوم فيهن حين يطلع الفجر؟ قال: أجل» رواه مالك. وعن الفرافصة بن عمير الحنفي قال: «ما أخذت سورة يوسف إلا من قراءة عثمان إياها في الصبح من كثرة ما كان يرددها» رواه مالك. وعن أبي سعيد الخدري قال: «لقد كانت صلاة الظهر تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يتوضأ ثم يأتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى بما يطولها» رواه مسلم. وفي حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا معاذ، أفتان أنت؟» ،

أو قال: «أفاتن أنت؟ فلو صليت بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ، {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} ، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} » متفق عليه. وتأتي إن شاء الله أدلة الجمعة، والعيدين، والتطوع في مواضعهما، ومن سنن الصلاة الجهر بآمين، وتقدم الدليل لها، ومنها قول: «ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد» . وتقدم في جواب سؤال سابق. ومنها: ما زاد على المرة في تسبيح الركوع والسجود ورب اغفر لي، لحديث سعيد بن جبير عن أنس قال: «ما صليت وراء أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة به من هذا الفتى –يعني عمر بن عبد العزيز- قال: فحرزنا في ركوعه عشر تسبيحات، وفي سجوده عشر تسبيحات» رواه أحمد وأبو داود والنسائي، ولحديث عون عن ابن مسعود مرفوعًا: «إذا ركع أحدكم فليقل سبحان ربي العظيم ثلاث مرات، سبحان ربي العظيم وذلك أدنى، وإذا سجد فليقل سبحان ربي الأعلى ثلاثًا، وذلك أدنى» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، لكنه مرسل كما قال البخاري في «تاريخه» ، لأن عونًا لم يسمع من ابن مسعود لكن عضده قول الصحابي وفتوى أكثر أهل العلم. ومنها الصلاة على آله –عليه السلام- والبركة عليه وعليهم، لحديث كعب ابن عجرة «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله، قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: «قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» » متفق عليه. والدعاء بعده، لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي.

سنن الأفعال

38- سنن الأفعال س226: اذكر ما تستحضره من سنن الأفعال مقرونًا بالدليل. ج: من ذلك رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه وحطما عقب ذلك؛ لأن مالك بن الحويرث كان إذا صلى كبر ورفع يديه، وإذا أراد أن يركع رفع يديه، وإذا رفع رأسه رفع يديه، وحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع هكذا، متفق عليه. ومنها: وضع اليمين على الشمال وجعلهما على صدره أو تحت سرته، لحديث وائل بن حجر، وفيه: «ثم وضع اليمنى على اليسرى» رواه أحمد ومسلم، وقال علي: من السُّنة في الصلاة، وضع الأكف على الأكف تحت السرة، ولما أخرجه ابن خزيمة في «صحيحه» من حديث وائل بن حجر قال: «صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره» . ومنها: نظر المصلي إلى موضع سجوده إلا في صلاة الخوف، لما روى ابن سيرين «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقلب بصره في السماء فنزلت هذه الآية {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} فطأطأ رأسه» رواه أحمد في «الناسخ والمنسوخ» ، وسعيد بن منصور في «سننه» بنحوه، وزاد: «وكانوا يستحبون للرجل أن لا يجاوز بصره مصلاه» وهو مرسل. ومنها: التفرقة بين القدمين وأن يراوح بينهما إذا طال قيامه ولا يكثر ذلك، لما روى الأثرم عن أبي عبيدة قال: «رأى عبد الله رجلاً يصلي صافًا بين قدميه، فقال: لو راوح هذا بين قدميه كان أفضل» رواه النسائي، ولفظ قال: «أخطأ السنة لو راوح بينهما كان أعجب إلى» قال الأثرم: «رأيت أبا عبد الله يفرج بين قدميه ورأيته يراوح بينهما» وروى نحو هذا عن ميمون والحسن.

ومنها: قبض ركبتيه بيديه مفرجتي الأصابع في ركوعه، ومد ظهره فيه، وجعل رأسه حياله، لحديث ابن مسعود «أنه ركع فجافى يديه ووضع يديه على ركبتيه وفرج بين أصابعه من وراء ركبتيه وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي» رواه أحمد وأبو داود والنسائي لحديث أبي حميد ويأتي إن شاء الله، ومنها البداءة في سجوده بوضع ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، لحديث وائل بن حجر قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه» رواه الخمسة إلا أحمد. ومنها: مجافاة عضديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، وتفريقه بين ركبتيه، وإقامة قدميه، وجعل بطون أصابعه على الأرض مفرقة، ووضع يديه حذو منكبيه مبسوطة مضمومة الأصابع، لحديث أبي حميد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فيه: «وإذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه» ، وفي حديث ابن بحينة: «كان صلى الله عليه وسلم إذا سجد يجنح في سجوده حتى يرى وضح إبطيه» متفق عليه، وفي حديث أبي حميد: «ووضع كفيه حذو منكبيه» رواه أبو داود والترمذي وصححه، وفي لفظ: «سجد غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة» . ومنها: رفع يديه أولاً في قيامه إلى الركعة، لحديث وائل بن حجر وتقدم. ومنها: قيامه على صدور قدميه واعتماده على ركبتيه بيديه، لحديث أبي هريرة: «كان ينهض على صدور قدميه» ، وفي حديث وائل بن حجر: «وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذيه» رواه أبو داود. ومنها: الافتراش في الجلوس بين السجدتين، وفي التشهد الأول، لقول أبي حميد: «ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها» ، وقال: «إذا جلس في الركعتين

جلس على اليسرى ونصب الأخرى» ، وفي لفظ: «وأقبل بصدر اليمنى على قبلته» . ومنها: التورك في التشهد الأخير، لقول أبي حميد: «فإذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخرج رجله اليسرى وجلس متوركًا على شقه الأيسر وقعد على مقعدته» رواه البخاري. ومنها: وضع اليدين على الفخذين مبسوطتين مضمومتي الأصابع بين السجدتين وكذا في التشهد إلا أنه يقبض من اليمنى الخنصر والبنصر ويحلق إبهامها مع الوسطى ويشير بسبابتها عند ذكر الله، لحديث ابن عمر: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه ورفع أصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها» رواه أحمد ومسلم، وفي حديث وائل بن حجر «ثم قبض ثنتين من أصابعه، وحلق حلقة ثم رفع أصبعه فرأيته يحركها يدعو بها» وأبو داود والنسائي. ومنها: التفاته يمينًا وشمالاً في تسليمه ونيته به الخروج من الصلاة، وتفضيل اليمين على الشمال في الالتفات، لحديث عامر بن سعد عن أبيه قال: «كنت أرى النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده» رواه أحمد ومسلم؛ فإن لم ينوبه الخروج من الصلاة لم تبطل نص عليه، فإن نوى به الرد على الملكين أو على من معه فلا بأس نص عليه، لحديث جابر: «أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نرد على الإمام وأن يسلم بعضنا على بعض» رواه أبو داود. نظم سنن الصلاة ورفع يديه سنة في افتتاحها ... وعند ركوع ثم عنه لمصعد ورفعهما قد صح عند قيامه ... من الركعتين اتبعه هدى مقلد ومد وضمن الأصابع رافعًا ... إلى منكب والبيت واجه بأجود

ويعلن تكبير الجميع وغير من ... يؤم فلا يسمع سوى نفسه قد ووضع اليدين اختره من تحت سرة ... مع الوضع لليمنى على الكوع فاقتد وينظر ندبًا غير من كان خالفًا ... لحاجته في الخوف موضع مسجد ويشرع الاستفتاح تلو ابتدائها ... بسبحانك اللهم أولى لنقد ومن بعده فليستعذ من عدونا ... مسرًا كبسم الله في قول مقتد وبالكل في آمين للكل فاجز من ... بما فيه من جهر بالقرآن الممجد وسورة أو بعضًا تلي الحمد فاتل في ... مقدمتي ما زاد والفجر تقتد ويجهر في الفجر الإمام وجمعة ... وفي أولى فرضي عشاءيه قيد وبالركبتين اقبض بكفيك راكعًا ... وراع استواء الظهر بالرأس وامدد وملء السماء والأرض ندبًا وملء ما ... تشأ بعد من شيء فقل تلو ما ابتدى وعضديك عن جنبيك نح مجانبًا ... وعن فخذيك البطن جاف وبعد وفخذيك عن ساقيك وافرق لركبة ... عن الركبة الأخرى كفعل المرشد وللركبتين اقبض بكفيك ناهضًا ... على صدر أقدام إذا لم يجهد وسُنَّ افتراش في التشهد أولاً ... وفي آخر سن التورك فاقعد وهذا بما كررت فيه تشهدًا ... فإن تك مثنى فافرشن وتشهد وضع فوق فخذيك اليدين وحلق ... اليمين وللسبابة ارفع وأحد ويشرع في حق النساء تربع ... أو الجعل الرجلين عن يمنة اليد وللقبلة استقبل من الرجل ساجدًا ... هديت بأطراف الأصابع تقتدي وللكتفين اجعل يديك محاذيًا ... ولا تبسط الزندين حالة مسجد ورمق الفتى فيه مكان سجوده ... أبر له من غفلة وتبدد ومن أربع من قبل تسليمك استعذ ... ومن يدع بالمأثور يحظ ويسعد فهذا جميع لا سجود لسهوه ... في الأولى ولا تبطل بترك التعمد

ما يكره في الصلاة

39- ما يكره في الصلاة س227: ما الذي يكره في الصلاة؟ وما دليله؟ اذكرهما بوضوح. ج: يكره للمصلي رفع بصره إلى السماء، والتفاته بلا حاجة، وأن يكون تائقًا لطعام ونحوه ما لم يضق الوقت فنجب، ويحرم اشتغاله بغيرها، وافتراش ذراعيه ساجدًا، وعبثه، وتخصره وتروحه، والتمطي، واستقبال صورة وكف شعره وعقصه، وحمل مشغل له، واستقبال ما يلهيه، ومس الحصى وتسوية التراب بلا عذر، وفرقعة أصابعه وتشبيكها، ومس لحيته، وكف ثوبه، وأن يخص جبهته بما يسجد عليه، واعتماده على يده في جلوسه، وأن يكتب أو يعلق في قبلته شيئًا مما يشغل المصلي، وإقعاؤه ونقر الصلاة، وأن يكون حاقنًا، أو حاقبًا، أو حازقًا، واستقبال نار سواء كان نار حطب أو سراج أو قنديل أو شمعة» . س228: ما الدليل على كراهة رفع البصر إلى السماء في الصلاة؟ وكراهة الالتفات فيها؟ ج: ما ورد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لتخطفن أبصارهم» رواه أحمد ومسلم والنسائي. وأما الالتفات، فلما ورد عن عائشة قالت: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة، فقال: «هو الاختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد» » رواه البخاري، وللترمذي وصححه: «إياك والالتفات في الصلاة؛ فإنه هلكة؛ فإن كان لابد ففي التطوع» . س229: ما الدليل على كراهة ابتداء الصلاة وهو تائق إلى طعام ونحوه؟

س230: ما الدليل على كراهة افتراش الذراعين حال السجود وكراهة التخصر؟

ج: ما روت عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان» رواه مسلم وألحق بذلك ما في معناه، كالشرب والجماع ونحو ذلك مما يزعج أو يمنع حضور القلب أو خشوعه. والله أعلم. س230: ما الدليل على كراهة افتراش الذراعين حال السجود وكراهة التخصر؟ ج: ما ورد في حديث أنس مرفوعًا: «اعتلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب» متفق عليه. وأما الدليل على كراهة التخصر، فهو ما ورد عن أبي هريرة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل متخصرًا» رواه البخاري ومسلم، وعن عائشة: «أنها كانت تكره أن يجعل يده في خاصرته وتقول إن اليهود تفعله» رواه البخاري. س231: اذكر الدليل على كراهة العبث، والتروح، والتمطي، واستقبال الصورة وما يلهي، ولماذا خصت الجبهة بالكراهة دون غيرها؟ ج: عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: «اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم وائتوني بأنبجانيته، فإنها ألهتني آنفًا عن صلاتي» متفق عليه، ولما فيه من التشبه بعباد الأوثان؛ وأما العبث والتروح والتمطي، فلما روي أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يعبث في صلاته، فقال: «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه» وخصت الجبهة لأنه من شعار الرافضة» . س232: ما الدليل على كراهة مس الحصى، أو مسحه، أو تسوية التراب؟ والإنسان في الصلاة أو مسح أثر السجود وهو يصلي؟

س233: ما الدليل على كراهة فرقعة الأصابع، وتشبيكها، ومس اللحية، وكف ثوبه، والاستناد بلا حاجة، وعقص الشعر وكفه وفرقعة الأصابع؟

ج: ما ورد عن معقيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد: «إن كنت فاعلاً فواحدة» رواه الجماعة، وعن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة؛ فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصى» رواه الخمسة، وفي رواية لأحمد: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل شيء حتى سألته عن مس الحصى، فقال: «واحدة أودع» » . س233: ما الدليل على كراهة فرقعة الأصابع، وتشبيكها، ومس اللحية، وكف ثوبه، والاستناد بلا حاجة، وعقص الشعر وكفه وفرقعة الأصابع؟ ج: ما ورد عن علي مرفوعًا: «لا تقعقع أصابعك في الصلاة» رواه ابن ماجه، وعن كعب بن عجرة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قد شبك أصابعه في الصلاة ففرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصابعه» رواه الترمذي وابن ماجه. وقال ابن عمر في الذي يصلي وهو مشبك: «تلك صلاة المغضوب عليهم» رواه ابن ماجه. وأما الدليل على كراهة مس اللحية، فلأنه من العبث وتقدم دليله، وأما كف الثوب والشعر، فلما ورد عن ابن عباس قال: «أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة أعضاء ولا يكف شعرًا ولا ثوبًا الجبهة واليدين والركبتين والرجلين» أخرجاه. وأما الدليل على عقص الشعر، فهو ما ورد عن ابن عباس «أنه رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص إلى ورائه، فجعل يحل وأقر له الآخر، ثم أقبل على ابن عباس، فقال: مالك ورأسي؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما مثل هذا كمثل الذي يصلي وهو مكتوف» » رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي. وعن رافع قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل ورأسه

س234: ما هو الإقعاء؟ وما الدليل على كراهته؟ وما الدليل على كراهة نقر الصلاة واستقبال نار؟

معقوص» رواه أحمد وابن ماجه، وأما الاستناد، فلأنه يزيل مشقة القيام، وأما عند الحاجة فلا بأس به «لأنه صلى الله عليه وسلم لما أسن وأخذه اللحم، اتخذ عمودًا في مصلاه يعتمد عليه» رواه أبو داود، وأما حمل المشغل، فلأنه يشغل القلب ويمنع الخشوع: ويكره للمرء المصلى التفاته ... بلا حاجة والجسم إن دار تفسد ويكره تغميض العيون ورفعها ... وفرش ذراعي ساجد مع تميد وكف الفتى ثوبًا وشعرًا وعقصه ... ومسح جباه والحصى المتبدد وفرقعة والشبك بين أصابع ... ونظرة مله للخشوع مبعد وللعبث اكره والتحضر بعده ... التروح ... أيضًا واعتمادًا على اليد وتكره من شخص يدافع أخبثًا ... ومن تائق نحو الطعام الممهد ويكره إقعاء وحمل لمشغل ... وتكراره للحمد في الركعة اعدد س234: ما هو الإقعاء؟ وما الدليل على كراهته؟ وما الدليل على كراهة نقر الصلاة واستقبال نار؟ ج: الإقعاء: أن يلصق إليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويصنع يديه بالأرض، كإقعاء الكلب، والدليل على كراهته، ما ورد عن أبي هريرة قال: «نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاث: عن نقرة كنقرة الديك، وإقعاء كإقعاء الكلب، والتفات كالتفات الثعلب» رواه أحمد، وروى الحارث عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقعي بين السجدتين» ، وعن أنس مرفوعًا: «إذا رفعت رأسك من السجود فلا تقعي كما يقعى الكلب» رواهما ابن ماجه؛ وأما استقبال النار، فلأنه تشبه بالمجوس الذين يعبدون النار. 40- من ما يبطل الصلاة س235: اذكر ما تستحضره من ما يبطل الصلاة؟ وما الأدلة الدالة على ما تذكر؟

س236: بين أحكام ما يلي: جمع سورتين في ركعة، تكرار سورة في ركعتين، ملازمة سورة بعينها، واذكر دليل كل حكم.

ج: يبطلها ما أبطل الطهارة؛ لأنها شرط، وكشف العورة لا إن كشفها نحو ريح فسترها في الحال، واستدبار الكعبة حيث شرط استقبالها، واتصال النجاسة؛ فإن أزالها سريعًا صحت، لحديث أبي سعيد وتقدم في جواب سؤال سابق، ويبطلها العمل الكثير المتوالي عرفًا من غير جنس الصلاة لغير ضرورة وتعمد زيادة ركن فعلي؛ لأنه يخل بهيئتها، وتعمد تقديم بعض الأركان على بعض؛ لأن ترتيبها ركن كما تقدم، وتعمد السلام قبل إتمامها؛ لأنه تكلم فيها وبفسخ النية، وتبطل الصلاة بالكلام عمدًا من عالم أنه يبطل، لحديث زيد ابن أرقم قال: «كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام» رواه الجماعة إلا ابن ماجه، وتبطل بسلامه عمدًا قبل إمامه، لأنه ترك متابعته لغير عذر، وبالأكل والشرب عمدًا، لا بأكل وشرب يسيرين عرفًا سهوًا أو جهلاً، لحديث: «عفى لأمتي عن الخطأ والنسيان» . س236: بين أحكام ما يلي: جمع سورتين في ركعة، تكرار سورة في ركعتين، ملازمة سورة بعينها، واذكر دليل كل حكم. ج: يجوز ذلك بلا كراهة، لما في «الصحيح» : «أن رجلاً من الأنصار كان يؤمهم فكان يقرأ قبل كل سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، ثم يقرأ سورة أخرى معها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يحملك على لزوم هذه السورة؟» فقال: إني أحبها، فقال: «حبك إياها أدخلك الجنة» » رواه مالك في الموطأ. وعن عبد الله ابن مسعود أنه قال: «لقد عرفت النظائر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بينهن، فذكر عشرين سورة من المفصل سورتين في كل ركعة» متفق عليه، وعن معاذ بن عبد الله الجهني قال: «إن رجلاً من جهينة أخبر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصبح {إِذَا زُلْزِلَتِ} في الركعتين كلتيهما فلا أدري أنسي أم قرأ ذلك عمدًا؟» رواه أبو داود.

س237: بين حكم قراءة أواخر السور وأوساطها، واذكر الدليل على ما تقول.

س237: بين حكم قراءة أواخر السور وأوساطها، واذكر الدليل على ما تقول. ج: يجوز لقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآنِ} . ولما روى أحمد ومسلم عن ابن عباس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأولى من ركعتي الفجر قوله تعالى: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا} الآية، وفي الثانية الآية في آل عمران: {قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} الآية» . وليس بمكروه قراءة زائد ... على سورة في الفرض كالنفل فاشهد كذلك أن تقرأ أواخر سورة ... وأوساطها أيضًا فلا تتردد سترة المصلي س238: بين أحكام ما يلي: اتخاذ سترة للمصلي، مقدارها، قربه منها، رد المار بين يدي المصلي، واذكر الدليل على ما تذكر موضحًا. ج: تسن الصلاة إلى سترة قائمة كمؤخر الرحل، لحديث طلحة بن عبد الله مرفوعًا: «إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبالي من مر وراء ذلك» رواه مسلم؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم صلى إلى حربة وإلى بعير، رواه البخاري، ويستحب قربه منها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم «صلى إلى الكعبة وبين يديه الجدار نحو من ثلاثة أذرع» رواه أحمد والبخاري؛ ولحديث سهل بن بحينة مرفوعًا: «إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته» رواه أبو داود. وعن سهل بن سعد: «كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين السترة ممر الشاة» رواه البخاري. ويسن له رد المار بين يديه بدفعه بلا عنف آدميًا كان أو غيره، فرضًا كانت الصلاة

س239: إذا لم يجد شاخصا وتعذر عليه غرر عصا ونحوها، فما الحكم؟

أو نفلاً، لحديث أبي سعيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه؛ فإن أبى، فليقاتله فإن معه القرين» رواه مسلم، ولأبي داود: «إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدًا يمر بين يديه وليدرأ ما استطاع، فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان، ولا يكرر الدفع إن خاف فسادها» . ويجزئ عن ستر ثلاثة أذرع ... تجاه المصلي من ورا ذاك فاغتد وإن يمرر الإنسان في غير مكة ... ورا سترة عن ذاك فادفعه واصدد س239: إذا لم يجد شاخصًا وتعذر عليه غرر عصا ونحوها، فما الحكم؟ ج: يخط خطًا، لحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئًا؛ فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا، فليخط خطًا ولا يضر ما مر بين يديه» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. س240: ما الذي يقطع الصلاة ومتى يقطعها؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل. ج: يقطعها المرأة، والحمار، والكلب الأسود إذا مر بين المصلي وبين سترته، وإذا لم تكن له سترة فمر بين يديه قريبًا منه كقربه من السترة، أي ثلاثة أذرع فأقل من قدميه قطعها، لما ورد عن أبي ذر الغفاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقطع صلاة الرجل المسلم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الأسود» الحديث، وفيه: «الكلب الأسود شيطان» أخرجه مسلم، وعن عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار» رواه أحمد وابن ماجه. وعن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل،

س241: هل سترة الإمام سترة لمن خلفه؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل والتعليل.

فإنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود» ، قلت: يا أبا ذر، ما بال الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: يا ابن أخي، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فقال: «الكلب الأسود شيطان» رواه الجماعة إلا البخاري. س241: هل سترة الإمام سترة لمن خلفه؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل والتعليل. ج: نعم سترة الإمام سترة لمن خلفه، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «هبطنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من ثنية إلى أخرى، فحضرت الصلاة فعمد إلى جدار فاتخذه قبلة ونحن خلفه، فجاءت بهيمة تمر بين يديه، فما زال يداريها حتى لصق بطنه بالجدار، فمرت من ورائه» رواه أبو داود، فلولا أن سترته سترة لهم لم يكن بين مرورها بين يديه وخلفه فرق. س242: بين أحكام ما يلي: اتخاذ السترة للمأموم، إذا مر بين يدي المأمومين شيء مما يقطع الصلاة، أو بين يدي الإمام، المرور بين يدي المصلي؟ ج: أولاً: يستحب للمأموم اتخاذ سترة ولا تبطل صلاة المأمومين بمرور شيء بين أيديهم، وإن مر ما يقطع الصلاة بين الإمام وسترته قطع صلاته وصلاتهم، ويحرم المرور بين المصلي وسترته أو قدرها إن لم يكن سترة، لما ورد عن أبي الجهم عبد الله بن الحارث بن الصمة الأنصاري - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه» ، قال أبو النضر: لا أدري، قال أربعين يومًا أو شهرًا أو سنة؟ رواه البخاري ومسلم. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو يعلم أحدكم ما له في أن يمشي بين يدي أخيه معترضًا وهو يناجي ربه، لكان أن يقف في ذلك المقام مائة عام أحب إليه من الخطوة التي خطاها»

س243: اذكر الصور التي لا يرد فيها المصلي من مر بين يديه، وحكم صلاة من صلى في موضع يحتاج فيه إلى المرور، وهل تنقص بذلك صلاته؟

رواه ابن ماجه بإسناد صحيح، وابن خزيمة وابن حبان في «صحيحيهما» ، واللفظ لابن حبان. س243: اذكر الصور التي لا يرد فيها المصلي من مر بين يديه، وحكم صلاة من صلى في موضع يحتاج فيه إلى المرور، وهل تنقص بذلك صلاته؟ ج: إذا غلبه المار ومر لم يرده من حيث جاء ثانيًا إذا كان محتاجًا إلى المرور بأن كل الطريق ضيقًا أو يتعين طريقًا ثالثًا في مكة المشرفة، فلا يرد المار بين يديه؛ لأنه صلى الله عليه وسلم «صلى بمكة والناس يمرون بين يديه وليس بينهما سترة» رواه أحمد وغيره، وتكره صلاة بموضع يحتاج فيه إلى المرور وتنقص صلاته إن لم يرده نص عليه. روي عن ابن مسعود: أن ممر الرجل ليضع نصف الصلاة، قال القاضي: ينبغي أن يحمل نقص الصلاة على من أمكنه الرد فلم يفعل، أما إذا لم يمكنه الرد فصلاته تامة؛ لأنه لا يوجد منه ما ينقص الصلاة ولا يؤثر فيها ذنب غيره. س244: بين حكم ما يلي: إمام ارتج عليه أو غلط، من رأى بقربه حية أو عقربًا وهو يصلي، من انحل كور عمامته أو إزاره، وهو يصلي، وسق ما تستحضره من الأدلة على ما تذكر. ج: للمصلي أن يفتح على إمامه إذا ارتج عليه أو غلط في قراءة السورة فرضًا كانت الصلاة أو نفلاً، روي ذلك عن عثمان وعلي وابن عمر، لما روى ابن عمر «أنه صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فلبس عليه، فلما انصرف، قال لأبي بن كعب: «أصليت معنا؟» قال: نعم، قال: «فما منعك؟» » رواه أبو داود، وقال الخطابي: إسناده جيد؛ ولأن ذلك تنبيه في الصلاة بما هو مشروع فيها أشبه التسبيح ويجب عليه الفتح على إمامه إذا ارتج عليه أو غلط في الفاتحة لتوقف صحة صلاته على ذلك، ولا يفتح المصلي على غير إمامه لعدم الحاجة إليه ولم تبطل الصلاة به؛ لأنه قول مشروع فيها، وله قتل حية وعقرب، لما ورد عن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأسودين في الصلاة العقرب والحية» رواه الخمسة وصححه الترمذي.

س245: ما حكم رد المعصوم عن بئر ونحوه وإنقاذ الغريق والحريق، ونحوهما في حق المصلي؟ وماذا يعمل من نابه شيء مثل سهو إمامه أو نحوه؟

ولبس الثوب، ولف العمامة، وحمل شيء ووضعه، وإشارة بوجه، وعين ويد، ونحو ذلك من الأعمال اليسيرة لحاجة وإلا كره، لما روى وائل بن حجر «أن النبي صلى الله عليه وسلم التحف بإزاره وهو في الصلاة» وتقدم حمله صلى الله عليه وسلم أمامة بنت زينب في جواب سؤال سابق، ولما روى أنس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة» رواه الدارقطني بإسناد صحيح، وأبو داود ورواه الترمذي من حديث ابن عمر، وقال: حسن صحيح. وعن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت والباب عليه مغلق فجئت فمشى حتى فتح لي، ثم رجع مقامه ووصفت أن الباب في القبلة» رواه الخمسة إلا ابن ماجه، ولا تبطل بعمل القلب، لما ورد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع الأذان، فإذا قضي الأذان أقبل فإذا ثوب بها أدبر، فإذا قضى التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى؟ فإذا لم يدري أحدكم ثلاثًا صلى أو أربعًا، فليسجد سجدتين وهو جالس» متفق عليه. وقال البخاري: قال عمر: «إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة» . س245: ما حكم رد المعصوم عن بئر ونحوه وإنقاذ الغريق والحريق، ونحوهما في حق المصلي؟ وماذا يعمل من نابه شيء مثل سهو إمامه أو نحوه؟ ج: يجب عليه قطع الصلاة لذلك فرضًا كانت أو نفلاً؛ لأنه يمكن تدارك الصلاة بالقضاء بخلاف الغريق ونحوه، وإذا نابه شيء في الصلاة مثل سهو إمامه أو استئذان إنسان عليه سبح رجل وصفقت امرأة ببطن كفها على ظهر الأخرى، لما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء» متفق عليه. زاد مسلم: «في الصلاة» . س246:هل للمصلي أن يدعو إذا مر بآية رحمة، ويتعوذ إذا مر بآية وعيد؟

س247: ماذا يعمل من غلبه تثاؤب، أو بدره بصاق أو مخاط أو نخامة؟

ج: وللمصلي التعوذ عند آية وعيد والسؤال عند آية رحمة، ولو في فرض، لما ورد عن حذيفة قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يقول في ركوعه: «سبحان ربي العظيم، وفي سجوده سبحان ربي الأعلى، وما مرت به آية رحمة إلا وقف عندها يسأل، ولا آية عذاب إلا تعوذ منها» » رواه الخمسة وصححه الترمذي. وعن عبد الرحمن بن أبي ليلة عن أبيه قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة ليس بفريضة، فمر بذكر الجنة والنار، فقال: «أعوذ بالله من النار ويل لأهل النار» » رواه أحمد وابن ماجه بمعناه. وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم» رواه مسلم. وعن عوف بن مالك قال: «قمت مع النبي صلى الله عليه وسلم فبدأ فاستاك وتوضأ ثم قام فصلى فبدأ فاستفتح البقرة لا يمر بآية رحمة إلا وقف يسأل، قال: ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ ثم ركع» الحديث، رواه النسائي وأبو داود، ولم يذكر الوضوء ولا السواك. س247: ماذا يعمل من غلبه تثاؤب، أو بدره بصاق أو مخاط أو نخامة؟ ج: إذا غلبه تثاؤب كظم ندبًا وإلا وضع يده على فيه، لحديث: «إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطع، فإن الشيطان يدخل فاه» رواه مسلم. وللترمذي «فليضع يده على فيه» قال بعضهم: اليسري بظهرها ليشبه الدفع له، وإن در المصلي بصاق أو مخاط، أو نخامة أزاله في ثوبه، وعطف أحمد بوجهه وهو في المسجد فبصق خارجه، ويباح أن يبصق ونحوه بغير مسجد عن يساره وتحت قدمه، لحديث: «إذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره» وبصقه في ثوبه أولى، ويكره يمنة وأمامًا لظاهر الخبر واحترامًا لحفظ اليمين، ولزم غير باصق إزالته من مسجد لخبر أبي ذر «وجدت

باب سجود السهو

في مساوئ أعمالنا النخامة تكون في المسجد فلا تدفن» رواه مسلم، وسن تخليق محله لفعله صلى الله عليه وسلم: وإن يمرر الإنسان في غير مكة ... ورا سترة فادفعه عن ذاك واصدد ورد على التالي ونبه مسبحًا ... والأنثى ببطن الكف في ظاهر اليد وتبصق إن صليت في البر يسرة ... وفي المسجد ابصق في ثيابك وامسد ولا بأس أن يقرأ القرآن بمصحف ... ويدعو بما في وعده والتهدد ويكره قطع النفل من غير حاجة ... وعن أحمد حرمه لا تتردد 41- باب سجود السهو س248: ما حكم سجود السهو؟ وما أسبابه؟ وما الأصل في مشروعيته؟ ج: تارة يجب، وتارة يسن، وتارة يباح، وأسبابه ثلاثة: زيادة، ونقص، وشك، والأصل في مشروعيته قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود: «فإذا زاد الرجل أو نقص في صلاته فليسجد سجدتين» رواه مسلم. س249: بين متى يسن؟ ومتى يباح؟ ومتى يجب؟ واذكر ما تستحضره من الأدلة. ج: يسن إذا أتى بقول مشروع في غير محله، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين» رواه مسلم. ويباح إذا ترك مسنونًا سهوًا كان من عزمه أن يأتي به ولا يسن؛ لأنه لا يمكن التحرز منه، ويجب إذا زاد ركوعًا أو سجودًا أو قيامًا أو قعودًا، لحديث ابن مسعود: «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسًا فلما انفتل من الصلاة ترشوش القوم بينهم، فقال: «ما شأنكم؟» ، فقالوا: يا رسول الله، هل زيد في الصلاة شيء؟ قال: «لا» ،قالوا: فإنك صليت خمسًا، فانفتل فصلى سجدتين،

س250: بين حكم صلاة مصل زاد ركعة ثم ذكر، وهل يحتسب المسبوق بالركعة الزائدة؟ وهل يدخل مع الإمام القائم لركعة زائدة؟

ثم سلم، ثم قال: «إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين» » ، وفي لفظ: «فإذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين» ، وإن سلم مصل قبل إتمامها عمدًا بطلت، ويجب السجود على من سهى وسلم قبل إتمامها، لحديث عمران بن حصين قال: «سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث ركعات من العصر، ثم قام فدخل الحجرة، فقام رجل بسيط اليدين، فقال: أقصرت الصلاة؟ فخرج فصلى الركعة التي ترك، ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو، ثم سلم» رواه مسلم. س250: بين حكم صلاة مصل زاد ركعة ثم ذكر، وهل يحتسب المسبوق بالركعة الزائدة؟ وهل يدخل مع الإمام القائم لركعة زائدة؟ ج: إذا زاد ركعة قطع متى ذكر وبنى على ما فعله قبل الزيادة لعدم ما يلغيه، ولا يتشهد إن كان قد تشهد ثم سجد للسهو وسلم، وإن كان تشهد ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه ثم سجد للسهو ثم سلم، ولا يحتسب بالركعة الزائدة مسبوق دخل مع الإمام فيها أو قبلها؛ لأنها زيادة لا يعتد بها الإمام، ولا يجب على من علم الحال متابعته فيها، ولا يصح أن يدخل مع الإمام القائم لزائدة من علم أنها زائدة. س251: ماذا يلزم المأمومين إذا سهى على إمامهم؟ وماذا يلزمه؟ وما هو الدليل على ما تذكر؟ وضح ذلك وعلل لما يحتاج إلى تعليل. ج: يلزم المأمومين تنبيه الإمام إذا سهى عليه وإذا نبهه ثقتان فأكثر لزمه الرجوع إلى تنبيههم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قبل قول القوم في قصة ذي اليدين؛ فإن نبهه واحد لم يرجع؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يرجع لقول ذي اليدين وحده. عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشى فصلى ركعتين، ثم قام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى وخرجت

س252: إذا ذكر قريبا عرفا من سلم قبل إتمامها سهوا أنه لم يتمها، فما الحكم؟

السرعان من أبواب المسجد، فقالوا: قصرت الصلاة، وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل يقال له ذو اليدين، فقال: يا رسول الله، أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال: «لم أنس ولم تقصر» ، فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك، ثم سلم، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر فربما سألوه، ثم سلم، فيقول: أنبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم» متفق عليه، وليس لمسلم فيه وضع اليد على اليد ولا التشبيك. س252: إذا ذكر قريبًا عرفًا من سلم قبل إتمامها سهوًا أنه لم يتمها، فما الحكم؟ ج: يتمها ويسجد وجوبًا، لحديث عمران بن حصين قال: «سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث ركعات في العصر، ثم قام ودخل الحجرة، فقام رجل بسيط اليدين، فقال: أقصرت الصلاة؟ فخرج فصلى الركعة التي كان ترك، ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهو، ثم سلم» رواه مسلم. س253: إذا انحرف عن القبلة من سلم قبل إتمامها، أو خرج من المسجد أو لم يذكر حتى قام من مصلاه، فما الحكم؟ وما دليل الحكم؟ اذكرهما بوضوح. ج: يبني ولو انحرف عن القبلة أو خرج من المسجد، لقصة ذي اليدين، وإذا لم يذكر من سلم قبل إتمام صلاته حتى قام من مصلاه فعليه أن يجلس لينهض إلى الإتيان بما بقي من صلاته عن جلوس مع النية؛ لأن القيام واجب للصلاة ولم يأت به لها؛ فإن طال الفصل عرفًا أو حدث أو تكلم لغير مصلحتها بطلت، لما روى معاوية بن الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين» رواه مسلم وأبو داود، وإن تكلم يسيرًا لمصلحتها لم تبطل إمامًا كان أو غيره، وقيل: إن الكلام بعد سلامه سهوًا لمصلحتها أو لغير

س254: ما حكم سجود السهو في حق من ترك واجبا، أو شك في زيادة وقت فعلها؟

مصلحتها لا يبطل الصلاة، وكذلك الكلام سهوًا أو جهلاً في صلبها، لحديث ذي اليدين، وأنه تكلم هو والنبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وكثير من المصلين، ولم يأمر أحدًا منهم بالإعادة، وكذلك لما تكلم معاوية ابن الحكم السلمي في الصلاة وشمت العاطس، لم يأمره صلى الله عليه وسلم بالإعادة، ولأن الناسي والجاهل غير آثم فلا تبطل. س254: ما حكم سجود السهو في حق من ترك واجبًا، أو شك في زيادة وقت فعلها؟ ج: يجب إذا ترك واجبًا، لحديث ابن بحينة: «أنه صلى الله عليه وسلم قام في الظهر من ركعتين فلم يجلس، فقام الناس معه، فلما قضى الصلاة انتظر الناس تسليمه، كبر فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم» متفق عليه. فثبت هذا بالخبر وقيس عليه سائر الواجبات، وكذا يجب سجود السهو إذا شك في زيادة وقت فعلها؛ لأنه أدى جزءًا من صلاته مترددًا في كونه منها أو زائدًا عليها، فضعفت النية واحتاجت للجبر بالسجود، لعموم حديث: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسجد سجدتين» متفق عليه. س255: هل تبطل الصلاة بتعمد ترك سجود السهو؟ وما الدليل على ما تقول؟ ج: تبطل بتعمد ترك سجود سهو واجب أفضليته قبل السلام ولا تبطل بتعمد ترك سجود مسنون، ولا واجب على أفضليته بعد السلام، وهو ما إذا سلم قبل إتمامها؛ لأنه خارج عنها، فلم يؤثر في إبطالها، وإن شاء سجد سجدتي السهو قبل السلام أو بعده؛ لأن الأحاديث وردت بكل من الأمرين. وقال الزهري: كان آخر الأمرين السجود قبل السلام، ذكر في «المغني» : لكن إن سجد بعده تشهد وجوبًا وسلم، لحديث عمران بن حصين: «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسما، فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلم» رواه أبو داود والترمذي وحسنه.

س256: هل على مأموم سها دون إمامه سجود سهو؟ وإذا سها إمامه فهل يتابعه؟

ولأن سجود السهو بعد السلام في حكم المُستقبل بنفسه من وجه، فاحتاج إلى التشهد كما احتاج إلى السلام، وإن نسي السجود حتى طال الفصل عرفًا أو حدث سقط لفوات محله. س256: هل على مأموم سها دون إمامه سجود سهو؟ وإذا سها إمامه فهل يتابعه؟ ج: ليس على مأموم دخل أول الصلاة سجود سهو، إلا أن يسهو إمامه فيتابعه في سجود السهو، حكاه ابن المنذر إجماعًا، لما تقدم، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم: «أنه لم يسجد لترك التشهد الأول والسلام من نقصان سجد الناس معه» ولعموم قوله: «وإذا سجد فاسجدوا» ولحديث ابن عمر مرفوعًا: «ليس على من خلف الإمام سهو، فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه» رواه الدارقطني. س257: تكلم عن حكم من نسي ركنًا من أركان الصلاة؟ ج: من نسي ركنًا غير التحريمة فذكره بعد شروعه في قراءة ركعة أخرى بطلت التي تركه منها، وقامت الركعة التي تليها مقامها ويجزيه الاستفتاح الأول؛ فإن رجع إلى الأولى عمدًا بطلت صلاته، وقيل: يرجع، ولو كان قد شرع في قراءة الركعة التي تليها، فيأتي بالمتروك وبما بعده إن لم يصل إلى محله، فلا حاجة إلى الرجوع وعليه السجود لذلك، وإن ذكر المتروك بعد السلام فكترك ركعة كاملة، فيأتي بركعة مع قرب فصل عرفًا ولو انحرف عن القبلة، أو خرج من المسجد، ويسجد له قبل السلام، وإن طال الفصل أو أحدث بطلت لفوات الموالاة، فإن كان المتروك تشهدًا أخيرًا أتى به وسجد وسلم، أو كان المتروك سلامًا أتى به وسجد السهو وأسلم. س258: تكلم عمن نسي التشهد الأول وحده أن نسيه مع جلوس له؟ واذكر الدليل على ما تذكر.

س259: تكلم عما يلي: مصل شك في عدد الركعات، مأموم شك هل أدرك الركوع مع الإمام أم لا؟ مأموم شك هل دخل مع الإمام في الأولى أم الثانية؟ آخر شك هل دخل معه في الركعة الثانية أو الثالثة؟

ج: إذا نسي التشهد الأول وحده أو نسيه مع جلوس له ونهض، لزمه الرجوع والإتيان به ما لم يستتم قائمًا، لما روى المغيرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائمًا فليجلس وإن استتم قائمًا فلا يجلس وسجد سجدتي السهو» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. عن عبد الله بن بحينة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم فقام في الركعتين فسبحوا به فمضى، فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين ثم سلم» رواه النسائي. وعن زياد بن علاقة قال: «صلى المغيرة بن شعبة فلما صلى ركعتين قام ولم يجلس فسبح به من خلفه فأشار إليهم أن قوموا، فلما فرغ من صلاته سلم، ثم سجد سجدتين وسلم، ثم قال: هكذا صنع بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه أحمد والترمذي وصححه. س259: تكلم عما يلي: مصل شك في عدد الركعات، مأموم شك هل أدرك الركوع مع الإمام أم لا؟ مأموم شك هل دخل مع الإمام في الأولى أم الثانية؟ آخر شك هل دخل معه في الركعة الثانية أو الثالثة؟ ج: من شك في عدد الركعات بأن تردد أصلي اثنتين أم ثلاثًا؟ أخذ بالأقل؛ لأنه المتيقن ولا فرق بين الإمام والمتفرد، ولا يرجع مأموم واحد إلى فعل إمامه، فإذا سلم أتى بما شك فيه وسجد وسلم، وإن شك هل دخل مع الإمام في الأولى أو الثانية جعله في الثانية؛ لأنه المتيقن، ويسجد للسهو، لحديث أبي سعيد مرفوعًا: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدري أصلى ثلاثًا أم أربعًا، فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسًا شفعن له صلاته، وإن كن صلى أربعًا كانتا ترغيمًا للشيطان» رواه أحمد ومسلم. وحديث ابن مسعود مرفوعًا: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه، ثم ليسلم، ثم ليسجد سجدتين» رواه الجماعة إلا الترمذي.

س260: ما معنى تحري الصواب فيه؟ وإذا شك في ترك ركن أو ترك واجب فما الحكم؟ وإذا تكرر السهو في الصلاة فكم يسجد؟ وجاوب عن الإيرادات على ما تقول.

س260: ما معنى تحري الصواب فيه؟ وإذا شك في ترك ركن أو ترك واجب فما الحكم؟ وإذا تكرر السهو في الصلاة فكم يسجد؟ وجاوب عن الإيرادات على ما تقول. ج: تحري الصواب فيه: هو استعمال اليقين؛ لأنه الأحوط، وإن شك في ترك ركن فكتركه، ولا يسجد لشكه في ترك واجب أو زيادة إلا إذا شك في الزيادة وقت فعلها، ويكفي لجميع السهو سجدتان ولو اختلف محلهما؛ لأنه صلى الله عليه وسلم سها فسلم وتكلم بعد سلامه وسجد لهما سجودًا واحدًا؛ ولأنه شرع للجبر فكفى فيه سجود واحد، كما لو كان من جنس، ولأنه إنما أخر ليجمع السهو كله. وأما حديث ثوبان «لكل سهو سجدتان بعد السلام» ، فالسهو اسم جنس، ومعناه لكل صلاة فيها سهو سجدتان يدل عليه قوله بعد السلام، ولا يلزمه بعد السلام سجودان. س261: إذا اجتمع سهوان: أحدهما قبل السلام والآخر بعده، فأيهما يغلب؟ وما الذي يقال في سجود السهو بين السجدتين؟ وضح ذلك. ج: يغلب ما قبل السلام على ما بعده، فيسجد للسهو سجدتين قبل السلام؛ لأنه أسبق وآكد وقد وجد سببهُ ولم يوجد قبله ما يقوم مقامه، فإذا سجد له سقط الثاني وسجود السهو، وما يقال فيه من تكبير وتسبيح، وعند هوى ورفع كصلب الصلاة، لما تقدم من حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين، ثم كبر، ثم سجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، ثم وضع رأسه فكبر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر. متفق عليه، واللفظ للبخاري. س262: ما محل سجود السهو؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل.

باب صلاة التطوع

ج: محله قبله إلا في السلام قبل إتمام صلاته إذا سلم عن نقص ركعة فأكثر لحديث عمران بن حصين، وذي اليدين؛ ولأنه من تمام الصلاة، فكان قبل السلام كسجود صلبها، وإلا فيما إذا بنى الإمام على غالب عنه، فإنه يسجد بعده ندبًا، لحديث علي وابن مسعود مرفوعًا: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم ما عليه، ثم ليسجد سجدتين» متفق عليه. وفي البخاري بعد السلام وكونه بعد السلام أو قبله ندب؛ لأن الأحاديث وردت في كل من الأمرين، فلو سجد الكل قبل السلام أو بعده جاز، وإن شك في محل فيجعله قبله. ويبني على المستيقن النزر من طرا ... له الشك في الركعات من متعدد وشك الفتى في ترك ركن كتركه ... وفي واجب ما من سجود بأجود وما الشك من بعد الفراغ مؤثر ... يقاس على هذا جميع التعبد وليس على المأموم شك ويتبع الإمام ... ولو في واجب مع تعمد وما بطلت بالعمد منه صلاته ... فأوجب سجود السهو فيه وآكد واجمعه قبل السلام سوى الذي ... يسلم عن نقص فخذ أخذ أيد كذلك في سهو الإمام إذا بنى ... على غالب الظن أن نقل ذاك فاهتد وتأخير ما قبل السلام لبعده ... وبالعكس جوز لكن الندب ما بدى ويبطلها في العمد إهماله لما ... ندبت له قبل السلام بأوطد وشرط سجود السهو كالأصل يا فتى ... ولا تسجدن للسهو في السهو تقتدي ويكفي سجود واحد كل سهوه ... وعن كل وسواس لسهوك فاصدد 42- باب صلاة التطوع س263: ما هو التطوع لغة واصطلاحًا؟ وما أفضل ما يتطوع به؟ ج: لغة: فعل الطاعة، وشرعًا: طاعة غير واجبة، وأفضل ما يتطوع به الجهاد، ثم النفقة فيه، ثم العلم تعلمه وتعليمه من حديث، وفقه، وتفسير،

س264: ما أفضل صلاة تطوع؟ وما آكدها؟ وما أقل الوتر؟ وما أكثر؟

ثم الصلاة، وهي أفضل تطوع البدن، لما روى سالم بن أبي الجعد عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة» رواه ابن ماجه، وإسناده ثقات إلى سالم؛ ولأن فرضها آكد الفروض فتطوعها آكد التطوع؛ ولأنها تجمع أنواعًا من العبادة: الإخلاص، والقراءة، والركوع، والسجود، ومناجاة الرب، والتوجه إلى القبلة، والتسبيح، والتكبير. س264: ما أفضل صلاة تطوع؟ وما آكدها؟ وما أقل الوتر؟ وما أكثر؟ ج: أفضلها ما سن له الجماعة؛ لأنه أشبه بالفرائض، وآكدها كسوف، ثم استسقا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يستسقي تارة ويتركها أخرى، ثم التراويح، لأنها تسن لها الجماعة، ثم وتر، لحديث بريدة «من لم يوتر فليس منا» رواه أحمد. وأقله ركعة، لحديث ابن عمر وابن عباس مرفوعًا: «الوتر ركعة من آخر الليل» ، وزاد مسلم: «وأكثره إحدى عشرة ركعة» ، لقول عائشة «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الليل إحدى عشر ركعة يوتر منها بواحدة» متفق عليه، ويجوز سردها، لحديث عائشة: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يفصل فيهن» رواه أحمد والنسائي. س265: متى وقت الوتر؟ وما حكم القنوت فيه؟ وما دعاء القنوت فيه؟ وما هو الدليل؟ ج: وقته: ما بين صلاة العشاء وطلوع الفجر، لحديث أبي سعيد مرفوعًا: «أوتروا قبل أن تصبحوا» رواه مسلم. ولما روي عن خارجة بن حذافة قال: «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة، فقال: «لقد أكرمكم الله بصلاة هي خير لكم من حمر النعم» ، قلنا: وما هي يا رسول الله؟ قال: «الوتر فيما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر» » رواه الخمسة إلا النسائي، ويستحب أن يقنت في الركعة الأخيرة بعد الركوع؛ لأنه صح عنه صلى الله

س266: ماذا يعمل بعد ما يخلص من دعاء القنوت؟ واذكر الدليل لما تقول.

عليه وسلم من رواية أبي هريرة وأنس وابن عباس وعن عمر وعلي «أنهما كانا يقنتان بعد الركوع» رواه أحمد والأثر، ولو كبر ورفع يديه ثم قنت قبل الركوع جاز، لحديث أبي بن كعب «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت قبل الركوع» رواه أبو داود، ولا بأس أن يدعو في قنوته بما شاء. ومما ورد: «اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك» رواه أحمد ولفظه له، والترمذي وحسنه من حديث الحسن بن علي قال: «علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر: «اللهم اهدني – إلى وتعاليت وليس فيه ولا يعز من عاديت» » ورواه البيهقي وأثبتها فيه، قال في «الاختيارات الفقهية» : ويُخير في الوتر بين فصله ووصله، وفي دعائه بين فعله وتركه. قال الشيخ سليمان بن سحمان الناظم لبعض اختيارات شيخ الإسلام: ولا تفتتن في كل وترك يا فتى ... فتجعله كالواجب المتأكد وكن قانتًا حينًا وحينًا فتاركًا ... لذلك تسعد بالدليل وتهتدي ففعل وترك سنة وكلاهما ... أتت عن رسول الله إن كُنت مقتد س266: ماذا يعمل بعد ما يخلُص من دعاء القنوت؟ واذكر الدليل لما تقول. ج: يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، لحديث الحسن بن علي السابق، وفي آخره: «وصلى الله على محمد» رواه النسائي. وعن عمر «الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك» رواه الترمذي. ويؤمن مأموم إن سمعه ثم يمسح وجهه بيديه هنا وخارج الصلاة إذا دعا، لعموم حديث عمر «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه في الدعاء

س267: ما حكم القنوت لغير الوتر؟

لا يحطهما حتى يمسح بهما وجهه» رواه الترمذي، ولقوله في حديث ابن عباس: «فإذا فرغت فامسح بهما وجهك» رواه أبو داود وابن ماجه. س267: ما حكم القنوت لغير الوتر؟ ج: يكره قنوته في غير الوتر، روي ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبي الدرداء، لما روى مسلم عن أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهرًا يدعو على أحياء من العرب ثم تركه» وروى أبو هريرة وابن مسعود نحوه مرفوعًا، وعن أبي مالك الأشجعي قال: «قلت لأبي إنك قد صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وخلف علي هاهنا بالكوفة نحو خمس سنين، أكانوا يقنتون في الفجر؟ قال: أي بني محدث» رواه أحمد بإسناد صحيح، والترمذي، وقال: العمل عليه عند أهل العلم وليس فيه في الفجر؛ فإن نزل بالمسلمين نازلة غير الطاعون سن الإمام الوقت خاصة القنوت بما يناسب تلك النازلة في كل مكتوبة، وقيل: ويقنت نائبه اختاره جماعة لقيامه مقامه، وقيل: وكل مصل. اختاره الشيخ تقي الدين. س268: كم عدد الرواتب؟ وما هو الدليل على عددها؟ ج: قيل: إنها عشر، لما ورد عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: «حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات، ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الصبح» متفق عليه، وقيل: للظهر أربع قبلها، لما ورد عن علي «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الظهر أربعًا، وبعدها ركعتين» ، وعن عائشة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يصل أربعًا قبل الظهر صلاهن بعدها» رواهما الترمذي.

س269: ما آكد الرواتب؟ وما الدليل على آكديتها؟ وما الذي ينبغي أن يقرأ فيها؟

س269: ما آكد الرواتب؟ وما الدليل على آكديتها؟ وما الذي ينبغي أن يقرأ فيها؟ ج: آكد الرواتب سُنة الفجر، لحديث عائشة مرفوعًا: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه، وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهدًا منه على ركعتي الفجر» متفق عليه، ويستحب تخفيفهما فإن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر فيخفف حتى إني لأقول هل قرأ فيها بأم الكتاب؟» متفق عليه. ويستحب أن يقرأ فيهما في الركعة الأولى بقوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ} الآية التي في سورة البقرة، وفي الركعة الثانية بقوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} الآية. وأحيانًا بسورتي الإخلاص {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، و {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} ، لما ورد عن ابن عمر قال: «رمقت النبي صلى الله عليه وسلم شهرًا فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} » رواه الخمسة إلا النسائي. س270: بين حكم قضاء الرواتب مقرونًا بالدليل، وحكم قضاء الوتر كذلك؟ ج: يسن قضاء الرواتب والوتر، لما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس» رواه الترمذي. وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قضاهما مع الفريضة لما نام عن الفجر في السفر، وعن عائشة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يصل أربعًا قبل الظهر صلاهن بعدها» رواه الترمذي، وقال: حسن غريب، وعن أبي سعيد مرفوعًا: «من نام عن الوتر أو نسيه فليصله إذا أصبح أو ذكره» رواه أبو داود والترمذي.

س271: ما حكم الفصل بين الفرض والنفل؟ وحدد وقت الراتبة وأيهما أفضل؟ فعل النافلة في البيت أو في المسجد؟ واذكر الدليل على ما تقول؟

س271: ما حكم الفصل بين الفرض والنفل؟ وحدد وقت الراتبة وأيهما أفضل؟ فعل النافلة في البيت أو في المسجد؟ واذكر الدليل على ما تقول؟ ج: يسن الفصل بين الفرض والنفل بقيام أو كلام، لقول معاوية: «إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بذلك أن لا نصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج» رواه مسلم، ووقت كل راتب من الرواتب التي قبل الفرض من دخول وقت الفرض إلى تمام فعله، ووقت التي بعد الفرض من فعله إلى آخر وقته، ويستحب فعل التطوع في البيت وفعلها فيه أفضل من فعلها في المساجد، لما ورد عن زيد بن ثابت، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» رواه الجماعة إلا ابن ماجه، لكن له معناه من رواية عبد الله ابن سعد. س272: ما الدليل على سنية صلاة الليل؟ ولما كانت صلاة الليل أفضل من صلاة النهار فأيهما أفضل: الصلاة في أول الليل أو آخره؟ وضح ذلك. ج: الدليل: حديث أبي هريرة مرفوعًا: «أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل» رواه مسلم، والنصف الأخير أفضل من الأول لقوله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا إذا مضى شطر الليل» الحديث رواه مسلم، وحديث: «أفضل الصلاة صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه» . س273: متى يكون التهجد؟ وما الذي يسن للمتهجد أن يفتتح تهجده به؟ وما حكم النية في حق مريد التهجد؟ وضح ذلك مقرونًا بالدليل. ج: التهجد ما كان بعد النوم، لقول عائشة -رضي الله عنها-: «الناشئة القيام بعد النوم» ، وقال الإمام أحمد: الناشئة لا تكون إلا بعد رقدة، ومن لم يرقد فلا ناشئة له، وقال: هي أشد وطئًا أي تثبتًا تفهم ما تقرأ، وتعي أذنك، ويسن افتتاحه بركعتين خفيفتين، لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين» رواه أحمد ومسلم وأبو داود، وأما

س274: ما حكم صلاة الضحى؟ وما أقلها وما أكثرها؟ ومتى وقتها؟ واذكر دليل كل مما تقدم.

النية، فيسن أن ينوي عند النوم قيام الليل، لحديث أبي الدرداء مرفوعًا: «من نام ونيته أن يقوم كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه» حديث حسن رواه أبو داود والنسائي. مما يتعلق بصلاة الليل من «مختصر النظم» : وأفضل نفل المرء ليلاً ببيته ... فقم تلو نصف مثل داود فاسجد ولا تخلين الليل من ورد طائع ... لحزبك تتلو فيه سرًا تجود وإن شئت فاجهر فيه ما لم تخف أذى ... لإبعاد شيطان وإيقاظ رقد وخذ قدر طوق النفس لا تسأمنه ... وقل تستعن بالنوم عند التهجد فإن لم تصل فاذكر الله جاهدًا ... وتب واستقل مما جنيت تسدد فلا خير في عبد نؤم إلى الضحى ... أما يستحي مولاً رقيبًا بمرصد يناديه هل من سائل يعط سؤله ... ومستغفر يغفر له ويؤيد س274: ما حكم صلاة الضحى؟ وما أقلها وما أكثرها؟ ومتى وقتها؟ واذكر دليل كل مما تقدم. ج: تسن صلاة الضحى، لما ورد عن أبي هريرة قال: «أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام» متفق عليه. وفي لفظ لأحمد ومسلم: وركعتي الضحى كل يوم، وأكثرها ثمان، لما ورد عن أم هانئ: «أنه لما كان عام الفتح، أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأعلى مكة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غسله فسترت عليه فاطمة، ثم أخذ ثوبه فالتحف به ثم صلى ثماني ركعات سبحة الضحى» متفق عليه.

س275: تكلم عن أحكام ما يلي: صلاة الاستخارة، صلاة الحاجة، الصلاة عقب الوضوء، واذكر ما تستحضره من الأدلة.

ووقتها من خروج وقت النهي إلى قبيل الزوال، لحديث: «قال تعالى: يا ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره» رواه الخمسة إلا ابن ماجه. وأفضله إذا اشتد الحر، لحديث: «صلاة الأوابين حين ترمض الفصال» رواه مسلم. س275: تكلم عن أحكام ما يلي: صلاة الاستخارة، صلاة الحاجة، الصلاة عقب الوضوء، واذكر ما تستحضره من الأدلة. ج: تسن صلاة الاستخارة ولو في خير، ويبادر به بعدها، لما ورد عن جابر بن عبد الله، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلمنا السورة من القرآن، ويقول: «إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، واستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري –أو قال: عاجل أمري وآجله-، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به، قال: ويسمي حاجته» » رواه الجماعة إلا مسلمًا. وتسن صلاة الحاجة إلى الله تعالى أو إلى آدمي، لحديث عبد الله بن أبي أوفى مرفوعًا: «من كانت له حاجة إلى الله عز وجل أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ وليحسن الوضوء، ثم ليصل ركعتين، ثم ليثن على الله تعالى، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع له ذنبًا إلا غفرته، ولا همًا إلا فرجته، ولا حاجة هي لك

سجود التلاوة

رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين» رواه ابن ماجه والترمذي، وقال: غريب. وتسن صلاة عقب الوضوء لحديث أبي هريرة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: «يا بلال، حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة» ، فقال: ما عملت عملاً أرجى عندي أني لم أتطهر طهورًا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي» متفق عليه. 43- سجود التلاوة س276: ما حكم سجود التلاوة؟ ولمن يسن؟ وهل يتابع المأموم الإمام فيه؟ ج: يسن سجود التلاوة مع قصر فصل للقارئ والمستمع، لحديث ابن عمر «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد أحدنا موضعًا لجبهته» متفق عليه. وعن عمر: «أنه قرأ على المنبر يوم الجمعة سورة النحل، حتى جاء السجدة فنزل فسجد، وسجد الناس حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها حتى إذا جاء السجدة، قال: «يا أيها الناس، إنما نمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا إثم عليه» » رواه البخاري. وفي لفظ: «إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء» ، وعن زيد بن ثابت قال: «قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم (النجم) فلم يسجد فيها» متفق عليه؛ وأما إذا سجد الإمام في الصلاة الجهرية، فيلزم المأموم متابعته؛ وأما في الصلاة السرية، فقيل: يكره؛ لأن فيه إيهام على المأمومين، وقيل: يلزم المأموم اتباعه، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا

س277: ما الذي يقال في سجود التلاوة؟ بينه مع ذكر الدليل.

سجد فاسجد» ؛ ولأنه لو كان بعيدًا أو أصمًا لسجد في صلاة الجهر بسجود إمامه، فكذا هنا وعندي أن هذا القول أرجح لما أراه من قوة الدليل. والله أعلم. س277: ما الذي يقال في سجود التلاوة؟ بينه مع ذكر الدليل. ج: يقول في سجوده ما يقول في سجود صلب الصلاة، أي يقول: «سبحان ربي الأعلى وإن زاد غيره فحسن، ومنه: «اللهم اكتب لي بها عندك أجرًا، وضع عني بها وزرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود» ، ومما ورد «سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته» رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وصححه الترمذي. وعن ابن عباس قال: «كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل، فقال: إني رأيت البارحة فيما يرى النائم، كأني أصلي إلى أصل شجرة فقرأت السجدة، فسجدت الشجرة لسجودي، فسمعتها تقول: اللهم احطط عني بها وزرًا، واكتب لي بها أجرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا، قال ابن عباس: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ السجدة، فسمعته يقول في سجوده مثل الذي أخبره الرجل عن قول الشجرة» رواه ابن ماجه والترمذي، وزاد فيه: «وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود –عليه السلام-» . س278: ما حكم سجود الشكر؟ وضح وقته ودليله، ومثل لما يحتاج إلى تمثيل. ج: يسن سجود الشكر عند تجدد النعم العامة والخاصة، وعند اندفاع نقم عامة له وللناس أو خاصة به ظاهرة، كتجدد ولد أو مال أو جاه أو نصرة على عدو، لحديث أبي بكرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه أمر يسره خر ساجدًا لله» رواه الخمسة إلا النسائي. وعن عبد الرحمن بن عون رضي الله عنه قال: «سجد النبي صلى الله

أوقات النهي

عليه وسلم فأطال السجود، ثم رفع رأسه، فقال: «إن جبريل أتاني فبشرني فسجدت لله شكرًا» » رواه أحمد وصححه الحاكم. وعن البراء بن عازب: «أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عليًا إلى اليمن، فذكر الحديث، قال: فكتب إلى بإسلامهم، فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب خر ساجدًا شكرًا لله تعالى على ذلك» رواه البيهقي، وأصله في البخاري: «وسجد حين شفع في أمته فأجيب» رواه أبو داود، «وسجد الصديق حين جاءه قتل مسيلمة» رواه سعيد، «وسجد علي حين رأى ذا الندبة من الخوارج» رواه أحمد. «وسجد كعب حين بشر بتوبة الله عليه» وقصته متفق عليها. ويقول إذا رأى مبتلى في دينه أو بدنه: «الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً» . 44- أوقات النهي س279: ما هي أوقات النهي؟ وما أدلتها؟ ج: الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها، هي: من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس، ومن الطلوع إلى ارتفاع الشمس قيد رمح، وعند قيامها حتى تزول، وبعد صلاة العصر حتى تدنو من الغروب، وبعد ذلك حتى تغرب، وسندها ما ورد عن عبد الله الصنابحي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان، فإذا ارتفعت فارقها، ثم إذا استوت قارنها، فإذا زالت فارقها، فإذا دنت من الغروب قارنها، فإذا غربت فارقها» ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في تلك الساعات، رواه مالك وأحمد والنسائي. أما دليل الوقت الأول، فلما ورد عن يسار مولى ابن عمر قال: «رآني ابن عمر وأنا أصلي بعد ما طلع الفجر، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم

س280: ما الذي يجوز فعله في أوقات النهي؟ وما هي أدلته؟

خرج علينا ونحن نصلي هذه الساعة، فقال: «ليبلغ شاهدكم غائبكم، أن لا صلاة بعد الصبح إلا ركعتين» » رواه أحمد وأبو داود، وقيل: من صلاة الفجر وقت النهي، لما ورد عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس» متفق عليه. ولفظ مسلم: «لا صلاة بعد صلاة الفجر» . وأما دليل باقي الأوقات فلحديث عقبة بن عامر «ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب» رواه مسلم، وعن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يتحرى أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها» . وفي رواية قال: «إذا طلع حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تبرز، فإذا غاب حاجب الشمس فدعوا الصلاة حتى تغيب ولا تحينوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فإنها تطلع بين قرني شيطان» متفق عليه. قال العمريطي ناظمًا لأوقات النهي: كل صلاة لم يكن لها سبب ... في الخمسة الأوقات حتمًا تجتنب من بعد فرض الصبح من وقت ... الأدا إلى طلوع الشمس عند الابتدا وبعد ذلك الطلوع المعتبر ... إلى ارتفاع الشمس رمحًا في النظر وعند الاستواء إلى الجمعة ... فالنفل فيها جائز إن أوقعه وبعد فرض العصر لا اصفرارها ... عند الغروب ثم لاستتارها س280: ما الذي يجوز فعله في أوقات النهي؟ وما هي أدلته؟ ج: قضاء الفرائض في أوقات النهي، لعموم: «من نام عن صلاة

أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» متفق عليه، ويجوز فعل المنذورات؛ لأنها واجبة أشبهت الفرائض، وتفعل سُّنة فجر بعده، وقيل: صلاة الصبح، لقوله: «لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر» ، وتفعل سُّنة ظهر بعد العصر في الجمع تقديمًا كان أو تأخيرًا، لما روت أم سلمة قالت: «دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بعد العصر فصلى ركعتين، فقلت: يا رسول الله، صليت صلاة لم أكن أراك تصليها؟ فقال: «إني كنت أصلي ركعتين بعد الظهر، وأنه قدم وفد بني تميم فشغلوني عنهما فهما هاتان الركعتان» » متفق عليه. ويجوز فعل ركعتي طواف، لحديث جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار» رواه الخمسة، وصححه الترمذي وابن حبان. ويجوز إعادة جماعة أقيمت وهو في المسجد، لحديث يزيد بن الأسود - رضي الله عنه - «أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هو برجلين لما يصليا فدعا بهما فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال لهما: «ما منعكما أن تصليا معنا؟» قالا: قد صلينا في رحالنا. قال: «فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتما الإمام ولم يصل فصليا معه، فإنهما لكما نافلة» » رواه أحمد واللفظ له والثلاثة، وصححه ابن حبان والترمذي. وعن أبي ذر مرفوعًا: «صل الصلاة لوقتها؛ فإن أقيمت وأنت في المسجد فصل ولا تقل إني صليت فلا أُصلي» رواه أحمد ومسلم. وتجوز الصلاة على الجنازة في الوقتين الطويلين، وهما بعد الفجر وبعد صلاة العصر لطول مدتهما، ولا تجوز الصلاة على الجنازة في الأوقات الثلاثة؛ لحديث عقبة بن عامر وتقدم قريبًا، وذكره في الحديث للصلاة مقرونًا بالدفن

يدل على إرادة صلاة الجنازة، ولأنها صلاة من غير الخمس أشبهت النوافل؛ وأما إن خيف عليها في الأوقات القصيرة، فتجوز الصلاة عليها للعذر، وتفعل تحية مسجد إذا دخل الإمام يخطب بمسجد ويركعهما ولو كان وقت قيام الشمس قبل الزوال، ولما روى أبو سعيد: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة» رواه أبو داود. قال الشيخ سليمان بن سحمان –رحمه الله الناظم لبعض اختيارات شيخ الإسلام: وعند أبي العباس لا حظر للذي ... يصليهما أعني تحية مسجد وذا لعموم النص إذ لا مخصص ... فخذ قول من بالنص يهدي ويهتدى أليس بها تقضي الفروض وكالذي ... سمعت به في نظمه ذا التعدد كذلك صح النهي حالة خطبة!! ... إمام لمن يأتي بنفل التعبد فأما الذي يأتي ابتداء فإنه ... يصلي ولا يجلس تحية المسجد فهذا دليل واضح متقرر ... وقد كان في وقت من النهي فاقتد والتطوع نوعان: نوع له سبب، ونوع لا سبب له، أما الذي لا سبب له وهو التطوع المطلق، فلا يجوز فعله في شيء منها، وأما ما له سبب، كسجود التلاوة، والشكر، وصلاة الكسوف، وقضاء سُّنة راتبة، وتحية مسجد، وسُّنة وضوء، فقيل: لا يجوز فعلها في هذه الأوقات، لعموم أحاديث النهي المتقدمة، وقيل: بتجويز ذوات الأسباب، لما ورد عن أبي قتادة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» متفق عليه. وقال في الكسوف: «فإذا رأيتموهما فادعوا الله تعالى وصلوا» ، وفي لفظ: «فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة» والركعتين عقب التطهر، لعموم قوله في حديث أبي هريرة «في ساعة من ليل أو نهار» متفق عليه. وفي حديث

باب صلاة الجماعة وأحكامها

جابر في صلاة الاستخارة: «إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة» الحديث رواه الجماعة إلا مسلمًا. 45- باب صلاة الجماعة وأحكامها س281: ما حكم صلاة الجماعة؟ واذكر الدليل على ما تقول. ج: واجبة وجوب عين للصلوات الخمس المؤداة حضرًا وسفرًا حتى في الخوف، لقوله تعالى: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ} فأمر الجماعة حال الخوف، ففي غيره أولى يؤكده قوله تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} . وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار» متفق عليه. وعن أبي هريرة: «أن رجلاً أعمى قال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته فرخص له، فلما ولي دعاه، فقال: «هل تسمع النداء؟» قال: نعم، قال: «فأجب» » رواه مسلم والنسائي. س282: ما هي الحكمة في مشروعية صلاة الجماعة؟ ج: شرع لهذه الأمة الاجتماع للعبادة في أوقات معلومة، فمنها ما هو في اليوم والليلة للمكتوبات، ومنها: ما هو في الأسبوع وهو صلاة الجمعة، ومنها ما هو في السنة متكرر وهو صلاة العيدين لجماعة كل بلد، ومنها: ما هو

س283: بين ما أقل الجماعة؟ واذكر الدليل على ما تذكر، وماذا يعمل مع تاركها؟

عام في السنة وهو الوقوف بعرفة، لأجل التواصل، والتوادد، والتعارف، والتآخي، وتعليم الجاهل بأحكامها من شروط وأركان، وواجبات وسنن. س283: بين ما أقل الجماعة؟ واذكر الدليل على ما تذكر، وماذا يعمل مع تاركها؟ ج: أقل الجماعة اثنان في غير جمعة وعيد، لما روى أبو موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الاثنان فما فوقهما جماعة» رواه ابن ماجه، وعن مالك بن الحويرث، قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وابن عم لي، فقال: «إذا سافرتما فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما» » رواه البخاري، ويقاتل تاركها، أي الجماعة، لحديث أبي هريرة المتفق عليه كالأذان، لكن الأذان إنما قاتل على تركه إذا تركه أهل البلد كلهم بخلاف الجماعة، فإنه يقاتل تاركها وإن أقامها غيره؛ لأن وجوبها على الأعيان بخلافه. س284: أين تفعل صلاة الجماعة؟ وكم تفضل الصلاة في جماعة على صلاة المنفرد؟ وما هو الدليل على ما تذكر؟ ج: تفعل في المسجد، لحديث زيد بن ثابت مرفوعًا: «صلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة» متفق عليه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لجار المسجد إلا بالمسجد» ، وقال ابن مسعود: «من سره أن يلقى الله غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادي بهن» الحديث رواه مسلم. وتفضل الصلاة في الجماعة على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة، لما ورد عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» متفق عليه. ولهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بخمس وعشرين جزءًا، وكذا للبخاري عن أبي سعيد، وقال: درجة.

س285: بين هل ينقص أجر من ترك الجماعة لعذر؟ واذكر الدليل على ذلك.

س285: بين هل ينقص أجر من ترك الجماعة لعذر؟ واذكر الدليل على ذلك. ج: ولا ينقص أجر المصلي منفردًا مع العذر، لما روى أحمد والبخاري وأبو داود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحًا مقيمًا» ، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ فأحس الوضوء، ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله عز وجل مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا» رواه أحمد وأبو داود، والنسائي. س286: ما هو الثغر؟ وما هو المستحب لأهله؟ التعدد أم الاجتماع في مسجد واحد؟ ج: الثغر: هو المكان المخوف من فروج البلدان، والأفضل لأهله الاجتماع بمسجد واحد؛ لأنه أعلى للكلمة وأوقع للهيبة، فإذا جاءهم خبر من عدوهم سمعه جميعهم وتشاوروا في أمرهم، وإن جاء عين للكفار رأى كثرتهم فأخبر بها، قال الأوزاعي: لو كان الأمر إلى لسمرت أبواب المسجد التي للثغور ليجتمع الناس في مسجد واحد. س287: ما الأفضل لغير أهل الثغر؟ اذكر ذلك مرتبًا مع ما تستحضره من دليل أو تعليل. ج: الأفضل لغيرهم في المسجد الذي لا تقام فيه الجماعة إلا بحضوره؛ لأنه يعمره بإقامة الجماعة فيه، ويحصلها لمن يصلي فيه، وذلك معدوم في غيره، أو تقام فيه الجماعة بدون حضوره لكن في قصده غيره كسر قلب إمامه أو جماعته فجبر قلوبهم أولى قاله جمع، منهم الموفق والشارح، ثم ما كان أكثر جماعة، ثم المسجد العتيق وأبعد أولى من أقرب؛ أما ما كان أكثر جماعة، فلما ورد عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر جماعة

س288: بين حكم الإمامة في مسجد له إمام راتب، وإذا تأخر فماذا يعمل؟

فهو أحب إلى الله تعالى» رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي؛ وأما المسجد العتيق، فلأن الطاعة فيه أسبق، والعبادة فيه أكثر، وأما الأبعد، فلما ورد عن أبي موسى قال: قال موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أعظم الناس في الصلاة أجرًا أبعدهم إليها مَمْشَى» رواه مسلم، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرًا» رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه. ولما أخرجه مسلم عن جابر قال: «خلت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: «إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب السجد؟» قالوا: نعم يا رسول الله، قد أردنا ذلك، فقال: «يا بني سلمة، دياركم تكتب آثاركم» » . وأهل الثغور المستحب اجتماعهم ... إذا لم يَضُرُ في مسجد متفرد وغيرهم الأولى له ما تعذرت ... إقامتها إلا بحضرته قد من بعد ذا ما كان أوفى جماعة ... فأقدم بنيانًا فأبعد مقصد س288: بين حكم الإمامة في مسجد له إمام راتب، وإذا تأخر فماذا يعمل؟ ج: يحرم أن يؤم في مسجد له إمام راتب، فلا تصح إمامة غيره قبله إلا مع إذنه أو مع تأخره وضيق الوقت، ويراسل راتب إن تأخر عن وقته المعتاد مع قرب محله وعدم المشقة ليحضر أو يأذن أو يعلم عذره، ولا يجوز أن يتقدم غيره قبل ذلك، فإن بعد محله أو قرب وفيه مشقة أو لم يظن حضوره أو ظن حضوره ولا يكره ذلك صلوا جماعة؛ لأنهم معذورون وقد أسقط حقه بالتأخر، ولأن تأخره عن وقته المعتاد يغلب على الظن وجود عذر له.

س289: بين ما تستحضره من دليل على ما تقدم؟

س289: بين ما تستحضره من دليل على ما تقدم؟ ج: ما ورد عن ابن مسعود عن عقبة بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم، أقرؤهم لكتاب الله؛ فإن كانوا في القراءة سوءا، فأعلمهم بالسُّنة؛ فإن كانوا في السُّنة سواء، فأقدمهم هجرة؛ فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سنًا، ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه» ، وفي لفظ: «لا يؤمن الرجل الرجل في أهله ولا سلطانه» . وفي لفظ: «سلما بدل سنا» روى الجميع أحمد ومسلم. والراتب بمنزله صاحب البيت، وهو أحق بالإمامة ممن سواه، وأما إن تأخر وضاق الوقت أو كان لا يكره ذلك فيصلون، لما ورد عن سهل ابن سعد: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة، فجاء المؤذن إلى أبي بكر، فقال: أتصلي بالناس فأقيم؟ قال: نعم، قال: فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة، فتخلص حق وقف في الصف، فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق التفت، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه، فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف، وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى ثم انصرف، فقال: «يا أبا بكر، ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟» فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ من نابه شيء في صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء» » متفق عليه. س290:ما حكم الشروع في النفل بعد إقامة الصلاة؟ وماذا يعمل من شرع

س291: ما الذي تدرك به الجماعة؟ وما الدليل على ذلك؟

في نافلة ثم أقيمت الصلاة؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل. ج: إذا أقيمت الصلاة لم يجز الشروع في نفل، لما ورد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» رواه مسلم؛ فإن شرع في نافلة بعد الشروع في الإقامة لم تنعقد، لما روى عن أبي هريرة «وكان عمر يضرب على كل صلاة بعد الإقامة، وإن أقيمت وهو فيها أتمها خفيفة، لقوله تعالى: {وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} » . س291: ما الذي تدرك به الجماعة؟ وما الدليل على ذلك؟ ج: تدرك بإدراك ركعة مع الإمام، لما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئًا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة» رواه أبو داود، وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة» أخرجاه. وعن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من صلاة الجمعة وغيرها فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته» رواه النسائي، وابن ماجه، والدارقطني، واللفظ له وإسناده صحيح لكن قوي أبو حاتم إرساله. س292: ما الذي تدرك به الركعة؟ وهل تجزى تكبيرة الإحرام عن تكبيرة الركوع؟ ج: تدرك بإدراك الركوع مع الإمام، لحديث أبي هريرة وتقدم قبل هذا السؤال، وعن أبي بكرة - رضي الله عنه - «أنه انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «زادك الله حرصًا ولا تعد» » رواه البخاري، وتجزئ تكبيرة الإحرام عن تكبيرة الركوع، لفعل زيد بن ثابت، وابن عمر، ولا يعرف

س293: ما الأولى لمن أدرك الإمام بعد الركوع؟ وماذا يلزم من قام قبل التسليمة الثانية؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل.

لهما مخالف من الصحابة؛ ولأنه اجتمع عبادتان من جنس واحد، فأجزأ الركن عن الواجب، وإتيانه بهما أفضل خروجًا من خلاف من أوجبه. والله أعلم. س293: ما الأولى لمن أدرك الإمام بعد الركوع؟ وماذا يلزم من قام قبل التسليمة الثانية؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل. ج: إذا أدركه بعد الركوع لم يكن مدركًا للركعة، وعليه متابعته قولاً وفعلاً، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئًا» الحديث وتقدم، وإن قام مسبوق قبل أن يسلم الإمام التسليمة الثانية بلا عذر يبيح المفارقة للإمام لزمه العود ليقوم بعدها؛ لأنها من جملة الركن، ولا تجوز المفارقة بلا عذر. س294: إذا أدرك في سجود السهو بعد السلام، فهل يدخل معه؟ وإذا فاتته الجماعة، فما المسنون في حقه؟ وضح ذلك. ج: إذا أدركه في سجود سهو بعد السلام لم يدخل معه؛ لأنه خرج من الصلاة ولم يعد إليها به، وإن فاتته الجماعة استحب له أن يصلي في جماعة أخرى؛ فإن لم يجد استحب لبعضهم أن يصلي معه، لحديث أبي سعيد: «أن رجلاً دخل المسجد وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يتصدق على ذا فيصلي معه؟» فقام رجل من القوم فصلى معه» رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي بمعناه. س295: هل تجب القراءة على المأموم إذا سمع قراءة الإمام؟ اذكر الدليل على ما تقول. ج: لا تجب القراءة على المأموم، لقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} قال أحمد: أجمع الناس على أن هذه الآية نزلت في الصلاة، ولما ورد عن أبي هريرة مرفوعًا: «إنما جعل

س296: متى تسن القراءة للمأموم؟ وما محل سكتات الإمام؟ وما دليلها؟

الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فانصتوا» رواه الخمسة إلا الترمذي، وصححه أحمد في رواية الأثرم، ومسلم بن الحجاج، وقال صلى الله عليه وسلم: «من كان له إمام فقراءته له قراءة» رواه أحمد في مسائل ابنه عبد الله، ورواه سعيد، والدراقطني مرسلاً، وعن أبي هريرة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: «هل قرأ معي أحد منكم آنفًا؟» فقال رجل: نعم يا رسول الله، قال: «فإني أقول ما لي أنازع القرآن؟» قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يجهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلوات بالقراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه أبو داود، والنسائي، والترمذي، وقال: حديث حسن، وحديث عبادة الصحيح محمول على غير المأموم، وكذلك حديث أبي هريرة، وقد جاء مصرحًا به عن جابر مرفوعًا: «كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج إلا وراء الإمام» رواه الخلال. س296: متى تسن القراءة للمأموم؟ وما محل سكتات الإمام؟ وما دليلها؟ ج: يستحب أن يقرأ في سكتات الإمام، وفيما لا يجهر فيه، وإذا لم يسمعه، ودليل السكتات حديث الحسن عن سمرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسكت سكتين: إذا استفتح، وإذا فرغ من القراءة كلها» ، وفي رواية: «سكتة إذا كبر، وسكتة إذا فرغ من قراءة {غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} » رواه أبو داود، ويقرأ فيما لا يجهز فيه متى شاء لقول جابر: «كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب» رواه ابن ماجه. قال في «المغني» : والاستحباب أن يقرأ في سكتات الإمام وفيما لا يجهر فيه. هذا قول أكثر أهل العلم. س297: هل يستفتح المأموم فيما يجهر فيه الإمام؟

س298: متى يشرع المأموم في أفعال الصلاة؟ وما حكم موافقة الإمام؟ وما حكم مسابقته؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل.

ج: أما في حال قراءة إمامه فلا يستفتح ولا يستعيذ؛ لأنه إذا سقطت القراءة عنه كيلا يشتغل عن استماع قراءة الإمام، فالاستفتاح أولى؛ ولأن قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا} يتناول كل ما يشغل عن الإنصات من الاستفتاح وغيره؛ ولأن الاستعاذة إنما شرعت من أجل القراءة، فإذا سقطت القراءة سقطت التبع. س298: متى يشرع المأموم في أفعال الصلاة؟ وما حكم موافقة الإمام؟ وما حكم مسابقته؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل. ج: يشرع في فعلها من غير تخلف بعد فراغ الإمام؛ فإن وافقه كره وتحرم مسابقته، لما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا رفع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع» الحديث، إذ الفاء للتعقيب، فلو سبق الإمام المأموم بالقراءة وركع تبعه الإمام ويقطع القراءة التي شرع بها ويركع عقبه؛ وأما الموافقة في أقوال الصلاة، كأن كبر للإحرام معه أو قبل إتمامه الإحرام، لم تنعقد صلاته، عمدًا كان أو سهوًا؛ لأن شرطها أن يأتي بها بعد إمامه وقد فاته؛ وأما الدليل على تحريم المسابقة، فهو ما ورد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود، ولا بالقيام ولا بالقعود، ولا بالانصراف» رواه أحمد ومسلم. وحديث أبي هريرة: «إنما جعل الإمام ليؤتم به» الحديث متفق عليه. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن حول الله رأسه رأس حمار أو يحول الله صورته حمار» رواه الجماعة. س299: بين حكم ما يلي: مأموم ركع أو سجد قبل إمامه، مأموم ركع ورفع قبل إمامه، مأموم ركع ورفع قبل ركوع ثم سجد قبل رفعه، وضح ذلك توضيحًا شافيًا.

س300: بين حكم تخلف المأموم عن الإمام بركن أو بركنين؟

ج: أما الأول: وهو من ركع أو سجد قبل إمامه، فهذا عليه أن يرجع ليأتي بما سبق به الإمام بعده لتحصل المتابعة الواجبة؛ فإن لم يفعل عمدًا حتى لحقه الإمام فيه بطلت صلاته، وإن كان سهوًا أو جهلاً فصلاته صحيحة ويعتد به، وأما من ركع ورفع قبل إمامه؛ فإن كان عالمًا عمدًا بطلت صلاته، لأنه سبقه بمعظم الركعة وإن كان جاهلاً أو ناسيًا وجوب التابعة بطلت الركعة التي وقع السبق فيها فقط، وأما من ركع ورفع قبل ركوعه ثم سجد قبل رفعه، فهذا تبطل صلاته؛ لأنه لم يعتد بإمامه في أكثر الركعة إلا الجاهل والناسي، فتصبح صلاتهما لللعذر، وتبطل تلك الركعة، ويصليها الجاهل والناسي قضاء. وإياك عن سبق الإمام فإنه ... مخالسة الشيطان عند التعبد سعى في التواني ثم لما عصيته ... تدارك سعيًا في فنون التفسد فاركن إن سابقته ثم لم تعد ... لجهد فإن أدركت فيه فأطل فإن أنت يومًا لم تعد مع تعمد ... وعلم بحكم بطلت في المجود وسبق بركن ثم يدرك في الذي ... يليه في الأولى مبطل مع تعمد وصحح لذي جهل وناس صلاته ... وفي الأظهر أبطل ركعة السبق واردد وسبقك بالركنين في العمد مبطل ... وفي غيره صحح وللركعة افسد وسبق بركن واحد ليس مبطلاً ... سوى بالركوع افهم على المذهب اهتد وإن تأممن خفف وتمم مراعيًا ... لحالة مأموم وأولاك زيد ولا تنتظره إن شق من كان داخلاً ... وإلا فلاستحبابه انصر وأيد س300: بين حكم تخلف المأموم عن الإمام بركن أو بركنين؟ ج: إذا تخلف مأموم عن إمامه بركن بلا عذر فكسبق به بلا عذر؛ فإن كان ركوعًا بطلت، وإلا فلا، وإن تخلف عنه بركن لعذر من نوم أو زحام ونحوه، فإن فعل الذي تخلف به ولحقه صحت ركعته ويلزمه ذلك حيث أمكنه استداركه من غير محذور، وإن لم يفعله ويلحقه بأن لم يتمكن منه

س301: اذكر شيئا مما يسن في حق الإمام مقرونا بالدليل؟

لغت الركعة التي تخلف عنه بركنا فيقضي بدلها، وإن تخلف عنه بلا عذر بركنين بطلت صلاته؛ لأنه ترك الائتمام لغير عذر، وإن كان تخلفه بركنين لعذر كنوم وسهو وزحام لم نبطل للعذر، ويلزمه أن يأتي به ويلحق إمامه مع أمن فوت الآتية فإن لم يأت بما تركه بتخلفه مع أمن فوت الركعة الآتية باشتغاله بما تخلف به بطلت صلاته وإلا بأن خاف فوت الآتية بأن أتى بما تخلف به لغت الركعة التي وقع فيها التخلف لفوات بعض أركانها والتي تليها عوضها فيبنى عليها ويتم إذا سلم إمامه. س301: اذكر شيئًا مما يسن في حق الإمام مقرونًا بالدليل؟ ج: يسن لإمام التخفيف مع الإتمام، وتطويل الركعة الأولى أكثر من الثانية إلا في صلاة خوف في الوجه الثاني أو بيسير كبـ (سبح والغاشية) ؛ أما دليل التخفيف مع الإتمام، فهو ما ورد عن أبو هريرة «إذا صلى أحدكم فليطول ما شاء» رواه الجماعة. وفي حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا معاذ، أفتان أنت؟ - أو قال: أفاتن أنت؟ - فلولا صليت بسبح اسم ربك، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى» متفق عليه. وأما دليل تطويل الركعة الأولى أكثر من الثانية، فتقدم في سنن الصلاة ي جواب سؤال سابق، ومما يسن للإمام أنه إذا عرض لبعض المأمومين عارض يقتضي خروجه من الصلاة أن يخفف كما إذا سمع بكاء الصبي ونحو ذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إني لأقوم في الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز فيها مخافة أن أشق على أمه» رواه أبو داود، ونكره للإمام سرعة تمنع المأموم ممن فعل ما يسن، وقال الشيخ تقي الدين: يلزمه مراعاة المأموم إن تضرر بالصلاة أول الوقت أو آخره ونحوه، وقال: ليس له أن يزيد على القدر المشروع وأنه ينبغي أن يفعل غالبًا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله غالبًا ويزيد وينقص للمصلحة كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يزيد وينقص أحيانًا، ويستحب للإمام انتظار داخل ما لم يشق

من الأحكام التي تتعلق بالمرأة

على مأموم، لحديث ابن أبي أوفى: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر حتى لا يسمع وقع قدم» رواه أحمد وأبو داود وثبت عنه صلى الله عليه وسلم الانتظار في صلاة الخوف لإدراك الجماعة. 46- من الأحكام التي تتعلق بالمرأة في خروجها إلى المسجد س302 [كذا في الأصل] : إذا استأذنت امرأة إلى المسجد ليلاً أو نهارًا أكره لزوج وسيد منعها إذا خرجت تفلة غير مزينة ولا مطيبة، لما ورد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات» رواه أحمد وأبو داود، وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا استأذنتكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن» رواه الجماعة إلا ابن ماجه، وفي لفظ: «لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلى المساجد وبيوتهن خير لهن» رواه أحمد وأبو داود. وله منعها من الخروج إلى المسجد إن خشي بخروجها إليه فتنة أو ضررًا، وكذا الأب مع ابنته إذا استأذنت في الخروج إلى المسجد كره له منعها إلا أن يخشى فتنة أو ضررًا، وله منعها من الانفراد عنه؛ لأنه لا يؤمن من دخول من يفسدها ويلحق العار بها وبأهلها. قال أحمد: والزوج أملك من الأب؛ فإن لم يكن أب فأولياؤها المحارم لقيامهم مقامه. س303: ما الدليل على أن الخروج للنساء إلى المساجد إنما يجوز إذا لم يصحب ذلك ما فيه فتنة؟ ج: ما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة أصابت بخورًا فلا تشهدن معنا العشاء الآخرة» رواه مسلم وأبو داود والنسائي، وعن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيبًا» رواه مسلم وتقدم حديث أبي هريرة في جواب السؤال الذي قبل هذا.

س304: بين أيهما أفضل للمرأة: الصلاة في المسجد أم في بيتها؟ واذكر الدلل على ما تقول والحكمة في ذلك.

س304: بين أيهما أفضل للمرأة: الصلاة في المسجد أم في بيتها؟ واذكر الدلل على ما تقول والحكمة في ذلك. ج: في بيتها أفضل، لقوله صلى الله عليه وسلم: «وبيوتهن خير لهن وليخرجن تفلات» رواه أحمد وأبو داود ظاهره حتى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «خير مساجد النساء قعر بيوتهن» رواه أحمد ووجه ذلك والله أعلم: لأمن الفتنة والرياء. ويكره منع الخود ما لم يخف أذى ... وفي بيتها أولى لها فلتقعد وإن خرجت في زينة أو تطيبت ... لتمنع وإن خفت الأذى امنع واشدد 47- فصل في الإمامة س305: بين من الأولى بالإمامة مع الدليل؟ واذكر ما تستحضره من خلاف. ج: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسُّنة، فإن كانوا في السُّنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلمًا، ثم الأسن، لما ورد عن أبي مسعود البدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله؛ فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسُّنة؛ فإن كانوا في السُّنة سواء فأقدمهم هجرة؛ فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلمًا -وفي رواية: «سنًا» -، ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه» رواه مسلم، وعن مالك بن الحويرث قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا وصاحب لي فلما أردنا الإقفال من عنده قال لنا: «إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما» رواه الجماعة، ثم الأشرف إلحاقًا للإمام الصغرى بالكبرى، ولحديث: «قدموا قريشًا ولا تقدموها» ، وحديث: «الأئمة

س306: بين حكم إمامة الفاسق ودليل الحكم، واذكر ما تستحضره من خلاف؟

من قريش» ثم الأتقى؛ لأنه أشرف في الدين وأفضل وأقرب إلى الإجابة، وقد جاء: «إذا أمَّ الرجل القوم وفيهم من هو خير منه لم يزالوا في سفال» ذكره الإمام أحمد في «رسالته» ، وقيل: إن الأتقى والأورع مقدم على الأشرف؛ لأن شرف الدين خير من شرف الدنيا، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ، وهذا القول عندي أنه أقوى دليلاً؛ لأن الإمامة كما لها في العلم والتقى، وفي حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا أئمتكم خياركم، فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم» رواه الدارقطني وأخرج الحاكم في ترجمة مرثد الغنوي عنه صلى الله عليه وسلم قال: «إن سركم أن تقبل صلاتكم، فليؤمكم خياركم، فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم» وصاحب البيت وإمام المسجد أحق إلا من ذي سلطان، لحديث: «لا يؤمن الرجل الرجل في بيته» رواه مسلم؛ وأما أن إمام المسجد أحق بالإمامة فيه، فلأن ابن عمر أتى أرضًا له وعندها مسجد يصلي فيه مولى له، فصلى معهم ابن عمر، فسألوه أن يؤمهم فأبى وقال: «صاحب المسجد أحق» رواه البيهقي بسند جيد، ولأن في تقديم غيره افتياتًا وكسرًا لقلبه، وقال أبو سعيد مولى أبي أسيد: «تزوجت وأنا مملوك فدعوت ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم أبو ذر، فقالوا: وراءك، فالتفت إلى أصحابه، فقال: أكذلك؟ قالوا: نعم، فقدموني» رواه صالح بإسناده في مسألة. س306: بين حكم إمامة الفاسق ودليل الحكم، واذكر ما تستحضره من خلاف؟ ج: قيل: إنها لا تصح إمامته إلا في جمعة وعيد تعذرًا خلف غيره، لقوله تعالى: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لاَّ يَسْتَوُونَ} وروى ابن ماجه مرفوعًا: «لا تؤمن امرأة رجلاً، ولا أعرابي مهاجرًا، ولا فاجر مؤمنًا إلا أن يقهر بسلطان يخاف سوطه أو سيفه» ، وعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوا أئمتكم خياركم؛ فإنهم وفدوا فيما بينكم

وبين ربكم» رواه الدارقطني؛ ولأن الفاسق لا يقبل خبره المعنى في دينه، ولأنه لا يؤمن على شرائط الصلاة، وأما صلاة الجمعة والعيد خلف الفاسق بلا إعادة إن تعذرت مع غيره، فلأنهما يختصمان بإمام واحد، فالمنع خلفه يؤدي إلى تقويتهما دون سائر الصلوات نعم لو أقيمتا في موضعين في أحدهما إمام عدل فعلهما وراءه. وفي «الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية» : ولا تصح خلف أهل الأهواء والبدع والفسقة، مع القدرة على الصلاة خلف غيرهم. انتهى. وقيل: تجوز الصلاة خلف الفاسق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا خلف من قال لا إله إلا الله، وعلى من قال لا إله إلا الله» ، وقال صلى الله عليه وسلم: «الصلاة المكتوبة واجبة خلف كل مسلم برًا كان أو فاجرًا، وإن عمل الكبائر» رواه أبو داود، وقال البخاري في «صحيحه» (باب إمامة المفتون والمبتدع) وقال الحسن: صل وعليه بدعته، ثم روى عن عبيد الله ابن عدي ابن خيار: «أنه دخل على عثمان بن عفان وهو محصور، فقال: إنك إمام عامة ونزل بك ما ترى ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج، فقال: الصلاة أحسن ما يعمل الناس فإذا أحسن الناس فأحسن معهم، وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم» ، وعن عبد الكريم البكاء قال: «أدركت عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يصلون خلف أئمة الجور» رواه البخاري في «تاريخه» ، وفي البخاري عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يصلون لكم فإن أصابوا فلكم وإن أخطئوا فلكم وعليهم» انتهى. وكان ابن عمر يصلي خلف الحجاج مع فسقه، وقد قيل: إنه قد أحصى الذين قتلهم من الصحابة والتابعين، فبلغوا مائة ألف وعشرين ألفًا، والحسن والحسين وغيرهما من الصحابة كانوا يصلون مع مروان، والذين كانوا في ولاية يزيد وابنه كانوا يصلون معهما، وصلوا وراء الوليد بن عقبة وقد شرب الخمر وصلى الصبح أربعًا. وروي عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة

س307: ما حكم إمامة الخنثى والمرأة؟ واذكر الدليل على ما تقول.

عن وقتها؟» قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: «صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة» رواه مسلم، وفي لفظ: «فإن صليت لوقتها كانت نافلة وإلا كنت قد أحرزت صلاتك» ، وفي لفظ: «فإن أدركت الصلاة معهم فصل ولا تقل إني قد صليت فلا أصلي» ، وفي لفظ: «فإنها زيادة خير» . وهذا فعل يقتضي فسقهم وقد أمره بالصلاة معهم، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة» عام فيتناول محل النزاع؛ ولأنه رجل تصح صلاته لنفسه فصح الائتمام به، وعندي أن هذا القول أرجح دليلاً والله أعلم. س307: ما حكم إمامة الخنثى والمرأة؟ واذكر الدليل على ما تقول. ج: أما للرجال فغير صحيحة، أما الخنثى فلاحتمال أن يكون امرأة، وأما المرأة، فللحديث المتقدم: «ولا تؤمن امرأة رجلاً» وأما للنساء فصحيحة، لما ورد عن أم ورقة ـ رضي الله عنها ـ «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تؤم أهل دارها» رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة. س308: ما حكم إمامة الصبي؟ وضح مع ذكر الدليل. ج: إمامته بمثله وللبالغ في نفل فصحيحة، وأما إمامته للبالغ في فرض، فقيل: إنها غير صحيحة. قال ابن مسعود: «لا يؤمن الغلام حتى تجب عليه الحدود» ، وقال ابن عباس: «لا يؤمن الغلام حتى يحتلم» رواهما الأثرم، ولم ينقل عن غيرهما من الصحابة خلافة، وقال صلى الله عليه وسلم: «لا تقدموا صبيانكم» ولأنها حال كمال والصبي ليس من أهلها أشبه المرأة بل آكد، لأنه نقص يمنع التكليف، وصحة الإقرار والإمام ضامن وليس هو من أهل الضمان؛ ولأنه لا يؤمن منه الإخلال بالقراءة حال السر، وقيل: إنها صحيحة إمامته للبالغ في فرض، لما ورد عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه

س309: بين حكم ما إذا صلى الإمام وهو محدث، أو عليه نجاسة، واذكر الدليل.

قال: قال أبي جئتكم من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقًا، فقال: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنًا، قال: فنظروا فلم يكن أحد أكثر مني قرآنًا فقدموني وأنا ابن ست أو سبع سنين» رواه البخاري وأبو داود، وعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله؛ فإن كان في القراءة سواء، فأعلهم بالسُّنة» الحديث وتقدم، فهو يتناول الصغير؛ ولأنه يؤذن للرجال فجاز أن يؤمهم كالبالغ، وهذا عنيد أنه أرجح لقوة الدليل. والله أعلم. س309: بين حكم ما إذا صلى الإمام وهو محدث، أو عليه نجاسة، واذكر الدليل. ج: إذا صلى الإمام وهو محدث أو عليه نجاسة ولم يعلم إلا بعد فراغ الصلاة لم يعد من خلفه ويعيد الإمام، لما روى البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صلى الجنب بالقوم أعاد صلاته وتمت للقوم صلاتهم» رواه محمد بن الحسين الحراني، ولما روى «أن عمر صلى بالناس الصبح ثم خرج إلى الجرف فأهراق الماء، فوجد في ثوبه احتلامًا فأعاد الصلاة ولم يعد الناس» ، وروى مثل ذلك عن عثمان وابن عمر، وعن علي قال: «إذا صلى الجنب بالقوم فأتم بهم الصلاة آمره أن يغتسل ويعيد، ولا أمرهم أن يعيدوا» رواهما الأثرم، وهذا في محل الشهرة ولم ينكر فكان إجماعه؛ ولأن الحدث مما يخفي ولا سبيل إلى المعرفة من الإمام للمأموم فكان معذورًا في الاقتداء به. س310: ما صفة صلاة المأمومين خلف إمام الحي المرجو زوال علته؟ ج: إمام الحي هو إمام كل مسجد راتب ويصلون وراءه جلوسًا ندبًا، وإن ابتدأ بهم قائمًا ثم اعتل فجلس أتموا خلفه قيامًا، لما ورد عن عائشة قالت: «لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال: «مروا أبا بكر أن يصلي بالناس» ، فصلى أبو بكر تلك الأيام ثم إن النبي

س311: بين حكم ائتمام المفترض بالمتنفل واذكر الدليل على ما تقول؟

صلى الله عليه وسلم وجد في نفسه خفة، فقام يهادي بين رجلين ورجلاه في الأرض حتى دخل المسجد فلما سمع أبو بكر حسه ذهب يتأخر، فأومأ إليه رسول صلى الله عليه وسلم أن لا يتأخر فجاء حتى جلس عن يسار أبي بكر، وكان أبو بكر يصلي قائمًا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعدًا يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر» متفق عليه. وفي رواية لهما يسمع أبو بكر الناس التكبير فأتموا قيامًا لابتدائهم قيامًا؛ وأما الدليل على استحباب صلاتهم خلفه جلوسًا، فهو ما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون» متفق عليه. وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته وهو شاك فصلى جالسًا وصلى وراءه قوم قيامًا فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما انصرف، قال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعون» » وروى أنس نحوه أخرجهما البخاري ومسلم. س311: بين حكم ائتمام المفترض بالمتنفل واذكر الدليل على ما تقول؟ ج: قيل: إنه لا يصح ائتمام المفترض بالمتنفل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه» وكون صلاة المأموم غير صلاة الإمام اختلاف عليه، والقول الثاني: وهو الأرجع عندي، لما أراه من قوة الدليل أنه يصح لما ورد عن جابر «أن معاذًا كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم عشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة» متفق عليه، ورواه الشافعي والدارقطني، وزاد هي له تطوع وهم

س312: ما حكم ائتمام المتنفل بالمفترض؟ والمتوضئ بالمتيمم؟

مكتوبة، «وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بطائفة من أصحابه في صلاة الخوف ركعتين، ثم صلى بالطائفة الأخرى ركعتين ثم سلم» رواه أبو داود والأثرم، والثانية منهما تقع نافلة وقد أم بها مفترضين، وروي عن أبي خلدة قال: «أتينا أبا رجاء لنصلي معه الأولى فوجدناه قد صلى، فقلنا: جئناك لنصلي معك، فقال: قد صلينا؛ ولكن لا أخيبكم، فقام فصلى وصلينا معه» رواه الأثرم. ومنها ما رواه الإسماعيلي عن عائشة «أنه صلى الله عليه وسلم كان يعود المسجد فيؤم بأهله» ، وعن عمرو بن سلمة - رضي الله عنه - قال: «قال أبي: جئتكم من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقًا، فقال: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنًا» ، قال: فنظروا فلم يكن أحد أكثر مني قرآنًا فقدموني وأنا ابن ست أو سبع سنين» رواه البخاري والنسائي. قال في «الاختيارات الفقهية» : ويصح ائتمام مفترض بمتنفل وهو إحدى الروايتين عن أحمد وهو مذهب الشافعي. اهـ. قال الشيخ سليمان بن سحمان الناظم لبعض اختيارات شيخ الإسلام: وقال أبو العباس ذلك جائز ... لفعل معاذ مع صحابة أحمد يصلي بهم فرض وهم ذو فريضة ... وقد كان صلى الفرض خلف محمد كذا من يصلي الظهر يأثم بالذي ... يصلي صلاة الغير غير مفند س312: ما حكم ائتمام المتنفل بالمفترض؟ والمتوضئ بالمتيمم؟ ج: يصح، لما ورد عن يزيد بن الأسود «أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا هو برجلين لم يصليا، فدعا بهما فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال لهما: «ما منعكما أن تصليا معنا؟» قالا: قد صلينا في رحالنا، قال: «فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما، ثم أدركتما الإمام ولم يصل فصليا معه فإنها لكما نافلة» » رواه أحمد، واللفظ له

س313: بين حكم إمامة من يلي: الأقلف، ولد الزنا، الجندي، الخصي، المنفي بلعان، اللقيط. واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل.

والثلاثة، وصححه ابن حبان والترمذي؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث محجن بن الأدرع «فإذا جئت فصل معهم واجعلها نافلة» رواه أحمد وأبو داود. وفي حديث أبي سعيد: «من يتصدق على ذا فيصلي معه» رواه أحمد وأبو داود، ومنها: «أمره صلى الله عليه وسلم لمن أدرك الأئمة الذين يأتون بعده ويؤخرون الصلاة عن ميقاتها أن يصلوها في بيوتهم في الوقت ثم يجعلوها معهم نافلة» . وأما ائتمام المتوضئ بالمُتيمم فيصح، لما ورد من أن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - صلى بأصحابه في غزوات ذات السلاسل بالتيمم، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فلم ينكر عليه، وتقدم هذا الحديث في جواب سؤال سابق. وأمَّ ابن عباس أصحابه متيمًا وفيهم عمار بن ياسر في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم ينكروه؛ ولأنه متطهر طهارة صحية فأبه المتوضئ. س313: بين حكم إمامة من يلي: الأقلف، ولد الزنا، الجندي، الخصي، المنفي بلعان، اللقيط. واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل. ج: تصح إمامتهم إذا سلم دينهم، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله» الحديث. وتقدم في جواب سؤال سابق، وقالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ في ولد الزنا: «ليس عليه من وزر أبويه شيء» قال الله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ، وقال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ولأن كلا منهم حر مرضي في دينه ويصلح لها كغيره. وصلى التابعون خلف ابن زياد وهو ممن في نسبته نظر. قال الناظم –رحمه الله-: ولا بأس في نجل الزنا ومجند ... إذا أحرز اشترط الإمام المجود

س314: ما صفة ائتمام من يقضي الصلاة بمؤديها؟ وما صفة عكسها؟ وما حكم إمامة الرجل لقوم فيهم من يكرهه؟ وضح ذلك.

س314: ما صفة ائتمام من يقضي الصلاة بمؤديها؟ وما صفة عكسها؟ وما حكم إمامة الرجل لقوم فيهم من يكرهه؟ وضح ذلك. ج: الأولى: صفتها كأن يصلي شخص الظهر قضاء خلف إمام يصليها أداء والعكس ائتمام مؤدى الصلاة بقاضيها كأن يصلي الظهر أداء خلف إمام يصليها قضاء، والحكمة ي الصورتين صحيحة؛ لأن الصلاة واحدة، وإنما اختلف الوقت، ويكره أن يؤمَّ قومًا أكثرهم له كارهون، لما روى أبو أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا تقبل منهم صلاة: من تقدم قومًا وهم له كارهون» الحديث رواه أبو داود، وقال علي لرجل أو قومًا وهم له كارهون: إنك لخروط. قال أحمد –رحمه الله-: إذا كرهه واحد أو اثنان أو ثلاثة فلا بأس حتى يكرهه أكثر القوم، وإن كان ذا دين وسنة فكرهه القوم لذلك لم يكره إمامتهم. قال منصور: أما إنا سألنا أمر الإمامة، فقيل لنا: إنما عني بهذا الظلمة، فأما من أقام السُّنة، فإنما الإثم على من كرهه. قال القاضي: والمستحب، أن لا يؤمهم صيانة لنفسه وإن استوى الفريقان، فالأولى أن لا يؤمهم أراد بذلك الاختلاف. س315: ما حكم إمامة الرجل للنساء؟ ج: يكره أن يؤم أجنبية فأكثر لا رجل معهن، لما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم» أخرجه البخاري، ولما فيه من مخالطة الوسواس، ولا بأس بأن يؤم بذوات محارمه أو أجنبيات معهن رجل فأكثر؛ لأن النساء كن يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة. س316: ما حكم الصلاة خلف من يصلي بأجرة؟

فصل في موقف الإمام والمأمومين على اختلاف أنواعهم

ج: من صلى بأجرة لم يصلي خلفه، قال أبو داود: سُئل أحمد عن إمام يقول: لا أصلي بكم رمضان إلا بكذا وكذا، فقال: أسأل الله العافية، ومن يصلي خلف هذا؟ فإن دفع إليه شيء بغير شرط، فلا بأس، وكذا لو يُعطى من بيت المال أو من وقف. 48- فصل في موقف الإمام والمأمومين على اختلاف أنواعهم س317: ما الموقف المستحب للإمام والمأمومين؟ ج: يسن وقوف إمام متقدمًا ووقوف المأمومين إذا كانوا اثنين فأكثر خلف الإمام، ووقوف المرأة الواحدة خلف الرجل، وامرأة أمت نساء فوسطًا؛ أما دليل الأول «فلأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة تقدم وقام أصحابه خلفه» ، وعن جابر بن عبد الله قال: «قام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب، فجئت فقمت عن يساره، فنهاني فجعلني عن يمينه، ثم جاء صاحب لي فصفنا خلفه، فصلى بنا في ثوب واحد مخالفًا بين طرفيه» رواه أحمد. وفي رواية: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي فجئت فقمت عن يساره، فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر، فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بأيدينا جميعًا فدفعنا حتى أقامنا خلفه» رواه مسلم وأبو داود. وعن سمرة قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا ثلاثة أن يتقدم أحدنا» رواه الترمذي، وعن ابن عباس قال: «صليت إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة معنا تصلي خلفنا وأنا إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم أصلي معه» رواه أحمد والنسائي، وعن أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى به وبأمه أو خالته، قال: فأقامني عن يمينه، وأقام المرأة خلفنا» رواه مسلم وأبو داود. وأما الدليل على أن المرأة إذا أمت النساء أنها تقف وسطًا بينهن:

س318: بين الموقف فيما إذا أم رجلا وصبيا أو رجلا وامرأة؟

روي عن عائشة ورواه سعيد عن أم سلمة، ولأنه يستحب لها الستر وهذا أستر لها. والله أعلم. س318: بين الموقف فيما إذا أم رجلاً وصبيًّا أو رجلاً وامرأة؟ ج: يسن وقوف رجل يمينًا لكماله وصبي شمالاً، ولو أم رجلاً وامرأة فرجل يقف يمينًا وتقف امرأة خلفًا، لحديث مسلم عن أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى به وبأمه فأقامني عن يمينه وأقام المرأة خلفه» . س319: ما هو الموقف الجائز؟ وما الدليل عليه؟ ج: الجائز وقوف المأمومين جانبي الإمام أو عن يمينه، ووقوف المرأة عن يمين الرجل، لما ورد عن الأسود، قال: «دخلت أنا وعمي علقمة على ابن مسعود بالهاجرة، قال: فأقام الظهر ليصلي، فقمنا خلفه، فأخذ بيدي ويد عمي ثم جعل أحدنا عن يمينه والآخر عن يساره، فصفنا صفًا واحدًا قال: ثم قال: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع إذا كانوا ثلاثة» رواه أحمد، ولأبي داود والنسائي معناه، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وسطوا الإمام وسدوا الخلل» رواه أبو داود. س320: بين ما هو الموقف الواجب وما دليله؟ واذكر ما تستحضره من خلاف؟ ج: وقوف الرجل الواحد عن يمينه، لما روى ابن عباس قال: «بت عند خالتي ميمونة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فقمت عن يساره، فأخذ بيدي من وراء ظهره، فعدلني كذلك من وراء ظهره إلى الشق الأيمن» متفق عليه، وعن جابر قال: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي، فجئتُ حتى قمتُ عن يساره، فأخذ بيدي فأدراني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر، فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بأيدينا جميعًا

س321: ما هو الموقف الممنوع؟ وما هو الدليل عليه؟

فدفعنا حتى أقامنا خلفه» رواه مسلم، فمن وقف عن يساره مع خلو يمينه وصلى ركعة كاملة بطلت صلاته، وقيل: تصح، اختاره أبو محمد التميمي، وللوفق. وقال في الفروع وهو أظهر، وفي الشرح وهي القياس، كما لو كان عن يمينه، وكون النبي صلى الله عليه وسلم رد جابرًا وابن عباس لا يدل على عدم الصحة بدليل رد جابر وجبار إلى ورائه مع صحة صلاتهما عن جانبيه. وهذا القول فيما يظهر أنه أرجح فيكون الوقوف عن يمينه سُّنة مؤكدة لا واجب تبطل بتركه الصلاة. س321: ما هو الموقف الممنوع؟ وما هو الدليل عليه؟ ج: وقوف الرجل الواحد خلف الإمام، أو خلف الصف أو قدام الإمام عن علي بن شيبان «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف فوقف حتى انصرف الرجل، فقال: «استقبل صلاتك فلا صلاة لمنفرد خلف الصف» » رواه أحمد وابن ماجه، وعن وابصة بن معيد «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد صلاته» رواه الخمسة إلا النسائي. وفي رواية، قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل خلف الصفوف وحده، فقال: «يعيد الصلاة» رواه أحمد. والقول الثاني: صحة صلاة الرجل الواحد خلف الصف لعذر، قال الشيخ تقي الدين: وتصح صلاة الفذ لعذر. اهـ. وعندي أن هذا القول أرجح؛ لأن جميع واجبات الصلاة تسقط بالعجز فالمصافة إذا قلنا إنها واجبة فليست بأوجب من كثير من أركان الصلاة وشروطها ومع ذلك فكل من عجز عن شرط غير النية أو عن ركن؛ فإن صلاته صحيحة إذا أتى بما يقدر عليه؛ لأنه اتقى الله ما استطاع. والله أعلم. س322: بين حكم تقدم المأموم على إمامه مع ذكر ما تستحضره من خلاف؟ ج: إذا تقدم عليه فصلاته غير صحيحة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إنما

س323: ما الذي يعلم به تقدم المأموم على إمامه؟ وإذا وجد المأموم الصف تاما فماذا يعمل؟ وإذا بطلت صلاة أحد اثنين صفا بأن لم يكن معهما غيرهما فماذا يعمل الآخر أي الذي لم تبطل صلاته؟

جعل الإمام ليؤتم به» ولأنه لم يُنقل عنه صلى الله عليه وسلم ولا هو في معنى المنقول، فلا يصح، ولأنه يحتاج في اقتدائه به الالتفات في صلاته فيستدبر القبلة عمدًا وإلا لأدى إلى مخالفته في أفعاله وكلاهما يبطل الصلاة، وقيل: تصح في الجمعة والعيد والجنازة لعذر، واختاره الشيخ تقي الدين، وتصح الصلاة فيما إذا تقابلا أي الإمام والمأموم داخل الكعبة، وكذا تصح إذا تدابروا داخل الكعبة، فيصح الاقتداء، لأنه لا يتحقق تقدمه عليه، ولا تصح إن جعل ظهره إلى وجه إمامه لتحقق التقدم، وكذا تصح إذا استدار الصف حول الكعبة والإمام عن الكعبة أبعد من المأموم الذي هو في غير جهته بأن كانوا في الجهة التي عن يمينه أو شماله أو مقابله، وأما الذين في جهته التي يصلي إليها فمتى تقدموا عليه لم تصح لهم لتحقق التقدم عليه، وكذا في شدة الخوف فلا يضر تقدم المأموم للعذر، ويصح الاقتداء إن أمكنت متابعته لإمامه. س323: ما الذي يعلم به تقدم المأموم على إمامه؟ وإذا وجد المأموم الصف تامًا فماذا يعمل؟ وإذا بطلت صلاة أحد اثنين صفًا بأن لم يكن معهما غيرهما فماذا يعمل الآخر أي الذي لم تبطل صلاته؟ ج: الاعتبار في التقدم والتأخر في حال القيام بمؤخر قدم وهو العقب، ولا يضر تقدم أصابع لطول قدمه، ولا تقدم رأسه في السجود لطوله؛ فإن صلى قاعدًا فالاعتبار بالإلية، لأنها محل القعود، وإذا وجد المأموم الصف تامًا؛ فإن وجد خللاً في الصف دخل فيه، أو وجه غير مرصوص كذلك، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون في الصف» ؛ فإن لم يجد في الصف موضعًا يقف فيه وقف عن يمين الإمام إن أمكنه؛ فإن لم يمكنه فله أن ينبه من يقوم معه بنحنحة أو إشارة، وإن بطلت صلاة أحد اثنين صفًا تقدم الذي لم تبطل صلاته إلى يمين الإمام أو إلى الصف أو جاء معه آخر فوقف يصلي معه صحت صلاتهما؛ وإن لم يتقدم ولم يأت من يقف معه نوى

س324: من المقدم من المأمومين إذا كانوا أنواعا؟

المفارقة للعذر، وتقدم الكلام على وقوف الرجل الواحد خلف الإمام أو خلف الصف في جواب سؤال سابق. وفي الصف فادخل إن تأتي بلا أذى ... وإلا فقم من عن يمين المقلد فإن لم يؤاتي نبهن مصاففا ... بلا جذبه واكره به في الموطد س324: من المقدم من المأمومين إذا كانوا أنواعًا؟ ج: إذا اجتمع أنواع يقدم الرجال، ثم الصبيان، ثم الخناثى، ثم النساء، وكذلك يفعل في تقديمهم إلى الإمام إذا اجتمعت جنائزهم. وخلف الإمام اصفف رجالاً فصبية ... تليهم خناثى فالنسا مع تعدد كذلك فاحكم في الصلاة عليها ... وفي دفنهم للقبلة ابدأ بمبتدى وأما الدليل على تقديم الرجال، فقوله صلى الله عليه وسلم: «ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى» رواه مسلم. ويقدم الأفضل فالأفضل؛ وأمَّا الصبيان، فلأنه صلى الله عليه وسلم «صلى فصف الرجال، ثم صف خلفهم الغلمان» رواه أبو داود. وأما الخناثى فلأنه يحتمل أن يكونوا رجالاً، وأما النساء، فلما ورد عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنه كان يسوي بين الأربع ركعات في القراءة والقيام، ويجعل الركعة الأولى هي أطولهن لكي يتوب الناس، ويجعل الرجال قدام الغلمان، والغلمان خلفهم، والنساء خلف الغلمان» رواه أحمد، ولقوله: «أخروهن من حيث أخرهن الله» . وعن أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى به وبأمه أو خالفه قال: فأقامني عن يمينه وأقام المرأة خلفنا» رواه مسلم.

س325: بين حكم وقوف المرأة في صف الرجال، وحكم صلاة من يليها أو خلفها، وحكم صلاتها، وإذا أم رجل رجلا وصبيا فأين موقف الرجل والصبي؟

س325: بين حكم وقوف المرأة في صف الرجال، وحكم صلاة من يليها أو خلفها، وحكم صلاتها، وإذا أم رجل رجلاً وصبيًا فأين موقف الرجل والصبي؟ ج: يكره لها الوقوف في صف الرجال، لما تقدم من أمره صلى الله عليه وسلم بتأخيرهن؛ فإن وقفت في صف الرجال لم تبطل صلاة من يليها ولا من خلفها ولا صلاة من أمامها ولا صلاتها، كما لو وقفت في غير صلاة، والأمر بتأخيرهن لا يقتضي الفساد مع عدمه، وإن أم رجل رجلاً وصبيًا استحب أن يقف الرجل عن يمينه لكمال الرجل، والصبي عن يساره أو أم رجلاً وامرأة وقف الرجل عن يمينه والمرأة خلفه، لحديث أنس المتقدم قريبًا في الجواب الذي قبل هذا السؤال. س326: بين حكم صلاة من وقف معه من يعلم عدم صحة صلاته، أو يعلم أنه محدث أو نجس لا يعلم منه ذلك. ج: إذا وقف معه من يعلم عدم صحة صلاته فهو منفرد، وإن وقف معه محدث أو نجس لا يعلم منه ذلك، فالاصطفاف صحيح، وإن وقف معه صبي في فرض وهو رجل لم يصح على المذهب، وعلى القول الثاني أنه يصح. قال في «المغني» : فإن كان أحد المأمومين صبيًا وكانت الصلاة تطوعًا جعلهما خلفه لخبر أنس وإن كانت فرضًا جعل الرجل عن يمينه والغلام عن يساره، كما جاء في حديث ابن مسعود: «وإن جعلهما جميعًا عن يمينه جاز وإن وقفا خلفه» ، فقال بعض أصحابنا: لا تصح، لأنه لا يؤمه فلم يصافه كالمرأة ويحتمل أن تصح؛ لأنه بمنزلة المتنفل، والمتنفل يصح أن يصاف المفترض كذا هنا. والله أعلم. 49- فصل في أحكام الاقتداء س327: ما الذي يشترط لاقتداء المأموم الإمام؟ واذكر ما تستحضره من خلاف.

س328: ما حكم إتمام الصفوف ورصها وسد خللها؟ وما دليل الحكم؟

ج: يصح اقتداء المأموم بالإمام في المسجد وإن لم يره ولا من وراءه إذا سمع التكبير، وكذا خارجه إن رأى الإمام أو المأمومين؛ فإن كان بين الإمام والمأموم حائل يمنع رؤية الإمام أو من وراءه، فقال ابن حامد: فيه روايتان: أحدهما: لا يصح الإتمام به اختاره القاضي؛ لأن عائشة قالت لنساء كُنَّ يُصلين في حجرتها: لا تصلين بصلاة الإمام فإنكن دونه في حجاب، ولأنه لا يمكن الاقتداء في الغالب. والرواية الثانية: يصح، قال أحمد في رجل يصلي خارج المسجد يوم الجمعة وأبواب المسجد مغلقة: أرجو أن لا يكون به بأس، وسُئل عن رجل يصلي يوم الجمعة وبينه وبين الإمام سترة قال: إذا لم يقدر على غير ذلك، وقال في المنبر: إذا قطع الصف لا يضر، ولأنه أمكنه الاقتداء بالإمام فيصح اقتداؤه به من غير مشاهدة كالأعمى؛ ولأن المشاهدة تراد للعلم بحال الإمام، والعلم استماع التكبير، فجرى مجرى الرؤية، ولا فرق بين أن يكون المأموم في المسجد أو في غيره. والله أعلم. س328: ما حكم إتمام الصفوف ورصها وسد خللها؟ وما دليل الحكم؟ ج: مستحب، لما ورد عن جابر بن سمرة ـ رضي الله عنهما ـ قال: «خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟» فقلنا: يا رسول الله، وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: «يتمون الصفوف الأول ويتراصون في الصف» » رواه مسلم. وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة» ، وعن أنس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل علينا بوجهه قبل أن يكبر، فيقول: «تراصوا واعتدلوا» » متفق عليهما، وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتموا الصف الأول ثم الذي يليه؛ فإن كان نقص فليكن في الصف المؤخر» رواه أحمد وأبو داود والنسائي.

س329: ما الذي تحصل به تسوية الصفوف؟ وما الدليل على ذلك؟

س329: ما الذي تحصل به تسوية الصفوف؟ وما الدليل على ذلك؟ ج: تحصل بالمناكب، والصدور، والأعناق، والأكعب، لما ورد عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا ويقول: «لا تختلفوا تختلف قلوبكم» ، وكان يقول: «إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول» » رواه أبو داود بإسناد حسن. وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أقيموا الصفوف، وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم، ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصف صفًا وصله الله، ومن قطع صفًا قطعه الله» رواه أبو داود بإسناد صحيح. وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رصوا صفوفكم وقاربوا بينهما وحاذوا بالأعناق فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنها الحذف» حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم. س330: ما حكم تسوية الصفوف؟ وما الدليل على ذلك؟ وما الدليل على استحباب الميامن؟ ج: تسوية الصفوف مستحبة، لما ورد عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سووا صفوفكم؛ فإن تسوية الصف من تمام الصلاة» متفق عليه. وفي رواية للبخاري: «فإن تسوية الصف من إقامة الصلاة» . وأما الدليل على أفضلية ميامن الصفوف، فهو ما ورد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف» رواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم.

س331: بين حكم علو الإمام عن المأموم، وعلو المأموم عن الإمام، واذكر دليل كل منهما، وما حكم اتخاذ المحراب؟ وما حكم الصلاة فيه؟

وفيه رجل مختلف في توثيقه، وعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: «كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه يقبل علينا بوجهه، فسمعته يقول: «رب قني عذابك يوم تبعث عبادك» » رواه مسلم. وروى ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: «قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن ميسرة المسجدة قد تعطلت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمر ميسرة المسجد كُتب له كفلان من الأجر» » رواه ابن خزيمة وغيره. س331: بين حكم علو الإمام عن المأموم، وعلو المأموم عن الإمام، واذكر دليل كل منهما، وما حكم اتخاذ المحراب؟ وما حكم الصلاة فيه؟ ج: يكره علو إمام عن مأموم؛ لأن عمار بن ياسر كان بالمدائن فأقيمت الصلاة، فتقدم عمار فقام على دكان والناس أسفل منه فتقدم حذيفة فأخذ بيده فأتبعه عمار حتى أنزله حذيفة، فلما فرغ من صلاته قال له حذيفة: ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في مكان أرفع من مقامهم؟» فقال عمار: فلذلك ابتعتك حين أخذت على يدي. رواه أبو داود. ولا بأس باليسر؛ «لأنه صلى الله عليه وسلم صلى على المنبر ونزل القهقري فسجد في أصل المنبر ثم عاد» الحديث متفق عليه. وأما علو المأموم عن الإمام فلا بأس ولو كان علوه كثيرًا. روى الشافعي عن أبي هريرة «أنه صلى على ظهر المسجد بصلاة الإمام» رواه سعيد عن أنس؛ ولأنه يمكنه الاقتداء أشبه المتساويين، ويباح اتخاذ المحراب نصًا، وقيل: يستحب أومأ إليه أحمد، ويكره للإمام الصلاة فيه إذا كان يمنع المأموم مشاهدته، روي عن ابن مسعود وغيره؛ لأنه يستر عن بعض المأمومين أشبه ما لو كان بينه وبينهم حجاب إلا من حاجة كضيق مسجد، وكثرة الجمع، فلا يكره لدعاء الحاجة.

س332: اذكر شيئا مما يكره في حق الإمام والمأموم مقرونا بالدليل.

س332: اذكر شيئًا مما يكره في حق الإمام والمأموم مقرونًا بالدليل. ج: يكره تطوع الإمام بعد صلاة مكتوبة موضعها، لحديث المغيرة بن شعبة مرفوعًا: «لا يصلين الإمام في مقامه الذي صلى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه» رواه أبو داود؛ ولأن في تحوله إعلامًا بأنه صلى فلا ينتظر، ويكره مكث الإمام كثيرًا بعد المكتوبة مستقبل القبلة، وليس ثم نساء، لحديث عائشة -رضي الله عنها-: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام» رواه مسلم. ويستحب للمأموم أن لا ينصرف قبله للخبر إن لم يطل لبثه؛ فإن كان ثم نساء لبث هو والرجال قليلاً لينصرفن «لأنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يفعلون ذلك، قال الزهري: فنرى -والله أعلم- لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال» رواه البخاري من حديث أم سلمة؛ ولأن الإخلال بذلك يفضي إلى اختلاط الرجال بالنساء. ويكره للمأمومين الوقوف بين السواري إذا قطعت صفوفهم عرفًا. رواه البيهقي عن ابن مسعود، وعن معاوية بن قرة عن أبيه قال: «كنا ننهي أن نصف بين السواري على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطرد عنها طردًا» رواه ابن ماجه وفيه لين. وقال أنس: «كنا نتقي هذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم» رواه أحمد وأبو داود، وإسناده ثقات؛ فإن كان ثم حاجة كضيق المسجد وكثرة الجماعة لم يكره. س333: ما حكم حضور المسجد لآكل بصل أو فجل أو نحوه؟ وما دليل الحكم؟ ج: يكره حضور المسجد لمن أكل ثومًا، أو بصلاً، أو فجلاً ونحوه حتى يذهب ريحه ولو خلا المسجد من آدمي لتأذي الملائكة؛ لحديث جابر أن

فصل في الأعذار المبيحة لترك الجمعة والجماعة

النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أكل الثوم، والبصل، والكرات، فلا يقربن مسجدنا؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم» متفق عليه، قال العلماء: وكذا جزار له رائحة منتنة، ومن له صنان، وكذا من به برص أو جذام يتأذى به قياسًا على أكل الثوم ونحوه بجامع الأذى. قال الناظم -رحمه الله تعالى-: ومن أكل المستخبث العرف فاكرهن ... له أن يصلي في جماعة مسجد 50- فصل في الأعذار المبيحة لترك الجمعة والجماعة س334: ما هي الأعذار المسوغة لترك الجمعة والجماعة؟ ج: يعذر بترك جمعة وجماعة مريض، وخائف حدوث مرض ليسا بالمسجد، ومن يدافع أحد الأخبثين، أو بحضرة طعام هو محتاج إليه وله الشبع، ويعذر بترك الجمعة والجماعة من له ضائع يرجوه، أو يخاف ضياع ماله، أو يخاف فواته، أو يخاف ضررًا فيه أو يخاف ضررًا في معيشته يحتاجها، أو يخاف ضررًا في مال استؤجر لحفظن أو يخاف بحضور جمعة أو جماعة فوت قريبه، أو موت رفيقه، أو كان يتولى تمريضهما وليس من يقوم مقامه أو يخاف على نفسه من ضرر نحو لص، أو سلطان، أو من ملازمة غريم له ولا شيء معه، أو يخاف فوت رفقة بسفر أو غلبة نعاس يخاف به فوتها في الوقت إذا انتظر الجماعة، أو يخاف به فوتها مع الإمام، أو يخاف أذى بمطر ووحل، وثلج، وجليد، وريح باردة بليلة مظلمة، أو يخاف أذى بتطويل إمام، أو كان عليه قود يرجو العفو منه ولو على مال، وكذا عريان لم يجد سترة أو لم يجد غير ما يستر عورته في غير حاجة عراة ومن هو ممنوع من فعلها كالمحبوس والزلزلة.

س335: ما هي الأدلة الدالة على أن هذه الأعذار مسقطة للجمعة والجماعة؟

س335: ما هي الأدلة الدالة على أن هذه الأعذار مسقطة للجمعة والجماعة؟ ج: أما المرض فلأنه صلى الله عليه وسلم لما مرض تخلف عن المسجد وقال: «مُروا أبا بكر فليصل بالناس» متفق عليه. وأما الخائف حدوث مرض فلأنه في معنى المريض. وأما من بحضرة طعام محتاج إليه, ومن يدافع أحد الأخبثين؛ فلما ورد عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه وإن أقيمت الصلاة» رواه البخاري. وعن عائشة قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافع الأخبثين» رواه أحمد ومسلم وأبو داود. وعن أبي الدرداء قال: «من فقه الرجل إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ» ذكره البخاري في «صحيحه» . وأما من له ضائع يرجوه أو يخاف ضياع ماله , أو فواته , أو ضرر فيه أو يخاف على مال استؤجر لحفظه , فلحديث ابن عباس مرفوعًا: «من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر. قالوا: وما العذر يا رسول الله؟ قال: خوف أو مرض لم يقبل الله منه الصلاة التي صلى» رواه أبو داود. والخوف ثلاث أنواع: على المال من سلطان أو لص أو نحوه, وعلى نفسه من عدو, أو سيل, أو سبع, وعلى أهله وعياله, فيعذر في ذلك كله؛ لعموم الحديث, وكذا إن خاف موت قريبه نص عليه؛ لأن ابن عمر استصرخ على سعيد بن زيد وهو يتجمر للجمعة, فأتاه بالعقيق وترك الجمعة. وأما الأذاء بمطر, ووحل, وجليد , وريح باردة بليلة مظلمة , فلحديث ابن عمر " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر المنادي فينادى بالصلاة صلوا في رحالكم في الليلة الباردة والليلة المطيرة في السفر " متفق عليه وروي في الصحيحين عن ابن عباس "في يوم مطير". وفي رواية لمسلم "وكان يوم جمعة " وأما تطويل الإمام , فلأن رجل صلى مع معاذ ثم انفرد فصلى وحده لمَّا طول

باب صلاة أهل الأعذار

معاذ، فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم حين أخبره؛ وأما الممنوع من فعلهما كالمحبوس، فلقوله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} ، وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» . ومن «مختصر النظم» ما يلي: وعشرة أسباب لترك جماعة ... وجمعة اختصت بعذر مجرد مريض ومن يخشى ضياع مريضه ... وخوف ولاة أو غريم مشدد ومحتاج طعم حاضر قبل أكله ... وذو نعسة أن يرقب الجمع يرقد ومن قد غدا للأخبثين مدافعًا ... ومن إن توانى عن قوافل تبعد وراج وجود الماء يخشى فواته ... ومن إن يغب عن مصلح المال يفسد وعذران عما التاركين اعتبرهما ... بوحل ووبل العارض المتزيد وعذر عموم للجماعة مطلقًا ... رياح شداد في دجى متصرد وإن وجد الزمني ومن خف سقمه ... إلى جمعة طولا ولم يؤذ أطد وليس العمى عذر لترك جماعة ... ولا جمعة مع طول هاد ومرشد 51- باب صلاة أهل الأعذار س336: ما الحالات التي تلزم المريض لأداء المكتوبات؟ اذكرها على الترتيب؟ ج: تلزم المريض الصلاة قائمًا فإن لم يستطع فقاعدًا، وإن عجز فعلى جنبه، والأيمن أفضل؛ فإن عجز أومأ بطرفه؛ فإن عجز فبقلبه مستحضرًا القول والفعل، ولا تسقط ما دام العقل ثابتًا. س337: ما الدليل على هذه الحالات الثلاثة التي تلزم المريض؟ ج: قوله صلى الله عليه وسلم لعمران ابن حصين: «صلي قائمًا؛ فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب» رواه الجماعة إلا مسلمًا، وزاد النسائي:

س338: ما الدليل على أن الأيمن أفضل؟ وأنه يومئ إيماء ويجعل سجوده أخفض؟

«فإن لم تستطع فمستلقيًا لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها» . س338: ما الدليل على أن الأيمن أفضل؟ وأنه يومئ إيماء ويجعل سجوده أخفض؟ ج: عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يصلي المريض قائمًا إن استطاع؛ فإن لم يستطع صلى قاعدًا؛ فإن لم يستطع أن يسجد أومأ برأسه وجعل سجوده أخفض من ركوعه؛ فإن لم يستطع أن يصلي قاعدًا صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة؛ فإن لم يستطع أن يصلي على جنبه الأيمن صلى مستلقيًا رجلاه مما يلي القبلة» رواه الدارقطني. س339: إذا تعذر الإيماء من المستلقي فهل يجب عليه شيء بعد ذلك؟ ج: قيل: يومئ بطرفه ناويًا مستحضرًا للفعل والقول إن عجز عنه بقلبه كأسير خائف، ويدل على ذلك قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» ، وقال في «الاختيارات الفقهية» : متى عجز المريض عن الإيماء برأسه سقطت عنه الصلاة ولا يلزمه الإيماء بطرفه، وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد. والله أعلم. س340: إذا قدر على القيام في أثنائها من عجز عنه في أولها أو غير القيام؟ ج: إذا قدر على القيام في أثناء الصلاة انتقل إليه لقوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} أو قدر على القعود ونحوه مما عجز عنه من كل ركن أو واجب في أثناء الصلاة انتقل إليه وأتمها؛ لأن المبيح العجز وقد زال؛ وأما الصلاة قبل أن كان العذر موجودًا وما بقي يجب أن يأتي بالواجب فيه. س341: بين حكم صلاة المريض مستقليًا مع قدرته على القيام بقول طبيب؟ ج: له أن يصلي مستلقيًا مع القدرة على القيام لمداواة بقول طبيب مسلم

س342: بين حكم الصلاة في السفينة، مع ذكر ما تستحضره من الأدلة؟

ثقة وهو العدل الضابط، وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم صلى جالسًا حين جحش شقه، والظاهر أنه لم يكن لعجزه عن القيام بل فعله إما للمشقة أو إن لم يجد الماء إلا بزيادة على ثمن المثل صونًا لجزء من ماله وترك الصوم لأجل المرض، ودلت الأخبار على جواز ترك القيام في صلاة الفرض على الراحلة خوفًا من ضرر الطين على ثيابه وبدنه، وأم سلمة تركت السجود لرمد بها. والله أعلم. س342: بين حكم الصلاة في السفينة، مع ذكر ما تستحضره من الأدلة؟ ج: ولا تصح صلاة الفرض في السفينة من قاعد مع القدرة على القيام، لما ورد عن ميمون بن مهران عن ابن عمر قال: «سألت النبي صلى الله عليه وسلم كيف أصلي في السفينة؟ قال: «صل قائمًا إلا أن تخاف الغرق» » رواه الدارقطني وأبو عبد الله الحاكم على شرط الصحيحين، وعن عبد الله بن أبي عتبة قال: «صحبت جابر بن عبد الله وأبا سعيد الخدري وأبا هريرة في سفينة فصلوا قيامًا في جماعة أمهم بعضهم وهم يقدرون على الجد» رواه سعيد في «سننه» . س343: بين متى تصح الصلاة الفريضة على الراحلة؟ مع ذكر الدليل. ج: وتصح الصلاة المكتوبة على راحلته واقفة أو سائرة، لتأذي بوحل ومطر ونحوه، لما روى يعلى بن أمية «أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى مضيق هو وأصحابه وهو على راحلته، والسماء من فوقهم والبلة من أسفل منهم، فحضرت الصلاة، فأمر المؤذن فأذن وأقام ثم تقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بهم يومئ إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع» رواه أحمد والترمذي، وقال: العمل عليه عند أهل العلم وفعله أنس، ذكره أحمد ولم ينقل عن غيره خلافه.

س344: هل تصح المكتوبة على الراحلة لغير الوحل والمطر ونحوه؟

س344: هل تصح المكتوبة على الراحلة لغير الوحل والمطر ونحوه؟ ج: نعم تصح أيضًا عليهم، لخوف انقطاع عن رفقة، أو خوف على نفسه إن نزل: من سبع أو سيل، أو عدو، أو عجز عن ركوبه إن نزل للصلاة فإن قدر ولو بأجرة يقدر عليها نزل، والمرأة إن خافت تبرز وهي خفرة صلت على الراحلة، وكذا من خاف حصول ضرر بالمشي، ذكرهما في «الاختيارات» (ص74) ، ولا تصح مكتوبة على راحلة لمرض؛ لأنه لا أثر للصلاة عليها. س345: ماذا يلزم من صلى على الراحلة المكتوبة لعذر؟ وماذا يعمل من بماء وطين أو مربوط أو نحوه؟ ج: يلزم من صلى على الراحلة الاستقبال وما يقدر عليه من ركوع أو سجود أو بإيماء بهما وطمأنينة، لحديث: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» ومن أتى بكل فرض وشرط لمكتوبة أو نافلة وصلى على الراحلة أو صلى بسفينة ونحوها سائرة أو واقفة ولو بلا عذر من نحو مطر أو مرض صحت صلاتهُ لاستيفائها ما يعتبر لها، ومن بماء وطين لا يمكنه الخروج منه يومئ بركوع وسجود كمصلوب، ومربوط، ويسجد غريق على متن الماء، ولا إعادة في الكل لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ، وحديث: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» . 52- فصل في القصر س346: بين حكم قصر الصلاة في السفر مقرونًا بالدليل؟ ج: يسن قصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، لما ورد عن عمر قال: «صحبت النبي صلى الله عليه وسلم وكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك» متفق عليه. وعن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ

س347: اذكر ما تستحضره من رخص السفر؟

أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فقد أمن الناس، قال: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: «صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته» رواه الجماعة إلا البخاري، وقد تواترت الأخبار أن البني صلى الله عليه وسلم كان يقصر في أسفاره حاجًا، ومعتمرًا، وغازيًا، قال أنس: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة فصلى ركعتين حتى رجع، وأقمنا بمكة عشرًا نقصر الصلاة» وروى أحمد عن ابن عمر مرفوعًا: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته» . س347: اذكر ما تستحضره من رخص السفر؟ ج: أولاً: قصر الصلاة، فتقصر الرباعية من أربع إلى ركعتين. ثانيًا: الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في وقت إحداهما. ثالثًا: الفطر في رمضان. رابعًا: الصلاة النافلة على الراحلة إلى جهة سيره. خامسًا: المسح على الخفين، والعمامة والخمر ثلاثة أيام بلياليها. سادسًا: أنه موسع للإنسان في ترك الرواتب في سفره ولا يكره له ذلك مع أنه يكره تركها في الحضر. سابعًا: ما ثبت في «الصحيح» عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا» . ثامنًا: أن الجمعة لا تجب على مسافر سفر قصر. والله أعلم، وصلى الله على محمد. س348: بين هل مسافة القصر محددة؟ واذكر ما تستحضره من خلاف. ج: قيل: إنه لابد أن يكون السفر طويلاً أربعة يرد، وهي ستة عشر فرسخًا، كل فرسخ ثلاثة أميال، لما روى ابن عباس أنه قال: يا أهل مكة، لا تقصروا الصلاة في أقل من أربعة برد ما بين عسفان إلى مكة، وكان ابن عباس وابن عمر لا يقصران في أقل من أربعة برد، ولأنها مسافة تجمع مشقة السفر من الحل والشد، فجاز فيها القصر كمسيرة ثلاثة أيام، واختار الشيخ تقي الدين –رحمه الله تعالى-:تقصر الصلاة في كل ما يسمى سفرًا سواء قل

س349: بين البريد والفرسخ والميل؟

أو كثر ولا يتقدر بمدة، وهو مذهب الظاهرية، ونصره صاحب «المغني» فيه سواء كان مباحًا أو حرامًا، ونصره ابن عقيل في موضع. وقاله بعض المتأخرين من أصحاب أحمد والشافعي، وسواء نوي الإقامة أكثر من أربعة أيام أو لا هذا عن جماعة من الصحابة، وقرر أبو العباس قاعدة نافعة، وهي: أن ما أطلقه الشارع يعمل بمقتضى مسماه ووجوده، ولم يجز تقديره وتحديده بعده. وقال الناظم مشيرًا إلى اختيار شيخ الإسلام: وقال إمام العصر لا حجة لهم ... على ذا ولكن باسمه فليحدد وقال الشيخ سلميان بن سحمان مشيرًا إلى ذلك: وقد قصروا، أعني الصحابة، دون ما ... يقدره من فرسخ بالتعدد فما حدد المعصوم قدر مسافة ... لفطر ولا قصر فهل أنت مقتد وما اختاره الشيخ تقي الدين هو الأرجح عندي، لظاهر القرآن؛ فإن ظاهره إباحة القصر لمن ضرب في الأرض؛ ولأن الحكمة وهي المشقة التي علق الشارع عليها التخفيفات موجودة في قصير السفر وطويله. والله أعلم. س349: بين البريد والفرسخ والميل؟ ج: البريد أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال هاشمية، وبأميال بني أمية ميلان ونصف، والهاشمي اثنا عشر ألف قدم ستة آلاف ذراع، والذراع أربع وعشرون أصبعًا معترضة عرض كل أصبع منها ست حبات شعير بطون بعضها إلى بعض، عرض كل شعيرة ست شعرات برذون، وقال ابن حجر في «شرح البخاري» : الذراع الذي ذكر قد حرر بذراع الحديد بقدر الثمن، فعلى هذا فالميل بذراع الحديد على القول المشهور خمسة آلاف ذراع، ومائتان وخمسون ذراعًا، قال: وهذه فائدة نفيسة قل من ينتبه لها. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

س350: بين أحكام ما يلي: من ائتم بمن يلزمه الإتمام، من قصر ثم رجع قبل استكمال المسافة، من ذكر صلاة حضر في سفر، أو سفر في حضر.

س350: بين أحكام ما يلي: من ائتم بمن يلزمه الإتمام، من قصر ثم رجع قبل استكمال المسافة، من ذكر صلاة حضر في سفر، أو سفر في حضر. ج: أما الأولى، فيلزمه الإتمام؛ لأن ابن عباس سُئل: «ما بال المسافر يصلي ركعتين حال الانفراد وأربعًا إذا ائتم بمقيم؟ فقال: تلك السُّنة» رواه أحمد؛ وأما من قصر ثم رجع قبل استكمال المسافة، فلا إعادة عليه؛ وأما من ذكر صلاة حضر في سفر فيتمها؛ لأن القضاء معتبر بالأداء وهو أربع، وكذا من ذكر صلاة سفر في حضر فيتم؛ لأن القصر من رخص السفر فبطل بزواله. س351: بين حكم ما إذا ذكر صلاة سفر في آخر، وحكم ما إذا أقام لقضاء حاجة بلا نية إقامة، وحكم ما إذا حبس ولم ينو الإقامة؟ ج: في الأولى يقصر؛ لأن وجوبها وفعلها وجدا في السفر كما لو قضاها في نفسه، وفي المسألة الثانية: يقصر أبدًا؛ «لأنه صلى الله عليه وسلم أقام بتبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة» رواه البخاري، «ولما فتح مكة أقام بها سبعة عشر يومًا يصلي ركعتين» رواه البخاري. وقال أنس: «أقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم برام هرمز سبعة أشهر يقصرون الصلاة» ، وقال نافع: «أقام ابن عمر بأذربيجان ستة أشهر يصلي ركعتين حبسه الثلج» ، وعن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة قال: «أقمت معه سنتين بكابل يقصر الصلاة ولا يجمع» ؛ وأما من حبس ولم ينو إقامة فإنه يقصر أبدًا.

فصل في الجمع بين الصلاتين

53- فصل في الجمع بين الصلاتين س352: ما حكم الجمع بين الصلاتين؟ ج: يجوز في ثمان حالات: أولاً: في سفر قصر، ولمريض يلحق بتركه مشقة، ولمرضع، ومستحاضة ونحوها، ولعاجز عن الطهارة بالماء أو التيمم لكل صلاة ولعاجز عن معرفة الوقت، ولعذر يبيح ترك الجمعة والجماعة، ولشغل كذلك. س353: ما الدليل على إباحة الجمع بسفر القصر بين الظهر والعصر، وبين العشاءين؟ ج: ما ورد عن معاذ «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر يصليهما جميعًا، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر جميعًا ثم سار، وكان يفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء» رواه أبو داود والترمذي، وقال: حسن غريب. وعن أنس - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل في سفر قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما؛ فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب» متفق عليه. س354: أيهما أفضل: الجمع أو تركه؟ والقصر أم تركه؟ ج: ترك الجمع أولى للاختلاف فيه غير جمعي عرفة ومزدلفة؛ وأما القصر فهو أفضل من الإتمام. قال في «الشرح» : القصر أفضل من الإتمام في قول جمهور العلماء، ولا نعلم أحدًا خالف فيه إلا الشافعي في أحد قوليه، قال: الإتمام أفضل؛ لأنه أكثر عملاً وعددًا، وهو الأصل، فكان أفضل كغسل الرجلين ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يداوم على القصر.

س355: ما الدليل على إباحة الجمع للمريض الذي يلحقه بتركه مشقة؟

قال ابن عمر: «صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله» متفق عليه، ولما بلغ ابن مسعود أن عثمان صلى أربعًا استرجع، وقال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين، ومع أبي بكر ركعتين، ومع عمر ركعتين، ثم تفرقت بكم الطرق ولوددت أن حظي من أربع ركعتان متقبلتان. س355: ما الدليل على إباحة الجمع للمريض الذي يلحقه بتركه مشقة؟ ج: «لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع من غير خوف، ولا مطر، وفي رواية من غير خوف ولا سفر» رواهما مسلم من حديث ابن عباس، ولا عذر بعد ذلك إلا المرض، وقد ثبت جوازًا الجمع للمستحاضة، وهي نوع مرض واحتج أحمد بأن المرض أشد من السفر، وقد روي عن أبي عبد الله –رحمه الله تعالى- أنه قال في هذا الحديث رخصة للمريض والمرضع. س356: ما الدليل على إباحته للمرضع والمستحاضة ونحوها؟ والعاجز عن الطهارة بماء أو تيمم لكل صلاة؟ والعاجز عن معرفة الوقت كالأعمى؟ ج: أما المرضع، فلمشقة كثرة النجاسة، وأما المستحاضة ونحوها، كذي سلس وجرح لا يرقأ دمه، فلقوله صلى الله عليه وسلم لحمنة حين استفته في الاستحاضة: «وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين ثم تصلي الظهر والعصر جميعًا، ثم تؤخري المغرب وتعجلي العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، ويقاس عليه صاحب السلس ونحوه، والعاجز عن الطهارة بماء أو تيمم لكل صلاة؛ لأنه في معنى المريض، والمسافر؛ وأما العاجز عن معرفة الوقت فأومأ إليه أحمد؛ ولكن محله كما قال بعض العلماء: إذا تمكن من معرفة الوقت في أحد الوقتين؛ وأما إذا استمر معه الجهل فلا فائدة في ذلك.

س357: ما مثال العذر الذي يبيح ترك جمعة وجماعة؟ وما مثال الشغل الذي يبيح ترك الجمعة والجماعة ويبيح وجودهما أو أحدهما الجمع بين الصلاتين؟

س357: ما مثال العذر الذي يبيح ترك جمعة وجماعة؟ وما مثال الشغل الذي يبيح ترك الجمعة والجماعة ويبيح وجودهما أو أحدهما الجمع بين الصلاتين؟ ج: مثال الأول: خوفه على نفسه، أو ماله أو حرمته، ومثال الثاني: من له شغل يخاف بتركه ضررًا في معيشته يحتاجها. س358: ما الذي يختص به الجمع بين العشاءين؟ واذكر ما تستحضره من خلاف. ج: يختص بالعشاءين ثلج، وبرد، وجليد، ووحل وريح شديدة باردة ومطر يبل الثياب ويوجد معه مشقة؛ «لأنه صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء في ليلة مطيرة» رواه النجاد بإسناد، وفعله أبو بكر وعمر وعثمان. وروى الأثرم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال: «إن من السُّنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء» ، ولمالك في «الموطأ» عن نافع «أن ابن عمر كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر جمع معهم» ، وقال أحمد في الجمع في المطر: «يجمع بينهما إذا اختلط الظلام قبل أن يغيب الشفق كذا صنع ابن عمر» ولا يجمع بين الظهر والعصر للمطر. قيل لأبي عبد الله: الجمع بين الظهر والعصر في المطر؟ قال: لا ما سمعته. وهذا اختيار أبي بكر وابن حامد، وقول مالك، وقال أبو الحسن التميمي فيه قولان: أحدهما: يجوز اختاره القاضي وأبو الخطاب وهو مذهب للشافعي، لما روى يحيى بن واضح عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة بين الظهر والعصر في المطر» ؛ ولأنه معنى أباح الجمع فأباحه بين الظهر والعصر كالسفر، واستدل أهل القول الأول أن مستند الجمع ما ذكر من قول أبي سلمة والإجماع، ولم يرد إلا المغرب والعشاء وحديثهم لا يصح؛ فإنه غير مذكور في الصحاح والسنن، وقول أحمد: ما سمعت يدل على أنه ليس بشيء، ولا يصح القياس على المغرب والعشاء لما بينهما من المشقة لأجل الظلمة

س359: هل يجوز الجمع لمنفرد؟ ولمن طريقه تحت ساباط يمنع وصول المطر إليه؟ أو من كان مقامه في المسجد أو لمن يصلي في بيت؟

ولا القياس على السفر؛ لأن مشقته لأجل السير وفوات الرفقة وهو غير موجود هاهنا. س359: هل يجوز الجمع لمنفرد؟ ولمن طريقه تحت ساباط يمنع وصول المطر إليه؟ أو من كان مقامه في المسجد أو لمن يصلي في بيت؟ ج: يجوز، لأن الرخصة العامة يستوي فيها وجود المشقة وعدمها، كالسفر وكإباحة المسجد في حق من لي له إليه حاجة، وقد روي «أنه –عليه السلام- جمع في مطر وليس بين حجرته ومسجده شيء» . س360: ما الأفضل لمن أبيح له الجمع؟ واذكر الدليل على ما تقول؟ ج: الأفضل فعل الأرفق به من تقديم وتأخير سوى جمعي عرفة ومزدلفة إن عدم الأرفق، فالأفضل بعرفة التقديم، ومزدلفة التأخير، وإن استويا فتأخير أفضل؛ أما الدليل على أن فعل الأرفق هو الأفضل، فهو ما ورد عن مالك في «الموطأ» عن أبي الزبير عن أبي الطفيل «أن معاذًا أخبرهم أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، قال: وأخر الصلاة يومًا، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعًا، ثم دخل، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعًا» . قال ابن عبد البر: هذا حديث صحيح ثابت الإسناد. س361: ما الذي يشترط للجمع في الأولى؟ واذكر ما تستحضره من خلاف. ج: يشترط أربعة شروط: أولاً: نيته عند إحرامها. ثانيًا: أن لا يفرق بينهما إلا بمقدار إقامة ووضوء خفيف. قال في «الشرح» : ويعتبر أن لا يفرق بينهما إلا تفريقًا يسيرًا والمرجع في اليسير إلى العرف والعادة، وقدره بعض أصحابنا بقدر الوضوء والإقامة؛ والصحيح أنه لا حد له؛ لأن التقدير بابه التوقيف، فما لم يرد فيه توقيف فيرجع فيه إلى العادة كالقبض

س362: إذا أحرم بالأولى ناويا الجمع لمطر ثم انقطع أو انقطع سفر بإحدى المجموعتين، فما الحكم؟ وضح ذلك توضيحا شافيا، ووضح ما إذا انقطع بعد أحدهما؟

والحرز، فإن فرق بينهما تفريقًا كثيرًا بطل الجمع، واختار الشيخ تقي الدين –رحمه الله تعالى-: لا موالاة في الجمع في الأولى، قال: وهو مأخوذ من نص أحمد في جمع المطر إذا صلى إحدى الصلاتين في بيته، والأخرى في المسجد، فلا بأس، ومن نصه في رواية أبي طالب والمروذي: للمسافر أن يصلي العشاء قبل مغيب الشفق، وعلله أحمد بأنه يجوز الجمع، وقال: لا يشترط للقصر والجمع نية، واختاره أبو بكر عبد العزيز بن جعفر وغيره. انتهى من «الاختيارات الفقهية» (صحيفة 74) ، وهذا القول عندي أنه أقوى دليلاً؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول قبل التكبير نويت الجمع ولا القصر ولا الأمر، بذلك ولو كان شرطًا لنقل نقلاً مشتهرًا. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. ووجه اشتراط الموالاة؛ لأن معنى الجمع: المقارنة والمتابعة، ولا يحصل مع تفريق بأكثر من ذلك. والشرط الثالث: وجود العذر المبيح للجمع عند افتتاحهما، وعند سلام الأولى. والشرط الرابع: استمرار العذر في غير جمع مطر ونحوه إلى فراغ الثانية. س362: إذا أحرم بالأولى ناويًا الجمع لمطر ثم انقطع أو انقطع سفر بإحدى المجموعتين، فما الحكم؟ وضح ذلك توضيحًا شافيًا، ووضح ما إذا انقطع بعد أحدهما؟ ج: إذا أحرم الأولى منهما ناويًا الجمع، ثم انقطع ولم يعد؛ فإن حصل وحل لم يبطل الجمع؛ لأن الوحل ناشئ عن المطر وهو من الأعذار المبيحة أشبه ما لو لم ينقطع المطر، وإن لم يحصل وحل بطل الجمع، وإن انقطع سفر بأولى المجموعتين بأن نوى الإقامة أو رست به السفينة على وطنه بطل الجمع والقصر لانقطاع السفر فيتمها، وتصح فرضًا لأنها في وقتها وإن انقطع سفر بثانية المجموعتين بطل الجمع والقصر ويتمها نفلاً، وإن انقطع بعدهما فلا إعادة، ومرض في جمع كسفر؛ فإن عوفي بالأولى أتمها وصحت في الثانية صحت نفلاً، وبعدهما أجزأتا. س363:ما الذي يشترط الجمع في ثانية المجموعتين؟ ووضح ما لو صلاهما

فصل في صلاة الخوف

خلف إمامين أو خلف من لم يجمع أو أحدهما منفردًا والأخرى جماعة، أو صلى إمامًا بمأموم الأولى، وصلى بمأموم آخر الثانية؟ واذكر فائدة الجمع بين الصلاتين؟ ج: يشترط لجمع بوقت ثانية وهو جمع التأخير شرطان: أحدهما: نيته أي الجمع بوقت أولى المجموعتين ما لم يضق عن فعلها لفوات فائدة الجمع، وهو التخفيف بالمقارنة بين الصلاتين؛ ولأن تأخيرها إلى ضيق الوقت عن فعلها حرام فينافي الرخصة، وهي الجمع، والشرط الثاني: بقاء العذر إلى دخول وقت ثانية؛ لأن المبيح للجمع العذر؛ فإن لم يستمر إلى وقت الثانية إلى المقتضى للجمع، فامتنع كمريض بره ومسافر قدم، ولا يشترط غير ما مر، فلو صلاهما خلف إمامين أو صلاهما خلف من لم يجمع صح، أو صلى إحداهما منفردًا أو صلى الأخرى جماعة أو صلى إمامًا بمأموم الأولى وصلى بمأموم آخر الثانية، أو صلاهما إمامًا بمن لم يجمع صح لعدم المانع. 54- فصل في صلاة الخوف س364: ما حكم صلاة الخوف؟ وما سندها من الكتاب والسُّنة؟ ج: تصح صلاة الخوف إن كان القتال مباحًا حضر أو سفر؛ أما دليلها من الكتاب، فقوله تعالى: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} الآية، وقوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا} الآية؛ وأما السُّنة: فثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي صلاة الخوف، وحكمها باق في قول جمهور أهل العلم، وأجمع الصحابة - رضي الله عنهم - على فعلها، وصلاها علي وأبو موسى وحذيفة. س365: إذا كان العدو في جهة القبلة، فما صفة صلاة الخوف؟ ج: صفتها كما روى جابر قال: «شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، فصفنا خلفه صفين، والعدو بيننا وبين القبلة، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم فكبرنا جميعًا، ثم ركع وركعنا جميعًا، ثم رفع رأسه

س366: اذكر صفة ثانية من صفات صلاة الخوف، وما الذي قاله الإمام أحمد نحوها؟

من الركوع ورفعنا جميعًا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم وقام الصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود وقاموا، ثم تقدم الصف المؤخر وتأخر الصف المقدم، ثم ركع وركعنا جميعًا، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعًا، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه الذي كان مؤخرًا في الركعة الأولى وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم السجود وقام الصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود فسجد ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم وسلمنا جميعًا» رواه مسلم. س366: اذكر صفة ثانية من صفات صلاة الخوف، وما الذي قاله الإمام أحمد نحوها؟ ج: الوجه الثاني: إذا كان العدو في غير القبلة، فصفتها كما ورد عن صالح بن خوات عمن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف «أن طائفة صفت معه، وطائفة وجاه العدو، فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائمًا فأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا وصفوا وجاء العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته فأتموا لأنفسهم فسلم بهم» رواه الجماعة إلا ابن ماجه، وفي رواية للجماعة عن صالح ابن خوات عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذه الصفة، قال الإمام أبو عبد الله –رحمه الله تعالى: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف من خمسة أوجه أو ستة، كل ذلك جائز لمن فعله. قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله –رحمه الله تعالى-: تقول بالأحاديث كلها أو تختار واحدًا منها؟ قال: أنا أقول من ذهب إليها كلها فحسن؛ فأما حديث سهل فأنا أختاره. س367: ما هي الصفة الثالثة لصلاة الخوف؟ ج: صفتها كما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «صلى النبي صلى الله

س368: إذا شد الخوف وتواصل الطعن والضرب، والكر والفر، ولم يمكن تفريق القوم وصلاتهم على ما سبق، فماذا تكون صفة تأديتها واذكر الدليل؟

عليه وسلم صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة وسجدتين، والطائفة الأخرى مواجهة العدو، ثم انصرفوا وقاموا في مقام أصحابهم مقبلين على العدو وجاء أولئك وصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ثم سلم ثم قضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة» متفق عليه. س368: إذا شد الخوف وتواصل الطعن والضرب، والكر والفر، ولم يمكن تفريق القوم وصلاتهم على ما سبق، فماذا تكون صفة تأديتها واذكر الدليل؟ ج: إذا حصل مثل هذا صلوا رجالاً وركبانًا للقبلة وغيرها، لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا} قال ابن عمر: «فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالاً قيامًا على أقدامهم مستقبلين القبلة وغير مستقبليها» متفق عليه. زاد البخاري: قال نافع: «لا أرى ابن عمر قال ذلك إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم» ورواه ابن ماجه مرفوعًا. س369: ما حكم حمل السلاح في صلاتها؟ وإذا خاف على نفسه فكيف تكون تأديته لصلاته؟ وكيف يأتي بالركوع والسجود واذكر الدليل على ما تقول؟ ج: يسن حمل ما يدفع به عن نفسه ولا يثقله، كسيف وسكين، لقوله تعالى: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} ولمفهوم قوله: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ} ؛ ولأنهم لا يأمنون أن يفاجئهم العدو، كما قال تعالى: {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ} الآية، وإذا خاف على نفسه يصلي على حسب حاله، ويفعل كل ما يحتاج إليه من هرب أو غيره لقوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا} الآية، ويؤمنون بركوع وسجود طاقتهم والسجود أخفض من الركوع؛ لأنهم لو تمموا الركوع والسجود لكانوا هدفًا لأسلحة العدو ومعرضين أنفسهم للهلاك.

باب صلاة الجمعة

55- باب صلاة الجمعة س370: ما حكم صلاة الجمعة؟ وما الأصل في فرضها؟ ولم سميت جمعة؟ ج: أولاً: الجمعة سميت جمعة، قيل: لجمعها الخلق الكثير، وقيل: إنما سميت جمعة لجمعها الجماعات، وهو قريب من الأول، وقيل: لجمع طين آده فيها، وقيل: لأن آدم جمع فيها خلقه، قال الزركشي: واشتقاقها من اجتماع الناس للصلاة قاله ابن دريد. وقيل: بل لاجتماع الخليفة فيه وكمالها. ويروى عنه -عليه أفضل الصلاة والسلام- «أنها سميت بذلك لاجتماع آدم فيه مع حواء في الأرض» انتهى من «الإنصاف» ؛ وأما الأصل في مشروعيتها فهو الكتاب والسُّنة والإجماع؛ وأما الكتاب: فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيْعَ} فأمر بالسعي ويقتضي الأمر الوجوب، ولا يجب السعي إلا إلى الواجب، ونهى عن البيع لئلا يشتغل به عنها، فلو لم تكن واجبة لما نهى عن البيع من أجلها؛ وأما السُّنة فعن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: «لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم» رواه أحمد ومسلم، وعن أبي هريرة وابن عمر أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره: «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين» رواه مسلم، ورواه أحمد والنسائي من حديث ابن عمر وابن عباس، وعن أبي الجعد الضمري، وله صحبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من ترك ثلاث جمع تهاونًا طبع الله على قلبه» رواه الخمسة، ولأحمد وابن ماجه من حديث جابر ونحوه. وإياك والتفريط في جمعة بها ... قد اختص رب الخلق أمة أحمد ففي يومها يعطي المزيد لفائز ... فينظر من غير كيف فقيد وفي تركها من غير عذر ثلاثة ... يران على قلب الغفول البعد

س371: على من تجب صلاة الجمعة؟ وهل تجب على العبد؟

س371: على من تجب صلاة الجمعة؟ وهل تجب على العبد؟ ج: تجب على كل ذكر مسلم مكلف مستوطن ببناء يشمله اسم واحد؛ أما كونه مسلمًا مكلفًا، فلأن الإسلام والعقل شرطان للتكليف والعبادة، فلا تجب على مجنون إجماعًا، ولا على صبي في الصحيح من المذهب، لما روى طارق بن شهاب مرفوعًا: «الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض» رواه أبو داود؛ وأما كونه ذكر فلأن المرأة ليست من أهل الحضور في مجامع الرجال؛ وأما كونها لا تجب على المسافر، فلأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يسافرون في الحج وغيره فلم يصل أحد منهم الجمعة فيه مع اجتماع الخلق الكثير. وأما العبد، فقيل: لا تجب عليه الجمعة، لحديث طارق ابن شهاب وتقدم، ولما روى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا مريضًا أو مسافرًا أو امرأة أو صبيًا أو مملوكًا» رواه الدارقطني، والقول الثاني: أنها تجب عليه لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} ، وعن حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رواح الجمعة واجب على كل محتلم» رواه النسائي، وعن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الجمعة على من سمع النداء» رواه أبو داود والدارقطني، وقال فيه: «إنما الجمعة على من سمع النداء» ، وهذا القول عندي أنه أقوى دليلاً؛ لأن النصوص الصحيحة عامة في دخولهم. والله أعلم. س372: هل الجمعة مستقلة أم بدل من الظهر؟ وما معنى كونها فرض الوقت؟ ج: هي مستقلة وليست بدلاً عن الظهر، ومعنى كونها فرض الوقت أي يتعين لها، فلو صلى الظهر أهل بلد مع بقاء وقت الجمعة لم تصح ظهرهم؛ لأنهم صلوا ما لم يخاطبوا به وتركوا ما خوطبوا به كما لو صلوا العصر مكان الظهر.

س373: هل تؤخر الفائتة لخوف فوات الجمعة؟ وهل تقتضي الجمعة إذا فاتت؟

س373: هل تؤخر الفائتة لخوف فوات الجمعة؟ وهل تقتضي الجمعة إذا فاتت؟ ج: نعم تؤخر فائتة لخوف فوتها؛ لأنه لا يمكن تداركها بخلاف غيرها من الصلوات، ولا تقضي إذا فاتت لكن الظهر بدل عنها. س374: إذا حضر الجمعة مسافر أو امرأة أو خنثى، فما الحكم؟ ج: تجزئه عن الظهر لأن إسقاط الجمعة عنهم تخفيف فإذا صلاها فكالمريض إذا تكلف المشقة. س375: إذا حضر الجمعة مريض ونحوه فهل تجب عليه؟ وهل تنعقد به؟ ج: إذا حضرها مريض أو خائف على نفسه، أو ماله، أو أهله أو نحوه ممن له شغل أو عذر يبيح ترك الجمعة، وجبت عليه وانعقدت به وجاز أن يؤم فيها؛ لأن الساقط عنه الحضور للمشقة فإذا تكلفها وحضر تعينت عليه كمريض المسجد. س376: إذا صلى الظهر من عليه حضور الجمعة، فما الحكم؟ ج: لا تصح صلاة الظهر يوم الجمعة ممن يلزمه حضورها بنفسه أو غيره قبل تجميع الإمام، ولا مع شكه في تجميع الإمام؛ لأنها فرض الوقت، فقد صلى ما لم يخاطب به وترك ما خوطب به أشبه ما لو صلى العصر مكان الظهر. س377: إذا صلى المعذور قبل تجميع الإمام ثم زال عذره قبل تجميع الإمام، فما الحكم؟ ج: تصح من معذور قبل تجميع الإمام بشرط أنه قد دخل وقت الظهر؛ لأنه فرضه وقد أداه ولو زال عذره قبله كمعضوب حج عنه ثم عوفي إلا الصبي إذا بلغ، والأفضل لمن لا تجب عليه أن يؤخر الصلاة حتى يصلي الإمام الجمعة فيصلي بعده. س378: بين حكم السفر في يوم الجمعة؟ واذكر الدليل أو التعليل على ما تقول؟

س379: ما هي شروط صحة صلاة الجمعة؟

ج: يحرم سفر من تلزمه في يومها بعد الزوال حتى يصلي الجمعة لاستقرارها في ذمته بدخول وقتها، فلم يجز له تفويتها بالسفر بخلاف غيرها من الصلوات لإمكان فعلها حال السفر إن لم يخف فوت رفقته؛ فإن خافه سقط عنه وجوبها وجاز له السفر؛ وأما قيل الزوال فيكره لمن هو من أهل وجوبها خروجًا من الخلاف ولم يحرم، لقول عمر - رضي الله عنه -: «لا تحبس الجمعة عن سفر» رواه الشافعي في «مسنده» وكما لو سافر من الليل، ولأنها لا تجب إلا بالزوال وما قبله وقت رخصة ومحل الكراهة إن لم يأت مسافر بها في طريقه؛ فإن أتى بها في طريقه لم يحرم. س379: ما هي شروط صحة صلاة الجمعة؟ ج: شروط صحتها أربعة: أحدها: الوقت. ثانيًا: حضور العدد المعتبر. ثالثًا: أن يكونوا بقرية مستوطنين. رابعًا: تقدم خطبتين. س380: ما أول وقت الجمعة وما آخره؟ ومتى تلزم؟ ودلل على ما تقول. ج: يدخل وقتها من أول وقت صلاة العيد، أي من ارتفاع الشمس قيد رمح، وآخره آخر وقت الظهر، وتلزم بالزوال؛ لأن ما قبله وقت جواز؛ أما الدليل على أول وقتها، فلحديث عبد الله بن أسيد السلمي قال: «شهدت الجمعة مع أبي بكر فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار، ثم شهدته مع عمر فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول زال النهار، فما رأيت أحدًا عاب ذلك ولا أنكره» رواه الدارقطني وأحمد واحتج به، قال: وكذلك روي عن ابن مسعود وجابر وسعيد ومعاوية أنهم صلوا قبل الزوال ولم ينكر فكان إجماعًا. وعن جابر «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة ثم نذهب إلى جمالنا فنريح حين تزول الشمس» رواه أحمد ومسلم، وعن سهل ابن سعد قال: «ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة» رواه الجماعة. وقيل: إن أول وقتها كوقت الظهر بعد الزوال، لما ورد عن سلمة

س381: بين الحكم إذا شك في خروج الوقت؟ وإذا لم يتم العدد المعتبر إلا بالإمام.

ابن الأكوع - رضي الله عنه - قال: «كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفيء» أخرجاه، وعن أنس - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة حين تميل الشمس» رواه أحمد والبخاري، وأبو داود والترمذي. وفعلها بعد الزوال أفضل خروجًا من الخلاف، ولأنه الوقت الذي كان صلى الله عليه وسلم يصليها فيه في أكثر أوقاته. والله أعلم. س381: بين الحكم إذا شك في خروج الوقت؟ وإذا لم يتم العدد المعتبر إلا بالإمام. ج: لا تسقط الجمعة بشك في خروج الوقت؛ لأن الأصل عدمه والوجوب محقق، وإذا كان الإمام من أهل وجوبها فيتم به العدد ويصلون جمعة، لقول كعب بن مالك: «أول من جمع بنا سعد بن زرارة في هزم النبيت في نقيع يقال له: نقيع الخضمات. قلت: كم أنتم يومئذ؟ قال: أربعون رجلاً» رواه أبو داود. قال ابن جريج: قلت لعطاء: أكان يأمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. وقال أحمد: بعث النبي صلى الله عليه وسلم مصعب إلى أهل المدينة، فلما كان يوم الجمعة جمع بهم وكانوا أربعين وكانت أول جمعة جمعت بالمدينة. وقال جابر: «مضت السنة أن في كل أربعين فما فوق جمعة وأضحى وفطر» رواه الدارقطني. وقيل: تنعقد باثنين، واستدلوا بأن العدد واجب بالحديث والإجماع، ورأوا أنه لم يثبت دليل شرعي على اشتراط عدد مخصوص، وقد صحت الجماعة في سائر الصلوات باثنين ولا فرق بينها وبين الجماعة، ولم يأت نص من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الجمعة لا تنعقد إلا بكذا، وقيل: بثلاثة اختاره الأوزاعي، والشيخ تقي الدين، لقوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} وهذا جمع وأقله ثلاثة، وقيل: بخمسين،

س382: ما الذي تدرك به الجمعة؟ وما الذي تدرك به صلاتها؟

لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: «لما بلغ أصحا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسين جمع بهم» رواه النجاد. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س382: ما الذي تدرك به الجمعة؟ وما الذي تدرك به صلاتها؟ ج: تدرك بإدراك ركعة قبل خروج وقتها، لما تقدم في حديث أبي هريرة وعائشة في جواب سؤال سابق، وكذا صلاتها لا تدرك إلا بإدراك ركعة، لما ورد عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك ركعة من صلاة الجمعة وغيرها فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته» رواه النسائي، وابن ماجه، والدارقطني، واللفظ له وإسناده صحيح، لكن قوى أبو حاتم إرساله. ولما روى البيهقي عن أبي مسعود، وابن عمرو عن أبي هريرة مرفوعًا: «من أدرك ركعة من الجمعة، فقد أدرك الصلاة» رواه الأثرم، وتقدم بعض الأدلة في جواب سؤال سابق. س383: ماذا يلزم من أحرم مع الإمام ثم زحم عن السجود بالأرض؟ ج: يلزمه السجود مع إمامه ولو على ظهر أخيه، أو رجله، لقول عمر «إذا اشتد الزحام فليسجد على ظهر أخيه» رواه أبو داود الطيالسي، وسعيد، وكالمريض يأتي بما يمكنه ويصح؛ فإن لم يمكنه السجود على ظهر إنسان أو رجله، فإذا زال الزحام سجد بالأرض ولحق إمامه إلا أن يخاف فوت الركعة الثانية مع الإمام؛ فإن خافه فإنه يتابعه فيها وتصير ثانية الإمام أولاه ويتمها جمعة. س384: إذا لم يتابع المأموم المزحوم في الثانية مع خوف فوتها، فما الحكم؟ ج: إن لم يتابعه المأموم المزحوم في الثانية مع خوف فوتها عالمًا بتحريمه بطلت صلاته، لتركه واجب المتابعة بلا عذر، وإن جهل تحريم عدم متابعته

س385: ما حكم صلاتهما فيما قارب البنيان من الصحراء؟

فسجد سجدتي الركعة الأولى ثم أدرك الإمام في التشهد أتى بركعة ثانية بعد سلامه وصحت جمعته؛ لأن أدرك مع الإمام منها ما تدرك به الجمعة وهو ركعة. س385: ما حكم صلاتهما فيما قارب البنيان من الصحراء؟ ج: تصح إقامتها فيه؛ «لأن أسعد بن زرارة أول من جمع في حرة بني بياضة» أخرجه أبو داود والدارقطني، قال البيهقي: حسن الإسناد صحيح، قال الخطابي: حرة بني بياضة على ميل من المدينة. س386: إذا نقص العدد المعتبر قبل إتمام الجمعة، فما الحكم؟ وإذا أدرك مع الإمام منها أقل من ركعة، فما الحكم؟ ج: إن نقصوا قبل إتمامها استأنفوا ظهرًا إن لم يمكن فعل الجمعة مرة أخرى، ومن أدرك مع الإمام منها أقل من ركعة يتمها ظهرًا إذا كن نوى صلاة الظهر ودخل وقتها وإلا انقلبت نفلاً؛ أما في الأولى فكمن أحرم بفرض فبان قبل وقته. وأما في الثانية فلحديث: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» ولأن الظهر لا تتأدى بنية الجمعة ابتداء فكذا استدامة. س387: بين ما تستحضره من شروط لصحة الخطبتين مع ذكر ما تستحضره من خلاف؟ ج: أولاً: تذكر دليلاً للخطبتين، قال تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} والذكر هو الخطبة، فأمر بالسعي إليها فيكون واجبًا، لمواظبته –عليه الصلاة والسلام- عليها مع قوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ، وعن عمر وعائشة -رضي الله عنهما - «قصرت الصلاة من أجل الخطبة» ، وعن جابر بن سمرة قال: «كانت للنبي خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس فكانت صلاته قصدًا وخطبته قصدًا» رواه مسلم. وعن ابن عمر قال:

«كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائمًا ثم يجلس ثم يقوم كما يفعلون اليوم» رواه الجماعة، ومما يشترط حمد الله، وذلك لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: «كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجزم –أي مقطوع- البركة» رواه أبو داود، ورواه الجماعة مرسلاً. وروى أبو داود عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تشهد قال: «الحمد له» » . ويتعين هذا اللفظ في قول الجمهور، وقال جابر: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بحمد الله ويثني عليه بما هو أهله» الحديث. ثانيًا: الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، واختار لشيخ تقي الدين أن الصلاة عليه –أفضل الصلاة والسلام- واجبة لا شرط، قاله في «الإنصاف» . وقال في «الشرح الكبير» : ويحتمل أن لا تجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر ذلك في خطبته. اهـ. والدليل على ذلك: أن كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله افتقرت إلى ذكر نبيه كالأذان؛ ولأنه قد روي في تفسير قوله تعالى: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} قال: لا أذكر إلا ذكرت معي. ويتعين لفظ الصلاة أو يشهد أنه عبد الله ورسوله. ثالثًا: قراءة آية من كتاب الله عز وجل، لما روى جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ آيات ويذكر الناس» رواه مسلم، ولما روى الشعبي قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس، وقال: «السلام عليكم» ويحمد الله ويثني عليه ويقرأ سورة، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب ثم ينزل وكان أبو بكر وعمر يفعلانه»

س388: اذكر ما تستحضره من سنن الخطبتين، والأدلة الدالة على ذلك؟

رواه الأثرم، وقيل: لا يشترط قراءة آية، فلو قرأ ما تضمن الحمد والموعظة ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم أجزأه. رابعًا: الوصية بتقوى الله عز وجل؛ لأنها المقصود بالخطبة، فلم يجز الإخلال بها، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعظم. وعن جابر بن سمرة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب قائمًا ويجلس بين الخطبتين ويقرأ آيات ويذكر الناس» روه الجماعة إلا البخاري والترمذي، وعنه أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه كان لا يطيل الموعظة يوم الجمعة إنما هي كلمات يسيرات» رواه أبو داود. خامسًا: موالاتهما مع الصلاة؛ لأنه لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم خلافه، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» ولما ورد لأحمد والنسائي «كان بلال يؤذن إذا جلس النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر ويقيم إذا نزل» وهذا يدل على الموالاة. سادسًا: النية، لحديث: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» . سابعًا: حضور العدد المعتبر، قال في «الشرح الكبير» : فصل ويشترط حضور العدد المشترط في القدر الواجب من الخطبتين، وقال أبو حنيفة في رواية أبي داود عنه: لا يشترط؛ لأنه ذكر يتقدم الصلاة فلم يشترط له العدد؛ كالأذان ولنا أنه ذكر من شرائط الجمعة فكان من شرطه العدد، وكتكبيرة الإحرام ويفارق الأذان؛ فإنه ليس بشرط، وإنما مقصوده الإعلام والإعلام للغائبين، والخطبة مقصودها الموعظة فهي للحاضرين. اهـ. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س388: اذكر ما تستحضره من سنن الخطبتين، والأدلة الدالة على ذلك؟

ج: أولاً: الطهارة من الحدث والجنابة، فتصح خطبة جنب كأذانه، وعنه أنها من شرائطها؛ لأنه –عليه الصلاة والسلام- لم يكن يفصل بين الخطبة والصلاة بطهارة، فدل على أنه كان متطهرًا. ثانيًا: ستر العورة. ثالثًا: إزالة النجاسة قياسًا؛ لأن الخطبتين بدل ركعتين؛ لقول عمر وعائشة: «قصرت الصلاة لأجل الخطبة» . رابعًا: الدعاء للمسلمين «لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب يوم الجمعة دعا وأشار بأصبعه وأمن الناس» رواه حرب في مسائله؛ ولأن الدعاء لهم مسنون من غير الخطبة ففيها أولى. خامسًا: أن يتولاهما من يتولى الصلاة. قال أحمد في الإمام يخطب يوم الجمعة ويصلي الأمير بالناس: لا بأس إذا حضر الأمير الخطبة؛ لأنه لا يشترط اتصالها بها، فلم يشترط أن يتولاهما واحد كصلاتين. سادسًا: رفع الصوت بهما حسب الطاقة، لما ورد عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته» الحديث رواه مسلم. سابعًا: أن يخطب قائمًا على مرتفع معتمدًا على قوس أو عصا؛ أما الدليل على كونه قائمًا، فلقوله تعالى: {وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} قال جابر بن سمرة: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائمًا، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائمًا» فمن نبأك أنه يخطب جالسًا فقد كذب، فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة، رواه أحمد ومسلم وأبو داود؛ وأما الدليل على كونه معتمدًا على قوس أو عصا، فلما ورد عن الحكم بن حزن الكلفي قال: «قدمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم سابع سبعة أو تاسع تسعة فلبثنا عنده أيامًا شهدنا فيها الجمعة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئًا على قوس أو قال على عصا،

فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات، ثم قال: «أيها الناس إنكم لن تفعلوا أو لن تطيقوا كل ما آمركم ولكن سددوا وابشروا» » رواه أحمد وأبو داود. قال ابن القيم –رحمه الله في «زاد المعاد» (1/242) : ولم يكن يأخذ بيده سيفًا ولا غيره، وإنما يعتمد على قوس أو عصا قبل أن يتخذ المنبر، وكان في الحرب يعتمد على قوس، وفي الجمعة على عصا، ولم يحفظ عنه أنه اعتمد على سيف ولم يظنه بعض الجهال أنه كان يعتمد على السيف دائمًا وأن ذلك إشارة إلى أن الدين قام بالسيف فمن فرط جهله. اهـ. قال الشيخ سليمان بن سحمان الناظم لبعض اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمهما الله-: وما كان من هدي النبي اعتماده ... على السيف إذ لا نص فيه لمهتد ولكن يكون الاعتماد على العصى ... أو القوس ذا هدى النبي محمد وما ظنه الجهال أن اعتماده ... على السيف فيما يزعمون لمقصد إشارة إظهار لدين أتى به ... فزعم بعيد الرشد غير مسدد ثامنًا: أن يجلس بينهما قليلاً، لقول ابن عمر «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين وهو قائم يفصل بينهما بجلوس» متفق عليه؛ فإن أبى أو خطب وهو جالس فصل بينهما بسكتة ليحصل التمييز بينهما، وليست واجبة؛ لأن جماعة من الصحابة سردوا الخطبتين من غير جلوس منهم: المغيرة، وأبي بن كعب، قال أحمد: ولا بأس أن يخطب من صحيفة كقراءة في الصلاة من مصحف. تاسعًا: قصر الخطبتين، لما روي عن عمار بن ياسر قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة» رواه أحمد ومسلم، وعن

س389: ما صفة صلاة الجمعة؟ وما دليلها؟

جابر بن سمرة قال: «كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قصدًا وخطبته قصدًا» رواه الجماعة إلا البخاري، وأبا داود. وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيل الصلاة ويقصر الخطبة» رواه النسائي. عاشرًا: أن يسلم على المأمومين إذا أقبل عليهم، لما روى ابن ماجه عن جابر - رضي الله عنه - قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر سلم» رواه الأثرم عن أبي بكر، وعمر، وابن مسعود، وابن الزبير - رضي الله عنهم -، ورد هذا السلام وكل سلام فرض كفاية على المسلم عليهم، وقيل: سُّنة كابتدائه. الحادي عشر: جلوسه حتى يؤذن، وذلك لما روى ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ المؤذن ثم يقوم فيخطب» رواه أبو داود مختصرًا. الثاني عشر: أن يقصد الخطيب تلقاء وجهه فلا يلتفت يمينًا وشمالاً لفعله صلى الله عليه وسلم؛ ولأنه أقرب إلى أسماعهم كلهم، ولا بأس أن يشير بأصبعه في الدعاء، لما ورد عن حصين بن عبد الرحمن قال: «كنت إلى جنب عمارة بن رويبة وبشر بن مروان يخطبنا، فلما دعا رفع يديه، فقال عمار: قبح الله هاتين اليدين، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يخطب إذا دعا يقول هكذا فرفع السبابة وحدها» رواه أحمد والترمذي بمعناه وصححه. س389: ما صفة صلاة الجمعة؟ وما دليلها؟ ج: صلاة الجمعة ركعتان، وذلك بالإجماع حكاه ابن المنذر، وقال عمر - رضي الله عنه -: «صلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم وقد خاب من افترى» رواه أحمد، وابن ماجه يسن أن يجهر فيهما

س390: ما المسنون قراءته في صلاتها؟ وما هو الدليل عليه؟

بالقراءة. قال الأئمة: لفعله –عليه الصلاة والسلام- ونقله الخلف عن السلف. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم «صلاة النهار عجماء إلا الجمعة والعيدين» . س390: ما المسنون قراءته في صلاتها؟ وما هو الدليل عليه؟ ج: يسن أن يقرأ جهرًا في الأولى بالجمعة، وفي الثانية بالمنافقين بعد الفاتحة، وإن قرأ بالأولى بسبح، وفي الثانية بالغاشية فحسن، لما ورد عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين» رواه مسلم، ولعن عن النعمان ن بشير قال: «كان يقرأ في العيدين والجمعة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ} » رواه أبو داود والنسائي. س391: ما المسنون أن يقرأه في فجرها؟ وما الدليل عليه؟ وما الحكمة في ذلك؟ ج: يُسن أن يقرأ في فجرها (الم السجدة) ، وفي الركعة الثانية {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ} ، لما ورد عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ يوم الجمعة في صلاة الصبح (الم تنزيل السجدة) ، و {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ} » الحديث رواه مسلم وأبو داود والنسائي، وعن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة (الم تنزيل) ، و {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ} » رواه الجماعة إلا الترمذي وأبا داود؛ ولكنه لهما من حديث ابن عباس، والحكمة قيل: لتضمنها ابتداء خلق السموات والأرض وخلق الإنسان. س392: ما حكم إقامة الجمعة والعيدين في أكثر من موضع من البلد؟ وضح ذلك.

س393: إذا وقع عيد في يوم الجمعة فما الحكم؟ وما دليل الحكم؟ وضح ذلك

ج: تحرم إقامتها وعيد في أكثر من موضع من البلد إلا لحاجة؛ لأنهما لم يكونا يفعلا في عهده وعهد خلفائه إلا كذلك، وقال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» وإما لحاجة كضيق مسجد البلد، وكتباعد أقطار البلد فيشق على من منزله بعيد عن محل الجمعة، وكخوف فتنة ونحوه. س393: إذا وقع عيد في يوم الجمعة فما الحكم؟ وما دليل الحكم؟ وضح ذلك ج: إذا وقع عيد في يوم الجمعة سقطت الجمعة عمن حضر العيد مع الإمام سقوط حضور لا سقوط وجوب؛ وأما الإمام فلا يسقط عنه حضور الجمعة لما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون» رواه أبو داود وابن ماجه، وعن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - وسأله معاوية: «هل شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا؟ قال: نعم، صلى العيد أول النهار ثم رخص في الجمعة، فقال: «من شاء أن يجمع فليجمع» » رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. س394: كم أقل السنة بعد الجمعة؟ وكم أكثرها؟ واذكر الأدلة على ما تذكر. ج: أقل السُّنة الراتبة بعد الجمعة ركعتان، لحديث ابن عمر مرفوعًا: «كان يصلي بعد الجمعة ركعتين» متفق عليه، وأكثرها ست ركعات، لقول ابن عمر: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله» رواه أبو داود، ولا راتبة لها قبلها ويستحب أربع ركعات، لما روى ابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم كان يركع من قبل الجمعة أربعًا، وروى سعيد عن ابن مسعود أنه كان يصلي قبل الجمعة أربع ركعات وبعدها أربع ركعات، وقال عبد الله: رأيت أبي يصلي في المسجد إذا أذن المؤذن ركعات، ويُسن أن يفصل بين السُّنة وبين الجمعة بكلام أو انتقال. س395: بين إلى كم تنقسم خصائص الجمعة؟ ومثل لكل قسم.

س396: اذكر ما تستحضره مما يسن قبل صلاة الجمعة وبعدها؟

ج: إلى ثلاثة أقسام: قسم قبل الصلاة. القسم الثاني: في كل يومها. القسم الثالث: بينهما بحسب ما ورد. ومثال الأول: كالاغتسال والطيب. ومثال الثاني: كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والذكر والدعاء. ومثال الثالث: كقراءة سورة الكهف في يومها ومنه ساعة الإجابة. س396: اذكر ما تستحضره مما يُسن قبل صلاة الجمعة وبعدها؟ ج: يُسن قراءة سورة الكهف في يومها، وكثرة دعاء وأفضله بعد العصر، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وغسل لها فيه وأفضله عند مضيه وتنظف وتطيب، ولبسُ أحسن ثيابه، وهو البياض، وتبكير غير إمام بعد طلوع الفجر ماشيًا إن لم يكن عذر، ولا بأس بركوبه لعذر وعود، وأن يخرج إليها على أحسن هيئة بسكينة ووقار مع خشوع، ويدنو من الإمام، وأن يستقبل القبلة وأن يشتغل بذكر الله تعالى، وأفضله قراءة القرآن. س397: اذكر ما تستحضره من أدلة ما تقدم مما يُسن قبل صلاة الجمعة وبعدها؟ ج: أما دليل الغسل، فهو ما ورد عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «على كل مسلم الغسل يوم الجمعة ويلبس من صالح ثيابه وإن كان له طيب مس منه» رواه أحمد؛ وأما الطيب والإنصات، فهو ما ورد عن سلمان الفارسي قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر بما استطاع من ظهر، ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته، ثم يروج إلى المسجد ولا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب الله له، ثم ينصت للإمام إذا تكلم إلا غفر الله له ما بينه وبين الجمعة إلى الجمعة الأخرى» رواه أحمد والبخاري؛ وأما التبكير: فهو ما ورد عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح، فكأنما قرب بدنة، ومن راح

في الساعة الثانية، فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن، ومن راح من الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر» رواه الجماعة إلا ابن ماجه؛ وأما الدنو من الإمام، فلما ورد عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «احضروا الذكر وادنوا من الإمام؛ فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة وإن دخلها» رواه أحمد وأبو داود. وأما دليل الإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فيها فهو ما ورد عن أوس بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق الله آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة وفيه الصعفة، فأكثروا علي من الصلاة فيه» الحديث رواه الخمسة إلا الترمذي. وأما الدليل على كثرة الدعاء، فهو ما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم وهو قائم يصلي يسأل خيرًا إلا أعطاه إياه، وقال: بيده قلنا يقللها يعني يزدهدها» رواه الجماعة إلا أن الترمذي وأبا داود لم يذكر القيام ولا تقليلها؛ وأما الدليل على استحباب قراءة سورة الكهف، فهو ما روى البيهقي بإسناد حسن عن أبي سعيد مرفوعًا: «من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين» ؛ وأما المشي إليها بسكينة ووقار، فلما ورد عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم بالسكينة والوقار» الحديث متفق عليه؛ وأما استقبال القبلة، فلما أخرجه الطبراني بإسناد حسن عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لكل شيء سيدًا وإن سيد المجالس قبالة القبلة» وأخرج نحوه في «الأوسط» من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ، ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يدعو في الاستسقاء

س398: متى يجب السعي إلى الجمعة؟ واذكر الدليل.

استقبل القبلة كما في البخاري وغيره، وقد استقبل القبلة صلى الله عليه وسلم في غير موطن كما في يوم بدر. س398: متى يجب السعي إلى الجمعة؟ واذكر الدليل. ج: يجب السعي إليها بالنداء الثاني الذي بين يدي الخطيب، لقوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ} الآية؛ لأنه الذي كان على عهده صلى الله عليه وسلم، ولا يجب بالأول؛ لأنه مستحب، ولأن عثمان سنه وعملت به الأمة. س399: ما حكم تخطي رقاب الناس؟ وما دليل الحكم؟ ج: يكره أن يتخطى رقاب الناس إلا أن يكون إمامًا فلا يكره أو إلى فرجة لا يصل إليها إلا به، والدليل على الكراهة قوله –عليه الصلاة والسلام- وهو على المنبر لرجل رآه يتخطى رقاب الناس: «اجلس فقد آذيت» رواه أحمد؛ وأما من رأى فرجة فيباح إلى أن يصل غليها لإسقاطهم حقهم بتأخرهم عنها. س400: ما حكم إيثار الإنسان غيره بمكانه الفاضل؟ وما حكم وضع مصلى في المسجد؟ ج: يكره إيثار غيره بمكان أفضل ويجلس فيما دونه؛ لأنه رغبة عن الخير، ولا يكره للمؤثر قبوله ولا رده، وقام رجل لأحمد من موضعه فأبى أن يجلس فيه، وقال: ارجع إلى موضعك، فرجع إليه، نقله سندي. وأما فرش المصلى، فقال في «الاختيارات الفقهية» في (ص81) : وإذا فرش مصلى ولم يجلس عليه ليس له ذلك ولغيره رفعه في أظهر قولي العلماء. قلت: ومثله وضع النعل والعصا، وتقديم الخادم والولد ثم إذا حضر قام عنه وجلس فيه، فهذا لا يجوز فيما أرى. والله أعلم. قال الشيخ سليمان بن سحمان الناظم لبعض اختيارات شيخ الإسلام: ووضع المصلى في المساجد بدعة ... وليس من الهادي القويم محمد

س401: إذا قام إنسان في موضعه وزاحمه عليه آخر فأيهما أحق؟

وتقديمه في الصف حجر لروضة ... وغضب لها عن داخل متعبد ويشبهه وضع العصا وحكمها ... كحكم المصلى في ابتداع التعبد بلى مستحب أن يمطا ويرفعا ... عن الداخلين الراكعين بمسجد لئن لم يكن هذا بنص مقرر ... ولا فعل أصحاب النبي محمد فخير الأمور السالفات على الهدى ... وشر الأمور المحدثات فبعد س401: إذا قام إنسان في موضعه وزاحمه عليه آخر فأيهما أحق؟ ج: من قام من موضعه لعارض لحقه ثم عاد إليه قريبًا فهو أحق به، لحديث مسلم عن أبي أيوب مرفوعًا: «من قام من مجلسه ثم عاد إليه فهو أحق به، ومن لم يصل إليه إلا بالتخطي فكمن رأى فرجه» . س402: ما حكم إقامة الغير من مكانه والجلوس فيه؟ ج: يحرم أن يقيم غيره فيجلس مكانه ولو عبده الكبير أو ولده الكبير أو كانت عادته الصلاة فيه حتى المعلم، لحديث ابن عمر - رضي الله عنه -: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم الرجل أخاه من مقعده ويجلس فيه» متفق عليه. ولا يتخطى الناس إلا إمامهم ... وراء مكانًا خاليًا في المؤكد ويحرم رفع الغير عن بقعة له ... ويكره إيثار المساوي بمقعد س403: ما حكم تحية المسجد لمن دخل والإمام يخطب؟ ج: تسن تحية المسجد ركعتان لكل من دخله قصد الجلوس أو لا غير خطيب دخل للخطبة، وغير داخله والإمام في مكتوبة، وبعد شروع في إقامة، وغير داخل المسجد الحرام؛ لأن تحيته الطواف وينتظر من دخل حال الأذان فراغ مؤذن لتحية مسجد ليجيب المؤذن ثم يصليها ليجمع بين الفضيلتين، وإن جلس قبل التحية قام فأتى بها، لقوله صلى الله عليه وسلم: «قم فاركع ركعتين» متفق عليه من حديث جابر؛ فإن طال الفصل فات محلها، وتقدم حديث أبي قتادة في باب أوقات النهي.

س404: ما حكم الكلام والإمام يخطب؟

س404: ما حكم الكلام والإمام يخطب؟ ج: يحرم الكلام والإمام يخطب إن كان المتكلم من الإمام بحيث يسمعه إلا له أو لمن كلمه لمصلحة ويجب الكلام والإمام يخطب لتحذير ضرير عن هلكة، وتحذير غافل عن هلكة وبئر ونحوه كقطع الصلاة لذلك وأولى ويباح إذا سكت الخطيب بين الخطبتين وإذا شرع في الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر. س405: اذكر ما تستحضره من الأدلة لما تقدم؟ ج: أما دليل التحريم في حق من هو منه بحيث يسمعه، فقوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا} قال أكثر المفسرين: إنما نزلت في الخطبة، وسميت قرآنًا لاشتمالها عليه، ولخبر الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: «إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت، واللغو الإثم» ، ولقوله: «من قال صه فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له» رواه أحمد وأبو داود، ولقوله صلى الله عليه وسلم في خبر ابن عباس: «والذي يقول أنصت ليس له جمعة» رواه أحمد، ولقوله صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء: «إذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى يفرغ» رواه أحمد؛ وأما الدليل على جوازه للخطيب أو لمن كلمه لمصلحة، فمن ذلك حديث أنس قال: «جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يوم الجمعة، فقال: متى الساعة؟ فأشار الناس إليه أن اسكت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الثالثة: «ما أعددت لها؟» قال: حب الله ورسوله، قال: «إنك مع من أحببت» » رواه البيهقي بإسناد صحيح؛ ولأنه كلم سليكًا وكلمه هو رواه ابن ماجه بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة، وسأل عمر، وعثمان فأجابه، وسأل العباس ابن مرداس الاستسقاء؛ ولأنه حال كلام الإمام وكلام الإمام إياه لا يشغل عن سماع الخطبة.

باب صلاة العيدين

56- باب صلاة العيدين س406: ما حكم صلاة العيدين؟ وما الأصل في مشروعيتها؟ ج: صلاة العيدين فرض كفاية، والأصل في ذلك الكتاب والسُّنة والإجماع؛ أما الكتاب فقوله عز وجل: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} المشهور في التفسير أن المراد بها صلاة العيد؛ وأما السُّنة: فثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي صلاة العيدين. قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: «شهدت صلاة الفطر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر كلهم يصليها قبل الخطبة» متفق عليه. وأجمع المسلمون على صلاة العيدين؛ ولأنها من أعلام الدين الظاهرة، فكانت واجبة كالجهاد، ولا تجب على الأعيان، لحديث الأعرابي حين ذكر له خمس صلوات، قال: هل علي غيرها؟ قال: «لا، إلا أن تطوع» الحديث متفق عليه، وروي أن أول صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم عيد الفطر في السنة الثانية من الهجرة، وواظب على صلاة العيدين. س407: بين ماذا يعمل مع من تركها وحدد وقتها وإذا خرج وقتها فهل تقضى؟ ج: إن تركها أهل بلد قاتلهم الإمام كالأذان؛ لأنها من شعائر الإسلام الظاهرة، وفي تركها تهاون بالدين، ووقتها كوقت صلاة الضحى من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى قبيل الزوال؛ فإن لم يعلم بالعيد إلا بعد خروج الوقت صلوا من الغد قضاء؛ أما دليل وقتها، لأنه صلى الله عليه وسلم وخلفاءه كانوا يصلونها بعد ارتفاع الشمس؛ وأما الدليل على قضائها من الغد، فلحديث أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار، قالوا: «غم علينا هلال شوال فأصبحنا صيامًا، فجاء ركب من آخر النهار، فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر الناس أن يفطروا من يومهم وأن يخرجوا لعيدهم من الغد» رواه الخمسة إلا الترمذي وصححه إسحاق والخطابي؛ ولأن العيد شرع له

س408: هل تصلى صلاة العيد في البلد أم في الصحراء؟ وهل الأولى تقديم الصلاة أم التأخير أم فيه تفضيل؟ وضح ذلك مع ذكر الأدلة.

الاجتماع العام وله وظائف دينية ودنيوية وآخر النهار مظنة الضيق عن ذلك غالبًا. وإن صلاة العيد فرض كفاية ... يقاتل آب فعلها بالمهند ومن قيد رمح مبتدأ وقت فعلها ... إلى أن تزول الشمس بعد التكبد وإن لم يحط العيد علمًا بيومه ... إلى أن تزول الشمس صلوا من الغد س408: هل تُصلى صلاة العيد في البلد أم في الصحراء؟ وهل الأولى تقديم الصلاة أم التأخير أم فيه تفضيل؟ وضح ذلك مع ذكر الأدلة. ج: تسن في صحراء قريبة عرفًا من بنيان، لحديث أبي سعيد «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في الفطر والأضحى إلى المصلى» متفق عليه. وكذا الخلفاء بعده؛ ولأنه أوقع هيبة وأظهر شعارًا، ولا مشقة لعدم تكررها، ويُسن تقدم صلاة الأضحى وتأخير صلاة الفطر، لما روى الشافعي مرسلاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم «أن عجل الأضحى، وأخر الفطر، وذكر الناس» ولأنه يتسع بذلك وقت الأضحية ووقت صلاة الفطر. وتأخير فرض الفطر والأكل قبله ... وعكسهما في النحر سُّنة مرشد وتكره في البنيان من غير حاجة ... وليس بمكروه لعذر بمسجد س409: اذكر ما تستحضره مما يسن غير ما تقدم؟ ج: يُسن أكل في عيد فطر قبل الخروج، ويُسن الإمساك عن الأكل في الأضحى حتى يصلي ليأكل من أضحيته إن ضحى، والأولى من كيدها، وإن لم يضح خير بين أكل قبل خروج وتركه. ثالثًا: يُسن غسل لصلاة العيد في يومه. رابعًا: يُسن تبكير مأموم بعد صلاة الصبح ما يشاء إن لم يكن عذر،

س410: اذكر ما تستحضره من الأدلة مشيرا إلى ما تقدم مما يسن؟

ودنو من الإمام، وتأخير إمام إلى وقت الصلاة على أحسن هيئة من لبس وتطيب ونحوه، ويُسن أن يرجع من طريق غير الذي جاء منه إليها، ويستحب للإمام أن يستخلف من يصلي بضعفة الناس في المسجد، ويخطب بهم إن شاءوا وهو المستحب، والأولى ألا يصلوا قبل الإمام وإن صلوا قبله فلا بأس، رأيهما سبق سقط الفرض به وجازت التضحية. ومغتسلاً بكر إليها وماشيًا ... بأحسن زي في سوى أول عد ومن أم أخر مخرجًا لاجتماعهم ... ومعتكف يبقى ثياب التعبد ومن شرط عيد عدة وتوطن ... وليس بشرط فيه إذن المقلد س410: اذكر ما تستحضره من الأدلة مشيرًا إلى ما تقدم مما يُسن؟ ج: أما الأكل في الفطر والإمساك في الأضحى عن الأكل حتى يضحي، فلما ورد عن ابن بريدة ـ رضي الله عنهما ـ قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم، ولا يطعم يوم الأضحى حتى يصلي» رواه أحمد والترمذي، وصححه ابن حبان؛ وأما الغسل لصلاة العيد، فلما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في يوم جمعة من الجمع: «إن هذا يوم جعله الله عيدًا للمسلمين فاغتسلوا» ، ولما روي أن عليًّا وابن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ كانا يغتسلان، ولأنه يوم يجمع فيه الكافة للصلاة، فسن الغسل فيه لحضورها كالجمعة؛ وأما التبكير فلأجل أن يحصل له الدنو من الإمام من غير تخط وانتظار الصلاة فيكثر ثوابه وأما كونه على أحسن هيئة، فلما روى جابر - رضي الله عنه - «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتم ويلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة» رواه ابن عبد البر، وعن ابن عمر رضي الله عنهما «أنه كان يلبس في العيدين أحسن ثيابه» رواه البيهقي، ويكون مظهرًا للتكبير؛ وأما مخالفة الطريق، فلما روى جابر - رضي الله عنه - «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج إلى العيد خالف الطريق» رواه البخاري، وعن أبي هريرة قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى

س411: ما الذي يشترط لها؟ وما حكم حضور صلاة العيد للنساء؟

العيد يرجع في غير الطريق الذي خرج فيه» رواه أحمد ومسلم والترمذي، وعن ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ يوم العيد في طريق» رواه أبو داود، وابن ماجه؛ وأما الاستخلاف بضعفة الناس، فلفعل علي حيث استخلف أبا مسعود البدري. رواه سعيد. س411: ما الذي يشترط لها؟ وما حكم حضور صلاة العيد للنساء؟ ج: ومن شرطها استطيان، وعدد الجمعة، والوقت، ولا يشترط إذن الإمام؛ أما الاستيطان، فلأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصلها في سفره ولا خلفاؤه، وكذلك العدد المشترط؛ لأنها صلاة عيد، فأشبهت الجمعة؛ وأما دخول الوقت فكسائر المؤقتات؛ وأما النساء فلا بأس بحضورها لهن غير مطيبات ولا لابسات ثياب زينة أو شهرة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «وليخرجن تفلات ويعتزلن الرجال» ، ويعتزل الحيض المصلى بحيث يسمعن لحديث أم عطية -رضي الله عنها- قالت: «أمرنا أن نخرج العواتق والحيض في العيدين يشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزل الحيض المصلى» متفق عليه. س412: بأي شيء يبدأ الإمام إذا أتى؟ وما هو الدليل؟ ج: يبدأ بالصلاة فيصلي ركعتين، لما روى ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعثمان رضي الله عنهم يلون العيدين قبل الخطبة» متفق عليه. وفي «الصحيحين» عن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما» ، ولقول عمر: «صلاة الفطر والأضحى ركعتان ركعتان تمام غير قصر على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم، وقد خاب من افترى» رواه أحمد. س413: ما صفة صلاة العيدين؟ وهل لها أذان وإقامة؟

س414: ما الدليل على تكبيرات صلاة العيد؟ والذكر الذي بينهما؟

ج: صلاة العيدين ركعتين يكبر في الأولى بعد تكبيرة الإحرام، وقيل: التعوذ ستًا، وفي الثانية قبل القراءة خمسًا، يرفع يديه مع كل تكبيرة، ويقول: الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليمًا كثيرًا، وإن أحب قال غير ذلك، ولا يأتي بذكر بعد التكبيرة الأخيرة فيهما، ثم يقرأ جهرًا الفاتحة ثم سبح في الأولى، ثم الغاشية في الثانية، ولا نداء ولا إقامة للعيد، لما روي عن ابن عباس وجابر، ولم يكن يؤذن يوم الفطر حين خروج الإمام ولا بعد ما يخرج ولا إقامة ولا نداء ولا شيء. متفق عليه. وللعيد فافهم لا تؤذن ولا تقم ... وبالفرض قبل الخطبتين لتبتد وكبر لإحرام وستًا عقيب ما ... به استفتحوا ثم استعذ بعد ترشد وخمسًا فكبر بعد تكبير نهضة ... لثانية مع كلها رافع اليد وخذ كلما كبر في الحمد والثنا ... وصل على خير الهداة محمد ويقرأ في الأولى بسبح وبعدها ... بغاشية جهرًا بغير تبلد س414: ما الدليل على تكبيرات صلاة العيد؟ والذكر الذي بينهما؟ ج: دليل التكبيرات الزوائد حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم «أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في عيد اثنتي عشرة تكبيرة سبعًا في الأولى وخمسًا في الأخرى» إسناده حسن رواه أحمد، وابن ماجه، وصححه ابن المديني، وعن عائشة مرفوعًا: «التكبير في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرتي الركوع» رواه أبو داود، واعتددنا بتكبيرة الإحرام؛

س415: ماذا يفعل بعد صلاة العيد؟ واذكر الدليل على ما تقول.

لأنها في حال القيام ولم تعتد بتكبيرة القيام لأنها قبله، قاله في الكافي؛ وأما الذكر الذي بينهما، فدليله ما روى عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: «سألت ابن مسعود - رضي الله عنه - عما يقوله بعد تكبيرات العيد، قال: «يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم» » رواه الأثرم وحرب، واحتج به أحمد –رحمه الله-، وإذا شك في عدد الركعات بنى على الأقل، وإذا نسي التكبير حتى ركع سقط ولم يأت به؛ لأنه سنة فات محلها؛ وأما الدليل على رفع اليدين مع كل تكبيرة فلحديث وائل بن حجر «أنه –عليه السلام- كان يرفع يديه مع التكبير» قال أحمد: فأرى أن يدخل فيه هذا كله؛ ولأن ابن عمر كان يرفع يديه مع كل تكبيرة في الجنازة والعيد، وعن زيد كذلك رواهما الأثرم؛ وأما الدليل على قراءة سبح والغاشية فيها، فهو ما روى سمرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية» رواه أحمد، وعن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - قال: «كان يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية» رواه مسلم. س415: ماذا يفعل بعد صلاة العيد؟ واذكر الدليل على ما تقول. ج: إذا سلم خطب خطبتين وأحكامهما كخطبتي جمعة حتى في الكلام إلا في التكبير مع الخاطب، وسن أن يستفتح الأولى بتسع تكبيرات، والثانية بسبع نسقًا قائمًا، لما روى سعيد عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: يكبر الإمام يوم العيد قبل أن يخطب تسع تكبيرات، وفي الثانية سبع تكبيرات «ويكثر التكبير بين أضعاف الخطبة، لقول سعد المؤذن «كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر بين أضعاف الخطبة يكثر التكبير في خطبة العيدين» » رواه ابن ماجه. قال الناظم: وبعد الصلاة اخطب هنا مثل جمعة ... وبينهما لا قبل في وجه اقعد

س416: إذا فاتت صلاة العيد فهل تقضى؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل.

ويستفتح الأولى بتسع مكبرا ... وثانية في السبع فاحسب وعدد فإن كنت في فطر فبين زكاته ... وإن كنت في أضحى فلنحر أرشد وما زاد في التكبير والذكر بينه ... مع الخطبتين احفظ تسد ندب مرشد س416: إذا فاتت صلاة العيد فهل تقضى؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل. ج: يُسن لمن فاتته قضاؤها في يومها قبل الزوال وبعده على صفتها، لما روي عن أنس إذا لم يشهدها مع الإمام بالبصرة جمع أهله ومواليه، ثم قام عبد الله بن عتبة مولاه، فصلى بهم ركعتين يكبر فيهما وكسائر الصلوات كمدرك إمام في التشهد، لعموم «ما أدركتم صلوا، وما فاتكم فاقضوا» وإن أدركه بعد التكبير الزوائد أو بعد بعضه لم يأت به. س417: ما هو التكبير المطلق؟ وما صفته؟ وما حكمه؟ وضح ذلك. ج: المطلق: هو الذي لم يقيد بكونه عقب المكتوبات، وصفته: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد ويجزئ مرة واحدة إن زاد فلا بأس وإن كرره فحسن. وحكمه: أنه مسنون، وإظهاره وجهر غير أنثى به في المساجد، والمنازل، والطرق حضرًا وسفرًا في كل موضع يجوز فيه ذكر الله في ليلتي العيدين في حق كل من كان من أهل الصلاة من مميز، وبالغ حرًا أو عبدًا، ذكرًا أو أنثى من أهل القرى والأمصار، لعموم قوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} . س418: متى ابتداء التكبير المطلق؟ ومتى انتهاؤه؟ ومتى يبتدئ المقيد؟ ج: يبتدئ التكبير المطلق من ابتداء عشر ذي الحجة، ويتأكد من ابتداء ليلتي العيدين، ومن الخروج إليهما إلى فراغ الخطبة فيهما، ثم إذا فرغت الخطبة يقطع التكبير المطلق لانتهاء وقته، والمقيد وهو ما كان عقب

س419: ما هو دليل التكبير المطلق في العيدين وفي عشر ذي الحجة؟

الفرائض يبدأ به المحل من فجر يوم عرفة والمحرم من ظهر النحر، وينتهي التكبير إلى عصر آخر أيام التشريق. س419: ما هو دليل التكبير المطلق في العيدين وفي عشر ذي الحجة؟ ج: قوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} وعن علي - رضي الله عنه - أنه كان يكبر حتى يسمع أهل الطريق، وقال الإمام أحمد: كان ابن عمر يكبر في العيدين جميعًا، وأوجبه داود في الفطر لظاهر الآية، وليس فيها أمر وإنما أخبر عن إرادته تعالى، قال في «المغني» : وروى الدارقطني أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى، ثم يكبر حتى يأتي الإمام، وفي كل عشر ذي الحجة ولو لم يرى بهيمة الأنعام. قال البخاري: كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما. س420: ما هو دليل التكبير المقيد؟ ج: ما روى جابر - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح من غداة عرفة أقبل على أصحابه، فيقول: «مكانكم» ، ويقول: «الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد فيكبر» فيكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق» رواه الدارقطني، قيل لأحمد: تذهب إلى فعل ابن عمر لا يكبر إذا صلى وحده؟ , قال: نعم، وقال ابن مسعود: «إنما التكبير على من صلى في جماعة» رواه ابن المنذر، ولا بأس بقوله لغيره: تقبل الله منا ومنك نصًا، قال: لا بأس يرويه أهل الشام عن واثلة ابن الأسقع. س421: ما هي الأيام المعلومات؟ وما هي الأيام المعدودات؟ ج: أيام العشر هي الأيام المعلومات، وأيام التشريق هي الأيام المعدودات. ذكره البخاري عن ابن عباس. قال في «مختصر النظم» :

س422: اذكر ما تستحضره من الفروق بين العيدين والجمعة؟

وليلتي العيدين كبر وإنه ... بليلة عيد الفطر أولى فوكد وفي قصد فرض العيد أعلنه ماشيًا ... وفي كل عشر النحر غير مقيد وفي يوم تعريف فكبر معظمًا ... عقيب صلاة الفجر شفعًا تؤيد وفي النحر بعد الظهر إن كنت محرمًا ... وعصر انتها التشريق كل ليحدد إمامًا ومأمومًا وعنه ومفردا ... عقيب صلاة الفرض لا النفل قيد س422: اذكر ما تستحضره من الفروق بين العيدين والجمعة؟ ج: أولاً: إن الجمعة إذا فاتت لا تقضى، بل يصلون ظهرًا؛ وأما العيد فتقضى بنظير وقتها. ثانيًا: أنه يشرع في صلاة العيد تكبيرات زوائد في كل ركعة في الأولى ستًا بعد تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمسًا بعد تكبيرة الانتقال لما تقدم في جواب سؤال سابق. ثالثًا: إن صلاة الجمعة المشروع أن تكون في قصبة؛ وأما العيد فالمشروع أن تكون في الصحراء إلا لعذر، لقول أبي سعيد: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في الفطر والأضحى إلى المصلى» متفق عليه، وكذا الخلفاء بعده؛ ولأنه أوقع لهيبة الإسلام وأظهر لشعائر الدين. رابعًا: وجوب فطر يوم العيد دون الجمعة، لما ورد عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنه نهى عن صوم يومين، يوم الفطر ويوم النحر» متفق عليه. خامسًا: المخالفة في الطريق في العيد، لحديث جابر وأبي هريرة وتقدما في جواب سؤال سابق.

سادسًا: إن الجمعة فرض عين بالإجماع، وأما العيدان ففيهما خلاف. سابعًا: إن في الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله عز وجل خيرًا إلا أعطاه إياه، وتقدم حديث أبي هريرة في جواب سؤال سابق. ثامنًا: إن صلاة الجمعة يندب لتاركها بلا عذر أن يتصدق بدينار أو نصف على التخيير، لما أخرج أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم وابن ماجه عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ترك الجمعة من غير عذر فليتصدق بدينار؛ فإن لم يجد فبنصف دينار» . تاسعًا: إن صلاة الجمعة من تركها تهاونًا وكسلاً طبع الله على قلبه، لما تقدم في جواب سؤال سابق. عاشرًا: مشروعية خروج النساء في العيدين إلى المصلى من غير فرق بين البكر، والثيب، والعجوز، والشابة، والحائض ما لم تكن الأنثى معتدة أو كان في خروجها فتنة أو كان لها عذر، لحديث أم عطية وتقدم في جواب سؤال سابق. الحادي عشر: إن صلاة الجمعة بعد الخطبة، وأما العيد فصلاتها تتقدم على خطبتها، لما تقدم في جواب سؤال سابق. وأما الدليل على تقدم الخطبة على الصلاة في الجمعة، فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ} . وعن ثعلبة بن أبي مالك قال: «كانوا يتحدثون يوم الجمعة وعمر جالس على المنبر، فإذا سكت المؤذن قام عمر فلم يتكلم أحد حتى يقضي الخطبتين كلتيهما فإذا قامت الصلاة ونزل عمر تكلموا» رواه الشافعي في «مسنده» ، وفي «الموطأ»

أن عثمان بن عفان كان يقول في خطبته، قلما يدع ذلك إذا خطب «إذا قام الإمام يخطب يوم الجمعة فاستمعوا وأنصتوا؛ فإن للمنصت الذي لا يسمع من الحظ مثل ما للمنصت السامع فإذا قامت الصلاة فاعدلوا الصفوف» الحديث. وفي حديث أبي هريرة الذي رواه مسلم: «ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته ثم يصلي معه» الحديث. الثاني عشر: إن الجمعة ينادي لها ويقام؛ وأما العيد فبغير أذان ولا إقامة، لما ورد عن ابن عباس وجابر «لم يكن يؤذن يوم الفطر حين خروج الإمام ولا بعد ما يخرج ولا إقامة ولا نداء ولا شيء» متفق عليه. الثالث عشر: استحباب قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة، وتقدم الدليل في جواب سؤال سابق. الرابع عشر: استحباب كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة، وتقدم الدليل في جواب سؤال سابق. الخامس عشر: استحباب الغسل في يوم الجمعة، وتقدم الدليل في جواب سؤال سابق. السادس عشر: إن وقت صلاة الجمعة أوله من الزوال إلى وقت العصر عند أكثر العلماء، وعند الإمام أحمد من أول وقت صلاة العيد إلى وقت العصر وتقدم أدلة كل من القولين في جواب سؤال سابق. السابع عشر: كراهة السفر في يوم الجمعة قبل الزوال، لما روى الدارقطني عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سار من دار إقامة يوم جمعة دعت عليه الملائكة أن لا يصحب في سفر وأن لا يُعان على حاجته» . الثامن عشر: يستحب في مغرب ليلة الجمعة قراءة {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} ،

و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، ولما ورد عن جابر بن سمرة قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} ، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} » رواه في «شرح السُّنة» . التاسع عشر: قراءة الجمعة والمنافقين فيها، لما أخرجه مسلم عن أبي هريرة قال: «سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة بسورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون» ، وأخرج الطبراني في «الأوسط» بلفظ بالجمعة يحرض بها المؤمنين، وفي الثانية بسورة المنافقين يفزع المنافقين. العشرون: استحباب قراءة سورة {الم * تَنزِيلُ} السجدة، و {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ} في صبحها، لما أخرج الشيخان عن أبي هريرة قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة {الم * تَنزِيلُ} السجدة، و {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ} » . الحادي والعشرون: اختصاص الجمعة بإرادة التحريق لمن تخلف عنها أخرج الحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: «لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس ثم أحرق على قوم يتخلفون عن الجمعة بيوتهم» . الثاني والعشرون: ما يتعلق بالعيدين من زكاة الفطر والتكبير المطلق والمقيد ومن الهدي والأضاحي. الثالث والعشرون: إن الخطبتين في العيدين سُّنة وفي الجمعة شرط. الرابع والعشرون: إنه يكره التنفل قبل الصلاة وبعدها في موضعها بخلاف الجمعة، لما ورد عن ابن عباس قال: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم عيد فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما» رواه الجماعة. وعن ابن عمر: «أنه خرج يوم عيد فلم يصل قبلها ولا بعدها، وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله» رواه أحمد والترمذي وصححه، وللبخاري

عن ابن عباس أنه كره الصلاة قبل العيد، وعن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم «إنه كان لا يصلي قبل العيد شيئًا، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين» رواه ابن ماجه، وأحمد بمعناه. الخامس والعشرون: استحباب قص الشارب، وتقليم الأظفار يوم الجمعة لما روى البغوي في «مسنده» عن عبد الله بن عمرو بن العاص: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ أظفاره وشاربه كل جمعة» ، وأخرج البزار والطبراني في «الأوسط» ، والبيهقي في «الشعب» : «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقلم أظفاره ويقص شاربه يوم الجمعة قبل أن يخرج إلى الصلاة» . السادس والعشرون: ما ورد في حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من اغتسل، ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام» رواه مسلم. السابع والعشرون: إنه يُسن أكله قبل الخروج لصلاة الفطر والأفضل على تمرات وترًا، لما ورد عن أنس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترًا» رواه البخاري، ويقول بريرة: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي» رواه أحمد. الثامن والعشرون: الإنصات، لما روى الشيخان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت» اهـ. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

باب صلاة الكسوف

57- باب صلاة الكسوف س423: ما هو الكسوف؟ وما حكم صلاته؟ وما الأصل في مشروعيتها؟ ج: قوله لغة: الاحتجاب، وفي عرف الفقهاء: ذهاب ضوء أحد النيرين أو ذهاب بعضه، وحكم صلاته: سُّنة مؤكدة، لحديث المغيرة بن شعبة: «انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم، فقال الناس: انكسفت لموت إبراهيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته؛ فإذا رأيتموها فادعوا الله وصلوا حتى ينجلي» » متفق عليه. س424: حدد وقتها، وهل تقضى إذا فاتت؟ واذكر الدليل على ما تقول. ج: وقتها من ابتداء الكسوف إلى التجلي، لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فصلوا حتى ينجلي» رواه مسلم، ولا تقضى إن فاتت بالتجلي لما تقدم، ولم ينقل الأمر بها بعد التجلي ولا قضاؤها؛ ولأنها غير راتبة ولا تابعة لفرض فلم تقضى، كاستسقاء، وتحية مسجد، وسجود تلاوة، وشكر. س425: هل يؤذن لها؟ وضح ذلك واذكر الدليل. ج: نعم ينادي لها الصلاة جامعة، عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - قال: «لما كسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم نودي أن الصلاة جامعة فركع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين في سجدة، ثم قام فركع ركعتين ثم جلي عن الشمس» الحديث متفق عليه، وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث مناديًا الصلاة جامعة» الحديث متفق عليه.

س426: هل يشترط لها إذن الإمام؟ وهل الأولى فعلها جماعة؟ وهل لها خطبة؟ وضح ذلك.

س426: هل يشترط لها إذن الإمام؟ وهل الأولى فعلها جماعة؟ وهل لها خطبة؟ وضح ذلك. ج: لا يشترط لها ولا الاستسقاء إذن الإمام، وفعلها جماعة أفضل لقول عائشة ـ رضي الله عنها ـ: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فقام وكبر وصف الناس وراءه» متفق عليه، ويجوز للصبيان حضورها، وليس لها خطبة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بالصلاة دون الخطبة. وقال الشافعي: يخطب لها لحديث عائشة. والله أعلم. س427: ما صفة صلاة الكسوف؟ اذكرها بوضوح. ج: وهي ركعتان يقرأ في الأولى جهرًا ولو في كسوف الشمس الفاتحة وسورة طويلة، ثم يركع طويلاً، ثم يرفع فيسمع ويحمد، ثم يقرأ الفاتحة وسورة ويطيل وهو دون الأول، ثم يركع فيصل وهو دون الأول، ثم يرفع ثم يسجد سجدتين طويلتين، ثم يصلي الثانية كالأولى لكن دونها في كل ما يفعل ثم يتشهد ويسلم. س428: ما الدليل على صفتها؟ ج: ما روى جابر قال: «كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر فصلى بأصحابه فأطال القيام حتى جعلوا يخرون، ثم ركع فأطال ثم رفع فأطال، ثم سجد سجدتين، ثم قام فصنع نحو ذلك فكانت أربع ركعات وأربع سجدات» رواه أحمد ومسلم وابو داود. وعن أسماء ـ رضي الله عنها ـ: «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الكسوف فأقام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع ثم سجد فأطال السجود، ثم قام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع فسجد فأطال السجود، ثم رفع ثم سجد فأطال السجود، ثم انصرف» رواه أحمد والبخاري وأبو داود وابن ماجه.

س429: اذكر شيئا مما يسن في الكسوف. وإذا تجلى فيها أو قبلها فما الحكم؟

س429: اذكر شيئًا مما يُسن في الكسوف. وإذا تجلى فيها أو قبلها فما الحكم؟ ج: يُسن ذكر الله، والدعاء والاستغفار، والتبكير، والصدقة والعتق، والتقرب إلى الله بما استطاع، لقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا» الحديث متفق عليه، وعن أسماء «إن كنا لنؤمر بالعتق في الكسوف، وإن تجلى فيها أتمها خفية، وإن تجلى الكسوف قبلها لم يصل؛ لأنها لا تقضى» . وليس كسوف النيرين بموجب ... لأمر سوى تخويفنا والتهدد فلا تسمع التهويل من كل مفتر ... وكذب بأحكام المنجم وأوردد وصل إذن ثنتين تجهر فيهما ... نهارًا أو ليلاً من جميع ومفرد بأم الكتاب اقرأ وبعد بسورة ... مطولة واركع طويلاً تعبد ومن بعد فارفع واقرأ الحمد واقرأن ... مطولة دون التي مرت اقتد ومن بعدها فاركع ركوعًا مطولاً ... دوين الذي من قبل فاعلم به يد وفي السجدتين امكث طويلاً مسبحًا ... وتنهض للأخرى نهوض تجلد وتفعل كالأولى بها وهي دونها ... وبكل وسلم صاح بعد التشهد ولا تبتدي إن زال سلطان كاسف ... كبعد الجلا واقصر متى زال ترشد 58- باب صلاة الاستسقاء س430: ما هو الاستسقاء؟ وما حكم صلاته؟ وما سببها؟ وما هو الدليل على حكمها؟

س431: متى وقت صلاة الاستسقاء؟ وما صفتها؟ وما أحكامها؟ وما سببها؟ وما الدليل الذي تستحضره لهذه المذكورات؟

ج: هو الدعاء بطلب السقيا على صفة مخصوصة، وهي سُّنة مؤكدة حضر وسفرًا، لقول عبد الله بن زيد «خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي فتوج إلى القبلة يدعو وحول رداءه، ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة» متفق عليه، وتفعل جماعة وفرادى، والأفضل جماعة، وسببها: إجداب الأرض ومثله غور ماء الآبار والعيون. س431: متى وقت صلاة الاستسقاء؟ وما صفتها؟ وما أحكامها؟ وما سببها؟ وما الدليل الذي تستحضره لهذه المذكورات؟ ج: وقتها، وصفتها، وأحكامها كصلاة العيد؛ لقول ابن عباس: «صلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين كما يصلي في العيدين» صححه الترمذي، وعز جعفر بن محمد عن أبيه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يصلون صلاة الاستسقاء يكبرون فيها سبعًا وخمسًا» رواه الشافعي. وعن ابن عباس نحوه، وزاد فيه: «وقرأ في الأولى بسبح، وفي الثانية بالغاشية» ، وقالت عائشة: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس» رواه أبو داود، وذكر ابن عبد البر أن الخروج لها عند زوال الشمس عند جماعة من العلماء، وفي «المغني» : لا تفعل وقت نهي بلا خلاف. س432: تكلم عما ينبغي فعله للإمام ولغيره عند إرادة الخروج للاستسقاء؟ ج: إذا أراد الإمام الخروج لها وعظ الناس وأمرهم بالتوبة من المعاصي، والخروج من المظالم بردها إلى مستحقيها، قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} وأمره بترك التشاحن لكون المعاصي سبب الجدب والتقوى سبب البركات. وقال مجاهد في قوله تعالى: {وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ} البهائم تلعن عصاة بني آدم وبعدهم يومًا يخرجون فيه، ويتنظف لها بالغسل، والسواك، وإزالة الرائحة الكريهة قياسًا على صلاة العيد ولا يتطيب؛ لأن يوم استكانة وخشوع

س433: تكلم عن خطبة الاستسقاء، واذكر الدليل عليها.

ويخرج متواضعًا متخشعًا متذللاً متضرعًا، لما ورد عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم متواضعًا مبتذلاً، متخشعًا مترسلاً، متضرعًا، فصلى ركعتين كما يصلي في العيد لم يخطب خطبتكم هذه» رواه الخمسة، وصححه الترمذي وأبو عوانة وابن حبان. س433: تكلم عن خطبة الاستسقاء، واذكر الدليل عليها. ج: يخطب خطبة واحدة يفتتحها بالتكبير كخطبة العيد، ويكثر فيها الاستغفار وقراءة الآيات التي فيها الأمر به، ويرفع في دعائه؛ لقول أنس: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، وكان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه» متفق عليه. فيدعو بدعءا النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يحول رداءه، فيجعل الأيمن على الأيسر ويجعل الأيسر على الأيمن. وعن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر فوضع له بالمصلى ووعد الناس يومًا يخرجون فيه، فخرج حين بدا حاجب الشمس، فقعد على المنبر فكبر وحمد الله، ثم قال: «إنكم شكوتم جدب دياركم وقد أمركم الله أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم» ثم قال: «الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت علينا قوة وبلاغًا إلى حين» ثم رفع يده فلم يزل حتى رُئي بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره وقلب رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة، فرعدت، وبرقت، ثم أمطرت» رواه أبو داود، وقال: غريب، وإسناده جيد. س434: بين حكم ما يلي: الرداء هل ينزع قبل الثياب، إن لم يسقوا لأول مرة؟ إن سقوا قبل خروجهم؟ الوقوف في أول المطر؟ إخراج الرحل والثياب؟

س435: ما المسنون قوله عند سماع أو حصول ما يلي: إذا كثر المطر حتى خيف منه؟ إذا رأى المطر؟ إذا رأى سحابا أو هبت ريح؟ إذا سمع صوت الرعد والصواعق؟ إذا سمع نهيق حمار أو نباح كلاب؟ إذا سمع صوت الديك؟

ج: يتركون الرداء محولاً حتى ينزعونه مع ثيابهم؛ لأنه لم ينقل عنه –عليه السلام- ولا عن أحد من أصحابه أنهم غيروا الأردية حتى عادوا؛ فإن سقوا وإلا عادوا ثانيًا وثالثًا؛ لحديث: «إن الله يحب الملحين في الدعاء» ، وقال أصبغ استسقى للنيل بمصر خمسة وعشرين مرة متوالية، وحضره ابن وهب، وابن القاسم، وجمع إن سقوا قبل خروجهم؛ فإن كانوا قد تأهبوا للخروج خرجوا وصلوها وسألوه المزيد من فضله؛ لأن الصلاة لطلب رفع الجدب ولا يحصل غالبًا بمجرد نزول المطر، وإن لم يتأهبوا للخروج لم يخرجوا وشكروا الله تعالى وسألوه المزيد من فضله لحصول المقصود، وسن وقوف في أول المطر وتوضؤا، واغتسال منه وإخراج رحله، وإخراج ثيابه ليصيبها المطر؛ لحديث أنس - رضي الله عنه - «أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر فحسر ثوبه حتى أصابه من المطر، فقلنا له: لِمَ صنعت هذا؟ فقال: «إنه حديث عهد بربه» » رواه مسلم. وروى أنه جرى الوادي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أخرجوا بنا إلى هذا الذي سماه الله طهورًا حتى نتوضأ منه ونحمد الله عليه» . س435: ما المسنون قوله عند سماع أو حصول ما يلي: إذا كثر المطر حتى خيف منه؟ إذا رأى المطر؟ إذا رأى سحابًا أو هبت ريح؟ إذا سمع صوت الرعد والصواعق؟ إذا سمع نهيق حمار أو نباح كلاب؟ إذا سمع صوت الديك؟ ج: إذا كثر المطر وخيف منه سن قول: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر» لما في «الصحيحين» من حديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك، وإذا رأى المطر، قال: «اللهم صيبًا نافعًا» لما ورد عن عائشة قالت: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر، قال: «اللهم صيبًا نافعًا» » رواه البخاري، وإذا رأى سحابًا أو هبت ريح سأل الله من خيره واستعاذ من شره، ولا يجوز سب الريح،

بل يقول ما ورد عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: «اللهم إني أسألك خيرها وخير ما أرسلت به» ، وإذا تخيلت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر؛ فإذا مطرت سُري عنه فعرفت ذلك عائشة، فسألته، فقال: «لعله يا عائشة كما قال قوم عاد، فلما رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا» » ، وفي رواية: ويقول إذا رأى المطر: «رحمة» متفق عليه. وإذا سمع الرعد والصواعق قال: «اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته» ، لما ورد عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع صوت الرعد والصواعق، قال: «اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك» رواه أحمد، والترمذي، وقال: حديث غريب. عن عامر بن عبد الله بن الزبير «أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع الرعد ترك الحديث، وقال: «سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته» » رواه مالك، وإذا سمع نهيق حمار أو نباح كلاب استعاذ من الشيطان الرجيم، وإذا سمع صياح الديكة سأل الله من فضله، لما ورد في حديث أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله، فإنها رأت ملكًا، وإذا سمعتم نهيق الحمار فاستعيذوا بالله من الشيطان الرحيم؛ فإنه رأى شيطانًا» . وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمير من الليل فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم؛ فإنها ترى ما لا ترون» . يا أمة الهادي أما تنتهون عن ... ذنوب بها حبس الحيا المتعود فذلك عقبى الجود من كل ظالم ... وعقبى الزنى ثم الربا والتزيد نعم بما يجني العقوبة غيرنا ... هنا وغدا يشقى بها كل معتد

كفى زاجرًا للمرء موت محتم ... وقبر وأهوال تشاهد في غد ونار تلظى أوعد الله من عصى ... فمن خارج بعد الشقا ومخلد فقد عند حبس القطر في الناس واعظًا ... وخوف ومرهم بالمتاب وهدد إذا خفت فوت الزرع والجدب في الربى ... تهيأ وميقات الخروج لهم عد ويشرع تنظيف وترك تطيب ... وإصلاح مخفى السرائر أكد ويخرج بعض من مظالم بعضهم ... ويستغفرون الله من كل مبعد وبادر إلى الصحرا بهم متضرعًا ... بإخبات ذي تقوى وذل ملهد وأكثر على الهادي الصلاة بها تصب ... وفيما به يرجو الغياث ليجهد ويستغفر الله العظيم لنفسه ... ويأمر باستغفارهم والتفقد ويخضع نحو الأرض بالطرف خاشعًا ... ويرفع كف المستغيث المجهد ويدعو دعاء المخبتين بقلبه ... دعاء غريق في دجا الليل مفرد ولكنما صدق اللجاء مفاتح الخزائن ... فادع واسع الفضل واجتهد ولا تقنطن من رحمة الله إنما ... قنوط الفتى خسرانه فادع تهتد وقل بانكسار قارعًا باب راحم ... قريب مجيب بالفواضل مبتد إلهي آتى العاصون بابك ما لهم ... سواك يزيل الأزل في الماحل الصد إليك فررنا من عذابك رهبة ... فلا تطردنا عن جنابك واسعد دعوناك للأمر الذي أنت ضامن ... إجابته يا غير مخلف موعد إليك مددنا بالرجاء أكفنا ... فحاشاك من رد الفتى فارغ اليد ويدعو بغيث مغدق متدفق ... يرد ظماء الهضب والمتوهد ويستقبل البيت الحرام محولاً ... يمين رداء نحو يسرة مرتد

كتاب الجنائز

59- كتاب الجنائز س436: ما المسنون للإنسان؟ وما الواجب؟ ج: يسن الاستعداد للموت، وتجب التوبة فورًا من المعاصي، ويجب الخروج من المظالم إما بردها أو الاستحلال من أربابها، ويشرع أن يزداد من الأعمال الصالحة؛ لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا} . ويستحب أن يكثر من ذكر الموت؛ فإنه روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أكثروا من ذكر هادم اللذات، فما ذكر في كثير إلا قلله، ولا في قليل إلا كثره» رواه البخاري أوله. وروى ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: «استحيوا من الله حق الحياء» ، قالوا: إنا نستحي يا نبي الله والحمد لله، قال: «ليس كذلك؛ ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما حوى، وليحفظ البطن وما وعى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء» رواه أحمد والترمذي، وقال: هذا حديث غريب. س437: بين أحكام ما يلي: التداوي، الحمية، التداوي بمحرم، التميمة، الأنين، الصبر على المرض، تمني الموت، واذكر الأدلة على ما تقول. ج: يجوز التداوي ولا ينافي التوكل، لما روى أبو الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجل أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تتداووا بالحرام» وتستحب الحمية.

قال ابن القيم –رحمه الله-: والأصل في الحمية قوله تعالى: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} فحمى المريض من استعمال الماء؛ لأنه يضره. وفي سنن ابن ماجه وغيره عن أم المنذر بنت قيس الأنصارية قالت: «دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علي، وعلى ناقه من مرض ولنا دوال معلقة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل منها وقام علي يأكل منها، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: «إنك ناقه حتى كف» ، قالت: وصنعت شعيرًا وسلقًا فجئت به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي: «من هذا أصب؛ فإنه أنفع لك» » ، وفي لفظ: «من هذا أصب؛ فإنه أوفق لك» اهـ. ويحرم التداوي بمحرم أكلاً وشربًا وبصوت ملهاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تتداووا بالحرام» الحديث وتقدم، وتحرم التميمة وهي العوذة أو الخرزة تعلق لنهي الشارع ودعائه على فاعله، وقال: «لا يزيدك إلا وهنًا، انبذها عنك، ولو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا» . روي ذلك عن أحمد وغيره والإسناد حسن ويكره الأنين؛ لأنه يترجم عن الشكوى، ولما روي عن عطاء أنه كرهه، ويستحب للمريض أن يصبر وكذا كل مبتلى للأمر به في قوله تعالى: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ} ، وقوله: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} ، وقوله صلى الله عليه وسلم: «والصبر ضياء، والصبر الجميل صبر بلا شكوى، والشكوى إلى الخالق لا تنافيه، بل هي مطلوبة ومن الشكوى إلى الله قول أيوب: (رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين) ، وقول يعقوب: (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) » . قال سفيان بن عيينة: وكذلك من شكا إلى الناس وهو في شكواه راض

س438: تكلم عن أحكام ما يلي: عيادة المريض، تذكيره التوبة، والوصية، وحسن الظن بالله عز وجل، واذكر الدليل لما تقول؟

بقضاء الله لم يكن ذلك جزعًا، ألم تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل في مرضه «أجدني مغمومًا وأجدني مكروبًا» ، وقوله لعائشة: «بل أنا وارأساه» ذكره ابن الجوزي؛ وأما تمني الموت، فيكره لضر نزل به، لما ورد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به؛ فإن كان لابد متمنيًا، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي وتوفني ما كانت الوفاة خيرًا لي» متفق عليه، ولا يكره تمني الموت لضر بدينه، وخوف فتنة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون» ، وتمني الشهادة ليس من تمني الموت المنهي عنه، بل هو مستحب لاسيما عند حضور أسبابها، لما في «الصحيح» : «من تمنى الشهادة خالصًا من قلبه أعطاه الله منازل الشهداء» . س438: تكلم عن أحكام ما يلي: عيادة المريض، تذكيره التوبة، والوصية، وحسن الظن بالله عز وجل، واذكر الدليل لما تقول؟ ج: تسن عيادة مريض غير مبتدع وغير متجاهر بمعصية، وقال ابن حمدان: فرض كفاية. وقال الشيخ تقي الدين: الذي يقتضيه النص وجوب ذلك، واختاره جمع والمراد مرة، لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، واتباع الجنازة» متفق عليه؛ وأما تذكيره التوبة، فلحديث: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» ولأنه أحوج غليها من غيره، وهي واجبة على كل أحد من كل ذنب في كل وقت؛ وأما تذكيره الوصية، فلحديث ابن عمر: «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده» متفق عليه؛ وما حسن الظن بالله فهو واجب، لما روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل» ، ولخبر «الصحيحين» عن أبي هريرة مرفوعًا: «أنا عند ظن عبدي بي –زاد أحمد- إن ظن

س439: اذكر شيئا مما ينبغي ويسن في حق المريض أو يجب.

خيرًا فله وإن ظن شرًا فله» ، وعن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه» ، فقالت عائشة أو بعض أزواجه: إنا لنكره الموت، قال: «ليس ذلك؛ ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته، فليس شيء أحب إليه مما أمامه فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه؛ وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته فليس شيء أكره إليه مما أمامه فكره لقاء الله وكره الله لقاءه» متفق عليه. س439: اذكر شيئًا مما ينبغي ويُسن في حق المريض أو يجب. ج: ينبغي للمريض أن يشتغل بنفسه بأن يستحضر في نفسه أنه حقير من مخلوقات الله، وأن الله غني عن عباداته وطاعاته، ولا يطلب العفو والإحسان إلا منه، وأن يكثر ما دام حاضر الذهن من القراءة والذكر، وأن يبادر إلى أداء الحقوق برد المظالم، والودائع، والعواري، واستحلال نحو زوجة، وولد، ووالد وقريب، وجار وصديق، ومن بينه وبينه معاملة، ويحافظ على الصلوات، واجتناب النجاسات، ويصير على مشقة ذلك، ويجتهد في ختم عمره بأكمل الأحوال، ويتعاهد نفسه بنحو تقليم الأظفار، وحلق العانة، ونتف إبط، وأخذ شاربه، وإزالة الأوساخ، وأن يعتمد على الله فيمن يحب من بنيه وغيرهم، ويوصي للأرجح في نظره بقضاء ديونه، وتفرقة وصيته، ونحو غسله، والصلاة عليه، وعلى غير بالغ من أولاده، ويجب المسارعة في قضاء الدين وما فيه إبراء ذمته من إخراج كفارة، وحج ونذر وغير ذلك، ويُسن الإسراع في تفريق وصيته، كل ذلك قبل الصلاة عليه؛ فإن تعذر إيفاء دينه في الحال استحب لوارثه أو غيره أن يتكفل به عنه؛ لحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن.

س440: إذا نزل بالإنسان لقبض روحه، فماذا يسن؟ وضح ذلك.

س440: إذا نزل بالإنسان لقبض روحه، فماذا يسن؟ وضح ذلك. ج: وإذا نزل به سن أن يليه أرفق أهله به، وأعرفهم بمداراته، وأتقاهم لله، وأن يتعاهد بل حلقه بماء أو شراب، ويندي شفتيه بقطنة، وأن يلقنه قول لا إله إلا الله مرة، لما ورد عن أبي هريرة، وأبي سعيد ـ رضي الله عنهما ـ قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله» رواه مسلم والأربعة، ولم يزد على ثلاث إلا أن يتكلم فيعد تلقينه برفق لتكون آخر كلامه لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة» رواه أحمد والحاكم، وقال: صحيح الإسناد. س441: بين حكم قراءة (يس) عند المحتضر، وحكم توجيه المحتضر. ج: مسنونان، لما ورد عن معقل بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اقرؤوا على موتاكم يس» رواه أبو داود، والنسائي وصححه ابن حبان. وأما الدليل على سنية توجيهه إلى القبلة قبل النزول به وتيقن موته وبعده، لقوله صلى الله عليه وسلم عن البيت الحرام: «قبلتكم أحياءً وأمواتًا» رواه أبو داود، ولما روت سلمى أم ولد رافع قالت: قالت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ضعي فراشي هاهنا واستقبلي بي القبلة، ثم قامت واغتسلت كأحسن ما يغتسل ولبست ثيابًا جددًا، ثم قالت: تعلمين أني مقبوضة الآن، ثم استقبلت القبلة وتوسدت يمينها» ؛ ولقول حذيفة: وجهوني، وعلى جنبه الأيمن أفضل إن كان المكان واسعًا وإلا على ظهره وأخمصاه إلى القبلة. س442: إذا مات الإنسان، فما الذي يسن في حق من حضره؟ ج: يُسن تغميض عينيه وعند تغميضه قول باسم الله وعلى وفاة رسول الله، ولا يتكلم من حضر إلا بخير، ويشد لحييه، ويلين مفاصله عقب موته

س443: اذكر ما تستحضره لما تقدم من دليل أو تعليل؟

بإلصاق ذراعيه بعضديه، ثم يعيدهما، وإلصاق ساقيه بفخذيه، وفخذيه ببطنه، ثم يعيدها؛ فإن شق ذلك عليه تركه وينزع ثيابه ويسجي بثوب، ويجعل على بطنه حديدة أو نحوها ووضعه على سرير غسله متوجهًا منحدرًا نحو رجليه، وإسراع تجهيزه إن مات غير فجأة، ولا بأس أن ينتظر به من يحضر من ولي وكثرة جمع إن كان قريبًا ما لم يخش عليه أو يشق على الحاضرين. س443: اذكر ما تستحضره لما تقدم من دليل أو تعليل؟ ج: أما الإغماض وأن لا يتكلم إلا بخير والدعاء للميت، فللحديث الوارد عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه، ثم قال: «إن الروح إذا قبض أتبعه البصر» ، فضج ناس من أهله، فقال: «لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير؛ فإن الملائكة تؤمن على ما تقولون» ، ثم قال: «اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، وافسح له في قبره، ونور له فيه، واخلفه في عقبه» » رواه مسلم. وأما تليين مفاصله قبل قسوتها لتبقى أعضاؤه سهلة على الغاسل لينة. وأما خلع ثيابه، فلئلا يحمي جسده فيسرع إليه الفساد ويتغير، وأما ستره بثوب، فلما روت عائشة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم حين توفى سجى ببرد حبرة» متفق عليه. أما جعل حديدة أو نحوها على بطنه، فلما روى البيهقي أنه مات مولى لأنس عند مغيب الشمس، فقال أنس: ضعوا على بطنه حديدة، ولئلا ينتفخ بطنه. وأما وضعه على سرير غسله فليبعد عن الهوام، ويرفع عن نداوة الأرض، وأما كونه متوجهًا إلى القبلة، فلما تقدم من حديث: «قبلتكم أحياء وأمواتًا» ؛ وأما كونه منحدرًا نحو رجليه فلينحدر عنه الماء؛ وأما إسراع تجهيزه إن مات غير فجأة، فلحديث: «لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله» رواه أبو داود، وفي موت فجأة بصاعقة، أو هدم، أو خوف

س444: ما هي العلامات الدالة على موت من شك في موته أو مات فجأة؟

من حرب، أو سبع أو ترد من جبل، أو غير ذلك وفيما إذا شك في موته حتى يعلم. ويشرع للمرضى العيادة فأتهم ... تخض رحمة تغمر مجالس عود فسبعون ألفًا من ملائكة الرضى ... تصلي على من عاد يمشي إلى الغد وإن عاد في أول اليوم واصلت ... عليه إلى الليل الصلاة فاسند وذكر لمن تأتي وهو فؤاده ... ولقنه عند الموت قول الموحد ولا تضجرن بل إن تكلم بعده ... فعاود بلطف واسأل اللطف واجهد ويس إن تتلى يخفف موته ... ويرفع عنه الإصرار عند التلحد ووجهه عند الموت تلقاء قبلة ... فإن مات غمضه ولحييه فاشدد وملبوسه فاخلع ولين مفاصلا ... وضع فوق بطن الميت مانع مصعد ومستترًا للغسل ضعه موجهًا ... ومنحدرًا تلقاء رجليه فاعمد ووف ديون المرء مسرعًا وفرقن ... وصية عدل ثم تجهيزه اقصد س444: ما هي العلامات الدالة على موت من شك في موته أو مات فجأة؟ ج: يعلم موته بانخساف صدغيه، وميل أنفه، وانفصال كفيه، وارتخاء رجليه، وغيوبة سواد عينيه في البالغين وهو أقواها؛ لأن هذه العلامات دالة على الموت يقينًا، وقد يفيق بعد ثلاثة أيام ولياليها، وقد يعرف موت غيرهما بهذه العلامات وبغيرها كتقلص خصيتيه إلى فوق مع تدلي الجلد، وحكم النعي يكره وهو النداء بموته؛ لحديث: «إياكم والنعي؛ فإن النعي من عمل الجاهلية» رواه الترمذي عن ابن مسعود مرفوعًا، ولا بأس أن يعلم به أقاربه وإخوانه من غير نداء؛ لإعلامه صلى الله عليه وسلم أصحابه بالنجاشي في اليوم الذي مات فيه، متفق عليه من حديث أبي هريرة، وفيه كثرة المصلين فيحصل ثواب ونفع للميت. والله أعلم، وصلى الله على محمد.

فصل في غسل الميت وما يتعلق به

60- فصل في غسل الميت وما يتعلق به س445: بين أحكام ما يلي: غسل الميت، تكفينه، الصلاة عليه، دفنه، واذكر الدليل على ما تقول. ج: غسل مرة أو ييمم لعذر من عدم الماء، أو عجز عن استعماله لخوف نحو تقطع أو تهر فرض كفاية اجتماعًا على من أمكنه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته راحلته: «اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه» متفق عليه من حديث ابن عباس، وكذا تكفينه فرض كفاية؛ لقوله: «وكفنوه في ثوبيه» ، وكذا الصلاة عليه فرض كفاية لقوله: «صلوا على من قال لا إله إلا الله» رواه الدارقطني والخلال، وضعفه ابن الجوزي، ولما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل هل ترك لدينه قضاء؛ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه وإلا قال: «صلوا على صاحبكم» » الحديث متفق عليه، وحمله ودفنه كفاية، لقوله تعالى: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} قال ابن عباس: معناه: أكرمه بدفنه، ولا شك أن دفنه متوقف على حمله إلى محل الدفن. س446: من هو شهيد المعركة؟ وهل يغسل؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل. ج: شهيد المعركة هو: من مات بسبب قتال كفار وقت قيام القتال لا يغسل ولا يصلى عليه، لما ورد عن جابر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أُحد في الثوب الواحد، ثم يقول: «أيهم أكثر أخذًا للقرآن» فإذا أشير إلى أحد قدمه في اللحد وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم» رواه البخاري والنسائي وابن ماجه والترمذي، وصححه عن أنس: «إن شهداء أُحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم» رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وإن سقط من دابته أو وجد ميتًا ولا أثر به أو حمل فأكل أو شرب أو طال بقاؤه عرفًا غسل وصلى عليه؛ أما من مات بغير فعل العدو فلعدم مباشرتهم قتله وتسببهم فيه

س447: ما هي الشروط المشترطة في الماء المغسل فيه والغاسل؟

فأشبه من مات بمرض؛ وأما من وجد ميتًا ولا أثر به، فلأن الأصل وجوب الغسل فلا يسقط يقين ذلك بالشك في مسقطه؛ فإن كان به أثر لم يغسل ولم يصل عليه؛ وأما من حمل بعد جرحه فأكل ونحوه، فلأن النبي صلى الله عليه وسلم غسل سعد بن معاذ وصلى عليه، وكان شهيدًا رماه ابن العرقة يوم الخندق بسهم فقطع أكحله، فحمل إلى المسجد فلبث فيه أيامًا ثم مات. س447: ما هي الشروط المشترطة في الماء المغسل فيه والغاسل؟ ج: أما في الماء فيشترط الطهورية والإباحة كباقي الأغسال؛ وأما في الغاسل فيشترط الإسلام، والعقل، والتمييز؛ لأنها شروط في كل عبادة، والأفضل ثقة عارف بأحكام الغسل ليحتاط، ولقول ابن عمر: لا يغسل موتاكم إلا المأمونون. س448: من الأولى بغسل الميت الذكر؟ اذكره موضحًا. ج: الأولى به وصية العدل؛ لأن أبا بكر أوصى أن تغسله امرأته أسماء، وأنس أوصى أن يغسله محمد بن سيرين؛ ولأنه حق للميت فقدم وصيه على غيره، ثم أبوه إن لم يكن وصي لاختصاصه بالحنو والشفقة، ثم الجد وإن علا لمشاركته للأب في المعنى، ثم الأقرب فالأقرب من عصباته نسبًا، ثم الأقرب فالأقرب نعمة، ثم ذوو أرحامه كميراث الأحرار في الجميع –أي جميع ما تقدم- فلا تقديم لرقيق؛ لأنه لا يرث ثم الأجانب من الرجال. س449: من الأولى بغسل المرأة؟ وهل لزوجها أن يغسلها وبالعكس؟ ج: الأولى بغسل أنثى وصيتها لما تقدم في الرجل فأمها، وإن علت فبنتها وإن نزلت، ثم القربى فالقربى كميراث، فتقدم أخت شقيقة ثم لأب، ثم لأم وهكذا، وعمة وخالة سواء وحكم تقديمهن كرجال يقدم منهن من يقدم من رجال لو كن رجالاً، ولكل من الزوجين غسل صاحبه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «رجع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم من جنازة

س450: بين أحكام ما يلي: إذا مات رجل بين نسوة ليس فيهن زوجة ولا أمة مباحة له؟ إذا ماتت امرأة بين رجال ليس فيهم زوج، ولا سيد لها؟ إذا مات خنثى مشكل؟ إذا مات من له دون سبع سنين؟ إذا مات الكافر فهل يغسله المسلم؟ اذكر ذلك بوضوح.

بالبقيع وأنا أجد صداعًا في رأسي وأقول وارأساه، فقال: «بل أنا وأرأساه، ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك، ثم صليت عليك ودفنتك» » رواه أحمد وابن ماجه، وعن عائشة أنها كانت تقول: «لو استقبلت من الأمر ما استدبرت ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه» رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه. وتقدم أن أبا بكر أوصى أن تغسله زوجته أسماء فغسلته. س450: بين أحكام ما يلي: إذا مات رجل بين نسوة ليس فيهن زوجة ولا أمة مباحة له؟ إذا ماتت امرأة بين رجال ليس فيهم زوج، ولا سيد لها؟ إذا مات خنثى مشكل؟ إذا مات من له دون سبع سنين؟ إذا مات الكافر فهل يغسله المسلم؟ اذكر ذلك بوضوح. ج: إذا مات رجل بين نسوة لا رجل معهن ممن لا يباح لهن غسله بأن لم يكن زوجاته ولا إماؤه يمم بحائل، وإذا ماتت امرأة بين رجال ليس فيهم زوجها ولا سيدها يممت بحائل، وكذا الخنثى المشكل ييمم بحائل، وإن كانت له أمة غسلته؛ لأنه إن كان أنثى فلا كلام، وإن كان ذكرًا فلأمته أن تغسله، ولرجل وامرأة غسل من له دون سبع سنين من ذكر وأنثى؛ لأنه لا حكم لعورته بدليل أن إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم غسله النساء، ويحرم أن يغسل مسلم كافرًا أو أن يحمله أو يكفنه أو يتبع جنازته كالصلاة، لقوله تعالى: {لاَ تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} بل يوارى لعدم من يواريه من الكفار كما فعل بكفار بدر واراهم في القليب، ولما روي عن علي - رضي الله عنه - قال: «قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن عمك الشيخ الضال قد مات، قال: «اذهب فواره» » رواه أبو داود، والنسائي، وكذا كل صاحب بدعة مكفرة يوارى لعدم من يواريه، ولا يغسل ولا يصلى عليه، ولا تتبع جنازته. س451: ما حكم ستر الميت حال الغسل؟ وما حكم الحضور عند الميت المغسل؟

س452: ماذا يعمل الغاسل بعد ذلك؟ وما حكم مس عورة من له سبع سنين؟

ج: أخذ في غسله ستر عورته وجوبًا؛ لحديث علي: «لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت» رواه أبو داود، وهذا فيمن له سبع سنين فأكثر كما تقدم، وسن ستره كله عن العيون في خيمة أو بيت؛ لأنه أستر، ويكره لغير معين في غسله حضوره؛ لأنه ربما كان في الميت ما لا يحب أن يطلع أحد عليه والحاجة غير داعية إلى حضوره بخلاف المعين. س452: ماذا يعمل الغاسل بعد ذلك؟ وما حكم مس عورة من له سبع سنين؟ ج: يرفع رأسه إلى قرب جلوسه، ويعصر بطنه برفق ليخرج ما هو مستعد للخروج، ويكثر صب الماء حينئذ ثم يلف على يده خرقة فينجيه، ولا يحل مس عورة من له سبع سنين بغير حائل كحال الحياة، ويستحب أن لا يمس سائره إلا بخرقة. س453: ما حكم النية والتسمية في حق المغسل للميت؟ ج: يجبان كما يجبان في غسل الحي فينوي ثم يسمي وجوبًا، وتسقط التسمية سهوًا أو جهلاً. س454: ما حكم توصية الميت؟ وما صفتها؟ واذكر الدليل. ج: حكمها مسنونة؛ لحديث أم عطية مرفوعًا في غسل ابنته: «ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها» رواه الجماعة، وصفته كوضوئه للصلاة ما خلا المضمضمة والاستنشاق فلا يدخل الماء في فيه ولا في أنفه ويدخل أصبعيه مبلولتين بالماء بين شفتيه فيمسح أسنانه وفي منخريه فينظفهما ولا يدخلهما الماء. س455: ماذا يعمل الغاسل بعد ذلك من صفة تغسيله؟ ج: ثم يضرب سدرًا ونحوه فيغسل شقه الأيمن، ثم شقه الأيسر، لحديث: «ابدأن بميامنها» وكغسل الحي يبدأ بصفحة عنقه، ثم يده اليمنى

س456: ما الواجب في غسل الميت؟ وما المسنون من الغسلات، وما المكروه وما المحرم؟

إلى الكتف، ثم كتفه وشق صدره وفخذه وساقه إلى الرجل، ثم الأيسر كذلك ويقلبه الغاسل على جنبه مع غسل شقيه، فيرفع جانبه الأيمن ويغسل ظهره ووركه وفخذه ويفعل بجانبه الأيسر كذلك ولا يكبه على وجهه، ثم يفيض الماء القراح على جميع بدنه فيكون ذلك غسلة واحدة يجمع فيها بين السدر والماء القراح. س456: ما الواجب في غسل الميت؟ وما المسنون من الغسلات، وما المكروه وما المحرم؟ ج: الواجب: مرة إن لم يخرج شيء مع الكراهة، قال أحمد: لا يعجبني واحدة؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته: «اغسلها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر إن رأيتن ذلك بماء وسدر» الحديث متفق عليه، والمسنون: القطع على وتر ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا، والمحرم: الاقتصار على ما دون السبع ما دام يخرج. س457: بين أحكام ما يلي: جعل كافر في غسل الميت، جعل سدر، خضاب شعره، قص شارب، تقليم أظفار، أخذ شعر إبط، واذكر الحكمة في ذلك. ج: يُسن جعل كافور في الغسلة الأخيرة؛ لأن الكافور يصلب البدن ويبرده ويطرد عنه الهوام برائحته، وإن كان الميت محرمًا جنب الكافور؛ لأنه من الطيب، وسن خضاب شعر رأس المرأة ولحية الرجل بحناء، وقص شارب غير محرم وتقليم أظفار إن طالا، وأخذ شعر إبطيه؛ لأنه تنظيف ولا يتعلق بقطع عضو أشبه إزالة الوسخ والدرن ويعضده عمومات سنن الفطرة، وجعله معه كعضو ساقط، لما روى أحمد في مسائل صالح عن أم عطية قالت: «يغسل رأس الميتة فما سقط من شعرها في أيديهم غسلوه ثم ردوه في رأسها» ولأنه يستحب دفن ذلك من الحي فالميت أولى. س458: ما حكم حلق رأس الميت، وضفر شعر الأنثى؟ وإذا خرج من

س459: بين حكم استعمال ما يلي: الماء الحار في غسل الميت، الأشنان، الخلال، تسريح شعره.

الميت شيء بعد المسح، فما الحكم؟ وما حكم التنشيف في حق الميت بعد الغسل؟ ج: يحرم حلق رأس الميت، ويحرم أخذ شعر عانته، ويسن أن يضفر شعر أنثى ثلاثة قرون وسدله وراءها، لقول أم عطية: «فضفرنا شعرها ثلاثة قرون وألقيناه خلفها» رواه البخاري. وإذا خرج شيء بعد سبع حشي بقطن؛ إن لم يستمسك فبطين حر، ثم يغسل المحل ويوضأ وجوبًا وإن خرج بعد تكفينه لم يعد الغسل، ويُسن التنشيف بثوب كما فعل به صلى الله عليه وسلم ولئلا يبتل كفنه. س459: بين حكم استعمال ما يلي: الماء الحار في غسل الميت، الأشنان، الخلال، تسريح شعره. ج: يكره الماء الحار إن لم يحتج إليه لشدة برد؛ لأنه يرخي البدن فيسرع إليه الفساد، والبارد يصلبه ويبعده عن الفساد، ويكره الخلال إن لم يحتج إليه لشيء بين أسنانه؛ لأنه عبث وكره أشنان إن لم يحتج إليه لوسخ، ويكره تسريح شعره رأسًا كان أو لحية؛ لأنه يقطعه من غير حاجة، وعن عائشة أنها مرت بقوم يسرحون شعر ميت فنهتهم عن ذلك، وقالت: علام تنصون ميتكم؟ س460: ما صفة تغسيل المحرم الميت، وهل يغسل السقط ويصلى عليه؟ ج: محرم ميت كحي يغسل بماء وسدر، ولا يقرب طيبًا، ولا يلبس ذكر مخيطًا، ولا يغطي رأسه ولا وجه أنثى ولا يؤخذ شيء من شعره ولا ظفره، لحديث ابن عباس مرفوعًا في محرم مات «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا» متفق عليه، ولا تمنع معتدة من طيب لسقوط الإحداد بموتها، والسقط إذا بلغ أربعة أشهر غسل وصلي عليه، لحديث المغيرة مرفوعًا: «والسقط يصلى عليه» رواه أبو داود والترمذي، وفي رواية الترمذي:

س461: بين أحكام ما يأتي: إبقاء دم الشهيد عليه، إذا مات وبيده خاتم ونحوه، سوء الظن بمسلم، ما رآه طبيب أو غاسل من الميت؟

«والطفل يصلى عليه» ، وقال: حسن صحيح، وذكره أحمد واحتج به. س461: بين أحكام ما يأتي: إبقاء دم الشهيد عليه، إذا مات وبيده خاتم ونحوه، سوء الظن بمسلم، ما رآه طبيب أو غاسل من الميت؟ ج: يجب بقاء دم الشهيد عليه، لأمره صلى الله عليه وسلم بدفن شهداء أحد بدمائهم إلا أن تخالطه نجاسة فيغسلها؛ لأن دفع المفسدة وهو غسل النجاسة أولى من جلب المصلحة وهو بقاء أثر العيادة، ويزال خاتم ونحوه كسوار وحلقة ولو ببرد؛ لأن تركه معه إضاعة مال بلا مصلحة ويحرم سوء الظن بمسلم ظاهر العدالة لقوله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ} الآية. ويستحب ظن الخير بمسلم، ولا ينبغي تحقيق ظنه في ريبةٍ، ويجب على طبيب ونحوه كجراحي أن لا يحدث بعيب ببدن من بطبه؛ لأنه يؤذيه ويجب على غاسل ستر ما رآه إن لم يكن حسنًا. وفي الخبر مرفوعًا: «ليغسل موتاكم المأمونون» رواه ابن ماجه. س462: بين ما الواجب في الكفن؟ وما المسنون؟ واذكر الدليل موضحًا. ج: يجب تكفينه في ثوب لا يصف البشرة من ملبوس مثله يستر جميعه سوى رأس المحرم ووجه المحرمة؛ أما كونه في ثوب، فلقول أم عطية: «فلما فرغنا ألقي علينا حقوه، فقال: أشعرنها إياها ولم يزد على ذلك» رواه البخاري؛ وأما رأس المحرم ووجه المحرمة، فلقوله: «ولا تخمروا رأسه» ؛ وأما المسنون في حق الرجل فثلاث لفائف بيض من قطن، لحديث عائشة قالت: «كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث أثواب بيض سحولية جدد يمانية ليس فيها قميص ولا عمامة أدرج فيها إدراجًا» متفق عليه، وزاد مسلم في رواية: «وأما الحلة فاشتبه على الناس فيها أنها اشتريت ليكفن فيها فتركت الحلة وكفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية» ، قال أحمد: أصح الأحاديث في كفن النبي صلى الله عليه وسلم حديث عائشة؛ لأنها

س463: ما صفة تهيئة اللفائف؟ وما صفة وضع الميت عليها؟

أعلم من غيرها. وقال الترمذي: قد روي في كفن النبي صلى الله عليه وسلم روايات مختلفة، وحديث عائشة أصح الروايات التي رويت في كفنه، قال: والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة وغيرهم، والمسنون في حق المرأة في خمسة أثواب: إزار، وخمار، وقميص، ولفافتين، لحديث ليلى بنت قائف الثقفية قالت: «كنت فيمن غسل أم كلثوم ابنة النبي صلى الله عليه وسلم عند وفاتها، فكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحقا، ثم الدرع، ثم الخمار، ثم الملحفة، ثم أدرجت بعد ذلك في الثوب الآخر» رواه أبو داود. والصبي في ثوب واحد ويباح في ثلاثة ما لم يرثه غير مكلف، ولصغيرة قميص ولفافتان، والخنثى كالأنثى في الكفن خمسة أثواب. س463: ما صفة تهيئة اللفائف؟ وما صفة وضع الميت عليها؟ ج: تبسط اللفائف على بعضها واحدة فوق أخرى، وتجعل اللفافة الظاهرة وهي السفلى من الثلاث أحسنها، وذلك بعد تبخيرها بعود ونحوه بعد رشها بماء ورد لتعلق رائحة البخور بها لم يكن محرمًا، ويجعل الحنوط وهو أخلاط طيب فيما بينها، أي يذر بين اللفائف، ثم يوضع الميت على اللفائف مستلقيًا ويجعل من قطن مخيط بين إليتيه ويشد فوقه خرقة مشقوقة الطرف كالبنان تجمع إليتيه ومثانته ويجعل الباقي من قطن محنط على منافذ وجهه ومواضع سجوده جبهته، ويديه، وركبتيه، وأطراف قدمه تشريفًا لها، وكذا مغابنة كطي ركبتيه، وتحت إبطيه وسرته؛ لأن ابن عمر كان يتتبع مغابن الميت ومرافقه بالمسك، وإن طيب كله فحسن؛ لأن أنسًا طلى بالمسك، وطلى ابن عمر ميتًا بالمسك، ثم يرد طرف اللفافة العليا من الجانب الأيسر على شقه الأيمن، ثم يرد طرفها الأيمن على الأيسر، ثم الثانية كذلك، ثم الثالثة كذلك، ويجعل أكثر الفاضل عند رأسه، ثم يعقدها وتحل في القبر، لقول ابن مسعود: «إذا أدخلتم الميت القبر فحلوا العقد» رواه الأثرم.

شروط الصلاة على الميت وأركانها

61- شروط الصلاة على الميت وأركانها س464: ما الذي تسقط به الصلاة على المكلف؟ وما شروطها؟ ج: تسقط الصلاة عليه بمكلف، وشروطها ثمانية: النية، والتكليف، واستقبال القبلة، وستر العورة، واجتناب النجاسة، وإسلام المصلي والمصلى عليه، وطهارتهما ولو بتراب للعذر. س465: ما هي أركان الصلاة على الميت؟ ج: أركانها سبعة: القيام في فرضها؛ لأنها صلاة وجب القيام فيها كالظهر والتكبيرات الأربع؛ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم كبر على النجاشي أربعًا» متفق عليه، وقراءة الفاتحة لعموم حديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ أم القرآن» ، وصلى ابن عباس على جنازة فقرأ بأم القرآن، وقال: «لتعلموا أنها من السُّنة، أو قال: من تمام السُّنة» رواه البخاري، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء للميت، والترتيب، والسلام لعموم حديث: «وتحْليْلُهَا التسليم» . س466: ما صفة الصلاة على الميت؟ ج: صفتها أن ينوي، ثم يكبر أربعًا يرفع يديه مع كل تكبيرة يحرم بالتكبيرة الأولى ويتعوذ، ويسمي ويقرأ الفاتحة، ولا يستفتح. وفي الثانية يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يصلي عليه في التشهد، ويدعو في الثالثة بأحسن ما يحضره، وسن بما ورد ومنه: اللهم اغفر لحينا، وميتنا، وشاهدنا، وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا إنك تعلم منقلبنا، ومثوانا، وأنت على كل شيء قدير، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام والسُّنة، ومن توفيته منا فتوفه عليهما، اللهم اغفر له، وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرم

س467: ما هو الدليل على ذلك؟

نزله، وأوسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وزوجًا خيرًا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، وافسح له في قبره ونور له فيه؛ وإن كان صغيرًا أو بلغ مجنونًا واستمر، قال: اللهم اجعله ذخرًا لوالديه، وفرطًا وأجرًا وشفيعًا مجابًا، اللهم ثقل به موازينهما، واعظم به أجورهما، وألحقه بصالح سلف المؤمنين، واجعله في كفالة إبراهيم وقه برحمتك عذاب الجحيم؛ وإن لم يعلم إسلام والديه دعا لمواليه، ويؤنث الضمير على أنثى ويشير بما يصلح لهما على خنثى، ويقف بعد تكبيرة رابعة قليلاً، ولا يدعو ويسلم واحدة عن يمينه، ويجوز أن يسلمها تلقاء وجهه، ويجوز أن يسلم ثانية. س467: ما هو الدليل على ذلك؟ ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن من السُّنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى ويقرأ في نفسه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرتين، ولا يقرأ في شيء منهن ثم يسلم سرًا في نفسه» رواه الشافعي في «مسنده» ، والأثرم وزاد: السُّنة أن يفعل من وراء الإمام مثل ما يفعل إمامهم. وروى الجوزجاني عن زيد بن أرقم «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر على الجنازة أربعًا، ثم يقول ما شاء الله، ثم ينصرف» قال الجوزجاني: كنت أحسب هذه الوقفة ليكبر آخر الصفوف. س468: ما حكم فعلها جماعة؟ وهل يستفتح فيها؟ وهل يكتفي فيها بتسليمة؟ ج: تُسن جماعة، كفعله –عليه السلام- وأصحابه واستمر الناس عليه، وسن أن لا تنقص الصفوف عن ثلاثة، لحديث مالك بن هبيرة: «كان إذا صلى على ميت جزأ الناس ثلاثة صفوف، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

س469: من الأولى بالصلاة على الميت؟ واذكر الدليل على ما تقول.

«من صلى عليه ثلاثة صفوف من الناس فقد أوجب» » رواه الترمذي وحسنه، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولا يستفتح فيها؛ لأن مبناها على التخفيف، ولذلك لم تشرع فيها السورة بعد الفاتحة، ويجزئ تسليمة واحدة عن يمينه. قال الإمام أحمد عن ستة من الصحابة وليس فيه اختلاف إلا عن إبراهيم. س469: من الأولى بالصلاة على الميت؟ واذكر الدليل على ما تقول. ج: الأولى بها: وصيه العدل، فسيد برقيقه، فالسلطان، فنائبه الأمير، فالحاكم، فالأولى بغسل رجل فروج بعد ذوي الأرحام، ثم مع تساوي يقرع ومن قدمه ولي لا وصي بمنزلته. والدليل على تقديم الوصي على غيره أن أبا بكر - رضي الله عنه - أوصى أن يصلي عليه عمر، وأوصى عمر أن يصلي عليه صهيب وابنه حاضر، وأوسى ابن مسعود أن يصلي عليه الزبير، وأوصى أبو بكرة أن يصلي عليه أبو برزة، وأوصت عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن يصلي عليها أبو هريرة، ولم يعرف لهم مخالف مع كثرته وشهرته، فكان إجماعًا، ويسن أن لا تنقص الصفوف عن ثلاثة، كحديث مالك بن هبيرة «كان إذا صلى على ميت جزأ الناس ثلاثة صفوف، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى عليه ثلاثة صفوف من الناس فقد أوجب» » رواه الترمذي والحاكم. وقال: صحيح على شرط مسلم. والله أعلم، وصلى الله على محمد. س470: ما حكم الصلاة على الميت في المسجد؟ وما دليل الحكم؟ ج: تباح الصلاة عليه في المسجد إن أمن تلويثه، لما ورد عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «والله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابني بيضاء في المسجد» رواه مسلم، «وصلى على أبي بكر فيه» رواه سعيد.

س471: أين موقف الإمام والمنفرد من الجنازة؟ وضحه مع ذكر الدليل.

س471: أين موقف الإمام والمنفرد من الجنازة؟ وضحه مع ذكر الدليل. ج: السُّنة أن يقف الإمام والمنفرد عند رأس رجل ووسط المرأة، وذلك لما روى أحمد والترمذي، وحسنه وإسناده ثقات عن أنس - رضي الله عنه -: «أنه صلى على رجل فقام عند رأسه، ثم صلى على امرأة فقام وسطها، فقال العلاء بن زياد: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقوم؟ قال: نعم» . وعن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة فقام وسطها» متفق عليه. س472: إذا اجتمع جنائز، فما صفة تقديمهم للصلاة عليهم؟ وما هو الدليل. ج: يُسن أن يلي الإمام من كل نوع أفضلهم، فأسن، فأسبق، ثم يقرع؛ فإن كان رجلاً، وصبيًا، وامرأة وخنثى قدم إلى الإمام الرجل، ثم الصبي، ثم الخنثى المشكل، ثم المرأة، لما روي عن ابن عمر - رضي الله عنه - «أنه صلى على تسع جنائز رجال ونساء فجعل الرجال مما يلي الإمام والنساء مما يلي القبلة» . وروى عمار بن أبي عمار أن زيد بن عمر بن الخطاب، وأمه أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنهما ـ ماتا فصلى عليهما سعيد بن العاص فجعل زيدًا مما يليه، وأمه مما يلي القبلة، وفي القوم الحسن، والحسين، وأبو هريرة، وابن عمر، ونحو ثمانين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين. س473: ما الدليل على أنه يلي الإمام الأفضل؛ فإن تساووا فأكبر فأسبق فقرعة؟ ج: أولاً: قوله صلى الله عليه وسلم: «ليليني منكم أولو الأحلام والنهى» . ثانيًا: أنه المستحق للتقديم في الإمامة يؤيده: أنه صلى الله عليه وسلم يقدم في القبر من كان أكثر قرآنًا؛ وأما عند الاستواء في الفضل فأكبر،

س474: ما الذي ينبغي أن يدعو به في التكبيرة الثالثة في صلاة الجنازة؟

فلعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «كبر كبر» ؛ وأما تقديم الاسبق عند الاستواء فيما تقدم فواضح لسبقه؛ وأما استعمال القرعة عند الاستواء في ذلك فكالإمامة ويقدم الأفضل من الموتى أمام المفضولين في المسير؛ لأن حق الأفضل أن يكون متبوعًا لا تابعًا. س474: ما الذي ينبغي أن يدعو به في التكبيرة الثالثة في صلاة الجنازة؟ ج: يدعو بأحسن ما يحضره، وسن الدعاء بما ورد، ومن الوارد: «اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا إنك تعلم منقلبنا، ومثوانا وأنت على كل شيء قدير، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام والسُّنة، ومن توفيته منا فتوفه عليهما، اللهم اغفر له وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرم نزله، وأوسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وزوجًا خيرًا من زوجه، وأدخله الجنة وأعذه من القبر وعذاب النار» رواه مسلم من حديث عوف بن مالك أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك على جنازة حتى تمنى أن يكون ذلك الميت، وفيه: «وأبدله أهلاً خيرًا من أهله، وأدخله الجنة، وافسح له في قبره ونور له فيه» ؛ وإن كان صغيرًا، قال: «اللهم اجعله ذخرًا لوالديه وفرطًا وأجرًا وشفيعًا مجابًا، اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما وألحقه بصالح سلف المؤمنين واجعله في كفالة إبراهيم، وقه برحمتك عذاب الجحيم» لحديث المغيرة بن شعبة مرفوعًا: «السقط يُصلى عليه، ويدعي لوالديه بالمغفرة والرحمة» ، وفي لفظ: «بالعافية والرحمة» رواهما أحمد، وإنما لم يسن الاستغفار له؛ لأنه شافع غير مشفوع فيه ولا جرى عليه قلم، فالعدول إلى الدعاء لوالديه أولى من الدعاء له، وما ذكر من الدعاء لائق بالمحل مناسب لما هو فيه، ويؤنث الضمير على أنثى، ويشير ما يصلح لها على خنثى، ويقف بعد رابعة قليلاً، لما روى الجوزجاني عم زيد بن أرقم - رضي الله عنه - «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر أربعًا ثم

س475: ما هي شروط الصلاة على الجنازة؟ اذكرها بوضوح.

يقف ما شاء الله، فكنت أحسب هذه الوقفة ليكبر آخر الصفوف ويسلم تسليمة واحدة عن يمينه ويرفع يديه مع كل تكبيرة» رواه الشافعي عن ابن عمر، وسعيد عن ابن عباس، والأثرم عن عمرو وزيد بن ثابت، وسن وقوفه مكانه حتى ترفع. س475: ما هي شروط الصلاة على الجنازة؟ اذكرها بوضوح. ج: يشترط لها ما لمكتوبة إلا الوقت، حضور الميت بين يديه إلا على غائب عن البلد ولو دون المسافة أو غير قبلته، لحديث جابر: «في صلاته عليه السلام على النجاشي وأمره أصحابه بالصلاة عليه» متفق عليه، وإلا إذا صلى على غريق ونحوه كأسير، فيسقط شرط الحضور للحاجة وكذا غسلهما لتعذره، فيصلي عليه بالنية إلى شهر وزيادة يسيرة، والشرط الثاني: إسلام الميت، والشرط الثالث: تطهيره ولو بتراب لعذر؛ فإن تعذر التيمم صلى عليه. س476: المسبوق في صلاة الجنازة هل يقضي؟ وإذا خشي رفعهما فماذا يعمل؟ وإذا سلم ولم يقض فما حكم صلاته؟ وهل يجوز دخوله بعد الرابعة من فاتته الصلاة عليه قبل الدفن، فهل يصلي عليه بعد؟ ج: يقضي مسبوق إذا سلم إمامه ما فاته على صفتها؛ فإن خشي رفع الجنازة تابع التكبير رفعت أو لم ترفع، وإذا سلم مسبوق ولم يقض شيئًا صحت، ويجوز دخوله بعد التكبيرة الرابعة، ويقضي الثلاث التكبيرات استحبابًا لينال أجرها، ويصلي على من قبر من فاتته الصلاة عليه قبل الدفن إلى شهر من دفنه، ولا تضر زيادة يسيرة، قال القاضي: كاليوم واليومين، قال أحمد: ومن يشك في الصلاة على القبر يُروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من ستة وجوه كلها حسان، وقال أكثر ما سمعت: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى على أم سعد بن عبادة بعد شهر، ولحديث أبي هريرة: «أن امرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شابًا، ففقدها النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأل عنها أو عنه، فقالوا: ماتت أو مات، فقال: «أفلا كنتم آذنتموني؟» قال: فكأنهم صغروا أمرها

س477: إن وجد بعض ميت فهل يصلي عليه؟ واذكر الدليل على ما تقول؟

أو أمره، فقال: «دلوني على قبرها أو قبره، فدلوه فصلى عليها أو عليه» » ، وعن ابن عباس قال: «انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبر رطب فصلى عليه وصفوا خلفه وكبر أربعًا» متفق عليه. س477: إن وجد بعض ميت فهل يصلي عليه؟ واذكر الدليل على ما تقول؟ ج: إن وجد بعض ميت تحقيقًا لم يصل عليه وهو غير شعر، وسن وظفر، فحكمه ككله، فيغسل ويكفن ويصلى عليه وجوبًا، وينوي بالصلاة على ما وجد ذلك البعض الموجود. والدليل على الصلاة عليه أن أبا أيوب صلى على رجل إنسان، قاله أحمد، وصلى عمر على عظام بالشام، وصلى أبو عبيدة على رؤوس. رواهما عبد الله بن أحمد بإسناده، قال الشافعي: ألقى طائر بمكة بدأ من وقعة الجمعة عرفت بالخاتم، وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد وصلى عليها أهل مكة؛ ولأنها بعض ميت فيثبت لها حكم الجملة؛ فإن كان الميت صلى عليه غسل ما وجد وكفن وجوبًا وصلى عليه استحبابًا وكذا إن وجد الباقي من الميت، فيغسل ويكفن ويصلي عليه ويدفن بجنبه ولا يصلى على ما بان من حي، كيد سارق، وقاطع طريق. س478: بين حكم الصلاة على الغال وقاتل نفسه؟ واذكر الدليل على ما تقول؟ ج: لا يسن للإمام الأعظم ولا إمام كل قرية وهو واليها في القضاء الصلاة على الغال ولا قاتل نفسه عمدًا، أما الغال، وهو من كنتم من الغنيمة شيئًا ليختص به، فلأنه –عليه السلام- امتنع عن الصلاة على رجل من جهينة غل يوم خيبر، وقال: «صلوا على صاحبكم» رواه الخمسة إلا الترمذي احتج به أحمد؛ وأما قاتل نفسه عمدًا، فلحديث جابر بن سمرة: «أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءوه برجل قد قتل نفسه بمشاقص ولم يصل عليه» مسلم وغيره.

س479: إذا اشتبه من يصلي عليه بغيره كمسلم بكافر، فما الحكم؟ وهل يدفنوا جميعا؟ واذكر ما للمصلي على الجنازة من الأجر مقرونا بالدليل؟

س479: إذا اشتبه من يصلي عليه بغيره كمسلم بكافر، فما الحكم؟ وهل يدفنوا جميعًا؟ واذكر ما للمصلي على الجنازة من الأجر مقرونًا بالدليل؟ ج: إن اختلط من يصلي عليه بغيره أو اشتبه من يصلي عليه بغيره، وذلك كاختلاط موتى مسلمين بكفار ولم يتميزوا صلى على الجميع ينوي بالصلاة من يصلي عليه منهم وهم المسلمون، لوجوب الصلاة، ولا طريق له غير ذلك، وغسلوا وكفنوا كلهم؛ لأن الصلاة عليهم لا تمكن إلا بذلك، إذ الصلاة على الميت لا تصح حتى يغسل ويكفن مع القدرة، وإن أمكن عزلهم عن مقابر المسلمين والكفار دفنوا منفردين، وإلا دفنوا معنا؛ لأن الإسلام يعلو ولا يعلى، وللمصلي على جنازة قيراط من الأجر وهو أمر معلوم عند الله تعالى، وله بتمام دفنها قيراط آخر، لما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفه فله قيراطان» ، قيل: وما القيراطان؟ قال: «مثل الجبلين العظيمين» متفق عليه، ولمسلم: حتى توضع في اللحد. وللبخاري من حديث أبي هريرة «من تبع جنازة مسلم إيمانًا واحتسابًا وكان معها حتى يصلي عليها ويفرغ من دفنها؛ فإنه يرجع بقيراطين مثل جبل أُحد» . 62- فصل في حمل الجنازة س480: تكلم عن أحكام ما يلي: حمل الجنازة، الإسراع فيها، التربيع في الحمل، واذكر صفته بوضوح، الحمل بين العمودين؟ ج: حملها إلى محل دفنها فرض كفاية، ويُسن التربيع، لما ورد عن ابن مسعود قال: «من اتبع جنازة فليحمل بجوانب السرير كلها؛ فإنه من السُّنة ثم إن شاء فليتطوع وإن شاء فليدع» رواه ابن ماجه. وصفته أن يضع قائمة السرير اليسرى المقدمة على كتفه اليمنى، ثم ينتقل إلى المؤخرة، ثم اليمنى المقدمة على كتفه اليسرى، ثم ينتقل إلى المؤخرة ولا يكره حمل بين العمودين

س481: هل الأولى التقدم أمام الجنازة؟ أم التأخر؟ أم فيه تفضيل؟

كل عمود واحد على عاتق نصًا، لما روي أنه –عليه الصلاة والسلام- حمل جنازة سعد بن معاذ بين العمودين، ويبدأ من عند رأسه والجمع بين التربيع والحمل بين العمودين أولى؛ وأما الإسراع في الجنازة فمسنون، لما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسرعوا بالجنازة؛ فإن كانت صالحة قربتموها إلى خير، وإن كانت غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم» رواه الجماعة، ولا يكره الحمل على دابة لغرض صحيح كبعد القبر. س481: هل الأولى التقدم أمام الجنازة؟ أم التأخر؟ أم فيه تفضيل؟ ج: يستحب كون المشاة أمامها. قال ابن المنذر: «ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة» رواه أحمد عن ابن عمر؛ ولأنهم شفعاء، والشفيع يتقدم المشفوع له، وسن كون راكب خلفها، لحديث المغيرة بن شعبة مرفوعًا: «الراكب فخلف الجنازة» رواه الترمذي، وقال حسن: صحيح؛ ولأن سيره أمامها يؤذي تابعها. س482: تكلم عن أحكام ما يلي: جلوس تابعها قبل الوضع، رفع الصوت معها، إتباع المرأة لها، إتباعها إذا كان معها منكر، واذكر ما تستحضره من دليل؟ ج: يكره جلوس تابعها حتى توضع بالأرض للدفن، لحديث مسلم عن أبي سعيد مرفوعًا: «إذا اتبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع» قال أبو داود: روى هذا الحديث الثوري عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال فيه: «حتى توضع بالأرض» ورفع الصوت معها مكروه ولو بالذكر والقرآن، لحديث: «لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار» رواه أبو داود. وقول القائل مع الجنازة: استغفروا له ونحوه بدعة، وروى سعيد أن ابن عمر وسعيد بن جبير قا لقائل ذلك: لا غفر الله لك وكره أن يتبعها امرأة، لحديث أم عطية: «نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا» وحرم

س483: من المقدم بالتكفين والدفن، وما حكم القيادة للجنازة إذا جاءت، واذكر الدليل، وما تستحضره من خلاف.

أن يتبعها مع منكر عاجز عن إزالته، ويلزم القادر على إزالته أن يزيله ولا يترك اتباعها. س483: من المقدم بالتكفين والدفن، وما حكم القيادة للجنازة إذا جاءت، واذكر الدليل، وما تستحضره من خلاف. ج: المقدم بالتكفين من يقدم بغسل ونائبه كهو، والأولى توليه بنفسه، ويقدم بدفن رجل من يقوم بغسله؛ «لأنه –عليه الصلاة والسلام- ألحده العباس وعلي وأسامة» رواه أبو داود وكانوا هم الذين تولوا غسله، ولأنه أقرب إلى ستر أحواله وقلة الاطلاع عليه، ثم يقدم الأجانب محارمه من النساء، فالأجنبيات للحاجة، ويقدم بدفن امرأة محارمها الرجال، الأقرب فالأقرب؛ لأن امرأة عمر - رضي الله عنه - لما توفيت قال لأهلها: أنت أحق بها، ولأنهم أولى بها حال الحياة فكذا بعد الموت، ثم الزوج؛ لأنه أشبه بمحرمها من الأجانب فأجانب بعد الزوج، ثم محارمها النساء القربى فالقربى، وكره دفن عند طلوع الشمس، وعند غروبها، وأما القيام للجنازة، فقيل: إنه مكروه وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب، لحديث علي - رضي الله عنه - قال: «رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فقمنا تبعًا له، وقعد فقعدنا تبعًا له –يعني في الجنازة» رواه مسلم وغيره، وعن ابن عباس مرفوعًا: «قام ثم قعد» رواه النسائي، وقيل: يستحب، اختاره الشيخ تقي الدين وابن عقيل، لما ورد عن ابن عمر عن عامر بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى تخلفكم أو توضع» رواه الجماعة، ولأحمد: وكان ابن عمر إذا رأى جنازة قام حتى تجاوزه، وله أيضًا عنه: أنه ربما تقدم الجنازة فقعد حتى إذا رآها قد أشرفت قام حتى توضع، وعن جابر قال: «مرت بنا جنازة فقام لها النبي صلى الله عليه وسلم وقمنا معه، فقلنا: يا رسول الله، إنها جنازة يهودي، قال: «إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها» » ، وعن سهيل بن حنيف، وقيس بن سعد «أنهما كانا قاعدين بالقادسية، فمروا

س484: تكلم عن أحكام ما يلي مع تبيين المعاني: اللحد، الشق، التوسع، التعمير، أيهما أفضل: اللحد أم الشق، واذكر دليلا لما يحتاج إلى دليل.

عليهما بجنازة فقاما، فقيل لهما: إنهما من أهل الأرض، أي من أهل الذمة، فقالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام، فقيل له: إنها جنازة يهودي، فقال: «أليست نفسًا» » متفق عليهما، والذي يترجح أنه يُسن القيام لها ولو كانت كافرة. والله أعلم. س484: تكلم عن أحكام ما يلي مع تبيين المعاني: اللحد، الشق، التوسع، التعمير، أيهما أفضل: اللحد أم الشق، واذكر دليلاً لما يحتاج إلى دليل. ج: اللحد: أن يحفر في أسفل حائط القبر حفرة تسع الميت وأصله الميل، وكونه مما يلي القبلة أفضل، والشق أن يحفر وسط القبر كالحوض ثم يوضع الميت فيه ويسقف عليه ببلاط أو غيره أو يبنى جانباه بلبن أو غيره، واللحد أفضل من الشق، قال أحمد: لا أحب الشق، لحديث: «اللحد لنا والشق لغيرنا» رواه أبو داود؛ فإن تعذر اللحد لكون التراب ينهال ولا يمكن دفعه بنصب ابن أو حجارة ونحوه لم يكره، وسن أن يعمق القبر ويوسع بلا حد؛ لقوله –عليه السلام- في قتلى أُحد: «احفروا ووسعوا وعمقوا» قال الترمذي: حسن صحيح، وعن رجل من الأنصار قال: «خرجنا في جنازة فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على حفيرة القبر فجعل يوصي الحافر، ويقول: «أوسع من قبل الرأس، وأوسع من قبل الرجلين رب عذق له في الجنة» » رواه أحمد، وأبو داود؛ ولأن التعميق أبعد لظهور الرائحة وأمنع للوحش، والتعميق: الزيادة في النزول، والتوسيع: الزيادة في الطول والعرض، ويكفي ما يمنع السباع والرائحة. س485: ما صفة إدخال الميت القبر؟ وما هو الدليل عليها؟ ج: يُسن أن يسجي قبر لأنثى ولخنثى، وكره لرجل إلا لعذر، وسن أن يدخل قبره من عند رجله إن كان أسهل عليهم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم سل من قبل رأسه سلا، وعبد الله بن زيد أدخل الحارث من قبل رجلي

س486: ما المسنون قوله لمن يدخل الميت في القبر؟ وما صفة تلحيده؟

القبر وقال: هذا من السُّنة. رواه أحمد، وإلا من حيث سهل دفعًا للضرر والمشقة. قال العمريطي: ويستحب سله من رأسه ... إذا أراد وضعه في رمسه وكونه على اليمين يضجع ... وأوجبوا استقباله إذ يوضع وإن استوت الكيفيات فهي سواء، لعدم المرجح ومن في سفينة يلقى في البحر سلا كإدخاله القبر بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه وتثقيله بشيء وقد ألغز بها الشيخ عبد الرحمن الزواوي، فقال: وهل ناب ماء عن تراب كفيت ما ... يسوؤك عقباه ولا نالك البلى فقال في حلها: من مات في بحر وقد عز دفنه ... ففي البحر يلقى وهو بالترب بدلا س486: ما المسنون قوله لمن يدخل الميت في القبر؟ وما صفة تلحيده؟ ج: يُسن أن يقول ملحده: بسم الله وعلى ملة رسول الله، لحديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا وضعتم موتاكم في القبول، فقولوا: بسم الله وعلى ملة رسول الله» رواه الخمسة إلا النسائي، وسن أن يلحده على شقه الأيمن، ويجب أن يستقبل به القبلة، لقوله صلى الله عليه وسلم: «في الكعبة قبلتكم أحياء وأمواتًا» ولأنه طريقة المسلمين بنقل الخلف عن السلف. س487: بين أحكام ما يلي: حثو التراب على الميت، رفع القبر عن الأرض، الدعاء للميت، رش القبر بعد الدفن. واذكر الدليل. ج: يُسن حثو التراب على الميت ثلاثًا، ثم يهال عليه التراب، وسن رفع القبر عن الأرض قدر شبر مسنما، ويكره فوقه، ويستحب الدعاء للميت، أما دليل حثي التراب على الميت، فهو ما ورد عن أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة ثم أتى قبر الميت فحثا عليه من قبل رأسه ثلاثًا» رواه ابن ماجه، وللدارقطني معناه من حديث عامر بن ربيعة، وزاد وهو قائم، ولما روي

س488: اذكر ما تستحضره مما يحرم فعله في القبر، وعند القبر، وعلى القبر.

عن جعفر بن محمد عن أبيه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم حثا على الميت ثلاث حثيات بيده جميعًا» ، ثم يهال عليه التراب، لقول عائشة ـ رضي الله عنها ـ «ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحي» رواه أحمد؛ وأما الدليل على استحباب الدعاء للميت بعد الدفن، فهو ما ورد عن عثمان - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: «استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت؛ فإنه الآن يُسأل» رواه أبو داود، وصححه الحاكم؛ وأما الدليل على سنية رفعه قدر شبر فلقول جابر «إن النبي صلى الله عليه وسلم رقع قبره عن الأرض قدر شبر» رواه الشافعي، ويكره رفعه أكثر، لقوله –عليه السلام- لعلي: «لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته» رواه مسلم؛ وأما الدليل على سنية رش القبر، فهو ما روى جعفر بن محمد عن أبيه «أن النبي صلى الله عليه وسلم رش على قبر ابنه إبراهيم ماء ووضع عليه الحصباء» رواه الشافعي. س488: اذكر ما تستحضره مما يحرم فعله في القبر، وعند القبر، وعلى القبر. ج: يحرم إسراجه، واتخاذ المسجد عليه، وتجصيصه، والبناء عليه، والاستسقاء بترابه، وتخليفه، وتبخيره، وتقبيله، والجلوس عليه، والوطء عليه، والكتابة عليه، والتخلي عليه، والطواف به، والتمسح بالقبر، والتخلي بين القبور، والصلاة عنده، وقصده لأجل الدعاء، والإتكاء إليه. س489: اذكر ما تستحضره من الأدلة الدالة على تحريم المذكورات. ج: أما الدليل على تحريم اتخاذ القبور مساجد، وتحريم اتخاذ السرج عليها، فهو ما ورد عن ابن عباس قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج» رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وعن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» متفق عليه؛ وأما الدليل على تحريم

س490: بين أحكام ما يلي: دفن اثنين فأكثر في قبر، دفن بصحراء، المقدم في المسبلة عند الاستواء، إهداء القرب.

تجصيص القبر، وتحريم القعود عليه، وتحريم البناء عليه، وتحريم الكتابة على القبور، وتحريم الوطء عليه، والإتكاء إليه، فهو ما ورد عن جابر قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه» رواه أحمد، ومسلم، والنسائي، وأبو داود، والترمذي وصححه ولفظه «نهى أن تجصص القبور، وأن يكتب عليها، وأن يبنى عليها، وأن توطأ» ، وفي لفظ النسائي: «ونهى أن يبنى على القبر، أو يزاد عليه، أو يجصص، أو يكتب عليه» ، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر» رواه الجماعة إلا البخاري، والترمذي، وعن عمرو بن حزم قال: «رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئًا على قبر، فقال: «لا تؤذ صاحب هذا القبر أو لا تؤذه» » رواه أحمد، ولا يمشي في النعل بالمقبرة، لما ورد عن بشير بن الخصاصية «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يمشي في نعلين بين القبور، فقال: «يا صاحب السبتين ألقهما» » رواه الخمسة إلا الترمذي. وعن أبي مرثد الغنوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» رواه مسلم، ومن البدع المحرمة: تخليق القبر، وتقبيله والطواف به، والاستشفاء بترابه، والتمسح به، والصلاة عنده، وقصد القبر لأجل الدعاء. وأما الدليل على تحريم التخلي عليها وبينها: فلحديث عقبة بن عامر، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأن أطأ على جمرة أو سيف أحب إلي من أطأ على قبر مسلم ولا أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي أو وسط السوق» رواه الخلال، وابن ماجه. س490: بين أحكام ما يلي: دفن اثنين فأكثر في قبر، دفن بصحراء، المقدم في المسبلة عند الاستواء، إهداء القرب.

س491: اذكر ما تستحضره من الأدلة الدالة على أن من فعل قربة وجعل ثوابها لحي مسلم أو ميت أنه ينفعه ذلك؟

ج: يحرم دفن اثنين فأكثر إلا لضرورة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدفن كل ميت في قبر؛ وأما للضرورة، فلأن النبي صلى الله عليه وسلم لما كثر القتلى يوم أُحد، كان يجمع الرجلين في القبر الواحد، ويسأل أيهم أكثر أخذًا للقرآن فيقدمه، واللحد حديث صحيح؛ وأما التقديم فيقدم من يقدم إلى الإمام وتقدم، والدفن بالصحراء أفضل من الدفن بالعمران؛ لأنه –عليه الصلاة والسلام- كان يدفن أصحابه بالبقيع ولم تزل الصحابة والتابعون –رضوان الله عليهم أجمعين- ومن بعدهم يقبرون في الصحارى؛ ولأنها أشبه بمساكن الآخرة، ويقدم في مسبلة عند ضيق بسبق، ثم مع التساوي في سبق يقدم من قرع وأي قرية فعلها وجعل ثوابها لحي مسلم أو ميت نفعه ذلك. س491: اذكر ما تستحضره من الأدلة الدالة على أن من فعل قربة وجعل ثوابها لحي مسلم أو ميت أنه ينفعه ذلك؟ ج: قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ العَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} ، وقال: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} ، وقال: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} . وفي حديث أبي هريرة المتفق عليه في فضل صلاة الجماعة: «فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه، اللهم صل عليه، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه» ، ودعا صلى الله عليه وسلم لأبي سلمة، فقال: «اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين وأفسح له في قبره ونور له فيه» ، وقال: «إذا صليتم على الميت فاخلصوا له الدعاء» وفي حديث عوف بن مالك قال: «صلى النبي صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه: اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله» الحديث رواه مسلم.

وعن ابن عباس قال: كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: «نعم» ، وذلك في حجة الوداع. متفق عليه. وعن عبد الله بن عمرو أن العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة، وأن هشام بن العاص نحر حصته خمسين، وأن عمرو سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: «أما أبوك فلو أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك» رواه أحمد. وعن أبي هريرة «أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبي مات ولم يوص أفينفعه إن تصدقت عنه؟ قال: «نعم» » رواه أحمد، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه، وعن عائشة «أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن أمي افتلتت نفسها وأراها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: «نعم» » متفق عليه، وعن ابن عباس: «أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أمي توفيت أينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: «نعم» ، قال: فإن لي مخرفًا فأنا أشهدك أني قد تصدقت به عنها» رواه البخاري، والترمذي، وأبو داود. وعن الحسن عن سعد بن عبادة: «أن أمه ماتت، فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتت أفاتصدق عنها؟ قال: «نعم» ، قال: فأي الصدقة أفضل؟ قال –عليه الصلاة والسلام-: «سقي الماء» ، قال الحسن: فتلك سقاية آل سعد بالمدينة» رواه أحمد، والنسائي. وعن عثمان - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا

س492: ما المسنون قوله لمن أصيب بمصيبة؟

فرغ من دفن الميت وقف عليه، وقال: «استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل» » رواه أبو داود، وصححه الحاكم. وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من مات وعليه صوم صام عنه وليه» متفق عليه. عن أسيد بن مالك بن ربيعة الساعدي قال: «بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء رجل من بني سلمة، فقال: يا رسول الله، هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما؟ قال: «نعم، الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وافتقاد عهدهما بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما» » رواه أبو داود، وهذا لفظه، وابن ماجه. ومن الأدلة المستحسنة قوله صلى الله عليه وسلم في الأضحية لما ضحى بكبشين، فلما ذبح أحدهما قال: «بسم الله والله أكبر، اللهم هذا عن محمد وآل محمد» ، ولما ذبح الثاني قال: «اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي» ، وفي رواية ابن ماجه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ضحى بكبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موسومين فذبح أحدهما عن محمد وآل محمد، وذبح الآخر عن أمته وعمن شهد له بالبلاغ، ففيه دليل على أن النفع قد نال الأحياء والأموات من أمته بأضحيته صلى الله عليه وسلم، وإلا لم يكن في ذلك فائدة، فإنه قوله صلى الله عليه وسلم ما ينطق عن الهوى» . وقال للذي قضى الدين عن الميت: «الآن بردت جلدته» . والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س492: ما المسنون قوله لمن أصيب بمصيبة؟ ج: يُسن أن يسترجع فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرًا منها، لما ورد عن أم سلمة قالت: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله به

س493: بين أحكام ما يلي: الصبر على المصيبة، الرضى بمرض أو فقر أو عاهة.

إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها، إلا أخلف الله له خيرًا منها» ، فلما مات أبو سلمة قالت: أي المسلمين خير من أبي سلمة أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قلتها، فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه مسلم. س493: بين أحكام ما يلي: الصبر على المصيبة، الرضى بمرض أو فقر أو عاهة. ج: يُسن الصبر على المصيبة ويجب منه ما يمنعه عن محرم، وفي الصبر على موت الولد أجر كبير، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة» رواه البخاري، ولا يلزم الرضى بمرض وفقر وعاهة، ويحرم الرضى بفعل المعصية، قال الشيخ تقي الدين: إذا نظر إلى إحداث الرب لذلك للحكمة التي يحبها ويرضاها رضى لله بما رضي لنفسه فيرضاه ويحبه مفعولاً مخلوقًا لله ويبغضه ويكرهه فعلاً للمذنب المخالف لأمر الله، انتهى. وكره لمصاب تغير حاله من خلع رداء ونحوه، وتعطيل معاشه لما فيه من إظهار الجزع. قال إبراهيم الحربي: اتفق العقلاء من كل أمة أن من لم يتمش مع القدر لم يتهن بعيش. س494: بين معاني الكلمات الآتية: الندب، النياحة، تعزية. ج: الندب هو: تعداد محاسن الميت بلفظ النداء مع زيادة ألف وهاء في آخره نحوه: واسيداه واجبلاه، وانقطاع ظهراه، وأصل الندب أثر الجرح شبه ما كان يجده من الوجد والحزن بألم الجرح ووجعه، والنياحة: رفع الصوت بالندب، والتعزية: التسلية لصاحب الميت، وحثه على الصبر، ووعده بالأجر، ووعظه بما يزيل عنه الحزن والألم والهم.

س495: ما حكم الندب، والنياحة، ولطم الخد، والصراخ، ونتف الشعر ونحوه؟

س495: ما حكم الندب، والنياحة، ولطم الخد، والصراخ، ونتف الشعر ونحوه؟ ج: كلها هذه من المحرمات، لما ورد عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية» ، وعن أبي بردة قال: «وجع أبو موسى وجعًا فغشى عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله، فصاحت امرأة من أهله فلم يستطع أن يرد عليها شيئًا، فلما أفاق قال: أنا بريء ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة، والحالقة، والشاقة» . وعن المغيرة بن شعبة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنه من نيح عليه يعذب بما ينح عليه» . وفي صحيح مسلم: «أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة» الأحاديث الثلاثة التي قبل هذا متفق عليها. وعن النعمان بن بشير قال: «أغمى على عبد الله بن رواحة فجعلت أخته عمرة بفكي واجبلاه، واكذا، واكذا تعدد عليه، فقال حين أفاق: ما قلت شيئًا إلا قيل لي أنت كذلك؟ فلما مات لم تبك عليه» رواه البخاري. وعن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الميت يعذب ببكاء الحي إذا قالت النائحة واعضداه، واناصراه، واكاسباه، جبذ الميت، وقيل له: أنت عضدها؟ أنت ناصرها؟ أنت كاسبها» رواه أحمد. س496: ما حكم التعزية؟ وما الذي يقال للمصاب؟ وما الذي يرد به المعزى؟ ج: التعزية سُّنة، لما ورد عن الأسود عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عزى مصابًا فله مثل أجره» رواه ابن ماجه، والترمذي، ولحديث عمرو بن حزم مرفوعًا: «ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الجنة» رواه ابن ماجه، ويقال للمصاب بمسلم أعظم

س497: ما حكم البكاء على الميت؟ وما هو الدليل على الحكم؟

الله أجرك، وأحسن عزاك، أو يقول غير ذلك. قال الموفق: لا أعلم في التعزية شيئًا محدودًا إلا أنه يُروى أن النبي صلى الله عليه وسلم عزى رجلاً، فقال: «رحمك الله وآجرك» رواه أحمد، وفي تعزية المسلم بكافر: «أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك» وتحرم تعزية الكافر، ويقول المعزى: استجاب الله دعاءك ورحمنا وإياك، ولا بأس بأخذه بيد من عزاه، قال أحمد: إن شئت أخذت بيد الرجل في التعزية وإن شئت فلا. س497: ما حكم البكاء على الميت؟ وما هو الدليل على الحكم؟ ج: يجوز البكاء على الميت، لما ورد عن أنس - رضي الله عنه - قال: «شهدت بنتًا للنبي صلى الله عليه وسلم تدفن ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس عند القبر فرأيت عينيه تدمعان» رواه البخاري. وعن ابن عمر قال: «اشتكى سعد بن عبادة شكوى له، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، فلما دخل عليه وجده في غشية، فقال: «قد قضي؟» فقالوا: لا يا رسول الله، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى القوم بكاءه بكوا، فقال: «ألا تسمعون إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب؛ ولكن يعذب بهذا أو يرحم» ، وعن أسامة بن زيد قال: «كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه وتخبره أن صبيًا لها في الموت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ارجع إليها فأخبرها أن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فمرها فلتصبر ولتحتسب» ، فعاد الرسول، فقال: «إنها أقسمت لتأتينها» ، قال: فقام النبي صلى الله عليه وسلم وقام معه سعد بن عبادة ومعاذ ابن جبل قال: فانطلقت معهم فرفع إليه الصبي ونفسه تقعقع كأنها في شنة ففاضت عيناه، فقال سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال: «هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء» متفق عليهما.

س498: ما حكم تصليح الطعام لأهل الميت؟ وما دليل الحكم.

س498: ما حكم تصليح الطعام لأهل الميت؟ وما دليل الحكم. ج: يُسن أن يصلح لأهل الميت طعام يبعث به إليهم، لما ورد عن عبد الله بن جعفر قال: لما جاء نعى أبي حين قتل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم» رواه الخمسة إلا النسائي. قال الزبير: فعمدت سلمى مولاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى شعير فطحنته وأدمته بزيت جعل عليه وبعثت به إليهم، ويروى عن عبد الله بن أبي بكر أنه قال: فما زالت السُّنة فينا حتى تركها من تركها، وسواء كان الميت حاضرًا أو غائبًا وأتاهم نعيه، وينوي فعل ذلك لأهل الميت لا لمن يجتمع عندهم فيكره؛ لأنه معونة على مكروه وهو اجتماع الناس عند أهل الميت. نقل المروذي عن أحمد: هو من أفعال الجاهلية، وأنكره إنكارًا شديدًا، ولأحمد وغيره عن جرير وإسناده ثقات، قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة، ويكره لأهل الميت فعل الطعام للناس يجتمعون عندهم. س499: ما حكم زيارة القبور للرجال؟ وما الذي يقوله الزائر؟ وأين موقفه من الميت؟ ج: تسن زيارة قبر مسلم وأن يقف زائر أمامه قريبًا منه؛ أما الدليل على أنها مستحبة للرجال، فلما ورد عن بريدة بن الخصيب الأسلمي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها» رواه مسلم، زاد الترمذي: «فإنها تذكر الآخرة» زاد ابن ماجه من حديث ابن مسعود: «وتزهد في الدنيا، ويقول الزائر للقبور والمار بها: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء بكم للاحقون، ويرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم» ، لما ورد عن سليمان بن بريدة عن أبيه -رضي الله عنهما- قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا: «السلام عليكم أهل

س500: بين حكم زيارة القبور للنساء، وما حكم زيارتها بشد رحل؟

الديار من المؤمنين المسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية» » رواه مسلم. وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه، فقال: «السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر» رواه الترمذي. ويعرف الميت زائره يوم الجمعة قبل طلوع الشمس قاله أحمد، وفي الغنية يعرفه كل وقت وهذا الوقت آكد. وقال ابن القيم: الأحاديث والآثار تدل على أن الزائر متى جاء علم به المزور، وسمع كلامه وأنس به، وهذا عام في حق الشهداء وغيرهم وأنه لا توقيت في ذلك. انتهى. س500: بين حكم زيارة القبور للنساء، وما حكم زيارتها بشد رحل؟ ج: قيل: إنه مكروه، لما ورد عن أم عطية قالت: «نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا» متفق عليه، وقيل: يحرم، لما ورد عن أبي هريرة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور» رواه أحمد، وابن ماجه، والترمذي وصححه. ولا يجوز شد الرحل لزيارة القبور، لما ورد عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرجال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» متفق عليه. قال في «مختصر النظم» : ويشرع للذكران زور مقابر ... ويكره في أولى المقال لنهد وما قد روى عند المرور بقوله ... فكم مرسل قد جاء فيه ومسند وتعزية المرء المصاب فضيلة ... وتغيير زي الساخط أكره وشدد وكل بكاء ليس معه نياحة ... ولا ندب الآبى به غير معتدي ويحرم شق الجيب واللطم بعده ... النياحة مع ندب وأشباهها اعدد

فصل فيما يتعلق بالسلام

ويسأل في القبر الفتى عن نبيه ... وعن ربه والدين فعل مهدد فمن ثبت الله استجاب موحدًا ... ومن لم يثبت فهو غير موحد وتلك لعمرى آخر الفتن التي ... متى تنج منها فزت فوز مخلد فنسأله التثبيت دنيًا وآخرًا ... وخاتمة تقضي بفوز مؤبد 63- فصل فيما يتعلق بالسلام س501: ما حكم السلام؟ وما دليل الحكم؟ وما المواضع التي يكره فيها السلام؟ ج: السلام مسنون لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» رواه مسلم، ويخير بين تعريفه وتنكيره في سلام الحي؛ لأن النصوص صحت بالأمرين، وقال ابن البنا: سلام التحية منكر، وسلام الوداع معرف، وابتداؤه من جماعة سُّنة كفاية، والأفضل السلام على جميعهم؛ لحديث: «أفشوا السلام بينكم» ، وأما المواضع التي يكره فيها السلام فقد نظمها الغزي: سلامك مكروه على من ستسمع ... ومن بعد ما أبدى يسن ويشرع مصل وتال ذاكر ومحدث ... خطيب ومن يصغى إليهم ويسمع مكرر فقيه جالس لقضائه ... ومن بحثوا في الفقه دعهم لينفعوا مؤذن أيضًا مع مقيم مدرس ... كذا الأجنبيات الفتيات امنع ولعاب شطرنج وشبه بخلقهم ... ومن هو في مع أهل له يتمتع ودع كافرًا أيضًا ومكشف عورة ... ومن هو في حال التغوط أشنع ودع أكلا إلا إذا كنت جائعًا ... وتعلم منه أنه ليس يمنع كذلك أستاذ مغن مطير ... فهذا ختام والزيادة تنفع س502: ما حكم رد السلام؟ واذكر كيفيته بوضوح.

س503: إذا سلم على إنسان ثم لقيه ثانيا، فهل يسلم عليه؟ وما حكم الابتداء في السلام؟ وما حكم السلام على الصبيان؟ وهل يسلم عند الانصراف.

ج: رده فرض كفاية؛ فإن كان واحدًا تعين عليه لقوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} ، وعن علي مرفوعًا: «يجزي عني الجماعة إذا أمروا أن يسلم أحدهم، ويجزي عن الجلوس أن يرد أحدهم» رواه أبو داود؛ وأما الكيفية: فيستحب أن يقول المبتدي بالسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فيأتي بضمير الجمع، وإن كان المسلم عليه واحدًا، ويقول المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فيأتي بواو العطف في قوله: عليكم. ويجزي في السلام: السلام عليكم، ويجزي في الرد: وعليكم السلام. س503: إذا سلم على إنسان ثم لقيه ثانيًا، فهل يسلم عليه؟ وما حكم الابتداء في السلام؟ وما حكم السلام على الصبيان؟ وهل يسلم عند الانصراف. ج: إذا سلم على إنسان ثم لقيه ثانيًا أو ثالثًا أو أكثر من ذلك، فيسلم لعموم حديث: «افشوا السلام بينكم» ، وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه؛ فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر، ثم لقيه فليسلم عليه» رواه أبو داود، وحديث المسيء وتقدم. وأما الابتداء في السلام فمسنون، لما ورد عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام» رواه أبو داود بإسناد جيد، ويستحب أن يسلم عند الانصراف من المجلس، لما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم فإذا أراد أن يقوم فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، ويستحب أن يسلم على الصبيان، لما ورد عن أنس: «أنه مر على صبيان فسلم عليهم، وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله» متفق عليه. س504: بين من المسنون في حقه أن يبتدئ في السلام ممن يلي صغير وكبير، قليل وكثير، راكب وماش، مار وقاعد؟

س505: تكلم عن أحكام ما يلي: متى تجب الإجابة على كل من المتلاقيين إذا مر جماعة على قاعد؟ إذا سلم على غائب برسالة أو كتابة أو من وراء جدار؟

ج: يسلم الصغير على الكبير، والقليل على الكثير، والراكب على الماشي، لما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير» متفق عليه، وفي رواية لمسلم: «والراكب على الماشي» . س505: تكلم عن أحكام ما يلي: متى تجب الإجابة على كل من المُتلاقيين إذا مر جماعة على قاعد؟ إذا سلم على غائب برسالة أو كتابة أو من وراء جدار؟ ج: تجب الإجابة على كل من المتلاقيين إذا بدآ جميعًا بالسلام وسمع كل منهما صاحبه، وإذا ورد جماعة على قاعد أو قعود فالوارد هو الذي يبدأ بالسلام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «والمار على القاعد» وإذا سلم على من وراء جدار وجبت الإجابة عند البلاغ، وإذا سلم على غائب عن البلد برسالة أو كتابة وجبت الإجابة عن البلاغ، ويستحب أن يسلم على الرسول، فيقول: وعليك وعليه السلام، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال له رجل: أبي يقرئك السلام، فقال: «عليك وعليه السلام» ، وفي موضع آخر: «وعليه السلام» ، وقال في موضع آخر: «وعليك وعليه السلام» . س506: بين ما فيما يلي من كيفية أو حكم: السلام على الأصم، سلام الأخرس وجوابه، سلام النساء على النساء، المصافحة بين الرجال والنساء. ج: إذا سلم على أصم جمع بين اللفظ والإشارة، وسلام الأخرس وجوابه والإشارة لقيامه مقام نطقه، وسلام النساء على النساء كسلام الرجال على الرجال، وتستحب مصافحة رجل لرجل وامرأة لامرأة، لما ورد عن أبي الخطاب قتادة قال: قلت لأنس: أكانت المصافحة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. رواه البخاري، وعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا» رواه أبو داود.

س507: بين ماذا ينبغي لمن دخل على جماعة فيهم علماء؟ وما حكم الانحناء في السلام؟ وما حكم المعانقة؟ وما حكم السلام إذا دخل على أهله؟ وما الذي يقول؟

س507: بين ماذا ينبغي لمن دخل على جماعة فيهم علماء؟ وما حكم الانحناء في السلام؟ وما حكم المعانقة؟ وما حكم السلام إذا دخل على أهله؟ وما الذي يقول؟ ج: إذا دخل على جماعة فيهم علماء سلم على الكل، ثم سلم على العلماء سلامًا ثانيًا تمييزًا لمرتبتهم، وكذا لو كان فيهم عالم واحد، ولا يجوز الانحناء في السلام وتجوز المعانقة، لما ورد عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رجل: يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: «لا» ، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: «لا» ، قال: فيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: «نعم» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: «قدم زيد بن حارثة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فأتاه فقرع الباب، فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه فاعتنقه وقبله» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن؛ وأما إذا دخل بيته فيُسن، لقوله تعالى: {فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} ، وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا بني، إذا دخلت على أهلك فسلم يكن بركة عليك وعلى أهلك» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن، وعن أنس - رضي الله عنه -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا خرج الرجل من بيته، فقال: بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: حسبك هديت وكفيت ووقيت وتنحى عنه الشيطان» رواه الترمذي وحسنه، والنسائي، وابن حبان في «صحيحه» ، وفي «سنن أبي داود» عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا ولج الرجل بيته فليقل: اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج بسم الله ولجنا وبسم الله خرجنا وعلى الله ربنا توكلنا ثم ليسلم على أهله» . س508: ما حكم تشميت العاطس؟ وما حكم رده؟ ج: تشميته إذا حمد فرض كفاية، ورده فرض عين، لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «إذا عطس أحدكم فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله» ، وعنه أيضًا: «إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله على كل حال وليقل أخوه

س509: بين ما تستحضره من آداب ما يلي: العطاس، والتشميت، التثاؤب؟

أو صاحبه: يرحمك الله، ويقول هو: يهديكم الله ويصلح بالكم» رواه أبو داود، وعن أنس - رضي الله عنه - قال: «عطس رجلاً عند النبي صلى الله عليه وسلم فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر، فقال الذي لم يشمته عطس فلان فشمته وعطست فلم تشمتني، فقال: «هذا حمد الله وإنك لم تحمد الله» » متفق عليه. س509: بين ما تستحضره من آداب ما يلي: العطاس، والتشميت، التثاؤب؟ ج: إذا تثاءب كظم ندبًا ما استطاع؛ فإن غلبه التثاؤب غطى فمه بكمه أو غيره كيده لما ورد عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تثاءب أحدكم فليمسك بيده على فيه؛ فإن الشيطان يدخل» رواه مسلم، وإذا عطس خمر وجهه لئلا يتأذى به غيره وخفض صوته؛ لحديث أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم: «إنه كان إذا عطس غطى وجهه بثوبه ويده» حديث صحيح. قال في «شرح منظومة الآداب» : قال ابن هبيرة: إذا عطس الإنسان استدل بذلك من نفسه على صحة بدنه وجودة هضمه واستقامة قوته، فينبغي له أن يحمد الله، ولذلك أمره صلى الله عليه وسلم. وفي البخاري: إن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب؛ لأن العطاس يدل على خفة بدن الإنسان ونشاطه، والتثاؤب غالبًا لثقل البدن وامتلائه وارتخائه، فيميل إلى الكسل فأضافه إلى الشيطان؛ لأنه يرضيه أو من تسببه إلى دعائه إلى الشهوات؛ فإن عطس ثانيًا شمته، وإن عطس رابعًا دعا له بالعافية، ويجب الاستئذان على كل من يريد الدخول عليه من أقارب وأجانب، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} ، وعن أبي موسى: «الاستئذان ثلاث؛ فإن أذن لك وإلا فارجع» متفق عليه. وعن كلدة بن حنبل - رضي الله عنه - قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فدخلت عليه ولم أسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ارجع، فقل: السلام عليكم أأدخل؟» » رواه أبو داود، وقال الترمذي: حديث حسن، ولا بأس أن يصف نفسه بما يعرف به إذا لم يعرفه المخاطب بغيره، وإن

كان فيه صورة تبجيل له بأن يكنى نفسه أو يقول: أنا المفتي فلان، أو القاضي فلان، أو الشيخ فلان، أو ما أشبه ذلك، لما ورد في صحيحي البخاري ومسلم: عن أم هانئ بنت أبي طالب ـ رضي الله عنها ـ، واسمها فاختة على المشهور، وقيل: فاطمة، وقيل: هند، قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل وفاطمة تستره، فقال: «من هذه؟» قلت: أنا أما هانئ، وعن أبي ذر قال: «خرجت ليلة من ليالي فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وحده فجعلت أمشي في ظل القمر فالتفت فرآني، فقال: «من هذا؟» فقلت: أبو ذر» متفق عليه. هذا آخر ما تيسر لي جمعه من كتب الحديث، وكتب الفقه مبتدأ به من كتاب الطهارة، ومنتهيًا في هذا الجزء إلى آخر كتاب الجنائز، متمشيًا في المؤلف على طريقة الفقهاء، وكان الفراغ من هذه الأسئلة والأجوبة في يوم الجمعة الموافق 39/3/1384. والله أسأل أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع به نفعًا عامًا إنه سميع قريب، على كل شيء قدير، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه،،،

ومما أرى أنه من المناسب سوقه في هذا الموضع الأبيات التي تلي نقلتها من منظومة الآداب لابن عبد القوي –رحمه الله تعالى-: وكن عالمًا أن السلام لسنة ... وردك فرض ليس ندبًا بأوطد ويجزئ تسليم امرئ من جماعة ... ورد فتى منهم على الكل يا عدي وتسليم تزر والصغير وعابر السبيل ... وركان على الضد أيد وإن سلم المأمور بالرد منهم ... فقد حصل المسنون إذ هو متبدى وسلم إذ ما قمت عن حضرة امرئ ... وسلم إذا ما جئت بيتك تهتد وإفشاؤك التسليم يوجب محبة ... من الناس معروفًا ومجهولاً اقصد وتعريفه لفظ السلام مجوز ... وتنكيره أيضًا على نص أحمد وقد قيل نكره وقيل تحية ... كالميت والتوديع عرف كردد وسنة استئذانه لدخوله ... على غيره من أقربين وبعد ثلاثًا ومكروه دخول لهاجم ... ولا سيما من سفرة وتبعد ثلاثًا ومكروه دخول لهاجم ... ولا سيما من سفرة وتبعد ووقفته تلقاء باب وكوة ... فإن لم يجب يمضي وإن يخف يزدد وتحريك نعليه وإظهار حسه ... لدخلته حتى لمنزله اشهد وكل قيام لا لوال وعالم ... ووالده أو سيد كرهه أمهد وصافح لمن تلقاه من كل مسلم ... تناثر خطاياكم كما في المسند وليس لغير الله حل سجودنا ... ويكره تقبيل الثرى بتشديد ويكره منه الانحناء مسلمًا ... وتقبيل رأس المرء حل وفي اليد وحل عناق للملاقي تدينا ... ويكره تقبيل الفهم افهم وقيد ونزع يد ممن يصافح عاجلاً ... وأن يتناجى الجمع ما دون مفرد وأن يجلس الإنسان عند محدث ... بسر وقيل احظر وإن يأذن اقعد ومر أي عجوز لم ترد وصفاحها ... وخلوتها اكره لا تحيتها اشهد وتشميتها واكره كالخصلتين ... للشباب من الصنفين بعدي وأبعد ويحسن تحسين لخلق وصحبه ... ولاسيما للوالد المتأكد

ولو كان ذا كفر وأوجب طوعه ... سوى في حرام أو لأمر مؤكد كتطلاب علم لا يضرهما به ... تطليق زوجات برأي مجرد أحسن إلى أصحابه بعد موته ... فهذا بقايا برك المتعود ويحسن خفض الصوت من عاطس وأن ... يغطي وجهًا لاستتار من الردى وقل للفتى عوفيت بعد ثلاثة ... وللطفل بورك فيك وأمره بحمد وغط فمًا واكظم تصب في تثاؤب ... فذلك مسنون لأمر المرشد ولا بأس شرعًا إن يطبك مسلم ... وتشكر الذي تلقى وبالحمد فابتدى وترك الدوا أولى وفعلك جائز ... ولم تتيقن فيه حرمة مفرد ورجح على الخوف الرجا عند بأسه ... ولاق بحسن الظن ربك تسعد

تم بحمد الله وحسن توفيقه وعونه الجزء الأول من «الأسئلة والأجوبة الفقهية المقرونة بالأدلة الشرعية» ، ويليه إن شاء الله تعالى الجزء الثاني وأوله «كتاب الزكاة» . وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. ** ** ** هذا الكتاب وقف لله تعالى ومن استغنى عن الانتفاع به فليدفعه إلى غيره ممن ينتفع به من طلبة العلم أو غيرهم. طبع على نفقة المؤلف وجماعة من المحسنين وحقوق الطبع محفوظة للمؤلف

حقوق الطبع محفوظة للمؤلف ومن أراد طبعه ابتغاء وجه الله تعالى لا يريد به عرضًا من الدنيا فقد أذن له وجزى الله خيرًا من طبعه وقفًا أو أعن على طبعه أو تسبب لطبعه وتوزيعه على إخوانه المسلمين فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» رواه مسلم، وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاث نفر الجنة صانعه يحتسب في صنعته الخير، والرامي به ومنبله» ، الحديث رواه أبو داود، وورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد يدعو له» الحديث رواه مسلم.

وَقْفٌ للهِ تَعَالَى تَأْلِيفُ عَبدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ السّلمانِ المدرس في معهد إمام الدعوة بالرياض غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين الجزء الثاني طُبِِعَ عَلَى نَفَقَةِ مَنْ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وجْهَ اللهِ وَالدَار الآخرةَ فجَزاهُ اللهُ عن الإسلام والمسلمينَ خيرًا وغَفَر له ولوالديه ولمن يُعيدُ طِبَاعَتَه أو يُعِيْنُ عليها أو يَتَسبَب لها أو يُشِيرُ على مَنْ يُؤمِلُ فيه الخيرَ أن يَطبَعَه وقفًا للهِ تعالى يُوزَّع على إخوانِهِ المسلمين ... اللهم صل على محمد وعلى آله وسلم

كتاب الزكاة

بسم الله الرحمن الرحيم 1- كتاب الزكاة س1: ما هي الزكاة لغةً وشرعًا؟ ج: هي لغةً: النماء والزيادة، يقال: زكَى الزرع إذا نمى وزاد، وتطلق على المدح، قال الله تعالى: {فَلاَ تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} ، وعلى التطهير، قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} ، وعلى الصلاح، يقال: رجل زكى، أي: زائد الخير صح من قوم أزكياء، وزكى القاضي الشهود إذا بين زيادتهم في الخير، وسمى المُخْرجُ زكاة؛ لأنه يزيد في المخرج منه ويقيه الآفات، وأصل التسمية قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} ، وقيل: لأنها تطهر مؤديها من الإثم وتنمي أجره. وقال الأزهري: إنها تنمي الفقراء. وشرعًا: حقٌ واجبٌ في مال خاص لطائفة مخصُوصَةٍ في وقت مخصوص. س2: ما الذي يخرج بقيد الفقر المذكورة في التعريف الشرعي؟ ج: يخرج بقوله: «واجب الحق» المسنون كابتداء السلام، وبقوله: «مال» رد السلام ونحوه، وبقوله: «خاص» ما يجب في كل الأموال كالديون والنفقات، وبقوله: «لطائفة مخصوصة» نحو الدية؛ لأنها لورثة المقتول، وبقوله: «بوقت مخصوص» نحو النذر والكفارة. س3: ما حكم الزكاة؟ ج: هي الركن الثالث من أركان الإسلام ومبانيه العظام من جحد وجوبها جهلاً به ومثله يجهله كقريب عهد بإسلام أو نشوئه ببادية بعيدة بحيث يُخفى عليه وجوب الزكاة عرف ذلك ونهى عن المعاودة لجحد وجوبها؛ فإن أضرَّ على جحد الوجوب بعد أن عُرفَ أو كان عالمًا بوجوبها كفر إجماعًا؛ لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع الأمة، ولو أخرجها وهذا جحد وجوب الزكاة على

س4: كم مدة استتابة جاحد الزكاة، وإذا لم يتب جاحدها فهل يقتل حدا أم كفرا، وما صفة توبته، وما حكم منعها بخلا؟

الإطلاق؛ وأما إن جَحَده في مال خاص ونحوه؛ فإن كان مجمعًا عليه فكذلك وإلا فلا كـ «مال» الصغير والمجنون وزكاة العسل؛ لأنه مختلف فيه وأخذت الزكاة منه إن كانت وجبَت عليه قبل كفره لكونها لا تسقط به كالدين. س4: كم مدة استتابة جاحد الزكاة، وإذا لم يتب جاحدها فهل يقتل حدًا أم كفرًا، وما صفة توبته، وما حكم منعها بخلاً؟ ج: يستتاب ثلاثة أيام وجوبًا كغيره من المرتدين وصفة توبته: أن يقر بوجوبها مع الإتيان بالشهادتين وإذا لم يتب قتل كفرًا وجوبًا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة» ، وقال أبو بكر الصديق: «لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة» متفق عليهما. ومن منعها بخلاً أو تهاونًا أخذت منه قهرًا كدين الآدمي، وكما يؤخذ العشر منه؛ ولأن للإمام طلبه به فهو كالخراج بخلاف الاستتابة في الحج والتكفير بالمال، ويأتي إن شاء الله تكملة لهذا البحث في باب إخراج الزكاة. س5: ما الأصل في مشروعية الزكاة، ومتى فرضت؟ ج: الأصل في ذلك الكتاب والسُّنة والإجماع؛ أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَآتَوُا الزَّكَاةَ} ، وقال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ} ؛ وأما السُّنة: فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذًا إلى اليمن، فقال: «أعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم» متفق عليه. وأجمع المسلمون في جميع الأعصار على وجوبها، واتفق الصحابة - رضي الله عنهم - على قتال مانعي الزكاة، فروى البخاري بإسناده عن أبي هريرة قال: لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو بكر وكفر من كفر من العرب، فقال عمر لأبي بكر: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني

س6: ما الذي تجب فيه الزكاة والذي تجب فيه؟

ماله ونفسي إلا بحقه وحسابه على الله» ، فقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال والله، لو منعوني عناقًا كان يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها، قال عمر: فوالله ما هو إلا أني رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر فعرفت أنه الحق. ورواه أبو داود، وقال: لو منعوني عقالاً، قال أبو عبيد: العقال: صدقة. قال الشاعر: سَعَى عقالاً فلم يَتركْ لنا سَيَدًا ... فكيفَ لو قد سعَى عمرو عِقالينِ وقيل: كانوا إذا أخذوا الفريضة أخذوا معها عِقالها ومن رَوَى عناقًا ففيه دليل على خذ الصغيرة من الصغار، وفرضت بالسنة الثانية ذكره صاحب «المغني» والمحرر والشيخ تقي الدين، قال في الفروع: ولعل المراد طلبها وبعث السعاة لقبضها، فهذا بالمدينة؛ ولهذا قال صاحب «المحرر» : إن الظواهر في إسقاط زكاة التجارة معارضة بظواهر تقتضي وجوب الزكاة في كل مال كقوله: {فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ} ، وقال شرف الدين الدمياطي: إنها فرضت في السنة الثانية من الهجرة بعد زكاة الفطر بدليل قول قيس بن سعد بن عبادة أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بزكاة الفطر قبل نزول آية الزكوات، وفي «تاريخ ابن جرير الطبري» : أنها فرضت في السنة الرابعة من الهجرة، وقيل: فرضت قبل الهجرة وبُينتْ بعدها. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س6: ما الذي تجب فيه الزكاة والذي تجب فيه؟ ج: تجب في خمسة أشياء: أحدها: بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم، سميت بذلك؛ لأنها لا تتكلم. والثاني: الذهب والفضة وما يقوم مقامهما من أوراق وفلوس نقدية. والثالث: عروض التجارة. والرابع والخامس: الخارج من الأرض، ولا تجب الزكاة في باقي الأموال إذا لم تكن للتجارة حيوانًا كان المال كالرقيق والطيور والخيل والبغال والحمير والضباء سائمة كانت أو لا أو غير حيوان كاللآلئ والجواهر والثياب والسلاح وأدوات الصناع وأثاث البيوت

س7: ما هي شروط وجوب الزكاة، وكم عددها، وضحها مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو محترز، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل؟

والأشجار والنبات والأواني والعقار من الدور والأرضين للسكنى وللكراء؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس على المسلم في عبده وفرسه صدقة» متفق عليه. ولأبي داود: ليس في الخيل والرقيق زكاة إلا زكاة الفطر، وقيس على ذلك باقي المذكورات؛ ولأن الأصل عدم الوجوب إلا لدليل ولا دليل فيها، وفي «شرح أصول الأحكام» على شرح حديث: «ليس على المسلم في عبده وفرسه صدقة» ، وقال النووي: وغير هذا الحديث أصل في أن أموال القنية لا زكاة فيها وهو قول العلماء من السلف والخلف إلا أبا حنيفة في الخيل والحديث حجة عليه، وقال الوزير: وغيره أجمعوا على أنه ليس في دور السكنى وثياب البذلة وأثاث المنزل ودواب الخدمة وعبيد الخدمة وسلاح الاستعمال زكاة. اهـ. فالعبيد ورباط الخيل وآلات السلاح والحرب وسائر أموال القنية كل ما كان منها ما عساه أن يكون لم يكن فيه زكاة؛ فإن سائر أموال القنية مشغولة بالحاجة الأصلية وليست بنامية أيضًا، وكل منهما مانع من وجوب الزكاة ولو لم ينص على كل فرد منه؛ فإن الشارع إنما اعتنى ببيان ما تجب فيه الزكاة؛ لأنه خارج عن الأصل فيحتاج إلى بيان لا بيان ما لا تجب فيه اكتفاء بأصل عدم الوجوب. اهـ. س7: ما هي شروط وجوب الزكاة، وكم عددها، وضحها مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو مُحترز، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل؟ ج: شروط وجوبها خمسة: أولاً: الحرية. ثانيًا: إسلام. ثالثًا: ملك نصاب. رابعًا: استقراره. خامسًا: مضي الحول في غير معشر ونتاج سائمة وربح تجارة؛ أما المعشر فلقوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} ؛ وأما نتاجُ السائمة وربح التجارة ولو لم يبلغ النتاج أو الربح نصابًا؛ فإن حولهما حول أصلهما إن كانا نصابًا وإلا فمن كماله نصابًا فلو ملك خمسًا وثلاثين شاة فنتجت شيئًا فشيئًا فحولها من حين تبلغ نصابًا وهو الأربعين، وكذا لو ملك ثمانية عشر مثقالاً وربحت شيئًا فشيئًا فحولها منذ بلغت عشرين ولا بيني وارث على حول الموروث ويضم المستفاد إلى نصاب بيده من جنسه أو في حكمه في وجوب الزكاة

س8: ما الذي يخرج بقيد كل شرط من شروط وجو الزكاة، وهل تجب على من بعضه حر وبعضه رقيق؟

ويزكي كل مال إذا تم حوله وإن كان من غير جنس النصاب ولا في حكمه فله حكم نفسه؛ فإن بلغ نصابًا زكاه إذا تم حوله وإلا فلا. س8: ما الذي يخرج بقيد كل شرط من شروط وجو الزكاة، وهل تجب على من بعضه حُر وبعضهُ رقيق؟ ج: يخرج بقيد الحرية الرقيق فلا تجبُ عليه؛ لأنه لا مال له ولا على مكاتب؛ لأنه عبد وملكه غير تام وتجب على مبعّض فيما ملكهُ يجزئه الحر بشروطه ويخرج بقيد الإسلام الكافر فلا تجب على كافر أصلي أو مرتد فلا يقضيها إذا أسلم، ويخرج بقوله ملك نصاب ما دون النصاب فلا زكاة فيه إلا الركاز ويخرج بقيد الاستقرار ديْنُ الكتابة لعدم الاستقرار؛ لأنه يملك تعجيز نفسه، ويخرج بقوله ومُضيُّ حول في غير معشر وربح تجارة ونتاج ما لم يتم عليه الحول؛ لقول عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول» رواه ابن ماجه، وعن علي بن أبي طالب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كانت لك مائتا درهم وحالَ عليهما الحولُ ففيها خمسة دراهم وليس عليك شيء في الذهب حتى يكون لك عشرون دينارًا؛ فإذا كانت لك عشرون دينارًا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار» رواه أبو داود. س9: ما نصاب الزكاة، وإذا نقص النصاب في بعض الحول فما الحكم؟ وما الحكمة في إسقاطها عن القليل الذي لا يتحملها؟ اذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل، أو خلاف، ومن أين تخرج الزكاة؟ ج: النصاب هو القدر الذي تجب فيه الزكاة ومتى نقص النصاب في بعض الحول أو باه أو أبدله بغير جنسه أو ارتدَّ مالكه انقطع الحول إلا في إبدال ذهب بفضة أو إبدال فضة بذهب وإلا في عروض التجارة وإلا في أموال الصيارف فلا ينقطع ويخرج مما معه عند وجوب الزكاة ولا ينقطع الحول فيما أبدله بجنسه، والقول الثاني: أن إبدال النصاب الزكوي بنصاب

س10: تكلم بوضوح عما يلي: ما مثال ما تجب الزكاة في عينه إذا فر من الزكاة فتحيل على إسقاطها، إذا قال لم أقصد الفرار من الزكاة فهل يقبل قوله، إذا أتلف جزاء من النصاب لينقص فهل تسقط، اذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟

آخر زكوي لا يمنع الزكاة ولا يقطعها سواء كان من جنسه أو من جنس آخر، قالوا: والتفريق بين ما كان من الجنس أو من غير الجنس لا دليل عليه؛ ولأن القول بقطعه إذا أبدل من غير جنسه قد يكون سدًا لفتح أبواب الحيل لمنع الزكاة، والحكمة في إسقاطها عن القليل الذي لا يتحملها لئلا يجحف بأرباب الأموال ولا يبخس الفقراء حقوقهم وإذا بلغ النصاب وجب الحق ولا يجب فيما دونه. والله أعلم. س10: تكلم بوضوح عما يلي: ما مثال ما تجب الزكاة في عينه إذا فرَّ من الزكاة فتحيل على إسقاطها، إذا قال لم أقصد الفرار من الزكاة فهل يقبل قوله، إذا أتلف جزاء من النصاب لينقُصَ فهل تسقط، اذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟ ج: مما تجب الزكاة في عينه: الغنم والبقر وخمس وعشرون من الإبل وإن فر من الزكاة فتحيل على إسقاطها فتقص النصاب أو باعه أو أبدله لم تسقط بإخراج النصاب أو بعضه عن ملكه ويزكي من جني النصاب المبيع ونحوه لذلك الحول، وإن قال لم أقصد الفرار من الزكاة؛ فإن دلت قرينة على الفرار عمل بها ورد قوله، وإلا قبل قوله ولا يستخلف، وكذلك لو أتلف جزءًا من النصاب لينقص فتسقط الزكاة فلا تسقط وتؤخذ منه في آخر الحول، قال الله تعالى: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الجَنَّةِ} الآية فعاقبهم الله تعالى بذلك لفرارهم من الصدقة؛ ولأنه قصد به إسقاط نصيب من انعقد سبب استحقاقه فلم تسقط كالمطلق في مرض الموت؛ ولأنه لما قصد قصدًا فاسدًا اقتضت الحكمة عقوبته بنقيض قصده كمن قتل مورثه، واشترط بعضهم أن يكون ذلك عند قرب وجوبها؛ لأنه مظنة قصد الفرار ما لو كان في أول الحول وأوسطه؛ لأنها بعيدة أو منفية، وقال أبو حنيفة والشافعي: تسقط لأنه نقص قبل تمام الحول، والقول الأول ندي أنه أرجح. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

س11: تكلم بوضوح عن زكاة الدين الذي على ملئ والذي على غير ملئ والمجحود والمغصوب والضال، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو تقسيم مع الترجيح لما ترى أنه الأرجح؟

س11: تكلم بوضوح عن زكاة الدين الذي على ملئ والذي على غير ملئ والمجحود والمغصوب والضال، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو تقسيم مع الترجيح لما ترى أنه الأرجح؟ ج: الدين ينقسم إلى قسمين: أحدهما: دين على معترف به باذل فعلى صاحبه زكاته إلا أنه لا يلزمه إخراجها حتى يقبضه فيزكيه لما مضى يُروى ذلك عن علي - رضي الله عنه -، وبهذا قال الثوري وأبو ثور وأصحاب الرأي، وقال عثمان ابن عفان وابن عمر وجابر وطاووس والنخعي وجابر بن زيد والحسن والزهري وقتادة والشافعي وإسحاق وأبو عبيد: عليه إخراج زكاته في الحال وإن لم يقبضه؛ لأنه قادر على أخذه والتصرف فيه أشبه الوديعة، وروي عن عائشة وابن عمر: ليس في الدين زكاة، وهو قول عكرمة؛ لأنه غير تام فلم تجب زكاته كعرض القنية، وروي عن سعيد بن المسيب وعطاء وأبي الزناد يزكيه إذا قبضه لسنة واحد. القسم الثاني: الدين على المماطل والمُعسِر والمجحود الذي لا بينة به والمغصوب والضال حكمه حكم الدين على المعسر وفي ذلك كله روايتان: إحداهما: لا تجب فيه الزكاة وهو قول قتادة وإسحاق وأبي ثور وأهل العراق؛ لأنه ممنوع منه غير قادر على الانتفاع به أشبه الدين على المكاتب. قال في «الاختيارات الفقهية» (ص98) : لا تجب في دين مؤجل أو على معسر أو مماطل أو جاحد ومغصوب ومسروق وضال وما دفنه ونسبه أو جهل عند من هو ولو حصل في يده، وهو رواية عن أحمد اختارها وصححها طائفة من أصحابه، وهو قول أبي حنيفة. انتهى. والقول الثاني: يزكيه إذا قبضه لما مضى وهو قول الثوري وأبي عبيد لما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال في الدين المضنون إن كان صادقًا فليزكه إذا قبضه لما مضى، وعن ابن عباس نحوه رواهما أبو عبيد؛ ولأنه مال يجوز التصرف فيه أشبه الدين على الملئ ولأن ملكه فيه تام أشبه ما لو نسى عند من أودعه، وللشافعي فيه قولان كالروايتين، وعن عمر بن عبد العزيز والحسن والليث والأوزاعي

س12: هل تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون؟

ومالك يزكيه إذا قبضه لعام واحد؛ لأنه كان في ابتداء الحول في يده ثم حصل بعد ذلك فوجب أن لا نسقط الزكاة عن حول واحد، وعندي أن القول الأول أقوى دليلاً من الثاني؛ لأن الله شرع الزكاة في الأموال النامية المقدور عليها وهذه الأموال لا يقدر عليها أصحابها وأيضًا في إيجابها على الغريم في هذه الحال ما يوجب التضييق على المعسر المأمور بأنظاره وأيضًا هذه ليست من الأموال النامية. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س12: هل تجب الزكاة في مال الصبي والمجنون؟ ج: نعم تجب الزكاة في مالهما لعموم حديث معاذ لما بعثه - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ابتغوا في أموال اليتامى كيلا تأكله الصدقة» رواه الترمذي والدارقطني وإسناده ضعيف، وله شاهد مرسل عند الشافعي. س13: هل تجب الزكاة في المرهون والموقوف والموصى به؟ ج: تجب في المرهون كغيره ويخرجها راهن منه بلا إذن مرتهن إن تعذر غيره ويأخذ مرتهن من راهن عوض زكاة أن أيسر وتجب الزكاة في السائمة وغلة أرض وشجر موقوفة على معين ويخرج من غير السائمة؛ فإن كانوا جماعة وبلغ نصيب كل واحد من غلته نصابًا وجبت وإلا فلا، ولا زكاة في موقوف على غير معين، كعلى الفقراء أو موقوف على مسجد أو مدرسة أو رباط ونحوه لعدم تعيين المالك، ولا تجب في مال معين نذر أن يتصدق به ولم يقل إذا حال الحول فلا زكاة على ربه لزوال ملكه عنه أو نقصه ولا زكاة في نقد موصى به في وجوه بر أو موصى في أن يشتري به وقف والربح كالأصل؛ لأنه نماؤه. س14: هل تجب الزكاة في حصة المضارب، وتكلم عن المبيع المتعين أو الموصوف؟

س15: هل الدين مانع من وجوب الزكاة؟

ج: قيل: إن حصة المضارب لا تجب فيها لعدم استقرارها؛ لأنه وقاية لرأس المال فملكه ناقص. والثاني: الوجوب وينعقد حوله بظهور الربح؛ لأنه ملكه فيجب كسائر أملاكه وهذا إذا بلغت نصابًا لدخوله في عمومات النصوص وأيضًا فالزكاة شرعت في الأموال النامية وحصة المضاربة نامية، وهذا القول أرجح عندي. والله أعلم. ويزكي مشتر مبيعًا متعينًا كنصاب سائمة معين أو موصوف من قطيع معين أو مبيعًا متميزًا كهذه الأربعين شاة ولو لم يقبضه حتى انفسخ البيع بعد الحول وما عداهما بائع. س15: هل الدين مانع من وجوب الزكاة؟ ج: أما ما كان بعد وجوب الزكاة فهذا لا يمنعها؛ لأن الزكة وجبت وصار أهل الزكاة كالشركاء لصاحب المال وإن كان موجودًا قبل وجوب الزكاة منع في الأموال الباطنة وهي الأثمان وعروض التجارة؛ وأما الأموال الظاهرة وهي الحبوب والثمار والمواشي فلا يمنع فيها؛ لأنه –عليه الصلاة والسلام- كان يبعث سعَاته فيأخذون الزكاة فما وجدوا من المال الظاهر من غير سؤال عن دين صاحبه بخلاف الباطنة وكذلك الخلفاء بعده –رضوان الله عليهم أجمعين-، ولم يأت عنهم أنهم طالبوا أحدًا بصدقة الصامت ولا استكرهوه عليها إلا أن يأتي بها طوعًا؛ ولأن السعاة يأخذون زكاة ما يجدون ولا يسألون عما على صاحبها من الدين فدل على أنه لا يمنع زكاتها؛ ولأن تعلق أطماع الفقراء بها أكثر والحاجة إلى حفظها أوفر فتكون الزكاة فيها آكد. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س16: بين أحكام ما يلي: المال المودع، القادر المودِعُ على أخذه هل تجب فيه الزكاة، وما زاد على النصاب هل تجب فيه الزكاة؟ من له مال غائب مع عبده أو وكيله، وما هو الوقص؟ ج: تجب في المال المودع بشرطه كغيره وليس للمودَع إخراجها بغير إذن مالكها؛ لأنه افتيات عليه وتجب في مال غائب مع عبده أو وكيله

س17: تكلم عن أرش جناية العبد هل يمع الزكاة، وعن من له عرض قنية يباع لو أفلس وعليه دين وعنده مال؟

ولو أسر ربُ المال أو حُبس ومنع من التصرف في ماله لم تسقط زكاته لعدم زوال ملكه وتجب فيما زاد على النصاب بالحساب لعموم ما يأتي في مواضعه إلا في السائمة فلا زكاة في وقصها لما روى أبو عبيدة في «غريبه» مرفوعًا ليس في الأوقاص صدقة، وقال الوقص: ما بين الفرضين، وفي حديث معاذ أنه قيل له: «أُمِرتَ في الأوقاص بشيء» قال: لا، وسأل سائل النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله، فال: «لا» رواه الدارقطني. س17: تكلم عن أرش جناية العبد هل يمع الزكاة، وعن من له عرض قنية يباع لو أفلس وعليه دين وعنده مال؟ ج: يمنع أرش جناية عبد التجارة زكاة قيمته؛ لأنه وجب جبرًا لا مواساة بخلاف الزكاة ومن له عرض قنية يباع لو أفلس بأن كان قيمته فاضلاً عن حاجته الأصلية يفي العرض بدينه الذي عيه ومعه مال زكوي جعل الدين في مقابلة ما معه من مال زكوي ولا يزكيه لئلا تختل المواساة، وكذا من بيده ألف وله على ملئ دين ألف وعليه ألف دين فيجعل الدين في مقابلة ما بيده فلا يزكيه ويزكي الدين إذا قبضه. س18: متى يبدأ الحول في الصداق وعوض الخلع والأجرة؟ ج: يبتدئ الحول بصداق وأجرة وعوض خلع معينين ولو قبل قبضها من عقد لثبوت الملك في ذلك بمجرد عقد فينفذ فيه تصرف من وجب له ويستقبل بمبهم من ذلك من حين تعيين لا عقد لأنه لا يصح تصرفه فيه قبل قبضه ولا يدخل في الضمان إلا به فلو أصدقها أو خالعته على أحد هذين النصابين أو على نصاب من ذهب أو فضة أو ماشية في رجب مثلاً ولم يعين إلا في المحرم فهو ابتداء حوله، وقال الشيخ تقي الدين لما سُئل عن صداق المرأة على زوجها تمر عليه السنون المتوالية لا يمكنها مطالبته به لئلا يقع بينهما فرقة: قيل: تجب تزكية السنين الماضية سواء كان الزوج موسرًا أو معسرًا، وقيل: يجب مع يسار، وتمكنها

س19: إذا زكت المرأة صداقها كله بعد الحول، وهو في ملكها ثم تنصف الصداق بطلاق الزوج لها أو خلعه ونحوه قبل الدخول فما الحكم؟ وبين متى تجب الزكاة؟

من قبضه، وقيل: تجب لسنة واحدة، وقيل: لا تجب بحال، وأضعف الأقوال من يوجبها للسنين الماضية حتى مع العجز عن قبضه؛ فإن هذا القول باطل وأقرب الأقوال من لا يوجب فيه شيئًا بحال حتى يحول عليه الحول أو يوجب فيه زكاة واحدة عند القبض فهذا القول له وجه، وهذا وجه. والله أعلم. (25/47، 48) من «مجموع الفتاوى» ملخصًا. س19: إذا زكت المرأة صداقها كله بعد الحول، وهو في ملكها ثم تنصف الصداق بطلاق الزوج لها أو خلعه ونحوه قبل الدخول فما الحكم؟ وبين متى تجب الزكاة؟ ج: يرجع الزوج فيما بقي من الصداق بكل حقه؛ لقوله تعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} فلو أصدقها ثمانين فحال الحول وزكتها أو لا رَجَع بأربعين وتستقر الزكاة عليها ولا تجزئها زكاتها من الصداق بعد طلاقها قبل الدخول ولو حال الحول؛ لأنه مال مشترك فلا يجوز لأحدهما التصرف فيه قبل القسمة، وتقدم حكم الدين على الملئ وغيره، وإذا تم الحول وجبت الزكاة إلا ما لا يشترط له تمام الحول وتقدم حديث عائشة لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول. س20: هل الزكاة تجبُ بعين المال أم في الذمة وضح ذلك، وتعرض للخلاف والدليل والتعليل والترجيح لما تراه؟ ج: قيل: تجب الزكاة بعين المال الذي تجزئ زكاته منه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «في أربعين شاة شاة» ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «فيما سقت السماء العشر» وغير ذلك من الألفاظ الواردة بحرف «في» المقتضية للظرفية، ففي نصاب فقط لم يزكي لحولين أو أكثر زكاة واحدة للحول الأول إلا ما زكاته الغنم من الإبل فعليه لكل حول زكاة لتعلق الزكاة بذمته لا بالمال؛ لأنه لا يخرج منه وما زاد على النصاب مما زكاته في عينه ينقص من زكاته كل حول مضى بقدر نقصه بها؛ لأنها تتعلق بعين المال فينقص بقدرها. والقول الثاني: أنها تجب في الذمة؛ لأن إخراجها

س21: تكلم بوضوح عن تعلق الزكاة بما تجب فيه، ولمن النماء بعد وجوب الزكاة، وهل للمالك إخراجها من غير النصاب؟

من غير النصاب جائز فلم تكن واجبة فيه كزكاة الفطر؛ ولأنها لو وجَبَت فيه لامتنع المالك من التصرف فيه ولتمكن المستحق من إلزامه أداه الزكاة من عينه أو ظهر شيء من أحكام ثبوته فيه وأسقطت الزكاة بتلف النصاب من غير تفريط كسقوط الجناية بتلف الجاني وفائدة الخلاف فيما إذا كان له نصاب فحال عليه حولان لم يؤد زكاتها وجب عليه أداؤه لما مضى ولا تنقص عنه الزكاة في الحول الثاني، وكذلك إن كان أكثر من نصاب لم تنقص الزكاة وإن مضى عليه أحوال، فلو كان عنده أربعون شاة مضى عليها ثلاثة أحوال لم يؤد زكاتها وَجَب عليه ثلاث شياه وإن كانت مائة دينار فعليه سبعة دنانير ونصف؛ لأن الزكاة وجبت في ذمته فلم يؤثر في تنقيص النصاب؛ لكن إن لم يكن له مال آخر يؤدي الزكاة منه احتمل أن تسقط في قدرها؛ لأن الدين يمنع وجوب الزكاة، وقيل: تجب بالذمة وتتعلق بالنصاب اختاره الشيخ تقي الدين، والقول الأول عندي أنه أرجح لما أراه من قوة الدليل. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س21: تكلم بوضوح عن تعلق الزكاة بما تجب فيه، ولمن النماء بعد وجوب الزكاة، وهل للمالك إخراجها من غير النصاب؟ ج: تعلق الزكاة بما تجب فيه لتعلق أرش جناية برقبة جان لا كمتعلق دين برهن أو تعلق دين بمال محجور عليه لفلس ولا كتعلق شركة بمال مشترك فللمالك إخراجها من غير النصاب كما أن لسيد الجاني فداءه بغير ثمنه والنماء بعد وجوبها للمالك كولد الجاني لا يتعلق به أرش الجنابة فكذا نماء النصاب ونتاجهُ لا تتعلق به الزكاة فلا تكون فيه للفقراء شركاء. س22: إذا أتلف النصاب مالكه فما الحكم؟ وهل للمالك التصرف فيما وجبت فيه الزكاة؟ وهل يرجع البائع بعد لزوم بيع في قدرها؟ ج: إذا أتلف النصاب مالكه لزمه ما وَجبَ فيه من الزكاة لا قيمته كما لو قتل الجاني مالكه لم يلزمه سوى ما وجب بالجناية بخلاف الراهن

س23: هل إمكان الأداء معتبر في وجوب الزكاة؟ وهل تسقط بتلف المال؟ وضح ذلك وتعرض لذكر الخلاف والدليل والتعليل والترجيح؟

وللمالك التصرف فيما وجبت فيه الزكاة ببيع أو غير كهبة وإصداق كما أن له ذلك في الجاني بخلاف راهن ومحجور عليه وشريك ولا يرجع بائع بما تعلقت الزكاة بعينه بعد لزوم بيعه في قدرها ويخرج الزكاة البائع؛ فإن تعذر على البائع إخراج زكاة من غير المبيع فسخ في قدر الزكاة لسبق وجوبها ومحل ذلك إن صدقة مشتر على وجوب الزكاة قبل البيع وعجز عن إخراجها من غيره أو ثبت ذلك ببينة وإلا لم يقبل قول البائع عليه ولمشتر الخيار إذا رجع البائع في قدر الزكاة بشرطه لتفريق الصفقة في حقهِ. س23: هل إمكان الأداء معتبر في وجوب الزكاة؟ وهل تسقط بتلف المال؟ وضح ذلك وتعرض لذكر الخلاف والدليل والتعليل والترجيح؟ ج: تجب الزكاة بحلول الحول سواء تمكن من الأداء أو لم يتمكن: لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول» فمفهومه وجوبها عليه إذا حال الحول؛ ولأنه لو لم يتمكن من الأداء حتى حال عليه حولان وجبت عليه زكاة الحولين ولا يجوز وجوب فرضين في نصاب واحد في حال واحدة؛ ولأنها عبادة فلا يشترط لوجوبها إمكان الأداء كسائر العبادات؛ فإن الصوم يجب على المريض والحائض والعاجز عن أدائه؛ لكن لو كان المال غائبًا عن البلد أو مغصوبًا أو ضالاً ونحوه لا يقدر على الإخراج منه لم يلزمه إخراج زكاته حتى يتمكن من الأداء منه فإمكان الأداء شرط لوجوب الإخراج لا لوجوب الزكاة؛ وأما إذا تلف المال، فقيل: لا تسقط بتلفه؛ لأنها عين تلزمه مؤنة تسليمها إلى مستحقها فضمنها بتلفها بيد كعارية وغصب وكدين الآدمي فلا يعتبر بقاء المال إلا الزرع والثمر إذا تلف بجائحة قبل حصاد وجذاذ أو بعدهما قبل وضع في جرين ونحوه؛ لعدم استقرارها قبل ذلك. والقول الثاني: تسقط الزكاة بتلف النِّصاب على كل حال إلا أن يكون الإمام قد طالبه بها فمنعه؛ لأنه تلف قبل محل الاستحقاق فسقطت الزكاة كما لو تلف قبل الجذاذ؛ ولأنه تعلق بالعين فسقط بتلفها كأرش الجناية في العبد الجاني والأول هو المشهور عن

س24: بين الحكم فيمن مات وعليه دين وزكاة، وإذا كان أضحية ودين فهل يجوز بيعها فيه، وإذا كان نذر بمعين وزكاة فما الحكم؟

أحمد –رحمه الله-، والثاني قول أبي حنيفة –رحمه الله- واختار الشيخ تقي الدين أنها تسقط إذا لم يفرط، انتهى. قال العلماء –رحمهم الله-: لأنها تجب على سبيل المواساة فلا تجب على وجه يجب أداؤها مع عدم المال وفقر من تجب عليه؛ ولأنها حق يتعلق العين فيسقط بتلفها من غير تفريط كالوديعة، وما اختاره الشيخ تقي الدين هو الراجح عندي. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س24: بين الحكم فيمن مات وعليه دين وزكاة، وإذا كان أضحية ودين فهل يجوز بيعها فيه، وإذا كان نذر بمعين وزكاة فما الحكم؟ ج: ديون الله تعالى من الزكاة، والكفارة، والنذر غير المعين، ودين، وحج سواء؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «دين الله أحق بالقضاء» فإذا مات من عليه منها زكاة بعد وجوبها لم تسقط؛ لأنها حق واجب تصح الوصية به فلم تسقط بالموت كدين الآدمي وأخذت من تركته؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «دين الله أحق بالقضاء» ويخرجها وارث لقيامه مقام مورثه؛ فإن كان الوارث صغيرًا فوليه يخرجها لقيامه مقامه، ثم الحاكم وسواء وصى به أولاً كالعشر؛ فإن كان معها دين آدمي بلا رهن وضاق ماله اقتسموا التركة الحصص كديون الآدميين إذا ضاق عنها المال إلا إذا كان بدين الآدمي رهن فيقدم الآدمي بدينه من الرهن؛ فإن فضل شيء صرف في الزكاة ونحوها، وتقدم أضحية معينة على الدين فلا يجوز بيعها فيه سواء كان له وفاء أو لم يكن؛ لأنه تعين ذبحها ويقدم نذر بمعين على الزكاة وعلى الدين، وكذا لو أفلس حي وله أضحية معينة، أو نذر معين فيخرج، ثم دين رهن، ثم يتحاصان بقية ديونه. والله أعلم.

من النظم مما يتعلق بباب الزكاة وَخُذْ عِلْمَ أحْكَامِ الزَّكَاة نظِيرةِالصّـ ـَلاةِ بآياتِ الكتابِ المُمَجَّدِ وَحَسبُكَ في تفْضِيلهِ نفعُ غيرهِ بقَهر هَوَى وسْواسِهِ لم يُرَدّدِ وفِرْقةُ ما يَهوَى امتثالاً بِبَذلِهَا يَفُك الفتَى سَبْعينَ لَحيٍ مفَنَّدِ لِسِتَةِ أصنافِ مِنَ المال فرضها مسامَةِ أنعامٍ وأثمانِ نُقَّدِ ومَا أخرَجت أرضٌ مَكيلٌ وَمَعْدِنُ وَعرضٌ وشَهْدٌ من جنى النحل مُوجَدِ على كلَّ حرٍ مُسْلم تَمّ ملْكهُ نِصابًا كَمِيلاً حَولا أكمِله وافصُدِ وقولان في المُرثَدّ في حَالَ رِدَّةٍ وعن مَالِ قِنِّ والمدَبَّر أبعِدِ وإن قيلَ لم يمْلِكْ بتَمْليكهِ فخذْ زكاةَ الذِي يَحْويهِ من مَال سيِّدِ ومَن بعضهُ حُرٌّ يُزكى نصِيَبهُ وَمُسْلِمُ دارِ الحرْبِ يَقضي مَتى هدِ ونقصٌ يَسيرٌ مِن نِصَابِ كمُهْدِر وفي غير ما سِيمَ اقبضنْ عَن مزَيِّدِ

وَلا شيءَ في مال المكاتَبْ ومَن يَصِرْ لِعَجْزٍ وعِتْقٍ مُلْكَهُ الحَوْلُ يَبْتَدِي وَوَجْهان في مال المُضَارَبِ شَائِعًا وسَائمةٍ مَوقُوفَةٍ لِمُعَدَّدِ وشرْطُ مُضِيِّ الحول في النقد كُلِّهِ وَعَرْضُ تِجَارَاتِ ومَاشِيَةٍ قَدِ وعَن أحمد أوجب زكاةً بأجرة العقار بنفس العقد لا تتعددِ ويتبع في الحول النصَابَ نتاجُه وكَسْبٌ وما بالجنس يُشْرى بأوطدِ وعرض بنقد أو بعكس وفضة بعين فحول المشتري حول ما ابتدى وحول نصاب إليهم من حين ملكه وعنه متى جذاذ زكاتك فابتدِي ومن حين تكميل النصاب ابتدى الحول لا ملك الأصول بأوكد وبالحول أفرد ما استفدت بغير ما ذكرتُ ولو من جنس مالك تهتدي ونقصان دونَ اليوم غير مؤثر ويقطعه نقص النصاب بأزيدِ وبَيْعٌ بغير الجنس غير الذي مضى بلا حيلة الإسقاط قُربَ التأطدَ

ويقطع موتُ المالك الحول بَتةً ولا يَبْنِ وُرَّاثٌ على حول مُلْحَدِ وما شرطُ إمكان الأدا لِوجُوبها على أشهر القولين من نصِ أحمدِ وبعدَ كمالِ الحول لا تسقطنَّها بهُلكِ نِصابِ مطلقًا في المؤكد وعنه بلى إن لم يفرط كآفةِ السَّماء أتْلَفَتْ ذا العُشر من قبل محْصَد وفي عين مال أو جبن لا بذمةٍ فترك نصاب مرة لا تزيَّد إذا مرَّ أحْوَالٌ ولم يُعط فرضه وفي الذمةِ إن عَلَّقْتَ كَرِّرْ بأوطد وفوقَ نصاب كَرِّرَنْ فرض كلِّه وبالعَين نقِّصْ قدرَ فرض مُعَدَّد ويملك ربُّ المالِ بَيْعَ جمِيعهِ وإخراجهَا من غيره لم يصَدَّدِ وخذها إذا ما مات من أصل ماله وحاصِصْ بها باقي الديون بأوطد وقيلَ إذا عَلَّفْت بالعين قُدِّمَت على كلَّ دين كان في ذمَّة قد وإن عُدِمَ المال الذي فيه علقت فحاصِص بها لا غير لا تتزيَّد

باب زكاة بهيمة الأنعام

2- باب زكاة بهيمة الأنعام س25: ما هي أنواع بهيمة الأنعام، وما الذي يشترط لوجوب الزكاة فيها، ولِم بَدَأ ببهيمة الأنعام قبل غيرها؟ ج: أما البداءة بها فاقتداء بكتاب الصديق الذي كتبه لأنس - رضي الله عنهما - أخرجه البخاري بطوله مفرقًا ويشترط لوجوبها في بهيمة الأنعام التي هي الإبل والبقر والغنم ثلاثة شروط: الأول: أن تتخذ للدر والنسل والتسمين، والثاني: أن تسوم أي ترعى المباح أكثر الحول، يُقال: سَامت تسوم سَوْمًا إذا رعت وأسمْتُها إذا رعيتها، ومنه قوله تعالى: {فِيهِ تُسِيمُونَ} ؛ لحديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «في كل سائمة في كل أربعين ابنة ليون» رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وفي حديث الصديق مرفوعًا: «وفي الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين ففيها شاة واحدة» ، فليس فيها شيء إلا أن يشاربها فقيد بالسوم فلا تجب في معلوفة ولا إذا اشترى لها ما تأكله أو جمع لها من المباح ما تأكله ولا تشترط نية السوم فتجب في سائمة بنفسها كما يجب العشر في زرع حَملَ السيل بذره إلى أرض فنبت فيها أو سائمة بفعل غاصبها فتجب فيها الزكاة غصب حبه فزرعه فنبت ففيه العُشر على مالكه ولا تجب في العوامل أكثر السُّنة ولو لإجارةِ ولو كانت سائمة نصًا كالإبل التي تكري وكذا البقر التي تتخذ للحرث والطحن ونحوه؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس في العوامل صدقة» رواه أبو داود، وجاء عن جماعة من الصحابة ولا مخالف لهم وهو قول أهل الحديث وفقهاء الأمصار؛ فإن المراد بها إذًا الانتفاع بظهرها لا الدر والنسل والنماء أشبهت البغال والحمير. والله أعلم.

س26: كم أقل نصاب الإبل، وما الواجب فيه؟

س26: كم أقل نصاب الإبل، وما الواجب فيه؟ ج: أقل نصاب الإبل خمس وفيها شاة ثم في كل خمس شاة إلى خمس وعشرين فتجب بنت مخاض، وهي ما تم له سنة إجماعًا في ذلك كله، وفي ست وثلاثين بنت ليون لها سنتان، وفي ست وأربعين حقة لها ثلاث سنين، وفي إحدى وستين جذعة لها أربع سنين، وفي ست وسبعين بنتًا ليون، وفي إحدى وتسعين حقتان إلى مائة وعشرين هذا كله مجمع عليه قاله في الشرح، وفي مائة وإحدى وعشرين ثلاث بنات ليون إلى مائة وثلاثين ثم تستقر الفريضة في كل أربعين بنت ليون وفي كل خمسين حقة. س27: ما الدليل على ذلك؟ ج: حديث أنس أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - كتب له حين وجهه إلى البحرين: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين التي أمر بها رسوله، فمن سُئلها من المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سُئل فوق فلا يعط في أربع وعشرين من الإبل فما دونها، ومن الغنم في كل خمس شاة فإذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض فابن لبون ذكر فإذا بلغت ستًا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى؛ فإذا بلغت ستًا وأربعين ففيها حقه طروقة الفحل؛ فإذا بلغت إحدى وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة؛ فإذا بلغت سِتًا وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون؛ فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الفحل؛ فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والبخاري وقطعه في مواضع. س28: تكلم بوضوح عن صفة الشاة زكاة ما دون الخمس والعشرين من الإبل، وهل يجزي عن خمس من الإبل إخراج بعير أو بقرة أو نصفا شاتين. ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، وعلل لما يحتاجُ إلى تعليل؟

س29: تكلم عن أحكام ما يلي موضحا من وجبت عليه بنت مخاض وكانت عنده وهي أعلى من الواجب عليه، إذا كانت بنت المخاض معيبة أو ليست في ماله.

ج: يجب إخراج شاة غير معيبة بصفة الإبل جودةً ورداءةً، ففي إبل كرام سمان شاة كريمةً سمينةً، وفي الإبل المعيبة شاة صحيحة تنقص قيمتها بقدر نقص الإبل كشاة الغنم، فمثلاً لو كانت الإبل مراضًا وقومت لو كانت صحاحًا بمائة وكانت الشاة فيها قيمتها خمسة ثم قومت مراضًا بثمانين كان نقصها بسبب المرض عشرين وذلك خمس قيمتها لو كانت صحاحًا فتجب فيها شاة قيمتها أربعًا بقدر نقص الإبل وهو الخمس من قيمة الشاة ولا يجزي عن خمس من الإبل بعير ذكر أو أنثى ولا يجزي إخراج بقرة ولو أكثر قيمة من الشاة؛ لأنها غَير المنصوص عليه من غير جنسه ولا يجزي إخراج نِصفا شاتين؛ لأنه تشقيص على الفقراء يلزم منه سوء الشركة. س29: تكلم عن أحكام ما يلي موضحًا من وجبت عليه بنتُ مخاض وكانت عنده وهي أعلى من الواجب عليه، إذا كانت بنت المخاض معيبة أو ليست في ماله. ج: إذا كانت عنده وهي أعلى من الواجب عليه فيخير مالكها بين إخراجها عنه وشراء بنت مخاض بصفة الواجب، وإذا كانت بنت المخاض معيبة أو ليْسَت في ماله أجزأه ذكر أو خنثى ولد لبون لعموم قوله في حديث أنس: «فإن لم يكن فيها بنت مخاض ففيها ابن لبون ذكر» رواه أبو داود، ويجزي أيضًا مكانها حق وهو ما تم له ثلاث سنين أو جذع وهو ما نم له أربع سنين أو ثِنيُّ وهو ما تم له خمس سنين وأولى بلا جبران في الكل لظاهر الخبر ولا يجبر نَقْص الذكورية بزيادة في غير هذا الموضع فلا يجزي حق عن بنت لبُوْن ولا جذع عن حقة ولا ثني عن جذعة مطلقًا لظاهر الحديث؛ ولأنه لا نص فيه ولا يصح قياسه على ابن اللبون مكان بنت المخاض؛ لأن زيادة سنة عليها ممتنع بها عن صغار السباع ويرعى الشجر بنفسه ويرد الماء بنفسه ولا يوجد هذا في الحق مع بنت الليون؛ لأنهما يشتركان فيه.

س30: إذا بلغت الإبل عددا يتفق ليه الفرضان كمائتين أو أربع مائة فما حكم ذلك؟ وما هو الجبران؟

س30: إذا بلغت الإبل عَدَدًا يتفق ليه الفرضان كمائتين أو أربع مائة فما حكم ذلك؟ وما هو الجبران؟ ج: إذا بلغت ذلك خُيِّرَ مُخرجٌ بين حقاق وبين بنات لبون، ففي المائتين إن شاء أخرج أربع حقاق وإن شاء أخرج خمس بنات لبون لوجود المقتضي لأحد الفرضين إلا أن يكون النصاب بنات لبون أو حقاق فيخرج منه ولا يكلف غيره أو يكون مال يتيم أو مجنون فيتعين إخراج أدون مجزئ، وكذا الحكم في أربعمائة فيخير بين إخراج ثمان حقاق أو عشر بنات لبون، ويصح كون الشطر من أحد النوعين والشطر الآخر من النوع الآخر في إخراج عن نحو أربعمائة بأن يخرج عنها أربع حقاق وخمس بنات لبون ولا يجزي عن مائتين حقتان وبنتا لبون ونصف للتشقيص وإن كان أحد الفرضين كاملاً والفرض الآخر ناقصًا لابد له من جبران مثل أن يجد في المائتين خمس بنات لبون وثلاث حقاق فيَستعينُ الفرض الكامل، وهو بنات اللبون؛ لأن الجيران بدل فلا يجوز مع المبدل كالمتيمم مع القدرة على استعمال الماء، والجبران: شاتان أو عشرون درهمًا. س31: ماذا يعمل من وجبت عليه الزكاة وعدم النوعين أو أحدهما أو عيبهما أو عدم كل سن وجب أو عيب كل سن وجب، وهل للجبران دخل في غير الإبل، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل؟ ج: مع عدم النوعين أو عيبهما أو عدم كل سن وَجَبَ أو عيب كل ذات سن مقدر وجب في إبل له العدول إلى ما يليه من أسفل ويخرج جبرانًا أو إلى ما يليه من فوق ويأخذ جبرانًا لحديث الصديق في الصدقات، قال: ومن بلغت عنده الإبل صدقة الجذعة وليس عنده وعنده حقة فإنه تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين أن استيسرنا وعشرين درهمًا، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده وعنده الجذعة؛ فإنها تقبل منه الجذعة، ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين إلى آخره؛ فإن عدم ما يليه انتقل إلى ما بعده؛ فإن عدمه

أيضًا انتقل إلى ثالث من فوق أو أسفل ولا يزاد على ذلك ويعتبر كون ما عدل إليه المالك في ملكه؛ لأن جواز العدول إلى الجبران تسهيل على المالك؛ فإن عدمهما تعين الأصل الواجب فيحصله ويخرجُه ولا مَدْخَلَ لجُبْرانٍ في غير إبل؛ لأن النص إنما ورد فيها وغيرها ليس في معناها فامتنع القياس.

من النظم مما يتعلق بزكاة النَّعَم وسَومُكَ للأنعامِ شرطُ وجُوبها ... برعْيكهَها في أكثَرَ الحوْل قيِّدِ ففي الخمسِ والعشرينَ بنتُ مخاضِها ... فإنْ فُقِدَتْ بابن اللبُون لهَا جُدِ وما دونهَا فالشَاة في كل خمسِها ... وبالنُّصْبِ عَلِّقْ فَرْضَها لا المُزيَّد وبَذْلُ بَعِير موضعَ الشاة لا تجزْ ... وقيلَ بَلَى للنفْعِ مِثْلَ المَجَرَّدِ وفي الستِ نِيْطتْ بالثلاثين بَعدها ... ببنتِ لبَونٍ جُدْ وبالحقَّةِ ارْفِدِ عن الست ثم الأربعين وجذعة ... من النوق عن إحدى وستين زَوِّدِ ولا تكُ من سِتٍ وَسبعينَ باخِلاً ... بِبِنْتَيْ لَبُونٍ فاحذُ قَولِى وقلِدِ وخُذْ حِقَّتَى إحدَى وتِسْعينَ مخْرِجًا ... طَروقَتَي الفَحْلِ الأبيِ المُزَغَّد وفي مَائةٍ مَع خُمْسِها ثُمَّ وَاحِدٌ ... ثلاثُ بُنَيَّات اللبُونِ بأوْكَدِ فإنْ زَادَا عَن هذا عِدَادُ أباعِر ... فَخُذْ حقَّةً عَنْ كل خْمسِينَ ترشدِ وعن أربَعينها جُدْ ببنْت لبونها ... وفي مأتيهَا جَوِّزنْ ذا وَجَوِّدِ وبنتُ لبون خُذْ لفُقْدان حِقَةِ ... وشاتين أو عشرين درهمًا ازْدِد كذلك فابذلْ عندَ أخذكَ حقةً ... مَتَى تلتَمِسْ بنتَ اللبُون فَتَفْقِدِ ووجهَان في شاةِ وعَشُر دَرَاهِمِ ... ويختار رب المال في ذلكم قد ولا ترْضَ عَنْ بنت المخاضِ بدُونها ... ولا من جِذاعٍ فوقَهَا بتزيُّد وضاعِف جُبرانًا لفَقدِ التي تَلِيْ ... في الأقوى والنُوقِ اخْصُصْ الجَبْر وافْرِد وبنتُ مخاضٍ سنُّهَا سَنَةً وَزِدْ ... مَتَى تَنْتَقلْ حَوْلاً إلى أربَعٍ قَدِ وفي كلِّ سِنِّ حولاً ازْدَدْ بمبْعَدٍ ... حكى ابنَ أبي موسَى إلى الخمس فاصْعَدِ

فصل في زكاة البقر

3- فصل في زكاة البقر س32: ما الأصل في وجوب زكاة البقر وما دليله؟ ج: الأصل في وجوبها الإجماع في البقر الأهلية ودليلهَ حديثُ أبي ذر مرفوعًا: «ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه بأخفافها، كلما قعدت أخراها عادت إليه أولاها حتى يقضي بين الناس» متفق عليه، وحديث معاذ، قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصدق أهل اليمن ... الحديث، ويأتي قريبًا إن شاء الله تعالى. س33: ما أول نصاب البقر وما فرضه؟ وما دليله؟ ووضح ما يحتاج إلى توضيح. ج: أقل نصاب البقرة ثلاثون، وفيها تبيع أو تبيعة لكل منهما سنة قد حاذى قرنه أذنه غالبًا وهو جذع البقر ويجزي مسن عنه، وفي أربعين مسنة وهي ثنية البقر ألقت سِنًّا غالبًا لها سنتان ويجزي إخراج أنثى أعلى منها بَدَلها ولا يجزي إخراج مُسِن عنها، وفي الستين تبيعان ثم في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة لحديث معاذ بن جبل، قال: «بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن وأمرني أن آخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعًا أو تبيعة، ومن كل أربعين مسنة» رواه الخمسة وحسنه الترمذي. وقال ابن عبد البر: هو حديث متصل ثابت وروى يَحْيى بن الحكم أن معاذًا قال: «بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - أصدق أهل اليمن فأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعًا ومن أربعين مسنة» ، فعرضوا علي أن آخذ ما بين الأربعين والخمسين، وما بين الستين والسبعين، وما بين الثمانين والتسعين، فأبيت ذلك، وقلت لهم: حتى أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقدمت فأخبرته، فأخبرني: «أن آخذ من كل ثلاثين تبيعًا، ومن كل أربعين مسنة، ومن

س34: إذا بلغت البقر ما يتفق فيه الفرضان فما الحكم؟ وما المواضع التي يجزي فيها إخراج الذكر؟

الستين تبيعين، ومن السبعين مسنة وتبيعًا، ومن الثمانين مسنتين، ومن التسعين ثلاثة أتباع، ومن المائة مسنة وتبيعين، ومن العشرة ومائة مسنتين وتبيعًا، ومن العشرين ومائة ثلاث مُسِنَّات أو أربعة أتباع» ، قال: «وأمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا أخذ فيما بين ذلك سنًا إلا أن يبلغ مسنة أو جذعًا، وزعم أن الأوقاص لا فريضة لهم» رواه أحمد في مسنده. س34: إذا بلغت البقر ما يتفق فيه الفرضان فما الحكم؟ وما المواضع التي يجزي فيها إخراج الذكر؟ ج: إذا بلغت ما يتفق فيه الفرضان كمائة وعشرين فكإبل؛ فإن شاء أخرج أربعة أتبعة أو ثلاث مسنات للخبر المتقدم ولا يجزئ ذَكَرٌ في زكاة إلا هنا وهو التبيع لورود النصّ فيه ويجزي المسن عنه؛ لأنه خير منه وإلا ابنُ لبُون وحق وجذع عندَ عدم بنت مخاض، وإلا إذا كان النصاب من إبل أو بقر أو غنم كله ذكورًا؛ لأن الزكاة مواساة فلا يكلفها من غير ماله.

فصل في زكاة الغنم

4- فصل في زكاة الغنم س35: ما أول نصاب الغنم؟ وما فرضه؟ وما دليله؟ ومتى تستقر الفريضة؟ ج: أقل نصاب الغنم أربعون وفيها شاة، وفي إحدى وعشرين ومائة شاتان، وفي واحدة ومائتين ثلاث شياه إلى أربعمائة شاة، ثم تستقر الفريضة واحدة عن كل مائة؛ لحديث ابن عمر في كتابه عليه السلام في الصدقات الذي عمل به أبو بكر بعده حتى توفى، وعمر حتى توفى: «وفي الغنم أربعين شاة إلى عشرين ومائة؛ فإذا زادت شاة ففيها شاتان إلى مائتين؛ فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياة إلى ثلاثمائة؛ فإذا زادت بعد فليس فيها شيء بعد حتى تبلغ أربعمائة؛ فإذا كثرت الغنم ففي كل مائة شاة» رواه الخمسة إلا النسائي، ففي خمسمائة خمس شياة، وفي ستمائة ست شياة، وهكذا وتستقر الفريضة في الغنم إذا بلغت أربعمائة. س36: تكلم بوضوح عن ما يلي: أخذ الثني هنا، الجذعِ من الضأن؟ ج: يؤخذ من معز ثني هنا وفيما دون خمس وعشرين من إبل وفي جبران وهو ما تم له سنة، ويؤخذ من ضأن كذلك جذع وهو ما تم له ستة أشهر؛ لحديث سويد بن غفلة قال: أتانا مصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: «أمرنا أن نأخذ الجذع من الضأن والثنية من المعز» ولأنهما يُجْزَيانِ في الأضحية، فكذا هنا ولا يعتبر كونهما من جن سغنمه ولا من جنس غنم البلد؛ فإن وجد الفرض في المال أخذه الساعي وإن كان أعلى خُيِّرَ المالكِ بين دَفعِه وبين تحصيل واجب فيخرجه. س37: بيّن ما يؤخذ في الزكاة وما لا يؤخذ في هذا الموضع الآتي، وهل يجزي إخراج الفصلان والعجاجيل، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو محترز، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل.

س38: إذا اجتمع صغار وكبار وصحاح ومعيبات وذكور وإناث فكيف العمل؟ هل يجوز أن يخرج عن النصاب من غير نوعه مما ليس في ماله؟

ج: لا يؤخذ تيس حيث يجزي ذكر إلا تيس ضراب لخيره برضا ربه ولا يؤخَذ في زكاة هرمةٌ كبيرةٌ طاعنةٌ في السن ولا معيبة ولا يضحي بها؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُوا فِيهِ} إلا أن يكو الكل كذلك هو مات أو معيبات فتجزيه منه؛ لأن الزكاة مواساة فلا يكلف إخراجها من غير ماله ولا تؤخذ الربى وهي التي تربي ولدها، قاله أحمد، وقيل: هي التي تربى في البيت لأجل اللبن ولا تؤخذ حامل لقول عمر لا تُؤخذ الربى ولا الماخض ولا تؤخذ طروقة الفحل؛ لأنها تحمل غالبًا ولا تؤخذ كريمة وهي النفيسة لشرفها؛ لما روى بن عباس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذًا إلى اليمن، فقال له: «إياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم» ، ولا تؤخذ الأكولة؛ لقول عمر، ولا الأكولة ومراده السمينة إلا أن يشاء ربها أي الرُّبَى، والحامل وطروقة الفحل أو الكريمة أو الأكولة، ويؤخذ مريضة من نصاب كله مراض وتكون وسطًا في القيمة؛ لأن الزكاة وجبت مُواساة وتكليفه الصحيحة عن المراض إخلال بها وتؤخذ صغيرة من صغار غنم لقول الصديق: «لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليها» فدل على أنهم كانوا يؤدون العناق وبتَصوَّرُ كون النصاب صغارًا بإبدال كبار بها في أثناء الحول أو تلد الأمهات ثم تموت ويحول الحَوْل على الصِّغَار ولا تؤخذ صغيرة من صغار إبل وبقر، فلا يجزي فصلان ولا عجاجيل لفرق الشارع بين فرض خمس وعشرين وست وثلاثين من الإبل بزيادة السن، وكذلك بين ثلاثين وأربعين من البقر فيقوم النصاب من الكبار ويقوم فرضه ثم يقوم الصغار وتؤخذُ عن الصغار كبيرة بالقسط محافظة على الفرض المنصوص عليه بلا إجحاف المالك. س38: إذا اجتمع صغار وكبار وصحاح ومعيبات وذكور وإناث فكيف العمل؟ هل يجوز أن يخرج عن النصاب من غير نوعه مما ليس في ماله؟

س39: إذا أخرج سنا أعلى من الفرض فما الحكم؟ وما الدليل؟

ج: إذا اجتمع في نصاب صغار وكبار إلخ لم يؤخذ إلا أنثى صحيحة كبيرة على قدر المالين الكبار والصغار والمعيبات والذكور والإناث للنهي عن أخذ الصغير والمعيب والكريمة؛ لما روي عن معاوية الغاضري من غاضرة قيس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث من فعلهن طُعِمَ طَعم الإيمان: من عَبَدَ الله وحده وعلم أنه لا إله إلا الله، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه رافدةً عليه كل عام ولا يعطي الهَرِمَة ولا الدَّرنة ولا المريضة ولا الشَّرِّطَ اللئيمة؛ ولكن من وسط أموالكم؛ فإن الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره» رواه أبو داود ولتحصيل المواساة فلو كانت قيمة المخرج لو كان النصاب كله كبارًا صحاحًا عشرين وقيمته لو كان صغارًا مراضًا عشرة وكان النصاب نصفين أخرج صحيحة كبيرة قيمتُها خمسة عشر، إلا شاة كبيرة مع مائة وعشرين سَخَلة فيخرجها أي الصحيحة ويخرج معيبة لئلا تختل المواساة؛ فإن كان النصاب نوعين والجنس واحد كبخاتي وعراب وكبقر وجواميس وكضأن ومَعز أخذت الفريضة من أحدهما على قدر المالين، وتجب في نصاب كِرَامِ ولئام ونصاب سمان ومهازيل الوَسَط بقدر المالين ومَن أخرَجَ عن النصاب من غير نوعه ما ليس في ماله جاز إن لم تنقص قيمته عن الواجب في النوع الذي في ملكه؛ فإن نقصت لم يجز. س39: إذا أخرج سنًا أعلى من الفرض فما الحكم؟ وما الدليل؟ ج: إن أخرج سنًا أعلى من الفرض من جنسه أجزأه؛ لحديث أبي بن كعب أن رجلاً قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا نبيَّ الله أتاني رسولك ليأخذ مني صدقة مالي فزعم أن ما عليّ منه بنت مخاض فعرضت عليه ناقة فتية سمينة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ذاك الذي وجب عليك؛ فإن تطوعت بخير آجرك الله فيه، وقبلناه منك» ، فقال: هاهي ذه، فأمر بقبضها، ودعا له بالبركة» رواه أحمد وأبو داود؛ ولأنه زاد على الواجب من جنسه فأجزأه، كما لو زاد العدد فيجزي بنت لبون عن

بنت مخاض وحقة عن بنت لبون وجذعة عن حقة وثنية عن جذَعة ولو كانت عنده المخرج الواجب؛ لحديث أبي بن كعب وتقدم. من النظم ما يتعلق بصدقة الغنم وفي الشاة فاجعل أربعين نصابها ... وفيهن شاةٌ حظ جَوْعانَ مُرْمِدِ إلى مائةِ نِيطتْ بعشرينَ بَعْدهَا ... فإنْ زِدْنْ لِلعَافي بشاتينِ زود إلى مائتي شاةٍ فإن زدنْ زكِّهَا ... ثلاثَ شيَاهٍ ثم لا تتزيَّدِ إلى أن توافي أربعًا مِنْ مئَاتِهَا ... فأوْجِبْ عَليها أربعًا في المؤكد وعنه إذا زادت بواحدة على ... ثلاث مِئيهَا أربعًا منة أمْدُدِ ومن بَعْدِ هذا كل مَا مَلكَ الفتى ... على المائةِ اقبضْ منه شاةً وعَدِّدِ وأخْرِج ثنِيَّ المعزِ مُكمْل عَامِهِ ... وكالنصْفِ منه جَذْعُ ضانٍ ليُوْرِدِ ولا تأخذِ الرُّبى وخَلِّ أكولة ... وَزِدْ مَاخِضًا تظفُرْ بترِك التزَيُّدِ وذَاتَ عَوار دعْ وللتَيسِ فاجتنب ... وهرمًا وخُذْ ما بينَ أزْدَى وأجْوَد وسَخْلتَهُ أعْدُدْ مَعْ كبار وَرُدها ... وإن تعطِ فَوقَ الفَرْضِ في السِّنِ تحْمَد وإن تَعْدِ مَنْ شاة الجمال أطلبَنَّها ... وقال أبو بكر بِقِيْمَتِهَا جد

س40: تكلم بوضوح عن إخراج القيمة عن ما وجب في السائمة أو غيرها، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف مع الترجيح.

س40: تكلم بوضوح عن إخراج القيمة عن ما وجب في السائمة أو غيرها، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف مع الترجيح. ج: لا يجزي إخراج قيمة ما وجب في السائمة أو غيرها؛ لما ورد عن معاذ ابن جبل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه إلى اليمن، فقال: «خذ الحب من الحب والشاة من الغنم والبعير من الإبل والبقر من البقر» رواه أبو داود وابن ماجه، ومقتضاه عدم الأخذ من غيره؛ لأن المراد بالشيء نهي ضده، ولا فرق بين الماشية وغيرها، قيل لأحمد: أعطى دراهم في صدقة الفطر، فقال: لا تجزي خلاف لسُّنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال في «المنتقى» بعد سياق حديث معاذ بن جبل والجبرانات المقدرة في حديث أبي بكر تدل على أن القيمة لا تشرع وإلا كانت تلك الجبرانات عبثًا. قال شارح «المنتقى» لأنها تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة فتقدير الجبرانات بمقدار معلوم لا يناسب تعلق الوجوب بالقيمة. انتهى. والقول الثاني: يجوز لقول معاذ: «ائتوني بخميس أو لبيْس آخذه منكم من الصدقة مكان للذرة والشعير؛ فإنه أيسر عليكم وأنفع للمهاجرين بالمدينة» ، وروى سعيد بإسناده، قال: لما قدم معاذ اليمن: «قال ائتوني بعرض ثياب آخذ منكم مكان الذرة والشعير؛ فإنه أهون عليكم وخير للمهاجرين بالمدينة» . والقول الثالث: تجزي للحاجة من تعذر الفرض ونحوه واختاره الشيخ تقي الدين، وقيل ولمصلحة أيضًا، واختاره الشيخ تقي الدين أيضًا، قال في «الاختيارات الفقهية» (ص103) : ويجوز إخراج القيمة في الزكاة لعدم العدول عن الحاجة والمصلحة مثل أن يبيع ثمرة بستانه أو زرعه فهذا إخراج عشر الدراهم يجزئه ولا يكلف أن يشتري ثمرًا أو حنطة؛ فإنه قد سَاوى الفقير، وقد نص أحمد على جواز ذلك، ومثل أن يجب عليه شاة من الإبل وليس عنده شاة؛ فإخراج القيمة كاف ولا يكلف السفر لشراء شاة أو أن يكون المستحقون

س41: ما هي الخلطة؟ وما الأصل فيها؟ أو ما هي خلطة الأعيان؟ وما هي خلطة الأوصاف؟ وما الحكم؟ وما الدليل على شروط الخلطة؟

طلبوا القيمة لكونها أنفع لهم فهذا جائز، وقال في «مجموع الفتاوى» فإن كان آخذ الزكاة يريد أن يشتري بها كسوة فاشترى رب المال له بها كسوة وأعطاه فقد أحسن إليه. انتهى (ص79، 80) ، وهذا القول عندي أنه أرجح؛ لأن المقصود دفع حاجة الفقير ولا يختلف باختلاف صور الأموال بعد اتحاد قدر المالية. 5- فصل في الخلطة س41: ما هي الخلطة؟ وما الأصل فيها؟ أو ما هي خلطة الأعيان؟ وما هي خلطة الأوصاف؟ وما الحكم؟ وما الدليل على شروط الخلطة؟ ج: الخلطة: بضم الخاء الشركة، والأصل فيها روى البخاري في حديث أنس لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، فإذا اختلط اثنان فأكثر من أهل الزكاة في نصاب من الماشية حولاً لم يثبت لهما حكم الانفراد في بعضها فحكمها في الزكاة حكم الواحد وسواء كانت خلطة أعيان بأن تكون مثلها فحكمها في الزكاة حكم واحد وسواء كانت خلطة أعيان بأن تكون مشاعًا بينهما، أو خلطة أوصاف: بأن يكون مال كل واحد متميزًا فخلطاه واشتركا في شروط الخلطة؛ لما روى سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الخليطان ما اجتمعا على الحوض والفحل والراعي» رواه الخلال. س42: هل الخلطة تفيد تخفيفًا أو تغليظًا وضح ذلك مع ذكر التمثيل؟ ج: الخلطة تارة تفيد تغليظًا كاثنين اختلطا بأربعين شاة لكل واحد عشرون فيلزمهما شاة أنصافًا ومع عدم الخلطة لا يلزمهما شيء وتارة تفيد الخلطة تخفيفًا كثلاثة اختلطوا بمائة وعشرون شاة لكل واحد أربعون فيلزمهم شاة واحدة أو ثلاثًا ومع عدم الخلطة يلزمهم ثلاث شياه كل واحد شاه ولا أثر لخلطة من لا زكاة عليه كذمي ومكاتب ومدين يستغرق دينه ماله.

س43: إذا بطلت الخلطة بفوات أهلية خليط فما الحكم؟ وتكلم مبينا ما يلي: إذا لم يثبت لخليطين تحكم الانفراد في بعض الحول؟ إذا ثبت حكم الانفراد في بعض الحول لهما؟ وما المثال الذي يوضح المذكور؟

س43: إذا بطلت الخلطة بفوات أهلية خليط فما الحكم؟ وتكلم مبينًا ما يلي: إذا لم يثبت لخليطين تحكم الانفراد في بعض الحول؟ إذا ثبت حكم الانفراد في بعض الحول لهما؟ وما المثال الذي يوضح المذكور؟ ج: إذا بطلت الخلطة بفوات أهلية خليط ككونه كافرًا بضم من كان أهل الزكاة ماله الخاص به بعضه إلى بعض وزكاه إن بلغ نصابًا وإلا فلا؛ لأن وجود هذه الخلطة كعدمها ومتى لم يثبت لخليطين حكم الانفراد بعضَ الحول بأن ملكا نصابًا معًا بإرث أو شري ونحوه، وتم الحول بلا قسمة زكياه زكاة خلطة، وإن ثبت حكم الانفراد في بعض الحول للخليطين بأن خلطا في أثناء الحول ثمانين شاة لكل منهما أربعون زكيا للحول الأول كمنفردين كل واحد شاة لوجود خلطة وانفراد في الحول فقدم الانفراد؛ لأنه الأصل والجمع بينهما متعذر وفيما بعد الحول الأول زكاة خلطة إن استمرت؛ فإن اتفق حولاهما فعليهما شاة بالسوية لاستوائهما في المال عند تمام حولها وإن اختلف حولاهما فعلى كل منهما نصف شاة عند تمام حوله إلا أن يخرجها الأول من المال فيلزم الثاني ثمانون جزأ من مائة وتسعة وخمسين جزءًا من شاة، ثم كلما تم حول أحدهما لزمه من زكاة الجميع بقدر ماله. س44: ما مثال ثبوت الحكم لأحد الخليطين؟ وإذا ثبت فما الذي يلزم؟ ج: إن ثبت حكم الانفراد لأحدهما وحده بأن ملكا نصابين فخلطاهما ثم باع أحدهما نصيبه أجنبيًا؛ فإذا تم حول من لم يبع لزمه زكاة انفراد شاة وإذ تم حول المشتري لزمه زكاة خلطة نصف شاة إلا أن يخرج الخليط الأول الشاة من المال فيلزم الثاني أربعون جزءًا من تسعة وسبعين جزءًا من شاة ثم كلما تمَّ حولُ أحدهما لزمه من زكاة الجميع بقدر ملكه فيه ويثبت أيضًا حكم الانفراد لأحدهما بخلط من له دون نصاب بنصاب لآخر بعض الحول كثلاثين

س45: بين حكم ما إذا ملك إنسان نصابا شهرا ثم ملك آخر لا يتغير به الفرض؟ ومثل لذلك؟ ولما إذا كان الثاني يتغير به الفرض؟

شاة بأربعين فمالك النصاب عليه للحِولِ الأول ورب الثلاثين عليه ثلاثة أسباع شاة إذا تم حول الخلطة؛ لأنه لم يثبت له حكم الانفراد إذ لا ينعقد له حول قبل الخلطة لنقص النصاب. س45: بين حكم ما إذا ملك إنسان نصابًا شهرًا ثم ملك آخر لا يتغير به الفرض؟ ومثل لذلك؟ ولما إذا كان الثاني يتغير به الفرض؟ ج: مثال الأول وهو ما لا يتغير به الفرض كمن ملك أربعين شاة في المحرم ثم ملك أربعين في صفر فعليه زكاة النصاب الأول فقط إذا تم حوله؛ لأن الجميع ملك واحد فلم يزد الواجب على شاة كما لو اتفقت الحولان وإن تغير الفرض بما ملكه ثانيًا إذا تم حوله كما لو اتفق حولاهما وقدرها بأن ينظر إلى زكاة الجميع وهو مائة وأربعون في المثال فيسقط منها ما وجب في النصاب الأول وهو شاة ويجب الباقي من زكاة الجميع في النصاب الثاني وهو شاة وإن لم يتغير به الفرض ولم يبلغ نصابًا كخمس بقرات ملكها بعد الثلاثين بقرة فلا شيء في الخمس، ومن له ستون كل عشرين منها مختلطة مع عشرين لآخر ببلد واحد أو بلاد متقاربة فعلى الجميع شاة؛ لأن الخلطة صيرته كمال واحد نصف الشاة على صاحب الستين ونصفها على خلطاته على كل خليط سدس بنسبة ماله، وإن كانت الستون كل عشر منها مختلطة مع عشر لآخر فعلى صاحب الستين شاة لملكه نصابًا ولا شيء على خلطاته لعدم ملك واحد منهم نصابًا ولا أثر لخلطة فيما دون النصاب. س46: بين الحكم فيما إذا كانت ماشية الرجل متفرقة في بلدين لا تقصر بينهما الصلاة؟ ج: إذا كانت ماشية الرجل متفرقة في بلدين فأكثر لا تقصر بينهما الصلاة

س47: هل تؤثر الخلطة في غير السائمة؟ وما الذي تختص به من غير هذا؟

فهي كالمجتمعة يضم بعضها إلى بعض فعن أحمد فيه روايتان: إحداهما: أن لكل مال حكم نفسه يعتبر على حدته إن كان نصابًا ففيه الزكاة وإلا فلا ولا يضم إلى المال الذي في البلد الآخر، نص عليه. قال ابن المنذر: لا أعلم هذا القول عن غير أحمد واحتج بظاهر قوله –عليه السلام-: «لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة» ، وهذا مفرق فلا يجمع ولأنه لا أثر اجتماع مالين لرجل في كونهما كمال الواحد يجب أن يؤثر افتراق مال الرجل الواحد حتى يحمله كالمالين. الرواية الثانية: قال فيمن له مائة شاة في بلدان متفرقة لا يأخذ المصدق منها شيئًا؛ لأنه لا يجمع بين متفرقة وصاحبها إذا ضبط ذلك وعرفه أخرج هو بنفسه يضعها في الفقراء، وروي هذا عن الميموني وحنبل، وهذا يدل على أن زكاتها تجب مع اختلاف البلدان إلا أن الساعي لا يأخذها لكونه لا يجد نصابًا كاملاً مجتمعًا ولا يعلم حقيقة الحال فيها؛ فأما المالك العالم بملكه نصابًا كاملاً فعليه أداء الزكاة، وهذا اختيار أبي الخطاب ومذهب سائر الفقهاء. قال مالك: أحسن ما سمعت فيمن كانت له غنم على راعيين متفرقين ببلدان شتى أن ذلك يجمع على صاحبه فيؤدي صدقته، وهذا هو الصحيح إن شاء الله؛ لقوله –عليه السلام-: «في أربعين شاة شاة» ؛ ولأنه ملك واحد أشبه ما لو كان في بلدان متقاربة أو غير سائمة ونحمل كلام أحمد على أن المصدق لا يأخذها؛ وأما رب المال فيخرج فعلى هذا يخرج الفرض في أحد البلدين؛ لأنه موضع حاجة. انتهى من «المغني» . س47: هل تؤثر الخلطة في غير السائمة؟ وما الذي تختص به من غير هذا؟ ج: لا تؤثر الخلطة في غير السائمة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «والخليطان ما اشتركا في الحوض والفحل والراعي» فدل على أن ما لم يوجد فيه ذلك لا يكون خلطة مؤثرة، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يجمع بين متفرق خشية الصدقة» إنما يكون في

س48: من أين يأخذ الساعي ما وجب في مال الخلطة؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل والتعليل؟ ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل؟

الماشية؛ لأن الزكاة يقل جمعها تارة ويكثر أخرى وسائر الأموال يجب فيما زاد على النصاب بحسابه فلا أثر لجمعها؛ ولأن الماشية تؤثر في النفع تارة وفي الضرر أخرى وفي غير الماشية تؤثر ضررًا محضًا برب المال فلا يصح القياس وعلم مما تقدم أن زكاة السائمة تختص بأمور: أحدها: الخلطة. الثاني: الجبران في زكاة الإبل. الثالث: تأثير التفرق في مسافة القصر. الرابع: أنها لا زكاة في وقصها. س48: من أين يأخذ الساعي ما وجب في مال الخلطة؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل والتعليل؟ ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل؟ ج: يجوز لساع يجبي الزكاة أخذ ما وجب في مال الخلطة من مال أي الخليطين شاء مع الحاجة وعدمها؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «وما كان من خليطين؛ فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية» أي أخذ الساعي الزكاة من مال أحدهما؛ ولأن المالين قد صارا كالمال الواحد في وجوب الزكاة فكذا في إخراجها فيرجع مأخوذ منه زكاة جميع مالِ خلطة على خليطه بقيمة القسط الذي قابل ماله من المخرج زكاة للخبر وتعتبر قيمته يوم أخذ ساع له لزوال ملكه إذن عنه فيرجع رب خمسة عشر بعيرًا من أصل خمسة وثلاثين بعيرًا خلطة على رب عشرين بقيمةِ أربعة أسباع بنت مخاض من مال رب العشرين رجع على رب الخمسة عشر بثلاثة أسباعها؛ لأن الخمسة عشر ثلاثة أسباع المال وعلى نحو هذا حسابهما. س49: هل يقبل قول مرجوع عليه في قيمة مخرج من خليط؟ وإذا أخذ الساعي أكثر من الواجب فما الحكم؟ وهل يجزي إخراج خليط بدون إذن خليطه؟ ج: يقبل قول مرجوع عليه في قيمته مخرج بيمينه إن عدمت البينة واحتمل صدقه ويرجع مأخوذ منه على خليطه بقسط زائد عن واجب بقول

بعض العلماء كأخذ صحيحة عن مراض أو كبيرة عن صغار وكذا لو أخذ قيمة الواجب؛ لأن الساعي نائب الإمام فعله كفعله، قال المجد: فلا ينقض كما في الحكم، قال الموفق والشارح: ما أداه اجتهاده إليه وصار دفعه بمنزلة الواجب؛ ولأن فعل الساعي في محل الاجتهاد سائغ نافذ فترتب عليه الرجوع لسوغانه، قال في الفروع: وإطلاق الأصحاب يقتضي الإجزاء أي في أخذ القيمة ولو اعتقد المأخوذ منه عدمه. انتهى. ويجزي إخراج خليط بدون إذن خليطه في غيبته وحضوره والاحتياط بإذنه ولا يرجع مأخوذ منه بقسط زائد أخذه ساع ظلمًا بلا تأويل كأخذه عن أربعين شاة مختلطة شاتين، وعن ثلاثين بعيرًا جذعة من مال أحدهما فلا يرجع في الأولى إلا بقيمة نصف شاة، وفي الثانية إلا بقيمة نصف بنت مخاض؛ لأن الزيادة ظلم فلا يرجع به على غير ظالم أو متسبب في ظلمه. انتهى من «المنتهى وشرحه» باختصار. قال في «الاختيارات الفقهية» ؛ وإن أخذ الساعي أكثر من الواجب ظلمًا بلا تأويل من أحد الشريكين ففي رجوعه على شريكه قولان أظهرهُما الرجوع وكذلك في المظالم المشتركة التي يطلبها الولاة من الشركاء أو الظلمة من البلدان أو التجار أو الحجيج أو غيرهم والكلف السلطانيّة على الأنفس والدواب والأموال يلزمهم التزام العدل في ذلك كما يلزم فيما يؤخذ بحق فمن تعيب أو امتنع فأخذ من غيره حصته يرجع المأخوذ منه على من أدى عنه في الأظهر إن لم يتبرع (ص99) من «الاختيارات» .

باب زكاة الخارج من الأرض

6- باب زكاة الخارج من الأرض س50: ما المراد بالخارج من الأرض وما الأصل في زكاته؟ ج: المراد الزرع والثمار والمعدن والركاز وما هو في حكم ذلك كعسل النحل، والأصل في وجوب الزكاة في ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ} ، والزكاة تسمى نفقة بدليل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} ، وقال تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} قال ابن عباس: حقه الزكاة، ومن السُّنة قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» متفق عليه، وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فيما سقت السماء والعيون أو كان عتريًّا العشر، وفيما سقى بالنضح نصف العشر» أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي، وعن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فيما سقت الأنهار والغيم العشر، وفيما سقى بالسانية نصف العشر» أخرجه مسلم وأبو داود، وأجمع أهل العلم عن أن الصدقة واجبة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب، قاله ابن عبد البر وابن المنذر. س51: ما الذي تجب فيه من الحبوب والثمار، اذكره موضحًا مع التمثيل؟ ج: تجب الزكاة في كل مكيل مدخر من قوت وغيره، ويدل لاعتبار الكيل حديث: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» متفق عليه. ولأنه لو لم يدل على اعتبار الكيل لكان ذكر الأوسق لغوًا ويدُلُّ لاعتبار الإدخار أن غير المدخر لا تكمل فيه النعمة لعدم النفع به مآلاً؛ أما الحبوب فالقمح والشعير والذرة والحمص والعدس، والباقلاء من الثمر والزبيب؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ} وعن عتاب بن أسيد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم» رواه الترمذي، وعنه أيضًا قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نخرص العنب كما نخرص النخل فيؤخذ زكاته زبيبًا كما تؤخذ صدقة النحل تمرًا» رواه الترمذي. وحديث: «لا زكاة في حب ولا تمر حتى يبلغ خمسة أوسق» رواه مسلم دل على وجوب الزكاة في الحب والتمر وانتفائها من غيرهما وتقدم بعض الأدلة قريبًا.

س52: ما الذي لا تجب فيه الزكاة من الثمار؟ وهل تجب في الخضروات؟

س52: ما الذي لا تجب فيه الزكاة من الثمار؟ وهل تجب في الخضروات؟ ج: لا تجب في عُناب وزيتون ومشمش ولا في بقية الفواكه كتفاح وإجاص وكمثرى ورمان وسفرجل ونبق وموز وخوخ وأترج وتوت وتين وبقية الفواكه وطلع فحال وقصب وخضروات وبقول؛ لما روى الدارقطني عن علي مرفوعًا: «ليس في الخضروات الصدقة» ، وله عن عائشة معناه، وللأثرم بإسناد عن سفيان بن عبد الله الثقفي أنه كتب إلى عمر وكان عاملاً على الطائف أن قبلة حيطانها فيها من الفرسك والرمان ما هو أكثر غلة من الكروم أضعافًا فكتب يستأمره في العشر فكتب إليه عمر أنه ليس عليها عشر والفرسك الخوخ، واختار الشيخ تقي الدين وجوبها في التين، وقال في الفروع: الأظهر الوجوب في العناب، قال: فالتين والمشمش والتوت مثله. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س53: ما الذي يشترط لوجوبها في الحبوب والثمار؟ ج: يشترط لما تجب فيه الزكاة من الحبوب والثمار شرطان: أحدهما: أن يبلغ نصابًا بعد التصفية في الحبوب وبعد الجفاف في الثمار، وجفاف ورق وقدر النصاب خمسة أوسق؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» رواه الجماعة وهو خاص يقضي على كل عام ومطلق؛ ولأنها زكاة مال فاعتبر لها النصاب كسائر الزكوات. الشرط الثاني: أن يكون النصاب مملوكًا له وقت وجوب الزكاة؛ لقوله سبحانه وتعالى: {فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ} فلا تجب فيما يكتسبه اللقاط أو يأخذه بحصاره ولا فيما يجتنيه من المباح كالبطم والزعبل ونحوه؛ لأنه لا يملك شيئًا من ذلك وقت الوجوب ولا يشترط لوجوب زكاة فعل زرع فيزكي نصابًا حصل من حب له سقط بنحو سيل أو غيره بأرض ملكه أو بأرض مباحة؛ لأنه يملكه وقت وجوب الزكاة.

س54: ما مقدار نصاب الحب والثمر في الآصع والأرطال، وإذا شك في بلوغه نصابا فما حكم ذلك؟

س54: ما مِقدار نصاب الحب والثمر في الآصُع والأرطال، وإذا شك في بلوغه نصابًا فما حكم ذلك؟ ج: مقداره (300) ثلاثمائة صاع؛ لأن الوسق ستون صاعًا إجماعًا وبالأرادب سنة وربع وبالرطل العراقي ألف وستمائة، وبالمصري ألف وأربعمائة وثمانية وعشرون رطلاً وأربعة أسباع، وبالدمشقي ثلاثمائة واثنان وأربعون رطلاً وسنة أسباع، وبالحلبي مائتان وخمسة وثمانون رطلاً وخمسة أسباع رطل حلبي، وبالرطل القدسي مائتان وسبعة وخمسون رطلاً وسبع رطل والوسق والصاع والمد مكاييل نقلت إلى الوزن لتحفظ وتنفل والمكيل منه ثقيل كأرز وتمر ومنه متوسط كبر وخفيف كشعير والاعتبار بمتوسط فيجب في خفيف قارب هذا الوزن، وإن لم يبلغه فمن اتخذ ما يسع صاعًا من جيد البر عرف به ما يبلغ حد الوجوب من غيره، ومتى شك في بلوغه للنصاب احتاط وأخرج الزكاة ليخرج من عهدتها ولا يجب عليه الإخراج إذن؛ لأنه الأصل أي عدم بلوغ النصاب فلا يثبت بالشك. وزكِّ حُبُوبًا والثمارَ وشَرْطُهُ إدْ ... دِخَارٌ وَكيلٌ أو بوَزن مُحَدّدِ وسيان زرع والنبات وقوتنا ... وغير الذي يقتات من كل مُرصَدِ كبر وسلت والشعير ودخنهم ... كذا ذرة تمر زبيب فعَدِّدِ وقدر نصاب الكل خمسة أوسق ... ووسقهم ستون صاعًا وذا اعْدُدِ بخمسة أرطال وثلث عراقيًا ... وألف وست من مآت لها احْدُدِ إذا ما صفى حبُّ وحفَّت ثماره ... فحينئذ وقت اعتبارك فاجهدِ وعنه اعتبر رطب النخيل وكرمهم ... وخُذْ عُشْره مِن يَابِس مُتجَمِّدٍ وملكُ النصاب اشرطه وقت وجوبها ... فلا شَيءَ في لَقَطٍ وَأجْرَةِ حُصَّدِ ولا في مباح نحو بطم وزعْبَل ... وإن تجن من مُلك فقد قيل أورد

س55: هل تضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض في تكميل النصاب؟ وإذا كان الإنسان نخل يحمل السنة حملين فهل يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب، وهل يضم جنس إلى جنس آخر في تكميل النصاب؟

س55: هل تضم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض في تكميل النصاب؟ وإذا كان الإنسان نخل يحمل السنة حملين فهل يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب، وهل يضم جنس إلى جنس آخر في تكميل النصاب؟ ج: تضم ثمرة العام الواحد إذا اتخذ الجنس ولو اختلف النوع ويضم زرع العام الواحد بعضها إلى بعض في تكميل النصاب إذا اتخذ الجنس، ولو اختلف وقت اطلاعه ووقت إدراكه بالفصول كما اتحد؛ لأنه عام واحد وسواء تعدد البلد أو لا؛ فإن كان له نخل تحمل في السنة حملين ضم أحدهما إلى الآخر؛ لأنها ثمرة عام واحد فضم بعضها إلى بعض كزرع العام الواحد وكالذرة التي تنبت في السنة مرتين؛ لأن الحمل الثاني يضم إلى الحمل المنفرد كما لو لم يكن حمل أول فكذلك إذا كان؛ لأن وجود الحمل الأول لا يصلح أن يكون مانعًا بدليل حمل الذرة وليس المراد بالعام هنا بإثني عشر شهرًا، بل وقت استغلال المغل من العام عرفًا وأكثره ستة أشهر بقدر فصلين، وقل: إن كان له نخل يحمل في السنة حملين فلا يضم إلى الآخر؛ لأنه حمل ينفصل عن الأول فكان حكمه حكم عام آخر كحمل عام آخر كحمل عامين بخلاف الزرع، فعليه لو كان له نخل يحمل بعضه في السنة حملاً وبعضه حملين، ضم ما يحمل حملاً إلى أيهما بلغ معه، وإن كان بينهما فإلى أقربهما إليه ولا تضم ثمرة عام واحد ولا زرعه إلى ثمرة عام آخر، ولا يضم جنس من ثمر أو زرع إلى جنس آخر في تكميل النصاب كأنواع الماشية والنقدين ولا تضم حنطة إلى شعير ولا تمر إلى زبيب ونحوه؛ لأنها أجناس يجوز التفاضل فيها بخلاف الأنواع فانقطع القياس.

س56: ما زكاة نصاب الحبوب والثمار، وما هو الدليل عليها؟

س56: ما زكاة نصاب الحبوب والثمار، وما هو الدليل عليها؟ ج: يجب عشر فيما سبق بلا مؤنة كالذي يَشرَبُ بعروقه ويسمى بعلاً، وكالذي يشرب بغيب وهو الذي يزرع على المطر، وكالذي يشرب بسيح ولو كان السقي بإجراء ماء حفيرة ولا تؤثر مؤنة حفر نهر وقناة لقلتها؛ ولأنه من جملة إحياء الأرض ولا يتكرر كل عام ولا تؤثر مؤنة تحويل ماء ويجب نصف العشر فيما سقى بكلفة كالدوالي جمع دالية، وهو الدولاب تديره البقر والناعورة يديرها الماء والسانية وهي النواضح، وأحدها ناضح وناضحة وهما البعير يستقي عليه؛ لحديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «فيما سقت الأنهار والغيْم العشور، وفيما سقى بالسانية نصف العشور» رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود، وقال: الأنهار والعيون. وحديث ابن عمر: «فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريًا العشر، وفيما سقى بالنضح نصف العشر» رواه الجماعة إلا مسلمًا؛ لكن في لفظ النسائي وأبي داود وابن ماجه بعلاً بدل عثريًّا ويجب فيما يشرب بكلفة نصف مدته وبغير كلفة نصفها ثلاثة أرباع العشر نصفه لنصف العام وربعه للآخر؛ فإن تفاوت السقي بالمؤنة والسقي بغيرها بأن يُسقى بأحدهما أكثر من الآخر، فالحكم لأكثر السقين نفعًا ونموًّا؛ فإن جهل مقدار السقي فلم يدر أيهما أكثر أو جهل الأكثر نفعًا ونموًا فيجب العشر احتياطًا؛ لأن تمام العشر تعارض فيه موجب ومسقط، فغلب الموجب ليخرج من العهدة بيقين فمن له حائطان ضما في النصاب، ولكل حكم نفسه في السقي بكلفة وغيرها ويصدق مالك فيما سقى به؛ لأنه أمين عليه بغير يمين؛ لأن الناس لا يستحلفون على صدقاتهم. س57: متى وقت وجوب الزكاة في الحبوب والثمار، وما هو الدليل عليه وإذا تصرف في الثمرة قبل الوجوب أو بعده فما الحكم في ذلك؟ وإذا باع الحب أو الثمرة بعد بدو الصلاح وشرط على المشتري إخراج الزكاة فما الحكم؟

س58: متى يستقر وجوب الزكاة، وإذا تلفت الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة قبل الوضع بالجرين، فما حكم ذلك؟ وإذا تلف البعض عن الزرع أو الثمر، فما الحكم؟

ج: إذا اشتدَّ الحبُّ وبدا صلاح الثمر وجبت الزكاة؛ لأنه حينئذ يُقصدُ للأكل والافتيات فأشبه اليابس، وعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبعثُ عبد الله بن رواحة إلى يهود فيخرص عليهم النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه. رواه أبو داود، وقال ابن أبي موسى: تجب زكاة الحب يوم حصاده؛ لقوله عز وجل: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} وفائدة الخلاف أنه لو تصرف في الثمرة أو الحب قبل الوجوب لا شيء عليه كما لو أكل السائمة أو باعها قبل الحول وإن تصرف فيها بعد الوجوب لم تسقط الزكاة كما لو فعل ذلك في السائمة؛ فإن قطعها قبل ذلك سقطت إلا أن يقطعها فرارًا من الزكاة فنلزمه؛ لأنه الواجب بعد انعقاد سببه أشبه ما لو طلق امرأته في مرض موته، ولو باع الحب أو الثمر بعد بدو صلاحه وشرط البائع الزكاة على المشتري صح البيع والشرط للعلم بالزكاة فكأنه استثنى قدرها ووكله في إخراجها؛ فإن لم يخرجه المشتري وتعذر الرجوع عليه ألزم بها البائع لوجوبها عليه. س58: متى يستقر وجوب الزكاة، وإذا تلفت الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة قبل الوضع بالجرين، فما حكم ذلك؟ وإذا تلف البعض عن الزرع أو الثمر، فما الحكم؟ ج: لا يستقر وجوبها بها إلا بجعلها في جرين أو بيدر أو مسطاح أو نحوه؛ فإن تلفت الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة قبل الوضع بالجرين أو نحوه بغير تعد منه سقطت خرصت أو لم تخرص؛ لأنه في حكم ما لا تثبت اليد عليه بدليل أنه لو اشترى ثمرة فتلفت بجائحة رجع بها على البائع والخرص لا يوجب؛ وإنما يفعله الساعي ليتمكن المالك من التَّصرف فوجب سقوط الزكاة مع وجوده كعدمه، وإن تلف البعض من الزرع أو الثمر قبل الاستقرار زكى الباقي إن كان نصابًا وإلا فلا زكاة فيه قدمه في الفروع، وقال في «شرح المنتهى» في الأصح؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» وهذا يعم

س59: متى يجب إخراج زكاة الحب والثمر، وإذا احتيج إلى قطع ما بدا صلاحه قبل كماله لضعف أصل أو خوف عطش ونحوه، فما الحكم؟

حالة الوجوب ولزوم الأداء. قال الناظم: وإيجابها عند اشتداد حبوبها ... وبدوَّ صلاح الثمر إيجاب مقتدى وقطعها من قبل لا بعد مسقط ... وإن تقطعن منها فرارًا فأرفد ويثبت منها في الجرين وجوبها ... وبالهلك أسقط قبل عن غير معتد سواءُ قبيلَ الخرص أو بَعْد خرصها ... وفي التلف اقبل منه من غير شهد س59: متى يجب إخراج زكاة الحب والثمر، وإذا احتيج إلى قطع ما بدا صلاحه قبل كماله لضعف أصل أو خوف عطش ونحوه، فما الحكم؟ ج: يجب إخراج زكاة الحب مصفى والثمر يابسًا؛ لحديث الدارقطني عن عتاب بن أسيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن يُخرَص العنب زبيبًا كما يخرس الثمر ولا يُسمَّى زبيبًا وتمرًا حقيقة إلا اليابس وقيس الباقي عليهما؛ ولأنه حال تصفية لحب وجفاف التمر حال كمال ونهاية صفات ادخاره ووقت لزوم الإخراج منه؛ فإن احتيج إلى قطع الثمرة قبل كمالها وبعد بدرِّ الصلاح للخوف من العطش أو لضعف الأصل جاز قطعها؛ لأن حق الفقراء إنما يجب على طريق المواساة فلا يكلف الإنسان ما يهلك أصل ماله؛ ولأن حفظ الأصل أحفظ للفقراء من حفظ الثمرة دون قطع جميعها خففها وإن لم يكف إلا قطع الجميع جاز وكذلك إن قطع بعض الثمرة لتحسين الباقي، وكذلك إن كان عنبًا لا يجيء منه زبيب كالخمري أو رُطبًا لا يجيء منه تمر كالبرني والهلبات؛ فإنه يخرج منه عنبًا ورطبًا للحاجة؛ ولأن الزكاة مواساة فلم تجب عليه من غير ما عنده كرديء الجنس، وقال القاضي: يخير الساعي إذا أراد ذلك رب المال بين أن يُقاسِمَ رب المال الجذاذ بالخرص ويأخذ نصيبهم نخلات منفردة يأخذ ثمرتها وبين أن يجذها ويقاسمه إياها بالكيل ويقسم الثمرة في الفقراء وبين بيعها من

س60: هل للإنسان أن يشتري زكاته وضح ذلك مع ذكر الدليل والتعليل؟

رب المال أو من غيره قبل الجذاذ وبعده ويقسم ثمنها والمنصوص أنه لا يخرج إلا يابسًا. انتهى من «الشرح الكبير» . س60: هل للإنسان أن يشتري زكاته وضَّح ذلك مع ذكر الدليل والتعليل؟ ج: يحرمُ على مُزَكِّ ومتصدِّقٍ شراءُ زكاته وصدقته، ولا يصح؛ لما روى عمر، قال: «حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده وأردت أن أشتريه وظننت أنه يبيعه برخص، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «لا تشتره ولا تعد في صدقتك وأن أعطاكه بدرهم؛ فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه» » متفق عليه. وحسمًا لمادة استرجاع شيء منها حياءَ وطعمًا في مثلها أو خوفًا أن لا يعطيه بعد؛ فإن عادت إليه بإرث أو وصية أو هبة أو أخذها من دينه طابت بلا كراهة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وجب أجرك وردها عليك الميراث» رواه الجماعة إلا البخاري من حديث أبي هريرة: وإن مصفى الحب والتمر يابسًا ... ورطبًا لا إصلاحٌ أو أنْ جفَّ يفسدِ وتَقديرُ ذا رطبًا وقيل مُيبَّسًا ... بتقدير جَيد التمرُ يقدَرُ ذا الردِى وإن يشا الساعي يَبِعْهُ لمن يشا ... ويقسم مجذوذًا وغير مجدَّدِ وفي النص لا يجزيك إلا مُيبَّسًا ... ويحرْمُ أن تبْتاعَ فرضَك فاقتدِ وقيمتهُ عشر الرطب أخرجهُ عادِمًا ... وعنه متى تقدر على الثمر ارْفدِ س61: تكلم عن أحكام ما يلي: حكم بعث خارص، متى وقت بعثهِ؟ وما الذي يُعتَبر لذلك؟ على من أجرةُ الخارص؟ وما حكم قطع الثمرة مع حضور السَّاعِي بلا إذنه، وضح ذلك مع الدليل؟ ج: يُسَنُّ أن يبعث الإمام خارصًا؛ لحديث عائشة قالت: «كان –عليه الصلاة والسلام- يبعث عبد الله بن رواحة إلى اليهود يخرصُ عليهم النخيل قبل أن

س62: تكلم بوضوح عن صفة خرص الثمر إذا كان نوعا واحدا وإذا النخل والكرم، وما هو الخرص؟ وما الحكمة فيه، وهل يخرص غير النخل والكرم؟ وهل لمالك أن يتصرف بالثمرة بعد الخرص؟

يؤكل» متفق عليه. وفي حديث عتّاب بن أسيد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث على الناس مَن يخرص عليهم كرومهم وثمارهم» رواه الترمذي وابن ماجه، وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه خرَصَ على امرأة بِوادي القُرى حديقةً لها وحديثها في مسند أحمد، ووقت بعثه إذا بدا الصلاح؛ أنه وقت دعاء الحاجة الخرص، ويعتبر أن يكون الخارص مسلمًا أمينًا خبيرًا غير متهم، وممن يرى الخرص عمر وسهل بن أبي حثمة والقاسم بن محمد ومالك والشافعي وأكثر أهل العلم قاله في «الشرح» . وأجرة الخارص، قيل: إنها على رب النخل والكرم. والقول الثاني: أنها على بيت المال، وقال الشيخ منصور: ويتوجه من نصيب عامل الزكاة. انتهى. ويحرم القطع للثمر مع حضور ساع بلا إذنه لحق أهل الزكاة فيها وكون الساعي كالوكيل عنهم، وتؤخذ زكاته بحسب الغالب. وفي «حاشية الإقناع» : ويحرم قطعه مع حضور ساعٍ إلا بإذن قطع به في «المبدع» و «الإنصاف» وغيرهما، ولم يذكروا فيه خلافًا مع أنه تقدم أن تعلق الزكاة بالنصاب كتعلق أرش الجناية فلا يمتنع على ربه التصرف فيه قبل إخراجها وليس كتعلق شركه أو رهن أو دين بماله مفلس على الصحيح. انتهى. س62: تكلم بوضوح عن صفة خرص الثمر إذا كان نوعًا واحدًا وإذا النخل والكرم، وما هو الخرص؟ وما الحكمة فيه، وهل يخرص غير النخل والكرم؟ وهل لمالك أن يتصرف بالثمرة بعد الخرص؟ ج: للخارص ورب المال إن لم يُبعث خارص الخرص كيف شاء إن اتحد النوع؛ فإن شاء خرص كل نخلة أو كرمة على حدة أو خرص الجميع دفعة ويخرص ثمر متنوع كل نوع على حدة وتزكية كل نوع على حدة فيخرج عن الجيد جيدًا منه، أو من غيره ولا يجزئ عنه رديء ولا يلزم بإخراج جيد عن رديء والخرص حزر مقدار الثمرة في رؤوس النخل والكرم وزنًا بعد أن يطوف به، ثم يُقدَّره تمرًا أو زبيبًا ثم يُعرف الخارص المالكَ قدر الزكاة فيه ويخيره بين أن يتصرف فيه بما شاء من بيع أو غيره ويضمن قدر الزكاة

س63: ما الذي يتركه الخارص، وما حكم ترك الخارص شيئا لرب المال، وإذا أتلف المالك الثمرة أو تلفت بتفريطه فما الحكم؟ وإذا ادعى رب المال غلط الخارص فما الحكم؟ إذا أبى الخارص أن يترك لرب المال شيئا فما حكم ذلك؟ واذكر ما تستحضره من دليل.

وبينَ حفظِ الثمار إلى وقت الجفاف ليؤدي ما وجب فيها وإن حفظها إلى وقت الجفاف زكى الموجود فقط وافق قول الخارص أولاً؛ وأما الحكمة في الخرص فالذي يظهر أنه لدفع الحرج عن أهل الزراعة؛ فإنهم يريدون أن يأكلوا بسرًا ورطبًا ونيئًا، ونضيجًا وعن المصدقين؛ لأنهم لا يطيقون الحفظ عن أهلها إلا بشق الأنفس ولا يخرص غير كرم ونخل؛ لأن النص إنما ورد بخرصهما مع أن تمرهما مجتمع في العذوق والعناقيد فيمكن أن يأتي الخرص عليه غالبًا والحاجة إلى أكلهما رطبة أشد من غيرهما فامتنع القياس. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س63: ما الذي يتركه الخارص، وما حكم ترك الخارص شيئًا لرب المال، وإذا أتلف المالك الثمرة أو تلفت بتفريطه فما الحكم؟ وإذا ادعى رب المال غلط الخارص فما الحكم؟ إذا أبى الخارص أن يترك لرب المال شيئًا فما حكم ذلك؟ واذكر ما تستحضره من دليل. ج: يجب أن يترك في الخرص لرب المال الثلث أو الربع فيجتهد الساعي بحسب المصلحة؛ لحديث سهل بن أبي حثمة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا خرصتم فخذوا ودعوا الثلث؛ فإن لم تدعو الثلث فدعوا الربع» رواه الخمسة إلا ابن ماجه ورواه ابن حبان والحاكم، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «خففُوا على الناس؛ فإن في المال الواطئة والآكلة والعرية» رواه سعيد. وأمر عمر عماله أن يتركوا لهم ما يأكلونه، وقال ابن عقيل والآمدي وغيرهما: يترك قدر أكلهم وهديتهم بالمعروف بلا تحديد للأخبار الخاصة وللحاجة للأكل والإطعام وغير ذلك، وهو قول أكثر أهل العلم. وفي «الاختيارات الفقهية» (ص100، 101) : وتسقط الزكاة فيما خرج من مؤنة الزرع والثمر منه وهو قول عطاء بن أبي رباح؛ لأن الشارع أسقط في الخرص زكاة الثلث أو الربع لأجل ما يخرج من الثمرة بالإعراء والضيافة وإطعام ابن السبيل وهو تبرع فيما يخرج عنه لمصلحته التي لا تحصل إلا بها أو لإسقاط الزكاة عنه وإن

س64: اذكر ما تفهمه عن حكمة ترك الثلث أو الربع لرب المال من حب ومن ثمر، وما معنى قولهم: فيجتهد بحسب المصلحة في أن يترك الثلث أو الربع؟ وهل لرب الحبوب والثمار أن يهدي منها قبل إخراج زكاتها، وإذا كان الزرع والثمر مشتركا فهل له أن يأكل من دون إذن شريكه؟ وهل يلزم رب المال أن يزكي ما تركه خارص من الواجب؟

أتلف الثمرة المالك أو تلف بتفريطه ضمن زكاته بخرصها تمرًا أو زبيبًا. قال في «الشرح» : وإن أتلفها أجنبي فعليه قيمة ما أتلف، وفي «شرح الإقناع» قواعد المذهب أن عليه مثله؛ لأنه مثلي فيضمن بمثله وإن ادعى رب المال غلط الخارص غلطًا محتملاً كالسدس قبل قوله غير يمين، كما لو قال: لم يحصل في يدي غير كذا؛ فإنه يقبل قوله لأنه قد يتلف بعضه بآفة لا يعلمها، وإن فحش ما ادعاه من الغلط كالنصف أو الثلث لم يقبل؛ لأنه لا يحتمل فيعلم كذبه، وإن لم يترك شيئًا فلرب المال أكل قدر الثلث أو الربع من ثمر ومن حب ولا يحتسب به عليه. قال أحمد في رواية عبد الله: لا بأس أن يأكله الرجل من غلته بقدر ما يأكل هو وعياله ولا يحتسب وإن لم يأكله كمل به النصاب وتؤخذ زكاة ما سواه بالقسط فلو كان الثمر كله خمسة أوسق ولم يأكل منه شيئًا حسب الربع الذي كان له أكله من النصاب فيكمل ويؤخذ منه زكاة ما سواه وهو ثلاثة أوسق وثلاثة أرباع وسق. والله أعلم. س64: اذكر ما تفهمه عن حكمة ترك الثلث أو الربع لرب المال من حب ومن ثمر، وما معنى قولهم: فيجتهد بحسب المصلحة في أن يترك الثلث أو الربع؟ وهل لرب الحبوب والثمار أن يهدي منها قبل إخراج زكاتها، وإذا كان الزرع والثمر مشتركًا فهل له أن يأكل من دون إذن شريكه؟ وهل يلزم رب المال أن يزكي ما تركه خارص من الواجب؟ ج: الحكمة والله أعلم أنه لأجل التوسعة على رب المال؛ لأنه يحتاج إلى الأكل هو وأضيافه وجيرانه وأهلهُ ويأكل منها المارة وفيها الساقطة، فلو استوفى الكل أضرَّبهم، ومعنى الاجتهاد بحسب المصلحة أن ينظر إن كان كثير العيال والأضياف ترك له الثلث وإلا ترك له الربع ولا يُهدى رَبُ المال من الزرع قبل إخراج زكاته. قال أحمد: وقد سأله المروزي عن فريك السنبل قبل أن يقسم، قال: لا بأس أن يأكل منه صاحبه بما يحتاج إليه، قال: فيهدى للقوم منه، قال: لا حتى يقسم؛ وأما الثمر فما تركه خارص له صنع

س65: على من تجب الزكاة في الأرض المستعارة أو المستأجرة للزرع وإذا غصب إنسان أرضا فزرعها فهل الزكاة على الغاصب أو على رب الأرض وما هي الأرض الخراجية؟ وهل يجتمع فيها العشر والخراج؟ وما هي الأرض العشرية؟

به ما شاء ويزكي رب ما تركه خارصٌ من الواجب؛ لأنه لا يسقط بترك الخارص ويزكي رب مال ما زاد على قول خارص أنه يجيء منه تمرٌ وزبيب كذا عند جفاف لما سبق ولا يزكي ما نقص عن قول خارص؛ لأنه لا زكاة فيما ليس في ملكه ولا يأكل من زرع وثمر مشترك شيئًا إلا بإذن شريكه كسائر الأموال المشتركة. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. من النظم مما يتعلق ببعثة الخارص وبعثةُ عَدْلٍ خارصٍ ذي إصابة ... ببدوِ صَلاحِ الثمر شَرْعٌ لمقتَدى فيخرص نوعًا دفْعةً أو مُفرَقًا ... ويخرصُ بالأنواع خَرْصَ تَعدُّدِ ويلزمْ تركُ الثُّلثِ أو ربع مأكلٍ ... وقيل بمعروفٍ بغير تحَدُّدٍ وليسَ له من قبل خَرْصٍ تَصرُّفٌ ... وبَعْدُ اضمننْ فرضًا وكُنْ مُطْلقَ اليدِ ويأكله الملاكُ إنْ لم يُمَكَّنُوا ... وتقْبَلٌ دَعْوَى حَيفٍ خَرصٍ مُعَوَّدِ وَمن كل صنف يؤخذ العشر مفردًا ... ومن وَسطٍ إنْ شقَّ أخذُ التَّعددِ س65: على مَن تجب الزكاة في الأرض المستعارة أو المستأجرة للزرع وإذا غصبَ إنسان أرضًا فزرعها فهل الزكاة على الغاصب أو على رب الأرض وما هي الأرض الخراجية؟ وهل يجتمع فيها العشر والخراج؟ وما هي الأرض العشرية؟ ج: الزكاة في خارج من أرض مستعارة على مستعير، والزكاة في خارج من أرض مؤجرة على مستأجر الأرض دون مالكها؛ لأنها زكاة مال فكانت على مالكه كالسائمة وكما لو استأجر حانوتًا يتّجر فيه؛ ولأن الزكاة من حقوق الزرع، ولذلك لو لم تزرع لم تجب وتتقدر بقدر الزرع بخلاف الخراج فإنه من

حقوق الأرض على من هي بيده ومتى حصد غاصب أرض زرعه من أرض مغصوبة زكاة لاستقرار ملكه عليه ويزكيه رب الأرض إن تملكه قبل حصده ولو بعد اشتداد حبه؛ لأنه يتملكه بمثل بذره وعوض لواحقه فقد استند ملكه إلى أول زرعه فكأنه أخذه إذن، وقيل: يزكيه الغاصب؛ لأنه ملكه وقت الوجوب والأرض الخراجية ثلاثة أضرب: القسم الأول: ما فتح عنوة ووقف على المسلمين وضرب عليه خراج معلوم؛ فإنه يؤدي الخراج عن رقبة الأرض وعليه العشر عن غلتها إذا كانت لمسلم، وكذا الحكم في كل أرض خراجية، وبه قال عمر بن عبد العزيز والزهري والأوزاعي ويحيى والأنصاري وربيعة ومالك والثوري والشافعي وابن المبارك وإسحاق وأبو عبيد. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ} ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «فيما سقت السماء العشر» ولأنهما حقان يجبان لمستحقين يجوز وجوب كل واحد منهما على المسلم فجاز اجتماعهما كالكفارة والقيمة في الصيد الحرمي المملوك. والثانية: ما جلا عنها أهلها خوفًا منا. والثالثة: ما صُولحوا على أنها لنا ونقرها معهم بالخراج، والأرض العشرية خمسة أضرب: الأولى: ما أسلم أهلها عليها كالمدينة ونحوها. والثانية: ما أحياه المسلمون واختطوه كالبصرة ونحوها. والثالثة: ما صولح أهلها على أنها لهم بخراج يضرب عليهم كاليمن. والرابعة: ما فتح عنوة وقسم بين غانميه كنصف خيبر. والخامسة: ما أقطعه الخلفاء الراشدون من السواد إقطاع تمليك كالذي أقطعه عثمان - رضي الله عنه - لسعد وابن مسعود وخباب قال في «شرح المنتهى» وحمله القاضي على أنهم لم يملكوا الأرض، بل أقطعوا المنفعة وأسقط الخراج عنهم للمصلحة أي لأنها وقف كما يأتي، مما يتعلق بالأرض الخراجية من النظم: ويُؤخذُ مِن مُستأجِر دُونَ مالكِ ... ومن مُستعيرٍ خُذْ ودَعْ ذا التجوُّدِ وعنه على المستأجرينَ خراجُها ... ولا فرضَ بعدَ العُشر بالمكث فاهتدِ وما أخرجتْه أرضُ صُلح فزكِّه ... وفي عنوةِ بَعدَ الخراج تفَقَّدِ وإن كانَ يَبقى بَعِدهُ قدرُ منصِبٍ ... فيا مُسلمًا أهل الزكاة بها جُدِ

فصل في زكاة العسل

7- فصل في زكاة العسل س66: ما الواجب في العَسَل وما نصابه وضح ذلك مع ذكر الخلاف؟ وهل تجب الزكاة فيما ينزل من السماء كالمن ونحوه؟ وهل تتكرر زكاة المعشرات أم لا؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل والتعليل؟ ج: يجب في العسل العشر سواء أخذه من موات أو مملوكة ونصابه 160 مائة وستون رطلاً عراقية؛ لما ورد عن أبي سيارة قال: قلت: يا رسول الله، إن لي نحلاً، قال: «فأد العشور» ، قال: قلت: يا رسول الله، احم لي جبلها، قال: «فحمَى لي جَبَلهَا» رواه أحمد وابن ماجه. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أخذ من العسل العشر. رواه ابن ماجه، وفي رواية: جاء هلال أحد بني مُنْعَان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعشور نحل له وكان يسأله أن يَحمِيَ له مواديًا يقالُ لهُ: سلبة، فحمى له ذلك الوادي؛ فلما ولي عمر بن الخطاب كتب سفيان ابن وهب إلى عمر يسأله عن ذلك، فكتب عمر: «إن أُدي إليك ما كان يؤدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عشور نحله فاحم له سَلَبُه وإلا فإنما هو ذباب غيث يأكله مَنْ يَشاءُ» رواه أبو داود والنسائي، ولأبي داود في رواية بنحوه، وقال: من كل عشر قرب قربة. وروى الجوزجاني عن عمر أن ناسًا سألوه، فقالوا: إن رسول - صلى الله عليه وسلم - أقطع لنا واديًا باليمن فيه خلايا من نحل، وإنا نجد ناسًا يسرقونها، فقال عمر: إن أديتم صدقاتها من كل عشرة أفراق فرقًا حميناها لكم وهذا تقدير من عمر - رضي الله عنه -. والقول الثاني: لا زكاة فيه؛ لأنه مائع خارج من حيوان أشبه اللبن وهو قول مالك والشافعي وابن أبي ليلى وابن المنذر، وقال: ليس في وجوب الصدقة في العسل حديث يثبت ولا إجماع. انتهى. قال في «نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار» آخر (ص146) .

فصل في المعدن

واعلم أن حديث ابن سيارة وحديث هلال إن كان غير أبي سيارة لا يدلان على وجوب الزكاة في العسل؛ لأنهما تطوعا بها وحمى لهما بدل ما أخذ وعقلَ عُمر العلة فأمر بمثل ذلك، ولو كان سبيله سبيل الصدقات لم يخير في ذلك، وبقية أحاديث الباب لا تنهض للاحتجاج بها، ويؤيّدُ عدم الوجوب ما تقدم من الأحاديث القاضية بأن الصدقة إنما تجب في أربعة أجناس. ويؤيده أيضًا ما رواه الحميدي بإسناده إلى معاذ بن جبل أنه أتى برقص البقر والعسل، فقال معاذ: كلاهما لم يأمرني فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء. انتهى. ولا زكاة فيما ينزل من السماء على الشجر كالمن والنرنجبيل والشير خُشك ونحوه ولا تتكرر زكاة المعشرات ولو بقيت أحوالاً ما لم تكن للتجارة فتقوم عند كل حول بشرطه كسائر عروض التجارة؛ لأنها حينئذ مرصدة للنماء كالأثمان. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. 8- فصل في المعدن س67: عرِّف المعدن؟ وما مثاله؟ وما الواجب فيه؟ ومتى تجب زكاته؟ وهل الواجب من عينه أو قيمته؟ ولمن يُصْرفُ الواجب فيه؟ وما هو الدليل؟ ج: المعدن كمجلس منبت الجواهر من ذهب ونحوه سمي بذلك لعدن ما أنبته الله فيه أي لإقامته يقال عدن بالمقام، عدونا أقام به ومنه «جنات عدن» ، ثم أطلق على الجوهر ونحوه من تسمية الحال باسم المحل وإلا فحقيقة المعدن يوصف به المستقر فيه. وعرفًا هو كل متولد في الأرض لا من جنسها ولا نبات كذهب وفضة وجوهر وبلور وعقيق وصفر ورصاص وحديد وكحل وزرنيخ ومغرة وكبريت وزفت وملح وزئبق وقار ونفط ونحو ذلك. والواجب فيه ربع العشر؛ لعموم قوله تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم

س68: هل يحتسب بمؤنة السبك والتصفية والاستخراج؟ ما الذي يشترط لذلك؟ وما حكم إخراج زكاة معدن قبل سبك وتصفية؟ ومتى يستقر وجوب زكاة المعدن؟ وهل تسقط زكاة المعدن بتلفه؟ بين حكم الجامد والجاري؟ وإذا سبق اثنان إلى معدن في موات فما الحكم؟

مِّنَ الأَرْضِ} ولأنه مال لو غنمه أخرج خمسة؛ فإذا أخرجه من معدن وجبت زكاته كالذهب والفضة، وعن ابن عمر قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطعة من ذهب كانت أول صدقة جاءته من معدن لنا، فقال: إنها ستكون معادن وسيكون فيها شر خلق الله عز وجل. رواه الطبراني في «المعجم الصغير» ، وتجب زكاة المعدن في الحال؛ لأنه مال مستفاد من الأرض فلم يعتبر له حول كالزرع وتؤخذ زكاته من عين أثمان وقيمة غيره ويصرف لأهل الزكاة؛ لما روى ربيعة بن عبد الرحمن عن غير واحد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع بلال بن الحارث المعادن القبلية، قال: فتلك لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم. رواه أبو داود، وقال أبو عبيد: بلاد معروفة بالحجاز. س68: هل يحتسب بمؤنة السبك والتصفية والاستخراج؟ ما الذي يشترط لذلك؟ وما حكم إخراج زكاة معدن قبل سبك وتصفية؟ ومتى يستقر وجوب زكاة المعدن؟ وهل تسقط زكاة المعدن بتلفه؟ بين حكم الجامد والجاري؟ وإذا سبق اثنان إلى معدن في موات فما الحكم؟ ج: لا يحتسب بمؤنة سبك وتصفية ولا يحتسب بمؤنة استخراج معدن إن لم تكن دينًا؛ فإن كانت دينًا زكى ما سواها كالخراج لسبقها الوجوب ويشترط كون مخرج معدن من أهل وجوب الزكاة؛ فإن كان كافرًا أو مكاتبًا أو مدينًا يَنقُصَ به النصاب لم تلزمه كسائر الزكوات وحديث المعدن جبار، وفي الركاز الخمس، قال القاضي وغيره: أراد بقوله جبار إذا وقع على الأجير شيء وهو يعمل في المعدن فقتله لم يلزم المستأجر شيء ويشترط بلوغ النقد أو قيمة غيره نصابًا بعد سبك وتصفية كحب وثمر ولا يجوز إخراجها إذا كانت أثمانًا إلا بعد سَبْك وتصفية؛ وذلك لأن وقت الإخراج منها بعد السبك والتصفية ويستقر الوجوب في زكاة المعدن بإحرازه فلا تسقط بتلفه بعد مطلقًا وقبله بلا فعله ولا تفريطه تسقط والمعدن الجامد المخرج من مملوكة لربها؛ لكن لا تلزمه زكاته

س69: هل تتكرر زكاة المعدن؟ وهل يضم جنس من معادن إلى جنس آخر في تكميل النصاب؟ وضح ذلك وتعرض لذكر الخلاف؟ , وهل في المسك والزباد والمخرج من البحر زكاة، واذكر الدليل والتعليل؟

حتى يصل إلى يده الجاري الذي مادة لا تنقطع لمستخرجه وإن سبق اثنان إلى معدن في موات فالسابق أولى به ما دام يعمل؛ لحديث: «من سَبقَ إلى مباح فهو أحق به؛ فإن ترك العمل جاز لغيره العمل فيه» . س69: هل تتكرر زكاة المعدن؟ وهل يضم جنس من معادن إلى جنس آخر في تكميل النصاب؟ وضِّح ذلك وتعرض لذكر الخلاف؟ , وهل في المسك والزباد والمخرج من البحر زكاة، واذكر الدليل والتعليل؟ ج: لا تنكر زكاة معدن؛ لأنه عرض مستفاد من الأرض أشبه المعشرات غير نقد فتكرر زكاته؛ لأنه معد للنماء كالمواشي، ولا يضم جنس من معادن إلى جنس آخر في تكميل النصاب كبقية الأموال غير نقد فيضم ذهب إلى فضة من معدن وغيره، قال في «الإنصاف» : لا يضم جنس من المعدن إلى جنس آخر على الصحيح من المذهب، اختاره القاضي وغيره وقدمه في الفروع، وقيل: يضم اختاره بعض الأصحاب، قال ابن تميم وهو أحسن، وقيل: يضم إذا كانت متقاربة كقار ونفط وحديد ونحاس، وجزم به في الإفادات، وقال المصنف: والصواب إن شاء الله إن كان في المعدن أجناس من غير الذهب والفضة ضم بعضها إلى بعض؛ لأن الواجب في قيمتها فأشبهت العروض انتهى. ويضم ما تعددت معادنه واتحد جنسه، ولا زكاة في مسك وزباد ولا مخرج من بحر كسمك ولؤلؤ ومرجان وعنبر ونحوه، ولو بلغ نصابًا؛ لأن الأصل عدم الوجوب وكان العنبر وغيره يوجد في عهده –عليه الصلاة والسلام- وعهد خلفائه ولم ينقل عنه ولا عنهم فيه شيء فوجب البقاء على الأصل؛ ولأن الغالب فيه وجوده من غير مشقة فهو كالمباحات الموجودة في البر. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

مما يتعلق بالمعدن من النظم ويُفرضُ أيضًا مِنْ مَعَادن جَوهر ... وِقارٍ وصُفْرٍ والرّصَاصِ وإثْمِدِ وملحٍ وكبريتٍ ونفْطٍ ومَغْرَةً ... وسَائِر ما يُسَمَّى بمَعْدِنِ اعدد إذا كان من أثمانه قدر منصب ... ومقداره من غير قيمته قد ووقتُ وجوب الفرض حين حِيَازه ... ووَقْتُ الادَاءِ مَع سَبْكِهِ والتَّمَهدِ إذا كان من أهْل التزكي مخرجٌ ... ومصرفه مثل الزكاة فقَيِّدِ وفي الكل ربعُ العُشْرِ ممّا شَرَطتُهُ ... ولو حِيْزَ في مرّاتِ فِعْلِ مُرَدَّدِ إذا لمْ يُفَرِّق بَيْنَهَا ترك مُهْمِلٍ ... وفِي خُلْطَةِ الجمعِ أرْو قَوليْن وأسْمِدِ وَلا شيءَ فيما يُخْرِجُ البَحْرُ مُطْلَقًا ... وَمِعنك وعنه منه كالمعدنِ أرْفِدِ

فصل في الركاز

9- فصل في الركاز س70: ما هو الركاز؟ وما الواجب فيه؟ وبيَّن مصرفه؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟ ج: الرِّكاز الكنز من دفن الجاهلية أو مَن تقدم عن كفار في الجملة عليه أو على بعضه علامة كفر فقط، وما خلا من علامة أو كان على شيء منه علامة المسلمين فلقطة لا يملكه إلا بعد التعريف؛ لأنه مال مسلم لم يعلم زوال ملكه عنه وتغليبًا لحكم دار الإسلام، ويجب في الركاز الخمس؛ لما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «العجماء جرحها جبَار والبئر جبار والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس» متفق عليه، ويصرف الخمس مصرف الفيء للمصالح كلها؛ لما روى أبو عبيد بإسناده عن الشعبي أن رجلاً وجد ألف دينار مدفونة خارج المدينة، فأتى بها عمر بن الخطاب، فأخذ منها مائتي دينار ودفع إلى الرجل بقيتها، وجعل يقسم المائتين بين من حضر من المسلمين إلى أن فضل منها فضلة، فقال: أين صاحب الدنانير، فقام إليه، فقال عمر: خذ هذه الدنانير فهي لك، فلو كان الخمس زكاة لخصَّ بها أهل الزكاة، وقيل: إن مصرفه مصرف الصدقات؛ لما روى الإمام أحمد بإسناده عن عبد الله ابن بشر الخثعمي عن رجل من قومه، يقال له: ابن حَمَمَة، قال: سقطتُ على حِرة من دَيْر قَديم بالكوفة عند حبانة بشْر فيها أربعة آلاف درهم فذهبت بها إلى علي -عليه السلام-، فقال: اقسمها خمسة أخماس، فقَسمتُها، فأخذ منها عَليُّ خمسًا وأعطاني أربعة أخماس، فلما أدبرت دعاني، فقال: في جيرانك فقراء ومساكين، فقلت: نعم، قال: فخذها واقسمها بينهم، والمساكين مصرف الصدقات؛ ولأنه حق يجب في الخارج من الأرض فأشبه صدقة المعدن. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

س71: متى يجب خمس الركاز؟ وهل يجوز إخراج الخمس من غير ركاز؟ وهل يمنع الدين خمس الركاز؟ وهل لواجده أن يفرق الخمس بنفسه؟ وإذا كان واجده أجيرا أو مكاتبا أو صغيرا أو مجنونا أو ذميا أو مستأمنا فما الحكم؟

س71: متى يجب خمس الركاز؟ وهل يجوز إخراج الخمس من غير ركاز؟ وهل يمنع الدين خمس الركاز؟ وهل لواجده أن يفرق الخمس بنفسه؟ وإذا كان واجدُه أجيرًا أو مكاتبًا أو صغيرًا أو مجنونًا أو ذميًا أو مستأمنًا فما الحكم؟ ج: يجب في الركاز الخمس في الحال في أي نوع من المال، ولو غير نقد ويجوز إخراج الخمس من غيره كزكاة الحبوب وغيرها، ولا يمنع الدين خمس الركاز، ويجوز لواجده أن يفرق الخمس بنفسه وباقيه لواجده ولو ذميًا أو مستأمنًا بدارنا أو مكاتبًا أو صغيرًا أو مجنونًا، ويخرج عنهما ولبهما كزكاة مالهما ونفقة تجب عليهما إلا أن يكون واجده أجيرًا فيه لطلبه، فالباقي إذن لمستأجره؛ لأن الواَجِد نائب عنه، ولو استؤجر لحفر بئر أو هدم شيء فوَجدَه فهو له لا لمستأجره لا من كسب الواجِدِ وإن وَجدَهُ عبد فهو من كسبه فيكون لسيده كسائر كسبه. س72: إذا وجَدَ الركازَ واجدٌ في موات أو شارع أو أرض لا يُعلم مالكها أو في خَرِبة أو في ملكه الذي أحياه فلِمَنْ يكون الركاز؟ ج: إن وَجدَه واجِدٌ في موات أو شارع أو أرض لا يعلم مالكها أو وجده في طريق غير مملوك أو في خربة أو في ملكه الذي أحياه فهو لواجده وإن علم مالك الأرض التي وجد بها الركاز أو كانت الأرض منتقلة إلى واجد الركاز فهو له أيضًا إن لم يَدَّعِهِ المالكُ للأرض؛ لأن الركاز لا يملك بملك الأرض؛ لأن مودع فيها للنقل عنها فلو ادعاه مالك الأرض التي وجد بها بلا بينة تشهد له به ولا وصف بصفة به فالركاز لمالك الأرض مع يمينه؛ لأن يد مالك الأرض على الركاز فرجح بها وكذا لو ادعاه مَنْ انتقلت عنه الأرض؛ لأن يده كانت عليها، وإن اختلفت ورثة المالك فادعى بعضهم أنه لمورثهم وأنكر البعض الآخر فحكم من أنكر حكم المالك الذي لم يعترف به وحكم المدعين حكم المالك المعترف فيحلفون ويأخذون نصيبهم وكذا ورثة من انتقلت عنه.

ومن يتعلق بالركاز من النظم وفرض الركاز الخمس من كل ما لنا ... ولو قل مثل الفيء في الحال أورد فيؤخذ خمس إن يجده معاهد ... وفي الثاني لا والكل خذه بمبعد وعنه إلى أهل الزكاة ادْفَعنَّه ... وأربعة الأخماس منه لوَاجدِ وسيان في أي الرباع أوجدتَه ... وعن أحمد للمالك إن عَلِم أرْدِدِ وإن رده مَن عنه حزتَ مكانَهُ ... فجاوز إلى مَن قبله وتصَعَّد وقولان هل يعطي لمن عنه نقلت ... مقربه من غير وصف وشهد وذلك دفن الكافرين بزيهم ... وَمعَ شك أو زيّ الهدى اللقطة أنشُدِ وممتَنع في أرض حرب غنيمةٌ ... كجمع أتوا في منعة وتعَدُّدِ وأن يتأتى الأخذ من غير منعة ... فذاك ركاز في الأصح المجوّدِ وجُوِّزَ صَرفَ الخمس منه لواجد ... في الأقرى إذا ما كان أهل التزود

باب زكاة الذهب والفضة

10- باب زكاة الذهب والفضة س73: تكلم عما تجب فيه الزكاة من الأثمان مع ذكر الدليل؟ ج: مما تجب فيه الزكاة الأثمان وهي النقود من الذهب والفضة وما يقوم مقامها من أوراق وفلوس نقدية ووجوب الزكاة فيهما بالكتاب والسُّنة والإجماع؛ أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية والسُّنة مستفيضة بذلك، ومنه حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار يُحمى عليها في نار جهنم فيكوى بها جنُبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقضى بين العباد» رواه مسلم. وروى البخاري وغيره في كتاب أنس: «وفي الرقة ربع العشر؛ فإن لم يكن إلا تسعين ومائة فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها والرقة هي الدراهم المضروبة» . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ليس فيما دون خمس أواقي صدقة» متفق عليه، وأجمع أهل العلم على أن في مائتي درهم خمسة دراهم، وعلى أن الذهب إذا كان عشرين مثقالاً وقيمته مائتا درهم أن الزكاة تجب فيه إلا ما اختلف فيه عن الحسن، قاله في «المغني» و «الشرح الكبير» . س74: ما أقل نصاب ذهب وفضة؟ وما مقدار كل منهما في الريال الحالي والجنيه؟ وتكلم بوضوح عن الأوراق الموجودة حاليًا. ج: أقل نصاب ذهب عشرون مثقالاً زنة المثقال درهم وثلاثة أسباع درهم، ولم تتغير في جاهلية ولا إسلام، وزنة العشرين مثقالاً بالدراهم ثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم إسلامي وخمسة وعشرون وسبعًا دينار وتسعة بالذي زنته درهم وهو على التحديد، والمثقال ثنتان وسبعون حبَّة

س75: تكلم عن حكم معشوش الذهب؟ وهل يجزي إخراج الزكاة من المغشوش؟ وماذا يعمل إذا شك في بلوغ مغشوش نصابا؟ وإذا أخرج رديء عن أعلى فما الحكم؟ وهل يجزي إخراج مغشوش عن خالص وقليل القيمة عن كثيرها؟

شعير متوسطة. والنصاب بالذهب بالجنيه السعودي، وكذلك بالجنيه الفرنجي أحد عشر جنيهًا ونصف جنيه، وأقل نصاب فضة مائتا درهم وبالريال العربي ستة وخمسون ريالاً تقريبًا، وبالريال الفرنسي ثلاثة وعشرون ريالاً تقريبًا؛ لما في «الصحيحين» من حديث أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة» ، والأوقية: أربعون درهمًا وهي بالمثاقيل مائة وأربعون مثقالاً؛ وأما الأوراق الموجودة؛ فإذا ملك منها ما يقايل نصابًا من الفضة وحال عليها الحول؛ فإنه يخرج منها ربع العشر ويجب في الذهب والفضة ربع العشر مضروبين أو غير مضروبين؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كانتا مائتا درهم فيهما خمسة دراهم» ؛ ولعموم ما تقدم وعن ابن عمر وعائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأخذ من كل عشرين مثقالاً نصف مثقال. رواه ابن ماجه. س75: تكلم عن حكم معشوش الذهب؟ وهل يجزي إخراج الزكاة من المغشوش؟ وماذا يعمل إذا شك في بلوغ مغشوش نصابًا؟ وإذا أخرج رديء عن أعلى فما الحكم؟ وهل يجزي إخراج مغشوش عن خالص وقليل القيمة عن كثيرها؟ ج: يزكي مغشوش ذهب وفضة بلغ خالصه نصابًا وإلا فلا؛ فإن شك في بلوغ مغشوش نصابًا سَبَكه واحتاط فأخرج ما يجزيه بيقين لتبرأ ذمته والأفضل إخراجه عنه ما لا غش فيه، ويزكي غش من نقد بلغ بضم نصابًا فأربع مائة ذهب فيها مائة فضة وعنده مائة فضة يزكي المائة الغش؛ لأنا بلغت نصابًا بضمها إلى المائة الأخرى، وكذا لو بلغ نصابًا بدون الضم كخمسمائة درهم فيها ذهب ثلاثمائة وفضة مائتان فيزكي المائتين الغش؛ لأنها نصاب بنفسها، وإن شك من أيهما الثلاثمائة درهم احتاط فجعلها ذهبًا فيخرج زكاة ثلاثمائة درهم ذهبًا ومائتي درهم فضة احتياطًا، ويعرف غش الذهب المغشوش بوضع ذهب خالص وزنَ المغشوش بماء في إناء أسِفله كأعلاه، ثم يرفع الذهب، ثم يوضع فضة خالصة وزن

س76: هل يضم أحد النقدين إلى الآخر في تكميل النصاب؟ وما حكم ضم قيمة العروض إلى الذهب والفضة؟ وما حكم ضم جيد كل جنس ومضروبه إلى دريئه وتبره؟

المغشوش والفضة أضخم من الذهب ثم ترفع، ثم توضع مغشوش، ثم يرفع ويعلم عند وضع كل من ذهب وفضة ومغشوش علو الماء في الإناء والأولى كونه ضيقًا ليظهر ذلك؛ فإن تنصف بينهما علامة مغشوش فنصفه ذهب ونصفه فضة ومع زيادة أو نقص عن ذلك بحسابه ويخرج عن جيد صحيح من ذهب أو فضة من نوعه كالماشية لوجوب الزكاة في عينه ويخرج عن رديء من ذهب وفضة من نوعه؛ لأن الزكاة مواساة فلا يلزمه إخراج أعلى مما وجبت فيه، وإن اختلفت أنواع مزكي أخرج من كل نوع بحصته؛ لأنه الواجب شق أو لم يشق والأفضل الإخراج من الأعلى؛ لأنه زيادة خير للفقراء ويجزي إخراج رديء عن أعلى مع الفضل كدينار ونصف من الرديء عن دينار جيد مع تساوي القيمة؛ لأن الرِّبَا لا يجري بين العبد وربه كما لا يجزي بين العبد وسيده، ويجزي إخراج مغشوش عن خالص جيد مع الفضل وتجزي دراهم سود عن دراهم بيض مع الفضل نصًا؛ لأنه أدى الواجب قيمة وقدرًا كما لو أخرج من عينه ويجزي قليل القيمة عن كثيرها مع إنفاق الوزن لتعلق الوجوب بالنوع وقد أخرج منه ولا يجزي أعلى عن واجب بالقيمة دون الوزن، فلو وجب نصف دينار رديء فأخرج عنه ثلث جيد يساويه قيمة لم يجزه لمخالفة النص فيخرج أيضًا سدسًا. س76: هل يضم أحد النقدين إلى الآخر في تكميل النصاب؟ وما حكم ضم قيمة العروض إلى الذهب والفضة؟ وما حكم ضم جيد كل جنس ومضروبه إلى دريئه وتبره؟ ج: يضم أحد النقدين إلى الآخر بالأجزاء في تكميل النصاب؛ لأن زكاتهما ومقاصدهما متفقة؛ ولأن أحدهما يضم إلى ما يضم إليه الآخر فضم إلى الآخر كأنواع الجنس ويخرج أحد النقدين عن الآخر فيخرج ذهب عن فضة وعكسه بالقيمة لاشتراكهما في المقصود من الثمنية والتوسل إلى المقاصد فهو كإخراج مكسرة عن صحاح بخلاف سائر الأجناس لاختلاف مقاصدهما؛

فصل في زكاة الحلي

ولأنه أرفق بالمعطي والآخذ ولئلا يحتاج إلى التشقيص والمشاركة أو بيع أحدهما نصيبه من الآخر في زكاة ما دون أو بعين دينارًا وإن اختار الدفع من الجنس وأباه فقير لضرر يلحقه في أخذه لم يلزم مالكًا إجابته؛ لأنه أدى فرضه فلم يكلف سواه ويضم جيد كل جنس ومضروبه إلى رديته وتبره وتضم قيمة عروض تجارة إلى الذهب أو الفضة وتضم إلى جميعه، فلو كان ذهب وفضة وعروض ضم الجميع في تكميل النصاب؛ لأن العروض مضموم إلى كل منهما فوجب ضمهما إليه. والله أعلم. 11- فصل في زكاة الحلي س77: تكلم بوضوح عن حكم زكاة الحلي، وأذكر ما فيه من خلاف ودليل أو تعليل بإستقصاء؟ ج: تجب الزكاة في حلي الذهب والفضة، إذا بلغ نصابًا بنفسه أو بما يضم إليه من جنسه أو في حكمه، ولم يكن معدًا للاستعمال ولا للإعارة؛ فإن كان معدلهما أو لأحدهما فلا زكاة فيه؛ لما روى مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يحلي بناته وجَواريه الذهب ولا يخرج من حليهن الزكاة، ورواه عبد الرزاق، أنبأنا عبد الله، عن نافع: أن ابن عمر قال: «لا زكاة في الحلي» ، وروى مالك أيضًا عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنها - كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها فلا تخرج من حليهن الزكاة كلاهما في «الموطأ» (أثر أخرجه) الدارقطني عن شريك عن علي بن سليمان قال: سألت أنس بن مالك عن الحلي، فقال: ليس فيه زكاة أثر آخر، رواه الشافعي، ثم البيهقي من جهة أبي سفيان عن عمرو بن دينار قال: سمعت ابن خالد يسأل جابر بن عبد الله عن الحلي: أفيه الزكاة؟ قال جابر: لا، فقال: وإن كان يبلغ ألف دينار، فقال جابر: كثير. (أثر آخر) أخرجه الدارقطني عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن

أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تحلي بناتها الذهب ولا تزكيه نحوًا من خمسين ألفًا، قال صاحب «التنقيح» : قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، يقول: «خمسة من الصحابة كانوا لا يرون في الحلي زكاة: أنس بن مالك، وجابرًا، وابن عمر، وعائشة، وأسماء» انتهى كلامه. قال في «شرح الإقناع» وما روى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لامرأة في يدها سواران من ذهب: «هل تعطين زكاة هذا» ، قالت: لا، قال: «أيسرك أن يسورك الله بسوارين من نار» رواه أبو داود، فهو ضعيف. قال أبو عبيد والترمذي: وما صح من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «في الرقة ربع العشر» ، فجوابه: إنها الدراهم المضروبة، قال أبو عبيد: لا يعلم هذا الاسم في الكلام المعقول عند العرب إلا على الدراهم المضروبة ذات السكة السائرة بين المسلمين وعلى تقدير الشمول يكون مخصصًا بما ذكرنا؛ ولأنه مرصد للاستعمال المباح فلم يجب فيه الزكاة كالعوامل وثياب القنية، قال المعلق على «شرح الإقناع» في (ص211) على حديث المسكتين: الحديث عند أبي داود وغيره أتت امرأة من أهل اليمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها: «أتعطين زكاة هذا» الحديث. قال أبو عبيد في «الأموال» (ص454) : هذا الحديث لا نعلمه يروى إلا من وجه واحد بإسناد، وقد تكلم به قديمًا وحديثًا؛ فإن يكن الأمر على ما روى وكان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - محفوظًا فقد يحتمل معناه أن يكون أراد بالزكاة العارية كما فسرته العلماء سعيد بن المسيب والشعبي والحسن وقتادة في قولهم: زكاته عاريته، ولو كانت الزكاة في الحلي فرضًا كفرض الرقة ما اقتصرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك على أن يقوله لامرأة يخصها به عند رؤيته الحلي عليها دون الناس، ولكان هذا كسائر الصدقات الشائعة المنتشرة عنه في العالم من كتبه وسننه ولفعلته الأئمة بعد، وبهذا القول قال القاسم والشعبي وقتادة ومحمد بن علي وعمرة ومالك والشافعي وأبو عبيد وإسحاق وأبو ثور. قال في «الاختيارات الفقهية» ونقل عن غير واحد من الصحابة أنه قال: زكاة الحلي عاريته؛ ولهذا تنازع أهل هذا القول هل يلزمها أن تعيره لمن يستعيره إذا لم يكن في ذلك ضرر عليها على

وجهين في مذهب أحمد وغيره والذي ينبغي إذا لم تخرج الزكاة عنه أن تعيره؛ وأما إن كانت تكريه ففيه الزكاة عند جمهور العلماء، وفي «شرح أصول الأحكام» قال ابن القيم: وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين وهو الراجح وإنه لا يخلو من زكاة أو عاريَّة. والقول الثاني: أن فيه الزكاة وإن كان معدًا للاستعمال أو للإعارة لظاهر الآيات وللأحاديث العامة والخاصة فمن الأحاديث العامة حديث أبي سعيد الخدري: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة» أخرجاه في «الصحيحين» ، ولمسلم عن جابر نحوه، ومنها ما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها: «أتعطين زكاة هذا» قالت: لا، قال: «أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار» ، قال: فحذفتهما فألقتهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: هما لله ولرسوله» رواه أحمد وأبو داود والترمذي والدارقطني. وما ورد عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: «دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى في يدي فتَحات من ورق، فقال: «ما هذا يا عائشة؟» فقالت: صنعتهن أتزين لك، قال: «حسبك من النار» » رواه أبو داود والدارقطني، وفي إسناده محمد بن يحيى الغافقي، وقد احتج به الشيخان وغيرهما. وعن أم سلمة قالت: «كنت ألبس أوضاحًا من ذهب، فقلت: يا رسول الله، أكنز هو، فقال: «ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكي فليس بكنز» » رواه مالك وأبو داود الآثار. روى ابن أبي شيبة في «مصنفه» حدثنا وكيع عن مساور الورّاق قال: «كتب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن مُرْ من قبلك من نساء المسلمين أنْ يُزَكِّينَ حُليهُنَّ ولا يحملن الزيادة والهدية بينهم تقارضًا» قال البخاري في «تاريخه» : هو مرسل أثر آخر أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» عن ابن مسعود قال: «في الحلي الزكاة» انتهى من طريق عبد الرزاق، رواه الطبراني في «معجمه» ، أثر آخر أخرجه الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه كان

س78: تكلم عما يلي واذكر أمثلة توضح ما يحتاج إلى توضيح: الحلي، المحرم ما أعد للكراء، وما أعد للنفقة، هل العبرة بالوزن؟ وبأي شيء يقوم مباح الصناعة: تحلية المسجد والمحراب، تحلية السقف والحائط؟

يكتب إلى خازنه سالمًا أن يخرج زكاة حلي بناته كل سنة، وكما روي هذا عن عمر وابن مسعود، فقد روي أيضًا عن ابن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وعطاء ومجاهد وعبد الله بن شداد وجابر ابن زيد وابن سيرين وميمون بن مهران والزهري والثوري وأصحاب الرأي لعموم ما تقدم. والذي يترجح عندي القول الأول لما تقدم؛ ولأنه مرصد للاستعمال المباح ولم يرصد للنماء، والزكاة إنما شرعت في الأموال النامية. والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وسلم. س78: تكلم عما يلي واذكر أمثلة توضح ما يحتاج إلى توضيح: الحلي، المحرم ما أعد للكراء، وما أعد للنفقة، هل العبرة بالوزن؟ وبأي شيء يقوم مباح الصناعة: تحلية المسجد والمحراب، تحلية السقف والحائط؟ ج: تجب الزكاة في محرم كآنية ذهب وفضة؛ لأن الصناعة المحرمة كالعدم، وتجب الزكاة في حلي مباح معد للكري أو نفقة ونحوه إذا بلغ نصابًا وزنًا؛ لأن سقوط الزكاة فيما أعد لاستعمال أو إعارة لصرفه عن جهة النماء فيبقى ما عداه على الأصل إلا المباح من الحلي المعد للتجارة ولو نقد فيعتبر نصابه قيمة كسائر أموال التجارة ويقوِّم مباح صناعة لتجارة ولو نقدًا بنقد آخر؛ فإن كان من ذهب قوِّم بفضة وإن كان من فضة قومِّم بذهب إن كان تقويمه بنقد آخر أحظ للفقراء أو نقص عن نصابه كخواتم فضة لتجارة زنتها مائة وتسعون درهمًا وقيمتها عشرون مثقالاً ذهبًا فيزكيها بربع عشر قيمتها؛ فإن كانت مائتي درهم، وقيمتها تسعة عشر مثقالاً وجب أن لا تقوم وأخرج ربع عشرها، ويعتبر مباح صناعة من حلي تجب زكاته الغير تجارة بلغ نصابًا أو وزنًا في إخراج زكاته بقيمته اعتبارًا للصنعة ويحرم أن يحلى مسجد أو محراب بنقد أو أن يموه سقف أو حائط بنقد، وكذا سرج ولجام دواة ومقلمة ونحوها؛ لأنه سرف ويقضي إلى الخيلاء وكسر قلوب الفقراء، فهو كالآنية. وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن

س79: ما الذي يباح من الذهب والفضة وما الذي يباح للنساء؟ وهل يجب في الجواهر واللؤلؤ زكاة؟

التختم بخاتم الذهب للرجل فتمويه نحو السقف أولى وتجب إزالته كسائر المنكرات وتجب زكاته إذا بلغ نصابًا بنفسه أو ضم إلى غيره إلا إذا استهلك فلم يجتمع منه شيئًا فيهما. س79: ما الذي يباح من الذهب والفضة وما الذي يباح للنساء؟ وهل يجب في الجواهر واللؤلؤ زكاة؟ ج: يباح لذكر من فضة خاتم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتمًا من ورق متفق عليه ولبسه بخنصر يساره أفضل. قال الدارقطني وغيره المحفوظ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتختم في يساره، وضعّف أحمد في رواية الأثرم وغيره حديث التختم، باليمنى ويجعل فصه مما يلي كفه؛ لأنه –عليه الصلاة والسلام- كان يفعل ذلك قاله في الفروع، وكان ابن عباس وغيره يجعله مما يلي ظهر كفه ولا بأس بجعله مثقالاً فأكثر؛ لأنه لم يرد فيه تحديد ما لم يخرج عن العادة؛ لأن الأصل التحريم خرج المعتاد لفعله - صلى الله عليه وسلم - وفعل الصحابة وله جع لفصه منه ومن غيره؛ لأن في البخاري من حديث أنس كان فصه منه، ولمسلم كان فصه حبشيًّا ويكره لبسه في سبابة ووسطى للنهي الصحيح ويباحُ لذكر من فضة قبيعة سيف لقول أنس كانت قبيعة سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضة، رواه الأثرم. والقبيعة: ما يجعل على طرف القبضة؛ ولأنها معتاد له أشبهت الخاتم ويباح حلية منطقة وهي ما يشتد به الوسط وتسميه العادة الحياصة؛ لأن الصحابة أتخذوا المناطق محلاة بالفضة ولأنها كالخاتم وعلى قياسه حلية جوشن وهو الدرع وخوذة وهي البيضة وخف وران وهي شيء يلبس تحت الخف وحمائل سيف؛ لأن هذه معتادة للرجُل فهي كالخاتم ولا يباح حلية ركاب ولجام ردواة ونحو ذلك ويباح لذكر من ذهب قبيعة سَيْف، قال أحمد: «كان في سيف عمر سبائك من ذهب، وكان في سيف عثمان بن حنيف - رضي الله عنه - مسمار من ذهب» ، ويباح له من ذهب ما دعت إليه ضرورة كانت

ولو مكن من فضة؛ لأن عَرْفجة بن سعيد قطع أنفه يوم الكلاب، فاتخذ أنفًا من فضة فأنتن عليه فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - فاتخذ أنفًا من ذهب، رواه أبو داود وغيره صححه الحاكم. وكشدّ سن، رواه الأثرم عن أبي رافع وثابت البناني وغيرهما؛ ولأنهما ضرورة فأبيح كالأنف ويباح للنساء من الذهب والفضة ما جرت عادتهن بلبسه، ولو كثر ولو زاد على ألف مثقال كسوار ودملوج وطوق وخلخال وخاتم وقرط وما في مخانقِ ومقالدٍ وما أشبه ذلك ويباح لرجل وخنثى وامرأة تحلِّ بجوهر ونحوه كزمرد وياقوت ويحرم نقض صورة حيوان على خاتم ولبسه ما بقيت عليه ولا زكاة في الجواهر واللؤلؤ وإن كثرت قيمته أو كان في حلي كسائر العروض إلا أن يكون الحلي لتجارة فيقوّم جميعه أي ما فيه من جوهر ولؤلؤ وغيرهما تبعًا لما فيه من نقد. والله أعلم. ومما يتعلق بزكاة الذهب والفضة والحلي وللذهب العشرون مثقالاً لا اتخد ... نصابًا وربع العشر فرضٌ لها طدِ وفي فضة صرفًا فخذ ربع عشرها ... على مائتيها المنصب الخمسة أعددِ ونقص يسير عادة غير مانع ... وفي ثلث مثقال مقاليْنِ أسندِ وفي زائد عن منصب بحاسبه ... فأدّ زكاة الأصل والمتزيدِ ولا عبرة في الغش في قدر منصب ... ومن شك يخرج أوالي السبك أرشدِ وأن يخرجن عن جيد وصحيحها ... لضد فتمم نقص ذا بالتزيدِ ويجزي مع الجبران في نص أحمد ... وقد قيل لا يجزي هنا غير جيدِ وفي ضم ورقِ في النصاب وعسجد ... وإخراج ذا عن ذا مَقالين أسند وضَمكَ بالأجزاءِ أولى وقيل بل ... بقيمة ما فيْه الأحض لمجُتَدِ وقيمة عرض ضمها لِكليهما ... وحظ الفقير الزْمهُ في الضم واقصدِ

باب زكاة العروض

ما يتعلق بالحلي ولا شيء في حلي مباح تعدة ... لفعل مباح لا لكسب بأوكد ولو كان ملكًا للمزين عرسه ... وعارية الأنثى كذا حكم نهد وما أعتادهُ النسوان حل جميعه ... وقيل ألف مثقال يزكي وأبعد وحل على الذكران خاتم فضة ... وحلية سيف مع قبيعة عسجد وأنف وربط السن منه ضرورة ... وقول أبي بكر مبيح المزهد وحلي حرام والأواني فزكها ... وما اعتد للإنفاق أو للتزيد 12- باب زكاة العروض س80: ما هو العرض؟ ومتى تجب زكاته؟ وما سندها؟ وما الذي تجب فيه زكاته؟ وما الذي يشترط لزكاة العروض؟ ج: العروض جمع عرض بإسكان الراء وهو ما عدا الأثمان من الحيوان والثياب وبفتحها كثرة المال والمتاع، وسمي عرضًا؛ لأنه يعرض ليباع ثم يشترى، وقيل: لأنه يعرض ثم يزول ويفنى، والمراد هنا ما أعد للبيع والشراء لأجل ربح غير النقدين غالبًا، تجب في عروض التجارة إذا بلغت قيمتها نصابًا في قول الجماهير وادعاه ابن المنذر إجماع أهل العلم، وقال المجد: هو إجماع متقدم لقوله تعالى: {فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ} ، وقوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} الآية، وقال شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى» (25/45) : والأئمة الأربعة وسائر الأمة إلا من شذ متفقون على وجوبها في عروض التجارة سواء كان التاجر مقيمًا أو مسافرًا سواء كان متربصًا وهو الذي يشتري التجارة وقت رخصها ويدخر ما إلى وقت ارتفاع السعر أو مديرًا كالتجار الذين في الحوانيت سواء كانت التجارة بزًا من جديد أو لبيس أو طعامًا من قوت أو فاكهة أو أدم أو غير ذلك أو كانت آنية كالفخار ونحوه أو حيوانًا من رقيق أو خيل أو بغال أو حمير أو غنم معلوفة أو غير ذلك، فالتجارات هي أغلب

س81: تكلم بوضوح عما يلي: إذا ملك العروض بإرث أو بفعله بغير نية التجارة؟ من كان عنده عرض لتجارة فنواه للقنية ثم لتجارة، متى تقوم العروض؟ , وما صفة تقويم الأمة المغنية والعبد الخصي وآنية الذهب والفضة ونحوها؟

أموال أهل الأمصار الباطنة كما أن الحيوانات الماشية هي أغلب الأموال الظاهرة ومال التجارة أعم الأموال فكان أولى بالدخول لحديث أبي ذر مرفوعًا: «وفي البر صدقة» رواه أحمد، ورواه الحاكم من طريقين وصحح إسنادهما، وقال: إنه على شرط الشيخين واحتج أحمد بقول عمر لحماس -بكسر الحاء المهملة: «أد زكاة مالك» ، فقال: مالي إلا جعاب وأدم، فقال: قومها وأد زكاتها، رواه أحمد وسعيد وأبو عبيد وأبو بكر ابن أبي شيبة وغيرهم وهو مشهور؛ لما ورد عن سَمُرةَ بن جندب قال: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع» رواه أبو داود. وتجب لزكاة في قيمة عروض تجارة بلغت نصابًا من أحد النقدين إلا في نفس العرض؛ لأن النصاب معتبر بالقيمة فهو محل الوجوب والقيمة إن لم توجد عينًا فهي مقدرة شرعًا، وقال الشيخ تقي الدين: ويجوز الأخذ من عينها، قال: ويقوى على قول من يوجب الزكاة في عين المال، وهذا القول عندي أنه أرجح؛ لأن الزكاة مواساة فلا يكلفها من غير ماله، ويشترط لزكاة العروض شرطان: الأول: أن يملكها بفعله بنية التجارة. الثاني: أن تبلغ قيمتها نصابًا. س81: تكلم بوضوح عما يلي: إذا ملك العروض بإرث أو بفعله بغير نية التجارة؟ من كان عنده عرض لتجارة فنواه للقنية ثم لتجارة، متى تقوم العروض؟ , وما صفة تقويم الأمة المغنية والعبد الخصي وآنية الذهب والفضة ونحوها؟ ج: إذا ملكها بفعله بغير نية التجارة ثم نوى التجارة بها لم تصر لها، وكذا لو ملكها بإرث لم تصر لها إلا أن يكون اشتراها بعرض تجارة فلا يحتاج إلى نية التجارة، بل يكفيه استصحاب حُكمها بأن لا ينويها للقنية وإن كان عنده عرض تجارة فنواه للقنية دون التجارة ثم نواه للتجارة لم يصر للتجارة؛ لأن القنية هي الأصل فيكفي في الرد إليه مجرد النية كما لو نوى المسافر الإقامة؛ ولأن نية التجارة شرط للوجوب فيها؛ فإذا نوى القنية زالت نية التجارة

س82: تكلم عن أحكام ما يلي: إذا اشترى أو باع عرضا للتجارة بنصاب من الأثمان أو من العروض، إذا اشترى عرض التجارة بنصاب من السائمة أو باع عرض التجارة بنصاب من السائمة، إذا اشترى نصاب سائمة لتجارة بنصاب سائمة لقنية، إذا ملك نصاب سائمة لتجارة فحال الحول والسوم ونية التجارة موجدان؟

ففات شروط الوجوب بخلاف السائمة إذا نوى علفها؛ فإن الشرط السوم دون النية إلا حُليِّ اللبس ذا نوى به التجارة فيصير لها بمجرد النية؛ لأن التجارة الأصل فيه، فإذا نواه للتجارة فقد رده إلى الأصل وتقوم للعروض عند تمام الحول؛ لأنه وقت الوجوب بالأحظ للفقراء من ذهب أو فضة ولا يعتبرها ما اشتريت به من عين أو ورق لا قدرًا ولا جنسًا، روي عن عمر؛ لأن في تقويمها بما اشتريت به أبطال للتقويم بالأنفع، وتقوّم الأمة المغنية والزامرة والضاربة بآلة لهو ساذجة أي خالية عن معرفة ذلك؛ لأنها لا قيمة لها شرعًا ويقوم العبد الخصي بصفته ولا عبرة بقيمة آنية ذهب وفضة ونحوها كمراكب وسرج لتحريمها فيعتبر نصابها وزنًا. س82: تكلم عن أحكام ما يلي: إذا اشترى أو باع عرضًا للتجارة بنصاب من الأثمان أو من العروض، إذا اشترى عرض التجارة بنصاب من السائمة أو باع عرض التجارة بنصاب من السائمة، إذا اشترى نصاب سائمة لتجارة بنصاب سائمة لقنية، إذا ملك نصاب سائمة لتجارة فحال الحول والسوم ونية التجارة موجدان؟ ج: إذا اشترى أو باع عرضًا للتجارة بنصاب من الأثمان أو من العروض بنى على حوله أي حول الأول وفاقًا؛ لأن الزكاة في الموضعين تتعلق بالقيمة وهي الأثمان، والأثمان يبنى حول بعضها على بعض؛ ولأن وضع التجارة للتقلب والاستبدال بثمن وعروض فلو لم يبن بطلت زكاة التجارة وإن لم يكن النقد نصابًا فحوله من حين كملت نِصابًا لا من حين اشتراه وإن اشترى عرض التجارة بنصاب من السائمة لم يبن على حوله لاختلافهما في النصاب والواجب وإن اشترى نِصاب سائمة لتجارة بنصاب سائمة لقنية بنى حَولِه؛ لأن السموم سبب للزكاة قدم عليه زكاة التجارة؛ لقوته فبزوال المعارض ثبت حكم السوم لظهوره.

س83: من ملك نصاب سائمة لتجارة أو ملك أرضا لتجارة فزرعت أو ملك نخلا لتجارة فأثمر فهل عليه زكاة تجارة أو يزكي لغيرها؟ إذا اشترى صباغ ما يصبغ به للتكسب فهل يزكيه؟ إذا ملك نصاب سائمة لتجارة نصف حول ثم قطع نية التجارة فما الحكم؟ وهل تزكي آنية عرض التجارة أو آلة دابة التجارة وضح ذلك، مع التمثيل لما يحتاج إلى تمثيل؟

س83: من ملك نصاب سائمة لتجارة أو ملك أرضًا لتجارة فزرعت أو ملك نخلاً لتجارة فأثمر فهل عليه زكاة تجارة أو يزكي لغيرها؟ إذا اشترى صباغ ما يصبغ به للتكسب فهل يزكيه؟ إذا ملك نصاب سائمة لتجارة نصف حول ثم قطع نية التجارة فما الحكم؟ وهل تزكي آنية عرض التجارة أو آلة دابة التجارة وضح ذلك، مع التمثيل لما يحتاج إلى تمثيل؟ ج: من ملك نصاب سائمة لتجارة أو ملك أرضًا لتجارة فزرعت أو ملك نخلاً فأثمر فعليه زكاة تجارة فقط الزرع والثمر جزر خرجًا منه فوجب أن يقوما مع الأصل كالسخال والربح المتجدد إلا أن لا تبلغ قيمة المذكور نصابًا بأن نقصت عن عشرين مثقالاً ذهبًا وعن مائتي درهم فضة فيزكي ذلك لغير التجارة فيخرج من السائمة زكاتها، ومن الزرع والثمر ما وجب فيه لئلا تسقط الزكاة بالكلية ومن ملك نصاب سائمة لتجارة نصف حول ثم قطع نية للتجارة استأنف الحول للسوم؛ لأن حول التجارة انقطع بنية الاقتناء وحول السوم لا يُبنى عليه غيره وأما آنية عرض التجارة كغرائر وأكياس وأجربة وآلة دابة التجارة كسرج ولجام وبردعة ومقود؛ فإن أريد بيعها مع العرض والدابة فهما مال تجارة يقوّمان مع العرض والدابة وإلا يريد بيعها فلا يقوّمان كسائر عروض القنية. س84: إذا اشترى شقصًا مشفوعًا لتجارة بألف فصار عند تمام الحول بألفين فما الحكم؟ وإذا اشترى صباغ ما يصبغ به أو دباغ ما يدبغ به فما الحكم؟ وإذا أذن كل واحد من شريكين أو غيرهما لصاحبه في إخراج زكاته فما الحكم؟ ج: في المسألة الأولى يزكي ألفين؛ لأنهما قيمته ويأخذه الشفيع بالشفعة بألف؛ لأنه يأخذه بما عقد عليه وينعكس الحكم بعكسهما؛ فإذا اشترى بألفين فصار عند الحول بألف زكي ألفًا وأخذة الشفيع إن شاء بألفين وكذا لو ردّ

لعيبه ردّهُ بألفين، وإن اشترى صباغ ما يصبغ به وينفي أثره كزعفران ونيل ونحوه فهو عرض تجارة يقوّم عند تمام حوله لإعتياضه عن الصبغ القائم بنحو الثوب ففيه معنى التجارة وكذا ما يشتريه دباغ ويَدبَغُ به كعفص وقرض وما يدهن به كسمن وملح، وإذا أذن كل من شريكين أو غيرهما لصاحبه في إخراج زكاته ضمن كل واحد منهما نصيب صاحبه إن أخرجا معا أو جهل سابق وإلا ضمن الثاني ولو لم يعلم لا إن أدى دينًا بعْدَ إداء مُوكَّلهِ ولو لم يعلم ولهن عليه زكاةُ الدقة تطوعًا قبل إخراجها. مما يتعلق بزكاة عروض التجارة ومن قيمة العروض اقبضن فرض بالغ ... نصابًا من الأثمان من ثم فاعقد وقيمتها أصل تفارقه إذا ... تملكتها تنوي إتجارًا بها قد ولا شيء فيها إن بإرث ملكتها ... أو الفعل لم تنويها تجر قصد ولا إن نوى بعد اقتناء تجارة ... وعنه بلى فاحكم بقصد مجرد ولا تعتبر حال الشراء وقوِّمن ... لدى الحول بالأولى لأهل التفقد وتبني على حول الأصول مبدلاً ... وسائمة إن بعت بالفرض فابتدى وسائمة عرضا تزكي تجارة ... وأي نصابيها استوى عنه زود وقبل زكاة زكها من نصابها ... وقيل الأحظ افعله للفقراء قد وإن ما تكن أرضًا ونخلاً فزكها ... وأثمارها والزرع كالعرض ترشد وقال أبو يعلى خذ العشر للنما ... كسبقهما حول التجارة وراشد ويخرج عن مال القراض وحظه ... من الريح رب المال من حظه قد وقيل من الربح احسبن كمضارب ... إذا قيل زكى جاز منه بمبعد وكل شريك ضامن حق آذن ... إذا أخرجاها دفعة بتعدد ويضمن ثان حتى أول مخرج ... ولو جاهلاً أو بعد عزل بأجود

باب زكاة الفطر

13- باب زكاة الفطر س85: ما حكم صدقة الفطر؟ وما الأصل في مشروعيتها؟ ولما أضيفت إلى الفطر؟ وما هي الفطرة؟ وما الذي يُراد بصدقة الفطر؟ وما الحكمة فيها؟ ج: حكمها أنها واجبة وجوب عين على كل مسلم تلزم مؤنة نفسه ولو مكاتبًا فضل له عن قوته ومن تلزمه مؤنته يوم العيد وليلته صاع وأضيفت إلى الفطر؛ لأنه سبب وجوبها فهو من إضافة الشيء إلى سببه، وقيل: لها فطرة؛ لأن الفطرة الخلقة؛ قال الله تعالى: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} وهذه يُراد بها الصدقة عن البدن والنفس والحكمة فيها هي المذكورة في حديث ابن عباس: «زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة المساكين» الحديث رواه أبو داود وابن ماجه، والأصل في مشروعيتها ما روى ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعًا من تمر وصاعًا من أقط أو صاعًا من شعير على كل حر وعبد وذكر وأنثى من المسلمين» متفق عليه. وللبخاري: «والصغير والكبير من المسلمين» . وقال سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز في قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى} أنها زكاة الفطر. س86: بين مصرف صدقة الفطر؟ وهل الدين مانع من وجوبها؟ وهل تجب في مال اليتيم؟ ومن الذي يتولى أمره فيها؟ وما الدليل على أنها تلزم لمن مانه من المسلمين؟ ج: مصرفها كزكاة لعموم قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الآية وتجب في مال اليتيم كزكاة المال ويخرجها عنه وليه كما ينفق عليه وعلى من تلزمه مؤنته؛ وأما كونها تلزمه عمن يمونه من المسلمين كزوجة وعبد وولد فلعموم

س87: على من تجب فطرة زوجة المكاتب ورفيقه وقريبه ممن تلزمه مؤنته؟ وإذا لم يفضل مع من وجبت عليه زكاة الفطر إلا بعض صاع، فما الحكم؟

حديث ابن عمر: «أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقة الفطر عن الصغير والكبير والحر والعبد ممن تمونون» رواه الدارقطني، ولا يمنع الدين وجوبها إلا مع طلبه لتأكيدها بدليل وجوبها على الفقير وعلى كل مسلم قَدَرَ عليها وتحملها عمن وجَبَت عليه؛ ولأنها تجب على البدن والدين لا يؤثر فيه بخلاف زكاة المال إلا مع الطلب بالدين فتسقط لوجوب إرادته بالطلب وتأكده بكونه حق آدمي معين وبكونه أسبق سببًا ومقدارها صاعٌ فاضل بعد حاجتهما لمسكن وخادم ودابة وثياب مهنة وكسب علم النظر وحفظ؛ لأن هذه حوائج أصلية يحتاج إليها كالنفقة. س87: على من تجب فطرة زوجة المكاتب ورفيقه وقريبه ممن تلزمه مؤنته؟ وإذا لم يفضل مَعَ مَن وجَبت عليه زكاة الفطر إلا بعض صاع، فما الحكم؟ ج: تلزم المكاتب فطرة زوجته وفطرة قريبه ممن تلزمه مؤنته كولده التابع له في الكتابة وتلزمه فطرة رقيقه كفِطرَة نفسه لدخوله في عموم النص؛ ولأنه مسلم تلزمه نفقة من ذكر فلزمته فطرته كالحر وإن لم يفضل إلا بعض صاع لزمه إخراجه عن نفسه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» ولأنها طهرة فهي كالطهارة بالماء؛ فإن فضل صاع وبعض صاع أخرج الصاع عن نفسه؛ لحديث: «ابدأ بنفسك ثم بمن تعول» وأخرج البعض عمن تلزمه نفقته ويكمله المخرج عنه إن قدر؛ لأنه الأصيل والمخرج متحمل. س88: هل تلزمُ الزوج فطرة مَن بانت عنه وهي حَامل؟ وهل يلزمُ المستأجر لأجير وظئر بطعامها وكسوتهما فِطرةً؟ وتكلم عن فطرة من وجبت نفقته في بيت المال؟ وعن فطرة الزوجة الناشز؟ وممن لا تجب نفقتها لصغر أو زوجة أمة تسلمها زوجها ليلاً دون نهار؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل؟

س89: بين على من تجب فطرة من يلي: القن المشترك؟ من له أكثر من وارث؟ الملحق بأكثر من واد؟ إذا عجز بعض الملاك أو الوراث فماذا يلزم القادر؟ وهل لمن لزمت غيره فطرته الطلب بإخراجها؟ وهل له أن يخرجها بنفسه؟ إذا أخرج إنسان فطرة عمن لا تلزمه فطرته، فما حكم ذلك؟

ج: لا تلزم الفطرة الزوج لبائن حامل؛ لأن النفقة للحمل لا لها من أجل الحمل، ولا تلزم الفطرة من استأجرها أجيرًا أو ظئرًا بطعامه وكسوته كضيف؛ لأن الواجب هاهنا أجرة تعمدُ الشرط في العقد فلا يُزاد عليها، ولاتجب فطرة مَن وجَبت نفقته في بيت المال كعبد الغنيمةِ قبل القسمة وعبد الفيء واللقيط؛ لأن ذلك ليس بإنفاق وإنما هو إيصال المال في حقه، وترتيب الفطرة كالنفقة لتبعيتها لها ولا تجب فطرة غائب إن شك في حياته، ولا تبج فطرة زوجة ناشز أو زوجة لا تجب نفقتها لصغر ونحوه أو زوجة أمة تسلمها زوجها ليلاً دون نهار؛ لأنها زمن الوجوب في نوبة سيدها فتكون على سيدها. س89: بيِّن على من تجب فطرة مَن يلي: القن المشترك؟ مَن له أكثر مِن وارث؟ المُلحقُ بأكثر من واد؟ إذا عجز بعض الملاك أو الورَّاث فماذا يلزم القادر؟ وهل لمن لزمتْ غيرَه فطرتُهُ الطلب بإخراجها؟ وهل له أن يخرجها بنفسه؟ إذا أخرج إنسان فطرة عمن لا تلزمه فطرته، فما حكم ذلك؟ ج: فطرة القن المبعَّض والمشترك ين إثنين فأكثر وفطرة مَن له أكثر مِن وارث تقسط، وكذا ملحق بأكثر من واحد بأن ألحقته الفاقة بأبوين فأكثر تقسط فطرته بحسب نفقته؛ لأنها نابعة لها، ولأنها طهرة فكانت على ساداته أو وارثه الحصص، وقيل: إذا كان العبد بين شركاء فعلى كل واحد صاع؛ لأنها طهر فوجب تكميلها على كل واحد من الشركاء ككفارة القتل والقول الأول وهو المذهب وهو من المفردات، قال ناظم المفردات: والشركاء كلهم في عيد ... فيلزم الصّاع لكل فرد وقدم المقنع والمحرّر ... يلزمهم صاع ولا يُكرّر ومِثْله مَن ألحقته القافه ... بأبوين فاسمع اللطافه وهكذا جماعة تلزمهم ... نفقة لواحد يقربهم وهكذا مبعض الحرية ... فالكل بالإفتاه بالسوية

س90: إذا لم يجد لجميع من تلزمه فطرهم فما الحكم؟ وما حكمها عن الجنيز؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل؟

ومن عجز من الملاك أو الوراث لم يلزم القادر سوى قسطه ومن لزمت غيره فطرته كزوجة ولد معسر طلبه بإخراج الفطرة كالنفقة؛ لأنها تابعة لها وله أن يخرجها عن نفسه إن كان حرًا مكلفًا وتجزي عنه ولو أخرجها بلا إذن من تلزمه الفطرة؛ لأن من تلزمه متحمل لفطرة المخرج عنه والمخاطب بها ابتداء المخرج، ومن أخرج عمن لا تلزمه فطرته بإذنه أجزأ؛ لأن كالنائب عن وإلا فلا. س90: إذا لم يجد لجميع من تلزمه فطرهم فما الحكم؟ وما حكمها عن الجنيز؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل؟ ج: إن لم يجد لجميعهم بدأ بنفسه لحديث: «ابدأ بنفسك ثم بمن تعول» ؛ فإن وجد صاعًا ثانيًا فزوجته لوجوب نفقتها مع الإعسار والإيسار؛ لأنها على سبيل المعارضة؛ فإن وجد ثالثًا فلرقيقه لوجوب نفقته مع الإعسار بخلاف نفقة الأقارب، ثم إن وجد رابعًا فأمه؛ لقوه - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي حين قال: من أبر؟ قال: «أمك» قال: ثم من؟ قال: «أمك» ، قال: ثم من؟ قال: «أباك» ولضعفها عن التكسب، وتسن الفطرة عن الجنين لفعل عثمان، وعن أبي قلابة قال: كان يعجبهم أن يعطوا زكاة الفطر عن الصغير والكبير حتى عن الحمل في بطن أمه، رواه أبو بكر في «الشافي» ، ولا تجب عنه حكاه ابن المنذر إجماعًا من يحفظ عنه. س91: بيَّن متى يجب إخراج الفطرة؟ واذكر أمثلة توضَّح ذلك؟ ومتى وقت جواز إخراجها؟ وهل تسقط بعد وجوبها بموت أو غيره؟ ج: تجب بغروب شمس ليلة عيد الفطر؛ لقول ابن عباس: «فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو وطعمة للمساكين» رواه

س92: متى وقت أفضلية إخراج الفطرة؟ وما حكم إخراجها في باقي يوم العيد؟ وما حكم تأخيرها عن يوم العيد؟ وأين مكان إخراجها؟

أبو داود والحاكم، وقال على شرط البخاري: فأضاف الصدقة إلى الفطر، فكانت واجبة به؛ لأن الإضافة تقتضي الاختصاص وأول فطر يقع من جميع رمضان بمغيب الشمس من ليلة الفطر، فمن أسلم بعد الغروب أو تزوج امرأة بعده أو كان ولد له بعده أو ملك عبدًا بعده وكان معسرًا وقت الوجوب، ثم أيسر بعده فلا فطرة عليه لعدم وجود سبب الوجوب وإن وجد ذلك بأن أسلم وتزوج أو ولد له ولدًا أو ملك عبدًا أو أيسر قبل الغروب وجبت الفطرة لوجود السبب فالاعتبار بحالة الوجوب وإن مات قبل الغروب هو أو زوجته أو رقيقه أو قريبه ونحوه وأعسر أو أبان الزوجة أو أعتق العبد أو نحوه كما لو باعه أو وهبه لم تجب الفطرة ولا تسقط بعد وجوبها بموت ولا غيره لاستقرارها ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين. رواه البخاري. س92: متى وقت أفضلية إخراج الفطرة؟ وما حكم إخراجها في باقي يوم العيد؟ وما حكم تأخيرها عن يوم العيد؟ وأين مكان إخراجها؟ ج: والأفضل إخراج الفطرة يزن العيد قبل الصلاة؛ لأنه –عليه الصلاة والسلام- أمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة في حديث ابن عمر، وقال في حديث ابن عباس: «من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات» ، وقال جمع: الأفضل أن يخرجها إذا خرج إلى المصلى ويجوز إخراجها في باقي يوم العيد لحصول الإغناء المأمور به مع الكراهة لمخالفته الأمر بالإخراج قبل الخروج إلى المصلى، ويأثم مؤخرها عن يوم العيد لجوازها فيه كله؛ لحديث: «اغنوهم في هذا اليوم» ، وهو عام في جميعه، وكان –عليه الصلاة والسلام- يقسمها بين مستحقيها بعد الصلاة، فدل على الأمر بتقديمها على الصلاة للاستحباب، ويقضي من أخرها عن يوم العيد فتكون قضاء، ومن وجبت عليه فطرة غيره كزوجة وعبد وقريب أخرجها مع فطرته كان نفسه؛ لأنها طهرة له من النظم.

ومن «مختصره» مما يتعلق بصدقة الفطر: وأوجب زكاة الفطر عن كل مسلم ... كبير وحُرٍّ بَل وعَبدٍ وفَوْهَدِ عَلى مضن لَهُ فَضْلٌ على قوتِ عبدهِ ... وليلته مَعَ مَنْ يَعول ليورد ولا تسقطن بالدين في أظهرٍ وإن ... يطالب به فاقض الفتَى الضيِّقَ اليدِ بنفسك فابدأ ثم زوجِ فأعبدِ ... فأولى فأولى عِند إنفَاقِ مُجْتَدِ إذا لم تجد للكل والعبد إن يكن ... فجمع فبين الجمع صاع به جدِ وَينْدبُ عن حمل وأسقط لناشز ... ومَنْ لم يَجِب إنفاقُهَا مِثلهَا اعددِ ويجزئ إخراج الفتى فرض نفسه ... بلا إذن ملزومٍ بها في المجوَّد بإدراك جزءٍ آخر الشهر أوجبن ... وعنه به مِنْ قبل فجر المُعَيَّدِ ولا تلزمِنْ مَنْ بَعْدَ ذَا صَارَ أهلها ... وَوَقتُ خِيَارِ مَن حَكَمتَ له افصُدِ وقَبْلَ صَلاة العِيدِ أولى ببذلها ... وسَبْقًا بيومين افهمنَّ وأجود وإخراجُها في سائر اليوم جائز ... وتأخيرُها عنه احظرن واقض ترشد

س93: بين مقدار الصاع النبوي بالحفنات؟ وما حكم إخراج الدقيق فطرة؟ وإخراج نصف صاع من البر؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟

س93: بَيَّن مقدار الصاع النبوي بالحفَنَات؟ وما حكم إخراج الدقيق فطرة؟ وإخراج نصف صاع من البر؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟ ج: الصاع النبوي أربع حفنات بكفي رجل معتدل القامة، وبه قال مالك والشافعي وإسحاق؛ لما روى أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: «كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صاعًا من طعام أو صاعًا من شعير أو صاعًا من تمر أو صاعًا من زبيب أو صاعًا من أقط» متفق عليه، وصريحه إجزاء الدقيق وهو الطحين والسويق وهو قمح أو شعير يلقى ثم يطحن نص عليه، واحتج بزيادة انفرد بها ابن عُيينة من حديث أبي سعيد أو صاعًا من دقيق، قيل لابن عيينة: إن أحدًا لا يذكر فيه، قال: بل هو فيه، رواه الدارقطني. قال المجد: بل هو أولى؛ لأنه كفى مؤنته وروي عن أبي سعيد وأبي الحسن وأبي العالية، وروى عن ابن الزبير ومعاوية أنه يجزي نصف صاع من البر، وهو مذهب سعيد بن المسيب وعطاء وطاووس ومجاهد وعمر بن عبد العزيز وعروة بن الزبير وابن سلمة وسعيد بن جبير وأصحاب الرأي واحتجوا بما روي عن النبي أنه قال: «صاع من بر أو قمح على كل إثنين» رواه أبو داود، وهذا اختيار الشيخ تقي الدين بن تيمية –رحمه الله-. والقول الثاني: ما عليه الأكثر أن الواجب صاع من البر كغيره، قال النووي: ظاهر الحديث والقياس على اشتراط الصاع من الحنطة كغيره، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس وهو الأحوط. والله أعلم. س94: هل يجزي المجموع من الأصناف الخمسة؟ وما الذي لا يجزي إخراجه في الفطرة؟ وما هو الأفضل من الأصناف الخمسة على الترتيب؟ ج: يجوز إخراج صاع مجموع من الخمسة المذكورة؛ لأن كل واحد منها يجوز

س95: ما حكم إخراج قيمة الفطرة؟ وما الأفضل أن لا ينقص عنه معطي، وما الذي يشترط في الدقيق عند إخراجه فطرة؟ وما الحكم في إعطاء الواحد ما يلزم الجماعة والعكس؟ وما حكم إخراج الفطرة من غير الأصناف الخمسة؟ وضح ذلك مع ذكر الخلاف.

منفردًا فكذا مع غيره لتقارب مقصودها واتحاده ويحتاط في الثقيل فيزيد في الوزن شيئًا يعلم أنه قد بلغ صاعًا كيلا ليسقط الفرض بيقين ولا يجزي خبز لخروجه عن الكيل والادخار ولا يجزي معيب مما تقدم؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} والمعيب كمسوس؛ لأن السوس أكل جوفه، وكذا مبلول؛ لأن البلل ينفخه وقديم تغير طعمه لعيبه بتغير طعمه؛ فإن لم يتغير طعمه ولا ريحه أجزأ لعدم عيبه، والجديد أفضل والأفضل إخراج تمر لفعل ابن عمر، قال نافع: كان ابن عمر يعطي التمر إلا عامًا واحدًا أعوز التمر فأعطى الشعير، رواه أحمد والبخاري، وقال أبو مجلز: إن الله قد وسع، والبر أفضل، فقال: إن أصحابي سلكوا طريقًا فأنا أحب أن أسلكه. رواه أحمد واحتج به، وظاهره أن جماعة الصحابة كانوا يخرجوا التمر، ثم يلي التمر الزبيب؛ لأنه في معنى التمر لما فيه من القوت والحلاوة، فبر لأنه أنفع في الاقتيات، وأبلغ في دفع حاجة الفقير؛ ولأن القياس تقديمه على الكل؛ لكن ترك اقتداء بالصحابة في التمر وما شاركه في المعنى وهو الزبيب، فأنفع في اقتيات ودفع حاجة فقير، وإن استوت في نفع فشعير فدقيق بر، فدقيق شعير فسويقهما، ثم أقط. س95: ما حكم إخراج قيمة الفطرة؟ وما الأفضل أن لا ينقص عنه مُعطي، وما الذي يشترط في الدقيق عند إخراجه فطرة؟ وما الحكم في إعطاء الواحد ما يلزم الجماعة والعكس؟ وما حكم إخراج الفطرة من غير الأصناف الخمسة؟ وضح ذلك مع ذكر الخلاف. ج: ولا يجزي إخراج القيمة؛ لأن ذلك غير المنصوص عليه وتقدم بحث يتعلق بإخراج القيمة في زكاة الأموال (في جواب وسؤال 40) والأفضل أن لا ينقص معطي من فطرة عن مُد بُرّ أو نصف صاع من غيره ليغنيه عن السؤال في ذلك اليوم لكن يشترط في الدقيق أن يكون بوزن حب ويجوز إعطاء فقير واحد ما على جماعة من الفطر. قال الشيخ:

ولا يجوز دفعها إلا لمن يستحق الكفارة، وهم الآخذون لحاجة أنفسهم ويجوز دفعها إلى واحد كما عليه المسلمون قديمًا وحديثًا، وقال: إذا كان الفقراء مجتمعين في موضع، وأكلهم جميعًا في سماط واحد، وهم مشتركون فيما يأكلونه في الصوم، ويوم العيد لم يكن لأحدهم أن يعطي فطرته لواحد من هؤلاء. انتهى. ويجوز أن يعطي الجماعة من الفقراء ما يلزم الواحد من فطرة أو زكاة مال؛ وأما إخراج غير الأصناف المذكورة مع قدرته على تحصيلها، فقيل: لا يجزي، وقيل: يجزي كل مكيل مطعوم، واختاره الشيخ تقي الدين –رحمه الله تعالى-: يجري قوت بلده مثل الأرز ونحوه، وأنه قول أكثر العلماء، وأنه رواية عن أحمد –رحمه الله تعالى- وإن قدر على الأجناس المذكور؛ لقوله تعالى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} وقال ابن القيم: وهو الصواب الذي لا يقال بغيره، إذ المقصود سد خلة المساكين يوم العيد ومواساتهم من جنس ما يقتات أهل بلدهم؛ لقوله: «اغنوهم في هذا اليوم» ، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

من النظم ما يتعلق في مقدار الفطرة وعن كل شخص صاع بر فأوجبن ... كذا من دقيق أو سويقهما اعدد أو التمر أو صاع الزبيب ويجزي ... السويق في الأقوى والأقط في المؤكدِ فما شئت فابذل لا سواها وقِيمَةِ ... لها ولمن يعطي الزكاة بها جُدِ ويجزئ مطعوم مكيل بمبْعَدِ ... وما سَدَّ عِندَ العُدْمِ سَدَّ الممُعَدَّدِ وإن يعْدَمُ الأجنَاسُ فالصاعُ مجْزَئٌ ... مِنَ الثمرِ المثقْتَاتِ أو حبِّه قَدِ ويجزئ صاع القوت عند ابن حامِدٍ ... ولوْ لحِم أنعَامِ وحِيْتَان مُزْبدِ وخبز ودبس مَعْ وجُود أصولها ... وحَبٌ معِيْبٌ غير مجْزئ فَقَيَّدِ وبَذْلُكَ مِنْ جِنْسَيْن صَاعك مجرئٌ ... وصاعًا لجمع والكثير لِمُفْرَدِ وأفضَلُهَا تمرٌ فما زادَ نفعُه ... وقيل ل البر المقدم فانقدِ ...

باب إخراج الزكاة وما يتعلق به

14- باب إخراج الزكاة وما يتعلق به وحكم النفل والتعجيل ونحوه س96: تكلم بوضوح عمّا يلي مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل؟ ومثّل لما يحتاج إلى تمثيل واذكر المحترزات؟ متى يجب إخراج زكاة المال؟ هل يجوز تأخير الزكاة بعد وجوبها؟ ج: إخراج زكاة المال بعد أن تستقر واجب فورًا إن أمكن إخراجها كإخراج نذر مطلق وكفارة؛ لقوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} والمراد الزكاة، وقوله تعالى: {وَآتَوُا الزَّكَاةَ} والأمر المطلق للفورية بدليل أن المؤخِر يستحقُّ العقاب، ولو جاز التأخير لكان إما إلى غاية وهو مناف للوجوب، وإما إلى غير غاية ولا دليل عليه، بل ربما يفضي إلى سقوطها إما بموته أو تلف المال فليتضرر الفقير بذلك فيختل المقصود من شرعها؛ ولأنها للفور بطلب الساعي فكذا بطلب الله تعالى كعين مغصوبة، وفي «المغني» و «الشرح الكبير» لو لم يكن الأمر للفور لقلنا به هنا؛ ولأنها عبادة تتكرر فلِمَ تأخيرها إلى دخول وقت مثلها كالصلاة، ويجوز له تأخير زكاة لغيبة المال وغيرها كغصبه وسرته وله تأخيرها لمستحق حاجته أشد ممن هو حاضر وقيده جماعة بالزمن اليسير للحاجة وإلا لم يجز ترك واجب لمندوب وظاهر كلام الجماعة المنع، قال في «المبدع» وينبغي أن يقيد الكل بما إذا لم يشتد ضرر الحاضر وله تأخيرها إذا خاف رجوع ساع عليه بها إن أخرجها بلا علمه ومثله إذا خاف على نفسه أو ماله ونحوه؛ لما في ذلك من الضرر وإذا جاز تأخير دين الآدمي لذلك فالزكاة أولى، وله تأخيرها ليدفعها لقريب وجار؛ لأنها على القريب صدقة وصلة، والجار في معناه، ولإمام، وساع تأخيرها عند ربها لمصلحة كقحط ومجاعة وله تأخيرها لحاجته إليها إلى مَيْسَرة نصًا واحتج بحديث عمر أنهم احتاجوا عامًا

س97: تكلم بوضوح عما إذا غيب مانع الزكاة ماله أو كتمه؟

فلم يأخذ منهم الصدقة وأخذها منهم في السنة الأخرى؛ وأما إذا تعذر إخراجها من مال لغيبة أو غيرها فلا يلزمه الإخراج من غيره؛ لأن الأصل إخراج زكاة المال منه وجواز الإخراج من غيره رخصة فلا ينقلب تضييقًا. والله أعلم. س97: تكلم بوضوح عمّا إذا غيّب مانع الزكاة ماله أو كتمه؟ ج: أما حكم جاحد الزكاة ومانعها بخلاً فتقدما (في جواب سؤال 3 وجواب سؤال 4) ؛ وأما إذا غيب ماله أو كتمه من وجبت عليه الزكاة أمكن أخذها بأن كان في قبضة الإمام أخذت الزكاة منه من غير زيادة عليها؛ لأن الصديق مع الصحابة لما منعت العرب الزكاة لم ينقل أنه أخذ منهم زيادة عليها؛ ولأنه لا يزاد على أخذ الحقوق من الظالم كسائر الحقوق؛ وأما حديث بهز ابن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعًا: «في كل إبل سائمة في كل اربعين ابنة لبون لا تفرق إبل عن حسابها من أعطاها مؤتجرًا بها فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر إله عزمة من عزمات ربنا لا يحل لآل محمد منه شيء» رواه أحمد والنسائي وأبو داود، وقال: وشطر ماله، وهو ثابت إلى بهز وقد وثقه الأكثر، فجوابه: أنه كان في بدء الإسلام حيث كانت العقوبات بالمال، ثم نسخ بقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الصديق: «ومن سُئل فوق ذلك فلا يعطه» ولأن منع الزكاة كان في خلافة الصديق مع توفر الصحابة ولم ينفل عن أحد منهم أخذ زيادة ولا قول به. س98: إذا لم يمكن أخذ الزكاة بالتغييب أو غيره فما الحكم؟ وهل يقل مانعها بُخلاً حدًا أو كفرًا؟ وإذا قُتِلَ فهل تؤخذ من تركته؟ وإذا يمكن أخذ الزكاة من مانع إلا بقتال فما الحكم؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل والتعليل والخلاف؟

ج: إن لم يكن أخذها استتيب ثلاثة أيام وجوبًا؛ لأن الزكاة أحد مباني الإسلام فيستتاب تاركها كالصلاة؛ فإن تاب وأخرج كف عنه وإن لم يخرج قتل لاتفاق الصحابة على قتال مانعها وإذا قتل؛ فإنه يُقتل حَدًا لا كفرًا؛ لقول عبد الله بن شقيق: «كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفرًا إلا الصلاة» رواه الترمذي، وما ورد من التكفير فيه محمول على جاحد الوجوب أو على التليظ، وإذا قتل أخذت الزكاة من تركته من غير زيادة؛ لأن القتل لا يسقط حق الآدمي فكذا الزكاة، وإن لم يكن أخذ الزكاة من مانعها إلا بقتال وجب على الإمام قاله إن وضعها مواضعها لاتفاق الصحابة مع الصديق على قتال مانعي الزكاة، وقال: «والله لو منعوني عناقًا» ، وفي لفظ: «عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليها» متفق عليه؛ فإن لم يضعها مواضعها لم يقاتله لإحتمال منعه إياها لاعتقاده ذلك عذرًا، وما إذا قاتل مانع الزكاة تهاونًا وبخلاً، ففي المسألة ثلاثة أقوال الصحيح في المذهب أنه لا يكفر وهو رواية عن الإمام أحمد وعنه يكفر وإن لم يقاتل عليها، وأدلة القول الأول منها حديث ابن شقيق، وتقدم ولأن عمر وغيره امتنعوا ابتداء من قتال مانعي الزكاة ولو اعتقد اكفوهم ما امتنعوا منه، ثم اتفقوا على القتال فيبقى عدم التكفير على اعتقادهم الأول، وما روى الصديِّق - رضي الله عنه - لما قاتل مانعي الزكاة وعضتهم الحرب، قالوا: نؤديها، قال: لا أقبل حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، يحتمل أنه فيمن منعها جحودًا ولحق بأهل الردة منهم فقد كان فيهم طائفة كذلك على أنه لا يلزم من الحكم بالنار الحكم بالكفر بدليل العصاة من هذه الأمة، وفرّق القاضي بين الصلاة وغيرها من العبادات بتعذر النيابة فيها، والمقصود الأعظم دفع حاجة الفقير وهو حاصل بأدائها مع القتال. والله أعلم.

س99: اذكر ما تستحضره من الصور التي يقبل فيها قول من طولب بدفع الزكاة مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل؟

س99: اذكر ما تستحضره من الصور التي يُقبل فيها قول مَن طولب بدفع الزكاة مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل؟ ج: من طُولبَ بالزكاة فادعى ما يمنع وجوبها من نقصان الحول أو نقص النصاب أو انتقاله في بعض الحول ونحوه كادعائه أداءها أو تجدد ملكه قريبًا أو ادعى أن ما بيده من المال لغَيره أو ادعى أنه منفرد أو مختلط، قيل: قوله لأن الأصل براءة ذمته بلا يمين نصّ عليه؛ لأنها عبادة هو مؤمن عليها فلا يستحلف عليها كالصلاة، نقل حنبل لا يسأل المتصدق عن شيء ولا يبحث إنما يأخذ ما أصابه مجتمعًا وكذا الحكم أن مَرَّ بعاشر وادِّعى أنه عَشَّره آخرُ وإن أقر بقدر زكاته، ولم يخبر بقدر ماله أخذت منه بقوله ولم يكلف إحضار ماله لما مر. س100: من الذي يخرج الزكاة عن الصبي والمجنون، وتكلم عما يشترط لإخراج الزكاة، وما الذي ينوبه دافع الزكاة، وأين محل الأولى للإتيان بالنية ومحل الجواز، وهل تجب نية الفرض؟ ج: قد تقدم أن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون (في جواب سؤال 10) ويُلزم بإخراج عن مال الصغير والمجنون ولهما في المال نصًّا؛ لأن حق تدخله النيابة فقام الولي فيه مقام مولى عليه كنفقة وغرامة، ويشترط لإخراج نية من مكلف؛ لحديث: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» فينوي الزكاة أو الصدقة الواجبة أو صدقة المال وولي الصبي والسلطان ينويان عند الحاجة، والنية أن يعتقد أنها زكاته أو زكاة من يخرج عنه كالصبي والمجنون إلا أن تؤخذ قهرًا فتجزي ظاهرًا من غير نية رب المال فلا يؤمر بها ثانيًا، ويغيب ماله فتؤخذ منه حيث وجد وتجزي بلا نية أو يتعذر وصول إلى مالك بحبس ونحوه فيأخذها الساعي من ماله وتجزي ظاهرًا وباطنًا في المسألة الأخيرة فقط، بخلاف الأوليين قبلها

س101: هل يجب تعيين مال مزكي عنه؟ وإذا نوى عن ماله الغائب وإن كان تالفا فعن الحاضر فما حكم ذلك؟ وإذا وكل رب المال في إخراج زكاته، فهل تجزي نيته، أم لابد من نية الوكيل؟

فتجزي ظاهرًا فقط والأولى قرن نيّة بدفع كصلاة وله تقديمها عليها بزمن يسير كصلاة ولا تجب نية فرض اكتفاء بنية الزكاة؛ لأنها لا تكون إلا فرضًا. س101: هل يجب تعيين مال مُزكيَّ عنه؟ وإذا نوى عن ماله الغائب وإن كان تالفًا فعن الحاضر فما حكم ذلك؟ وإذا وكل رب المال في إخراج زكاته، فهل تجزي نيته، أم لابد من نِيّة الوكيل؟ ج: لا يجب تعيين مال مزكى عنه، فلو نوى عن ماله الغائب وإن كان تالفًا فعن الحاضر أجرأ عن الحاضر إن كان الغائب تالفًا وإن أدى قدر زكاة أحدهما لم يعين جعل الزكاة لأيِّها شاء كتعيينه ابتداء، وإن لم يعين واحدًا منهما أجزأ مُخرج عن أحدهما فيخرج عن الآخر، ولو نوى عن الغائب، فبان الغائب تالفًا لم يصرف المخرج إلى غيره؛ لأن النية لم تتناوله كعتق في كفارة مُعينة فلم تكن وإن نوى الزكاة عن الغائب إن كان سالمًا أجزأ عنه إن كان سالمًا أو نوى عن الغائب إن كان سالمًا وإن لا يكن سالمًا فهي نفل فبان الغائب سالمًا أجزأ عنه؛ لأن ذلك في حكم الإطلاق فلا يضر تقييده به وإن وكل رب مال في إخراج زكاته مسلمًا ثقة أجزأت نية موكل مع قرب زمن إخراج من زمن توكل؛ لأن الفرض متعلق بالموكل وتأخر الأداء عن النية بزمن يسير جائز وألا يقرب زمن إخراج من زمن توكيل نوى وكيل أيضًا لئلا يخلو الدفع إلى المستحق عن نية مقارنة أو مقاربة فينوي موكل عند التوكيل ووكيل عند الدفع لمستحق. والقول الثاني: أنه إذا نوى المتصدق الزكاة ودفعها للوكيل ثم دفعها الوكيل للمُعطي أن ذلك يجزي ولو أن الوكيل لم يَنْو أنها زكاة وسواء تأخر دفعها عن نية الموكل أو قارنها: وهذا القول عندي أنه

س102: هل الأولى الإسرار بالصدقة، أو الإظهار، وضح ذلك مع ذكر الدليل، واذكر ما في ذلك من خلاف؟

أرجح؛ لأن المتصدق حصلت منه النية ولا أرى أنه يضر عدم نية الوكيل. والله أعلم. ولو دفع رب المال إلى بيت المال أو الساعي ناويًا أجزأ وإن لم ينو إمام أو ساع حال دفع لفقير؛ لأنه وكيل الفقراء، ومن علم أهلية آخذ زكاة كره أن يعلمه أنها زكاة. س102: هل الأولى الإسرار بالصدقة، أو الإظهار، وضح ذلك مع ذكر الدليل، واذكر ما في ذلك من خلاف؟ ج: يُسن لمخرج زكاة إظهارها لتنتفي التهمة عنه ويُقتدى به، والقول الثاني: أن الإسرار بالصدقة أفضل من إظهارها؛ لأنه أبعد عن الرياء إلا أن يترتب على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء به فيكون أفضل من هذه الحيثية، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة» ، والأصل أن الإسرار أفضل (الآية سورة البقرة 271) ؛ ولما ثبت في «الصحيحين» عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجلان تحابا في الله فاجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يرجع إليه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله رب العالمين، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» ، وفي الحديث الآخر: «صدقة السر تطفئ غضب الرب» ، وفي الحديث الآخر: «لما خلق الأرض جعلت تميد فخلق الله الجبال فألقاها عليها فاستقرت» إلى أن قال: «نعم ابن آدم يتصدق بيمينه فيخفيها من شماله» ، وعن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال: «سر إلى فقير أو جهد من مقل» رواه أحمد.

س103: ما حكم دفع الزكاة إلى الإمام أو إلى الساعي؟ وهل يبرأ بذلك؟

س103: ما حكم دفع الزكاة إلى الإمام أو إلى الساعي؟ وهل يبرأ بذلك؟ ج: له دفعها إلى الإمام وإلى الساعي ويبرأ بذلك، وقيل: يجب دفعها إلى الإمام إذا طلبها وفاقًا للأئمة الثلاثة، قال في «شرح المنتهى» قال في الشرح: لا يختلف المذهب أن دفعها للإمام جائز سواء كان عدلاً أو غير عدل وسواء كانت من الأموال الظاهرة أو الباطنة، ويبرأ بدفع إليه سواء تلفت في يد الإمام أو لا صرفها في مصارفها أو لم يصرفها. انتهى. وعن أنس أن رجلاً قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أديت الزكاة إلى رسولك فقد برئت منها إلى الله ورسوله، قال: «نعم، إذا أديت إليّ فقد برئت منها إلى الله ورسوله، فلك أجرها وإثمها على من بدلها» » مختصرًا لأحمد، وعن ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها» قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا؟ قال: «تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم» متفق عليه. وعن وائل بن حجر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجل يسأله، فقال: أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعونا حقنا ويسألونا حقهم، فقال: «اسمعوا وأطيعوا؛ فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم» رواه مسلم والترمذي، وصححه. وعن بشير بن الخصاصة قال: قلنا: يا رسول الله، إن قومًا من أصحاب الصدقة يعتدون علينا أفنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون علينا، فقال: «لا» رواه أبو داود، وقال أحمد: قيل لابن عمر: إنهم يقلدون بها الكلاب ويشربون بها الخمور، قال: ادفعها إليهم، وقال سهل بن أبي صالح: أتيت سعد بن أبي وقاص، فقلت: عندي مالٌ وأريد أخرج زكاته وهؤلاء القوم على ما ترى، قال: ادفعها إليها، فأتيت

س104: ما المسنون أن يقوله الآخذ عند الأخذ والدافع عند الدفع؟ وما الدليل على ذلك؟

ابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد - رضي الله عنهم - فقالوا: مثل ذلك، وبه قال الشعبي والأوزاعي. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س104: ما المسنون أن يقوله الآخذ عند الأخذ والدافع عند الدفع؟ وما الدليل على ذلك؟ ج: يستحب أن يقوله المُعطي عند دفعه الزكاة: اللهم اجعلها مغنمًا ولا تجعلها مغرمًا؛ لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا: اللهم اجعلها مغنمًا ولا تجعلها مغرمًا» أخرجه ابن ماجه، ويقول: آخذ الزكاة آجرك فيما أعطيت وبارك لك فيما أبقيت، وجعله لك طَهُورًا. قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ} ، وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه قوم بصدقتهم: «قال اللهم صل على آل فلان» ، فأتاه أبي بصدقته، فقال: «اللهم صل على آل أبي أوفى» متفق عليه. وعن جابر بن عنيك عن أبيه - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سيأتيكم ركب مُبغَضُون فإذا جاءوكم فرحبوا بهم وخلوا بينهم وبين ما يبتغون؛ فإن عدلوا فلأنفسهم، وإن ظلموا فعليها وأرضوهم؛ فإن تمام زكاتكم رضاهم وليدعوا لكم» رواه أبو داود. س105: بين حكم نقل الزكاة من بلد المال إلى بلد آخر؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف مع الترجيح؟ ج: الأفضل جعل زكاة كل مال في فقراء بلده ما لم تتشقص زكاة سائمة كأربعين ببلدين متقاربين فيخرج في بلد واحد شاة في أي البلدين شاء دفعًا لضرر الشركة.

وأما نقلها إلى بلد تقصر إليه الصلاة، فقيل: يحرم مع وجود مستحق سواءٌ كان لرحم أو شدة حاجة؛ لما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معاذًا إلى اليمن فذكر الحديث، وفيه: «أن الله قد افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم» متفق عليه، واللفظ للبخاري. وعن أبي جحيفة قال: قدم علينا مصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخذ الصدقة من أغنيائنا فجعلها في فقرائنا فكنت غلامًا يتيمًا فأعطاني منها قلوصًا. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. وعن عمران بن حصين أنه استعمل على الصدقة فلما رجع، قيل له: أين المال؟ قال: ولمال أرسلتني، أخذنا من حيثُ كنَّا نأخذه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووضعناه من حيث كنا نضعه. رواه أبو داود وابن ماجه. وعن طاووس قال: كان في كتاب معاذ: من خرج من مخلاف إلى مخلاف؛ فإن صدقته وعشرة في مخلاف عشيرته. رواه الأثرم في «سننه» . وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه رد زكاة أُتي بها من خراسان إلى الشام إلى خراسان؛ فإن خالف وفعل بأن نقل الزكاة إلى بلد تقصر فيه الصلاة أجزأ المنقول للعمومات؛ ولأنه دفع الحق إلى مستحقه فبرئ كالدين، وقيل: تنفل لمصلحة راجحة كقريب محتاج ونحوه لما علم بالضرورة من «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستدعي الصدقات من الأعراق إلى المدينة ويصرفها في فقراء المهاجرين والأنصار» أخرجه النسائي من حديث عبد الله بن هلال الثقفي، قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: كدت أقتل بعدك في عناق أو شاة من الصدقات، فقال –عليه الصلاة والسلام-: «لولا أنها تعطي فقراء المهاجرين ما أخذتها» . وروي عن الحسن والنخعي أنها كرهًا نقل الزكاة من بلد إلى بلد إلا لذي قَرَابة، وكان أبو العالية يبعث بزكاته إلى المدينة، واختار هذا القول الشيخ

س106: بين على من تجب مؤنة دفع الزكاة؟ وإذا كان المال الذي وجبت فيه الزكاة ببادية أو خلا بلده عن مستحق لها فأين محل تفريقها؟ ومتى بعث السعاة وأين محل استحباب عد الماشية؟ وإذا وجد ما لم يحل حوله فما الحكم؟ وأين يفرق الساعي ما قبضه؟ وهل له أن يبيع ما قبضه لمصلحة؟ وهل يقبل قول صاحبها في عددها؟

تقي الدين، وقال: تحديد المنع بمسافة القصر ليس عليه دليل شرعي، وجعل محل ذلك الأقاليم فلا تنقل من إقليم إلى إقليم. انتهى. والذي يترجح عندي القول الثاني: أنه يجوز نقلها ولو لمسافة قصر إذا كان لمصلحة راجحة كرحم وشدة حاجة ونحو ذلك، قلت: وفي وقتنا هذا من أراد الأخذ بالقول الأول، فعليه أن يسأل عن فقراء البلدان الأخرى وإنما جاءوا في الوقت الذي يقصده بعض الناس لإخراج الزكاة كشهر رمضان، ثم يرجعون إلى بلدانهم كما هو مشاهد الآن في زمننا. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س106: بيَّن على من تجب مؤنة دفع الزكاة؟ وإذا كان المال الذي وجبت فيه الزكاة ببادية أو خلا بلدهُ عن مستحق لها فأين محل تفريقها؟ ومتى بعث السعاة وأين محل استحباب عدّ الماشية؟ وإذا وجدَ ما لم يحلَّ حوله فمَا الحكم؟ وأين يُفرق الساعي ما قبضه؟ وهل له أن يبيع ما قبضه لمصلحة؟ وهل يقبل قول صاحبها في عددها؟ ج: تجب مؤنة نقل زكاة ودفع على من وجبت عليه كمؤنة كيل ووزن؛ لأنه عليه مؤنة تسليمها لمستحقها كالمة، وذلك من تمام التوفية ومسافر بالمال الزكوي يفرق زكاته ببلد أكثر إقامته فيه لتعلق الأطماع به غالبًا، ومن ببادية وعليه زكاة فرقها بأقرب بلد منه، وكذا من بلده من مستحق للزكاة يستغرقها يفرقها أو ما بقي منها بأقرب مكان منه لأنهم أولى ويجب على الإمام بعث السعاة قرب زمن الوجوب لقبض زكاة المال الظاهر، وهو السائمة والزرع والثمر لفعله –عليه الصلاة والسلام- وخلفائه، ومن الناس من لا يزكي ولا يعلم ما عليه فإهمال ذلك إضاعة للزكاة ويستحب أن يعدّ عليهم الماشية على الماء؛ لما ورد عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تؤخذ صدقات المسلمين على مياههم» رواه أحمد، وفي رواية لأحمد وأبي داود: ولا حلب ولا جنَبَ ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في

س107: أين محل واسم ما حصل من بهيمة الأنعام؟ وما الذي يكتب على زكاة؟ وما الذي يكتب على جزية؟

ديارهم، ويقبل قول صاحبها في عددها بلا يمين وإن وجد ما لم يحل حوله؛ فإن عجل ربه زكاته وإلا وكّل ثقة يقضيها ثم يصرفها وله جعله لرب المال إن كان ثقة لحصول الغرض به، وما قبضه الساعي فرقه في مكانه وما قاربه، ويبدأ بأقارب مُزَكّ لا تلزمه مؤنَتَهم؛ فإن فضل شيء حمله وإلا فلا، وله بيع سائمة وغيرها مِن زكاة لحاجة أو مَصْلحَة وصرفها في الأحظ للفقراء، أو حاجتهم حتى أجرة مسكن، ويضمَن ما أخَّرَ قسمه بلا عذر إن تلف بتفريطه. س107: أين محل واسم ما حصل من بهيمة الأنعام؟ وما الذي يكتب على زكاة؟ وما الذي يكتب على جزية؟ ج: ويُسن للإمام وسم ما حصل عنده من زكاة أو جزية من إبل أو بقر في أفخاذها؛ لحديث أنس، قال: غدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعبد الله بن أبي طلحة ليحكنه فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة، متفق عليه. ويُسن له وسم ما حصل من غنم في آذانها لخبر أحمد وابن ماجه: دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يَسِمُ غنمًا في آذانها، وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: لعُمَرَ إنَّ في الظهر ناقة عمياء، فقال: أمِن نِعيم الصدقة أو مِن نعَمِ الجزية، قال: أسلمُ من نِعَمِ الجزية، وقال: إن عليها ميْسم الجزية، رواه الشافعي، والوسم على زكاة «لله» أو «زكاة» والوسم على جزية «صغار» أو «جزية» .

من النظم ما يتعلق بإخراج الزكاة ومَن كان حُرًا مسلمًا حال حوله ... على المال مقدار النِّصَابِ المحدّدِ فمره بإخراج الزكاة بفوره ... إذا أمن الساعي وليس بمرصدِ ويأثم بالتأخير مع يسر بذلا ... وكَفِّرْ مُصِرًا بعدَ تعريفِ جُحَّدِ وخذهَا وتَوَّبْه ثلاثًا فإن أبى ... فبادِرْ إلى قتل الكفور المخلد ومع مانع بخلاً خُذَنْهَا مُعَزِّزًا ... فإنْ يَأبَ قاتِله ليعطي بأوكد وقالَ أبو بكر ومع شطر ماله ... فإن يتعَذر فاستتب ثمت اقصد إلى قتله حَدًّا وعنه مكفرًا ... ومن ماله خذها بغير تأود ويقبل قول المدعي فقَد شرطها ... بغير يمين منه في المتوطدِ ويخرج عن مال الصغير وليه ... وعن مال مجنون وليُّ لِيَمْددِ وتفريقها بالنفس أولى وعنه ما ... خفي وإلى الساعي إن دفعت تسددِ وقال أبو الخطّاب رفعُنكَهَا إلى ... إمام أحي عدل أبرّ فأوردِ ولا يجزئ الإخراج إلا بنيَّة ... تقارنه أو قبله بمزهدِ وقد قيل يجزي أخذها منه كارهًا ... وليس بمجز باطنًا في المجوّد وليس بشرط أن تعين منصبًا ... ولكن قصد الفرض شَرْطُكَ فافصدِ ويجزئ أن تنوي مقارب دفعها ... إلى مستحق أو وَكِيلِ محمدِ وقد قيل لا يجزي إذا بعد الأذى ... عن الدفع منه للفَقِير المرصدِ وفي كل حال يبرئ الدفع مطلقًا ... لسَاع عليهَا أو إمام مقَلَّدِ وسل عند دفع جَعْلها لكَ مَغْنمًا ... ولا تجْعَلنْها مَغْرمًا قُل تسددِ ولا تُبَكت المسكِينَ في وقتِ بَذْلِهَا ... بقَولك خُذْ هَذَا زكاة يَكمدِ وبَرَّكْ على معطيكها عند أخذهَا ... وَسَلْ أجْرِهِ معَ طهرة الذنب تَقْتَدِي ويَشرع للساعِين كتْبُ برَاءةٍ ... لأرْباب أموال بأخذِ المُعَدّدِ

وليس بمُجْز نقْلهَا عَن محَلِّهَا ... إلى الفُقَرَاء في بُعْدِ قَصْرٍ بأوكدِ وَفي ثالِث جَوِّز إلى الثغْر نقلهَا ... وَأدْنى فَأدْنى اصْرِفْ لفقدَانٍ مجتَدِ وَيُصْرَفُ فرضُ المال حَيْثُ وجوبه ... وَفِطْرَة كُلَّ في مكانِ المُعَيَّدِ ومَيَّز بوَسم من زكاتِكَ جِزْيَة ... بفَخْذَ بَعير وأذنِ شَاتِك ترشدِ

س108: ما حكم تعجيل الزكاة؟ وإذا تم الحول والنصاب ناقص قدر ما عجله فما حكم ذلك؟ واذكر ما تستحضره من الاحترازات والأدلة والتعديلات ومثل لا يتضح إلا بذلك؟ وفصل ما يحتاج إلى التفصيل؟

س108: ما حكم تعجيل الزكاة؟ وإذا تم الحول والنصاب ناقص قدر ما عجله فما حكم ذلك؟ واذكر ما تستحضره من الاحترازات والأدلة والتعديلات ومثل لا يتَّضح إلا بذلك؟ وفصّل ما يحتاج إلى التفصيل؟ ج: يجوز تعجيل الزكاة لحولين فقط إذا كمل النصاب والأفضل تركه والدليل على جواز التعجيل ما ورد عن علي –عليه السلام- إن العباس ابن عبد المطلب سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخصَ له في ذلك، رواه الخمسة إلا النسائي. وعن أبي هريرة قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر على الصدقة، فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرًا فأغناه الله تعالى؛ وأما خالد فإنكم تظلمون خالدًا، وقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله؛ وأما العباس فهي عليّ ومثلها معها» ، ثم قال: «يا عمر، أما علمت أن عمّ الرجل صنو أبيه؟» رواه مسلم. وأما كونه يجوز بعد كمال النصاب فلأنه سببها فلا يجوز تقديمها كالكفارة على الحلف. قال في «المغني» : بغير خلاف نعلمه ولا يجوز تعجيلها عما يستفيده النصاب نصًا؛ لأنه لم يوجد فقد عجل زكاة عما ليس في ملكه، ولا يجوز

س109: إذا عجل الزكاة فدفعها إلى مستحقها فمات قابضها، أو ارتد أو استغنى عنها، فما الحكم؟ وإذا عجل الزكاة ثم هلك المال أو بعض النصاب أو مات المالك أو ارتد عن الإسلام قبل الحول، فما الحكم؟ إذا استسلف ساع زكاة فتلفت في يده، فما الحكم؟ وإذا تلفت الزكاة في يد الوكيل لرب المال، فما الحكم؟

تعجيلها عن معدن أو ركاز أو زرع قبل حصوله ما ذكر؛ وعن زكاة تمر قبل طلوع طلع أو عن زبيب قبل طلوع حصرم؛ لأنه تقديم قبل وجود سببها وإذا تم الحول والنصاب ناقِصٌ قدر ما عجله صح تعجيله وأجزأه معجله؛ لأن حكم المعجل حكم الموجود في ملكه يتم النصاب به، فلو عجل عن مائتي شاة شاتين فنتجت عند الحول سخلة لزمته شاة ثالثة؛ لأن المعجل بمنزلة الموجود في إجزائه عن ماله فكان بمنزلة الموجود في تعلق الزكاة به، ولو عجل عن ثلاثمائة درهم فضة خمسة منها ثم حال الحول لزمه أيضًا درهمان ونصف ليتم ربع العشر ولو عجل عن ألف درهم فضة خمسة وعشرين منها ثم ربحت خمسة وعشرين درهمًا لزمه زكاة الخمسة والعشرين وهو خمسة أثمان درهم، ويصح أن يعجل عن أربعين شاة شاتين من غيرها لحولين، ولا يصح أن يعجل من الأربعين لحولين ولا للحول الثاني فقط، وينقطع الحول بإخراج الشاتين منها لحولين أو الواحد للثاني فقط لنقص النصاب؛ فإن أخرج شاة للحول الأول فقط صح ولم ينقطع الحول. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س109: إذا عجل الزكاة فدفعها إلى مستحقها فمات قابضها، أو ارتد أو استغنى عنها، فما الحكم؟ وإذا عجل الزكاة ثم هلك المال أو بعض النصاب أو مات المالك أو ارتد عن الإسلام قبل الحول، فما الحكم؟ إذا استسلف ساع زكاة فتلفت في يده، فما الحكم؟ وإذا تلفت الزكاة في يد الوكيل لرب المال، فما الحكم؟ ج: إذا عجل الزكاة فدفعها إلى مستحقها فمات قابضها أو ارتد أو استغنى عنها أو عن غيرها أجزأ عنه كما لو عدمت عند الحول؛ لأنه يعتبر وقت القبض لئلا يمتنع التعجيل، ولا تجزي زكاة معجلة إن دفعها إلى من يعلم غناه فافتقر عند الوجوب أو قبله؛ لأنه لم يدفعها لمستحقها كما لو لم يفتقر وإن مات معجل

س110: ما الذي يشترط لملك الفقير للزكاة وأجزائها؟ وهل يصح تصرف الفقير في الزكاة قبل قبضها؟ وإذا عجل زكاة عن ألف درهم يظنها كلها له فبان الذي له منها خمسمائة؟ وإذا عجل زكاة عن أحد نصابيه فتلف النصاب المعجل عنه، فما الحكم؟ وهل يكفي إبراء المدين دينه بنية الزكاة؟

زكاته أو ارتد أو أتلف النصاب المعجل زكاته أو نقص قبل الحول فقد بان المخرج غير زكاة لانقطاع الواجب بذلك، ولا رجوع لمعجل بشيء مما عجله إلا فيما في يد ساعٍ عند تلف النصاب وإن استسلف ساع زكاة فتلفت في يده بلا تفريط لم يضمنها وضاعت على الفقراء سواء سأله الفقير ذلك أو رب المال أو لم يسأله أحد؛ لأن الإمام أو نائبه قبضها كولي يتيم فقد فعل ما يجوزو فلم يضمن، وإن تلفت في يد الوكيل لرب المال قبل أدائها فمن ضمان رب المال؛ لعدم الإيتاء المأمور به، ولأن يد الوكيل كيَدِ مُوَكِّلهِ. س110: ما الذي يشترط لملك الفقير للزكاة وأجزائها؟ وهل يصح تصرف الفقير في الزكاة قبل قبضها؟ وإذا عجل زكاة عن ألف درهم يظنها كلها له فبان الذي له منها خمسمائة؟ وإذا عجل زكاة عن أحد نصابيه فتلف النصاب المعجل عنه، فما الحكم؟ وهل يكفي إبراء المدين دينه بنية الزكاة؟ ج: ويشترط لملك الفقير للزكاة وأجزائها قبضه لها فلو عزلها أو غدَّا الفقراء أو عشاهم لم يجزئ، ولا يصح تصرف فقير فيها قبل قبضها، ومَنْ عجل زكاة عن ألف درهم يظنها كلها له فبان التي له منها خمسمائة أجزاء ما عجله عن عامين؛ لأنه نواه زكاة معجلةً والألف كلها ليست له ولا يلزمه زكاة ما ليس له، ومَن عجل زكاة عن أحد نصابيه ولو من جنس واحد فتلف النصاب المعجل عنه لم يصرفه إلى الآخر؛ لحديث: «إنما لكل امرئ ما نوى» ، كما عجل شاة عن خمس من الإبل فتلفت الإبل وله أربعون شاة لم يجزئه ما عجله عن الشياه لعدم نيته إياها ولا يكفي إبراء المدين من دينه بنية الزكاة؛ لأن ذلك ليس إيتاء لها. والله أعلم.

باب أهل الزكاة

15- باب أهل الزكاة س111: من أهم أهل الزكاة، وكم عددها؟ وهل يجوز صرفها لغيرهم من جهات الخير، وما هو الدليل على ذلك؟ وهل في المال حقٌ واجبٌ سوى الزكاة؟ ج: أهل الزكاة ثمانية أصناف هم المذكورن في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} وعن زياد بن الحارث الصدائي قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعته، فذكر حديثًا طويلاً، فأتاه رجل، فقال: أعطني من الصدقة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو، فجزأها ثمانية أجزاء؛ فإن كنت من كل الأجزاء أعطيتك» » رواه أبو داود، ولا يجوزو صرفها لغيرهم كبناء مساجد، وسدَّ بثوق، ووقف مصاحف وقناطر، وتكفين موتى وغيرها للآية، وكلمة: «إنما» تفيد الحصر فتثبت الحكم في المذكورين وتنفي ما عداهم وكذا تعريف الصدقات بـ «ال» فإنه يستغرقها، فلو جاز صرف شيء منها إلى غير الثمانية لكان لهم بعضها لأكُلها، وللحديث المتقدم، وقال أحمد: إنما هي لمن سماها الله تعالى، وسُئل الشيخ تقي الدين عمن ليس معه ما يشتري به كتبًا للعلم يشتغل فيها، فقال: «يجوز أخذه منها ما يحتاج إليه من كتب العلم التي لابد لمصلحة دينه ودنياه منها» ، قال في «شرح الإقناع» : قلت: ولعل ذلك غير خارج عن الأصناف؛ لأن ذلك من جملة ما يحتاجه طالب العلم، فهو كنفقة وإن تفرغ قادر على التكسب للعلم الشرعي وإن لم يكن لازمًا له وتعذر الجمع بين العلم والتكسب أُعطي من الزكاة لحاجته ولا يُعطى من الزكاة إن تفرغ قادر على التكسب للعبادة لقصور نفعها عليه، بخلاف العلم وإطعامُ الجائع وسقي العطشان، وإكساء العاري، وفك الأسير واجبٌ على الكفاية إجماعًا مع أنه ليس

س112: تكلم عن الأصناف الثمانية على التفصيل مع ذكر ما تيسر من دليل أو تعليل قسم ما يحتاج إلى تقسيم؟

في المال حق سوى الزكاة وقافًا، وعن ابن عباس مرفوعًا: «أن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم» ، وعن أبي بن كعب مرفوعًا: «إذا أدَّيت زكاة مالك فقد قضيت ما عليك» رواه ابن ماجه والترمذي. س112: تكلم عن الأصناف الثمانية على التفصيل مع ذكر ما تيسر من دليل أو تعليل قسّم ما يحتاج إلى تقسيم؟ ج: أولاً: الفقير، وهو من لم يجد شيئًا أو يجد نصف كفايته فهو أشد حاجة من المسكين؛ لأن الله بدأ به وإنما يبدأ بالأهم فالأهم، وقال الله تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي البَحْرِ} فأخْبر أن لهم سفينة يعملون بها، وقد سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - المسكنة، واستعاذ من ذل الفقر، فقال: «اللهم أحيني مسكينًا وأمتني مسكينًا واحشرني في زمرة المساكين» رواه الترمذي، ولا يجوز أن يسأل شدة الحاجة ويستعيذ من حالة أصلح منها؛ ولأن الفقير مشتق من فقر الظهر، فقيل: مفقور بمعنى مفعول أي مقفور وهو الذي نزعت فقرة ظهره فانقطع صلبه. الثاني: المسكين، وهو من يجد مُعظم الكفاية أو نصفها من السكون؛ لأنه أسكنته الحاجة. الثالث: العامل كجاب للزكاة وحافظ وكاتب وقاسم بين مستحقيها وجامع المواشي وعدادها وكيَّال وَوزَّان وساع وراع وحمال وجمال، ومَن يحتاج إليه فيها لدخولهم في قوله: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} ، وكان –عليه الصلاة والسلام- يبعث عماله على الصدقة سعاة ويعطيهم عمالتهم. الرابع: المؤلف وهو السيد المطاع في عشيرته والمؤلفة ضربان مسلمون وكفار؛ فأما الكفار فضربان ضرب يرجى خيره وضرب يخاف شره، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يعطيهم، وعن أبي سعيد قال: «بعث عليٌ وهو باليمن بذهَيْبة فقسمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أربعة نفر الأفرع بن حابس الحنظلي، وعيينة بن بدر الفزاري، وعلقمة بن عُلاثة العَامري، ثم أحد بني كلاب وزيد الخير الطائي، ثم أحد بني نبهان فغضبت قريش، وقالوا: يعطي صناديد نجد ويدعنا، وقال: «إني إنما

فعلت ذلك لأتألَّفهم» » متفق عليه. قال أبو عبيد القاسم بن سلام: وإنما الذي يؤخذ من أموال أهل اليمن الصدقة، وأعطي النبي - صلى الله عليه وسلم - صفوان بن أمية يوم حنين قبل إسلامه ترغيبًا له في الإسلام؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى الزبرقان بن بدر وعَدي بن حاتم مع حسن نياتهما وإسلامهما. والثاني: قوم أسلموا ونيتهم في الإسلام ضعيفة فيعطون لتقوى نيتهم؛ لقول ابن عباس في المؤلفة قلوبهم: هم قوم كانوا يأتون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرضخ لهم من الصدقات، فإذا أعطاهم من الصدقة، قالوا: هذا دين صالح، وإن كان غير ذلك عابوه، رواه أبو بكر بن العربي في التفسير؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى أبا سفيان ابن حرب وصفوان بن أمية والأقرع بن حابس وعيينة بن حصن، لكل واحد منهم مائة من الإبل. والقسم الثالث: قوم يليهم قوم من الكفار بأن يكونوا في طرف بلاد المسلمين، وإذا أعطوا دفعوا الكفار عمن يليهم من المسلمين وإلا فلا. الرابع: قوم يليهم قوم من أهل الصدقات إذا أعطوا من الزكاة جَلبَوْا الزكاة ممن لا يعطيها إلا بالتخويف والتهديد. الخامس: الرقاب وهم المكاتون ويجوز أن يفدي منها أسيرًا مسلمًا في أيدي الكفار؛ لأنه فدي رقبة ويجوز أن يشتري منها رقبة يعتقها؛ لعموم قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} ، وفي «المسند» عن البراء ابن عازب، قال: جاء رجل، فقال: يا رسول الله، دلني على عمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار، فقال: «اعتق النَّسَمةَ وفكَّ الرقبة» ، فقال: يا رسول الله، أو ليسًا واحدًا، قال: «لأعتقن النسمة أن تفرد بعتقها وفك الرقبة أن تعين في ثمنها» . السادس: الغارمون وهم قسمان، فقسم غرم لإصلاح ذات البين وهو مَن تحمَّل بسبب إتلاف نفس أو مال أو نهبًا أو مالاً لتسكين فتنة وقعت بين طائفتين ويتوقف صُلحهم على من يتحمّل ذلك فيتحمَّله إنسان، ثم يخرج في القبائل فيسأل حتى يؤديه فورد الشرع بإباحة المسألة فيه وجعل لهم نصيبًا من

الصدقة، قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} أي وصلكم والبين الوصل، والمعنى: كونوا مجتمعين على أمر الله تعالى. وعن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وسألته فيها، فقال: «أقم يا قبيصة، حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها» ، ثم قال: «يا قبيصة، إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة رجل تحمل حمالة فسأل فيها حتى يؤديها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة، فاجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب سدادًا من عيش أو قومًا من عيش ورجل أصابته فاقة حتى يشهد ثلاثة من ذوي الحجى من قومه، لقد أصابته فلانًا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب سِدادًا من عيش أو قوامًا من عيش وما سوى ذلك فهو سحت يأكلها صاحبها سحتًا يوم القيامة» ، والمعنى شاهد بذلك؛ لأنه إنما يلتزم في مثل ذلك المال العظيم الخطير، وقد أتى معروفًا عظيمًا وابتغى صلاحًا عامًا، فكان من المعروف حمله عنه من الصدقة وتوفير ماله عليه لئلا يجحف بمال المصلحين أو يوهن عزائمهم عن تسكين الفتن وكف المفاسد. القسم الثاني: من غرم لإصلاح نفسه في مباح أو تدين لشراء نفسه من كفار أو تدين لنفسه شيء محرم وتاب منه، وأعسر بالدين؛ لقوله تعالى: {وَالْغَارِمِينَ} ، السابع: غاز في سبيل الله؛ لقوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} ولا خلاف في استحقاقهم وبيان حكمهم ولا خلاف في أنهم الغزاة؛ لأن سبيل الله عند الإطلاق هو الغزو. قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ} ، وقال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» ؛ وإنما يستحق هذا الاسم الغزاة الذين لا ديوان لهم وإنما يتطوعون بالغزو إذا نشطوا ومعنى لا ديوان لهم أي لا حق لهم في الديوان؛ لأن مَن له رزق راتبٌ فهو مستغن به، وفي إعطاء الفقير منها للحج خلاف. ففي رواية: اختارها في «المغني» و «الشرح الكبير» وقاله أكثر العلماء منهم مالك وأبو حنيفة والثوري والشافعي وأبو ثور وابن المنذر؛ لأن سبيل الله تعالى حيث أطلق ينصرف إلى

س113: ما مقدار ما يعطاه الفقير والمسكين من الزكاة؟ وإذا ملك مالا يقوم بكفايته هل يعطي معه من الزكاة؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو تفصيل؟

الجهاد غالبًا، والزكاة لا تصرف إلا لمحتاج إليها كالفقير أو من يحتاجُه المسلمون كالعامل والحج لا نفع فيه للمسلمين ولا حاجة بهم إليه، والفقير لا فرض في ذمته فيسقطه وإن أراد به التطوع فتوفير هذا القدر على ذوي الحاجة أو صَرفها في مصالح المسلمين أولى، وعنه يعطي الفقير ما يحج به الفرض ويستعين به فيه، يروى إعطاء الفقير من الزكاة في الحج، عن ابن عباس، وعن ابن عمر - رضي الله عنهم -، وهو قول إسحاق؛ لما روى أبو داود: أن رجلاً جعل ناقة في سبيل الله فأرادت امرأته الحج، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اركبيها؛ فإن الحج من سبيل الله» ؛ ولحديث: «الحج والعمرة في سبيل الله» رواه أحمد، ويشترط له الفقر ومعنْاه أن يكون ليس له بالحج به سواها، وقيل: لا، قال في «الاختيارات الفقهية» : ومَن لم يحج حجة الإسلام أعطى ما يحج به وهو إحدى الروايتين عن أحمد، انتهى. وذكر القاضي جوازه في النفل كالفرض وهو ظاهر كلام أحمد والخرقي، وذكر القاضي جوازه في النفل كالفرض وهو ظاهر كلام أحمد والخرقي وصححه بعضهم؛ لأن كلاً من سبيل الله والفقير لا فرض عليه فهو منه كالتطوع. والقول الثاني: عندي أنه أرجح لما أراه من قوة الدليل. والله أعلم. الثامن: ابن السبيل للآية وهو المسافر المنقطع بغير بلده في سفر مباح أو في سفر محرم وتابه منه؛ لأن التوبة تجُب ما قبلها؛ وأما الأدلة الدالة على ذلك، فعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحل الصدقة لغني إلا في سبيل الله وابن السبيل أو جار فقير يتصدق عليه فبهدى لك أو يدعوك» رواه أبو داود، وفي لفظ: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة لعامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غاز في سبيل الله، أو مسكين تصدق عليه بها فأهدى منها لغني» رواه أبو داود وابن ماجه. س113: ما مقدار ما يعطاه الفقير والمسكين من الزكاة؟ وإذا ملك مالاً يقوم بكفايته هل يعطي معه من الزكاة؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو تفصيل؟ ج: يعطيان تمام كفايتهما مع كفاية عائلتها سنة؛ لأن وجوبها يتكرر

س114: وضح مقدار ما يعطاه العامل على الزكاة واذكر ما يشترط في العامل، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟

بتكرر الحول فيعطي ما يكفيه إلى مثله وكل واحد من عائلتهما مقصود دفع حاجته فيعتبر له ما يعتبر للمنفرد ومَن ملك من غير الأثمان ما لا يقوم بكفايته؛ فإن كان مما لا تجب فيه الزكاة كالعقار ونحوه، لم يكن ذلك مانعًا من أخذها، وهذا قول الثوري والنخعي والشافعي وأصحاب الرأي؛ لأنه فقير محتاج. فأما إن ملك نصابًا زكويًا لا تتم به الكفاية كالمواشي والحبوب فله الأخذ من الزكاة نصّ عليه، وذكر قول عمر - رضي الله عنه - أعطوهم وإن راحت عليهم من الإبل كذا وكذا وهذا قول الشافعي؛ لأنه لا يملك ما يغنيه ولا يقدر على كسب ما يكفيه فجاز له الآخذ؛ فإن ملك من غير الأثمان ما يقوم بكفايته كمن له كسب يكفيه أو أجرة عقار أو غيره فليس له الأخذ من الزكاة، وهذا قول الشافعي وإسحاق وابن المنذر؛ لما روى أحمد عن رجلين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهما أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألاه الصِّدفة فصعَّد فيهما النظر فرآهما جلدين، فقال: «إن شئتما أعطيتكما» ولاحظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب، قال أحمد –رحمه الله تعالى-: ما أجوده من حديث وإن ملك من الأثمان ما لا يقوم بكفايته فليس بغني فلا تحرم عليه الزكاة؛ لأن الغني ما تحصل به الكفاية؛ فإذا لم يكن محتاجًا حرمت عليه الزكاة وإن لم يملك شيئًا، وإن كان محتاجًا حلت له ومسألتها. والرواية الأخرى: «إذا ملك خمسين درهمًا أو قيمتها من الذهب فهو غني» روى ذلك عن علي وابن مسعود -رضي الله عنهما-؛ لما روى عبد الله ابن مسعود مرفوعًا: «من سأل وله ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة خموشًا أو خدوشًا أو كدوحًا في وجهه» ، قالوا: يا رسول الله، وما غناه، قال: «خمسون درهمًا أو حسابها من الذهب» رواه الخمسة. س114: وضَّح مقدار ما يعطاه العامل على الزكاة واذكر ما يشترط في العامل، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟ ج: يعطي عامل قدر أجرته منها إلا إن تلفت في يده بلا تفريط منه

فيعطي أجرته من بيت المال؛ لأن للإمام رزقه على عمله من بيت المال ويوفر الزكاة على أهلها؛ فإذا تلفت تعين حقه في بيت المال ولا ضمان على عامل لم يفرط؛ لأنه أمين وله الأخذ ولو تطوع بعمله؛ لقصة عمر - رضي الله عنه - وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر له بعمالة، فقال: إنما عملت لله، فقال: «إذا أعطيت شيئًا من غير أن تسأل فكلْ وتصدَّق» متفق عليه. وشرط كون عامل مكلفًا مسلمًا أمينًا كافيًا من غير ذوي القربى؛ أما كونه مكلفًا فلعدم أهلية الصغير والمجنون للقبض؛ ولأنها ولاية وغير المكلف مولى عليه؛ وأما كونه مسلمًا فلأنها ولاية على المسلمين فاشترط فيها الإسلام كسائر الولايات؛ ولقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً} ولأن الكافر ليس بأمين؛ ولهذا قال عمر: لا تأمنوهم وقد خوَّنهم الله وأنكر على أبي موسى تولية الكتابة نصرانيًا فالزكاة التي هي ركن الإسلام أولى؛ وأما كونه أمينًا كِافيًا فلأن غيره يذهب بمال الزكاة ويضيعه؛ ولأنها ضرب من الولاية والولاية يشترط فيها ذلك؛ وأما كونه من غير ذوي القربى فلما ورد عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أنه والفضل بن عباس انطلقا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: ثم تكلم أحدنا، فقال: يا رسول الله، لِتُؤمِّرَنا على هذه الصدقات فنصيب ما يصيب الناس من المنفعة وتؤدي إليك ما يؤدي الناس، فقال: «إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد إنما هي أوساخ الناس» مختصر لأحمد ومسلم، وهو نصّ في التحريم لا تجوز مخالفته، قال في «الشرح الكبير» : ويشترط كونه من غير ذوي القربى إلا أن تدفع إليه أجرته من غير الزكاة، وقال أصحابنا: لا يشترط لأنها أجرة على عمل تجوز للغني، فجازت لذوي القربى كأجرة النقَّال، وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي؛ وأما أنه لا يشترط فقر، فلخبر أبي سعيد مرفوعًا: «لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة لعامل، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم، أو غاز في سبيل الله، أو مسكين يتصدَّق عليه منها فأهدى منهما لغني» رواه أبو داود وابن ماجه؛ وأما أنه لا يشترط حريته؛ فلحديث أنس مرفوعًا: «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم

س115: إذا عمل إمام أو نائبه فهل يأخذ شيئا من الزكاة؟ وهل تقبل شهادة مالك على عامل بوضعها في غير موضعها؟ وهل يصدق رب المال في دفعها إلى العامل بلا يمين؟ وإذ ثبت على عامل أخذ زكاة من أربابها فما الحكم؟ وما حكم كون حاملها وراعيها ممن منعها؟ وما حكم أخذ الهدية للعامل؟ وإذا خان العامل في شيء، فما الحكم؟ وإذا أخذ منهم شيئا فما الحكم؟

عبد حبشي كأن رأسه زبيبة» رواه أحمد والبخاري، ولأن العبد يحصل به المقصود أشبه الحرّ. س115: إذا عمل إمام أو نائبه فهل يأخذ شيئًا من الزكاة؟ وهل تقبل شهادة مالك على عامل بوضعها في غير موضعها؟ وهل يصدق رب المال في دفعها إلى العامل بلا يمين؟ وإذ ثبت على عامل أخذ زكاة من أربابها فما الحكم؟ وما حكم كون حاملها وراعيها ممن منعها؟ وما حكم أخذ الهدية للعامل؟ وإذا خان العامل في شيء، فما الحكم؟ وإذا أخذ منهم شيئًا فما الحكم؟ ج: إذا عمل الإمام أو نائبه على الزكاة بأن جبَاهَا الإمام أو نائبه بلا بعث عمال لم يأخذ منها شيئًا؛ لأنه يأخذ رزقه من بيت المال، وتقبل شهادة مالك مالٍ مزكي على عامل بوضع الزكاة في غير موضعها؛ لأن شهادته لا تدفع عنه ضررًا ولا تجر له نفعًا لبراءته بالدفع إليه مطلقًا بخلاف شهادة الفقراء ونحوهم، فلا تقبل له ولا عليه فيها ويصدق رب المال في دفعها إلى العامل بلا يمين؛ لأنه مؤتمن على عبادته ويحلف عامل أنه لم يأخذها منه ويبرأ من عهدتها فتضيع على الفقراء؛ لأنه أمين، وإن ثبت على عامل أخذ زكاة من أربابها ولو بشهادة بعض منهم لبعض بلا تخاصم بين عامل وشاهد قبلت وغرم العامل لأهل الزكاة بعض منهم لبعض بلا تخاصم بين عامل وشاهد قبلت وغرم العامل لأهل الزكاة ما ثبت عليه أخذه، ويصدق عامل في دعوى رفع زكاة لفقير فيبرأ منها، ويصدق فقير في عدم الدفع إليه منها فيأخذ من زكاة أخرى، ويجوز كون حاملها وراعيها ممَّن منعها، ولا يجوز للعامل قبول هدية من أرباب الأموال؛ لحديث: «هذا العمال غلول» ، ولا يجوز أخذ رشوة وما خان العامل فيه أخذه الإمام ليرده إلى المستحق له؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من استعملناه على عمل فما أخذه بعد ذلك غلول» رواه أبو داود، ولا يأخذ أرباب الأموال؛ لأنه زكاة، لكن إن أخذ منهم شيئًا ظلمًا بلا تأويل فلهم أخذه، قال الشيخ: ويلزمه رفع حساب ما تولاه إذا طلب منه.

س116: ما مقدار ما يأخذه المؤلف؟ وهل يقبل قوله في ضعف إسلامه؟ وهل يقبل قوله في أنه مطاع في عشيرته؟ وهل حكم المؤلف باق أم انقطع؟ وما مقدار ما يعطاه المكاتب من الزكاة؟ وتكلم عما يتعلق حول هذا من الصور؟

س116: ما مقدار ما يأخذه المؤلف؟ وهل يقبل قوله في ضعف إسلامه؟ وهل يقبل قوله في أنه مطاع في عشيرته؟ وهل حكم المؤلف باق أم انقطع؟ وما مقدار ما يعطاه المكاتب من الزكاة؟ وتكلم عما يتعلق حول هذا من الصور؟ ج: يعطي مؤلف من زكاة ما يحصل به التأليف؛ لأنه المقصود، ويقبل قوله في ضعف إسلام، ولا يقبل قوله في أنه مطاع في عشيرته إلا ببينة، وحكم المؤلفة باق؛ لأن الآية من آخر ما نزل، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - أعطى مؤلفة من المسلمين والمشركين فيعطون عند الحاجة، ودعوى الاستغناء عن تأليفهم خارج عن محل الخلاف؛ فإن الكلام مفروض عند الحاجة، ويعطي مكاتب وفاء دين الكتاب قَدرٍ على الكتابةِ أو لا لقوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} وما أعتقَ ساع فولاؤه للمسلمين؛ لأنه نائبهم وما أعتق رب المال فولاؤه له. س117: ما مقدار ما يعطاه الغارم؟ وهل يقضي منها الدين على الميت؟ وما مقدار ما يعطاه الغازي؟ وهل يجوز شراء فرس بزكاة رجل ودَفعها إليه يغزو عليها؟ وإذا لم يغزو فما الحكم؟ ج: يعطي غارم وفاء دينه كمكاتب لاندفاع حاجتهما به، ودين الله كدين الآدمي ولا يقضى من الزكاة دين على ميت لعدم أهلية القبول لها، كما لو كفَّنه منها وسواء كان استدانته لإصلاح ذات بين أو لمصلحة نفسه، ويعطي غاز لو غنيًا ما يحتاج لغزوه ذهابًا وإيابًا وإقامة في أرض العدو ونحو ثمن سلاح ودرع وفرس لفارس وحسولته، ويقبل قوله أنه يريد الغزو؛ لأن إرادته أمر خفي لا يعلم إلا من جهته ولا يجزئ أن يشتري من عليه زكاة منها فرسًا يحبسها في سبيل الله أو يشتري منها عقارًا يقفه على الغزاة لعدم المأمور به ولا يجزئ من وجبت عليه زكاة غزوه على فرس أو بدرع منها؛ لأن نفسه ليست مصرفًا لزكاة كما لا يقضي بها دينه، وللإمام شراء فرس بزكاة رجل دفعها

س118: ما مقدار ما يعطاه ابن سبيل؟ وإذا وجد مقرضا فهل يعطي؟ وإذا سقط ما على غارم أو مكتب أو فضل معهما أو مع غاز أو ابن سبيل شيء بعد حاجته، فما الحكم؟

إليه ليغزو عليها؛ ولأنه بريء منها بدفعها للإمام وإن لم يغزو من أخذ فرسًا أو غيرها من الزكاة ردها إلى إمام؛ لأنه أعطي على عمل ولم يعمله نقل عبد الله إذا أخرج في سبيل الله أكل من الصدقة. س118: ما مقدار ما يعطاه ابن سبيل؟ وإذا وجد مُقرضًا فهل يعطي؟ وإذا سقط ما على غارم أو مكتب أو فضل معهما أو مع غاز أو ابن سبيل شيء بعد حاجته، فما الحكم؟ ج: يعطى ابن سبيل ولو وجد مقرضًا ما يبلغه بلده أو منتهى قصده وعوده إليها إن لم يكن ذلك محرمًا ولا مكروهًا، وإن سقط ما على غارم من دين أو سقط ما على مكاتب من مال كتابة أو فضل مع الغارم والمكاتب شيء عن الوفاء أو فضل مع غاز أو ابن سبيل شيء بعد حاجته رد الكل ما أخذه أو رد مَن فضل معه شيء من غارم ومكاتب وغاز وابن سبيل ما فضل معه؛ لأنه يأخذه مراعي؛ فإن صرفهُ في جهته التي استحق أخذه لها وإلا استرجع منه؛ وأما الفقراء والمساكين والعاملون على الزكاة والمؤلفة قلوبهم فينصرفون في فاضل بما شاءوا؛ لأنه سبحانه أضاف الزكاة إليهم بلام الملك، ثم قال: {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} ولأنهم يأخذون الزكاة لمعنى يحصل بأخذهم وهو غذاء الفقراء والمساكين وأداء أجر العاملين وتأليف المؤلفة، والأربعة الآخرون يأخذون لمعنى لا يحصل بأخذ الزكاة فافترقوا. س119: إذا استدان مكاتب ما عتق به وبيده منها بقدر ما استدانه فهل يصرف فيه؟ وهل تجزي الزكاة والكفارة ونحوهما لصغير لم يأكل الطعام؟ وهل يقضي من الزكاة الدين عن الحي؟ وهل تجزي الزكاة والكفارة ونحوها لمن بعضه حر؟ وما الذي يشترط لإجزاء الزكاة؟ وهل للمالك دفعها لغريم المدين؟ ج: لو استدل مكاتب مالاً أداه لسيد وعتق بأدائه وبيده من الزكاة بقدر

س120: تكلم عن أحكام ما يلي: سؤال ما أبيح للإنسان أخذه؟ إعطاء السؤال؟ قبول مال طيب؟ من سأل واجبا مدعيا كتابة أو غرما أو أنه ابن سبيل أو مدعيا فقرا ولم يعرف بغني إذا صدق مكاتبا سيده أو صدق غارما غريمه، من ادعى عيالا أو فقرا ولم يعرف بغنى؟ الجلد إذا ادعى عدم مكسب؟

ما استدانه فللمكاتب صرفه فيما استدانه وعتق به؛ لأنه محتاج إليه بسبب الكتابة وتجزي زكاة وكفارة ونحوهما لصغير لم يأكل الطعام لصغره ويصرف في أجرة رضاعه وكسوته لابدّ منه، ويقبلُ له وليه في ماله؛ فإن لم يكن فمن يليه من أم أو غيرها؛ لأن حفظه من الضياع والهلاك أولى من مراعاة الولاية، ويشترط لإجزاء زكاة تمليك المعطي، وللإمام قضاء دين على غارم حي من زكاة بلا إذنه لولايته عليه في إبقائه، ولهذا يجبره عليه إذا امتنع والأولى للإمام دفع زكاة إلى سيد المكاتب والأولى لمالك مزكي دفع الزكاة إلى سيد مكاتب لرده ما قبض من زكاة من مال الكتابة إن رقّ مكاتب لعجزه ولا يرد سيد مكاتب ما قبض مكاتب من زكاة ودفعه لسيده ثم عجز أو مات ونحوه، ولمالك مزكي دفع الزكاة إلى غريم مدين من أهل الزكاة بتوكيل المدين ويصح توكيل مدين لربها في ذلك ولو لم يقبضها مدين، وللمالك دفع الزكاة إلى غريم مدين بدون توكيل المدين نصًّا؛ لأنه دفع الزكاة في قضاء المدين أشبه ما لو دفعها إليه فيقضي بها دينه. س120: تكلم عن أحكام ما يلي: سؤال ما أبيح للإنسان أخذه؟ إعطاء السؤال؟ قبولُ مالٍ طيب؟ من سأل واجبًا مُدعيًا كتابة أو غرمًا أو أنه ابن سبيل أو مدعيًا فقرًا ولم يعرف بغني إذا صدق مكاتبًا سيِّده أو صدق غارمًا غريمه، مَن ادَّعى عيالاً أو فقرًا ولم يعرف بغنى؟ الجَلْدُ إذا ادعى عدم مكسب؟ ج: مَن أبيح له أخذ شيء من زكاة أو كفارة أو نذرًا أو غيرها كصدقة التطوع أبيح له سؤاله نصًا لظاهر حديث: «للسائل حق وإن جاء على فرس» ؛ ولأنه يطلب حقه الذي جعل له ولا بأس بمسألة شرب الماء نصًّا واحتج بفعله - صلى الله عليه وسلم -، وقال في العطشان: «لا يستسقي يكون أحمق» ، وإعطاء السؤال مع صدقهم فرض كفاية؛ لحديث: «لو صدق السائل ما أفلح من رده» احتج به أحمد، وأجاب بأن السائل إذا قال: أنا جائع، وظهر صدقه وجب إطعامه، وإن سألوا مطلقًا لغير معين لم يجب إعطاؤهم ولو أقسموا؛ لأن إبرار المقسم إنما هو إذا أقسم على

س121: تكلم عن أحكام ما يلي: حكم تعميم الأصناف الثمانية؟ حكم تفرقها في الأقارب؟ من فيه سببان هل يأخذ بهما؟ الاقتصار في إيتاء الزكاة على إنسان واحد؟ إذا أعتق عبدا لتجارة قيمته نصاب بعد الحول قبل إخراج ما فيه، فهل يجوز دفع ما فيه زكاة إليه؟

معين، وإن جهل حال السائل، فالأصل عدم الوجوب وإطعام جائع ونحوه فرض كفاية، ويجب أخذ مال طيب أتى بلا مسألة ولا استشراف نفس لما ورد عن سالم عن عبد الله بن عمر، عن أبيه - رضي الله عنهم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعطي عمر بن الخطاب العطاء فيقول: «أعطه أفقر مني، فيقول خذه فتموله أو تصدق به وما جاءك من هذا المال وأنت مُشرف ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك» رواه مسلم، ومن سأل واجبًا مدعيًا أنه مكاتب أو أنه غارم أو أنه ابن سبل أو مدعيًا فقرًا وعرف بغنى لم يقبل قوله إلا ببينة؛ لأن الأصل عدم ادعائه وإن ثبت أنه ابن سبيل صُدِّق على إرادة السفر والبينة فيما إذا ادعى فقرأ من عرف بغنى ثلاثة رجال؛ لحديث: «إن المسألة لا تحل لأحد إلا لثلاثة رجل أصابته فاقة حتى يشهد ثلاثة من ذوي الحجى من قومه لقد أصابت فلانًا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عَيشٍ أو سِدادًا من عيش» رواه مسلم. وإن صدق مكاتبًا سيدُه قبل وأُعطي أو صدق غارمًا غريمُهُ أنه مدين قُبِلَ وأعطى من الزكاة؛ لأن الظاهر صدقه ويُقلّدُ من ادَّعَى من فقراء أو مساكين عيالاً فيعطى له ولهم بلا بينة أو ادعى فقرًا ولم يعرف بغنى؛ لأن الأصل عدم المال فلا يكلف بينة به وكذا يقلد جلدٌ ادعى عدم مكسب ويُعطى من زكاة بعد إعلامه أنه لا حظ فيها لغني ولا لقوي مُكتسب؛ لحديث أبي داود في الرجلين اللذين سألاه وفيه أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألناه من الصدقة فصعَّدَ فِينَا النظر فرآنا جَلدَين، فقال: «إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب» . س121: تكلم عن أحكام ما يلي: حكم تعميم الأصناف الثمانية؟ حكم تفرقها في الأقارب؟ من فيه سببان هل يأخذ بهما؟ الاقتصار في إيتاء الزكاة على إنسان واحد؟ إذا أعتقَ عبدًا لِتجارة قيمته نصاب بعد الحول قبل إخراج ما فيه، فهل يجوز دفع ما فيه زكاة إليه؟ ج: يحرم أخذ صدقة بدعوى غِنيَّ فقرًا، ولو من صدقة تطوع؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -:

«ومن يأخذها بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيدًا يوم القيامة» متفق عليه. وسن تعميم الأصناف الثمانية بلا تفضيل بينهم إن وجد الأصناف حيث وجبَ الإخراج وإلا عَمَّم مَن أمكن خروجًا من الخلاف وليَحصُل الإجزاء بيقين؛ فإن اقتصر على إنسان واحد أجزأ، وهذا قول حذيفة وابن عباس - رضي الله عنهم -، وبه قال سعيد بن جبير والحسن وعطاء وإليه ذهب الثوري وأبو عبيد وأصحاب الرأي؛ لقوله تعالى: {إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} الآية؛ ولحديث معاذ حين بعثه إلى اليمن فلم يذكر في الآية والحديث إلا صنف واحد، وقوله لقبيصة: «أقِم عنْدَنا حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها، وأمر بني سلمة بدفع صدقتهم إلى سلمة بن صخر» ، ولو وجب الاستيعاب لم يجز صرفها إلى واحِد؛ ولأنه لا يجبُ تعميم كل صنف بها فجاز الاقتصار على واحد كالوصية لجماعة لا يمكن حصرهم، والآية سِيْقَتْ لِبيَان مَن يجوز الدفع إليه لا لإيجاب الصرف للجميع دليل أنه لا بجب تعميم كلَّ صنف بها، ولما فيه من الحرج والمشقة، وجاز دفعها لغريمه؛ لأنه من جملة الغارمين؛ فإن ردها عليه من دينه بلا شرط جاز له أخذه؛ لأن الغريم ملك ما أخذه الأخذ أشبه ما لو وفَّاه من مال آخر؛ لكن إن قصد بالدفع إحياء ماله واستيفاء دينه لم تجز؛ لأنها لله تعالى فلا يصرفها إلى نفعه. قال ابن القيم –رحمه الله-: ومن الحيل الباطلة المحرمة أن يكون له على رجل مال وقد أفلس غريمه وأيس من أخذه منه وأراد أن يحسبه من الزكاة فالحيلة أن يعطيه من الزكاة بقدر ما عليه فيصير مالكًا للوفاء فيطالبه حينئذ بالوفاء؛ فإذا وفاه برئ وسقطت الزكاة عن الدافع وهذه حيلة باطلة سواء شرط عليه الوفاء أو منعه من التصرف فيما دفعها إليه أو ملكه إياه بنية أن يستوفيه من دينه، فكل هذا لا يسقط عنه الزكاة ولا يعد مخرجًا لها شرعًا ولا عرفًا، كما لو أسقط دينه وحسبه من الزكاة. انتهى من «إعلام الموقعين» (3/320، 321) ، وسن تفرقة صدقته في أقاربه الذين لا تلزمه مؤنتهم كذوي أرحامه ومَن لا يرثه من نحو أخ وعم على قدر

حاجتهم فيزيد ذا الحاجة بقدر حاجته؛ لحديث: «صدقتك على ذي القرابة صدقة وصلة» رواه الترمذي والنسائي. ويبدأ بالأقرب فالأقرب ومَن فيه سببان كفقير غارم أو ابن سبيل أخذَ بالسَّببَين فيعطي بفقره كفايته مع عائلته سنة وبغرمه ما يفي به دينه ولا يجوز أن يعطي بأحَد السببين لا بعينه لاختلاف أحكامهما في الاستقرار وعدمه وإن أعطى بهما وعيّنَ لكل سبب قدرٌ معلوم فذاك وإلا يُعيَّنُ لكل سبب قدَرٌ كان ما أعطيه بينهما نصفين ومن أعتق عبدًا لِتجارة قيمته نصاب بعد الحول قبل إخراج وما فيه من زكاة فلِلسيدِ دَفعُ ما فيه من زكاة إلى العتيق، وكذا فطرة عبد أعتقه بعد وجوبها عليه ما لم يقم به مانع من غنى ونحوه. من النظم ومختصره مما يتعلق في مصارف الزكاة وأصنَاف من يعطي ثمانية أتى ... بتبيَانهم نصّ الكتاب الممجدِ فقيرهم المحتاج جلَّ كفاية ... ومسكينهم عكس وعكس بأبعدِ كجاب وسَوَاقٍ وكتب وقاسم ... وحافظها في الصبح أو عند مرْقَدِ وليس غنى مالك لما ليس كافيًا ... ولو كان أثمان كثيرًا بأوكدِ وعن أحمد حرم بخمسين درهمًا ... على المرء أو مقدارها ملك عسجدِ وكل مطاع في العشيرة مؤلف ... لخوف أذاه أو رجاء المرء يُهتدى وقوة إيمان وإسلام مُشْبهٍ ... وتحصيل ممنوع ودفع لمعْنَدِ وعنه امنعن بالكفر كل مؤلف ... لقوة إسْلام ووفرَ التعَددِ وأهل الرقاب إسْم لكل مكاتب ... وفك أسير مسلم في المؤكدِ وكل مدين يصلح للناس غارم ... كذا في مباحات النفوس ليعددِ وسابعهم غاز بغير مقرر ... وقولين في حج المساكين أسندِ ومفتَقر في الغربة ابن سبيلهم ... وليس الذي من أرضه السير يبتدي

فيعطي مقدار المبلغ أرضه ... وذا الفقر والمسكين كافيهما ارفدِ وعنه الفقير المبتدى السير أعطه ... لسير مباح للذهاب ومزددِ وعاملها مقدار أجرة فعله ... وعنه ثُميْن اللذّ جَبَى إن يُزهدِ وذو الغرم في النوعين يعطي كفايةً ... ليقضي جميع الدين لا تتزيدِ وما يحصل التأليف منه لأهله ... وحاجة أهل الغزو جمعاء أوْرِدِ فإن هم لم يغزو أفخذه وإن غزوا ... فخذ فاضلاً بعد الرجوع بمبعدِ وخذ لعيال حاجة العام كلها ... في الأولى وكل فوق لا تتزيد ويأخذ منهم مع غناه مؤلف ... وغاز وعمال ومصلح ومفسد وفاضل ما يحتاجه ابن سبيلهم ... وغارم نفس والمكاتب ليردد ويملكه الباقي وعنه جميهم ... ولكنه مع عجز عبد لسيد ويأخذ ذو الوصفين غاز وغارم ... بوصيفه منهَا في المقَالِ المجَوَّد ومن كان ذا ملك وتجر وصنعة ... يقوم به ريعٌ دَاومًا ليطرد ويأخذ ذو كسب تخلي لعلمه ... ولا تعط ذا كسب ملازم مَعْبد وليس غني دار وعبد وخدمة ... وكتب لمحتاج إلى ذاك سرمد ودعوى افتقار وكتاب ومغرم ... أو ابن سبيل رد إلا بشهّد ولا تقبلن بعد الغنى الفقر يا فتى ... بدون ثلاثة يشهدون بأوطد ويقبل مجهول سبق يساره ... ووجهان مع تصديق خصم وسيِّد واعط سوى الحال من غير حلفه ... وخبره أن لا حظ فيها لأجلد ولا ذا اكتساب قائم بأموره ... وتقبل دعواه العيال بأجود ويشرع في الأصناف صرف جميعها ... ولو لم تساوي بينهم في المعدَّد ومَن يعط فردًا من أولاه زكاته ... جميعًا يجز ما يَعُد الغنى أحدد ويشرع في قرباك من ليس وارثًا ... على قدر حاجات وقرب ليمدد ومن بعد ذا فالجار والعلم قَدِّمنْ ... وراع ذوي الحاجات والستر ترشد

س122: من الذين لا يجزي دفع الزكاة إليهم؟ ومن الذين يجوز دفعها إليهم غير من تقدم؟ وهل لمن لا يجوز دفع الزكاة إليه الأخذ من صدقة التطوع؟ وإذا دفع الزكاة لغير مستحقها لجهل فما الحكم؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟

س122: مَن الذين لا يجزي دفع الزكاة إليهم؟ ومن الذين يجوز دفعها إليهم غير من تقدم؟ وهل لمن لا يجوز دفع الزكاة إليه الأخذ من صدقة التطوع؟ وإذا دفع الزكاة لغير مستحقها لجَهْلٍ فما الحكم؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟ ج: ولا تجزي زكاة إلى كافر غير مؤلف؛ لحديث معاذ: «فتؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم» ، وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن الذمّي لا يعطى من الزكاة ولا تجزي إلى كامل رقّ من قنّ ومدّبر ومعلق عتقه بصفة؛ لأن نفقة الرقيق على سيده. قال في «الشرح الكبير» : ولا يعطي الكافر ولا المملوك، لا نعلم فيه خلافًا. انتهى. غير عامل ومكاتب فيجوز؛ أما العامل، فلأن ما يأخذه أجرة عمل يستحقها سيده؛ وأما المكاتب، فلأنه في الرقاب ولا تجزي إلى زوجة المُزكِّي حكاه ابن المنذر إجماعًا، لوجوب نفقتها عليه فتستغني بها عن أخذ الزكاة، وكما لو دفعها إليها على سبيل الإنفاق عليها والناشز كغيرها ولا تجزي إلى فقير ومسكين ذكر وأنثى مُسَغنينِ بنفقةٍ واجبةٍ على قريب أو زوج غنيين لحصول الكفاية بالنفقة الواجبة لهما أشبه من له عقار يستغني بأجرته؛ فإن تعذر منهما جاز الدفع كما لو تعطلت منفعة العقار، ولا تجزي للوالدين وإن علوا ولا للولد وإن سفل؛ لأن دفعها إليهم يغنيهم عن نفقته ويسقطها عنه فيعود نفعها إليه فكأنه دفعها إلى نفسه أشبه ما لو قضى بها دينه ما لم يكونوا عمَّالاً أو مؤلفة أو غزاة أو غارمين لإصلاح ذات بين. وفي «الاختيارات الفقهية» : ويجوز صرف الزكاة إلى الوالدين وإن علوا وإلى الولد وإن سفل إذا كانوا فقراء وهو عاجز عن نفقتهم لوجود المقتضى السالم عن المعارض المقاوم، وهو أحد القولين في مذهب أحمد وإذا كانت الأم فقيرة ولها أولاد صغار لهم مال ونفقتها تضرّ بهم أعطيت من زكاتهم، والذي يخدمه إن لم تكفه أجرته أعطاه من زكاته إذا لم يستعمله بدل زكاته ومَن كان في عياله من لا تجب عليه نفقتهم فله أن يعطيهم من الزكاة ما يحتاجون إليه ما لم تجر عادته بإنفاقه من ماله. انتهى (ص104) ، وفي «مجموع الفتاوى» : إذا كان على الولد دين ولا وفاء له جاز له أن يأخذ من زكاة أبيه في أظهر القولين في

مذهب أحمد وغيره؛ وأما إذا كان محتاجًا إلى النفقة وليس لأبيه ما يتفق عليه ففيه نزاع والأظهر أنه يجوز له أخذ زكاة أبيه؛ وأما إن كان مستغنيًا بنفقة أبيه فلا حاجة به إلى زكاته. والله أعلم. (25/92) انتهى. وعن معن بن يزيد - رضي الله عنه - قال: بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا وأبي وجدي وخطب عليَّ فأنكحني وخاصمتُ إليه، وكان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فأتيته بها، فقال: والله ما إياك أردت، فخاصمته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «لك ما نويت يا يزيد ولك ما أخذت يا معن» قال ابن رجب: إنما يمنع من دفع زكاته إلى ولده خشية أن تكون محاباة، وإذا وصلت إليه من حيث لا يشعر كانت المحاباة منتفية، وهو من أهل الاستحقاق، ولا يجزي امرأة دفعُ زكاتها إلى زوجها؛ لأنها تعود إليها بإنفاقه عليها. والرواية الثانية: يجوز اختارها القاضي وأصحابه، وهو مذهب الشافعي وابن المنذر وطائفة من أهل العلم؛ لما ورد عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، قال: جاءت زينب امرأة ابن مسعود، فقالت: يا رسول الله، إنك أمرت اليوم بالصدقة وكان عندي حي لي فأردت أن أتصدق به، فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق مَن تصدقت به عليهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صدق ابن مسعود زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم» رواه البخاري. ولا يجزي دفع زكاة إنسان إلى سائر مَن تلزم المزكي نفقته من أقاربه ممن يرثه بفرضه أو تعصيب كأخت وعمّ وعتيق حيث لا حاجب. والقول الثاني: أنه يجوز إلى غير عمودي النسب ممن يرثه بفرض أو تعصيب؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الصدقة على المسكين صدقة وهي على ذي الرحم إثنتان صدقة وصلة» رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي؛ فإن كان من تلزمه غازيًا أو عاملاً أو مؤلفًا أو مكاتبًا أو ابن سبيل أو غارمًا لإصلاح ذات بين أعطى من الزكاة، وتجزي إلى من تبرع بنفقته بضمه إلى عياله أو تعذرت نفقته، ولا تجزي دفع زكاة إلى بني هاشم وهم سلالته فدخل آل عباس بن عبد المطلب وآل جعفر وآل علي وآل عقيل بني أبي طالب

وآل الحارث بن عبد المطلب وآل أبي لهب سواء أعطوا من الخمس أولاً؛ لعُموم: «إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد وإنما هي أوساخ الناس» رواه مسلم. قال في «الاختيارات الفقهية» : وبنو هاشم إذا منعوا من خمس الخمس جاز لهم الأخذ من الزكاة وهو قول القاضي يعقوب وغيره من أصحابنا، وقال أبو يوسف من الحنفية والإصطخري من الشافعية؛ لأنه محل حاجة وضرورة ويجوز لبني هاشم الأخذ من زكاة الهاشميين، وهو محكي عن طائفة من أهل البيت. انتهى (ص104) ، ومثل بني هاشم مواليهم؛ لحديث أبي رافع: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلاً من بني مخزوم على الصدق، فقال لأبي رافع: اصحبني كيما نصيب منها، فقال: حتى أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسأله، فانطلق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله، فقال: «إنها لا تحل لنا الصدقة وإن مولى القوم منهم» أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي، وقال: حسن صحيح. ويجزي دفع الزكاة إلى مولى بني هاشم؛ لأن النص لا يتناولهم، ولكل ممن أنه لا يجزي دفع الزكاة إليه من بني هاشم وغيرهم أخذ صدقة التطوع؛ لقوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} ولم يكن الأسير يومئذ إلا كافرًا؛ ولحديث أسماء بنت أبي بكر قالت: قدمت عليَّ أمي وهي مشتركة، قلت: يا رسول الله، إن أمي قدمت عليَّ وهي راغبة أفأصلها؟ قال: «نعم صِلِي أمَّك» وَسُنَّ تَعَفُّفُ غنى عن صدقة التطوع وسُنّ له عدم تعرض لها لمدحه تعالى المتعففين عن السؤال مع حاجتهم، قال تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} ولكل من فقير ومسكين هاشمي أو غيره أخذ من وصية لفقراء إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - فمنع من فرض الصدقة ونفلها؛ لأن اجتنابها كان من دلائل نبوته. قال أبو هريرة: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى بطعام سأل عنه أهدية أم صدقة؟ فإن قيل: صدقة، قال لأصحابه: «كلوا» ولم يأكل، وإن قيل: هدية، ضرب بيده وأكل معهم» متفق عليه. ولكل فمن منع الزكاة عن هاشمي

أو غيره الأخذ من نذر لا كفارة؛ لأنه صدقة واجبة بالشرع أشبهتة الزكاة، بل أولى لأن مشروعيتها لمحو الذنب فهي من أشد أوساخ الناس، ويجزي دفع زكاته إلى ذوي أرحامه غير عمودي نسبه ولو ورثوا؛ لحديث: «الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة» رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي؛ ولأن قرابتهم ضعيفة، ويجزي دفع الزكاة إلى بني المطلب لشمول الأدلة لهم خرج منها بنو هاشم بالنص؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد» فوجب أن يختص المنع بهم؛ ولأن بني المطلب في درجة بني أمية وهم لا تحرم الزكاة عليهم، فكذا هم وقياسهم على بني هاشم لا يصلح؛ لأنهم أشرف وأقربُ آل النبي - صلى الله عليه وسلم - بَنُو هاشم. والقول الثاني: لا يجوز لما روى جبير بن مطعم - رضي الله عنه - قال: مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلنا: يا رسول الله، أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحْنُ وهم بمنزلة واحدة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد» رواه البخاري. وفي بعض روايات هذا الحديث أنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام؛ ولأنهم يستحقون من خمس الخمس فمنعوا من الزكاة كبني هاشم وقد أكد ذلك ما روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علل منهم من الصدقة باستغنائهم عنها بخمس الخمس، فقال: «أليس في خمس الخمس ما يغنيكم» قال في حاشية «المقنع» : وظاهره ولو منعوا الخمس ولا يبعد أن يتأتى الخلاف هنا، بل هو أولى بالجواز وإن دفع الزكاة لغير مستحقها، وهو يجهل ثم علم لم يجزئه ويستردها بنمائها؛ لأنه لا يخفي غالبًا كدين الآدمي؛ فإن تلفت ضمنها قابض وإن كان الإمام أو نائبه فعليه الضمان وإن دفعها لمن يظنه فقيرًا فبان غنيًا أجزأ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى الرجلين الجلدين، وقال: «إن شئتما

أعطيتكما منها» لغني ولا لقوي مكتسب، وقال: لذي سأله من الصدقة: «إن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك» ولو اعتبر حقيقة الغنى لما اكتفى بقولهم. وروى أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال رجل لأتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأتى، فقيل: أما صدقتك فقد تقبلت لعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله» رواه النسائي. قال في «الاختيارات الفقهية» : ولا ينبغي أن يعطي الزكاة لمن لا يستعين بها على طاعة الله؛ فإن الله تعالى فرضها معونة على طاعته لمن لا يحتاج إليها من المؤمنين كالفقراء والغارمين أو لمن يعاون المؤمنين، فمن لا يصلي من أهل الحاجات لا يعطى شيئًا حتى يتوب ويلتزم أداء الصلاة في أوقاتها (ص103) . من النظم مما يتعلق بمن لا يجوز دفعها إليه وما بذلها للوالدين بمجزئ ... ولا الولد مع قرب ولا مع تبعُّد ولا القن والكفار غير الذي مضى ... وغاز وذي عزم وإصلاح مفسد وحرم ولا يجزي عطا آل هاشم ... ومولاهم والسبط فيهم ليعدد ويعطون نذرًا والوصايا لمعدم ... ونفلاً في الأولى والمكفر بأجود وزوجتك امنع مع فقيرة موسر ... ولم يجز إعطاء ذا الغنى والتسدد وقولان في إعطا الغنية زوجها ... كذاك هما في آل مُطّلب زد وفي لازم الإنفاق في أقربائه ... مقالقين في غير العمودين أسند وقبل أجزاها للأقارب كلهم ... وزوجين في غرم ودين المعبدِ وليس بمجز دفعها لشريكه ... ولا من تعولا من قريب ومبعد ولا كفن الموتى ولا في ديونهم ... ولا نحو سد البثق أو رَدَّ مسجدِ

ويحرم حتما أن بقي ماله بها ... ويدفع ذما أو لتحصل مَحْمَدِ ومَن يعط كفاراته أو زكاته ... لمن ظنه أهلاً لقبض المزودِ فبان بأن المرء من غير أهلها ... ليقض وعنه لا قضى في الغني قدِ ومَن ليس أهل القبض يعطي وليه ... وعنه وساع في مصالحه ارفدِ

فصل في صدقة التطوع

16- فصل في صدقة التطوع س123: ما حكم صدقة التطوع؟ وضِّح ذلك مع ذكر الدليل. ج: صدقة التطوع مستحبة في جميع الأوقات، قال الله تعالى: {مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} ، وعن أبي هريرة «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب؛ فإن الله يتقبلها بمينه ثم يربيها لصاحبها، كما يُرَبي أحدكم، فلوّه حتى تكون مثله الجبل» متفق عليه. وعن أنس مرفوعًا: «إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء» رواه الترمذي وحسنه، وعن مرثد بن عبد الله قال: حدثني بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن ظل المؤمن يوم القيامة صدقته» رواه أحمد. س124: أيُّما أفضل صدقة السر أم العلانية؟ وضَّح ذلك مع ذكر الدليل. ج: صدقة السر أفضل؛ لقوله تعالى: {إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} . وروي عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله» وذكر منهم «رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» متفق عليه. وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «صدقة السر تطفئ غضب الرب» رواه الترمذي. عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لما خلق الله الأرض جعلت تميد، فخلق الجبال فألقاها عليها، فاستقرت، فتعجبت الملائكة من خلق الجبال، فقالت: يا رب، هل من خلقك شيء أشد

س125: بين متى وقت أفضلية الصدقة من الزمان والمكان؟ واذكر الدليل لما تقول؟

من الجبال؟ قال: نعم، الحديد؛ قالت: يا رب، فهل في خلقك شيء أشد من الحديد؟ قال: نعم، النار؛ قالت: يا رب، فهل من خلقك شيء أشد من النار؟ قال: نعم، الماء؛ قالت: يا رب، فهل من خلقك شيء أشد من الماء، قال: نعم، الريح؛ قالت: يا رب، فهل من خلقك شيء أشد من الريح؟ قال: نعم، ابن آدم يتصدق بيمينه فيخفيها من شماله» . وعن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال: «سر إلى فقير أو جهد من مقل» رواه أحمد؛ فإن ترتبت على الإظهار مصلحة راجحة من اقتداء الناس به فيكون أفضل من هذه الحيثية ومن المصالح المرجحة للإظهار إذا كان في إسراره بها إساءة ظن به فالإظهار أفضل حتى لا يساء به الظن. س125: بيّن متى وقت أفضلية الصدقة من الزمان والمكان؟ واذكر الدليل لما تقول؟ ج: صدقت التطوع بطيب نفس أفضل منها بدونه؛ لما في حديث عبد الله ابن معاوية الغاضري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث من فعلهن فقد ذاق طعم الإيمان من عَبَدَ الله وحده، وعلم أن لا إله إلا الله وأعطى زكاة ماله طيِّبة بها نفسه» الحديث رواه أبو داود. وفي الصحة أفضل منها في غيرها؛ لما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظمُ أجرًا؟ قال: «أن تصدّق، وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغِنَى ولا تهمل حتى إذا بلغت الحلقوم» ، قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان» أخرجاه في الصحيحين. وفي رمضان أفضل منها في غيره؛ لحديث ابن عباس، قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فَلرَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة» متفق عليه.

س126: تكلم عن الصدقة على ذي الرحم؟ وعلى تأكيدها مع العداوة؟ واذكر الأدلة على ذلك؟ ومن الذي يلي ذي الرحم في الأفضلية؟

ولأن الصدقة في رمضان إعانة على أداء فريضة الصوم، وفي أوقات الحاجات أفضل مها في غيرها؛ لقوله تعالى: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} وفي كل زمان ومكان فاضل كالعشر والحرمين؛ أما العشر، فلحديث ابن عباس: «ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر» رواه البخاري. وأما الحرمين فلما ورد عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة في مسجدي خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» رواه البخاري. وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بمائة ألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة» رواه الطبراني في «الكبير» ، وابن خزيمة في «صحيحه» ، ولفظه: «صلاة في المسجد الحرام أفضل مما سواه من المساجد بمائة ألف صلاة، وصلاة في مسجد المدينة أفضل من ألف صلاة فيما سواه، وصلاة في بيت المقدس أفضل مما سواه من المساجد بخمسمائة صلاة» . س126: تكلم عن الصدقة على ذي الرحم؟ وعلى تأكيدها مع العداوة؟ واذكر الأدلة على ذلك؟ ومن الذي يلي ذي الرحم في الأفضلية؟ ج: والصدقة على ذي الرحم صدقة وصلة، لاسيما مع عداوة؛ أما الدليل على أفضليتهما في القرابة، فلقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي طلحة: «وإني أرى أن تجعلها في الأقربين» ، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه، متفق عليه. وتقدم قوله - صلى الله عليه وسلم - لزينب امرأة ابن مسعود: «زوجك وولدك أحق مَن تصدقت به عليهم» رواه البخاري؛ وأما كونها تتأكد مع العداوة، فلم ورد عن أبي أيوب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح» رواه أحمد.

س127: ما الذي تستحب به الصدقة؟ وإذا تصدق بما ينقص مؤنة تلزمه أو بما يضر بنفسه أو غريم أو أرادها بماله كله، فما الحكم؟

وعن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصدقة أيها أفضل؟ قال: «على ذي الرحم الكاشح» رواه الطبراني وأحمد وإسناده حسن، «ثم على جار أفضل؛ لقوله تعالى: {وَالْجَارِ ذِي القُرْبَى وَالْجَارِ الجُنُبِ} » . وعن ابن عمر وعائشة - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» متفق عليه. ويستحب أن يخص بالصدقة من اشتد حاجته؛ لقوله تعالى: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} . س127: ما الذي تستحب به الصدقة؟ وإذا تصدق بما ينقص مؤنة تلزمه أو بما يضر بنفسه أو غريم أو أرادها بماله كله، فما الحكم؟ ج: وتستحب بالفاضل عن كفايته وكفاية من يمونه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خير الصدقة ما كان عن ظهر غِنَى، وابدأ بمن تعول» متفق عليه. ومن تصدق بما ينقص مؤنة تلزمه كمؤنة زوجة أوق ريب أثم؛ لحديث: «كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت» حديث صحيح رواه أبو داود وغيره، ورواه مسلم في «صحيحه» ، بمعناه قال: «كفى بالمرء إثمًا أن يحس عن من يملك قوته؛ فإن وافقه عياله على الإيثار فهو أفضل؛ لقوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} » . ولما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قيل: يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال: «جهد المقل، وابدأ بمن تعول» أخرجه أحمد وأبو داود، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وكذا يأثم إن أضر بنفسه أو بغريمه أو بكفيله بسبب صدقته بحديث: «لا ضرر ولا ضرار» رواه أحمد وغيره. ومَن أراد الصدقة بماله كله وله عائلة لهم كفاية أو يكفيهم بمكسبه فله ذلك؛ لما روى عمر - رضي الله عنه - قال: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا، فجئت بنصف مالي، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أبقيت لأهلك؟» ، فقلت:

أبقيت لهم مثله، وأتى أبو بكر - رضي الله عنه - بجميع ماله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وما أبقيت لأهلك؟» فقال: أبقيت الله ورسوله، فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبدًا» . وكذا إن كان لا عيال له، ويعلم من نفسه حسن التوكل على الله والصبر عن المسألة فله ذلك لعدم الضرر، وألا يكن لعياله كفاية ولم يكفهم بمكسه حَرُمَ وحجر عليه لإضاعة عياله؛ ولحديث: «يأتي أحدكم بما يملك، فيقول: هذه صدقة، ثم يقعد يستكف الناس، خير الصدقة ما كان عن ظهر غِنَّى» رواه أبو داود، وكذا إن كان وحده ولم يعلم من نفسه حسن التوكل والصبر عن المسألة، وكره لمن لا صبر له على الضيق أن ينقص نفسه عن الكفاية؛ لأنه نوع إضرار به. وروى أبو داود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يأتي أحدكم بما يملك، فيقول هذه صدقة، ثم يقعد يستكف الناس، خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى» ، وقال - صلى الله عليه وسلم - لسعد: «إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس» متفق عليه. قال ابن الجوزي في كتاب «السر المصون» : الأولى أن يدخر لحاجة تعرض وأنه قد يتفق له مرفق فيخرج ما في يده فينقطع مرفقه فيلاقي من الضرر والذل ما يكون الموت دونه فلا ينبغي لعاقل أن يعمل بمقتضى الحال الحاضرة، بل يصور كل ما يجوز وقوعه، وأكثر النَّاس لا ينظرون في العواقب وقد تزهَّد خلق كثير فأخرجوا ما بأيدهم حتى احتاجوا فدخلوا في المكروهات، والحازم من يحفظ ما في يده، والإمساك في حق الكريم جهاد كما أن إخراج ما في يد البخيل جهاد، والحاجة تخرج إلى كل محنة ومن ميَّز شيئًا للصدقة به ثم بدا له الرجوع عن الصدقة سن له إمضاؤه مخالفة للنفس والشيطان، ولا يجب عليه إمضاؤه؛ لأنها لا تملك إلا بالقبض، والمن بالصدقة كبيرة، والمن لغةً: تَعْدادُ النِّعَمِ، والكبيرة ما فيه حَدٌ في الدنيا أو وَعيْدٌ في الآخرة، وزاد شيخُ الإسلام أو تَرتَّبَ عليه لعنةٌ أو غضبٌ أو نَفُي إيمان.

قال ناظم الكبائر: فمَا فيهِ حَدٌ في الدُّنى أو تَوَعُّدٌ ... بأخرى فسِم كُبْرَى على نصِّ أحْمدِ وزَادَ حَفِيدُ المجْدِ أوْجَا وَعِيدُهُ ... بنَفْيٍ لإيمَانِ وَطَرْدٍ لِمُبْعَد ويبطل الثواب بالمنِّ بالصدقة قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأَذَى} ، وقال أبو الطيب: وكأنه ينظر إلى معنى هذه الآية الكريمة: إذا الجود لم يرزق خلاصًا من الأذى ... فلا الحمد مكسوبًا ولا المال باقيًا قال الناظم مما يتعلق في صدقة التطوع: وبذلك نفل البرِ سِرًا بفاضل ... عن النفس مع قوت العيال المزهدِ يسَن وفي الحاجات أو شهر صومهم ... وللجار والقُرْبَى وإن يؤذ أكدِ ويأثم في إضرار نفس وعيلة ... ومطل غريم في التقاضي ملددِ وإن تك ذا صبر وحسن توكل ... وترك سؤال بالجميع أن تشَاجدِ وأن لا تكن نائم بدفع جميعه ... ويكره تضييق بغير المعوَّدِ وجوز سؤال المرء ما جاز أخذه ... وعنه احظرنَّ ذا الغَدَا والعشَا قدِ ومَا جَا بلا استشرَافِ نفس وُطلبةٍ ... يسَنُّ ولمْ يوجب قبُولاً بأوكدِ ويكره باستشرَاف نفس وجائز ... على الكفر بذل البرّ في نص أحمدِ ...

س128: ما الذي تستحضره من الفوائد المترتبة على أداء الزكاة؟ وبذل صدقة التطوع والمضار المترتبة على منع الزكاة؟

س128: ما الذي تستحضره من الفوائد المترتبة على أداء الزكاة؟ وبذل صدقة التطوع والمضار المترتبة على منع الزكاة؟ ج: 1- أولاً: امتثال أمر الله ورسوله. 2- تقديم ما يحبه الله على محبة المال. 3- أن الصدقة برهان على إيمان صاحبها كما في الحديث والصدقة برهان. 4- شكر نعمة الله المتفضل على المخرج بما أعطاه من المال. 5- السلامة من وبال المال في الآخرة. 6- تنمية الأخلاق الحسنة والأعمال الفاضلة الصالحة. 7- التطهير من دنس الذنوب والأخلاق الرذيلة. قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} . 8- إضعاف مادة الحسد والحقد والبغض أو قطعها كليًّا. 9- تحصين المال وحفظه؛ لحديث: «حَصنُوا أموالكم بالزكاة» . 10- إن الصدقة دواء من الأمراض؛ لحديث: «وداووا مرضاكم بالصدقة» . 11- الاتصاف بأوصاف الكرماء. 12- إنها سببب لدفع البلاء. 13- التمرن على البذل والعطاء. 14- إنها سبب لدفع جميع الأسقام؛ لحديث: «باكروا الصدقة؛ فإن البلاء لا يتخطاها» . 15- إنها سببٌ لجلب المودة؛ لأنها إحسان النفوس مجبولة على حُبِّ مَنْ أحسن إليها. 16- أنها سبب للدعاء من القابض للدافع، وتقدمت الأدلة في جواب سؤال. 17- أن منع الزكاةَ سببٌ لمنع القطر؛ لحديث: «ولا منعوا الزكاة إلا حُبسَ عنهم القطر» .

18- الابتعاد عن البخل والشح. 19- الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب. قال الله تعالى: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} وقد فسر الفلاح: بأنه الفوز المطلوب والنجاة من المرهوب، وهذا من جوامع الكلم. 20- أنها تدفع مِيتةَ السوء كما في الحديث: «إن الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء» . 21- أن المتصدق يكون في ظل الله يوم القيامة كما في الحديث: «سبعة يظلهم الله في ظله» وذكر منهم «رجل تصدق بصدقة فأخْفَاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» الحديث، وتقدم في الحديث الآخر: «وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته» . 22- الفوز بالثناء من الله؛ لأن الله مدح المنفقين والمتصدقين. 23، 24، 25- الفوز بالأجر من الله والأمن مما يخاف منه، ونفي الحزن عنهم. قال الله تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ سِراًّ وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} . 26- أن أداء الزكاة سبب لنزول القطر كما أن منعها سبب لحبسه. 27- أنها سبب لمحبة الله؛ لأن المتصدق محسن على المتصدق عليه، والله يحب المحسنين. 28- السلامة من كفر نعمة الله. 29- الخروج من حقوق الله وحقوق الضعفاء. 30، 31، 32- أنها سبب للرزق والنصر كما في الحديث: «وكثرة الصدقة في السر والعلانية ترزقوا وتنصروا وتجبروا» . 33 - أنها تطفئ عن أهلها حرّ القبور كما في الحديث: «إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حرّ القبور» . 34- أنها تزيد في العمر كما في الحديث: «إن صدقة المسلم تزيد في العمر» . 35- السلامة من اللعن الوارد في مانع الزكاة؛ لما روى الأصبهاني عن علي - رضي الله عنه - قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه والواشمة والمستوشمة ومانع الصدقة والمحلل والمحلل له. 36- الفوز بالقرب من رحمة الله. قال تعالى: {إِنَّ رَحْمةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ المُحْسِنِينَ} ، وقال: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} الآية (37) الوعد بالحَلَف للمنفق؛ لحديث: «اللهم أعط منفقًا خلفًا» .

38- الظفر بدعاء الملائكة للمنفق. 39- أن في إخراج الزكاة حل للأزمات الاقتصادية وسوء الحالة الاجتماعية، فلو أن أهل الأموال الزكوية تَنَسَّخُوا منها وَوَضَعُوها في مواضعها، لقامت المصالح الدينية والدنيوية وزالت الضرورات واندفعت شرور الفقراء، وكان ذلك أعظم حاجز وسدّ يمنع عبث المفسدين، وفي الحديث: «واتقوا الشح؛ فإنه أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم» . 40- أن الله يُعين المتصدق على الطاعة، ويهيئ له طرق السداد والرشاد، ويذلل له سبل السعادة. قال الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} 41- أن منع الزكاة يخبث المال الطيب؛ لحديث: «مَن اكسَبَ طيِّبًا خبَّثهُ منع الزكاة، ومن كسب خبيثًا لم تطيّبه الزكاة» رواه الطبراني في «الكبير» موقوفًا بإسناد منقطع. 42- أن منع الزكاة سبب لتلف المال؛ لحديث: «ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بحبس الزكاة» رواه الطبراني في «الأوسط» ، وهو حديث غريب. 43- أن منع الزكاة سبب للابتلاء بالسنين لما في الحديث، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما منع قوم الزكاة إلا ابتلاهم الله بالسنين» رواه الطبراني في «الأوسط» ورواته ثقات. 44- أن مَن لم يؤدي حق الله في ماله أنه أحد الثلاثة الذين هم أول من يدخل النار؛ لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عُرِضَ عليَّ أول ثلاثة يدخلون الجنة، وأول ثلاثة يدخلون النار؛ فأمَّا أوّلُ ثلاثة يدخلون الجنة، فالشهيد وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده وعَفيف متعفف ذو عيال؛ وأما أول ثلاثة يدخلون النار فأمير مُسَلط وذو ثروة من مال لا يؤدي حَقَّ الله في ماله وفقير فخور» رواه ابن خزيمة في «صحيحه» وابن حبَّان مفرقًا في موضعين. 45، 46- أن الصدقة يذهب الله بها الكبر والفخر؛ لحديث: «إن صدقة المسلم تزيد في العمر وتمنع ميتتة السوء، ويذهب بها الكبر والفخر» رواه الطبراني. 47- السلامة من التطويق بالشجاع الأقرع، كما في

الحديث: «ما من أحد لا يؤدي زكاة ماله إلا مثل له يوم القيامة شجاعًا أقرع يطوق به عنقه» . 48- السلامة من صفة المنافقين؛ لما في الحديث: «ظهرت لهم الصلاة فقبلوها، وخفيت لهم الزكاة فأكلوها، أولئك هم المنافقون» رواه البزار. 49، 50- أن البلاء لا يتخطى الصدقة وأنها تسد سبعين بابًا من السوء؛ لما ورد عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الصدقة تسد سبعين بابًا من السوء» رواه الطبراني في «الكبير» ، وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «باكروا بالصدقة؛ فإن البلاء لا يتخطاها» رواه البيهقي مرفوعًا وموقوفًا على أنس، ولعله أشبه. 51- أن الصدقة حجاب من النار لمن احتسبها؛ لما روي عن ميمونة بنت سعد أنها قالت: يا رسول الله، أفتنا عن الصدقة، فقال: «إنها حجاب من النار لمن احتسبها يبتغي بها وجه الله عز وجل» رواه الطبراني في «الكبير» ، وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «باكروا بالصدقة؛ فإن البلاء لا يتخطاها» رواه البيهقي مرفوعًا وموقوفًا على أنس، ولعله أشبه. 51- أن الصدقة حجاب من النار لمن احتسبها؛ لما روى عن ميمونة بنت سعد أنها قالت: يا رسول الله، أفتنا عن الصدقة، فقال: «إنها حجاب من النار لمن احتسبها يبتغي بها وجه الله عز وجل» رواه الطبراني. 52- أن إخراج الصدقة يؤلم سبعين شيطانًا؛ لما ورد عن بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يخرج شيئًا من الصدقة حتى يفك عنها لحيَيْ سبعين شيطانًا» رواه أحمد والبزار والطبراني وابن خزيمة في «صحيحه» . 53- أن يُسَخِّرُ لِلمُتَصدق ما يكون سببًا لنمو ماله كبركة في ماء نهر وسقي أرض، كما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بينا رجل في فلاة من الأرض فسمع صوتًا في سحابة: اسق حديقة فلان فتنحى ذلك السحاب كله، فتتبع الماء، فإذا رجل قائم في حديقة يحوِّل الماء بمسحاته، فقال له: يا عبد الله، ما اسمك؟ قال: فلان للاسم الذي سمع في الصحابة، فقال له: يا عبد الله، لم سألتني عن اسمي، قال: سمعت في السحاب الذي هذا ماؤه، يقول: اسق حديقة فلان لاسمك، فما تصنع فيها؟ قال: أما إذا قلت هذا، فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثه وأردّ فيها ثلثه» رواه مسلم. 54- أن الصدقة لا تنقص المال خلافًا لما يظنه بعض الجهال؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما نقصت صدقة من مال» الحديث رواه مسلم. 55- أن الصدقة إذا كانت من كسب طيب؛ فإن الله يقبلها بيمينه ثم يريبها لصاحبها، كما ورد في حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من تصدّق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب؛ فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يُرَبي أحدكم فلوّه حتى تكون مثل الجبل» متفق عليه. 56- أن الصدقة سبب من أسباب المعية الخاصة؛ لأن المتصدق محسن، وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} . 57- أن المصدقين يضاعف الله لهم ثواب أعمالهم الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى حيث شاء الله عز وجل، قال تعالى: {إِنَّ المُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} . 58- أن الصدقة لتطفئ غضب الرب عز وجل، كما في الحديث: «إن الصدقة تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء» رواه الترمذي وابن حبان في «صحيحه» ، وقال الترمذي: حسن غريب. 59- أن بإخراج الزكاة كل سنة يرى الفقراء أن الأغنياء لهم فضل عَليْهم فيدافعون عنهم ما استطاعوا؛ أما كف اليد عنهم ومنع معروفهم أن يصل إليهم؛ فإنه يوغر صدورهم ويملؤها حقدًا عليهم ويجتهدون في سلب حياتهم للوصول إلى أموالهم المخزونة فتكون الحياة مهددة والأمن مفقودًا. قال بعض الشعراء: واحْسِبُ الناسَ لو أعْطُوا زكاتَهُمو ... لما رأيتَ بني الإعدام شاكِيْنَا 60- أن منع الصدقات يزيل النعم ويخرب الديار، وتأمل قصة أصحاب الجنة في سورة {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} وقصة ثعلبة في سورة التوبة [الآية 75 منها] . هذا آخر ما تيسر من الفوائد، وفيه فوائد أخرى، ومضار على المنع تستحق وحدها مصنف؛ ولكن في هذا إن شاء الله كفاية وبركة ونفع. اللهم صلي على محمد وآله وسلم.

كتاب الصيام

17- كتاب الصيام س129: ما هو الصيام لغةً وشرعًا؟ ج: أصل الصوم في اللغة: الإمساك، يقال: صام الفرس، إذا أمسك عن الجري. قال الله تعالى أخبارًا عن مريم: {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً} الآية أي صمتًا؛ لأنه إمساك عن الكلام، وقال الشاعر: خيل صيَامٌ وخَيلٌ غير صائمة ... تحت العجاج وأخرى تعلك اللجُمَا يعني بالصائمة الممسكة عن الصهيل وصام النهار صومًا إذا قام قائم الظهيرة قال امرؤ القيس: فدعها وسلِّ الهمَ عنها بحسرة ... ذمول إذا صام النهار وهَجَّرا وفي الشرع: إمساك عن أشياء مخصوصة في زمن مخصوص من شخص مخصوص؛ فأما الأشياء المخصوصة فهي مفسداته؛ وأما الزمن المخصوص فهو من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس؛ وأما الشخص فهو المسلم العاقل غير الحائض والنساء. س130: ما حكم صوم رمضان؟ وما الدليل عليه من الكتاب والسُّنة؟ وما هي الحكمة في صوم رمضان؟ ومتى فرض صومه؟ ج: حكم صوم رمضان أنه واجب، وأنه أحد أركان الإسلام من جحد وجوبه عالمًا كفر وإن كان جاهلاً يعرّف؛ فإن أصر بعد التعريف كفر ويقتل في الحالين كافرًا مرتدًا، والأصل في وجوبه: الكتاب والسُّنة والإجماع؛ أما الكتاب: فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ

س131: متى يجب صوم رمضان؟ وما هي الأدلة على ذلك؟

كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} إلى قوله: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ؛ وما السُّنة: فمنها ما ورد عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان» متفق عليه. وعن طلحة بن عبد الله أن أعرابيًا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثائر الرأس، فقال: يا رسول الله، أخبرني ما فرض الله عليّ من الصلاة، قال: «الصلوات الخمس إلا أن تطوع» ، قال: أخبرني ما فرض الله عليَّ من الصيام، قال: «شهر رمضان» ، قال: هل علي غيره، قال: «لا إلا أن تطوع شيئًا» الحديث متفق عليه. وأجمع المسلمون على وجوب صوم شهر رمضان؛ وأما الحكمة في صومه فهي ما ذكر الله بقوله: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ، افترض في السنة الثانية من الهجرة إجماعًا، قال ابن مسعود: «فصام رسول الله تسعة وعشرين أكثر مما صُمنا معه ثلاثين» رواه أبو داود. س131: متى يجب صوم رمضان؟ وما هي الأدلة على ذلك؟ ج: يجب صوم رمضان برؤية هلاله أو بإكمال شعبان ثلاثين يومًا؛ أما الدليل على وجوبه برؤية الهلال، فمن الكتاب العزيز: قوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ، ومن السُّنة: ما ورد عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا؛ فإن غُمَّ عليكم فأقدروا له» متفق عليه. وأما الدليل على وجوبه بإكمال العدة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته؛ فإن غمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين» .

س132: ما هو يوم الشك؟ وما حكم صيامه؟ وما هي الأحكام التي تثبت تبعا لوجوب الصوم؟ وإذا لم ير الهلال إلا واحد فما الحكم؟

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته؛ فإن حال بينكم وبينه سحاب فكملوا العدة ثلاثين، ولا تستقبلوا الشهر استقبالاً» رواه أحمد والنسائي والترمذي بمعناه، وصححه، وفي لفظ للنسائي: «أكملوا عدة شعبان» . وعن عائشة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان؛ فإن غمَّ عليه عدَّ ثلاثين يومًا، ثم صام» رواه أبو داود. س132: ما هو يوم الشك؟ وما حكم صيامه؟ وما هي الأحكام التي تثبت تبعًا لوجوب الصوم؟ وإذا لم ير الهلال إلا واحد فما الحكم؟ ج: إذا لم ير مع صحو ليلة الثلاثين لم يصوموا؛ لأنه يوم الشك المنهي عن صومه؛ لما ورد عن عمار بن ياسر - رضي الله عنهما - قال: «مَن صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -» رواه أبو داود والترمذي، وإذا ثبتت الرؤية أو أكمل شعبان ثلاثين يومًا تُصلى التراويح ويقع الطلاق والعتق المعلقين به وتنقضي العدة ومدة الإيلاء به، ويحلَّ الأجل المعلق بدخوله وتثبت رؤية هلاله بخبر مسلم مكلف عَدْل ولو عبدًا أو أنثى، نص عليه وفاقًا للشافعي، وحكاه الترمذي عن أكثر العلماء؛ لحديث ابن عباس، قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني رأيت الهلال، فقال: «أتشهد أن لا إله إلا الله؟» قال: نعم، قال: «أتشهد أن محمدًا رسول الله؟» قال: نعم، قال: «فأذن في الناس يا بلال، أن يصوموا غدًا» رواه الخمسة، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، ورجح النسائي إرساله. وعن ابن عمر قال: «تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم - أني رأيته فصام، وأمر الناس بصيامه» رواه أبو داود، ولا يقبل في بقية الشهور إلا رجلان عدلان.

س133: ما المستحب قوله لمن رأى الهلال؟ وما هو الدليل على ذلك؟

قال في «الاختيارات الفقهية» : وإن حال دون الهلال ليلة الثلاثين غيمٌ أو قَترٌ فصومه جائز لا واجب، ولا حرام، وهو قول طوائف من السلف والخلف، وهو مذهب أبي حنيفة، والمنقولات الكثيرة المستفيضة عن أحمد إنما تدل على هذا، ولا أصل للوجوب في كلامه ولا في كلام أحد من الصحابة رضي الله عنهم. وحكي عن أبي العباس أنه كان يميل أخيرًا إلى أنه لا يستحب، انتهى (ص107 منها) . س133: ما المستحب قوله لمن رأى الهلال؟ وما هو الدليل على ذلك؟ ج: يستحب لمن رأى الهلال أن يقول ما ورد عن ابن عمر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى الهلال، قال: «الله أكبر، اللهم أهِلَّهُ علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، ربي وربك الله، هلال رشد وخير» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. من النظم مما يتعلق بكتاب الصيام وخُذْ في بيَان الصوم غيرَ مُقَصر ... عِبَادةَ سِرٍ ضِدَّ طَبْعٍ مُعَوَّدِ وصَبْرٌ لفَقدٍ الإلف مِن حالة الصبَا ... وفطم عَن المحبُوب والمتعوِّد فثق فيه بالوعد الكريم من الذي ... له الصوم يجزي غير مختلف موعد وَحَافظ على شهر الصيام فإنه ... لخامسَ أركان لِدِيْنِ مُحمَّدٍ تغلَّق أبوَاب الجحِيم إذا أتى ... وتُفتَح أبوَابَ الجِنَان لِعُبَّدِ ويُرفَعَ عَن أهْل القبور عذابهم ... وَيُصْفَدُ فيه كل شيطان مُعْتَد ويُبسَطُ فيه الرزق للخلق كلهم ... ويسهل فيه كل فعل تعبُّد

س134: إذا رأى أهل بلد الهلال، فهل يلزم غيرهم الصوم؟ واذكر ما تستحضره من دليل وتعليل أو خلاف؟

تُزَخْرَف جنَّات النعيم وحُورهَا ... لأهْل الرضا فيهِ وأهْل التهجُّد وقَدْ خَصَّه الله الكريم بليلةِ ... على ألف شَهر فضلت فلترصد فأرغم بأنف القاطع الشهر غافِلاً ... وأعظم بأجر المخلص المتعبدِ نقُمْ ليْله وأطْو نهاركَ صائِمًا ... وصُنْ صَومَهُ عَن كل مُوْهٍ ومُفسد س134: إذا رأى أهل بلد الهلال، فهل يلزم غيرهم الصوم؟ واذكر ما تستحضره من دليل وتعليل أو خلاف؟ ج: إذا ثبتت رؤية هلال رمضان ببلد لزم الناس كلهم الصوم، وحكم من لم يره حكم من رآه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته» وهو خطاب للأمة كافة؛ لأن الشهر في الحقيقة لما بين الهلالين، وقد ثبت أن هذا اليوم منه في جميع الأحكام، فكذا الصوم. وقال بعضهم: إن كان بين البلدين مسافة قريبة لا تختلف المطالع لأجلها، كبغداد والبَصْرة لزم أهلها الصوم برؤية الهلال في أحدهما، وإن كان بينهما بُعد كالعراق والحجاز والشام، فلكل أهل بلد رؤيتهم. وروي عن عكرمة أنه قال: لكل أهل بلد رؤيتهم؛ لما روى كريبٌ، قال: «قدمت الشام واستهلَّ عليَّ هلال رمضان وأنا بالشام، فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني ابن عباس، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟

س135: من رأى وحده هلال رمضان ورد قوله فهل يلزمه الصوم؟ وإذا رأى وحده هلال شوال، فما الحكم؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل والتعليل والخلاف؟

قلت: رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته ليلة الجمعة؟ قلت: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنَّا رأيناه ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: ألا نكتفي برؤية معاوية وصيامه، فقال: لا هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» . قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ورواه مسلم أيضًا. س135: مَن رأى وَحْدَه هلال رمضان وردّ قوله فهل يلزمه الصوم؟ وإذا رأى وحده هلال شوال، فما الحكم؟ وضِّح ذلك مع ذكر الدليل والتعليل والخلاف؟ ج: من رأى وحده هلال رمضان ورّد قوله لزمه الصوم، وجميع أحكام الشهر من طلاق وعتق وغيرهما معلقين به؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «صوموا لرؤيته، وافطروا لرؤيته» . ولأنه يتيقن أنه من رمضان فلزمه صومه وأحكامه، بخلاف غيره من الناس، ومن رأى وحده شوال لم يفطر؛ لحديث: «الفطر يوم يفطرون، والأضحى يوم يضحون» رواه أبو داود وابن ماجه. وعن عائشة قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الفطر يوم يفطر الناس، والأضحى يوم يضحي الناس» رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح غريب. وروى أبو رجاء عن أبي قلابة أن رجلين قدما المدينة، وقد رأيا الهلال، وقد أصبح الناس صيامًا، فأتيا عمر فذكرا ذلك له، فقال لأحدهما: أصائم أنت؟ قال: بل مفطر، قال: ما حملك على هذا؟ قال: لم أكن لأصُومَ، وقد رأيت الهلال، وقال الآخر: قال: إني صائم، قال: ما حملك على هذا؟ قال: لم أكن لأفطر

س136: إذا ثبتت البينة نهارا بأن قامت البينة في أثناء النهار، فما الحكم؟ وإذا رؤي قبل الزوال أو بعده في آخر رمضان، فما الحكم؟

والناس صِيَام، فقال للذي أفطر: لولا مكان هذا لأوْجَعْتُ رأسَكَ ثم نودِيَ في الناس أن أخرجوا. أخرجه ورواه سعيد عن ابن عيينة عن أيوب، عن أبي رجاء، وإنما أراد ضربه لإفطاره برؤيته وحده، ودفع عنه الضرب لكمال الشهادة به وبصاحبه، ولو جاز له الفطر لما أنكر عليه ولا توعده. قال في «الاختيارات الفقهية» : ومن رأى وحده هلال رمضان وردّت شهادته لم يلزمه الصوم ولا غيره، ونقله حنبل عن أحمد في الصوم، وكما لا يُعَرِّفْ ولا يُضَحِّي وحده والنزاع مبني على أصل، وهو أن الهلال هل هو إسْمٌ لما يطلع في السماء، وإن لم يشتهر، ولم يظهر أو لأنه لا يسمى هلالاً إلا بالاشتهار والظهور كما يدل عليه الكتاب والسُّنة. انتهى (ص106) . س136: إذا ثبتت البينة نهارًا بأن قامت البينة في أثناء النهار، فما الحكم؟ وإذا رؤي قبل الزوال أو بعده في آخر رمضان، فما الحكم؟ ج: إذا قامت البينة بالرؤية لهلال رمضان في أثناء النهار لزم أهل وجوب الصوم الإمساك ولو بعد فطرهم أي أكلهم في النهار لتعذر إمساك الجميع، فوجب أن يأتوا بما يقدرون عليه؛ لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ؛ ولحديث: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» ولزم قضَاءُ ذلك اليوم على مَن لم يبيت النية لمستند شرعي لوجوب تعيين النية من الليل لصوم كل يوم واجب؛ وقال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: يمسك ولا يقضي وأنه لو يعلم بالرؤية إلا بعد الغروب لم يلزمه القضاء، وإذا رؤى الهلال نهارًا قبل الزوال أو بعده، وكان في آخر رمضان لم يفطروا برؤيته، وهذا قول عمر وابن مسعود وابن عمر وأنس والأوزاعي ومالك والليث وأبي حنيفة والشافعي وإسحاق؛ لما روى أبو وائل، قال: جاءنا كتاب عمر - رضي الله عنه - أن الأهلة بعضها أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال نهارًا فلا تفطروا حتى تمسوا أو يشهد رجلان

س138: إذا صاموا بشهادة إثنين ثلاثين يوما أو بشهادة واحد ثلاثين يوما، فما الحكم؟ وما شروط صحة الصوم؟ وما شروط وجوبه؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل؟

مسلمان أنهما رأياه بالأمس عشية، رواه الدارقطني فعلى هذا لا يجب به صوم ولا يباح به فطر. س138: إذا صاموا بشهادة إثنين ثلاثين يومًا أو بشهادة واحد ثلاثين يومًا، فما الحكم؟ وما شروط صحة الصوم؟ وما شروط وجوبه؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل؟ ج: إذا صاموا بشهادة إثنين عدلين ثلاثين يومًا ولم يروه أفطروا مع الصحو والغيم؛ لأن شهادة العدلين يثبت بها الفطر ابتداء فتبعًا لثبوت الصوم أولى؛ ولأنهما أخبرا بالرؤية السابقة عن يقين ومشاهدة فلا يقابلها الإخبار بنفي وعدم لا يقين معه لاحتمال حصول الرؤية بمكان آخر ولا يفطرون إن صاموا بشهادة واحد ثلاثين يومًا، ولم يروه؛ لحديث: «وإن شهد شاهدان مسلمان، فصوموا وافطروا» رواه أحمد وأبو داود والنسائي. ولم يقل فيه مسلمان، ولأن الفطر لا يستند إلى شهادة واحد كما لو شهد بهلال شوال بخلاف الإخبار بغروب الشمس لما عليه من القرائن، وشروط صحته الإسلام والعقل والبقاء من الحيض والنفاس، والنية من الليل. وأما شروط وجوبه فهي أربعة: الإسلام والبلوغ والعقل والإطاقة؛ أما كونه لا يجب إلا على مسلم ولا يجب على كافر سواء كان أصليًا أو مرتدًّا فلأنه عبادة لا تصح منه في حال كفره ولا يجب عليه قضاؤها؛ لقوله تعالى: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} ؛ ولأن في إيجاب قضاء ما فات في حال كفره تنفير عن الإسلام. وأما اشتراط البلوغ والعقل فلحديث عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يَستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يَعْقِل» رواه أحمد، ومثله من رواية عليَّ له، ولأبي داود

س139: ماذا يعمل من اشتبهت عليه الأشهر؟ وما مثال الاشتباه؟

والترمذي، وقال: حديث حسن، فالصبي لا يجب عليه للحديث؛ وأما كونه لا يصح من المجنون فلِعَدمِ إمْكان النيَّة منه، وقد نظم العمريطي شروط وجوب الصوم، فقال: شهر الصيام واجب الصيام ... بالعقل والبلوغ والإسلام وقدرة على أداء الصوم ... مع نيّة فرضًا لكل يوم وواجب تقديمه عن فجره ... وأجْزَءُوا في النفل قبل ظهره س139: ماذا يعمل من اشتبهت عليه الأشهر؟ وما مثال الاشتباه؟ ج: إن اشتبهت الأشهر على من أسُرَ وطُمِرَ أو اشتبهت على من بمفازة ونحوه كمن أسلم بدار كفر وعلم وجوب صوم رمضان، ولم يدر أي الشهور يُسَمّى رمضان تحرى واجتهد، وصام ما غلب على ظنه أنه رمضان بأمارة؛ لأنه غاية جهده، ويجزي الصوم إن شك هل وقع صومه قبل رمضان أو بعده، كمن تحرى في غيم وصلى وشك، هل صلى قبل الوقت أو بعده، ولم يتبين له أنه صام أو صلى قبل دخول الوقت كما لو وافق صومه رمضان أو ما بعده من الشهور؛ أنه أدى فرضه بالاجتهاد في محله، فإذا أصاب أو لم يعلم الحال أجزأه كالقبلة عن واحد منهما لاعتبار نية التعيين، وإن صام شوال أو ذي الحجة؛ فإنه يقضي ما وافق عِيدًا أو أيام تشريق؛ لأنه لا يصح صومها عن رمضان ولو صام من اشتبهت عليه الأشهر شعبان ثلاث سنين متوالية، ثم علم الحال قضى ما فاته مرتبًا شهرًا على إثر شهر بالنية كالفائتة من الصلوات. س140: ما الذي يلزم من عَجَزَ عن الصيام لكبر أو مرض لا يُرجى برؤه؟ ج: مَن عجز عن الصوم لكبر كشيخ وهرم وعجوز يَجهَدهما الصوم

ويشق عليهما مشقة شديدة أو عجز عنه لمرض لا يُرجى برؤه أفْطَرَ وعَليه لا مَعَ عذر معتاد كسفر إطعامُ مسكين عن كل يوم ما يجزئ في كفارة مُدُّ من برأ ونصف صاع من غيره؛ لقول ابن عباس في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} ليست بمنسوخة هي للكبير الذي لا يستطيع الصوم. رواه البخاري. وروي أن أنس بن مالك ضَعُفَ عَن الصوم فصَنَعَ جَفْنَةً من تريد فدعا ثلاثين مسكينًا فأطعمهم. ولأبي داود بإسناد جيد عن ابن أبي ليلى حدثنا أصحابنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال، فذكره وألحق به «من لا يُرجى برؤ مرضه» ؛ فإن كان العاجز عنه لكبر أو مرض لا يُرجى برؤه مسافر فلا فدية لفطره بعذر معتاد ولا قضاء لعجزه عنه فيعيا بها، فيقال: مسلم مكلف أفطر عمدًا في رمضان ولم يلزمه قضاء ولا كفارة، وهذه المسألة ألغز بها بعض العلماء، وأظنه محمد بن سلوم للشيخ عبد الرحمن الزواوي، فقال: وعن مسلم حر تقي مكلف ... وساغ له فطر صحيحًا مسهلاً بمدة شهر الصوم من غير فدية ... وغير قضاء حل ما كان مشكلاً فأجابه حلً للمسألة ... ... وإن سافر الشيخ المسنّ فلا قضا ... ولا فِدْيْةَ فافْهَمْ وإن كان ذا ملا وذو شبق أيضًا يكون مسافرًا ... فلا حرج في الدين فالله سهلاً

س141: إذا أيس من البريء ثم عوفي، فما الحكم؟ ومن الذي يسن له الفطر؟ وهل يجوز الوطء لمن به مرض أو شبق؟ وإذا لم يمكنه إلا بإفساد صوم موطوءة، فما الحكم؟ وبين حكم ما إذا سافر ليفطر؟ مع ذكر الدليل.

س141: إذا أيس من البريء ثم عوفي، فما الحكم؟ ومن الذي يُسنّ له الفطر؟ وهل يجوز الوطء لمن به مرض أو شبق؟ وإذا لم يمكنه إلا بإفساد صوم موطوءة، فما الحكم؟ وبيِّن حكم ما إذا سافر ليفطر؟ مع ذكر الدليل. ج: من أيس من برئه ثم قدر على قضاء ما أفطره لمرضه، فكمعضوب حج عنه ثم عوفي فلا يلزمه قضاء ما أفطره وسن فطره، وكره صوم المسافر بسفر قصر ولو بلا مشقة؛ لحديث: «ليس من البر الصيام في السفر» متفق عليه، ورواه النسائي، وزاد عليكم برخصة من الله التي رخصها لكم فقبلوها وإن صام أجزأه؛ لحديث: «هي رخصه من الله فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه» رواه النسائي ومسلم. فلو سافر من وجب عليه الصوم في رمضان ليفطر فيه حرمًا؛ أما الفطر المحرم، وسن فطر وكره صوم لخوف مرض بعطش أو غيره؛ لقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ} ؛ ولأنه في معنى المريض لتضرره بالصوم وسُنَّ فطر وكره صوم لخوف مريض وحادث به مرض ضررًا بزيادته أو طوله بقول طبيب مسلم ثقة؛ لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} إلى قوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ} وَجَاز وطء لمن به مرض ينتفع بالوطء فيه، أو به شبق ولم تندفع شهوته بدون الوطء ويخاف تشقق أنثييه إن لم يطأ ولا كفارة، ويقضي ما لم يتعذر القضاء عليه لشبق، فيطعم لكل يومًا مسكينًا ككبير عاجز، ومتى لم يمكنه إلا بإفساد صوم مَوطُوءَةِ جاز له الوطوء ضرورة لداعي الضرورة كأكل مضطر ميتة.

س142: من الذي يباح له الفطر؟ وما الدليل على إباحته؟

س142: مَن الذي يباح له الفطر؟ وما الدليل على إباحته؟ ج: يباح الفطر لحاضر سافر أثناء النهار؛ لحديث أبي بصرة الغفاري أن ركب في سَفينة من الفسطاط في شهر رمضان، فدفع ثم قرب غداه، فلم يجاوز البُيُوت، قال حتى دعا بالسفرة، ثم قال: اقترب، قيل: ألست ترى البيوت؟ أترغبُ عن سُّنة محمد - صلى الله عليه وسلم -؟ فأكل، رواه أبو داود، وحديث أنس حسنه الترمذي: إذا فارق بيوت قريته العامرة، لما تقدم؛ ولأنه قبله لا يسمى مسافر والأفضل عدم الفطر تغليبًا لحكم الحضر وخروجًا من الخلاف ويباح الفطر للمسافر الذي له القصر وللمريض الذي يتضرر به والفطر لهما أفضل وعليهما القضاء. قال الله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس من البر الصيام في السفرة» متفق عليه. وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح، فأفطر فبلغه أن ناسًا صاموا، فقال: «أولئك العصاة» رواه مسلم. وعن أبي سعيد قال: سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة، قال: فنزلنا منزلاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم» فكانت رخصة فمنَّا من صام ومنَّا من أفطر ثم نزلنا منزلاً آخر، فقال: «إنكم مصبِّحوا عدوكم وفطركم أقوى لكم فأفطروا» فكانت عزمة فأفطرنا، ثم لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر. رواه مسلم وأحمد وأبو داود. وعن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال: يا رسول الله، أجد مني قوة على الصوم في السفر، فهل عليَّ جناح؟ فقال: «هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه» رواه مسلم والنسائي (4، 5) . ومِمّنْ يُبَاح له الفطر الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما فيفطران ويقضيان كالمريض الخائف على نفسه، وإن خافتا على ولديهما أفطرتا

س143: إذا قبل الرضيع ثدي غير أمه، فهل يجوز لها الفطر؟ وإذا تغير لبن المرضعة بسبب صومها، فهل للمستأجر الفسخ؟ وهل يجوز لمن له الفطر أن يصوم غيره فيه؟ ومتى يجب الفطر؟

وقضتا ولزم وَلى الولد إطعام مسكين لكل يوم؛ لقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} ، قال ابن عباس: كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة، وهما يطيقان الصيام أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينًا والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا. رواه أبو داود، وروى ذلك عن ابن عمر، ولا مخالفًا لهما في الصحابة في الكبير الذي يجهده الصيام، وتقدم في جواب سؤال 138. س143: إذا قبل الرضيع ثدي غير أمه، فهل يجوز لها الفطر؟ وإذا تغير لبن المرضعة بسبب صومها، فهل للمستأجر الفسخ؟ وهل يجوز لمن له الفطر أن يصوم غيره فيه؟ ومتى يجب الفطر؟ ج: متى قبل رضيع ثدي غيرها وقدر أن يستأجر له لم تفطر أمه لعدم الحاجة إليه. ومرضعة لولد غيرها كأم في إباحة فطر إن خافت على نفسها أو الرضيع؛ فإن وجب فعلى من يمونه فلو تغير لبن الظئر المستأجرة للرضاع بسبب صومها أو نقص بصومها فلمستأجرها الفسخ للإجارة دفعًا للضرر وتجبر على فطر بطلب مُسْتَأجِر إن تأذى الرضيع بصومها. ويجب الفطر لمن احتاجه لإنقاذ معصوم من مهلكة كغرق؛ لأنه يمكنه تدارك الصوم بالقضاء بخلاف الغريق ونحوه، ويجب الفطر على الحائض والنفساء؛ للحديث الصحيح عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم» متفق عليه. ومن خاف تلفًا بصومه أجزأه وكره، صححه في «الإنصاف» ، وقال جماعة: يحرم صومه.

س144: تكلم بوضوح عن نية الصوم؟ واذكر ما في ذلك من خلاف؟

قال في الفروع: ولم أجدهم ذكروا في الأجزاء خلافًا وذكر جماعة في صوم الظهار يجب فطره بمرض ونحوه، وليس لمن أبيح له الفطر في رمضان صوم غير رمضان فيه؛ لأنه لا يسع غيره ما فرض فيه تتمة ولا فدية على المنقِذ ولا على المنقَذ في مسألة الفطر لإنقاذ الغريق وتهدمت قبل عشرة أسطر. والله أعلم. س144: تكلم بوضوح عن نيّة الصوم؟ واذكر ما في ذلك من خلاف؟ ج: يشترط لصوم كل يوم واجب نيِّة معينة ومعنى تعيينها أن يعتقد أنه يصوم من رمضان أو قضائه أو نذرًا أو كفارة؛ لأن صيام كل عبادة مفردة، وتعتبر النية من الليل لكل صوم واجب، ولو أتى بعد النية بمناف للصوم لا للنية كأكل وشرب وجماع؛ ولأنه تعالى أباح الأكل والشرب إلى آخر الليل فلو بطلت به فات محلها؛ وأما الدليل للنية فقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» ؛ وأما الدليل على إيقاعها في الليل فهو ما ورد عن حفصة أم المؤمنين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ لم يُبَيِّتِ الصيام قبل الفجر، فلا صيام له» رواه الخمسة، ومال الترمذي والنسائي إلى ترجيح وقفه وصححه مرفوعًا ابن خزيمة وابن حبان. وعن عائشة - رضي الله عنها - مرفوعًا: «مَن لم يُبيِّت الصيام قبل طلوع الفجر، فلا صيام له» رواه الدارقطني، وقال: إسناده كلهم ثقات، وفي لفظ للزهري: «من لم يُبَيِّتِ الصيام من الليل فلا صيام له، ومن خطر بقلبه ليلاً أنه صائم غدًا فقد نوى» ، وكذا الأكل والشرب بنية؛ لأن النية محلها القلب. وقال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: هو حين يتعشى يتعشى عَشَاء من يريد الصوم؛ ولهذا يفرق بين عشاء ليلة العبد وعشاء ليالي رمضان.

س145: بين أحكام ما يلي: صوم من جن أو أغمي عليه؟ صائم نوى الإفطار؟ من قطع نية نذر أو كفارة ثم نوى نفلا؟ صوم النفل في أثناء النهار؟ متى يحكم بالصوم الشرعي المثاب عليه؟

وقال في «الاختيارات الفقهية» : وتصح النية المتردة، كقوله: «إن كان غدًا من رمضان فهو فرض وإلا فهو نفل» وهو إحدى الروايتين عن أحمد ويصح صوم الفرض بنية من النهار إذا لم يعلم وجوبه بالليل، كما إذا شهدت البيِّنة بالنهار (ص107) منها. وإن قال ليلة الثلاثين من رمضان إن كان غدًا من رمضان ففرضي وإلا فأنا مضطر فيجزئه إن بان بأنه من رمضان؛ لأنه لم يثبت زواله؛ لأنه حكم صومه مع الجزم. س145: بيِّن أحكام ما يلي: صَوم مَن جُن أو أغمي عليه؟ صائم نوى الإفطار؟ مَن قطع نيّة نذر أو كفارة ثم نوى نفلاً؟ صوم النفل في أثناء النهار؟ متى يحكم بالصوم الشرعي المثاب عليه؟ ج: ولا يَصِحُّ صَوم ممن جن كل النهار أو أغمي عليه كل النهار؛ لأن الصوم: الإمساك مع النية؛ لحديث: «يقول الله تعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم؛ فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه من أجلي» فأضاف الترك إليه، وهو لا يضاف إلى المجنون والمغمى عليه فلم يجز، والنية وحدها لا تجزي ويصح الصوم ممن أفاق جزءًا منه حيث نوى ليلاً لصحة إضافة الترك إليه إذن. ويفارق الجنون الحيض، بأنه لا يمنع الوجوب، بل يَمْنَع الصحة ويحرم فعله ويصح صَوْمُ من نام جميع النهار؛ لأن النوم عادة ولا يزول الإحساس به بالكلية؛ لأنه متى نُبِّه انتبه ويقضي مغمى عليه زمن إغمائه؛ لأنه مكلف ولأن مدة الإغماء لا نطول غالبًا، ولا تثبت الولاية على المغمى عليه ولا يقضي مجنون زمن جنونه لعدم تكليفه سواء كان زمن الجنون كل الشهر أو بعضه، ون نوى الإفطار فكمن لم ينوي الصوم لقطعه النية لا كمن أكل أو شرب فيصح أن ينوي صوم اليوم الذي نوى الإفطار فيه نفلاً بغير رمضًا، ومن قطع نية نذر أو كفارة أو قضاء، ثم نوى صومًا نفلاً صح نفله، وإن

قلبَ صائم نية نذر أو قضاء إلى نفل صح كقلب فرض الصلاة نفلاً وكره له ذلك لغير غرض ويصحُّ صومُ نفل بنية من النهار، ولو كانت بعد الزوال، وهو قول معاذ بن جل وابن مسعود وحذيفة ابن اليمان حكاه عنهم إسحاق في رواية حرب؛ لحديث عائشة قالت: دخل عليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فقال: «هل عندكم من شيء؟» . فقلنا: لا، قال: «فإني إذًا صائم» مختصر رواه الجماع؛ ولأن اعتبار التبييت لنفل الصوم يفوت كثير منه؛ لأنه قد يبدو له الصوم بالنهار لنشاط أو غيره فسومح فيه بذلك كما سومح في نفل الصلاة بترك القيام وغيره ويحكم بالصوم الشرعي المثاب عليه من وقت النية؛ لحديث: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» . وما قبله لم يوجد فيه قصد القرية لكن يشترط أن يكون ممسكًا فيه عن المفسدات لتحقيق معنى القربة وحكمة الصوم في القدر المنوي فيصحّ تطوع من طهرت في يوم ومن أسلم في يوم لم يأتيا في ذلك اليوم بمفسد من أكل أو شرب ونحوهما كالجماع. ومن مختصر النظم مما يتعلق بكتاب الصيام وإن كملت تسع وعشرون ليلة ... لشعبان فارقب شهر صومك وارصد وإن رُوْيَ أوجِبَ صَومَه مطلقًا ولو ... برؤيَةِ عَدل في الأصح المؤكّد وكالذكر الأنثى بوجْه وَرْؤْيَة ... نهارًا لآتي ليْلَة في المؤكّد فإنْ لمْ يَرُوا في الصحْوِ يحرم صَوْمه ... وباثنين اثبت غير ذا الشهر واحدد ويلزمنا طُرًا برؤيةٍ بلدة ... كإلزَاِم رَاءٍ رَدّ في المتَأطّد ولا يُفطرن بعد الثلاثين صائم ... لغيم ولا عن قول فرد بأجود

ومَن يره في ليلة العيد وحده ... ليُفِطِرَ سِرًّا في القوي الموطّد وإيجابه يختص كل مُوحد ... قدير عليه عاقل بالغ طد وإن في نهار يثبت الشهر فاقضه ... وقولان في إمساكهم وكذا اعدد مريضًا برًا أو فادمًا مفطر كذا ... طهارة حيض أو نفاس لولّد وإن زال فيه الجن والكفر والصبا ... فكل ليمسك ثم يقضوا بأوكد وإنْ يَبلغن فيه المميز صائمًا ... أتمَّ ويقضيه على المذهب ازدد ويفطر عند العجز شيخ ومزمن ... بغير قصا والمد عن يومه أزيد وفطرًا في الأسفار أوْلى وَلوْ نوَى ... كمضني يقول الطب إن صمت يزدد وذو سفر أنشأه من بعد صومه ... يجوز له الإفطار منه بأوكد ومن خاف من جوع ومن عطش ومن ... أذى شبق يفطر ويقضي ولا يدي وفي فطر حلى حفظ طفل ومرضع ... قصَاء وتفكير بإطْعَام مرمد ومَن ينو صومًا ثم جن نهاره ... جميعًا كمن أغمى فصومها أفسد وإن نامهُ جمعًا فلا تلغ صومه ... ويقضي المغمى دون ذي الجن فاهتد وللواجب أنو الصوم في كل ليلة ... ولا يجب استحضار فرض بمقصد ونفلك مهما شئت في يومك انوه ... وعَن أحمد بعد الزوال ليصدد

باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة

18- باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة س146: اذكر ما تستحضره مما يُفسد الصوم مقرونًا بالدليل؟ ج: يُحرم على كل مسلم مكلف قادر تناول مفطرًا من غير عذر في نهار شهر رمضان؛ لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَن أفطر يومًا من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقضه صومه الدهر كله إن صامه» رواه الأربعة، وصححه ابن خزيمة، وأخرجه البيهقي. فمِمَّا يحرم على الصائم الأكل والشرب بعدما يتبين الفجر الثاني؛ لقوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ، ومن المفطرات: القيء عمدًا ويفسد به الصوم ويقضيه ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه؛ لما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء» رواه الخمسة، وأعله أحمد وقواه الدارقطني، ومما يفطر الصائم الحجامة سواء كان حاجمًا أو محجومًا؛ لما روى شداد بن أوس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى على رجل بالبقيع وهو يحتجم في رمضان، فقال: «أفطر الحاجم والمحجوم» رواه الخمسة إلا الترمذي، وصححه أحمد وابن خزيمة وابن حبان، وعن رافع بن خديج قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفطر الحاجم والمحجوم» رواه أحمد والترمذي، وعن ثوبان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى على رجل يحتجم في رمضان، فقال: «أفطر الحاجم والمحجوم» أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم. ومِمَّا يحرم على الصائم ويبطل به الصيام: الجماع، والمباشرة إذا أمنى؛ لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} ؛ وأما الاكتحال والتداوي والاحتقان ومداواة المأمومة والجائفة وسائر الجروح والاستعاط، فقيل هذه الأشياء تفطر إذا علم وصولها الجوف والحلق؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - للقيط بن صبرة: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا» ، وهذا يدل على أنه يفسد الصوم إذا بالغ فيه بحيث يدخل إلى خاشيمه أو دماغه، وقيس عليه ما وصل إلى جوفه، وروى أبو داود

والبخاري في «تاريخه» عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بالإثمد المتروح، وقال: ليتقه الصائم، وقيل: إن هذه لا تفطر؛ لأنه لم يرد فيها دليل صحيح ولا هي في معنى الأكل والشرب، قال في «مجموع الفتاوى» (ج25) : وأما الكحل والحقنة وما يقطر في إحليه ومداواة المأمومة والجائفة، فهذا مما تنازع فيه أهل العلم والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك؛ فإن الصيام من دين المسلمين الذي يحتاج إلى مَعرِفته الخاص والعام، فلو كانت هذه الأمور ممَّا حَرّمَها الله ورسوله في الصيام ويفسد الصوم بها لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة وبلَّغُوه الأمة كما بلغوا سائر شرعه فلما لم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك حديثًا صحيحًا ولا ضعيفًا ولا مسندًا ولا مرسلاً علم أن لم يذكر شيئًا من ذلك، والحديث المروى في الكحل ضعيف، رواه أبو داود في «السنن» ولم يروه غيره، ولا هو في «مسند أحمد» ولا سائر الكتب المعتمدة، والذين قالوا: إن هذه الأمور تفطر كالحقنة ومداواة المأمومة والجائفة لم يكن معهم حجة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما ذكروا ذلك بما رأوه من القياس وأقوى ما احتجوا به قوله: «وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا» قالوا: فدل ذلك على أن ما وَصلَ إلى الدماغ يفطر الصائم إذا كان بفعله وعلى القياس كل ما وصل إلى جوفه بفعله من حقنة وغيرها سواء كان ذلك في موضع الطعام والغذاء أو غيره من حشو جوفه وإذا كان عمدتهم هذه الأقيسة ونحوها لم يجز إفساد الصوم بمثل هذه الأقيسة. انتهى باختصار. وأما الإبرة: فهي تنقسم إلى قسمين: إبرة دوائية، وإبرة غذائية، فإيصال الأغذية بالإبرة حَقْنًا في الدم أو شربًا أو إيصالها إلى الجوف بأي طريق فلا شك في فطره بها؛ لأنه في معنى الأكل والشرب من غير فرق؛ وأما إيصال الدواء بالإبرة، فعلى القول الأول: يفطر، وعلى ما اختاره الشيخ تقي الدين، فالذي يظهر لي أنها لا تفطر والذي تطمئن إليه النفس تجنبها؛ وأما الحبوب: فلا شك أنها تفطر الدوائية والمقوية والمشتركة بين الغذاء والدواء، وقال بعض المنتسبين للعلم من متعاطي كتب الطب للمطالعة بها والاسترشاد من حسنها، الإبر قسمان: قسم يؤخذ كغذاء

كالجلوكوز (سكر العنب) ويلحق بها الفيتامينات لأنها تؤخذ عن نقص في الغذاء كمن يفقد مادة غذائية أساسية؛ إما لعدم حصوله عليها، وإما لمانع في بدنه يمنعه من امتصاص خلاصة هذا الغذاء الذي يحتوي على الفيتامين؛ فإنه يعطي الفيتامين الذي فقده بدنه كتكملة للغذاء فهذا القسم الذي هو الفيتامينات والجلوكوز لاشك في تقطيرها للصائم، ونزيد القارئ إيضاحًا للجلوكوز من أقوال علماء الطب؛ فإنهم يقولون: إن كل مادة غذائية يتناولها الإنسان لا ينتفع بها بدنه حتى تتحول إلى جلوكوز، يمتصها الدم من خلال جدر المصارين، بل إنهم يعتمدون في المستشفيات على حقن (الجلوكوز) لكل من يتعذر عليه اأكل إما لورمن في الحنجرة أو في المريء يمنعه من الأكل لذلك قام مقام الأكل فهو مضطر كالأكل؛ وأما القسم الثاني من الإبر فهو ما يؤخذ دواء كحقن البريفيثينات، والبنسلين، ولِسْتِربتُومَايسين، والتَّرّمايسين وما شاكلها، وهي أنواع كثيرة (وتسمى المبيدات الحيوية) ففيها خلاف بين الأطباء؛ لأن منهم من يقول إنها تصل إلى القناة الهضمية ولكنها ليست مغذية، وربما يقول قائل إنها لا تصل إلى تجويف القناة الهضمية، ولكننا سنضرب لذلك مثلاً بأنبولات (الأمينين) وهي حقن تضرب في العضل لعلاج (الدسنتاريا) وهي داخل المصارين من ذلك يعرف أن الحقن وإن لم تكن حقنًا غذائية؛ فإنها تصل إلى القناة الهضمية لذلك أرى أن المتعالجين قسمان: 1- مرضى. 2- غير مرضى؛ فالمرضى يفرطون بالإبر وغيرها؛ لأن الإبر ليست هي كل الدواء ويقضون؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ؛ وأما القسم الثاني: وهم غير المرضى فخيرُ لم صيانة صيامهم حتى من الأشياء التي فيها خلاف بين الأطباء؛ لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» ، والتفريق بين المريض ومن يخاف أنه مريض وليس مريضًا مرجعه الطبيب المسلم. ومما يفطر الردة عن الإسلام أعاذنا الله منها قال الله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} ومما يفطر الموت؛ لحديث: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله» .

س147: تكلم عن أحكام ما يلي: مجامع لم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر الثاني؟ من جامع عندما طلع الفجر؟ إعلام من أكل أو شرب ناسيا في نهار رمضان ممن يجب عليه الصوم؟ من أفطر يظن أن الشمس قد غابت؟ من طال إلى حلقه غبار أو ذباب؟ من احتلم وهو صائم؟ المبالغة في المضمضمة والاستنشاق؟ المذي بتكرار النظر؟ الإنزال بتكرار النظر؟ سق ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو تفضيل؟

س147: تكلم عن أحكام ما يلي: مُجَامِعٌ لمْ يغتسل إلا بعد طلوع الفجر الثاني؟ مَنْ جَامَعَ عِندَما طلع الفجر؟ إعلام مَنْ أكل أو شرب ناسيًا في نهار رمضان ممن يجب عليه الصوم؟ مَن أفطر يظن أن الشمس قد غابت؟ من طال إلى حلقه غبار أو ذباب؟ من احتلم وهو صائم؟ المبالغة في المضمضمة والاستنشاق؟ المذي بتكرار النظر؟ الإنزال بتكرار النظر؟ سُقْ ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو تفضيل؟ ج: يجوز لمن جامع بالليل أن لا يغتسل حتى يُطلعُ الفجر وصومه صحيح؛ لما ورد عن عائشة أن رجلاً قال: يا رسول الله، تدركني الصلاة وأنا جنب، فأصوم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب، فأصوم» ، فقالت: لست مثلنا يا رسول الله، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال: «والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي» رواه أحمد ومسلم وأبو داود، وعن عائشة وأم سلمة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصبح جنبًا من جماع غير احتلام ثم يصوم في رمضان» متفق عليه. وعن أم سلمة قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبح جنبًا من جماع لا حلم، ثم يفطر ولا يقضي» أخرجاه؛ لكن يستحب لمن لزمه الغسل ليلاً من جنب وحائض ونفساء إنقطع دمهما، وكافر أسلم أن يغتسل قبل طلوع الفجر الثاني، وإذا طلع وهو مجامع فاستدام الجماع فعليه القضاء والكفارة، وبه قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: يجب القضاء دون الكفارة؛ لأنه وطء لم يصادف صومًا فلم يوجب الكفارة كما لو ترك النية ثم جامع، ووجه الأول أنه ترك صوم رمضان بجماع أثم به لحرمة الصوم فوجبت به الكفارة كما لو وطئ بعد طلوع الفجر؛ وأما إذا نزع في الحال مع أول طلوع الفجر فعليه القضاء والكفارة على الصحيح من المذهب؛ لأن النزع جماع يتلذذ به أشبه الإيلاج، وقال أبو حفص: لا قضاء عليه ولا كفارة وهو قول أبي حنيفة والشافعي؛ لأنه ترك للجماع فلا يتعلق بما يتعلق بالجماع كما لو حلف لا يدخل دارًا وهو فيها فخرج منها، وقال مالك: يبطل صومه ولا كفارة عليه؛ لأنه لا يقدر على

أكثر مما فعله من ترك الجماع فأشبه المكره، وقال في «شرح أصول الأحكام» ، وقال ابن القيم: مَن طلع عليه الفجر وهو مجامع، فالواجب عليه النزع عينًا، ويحرم عليه استدامة الجماع والليث ولا شيء عليه، اختاره شيخنا وهو الصواب، والحكم في حقه وجوب النزع والمفسدة في حركة النزع مفسدة مغمورة في مصلحة إقلاعه ونزعه، وأن استدام فعليه القضاء والكفارة وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم؛ لأنه جماع في شهر رمضان باختيار فلا فرق بين ابتدائه ودوامه، ولو أراد أن يأكل أو يشرب مَن وجب عليه الصوم وجب على مَن رآه إعلامُه؛ لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يفطر إن فعل شيئًا ناسيًا أو مكروهًا، وبه قال عليّ وابن عمر؛ لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مضن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه» متفق عليه. وللحام: «من أفطر في رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه ولا كفارة» ؛ولقوله: «عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» ، ومن أفطر يظن أن الشمس قد غربت ولم يتبين له أنها لم تغرب لم يفسد صومه، فلا قضاء؛ لأنه لم يوجد يقين يزيل ذلك الظن كما لو صلى بالاجتهاد ثم شك في الإصابة بعد الصلاة، ومن طار إلى حلقه ذباب أو غبار من غير قصد لم يفطر، وكذا من قطّر في إحليله لا يفطر لعدم المنفذ، وإذا احتلم وهو صائم أو أنزل لغير شهوة كالذي يخرج منه المنيُّ أو المذي لمرض لم يفطر، وإنما تمضمض أو استنشق فوصل إلى حلقه ماء فلم يبطل صومه؛ لأنه وصل بغير اختياره أشبه الذباب الداخل حلقه؛ فأما إذا زاد على ثلاث أو الغ فدخل الماء حلقه فعلى وجهين: أحدهما: لا يفطر؛ لأنه وصل من غير قصد، والثاني: يفطر؛ لأن فعل مكروهًا تعرض به إلى إيصال الماء إلى حلقه أشبه الإنزال بالمباشرة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المبالغة فلو لم يكن وصول الماء في المبالغة يبطل الصوم لم يكن للنهي عن المبالغة معنى؛ وأما إذا كرر النظر فأنزل، فقيل: إنه يفطر وبه قال عطاء والحسن ومالك؛ لأنه إنزال بفعل يتلذذ به يمكن التحرز منه أشبه الإنزال باللمس والفكر لا يمكن التحرز

س148: تكلم عن أحكام ما يلي: من شك في طلوع فجر ثاني؟ من أكل معتقا أنه ليل فبان نهارا؟ ومن أصبح وفي فيه طعام فلفظه؟ من أكره على الأكل أو صب في حلقه ماء ونحوه مكرها؟

منه بخلاف النظر فلو أنزل مذيًا لم يفطر على المذهب وإن صرف بصره لم يفسد صومه أنزل أو لم ينزل، وقال جابر بن زيد والثوري وأبو حنيفة والشافعي وابن المنذر: لا يفسد؛ لأنه من غير مُباشرة أشبه الإنزال بالفكر، وكما لو نام فاحتلم وهذا القول قوي جدًا فيما أرى. س148: تكلم عن أحكام ما يلي: مَن شك في طلوع فجر ثاني؟ مَن أكل مُعتقًا أنه ليل فبان نهارًا؟ ومَن أصبح وفي فيه طعام فلفظه؟ مَن أكره على الأكل أو صُبّ في حلقه ماء ونحوه مكرهًا؟ ج: وإن أكل شاكًا في طلوع الفجر الثاني ولم يتبين طلوعه إذ ذاك لم يفسد صومه؛ لأن الأصل بقاء الليل، وإن بان أنه طلع الفجر قضى، أو بان لمن أكل ونحوه ظانًا غروب شمس أنها لم تغرب قضى لِتَبيُّنِ خطته، ومَن أكل ونحوه شاكًا في غروب شمس ودام شكه قضى؛ لأن الأصل بقاء النهار وكما لو صلى شاكًا في دخول الوقت؛ فإن تبيّن له أن الشمس كانت غربت فلا قضاة عليه لتمام صومه، وإن أكل معتقدًا أنه ليل فبان نهارًا فعليه القضاء؛ لأن الله أمر بتمام الصوم إلى الليل ولم يتمه. وعن أسماء أفطرنا على عهد رسول اله - صلى الله عليه وسلم - في يوم غيم، ثم طلعت الشمس، قيل لهشام بن عروة، وهو راوي الحديث أمروا بالقضاء، قال: لابد من قضاء، رواه أحمد والبخاري. وحكي عن عروة ومجاهد والحسن وإسحاق لا قضاء عليه؛ لما روى زيد بن وهب قال: كنت جالسًا في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان في زمن عمر بن الخطاب، فشربنا ونحن نرى أنه من ليل ثم انكشف السحاب، فإذا الشمس طالعة، قال: فجعل الناس يقولون: تقضي يومًا مكانه، فقال عمر: والله لا نقضيه ما تجانفنا الإثم؛ ولأنه لم يقصد الأكل في الصوم فلم يلزم. قال في «الاختيارات الفقهية» : ومَن أكل في شهر رمضان معتقدًا أنَهُ ليلٌ فبان نهارًا فلا قضاء عليه، وكذا من جامع جاهلاً بالرفث أو ناسيًا، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، انتهى (ص109) . منها: ومن أصبح وفي فمه طعام، فلفظه: أو شقّ لفظه فبلعه مع ريقه من غير قصد لم يفطر لعدم إمكان التحرز منه.

س149: ماذا يلزم من جامع في نهار رمضان، وضح ذلك مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟

س149: ماذا يلزم من جامع في نهار رمضان، وضَّح ذلك مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟ ج: قد تقدم أن الجماع مما يحرم على الصائم ويفطر به (في جواب سؤال 121) ويلزم المجامع في رمضان القضاء والكفارة، وهي عتق رقبة؛ فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين؛ فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا؛ لما ورد عن أبي هريرة قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل، فقال: يا رسول الله، الله هلكت، قال: «ما لك؟» قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هل تجد رقبة تعتقها؟» قال: لا، قال: «فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟» قال: لا، قال: «هل تجد إطعام ستين مسكينًا؟» قال: لا، قال: «اجلس» ومكث النبي - صلى الله عليه وسلم - فبينما نحن على ذلك، أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَق فيه تمر –والعرق المكتل الضخم- قال: «أين السائل؟» قال: أنا، قال: «خذ هذا فتصدق به» فقال الرجل: أعلي أفقر مني يا رسول الله، فوالله ما بين لابتيها «يريد الحرتين» أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بَدَتْ أنيابه، ثم قال: «أطعمه أهلك» متفق عليه؛ وأما القضاء فلأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للمجَامِع: «صُمْ يومًا مكانه» رواه أبو داود وابن ماجه؛ ولأنه إذا وجب القضاء على المريض والمسافر وهما معذوران فعلى المجامع أولى، ويجب عليه إمساك بقية يومه؛ لأنه أفطر بغير عذر؛ أما إذا كان المجامع ناسيًا فالمشهور أن عليه القضاء والكفارة كالعامد، وعن أحمد: لا قضاء ولا كفارة على من جامع ناسيًا، اختاره الآجري والشيخ تقي الدين ابن تيمية، وفاقًا أبي حنيفة والشافعي. س150: إذا كانت المرأةُ المجامَعَةُ ناسِيةً أو جَاهِلة أو مُكرَهَة أو نائمة فهل يلزمها كفارة؟ وهل بينها وبين الرجل فرق في الإكراه؟ وإذا جامع مَن نوى الصوم في سفره، فما الحكم؟ وماذا يلزم مَن جامع ثم كفّر ثم جامع في يومه، أو جامع في يوم ثم في آخر ولم يكفّر؟ وإذا جامع وهو معافى ثم مرض، فما الحكم؟

ج: إذا كانت المرأة المجامعة ناسية أو جاهلة أو نائمة أو مكرهة فلا كفارة عليها، والفرق بينها وبين الرجل في الإكراه أن الرجل له نوع اختيار بخلافها؛ وأما لنسيان، فقال ابن قندس: أن جهة الرجل في المجامعة لا تكون إلا منه غالبًا بخلاف المرأة، وكان الزجر في حقه أقوى فوجبَت عليه الكفارة في حالة النسيان دونها، إذا جامع مَن نوى الصوم في سفره أفطر ولا كفارة؛ لأنه صوم لا يلزمه المضي فيه أشبه التطوع، ومَن جامع ثم كفَّر ثم جامع في يومه فعليه كفارة ثانية؛ لأنه وطء محرم، وقد تكرر فتتكرر هي كالحج، وقيل: لا كفارة عليه؛ لأن الجماع الثاني لم يصادف صومًا وهو رواية عن أحمد وفاقًا للثلاثة، وإن جامع في يومين فعليه كفارتان؛ لأن كل يوم عبادة منفردة تجب الكفارة بفساده ولو انفرد فإذا فسد أحدهما بعد الآخر وجب كفارتان كحجتين وعمرتين وكما لو كان رمضانين، ومن جامع وهو معافى ثم مرض أو جن أو سافر لم تسقط الكفارة عنه لاستقرار الكفارة؛ لأنه أفسد صيامًا واجبًا من رمضان بجماع تام، وكما لو لم يطرأ العذر، ولا تجب الكفارة بغير الجماع في صيام رمضان؛ لأن النص إنما ورد بالجماع في رمضان وليس غيره في معناه لاحترامه وتعيينه لهذه العبادة، فلا يقاس عليه غيره؛ فإن لم يجد ما يطعمه للمساكين حال الوطء؛ لأنه وقت الوجوب سقطت عنه كصدقة الفطر وكفارة الوطء في الحيض؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر الأعرابي أخيرًا بها ولم يذكر لم بقاءها في ذمته، وقيل: لا تسقط بالإعسار، قالوا: وليس في الخير ما يدل على سقوطها عن المعسر، بل فيه ما يدل على استقرارها عليه، قالوا أيضًا: والذي أذن له في التصرف فيه ليس على سبيل الكفارة وإن كفر عنه غيره بإذنه فله أكلها إن كان أهلاً لها، وكذا لو ملكه غيره ما يكفر به جاز له أكله مع أهليته لخبر أبي هريرة السابق. والله أعلم.

باب ما يكره ويستحب وحكم القضاء

19- باب ما يكره ويستحب وحكم القضاء س151: بين ما الذي يكره للصائم؟ وما الذي تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟ ج: يكره جمع ريقه فيبتلعه، وذلك أنه اختلف في الفطر به وأقل أحواله أن يكون مكروهًا ويكره ذو طعام بلا حاجة؛ لأنه لا يأمن أن يصل إلى حلقه فيفطره ويكره مضغ علك لا يتحلل منه أجزاءٌ؛ لأنه يجمع الريق ويجلب البلغم ويورث العطش، وكره له ترك بقية الطعام بين أسنانه خشية خروجه فيجري به ريقه إلى جوفه؛ وأما القبلة فعلى ثلاثة أقسام: أحدها: أن يكون ذا شهوة مفرطة يغلب على ظنه أنه إذا قبِّل أنزل أو أمذى، فهذا يحرم عليه؛ لأنها مفسدة لصومه أشبهت الأكل. الثاني: أن يكون ذا شهوة؛ لكن لا يغلب على ظنه ذلك فتكره له؛ لأنه يُعرْض نفسه الفطر ولا تحرم في هذه الحال؛ لقول عائشة -رضي الله عنها-: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبِّل وهو صائم ويباشر وهو صائم وكان أملكم لإربه» متفق عليه. الثالث: أن يكون ممن لا تحرك شهوته كالشيخ الكبير، ففيه روايتان: إحداهما: لا تكره وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي؛ لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رجُلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المباشر للصائم، فرخص له، فأتاه آخر فسأله، فنهاه، فإذا الذي ترخص له شيخٌ، والذي نهاه شاب أخرجه أبو داود، ويحرم مضغ العلك المتحلل إن بلغ ريقه وإلا فلا؛ لأن المحرم إدخال ذلك إلى جوفه ولم يوجد وتكره للصائم المبالغة في المضمضة والاستنشاق؛ لما ورد عن لقيط بن صبرة قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء، قال: «أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا» رواه أبو داود والترمذي والنسائي. س152: ما الذي يجب على الصائم اجتنابه وما دليله؟ ج: يجب عليه اجتناب كذب وغيبة ونميمة وشتم وفحش، الكذب ما خالف الواقع؛ وأما الغيبة فقد سُئل عنها - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ذكرك أخاك بما يكره» ؛ وأما النميمة فهي نقل كلام بعض الناس إلى بعض على جهة الإفساد، والشتم السب، والفحش

كل ما اشتد قبحه من الذنوب والمعاصي فكل هذه يجب اجتنابها في كل وقت؛ لعموم الأدلة ووجوب اجتناب ذلك في رمضان، ومكان فاضل كالحرمين آكد؛ لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامهُ وشرابهُ» رواه البخاري، ومعناه: الزجر والتحذير؛ ولأن الحسنات تتضاعف بالمكان والزمان الفاضلين وكذا السيئات، وقد استثنى من الكذب والغيبة أمور؛ فأما الكذب، فقال النووي –رحمه الله-: أعلم أن الكذب وإن كان وسيلة إلى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحيله إلا بالكذب جاز به الكذب، ثم إن كان تحيل ذلك المقصود مباحًا كان الكذب مباحًا، وإن كان واجبًا كان الكذب واجبًا؛ فإذا اختفى مسلم عن ظالم يريد قتله أو أخذ ماله وأخفى ماله، وسُئل إنسان عنه وجب الكذب بإخفائه، وكذا لو كان عنده وديعة، وأراد ظالم أخذها وجب الكذب بإخفائها، والأحوط في هذا كله أن يوري، ومعنى التورية: أن يقصد بعبارته مقصودًا صحيحًا ليس هو كاذبًا بالنسبة إليه وإن كان كاذبًا في ظاهر اللفظ وبالنسبة إلى ما يفهمه المخاطب ولو ترك التورية وأطلق عِبارة الكذب فليس بحرام في هذا الحال، واستدل العلماء بجواز الكذب في هذا الحال بحديث أم كلثوم - رضي الله عنها - أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرًا» متفق عليه، زاد مسلم في رواية: قالت أم كلثوم، ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث تعني الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها. انتهى. وقد استثنى العُلماء من الغيبة أمور ستة: الأول: التظلم فيجوز أن يقول المظلوم فلان ظلمني وأخذ مالي؛ ولكن إذا كان ذكره لذلك شكاية على من له قدرة على إزالتها أو تخفيفها ودليله قول هند عند شكايتها له صلى الله عليه وسلم من أبي سفيان أنه رجل شحيح. الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر بذكره لمن يطن قدرته على إزالته. الثالث: التحذير للمسلمين من الاغترار كجرح الرواة والشهود. الرابع: التحذير ممن

س153: بين المسنونات للصائم مع ذكر ما تستحضره دليل أو تعليل؟

يتصدر للإفتاء والتدريس مع عَدَم الأهلية، ودليله قوله - صلى الله عليه وسلم -: «بئس أخو العشيرة» ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أما معاوية فصعلوك لا مال له؛ وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه» الحديث. الخامس: ذكر من جاهَر بالفسق أو البدع كالمكاسين وذوي الولايات الباطلة فيجوز ذكرهم بما يجاهرون به دون غيره. السادس: التعريف بالشخص بما فيه من العيب كالأعور والأعرج والأعمش ولا يريد به نقصه وعيبه وجمعها بعضهم في بيتين، فقال: الذَّمُّ لَيْس بغيْبَة في سِتَّةِ ... متظلِم ومُعَرّفٍ ومحُذّرِ وَلمظهر فسْقًا ومُستفت وَمَن ... طَلب الإعانة في أزالته مُنكر قال أحمد: ينبغي للصائم أن يتعاهدَ صَومهُ من لسانه ولا يُماري ويَصُونَ صومَه كانوا إذا صاموا قعدوُا في المساجد، وقالوا: نحفظ صومنا ولا نغتب أحدًا، ولا يعمل عملاً يجرح به صومه. س153: بيّن المسنونات للصائم مع ذكر ما تستحضره دليل أو تعليل؟ ج: يُسن له كثرة قراءة وكثرة ذكر وصدقة وكف لسانه عما يكره ويجب كفه عما يحرم ولا يفطر بنحو غيبة، قال أحمد: لو كانت تفطر ما كان لنا صوم. وسن قول صائم جهرًا إن شتم: «إني صائم» لخبر الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعًا: «إذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب؛ فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني صائم» . وسن لصائم تعجيل فطر إذا تحقق غروب شمس؛ لما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قال الله عز وجل: إن أحب عبادي إليِّ أعجلهم فطرًا» رواه أحمد والترمذي وحسنه وابن خزيمة وابن حبان، ويستحب أن يكون فطره على رطب؛ فإن عدم فتمر فإن عدم فماء؛ لما ورد عن أنس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفطر على رطبات قبل أن يصلي؛ فإن لم تكن رطبات فتمرات؛ فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء» رواه أحمد وأبو داود والترمذي، عن سلمان بن عامر الضبي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أفطر أحدكم فليفطر تمر؛ فإن لم يجد فليفطر على ماء؛ فإنه له طهور» رواه الخمسة إلا النسائي، ويستحب

قول الصائم عند فطره: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت؛ لما ورد عن معاذ ابن زهرة أنه بلغه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أفطر، قال: «اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت» رواه أبو داود، ويستحب للصائم أن يَتَسحَّر؛ لما ورد عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تسحروا؛ فإن السحور بركة» رواه الجماعة إلا البخاري، وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله وملائكته يصلون على المتسحَّرينَ» رواه الطبراني، وصححه ابن حبان، ويُسن تأخير السحور؛ لما ورد في البخاري عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: كنت أتسحّر في أهلي ثم تكون سرعتي أن أدرك السحور مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعن سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور» متفق عليه، وتحصل فضيلة السحور بأكل وشرب، وإن قلَّ؛ لحديث أبي سعيد: «ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء» رواه أحمد، وفيه ضعف، قاله في المبدع، ويستحب تفطير الصُّوام؛ لما في الحديث: «من فطّر فيه صائمًا كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء» ، قالوا: يا رسول الله، ليس كلنا يجد ما يفطِّر الصائم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يعطي الله هذا الثواب من فطّر صائمًا على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن» الحديث رواه ابن خزيمة، وصححه، ورواه البيهقي وأبو الشيخ وابن حبان، وقال الشيخ: المراد بتفطيره إشباعُه، قال الناظم: وتركُ مَقَال الزور في الناس وَاجبٌ ... ولكنه عن صائم ذُو تَأكدِ فإن شتم أسرعْ قوله: أنا صائم ... لِتَذكير نفس أو لوعظ لمعتَدي ويشرع فطر التمر والماء لفقده ... وتعجيل فطر والسحور فبَعِّدِ وقل عند فطر لائقًا وأدْعُ ضارعًا ... وسَلهُ قبولاً ثم سبِّحهُ واحمدِ

فصل في قضاء رمضان

20- فصل في قضاء رمضان س154: بَيّن حكم قضاء رمضان مع ما تستحضره من دليل أو تعليل؟ ج: يُسن قضاء رمضان فورًا متتابعًا إلا إذا بقي من شعبان قدر ما عليه فيجب عليه التتابع لضيق الوقت، ومن فاته رمضان قضى عَدَدَ أيامه تامًا كان أو ناقصًا كأعداد الصلوات الفائتة، فمن فاته رمضان فصام من أول الشهر أو أثنائه تسعة وعشرين يومًا وكان الفائت ناقصًا أجزأه عنه اعتبارًا بعدد الأيام، عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قضاء رمضان إن شاء فرق وإن شاء تابع» رواه الدارقطني. قال البخاري: قال ابن عباس: لا بأس أن يفرق؛ لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ، وعن عائشة قالت: نزلت {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} متتابعات، فسقطت متتابعات، رواه الدارقطني، وعن عائشة قالت: كان يكون عليَّ الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان، وذلك لمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رواه الجماعة. ويجزي قضاء يوم شتاء عن يوم صيف، وبالعكس بأن يقضي يوم صيف عن يوم شتاء؛ لعموم الآية. س155: إذا اجتمع نذر وقضاء رمضان فبأيهما يَبْدَأ؟ وما حكم التطوع قبل قضاء رمضان؟ وما حكم تأخير قضاء رمضان؟ واذكر ما تستحضره من خلاف. ج: يُقدمُ قضاء رمضان وجوبًا على صوم نذر لا يخاف قوته لسعة وقته لتأكد القضاء؛ لوجوبه بأصل الشرع؛ فإن خاف فوت النذر قدمه لاتساع وقت القضاء، إلا أن يضيق الوقت عن قضاء رمضان بأن كان عليه مثلاً عشرة أيام من رمضان ونذر أن يصوم عشرة أيام من شعبان ولم يبق سوى العشرة فيصومها عن رمضان لِيتَعين الوقت لها؛ وأما التطوع

س156: ما مقدار ما يطعم من أخر قضاء رمضان من غير عذر إلى رمضان آخر؟ وإذا كان التأخير لعذر، فما الحكم؟

لمن عليه فرض، فقيل: يحرم ولا يصح تطوع قبل قضاء رمضان. وروى حنبل عن أحمد بإسناد عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صَام تطوعًا وعليه من رمضان شيء لم يقضه؛ فإنه لا يتقبل منه حتى يصومه» ؛ ولأنه عبادة يدخل في جُبرانِها المال فلم يصح التطوع بها قبل أداء فرضها كالحج. وروي عن أحمد يجوز له التطوّعُ؛ لأنها عبادة تتعلق بوقت موسع فجاز التطوع في أول وقتها قبل فعلها كالصلاة يتطوَّع في أول وقتها، وحرم تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر بلا عذر؛ لقول عائشة: «كان يكون على الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان، لمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» متفق عليه. وكما لا تؤخر الصلاة الأولى إلى الثانية؛ فإن أخر قضاءه إلى آخر بلا عذر قضى عدد ما عليه وأطعم لتأخيره، ويجزي إطعامه قبل القضاء وبعده ومعه؛ لقول ابن عَبّاس؛ فإذا قضى أطعم، رواه سعيد بإسناد جيد، قال المجد: الأفضل عندنا تقديمه مسارعة إلى الخير وتخلصًا من آفات التأخير. س156: ما مقدار ما يُطعمُ من أخّر قضاء رمضان من غير عذر إلى رمضان آخر؟ وإذا كان التأخير لعذر، فما الحكم؟ ج: عليه مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم ما يجزي في كفارة وجوبًا، رواه سعيد بإسناد جيد عن ابن عباس والدارقطني عن أبي هريرة، وقال: إسناده صحيح، وذكره غيره عنجماعة من الصحابة، وإن أخر القضاء لعذر من سفر أو مرض قضى بلا إطعام؛ لأنه غير مفرّط وإن أخر البعض لعذر والبعض لغيره، فلكل حكمه ولا شيء على من أخر القضاء لعذر إن مات؛ لأن حق لله تعالى وجب بالشرع مات قبل إمكان فعله فسقط إلى غير بدل كالحج، وإن أخره لغير عذر، فمات قبل أن أدركه رمضان آخر أطعم عنه لكل يوم

س157: تكلم بوضوح عمن مات وعليه نذر في الذمة لم يفعل منه شيئا مع إمكان فعل منذور، من مات وعليه صوم من كفارة أو متعة؟

مسكين وهذا قول أكثر أهل العلم، وروى ذلك سعيد عن عائشة - رضي الله عنها - بإسناد جيد أنها سُئلت عن القضاء، فقالت: «لا، بل يطعم» . وروى الترمذي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعًا بإسناد ضعيف، والصحيح وقفه عليه؛ ولأنه لا ندخله النيابة في الحياة فكذا بعد الموت، وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وبه قال مالك والليث والأوزاعي والثوري والشافعي وابن عليَّة وأبو عبيد في الصحيح عنهم، وقال أبو ثور والشافعي يصام عنه؛ لما روت عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» متفق عليه. قال الشيخ تقي الدين: وإن تبرع إنسان بالصوم عمن لم يطقه لكبره ونحوه، أو عن ميت وهما معسران توجّه جوازه؛ لأنه أقرب إلى المماثلة من المال. انتهى. وإن مات بعد أن أدركه رمضان فأكثر أطعم عنه لكل يوم مسكين بلا قضاء، هذا فيما إذا كان لغير عذر. س157: تكلم بوضوح عمن مات وعليه نذر في الذمة لم يفعل منه شيئًا مع إمكان فعل منذور، مَن مات وعليه صوم من كفارة أو مُتعة؟ ج: مَن مَات وعليه نذر صوم في الذمة أو عليه نذر حج في الذمة أو عليه نذر صلاة في الذمة أو عليه نذر طواف في الذمة أو عليه نذر اعتكاف في الذمة، لم يفعل منه شيئًا مع إمكان فعل منذور غير حج، فيفعل عنه مطلقًا تمكن منه أولاً لجواز النيابة فيه حال الحياة وبعد الموت أولى سُنَّ لولي الميت فعل النذر المذكور عنه؛ لحديث ابن عباس: أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت وَعليها صوم نذر أفأصوم عنها، قال: «أرأيت لو كان على أمِّكِ دين فقضيته عنها، أكان ذلك يؤدي عنها» ، قالت: نعم، قال: «فصومي عن أمِّكِ» متفق عليه، وفي رواية: إن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله نجاها أن تصوم شهرًا فأنجاها الله، فلم تصم حتى ماتت، فجاءت قرابة لها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك، فقال: «صومي عنها» رواه أحمد والنسائي وأبو داود، وعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

«من مات وعليه صيام صام عنه وليه» متفق عليه. ويجوز لغير الولي فعل ما على الميت من نذر بإذن الولي ودونه؛ لأنه –عليه الصلاة والسلام- شَبَّههُ بالدين والدين يصح قضاؤه من الأجنبي ويجزي صوم جماعة عن ميت نذرًا في يوم واحد، وإن خلَّف مالاً وجبَ فعل نذره على ما تقدم فيفعله وليه إن شاء أن يدفع مالاً لمن يفعل عنه ذلك، ويدفع في صوم عن كل يوم طعام مسكين في كفارة، ولا يقضي معين مات قبله، وإن مات في أثنائه يسقط الباقي، وإن لم يصم ما أدركه منه لعذر فكالأول، ومن مات وعليه صوم من كفارة أو متعة أو قران ونحوه أطعم عنه من رأس ماله أوصى به أولاً. من النظم ممَّا يتعلق بقضاء رمضان ومن رَمضان اقْضِ الفوات متابعًا ... وإما تشا فرقت غير مُفَسِّدِ وفي الحكم يكفي اليوم عن يومه قضى ... ولم يكفه مع دهره متعمد وإن فات كل الشهر أجزأه القضا ... لشهر هلاليٍّ بغير تقيد وإن يقض بالأيام فليقض كاملاً ... وقيل ثلاثين اقضه فيهما قد ومُرْج بلا عذر قضاء لقابل ... أثيم ويقضي الفوت مع قوت ومفرد ومسكينًا أطعم إن يَمت قبل قابل ... ولا شيء مع تأخير عذر ممهَّد ومُرْجى قضاء ثم صام تطوعًا ... يجوز وعنه لا يجوز فقيّد ويشرع أن يقضي عن الميت نذره ... كحج وصوم واعتكافَ بمسْجدِ ونذر صلاة النذر يقضي بأوكد ... ولو قيل يقضي فرضه لم أبَعِّدِ ويخرج من مال الفتى مع قضائهم ... عن المرء تكفير اليمين المؤكدِ

باب صوم التطوع وما يتعلق به

21- باب صَوْمِ التطوع وما يتعلق به س158: ما الأيامُ التي يُسَنُّ صيامها؟ وما الدليل على سُّنة صيامها؟ ج: في الصيام فضل عظيم؛ لحديث: «كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثاله إلى سبعمائة ضعف» ، فيقول الله تعالى: «إلا الصيام فإنه لي، وأنا أجزي به» . وهذه الإضافة للتشريف والتعظيم، وأفضل صيام التطوع صوم يوم وفطر يوم؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن عمرو: «صم يومًا، وافطر يومًا، فذلك صيام داود، وهو أفضل الصيام» ، قلت: فإني أطيق أفضل من ذلك، قال: «لا أفضل من ذلك» متفق عليه. والأيام التي يُسن صيامها: أيام البيْض، والاثنين والخميس، وست من شوال، وشهر الله المحرم وآكده العاشر ثم التاسع، وتسع ذي الحجة، وآكده يوم عرفة لغير حاج، ولا يُسن صوم يوم عرفة لمن بعرفة. أما الدليل على سنَيَّة أيام البيض التي هي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، فهو ما ورد عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا صمت من الشهر ثلاثًا فصم ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن. وعن قتادة بن ملحان - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بصيام أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة. رواه أبو داود. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: «صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أُوتر قبل أن

أنام» متفق عليه. وأما الدليل على صيام يوم الاثنين والخميس، فهو ما ورد عن قتادة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن صوم يوم الإثنين، فقال: «ذلك يوم ولدت فيه ويوم بعثت فيه، وأنزل عليَّ فيه» رواه مسلم. وعن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تعرض الأعمال يوم الإثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» روه الترمذي، وقال: حديث حسن، ورواه مسلم بغير ذكر الصوم. وأما الدليل على سنَّية صيام ست من شوال، فهو ما ورد عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر» رواه مسلم. وأما الدليل على سنَّية الشهر المحرم، فهو ما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل» متفق عليه. وآكده العاشر وصوم عاشوراء كفارة سنة. عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه. متفق عليه. وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لئن بقيت إلى قابل لأصومنّ التاسع» رواه مسلم ويلي العاشر في الأفضلية التاسع، والدليل على أن العاشر كفارة سنة، ما ورد عن أبي قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في صيام يوم عاشوراء: «إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» رواه مسلم.

وأما الدليل على سنية صيام تسع ذي الحجة، فهو ما ورد عن ابن عباس مرفوعًا: «ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر» رواه البخاري. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من أيام أحب إلى الله أن يُتصدّق له فيها من أيام العشر وأن صيام يوم فيها ليعدل صيام سنة وليلة فيها بليلة القدر» رواه ابن ماجه والترمذي، وقال: حديث غريب. وعن حفصة قالت: أربع لم يكن يَدَعهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام، والركعتين قبل الغداة» رواه أحمد والنسائي. وأما الدليل على سنية صيام يوم عرفة لغير حاج، فهو ما ورد عن أبي قتادة قال: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم عرفة، قال: «يُكفرُ السنة الماضية والباقية» رواه مسلم. وأما الدليل على أنه لا يُسن صوم يوم عَرفة لمن بعرفة فهو ما ورد عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة. رواه أبو داود. ولا روت أم الفضل أنها أرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدح لبن وهو واقف على بعيره فشرب، متفق عليه. وأخبر ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه حج مع أبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان - رضي الله عنهم - فلم يصمه أحد منهم.

س159: تكلم بوضوح عن الأيام التي يكره صيامها مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟

من النظم مما يتعلق بصوم التطوع وإنْ تبْغ أسنى الصوم نفلاً تصومه ... فيومًا ويومًا صوم داود فاقصد ومن كل شهر صم ثلاثة بيضه ... ويوم خميس ثم الاثنين فاعمد ومنّبع شهر الصوم صومًا بستة ... يَجُزْ سنةً مِن جامع ومُبدِّد وعامين يجزي صومُ يوم مُعَرِّفِ ... وعن يوم عاشورا عن العام فاسعد وفي عرفات يشرع الفطر قوةً ... على دعوات عند أفضل مشهد ويشرع صوم العشر والشهر كاملاً ... إذا كنت تبغي فالمحرم فاسرد فإن تقتصر صُمْ عشره ثم إن تهن ... فتاسعة مع عاشرًا ولذا قد س159: تكلم بوضوح عن الأيام التي يكره صيامها مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟ ج: يكره إفراد رجب والجمعة والسبت؛ وأما الشك فقيل: يكره، والقول الثاني: أنه يحرم صومه، إلا أن يوافق يوم الجمعة أو السبت أو الشك عادة كأن وافق يوم عرفة يوم الجمعة أو يوم عاشوراء أو يصل يوم الشك بصيام قبله أو يتقدم عن رمضان بأكثر من يومين؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين إلا رجلاً كان يصوم صومًا فليصمه» متفق عليه. من حديث أبي هريرة: أو يصوم يوم الشك عن قضاء أو نذر أو كفارة فلا كراهة.

أما إفراد رجب، فلما روى أحمد بإسناد عن خرشة بن الحر، قال: رأيت عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام، ويقول: كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية، وبإسناد عن أبي عمر أنه كان إذا رأى الناس وما يعدونه لرجب كرهه. وقال: صوموا منه وافطروا، وعن ابن عباس نحوه. وبإسناده عن أبي بكرة أنه دخل على أهله وعندهم سلال جدد وكيزان، فقال: ما هذا، فقالوا: رجب نصومه، فقال: أجعلتم رجب رمضان؟ فأكفأ السلال وكسر الكيزان. قال أحمد مَن كان يَصومُ السَّنة صامه وإلا فلا يصومه متواليًا بل يفطر فيه، ولا يشبهه برمضان. وأما الدليل على إفراد الجمعة، فهو ما ورد عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيَّام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم» رواه مسلم. وعنه أيضًا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يصومنَّ أحدُكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يومًا قبله أو يومًا بعده» متفق عليه. وأما السبت فلما ورد عن عبد الله بن بسر عن أخته وإسمها الصماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم؛ فإن لم يجد أحدكم إلا عود عنب أو لحاء شجر فليمضغه» رواه الخمسة إلا النسائي. ويكره تقدم رمضان بيوم أو يومين لما تقدم قريبًا في حديث أبي هريرة، ويكره صوم الدهر؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول

الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا صام من صام الأبد» متفق عليه، ولمسلم من حديث أبي قتادة بلفظ: «لا صام ولا أفطر» ويكره صوم يوم النيروز والمهرجَان وهما عيدان للكفار معروفان وصوم كل عيد لكفار أو يوم يفردونه بتعظيم قياسًا على يوم السبت ما لم يوافق عادة أو يصمه عن قضاء أو نذر أو نحوه، وفي «مجموع الفتاوى» : وقد روى البيهقي بإسناد صحيح في باب كراهة الدخول على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم والتشبه بهم ونيروزهم ومهرجانهم عن سفيان الثوري، عن ثور بن يزيد عن عطاء بن دينار قال: قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: لا تعلموا رطابة الأعاجم ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم؛ فإن السخط ينزل عليهم، فهذا عمر قد نهى عن تعلم لسانهم، وعن مجرد دخول الكنيسة يوم عيدهم فكيف من يفعل بعض أفعالهم أو قصد مما هو من مقتضيات دينهم ألَيْسَتْ موافقتهم في العمل أعظم من موافقتهم في اللغة أو ليس عمل بعض أعمال عيدهم أعظم من مجرد الدخول عليهم في عيدهم، وإذا كان السخط ينزل عليهم يوم عيدهم بسبب عملهم، فمن يشركهم في العمل أو بعضه أليس قد تعرض لعقوبة ذلك. وقال ابن عمر: من صنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم، وقال: لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام، ولا لباس، ولا اغتسال، ولا إيقاد نيران، ولا تعطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك لأجل ذلك ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار زينة، وبالجملة ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم، بل يكون عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام لا يخصه المسلمون بشيء من خصائصهم؛ وأما تخصيصه بما تقدم ذكره فلا نزاع فيه بين العلماء، بل قد ذهب طائفة من العلماء إلى كفر من يفعل هذه الأمور لما فيه من تعظيم شعائر الكفر.

وقال –رحمه الله-، وقد قال غير واحد من السلف في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ} قالوا: أعياد الكفار؛ فإذا كان هذا في شهودها من غير فعل فكيف بالأفعال التي هي من خصائصها. وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في «المسند» و «السنن» أنه قال: «من تشبه بقوم فهو منهم» ، وفي لفظ: «ليس منَّا من تشبه بغيرنا» وهو حديث جيد فإذا كان هذا في التشبه بهم، وإن كان من العادات فكيف التشبه بهم فيما هو أبلغ من ذلك، وقد كره جمهور الأئمة إما كراهة تحريم أو كراهة تنزيه أكل ما ذبحوه لأعيادهم وقرابينهم إدخالاً له فيما أهِلَّ لغير الله وما ذبح على النصب، وكذلك نهُوا عن معاونتهم على أعيادهم بإهداء أو مبايعة، وقالوا: إنه لا يحل للمسلمين أن يبيعوا للنصارى شيئًا من مصلحة عيدهم لا لحمًا ولا دمًا ولا ثوبًا ولا يعارون دابة ولا يعاونون على شيء من دينهم؛ لأن ذلك من تعظيم شركهم وعونهم على كفرهم وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك؛ لأن الله تعالى يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} وقالوا: وإذا كان لا يحل له أن يعينهم هو فكيف إذا كان هو الفاعل لذلك. والله أعلم. (ج25/325، 329، 331، 332) انتهى ملخصًا. ويكره الوصال بأن لا يفطر بين اليومين فأكثر إلا من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال، فقال رجل من المسلمين: فإنك تواصل يا رسول الله، فقال: «وأيكم مثلي، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني» ؛ فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يومًا ثم يومًا ثم روا الهلال، فقال: «لو تأخر الهلال لزدتكم كالمنكل لهم» حين أبوا أن ينتهوا، متفق عليه. ولم يحرم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقع رفقًا ورحمة، ولا يكره الوصال إلى السحر؛ لحديث أبي حميد مرفوعًا: «فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر» رواه البخاري، وترك الوصال إلى

س160: ما الأيام التي يحرم صيامها؟ وما الدليل على تحريمها؟ وما حكم قطع الفرض والنفل؟ وإذا قصد صوم العيدين فهل يجزئه عن فرض؟

السحر أولى من فعله لفوات فضيلة تعجيل الفجر. س160: ما الأيام التي يحرم صيامها؟ وما الدليل على تحريمها؟ وما حكم قطع الفرض والنفل؟ وإذا قصد صوم العيدين فهل يجزئه عن فرض؟ ج: يحرم صوم العيدين وأيام التشريق إلا عن دم متعة وقران؛ أما الدليل على تحريم صوم العيدين، فهو ما ورد عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن صوم يومين: يوم الفطر ويوم النحر. متفق عليه. وروى أبو عبيدة مولى أزهر قال: شهدت العيد مع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فقال: هذان يومان نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صيامهما يوم فطركم من صيامكم، واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم. متفق عليه. وأما أيام التشريق فلما ورد عن نُبيشة الهذلي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل» رواه مسلم. وعن عائشة وابن عمر - رضي الله عنهما - قال: لم يرخص في أيام التشريق أن يُصمنَ إلا لمن لم يجد الهدي. رواه البخاري. وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صوم خمسة أيام في السنة: يوم الفطر، ويوم النحر، وثلاثة أيام التشريق» رواه الدارقطني، ولا يجوز صوم العيدين عن فرض ولا تطوع، وإن قصد صيامهما كان عاصيًا ولا يجزئه عن فرض، ومَن دخل في تطوع صوم أو غيرَه غيرَ حج أو عمرة لم يجب عليه إتمامه؛ لحديث عائشة وفيه: «إنما مثل صوم التطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة؛ فإن شاء أمضاها، وإن شاء حبسها» رواه النسائي.

وعنها - رضي الله عنها - قالت: دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، فقال: «هل عندكم شيء؟» قلنا: لا، قال: «إذًا صائم» ، ثم أتانا يومًا آخر، فقلنا: أهدي لنا حَيْسٌ، فقال: «أرينيه، فلقد أصبحت صائمًا» رواه مسلم. ويُسن إتمام تطوع خروجًا من الخلاف ويكره قطعه بلا حاجة، وإن فسد تطوع دخل فيه غير حج وعمرة فلا قضاء عليه نصًا، بل يُسن قضاؤه خروجًا من الخلاف؛ وأما تطوع الحج والعمرة فيجب إتمامه؛ لأن نفلهما كفرضهما نية وفدية وغيرهما؛ ولعدم الخروج منهما بالمحظورات، ويجب إتمام فرض مطلقًا بأصل الشرع أو بالنذر، ولو كان وقته مُوسَعًا كصلاة وقضاء رمضان، وكنذر مطلق وكفارة، وإن بطل الفرض فلا مزيد عليه فيعبد أو يقضيه ولا كفارة غيرَ الوطء في نهار رمضان، وتقدم، ويجب قطع فرض ونفل لردمعصوم عن مهلكة وإنقاذ غريق كحريق، ومن تحت هدم، ويجب قطع فرض صلاة إذا دعاه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لقوله تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} وله قطع الفرض لهرب غريم، وله قلبه نفلاً، وتقدم من النظم: ومن مختصره ممَّا يتعلق فيما يحرم من الصوم ويكره ويكره صوم الدهر والسبت وحده ... وإفراد تَرجيْب وجُمْعَةِ مُفْردِ ويُكره صَوم الشك مِنْ غَيْر حَائِل ... وَحظْر صِيَامَ العِيْدِ غيْر مُقيّدِ وأيام تشريق سوى لِقران أو ... لمتعة حج الناسك المتعبّد ومَن صَامَ يومًا واجبًا لقضائه ... وكفارة أو مطلق النذر فأعهد يمنع خروج منه بل بخروجه ... فليسَ عليْهِ غيرَ صَوم المشرّد كذا كل فرض في زمان موسَّع ... وَلا ضَيرَ أن يخرجَ لعُذر ممَّهد

ويحسن إتمام التطوع مُطلقًا ... وإفساده جوّز فإن يقض جوّد وَليسَ عليه من قضَاء لفاسِد ... منَ النفل غير الحج أو عمرة قد

فصل في صلاة التراويح وصلاة الوتر وما يتعلق بهما

22- فصل في صلاة التراويح وصلاة الوتر وما يتعلق بهما س161: تكلم بوضوح عن صلاة التراويح؟. وبَيَّن حكمها ووقتها؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟ ج: التراويح سُّنة سنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفعلها جماعة أفضل، ويجهر الإمام بالقراءة لنقل الخلف عن السلف، ويسلم من كل ركعتين، ووقتهما بعد صلاة العشاء، وسننها قبل الوتر إلى طلوع الفجر وبمسجد، وأول الليل أفضل، وقد تواترت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالترغيب في قيام رمضان، والحث عليه، وتأكيد ذلك في العشر الأخير. فمن ذلك ما ورد عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُرغِّب في قيام رمضان من غير أن يأمر فيه بعزيمة، فيقول: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه الجماعة. وعن عبد الرحمن بن عَوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله عز وجل فرض صيام رمضان وسننتُ قيامه فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» رواه أحمد والنسائي وابن ماجه. وعن جبير بن نفير عن أبي ذر، قال: صمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يُصل بنا حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ثم لم يقم بنا في الثالثة، وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل، فقلنا: يا رسول الله، لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه، فقال: «إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتِبَ له قيام ليلة» ، ثم لم يقم بنا حتى بقي ثلاث من الشهر، فصلى بنا في الثالثة، ودعَا أهله ونساءه، فقام حتى تخوَّفنا الفلاح، قلت له: وما الفلاح؟ قال: «السحور» . رواه الخمسة، وصححه الترمذي. وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد فصلى بصلاته

س162: تكلم عن عدد التراويح؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو خلاف.

ناس، ثم صلى الثانية فكثر الناس، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة أو الرابعة فلم يخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما أصبح، قال: «رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إني خشيت أن يفترض عليكم وذلك في رمضان» متفق عليه. وفي رواية قالت: كان الناس يصلون في المسجد في رمضَان بالليل أوزاعًا يكون مع الرجل الشيء من القرآن فيكون معه النفر الخمسة أو السبعة أو أقل من ذلك أو أكثر يصلون بصلاته فأمرني رسول الله ص أن أنصب له حَصيرًا على باب حجرته ففعلت، فخرج إليه بعد أن صلى عشاء الآخرة فاجتمع إليه مَن في المسجد فصلى بهم، وذكرت القصة بمعنى ما تقدم غير أن فيها: أنه لم يخرج إليهم في الليلة الثانية. رواه أحمد. وعن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثَلَ، ثم عزم فجمعهم على أُبَيّ بن كعب. قال: ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نعمت البدعة هذه، والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله. رواه البخاري. س162: تكلم عن عدد التراويح؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو خلاف. ج: قيل: عشرون ركعة؛ لما روى مالك عن يزيد بن رومان، قال: كان الناس في زمن عمر يقومون في رمضان بثلاث وعشرين ركعة، وفيه أيضًا عن السائب ابن يزيد أنها إحدى عشرة ركعة، وأنها أيضًا عشرون. قال الحافظ ابن حجر

العسقلاني: والجمع بين هذه الروايات ممكن باختلاف الأحوال ويحتمل أن ذلك الاختلاف بحسب تطويل القراءة وتخفيفها فحيث تطول القراءة تقل الركعات وبالعكس، وبذلك جز الداوودي وغيره. والاختلاف فيما زاد على العشرين راجع إلى الاختلاف في الوتر فكان تارة يوتر بواحدة وتارة بثلاث ونقل عن مالك أنها تسع وثلاثون ويوتر بثلاث وهو المنقول عن عمر بن عبد العزيز وأهل المدينة. ونقل عن ابن عباس أنها عشرون ركعة في جماعة، ونقل ذلك عن مالك أيضًا، ومال إلى ذلك ابن عبد البر، وقال: الرواية عن مالك أنها إحدى عشرة، وقال شيخ الإسلام له: أن يصليها عشرين كما هو المشهور في مذهب أحمد والشافعي، وله أن يصليها ستًا وثلاثين كما هو مذهب مالك، وله أن يصلي إحدى عشرة وثلاث عشرة، وكله حسن فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طول القيام وقصره، وقال الأفضل: يختلف باختلاف المصلين؛ فإن كان فيهم احتمال لطول القيام بعشر ركعات وثلاث بعدها كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي لنفسه في رمضان وغيره فهو الأفضل، وإن كانوا لا يحتملونه فالقيام بعشرين هو الأفضل وهو الذي يعمل به أكثر المسلمين؛ فإنه وسط بين العشر والأربعين، وإن قام بأربعين وغيرها جاز ولا يكره شيء من ذلك، ومَن ظن أن قيام رمضان فيه عدد مؤقت لا يُزاد فيه ولا ينقص منه فقد أخطأ، وقد يَنْشَطُ العبد فيكون الأفضل في حقه تطويل العبادة، وقد لا ينشط فيكون الأفضل في حقه تخفيفها. وقال: وأما قراءة القرآن في التراويح فمستحب باتفاق أئمة المسلمين، بل من أجل مقصود التراويح قراءة القرآن فيها ليسمع المسلمون كلام الله؛ فإن شهر رمضان فيه نزل القرآن، وفيه كان جبريل يدارس النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن. انتهى.

وقال في «نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار» على حديث عبد الرحمن بن عبد القادر المتقدم قريبًا وما قبله من أحاديث الباب: والحاصل أن الذي دلت عليه أحاديث الباب وما يشابهها هو مشروعية القيام في رمضان والصلاة فيه جماعة وفرادى، فقصر الصلاة المسماة بالتراويح على عدد معين وتخصيصها بقراءة مخصوصة لم يرد به سُّنة. وقال السيوطي في رسالة المصابيح في صلاة التراويح: الذي وردت به الأحاديث الصحيحة والحسان والضعيفة والأمر بقيام رمضان والترغيب فيه من غير تخصيص بعدد، لم يثبت أنه –عليه السلام- صلى عشرين ركعة؛ وإنما صلى ليالي صلاة لم يذكر عددها، ثم تأخر في الليلة الرابعة خشية أن تفرض عليهم فيعجزوا عنها، وقد تمسك بعض من أثبت ذلك بحديث ورد فيه لا يصلح للاحتجاج. وفي «قرة العيْن في الانتصار لسُّنة سيد الثقلين» للشيخ عبد الله أبي بطين، قال –رحمه الله-: مسألة في الجواب عما أنكره بعض الناس من صلاتنا في ليالي العشر الأواخر من رمضان زيادة على المعتاد في العشرين الأول، وسبب إنكارهم لذلك غلبة العادة والجهل بالسنة وما عليه الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام، فنقول: قد تواترت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالترغيب في قيام رمضان والحث عليه وتأكيد ذلك في عشره الأخير كما في «الصحيحين» . عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُرَغِّبهم في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة، فيقول: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفرَ له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» .

وفي السنن عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: فرض الله عليكم صيام رمضان وسننتُ لكم قيامه. وفي «الصحيحين» عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العشر أحيا ليله وأيقظ أهله، وشد المئزر وصلى - صلى الله عليه وسلم - ليالي من رمضان جماعة في أول الشهر، وكذلك في العشْر» . ففي «صحيح مسلم» عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم في رمضان فجئتُ فقمتُ إلى جنبه، فجاء رجل آخر فقام أيضًا حتى كنا رهطًا، فلما أحس أنا خلفه جعل يتجوز في الصلاة، ثم دخ لرحله فصلى صلاة لا يصليها عندنا، فقلت له حين أصبح: فطنت لنا الليلة، قال: «نعم، ذلك الذي حملني على ما صنعت» . وعن عائشة قالت: صلى رسول الله في المسجد فصلى بصلاته أناس كثير، ثم صلى من القابلة فكثروا ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة فلم يخرج إليهم، فلما أصبح قال: «قد رأيت صنيعكم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا خشية أن يفرض عليكم، وذلك في رمضان» أخرجاه في «الصحيحين» . وفي «السنن» عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: صمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يقم بنا حتى بي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ثم لم يقم بنا في السادسة، وقام في الخامسة حتى ذهب شطر الليل، فقلنا له: لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه، فقال: «إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» ، ثم لم يقم بنا حتى ثلاث من الشهر، فصلى بنا في الثالثة، ودعا أهله ونساءه، وقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قيل: وما الفلاح؟ قال: «السحور» صححه الترمذي. واحتج الإمام أحمد وغيره بهذا الحديث على أن فعل التراويح جماعة في المساجد أفصل من فعلها في البيوت مع أنه صلى الله عليه وسلم إنما فعل ذلك في بعض الليالي استدلال الإمام أحمد وغيره؛ لذلك على استحباب الجماعة في جميع الليالي والنبي - صلى الله عليه وسلم -

صلى بهم ليلة حتى ذهب شطر الليل وليله إلى أن خافوا فوات السحور فكيف يسوغ في عقل من له أدنى معرفة إنكار مواصلة القيام مع الإمام مع آخر الليل مع سماعه هذا الحديث وغيره من الآثار الآتية من الصحابة والتابعين الصريحة في ذلك. وقال شيخ الإسلام تقي الدين: وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» ترغيب في قيام رمضان خلف الإمام وذلك أوكد من أن يكون سُّنة مطلقة، وكان الناس يصلون جماعات في المسجد على عهده ويقرهم، وإقراره سُّنة منه - صلى الله عليه وسلم -. انتهى. فلما تقرر أن قيام رمضان وإحياء العشر الأواخر سُّنة مؤكدة، وأنه في جماعة أفضل، وأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يوقت في ذلك عددًا دلّ أنه لا توقيت في ذلك. وفي «الصحيحين» عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان ولا غيره لا على إحدى عشرة ركعة. وفي بعض طرق حديث حذيفة الذي فيه: أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ في ركعة سورة البقرة والنساء وآل عمران أنه لم يصل في تلك الليلة إلا ركعتين، وأن ذلك في رمضان. وروي عن الصحابة - رضي الله عنهم - ومن بعدهم في قدر التراويح أنواع واختلف في المختار منها مع تجويزهم لفعل الجميع فاختار الشافعي وأحمد عشرين ركعة مع أن أحمد نص على أنه لا بأس بالزيادة. وقال: روي في ذلك ألوان ولم يقض فيه بشيء، وقال عبد الله بن أحمد: رأيت أبي يصلي في رمضان ما لا أحصي التراويح، واختار مالك ستًا وثلاثين ركعة.

س163: تكلم عن ليلة القدر مبينا وجه تسميتها بليلة القدر؟ وهل هي باقية لم ترفع؟ وما هي الليالي التي تختص بها ليلة القدر؟ وما هي أرجاها منها؟ وما هو الدعاء المستحب قوله في ليلة القدر؟ وما هو أفضل الشهور؟ وما هو أفضل أيام الأسبوع؟ وما هو أفضل أيام العام؟ وما هي أفضل أعشار الشهور؟

وروى ابن أبي شيبة عن داود بن قيس قال: أدركت الناس في زمن عمر بن عبد العزيز، وأبان بن عثمان يصلون ستًا وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث. وحكى الترمذي عن بعض العلماء اختيار إحدى وأربعين ركعة مع الوتر، قال وهو قول أهل المدينة، وقال إسحاق بن إبراهيم: نختار إحدى وأربعين ركعة على ما روي عن أبي بن كعب، وكان عبد الرحمن بن الأسود يقوم بأربعين ركعة ويوتر بعدها بسبع. انتهى. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س163: تكلم عن ليلة القدر مبينًا وجه تسميتها بليلة القدر؟ وهل هي باقية لم ترفع؟ وما هي الليالي التي تختص بها ليلة القدر؟ وما هي أرجاها منها؟ وما هو الدعاء المستحب قوله في ليلة القدر؟ وما هو أفضل الشهور؟ وما هو أفضل أيام الأسبوع؟ وما هو أفضل أيام العام؟ وما هي أفضل أعشار الشهور؟ ج: ليلة القدر ليلة شريفة معظمة تُرجى إجابة الدعاء فيها، قال الله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ * لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} . قال المفسرون: أي قيامها والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر خالية منها. وفي «الصحيح» عن أبي هريرة مرفوعًا: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه» زاد أحمد: «وما تأخر» . وسميت ليلة القدر؛ لأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة؛ لقوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} ، وقيل: سميت به لعظم قدرها عند الله، وقيل: لضيق الأرض عن الملائكة التي تنزل فيها، وقيل: لأن للطاعات فيها قدرًا عظيمًا، وقيل: لأن من أتى بفعل الطاعات فيها صار ذا قدر وشرف عند

الله، وقيل: لأنه نزل فيه كتاب ذو قدر بواسطة ملك ذي قدر على رسول ذي قدر لأمة ذات قدر، وقيل: لأنه ينزل فيها ملائكة ذوات قدر، وهي باقية لم ترفع للأخبار في طلبها وقيامها، وهي مختصة بالعشر الأواخر من رمضان. متفق عليه. ومن حديث عائشة وليالي الوتر آكدة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «اطلبوها في العشر الأواخر في ثلاث بقين أو سبع بَقِيْنَ أو تسع بقين» . وروى سالم عن أبيه مرفوعًا: «أرَى رؤياكم قد تواطأت على أنها في العشر الأواخر في الوتر فالتمسوها في الوتر منه» متفق عليه. وأرجاها ليلة سبع وعشرين، وهو قول أُبي بن كعب، وكان يحلف على ذلك ولا يستثنى، وابن عباس وزر بن حبيش. قال أبيّ بن كعب: والله لقد علم ابن مسعود أنها في رمضان، وأنها في ليلة سبع وعشرين، ولكن كره أن يخبركم فتتكلوا، رواه الترمذي وصححه. وعن معاوية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليلة القدر ليلة سبع وعشرين» رواه أبو داود، والحكمة في إخفائها ليجتهدوا في طلبها ويجدُّوا في العبادة طمعًا في إدراكها كما أخفى ساعة الإجابة في الجمعة، وإسمه الأعظم في أسمائه ورضاه في الحسنات، وهي أفضل الليالي حتى ليلة الجمعة، ويستحب أن يكون من دعائه ليلة القدر ما روت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: يا رسول الله، إن وافقتها فيما أدعو؟ قال: «قولي اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعف عنِّي» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي، معناه وصححه. وللنسائي من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «سلوا الله العفو والعافية والمعافاة» . وشهر رمضان أفضل الشهور، ويوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع،

ويوم النحر أفضل أيام العام، وعشر ذي الحجة أفضل من العشر الأخير من رمضان، وعشر ذي الحجة أفضل من أعشار الشهور كلها؛ لما في صحيح ابن حبان، عن جابر مرفوعًا قال: «ما من أيام أفضل عند الله من أيام ذي الحجة» . قال ابن رجب في «اللطائف» : والتحقيق ما قاله بعض أعيان المتأخرين من العلماء أن يقال: مجموع هذا العشر أفضل من مجموع عشر رمضان، وإن كان في عشر رمضان ليلة لا يفضل عليها غيرها. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

كتاب الاعتكاف

23- كتاب الاعتكاف س164: عَرِّف الاعتكاف لغةً وشرعًا؟ وما سنده وما شروط صحته؟ ج: الاعتكاف لغةً: الاحتباس واللزوم، ومنه قوله: فبانَتْ بنَاتُ الليل حَولي عواكفًا ... عكوفَ بواك حَوْلَهنَّ صَريعٌ ... وشرعًا: لزوم مسلم لا غسل عليه عاقل ولو مميزًا مسجدًا لطاعة الله تعالى على صفة مخصوصة، ولا يبطل اعتكاف بإغماء، وسن اعتكاف كل وقت لفعله -عليه الصلاة والسلام- ومداومته عليه واعتكف أزواجه معه وبعده وهو في رمضان آكد؛ لفعله - صلى الله عليه وسلم - وآكد رمضان عشره الأخير؛ لحديث أبي سعيد: «كنت أجاور هذا العشر -يعني الأوسط-، ثم بدا ي أن أجاور هذا العشر الأواخر، فمن كان اعتكف معي فليلبث في معتكفه» ؛ولما فيه من ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وشرط صحته ستة أشياء: النية، والإسلام، والعقل، والتمييز، وعدم ما يوجب الغسل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا أحل المسجد لحائض ولا جنب» الحديث وتقدم، وكونه بمسجد؛ لقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ} ويُزاد في حق من تلزم الجماعة أن يكون المسجد مما تقام فيه الجماعة. قال في «الشرح الكبير» : لا نعلم فيه خلافًا؛ لأنها واجبة عليه فلا يجوز تركها. س165: متى يجب النذر؟ وإذا علق النذر أو غيره بشرط، فما الحكم؟ وهل يصح بلا صوم؟ وتكلم عن حكم اعتكاف الزوجة والقن والمكاتب من دون إذن زوج وسيد؟ وهل لهما تحليلهما ممَّا شرعا فيه بلا إذن؟

ج: يجب اعتكاف بنذر؛ لحديث من نذر أن يطيع الله فليطعه، وإن علق نذر اعتكاف أو غَيره كنذر صوم أو عتق بشرط كأن شفى الله مريضي لأعتكفنّ أو لأصومنّ كذا تقيَّدَ به فلا يلزم قبله كطلاق، ويصح اعتكاف بلا صوم؛ لحديث عمر: يا رسول الله، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أوف بنذرك» رواه البخاري. ولو كان الصوم شرطًا لما صح اعتكاف الليل وكالصلاة وسائر العبادات، وحديث عائشة: «لا اعتكاف إلا بصوم» موقوف عليها ذكره بـ «المغني» و «الشرح الكبير» وغيره، ثم لو صح فالمراد به الاستحباب، ومن نذر أن يعتكف صائمًا أو نذر أن يعتكف بصوم أو نذر أن يصوم معتكفًا أو باعتكاف أو نذر أن يعتكف مصليًا لزمه الجمع، أو نذر أن يُصلي معتكفًا لزمه الجمع بين الاعتكاف والصيام والصلاة؛ لحديث: «ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه» وقيس عليه الصلاة؛ ولأن كلا منهما صفة مقصودة في الاعتكاف فلزمت بالنذر كالتتابع والقيام في النافلة، وكنذر صلاة بسورة معينة من القرآن، ولا يجوُز لزوجة وقن وأم ولد ومدبر ومعلق عتقه بصفة اعتكاف بلا إذن زوج لزوجة، ولا إذن سيد لرقيقه لتفويت حقهما عليهما، ولزوج وسيد تحليل الزوجة، والقن مما شرعا فيه بلا إذن؛ لحديث: «لا تصوم المرأة وزوجها شاهد يومًا من غير رمضان إلا بإذنه» رواه الخمسة وحسنه الترمذي؛ ولما فيه من تفويت حق غيرهما بغير إذنه فكان لربِّ الحق المنعُ منه كمنع مالك غاصِبًا، وإن كان الاعتكاف بإذن من الزوج والسيد فلهما تحليلهما إن كان تطوعًا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لعائشة وحفصة وزينب في الاعتكاف، ثم منعهن منه بعد أن دخلن؛ ولأن حق الزوج والسيد واجب والتطوع لا يلزم بالشروع؛ لأن لهما المنع منه ابتداء فكان لهما المنع دوامًا كالعارية، ويخالف الحج؛ لأنه يلزم بالشرع ويجب المضي في فاسده، وليس لهما تحليلهما من منذور شرعًا فيه بالإذن ولمكاتب اعتكاف بلا إذن سيده ولمكاتب حج بلا إذن كاعتكاف وأولى

س166: ما الأفضل لمن تخلل اعتكافه جمعة؟ وإذا نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد فما حكم ذلك؟ وما الذي يتعين من المساجد بالنذر؟ وما زيد في المسجد فهل حكمه حكم المسجد؟ وما أفضل المساجد؟

ما لم يَحلَّ عليه نجم من كتابته؛ فإن حلّ لم يحج بلا إذن سيده ومبعض كقن كله فلا يجوز له ذلك إلا بإذن سيده؛ لأن له ملكًا في منافعه كل وقت إلا مع مهايأة فله أن يعتكف ويحج في نوبته بلا إذن مالك بعضه؛ فإنه في نوبته كحر لملكه اكتسابه ومنافعه. س166: ما الأفضل لمن تخلل اعتكافه جمعة؟ وإذا نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد فما حكم ذلك؟ وما الذي يتعين من المساجد بالنذر؟ وما زيد في المسجد فهل حكمه حكم المسجد؟ وما أفضل المساجد؟ ج: الأفضل لرجل تخلل اعتكافه جمعةٌ أن يعتكف في مسجد تقام فيه الجمعة حتى لا يحتاج إلى الخروج إليها منه ولا يلزمه؛ لأن الخروج إليها لابد له منه كالخروج لحاجته، ويتعين جامع لاعتكاف إن عين بنذر فلم يجزيه في مسجد لا تقام فيه الجمعة حيث عين الجامع بنذره، ولمن لا جمعة عليه أن يعتكف بغير الجامع من المساجد، ومن المسجد سطحه، ومن المسجد رحبته المحوطة ومنارته التي هي أو بابها بالمسجد، ومنه ما زيد فيه حتى في الثواب في المسجد الحرام. وعند جمع منهم الشيخ تقي الدين وابن رجب، وحكي عن السلف، ومسجد المدينة أيضًا زيادته كهو؛ لما روى أبو هريرة أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو بني هذا المسجد إلى صنعاء كان مسجدي» . وقال عمر: لمّا زاد في المسجد لو زدنا فيه حتى يبلغ الجبانة كان مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن رجب في «شرح البخاري» : وقد قيل إنه لا يعلم عن السلف خلاف في المضاعفة؛ وإنما خالف بعض المتأخرين من أصحابنا ومَن عيَّنَ بنذره مسجدًا غير المسجد الحرام ومسجد المدينة والمسجد الأقصى لم يتعَين؛ لحديث أبي هريرة

س167: ما الذي يبطل به الاعتكاف؟ وإذا نذر زمنا معينا فمتى يشرع فيه؟ وإذا نذر عددا معينا فهل له تفريقه؟ وإذا نذر ليلة فهل يدخل اليوم؟ وضحه مع العكس؟ وإذا نذر يوما فهل له تفريقه ساعات؟

مرفوعًا: «لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» متفق عليه. ولو تعَيَّن غيرها بالتعيين لزم المضي إليه واحتاج إلى شد رحل لقضاء نذره. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا» متفق عليه. ولأن الله تعالى لم يعين لعبادته مكانًا في غير الحج، وأفضل المساجد المسجد الحرام فمسجد المدينة، فالمسجد الأقصى؛ لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سِوَاه إلا المسجد الحرام» رواه الجماعة إلا أبا داود. وفي رواية: فإنه أفضل من نذر اعتكافًا أو صلاة في أحدها لم يجزئه في غيره إلا أن يكون أفضل منه، فمن نذر في المسجد الحرم لم يجزئه غيره ولا يتعين غيره من المساجد، وَن نذر في مسجد المدينة أجزأه فيه، وفي المسجد الحرام، ومن نذر في الأقصى أجزأه فيه، وفي مسجد المدينة، وفي المسجد الحرام؛ لحديث جابر أن رجلاً قال يوم الفتح: يا رسول الله، إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، فقال: «صل هنا» ، فسأله، فقال: «شأنك إذًا» رواه أحمد وأبو داود. س167: ما الذي يبطل به الاعتكاف؟ وإذا نذر زمنًا معينًا فمتى يشرع فيه؟ وإذا نذر عددًا معينًا فهل له تفريقه؟ وإذا نذر ليلة فهل يدخل اليوم؟ وضِّحه مع العكس؟ وإذا نَذَرَ يومًا فهل له تفريقه ساعات؟ ج: ويبطل الاعتكاف بالخروج من المسجد لغَيْر عذر؛ لقول عائشة: «السنُّة للمعتكف ألا يخرج إلا لما لابد له منه» رواه أبو داود.

س168: ما الذي يسوغ للمعتكف أن يخرج له؟ وما حكم خروجه وشروط الخروج لما يلزمه خروج إليه؟ وما حكم شرط التجارة أو شرط التكسب بالصنعة في المسجد؟ واذكر أمثلة لا يتضح إلا بالتمثيل؟ واذكر ما تستحضره من الدليل أو التعليل.

وحديث: «وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان» متفق عليه. ويبطل الوطء في الفرج؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ} فإذا حرم الوطء في العبادة أفسدها كالصوم والحج ولا كفارة نص عليه. وروى حرب عن ابن عباس: إذا جامع المعتكف بطل اعتكافه واستأنف الاعتكاف، ويبطل الإنزال بالمباشرة دون الفرج؛ لعموم الآية ويبطل بالردة؛ لقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} ، ويبطل السكر لخروج السكران عن كونه من أهل المسجد، ومن نذر زمنًا معينًا شرع فيه قبل دخول المعين وتأخر عن الغروب حتى ينقضي، ومن نذر زمنًا معينًا صومًا أو اعتكافًا ونحوه تابع وجوبًا، ومن نذر أن يصوم عددًا من أيام غير معينة فله تفريقه ما لم ينوي تتابعًا، ولا ندخل ليلة يوم نذر اعتكافه؛ لأنها ليست منه. قال الخليل صاحب كتاب «العين» : اليوم اسم لما بَيْنَ طلوع الفجر وغرُوب الشمس، كما لا يدخل يوم ليلة نذر اعتكافها؛ لأن اليوم ليس في الليلة، ومن نذر يومًا لم يجز تفريقه ساعات من أيام؛ لأنه يفهم منه التتابع كقوله متتابعًا، ومن نذر شهرًا مطلقًا فلم يعين كونه رمضان أو غيره تابع وجوبًا لاقتضائه ذلك كما لو حلف لا يكلم زيدًا شهرًا وكمدة الإيلا ونحوه، ومن نذر أن يعتكف ونحوه يومين فأكثر متتابعة أو نذر أن يعتكف ليلتين فأكثر متتابعة لزمه ما بين ذلك من ليل أو نهار. س168: ما الذي يسوغ للمعتكف أن يخرج له؟ وما حكم خروجه وشروط الخروج لما يلزمه خروج إليه؟ وما حكم شرط التجارة أو شرط التكسب بالصنعة في المسجد؟ واذكر أمثلة لا يتّضح إلا بالتمثيل؟ واذكر ما تستحضره من الدليل أو التعليل.

ج: يحرم خروج من لزم تتابع مختارًا ذكرًا لاعتكافه إلا لما لابدّ منه كإتيانه بمأكل ومشرب؛ لعدم من يأتيه به وكقيء بَغَتَه وغسل متنجس يحتاجه وكبول وغائط وطهارة واجبة كوضوء وغسل ولو قبل دخول وقت الصلاة؛ لأنه لابد منه للمحدث؛ لحديث عائشة: «السُّنة للمعتكف ألا يخرج إلا لما لابدَّ له منه» رواه أبو داود. وقالت أيضًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان» متفق عليه. وحاجة البول والغائط لاحتياج كل إنسان إلى فعلهما، وله المشي على عادته وله قصد بيته إن لم يجد مكانًا يليق به بلا ضرر ولا منه وله غسل يده بمسجد في إناء من وسخ وزفر ونحوهما ويفرغ الإناء خارج المسجد. ولا يجوز للمعتكف ولا لغيره بول ولا فَصد ولا حجامة بإناء في المسجد ولا في هواء المسجد؛ لأنه لم يُبن لذلك فوجبت صيانة المسجد عنه وهواؤه كقراره، وله الخروج إلى جمعة وشهادة لزمناه لوجوبهما بأصل الشرع، وكمريض وجنازة تعين خروجه إليهما، وله شرط الخروج إلى ما لا يلزمه خروج إليه من الجماعة والشهادة والمريض والجنازة، ومن كل قربة لم تتعين عليه كزيارة صديق وصلة رحم، أو ماله منه بُدَّ وليس بقربة كشرط عشاء ومبيت بمنزله، ولا يصح شرط الخروج إلى التجارة أو شرط التكسب بالصنعة في المسجد ونحوهما، كالخروج لما شاء؛ لأنه ينافيه، وكما لابد منه في جواز الخروج تعين نفير لنحو عدو فجاءهم وتعين إطفاء حريق، ولمرض يتعذر معه المقام ولِتَعَيُّنِ إنقاذ غَرِيق، ورَدِّ أعْمَى عن بِئر أو حَيَّة؛ لأنه يجوز له قطع الواجب بأصل الشَّرْع. ويجوز الخروج لخوف فتنة على نفسه أو حرمته أو ماله نهبًا ونحوه، وإن أكرهه سلطان أو غيره على الخروج من معتكفه بأن حمل وأخرج أو هدّده

س169: إذا خرج معتكف في اعتكاف واجب لعذر فما حكم الرجوع في حقه؟ وهل يضر تطاول الخروج لعذر وضح ذلك مع تبيين ما يلزم من قضاء أو كفارة؟

قادر بسَلْطنةٍ أو تغلب كلص وقاطع طريق فخرج بنفسه لم يَبطل اعتكافه بذلك؛ لأن مثل ذلك يبيح ترك الجمعة والجماعة، وكذا عدة وفاة إذا مات زوج معتكفة فلها الخروج لتعتد في منزلها لوجوبه بأصل الشرع، وكذا حاجة معتكف لفصد أو حجامة. س169: إذا خرج معتكف في اعتكاف واجب لعذر فما حكم الرجوع في حقه؟ وهل يضر تطاول الخروج لعذر وضح ذلك مع تبيين ما يلزم من قضاء أو كفارة؟ ج: يجب على معتكف في اعتكاف واجب خرج لعذر يُبيحُه رجوع إلى معتكفه بزوال عذر؛ لأن الحكم يدور مع علته؛ فإن أخر رُجوعه عن وقت إمكانه فكما لو خرج لما له منه بد، ولا يضر تطاول عذر معتاد وهو حاجة الإنسان وطهارة الحدث والطعام والشراب والجمعة، ويضرّ تطاول في غير معتاد كنفير ونحوه، ففي نذر متتابع كشهر غير معين يُخير بين بناءٍ على ما مضى من اعتكافه وقضاء فائتِ مع إخراج كفارة يمين أو استئناف لمنذور من أوله ولا كفارة؛ لأنه أتى به على وجهه أشبه ما لو لم يسبقه اعتكاف وفي نذر معين كشهر رمضان يقضي ما فاته منه بخروجه ويكفر كفارة يمين لتركه المنذور في وقته. وفي نذر أيام مطلقة كعشرة أيام تمم ما بقي منها بالاعتكاف فيه بلا كفارة لكنه لا يبني على بعض ذلك اليوم الذي خرج فيه، بل يستأنف بدله يومًا كاملاً لئلا يفرقه. س170: ما الذي يستحب للمعتكف أن يشتغل به؟ وما الذي يجب عليه اجتنابه؟ والذي له فعله والذي يكره له؟ وتكلم بوضوح عن حكم الصَّمت إلى الليل؟ وإذا نذر الصمت إلى الليل فما الحكم؟ واذكر أمثلة توضِّح ذلك.

ج: يُسن لمعتكف التشاغل بفعل القربى، واجتناب ما لا يعنيه من جدال ومراء وكثرة كلام وغيره؛ لقوه - صلى الله عليه وسلم -: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» حديث حسن رواه الترمذي وغيره؛ ولأنه مكروه في غير الاعتكاف ففيه أولى. روى الخلال عن عطاء، قال: كانوا يكرهون فضول الكلام، وكانوا يعدون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أن نقرأه أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو تنطق في معيشتك بما لابد لك منه، ولا بأس أن تزوروه زوجته في المسجد وتتحدث معه وتصلح رأسه أو غيره ما يتلذذ بشيء منها، وله أن يتحدث مع من يأتيه ما لم يُكثر؛ لأن صفيِّة زارته - صلى الله عليه وسلم - فتحدث معها ورجّلَت عائشة رأسه، ويكره الصمت إلى الليل. وقال الموفق والمجد: ظاهر الأخبار تحريمه وجزم به في «الكافي» . وقال في «الاختيارات الفقهية» : والتحقيق في الصمت أنه إذا طال حتى يتضمن ترك الكلام الواجب صار حرامًا كما قال الصديق، وكذا إن تعبَّد بالصمت عن الكلام المستحب والكلام الحرام يجب الصمت عنه. انتهى. وإن نَذَر الصَّمْتَ لم يف به لحديث عليَّ: حفظت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا صُمَات يوم إلى الليل» رواه أبو داود. وعن ابن عباس قال: بَينَا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب إذا هو برجل قائم، فسأل عنه، فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم وأن يصوم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مروه فليستظل وليتكلم وليقعد وليتم صومه» رواه البخاري وابن ماجه وأبو داود. ودخل أبو بكر على امرأة من أحمس يقال لها: زينب فرآها لا تتكلم، فقال: «ما لها لا تتكلم؟» فقالوا: حجَّت مصمتة، فقال لها: «تكلّمِي؛ فإن هذا

لا يحل، هذا من عمل الجاهلية» فتكلمت، رواه البخاري. ويجمع بين قول الصديق هذا، وقوله: «من صمت نجا» بأن قوله الثاني محمول على الصمت عما لا يعنيه، كما قال تعالى: {لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ} . ومما يتعلق بالاعتكاف من النظم وإن اعتكافًا للتعبد سُّنة ... يُحَتّمُهُ نَذْرُ اللُّزوم بمسجد وليس بشرط أن يصوم لأجله ... ويشَرط قصد مع جماعة مسجد لمن لزمته افهم وجوّز لمرأة ... سوى مسجد في بيتها كل مسجد وفيما له شد الرحال إن نذرته ... بأفضلها يجزي لما دونه قد وإن ينذرن في غيرها من معيّن ... النبيّ وبالأقصى تمام التعبُّد وتدخل إن عيَّنت شهرًا وعشرة ... فلا يلزم التعيين يا ذا التسدُّد ومن قبل فجر والغروب لمن نوى ... بآخر جزء الماضي في المتأكد ولا تخرجن منه بغير ضرورة ... ليوم وليل ثم بعدهما أشرد ويبطل كل الاعتكاف بردّة ... كحاجة إنسان وَوَاجِب مَقْصَدِ وسكر الفتى ثم الخروج لما له ... وإنزال لمس الخود مَعَ وَطْءِ خُرّدِ كتشييع ميتٍ أو زيارة عالم ... غنى عنه لا المشروط مع قربة قَد وجانب مماراةً وما ليس عانِيًا ... وعَوْدِ مَريض شَيعَن فيه أوعد وفيه تقرب للذي أنت عاكفًا ... وصمت نهارًا مطلقًا عنه فاصدد وفيه تقرب للذي أنت عاكفًا ... لعزته واطلب فنون التعبُّد

س171: بين حكم جعل القرآن بدلا من الكلام؟ وبين حكم الرجوع إلى تفسير الصحابي؟ وما حكم النظر في كتب أهل الكلام وأهل البدع؟ وما حكم تفسير القرآن باللغة والرأي؟ واذكر أمثلة توضح المشكل.

س171: بيِّن حكم جعل القرآن بدلاً من الكلام؟ وبيِّن حكم الرجوع إلى تفسير الصحابي؟ وما حكم النظر في كتب أهل الكلام وأهل البدع؟ وما حكم تفسير القرآن باللغة والرأي؟ واذكر أمثلة توضَّح المشكل. ج: يجوز تفسير القرآن بمقتضى اللغة لأنه عربي وقوله: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} . وقوله: {وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} المراد بالأحكام، ولا يجوز تفسير القرآن بالرأي من غير لغة ولا نقل، فمن قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار وأخطأ ولو أصاب؛ لما روى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعًا: «من قال في القرآن برأيه أو بما لا يعلم، فليتبوأ مقعده من النار» رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسّنه. وعن سهل بن حزم عن أبي عمران الجوني عن جندب مرفوعًا: «من قال في القرآن برأيه فأصابه فقد أخطأ» . رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي، وقال: غريب، وسهيل ضعفه الأئمة. وقد روي هذا المعنى عن أبي بكر وعمر وغيرهما من الصحابة والتابعين، ولا يجوز أن يجعل القرآن بدلاً من الكلام مثل أن يرى رجلاً جاء في وقته فيقول: «ثم جئت على قدر يا موسى» ويلزم الرجوع إلى قول الصحابي؛ لأنهم شاهدوا التنزيل وحضروا التأويل فهو أمارة ظاهرة، ولا يلزم الرجوع إلى تفسير التابعي؛ أن قوله ليس بحجة على المشهور.

س172: تكلم عن حفظ القرآن الكريم وفضله؟ والواجب حفظه منه؟ , وحكم ختمه في كل أسبوع؟ وحكم تأخير ختمه فوق أربعين يوما؟ وحكم التعوذ قبل القراءة؟ وهل القرآن يتفاوت في الفضل؟ وضح ذلك.

قال بعضهم: ولعل مراد غيره إلا أن ينقل ذلك عن العرب قاله في الفروع، ولا يعارضه ما نقله المروزي ننظر ما كان عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن لم يكن فعن أصحابه، فإن لم يكن فعن التابعين لإمكان حمله على إجماعهم لا على ما انفرد به أحدهم قاله القاضي. ولا يجوز النظر في كتب أهل الكتاب؛ أن - صلى الله عليه وسلم - غضب حين رأى مع عمر صحيفة من التوراة، وقال: «أفي شك أنت يا ابن الخطاب» الحديث، ولا النظر في كتب أهل البدع، ولا النظر في الكتب المشتملة على الحق والباطل، ولا روايتُها لما في ذلك من إفساد العقائد. س172: تكلم عن حفظ القرآن الكريم وفضله؟ والواجب حفظه منه؟ , وحكم ختمه في كل أسبوع؟ وحكم تأخير ختمه فوق أربعين يومًا؟ وحكم التعوذ قبل القراءة؟ وهل القرآن يتفاوت في الفضل؟ وضِّح ذلك. ج: يُستحب حفظ القرآن إجماعًا، وحفظه فرض كفاية إجماعًا، والقرآن أفضل من سائر الذكر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الرب سبحانه وتعالى: «من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين» وفضل كلام الله تعالى على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. لكن الاشتغال بالمأثور من الذكر في محله كأدبار الصلوات أفضل من الاشتغال بتلاوة القرآن، والقرآن أفضل من التوراة والإنجيل والزبور وسائر الصحف. وبعض القرآن أفضل من بعض إما باعتبار الثواب أو باعتبار متعلقه كما يدل عليه ما ورد في {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والفاتحة وآية الكرسي.

ويُبْدِئُ الصَّبيَّ وليُّه بِه قبل العلم فيقرأه كله؛ لأنه إذا قرأ أولاً تعَوَّدَ القراءة ثم لزمها إلى أن يعسر عليه حفظ كله فيقرأ ما تيسر منه، والمكلف يقدم العلم بعد القراءة الواجبة؛ لأنه لا تعارض بين الفرض والنفل كما يقدم الكبير تعلم نفل القراءة في ظاهر كلام الإمام والأصحاب، ويُسن ختمه في كل أسبوع. قال عبد الله: كان أبي يختم في النهار في كل أسبوع يقرأ كل يوم سبعًا لا يكاد يتركه نظرًا أي في المصحف، وذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو: «اقرأ القرآن في كل سبع ولا تزيدن على ذلك» رواه أبو داود. وإن قرأ القرآن في ثلاث فحسن؛ لما روى عبد الله بن عمرو قال: قلت: يا رسول الله، إن لي قوة اقرأ في ثلاث، رواه أبو داود. ويستحب الإكثار من قراءة القرآن في الأوقات الفاضلة كرمضان وعشر ذي الحجة، وخصوصًا الليالي التي تطلب فيها ليلة القدر كأوتار العشر الأخير من رمضان. ويستحب الإكثار من قراءة القرآن في الأماكن الفاضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها، ويكره تأخير فوق أربعين بلا عذر.

قال أحمد: أكثر ما سمعت أن يختم القرآن في أربعين، ولأنه يفضي إلى نسيانه والتعاون به ويحرم فوق أربعين إن خاف نسيانه. قال الإمام أحمد: ما أشد ما جاء فيمن حفظه ثم نسيه. ويستحب التعوذ قبل القراءة؛ لقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} ويستحب السواك قبل القراءة، ويستحب أن يقرأ وهو على طهارة؛ فإن قرأ محدثًا حدثًا أصغر جاز. ويستحب أن تكون القراءة في مكان نظيف؛ ولهذا استحب جماعة من العلماء القراءة في المسجد لكونه جامعًا للنظافة وشرف البقعة. ويستحب للقارئ أن يستقبل القبلة فقد جَاء في الحديث: «خير المجالس ما استقبل به القبلة ويجلس متخشعًا بسكينة ووقار مطرقًا رأسه، ولو قرأ قائمًا أو مضطجعًا أو جالسًا أراكبًا أو ماشيًا جَازَ. قال تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} » . وثبت في «الصحيح» عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتكئ في حجري وأنا حائض ويقرأ القرآن» رواه البخاري ومسلم. وعن عائشة قالت: إني لأقرأ القرآن وأنا مضطجعة على سريري، رواه الفريابي. وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: إني لأقرأ القرآن في صلاتي وأقرأ على فراشي. وتستحب القراءة في المصحف والاستماع لها؛ لأنه يشارك القارئ في أجره، ويكره الحديث عندها بما لا فائدة فيه. قال الله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} وينبغي أن يرتل قراءته.

وقد اتفق العلماء - رضي الله عنهم - على استحباب الترتيل، قال الله تعالى: {وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً} ، وثبت عن أم سلمة أنها نعتت قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قراءة مفسرة حرفًا حرفًا، رواه أبو داود والنسائي والترمذي، قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وعن معاوية بن فرة - رضي الله عنه - عن عبد الله بن معقل - رضي الله عنه - قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة على ناقته يقرأ سورة «الفتح» يُرَجِّعُ في قراءته. رواه البخاري ومسلم. ويستحب إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ بالله من الشر ومن العذاب، أو يقول: اللهم إني أسألك العافية وأسألك المعافاة من كل مكروه أو نحو ذلك، وإذا مر بآية تنزيه لله تعالى نزه، فقال سبحانه وتعالى أو تبارك وتعالى أو جلَّت عظمة ربنا، فقد صح عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، ثم افتتح النساء فقرأها، فقلت: يركع، صلى بها ثم افتتح آل عمران، فقرأ بها، يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع» الحديث رواه مسلم. فإذا شرع في القراءة فليكن شأنه الخشوع والتدبر عند القراءة والدلائل عليه أكثر من أن تحصر وأشهر وأظهر من أن تذكر فهو المقصود المطلوب، وبه تنشرح الصدور وتستنير القلوب، قال الله عز وجل: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القُرْآنَ} ، وقال: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} والأحاديث فيه كثيرة، وأقاويل السلف فيه مشهورة، وقد بات جماعة من السلف يتلون آية واحدة ويرددونها إلى الصباح. وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قام النبي - صلى الله عليه وسلم - بآية يرددها حتى أصبح،

والآية: {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} الآية، رواه النسائي وابن ماجه. وعن تميم الداري أنه كرر هذه الآية حتى أصبح: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ} الآية. وينبغي لقارئ القرآن أن يبكي؛ فإن لم يبك تباكى، وهو صفة العارفين وشعار عباد الله الصالحين، قال الله تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} . وقد وردت فيه أحاديث كثيرة وآثار السلف فمن ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اقرءوا القرآن وابكوا؛ فإن لم تبكوا فتباكوا» . وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه صلى بالجماعة الصبح فقرأ سورة يوسف، فبكى حتى سالت دُموعُه عَلى تَرْقوِتِهِ. وعن أبي رجاء قال: رأيت ابن عباس وتحت عينيه مثل الشراك البالي من الدموع. وعن أبي صالح قال: قدم ناس من أهل اليمن على أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، فجعلوا يقرءون القرآن ويبكون، فقال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: هكذا كنا. والله أعلم. هذا آخر ما تيسر جمعه من كتب الحديث والفقه مما يتعلق بالزكاة والصيام من الأسئلة والأجوبة الفقهية المقرونة بالأدلة الشرعية، وكان الفراغ مما يتعلق بالزكاة والصيام من الأسئلة والأجوبة في يوم الثلاثاء الموافق 17/12/1384هـ والله أسأل أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم وأن ينفع به نفعًا عامًا إنه على كل شيء قدير، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

كتاب الحج والعمرة

24- كتاب الحج والعمرة س173: ما هو الحج لغةً وشرعًا؟ وما هي العمرة؟ وما أخر الحج عن الصلاة والزكاة والصوم؟ ج: الحج في اللغة: القصد، وعن الخليل بن أحمد، قال: الحج كثرة القصد إلى من تعظمه ورجل محجوج أي مقصود، قال المخبل: وأشهدُ مِن عوف حُلولاً كثيرةً ... يحُجونَ بيتَ الزِّبرقَانِ المزَعْفرا قال ابن السكيت: يكثرون الاختلاف إليه، وشرعًا: قصد مكة لعمل مخصوص في وقت مخصوص وأخِّرَ الحج عن الصلاة والزكاة والصوم؛ لأن الصلاة عماد الدين، ولشدة الحاجة إليها لتكررها كل يوم خمس مرات، ثم الزكاة لكونها قرينة لها في أكثر المواضع ولشمولها المكلف وغيره، ثم الصوم لتكرره كل سنة، والعمرة لغة: قيل: إنها الصد. قال الحجاج: لقد غزا ابن معمر حين اعتمرْ ... مغزًا بعيدًا من بعيد أو ضَبر أي قصد مغزًا بعيدًا، وقيل: إنها لغة الزيارة، قال الأعشى: وجاشت النفس لما جاء فلُّهُمْ ... وراكب جاء من تثليث معتمرًا أي زائرًا، وشرعًا: زيارة البيت الحرام وعلى وجه مخصوص. س174: ما حكم الحج؟ وما الأصل في مشروعيته من الكتاب والسُّنة؟ ج: حكمه أنه أحد أركان الإسلام ومبانيه العظام من جحد وجوبه عالمًا كفر، وإن كان جاهلاً عرف؛ فإن أصر بعد التعريف كفر، وهو فرض كفاية كل عام على مَن لا يجب عليه عينًا ويأتي إن شاء الله، والأصل في وجوبه الكتاب والسُّنة والإجماع؛ أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} الآية، وروي عن ابن عباس ومن كفر

س175: بين حكم العمرة وأذكر ما في ذلك من دليل أو تعليل أو خلاف مع الترجيح لما تراه؟

باعتقاده أنه غير واجب، وقال تعالى: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ؛ وأما السُّنة: فعن أبي هريرة قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا» ، فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قال ثلاثًا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لو قلت نعم لوجبت، ولما استطعتم» رواه أحمد ومسلم والنسائي، وعن ابن عباس قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «يا أيها الناس كتب عليكم الحج» ، فقام الأقرع بن حابس، فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فقال: «لو قلتها لوجبت لم تعملوا بها ولم تستطيعوا أن تعملوا بها، الحج مرة، فمن زاد فهو تطوع» رواه أحمد والنسائي بمعناه، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان» رواه البخاري. روى سعيد في «سننه» عن عمر بن الخطاب أنه قال: لقد هممت أن أبعث رجالاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل من له جدَة ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين، وأجمعت الأمة على وجوب الحج على المستطيع في العمرة مرة واحدة. س175: بين حكم العمرة وأذكر ما في ذلك من دليل أو تعليل أو خلاف مع الترجيح لما تراه؟ ج: قيل: إنها واجبة؛ لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ؛ فإنه عطفها على الحج والأصل التساوي بين المعطوف والمعطوف عليه؛ ولحديث عائشة: يا رسول الله، هل على النساء من جهاد، قال: «نعم، عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة» رواه أحمد وابن ماجه ورواته ثقات، وعن أبي رزين العقيلي أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، قال: «حج عن أبيك واعتمر» رواه الخمسة وصححه الترمذي، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في جوابه لجبريل لما سأله عن الإسلام، قال - صلى الله عليه وسلم -: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا

رسول الله، وتقم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتحج البيت، وتعتمر» الحديث أخرجه ابن خزيمة والدارقطني من حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -. وقال الدارقطين: هذا إسناده ثابت صحيح، قيل: إنها سنة، روي ذلك عن ابن مسعود، وبه قال مالك وأبو ثور وأصحاب الرأي واختاره الشيخ تقي الدين –رحمه الله-؛ لما روى جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن العمرة أواجبة هي؟ قال: «لا، وأن تعتمروا فهو أفضل» رواه الترمذي، وهذا القول عندي أنه أرجح من الأول ويَعْضُده عندي اقتصاره جل وعلا على الحج في الآية: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} ، وحديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت» رواه البخاري. وعن معاذ قال: قلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، قال: «لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسرهُ الله تعالى عليه، تعبد الله تعالى ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت» الحديث رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، فاقتصر - صلى الله عليه وسلم - على الحج. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. مقدمة من النظم ومختصره لكتاب المناسك وهاك صفات الحج قصْد مخصص ... عبادة إذعان ومحض تعبد تحن القلوب المستجاب لها الدعا ... من الصادق البر الجليل الممجد أتى بخصوص في الدعاء مُبعِّضًا ... ولو عم طار الشوق بالناس عن يد نحن إلى أعلام مكة دائمًا ... قلوب إلى الداعي تروح وتغتدي رجالاً وركبانًا على كل ضامرٍ ... يلبون داعي الحق من كل مورد يطير بهم شوقًا إلى ذاك الحمى ... لتحصيل وعد النفع في خير مشهد على كلهم قد هان نفس عزيزة ... وأهل ومال من طريف ومَتْلَدِ رضوا عن مديد الظل قطع مهامه ... يظل بها خربتها ليس يهتدِ

س176: متى فرض الحج وما هي الأدلة الدالة على وجوبه فورا؟

ولدّ لهم في جنب ما يبتغونه ... سَموُمٌ بجهلاء المعالم صَيْخَدِ يهون بها لفح الهجير عليهمو ... كهجر محب يرتجى صدق موعد وكل محب قابل الهجر بالرضا ... سَيَجْني بما يرضَاه في كل مقصد فكم من رخى العيش حركه الهوى ... فقام بأعباء الرجا ساغبًا صدى فليس بثان عزمه عن طلابه ... إذا ثوِّب الداعي به وصل خُرّدِ أطار الكرى عنهم رجاء وصالهم ... وشوقًا إلى ربع النبي محمد عفا الله عني كم أودع زائرًا ... إليه وذنبي حابس ومقيَّد تحملت أوزارًا تثقل منهضي ... ولكنني أرجو تجاوز سيد لئن ثبط الأقدار عزمي عن السرى ... فشوقي إليه دائم وتلددي وإن رجائي أن يمن يزوره ... فأبلغ من تلك المشاعر مقصدي وأسعى بآثار النبيين ضارعًا ... وها أنا فيما رومت يا صاح أبتدي س176: متى فرض الحج وما هي الأدلة الدالة على وجوبه فورًا؟ ج: فرض سُّنة تسع عند الأكثرين من العلماء ولم يحج النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد هجرته إلى المدينة سوى حجة واحدة، وهي حجة الوداع، ولا خلاف أنا كانت سنة عشر من الهجرة، وكان - صلى الله عليه وسلم - قارنًا ويجبان في العمر مرة على الفور، وتقدمت الأدلة وجوبه؛ وأما أدلة الفورية فأولاً: أن الأمر للفورية ويؤيده خبر ابن عباس مرفوعًا، قال: «تعجلوا إلى الحج –يعني الفريضة-؛ فإن أحدكم لا يدري ما يعرض» رواه أحمد. وعن عبد الرحمن بن سابط يرفعه، قال: «من مات ولم يحج حجة الإسلام ولم يمنعه مرض حابس ولا سلطان أو حاجة ظاهرة فليمت على أي حال يهوديًا أو نصرانيًا» رواه سعيد. وعن عمر نحوه من قوله: ولأنه أحد مباني الإسلام، فلم يجز تأخيرهُ إلى غير وقت مُعين كبقية المباني بل أولى؛ وأما تأخيره - صلى الله عليه وسلم - هو وأصحابه بناء على أن الحج فرض سنة تسع فيحتمل أنه كان في آخرها أو لأنه تعالى أطلع نبيه على أنه لا يموت حتى يحج فيكون على يقين من الإدراك أو لاحتمال عدم الاستطاعة أو حاجة

س177: بين شروط وجوب الحج مقرونة بأدلتها؟

خوف في حقه منعه من الخروج ومنع أكثر أصحابه خوفًا عليه، أو لأن الله كره له الحج مع المشركين عراة حول البيت أو غير ذلك، وقيل: يجب الحج وجوبًا موسعًا، وبه قال الشافعي، وحكاه ابن حامد عن الإمام أحمد - رضي الله عنه -؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بكر - رضي الله عنه - على الحج وتخلف بالمدينة غير محارب ولا مشغول بشيء وتخلف أكثر المسلمين قادرين على الحج، قالوا: وهذا قرينة ودليل يصرفه إلى التراخي والذي تطمئن غليه النفس أن الحج على الفور ما لم يكن عذر شرعي. والله أعلم. س177: بين شروط وجوب الحج مقرونة بأدلتها؟ ج: يجب وجوب عين على كل مسلم حر مكلف مستطيع وتزيد المرأة شرطًا سادسًا وجود محرم، ويأتي قريبًا إن شاء الله، فالإسلام والعقل شرطان للوجوب، والصحة والبلوغ وكمال الحرية شرطان للوجوب، والإجزاء دون الصحة، والاستطاعة شرط لوجوب دون الإجزاء، فهي خمسة شروط للحج والعمرة جمعها الشيخ عثمان النجدي في بيتين، فقال: الحج والعمرة واجبان ... في العمر مرة بلا تواني بشرط إسلام كذا حرية ... عقل بلوغ قدرة جلية تزيد المرأة شرطًا سادسًا وهو وجود محرم، ويأتي إن شاء الله. س178: اذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف مع الترجيح؟ ج: أما الكافر فلأنه ممنوع من دخول الحرم وهو مناف له؛ وأما المجنون فلا يصح منه لأنه ليس من أهل العبادات، فلم يصح حجه ولا يجب عليه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق» وكذا الصبي لا يجب عليه للخبر ويصح منه؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ركبا بالروحاء، فقال: «مَن القوم؟»

قالوا: المسلمون، فقالوا: مَن أنْتَ، قال: «رسول الله» ، فرفعت إليه امرأة صبيًا، فقالت: ألهذا حج، قال: «نعم، ولك أجر» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي، وعن السائب بن يزيد قال: حُجَّ بي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع وأنا ابن سبع سنين، رواه أحمد والبخاري والترمذي، وصححه؛ وأما العبد فلأن مدتهما تطول فلم تجبان عليه لما فيهما من إبطال حق السيد، وكذا مكاتب ومدبر وأم ولد ومعتق بعضها ومعلق عنقه بصفة ويصح منهم ولا يجزي عن حجة الإسلام، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم إلا من شذ عنهم ممن لا يعتد قوله خلافًا على أن الصبي إذا حج في حال صغره والعبد إذا حج في حال رقه ثم بلغ الصبي وعتق العبدان عليهما حجة الإسلام إذا وجدا إليه سبيلاً، كذلك قال ابن عباس - رضي الله عنهما - وعطا والحسن والنخعي والثوري ومالك والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي، قال الترمذي: وقد أجمع أهل العلم عليه، روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما صبي حج، ثم بلغ فعليه حجة أخرى، وإيما عبد حج ثم عتق فعليه حجة أخرى» رواه الشافعي والبيهقي، وقال أحمد عن محمد بن كعب القرظي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إني أريد أن أجدد في صدور المؤمنين عهدًا، أيما صبي حج به أهله فمات أجزأت عنه؛ فإن أدرك فعليه الحج، وأيما مملوك حج به أهله فمات أجزأت عنه؛ فإن عتق فعليه الحج» رواه سعيد في «سننه» ، والشافعي في «مسنده» عن ابن عباس من قوله؛ ولأن الحج عبادة بدنية فعَلهَا، قيل: وقت وجوبها فلم يمنع ذلك وجُوبهَا عَليْه في وقتها كما لو صلى قبل الوقت، وكما لو صلى ثم بلغ في الوقت، وقيل: إن العبد إذا حج بعد بلوغه، ولو قبل حريته أن حجته هي حجة الإسلام، قالوا: كما أن الفقير معفوعنه الحج ولا يجب عليه؛ فإذا تيسر له وفعله أجزأه ذلك ولم يلزمه إعادته إذا استغنى فكذلك الرقيق إذا أدى فريضته؛ فإن ذلك يجزئه، قالوا: وأيضًا فإن الحج يوجبه الله ورسوله في العمر إلا مرة واحدة، وذلك مجمع عليه فيلزم على قول من يقول إن حج الرقيق لا يجزيه أنه يجب في العمر مرتين. انتهى والذي تميل النفس

س179: تكلم بوضوح عما إذا أسلم أو أفاق ثم أحرم أو بلغ أو عتق محرما ومتى يعتد بالإحرام والوقوف من الصبي والعبد؟

إلى العمل به، والقول الأول لما تقدم من الدليل والتعليل؛ ولأنه أحوط. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س179: تكلم بوضوح عما إذا أسلم أو أفاق ثم أحرم أو بلغ أو عتق محرمًا ومتى يعتد بالإحرام والوقوف من الصبي والعبد؟ ج: ويجزيان الحج والعمرة كافرًا أسلم وهو حر مكلف، ثم أحْرَم يحج قبل دفع من عرفة أو بعده إن عاد فوقف في وقته أو أحرم بعمرة ثم طاف وسعى لها أو أفاق من جنون وهو حر بالغ ثم أحرم بحج أو عمرة، وفعل ما تقدم أو بلغ وهو حر مسلم عاقل محرمًا بحج قبل دفع من عرفة أو بعده إن عاد فوقف في وقته أو عتق قن مكلف محرمًا بحج قبل دفع من عرفة أو بعد الدفع منها إن عاد إلى عرفة فوقف بها في وقت الوقوف فيجزيه حجه ويلزم العود حيث أمكنه أو بلغ أو عتق محرمًا بعمرة قبل طواف عمرة، ثم طاف وسعى لها فتجزيه عن عمرة الإسلام ويكون صغير بلغ محرمًا وقن عَتق محرمًا كمن أحرم بعد بلوغه وعتقه؛ لأنها حال تصلح لتعين الإحرام كحال ابتداء الإحرام؛ وإنما يعتد بإحرام ووقوف موجودين حال البلوغ والعِتْق، وأن ما قبله تطوع لم ينقلب فرضًا، وقال جماعة: ينعقد إحرام الصغير والقن موقوفًا؛ فإذا تغير خاله إلى البلوغ أو الحرية تبين فرضيته كزكاة معجلة، ولا يجزي حج من بلغ أو عتقَ مُحرمًا قبل دفع من عرفة أو بعده إذا عاد ووقف عن حجة الإسلام مع سعي قن أو صغير بعد طواف القدوم قبل وقوف، ولو أعاد السعي قن أو صغير ثانيًا بعد بلوغه أو عتقه؛ لأن السعي لا تشرع مجاوزة عدده ولا تكراره بخلاف الوقوف فاستدامته مشروعة، ولا قدر له محدود، وقيل: يجزئه إذا أعاد السعي لحصول الركن الأعظم وهو الوقوف وتبعية غيره له ولا تجزئ العمرة من بلغ أو عتق في طوافها وإن أعاده.

س180: تكلم بوضوح عن إحرام غير المميز والمميز؟ وعما يفعل عن المميز وغيره، وإذا رمى الجمرات عن موليه قبل نفسه فما الحكم؟ وهل يعتد برمي حلال؟ واذكر الدليل.

س180: تكلم بوضوح عن إحرام غير المميز والمميز؟ وعمّا يفعل عن المميز وغيره، وإذا رمى الجمرات عن موليه قبل نفسه فما الحكم؟ وهل يعتد برمي حلال؟ واذكر الدليل. ج: قد تقدم أن العمرة والحج يصحان من الصغير وتقدم حديث ابن عباس في آخر جواب سؤال 185 ويحرمُ وليٌّ في مال عمن لم يميز ولو كان الولي محرمًا أو لم يحج الولي ويحرم مميز بإذن الولي عن نفسه؛ أنه يصح وضوؤه فيصح إحرامه كالبالغ ولا يحرم عنه وليه لعدم الدليل ويفعل وليُّ عن مميز وغيره ما يعجزهما من أفعال حج وعمرة. روي عن ابن عمر في الرمي وعن أبي بكر أنه طاف بابن الزبير في خرقة رواهما الأثرم، وعن جابر: حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعنا النساء والصبيان فلبْينا عن الصّبيان ورمَيْنا عنهم، رواه أحمد وابن ماجه. وكانت عائشة تجرد الصبيان للإحرام؛ لكن لا يجوز أن يرمي عن الصغير إلا من رمى عن نفسه، ومن رمى عن مواليه وقع عن نفسه، إن كان محرمًا بفرض كمن أحرم عن غيره وعليه حجة الإسلام؛ لما ورد عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلاً يقول لبيك عن شبرمة، قال: «من شبرمة؟» قال: أخ لي أو قريب لي، فقال: «حججت عن نفسك؟» قال: لا، قال: «حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة» رواه أبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان، والراجح عند أحمد وقفه؛ فإن كان الولي حلالاً لم يُعْتَدَّ برميه؛ لأنه لا يصح منه لنَفسه رميٌ فلا يصح عن غيره؛ فإن وضع النائب الحصى في يد الصبي ورمى بها فجع ليده كالآلة فحسن ليوجد منه نوع عمل. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س181: إذا كان الصغير يعجز عن الطواف بنفسه، فهل يطاف به؟ وضّح ذلك مع ذكر ما تستحضره من قيود؟ وتكلم عن كفارة حج الصغي وما زاد من نفقة السفر إلى نفقة الحضر؟ وعن عمد الصبي والمجنون؟ وإذا وجب في كفارة صوم فمن الذي يصومه؟ وإذا وطئ فما الحكم؟

س182: تكلم بوضوح عما إذا عقد الإحرام قن أو زوجة بإذن زوج أو سيد أو بدون؟ , وهل يأثم من لم يمتثل، وهل يصح من الزوج والسيد الأذن؟ وهل لزوج وسيد رجوع في إذن للقن والزوجة؟

ج: يطاف بالصغير لعجزه عن طواف بنفسه راكبًا أو محمولاً ويعتبر لطواف صغير نية طائف به لتعذر النية منه إن لم يكن مميزًا وكون طائف به يصح أن يعقد له الإحرام ولا يعتبر كون الطائف به طاف عن نفسه ولا كونه محرمًا لوجود الطواف من الصغير، وكفارة حج صغير في مال وليه إن أنشأ السفر به تمرينًا على الطاعة وما زاد من نفقة السفر على الحضر في مال وليه إن أنشأ وليه السفر به تمرينًا له على الطاعة وإلا يُنشِئ السفر به تمرينًا على الطاعة فلا يجب ذلك على الولي، بل من مال الصغير؛ لأنه لمصلحته وعمد صغير خطأ وعمد مجنون لمحظور خطأ لا يجب فيه إلا ما يجب في خطأ المكلف أو في نسيانه لعدم اعتبار قصده، وإن وجب في كفارة صوم صام الولي ووطء الصغير كوطء بالغ ناسيًا يمضي في فاسده ويقضيه إذا بلغ كالبالغ، وقيل: لا يلزمه قضاؤه. س182: تكلم بوضوح عمّا إذا عقد الإحرام قن أو زوجة بإذن زوج أو سيد أو بدون؟ , وهل يأثم من لم يمتثل، وهل يصح من الزوج والسيد الأذن؟ وهل لزوج وسيد رجوع في إذن للقن والزوجة؟ ج: ويصح الحج والعمرة من القن ذكر أو أنثى صغير أو كبير على ما تقدم في الصغير الحر البالغ ويلزمان القن بنذره لهما؛ لعموم حديث: «من نذر أن يطيع الله، فليطعه» ولا يجوز أن يحرم قن بنذر ولا نفل ولا أن تحرم زوجة بنفل حج أو عمرة إلا بإذن سيد وزوج لتفويت حقهما بالإحرام؛ فإن عقد قن أو امرأة الإحرام بنفل بلا إذن سيد وزوج، فللزوج والسيد تحليلهما مع إذن لهما في إحرام لوجوبه بالشرع، ويصح من زوج وسيد رجوع في إذن بإحرام قبل إحرام كواهب إذن لموهوب له في قبض هبة ثم رجع قبله، ومتى علما برجوع امتنع عليهما الإحرام كما لو لم يأذن ولا يجوز لسيد وزوج تحليل قن وزوجة أحرما بنذر أذن فيه زوج وسيد لقن وزوجة؛ لأن الأذن في نذر أذن في فعله ولا يجوز لسيد وزوج تحليل قن وزوجة

س183: هل لزوج منع زوجة من الحج؟ وإذا أحرمت بواجب فحلف زوجها بالطلاق لا تحج فما الحكم؟ وإذا أفسد قن حجه بوطء فيه، فما الحكم؟ وإذا أعتق أو بلغ الحر في الحجة الفاسدة، فما الحكم؟

أحرما بنذر أذن فيه الزوج أو السيد لهما أو لم يؤذن فيه للزوجة فلا يحللها منه، والقن بخلافها لِسيّدِ تحليله إذا لم يأذن فيه. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س183: هل لزوج منع زوجة من الحج؟ وإذا أحرمت بواجب فحلف زوجها بالطلاق لا تحج فما الحكم؟ وإذا أفسد قن حجه بوطء فيه، فما الحكم؟ وإذا أعتق أو بلغ الحر في الحجة الفاسدة، فما الحكم؟ ج: لا يمنع الزوج زوجته من حج فرض كملت شروطه كبقية الواجبات ويستحب لها استئذانه، وإن كان غائبًا كتبت إليه فأن أذن وإلا حجت محرم فلو لم تكمل شروطُه فله منعها وإن أحرمت به بلا إذنه لم يملك تحليلها لوجوب إتمامه بشروعها فيه ومن أحرمت بواجب حج أو عمرة بأصل الشرع أو النذر فحلف زوجها ولو بالطلاق الثلاث لا تحج العام لم يجز أن تحلي من إحرامها للزومه، ونقل ابن منصور: هي بمنزلة المحصر ونقل مهنا عن أحمد أنه سُئل عن هذه المسألة، فقال: قال عطاء: الطلاق هلاك هي بمنزلة المحصر، وإن أفٍسَدَ قنٌ حَجِّة بوطء قبل التحلل الأول مَضَى في فاسده وقضى كحر ويصح القضاء في رقة كصوم وصلاة؛ فإن عتق بدأ بحجة الإسلام وليس لسيده منعه إن شرع فيما أفسده بإذنه وإن عتق أو بلغ في الحجة الفاسدة في حال تجزئه عن حجة الفرض لو كان الحجة الفاسدة صحيحة مضى وأجزأته حجة القضاء عن حجة الإسلام والقضاء. س184: تكلم عن حكم جناية القن؟ وإذا تحلل أو حلله سيده؟ وهل لمشتري المحرم تحليله؟ وهل لأبوي حر بالغ منعه من إحرام بنفل حج أو عمرة؟ وإذا أحرم فهل لهما أن يحللانه؟ وهل لغريم المدين تحليله؟ وهل لولي السفيه المبذر منعه من حج الفرض وعمرته؟ ج: قن في جنايته بفعل محظور في إحرامه كحر معسر في الفدية، وإن

س185: تكلم عن الاستطاعة مبينا ما هي؟ وهل يكون مستطيعا ببذل غيره له؟ , وهل تبطل الاستطاعة بالجنون؟ اذكر الخلاف مع الترجيح؟

تحلل قن بحصر عدُوّ له أو حلل سيدة لإحرامه بلا إذنه لم يتحلل قبل الصوم كحر أحُصْرَ وأعسر فيصوم عشرة أيام بنية التحلل، ثم يتحلل ولا يمنع القن من الصيام كقضاء رمضان، وإن مات قن وجب عليه صوم بسبب إحرامه ولم يصم فلسيده أن يطعم عنه كقضاء رمضان وإن أفسد قن حجة صام عن البدنة عشرة أيام كحر معسر، وكذا إن تمنع قن أو قرن أو أفسد عمرته صام عن الدم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع ومشتري المحرم كبائعه في تحليله وفي عدمه وله الفسخ إن لم يعلم بإحرام القن ولم يملك تحليله لتعطيل منافعه عليه زمن إحرامه ولكل من أبوي حر بالغ منعه من إحرام بنفل حج وعمرة كمنعه من نفل جهاد؛ ولكن ليس لهما تحليله من حج التطوع لوجوبه بالشروع فيه ويلزمه طاعتهما في غير معصية وتحرم طاعتهما فيها، ولا يحلل غريم مدينًا أحرم بحج أو عمرة لوجوبهما بالشروع، وليس لولي سفيه مبذر بالغ منعه من حج الفرض وعمرته ولا تحليله من إحرام بأحدهما لتعينه عليه كالصلاة وتدفع نفقته إلى ثقة ينفق عليه في الطريق ويحلل سيفه بصوم كحر معسر إذا أحرم بنفل لمنعه من التصرف في ماله إن زادت نفقته على نفقة الإقامة ولم يكتسبها السفيه في سفره. والله أعلم. س185: تكلم عن الاستطاعة مبينًا ما هي؟ وهل يكون مستطيعًا ببذل غيره له؟ , وهل تبطل الاستطاعة بالجنون؟ اذكر الخلاف مع الترجيح؟ ج: الاستطاعة نوعان: أحدهما: استطاعة مباشرة لحج أو عمرة بنفسه ولا تبطل الاستطاعة بجنون ولو مطبقًا فيحج عنه، والاستطاعة ملك زاد يحتاجه في سفره ذهابًا وإيابًا من مأكول ومشروب وكسوة وملك وعائه؛ لأنه لابد منه ولا يلزمه حمله إن وجده بثمن مثله أو زائدًا يسيرًا بالمنازل في طريق الحاج لحصول المقصود وملك راحلة لركوبه بآلتها بشراء أو كراء يصلحان لمثله أي الراحلة وآلتها؛ لحديث أحمد عن الحسن لما نزلت هذه الآية {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} قال رجل: يا رسول الله،

ما السبيل؟ قال: «الزاد والراحلة» ، وعن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} قال: قيل: يا رسول الله، ما السبيل؟ , قال: «الزاد والراحلة» رواه الدارقطني، وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الزاد والراحلة يعني قوله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} » رواه ابن ماجه، ولا يعتبر ملك راحلة في دون مسافة قصر عن مكة للقدرة على المشي غالبًا إلا لعاجز عن المشي كشيخ كبير فيعتبر ملك الراحلة بآلتها حتى في دون المسافة ولا يلزمه حبوًا ولو أمكنه؛ وأما الزاد فيعتبر قَربُتَ المسافة أو بعدت مع الحاجة إليه أو ملك ما يقدر به من نقد أو عرض على تحصيل الزاد والراحلة وآلتهما؛ فإن لم يملك ذلك لم يلزمه الحج؛ لكن يستحب لمن أمكنه المشي والكسب بالصنعة ويكره لمن حرفته المسألة ويعتبر كون ما تقدم من الزاد والراحلة وآلتهما أو ما يقدر به على تحصيل ذلك فاضلاً عما يحتاج إليه من كتب علم، ومسكن لمثله وخادم لنفسه، وعن ما لابد منه من نحو لباس وغطاء ووطاء وأواني؛ فإن أمكن بيع فاضل عن حاجته وشراء ما يكفيه بأن كان المسكن واسعًا أو الخادم نفيسًا فوق ما يصلح له وأمكن بيعه وشراء قدر الكفاية منه ويفضل ما يحج به لزمه ذلك؛ لأنه مستطيع ويعتبر كون زاد وراحلة وآلتهما أو ثمن ذلك فاضلاً عن قضاء دين حال أو مؤجل لله أو لآدمي؛ لأن ذمته مشغولة به وهو محتاج إلى إبرائها، وأن يكون فاضلاً عن مؤنته ومؤنة عياله؛ لحديث: «كفى بالمرء إثمًا أن يضع من يقوت» من عقار أو بضاعة أو صناعة ونحوها، كعطاء من ديوان ولا يصير مُستَطِيعًا ببذل غيره له ما يحتاجه لحجه وعمرته. وعن الشافعي أنه إذا بذل له ولده ما يتمكن به من الحج لزمه؛ لأنه أمكنه الحج من غير منَّة تلزمه ولا ضرر يلحقه فلزمه الحج، كما لو ملك الزاد والراحلة، وهذا القول عندي أنه قوي جدًا مؤيدًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم» رواه الخمسة، وعن جابر أن رجلاً

س186: تكلم عمن عجز عن السعي لحج أو عمرة، واذكر الدليل على ما تقول.

قال: يا رسول الله، إني لي مالاً وولدًا، وأن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: «أنت ومالك لأبيك» رواه ابن ماجه، وقوله: «وإن أولادكم من كسبكم فكلوه هنيئًا» رواه أحمد وأبو داود. ومن الاستطاعة سعة وقت بأن يكون متسعًا يُمكن الخروج والمسير فيه حسب العادة لتعذر الحج مع ضيق وقته، ومن الاستطاعة أمْنُ طريق يمكن سلوكه ولو بحرًا أو كان غير معتاد بلا خفارة، وأن يوجد فيه الماء والعلف على المعتاد، ومن الاستطاعة دليل لجاهل طريق مكة، ومنها قائد لأعمى؛ لأن في إيجابه عليهما بلا دليل وقائد ضررًا عظيمًا، وهو منتف شرعًا ويلزم الجاهل والأعمى أجرة الدليل والقائد لتمام الواجب بهما فيعتبر قدرة على أجرة مثلها. س186: تكلم عمَّن عجز عن السعي لحج أو عمرة، واذكر الدليل على ما تقول. ج: العاجز عن السعي لحج أو عمرة لكبر أو مرض لا يرجى برؤه لنحو زمانه أو ثقل لا يقدر معه على ركوب إلا بمشقة شديدة أو لكونه نضوَ الخلقة لا يقدر ثبوتًا على راحلة إلا بمشقة غير محتملة يلزمه أن يقيم من يحج ويعتمر عنه؛ لحديث ابن عباس أن امرأة من خثعم، قالت: يا رسول الله، إن أبي أدرته فَريضةُ الله في الحج شيخًا كبيرًا لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره، قال: «فَحُجّيِ عنه» رواه الجماعة. وعن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - قال: جاء رجل من خثعم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إنّ أبي أدركه الإسلام وهو شيخ كبير لا يستطيعُ رُكوبَ الرحل والحج مكتوب عليه، أفأحج عنه؟ قال: «أنت أكبر ولده» قال: نعم، قال: «أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته عنه أكان يجزئ ذلك عنه» قال: نعم، قال: «فاحجج عنه» رواه أحمد والنسائي بمعناه. س187: تكلم عن استنابة العاجز عن الحج والعمرة، اذكر الدليل والخلاف.

س188: بين حكم ما إذا عوفي العاجز عن السعي لحج أو عمرة مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟

ج: قد تقدم لنا أنه يلزمه أن يقيم مَن يحج ويعتمر عنه، وأن الحج يجب فورًا ويستناب عن العاجز من يحج عنه من حيث وجب عليه، إما من بلده أو من الموضع الذي أيسر فيه، وبهذا قال الحسن وإسحاق ومالك في النذر، وقال عطاء في الناذر: إن لم يكن نوى مكانًا فمن ميقاته، واختاره ابن المنذر، وقال فيمن عليه حجة الإسلام: يستأجر من يحج عنه من الميقات؛ لأن الإحرام لا يجب دونه، والذي تميل إليه النفس أنه لا يلزم أن يكون من بلد المنوب عنه؛ لأنه ليس في حديث الخثعمية ولا حديث الخثعمي ما يدل على أنه لابد أن يكون من حيث وجب ولم يرد أحاديث أخرى تدل على ذلك. والله أعلم. س188: بين حكم ما إذا عوفي العاجز عن السعي لحج أو عمرة مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟ ج: إذا استناب العاجز عن الحج لمرض لا يُرجى برؤه ونحوه ويسمى المعضوب فحج النائب ثم عوفي المستنيب لم يجب عليه حج آخر، وهذا إذا عوفي بعد الفراغ من النسك؛ لأنه أتى بما أمر به فخرج من العهدة كما لو لم يبرأ؛ وأما إن عوفي قبل إحرام النائب فإنه لا يجزئه للقدرة على المبدل قبل الشروع في البدل كالمتيمم يجد الماء؛ وأما إذا عوفي بعد الإحرام وقبل الفراغ، فالمذهب يجزئه والجمهور على أنه لا يجزئ لو عوفي بعد الإحرام وقبل فراغ النسك؛ لأنه تبين أنه لم يكن مأيوسًا منه، قال في «المبدع» : وهو الأظهر عند الشيخ تقي الدين ومن يرجى برؤه لا يستنيب؛ فإن فعل لم يجزئه ويسقطان عن من لم يجد نائبًا مع عجزه عنهما لعدم استطاعة بنفسه ونائبه، ومن لزمه حج أو عمرة بأصل الشرع أو بإيجابه على نفسه فتوفى قبله ولو قبل التمكن من فعله لنحو حبس أو أسْرِ عدو وكان استطاع مع سعة وقت وخلف ما لا أخرج عن الميت من جميع ماله حجة وعمرة أي ما يفعلا به من حيث وجبا وتقدم الخلاف في ذلك، ويجزئ أن يستناب عن معضوب من أقرب وطنيه ومن خارج بلده إلى دون مسافة قصر.

س189: تكلم عن أحكام ما يلي: إذا حج أجنبي عمن وجب عليه؟ من ضاق ماله في أدائه من بلده أو لزمه دين وعليه حج وضاق ماله عنهما؟ إذا مات من وجب عليه حج بطريقه أو مات نائبه بطريقه؟ إذا صد من وجب عليه حج أو نائبه بطريقه. اذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل؟

س189: تكلم عن أحكام ما يلي: إذا حج أجنبيّ عَمّنْ وجب عليه؟ من ضاق ماله في أدائه من بلده أو لزمه دين وعليه حج وضاق ماله عنهما؟ إذا مات مَن وجب عليه حج بطريقه أو مات نائبه بطريقه؟ إذا صُدّ من وجب عليه حج أو نائبه بطريقه. اذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل؟ ج: ويسقط عمن وجب عليه ومات قبله بحج أجنبي عنه؛ لأنه –عليه الصلاة والسلام- شبهه بالدين، وكذا عمرة ولا يسقط حج عن معضوب حَيِّ ولو معذورًا لا إذن ويقع حَج مَن حج عن حي بلا إذنه عن نفسه ولو نفلاً، ومن ضاق ماله عن أدائه من بلده استنيب به من حيث بلغ، ومن لزمه دين وعليه حج وضاق ماله عنهما أخذ من ماله لحج بحصته كسائر الديون وحج به من حيث بلغ؛ لحديث: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» ، وإن مات من وجب عليه حج بطريقة أو مات نائبه بطريقة حج عنه من حيث مات هو أو نائبه؛ لأن الاستنابة من حَيْثُ وَجبَ القضاء والموب عنه لا يلزمه العود إلى وطنه ثم العود للحج منه فيستناب عنه فيما بقي نصًا مسافة وفعلاً وقولاً، وإن صُد مَن وجب عليه حج أو نائبه بطريقة فعل عنه ما بقي مسافة وفعلاً وقولاً. س190: إذا وصى شخص بنقل وأطلق فمن أين يفعل عنه؟ وهل يصح أن يحج عن غيره من لم يحج عن نفسه؟ وإذا أحرم بنذر حج أو نفل مَن عليه حجة الإسلام، فهل يقع الحج عن النذر، والنفل أو عن حجة الإسلام؟ وإذا حج عن معضوب واحد في فرضه وآخر في نذره في عام فما الحكم؟ وإذا حُج عن ميت واحد في فرضه وآخر في نذر في عام، فما الحكم؟ ج: إذا وصى شخص بنسك نفل وأطلق فلم يقل: من محل كذا جاز أن يفعل عنه من ميقات بلد الموصي ما لم تمنع منه قرينة ولا يصح ممن لم يحج عن نفسه حج عن غيره، ولا عن نذر ولا عن نافلة؛ فإن فعل بأن حج عن غيره قبل

س191: إذا جعل شخص قارن الحج عن شخص والعمرة عن آخر، فما الحكم؟ وهل للقادر أن ينوب في الحج؟ وتكلم بوضوح عما يعطاه النائب؟ وهل يضمن النائب ما زاد على نفقة المعروف؟ وهل يحسب له شيء من النفقة؟ وعلى من يرجع بما استدانه؟ ومن أين يكون ما لزم نائبا بمخالفته؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل.

نفسه انصرف إلى حجة الإسلام؛ لما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة، قال: «من شبرمة؟» قال: أخ لي أو قريب لي، فقال: «حججت عن نفسك؟» قال: لا، قال: «حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة» رواه أبو داود وابن ماجه، وصححه بن حبان، والراجح عند أحمد وقفه، وقوله: «حج عن نفسك» أي استَدِمْهُ عن نفسك، كقولك للمؤمن آمن؛ لما روى الدارقطني من طريقين فيهما ضعف: «هذه عنك وحج عن شبرمة» ، وكذا حكم من عليه العمرة، ومن أدى أحد النسكين فقط صح أن ينوب فيه قبل أداء الآخر، وأن يفعله نفله ونذره، ولو أحرم بنذر حج أو نفل من عليه حجة في ذمته ويصح أن يحج عن معضوب واحد في فرضه وآخر في نذره عام، ويصح أن يحج عن ميت واحد في فرضه وآخر في نذره في عام واحد؛ لأن كل عبادة منفردة، كما لو اختلف نوعهما، وأيهما أحرم أولاً قبل الآخر؟ فعن حجة الإسلام ثم الحجة الأخرى التي تأخر إحرام نائبها تكون عن نذره ولو لم ينو الثاني عن النذر؛ لأن الحج يعفي فيه عن التعيين ابتداء لانعقاده بهما ثم يعين والعمرة في ذلك كالحج. س191: إذا جعل شخص قارن الحج عن شخص والعمرة عن آخر، فما الحكم؟ وهل للقادر أن يُنوّب في الحج؟ وتكلم بوضوح عما يعطاه النائب؟ وهل يضمن النائب ما زاد على نفقة المعروف؟ وهل يحسب له شيء من النفقة؟ وعلى مَن يرجعُ بما استدانَه؟ ومن أين يكون ما لزمَ نائبًا بمخالفته؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل. ج: يصح أن يجعل قارن أحرم بحج وعمرة الحج عن شخص استنابه في الحج وأن يجعل العمرة عن شخص آخر استنابه فيها بإذن الشخصين؛ لأن القرآن نسك مشروع؛ فإن ثم يأذنا وقع الحج والعمرة للنائب ورد لهما ما أخذه منهما. وقدم في «المغني» و «الشرح الكبير» يقع عنهما ويردّ من نفقة كل نصفها؛ فإن أذن

س192: من هو محرم المرأة الذي يشترط لوجوب الحج عليها وجوده ومن هي المرأة المعتبر لها محرم؟ وعلى من تجب نفقته؟ وإن أيست المرأة من المحرم فماذا تعمل؟ وإذا حجت بدون محرم، فما الحكم؟ وإذا مات محرم سافرت معه فماذا تعمل؟ واذكر ما تستحضره من دليل.

أحدهما ردّ على غير الآن نصف نفقته، ويصح أن يستنيب قادر وغيره في نفل حج، وفي بعضه، والنائب في فعل نسك أمين فيما أعطيه من مال ليحج منه ويعتمر فيركب وينفق منه بمعروف، ويضمن نائب ما زاد على نفقة المعروف وما زاد على نفقة طريق أقرب من الطريق البعيد إذا سلكه بلا ضرر في سلوك الأقرب إذا سلكه، ويجب عليه أن يردَّ ما فضل عن نفقته بالمعروف؛ لأنه لم يملكه له المستنيب؛ وإنما أباح له النفقة منه، ويحسب للنائب نفقة رجوعه بعد أداء النسك ويحسب له نفقة خادمه إن لم يخدم نفسه مثلُه، ويرجع نائب بما استدانه لعذر على مستنيبه ويرجع بما أنفق عن نفسه بنية رجوع، وما لزم نائبًا بمخالفته فمنه؛ لأنه جنايته. س192: مَن هو مَحرمُ المرأة الذي يشترط لوجوب الحج عليها وُجُودُه ومن هي المرأة المعتبر لها محرم؟ وعلى من تجب نفقته؟ وإن أيَستِ المرأة مِن المحرم فماذا تعمل؟ وإذا حَجتْ بُدوْن محرم، فما الحكم؟ وإذا مات محْرمٌ سافرتْ مَعَه فماذا تعمل؟ واذكر ما تستحضره من دليل. ج: تزيد المرأة على الرجل شرطًا سادسًا وهو أن تجد زوجًا أو ذكرًا مسلمًا مكلفًا ولو عبدًا تحرم عليه أبدًا لحرمتها بسبب مباح أو بنسب ونفقته عليها، فيشترط لها ملك زاد وراحلة بآلتهما لهما أي للمرأة ومحرمها وأن تكون الراحلة وآلتها صالحين لهما ولا يلزم المحرم مع بذلها الزاد والراحلة سَفْرٌ معها، وتكون إن امتنع كمن لا محرم لها فلا وجوب عليها، والعبد ليس محرمًا لسيدته من حيث كونها مالكة له؛ لحديث ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سفر المرأة مع عبدها ضيعة» ؛ ولأنه غير مأمون عليها ولا تحرم عليه أبدًا ومن أيست من المحرم استنابت مَن يفعل النسك عنها ككبير عاجز، وإن حجت امرأة بدون المحرم حرم وأجزأ، وإن مات محرم سافرت معه بالطريق مضت في حجها ولم تصر محصرة.

ومما يتعلق بكتاب الحج والعمرة من النظم ومن مختصره ومن كان حرًا بالغًا وهو عاقل ... براحلة مزمومة وتزود فأوجب عليه الحج في العمر مرة ... وعمرة إسلام بفوز أوكد ومن كافرًا وعادم العقل ألغيَنْ ... وصحح لِصِبْيَانٍ يَحُجُّوا وَأْعبُدِ وليس بمجز مع بلوغ وعتقهم ... بُعَيْدَ وقوف والطواف المحدد لعمرتهم لكن إذا ما تكاملوا ... بموقف أو قبل الطواف كفاقدِ وبشرط طول الاستطاعة قدرة ... لتحصيل مركوب وزاد معوَّد ويلزمه بيع الذي عنه غنية ... إذا كان يكفي مثله في التزود سوى كل مضطر إليه كمسكن ... وغرس وخدام ودين بذا ابتدى ولُبْسٌ ومركوب ولم لتجمُّل ... كأمثالهِ مع كتب علم لمقْصَد وكلفته مَعَ من يَمُون على المدى ... بِرَيْع مَغَلٍ أو بربح معدد وليس على ذي صنعة وإطاقه ... يمشي مسير بل يسن له قَد وميؤس بره والكبير تطيْحُه الرّحالُ ... لِيُحْجج عنهما وليزوّدِ ولو نابت الأنثى من البقعة التى ... بها وجبا يجزي ومع برء مُقْعَدِ وشرط وجوب الحج لا لأدائه ... مسير بأنثى محرم في المؤكَّدِ كزوج ومَن حرمتها منه دائمًا ... بوصلته بل مستطاب فقيدِ ومن مات فاعلم صاح بعد وجوبه ... فمن ماله خذ واجب الحج تهتدِ ومن كان لم يحج فحج لغيره ... له الحج وليردد غرامة مِرْفِد ومَن يَستنب عمرًا لِنَذْرِ وخالدًا ... لِفَرْضٍ فللِفَرضِ أجعَل إحرَام مُبتدي

س193: ما الذي يشرع لمن أراد الحج والعمرة؟ وضحه مع ذكر الدليل.

س193: ما الذي يشرع لمن أراد الحج والعمرة؟ وضِّحه مع ذكر الدليل. ج: من أراد الحج فليبادر وليجتهد في الخروج من المظالم بردها لأربابها كما ورد عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه» رواه البخاري. وفي الحديث الآخر المتفق عليه، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، وستلقّونَ ربكم فيسألكم عن أعمالكم» الحديث، وليجتهد أيضًا في رد العواري وأداء الديون التي للآدميين والتي لله كالزكاة والكفارة ويستحل مَن لا يستطيع الخروج من عهدته ويبادر بالتوبة من جميع الذنوب، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً} ، وقال: {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وليحرص كل الحرص على تحصيل نفقة طيبة من حلال؛ لما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المسلمين، فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً} ، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} » ، ثم ذكر: «الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمدَّ يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذيِّ بالحرام، فأنى يستجاب لذلك!» رواه مسلم.

وروى الطبراني عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا خرج الرجل حاجًا بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز، فنادى لبيك اللهم لبيك ناداه مناد من السماء لبيك وسعديك زادك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور غير مؤزور؛ وإذا خرج الرجل بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى لبيك اللهم لبيك، ناداه مناد من السماء لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام ونفقتك حرام وحجك غير مبرور» . ويجتهد في رفيق يكون عونًا له على نصَبَه وأداء نسكه يهديه إذا ضلّ ويذكره إذا نسى، وإن تيسر أن يكون الرفيق عالمًا فليستمسك بغرزه لعل الله أن يجعله سببًا لرشده. وينبغي إن كان طالب علم أن يأخذ معه من كتب الفقه والحديث ما يتعلق بكتاب الحج والعمرة وليرجع له ولغيره عند الإشكال ولصيانة الوقت وازدياد العلم.

قال الناظم: وخير جليس المرء كتبٌ تفيده ... علومًا وآدابًا كعَقْلِ مُؤَيَّدٍ وخالط إذا خالطت كل موفق ... من العلما أهل التقى والتَعَبُّدِ يُفيدكَ مِن علم ويَنهاك عن هوى ... فصَاحِبه تهدى من هداه وترشد وليحذر كل الحذر من صحبة الجهال والسفهاء والكذابين والنمامين؛ فإن هؤلاء وأشباههم لا يسلم المخالط لهم والمصاحب غالبًا من الإثم وينبغي له أن يتخلق بالأخلاق الجميلة كالسخاء وبساطة النفس وقضاء حوائج رفقته وإعانتهم بالماء والجاه والبدن، ويجب على الحاج أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار الآخرة والتقرب إلى الله بما يرضيه من الأقوال والأعمال في تلك المواضع الشريفة. وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يأتي على الناس زمان يحج أغنياء أمتي نزهة وأوساطهم للتجارة وفقراؤهم للرياء والسمعة، وفقراؤهم للمسألة» أخرجه أبو الفرج في مثير الغرام مُسْنَدًا، وليحذر أن يقصد بعمله الدنيا وحطامها أو الرياء أو السمعة أو المفاخرة بذلك؛ فإن ذلك من أقبح المقاصد وسبب لحبوط العمل وعدم قبوله. وينبغي أن يتعلم ما يشرع له في حجه وعمرته ليكون من حجه على بصيرة ويصلي ركعتين بمنزله، ويقول بعدهما: اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل والمال والولد. قال الشيخ: يدعو قبل السلام أفضل ويخرج يوم الخميس مبكرًا. عن كعب بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في غزوة تبوك يوم الخميس، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس، متفق عليه.

وفي رواية «الصحيحين» لقلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج إلا في يوم الخميس. وعن صخر بن ودَاعة الغامدي الصحابي - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللهم بارك لأمتي في بكورها» ، وكان إذا بعث سرية أو جيشًا بعثهم من أول النهار، وكان صخر تاجرًا، وكان يبعث تجارته أول النهار فأثرى وكثر ماله، رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن. فإذا ركب دابته أو سيارته أو طيارته أو مركبته أو السفينة أو غيرها من المركوبات استحب له أن يسم الله سبحانه وبحمده، ثم يكبر ثلاثًا، ويقول: سبحان الذي سخر لنا هذا، وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إني أسألك في سفري هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هوّن علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل، لِصحَّةِ ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه مسلم من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما ـ. ويكثر في سفره من الذكر والاستغفار، ودعاء الله سبحانه والتضرع إليه، وتلاوة القرآن وتدبر معانيه، ويحافظ على الصلوات في الجماعة، ويجتهد في إقامتها على الوجه الأكمل. ويحفظ لسانه من القيل والقال والكذب والغيبة والخوض فيما لا يعنيه والإفراط في المزح، ويقول إذا نزل منزلاً ما ورد عن خولة بنت حكيم - رضي الله عنها - قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من نزل منزلاً ثم قال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزلك ذلك» رواه مسلم.

باب المواقيت

25- باب المواقيت س194: ما هي المواقيت؟ وإلى كم تنقسم؟ وضّحها مع ذكر الدليل. ج: الميقات لغةً: الحد، وشرعًا: مواضع وأزمنة معينة لعبادة مخصوصة، وتنقسم إلى قسمين: زمانية، وهي: أشهر الحج والعام كله للعمرة، ومكانية، وهي: ذو الحليفة والجحفة، ويلملم، وقرن، وذات عرق؛ لما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقَّت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم هن لهن ولمن أتى عليهن من غيرهن ممن أراد الحج أو العمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة. متفق عليه. وعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقت لأهل العراق ذات عرق، رواه أبو داود والنسائي. س195: تكلَّم عن المسافة بين المواقيت ومكة؟ ومن أين يحرم من له منزلان؟ ومن أين يحرم مَن لم يمر بميقات؟ ومَن تساوَيَا الميقاتان منه؟ ومن أين يحرم من لم يحاذ ميقاتًا؟ وإذا أحرم من بمكة بحج من الحل، فما الحكم؟ ومن أين يحرم من بمكة للعمرة؟ واذكر دليل الحكم. ج: الحليفة بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة وهي أبعد المواقيت من مكة، بينها وبين مكة عشر مرَاحل، الجحفة قرب رابغ بينها وبين مكة ثلاث مراحل، ويلملم بينه وبين مكة ليلتان، وقرن بيْنَهُ وبين مكة يوم وليلة، وذات عرق بينه وبين مكة نحو مرحلتين، وهذه المواقيت لأهلها المذكورين ولمن مرّ عليها من غير أهلها كشامي ومصري مرّ بذي الحليفة فيحرم منها؛ لأنها صارت ميقاته ومدني يَسْلكُ طريق الجحفة فيحرم منها وجوبًا للحديث،

س196: من الذي لا يحل له تجاوز الميقات بلا إحرام؟ ومن الذي يجوز له تجاوزه بلا إحرام؟ وما الذي يلزم من تجاوزه بلا إحرام؟ وبين الحكم فيما إذا تجاوزها غير قاصد مكة ثم بدا له قصدها؟ وما هي الساعة التي أبيح للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معه دخول مكة محلين فيها؟

والأفضل للمارّ إحرامٌ من أول ميقات وهو طرفه الأبعد من مكة احتياطًا وإن أحرم من الطرف الأقرب من مكة جاز، ومَن منزله دونها فميقاته منزله ومَن له منزلان جاز أن يحرم من أقرب لمكة ويحرم مَن كان مقيمًا بمكة لحج منها، ويصح أن يحرم من بمكة بحج من الحل ولا دم عليه كما لو خرج إلى الميقات الشرعي وكالعمرة ويحرم من بمكة لعمرة من الحل؛ لأمره - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن بن أبي بكر: أن يعمر عائشة من التنعيم. متفق عليه. ولأن أفعال العمرة كلها في الحرم فلم يكن بد من الحل ليجمع في إحرامه بينها بخلاف الحج؛ فإنه يخرج إلى عرفة فيحصل له الجمع ويصبح إحرام لعمرة من مكة وعليه دم لتركه واجبًا وتجزئه عمرة أحرم بها من مكة عن عمرة الإسلام؛ لأن الإحرام من الحل ليس شرطًا لصحتها، وكالحج ومن لم يمر بميقات أحرم إذا عَلم أنه حاذى أقربها منه وسن له أن يحتاط؛ فإن تساويا قُربًا منه؛ فإنه يحرم من أبعدهما من مكة؛ فإن لم يحاذ ميقاتًا أحرم من مكة لنسك فرضه بقدر مرحلتين من جدة فيحرم في المثال من جدة؛ لأنها على مرحلتين من مكة؛ لأنه أقل المواقيت. س196: مَن الذي لا يحل له تجاوز الميقات بلا إحرام؟ ومَن الذي يجوز له تجاوزه بلا إحرام؟ وما الذي يلزم مَن تجاوزه بلا إحرام؟ وبَيِّن الحكم فيما إذا تجاوزها غير قاصد مكة ثم بدا له قصدُها؟ وما هي الساعة التي أبيح للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومَن معه دخول مكة مُحلين فيها؟ ج: ولا يحل لمكلف حر مسلم أراد مكة أو الحرم أو نسكًا تجاوز ميقات بلا إحرام إلا لقتال مباح أو خوف أو حاجة تتكرر كحطّاب وناقل ميرة وحشاش فلهم الدخول بلا إحرام؛ لما روى حرب عن ابن عباس لا يدخل إنسان مكة إلا محرمًا إلا الحمالين والحطابين وأصحاب منافعها احتج به أحمد.

س197: تكلم بوضوح عمن جاوز الميقات بلا إحرام يريد نسكا فرضا أو نفلا وكان النسك فرضه؟ وما حكم الإحرام قبل ميقات؟ وبالحج قبل أشهره؟ وما هي أشهر الحج؟ وهل ينعقد إحرام بحج في غير أشهره؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل.

وَمَكّيٌ يتردد إلى قريته بالحل إذ لو وجب عليه لأدى إلى الضرورة، والمشقة وهو منتف شرعًا وكتحية المسجد في حق قيمه للمشقة، ثم إن بدا لمن لم يلزمه الإحرام من أولئك أن يحرم، أو بَدَا لمن لم يرد الحرم أن يحرم أو لزم الإحرام مَن تجاوز الميقات كافرًا أو غير مُكلف أو رفيقًا بأن أسلم كافر وكلف غير مكلف وعتق رقيق أو تجاوز المواقيت غيرَ قاصد مكة ثم بدا له قصدها فمن موضعه يُحْرِم؛ لأنه حصل دون الميقات على وجه مباح فأشبه أهل ذلك المكان ولا دم عليه؛ لأنه لم يجاوز الميقات حال وجوب الإحرام عليه بغير إحرام، وإن كان المتجاوز للميقات رقيقًا أو كافرًا أو غير مكلف فلا دم عليه؛ لأنه ليس من أهل فرض الحج. قال الشيخ: إنما يجب الإحرام على الداخل إذا كان من أهل وجوب الحج؛ وأم العبد والصبي والمجنون، فيجوز لهم الدخول بغير إحرام؛ لأنه إذا لم تجب عليهم حجة الإسلام وعمرته؛ فلأن لا يجب عليهم الإحرام بطريق الأولى. وأبيح للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الذين معه دخول مكة ساعة من يوم الفتح وهي من طلوع الشمس إلى صلاة العصر لاقطع شجر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام الغد من يوم فتح مكة فحمد الله، وأثنى عليه، فقال: «إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا ولا يعضد بها شجرة؛ فإن أحد ترخص بقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقولوا: إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أحِلَّت لي ساعة من النهار وقد عادت حرمتها كحرمتها فليبلغ الشاهد الغائب منكم» . س197: تكلم بوضوح عمَّن جاوز الميقات بلا إحرام يريد نسكًا فرضًا أو نفلاً وكان النسك فرضه؟ وما حكم الإحرام قبل ميقات؟ وبالحج قبل أشهره؟ وما هي أشهر الحج؟ وهل ينعقد إحرام بحج في غير أشهره؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل.

ج: ومن جاوزه يريد نسكًا فرضًا أو نفلاً، وكان النسك فرضه ولو جاهلاً أنه الميقات أو حكمه أو ناسيًا لزمه أن يرجع إلى الميقات فيحرم منه حيث أمكن كسائر الواجبات إن لم يخف فوت حج أو غيره كعلى نفسه أو ماله لصًا أو غيره، ويلزمه إن أحرم من موضعه دم؛ لما روى ابن عباس مرفوعًا: «من ترك نسكًا فعليه دم، وقد ترك واجبًا» وسواء كان لعذر أو غيره ولا يسقط الدم إن أفسده أو رجع إلى الميقات بعد إحرامه، وكره إحرام بحج أو عمرة قبل ميقات وينعقد؛ لما روى سعيد عن الحسن أن عمران بن حصين أحرم من مصره، فبلغ ذلك عمر فغضب، وقال: يتسامع الناس أن رجلاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحرم من مصره. وقال البخاري: كَرِهَ عثمان أن يحرم من خراسان أو كرمان. ولحديث أبي يعلى الموصلي عن أبي أيوب مرفوعًا: يستمتع أحدكم بحله ما استطاع؛ فإنه لا يدري ما يعرض له في إحرامه، وكره إحرام بحج قبل أشهره. وقال في «الشرح الكبير» بغير خلاف علمناه، وأشهر الحج: شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة منها يوم النحر وهو يوم الحج الأكبر. ولحديث ابن عمر مرفوعًا يوم النحر الأكبر، قال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ} أي في أكثرهن؛ وإنما فات الحج بفوات يوم النحر لفوات الوقوف لا الخروج وقت الحج. ثم الجمع يقع على إثنين وبعض آخر، والعرب تُغَلِّبُ التأنيث في العدد خاصة لسبق الليالي فتقول: سِرْنا عشرًا، وينعقد إحرام بحج في غير أشهره؛ لقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} وكلها مواقيت للناس، فكذا الحج كالميقات المكاني، وقوله: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} أي معظمه في أشهره، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الحج عرفة» .

من مختصر النظم مما يتعلق بالمواقيت وإحرام حج من مواقيت خمسة ... لطيبة وقِّتْ ذا الخليفة واقصد وللشام والمصري والغرب جحفة ... ولليمن التَّالي يلملم فارصد وخذ ذات عرق للعراق ووفده ... وقرنا لِوَفد طائفي ومنجد وتعْينُهَا مِن معجزات نبينا ... لتعيْينه مِن قبل فتح المعَدَّدِ وإن تَعْدِمَ الميقَاتَ حَاذِ مُقارِبًا ... وإن تُحْرِمَنْ مِن دُوْنهِ بدمِ جُدِ ومِن دُونهِ إحرامُ مَنْ كانَ دُونَها ... ومَكَّةُ ميقات لِثَاو ورُوّد لحج ولكن أرادوا اعتمارهم ... مِن الحلِّ مُرْهْم يَحرموا بتأكُّد وللحج شوال وذا القعدة اتخذ ... وبالعشر من ذي الحجة اختم وشيِّد

باب الإحرام

26- باب الإحرام س198: تكلم بوضوح عن معنى الإحرام؟ وما المسنون لمريده؟ ج: الإحرام لغة: الدخول في التحريم؛ لأنه يحرّم على نفسه بنيته ما كان مُباحًا له قبل الإحرام من النكاح والطيب والحلق ونحو ذلك، وشرعًا: نية الدخول في النسك، ويسن لمريده غسل أو تيَمُّمٌ لِعَدَم ولا يضر حدثه بين غسل وإحرام، وسن له تنظف بأخذِ شعره وظفره وقطع رائحة كريهة، وسن له تطيب في بدنه وكره في ثوبه، وسن لمريده لبس إزار ورداء أبْيَضَين نظيفين ونعلين بعد تجرد ذكر من مخيط، وسن إحرام عقب ركعتين فرض أو ركعتين نفلاً؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أهل في دبر صلاة، رواه النسائي، وقال في «الاختيارات الفقهية» : ويحرم عقب فرض إن كان أو نفل؛ لأنه ليس للإحرام صلاة تخصه. انتهى. س199: ما هي الأدلة الدالة على المسنونات المتقدمة؟ ج: أما الغسل: فهو ما ورد عن زيد بن ثابت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اغتسل لإحرامه. أخرجه الترمذي. وعن ابن عمر: أنه كان يخرج وعليه ثيابه جامعها عليه، وعليه برنسه حتى إذا أتى ذا الحليفة تجرد واغتسل، أخرجه سعيد بن منصور؛ وإن كانت امرأة حائضًا أو نفساء اغتسلت للإحرام؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أسماء بنت عميس وهي نفساء أن تَغْتَسِلَ، وأمر عائشة أن تغتسل لإهلال الحج وهي حائض؛ ولأنه غسل يُراد للنسك فاستوى فيه الحائض والطاهر ومن لم يجد الماء يتيمم؛ لأنه غسل مشروع فانتفل منه إلى التيمم عند عدم الماء أو العجز عن استعماله لنحو مرض لعموم: «فلم تجدوا ماء فتيمموا» .

وأما الأخذ من الشعر والظفر عند الإحرام، فلما ورد عن إبراهيم قال: كانوا يستحبون إذا أرادوا أن يحرموا أن يأخذوا من أظفارهم وشواربهم وأن يستحدوا، ثم يلبسوا أحْسن ثيابهم، أخرجه سعيد بن منصور. وعن محمد بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أنه أراد الحج وكان من أكثر الناس شعرًا، فقال له عُمر: خذ من رأسك قبل أن تحرِمَ. وعن القاسم وسالم وطاوس وعطاء وسُئلوا عن الرجل يريد أن يهلّ بالحج أيأخذ من شعره قبل أن يحرم، قالوا: نعم. أخرجهما سعيد بن منصور. وأما الطيب للإحرام، فلما ورد عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي بذريرة في حَجَّةِ الوداع للحل والإحرام. وعنها، قالت: طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحرمه حين أحرم ولحله قبل أن يفيض بأطيب ما وجدت. وعنها، قالت: طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند حرمه بأطيب الطيب. أخرجهن الشيخان. وعنها، كنت أطيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأطيب ما كنت أجد حتى أرى وبيص الطيب في رأسه ولحيته قبل أن يحرم. أخرجه النسائي. وأما لبس الإزار والرداء الأبيضين النظيفين والنعلين، فلما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من خير ثيابكم البياض فليلبسها أحياؤكم وكفنوا فيها موتاكم» أخرجه البيهقي. ولحديث: «وليحرم أحدكم في إزار ورداء ونعلين» رواه أحمد. قال ابن المنذر: ثبت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وثبت أيضًا: أن رسول لله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا لم يجد إزارًا فليلبس السراويل، وإذا لم يجد النعلين فليلبس

س200: ماذا يعمل بعد الإتيان بما سبق؟ وتكلم عن الاشتراط للمحرم. وهل ينعقد الإحرام حال الجماع؟ اذكر الخلاف والترجيح.

الخفين» - وأما أن يكون لبسه ذلك بعد تجرد ذكر عن مخيط فلأنه - صلى الله عليه وسلم - تجرد لإهله. رواه الترمذي. وفي «مجموع فتاوى شيخ الإسلام» (109) : وإن احتاج إلى التنظيف كتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة ونحو ذلك فعل ذلك وهذا ليس من خصائص الإحرام، وكذلك لم يكن له ذكر فيما نقله الصحابة لكنه مشروع بحسب الحاجة، وهكذا يشرع لمصلِّ الجمعة والعيد على هذا الوجه. انتهى. س200: ماذا يعمل بعد الإتيان بما سبق؟ وتكلم عن الاشتراط للمحرم. وهل ينعقد الإحرام حال الجماع؟ اذكر الخلاف والترجيح. ج: ثم بعد الفراغ من الغسل والتنظيف والتطيِّب ولبس ثياب الإحرام، ينوي بقلبه الدخول في النسك الذي يريده من حج أو عمرة؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» ويشرع له التلفظ بما نوى؛ فإن كان نيته العمرة، قال: لبيك عمرة، وإن كان حجًا، قال: لبيك حجًا، أو قال: اللهم لبيك حجًا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك ولا يشرع له التلفظ بما نوى إلا بالإحرام خاصة لوروده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فروى مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «من أراد أن يُهلّ بحج وعمرة فليفعل، ومن أراد أن يُهلَّ بحج فليفعل، ومن أراد أن يُهلَّ بعمرة فليفعل» ، قالت: وأهلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعمرة وكنت فيمن أهلّ بعمرة، وَسُنّ أن يشترط في الإحرام، فيقول: اللهم إني أريد النسك الفلاني فيسره لي وتقبله مني، وإن حبسني جالس فمحلي حيث حبستني، ويُفيد هذا الشرط شيئين: أحدهما: أنه إذا عافه عدو أو مرض أو ذهاب نفقة ونحوه أن له التحلل.

س201: اذكر ما تستحضره مما يبطل به الإحرام وما لا يبطل به؟ وما هي الأنساك الثلاثة؟ وما أفضلها؟ وما صيغة كل واحد منها؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل؟ وتعرض للخلاف مع الترجيح.

والثاني: أنه متى حل بذلك فلا شيء عليه؛ لما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن ضياعة بنت الزبير، قالت: يا رسول الله، إني امرأة ثقيلة وإني أريد الحج، فكيف تأمرني أهلَّ؟ فقال: «أهلِّي واشترطي أن محل حيث حبستني» قال: فأدركت. رواه البخاري والنسائي. في رواية: فإن لك على ربك ما استثنيت – وممن يرى الاشتراط في الإحرام: عمر وعلي وابن مسعود وعمار - رضي الله عنهم -، وبه قال عبيدة السلماني وعلقمة والأسوط وشريح وسعيد بن المسيب وعطاء وعكرمة والشافعي بالعراق، وأنكره ابن عمر وطاووس وسعيد بن جبير والزهري ومالك وأبو حنيفة. وعن أبي حنيفة أن الاشتراط يفيد سقوط الدم؛ فأما التحلل فهو ثابت عنده بكل إحضار واحتجوا بأن ابن عمر كان ينكر الاشتراط، ويقول: حسبكم سُّنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم -؛ ولأنها عبادة تجب بأصل الشرع فلم يفد الاشتراط فيها كالصلاة. قال في «الاختيارات الفقهية» : ويستحب للمحرم الاشتراط إن كان خائفًا، وإلا فلا جمعًا بين الأخبار وما اختاره الشيخ تقي الدين هو الذي تميل النفس إلى العمل به. والله أعلم. وينعقد إحرامٌ حالَ جماع ويَبطل إحرامٌ بردةِ ويخرج محرم منه بردةٍ فيه؛ لعموم قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} . س201: اذكر ما تستحضره مما يبطل به الإحرام وما لا يبطل به؟ وما هي الأنساك الثلاثة؟ وما أفضلها؟ وما صيغة كل واحد منها؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل؟ وتعرض للخلاف مع الترجيح.

ج: تقدم أن الإحرام يبطل بالردة قبل هذا السؤال، ولا يبطل ولا يخرج منه بجنون وإغماء وسكر كموت، ولا ينعقد مع وجود أحدها والأنساك الثلاثة هي: التمتع والقران والإفراد، ويخير مريد الإحرام بين الثلاثة وأفضلها التمتع نصًا، قال: لأنه آخر ما أمر به - صلى الله عليه وسلم -، ففي «الصحيحين» أنه –عليه الصلاة والسلام- أمر أصحابه لما طافوا وسعوا أن يجعلوها عمرة إلا من ساق هَدْيًا وثبتَ على إحرامه لسوقه الهدي، وتأسف بقوله: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولأحللتُ معكم» ولا يَنْقُل أصحابَه إلا إلى الأفضل ولا يتأسف إلا عليه وَمَا أجِيبَ به عنه مِن أنه لاعتقادهم عدم جواز العمرة في أشهر الحج مرود بأنهم لم يعتقدوه. ثم لو كان كذلك لم يخص به من لم يسق الهدي؛ لأنهم سواء في الاعتقاد ثم لو كان كذلك لم يتأسف هو؛ لأنه يعتقد جواز العمرة في أشهر الحج وجعل العلة فيه سوق الهدي. ولما في التمتع من اليسر والسهولة مع كمال أفعال التسكين –وصفة التمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منها، ثم به في عَامه، ثم يليه في الأفضلية الإفراد؛ لأن فيه كمال التسكين –وصفة الإفراد أن يحرم ابتداء بحج، ثم يحرم بعمرة بعد فراغه. ثم يليه في الأفضلية القران وصفته أن يحرم بهما جميعًا أو بها ثم يدخله عليها قبل الشروع في طوافها. وممن روى عنه اختيار التمتع ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وعائشة والحسن وعطاء وطاووس ومجاهد وجابر بن زيد وسالم والقاسم وعكرمة وأحد قولي الشافعي. وروى المروذي عن أحمد أن ساق لهَديَ فالقران أفضل؛ لما روى أنس

- رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الحج والعمرة. وفي رواية: كان قارنًا. وعن أنس - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهلّ بالحج والعمرة جميعًا. أخرجاه. وعنه سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهلّ بهما جميعًا: «لبيك عمرة وحجًّا لبيك عمرة وحجًّا» أخرجه مسلم. قال في «الاختيارات الفقهية» (117) : والقران أفضل من التمتع إن ساق هديًا وهو إحدى الروايتين عن أحمد. انتهى. وذهب الثوري وأصحاب الرأي إلى اختيار القران؛ لما تقدم من حديث أنس وحديث الضبي بن معبد حين أحرم بهما، فأتى عمر فسأله، فقال: هديت لسُّنة نبيك - صلى الله عليه وسلم -. وروي عن مروان بن الحكم، قال: كنت جالسًا عند عثمان بن عفان، فسمع عليًا يلبي بعُمرة وحج، فأرسل إليه، فقال: ألم نكُنْ نهينا عن هذا، قال: بلى؛ ولكن سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبي بهما جميعًا، فلم أكن أدع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقولك. رواه سعيد. ولأن القران مبادر إلى فعل العبادة وإحرام بالنسكين من الميقات، وفيه زيادة نسك هو الدم فكان أولى، وذهب مالك وأبو ثور إلى اختيار الإفراد، وهو ظاهر مذهب الشافعي، وروي ذلك عن عمر وعثمان وابن عمر وجابر وعائشة - رضي الله عنهم -؛ لما روت عائشة وجابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفرد الحج. متفق عيهما. وعن ابن عمر وابن عباس مثل ذلك. متفق عليه.

س202: ما هي شروط وجوب دم التمتع؟ ومتى يلزم الدم؟ وهل يعتبر لوجوب دم تمتع أو قران وقوعهما عن شخص واحد؟ وهل شروط وجوب دم التمتع معتبرة في كونه متمتعا؟

ولأنه يأتي بالحج تامًا من غير احتياج إلى جبر فكان أولى، والذي يترجح القول الأول أن الأفضل التمتع فالإفراد والقران. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س202: ما هي شروط وجوب دم التمتع؟ ومتى يلزم الدم؟ وهل يعتبر لوجوب دم تمتع أو قران وقوعهما عن شخص واحد؟ وهل شروط وجوب دم التمتع معتبرة في كونه متمتعًا؟ ج: الأول: يشترط في دم التمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج. والثاني: أن يحج من عامه، فلو اعتمر في أشهر الحج، وحج من عام آخر فليس بمتمتع للآية؛ لأنها تقتضي الموالاة بينهما؛ ولأنهم إذا أجمعوا على أن من اعتمر في غير أشهر الحج ثم حج من عامه فليس بمتمتع فهذا أولى؛ لأنه أكثر تباعدًا. والثالث: أن لا يسافر بينهما مسافة قصر؛ فإن سافر بينهما فأحرم بحج فلا دم عليه لما روي عن ابن عمر وإذا اعتمر في شهر الحج، ثم أقام فهو متمتع؛ فإن خرج ورجع فليس بمتمتع. وعن ابن عمر نحوه؛ ولأنه إذا رجع إلى الميقات أو دونه لزمه الإحرام منه، فإذا كان بعيدًا فقد أنشأ سفرًا بعيدًا لحجه فلم يترفه بترك أحد السفرين فلم يلزم دم. والرابع: أن يحل منها قبل إحرامه بالحج إلا صار قارنًا فيلزمه دم القران وليس بمتمتع. والخامس: أن يحرم بها من ميقات أو مسافة قصر فأكثر من مكة. والسادس: أن يَنْويَ التمتع في ابتداء العمرة أو في أثنائها لظاهر الآية وحصول الترفّه، ولا يعتبر لوجوب دم تمتع أو قران وقوعهما عن شخص واحد، فلو اعتمر عن واحد وحج عن آخر لوجب الدم بشرطه ولا تعتبر هذه الشروط في كونه متمتعًا ويلزم دم تمتع وقران بطلوع فجر يوم النحر؛ لقوله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِن الهَدْيِ} أي فليهد.

س203: ماذا يلزم من يلي: إذا قضى القارن قارنا؟ إذا قضى القارن مفردا؟ إذا قضى القارن متمتعا؟ ومتى يسن للقارن والمفرد فسخ نيتهما بحج؟ إذا ساق الهدي متمتع فهل له أن يحل؟

س203: ماذا يلزم من يلي: إذا قضى القارن قارنًا؟ إذا قضى القارن مفردًا؟ إذا قضى القارن متمتعًا؟ ومتى يُسن للقارن والمفرد فسخ نيتهما بحج؟ إذا ساق الهدي متمتع فهل له أن يحلّ؟ ج: إذا قضى القارن قارنًا لزمه دمان: دم لقرانه الأول، ودم لقرانه الثاني، وإن قضى القارن مفردًا لم يلزمه شيء؛ لأنه أفضل، ويحرم من الأبعد بعمرة إذا فرغ من حجه، إذا قضى القارن متمتعًا أحرم بالحج من الأبعد إذا فرغ منها، وسُنَّ لمفرد وقارن فسخ نيَّتهما بحج؛ لأنه –عليه الصلاة والسلام- أمَرَ أصحابه الذين أفردوا الحج وقرنوا أن يحلوا كلهم ويجعلوها عمرة إلا من كان معه هدي. متفق عليه. وقال سلمة بن شبيب لأحمد: كل شيء منك حسن جميل إلَّا خلة واحدة، فقال: وما هي؟ , قال: تقول: بفسخ الحج، قال: كنت أرى أن لك عقلاً عندي ثمانية عشر حديثًا صحاحًا جيادًا كلها في فسخ الحج، أأتركها لقولك؟ وليس الفسخ إبطالاً للإحرام من أصله، بل نقله بالحج إلى العمرة، وينويان المفرد والقارن بإحرامهما ذلك عمرة مفردة، فمن كان منهما قد طاف وسعى قَصَّرَ وحَلّض م إحرامه، وإن كان لم يكن طاف وسعى؛ فإنه يطوف ويسعى ويقصر ويحل، فإذا حَلّا من العمرة أحرما الحج ليصيرا متمتعين ويتمَّان أفعال الحج ما يسوقا هديًا؛ فإن ساقاه لم يصح الفسخ للخبر. نقل أبو طالب: الهدي يمنعه من التحلل من جميع الأشياء، وفي العشر وغيره أو يقفَا بعرفة؛ فإن وقفا بها لم يكن لهما فسخه لعدم ورود ما يدل على إباحته ولا يستفاد به فضيلة التمتع، وإن ساق الهدي متمتع لم يكن له أن يحلّ من عُمْرَته فيحرم بحج إذا طاف وسعى لعمرته قبل تحليل بحلق، فإذا ذبحه يوم النحر حل منهما معًا. س204: ماذا تعمل المتمتعة إذا حاضت فخشيت فوات الحج أو خشي

س205: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا أحرم بحجتين، أو بعمرتين؟ من أحرم بنسك أو نذر ونسيه؟ إذا أحرم عن إثنين أو أحدهما لا يعينه؟ من أهل لعامين؟ من أخذ من اثنين حجتين ليحج عنهما في عامه؟ من استنابه إثنان بعام في نسك فأحرم عن أحدهما لا بعينه؟ وإذا فرط موصى إليه فما الحكم؟

غيرها فوات الحج؟ وهل يصح إحرامُ مَنْ أحرَمَ ولم يُعَيّن نسكًا أو أحرم بمثل ما أحرم به فلان؟ وبَيّن حكم مَا إذا عَلَم ما أحرم به فلان؟ وإذا جهل وإذا تبين أنه أطلق؟ وإذا شك في إحرامه ودليل الحكم؟ ج: إذا حاضت المرأة المتمتعة قبل طواف العمرة، فخشيت فوات الحج أحرمت به وجوبًا وصارت قارنة؛ لما روى مسلم أن عائشة كانت متمتعة فحاضت، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أهلي بالحج» ، وكذا لو خشي غيرها ومن أحرم وأطلق فلم يعين نسكًا صح إحرامه لِتَأكُّدِهِ وكَوْنِهِ لا يخرج منه بمحظوراته وصرف الإحرام لما شاء مِنَ الأنساك وما عمل قبل صرفه لأحدها فهو لغو لا يعتد به لعدم التعيين، وإن أحرم بما أحرم به فلان أو أحرم بمثل ما أحرم به فلان وعَلِمَ ما احرم به فلان قبل إحرامه أو بَعْدَ انْعَقَدَ إحرامه بمثله؛ لحديث جابر: أن عليًا قدم من اليمن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: بم أهللت؟ فقال: بما أهلّ به النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: فأهدَى وأمكث حَرامًا، وعن أبي موسى نحوه متفق عليهما، وإذا تبين إطلاقه أي إحرام فلان بأن كان أحرم وأطلق، فالثاني الذي أحرم بمثله صرفه إلى ما شاء من الأنساك ولا يتعين صرفه إلى ما يصرفه إليه الأول، وإن جهل إحرامه فله جعله عمرة لفسخ الإفراد والقران إليها، ولو شك الذي أحرم ما أحرم به فلان أو بمثله هل أحرم الأول فكما لو لم يحرم الأول؛ لأن الأصل عدمه فينعقد إحرامه مطلقًا فيصرفه لما شاء، ولا يصح إن أحرم زيد فأنا محرم لعدم جزمه بتعليقه إحرامه. س205: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا أحرم بحجتين، أو بعمرتين؟ مَن أحرم بنسك أو نذر ونَسِيهُ؟ إذا أحرم عن إثنين أو أحدهما لا يعيِّنه؟ مَن أهلّ لعامين؟ مَن أخذ من اثنين حجتين ليحج عنهما في عامه؟ مَن استنابه إثنان بعام في نسك فأحرم عن أحدهما لا بعينه؟ وإذا فرّط موصى إليه فما الحكم؟

ج: مَن أحرم بحجتين أو أحرم بعمرتين انعقد بأحدهما؛ لأن الزمن لا يصلح لهما مجتمعين فيصح بواحدة منهما كتفريق الصفقة، ومن أحرم بنسك تمتع أن إفراد أو قران ونسيه أو أحرم بنذر ونسيه قبل طواف صرفه إلى عمرة استحبابًا؛ لأنها اليقين – ويجوز صرف إحرامه إلى غير العمرة لعدم تحقق المانع؛ فإن صرفه إلى قران أو إلى إفراد يصح حجًا فقط لاحتمال أن يكون المنسي حجًا فلا يصح إدخال عمرة عليه فلا تسقط ولا دم عليه؛ لأنه ليس بمتمتع ولا قارن، وإن صرفه إلى تمتع فكفسخ حج إلى عمرة، فيصح إن لم يقف بعرفة ولم يسق هديًا؛ لأنه قصاراه أن يكون أحرم قارنًا أو مفردًا، وفسخهما صحيح؛ لما تقدم ويلزمه دم متعة بشروطه، ويجزيه عنهما وإن نسي ما أحرم به أو نذره بعد الطواف ولا هدي معه يتعين صرفه إلى العمرة لامتناع إدخال الحج عليها إذًا لمن لا هدي معه؛ فإن حلق بعد سعيه مع بقاء وقت الوقوف بعرفة يحرم بحج ويتم الحج وعليه للحلق دم. إن تبين أنه كان حاجًا مفردًا أو قارنًا لحلقه قبل محله وإلا يتبين أنه كان حاجًا فَعَليه دم متعة بشروطه. وإن أحرم عن إثنين استناباه في حج أو عمرة أو أحرم عن أحدهما لا بعينه وقع إحرامه ونسكه عن نفسه دونهما لعدم إمكان وقوعه عنهما، ولا مُرَجَّحَ لأحدِهِما. ومَن أهلّ لعامين بأن قال: لبيك العام وعام قابل، حج من عامه واعتمر من قابل، ومن أخذ من إثنين حجتين ليحج عنهما في عام واحد أدِّب على فعله ذلك.

ومن استنابه إثنان بعام في نسك فأحرم عن أحدهما بعينه ولم ينسه صَحَّ إحرامهُ عنه لعدم المانع ولم يَصِحَّ إحرامه للآخر بعده، وإن نسي المعَيّن بالإحرام من مستنيبيه وتعذر علمه؛ فإن فرّط نائب كان أمكنه كتابة إسمه أو ما يتميز به فلم يفعل أعاد الحج عنهما لتفريطه، ولا يكون الحج لأحدهما بعينه لعَدَمِ أولويِتهِ. وإن فرّط موصىً إليه فلم يسمه للنائب غَرِمَ موصى إليه نفقة إعادة الحج عنهما، وإلا يفرط نائب ولا موصىً إليه فالغرم لذلك من تركه مُوْصِيَيْهِ بالحج عنهما؛ لأن الحج عنهما فنفقته عليهما ولا موجب لضمانه عنهما.

فصل في التلبية

27- فصل في التلبية س206: ما هي التلبية؟ وما حكمها؟ وضِّح ذلك مع ذكر الدليل لما تقول؟ ج: قال الفراء: معنى لبيك: أنا مقيم على طاعتك، ونُصِب على المصدر من ألبّ بالمكان إذا أقام به. ويقال: كان حقه أن يقال لبًا لك فثنّى على التأكيد أي إلْبَابًا بَعْدَ إلبَابِ وغقامة بعد إقامة. والتلبية: أن يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. لما روي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن تلبية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك» لا يزيد على هؤلاء الكلمات. متفق عليه. والتلبية سُّنة، ويستحب رفع الصوت بها لخبر السائب بن خلال مرفوعًا: «أتاني جبريل يأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية» رواه الخمسة وصححه الترمذي. وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا من مُلَب يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا عن يمينه وشماله» رواه الترمذي وابن ماجه والبيهقي. قال أنس: سمعتهم يصرخون بهما صراخًا، وقال أبو حازم: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يبلغون الروحاء حتى تبح حلوقهم من التلبية.

س207: بين متى وقت ابتداء التلبية؟ واذكر ما تستحضره من خلاف أو دليل أو تفصيل أو جمع بين أقوال؟

وقال سالم: كان ابن عمر يرفع صوت بالتلبية، فلا يأتي الروحاء حتى يصحل صوته، ولا يجهد نفسه في رفع الصوت زيادة على الطائفة لئلا ينقطع صوته وتلبيته. ويستحب الإكثار من التلبية على كل حال؛ لما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أهلّ مهل قط، ولا كبر مكبر قط، إلا بُشِّر» ، قيل: يا رسول الله، بالجنة؟ قال: «نعم» رواه الطبراني في «الأوسط» بإسنادين رجال الصحيح. وروي عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من محرم يُضْحِي لله يومه يلبي حتى تغيب الشمس إلا غابت بذنوبه كما ولدته أمه» رواه أحمد وابن ماجه، واللفظ له، ورواه الطبراني في «الكبير» ، والبيهقي من حديث عامر بن ربيعة - رضي الله عنه -. وتقدم حديث سهل، وفيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما راح مسلم في سبيل الله مجاهدًا أو حاجًا مهلاً أو ملبيًا إلا غربت الشمس بذنوبه، وخرج منها» رواه الطبراني. س207: بَيّنْ مَتَى وقْت ابتداء التلبية؟ واذكر ما تستحضره من خلاف أو دليل أو تفصيل أو جمع بين أقوال؟ ج: يَبْتَدِئ التلبية إذا استوى على راحلته؛ لما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استوت به راحلته قائمة من مسجد ذي الحليفة أهلّ، فقال: «لبيك الله لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك» .

وكان عبد الله يزيد مع هذا: لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء إليك والعمل. متفق عليه. وقال أنس - رضي الله عنه -: «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر بالمدينة أربعًا، والعصر بذي الحليفة ركعتين، ثم بات بهما حتى أصبح، فلما ركب راحلته واستوت به، أهَلَّ» رواه الخمسة. وعن جابر أن إهلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذي الحليفة حين استوت به راحلته. رواه البخاري. وقيل: يستحب ابتداء التلبية عقب إحرامه، وقد وقع الخلاف في المحل الذي أهلّ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حسب إختلاف الرواة. فمنهم من روى أنه هلّ من مسجد ذي الحليفة بعد أن صلى فيه، ومنهم من روى أنه أهلَّ حين استقلت به راحلته، ومنهم من روى أنه أهلَّ لما علا على شرف البيداء. وقد جمع بين ذلك ابن عباس، فقال: إنه أهلّ في جميع هذه المواضع، فنقل كل راوٍ ما سمعَ. وعن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس - رضي الله عنهما -: عجبًا لاختلاف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إهلاله، فقال: إني لأعلم الناس بذلك، إنما كانت منه حجة واحدة، فمن هنالك اختلفوا. خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجًا، فلما صلى في المسجد بذي الحليفة ركعتيه أوجب في مجلسه فأهلَّ بالحج حين فرغ من ركعتيه، فسمع منه ذلك أقوام فحفظوا عنه، ثم ركب فلما استقلت به ناقته أهلّ فأدرك ذلك منهم أقوام فحفظوا عنه، وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أرسالاً فسمعوه حين استقلت به ناقته يهلّ، فقالوا: إنما أهلّ حين استقلت به ناقته ثم مضى، فلما علا على شرف

س208: ما هي المواضع التي يتأكد استحباب التلبية فيها؟ وما هي أدلتها وتكلم عن تلبية المرأة؟ ومتى يقطع المتمتع التلبية؟

البيداء أهلّ فأدرك ذلك أقوام، فقالوا: إنما أهلّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين علا شرف البيداء، وَيْمُ الله لقد أوجب في مصلاه وأهلَّ حين استقلت به راحلته، وأهلّ حين علا شرف البيداء. رواه أحمد وأبو داود ولبقية الخمسة منه مختصرًا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهلّ في دبر الصلاة. س208: ما هي المواضع التي يتأكد استحباب التلبية فيها؟ وما هي أدلتها وتكلم عن تلبية المرأة؟ ومتى يقطع المتمتع التلبية؟ ج: تتأكد إذا علا نشزًا أو هبط واديًا أو صلى مكتوبة أو أقبل ليل أو أقبل نهارًا أو التقت الرفاق أو سمع ملبيًا أو أتى محظورًا ناسيًا أو ركب دابته أو نزل عنها أو رأى الكعبة؛ لما روى جابر، قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبِّي في حجته إذا لقي راكبًا، أو على أكمةً، أو هبطَ واديًا، وفي أدبار الصلوات المكتوبة، وفي آخر الليل» . وعن سليمان بن خيثمة قال: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبُّون إذا هبطوا واديًا أو أشرفوا على أكمة أو لقوا راكبًا وبالأسْحار ودبر الصلوات. وعن إبراهيم قال: تستحب التلبية في مواطن: إذا استويت على بعيرك، وإذا صعدت شرفًا، أو هبطت واديًا، أو لقيت ركبًا، وفي دبر كل صلاة، وبالأسحار. أخرجهما سعيد بن منصور. ولأن هذه المواضع ترفع الأصوات ويكثر الضجيج. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «أفضل الحج العج الثج» ، والعج: رفع الصوت بالتلبية، والثج: سيلان دماء الهدي. وأما فيما إذا فعل محظورًا ناسيًا، ثم ذكره، فلندارك الحج واستشعار إقامته عليه ورجوعه إليه.

وتلبّي المرأة استحبابًا لدخولها في العمومات، ويعتبر أن تسمع نفسها التلبية ويكره جهرها بها أكثر من سماع رفيقها. قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن السُّنة في المرأة أن لا ترفع صوتها، وإنما كره لها رفع الصوت مخافة الفتنة بها، ويستحب التلبية في مكة والبيت الحرام وسائر مساجد الحرم، كمسدد منى، وفي عرفات أيضًا وسائر بقاع الحرم؛ لعموم ما سبق؛ ولأنها مواضع النسك، وتشرع التلبية بالعربية لقادر كالأذان وإلا فيلبي بلغته، وسُنَّ دعاء بعدها، فيسأل الله رضوانه والجنة ويسْتَعيذُ به من النار؛ لما ورد عن خزيمة بن ثابت، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه كان إذا فرغ من تَلْبيَتِهِ سأل الله –عز وجل- رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من النار» رواه الشافعي والدارقطني. ويُسنّ صلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدها؛ لما ورد عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: «إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك» رواه الترمذي؛ ولأنه موضع يشرع فيه ذكر الله تعالى فشرعت فيه الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم -، كالصلاة أو فشرع فيه ذكر رسوله كالأذان. ومن كان متمتعًا أو معتمرًا قطع التلبية إذا شرع في الطواف؛ لحديث ابن عباس يرفعه: كان يمسك في التلبية في العمرة إذا استلم الحجر. قال: الترمذي: حسن صحيح. وروي عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمر ثلاث عمر ولم يزل يلبي حتى استلم الحجر.

ومن النظم مما يتعلق بباب الإحرام ويشرع للإحرام غسل وطيبه ... ولو دام لكن إن يزلْ لم يجددِ وبيض الثياب المتسحب فواحد ... إزار وثان فوق كتفيك فارتد وأحرم عقيب الفرض أو منتفلاً ... وتشرط حلاً عند حبس مصدّد به تستفيد الحل من كل حاظر ... ولو مرض من غير ما دام قيِّد وتعيين ما تنوي وبالنطق سنة ... ونيته شرط ولو مطلقًا قدِ وذاك هو الإحرام من غير مرية ... وما زاد وصف تركه غير مفسد وتجريده عن لبس ما خيط عادة ... ووجه النسا لا غير حتم التجوُّد وَلب كما قد جاء سنة صادقة ... بصوت رفيع مكثر فوق جلْعَدِ بإقبال ليل أو نهار وسحرة ... وملقى رفاق أو هبوط ومصعد وخلف فروض والتلبس ناسيًا ... بمحظوره ولتخفض الصوت نهد ويقطعها رب القران ومفرد ... بأولى حصاة بالعقيبة يبتدي وذو متعة أو عمرة بطوافه ... وعند وصول البيت في وجه امدد ومن بعدها صلِّ على خير مرسل ... وبسطك كفًا للدعا فادع واجهد وأفضل نسك متعة ثم مفرد ... يليه قران ما تشا فانو واقصد وعن أحمد إن ساق هد يتمتع ... ففضل قرانًا ثم بالمتعة ابتدى ففي أشهر الحج اعتمر قبل حجه ... فعطف فاسع فاحلق ثم حجك فابتدى من الحرم المكي في عام عمرة ... ولم تنأى قدر القصر عنه وتبعد فأنت بذا ذا متعة ملزمًا دمًا ... وإن تفردن فاحرم بحج مفرد وبعد فراغ منه أحرم بعمرة ... من الحل أكملها ولا تتردد ويا قارنًا أحرم بحج وعمرة ... أو ادخل عليها حجة بتأكد

إذا سقت هديًا مطلقًا ولفقده ... متى لم تطف والعكس فامنعه واحدد وتأتي بفعل الحج يجزيك عنهما ... على أشهر المنقول من قول أحمد وألزم دمًا ذا متعة مع قارن ... إذا لم يكن من حاظري خير مسجد ومن تتمتع ثم حاضت ولم تلطف ... لتقرنْ متى خافت فواتًا ولا تد

باب محظورات الإحرام

28- باب محظورات الإحرام س209: كم محظورات الإحرام وما هي؟ وما هي أقسامها؟ ج: محظورات الإحرام تسعة: أحدها: إزالة الشعر من جميع بدنه؛ لقوله تعالى: {ولا تحلقوا} نص على حلق الرأس وعدي إلى سائر شعر البدن؛ لأنه في معناه إذ حلقه يؤذن بالرفاهية وهو ينافي الإحرام؛ لكون أن المحرم أشعث أغبر، وقيس على الحلق النتف والقلع؛ لأنهما في معناه وإنما عبر به في النص؛ لأنه الغالب. الثاني: تقليم الأظفار. الثالث: تغطية رأس ذكر. الرابع: لبسه المخيط. الخامس: الطيب. السادس: قل صيد البر. السابع: عقد نكاح. الثامن: الجماع. التاسع: المباشرة والمحظورات، تنقسم إلى أربعة أقسام: الأول: ما يباح للحاجة وهي هنا ما في مشقة لا يتحمل مثلها ولا حرمة ولا فدية كلبس السراويل، لفقد الإزار وإزالة الشعر في العين. الثاني: ما فيه الإثم ولا فدية عقد النكاح. الثالث: ما فيه الفدية ولا إثم، وذلك فيما إذا احتاج الرجل إلى اللبس أو المرأة لستر وجهها. الرابع: ما فيه الإثم والفدية وهو باقي المحظورات، وتنقسم بالنظر إلى ما يحرم على الذكور دون الإناث، وبالعكس إلى ثلاثة أقسام: قسم يحرم على الذكور دون الإناث، وهو تغطية الرأس ولبسة المخيط، والذي يحرم على الأنثى في الإحرام تغطية وجهها، والبقية من المحظورات يحرم عليها جميعًا وقد نظمتُ محظورَات الإحرام فيما يأتي من الأبيات: ومَحْظور إحرامٍ ثلاثٌ وستة ... فخُذْ عَدَّها واحفظْ هُديتَ إلى الرشدِ فحلقٌ لِشعر ثم تَقْليمُ ظُفْره ... ولُبْسُ ذكورٍ للمخيطِ عَلى عَمْدِ

س210: تكلم بوضوح عن حلق الشعر، وعن قلم الأظفار للمحرم مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟

وتغطيةٌ للرأسِ منه وَوَجْهُها ... وقتلٌ لِصَيْدِ البرَّ وَالطيبُ عن قَصْد وعَقدُ نكاح ثم في الفرج وطؤُه ... مُباشرةٌ فاحتمُ بها مَاضِيَ العدِّ س210: تكلم بوضوح عن حلق الشعر، وعن قلم الأظفار للمحرم مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟ ج: قال في «الشرح الكبير» : أجمع العلماء على أنه لا يجوز للمحرم أخذ شيء من شعر إلا من عذر؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ} ، وروي عن كعب بن عجرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لعلك يؤذيك هوام رأسك؟» قال: نعم، يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين أو انسك شاة» متفق عليه، ففيه دليل على أن الحلق محرمًا قبل ذلك؛ فإن كان له عذر من مرض أو قمل أو غيره مما يتضرر بإبقاء الشعر، فله إزالته؛ لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ؛ وللحديث المذكور: قال ابن عباس - رضي الله عنه -: فمن كان منكم مريضًا أي برأسه قروح أو به أذى من رأسه أي قمل – وكذا أجمع العلماء أن المحرم ممنوع من تقليم أظفاره إلا من عذر؛ أنه إزالة جزء من بدنة يترفه به أشبه الشعر؛ فإن انكسر فله إزالته. قال ابن المنذر: أجمع كل من تحفظ عنه من أهل العلم على أن للمحرم أن يزيل ظفره بنفسه إذا انكسر؛ لأن بقاءه يؤلمه أشبه الشعر النابت في عينه. انتهى. ولا فدية فيما لو خرج بعينه شعر أو كسر ظفره، فأزالهما؛ لأنه أزيل لأذاه أشبه قتل الصائل عليه، وإن زالا مع غيرهما كقطع جلد عليه شعر أو أنملة بظفرها فلا يفدي لإزالتهما؛ لأنهما بالتبعية لغيرهما والتابع لا يفرد بحكم كقطع أشفار عيني إنسان يضمنها دون أهدابهما إلا أن حصل التأذي بغيرهما كقرح ونحوه فيفدي لإزالتهما لذلك، كما لو احتاج لأكل صيد فأكله فعليه جزاؤه.

س211: تكلم عن تغطية الرأس بوضوح مع ذكر الدليل؟

س211: تكلم عن تغطية الرأس بوضوح مع ذكر الدليل؟ ج: يحرم على المحرم الذكر تغطية رأسه بملاصقة كالطاقية والغترة أو نحو ذلك؛ لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن لبس العمائم والبرانس، وقوله في المحرم الذي وقصته راحلته: «ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يُبْعَث يوم القيامة ملبيًا» متفق عليهما. وكان ابن عمر يقول: إحرام الرجل في رأسه، وذكره القاضي مرفوعًا وكره أحمد الاستظلال بمحمل، وما في معناه؛ لقول ابن عمر أضح لمن أحرمت له أي أبرز للشمس، وعنه له ذلك، أشبه الخيمة، وفي حديث جابر: «أمر بقية من شعر فضُرِبتْ له بنمرة فنزل بها» رواه مسلم. وإن طرح على شجرة ثوبًا يستظل به فلا بأس، وله أن يستظل بشجرة وخباء وجدار، وله أن يستظل بسقف السيَّارة أو الشمسية أو بثوب على عود؛ لقول أم الحصين: حججت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع، فرأيت أسامة وبلالاً وأحدُهما آخِذٌ بخطام ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والآخر رافع ثوبه يستره من الحرّ حتى رمى جمرة العقبة، رواه مسلم. ويباح له تغطية وجهه. روي عن عثمان وزيد بن ثابت وابن الزبير، ولا يعرف لهم مخالف في عصرهم، وبه قال الشافعي وعنه؛ لأن في بعض ألفاظ حديث صاحب الراحلة: «ولا تخمروا وجهه، ولا رأسه، ويغسل رأسه بالماء بلا تسريح» . روي عن عمر وابنه وعليَّ وجابر وغيرهم؛ «لأنه - صلى الله عليه وسلم - غسل رأسه وهو محرم وحرك رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر» متفق عليه. واغتسل عمر، وقال: «لا يزيد الماء الشعر إلا شعثًا» رواه مالك والشافعي. وعن ابن عباس قال لي عمر ونحن محرمون بالجحفة: «تعال أبَاقِيك أيُّنا أطولُ نفسًا في الماء» رواه سعيد. وإن حمل على رأسه طبقًا أو وضع يده عليه، فلا بأس؛ لأنه لا يقصد به الستر، قاله في «الكافي» . س212: تكلم عن لبس المخيط واذكر الدليل والتعليل؟

ج: الرابع: لبس المخيط على ذكر حتى الخفين، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع لبس القميص والعمائم والسراويلات والبرانس والخفاف، والأصل في هذا ما روى ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلاً سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما يلبس المحرم من الثياب؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف، إلا أحدًا لا يجد النعلين، فليلبس الخفين وليقطعهما من الكعبين، ولا يلبس من الثياب شيئًا مسه الزعفران ولا الورس» متفق عليه. نص النبي - صلى الله عليه وسلم - على هذه وألحق بها أهل العلم ما في معناه مثل الجبة والدَّراعة والتبان وأشباه ذلك، فلا يجوز للمحرم ستر بدنه بما عمل على قدره ولا ستر عضو من أعضائه بما عمِل على قدره كالقميص للبدن والسراويل لبعض البدن والقفازين لليدين والخفين للرجلين، ونحو ذلك. قال ابن عبد البر: لا يجوز لبس شيء من المخيط عند جميع أهل العلم، وأجمعوا على أن المراد بهذا الذكور دون الإناث، وإذا لم يجد المحرم إزارًا فليلبس سراويل أو لا يجد نعلين فليلبس خفين ولا يقطعهما، ولا فدية عليه، والأصل فيه: ما روى ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب بعرفات، يقول: «من لم يجد نعلين فليلبس الخفين ومن لم يجد إزارًا فليلبس سراويل» ، متفق عليه. وفي رواية عن عمرو بن دينار أن أبا الشعثاء أخبره عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب يقول: «من لم يجد إزارًا ووجد سراويل فليلبسها، ومن يجد نعلين ووجد خفين فليلبسهما» ، قلت: ولم يقل ليقطعهما؟ قال: لا» رواه أحمد. وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يجد نعلين فليلبس خفين، ومن لم يجد إزارًا فليلبس سراويل» رواه أحمد ومسلم.

س213: تكلم بوضوح عما يلي: عقد الرداء على المحرم؟ عقد الإزار والمنطقة والهميان؟ التقلد بالسيف؟ حمل الجراب والقربة؟ الإتزار والالتحاف بالقميص؟ الارتداء برداء موصل ونحو ذلك؟

وأما حديث ابن عمر فما ورد فيه من الأمر بالقطع للخفين إذا احتاج إلى لبسهما لفقد النعلين، فقيل: إنه منسوخ بحديث ابن عباس؛ لأنه بعرفات قاله الدارقطني، وحديث ابن عمر بالمدينة؛ لرواية أحمد عنه سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: على المنبر وذكره، فلو كان القطع وَاجبًا لبَيَّنهُ للجمع العظيم الذي لم يحضر أكثرهم ذلك بالمدينة وتأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز كما قد علم في الأصول، فثبت بذلك نسخ الأمر بالقطع، وأجيب على قولهم حديث ابن عمر فيه زيادة لفظ: بأن حديث ابن عباس وجابر فيهما زيادة حكم هو جواز اللبس بلا قطع. س213: تكلم بوضوح عما يلي: عقد الرداء على المحرم؟ عقد الإزار والمنطقة والهميان؟ التقلد بالسيف؟ حمل الجراب والقربة؟ الإتزار والالتحاف بالقميص؟ الارتداء برداء موصّل ونحو ذلك؟ ج: لا يعقد المحرم عليه رداءه ولا غيره؛ لقول ابن عمر لمحرم: «ولا تعقد عليك شيئًا» رواه الشافعي والأثرم. قال أحمد في محرم حَزَمَ عِمامَتهُ عَلى وَسَطه لا يعقدها ويدخل بعضها في بعض، إلا إزاره فله عقده لحاجته لستر وَسَطه لا يَعقدها ويدخل بعضها في بعض، إلا إزاره فله عقده لحاجته لستر عورته وإلا منطقة وهَميَانًا فيهما نفقته؛ لقول عائشة: أوثق عليك نفقتك، وروى معناه عن ابن عمر وابن عباس ولحاجته لستر نفقته مع حاجة لعقد المذكورات، وقيل: لا يحرم عقد الراء كما لا يحرم عقد الإزار. وفي «الاختيارات الفقهية» : ويجوز عقد الرداء في الإحْرَام ولا فدية عليه، ويجوز للمحرم لبس مقطوع إلى الكعبين مع وجود النعل، واختاره ابن عقيل في المفردات وأبو البركات. انتهى (ص117) ، وله أن يتقلد بسيف لحاجة؛ لما روى البراء بن عازب قال: لما صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل الحديبية صالحهم أن لا يدخلها إلا يجلبان السلاح القراب بما فيه، متفق عليه. وهذا ظاهر في إباحته عند الحاجة؛ لأنهم لم يكونوا يأمنون أهل مكة أن ينقضوا العهد، ولا يجوز بلا حاجة، ويحمل محرم جرابه ويحمل

س214: تكلم بوضوح عن الطيب للمحرم بقصد أو بغير قصد؟

قربة الماء في عنقه وله أن يتزر بقميص وأن يتلحف بقميص وأن يرتدي به، وله أن يرتدي برداء موصّل؛ لأن الرداء لا يعتبر كونه صحيحًا، ويجوز للمحرم أن يغتسل ويغسل رأسه ويحَكُّهُ إذا احتاج إلى ذلك برفق وسهولة؛ فإن سقط من رأسه شيء بسبب ذلك فلا حرج عليه، ومن طرح على كتفيه قباء وهو محرم فدي لنهيه –عليه الصلاة والسلام- عن لبسه للمحرم، رواه ابن المنذر، ورواه البخاري عن عليِّ؛ ولأنه عادة لبسه كالقميص. س214: تكلم بوضوح عن الطيب للمحرم بقصد أو بغير قصد؟ ج: الخامس: الطيب فمتى طيّب محرم ثوبه أو بدنه أو استعمل في أكل أو شرب أو أدهان أو اكتحال أو استعاظ أو احتقان طيبًا يظهر طعمه أو ريحه في المذكورات حرم وفدى، أو قَصَدَ مُحْرِمٌ شمَّ دُهْنٍ مطيّب أو قصد شم مسك أو كافور أو عنبر أو زعفران أو وَرسِ أو بخور عود ونحوه كعنبر أو قصد شم ما ينبته الآدمي لطيب، ويتخذ منه الطيب كورد وبنفسخ ومنثور ولينوقر وياسمين ونحوه وشمه أو مس ما يعلق به كماء ورد حرم وفدى. قال في «المغني» : أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من الطيب، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في المحرم الذي وقصته راحلته: «لا تمسوه بطيب» رواه مسلم، وفي لفظ: «لا تحنطوه» متفق عليه. فلما منع الميت من الطيب لإحرامه فالحي أولى. انتهى. وفي حديث ابن عمر: «ولا ثوبًا مسه ورس ولا زعفران» متفق عليه. وعن جابر قال: لا يشم المحرم الريحان ولا الطيب. أخرجه الشافعي وأبو ذر., ولا فدية إن شم محرم شيئًا من ذلك بلا قصد أو مس محرم من طيب ماء لا يعلق به كقطع عنبر وكافور؛ لأنه غَير مُسْتَعمل للطيب أو شم محرم ولو قصدًا فواكه من نحو تفاح وأترُج؛ لأنها ليست طيبًا أو شم ولو قصدا عودًا؛ لأنه لا يتطيب به بالشم، وإنما يقصد بخوره أو شم ولو قصدًا نبْتَ صحراء كشيح ونحوه كخزامي وقيصوم أو ما ينبته آدمي لا بقصد نبت كخفاء

س215: تكلم بوضوح عن (السادس) من المحظورات وهو قتل صيد البر واصطياده وعما إذا أتلفه أو تلف بيده أو بعضه بمباشرة أو سبب أو دلالة أو إشارة أو إعانة؟

وعصفر وقرنفل ودار صيني ونحوها. ومَن لبس أو تطيب أو غطّى رأسه ناسيًا أو جاهلاً أو مكرهًا فلا شيء عليه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» - ومتى زال عذره أزاله في الحال وإلَّا فدى لاستدامته المحظور. س215: تكلم بوضوح عن (السادس) من المحظورات وهو قتل صيد البر واصطياده وعمّا إذا أتلفه أو تلف بيده أو بعضه بمباشرة أو سبب أو دلالة أو إشارة أو إعانة؟ ج: السادس: مما يحرم على المحرم قتل صيد البر واصطياده؛ لقوله تعالى: {لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} ، وقوله: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ البَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} وهو الوحشي المأكول، فمن أتلفه أو تلف بيده أو بعضه بمباشرة إتلافه أو سبب ولو كان السبب بجناية دابة المحرم المتصرف فيها بأن يكون راكبًا أو قاعدًا أو سائقًا فيضمن ما تلف بيدها وفمها لا ما رمحت برجلها، وإن انفلتت لم يضمن ما أتلفته ويضمن المحرم ما دل عليه، وأشار إليه لمريد صيده إن لم يره صائده أو بإعانة المحرم لمن يريد صيده ولو بمناولة آلة الصيد أو إعارتها له كرمح وسكين؛ لما ورد عن أبي قتادة قال: «كنت يومًا جالسًا مع رجال من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في منزل في طريق مكة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمامنا والقوم محرمون، وأنا غير محرم عام الحديبية، فأبصروا حمارًا وحشيًا وأنا مشغول أخصف نعلي، فلم يؤذنوني وأحبوا لو أني أبصرته فالتفت فأبصرته فقمت إلى الفرس فأسرجته، ثم ركبت ونسيت السوط والرمح، فقلت لهم: ناولوني السوط والرمح، فقالوا: والله لا نعينك عليه، فغضبت فنزلت فأخذتهما ثم ركبت فشددت على الحمار فعقرته، ثم جئت به وقد مات فوقعوا فيه يأكلونه، ثم إنهم شكوا في أكلهم إياه وهم حرم، فرحنا وخبأت العضد معي، فأدركنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسألناه عن ذلك، فقال: «هل معكم منه شيء؟» فقلت: نعم،

س216: تكلم عما يلي: إذا دل المحرم حلالا على الصيد فأتلفه؟ إذا دل محرم محرما على الصيد فقتله؟ إذا دل الحلال محرما؟ إذا اشترك في قتل الصيد حلال ومحرم أو سبع ومحرم في الحل؟ إذا جرح أحدهما قبل صاحبه؟ إذا نصب شبكة أو حفر بئرا ثم أحرم؟

فناولته العضد، فأكلها وهو محرم» متفق عليه، ولفظه للبخاري، ولمسلم: «هل أشار إليه إنسان منكم أو أمره بشيء؟» فقالوا: لا، قال: «فكلوه» . وللبخاري قال: «منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها؟» قالوا: لا، قال: «فكلوا ما بقي من لحمها» . وروى النجاد الضمان عن عليَّ وابن عباس في محرم أشار ويحرم على المحرم الإشارة والدلالة والإعانة؛ لأنه معونة على محرّم أشبه الإعانة على قتل معصوم ولا يحرم دلالة محرم على طيب ولباس؛ لأنه لا ضمان فيهما بالسبب ولا يتعلق بهما حكم يختص بالدال عليهما بخلاف الصيد؛ فإنه يحرم على الدال أكله منه ويجب عليه جزاؤه. س216: تكلم عما يلي: إذا دلّ المحرم حلالاً على الصيد فأتلفه؟ إذا دل محرم محرمًا على الصيد فقتله؟ إذا دل الحلال محرمًا؟ إذا اشترك في قتل الصيد حلال ومحرم أو سبع ومحرم في الحل؟ إذا جرح أحدهما قبل صاحبه؟ إذا نصب شبكة أو حفر بئرًا ثم أحرم؟ ج: إذا دل المحرم حلالاً على الصيد فأتلفه، فالجزاء كله على المحرم، روي ذلك عن علي وابن عباس وعطاء ومجاهد وبكر المزني وإسحاق وأصحاب الرأي، ويدل لهذا القول قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحاب أبي قتادة: «هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها؟» ولأنه سبب يتوصل به إلى إتلاف الصيد فتعلق به الضمان. وقال مالك والشافعي: لا شيء على الدال؛ لأنه يضمن بالجناية فلا يضمن بالدلالة كالآدمي. والقول الثاني: عندي أنه أرجح. والله أعلم. وأما إذا دل على محرم محرمًا على الصيد فقتله فالجزاء بينهما، وبه قال عطاء وحماد بن أبي سليمان؛ لأن الواجب جزاء المتلف وهو واحد فيكون الجزاء واحدًا. وقال الشعبي وسعيد بن جبير وأصحاب الرأي: على كل واحد جزاء؛ لأن

س217: إذا اشترك محرمون في قتل صيد بأن باشروا قتله كلهم فما الحكم؟ وما حكم أكل ما صاده المحرم أو ذبحه أو دل عليه أو صيد لأجله أو أعان عليه؟ وما الحكم فيما إذا قتل المحرم صيدا ثم أكله؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟

كل واحد من الفعلين يسفل بالجزاء إذا انفرد، فكذلك إذا لم يضمنه غيره، وقال مالك والشافعي: لا شيء على الدّال. وأما إذا دل محرم محرمًا على صيد، ثم دل الآخر محرمًا آخر، ثم كذلك إلى عشره فقتله العاشر، فعلى القول الأول: فالجزاء على جميعهم لاشتراكهم في الإثم والتسبب، وعلى القول الثاني: على كل واحد منهم جزاء، وعلى الثالث: لا شيء إلَّا على من باشرَ القتل. وأما إذا دل الحلال محرمًا على صيد، فقتله المحرم ضمنه محرم وحده دون الدالّ وإذا اشترك في قتل صيد حلال ومحرم أو سبع ومحرم في الحل، فعلى المحرم الجزاء جميعه؛ لأنه اجتمع موجب ومسقط، فغلب الإيجاب كما لو قتل صيدًا بعضه في الحرم، ثم إن كان جَرحُ أحدهما قبل صاحبه والسابق الحلال أو السبع فعلى المُحرم جزاؤه مجروحًا اعتبارًا بحال جنايته عليه؛ لأنه وقت الضمن وإن سبقه المحرم فجرحه وقتله أحدهما فعلى المحرم أرش جرحه فقط؛ لأنه لم يوجد منه سوى الجرح وإن نَصَبَ حلال شبكه ونحوها ثم أحرم أو أحرم ثم حفر بئرًا بحق كان حفرها في داره أو نحوها من ملكه أو موات أو حفر البئر للمسلمين بطريق واسع لم يضمن ما تلف بذلك؛ لعدم تحريمه ما لم يكن حيلة على الاصطياد؛ فإن كان حيلة ضمن؛ لأن الله تعالى عاقب اليهود على نصب الشبك يوم الجمعة، وأخذ ما سقط فيها يوم الأحد، وهذا في معناه شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه. س217: إذا اشترك محرمون في قتل صيد بأن باشروا قتله كلهم فما الحكم؟ وما حكم أكل ما صاده المحرم أو ذبحه أو دل عليه أو صيد لأجله أو أعان عليه؟ وما الحكم فيما إذا قتل المحرم صيدًا ثم أكله؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟ ج: إذا اشترك ساعة في قتل صيد فعند أحمد في إحدى الروايتين أن

عليهم جزاء واحد، وكذا قال الشافعي ومن وافقه؛ لقضاء عمر وعبد الرحمن قاله القرطبي، ثم قال أيضًا: وروى الدارقطني أن موالي لابن الزبير أحرموا، فمرت بهم ضبع، فخذوها بعصيهم، فأصابوها، فوقع في أنفسهم، فأتوا ابن عمر، فذكروا له ذلك، فقال: عليكم كلكم كبش، قالوا: أو على كل واحد منا كبش، قال: إنكم لمُعَزز بكم عليكم كلكلم كبش. وروي عن ابن عباس في قوم أصابوا ضبعًا، فقال: عليهم كبش يتخارجونه بينهم ودليلنا قوله سبحانه: {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} وهذا خطاب لكل قاتل، وكل واحد من القاتلين الصيد قاتل نفسًا على التمام والكمال، بدليل قتل الجماعة بالواحد، ولولا ذلك ما وجب عليه القصاص. وقال مالك وأبو حنيفة: على كل واحد منهم جزاء كامل، كما لو قتلت جماعة واحدًا؛ فإنهم يقتلون به جميعًا؛ لأن كل واحد قاتل وكذلك هنا كل واحد قاتل صيدًا فعليه جزاء، والذي يترجح عندي القول الأول – لما تقدم؛ ولأنه بدل متلف يتجزأ، فإذا اشترك الجماعة في إتلافه قسم البدل بينهم كقيم المتلفات. والله أعلم. وأما أكل ما صاده المحرم أو ذبحه أو دل عليه أو أعان عليه أو أشار إليه، فيحرم عليه وجميع ماله أثر في صيده – لما تقدم في حديث أبي قتادة من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هل منكم أحد أمره أن يحمل عليه أو أشار إليه» قالوا: لا، قال: «كلوا ما بقي من لحمها» متفق عليه. وكذا يحرم على المحرم أكل ما صيد لأجله لما في «الصحيحين» من حديث الصعب بن حثامة أنه أهدى للنبي - صلى الله عليه وسلم - حمارًا وحشيًا فرده عليه، فلما رأى ما في وَجْههِ، قال: «إنا لم نرده عليك إلا أنا حُرُم» . وروى جابر رضي الله عنه مرفوعًا: «صيد البر لكم حلال ما لم تصيدُوه

س218: تكلم عن أحكام ما يلي: إذا نقل المحرم بيض صيد أو أتلفه؟ شرب ما حلبه المحرم؟ أكل ما كسره المحرم؟

أو يُصَدْ لكمْ» رواه أبو داود والنسائي والترمذي، وقال: هو أحسن حديث في الباب، وما حرم على محرم لدلالة أو إعانة صياد له لا يحرم على محرم غيره كما لا يحرم على حلال؛ لما روى مالك والشافعي عن عثمان أنه أتى بلحم صيد، فقال لأصحابه: «كلوا» فقالوا: ألا نأكل، فقال: «إني لست كهيئتكم؛ إنما صيد لأجلي ولا يحرم على المحرم أكل غير ما صيد أو ذبح له» إذا لم يدل ونحوه عليه لما تقدم. فلو ذبح مُحِلٌّ صَيدًا لغيره من المحرمين حرم على المذبوح له لما سبق، ولا يحرم على محرم غير الدال أو المعين أو الذي صيد أو ذبح له، وإن قتل المحرم صيدًا ثم أكله ضمنه لقتله لا لأكله؛ لأنه يحرم أكله على جميع الناس والميتة غير متموّل. س218: تكلم عن أحكام ما يلي: إذا نقل المحرم بيض صيد أو أتلفه؟ شرب ما حلبه المحرم؟ أكل ما كسره المحرم؟ ج: وإن نقل بيض صيد ففسد بنقله أو أتلف بيض صيد غير مذر، وغير ما فيه فرخ ميت ضمنه بقيمته مكانه لإتلافه إياه؛ فإن كان مذرًا أو فيه فرخ ميت، فلا ضمان فيه؛ لأنه لا قيمة له إلا ما كان من بيض النعام فيضمنه؛ لأنه لقشره قيمة فيضمنه بها. والدليل على ضمان ما أتلف من بيض الصيد ما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «في بعض النعام ثمنه» رواه ابن ماجه. ولقول ابن عباس في بيض النعام قيمته؛ ولأنه تسبب إلى إتلافه بالنقل فوجب ضمانه، وإن كسر بيضة فرخ فيها، فخرج فعاش فلا شيء عليه وإن مات ففيه ما في صغار المتلف بيضه، ففي فَرَخ الحمام صغير أولاد الغنم. وفي فرخ النعامة حوار صغير أولاد الإبل وفيما عداها قيمته؛ لأن غيرهما من الطيور يضمن بقيمته، ولا يحل لمحرم أكل بيض الصيد إذا كسره الآكل

س219: هل يملك الصيد المحرم إذا أمسكه محرما، أو حلالا بالحرم فذبحه؟ وإذا ذبح محل صيد حرم؟ إذا أحرم وبملكه صيد؟ إذا أدخل الصيد محرم أو حلال الحرم وضح ذلك؟

أو محرم غيره؛ لأنه جزء من الصيد أشبه سائر أجزائه، وكذا شرب لبنه. ويحل بيض الصيد الذي كسره محرم ولبنه الذي حلبه محرم للحلال؛ لأن حله على المحل لا يتوقف على الكسر أو الحلب، ولا يعتبر لواحد منهما أهلية الفاعل، فلو كسره أو حلبه مجوسي أو بغير تسمية حل وإن كسره حلال فكلحم صيد إن كان أخذه لأجل المحرم لم يبح للمحرم أكله. وإن لم يكن الحلال أخذه لأجل المحرم أبيح للمحرم كصيد ذبحه حلال، ولو كان الصيد مملوكًا وأتلفه المحرم أو أتلف بيده أو بيضه أو لبنه ضمنه جزاءً لمساكين الحرم وقيمة لمالكه ويضمن اللبن بقيمته مكانه. س219: هل يملك الصيد المحرم إذا أمسكه محرمًا، أو حلالاً بالحرم فذبحه؟ وإذا ذبح محل صيد حرم؟ إذا أحرم وبملكه صيد؟ إذا أدخل الصيد محرم أو حلال الحرم وضح ذلك؟ ج: لا يملك محرم صيدًا ابتداء بغير إرث فلا يملكه بشرك ولا هبة ونحوها، فلو قبض الصيد المحرم هبةً أو رهنًا أو بشراء لزمه رده إلى من أقبضه إياه؛ لفساد العقد، وعليه إن تلف الصيد قبل الرد الجزاء لمساكين الحرم مع قيمته لمالكه في هيبة وشراء لوجود مقتضى الضمانين، وإن أمسك الصيد محرمًا بالحرم أو الحل أو أمسَكهُ حلالاً بالحرم فذبحه المحرم ولو بعد حله من إحرامه أو ذبحه ممسكه بالحرم ولو بعد إخراجه من الحرم إلى الحل ضمنه؛ لأنه تلف بسبب كان في إحرامه أو في الحرم، كما لو جرحه فمات بعد حله أو بعد خروجه من الحرم، وكان ما ذبح لغير حاجة أكله ميتة. ومن أحرم وبملكه صيد لم يزل ملكه عنه، ولا تزول عنه يده الحكمية، ولا يضمن الصيد معها.

س220: تكلم عن أحكام ما يلي: من قتل صيدا صائلا دفعا عن نفسه أو بتخليصه؟ وتكلم عن الحيوان الإنسي وعن محرم الأكل؟ وعن قتل القمل والبراغيث ونحوهما؟

ومن غصب الصيد من يد محرم حكمية لزمه رده. ومن أدخل الصيد الحرم المكي أو أحرم رب صيد وهو بيده المشاهدة كخيمته أو رحله أو قفص معه أو حبل مربوط به لزمه إزالتها بإرساله وملكه باق عليه بعد إرساله لعدم ما يزيله فيرده آخذه على مالكه إذا حلَّ ويضمنه قاتله بقيمته له لبقاء ملكه عليه؛ فإن لم يتمكن وتلف بغير فعله لم يضمن؛ لأنه غير مفرط ولا متعمد؛ فإن تمكن من إرساله ولم يفعل ضمنه بالجزاء، وإن لم يرسله فلا ضمان على مرسله من يده قهر الزوال حرمة يده المشاهدة؛ ولأنه من الأمر بالمعروف. س220: تكلم عن أحكام ما يلي: مَن قتل صيدًا صائلاً دفعًا عن نفسه أو بتخليصه؟ وتكلم عن الحيوان الإنسي وعن محرم الأكل؟ وعن قتل القمل والبراغيث ونحوهما؟ ج: مَن قتل وهو مُحْرِمٌ صيدًا صائلاً عليه دفعًا عن نفسه ولم يحل ولم يضمنه؛ لأنه التحق بالمؤذيات طبعًا كالكلب العقور أو قتل صيدًا بتخليصه من سبع أو شبكة ليطلقه لم يحل ولم يضمنه؛ لأنه مباح لحاجة الحيوان أو قطع محرم من الصيد عضوًا من آكلاً، فمات ولم يحل ولم يضمنه؛ لأنه لمداواة الحيوان أشبه مداواة الولي محجوره، وليس بمتعمد قتله فلا تتناوله الآية، ولو أخذ الصيد الضعيف محرمٌ ليداويه فوديعة لا يضمنه بلا تعد ولا تفريط ولا تأثير لحرم أو إحرام في تحريم حيوان إنسي كبهيمة الأنعام ودجاج؛ لأنه ليس بصيد، وقد كان –عليه الصلاة والسلام- يذبح البدن في إحرامه في الحرم تقريبًا إلى الله تعالى. وقال: «أفضل الحج العَجُّ» ، والثج: أي إسالة الدماء بالنحر والذبح، ولا تأثير لحرم أو إحرام في محرم الآكل إلا المتولد بين مأكول وغيره ويحرم بإحرام

س221: ما حكم صيد ما يعيش بالماء؟ وهل يضمن الجراد؟ وإذا احتاج محرم لفعل محظور، فما الحكم؟ وتكلم عن المؤذي؟

قتل قمل وصبانه ولو برميه ولا جزاء فيه ولا يحرم قتل براغيث وقراد ونحوهما، كبق وبعوض؛ لأن ابن عمر قرد بعيره بالسقيا أي نزع القراد عنه فرماه، وهذا قول ابن عباس. س221: ما حكم صيد ما يعيش بالماء؟ وهل يضمن الجراد؟ وإذا احتاج محرم لفعل محظور، فما الحكم؟ وتكلم عن المؤذي؟ ج: ويباح لا بالحرم صيدها ما يعيش في الماء كسمك، ولو عاش في بر أيضًا كسلحفاة وسرطان؛ لقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ} . وأما البَحْري بالحرم، فيحرم صيده؛ لأن التحريم فيه للمكان فلا فرق فيه بين صيد البر والبحر وطير الماء بري؛ لأنه يبيض ويفرخ في البر فيحرم صيده على المحرم، وفيه الجزاء ويضمن الجراد بقيمته في قول أكثر العلماء؛ لأنه غير في البر يتلفه الماء كالعصافير، وقيل: يتصدق بتمرة عن جراده. وروي عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، وقيل: لا ضمان فيه. روي عن أبي سعيد - رضي الله عنه -؛ لأن كعبًا أفتى بأخذه وأكله، فقال له عمر - رضي الله عنه -: ما حملك أن تفتيهم به، قال: هو من صيد البحر، قال: ما يدريك؟ قال: والذي نفسي بيده إن هو إلا نثرة حوت ينثر في كل عام مرتين. رواه مالك. وقال ابن المنذر: قال ابن عباس - رضي الله عنهما ـ: هو من صيد البحر، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أصبنا ضربًا من جراد فكان الرجل منا يضرب بسوطه وهو محرم، فقيل له: إن هذا لا يصلح، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «إن هذا من صيد البحر» . وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الجراد من صيد البحر» رواهما

س222: تكلم عن (المحظور السابع) من محظورات؟ وما يتعلق من توكيل أو عزل؟

أبو داود، ولمحرم احتاج لفعل محظور فعله ويفدي؛ لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} الآية. وحديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه - قال: حُمِلتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقمل يتناثر على وجهي، فقال: «ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى، أنجد شاة» قلت: لا، قال: «فصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع» متفق عليه. ويُسن قتل كل مؤذ غير آدمي؛ لحديث عائشة: «أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل خمس فواسق في الحرم: الحدأة، والغراب، والفأرة، والعقرب، والكلب العقور» متفق عليه. وفي معناه: كل مؤذ، وأما الآدمي غير الحربي، فلا يحل قتله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة. متفق عليه. وَمَن اضطر إلى أكل صيد فله ذلك وهو ميتة في حق غيره، لا يباح إلا لمن يباح له أكلها، وقيل: يحل بذبحه. قال في «التنقيح» : وهو أظهر، وقال في الفروع: ويتوجه حله لحل فعله، وهذا القول عندي أنه أرجح. والله أعلم. س222: تكلم عن (المحظور السابع) من محظورات؟ وما يتعلق من توكيل أو عزل؟ ج: (السابع من المحظورات) عقد النكاح فيحرم ولا يصح؛ لحديث عثمان: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينكح المحرم، ولا يخطب» رواه الجماعة إلا البخاري، وليس للترمذي فيه: «ولا يخطب» .

وعن أبي غطفان عن أبيه أن عمر فرق بينهما -يعني رجلاً- تزوج وهو محرم، رواه مالك والدارقطني: قال في «الشرح الكبير» : ويباح شراء الإمام للتسري وغيره لا نعلم فيه خلافًا. انتهى. ولا فدية في عقد النكاح كشراء الصيد وقتل القمل، وقد نظمت هذه الثلاث في بيت واحد: عقد نكاح وشار صيد ... وقتل قمل حرِّمَتْ ولا جَزا وتعتبر حالة العقد لا حالة توكيل، فلو وكل محرم حلالاً صح عقده بعدَ حِلِّ مُوكِلهِ؛ لأن كل منهما حلال حال العقد، ولو وكل حلال حلالاً فعقده الوكيل بعد أن أحرم هو أو موكل فيه لم يصح العقد، ولوْ وَكَلَّه ثم أحرم الموكل لم ينعزل وكيله بإحرامه؛ فإذا حل الموكل كان لوكيله عقده لزوال المانع، ولو وكل حلال حلالاً في عقد النكاح فعقده وأحرم الموكل، فقالت الزوجة: وقع في الإحرام، وقال الزوج: وقع قبله، فالقول قول الزوج؛ لأنَّه يَدَّعي صِحَّةَ العَقد وهي الظاهر، وإن كان بالعكس بأن قالت الزوجة: وقع قبل الإحرام، وقال الزوج: في الإحرام، فالقول قوله أيضًا؛ لأنه يملك فسخه فقُبلَ إقراره به، ولها نصف الصداق؛ لأن قوله لا يقبل عليها في إسقاطه؛ لأنه خلاف الظاهر ويصح مع جهلها وقوعه، هل كان قبل الإحرام أو فيه؛ لأن الظاهر من عقود المسلمين الصحة، وتكره خطبة محرم؛ لما ورد عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب» رواه مسلم. قال في «سُبُلِ السلام» : الحديث دليل على تحريم العقد على المحرم لنفسه ولغيره وتحريم الخطبة كذلك، ثم ظاهر النهي في الثلاثة التحريم، إلا أنه قيل: إن النهي في الخطبة لِلتَّنزِيه وإنه إجماع؛ فإن صح الإجماع فذاك، ولا أظن صحته، فالظاهر هو التحريم.

س223: تكلم بوضوح عن (المحظور الثامن) من محظورات الإحرام ومتى يفسد النسك؟ وما الذي يفسد به؟ وماذا يعمل من فسد حجه؟

ثم رأيت بعد هذا نقلاً عن ابن عقيل الحنبلي: أنها تحرم الخطبة. قال ابن تيمية: لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الجميع نهيًا واحدًا ولم يفصل وموجب النهي التحريم، وليس ما يعارض ذلك من أثر أو نظر. اهـ ملخصًا من (ص319) . وهذا القول هو الراجح عندي، والله أعلم. وإن أحرم الإمام الأعظم لم يجز أن يتزوج لنفسه ولا لغيره بالولاية العامة ولا الخاصة؛ لعموم ما سبق ولا أن يزوج أقاربه بالولاية الخاصة وأن لا يزوج غيرهم مِمَّن لا وليَّ لهُ بالوِلايَةِ العامة كالخاصة. ويجوز أن يزوج خلفاؤه مَنْ لا وَليَّ لهُ أو لها؛ لأنه يجوز بولاية الحكم ما لا يجوز بولاية النسب بدليل تزويج الكافرة. وأما وكلاؤه في تزويج نحو بنته فلا لما سبق وإن أحرم نائبه فكإحرام الإمام. س223: تكلم بوضوح عن (المحظور الثامن) من محظورات الإحرام ومتى يفسد النسك؟ وما الذي يفسد به؟ وماذا يعمل من فسد حجه؟ ج: الثامن: الوطء في الفرج، وذلك لقوله تعالى: {فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلاَ رَفَثَ} . قال ابن عباس رضي الله عنهما هو الجماع بدليل قوله تعالى: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} يعني الجماع وحكاه ابن المنذر: إجماع من يحفظ عنه من العلماء أنه يفسٍدُ النسك. وفي «الموطأ» : بلغني أن عمر وعليًا وأبا هريرة سُئلوا عن رَجل أصاب أهله وهو محرم، فقالوا: ينفيان لوجههما حتى يقضيا حجهما ثم عليهما حج من قابل والهدي لم يعرف لهم مخالف.

والوطء: يفسد النسك قبل تحلل أول ولو بعد الوقوف بعرفة؛ لأن بعض الصحابة قضوا بفساد الحج ولم يستفصلوا. وحديث من وقف بعرفة فقَد تم حجه أي قاربه وَأمِن فواته، ولو كان المجامع ساهيًا أو جاهلاً أو مكرهًا نقله جماعة لما تقدم من أن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - قضوا به ولم يستفصلوا ولو اختلف الحال لوجب البيان. وذكر في الفصول رواية عن الإمام أحمد: لا يفسد حج الناسي والجاهل والمكره ونحوه، وخرّجها القاضي أبو يعلى في كتاب الروايتين واختارها الشيخ تقي الدين، وصاحب الفائق، ومال إليه ابن مفلح في الفروع. وقال: هذا متجه ولا يفسد بغير الجماع؛ لعدم النص فيه، والإجماع وعليهما المضي في فاسده ولا يخرج منه بالوطء. روي ذلك عن ابن عمر وعلي وأبي هريرة وابن عباس وحكمه كالإحرام الصحيح؛ لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} ، وروي مرفوعًا: أمر المجامع بذلك؛ ولأنه معنى يجب به القضاء فلم يخرج منه كالفوات، فيفعل بعد الإفساد كما كان يفعله قبله من وقوف وغيره ويجتنب ما يجتنبه قبله من وطء وغيره، ويفدي لمحظور فعله بعده ويقضي من فسد نسكه بالوطء صغيرًا كان أو كبيرًا واطِئًا ومَوْطُؤةً فرضًا كان الذي أفسده أو نفلاً. والدليل على أن القضاء يكون فورًا قول ابن عمر؛ فإذا أدركت قابلاً فحج واهد، وعن ابن عباس وعبد الله بن عمر ومثله رواه الدارقطني والأثرم، وزاد: «وحل إذا حلوا» . فإذا كان العام المقبل فاحجج أنت وامرأتك واهْد هَدْيًا؛ فإن لم تجدا فصوما ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتما، وهذا إذا كان المفسد نسكه مكلفًا؛ لأنه لا عذر له في التأخير وإلا يكن مكلفًا، بل بلغ بعد انقضاء الحجة الفاسدة فيقضي بعد حجة الإسلام فورًا لزوال عذره.

س224: من أين يحرم من أفسد نسكه في القضاء؟ وما الذي يقضيه من أفسد القضاء؟ وعلى من نفقة قضاء نسك المطاوعة على الوطء؟ وعلى من نفقة قضاء نسك مكرهة؟ واذكر ما يسن في حق الواطئ والموطوءة؟ واذكر ما تستحضره من دليل؟

س224: من أين يحرم من أفسد نسكه في القضاء؟ وما الذي يقضيه مَن أفسد القضاء؟ وعلى مَن نفقة قضاء نسك المطاوعة على الوطء؟ وعلى مَن نفقة قضاء نسك مكرهة؟ واذكر ما يُسن في حق الواطئ والموطوءة؟ واذكر ما تستحضره من دليل؟ ج: يُحرمُ مَن أفسدَ نسكه في القضاء من حيث أحرم أو لا بما فسد إن كان إحرامُهُ به قبل ميقات؛ لأن القضاء يحْكى الأداء؛ ولأن دخوله في النسك سببًا لوجوبه فيَتَعَلَّقُ بموضع الإيجاب كالنذر. وقال في الفروع ويتَوجَه أن يحرم من الميقات مطلقًا ومال إليه وإلا يكن أحرم بما فسد قبل ميقات، بل أحرم منه أو دونه إلى مكة؛ فإنه يحرم من الميقات؛ لأنه لا يجوز مجاوزته بلا إحرام، ومَن أفسد القضاء فوطئ فيه قبل التحلل الأول قضى الواجب الذي عليه بإفساد الأول، ولا يقضي القضاء لقضاء صلاة أو صوم أفسده؛ ولأن الواجب لا يزاد بفواته، بل يبقى على ما كان عليه. ونفقة قضاء مطاوعة على وَطْء عليها؛ لقول ابن عمر وأهديا، أضاف الفعل إليهما. وقول ابن عباس: اهد ناقة، ولتهد ناقة ولإفسادها نسكها بمطاوعتها أشبهت الرجل –ونفقة قضاء مكرهة على مكره. وسن تفرقهما في قضاء من موضع وطئ فلا يركب معها في محمل، ولا ينزل معها في فسطاط ولا نحوه إلى أن يحل من إحرام القضاء؛ لحديث ابن وهب بإسناده عن سعيد بن المسيب أن رجلاً جامع امرأته وهما محرمان، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهما: «أتمَّا حجكما ثم ارجعا وعليكما حجة أخرى من قابل حتى إذا كنتما في المكان الذي أصبتها فأحرما وتفرقا، ولا يؤاكل أحد منكما صاحبه، ثم أتما نُسُككما وأهديا» .

س225: تكلم بوضوح عن الوطء بعد التحلل الأول؟ وهل على من أكرهت في حج أو عمرة فدية؟ وتكلم عن (المحظور التاسع) من محظورات الإحرام؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل.

وروى سعيد والأثرم عن عمر وابن عباس نحوه، قال الإمام أحمد: يتفرقان في النزول والفسطاط والمحمل؛ ولكن يكون بقربها. انتهى. وذلك ليراعي أحوالها؛ فإنه محرمها قال ذلك في «الإنصاف» . س225: تكلَّم بوضوح عن الوطء بعد التحلل الأول؟ وهل على من أكرهت في حج أو عمرة فدية؟ وتكلَّم عن (المحظور التاسع) من محظورات الإحرام؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل. ج: الوطء بعد التحلل الأول لا يفسد نسكه؛ لقول ابن عباس في رجل أصاب أهله قبل أن يفيض يوم النحر ينحران جزورًا بينهما، وليس عليه حج من قابل. رواه مالك، ولا يعرف له مخالف. وعلى الواطئ بعد تحلل أول شاة لفساد إحرامه، وعليه المضي للحل فيحرم منه ليجمع في إحرامه بين الحل والحرم ليطوف للزيارة محرمًا؛ لأن الحج لا يتم إلا به؛ لأنه ركن ثم السعي إن لم يكن سعي قبل لحُجة وعمرةٌ وَطِئَ فِيها كحَجِّ فيما سبق تفصليه فيفسدها وطء قبل تمام سَعي لا بعده، وقبل حلق؛ لأنه بعد تحلل أول وعليه لوطئه في عمرته شاة ولا فدية على مكرهة في وطئ في حج أو عمرة؛ لحديث: «وما استكرهوا عليه» ومثلها النائمة، ولا يلزم الواطئ أن يَفدي عنها أي النائمة والمكرهة. التاسع: المباشرة من الرجل للمرأة فيما دون للفرج؛ فإن فعل فأنزل لم يفسد حجه وعليه بَدَنَةٌ خلافًا للأئمة في وجوب البدنة، وإنما يجب عندهم بذلك شاة. س226: تكلم بوضوح عن إحرام المرأة؟ وعمَّا يُبَاحُ لهُمَا؟ وما يحرم عليهما؟ وما يكره وما يُسن في حقها؟ وما يجب عليهما اجتنابه؟ ج: المرأة إحرامها في وججها؛ لحديث: «لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين» رواه البخاري وغيره.

وقال ابن عمر: إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه. رواه الدارقطني بإسناد جيد. فإن عطب الوجه لغير حاجة فدت كما لو غطى الرجلُ رأسه والحاجة كمرور رجال أجانب قريبًا منها فتسدل الثوب من فوق رأسها وعلى وجهها؛ لحديث عائشة كان الركبان يمرون بنا وَنْحنُ محرمان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا حَاذَوْنَ سَدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوَزُنا كشفنا، رواه أبو داود والأثرم. قال أحمد: إنما لها أن تسدل على وجهها من فوق وليس لها أن ترفع الثوب من أسفل. قال الموفق: كأن الإمام يقصد أن النقاب من أسفل وجهها ولا يضر مس المسْدُولِ بَشَرةَ الوجه، وتحرم تغطية وجه المحرمة وتجب تغطية رأسها ولا تحرم تغطية كفيها ويحرم عليها ما يحرم على رجل محرم من إزالة شعر وظفر وطيب وقتل صيد وغيره مما تقدم؛ لأن الخطاب يشمل الذكور والإناث إلا لبس المخيط وتظليل المحمل لحاجتها إليه؛ لأنها عورة إلا وجهها ويحرم عليها وعلى رجل ليس قفازين أو قفاز واحد وهما كل ما يعمل لليدين إلى الكوعين يدخلهما فيه لسترهما كما يعمل للبزاة؛ لحديث ابن عمر مرفوعًا: «لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين» رواه البخاري. وفي لبس القفازين أو أحدهما الفدية كالنقاب، ويباح للمحرمة خلخال ونحوه من حلي كسوار ودماج وقرط؛ لحديث ابن عمر أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مسّ الورس والزعفران من الثياب، وليلبسن بعد ذلك ما أحببن من ألوان الثياب من معصفر أو خز أو حلي» ، ويُسن لها خضاب بحناء عند الإحرام؛ لحديث ابن عمرك «من السُّنة أن تدلك المرأة يديها في حناء» ولأنه من الزينة

فاستحب لها كالطيب وكره خضاب بعد الإحرام ما دامت محرمة؛ لأنه من الزينة. ويستحب في غير إحرام لمزوجة وللمحرم لبس خاتم من فضة أو عقيق ونحوهما؛ لما روى الدارقطني عن ابن عباس: لا بأس بالهَمَيان والخاتم للمحرم وله بَطُّ جرح وله خِتَانٌ وقطع عضو عند الحاجة إليه، وأن يحتجم؛ لأنه لا رفاهية فيه؛ ولحديث ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم» متفق عليه. فإن احتاج المحرم في الحجامة إلى قطع شعر فله قطعه وعليه الفدية، وكره لرَجُل وامرأة اكتحال بإثمد ونحوه لزينة؛ لما روي عن عائشة أنها قالت لامرأة محرمة: اكتحلي بأي كحل شئت غير الإثمد أو الأسود، ولهما قطع رائحة كريهة بغير طيب، ولهما إتجار وعمل صنعة ما لم يشغلا عن واجب أو مستحب؛ لقول ابن عباس كانت عكاظ ومجنة وذر المجاز أسواقًا في الجاهلية فتأثموا أن يتجروا في المل اسم، فنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ} في مواسم الحج. رواه البخاري. ولأبي داود عن أبي أمامة التيمي، قال: كنت رجلاً أكرى في هذا الوجه، وكان ناس يقولون ليس لك حج، فلقيت ابن عمر، فقلت: إني أكري في هذا الوجه، وإن ناسًا يقولون: ليس لك حج، فقال ابن عمر: أليس تحرم وتلبي وتطوف بالبيت وتفيض من عرفات وترمي الجمار؟ فقلت: بلى، قال: فإن لك حجًا، جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: مثل ما سألتني، فسكت عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يجبه حتى نزلت الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ} فأرسل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقرأ هذه الآية، وقال: «لك حج» بإسناده جيد، ورواه الدارقطني وأحمد، وعنده: إنا نكري، فهل لنا من حج؟ وفيه: وتحلقون رءوسكم، وفيه: فقال: «أنتم حجاج» . ويجب على المحرمة والمحرم اجتناب ما نهى الله عنه تعالى: (من الرفث)

وهو الجماع. روي عن ابن عباس وابن عمر، وقال الأزهري: الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة، ويجتنبان الفسوق وهو السباب، وقيل للعاصي والجدال: وهو المراء فيما لا يعني، وكذا التقبيل والغمز وأن يعرض لها الفحش من الكلام. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: الرفث غشيان النساء، والقبلة والغَمزُ وأن تُعَرِّض لها بالفحش من الكلام ونحو ذلك ويُستَحبُّ له أن يَتَوفَّى الكلام فيما لا ينفع؛ لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليَصْمُت» متفق عليه. وعنه مرفوعًا: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» حديث حسن رواه الترمذي وغيره، ولأحمد من حديث الحسين بن علي مثله، وله أيضًا في لفظ: قلة الكلام فيما لا يعنيه.

باب الفدية وبيان أقسامها وأحكامها

29- باب الفدية وبيان أقسامها وأحكامها س227: ما هي الفدية؟ وكم أقسامها؟ وهل هي على الترتيب أم التخيير؟ أم البعض تخيير والبعض ترتيب؟ وضِّح ذلك مع ذكر الأدلة؟ ج: هي مصدر فدى يفدي فداء، وشرعًا: ما يجب بسَبَبِ نسكٍ أو بسبب حَرَمٍ، والفدية ثلاثة أقسام: قسم يجب على التخيير، وهو نوعان: نوع منها يخير فيه مخرج بين ذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين منهم مُدِّبُرِّ أو نصف صاع تمر أو شعير أو زبيب أو أقط وهي فدية لبس مخيط وطيب وتغطية رأس ذكر أو وجه أنثى وإزالة أكثر من شعرتين أو أكثر من ظفرين؛ لقوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} . وعن كعب بن عجرة قال: كان بي أذىً من رأسي، فحملت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقمل يتناثر على وجهي، فقال: «ما كنت أرى أن الجهد قد بلغ بك ما أرى، أتجد شاة؟» قلت: لا، فنزلت الآية: {فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} . قال: هو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين نصف صاع طعام لكل مسكين. متفق عليه. وفي رواية أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية، فقال: «كان هوَامُّ رأسك تؤذيك» ، فقلت: أجل، فقال: «فاحلقه، واذبح شاة، أو صم ثلاثة أيام، أو تصدق بثلاثة آصع من تمر بين ستة مساكين» رواه أحمد، ومسلم، وأبي داود. في رواية: فدعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال لي: «احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين فرقًا من زبيب، أو أنسك شاة» ،فحلقت رأسي، ثم نسكت،

فدلت الآية والخبر على وجوب الفدية على صفة التخيير؛ لأنه مدلول في حلق الرأس، وقيس عليه الأظفار واللبس والطيب؛ لأنه يحرم في الإحرام لأجل الترفه فأشبه حلق الرأس. وثبت الحكم في غير المعذور بطريق التنبيه تبعًا؛ ولأن كل كفارة ثبت التخيير فيها مع العذر ثبت مع عدمه كجزاء الصيد. وإنما الشرط لجواز الحلق لا للتخيير، والحديث ذكر فيه التمر، وفي بعض طرقه الزبيب وقيس عليهما البر والشعير والأقط كالفطرة والكفارة. النوع الثاني: جزاء الصيد يخيّر فيه من وجب عليه بين ذبح مثل الصيد من النعم وإعطاءه لفقراء الحرم، أو تقويم المثل بمحل التلف للصيد أو بقربه أو بدراهم يشتري بها طعامًا؛ لأن كل مثليِّ يُقوّم بما يُقوّم مثله كمال الآدمي ولا يجوز أن يتصدق بالدَّراهِم؛ لأنه ليس من المذكورات في الآية والطعام المذكور يجزي إخراجه في فطرة كواجب في فدية أذى وكفارة فيطعم كل مسكين مُدَّ بُرِّ أو نصف صاع من غيره من تمر أو زبيب أو شعير أو أقط أو يصوم عن طعام كل مسكين يومًا؛ لقوله تعالى: {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْياً بَالِغَ الكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً} . وإن بقي دون إطعام مسكين صام عنه يومًا كاملاً؛ لأن الصوم لا يتبعض ولا يجب تتابع الصوم، ولا يجوز أن يطعم عن بعض الجزاء ويصوم عن بعضه؛ لأنه كفارة واحدة كباقي الكفارات، ويخّير في صيد لا مثل له من النعم إذا قتله بين إطعام وصيام. الضرب الثاني من الفدية: ما يجب مرتبًا وهو ثلاثة أحدها دم متعة وقران، والثاني: الحصر، والثالث: فدية الوطء.

س228: تكلم بوضوح عن الضرب الثاني من الفدية الذي يجب مرتبا؟ وبين أنواعه؟ وإذا عدم الهدي أو ثمنه، فماذا يعمل؟

س228: تكلم بوضوح عن الضرب الثاني من الفدية الذي يجب مرتبًا؟ وبيَّن أنواعه؟ وإذا عدم الهدي أو ثمنه، فماذا يعمل؟ ج: الضرب الثاني مرتبًا، وهو ثلاثة أنواع: أحدها: دم المتعة والقران فيجب هدي؛ لقوله تعالى: {فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِن الهَدْيِ} وقيس عليه القارن؛ فإن عدم الهدي متمتع أو قارن بأن لم يجده أو عدم ثمنه ولو وجد من يقرضه صام عشرة أيام في الحج، أي وقته؛ لأن الحج أفعال لا يصام فيها كقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} أي فيها، والأفضل كون أخر الثلاثة يوم عرفة فيصومه هنا استحبابًا للحاجة إلى صومه ويقدم الإحرام بالحج قبل يوم التروية فيكون اليوم السابع من ذي الحجة محرمًا فيحرم قبل طلوع فجره وهو أوَّلُهَما ليصومها كلها وهو محرم بالحج، وله تقديم الثلاثة قبل إحرامه بالحج بعد أن يحرم بالعمرة لا قبله وأن يصومها في إحرام العمرة؛ لأن إحرام العمرة إحدى إحرامي التمتع فجاز الصوم فيه. وبعده كالإحرام بالحج؛ ولأنه يجوز تقديم الواجب على وقت وجوبه إذا وجد سبب الوجوب وهو هنا إحرامه بالعمرة في أشهر الحج كتقديم الكفارة على الحنث بعد اليمين. ولا يجوز تقديم صومها قبل إحرام العمرة لعدم وجوب سبب الوجوب كتقديم الكفارة على اليمين. ووقت وجوب صوم الثلاثة وقت وجوب الهدي، وهو طلوع فجر يوم النحر؛ لأنها بدله وصيام سبعة أيام إذا رجع إلى أهله؛ لقوله تعالى: {فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} . ولا يصح صوم السبعة بعد إحرامه بالحج قبل فراغه منه. قالوا: لأن المراد بقوله تعالى: {إِذَا رَجَعْتُمْ} يعني من عمل الحج؛ لأنه

المذكور ولا يصح صومها في أيام منى لبقاء أعمال من حج كرمي الجمار، ولا يصح صوم السبعة بعد أيام منى قبل طواف الزيارة؛ لأنه قبل ذلك لم يرجع من عمل الحج. قال في «شرح الإقناع» : قلت: وكذا بعد طواف، وقيل: سعي وإن صام السبعة بعد الطواف، ولعل المراد والسعي يصح؛ لأنه رجع من عمل الحج والاختيار أن يصومها إذا رجع إلى أهله؛ لحديث ابن عمر وعائشة لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن يجد الهدي، رواه البخاري. ولأن الله أمر بصيام الأيام الثلاثة في الحج ولم يبق من الحج إلا هذه الأيام، فتعين فيها الصوم ولا دم عليه إذا صامها أيام منى؛ لأنه صامها في الحج؛ فإن لم يصمها فيها ولو لعذر كمرض صام بعد ذلك عشرة أيام كاملة استدراكًا للواجب وعليه دم لتأخيره واجبًا من مناسك الحج عن وقته، وكذا إن أخر الهدي عن أيام النحر لغير عذر، فعليه دم لتأخيره الهدي الواجب عن وقته؛ فإن كان لعذر كأن ضاعت نفقته، فلا دم عليه ولا يجب تفريق ولا تتابع في صوم الثلاثة، ولا في صوم السبعة ولا بين الثلاثة والسبعة إذا قضى الثلاثة أو صامها أيام منى؛ لأن الأمر ورد مطلقًا، وذلك لا يقتضي جمعًا ولا تفريقًا ومتى وجب عليه الصوم لعجزه عن الهدي وقت وجوبه فشرع فيه أو لم يشرع فيه، ثم قدر على الهدي لم يَلزمه الانتقال إليه اعتبارًا بوقت الوجوب كسائر الكفارات وإن شاء انتقل من الصوم إلى الهدي؛ لأنه الأصل ومَن لزمه صوم المتعة فمات قبل أن يأتي به كله أو بعضه لغير عذر أطعم عنه لكل يوم مسكين وإلا فلا. النوع الثاني: من الضرب الثاني المحصر يلزمه هدي؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ينحره بنية التحلل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وإنما لكل امرئ ما نوى» ؛ فإن لم يجد المحصر الهدي صام عشرة أيام قياسًا على هدي التمتع بالنية، ثم حلّ وليس له التحلل قبل الذبح أو الصوم. النوع الثالث: من الضرب الثاني فدية الوطء وتجب به في حج قبل التحلل الأول بدنة؛ فإن لم يجدها صام عشرة أيام في الحج وسبعة إذا فرغ من

س229: تكلم بوضوح عن (الضرب الثالث) من أضراب الفدية؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تفصيل؟

عمل الحج كدم المتعة لقضاء الصحابة، به قال ابن عمر وابن عباس وعبد الله ابن عمرو رواه عنهم الأثرم، ولم يظهر لهم مخالف في الصحابة فيكون إجماعًا ويجب بوطء في عمرة شاة، ويجب على المرأة المطاوعة مثل ذلك. س229: تكلم بوضوح عن (الضرب الثالث) من أضراب الفدية؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تفصيل؟ ج: الضرب الثالث: دم وجب لفوات الحج إن لم يشترط أن محلي حيث حَبسْتنيَ أوْ وَجبَ لترك واجب من واجبات الحج أو العمرة، وتأتى إن شاء الله تعالى، أو وَجَبَ لمباشرة دون فرج، فما أوجب منه بدنة، كما لو باشر دون فرج فأنزل، أو كرّر النظر فأنزل أو قبل أو لمس لشهوة فأنزل أو لمستني فأمنى، فحكمها -أي البدنة الواجبة بذلك- كبدنة وطء في فرج قياسًا عليها؛ فإن وجدها نحرها وإلا صَامَ عشرة أيام ثلاثة في الحج وسبعة إذا رجع؛ لأنه يوجب الغسل أشبه الوطء وما أوْجَبَ من ذلك شاة، كما لو أمذى أو باشر ولم ينزل أو أمنى بنظرة فكفدية أذى لما فيه من الترفه، وكذا لو وطئ في العمرة. قال ابن عباس: فمن وقع على امرأته في العمرة قبل التقصير عليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك، رواه الأثرم. وكذا لو وطئ بعد التحلل الأول في الحج. وامرأة مع شهوة فيما سبق كرجل فيما يجب من الفدية كالوطء وما وجب من فدية لفوت حج أو لترك واجب فكمتعة تجبُ شاة؛ فإن لم يجد صام عشرة أيام؛ لأنه ترك بعض ما اقتضاه إحرامه أشبه المترفه بترك أحد السفرين؛ لكن لا يمكن في الفوات صوم ثلاثة أيام قبل يوم النحر؛ لأن الفوات إنما يكون بطلوع فجره قبل الوقوف، ولا شيء على من فكر فأنزل؛ لحديث: «عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تتكلم» متفق عليه. ولا يقاس على تكرار النظر؛ لأنه دونه في استدعاء الشهوة وإفضائه

س230: إذا كرر محظورا من جنس، فما الحكم وما المثال؟ وإذا فعل محظورا من أجناس فما الحكم؟ وإذا حلق أو قلم أو وطئ أو قتل صيدا عامدا أو مخطئا فما الحكم؟ وضح ذلك مع ذكر ما نستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟

إلى الإنزال ويخالفه في التحريم إذا تعلق بأجنبية أو في الكراهة إذا تعلق بمباحة فيبقى على الأصل. س230: إذا كرر محظورًا من جنس، فما الحكم وما المثال؟ وإذا فعل محظورًا من أجناس فما الحكم؟ وإذا حلق أو قلمّ أو وطئ أو قتل صيدًا عامدًا أو مخطئًا فما الحكم؟ وضّح ذلك مع ذكر ما نستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟ ج: ومَن كرر محظورًا من جنس غير قتل صيد بأن حلق أو قلَّم أو لبس أو تطيب أو وطئ وأعاده قبل التفكير عن أول مرة في الكل، فعليه كفارة واحدة للكل؛ لأن الله تعالى أوجب لحلق الرأس فدية واحدة، ولم يفرق بين ما وقع في دفعة أو دفعات، وإن كفر عن الأول لزمته للثاني كفارة؛ لأنه صادف إحرامًا فوجبت كالأول، وإن كان المحظور من أجناس بأن حلق وقلَّم ظفره وتطيب وليس مخيطًا فعليه لكل جنس فدى تفرقت أو اجتمعت؛ لأنها محظورات مختلفة الأجناس، فلم تتداخل أجزاؤها كالحدود المختلفة وعكسه، إذا كانت من جنس واحد وعليه في الصيود وإن قُتلت معًا جزاءٌ بعددها؛ لأن الله تعالى قال: {فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} ومثل الصيدين فأكثر لا يكون مثل أحدهما وإن حلق أو قلم فعليه الكفارة سواء كان عامدًا أو غير عامد؛ لأنه إتلاف، ولأنه تعالى أوجب الفدية على من حلق لأذىً به وهو معذور فغيره أولى، وقيل: لا فدية على مكره وناس وجاهل ونائم؛ وأما إذا وطئ؛ فإن عليه الكفارة سواء كان عامدًا أو غير عامد. وأما إذا قتل صيدًا فيستوي عمده وسهوه أيضًا، هذا المذهب، وبه قال الحسن وعطاء والنخعي ومالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، قال الزهري: تجب الفدية على قاتل الصيد متعمدًا بالكتاب، وعلى المخطئ بالسُّنة وعنه لا كفارة على المخطئ، وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير وطاووس وابن المنذر وداود؛ لأن الله تعالى قال: {مَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً} فدلَّ بمفهومه

س231: تكلم عما يلي: من لبس أو تطيب أو غطى رأسه ناسيا أو جاهلا أو مكرها؟ من لم يجد ماء لغسل طيب؟ ماذا يعمل من تطيب قبل إحرامه؟ إذا لبس محرم أو افترش ما كان مطيبا؟

على أنه لا جزاء على الخاطئ؛ ولأن الأصل براءة ذمته فلا نشغلها إلا بدليل؛ ولأنه محظور بالإحرام لا يفسد به ففرق بين عمده وخطئه كاللبس. ووجه الأول: قول جابر - رضي الله عنه - جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الضبع يصيده المحرم كبشًا، وقال –عليه السلام- في بيض النعام: «يصيبه المحرم ثمنه» ، ولم يفرق بين العمد والخطأ. رواهما ابن ماجه. ولأنه ضمان إتلاف فاستوى عمده وخطؤه كمال الآدمي، وقيل في الجميع: إن المعذور بنسيان أو جهل كما لا إثم عليه لا فدية عليه، وهذا القول هو الذي يترجح عندي لما أراه من قوة الدليل. والله أعلم. س231: تكلم عما يلي: مَن لبس أو تطيّب أو غطى رأسه ناسيًا أو جاهلاً أو مكرهًا؟ مَن لم يجد ماءً لغسل طيب؟ ماذا يعمل من تطيب قبل إحرامه؟ إذا لبس محرم أو افترش ما كان مطيّبًا؟ ج: وإن لبس مخيطًا ناسيًا أو جاهلاً أو مكرهًا أو تطيب ناسيًا أو جاهلاً أو مكرهًا أو غطى رأسه ناسيًا أو جاهلاً أو مكرهًا فلا كفارة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» . قال أحمد: إذا جامع أهله بطل حجه؛ لأنه شيء لا يقدر على رده، والصيد إذا قتله فقد ذهب لا يقدر على رده، والشعر إذا حلقه فقد ذهب، فهذه الثلاث العمد والخطأ والنسيان فيها سواء، وكل شيء من النسيان بعد هذه الثلاثة فهو يقدر على رده مثل ما إذا غطى المحرم رأسه، ثم ذكر ألقاهُ عن رأسه وليس عليه شيء أو ليس خفّا نزعه وليس عليه شيء، ويلحق بالحلق التقليم بجامع الإتلاف، ويلزمه غسل الطيب وخلع اللباس في الحال، أي بمجرد زوال العذر من النسيان والجهل والإكراه؛ لخبر يعلى ابن أمية أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بالجعرانة، وعليه جبة أثر خلوق، أو قال: أثر صفرة، فقال: يا رسول الله، كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟ قال: «اخلع عنك هذه الجبّة، واغسل عنك أثر الخلوق» ، أو قال: «أثر الصفرة واصنع

في عمرتك كما تصنع في حجك» متفق عليه. فلم يأمره بالفدية مع سؤاله عمّا يصنع وتأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز فدلّ ذلك على أنه عذر لجهله والناسي والمكره في معناه. ومن لم يجد ماء لغسل طيب وهو محرم مسحه أو حكه بتراب أو نحوه؛ لأن الواجب إزالته حسب الإمكان، ويستحب أن يستعين في إزالته بحلال لئلا يباشره المحرم وله غسله بيده؛ لعموم أمره –عليه الصلاة والسلام- بغسله؛ ولأنه تارك له، وله غسله بمائع؛ فإن أخر غسل الطيب عنه بلا عذر فَدَى للاستدامة، أشبه الابتداء ويفدي من رفض إحرامه، ثم فعل محظورًا؛ لأن التحلل من الإحرام إما بإكمال النسك أو عند الحصر أو بالعذر إذا شرط وما عداها ليس له التحلل به ولا يفسد الإحرام برفضه كما لا يخرج منه بفساده؛ فإحرامه باق وتلزمه أحكامه ولا شيء عليه لرفض الإحرام؛ لأنه مجرد نية لم يؤثر شيئًا، وقدم في الفروع: يلزمه له دم، ومن تطيب قبل إحرامه في بدنة فله استدامته فيه؛ لحديث عائشة: كأني أنظر إلى وبيص المسك في مفارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم. متفق عليه. ولأبي داود عنها: كنا نخرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة فنضد جباهنا بالمسك المطيب عن الإحرام؛ فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراها النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا ينهاها. ولا يجوز لمحرم لبس مطيب بعد الإحرام؛ لحديث: «لا تلبسوا من الثياب شيئًا مسه الزعفران ولا الورس» متفق عليه؛ فإن لبس مطيبًا بعد إحرامه فدى أو استدام لبس مخيط أحرم فيْه ولو لحظة فوق المعتاد من خلعه فدى؛ لأن استدامتهُ كابتدائه، ولا يشقه؛ لحديث يعلى بن أمية؛ ولأنه إتلاف مال بلا حاجة ولو وجب الشق أو الفدية بالإحرام فيه لبَيَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم -.

س232: تكلم بوضوح عما يتعلق بحرم أو إحرام من هدي أو إطعام؟ وحكم تفرقة لحمه في الحرام أو إطلاقه بعد ذبحه لمساكين الحرم؟ ومن هم مساكين الحرم؟ وإذا تعذر إيصاله إلى فقراء الحرم، فما الحكم؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل؟

وإن لبس محرم أو افترش ما كان مطيّبًا وانقطع ريحه ويفوح ريحه برش ماء على ما كان مطيبًا وانقطع ريحه ولو افترشه تحت حائل غير ثيابه لا يمنع الحائل ريحه ولا مباشرته فدى؛ لأن مطيّب استعمله لظهور ريحه عند رش الماء والماء لا ريح فيه؛ وإنما هو من الطيب فيه ولو مسّ طيبًا يظنه يابسًا فبان رطبًا، ففي وجوب الفدية وجهان: صوب في «الإنصاف» ، وتصحيح الفروع لا فدية عليه، وقال: قدمه في «الرعاية الكبرى» في موضع انتهى من «المنتهى وشرحه» . س232: تكلم بوضوح عما يتعلق بحرم أو إحرام من هدي أو إطعام؟ وحكم تفرقة لحمه في الحرام أو إطلاقه بعد ذبحه لمساكين الحرم؟ ومَن هم مساكين الحرم؟ وإذا تعذر إيصاله إلى فقراء الحرم، فما الحكم؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل؟ ج: كل هدي أو إطعام يتعلق بحرم أو إحرام كجزاء صيد حرم أو إحرام، وما وجب من فدية لترك واجب أو لفوات حج، أو وجب بفعل محظور في حرم كلبس ووطء فيه فهو لمساكين الحرم؛ لقول ابن عباس - رضي الله عنهما-: الهدي والإطعام بمكة، وكذا هدي تمتع وقران ومنذور ونحوها؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ} ، وقال في جزاء الصيد: {هَدْياً بَالِغَ الكَعْبَةِ} وقيس عليه الباقي. ويلزمه ذبح الهدي بالحرم، قال أحمد: مكة ومنى واحد واحتج الأصحاب بحديث جابر مرفوعًا: «فجاج مكة طريق ومنحر» رواه أحمد وأبو داود، ورواه مسلم بلفظ: «منى مَنحَر» وإنما أراد الحرم؛ لأنه كله طريق إليها، والفج: الطريق. قال الله تعالى: {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} . ويلزم تفرقة لحمه لمساكين الحرم أو إطلاقه لهم بعد ذبحه؛ لأن المقصود من ذبحه بالحرم التوسعة عليهم ولا يحصل بإعطاء غيرهم، وكذا الإطعام، قال ابن عباس: الهدي والإطعام بمكة؛ ولأنه ينفعهم كالهدي.

س233: تكلم عن الزمان والمكان لفدية الأذى وما ألحق به؟ وما وجب لترك واجب؟ ومتى يخرج دم الإحصار؟ وهل الصيام والحلق مكان معين؟ وما الذي يجزي في الدم المطلق؟ وتكلم عن إجزاء البدنة أو البقرة عن الشياه وبالعكس؟

ومساكين الحرم هم مَن كان مقيمًا به أو وَارِدًا إليه من حاج وغيره ممن له أخذ زكاة الحاجة كالفقير والمسكين والمكاتب والغارم لنفسه؛ والأفضل نحر ما وجب بحج بمنى ونحَر ما وجب بعمرة بالمروة خروجًا من خلاف مالك ومَن تبعه. وإن سلّم الهدي حيًّا لمساكين الحرم فنحروه أجزأه لحصول المقصود وإلا استرده وجوبًا ونحره لوجوب نحره؛ فإن أبى أو عجز عن استرداده ضمنه لمساكين الحرم لعدم براءته؛ فإن لم يقدر على إيصاله إليهم جاز نحره في غير الحرم كالهدي إذا عطب؛ لقوله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} وجاز تفرقته هو والطعام إذا عجز عن إيصاله بنفسه أو بمن يرسله معه حيث نحره. س233: تكلم عن الزمان والمكان لفدية الأذى وما ألحق به؟ وما وجب لترك واجب؟ ومتى يخرج دم الإحصار؟ وهل الصيام والحلق مكان معين؟ وما الذي يُجزي في الدم المطلق؟ وتكلم عن إجزاء البدنة أو البقرة عن الشياه وبالعكس؟ ج: فدية الأذى واللبس ونحوهما كطيب وما وَجَبَ بفعل محظور خارج الحرم فله تفرقتها حيث وجد سببها؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر كعْبَ بن عجرة بالفدية بالحديبية وهي من الحل واشتكى الحسين بن عليّ رأسه فحلقه عليّ ونحر عنه جزورًا بالسقيا. رواه مالك والأثرم وغيرهما، وله تفرقتها في الحرم أيضًا كسائر الهدايا. ووقت ذبح فدية الأذى أي حلق الرأس وفدية اللبس ونحوهما كتغطية الرأس والطيب وما ألحق بما ذكر من المحظورات حين فعله وله الذبح فعله إذا أراد فعله لعذر ككفارة اليمين ونحوها، وكذلك ما وجب لترك واجب يكون وقته من ترك ذلك الواجب.

ودم إحصار يخرجه حيث أحصر من حلَّ أو حرم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر هديه في موضعه بالحديبية، وهي من الحل ودل على ذلك قوله تعالى: {وَصَدُّوكُمْ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} ولأنه موضع حلّه فكان موضع نحره كالحرم. وأما الصيام والحلق فيجزئه بكل مكان؛ لقول ابن عباس: الهدي والإطعام بمكة والصوم حَيْث شاء؛ ولأنه لا يتعدى نفعه إلى أحد فلا معنى لتخصيصه بمكان بخلاف الهدي والإطعام بمكة ولعدم الدليل على التخصيص. والدم يجزي فيه شاة كأضحية فيجزي الجذع من الضأن، والثني من المعز، أو سُبْع بدنة، أو سُبْع بقرة؛ لقوله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} قال ابن عباس: شاة أو شرك في دم، وقوله تعالى في فدية الأذى: {فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} وفسره - صلى الله عليه وسلم - في حديث كعب بن عجرة بذبح شاة وما سوى هذين مقيس عليهما، وإن ذبح بدنة أو بقرة فَهُو أفضل وتكون كلها واجبة؛ لأنه اختار الأعلى لأداء فرضه، فكان كله واجبًا كما لو اختار الأعلى من خصال الكفارة. ومن وجبت عليه بدنة أجزأته عنها بقرة؛ لقول جابر: كنا ننحر البدنة عن سبعة، فقيل له: والبقرة، فقال: وهل هي إلا من البدن. رواه مسلم. ومَن وجبت عليه بقرة أجزأته عنها بَدَنة، ويجزي عن سبع شياه بدنة أو بقرة مطلقًا وجد الشاة أو عدمها في جزاء صيد أو غيره؛ لحديث جابر: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منَّا في بدنة» . رواه مسلم.

باب جزاء الصيد

30- باب جزاء الصيد س234: ما المراد بجزاء الصيد؟ ومتى يجتمع الضمان والجزاء في الصيد؟ الصيد ينقسمُ قسمين: ما له مثل من النعم، والقسم الثاني: ما لا مثل له فوضَّح أولاً القسم الأول؟ واذكر ما تستحضره من الأدلة. ج: جزاء الصيد ما يستحق بدله على من أتلفه بمباشرة أو سبب من مثله ومقاربه وشبهه، وهذا بيان نفس جزائه، والذي تقدم في الفدية ما يفعل به فلا تكرار. ويجتمع على مُتْلفِ صَيْدِ ضمانُ قيمته لمالكه وجزاؤه لمساكين الحرم في صيد مملوك؛ لأنه حيوان مضمون بالكفارة، فجاز اجتماعهما فيه كالعبد، وهو قسمان ماله مثل من النعم خلفة لا قيمة، فيجب فيه ذلك المثل نصًّا؛ لقوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} . وجعل -عليه الصلاة والسلام- في الضبع كبشًا، والصيد الذي له مثل من النعم نوعان: أحدهما: ما قضت فيه الصحابة فيجب فيه ما قضت به؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «عليكم بسنتي وسُّنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ» رواه احمد والترمذي وحسنه، وفي الخبر: «اقتدوا بالّلذين مِن بعدي أبي بكر وعمر» ؛ ولأنهم أعرف، وقولهم أقرب إلى الصواب كان حكمهم حجة على غيرهم، وقوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} لا يقتضي التكرار للحكم، كقوله: لا تضرب زيدًا، ومن ضربه فعليه دينار، لا يتكرر بضرب واحد. ففي النعامة بدنة حكم به عمر وعثمان وعلي وزيد وابن عباس ومعاوية؛ لأنها تشبه البعير في خلقته، فكان مثلاً لها فيدخل في عموم النص: وجعلها الخرقي من أقسام الطير؛ لأن لها جناحين فيعابا بها، فيقال: طائر يجب فيه بدنة.

ويجب في حمار الوحش بقرة قضى به عمر، وقاله عروة ومجاهد؛ لأنها شبيهة به، وفي بقر لوحش بقرة قضى به ابن مسعود وقاله عطاء وقتادة. وفي الأيّل والثَيْتل والوعَل؛ أما الأيل فهو الذكر من الأوعال، وفيه بَقَرةَ؛ لقول ابن عباس - رضي الله عنهما -، والثبتل هو الوعل المسنَّ، وفيه بقرة؛ وأما الوعل فهو تيس الجبل وفيه بقرة، روي عن ابن عمر في الأروى بقرة. وفي الضبع كبش؛ لما ورد عن جابر قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضبع، فقال: «هو صيد ويجعل فيْه كبش إذا صاده المحرم» أخرجه أبو داود، وعنه أن عمر قضى في الضبع كبش، أخرجه مالك وسعيد بن منصور، وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «في الضبع إذا صاده المحرم كبش» أخرجه الدارقطني، وعن مجاهد أن علي بن أبي طالب قال: في الضبع صيد وفيها كبش إذا أصابها المحرم، أخرجه الشافعي. وفي غزال عنز؛ لما ورد عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في الظبي بشاة أخرجه الدارقطني، وعنه أن عمر قضى في الغزال بعنز، أخرجه مالك والشافعي والبيهقي وسعيد بن منصور، وعن عروة قال في الشاة من الظباء: شاة، أخرجه سعيد بن منصور. وروي عن علي وابن عباس وابن عمر في الظبي شاة؛ لأن فيه شبهًا بالعنز؛ لأنه أجرد الشعر متقلّص الذنب. وفي وَبْر ووهو دويّبة كحلاء دون السنور لا ذنب لها جَدْيٌ. وفي ضبَّ جَدْيٌ قضى به عمر وأربَدُ والوبْرُ مقيسٌ على الضب. والجدي الذكر من أولاد المعز له ستة أشهر قضى به عمر وعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - في الضَّب. وفي يربوع جفرة لها أشهر؛ لما ورد عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في اليربوع: جفرة، أخرجه الدارقطني، وعن ابن مسعود أنه قضى في اليربوع بجفر أو جفرة، أخرجه الشافعي، وروى عن عمر وعن عطاء في اليربوع جفرة.

س235: تكلم بوضوح عما لم تقض فيه الصحابة؟ وهل يجوز أن يكون أحد الحاكمين القاتل؟ وبأي شيء يضمن الصغير والمعيب والكبير والصحيح والأعور والأعرج؟ وهل يجزي فداء ذكر بأنثى وبالعكس؟ وهل المعتبر المثلية بالقيمة أم الخلقة؟

وفي الأرنب عناق أي أنثى من أولاد المعز أصغر من الجفر قضى به عُمر، وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «في الأرنب عناق، وفي اليربوع جفرة» رواه الدارقطني. وفي واحد الحمام وهو كل ما عَبّ وهدر شاة قضى به عمر وابنه وعثمان وابن عباس في حمام الحرم، وروي عن ابن عباس أيضًا في حال الإحرام قال: الأصحاب: هو إجماع الصحابة، وإنما أوجبوا فيه شاة لشبهه في كرع الماء ولا يشرب كيفية الطيور، ومن هنا قال أحمد: وسندي كل طير يعبّ الماء كالحمام فيه شاة فيدخل فيْه الفواخت والقَمريُّ والقطا ونحوها؛ لأن العرب تسميها حمامًا. س235: تكلم بوضوح عما لم تقض فيه الصحابة؟ وهل يجوز أن يكون أحد الحاكمين القاتل؟ وبأي شيء يضمن الصغير والمعيب والكبير والصحيح والأعور والأعرج؟ وهل يجزي فداء ذكر بأنثى وبالعكس؟ وهل المعتبر المثليّة بالقيمة أم الخلقة؟ ج: النوع الثاني: ما لم تقض فيه الصحابة - رضي الله عنهم - وله مثل من النعم فيرجع فيه إلى قول عدلين؛ لقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} فلا يكفي واحد من أهل الخبرة؛ لأنه يتمكن من الحكم بالمثل إلا بهما فيعتبرانِ الشّبهَ خِلقةً لا قيمةً؛ لفعل الصحابة. ويجوز أن يكون القاتل أحدهما نص عليه؛ لظاهر الآية، وروي أن عمر أمر كعب الأحبار أن يحكم على نفسه في الجرادتين اللتين صادهما وهو محرم، وأمر أيضًا أرْبدَ بذلك حين وطئ الضب فحكم على نفسه بجدي فأقرَّه وكتقويمه عُرض التجارة لإخراج الزكاة. ويجوز أن يكونا، الحاكمان بمثل الصيد المقتول القاتلين فيحكمان على أنفسهما بالمثل؛ لعموم الآية، ولقول عمر: احكم يا أرْبَدُ فيه أي الضب

س236: تكلم عما لا مثل له من النعم؟ وإذا أتلف محرم أو من بالحرم جزءا من صيد فاندمل جرحه، وإذا جنى محرم أو من بالحرم على حامل؟ وإذا أمسك محرم صيدصا فتلف فرخه؟ ونفر فتلف أو نقص حال نفوره؟ وإذا أخرجه جرحا غير موح فغاب أو وجده ميتا ولم يعلم موته بجنايته، وإذا وقع في ماء أو تردى من علو؟ وإذا اندمل غير ممتنع؟ وإذا نتف ريشه أو شعره أو وبره؟ وإذا اشترك حلال ومحرم في صيد حرمي، فما الحكم؟

الذي وطئه أربد ففزر ظهره، رواه الشافعي في «مسنده» ، قال أبو الورقاء عليَّ بن عقيل: إنما يحكم القاتل للصيد إذا قتله خطأ أو لحاجة أكله أو جاهلاً تحريمه، قال المنقح: وهو قوي، ولعله مرادهم؛ لأن قتل العمد ينافي العدالة. ويضمن صغير وكبير وصحيح ومعيب: وما خص بمثله من النعم؛ لقوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} ومثل الصغير صغير، ومثل المعيب معيب؛ ولأن ما ضمن باليد والجناية يختلف ضمانه بالصغر والعيب وغيرهما كالبهيمة، وقوله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} مقيد بالمثل. وقد أجمع الصحابة على إيجاب ما لا يصلح هديًا كالجفرة والعناق والجدي وإن فدى الصغير أو المعيب بكبير أو صحيح فأفضل. ويجوز فداء صيد أعور من عين يمنى أو يسرى وفداء صيد أعرج قائمة يمنى أو يسرى بمثله من النعم أعور عن الأعور من أخرى كفداء أعور يمنى بأعور يسار وعكسه، وأعرج من قائمة بمثله أعرج من قائمة أخرى، كأعرج يمين بأعرج يسار وعكسه؛ لأن الاختلاف يسير ونوع العيب واحد والمختلف محله. ويجوز فداء ذكر بأنثى وفداء أنثى بذكر، ولا يجوز فداء أعور بأعرج ونحوه لاختلاف نوع العيب أو محله. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س236: تكلم عما لا مثل له من النعم؟ وإذا أتلف محرم أو من بالحرم جزءًا من صَيْد فاندمل جرحه، وإذا جنى محرم أو من بالحرم على حامل؟ وإذا أمسك محرم صيدصا فتلف فرخه؟ ونفر فتلف أو نقص حال نفوره؟ وإذا أخرجه جرحًا غير مُوحٍ فغاب أو وجده ميتًا ولم يعلم موته بجنايته، وإذا وقع في ماء أو تردّى من علو؟ وإذا اندمل غير ممتنع؟ وإذا نتف ريشه أو شعره أو وبره؟ وإذا اشترك حلال ومحرم في صيد حرمي، فما الحكم؟

ج: القسم الثاني من الصيد ما لا مثل له من النعم: وهو سائر الطير، ففيه قيمته إلا ما كان أكبر من الحمام، وذلك كالكركيّ والأوزّ والحباري، فقبل بضمنه بقيمته وهو مذهب الشافعي؛ ولأن القياس يقتضي وجوبها في جميع الطير تركناه في الحمام لإجماع الصحابة - رضي الله عنهم - في غيره يبقى على أصل القياس، ولا يجوز إخراج القيمة طعامًا، وقيل: بلى. والثاني: يجب شاة روي عن ابن عباس وعطاء وجابر أنهم قالوا: في الحجلة والقطاة والحباري شاة، وزاد عطاء في الكركيّ والكروان وابن الماء ودجاجة الحبش والحزب شاة والحزب فرخ الحباري، وكالحمام بطريق الأولى. وإن أتلف محرم أو من بالحرم جزءًا من صيد، فاندمل جرحه وهو ممتنع وله مثل من النعم ضمن الجزء المتلف بمثله من مثله من النعم لحمًا كأصله ولا مشقة فيه لجواز عدوله إلى الإطعام والصوم وألا يكن له مثل من النعم؛ فإنه يضمنه بنقصه من قيمته؛ لضمان جملته بالقيمة فكذا جزاؤه. وإن جنى محرم أو من بالحرم على حامل، فألقت ميتًا ضمن نقص الأم فقط، كما لو جرحها؛ لأن الحمل زيادة في البهائم. وما أمسك محرم من صيد، فتلف فرخه أو ولده أو نفره، فتلف حال نفوره أو نقص حال نفوره ضمنه لحصول تلفه أو نقصه بسببه لا إن تلف بعد أمته. وإن جرح الصيد جرحًا غير موح فغاب ولم يعلم خبره ضمنه بما نقصه فيقوّم صحيحًا وجريحًا غير مندمل، ثم يخرج من مثله إن كان مِثْليًّا، وكذا إن وجده ميتًا بعد جرحه غير مُوْح ولو يعلم موته بجرحه وإن وقع صيد بعد جرحه في ماء أو تردّى من علوّ بعد جرحه، فمات ضمنه جارحه لتلفه بسببه، ويجب فيما اندمل جرحه من الصيود غير ممتنع من قاصده جزاء جميعه؛ لأنه عطله فصار كتالف وكجرح تيقن به موته، وقيل: يضمن ما نقص لئلا يجب جزاءه لو قتله محرم آخر، وهذا القول عندي أنه أرجح. والله أعلم.

وإن جرح الصيد جرحًا موحيًا لا تبقى معه حياة فعليه جزاء جميعه، وإن نتف ريشه أو شعره أو وبره فعاد فلا شيء عليه فيه، وإن صاد غير ممتنع فكجرح صار به غير ممتنع، وكلما قتل محرم صيدًا حكم عليه بالجزاء في كل مرة، هذا المذهب وهو قول الشافعي ومالك وأبي حنيفة وغيرهم، وهو ظاهر قوله تعالى: {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً} الآية؛ لأن تكرار القتل يقتضي تكرار الجزاء وذكر العقوبة في الآية لا يمنع الوجوب؛ ولأنها بدل متلف يجب به المثل أو القيمة فأشبه مال الآدمي. قال أحمد: روي عن عمر وغيره، أنهم حكموا في الخطأ وفيمن قتل، ولم يسألوه هل كان هذا قتل أو لا؟ وفيه رواية ثانية أنه لا يجب إلا في المرة الأولى، وروي ذلك عن ابن عباس، وبه قال شريح والحسن وسعيد بن جبير ومجاهد والنخعي وقتادة؛ لأن الله تعالى قال: {وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} ولم يوجب جزاء، وفيه رواية ثالثة إن كفَّر عن (الأول) فعليه (للثاني) كفارة وإلا فلا. وإن اشترك حلال ومحرم في قتل صيد حرميّ، فالجزاء عليهما نصفين لاشتراكهما في القتل.

باب صيد الحرمين

31- باب صيد الحرمين س237: تكلم عن حكم صيد حرم مكة؟ وإذا قتل محل من الحل صيدًا في الحرم كله أو جزؤه؟ وإذا قتل الصيد في الحل محل بالحرم؟ وإذا أمسكه بالحرم فهلك فرخه بالحل؟ وإذا أرسل كلبه من الحل على صيد بالحل فقتل الصيد بالحرم، وإذا دخل كلبه أو سهمه بالحرم، ثم خرج منه فقتل صيدًا أو جرحه بالحل فمات بالحرم؟ وتكلم عن حكم الصيد الذي وُجدَ سبب موته بالحرم؟ ج: حكم صيد حرم مكة حكم صيد الإحرام فيحرم حتى على محل إجماعًا؛ لخبر ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: «إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة» الحديث، وفيه «لا ينفر صيدها» متفق عليه. ويضمن بريه بالجزاء لما سبق عن الصحابة، ويدخله الصوم كصيد الإحرام، وصغير وكافر كغيرهما حتى في تملكه فلا يملكه ابتداء بغير إرث إلا أنه يحرم صيد بحريه أي الحرم؛ لعموم الخبر ولا جزاء فيه لعدم وروده. وإن قتل محل من الحل صيدًا في الحرم كله ضمنه؛ لعموم: «ولا ينفر صيدها» وتغليبًا لجانب الحضر، وإذا كان جزء من الصيد في الحرم؛ فإن كان ذلك الجزء من القوائم ضمنه مطلقًا قائمًا أولاً، وإن كان من غير القوائم كالرأس والذنب؛ فإن كان الصيد غير قائم ضمنه أيضًا، وإن كان قائمًا لم يضمنه. وإن قتل الصيد على غصن في الحرم ولو أن أصله في الحل ضمنه؛ لأنه في الحرم، وإن أمسك الصيد بالحل فهلك فرخه بالحرم أو هلك ولده بالحرم

س238: تكلم عن حكم قطع شجر حرم مكة؟ ورعي حشيشه؟ وما تضمن به الشجرة وحشيشه؟ وإذا غرس الشجرة في الحل وتعذر ردها أو يبست فما الحكم؟ وإذا نفر الصيد من الحرم ثم قتل في الحل، فما الحكم؟ وإذا قطع غصنا في الحل أصله أو بعض أصله في الحل، فما الحكم؟ وإذا قطعه في الحرم وأصله كله في الحل، فما حكمه؟ واذكر ما في ذلك من دليل أو تعليل؟

ضمنه؛ لأنه تلف بسببه، وإن قتل الصيد في الحل محل بالحرم ولو على غصن أصله بالحرم بسهم أو كلب أو غيرهما لم يضمن. وإن أمسكه حلال بالحرم فهلك فرخُه بالحل أو هلك ولده بالحل لم يضمن؛ لأنه من صيد الحل، وإن أرسل حلال كلبَه من الحِل على صيده به فقتله أو غيره بالحرم لم يضمن، أو فعل ذلك بسهمه بأن رمى محل به صيدًا بالحل فشطح السهم، فقتل الصيد في الحرم لم يضمن؛ لأنه لم يرم به ولم يرسل كلبه على صيد بالحرم، وإنما دخل الكلب باختيار نفسه أشبه ما لو استرسل بنفسه، وكذا سهمه إذا شطح بغير اختياره أو دخل سهمه أو كلبه الحرم، ثم خرج منه فقتل صيدًا أو جرحه بالحل، فمات بالحرم لم يضمن، كما لو جرحه محل ثم أحرم ثم مات الصيد في إحرامه فلا يضمنه؛ لأنه لم يجن عليه في إحرامه، ولو رمى الحلال صيدًا، ثم أحرم قبل أن يصيبه ضمنه اعتبارًا بحال الإصابة. ولو رمى المحرم صيدًا ثم حَلَّ قبل الإصَابة لم يضمن الصيد اعتبارًا بحال الإصابة ولا يحل ما وجد سَببُ موته بالحرم تغليبًا للحظر، كما لو وجد سببه في الإحرام فهو ميتة، ولو جرح محل من الحل صيدًا في الحل، فمات الصيد في الحرم حل ولم يضمن؛ لأن الزكاة وجدت بالحل. س238: تكلم عن حكم قطع شجر حرم مكة؟ ورعي حشيشه؟ وما تضمن به الشجرة وحشيشه؟ وإذا غرس الشجرة في الحل وتعذر ردها أو يبست فما الحكم؟ وإذا نفر الصيد من الحرم ثم قتل في الحِل، فما الحكم؟ وإذا قطع غُصنًا في الحل أصله أو بعض أصله في الحل، فما الحكم؟ وإذا قطعه في الحرم وأصله كله في الحل، فما حكمه؟ واذكر ما في ذلك من دليل أو تعليل؟ ج: يحرم قطعُ شجر حرم مكة الذي لم يزرعه آدمي إجماعًا؛ لقوله-عليه الصلاة والسلام-: «ولا يعضد شجرها» ،ويحرم قطع حشيشه؛ لقوله-عليه الصلاة

والسلام-: «ولا يحش حشيشها» ، حتى الشوك ولو ضر؛ لعموم حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المتفق عليه: «ولا يختلي شوكها» ، وحتى السواك ونحوه والورق لدخوله في مسمى الشجر إلا اليابس من شجر وحشيش؛ لأنه كميت وإلا الإذخر لقول العباس: يا رسول الله، إلا الإذخر؛ فإنه لقينهم وبيوتهم. قال: «إلا الإذخر» وهو نبت طيب الرائحة، والقين: الحداد، إلا الكمأة والفقع؛ لأنهما لا أصل لهما، وإلا الثمرة؛ لأنها تستخلف وإلا ما زرعه الآدمي من الشجر. ويباح وعي حشيش الحرم؛ لأن الهدايا كانت تدخل الحرم فتكثر فيه، ولم ينقل سَدُّ أفواهها، ولدواعي الحاجة إليه أشبه قطع الإذخر، بخلاف الإحشاش لها، ويباح انتفاع بما زال من شجر الحرم أو انكسر فيه بغير فعل آدمي، ولو لم ينفصل لتلفه فصار كالظفر المنكسر، وتضمن شجرة صغيرة عرفًا بشاة، ويضمن ما فوق الصغيرة من الشجر وهي الكبيرة والمتوسطة ببقرة؛ لقول ابن عباس: في الدوحة بقرة، وفي الجزلة شاة. قال: والدوحة: الشجرة العظيمة، والجزلة: الصغيرة، ويخير بين الشاة أو البقرة فيذبحها ويفرقها أو يطلقها لمساكين الحرم، وبين تقويمه أي المذكور من شاة أو بقرة بدراهم ويفعل بقيمته كجزاء صيد بأن يشتري بها طعامًا يجزي في الفطرة فيطعم كل مسكين مُدَّ بُرِّ أو نصف صاع من غيره أو يصوم عن طعام كل مسكين يومًا، ويضمن حشيش وورق بقيمة؛ لأنه متقوم ويفعل بقيمته كما سبق ويضمن غصن بما نقص كأعضاء الحيوان، وكما لو جنى على مال آدمي فنقص ويفعل بأرشه، كما مر؛ فإن استخلف شيء من الشجر والحشيش والورق ونحوه سقط ضمانه كريش صيد نتفه وعَادَ وكَرَد شجرة فنبتت ويضمن نقصَهَا إن نقصت بالرد، ولو قلع شجرة من الحرم ثم غرسها في الحل وتعذر ردها أو يبست ضمنها لإتلافها، فلو قلعها غيره ضمنها القالع وحده؛

س239: تكلم بوضوح عن حد حرم مكة وعن المجاورة بمكة وأفضليتهما ومضاعفة الحسنات والدليل والجواب عن الإرادات؟

لأنه المتلف لها، ويضمن منفر صيدًا من الحرم قتل بالحل لتفويته حرمته ولا ضمان على قاتله بالحلي، وكذا مخرج صيد الحرم إلى الحل فيقتل به فيضمنه إن لم يرده إلى الحرم؛ فإن رده إليه فلا ضمان، ولو رمى صيدًا فأصابه، ثم سقط على آخر فماتا ضمنهما. ويضمن غصن في هواء الحل أصله بالحرم أو بعض أصله بالحرم لتبعيته لأصله، ولا يضمن ما قطعه من غصن بهواء الحرم وأصله بالحل لما سبق، ولا يكره إخراج ماء زمزم؛ لما روى الترمذي، وقال: حسن غريب. عن عائشة أنها كانت تحمل من زمزم وتخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحمله؛ ولأنه يستخلف كالثمرة، وقال أحمد: أخرجه كعب ولم يزد عليه. س239: تكلم بوضوح عن حدّ حرم مكة وعن المجاورة بمكة وأفضليتهما ومضاعفة الحسنات والدليل والجواب عن الإرادات؟ ج: وحدّ حرم مكة من طريق المدينة ثلاثة أمياله عند بيوت السقيا دون التنعيم، وجدّه من اليمن سبعة أميال عند أضاةِ لبْن؛ وحَده من العراق كذلك أي سبعة أميال على ثنية رجْل بالمنقطع، وَحَدُّه من الطائف وبطن نمرة كذلك، أي سبعة أميال عند طرف عرفة، وحده من الجعرّانة تسعة أميال في شعب عبد الله بن خالد، وحده من طريق جدة عشرة أميال، وحكم وَجَّ وأدى بالطائف كغيره من الحل، فيباح صيده وشجره وحشيشه بلا ضمان، والخبر فيه ضعفه أحمد وغيره، وقال ابن حبان والأزدي: لم يصح حديثه، ومكة أفضل من المدينة؛ لحديث عبد الله بن عدي بن الحمراء أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو واقف بالخزورة في سوق مكة: «والله إنا لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت» رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والترمذي، وقال: حسن صحيح، ولمضاعفة الصلاة فيه أكثر.

وأما حديث: «المدينة خير من مكة» فلم يصح، وعلى فرض صحته فيحمل على ما قبل الفتح، ونحوه حديث: «اللهم إنهم أخرجوني من أحبّ البقاع إليّ، فأسكني في أحبّ البقاع إليك» يرد أيضًا بأنه لا يعرف، وعلى تقدير صحته، فمعناه: أحب البقاع إليك بعد مكة، وتستحب المجاورة بمكة لما سبق من أفضليتها وتضاعف الحسنة والسيئة بمكان فاضل وبزمان فاضل؛ لقول ابن عباس، وسُئل أحمد: هل تكتب السيئة أكثر من واحدة؟ فقال: لا، إلا بمكة لتعظيم البلد، ولو أن رجلاً بعدن وهمّ أن يقتل بعد البيت أذاقه الله من العذاب الأليم. وقال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: المجاورة بمكان يكثر فيه إيمانه وتقواه أفضل حيث كان.

فصل في حرم المدينة

32- فصل في حرم المدينة س240: تكلم عن حرم المدينة وعمَّا يجوز أخذه وعن صيدها وحشيتها؟ وبيَّن حدود حرمها، وعن مقدار ما جعله النبي - صلى الله عليه وسلم - حِمًى؟ ج: يحرم صيد حرم المدينة، وتسمى طابةَ وَطيْبَةَ، قال حسان: بِطَيْبَةِ رَسمٌ للرسول ومعهدُ ... مُنيرٌ وقد تَعْفوا الرسوم وتْهمُد وإن صاده وذبحه صَحَّتْ تذكيتَه، ويحرم قطع شجرها وحشيشها؛ لما روى أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المدينة حرم من كذا إلى كذا لا يقطع شجرها» متفق عليه. ولمسلم لا يختلي، فَمن فعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ويجوز أخذ ما تدعو الحاجة إليه من شجرها للرحل أي رَحل البعير وهو أصغر من القتب وعوارضه وآلة الحرث ونحوه والعارضة لسقف المحمل، والمساند من القائمتين اللتين تنصب البكرة عليهما والعارضة بين القائمتين ونحو ذلك؛ لما روى جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حرّم المدينة، قالوا: يا رسول الله، إنا أصحاب عمل وأصحاب نضح، وإنا لا نستطيع أرضًا غَيْرَ أرضنا فرخص لنا، فقال: «القائمتان والوسادة والعارضة والمسند؛ فأما غير ذلك فلا يعضد» رواه أحمد. فاستثنى الشارع ذلك وجعله مباحًا، والمسند عود البكرة. ويجوز أخذ ما تدعو الحاجة إليه من حشيشها للعلف؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عليّ: «ولا يصلح أن يقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره» رواه أبو داود؛ ولأن المدينة يقرب منها شجر وزرع، فلو منعنا من احتشاشها أفضى إلى

الضرر بخلاف مكة، ومن أدخل إليها صيدًا، فله إمساكه وذبحه؛ لقولِ أنس: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقًا، وكان لي أخ يقال: أبو عمير، قال: أحسبه فطيمًا وكان إذا جاء، قال: «يا أبا عمير، ما فعل النُّغِير؟ - وهو طائر صغير كان يلعب به» متفق عليه، ولا جزاء في صيدها وشجرها وحشيشها. قال أحمد في رواية بكر بن محمد: لم يبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد من أصحابه حكموا فيه بجزاء؛ لأنه يجوز دخول حرمها بغير إحرام، ولا تصلح لأداء النسك ولا لذبح الهدايا، فكانت كغيرها من البلدان ولا يلزم من الحرمة الضمان ولا لعدمها عدمه وحدّ حرمها ما بين ثور إلى عَيْر؛ لحديث عليّ مرفوعًا: «حرم المدينة ما بين ثور إلى عير» متفق عليه. وهو ما بين لابتيها؛ لقول أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما بين لابتيها حرام» متفق عليه، واللابة الحرَّة وهي أرض تركبها حجارة سوداء، فلا تعارض بين الحديثين. قال في «فتح الباري» : رواية ما بين لابتيها أرجح لتوارد الرواة عليها، ورواية جبليها لا تنافيها فيكون عند كل جبل لابة أو لابتيها من الجنوب والشمال، وجبليها من جهة المشرق: وقَدْرُهُ بَريدٌ في بَريد. وثور رجل صغير يضرب لونه إلى الحمرة بتدوير خلف أحُد من جهة الشمال، وعير جبل مشهور بالمدينة، «وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حول المدينة أثنى عشر ميلاً حمًى» رواه مسلم عن أبي هريرة، ولا يحرّم على المحل صَيْدُ وَجٍّ وشجره وحشيشه وهو واد بالطائف.

باب دخول مكة

33- باب دخول مكة س241: بَّين متى يُسن دخول مكة؟ ومِن أين يدخلها؟ ومِن أين يخرج؟ ومِنْ أين يدخل المسجد الحرام؟ وما الذي يقوله إذا رأى البيت؟ وما الذي يُسن لمريد دخول مكة؟ وما الذي يُسَن قوله حين يدخل المسجد؟ ج: يُسنُّ الاغتسال لدخوله ولو كان بالحرم ولدخول حرمها، ويُسن أن يدخلها نهارًا؛ لما ورد عن نافع قال: إن ابن عمر كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طُوى حتى يصبح ويغتسل ويصلي فيدخل مكة نهارًا، وإذا نفر منها مر بذي طوى وبات بها حتى يصبح وَيَذْكُرُ «أنَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك» متفق عليه. ويُسن الدخول من أعلاها أي مكة من ثنية كَدَاء -بفتح الكاف والدال ممدود مهموز مصروف وغير مصروف- ذكره في المطلع النصيرية للهوريني. ويُسن أن يخرج مِن كُدًا بضم الكاف وتنوين الدال عند ذي طُوَى بقرب شعب الشافعيين من الثنية السفلى: يُسنُّ دخولٌ من كدَاء لِمَكّة ... بفتح وبالضم الخَروجُ فَقَيدِ والدليل على ذلك ما ورد عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما جاء إلى مكة دخلها من أعلاها وخرج من أسفلها» متفق عليه. عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل مكة دخل من الثنية العلياء التي بالبطحاء، وإذا خرج خرج من الثنية السفلى» رواه الجماعة إلا الترمذي.

س242: ماذا يفعل بعد رفع يديه وقول الوارد عند رؤية البيت؟

ويُسنُّ أن يدخل المسجد الحرام من باب بني شبييه؛ لحديث جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة ارتفاع الضحى وأناخ راحلته عند باب بني شَيْبَةَ ثم دخل» رواه مسلم وغيره. ويقول حين يدخلهُ: «بسم الله، وبالله، ومن الله، وإلى الله، اللهم افتح لي أبواب فضلك» ، فإذا رأى البيت رفع يديه؛ لما ورد عن ابن جريج، قال: حدثت عن مقسم: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ترفع الأيدي في الصلاة، وإذا رأى البيت، وعلى الصفا والمروة، وعشية عرفة ويجمع، وعند الجمرتين، وعلى الميَّت» . وعن جريج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى البيت رفع يديه، وقال: «اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا» الحديث. ويُسن أن يقول بعد رفع يديه: «اللهم أنت السلام ومنك السلام حَيِّنَا ربَّنَا بالسلام، اللهم زد هذا البيت تعظيمًا وتشريفًا وتكريمًا ومهابةً وبرًّا، وزد من عظّمه وشرّفه ممن حجه واعتمره تعظيمًا وتشريفًا وتكريمًا ومهابة وبرًّا، الحمد لله رب العالمين كثيرًا كما هو أهله وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، والحمد لله الذي بلغني بيته وَرَآني لذلك أهلاً، والحمد لله على كل حال، اللهم إنك دعوت إلى حج بيتك الحرام، وقد جئتك لذلك، اللهم تقبل مني واعف عني وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت» يرفع بذلك صوته؛ لأنه ذكر مشروع أشبه التلبية. س242: ماذا يفعل بعد رفع يديه وقول الوارد عند رؤية البيت؟ ج: ثم يطوف متمتع للعمرة، ويطوف مفرد للقدوم، ويطوف قارن للقدوم وهو الوُرُود فتستحب البداءة بالطواف لداخل المسجد الحرام، وهو

تحية الكعبة وتحية المسجد الصلاة وتجزي عنها ركعتا الطواف؛ لحديث جابر: حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرَمَل ثلاثًا ومشى أربعًا. وعن عائشة: «حين قدم مكة توضأ ثم طاف بالبيت» متفق عليه. وروي عن أبي بكر وعمر وابنه وعثمان وغيرهم: ويضطبع استحبابًا غير حامل معذور في كل أسبوعه بأن يجعل وسط الرداء تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على عاتقه الأيسر؛ لما روى أبو داود وابن ماجه عن يعلى بن أمية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف مضطبعًا. ورويا عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه اعتمروا من الجعرّانة، فرَملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم، ثم قذفوها على عراتقهم اليسرى، وإذا فرغ من طوافه أزاله ويبتدي الطواف من الحجر الأسود، لفعله –عليه الصلاة والسلام- فيحاذيه بكل بدنه ويستلمه أي يمسح الحجر بيده اليمنى. وروى الترمذي مرفوعًا: «أنه نزل من الجنة أشد بياضًا من اللبن فسودته خطايا بني آدم» ، وقال: حسن صحيح، ويقبّله بلا صوت يظهر للقُبلة؛ لحديث ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استقبل الحجر ووضع شفتيه عليه يبكي طويلاً، ثم التفت، فإذا هو بعمر بن الخطاب يَبْكي، فقال: «يا عمر، هاهنا تسكب العبرات» رواه ابن ماجه. ويسجد لما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أنه كان يقّبل الحجر الأسود ويسجد عليه» رواه الحاكم مرفوعًا، والبيهقي موقوفًا. فإن شق استلامه وتقبيله لم يزاحم واستلمه بيده وقبّلها؛ لما ورد عن نافع، قال: رأيتُ ابن عمر - رضي الله عنهما - استلم الحجر بيده ثم قبّل يده، وقال: «ما تركته منذ رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله» متفق عليه. ولما روى ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استلمه وقبّل

يده» رواه مسلم. فإن شق استلامه بيده؛ فإنه يستلمه بشيء ويقبل مما استلمه به؛ لما ورد عن أبي الطفيل عامر بن وَاثِلة قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بالبيت ويستلم الحجر بمحجن معه، ويقبل المحجن» رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه. فإن شق استلامه بيده فبشيء أشار إليه واستقبله بوجهه ولا يقبل المشار به؛ لعدم وروده ولا يزاحم لاستلام الحجر أو تقبيله أو السجود عليه فيؤذي أحدًا من الطائفين، ويقول عند استلام الحجر أو استقباله بوجهه إذا شق استلامه: بسم الله والله أكبر، اللهم إيمانًا بك وتصديقًا بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعًا لسُّنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -، ويقول ذلك كلما استلمه؛ لما روى جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استلم الركن الذي فيه الحجر وكبّر، وقال: «اللهم وفاء بعهدك وتصديقًا بكتابك» . وعن عليّ –كرم الله وجهه- أنه كن يقول إذا استلم: اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعًا لسُّنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم -. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - مثله، وعن عبد الله بن السائب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول ذلك عند استلامه ثم يجعل البيت عن يساره ويطوف على يمينه؛ لما روى عن جابر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه ثم مشى على يمينه فرمل ثلاثًا ومشى أربعًا» رواه مسلم والنسائي. ولأنه -عليه الصلاة والسلام- طاف كذلك، وقال: «خذوا عني مناسككم» ، وليقرب جانبه الأيسر من البيت، فأول ركن يمر به الطائف يسمى الشامي والعراقي وهو جهة الشام، ثم يليه الركن الغربي والشِّامي وهَوَ جهة المغرب ثم اليماني جهة اليمن، فإذا أتى عليه استلمه، ولم يقبله ولا يستلم ولا يقبل الركنين الآخرين؛ لقول ابن عمر: لم أرى النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسح من الأركان

إلا اليمانيين. متفق عليه. ويرمل طائف ماش غير حامل معذور، وغير نساء وغير محرم من مكة أو قربها فيسرع المشي ويقّارِبُ الخُطا في ثلاثة أشواط ثم بعدها يمشي أربعة أشواط بلا رَمَل. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرملوا ثلاثة أشواط ويمشوا أربعًا ما بين الركنين، متفق عليه. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثًا ومشى أربعًا. وفي رواية: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم؛ فإنه يسعى ثلاثة أطواف بالبيت ويمشي أربعة، متفق عليه. ولا يقضي رمل ولا اضطباع ولا يقضي بعضه إذا فاته في طواف غيره؛ لأنه هيئة عبادة لا تقضي في عبادة أخرى كالجهر في الركعتين الأولتين من مغرب وعشاء وإن تكره في شيء من الثلاثة أتى به فيما بقي منها، والرمل أولى من الدنو من البيت؛ لأن المحافظة على فضيلة تتعلق بنفس العبادة أولى من المحافظة على فضيلة تتعلق بمكانها وزمانها، وتأخير الطواف لزوال الزحام للرمل أو للدنو مِن البيت أولى من تقديم الطواف مع فوات أحدهما ليأتي به على الوجه الأكمل، وكلما حاذ الحجر الأسود والركن اليماني استلمهما استحبابًا؛ لما ورد عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدع أن يستلم الحجر والركن اليماني في كل طوافه، رواه أحمد وأبو داود. لكن لا يقبل إلا الحجر الأسود أو أشار إليهما أي الحجر والركن اليماني إن شق استلامهما، ولا يُسن استلام الشامي وهو أول ركن يمر به ولا استلام الركن الغربي وهو ما يلي الشامي؛ لقول ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني» .

وقال: ما أراه لم يستلم الركنين اللذين يليان الحجر إلا لأن البيت لم يتم على قواعد إبراهيم ولا طاف الناس من وراء الحجر إلا لذلك. وأيضًا فقد أنرك ابن عباس على معاوية استلامهما، وقال: لقد كن لكم في رسول الله أسوة حسنة، فقال معاوية: صدقة، ويقول: طائف كلما حاذى الحجر الأسود الله أكبر فقط؛ لحديث ابن عباس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف على بعير كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء وكبر» رواه البخاري. ويقول بين الركن اليماني وبين الحجر الأسود: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار؛ لما ورد عن عبد الله بن السائب قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ما بين الركنين: «ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار» رواه أبو داود. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وكل به سبعون ملكًا –يعني الركن اليماني-، فمن قال: اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار» ، قالوا: آمين، رواه ابن ماجه. ويقول في بقية طوافه: اللهم اجعله حجًّا مبرورًا وسعيًا مشكورًا، اغفِرْ وارحم واهدني السبيل الأقوم وتجاوز عما تعلم، وأنت الأعز الأكرم، أو يقول غير ذلك من ما أحب ذكرًا ودعا. وكان عبد الرحمن بن عوف يقول: «رب قني شح نفسي» . وعن عروة كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: «لا إله إلا أنت، وأنت تحيى بعد ما أمت» لأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أدعية

س243: ما شروط صحة الطواف؟ وما دليلها؟

مخصوصة للطواف إلا أنه كان يختم طوافه بين الركنين بقوله: «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» . وتُسن القراءة في الطواف؛ لأنها أفضل الذكر، قال في «الاختيارات الفقهية» (ص118) : ويُسن القراءة في الطواف لا الجهر بها؛ فإما إن غلط المصلين، فليس له ذلك إذًا وَجنْسُ القراءة أفضل من جنس الطواف. انتهى. ولا يُسنُّ رَمَل ولا اضطباع في غير هذا الطواف؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إنما رملوا واضطبعوا فيه، ومن طاف راكبًا أو محمولاً لم يجزئه إلا لعذر؛ لحديث: «الطواف بالبيت صلاة» ولأنه عبادة تتعلق بالبيت فلم يجز فعلها راكبًا أو محمولاً لغير عذر، كالصلاة، وإنما طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - راكبًا لعذر. قال ابن عباس وروى: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كثر عليه الناس يقولون: هذا محمد، هذا محمد، حتى خرج العواتق من البيوت، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا تضرب الناس بين يديه، فلما كثروا عليه ركب. رواه مسلم. ولا يجوز للطواف عن حامل المعذور؛ لأن القصد هذا الفعل وهو واحد فلا يقع عن اثنين ووقوعه عن المحمول أولى؛ لأنه لم ينوه إلا لنفسه بخلاف الحامل، وإن نوى حامل الطواف وحْدَهُ دونَ المحمول أو نوى الحامل والمحمول الطواف عن الحامل فَيجزي عنه لخلوص النية منهما للحامل وحكم سعي راكبًا كطواف راكبًا، فلا يجزيه إلا لعذر، وإن حمله بعرفات أجزأ عنهما؛ لأن المقصود الحصول بعرفة وهو موجود. س243: ما شروط صحة الطواف؟ وما دليلها؟ ج: شروط صحة الطواف: أولاً: الإسلام. ثانيًا، وثالثًا: العقل والنية كسائر العبادات. ورابعًا: ستر العورة؛ لحديث: «لا يطوف بالبيت عريان»

متفق عليه. خامسًا: اجتناب النجاسة. سادسًا: الطهارة من الحدث لغير طفل؛ لحديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الطواف بالبيت صلاة إلا أنكم تتكلمون فيه» رواه الترمذي والأثرم. وقوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة لما حاضت: «أفعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تتطهري» رواه البخاري ومسلم. وقال في «الاختيارات الفقهية» : والذين أوجبوا الوضوء للطواف ليس معهم دليل أصلاً، وما روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما طاف توضأ، فهذا لا يدل؛ فإنه كان يتوضأ لكل صلاة (من ص119) . سابعًا: تكميل السبع؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف سبعًا فيكون تفسير لمجمل قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقِ} فيكون ذلك الطواف المأمور به، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا عني مناسككم» ؛ فإن ترك من السبع ولو قليلاً لم يجزئه، وكذا إن سلك الحجر أو طاف على جداره أو على شاذروان الكعبة لم يجزئه؛ لأن قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقِ} يقتضي الطواف بجميعه والحجر منه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الحجر من البيت» متفق عليه. ثامنًا: جعل البيت عن يساره؛ لحديث جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه ثم مشى على يمينه فرمل ثلاثًا ومشى أربعًا» رواه مسلم والنسائي. تاسعًا: كونه ماشيًا مع القدرة فلا يجزي طواف الراكب لغير عذر؛ لحديث: «الطواف بالبيت صلاة» . ولما ورد عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: شكوت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أني أشتكي، فقال: «طوفي من وراء الناس وأنت راكبة» متفق عليه.

قال البخاري (باب المريض يطوف راكبًا) : عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف بالبيت وهو على بعير، كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء في يده وكبر، وساق بعده حديث أم سلمة. انتهى. وعن جابر قال: طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبيت وبالصفا والمروة في حجة الوداع على راحلته يَستلم الحجر بمحجنه؛ لأن يراه الناس وليشرف ويسألوه؛ فإن الناس غَشَوهُ، رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي. وعن عائشة قالت: طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع على بعيره يستلم الركن كراهية أن يصرف عنه الناس. رواه مسلم. فإن فعل لغير عذر، فعن أحمد فيه ثلاث روايات: إحداهن: لا يجزي؛ لأ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الطواف بالبيت صلاة؛ ولأنها عبادة تتعلق بالبيت فلم يجز فعلها راكبًا لغير عذر كالصلاة. والثانية: يجزيه ويجبر بدم وهو قول أبي حنيفة إلا أنه قال: ما كان بمكة؛ فإن رجع جبره بدم؛ لأنه ترك صفة واجبة في ركن الحج أشبه ما لو دفع من عرفة قبل الغروب. والثالثة: يجزي ولا شيء عليه اختارها أبو بكر وهو مذهب الشافعي وابن المنذر. لما روى جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف راكبًا ليراه الناس ويسألوه. قال ابن المنذر: لا قول لأحد مع فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ولأن الله تعالى أمر بالطواف مطلقًا فكيفما أتى به أجزأه، ولا يجوز تقييد المطلق بغير دليل، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس؛ لأنه أحوط. والله أعلم. عاشرًا: الموالاة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - طاف كذلك، وقد قال: «خذوا عني مناسككم» ، ويبتدئ الطواف لحدث فيه تعمده أو سبقه بعد أن تطهر كالصلاة وإن أقيمت الصلاة وهو في الطواف أو حضرت جنازة وهو

فيه صلى، وبنى على ما سبق من طواف؛ لحديث: «إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة» ولأن الجنازة تفوت بالتشاغل، ويبتدئ الشوط من الحجر الأسود فلا يعتد ببعض شوط قطع فيه. الحادي عشر: أن يكون الطواف بالبيت داخل المسجد وحول البيت، فلو طاف خارج المسجد أو داخل الكعبة لم يصح طوافه، وإن طاف في المسجد من وراء حائل من قبة وغيرها أجزأ الطواف؛ لأنه في المسجد وإن طافت على سطح المسجد توجه الإجزاء قاله في الفروع، وإن شك في عدد الأشواط أخذًا باليقين ليخرج من العهدة بيقين، ويقبل قول عدلين في عدد الأشواط كعدد الركعات في الصلاة، فإذا تم طوافه تنفل بركعتين، والأفضل كونهما خلف مقام إبراهيم؛ لحديث جابر في صفة حجه –عليه الصلاة والسلام- وفيه: ثم تقدم إلى مقام إبراهيم، فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} «فجعل المقام بينه وبين البيت، فصلى ركعتين» الحديث رواه مسلم، ولا يشرع تقبيله ولا مسحه فسائر المقامات أولى، وكذا صخرة بنت المقدس، ويقرأ في الركعتين بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} وسورة الإخلاص بعد الفاتحة؛ لما ورد عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ فاتحة الكتاب و {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ} ، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثم عاد إلى الركن فاستلمه، ثم خرج إلى الصفا، رواه أحمد ومسلم والنسائي. ويُسن عوده إلى الحجر الأسود فيستلمه لما تقدم، ويُسن الإكثار من الطواف كل وقت ليلاً ونهارًا وله جمع أسابيع بركعتين لكل أسبوع من تلك الأسابيع فعلته عائشة والمسور بن مخرمة، وكونه –عليه السلام- لا يفعله بالاتفاق ولا تعتبر الموالاة بين الطواف والركعتين؛ لأن عمرَ صلَّاهما بذي طُوى وأخَّرَت أم سلمة الركعتين حين طافت راكبة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، والأولى أن يركع لكل أسبوع ركعتين عقبه ولطائف تأخير

س244: اذكر سنن الطواف وما تستحضره من الآداب التي تنبغي للطائف؟

سعيه عن طوافه بطواف وغيره فلا تجب الموالاة بينهما، ولا بأس أن يطوف أول النهار، ويسمى آخره. س244: اذكر سنن الطواف وما تستحضره من الآداب التي تنبغي للطائف؟ ج: من سننه: أولاً: الرّمل: وهو سُّنة في حق الرجال دون النساء والعجزة، ويُسن في طواف القدوم خاصةً. ثانيًا: الإضطباع: وهو أيضًا خاص بطواف القدوم. ثالثًا: تقبل الحجر الأسود عند بدء الطواف إن أمكن وإلا فلمسه أو الإشارة إليه كافية. رابعًا: قول بسم الله والله أكبر، اللهم إيمانًا بك ... إلخ، كلما استلم الحجر أو أشار إليه. خامسًا: الدعاء أثناء الطواف وهو غير مخصوص إلا ما كان من قوله: «ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار» فقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يختم بها الشوط من طوافه. سادسًا: استلام الركن اليماني باليد. سابعًا: الدنو من البيت. ثامنًا: صلاة ركعتين بعد الفراغ من الطواف خلف مقام إبراهيم وأن يقرأ فيهما بالكافرون والإخلاص، وتقدم أدلة هذه السنن. وينبغي أن يكون الطواف في خشوع تام مع استحضار عظمة الله والخوف منه وأن لا يتكلم إلا لضرورة أو حاجة، وأن لا يؤذي أحدًا بمزاحمة أو غيرها وأن يكثر من الدعاء وقراءة القرآن أو الذكر أو الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن يغض بصره عن النظر إلى النساء والمُرْد. ومما ينبغي للنساء أن يتجَنبْن في طوافهن الزينة والروائح الطيبة، وفي الحالات التي يختلط فيها الرجال مع النساء؛ ولأنهن عورة وفتنة، ووجه المرأة هو أظهر زينتها، فلا يجوز لها إبداؤه إلا لمحارمها؛ لقوله تعالى: {وَلاَ يُبْدِينَ

س245: إذا فرغ من الطواف وصلى الركعتين، فماذا يعمل بعد ذلك؟

زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ} الآية، فلا يجوز لهن كشف الوجه عند تقبيل الحجر الأسود إذا كان يراهن أحد من الرجال الأجانب، وإذا لم يتيَسرْ لهن فسحة لاستلام الحجر وتقبيله، فلا يجوز لهن مزاحمة الرجال، بل يطفن من ورائهم، وذلك خير لهن. س245: إذا فرغ من الطواف وصلى الركعتين، فماذا يعمل بعد ذلك؟ ج: ثم بعد ما يفرغ من ركعتي الطواف وأراد السعي سن عوده إلى الحجر فيستلمه؛ لما ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «طاف وسعَى رَمَل ثلاثًا ومشى أربعًا ثم قرأ: {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} فصلى سجدتين وجعل المقام بينه وبين الكعبة ثم استلم الركن، ثم خرج» الحديث رواه النسائي. ثم يخرج للسعي من باب الصفا فيرقى الصفا ليرى البيت ويستقبله ويكبر ثلاثًا، ويقول ثلاثًا: الحمد لله على ما هدانا لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير، وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده؛ لحديث جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دنا من الصفا قرأ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ} ابدأ بما بدأ الله عز وجل به، فبدأ بالصفا، فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة، فوحَّد الله وكبره، وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده» . ثم دعا بين ذلك، فقال مثل هذا ثلاث مرات ثم نزل إلى المروة حتى انصَبَّتْ قدماه في بطن الوادي حتى إذا صَعدنا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة، كما فعل الصفا» رواه مسلم، وكذلك أحمد والنسائي بمعناه. ويدعو بما أحب؛ لحديث أبي هريرة «أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ من

س246: بين شروط السعي واذكر أدلتها؟ وتعرض للخلاف مع الترجيح؟ وتكلم عما يسن في حق المعتمر؟ وعن المتمتع الذي لم يسق هديا والمعتمر غير المتمتع؟ وما الحكم فيما إذا ترك الحلق أو التقصير في عمرته ووطئ قبله؟ ومتى يقطع التلبية المتمتع والمعتمر؟ وهل يلبي في الطواف؟

طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت، ورفع يديه فجعل يدعو بما شاء أن يدعو» رواه مسلم. ولا يلبي لعدم نفله، ثم ينزل من الصفا فيمشي حتى يبقى بينه وبين العلم ستة أذرع فيسعى ماشيًا سعيًا شديدًا إلى العلم الآخر، ثم يمشي حتى يرقى المروة، فيقول مستقبل القبلة كما قاله في الصفا من تكبير وتهليل ودعاء، ويجب استيعاب ما بين الصفا والمروة، فيلصق عقبه بأصلهما أي الصفا والمروة بابتدائه في كل منهما، والراكب يفعل ذلك في دابته فمن ترك شيئًا مما بينهما لم يجزئه سعيه، ثم ينزل من المروة فيمشي في موضع مشيه ويسعى في موضع سعيه إلى الصفا يفعله سبعًا ذهابه سَعْيَةَ ورجوعه سَعْيَةً يفتتح بالصفا ويختم بالمروة للخبر؛ فإن بدأ بالمروة سقط الشوط الأول، فلا يحتسب به ويكثر من الدعاء والذكر فيما بين ذلك. قال أحمد: كان ابن مسعود إذا سعى بين الصفا والمروة قال: رب اغفر وارحم واعف عما تعلم وأنت الأعز الأكرم. وقال –عليه الصلاة والسلام-: «إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة؛ لإقامة ذكر الله عز وجل» قال الترمذي: حسن صحيح. س246: بين شروط السعي واذكر أدلتها؟ وتعرض للخلاف مع الترجيح؟ وتكلم عما يُسن في حق المعتمر؟ وعن المتمتع الذي لم يسق هديًا والمعتمر غير المتمتع؟ وما الحكم فيما إذا ترك الحلق أو التقصير في عمرته ووطئ قبله؟ ومتى يقطع التلبية المتمتع والمعتمر؟ وهل يلبي في الطواف؟ ج: شروط صحته - أي السعي، ثمانية: النية، والإسلام، والعقل لما تقدم، والرابع: المولااة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - والى بَيْنَه، وقال: «خذوا عني مناسككم» وقياسًا على الطواف.

قال في «الشرح الكبير» : والموالاة في السعي غير مشترطة في ظاهر كلام أحمد –رحمه الله-؛ فإنه قال في رجل كان بين الصفا والمروة فلقيه قادم بعرفة يقف يسلم عليه ويسأله قال: نعم، أمر الصفا سهل إنما كان يكره الوقوف في الطواف بالبيت؛ فأما بين الصفا والمروة فلا بأس، وقال القاضي: تشترط الموالاة قياسًا على الطواف. وحكى رواية عن أحمد والأول أصح؛ فإنه نسك لا يتعلق البيت فلم تشترط له الموالاة كالرمي والحلاق. قد روى الأثرم أن سودة بنت عبد الله بن عمر امرأة عروة بن الزبير سَعَت بين الصفا والمروة فَقَضَتْ طوافها في ثلاثة أيام وكانت ضخمة، وكان عطاء لا يرى بأسًا أن يستريح بينهما، ولا يصح قياسه على الطواف؛ لأن الطواف يتعلق بالبيت وهو صلاة وتشترط له الطهارة والستارة، فاشترط له الموالاة بخلاف السعي. انتهى (3/408) . والذي يترجح عندي وأرى أنه الأحوط اشتراط الموالاة لمولاته - صلى الله عليه وسلم - له، وقوله: «خذوا عني مناسككم» . والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. والخامس: المشي مع المقدرة، قال في «الشرح الكبير» : ويجزئ السعي راكبًا ومحمولاً ولو لغير عذر، وفي «الكافي» : يُسن أن يمشي؛ فإن ركب جاز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سعى راكبًا. السادس: كونه بعد طواف ولو مسنونًا كطواف القدوم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما سعى بعد الطواف، وقال: «خذوا عني مناسككم» . والسابع: تكميل السبع يبدأ بالصفا ويختم بالمروة؛ لما في حديث جابر. الثامن: استيعاب ما بين الصفا والمروة ليتيقن الوصول إليهما في كل

شوط، والمرأة لا ترقى الصفا والمروة؛ لأنها عورة، ولا تسعى سعيًا شديدًا؛ لأنه لإظهارِ الجَلد ولا يقصد ذلك في حقها، بل المقصود منها السَّتر وذلك تعرض للانكشاف. قال في «الشرح الكبير» : لا يُسن للمرأة أن ترقى على المروة لئلا تزاحم الرجال؛ ولأن ذلك أستر لها ولا يُسن لها الرمل. قال ابن المنذر: أجمع كل من تحفظ عنه من أهل العلم على أنه لا رَمَل على النساء حول البيت ولا بين الصفا والمروة، وذلك لأن الأصل في ذلك إظهار الجلد ولا يقصد ذلك في حقهنّ؛ ولأن النساء يقصد منهن الستر، وفي ذلك تعرض للانكشاف فلم يُستحب لهن (3/408) . وتُسن مبادرة معتمر بالطواف والسعي لفعله –عليه الصلاة والسلام-، وسنّ تقصير المتمتع إذا لم يكن معه هدي ليحلق شعره بالحج ويتحلل متمتع لم يسق هديًا ولو لبَّد رأسه؛ لأن عمرته تمت بالطواف والسعي والتقصير؛ لحديث ابن عمر: تمتع الناس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعمرة إلى الحج، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة، قال: «من كان معه هدي؛ فإنه لا يحل من شيء أحرم منه حتى يقضي حجه، ومن لم يكن معه هدي، فليطف بالصفا والمروة، وليُقَصِّر وليحلل» متفق عليه. ومن معه هدي أدخل الحج على العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا والمعتمر غير المتمتع يحل سواء كان معه هدي أو لا في أشهر الحج أو غيرها وإن ترك الحلق أو التقصير في عمرته ووطئ قبله فعليه دم وعمرته صحيحة. وروي أن ابن عباس سُئل عن امرأة معتمرة وقع بها زوجها قبل أن تقصر؟ قال: من ترك من مناسكه شيئًا أو نسيه فليهرق دمًا قِيلَ فإنها موسرة، قال: فلتنْحَر ناقةً، ويقطع التلبية متمتع ومعتمر إذا شرع في الطواف؛

س247: اذكر ما تستحضره من سنن السعي وآدابه؟

لحديث ابن عباس مرفوعًا: «كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر» . قال الترمذي: حسن صحيح، وقال النووي: الصحيح أنه لا يلبي في الطواف ولا في السعي؛ لأن لها أذكارًا مخصوصة، ومن أجازها كره الجهر بها لئلا يخلط على الطائفين. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س247: اذكر ما تستحضره من سنن السعي وآدابه؟ ج: من سننه الطهارة من الحدث والنجس، فلو سعى مُحْدِثًا أو نجسًا أجزأه؛ لأنها عبادة لا تتعلق بالبيت أشبهت الوقوف بعرفة. ومنها ستر العورة فلو سعى عريانًا أجزأه ذلك في قول أكثر أهل العلم؛ لكن ستر العورة واجب مطلقًا، ومن سننه: الموالاة بينه وبين الطواف بأن لا يفرق بينهما طويلاً، وقال عطاء: لا بأس أن يطوف أول النهار ويسعى في آخره. ومن سننه: السعي شديد بين الميلين، وهو سُّنة في حق الرجل القَادِر عليه. ومن سننه: الوقوف على الصفا والمروة للدعاء فوقهما. ومن سننه: الدعاء على كل من الصفا والمروة في كل شوط من الأشواط السبعة. ومن سننه: قول «الله أكبر» ثلاثًا عند رقيِّه على الصفا والمروة في كل شوط، وكذا قول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده» ، ويقول: «لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم اعصمني بدينك وطواعيتك وطواعية

رسولك، اللهم جنبني حدودك، اللهم اجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك وأنبيائك ورسلك وعبادك الصالحين، اللهم حببني إليك وإلى ملائكتك ورسلك وإلى عبادك الصالحين، اللهم يسِّرني لليسرى وجنبني للعسرى، واغفر لي في الآخر والأولى، واجعلني من أئمة المتقين واجعلني من ورثة جنة النعيم، واغفر لي خطيئتي يوم الدين، اللهم إنك قلت إدعوني أستجب لكم وإنك لا تخلف الميعاد، اللهم إذ هديتني للإسلام فلا تنزعني منه، ولا تنزعه مني حتى تتوفاني على الإسلام، اللهم لا تقدمني للعذاب، ولا تؤخرني لسوء الفتن» هذا دعاء عبد الله بن عمر، قال أحمد: يدعو به، قال نافع بعده: ويدعو دعاءً كثيرًا حتى إنه ليملّنا ونحن شباب. ومما يَنبغي للساعي أن يغض بصرهِ عن المحارم وأن يكُفَّ لسانه عن المآثم وأن لا يؤذي أحدًا من الساعين أو غيرهم بقول أو فعل، وأن يستحضر في نفسه ذلَّه وفقره وحاجته إلى الله في هداية قلبه وإصلاح حاله ونفسه وغفران ذنوبه. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

صفة الحج والعمرة وما يتعلق بذلك

34- صفة الحج والعمرة وما يتعلق بذلك س248: تكلم بوضوح عما يلي: متى يُسن لمحل بمكة وقربها ومتمتع حل من عمرته إحرام بحج؟ متى يُسن الخروج إلى منى؟ متى السير إلى عرفة؟ وما الذي تتَضمَّنه الخطبة بنمرة؟ وإذا فرغ من الخطبة فماذا يعمل؟ واذكر ما تستحضره من الدعاء في يوم عرفة؟ ج: يُسن لمحل بمكة وقربها ومتمتع حل من عمرته إحرام بحج في ثامن ذي الحجة وهو يوم التروية؛ لقول جابر في صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم - فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ومَن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج سمي الثامن بذلك؛ لأنهم كانوا يرتوون فيه الماء لما بعده إلا من لم يجد هديًا وصام فيستحب له أن يحرم في سابع ذي الحجة ليصوم الثلاثة أيام في إحرام الحج. ويُسن لمن أحرم من مكة أو قربها أن يكون إحرامه بعد فعل ما يفعله في إحرامه من الميقات من الغسل والتنظيف والتطيب في بدنه وتجرده من المخيط في إزار ورداء أبيضين نظيفين ونعلين وبعد طواف وصلاة ركعتين ولا يطوف بعده لوداعه؛ لعدم دخول وقته فلو طاف وسعى بعده لم يجزئه سعيه لحجه ويحرم ندبًا من مسكنه؛ لأن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أقاموا بالأبطح وأحرموا بالحج منه يوم التروية عن أمره - صلى الله عليه وسلم -، ولم يأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يذهبوا إلى البيت فيحرموا عنده أو عند الميزاب ولو كان ذلك مشروعًا لعلمهم إياه والخير كله في اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم - وجاز وصح إحرامه من خارج الحرم ولا دم عليه ثم يخرج إلى منى قبل الزوال ندبًا فيصلي بها الظهر مع الإمام ثم يقيم بها إلى الفجر ويصلي مع الإمام؛ لحديث جابر وَرَكب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى منى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلاً

حتى طلعت الشمس، فإذا طلعت الشمس يوم عرفة سار من منى، فأقام بنمرة إلى الزوال فيخطب بها الإمام أو نائبه خطبة قصيرة مفتتحة بالتكبير يعلمهم فيها الوقوف ووقته والدفع منه والمبيت بمزدلفة؛ لحديث جابر: «إذا جاء عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء فرَحِلتْ له فأتى بطن الوادي، فخطب الناس ثم يجمع من يجوز له الجمع لمن بعرفة من مكيّ وغيره» قاله في الشرح. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الإمام يجمع بين الظهر والعصر بعرفة وكذلك كل من صلى مع الإمام، وذكر أصحابنا أنه لا يجوز الجمع إلا لمن بينه وبين وطنه ستة عشر فرسخًا إلحاقًا له بالقصر والصحيح الأول؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع معه من حضر من المكيين وغيرهم فلم يأمرهم بترك الجمع كما أمرهم بترك القصر حين قال: «أتموا، فإنا سفر» ولو حرم لبينه لهم؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا يقرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على الخطأ، وقد كان عثمان - رضي الله عنه - يتم الصلاة؛ لأنه اتخذ أهلاً ولم يترك الجمع، وروى نحو ذلك عن ابن الزبير وكان عمر بن عبد العزيز والي مكة، فخرج فجمع بين الصلاتين، ولم يبلغنا عن أحد من المتقدمين الخلاف في الجمع بعرفة ومزدلفة، بل وافق عليه من لا يرى الجمع في غيره، والحق فيما أجمعوا عليه فلا يعرِّج على غيره؛ فأما قصر الصلاة فلا يجوز لأهل مكة، وبه قال عطاء ومجاهد والزهري وابن جريج والثوري ويحيى القطان والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر، وقال القاسم بن محمد سالم، ومالك والأوزاعي لهم القصر؛ لأن لم الجمع فكان لهم القصر كغيرهم، وفي «مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية» في (26/129) : ويسيرون منها إلى نمرة على طريق ضب من يمين الطريق ونمرة كانت قرية خارجة من عرفات من جهة اليمين فيقيمون بها إلى الزوال، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يسيرون منها إلى بطن الوادي وهو موضع النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي صلى فيه الظهر والعصر وخطب وهو في حدود عرفة ببطن

عرنة، وهناك مسجد يقال له: مسجد إبراهيم؛ وإنما بني في أول دولة بني العباس، فيصلي هناك الظهر والعصر قصرًا، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ويصلي خلفه جميع الحاج أهل مكة وغيرهم قصرًا وجمعًا، يخطب بهم الإمام كما خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - على بعيره ثم إذا قضى الخطبة أذن المؤذن وأقام ثم يصلي كما جاءت بذلك السُّنة ويصلي بعرفة ومزدلفة ومنى قصرًا ويقصر أهل مكة وكذلك يجمعون للصلاة بعرفة ومزدلفة ومنى، كما كان أهل مكة يفعلون خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة ومزدلفة ومنى، وكذلك كانوا يفعلون خلف أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - ولم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا خلفاؤه أحدًا من أهل مكة أن يتموا الصلاة ولا قالوا لهم بعرفة ومزدلفة ومنى، أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر. ومن حكى ذلك عنهم فقد أخطأ؛ ولكن المنقول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ذلك في غزوة الفتح لما صلى بهم بمكة. وأما في حجه؛ فإنه لم ينزل بمكة؛ ولكن كان نازلاً خارج مكة وهناك كان يصلي بأصحابه. وفي (ص168) قال: ومن سُّنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه جمع بالمسلمين جميعهم بعرفة بين الظهر والعصر وبمزدلفة بين المغرب والعشاء وكان معه خلق كثير ممن منزله دون مسافة القصر من أهل مكة وما حولها ولم يأمر حاضري المسجد الحرام بتفريق كل صلاة في وقتها ولا أن يعتزل المكيون ونحوهم فلم يصلوا معه العصر وأن ينفردوا فيصلوها في أثناء الوقت دون سائر المسلمين؛ فإن هذا مما يعلم بالاضطرار لمن تتبع الأحاديث أنه لم يكنُ وهو قول مالك وطائفة من أصحاب الشافعي وأحمد وعليه يدل كلام أحمد. انتهى. ويعجل لحديث جابر: «ثم أذَّن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئًا» ، وقال سالم للحجاج بن يوسف يوم عرفة: إن كنت تريد أن تصيب السُّنة فقصر الخطبة، وعجل الصلاة، فقال عمر: «صدق» رواه البخاري. ثم يأتي عرفة وكلها موقف؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «فقد وقفت هاهنا

وعرفة كلها موقف» رواه أبو داود وابن ماجه إلا بطن عُرَنة؛ لحديث: «كل عرفة موقف، وارفعوا عن بطن عُرَنة» رواه ابن ماجه فلا يجزي وقوفه فيه؛ لأنه ليس من عرفة كمزدلفة وعرفة من الجبل المشرف على عرنة إلى الجبال المقابلة له إلى ما يلي حوائط بني عامر، وسن وقوفه راكبًا لفعله –عليه الصلاة والسلام- وقف على راحلته بخلاف سائر المناسك فيفعلها غير راكب. وسن وقوفه مستقبل القبلة عند الصخرات وجبل الرحمة ولا يشرع صعوده ويرفع يديه واقفًا بعرفة ندبًا ويكثر الدعاء والاستغفار والتضرع وإظهار الضعف والافتقار، ويلح في الدعاء ولا يستبطئ الإجابة ويحاسب نفسه ويجدد توبة نصوحًا؛ لأن هذا يوم عظيم ومجمع كبير يجود الله فيه على عباده ويباهي بهم ملائكته. عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟» أخرجه مسلم والنسائي، وقال: عبدًا أو أمة من النار. وعن طلحة بن عبد الله بن كريز أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما رُئي الشيطان يومًا هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لِمَا يرى من تنزَّل الرَّحَمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام، إلا ما رُئي يوم بدر» ، قيل: وما رُئي يوم بدر؟ قال: «أما أنه رأى جبريل يزع الملائكة» أخرجه مالك. ويجتهد في أن يقطر من عينه قطرات من الدموع، ويكرر الاستغفار، والتلفظ بالتوبة من جميع المخالفات، ويسأل الله أن يعتقه من النار؛ لأنه يوم يكثر فيه العتقاء من النار، وما رُئي الشيطان في يوم هو أدحر ولا أصغر منه في يوم عرفة إلا ما رُئي يوم بدر. وذلك لما يرى من وجود الله على عباده وإحسانه إليهم وكثرة عتقه ومغفرته.

ويكرر الدعاء ويكثر من قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، اللهم اجعل في قلي نورًا، وفي بصري نورًا، وفي سمعي نورًا، ويسر لي أمري؛ لحديث: «أفضل الدعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له» رواه مالك في «الموطأ» . وعن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده: «كان أكثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على كل شيء قدير» . وعن الزبير بن العوام قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بعرفة يقرأ هذه الآية: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا العِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ} وأنا على ذلك من الشاهدين يارب» . أخرجهما أحمد في «المسند» . وعن علي –عليه السلام- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أكثر من كان قبلي من الأنبياء ودعائي يوم عرفة أن أقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم اجعل في بصري نورًا، وفي سمعي نورًا، وفي قلبي نورًا، اللهم اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، اللهم إني أعوذ بك من وسواس الصدر وشتات الأمر، وشر فتنة ما يلج في الليل، وشر ما يلج في النهار، وشر ما تهب به الرياح، وشر بوائق الدهر» أخرجه البيهقي. وعن طلحة بن عبد الله بن كريز قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة، وأفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله

س249: تكلم عن وقت الوقوف؟ وماذا يلزم من وقف نهارا ودفع قبل الغروب مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟

إلا الله وحده لا شريك له» أخرجه مالك وأخرجه البيهقي في كتاب «الدعوات الكبير» هكذا مرسلاً مبتورًا. وعن سالم بن عبد الله أنه كان يقول بالموقف: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله إلهًا واحدًا ونحن له مسلمون، لا إله إلا الله ولو كره المشركون، لا إله إلا الله ربنا ورب آبائنا الأولين، ولم يزل يقول ذلك حتى غابت الشمس، ثم التفت إلى بكير بن عتيق، فقال: قد رأيت لو ذانَكَ بي اليوم، ثم قال: حدثني أبي عن أبه عمر بن الخطاب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يقول الله: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين» أخرجه أبو ذر. س249: تكلم عن وقت الوقوف؟ وماذا يلزم من وقف نهارًا ودفع قبل الغروب مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟ ج: وقت الوقوف بعرفة من فجر يوم عرفة إلى فجر يوم النحر؛ لقول جابر: «لا يفوت الحج حتى يطلع الفجر من ليلة جمع» ، قال أبو الزبير، فقلت له: أقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك؟ قال: نعم. وعن عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة بن لام الطائي قال: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة، فقلت: يا رسول الله، إني جئت من جبل طيء أكللت راحتي وأتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه، فهل ي من حج، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهارًا، فقد تم حجه، وقضى تفثه» رواه الخمسة، وصححه الترمذي. وعن عبد الرحمن بن يعمر أن ناسًا من أهل نجد أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو واقف بعرة، فسألوه، فأمر مناديًا فنادى: «الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل الطلوع الفجر، فقد أدرك» الحديث رواه الخمسة.

ودخول وقت الوقوف بعرفة من طلوع الفجر يوم عرفة (من المفردات) قال ناظم المفردات: وقت الوقوف عندنا فيدخلُ ... في يوم تعريف بفجر نقلوا وقال مالك والشافعي وغيرهما: أول وقته زوال الشمس يوم عرفة واختاره أبو حفص العكبري، وحكاه بعضهم إجماعًا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما وقف بعد الزوال، وقد قال: «خذوا عني مناسككم» واختاره الشيخ تقي الدين. ووجه الدلالة للقول الأول: ظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فمن وقف بعرفة ساعَةً من ليل أو نهار، فقد تم حجه» ولأنه من يوم عرفة فكان وقتًا للوقوف كبعد العشاء، وإنما وقفوا في وقت الفضيلة ولم يستوعبوا جميع وقت الوقوف، قاله في «المغني» ، والقول الأول هو الذي يترجح عندي، وأن ابتداءه من فجر يوم عرفة. والله أعلم. فمن حصل في هذا الوقت بعرفة ولو لحظة، وهو أهل ولو مارًا أو نائمًا أو حائضًا أو جاهلاً أنها عرفة صح حجه؛ لعموم حديث عروة بن مضرس، وتقدم لا إن كان سكرانًا أو مغمى عليه؛ لعدم العقل إلا أن يفيقوا وهم بها قبل خروج وقت الوقوف، وكذا لو أفاقوا بعد الدفع منها وعادوا فوقفوا بها في الوقت. ومن فاته الوقوف بعرفة بأن طلع فجر يوم النحر ولم يقف بها فاته الحج، ويجب أن يجمع في الوقوف بين الليل والنهار من وقف نهارًا؛ لفعله - صلى الله عليه وسلم - مع قوله: «خذوا عني مناسككم» . فإن دفع قبل غروب الشمس ولم يعد بعد الغروب من ليلة النحر إلى عرفة أو عاد إليها قبل الغرُوب ولم يقع الغرُوب وهو بعرفة فعليه دم لتركه واجبًا؛ فإن عاد إليها ليلة النحر فلا دم عليه؛ لأنه أتى بالواجب وهو الوقوف في النهار والليل، كمن تجاوز الميقات بلا إحرام ثم عاد إليه فأحرم منه.

س250: بين حدود مزدلفة؟ ولم سميت بذلك؟ ومتى وقت الدفع إليها وما صفته؟ وماذا يعمل إذا بلغ مزدلفة؟ ومتى وقت الدفع من مزدلفة؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تفصيل أو خلاف؟

ومن وقف ليلاً فقط فلا دم عليه؛ لحديث من أدرَكَ عرفات بليل فقد أدرك الحج؛ ولأنه لم يدرك جزءًا من النهار فأشبه مَن منزله دون الميقات إذا أحرم منه. ووقفة الجمعة في آخر يومها ساعة الإجابة، عن أنس - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «التمسوا الساعة التي ترجى في يوم الجمعة بعد صلاة العصر إلى غيبوبة الشمس» رواه الترمذي. وعن جابر - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يوم الجمعة إثنتي عشرة ساعة لا يوجد عبد مسلم يسأل الله عز وجل شيئًا إلا آتاه إياه فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر» رواه أبو داود والنسائي، واللفظ له، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. قال ابن القيم في «الهدي» : وأما ما استفاض على ألسنة العوام من أنها تعدل إثنتين وسبعين حجة باطل لا أصل له. س250: بيِّن حدود مزدلفة؟ ولم سميت بذلك؟ ومتى وقت الدّفع إليها وما صفته؟ وماذا يعمل إذا بلغ مزدلفة؟ ومتى وقت الدفع من مزدلفة؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تفصيل أو خلاف؟ ج: يدفع بعد الغروب من عرفة إلى مزدلفة وحدها ما بين المأزمين ووادي محسّر، وسميت بذلك من الزّلف وهو التقرُّب؛ لأن الحاج إذا أفاضوا من عرفات ازدلفوا إليها، أي تقربوا ومضوا إليها، وتسمى أيضًا: جمعًا، لاجتماع الناس بها. ويُسن كون دفعه بسكينة؛ لقول جابر ودفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد شنق القصواء بالزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك وحله، ويقول بيده اليمنى: أيها الناس، السكينة السكينة ويسرع في الفجوة؛ لحديث أسامة بن زيد: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسير العنق؛ فإذا وجد فجوة نصّ أي أسرع» ، فإذا بلغ مزدلفة جمع العشاءين

بها من يجوز له الجمع قبل حط رحله؛ لحديث أسامة بن زيد قال: «دفع النبي - صلى الله عليه وسلم - من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل، فبال ثم توضأ، فقلت له: الصلاة يا رسول الله، فقال: «الصلاة أمامك» فركب، فلما جاء مزدلفة، نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة، فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت الصلاة، فصلى العشاء، ولم يصل بينهما» متفق عليه. وإن صلى المغرب بالطريق ترك السُّنة وأجزأه؛ لأن كل صلاتين جاز الجمع بينهما، جاز التفريق بينهما كالظهر والعصر بعرفة، وفعله –عليه الصلاة والسلام- محمول على الأفضل. ومن فاتته الصلاة مع الإمام بعرفة أو مزدلفة جمع وحده لفعل ابن عمر ثم يبيت بمزدلفة وجوبًا؛ لأنه –عليه الصلاة والسلام- بات بها، وقال: «خذوا عني مناسككم» وليس بركن لحديث: «الحج عرفة، فمن جاء قبل ليلة جمع، فقد تم حجه» أي جاء عرفة. وللحاج الدفع من مزدلفة قبل الإمام بعد نصف الليل؛ لحديث ابن عباس: «كنت فيمن قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - في ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى» متفق عليه. وعن عائشة قالت: «أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأم سلمة ليلة النحر فزمَتَ قبل الفجر، ثم مضت، فأفاضت» رواه أبو داود. وعن أم حبيبة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث بها من جمع بليل. وعن عائشة: كانت سودة امرأة ثبطة، فاستأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تفيض من جمع بليل، فأذن لها، قالت عائشة: «فليتني استأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما استأذنته سودة» وكانت عائشة لا تَفيضُ إلا مع الإمام، أخرجه الشيخان. والأولى أن لا يخرج من مزدلفة قبل الفجر إلا الضعفة من النساء والصبيان ونحوهم؛ فإنه يجوز لهم الخروج منها ليلاً إذا غاب القمر.

س251: تكلم بوضوح عن الدفع من مزدلفة قبل نصف الليل؟ وهل يجب على من دفع قبله شيء؟ وما هو الذي يقال عند المشعر الحرام؟ وما الحكمة في التبكير في صلاة الصبح إذا أصبح بها ومتى يسير منها؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل؟

أما الدليل على أن الإذن بالدفع قبل الفجر يختص بالضعفة، فحديث ابن عباس؛ ولما ورد عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لضعفة الناس أن يدفعوا من المزدلفة بليل. أخرجه أحمد. وعند أنه كان يقدم نساءه وصبيانه من المزدلفة إلى منى حتى يصلوا الصبح بمنى ويرموا قبل أن يأتي الناس. أخرجه مالك والبغوي في «شرحه» . وعن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - أنه كان يقدم أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وضعفة أهله من جمع بليل إلى منى قبل الفجر، وفي رواية: «أن عبد الرحمن كان يصلي بأمهات المؤمنين الصبح بمنى» أخرجه سعيد بن منصور. وعن طلحة بن عبيد أنه كان يقدم أهله من المزدلفة حتى يصلوا الصبح بمنى، أخرجه مالك وسعيد بن منصور. وأما الدليل على أنه إذا غاب القمر، فلما ورد عن عبد الله مولى أسماء قال: قالت أسماء عند دار المزدلفة: هل غاب القمر؟ قلت: لا، فصلت ساعة، ثم قالت لي: هل غاب القمر؟ قلت: نعم، قالت: ارتحل، فارتحنا حتى رمت الجمرة، ثم صلت في منزلها، فقلت لها: أي هَنْتَاهْ، لقد غسلنا، فقالت: كلا إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن للظُّعْن، ومن طريق آخر: أذن للضعفة. أخرجه الشيخان. والله أعلم. س251: تكلم بوضوح عن الدفع من مزدلفة قبل نصف الليل؟ وهل يجب على من دفع قبله شيء؟ وما هو الذي يقال عند المشعر الحرام؟ وما الحكمة في التبكير في صلاة الصبح إذا أصبح بها ومتى يسير منها؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل؟ ج: وفي الدفع من مزدلفة قبل نصف الليل على يغر رعاة وغير سقاة زمزم دمٌ مَا لمْ يَعُدْ إليها قبل الفجر؛ فإن عاد إليها قبله فلا دم عليه، ومَن أصبح بمزدلفة صلى الصبح بغلس؛ لحديث جابر الذي رواه مسلم وأبو داود،

س252: تكلم عن حصى الجمار بوضوح؟ مبينا ما يجزي الرمي به، ومقداره؟ وما لا يجزي الرمي به وعدده؟ وحدود منى وبأي الجمار يبدأ؟ وما الذي يشترط للرمي؟ وما صفة الرمي؟ وما الذكر الذي يقال مع كل حصاة؟ ومتى وقت الرمي؟ وماذا يعمل بعد الرمي؟ ومتى يحل؟

وفيه: «ثم اضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب» الحديث. وقال ابن مسعود: «ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة إلا لميقاتها، إلا صلاتين صلاة المغرب والعشاء، وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها» رواه الثلاثة. وليتسع وقت وقوفه بالمشعر الحرام فرقي عليه إن سهل أو وقف عنده وحمد الله وهلَّل وكبر ودعا، فقال: اللهم كما وقَّفْتَنا فيه وأريتنا إياه، فَوفَّقْنا لذكرك، كما هديتنا واغفر لنا وارحمنا، كما وعدتنا بقولك وقولك الحق: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ} الآيتين إلى {غَفُورٌ رَّحِيمٌ} يكرره إلى الإسفار؛ لحديث جابر مرفوعًا: «لم يزل واقفًا عن المشعر الحرام حتى أسفر جدًّا، فإذا أسفَرَ جدًّا سار قبل طلوع الشمس» ، قال عمر: كان أهل الجاهلية لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس، ويقولون: أشرق ثبير كيما نغير، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالفهم، فأفاض قبل أن تطلع الشمس. رواه البخاري. ويسير إذا دفع من المزدلفة وعليه السكينة لحديث ابن عباس ثم أردف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفضل بن عباس ثم قال: «أيها الناس إن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل فعليكم السكينة» فإذا بلغ محسر أسرع رمية حجر إن كان ماشيا وإلا حرك دابته لقول جابر حتى أتى محسرًا فحرك قليلاً، وعن ابن عمر أنه كان يجهد ناقته إذا مر بمحسر أخرجه سعيد بن منصور. س252: تكلم عن حصى الجمار بوضوح؟ مبيِّنًا ما يجزي الرمي به، ومقداره؟ وما لا يجزي الرمي به وعدده؟ وحُدُودَ منى وبأي الجمار يبدأ؟ وما الذي يشترط للرَّمي؟ وما صفة الرمي؟ وما الذكر الذي يُقال مع كل حصاة؟ ومتى وقت الرمي؟ وماذا يعمل بعد الرمي؟ ومتى يحل؟ ج: يأخذ حصى الجمار من حيث شاء وعدده سبعون حصاة أكبر من الحمص ودون البندق كحصى الخَذْف؛ لحديث ابن عباس: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة

العقبة: «الْقطْ لي حَصىَ» فَلَقَطتُ له سبعَ حصيات من حصى الخذف فجعل يقبضهنَّ في كفه، ويقول: «أمثال هؤلاء فارموا» ، ثم قال: «أيها الناس، إياكم والغلوَّ في الدين؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلوَّ في الدين» رواه ابن ماجه. وكان ذلك بمنى، قاله في «الشرح الكبير» . ولا يُسنَّ غسل الحصَى، قال أحمد: لم يبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله، ولا يرمي بحَصىَ قد رُميَ به، والسُّنة التقاطُ سبع في اليوم الذي يرمي به جمرة العقبة اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ أما الأيام الثلاثة فيلتقط كل يوم إحدى وعشرين حصاة يرمي بها الجمار الثلاثة. ولا تجزي صغيرة جدًا أو كبيرة، ولا بغير الحصى كجوهر وزمرد وياقوت وذهب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رمى بالحصى، وقال: «خذوا عني مناسككم» ، فإذا وصل منى وهو ما بين وادي محسَّر وجمرة العقبة بَدأ بها فرماها راكبًا أو ماشيًا كيفما شاء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رماها على راحلته، رواه جابر وابن عمر وأمَّ أبي الأحوص وغيرهم. وقال جابر: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول: «خذوا عني مناسككم، فإني لا أدري لعَلي لا أحج بعد حجتي هذه» رواه مسلم. وقال نافع: وكان ابن عمر يرمي جمرة العقبة على دابته يوم النحر، وكان لا يأتي سائرها بعد ذلك إلا ماشيًا ذاهبًا وراجعًا، رواه أحمد في «المسند» . ويرميها بسبع واحدة بعد أخرى؛ لحديث جابر حتى إذا أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها، ويشترط الرمي للخبر، فلا يجزي الوضع في المرمى؛ لأنه ليس برمي، ويجزي طرحها، ويشترك كون الرمي واحدة بعد واحد، فلو رمى أكثر من حصاة دفعة واحدة لم يجزئه إلا عن حصاة واحدة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رمى سبع رميات،

وقال: «خذوا عني مناسككم» ويشترط عِلْمُهُ بحصولها في المرمى في جمرة العقبة، وفي سائره الجمرات؛ لأن الأصل بقاء الرمي في ذمّته فلا يزول بالظن ولا بالشك فيه، ووقت الرمي من نصف ليلة النحر لمن وقف قبله؛ لحديث عائشة مرفوعًا: «أمَرَ أمَّ سَلمَةَ ليلة النحر فرمت جمرة العَقبة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت» رواه أبو داود. وروي أنه أمرها أن تعجل الإفاضة وتوافي مكة مع صلاة الفجر احتج به أحمد؛ ولأنه وقت للدفع من مزدلفة أشبه ما بعد طلوع الشمس. وقال في «المغني» : وَلرَمي هذه الجمرة وقتان وقت فضيلة ووقت إجزاء؛ فأما وقت الفضيلة فبعد طلوع الشمس. قال ابن عبد البر: أجمع علماء المسلمين على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما رماها ضحى ذلك اليوم. وقال جابر: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمي الجمرة ضحى يوم النحر وحده، ورمى بعد ذلك بعد زوال الشمس» أخرجه مسلم. وقال ابن عباس: قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُغَيْلمَةَ بني عبد المطلب على أحْمِرَاتٍ لنا من جمع، فجعل يلطخ أفخاذنا، ويقول: «يا بني عبد المطلب، لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» رواه ابن ماجه، وكان رميها بعد طلوع الشمس يجزئ بالإجماع وكان أولى. وأما وقت الجواز، فأوله نصف الليل من ليلة النحر، وبذلك قال عطاء وابن أبي ليلى عكرمة بن خالد والشافعي، وعن أحمد أنه يجزي بعد الفجر قبل طلوع الشمس وهو قول مالك وأصحاب الرأي، وإسحاق، وابن المنذر. وقال مجاهد والثوري والنخعي: لا يرميها إلا بعد طلوع الشمس؛ لما روينا من الحديث، انتهى. فإن غربت شمس يوم النحر قبل الرمي؛ فإنه يرمي تلك

الجمرة من غد بعد الزوال؛ لقول ابن عمر: من فاته الرمي حتى تغيب الشمس فلا يرمي حتى تزول الشمس من الغد، ويستحب أن يكبر مع كل حصاة؛ لما في حديث جابر: «يكبر مع كل حصاة منها، وأن يقول مع كل حصاة: اللهم اجعله حجًا مبرورًا وذنبًا مغفورًا وسعيًا مشكورًا» . لما روى حنبل عن زيد بن أسلم قال: رأيت سالم بن عبد الله استبطن الوادي بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة الله أكبر الله أكبر، ثم قال: اللهم اجعله حجًا مبرورًا فذكره، فسألته عما صنع، فقال: حدثني أبي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رمى جمرة العقبة من هذا المكان ويقول: كلما رمى مثل ذلك ويستحب أن يرميها من بطن الوادي ويجعل في حالة الرمي البيت عن يساره ومنى عن يمينه؛ لما ورد عن عبد الله بن مسعود أنه انتهى إلى الجمرة الكبرى فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه، ورمى بسبع، وقال: «هكذا رمى الذي أُنزلت عليه سورة البقرة» متفق عليه. ولمسلم في رواية جمرة العقبة، وفي رواية لأحمد: أنه انتهى إلى الجمرة فرماها من بطن الوادي بسبع حصيات وهو راكب يكبر مع كل حصاة، وقال: «اللهم اجعله حجًا مبرورًا وذنبًا مغفورًا» ، ثم قال: «هاهنا كان الذي أُنزلت عليه سورة البقرة» ويرفع يمناه إذا رمى حتى يرى بياض إبطه؛ لأنه معونة على الرمي ولا يقف عندها. لما أخرجه البخاري عن الزهري قال: سمعت سالمًا يحدث عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه كان إذا رمى الجمرة رماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم ينحدر أمامها فيقف مستقبل القبلة رافعًا يديه ويدعو، وكان يطيل الوقوف، ويأتي الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات ويكبر كلما رمى بحصاة، ثم ينحدر ذات اليسار مما يلي الوادي فيقف مستقبل البيت رافعًا يديه يدعو، ثم يأتي الجمرة التي عند العقبة فيرميها بسبع حصيات يكبر كلما رماها بحصاة، ثم ينصرف ولا يقف عندها» .

وروى ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رمى جمرة العقبة انصرف ولم يقف» رواه ابن ماجه، ولضيق المكان، وله رمي جمرة العقبة من فوقها لفعل عمر لما رأى من الزحام عندها. ويقطع التلبية بأول الرمي؛ لحديث ابن عباس أن أسامة كان ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - من عرفة إلى المزدلفة، ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى، وكلاهما قال: «لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى رمى جمرة العقبة» ، وفي بعض ألفاظه: حتى رمى جمرة العقبة قطع عند أول حصاة، رواه حنبل في «المناسك» . ثم ينحر هديًا معه واجبًا كان أو تطوعًا؛ لقول جابر: «ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثًا وستين بدنة بيده، ثم أعطى عليًا فنحر ما غبر وأشركه في هديه» ؛ فإن لم يكن معه هدي وعليه واجب اشتراه، وإذا نحرها فرقها لمساكين الحرم أو أطلقها لهم. ثم يحلق؛ لقوله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} وسّنَّ اسِتقبالُ محلوِق رأسه للقبلة كسائر المناسك، وسن بداءة بشقه الأيمن؛ لما ورد عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى منى فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر نسكه، ثم دعا بالحلاق وناوله الخالق شقه الأيمن، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فأعطاه إياه، ثم ناول الشق الأيسر، فقال: «احلق» ، فحلقه، فأعطاه أبا طلحة، فقال: «اقسمه بين الناس» . متفق عليه. وكان - صلى الله عليه وسلم - يعجبه التيامن في شأنه كله. ويُسن أن يبلغ بالحلق العظم الذي عند مقطع الصدغ من الوجه؛ لأن ابن عمر كان يقول للحالق: أبلغ العظمين، أفصل الرأس من اللحية، وكان عطاء يقول: من السُّنة إذا حلق أن يبلغ العظمين، قال جماعة: ويدعو، قال الموفق وغيره: ويكبر وقت الحلق؛ لأنه نسك، وإن قصَّر فمن جميع شعر رأسه

س253: تكلم عما يلي: ترك الحلق والتقصيرظ تأخيرهما عن أيام منى؟ تقديم الحلق على الرمي أو الحلق على النحر أو النحر قبل الرمي أو طاف للزيارة قبل الرمي، وبأي شيء يحصل التحلل الأول؟ وبأي يحصل التحلل الثاني؟ ومتى وقت خطبة الإمام بمنى؟ وما موضوعها؟ وما دليلها؟

لا من كل شعرة بعينها؛ لأن ذلك لا يعلم إلا بحلقه، والأصل في ذلك قوله تعالى: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} وهو عام في جميع شعر الرأس، وقد حلق - صلى الله عليه وسلم - جميع رأسه فكان ذلك تفسيرًا لمطلق الأمر بالحلق أو التقصير، فيجب الرجوع إليه. والمرأة تقصر من شعرها قدر أنملة، فأقل من روس الضفائر؛ لحديث ابن عباس مرفوعًا: «ليس على النساء حلق، إنما على النساء التقصير» رواه أبو داود؛ ولأنه مثلة في حقهن. ويُسن أخذ أظفاره وشاربه وعانته وإبطه، قال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما حلق رأسه قلَّم أظفاره، وكان ابن عمر يأخذ من شاربه وأظفاره ثم قد حلِّ له كل شيء من الطيب وغيره، إلا النساء؛ لحديث عائشة مرفوعًا قال: «إذا رَمَيتم وحلقتم فقد حلَّ لكم الطيب والثياب وكل شيء إلا النساء» رواه سعيد، وقالت عائشة: «طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإحرامه حين أحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت» متفق عليه. س253: تكلم عما يلي: ترك الحلق والتقصيرظ تأخيرهما عن أيام منى؟ تقديم الحلق على الرمي أو الحلق على النحر أو النحر قبل الرمي أو طاف للزيارة قبل الرمي، وبأي شيء يحصل التحلل الأول؟ وبأي يحصل التحلل الثاني؟ ومتى وقت خطبة الإمام بمنى؟ وما موضوعها؟ وما دليلها؟ ج: والحلق والتقصير نسك في حج وعمرة في تركهما معًا دم؛ لأنه تعالى وصفهم بذلك، وامتن عليهم به فدل على أنه من العبادة ولأمره –عليه الصلاة والسلام- بقوله: «فليقصر ثم ليحلل» ، ولو لم يكن نسكًا لم يتوقف الحل عليه، ودعا –عليه الصلاة والسلام- للمقصرين والمحلقين وفاضل بينهم، فلولا أنه نسك لما استحقوا لأجله الدعاء؛ ولما وقع التفاضل فيه إذ لا مفاضلة في المباح،

ولا دم عليه إن أخر الحلق أو التقصير عن أيام منى؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ} . فبيَّن أول وقته دون آخره فمتى أتى به أجزأه كالطواف؛ لكن لابد من نيَّتِهِ نسكًا كالطواف، وإن قدم للحلق على الرمي أو على النحر أو طاف للزيارة قبل رميه أو نحر قبل رميه جاهلاً أو ناسيًا فلا شيء عليه، وكذا لو كان عالمًا؛ لما ورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف في حجة الوداع، فجعلوا يسألونه، فقال رجل: لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح، قال: «اذبح، ولا حَرَج» ، وجاء آخر، فقال: لم أشعر، فنحرت قبل أن أرم، قال: «ارم ولا حرج» متفق عليه. وعن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير، فقال: «لا حرج» متفق عليه. ويحصل التحلل الأول بإثنين من ثلاثة: رمي لجمرة العقبة، وحلق أو تقصير وطواف إفاضة، ويحصل التحلل الثاني بما بقي منها مع السعي من متمتع مطلقًا ومفرد وقارن لم يسعيا مع طواف قدوم؛ لأنه ركن. ثم يخطب الإمام أو نائبه بمنى يوم النحر خطبة يفتتحها بالتكبير يعلمهم فيها النحر والإفاضة والرمي للجمرات؛ لحديث ابن عباس مرفوعًا: «خطب الناس يوم النحر –يعني بمنى» أخرجه البخاري، وقال أبو أمامة: سمعت خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى يوم النحر، رواه أبو داود. وعن أبي بكرة قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر، فقال: «أتدرون أي يوم هذا؟» قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت، حتى ظننا أنه سَيُسَمِّيه بغير إسمه، قال: «أليس يوم النحر؟» قلنا: بلى، قال: «أي شهر هذا؟» قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سَيُسَمِّيه بغير

اسمه. فقال: «أليس ذو الحجة؟» قلنا: بلى، قال: «أيُّ بَلدٍ هذا؟» قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سَيُسَمِّيه بغير إسمه، فقال: «أليست البلدة؟» قلنا: بلى، قال: «فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم، ألا هل بلغت؟» . قالوا: نعم، قال: «اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» رواه البخاري وأحمد. ومن مختصر النظم مما يتعلق بصفة الحج والعمرة وفي الثامن الإحرام من متمتع ... بحج كحلال الحريم المجددِ وإحرامه في الحل صح ولا دم ... وأفضله من بطن مكة فاقتدِ فسيستقبلون الظهر والعصر في منى ... وباتوا وساروا مطلع الشمس في غد إلى عرفات مجمع الوفد كلهم ... وكل سوى الإحرام سُّنة مرشدٍ ويجمعُ بين الظهر والعصر أهله ... بتأذين فرض والإقامة عدد وفي يومهم باتوا إلى عرفاتهم ... وفي الصخرات الفرض أرض التغمد فيا عرفات الخير كلك موقف ... ويا عرَنيًا ليس يجزيك فاصعدِ وقف راكبًا أولى وقد قيل عكسه ... وهلِّل وأكثر من دعائك واجهد ولبِّ وحمِّد وأكثر الذكر واقفًا ... وبعد غروب الشمس فادفع تحمد وركن وقوف المرء في عرفاته ... بأيسر وقت كان من حين يبتدى مؤخر فجر يوم تعريفه إلى ... مؤخِّر فجري عيد نحر المقلد وليس لسكران ومغمى عليه من ... وقوف ومجنون لفقد التقصُّد ومن سار منها قبل مغرب شمسه ... عليه دم ما لم يعد قبل فاشهد وبعد غروب الشمس يدفع طالبًا ... لجمعٍ وسرْ سيْرَ السكينةِ تقتدي

وسر في سبيل المأزمين فإن تجد ... إذًا فرجةٍ أسرع ولا تَتأوّدِ فإن جئتها صلَّ العشاءين جامعًا ... ولو مُفردًا للنَّدب لا الحتم فاقتد وبت ثم صل الصبح أول وقتها ... وأوجب لنصف الليل بيتوتة قد ومَن جاء بعد الفجر يلزمه دم ... كذا الدفع قبل النصف في المتأطّد وقف أوتر فوق أشرف مشعرٍ ... وكبّر وسل تعط الرغائب وأحمد إلى غاية الإسفار ثم قبيل أن ... تلوح ذكا فادفع ولا تتردد فسر مسرعًا إن جئت وادي محسِّر ... كرميك في الصحراء يومًا يجلد وخذ من رُبَى جمع حصى الرمي أو من ... الطريق وسيعين أقدر الكل واعدد وبادر منى نحو العقيبة راميًا ... بسبع على الترتيب مُنتَصبَ اليدِ بواحدة من بعد أخرى ارم يا فتى ... وإن ترْمِ سَبعًا دُفَعةً فكَمُفْرَدِ بمثل حصاة الخذف فارمِ ولا تقف ... ولا تجزئُ الكبرى وصغرى بل اقتدي ولا يجزئ المرمي به مرةً ولا ... بغير الحصا من فضة أو زبرجد وكبر مع رفع الحصاة ودع إذا ... بدأت برمي قول لبِّيك ترشد ومن بعد نصف الليل رميك مجزئ ... وبين طلوع الشمس والميل جوِّد ولا تقفن والأفضل الرمي ماشيًا ... ومن بعد ذا نحر الهدايا لتقصد وبعد احلقن أو قصّر الشعر كله ... وعنه اجتزئ بالبعض كالمسح تهتد وللنسوة التقصير فرض معين ... بأنملة من كله في المؤكد ومن بعد ذا غير النساء محلل ... وعنه سوى وطء الفروج استبح قد وللحلق والتقصير نسك ويحصل الـ ... ـتحلل به والرمي أو طوف مقتدي ففي يوم عيد النحر فعل لسُّنة ... وقوفهمو في المشعر المتمجد وقصد منى والرمي والنحر بعده ... وحلق النواصي والطواف المؤكد فمن لم يرتِّبها فلا دم مطلقًا ... وفيه مقال آخر في التعَمُّدِ ويخطب يوم النحر في المتأكد ... لنحر ورمي والإفاضة أرشد ومن بعد هذا فاقصد البيت طائفًا ... بنية طوف الفرض شرك مؤكد

س254: تكلم بوضوح عما يلي: متى أول وقت طواف الإفاضة؟ ومتى وقت الأفضلية؟ وهل يلزم تعيينه؟ وتكلم عن الشرب من ماء زمزم؟ وما ينبغي قوله لمن شرب منها؟

وهذا هو الركن المثنى مكمل ... لحجك فاحلل كل حلّك واحمد ومن بعد نصف ليل النحر أول وقته ... وفي يومه أولى وإن شئتَ بعد س254: تكلم بوضوح عما يلي: متى أول وقت طواف الإفاضة؟ ومتى وقت الأفضلية؟ وهل يلزم تعيينه؟ وتكلم عن الشرب من ماء زمزم؟ وما ينبغي قوله لمن شرب منها؟ ج: ثم يفيض إلى مكة؛ لقول عائشة - رضي الله عنها - حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأفضنا يوم النحر، فحاضت صفيّة، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - منها ما يريد الرجل من أهله، فقلت: يا رسول الله، إنها أفاضت يوم النحر، قال: «أخرجوا» . متفق عليه. ويطوف القارن والمفرد بنيّة الفريضة طواف الزيارة، ويقال: طواف الإفاضة ويعيِّنه بالنية؛ لعموم: «إنما الأعمال بالنيات» . ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمى الطواف بالبيت صلاة، وهي لا تصح بدونها ويكون بعد وقوفه بعرفة؛ لأنه –عليه الصلاة والسلام- طاف كذلك، وقال: «خذوا عني مناسككم» وهو ركن لا يتم الحج إلا به إجماعًا، قاله ابن عبد البر؛ لقوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقِ} . وكذا المتمتع يطوف للزيارة فقط، كمن دخل المسجد وأقيمت الصلاة؛ فإنه يكتفي بها عن تحية المسجد وأول وقته بعد نصف ليلة النحر، لمن وقف قبل ذلك بعرفة وإلا فبعد الوقوف، والأفضل فعله يوم النحر؛ لحديث ابن عمر: «أفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر» متفق عليه. (وتقدم الكلام على أول وقت الرمي في جواب سؤال 250) .

ويستحب أن يدخل البيت، فيكبر في نواحيه، ويصلي فيه ركعتين بين العمودين تلقاء وجهه، ويدعو الله عز وجل؛ لحديث ابن عمر قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيت، وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة، فأغلقوا عليهم، فلما فتحوا كنت أول مَن ولج، فلقيت بلالاً، فسألته: هل صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة، قال: ركعتين بين الساريتين عن يسارك إذا دخلت، ثم خرج فصلى في وجه الكعبة ركعتين. رواه الشيخان، ولفظه للبخاري. وأما ما رواه الشيخان عن أسامة أيضًا، والبخاري عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل في الكعبة فجوابه أن الدخول كان مرتين، فلم يصل في الأولى، وصلى في الثانية، كذا رواه أحمد في «مسنده» . وذكر ابن حبان في «صحيحه» ، وإن أخَّر طواف الزيارة عن أيام منى، جاز؛ لأنه لا آخر لوقته عند أحمد والشافعي، وعند أبي حنيفة أيام التشريق، ومالك ذي الحجة، والتعجيل أفضل عن أيام منى. وقال الشيخ تقي الدين: ينبغي أن يكون في أيام التشريق؛ فإن تأخر ذلك فيه نزاع، والذي يترجح عندي قول من يقول بعدم جواز تأخيره عن أيام التشريف؛ لأنه لم ينقل فيما بلغني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من أصحابه أنهم أخروه. والله أعلم. قال في «الإنصاف» ، وقال في الواضح: عليه دم إذا أخره عن يوم النحر لغير عذر، وخرَّج القاضي وغيره رواية بوجوب الدم إذا أخَّره عن أيام منى ولا شيء عليه كتأخير السعي. ثم يسعى متمتع بحجه؛ لأن سعيه الأول لعمرته؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه سُئل عن متعة الحج، فقال: أهَلَّ المهاجرون والأنصار وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع وأهللنا، فلما قدمنا مكة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي» فطفنا بالبيت والمروة، وأتينا النساء

ولبسنا الثياب، وقال: «من قلد الهدي؛ فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله» ، ثم أمرنا عشية التروية أن نهل بالحج؛ فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة، وهو صريح في سعي المتمتع مرتين، وذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه يكفيه سعي عمرته الذي بعد طوافه. قال في «الاختيارات الفقهية» : والمتمتع يكفيه سعي واحد بين الصفا والمروة وهو إحدى الروايتين عن أحمد نقلها عبد الله عن أبيه، ويسعى من لم يسع مع طواف القدوم من مفرد وقارن، ومن سعى منهما لم يعده. عن عائشة أنها حاضت بسرف فتطهرت بعرفة، فقال لها رسول الله: «يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك» رواه مسلم. عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قرن بين حجه وعمرته أجزأه لهما طواف واحد» رواه وابن ماجه، وفي لفظ: «من أحرم بالحج والعمرة أجزأ طواف واحد وسعي واحد منهما حتى يحل منهما جميعًا» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب؛ ولأنه لا يستحب التطوع به كسائر الأنساك إلا الطواف؛ فإنه كصلاة. ثم يشرب من ماء زمزم لما أحب، ويتضلع منه ويرش على بدنه وثوبه، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: كنت عند ابن عباس جالسًا، فجاء رجل، فقال: من أين جئت؟ قال: من زمزم، قال: فشربت منها كما ينبغي؟، قال: وكيف؟ قال: شربت منها فاستقبل الكعبة وذكر إسم الله عز جل؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن آية ما بيننا وبين المنافقين لا يتضلعون من زمزم» أخرجه ابن ماجه والدارقطني، واللفظ لابن ماجه، ويقول: «بسم الله، اللهم اجعله لنا علمًا نافعًا، ورزقًا واسعًا، وريًّا وشبعًا وشفاءً من كل داء واغسل به قلبي واملأه من خشيتك» ، زاد بعضهم: «وحكمتك» ؛ لما ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ماء زمزم لما شُرب

س255: ماذا يفعل بعد طواف الإفاضة والسعي ممن عليه سعي؟ وتكلم عن صفة رمي الجمرات الثلاث؟ وبأيها يبدأ؟ وحكم ترتيبها؟ وحكم ما إذا أخل بحصاة من الأولى، أو جهل من أيها تركت؟ ومتى وقت رميها؟ واذكر ما تستحضره من دليل؟

له» رواه ابن ماجه، وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ماء زمزم لما شرب له، إن شربته تستشفي به شفاك الله، وإن شربته يشبعك أشبعك الله به، وإن شربته لقَطْع ظمئك قطعه الله، وهو عزمة جبريل وسقيا الله إسماعيل» رواه الدارقطني. س255: ماذا يفعل بعد طواف الإفاضة والسعي ممن عليه سعي؟ وتكلم عن صفة رمي الجمرات الثلاث؟ وبأيها يبدأ؟ وحكم ترتيبها؟ وحكم ما إذا أخل بحصاة من الأولى، أو جهل من أيها تركت؟ ومتى وقت رميها؟ واذكر ما تستحضره من دليل؟ ج: ثم يرجع فيصلي ظهر يوم النحر بمنى؛ لحديث ابن عمر مرفوعًا: «أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى» متفق عليه. ويبيتُ بمنى ثلاث ليال إن لم يتعجل وإلَّا فليلتين ويرمي الجمرات الثلاث بمنى أيام التشريق إن لم يتعجل كل جمرة منها بسبع حصيات واحدة بعد أخرى، ولا يجزي رَميُ غير سقاة ورعاة إلّا نهارًا بعد الزوال؛ فإن رمى ليلاً أو قبل الزوال لم يجزئه؛ لحديث جابر: رأيت رسول اله - صلى الله عليه وسلم - يرمي الجمرة ضحى يوم النحر، ورمى بعد ذلك بعد زوال الشمس، وقال: «خذوا عني مناسككم» . وعن ابن عمر قال: كنا نتَحَيَّنَ فإذا زالت الشمس رمينا، رواه البخاري وأبو داود. وعن ابن عباس قال: رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجمار حين زالت الشمس، رواه أحمد وابن ماجه والترمذي. وسن رميه قبل الصلاة، أي صلاة الظهر؛ لحديث ابن عباس مرفوعًا: «كان يرمي الجمار إذا زالت الشمس قدر ما إذا فرغ من رميه صلى الظهر» رواه ابن ماجه.

ويستحب أن لا يدع الصلاة مع الإمام في مسجد منى، وهو مسجد الخيف؛ لفعله - صلى الله عليه وسلم - وفعل أصحابه يبدأ بالجمرة الأولى وهي أبعدهن من مكة وتلي مسجد الخيف فيجعلها عن يساره ويرميها بسبع ثم يتقدم عنها قليلاً بحيث لا يصيبه الحصى، فيقف يدعو ويطيل رافعًا يديه مستقبل القبلة. ثم يأتي الجمرة الوسطى فيجعلها عن يمينه ويرميها بسبع ويقف عندها ويستقبل القبلة ويدعو رافعًا يديه ويطيل، ثم يأتي جمرة العقَبَة فيرميها بسبع ولا يقف عندها لضيق المكان؛ لحديث عائشة قالت: «أفاض الرسول من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى، فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع حصيات ويكبر مع كل حصاة ويقف عند الأولى والثانية ويتضرع، ويرمي الثالثة ولا يقف عندها» رواه أبو داود. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - «أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاه ثم يتقدم، ثم يسهل، فيقوم فيستقبل القبلة، ثم يدعو ويرفع يديه ويقوم طويلاً، ثم يرمي الوسطى، ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبل القبلة، ثم يدعو فيرفع يديه ويقوم طويلاً، ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي، ولا يقف عندها ثم ينصرف» ، فيقول: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله. رواه البخاري. وترتيبها شرط؛ لأنه عليه الصلاة والسلام رماها كذلك، وقال: «خذوا عني مناسككم» كالعدد؛ لأنه –عليه الصلاة والسلام- رمى كلاً منها بسبع كما مر؛ فإن أخل بحصاه من الأولى لم يصح رمي الثانية ولا الثالثة، وإن أخل بحصاة من الثانية لم يصح رمي الثالثة لإخلاله بالترتيب؛ فإن ترك حصاة فأكثر وجهل من أيها تركت الحصاة بنى على اليقين، فيجعلها من الأولى فيتمها، ثم

س256: تكلم عن حكم تأخير الرمي وترتيبه، وترك المبيت،

يرمي الأخيرتين مرتبًا لِتَبْرَأ ذمته بيقين، وكذا إن جهل أمن الثاني أو الثالثة فيجعلها من الثانية. س256: تكلم عن حكم تأخير الرمي وترتيبه، وترك المبيت، وترك حصاة؟ وترك حصاتين؟ ومَن الذي يس عليهم مبيت بمنى، وإذا غربت الشمس وهم فيها فمَن يلزمهم المبيت؟ وهل له أن ينوب من يرمي عنه؟ ج: وإن أخر رمي يوم ولو كان يوم النحر إلى غده أو أكثر أجزأه أو أخر رمي الكل إلى آخر أيام التشريق ورماها بعد الزوال أجزأ رميه أداء؛ لأن أيام التشريق كلها وقت للرمي؛ فإذا أخره عن أول وقته إلى آخره أجزأه كتأخير الوقوف بعرفة إلى آخر وقته. ويجب ترتيب الرمي بالنية كمجموعتين وفوائت الصلوات؛ فإذا أخر الكل مثلاً بدأ بجمرة العقبة فنوى رميها ليوم النحر، ثم يأتي الأولى، ثم الوسطى، ثم العقبة ناويًا عن أول يوم التشريق، ثم يعود فيبدأ من الأولى حتى يأتي على الأخيرة ناويًا عن الثاني، وهكذا عن الثالث. وفي تأخيره عن أيام التشريق كلها دم لفوات وقت الرمي فيستقر الفداء؛ لقول ابن عباس: من ترك نسكًا أو نسيه فليهرق دمًا كترك مبيت ليلة غير الثالثة لمن تعجل فيجب به دم، وكذا لو ترك المبيت لياليها كلها، وفي ترك حصاة واحدة ما في إزالة شعرة طعام مسكين، وفي ترك حصاتين ما في إزالة شعرتين مثلاً ذلك، وهذا إنما يتصور في آخر جمرة من آخر يوم وإلا لم يصح رمي ما بعدها، وفي أكثر من حصاتين دم، ومَن له عذر من نحو مرض وحبس جاز أن يستنيب من يرمي عنه، والأولى أن يشهد إن قدر.

س257: تكلم عن خطبة الإمام ثاني أيام التشريق؟ وإذا غربت الشمس ومربد التعجل فيهما، فما الحكم؟ وما حكم رمي اليوم الثالث عن المتعجل؟ وهل له أن يرجع إلى منى بعد حصول الرخصة؟ وإذا أراد الخروج من مكة، فما يعمل؟

ولا مَبيتَ على سُقاة ورعاة؛ لحديث ابن عمر: «أن العباس استأذَن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته، فأذن له» متفق عليه؛ ولحديث مالك: رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرعاة الإبل في البيوتة أن يرموا يوم النحر، يجمعوا رمي يومين بعد النحر يرمونه في أحدهما، قال مالك: «ظننت أنه قال في أول يوم منها ثم يرمون يوم النفر» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، والمريض ومن له مال يخاف عليه ونحوه كغيره؛ فإن غربت الشمس والرعاة والسقاة بمنى لزم الرعاة المبيتُ فقط دون السقاة، لفوات وقت الرعي بالغروب بخلاف السقي، وقيل: أهل الأعذار من غير الرعاة كالمرضى، ومن له مال يخاف ضياعه ونحوه، حكمهم حكم الرعاة في ترك البيتوتة، وهذا القول قوي فيما أرى. والله أعلم. س257: تكلم عن خطبة الإمام ثاني أيام التشريق؟ وإذا غربت الشمس ومُربدُ التعجل فيهما، فما الحكم؟ وما حكم رمي اليوم الثالث عن المتعجل؟ وهل له أن يرجع إلى منى بعد حصول الرخصة؟ وإذا أراد الخروج من مكة، فما يعمل؟ ج: يُستحب خطبة إمام أو نائبه في اليوم الثاني من أيام التشريق بعد الزوال يعلمهم فيها حكم التعجل والتأخير، وحكم توديعهم؛ لحديث أبي داود عن رجلين من بني بكر قالا: رأينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب بين أوْسَطِ أيام التشريق، ونحن عند راحلته. وعن أبي نضرة قال: حدثني مَن سمع خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - في أوسط أيام التشريق، فقال: «يا أيها الناس، ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا عجمي على عربي ولا أحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى! أبلغتُ؟» قالوا: بَلَّغَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رواه أحمد. ولحاجة الناس إلى بيان الأحكام المذكورات.

س258: تكلم عن ما يلي: ماذا يعمل بعد طواف الوداع، إذا ودع ثم اشتغل بشيء أو أقام بعد الوداع؟ من أخر طواف الزيارة أو القدوم فطافه عند الخروج فهل يجزي عن الوداع؟ إذا خرج قبل الوداع فهل يرجع إليه؟ وماذا يعمل بعد وداعه؟

ولغير الإمام المقيم للمناسك التعجيل في ثاني أيام التشريق بعد الزوال والرمي وقبل الغروب؛ لقوله تعالى: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ} . ولحديث رواه أبو داود وابن ماجه: «أيام منى ثلاثة» وذكر الآية وأهل مكة وغيرهم فيه سواء؛ فإن غربت الشمس ومُرْيدُ التعجل بمنى لزمه المبيت والرمي من الغد بعد الزوال. قال ابن المنذر: ثبت أن عمر قال: من أدرك المساء في اليوم الثاني فليقم إلى الغد حتى ينفر مع الناس؛ ولأنه بعد إدراكه الليل لم يتعجل في يومين، ويسقط رمي اليوم الثالث عن متعجل لظاهر الآية والخبر، وكذا مبيت الثالثة ولا يضر رجوعه إلى منى لحصول الرخصة، فإذا أتى مكة لم يخرج حتى يطوف للوداع إذا فرغ من جميع أموره؛ لقول ابن عباس: أمِرَ الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت طوافًا، إلا أنه خفف عن المرأة الحائض، متفق عليه. س258: تكلم عن ما يلي: ماذا يعمل بعد طواف الوداع، إذا ودَّعَ ثم اشتغل بشيء أو أقام بعد الوداع؟ مَن أخَّر طواف الزيارة أو القدوم فطافه عند الخروج فهل يجزي عن الوداع؟ إذا خرج قبل الوداع فهل يرجع إليه؟ وماذا يعمل بعد وداعه؟ ج: يُسنّ بعد طواف الوداع تقبيل الحجر الأسود وركعتان كغيره؛ فإن وَدَّعَ ثم اشتغل بشيء غير شدِّ رحل ونحوه كقضاء حاجة في طريقه أو شراء زاد أو شيء لنفسه أو أقام بعده أعاد طواف الوداع؛ لأنه إنما يكون عند خروجه ليكون آخر عهده بالبيت، ومَن أخَّر طواف الزيارة ونصه أو القدوم فطافه عند الخروج أجزأ عن طواف الوداع؛ لأن المأمور أن يكون آخر عهده بالبيت، وقد فعل؛ ولأنها عبادتان من جنس فأجزأت إحداهما

عن الأخرى كغسل الجنابة عن غسل الجمعة وعكسه؛ فإن خرج قبل الوداع رجع إليه وجوبًا، بل إحرام إن لم يبعد عن مكة؛ لأنه لإتمام نسك مأمور به كما يرجع لطواف الزيارة ويحرم بعمرة إن بُعد عن مكة، ثم يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر ثم يودع عند خروجه؛ فإن شق رجوع من بَعدَ ولم يبلغ المسافة أو بَعُد عنها مسافة قصر، فعليه دم؛ لقول ابن عباس: من ترك نسكًا فعليه دم بلا رجوع دفعًا للحرج. ولا وداع على حائض؛ لحديث ابن عباس: إلا أنه خفَّف عن المرأة الحائض، متفق عليه. ولما ورد عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: حاضت صفية بنت حيي بعد ما أفاضت، قالت: فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «أحابستنا هي؟» قلت: يا رسول الله، إنها قد أفاضت وطافت بالبيت، ثم حاضت بعد الإفاضة، قال: «فلتنفر إذًا» متفق عليه. والنفساء في معنى الحائض لا وداع عليها، إلا أن تطهر الحائض والنفساء قبل مفارقة بنيان مكة، فيلزمها العود؛ لأنها في حكم المقيم، بدليل أنها لا تستبيح الرخص قبل المفارقة؛ فإن لم تعُدْ لِعُذرٍ أو غيره فعليها دم. ثم بعد وداعه يقف في الملتزم وهو أربعة أذرع بين الركن وباب الكعبة ملصقًا بالملتزم جميعه بأن يلصق به وجهه وصدره وذراعيه وكفيه مبسوطتين؛ لحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: طفت مع عبد الله، فلما جاء دبر الكعبة، قلت: ألا تتعوذ؟ قال: تعوذ بالله من النار، ثم مضى حتى استلم الحجر، فقام بين الركن والباب فوضع صدره وذراعيه وكفيه وبسطهما بسطًا، وقال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل، رواه أبو داود.

وعن مجاهد إذا أردت أن تنفر فأدخل المسجد وطف بالبيت سبعًا، ثم ائت المقام فصل ركعتين، ثم اشرب من ماء زمزم، ثم ائت ما بين الحجر والباب، فالصق صدرك وبطنك بالبيت وادع الله عز وجل، واسأل ما أردت، ثم عد إلى الحجر فاستلمه ثم انفر. وعن إبراهيم، قيل له: بأي شيء يكون آخر عهده بالبيت؟ قال: بالحجر، أخرجهما سعيد بن منصور، ويقول إذا وقف في الملتزم: اللهم هذا بيتك وأنا عبدك وابن عبدك وابن أمتك، حملتني على ما سخرت لي من خلقك، وسَيْرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك، وأعنتني على أداء نُسكي؛ فإن كنت رضيت عني فأزدد عني رضا، وإلا فمن الآن قبل أن تنأى عن بيتك داري، فهذا أوان إنصرافي إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا بيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك، اللهم فاصحبني العافية في بدني والصحة في جسمي والعصمة في ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك ما أبقيتني، وأجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير، ويدعو بعد ذلك بما أحب، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويأتي الحطيم وهو تحت الميزاب، فيدعو ثم يشرب من ماء زمزم. قال الشيخ تقي الدين: ويستلم الحجر ويقبله.

ومن النظم في أحكام المناسك ومن زمزم فاشرب لما شئت ممنعًا ... وسم وسل ما تبتغي وتزودِ وبعد طواف للزيارة لا تبت ... بمكة إن تبغي المنى فمنى اقصد وفي الغد خذ إحدى وعشرين فارمها ... لذي جمرات تطف جمرة موقد فتبدأ في الأولى بسبع وقف بها ... مطيل الدعاء وَقف المشوق بمعهد وتفعل في الوسطى كذا ولجمرة ... العقيبة بالسبع إرم ثم تبعّد وتجعل أولاها يسارًا وغيرها ... يمينك فاستقبل وقف وادع واجهد ويفعله بعد الزوال ثلاثةً ... ومَن يتعجّل يرم يومين يرشد ومن يمس حتى تغرب الشمس فليبت ... فليرميها بعد الزوال من الغد وقبل زوال رميهم غير مجزئ ... وفي ثالث الأيام قولين أسند وليس بمجز رمي ثانية متى ... تركت من الأوُلى حصاة لنردد وخذ بيقين إن شككت ومُرجئٌ ... إلى آخر التشريق رمى المعدد أجزْه بلا شيء وقد فات سُّنة ... وفي الرمي رتبه بنية مقصد وإن لم تبت في الأولين على منى ... أو أرجأت عن أيامها الرمي فاقتد وليس على أهل السقاية والرّعا ... مَيْتٌ ورمى الليل جوّز لهم قد وإما تغب شمس بها قليبت بها ... رعاء ورب السقى أطلق يقيد وإن أخر الرمي الرعاء بأول ... ليقضوه في الثاني فصَوّبْ وسَدد وفي ثاني التشريق يخطب خطبة ... لتعلم مَا يحتاجه والترشُّد وندبٌ له أن يدخل البيت حافيًا ... ويكثر من نفل به وتعُّبد وعند خروج طف طواف مودع ... وقف بعدُ بين الركن والباب ترشد وناد كريمًا قد دعا وفده إلى ... جوائزة في بيته فادع واجهد وقل يا إلهي قد أتيناك نرتجي ... مواعيد صدق من كريم معود

س259: تكلم عن زيارة مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - واذكر ما تستحضره من دليل، وتكلم عما يتعلق بهذا المقام بوضوح هذه الأدلة؟

وهذا مقام المستخيرين من لظى ... بعفوك يا منِّان يا ذا التّغمد بعفوك جئنا فوق كل مُسَخّر ... فجد بالرضا يا رب قبل التبعد فذا أوان السير عن بيتك الذي ... نفارقه كرهًا متى شئت تعتدي فراق اضطرار لا فراق زهادة ... ولا رغبة عنه ولا عنك سيدي وليس لنا والحمد لله رغبة ... سواك فأصحبنا بمغني التزُّود ولا تجعلنه آخر العهد بيننا ... وهوّن علينا السير في كل فَدفد وسل كُلَّ ما تبغي من الدين والدنا ... تنله متى تَدْعو بصدق تقصد وذاكر تطواف الزيارة ساعة الوداع ... كفاه عن طواف الترود ومن ترك التوديع أو عاد بعده ... لشغل يعد وليهد إن لم يردد وليس على ذات النفاس وحائض ... وداع ولا هدي عليها له اشهد ولكن لها ندب وقوف مؤمل ... على الباب فلندع الكريم وتجْهدِ س259: تكلم عن زيارة مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - واذكر ما تستحضره من دليل، وتكلم عما يتعلق بهذا المقام بوضوح هذه الأدلة؟ ج: تُسنَّ زيارة المسجد النبوي، وهي في مواسم الحج وفي غيره سواه؛ لما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» رواه مسلم والنسائي وابن ماجه، وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» رواه البخاري. واللفظ له ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه، وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» متفق عليه. وعن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه

إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي هذا» أخرجه أحمد وابن خزيمة وابن حبان، وعن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف فيما سواه» أخرجه أحمد وابن ماجه. فإذا وصل الزائر إلى المسجد النبوي استحب له أن يقدم رجله اليمنى، ويقول: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، كما يقول ذلك إذا دخل سائر المساجد، ثم يصلي ركعتين تحية المسجد، والأولّى أن يصليها في الروضة الشريفة؛ لما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي» أخرجاه، وعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما بين منبري إلى حجرتي روضة من رياض الجنة، وإن منبري على ترعة من ترع الجنة» ، وفي رواية من حديث عبد الله بن زيد: «ما بين هذه البيوت –يعني بيوته- إلى منبري روضة من رياض الجنة» أخرجهما أحمد، وعن أم سلمة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قواعد منبري رواتب في الجنة» أخرجه أحمد، ثم بعد فراغ الإنسان من تحية المسجد يزور قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبري صاحبية أبي بكر وعمر فيقف قبالة وجهه بأدب وخفض صوت، ثم يسلم عليه الصلاة والسلام، قائلاً: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته؛ لما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من أحد يسلم علي إلّا ردّ الله علي روحي حتى أرد عليه» رواه أبو داود.

قال ابن القيم –رحمه الله-: فإذا أتينا المسجد النبوي ... صَلّيْنا التحية أولاً ثِنتان بتمام أركان لها وخشوعها ... وحضور قلب فعل ذي إحسان ثم الثنينا للزيارة نقصد القبر ... الشريف ولو على الأجفان فتقوم دون القبر وقفة خاضع ... متذلل في السرَّ والإعلان فكأنه في القبر حي ناطق ... فالواقفون نواكس الأذقان ملكتهُمو تلك المهابة فاعترت ... تلك القوائم كثرة الرجفان وتفجّرت تلك العيون بمائها ... ولطالمَا غاضت على الأزمان وأتى المسلم بالسلام بهَيْبةٍ ... ووقار ذي علم وذي إيمان لم يرفع الأصوات حول ضريحه ... كلا ولم يسجد على الأذقان كلا ولم ير طائفًا بالقبر ... أسبوعًا كأن القبر بيتٌ ثان ثم أنثنى بدعائه متوجهًا ... لله نحو البيت والأركان هذه زيارة من غدا متمسكًا ... بشريعة الإسلام والإيمان ثم يتقدم قليلاً فيسلم على أبي بكر، ثم يتقدم فيسلم على عمر - رضي الله عنهما -، وقد روي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان يقول: السلام عليك يا أبتاه، وهذه الزيارة تشرع للرجال خاصة، أما النساء فلا؛ لما ورد عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لعن زّورات القبور» أخرجه الترمذي؛ وأما قصد المدينة للصلاة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والدعاء فيه ونحوه مما يشرع في سائر المساجد فهو مشروع في حق الجميع، ويحرم الطواف بالحجرة النبوية، ولا يجوز لأحد أن يتمسح بها أو يقبلها. قال الشيخ تقي الدين: اتفقوا على أنه لا يقبّله ولا يتمسح به؛ فإنه من الشرك وكذا مسَّ القبر أو حائطه ولصق صدره به وتقبيله، وليست زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بواجبة ولا شرطًا في الحج، كما يظنه بعض الجهال، بل هي مسنونة في حق من زار مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - أو كان قريبًا

منه؛ أما البعيد له شد الرحيل لقصد زيارة القبر؛ للحديث المتقدم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد» ، ولو كان شد الرحل لقصد قبره –عليه السلام- أو قبر غيره مشروعًا لدلّ الأمّة عليه وأرشدهم إلى فضله؛ لأنه أنصح الناس وأعلمهم بالله، وأشدهم له خشية وقد بلّغ البلاغ المبين ودل أمته على كل خير وحذرهم من كل شر. ويُستحب لزائر المدينة أن يزور مسجد قباء ويصلي فيه؛ لما في «الصحيحين» من حديث ابن عمر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزور مسجد قباء راكبًا وماشيًا ويصلي فيه ركعتين» ، وعن سهل بن حنيف - رضي الله عنه -، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء، فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة» رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، واللفظ له والحاكم. ويُسن لزائر المدينة أن يزور قبور البقيع وقبور الشهداء، وقبرة حمزة - رضي الله عنه -؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يزورهم ويدعو لهم؛ ولقوله: «زوروا القبور؛ فإنها تذكركم الآخرة» أخرجه مسلم، وتقدم ما يُسن قوله: إذا زار القبور في آخر كتاب الجنائز، ويُسن أن يقول عند منصرفه من حجه متوجهًا إلى بلده: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده؛ لما في البخاري عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض، ثم يقول: فذكره، ولا بأس أن يقال للحاج إذا قدم: تقبل الله نسكك وأعظم أجرك وأخلف نفقتك، رواه سعيد عن ابن عمر. قال في «المستوعب» : وكانوا يغتنمون أدعية الحاج قبل أن يتلطخوا بالذنوب. انتهى. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج» رواه البزار، والطبراني في «الصغير» ، وابن خزيمة

س260: تكلم بوضوح عن صفة العمرة من المكي وغيره؟ وبين من أين يحرم لها؟ وحكم تكرارها ومتى يحل منها؟ وهل الأفضل العمرة في رمضان أو في أشهر الحج؟ وهل تجزي عمرة القارن وعمرة التنعيم عن عمرة الإسلام، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟

في «صحيحه» ، والحاكم، ولفظهما قال: اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الحجاج والعّمار وفد الله إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم» رواه النسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان، ولفظهما قال: «وفد الله ثلاثة الحاج والمعتمر والغازي» . والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم. وقد نظم بعضهم من لا يرد دعاؤهم، فقال: وسَبْعةٌ لا يَرُد اللهُ دَعْوَتُهم ... مَظلومُ والدُ ذو صَوْم وذو مَرضِ ودَعوةٌ لأخ بالغَيْبِ ثُم نبي ... لأمّةٍ ثم ذو حَجٍّ بذاك قضِى س260: تكلم بوضوح عن صفة العمرة من المكي وغيره؟ وبين من أين يحرم لها؟ وحكم تكرارها ومتى يحل منها؟ وهل الأفضل العمرة في رمضان أو في أشهر الحج؟ وهل تجزي عمرة القارن وعمرة التنعيم عن عمرة الإسلام، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف؟ ج: من أراد العمرة وهو بالحرم مكيًّا أو غيره خرج فأحرم من الحل وجوبًا؛ لأنه ميقاته ليجمع بين الحل والحرم، والأفضل إحرامه من التنعيم لأمره - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن بن أبي بكر أن يعمر عائشة من التنعيم، وقال ابن سيرين: بلغني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقَّت لأهل مكة التنعيم فيلي التنعيم الجعرَّانة فالحديبية فأبعد عن مكة، وحرام إحرام بعمرة من الحرم لتركه ميقاته، وينعقد إحرامه وعليه دم، ثم يطوف ويسعى لعمرته، ولا يحل منها حتى يحلق أو يقصّر، ولا بأس بها في السُّنة مرارًا. روي عن علي وابن عمر وابن عباس وأنس وعائشة، واعتمرت عائشة مرتين، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما» متفق عليه.

وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة» رواه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان في «صحيحهما» ، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وكره الشيخ تقي الدين الخروج من مكة للعمرة إذا كان تطوعًا، وقال: هو بدعة؛ لأنه لم يفعله –عليه أفضل الصلاة والسلام- ولأصحابي على عهده إلا عائشة لا في رمضان ولا في غيره اتفاقًا، والعمرة في غير أشهر الحج أفضل منا في أشهر الحج وأفضلها في رمضان؛ لحديث: «عمرة في رمضان تعدل حجة» متفق عليه. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عمرة في رمضان تعدل حجة - أو حجة مَعي» متفق عليه، وقيل: أن العمرة في الحج أفضل، واختاره ابن القيم -رحمه الله- في «الهدي» (ص361) . والمقصود أن عُمَرةُ كُلها كانت في أشهر الحج مخالفة لهدي المشركين؛ فإنهم كانوا يكرهون العمرة في أشهر الحج، ويقولون: هي من أفجر الفجور، وهذا دليل على أن الاعتمار في أشهر الحج أفضل منه في رجب بلا شك؛ وأما المفاضلة بينه وبين الاعتمار في رمضان فموضع نظر، فقد صح عنه أمَرَ أمِّ معْقِل، لما فاتها الحج معه أن تعتمر في رمضان، وأخبرها «أن عُمْرةً في رمضان تعدل حجة» ، وأيضًا: فقد اجتمع في عمرة رمضان أفضل الزمان وأفضل البقاع؛ ولكن لم يكن الله ليختار لنبيه - صلى الله عليه وسلم - في عمره لا إلى الأوقات وأحقها بها فكانت العمرة في أشهر الحج نظير وقوع الحج في أشهره، وهذه الأشهر قد خصها الله تعالى بهذه العبادة وجعلها وقتالها والعمرة حج أصغر، فأولى الأزمنة بها أشهر الحج وذو القعدة أوسطها، وهذا مما نستخير الله فيه، فمن كان عنده فضل علم، فليرشد إليه. انتهى.

س261: ما هي أركان الحج؟ وما هي واجبات الحج؟ وماذا على من ترك ركنا أو واجبا أو سنة؟ وما هي أركان العمرة؟ وما هي واجباتها؟ واذكر ما تستحضره من دليل؟

قال أنس: حج النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة واحدة واعتمر أربع عمر واحدة في ذي القعدة، وعمرة الحديبية، وعمرة مع حجته، وعمرة الجعرانة، إذًا قسم غنائم حنين. متفق عليه. ولا يكره إحرام بالعمرة يوم عرفة ولا يوم النحر ولا أيام التشريق؛ لعدم نهي خاص به وتجزي عمرة القارن عن عمرة الإسلام، وتجزي عمرة من التنعيم عن عمرة الإسلام؛ لحديث عائشة حين قرنت الحج والعمرة، قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - حين حلّت منهما: «قد حللت من حجك وعمرتك» ؛ وإنما أعمرها من التنعيم قصدًا لتطييب خاطرها وإجابة لمسألتها. س261: ما هي أركان الحج؟ وما هي واجبات الحج؟ وماذا على من ترك ركنًا أو واجبًا أو سُّنة؟ وما هي أركان العمرة؟ وما هي واجباتها؟ واذكر ما تستحضره من دليل؟ ج: أركان الحج أربعة: الوقوف بعرفة؛ لحديث: «الحج عرفة» رواه أبو داود. والثاني: طواف الزيارة؛ لقوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقِ} . والثالث: الإحرام وهو نية الدخول في النسك، فلا يصح بدونها؛ لحديث: «إنما الأعمال بالنيات» . الرابع: السعي بين الصفا والمروة؛ لحديث عائشة: طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطاف المسلمون -يعني بين الصفا والمروة- فكانت سُّنة فلعمري ما تم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة، رواه مسلم؛ ولحديث: «اسعوا؛ فإن الله كتب عليكم السعي» رواه أحمد وابن ماجه وواجباته الإحرام من الميقات، لما تقدم. الثاني: وقوفُ من وقف بعرفة نهارًا إلى غروب الشمس من يوم عرفة ولو غلبه نوم بعرفة وتقدم. والثالث: المبيت بمزدلفة إلى بعد نصف الليل إن وَافَىَ مُزْدلفة قبَل نصف الليل وتقدم موضحًا. والرابع: المبيت بمنى ليالي أيام التشريق لفعله –عليه الصلاة والسلام- وأمره به. والخامس: رمي الجمار مرتبًا وتقدم مفصلاً. والسادس: الحلق أو التقصير؛ لأن الله تعالى

وصفهم بذلك وامتن به عليهم، فقال: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به، فقال: «فليقصِّر ثم ليحلل ودعا للمحلقين ثلاثًا، وللمقصرين مرة» متفق عليه. وفي حديث أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى منى فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق: خذ وأشار إلى جانبه الأيمن، ثم الأيسر وجعل يعطيه الناس، رواه أحمد ومسلم، وتقدم أكثر الأدلة. السابع: طواف الوداع؛ لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض» متفق عليه. وأركان العمرة ثلاثة: الأول: الإحرام بها لما تقدم في الحج. والثاني: طواف. والثالث: سعي. وواجباتها: شيئان، إحرام من الميقات أو الحل، وحلق أو تقصير كالحج، فمن ترك الإحرام لم ينعقد نسكه حجًا أو عمرة، ومن ترك ركنًا غيره أو نيته لم يتم نسكه إلا به ومَن ترك واجبًا فعليه دَم؛ فإن عدمه فكصوم مُتعة يَصوم عشرة أيام في الحج وسبعةَ إذا رجع وتقدم. والمسنون من أفعال الحج وأقواله كالمبيت بمنى ليلة عرفة وطواف القدوم والرمل والاضطباع في موضعهما وكاستلام الركنين وتقبيل الحجر والخروج للسعي من باب الصفا وصعوده عليها وعلى المروة والمشي والسعي في مواضعهما والتلبية والخطبة والأذكار والدعاء في مواضعهما والاغتسال في مواضعه والتطيب في بدنه وصلاته قبل الإحرام وصلاته عقب الطواف، واستقبال القبلة حال رمي الجمار لا شيء في تركه.

تتمة يعتبر في أمير الحاج كونه مطاعًا ذا رأي وشجاعة وهداية وعليه جمعهم وترتيبهم وحراستهم في المسير والنزول والرفق بهم والنصح ويلزمهم طاعته في ذلك ويصلح بين الخصمين ولا يحكم إلا أن يفوض إليه، فتعتبر أهليته له. قال في «الاختيارات الفقهية» : ومن اعتقد أن الحج يسقط ما عليه من الصلاة والزكاة؛ فإنه يستتاب بعد تعريفه إن كان جاهلاً؛ فإن تاب وإلا قتل ولا يسقط حق الآدمي من مال أو عرض أو دم بالحج إجماعًا (ص119) . أركان الحج وواجباته ووقفة تعريف وطوف زيارة ... وسعي وإحرام فأركانه قَدِى وواجبه رمي وطوفُ مَوَدعِ ... وحَلقٌ وإحرام مِن المتجدد وبَيْتوتَةٌ في مَشْعر وَمِنىً إلى ... بُعَيْدَ انتصافِ الليل يا ذا الترشد ووقفةُ من وافى إلى عَرَفاتهِ ... نهارًا إلى إتيان ليل المُعَيِّدِ لغير سقاة في الأخير أو الرعا ... وبَاقي الذي قد مَرِّ سُنة مرشد أركان العمرة وواجباتها وأركانها الإحرام والطواف يا فتى ... وسعي على خلف كحجٍّ به ابتدى واجبها الإحرام ميقاتها افهمن ... وحلق أو التقصير للرأس اعدِدِ ولا شيءَ في ندْبٍ وفي واجبٍ دمٌ ... بإهماله والركنُ حتم التعَبدِ

باب الفوات والإحصار

35- باب الفوات والإحصار س262: ما هو الفوات وما هو الإحصار؟ ومتى يفوت الحج؟ وإذا فات فماذا يعمل إذا وقف كل الحجيج الثامن أو العاشر خطأ فما الحكم؟ وإذا وقف بعضهم الثامن أو العاشر خطأ فما الحكم؟ وتكلم عمن منع البيت؟ ج: الفوت مصدر فات يفوت كالفوت، وهو سبق لا يدرك فهو أخص من السبق، والحَصْرُ المنْعُ والتضييق حَصَرَهُ يحصُرهُ حَصرًا ضَيَّقَ عليه وأحاط به والحصر الضيق، والحبس والحصير المحبس، ومنه قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً} أي محبسًا، وقوله تعالى: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} أي ضاقت، مَن طلع عليه فجر يوم النحر ولم يقف بعرفة في وقته لعذر من حصر أو غيره؛ فإنه الحج ذلك العام؛ لقول جابر: «لا يفوت حج حتى يطلع الفجر من ليلة جمع» ، قال أبو الزبير: فقلت له: أقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك؟ قال: «نعم» رواه أحمد والأثرم؛ ولحديث: «الحج عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر ليلة جمع، فقد تم حجه» فمهومه فوت الحج بخروج ليلة جمع، وسقط عنه توابع الوقوف كمبيت بمزدلفة ومنى ورمي جمار، وانقلب إحرامه بالحج إن لم يختر البقاء عليه ليحج من قابل عمرة قارنًا كان أو غيره فيطوف ويسعى ويحلق أو يقصّر، وعنه لا ينقلب إحرامه عمرة، بل يتحلل بطواف وسعي فقط. قال ناظم المفردات: من فاته الوقوف خاب الأربُ ... بعمرة إحرامه يَنقلبُ وعنه بل إحرامه لا يبطلُ ... مِن حجه ويلزم التحللُ وعلى مَن لم يشترط أوّلا بأن لم يقل في ابتداء إحرامه: وإن حبسني

حابسٌ فمحلي حيثُ حَبَسْتني قضاء حَجٍّ فاته حتى النفل؛ لقول عمر لأبي أيوب لما فاته الحج: اصنع ما يصنع المعتمر ثم قد حللت؛ فإن أدركت قابلاً فحج واهد ما استيسر من الهدي، رواه الشافعي، وللبخاري عن عطاء مرفوعًا نحوه. وللدارقطني عن ابن عباس مرفوعًا: «من فاته عرفات فقد فاته الحج، وليتحلل بعمرة وعليه الحج من قابل» وعمومه شامل للفرض والنفل والحج يلزم بالشروع فيه فيصير كالمنذور بخلاف سائر التطوعات، وأما حديث: «الحج مرة» ، فالمراد الواجب بأصل الشرع والمحصر غير منسوب إلى تفريط بخلاف من فاته الحج. وعلى من لم يشترط أولاً هدي من الفوات يؤخر إلى القضاء؛ فإن عدم الهدي زمن الوجوب، وهو طلوع فجر يوم النحر من عام الفوات صام كمتمتع لخبر الأثرم أن هبَّار بن الأسود حج من الشام، فقدم النحر، فقال له عمر: ما حبسك؟ قال: حسبت أن اليوم يوم عرفة، قال: فانطلق إلى البيت، فطف به سبعًا، وإن كان معك هَدية فانحرها، ثم إذا كان قابل فاحجج؛ فإن وجدت سعة فاهد، ومفرد وقارن مكي وغيره في ذلك سواء. وإن وقف كل الحجيج الثامن أو العاشر خطأ أجزأهم، أو وقف الحجيج إلا يسيرًا الثامن أو العاشر من ذي الحجة خطأ أجزأهم؛ لحديث الدارقطني عن عبد العزيز بن جابر بن أسيد مرفوعًا: «يوم عرفة الذي يُعرِّف الناس فيه» ، وله ولغيره عن أبي هريرة مرفوعًا: «فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون» ؛ ولأنه لا يؤمن مثل ذلك فيما إذا قيل بالقضاء وظاهره سواء أخطؤا لغلط في العدد أو الرؤية أو الاجتهاد في الغيم، وقال في «المقنع» : وإن أخطأ بعضهم؛ فإنه الحج، والوقوف مَرّتين. قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: بدعة لم يفعله السلف.

س263: تكلم عما يلي: محصر تحلل قبل فوات الحج؟ من جن أو أغمي عليه، من أحصر عن طواف الإفاضة؟ من حصر عن واجب؟ من صد عن عرفة؟ من أحصر بمرض أو ذهاب نفقة أو ضل الطريق؟ من اشترط في ابتداء إحرامه أن محلي حيث حبستني؟

ومَن مُنِعَ البيت ولو كان منعه بعد الوقوف بعرفة أو كان المنع في إحرام عمرة ذبح هديًا بنية التحلل وجوبًا؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ولأنه –عيه الصلاة والسلام- أمر أصحابه حين حصروا في الحديبية أن ينحروا ويحلقوا ويحلوا وسواء كان الحصر عامًّا للحاج أو خاصًا كمن حبس بغير حق أو أخذه نحو لص؛ لعموم النص ووجود المعنى؛ فإن لم يجد هديًا صام عشرة أيام بنية التحلل قياسًا على المتمتع وحل ولا إطعام في الإحصار؛ لعدم وروده. ولو نوى المحصر التحلل قبل ذبح الهدي إن وجده أو الصوم إن عدمه لم يحل لفقد شرطه وهو الذبح أم الصوم بالنية واعتبرت النية في المحصر دون غيره؛ لأن من أتى بأفعال النسك أتى بما عليه فحل بإكماله، فلم يحتج إلى نية بخلاف المحصر؛ فإنه يريد الخروج من العبادة قبل إكمالها، فافتقرت إلى نيَّة، ولزم من تحلل قبل الذبح والصوم دم لتحلله، وقيل: لا يلزمه دم؛ لذلك جزم به في «المغني» و «الشرح الكبير» . س263: تكلم عما يلي: محصر تحلل قبل فوات الحج؟ مَن جن أو أغمي عليه، مَن أحصر عن طواف الإفاضة؟ مَن حصر عن واجب؟ مَن صد عن عرفة؟ مَن أحصر بمرض أو ذهاب نفقة أو ضل الطريق؟ مَن اشترط في ابتداء إحرامه أنَّ محَليِّ حيث حبستني؟ ج: ولا قضاء على محصر تحلل قبل فوات الحج؛ لظاهر الآية لكن إن أمكنه فعل الحج في ذلك العام لزمه ومثله في عدم وجوب القضاء مَن جن أو أغمي عليه ومَن حصر عن طواف الإفاضة فقط لم يتحلل حتى يطوف للإفاضة، ويسعى إن لم يكن سعى، ومَن حصر عن فعل واجب لم يتحلل وعليه دم بتركه، كما لو تركه اختيارًا وحَجُّه صحيح لتمام أركانه؛ ومَن صدَّ عن عرفة في حج تحلل بعُمْرة مجانًا، ومَن أحصر بمرض أو بذهاب نفقة بقي محرمًا حتى يقدر على البيت؛ فإن فاته الحج تحلل بعمرة؛ لأنه

لا يستَفيدَ بالإحلال الانتقال من حال إلى حال خير منها ولا التخلص من أذى به بخلاف حصر العدو؛ ولأنه –عليه الصلاة والسلام- لما دخل على ضباعة بنت الزبير، وقالت: إني أريد الحج وأنا شاكية، قال: «حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني» فلو كان المرض يبيح التحلل لما احتاجت إلى شرط؛ ولحديث: «من كسر أو عرج فقد حلّ» متروك الظاهر؛ فإنه لا يصير بمجرده حلالاً؛ فإن حملوه على إباحة التحلل حملنا على ما إذا اشترط، على أن في الحديث كلامًا؛ لأن ابن عباس يرويه ومذهبه بخلافه، وهذه رواية اختارها الخرقي، روي ذلك عن ابن عمر وابن عباس ومروان، وبه قال مالك والشافعي وإسحاق، والرواية الثانية له التحلل بذلك، وروي نحوه عن ابن مسعود وهو قول عطاء والنخعي والثوري وأصحاب الرأي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كسر أو عرج فقد حلّ، وعليه حجة أخرى» رواه النسائي. ولأنه محصور فيدخل في عموم قوله: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} يحققه أن لفظ الإحصار: إنما هو للمرض ونحوه، يُقال: أحصره المرض إحصارًا، فهو محصور، وحصره العدو فهو محصور، فيكون اللفظ صريحًا في محل النزاع، وحصر العدو مقيس عليه؛ ولأنه مَصْدُودٌ عن البيت أشبه مَن صده العدو، وكذا من ضل الطريق. وفي «الاختيارات الفقهية» : والمحصر بمرض أو ذهاب نفقة كالمحصر بعدو، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، ومثله حائض تعذر مقامها وحرم طوافها ورجعت ولم تطف لجهلها، وجوب طواف الزيارة أو لعجزها عنه أو لذهاب الرفقة. انتهى (ص120 منها) . ومن شرط ابتداء إحرامه أن محليِّ حيث حبستني، فله التحلل مجانًا في الجميع من فوات وإحصار ومرض ونحوه، ولا دم عليه؛ لظاهر خبر ضباعة؛ ولأنه شرط صحيح، فكان على ما شرط. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

ومما جاء من النظم في ذلك ومَن جاء يوم النَّحر والفجر طالع ... إلى عرفات آب أوبة مُكمدِ ولم يتحلل منه إلا بعمرة ... مُكمّلة في الظاهر المتأطّد ويقضي بلا شرط ولو نفل حجه ... ويلزمه هَدْيٌ على المتأكد ومَن بعد إحرام يصدّ ولم يجد ... طريقًا لينحر هَدْيَهُ حيث مصدَدِ وإن هو لم ينو الخروج بنحره ... من النسك لم يحلل بغير تردُّد فإن لم يجد هديًا فصومه عشرة ... ومَن ينو حلاً قبل هذا ليفتدي ومَن صُدًّ عن تعريفه حَسْبُ فاحكمن ... بإحلاله بالعمرة افهم تُسدَّد وفي حصر سقم أو توَى المال أو خَفَي ... الطريق ليبقى مُحرمًا في المسدّد فإن فاته حج تحلّلْ بعمّرة ... وهذا إذْ لم يشترط حين يبتدِي

ومما رأى أنه من المناسب سوقه في هذا الموضع الأبيات التي تلي من منظومة ابن القيِّم المسماة «الميمية» وهي تتعلق بالحج: أما والذي حَجّ المُحبَّونَ بَيته ... ولبُّوا له عِندَ المهَلِّ وأحْرَموا وقد كشَفوا تِلكَ الرؤوس تواضعًا ... لِعزّةِ مَنْ تعْنُوا الوجُوهُ وتُسْلِمُ يُهلُّونَ بالبطحَءِ لبيكَ رَبّنا ... لكَ الحمدُ والملكُ الذي أنت تعلمُ دَعَاهم فلبُّوهُ رضًا ومحَبّةً ... فلما دَعوهُ كانَ أقرَبَ منهُمُو تراهم على الأنضَاءِ شُعثًا رؤسهمْ ... وغُبْرًا وهم فيها أسَرُّ وأنعَمُ وقد فارقُوا الأوطانَ والأهلَ رغبةً ... ولم تَثْنِهمْ لذّاتهمْ والتّنَعَمُ يَسيرونَ في أقطارها وفجاجهَا ... رجالاً وركبانًا وللهِ أسْلمُوا ولما رأتْ أبصارُهم بيتَهُ الذي ... قلوبُ الوَرَى شوقًا إليهِ تصوَّمُ كأنهموا لم يَنصِبوا قَطُّ قَبَلهُ ... لأنّ شقاهم قد ترَحّلَ عنهُمو وقد غرِقتْ عَينُ المحِب بدمعها ... فينظرُ مِن بينَ الدموع ويَسجمُ فلله كم مِنْ عَبْرةٍ مُهرَاقةٌ ... وأخرى على أثارِها تتقّدِّمُ إذا عايَنْتهُ العَين زالَ ظَلامُها ... وزالَ عن القلبِ الكئيبِ التألم فلا يَعرفُ الطرفُ المُعَاينُ حُسْنَه ... إلى أن يَعُودَ الطرفُ والشّوقُ أعظمُ ولا عجبًا مِن ذا فحينَ أضافهُ ... إلى نفسه الرحمنُ فهوَ المعَظمُ كساهُ مِن الإجلالِ أعظمَ حُلة ... عليها طرازٌ بالملاحة مُعْلَمُ فمن أجل ذا كل القلوب تحبُّهُ ... وتخْشَعُ إجلالاً لهُ وتُعَظم ورَاحوا إلى التعريف يرجونَ رحمه ... ومغفرةً ممن يَجودُ ويُكْرمُ فلله ذاكَ الموقِفُ الأعظم الذي ... كموقف يوم العرض بل ذاكَ أعظمُ ويَدْنو به الجبَّارُ جلَّ جَلاله ... يُباهِي بهم أملاكه فهوَ أكرَمُ يَقولُ عِبادي قد أتوني مَحَبِّةً ... وإني بهمْ برٌّ أجودُ وأرْحَمُ

وشهدكم أني غفرت ذنوبّهمْ ... وأعطيتهُم ما أملّوه وأنعَمُ فبُشْرَاكمُ يا أهل ذَا الموقفِ الذي ... به يَغفر الله الذنوبَ ويَرحَمُ فكم من عتيق فيه كمّل عَتْقهُ ... وآخر يستشفي ورَبّك أرَحمُ وما رُؤْي الشيطانُ أحقَر في الورى ... وَأدْحرَ منه عِندهَا فهوَ ألْوَمُ وذاك لأمرٍ قد رآهُ فغَاظهُ ... فأقبَلَ يَحثو للترابِ ويَلطِمُ ومَا عايَنتْ عَيناهُ من رحمة أتت ... ومغفرة مِن عند ذِي العرش تُقسم بنَى مَا بنَى حتى إذا ظنّ أنهُ ... تمكنَ مِن بُنيانِه فهوَ مُحْكُم أتى الله بُنيانًا له مِن أسَاسِهِ ... فخرَّ عليهِ سَاقِطًا يتهَدّم وكم قدرَ ما يَعلو البناءُ وينتهي ... إذا كانَ يَبنيهِ وذو العرش يهدمُ وراحوا إلى جمعٍ وبانوا بمشعر ... الحَرامِ وصلوا الفجرَ ثم تقدّموا إلى الجمرة الكبرى يُريدونَ رَميها ... لِوقْتِ صلاة العيد ثم تَيمّموا منازلهم للنّحر يَبْغونَ فضْلهُ ... وإحياءَ نُسْكٍ من أبيهم يُعَظموا فلو كان يُرْضي الله نحْرُ نفوسهم ... لجادُوا بها طوْعًا وللأمر سلّموا كما بذَلوا عِند الجِهاد نُحورهم ... لأعدائه حتى جرى منهمُ الدمُ ولكنهم دَانوا بوَضع رءوسهمْ ... وذلكَ ذلٌّ للعَبيد ومِيَسمُ ولما تقَضَّوا ذلكَ التفتَ الذي ... عليهم وأفَوا نذرَهم ثم تمّموا دعاهمْ إلى البيت العتيق زَيارَةً ... فيا مَرْحبًا بالزائرين وأكرمُ فلله ما أبهَى زِيارتهم لهُ ... وقد حصلتْ تلك الجوائز تقسم ولله إفضال هناكَ ونِعَمةٌ ... وبرٌّ وإحسانٌ وجودٌ ومَرْحمُ وعادوا إلى تلكَ المنازل من منًى ... وقالوا مُناهُم عِندها وتنَعّموا أقاموا بها يَومًا ويَومًا وثالثًا ... وأذٍّنَ فيهم بالرحِيل وَأعلِموا وراحوا إلى رَمي الجمار عَشيّةً ... شِعارهُم التكبير والله معهم

ولو أبْصرت عَيناكَ موقفهم بها ... وقد بسطوا تلك الأكف ليُرحموا يُنادونه يا ربِّ يا ربِّ إننَا ... عبيدك لا نرجوا سِوَاكَ وتعلم وهانحن نرجوا منك ما أنت أهله ... فأنت الذي تعطي الجزيلَ وترحم ولما تقَضوا من منى كل حاجةٍ ... وسالت بهم تلكَ البطاحُ تقدموا إلى الكعبةِ البيت الحرام عشية ... وطافوا بها سبعًا وصلوا وسلموا ولما دَنا التوديع منهم وأيقَنوا ... بأن التداني حبله متَصَرِّمُ ولمْ يَبق إلا وقفةً لمُوادِعِ ... فلله أجفانٌ هناك تسَجَّم ولله أكبادٌ هنَالِكَ أودعَ الغَرام ... بها فالنار فيها تضَرّشم وللهِ أنفَاسٌ يكادُ بحَرِّهَا ... يذوب المحبُّ المستهَام المتَيَّم فلم ترَ إلا باهِتًا متَحَيِّرًا ... وآخرَ يبْدِي شَجْوَه يترَنمُ رَحلْتُ وأشوَاقي إليكم مقيمةٌ ... ونار الأسَى مِني تشبُ وتضرم أوَدِّعكم وَالشوق يثني أعِنّي ... إليكم وَقلبي في حَمَاكم مخَيم هنَالكَ لا تثريب يومًا على امرئٍ ... إذا مَا بَدَا منه الذي كانَ يُكتَمُ

هذا آخر ما تيسر لي جمعه في هذا الجزء الثاني من الأسئلة والأجوبة الفقهية مبتدأ به من كتاب الزكاة ومنتهيًا به إلى آخر كتاب الحج والعمرة. ويليه الجزء الثالث منه إن شاء الله تعالى، وأوله كتاب الأضاحي. وكان الفراغ من كتابة هذا الجزء الثاني المذكور الساعة 11 ونصف من يوم الجمعة المبارك أول ربيع الأول سنة 1385هـ خمس وثمانين وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة النبوية الشريفة الموافق 30/6/1965م. والله المسئول أن يجعل عملنا هذا خالصًا لوجهه الكريم وأن ينفع به نفعًا عامًا إنه سميع قريب مجيب على كل شيء قدير. والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين. ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا،،، عبد العزيز المحمد السلمان المدرس في معهد إمام الدعوة بالرياض

وقف لله تعالى من استغنى عن الانتفاع به فليدفعه إلى من ينتفع به من طلبة العلم وغيرهم

وَقْفٌ للهِ تَعَالَى تَأْلِيفُ عبد العزيز المحمد السلمان المدرس في معهد إمام الدعوة بالرياض غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين الجزء الثالث طُبِِعَ عَلَى نَفَقَةِ مَنْ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وجْهَ اللهِ وَالدَار الآخرةَ فجَزاهُ اللهُ عن الإسلام والمسلمينَ خيرًا وغَفَر له ولوالديه ولمن يُعيدُ طِبَاعَتَه أو يُعِيْنُ عليها أو يَتَسبَب لها أو يُشِيرُ على مَنْ يُؤمِلُ فيه الخيرَ أن يَطبَعَه وقفًا للهِ تعالى يُوزَّع على إخوانِهِ المسلمين ... اللهم صل على محمد وعلى آله وسلم

من أراد طباعته ابتغاء وجه الله تعالى (لا يريد به عرضًا من الدنيا) ؛ فقد أُذن له، وجزى الله خيرًا من طبعه وقفًا أو أعان على طبعه أو تسبب لطبعه وتوزيعه على إخوانه المسلمين؛ فقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة صانعه يحتسب في صنعته الخير والرامي به ومنبله» الحديث رواه أبو داود. وورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» الحديث رواه مسلم. وعن زيد بن خالد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازيًا في أهله بخير فقد غزا» متفق عليه. يا طالبًا لعلوم الشرع مُجتهدًا ... تَبغي الفوائدَ دَانِيها وقاصِيها في الفقه أسئلةٌ تُهدَى وأجوبَةٌ ... أَلْمم بها تَرتوي من عَذب صافيها كَم حُكْمُ شَرْعِ بقال الله مُقترنًا ... أو قالهُ المُصْطَفى أودَعْتُهُ فِيها طُبِع على نفقة من يَبْتَغِي بذلك وجه الله والدار الآخرة فجزاه اللهُ عن الإسلام والمسلمين خيرًا، وكثر من أمثاله في المسلمين ... اللهم صل على محمد وآله وسلم.

باب الهدي والأضحية

بسم الله الرحمن الرحيم 1 - باب الهْدْيِ والأُضْحِيَّةِ س1: ما هو الهدي؟ وما هي الأضحية؟ وما حكمها وما دليل الحكم؟ واذكر ما تستحضره من خلاف ورجح لما ترى أنه الأرجح. ج: الهدي: ما يهدى للحرم من نَعَمٍ وغيرها، والأضحية: ما يذبح من إبل وبقر وغنم أيام النحر بسبب العيد تقربًا إلى الله تعالى، ومشروعيتهما ثابتة بالكتاب والسُّنة والإجماع. أما الهدي: فقال تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا القَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} . ومن السُّنة: ما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «تمتع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة» . رواه الشيخان، وقال علي - رضي الله عنه -: «أهدى النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة بَدَنةً، فأمرني بلحومها فقسمتها، وأمرني بجلالها ثم بجلودها فقسمتها» رواه البخاري. وأما الأضحية فلقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قال جمع من المفسرين: المراد التضحية بعد صلاة العيد، ومن السُّنة: حديث أنس «ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر» متفق عليه. قال ابن القيم -رحمه الله-: والذبائح التي هي قربة إلى الله تعالى وعبادة هي الهدي والأضحية والعقيقة، وقال: القربان للخالق يقوم مقام الفدية عن النفس

المستحقة للتلف فدية وعوضًا وقربانًا إلى الله وعبودية، ولم يكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - يدع الهدي، فثبت أنه أهدى مائة من الإبل في حجة الوداع وأرسل هديًا في غيرها ولم يكن يدع الأضحية. وقد اختلف العلماء فيه فيها، فقيل: إنها سُّنة مؤكدة، وقيل: إنها واجبة. استدل القائلون بأنها سُّنة بما ورد عن جابر، قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عيد الأضحى، فلما انصرف أتى بكبش فذبحه، فقال: «بسم الله والله أكبر، اللهم هذا عني وعن من لم يضح من أمتي» رواه أحمد وأبو داود والترمذي. وعن علي بن الحسين عن أبي رافع «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين» الحديث رواه أحمد. وروى الدارقطني بإسناده عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ثلاث كتبن عليّ وهنّ لكم تطوع» ، وفي رواية: «الوتر والنحر وركعتا الفجر» ؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أراد أن يضحي فدخل العشر فلا يأخذ من شعره ولا بشرته شيئًا» رواه مسلم. عله على الإرادة والواجب لا يعلق على الإرادة. وروي عن أبي بكر وعمر أنهما كانا لا يضحيان عن أهلهما مخافة أن يرى ذلك واجبًا؛ ولأنها ذبيحة لم يجب تفرقة لحمها فلم تكن واجبة كالعقيقة. وهذا قول أكثر أهل العلم، روي ذلك عن أبي بكر وعمر وابن مسعود - رضي الله عنهم -، وبه قال سويد بن غفلة وسعيد بن المسيب وعلقمة والأسود وعطاء والشافعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر. وقال ربيعة ومالك والثوري والليث والأوزاعي وأبو حنيفة هي واجبة لقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} قال جمع من المفسرين: المراد التضحية بعد صلاة العيد والأمر للوجوب، ولما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا» رواه أحمد وابن ماجه. والذي يترجح عندي ما قاله الجمهور: أنها سُّنة مؤكدة على من قدر عليها من

س2: متى شرعت الأضحية، وهل تجزي من غير بهيمة الأنعام؟ وما الأفضل أضحية من بهيمة الأنعام لمن يريد أن يضحي بأحدها؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل.

المسلمين المقيمين والمسافرين إلا الحاج بمنى. فقال مالك: لا أضحية عليهم، اختاره الشيخ تقي الدين وغيره. والله سبحانه أعلم. ورخص بعض أهل العلم في الأضحية عن الميت، ومنع بعضهم؛ وقول من رخص مطابق للأدلة ولا حجة مع من منع. ومن الأدلة على سنية التضحية عن الميت ما ورد عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عيد الأضحى فلما انصرف أتى بكبش فذبحه، فقال: «بسم الله والله أكبر اللهم هذا عني وعن من لم يضح من أمتي» » رواه أحمد وأبو داود والترمذي. وعن علي بن الحسين عن أبي رافع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين؛ فإذا صلى وخطب الناس أتى بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية، ثم يقول: «اللهم هذا عن أمتي جميعًا من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ» ، ثم يؤتى بالآخر فذبحه بنفسه، فيقول: «هذا عن محمد وآل محمد، فيطعمها المساكين» الحديث رواه أحمد، فهذان الحديثان فيهما دلالة واضحة على الأضحية عن الأموات؛ لأن من أمته - صلى الله عليه وسلم - المُضحي عنهم الأحياء والأموات، ولو كانت مختصة بالأحياء لما أهمله - صلى الله عليه وسلم -، وتقدمت الأدلة الدالة على أن من فعل قربة وجعل ثوابها لحي مسلم أو ميت نفعه ذلك. في الجزء الأول في آخر كتاب الجنائز (ص276) . ** ** ** س2: متى شرعت الأضحية، وهل تجزي من غير بهيمة الأنعام؟ وما الأفضل أضحية من بهيمة الأنعام لمن يريد أن يضحي بأحدها؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل. ج: شرعت في السنة الثانية من الهجرة كالعيدين وزكاة المال وزكاة الفطر. ولا تجزي الأضحية من غير بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم الأهلية؛ لقوله تعالى: {لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} ،

س3: ما أفضل ألوانها وهل يفرق بين الذكر والأنثى في الأضحية؟ وأيما أفضل؟ أضحية بعشرة أو اثنتان بتسعة؟

وقال: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} . والأفضل في هدي وأضحية إبل فبقر فغنم إن أخرج ما أهداه أو ضحى به من بدنة أو بقرة كاملاً لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن» الحديث متفق عليه؛ ولأنها أكثر لحمًا وأنفع للفقراء والأفضل من كل جنس أسمن فأغلى ثمنًا لقوله تعالى: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى القُلُوبِ} . قال ابن عباس: تعظيمها استسمانها واستحسانها؛ ولأنه أعظم لأجرها وأكثر لنفعها، وقال أبو أمامة عن سهل: كنا نُسمن الأضحية بالمدينة، وكان المسلمون يسمنون. رواه البخاري، وروى استفرِهوا ضحاياكم فإنها في الجنة مطاياكم. ** ** ** س3: ما أفضل ألوانها وهل يفرق بين الذكر والأنثى في الأضحية؟ وأيما أفضل؟ أضحية بعشرة أو اثنتان بتسعة؟ ج: الأفضل الأشهب وهو الأملح وهو الأبيض النقي البياض. قاله ابن الأعرابي، أو ما بياضه أكثر من سواده. قال الكسائي: لما روى عن مولاة ابن ورقة بن سعيد قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «دم عفراء أزكى عند الله من دم سوداوين» رواه أحمد بمعناه. وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «دم عفراء أحب إلى الله من دم سوداوين» رواه أحمد. والعفراء التي بياضها ليس بناصع، وقال أبو هريرة: دم بيضاء أحب إلى الله من دم سوداوين. وعن علي بن الحسين عن أبي رافع: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين أملحين» الحديث رواه أحمد. وعن

أبي سعيد قال: «ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكبش أقرن مخب يأكل في سواد ويمشي في سواد وينظر في سواد» رواه الخمسة إلا أحمد وصححه الترمذي. وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش أقرن بطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد» الحديث رواه أحمد ومسلم وأبو داود. ثم يلي الأملح الأصفر ثم الأسود، وكلما كان أحسن لونًا فهو أفضل، قال الإمام أحمد: يعجبني البياض وذكر وأنثى سواء؛ لقوله تعالى: {لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} ولم يقل ذكر ولا أنثى. وقد ثبت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهدى جملاً كان لأبي جهل في أنفه برة من فضة» رواه أبو داود وابن ماجه. قال أحمد: الخصي أحب إلينا من النعجة؛ لأن لحمه أوفر وأطيب، والخصي: ما قطعت خصيتاه أو سلتا. وقال الموفق –رحمه الله-: الكبش في الأضحية أفضل النعم؛ لأنها أضحية النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأفضل من ثنى معز جذع ضأن، قال أحمد: لا تعجبني الأضحية إلا بالضأن؛ ولأنه أطيب لحمًا من ثنى المعز وأفضل من سبع بدنة أو سبع بقرة، وسبع شياه أفضل من بدنة أو بقرة. وزيادة عدد في جنس أفضل من المغالاة مع عدم التعدد. فبدنتان سمينتان بتسعة أفضل من بدنة بعشرة لما فيه من إراقة الدماء، ورجح شيخ الإسلام البدنة التي بعشرة على البدنتين بتسعة لأنها أنفس. والذي يترجح عندي أن التعدد أفضل لما فيه من تعدد إراقة الدماء، ولما في التعدد من كثرة الشعر والصوف، فقد ورد عن زيد بن أرقم قال: قلت: أو قالوا: يا رسول الله، ما هذه الأضاحي؟ قال: «سُّنة أبيكم إبراهيم» ، قالوا: ما لنا منها؟ قال: «بكل شعرة حسنة» ، قالوا: فالصوف. قال: «بكل شعرة من الصوف حسنة» رواه أحمد وابن ماجه. والله سبحانه وتعالى أعلم.

س4: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: السن المجزى في الأضحية، الشاة عن الرجل وأهل بيته وعياله، إذا اشترك جماعة في بدنة أو بقرة وأراد بعضهم قربة وبعضهم لحما أو كان بعضهم ذميا، الجواميس في الهدي والأضحية، إذا ذبح الأضحية على أنهم سبعة فبانوا ثمانية، إذا اشترك اثنان في شاتين على الشيوع، ذا اشترى سبع بدنة أو بقرة ذبحت للحم ليضحي به. اذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل.

س4: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: السن المجزى في الأضحية، الشاة عن الرجل وأهل بيته وعياله، إذا اشترك جماعة في بدنة أو بقرة وأراد بعضهم قربة وبعضهم لحمًا أو كان بعضهم ذميًا، الجواميس في الهدي والأضحية، إذا ذبح الأضحية على أنهم سبعة فبانوا ثمانية، إذا اشترك اثنان في شاتين على الشيوع، ذا اشترى سبع بدنة أو بقرة ذبحت للحم ليضحي به. اذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل. ج: لا يجزي في الأضحية إلا الجذع من الضأن وهو ما له ستة أشهر، ويدل لإجزائه ما روت أم بلال بنت هلال عن أبيها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يجزي الجذع من الضأن أضحية» رواه ابن ماجه، والهدي مثله، والفرق بين جذع الضأن والمعز أن جذع الضأن ينزو فيلقح بخلاف الجذع من المعز، قاله إبراهيم الحربي. ويعرف كونه أجذع بنوم الصوف على ظهره، ولا يجزي إلا الثني مما سواه، فثني الإبل ما كمل له خمس سنين، وثني بقر ما له سنتان كاملتان؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تذبحوا إلا مسنة؛ فإن عسر عليكم فاذبحوا الجذع من الضأن» رواه مسلم. والثنية من البقر هي المسنة، وثني معز ما له سنة كاملة. وقال الشيخ تقي الدين: يجوز التضحية بما كان أصغر من الجذع من الضأن لمن ذبح قبل صلاة العيد جاهلاً بالحكم إذا لم يكن عنده ما يعتد به في الأضحية وغيرها، لقصة أبي بردة ويحمل قوله –عليه الصلاة والسلام-: «ولن تجزي عن أحد بعدك أي بعد ذلك» قاله في «الإنصاف» . وتجزي الشاة عن واحد وعن أهل بيته وعياله مثل امرأته وأولاده ومماليكه لما ورد عن عطاء بن يسار قال: سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الأضحية فيكم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: كان الرجل في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون

س5: تكلم بوضوح عما يلي: الجماء، البتراء، الخصي، مرضوض الخصيتين، ما خلق بلا أذن، ما ذهب نصف أليته، العوراء، قائمة العين مع ذهاب إبصارها، العجفاء، الهزيلة، العوجاء، المريضة، الجداء، الهتماء، الصمعاء، العضباء، المعيبة ... إلخ.

حتى تباهي الناس فصاروا كما ترى. رواه ابن ماجه والترمذي وصححه. وعن الشعبي عن أبي سريحة، قال: حملني أهلي على الجفاء بعدما علمت من السنة، كان أهل البيت يضحون باشاة والشاتين والآن يبخلنا جيراننا. رواه ابن ماجه، ولحديث: «على كل أهل بيت في كل عام أضحية» . وإن اشترك ثلاثة في بدنة أو بقرة أوجبوها على أنفسهم لم يجز أن يشركوا غيرهم فيها. وإن ذبح قوم على أنهم سبعة فبانوا ثمانية ذبحوا شاة وأجزأهم ذلك، وإذا اشترك اثنان في شاتين على الشيوع أجزأ ذلك عنهما، وتجزي بدنة أو بقرة عن سبعة، روي عن علي وابن مسعود وابن عباس وعائشة لحديث جابر: «نحرنا بالحديبية مع النبي - صلى الله عليه وسلم - البدنة والبقرة عن السبعة» رواه مسلم. ويعتبر ذبح البدنة والبقرة عنهم لحديث: «إنما الأعمال بالنيات» ، وسواء أراد كلهم قربة أو أراد بعضهم لحمًا أو كان بعضهم مسلمًا وأراد القربة وبعضهم ذميًا، ولكل ما نوى؛ لأن الجزء المجزي لا ينقص أجره بإرادة الشريك غير القربة ولو اختلفت جهات القربة والقسمة إفراز لا بيع. وإذا اشترى سبع بدنة أو بقرة ذبحت للحم، فهو لحم اشتراه وليست أضحية. والجواميس في الهدي والأضحية كالبقرة في الإجزاء والسن وإجزاء الواحدة عن سبعة؛ لأنها نوع منها. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. س5: تكلم بوضوح عما يلي: الجماء، البتراء، الخصي، مرضوض الخصيتين، ما خلق بلا أذن، ما ذهب نصف أليته، العوراء، قائمة العين مع ذهاب إبصارها، العجفاء، الهزيلة، العوجاء، المريضة، الجداء، الهتماء، الصمعاء، العضباء، المعيبة ... إلخ. ج: يجزي في الأضحية والهدي: جماء: لم يخلق لها قرن، وبتراء: لا ذنب لها

خلقة أو مقطوعًا، وتجزي صمعاء: وهي صغيرة الأذن، وخصي: ما قطعت خصيتاه أو سلتا، ومرضوض الخصيتين: لأنه - صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبشين مرجوءين، والوجوء: رض الخصيتين، ويجزي في هدي وأضحية من إبل وبقر أو غنم ما خلق بغير أذن، أو ذهب نصف إليته فما دون. ولا يجزي فيهما قائمة العينين مع ذهاب إبصارهما؛ لأن العمى يمنع مشيها مع رفيقتها ويمنع مشاركتها في العلف، وفي النهي عن العوراء التنبيه على العمياء. ولا يجزي فيها عجفاء لا تنقي وهي الهزيلة التي لا مخ فيها ولا عرجاء لا تطيق مشيًا مع صحيحة، ولا بينة المرض لحديث البراء بن عازب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والكسيرة التي لا تنقى» رواه الخمسة وصححه الترمذي. وعن أبي سعيد قال: اشتريت كبشًا أضحي به فعدا الذئب فأخذ الألية، قال: فسألتُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ضح به» رواه أحمد. ولا تجزي جداء وهي الجدباء، وهي ما شاب ونشف ضرعها؛ لأنها في معنى العجفاء بل أولى. ولا تجزي فيهما هتماء وهي التي ذهبت ثناياها من أصلها كالتي قبلها، ولا يجزي فيهما خصي مجبوب، ولا عضباء وهي ما ذهب أكثر أذنها أو أكثر قرنها لحديث علي قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يضحى بأعضب الأذن والقرن» قال: ذكرت ذلك لسعيد بن المسيب، فقال: العضب النصف فأكثر. رواه الخمسة، وصححه الترمذي. وتكره معيبة الأذن والقرن بخرق أو شق أو قطع لنصف منهما فأقل، لحديث علي «أُمرنا أن نستشرق العين والأذن ولا نضحي بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ولا شرقاء» أخرجه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم.

س6: تكلم عن صفة ذبح بهيمة الأنعام مقرونة بالدليل.

وروى يزيد ذو مصر، قال: أتيت عتبة بن عبد السلمي، فقلت: يا أبا الوليد، إني خرجت ألتمس الضحايا فلم أجد شيئًا يعجبني غير ثرماء، فما تقول؟ قال: ألا جئتني أضحي بها، قال: سبحان الله تجوز عنك ولا تجوز عني، فقال: نعم، إنك تشك ولا أشك؛ إنما «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المضفرة والمستأصلة والبخقاء والمشيعة والكسراء. فالمضفرة التي تستأصل أذنها متى تبدو صماخها، والمستأصلة التي ذهب قرنها من أصله، والبخقاء التي تبخق عينها، والمشيعة التي لا تتبع الغنم عجفًا وضعفًا، والكسراء التي لا تنقى» رواه أبو داود وأحمد والبخاري في «تاريخه» ، وفي «الاختيارات الفقهية» : وتجزي الهتماء التي سقط بعض أسنانها في أصح الوجهين (ص120) . س6: تكلم عن صفة ذبح بهيمة الأنعام مقرونة بالدليل. ج: السُّنة نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى فيطعنها بالحربة في الوهدة التي بين أصل العنق والصدر، لما روى زياد بن جبير قال: رأيت ابن عمر أتى على رجل أناخ بدنة لينحرها، فقال: «ابعثها قائمة مقيدة سُّنة محمد - صلى الله عليه وسلم -» متفق عليه. وروى أبو داود بإسناده عن عبد الرحمن بن سابط: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى قائمة، وقيل في تفسير قوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} أي قيامًا؛ لكن إن خشي أن تنفر عليه أناخها. والسُّنة ذبح بقر وغنم على جنبها الأيسر موجهة إلى القبلة؛ لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً} ولحديث أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبشين ذبحهما بيده. ويجوز ذبح الإبل ونحر البقر والغنم، ويحل لأنه لم يجاوز محل الزكاة ولعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أنهر الدم وذكر اسم الله، فكل» .

س7: اذكر ما يقوله الذابح مقرونا بالدليل.

س7: اذكر ما يقوله الذابح مقرونًا بالدليل. ج: يسمى وجوبًا حين يحرك يده بالنحر أو بالذبح؛ لقوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا} ، وقوله: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} وتسقط التسمية سهوًا، ويكبر استحبابًا، ويقول: اللهم هذا منك ولك؛ لما روي عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذبح يوم العيد كبشين، ثم قال حين وجههما: « {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ} {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ} بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك وإليك» » رواه أبو داود. وإن قال بعد هذا: اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك فحسن لمناسبة الحال، وفي حديث لمسلم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللهم تقبل من محمد وآل محمد وأمة محمد» . وفي كتاب المهذب: والمستحب أن يقول: اللهم تقبل مني؛ لما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: ليجعل أحدكم ذبيحته بينه وبين القبلة، ثم يقول: من الله وإلى الله، والله أكبر، اللهم منك ولك، اللهم تقبل. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنه كان إذا ضحى قال: من الله والله أكبر، اللهم منك ولك، اللهم تقبل مني. ** ** ** س8: تكلم عن إسلام الذابح ونيته، وحضور ذبحها، والتوكيل في ذلك، والدليل أو التعليل. ج: سن إسلام ذابح لأنها قربة، ويكره أن يوكل في ذبح أضحيته ذميًا كتابيًا؛ لقول علي وابن عباس وجابر ولحديث ابن عباس الطويل مرفوعًا: «لا يذبح ضحاياكم إلا طاهر» . ولا تحل ذكاةُ وثنِيّ ومجوسي ومرتد، والمستحب أن يتولى المُهدي أو المُضحي الذبح أو النحر بنفسه لحديث أنس - رضي الله عنه -: أن النبي صلى الله عليه

س9: تكلم بوضوح عن وقت ذبح أضحية، وهدي نذر أو تطوع، وهدي متعة وقران، وعما إذا فاتت الصلاة بالزوال، وبين حكم الذبح ليلا ووقت الأفضل في الذبح، وإن فات وقت الذبح فما الحكم، وما هي شروط الأضحية. واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف.

وسلم ضحى بكبشين أملحين، ووضع رجله على صفاحهما وسمى وكبر فذبحهما بيده؛ ولأنه - صلى الله عليه وسلم - نحر مما ساقه في حجته ثلاثًا وستين بدنة. ويجوز أن يستنيب غيره؛ لما روى جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر ثلاثًا وستين بدنة بيده، ثم أعطى عليًا - رضي الله عنه - فنحر ما غير» الحديث رواه أحمد ومسلم. ويستحب لمن وكل في تذكية أضحيته أن يحضرها؛ لأن في حديث ابن عباس الطويل: واحضروها إذا ذبحتم فإنه يغفر لكم عند أول قطرة من دمها. وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لفاطمة: «احضري أضحيتك يغفر لك بأول قطرة من دمها» . ولا بأس أن يقول الوكيل: اللهم تقبل من دمها، ولا بأس أن يقول الوكيل: اللهم تقبل من فلان أي الموكل له. وتعتبر النية من الموكل وقت التوكيل في الذبح، وفي «الرعاية» : ينوي الموكل كونها أضحية غير الذكاة أو الدفع إلى الوكيل وإن كانت الأضحية معينة فلا تعتبر النية ولا تعتبر تسمية المضحى عنه اكتفاء بالنية. س9: تكلم بوضوح عن وقت ذبح أضحية، وهدي نذر أو تطوع، وهدي متعة وقران، وعما إذا فاتت الصلاة بالزوال، وبين حكم الذبح ليلاً ووقت الأفضل في الذبح، وإن فات وقت الذبح فما الحكم، وما هي شروط الأضحية. واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف. ج: وقت الذبح أوله من بعد أسبق صلاة العيد ولو قبل الخطبة؛ لحديث جندب بن عبد الله البجلي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى» ، وعن البراء بن عازب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها أخرى» متفق عليه. وقيل: لابد من صلاة الإمام وخطبته وهو مذهب مالك، ورواية عن الإمام أحمد. قال في «الكافي» :

وأول وقت الذبح في حق أهل المصر إذا صلى الإمام وخطب يوم النحر، انتهى. استدل له ما في الرواية الأخرى من حديث جندب، قال: صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر، ثم خطب، ثم ذبح. الحديث متفق عليه. والأفضل أن يكون الذبح بعد الصلاة وبعد الخطبة وذبح الإمام إن كان خروجًا من الخلاف، ولو سبقت صلاة إمام في البلد جاز الذبح أو بعد قدرها بعد دخول وقتها في حق من لا صلاة في موضعه كأهل البوادي من أهل الخيام والخركاوات ومحوهم؛ لأنه لا صلاة في حقهم معتبرة فوجب الاعتبار بقدرها؛ فإن فاتت بالزوال ذبح عند الزوال فما بعده إلى آخر ثاني أيام التشريق، فأيام النحر ثلاثة: يوم العيد ويومان بعده. وهو قول عمر وابنه وابن عباس وأبو هريرة وأنس. وروي أيضًا عن علي، قال أحمد: أيام النحر ثلاثة من غير واحد م أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، ويستحيل أن يباح ذبحها في وقت يحرم أكلها فيه، ونسخ أحد الحكمين لا يلزم منه رفع الأجزاء. وقال - رضي الله عنه -: أيام النحر يوم الأضحى وثلاثة أيام بعده. وقال عطاء والحسن وغيرهما: وهذا مذهب الشافعي، وإحدى الروايتين عن أحمد، واختاره ابن المنذر والشيخ تقي الدين وغيرهما، قال ابن القيم: ولأن الثلاثة تختص بكونها أيام منى وأيام التشريق، ويحرم صومها فهي إخوة في هذه الأحكام فكيف تفترق في جواز الذبح بغير نص ولا إجماع، وروي من وجهين مختلفين يشد أحدهما الآخر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «كل منى منحر، وكل أيام التشريق ذبح» وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله سبحانه وتعالى أعلم. وأما الذبح في الليل فيكره خروجًا من خلاف من قال بعدم جوازه فيها كمالك، قال الوزير: اتفقوا على أنه يجوز ذبح الأضحية ليلاً في وقتها المشروع لها كما يجوز في نهاره

إلا مالكًا، وأبو حنيفة يكرهه مع جوازه، والتضحية وذبح هدي في أول أيام الذبح وهو يوم العيد أفضل وأفضله عقب الصلاة والخطبة وذبح الإمام إن كان لما فيه من المبادرة والخروج من الخلاف؛ فإن فات الوقت للذبح قضي الواجب وفعل به كالأداء المذبوح في وقته، كما لو ذبحها في وقته فلا يسقط الذبح بفوات وقته كما لو ذبحها في وقتها، ولم يفرقها حتى خرج وسقط التطوع بخروج وقته لأنه سُّنة فات محلها، فلو ذبحه وتصدق به كان لحمًا تصدق به، ووقت ذبح هدي واجب بفعل محظور من حين فعل المحظور كالكفارة بالحنث، وإن أراد فعله لعذر يبيحه فله ذبحه قبل فعل المحظور لوجود سببه، كإخراج كفارة عن يمين بعد حلف، وقيل: حنث، وكذا دم وجب لترك واجب في حج أو عمرة فيدخل وقته من تركه، وشروط أضحية أربعة: 1- نعم أهلية. 2- سلامتها من عيوب مضرة. 3- دخول وقت ذبح. 4- صحة ذكاة أن يذبحها مسلم أو كتابي. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

من النظم مما يتعلق بالهدي والأضحية هذا بيان الهدي إن كنت مهديًا ... وقربان من يبغي تقرب مهتد فحافظ على تجويده تلقه غدًا ... وسام أولى العزم الكرام وجود ففي كل شعر منه والوبر قربة ... وللفضل في شهب وصفر فأسود وأفضلها كوم من البدن بعدها ... من البقر انحر ثم للغنم إقصد ومجزؤها جذع من الضأن ثم من ... سواها ثني مجزئ فيهما قد فيجزئ باستكمال ستة أشهر ... ومن معز مستكمل الحول فاحدد ومن بقر ما جاز عامين عمره ... ومن إبل خمس السنين فقيد وتجزئ إحدى البدن عن سبعة ... مع التشارك قبل الذبح لا بعده اشهد فإن بان فيهم ثامن بعد ذبحها ... فيجزئ معها ذبحهم شاة أمهد وسبع من الأغنام تعدل ناقة ... وخير من التشريك شاة لمفرد ويجزئ سبع مع شريك لقربة ... سواها ومن لم يبغ غير المقدد ولم يجز مع عيب يضر بلحمها ... ومانع تكميل الفداء للتزيد فلا تجزئ العوراء ع خسف عينها ... ووجهين في عميائها لم توهد ولا تجزئ العجفاء يا صاح فيهما ... وذلك ما لا مخ فيه لقصد ولا عاجز خلف القطيع لسقمه ... ومعضوب جل القرن وأذنه أصدد ولا تجزئ العمياء وما جف ضرعها ... ولا ذات هتم من أصول المحدد ولا كل مجبوب ووجهان خذهما ... ببتراء والجماء غير مفند ويكره عيب في الأذان بخرقها ... وشق وقطع دون نصف محدد ويجزئ خصي لم يجب وضحين ... بأي مكان شئت ما لم تقيد وسُّنة نحر البدن قائمة أنت ... ومعقولة اليسرى بطعن محدد بنقرة أصل الصدر في رأس صدرها ... وقطعك مشروط الذكاة فأكد

وذبحك غير البدن يا صاح سُّنة ... ولا بأس في عكس لفعل معدد وسم وكبر ثمت انو لذبحها ... وأن تترك الأولى بفعلك فاشهد فإن لم تسمى ساهيًا فمباحة ... على أشهر الأقوال عكس التعمد ويحرم ذبح من مجوس وعابد ... سوى الله والمرتد والمتولد ومن لبة المنحور موضع ذبحه ... إلى الرأس أنى شئت في العنق اقدد وبشرط قطع الحلق ثم مريه ... وعنه مع الأوداج فارو وأسند وبكره إعجاله بقطعك عضوها ... قبيل زهوق الروح مع حله اشهد وعن ذبح حمل الأم يجزي ذبحها ... إذا بان كالمذبوح أو ميتًا قد وميقات ذبح الهدي عن ترك واجب ... وعن فعل محظور متى شئت فاقدد من الزمن المحتوم إيجابه به ... وإن تستبح للعذر إن شئت فابتدي وبعد صلاة العيد أو بعد قدرها ... لمن لم يصل وقت ذبح المرصد لأضحية والهدي عن متعة وعن ... قران وهدي النذر فافقه وحدد وقد قيل من بعد الصلاة وخطبة ... وقد قيل مع ذبح الإمام المقلد فإن لم يصليها الإمام بمصره ... فبعد الزوال الذبح حسب فقيد ويومان بعد العيد مع ليلتيهما ... وفي الليل قول لا يجوز فقلد فإن فات فاقض الفرض حتمًا ونقله ... لتنحر فإن تقضي تثابن وتحمد

فصل فيما يتعلق به الهدي والأضحية

2- فصل فيما يتعلق به الهدي والأضحية س10: تكلم عما يتعين به الهدي والأضحية وما لا يتعين به، وحكم نقل الملك فيما تعين، وحكم تعيين معلوم العيب، وإذا بانت معينة مستحقة، وحكم ركوبها. ج: يتعين هدي بقوله: ها هدي، أو بتقليده النعل أو العرى وآذان القرب بنية كونه هديًا أو بإشعاره بنية الهدي لقيام الفعل الدال على المقصود مع النية مقام اللفظ كبناء مسجد، ويأذن للناس في الصلاة فيه، وتتعين أضحية بقوله: هذه أضحية. ويتعين كل من الهدي والأضحية بقوله: هذا أو هذه لله ونحوه، ولا يتعين هدي ولا أضحية بنية ذلك حال الشراء؛ لأن التعيين إزالة ملك على وجه القربة، فلم يؤثر فيه مجرد نية كالعتق والوقف، ولا يتعين هدي ولا أضحية بسوقه مع نيته كإخراجه مالاً للصدقة به فلا يلزمه التصدق به للخير، وما تعين من هدي أو أضحية جاز نقل الملك فيه، وشراء خير منه لحصول المقصود به مع نفع الفقراء بالزيادة، ولا يجوز بيع ما تعين في دين ولو بعد موت، وإن لم يترك غيره كما لو كان حيًا، وتقوم ورثته مكانه في أكل وصدقة وهدية، وإن عين معلوم عيبه في هدي أو أضحية تعين، وكذا لو عين معلوم العيب مما في ذمته من هدي أو أضحية فيلزمه ذبحه، ولا يجزئه هديًا ولا أضحية، ويملك ردّ ما علم عيبه بعد تعينه كما يملك أخذ أرشه، ولو بانت معيبة مستحقة لزمه بدلها، ويباح لمهد ومضح أن يركب هديًا وأضحية معينين لحاجة فقط بلا ضرر. قال الله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ} ، قال أحمد: لا يركبها إلا عند الضرورة، وهو قول الشافعي

س11: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا ولدت معينة من هدي أو أضحية، شرب لبنها، جز صوفها، ونحوه، إعطاء الجزار منها، ماذا يعمل بجلدها وجلها، بيع شيء منها إذا سرق مذبوح من هدي أو أضحية، إذا ذبح في وقتها بلا إذن ربها واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف.

وابن المنذر وأصحاب الرأي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرًا» رواه أبو داود. ولأنه تعلق بها حق المساكين فلم يجز ركوبها من غير ضرورة كملكهم، وإنما جوز عند الضرورة للحديث؛ فإن نقصها الركوب ضمن النقص لأنها تعلق بها حق غيره؛ وأما ركوبها مع عدم الحاجة ففيه روايتان: إحداهما: لا يجوز لما تقدم. والثانية: يجوز لما روى أبو هريرة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً يسوق بدنة، فقال: «اركبها» ، فقال: يا رسول الله، إنها بدنة. فقال: «اركبها» ويلك في الثانية أو في الثالثة» متفق عليه. ** ** ** س11: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا ولدت معينة من هدي أو أضحية، شرب لبنها، جز صوفها، ونحوه، إعطاء الجزار منها، ماذا يعمل بجلدها وجلها، بيع شيء منها إذا سرق مذبوح من هدي أو أضحية، إذا ذبح في وقتها بلا إذن ربها واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف. ج: إن ولدت معينة ابتداء أو عما في ذمته من هدي أو أضحية ذبح ولدها معها؛ لأنه تبع لأمه سواء كان حملاً حين التعيين أو حدث بعده إن أمكن حمله أو سوقه إلى النحر، وإلا يمكن حمله ولا سوقه فهو كهدي عطب، ولا يشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها، ولم يضرها ولا نقص لحمها؛ لما روي عن علي - رضي الله عنه - أن رجلاً سأله، فقال: يا أمير المؤمنين، إني اشتريت هذه البقرة لأضحي بها، وأنها وضعت هذا العجل، فقال: «لا تحلبها إلا ما فضل عن ولدها، فإذا كان يوم الأضحى فاذبحها وولدها عن سبعة» رواه سعيد والأثرم. وقال أبو حنيفة: لا يحلبها ويرش على ضرعها الماء حتى ينقطع اللبن؛ فإن احتلبها تصدق به؛ لأن اللبن متولد من الأضحية الواجبة، فلم يجز لمضح

الانتفاع به كالولد والذي يترجح عندي القول الأول؛ ولكن الصدقة به أفضل خروجًا من الخلاف. والله سبحانه وتعالى أعلم. ويباح أن يجز صوفها ونحوه كوبرها وشعرها لمصلحة، كما لو كانت تسمن به وله الانتفاع به وبجلدها كلبنها؛ لما روت عائشة - رضي الله عنها - قالت: دفت دافة من أهل البادية حضرت الأضحى زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ادخروا الثالث وتصدقوا بما بقي» فلما كان بعد ذلك، قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، لقد كان الناس ينتفعون من ضحاياهم ويحملون من الودك ويتخذون من الأسقية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وما ذاك؟» قالوا: يا رسول الله، نهيت عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما نهيتكم من أجل الدافة، فكلوا وتصدقوا وادخروا» فدل على أنه يجوز اتخذ الأسقية منها، وكان مسروق وعلقمة يدبغان جلد أضحيتهما ويصليان عليه؛ فإن كان بقاء الصوف ونحوه أنفع لها لقيها حرًا أو بردًا حرم جزه. ويستحب أن يتصدق بالجلد والصوف ونحوه. ويحرم بيع شيء منها أي الذبيحة، هديًا كانت أو أضحية، ويحرم بيع الجلد والجل، لما ورد عن علي - رضي الله عنه - قال: «أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بدنة، وأن أتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها» الحديث متفق عليه. وللمضحي والمهدي إعطاء الجازر منها هدية وصدقة؛ لما في حديث علي: وأن لا أعطي الجزر منها شيئًا، وقال: «نحن نعطيه من عندنا» متفق عليه؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي قتادة بن النعمان: «ولا تبيعوا لحوم الأضاحي والهدي، وتصدقوا واستمتعوا بجلودها» . قال الميموني: قالوا لأبي عبد الله: فجلود الأضحية نعطيها السلاخ، قال: لا، وحكى قول النبي صلى الله عليه وسلم «لا تعط في جزارتها شيئًا منها» ، قال:

س12: تكلم عن أحكام ما يلي: إذا ضحى اثنان كل بأضحية الآخر غلطا، إذا أتلف المعينة أجنبي أو صاحبها، إذا مرضت فخاف عليها، إذا فضل عن شراء المثل شيء.

إسناده جيد، وإن عين أضحية أو هديًا فسرق بعد الذبح، فلا شيء عليه. وكذا إن عينه عن واجب في الذمة، ولو كان وجوبه في الذمة بالنذر، فلا شيء فيه؛ لأنه أمانة في يده، فلا يضمنه بتلفه بلا تعد ولا تفريط كوديعة، وإن لم يعين ما ذبحه عن واجب في ذمته، وسرق ضمن. وإن ذبح المعينة من هدي أو أضحية ذابح في وقتها بلا إذن ربها؛ فإن نواها عن نفسه مع علمه أنها أضحية الغير لم تجز واحدًا منهما، أو نواها عن نفسه ولم يعلم أنها أضحية الغير وفرق لحمها لم تجزئ عن واحد منهما، وضمن ذابح ما بين قيمتها صحيحة ومذبوحة إن لم يفرق لحمها، وضمن قيمتها صحيحة إن فرقه؛ لأنه غاصب متلف عدوانًا، وإلا يكن الذابح يعلم أنها أضحية الغير بأن اشتبهت عليه، ولم يفرق لحمها أو علمه ونواها عن ربها أو أطلق أجزأت عن مالكها، ولا ضمان. ** ** ** س12: تكلم عن أحكام ما يلي: إذا ضحى اثنان كل بأضحية الآخر غلطًا، إذا أتلف المعينة أجنبي أو صاحبها، إذا مرضت فخاف عليها، إذا فضل عن شراء المثل شيء. ج: إذا ضحى اثنان كل منهما بأضحية الآخر غلطًا كفتهما، ولا ضمان على واحد منهما للآخر استحسنًا لإذن الشرع فيه، ولو فرقا اللحم، وإن بقي لحم ما ذبحه كل منهما تراداه؛ لأن كل منهما أمكنه أن يفرق لحم أضحيته بنفسه، فكان أولى به. وإن أتلفها أجنبي أو أتلفها صاحبها فضمنها بقيمتها يوم التلف تصرف قيمتها في مثلها لتعينها بخلاف من تعين لعتق، فلا يلزمه صرف قيمته في مثله، ولو مرضت معينة فخاف صاحبها عليها موتًا، فذبحها، فعليها بدلها لإتلافه إياها، ولو تركها بلا ذبح فماتت، فلا شيء عليه؛ لأنها كوديعة عنده، ولم يفرط.

س13: تكلم عن الهدي العاطب، وجعل علامة على الهدي ليعرف، وعن ما إذا تلف أو عاب، وعما إذا سرق المعين في الذمة، وتكلم عن استرجاع العاطب والمعيب والضال.

وإن فضل شيء عن شراء المثل، بأن كان المتلف شاة مثلاً تساوي عشرة، ورخصت بحيث يساوي مثلها خمسة اشترى بالفاضل عن شراء المثل شاة، أو اشترى به سبع بدنة، أو سبع بقرة إن أمكن، وإن شاء اشترى بالعشرة كلها شاة؛ فإن لم يبلغ الفاضل ثمن شيء من ذلك تصدق به أو بلحم يشتري به، ويتصدق به. ** ** ** س13: تكلم عن الهدي العاطب، وجعل علامة على الهدي ليعرف، وعن ما إذا تلف أو عاب، وعما إذا سرق المعين في الذمة، وتكلم عن استرجاع العاطب والمعيب والضال. ج: إن عطب بطريق هدي واجب، أو تطوع بنية دامت، أو عجز عن المشي صحبة الرفاق ذبحه موضعه وجوبًا، وسن غمس نعله في دمه، وضرب صفحته بالنعل المغموسة في دمه لتعرفه الفقراء فتأخذه. وحرم أكله أو أكل حاضنه من الهدي الذي عطب ونحوه لحديث ابن عباس أن ذؤيبًا أبا قبيصة حدثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث معه بالبدن، ثم يقول: «إن عطب منها شيء فخشيت، فانحرها، ثم اغمس نعلها في دمها، ثم اضرب بها صفحتها، ولا تطعمها أنت ولا أحد من رفقتك» رواه مسلم. وفي لفظ: «ويخليها والناس، ولا يأكل منها هو، ولا أحد من أصحابه» رواه أحمد. وعن ناجية الخزاعي، وكان صاحب بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: قلت كيف أصنع بما عطب من البدن، قال: «انحره واغمس نعله في دمه، واضرب صفحته، وخل بين الناس وبينه، فليأكلوه» رواه الخمسة إلا النسائي. وإن تلف الهدي أو عاب بفعله أو تفريطه، لزمه بدله كأضحية، يوصله إلى تمراء الحرم، وإلا يتلف أو يعيب بفعله أو تفريطه أجزأ ذبح ما تعيب عن واجب بالتعيين كتعيينه معينًا، فبرئ عن عيبه؛ لحديث أبي سعيد قال: ابتعنا كبشًا

س14: متى يجب سوق الهدي؟ ومتى يسن؟ وما الذي يسن إشعاره، والذي لا يسن؟ وأين موضع الإشعار؟ وأين موضع التقليد؟ وما حكمه؟ وإذا نذر هديا وأطلق فما المجزئ؟ وإذا نذر فهل تجزئ البقرة؟ وتكلم عما إذا عين شيئا بنذر، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل.

نضحي به، فأصاب الذئب من أليته، فسألنا النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فأمرنا أن نضحي به» رواه ابن ماجه. وإن وجب ما تعيب، بلا فعله ولا تفريطه، قبل تعيين كفدية من دم متعة وقران، أو لترك واجب أو فعل محظور، وكدم منذر في الذمة إذا عين عند ما تعيب، فلا يجزيه ذبحه عما في ذمته؛ لأن الواجب دم صحيح، فلا يجزي عنه معيب. وعليه نظير ما تعيب، ولو راد الذي عينه عما في ذمته كدم تمتع، عين عنه بقورة مثلاً فتعيَّبت بفعله أو تفريطه يلزمه بقرة نظيرها لوجوبها بالتعيين. وإن كان بغير تفريطه ففي «المغني» لا يلزمه أكثر مما كان في ذمته؛ لأن الزيادة وجبت بتعيينه، وقد تلفت بغير تفريطه فسقطت كما لو عين هديًا تطوعًا، ثم تلف. قاله في القاعدة الحادية والثلاثين ومعناه في الشرح. وكذا لو سرق المعين عما في الذمة أو ضل ونحوه، كما لو غضب فيلزمه نظيره، ولو زاد عما في الذمة. قال أحمد: من ساق هديًا واجبًا، فعطب أو مات، فعليه بدله. وليس له استرجاع عاطب ومعيب وضال ومسروق وجد ونحوه، كمغصوب قدر عليه؛ لما روى الدارقطني عن عائشة: أنها أهدت هديين فأضلتهما، فبعث إليها ابن الزبير بهديين، فنحرتهما، ثم عاد الضالان، فنحرتهما، وقالت: هذه سُّنة الهدي، ولتعلق حق الله به، بإيجابه على نفسه، فلم يسقط بذبح بدله. س14: متى يجب سوق الهدي؟ ومتى يُسن؟ وما الذي يُسن إشعاره، والذي لا يُسن؟ وأين موضع الإشعار؟ وأين موضع التقليد؟ وما حكمه؟ وإذا نذر هديًا وأطلق فما المجزئ؟ وإذا نذر فهل تجزئ البقرة؟ وتكلم عما إذا عين شيئًا بنذر، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل. ج: يجب هدي بنذر لحديث: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» ولأنه نذر طاعة، فوجب الوفاء به كغيره من النذر، وسواء كان منجزًا أو معلقًا.

ومن النذر إن لبست ثوبًا من غزلك فهو هدي فلبسه، ونحوه من النذور المعلقة، على شرط إذا وجد وسن سوق حيوان أهداه من الحل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعله، فساق في حجة الوداع مائة بدنة، وكان يبعث بهديه إلى الحرم وهو بالمدينة. ولا يجب سوقه أي الهدي؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يأمر به. والأصل عدم الوجوب إلا بالنذر؛ لحديث: «من نذر أن يطيع الله، فليطعه» ، ويستحب أن يقفه بعرفة، روي عن ابن عباس، وكان ابن عمر لا يرى هديًا إلا ما وقفه بعرفة. وسن إشعار بدن، وإشعار بقر بشق صفحته اليمنى من سنام أو شق محل السنام، مما لا سنام له من إبل أو بقر حتى يسيل الدم. وسن تقليدهما مع غنم النعل وآذان القرب والعري؛ لما ورد عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: فتلت قلائد بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم أشعرها، ثم بعث بها إلى البيت، فما حرم عليه شيء كان له حلاً متفق عليه. وعن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أهدى مرة إلى البيت غنمًا، فقلدها. رواه الجماعة، وفعله الصحابة أيضًا؛ ولأنه إيلام لغرض صحيح فجاز، كالكي والوسم والحجامة، وفائدته توقي نحو لص لها وعدم اختلاطها بغيرها؛ وأما الغنم فلا تشعر لأنها ضعيفة، وصوفها وشعرها يستره؛ وأما تقليده، فلحديث عائشة –وتقدم قبل ثلاثة أسطر-. وإذا ساق الهدي من قبل الميقات، استحب إشعاره وتقليده في الميقات؛ لما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر بذي الحليفة، ثم دعا ناقته، فأشعرها في صفحة سنامها الأيمن، وسلت الدم عنها وقلدها نعلين» الحديث رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي. وعن المسور بن مخرمة ومروان، قالا: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة في بضع عشرة مائة من أصحابه، حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد النبي

س15: أين محل الهدي عند الإطلاق وعند التعيين للموضع؟ تكلم بوضوح عن الدماء التي يؤكل منها والتي لا يؤكل منها، واذكر ما تستحضره من الدليل والتعليل.

- صلى الله عليه وسلم - الهدي، وأشعره وأحرم بالعمرة. رواه أحمد والبخاري وأبو داود. وإذا نذر هديًا مطلقًا، فأقل مجزي عن نذره شاة جذع ضأن، أو ثني معز، أو سبع من بدنة، أو بقرة لحمل المطلق في النذر على المعهود الشرعي. وإن ذبح البدنة أو البقرة كانت كلها واجبة لتعينها عما في ذمته بذبحها عنه، وإن نذر بدنة أجزأُته بقرة إن أطلق البدنة لمساواتها لها. وإن نذر معينًا أجزأه ما عينه، ولو كان صغيرًا أو معيبًا أو غير حيوان، كعبد وثوب ودراهم وعقار، والأفضل كون الهدي من بهيمة الأنعام، لفعله - صلى الله عليه وسلم -. ** ** ** س15: أين محل الهدي عند الإطلاق وعند التعيين للموضع؟ تكلم بوضوح عن الدماء التي يؤكل منها والتي لا يؤكل منها، واذكر ما تستحضره من الدليل والتعليل. ج: على الناذر إيصاله إن كان مما ينقل، أو إيصاله ثمن غير منقول كعقار لفقراء الحرم، لقوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى البَيْتِ العَتِيقِ} ولأن النذر يحمل على المعهود شرعًا، وسُئل ابن عمر عن امرأة نذرت أن تهدي دارً، قال: تبيعها وتتصدق بثمنها على فقراء الحرم، وكذا إن نذر سوق أضحية إلى مكة أو قال: لله عليَّ أن أذبح فيلزمه للخير. وإن عين بنذره شيئًا غير الحرم، ولا معصية فيه، تعين ذبحًا وتفريقًا لفقراء ذلك الموضع؛ فإن كان الموضع الذي عينه به صم أو شيء من أمر الكفر أو المعاصي، كبيوت النار، والكنائس ونحوها، فلا يوف بنذر. لما ورد عن ميمونة بنت كردم قالت: كنت ردف أبي فسمعته يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة، فقال: «أهي وثن أو طاغية» قال: لا، قال: «أوف بنذرك» رواه أحمد وابن ماجه. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن امرأة قالت: يا رسول الله،

إني نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا، مكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية. قال: «لصنم؟» قالت: لا. قال: «لوثن؟» قالت: لا، قال: «أوف بنذرك» رواه أبو داود؛ ولأن نذر المعصية يحرم الوفاء به لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا نذر في معصية الله؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ومن نذر أن يعصي الله، فلا يعصه» . وسن أكله وتفرقته من هدي التطوع لقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا} وأقل أحوال الأمر الاستحباب، وقال جابر: كنا لا نأكل من بدننا فوق ثلاث، فرخص لنا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «كلوا وتزودوا، فأكلنا وتزودنا» رواه البخاري، والمستحب أكل اليسير؛ لحديث جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر، فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها» رواه أحمد ومسلم؛ ولأنه نسك، فاستحب الأكل منه كأضحية.

مما يتعلق بالهدي والأضحية وتعيين هدي التلفظ حاصل ... وإشعاره مع نية وتقلد وأضحية باللفظ لا باشترائه ... بنيته حال الشراء في الموطد فما لم يعين منهما لك ظهره ... وما زاد واسترجاع ما لم تقدر وليس يزيل الملك تعيين هديه ... وأضحية من قبل ذبح بأوطد فإن شا يهبها أو يبيعها ويبدلن ... بأجود في الأولى ومثل بمبعد وإن تفتقر فاركب إذا لم يضرها ... ومع ذبحها إيجاب ذبح المؤكد ويضمنها إن نقصها بركوبها ... لتعليق حق الغير ياذا الترشد ومن درها فاشرب عن الولد فاضلاً ... وجز متى ينفع وللفقر أجد ولا تعط جزارًا من اللحم أجرة ... ولا جلدها حتمًا ولا الشعر وارقد وإن شئت أبقيه لنفعك دائمًا ... إذا كان من أضحية لا من الهدي وأما الهدايا الواجبات فكلها ... إلى أهلها أوصل بغير تقيد وإن سرقت من بعد ذبحك أجزأت ... وفي أي وقت مجزئ ذبح معتد ولا غرم أن ينوي بذبح لربها ... كذلك أن ينوي له في المؤكد وعن أحمد الزمه في ذا ضمانها ... ولم يجز عن كل على نص أحمد ومتلفها ألزمه قيمتها وإن ... يكن ربها ألزمه بالمتزيد من المثل أو من قيمة يوم هلكها ... وقيل من التعيين حتى التفسد فإن مثلها أدى وأخرجه فاضلاً ... أجز واشترى مقدارها وبه جد وليس عليه غرم ثاو وضائع ... بلا رهنه وانحر لخوف الردى قد فإن مات لم يذبحه مع خوف هلكه ... ضمنت لتفريط وإلا فلا أشهد وإن يتعيب بعد إجراء ذبحه ... وكان له هديًا وأضحية زد إذا كان عن هدي عليك محتم ... وإلا فلا تضمن إذا لم تنكد وإن كل هدي واجب عن محله ... فذاك متى أفشى نواه وجدد

س16: متى تجب الأضحية؟ وأيما أفضل ذبحها أم الصدقة بثمنها؟ وما صفة العمل بلحمها؟ وما حكم الأكل منها؟ وما الذي يضمن منها؟ وهل لمالكها

ومن دمه عَلِّم بصفحته لكي ... تدل على تحليله كل مرمد ولا يأكلن منه ولا رفقة له ... وسيان ذو وفر وفقر ملدد كذا حكم هدي النقل إن لم يعد فإن ... يعد قبل ذبح فهو ملك له طد ولا فرق في الأحكام بين معين ... بنقل وعما كان في الذمة اطرد وإن بنو أو ما ضل أو غاب أو عطب ... فضمنه ما في ذمة بمجدد ولا ترجعن في عاطب ومعيبه ... وضائعه من بعد ذبح بأوكد وموصل هدي لم يعين محله ... سليمًا فذاك يجزي عن متقصد ويشرع سوق الهدي من حله وأن ... توقفه في الموقف المتأكد وإشعار بدن في يمين سنامها ... وتقليد كل نحو نعل مقدد ولا شيء فيما قد تقدم واجب ... وموج هدي نذره غير ما ابتدى وتجزئ في الإطلاق شاتك عن دم ... كذا سبع إحدى البدن والبقر احدد وواجبها سبع إذا ما ذبحتها ... بوجه ووجه كلها واجب جد ويجزيك ما أجزأك أضحية وما ... يرد بعيب في الضحايا هنا اردد ومنها تعين يجر إيصاله إلى ... ربا مكة من غير تعيين مقصد ولو إنه نذر معب وإن ترد ... سوى مكة في النذر يلزم فاقصد ويشرع ترك الأكل من هدي نقله ... لإخراجه لله جد لا تردد ولا يطمعن من واجب المهدي محرم ... سوى الأكل من هدي لغير المفرد يحرم أكل من هدايا نذوره ... وأكلك أيضًا من هدايا التصيد وقولان في تحليل باقي دمائه ... التي وجبت في المذهب النفل فاعمد ** ** ** س16: متى تجب الأضحية؟ وأيما أفضل ذبحها أم الصدقة بثمنها؟ وما صفة العمل بلحمها؟ وما حكم الأكل منها؟ وما الذي يضمن منها؟ وهل لمالكها

لإهداء منها، وإذا منع الفقراء اللحم حتى أنتن، فما الحكم؟ وهل يكفي إطعام الفقير عن تمليه، وما حكم الادخار؟ واذكر الدليل أو التعليل. ج: تجب الأضحية بالنذر لحديث: «من نذر أن يطيع الله فليطع، وذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها» ، وكذا هدي لحديث: «ما عمل ابن آدم عملاً أحب إلى الله من هراقة، وإنه لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض فيطيبوا بها نفسًا» رواه ابن ماجه – وقد ضحى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهدى الهدايا والخلفاء بعده، ولو أن الصدقة بالثمن أفضل لم يعدلوا عه. وسن أن يهدي وأن يأكل ويتصدق أثلاثًا؛ لحديث ابن عباس مرفوعًا في الأضحية، قال: «ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدق على السؤال بالثلث» . قال الحافظ: قال أبو موسى: هذا حديث حسن، ولقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا القَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} . قال الحسن: القانع: الذي يسألك، والمعتر: الذي يتعرض لك ولا يسألك. وقال مجاهد: القانع: الجالس في بيته، والمعتر: الذي يسألك، فجعلها بين ثلاثة، فدل على أنها بينهم أثلاثًا؛ ولقول ابن عمر: الضحايا والهدايا ثلث لك، وثلث لأهل بيتك، وثلث للمساكين، وإن أطعمها كلها أو أكثرها فحسن ولا يجب الأكل منها، ولا الإهداء منها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحر خمس بدنات، وقال: «من شاء فليقتطع، ولم يأكل منها شيئًا، ولأنها ذبيحة يتقرب بها إلى الله، فلم يجب الأكل منها كالعقيقة» فيكون الأمر للاستحباب. ويضمن إن أكلها كلها ضمن أقل ما يقع عليه الاسم كالأوقية بمثله لحمًا، وقيل: العادة، وقيل: الثلث، ويعتبر تمليك الفقير فلا يكفي إطعامه؛ لأنه إباحة.

س17: ما الذي يحرم على مريد الأضحية؟ ومتى أول وقت التحريم وآخره؟ واذكر الدليل والخلاف.

وما ملك مضح أو مهد أكله كأكثرها فله هديته؛ لأنها في معنى أكله، وإلا يملك أكله، ضمنه بمثله لحمًا كبيعه وإتلافه. ويضمن الهدي والأضحية، أجنبي أتلفه بقيمته كسائر المتقومات، وإن منع الفقراء منه حتى أنتن، ضمن نقصه وإن انتفع به وإلا فإنه يضمن قيمته كإعدامه. ونسخ تحريم الادخار للحوم الأضاحي، لحديث: «كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فأمسكوا ما بدا لكم» رواه مسلم، ولحديث عائشة مرفوعًا: «إنما نهيتكم للدافة التي دفت، فكلوا وتزودوا وتصدقوا وادخروا» قال الشيخ: إلا زمن مجاعة لأنه سبب الادخار، وقال: الأضحية من النفقة بالمعروف، فتضحي المرأة من مال زوجها عن أهل البيت بلا إذنه عند غيبته، أو امتناعه كالنفقة عليهم. ** ** ** س17: ما الذي يحرم على مريد الأضحية؟ ومتى أول وقت التحريم وآخره؟ واذكر الدليل والخلاف. ج: إذا دخل عشر ذي الحجة، حرم على من يضحي أو يضحي عنه أخذ شيء من شعره، أو ظفره، أو بشرته إلى الذبح؛ لحديث أم سلمة مرفوعًا: «إذا دخل العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي» . وفي رواية: «ولا من بشرته» . وقيل: يكره لقول عائشة - رضي الله عنها -: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم يقلدها بيده، ثم يبعث بها، ولا يحرم عليه شيء أحله الله له حتى ينحر الهدي. متفق عليه. والذي يترجح عندي القول الأول. والله سبحانه أعلم. وقد أجيب عن حديث عائشة، بأنه في إرسال الهدي، ومن «شرح الإقناع» ، قال: وأيضًا، فحديث عائشة عام، وحديث أم سلمة خاص، فيحمل العام عليه،

وأيضًا فحديث أم سلمة من قوله، وحديث عائشة من فعله. وقوله مقدم على فعله لاحتمال الخصوصية؛ فإن أخذ شيئًا من شعره أو ظفره أو بشرته تاب إلى الله تعالى لوجوب التوبة من كل ذنب. وقال في «شرح الاقتباس» ، قلت: وهذا إذا كان لغير ضرورة، وإلا فلا إثم كالمحروم، وأولى ولا فدية عليه إجماعًا، سواء فعله عمدًا وسهوًا. وإذا كان عند المضحي أكثر من واحدة، فإذا ذبح الأولى حل له الأخذ من شعره وظفره وبشرته.

من النظم مما يتعلق بالأضحية وبادر إلى أضحية مستجيدها ... وليست بذبح واجب في المؤكد وذبحك نفلاً فائق بذل قيمة ... ولم يجز غير الذبح في فرضها قد وتجزئ أهل البيت شاة جميعهم ... ولا يمنع الإيجاب أكلاً بأجود فيشرع إهدا الثلث والصدقات بالثليث ... وجوز أكل ثلث فازهد وأوسطها أهد وكل أنث ثلثها ... كذا الحكم في هدي التطوع قيد ويجزئك القدر المسمى وقيل ما ... تهودي وقيل الثلث غير مقيد ويضمن ما يأتي على الكل ثلثها ... وقيل الذي يجزي تصدقه قد وإما تعين في الضحايا معيبة ... يجب ذبحها لحمًا وإن تبر جود ولا نقض من أضحية الميت دينه ... ووراثهُ فيها كحكم الملحد وفي العشر لا تقطع من الشعر إن ترد ... تضح ولا ظفر وحرم بأجود

العقيقة

3- العقيقة س18: ما هي العقيقة؟ وما حكمها؟ ومن المخاطب بها؟ ومتى وقتها؟ وما هي الحكمة فيها؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف. ج: أصل العقيقة، صوف الجذع، وشعر كل مولود من الناس، والبهائم الذي تولد عليه، يقال: عقيقية وعقة أيضًا بالكسر، وبه سميت الشاة التي تذبح عن المولود يوم أسبوعه عقيقة؛ لأنه يزال عنه الشعر يومئذ فسميت باسم سببها. وقال زهير يذكر حمارًا وحشيًّا: أذلك أم أقب البطن جار ... عليه من عقيقته عفاء وقال امرؤ القيس: فيا هند لا تنكحي بوهة ... عليه عقيقته أحسبا هو الذي شعر رأسه شقرة، وقيل: إنه مأخوذ من العق، وهو الشق والقطع، فسميت الذبيحة عقيقة؛ لأنه يشق حلقومها، وهي سُّنة مؤكدة عند الجمهور لأمره - صلى الله عليه وسلم - وفعل أصحابه والتابعين المستفيض، قال مالك: لا اختلاف فيه عندنا، وهو المعمول به في الحجاز قديمًا وحديثًا، وهو مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما. لما ورد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العقيقة؟ فقال: «لا أحب العقوق» وكأنه كره الإسم، فقالوا: يا رسول الله، إنما نسألك عن أحدنا يولد له، قال: «من أحب منكم أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافأتان، وعن الجارية شاة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما -: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عقّ عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا» رواه أبو داود، وصححه ابن خزيمة، وابن الجارود، وعبد الحق؛ لكن رجح أبو حاتم إرساله، وأخرج ابن حبان من حديث أنس نحوه. وقيل: واجبة شرعت فدية يفدي بها المولود، كما فدى الله إسماعيل الذبيح بالكبش، وكانت تفعل في الجاهلية، فأقرها الإسلام وأكدها، وأخبر الشارع أن الغلام مرتهن بها. فعن سمرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل غلام مرتهن بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق ويسمي» رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي. قال شيخ الإسلام: العقيقة فيها معنى القربان والشكر والصدقة والفداء، وإطعام الطعام عند السرور، فإذا شرع عند النكاح، فلأن يشرع عند الغابة المطلوبة، وهو وجود النسل أولى. وقال أحمد: إن استقرض رجوت أن يخلف الله عليه أحيا سُّنة واتبع ما جاء به عن ربه. قال ابن القيم: وهذا لأنها سُّنة ونسيكة مشروعة بسبب تجدد نعمة على الوالدين، وفيها سر بديع موروث عن فداء إسماعيل، بالكبش الذي ذبح عنه وفداه الله به، فصار سُّنة في أولاده بعده أن يفدي أحدهم عن ولادته بذبح يذبح، ولا يستنكر أن يكون هذا حرزًا له من الشيطان بعد ولادته كما كان ذكر اسم الله عند وضعه في الرحم حرزًا له من ضرر الشيطان. اهـ. في «تحفة المودود» . وفي العقيقة مصالح، منها: إظهار البِشْر النعمة، ومنها: نشر النسب، ومنها: اتباع سبيل السخاء وعصيان داعي الشح والبخل، فإن فات الذبح في اليوم السابع، ففي أربعة عشر، فإن فات، ففي إحدى وعشرين؛ لحديث بريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «في العقيقة تذبح لسبع، ولأربع عشرة، ولإحدى وعشرين» أخرجه الحسين بن يحيى بن عباس القطان، ويروى عن عائشة نحوه،

س19: ما مقدار العقيقة للذكر والأنثى؟ وما حكم ذبحها قبل السابع أو قبل الولادة؟ وهل يجزي فيها شرك في دم؟ وضح ذلك. وما الذي يسن فعله في اليوم السابع غير الذبح؟ وهل يعق غير الأب، وإذا كبر ولم يعق عنه فما الحكم؟ وهل يعق عن اليتيم؟

ولا تعتبر الأسابيع بعد ذلك، فيعق أي يوم أراد لأنه قد تحقق سببها، وهي سُّنة في حق الأب. ** ** ** س19: ما مقدار العقيقة للذكر والأنثى؟ وما حكم ذبحها قبل السابع أو قبل الولادة؟ وهل يجزي فيها شرك في دم؟ وضح ذلك. وما الذي يُسن فعله في اليوم السابع غير الذبح؟ وهل يعق غير الأب، وإذا كبر ولم يعق عنه فما الحكم؟ وهل يعق عن اليتيم؟ ج: السُّنة أن يذبح عن الغلام شاتين، وعن الجارية شاة، لما ورد عن أم كرز الكعبية، أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن العقيقة؟ فقال: «نعم، عن الغلام شاتان، وعن الأنثى واحدة، لا يضركم ذكرانًا أو إناثًا» رواه أحمد والترمذي وصححه، وتقدم حديث عمرو بن شعيب في الجواب الذي قبل هذا. وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عن الغلام شاتان مكافأتان، وعن الجارية شاة» رواه أحمد والترمذي وصححه. وفي لفظ: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نعق عن الجارية شاة، وعن الغلام شاتين» رواه أحمد وابن ماجه. ولأنه إنما شرع للسرور بالمولود، والسرور بالغلام أكثر، ولكونها فداء النفس، أشبهت الدية في كون الأنثى على النصف من الذكر؛ وهذا قول الأكثر. وكان ابن عمر يقول: شاة شاة؛ لحديث بن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا» رواه أبو داود. وقال مالك: شاة عن الذكر، والأنثى؛ كما هو قول ابن عمر، والقول الأول عندي أنه أرجح. والله سبحانه أعلم.

قال ابن القيم في الهدي: فإن قيل عقه عن الحسن والحسين، يكفي كبش، يدل على أن هديه أن على الرأس رأسًا. قالوا: ولأنه نسك، فكان على الرأس مثله كالأضحية، ودم التمتع، فالجواب: أن أحاديث الشاتين من الذكر، والشاة من الأنثى، أولى أن يؤخذ بها لوجوه: أحدها: كثرتها. ثانيًا: أنها من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحاديث الشاتين من قوله، وقوله عام، وفعله يحتمل الاختصاص. الثالث: أنها متضمنة لزيادة؛ فكان الأخذ بها أولى. الرابع: أن الفعل يدل على الجواز؛ وللقول يدل على الاستحباب، والأخذ بهما ممكن فلا وجه لتعطيل أحدهما. الخامس: أن قصة الذبح عن الحسن والحسين، كانت عام أُحد، والعام الذي بعده، وأم كرز سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - ما روته عام الحديبية، سنة ست بعد الذبح، عن الحسن والحسين، قاله النسائي في كتابه الكبير. السادس: أن قصة الحسن والحسين، يحتمل أن يراد بها بيان جنس المذبوح، وأنه من الكباش لا في تخصيصه بالواحد، كما قالت عائشة: ضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه بقرة، وكن تسعًا؛ ومرادها الجنس لا التخصيص بالواحدة. السابع: أن الله سبحانه فضل الذكر على الأنثى، كما قال: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} [36:3] ومقتضى التفاصيل ترجيحه عليها في الأحكام، وقد جاءت الشريعة بهذا التفضيل، في جعل الذكر كالأنثيين في الشهادة، والميراث والدية، فكذلك ألحقت العقيقة بهذه الأحكام. الثامن: أن العقيقة تشبه العتق عن المولود؛ فإنه رهين بعقيقته، فالعقيقة تفكه وتعتقه، وكان الأولى أن يعق عن الذكر بشاتين، وعن الأنثى بشاة، كما أن عتق الأنثين يقوم مقام عتق الذكر، كما في «جامع الترمذي» وغيره.

عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلمًا كان فكاكه من النار، يجزي كل عضو منه عضوًا منه، وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار، يجزي كل عضو منهما عضوًا منه، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة كانت فكاكها من النار، يجزي كل عضو منها عضوًا منها» وهذا حديث صحيح انتهى باختصار من (ص11، 12، 13، 14) . ويجوز ذبحها قبل السابع، قال في «تحفة المودود في أحكام المولود» : والظاهر أن التقيد بذلك، أي بالسابع، ونحوه استحبابًا، وإلا فلو ذبح عنه في الرابع أو الثامن أو العاشر، وما بعده أجزأه، والاعتبار بالذبح لا بيوم الطبخ والأكل، ولا تجزي بدنة أو بقرة إلا كاملة، فلا يجزي فيها شرك في دم لعدم وروده، وينوي عقيقة لحديث: «إنما الأعمال بالنيات» . ويسن حلق رأس صبي يوم السابع وتسميته؛ لحديث سمرة بن جندب مرفوعًا: «كل غلام رهينته بعقيقته تذبح يوم سابعه ويسمى ويحلق رأسه» رواه الأثرم وأبو داود، وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بتسمية المولود يوم سابعه، ووضع الأذى عنه، والعق عنه» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. قال ابن القيم: كانت التسمية حقيقتها تعريف الشيء المسمى؛ لأنه إذا وجد وهو مجهول الاسم، لم يكن له ما يقع تعريفه به، فجاز تعريفه يوم وجوده، وجاز تأخير التعريف إلى ثلاثة أيام، وجاز إلى يوم العقيقة عنه، ويجوز قبل ذلك وبعده، والأمر فيه واسع. واتفقوا على أن التسمية للرجال والنساء فرض، حكاه ابن حزم وغيره، وفي قوله تعالى: {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ} دليل على جوزه يوم الولادة، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ولد لي الليلة ولد، سميته باسم أبي إبراهيم» متفق عليه.

س20: تكلم بوضوح عما يلي: ماذا يسن بعد حلق رأس ذكر، الأذان والإقامة في أذني المولود، التحنيك، صفته، حكمه إذا اجتمع عقيقة وأضحية ونوى بالأضحية عنهما، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تمثيل.

ولهما عن أنس: أنه ذهب بأخيه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ولدته أمه، فحنكه وسماه عبد الله، والتسمية للأب، فلا يسمي غيره مع وجوده. قال ابن القيم: وهذا مما لا نزاع فيه بين الناس؛ ولأنه يدعي يوم القيامة باسمه، واسم أبيه. ولا يعق المولود عن نفسه إذا كبر لأنها مشروعة في حق الأب، فلا يفعلها غيره كأجنبي؛ فإن عق غير الأب، والمولود عن نفسه بعد أن كبر، لم يكره لعدم الدليل عليها. وقيل: يعق عن نفسه استحبابًا، إذا لم يعق عنه أبوه؛ لأنها مشروعة عنه، ولأنه مرتهن بها. قال الشيخ: يعق عن اليتيم من ماله كالأضحية أولى لأنه مرتهن بها بخلاف الأضحية، وقال بعضهم: مشروعة ولو بعد موت المولود. ** ** ** س20: تكلم بوضوح عما يلي: ماذا يسن بعد حلق رأس ذكر، الأذان والإقامة في أذني المولود، التحنيك، صفته، حكمه إذا اجتمع عقيقة وأضحية ونوى بالأضحية عنهما، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تمثيل. ج: يُسن أن يتصدق بزنة شعره فضة، لما ورد عن أبي رافع أن حسن ابن علي - رضي الله عنهما - لما ولد أرادت أمه فاطمة - رضي الله عنها - أن تعق عنه بكبشين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تعقي عنه؛ ولكن احلقي شعر رأسه، فتصدقي بوزنه من الورق» ، ثم ولد حسين - رضي الله عنه - فصنعت مثل ذلك. رواه أحمد. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين - رضي الله عنهما - كبشًا كبشًا. رواه أصحاب السنن، ولفظ الترمذي: عق النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحسن بشاة، وقال: «يا فاطمة احلقي رأسه، وتصدقي بزنة شعره فضة» فوزناه فكان وزنه درهمًا أو بعض درهم.

وسن أن يؤذن في أذن المولود اليمنى ذكرًا كان أو أنثى حين يولد، وأن يقام في اليسرى؛ لما ورد عن أبي رافع قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذّن في أذن الحسين، حين ولدته فاطمة الصلاة. رواه أحمد، وكذلك أبو داود والترمذي وصححه، وقالا: الحسن، وللبيهقي عن ابن عباس أنه أذن في أذن الحسن بن علي يوم ولد، وأقام في أذنه اليسرى، وفيه ضعف. وقال ابن اليم وغيره: سر التأذين أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلمات الرب وعظمته، والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام، كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه من الدنيا، وغير مستنكر وصول التأذين إلى قلبه، وتأثره به، وهروب الشيطان من الأذان، وأن تكون الدعوة إلى الله سابقة دعوة الشيطان وغير ذلك من الحكم. وسن أن يحنك المولود بتمرة بأن تمضع، ويدلك بها داخل فمه، ويفتح فمه حتى ينزل إلى جوفه منها شيء؛ لما في «الصحيحين» من أبي بردة، عن أبي موسى، قال: ولد لي غلام، فأتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فسماه إبراهيم، وحنكه بتمرة، زاد البخاري: ودعا بالبركة ودفعه إليَّ، وكان أكبر ولد أبي موسى، وروى أبو أسامة، عن هشام بن عروة، عن أسماء: أنها حملت بعبد الله ابن الزبير، فولدت بقباء، ثم أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضعته في حجره، فدعا بتمرة فمضغها، ثم وضعها في فيه. قال النووي وغيره: اتفق العلماء على استحاب تحنيك المولود عند ولادته بتمر، فإن تعذر، فما في معناه أو قريب منه من الحلو، أو أن يكون المحنك من الصالحين، وإذا اجتمع عقيقة وأضحية، ونوى بالأضحية عنهما أجزأت عنهما. قال ابن القيم رحمه الله في كتابه «المودود في أحكام المولود» : كما لو صلى ركعتين ينوي بهما تحية المسجد وسنة المكتوبة، أو صلى بعد الطواف فرضًا أو سُّنة مكتوبة، وقع ما صلاه عنه وعن ركعتي الطواف، وكذا لو ذبح المتمتع

س21: تكلم عما يلي: لطخ رأس الصبي بزعفران، صفة العمل بعظمها ولحمها وأعضائها ما يعطي منها، وهل بينها وبين الأضحية فرق، وماذا يقول عند ذبحها، واذكر شيئا من فوائدها، وما هي للفرعة، وما هي المعتبرة وما حكمها، اذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف.

والقارن شاة يوم النحر، أجزأ عن دم المتعة أو القران، وعن الأضحية، وفي معناه لو اجتمع هدي وأضحية، فتجزي ذبيحة عنهما لحصول المقصود منهما بالذبح، وهو معنى قول ابن القيم. ** ** ** س21: تكلم عما يلي: لطخ رأس الصبي بزعفران، صفة العمل بعظمها ولحمها وأعضائها ما يعطي منها، وهل بينها وبين الأضحية فرق، وماذا يقول عند ذبحها، واذكر شيئًا من فوائدها، وما هي للفرعة، وما هي المعتبرة وما حكمها، اذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف. ج: يستحب أن يلطخ رأسه بالزعفران، أو غيره من الخلوق؛ لما ورد عن بريدة الأسلمي، قال: كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة، ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران. رواه أبو داود؛ ولما روت عائشة - رضي الله عنها - قالت: كانوا في الجاهلية يجعلون قطنة في دم العقيقة، ويجعلونها على رأس المولود، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجعلوا مكان الدم خلوفًا. قال ابن القيم في «التحفة» : وسن لهم أن يلطخوا الرأس بالزعفران الطيب الرائحة، الحسن اللون، بدلاً عن الدم الخبيث الرائحة النجس العين، والزعفران من أطيب الطيب وألطفه وأحسنه لونًا، وكأن حلق رأسه إماطة الأذى عنه، وإزالة للشعر الضعيف ليخلفه شعر أقوى وأمكن منه وأنفع للرأس مع ما فيه من التخفيف عن الصبي، وفتح مسام الرأس ليخرج البخار منها بيسر وسهولة، وفي ذلك تقوية بصره وشمه وسمعه. انتهى. ويستحب أن يفصلها أعضاء ولا يكسر عظمها؛ لما روي عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: السُّنة شاتان مكافأتان عن الغلام، وعن الجارية تطبخ جدولاً، ولا يكسر لها عظم ويأكل ويطعم ويتصدق، وذلك يوم السابع. ويستحب أن يعطي القابلة فخذًا، لما في مراسيل أبي داود عن جعفر

ابن محمد، عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين: «أن ابعثوا إلى القابلة منها برجل» ، وكالأكل والهدية والصدقة. روى ابن المنذر عطاء، عن أبي كرز وأم كرز، قالا: قالت امرأة من أهل عبد الرحمن بن أبي بكر لما ولدت امرأة عبد الرحمن نحرنا جزورًا، فقالت عائشة: لا بل السُّنة شاتان مكافأتان يتصدق بهما عن الغلام، وشاة عن الجارية تطبخ ولا يكسر لها عظم فتأكل وتطعم وتتصدق، يكون ذلك في السابع؛ فإن لم يفعل ففي الرابع عشر؛ فإن لم يفعل: ففي إحدى وعشرين. قال ابن المنذر: وقال الشافعي: العقيقة سُّنة واجبة، ويتقي فيها من العيوب ما يتقي في الضحايا. انتهى. ويجتنب في العقيقة ما يجتنب في الأضحية، فلا تجزي فيها العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها ونحوها، ويباع جلدها ورأسها وسواقطها، ويتصدق بثمنها، بخلاف الأضحية؛ لأن الأضحية أدخل منها في التعبد، والذكر أفضل في العقيقة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عق عن الحسن والحسين بكبش كبش. وحكمها حكم الأضحية في الضمان إذا أتلفها، والولد فيذبح معها، واللبن والصوف أو الشعر أو الوبر، فتستحب الصدقة، والذكاة فلا يجزي إخراجها حية والركوب، وما يجوز من الحيوان مما تقدم في الهدي والأضحية كاستحقاق استسمامها، وأن أفضل ألوانها البياض لاشتراكها في تعلق الفقراء بهما. ويقول عند ذبحها: بسم الله، اللهم لك وإليك، هذه عقيقة فلان بن فلان؛ لحديث عائشة، قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اذبحوا على اسمه فقولوا: بسم الله لك وإليك، اللهم هذه عقيقة فلان» رواه ابن المنذر، وقال: هذا حسن. قال ابن القيم: ومن فوائدها أنه قربان يقرب به عن المولود في أول أوقات خروجه إلى الدنيا، والمولود ينتفع بذلك غاية الانتفاع كما ينتفع بالدعاء، وإحضاره

مواضع النسك والإحرام عنه، وغير ذلك. ومن فوائدها أنها تفك رهان المولود؛ فإنه مرتهن بعقيقته، قال الإمام أحمد: مرتهن عن الشفاعة لوالديه، وقال عطاء بن أبي رباح: مرتهن بعقيقته، قال: يحرم شفاعة ولده، ومن فوائدها أنها فدية يفدي بها المولود كما فدى الله سبحانه إسماعيل الذبيح بالكبش. انتهى. الفرعة هي ذبح أول ولد الناقة، والعتيرة ذبيحة رجب؛ لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا فرع ولا عتيرة» متفق عليه. وقيل: يكرهان، وهذا القول أرجح. والله أعلم.

س22: تكلم بوضوح عما يلي، أحب الأسماء إلى الله التسمية بأكثر من واحد، ما يكره من الأسماء، المحرم من الأسماء، ما لا يكره التسمي به، تغيير الاسم القبيح، الكنى والألقاب.

من النظم ما يتعلق بالعقيقة عن ابن بشاتين اعققن وعن ابنة ... بشاة لندب لا وجوب بأوكد فإن لم تجد شاتين بالشاة فاجتز ... عن ابن وفرقها جدولا تسدد ولا تكسرن عظمًا لها ثم حكمها ... كأضحية في كل حكم معدد وفى سابع فاذبح ورابع عشرة ... متى فات ثم إحدى وعشرين فاقصد وحنكه من تمر أوان ولادة ... وفي أذنيه بالأذانين غرد وفي سابع يسمى ويحلق رأسه ... ومن ورق مقداره زنة جد ويكره ختن الطفل في سابع على الأصح ... وفي إحدى وعشرين جود فإن فات أخره لوقت اشتداده ... وأسماءه حسن فعبد وحمد وعن نفسك اعقق حين تكبر واقضها ... فقد فعل المختار ذا فيه فاقتد وبيع جلود والسواقط جائز ... وقيمتها أعط الفقير بأجود وليس بمسنون عتيرة مزجب ... ولا فرعة البدن أول مولد ... ... ... ... ** ** ** س22: تكلم بوضوح عما يلي، أحب الأسماء إلى الله التسمية بأكثر من واحد، ما يكره من الأسماء، المحرم من الأسماء، ما لا يكره التسمي به، تغيير الاسم القبيح، الكنى والألقاب. ج: تقدم أن التسمية للأب، ويُسن أن يحسن اسمه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم تدعون يوم القيامة، بأسمائكم وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسماءكم» رواه أبو داود. وأحب الأسماء إلى الله: عبد الله، وعبد الرحمن؛ لما ورد عن

ابن عمر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن» رواه مسلم في «صحيحه» ، وعن جابر قال: ولد لرجل منا غلام، فسماه القاسم، فقلنا: لا نكنيك أبا القاسم، ولا كرامة، فأخبر النبي –عليه الصلاة والسلام-، فقال: «سم ابنك عبد الرحمن» متفق عليه. وكل ما أضيف إليه اسم من أسماء الله فحسن، كعبد الرحمن، وعبد الرحيم، وعبد السلام، وعبد القادر، وعبد العظيم، وعبد الحميد، وعبد المحسن، وعبد الرزاق، وعبد الخالق، وعبد السميع، وعبد المهيمن، وعبد المجيد. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يا بني عبد الله، إن الله قد أحسن اسمكم» ، وكذا أسماء الأنبياء –عليهم الصلاة والسلام- كإبراهيم، ونوح، ومحمد، وموسى، وعيسى، وسليمان وشببها لحديث ونهب الجشمي مرفوعًا: «تسموا بأسماء الأنبياء» الحديث رواه أحمد، وحديث: «تسموا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي» وتجوز التسمية بأكثر من واحد، كما يوضع له اسم وكنية ولقب. قال ابن القيم: وأما أسماء الرب تعالى وأسماء كتابه، وأسماء رسوله، فلما كانت نعوتًا دالة على المدح والثناء، لم تكن من هذا الباب، بل من باب تكثير الأسماء لجلالة المسمى وعظمته وفضله؛ قال تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى} . وفي «الصحيحين» من حديث جبير بن معظم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لي خمسة أسماء أنا محمد، وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعدي نبي» انتهى. والاقتصار على اسم واحد أولى، لفعله - صلى الله عليه وسلم - في أولاده. ويكره من الأسماء حرب، ومرة، وحزب، ونافع، ويسار، وأفلح، ونجيح، وبركة، ويعلى، ومقبل، ودافع، ورياح، والعاصي، وشهاب، والمضطجع، ونبي ونحوها؛ وكذا ما فيه تزكية كالنقي، والزكي، والأشرف، والأفضل، وبرة. قال القاضي: وكل ما فيه تفخيم وتعظيم؛ روى مسلم في «صحيحه» عن

سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسمين غلامك يسارًا، ولا رباحًا، ولا نجاحًا ولا أفلح؛ فإنك تقول: أثم هو، فلا يكون» . وفي «التحفة» : وفي معنى هذا مبارك، ومفلح، وخير، وسرور، ونعمة وما أشبه ذلك؛ فإن المعنى الذي ذكره له النبي - صلى الله عليه وسلم - التسمية بتلك الأربعة موجود فيها، فإنه يقال: أعندك سرور، أعندك نعمة، فيقول: لا، فتشمئز القلوب من ذلك، وتتطير به، وتدخل في باب المنطق المكروه. وفي الحديث: أنه كره أن يقال خرج من عند برة مع أن فيه معنى آخر يقتضي النهي، وهو تزكية النفس بأنه مبارك، ومفلح. وقد لا يكون كذلك، كما رواه أبو داود في «سننه» : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تسمى برة، وقال: «لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم» ، وفي «سنن ابن ماجه» : عن أبي هريرة، أن زينب كان اسمها برة، فقيل: تزكي نفسها فسماها النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب، ومنها التسمية بأسماء الشياطين كخنزب، والولهان، والأعور، والأجدع. قال الشعبي عن مسروق: لقيت عمر بن الخطاب، فقال: من أنت؟ قلت: مسروق بن الأجدع، فقال عمر - رضي الله عنه -: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الأجدع شيطان» ، وفي «سنن ابن ماجه» وزيادات عبد الله في مسند أبيه، من حديث أبي بن كعب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إن للوضوء شيطانًا يقال له الولهان، فاتقوا وسواس الماء» وشكا إليه عثمان بن أبي العاصي، من وسواسه في الصلاة، فقال: «ذلك شيطان يقال له خنزب» وذكر أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن هشام، عن أبيه: أن رجلاً كان اسمه الحباب، فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله، وقال: «الحباب شيطان» .

ومنها أسماء الفراعنة، والجبابرة كفرعون وقارون وهامان والوليد، قال عبد الرزاق في «الجامع» : أخبرنا معمر عن الزهري، قال: أراد رجل أن يسمي ابنًا له الوليد، فنهاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: «أنه سيكون رجل يقال له الوليد، يعمل في أمتي بعمل فرعون في قومه» ، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يشتد عليه الاسم القبيح، ويكرهه من الأشخاص والأماكن والقبائل والجبال، حتى إنه مر في مسير له بين جبلين، فقال: ما اسمهما؟ فقيل: فاضح ومخز، فعدل عنهما، ولم يمر بينهما! وكان –عليه السلام- شديد الاعتناء بذلك. ومن تأمل السُّنة، وجد معاني الأسماء مرتبطًا بها حتى كأن معانيها مأخوذة منها، وكأن الأسماء مشتقة من معانيها، فتأمل قوله –عليه الصلاة والسلام-: «أسلم سلمها الله، وغفار غفر الله لها، وعصية عصت الله» ، وقوله لما جاء سهيل بن عمرو يوم الصلح: «سهل أمركم» ، وقوله لبريدة لما سأله عن اسمه، فقال: «بريد» ، قال: «يا أبا بكر، برد أمرنا» ، ثم قال: «ممن أنت؟» قال: من أسلم، فقال لأبي بكر: «سلمنا» ، ثم قال: «ممن؟» قال: من سهم، قال: «خرج سهمك» ، ذكره أبو عمر في استذكاره حتى أنه كان يعتبر ذلك في التأويل، فقال: رأيت كأنا في دار عقبة بن رافع، فأتينا برطب من رطب بن طاب، فأولت العاقبة لنا في الدنيا والرفعة لنا، وأن ديننا قد طاب. وإذا أردت أن تعرف تأثير الأسماء في مسمياتها، فتأمل حديث بن المسيب عن أبيه، عن جده، قال: أتيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ما اسمك؟» قلت: حزن، فقال: «أنت سهل» ، فقال: لا أغير اسمًا سمانيه أبي، قال ابن المسيب: فما زالت تلك الحزونة فينا بعد. رواه البخاري في «صحيحه» . والحزونة: الغلظة، ومنه أرض حزونة وأرض سهلة. وتأمل ما رواه مالك في «الموطأ» : عن يحيى بن سعيد: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال لرجل: ما اسمك؟ قال: جمرة، قال: أبن من؟ قال: ابن

شهاب، قال: ممن؟ قال: من الحرقة، قال: أين مسكنك؟ قال: بحرة النار، قال: بأيتها؟ قال: بذات لظى، قال عمر: أدرك أهلك فقد هلكوا واحترقوا؛ فكان كما قال عمر. انتهى. ويحرم التسمية بملك الأملاك، وسلطان السلاطين، وشاهنشاه؛ فقد ثبت في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أخنع اسم عند الله رجل يُسمى ملك الأملاك» ، وفي رواية: أخنى بدل من أخنع. وفي رواية لمسلم: «أغيظ رجل عند الله يوم القيامة، وأخبثه رجل كان يسمى ملك الأملاك، لا ملك إلا الله» ، ومعنى أخنع وأخنى: أوضع. وقال ابن القيم –رحمه الله-: وفي معنى ذلك كراهية التسمية بقاضي القضاة، وحاكم الحكام؛ فإن حاكم الأحكام في الحقيقة هو الله، وقد كان جماعة من أهل الدين يتورعون عن إطلاق لفظ قاضي القضاة وحاكم الحكام قياسًا على ما يبغضه الله ورسوله من التسمية بملك الأملاك. وهذا محض القياس. قال: وكذلك تحرم التسمية بين الناس، وسيد الكل، كما يحرم بسيد ولد آدم؛ فإن هذا ليس لأحد إلا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحده، فهو سيد ولد آدم، فلا يحل لأحد أن يطلق على غيره ذلك. انتهى. ويحرم التسمية بما لا يليق إلا بالله كقدوس، والبر، وخالق، ورحمان؛ لأن معنى ذلك لا يليق بغير الله تعالى. وقال ابن القيم: ومما يمنع تسمية الإنسان به أسماء الرب تبارك وتعالى، فلا يجوز التسمية بالأحد، والصمد، ولا بالخالق، ولا بالرازق، وكذلك سائر الأسماء المختصة بالرب تبارك وتعالى، ولا تجوز تسمية الملوك القاهر، والظاهر، كما لا يجوز تسميتهم بالجبار، والمتكبر، والأول، والآخر، والباطن، وعلام الغيوب. انتهى. عن أبي شريح، إنه كان يكني أبا الحكم، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله هو الحكم وإليه الحكم» ، فقال: إن قومي إذا اختلفوا

في شيء أتوني فحكمت فرضي كلا الفريقين، فقال: «ما أحسن هذا، فمال من الولد؟» قلت: شريح ومسلم وعبد الله، قال: «فمن أكبرهم؟» قلت: شريح، قال: «فأنت أبو شريح» رواه أبو داود وغيره. قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد العزى، وعبد عمرو، وعبد علي، وعبد الكعبة، ومثله عبد النبي، وعبد الحسين، وعبد المسيح؛ قال ابن القيم: وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أنا ابن عبد المطلب» ، فليس من باب إنشاء التسمية بل من باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى، والإخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم، فباب الإخبار أوسع من باب الإنشاء، قال –رحمه الله-: وأما الأسماء التي تطلق عليه وعلى غيره كالسميع والبصير، والرؤوف، والرحيم، فيجوز أن يخبر بمعانيها عن المخلوق، ولا يجوز أن يتسمى بها على الإطلاق، بحيث يطلق عليه كما يطلق على الرب تعالى. قال: ومما يمنع منه التسمية بأسماء القرآن وسوره، مثل: طه، ويس، وحم، وقد نص مالك على كراهة التسمية بياسين، ذكر السهيلي؛ وأما ما ذكره العوام: أن يس وطه من أسماء النبي –عليه الصلاة والسلام- فغير صحيح، ولا حسن، ولا مرسل، ولا أثر عن صحابي؛ وإنما هذه الحروف مثل: ألم وحم وآلر ونحوها. انتهى. ويحرم أن يقال لمنافق أو كافر: يا سيدي، ويستحب تغيير الاسم القبيح؛ لما ورد عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير اسم عاصية وقال: «أنت جميلة» . وفي «صحيح البخاري» عن أبي هريرة: أن زينب كان اسمها برة، فقيل: تزكي نفسها، فسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب. وفي «سنن أبي داود» من حديث ابن المسيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما اسمك؟» قال: حزن، قال: «أنت سهل» ، قال: لا، السهل

بوطأ ويمتهن. قال سعيد: فظننت أنه سيصيبنا بعده حزونه. وروى أبو داود في «سننه» ، عن أسامة بن أخدري: أن رجلاً كان يقال له أسرم، كان في النفر الذين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ما اسمك؟» قال: أصرم، قال: «بل أنت زرعة» . قال أبو داود: وغير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اسم العاص، وعزيز، وعقلة، وشيطان، والحكم، وغراب، وشهاب، وحباب، فسماه هاشمًا، وسمى حربًا سلمًا، وسمى المضطجع المنبعث، وأرضًا يقال له عفرة: خضرة، وشعب الضلالة: سماه شعب الهدى، وبنو الزنية سماهم بنو الرشدة، وسمى بنو غوية: بني رشدة. قال أبو داود: تركت أسانيدها للاختصار، وغيَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - اسم المدينة، وكان يثرب فسماها طيبة، كما في «الصحيحين» عن أبي حميد، قال: أقبلنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من تبوك حتى أشرفنا على المدينة، فقال: «هذه طيبة» ، ولا بأس بالكنى كأبي فلان وأبي فلان، وأم فلان وأم فلانة. وتباح تكنية الصغير، في «الصحيحين» من حديث أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقًا، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جاء يقول له: «يا أبا عمير، ما فعل النفير؟» ، وكان أنس يكنى قبل أن يولد له بأبي حمزة، وأبو هريرة كان يكنى بذلك ولم يكن له ولد إذ ذاك. وأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة أن تكنى بأم عبد الله، وهو عبد الله ابن الزبير، وهو ابن أختها أسماء بنت أبي بكر، هذا هو الصحيح لا الحديث الذي روى أنها سقطت من النبي - صلى الله عليه وسلم - سقطًا فسماه عبد الله وكناها به؛ فإنه حديث لا يصح، قاله في «التحفة» . وقال: ويجوز تكنية الرجل الذي له أولاد بغير أولاده، ولم يكن لأبي بكر ابن اسمه بكر، ولا لعمر ابن اسمه حفص، ولا لأبي ذر ابن اسمه ذر، ولا لخالد ابن الوليد ابن اسمه

سليمان، وكان يكنى أبا سليمان، والكنية نوع تكثير وتفخيم للمكنى وإكرام له، كما قال الشاعر: أكنيه حين أناديه لأكرمه ... ولا ألقبه والسوءة اللقب وفي «الإقناع وشرحه» : ولا ينكر التكني بأبي القاسم بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصوبه في تصحيح الفروع، قال: وقد وقع فعل ذلك من الأعيان، ورضاهم به يدل على الإباحة، وقال في الهدي: والصواب أن التكني بكنيته ممنوع، والمنع في حياته أشد، والجمع بينهما ممنوع منه. اهـ. فظاهره التحريم، ويؤيده حديث: «لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي» اهـ. ومن لقب بما يصدقه فعله جاز. ويحرم من الألقاب ما لم يقع على مخرج صحيح؛ لأنه كذب، ولا بأس بترخيم الإسم المنادى كقوله - صلى الله عليه وسلم - لزوجته الصديقة بنت الصديق: «يا عائش» بحذف التاء، وكقوله - صلى الله عليه وسلم - لبنته فاطمة الزهراء: «يا فاطم» ، ولا بأس بتصغير الإسم مع عدم أذى بذلك، كتصغير أنس إلى أنيس، إذ قد يُراد بالتصغير التعظيم والتعجيب، ولا يقل سيد لرفيقه يا عبدي، ولا لأمته يا أمتي؛ وفي الحديث الصحيح: «ولا يقل أحدكم عبدي وأمتي» . والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.

كتاب الجهاد

4- كتاب الجهاد س23: تكلم عن فضل الجهاد وحكمه وتعريفه، ولماذا ختم به العبادات؟ واذكر ما تستحضره من الأدلة. ج: الجهاد مشتق من الجهد وهو المشقة، يقال: أجهد دابته إذ حمل عليها في السير فوق طاقاتها، وقيل: هو المبالغة واستفراغ ما في الوسع. يقال: جهد في كذا أي جد فيه وبالغ، ويقال: اجهد جهدك في الأمر أي ابلغ غايتك. قال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} ، {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} أي بالغوا في اليمين، واجتهدوا فيها. وفي الشرع بذل الجهد في قتال الكفر. وختم به العبادات؛ لأنه أفضل تطوع البدن، وعده بعضهم ركنًا سادسًا لدين الإسلام، فلما أورده بعد الأركان الخمسة، وهو ذروة سنام الإسلام، وموجب الهداية وحقيقة الإخلاص والزهد في الدنيا، ومنازل أهله أعلى المنازل في الجنة، كما لهم الرقعة في الدنيا فهم الأعلون في الآخرة. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقاًّ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ} . وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} لآية، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} ، وقال تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ

أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} الآيات، وقال عز من قائل: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْه} الآية. وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الأعمال أفضل؟ قال: «إيمان بالله ورسوله» ، قيل: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» ، قيل: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور» فجعل الجهاد أفضلَ مِن الحج، ولهما عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: «الإيمان بالله ورسوله» ، قيل: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيله» . وعن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها» رواه البخاري ومسلم، ولهما أيضًا عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، أي الناس أفضل؟ قال: «مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله» ، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان بي وجهاد في سبيلي وتصديق برسلي فهو علي ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة، والذي نفسي بيده ما من كلم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئة يوم يكلم، لونه لون دم، وريحه ريح مسك، والذي نفس محمد بيده، لولا أن أشق على المسلمين ما قعدت خلف سرية تغزو في سبيل الله أبدًا ولكن لم أجد سعة فأحملنهم، ولا يجدون سعة ويشق عليهم أن يتخلفوا عني، والذي نفس محمد بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله فأقتل، ثم أغزو فأقتل» رواه مسلم. وعن معاذ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قاتل فوق ناقة وجبت له الجنة، ومن جرح جرحًا في سبيل الله تعالى أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزو ما كانت لونها الزعفران

وريحها المسك» رواه أبو داود والترمذي، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: مر رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بشعب فيه عيينة من ماء عذبة، فأعجبته فقال: لو اعتزلت الناس وأقمت في هذا الشعب، ولن أفعل حتى استأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «لا تفعل فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من مقامه في بيته سبعين عامًا، ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة، اغزوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله، فواق ناقة وجبت له الجنة» رواه الترمذي. وعن معاذ - رضي الله عنه - قال: قيل: يا رسول الله، ما يعدل الجهاد في سبيل الله؟ قال: «لا تستطيعونه» فأعاد عليه مرتين أو ثلاثًا كل ذلك، وهو يقول: «لا تستطيعونه» ، ثم قال: «مثل المجاهد في سبيل الله، كمثل القائم القانت بآيات الله، لا يفتر من صلاة، ولا صيام، حتى يرجع المجاهد في سبيل الله» ، وعنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «أن في الجنة مائة درجة أمدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض» رواه البخاري. وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله –عليه الصلاة والسلام-: «إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف» ، وعن عبد الرحمن بن جبير - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله –عليه الصلاة والسلام-: «ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله فتمسه النار» . وحكمه فرض؛ لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ} ، وقوله تعالى: {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ، وقوله تعالى: {انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ، وقال تعالى: {إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً} . وهو فرض على الكفاية إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين؛ لقوله تعالى: {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى القَاعِدِينَ دَرَجَةً

س24: ما معنى الكفاية في الجهاد؟ ما حكمه في حق غيرهم؟ وهل هنا عبارة توضح فرض الكفاية؟ واذكر لذلك بعض الأمثلة.

وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الحُسْنَى} . ولو كان فرضًا على الجميع ما وعد تاركه الحسنى، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ المُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً} ؛ ولأن النبي –عليه الصلاة والسلام- كان يبعث السرايا، ويقيم هو وأصحابه؛ ولأنه لو فرض على الأعيان لاشتغل الناس به عن العمارة، وطلب المعاش والعلم فيؤدي إلى خراب الأرض، وهلاك الخلق، وتأتي المواضع التي يكون فيها الجهاد فرض إن شاء الله. ** ** ** س24: ما معنى الكفاية في الجهاد؟ ما حكمه في حق غيرهم؟ وهل هنا عبارة توضح فرض الكفاية؟ واذكر لذلك بعض الأمثلة. ج: معنى الكفاية في الجهاد أن ينهض قوم يكفون في قتالهم إما أن يكون جندًا لهم دواوين من أجل ذلك، أو يكونوا أعدوا أنفسهم له تبرعًا؛ بحيث إذا قصدهم العدو حصلت المنعة بهم، ويكون في الثغور من يدفع عنها. ويبعث في كل سنة جيشًا يغيرون على العدو في بلادهم. ويُسن الجهاد في حق غير الكافين بتأكد؛ لحديث أبي داود عن أنس مرفوعًا: «ثلاث من أصل الإيمان: الكف عمن قال لا إله إلا الله، لا نكفره بذنب، ولا نخرجه عن الإسلام بعمل، والجهاد ماض منذ بعثني الله حتى يقاتل آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار» رواه أبو داود. وفرض الكفاية هو ما قصد حصوله من غير شخص معين؛ فإن لم يوجد إلا واحدًا تعين عليه كرد السلام، والصلاة على الجنازة من المسلمين. ومن ذلك الصنائع المباحة المحتاج إليها لمصالح الناس غالبًا الدينية والدنيوية، البدنية والمالية، كالزرع والغرس، ونحوهما؛ لأن أمر المعاد والمعاش، لا ينتظم إلا بذلك؛ فإذا أقام بذلك أهله بنية التقرب، كان طاعة، وإلا فلا. ومن ذلك إقامة الدعوة إلى دين الإسلام ودفع الشبه بالحجة، والسيف لمن عاند؛ لقوله تعالى: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} .

س25: تكلم بوضوح عن شروط وجوب الجهاد، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل، واذكر ما تستحضره ممن لا يجب عليه.

ومن ذلك سد البثوق وحفر الأنهار والآبار وتنظيفها، وعمل القناطر والجسور والأسوار وإصلاحها، وإصلاح الطرق والمساجد لعموم حاجة الناس إلى ذلك. ومن ذلك الفتوى، وتعليم الكتاب والسُّنة، وسائر علوم الشريعة، كالفقه وأصوله، والتفسير والفرائض وما يتعلق به من حساب ونحو ولغة وتصريف وقراءات، وعكس العلوم الشرعية علوم محرمة أو مكروهة. ** ** ** س25: تكلم بوضوح عن شروط وجوب الجهاد، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل، واذكر ما تستحضره ممن لا يجب عليه. ج: بشرط خمسة: أحدها: التكليف، فلا يجب على صبي ولا على مجنون؛ لما روى علي –كرم الله وجهه-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «رفع القلم عن ثلاثة، عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق» ، وروى عروة بن الزبير قال: رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر نفرًا من أصحابه استصغرهم منهم عبد الله بن عمر، وهو يومئذ ابن أربع عشرة سنة، وأسامة بن زيد، والبراء بن عازب، وزيد بن ثابت، وزيد بن أرقم، وعرابة ابن أوس، ورجل من بني حارثة، فجعلهم حرسًا للذراري والنساء. الثاني: السلامة من الضرر؛ لقوله تعالى: {غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ} وهو العمى والعرج، والمرض والضعف؛ لقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى المَرِيضِ حَرَجٌ} ، وقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلاَ عَلَى المَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ} . ولأن هذه الأعذار تمنع من الجهاد، ومن في بصره سوء أو شيء يمنعه من رؤية عدوه، وما يتقيه من السلاح لِمَ يلزمه الجهاد؛ لأنه في معنى العمى في عدم إمكان القتال، وإن لم يمنعه من ذلك لم يسقط عنه فرضه.

ويجب على الأعشى الذي يبصر في النهار دون الليل، وعلى الأعور لأنهما يتمكنان من القتال، ولا يجب على أقطع اليد أو الرجل؛ لأنه إذا سقط عن الأعرج، فالأقطع أولى؛ ولأنه يحتاج إلى الرجلين في المشي، واليدين ليتقي أحدهما ويضرب بالأخرى. وكذا لا يلزم الأشل، ولا من قطع منه ما يذهب بذهابه تقع اليد أو الرجل؛ لأنه ليس بصحيح. الثالث: الحرية: فلا يجب على العبد؛ لقوله تعالى: {وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ} ، والعبد لا يجد ما ينفق؛ ولأنه عبادة تتعلق بقطع مسافة، فكم يجب على العبد؟ ولما روي «أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يبايع الحر على الإسلام والجهاد، ويبايع العبد على الإسلام لا الجهاد» . الرابع: الذكورية، فلا يجب على المرأة؛ لما روي عن عائشة أنها قالت: قلت: يا رسول الله، على النساء جهاد؟ قال: «نعم عليهن جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة» رواه أحمد وابن ماجه. واللفظ له إسناده صحيح وأصله في الصحيح؛ ولأن الجهاد هو القتال، والمرأة ليست من أهله، لضعفها وخورها، ولهذا لما رأى بعض الشعراء امرأة مقتولة، قال الشاعر: إن من أكبر الكبائر عندي ... قتل بيضاء حرة عطبول كتب القتل والقتال علينا ... وعلى الغانيات جر الذيول ولا يجب الجهاد على الخنثى المشكل؛ لأنه يجوز أن يكون امرأة، فلا يجب بالشك. الخامس: الاستطاعة؛ لأن غير المستطيع عاجز، والعجز ينفي الوجوب، والمستطيع هو الصحيح الواجد بملك، أو بذل إمام ما يكفيه، ويكفي أهله في غيبته؛ لقوله تعالى: {وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ} الآية. وفي «الكافي» : الاستطاعة وجدان الزاد والسلاح وآلة القتال. انتهى.

س26: ما أقل ما يفعل من الجهاد في العام الواحد؟ وما هي المواضع التي يتعين فيها الجهاد؟ وتكلم عما إذا دعت الحاجة لتأخير القتال.

وأن يجد مع بعد محل جهاد مسافة قصر فأكثر من بلده ما يحمله؛ لقوله تعالى: {وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} ولا تعتبر الراحلة مع قرب المسافة، ويعتبر أن يكون ذلك فاضلاً عن قضاء دينه، وأجرة مسكنه وحوائجه كالحج. قال الشيخ: الأمر بالجهاد منه ما يكون بالقلب، والدعوة والحجة، والبيان والرأي والتدبير والبدن، فيجب بغاية ما يمكنه. ** ** ** س26: ما أقل ما يفعل من الجهاد في العام الواحد؟ وما هي المواضع التي يتعين فيها الجهاد؟ وتكلم عما إذا دعت الحاجة لتأخير القتال. ج: أقل ما يفعل الجهاد مرة في كل عام مع القدرة عليه؛ لأن الجزية تجب على أهل الذمة في كل عام مرة، وهي بدل النصرة، فكذلك مبدلها وهو الجهاد إلا لعذر، بأن دعت الحاجة إلى تأخيره؛ ولضعف المسلمين من عدد أو عدة، أو مانع في الطريق من قلة علف، أو قلة ماء في الطريق، أو انتظار مدد يستعين به الإمام ونحو هذا، فيجوز تركه بهدنة وبغيرها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صالح قريشًا عشر سنين، وأخر قتالهم حتى نقضوا العهد، وأخر قتال قبائل العرب بغير هدنة؛ فإن دعت الحاجة إليه أكثر من مرة في عام فعل لأنه فرض كفاية، فوجب منه ما تدعو الحاجة إليه. ويتعين الجهاد إذا حضر صف القتال؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} ، وقوله تعالى: {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ} . وإذا حصر هو أو حصر بلده عدو تعين عليه إن لم يكن عذر للآيتين. ويتعين عليه إذا احتيج إليه في القتال، أو استنفره الإمام أو نائبه، ولم

س27: تكلم بوضوح عن قتال من تقبل منهم الجزية، ومن لا تقبل منهم واذكر ما تستحضره من الأدلة الدالة على أنه يجب قتال الكفار ابتداء ودفاعا، والأحاديث المؤيدة لها، وبما استدل من قال: إنهم لا يقاتلون إلا دفاعا فقط، واذكر ما تستحضره من أقوال العلماء حول هذه المسألة.

يكن له عذر؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا استنفرتم فانفروا» متفق عليه. ** ** ** س27: تكلم بوضوح عن قتال من تقبل منهم الجزية، ومن لا تقبل منهم واذكر ما تستحضره من الأدلة الدالة على أنه يجب قتال الكفار ابتداءً ودفاعًا، والأحاديث المؤيدة لها، وبما استدل من قال: إنهم لا يقاتلون إلا دفاعًا فقط، واذكر ما تستحضره من أقوال العلماء حول هذه المسألة. ج: يقاتل من تقبل منهم الجزية، وهم أهل الكتاب والمجوس حتى يسلموا أو يبذلوا الجزية بشرطه؛ لقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} ، ويقاتل من لا تقبل منهم الجزية حتى يسلموا. وإليك الأدلة الدالة على أن الكفار يجب قتالهم، ابتداءً ودفاعًا، والأحاديث المؤيدة لها. قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوَهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} . قال البغوي –رحمه الله-: وقاتلوهم يعني المشركين، حتى لا تكون فتنة أي شرك، يعني قاتلوهم حتى يسلموا، فلا يقبل من الوثني إلا الإسلام؛ فإن أبى قتل، ويكون الدين أي الطاعة والعبادة لله وحده، فلا يعبد شيء دونه. اهـ. وقال تعالى: {وَقَاتِلُوَهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} . قال الضحاك عن ابن عباس: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة، يعني لا يكون شرك، وكذا قال أبو العالية ومجاهد والحسن وقتادة وغيرهم. وقال تعالى: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوَهُمْ وَخُذُوَهُمْ وَاحْصُرُوَهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} . قال ابن كثير رحمه الله: لا تكتفوا بمجرد وجدانكم لهم، بل اقصدوهم بالحصار في معاقلهم وحصونهم، والرصد في طرقهم ومسالكهم، حتى تضيقوا

عليهم الواسع، وتضطروهم إلى القتل أو الإسلام؛ ولهذا اعتمد الصديق - رضي الله عنه - في قتال مانعي الزكاة على هذه الآية الكريمة وأمثالها. وقال تعالى: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ} ، وقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} الآية. قال ابن كثير: أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - بجهاد الكفار والمنافقين والغلظة عليهم، إلى أن قال: وقد تقدم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربعة أسياف، سيف للمشركين: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ} ، وسيف لكفار أهل الكتاب: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} ، وسيف للمنافقين: {جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} ، وسيف للبغاة: {فَقَاتِلُوا الَتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} . اهـ. وقال تعالى: {الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} . قال في «فتح القدير» على الآية: لتخرجهم من ظلمات الكفر والجهل والضلالة إلى نور الإيمان والعلم والهداية، جعل الكفر بمنزلة الظلمات، والإيمان بمنزلة النور على طريق الاستعارة، واللام في لتخرج للغرض والغاية. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} . قال ابن كثير على هذه الآية: أمر الله تعالى المؤمنين أن يقاتلوا الكفار أولاً فأولاً، الأقرب فالأقرب إلى حوزة الإسلام؛ ولهذا بدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتال المشركين في جزيرة العرب، فلما فرغ منهم وفتح الله عليه مكة والمدينة والطائف واليمن واليمامة، وهجر وخيبر وحضرموت، وغير

ذلك من أقاليم جزيرة العرب، ودخل الناس من سائر أحياء العرب في دين الله أفواجًا، شرع في قتال أهل الكتاب، فتجهز لغزو الروم الذين هم أقرب الناس إلى جزيرة العرب، وأولى الناس بالدعوة إلى الإسلام؛ لأنهم أهل كتاب فبلغ تبوك ثم رجع لأجل جهد الناس، وجدب البلاد وضيق الحال، وذلك سنة 9 من هجرته –عليه السلام-. ثم اشتغل في السنة العاشرة بحجة الوداع، ثم عاجلته المنية –صلوات الله وسلامه عليه- بعد حجته بأحد وثمانين يومًا، فاختاره الله لما عنده. وقام بالأمر بعده، وزيره وصديقه وخليفته أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - إلى أن قال: ثم شرع في تجهيز الجيوش الإسلامية إلى الروم عبدة الصلبان، وإلى الفرس عبدة النيران، ففتح الله ببركة سفارته البلاد، وأرغم أنف كسرى وقيصر ومن أطاعهما من العباد، وأنفق كنوزهما في سبيل الله، كما أخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان تمام الأمر على يدي وصيه من بعده، وولي عهده الفاروق الأواب شهيد المحراب عمر بن الخطاب؛ فأرغم الله به أنوف الكفرة الملحدين، وقمع الطغاة والمنافقين، واستلوى على الممالك شرقًا وغربًا. ثم لما مات شهيدًا، وقد عاش حميدًا أجمع الصحابة من المهاجرين والأنصار على خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان شهيد الدار، فكسا الإسلام حلة رياسة سابغة، وأمدت في سائر الأقاليم على رقاب العباد حجة الله البالغة، فظهر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، وعلت كلمة الله وظهر دينه، وبلغت الملة الحنيفية من أعداء الله غاية مآربها؛ وكلما علوا أمة انتقلوا إلى من بعدهم، ثم الذين يلونهم من العتاة الفجار امتثالاً؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الكُفَّارِ} ، وقوله تعالى: {وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} إلى أن قال:.

وفي الحديث: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أنا الضحوك القتال» يعني أنه ضحوك في وجه وليه، قتال لهامة عدوه. انتهى (ص271، 272) . وقال تعالى: {وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} ، وقال تعالى: {انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} . وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ} الآية. وقال تعالى: {إِلاَّ تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً} . وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعَاً} أي انهضوا لقتال العدو جماعات متفرقات، أو جميعًا جيشًا واحدًا. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} . وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ} ، وقال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} . وأما الأدلة من السُّنة فأكثر من أن تحصر، فنذكر طرفًا منها: فعن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أمرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى» رواه البخاري ومسلم. وعن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر أميرًا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: «غزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم: ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل وكف عنهم؛ ثم ادعهم إلى التحول من

دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم الذي يجري على المسلمين، ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة شيء، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن أجابوك، فأقبل منهم وكف عنهم، وإن أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم» الحديث رواه أحمد ومسلم. وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا غزا بنا قومًا لم يكن يغزو بنا حتى يصبح؛ فإن سمع أذانًا كف عنهم، وإن لم يسمع أذانًا أغار عليهم» الحديث متفق عليه. وعنه - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أمرتُ أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسول الله وأن يستقبلوا قبلتنا، وأن يأكلوا ذبيحتنا، وأن يصلوا صلاتنا، فإذا فعلوا ذلك حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين» رواه أصحاب السنن، وفي الحديث الذي أخرجه مسلم عن عياض بن حمار المجاشعي: وقاتل بمن أطاعك من عصاك. وعن سلمة بن الأكوع قال: غزونا مع أبي بكر زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فبيتناهم، وكان شعارنا تلك الليلة أمت أمت. رواه أبو داود. وروى ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «بعثتُ بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده، ولا يشرك به شيء، وجعل الصغار والذل على من خالف أمري» . وعن ابن عوف قال: كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال، فكتب إليّ: إنما كان ذلك في أول الإسلام، وقد أغار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بني المصطلق، وهم غارون وأنعامهم تسقي على الماء فقتل مقاتلتهم

وسبى ذراريهم، وأصاب يومئذ جويرة بنت الحارث، حدثني به عبد الله بن عمر, وكان في ذلك الجيش. متفق عليه. وعن صفوان بن عسال قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية، فقال: «سيروا باسم الله قاتلوا من كفر بالله، ولا تمثلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا وليدًا» رواه أحمد وابن ماجه، وعن الصعب بن جثامة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن أهل الدار من المشركين يبيتون، فيصاب من نسائهم وذراريهم، قال: «هم منهم» رواه الجماعة إلا النسائي. وعن أبي أيوب قال: إنما نزلت فينا معشر الأنصار لما نصر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأظهر الإسلام، قلنا: هلم نقيم في أموالنا ونصلحها، فأنزل الله تعالى: {وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} فالإلقاء بأيدينا إلى التهلكة: أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد. رواه أبو داود. وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث من أصل الإيمان: الكف عمن قال لا إله إلا الله، ولا تكفره بذنب، ولا تخرجه من الإسلام بعمل، والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر، ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار» رواه أبو داود. وعن ابن عباس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث جيوشه قال: «اخرجوا بسم الله، تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا، ولا تغلوا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان، ولا أصحاب الصوامع» رواه أحمد. وعن عصام المزني، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث السرية يقول: «إذا رأيتم مسجدًا أو سمعتم مناديًا فلا تقتلوا أحدًا» رواه الخمسة إلا النسائي، وعن حمرة بن جندب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شرخهم أي صبيانهم» رواه الترمذي وأبو داود. وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده

لولا أن رجالاً لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني، ولا أجد ما أحملهم عليه، ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أن أقتل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل» متفق عليه. وعن عبادة بن الصامت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينقل في البداءة الربع، وفي الرجعة الثلث» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي، وفي رواية: كان إذا أغار في أرض العدو نفل الربع، وإذا أقبل راجعًا وكل الناس نقل الثلث. الحديث رواه أحمد. وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وأيديكم وألسنتكم» رواه أحمد وأبو داود، وعن عمران بن حصين قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم الدجال» رواه أبو داود. وعن سهل بن سعد أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر، قال: «أين علي؟» فقيل: يشتكي عينيه، فأمر فدعا له، فبصق في عينيه، فبرئ مكانه حتى كأن لم يكن به شيء، فقال: نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، فقال: «على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم» الحديث متفق عليه. عن أبي موسى قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ قال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله» متفق عليه، وفي رواية: والرجل يقاتل حمية، وفي رواية: والرجل يقاتل غضبًا. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت رضي الله عنه، فدخل عليها ذات يوم فأطعمته، ثم جلست تفلي رأسه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استيقظ وهو يضحك،

قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ فقال: «ناس من أمتي عرضوا عليّ غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكًا على الأسرة، أو مثل ملوك على الأسرة» -شك أيهما قال-، قالت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها، ثم وضع رأسه فنام، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: «ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله –كما قال في الأولى-» قالت: فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، قال: «أنت من الأولين» فركبت أم حرام البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنهما - فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر، فهلكت. أخرجه البخاري ومسلم. قال في «شرح صحيح البخاري» : كان عمر - رضي الله عنه - قد منع المسلمين من الغزوة في البحر شفقة عليهم، واستأذنه معاوية في ذلك، فلم يأذن له، فلما ولي عثمان - رضي الله عنه - استأذنه فأذن له، وقال: لا تكره أحدًا من غزاه طائعًا فاحمله. فسار في جماعة من الصحابة منهم: أبو ذر وعبادة بن الصامت، ومعه زوجته أم حرام بنت ملحان، وشداد بن أوس وأبو الدرداء في آخرين، وهو أول من غزا الجزائر في البحر؛ ولما أراد الخروج منها قدمت لأم حرام بغلة لتركبها، فسقطت عنها فماتت هنالك. انتهى من «عمدة القاري» باختصار. وقد وردت أحاديث تفيد إثم تارك الجهاد مؤيدة ما سبق، منها ما ورد عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم» رواه أبو داود، وغيره من طريق إسحاق بن أسيد نزيل مصر، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من مات ولم يغزوا، ولم يحدث نفسه به مات على شعبة من النفاق» رواه أبو داود والنسائي. وعن أبي أُمامة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يغز

أو يجهز غازيًا، أو يخلف غازيًا في أهله بخير، أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة» رواه أبو داود بإسناد صحيح. وعن أبي بكر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما ترك قوم الجهاد إلا عمهم الله بالعذاب» رواه الطبراني بإسناد حسن. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لقي الله بغير أثر من جهاد لقي الله وفيه ثلمة» رواه الترمذي وابن ماجه، كلاهما من رواية إسماعيل بن رافع، عن سمي، عن أبي صالح عنه، وقال الترمذي: حديث غريب. اهـ. أحاديث أخرى مؤيدة لما سبق: عن أس - رضي الله عنه - قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزو بأم سليم ونسوة معها من الأنصار يسقين الماء ويداوين الجرحى» رواه مسلم والترمذي وصححه. وعن أم عطية الأنصارية قالت: غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات، أخلفهم في رحالهم، وأصنع لهم الطعام، وأداوي لهم الجرحى وأقوم على المرضى. رواه أحمد ومسلم وابن ماجه، وعن الربيع بنت معوذ قالت: كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نسقي القوم، ونخدمهم ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة. رواه أحمد والبخاري. وعن فروة بن مسيك قال: قلت: يا رسول الله، أقاتل بمقبل قومي ومدبرهم؟ قال: «نعم» ، فلما وليت دعاني، فقال: «لا تقاتلهم حتى تدعوهم إلى الإسلام» رواه أحمد، وقيل: إن الكفار لا يقاتلون إلا دفاعًا فقط، واستدل أهل هذا القول بآيات، منها قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} . قال ابن كثير على هذه الآية: وقد ذهب طائفة كثيرة من العلماء أن هذه الآية محمولة على أهل الكتاب ومن دخل في دينهم قبل النسخ والتبديل، إذا بذلوا الجزية، وقال آخرون: بل هي منسوخة بآية القتال، وأنه يجب أن يدعي

جميع الأمم إلى الدخول في الدين الحنيف دين الإسلام؛ فإن أبى أحد منهم الدخول، ولم يتقيد له أو يبذل الجزية قوتل حتى يقتل. وقال الشوكاني على تفسير هذه الآية: قد اختلف أهل العلم في قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} على أقوال الأول أنها منسوخة؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أكره على دين الإسلام وقاتلهم ولم يرض منهم إلا بالإسلام، والناسخ لها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقِينَ} ، وقال: {سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} . وقد ذهب إلى هذا كثير من المفسرين إلى أن قال: وقد وردت هذه القصة من وجوه حاصلها ما ذكره ابن عباس مع زيادات، تتضمن أن الأنصار قالوا: إنما جعلناهم على دينهم، أي دين اليهود، ونحن نرى أن دينهم أفضل من ديننا، وأن الله جاء بالإسلام فلنكرهنهم، فلما نزلت خير الأنباء - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكرههم على الإسلام إذا اختاروا البقاء على دينهم وأدوا الجزية. واستدلوا أيضًا بقوله تعالى: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ} الآيتين. وفي سبب نزولما أخرج البخاري عن أسماء بنت أبي بكر قالت: أتتني أمي راغبة، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أأصلها؟ قال: نعم. فأنزل الله فيها: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ} وأخرج أحمد والبزار والحاكم، وصححه عن عبد الله بن الزبير قال: قدمت قتيلة على ابنتها أسماء بنت أبي بكر، وكان أبو بكر طلقها في الجاهلية، فقدمت على ابنتها أسماء بنت أبي بكر، وكان أبو بكر طلقها في الجاهلية، فقدمت على ابنتها بهدايا، فأبت أسماء أن تقبل منها، أو تدخلها منزلها، حتى أرسلت إلى عائشة أن سلي عن هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فأمرها أن تقبل هداياها وتدخلها منزلها، فأنزل الله: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ} الآية.

وقال ابن كثير –رحمه الله-: لا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم كالنساء والضعفة منهم، وقال في «فتح القدير» : قال زيد: كان هذا في أول الإسلام عند الموادعة وترك الأمر بالقتال، قال قتادة: نسختها: {فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوَهُمْ} وقيل: هذا الحكم كان ثابتًا في الصلح بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين قريش، فلما زال الصلح لفتح مكة نسخ الحكم. وقيل: خاصة في خلفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بينه وبينه عهد، قاله الحسن، وقال مجاهد: هي خاصة في الذين آمنوا ولم يهاجروا، وقيل: هي خاصة بالنساء والصبيان، واستدلوا أيضًا بقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ} . قال البغوي –رحمه الله-: كان في ابتداء الإسلام أمر الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالكف عن قتال المشركين، ثم لما هاجروا إلى المدينة، أمره قتال من قاتله منهم بهذه الآية، وقال الربيع بن أنس: هذه أول آية نزلت في القتال، ثم أمره بقتال المشركين كافة، قاتلوا ولم يقاتلوا، يقول: اقتلوا المشركين، فصارت هذه الآية منسوخة بها. وقيل: نسخ بقوله: {فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ} قريب من سبعين آية. اهـ. وفي «فتح القدير» : وقال جماعة من السلف: إن المراد بقوله {الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} من عدا النساء والصبيان والرهبان ونحوهم. وقال في «فتح البيان» : في مقاصد القرآن على قوله تعالى: {وَاقْتُلُوَهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوَهُمْ} الآية. المعنى: واقتلوهم حيث وجدتموهم وأدركتموهم في الحل والحرم، وإن لم يبتدؤوكم، وتحقيق القول: إن الله تعالى أمر بالجهاد في الآية الأولى، بشرط إقدام الكفار على القتال، وفي هذه الآية أمرهم بالجهاد معهم، سواء قاتلوا أو لم يقاتلوا، واستثنى منه المقاتلة عند المسجد الحرام. انتهى كلامه (1/249) .

وفيما أرى أن القائل أن الكفار لا يقاتلون إلا دفاعًا فقط ما يخلو من أمرين: إما أن تكون من أعداء المسلمين قصده تثبيطهم عن الجهاد على ما هم عليه من الوهن والكسل؛ وإما أن يكون جاهلاً بنصوص الكتاب والسُّنة، وغزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وفتوحاتهم، وغليك أدلة أخرى ليقنع بها من لم يقنع بما سبق من الأدلة الدالة على أنه يجب قتالهم ابتداء. فعن يحيى بن سعيد أن أبا بكر بعث جيوشًا إلى الشام، فخرج يشيعهم، فمشى مع يزيد بن أبي سفيان، وكان أمير ربع من تلك الأرباع، فقال يزيد لأبي بكر: إما أن تركب، وإما أن أنزل، فقال له: ما أنت بنازل، ولا أنا براكب، إني أحتسب خطاي في سبيل الله، ثم قال: إنك ستجد قومًا زعموا أنهم حبسوا أنفسهم لله، فدعهم وما زعموا أنهم حبسوا أنفسهم له، وستجد قومًا فحصوا عن أوساط رؤوسهم فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف، فإني موصيك بعشر: لا تقتل امرأة ولا صبيًا ... إلخ، رواه مالك. وعن جبير بن حية قال: بعث عمر الناس في أفناء الأمصار يقاتلون المشركين فأسلم الهرمزان، قال: إني مستشيرك في مغازيّ هذه، قال: نعم، مثلها ومثل من فيها من عدو المسلمين مثل طائر له رأس وجناحان، وله رجلان؛ فإن كسر أحد الجناحين نهضت الرجلان والرأس؛ فإن شدخ ذهبت الرجلان والجناحان، قال: فالرأس كسرى، والجناح قيصر، والجناح الآخر فارس، فمر المسلمين أن ينفروا إلى كسرى. قال جبير بن حية: فندبنا عمر، واستعمل علينا النعمان بن مقرن، حتى إذا كنا بأرض العدو، وخرج علينا كسرى في أربعين ألفًا، فقام ترجمان، فقال: ليكلمني رجل منكم. فقال المغيرة: سل عما شئت، فقال: ما أنتم؟ قال: نحن ناس من العرب كنا في شقاء شديد، وبلاء شديد، نمص الجلد والنوى من الجوع، ونلبس الوبر

والشعر، ونعبد الشجر والحجر، فبينا نحن كذلك، إذ بعث رب السموات ورب الأرضين إلينا نبينا من أنفسنا، نعرف أباه وأمه، فأمر نبينا رسول ربنا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده، أو تؤدوا الجزية، وأخبرنا نبينا عن رسالة ربنا، أنه من قتل منا صار إلى الجنة في نعيم لم ير مثله، ومن بقي منا يملك رقابكم. رواه الترمذي والبخاري بلفظه. وعن أبي وائل، قال: كتب خالد بن الوليد إلى أهل فارس: بسم الله الرحمن الرحيم، من خالد بن الوليد إلى رستم ومهران، في ملأ فارس، سلام على من اتبع الهدى؛ أما بعد، فإنا ندعوكم إلى الإسلام، فإن أبيتم فإننا قوم يحبون القتل في سبيل الله، كما يحب فارس الخمر، والسلام على من اتبع الهدى. رواه في «شرح السُّنة» ، وفي مختصره السيرة، ولما فرغ خالد من قتال أهل اليمامة وأهل الردة، انصرف راجعًا إلى المدينة. وقيل: لما دخل السنة الثانية من خلافة أبي بكر، كتب إلى خالد: إذا فرغت من اليمامة فسر إلى العراق، فقد وليتك حرب فارس والحيرة، فسار إلى العراق في بضعة وثلاثين ألفًا، إلى أن قال ثم سار خالد إلى أيلة، وخرج له هرمز في مائة وعشرين ألفًا، إلى أن قال: ثم زحف إلى المسلمون فاقتتلوا، فانهزم أهل فارس، وركب المسلمون أكتافهم إلى الليل، فقتل الله من المشركين سبعين ألفًا، وقتل خالد هرمزًا، ونقله أبو بكر قلنسوته، وكانت تساوي مائة ألف، وسميت هذه الوقعة ذات السلاسل. وفي إبادة دعوى مدعي الدفاع في نصوص الغزو والجهاد، قال ابن القيم في «الزاد» : كانت غزواته صلى الله عليه وسلم تسعًا وعشرين، وقيل: هي سبع وعشرون، وقيل: خمس وعشرون، وقيل غير ذلك؛ وأما سراياه وبعوثه، فقريب من ستين، وكانت كلها بعد الهجرة في مدة عشر سنين، فأقول: ولم يعهد فيهن أن العدو قصده وهاجمه في بلده في المدينة وحواليها قط، بل هو الذي كان يغزوهم حيث

ما كانوا، مما يبلغه الخف والحافر، كما مرّ، إلا غزوتي أُحد والأحزاب، جاءت قريش فيهما غضبًا وحنقًا، لما أصابهم في غزوة بدر المشهورة من قتل صناديدهم وأسرهم. وغزا غزوتين أيضًا - صلى الله عليه وسلم - على ظن قدوم العدو فيهما: إحداهما: بدر الثانية حسب وعد أبي سفيان بن حرب فأخلف الوعد فلم يحضرها، والأخرى: غزوة تبوك، سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن هرقل قد جمع جموعًا كثيرة لغزوه، فبادرهم وغزهم، فلم يجد فيها العدو، فأقام بتبوك بضع عشرة ليلة، ثم انصرف قافلاً إلى المدينة. فغير هذه الأربع لم ينقل أن العدو قدم غليه في المدينة أو قصده أين ما كان، فغير ممكن أن يقصد العدو غزو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهم يخافونه في دورهم. اهـ كلامه. وفي المجلد (8) من «مجموع فتاوى شيخ الإسلام» (ص356) ، قال: أيما طائفة انتسبت إلى الإسلام، وامتنعت من بعض شرائعه الظاهرة المتواترة؛ فإنه يجب جهادها باتفاق المسلمين حتى يكون الدين كله لله، كما قاتل الصديق أبو بكر وسائر الصحابة مانعي الزكاة، وكان قد توقف في قتالهم بعض الصحابة، ثم اتفقوا حتى قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فإذا قالواها فقد عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» ؟ فقال له أبو بكر: فإن الزكاة من حقها، والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها، قال عمر: فما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال، فعلمت أنه الحق. وقال –رحمه الله- في (354) : وإذا كان أصل القتال المشروع هو الجهاد، ومقصوده هو أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، فمن امتنع من هذا قوتل باتفاق المسلمين.

وقال في (ص357-359) : فثبت بالكتاب والسُّنة وإجماع الأمة، أن يقاتل من خرج عن شريعة الإسلام وإن تكلم بالشهادتين. وقد اختلف الفقهاء في الطائفة الممتنعة لو تركت السُّنة الراتبة كركعتي الفجر، هل يجوز قتالها؟ على قولين: فأما الواجبات والمحرمات الظاهرة والمستفيضة فيقاتل عليها بالاتفاق حتى يلتزموا أن يقيموا الصلوات المكتوبات، ويؤدوا الزكاة وبصوموا شهر رمضان، ويحجوا البيت ويلتزموا ترك المحرمات من نكاح الأخوات، وأكل الخبائث والاعتداء على المسلمين في النفوس والأموال ونحو ذلك. وقتال هؤلاء واجب ابتداء بعد بلوغ دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم بما يقاتلون عليه؛ فأما إذا بدأوا المسلمين فيتأكد قتالهم –كما ذكرنا- وفي قتال الممتنعين من المعتدين قطاع الطريق، وأبلغ الجهاد الواجب للكفار والممتنعين عن بعض الشرائع، كما نعى الزكاة، والخوارج، ونحوهم يجب ابتداءً ودفعًا. فإذا كان ابتداء، فهو فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط الفرض عن الباقين، وكان الفضل لن قام، كما قال تعالى: {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ} الآية؛ فأما إذا أراد العدو الهجوم على المسلمين فإنه يصير دفعه واجبًا على المقصودين كلهم، وعلى غير المقصودين لإعانتهم كما قال تعالى: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ} . وكما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بنصر المسلم، وسواء كان الرجل من المرتزقة للقتال أو لم يكن، وهذا يجب حسب الإمكان على كل أحد بنفسه وماله مع القلة والكثرة، والمشي والركوب، كما أن المسلمين لما قصدهم العدو عام الخندق لم يأذن الله في تركه لأحد، كما أذن في ترك الجهاد ابتداء لطلب العدو الذي قسمهم

فيه إلى قاعد وخارج، بل ذم الذين يستأذنون النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولون: {إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً} . فهذا دفع عن الدين والحرمة والأنفس، وهو قتال اضطرار، وذلك قتال اختيار للزيادة في الدين وإعلائه، ولإرهاب العدو كغزوة تبوك ونحوها، فهذا النوع من العقوبة هي للطوائف الممتنعة. وقال في (ص503) : فأيما طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات أو الصيام أو الحج، وعن التزام تحريم الدماء، والأموال والخمر والزنا، والميسر، أو عن نكاح ذوات المحارم، وعن التزام جهاد الكفار وضرب الجزية على أهل الكتاب، وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته، التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها، التي يكفر الجاحد لوجوبها؛ فإن الطائفة الممتنعة تقاتل، وإن كانت مقرة بها، وهذا مما لا أعلم فيه خلافًا بين العلماء. وقال في (ص510) : كل طائفة خرجت عن شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق المسلمين، وإن تكلمت بالشهادتين، فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس، وجب قتالهم حتى يصلوا، وإن امتنعوا عن الزكاة وجب قتالهم حتى يؤدوا الزكاة، وكذلك إن امتنعوا عن الصيام في شهر رمضان، أو حج البيت العتيق، وكذلك إن امتنعوا عن تحريم الفواحش، أو الزنا، أو الميسر، أو الخمر، أو غير ذلك من محرمات الشريعة. وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء، والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها، بحكم الكتاب والسُّنة. وكذلك إن امتنعوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجهاد الكفار إلى أن يسلموا أو يؤدوا الجزية عن يد وهم صاغرون. وكذلك إن أظهروا البدع المخالفة للكتاب والسُّنة واتباع سلف الأمة وأئمتها، مثل أن يظهروا الإلحاد في أسماء الله وآياته والتكذيب بأسماء الله وصفاته،

والتكذيب بقدره وقضائه، أو التكذيب بما كان عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، أو مقاتلة المسلمين، حتى يدخلوا في طاعتهم التي توجب الخروج من شريعة الإسلام، وأمثال هذه الأمور، قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوَهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} فإذا كان بعض الدين لله، وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله. اهـ. وقال –رحمه الله- في «الصارم المسلول على شاتم الرسول - صلى الله عليه وسلم -» (ص219) : وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله تعالى: {وَأَعْرِضْ عَنِ المُشْرِكِينَ} ، {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} ، {قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ} ونحوها في القرآن مما أمر الله به المؤمنين بالعفو والصفح عن المشركين؛ فإنه نسخ ذلك كله قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوَهُمْ} ، وقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ} إلى قوله: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} ، فنسخ هذا عفوه عن المشركين، وكذا روى الإمام أحمد وغيره عن قتادة قال: أمر الله نبيه أن يعفو عنهم ويصفح، حتى يأتي الله بأمره وقضائه. ثم أنزل الله عز وجل براءة فأتى الله بأمره وقضائه، فقال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الآية. قال: فنسخت هذه الآية ما كان قبلها، وأمر الله فيها بقتال أهل الكتاب حتى يسلموا أو يقروا بالجزية صغارًا ونقمة لهم. وكذلك ذكر موسى بن عقبة عن الزهري، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يقاتل من كف عن قتاله كقوله تعالى: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً} إلى أن نزلت براءة، وجملة ذلك أنه لما نزلت براءة أمر أن يبتدئ جميع الكفار بالقتال، وثنيهم وكتابيهم، سواء كفوا أو لم يكفوا، وأن ينبذ إليهم تلك العهود المطلقة التي كانت بينه وبينهم،

وقيل له فيها: {جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} بعد أن كان قد قيل له: {وَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ} ؛ ولهذا قال زيد بن أسلم: نسخت هذه الآية ما كان قبلها. اهـ. وقال ابن القيم في «الهدى» : ثم فرض القتال عليهم بعد ذلك لمن قاتلهم دون من لم يقاتلهم، فقال: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} . ثم فرض قتال المشركين كافة، وكان محرمًا ثم مأذونًا به. ثم مأمورًا به لمن بدأهم بالقتال. ثم مأمورًا به لجميع المشركين، إما فرض عين على أحد القولين، أو فرض كفاية على المشهور. وقال: ثم كان الكفار معه بعد الأمر بالجهاد ثلاثة أقسام: أهل صلح وهدنة، وأهل حرب، وأهل ذمة، فأمره أن يتم لأهل العهد والصلح عهدهم، وأن يوفى لهم به ما استقاموا على العهد؛ فإن خاف منهم خيانة نبذ إليهم عهدهم ولم يقاتلهم حتى يعلمهم بنبذ العهد، وأمر أن يقاتل من نقض عهده. ولما نزلت سورة براءة نزلت ببيان حكم مدة الأقسام كلها، فأمره أن يقاتل عدوه من أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية ويدخلوا في الإسلام، وأمره فيها بجهاد الكفار والمنافقين والغلظة عليهم، فجاهد الكفار بالسيف والسنان، والمنافقين بالحجة واللسان، وأمره فيها بالبراءة من عهود الكفار، ونبذ عهودهم إليهم. وجعل العهد في ذلك ثلاثة أقسام: قسمًا أمره بقتالهم، وهم الذين نقضوا عهده، ولم يستقيموا له، فحاربهم وظهر عليهم، وقسمًا لهم عهد مؤقت لم ينقضوه، ولم يظاهروا عليه، فأمره أن يتم لهم عهدهم إلى مدتهم، وقسمًا لم يكن لهم عهد، ولم يحاربوه، أو كان لهم عهد مطلق، فأمر أن يؤجلهم أربعة أشهر؛ فإذا انسلخت قاتلهم. انتهى (ص208) .

وقال إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله-: اعلم وفقنا الله وإياك للإيمان بالله ورسله أن الله سبحانه قال في كتابه: {اقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوَهُمْ وَخُذُوَهُمْ وَاحْصُرُوَهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} فتأمل هذا الكلام أن الله أمر بقتلهم وحصرهم، والقعود لهم كل مرصد إلى أن يتوبوا من الشرك ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة. وقال –رحمه الله- في «مختصر السيرة» (ص105-106) : ولما استقر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المدينة، وأيده الله بنصره وبالمؤمنين، وألف بين قلوبهم بعد العداوة، ومنعته أنصار الله من الأحمر والأسود، رمتهم العرب واليهود عن قوس واحدة، وشمروا لهم عن ساق العداوة والمحاربة، والله يأمر رسوله والمؤمنين بالكف والعفو والصفح، حتى قويت الشوكة، فحينئذ أذن لهم في القتال، ولم يفرضه عليهم؛ فقال تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} وهي أول آية نزلت في القتال، ثم فرض عليهم قتال من قاتلهم، فقال تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} [190:2] الآية. ثم فرض عليهم قتال المشركين كافة؛ فقال تعالى: {وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [36:9] . ومن جواب لأبنائه –رحمهم الله-: وأما من بلغته دعوتنا توحيد الله والعمل بفرائض الله وأبى أن يدخل في ذلك، وأقام على الشرك بالله، وترك فرائض الإسلام، فهذا نكفره ونقاتله ونشن عليه الغارة بدياره بل بداره. ومن كلام للشيخ عبد الله أبا بطين –رحمه الله-: لو أن طائفة امتنعت من شريعة من شرائع الإسلام قوتلوا، وإن لم يكونوا كفارًا ولا مشركين ودارهم دار الإسلام. انتهى. وفي تيسير الوحيين للشيخ عبد العزيز بن راشد: قد أوجب الله على المسلمين

أن يبدوا بالقتال من أبى الإسلام من الكفار والمشركين بعد دعوتهم إلى الخضوع له والدخول فيه حيث كانوا، وفرض على الأمة أن تهاجمهم وتبدأهم به كل وقت سوى الأشهر الحرم. قال: وقد ذكر الله ما قلنا مصوبًا له عن سليمان –عليه السلام- مع ملكة سبأ بادئًا بالدعوة إلى الإسلام، ومهددًا لها بالإخراج والقتل إذا لم تذعن للحق والدخول تحت سلطانه، كما ذكره عن غيره من إخوانه، كما يدل على خطأ وضعف استدلال من يمنع بدء المسلمين قتال الكفار ما لم يبدؤنا به بقوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا} لدخولهم في الذين أمرنا بقتالهم، إذ ليس فيها المنع من قتالهم ولا النهي عن بدئهم به؛ لأن النهي عن الاعتداء نهي عن ظلم كل من خضع للإسلام، سواء دان به واتبعه كالذمي. وليس بدء أهل الكفر بالقتال بعد إبائهم عن الإذعان والدخول تحت سلطان الإسلام اعتداء عليهم وظلمًا، بل ذلك لمصلحتهم كالسفيه، ولحق الإسلام كقتل مانع الزكاة، والمرتد عن الدين؛ ولأنه لمنعهم عن الظلم والعدوان يدل على هذا قتال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وبدءهم المشركين والفرس والروم، بعد رفض رؤساهم كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بغير اعتداء منهم على أحد من المسلمين، ولا منع داعي إلى الإسلام. ولكنها مكيدة أفرنجية، ونزعة أوربية أُريد بها تأخير المسلمين وموتهم على ما هم فيه من الضعف، وما علاهم من ذل الاستعباد. ثم ساق الأدلة الواضحة، وقال بعدها هذه الجملة: من آي الذكر تدل على أن الله أوجب على المسلمين أن يبدأوا الكفار والمشركين بالقتال، أنى كانوا وحيثما وجدوا، ولا يكفوا عن قتلهم وقتالهم ما لم يدخلوا في الإسلام، ويعطوا الجزية التي يفرضها عليهم سواء اعتدوا على المسلمين وصدوا عن الإسلام، أم أذعنوا للداعين إليه في بلادهم معرضين عن قبوله.

كما دل عليه عمل النبي - صلى الله عليه وسلم - وإجماع الصحابة من بعده عليه، إذا لم يعرف منهم مخالف قط. فمدعي أن الإسلام لا يجيز بداءة عدوه بالقتال متقول عليه ما ليس فيه، إذ من حكمته أنه لم يأمر بالقتال حين كان ضعيفًا بين أعدائه، فلما ناوءه بمكة أمر الله نبيه بالهجرة، وشرع لهم وأوجب عليهم مهاجمة كل آب. انتهى. وقال في إبادة دعوى مدعي الدفاع، بنصوص الغزو والجهاد. الشيخ صالح ابن أحمد نزيل المدينة: ومغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معلومة مشهورة، كانت راياته ترفرف في البلدان النائية، في الشام وتبوك ومؤنة ونجد ومكة وحنين والطائف واليمن وغير ذلك. وهذه البلدان معلوم أنها تبعد عن المدينة بمراحل طويلة، منها ما يبعد عن المدينة نصف شهر، ومنها ما يبعد أكثر من ذلك، ومنها دون ذلك. إلى أن قال: ثم استدل المدافعون بقوله تعالى: {وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ} . قال المدافعون: جهاد الكفار وإكراههم في دين الإسلام لإعلاء كلمة الله بدون أن يتعرضوا بسوء على المسلمين، فهو من الاعتداء المنهي عنه في القرآن، وهذا الفهم فهم خاطئ، فنقول وبالله التوفيق. قتال الكفار واجب حيث ما كانوا بعد عرض الدعوة عليهم، وبعد ذلك بعد الاعتداء منهم لا ممن قاتلهم، وذلك بأن الشرك الله سبحانه وتعالى، الذي هم فيه هو بنفسه جناية واعتداء على الله، وفساد كبير في الأرض. والله سبحانه أمر بإزالته بقوله تعالى: {وَقَاتِلُوَهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} هذه الآية والحديث السابق عن ابن عمر صريحان بأن سبب الجهاد وقتال المشركين هو الشرك بالله لا غير، ولا ينتهي قتالهم إلا بانتهائه الذي هو السبب، ولا ينتهي المسبب حتى ينتهي السبب، وحتى في العربية معلومة أنها للغاية.

ثم ساق حديث جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله –عليه الصلاة والسلام-: «مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد نارًا، فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها، وهو يذبهن عنها وأنا آخذ بحجزكم عن النار، وأنتم تفلتون من يدي» أخرجه مسلم. وفي رواية لمسلم أيضًا عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: «إنما مثلي ومثل أمتي» إلخ. هذا الحديث عام؛ ولكنه يتناول الكفار تناولاً أوليًا؛ لأنهم أقرب إلى هذه الصفة، وهم من أمة الدعوة لا من أمة الإجابة، وخصوصًا على رواية: «إنما مثلي ومثل أمتي» ، قال: ولم يزل رسول الله –عليه الصلاة والسلام- وأصحابه يقاتلون الكفار حيث ما كانوا، إلى أن أسلم من في جزيرة العرب؛ إلا يسيرًا منهم، طوعًا أو كرهًا. ولقي رسول الله –عليه الصلاة والسلام- ربه سبحانه وتعالى، وهو قرير عين. ثم قام أصحابه الكرام الأسد الظماء بسنته - صلى الله عليه وسلم -، فجاهدوا وفتحوا العراق والشام ومصر والروم قهرًا لإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى؛ وهذا الذي يعلمه علماء المسلمين من سُّنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - ويتمنونه. وأما في رأي إخواننا المدافعين، لم يشرع الله جهاد الكفار لإكراههم في الدين أو أخذ الجزية منهم، وما كان قتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للكفار إلا دفاعًا في زعمهم، فلم يصدقوا فيما زعموا، وزادوا المسلمين بزعمهم هذا ثبوطًا مع ثبوطهم، وصوبوا لهم ما هم فيه، ولعل أن يغتر بهم بعض الناس، فلا حول ولا قوة إلا بالله. ومن العجائب أن نسمع من هذا الفريق من يقول: الجهاد، فلا أدري ما معنى الجهاد عندهم؛ فإن كان الجهاد هو غزو الكفار بالمال والنفس لإعلاء كلمة الله، كما هو عرف الشرع، وما يعرفه المسلمون، فقد أنكروه وخطئوا فاعله من حيث رسول الله لم يفعله بزعمهم الخاطئ إنما قاتل دفاعًا، وإن كان على عرفهم أن الجهاد هو دفع العدو عن النفس والوطن، فهو شيء طبيعي

لا مزية لمن قام به، حتى أضعف الحيوان يدافع عن نفسه إلى أن يعجز، إلا أن يقال في حق المؤمن، إذا مات دون ماله ونفسه فهو شهيد. ويقول أحد الكتاب المعاصرين المعروفين حول موضوع الجهاد في سبيل الله: والذي يدرك طبيعة هذا الدين على النحو المتقدم يدرك معها حتمًا الانطلاق الحركي للإسلام في صورة الجهاد بالسيف إلى جانب الجهاد بالبيان، ويدرك أن ذلك لم يكن حركة دفاعية كما يريده المهزومون أمام الضغط الواقع الحاضر وأمام هجوم المستشرقين الماكر أن يصوروا حركة الجهاد في الإسلام –إلى أن قال: وأما محاولة مبررات دفاعية للجهاد الإسلامي بالمعنى الضيق للمفهوم العصري للحرب الدفاعية ومحاولة البحث عن أسانيد الإثبات، أن وقائع الجهاد الإسلامي كانت لمجرد صد العدوان من القوى المجاورة على الوطن الإسلامي هو في عرف بعضهم جزيرة العرب، فهي محاولة تنم على قلة إدراك لطبيعة هذا الدين ولطيعة الدور الذي جاء به في الأرض، كما أنها تشي بالهزيمة أمام ضغط الواقع الحاضر؛ وأما الهجوم الاستشراقي الماكر على الجهاد الإسلامي ترى لو أن أبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - قد أمنوا عدوان الروم والفرس على الجزيرة أكانوا يقعدون إذًا عن دفع المد الإسلامي إلى أطراف الأرض؟؟ وكيف كانوا يدفعون هذا المد وأمام الدعوة تلك العقبات، إلى أن قال: إنها سذاجة أن يتصور الإنسان دعوة تعلن تحرير الإنسان: نوع الإنسان ... في الأرض، ثم تقف أمام هذه العقبات تجاهدها باللسان والبيان إنها تجاهد باللسان والبيان حينما تخلي بينهما وبين الأفراد تخاطبهم بحرية وهم مطلقو السراح من جميع تلك المؤثرات فهنا الإكراه في الدين؛ أما حين توجد تلك العقبات والمؤثرات المادية فلابد من إزالتها أولاً بالقوة لتتمكن من مخاطبة قلب الإنسان وعقله وهو طليق من هذه الأغلال.

س28: تكلم عما يلي: النفر بعد الإقامة إذا نوى لحادثة يشاور عليها، الدليل على أن أفضل متطوع به من العبادات الجهاد. أيهما أفضل غزو البر أم البحر؟ وما الذي تكفره الشهادة؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل.

إن الجهاد ضرورة للدعوة إذا كانت أهدافها هي إعلان تحرير الإنسان إعلانًا جادًا يواجه الواقع الفعلي بوسائل مكافئة له في كل جوانبه ولا يكتفي بالبيان الفلسفي النظري سواء كان الوطن الإسلامي، وبالتعبير الإسلامي الصحيح دار إسلام آمنًا أم مهددًا من جيرانه. فالإسلام حين يسعى إلى السلم لا يقصد تلك السلم الرخيصة وهي مجرد أن يؤمن الرقعة الخاصة التي يعتنق أهلها العقيدة الإسلامية إنما هو يريد السلم التي يكون الدين فيها كله لله أي يكون عبودية للناس كلهم فيها لله، والتي لا يتخذ الناس بعضهم بعضًا أربابًا من دون الله، والعبرة بنهاية المراحل التي وصلت إليها الحركة الجهادية في الإسلام بأمر من الله لا بأوائل أيام الدعوة ولا بأوساطها ... إلخ. وختامًا: فإن القول الذي تطمئن إليه النفس أنه يجب قتال الكفار ابتداءً ودفاعًا كما علم من الأدلة المتقدمة. والله سبحانه أعلم. ** ** ** س28: تكلم عما يلي: النفر بعد الإقامة إذا نوى لحادثة يشاور عليها، الدليل على أن أفضل متطوع به من العبادات الجهاد. أيهما أفضل غزو البر أم البحر؟ وما الذي تكفره الشهادة؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل. ج: لا ينفر بعد الإقامة للصلاة، ولو نودي بالصلاة والنفير، والعدو بعيد صلى ثم نفر، ومع قرب العدو ينفر ويصلي راكبًا أفضل. ويجوز أن يصلي ثم ينفر، ولو نوى: الصلاة جامعة لحادثة يشاور فيها لم يتأخر أحد بلا عذر له، لوجوب جهاد بغاية ما يمكن من بدن ورأي وتدبير، والحرب خدعة. والدليل على أنه أفضل متطوع به قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} الآية. وقد روى أبو سعيد الخدري قال: قيل يا رسول الله، أي الناس أفضل؟ قال:

«مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله» متفق عليه. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سُئل رسول الله –عليه الصلاة والسلام- أي العمل أفضل؟ قال: «إيمان بالله ورسوله» ، وقيل: ثم ماذا؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» ، قيل: ثم ماذا؟ قال: «حج مبرور» متفق عليه. وروى أبو هريرة أن رسول الله –عليه الصلاة والسلام- قال: «والذي نفس محمد بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله، فأقتل، ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل» رواه مسلم. وروى البخاري بعضه. وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله –عليه الصلاة والسلام- قال: «من رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولاً وجبت له الجنة» ، فعجب لها أبو سعيد، فقال: أعدها علي يا رسول الله، فأعادها عليه، ثم قال: «وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض» ، قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» رواه مسلم. وغزو البحر أفضل من غزو البر، لما روى أبو داود، عن أم حرام، عن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «المائد في البحر الذي يصيبه القيء له أجر الشهيد، والغرق له أجر شهيد» . وروى ابن ماجه بإسناده، عن أبي أمامة قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «شهيد البحر مثل شهيدي البر، والمائد في البحر كالمتشحط في دمه في البر، وما بين الموجتين كقاطع الدنيا في طاعة الله، وإن الله وكل ملك الموت بقبض الأرواح إلا شهيد البحر؛ فإن الله يتولى قبض أرواحهم ويغفر لشهيد البر الذنوب كلها إلا الدين، ولشهيد البحر الذنوب والدين» ولأن غزو البحر أعظم خطرًا؛ فإنه بين خطر القتال والغرق، ولا يمكنه الفرار دون أصحابه. وتكفر الشهادة الذنوب غير الدين؛ لما ورد عن عبد الله بن عمرو بن

س29: تكلم بوضوح عن تشييع الغازي وتلقيه، وعن الغزو مع الأمير البر والفاجر، وعن جهاد العدو المجاور، ومع تساو في قرب وبعد بين عدوين، وأحدهما أهل كتاب، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل.

العاص -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يغفر الله للشهيد كل شيء إلا الدين» رواه مسلم، وفي رواية له: «القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدين» . وعن أبي قتادة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فيهم، فذكر أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل فقال: يا رسول الله، أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعم، إن قتلت في سبيل الله، وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر» ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كيف قلت؟» ، قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عن خطاياي؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعم، وأنت صابر محتسب غير مدبر إلا الدين؛ فإن جبريل –عليه السلام- قال ذلك» رواه مسلم. ** ** ** س29: تكلم بوضوح عن تشييع الغازي وتلقيه، وعن الغزو مع الأمير البر والفاجر، وعن جهاد العدو المجاور، ومع تساوٍ في قرب وبعد بين عدوين، وأحدهما أهل كتاب، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل. ج: يُسن تشييع الغازي؛ لما ورد عن سهل بن معاذ، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لأن أشيع غازيًا فأكفيه في رحله غدوة أو روحة أحب إليّ من الدنيا وما فيها» رواه أحمد وابن ماجه. وعن أبي بكر الصديق أنه شيع يزيد بن أبي سفيان حين بعثه إلى الشام ... الخبر، وفيه: إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله؛ لأن عليًا - رضي الله عنه - شيع النبي في غزوة تبوك، ولم يتلقه، احتج به أحمد، شيع أبا الحارث ونعلاه في يده. ذهب إلى فعل أبي بكر، أراد أن تغبر قدماه في سبيل الله، وشيع النبي صلى الله

عليه وسلم النفر الذين وجههم إلى كعب بن الأشرف إلى بقيع الغرقد. رواه أحمد، وشيع أحمد أمه للحج. وأما تلقي الغازي، فقيل: لا يستحب لما تقدم؛ ولأنه تهنئته بالسلامة من الشهادة، وفيه وجه كالحاج؛ لحديث السائب بن يزيد، قال: لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - من غزوة تبوك، خرج الناس يتلقونه من ثنية الوداع، قال السائب: فخرجت مع الناس وأنا غلام. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، وللبخاري نحوه. ويغزي مع كل أمير بر وفاجر يحفظان المسلمين، وقد روى أبو داود بإسناده، عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برًا كان أو فاجرًا» وبإسناده عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث من أصل الإيمان: الكف عمن قال لا إله إلا الله لا نكفره بذنب، ولا نخرجه من الإسلام بعمل، والجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال، والإيمان بالأقدار» . وفي الصحيح: «أن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر؛ ولأن ترك الجهاد مع الفاجر يفضي إلى قطع الجهاد، وظهور الكفار على المسلمين واستئصالهم وظهور كلمة الكفر وفيه فساد عظيم» . قال الله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ} . وجهاد العدو المجاور متعين لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الكُفَّارِ} ولأن اشتغالهم بالبعيد يمكن التقريب من انتهاز الفرصة، إلا لحاجة إلا قتال الأبعد، كأن يكون الأبعد أخوف، أو لغوته وإمكان الفرصة أو يكون الأقرب مهادنًا، أو يمنع من قتاله مانع فيبدأ بالأبعد للحاجة ومع تساو في بعد وقرب بين عدوين وأحدهما أهل كتاب، جهاد أهل الكتاب أفضل؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لأم خلاد: «إن ابنك له أجر شهيدين» ، قالت:

س30: ما هو الرباط؟ وما حكمه؟ وما أقله؟ وما أكثره؟ وما أفضله؟ وأيما أفضل أهو أم المقام بمكة والصلاة بمكة أم بالثغر؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل.

ولِمَ ذاك يا رسول الله، قال: «لأنه قتله أهل كتاب» رواه أبو داود؛ ولأنهم يقاتلون عن دين. ** ** ** س30: ما هو الرباط؟ وما حكمه؟ وما أقله؟ وما أكثره؟ وما أفضله؟ وأيما أفضل أهو أم المقام بمكة والصلاة بمكة أم بالثغر؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل. ج: يُسن الرباط وهو الإقامة بثغر تقوية للمسلمين، مأخوذ من رباط الخيل؛ لأن هؤلاء يربطون خيولهم وهؤلاء يربطون خيولهم، كل يعد لصاحبه، والثغر كل مكان يخيف أهله العدو ويخيفهم، قال أحمد: وعن عثمان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «رباط يوم في سبيل الله، خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل» رواه الترمذي والنسائي. وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها» متفق عليه. وعن سلمان الفارسي، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «رباط يوم في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجرى عليه رزقه، وأمن الفتان» رواه مسلم، وإن زاد: الرباط أربعين يومًا فله أجره كسائر أعمال البر. والرباط بأشد الثغور خوفًا أفضل؛ لأن مقامه به أنفع، وأهله به أحوج، والرباط أفضل من المقام بمكة، ذكره الشيخ تقي الدين إجماعًا، والصلاة بمكة أفضل من الصلاة بالثغر، وكره لمريد ثغر نقله أهله من الذرية والنساء إلى الثغر إن كان مخوفًا؛ لقول عمر: لا تنزلوا المسلمين خيفة البحر. رواه الأثرم، وقال: كيف لا أخاف الإثم وهو يعرض ذريته للمشركين، وإلا يكن الثغر مخوفًا فلا يكره نقل أهله إليه، كما لا تكره الإقامة لأهل الثغر به بأهليهم، وإن كان مخوفًا لأنه لابد لهم من الكنى بهم، وإلا لخربت الثغور وتعطلت.

الهجرة

5 - الهجرة س31: تكلم عن الهجرة، وبين من تجب عليه، وهل حكمها باق، ومن الذي تسن في حقه؟ واذكر ما تعرفه عن هجران أهل المعاصي واذكر ما تستحضره من الأدلة باستقصاء. ج: الهجرة الانتقال من بلد الكفر والفسوق إلى دار الإسلام والإيمان، وتجب الهجرة على عاجز عن إظهار دينه بمحل يغلب فيه حكم كفر أو بدع مضلة. إحرازًا لدينه لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} الآيات. وقال: {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} . وقال تعالى: {إِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ} . قال الحسن البصري: لا يجوز له القعود معهم، خاضوا أو لم يخوضوا؛ لقوله تعالى: {وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ} . وقال تعالى: {إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} . قال شيخ الإسلام: فعلم أن الطائفة المعفو عنها عاصية لا كافرة، إما بسماع الكفر دون إنكاره، والجلوس مع الذين يخوضون في آيات الله، أو كلام هو ذنب وليس هو كفر، أو غير ذلك من الذنوب. انتهى. وعن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله» رواه أبو داود، وعن جرير

ابن عبد الله - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية إلى خثعم، فاعتصم ةناس بالسجود، فأسرع فيهم القتل، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم بنصف العقل، وقال: «أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين» ، قالوا: يا رسول الله، ولِمَ؟ قال: «لا تراءي نارهما» رواه أبو داود والترمذي. وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أنا بريء من أهل ملتين تتراءى ناراهما» ، وقال: «لا تستضيئوا بنار المشركين» . وقال: «من أقام مع المشركين فقد برئت منه الذمة» ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقبل الله من مشرك عملاً بعد ما أسلم، أو يفارق المشركين» ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يعلم لذي دين دينه، إلا من فر من شاهق إلى شاهق» . ومنها حديث لقيط بن صبرة لما قال: يا رسول الله على ما أبايعك؟ فبسط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده، وقال: «على إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وزيال المشرك، وأن لا تشرك بالله شيئًا» . قال ابن القيم –رحمه الله- في الكلام عليه: قوله في عقد البيعة وزيال المشرك أي مفارقته ومعاداته، فلا تجاوره ولا تواكله، كما جاء في حديث: «لا تراءى نارهما» انتهى؛ ولأن القيام بأمر الدين واجب، والهجرة من ضرورة الواجب وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. ويحرم السفر إلى محل يغلب فيه حكم كفر، أو بدع مضلة، ولا يقدر على إظهار دينه به، ولو كان سفره لتجارة؛ لأن ربحه المظنون لا يفي بخسرانه المحقق في دينه، وقال الوزير وغيره: اتفقوا على وجوب الهجرة من ديار الكفر لمن قدر على ذلك. قال ابن كثير –رحمه الله- على قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ

أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً * إِلاَّ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} . هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين، وهو قادر على الهجرة وليس متمكنًا من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه مرتكب حرامًا بالإجماع وبنص هذه الآية. وكلام العلماء في المنع من الإقامة عند المشركين، وتحريم مجامعتهم ووجوب مباينتهم كثير معروف، خصوصًا في كتب أئمة الدعوة، كالشيخ محمد بن عبد الوهاب وأولاده. ولا تجب الهجرة عن أهل المعاصي؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده» الحديث، والعمل عليه عند أهل العلم. وهجران أهل المعاصي، كما قال شيخ الإسلام في (ج27) من «مجموع الفتاوى» : الهجر الشرعي نوعان: أحدهما: بمعنى الترك للمنكرات. والثاني: بمعنى العقوبة عليها؛ فالأول هو المذكور في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} ، {إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ} فهذا يُراد به أن لا يشهد المنكرات لغير حاجة، وهذا الهجر من جنس هجر الإنسان نفسه عن فعل المنكرات، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «المهاجر من هجر ما نهى الله عنه» . ومن هذا الباب الهجرة من دار الكفر والفسوق إلى دار الإسلام والإيمان؛ فإنه هجر للمقام بين الكافرين والمنافقين الذين لا يمكنونه من فعل ما أمر الله به، ومن هذا قوله تعالى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} . النوع الثاني: الهجر على وجه التأديب، وهو هجر من ظهر المنكرات حتى يتوب منها، كما هجر النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون، الثلاثة الذين خلفوا

حتى أنزل الله توبتهم حين ظهر منهم ترك الجهاد المتعين عليهم بغير عذر، ولم يهجر من أظهر الخير وإن كان منافقًا، فهنا الهجر هو بمنزلة التعزير والتعزير يكون لمن أظهر ترك واجبات، وفعل المحرمات، كتارك الصلاة والزكاة، والتظاهر بالمظالم والفواحش والداعي إلى البدع المخالفة للكتاب والسُّنة، وإجماع سلف الأمة التي ظهر أنها بدع. وهذا حقيقة قول من قال من السلف والأئمة: إن الدعاة إلى البدع لا تقبل شهادتهم، ولا يصلي خلفهم ولا يؤخذ عنهم العلم، ولا يناكحون، فهذه عقوبة لهم حتى ينتهوا؛ ولهذا يفرقون بين الداعية وغير الداعية؛ لأن الداعية أظهر المنكرات فاستحق العقوبة، بخلاف الكاتم؛ فإنه ليس شرًا من المنافقين الذين كان - صلى الله عليه وسلم - يقبل علانيتهم وبكل سرائرهم إلى الله مع علمه بحال كثير منهم؛ ولهذا جاء في الحديث: «إن المعصية إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها؛ ولكن إذا أعلنت فلم تنكر ضرت العامة» ، وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه» ، فالمنكرات الظاهرة يجب إنكارها بخلاف الباطنة؛ فإن عقوبتها على صاحبها خاصة. وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم؛ فإن المقصود به زحر المهجور وتأديبه، ورجوع العامة عن مثل حاله؛ فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفته، كان مشروعًا، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر، بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر.

والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف؛ ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتألف قومًا ويهجر آخرين. وإذا اجتمع بالرجل خير وشر، وفجور وطاعة، ومعصية وسُّنة وبدعة، استحق من الموالاة والثواب، بقدر ما استحق من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب، بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة، فيجتمع له من هذا وهذا كاللص الفقير تقطع يده لسرقته، ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته، هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السُّنة والجماعة، انتهى (ص203، 204، 205، 206، 209) ملخصًا. وتُسن الهجرة لقادر على إظهار دينه بنحو دار الكفر، ليتخلص من تكثير الكفار ومخالطتهم، ورؤية المنكر بينهم، ويتمكن من جهادهم وإعانة المسلمين ويكثرهم؛ لما ورد عن معاوية - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها» رواه أحمد وأبو داود. وعن عبد الله بن السعدي - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو» رواه أحمد والنسائي. وعنه - صلى الله عليه وسلم -: «لا تنقطع الهجرة ما كان الجهاد» رواه سعيد وغيره، مع إطلاق الآيات والأخبار، وتحقق المعنى المقتضي لها في كل زمان؛ وأما حديث: «لا هجرة بعد الفتح» يعني من مكة إلى المدينة، وكل بلد فتح لا تبقى منه هجرة؛ إنما الهجرة إليه؛ لأن الهجرة الخروج من بلد الكفر، فإذا فتح لم يبق بلد كفار، فلا تبقى من هجرة.

س32: ما حكم التطوع بالجهاد في حق من عليه دين، وفي حق من أحد أبويه حر مسلم لم يأذن، أو جد، أو جدة، وذكر الأدلة.

س32: ما حكم التطوع بالجهاد في حق من عليه دين، وفي حق من أحد أبويه حر مسلم لم يأذن، أو جد، أو جدة، وذكر الأدلة. ج: لا يتطوع به من عليه دين إلا بإذن غريمه، إلا أن يقيم ضامنًا مليئًا، أو رهنًا محرزًا، أو يكون له من يقضيه عنه؛ لما روى أبو قتادة: أن رجلاً جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، إن قتلت في سبيل الله يكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعم، إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر» . ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كيف قلت؟» قال: أرأيت إن قتلت في سبل الله يكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين؛ فإن جبريل قال لي ذلك» رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي وصححه. وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين» رواه مسلم. وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «القتل في سبيل الله يكفر كل خطيئة» ، فقال: «إلا الدين» ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إلا الدين» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. وروى ابن عباس قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، أجاهد؟ قال: «لك أبوان؟» قال: نعم، قال: «فيهما فجاهد» . قال الترمذي: هذا حديث صحيح. وروى أبو داود، عن أبي سعيد أن رجلاً هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم من اليمن، فقال: «هل لك أحد باليمن؟» فقال: أبواي، فقال: «أذنا لك؟» قال: لا، قال: «فارجع فاستأذنهما؛ فإن أذنا لك فجاهد،

وإلا فبرهما» ولأن فرض أداء الدين متعين عليه، فلا يجوز تركه لفرض على الكفاية يقوم غيره فيه مقامه، والمؤجل كالحال؛ لأنه يعرض نفسه للقتل، فيضيع الحق؛ فإن كان وفاء جاز؛ لأن عبد الله بن حرام والد جابر، خرج إلى أحد وعليه ديون كثيرة فاستشهد وقضى عنه ابنه مع علمه - صلى الله عليه وسلم - من غير نكير، ولعدم ضياع حق الغريم إذن. ومن كان أحد أبويه مسلمًا لم يجز له الجهاد إلا بإذنه؛ لما روى عبد الله ابن عمرو بن العاص قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاستأذنه في الجهاد، فقال: «أحي والداك؟» قال: نعم. قال: «ففيهما فجاهد» رواه البخاري والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه. وفي رواية: أتى رجل، فقال: يا رسول الله، إني جئت أريد الجهاد معك، وقد أتيت وإن والدي يبكيان، قال: «فارجع إليهما، فأضحكهما كما أبكيتهما» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. وعن أبي سعيد أن رجلاً هاجر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليمن، فقال: «هل لك أحد باليمن؟» فقال أبواي، فقال: «أذنا لك؟» فقال: لا، قال: «ارجع إليهما فاستأذنهما؛ فإن أذنا لك فجاهد، وإلا فبرهما» رواه أبو داود. ومن معاوية بن جاهمة السلمي، أن جاهمة أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أردت الغزو وجئتك أستشيرك، فقال: «هل من أم؟» قال: نعم، قال: «الزمها؛ فإن الجنة عند رجليها» رواه أحمد والنسائي. وعن ابن مسعود قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصلاة على وقتها» ، قلت: ثم أيّ؟ قال: «بر الوالدين» . قلت: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» الحديث متفق عليه، وقال رجل لابن عباس: إني

نذرت أن أغزو الروم، وإن أبوي منعاني، فقال: أطع أبويك؛ فإن الروم ستجد من يغزوها غيرك. وهذا كله إن لم يتعين عليه، فإذا تعين فتركه معصية ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وتقدمت المواضع التي يتعين فيها الجهاد، فيسقط إذنهما، وإذن غريم؛ لكن يستحب للمديون أن لا يتعرض لمكان القتل من المبارزة، والوقوف في أول المقاتلة؛ لأن فيه تغرير بتفويت الحق. ولا طاعة للوالدين في ترك فريضة، كتعليم علم واجب يقوم به دينه من طهارة وصلاة وصيام ونحو ذلك، وإن لم يحصل ما وجب عليه من العلم ببلده، فله السفر لطلبه بلا إذنهما؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ولا إذن لجد ولا جدة لظاهر الأخبار، ولا الكافرين لفعل الصحابة، ولا الرقيقين لعدم الولاية، ولا المجنون؛ لأنه لا حكم لقولهما. فإن خرج في جهاد تطوع بإذنهما، ثم منعاه منه بعد سيره، وقيل: تعيينه عليه، فعليه الرجوع لأنه معنى لو وجد في الابتداء منع فمنع إذا وجد في أثنائه كسائر الموانع، إلا أن يخاف على نفسه في الرجوع، أو يكون له عذر من مرض ونحوه؛ فإن أمكنه الإقامة في الطريق، أقام حتى يقدر على الرجوع فيرجع، وإلا مضى مع الجيش. وإذا حضر الصف تعين عليه لحضوره، وسقط إذنهما، وإن كان كافرين فأسلما ثم منعا، كان كمنعهما بعد إذنهما، على ما تقدم، وكذا حكم الغريم يأذن ثم يرجع. فإن عرض للمجاهد في نفسه مرض أو عمى أو عرج، فله الانصراف، ولو بعد التقاء الصفين لخروجه عن أهلية الوجوب، وإن أذن له أبواه في الجهاد، وشرطا عليه أن لا يقاتل، فحضر القتال تعين عليه وسقط شرطهما.

س33: تكلم بوضوح عن حكم الدعوة إلى الإسلام، واذكر ما تستحضره من الأدلة والخلاف والتفصيل والتعليل والترجيح.

س33: تكلم بوضوح عن حكم الدعوة إلى الإسلام، واذكر ما تستحضره من الأدلة والخلاف والتفصيل والتعليل والترجيح. ج: في المسألة أقوال: الأولى: إن الدعوة إلى الإسلام تجب، عن ابن عباس قال: ما قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا قط، إلا إذا دعاهم. رواه أحمد. وعن بريدة، عن أبيه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث أميرًا على سرية أو جيش، أمره بتقوى الله تعالى في خاصة نفسه، وبمن معه من المسلمين خيرًا، وقال: «إذا التقيت عدوك المشركين، فادعهم إلى إحدى ثلاث، فإن هم أجابوك إليها فاقبل منهم، وكف عنهم: ادعهم إلى الإسلام، فإن هم أبوا فادعهم إلى إماطة الجزية، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم» رواه مسلم. وعن فروة بن مسيك قال: قلت: يا رسول الله، أقاتل بمقبل قومي ومدبرهم، قال: «نعم» ، فلما وليت دعاني، فقال: «لا تقاتلهم حتى تدعوهم إلى الإسلام» رواه أحمد. وعن سهل بن سعد، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر، فقال: «أين علي؟» فقيل: إنه يشتكي عينيه، فأمر فدعى له، فبصق في عينيه فبرأ مكانه، حتى كأن لم يكن به شيء، فقال: نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، فقال: «على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهتدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم» متفق عليه. وبهذا القول قال مالك: وإنه يجب تقديم دعاء الكفار إلى الإسلام من غير فرق بين من بلغته الدعوة، ومن لم تبلغه. والقول الثاني: لا يجب مطلقًا لما ورد عن عوف قال: كتبت إلى نافع

أسأله عن الدعاء قبل القتال؟ فكتب إلي: إنما كان ذلك في أول الإسلام، وقد أغار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بني المصطلق، وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم وأصاب يومئذ جويرة ابنة الحارث، حدثني به عبد الله بن عمر، وكان في ذلك الجيش. متفق عليه. وعن البراء بن عازب قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رهطًا من الأنصار إلى أبي رافع، فدخل عبد الله بن عتيك بيته ليلاً فقتله وهو نائم. رواه أحمد والبخاري. والقول الثالث: أنه يجب لمن تبلغهم الدعوة، ولا يجب إن بلغتهم لكن يستحب. قال ابن المنذر: وهو قول جمهور أهل العلم، وهذا القول عندي أرجح؛ لأن الأحاديث الصحيحة قد تظاهرت بذلك، وبه يجمع بين الأدلة. والله أعلم. ويحرم القتال قبل الدعوة لمن لم تبلغه الدعوة؛ لحديث بريدة، وتقدم أول الجواب، وقيد ابن القيم وجوبها لمن لم تبلغه واستحبابها لمن بلغته بما إذا قصدهم المسلمون؛ أما إذا كان الكفار قاصدين للمسلمين بالقتال فللمسلمين قتالهم من غير دعوة دفعًا عن نفوسهم وحريمهم. وأمر الجهاد موكول إلى الإمام، واجتهاده لأنه أعرف بحال الناس، وبحال العدو نكايتهم وقربهم وبعدهم، ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك لقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} ، وقوله: {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} .

س34: ما الذي ينبغي للإمام أن يبتدئ به نحو أمن البلاد؟ وإذا عدم الإمام فهل يؤخر الجهاد؟ وإذا حصلت لهم غنيمة فما الحكم؟

س34: ما الذي ينبغي للإمام أن يبتدئ به نحو أمن البلاد؟ وإذا عدم الإمام فهل يؤخر الجهاد؟ وإذا حصلت لهم غنيمة فما الحكم؟ ج: ينبغي للإمام أن يبتدئ بترتيب قوم في أطراف البلاد يكفون من بإزائهم من المشركين، ويأمر بعمل حصونهم وحفر خنادقهم وجميع مصالحهم؛ لأن أهم الأمور الأمن، وهذا طريقه، ويؤمر في كل ناحية أميرًا يقلد أمر الحرب، وتدبير الجهاد ويكون الأمير ممن له رأي وعقل وخبرة بالحرب ومكايد العدو، مع أمانة ورفق بالمسلمين، ونصح لهم ليحصل المقصود من إقامته. ويوصي الإمام الأمير إذا ولاه بتقوى الله في نفسه، وأن لا يحمل المسلمين على مهلكة، ولا يأمرهم بدخول مطمورة يخاف أن يقتلوا تحتها؛ لحديث بريدة السابق، فإن فعل بأن حملهم على مهلكة، أو أمرهم بدخول مطمورة، يخاف أن يقتلوا تحتها، فقد أساء ويستغفر الله، ولا دية عليه، ولا كفارة إذا أصيب أحد منهم بطاعته؛ لأنه فعل ذلك باختياره. فإن عدم الإمام لم يؤخر الجهاد، لئلا يستولي العدو على المسلمين، وتظهر كلمة الكفر؛ وإن حصلت غنيمة قسموها على موجب الشرع، كما يقسمها الإمام على ما يأتي في باب قسمة الغنيمة. قال في «الإقناع» : قال القاضي: وتؤخر قسمة الغنيمة حتى يقوم إمام فيقسمها احتياطًا للفروج؛ فإن بعث الإمام جيشًا أو سرية وأمر عليهم أميرًا فقتل أو مات فللجيش أن يؤمروا أحدهم، كما فعل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في جيش مؤنة، لما قتل أمراؤهم، أمروا عليهم خالد بن الوليد، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فرضي أمرهم وصوب رأيهم وسمى خالدًا يومئذ سيف الله؛

س35: تكلم عن فرار المسلمين من الكفار، وماذا يصنع من ألقي في مركبهم نار؟

فإن لم يقبل أحد منهم أن يتأمر عليهم دفعوا عن أنفسهم؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ولا يقيمون في أرض العدو إلا مع أمير يقيمونه أو يبعثه الإمام إليهم. ** ** ** س35: تكلم عن فرار المسلمين من الكفار، وماذا يصنع من ألقي في مركبهم نار؟ ج: لا يحل لمسلم أن يهرب من كافرين، ويحرم فرار جماعة من مثليهم؛ لقوله تعالى: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ} وهذا أمر بلفظ الخبر؛ لأنه لو كان خبرًا بمعناه لم يكن تخفيفًا، ولوقع الخبر بخلاف المخبر، والأمر يقتضي الوجوب. وقال ابن عباس: من فر من اثنين فقد فر، ومن فر من ثلاثة فما فر، ويلزمهم الثبات إن ظنوا التلف؛ لقوله تعالى: {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ} ولأنه - صلى الله عليه وسلم - عد الفرار من الكبائر، ففي «الصحيحين» عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اجتنبوا السبع الموبقات» ، قيل: يا رسول الله، وما هن؟ قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات» . ومن قصد بفراره التحيز إلى فئة، أو التحرف للقتال أبيح له؛ لأن الله تعالى قال: {إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ} ينضم إليهم ليقاتل. ومعنى التحرف للقتال أن ينحاز إلى موضع يكون القتال فيه أمكن.

مثل أن يكون في موضع ضيق، فينحاز إلى سعة، أو من معطشة إلى ماء، أو من نزول إلى علو، أو من استقبال شمس أو ريح إلى استدبارها، أو يفر بين أيديهم لتنتقض صفوفهم، أو تنفرد خيلهم من رجالتهم، أو ليجد فيهم فرصة أو ليستند إلى جبل، ونحو ذلك مما جرت به عادة أهل الحرب. وقد روي عن عمر أنه كان يومًا في خطبته إذ قال: يا سارية بن زنيم الجبل، ظلم الذئب من استرعاه لغنم، فأنكرها الناس، فقال علي - رضي الله عنه -: دعوه، فلما نزل سألوه عما قال لهم، فلم يعترف به، وكان بعث إلى ناحية العراق جيشًا لغزوهم، فلما قدم ذلك الجيش أخبروا أنهم لقوا عدوهم يوم الجمعة، فظفر عليهم، فسمعوا صوت عمر فتحيزوا إلى الجبل، فنجوا من عدوهم وانتصروا عليهم. وسواء قربت الفئة أو بعدت؛ لما روى ابن عمر أنه كان في سرية من سرايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحاص المسلمون حيصة عظيمة وكنت فيمن حاص، فلما برزنا قلنا: كيف نصنع وقد فررنا من الزحف، وبؤنا بغضب من الله، فجلسنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل صلاة الفجر، فلما خرج قمنا، فقلنا له: نحن الفرارون، فقال: «لا، بل أنتم العكارون، أنا فئة كل مسلم» أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن. وعن عمر أنه قال: أنا فئة كل مسلم، وقال: لو أن أبا عبيدة تحيز إليّ لكنت له فئة، وكان أبو عبيدة بالعراق، وإن زادوا على مثليهم فلهم الفرار. قال ابن عباس: لما نزلت: {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} وشق ذلك على المسلمين حين فرض الله عليهم أن يفر واحد من عشرة، ثم جاء التخفيف، فقال: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ} الآية، فلما خفف عنهم من العدد، نقص من الصبر بقدر ما خفف من القدر، رواه أبو داود.

وإذا خشي الأسر فالأولى أن يقاتل حتى يقتل ولا يسلم نفسه للأسر؛ لأنه يفوز بالثواب والدرجة الرفيعة ويسلم من تحكم الكفار عليه بالتعذيب والاستخدام والفتنة. فإن استأسر جاز؛ لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث عشرة عينًا، وأمر عليهم عاصم بن ثابت، فنفرت إليهم هذيل بقريب من مائة رجل رام، فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجأوا إلى فدفد، فقالوا لهم: أنزلوا فأعطونا أيديكم ولكم العهد والميثاق، أن لا نقتل منكم أحدًا، فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة مشرك فرموهم بالنبل، فقتلوا عاصمًا مع سبعة معه، ونزل إليهم ثلاثة على العهد والميثاق منهم: خبيب وزيد بن الدثنة، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم، فربطوهم بها. متفق عليه. فعاصم أخذ بالعزيمة، وخبيب وزيد أخذا بالرخصة، وكلهم محمود غير مذموم ولا ملوم. والفرار أولى من الثبات إن ظنوا التلف بتركه، وإن ظنوا الظفر، فالثبات أولى من الفرار، بل يستحب الثبات لإعلاء كلمة الله، ولم يجب لأنهم لا يأمنون العطب، كما لو ظنوا الهلاك في الفرار والثبات، فيستحب الثبات، وأن يقاتلوا ولا يستأسروا؛ فإن جاء العدو بلدًا فلأهله التحصن معهم. وإن كانوا أكثر من نصفهم ليلحقهم مدد أو قوة، ولا يكون ذلك توليًا ولا فرارًا؛ إنما التولي بعد اللقاء، وإن لقوهم خارج الحصن، فلهم التحيز إلى الحصن ليلحقهم مدد وقوة؛ لأنه بمنزلة التحرف للقتال، أو التحرف لفئة، وإن غزوا فذهبت دوابهم لشروط أو قتل، فليس ذلك عذرًا في الفرار، إذ القتال ممكن بدونها، وإن فروا قبل إحراز الغنيمة، فلا شيء لهم إن أحرزها غيرهم.

وإن قالوا أنهم فروا متحرفين للقتال فلا شيء لهم أيضًا؛ لأنهم لم يشهدوا الواقعة حال تقضي الحرب والاعتبار به، وإن ألقي في مركبهم نار، فاشتعلت فعلوا ما يرون فيه السلام؛ لأن حفظ الروح واجب، وغلبة الظن كاليقين في أكثر الأحكام، فهنا كذلك من المقام أو الوقوع في الماء ليتخلصوا من النار؛ فإن شكوا أو تيقنوا التلف فيهما، أو ظنوا السلامة فيهما ظنًا متساويًا خيروا.

من نظم الفرائد مما يتعلق بالجهاد وإن جهاد الكفر فرض كفاية ... ويفضل بعد الفرض كل تعبد لأن به تحصين ملة أحمد ... وفضل عموم النفع فوق المقيد فلله من قد باع لله نفسه ... وجود الفتى في النفس أقصى للتجود ومن يغز إن يسلم فأجر ومغنم ... وإن يرد يظفر بالنعيم المخلد وما محسن يبقي إذا مات رجعة ... سوى الشهدا كي يجهدوا في التزيد لفضل الذي أعطوا ونالوا من الرضى ... يفوق الأماني في النعيم المسرمد كفى أنهم أحيا لدى الله روحهم ... تروح بجنات النعيم وتغتدي وغدوة غاز أو رواح مجاهد ... لخير من الدنيا بقول محمد يكفر عن مستشهد البر ما عدا ... حقوق الورى والكل في البحر فاجهد وقد سُئل المختار عن حر قتلهم ... فقال يراه مثل قرصة مفرد كلوم غزاة الله ألوان نزفها ... دم وكمسك عرفها فاح في غد ولم يجتمع في منخر المرء يا فتى ... غبار جهاد مع دخان لظى اشهد كمن صام لم يفطر وقام فلم يرم ... جهاد الفتى في الفضل عند التعدد لشتان ما بين الضجيع بفرشه ... وساهر طرف ليلة تحت أجرد يدافع عن أهل الهدى وحريمهم ... وأموالهم النفس والمال واليد ومن قاتل الأعدا لإعلاء ديننا ... فذا في سبيل الله لا غير، قيد ويفضل غزو البحر غزو مفاوز ... ومع فاجر يحتاط فاغزو كأرشد على الذكر الحر المكلف فرضه ... صحيحًا بالآت وزاد لبعد بأمواله أو بيت مال وحاجة العيال ... إلى عود وإيفاء ملدد وأدنى وجوب الغزو في العام مرة ... وإن يدع للتأخير عذر ليمهد وعين على المستنفرين وحضرة الصـ ... ـفوف ومحصور بثغر ممدد

ولو قيل بالتعيين في حق حاضر ... الحصون من الإسلام لما أبعد وعمن تعين قيمًا لعياله ... وأمواله حتم النفير ليبعد على كل قوم غزو جيرانهم من ... العدو وإمداد الضعاف بمسعد ويحسن تشييع الغزاة لراجل ... وحل بلا كره تلقيهم اشهد وأهل الكتاب والمجوس إن تشا اغزهم ... بغير دعاء إن بإبلاغهم بدي ويغزون حتى يسلموا أو يسلموا ... صغارًا إلينا جزية الذل عن يد وغير أولى فليدع قبل قتاله ... إلى أشرف الأديان دين محمد وعرفه بالبرهان حتم اتباعه ... ولا تقبلن منه سواه بأوطد وإن رباط المرء أجر معظم ... ملازم ثغر للقا بالتعدد ويجري على ميت به أجر فعله ... كحي ويؤمن بافتنان بملحد ولا حد في أدناه بل أربعون في التمام ... ويعطي أجر كل مزيد وأفضله ما كان أخوف مركزًا ... وأقرب من أرض العدو المنكد وذلك أسنى من مقام بمكة ... وفي مكة فضل الصلاة فزيد ومن لم يطق في أرض كل ضلالة ... قيامًا وإظهارًا لدين محمد فحتم عليه هجرة مع أمنة ... الهلاك ولو فردًا وذات تعدد بلا محرم مشيًا ولو بعد المدى ... لفعل الصحابيات مع كل مهتد ويشرع مع إمكان إظهار دينه ... وأحكامها حتى اليامة أبد ويعذر ذو عجز لضعف وسقم أو ... مخافة فساق وفقد تزود وعن نفله اصدد وذأب مسلم أو ... والأميمة مع حراته في مبعد كذا امنع مد ينادون رهن وكافل ... الوفاء وكاف في وفاء المعدد بلا إذن كل إثم إن يهد والد ... ويرجع ذو إذن ولم يجب اردد ولا طاعة في ترك فرض ومن طرا ... به العذر فليرجع بغير تقيد ولا إذن في فرض كجد وجدة ... ولا زوجة إلا الذين كبعّد

س36: تكلم عما يلي: تبييت الكفار، عقر دابة، إحراق شجر وزرع وقطع، رميهم بالنار، فتح الماء عليهم، هدم عامرهم، أخذ شهد، إحراق نخل.

وإن قياس الحكم إيجابه على النسا ... في حضور الصف دفعًا وأبعد ومن يستنب في الغزو يمنع غزوه ... له وبأجر إن يكن فليردد ومن مثلي الإسلام حرم فرارهم ... لغير صلاح الحرب أو نحن مسعد ولو شاسع المثوى ولو شرطوا استوا ... سلاح ومركوبيهما لم أبعد وأولى لمن يخشى الأسارى قتالهم ... إلى القتل، واستسلامه احلل بأوكد وإن يزد الكفار مع ظن قهرهم ... فندب ثبوت الناس واحتم بمبعد والأولى إذا ظنوا الهلاك بمكثهم ... فرارًا وجوز عكس كل لقصد وليس فرارًا مدخل الحصن مطلقًا ... ومن قبل حوز الغنم من فر فاصدد وإن تلق نار في سفينتهم أتوا ... الأهم وإن شاءوا أقاموا بأوكد ** ** ** س36: تكلم عما يلي: تبييت الكفار، عقر دابة، إحراق شجر وزرع وقطع، رميهم بالنار، فتح الماء عليهم، هدم عامرهم، أخذ شهد، إحراق نخل. ج: يجوز تبييت الكفار ليلاً وقتلهم وهو غارون، ولو قتل بلا قصد من يحرم قتله، كصبي وامرأة ومجنون وشيخ فان، إذا لم يقصدوا لحديث الصعب ابن جثامة الليثي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن ديار المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم، فقال: «هم منهم» متفق عليه. وقد قال سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر - رضي الله عنه -، فغزونا ناسًا من المشركين فبيتناهم. رواه أبو داود. ويجوز رميهم بالمنجنيق؛ لما ورد عن ثور بن يزيد، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نصب المنجنيق على أهل الطائف. أخرجه الترمذي هكذا مرسلاً.

س37: بين أحكام بعض ما يلي: عفر الدابة، إتلاف شجر أو زرع، قتل صبي، وأنثى، وخنثى، وشيخ فان، وزمن، وأعمى، ونحوهم.

وقد روى عن عمرو بن العاص، أنه نصب المنجنيق على الإسكندرية؛ ولأن القتال به معتاد، ويجوز رميهم بنار، وهدم حصونهم وقطع المياه عنهم، وقطع السالة عنهم، وفتح الماء ليغرقهم وإن تضمن ذلك إتلاف النساء والصبيان ونحوهم؛ لحديث مصعب بن جثامة في الباب، وهذا في معناه، ويجوز الإغارة على علافتهم ونحو ذلك، مما فيه إضعاف وإرهاب لهم. ولا يجوز إحراق نخلهم، ولا تغريقه؛ لما روى مكحول أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى أبا هريرة بأشياء، قال: «إذا غزوت فلا تحرق نخلاً ولا تغرقه» ، وروى مالك أن أبا بكر قال ليزيد بن أبي سفيان ونحوه، ولأن قتله فساد، فيدخل في عموم قوله تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ} الآية؛ ولأنه حيوان ذو روح فلم يجز إهلاكه، ليغيظهم كنسائهم وصبيانهم. ويجوز أخذ العسل وأكله لأنه مباح، ويجوز أخذ شهده كله بحيث لا يترك للنحل شيئًا منه؛ لأن الشهد من الطعام المباح، وهلاك النحل بأخذ جميعه، يحصل ضمنًا غير مقصود، فأشبه قتل النساء والصبيان في البيات. ** ** ** س37: بين أحكام بعض ما يلي: عفر الدابة، إتلاف شجر أو زرع، قتل صبي، وأنثى، وخنثى، وشيخ فان، وزمن، وأعمى، ونحوهم. ج: لا يجوز عقر دوابهم ولو شاة، لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الحيوان صبرًا، وقول الصديق ليزيد بن أبي سفيان في وصيته، ولا تعقرن شجرًا مثمرًا، ولا دابة عجماء، ولا شاة إلا لمأكلة. ويجوز قتل ما يقاتلون عليه من دوابهم؛ لأن قتلها وسيلة إلى الظفر بهم؛ ولما روى حنظلة بن الراهب، عقر بأبي سفيان فرسه فسقط عنه، فجلس على صدره فجاء ابن شعوب، فقال:

لأْحمِينَّ صاحبِي ونفسي ... بطعنةٍ مِثْلَ شُعَاعِ الشمسِ فقتل حنظلة واستنفذ أبا سفيان، ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل حنظلة، ويجوز حرق شجرهم وزرعهم، وقطعة إذا دعت الحاجة إلى إتلافه؛ لقوله: {مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الفَاسِقِينَ} . وروى ابن عمر - رضي الله عنهما - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرق نخل بني النضير وقطعه، وهي البويرة، فأنزل الله تعالى: {مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ} » متفق عليه. ولها يقول حسان: وهمان على سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير وعن أسامة بن زيد قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قرية يقال لها أبنى، فقال: «ائتها صباحًا ثم حرق الشجر والزرع، إذا كانوا يفعلون ذلك بنا لينتهوا وينزجروا» ، وما تضرر المسلمون بقطعه من الشجر والزرع، لكونهم ينتفعون به في الاستظلال أو يأكلون من ثمره، أو ينتفعون ببقائه لعلوفتهم، أو تكون العادة لم تجر بيننا وبين عدونا بقطعه، حرم قطعه لما فيه من الإضرار بنا. ولا يجوز قتل نسائهم وصبيانهم؛ لما روى ابن عمر - رضي الله عنهما - إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل النساء والصبيان، متفق عليه. ولأنهما يصيرن رقيقين ومالا للمسلمين فقتلهما إتلاف لمال المسلمين؛ فإن قاتلوا جاز قتلهم بغير خلاف. ولا يجوز قتل شيخ فان؛ لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا تقتلوا شيخًا فانيًا، ولا طفلاً، ولا امرأة» رواه أبو داود؛ ولأنه لا نكاية له في الحرب. ولا يجوز قتل خنثى مشكل؛ لأنه يحتمل أن يكون امرأة، فلا يجوز قتله مع الشك، ولا يجوز قتل زمن، وأعمى وراهب؛ لما روي عن أبي بكر

الصديق، أنه أوصى يزيد بن أبي سفيان حين بعثه إلى الشام، فقال: «لا تقتلوا الولدان، ولا النساء، ولا الشيوخ، وستجدون قومًا حبسوا أنفسهم في الصوامع، فدعوهم وما حبسوا له أنفسهم» . ولا يقتل عبد؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أدركوا خالدًا فمروه أن لا يقتل ذرية ولا عسيفًا –وهم العبيد-» ولأنهم يصيرون رقيقًا للمسلمين بنفس السبي، أشبهوا النساء والصبيان. ومن قاتل ممن ذكر جاز قتله؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل يوم قريظة امرأة ألقت رحى على محمود بن سلمة، وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأة مقتولة يوم الخندق، فقال: «من قتل هذه؟» قال رجل: أنا يا رسول الله، قال: «ولِمَ؟» قال: نازعتني قائم سيفي، قال: فسكت؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف على امرأة مقتولة، فقال: «يا لها قتلت، وهي لا تقاتل؟» ففيه دليل على أنه إنما نهى عن قتل المرأة، إذا لم تقاتل. وكذلك من كان ذا رأي يعين به في الحرب، يجوز قتله لأن دريد بن الصمة كان شيخًا كبيرًا وكان له رأي؛ فإنه أشار على هوازن يوم حنين ألا يخرجوا معهم الذراري، فخالفه مالك بن عوف فخرج بهم فهزموا، فقال دريد في ذلك: أمرتهم أمري بمنعرج اللوى ... فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى غد وقتل، ولم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قتله، ولأن الرأي في الحرب أبلغ من القتال؛ لأنه هو الأصل، وعنه يصدر القتال؛ ولهذا قال المتنبي: الرأي قبل شجاعة الشجعان ... هو أول وهي المحل الثاني فإذا هما اجتمعا لنفس مرة ... بلغت من العلياء كل مكان ولربما طعن الفتى أقرانه ... بالرأي قبل تطاعن الفرسان وقد جاء عن معاوية رضي الله عنه أنه قال لمروان والأسود: أمددتما عليًا بقيس بن سعد وبرأيه ومكايدته، فوالله لو أنكما أمددتماه بثمانية آلاف

مقاتل ما كان بأغيظ لي من ذلك، ويقتل المريض إذا كان ممن لو كان صحيحًا قاتل؛ كالإجهاز على الجريح؛ لأن في تركه حيًا ضررًا على المسلمين وتقوية للكفار، وإن كان مأيوسًا من برئه، فكزمن لعدم النكاية. وأما الفلاح الذي لا يقاتل فينبغي أن لا يقتل؛ لما روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: اتقوا الله في الفلاحين الذين لا ينصبون لكم الحرب. وقال الأوزاعي: لا يقتل الحراث إذا علم أنه ليس من المقاتلة. وقال الشافعي: يقتل إلا أن يؤدي الجزية لدخوله في عموم المشركين، ومن أدلة القول الأول: أن الصحابة - رضي الله عنهم - لم يقتلوهم حين فتحوا البلاد، ولأنهم لا يقاتلون أشبهوا الشيوخ والرهبان، قاله في الشرح، وإن تترس بمن لا يقتل جاز رميهم، ويقصد المقاتلة؛ لأن المنع من رميهم يفضي إلى تعطيل الجهاد، ووسيلة إلى الظفر بالمسلمين. وإن تترسوا بمسلمين لم يجز رميهم؛ لأنه يؤول إلى قتل المسلمين، مع أن لهم مندوحة عنه، إلا أن خيف علينا بترك رميهم فيرمون للضرورة، ويقصد الكفار بالرمي دون المسلمين؛ لأنهم المقصودون بالذات، فلو لم يخف على المسلمين، لكن لا يقدر عليهم إلا لرمي، لم يجز رميهم؛ لقوله تعالى: {وَلَوْلا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ} الآية، قال الليث: ترك فتح حصن يقدر على فتحه، أفضل من قتل مسلم بغير حق.

س38: تكلم عما يلي:

في تبييت الكفار من النظم وتبييتهم مع رميهم بمجانق ... وقطع المياه افعل وهدم المشيد ويحرم تغريق لنحل وحرة ... وخذ عسلاً للأكل وافهم بأبعد وعقرك عجماء القتال أجزه في ... القتال كمعي جوزه في المجود وعقرك ذي احظر لا اضطرار لأكلها ... وكالطير أنعام فكله بأجود وما حل من ذبح لأكل فجلده ... حلال وفي مال الغنيمة فاردد وتغريقهم والرمي بالنار جائز ... إذا امتنعوا إلا به أو بنا ابتد وفيه بلا الشرطين قولان هكذا ... لإتلاف أشجار وزرعهم اشهد ويحرم إما ضرنا بتلافة ... وإن ضرنا بالمكث فاتلفه ترشد وحضر بلا خلف ولو جاز حرقهم ... بكره وقد حزناهم لم أبعد ولا تقتلن صبيانهم ونسائهم ... وزمنًا وعميانًا وراهب معبد وشيخهم الفاني إذا لم يقاتلوا ... ولم يك ذا رأي كخنثى مؤصد ولا العبد المأيوس سقمًا وحادثًا ... ومسعدهم حتى بشتم ليقدد وما قتل فلاحيهم وعبيدهم ... لنجدتهم والخوف منهم بمبعد وإن جعلوهم جنة فارم ناويًا ... مقاتلة منهم بقلبك واقصد وإن ترسوا بالمسلمين وخفتهم ... علينا ارمهم قصدًا وإلا بمبعد ** ** ** س38: تكلم عما يلي: إتلاف كتب الكفرة، من أسر أسيرًا ماذا يلزمه، وماذا عليه إذا قتله؟ من أسر وادعى أنه مسلم، قتل المسلم أباه في المعركة، ما أقسام الأسرى؟ وما الذي يخير به الإمام فيهم وما الذي يجب على الإمام نحوهم، إذا رأى المصلحة في خصلة؟ صفة قتل الأسير؟

ج: يجب إتلاف كتبهم المبدلة دفعًا لضررها، وقياسه كتب نحو رفض واعتزال، ومن أسر أسيرًا من الكفار، وقدر أن يأتي به الإمام ولو بإكرامه على المجيء بضرب، أو غيره وليس بمريض، حرم قتله قبل الإتيان به إلى الإمام، فيرى به رأيه؛ لأنه افتيات عليه؛ فإن لم يقدر على الإتيان به، لا يضرب ولا بغيره، أو كان مريضًا، أو جريحًا، لا يمكنه المشي معه، أو يخاف هربه أو يهرب منه، أو يخاف منه، أو يقاتله، فله قتله؛ لأن تركه ضرر على المسلمين وتقوية للكفار. ويحرم قتل أسير غيره، قبل أن يأتي به الإمام، إلا أن يصير إلى حالة يجوز فيها قتله لمن أسره؛ فإن قتل أسيره، أو أسير غيره قبل ذلك، وكان رجلاً فقد أساء القاتل لافتياته على الإمام، ولا شيء عليه؛ لأن عبد الرحمن بن عوف أسر أمية بن خلف وابنه عليًا يوم بدر فرآهما بلال، فاستصرخ الأنصار عليهما حتى قتلوهما، ولم يغرموا شيئًا؛ ولأنه أتلف ما ليس بمال؛ فإن كان الأسير مملوكًا فعليه قيمته للمغنم. والأسارى من الكفار على قسمين: قسم يكون رقيقًا بمجرد السبي، وهم النساء والصبيان؛ لأنهم مال لا ضرر في اقتنائه، فأشبهوا البهائم؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل النساء والصبيان، رواه الجماعة إلا النسائي؛ ولحديث سبي هوازن، رواه أحمد والبخاري. وحديث عائشة في سبايا بني المصطلق. رواه أحمد. والقسم الثاني: الرجال البالغون المقاتلون، والإمام مخير فيهم بين قتل ورق، ومنّ وفداء؛ أما القتل، فلقوله تعالى: {اقْتُلُوا المُشْرِكِينَ} ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل رجال بني قريظة، وهم بين الستمائة والسبعمائة، وقتل يوم بدر عقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث، وفيه تقول أخته:

ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو المغيظ المحنق فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لو سمعته ما قتلته» ، وقتل يوم أُحد أبا عزة الجمحي؛ وأما الاسترقاق، فلقول أبي هريرة: لا أزال أحب بني تميم بعد ثلاث سمعتهن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سمعته يقول: «هم أشد أمتي على الدجال، وجاءت صدقاتهم» ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هذه صدقات قومنا» ، وكانت سبية منهم عند عائشة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أعتقيها فإنها من ولد إسماعيل» متفق عليه؛ لأنه يجوز إقرارهم على كفرهم بالجزية، فبالرق أولى لأنه أبلغ الصغار؛ وأما المنَّ، فلقوله تعالى: {فَإِمَّا مَناًّ بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - منَّ على أبي عزة الشاعر يوم بدر، وعلى أبي العاص بن الربيع، وعلى ثمامة بن أثال. وأما الفداء بمسلم الآية؛ ولما روى عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فدى رجلين من أصحابه برجل من المشركين من بني عقيل، رواه أحمد والترمذي وصححه. وأما الفداء بمال فللآية؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فادى أهل بدر بالمال، فما فعله الأمير من هذه الأربعة تعين، ولم يكن لأحد نقضه، ويجب عليه اختيار الأصلح للمسلمين؛ لأنه يتصرف لهم على سبيل النظر، فلم يحز له ترك ما فيه الحظ، كولي اليتيم؛ لأن كل هذه الخصال قد تكون أصلح في بعض الأسرى؛ فإن منهم من له قوة ونكاية في المسلمين، فقتله أصلح، ومنهم الضعيف ذو المال الكثير، ففداؤه أصلح. ومنهم حسن الرأي في المسلمين يُرجى إسلامه، فالمن عليه أولى، ومن ينتفع بخدمته، ويؤمن شره، استرقاقه أصلح. فمتى رأى المصلحة في خصلة، لم يجز اختيار غيرها، ومتى رأى قتله ضرب عنقه بالسيف؛ لقوله تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} .

س39: تكلم عن حكم ما يلي تحريم التمثيل ودليله، إذا تردد رأي الإمام في الأسرى لن يكون المال المفدى به والمسترق منهم؟ إذا سأل الأسارى من أهل الكتاب تخليتهم على إعطاء الجزية، إذا كان على المسترق حق لمسلم: الصبيان، المجانين، من فيه نفع ممن لا يقتل كأعمى ونحوه، ماذا على قاتلهم؟ إذا أسلم الأسرى الأحرار المقاتلون؟ رد الأسير المسلم إلى الكفار.

س39: تكلم عن حكم ما يلي تحريم التمثيل ودليله، إذا تردد رأي الإمام في الأسرى لن يكون المال المفدى به والمسترق منهم؟ إذا سأل الأسارى من أهل الكتاب تخليتهم على إعطاء الجزية، إذا كان على المسترق حق لمسلم: الصبيان، المجانين، من فيه نفع ممن لا يقتل كأعمى ونحوه، ماذا على قاتلهم؟ إذا أسلم الأسرى الأحرار المقاتلون؟ رد الأسير المسلم إلى الكفار. ج: لا يجوز التمثيل ولا التعذيب؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث بريدة: «ولا تعذبوا ولا تمثلوا» ، وإن تردد رأيه ونظره في الأسرى، فقتل أولى ومن استرق منهم أو فدى بمال، كان الرقيق، والمال للغانمين حكمه حكم الغنيمة. وإن سأل الأسارى من أهل الكتاب، أو المجوس تخليتهم على إعطاء الجزية لم يجز ذلك في نسائهم وصبيانهم؛ لأنهم صاروا أرقاء بنفس السبي، ويجوز في الرجال، ولا تجب إجابتهم إليه لأنهم صاروا في يد المسلمين بغير أمان، ولا يجوز التخيير الثابت فيهم، بمجرد بذل المال قبل إجابتهم لعدم لزومها، ولا يبطل الاسترقاق حقًا لمسلم. والصبيان والمجانين، من كتابي وغيره، والنساء ومن فيه نفع ممن لا يقتل كأعمى ونحوه. رقيق بنفس السبي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل النساء والصبيان، رواه الجماعة إلا النسائي، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى امرأة مقتولة في بعض مغازيه، فأنكر قتل النساء والصبيان، متفق عليه، وكان يسترقهم إذا سباهم، ويضمنهم قاتلهم بعد السبي بالقيمة، وتكون غنيمة، ولا يضمنهم قاتلهم قبل السبي؛ لأنهم لم يصيروا مالاً.

س40: تكلم بوضوح عن من أسلم قبل أسره، وحكم مفاداته، ومن أين يفدي؟ ومن الذي ليس للإمام قتله ولا رقه؟ قبول الفداء ممن حكم بقتله أو رقه، المسبي إذا كان غير بالغ، إذا أسلم أو مات أحد أبوي غير بالغ، وبين حكم زوجة الحربي، إذا سبى أو سبيت معه، وبيع المسترق.

وقن أهل الحرب غنيمة؛ لأنه مال كفار استولى عليه، فكان للغانمين كالبهيمة، وللأمير قتله لمصلحة كالمرتد، ويجوز استرقاق من تقبل منه الجزية، وهم أهل الكتاب والمجوس ويجوز استرقاق غير من تقبل منه الجزية، كعبدة الأوثان، وبني تغلب ونحوهم؛ لأنه كافر أصلي، أشبه أهل الكتاب، ولو كان عليه ولاء لمسلم أو ذمي. وإذا أسلم الأحرار المقاتلون، تعين رقهم في الحال، وزال التخيير فيهم وصار حكمهم حكم النساء؛ لما ورد عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله –عليه الصلاة والسلام-: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة» متفق عليه. وهذا لفظ مسلم؛ ولأنه أسير يحرم قتله فيجوز استرقاقه، فصار رقيقًا كالمرأة، وقيل: يحرم القتل، ويخير فيهم الأمير بين رق، ومن، وفداء، صححه الموفق وجمع؛ لأنه إذا جاز ذلك في حال كفرهم، ففي حال إسلامهم أولى، ويحرم رد الأسير المسلم إلى الكفار، إلا أن يكون له من يمنعه من عشيرة ونحوها. ** ** ** س40: تكلم بوضوح عن من أسلم قبل أسره، وحكم مفاداته، ومن أين يفدي؟ ومن الذي ليس للإمام قتله ولا رقه؟ قبول الفداء ممن حكم بقتله أو رقه، المسبي إذا كان غير بالغ، إذا أسلم أو مات أحد أبوي غير بالغ، وبين حكم زوجة الحربي، إذا سبى أو سبيت معه، وبيع المسترق. ج: من أسلم من الكفار قبل أسره لخوف أو غيره، فلا تخيير فيه، وهو

كمسلم أصلي؛ لأنه لم يحصل في أيدي الغانمين، ومتى صار لنا رقيقًا محكومًا بكفره من ذكر وأنثى وخنثى، وبالغ وصغير مميز دونه، حرم مفاداته بمال، وبيعه لكافر ذمي، وغير ذمي، ولم يصح بيعه لهم. قال أحمد: ليس لأهل الذمة أني شتري مما سبى المسلمون، قال: وكتب عمر بن الخطاب ينهي عنه أمراء الأمصار، هكذا حكى أهل الشام. اهـ. وتجوز مفاداة المسترق منهم بمسلم الدعاء الحاجة، لتخليص المسلم منهم، ويفدي الأسير المسلم من بيت المال؛ لما روى سعيد بإسناده، عن حبان بن أبي جبلة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن على المسلمين في فيئهم أن يفادوا أسيرهم، ويؤدوا عن غارمهم» ؛ ولأنه موضوع لمصالح المسلمين، وهذا من أهمها، وإن تعذر فداؤه من بيت المال لمنع أو نحوه، فمن مال المسلمين، فهو فرض كفاية؛ لحديث: «أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العاني» وليس للإمام قتل من حكم حاكم برقه؛ لأن القتل أشد من الرق، وفيه إتلاف الغنيمة على الغانمين، ولا رق من حكم بقتله، ولا رق ولا قتل من حكم بفدائه وله المن على الثلاثة المذكورين، وله قبول الفداء ممن حكم هو أو غيره بقتله، أو رقه. ومتى حكم إمام أو غيره برق أو فداء، ثم أسلم محكوم بحاله لا ينقض لوقوعه لازمًا، والمسبي غير بالغ منفردًا عن أبويه، أو مسبي مع أحد أبويه مسلم، إن سباه مسلم، تبعًا لحديث: «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو يمجسانه» رواه مسلم، وقد انقطعت تبعيته لأبويه بانقطاعه عنهما أو عن أحدهما، أو إخراجه من دارهما إلى دار الإسلام. والمسبي مع أبويه على دينهما للخبر، وملك السابي لا يمنعه تبعيته لأبويه في الدين، كما لو ولدته أمه الكافرة في ملكه من كافر، ومسبي ذمي، من أولاد الحريين، يتبع السابي في دينه حيث يتبع المسلم.

وإن أسلم أو مات، أو عدم أحد أبوي غير بالغ بدارنا، أو اشتبه ولد مسلم يولد كافر فمسلم كل منهما؛ لأن الإسلام يعلو ولا يقع خشية أن يصير ولد المسلم للكافر أو بلغ ولد الكافر مجنونًا ومسلم في حال بحكم فيه بإسلامه لو كان صغيرًا لموت أحد أبويه بدارنا وإسلامه لعدم قبوله التعود وإن بلغ عاقلاً ثم جن لم يتبع أحدهما لزوال حكم التبعية ببلوغه عاقلاً فلا يعود وإن بلغ من قلنا بإسلامه ممن تقدم عاقلاً ممسكًا عن إسلام، وكفر، قتل قاتله؛ لأنه مسلم حكمًا، وينفسخ نكاح زوجة حربي يسبي لها وحدها؛ لحديث أبي سعيد الخدري قال: أصبنا سبايا يوم أوطاس، ولهن أزواج في قومهن، فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنزلت {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} رواه الترمذي وحسنه. فإن كانت زوجة مسلم، أو ذمي، وسبيت لم ينفسخ نكاحها، ولا يفسخ نكاح زوجة حربي سبيت معه، ولو استرقا لأن الرق لا يمنع ابتداء النكاح، فلا يقطع استدامته، وسواء سباهما رجل واحد أو رجلان، وتحل مسبية وحدها لسابيها بعد استبرائها؛ فإن سبى الرجل وحده، لم ينفسخ نكاح زوجة له بدار حرب؛ لأنه لا نص فيه ولا قياس يقتضيه.

من النظم فيما يتعلق بالأسير ولا تضمنن قتل الأسير وحرمن ... بلا أذن أن يتبع ولو سير مضهد فإن لم يسر فاقتله إن كان قادرًا ... وفي العجز وجه مثل غنم مبدد وفي جائز القتل المقر بجزية ... لسلطاننا ومن وفدية مفتد أو القتل أو يفدي بهم أو يرقهم ... وما كان أنكى أو أحظ لنا اعمد وتحكم استرقاقهم وفدائهم ... كحكمك في باقي الغنيمة تهتدي ويختار غير القتل إن أسلموا ولا ... يحتم به استرقاقهم في الموطد وإن أذعن الأسرى لإعطاء جزية ... يخير وجوزه لأهل وأعهد ومن يهد منهم مطلقًا قبل أخذه ... فليس عليه علقة فليشرد ومن يدعي إسلامه قبل أسره ... بشهد اقبل أو يمينا ومفرد ويختار فيمن لم يقر بجزية ... سوى الرق في الأولى من أهل التعدد ويحرم في قول مال فداؤهم ... كما لم يجز بيع السلام المعدد ومع أبويه أن يسب طفل فكافر ... ومع واحد أو مفرد فهو مهتد وعن أحمد إن يسب مع واحد يكن ... شقيًا عن دين الأب المتمرد وإن يشا الزوجان بلغ عقدهم ... في الأولى والغي عقد ذات التفرد ولو حكموا بالفسخ إن سبيا معًا ... لدى اثنين لا مع واحد لم يبعد ولا يحرم التفريق بينهما بلا ... خلاف يبيع واقتسام المعدد وبالسبي أثبت رق من ليس يقتلوا ... مع الشفع والخالي ولم يفد شرد ولا يمنع استرقاقنا من يرق في ... القوى ولاء مستحق لمهتد وحرم في الأولى بيع من رق مطلقًت ... لكفر، وعن بيع طفل وخرد ويفدي بكل مسلم من وثاقه ... ويحرم بيع والفداء بمن هدى

س41: بين أحكام ما يلي: التفريق بين ذوي رحم محرم، من اشترى عددا من الأسرى في عقد يظن أن بينهم أخوة أو نحوهما فتبين عدمها، ماذا يلزم الإمام إذا حضر حصنا؟ ماذا يحرز من أسلم من أهل الحصن؟ إذا قال أهل الحصن: ارحلوا عنا وإلا قتلنا أسراكم؟

س41: بين أحكام ما يلي: التفريق بين ذوي رحم محرم، من اشترى عددًا من الأسرى في عقد يظن أن بينهم أخوة أو نحوهما فتبين عدمها، ماذا يلزم الإمام إذا حضر حصنًا؟ ماذا يحرز من أسلم من أهل الحصن؟ إذا قال أهل الحصن: ارحلوا عنا وإلا قتلنا أسراكم؟ ج: لا يفرق بين ذوي رحم محرم؛ لحديث: «من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة» ، قال الترمذي: حسن غريب. وعن علي قال: وهب لي النبي - صلى الله عليه وسلم - غلامين أخوين، فبعت أحدهما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما فعل غلامك؟» فأخبرته، فقال: «رده رده» رواه الترمذي، وقال: حسن غريب؛ ولأن تحريم التفريق بين الوالدين لما بينهما من الرحم المحرم، فقيس عليه التفريق بين كل ذي رحم محرم، إلا بعتق، فيجوز أن يعتق أحدهما دون الآخر. وكذا لا يحرم التفريق بافتداء الأسرى، كافتداء أسير مسلم بكافر، من ذوي رحم محرم لتخليص المسلم من الأسر، وكذا يجوز في بيع فيما إذا ملك أختين ونحوهما على ما يأتي في كتاب النكاح؛ فإنه إذا وطئ أحدهما لم يجز له وطء الأخرى حتى يحرم الموطوءة. ولو باع الإمام أو غيره السبايا على أن بينهم نسبًا يمنع التفريق، ثم بان عدمه، فللبائع الفسخ، ومن اشترى منهم عددًا في عقد يظن أن بينهم أخوة أو نحوهما فتبين عدمها رد إلى المقسم الفضل الذي فيه بالتفريق، لبيان انتفاء مانعه، وإذا حضر إمام أو غيره حصنًا لزمه فعل الأصلح في نظره، واجتهاده، من مصابرته ومن موادعته بمال، ومن هدنة بلا مال بشرطها.

س42: تكلم بوضوح عما يلي: إذا نزل أهل الحصن على حكم مسلم، إذا أسلم من حكم بقتله أو سببه، إذا سألوا أن ينزلهم على حكم الله، إذا

وتجب الموادعة بمال والهدنة بغيره إن سألوهما، وثم مصلحة لحصول الغرض من إعلاء كلمة الإسلام وصغار الكفرة، وله الانصراف بدونه إن رآه لضرر أو إياس منه. وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حاصر أهل الطائف، فلم ينل منهم شيئًا، فقال: «إنا قافلون إن شاء الله غدًا» ، فقال المسلمون: أنرجع ولم نفتحه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اغدوا على القتال» ، فغدوا عليه، فأصابهم جراح؛ فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنا قافلون غدًا» ، فأعجبهم، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. متفق عليه. وإن قال أهل الحصن للمسلمين: ارحلوا عنا وإلا قتلنا أسراكم عندنا، وجب رحيلهم لئلا يلقوا بأسر المسلمين للهلاك، ويحرز من أسلم من أهل الحصن قبل استيلائنا عليه، دمه وماله حيث كان في الحصن أو خارجه؛ لما ورد عن أنس - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن يستقبلوا قبلتنا، وأن يأكلوا ذبيحتنا، وأن يصلوا صلاتنا، فإذا فعلوا ذلك، حرمت علينا دماؤهم وأموالهم، إلا بحقها، لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين» رواه أصحاب السنن. ويحرز من أسلم منهم أولاده الصغار، وحمل امرأته للحكم بإسلامهم تبعًا له، ولا يحرز امرأته إذا لم تسلم؛ لأنها لا تتبعه في الإسلام؛ فإن سبيت صارت رقيقة كغيرها من النساء، ولا ينفسخ نكاحه برقها ويتوقف بقاء النكاح على إسلامها في العدة، وإن دخل كافر دار الإسلام وله أولاد صغار في دار الحرب، صاروا مسلمين تبعًا له، ولم يجز سبيهم لعصمتهم في الإسلام. س42: تكلم بوضوح عما يلي: إذا نزل أهل الحصن على حكم مسلم، إذا أسلم من حكم بقتله أو سببه، إذا سألوا أن ينزلهم على حكم الله، إذا

كان به من لا جزية عليه فبذلها لعقد الذمة، إذا خرج عبد إلينا بأمان أو نزل من حصن، إذا جاءنا عبد مسلمًا وأسر سيده أو أسر غيره من الحربيين، إذا أقام عبد بدار الحرب، إذا هرب قن إلى العدو ثم جاء بمال، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف. ج: إذا نزل أهل الحصن على حكم رجل مسلم حر مكلف عدل، مجتهد في الجهاد، جاز؛ لما ورد عن أبي سعيد، أن أهل قريظة نزلوا على حكم سعد ابن معاذ، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سعد فأتاه على حمار، فلما دنا قريبًا من المسجد، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قوموا إلى سيدكم أو خيركم» فقعد عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن هؤلاء نزلوا على حكمك، قال: «فإني أحكم أن تقتل مقاتلتهم، ونسبي ذراريهم» ، فقال: لقد حكمت بما حكم به الملك، وفي لفظ: قضيت بحكم الله عز وجل. متفق عليه. ويلزم المنزول على حكمه الحكم بالأحظ لنا، من قتل أور ق، أو من، أو فداء. ويلزم حكمه حتى بمن عليهم كالإمام، وإن أسلم –من حكم ممن نزلوا على حكمه- بقتله، أو سبيه، عصم دمه دون ماله وذريته؛ لأنهما صارا بالحكم بقتله ملكًا للمسلمين، فلا يعودان إليه بإسلامه، وأما دمه فأحرزه بإسلامه، ولا يسترق؛ لأنه أسلم قبله. وإن سأل أهل الحصن الأمير أن ينزلهم على حكم الله تعالى، لزمه أن ينزلهم ويخير فيهم كالأسرى؛ لأن ذلك هو الحكم بحسب اجتهاده لهم، لكن في حديث بريدة الذي أخرجه أحمد ومسلم مرفوعًا: «وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله؛ ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا» أجيب عنه لاحتمال نزول وحي بما يخالف ما حكم به، وقد أمن ذلك بموته - صلى الله عليه وسلم -.

وقيل: يكره له ذلك، وقيل: لا ينزلهم لأنه كإنزالهم على حكمنا ولم يرضوا به، ولو كان بالحصن من لا جزية عليه فبذلها لعقد الذمة، عقدت له الذمة بمعنى الأمان مجانًا، وحرم رقه لتأمينه، وإن لم يجب به ماله، ولو خرج عبد إلينا بأمان، أو نزل عبد من حصن إلينا بأمان فهو حر؛ لما روى الشعبي عن رجل من ثقيف قال: سألنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرد علينا أبا بكرة، وكان عبدًا لنا، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محاصر ثقيفًا فأسلم، فأبى أن يرده علينا، وقال: هو طليق الله، ثم طليق رسول الله، فلم يرده علينا؛ ولو جاءنا عبد مسلمًا وأسر سيده الحربي، أو أسر غيره من الحربيين فهو حر. والكل مما جاء، من سيده أو غيره له. وإن أقام عبد أسلم بدار حرب فهو رقيق، ولو جاء مولاه مسلمًا بعده، لم يرد إليه لسبق الحكم بحريته حين جاء إلينا مسلمًا، ولو جاء مولاه قبله مسلمًا، ثم جاء هو مسلمًا فهو له، وليس لقن غنيمة لأنه مال، فلا يملك المال، فلو هرب القن إلى العدو، ثم جاء منه بمال فهو لسيده، والمال الذي جاء به لنا فيئًا، وكره نقل رأس كافر من بلد إلى بلد، ورميه بمنجنيق بلا مصلحة؛ لما روى عقبة بن عامر أنه قدم على أبي بكر الصديق برأس بنان البطريق فأنكر ذلك، فقال: يا خليفة رسول الله، فإنهم يفعلون ذلك بنا، قال: فأذن بفارس والروم، لا يحمل إلى رأس، إنما يكفي الكتاب والخبر. قال الشيخ تقي الدين: وهذا حيث لا يكون في التمثيل بهم زيادة في الجهاد، ولا يكون نكالاً لهم عن نظيرها؛ فأما إن كان في التمثيل السائغ دعاء لهم إلى الإيمان، وزجرًا لهم عن العدوان؛ فإنه من إقامة الحدود والجهاد المشروع، ولم تكن القصة في أحد كذلك، فلهذا كان الصبر أفضل.

باب من يلزم الإمام والجيش

6 - باب من يلزم الإمام والجيش س43: ماذا يلزم الإمام والرعية عند سيرهم إلى الغزو؟ وما الذي يستحب أن يدعو به؟ القتال يقع بسبب خمسة أشياء فما هي؟ واذكر أدلتها ووضح الألفاظ الخفية. ج: يلزم كل أحد إخلاص النية لله تعالى في الطاعات كلها من جهاد وغيره؛ لقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} . وعن أبي أمامة قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له: أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر، ماله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا شيء له» فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا شيء له» ، ثم قال: «إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا وابتغى به وجهه» رواه أحمد والنسائي. قال ابن القيم في «شرح منازل السائرين» : قد تنوعت عباراتهم في الإخلاص والقصد واحد، فقيل: هو إفراد الحق سبحانه بالقصد والطاعة، وقيل: تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين، وقيل: الإخلاص استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن، والرياء: أن يكون ظاهره خيرًا من باطنه، والصدق في الإخلاص؛ أن يكون باطنه أعمر من ظاهره. ومن كلام الفضيل -رحمه الله-: ترك العمل من أجل الناس رياء والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما؛ وقال صاحب المنازل: الإخلاص تصفية العمل من كل شوب، ويلزم كل أحد أن يجتهد في إخلاص النية لله في الطاعات؛ لأن الواجب لا يتم إلا به.

ويستحب أن يدعو سرًا بحضور قلب؛ لما في حديث أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا غزا قال: «اللهم أنت عضدي ونصيري بك أحول، وبك أصول، وبك أقاتل» رواه أبو داود بإسناد جيد، وكان جماعة منهم الشيخ تقي الدين يقوله عند قصد مجلس العلم. اهـ. الأشياء التي يقع القتال بسببها: الشجاعة والحمية والرياء والمغنم والغضب، والدليل على ذلك ما ورد عن أبي موسى قال: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، فأي ذلك في سبيل الله؟ فقال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله» رواه الجماعة. وفي رواية البخاري: والرجل يقاتل للمغنم، وفي أخرى له: والرجل يقاتل غضبًا. ويجب على الإمام عند المسير بالجيش تعاهد الخيل، قلت: وفي وقتنا يتفقد أيضًا الطائرات والدبابات والمصفحات والرشاشات والمدافع والسيارات، ويتفقد الرجال؛ لأن ذلك من مصالح الجيش فلزمه كبقية المصالح، فيختار من الرجال ما فيه غنى ومنفعة للحرب ومناصحة، ومن الخيل ما فيه قوة وصبر على الحرب، ويمكن الانتفاع به في الركوب، وحمل الأثقال، ومن الأسلحة الحديثة، والمركوبات الحديثة ما كان أنفع للجهاد. ويمنع ما لا يصلح للحرب، ويمنع الخذل وهو المفند للناس عن الغزو ومزهدهم فيه والخروج إليه، كقائل: الحر أو البرد شديد، أو المشقة شديدة، أو بالكفار كثرة وخيلهم جيدة ... وما شاكله، يقصد بذلك خذلان المسلمين، وهو التخلف عن النصرة، وترك الإعانة. يقال للظبي إذا تخلف عن القطيع: خذول، ويقال: خذلت الوحشية إذا أقامت على ولدها وتخلفت. قال طرفة بن العبد البكري: خذول تراعي ربربًا بخميلة ... تناول أطراف أطراف البرير وترتد وعليه منع مرجف كمن يقول: هلكت سرية المسلمين، ولا لهم مدد أو طاقة بالكفار، والإرجاف لغةً: إشاعة الكذب والباطل، يقال: أرجف

س44:ما حكم الاستعانة بالكافر وأهل الأهواء في شيء من شؤون المسلمين؟

بكذا إذا أخبر به على غير حقيقة؛ لكونه خبرًا متزلزلاً غير ثابت من الرجفة، وهي الزلزلة، وأرجفوا في الشيء: خاضوا فيه، قال الشاعر: أبا لأراجيف يا ابن اللؤم توعدني ... وفي الأراجيف خلت اللؤم والخورا قال الله تعالى: {عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ القَاعِدِينَ * لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ} الآية، ويمنع مكاتبًا بأخبارنا، ليدل العدو على عوراتنا، ويمنع راميًا بيننا بالعداوة، وساعيًا بيننا بالفساد والفتن. قال تعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً} الآية. ويمنع معروف بنفاق وزندقة؛ لقوله تعالى: {فَإِن رَّجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَئْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُواًّ} وأن هؤلاء مضرة على المسلمين فلزم الإمام منعهم، وعليه منع صبي لم يشتد ومجنون؛ لأنه لا منفعة فيهما، ولأن في دخولهما أرض العدو تعريضًا للهلاك. ويمنع نساء للافتنان بهن مع أنهن لسن من أهل القتال؛ لاستيلاء الخور والجبن عليهن، ولأنه لا يؤمن ظفر العدو بهن، فيستحلوا منهن ما حرم الله تعالى، إلا عجوزًا لسقي ماء ونحوه، كمعالجة جرحى؛ لما ورد عن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزو بأم سليم ونسوة معها من الأنصار، يسقين الماء، ويداوين الجرحى. رواه مسلم والترمذي وصححه. وعن أم عطية الأنصارية قالت: غزوت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات، أخلفهم في رحالهم، وأصنع لهم الطعام وأداوي لهم الجرحى، وأقوم على المرضى. رواه أحمد ومسلم وابن ماجه. قال جمع: وامرأة الأمير لحاجته إليها لفعله - صلى الله عليه وسلم -. س44:ما حكم الاستعانة بالكافر وأهل الأهواء في شيء من شؤون المسلمين؟

وما حكم إعانة أهل الأهواء؟ وما صفة سير الجيش؟ وما الذي ينبغي للأمير أن يعمل نحو العدو؟ واذكر ما تستحضره من الأدلة. ج: يحرم أن يستعين بكافر، لحديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى بدر فتبعه رجل من المشركين، فقال له: «تؤمن بالله ورسوله؟» قال: لا. قال: «فارجع فلن أستعين بمشرك» متفق عليه؛ ولأن الكافر لا تؤمن غائلته، ومكره لخبث طويته. والحرب تقضي المناصحة، والكافر ليس من أهلها إلا لضرورة؛ لحديث الزهري: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعان بناس من المشركين في حربه، وبهذا حصل التوفيق بين الأدلة والضرورة، مثل كون الكفار أكثر عدادًا أو يخاف منهم، وحيث جاز اشتراط أن يكون من يستعان به حسن الرأي في المسلمين؛ فإن كان غير مأمون عليهم، لم يجز كالمرجف وأولى. وتحريم استعانة بأهل الأهواء في شيء من أمور المسلمين من غزو وعمالة، أو كتابة أو غيرها، لعظم الضرر؛ لأنهم دعاة إلى عقائدهم الباطلة، فهم أضر على المسلمين من اليهود والنصارى؛ لأنهم يدعون إلى ذلك، واليهود والنصارى لا يدعون إلى دياناتهم؟ وتكره الاستعانة بذمي في ذلك، وتحرم توليتهم الولايات، وتحرم إعانة أهل الأهواء على عدوهم إلا خوفًا من شرهم، ويُسن أن يخرج الإمام بالجيش يوم الخميس؛ لما ورد عن كعب بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في يوم الخميس في غزوة تبوك، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس. متفق عليه. ويسير بالجيش برفق، كسير أضعفهم؛ لحديث «أمير القوم أقطعهم» ، أي أقلهم سيرًا، لئلا ينقطع أحد منهم؛ فإن دعت حاجة إلى الجد في السير جاز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جد حين بلغه قول عبد الله بن أبي ليخرجن الأعز منها الأذل، ليشتغل الناس عن الخوض فيه.

ويعد الإمام والأمير للجيش الزاد؛ لأنه لابد منه وبه قواهم، وربما طال سفرهم فيهلكون، حيث لا زاد لهم، ويحدثهم بما يقوي نفوسهم من أسباب النصر، فيقول مثلاً: أنتم أكثر عددًا، وأشد أبدانًا، وأقوى قلوبًا ونحوه؛ لأنه مما تستعين به النفوس على المصابرة، وأبعث لها على القتال. ويعرف عليهم العرفاء –وهو القائم بأمر القبيلة أو الجماعة من الناس- فيجعل لكل جماعة من يكون كمقدم عليهم ينظر في حالهم ويتفقدهم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - عرف عام خيبر على كل عشرة عريفًا، وورد العرافة حق؛ وأما قوله: «العرفاء في النار» فتحذير للتعرض للرياسة، لما في ذلك من الفتنة، ولأنه إذا لم يقم بأمرها استحق العقوبة، ويعقد لهم الأولوية البيض، وهي العصابة تعقد على قناة ونحوها. قال صاحب «المطالع» : اللواء راية لا يحملها إلا صاحب جيش الحرب، أو صاحب دعوة الجيش. اهـ. قال ابن عباس: «كانت راية النبي - صلى الله عليه وسلم - سوداء، ولواؤه أبيض» رواه الترمذي. وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة ولواؤه أبيض، رواه أبو داود. ويعقد لهم الرايات وهي أعلام مربعة، ويغير ألوانها ليعرف كل قوم رايتهم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - للعباس حين أسلم أبو سفيان: احبسه على الوادي حتى تمر به جنود الله تعالى، فيراها. قال: فحبسته حيث أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومرت به القبائل على راياتها؛ ولأن الملائكة إذا نزلت مسومة بها. نقل حنبل. ويجعل لكل طائفة شعارًا يتداعون به عند الحرب، لئلا يقع بعضهم على بعض لما روى سلمة بن الأكوع قال: غزونا مع أبي بكر زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فبيتناهم نقتلهم، وكان شعارنا تلك الليلة: أمت أمت، رواه أبو داود.

وعن المهلب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن بيتكم العدو، فليكن شعاركم: حم لا ينصرون» رواه الترمذي وأبو داود. وعن سمرة بن جندب قال: كان شعار المهاجرين: عبد الله، وشعار الأنصار: عبد الرحمن. رواه أبو داود. ويتخير الإمام أو الأمير لهم من المنازل أصلحها لهم كالخصبة، وأكثرها ماء ومرعى؛ لأنها أرفق بهم وهو من مصلحتهم، ويتبع مكانها فيحفظها ليأمنوا هجوم العدو عليهم، ولا يغفل الحرس والطلائع. ويمنع جيشه من الفساد والمعاصي؛ لأنها سبب الخذلان، وتركها داع للنصر، وسبب للظفر. ويمنع جيشه من التشاغل بالتجارة المانعة لهم من القتال، ويعد الأمير الصابر في القتال بأجر ونفل ترغيبًا له فيه، ويخفي أمره ما أمكن إخفاؤه لئلا يعلم العدو به. عن كعب بن مالك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا أراد غزوة، وروى بغيرها. متفق عليه. ويبعث العيون على العدو ممن له خبرة بالطرق حتى لا يخفى عليه أمر العدو، ويهتم باقتفاء آثار العدو ومعرفة أسرارهم، كما كان –عليه السلام- يهتم باقتفاء أخبار العدو، ومعرفة أسرارهم واستطلاع خباياهم، فكان يبعث العيون ليأتوه بخبرهم، فقد أرسل عبد الله بن جحش سنة اثنتين للهجرة، في اثني عشر مهاجرًا، بعد أن دفع إليه كتابًا أمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين، فلما مضى اليومان، نظر عبد الله في كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا فيه: «إذا نظرت إلى كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشًا، وتعلم لنا من أخبارهم» ، كما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عندما علم بعير أبي سفيان، تحمل خيرات قريش كلها إلى الشام، أمر نفرًا من المسلمين أن

يخرجوا إليها لعل الله أن يجعلها لهم، فلما اقتربوا من الصفراء بعثوا بسيس بن عمرو وعدى بن الرعباء إلى بدر يستطلعان أخبار العير، وقد ذهب رجلان من المسلمين إلى بدر يستقيان ويتنسطان الأخبار، وبينما هما كذلك إذ بجارية تطالب أخرى بدين عليها، فتجيبها صاحبتها أن سوف تعطيها الذي لها عندما تأتي العير في الغد، أو بعد الغد، فتعمل لهم وتؤجر منهم، فيسرع الرجلان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخبرانه بيوم قدوم العير. ثم إن الجمعين، لما قاربا بدرًا، وتسابقا إلى الماء، بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليًا وسعدًا والزبير إلى بدر يتجسسون، فجاؤوه بعبدين لقريش، وهو قائم يصلي، فلما انتهى من صلاته سألهما عن مكان قريش، فقالا: وراء هذا الكثيب، ثم قال لهما: «كم القوم؟» فقالا: لا علم لنا، فقال: «كم ينحرون كل يوم؟» فقالا: يومًا عشرًا، ويومًا تسعًا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «القوم ما بين تسعمائة وألف» ، ثم قال لهما: «فمن فيهم من أشراف قريش؟» قالا: عتبة بن ربيعة، وأبو البختري بن هشام، وحكيم بن حزام، ونوفل ابن خويلد، والحارث بن عامر بن نوفل، وطعيمة بن عدي بن نوفل، والنفل، وزمعة بن الأسود، وأبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج، وسهيل بن عمرو بن عبدود. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: «رمتكم مكة بأفلاذ كبدها» وفي غزوة أُحد بعث الرسول أنسًا ومؤنسًا، ابني فضالة يلتمسان قريشًا، فعلما أنها قاربت المدينة، وأخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وبعث من بعدهما الحباب بن المنذر، فأتاه بخبرها، ولم يلبث أن خرج سلمة بن سلامة، فرأى قريشًا تسرع بخيلها حتى لتكاد تدخل المدينة، فرجع إلى القوم يحدثهم بما رأى.

وفي غزوة المريسيع عندما علم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن الحارث بن أبي ضرار سيد بني المصطلق خرج في قومه ليحارب المسلمين، أرسل بريدة بن الحصيب الأسلمي يتأكد له الأمر، فلما لقي الحارث وعلم أخباره، رجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقص عليه ما سمع، فما كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن ندب المسلمين للقاء بني المصطلق. وفي غزوة الخندق عندما علم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن قريظة نقضت عهدها وانضمت إلى حيي بن أخطب عدو الله ورسوله، أرسل سعد ابن معاذ، وسعد بن عبادة، وعبد الله بن رواحة، وخوات بن جبير ليعلموا أمر قريظة، ويروا إن كانت على عهدها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم خرجت عليه. فلما سأل هؤلاء كعب بن أسد، وقال لهم: لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد، انصرفوا إلى رسول الله يخبرونه، وفي سنة ست من الهجرة قبل صلح الحديبية أو عهدها، بعث الرسول عدة سرايا، كان منها سرية عكاشة ابن محصن الأزدي، الذي خرج في أربعين رجلاً إلى الغمر، وقد أرسل هؤلاء الطلائع –جريًا على سُّنة رسول الله- فوجدوا من دلهم على ماشية أعدائهم، فغنموا مائتي بعير ساقوها إلى المدينة، وعندما خرج الرسول ليعتمر عمرة الحديبية في ألف وبضع مئات من أصحابه، وبلغ ذلك الحليفة بعث عينًا له يستطلع. فلما اقترب الرسول من عسفان، أتاه عينه، فسأله عما جاء به من أخبار قريش، فقال له الرجل: قد سمعت بمسيرك فخرجوا وقد لبسوا جلود النمر، ونزلوا بذي طوى يعاهدون الله لا تدخلها أبدًا، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموها إلى كراع الغميم. وقبيل يوم حنين بعث –عليه السلام- عبد الله بن أبي حدود الأسلمي،

وأمره أن يدخل في صفوف عدوه، فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم، ثم يأتيه بخبرهم، فانطلق ابن أبي حدرد حتى دخل فيهم وسمع منهم ما أجمعوا عليه من حرب المسلمين، ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره الخبر. ويشاور في أمر الجهاد المسلمين ذا الرأي والدين؛ لقوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} . وقال: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} ، وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان، فتكلم أبو بكر، فأعرض عنه، ثم تكلم عمر، فأعرض عنه، فقام سعد بن عبادة، فقال: إيانا تريد يا رسول الله، والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا، قال: فندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس فانطلقوا. رواه أحمد ومسلم. وعن أبي هريرة قال: ما رأيت أحدًا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. رواه أحمد والشافعي، وروى البغوي بسنده، عن عائشة أنها قالت: ما رأيت رجلاً أكثر استشارة للرجال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وللاستشارة فوائد كثيرة، ذكرها بعض المفسرين، لا نطول بذكرها، يغني عنها أمر الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولنعم ما قيل في ذلك: وشاور إذا شاورت كل مهذب ... لبيب أخي حزم لترشد في الأمر ولا تك ممن يستبد برأيه ... فتعجز أو لا تستريح من الفكر ألم تر أن الله قال لعبده ... وشاورهمو في الأمر حتمًا بلا نكر

س45: تكلم عما يلي: بذل جعل لمن يعمل ما فيه غناء، مثل لذلك جعل جارية لمن يفعل ما فيه نفع ومصلحة للمسلمين، واذكر ما يتفرع على ذلك

وقال بشار بن برد: إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن ... برأي نصيح أو نصيحة حازم ولا تجعل الشورى عليك غضاضة ... فريش الخوافي قوة للقوادم ويصف الجيش، فيتراصون؛ لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفاًّ كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ} والسر في ذلك أنهم إذا كانوا كذلك نشط بعضهم بعضًا، وزادت قوتهم المعنوية، وتعاضدوا، وتنافسوا في الطعان والنزل والكر، وأدخلوا الروع والفزع والذعر في نفوس الأعداء. ويجعل في كل جنبة من الصف كفورًا؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح، فجعل خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى، وجعل الزبير على المجنبة اليسرى، وجعل أبا عبيدة على البياذقة، وبطن الوادي، فقال: يا أبا هريرة، ادع لي الأنصار فدعوتهم ... الحديث. رواه مسلم. ولأنه أحوط للحرب، وأبلغ في إرهاب العدو، ويدعو بما في حديث أنس، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا غزا قال: «اللهم أنت عضدي ونصيري بك أحول، وبك أصول، وبك أقاتل» رواه أبو داود وغيره. ولا يميل إمام أو أمير مع قريبه، ولا مع ذي مذهبه؛ لأنه يفسد القلوب ويكسرها، ويشتت الكلمة، فربما خذلوا عند الحاجة إليهم، ويحرم قتال من لم تبلغه الدعوة قبلها، وتُسن دعوة من بلغته للخبر، وتقدم البحث أوسع من هذا. ** ** ** س45: تكلم عما يلي: بذل جعل لمن يعمل ما فيه غناء، مثل لذلك جعل جارية لمن يفعل ما فيه نفع ومصلحة للمسلمين، واذكر ما يتفرع على ذلك

من المسائل، النفل في البداء والرجعة، بعث السرايا، الأدلة الدالة على ما تذكر أو التعليلات. ج: يجوز أن يجعل أمير جعلاً معلومًا من مال المسلمين، ويجوز أن يجعل من مال الكفار، مجهولاً لمن يعمل ما فيه نفع للمسلمين كنقب سور، أو صعود حصن، أو يدل على طريق سهل، أو قلعة لتفتح، أو على ماء في مفازة ونحوه كدلالة على مال يأخذه المسلمون، أو عدو يغيرون عليه، أو ثغر يدخل منها إليه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قد استأجر هو وأبو بكر في الهجرة من دلهم على الطريق، وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الثلث والربع، مما غنموه وهو مجهول؛ لأن الغنيمة كلها مجهولة ويستحقه مجهول له بفعل ما جوهل عليه، بشرط أن لا يجاوز جعل مجهول من مال كفار ثلث الغنيمة بعد الخمس؛ لأنه لم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - جعل أكثر نه. ويجوز أن يعطي الأمير ذلك بلا شرط؛ لأنه ترغيب للجهاد، ولو جعل الأمير لمن يفعل ما فيه مصلحة للمسلمين جارية معينة، على فتح حصن من الكفار، فماتت قبل فتح الحصن فلا شيء له؛ لأن حقه تعلق بعينها، وقد تلفت بغير تفريط، فسقط حقه منها كالودية، وإن أسلمت وهي أمة أخذها –كحرة جعلت بعد فتح- إلا أن يكون المجعول له الجارية كافرًا، فله قيمتها إن أسلمت كحرة جعلت له وأسلمت قبل الفتح. وإن فتحت قلعة صلحًا، ولم يشترط المسلمون الجارية على أهل القلعة، وأبى أهل القلعة الجارية، وأبي مجعول له أخذ القيمة عنها. فسخ الصلح لتعذر إمضائه، لسبق حق صاحب الجعل، وتعذر الجمع بينه وبين الصلح. وإن بذلوا الجارية مجانًا، لزم أخذها ودفعها غليه. قال في الفروع: والمراد غير حرة الأصل، وإلا وجبت قيمتها؛ لأن حرة الأصل غير مملوكة، وكل

موضع أوجبنا القيمة، ولم يغنم الجيش شيئًا؛ فإنها تعطي من بيت المال لأنه مال المصالح. الأنفال: جمع نفل بالتحريك وبسكونها، والغنيمة: قال لبيد: إن تقوى ربنا خير نفل. وقال عنترة: إنا إذا احمر الوغى نروي القنا ... ونعف عند مقاسم الأنفال أي الغنائم، وأصل النفل: الزيادة، وسميت الغنيمة به؛ لأنها زيادة فيما أحل الله لهذه الأمة، مما كان محرمًا على غيرهم، أو لأنها زيادة على ما يحصل للمجاهد من أجل الجهاد، ويطلق النفل على معان أخر منها: اليمين، والابتغاء، ونبت معروف. والنافلة: التطوع لكونها زائدة على الواجب، والنافلة: ولد الولد؛ لأنه زيادة على الولد. ولأمير في بداءة دخول دار حرب، أن ينفل الربع فأقل بعد الخمس، وله أن ينفل في رجوع من دار حرب الثلث، فاقل بعد الخمس؛ لما روى عبادة ابن الصامت، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينفل في البداءة الربع، وفي الرجعة الثلث. رواه أحمد وابن ماجه والترمذي. وفي رواية: كان إذا أغار في أرض العدو، نفل الربع، وإذا قفل راجعًا وكل الناس نفل الثلث، وكان يكره الأنفال ويقول: «ليرد قوى المؤمنين على ضعيفهم» رواه أحمد. وعن حبيب بن مسلمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفل الربع بعد الخمس في بداءته، ونفل الثلث عد الخمس في رجعته. رواه أحمد وأبو داود، وروى الأثرم عن عمر بن الخطاب، أنه قال لجرير بن عبد الله في قومه يريد الشام: هل لك أن تأتي الكوفة، ولك الثلث بعد الخمس، من كل أرض وسبي. ولا تجوز الزيادة على الثلث لأن نفل النبي - صلى الله عليه وسلم - انتهى إليه. ويجوز النقص منه؛ لأنه إذا جاز ألا ينقل شيئًا، فلأن يجوز تنفيل قليل

أولى، ولا يستحق هذا النفل إلا بالشرط؛ لأن استحقاقه بغير شرط إنما يثبت بالشرع، ولم يرد الشرع باستحقاقه على الإطلاق، وزيد في الرجعة على البدء لمشقتها؛ لأن الجيش في البداءة ردة عن السرية، وفي الرجعة منصرف عنها، والعدو مستيقظ، ولأنهم مشتاقون إلى أهليهم، فيكون أكثر مشقة ولا يعدل شيء عند أحمد الخروج في السرية مع غلبة السلامة. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والذي نفسي بيده، لولا أن رجالاً من المسلمين لا تطيب أنفسهم أن يتخلفوا عني، ولا أجد ما أحملهم عليه، ما تخلفت عن سرية تغزو في سبيل الله، والذي نفسي بيده لوددت أن أقتل في سبيل الله، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا، ثم أقتل» متفق عليه.

من النظم مما يلزم الإمام والجيش ويلزم عند السير منع مخذل ... ومرجفهم مع كل أعجف أو ردي ومخشى عون للعدو منافق ... وساع بشحنا بيننا ومفسد ورديء نساء غير عجف قواعد ... يعالجن جرحى ثم يسقين من صدى ولا يستعن بالكفر إلا ضرورة ... ويمشي برفق مستعد التزود وعن أحمد إن كان يقوى لدفعهم ... إذا نصر الأعداء وإلا ليردد وإن تجدن من كل مركوبه اجعلن ... على فاضل واحتم لخوف الردى قد ويظهر أسباب التضافر بينهم ... ويعقد رايات بكل مسود وكل قبيل فليقدم عليهم ... عريفًا حفيظًا كافيًا للتفقد وكل فئات فليعين شعارهم ... وفي كل حرز أو صلاح ليجهد ويبعث أكفاء العيون تحرزًا ... ويردع عن فعل الخنا كل مفسد وذا الرأي شاوره وذا الصبر والغنا ... بأجر وتنفيل على غيره عد ويكتم مهما اسطاع يا صاح ... ووار بغير القصد عن مقتصد وصفهم واجعل على كل جانب ... نجيبًا ودع ميل الهوى لا تنكد ودعوتنا من لم تبلغه حر من ... قتالهم قبل الدعاء وأكد ومن بلغته قاتلن قبله أن تشا ... ودعوتهم من قبل حسن وسدد وبذلك اجعل جلب نفع مجوز ... وعلما به الشرط من سوى مال جعد إذا لم يجاوز بعد خمس ثلثيه ... في الأولى ودون الشرط ما زاد فاردد وما منعوه بذله ورآه للمصالح ... من مال المصالح فأعدد فمع فقد جعل عين أو نوع مطلق ... وفقدان فتح صاحب الجعل شرد ولا يمنع الإسلام تسليم جعله ... رقيقًا قبيل الفتح أو بعده اشهد وقيمة حر الأصل إن يهد قلبه ... وقيمته عين لذي الكفر ترشد وإن صولحوا من غير شرط لجعله ... وظن به بالقيمة الصلح أفسد وقيد احتمال ماله غير قيمة ... كحرة أصل سلموها بأبعد

وشرطك ربعا بعد خمس مجوز ... لنفل السرايا في الدخول به جد وبالثلث بعد الخمس في رجعة ولا ... تبق لهم والجيش بعدهم اعدد وقولين في تنفيله ذاك شرط أو ... زيادة فوق الثلث بالشرط قيد وليس لهم من غير شرط تنفل ... وجائز التنقيص دون التزيد وإن ير تنفيلاً لإغناء أو رجا ... غناء يجز من بعد خمس وقيد ونفل السرايا للنقوع وغيره ... وكالسلب اخصص في سواهم بمرقد

س46: ماذا يلزم الجيش من طاعة الإمام؟ وما حكم إحداث أمر بلا إذنه؟ تكلم عن المبارزة بوضوح، واذكر ما تستحضره من الأدلة.

س46: ماذا يلزم الجيش من طاعة الإمام؟ وما حكم إحداث أمر بلا إذنه؟ تكلم عن المبارزة بوضوح، واذكر ما تستحضره من الأدلة. ج: يلزم الجيش طاعة الأمير في غير معصية، ويلزمهم النصح والصبر معه؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} ؛ ولحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني» متفق عليه. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة» متفق عليه. وعنه قال: كنا إذا بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة، يقول لنا: «فيم استطعتم» متفق عليه. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كره من أميره شيئًا فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبرًا مات ميتة جاهلية» متفق عليه. وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي، كأن رأسه زبيبة» رواه البخاري. وأما الدليل على النصح، فعن أبي رقية تميم الداري - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الدين النصيحة» ، قلنا: لِمَن؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» رواه مسلم. وعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه -، قال: بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم، متفق عليه. فلو أمرهم الأمير بالصلاة جماعة، وقت لقاء العدو فأبوا، عصوا للمخالفة. وأما الدليل على الصبر، فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} وعن عبد الله بن أبي أوفى، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أيامه التي

لقى فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس، ثم قام في الناس، فقال: «أيها النسا لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم، فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف» الحديث متفق عليه. ويلزمهم اتباع رأيه، والرضا بقسمته الغنيمة وبتعديله لها؛ لأن ذلك من جملة طاعته ولا يخالفونه ينشعب أمرهم، فلا خير مع الخلاف، ولا شر مع الائتلاف. قال ابن مسعود: الخلاف شر. ذكر ابن عبد البر: ولا يجوز لأحد أن يتعلف –وهو تحصيل العلف للدواب- ولا يتحطب، ولا يبارز، ولا يخرج من العسكر، ولا يحدث حدثًا إلا بإذن الأمير؛ لأنه أعرف بحال الناس وحال العدو ومكامنهم وقوتهم، فإذا خرج إنسان أو بارز بغير إذنه، لم يأمن أن يصادف كمينًا للعدو فيأخذوه، أو يرحل بالمسلمين، ويتركه فيهلك أو يكون ضعيفًا لا يقوى على المبارزة، فيظفر به العدو فتكسر قلوب المسلمين، بخلاف ما إذا أذن؛ فإنه لا يكون إلا مع انتفائه المفاسد، ويؤيد ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَذِنَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} . ولا ينبغي أن يأذن في موضع إذا علم أنه مخوف؛ لأنه تغرير بهم؛ وأما الانغماس في الكفار، فيجوز بلا إذن لأنه يطلب الشهادة، ولا يترقب منه الظفر، وإلا بالمقاومة بخلاف المبارزة، فتتعلق به قلوب الجيش، ويرتقبون ظفره، فلو طلب البراز كافر، سن لمن يعلم من نفسه القوة والشجاعة مبارزته بإذن الأمير، لمبارزة الصحابة - رضي الله عنهم -. عن علي - رضي الله عنه - قال: تقدم عتبة بن ربيعة، ومعه ابنه وأخوه، فنادى: من يبارز؟ فانتدب شاب من الأنصار، فقال: من أنتم؟ فأخبروه. فقال: لا حاجة لنا فيكم، إنا أردنا بني عمان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قم يا حمزة، قم يا علي، قم يا عبيدة بن الحارث» فأقبل حمزة إلى عتبه، وأقبلت إلى شيبة، واختلفت ابن عبيدة والوليد ضربتان، فأثخن كل واحد منا صاحبه، ثم ملنا إلى الوليد، فقتلناه واحتملنا عبيدة، رواه أحمد وأبو داود.

س47: ما هو السلب؟ ومن الذي يستحقه؟ ومتى يستحقه؟ وبأي شيء تقبل دعوى القاتل للسلب؟ وإذا كان القاتل صبيا، أو امرأة، فما الحكم؟

وعن قيس بن عبادة، عن علي قال: أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الرحمن يوم القيامة، قال قيس: فيهم نزلت هيه الآية: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} قال: هم الذين تبارزوا يوم بدر علي وحمزة وعبيدة بن الحارث وشيبة وربيعة والوليد بن عتبة. وفي رواية أن عليًا قال: فينا نزلت هذه الآية، وفي مبارزتنا يوم بدر {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} . رواهما البخاري، وعن سلمة بن الأكوع قال: بارز عمي يوم خيبر مرحب اليهودي، رواه أحمد في قصة طويلة ومعناه لمسلم، وبارز البراء بن مالك مرزبان الدارة، فقتله وأخذ سلبه، فبلغ ثلاثين ألفًا؛ ولأن في الإجابة إليها إظهارًا لقوة المسلمين، وجلدهم على الحرب، فإن لم يعلم من نفسه المكافأة لطلب البراز، كرهت إجابته لئلا يقتل، فيكسر قلوب المسلمين، وكان الأمير لا رأي له فعلت المبارزة بغير إذنه. فإن شرط الكافر المبارز أن لا يقتله غير الخارج إليه، أو كان هو العادة لزم لقوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «المسلمون على شروطهم» ، ويجوز رميه وقتله قبل المبارزة؛ لأن لا عهد له ولا أمان. ويباح للرجل المسلم الشجاع طلبها ابتداء، ولا يستجب له ذلك؛ لأنه لا يأمن أن يقتل فتنكسر قلوب المسلمين، فإن انهزم المسلم المجيب لطالب البراز، والداعي إليه أو أثخن بجراح، فلكل مسلم الدفع عنه، والرمي للكافر المبارز لانقضاء قتال المسلم معه، والأمان إنما كان حال البراز، وقد زال وأعان حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث على قتل شيبة بن ربيعة، حين أثخن عبيدة. وإن أعان الكفار صاحبهم، فعلى المسلمين عون صاحبهم، وقتال من أعان عليه دون المبارزة؛ لأنه ليس بسبب من جهته؛ فإن استنجدهم أو علم منه الرضا بفعلهم انتقض أمانه وجاز قتله. س47: ما هو السلب؟ ومن الذي يستحقه؟ ومتى يستحقه؟ وبأي شيء تقبل دعوى القاتل للسلب؟ وإذا كان القاتل صبيًا، أو امرأة، فما الحكم؟

وإذا قتله اثنان فما الحكم؟ وما الحكم فيما إذا أسره إنسان فقتله الإمام أو استحياه؟ ج: السلب بفتح السين واللام، ما على القتيل من ثياب وسلاح ودرع وحلي، وما معه من خيل ودابته التي قاتل عليها، وما كان بمنزلة الخيل، والدابة في وقتنا هذا، وآلات الركوب لأنها تابعة له، ويستعان بها في الحرب فأشبه السلاخ، ويدخل في ذلك التاج، والبيضة، والمنطقة، وأسورة، وران، وخف بما في ذلك من حية، وسيف، ورمح، ولت، وقوس، ونشاب؛ لأنه يُستعان به في حربه. وإذا قتل مسلم كافرًا فله سلبه سواء قال الإمام: من قتل قتيلاً فله سلبه أو لم يقل؛ لعموم الأدلة، عن أبي قتادة قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، قال: فرأيت رجلاً من المشركين قد علا رجلاً من المسلمين، فاستدرت إليه حتى أتيته من ورائه، فضربته على حل عاتقه، وأقبل علي، فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني، فلحقت عمر بن الخطاب، فقال: مال للناس؟ فقلت: أمر الله، ثم إن الناس رجعوا، وجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «من قتل قتيلاً له عليه بينة، فله سلبه» الحديث متفق عليه. وعن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم حنين: «من قتل رجلاً فله سلبه» ، فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلاً، وأخذ أسلابهم. رواه أحمد وأبو داود. وفي لفظ: «من تفرد بدم رجل، فقتله فله سلبه» ، قال: فجاء أبو طلحة بسلب أحد وعشرين رجلاً. رواه أحمد. وعن عوف بن مالك، أنه قال لخالد بن الوليد: أما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم، قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى. رواه مسلم، وكذا إذا أثخنه

فصار في حكم المقتول، فله سلبه؛ لما ورد عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: بينا أنا واقف في الصف يوم بدر، نظرت عن يميني، فإذا أنا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، تمنيت لو كنت بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما، فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قال: قلت: نعم، وما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أخبرت أنه يسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والذي نفسي بيده لئن رأيته، لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا. قال: فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر، فقال مثلها. قال: فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يزول في الناس، فقلت: ألا تريان هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، فقال: فابتدراه بسفيهما حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبراه. فقال: أيكما قتله؟ فقال كل واحد منهما: أنا قتلته. فقال: هل مستحما سيفيكما؟ قالا: لا، فنظر في السيفين، فقال: كلاكما قتله، وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح. والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء. متفق عليه. ووجه ذلك أن ابن مسعود وقف على أبي جهل يوم بدر، فلم يعط سلبه، وقضى به النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن عمرو بن الجموع؛ لأنه أثبته. ومن غرر بنفسه بأن قدم على مبارزة من يغلب على ظنه أنه لا يقدر عليه، فقتله حال الحرب لا قبلها ولا بعدها، ولا عبدًا بإذنه سيده، أو كان امرأة أو صبيًا بإذن إمام، أو نائبه فله سلبه؛ لحديث: «من قتل قتيلاً فله سلبه» ، وللأحاديث المتقدمة. وقال الشيخ تقي الدين: في هذا نظر؛ فإن حديث ابن الأكوع كان المقتول منفردًا، ولا قتال هناك، بل كان المقتول قد هرب منهم، انتهى من «الإنصاف» .

ولا يستحق السلب مخذل، ولا مرجف، ولا عاص، كرام بيننا يفتن؛ لأنهم ليسوا من أهل الجهاد، ويستحق السلب القاتل بشرطه، ولو كان المقتول صبيًا أو امرأة إذا قاتلوا للعمومات، لا إن رماه بسهم من صف المسلمين، أو قتله مشتغلاً بأكل ونحوه، أو منهزمًا فلا يستحق سلبه لعدم التغرير بنفسه، أشبه قتل شيخ فان، وامرأة، وصبي، ونحوهم ممن لا يقتل. ولو قطع مسلم يدي الكافر ورجليه، فله سلبه، ولو قتله غيره لأنه كفى المسلمين شره؛ ولأن معاذ بن عمرو بن الجموح أثبت أبا جهل، فأدرك ابن مسعود أبا جهل، وبه رمق فأجهز عليه، فقضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح. وإن قتله اثنان فأكثر فسلبه غنيمة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يشرك بين اثنين في سلب، ولأنه إنما يستحقه بالتغرير في قتله، ولا يحصل بالاشتراك وإن أسره فقتله الإمام أو استحياه، بأن أبقاه حيًا رقيقًا، أو بفداء، أو من فسلبه ورقيته إن رق وفداؤك إن فدى غنيمة؛ لأن الذي أسره له بقتله، ولأنه قد أسر المسلمون يوم بدر أسرى، فقتل النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم واستبقى منهم، ولم ينقل أنه أعطى أحدًا ممن أسرهم سلبًا ولا فداء، وإن قطع يده ورجله وقتله آخر، فسلبه للقاتل. ولا تقبل دعوى القتل إلا بشهادة رجلين؛ لأن الشارع اعتبر البينة، وإطلاقها ينصرف إلى شاهدين، ففي الحديث المتفق عليه المتقدم قريبًا أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه» ، وإطلاقها ينصرف إلى شاهدين، وكالقتيل العمد، وقيل: يعطي السلب إذا قال: أنا قتلته، ولا يسأل ببينة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل قول أبي قتادة، وجوابه الخبر الآخر، وبأن خصمه أقر له فاكتفى بقوله.

س48: تكلم عن أحكام ما يلي: الكذب في الحرب، الخيلاء فيه، تخميس السلب، الخديعة في الحرب.

وقال جماعة من أهل الحديث: يقبل شاهد ويمين كغيره من الأموال، ونفقته ورحله وخيمته غنيمة؛ لأن ذلك ليس من اللبوس، ولا مما يُستعان به في الحرب. س48: تكلم عن أحكام ما يلي: الكذب في الحرب، الخيلاء فيه، تخميس السلب، الخديعة في الحرب. ج: يجوز الكذب في الحرب؛ لما روى البخاري، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لكعب بن الأشرف؛ فإنه قد آذى الله ورسوله، فقام محمد بن مسلمة، فقال: يا رسول الله، أتحب أن أقتله؟ قال: «نعم» ، قال: فأذن لي أن أقول شيئًا. قال: «قل» ، فأتاه محمد بن مسلمة فقال: إن هذا الرجل قد سألنا صدقة، وإنه قد عنانا، وإني قد أتيتك أستسلفك، قال: وأيضًا والله لتملنه، قال: إنا قد انبعناه، فلا نحب أن ندعه حتى ننظر إلى أي شيء يضير شأنه وقد أردنا أن تسلفنا وسقًا أو وسقين، فقال: نعم أهنوني. قالوا: أي شيء تريد؟ قال: أرهنوني نساءكم. قالوا: كيف نرهنك نساءنا وأنت أجمل العرب؟ قال: فأرهنوني أبناءكم؟ قالوا: كيف نرهنك أبناءنا؟ فيسب أحدهم، فيقال: رهن بوسق أو وسقين هذا عار علينا، ولكنا نرهنك اللأمة، فواعده أن يأتيه، فجاءه ليلاً ومعه أبو نائلة، وهو أخو كعب من الرضاعة، فدعاهم إلى الحصن، فنزل إليهم، فقالت له امرأته: أين تخرج هذه الساعة؟ فقال: إنما هو محمد بن مسلمة وأخي أبو نائلة. قالت: إني أسمع صوتًا كأنه يقطر منه الدم، قال: إنما هو أخي محمد بن مسلمة، ورضيعي أبو نائلة إن الكريم لو دعى إلى طعنة بليل لأجاب، قال: ويدخل محمد بن مسلمة معه رجلان. وفي رواية أبو عبس بن جبر، والحارث بن أوس، وعباد بن بشر، فقال: إذا جاء فأني قائل بشعره فأشمه، فإذا رأيتموني استمكنت من رأسه، فدونكم فاضربوه، وقال مرة: ثم أشمكم،

فنزل إليهم متوشحًا، وهو ينفح منه ريح الطيب، فقال: ما رأيت كاليوم ريحًا، أي أطيب، فقال: عندي أعطر نساء العرب، وأجمل نساء العرب، فقال: أتأذن لي أن أشم رأسك؟ قال: نعم. فشمه ثم أشم أصحابه، ثم قال: أتأذن لي؟ قال: نعم، فلما استمكن منه قال: دونكم، فقتلوه، ثم أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه. وعن أم كلثوم بنت عقبة قالت: لم أسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يرخص في شيء من الكذب، مما يقول الناس، إلا في الحرب والإصلاح بين الناس. وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها، رواه أحمد ومسلم وأبو داود. وتستحب الخيلاء في الحرب؛ لما ورد عن جابر بن عتيك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن من الغيرة ما يحب الله، ومن الغيرة ما يبغض الله، وإن من الخيلاء ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله؛ فأما الغيرة التي يحبها الله، فالغيرة في الريبة؛ وأما الغيرة التي يبغض الله، فالغيرة في غير الريبة؛ والخيلاء التي يحبها الله، فاختيال الرجل بنفسه عند القتال، واختياله عند الصدمة؛ والخيلاء التي يبغض الله، كاختيال الرجل في الفخر والبغي» رواه أبو داود والنسائي. ويكره التلثم في القتال وعلى أنفه، لا لبس علامة كريش نعام، ولا يخمس السلب؛ لحديث عوف وخالد إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يخمس السلب. رواه أحمد وأبو داود؛ ولأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فله سلبه» يتناول جميعه. وتجوز الخديعة في الحرب للمبارز وغيره؛ لما ورد عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الحرب خدعة» متفق عليه، وروي أن عمر بن عبد ود، لما بارز عليًا قال له علي: ما برزت لأقاتل اثنين، فالتفت عمرو فوثب علي فضربه، فقال عمرو: خدعتني، فقال: الحرب خدعة، وفي غزوة الخندق، إن نعيم بن مسعود بن عامر من بني غطفان، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال:

يا رسول الله، إني قد أسلمت، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني بما شئت، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما أنت فينا رجل واحد، فخذل عنا إن استطعت؛ فإن الحرب خدعة» فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة، وكان لهم نديمًا في الجاهلية، فقال لهم: يا بني قريظة، قد عرفتم ودي إياكم، وخاصة ما بيني وبينكم، قالوا: صدقت لست عندنا بمتهم، فقال لهم: إن قريشًا وغطفان ليسوا كهيئتكم، البلد بلدكم فيه أموالكم وأولادكم ونساؤكم، لا تقدرون على أن تتحولوا منه إلى غيره، وإن قريشًا وغطفان، أموالهم وأولادهم ونساؤهم بعيدة، إن رأوا نهزة وغنيمة أصابوها، وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل، والرجل ببلدكم لا طاقة لكم به إن خلا بكم، فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهنًا من أشرافهم، حتى تكون بأيديكم ثقة لكم، على أن يقاتلوا معكم محمدًا حتى تناجزوه، قالوا: فقد أشرت رأي ونصح. ثم خرج حتى أتى قريشًا، فقال لأبي سفيان بن حرب ومن معه ورجال قريش: يا معشر قريش قد عرفتم ودي إياكم، وفراقي محمدًا، وقد بلغني أمرًا رأيت أن حقًا علي أن أبلغكم نصحًا لكم، فاكتموا علي. قالوا: نفعل، قال: تعلمون أن معشر يهود، قد ندموا عل ما صنعوا بينهم وبين محمد، وقد أرسلوا إليه أن قد ندمنا على ما فعلنا، فهل يرضيك عنا أن نأخذ من القبيلتين، من قريش وغطفان رجالاً من أشرافهم فنعطيكهم، فتضرب أعناقهم، ثم نكون معك على من بقي منهم؟ فأرسل إليهم أن نعم، فإن بعثت إليكم يهود فالتمسوا رهنًا من رجالكم، فلا تدفعوا إليهم منكم رجلاً واحدًا، ثم خرج حتى أتى غطفان، فقال: يا معشر غطفان، أنتم أصلي وعشيرتي وأحب الناس إلي، ولا أراكم تتهموني. قالوا: صدقت. قال: فاكتموا علي، قالوا: نفعل، ثم قال لهم مثل ما قال لقريش، وحذرهم ما حذرهم. فلما كانت ليلة السبت من شوال سنة خمس، وكان ذلك مما صنع الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، أرسل

أبو سفيان ورؤوس من غطفان، إلى بني قريظة عكرمة بن أبي جهل، في نفر من قريش وغطفان، فقالوا لهم: إنا لسنا بدار مقام، قد هلك الخف والحافر، فاغدوا للقتال حتى تناجزوا محمد أو نفرغ مما بيننا وبينه، فقالوا لهم: إن اليوم السبت، وهو يوم لا نعمل فيه شيئًا، وقد كان أحدث بعضنا فيه حدثًا، فأصابه ما لم يخف عليكم، ولسنا مع ذلك بالذين نقاتل معكم حتى تعطونا رهنًا من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا، حتى نناجز محمدًا؛ فإنا نخشى إن ضرستكم الحرب، واشتد عليكم القتال أن تسيروا إلى بلادكم، وتتركونا والرجل في بلدنا، ولا طاقة لنا بذلك من محمد، فلما رجعت إليها الرسل بذلك الذي قالت بنو قريظة. قالت: قريش وغطفان تعلمون، والله إن الذي حدثكم نعيم بن مسعود لحق، فأرسلوا إلى بني قريظة إنا والله لا ندفع إليكم رجلاً واحدًا من رجالنا، وإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا، فقالت بنو قريظة حين انتهت إليهم الرسل بهذا: إن الذي ذكر لكم نعيم بن مسعود لحق، ما يريد القوم إلا أن يقاتلوا؛ فإن وجدوا فرصة انتهزوها، وإن كان غير ذلك استمروا إلى بلادهم، وخلوا بينكم وبين الرجل في بلادكم، فأرسلوا إلى قريش وغطفان: إنا والله لا نقاتل معكم حتى تأتونا رهنًا، فأبوا عليهم وحذل الله بينهم، وفرق جمعهم، ثم أرسل الريح بالمطر والرعد والبرق، وقذف في قلوب الذين كفروا الرعب، فولوا الأدبار.

من نظم ابن عبد القوي مما يتعلق بما يلزم الجيش ويلزم كل الجيش نصح أميرهم ... وطاعته في طاعة الله قيد وليس لهم أن يخرجوا من معسكر ... ولا يبرزوا إلا بإذن مجدد وندب لذي بطش شجاع برازه ... بإذن أمير كافر إذا تمرد ومن دون إذن حر من مطلقًا وللضعيف ... بالإذن إكره وحلل لمبتدي ولا تنصرن ذا السلم مع شرط كافر ... سوى مثخن مع كلمه أو معرد وقبل براز جوزن قتل كافر ... سوى مع كون القتل غير معود وقاتل من الكفار أعوان كافر ... وإن يرض أو يستصرخ اقتله واقدد ومن يستطع في الحرب خدعة كافر ... أجزه بلا كره ولو مات ترشد وإن يرده ذو السلم أو يرد غيره ... يكن غير مخموس له سلب الرد لتعميم حكم الشرع فيما أباحه ... الإمام له أو لم يبحه بأوكد ويشرع قتل العلج والحرب قائمًا ... مخاطرة ذا منعة وتجلد ويعطاه ذو وضخ ولو كان كافرًا ... وقاتل سبي قاتلوا في المجود ولا تعطه الممنوع سهمًا ورضخه ... كزمن بلا إذن يبارز بأوكد وللمدعي بالشاهد اقض وقيل أو ... بفرد وإيلاء وقيل بمفرد وللقاطع الأطراف لا قاتل أبح ... وللقاتل المقطوع واجده جد وقيل كمقطوع اثنتين غنيمة ... وقتل الإمام العاني أوذ إذن اشهد وقيل لمرد والشريكي وآسر ... وعبد له إن رق والمال إن قد وأسلابه آلات حرب ولبسه ... لدى الحرب مع حلي بغير تقيد وفي الأشهر المركوب فيه وممسك ... العنان بآلات له لم تقيد

س49: تكلم عن أحكام ما يلي: الغزو بلا إذن الإمام. من دخل دار حرب بلا إذن الإمام فغنم شيئا. من أخذ من دار حرب ركازا ومباحا له قيمة إعلاف الدابة ما أحرزه من طعام. القتال بسلاح من الغنيمة. ليس الثوب والقتال على فرس منها. أخذ شيء مما أحرز من الغنيمة. التضحية بشيء فيه الخمس الفاضل عما أخذه الغزاة، من أخذ دابة لغزوه عليها أو سلاح أو غيره إذا خرج الإمام على رجل ألا يصحبه فنادى بالنفير. ما هي النهدة وما حكمها؟ وتكلم عن كتبهم وما وجد معهم من الملاهي والمحرمات.

ويكره في قتل العدا كل مثلة ... ويكره نقل الروس لا سلب ملحد وخيمته مع رحلة وجنيبه ... وأمواله للغانمين لتردد ** ** ** س49: تكلم عن أحكام ما يلي: الغزو بلا إذن الإمام. من دخل دار حرب بلا إذن الإمام فغنم شيئًا. من أخذ من دار حرب ركازًا ومباحًا له قيمة إعلاف الدابة ما أحرزه من طعام. القتال بسلاح من الغنيمة. ليس الثوب والقتال على فرس منها. أخذ شيء مما أحرز من الغنيمة. التضحية بشيء فيه الخمس الفاضل عما أخذه الغزاة، من أخذ دابة لغزوه عليها أو سلاح أو غيره إذا خرج الإمام على رجل ألا يصحبه فنادى بالنفير. ما هي النهدة وما حكمها؟ وتكلم عن كتبهم وما وجد معهم من الملاهي والمحرمات. ج: لا يجوز الغزو إلا بإذن الأمير؛ لأنه أعرف بالحرب وأمره موكول إليه، ولأنه إذا لم تجز المبارزة إلا بإذنه، فالغزو أولى إلا أن يفجأهم عدو يخافون شره، وأذاه، فيجوز قتالهم بلا إذنه لتعين المصلحة فيه، ولما في التأخر من الضرر، وحينئذ لا يجوز التخلف لأحد إلا من يحتاج إلى تخلفه لحفظ المكن والأهل والمال. ومن لا قوة له على الخروج، ومن منعه الإمام، والدليل إلى جوازه بلا إذن الإمام، أنه لما أغار الكفار على لقاح أي نوق النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصادفهم سلمة بن الأكوع خارجًا من المدينة وتبعهم فقاتلهم بغير إذن. فمدحه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: «خير رجالنا سلمة بن الاكوع» ، وأعطاه سهم فارس وراجل.

وكذا إن عرضت لهم فرصة يخافون فوتها بتركه للاستيذان؛ فإن لهم الخروج بغير إذنه لئلا تفوتهم، ولأنه إذا حضر العدو صار الجهاد فرض عين، فلا يجوز التخلف عنه، وإذا دخل قوم ذو منعة أولاً أو دخ لواحد ولو عبدًا دار حرب بلا إذن إمام أو نائبه، فغنيمتهم فيء لأنهم عصاة بالافتيات. ومن أخذ من الجيش أو اتباعه من دار حرب ركازًا، أو مباحًا له قيمة في مكانه، فهو غنيمة؛ لحديث عاصم بن كليب، عن أبي الجويرة الجرمي قال: لقيت بأرض الروم جزء فيها ذهب في إمارة معاوية، وعلينا معن بن يزيد السلمي، فأتيته بها فقسمها بين المسلمين، وأعطاني مثل ما أعطى رجلاً منهم، ثم قال: لولا أني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا نفل إلا بعد الخمس لأعطيتك» ، ثم أخذ يعرض على من نصيبه فأبيت. أخرجه أبو داود. فإن لم تكن له قيمة كالأقلام والمسن، فلآخذ ولو صار له قيمة بنقله ومعالجته. ومن أخذ طعامًا أو علفًا، ولو بلا إذن أمير، ولا حاجة فله أكله، وله إطعام سبي اشتراه، وله علف دابته؛ لحديث عبد الله بن أبي أوفى قال: أصبنا طعامًا يوم خيبر، فكان الرجل يأخذ منه مقدار ما يكفيه، ثم ينصرف. رواه سعيد وأبو داود. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب، فنأكله ولا نرفعه. رواه البخاري، وعن ابن عمر: أن جيشًا غنموا في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعامًا وعسلاً، فلم يؤخذ منهم الخمس. رواه أبو داود.

وعن عبد الله بن المغفل قال: أصبت جرابًا من شحم يوم خيبر، فالتزمته، فقلت: لا أعطي اليوم أحدًا من هذا شيئًا، فالتفت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متبسمًا، رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي. وعن القاسم مولى عبد الرحمن عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كنا نأكل الجزور في الغزو، ولا نقسمه حتى إن كنا لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا منه مملوءة» رواه أحمد، ولسعيد أن صاحب جيش الشام كتب لعمر: إنا أصبنا أرضًا كثيرة الطعام والغلة، وكرهت أن أتقدم في شيء من ذلك، فكتب إليه دع الناس يعلفون ويأكلون. فمن باع منهم شيئًا بذهب أو فضة، ففيه خمس الله وسهام المسلمين؛ فإن أحرز الطعام والعلف، أو وكل الإمام من يحفظه، فلا يجوز أن يأكله أو يعلفه دابته إلا لضرورة؛ لأنه صار غنيمة للمسلمين، وتم ملكه عليه. ولا يجوز أن يعلف منه دابة لصيد، كجارح وفهد لصيد، لعدم الحاجة إليها ويرد فاضلاً من طعام، وعلف، ولو كان يسيرًا لاستغنائه عنه. ويرد ثمن ما باع من طعام وعلف للخبر، ولو كان يسيرًا لاستغنائه عنه، ويرد ثمن ما باع من طعام وعلف للخبر، وتقدم قريبًا، ويجوز القتال بسلاح من الغنيمة، ويرده مع حاجة وعدمها لقول ابن مسعود: انتهيت إلى أبي جهل، فوقع سيفه في يده فأخذته، فضربته حتى برد، رواه الأثرم، ولعظم الحاجة إليه مع بقائه. ولا يجوز القتال على فرس أو نحوها من الغنيمة، ولا لبس ثوب منها، لما ورد عن رويفع بن ثابت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم حنين: «لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبتاع مغنمًا حتى يقسم، ولا أن يلبس ثوبًا من فيء المسلمين حتى إذا أخلفه رده فيه، ولا أن يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه» رواه أحمد وأبو داود. ولا يجوز أخذ شيء من طعام أو غيره في دار إسلام أو حرب، مما أحرز

من الغنيمة إلا لضرورة؛ لأنه إنما أبيح الأخذ قبل جمعه، ولأنه لم يثبت فيه ملك المسلمين، وصار كسائر أملاكهم؛ فإن لم يجد ما يأكله كله جاز له الأخذ لحفظ نفسه ودوابه. ولا تجوز التضحية بشيء فيه الخمس، وله دهن بدنه ودابته، وله شرب شراب لحاجة إلحاقًا له بالطعام. ومن أخذ ما يستعين به في غزاة معينة، فالفاضل مما أخذه له؛ لأنه أعطيه على سبيل المعاونة والنفقة، لا على سبيل الإجازة، كما لو أوصى أن يحج عنه فلان بألف، وأن لا يكن أخذه في غزاة معينة، فالفاضل يصرفه في الغزو. وإن أخذ دابة غير عادية، ولا حبيس لغزوه عليها ملكها بالغزو؛ لحديث عمر: حملت رجلاً على فرس في سبيل الله، فأضاعه صاحبه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه، فظننت أنه بائعه برخص. الخبر متفق عليه. فلولا أنه ملكه ما باعه، ولم يكن ليأخذه من عمر، فيقيمه للبيع في الحال، فدل على أنه أقامه للبيع بعد غزوه عليه، أشار إليه أحمد؛ فإن لم يغز ردها، ومثل الدابة سلاح أعطيه ليغزو به، فيملكه بالغزو؛ فإن باعه بعد الغزو، فلا بأس، ولا يشتريه من تصدق به. ولا يركب دواب السبيل في حاجة نفسه؛ لأنها لم تسبل لذلك، ويركبها ويستعملها في سبيل الله؛ لأنها سبلت لذلك. وإذا قال الإمام لرجل: أحرج عليك ألا تصحبني؟ فنادى الإمام بالنفير، لم يكن إذنًا له في الخروج لتقديم الخاص على العام. ولا بأس النهدة في السفر فعله الصالحون، كان الحسن إذا سافر ألقى معهم، ويزيد أيضًا بعد ما يلقى وفيه رفق، ومعنى النهد أن يخرج كل واحد من الرفقة شيئًا من النفقة، يدفعونه إلى رجل منهم ينفق عليهم، ويأكلون منه جميعًا، ولو أكل بعضهم أكثر من بعض لجريان العادة بالمسامحة. ولا يتخذ النعل والجرب من جلودهم، ولا الخارط والحبال، بل ترد

كسائر أموالهم، وكتبهم المنتفع بها ككتب الطب واللغة والشعر، ونحوها. وإن كانت مما لا ينتفع به، وأمكن الانتفاع بجلودها أو ورقها بعد غسله غسل وهو غنيمة، وإلا فلا. ويُقتل الخنزير، ويُكسر الصليب، ويُراق الخمر، وتُكسر أوعيته، إن لم يكن فيهما نفع للمسلمين وإلا أبقيت، وتكسر آلات اللهو كالتليفزيون والسينما والراديو والبكم والعود ويحرق الدخان وتسكر الشبش التي يشرب بها وآلات توليعه وتطفئته وتتلف جميع الملاهي؛ لأنها محرمات بيعًا وشراء واستعمالاً.

من النظم في وجوب إذن الأمير ويحرم غزو دون إذن أميرهم ... إذا لم يفت غنم ولم يفج معتد وإن خيف فوت الغنم أو بغت العدا ... فلا إذن وليغزو سوى حفظ قد ومن يعط شيئًا في غزاة لعونه ... فيغزو فيفضل أو حمى فوق أجرد وليس حبيسًا أو معارًا لفرضه ... ولا قال أنفق في الجهاد له أشهد وإن تغز دون الإذن من غير منعة ... رجالاً فيحووا مغنمًا فبأوكد له بعد خمس والجميع بثان ... وفي جعله في الفيء ثالثة زد وإن كان فيهم منعة فهو ملكهم ... سوى الخمس ولأوهى يكن فيئًا اعدد وأكلك مطعومًا وعلف بهائم ... يجوز بلا إذن وعن بيعه زد ولو كان دهنًا أو شرابًا لحاجة ... وعن غير مطعوم وتابعه أصدد وفاضل مطعوم إذا عدت رده ... وعن أحمد تحليل نزر مزهد وما حيز في الأقوى احظرن لا ضرورة ... وقيمة ما بعث أو ثمنه إن نمى اردد وجائز استعمال آلة حربهم ... له غير مركوب وثوب بأوكد وحظر على شرط على حارس لها ... ركوب لمغنوم وبالشرط جود وما اختص من كتب بهم بيعه احظرن ... سوى جلد أو ورق ولا غنم افتد ** ** **

س50: تكلم بوضوح عما يلي: الغنيمة، دليلها، إذا أخذ حربي مالنا، إذا وجد وسم على حبيس، إذا استولى الكفار على حر، فداء الأسير بخيل أو سلاح.

س50: تكلم بوضوح عما يلي: الغنيمة، دليلها، إذا أخذ حربي مالنا، إذا وجد وسم على حبيس، إذا استولى الكفار على حر، فداء الأسير بخيل أو سلاح. ج: الغنيمة أصلها إصابة الغنم من العدو، وقد تستعمل في كل ما ينال بسعي، ومنه قول الشاعر: وقد طوفت في الآفاق حتى ... رضيت من الغنيمة بالإياب ومثله قول الآخر: ومطعم الغنم مطعمه ... أنى توجه والمحرم محروم وتعريف الغنيمة اصطلاحًا: هي ما أخذ من مال حربي قهرًا بقتال، وما ألحق به كهارب استولينا عليه، وهدية الأمير ونحوهما، والأصل في الغنيمة قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} الآية، وقد اشتهر وصح أنه - صلى الله عليه وسلم - قسم الغنائم، وكانت في أوائل الإسلام خاصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ} الآية. ولم تحل الغنائم لغير هذه الأمة؛ لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ولم تحل الغنائم لقوم سود الرءوس غيركم، كانت تنزل نار من السماء تأكلها» متفق عليه. ويملك أهل الحرب ما لنا بقهر، ولو اعتقدوا تحريمه؛ لأن القهر سبب يملك به المسلم مال الكافر، فملك به الكافر مال المسلم كالبيع، وفي القواعد الفقهية: أنهم لا يملكون إلا بالحيازة، إلا دارهم، وفي «الاختيارات الفقهية» لم ينص الإمام أحمد على أن الكفار يملكون أموال المسلمين بالقهر ولا على عدمه، وإنما نص على أحكام أخذ منها ذلك، فالصواب أنهم يملكونها ملكًا مقيدًا لا يساوي ملك المسلمين من كل وجه. انتهى. وما اختاره الشيخ تقي الدين أقرب إلى الصواب فيما أرى. والله أعلم.

س51: تكلم عما يلي: إذا استولى أهل الحرب على حرة أو أمة، إذا أخذنا الحرة أو أم الولد منهم، إذا ولدت منهم، إذا أبى الولد الإسلام، إذا اشترى مسلم أسيرا من كافر، واذكر الدليل على ما تقول.

وإذا ملك مسلم أختين ونحوهما فوطئ إحداهما، ثم استولى عليها الكفار فله وطء الأخرى، لزوال ملكه عن أختها، وإن أسلموا وبأيديهم شيء من ذلك، فهو لهم، ولا يملكون وقفًا، ويعمل بوسم على حبيس لقوة الدلالة عليه كما يعمل بقول مأسور استولى عليه من كفار هو ملك فلان فيرد إليه، ولا يملكون حرًا ولا ذميًا؛ لأنه لا يضمن بالقيمة، ولا تثبت عليه اليد بحال، ومتى قدر على الذمي رد إلى ذمته لبقائها، ولم يجز استرقاقه، ويلزم فداؤه، ولا يجوز فداء على أسير بخيل ولا سلاح؛ لأنه إعانة على المسلمين. س51: تكلم عما يلي: إذا استولى أهل الحرب على حرة أو أمة، إذا أخذنا الحرة أو أم الولد منهم، إذا ولدت منهم، إذا أبى الولد الإسلام، إذا اشترى مسلم أسيرًا من كافر، واذكر الدليل على ما تقول. ج: ينفسخ باستيلاء أهل الحرب نكاح أمة مزوجة استولوا عليها وحدها لملكهم لرقبتها ومنافعها، وكنكاح كافرة سبيت وحدها، ولا ينفسخ به نكاح حرة مزوجة؛ لأنهم لا يملكونها، وإن أخذتا الحرة منهم، أو أخذنا منهم أم الولد ردت حرة لزوج لبقاء نكاحه، ورد أم ولد لسيد حيث عرف. ويلزم سيدًا أخذها قبل قسمة مجانًا، وبعد قسمة بثمنها، ولا يدعها يستحل فرجها من لا تحل له. وولد الحرة من أهل الحرب، كولد زنا؛ لأنه لا ملك لهم فيها ولا شبهة ملك. وإن أبى ولد مسلمة حرة، أو غيرها من أهل الحرب، الإسلام ضرب وحبس حتى يسلم؛ لأنه مسلم تبعًا لأمه، فلا يقر على الكفر. ولمشتر أسيرًا من كافر رجوع على الأسير بثمنه بنية رجوع عليه؛ لما روى سعيد، عن عمر: أيما رجل أصاب رقيقه ومتاعه بعينه، فهو أحق به

س52: تكلم بوضوح عما يلي: إذا أخذ من أهل الحرب مال مسلم أو معاهد، إذا باع كافر مال المسلم، أو المعاهد، أو وهبه، أو نحو ذلك، متى تملك الغنيمة؟ وأين تقسم؟ إذا غلب العدو على الغنيمة بمكانها.

من غيره، وإن أصابه في أيدي التجار بعد القسم فلا سبيل إليه، وأيما حر اشتراه التجار فإنه يرد إليهم رؤوس أموالهم؛ فإن الحر لا يباع، ولا يشترى. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله عز وجل: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًا وأكل ثمنه ... » الحديث رواه أحمد والبخاري. س52: تكلم بوضوح عما يلي: إذا أخذ من أهل الحرب مال مسلم أو معاهد، إذا باع كافر مال المسلم، أو المعاهد، أو وهبه، أو نحو ذلك، متى تملك الغنيمة؟ وأين تقسم؟ إذا غلب العدو على الغنيمة بمكانها. ج: إذا أخذ منهم مال مسلم، أو معاهد بشراء أو قتال، وأدركه ربه بعد قسمه، فلربه أخذه بثمنه؛ لحديث ابن عباس أن رجلاً وجد بعيرًا له كان المشركون أصابوه، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن أصبته قبل أن نقسمه فهو لك، وإن أصبته بعد ما قسم أخذته بالقيمة، ولئلا يفضي إلى ضياع الثمن على المشتري، وحرمانه ما أخذه من الغنيمة وحقها ينجبر بالثمن» . فرجوع صاحب المال في عين ماله بثمنه جمع بين الخفين كأخذ الشقص بالشفعة. ولو باع مال المسلم أو المعاهد آخذه من الكفار، أو وهبه، أو وقفه، أو أعتقه من انتقل إليه فيلزم، ولربه أخذه من آخر مشتر، وأخر متهب كأول آخذ. قال ابن رجب في القواعد: والأظهر أن المطالبة تمنع التصرف كالشفعة وإن وقفه، أو أعتقه لزم وفات على ربه. وتملك الغنيمة بالاستيلاء عليها في دار الحرب؛ لأن الاستيلاء التام سبب الملك، وقد وجد لثبوت أيدينا عليها حقيقة، ولزوال ملك كفار عنها، ويجوز

س53: تكلم عما يلي: الجيش، السرية، عددها. بأي يبدأ في قسم ما غنمته السرية، وما غنمه الجيش، وماذا يعمل بعد ذلك وما هو الصفي؟

قسمة الغنيمة في دار حرب؛ لما روى أبو إسحاق الفزاري قال: قلت للأوزاعي: هل قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا من الغنائم بالمدينة؟ قال: لا أعلمه، إيما كان للناس يبيعون غنائمهم ويقسمونها في أرض عدوهم، ولم يقفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن غزاة قط أصاب فيها غنيمة، إلا خمسها: وقسمها، قبل أن يقفل، من ذلك غزوة بني المصطلق وهوازن وحنين. ويجوز بيع الغنيمة في دار الحرب، لما تقدم، ولثبوت الملك فيها، ولو غلب العدو على الغنيمة بمكانها، فأخذها من مشتر فهي من ماله فرط أولاً؛ لحديث الخراج بالضمان، وهذا نماؤه للمشتري، فضمانه عليه؛ ولأنه مبيع مقبوض أشبه ما لو بيعت بدار الإسلام. س53: تكلم عما يلي: الجيش، السرية، عددها. بأي يبدأ في قسم ما غنمته السرية، وما غنمه الجيش، وماذا يعمل بعد ذلك وما هو الصفي؟ ج: الجيش: الجند، أو السائرون لحرب أو غيرها. السرية: القطعة من الجيش، تخرج منه وتعود فيه، وهي من مائة إلى خمسمائة، والسرية التي تخرج بالليل، والسارية التي تخرج بالنهار. وتضم غنيمة سرايا الجيش إلى غنيمة الجيش، قال ابن المنذر: روينا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وترد سراياهم على قعيدتهم» . وفي تنفيله - صلى الله عليه وسلم - في البداءة الربع، وفي الرجعة الثلث، دليل على اشتراكهم في الباقي. وإن أنفذ الإمام من دار الإسلام جيشين، أو سريتين فأكثر، انفرد كل بما غنمه، لانفراده بالجهاد بخلاف المبعوثين من دار الحرب. ويبدأ في قسم بدفع السلب إلى مستحقه، وبرد مال مسلم ومعاهد إن كان وعرف، ثم بأجره جمع غنيمة وحملها وحفظها؛ لأنه من مؤنتها كعلف دوابها

ودفع جعل من دل على مصلحة من ماء، أو قلعة، أو ثغرة يدخل منها إلى حصن ونحوه؛ ولأنه في معنى السلب. ثم يخمس الباقي على خمسة أسهم، ثم يخمس خمسة على خمسة أسهم؛ لقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ} الآية. ومقتضاها أن يقسم على ستة أسهم، وجوابه: أر سهم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - كالشيء الواحد بدليل قوله تعالى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ} وإن الجهة جهة مصلحة سهم الله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - مصرفه كالفيء في مصالح المسلمين كلها لحديث جبير بن مطعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تناول بيده وبرة من بعير، ثم قال: «والذي نفسي بيده ما لي مما أفاء الله إلا الخمس، والخمس مردود عليكم» . وعن عمرو بن عبسة، وعمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده نحوه. رواه أحمد وأبو داود، فجعله لجميع المسلمين، ولا يمكن صرفه إلى جميعهم إلا بصرفه في مصالحهم الأهم فالأهم، وقال طائفة من العلماء هو لمن يلي الخلافة بعده: لما روى أبو الطفيل قال: جاءت فاطمة - رضي الله عنها - إلى أبي بكر - رضي الله عنه - وأرضاه، تطلب ميراثها من النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: فقال أبو بكر –رضي الله عنه وأرضاه-: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الله إذا أطعم نبيًا طعمة فهي للذي يقوم من بعده، وإني رأيت أن أردها على المسلمين» رواه أبو داود، فانفق هو وعمر وعلي والصحابة، على وضعه في الخيل والعدة في سبيل الله. وكان - صلى الله عليه وسلم - قد خص من المغنم بالصفي، وهو ما يختاره - صلى الله عليه وسلم - قبل القسمة للغنيمة، كثوب، وجارية، وسيف؛ لحديث أبي داود، أنه - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى بني زهير بن قيس: «إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وآتيتم الزكاة، وأديتم الخمس من المغنم، وسهم الصفي إنكم آمنون بأمان الله ورسوله» .

وفي حديث وفد عبد القيس، رواه ابن عباس: وأن تعطوا سهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، والصفي. وقالت عائشة - رضي الله عنها -: كانت صفية من الصفى. رواه أبو داود. وانقطع ذلك بموته - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الخلفاء الراشدين لم يأخذوه، ولا من بعدهم، ولا يجمعون إلا على الحق، وسهم لذوي القربى، وهم بنو هاشم، وبنو المطلب حيث كانوا؛ لحديث جبير بن مطعم، قال: لما كان يوم خيبر قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهم ذوي القربى بين بني هاشم وبني المطلب، فأتيت أنا وعثمان بن عفان، فقلنا: يا رسول الله، أما بنو هاشم فلا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله به منهم، فما بال إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا؟ وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة، فقال: أنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام، وإنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد، وشبك بين أصابعه، رواه أحمد والبخاري؛ ولأنهم يستحقونه بالقرابة أشبه الميراث. ولا يستحق منهم مولى، ولا من أمه منهم دون أبيه، يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لأنهم يستحقونه بالقرابة أشبه الميراث والوصية، ويعطي الغني والفقير لعموم قوله: {وَلِذِي القُرْبَى} ، وكان - صلى الله عليه وسلم - يعطي أقاربه كلهم، وفيهم من هو غني كالعباس، ويعطي صفية عمته، وسهم لليتامى، اليتيم من لا أب له، ولم يبلغ؛ لحديث: «لا يتم بعد احتلام» ، واعتبر فقرهم؛ لأن الصرف إليهم لحاجتهم؛ ولأن وجود المال أنفع من وجود الأب. ويسوي بين الذكر والأنثى لظاهر الآية، وسهم للمساكين للآية، وهم من لا يجدون تمام الكفاية، فيدخل فيهم الفقراء، فهم صنفان في الزكاة فقط. وفي سائر الأحكام صنف واحد، وسهم لأبناء السبيل للآية. ويشترط في ذي قربى ويتامى ومساكين، وأبناء سبيل كونهم مسلمين؛

لأن الخمس عطية من الله تعالى، فلم يكن لكافر فيها حق كالزكاة. ويجب أن يعطوا كالزكاة، فيعطي المسكين تمام كفايته مع عائلته سنة، وكذا اليتيم. ويعطي ابن السبيل ما يوصله إلى بلده، ويعم من بجميع البلاد حسب الطاقة، وصحح في «المغني» أنه لا يجب التعميم؛ لأنه متعذر، وفي الانتصار يكفي واحد من الأصناف الثلاثة –وذوي القربى- إن لم يمكنه. واختار الشيخ تقي الدين –رحمه الله- إعطاء الإمام من شاء منهم للمصلحة كزكاة، وأن الخمس والفيء واحد يصرف في المصالح؛ فإن لم تأخذ بنو هاشم وبنو المطلب أسهمهم رد في كراع وسلاح عدة في سبيل الله، لفعل أبي بكر وعمر، ذكره أبو بكر. ومن فيه سببان فأكثر، أخذ بها كهاشمي ابن سبيل يتيم؛ لأنها أسباب الأحكام، فوجب ثبوت أحكامها، كما لو انفردت ثم يبدأ من الأربعة أخماس التي للغانمين بنفل، وهو الزائد على السهم لمصلحة، والرضخ: وهو العطاء دون السهم لمن لا سهم له، فيرضخ لمميز، وقن، وخنثى، وامرأة، على ما يراه الإمام أو نائبه، إلا أنه لا يبلغ بالرضخ لراجل سهم راجل، ولا لفارس سهم فارس، لئلا يساوي من يسهم له، ولمبعض بالحساب من رضخ وإسهام. أما الطفل فلقول سعيد بن المسيب: كان الصبيان والعبيد يحذرون من الغنيمة إذا حضروا الغزو في صدر هذه الأمة. وقال تميم بن قرع المهري: كنت في الجيش الذي فتحوا الإسكندرية في المرة الآخرة، فلم يقسم لي عمر شيئًا. وقال: غلام لم يحتلم، فسألوا أبا بصرة الغفاري، وعقبة بن عامر، فقال: انظروا فإن كان قد أشعر، فاقسموا له، فنظر إلى بعض القوم، فإذا أنا قد أنبت فقسم لي.

س54: لمن الغنيمة، وما صفة قسمها؟ ومن الذي لا يسهم له؟ وما مقدار السهم للراجل والفارس؟ وإذا غزا اثنان على فرس فما الحكم؟ ولمن سهم الفرس المغصوب والمعار والمستأجر والحبيس؟ وإذا زادت الخيل عن فرسين أو كان الفرس هجينا فما الحكم؟ وهل يسهم لغير الخيل؟

قال الجوزجاني: هذا من مشاهير حديث مصر وجيده؛ وأما العبد فلما تقدم، وعن عمير مولى أبي اللحم قال: شهدت خيبر مع ساداتي، فكلموا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبر أني مملوك، فأمر لي من خرثي المتاع، رواه أبو داود. وعنه: يسهم له إذا قاتل، روي عن الحسن والنخعي؛ لحديث الأسود بن يزيد: «أسهم لهم يوم القادسية» يعني العبيد. وأما النساء فلحديث ابن عباس: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزو بالنساء فيداوين الجرحى، ويحذين من الغنيمة، فأما بسهم فلم يضرب لهن، رواه أحمد ومسلم. وعنه كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطي المرأة والمملوك الغنائم دون ما يصيب الجيش، رواه أحمد. وحمل حديث حشرج ابن زياد عن جدته، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسهم لهن يوم خيبر. رواه أحمد وأبو داود، وخبر أسهم أبو موسى يوم غزوة تستر لنسوة معه على الرضخ وإن غزا قن على فرس سيده، رضخ له وقسم للفرس التي تحته؛ لأن سهمها لمالكها إن لم يكن مع سيده فرسان؛ لأنه لا يسهم لأكثر من فرسين على ما يأتي. س54: لمن الغنيمة، وما صفة قسمها؟ ومن الذي لا يسهم له؟ وما مقدار السهم للراجل والفارس؟ وإذا غزا اثنان على فرس فما الحكم؟ ولمن سهم الفرس المغصوب والمعار والمستأجر والحبيس؟ وإذا زادت الخيل عن فرسين أو كان الفرس هجينًا فما الحكم؟ وهل يسهم لغير الخيل؟ ج: الغنيمة: لمن شهد الوقعة من أهل القتال يقسم أمام الباقي، بعد ما سبق بين من شهد الواقعة لقصد القتال، أو لمن يقاتل؛ لما روي عن عمر أنه قال: الغنيمة لمن شهد الوقعة، ولأن غير المقاتل ردء للمقاتل لاستعداده للقتال أشبه المقاتل، بخلاف من لم يستعدوا للقتال؛ لأنهم لا نفع فيهم.

ويسهم لمن بعثه الإمام في سرية أو مصلحة؛ لما ورد عن ابن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام، يعني يوم بدر، فقال: «إن عثمان انطلق في حاجة الله وحاجة رسوله، وأنا أبايع له» فضرب له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسهم، ولم يضرب لأحد غاب غيره. رواه أبو داود. وعن ابن عمر قال: لما تغيب عثمان عن بدر؛ فإنه كان تحته بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت مريضة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن لك أجر رجل وسهمه» رواه أحمد والبخاري والترمذي، ويسهم أيضًا لمن أرسله الإمام أو بعثه جاسوسًا أو دليلاً، ولمن خلفه في بلاد العدو، وغزا الأمير ولم يمر به فرجع؛ لأنه في مصلحة الجيش، وهو أولى ممن حضر الواقعة ولم يقاتل، ولو مع منع غريم له، أو منع أب له، لتعين الجهاد عليه بحضوره الصف، ولا يسهم لمن لا يمكنه القتال لمرض، ولا لدابة لا يمكنه قتال عليها لمرض كزمانة وشلل لخروجه عن أهلية الجهاد، بخلاف حمى يسيرة وصداع ووجع ضرس ونحوه، فيسهم له؛ لأنه لم يخرج عن أهلية الجهاد. ولا يسهم لمخذل ومرجف ونحوهما، كرام بيننا بفتن ومكانب بأخبارنا؛ لأنه ممنوع من الدخول مع الجيش. ولا بسهم لمن نهاه الأمير أن يحضر فلم ينته لأنهم عصاة، ولا لكافر لم يستأذن الإمام، ولا لعبد لم يأذن له سيده في غزو لعصيانهما، ولا لطفل، ولا مجنون؛ لأنهما لا يصلحان للقتال. ولا من فر من اثنين كافرين لعصيانه، فيسهم للرجل سهم، وللفارس ثلاثة أسهم، سهم له، وسهمان لفرسه، إذا كان عربيًا؛ لما ورد عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم: سهمان لفرسه وسهم له. متفق عليه.

وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى الفارس ثلاثة أسهم وأعطى الراجل سهمًا. رواه الأثرم. وعن أبي عمرة، عن أبيه قال: أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة نفر ومعنا فرس، فأعطى كل إنسان منا سهمًا، وأعطى الفرس سهمين. رواه أحمد وأبو داود. قال ابن المنذر: للرجل سهم، وللفارس ثلاثة، هذا قول عامة أهل العلم في القديم والحديث، وقال خالد الحذاء: لا يختلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أسهم هكذا للفرس سهمين، ولصاحبه سهمًا. وإن كان الفرس هجينًا، أو مقرفًا عكس الهجين، فيعطي سهمًا له، وسهمًا لفرسه. والهجين: الذي أبوه عربي وأمه برذون، والمقرف: الذي أبوه برذون وأمه عربية. قالت هند بنت النعمان بن بشير لما تزوجها الحجاج بن يوسف: وما هند إلا مهرة عربية ... سلالة أفراس تحللها بغل فإن ولدت مهرًا كريمًا فبالحري ... وإن بك إفراف فما أنجب الفحل وإن كان على برذون، وهو ما أبواه نبطيان، فيكون له سهمان: سهم له وسهم لفرسه، لحديث مكحول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى الفرس العربي سهمين، وأعطى الهجين سهمًا. رواه سعيد؛ ولحديث أبي الأقمر قال: أغارت الخيل على الشام، فأدركت العراب من يومها، وأدركت الكوادن ضحى الغد، وعلى الخيل رجل من همدان، يقال له: المنذر بن أبي حمضة، فقال: لا أجعل التي أدركت من يومها، مثل التي لم تدرك، ففصل الخيل، فقال: هبلت الوداعي أمه أمضوها على ما قال. رواه سعيد.

وإن غزا اثنان على فرسهما، فلا بأس به وسهمه لهما بقدر ملكهما فيه، كسائر نمائه، وسهم فرسه مغصوب غزا عليه غاصبه أو غيره، لمالكه، ولو من أهل الرضخ لأن نماءه أشبه ما لو كان مع مالكه؛ ولأن سهمه يستحق بنفعه، ونفعه لمالكه، فوجب أن يكون ما استحق به. وسهم فرس معار ومستأجر وحبيس لراكبه، إن كان من أهل الإسهام لقتاله عليه مع استحقاقه لنفع الفرس، فاستحقه سهمه، ولا يمنع منه كونه حبيسًا؛ لأنه حبيس على من يغزو عليه. ويعطي راكب حبيس نفقة الحبيس من سهمه؛ لأنه نماؤه ولا يسهم لأكثر من فرسين من خيل الرجل، فيعطي صاحبها خمسة أسهم: سهم له وأربعة لفرسيه العربيين؛ لحديث الأوزاعي: كان يسهم للخيل، وكان لا يسهم لرجل فوق فرسين، وإن كان معه عشرة أفراس. وروى معناه سعيد عن عمر، ولأن للمقاتل حاجة إلى الثاني؛ لأن إدامة ركوب فرس واحد تضعفه، وتمنع القتال عليه بخلاف ما زاد. ولا شيء من سهم ولا رضخ لعير خيل؛ لأنه لم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أسهم لعير الخيل، وكان معه يوم بدر سبعون بدر سبعون بعيرًا، ولم تخل غزوة من غزواته من الإبل، بل هي غالب دوابهم، ولو أسهم لها لنقل، وكذا أصحابه –عليه الصلاة والسلام- من بعده؛ ولأنه لا يمكن عليها كر، ولا فر. قال الشيخ: ويرضخ للبغال والحمير، وهو قياس الأصول كما يرضخ لمن لا سهم له من النساء والعبيد والصبيان. قال ابن القيم: ونص أحمد على أن النفل يكون من أربعة أخماس الغنيمة، والعطاء الذي أعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقريش والمؤلفة، هو من النفل، نفل به النبي - صلى الله عليه وسلم - رؤوس القبائل والعشائر ليتألفهم به، وقومهم على الإسلام، فهو أولى بالجواز من تنفيل الثلث بعد الخمس والربع

س55: تكلم عن أحكام ما يلي مع التمثيل لما لا يتضح إلا به: إذا أسقط بعض الغانمين حقه من الغنيمة، إذا تغيرت حال المقاتل، قول الإمام من أخذ شيئا فهو له، تفضيل الغانمين على بعض، إذا وجد صليب، أو خنزير، من وطئ جارية من الغنيمة، ما الذي يترتب على وطئه لها، الاستئجار للجهاد، اذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف.

بعده، لما فيه من تقوية الإسلام وشوكته، واستجلاب عدوه إليه، وهكذا وقع سواء، وللإمام أن يفعل ذلك؛ لأنه نائب عن المسلمين إذا دعت الحاجة، فيتصرف لمصالحهم وقيام الدين. وأن تعين الدفع عن الإسلام والذب عن حوزته، واستجلاب رؤوس أعدائه إليه ليأمن المسلمون شرهم تعين عليه. اهـ. س55: تكلم عن أحكام ما يلي مع التمثيل لما لا يتضح إلا به: إذا أسقط بعض الغانمين حقه من الغنيمة، إذا تغيرت حال المقاتل، قول الإمام من أخذ شيئًا فهو له، تفضيل الغانمين على بعض، إذا وجد صليب، أو خنزير، من وطئ جارية من الغنيمة، ما الذي يترتب على وطئه لها، الاستئجار للجهاد، اذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف. ج: من أسقط حقه من الغانمين، فسهمه للباقي من الغانمين؛ لأن اشتراكهم اشتراك تزاحم، فإذا أسقط حقه كان للباقين، وإن أسقط الكل حقهم من الغنيمة، فهي فيء تصرف للمصالح؛ لأنه لم يبق لها مستحق معين. وإذا لحق بالجيش مدد أو تفلت أسير قبل أن تقضى الحرب، أو صار الفارس راجلًا، أو صار الراجل فارسًا قبل أن تقضي الحرب، أو أسلم من شهد الواقعة كافرًا قبل تقضي الحرب، أو بلغ صبي قبل تقضي الحرب، أو أعتق قن قبل أن تقضى جعلوا كمن كان فيها كلها كذلك. ولا قسم لمن مات، أو انصرفت، أو أسر قبل أن تقضى الحرب؛ لأنهم لم يحضروها وقت انتقال الغنيمة إلى ملك الغانمين؛ وأما قوله الإمام أو نائبه من أخذ شيئًا فهو له فقيل: يحرم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء بعده كانوا يقسمون الغنائم؛ ولأن ذلك يقضي إلى اشتغالهم بالنهب عن القتال، وظفر العدو

بهم ولأن الغزاة اشتركوا في الغنيمة على سبيل التسوية، فلا ينفرد البعض بشيء؛ وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: «من أخذ شيئًا فهو له» ، فذاك حين كانت له ثم صارت للغانمين، ولا يستحق المأخوذ بهذه المقالة آخذه إلا فيما تعذر حمله كأحجار وقدور كبار وحطب ونحوه، وترك فلم يشتر لعدم الرغبة فيه. فيجوز قول الإمام من أخذ شيئًا فهو له. وقيل: يجوز لمصلحة لقوله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: «من أخذ شيئًا فهو له» ؛ ولأنهم غزوا على هذا ورضوا به. قال في السياسة الشرعية: فإن ترك الإمام الجمع والقسمة وأذن في الأخذ إذنًا جائزًا فمن أخذ شيئًا بلا عدوان حل له بعد تخميس، وكل ما دل على الإذن فهو إذن؛ وأما إذا لم يأذن أو أذن إذنًا غير جائز جاز للإنسان أن يأخذ مقدار ما يصيبه بالقسمة متحريًا للعدل في ذلك. اهـ. ويجوز تفصيل بعض الغانمين على بعض لمعنى فيه من حسن رأي وشجاعة فينقل ويخص الإمام بكلب يباح نفعه من شاء من الجيش، ولا يدخله في قسمة؛ لأنه ليس بمال، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير ويصب الخمر ولا يكسر الإناء، ومن مات قبل أن تقضى الحرب، فسهمه لوارثه. ومن وطئ جارية من الغنيمة، وله فيها حق أو لولده أدب لفعله محرمًا، ولم يبلغ بتأديبه الحد؛ لأنه يدرأ بالشبهة، والغنيمة ملك للغانمين فيكون للواطئ حق في الجارية، وإن قل فيدرأ الحد عنه كالمشتركة، وكجارية ابنه، وعلى الواطئ مهرها يطرح في القسم، إلا أن تلد منه فيلزمه قيمتها تطرح في المقسم؛ لأن استيلادها كإتلافها وتصير أم ولده؛ لأنه وطء يلحق به النسب أشبه وطء المشتركة، ولده حر لملكه إياها حين العلوق، فينعقد الولد حرًا. وإن أعتق بعض الغانمين قنًا من الغنيمة أو كان في الغنيمة قن يعتق عليه

س56: من هو الغال؟ وحكم سهمه؟ وما الذي يجب حرقه مما معه؟ والذي لا يحرق؟ ومتى يحرق؟ وماذا يستثنى له؟ وإلى أي شيء يرجع ما أخذ مما غل من الغنيمة؟ وإذا تاب فما الحكم؟ وما أخذ من فدية أو أهدي لأمير أو أهدى لبعض الغانمين فما الحكم؟ وما هي الأدلة على ذلك؟

كأبيه وعمه وخاله عتق قدر حقه لمصادفته ملكه، والباقي كعتقه شقصًا من مشترك، يعتق قدر ما يملكه وباقيه بالسراية إن كان موسرًا بقيمة الباقي وإلا فبقدر ما هو موسر به منها، وأما أسر الرجال قبل اختيار الإمام فيهم، فلا عتق؛ لأن العباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم - عم علي وعقيلًا أخا على كانا في أسرى بدر، فلم يعتقا عليهما؛ ولأن الرجل لا يصير رقيقًا بنفس السبي. ولا تصح الإجارة على الجهاد؛ لأنه عمل يختص أن يكون فاعله من أهل القرية كالحج فيسهم لأجير الجهاد، وإن أخذ أجرة ردها، وتصح الإجارة لحفظ الغنيمة، وحملها وسوقها ورعيها ونحوه. ** ** ** س56: من هو الغال؟ وحكم سهمه؟ وما الذي يجب حرقه مما معه؟ والذي لا يحرق؟ ومتى يحرق؟ وماذا يستثنى له؟ وإلى أي شيء يرجع ما أخذ مما غل من الغنيمة؟ وإذا تاب فما الحكم؟ وما أخذ من فدية أو أهدي لأمير أو أهدى لبعض الغانمين فما الحكم؟ وما هي الأدلة على ذلك؟ ج: الغلو: الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة، سمي غلولًا؛ لأن صاحبه يخفيه في متاعه. ويحرم الغلول وهو كبيرة للوعيد عليه بقوله تعالى: {وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ} ، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر ففتح الله عز وجل علينا، فلم نغنم ذهبًا، ولا ورقًا، فاغتنمنا المتاع والطعام والثياب، ثم انطلقنا إلى الوادي، ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد له وهبه له رجل من جذام يسمى رفاعة ابن زيد من بني الضبيب، فلما نزلنا الوادي، قام عبد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحل رحله، فرمى بسهم فكان فيه حتفه، فقلنا: هنيئًا له الشهادة يا رسول الله، قال: «كلا، والذي نفس محمد بيده، إن الشملة لتلتهب عليه نارًا أخذها من

الغنائم يوم خيبر لم تصبها المقاسم» ، قال: ففزع الناس فجاء رجل بشراك أو شراكين، فقال: يا رسول الله، أصبت يوم خيبر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «شراك من نار أو شراكًا من نار» متفق عليه. وعن عمر قال: لما كان يوم خيبر أقبل نفر من صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: فلان شهيد وفلان شهيد، حتى مروا على رجل، فقالوا: فلان شهيد. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كلا، إني رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة» الحديث رواه أحمد ومسلم، وعن عبد الله بن عمر قال: كان على ثقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل يقال له كركرة فمات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هو في النار فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها» رواه أحمد والبخاري. فمن كتم ما غنم أو بعضه يجب حرق رحله كله؛ لما روي عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبا بكر، وعمر حرقوا متاع الغال. رواه أبو داود. وعن صالح بن محمد بن زائدة، قال: دخلت مع مسلمة أرض الروم، فأتى برجل قد غل، فسأله سالمًا عنه، فقال: سمعت أبي يحدث عن عمر بن الخطاب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا وجدتم الرجل قد غل، فاحرقوا متاعه، واضربوه» ، قال: فوجدنا في متاعه مصحفًا، فسأل سالمًا عنه، قال: بعه وتصدق بثمنه. رواه أحمد وأبو داود. وبهذا قال الحسن، وفقهاء الشام منهم: مكحول والأوزاعي والوليد بن هشام، ويزيد بن يزيد بن جابر، وأتى سعيد بن عبد الملك الغال، فجمع ماله وأحرقه وعمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - حاضر ذلك فلم يعبه. وقال يزيد بن يزيد بن جابر: السُّنة في الذي يغل أن يحرق رحله، وقال مالك والليث والشافعي وأصحاب الرأي: لا يحرق؛ لأن النبي صلى الله عليه

وسلم لم يحرق؛ فإن عبد الله بن عمر روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أصاب غنيمة أمر بلالاً فنادى في الناس، فيجيئون بغنائمهم فيخمسه ويقسمه، فجاء رجل بعد ذلك بزمام من شعر، فقال: يا رسول الله، هذا فيما كنا أصبنا من الغنيمة، فقال: «سمعت بلالًا نادى ثلاثًا» ، قال: نعم، قال: «فما منعك أن تجيء به» ، فاعتذر، فقال: «كنت أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله منك» أخرجه أبو داود؛ ولأن إحراق المتاع إضاعة له، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال. قال أهل القول الأول: أما حديثهم أي أهل القول الثاني، فلا حجة لهم فيه؛ فإن الرجل لم يعترف أنه أخذ ما أخذه على وجه الغلول، ولا أخذه لنفسه؛ وإنما تواني في المجيء به، وليس الخلاف فيه؛ ولأن الرجل جاء به من عند نفسه تائبًا معتذرًا والتوبة تجب ما قبلها؛ وأما النهي عن إتلاف المال، فقيد بعدم المصلحة؛ فأما إذا كان فيه مصلحة، فلا بأس به، ولا يعد تضييمًا، كإلقاء المتاع في البحر إذا خيف الغرق، وقطع يد السارق، مع أن المال لا تكاد المصلحة تحصل به إلا بذهابه فأكله إتلافه وإنفاقه إذهابه، ولا يعد شيء من ذلك تضييمًا، ولا إفسادًا، ولا ينهى عنه؛ لكن قال البخاري: قد روى في غير حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الغال ولم يأمر بحرق متاعه. وقال الدارقطني: حرق متاع الغال لا أصل له عن رسول الله، ولم يثبت حرمان سهمه في خير، ولا دل عليه دليل ولا قياس، فبقي بحاله، واختار الشيخ تقي الدين أن تحريق رحل الغال من باب التعزير لا الحد، فيجتهد الإمام بحسب المصلحة وصوبه في «الإنصاف» وغيره، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس والله سبحانه اعلم ما لم يكن باعه أو وهبه، فلا يحرق؛ لأنه عقوبة لغير الجاني،

ومحل إحراق رحله إذ كان حرًا حيًا؛ فإن مات قبله لم يحرق لسقوطه بالموت كالحدود، فلا يحرق رجل رقيق؛ لأنه لسيده مكلفًا لا صغيرًا، أو مجنونًا؛ لأنهما ليسا من أهل العقوبة، ملتزمًا لأحكامنا، وإلا لم يعاقب على ما لا يعقد تحريمه إلا سلاحًا ومصحفًا، وحيوانًا بآلته ونفقته، وكتب علم وثيابه التي عليه، وما لا تأكله النار، فلا يحرق وذلك كالحديث، وهو للغال. ويعزر الغال مع ذلك بالضرب ونحوه، ولا ينفي ويؤخذ ما غل للمغنم؛ لأنه حق للغانمين، ومن يشركهم فوجب رده إلى أهله؛ فإن تاب بعد قسم أعطى الإمام خمسه ليصرف في مصارفه، وتصدق ببقيته، روي عن معاوية وابن مسعود؛ لأنه لا يعرف أربابه أشبه المال الضائع. وما أخذ من فدية أسرى، فغنيمة لقسمه - صلى الله عليه وسلم - فداء أسرى بدر بين الغانمين، ولحصوله بقوة الجيش، وكذا ما أهدي للأمير، أو لبعض قواده، أو أهدي لبعض الغانمين بدار حرب فغنيمته. وقال الشيخ: ما أخذه العمال وغيرهم من مال المسلمين بغير حق فلولي الأمر العادل استخراجه منهم كالهدايا التي يأخذونها بسبب العمل. قال أبو سعيد: هدايا العمال غلول. روي مرفوعًا، ويشهد له قصة ابن اللتبية، وكذا محاباة في المعاملة، والمؤاجرة، والمضاربة والمساقاة والمزارعة ونحو ذلك، هو نوع من الهدية، ولهذا شاطرهم عمر لما خصوا به من أجل الولاية من محاباة وغيرها؛ لأنه إمام عادل يقسم بالسوية، وما أُهدي بدارنا للإمام أو غيره، فللمهدى له، لقبوله - صلى الله عليه وسلم - هدية المقوقس وغيره، وكانت له وحده.

مما يتعلق في قسمة الغنائم نظمًا تبارك من قد خصّ أمة أحمد ... بتحليل غنم كان أكلا لموقد وما حزته بالجيش قهرًا غنيمة ... من أموال أهل الكفر أو أرض جحد ولو من مباحات لها ثم قيمة ... ولقطتهم أو مبهم ولنشد كذاك ركاز بالجنود استطاعة ... ولو في الموات افهم وفدية مهتد ولم يملكوا بالقهر أموال مسلم ... ولا ذمة في الأظهر المتأكد فأوقفه أن يجهل لمن هو ربه ... أحق ولو بعد اقتسام مفسد وبعد الشر منهم وإسلام آخذ ... به اخصصه مجانًا به في المعدد فإن يلق قبل القسم يعطاه أن يشأ ... وإلا فمن مال الغنيمة فاعدد ويقسم أن يجهل ولا حق بعد ذا ... لصاحبه كالمشتري منهم أعضد ولا إن أتانا آخذ مسلم به ... ومستأمنًا قد جاءنا وهو في اليد وعنه له المقصود إن شاء بقيمة ... وما منهم ابتغاه بالثمن اشهد ولا حق في المشهور من بعد قسمة ... وبالثمن إن شا المشتري امنحه وارقد وإن كان مأخوذًا لا عوض فخذ ... من المرء مجانًا على المتوطد ومتهب أو مشتر إن تصرفا ... يصح ومن أقصاهم خذ بأجود ولم يملكوا عبدًا لنا جاء آبقًا ... ولا شارد العجما وفلكا بأوكد ولا يملكون الحر والوقف مطلقًا ... ومستولدات المسلمين بأوطد وإن يشتري مأسورنا مسلم نوى ... رجوعًا فألزم مفتدي ما به فدى ونملك باستيلائنا الغنم ثانيًا ... ولو أنه في دار حرب بأجود وقسمتها فيها تجوز فإن تبع ... فمن مال مبتاع نواها بأوكد

وما للأمير الإشترا من غنيمة ... ويلزم من يبتاع رد المزيد لمن شهد الهيجاء أهلًا لخوضها ... ولو تاجرًا أو موجرًا ذا تعدد ومن غاب عنها في القتال لنفعنا ... بإذن الأمير إقسم له لا تردد ولاحظ للمنوع صحبة جيشنا ... ولا لمريض عاجز ومعدد ومن بعد إحراز الغنيمة جايخ ... كذا بين الاستيلا وحوز بأجود ويبدأ بالأسلاب تعطي لأهلها ... كمال لذي عهد وعقد ومهتد وجعل وأجرًا لحافظين ويقسم ... السبقة أخماسًا فخمسًا كذا اعدد فخذ خمسة لله ثم رسوله ... وفي مصرف الفيء اصرفنه بأوكد وسيان ذو وفر وفقر وقيل ذا ... أحق ومولاهم عن القسم أبعد بأي بلاد الله جلوا وقيل بل ... بقطر جهاد كالشآم فقيد وخمس لأيتام مع الفقر أسوة ... وما عم مستغن وناء بمبعد وصنف فقير والمساكين في سوى ... الزكاة لهم خمس من الخمس أرصد ولابن سبيل المسلم الحر خمسة ... وعدد لذي الأوصاف عند التعدد ومن بعد هذا اتقان ذوي الغنى ... ومن قبل تخميس بوجه به جد ولا سهم في الأولى لذي الكفر ... وارضخن له، والمميز، والنساء، واعهد وكالقن من كاتبته ومدبر ... وفي مشكل والحر بعضا تردد وفي غنم أهل الرضع خميس وما بقي ... لهم غنمًا أقسم وقيل بل اجهد ولا تلزمن في بذل رضخ تساويا ... بل إن شئت ساويهم وإن شئت زيد ولا تعطين رضخًا لذي السهم مثله ... ونقضه عن مركوبه عند ترشد ومن صار منهم مثل أهل سهامها ... قبيل تقضي الحرب بالسهم زود ومن كان يغزل فوق طرف لسيد ... فسهماه كالمغصوب تعطي لسيد وللفرس أرضخ تحت ذي الرضخ مطلقًا ... سوى العبد وأسهم للغصيب بأجود

ولا شيء للأباق مثل مخذل ... وممنوع دين أو أب فليرقد وسائرها للفارس ادفع ثلاثة ... له واحد منها كراجلهم قد وللفرسين اقسم فقط والهجين ... والبراذين والمقرف سهيم لها طد ولا شيء يعطي غير خيل وعنه ... للبعير المواتي الكر منهم ليفرد وكن بشهود الحرب معتبرًا ... ولا التفاب إلى ما قبل أو بعد فاهتد فمن شهد الهيجا على الطرف فارس ... ومن لا فلا فاحكم بغير تقيد وقيل اعتبر حال الفتى حين جاءنا ... أهو مستحق السهم أم لا فقيد ولم يستبح شيء بقول الإمام من ... حوى منكم شيئًا ينله بأوكد وعنه يلي مع أمنه من مفاسد ... وحاجة تحريض كبدر فجود وأسهم في الأولى للأجير لخدمة ... وللحرب منه سوى أهلها اصدد وعنه له سهم وعنه إجارة ... على الغزو والغوا أجرها أردده ترشد ووارث ميت الجيش يعطي حقوقه ... جميعًا على ما قد تقدم فاشهد وإن سرايانا تشارك جيشنا ... وبالعكس إلا ما يخص بمفرد ويسهم للمبعوث إن كان غائبًا ... لمصلحة الجيش الهمام المجند وإن رغبوا عنها ففيء وبعضهم ... متى رغبوا الباقين بالكل زود وإن يعط ذو حق بها ولولده ... فتاة فأدبه وعن حده حد وخذ منه مهر المثل غنمًا وقيمة ... لها إن ولدت منه وألحقه وافتدت وإن غل ذو حق له أو لولده ... ووالده من قبل قسم وسيد فأدب بلا قطع وحرق متاعه ... الذي كان معه ثم في نص أحمد إذا كان حرًا عالم الحظر بالغًا ... سوى مصحف أو كتب علم مرشد وآلة حرب أو ثياب وسترة ... وآلة مركوب وذا الروح تهتد ولا تحرقن إن غل عبد متاعه ... ولا تمنعن من غل سهمًا بأوطد

وهل سارق من مغنم كغلوله ... حكموه على وجهين فارو وأسند ويعتق من غنم محرز غانم ... وذو رحم إن عمه حقه قد وإلا كعتق الشخص نص عليها ... ولا عتق فيما اختاره ذو المجرد ويختار مجد الدين كالنص إن تكن ... رقيقًا وكالقاضي متى تعدد وإهداء كفر في الغزاة لقائد ... الجيوش اغتنامًا ليس فيئًا بأجود وإن سيده من دار حرب لدارنا ... فذاك لمن أهدى له بتفرد

س57: ما هي أصناف الأراضي المأخوذة من كفار؟ وبأي شيء يخير الإمام فيها؟ وما الحكم فيما إذا أسلموا أو انتقلت إلى مسلم؟ وما الذي يلزم الإمام نحوها؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف.

الأرضون المغنومة س57: ما هي أصناف الأراضي المأخوذة من كفار؟ وبأي شيء يخير الإمام فيها؟ وما الحكم فيما إذا أسلموا أو انتقلت إلى مسلم؟ وما الذي يلزم الإمام نحوها؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف. ج: الأرضون المغنومة من كفار ثلاثة أصناف، أحدها: المأخوذة عنوة وهي التي أجلوا أهلها الحربيين عنها، فيخير الإمام تخيير مصلحة بين قسمها بين الغانمين كمنقول، وبين وقفها على المسلمين؛ لأن كلًا ورد فيه خير؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم نصف خيبر، ووقف نصفها لنوائبه، رواه أبو داود من حديث سهل بن أبي حثمة. ووقف عمر الشام ومصر والعراق، وسائر ما فتحه، وأفره الصحابة ومن بعدهم ذلك. وعن عمر - رضي الله عنه - قال: أما والذي نفسي بيده لولا أن أترك الناس بيانًا، أي لا شيء لهم ما فتحت على قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر؛ ولكني أتركها لهم خزانة يقتسمونها. قال في الشرح: ولم نعلم أن شيئًا مما فتح عنوة قسم بين الغانمين إلا خيبر؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم نصفها فصار لأهله لا خراج عليه، وسائر ما فتح عنوة مما فتحه عمرو من بعده كأرض الشام، والعراق، ومصر وغيرها لم يقسم منه شيء، فروى أبو عبيدة في كتاب الأموال أن عمر قدم الجابية وأراد قسم الأرضين بين المسلمين، فقال له معاذ: والله إذن ليكونن ما تكره، إنك إن قسمتها اليوم صار الريع العظيم في أيدي القوم، ثم يبيدون

فيصير ذلك الرجل الواحد والمرأة، ثم يأتي بعدهم قوم يسدون من الإسلام مسلمًا، وهم لا يجدون شيئًا، فانظر أمرًا أولهم وآخرهم. فصار عمر إلى قول معاذ. وروى أيضًا قال: قال الماجشون: قال بلال لعمر بن الخطاب في القرى التي افتتحها عنوة: اقسمها بيننا وخذ خمسها، فقال عمر: لا، هذا عين المال، ولكن أحسبه فيئًا يجري عليهم وعلى المسلمين، فقال بلال وأصحابه: اقسمها بيننا، فقال عمر: اللهم اكفني بلال وذويه، قال: فما حال الحول ومنهم عين تطرف. وقال مالك وأبو ثور: يجب قسمها؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك، وفعله أولى من فعل غيره، وأجيب بأن عمر وقفها مع علمه بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدل على أن فعله ذلك لم يكن متعينًا كيف، والنبي - صلى الله عليه وسلم - وقف نصف خيبر، ولو كان للغانمين لم يكن له وقفها. الثانية: ما جلا أهلها عنها خوفًا منا، وحكمها كالأولى في التخيير المذكور قياسًا عليها؛ لأنه مال ظهر عليه المسلمون بقوتهم، فلا يكون وقفًا بنفس الاستيلاء كالمنقول ... فعلى هذا تجري فيها الروايات السابقة؛ لكن لا تصير وقفًا إلا بوقف الإمام لها، صرح به الجماعة؛ لأن الوقف لا يثبت بنفسه، فعلى هذا حكمها قبل وقف الإمام كالمنقول، يجوز بيعها والمعارضة بها، وعنه تصير وقفًا بنفس الظهور عليها، قدمه في «المقنع» وجزم به في «الوجيز» ، وقدمه في «المغني» والمحرر والشرح والفروع وغيرهم. الثالث: المصالح عليها، وهي نوعان: فما صولحوا على أن الأرض لنا ونقرها بالخراج فهي كالعنوة في التخيير، ولا يسقط خراجها بإسلامهم، وعنه تصير وقفًا بنفس الاستيلاء، وجز به في «الإقناع» . والثاني ما صولحوا على أن الأرض لهم، ولنا الخراج عنها، فهو كجزية إن أسلموا سقط عنهم، أو انتقلت الأرض إلى مسلم سقط عنهم كسقوط جزية

س58: إلى أي شيء يرجع في قدر خراج وجزية؟ وما الذي وضعه عمر على الجريب؟ وما مقدار الجريب والقفيز؟ وعلى أي شيء يكون الخراج؟ وعلى من يكون الخراج؟ وهل يحبس به الموسر؟ وتكلم عمن عجز عن عمارة أرضه وعما يجوز بذله للعامل. وما الذي لا خراج عليه؟ وأين مصرف الخراج؟

بإسلام؛ وإن انتقلت إلى ذمي من غير أهل الصلح، لم يسقط خراجها، ويقرون فيها بلا جزية؛ لأنها ليست دار سلام، بخلاف ما قبل من الأرضين، فلا يقرون بها بلا جزية كما في «الإقناع» ويجب على إمام فعل الأصلح للمسلمين. س58: إلى أي شيء يرجع في قدر خراج وجزية؟ وما الذي وضعه عمر على الجريب؟ وما مقدار الجريب والقفيز؟ وعلى أي شيء يكون الخراج؟ وعلى من يكون الخراج؟ وهل يحبس به الموسر؟ وتكلم عمن عجز عن عمارة أرضه وعما يجوز بذله للعامل. وما الذي لا خراج عليه؟ وأين مصرف الخراج؟ ج: يرجع في قدر خراج وجزية إلى تقدير الإمام من زيادة ونقص على حسب ما يؤدي إليها اجتهاده، وتطيقه الأرض؛ لأنه أجرة فلم يتقدر بمقدار لا يختلف كأجرة المساكن، ووضع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على كل جريب درهمًا وقفيزًا. قال أحمد وأبو عبيد القاسم بن سلام: أعلى وأصح حديث في أرض السواد: حديث عمرو بن ميمون، يعني أن عمر وضع على كل جريب درهمًا وقفيزًا. والقفيز ثمانية أرطال، قيل: بالمكي، وقيل: بالعراقي، وهو نصف المكي، والجريب عشر قصبات في مثلها، والقصبة ستة أذرع بذراع وسط وقبضة، وإبهام قائمة مع كل ذراع، فالجريب ثلاثة آلاف ذراع مكسرة والخراج على أرض لها ماء تسقى به، ولو لم تزرع كالمؤجرة. ولا خراج على ما لا يناله ماء من الأراضي، ولو أمكن زرعه وإحياؤه ولم يفعل؛ لأن خراج الأرض أجرة الأرض، وما لا ينفعه فيه لا أجرة له. وما لم ينبت إلا عامًا بعد عام، أو لم ينله الماء إلا عامًا بعد عام، فنصف خراجه يؤخذه في كل عام؛ لأن نفعها على النصف فكذا خراجها، والخراج على المالك، والخراج كالدين، يحبس به الموسر وينظر به المعسر.

ومن عجز عن عمارة أرضه الخراجية أجبر على إجارتها لمن يعمرها، أو على رفع يده عنها؛ لتدفع لمن يعمرها ويقوم بخراجها؛ لأن الأرض للمسلمين، فلا يعطلها عليها. ويجوز أن يرشي العامل وأن يهدى له لدفع الظلم عنه. ولا يجوز أن يرشي العامل، أو يهدى له ليدع عنه خراجًا؛ لأنه توصل إلى إبطال حق فحرم على آخذ ومعط، كرشوة حاكم ليحكم له بغير حق، والهدية: الدفع ابتداء، والرشوة: الدفع بعد الطلب، وأخذ الرشوة والهدية حرام لحديث: «هدايا العمال غلول» . ولا خراج على مساكن سواء فتحت عنوة أو صلحًا؛ لأنه لم ينقل، وادي أحمد الخراج عن داره تورعًا. ولا خراج على مزارع مكة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يضرب عليها شيئًا. والخراج: جزية الأرض، والحرم كمكة، فلا خراج على مزارعة. ولا يجوز لأحد تفرقة خراج على نفسه؛ لأن مصرفه غير معين، فيفتقر إلى اجتهاد، ولأنه للمصالح كلها. ومصرف الخراج كفيء؛ لأنه منه. وإن رأى الإمام المصلحة في إسقاطه عمن له وضعه فيه ممن يدفع عن المسلمين؛ وفقيه ومؤذن ونحوه؛ جاز له إسقاطه عنه؛ لأنه لا فائدة في أخذه منه ثم رده إليه، ولا يحتسب بما ظلم في خراجه من عشر عليه. ومن أقام ببلد تطلب منها الكلف بحق، وغيره بنية العدل، أو تقليل الظلم مما أمكن لله تعالى، فكالمجاهد في سبيله. ذكره الشيخ تقي الدين، لقيامه بالقسط والإنصاف. ومن باشر جبايتها وتحصيلها، إعانة لمن تؤخذ منه لا للأخذ؛ متحريًا

س59: ما هو الفيء؟ وما مثاله؟ وما مصرفه؟ وبأي شيء يبدأ من المصالح؟ ثم ماذا بعده؟ ولماذا لا يخمس الفيء؟ وأين يكون موضع الفاضل؟ وأين مصرف خمس خمس الغنيمة؟ وما مقدار العطاء؟ وإذا استوى اثنان من أهل الفيء فما الحكم؟

العدل والإنصاف؛ فمأجور بذلك وليس من أعوان الظلمة. قال القاضي مجد الدين من الحنفية في منظومته الفقهية: ولو بتوزيع المغارم التي ... كلفها السلطان للرعية قام بها شخص بعدل ذكروا ... بأنه في ذا القيام يؤجر س59: ما هو الفيء؟ وما مثاله؟ وما مصرفه؟ وبأي شيء يبدأ من المصالح؟ ثم ماذا بعده؟ ولماذا لا يخمس الفيء؟ وأين يكون موضع الفاضل؟ وأين مصرف خمس خمس الغنيمة؟ وما مقدار العطاء؟ وإذا استوى اثنان من أهل الفيء فما الحكم؟ ج: أصله من الرجوع، يقال: فاء الظل إذا أرجع نحو الشرق، وسمي المال الحاصل على ما يذكر فيئًا؛ لأنه رجع من المشركين إلى المسلمين. قال الله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} الآية؛ والفيء: ما أخذ من مال كفار غالبًا بحق بلا قتال كجزية، وخراج من مسلم وكافر، وعشر تجارة من حربي ونصفه من ذمي. وما ترك من كفار لمسلمين فزعامتهم، أوترك عن ميت مسلم أو كافر، ولا وارث له يستغرق. وخرج بقولنا يحق ما أخذ من كفار ظلمًا، كما لمستأمن، وخرج بقولنا بلا قتال الغنيمة؛ ومصرف الفيء: المصالح ومصرف خمس خمس الغنيمة المصالح لعموم نفعها، ودعاء الحاجة إلى تحصيلها، قال عمر: ما أحد من المسلمين إلا له في هذا المال نصيب إلا العبيد فليس لهم فيه شيء، وقرأ عمر: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} حتى بلغ {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} ، فقال: قد استوعبت المسلمين عامة. وعلم منه أنه لا يختص بالمقاتلة ويبدأ بالأهم فالأهم، من سد ثغر وكفاية

س60: من الذي يجب له العطاء؟ ومن الذي يملك بيت مال المسلمين؟ وإذا أتلفه إنسان فما الحكم؟ وإذا مات بعد حلول العطاء فلمن يكون حقه، وإذا مات من أجناد المسلمين من له أولاد صغار فما الحكم؟ وإذا

أهله، وحاجة من يدفع عن المسلمين؛ لأن أهم الأمور حفظ بلاد المسلمين وأمنهم من عدوهم، وسد الثغور وعمارتها وكفايتها بالخيل والسلاح. وفي وقتنا أيضًا بالمدافع والدبابات، وجميع ما يناسب الحال الحاضرة ويحفظ البلاد، ثم بالأهم فالأهم من سد بثق، وكرى نهر، وعمل قنطرة، ورزق قضاة، وغير ذلك، كإصلاح طرق، وعمارة مساجد، وأرزاق أئمة ومؤذنين وفقهاء. ولا يخمس الفيء؛ لأن الله تعالى أضافه إلى أهل الخمس، كما أضاف إليهم خمس الغنيمة، ويقسم ما فضل عما يعم نفعه بين أحرار المسلمين غنيهم وفقيرهم؛ لأنهم استحقوه بمعنى مشترك، فاستووا فيه كالميراث، وعنه يقدم محتاج. قال الشيخ تقي الدين: وهو أصح عن أحمد؛ لقوله تعالى: {لِلْفُقَراءِ} ولأن المصلحة في حقه أعظم منها في حق غيره؛ لأنه لا يتمكن من حفظ نفسه من العدو بالعدة، ولا بالهرب لفقره، بخلاف الغني، واختار أبو حكيم والشيخ تقي الدين، لاحظ للرافضة فيه. وذكره في الهدي عن مالك وأحمد، وقيل: يختص بالمقاتلة لأنه كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته لحصول النصرة؛ فلما مات صارت بالخيل، ومن يحتاج إليه المسلمون ويكون العطاء كل عام مرة أو مرتين، ويفرض للمقاتلة قدر كفايتهم وكفاية عيالهم. وإن استوى اثنان من أهل الفيء في درجة قدم أسبقهما في إسلام؛ فإن استويا فيه فأسن؛ فإن استويا فيه فاقدم هجرة وسابقة، ثم إن استووا في جميع ذلك؛ فولي الأمر مخير إن شاء أقرع بينهما، وإن شاء نبهما على رأيه. س60: من الذي يجب له العطاء؟ ومن الذي يملك بيت مال المسلمين؟ وإذا أتلفه إنسان فما الحكم؟ وإذا مات بعد حلول العطاء فلمن يكون حقه، وإذا مات من أجناد المسلمين من له أولاد صغار فما الحكم؟ وإذا

تزوجت المرأة والبنات فما الحكم؟ ما حكم الأخذ من بيت المال بلا إذن إمام؟ ج: لا يجب العطاء إلا لبالغ عاقل حر بصير صحيح، يطيق القتال، ويتعرف قدر حاجة أهل العطاء وكفايتهم، فيزيد ذا الولد والفرس، ومن له عبيد في مصالح الحرب حسب كفايتهم، وإن كانوا لتجارة أو زينة لم يجب مؤنتهم، وينظر في أسعار بلادهم؛ لأن الأسعار تختلف والغرض الكفاية؛ ولهذا تعتبر الذرية. قال الشيخ: وهذا والله أعلم على قول من رأى التسوية؛ فأما من رأى التفضيل؛ فإنه يفضل أهل السوابق والغناء في الإسلام على غيرهم، بحسب ما يراه، كما فعل عمر - رضي الله عنه -، ويخرج من المقاتلة بمرض لا يرجى زواله كزمانة ونحوها. وبيت المال ملك المسلمين؛ لأنه لمصالحه يضمنه ويحرم أخذ منه بلا إذن إمام لأنه افتيات عليه، ومن مات بعد حلول العطاء، دفع لورثته حقه لاستحقاقه له قبل موته، فينتقل إلى ورثته كسائر حقوقه؛ ودفع لامرأة جندي وأولاده قدر كفايتهم لتطييب قلوب المجاهدين؛ لنهم إذا علموا أن عيالهم يكفون المؤنة بعد موتهم توفروا على الجهاد، وإذا علموا خلاف ذلك توفروا على الكسب وآثروه على الجهاد، مخافة الضيعة على عيالهم؛ ولهذا قال أبو خالد الهناي: لقد زاد الحياة إليّ حبًّا ... بناتي إنهن من الضعف مخافة أن يرين الفقر بعدي ... وإن يشرين رنقًا بعد صاف وأن يعرين إن كسي الجواري ... فتنبو العين من كرم عجاف ولولا ذاك قد سومت مهري ... وفي الرحمن للضعفاء كافي

فإذا بلغ ذكورهم أهلًا للقتال، واختاروا أن يكونوا مقاتلة فرض لهم بطلبهم لأهليتهم لذلك كآبائهم؛ ومن الأحكام السلطانية مع الحاجة إليهم وإلا قطع فرضهم، ويسقط فرض المرأة والبنات بالتزويج. وينبغي للإمام أن يضع ديوانًا يكتب فيه أسماء المقاتلة، وقدر أرزاقهم ضبطًا لهم، ولما قدر لهم، ويجعل لكل طائفة عريفًا يقوم بأمرهمن ويجمعهم وقت العطاء، ووقت الغزو، ليسهل الأمر على الإمام.

من النظم في حكم الفيء ومصارفه وأقسام أموال الأنام ثلاثة ... فمال زكاة فيه بالذكر قيد وثانيه أموال الغنيمة توجف ... الركاب عليها في وغى متوقد وللفيء مال وهو ما ليس موجب ... الركاب عليه في قتال لجحد كما تركوا خوفًا وعشر وحزية ... خراج وخمس الخمس مع إرث مفرد ومصرفه ما عم نفعًا لديننا ... كإصلاح ثغر أو كفاية منجد وإصلاح أنهار وجسر وخندق ... وحصن وسيل مع رباط ومسجد وأرزاق نقال الشريعة معلقًا ... وسد بثوق في الأصح الموطد وإن تبق من بعد المصالح فضلة ... فتقسم في الأحرار من كل مهتد غنيهم مثل الفقير وعنه بل ... يقدم ذو الحاجات منهم فجود ويجعل ديوانًا أمينًا لضبطه ... وكل فئام مع عريف مرشد وورث نصيب الميت بعد حلوله ... وللباذل الخمس إن تشا اردد بمبعد وقم بصغار الجند والعرس بعدهم ... وللبالغ افرض إن رأوا كالمجند ويسقط إن لم يخدموا فرضهم كذا ... بتزويج عرس والبنات فشرد ** ** **

باب الأمان

8 - باب الأمان س61: ما هو الأمان؟ وما الأصل فيه؟ وما الذي يُراد به هنا؟ وما الذي يحرم به؟ وكم مدته؟ وما حكمه منجزًا أو معلقًا؟ وما الذي يشترط له؟ ومن الذي يصح منه؟ وما صفة التأمين؟ وهل يسري الأمان؟ وكم العقود التي تفيد الأمن؟ وما هي؟ واذكر المحترزات والأدلة والتعاليل. ج: الأمان: ضد الخوف، وأُريد به هنا ترك القتل والقتال مع الكفار وهو من مكايد الحرب ومصالحه، والعقود التي تقيد الأمن ثلاثة: أمان، وجزية، وهدنة؛ لأنه إن تعلق بمحصور فالأمان، أو بغير محصور؛ فإن كان إلى غاية فالهدنة، وإلا فالجزية، وهما مختصان بالأمان، أو بغير محصور؛ فإن كان إلى غاية فالهدنة، وإلا فالجزية، وهما مختصان بالإمام بخلاف الأمان، والأصل فيه آية: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ} . قال الأوزاعي: هي إلى يوم القيامة، فمن طلب أمانًا ليسمع كلام الله، ويعرف شرائع الإسلام، لزم إجابته، ثم يرد إلى مأمنه. وروي عن علي - رضي الله عنه -، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم، فمن أخفر مسلمًا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا» رواه البخاري، ويحرم قتل، ورق وأسر، وأخذ مال، والتعرض لهم لعصمتهم به، ويشترط أن يكون الأمان من مسلم، فلا يصح من كافر ولو ذميًا؛ لأنه غير مأمون علينا، عاقل فلا يصح من طفل ولا مجنون؛ لأنه لا يدري المصلحة، مختار فلا يصح من مكره عليه، كالإقرار والبيع، غير سكران؛ لأنه لا يعرف المصلحة،

ولو قنًا، أو مميزًا، أو أنثى، فلا تشترط حريته، ولا ذكوريته، ولا بلوغه؛ أما القن فلقول عمر: العبد المسلم رجل من المسلمين، يجوز أمانه، رواه سعيد؛ ولقوله: «ليسعى بها أدناهم» ؛ فإن كان لذلك صح أماه للحديث، وإن كان غيره أدنى منه صح من باب أولى، ولأنه مسلم أشبه الحر. وأما المميز فلعموم الخبر ولأه عاقل فصح منه كالبال. وأما الأنثى؛ فلقوه - صلى الله عليه وسلم -: «قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ» رواه البخاري، وأجارت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا العاص ابن الربيع، وأجازه النبي - صلى الله عليه وسلم -. شرط الأمان عدم ضرر على المسلمين. ويصح أمان منجزًا، كانت آمن، ويصح معلقًا، نحو من فعل كذا فهو آمن؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: «من دخل دار أبي سفيان، فهو آمن» . ويصح من إمام لجميع المشركين لعموم ولايته. ويصح من أمير لأهل بلدة جعل بإزائهم لعموم ولايته في قتالهم؛ وأما بالنسبة لغيرهم، فكأحاد المسلمين. ويصح -من كل أحد يصح أمانه- لقافلة وحصن صغيرين عرفً. ويصح أمان بكل ما يدل عليه من قول، أو إشارة مفهومة مع القدرة على النطق؛ لقول عمر: والله لو أن أحدكم أشار بأصبعه إلى السماء، إلى مشرك، فنزل بأمان، فقتله لقتلته به. رواه سعيد. ويصح برسالة بأن يراسله بالأمان، وبكتاب أن يكتب له بالأمان، كالإشارة وأولى؛ فإن قال لكافر: أنت آمن، فقد أمنه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن» ، أو قال لكافر:

س62: تكلم عن ما يلي: من أسلم أو أعطى أمانا ليفتح حصنا ففتحه واشتبه بحربيين إذا اشتبه ما أخذ من كافر بما أخذ من مسلم هل فيه جزية؟ مدة الأمان؟ عقد الأمان للرسول والمستأمن، من جاء

لا بأس عليك، فقد أمنه؛ لأن عمر قال للهرمزان: تكلم ولا بأس عليك، ثم أراد قتله. قال أنس والزبير: قد أمنته لا سبيل لك عليه، رواه سعيد. أو قال: أجرتك؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لأم هانئ: «قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ» . أو قال: قف، أو قم، أو لا تخف، أو لا تخش، أو لا خوف عليك، أو لا تذهل أو ألق سلاحك، فقد أمنه لدلالة ذلك عليه، أو قال له: مُتْرَسْ بالفارسية، ومعناه: لا تخف. قا لابن مسعود: إن الله يعلم لكل لسان، فمن كان منكم أعجميًا، فقال: مترس، فقد أمنه، أو أمن بعضه، أو يده فقد أمنه؛ لأنه لا يتبعض. وقال أحمد: إذا اشتراه ليقتله، فلا يقتله؛ لأنه إذا اشتراه، فقد أمنه. فإن أشار إليهم بما اعتقدوه أمانًا، وقال: أردت به الأمان، فهو أمان، وإن قال: لم أرد به الأمان، فالقول قوله؛ لأنه أعلم بمراده. ويسري الأمان إلى من معه من أهل ومال، تبعًا إلا أن يخصص به، كانت آمن دون أهلك ومالك فلا يسري إليهما، ويجب رد معتقد غير الأمان أمانًا إلى مأمنه، وهو الموضع الذي صدر فيه ما اعتقده أمانًا نصًا، لئلا يكون غدرًا له، ويقبل من عدل قوله: إني أمنته، وإن ادعى الأمان أسير وأنكره من جاء به فقول منكر؛ لأن الأصل عدمه، وإباحة دم الحربي. س62: تكلم عن ما يلي: من أسلم أو أعطى أمانًا ليفتح حصنًا ففتحه واشتبه بحربيين إذا اشتبه ما أخذ من كافر بما أخذ من مسلم هل فيه جزية؟ مدة الأمان؟ عقد الأمان للرسول والمستأمن، من جاء بلا أمان وادعى أنه رسول أو تاجر، من جاءت به ريح أو ضل الطريق، ما يبطل به الأمان، إذا أودع أو أقرض مستأمن مسلمًا،

ثم عاد لدار حرب أو انتقض عهد ذمي، ماذا يعمل بماله؟ تصرفه فيه إذا مات بدار حرب. ج: من أسلم قبل فتح واشتبه، أو أعطي أمانًا ليفتح حصنًا ففتحه واشتبه محربيين، وادعى كل واحد منهم أنه الذي أعطي، أو أنه الذي أسلم قبل، واشتبه علينا الذي أمناه، أو كل أسلم فيهن، حرم قتلهم؛ لأن كل واحد منهم يحتمل صدقه، أشبه ما لو اشتبهت أخته بأجنبيات، أو ميتة بمذكاة، قاله في الفروع، ويتوجه مثله لو نسي، أو اشتبه من لزمه قود بمن لا يلزمه فيحرم القتل، وإن اشتبه ما أخذ من كافر بحق يما أخذ من مسلم بلا حق، فينبغي الكف عنهما؛ لحديث: «فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه» ، ولا جزية مدة أمان؛ لأنه لم يلتزمها، ويعقد الأمان لرسول ومستأمن؛ لأنه –عليه الصلاة والسلام- كان يؤمن رسل المشركين؛ لما ورد عن ابن مسعود قال: جاء ابن النواحة، وابن أثار رسولا مسيلمة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لهما: «أتشهدان أني رسول الله؟» قالا: نشهد أن مسيلمة رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آمنت بالله ورسوله، لو كنت قاتلًا رسولًا لقتلتكما» . قال عبد الله: فمضت السُّنة أن الرسل لا تقتل. رواه أحمد. وعن نعيم بن مسعود الأشجعي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قرأ كتاب مسيلمة الكذاب، قال للرسولين: «فما تقولان أنتما؟» قالا: نقول كما قال، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «والله لولا أن الرسل لا تقتل، لضربت أعناقكما» رواه أحمد وأبو داود. وعن أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: بعثتني قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فلما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقع في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول الله، لا أرجع إليهم، قال: «إني لا أخيس

بالعهد، ولا أحبس البرد، ولكن ارجع إليهم؛ فإن كان في قلبك الذي فيه الآن فارجع» رواه أحمد وأبو داود. وقال: هذا كان في ذلك الزمان، اليوم لا يصلح، ومعناه –والله أعلم-: إنه كان في المدة التي شرط لهم فيها أن يرد من جاء منهم مسلمًا؛ ولأن لحاجة داعية إلى ذلك، إذ لو قتل لفاتت مصلحة المراسلة. ومن جاءنا بلا أمان، وادعى أنه رسول أو تاجر، وصدقته عادة قبل منه ما ادعاه، وأن لا تصدقه عاده فكأسير، أو كان جاسوسًا فكأسير، يخير الإمام فيه، ومن جاءت به ريح من كفار، أو ضل الطريق منهم، أو أبق إلينا من رقيقهم، أو شرد إلينا من دوابهم، فهو لآخذه غير مخموس؛ لأنه مباح، وأخذه بغير قتال في دار الإسلام أشبه الصيد والحشيش. ويبطل أمان بردة من مستأمن لنقضه له. ويبطل بخيانة؛ لأن الخيانة غدر، وهو لا يصلح في ديننا. وإن أودع مستأمن مالًا، أو أقرض مستأمن مسلمًا مالًا، أو ترك المال ببلاد الإسلام، ثم عاد لدار حرب، أو انتقض عهد ذمي بقي أمان ماله، ويبعث ماله إليه إن طلبه لبقاء؛ لأمان فيه، ويصح تصرفه فيه بنحو بيع وهبة لبقاء ملكه، وإن مات بدار حرب، فماله بدار الإسلام لوارثه؛ لأن الأمان حق لازم متعلق بالمال، فبموته ينتقل لوارثه؛ فإن عدم وارثه ففيء لبيت المال، وإن استرق وقف ماله؛ فإن عتق أخذه، وإن مات قنا ففيء. وإن أسر فأطلق بشرط أن يقيم عندهم مدة، أو أن يأتي ويرجع إليهم، أو أن يبعث مالًا، وإن عجز عاد إليهم، ورضي لزمه الوفاء؛ لحديث: «إنا لا يصلح في ديننا الغدر» ولأنه في الوفاء مصلحة للأسارى، وفي الغدر

مفسدة عليهم؛ لأنهم لا يأمنون بعد مع دعاء الحاجة إليه. وإن أكرهوه عليه لم يلتزمه الوفاء لهم إلا المرأة إذا أسرت ثم أطلقت بشرط أن ترجع إليهم، فلا يحل لها أن ترجع لقوله تعالى: {فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكُفَّارِ} ولأنه تسليط على وطئها حرامًا، وألا يؤمنوه فيقتل ويسرق أيضًا كما له الهرب؛ لأنه لم يؤمنهم، ولم يؤمنوه، ولو جاءنا حربي بأمان ومعه مسلمه، لم ترد معه، ويرضى لتركها بدار الإسلام.

مما يتعلق بالأمان نظمًا يصح أمان الكفر من كل مسلم ... يكلف ولو أسري وأنثى وأعبد وليس لذي كفر أمان ومكره ... ومن رب تمييز يصح بأوكد ومن صح منه صح إخباره به ... كمرضعة أو حاكم متشدد ويمضي أمان من إمام لكلهم ... ومن قائد فيمن يقاله قد وشرطها تعيين مدة أمنهم ... ولو طال لا عشر السنين بأوكد ومن واحد منا لفعل غير أو ... حصين ولا تقبل لمصر ومحتد ويحصل حتى بالإشارة منهم ... إذا فهموا والشخص من بعضه اشهد ووجهان في الق السلاح مترس ... ومبتاع أسرى إن يرد قتلهم ذد ويقبل إنكار المشير أمانهم ... بها ثم مخط القصد للمأمن أردد ومن شرط أمن بالأمان قبولهم ... ومن رد حلل قتله لا تردد ومن يعطه مع شرط نفع فلم يجد ... به ينتقض بالعكس أوف بموعد وإن يدعي المأمور أخذ موحد ... به جا فينكر خذ بقول الموحد وإن يدعي من بعد أسر أمانه ... فلا قتل وارققه بغير تردد وإن قال ذو الإسلام ملكي شربته ... فلا قتل فليحكم به ملك مهتد ومن يبلغ أمنًا لاستماع القرآن ... أو تعرف حكم الدين يعطي ويردد ومن يهد أو يعطى الأمان بحصنه ... ليفتح فيفتح مع تداعيه فاشهد بتحريم قتل الجمع نصًا ورقهم ... وقيل أقرعن وارقق سوى قارع قد وإن يشتبه فتاح حسن بجعل ... أقسمن وعنه فأقرع وللقارع ارقد وللرسل أو مستأمن صح عقده ... لا جزية في النص كالهدنة اشهد وآت بلا أمن كدعوى رسالة ... ومعداد بحر ذو متاع معدد

له الأمن منا ريب فقر كما مضى ... وعين ودون الفرض كالعان فأردد وإن ضل حربي أو أنعامه إلى ... بلاد الهدى أو مركب ذو تشرد فهو غير مخموس في الأولى لواجد ... وعن أحمد فيئًا للإسلام فأعدد وعنه لمن قد حل في أرضهم من ... القرى كلتهم لا تخصصنه بوجد وأمن الفتى أمن له ولمال الذي ... معه إلا الغائب إن لم يقيد ويبقى أمورًا لا تضر وينثي ... إلينا ومع قصد الثوى والتنكد فقد زال أمن النفس مع ماله الذي ... نأذى معه لا مال لدينا بأوكد وإن نقض الذمي عهدًا فما له ... من الفيء في الأولي إذا لم يعرد وما لم تقل فيء ليعطاه من بغي ... ووارثه حتى لدينا بأجود فإن فقدوا فاجعله فيئًا فإن أسر ... فرق فمال المرء قفه وأرصد فإن حر فاردده إليه وإن يمت ... رقيقًا ففيئًا ماله في المجود وقيل بنفس الرق فيئًا وقيل بل ... لوارثه لو كان حرًا فزود وإن عبد حربي أثاب وجاءنا ... بمولاه مأسورًا وأهلًا ومتلد فكلهم للعبد وهو محرز ... وفي دار حرب أن يقم رقه أمدد ومن يقتحم أرض العدو بأمنهم ... ألا لا يخنهم والربى لا يعقد ويلزمه إيصال كل حقوقهم ... إليهم إذا جاءوا وإلا ليردد وإن يطلقوا منا أسيرًا ويشترطوا ... ثواه لديهم يوف في نص أحمد وإن أطلقوا من غير شرط وأمنوا ... ليهرب ولا يجني جناية مفسد وإن أطلقوا مع شرط رق أو انتفا ... أمان ليقتل ثم يسرق ويعتد وإن أحلفوه تنعقد غير مكره ... وقيل بإلزام الثوى بمعبد وإن أطلقوا مع شرط بعث مقرر ... إليهم وإلا فليعد أن يفقد وإلا رضي يرجع لعجز بأوكد ... وإلا فلا كالخود في نص أحمد

ومبتاع منهم مسلم برضاه في الشرا ... والوفا أولى بقصد التردد يرد له المبذول بالأذن مطلقًا ... وإلا فبذل العرف دون المزيد ويلزم إن وأتى افتكاك عنائنا ... وبالطفل فالأنثى قبيل الفتى افتدى

باب الهدنة

9 - باب الهدنة س63: ما هي الهدنة؟ وما الأصل فيها؟ ومن الذي يعقدها؟ وإذا زال فما الحكم؟ وما حكم الهدنة على مال وعلى غيره؟ وهل عقدها لازم أم جائز؟ وما حكم اشتراط نقضها لمن شاء؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف. ج: أصل الهدنة: السكون، يقال: هدن يهدن هدونًا إذا سكن، وهدنته أي سكنته، وشرعًا العقد على ترك القتال مدة معلومة، وتسمى الموادعة، والمعاهدة، والمسالمة، والمهادنة وهي لازمة. وفي «الإنصاف» : يكون العقد لازمًا على الصحيح في المذهب. وقال الشيخ تقي الدين: ويكون أيضًا جائزًا ومتى زال من عقدها لزم الثاني الوفاء، والأصل فيها قوله تعالى: {بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ المُشْرِكِينَ} ، وقوله تعالى: {وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} . ومن السُّنة ما روى مروان بن الحكم، والمسور بن مخرمة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صالح قريشًا على وضع القتال عشر سنين، والمعنى يقتضي ذلك؛ لأنه قد يكون بالمسلمين ضعف فيها دنوهم حتى يقووا، أو طعمًا في إسلامهم، أو التزام الجزية، أو غير ذلك من المصالح. وتجوز على غير مال؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - هادنهم يوم الحديبية على غير مال، وتجوز على مال يأخذه منهم، فإنها إذا جازت على غير مال، فعلى مال أولى، وإن هادنهم مطلقًا، لم يصح.

وقال الشيخ تقي الدين: تصح وتكون جائزة ويعمل بالمصلحة؛ لأن الله تعالى أمر بنبذ العهود المطلقة، وإتمام الموقتة. وقال ابن القيم وغيره على ما في الصحيحين: أن فريقًا صالح النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني عام الحديبية سنة تسع- فيه دليل على جواز صلح الإمام لعدوه، ما شاء من المدة، ويكون العقد جائزًا له فسخه متى شاء، وهذا هو الصواب، وهو موجب حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الذي لا ناسخ له. وذكر أيضًا صلحه لأهل خيبر عما له يقرهم فيها ما شاء، وأن هذا الحكم منه فيهم حجة على جواز صلح الإمام لعدوه، ما شاء من المدة فيكون العقد جائزًا له فسخه متى شاء. وفي قوله تعالى: {بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ المُشْرِكِينَ} إلى قوله: {أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ} الآيات البراءة من المعاهدين، إلا من كان له عهد إلى أجل، وهذا يبين أن تلك العهود كانت مطلقة ليست إلى أجل معين؛ خلافًا لمن قال: لا تجوز المهادنة المطلقة، ولا يجوز ونقركم ما أقركم الله، حتى ادعى الإجماع في ذلك وليس بشيء. انتهى. وفي «المغني» : ولا يجوز أن يشترط نقضها لمن شاء منهما؛ لأنه يقضي إن ضد المقصود منها، وإن شرط الإمام لنفسه ذلك دونهم لم يجز أيضًا، ذكره أبو بكر؛ لأنه ينافي البيع والنكاح. وقال القاضي والشافعي: يصح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صالح أهل خيبر على أن يقرهم ما أقرهم الله تعالى، ولا يصح هذا فإنه عقد لازم، فلا يجوز اشتراط نقضه كسائر العقود اللازمة، ولم يكن بين النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبين أهل خيبر هدنة، فإنه فتحها عنوة وإنما ساقاهم، وقال لهم ذلك. وهذا يدل على جواز المساقاة وليس بهدنة اتفاقًا، وقد وافقوا الجماعة في أنه

س64: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا شرط في الهدنة شرطا فاسدا، ما مثال الشرط الفاسد والشرط الصحيح؟ إذا هرب منهم قن فأسلم، إذا جنوا على مسلم، حمايتها إذا خيف نقض عهدهم، إذا نقض الهدنة بعضهم، اذكر الدليل والتعليل والخلاف.

لو شرط في عقد الهدنة: إني أقركم ما أقركم الله لم يصح، فكيف يصح منهم الاحتجاج مع إجماعهم مع غيرهم على أنه لا يجوز اشتراطه. ** ** ** س64: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا شرط في الهدنة شرطًا فاسدًا، ما مثال الشرط الفاسد والشرط الصحيح؟ إذا هرب منهم قن فأسلم، إذا جنوا على مسلم، حمايتها إذا خيف نقض عهدهم، إذا نقض الهدنة بعضهم، اذكر الدليل والتعليل والخلاف. ج: إن شرط العاقد في الهدنة شرطًا فاسدًا أو شرط في عقد ذمة شرطًا فاسدًا كرد امرأة إليهم أو رد صداقها أو رد صبي مميز أو رد سلاح، أو شرط إدخالهم الحرم، بطل الشرط دون عقد، كالشروط الفاسدة في البيع، وبطلانه في رد المرأة؛ لقوله تعالى: {فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الكُفَّارِ} ، وحديث: «إن الله منع الصلح في النساء» . وفي رد صداقها؛ لأنه في مقابلة بعضها فلا يصح شرطه لغيرها، وفي الصبي المميز؛ لأنه مسلم يضعف عن التخلص منهم أشبه المرأة، وفي السلاح؛ لأنه إعانة على المسلمين، وفي إدخالهم الحرم؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ} ويصح شرط رد طفل منهم؛ لأنه غير محكوم بإسلامه. وجاز في هدنة شرط رد رجل جاء منهم مسلمًا للحاجة؛ لما ورد عن البراء ابن عازب قال: «صالح النبي - صلى الله عليه وسلم - المشركين يوم الحديبية على ثلاثة أشياء، على أن من أتاه من المشركين رده إليهم، ومن أتاهم من المسلمين لم يردوه» الحديث متفق عليه. وعن أنس أن قريشًا صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم، فاشترطوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن من جاءنا منكم لم نرده عليكم، ومن جاءكم منا رددتموه علينا، فقالوا: يا رسول الله، أنكتب هذا؟ قال: «إنه من ذهب منا إليهم

فأبعده الله، ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجًا ومخرجًا» رواه مسلم؛ فإن لم تكن حاجة، لم يصح شرطه، أو لم يشرط رده لم يرد إن جاء مسلمًا أو بأمان. وجاز للإمام أمر من جاء منهم مسلمًا سرًا لقتالهم، وبالفرار منهم، فلا يمنعهم أخذه ولا يجبره عليه؛ لأن أبا بصير، لما جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وجاء الكفار في طلبه قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنا لا يصلح في ديننا الغدر، وقد علمت ما عاهدناهم عليه، ولعل الله تعالى أن يجعل لك فرجًا ومخرجًا» فلما رجع مع الرجلين قتل أحدهما في طريقه، رجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له: يا رسول الله، قد أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم، وأنجاني الله منهم، فلم ينكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يلمه، بل قال: «ويل أمه مسعر حرب لو كان معه رجال» فلما سمع ذلك أبو بصير لحق بساحل البحر، وانحاز إليه أبو جندل بن سهيل، ومن معه من المستضعفين بمكة، فجعلوا لا يمر عليهم عير لقريش إلا عرضوا لهم وأخذوها، وقتلوا من معها. فأرسلت قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تناشده الله والرحم أن يضمهم إليه، ولا يرد أحدًا جاء ففعل. فإن تحيز من أسلم منهم وقتلوا من قدروا عليه منهم، وأخذوا من أموالهم، جاز، ولا يدخلون في الصلح حتى يضمهم إليه بإذن الكفار، للخبر، ولو هرب منهم قن فأسلم، لم يرد إليهم؛ لأنه لم يدخل في الصلح وهو حر؛ لأنه ملك نفسه بإسلامه؛ لقوله تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} . ويؤاخذون بجناياتهم على مسلم من مال وقود، وحد قذف، وسرقة؛ لأن الهدنة تقتضي أمان المسلمين منهم وأمان من المسلمين في النفس والعرض والمال، ولا يحدون لحق الله تعالى؛ لأنهم لم يلتزموا حكمنا. ويجوز قتل رهائنهم إن قتلوا رهائننا، وينتقض عهدهم بقتالنا أو مظاهرة علينا أو قتل مسلم أو أخذ ماله.

ويجب على الإمام حمايتهم ممن تحت قبضته؛ لأنه أمنهم منهم إلا من أهل الحرب، فلا يلزمه حمايتهم منهم؛ لأن الهدنة لا تقتضيه، وإن سباهم كافر ولو كان السابي منهم، لم يصح لنا شراؤهم؛ لأنهم في عهدنا وليس علينا استنقاذهم لكون السابي لهم ليس في قبضتنا. وإن سبا بعضهم ولد بعض وباعه، أو باع ولد نفسه، أو باع أهليه، صح البيع، إلا ذمي، فليس له بيع ولده، ولا ولد غيره، ولا أهليه؛ لأن عقد الذمة أكيد لأنه مؤيد. وإن خيف من مهادنين نقض عهدهم بأمارة، نبذ الإمام إليهم عهدهم، بأن يعلمهم أن لا عهد بينه وبينهم؛ لقوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} أي أعلمهم بنقض العهد، حتى تصير أنتوهم سواء في العلم، ويجب إعلام أهل الهدنة بنبذ العهد قبل الإغارة عليهم للآية، وينتقض عهد نساء أهل الهدنة وذريتهم، بنقض رجالهم تبعًا لهم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قتل رجال بني قريظة، حين نقضوا عهده وسبي ذراريهم وأخذ أموالهم، ولما نقضت قريش عهده بعد الهدنة، حل له منهم ما كان حرم عليه منهم؛ ولأن عقد الهدنة موقت ينتهي بانتهاء مدته فيزول بنقضه وفسخه كالإجارة بخلاف الذمة. وإن نقض الهدنة بعضهم فأنكر الباقون على من نقص بقول أو فعل، إنكارًا ظاهرًا، أو كاتبونا، أقر الباقون على العهد بتسليم من نقض الهدنة إن قدروا عليهم، أو بتمييز الناقض عنهم، ليتمكن المسلمون من قتالهم؛ فإن أبو التسليم، أو التمييز مع القدرة على أحدهما انتقض عهد الكل بذلك. قال في الشرح: فإن امتنع من التمييز، أو إسلام الناقض، صار ناقضًا؛ لأنه منع من أخذ الناقض فصار بمنزلته، وإن لم يمكنه التمييز لم ينتقض عهده؛ لأنه كالأسير. وفي «الإنصاف» -في آخر أحكام الذمة- وكذا أي في نقض العهد، من لم ينكر عليهم، أو لم يعتزلهم، أو لم يعلم بهم الإمام.

من نظم ابن عبد القوي مما يتعلق بالهدنة وإن شا إمام الوقت أو نائب له ... مهادنة الكفار صحح وأسند وإن هادن الكفار غيرهما فلا ... تصح ومن يغتر للمأمن أردد وصحح لضعف السلم أو أخذ غبطة ... ودونهما إن يرج خير بأوكد ومع بذلنا مالًا أجز لاضطرارنا ... ولا شرط إلا ذكرت وقت التعهد وألغ اشتراط أن يدخلوا حرم الهدى ... ورد صبي غير طفل وقد عدى أو الخود أو في الأظهر المهر أو شرا ... أداة اللقا أو رد مغنومها أشهد ووجهان في إفسادها مثل ذمة ... بما لم يجز من كل شرط مفسد وقيل بشرط النقض إن تبغ أو بغوا ... فأفسد نفاق الأمر دون تردد ومع حاجة ذي قوة شرط مهتد ... فكلف أو امهد ممكنًا غير مضهد وجوز له فتوى الفتى بقتالهم ... مسرًا وإن يقدر ليقتل ويشرد وينحاز عن صلح الإمام وإن يهب ... عدوًا يقتل إن يطق كل ملحد فإن ضمه بالإذن منه إماما ... غدًا داخلًا في صلحهم لا ينكد ومن غير شرط رد من جاء محرمًا ... ومن رام إخراجًا إلينا ليسعد ويلزمنا صون المهادن عن أذى ... بني العهد والإسلام لا ذي التمرد وحظر شراهم من كفور سباهم ... ولو بعضهم للرق في المتوطد وجوز شرانا أهلهم وصغارهم ... في الأولى إذا باعوهم مثل مرد وإن خفت نقض العهد فانبذه إن تشا ... وأتباعهم إن ينقضوا كهم اعدد

وإن يقتلوا منا رهائن هدنة ... فقولين في قتل الرهائن أسند ويلزمهم منا ضمان حقوقنا ... سوى قطع سراق جناة بأجود وناقض عهد من رضى نقض غيره ... ولم ينه أو يبني ولم يتبعد

عقد الذمة

10 - عقد الذمة س65: عرف الذمة، ومتى يجب عقدها؟ وما معنى عقدها؟ وما صفة عقدها؟ ومن الذي يعقدها؟ ومن الذي يجب عقدها له؟ وما الأصل فيها؟ وما هي الجزية؟ وما هي بدل عنه؟ ومن الذي تعقد له؟ إذا اختار كافر، لا تعقد له الذمة دين من تعقد له، فما الحكم؟ وما مقدار الجزية؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو شروط أو خلاف. ج: الذمة لغة: العهد والضمان والأمان؛ لحديث «المسلمون يسعى بذمتهم أدناهم، من أذمه يذمه، إذا جعل له عهدًا» . ومعنى عقد الذمة: إقرار بعض الكفار على كفرهم بشرط بذل الجزية، والتزام أحكام الملة والأصل فيها قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ} الآية؛ ولحديث المغيرة بن شعبة، أنه قال لعامل كسرى: أمرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية. رواه أحمد والبخاري. وروى بريدة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بعث أميرًا على جيش، قال: «إذا لقيت عدوًا من المشركين، فادعهم إلى الإسلام؛ فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، وإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية؛ فإن فعلوا، فاقبل منهم وكف عنهم» . وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها -يعني الجزية- من مجوس هجر. رواه البخاري. وعن عاصم بن عمر

عن أنس، وعن عثمان بن أبي سليمان - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة الجند، فأخذوه فأتوا به، فحقن دمه وصالحه على الجزية. رواه أبو داود. وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن فأمرني أن آخذ من كل حالم دينارًا أو عدله معافريًا. أخرجه الثلاثة وصححه ابن حبان والحاكم. وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: لما مرض أبو طالب جاءته قريش، وجاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فشكوه إلى عمه أبي طالب، فقال: يا ابن أخي ما تريد من قومك؟ قال: «أريد منهم كلمة تدين لهم بها العرب وتؤدى إليهم بها العجم الجزية» ، قال: «كلمة واحدة» ، قال: «كلمة واحدة، قولوا لا إله إلا الله» ، قالوا: إلهًا واحدًا ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة، إن هذا إلا اختلاق. الحديث رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث حسن. ويجب عقد الذمة إذا اجتمعت شروطه، ويكون اجتماعها ببذل جزية كل عام هلالي، والتزام أحكامنا. ولا يجوز عقدها إلا بهذين الشرطين؛ فإن خيف غدرهم بتمكينهم من الإقامة بدار الإسلام، فلا يجوز عقدها، لما فيه من الضرر علينا، ولا يصح عقدها إلا من إمام أو نائبه. وصفة عقد الذمة قول الإمام أو نائبه أقررتكم بجزية واستسلام، أو يبذلوا ذلك من أنفسهم، فيقول الإمام أو نائبه أقررنكم عليه أو نحوهما، مما يدل على عقدها، كقوله: «عاهدتكم على الإقامة بدارنا بجزية، ولا يعتبر تقدير الجزية في العقد» . والجزية: مال يؤخذ من الكفار على وجه الصغار كل عام بدلًا عن

قتلهم وعن إقامتهم بدارنا، ولا تعقد إلا لأهل الكتاب، وهم اليهود والنصارى. ومن تدين بالتوراء كالسامرة، أو تدين بالإنجيل كالفرنج والصابئين، ومن له شبهة كتاب كالمجوس؛ لأن عمر لم يأخذ منهم حتى شهد عنده عبد الرحمن ابن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هجر، رواه البخاري. وفي رواية: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «سنوا بهم سُّنة أهل الكتاب» رواه الشافعي. وفي «المغني» أن الكفار ثلاثة أقسام: قسم أهل كتاب وهم اليهود والنصارى ومن اتخذ التوراة والإنجيل كتابًا كالسامرة والإفرنج ونحوهم، فهؤلاء تقبل منهم الجزية ويقرون على دينهم إذا بذلوا الجزية؛ لقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ} الآية، وقسم لهم شبهة كتاب، وهم المجوس فحكمهم حكم أهل الكتاب في قبول الجزية منهم وإقرارهم بها؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - سنوا بهم سُّنة أهل الكتاب. وقسم لا كتاب لهم ولا شبهة، وهم من عدا هذين القسمين من بعدة الأوثان، ومن عبد ما استحسن وسائر الكفار فلا تقبل منهم الجزية، ولا يقبل منهم سوى الإسلام هذا ظاهر المذهب وهو مذهب الشافعي. وروي عن أحمد أن الجزية تقبل من جميع الكفار، إلا عبدة الأوثان من العرب، وهو مذهب أبي حنيفة؛ لأنهم يقرون على دينهم بالاسترقاق، فيقرون ببذل الجزية كالمجوس. وحكي عن مالك أنها تقبل من جميع الكفار إلا كفار قريش؛ لحديث بريدة الذي في المسألة قبل هذه، وهو عام؛ ولأنهم كفار فأشبهوا المجوس، ولنا عموم قوله تعالى: {اقْتُلُوا المُشْرِكِينَ} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:

«أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله» ، خص منهم أهل الكتاب بقوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} ، والمجوس بقوله: «سنوا بهم سُّنة أهل الكتاب» فمن عداهما يبقى على مقتضى العموم؛ ولأن الصحابة - رضي الله عنهم - توقفوا في أخذ الجزية من المجوس، ولم يأخذ عمر الجزية، حتى روى له عبد الرحمن بن عوف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سنوا بهم سُّنة أهل الكتاب» . وثبت عندهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ الجزية من مجوس هجر، وهذا يدل على أنهم لم يقبلوا الجزية ممن سواهم؛ فإنهم إذا توقفوا فيمن له شبهة كتاب، فيمن لا شبهة له أولى، ثم أخذ الجزية منهم للخبر المختص بهم، فيدل على أنهم لم يأخذوها من غيرهم؛ ولأن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «سنوا بهم سُّنة أهل الكتاب» يدل على اختصاص أهل الكتاب ببذل الجزية، إذ لو كان عامًا في جميع الكفار، لم يختص أهل الكتاب بإضافتها إليهم؛ ولأنهم تغلظ كفرهم لكفرهم بالله وكتبه ورسله، ولم تكن لهم شبهة، فلم يقروا ببذل الجزية كقريش، وعبدة الأوثان من العرب؛ ولأن تغليظ الكفر له أثر في تحتم القتل. وكونه لا يقر بالجزية بدليل المرتد؛ وأما المجوس، فإن لهم شبهة كتاب، والشبهة تقوم مقام الحقيقة، فما يبنى على الاحتياط، فحرمت دماؤهم، ولم يثبت حل نسائهم وذبائحهم؛ لأن الحل لا يثبت بالشبهة؛ ولأن الشبهة لما اقتضت تحريم دمائهم اقتضت تحريم ذبائحهم ونسائهم ليثبت التحريم في المواضع كلها تغليبًا له على الإباحة، ولا نسلم أنهم يقرون على دينهم بالاسترقاق. انتهى (ص386، 387، 388، 389) . واختار الشيخ تقي الدين أخذ الجزية من الكل وأنه لم يبق أحد من

مشركي العرب بعد نزول الجزية، بل كانوا قد أسلموا، وقال الشيخ: إنما وقعت الشبهة في المجوس، لما اعتقد بعض أهل العلم، أنا لا تؤخذ إلا من أهل الكتاب، وقد أخذت من المجوس بالنص والإجماع، قال: والمجوس لم يكونوا أهل كتاب أصلًا، ولا دانوا بدين أحد من الأنبياء، لا في عقائدهم، ولا في شرائعهم، والأثر الذي فيه: أنه كان لهم كتاب فرفع، لا يصح. قال: والعرب كانوا على دين إبراهيم، وكان له صحف وشريعة، وليس تغيير عبدة الأوثان بأعظم من تغيير المجوس؛ فإنه لا يعرف عنهم التمسك بشيء من شرائع الأنبياء بخلاف العرب، فكيف يجعل المجوس أحسن حالًا من مشركي العرب؟ وقال في «الإنصاف» : وقال في «الاعتصام بالكتاب والسُّنة» : من أخذها من الجميع. أو سوى بين المجوس وأهل الكتاب، فقد خالف ظاهر الكتاب والسُّنة. وإذا اختار كافر –لا تعقد له الذمة- دينًا من هؤلاء الأديان، بان تنصر أو تهود أو تمجس أقر على ذلك، وعقدت له الذمة كالأصل؛ لكن لا تحل ذبيحته، ولا مناكحته؛ إن لم يكن أبواه كتابيين: ولو عقدت الذمة لكفار زاعمين أنهم أهل كتاب، فتبين أنهم عبدة أوثان، فهو عقد باطل لفوات شرطه، ومن ولد بين أبوين لا تقبل من أحدهما الجزية قبلت منه لعموم النص؛ ولأنه اختار أفضل الدينين وأقلهما كفرًا. وفي قدر الجزية ثلاث روايات: إحداهن: ترجع إلى ما فرضه عمر على الموسر ثمانية وأربعون درهمًا، وعلى المتوسط أربعة وعشرون، وعلى الفقير المعتمل اثنا عشر، فرضها عمر كذلك، بمحضر من الصحابة، وتابعه سائر الخلفاء بعده، فصار إجماعًا. وقال ابن أبي نجيح قلت لمجاهد: ما شأن أهل الشام عليهم أربعة دنانير

س66: تكلم عن نصارى العرب من بني تغلب: وما مصرف ما يؤخذ منهم؟ ومن الذي لا جزية عليه؟ ومن هو الغني في ذا الباب؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف.

وأهل اليمن عليهم دينار. قال: جعل ذلك من قبل اليسار. رواه البخاري. والثانية: يرجع فيه إلى اجتهاد الإمام في الزيادة والنقصان. والثالثة: تجوز الزيادة لا النقصان؛ لأن عمر زاد على ما فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم ينقص. س66: تكلم عن نصارى العرب من بني تغلب: وما مصرف ما يؤخذ منهم؟ ومن الذي لا جزية عليه؟ ومن هو الغني في ذا الباب؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف. ج: لا تؤخذ الجزية من نصارى بني تغلب، وتؤخذ الزكاة منهم عوضها من ماشية وغيرها، مما تجب فيه زكاة: مثل ما يؤخذ من المسلمين؛ لما روي أن عمر دعاهم إلى بذل الجزية فأبوا وأنفوا، وقالوا: نحن عرب خذ منا، كما يأخذ بعضكم من بعض باسم الصدقة، فقال عمر: لا آخذ من مشرك صدقة، فلحق بعضهم بالروم. فقال النعمان بن زرعة: يا أمير المؤمنين، إن القوم لهم بأس وشدة، وهم عرب يأنفون من الجزية، فلا تعن عليك عدوك بهم، خذ منهم الجزية باسم الصدقة ... فبعث عمر في طلبهم فردهم وضعف عيهم من كل خمس من الإبل شاتين، وفي كل ثلاثين بقرة تبيعين، ومن كل عشرين دينارًا دينارًا، وفي كل مائتي درهم عشرة دراهم، ومما سقت السماء الخمس، وفيما سقى بنضح أو غرب أو دولاب العشر، فاستقر ذلك من قول عمر، ولم يخالفه غيره من الصحابة، فكان إجماعًا. ويؤخذ ذلك من نسائهم وصبيانهم، ومجانينهم، وزمناهم، ومكافيفهم، وشيوخهم؛ لأن الاعتبار بالأنفس سقط وانتقل إلى الأموال بتقريرهم.

ومصرف ما أخذ منهم مصرف الجزية؛ لأنه مأخوذ من مشرك فكان جزية، وغايته أن مسماه باسم الصدقة، وكذلك قال عمر - رضي الله عنه -: هؤلاء حمقى رضوا بالمعنى وأبو الاسم. وقيل مصرف الصدقة؛ لأنه سلك به مسلكها في قدر المأخوذ والمأخوذ منه، فذلك في المصرف. ولا جزية على امرأة وخنثى ومجنون؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: «خذ من كل حالم دينارًا، أو عدله معافريًا» رواه الشافعي في «مسنده» . وروى أسلم أن عمر - رضي الله عنه - كتب إلى أمراء الأجناد: لا تضربوا الجزية على النساء والصبيان، ولا تضربوها إلا على من جرت عليه المواسي، أي من نبتت عانته؛ لأن المواسي إنما تجري على من أنبت –أراد من بلغ الحلم من الكفار- رواه سعيد. والخنثى: لا يعلم كونه رجلًا، فلا تجب عليه مع الشك، والمجنون في معنى الصبي فقيس عليه. ولا جزية على عبد لقوله –عليه الصلاة والسلام-: «لا جزية على عبد» ، وعن ابن عمر مثله؛ ولأنه مال فلم تجب عليه كسائر الحيوانات، ولا جزية على فقير يعجز عنها غير معتمل؛ لقوله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا} ولأن عمر جعل الجزية ثلاث طبقات: جعل أدناها على الفقير المعتمل، فدل على أن غير المعتمل لا شيء عليه؛ فإن كان معتملًا وجبت عليه ولا جزية على زمن، ولا أعمى، ولا شيخ فان، ولا راهب بصومعته؛ لأنهم لا يقتلون فلم تجب عليهم الجزية كالنساء والصبيان، ولا يبقى بيد الراهب مال إلا بلغته فقط ... قاله الشيخ تقي الدين. قال: ويؤخذ منهم مالنا كالرزق الذي للديورة والمزارع إجماعًا، قال: ويجب ذلك، وقال: ومن له زرعة أو تجارة، وهو مخالط لهم، ومعاونهم

س67: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: الجزية في حق المعتق والمبعض؟ من صار أهلا للجزية في أثناء الحول؟ مثل لذلك قبول ما بذل من جزية من أسلم بعد الحول؟ من مات أو جن أو عمي بعد الحول أو في أثناء الحول، وقت أخذها؟ واذكر الدليل والتعليل، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل.

على دينهم كمن يدعو إليهم من راهب وغيره، تلزمه إجماعًا، وحكمه حكمه بلا نزاع، والغني من أهل الجزية من عده الناس غنيًا. ** ** ** س67: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: الجزية في حق المعتق والمبعض؟ من صار أهلًا للجزية في أثناء الحول؟ مثل لذلك قبول ما بذل من جزية من أسلم بعد الحول؟ من مات أو جن أو عمي بعد الحول أو في أثناء الحول، وقت أخذها؟ واذكر الدليل والتعليل، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل. ج: وتجب الجزية على معتق؛ لأنه حر مكلف من أهل القتال، فلم يقر في دارنا بلا جزية كحر أصلي، وتجب على مبعض بقدر حريته كالإرث، ومن صار أهلًا لها بأن بلغ صغير أو أفاق مجنون، أو عتق قن أو استغنى فقير بأثناء الحول، أخذ منه إذاتم الحول بقسطه بالعقد الأول؛ لأنهم دخلوا في العقد فلم يحتج إلى تجديده لهم، ويلفق من إفاقة مجنون حول ثم تؤخذ منه. ومتى بذلوا ما عليهم من جزية لزم قبوله، ولزم دفع من قصدهم بأذى، إن لم يكونوا بدار حرب، وحرم قتلهم، وأخذ مالهم. ومن أسلم بعد الحول، سقطت عنه الجزية؛ لقوله تعالى: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} ؛ ولحديث ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تصلح قبلتان في أرض، وليس في المسلم جزية» رواه أحمد وأبو داود. وعن رجل من بني تغلب، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليس على المسلمين عشور، إنما العشور على اليهود والنصارى» رواه أحمد وأبو داود. وقال أحمد: قد روي عن عمر أنه قال: إن أخذها في كفه، ثم أسلم

س68: ما صفة أخذ الجزية ممن وجبت عليه؟ وتكلم عن أحكام ما يلي: شرط تعجيلها، شرط ضيافة مع الجزية، إذا تولى إمام غير الأول، ماذا يعمل بعد عقدها؟ وما حكم التوكيل في أداء الجزية؟ وبين ما يحتاج إليه تبيين. ماذا ينبغي للإمام إذا عقد الذمة مع كفار لضبطهم؟

ردها، وروى أبو عبيد أن يهوديًا أسلم فطولب بالجزية، وقيل له: إنما أسلمت تعوذًا، قال: إن في الإسلام معاذًا، وكتب أن لا تؤخذ منه الجزية؛ ولأنها عقوبة سببها الكفر، فسقطت بالإسلام؛ فإن كان إسلامه قبل تمام الحول، لم تؤخذ بطريق الأولى. ولا تسقط الجزية إن مات من وجبت عليه، أو جن أو عمي بعد الحول كديون الآدميين، وسقوط الحد بالموت؛ لتعذر استيفائه بفوات حمله، فتؤخذ الجزية من تركة ميت، ومال حي جن ونحوه بعد الحول، وإن مات أو جن في أثناء الحول تسقط الجزية؛ لأنها لا تجب، ولا تؤخذ قبل كمال حولها، وتؤخذ عند انقضاء كل سنة هلالية، كالزكاة لتكررها بتكرر السنين، وإن انقضت ولم تؤخذ استوفيت كلها فلا تتداخل. ** ** ** س68: ما صفة أخذ الجزية ممن وجبت عليه؟ وتكلم عن أحكام ما يلي: شرط تعجيلها، شرط ضيافة مع الجزية، إذا تولى إمام غير الأول، ماذا يعمل بعد عقدها؟ وما حكم التوكيل في أداء الجزية؟ وبين ما يحتاج إليه تبيين. ماذا ينبغي للإمام إذا عقد الذمة مع كفار لضبطهم؟ ج: يمتهنون عند أخذ الجزية منهم، وبطال وقوفهم وتجر أيديهم؛ لقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} ويقبضها الآخذ منهم وهو جالس، ولا يقبل ممن عليه جزية إرسالها لفوات الصغار، وليس لمسلم أن يتوكل لهم في أدائهان ولا أن يضمنها، ولا أن يحيل الذمي عليه بها لفوات الصغار، ولا يعذبون في أخذ الجزية، ولا يتشطط عليهم؛ لما روى أبو عبيد أن عمر أتى بمال كثير. قال أبو عبيد: أحسبه الجزية، فقال: لا أظنكم قد أهلكتم الناس. قالوا: لا، والله ما أخذنا إلا عفوًا صفوًا، قال: بلا سوط ولا نوط؟ قالوا: نعم.

قال: الحمد لله الذي لم يجعل ذلك على يدي، ولا في سلطاني. ويصح أن يشرط عليهم ضيافة من يمر بهم من المسلمين، وعلف دوابهم؛ لما روى أحمد بإسناده عن الأحنف بن قيس أن عمر شرط على أهل الذمة ضيافة يوم وليلة، وأن يصلحوا القناطر، وأن قتل رجل من المسلمين بأرضهم فعليهم ديته؛ ولما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - ضرب على نصارى أيلة، ثلاثمائة دينار، وكانوا ثلاثمائة نفس، وأن يضيفوا من مر بهم من المسلمين، وعن عمر أنه قضى عليهم ضيافة ثلاثة أيام، وعلف دوابهم وما يصلحهم. ويبين لهم الإمام أو نائبه أيام الضيافة والإدام، واعلف وعدد من يضاف من الرجالة والفرسان والمنزل، فيقول: تضيفون في كل سنة مائة يوم في كل يوم عشيرة من المسلمين، من خبز كذا وكذا، ومن الإدام كذا، وللفرس من الشعير كذا، ومن التبن كذا؛ لأن ذلك من الجزية، فاعتبر العلم به كالنقود. ويبين لهم ما على الغني والفقير من الضيافة، كما في الجزية، فيكون ذلك بينهم على قدر جزيتهم؛ فإن شرط الضيافة مطلقًا صح؛ لأن عمر لم يقدر ذلك، وقال: أطعموهم مما تأكلون، وتكون مدتها عند الإطلاق يومًا وليلة، ولا تجب عليهم الضيافة بلا شرط؛ لأنه دليل عليه. وإذا تولى إمام فعرف ما قدر عليهم من جزية أو قامت بينة، أو ظهر ما عليهم أقرهم عليه بلا تحديد عقد؛ لأن الخلفاء أقروا عقد عمر، ولم يجددوه؛ ولأن عقد الذمة مؤبد، فإن كان فاسدًا رده إلى الصحة، وإلا رجع إلى قولهم، إن صلح ما ادعوه جزية لأنهم غارمون، وله تحليفهم مع تهمة فيما يذكرون، لاحتمال كذبهم؛ فإن بان لإمام بعد ذلك نقص، أخذ النقص منهم. وإن عقد الذمة إمام مع كفار كتب أسماءهم، وأسماء آبائهم، وخلاهم وكتب دينهم كيهودي ونصراني أو مجوسي، وجعل لكل طائفة عريفًا يكشف

حال من تغير حاله، ببلوغ، أو عتق ونحوه، ويجمعهم عند أداء الجزية؛ لأنه أمكن لاستيفاء الجزية وأحوط، ويكشف حال من أسلم منهم، أو جن، أو نقض العهد، أو خرق شيئًا من الأحكام، ليفعل معه الإمام، أو نائبه ما يلزم، ومن أخذت منه الجزية، وأراد أن يكتب له براءة لتكون معه حجة إن احتاج إليها أجيب.

لابن عبد القوي فيما يتعلق بعقد الذمة نظمًا وقال لإمام الوقت أو نائب له ... لمعطي صغار يلتزم حكم من هدى ومن لم ينب بالغي غيرهم فما ... له غير قتل أو فدا عد بأوكد إذا كان من أهل الكتابين والذي ... يوافقهم أو من مجوس له أعقد وعنه لكل الكافرين أعقدنها ... سوى عرب عباد أوثان جامد وصابئة مثل النصارى ومن يدن ... بحكم كتاب فهو من أهله أعدد ومن يتنصر أو تهود فنبقه ... بعيد نزول الوحي أو ظن مبتد فجزيته أقبل والمناكحة اجتنب ... وتذكية للاحتياطين فاعضد ومن فرد أصلية على دين جزية ... في الأقوى أن نحاه اقبله في جزية قد ومن قبلت منه فيبذل قدرها ... فآخر حول خذ ومنه من الردى على موسر عرفًا دنانير أربعًا ... وأوقية ورقًا وخمسًا لها زد ومن أوسط خذ نصف ذا، ومقلتهم ... على الربع، والأولى اجتهاد المقلد ولا شيء في صبيانهم ونسائهم ... وهرمًا ورهبانًا وأعمى ومقعد وذا العجز أو معتوه أو عيد مسلم ... وقولين في العمال مع عبدهم طد وقد قيل أنظر معسرًا ليساره ... وخذ جزية الأدنى ولا تتزيد ومن صار في أثناء حول مؤهلا ... فبالقسط خذ من غير عقد مجدد وقال أبو يعلى يخير فإن أبى ... إلى مأمن فاردد وإن يرض فأعقد

ومن كان ذا جن وصحو معود ... فمن صحوه إن لفق الحول أورد وقيل لحر البعض بالقسط خذ في ... إنتها الحول من مال فتى لا تزيد وبالأغلب أعمل إن تعسر ضبطه ... وقيل وإن يضبط وعمن هدى زد وغير الهدى أن يطرأ للمرء مسقط ... بعيد كمال الحول خذها بأوطد ولم تتداخل إن عليه تجمعت ... فخذها جميعًا منه لا تتزيد ويمتهنوا في أخذها بقيامهم ... طويلًا بتصنيف من الجر باليد ولم يتعين أخذ عين وفضة ... بل أقبل كمشروط ولو ثمن الردى وجوز عليهم شرط ميرتنا إذا ... مررنا وبين وقت كل وقيد ولا توجين من غير شرط وقيل بل ... لليلتنا واليوم مثل موحد ومن يتول إن يدر صحة شرطهم ... ليمض، وإن يجهل، فقيل ليجهد وقيل إلى دعواهم إن تسغ فعد ... وإن نقضوا شيئًا عليهم به عد وكل على إقرارهم واختلافهم ... يقر وحلف إن تشا للتأكد ومن تغلب لا تلممن ذي ولا تجز ... وخذ منهم مثلي زكاة الموحد بل كان من مال الزكاة ولو لذي ... جنون وصبيان وأنثى ومعقد وكالجزية اصرف لا الزكاة وحللن ... حرائرهم والذبح كل بأوكد ومن عرب تخشاهم وتقرهم ... ويأبوا سوى كالتغلبي أقبل بأوطد وإن أسلموا أو باعنا الأرض لم يجب ... سوى العشر في مستقبل لم يشدد وأن يسلموا والحب باد صلاحه ... فلا شيء فيه كاشتراه فقيد فإن باعه من مسلم أو مع أرضه ... ففي ماله العشر أن لا مال مهتد ويكتب أسماهم وما يتميزوا ... به من حلاهم ثم دينهم الردى

وكل فئام فيهم اجعل معوفًا وحتم بلا مال إجابة نسوة ... بما يقتضي تغيير حكم مشيد إلى عقدها أن تلزمن حكم أحمد

باب أحكام أهل الذمة

11 - باب أحكام أهل الذمة س69: تكلم عما يلي: ما الذي يحتوي عليه هذا الباب إجماليًا؟ ماذا يلزم الإمام نحوهم إذا جنى أهل الذمة على نفس، أو مال، أو عرض؟ إقامة الحدود على أهل الذمة؟ إظهار ما اعتقدوا حله؟ إذا تزوج اليهودي بنت أخيه أو بنت أخته فولدت؟ اذكر الأشياء مما يتميز به أهل الذمة؟ صفة ركوبهم الدواب، اذكر أشياء مما يلزمهم؟ واذكر الدليل أو التعليل أو هما؟ ج: يحتوي على بيان ما يجب عليهم أو لهم بعد عقد الذمة، مما يتضمنه عقدها لهم، يلزم الإمام أن يأخذ بأحكام الإسلام في ضمان النفس، فمن قتل أو قطع طرفًا، أخذ بموجب ذلك كالسلم؛ لما روي أن يهوديًا قتل جارية على أوضاح لها، فقتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. متفق عليه. ويلزم الإمام أن يأخذهم في المال، فمن أتلف مالًا لغيره ضمنه، والعرض فمن قذف إنسانًا، أوسيه ونحوه. أقيم عليه ما يقام على المسلم بذلك؛ لأن الإسلام نقض ما يخالفه، ويلزمه إقامة الحد عليهم، فيما يعتقدون تحريمه كزنى وسرقة؛ لما في «الصحيح» عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى برجل وامرأة من اليهود زنيا فرجمهما؛ ولأنه يحرم في دينهم، وقد التزموا حكم الإسلام، فثبت في حقهم كالمسلم. ولا يقيم الحدود عليهم، فيما يعتقدون حله، كشرب، ونكاح، وأكل لحم خنزير؛ لأنهم يعتقدون حله، ولأنهم يقرون على كفرهم وهو أعظم جرمًا، إلا أنهم يمنعون من إظهار ذلك بين المسلمين لتأذيهم، أو يرون صحته

من العقود ولو رضوا بحكمنا فلا تتعرض لهم فيه ما لم يرتفعوا إلينا. قال الشيخ: واليهودي إذا تزوج بنت أخيه، أو بنت أخته، كان ولده منها يلحقه ويرثه باتفاق المسلمين، وإن كان هذا النكاح باطلًا باتفاق المسلمين. ويلزم التمييز عن المسلمين بقبورهم تمييزًا ظاهرًا كالحياة، وأولى بأن لا يدفنوا أحدًا منهم بمقابرنا، ويكره الجلوس في مقابرهم؛ لأنه ربما أصابهم عذاب، قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً} . ويلومهم التمييز عنا بحلاهم بحذف مقدم رؤوسهم، وهو جز النواصي، ولا يجعلونه كعادة الأشراف، وأن لا يفرقوا شعورهم، بل تكون جمة؛ لأن التفريق من سُّنة المسلمين، ولأن أهل الجزية اشترطوا ذلك على أنفسهم فيما كتبوه إلى عبد الرحمن بن غنم، وكتب به إلى عمر بن الخطاب، فكتب إليه عمر إن أمض لهم ما سألوا. رواه الخلال. ويلزمهم التمييز عنا بكناهم، فيمنعون من التكني بكنى المسلمين، نحو: أبي القاسم وأبي عبد الله، ومن التلقب بألقابنا. ويلزمهم التمييز عنا إذا ركبوا عرضا رجلاه إلى جانب، وظهره إلى جانب بإكاف على غير خيل؛ لما روى الخلال أن عمر أمر بجز نواصي أهل الذمة، وأن يشدوا المناطق، وأن يركبوا الإكف بالعرض والأكف: جمع إكاف، آلة تجعل على الحمار، يركب عليها بمنزلة السرج. ويلزمهم التمييز عنا بلباس ثوب عسلي ليهود ولباس ثوب أدكن وهو الفاختي لون يضرب إلى السواد لنصارى، وشد خرق بقلانسهم وعمائهم، وشد زنار فوق ثياب نصراني، وتحت ثياب نصرانية، ويغاير نساء كل من يهود ونصارى بين لوني خف ليمتازوا به عنا. ويلزمهم لدخول حمامنا جلجل، أو خاتم رصاص ونحوه برقابهم، ليتميزوا به عنا، ولا يجوز جعل صليب مكانه لمنعهم من إظهاره.

س70: تكلم عما يحرم على المسلم نحوهم ونحو المبتدع، وعن ما إذا سلم على ذمي ثم علمه، أو سلم عليه ذمي، وعما إذا شمته كافر، وحكم مصافحته.

س70: تكلم عما يحرم على المسلم نحوهم ونحو المبتدع، وعن ما إذا سلم على ذمي ثم علمه، أو سلم عليه ذمي، وعما إذا شمته كافر، وحكم مصافحته. ج: يحرم قيام لهم، ولمبتدع يجب هجره، وتصديرهم في المجالس؛ لأن في تصديرهم إعزازًا لهم، وتسوية بينهم وبين المسلمين في الإكرام فلم يجز؛ ولأن في كتابهم لعبد الرحمن بن غنم، وأن نوقر المسلمين ونرشد الطرق، ونقوم لهم عن المجالس، إذا أرادوا المجالس، ولا نطلع عليهم في منازلهم. ويحرم بداءتهم بالسلام؛ لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق، فاضطروهم إلى أضيقها» أخرجه مسلم؛ ولما روى أبو نصرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنا غادون على يهود، فلا تبدؤهم بالسلام، وإن سلموا عليكم فقولوا: وعليكم» . ويحرم بداءتهم بكيف أصبحت؟ أو كيف أمسيت؟ أو كيف أنت؟ أو كيف حالك؟ ولو كتب إلى كافر كتابًا، وأراد أن يكتب سلامًا، كتب سلام على من اتبع الهدى؛ لما ورد في البخاري أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك في كتابه إلى هرقل عظيم الروم؛ ولأن ذلك معنى جامع. وإن سلم من ظنه مسلمًا، ثم علم أنه ذمي استحب قول المسلم للذمي: رد على سلامي؛ لما روى عن ابن عمر أنه مر على عليّ رجل فسلم عليه، فقيل: إنه كافر. فقال: رد على ما سلمت عليك فرد عليه، فقال: أكثر الله مالك وولدك، ثم التفت إلى أصحابه، فقال: أكثر للجزية. وإن سلم أحد أهل الذمة لزم رده، فيقال له: وعليكم أو عليكم بلا واو. وفي «الصحيحين» عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا سلم عليكم اليهود؛ فإنما يقول أحدهم السام عليك، فقل: وعليك» هكذا بالواو، وفي لفظ عليك بلا واو.

عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم» رواه أحمد، وفي لفظ للإمام أحمد: «فقولوا عليكم» بلا واو، وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: السام عليكم، ففهمتها، فقلت: عليكم السام واللعنة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مهلًا يا عائشة؛ فإن الله يحب الرفق في الأمر كله» ، فقلت: يا رسول الله، أو لم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قد قلت وعليكم» متفق عليه، واللفظ للبخاري. وفي لفظ آخر: قد قلت عليكم لم يذكر مسلم الواو، وعند الشيخ تقي الدين يرد مثل تحيته، فيقول: وعليك مثل تحيتك. وقال ابن القيم –رحمه الله- في «أحكام أهل الذمة» : فلو تحقق السامع أن الذمي قال له: سلام عليكم لا شك فيه فهل له أن يقول: وعليك السلام، أو يقتصر على قوله، وعليك فالذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة أن يقال له: وعليك السلام؛ فإن هذا من باب العدل، والله يأمر بالعدل والإحسان، وقد قال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} ، فندب إلى الفضل، وأوجب العدل، ولا ينافي هذا شيئًا من أحاديث الباب بوجه ما؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر بالاقتصار على قول الراد، وعليكم، وبناء على السبب المذكور الذي كانوا يعتمدونه في تحيتهم، وأشار في حديث عائشة - رضي الله عنها - فقال: «ألا ترينني قلت: وعليكم» ، ثم قال: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم» . والاعتبار وإن كان لعموم اللفظ فإنما يعتبر عمومه في نظيره المذكور، لا فيما يخالفه، قال تعالى: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} فإذا زال هذا السبب، وقال الكتابي: سلام عليكم ورحمة الله، فالعدل في التحية يقتضي أن يرد عليه نظير سلامه. انتهى.

س71: ما حكم موالاة اليهود والنصارى وسائر الكفار؟ واذكر جميع ما تستحضره من الأدلة الدالة على غش أهل الذمة للمسلمين وعداوتهم وخيانتهم، وما حكم حضور عيدهم ومدحهم ووصفهم بصفات الإجلال والتعظيم؟ واذكر ما تستحضره من الأدلة.

وإذا لقيه المسلم في طريق، فلا يوسع له ويضطره إلى أضيقه لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام؛ فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقها» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح. ويكره مصافحته، لما ورد عن جابر - رضي الله عنه - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصافح المشركون، أو يكنوا، أو يرحب بهم، ويكره تشميته؛ لما ورد عن أبي موسى: إن اليهود كانوا يتعاطسون عند النبي رجاء أن يقول لهم يرحمكم الله. فكان يقول: «يهديكم الله ويصلح بالكم» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وصححه. س71: ما حكم موالاة اليهود والنصارى وسائر الكفار؟ واذكر جميع ما تستحضره من الأدلة الدالة على غش أهل الذمة للمسلمين وعداوتهم وخيانتهم، وما حكم حضور عيدهم ومدحهم ووصفهم بصفات الإجلال والتعظيم؟ واذكر ما تستحضره من الأدلة. ج: لا تجوز موالاة جميع الكفار؛ لقوله تعالى: {لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ، وقال تعالى: {لاَ يَتَّخِذِ المُؤْمِنُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} الآية. وقال تعالى: {تَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي العَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوَهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} ، وقال تعالى: {وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ} ، وقال تعالى: {لاَ تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ

فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ، وقال جل شأنه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} ، وقال تعالى: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَلاَ المُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ} ، وقال عز من قائل: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداًّ مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم} ، وقال تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} الآية. وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً} ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ} ، وقال تعالى: {هَا أَنتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الغَيْظِ} ، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم مَّا هُم مِّنكُمْ وَلاَ مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَاباً شَدِيداً إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ، ويحرم شهود عيد اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار. قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ} قيل: هو أعياد المشركين. وروى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده، عن عطاء بن دينار قال: قال عمر - رضي الله عنه -: لا تعلموا رطانة الأعاجم، وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم. وروى البيهقي بإسناد صحيح، عن عطاء بن دينار، قال: قال عمر - رضي الله عنه -: لا تعلموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم؛ فإن السخطة تنزل عليهم، ولا يجوز مدح أعداء الله؛ لما روى ابن أبي الدنيا.

س72: تكلم عما يلي: حمل الذمي السلاح، أو تعلم ما يعين على الحرب، تعلية البنيان على بنيان المسلم، وما يتعلق بذلك من نقض أو بقاء أو ضمان، إحداث كنائس ونحوها، إذا كانت موجودة ما استهدم منها.

وأبو يعلى والبيهقي في «شعب الإيمان» عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا مدح الفاسق غضب الرب واهتز لذلك العرش» ولا يجوز وصفهم بصفات الإجلال والتعظيم كالسيد؛ لما روى أبو داود والنسائي. عن بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقولوا للمنافق سيدنا؛ فإنه إن يك سيد فقد اسخطتم ربكم عز وجل» رواه الحاكم في «مستدركه» وصححه، والبيهقي في «شعب الإيمان» بنحوه، ولفظ الحاكم: «إذا قال الرجل للمنافق: يا سيد فقد أغضب ربه تبارك وتعالى» ، ولفظ البيهقي: «إذا قال الرجل للمنافق يا سيد، فقد باء بغضب ربه» . وقال - صلى الله عليه وسلم -: «اليهود والنصارى خونة، لا أعان من ألبسهم ثوب عز» ، وقال عمر: لا تعزوهم وقد أذلهم الله، ولا تأمنوهم بعد أن خونهم الله، ولا تصدقوهم بعد أن أكذبهم الله. قال ابن هبيرة: روي عن أحمد أنه كان إذا رأى يهوديًا، أو نصرانيًا غمض عينيه، ويقول: لا تأخذوا عني هذا، فإني لم أجده عن أحد ممن تقدم، ولكن لا أستطيع أن أرى من كذب على الله. س72: تكلم عما يلي: حمل الذمي السلاح، أو تعلم ما يعين على الحرب، تعلية البنيان على بنيان المسلم، وما يتعلق بذلك من نقض أو بقاء أو ضمان، إحداث كنائس ونحوها، إذا كانت موجودة ما استهدم منها. ج: يمنع أهل الذمة من حمل السلاح، ومن ثقاف، وهو الرمي بالبندق، ومن رمى بنحو نبل، ومن لعب برمح ودبوس، قلت: وفي وقتنا يمنعون من حمل رشاش وقنابل، ومن رمى بمدفع؛ لأن ذلك يعين على الحرب.

ويمنعون من تعلية بنيان على مسلم مجاور لهم، وإن لم يلاصق، ولو رضى جارهم المسلم؛ لأنه حق لله، ولحق من يحدث بعدهم؛ لحديث: «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه» ؛ ولقولهم في شروطهم: ولا تطلع عليهم في منازلهم. ويجب نقض ما علا من بنائهم على بناء جارهم المسلم إزالة لعدوانهم. ويضمن ذمي علا بناؤه على بناء جاره المسلم ما تلف به قبل النقض، لتعديه بالتعلية، لعدم إذن الشارع فيها، وإن ملكوه عاليًا من مسلم لم ينقض سواء كان بشراء أو غيره. ولا يعاد عاليًا لو انهدم ما ملكوه من مسلم عاليًا؛ لأنه بعد انهدامه كأنه لم يوجد، ولا ينقض بناءهم أن بنى مسلم دارًا عندهم دون بنائهم؛ لأنهم لم يعل بناؤهم على بنائه، وإن وجدت دار ذمي أعلى من دار مسلم بجوارها، وشك في السابقة. قال ابن القيم: لا نقره لأن التعلية مفسدة، وقد شك في جوازها ويمنعون من أحداث كنائس وبيع في دار الإسلام، ومن بناء صومعة الراهب، ومجتمع لصلواتهم؛ لقول ابن عباس: أيما مصر مصرته العرب، فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة. رواه أحمد، واحتج به. والكنائس: واحدها كنيسة، وهي معبد النصارى. والبيع: جمع بيعة. قال الجوهري: هي للنصارى، فهما حينئذ مترادفان، وقيل: الكنائس لليهود، والبيع للنصارى، فهما متباينان وهو الأصل. قال في الشرح: أمصار المسلمين ثلاثة أقسام: إحداهما: ما مصره المسلمون، كالبصرة، والكوفة، وبغداد، وواسط؛ فلا يجوز فيه إحداث كنيسة، ولا بيعة، ولا مجتمع لصلاتهم، ولا يجوز صلحهم على ذلك؛ لما روى ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: أيما مصر مصرته العرب، فليس للعجم أن بينوا فيه بيعة

ولا يضربوا فيه ناقوسًا، ولا يشربوا فيه خمرًا؛ ولا يتخذوا فيه خنزيرًا. رواه الإمام أحمد، واحتج به؛ لأن هذا البلد ملك المسلمين، ولا يجوز أن يبنوا فيه مجامع للكفر، وما وجد في هذه البلاد من البيع والكنائس، مثل كنيسة الروم في بغداد، فهذه كانت في قرى أهل الذمة، فأقرت عليه. القسم الثاني: ما فتحه المسلمون عنوة، فلا يجوز إحداث شيء من ذلك فيه؛ لأنها صارت ملكًا للمسلمين من غير نكير، وما فيه من ذلك ففيه وجهان: إحداهما: يجب هدمه، وتحرم تبقيته؛ لأنها بلاد مملوكة للمسلمين، فلم يجز أن تكون فيها بيعة، كالبلاد التي اختطها المسلمون. والثاني: يجوز لأن في حديث ابن عباس أيما مصر مصرته العجم، ثم فتحوا كثير من البلاد عنوة فلم يهدموا شيئًا من الكنائس، ويشهد بصحة هذا وجود الكنائس والبيع في البلاد التي فتحت عنوة، ومعلوم أنها لم تحدث، فلزم أن تكون موجودة فأبقيت. وقد كتب عمر بن العزيز - رضي الله عنه - إلى عماله أن لا تهدموا بيعة، ولا كنيسة ولا بيت نار؛ ولأن الإجماع قد حصل على ذلك فإنها موجودة في بلاد المسلمين من غير نكير. القسم الثالث: ما فتح صلحًا، وهو نوعان: أحدهما: أن يصالحهم على أن الأرض لهم، ولنا الخراج عنها، فلهم إحداث ما يختارون؛ لأن الدار لهم. الثاني: أن يصالحهم على أن الدار للمسلمين، فالحكم في البيع والكنائس على ما يقع عليه الصلح من إحداث ذلك وعمارته؛ لأنه إذا جاز أن يصالحهم على أن الكل لهم، جار أن يصالحوا على أن بعض البلد لهم، ويكون موضع الكنائس والبيع معًا. والأولى أن يصالحهم على ما صالحهم عليه عمر رضي الله عنه، ويشترط

س73: تكلم عن أحكام ما يلي: إظهار أهل الذمة للمنكر، والعيد، والصليب، والأكل والشرب بنهار رمضان، والخمر والخنزير ونحو ذلك. دخولهم الحرم، ودخولهم المدينة، والإقامة بالحجاز، ودخولهم المسجد واستئجارهم لبنائه، من مرض بالحرم، أو مات به، أو دفن به، أو كان لهم على أحد دين.

عليهم الشروط المذكورة في كتاب عبد الرحمن بن غنم، وفيه: أن لا تحدثوا كنيسة، ولا بيعة، ولا صومة راهب، ولا فلاية. اهـ باختصار. ** ** ** س73: تكلم عن أحكام ما يلي: إظهار أهل الذمة للمنكر، والعيد، والصليب، والأكل والشرب بنهار رمضان، والخمر والخنزير ونحو ذلك. دخولهم الحرم، ودخولهم المدينة، والإقامة بالحجاز، ودخولهم المسجد واستئجارهم لبنائه، من مرض بالحرم، أو مات به، أو دفن به، أو كان لهم على أحد دين. ج: يمنعون من إظهار منكر، كنكاح محارم، ومن إظهار ضرب بناقوس ورفع صوتهم بكتابهم، أو رفع صوتهم على ميت وإظهار صليب؛ لأن في شروطهم لابن غنم: وأن لا نضرب ناقوسًا إلا ضربًا خفيفًا في جوف كنائسنا ولا نظهر عليها، ولا نرفع أصواتنا في الصلاة، ولا القراءة في كنائسنا فيما يحظره المسلمون، وأن لا تظهر صليبًا ولا كتابًا في سوق المسلمين، وأن لا نخرج باعوثًا ولا شعانين، وأن لا نرفع أصواتنا مع موتانا. وأن لا نجاورهم بالجنائز، ولا نظهر شركًا، وقيس على ذلك إظهار الأكل والشرب في نهار رمضان لما فيه من المفاسد. ويمنع الكفار ذميين أو مستأمنين من دخول حرم مكة؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} والمراد به الحرم، وإنما منعوا من الحرم دون الحجاز؛ لأنه أفضل أماكن العبادات وأعظمها، وهذه الآية نزلت واليهود بالمدينة، وخيبر ونحوهما من أراضي الحجاز، ولم يمنعوا الإقامة به. وأول من أجلاهم من الحجاز عمر، ولو بذلوا مالًا صلحًا لدخول الحرم،

لم يصح الصلح ولم يمكنوا، وما استوفى من الدخول ملك ما يقابله من المال المصالح عليه؛ فإن دخلوا إلى انتهاء ما صولحوا عليه، ملك عليهم جميع العوض؛ لأنهم استوفوا ما صولحوا عليه. ولا يمنعون من دخول المدينة؛ لأن الآية نزلت في اليهود بالمدينة، ولم يمنعهم –عليه الصلاة والسلام-، ولم يأمرهم بالخروج؛ فإن قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الكفار لابد له من لقاء الإمام، والإمام بالحرم المكي، خرج الإمام إليه، ولم يأذن له في الدخول للآية. فإن دخل الكافر الحرم رسولًا كان أو غيره عالمًا، عزز لإتيانه محرمًا وأخرج من الحرم، وينهي الجاهل عن العود لمثل ذلك، ويهدد ويخرج ولا يعزر؛ لأنه معذور، وإن مرض بالحرم أو مات به أخرج؛ لأنه إذا وجب إخراجه حيًا فإخراج جيفته أولى. وإن دفن بالحرم نبش وأخرج إلا أن يكون قد بلي، فيترك ويمنعون من إقامته بالحجاز كالمدينة واليمامة وخيبر، والينبع، وفدك وقراها المجتمعة؛ لحديث عمر أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فلا أترك فيها إلا مسلمًا» . قال الترمذي: حسن صحيح. وعن ابن عباس قال: أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثلاثة أشياء، قال: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزه» ، وسكت عن الثالثة. رواه أبو داود. والمراد بجزيرة العرب الحجاز؛ لأنهم لم يجلوا من تيماء، ولا من اليمن، ولا من فدك، وهي قرية بشرق سلمى أحد جبلي طيء. وقال الشيخ تقي الدين: ومنه تبوك ونحوها وما دون المنحنى، وهو عقبة الصوان من الشام كمعان، وليس لهم دخوله لا إذن الإمام، كما أن أهل الحرب

لا يدخلون دار الإسلام إلا بإذن الإمام، وفي «المستوعب» : وردت السُّنة بمنعهم من جزيرة العرب وسمي الحجاز بذلك؛ لأنه حجز بين تهامة ونجد، وحد الجزيرة على ما ذكر الأصمعي، وأبو عبيد القاسم بن سلام من عدن إلى ريف العراق طولًا، ومن تهامة إلى ما وراءها إلى أطراف الشام عرضًا. قال الخليل: إنما قيل لها جزيرة؛ لأن بحر الحبشة، وبحر فارس، والفرات، أحاطت بها، ونسبت إلى العرب؛ لأنها أرضها ومسكنها ومعدنها. ولا يقيمون بموضع واحد لتجارة أكثر من ثلاثة أيام؛ لأن عمر - رضي الله عنه - أذن لمن دخل تاجرًا إقامة ثلاثة أيام، فدل على المنع في الزائد، ويوكلون في دين مؤجل من يقضه لهم، ويجير من لهم عليه حال على وفائه لهم لوجوبه على الفور. فإن تعذر وفاؤه لنحو مطل أو تغيب، جازت إقامتهم له إلى استيفائه؛ لأن التعدي من غيرهم، وفي إخراجهم قبله ذهاب لما لهم إن لم يكن توكيل. وليس لكافر دخول مسجد من مساجد الحل، ولو أذن له فيه مسلم؛ لأن عليًا بصر بمجوسي وهو على المنبر، فنزل وضربه وأخرجه، وهو قول عمر؛ ولأن حدث الجنابة والحيض يمنع، فالشرك أولى. وعند القاضي أبي يعلى يجوز لكافر دخول المسجد بإذن مسلم إن رجى منه إسلامه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قدم عليه وفد أهل الطائف، فأنزلهم في المسجد قبل إسلامهم. وأجيب عنه وعن نظائره بأنه كان بالمسلمين حاجة إليه، وبأنهم كانوا يخاطبونه - صلى الله عليه وسلم -، ويحملون إليه الرسائل والأجوبة، ويسمعون منه الدعوة، ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليخرج لكل من قصده من الكفار. اهـ.

وأما دخول مساجد الحل للذمي إذا استؤجر لعمارته، فقيل: يجوز دخولها؛ لأنه نوع مصلحة. قال في «المبدع» : تجوز عمارة كل مسجد وكسوته وإشعاله بمال كل كافر فيكون على هذا العمارة في الآية دخوله وجلوسه فيه، يدل عليه خبر أبي سعيد مرفوعًا: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان؛ فإن الله تعالى قال: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ} الآية» رواه أحمد وغيره. وفي الفنون واردة على سبب وهي عمارة المسجد الحرام، فظاهره المنع فيه فقط، وذكر ابن الجوزي في تفسيره: أنه يمنع من بنائه وإصلاحه، ولم يخص مسجدًا بل أطلق، وبه قال طائفة من العلماء.

من النظم مما يتعلق بأحكام الذمة ويلزمهم أحكامنا في ضمانهم ... لمال وعرض والدما ليحدد بما اعتقدوا تحريمه دون حله ... وعنه أن تزانوا إن تشا لا تحدد تخير هذا ثم أجرى ابن حامد ... تسارقهم مجراه غير مقيد ويلزمهم عنا تميز لبسهم ... وترك لفرق الشعر ربى المسود ويلزم بزنار فويق ثيابهم ... أو الروس منهم فوقها الخرق أشدد وحدف مقاديم الرؤس ليلزموا ... ولا يكتنوا مثل اكتناء الموحد وطوق حديد أو رصاص ليدخلوا ... لحمامنا أو جلجلا ليقلد وميز لتلوين الخفاف نساءهم ... وأزر وعن أن يركبوا الخيل فاصدد ولا فوق بغل أو حمار بسرجه ... بل الأكف امنحهم وعرضًا ليقعد ولا يمنعوا لبس الرفيع مخالفًا ... ووجهين في لبس الطيالس أسند ويحرم في المنصور جمع نسائهم ... ونسوتنا في مستحم موحد ويحرم تصدير الكفور بمجلس ... وفي سبل فاضطر للضيق واضهد وقل وعليكم إن يسلم بعضهم ... مجيبًا لندب لا تجزه لمبتدي وبيعكم كتب الحديث وفقهنا ... حرام وأبطله بغير تردد وقولان في تجويز تهنئة وفي ... عيادتهم ثم العزا في ملحد وتدعو أولاد ومال متى تجز ... وتكثير نفع السلم بالجزية اقصد ويمنع إعلاء البنا فوق جاره ... من السلم والوجهين في علوه طد وإن ملكوا مستعليًا أو بنى فتى ... إلى جنبهم أدنى ليبق بأجود وإن تهو أو تهدم ولو ظلم لم تعد ... علو كذا البيعات في المتجود ويمنع من إحداث بيت ضلالهم ... وإن شرطوا في فتح صلح ليعهد وما مصر الإسلام لم تبن بيعة ... به واصطلاحًا فيه ذا اشترط أردد وعن رد مهدوم بمفتوح عنوة ... في الأقوى امنعن واهدم مشيد بمعبد وحظر بلا حاج وأذن دخولها ... وذا الصور أكره لا اضطرار الورد

س74: إذا اتجر ذمي إلينا فماذا يلزم؟ وماذا يلزم الإمام نحوهم؟ إذا تحاكم إلينا مستأمنان، أو استعدى ذمي على آخر فما الحكم؟ إذا تحاكموا إلى حاكمنا مع مسلم؟ وما هي الكتب التي يمنعون من شرائها؟ بين ما يعشر وما لا يعشر من أموالهم ومقدار ما يؤخذ منهم ووقته، واذكر الدليل والتعليل والخلاف.

وعن ضرب ناقوس وإظهار منكر ... وعيد وإعلان الكتابين فاصدد وإن صولحوا في أرضهم بإزائهم ... حراجًا عليهم مكنوا من معدد ومن غير أذن من دخول الحجاز زد ... وبالأذن من يمكث بمثوى موحد ثلاثة أيام وقيل بل أربعًا ... ليخرج إلى ثان بغير تردد إلى أن يقضي شغله متجردًا ... وإن شايو كل من أبى ذا ليقعد ويمهل إن يسقم إلى حين برئه ... فإن مات فادفنه هناك ومهد ولا تمنعن تيما وفيد ونحوها ... لإفرارهم فيها أوان التشرد ومن حرم فامنعهم مطلقًا ولو ... مريضًا وأخرج ميتًا لم يشرد ويخرج إن جاء الرسول إمامنا ... إليه ومبتاعو تجارة قصد وعزره أن يدخل عليمًا بمنعه ... وأخرج ومع جهل فأخرج وهدد ولا يدخلوا في الحل في مسجد سوى ... على الأظهر الأقوى بإذن موحد ومملوكك امنعه وعرسك منهم ... خروجًا لبيعات وقيد مبعد ** ** ** س74: إذا اتجر ذمي إلينا فماذا يلزم؟ وماذا يلزم الإمام نحوهم؟ إذا تحاكم إلينا مستأمنان، أو استعدى ذمي على آخر فما الحكم؟ إذا تحاكموا إلى حاكمنا مع مسلم؟ وما هي الكتب التي يمنعون من شرائها؟ بين ما يعشر وما لا يعشر من أموالهم ومقدار ما يؤخذ منهم ووقته، واذكر الدليل والتعليل والخلاف. ج: إن اتجر ذمي، ولو صغيرًا، أو أنثى، أو تغليبًا إلى غير بلده، ثم عاد إلى بلده، ولم يؤخذ منه الواجب فيما سافر إليه من بلادنا، فعليه نصف العشر مما معه. روى أبو عبيد في كتاب الأموال بإسناده، عن لاحق بن حميد، أن عمر بعث عثمان بن حنيف إلى الكوفة، فجعل على أهل الذمة في أموالهم التي يختلفون

فيها في كل عشرين درهمًا درهمًا، وكان ذلك بالعراق، واشتهر وعمل به الخلفاء بعده، ولم ينكر، فكان إجماعًا، وعلم منه أنه لا يؤخذ منهم شيء مما معهم لغير تجارة نصًا، ولا مما اتجروا فيه من غير سفر، ويمنع وجوب نصف العشر دين كزكاة أن ثبت الدين بينة، ويصدق كافر تاجر أن جارية معه أهله، أو أنها ابنته ونحوهما لتعذر إقامة البينة، والأصل عدم ملكه لها فلا تعشر، وقيل: لا يصدق، ويؤخذ مما مع حربي اتجر إلينا العشر سواء عشروا أموالنا أو لا، لأخذ عمر له منهم، واشتهر ولم ينكر، فكان كالإجماع ولا يؤخذ عشر، ولا نصفه من أقل من عشرة دنانير مع الذمي والحربي؛ لأن العشر مال يبلغ واجبه نصف دينار، فوجب فيه كالعشرين في زكاة المسلم، ولا يؤخذ العشر أو نصفه أكثر من مرة كل عام. روى أحمد بإسناده أن شيخًا نصرانيًا جاء إلى عمر، فقال: إن عاملك عشرني في السنة مرتين، قال: ومن أنت؟ قال: أنا الشيخ النصراني، قال: وأنا الشيخ الحنيف، ثم كتب إلى عامله أن لا يعشره في السنة إلا مرة، وكالزكاة، ومتى أخذ منهم كتب لم براءة لتكون حجة معهم، فلا يعشرون ثانية؛ لكن إن كان معهم أكثر من المال الأول أخذ من الزائد؛ لأنه لم يعشر ولا يعشر ثمن خمر، ولا ثمن خنزير؛ لأنهما ليسا بمال. وما روي عن عمر: ولهم بيعها وخذوا أنتم من الثمن، حمله أبو عبيد على ما كان يؤخذ منهم جزية وخراجًا، واستدل له: قال في «الإنصاف» : وعنه يعشران، جزم به في الروضة والغنية، وزادوا أنه يؤخذ عشر ثمنه، وأطلقهما في «الكافي» و «الرعاية الكبرى» . انتهى. ويجب على الإمام حفظ أهل الذمة، ومنع من يؤذيهم من مسلم وذمي وحربي؛ لأنه التزم بالعهد حفظهم. ولهذا قال علي: إنما بذلوا الجزية، لكون دماؤهم كدمائنا، وأموالهم

س75: تكلم بوضوح عما يلي: المكس، تولية الذميين الولايات، الاستعانة بأهل الأهواء، استطباب الذمي.

كأموالنا، وعلى الإمام فك أسراهم بعد فك أسرانا؛ لأن حرمة المسلم آكد والخوف عليه أشد؛ لأنه معرض للفتنة عن دينه، وإن تحاكموا إلينا بعضهم مع بعض، أو تحاكم إلينا مستأمنان باتفاقهما، أو استعدى ذمي آخر بأن طلب من القاضي أن يحضره له، فلنا الحكم ولترك؛ لقوله تعالى: {فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} ولا يحكم إلا بحكم الإسلام؛ لقوله تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ} وإن تحاكموا إلى حاكمنا مع مسلم لزم الحكم بينهم؛ لما فيه من إنصاف المسلم من غيره، أو رده عن ظلمه، وذلك واجب؛ ولأن في ترك الإجابة إليه تضييعًا للحق، فتعين فعله، ويلزمهم حكمنا، فلا يملكون رده، ولا نقضه، ولا يصح بيع فاسد تقايضاه، ولو أسلموا، أو لم يحكم به حاكم لتمامه قبل الترافع إلينا، أو الإسلام فأقروا عليه كالكحتهم؛ فإن لم يتقابضاه فسخ حكم به حاكم أولًا لفساده، وعدم تمامه، وحكم حاكم به وجوده كعدمه وكذا سائر حكم عقودهم ومكاسبهم، ويمنعون من شراء مصحف، وكتب حديث، وفقه؛ لأنه يتضمن ابتذال ذلك بأيديهج؛ فإن فعلوا لم يصح الشراء، ويمنعون من إظهار بيع مأكول في نهار رمضان. ** ** ** س75: تكلم بوضوح عما يلي: المكس، تولية الذميين الولايات، الاستعانة بأهل الأهواء، استطباب الذمي. ج: يحرم تعشير أموال المسلمين والكلف التي ضربها الملوك على الناس بغير طريق شرعي إجماعًا. قال القاضي: لا يسوغ فيها اجتهاد لحديث ابن عمر قال: إن صاحب المكس لا يسأل عن شيء، يؤخذ كما هو فيلقى في النار. وحديث عقبة بن عامر قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يدخل الجنة صاحب مكس» رواه أحمد. وفي حديث الغامدية، قال صلى الله

عليه وسلم: «فوالذي نفسي بيده، لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له» . وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الله بن عوان القاري أن اركب إلى البيت الذي يقال له: بيت المكس فاهدمه، ثم احمله إلى البحر فانسفه فيه نسفًا. قال أبو عبيد: رأيته بين مصر والرملة، وحديث أنس: «ليس على المسلمين عشور، إنما العشور على اليهود والنصارى» . رواه أبو داود إلى غير ذلك من الأحاديث. قال الشيخ تقي الدين: الولي في نكاح يعتقد تحريمه أي العشر، منع موليته من التزويج، ممن لا ينفق عليها إلا منه، أي العشر المأخوذ من أموال المسلمين بغير حق؛ لأنه مكس، ويحرم توليتهم الولات من ديوان المسلمين وغيره؛ لما فيه من إضرار المسلمين للعداوة الدينية، ويكره أن يستشاروا، أو يؤخذ من رأيهم لأنهم غير مأمونين، ويكره أن يستعين مسلم بذمي في شيء من أمور المسلمين مثل كتابة وعمالة وجباية خراج، وقسمة فيء وغنيمة وحفظ ذلك في بيت المال وغيره، ونقله إلا لضرورة، ولا يكون الذمي بوابًا، ولا جلادًا، ولا جهبذًا، وهو النقاد الخبير، ونحو ذلك لخيانتهم فلا يؤمنون. قال ابن القيم –رحمه الله-: ولما كانت التولية شقيقة الولاية كانت توليتهم نوعًا من توليهم، وقد حكم الله تعالى بأن من تولاهم فإنه منهم، ولا يتم الإيمان إلا بالبراءة منهم، والولاية تنافي البراءة، فلا تجتمع البراءة والولاية إعزاز، فلا تجتمع هي وإذلال الكفر أبدًا، والولاية صلة، فلا تجامع معاداة الكافر أبدًا. وقال –رحمه الله-: ولو علم ملوك الإسلام بخيانة النصارى للكتاب، ومكاتبتهم الفرنج أعداء الإسلام وتمنيهم أن يستأصلوا الإسلام وأهله، وسعيهم في ذلك بجهد الإمكان لثناهم ذلك عن تقريبهم وتقليدهم الأعمال. اهـ.

ولا يستعان بأهل الأهواء كالرافضة، فتحرم الاستعانة بهم في شيء من أمور المسلمين؛ لأنهم يدعون إلى بدعتهم، ويكره للمسلم أن يستطب ذميًا لغير ضرورة، وأن يأخذ منه دواء لم يقف على مفرداته المباحة، وكذا ما وصفه من الأدوية أو عمله لأنه لا يؤمن أن يخالطه بشيء من المسمومات أو النجاسات. قال تعالى: {قَدْ بَدَتِ البَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} ويكره أن تطب ذمية مسلمة إلا لضرورة، والأولى أن لا تقبلها، أي لا تكون قابلة لها في الولادة مع وجود مسلمة.

من النظم فيما يتعلق بالذمي وإن تجز الذمي إلى غير أرضه ... فخدمته نصف العشر في الحول تهتد إذا كان من مال التجار ولو نسى ... وقيل اعفها إلى محجزة قد فذا نصف عشر خذه من تغلبيهم ... وعن أحمد عشرا ويقضي بأبعد وإن يتجر مستأمن في بلادنا ... فخذ منه عشرًا كل عام بأوطد وبالدين أسقطه ودعوى بشهد ... كدعوى نسيب ظن قنا بابعد والإسقاط والتخفيف أن يرى جائز ... وعشر دنانير النصاب بأوكد وعنه لحربي وذا العهد ضعفها ... وقيل لذمي وخمس المردد ويلزمنا كف الأذى عن معاهد ... وتخليص أسراهم إذا فك من هدى وعن أحمد أن المحتم فدية ... لمن أيسروا في عوننا دون من يد ومن ولد وافي الأسر يفدي إذا فدوا ... ولا تجزه استرقاقه للتعبد ولا عشر في الأولى بأثمان خمرهم ... وخنزيرهم واخصص بخمر بمبعد

س76: تكلم عما يلي: إذا تهود نصراني، أو تنصر يهودي، إذا انتقلا، أو مجوسي إلى غير دين أهل الكتاب، إذا انتقل غير كتابي إلى دين أهل الكتاب أو تمجس وثني، إذا تزندق ذمي، إذا كذب نصراني بموسى.

في الحكم بينهم ويلزم حكم بينهم مع مسلم ... وخبره فيما بينهم في المؤكد كما قال في المستأمنين وعنه من ... توحد ملات وإلا التزم قد ولا تحكمن في كل حال بحكمهم ... بل احكم بحكم الله في ملة أحمد وعدواه إن خيرت جور وحكمه ... بطلبة بعض لا الجميع بأوكد ولا تنقضن بعد التقايض بيعهم ... حرامًا أحلوه ولا ذا تفسد إذا احتكموا أو أسلموا وانقضن بلا ... تقايضهم في الجانبين وأفسد وللبائع الأثمان أو وارثيه إن ... يمت عند مبتاغ بذا القول فاشهد وأبطل في الأقوى حكم حاكمهم إذا ... أتوك ومهر المثل للعروس جدد وللكافر إن كانت على كافر فمن ... هدى منهما تسقط عن نص أحمد وقيل إذا لم يسلم المستحقها ... فقيمتها حق له عند مهتد وإن كان فيها أسلم المرء لم يكن ... له غير رأس المال كالمتفسد ولا تسألن عن حكم أطفالهم وإن ... سئلت أنه فالله العليم بمفسد ** ** ** س76: تكلم عما يلي: إذا تهود نصراني، أو تنصر يهودي، إذا انتقلا، أو مجوسي إلى غير دين أهل الكتاب، إذا انتقل غير كتابي إلى دين أهل الكتاب أو تمجس وثني، إذا تزندق ذمي، إذا كذب نصراني بموسى. ج: إن تهود نصراني لم يقر، أو تنصر يهودي لم يقر؛ لأنه انتقل إلى دين باطل قد أقر ببطلانه، فلم يقر عليه كالمرتد، ولا يقبل منه إلا الإسلام، أو الدين الذي كان عليه؛ لأنه أقر عليه أولًا، فيقر عليه ثانيًا؛ فإن أبى ما كان عليه من الدين أو أبى الإسلام هدد وحبس وضرب حتى يسلم، أو يرجع إلى

س77: ما الذي ينقض به عهد الذمي؟ وإذا انتقض فما الذي يترتب على انتقاضه؟ وما حكم قتله أو رقه؟ وهل يقف نقض العهد على حكم الإمام؟

دينه الذي كان عليه، ولا يقتل لأنه لم يخرج عن دين أهل الكتاب؛ ولأنه مختلف فيه فلا يقتل للشبهة، وإن انتقل اليهودي أو النصراني إلى غير دين أهل الكتاب لم يقر، أو انتقل مجوسي إلى غير دين الكتاب لم يقر؛ لأنه أدنى من دينه، أشبه المسلم إذا ارتد، ولم يقبل منه إلا الإسلام؛ لأن غير الإسلام أديان باطلة قد أقر ببطلانها، فلم يقر عليها كالمرتد؛ فإن أبى الإسلام قتل بعد استتابته ثلاثة أيام، وإن انتقل إلى غير كتابي إلى دين أهل الكتاب، أو تمجس وثنى أقر وإن تزندق ذمي بأن لم يتخذ دينًا معينًا لم يقتل لأجل الجزية نصًا. وإن كذب نصراني بموسى، خرج من دينه لتكذيبه لنبيه عيسى في قوله: {وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ} ولم يقر على غير الإسلام؛ فإن أباه قتل بعد أن يستتاب ثلاثًا. ** ** ** س77: ما الذي ينقض به عهد الذمي؟ وإذا انتقض فما الذي يترتب على انتقاضه؟ وما حكم قتله أو رقه؟ وهل يقف نقض العهد على حكم الإمام؟ ج: من نقض العهد بمخالفته شيئًا مما صولحوا عليه مما ينتقض العهد على ما يأتي تفصيله حل ماله ودمه لما في كتاب أهل الجزيرة إلى عبد الرحمن بن غنم، وإن نحن غيرنا أو خالفنا عما شرطنا على أنفسنا، وقبلنا الأمان عليه، فلا ذمة لنا، وقد حل لك منا ما يحل لأهل المعاندة والشقاق، وأمره عمر أن يقرهم على ذلك، ولا يقف نقض العهد على حكم الإمام بنقضه، حيث أتى ما ينقضه فإذا امتنع من بذل الجزية أو من التزام أحكام ملة الإسلام، سواء شرط عليهم ذلك أو لا، ولو لم يحكم عليه بها حاكمنا؛ لأن الله تعالى أمرنا بقتالهم حتى يعطوا الجزية ويلتزموا أحكام الملة الإسلامية؛ لأنها نسخت كل حكم يخالفها، فلا يجوز بقاء العهد مع الامتناع عن ذلك، أو أبى الصغار أو قاتلنا منفردًا، أو مع أهل الحرب، أو لحق بدار الحرب مقيمًا بها لصيرورته من جملة

أهل الحرب، أو زنى بمسلمة، أو أصابها باسم نكاح نصًا؛ لما روي عن عمر أنه رفع إليه رجل أراد استكراه امرأة مسلمة على الزنا، فقال: ما على هذا صالحناكم، فأمر به فصلب في بيت المقدس، أو تعدى بقطع طريق، أو تجسس للكفار، أو آوى جاسوسهم وهو عين الكفار لما فيه من الضرر، أو ذكر الله تعالى أو كتابه أو دينه أو رسوله بسوء، كقوله لمن سمعه يؤذن كذبت انتقض عهد ويقتل؛ لما روي أنه قيل لابن عمر: إن راهبًا يشتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لو سمعته لقتلته، إنا لم نعط الأمان على هذا، وكذا لو تعدى الذمي على مسلم بقتل، أو فتنة عن دينه، أو تعاون على المسلمين بدلالة مثل مكاتبة المشركين ومراسلتهم بأخبار المسلمين. ولا ينتقض عهده بقذفه المسلم، وقيل: بلى وحكم ما إذا سحره فآذاه في تصرفه حكم القذف نص عليهما. وإن أظهر منكرًا ورفع صوته بكتابه ونحوه، لم ينتقض عهده؛ لأن العقد لا يقتضيه، ولا ضرر فيه على المسلمين. ولا ينتقض عهد نسائه وأولاده حيث انتقض عهده لوجود النقض منه دونهم، فاختص حكمه به، ويخير الإمام في المنتقض عهده كالأسير الحربي على ما تقدم لفعل عمر، ولأنه كافر لا أمان له أشبه الأسير. وماله فيء؛ لأن المال لا حرمة له في نفسه، إنما هو تابع لمالكه حقيقة، وقد انتقض عهد المالك في نفسه، فكذلك في ماله. ويحرم قتله؛ لأجل نقضه العهد إذا أسلم، ولو لسبه النبي - صلى الله عليه وسلم - لعموم قوله تعالى: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} ؛ ولعموم حديث: «الإسلام يجب ما قبله» ، وقياسًا على الحربي إذا سبه - صلى الله عليه وسلم -، ثم تاب بإسلامه قبلت توبته إجماعًا. ويحرم رقه أيضًا بعد إسلامه لا إن كان رق قبل ويستوفي منه ما يقتضيه القتل

إذا أسلم وقد قتل من قصاص أو دية لأنه حق آدم، ولا يسقط بإسلامه كسائر حقوقه. وقيل: يقتل سابه - صلى الله عليه وسلم - بكل حال، وإن أسلم اختاره، جمع وصححه الشيخ تقي الدين، وقال: إن سبه - صلى الله عليه وسلم - حربي ثم تاب بإسلامه، قبلت توبته إجماعًا، للآية والحديث السابقين، وقال في كتابه «الصارم المسلول على شاتم الرسول» : والدلالة على انتقاض عهد الذمي لسبه لله، أو كتابه، أو دينه، أو رسوله، ووجوب قتله وقتل المسلم إذا أتى بذلك: الكتاب والسُّنة وجماع الصحابة والتابعين؛ أما الكتاب فيستنبط منه ذلك من مواضع أحدها: قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ} إلى قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} فلا يجوز الإمساك عن قتلهم، إلا إذا كانوا صاغرين حال إعطائهم الجزية، ومعلوم أن إعطاء الجزية من حين بذلها والتزامها، إلى تسليمها وإقباضها، فإنهم إذا بذلوا الجزية وشرعوا في الإعطاء وجب الكف عنهم إلى أن يقبضوها فيتم الإعطاء، فمتى لم يلتزموها أو لا وامتنعوا من تسليمها ثانيًا لم يكونوا ملتزمين للجزية؛ لأن حقيقة الإعطاء لم يوجد، وإذا كان الصغار حالًا لهم في جميع المدة فمن المعلوم أن من أظهر سب نبينا في وجوهنا، وشتم ربنا على رءوس الملا، وطعن في ديننا في مجامعنا فليس بصاغر؛ لأن الصاغر الذليل الحقير وهذا فعل متعزز مراغم، بل هذا غاية ما يكون لنا من الإذلال والإهانة. اهـ ملخصًا. وقال: من تولى منهم ديوان المسلمين انتقض عهده، وقال: إن جهر بين المسلمين بأن المسيح هو ابن الله تعالى، عما يقولون علوًا كبيرًا. عوقب على ذلك؛ إما بالقتل، أو بما دونه، لا إن قاله سرًا، وإن قال: هؤلاء المسلمون الكلاب أولاد الكلاب، إن أراد طائفة معينة من المسلمين، عوقب عقوبة تزجره وأمثاله، وإن ظهر منه قصد العموم انتقض عهده ووجب قتله. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

من النظم فيما يتعلق بنقض العهد وإن حارب الذمي أو يأب جزية ... أو أحكامنا أو قر في دار مرد فتمد نقض العهد لذي فيه أمنه ... ولو لم تصرح باشتراط المعدد وينقض في الأولى أصابته زنا ... لمسلمة أو باسم عقد مفسد وفعل ينافيه القصاص تعمدًا ... وقطع طريق ثم تضليل مهتد بدين وتجسيس وايوا عيون ذي ... الحراب وذكر الله والرسل بالردى أو الكتب في الأولى وفي قذف مسلم ... وإيذائه بالسحر لا في الموطد وسيان مع شرط عليهم وفقده ... وما لم تقل ينقض بموجبه احدد وعزر ولا تنقض مجهر بكتبهم ... وسائر ممنوع بشرط بأوطد ويقتل من سب الرسول تحتمًا ... وخير فيمن فر من دارنا قد وإن ينقض فيما سوى ذين فاقتلن ... على النقض واختر عند مملى المجرد وفي المقنع التخيير في كل ما ناقض ... لعهد كأسوانا بغير تقيد أبق على أولاده ونسائه ... العهود سوى المولود بعد التمرد وأمواله فيئًا كمرتدنا اجعلن ... وقال أبو بكر لوراثة اشهد ومن طالع الكفار منا بعورة ... فعزر وقيل اقتل لخوف التأيد ومن بعد إذا أخذ أهبة للشروع في ... مسائل أحكام التعامل ترشد

انتهى هذا الجزء كتابة وتصحيحًا حسب الطاقة محتويًا على أحكام الأضاحي والعقيقة والجهاد، ويليه إن شاء الله الجزء الرابع، وأوله كتاب البيع، وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين. وهذا الكتاب وقف لله تعالى، ومن استغنى عن الانتفاع به، فليدفعه إلى من ينتفع به من طلبة العلم أو غيرهم. طبع على نفقة المؤلف وجماعة من المحسنين.

وَقْفٌ للهِ تَعَالَى تَأْلِيفُ عَبدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ السّلمانِ المدرس في معهد إمام الدعوة بالرياض غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين الجزء الرابع طُبِِعَ عَلَى نَفَقَةِ مَنْ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وجْهَ اللهِ وَالدَار الآخرةَ فجَزاهُ اللهُ عن الإسلام والمسلمينَ خيرًا وغَفَر له ولوالديه ولمن يُعيدُ طِبَاعَتَه أو يُعِيْنُ عليها أو يَتَسبَب لها أو يُشِيرُ على مَنْ يُؤمِلُ فيه الخيرَ أن يَطبَعَه وقفًا للهِ تعالى يُوزَّع على إخوانِهِ المسلمين ... اللهم صل على محمد وعلى آله وسلم

كتاب البيوع

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين تعريف البيع وحكمه س1: عرّف البيع لغةً وشرعًا، وما حكمه؟ وما الأصل فيه؟ وما الحكمة فيه؟ وما وجه تقديمه على الأنكحة؟ واذكر الأدلة. ج: البيع لغةً: مقابلة شيء بشيء. قال الشاعر: ما بتعْتكُمْ مُهْجتي إلا بوصلِكْم ... ولا أسلمها إلا يدًا بيدِ ويقال: باع الشيء، إذا أخرجه من ملكه، وباعه: إذا اشتراه وأدخله ملكه، وهو من الأضداد، وكذا شري: إذا أخذ، وشري: إذا باع، قال الله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} [يوسف: 20] ، أي باعوه، وقال: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ} [البقرة: 102] ، أي باعوا به، وذلك لأن كل واحد من المتبايعين يأخذ عوضًا، ويعطي عوضًا، فهو بائع لما أعطى، ومشترٍ لما أخذ، فصلح الاسمان لهما جميعًا. ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: «المتبايعان

بالخيار ما لم يتفرقا» . وأنشد أبو عبيدة: وباع بنيه بعضهمُ بخسارةً ... وبعتُ لذبيانَ العلاء بمالكِ أي: شريت. وشرعًا: مبادلة عين مالية أو منفعة مباحة بمثل إحداهما، أو بمال في الذمة للملك على التأييد غير ربا وفرض، وهو جائز بالكتاب والسُّنة والإجماع؛ أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] ، وقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] ، وقوله: {إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} [النساء: 29] ، وقوله: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ} [البقرة: 198] . وروى البخاري عن ابن عباس قال: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقًا في الجاهلية، فلما كان الإسلام، تأثموا فيه، فأنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ} [البقرة: 198] ، يعني: في مواسم الحج، وعن الزبير ونحوه، وقال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] . وأما السُّنة: فعن ابن عمر -رضي الله عنهما-، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا تبايع الرجلان، فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا

وكان جميعًا، أو يخير أحدهما الآخر» الحديث متفق عليه، وعن عمار بن خزيمة أن عمه حدثه، وكان من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ابتاع فرسًا من أعرابي، فاستتبعه النبي - صلى الله عليه وسلم - ليقضيه ممن فرسه، فأسرع النبي - صلى الله عليه وسلم - المشي، وأبطأ الأعرابي، فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس، لا يشعرون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ابتاعه، فنادى الأعرابي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: إن كنت مبتاعًا هذا الفرس فابتَعْه، وإلا بعتُه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين سمع نداء الأعرابي: «أو ليس قد ابتَعتُه منك؟» قال الأعرابي: لا، والله ما بعتك! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بلى، قد ابتعتُه!» فطفق الأعرابي يقول: هلمَّ شهيدًا! قال خزيمة: أنا أشهد أنك قد ابتعته، فأقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - على خزيمة، قال: «بِم تَشهد؟» فقال: بتصديقك يا رسول الله، فجعل شهادة خزيمة شهادة رجلين. رواه أحمد والنسائي، وأبو داود. وروى رفاعة أنه خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلى، فرأى الناس يتبايعون، فقال: «يا معشر التجار» فاستجابوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورفعوا أعناقهم وأبصارهم فيه، فقال: «إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارًا إلا من برَّ وصدق» قال الترمذي: حديث حسن. وروى أبو سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء» . قال الترمذي: هذا حديث حسن.

س2: تكلم بوضوح عن الصور التي يتضمنها التعريف للبيع شرعا، وما هي أركان البيع إن لم يكن ضمنيا؟

وأجمع المسلمون على جواز البيع في الجملة، وقدم على الأنكحة وما بعدها لشدة الحاجة إليه؛ لأنه لا غنى للإنسان عن مأكول ومشروب ولباس، وهو ما ينبغي أن يهتم به لعموم البلوى، إذ لا يخلو المكلف غالبًا من بيع وشراء، فيجب معرفة الحكم في ذلك قبل التلبس به، وقد حكى بعضهم الإجماع على أنه لا يجوز لمكلف أن يقدم على فعل حتى يعلم حكم الله فيه، وبعث عمر - رضي الله عنه - من يقيم من الأسواق من ليس بفقيه، والحكمة فيه هي ما ذكره الناظم، بقوله: وصححه شرعًا على مقتضى النُهى ... تَوصُّلُ ذي فَقرٍ إلى كل مقصدِ صور تعريف البيع وأركانه س2: تكلم بوضوح عن الصور التي يتضمنها التعريف للبيع شرعًا، وما هي أركان البيع إن لم يكن ضمنيًا؟ ج: صوره: 1- عين بعين. 2- عين بدين. 3- عين بمنفعة. 4- دين بعين. 5- دين بدين، بشرط الحلول والتقابض قبل التفرق. 6- دين بمنفعة. 7- منفعة بعين. 8- منفعة بدين. 9- منفعة بمنفعة.

وأركانه: إن لم يكن ضمنيًا أربعة: متعاقدان، ومعقود عليه، وصيغة، أو معاطاة. وصورة الضمني كـ: أعتق عبدك عني، فإذا أعتقه صح العتق عن السائل، ولزمه الثمن مع أنه لم توجد هنا الأركان كلها. والصيغة لها صورتان: إحداهما: الصيغة القولية، وهي غير منحصرة في لفظ معين، بل هي كل ما أدى معنى البيع؛ لأن الشارع لم يخصه بصيغة معينة، فتتناول كل ما أدى معناه. فمن الصيغة القولية: الإيجاب، وهو ما يصدر من بائع، فيقول: بعتك كذا، أو ملكتك هذا، ونحوهما كوليتك، أو شركتك فيه أو وهبتكه بكذا أو نحوه، كأعطيتكه بكذا، أو رضيت به عوضًا عن هذا، والقبول بعد الإيجاب: ما يصدر من مشتر بلفظ دال على الرضا، فيقول المشتري: ابتعت، أو قبلت، أو رضيت، وما في معنى ما ذكر كتملكته، أو اشتريته، أو أخذته ونحوه. ويشترط لانعقاد البيع أن يكون القبول على وفق الإيجاب في القدر، فلو خالف كأن يقول: بعتك بعشرة، فيقول: اشتريته بثمانية، لم ينعقد، وأن يكون على وفقه في النقد وصفته، والحلول والأجل،

فلو قال: بعتك بألف صحيحة، فقال: اشتريته بألف مكسرة ونحوه، لم يصح البيع في ذلك؛ لأنه رد للإيجاب لا قبوله له؛ فإن تقدم القبول على الإيجاب، صح بلفظ أمر، أو ماض مجرد عن استفهام ونحوه. وإن تراخى القبول عن الإيجاب، أو عكسه، صح ما دل في المجلس، ولم يتشاغلا بما يقطعه عرفًا؛ لأن حالة المجلس كحالة العقد. الصورة الثانية لعقد البيع: الدلالة الحالية، وهي المعاطاة، تصح في القليل والكثير؛ لعموم الأدلة؛ ولأن البيع موجود قبل الشرع، وإنما علق الشرع عليه أحكامًا، ولم يعين له لفظًا، فوجب رده إلى العرف كالقبض والحرز، ولم يزل المسلمون في أسواقهم وبياعاتهم على ذلك، ولم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد من أصحابه استعمال إيجاب وقبول في بيعهم، وكذلك في الهبة والهدية والصدقة، فإنه لم ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أصحابه استعمال ذلك فيه. ومن صور بيع المعاطاة قول المشتري: أعطني بهذا الدرهم خبزًا، فيعطيه البائع ما يرضيه وهو ساكت، أو يقول البائع للمشتري: خذ هذا بدرهم، فيأخذ وهو ساكت. ومنها: لو ساومه سلعةَ بثمن، فيقول: خذها، أو هي لك، أو: أعطيتكها، أو يقول: كيف تبيع الخبز؟ فيقول: كذا بدرهم، فيقول: خذ درهمًا، أو: زنه، أو وضعَه -أي: المشتري- ثمنه عادة وأخذه، ونحو ذلك مما يدل على بيع أو

شراء. ويعتبر في المعاطاة معاقبة القبض أو الإقباض للطلب؛ لأنه إذا اعتبر عدم التأخير في الإيجاب والقبول اللفظي، ففي المعاطاة أولى. قال في «الإنصاف» : قال الشيخ تقي الدين: عبارة أصحابنا وغيرهم تقتضي أن المعاطاة ونحوها ليست من الإيجاب والقبول، وهو تخصيص عرفي. قال: والصواب أن الإيجاب والقبول اسم لكل تعاقد، فكل ما انعقد به البيع من الطرفين سمي إثباته وإيجابًا، والتزامه قبولاً. قال: واختار الشيخ تقي الدين صحة البيع بكل ما عده الناس بيعًا من متعاقب ومتراخ من قول وفعل، انتهى. وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. ولا ينعقد البيع هزلاً بلا قصد الحقيقة؛ لعدم الرضا، ولا إن وقع تلجئة وأمانة، بأن يظهر بيعًا لم يريداه باطنًا، بل خوفًا من ظالم ونحوه، فباطل وإن لم يقولا في العقد: هذا تلجئة؛ لأن القصد منه التقية فقط؛ لحديث: «وإنما لكل امرئ ما نوى» . من النظم مما يتعلق بالبيع وأشرْعُ بعدَ الحمد لله وحده ... وأزكى صلاةً أهديَت لمحمدِ بذكر كتابِ الحكم في البيع والشرا ... وما قد حواه من صحيح ومفسد وصححه شرعًا على مقتضى النُّهى ... تَوصُّل ذي فقر إلى كلِ مقصدِ

س3: كم الشروط في البيع؟ وما هي؟

مبادلة الأموالِ قصدَ تملكٍ ... بغير ربًا أعيانها في التَحدّدِ يصحُ بإيجابٍ كبعت ونحوهِا ... وبايعتُه أو نحوها اقبلهُ واعقدِ وينفذُ من كلٍ امرئ بلسانهِ ... وغير لغاتِ المرء مع فهمهما قدِ وتقدم مبتاعٍ قبولاً أَجزهُ في الـ ... أَصحِ بماضي الفعل كابتعت تسْعدِ وإن قال بعني قال بعتك فالشرا ... صحيح وعنه البيع لم يتعقد وما الخلف في ظنيّ سوى في الذي خلا ... من العقد عن بيع المعاطاة قيدِ ومستفهمًا إن قال مثلَ أبِعتَني ... فليس لهذا صحةٌ عند نُقّدِ وليس التراخي في القبول بمبطلٍ ... بمجلسه من غير شغلِ بمبعدِ كذا في النكاح احكم ولو بعد مجلسٍ ... بثانٍ وإن قُدم قبولٌ فأفسدِ وبيع معاطاة صحيحٌ بأوكدٍ ... وخصصه القاضي بشيء مزهدِ وصورتها إعطاء شيء وبذله ... فيأخذه من غير لفظ مقيدِ كذلك لا تشرطه في الصدقاتِ ... والهدياتِ والإعطا كفعل محمدِ شروط البيع، وحكم بيع المكره س3: كم الشروط في البيع؟ وما هي؟

س4: تكلم بوضوح عن بيع المكره، وما الذي قاله الشيخ تقي الدين على بيع الأمانة؟ إذا قال إنسان لآخر: اشترني من زيد فإني عنده، فاشتراه المقول له، فما الحكم؟ وتكلم عما إذا كان القائل أثنى، فاشتراه ووطئها، وأتت بولد منه، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف.

ج: شروط سبعة: أحدها: الرضى؛ لقوله تعالى: {إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} ، وحديث: «إنما البيع عن تراض» رواه ابن حبان. الثاني: الرشد. الثالث: كون مبيع مالاً. الرابع: أن يكون المبيع مملوكًا للبائع، أو مأذونًا له فيه وقت العقد. الخامس: أن يكون مقدورًا على تسليمه. السادس: معرفة الثمن والمثمن. السابع: أن يكون الثمن معلومًا حال العقد. واختار الشيخ تقي الدين صحة البيع وإن لم يسم الثمن، وله ثمن المثل كالنكاح. س4: تكلم بوضوح عن بيع المكره، وما الذي قاله الشيخ تقي الدين على بيع الأمانة؟ إذا قال إنسان لآخر: اشترني من زيد فإني عنده، فاشتراه المقول له، فما الحكم؟ وتكلم عما إذا كان القائل أثنى، فاشتراه ووطئها، وأتت بولد منه، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف. ج: لا يصح بيع المكره بلا حق؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما البيع عن تراض» رواه ابن حبان. فإن أكرهه الحاكم على بيع ماله لوفاء دينه، صح؛ لأنه حمل عليه بحق، وإن أكره على مقدار من المال، فباع

ملكه في ذلك، صح البيع؛ لأنه غير مكره عليه؛ وأما الشراء منه، فقيل: يكره، وهو بيع المضطرين. قال في «المنتخب» : لبيعه بدون ثمنه، واختار الشيخ تقي الدين الصحة من غير كراهة، وهذا القول هو الذي يترجح عندي. والله أعلم. قال الشيخ: بيع الأمانة هو الذي مضمونه اتفاقهما على أن البائع إذا جاء بالثمن أعاد إليه ملك ذلك، ينتفع به المشتري بالإجارة والسكنى ونحو ذلك، وهو عقد باطل بكل حال، ومقصودهما إنما هو الربا بإعطاء دراهم إلى أجل، ومنفعة الدار هي الربح. والواجب رد المبيع إلى البائع، وأن يرد المشتري ما قبضه منه، لكن يحسب له منه ما قبضه المشتري من المال الذي سموه أجرة. قال الشيخ: ومن استولى على ملك رجل بلا حق، فجحده أو منعه إياه حتى يبيعه على هذا الوجه؛ فهذا مكره بغير حق، انتهى. وإن باع إنسان ماله خوفًا من ظالم، أو خاف إنسان ضيعته، أو نهبه أو سرقته أو غصب، فباعه من غير تواطؤ مع المشتري على أن البيع تلجئة وأمانة، صح بيعه؛ لأنه صدر من أهله في محله من غير إكراه. ومن قال: اشترني من زيد، فإني عبده، فاشتراه المقول له فبان حرًا؛ لم يلزمه العهدة، حضر البائع أو غاب، لأنه إنما وجد منه الإقرار دون الضمان، كقول إنسان لآخر: اشتر منه عبده هذا، فاشتراه، فتبين حرًا؛ فلا تلزم القائل العهدة، ويؤدب

س5: من هو جائز التصرف الذي يصح بيعه؟ وما حكم بيع المميز والسفيه والقن؟ , وما حكم قبول المميز والسفيه للوصية؟ ومن الذي لا يصح منه البيع؟

هو وبائعه لما صدر منهما من التغرير، ويرد كل منهما ما أخذه لأنه قبضه بغير حق. وعن الإمام رواية؛ يؤخذ البائع والمقز بالثمن، فإن مات أحدهما أو غاب، أخذ الآخر بالثمن، واختاره الشيخ تقي الدين، قال في «الإنصاف» : وهو الصواب، قال في «الفروع» : ويتوجه هذا في كل غار. قال في «الإنصاف» : وما هو يعيد، ولو كان الغار أنثى، فقالت لآخر: اشترني من هذا فإني أمته، فاشتراها ووطئها؛ حدَّتْ دونه ولا مهرَ لها؛ لأنها زانية مطاوعة، ويلحقه الولد للشبهة، ولو أقر شخص لآخر أنه عبده فرهنه، فكبيع فلا تلزم العهدة القائل. تعريف جائز التصرف ومن لا يصح منه البيع س5: من هو جائز التصرف الذي يصح بيعه؟ وما حكم بيع المميز والسفيه والقن؟ , وما حكم قبول المميز والسفيه للوصية؟ ومن الذي لا يصح منه البيع؟ ج: هو الحر المكلف الرشيد، فلا يصح من صغير ومجنون ونائم ومبرسم وسفيه وسكران؛ لأنه قول يعتبر له الرضا، فاعتبر فيه الرشد كالإقرار، إلا في شيء يسير، كرغيف أو حزمة بقل أو كبريت أو قطعة حلوى ونحو ذلك، فيصح من قِنٍ وصغير ولو غير مميز وسفيه؛

س6: تكلم بوضوح عن معاني وأحكام ما يلي: كون مبيع مالا، بيع البغل والحمار، ودود القز وبزره، والنحل والطير، والهر والفيل، وسباع البهائم، وسباع الطير، والقرد والجاني والمريض، ومنذور عتقه، ومصحف، وكتب زندقة، وسرجين وميتة، بيع الكلب واقتناؤه.

لأن الحجر عليهم لخوف ضياع المال، وهو مفقود في اليسير، وإذا أذن لمميز وسفيه وليهما، صح ولو في الكثير؛ لقوله تعالى: {وَابْتَلُوا اليَتَامَى} [النساء: 6] أي: اختبروهم وإن يتحقق بتفويض البيع والشراء، وحرم على وليهما الإذن لهما بالتصرف في مالهما بلا مصلحة؛ لأنه إضاعة، ولا يصح من المميز والسفيه قبول هبة ووصية بلا إذن ولي لهما كالبيع، واختار الموفق وجمع صحته من مميز بلا إذن ولي، كما يصح من العبد قبول الهبة والوصية بلا إذن سيده ويكونان لسيده، وهذا القول عندي أرجح. والله أعلم. وشراء رقيق بلا إذن سيده في ذمته لا يصح للحجر عليه، وكذا شراؤه بعين المال بغير إذن السيد؛ لأنه فضولي، وتُقبل من مميز هدية أرسل بها، ويُقبل منه إذن في دخول الدار ونحوها، عملاً بالعرف. ذكر أشياء يصح بيعها وأشياء لا يجوز بيعها س6: تكلم بوضوح عن معاني وأحكام ما يلي: كون مبيع مالاً، بيع البغل والحمار، ودود القز وبزره، والنحل والطير، والهر والفيل، وسباع البهائم، وسباع الطير، والقرد والجاني والمريض، ومنذور عتقه، ومصحف، وكتب زندقة، وسرجين وميتة، بيع الكلب واقتناؤه. ج: المال شرعًا: ما يباح نفعه مطلقًا في كل الأحوال، أو: يباح اقتناؤه بلا حاجة، فخرج ما لا نفع فيه كالحشرات، وما فيه محرم

كخمر، وما لا يباح إلا عند الاضطرار كالميتة، وما لا يباح اقتناؤه إلا لحاجةَ كالكلب، فيجوز بيع بغل وحمار وعقار ومأكول ومشروب وملبوس ومركوب ودقيق؛ لأن الناس يتبايعون ذلك وينتفعون به في كل عصر من غير نكير، وقياسًا لما يرد به النص على ما ورد. ويصح بيع دود قز وبزرة قبل أن يدب؛ لأنه يخرج من الحرير الذي هو أفخر الملابس، بخلاف الحشرات التي لا نفع فيها. ويصح بيع طير لقصد صوته، كبلبل وكهزار وببغاء؛ لأن فيها نفعًا مباحًا. ويصح بيع نحل منفردًا عن كوراته؛ لأنه حيوان طاهر يخرج من بطونه شراب فيه منافع للناس، فهو كبهيمة الأنعام، وكذا يصح بيعه خارجًا عنها معها، بشرط كونه مقدورًا عليه، وإلا لم يصح بيعه للغرر، ويصح بيعه فيها معها إذا شوهد داخلاً إليها، ويصح بيعه في كوراته بدونها إذا شوهد داخلاً إليها، ولا يصح بيع الكوارة بما فيها من عمل ونحل للجهالة، ولا يصح بيع ما كان مستورًا من النحل بأقراصه، ولم يفرق للجهالة. ويجوز بيع سباع بهائم كالفهد، وبيع فيل وجوارح طير كصقر وباز يصلحان لصيد بأن تكون معلمة أو تقبل التعليم؛ لأن فيها نفعًا مباحًا.

ويجوز بيع هرٍ؛ لما في الصحيح: «أن امرأة دخلت النار في هرة لها حبستها» والأصل في اللام الملك؛ ولأنه حيوان يباح نفعه واقتناؤه مطلقًا أشبه البغل، والقول الثاني: لا يجوز بيعه، اختاره في «الهداية» و «الفائق» وصححه في «القواعد الفقهية» ؛ لحديث مسلم عن جابر أنه سُئل عن ثمن السنور، فقال: زجر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. وفي لفظ: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن السنور» رواه أبو داود. وهذا القول عندي أنه أرجح. والله سبحانه أعلم. ويصح بيع قرد لحفظ؛ لأن الحفظ من المنافع المباحة، ولا يصح بيع قرد العب. ويصح بيع قن مرتد وجانٍ عمدًا أو خطأ على نفس أو ما دونها ذكرًا أو أنثى، ويصحُ بيع مريضٍ، وقاتل في محاربة متحتم قتله بعد القدرة عليه؛ لأنه ينتفع به إلى قتله، ويعتقه، فيجر ولاء ولده. ويصح بيع أمة لمن به عيب يفسخ به النكاح كجذام وبرص؛ لأن البيع يُراد للوطء وغيره، بخلاف النكاح. ويصح بيع لبن آدمية انفصل منها؛ لأنه طاهر ينتفع به كلبن الشاة؛ ولأنه يجوز أخذ العوض عنه في إجارة الظئر، فيضمنه متلفه، ويكره للمرأة بيع لبنها، قال في «الإنصاف» : والوجه الثاني لا يصح

مطلقًا، قال المصنف والشارح: ذهب جماعة من أصحابنا إلى تحريم بيعه، وجزم به في «المنور» وقدمه في «المحرر» فعليه، لو أتلفه متلف ضمنه على الصحيح من المذهب، ويحتمل أن لا يضمنه، كالدمع والعرق، قال القاضي: ونقله في شرح «المحرر» للشيخ تقي الدين. اهـ. وعندي أن القول الأول أرجح. والله أعلم. ولا يجوز بيع الكلب؛ لما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب، وقال: إن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابًا. رواه أحمد وأبو داود، وعن جابر - رضي الله عنه -: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب والسنور» رواه أحمد ومسلم وأبو داود. وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو، قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن» رواه الجماعة. ولأنه حيوان نهى عن اقتنائه في غير حال الحاجة، فأشبه الخنزير. قال في «الإنصاف» ، وقال الحارثي في شرحه في كتاب «الوقف» عند قول المصنف: «ولا يصح وقف الكلب» : والصحيح اختصاص النهي عن البيع بما عدا كل الصيد، بدليل رواية حماد بن سلمة عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب، والسنور، إلا كلب صيد» .

والإسناد جيد، قال: فيصح وقف المعلم؛ لأن بيعه جائز. انتهى. والذي يترجح عندي القول الأول؛ لأنه أحوط. والله أعلم. وأما حديث جابر، فقال في «الشرح الكبير» : وأما حديثهم، فقال الترمذي: لا يصح إسناد هذا الحديث، وقال الدارقطني: الصحيح أنه موقوف على جابر، وفي «نيل الأوطار» : قال في «الفتح» : ورجال إسناده ثقات، إلا أن طعن في صحته. ومن قتل كلبًا يباح اقتناؤه أساء؛ لأنه فعل محرمًا، ولا غرم عليه؛ لأن الكلب لا يملك، ولا قيمة له، ويحرم اقتناء كلب، كما يحرم اقتناء خنزير، ولو لحفظ في البيوت ونحوها، إلا كلب ماشية أو صيد أو حرث؛ لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «من اتخذ كلبًا، إلا كلب ماشية، أو صيد، أو زرع، نَقَصَ من أجره كل يوم قيراط» متفق عليه. وإنما يجوز اقتناء الكلب للماشية والصيد والحرث إن لم يكن أسود بهيمًا أو عقورًا، ولا يصح بيع منذور عتقه نذر تبرر؛ لأنه عتقه وجب بالنذر، فلا يجوز إبطاله ببيعه. ولا يجوز بيع ميتة، ولا شيء منها ولو طاهرة، كميتة الآدمي، إلا سمكًا وجرادًا ونحوهما. ولا يصح بيع دم وخنزير وصنم؛ لما ورد عن جابر أنه سمع

النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الله حرم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام» ، فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن، وتدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: «لا، هو حرام» الحديث رواه الجماة. ولا يصح بيع سرجين نجس، ولا بيع أدهان نجسة العين من شحوم الميتة وغيرها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه» ولا يحل الإنتفاع بها في استصباح ولا غيره؛ لحديث جابر: قيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنه يدهن بها الجلود، وتطلى بها السفن، ويستصبح بها الناس؟ فقال: «لا، هو حرام» متفق عليه. ولا يصح بيع أذهان متنجسة، قياسًا على شحم الميتة؛ لحديث: «إن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه» رواه الشيخان مختصرًا، ويجوز الاستصباح بها على وجه لا تتعدى نجاسته في غيْرِ مسجد؛ لأنه يؤدي إلى تنجسه. ولا يجوز بيع سم قاتل. وأما بيع المصحف، فقيل: يحرم بيعه، قال أحمد: لا نعلم في بيع المصحف رخصة، قال ابن عمر: وَددْتُ أن الأيدي تقطع في بيعها؛ ولأن تعظيمه واجب، وفي بيعه ابتذال له، وترك لتعظيمه.

قال في «الشرح» : وممن كره بيعه: ابن عمر، وابن عباس، وأبو موسى، وسعيد بن جبير، وإسحاق, انتهى. والقول الثاني: يجوز بيع المصاحف؛ لما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سُئل عن بيع المصاحف، فقال: لا بأس، يأخذون أجور أيديهم. وروي عن الحسن والحكم؛ ولأنه ينتفع به، أشبه كتب العلم؛ ولأن الحاجة داعية إلى ذلك، وقول ابن عمر: وددت أن الأيدي تقطع في بيعها، يحمل على مَن يمتهنها ولا يحترمها، وهذا القول عندي أرجح. والله أعلم. ولا يكره شراء المصحف ولا يكره إبداله لمسلم بمصحف آخر؛ لأنه لا يدل على الرغبة عنه. ويجوز نسخه بأجرة، ويجوز وقفه وهبته والوصية به، ويلزم لمن احتاج إلى القراءة فيه ولم يجد مصحفًا. ولا يصح بيع المصحف لكافر، وإن ملكه بإرث أو غيره ألزم بإزالة يده عنه، لئلا يمتهنه، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن السفر بالمصحف لأرض العدو مخافة أن تناله أيديهم، فأولى أن لا يبقى بيد كافر. ويدخل المصحف في ملك الكافر ابتداء بالإرث وبالرد عليه لنحو عيب وبالقهر. ذكره ابن رجب. ويصح شراء كتب الزندقة ليتلفها، وكذلك كتب المبتدعة، ولا

يصح بيع آلة لهو، ولا يصح بيع الحر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ... » وذكر منهم: «رجلاً باع حرًا أكل ثمنه» متفق عليه. ولا بيع ما ليس بمملوك، ككلأ وماء ومعدن قبل حيازتها وتملكها؛ لفقد الشرط. ويصح بيع نجس يمكن تطهيره، ولو باع أمة حاملاً بِحُرِّ قبل وضعه، صح البيع فيها؛ لأنها معلومة، وجهالة الحمل لا تضر. من نظم ابن عبد القوي فيما يتعلق ببعض شروط البيع بسبعة أشراط يصح فعن رضى ... سوى مكره من حاكم ذي تقلد ومن باعَا في مال لإكراه ظالم ... فصحح على كره شراه بأوكد وثانيه كون العقد من جائز له ... عقول مليك بالغ مترشد وعقد سفيه والمميز جائز ... بإذن ولي في الأصح كمزهد وجوز شرا الأعمى بوصف وبيعه ... وبيع مريض وارثٍ غير مسعد وثالثها مالية العين وهي ما ... حوت حل نفع لاضطرار المظهد

كبغل وحمر دود قز وبزره ... ومعلوم نحل في المحل ومفرد وهو وقيل الحرب مع كل صائد ... في الأولى سوى كلب وبع ذاالتعدد هزارًا وقمريًا وقال أبو الوفا ... كراهة بيع القرد في نص أحمد لمن كان لَعَابًا به وهو جائز ... لمن رَامَ حفِظًا للمتاع المنضَد وما صح فيه البيع بيعت صغاره ... كبيض حرام للفراخ بأوطد وبع قاتلاً عمدًا ولو في حرابة ... وألبان أمٍ بل نساء بأجود وحرم وعنه كره إجارة مصحف ... كبيع وفي الأبدال قولان أسند أيكره أم لا هكذا في اشترائه ... متى ما كرهت البيع غير مشدد وإيجاره حرم كبيع لكافر ... بغير خلافٍ وانتزعه وهدد ويحرم بيع الحر والوقف غير ما ... تعطا والأصنام دون تقيد ويحرم إيجار الكلاب وبيعها ... بغير خلاف عند ذا لم يقيد وقنيتها للصيد والمنع من أذى ... أَجز واقتنا جرو لهذا بأجود وقتل المباح الإقتنا احظره مطلقًا ... وحلل له قتل العقور وأسود وليس على مُرِدي الكلاب

س7: تكلم بوضوح عن أحكم ومعاني ما يلي: الرابع أن يكون مملوكا له من باع ملك غيره، أو اشترى لغيره، بيع ما لا يملكه، بيع الأرض الموقوفة مما فتح عنوة وإجارتها، ماء عد. ما في معدن جار، بيع ما نبت من كلأ وشوك، الدخول لأخذه بغير إذن رب الأرض، منع مستأذن لذلك، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر المحترزات والأدلة.

ضمانها ... وضمن مجاز البيع حتمًا كأفهد ويحرم بيع العبد مع نذر عتقه ... وقيل قبيل الشرط بعه إن تقيد وبزرة قز في وجيه وميتة ... حرام وأجزاها وسِرْ جِيْنَة الردي كذا حشرات مع دم وبهائم ... وطير سوى المأكول والمتعدد كذا نجس الأدهان يحرم بيعه ... ولو الكفور مستبيح بأوطد فخرج على القولين في الاستضا بها ... أو الغسل حل البيع عن كل أصدُد شرط البيع الرابع وما يتعلق به من أحكام س7: تكلم بوضوح عن أحكم ومعاني ما يلي: الرابع أن يكون مملوكًا له من باع ملك غيره، أو اشترى لغيره، بيع ما لا يملكه، بيع الأرض الموقوفة مما فتح عنوة وإجارتها، ماء عد. ما في معدن جار، بيع ما نبت من كلأ وشوك، الدخول لأخذه بغير إذن رب الأرض، منع مستأذن لذلك، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر المحترزات والأدلة. ج: معناه: أن يكون المبيع مملوكًا لبائعه ووقت العقد ملكًا تامًا؛ لما ورد عن حكيم بن حزام، قال: قلت: يا رسول الله، يأتيني الرجل يسألني البيع، ليس عندي أبيعه منه، ثم أبتاعه من السوق، فقال: «لا تبع ما ليس عندك» رواه الخمسة. حتى الأسير يصح بيعه

لملكه إذ الأسر لا يزيل ملكه، أو يكون البائع مأذونًا له في البيع من مالكه أو من الشارع، كالوكيل وولي الصغير وناظر الوقف ونحوه وقت العقد، ولو ظن المالك والمأذون له عدم الملك أو الإذن في بيعه كأن باع ما ورثه غَيْرَ عَالم بانتقاله إليه، أو وكل في بيعه ولم يعلم فباعه؛ لأن الاعتبار في المعاملات بما في نفس الأمر لا بما في ظن المكلف، فلا يصح تصرف فضولي ببيع أو شراء أو غيرهما، ولو أجيز تصرفه بعد وقوعه إلا إن اشترى في ذمته، ونوى الشراء لشخص لم يسمه، فيصح، سواء نقد الثمن من مال الغير أم لا؛ لأن ذمته قابلة للتصرف؛ فإن سماه، أو اشترى للغير بعين ماله، لم يصح الشراء. والرواية الأخرى عن الإمام أحمد أن بيع الفضولي وشراءه صحيح إذا أجازه من تصرف له، وهو قول مالك وقول أبي حنيفة في البيع. وهذا القول عندي أنه أرجح، وذلك لما روي عن عروة بن الجعد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه دينارًا ليشتري به شاة، فاشترى به شاتين، ثم باع إحداهما بدينار في الطريق، قال: فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدينار وبالشاة، فأخبرته، فقال: «بارك الله لك في صفقة يمينك» رواه الإمام أحمد والأثرم؛ ولأنه عقد له مُجِيز حالَ وقوعه؛ ولأن تعليل المنع يزول في هذه الحالة، والله أعلم. ثم إن أجاز المشتّري لَهُ مَلَكَهُ من حين اشترى له، وإلا يجزه مَن اشترى له وَقَع الشِّراء

لمشترٍ، ولزمه حُكمُهُ، كما لو لم ينوِ غَيْرَهُ، ولَيْس له التصرُّف فيه قبل عرضِهِ على من اشترى له، ولا يصحُّ بيعُ مالاً يملكُه البائع، ولا إذن له؛ لحديث حكيم بن حزام مرفوعًا: «لا تبع ما ليس عندك» رواه ابن ماجه والترمذي، إلا موصوفًا لم يعين إذا قبض، أو قبض ثمنه بمجلس عقد؛ فإن لم يقبض أحدهما فيه لم يصح؛ لأنه بيع دين بدين، وقد نهى عنه. ولا يصح بلفظ: «سَلَمَ» أو «سلف» ولو قبض ثمنه بمجلس عقد؛ لأنه سلم. ولا يصح حالاً والموصوف المعين، كـ: «بعتك عبدي فلانًا» ، ويستقصي صفته فيصح، ويجوز التصرف فيه قبل قبض له، أو ثمنه كبيع حاضر بالمجلس، وينفسخ عقد عليه برده، فقد صفة من الصفات المشروطة فيه، لوقوع العقد على عينه، بخلاف الموصوف في الذمة فله رده وطلب بدله. وينفسخ العقد على موصوف معين تلف قبل قبض، لفوات محل العقد، ولا يصح بيع أرض موقوفة مما فتح ولم يقسم، كمزارع مصر والشام، وكذا العراق؛ لأنها موقوفة أقرت بأيدي أهلها بالخراج، غير الحيرة –مدينة قرب الكوفة- وَغْيرَ ألَّليْسَ- مدينة بالجزية. قال أبو النجم: لم تُرْعَ ألَّيْس ولا عضاها ... ولا الجزيرات ولا قُراها وغير بانقيا –ناحية بالنجف دون الكوفة- قال الأعشى:

قد طُفْتُ ما بين نِقْيَا إلى عَدَنٍ ... وطال في العجم ترحالي وتسياري وغير أرض بني صلوبا كلها أماكِنُ معروفة بالعراق؛ لأن عمر رضي الله عنه وقفها على المسلمين، وأقرها في أيدي أربابها بالخراج الذي ضربه أجرة لها في كل عام، ولم يُقَدر عمر مدتها لعموم المصلحة فيها. ويصح بيع المساكن الموجودة حال الفتح أو حدثت بعده، وآلتها منها أو من غيرها؛ لأن الصحابة اقتطعوا الخطط في الكوفة والبصرة في زمن عمر، وبنوها مساكن وتبايعوها من غير نكير، فكان كالإجماع. ويصح بيع إمام للأراضي الموقوفة مما فتح عنوة لمصلحة رآها، كاحتياجها للعمارة، ولا يعمرها إلا من يشتريها كصحة وقفه لها، وإقطاعه إياها تمليكًا، ويصح بيعها إذا كان البائع غير الإمام، وحكم به من يرى صحته. وتصح إجارة الأرض الموقوفة مما فتح عنوة مدة معلومة بأجر معلوم، لما تقدم من إقرارها بأيديهم، وضرب عمر الخراج عليها وجعله أجرة لها، والمستأجر له أن يؤجر، وقيل: يجوز البيع والإجارة، وهو رواية عن أحمد، اختاره الموفق والشارح، وفاقًا للشافعي، وفي

«الاختيارات» : يصح بيع ما فتح عنوة ولم يقسم من أرض الشام ومصر والعراق، ويكون في يد مشتريه بخراجه، قال: ومعنى وقفها: إقرارها على حالها، وضرب الخراج عليها مستمرًا في رقبتها، وليس معناه الوقف الذي يمنع من الملك في الرقبة، بل يجوز بيعها كما هو عمل الأمة، ومن اشتراها صارت عنده خراجية، وذكر أنها تنقل في أصح قولي العلماء، ولا يجوز بيع وباع مكة، وهي المنازل ودار الإقامة، ولا الحرم كله، وكذا بقاع المناسك، كالمسعى والمرمى والموقف ونحوها، ولا تصح إجارة ذلك، وقيل: يجوز بيع رباعها وإجارة لها. قال في «الشرح الكبير» : اختلفت رواية في رباع مكة وإجارة دورها، فروي أن ذلك غير جائز، وهو قول أبي حنيفة ومالك والثوري وأبي عبيد، وكرهه إسحاق؛ لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مكة: «لا تباع رباعها ولا تكري بيوتها» رواه الأثرم، وعن مجاهد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مكة حرام بيع رباعها، حرام إجارتها» رواه سعد بن منصور في «سننه» . وروي أنها كانت تدعى السوائب على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ذكر مسدد في «مسنده» : ولأنها فتحت عنوة ولا تقسم، فصارت موقوفة، فلم يجز بيعها كسائر الأرض التي فتحها المسلمون عنوة ولم

يقسموها، ودليل أنها فتحت عنوة قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلط عليها رسوله والمؤمنين، وإنها لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، وإنما حلت لي ساعة من نهار» متفق عليه. وروت أم هانئ أنها قالت: أجَرْتُ حَمَوَيْن لي، فأرادَ عَلي قتلهما، فأتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله، إني أجرت حموين لي، فزعم ابن أمي علي أنه قاتلهما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قد أجرنا مَن أجَرْتِ، وأمَّنَّا مَن أمَّنْتِ» متفق عليه. وكذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتل أربعة، فقتل منهم: ابن خطل ومَقِيْس بن ضُبابة، فدل على أنها فتحت عنوة. والرواية الثانية: أنه يجوز ذلك، روي ذلك عن طاووس وعمر بن دينار، وهو قول الشافعي وابن المنذر، وهو أظهر في الحجة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لما قيل له: أين تنزل غدًا؟ قال: «وهل ترك لنا عقيل من رباع!؟» متفق عليه. يعني أن عقيلاً باع رباع أبي طالب؛ لأنه ورثه دون إخوته، لكونه كان على دينه دونهما، ولو كانت غير مملوكة، لما أثر بيع عقيل شيئًا؛ ولأن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم دور بمكة لأبي بكر والزبير وحكيم ابن حزم وأبي سفيان وسائر أهل مكة، فمنهم من باع، ومنهم من نزل داره، فهي في يد أعقابهم، وقد باع حكيم بن حزام دار الندوة، فقال له ابن الزبير: بعث مكرمة قريش، فقال: يا ابن أخي، ذهبت المكارم إلا التقوى، أو كما قال. واشترى معاوية منه دارين،

واشترى عمر - رضي الله عنه - دار السجن من صفوان بن أمية بأربعة آلاف، ولم يزل أهل مكة يتصرفون في درهم تصرف الملاك بالبيع وغيره، ولم ينكره منكر، فكان إجماعًا، وقد قرره النبي - صلى الله عليه وسلم -، بنسبة دورهم

إليه، فقال: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن» وأقرهم في دورهم رباعهم، ولم ينقل أحدًا عن داره، ولا وُجد منه ما يدل عل زوال أملاكهم، وكذلك من بعده من الخلفاء، حتى أن عمر مع شدته في الحق؛ لما احتاج إلى دار للسجن لم يأخذها إلا بالبيع؛ ولأنها أرض حية لم يرد عليها صدقة محرمة، فجاز بيعها كسائر الأرض، وما روي من الأحاديث في خلاف هذا فهو ضعيف؛ وأما كونها فتحت عنوة فهو صحيح لا يمكن دفعه، إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقر أهلها فيها على أملاكهم ورباعهم، فيدل ذلك على أنه تركها كما ترك لهوازن نساءهم وأبناءهم. وعلى القول الأول: من كان ساكن دار أو منزل فهو أحق به، يسكنه ويسكنه، وليس له بَيْعُه ولا أخذ أجرته، ومن احتاج إلى مسكن فله بذل الأجرة فيه، وإن احتاج إلى الشراء فله ذلك، كما فعل عمر - رضي الله عنه -، وكان أبو عبد الله إذا سكن أعطاهم أجرتها؛ فإن سكن بأجرة جاز أن لا يدفع الأجرة إن أمكنه؛ لأنهم لا يستحقونها، وقد روي أن سفيان سكن في بعض رباع مكة، وهرب ولم يعطيهم أجرة، فأدركوه منه، وذكر لأحمد فعل سفيان فتَبَسَّمَ، فظاهر هذا أنه أعجبه., قال ابن عقيل: وهذا الخلاف في غير مواضع المناسك؛ أما

بقاع المناسك كموضع المسعى والرمي فحكمه حكم المساجد بغير خلاف. اهـ (4/22-23) . وفي «الاختيارات الفقهية» : ومكة المشرفة فتحت عنوة، ويجوز بيعها لا إجارتها؛ فإن استأجرها فالأجرة ساقطة يحرم بذلها. اهـ. والذي تميل إليه النفس جواز بيع رباع مكة؛ لأنه إنما يستحق التقدم على غيره بهذه المنفعة، واختص بها لسبقه وحاجته، وجواز البيع لوروده على المحل الذي كان البائع اختص به عن غيره وهو البناء، فلو زال لم يكن له أن يبيع الأرض، كما أنه ليس له أن يؤجرها، وله أن يَبْنيها ويُعيدها كما كانت، وهو أحق بها يَسكنُهْا ويُسكنُها من شاء، وكذا تجوز إجارَةُ بُيوتِ مكة، والآثار الواردة في المنع من ذلك يُقابلها مثلُها، ولم يَزل عمل أهل مكة على ذلك قبل الإسلام وبعده، الحاجة تدعو إلى ذلك، وفي المنع من ذلك ضيق وحرج، وقد رفع الله عن هذه الأمة الحرج. والله أعلم. ولا يصح بيع ماء عدّ، كماء عين ونقع بئر؛ لقوله –عليه الصلاة والسلام-: «المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار» رواه أبو داود وابن ماجه. ولا يصح بيع ما في معدن جار إذا أخذ منه شيء خلفه غيره،

كقار ونفط. ولا يصحُ بيع نابت من كلأ وشوك ونحو ذلك، ما لم يجزه، فلا يدخل في بيع أرض؛ لأنه مشترك بين المسلمين حتى يحاز، ومشتري الأرض أحق به، ومن أخذه ملكه بحوزه، ويحرم دخول لأجل أخذ ذلك بغير إذن رب الأرض إن حوطت، وإن لم تحوط جاز دخوله لأخذه، لدلالة الحال على الإذن فيه إذا لم يتضرب رب الأرض؛ فإن تضرر بالدخول حرم، وحرم على رب الأرض منع مستأذن في دُخول إن لم يحصَل منه ضرر بدخوله. وطلول بأرض تجني منه النحل ككلأ في الحكم، وأولى بالإباحَةِ، ونحل رب الأرض أحق بِطَلّ في أرضه؛ لأنه في ملكه. والمصانع المعدة لمياه الأمطار يملك ربها ما يحصل فيها منها، والمصانع المعدة لها إذا جرى إليها ماء نهر غير مملوك يملك ماؤها الحاصل فيها بحصوله فيها؛ لأن ذلك حيازة لها، ويجوز لمالكه بيعه إذا كان معلومًا، وهبته والتصرف فيه بما شاء؛ لعدم المانع، ولا يحل لأحد أخذ شيء منه بغير إذن مالكه؛ لجريان ملكه عليه كسائر أملاكه.

من النظم مما يتعلق بالشرط الرابع من شروط البيع ويشرط في تصحيح بيعك ملكك ... الْمبيع وملك المشتري الثمن اشهدِ وإن بعت أو تشري بمال بلا رضى ... الْمليك فأبطله وعنه إن رضي طدِ وإن بات بعد العقد أنك مالك الْمبيع ... أو التوكيل فيه تردد وإن تشتري في ذمة لامرئ بلا ... رضى إن يجز يملك وأبطل بأوكدِ وإن لم يجز يلزمك مع جهل بائع ... ومع علمه أفسد وللحلِّ جِدَدِ وحَظِّر تْعاطي كل عَقْدٍ مُفَسْدٍ ... أضح مقتضى شرعًا وإن لم تعددِ وإن يَبع الإنسان ما ليس عنده ... ليبتاعه ثمت يسأل فأوردِ وليس صحيحًا بيع مفتوح عنوة ... لوقف الإمام العَبْقَرِيّ بأوكدِ كذا كل مفتوح بها إن وقفته ... بمطلقها أو باختيار المقلدِ وإن يتصل حكم بما بيع أو يرى الإمام ... صلاحًا بيع شيء فأطد وعن أحمد يروي كراهة بيعها ... وتجويز أن يبتاع فافهم وذا اعْضِدِ وإيجارها في النص جوزه مطلقًا ... كما جوَّز وابيع المساكن تهتدي

وقولان في بيع الرباع بمكة ... وقولان أيضًا في إجارتِها امْهَدِ وما بَيْعُ جارِ الماء في الملك جائز ... ولا معدن جار وبع ذا التَّجَمُدِ وكل مباح لا تبع قبل حوزه ... وعنه إن يكن في الملكِ بعه بأبعدِ ومِن غير إذنِ المالك احظر دخوله ... ويملك ما يحتاز مع فعل معتد وما حزت من مال وجمعت من كلاً ... فملكك بعه إن تشأ لم تفند وكره بلا حظر مبايعة امرئٍ ... تمول من حل وحظر منكد فمعلوم حظر منه حظر وحله ... مباح وفي الشبهات مُبْهَمَهُ اعدد ويزداد طورًا أو يقل اشتباهه ... ولكن دعوى المشتري الحظر فاردد وليس بمحظور عطايا ملوكنا ... فقد قبلوا منهم صحابة أحمد

س8: تكلم بوضوح عن الشرط الخامس من شروط البيع، مبينا حكم بيع السمك بالماء، والطير في الهواء، والمغصوب لغاصبه.

شروط البيع الخامس وما يتعلق به من أحكام س8: تكلم بوضوح عن الشرط الخامس من شروط البيع، مبينًا حكم بيع السمك بالماء، والطير في الهواء، والمغصوب لغاصبه. ج: الخامس: القدرة على تسليم المبيع، وكذا الثمن المعين؛ لأن غير المقدور على تسليمه كالمعدوم، فلا يصح بيع آبق، ولا جعله ثمنًا، علِم الآخذُ له مكانه أو جهله؛ لما روى أحمد عن أبي سعيد «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن شراء العبد وهو آبق» رواه أحمد وابن ماجه، ولا نحو جمل شارد، علم مكانه أو لا؛ لما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحصاة، وعن بيع الغرر» رواه الجماعة إلا البخاري. ولا يصح بيع سمك في ماء؛ لأنه غرر، إلا سمكًا مرئيًا لصفاء الماء بماء محُوْز يَسْهُل أخذه منه كحوض، فيصح لأنه معلوم يمكن تسليمه؛ فإن لم يَسهل بحيثُ يَعجز عن تسليمه، لم يصح بيعه، وكذا إذا لم يكن مرئيًا، أو لم يكن محوزًا، كمتصل بنهر. ولا يصح بيع طائر يصعب أخذه، إلا إذا كان بمكان مغلق ولو طال زمن الأخذ؛ لأنه مقدور على تسليمه.

س9: تكلم بوضوح عن الشرط السادس من شروط البيع مبينا بأي شيء حصل معرفة مبيع، وإذا سبق العقد ما تحصل به المعرفة، فما الحكم؟ وإذا تغير المبيع، فهل لمشتري الخيار؟ وما يسمى هذا الخيار؟ وما حكم بيع الحمل في البطن، والصوف على الظهر، والنوى في التمر، وعسب الفحل؟ وما حكم بيع اللفت قبل القلع؟ والفجل

ولا يصح بيع مغصوب إلا لغاصبه؛ لانتفاء الغرر، أو لقادر على أخذ المغصوب من غاصبه، فيصح البيع لعدم الغرر وإمكان قبضه؛ فإن عجز عن تحصله، فله الفسخ لتأخر التسليم. مما يتعلق بالشرط الخامس من شروط البيع من النظم وإمكان تسليم المبيع اشتراط فلا ... تبع في الهوا طيرًا وحوتًا بمزبد ولا آبق مع شارد وغصيبه ... سوى لمطيق القبض أو غاصب قد فإن يعجز المبتاع عن قبضه إذًا ... فخيره في إمضائه أو ليردد وينفذ تزويج الإما مع غصبها ... لفقد ضمان النفع بالبضع باليد الشرط السادس وما يتلق به من أحكام س9: تكلم بوضوح عن الشرط السادس من شروط البيع مبينًا بأي شيء حصل معرفة مبيع، وإذا سبق العقد ما تحصل به المعرفة، فما الحكم؟ وإذا تغير المبيع، فهل لمشتري الخيار؟ وما يسمى هذا الخيار؟ وما حكم بيع الحمل في البطن، والصوف على الظهر، والنوى في التمر، وعسب الفحل؟ وما حكم بيع اللفت قبل القلع؟ والفجل

والجزر، والمسك في فأرته، والعطاء والمعدن وحجارته، والثوب المطوي، والمنسوج بعضه؟ واذكر الدليل والتعليل والترجيح. ج: الشرط السادس: معرفة مبيع؛ لأن الجبالة غرر، فيشمله النهي عن بيع الغرر؛ ولأنه بيع فلم يصح مع الجهل بالمبيع كالسلم، والعلم به يحصل برؤوية متعاقدين مقارنة لجميعه، أو بِرؤْية ٍ لبعضٍ يدل على بقيته، كرؤية أحد وجهي ثوب غير منقوش، وظاهر الصبرة المتساوية، ووجه الرقيق، وما في ظروف وأعدال من جنس واحد متساوي الأجزاء ونحوها؛ لحصول العلم بالمبيع بذلك. وما عُرِفَ بلمسِهِ أو شمِّه أو ذَوْقِهِ فكرؤيته، ولا يصح البيع إن قال: بعتك هذا البغل، فبان فرسًا، أو هذه الناقة فبانت جملاً، للجهل بالمبيع؛ وإما بوصف ما يصح سلم فيه بوصف يكفي في السلم، بأن يذكر ما يختلف به الثمن غالبًا؛ فإن اشترى ما لم يره، أو رآه جهله، أو وصف له بما لا يكفي سلمًا لم يصح، وقيل: يصح. وللمشتري خيار الرؤية، قال في «الشرح» : اختلفت الرواية عن أحمد -رحمه الله- في بيع الغائب الذي لم يوصف، ولم تتقدم رؤيته؛ فالمشهور عنه أنه لا يصح بيعه، وبهذا قال الشعبي والنخعي والحسن والأوزاعي ومالك وإسحاق، وهذا أحد قولي

الشافعي، وفي رواية أخرى أنه يصح، وهو مذهب أبي حنيفة، والقول الثاني للشافعي، واحتج من أجازه بعموم قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ} [البقرة: 275] . وبما روي عن عثمان وطلحة أنهما تبايعا داريهما، إحداهما بالكوفة، والأخرى بالمدينة، فقيل لعثمان: إنك قد غُبِنْتَ! فقال: ما أُبالي، إني بعتث ما لم أره! وقيل لطلحة، فقال: لي الخيار؛ لأنّني اشتريت ما لم أره، فتحاكما إلى جبير، فجعل الخيار لطلحة، وهذا اتفاق منهم على صحة البيع؛ ولأنه عقد معاوضة، فلم تفتقر صحته إلى رؤية المعقود عليه كالنكاح؛ ولنا ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه نهى عن بيع الغَرر» رواه مسلم. ولأنه بيع، فلم يصح مع الجهل بصفة المبيع كالسلم، والآية مخصوصة بما ذكرنا من الأصل؛ وأما حديث عثمان وطلحة، فيحتمل أنهما تبايعا بالصفة، ومع ذلك فهو قول صحابي، وقد اختلف في كونه حجة، ولا يعارض به حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والنكاح لا يقصد منه المعاوضة، ولا يفسد بفساد العوض ولا بترك ذكره، ولا يدخله شيء من الخيارات، وفي اشتراط الرؤية

مشقة على المخدرات وإضرار بهن؛ ولأن الصفات التي تعلم بالرؤية ليست هي المقصودة بالنكاح، فلا يضر الجهل بها بخلاف البيع؛ فإن قيل: فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من اشترى ما لم يره فهو بالخيار إذا رآه» والخيار لا يثبت إلا في عقد صحيح، قلنا: هذا يرويه عمر بن إبراهيم الكردي، وهو متروك الحديث. ويحتمل أنه بالخيار بين العقد وتركه، فعلى هذا يشترط رؤية ما هو مقصود بالبيع، كداخل الثوب وشعر الجارية ونحوهما. اهـ (4/28، 29) . والذي تميل إليه النفس القول بالصحة لما تقدم، وهو الذي اختاره الشيخ تقي الدين –رحمه الله-. ولا يصح البيع إن سبقت الرؤية العقد بزمن يتغير فيه المبيع ظاهرًا. ويصح بيع الأعمى وشراؤه فيما يعرف بلمس أو شم أو ذَوق أو وصف بعد إتيانه بما يعتبر في ذلك، كما يصح توكيله في بيع وشراء مطلقًا، ثم إن وجد مُشتر ما وصِفَ له، أو تقدَّمتْ رؤيتُه العقد، مُتغيرًا بزمنٍ لا يتغير فيه المبيع تغيرًا ظاهرًا، فلمشترٍ الفسخ؛ لأن ذلك بمنزلة عيبه، ويحلف مُشْتَرٍ إن اختلفا في نقصه صفة أو

تغيره عما كان رآه عليه؛ لأن الأصل براءته من الثمن، وهو على التراخي، فلا يسقط خياره إلا بما يدل على الرضا من مشتر، ينقص صفته أو تغيره أو سوم ونحوه. ولا يسقط خياره بركوب دابة مبيعة بطريقة ردِّها؛ لأنه لا يدل على الرضا بالنقص أو التغير، ويُسمى هذا الخيار خيار الخلف في الصفة. وإن أسقط مشتر حقه من الرد ينقص صفة شرطت، أو تغير بعد رؤيته، فلا أرش له؛ لأن الصفة لا يعتاض عنها، ويجوز تقديم الوصف في بيع الأعيان على العقد، كما يجوز تقديم الرؤية، ذكره القاضي محل وفاق. ولا يصح بيع حمل في بطن مفردًا عن أمه إجماعًا؛ لما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع المضامين والملاقيح» رواه البزار، وفي إسناده ضعف. وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع» الحديث رواه ابن ماجه، والبزار، والدارقطني بإسناد ضعيف. قال أبو عبيد: الملاقيح: ما في البطون، وهي الأجنة، والمضامين: ما في أصلاب الفحول؛ فكانوا يبيعون الجنين في بطن الناقة، وما يضرب الفحل في عامه أو في أعوام. وروى ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المَجْر» ، والمَجْر:

اشتراء ما في الأرحام؛ ولأن الحمل غير مقدور على تسليمه، ولا تعلم صفاته ولا حياته. ولا يصح بيع الحمل أيضًا مع أمه بأن يعقد عليه معها؛ لعموم ما سبق، ومطلق البيع يشمله تبعًا لأمه كالبيض واللبن، قياسًا على أسِ الحائط، ويغتفر في التبعية ما لا يغتفر في الاستقلال. ولا يصح بيع حَبَلِ الحَبَلة؛ لما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع حَبَلِ الحبلة» رواه أحمد ومسلم والترمذي، وفي رواية: نهى عن بيع حبل الحَبَلة، وحَبْل الحبلة: أن تنتج الناقة ما في بطنها، ثم تحمل التي نتجت، رواه أبو داود. وفي لفظ: كان أهل الجاهلية يتبايعون لحوم الجزور إلى حَبَلِ الحبلة، وحبل الحبلة: أن تنتج الناقة ما في بطنها ثم تحم لالتي نَتَجَت، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، متفق عليه. قال أحمد والترمذي وأكثر أهل اللغة: هو بيع ولد الناقة الحامل، قال: والعمل عليه عند أهل العلم؛ لكونه مَعْدُومًا ومجهولاً وغير مقدور على تسليمه، فهو من بيع الغرر. ولا يصح بيع لبن في ضرع؛ لما ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن شراء ما في بطون الأنعام حتى

تضع، وعن بيع ما في ضروعها» الحديث رواه ابن ماجه، والبزار، والدارقطني بإسناد ضعيف. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تباع ثمرة حتى تطعم، ولا يباع صوف على ظهر ولا لبن في ضرع» رواه الطبراني في «الأوسط» ، والدارقطني، وأخرجه أبو داود في المراسيل لعكرمة، وأخرجه أيضًا موقوفًا على ابن عباس بإسناد قوي، ورجحه البيهقي، ولجهل صفته وقدره أشبه الحمل. ولا يصح بيع نوى بتمر، قال في «الشرح» : ولا يجوز بيع النوى في التمر، والبيض في الدجاجة للجهل بهما، ولا نعلم في هذا اختلافًا، ولا يصح بيع صوف على ظهر؛ لحديث ابن عباس السابق؛ ولأنه متصل بالحيوان، فلم يجز إفراده بالبيع كأعضائه، إلا إذا بيع الحمل أو النوى أو اللبن أو الصوف تبعًا للحامل وذات اللبن والتمر وذوات الصوف، فيصح بيع شاة ذات لبن وصوف وتمر فيه نوى؛ لأنه يغتفر في التبعية ما لا يغتفر في الاستقلال، وكذا بيع دار يدخل فيما أساسات وحيطان، وقال الشيخ تقي الدين: إن باعه موصوفًا في الذمة، واشترط كونه من هذه الشاة أو البقرة جاز. ولا يصح بيع عسب الفحل؛ لما روى ابن عمر، قال: «نهى

النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن عسب الفحل» رواه أحمد، والبخاري، والنسائي، وأبو داود، وعن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع ضراب الفحل» رواه مسلم والنسائي، وعن أنس أن رجلاً من كلاب سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عسب الفحل، فَنَهاه، فقال: يا رسول الله، إنا نطرق الفحل فنكْرَمُ، «فرخَّص له في الكرامة» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب. ولا يصح بيع مسك في فأرته، وهو الوعاء الذي يكون فيه، قال الشاعر: إذا التاجِرُ الهِنْديُّ راحَ بفأرَةٍ ... من المِسْكِ راحتْ فيَ مفارقِهم تجْري وتسمى: النافجة، وهي جلدة يكون فيها المسك، وأصله دمَ يجتمع في بَجْرة، أي: كيس في سرة الظبية، ثم يتقور ويسقط، وقد يَبِسَ الدم فصار كالفُتات، وقد ذكره المتنبي، فقال: فإن تَفُقِ الأنامَ وأنْتَ منهم ... فإنَّ المِسْكَ بعضُ دمِ الغَزالِ فإن فتح وشاهد ما فيه جاز بيعه، وإن لم يشاهد لم يجز بيعه للجهالة، كلؤلؤ في صدف. قال في «الشرح» : وقال بعض الشافعية: يجوز لأن في بقاءه في

فأرته مصلحة له؛ فإنه يحفظ رطوبته وذكاء رائحته أشبه ما مأكوله في جوفه، ولنا أنه يبقى خارج وعائه من غير ضرورة، وتبقى رائحته، فلم يجز بيعه مستورًا كالدر في الصدف، وما مأكوله في جوفه إخراجه يفضي إلى تلفه، وفي «الفروع» : ويتوجه تخريج يجوز؛ لأنه وعاء له يصونه ويحفظه. انتهى. واختار الشيخ وابن القيم جواز بيع المسك في فأرته، والذي يترجح عندي القول الأول لما تقدم. والله أعلم. ولا يصح بيع لفت وفجل وجزر ونحوه قبل قلع، لجهالة ما يُراد منه، واختار الشيخ الصحة، واختاره في «الفائق» وهو مذهب مالك. اهـ. قال الطوفي في «شرح الخرقي» : والاستحسان جوازه؛ لأن الحاجة داعية إليه، والغرر يندفع باجتهاد أهل الخبرة والدراية به. ولا يصح بيع ثوب مطوي، أو ثوب نُسِجَ بعضُه، على أن ينسج بقيته للجهالة. قال في «شرح المنتهى» : حيث لم ير منه ما يدل على بقيته؛ فإن الناس لم يزالوا في جميع الأمصار والأعصار يتبايعون الثياب المطوية، ويكتفون بتقليبهم منها ما يدل على بقيتها. اهـ. فإن أحضر البائع ما نسجه من الثوب، وبقية السُدى واللُّحمة، وباعها مع الثوب، وشرط على البائع نسجها؛ صح البيع والشرط.

س10: تكلم عن معاني وأحكام ما يلي: الملامسة، المنابذة، بيع الحصاة، وما مثاله؟ بيع ما لم يعين، وما مثاله؟ بيع ما شوهد، الاستثناء في البيع، بيع أمة حامل بحر، بيع ما مأكوله في جوفه، بيع الحب المشتد في سنبله، بيع قفيز من هذه الصبرة، بيعها جزافا، بيع رطل من دن زيت، أو من زبرت حديد ونحوه، إذا تلفت الصبرة أو ما في الدن، إذا فوق قفزانا وباع واحدا منها، بيع ثمرة شجرة إلا صاعا، من باع ثمرة بستان واستثنى، بيع جريب من أرض أو ذراع من ثوب، استثناء ذلك، استثناء حمل مبيع أو شحمه أو رطل لحم، وما الذي لا يصح استثناؤه إذا أبى مشتر ذبح المأكول المستثنى منه؟ اذكر بقية ما يتعلق بهذا الشرط من مسائل، وأدلة، وتعليلات، وخلاف، وترجيح.

ولا يصح بيع العطاء قبل قبضه؛ لأن العطاء مْغَيَّب، فيكون من بيع الغرر، والعطاء: قسطه من الديوان، ولا يصح بيع رقعة به؛ لأن المقصود بيع العطاء. ولا يصح بيع معدن وحجارته قبل حوزه إن كان جاريًا، لما تقدم، وكذا إن كان جامدًا وجهل. بيع الملامسة والمنابذة والحصاة والغرر س10: تكلم عن معاني وأحكام ما يلي: الملامسة، المنابذة، بيع الحَصَاة، وما مثاله؟ بيع ما لم يعين، وما مثاله؟ بيع ما شوهد، الاستثناء في البيع، بيع أمة حامل بحرٍ، بيع ما مأكوله في جوفه، بيع الحب المشتد في سنبله، بيع قفيز من هذه الصبرة، بيعها جزافًا، بيع رطل من دَنَّ زيت، أو من زبرت حديد ونحوه، إذا تلفت الصبرة أو ما في الدن، إذا فوق قفزانًا وباع واحدًا منها، بيع ثمرة شجرة إلا صاعًا، من باع ثمرة بستان واستثنى، بيع جريب من أرض أو ذراع من ثوب، استثناء ذلك، استثناء حمل مبيع أو شحمه أو رطل لحم، وما الذي لا يصح استثناؤه إذا أبى مشتر ذبح المأكول المستثنى منه؟ اذكر بقية ما يتعلق بهذا الشرط من مسائل، وأدلة، وتعليلات، وخلاف، وترجيح. ج: الملامسة: مفاعلة من لَمِس يَلْمُسُ إذا أجرى يده على الشيء. ولا يصح بيع الملامسة كبعتك ثوبي هذا على أنك متى لمسته

فعليك بكذا، أو على أنك إن لمسته فعليك بكذا، أو أيَّ ثوب لمَسْتَهُ فهو عليك بكذا. والمنابذة: مُفاعَلة من نَبَذَ الشيء ينبذه: إذا ألقاه. ولا يصح بيع المنابذة، كقوله: متى نَبَذْتُ هذا الثوب فلك بكذا، أوْ: إن نبذت هذا الثوب ونحوه فلك بكذا، أو: أي ثوب نبذته فلك بكذا. عن أبي سعيد قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الملامسة والمنابذة في البيع» والملامسة: لمُس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار، ولا يُقلبه. والمنابذة: أن يَنْبُذَ الرجل إلى الرجل بثوبه، ويَنْبُذ الآخر بثوبه، ويكون ذلك ببيعهما من غير نظر ولا تراض، متفق عليه. وعن أنس، قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمخاطرة، والمنابذة، والملامسة، والمزابنة» رواه البخاري. وأما بيع الحصاة فاختلف في تفسيره، فقيل: هو أن يقول إرم هذه الحصاة، فعلى أيّ ثوب وقعت، فهو لك بدرهم، وقيل: هو أن يقول: بعتك من هذه الأرض مقدار ما تبلغ هذه الحصاة إذا رميتها بكذا، وقيل: هو أن يقول: بعتك هذا بكذا، على أني متى رميت هذه الحصاة وجب البيع، وكل هذه البيوع فاسدة لا تصح؛ لما فيها من الغرر والجهل. عن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن

بيع الحصاة، وعن بيع الغرر» رواه الجماعة إلا البخاري، وقال الوزير: اتفقوا على أن بيع الحصاة والملامسة والمنابذة باطل. ولا يصح بيع ما لم يُعَيُّن، كعبد من عبيد، وكشاة من قطيع، وكشجرة من بستان، لما فيْه من الجهالة والغرر، وقد «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر» . ولا يصح: بعتك هؤلاء العبيد إلا واحدًا غير معين، ولا بعتك هذا القطيع إلا شاة غير معينة، ولا هذا البستان إلا شجرة مبهمة؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن الثُّنيا إلا أن تُعلم» . قال الترمذي: حديث صحيح. - الثَّنيا: هي أن يستثنى في عقد البيع شيء مجهول.- ولأن ذلك غرر ويفضي إلى التنازع، وإن استثنى معينًا من ذلك يعرفه جاز وصح البيع والاستثناء؛ لأن المبيع معلوم بالمشاهدة، لكون المستثنى معلومًا، فانتفى المفسد. ويصح بيع ما شوهد من حيوان كقطيع يشاهده كله. ويصح بيع ما شوهد من ثياب معلقة أو لا ونحوها، وإن جهل المتعاقدان عدد المبيع المشاهد بالرؤية؛ لأن الشرط معرفته لا معرفة عدده. ويصح بيع أمة حامل بحرٍ؛ لأنها معلومة، وجَهالة الحمل لا

تضرُّ. وقد يستثنى بالشرع ما يستثنى باللفظ، كبيع أمة مزوجة؛ فإن منفعة البضع مستثناة بالشرع، ولا يصح استثناؤها باللفظ. ويصح بيع ما مأكوله في جوفه كبيض ورمان، لدعاء الحاجة إلى بيعه، ولكنه من مصلحته ويفسد بإزالته. ويصح بيع الباقلاء واللوز والجوز ونحوه، كالحمص والفستق في قشره؛ لأن ساتره من أصل الخلقة، أشبه البيض. ويصح بيع حب مشتد في سنبله، لما تقدم؛ ولأنه - صلى الله عليه وسلم - جعل الاشتداد غاية للمنع، وما بعد الغاية مخالف لما قبلها، فوجب زوال المنع، ويدخل الساتر لنحو جوز وحب مشتد من قشر وتبن تبعًا، كنوى تمر؛ فإن استثنى القشر أو التبن بطل البيع؛ لأنه يصير كبيع النوى في التمر. ويصح بيع تبن بدون حبة قبل تصفيته منه؛ لأنه معدوم بالمشاهدة. ويصح بيع قفيز من هذه الصبرة إن تساوت أجزاؤها وزادت على القفيز؛ لأن المبيع حينئذ مقدر معلوم من جملة متساوية الأجزاء. ويصح بيع رطل من دن نحو عسل أو زيت أو من زبرت حديد ونحوه، وإن تلفت الصبرة أو الدن أو الزبرة إلا قفيزًا أو

رطلاً واحدًا فهو المبيع، فيأخذه المشتري، ولو فرق قفزانًا من صبرة متساوية الأجزاء، وباع منها واحدًا مبهمًا أو اثنين فأكثر، صح البيع كما لم يفرقها؛ لأنه لا يفضي على التنازع. ويصح بيع صبرة جزافًا؛ لما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كانوا يتبايعون الطعام جزافًا بأعلى السوق، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه حتى ينقلوه. رواه الجماعة إلا الترمذي وابن ماجه. ويجوز بيعها جزافًا مع جهلهما أو علمهما بقدرها، لعدم التغرير، ومع علم بائع وحده قدرها يحرم عليه بيعها جزافًا؛ لما روي عن الأوزاعي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من عرف مبلغ شيء، فلا يبعه جزافًا حتى يعينه» ولأنه لا يعدل على البيع جزافًا مع علمه بقدر الكيل إلا للتغرير ظاهرًا. ويصح البيع مع التحريم، لعلم المبيع بالمشاهدة، ولمشْترٍ الرد؛ لأن كتمه ذلك غش وغرر، وكذا مع علم مشتر وحده بقدر الصبرة، فيحرم عليه شراؤها جزافًا مع جهل بائع به، ولبائع الفسخ به لتغرير المشتري له. ويحرم على بائع جعل صبرة على نحو حجر أو ربوة مما ينقصها، ويثبت به لمشتر لم يعلمه الخيار؛ لأنه عيب، وإن بان تحتها حفرة لم

يعلمها البائع فله الفسخ، ويصح بيع صبرة علم قفزانها على قفيزًا؛ لأنه –عليه السلام- نهى عن الثنيا إلا أن تعلم، وهذه معلومة. ولا يصح بيع ثمرة شجرة إلا صاعًا، لجهاله آصعها، فتؤدي على جهالة ما يبقى بعد الصاع، قال في «الشرح الكبير» : إذا باع صرة واستثنى منها قفيزًا، أو أقفزة، أو باع ثمرة بستان، واستثنى منها صاعًا، أو آصعًا، لم يصح في ظاهر المذهب. روي ذلك عن سعيد ابن المسيب، والحسن والشافعي والأوزاعي وإسحاق وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وفيه رواية أخرى أنه يجوز، وهو قول ابن سيرين وسالم بن عبد الله ومالك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الثنيا إلا أن تعلم، وهذه معلومة؛ ولأنه معلوم أشبه إذا استثنى منه جزءًا مشاعًا، ووجه الأولى ما روى البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الثنيا؛ ولأن البيع إنما علم بالمشاهدة لا بالقدر، والاستثناء بغير حكم المشاهدة؛ لأنه لا يدري كم يبقى في حكم المشاهدة، فلم يجز، ويخالف الجزء؛ فإنه لا يعتبر حكم المشاهدة، ولا يمنع المعرفة بها، وكذلك إذا باع ثمرة شجرة، واستثنى أرطالاً، فالحكم فيه على ما ذكرنا (4/34) ، وإن استثْنى من الحائط شجرة بعينها جاز؛ لأن المستثنى معلوم، ولا يؤدي إلى الجهالة في المستثنى منه.

ولا يصح بيع جريب من أرض مبهمًا، أو ذراع من ثوب مبهمًا؛ لأنه ليس معينًا أو مشاعًا، إلا إن علما ذرع الأرض والثوب، فيصح البيع، ويكون الجريب أو الذراع مشاعًا؛ لأنه إذا كان الثوب أو الأرض مثلاً عشرة، وباعه واحد منها، فهو بمنزلة بيع العشر. ويصح استثناء جريب من أرض، وذراعٍ من ثوبٍ، إذا كان المستثنى مُعينًا بابتداء وانتهاء معًا؛ لأنها ثنيا معلومة؛ فإن عين أحدهما دون الآخر لم يصح. وفي كتاب «المهذب» : وإن قال بعتك عشرة أذرع ابتداؤها من هذا المكان، ولم يبين المنتهى، ففيه وجهان: أحدهما: لا يصح؛ لأن أجزاء الأرض مختلفة، وقد ينتهي إلى موضع يخالف موضع الابتداء، والثاني: أنه يصح؛ لأنه يشاهد السمت. اهـ. قلت: والوجه الثاني عندي أنه قوي، وإن قال: بعتك من هذا الثوب من هذا الموضع، صح البيع للعلم بالمبيع؛ فإن كان القطع لا ينقصه قطعاه، أو كان شَرَطَه البائعُ للمشتري قطعاه، ولو نقَّصَهُ إذًا وفاءَ بالشرط. وإن كان القطع ينقص الثوب ولم يشترطاه، وتشاحا في القطع، صح البيع، ولم يجبر البائع على قطع الثوب، وكانا شريكين فيه؛ لأن الضرر لا يزال بالضرر؛ فإن

تنازعا بيع، وقسط الثمن على قدر ما لكل واحد منهما، وكذا خشبة في سقف وفصّ في خاتم بيعًا، ونقص السقف أو الخاتم بالقلع، فيباع السقف بالخشبة، والخاتم بفصِّه، ويقسم الثمن بالمحاصة. ولا يصح استثناء حَمِلٍ مبيع من أمَةٍ، أو بهيمة مأكولة أو لا، ولا يصح استثناء شحم البيع المأكول لأنهما مجهولان، وقد نهي عن الثنيا إلا أن تُعلم، ولا يصح استثناء رطل لحم أو شحم من مأكول، لجهالة ما يبقى. وقال أبو الوفاء: المذهب صحة استثناء رطل من لحم. وإن باع حيوانًا أكولاً، واستثنى رأسه، أو جلده، أو أطرافه، صح. وقال مالك: يصح في السفر دون الحضر؛ لأن المسافر لا يمكنه الانتفاع بالجلد والسواقط، فجَّوز له شراء اللحم دونها. وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يجوز؛ لأنه لا يجوز إفراده بالبيع، فلم يجز استثناؤه كالحَمَلِ، ودليل الأول: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الثنيا إلا أن تعُلم» ، وهذه معلومة، وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما هاجر إلى المدينة، ومعه أبو بكر وعامر بن فهيرة، مروا براعي غنم، فذهب أبو بكر وعامر، فاشتريا منه شاة، واشترطا له سلبها. وروى أبو بكر في «الشافي» بإسناده عن جابر عن الشعبي، قال: قضى زيد بن ثابت

وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بقرة باعها رجل، واشترط رأسها، فقضى بالشروى، يعني: أن يعطي مثل رأس؛ ولأن المستثنى، والمستثنى منه معلومان، فصح، كما لو باع حائطًا، واستثنى منه نخلة معينة, وكونه لا يجوز إفراده بالبيع لا يمنع صحة استثنائه، كما أن الثمرة قبل التأبير لا يجوز إفرادها بالبيع بشرط كشرط التبقية. انتهى (من: ش ك ج (ص36) بتصرف) . ولا يصح استثناء ما لا يصح بيعه مفردًا إلا في هذه الصورة للخبر. وصح الاستثناء في هذه دون البيع؛ لأن الاستثناء استبقاء، وهو يخالف ابتداء العقد، بدليل عدم صحة نكاح المعتدة من غيره، وعدم انفساخ نكاح زوجة وطئت بِنَحْو شُبْهة، ولو أبى مشتر ذبح المأكول المستثنى رأسُه وجلدهُ وأطرافه، ولم يشترط البائع عليه ذبْحَه في العقد، لم يجبر مشتر على ذبحه، لتمام ملكه عليه، ويلزم المشتري قيمة ذلك على التقريب؛ لما روي عن علي - رضي الله عنه - أنه قضى في رجل اشترى ناقة، وشرط ثنياها، فقال: اذهبوا إلى السوق، فإذا بلغت أقصى ثمنها، فأعطوه بحساب ثنياها من ثمنها؛ فإن اشترط بائع على مشتر ذَبْحَه، لزمه ذبحه، ودفع المستثنى لبائع؛ لأنه دخل على ذلك، فالتسليم مستحق عليه؛ فإن باع لمشتر ما استثناه صح،

كبيع الثمرة لمالك الأصل. وللمشتري الفسخ بعيب يخص المستثنى، كعيب برأسه أو جلده؛ لأن الجسد شيء واحد يتألم كله بتألم بعضه. ويصح بيع حيوان مذبوح، وبيع لحمه قبل سلخه، وبيع جلده وحده، وبيع رؤوس وأكارع وسموط، وبيعه مع جلده جميعًا، كما قبل الذبح. من نظم ابن عبد القوي مما يتعلق بالشرط السادس ومن شرطه علمُ المبيع برؤيةٍ ... أو الوصف إن يحصلْ به علمُ مقصدِ فمعْ صفَة تكفيك في سلمٍ أجِزْ ... وعقد أتى عن رؤية غير مبعدِ فإن فقِدا فالبيعُ يا صاح باطل ... وعنه صحيحٌ خَيِّرن عند مشهدِ فإن كن مثل الوصف فالبيعُ لازم ... وإن يتغيَّر فاختر إن شئت فارددِ ومن يرَ عيبًا جاهلاً قدرَه فذا ... كجاهلها أصلاً عُمومًا مَزَغَّدِ ودَرّ بضرع والنوى في تموره ... ومسك بفأر والجنين المعدَّدِ وبيْضٌ ولم يلق وصوف بظهره ... وعنه إن شرطت الجزَّفي الحال فاعضد ويحرم بيع الكفر عبدًا موحدًا ... وعنه إن يكن يعتق عليهم اجز قد

ويحرم أيضًا أن يوكل مسلمًا ... ليبتاعه والعكس فيه ترددِ وقولهم اعتقه عنا بقيمة ... على أحد الوجهين جوز فشردِ وإن أسلم المملوك في يد كافر ... بإخراجه عن مُلكه اجبره واظهد وفي أحد الوجهين فامنع كتابة ... الكفور له إذ لم يزل من تعبدِ وقولان في التفريق بين محارم الرقيق ... ببيع مَعْ بُلوغ مرشدِ وليس بمكروهِ فداء أسيرنا ... بكافرهم كالعتق للمتفردِ وما بيع شيء مطلقًا بمجوز ... ولا مبهم في ذي اختلاف معددِ كذلك إستثناء غير معين ... وإن بعت إلا ذا فجوز وجودِ بيعُ قفْيزِ البُر مِن صبرة أجز ... ومَن باع رطل البر من صَبرة هديِ وإن باعها إلا قفيزًا ونحو ذا ... فألغ على الأولى وقيل بل اعهدِ وثلثًا متى تشري من صبرة يجز ... مشاعًا على الأقوى لدى صحب أحمدِ وإن بعت أو تبقى من الأرض أذرعًا ... وأذرعها مجهولة فليفسدَ وإن تعلم الجريان صحت مشاعة ... وفي سنبل قد جاز بيع المحصّدِ بجنس سواه ثم إن بمكيل ... تبعه ففي ذا العقد قولين أسندِ كذلك في القشرين بع باقلاهم ... وجوزًا ولوزًا ثم بيضًا وعددِ

وإن باع شخص سمسمًا غير كسبة ... وشاة سوى حمل وشحم مسرهد وقطنًا سوى حب فذاك فأفسدن ... وبيع شياه غير روس وأجلُدِ وأطرافه صحِّحْ ولا تَذْبَحَنَّ إن ... أبى المشتري بل قدر ثنياك فاليدِ وبيع إماء حاملات تحريًا ... أجاز سوى القاضي الإمام محمدِ

س11: تكلم بوضوح عن الشرط السابع من شروط البيع، وما حكم البيع والإجارة إذا عقدا على ثمن وأجرة بوزن صنجة وبملء كيل مجهولين؟ وما حكم البيع بصبرة، وبنفقة عبده مدة؟ وإلى أي شيء يرجع عند تعذر معرفة ثمن؟ وإذا أسرا ثمنا بلا عقد، ثم عقداه بثمن آخر، فأيهما الثمن؟ وما حكم البيع بالرقم، وبما باع به زيد، وبألف درهم ذهبا وفضة، وبثمن معلوم، ورطل خمر، وكما يبيع الناس، وبدرهم أو دينار مطلق. وإذا قال: بعتك بعشرة صحاحا، أو إحدى عشرة مكسرة، أو بعشرة نقدا، أو عشرين نسيئة، فما حكم ذلك؟ وما حكم البيع بدينار إلا درهما، أو بمائة درهم إلا دينارا، أو نحوه، أو بمائة على أن أرهن بها، وبالمائة التي لك غيرها هذا؟

شرط البيع السابع وما يتعلق به من أحكام س11: تكلم بوضوح عن الشرط السابع من شروط البيع، وما حكم البيع والإجارة إذا عقدا على ثمن وأجرة بوزن صنجة وبملء كيل مجهولين؟ وما حكم البيع بصبرة، وبنفقة عبده مدة؟ وإلى أي شيء يرجع عند تعذر معرفة ثمن؟ وإذا أسرا ثمنًا بلا عقد، ثم عقداه بثمن آخر، فأيهما الثمن؟ وما حكم البيع بالرقم، وبما باع به زيد، وبألف درهم ذهبًا وفضة، وبثمن معلوم، ورطل خمر، وكما يبيع الناس، وبدرهم أو دينار مطلق. وإذا قال: بعتك بعشرة صحاحًا، أو إحدى عشرة مكسرة، أو بعشرة نقدًا، أو عشرين نسيئة، فما حكم ذلك؟ وما حكم البيع بدينار إلا درهمًا، أو بمائة درهم إلا دينارًا، أو نحوه، أو بمائة على أن أرهن بها، وبالمائة التي لك غيرها هذا؟ ج: الشرط السابع: معرفة المتعاقدين لثمن حال عقد البيع؛ لأن جهالته غرر، فيشمله النهي عن بيع الغرر، ومعرفة الثمن تحصل إما بالوصف، أو بالمشاهدة حال العقد. واختار الشيخ تقي الدين –رحمه الله- صحة البيع، وإن لم يُسَمَّ الثمن، وله ثمن المثل كالنكاح، وكالثمن أجرة، فيشترط معرفة العاقدين لها ولو بمشاهدة، فيصح البيع والإجارة إذا عقدا على ثمن، وأجرة بوزن صنجة، وبملء كيل مجهولين عرفا وعرفهما المتعاقدان بالمشاهدة، كبعتك، أو أجرتك

هذه الدار بوزن هذا الحجر فضة، أو بملء هذا الوعاء أو الكيس دراهم. ويصح بيع وإجارة بصبرة مشاهدة من بر أو ذهب أو فضة أو نحوها، ولو لم يعلما عددها، ولا وزنها، ولا كيلها، ويصح بيع وإجارة بنفقة عبده فلان، أو أمته فلانة، أو نفسه أو زوجته أو ولده ونحوه، شهرًا أو سنة أو يومًا ونحوه؛ لأن لها عرفًا يرجع إليه عند التنازع، ويرجع مشتر على بائع مع تعذر معرفة قدر ثمن في فسخ بيع لنحو عيب بقيمة مبيع، ولو أسَّر ثمنًا بلا عقد بأن اتفقا سرًا أن الثمن مائة مثلاً، ثم عقداه بثمن آخر كمائتين مثلاً، فالثمن الأول وهو المائة؛ لأن المشتري إنما دخل عليه فقط، فلم يلزمه الزائد. وإن عَقَداهُ سِرًا بثمن كعشرة، وعقداه علانية بثمن آخر أكثر منه كاثني عشر، أخذ المشتري بالثمن الأول دون الزائد كالتي قبلها وأولى؛ لأنه إذا أخذ بالأول فيما إذا اتفقا عليه بلا عقد، فأولى أن يؤخذ به فيما عقداه، وإن باعه السلعة برقمها المكتوب عليها، ولم يعلماه أو أحدهما، لم يصح للجهالة. واختار الشيخ تقي الدين صحة بيع السلع برقمها، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. وإذا باع السلعة بما باع به فلان، ولم يعلماه أو أحدهما، لم يصح للجهالة، وكذا لو قال: كما يبيع الناس، أي: بما يقف عليه من غير زيادة، لم

يصح للجهالة. واختار الشيخ تقي الدين الصحة، وقال: هو أحد القولين في مذهب أحمد. وهو طيب أطيب لنفس المشتري من المساومة، وصوبه ابن القيم، وذكر أنه عمل الناس، وليس في الشرع ما يحرمه؛ وإذا باعه السلعة بما يَنْقَطِعُ به السعر، وهو ما يقف عليه من غير زيادة، لم يصح للجهالة. واختار الشيخ تقي الدين الصحة، وقال ابن القيم: وهو الصواب المقطوع به، والله أعلم. وإذا باعه السلعة بألف درهم ذهبًا وفضة لم يصح، وَوَجَّهَ في الفروع الصحة، ويلزمه النصف ذهبًا، والنصف فضة، بناء على اختيار ابن عقيل فيما إذا أقر بمائة ذهبًا وفضة؛ فإنه صَحَّحَ إقراره بذلك مناصفة. قال في «الإنصاف» : ولا يصح بيع شيء بثمن معلوم، ورطل خمر أو كلب؛ لأن هذه لا قيمة لها، فلا ينقسم عليها البدل، أشبه ما لو كان الثمن كله كذلك، وإن باعه السلعة بدينار مطلق، وفي البلد نقود مختلفة من الدنانير كلها رائجة، لم يصح البيع؛ لأن الثمن غير معلوم حال العقد، وإن كان في البلد نقد واحد، صح البيع، وانصرف إليه؛ لأنه تعين بانفراد وعدم مشاركة غيره له، فلا جهالة، أو كان في البلد نقوده وأحُدهَا الغالب رواجًا، صح البيع، وانصرف

إليه؛ لدلالة القرينة الحالية على إرادته، فكأنه مُعَيَّن. وإن قال: بعتك بِعَشرة صحاحًا، أو إحدى عشر مكسرة، أو بعشرة نقدًا، أو عشرين نسيئة، لم يصح؛ لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين في بيعة» رواه أحمد والنسائي، والترمذي، وصححه. ولأبي داود: «من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما أو الربا» ، وعن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صفقتي في صفقة» . قال سماك: هو الرجل يبيع البيع، فيقول: هو بنسأ بكذا، وهو بنقد بكذا وكذا، رواه أحمد، وكذلك فسره مالك والثوري وإسحاق، وهذا قول أكثر أهل العلم؛ لأنه لم يجزم له ببيع واحد، أشبه ما لو قال: بعتك أحد هذين؛ ولأن الثمن مجهول، فلم يصح كالبيع بالرقم المجهول. انتهى. ومحله ما لم يفترقا على أحدهما، ذكره في «الفروع» ، وقال الوزير: اتفقوا على أنه لا يجوز بيعتان في بيعة واحدة، وقال ابن القيم: قيل: أن يقول: بعتك بعشرة نقدًا، أو عشرين نسيئة. وهذا التفسير ضعيف، فإنه لا يدخل في الربا في هذه الصورة، ولا صفقتين هنا، وإنما هي صفقة واجدة بأحد الثمنين، والتفسير الثاني: أن يقول: أبيعَكها بمائة إلى سنة، على أن

أشتريها منك بثمانين حالة، وهذا معنى الحديث الذي لا معنى له غيره، وهو مطابق لقوله: «فله أوكسهما أو الربا» ، وقال: وقيل: البيعتان في بيعة، هو الشرط في البيعة؛ فإنه إذا باعه السلعة بمائة مؤجلة، ثم اشتراها منه بثمانين حالة، فقد باع بيعتين في بيعة؛ فإن أخذ بالثمن الزائد أخذ بالربا، وإن أخذ بالناقص أخذ بأوكسهما، وهذا من أعظم الذرائع إلى الربا، بخلاف بمائة مؤجلة، أو خمسين حالة، فليس هنا ربًا ولا جهالة، ولا غرر ولا ضرر، وإنما خيره بين أيّ الثمنين شاء. اهـ. وفسره أحمد وغيره بأن يبيعه سلعة، ويقرضه قرضًا، والذي يترجح عندي ما اختاره الإمام ابن القيم. والله أعلم. ولا يصح البيع بدينار إلا درهمًا؛ لأنه استثنى قيمة الدرهم من الدينار وهي غير معلومة، واستثناء المجهول من المعلوم يصير مجهولاً، ولا يصح بمائة درهم إلا دينارًا، أو قفيزًا أو نحوه، بما فيه المستثنى من غير جنس المستثنى منه لما تقدم. وقيل: يصح إذا استثنى عينًا من ورق، أوراقًا من عين، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، ولا جهالة فيه، وهو معروف قدر أحد النقدين من الآخر.

س12: تكلم بوضوح عما يلي: البيع من الصبرة، أو من الثوب، أو القطيع، كل قفيز أو ذراع أو شاة بدرهم، بيع الصبرة أو الثوب، أو القطيع كل واحد مما ذكر بدرهم، بيع ما في وعائه معه موازنة كل رطل بكذا، ودون وعائه وجزافا مع ظرفه أو دونه، يبعه موازنة كل رطل بكذا، على أن يسقط منه وزن الظرف، من اشترى زيتا أو نحوه في ظرف فوجد فيه ربا.

ولا يصح البيع إن قال: بعني هذا بمائة مثلاً، على أن أرهن بالمائة التي هي الثمن وبالمائة التي لك غيرها من قرض أو غيره هذا الشيء، لجهالة الثمن؛ لأن المائة ومنفعة هي وثيقة بالمائة الأولى، وهي مجهولة؛ ولأنه شرط عقد الرهن بالمائة الأولى، فلم يصح، كما لو أفرده، وكما لو باعه داره بشرط أن يبيعه الآخر داره، وكذا لو أقرضه شيئًا على أن يرهنه به، وبدين آخر كذا، فلا يصح؛ لأنه قرض يجر نفعًا، فيبطل هو والرهن. س12: تكلم بوضوح عمّا يلي: البيع من الصبرة، أو من الثوب، أو القطيع، كل قفيز أو ذراع أو شاة بدرهم، بيع الصبرة أو الثوب، أو القطيع كل واحد مما ذكر بدرهم، بيع ما في وعائه معه موازنة كل رطل بكذا، ودون وعائه وجزافًا مع ظرفه أو دونه، يبعه موازنة كل رطل بكذا، على أن يسقط منه وزن الظرف، من اشترى زيتًا أو نحوه في ظرف فوجد فيه ربًا. ج: إذا باع من الصبرة، أو الثوب، أو القطيع، كل ذراع أو قفيز أو شاة بدرهم، فقيل: لا يصح؛ لأن «من» للتبعيض، و «كل» للعدد، فيكون مجهولاً، والقول الثاني: يصح، قال ابن عقيل: هو الأشبه، كما إذا آجره كل شهر بدرهم. واختاره في «الفائق» ، وهذا هو الذي يترجح عندي، ولا جهالة في ذلك؛ لأنهما تراضيا أن كل قفيز من الصبرة، وكل ذراع من الثوب، وكل قطيع من الغنم يقابله درهم، وسواء أخذ ذلك كله أو بعضه، وإن باعه الصبرة

كل قفيز بدرهم، والقطيع كل شاة بدرهم، وإن باعه الصبرة كل قفيز بدرهم، والقطيع كل شاة بدرهم، والثوب كل ذراع بدرهم، صح البيع؛ لأن المبيع معلوم المشاهدة، والثمن يعرف بجهة لا تعلق بالمتعاقدين، وهو كيل الصبرة، أو ذرع الثوب أو عد القطيع. ويصح بيع ما بوعائه كسمن مائع، أو جامد مع وعائه موازنة كل رطل بكذا، سواء علما مبلغ الوعاء أو لا، لرضاه بشراء الظرف كل رطل بكذا كالذي فيه، أشبه ما لو اشترى ظرفين في أحدهما زيت، وفي الآخر شيرج كل رطل بدرهم. ويصح بيع ما بوعائه دونه مع الاحتساب بزنته على مشتر إن علما مبلغ كل منهما وزنًا، ويصح بيع ما في وعاء جزافًا مع ظرفه أو دونه أو بيعه موازنة كل رطل بكذا، على أن يسقط منه وزن الظرف. ومن اشترى زيتًا أو نحوه في ظرف، فوجد فيه ربًا أو غيره؛ صح البيع في الباقي من الزيت ونحوه بقسطه من الثمن، وللمشتري الخيار لتبعض الصفقة عليه، ولم يلزم البائع بدلُ الرُّب أو نحوه لمشتر، سواء كان عنده من جنس المبيع أو لم يكن؛ فإن تراضيا على إعطاء البدل جاز.

من نظم ابن عبد القوي مما يتعلق بالشرط السابع من شروط البيع ومن شرطه علم بأثمان مشتر ... فإن جهلا أو واحد منهما ارددِ فبالرقم بيع السلعة أن ينس باطل ... وبيع بنقد مطلقًا في معددِ وإن كان نقدًا واحدًا فهو مرجع ... كذا غالب استعمال أهل التعاقدِ وبيع بدينار سوى درهم وما ... تبيع بألف من لجين وعسجدِ وبيع بفرد نقدًا أو صفقة نَسا ... وباثنين صحّا أو بضعف بمثردِ وقيل صحيح ما حوى ذا كبيعهم ... بصنجة جهل في وجيه مجودِ وإن بعت ثوبيك الذراع بدرهم ... يصح وإن منهم تبع لم يوطدِ وثنياك دينارًا من الورق جائز ... لدى الخرقي وامنع لدى ذا المجرد ومن باع شيئًا صبرة بمعينٍ ... بغير ربًا إن يجهلا قدرها طدِ كذا بيعه نصفًا مشاعًا إذا استوت ... وإن تختلف أجزاؤها فبمبعد

س13: ما المراد بتفريق الصفقة؟ ولم سميت الصفقة صفقة؟ وما هي صور تفريق الصفقة؟ وكم عددها؟ واذكر ما يتعلق بذلك، ومثل لما يحتاج إلى تمثيل.

ومَعْ عِلْمِهَ قَدر الذي باع صبرة ... يصح نكره ليس لغوًا بأوكد ومَن شاهد المكيال فيما اشترى أن تشا ... في الأولى يجز من دون كيل مجددِ وشاهد كيل الشيء يجزي اشتراؤه ... في الأولى به من دون كيل مجدد ومن باع شيئًا مائعًا بظروفه ... ولم تخلف أجزاؤه أن يرى طد وللمشتري إن بان عيبًا خيارُه ... من الردّ أو أرش لنقص فقيّد ولو باعه ظرفًا وسمنًا بوزنه ... ولم يعلما وزنا الوعا طدْ بأجود وإن لم يبعه الظرف لكن يرده ... بنسبته في العقد إن يجهل افسد تفريق الصفقة وصورها وأحكامها س13: ما المراد بتفريق الصفقة؟ ولِمَ سميت الصفقة صفقة؟ وما هي صور تفريق الصفقة؟ وكم عددها؟ واذكر ما يتعلق بذلك، ومثل لما يحتاج إلى تمثيل. ج: الصفقة: المرة من صفق له بالبيعة والبيع، ضرب بيده على

يده، والصفقة: عقد البيع؛ لأن المتبايعين يفعلان ذلك، فقولهم: تفريق الصفقة، معناه: تفريق ما اشتراه في عقد واحد، والصفقة المفرقة: أن يجمع بين ما يصح وما لا يصح بيعه صفقةً واحدةً بثمن واحد، أي: جمع فيه ذلك. وله ثلاث صور: الأولى: من باع معلومًا ومجهولاً لم يتعذر علمه، كهذا العبد، وثوب غير معين؛ صح البيع في المعلوم بقسطه من الثمن، وبطل في المجهول؛ لأن المعلوم صدر فيه من أهله بشرطه، ومعرفته ممكنة بتقسيط الثمن على كل منهما وهو ممكن؛ فإن تعذر علم المجهول، ولم يبين ثمن المعلوم، كبعتك هذه الفرس وما في بطن الفرس الأخرى بكذا، لم يصح؛ لأن المجهول لا يصح بيعه لجهالته، والمعلوم مجهول الثمن ولا سبيل إلى معرفته؛ لأنها إنما تكون بتقسيط الثمن عليهما والمجهول لا يمكن تقويمه؛ فإن بين ثمن كل منهما صح في المعلوم بثمنه. الصورة الثانية لتفريق الصفقة: مَن بَاعَ جميع ما يملك بعضه، صح البيع في ملكه بقسطه، وبطل في ملك غيره؛ لأن كلاً من الملكين له حكم لو انفرد، فإذا جمع بينهما ثبت لكل واحد حكمه، كما لو باع شقصًا وسيفًا، ولمشتر الخيار بين رد وإمساك

إنْ لم يعلم الحال، لتبعض الصفقة عليه، وله الأرش إن أمسك فيما ينقصه التفريق كزوجي خف، ومصراعي باب إحداهما ملك البائع، والآخر لغيره وقيمة كل منفردًا درهمان، ومجتمعين ثمانية، واشتراهما المشتري بهما، ولم يعلم؛ فله إمساك ملك البائع بالقسط من الثمن، وهو أربعة، وله أرش نقص التفريق وهو درهمان، فيستقر له بدرهمين. الصورة الثالثة لتفريق الصفقة: من باع قنه مع قن غيره بلا إذنه، أو باع قنه مع حر، أو باع خلاً وخمرًا صح البيع في قنه المبيع مع قن غيره، أو مع حر بقسطه، وصح البيع في الخل بقسطه من الثمن، ويقدر خمر خلاً، وحر عبدًا، ليقوّم وليتقسط الثمن، ولمشترٍ لم يعلم الحال الخيار بين إمساك ما صح فيه البيع بقسطه، وبين رده لتبعض الصفقة عليه. وإن باع عبده وعبد غيره بإذنه، أو باع عبديه لاثنين بثمن واحد، أو اشترى عبدين من اثنين أو من وكيلهما بثمن واحد، صح العقد؛ لأن جملة الثمن معلومة، وقسط الثمن على قيمتهما. وكبيع إجارة فيما سبق تفصيله؛ لأنها بيع المنافع، وكذا حكم باقي العقود، وإذا جمع في عقد بين بيع وإجارة، بأن باع عبده وأجره داره بعوض واحد صحا، أو جمع بين بيع وصرف، بأن

باعه عبده، وصارفه دينارًا بمائة درهم مثلاً، صحا، أو جمع بين بيع ونكاح بعوض واحد، صحا؛ لأن اختلاف البيعين لا يمنع الصحة، كما لو جمع بين ما فيه شفعة، وما لا شفعة فيه، وقسط العوض على المبيع وما جمع إليه بالقيم. قال الشيخ تقي الدين –رحمه الله-: يجوز الجمع بين البيع والإجارة في عقد واحد في أظهر قولهم، وقدمه في «المغني» و «المحرر» و «الشرح» و «الفروع» و «الفائق» . اهـ. «إنصاف» . وفي «الاختيارات الفقهية» : وإذا جمع البائع بين عقدين مختلفي الحكم بعوضين متميزين، ولم يكن للمشتري أن يقبل أحدهما بعوضه. وإن جمع بين بيع وكتابة، بأن كاتب عبده، وباعه داره بمائة، لكل شهر عشرة مثلاً، بطل البيع؛ لأنه باع ماله لماله، أشبه ما لو باعه قبل الكتابة، وصحت الكتابة بقسطها؛ لعدم المانع، ومتى اعتبر قبض في المجلس لأحد العقدين المجموع بينهما، كالصرف فيما إذا باع عبدًا وحُليَّ ذهب بدراهم صفقة، وافترقا قبل التقابض، وبطل العقد في الحليّ يقسطه من الدراهم، ولم يبطل العقد الآخر الذي لا يعتبر فيه القبض بتأخره؛ لأنه ليس شرطًا فيه،

كما لو انفرد، فيأخذ المشتري العبد بقسطه من الثمن. من النظم مما يتعلق بتفريق الصفقة وبيعك معلومًا وما قد جهلته ... فذلك بيع باطل ذو تفسّدِ وبيعك عبدًا أو قفيزًا مشركًا ... يصح بقسط ملكه في المؤكد وللمشتري التخيير إن كان جاهلاً ... لعبدٍ وُحرٍ أَو لعبد المُعَبَّدِ وَخلٌ وخمرٌ بعت غير مبيَّن ... لحصة كل ألغ كلاً بأوكد وإن قال: كّلا بعته بكذا وقد ... توحّد عقدًا طِدْ حلالاً بأوكدِ كذا الحكم في صرف وفي سلَم إذا ... تفرقتهما عن قبض بعض المعدّد وعن أحمدَ المقبوضُ صحَّ وجائزٌ ... في الأولى بقسط من مسمّى معدد ومَنْ يشتري شيئين يشرُط فيهما ... التَّقابض فيتلف واحد قبله قد فَخَيَّرْه في الباقي وإن ينوِ بعض ما ... له القبض شرط قيل بالقسط أطّد كذا بيع دور كل دار لمالك ... بإذن بعقد واحد وبمعقد وإن يجتمع بيع وصرف أو الكرا ... بعقد بقدر لم يوزعه مفرد

س14: تكلم عما لا يجوز بيعه، وما يجوز في يوم الجمعة بعد ندائها، ولم خص البيع وإلى متى يستمر الحكم؟ وما المراد بالنداء المذكور؟ وهل يلحق بالجمعة غيرها؟ وما حكم إمضاء بيع خيار، وبقية العقود العقود والمساومة، وبيع العصير والعنب لمتخذه خمرا، والسلاح ونحوه في الفتنة، والمأكول والمشروب لمن يشرب عليه مسكرا، والإناء لمن يشرب به مسكرا، والجوز والبيض ونحوهما للقمار، وبيع غلام وأمة لمن عرف بوطء في دبر، أو للغناء، وماذا يعمل مع من اتهم بغلامه فدبره؟ واذكر الأدلة، والتعليلات، والخلاف.

فَصَحّحه في الأقوى وقد قيل: لا، وإن ... تَجَمَّعَ بَيعٌ مع نكاحٍ مؤكد على مائة إن النكاح لثابت ... وفي البيع وجهان استبانًا لأرشد ومن باع شيئًا عبده مع كتابة ... بألفٍ لغا بيع وفيها ترددِ فصل في موانع صحة البيع س14: تكلم عما لا يجوز بيعه، وما يجوز في يوم الجُمُعَة بعد ندائها، ولِمَ خص البيع وإلى متى يستمر الحكم؟ وما المراد بالنداء المذكور؟ وهل يلحق بالجمعة غيرها؟ وما حكم إِمضاء بيع خيار، وبقية العقود العقود والمساومة، وبيع العصير والعنب لمتخذه خمرًا، والسلاح ونحوه في الفتنة، والمأكول والمشروب لمن يشرب عليه مسكرًا، والإناء لمن يشرب به مسكرًا، والجوز والبيض ونحوهما للقمار، وبيع غلام وأمة لمن عرف بوطء في دبر، أو للغناء، ومَاذا يُعملُ معَ مَن اتّهمَ بِغُلامِهِ فَدَّبرَهُ؟ واذكر الأدلة، والتعليلات، والخلاف. ج: ويحرم، ولا يصح بيع ولا شراء ممن تلزمه الجمعة بعد ندائها، والمراد به الذي عند المنبر؛ لأنه الذي كان على عهده - صلى الله عليه وسلم - فاختص الحكم به؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا البَيْعَ} [الجمعة: 9] ، والنهي يقتضي الفساد؛ وأمَّا النداء الأول فزاده عثمان - رضي الله عنه -، لما

كثر الناس، وخص البيع؛ لأنه من أهم ما يَشتغل به المرء من أسباب المعاش، وكذا يحرم البيع لمن منزله بعيد في وقت وجوب السعي عليه، وهو الوقت الذي يمكنه إدراكها فيه، ويستمر التحريم إلى انقضاء الصلاة، وكذا يحرم البيع والشراء لو تضايق وقت مكتوبة غير الجمعة قبل فعلها؛ لأن ذلك الوقت تعين للمكتوبة؛ فإن كان الوقت متسعًا لم يحرم البيع. قال في «الإنصاف» : قلت: ويحتمل أن يحرم إذا فاتته الجماعة بذلك، وتعذر عليه جماعة أخرى، حيث قلنا بوجوبها. اهـ. فإن لم يؤذن للجمعة، حرم البيع إذا تضايق وقتها. ومحل تحريم البيع والشراء إن لم تكن ضرورة أو حاجة؛ فإن كانت لم يحرم، كمضطر إلى طعام أو شراب يباع، فله شراؤه لحاجته، وكذا عريان وجد سترة، فله شراؤها، وكفن، ومؤنة تجهيز لميت خيف فساده بتأخير تجهيزه، وكوجود أبيه أو نحوه، يُباع مع من لو تركه حتى يصلي لذهب به، وكشراء مركوب لعاجز عن مشي إلى الجمعة، أو شراء ضرير عَدِمَ قائدًا ونحوه. ويصح إمضاء بيع خيار، وبقية العقود من إجارة، وصلح،

وقرض، ورهن، وغيرها بعد نداء الجمعة؛ لأن النهي عن البيع، وغيره لا يساويه في التشاغل المؤدي لفواتها، وتحرم مساومة ومناداة بعد نداء جمعة ثان؛ لأنهما وسيلة إلى البيع المحرم إذن. ولا يصح بيع عصير، أو عنب، أو زبيب ممن يتخذ خمرًا، عن أنس - رضي الله عنه -، قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخمر عشرة: عاصرها، ومعصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له» . وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعنت الخمرة على عشرة وجوه: لعنت الخمرة بعينها، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها» رواه أحمد وابن ماجه وأبو داود بنحوه؛ لكنه لم يذكر: «وآكل ثمنها» ، ولم يقل: عشرة. وعن جابر أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح وهو بمكة يقول: «إن الله ورسوله حرم بيع الخمر ... » الحديث متفق عليه. وروت عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «حُرِمَتِ التجارة في الخمر» . ولا يصح بيعُ سلاح في فتنة، أو لأهل الحرب أو لقطاع طريق إذا علم البائع بذلك من مشتريه؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2] .

س15: ما حكم بيع القن المسلم لكافر؟ وإذا أسلم في يد كافر، فما الحكم؟ واذكر الدليل والتعليل، ومثل لما يحتاج إلى تمثيل، وما هي المسائل التي يدخل فيها العبد المسلم في ملك الكافر ابتداء؟ وما حكم بيع المسلم على بيع أخيه المسلم، والشراء والسوم، والاتهاب، والاستقراض، والاستئجار؟

ولا يصح بيع مأكول، أو مشروب، أو مشموم لمن يشرب عليه مسكرًا، ولا بيع قدح لمن يشرب به مسكرًا. ولا يصح بيع غلام، أو أمة لمن عرف بوطء دبر، أو لغناء؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ؛ ولأنه عقد على عين لمعصية الله بها، فلم يصح، كإجارة الأمة للزنا والغناء. ومن اتهم بغلامه فَدَبَّرهُ، والمتهم فاجِرٌ مُعْلِنٌ لفجوره، أحيل بينهما خوفًا من إتيانه له، كَمجُوْسِي تسلم أخته ونحوها، ويخاف أن يأتيها، فيحال بينهما؛ فإن لم يكن فاجرًا معلنًا، لم يحل بينهما إن لم تثبت التهمة. س15: ما حكم بيع القنّ المسلم لكافر؟ وإذا أسلم في يد كافر، فما الحكم؟ واذكر الدليل والتعليل، ومثل لما يحتاج إلى تمثيل، وما هي المسائل التي يدخل فيها العبد المسلم في ملك الكافر ابتداء؟ وما حكم بيع المسلم على بيع أخيه المسلم، والشراء والسوم، والاتهاب، والاستقراض، والاستئجار؟ ج: لا يصح بيع عبد مسلم لكافر، إلا أن يعتق العبد المسلم على الكافر المشتري له بملكه إياه؛ فإن كان يعتق عليه كأبيه وأخيه وابنه، صح شراؤه له؛ لأن ملكه لا يستقر عليه، بل يعتق في الحال،

وإن أسلم قنٌ في يد الكافر، أو ملكه بنحو إرث، أجبر على إزالة ملكه عنه؛ لقوله تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء: 141] ولا تكفي كتاب القن المسلم بيد الكافر؛ لأن الكتابة لا تزيل ملك السيد عنه، بل يبقى إلى الأداء، ولا يكفي بيعه بخيار لعدم انقطاع علقه عنه. ويدخل العبد المسلم في ملك الكافر ابتداء من: 1- الإرث، 2- استرجاعه بإفلاس المشتري. 3- إذا رجع الكافر في هبته لولده. 4- إذا رد عليه بعيب. 5- إذا اشترى مَن يعتق عليه كما تقدم. 6- إذا باعه بشرط الخيار مدة معلومة وأسلم فيها. 7- وإذا وجد البائع الثمن المعين معيبًا، فرد الثمن واسترجع العبد، وكان قد أسلم العبد. 8- باستيلاء حربي على رقيق مسلم قهرًا. 9- فيما إذا قال الكافر لشخص: «أعتق عبدك المسلم عني، وعليّ ثمنه» ففعل. 10- إذا استولد الكافر أمة مسلمة لولده؛ فهذه عشرة صور. ويحرم، ولا يصح بيع المسلم على بيع أخيه زمن الخيارين، وهو أن يقول لمن اشترى سلعة بعشرة: «أنا أعطيك خيرًا منها بثمنها، أو مثلها بتسعة» أو يعرض عليه سلعة يرغب فيها المشتري ليفسخ

البيع، ويعقد معه؛ لحديث ابن عمر يرفعه: «لا يبع الرجل على بيع أخيه» متفق عليه. ويحرم، ولا يصح شراء المسلم على شراء أخيه، وهو أن يقول لمن باع سلعة بتسعة: عندي فيها عشرة، ليفسخ البيع، ويعقد معه؛ لما ورد عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: «لا يبع الرجل على بيع أخيه، حتى يبتاع أو يذر» رواه النسائي، وفيه: أنه أراد بالبيع والشراء؛ ولما فيه من الإضرار بالمسلم، والإفساد عليه، وذلك محرم؛ ولأن الشراء يُسمى بيعًا، فيدخل في عموم النهي. ومحل ذلك إذا وقع في زمن الخيارين عند بعض أهل العلم، وقال الشيخ: ولو بعده؛ لأنه ربما أشغله، واحتج عليه بشيء. وقال ابن رجب: يحرم مطلقًا، وهو ظاهر النص، واتفق أهل العلم على كراهته، وأبطله مالك، وقال الحافظ: لا خلاف في التحريم، قال الشيخ: يحرم الشراء على شراء أخيه؛ فإن فعل، كان للمشتري الأول مطالبة البائع بالسلعة، وأخذ الزيادة أو عوضها، ودليل بطلان البيع: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أيما رجل باع بيعًا من رجلين، فهو للأول منهما» رواه الخمسة. وهو عام في مدة الخيارين وبعده.

ويحرم سومه على سوم أخيه المسلم مع رضا البائع صريحًا؛ لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «لا يسم الرجل على سوم أخيه» رواه مسلم؛ فإن لم يصرح بالرضى لم يحرم؛ لأن المسلمين لم يزالوا ويتبايعون في أسواقهم بالمزايدة. ولا يحرم بيع ولا شراء بعد رد السلعة المبتاعة، أو رد السائم في مسألة السوم؛ لأن العقد أو الرضى بعد الرد غير موجود، وصفة ذلك: أن يقول للمستام: رده، لأبيعك خيرًا منه بثمنه، أو مثله بأرخص، أو يقول للمالك: استرده، لأشتريته منك بأكثر، وإن كان تصريحًا. فقال الحافظ: لا خلاف في التحريم، والجهور على أنه يصح البيع؛ لأن النهي إنما ورد عن السوم من الثاني أن يتساوما في غير المناداة؛ فأما المزايدة في المناداة فجائزة إجماعًا؛ لما في «السنن» : «من يزيد على درهم» ، وفي «الصحيحين» في خبر المدبر: «مَن يشتريه مني» عَرَضه للزيادة، ولم يزل المسلمون يتبايعون في أسواقهم بالمزايدة. ويحرم سوم إجارة بعد سوم أخيه، والرضا صريحًا، وكذا استئجاره على استئجار أخيه في مدة خيار مجلس أو شرط إذا كانت المدة لا تلي العقد، كذا افتراضه على اقتراضه، بأن يعقد

س16: ما حكم بيع الحاضر للبادي، وشراؤه له؟ وإذا أشار على باد، أو استشاره باد، فما الحكم؟ وما الدليل؟ واذكر ما يوضح من أمثلة وشروط.

معه القرض، فيقول له آخر: اقرضني ذلك قبل تقبيضه للأول، فيفسحه ويدفعه للثاني. وكذا اتهابه على اتهابه، وكذا اقتراضه بالدِيّوان على اقتراضه، وكذا طلبه العمل من الولايات بعد طلب أخيه المسلم، ونحو ذلك. وكذا المساقاة، والمزارعة، والجعالة، ونحو ذلك كلها كالبيع، فتحرم ولا تصح إذا سبقت للغير قياسًا على البيع؛ لما في ذلك من الإيذاء، ولأنه وسيلة إلى التباغض، والتعادي، والتقاطع، والتهاجر. س16: ما حكم بيع الحاضر للبادي، وشراؤه له؟ وإذا أشار على باد، أو استشاره باد، فما الحكم؟ وما الدليل؟ واذكر ما يوضح من أمثلة وشروط. ج: يحرم بيع الحاضر للبادي، ويبطل بخمسة شروط: أولاً: أن يحضر البادي، وهو من يدخل البلد من غير أهلها لبيع سلعته. ثانيًا: أن يريدها ببيعها بسعر يومها. ثالثًا: أن يكون جاهلاً بالسعر. رابعًا: أن يقصده حاضر عارف بالسعر. خامسًا: أن يكون بالناس حاجة إليها؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع حاضر لباد» رواه

البخاري، والنسائي، وعن جابر - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يبيع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض» رواه الجماعة إلا البخاري. وعن أنس - رضي الله عنه - قال: نهينا أن يبيع حاضر لباد، وإن كان أخاه لأبيه وأمه. متفق عليه. ولأبي داود والنسائي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يبيع حاضر لباد، وإن كان أباه وأخاه. وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تلَقَّوا الركبان، ولا يبيع حاضر لباد» ، فقيل لابن عباس: ما قوله: حاضر لباد؟ قال: لا يكون له سمسارًا. رواه الجماة إلا الترمذي، والسمسرة: البيع والشراء، ويقال للمتوسط بين البائع والمشتري: سمسار. قال الأعشى: فعشنا زمانًا وما بيننا ... رسول يحدث أخبارها فأصبحت لا أستطيع الجواب ... سوى أن أراجع سمْسَارَها يريد: السفير بينهما. ويصح شراء الحاضر للبادي؛ لأن النهي إنما ورد عن البيع لمعنى يختص بهن وهو الوفق بأهل الحضر، وهذا غير موجود في الشراء للبادي، وقيل: لا يجوز أن يشتري له؛ لأن قوله: «لا يبع» كلمة جامعة تطلق على الشراء. وفي رواية: «أن تبيعوا، وتبتاعوا» ويقوي ذلك العلة التي نبّه عليها - صلى الله عليه وسلم -، بقوله: «دعوا الناس يرزق الله بعضهم

س17: ما هي صورة مسألة العينة، وما حكمها؟ وما صورة عكسها؟ وما حكمها؟ وما شروط مسألة العينة؟ ولم سميت بالعينة؟ وما هي مسألة التورق؟ ولم سميت بذلك، وما حكمها؟ وما هي أدلة ما ذكر؟

من بعض» فإن ذلك يحصل بشراء من لا خبرة له بالأثمان، كما يحصل ببيعه، وهذا القول عندي أنه أرجح من الأول. والله أعلم. صورة مسألة العينة وحكمها وعكسها س17: ما هي صورة مسألة العينة، وما حكمها؟ وما صورة عكسها؟ وما حكمها؟ وما شروط مسألة العينة؟ ولِمَ سميت بالعينة؟ وما هي مسألة التورّق؟ ولِمَ سميت بذلك، وما حكمها؟ وما هي أدلة ما ذكر؟ ج: مسألة العينة: هي أن يبيع سلعة بنسيئة، ثم يشتريها بأقل مما باعها به نقدًا؛ لما روى غندر عن شعبة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن امرأته العالية، قالت: دخلت أنا وأم ولد زيد بن أرقم على عائشة، فقالت أم ولد زيد بن أرقم: إني بعت غلامًا من زيد بثمانمائة درهم إلى العطاء، ثم اشتريته منه بستمائة درهم نقدًا، فقالت لها: بئس ما اشتريت وبئس ما اشتريت! أبلغي زيدًا أن جهاده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطل، إلا أن يتوب. رواه أحمد وسعيد. ولا تقول مثل ذلك إلا توقيفًا؛ ولأنه ذريعة إلى الربا، ليَسْتَبيْحَ بيع ألف بنحو خمسمائة إلى أجل، والذرائع معتبرة في الشرع، بدليل منع القاتل من الميراث، والحكم أنه يحرم، ولا يصح العقد الثاني، وكذا العقد الأول، حيث كان وسيلة إلى الثاني، فيحرم ويبطل للتوسل به إلى محرم.

قال الشيخ تقي الدين: هو قول الإمام أحمد والإمام أبي حنيفة والإمام مالك، قال في «الفروع» : ويتوجه أنه مراد من أطلقه؛ لأن العلة التي لأجلها بطل الثاني، وهي كونه ذريعة إلى الربا، موجودة إذن في الأول، وتسمى هذه المسألة مسألة العينة؛ لأن مشتري السلعة إلى أجل يأخذ بدلها عينًا. قال الشاعر: أنَدّانُ أمْ نعْتَانُ أمّ يَنْبري لَنَا ... فَتىً مِثْلُ نَصْل السَّيفِ مِيْزَت مضَارِبهُ ومعنى نعتانُ: نشتري عينة. وروى أبو داود عن ابن عمر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالبرذع، وتركتم الجهاد، سلم الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم» . ويشترط في مسألة العينة ستة أمور: أولاً: أن يكون العقد قبل قبض الأول. والثاني: أن يكون المشتري هو البائع أو وكيله. والثالث: أن يشتريها من المشتري أو وكيله. والرابع: أن يكون الثمن نقدًا من جنس الأول. والخامس: أن يكون الثمن أقل من الأول. والسادس: أن لا يتغير المبيع بنحو مرض أو عيب؛ فإن فقد شيء مما ذكر لم تحرم.

وعكس مسألة العينة؛ بأن يبيع شيئًا بنقد حاضر، ثم يشتريه من مشتريه أو وكيله بنقد أكثر من الأول من حبسه، غير مقبوض، ولم تزد قيمة المبيع بنحو سِمَنٍ، أو تعلّم صنعة. والحكم فيها أنها مثلها في الحكم، نقله حرب؛ لأنه يتخذ وسيلة إلى الربا. ونقل أبو داود: لا يجوز بلا حيلة. واستدل ابن القيم على عدم جواز العينة بما روى الأوزاعي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «يأتي على الناس زمان يستحلون الربا بالبيع» قال: وهذا الحديث وإن كان مرسلاً، فإنه صالح للاعتقاد به بالاتفاق، وله من المستندات ما يشهد له، وهي الأحاديث الدالة على تحريم العينة، فإنه من المعلوم أن العينة عند من يستعملها إنما يسميها بيعًا، وقد اتفقا على حقيقة الربا الصريح قبل العقد، ثم غير اسمها إلى المعاملة، وصورتها إلى التبايع التي لا قصد لهما فيه البتة، وإنما هو حيلة ومكر وخديعة لله تعالى، فمن أسهل الحيل على من أراد فعله أن يعطيه مثلاً ألفًا إلا درهمًا باسم القرض، ويبيعه خرقة تساوي درهمًا بخمسمائة درهم، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات» أصل في إبطال الحيل؛ فإن من أراد أن يعامله معاملة يعطيه فيها ألفًا بألف وخمسمائة؛ إنما نوى بالإقراض تحصيل الربح الزائد الذي أظهر أنه ثمن الثوب، فهو في الحقيقة أعطاه ألفًا حالة بألف وخمسمائة مؤجلة، وجعل صورة

القرض وصورة البيع محللاً لهذا المحرم، ومعلوم أن هذا لا يرفع التحريم، ولا يرفع المفسدة التي حرم الربا لأجلها، بل يزيدها قوة وتأكيدًا من وجوه عديدة منها: أنه يقدم على مطالبة الغريم المحتاج من جهة السلطان والحكام إقدامًا لا يفعله المرابي؛ لأنه واثق بصورة العقد الذي تحيّل به، هذا معنى كلام ابن القيم. قال شيخ الإسلام: ويحرم على صاحب الدين أن يمتنع من إنظار المعسر حتى يقلب عليه الدين، ومتى قال: إما أن تقلب، وإما أن تقوم معي إلى عند الحام، وخاف أن يحبسه الحاكم، لعدم ثبوت إعساره عنده وهو معسر، فقلب على هذا الوجه، كانت هذه المعاملة حرامًا غير لازمة باتفاق المسلمين؛ فإن الغريم مكره عليها بغير حق. ومن نسب جواز القلب على المعسر بحيلة من الحيل إلى مذهب بعض الأئمة، فقد أخطأ في ذلك وغلط، وإنما تنازع الناس في المعاملات الاختيارية، مثل مسألة التورق. انتهى كلامه –رحمه الله-. وأما مسألة التورق، فصورتها: لو احتاج إنسان إلى نقد، فاشترى ما يساوي مائة بمائة وخمسين، وحكمها: الجواز، وسميت بذلك؛ لأن مشتري السلعة يبيع بالورق، أي: الدراهم من الفضة. حكم ما بيع بثمن نسيئة وحكم التسعير

س18: إذا كان المشتري لما بيع بثمن نسيئة أو بثمن حال لم يقبض، أبو البائع أو ابنه أو غلامه أو نحوه، فما الحكم؟ وما الذي يجري فيه الربا؟ وإذا اشترى ما يجري فيه الربا ممن باعه عليه، فما الحكم؟ وما حكم التسعيرة والشرء به؟ وإذا هدد من خالفه، فما حكم البيع؟ وما الحكم فيما إذا قال: بع كما يبيع الناس؟ واذكر ما تستحضره من دليل، أو تعليل، والخلاف.

س18: إذا كان المشتري لما بيعَ بثمنٍ نَسيْئَة أو بثمن حالٍ لم يُقْبَضْ، أبو البائع أو ابنه أو غلامه أو نحوه، فما الحكم؟ وما الذي يجري فيه الربا؟ وإذا اشترى ما يجري فيه الربا ممن باعه عليه، فما الحكم؟ وما حكم التسعيرة والشرء به؟ وإذا هُدّدَ مَن خالَفه، فما حكم البيع؟ وما الحكم فيما إذا قال: بع كما يَبْيعُ الناس؟ واذكر ما تستحضره من دليل، أو تعليل، والخلاف. ج: إذا اشترى المبيع بثمن غير مقبوض بائعه من غير مشتريه، كوارثه، أو اشتراه أبو البائع من مشتريه أو وكيله، بنقد من جنس الأول أقل منه، أو اشتراه ابنه أو غلامه أو زوجته أو مكاتبه، صح شراؤه، ما لم يكن اشتراه حيلة على الربا؛ فيحرم ولا يصح كالعينة. وإن باع ما يجري فيه الربا من مكيل أو موزون نسيئة، ثم اشترى البائع من المشتري منه بثمن المبيع قبل قبضه من جنس المبيع، أو اشترى البائع من المشتري بالدرهم ثمن مثلاً ما لا يجوز بيعه به نسيئة، لم يصح، روي عن ابن عمر؛ لأنه وسيلة لبيع المكيل بالمكيل، والموزون بالموزون نسيئة، فيحرم حسمًا لمادة ربا النسيئة. ويحرم التسعير؛ لما ورد عن أنس قال: إلا السعر، فقالوا: يا

رسول الله، سعِّر لنا، فقال: «إن الله هو المسعر، القابض الباسط، وأرجو أن ألقي الله عز وجل، وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال» رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه الترمذي وابن حبان، وأخرجه الدارمي والبزار وأبو يعلى وغيرهم ولأحمد من حديث أبي هريرة: جاء رجل، فقال: يا رسول الله، سعِّر، فقال: «بل الله يخفض ويرفع» ولهما شواهد حسّنها الحافظ وغيره دلت على تحريم التسعير، وأنه مظلمة، وإذا كان مظلمة فهو محرم، ووجهه أن الناس مسلطون على أموالهم، والتسعيرة حجر عليهم، والإمام مأمور برعاية مصلحة المسلمين، وليس نظره في مصلحة المشتري برخص الثمن أولى من نظره في مصلحة البائع بتوفير الثمن، وإذا تقابل الأمران، وجب تمكين الفريقين من الاجتهاد لأنفسهم. ويكرهُ الشراء بالتسعير، وإنْ هَّددَ من خالفه حرم البيع وبطل؛ لأن الوعيد إكراه. والتسعير: أن يسعر الإمام على الناس سعرًا، ويجبرهم على التبايع به. ويحرم قوله لبائع: «بع كما يبيع الناس» ؛ لأنه إلزام له بما لا يلزمه، وأوجب الشيخ إلزامهم المعاوضة بثمن المثل، وأنه لا نزاع فيه؛ لأنه مصلحة عامة لحق الله تعالى، ولا تتم مصلحة الناس إلا بها

كالجهاد، وقال: لا يريح على المسترسل أكثر من غيره، وكذا المضطر الذي لا يجد حاجته إلا عند شخص ينبغي أن يربح عليه مثل ما يربح على غيره. وكره أحمد البيع والشراء من مكان ألزم الناس بالبيع والشراء فيه، لا الشراء مِمَّنْ اشتَرى مِمَّن ألزم بالبيع في ذلك المكان. وقال ابن القيم: التسعير منه ما هو محرم، ومنه ما هو عدل جائز؛ فإذا تضمن ظلم الناس، وإكراههم بغير حق بِشيء لا يرضونه، أو منعهم مما أباح الله لهم، فهو حرام. وإذا تضمَّنَ العدل بين الناس، مثل: إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ الزيادة على عوض المثل، فهو جائز، بل واجب، فالأول: مثل ما روى أنس –وذكر الحديث، ثم قال: فإذا كان الناس يبيعون سلعهم على الوجه المعروف من غير ظلم منهم، وقد ارتفع السعر، إما لقلة الشيء، أو لكثرة الخلق، فهذا إلى الله فإلزام الناس أن يبيعوا بقيمة بعينها إكراه بغير حق. والثاني: مثل أن يمتنع أرباب السلع من بيعها مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة، فهذا يجب عليهم بقيمة المثل، ولا معنى للتسعير إلا لإلزامهم بقيمة المثل، والتسعير هاهنا إلزام بالعدل الذي ألزمهم الله به.

قال: ولا يجوز عند أحد من العلماء أن يقول لهم: لا تبيعوا إلا بكذا، ربحتم أو خسرتم، من غير أن ينظر إلى ما يشترون به., قال: ولا يجوز عند أحد من العلماء أن يقول لهم: لا تبيعوا إلا بكذا، ربحتم أو خسرتم، من غير أن ينظر إلى ما يشترون به. قال: ومنع الجمهور أن يحد لأهل السوق حدًا لا يتجاوزون منه من قيامهم بالواجب ومن الظلم أن يلزم الناس أن لا يبيعوا الطعام أو غيره من الأصناف إلا لأناس معروفين، فلا تباع تلك السلع إلا لهم، ثم يبيعونها هم بما يريدون، فلو باع غيرهم عوقبوا، فهذا من البغي في الأرض والفساد، وهؤلاء يجب التسعير عليهم، وأن لا يبيعوا إلا بقيمة المثل بلا تردد في ذلك عند أحد من العلماء، والتسعير في مثل هذا واجب بلا نزاع، وحقيقته إلزامهم بالعدل، ومنعهم من الظلم. وقال الشيخ: إذا امتنع الناس من بيع ما يجب عليهم بيعه، فَهُنَا يؤمرون بالواجب، ويعاقبون على تركه، وكذا كل مَن وَجَبَ عليه أن يبيع بثمن المثل، فامتنع، قال ابن القيم: وجماع الأمر أن مصلحة الناس إذا لم تتم إلا بالتسعير؛ سعر عليهم تسعير العدل، لا وكس ولا شطط، وإذا اندفعت حاجتهم وقامت مصلحتهم بدونه، لم يفعل.

س19: تكلم بوضوح عن حكم الاحتكار وشراء المحتكر، وإذا أبى المحتكر أن يبيع كما يبيع الناس، واذكر حكم ما هو مثله أو مشابه له في الحكم، وإذا ضمن إنسان مكانا ليبيع فيه وحده، ويشتري فيه وحده، فما حكم الشراء منه؟ وما حكم الشراء من جالس على طريق؟ وما هي الحكمة في تحريم الاحتكار؟ واذكر الأدلة، والخلاف.

الاحتكار س19: تكلم بوضوح عن حكم الاحتكار وشراء المحتكر، وإذا أبى المحتكر أن يبيع كما يبيع الناس، واذكر حكم ما هو مثله أو مشابه له في الحكم، وإذا ضمن إنسان مكانًا ليبيع فيه وحده، ويشتري فيه وحده، فما حكم الشراء منه؟ وما حكم الشراء من جالس على طريق؟ وما هي الحكمة في تحريم الاحتكار؟ واذكر الأدلة، والخلاف. ج: يحرم الاحتكار في قوت آدمي فقط، وعنه: يحرم فيما يأكله الناس، وعنه: أو يضرهم ادخاره بشرائه في ضيق. والاحتكار: شراؤه لتجارة، ليحبسه طلبًا للغلاء، مع حاجة الناس إليه، وهو بالحرمين أشد تحريمًا. والدليل على تحريم الاحتكار ما ورد عن معمر بن عبد الله مرفوعًا: «لا يحتكر إلا خاطئ» رواه مسلم. ولأحمد من حديث معقل: «من دخل في شيء من أسواق المسلمين ليغليه عليهم، كان حقًا على الله أن يقعده بعظم من النار» ، وله من حديث أبي هريرة: «من احتكر حكرة يريد أن يغلي بها على المسلمين، فهو خاطئ» ، ولابن ماجه من حديث عمر: «ضربه الله بالجذام» . وجاء غير ذلك مما يدل على عدم جواز الاحتكار، ولا فرق بين القوت وغيره، وهذا هو الذي يترجح عندي. والله أعلم.

ويجبر محتكر على بيع ما احتكره كما يبيع الناس؛ لعموم المصلحة، ودعاء الحاجة؛ فإن أبى محتكر، وخيف التلف بحبسه، فرقه الإمام على المحتاجين إليه، ويردون بدله، وكذا السلاح لحاجة إليه. والمحتكر: هو الذي يتلقى القافلة، فيشتري الطعام منهم يريد إغلاءه على الناس، وهو ظالم لعموم الناس، خاطئ، والخاطئ: المذنب العاصي. والحكمة في تحريم الاحتكار: دفع الضرر عن عامة الناس، كما أجمع العلماء على أنه لو كان عند شخص طعام، واضطر الناس إليه، أجبر على بيعه. قال ابن القيم: ولهذا كان لولي الأمر أن يُكره المحتكرين على بيع ما عندهم بقيمة المثل عند الضرورة إليه، مثل من عنده طعام لا يحتاج إليه، والناس في مخمصة، أو سلاح لا يحتاج إليه، والناس محتاجون إليه للجهاد أو غيره. وقال الشيخ: وإذا اتفق أهل السوق على أن لا يتزايدوا في السلعة، وهم محتاجون إليها ليبيعها صاحبها بدون قيمتها؛ فإن ذلك فيه من غش الناس ما لا يخفى، وإن كان ثمَّ من يزيد فلا بأس، وقال: وإذا كان لا يبيع إلا هو بما يختار، صار كأنه يكره الناس على الشراء منه، فيأخذ منهم أكثر مما يجب عليهم. وقال: وإذا احتاج الناس إلى صناعة طائفة، كالفلاحة والنساجة والبنائين وغيرهم، فلوليّ الأمر أن يلزمهم بذلك

بأجرة مثلهم. قال: والمَقُصوْدُ أن هذه الأعمال متى لم يقم بها إلا شخص صارت فرضًا مُعينًا عليه، فإذا كان الناس محتاجين إلى فلاحة قوم أو نساجتهم أو بنائهم، صارت هذه الأعمال مستحقة عليهم، يجبرهم ولي الأمر عليها بعوض المثل، ولا يمكنهم من مطالبة الناس بزيادة عن عوض المثل، ولا يمكن الناس من ظلمهم بأن يعطوهم دون حقهم، وهذا من التسعير الواجب في الأعمال، وهو من التسعير الواجب؛ وأما التسعير في الأموال، فإذا احتاج الناس إلى سلاح للجهاد وآلاته، فعلى أربابه أن يبيعوه بعوض المثل، ولا يمكنوه من حبسه إلا بما يريدون من الثمن، والله قد أوجب الجهاد بالنفس والمال، فكيف لا يجب على أرباب السلاح بذله بقيمته، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد، وهذا الصواب. قال: ويكره أن يتمنى الغلاء، ولا يكره إدخار قوت أهله ودوابه؛ لفعله - صلى الله عليه وسلم -، وينبغي الإشهاد على البيع إلا في قليل الخطر. اهـ. (من ش ص م) . ومن ضمن مكنًا ليبيع فيه وحده، ويشتري فيه وحده، كره الشراء منه بلا حاجة لبيعه فوق ثمن مثله وشرائه بدونه، كما يكره الشراء بلا حاجة من مضطر نحوه. وكما يكره الشراء من جالس

على طريق، للنهي عن الجلوس في الطرقات، ويحرم على الذي ضمن مكانًا ليبيع فيه وحده أخذ زيادة على ثمن مثل، أو مثمن بلا حق. قال الشيخ تقي الدين: ويستحب الإشهاد على البيع؛ لقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282] ، والأمر فيه للندب؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] إلا في قليل الخطر، كحوائج البقال والعطار وشبهها، فلا يستحب للمشقة. من النظم في بيع العصير لمن يتخذه خمرًا، والتسعير والاحتكار، والبيع على البيع، والسوم، والبيع بعد النداء يوم الجمعة وبيع عصير العنب للخمر باطل ... كذا عنب مع كون عون لمفسدِ كشمع لشراب وأكل وجوزة ... القمار وشطرنج وسيف لمعتدِ وزند ومزمار وجارية الغنا ... وعود وعن إيجار ذلك فاصدد وبيع ثياب أو خياطتها لمن ... حظرت عليه لبسها احظر وأفسد كذا بيع مأمور بسعي لجمعة ... إذا أذن الثاني وعند الذي ابتدي

وقولان من قبل النداء بوقتها ... وباقي العقود احكم بها في المجود وقيل مع التحريم صححه مطلقًا ... كذلك آلات الفساد المعدد كذا الحكم فيما ضاق من وقت غيرها ... وصحح من المعذور عنها بأوطد وَصِحّحْهُ فيما لا تقام به وَمن ... يخاطب بها مع غرٍ اردد بأجود وَحّرمْ وَفي الأقوى نهى بيع بعضنا ... على بيع بعض والشرا بعد معقد كذا السوم إن يرضى الذي باع أو بدا ... في الأقوى دليل البيع أولى فأطد وصحح بكره كالشرا بيع حاضر ... تقصده للجالب المتقصد كبيع بسعر واقع جاهلاً به ... وتأخيره مؤذِ وفي الأظهر أفسد ويحرم تسعير فربّي مسعّر ... وربما التسعير داعي التزيد ولا تشر ما قد بعته بنسيئة ... بنقد أقل إن لم تحل عن معهَّد كذا بيعه بالنقد ثم ابتياعه ... نساء بأوفى منه في نص أحمد ولا بأس أن يبتاعه ابنك أو أب ... وإن كان هذا حيلةً فَليْفُسْدِ

باب الشروط في البيع

وإن تشرها بالعرض جاز وإن تبع ... بعرض فبالنقد اشتري لا تردد وإن بعتها بالعين ثم اشتريتها ... بورق أجاز الصحب دون ابن أحمد وجوز بأدنى أو مساو نسيئة ... وعرض ونقد غير احضر بأجود ومحتمل تجويز ممنوع أصلها ... إذا جاء اتفاق لا مواطاة اقصد ومن بعته مال الربا بنسيئة ... فلا تقض من مال النسا منه تفسد وقيل أجز إن لم تجد ذاك حيلة ... أو اشتر منه ثم قاصِصْه تَرشُدِ ولا تحتكر قوتًا فذاك محرُم ... وفي غير قوت لم يحرم بأوكدَ ويشرط للتحريم تضيق مشتر ... على الناس في وقت شديد معجرد ومن غير إضرار فليس محرمًا ... كمدخر في الرخص ذا نفع اشهد والإشهاد ندب فرضًا بماله ... من المال قدر ليس بالمتصرد وتلجئة مثل الذي خاف ظالمًا ... فواطأ إنسانًا على بيع أعبد وبيع عقار لم يريداه باطنًا ... فهذان بيع باطل لم يؤكد باب الشروط في البيع س20: اذكر الشروط في البيع؟ وما الذي يعتبر لترتب الحكم عليها؟

وما هي أنواع الصحيح منها، وما مثاله؟ واذكر ما تستحضره من الأدلة. ج: الشرط في البيع وفي شهه من نحو إجارة وشركة: إلزام أحد المتعاقدين الآخر بسبب العقد ماله فيه منفعة، ويعتبر لترتب الحكم عليه مقارنَتُهُ للعقد، والشرط الصحيح في البيع ثلاثة أنواع: أحدها: ما يقتضيه بيع، كشرط تقابض، وحلول ثمن، وتصرف كل من المتبايعين فيما يصير إليه من ثمن ومثمن ونحوه، فلا يؤثر ذكر هذا النوع، وهو ما يقتضيه العقد، فوجوده كعدمه. النوع الثاني: ما كان من مصلحة المشترط له؛ كتأجيل كل الثمن أو بعضه إلى أجل معين، أو اشتراط رهن أو ضمين بالثمن مُعَيَّنَين، وكذا شرط كفيل ببدن مشتر، أو يشترط المشتري صفة في مبيع، ككون العبد المبيع كاتبًا أو فحلاً أو خصيًا، أو ذا صنْعة بعينهان أو مسلمًا، أو الأمَة بكرًا أو تحيض، أو الدابة هملاجة أو لبونًا أو غزيرة اللبن، أو الفهد صيدوًا، أو الطير المبيع مصوتًا أو يبيض، أو يجيء من مسافة معلومة؛ لأن في اشتراط هذه الصفات قصدًا صحيحًا، وتختلف الرغبات باختلافها، فلولا صحة اشتراطها لفاتت لحكمة التي لأجلها شرع البيع، وكذا لو شرط صياح الطير في وقت معلوم، كعند الصباح أو المساء. عن عمرو بن عوف المزني - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الصلح جائز بين المسلمين، إلا

صلحًا حرم حلالاً، أو أحلَّ حرامًا، والمسلمون على شروطهم، إلا شرطًا حرم حلالاً، أو أحل حرامًا» رواه الترمذي وصححه. وإن شرط المشتري: أن الطائر يوقظه للصلاة، أو أنه يصبح عند دخول وقتها، لم يصح؛ لتعذر الوفاء، ولا كون الكبش نطاحًا، ولا كون الديك مناقرًا، أو الأمة مغنَية، أو الحامل تلد في وقت بعينه؛ لأنه إما محرّم، أو لا يمكن الوفاء به، وكلاهما ممنوع شرعًا. ويلزم الشرط الصحيح؛ فإن وفى به، وإلا فله الفسخ، لفقد الشرط؛ لحديث: «المؤمنون عند شروطهم» أو أرش فَقد الصفة المشروطة إن لم ينفسخ.

وإن تَعَذَّرَ رَدُّ تعين أرش فَقْدِ الصفة كمعيب تعذر رده، وإن أخبر بائع مشتريًا بصفة في مبيع يرغب فيه لها، فصدقه مشتر بلا شرط، فبان فقدها، فلا خيار له؛ لأنه مقصر بعدم الشرط، وإن شرط العبد كافرًا، فبان مسلمًا، فلا فسخ له، أو شرط الأمة ثيبًا، أو كافرة، أو هُمَا، أو شطرهما سبطة الشعر، أو شرطها حاملاً، أو شرط صفة أدون فبانت أعلى، فلا خيار لمشتر؛ لأنه زاده خيرًا. الثالث: شرط بائع نفعًا مباحًا معلومًا، غير وطء ودواعيه، كمباشرة دون فرج وقبلة، فلا يصح استثناؤه؛ لأنه لا يحل إلا بملك اليمين، أو عقد نكاح. ومثال شرط النفع المباح المعلوم: كاشتراط بائع سكنى الدار المبيعة شهرًا مثلاً، وكحملان البعير ونحوه إلى موضع معلوم، فيصح؛ لما ورد عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أنه كان على جمل له قد أعيا، فأراد أن يسيبه، قال: فلحقني النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدعا لي وضربه، فسار سَيْرًا لم يسر مثله، فقال: «بعنيه بأوقية» قلت: لا، ثم قال: «بعنيه» فبعته بأوقية، واشترطت حملانه إلى أهلي، فلما بلغت أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه، ثم رجعت، فأرسل في أثري، فقال: «أتراني ماكستك لآخذ جملك! خذ جملك ودراهمك، فهو لك» متفق عليه. وأخرج أحمد وأبو داود

أن أم سلمة أعتقت سفينة، وشرطت أن يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم -، يؤيده «أنه –عليه السلام- نهى عن الثنيا إلا أن تُعلم» ، وهذه معلومة، وأكثر ما فيه تأخير تسليمه مدة معلومة، ولبائع إجارة وإعارة ما استثنى من النفع كالمستأجر، وإن باع مشتر ما استثنى نفعه مدة معلومة، صح البيع، وكان المبيع في يد المشتري الثاني مستثنى النفع كالمشتري الأول، وللمشتري الثاني الفسخ إن لم يعلم، كمن اشترى أمة مزوجة، أو دارًا مؤجرة. وللبائع على مشتر إن تعذر انتفاع البائع بالنفع المستثنى بسبب المشتري، بأن أتلف العين المستثنى نفعها، أو أعطاها لمن أتلفها، أو تلفت بتفريطه أْجَرةُ مِثلِ النفع المستثنى؛ لأنه فوته عليه؛ فإن لم يكن بسبب مشتر، لم يضمن شيئًا. وإن أراد مشتر إعطاء بائع عوض النفع المستثنى، لم يلزمه قبوله، وله استيفاء النفع من عين المبيع لتعلق حقه بعينه كالمؤجرة، وإن تراضيا عليه جاز. وكشَرْط بائعٍ نفعًا مَعْلُومًا في مَبِيْعٍ شَرْطُ مُشْتَر نَفْع بائعٍ في مبيعٍ، كشَرْطِ حَمْلِ حَطَبٍ مَبِيْعٍ أوَ تَكْسِيْرهِ، أو خياطة ثوب أو تفصيله، أو شرط جذ رطبة مبيعة، أو حصاد زرع أو جذاذ نخل، وكضرب حديد مبيع سيفًا أو سكينًا، بشرط علمه للنفع المشروط، واحتج أحمد على صحة ذلك بما روى محمد بن سلمة:

اشترى من نبطي جرزة حطب، وشارطه على حملها؛ ولأن ذلك بيع وإجارة يصح إفراده بالعقد، فجاز الجمع بينهما كالعينين، وما احتج به المخالف من نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع وشرط لم يصح، قال أحمد: إنما النهي عن شرطين في بيع، وهذا يدل بمفهومه على جواز الشرط الواحد، يؤيده عموم حديث: «المسلمون عند شروطهم» . والبائع المشروط نفعه في المبيع كأجير؛ فإن مات بائع قبل حمل حطب، أو خياطة الثوب، ونحوه مما شرط عليه، أو استحق نفعه بائع، بأن أجر نفسه إجارة خاصة؛ فلمشتر عوض ذلك النفع المشروط عليه في المبيع، لفوات ما وقع عليه عقد الإجارة بذلك فانفسخت، كما لو استأجر أجيرًا خاصًا فمات، وإن مرض بائع ونحوه، أقيم مقامه من يعمل، والأجرة عليه كالإجارة، وإن أراد بائع دفع عوض ما شرط عليه، وأبى مشتر أو أراد مشتر أخذه بلا رضا بائع؛ لم يجبر ممتنع، وإن تراضيا على أخذ العوض جاز، لجواز أخذ العوض عنها مع عدم الاشتراط، فكذا معه، وكالعين المؤجرة والموصى بنفعها. وإن جَمَعَ في بيْعٍ بَيْنَ شرطين من غير النوعين الأولين، كحمل الحطب وتكسيره، وخياطة الثوب وَتَفْصيْله، فقيل: لم يصح البيع؛ لحديث عبد الله بن عمرو: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لا يضمن، ولا بيع ما ليس عندك» رواه الخمسة، وصححه الترمذي

وابن خزيمة والحاكم. قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: إن هؤلاء يكرهون الشرط في البيع، فنفض يده، وقال: الشرط الواحد لا بأس به في البيع، إنما «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شرطين في البيع» . وقيل: يصح، وإن الحديث لا يتناول هذا، وإنما يدخل فيه الشرطان اللذان باجتماعهما يترتب مفسدة شرعية، كمسألة العينة ونحوها. قال ابن القيم –رحمه الله-: عامل عمر الناس على أنهم إن جاءوا بالبذر فلهم كذا، وإلا فلهم كذا. قال: وهذا صريح في جواز: بعتكه بعشرة نقدًا، أو بعشرين نسيئة، قال: والصواب جواز هذا كله، للنص والآثار والقياس، وذكر أمثلة يصح تعليقها بالشروط، ثم قال: والمقصود أن للشروط عند الشارع شأنًا ليس عند كثير من الفقهاء، ثم قال: والصواب الضابط الشرعي الذي دل عليه النص: أن كل شرط خالف حكم الله وكتابه فهو باطل، وما لم يخالف حكمه فهو لازم، والشرط الجائز بمنزلة العقد، بل هو عقد وعهد، وكل شرط قد جاز بذله بدون الاشتراط لزم بالشرط، وقال: تفسيره نهيه عن صفقتين، وعن بيعتين في بيعة، وفسر بأن يقول: خذ هذه السلعة بعشرة نقدًا، وآخذها منك بعشرين نسيئة، وهي مسألة العينة بعينها،

وهذا هو المعنى المطابق للحديث؛ فإنه إذ كان مقصوده الدراهم العاجلة بالآجلة، فهو لا يستحق إلا رأس ماله، وهو أَوكس الثمنين، ولا يحتمل غير هذا المعنى، وهذا هما الشرطان في بيع، وإذا أردت أن يتضح لك هذا المعنى فتأمل نهيه عن بيعتين في بيعة، وعن سلف وبيع، ونهيه في هذا الحديث عن شرطين في بيع، وعن سلف وبيع، وكلا الأمرين يؤول إلى الربا. اهـ. والذي عليه العمل أن الشرطين الصحيحين لا يؤثران في العقد، كما هو اختيار الشيخ تقي الدين. تنبيه: قال في «الإنصاف» : محل الخلاف إذا لم يكونا من مصلحة العقد؛ فأما إن كانا من مصلحته؛ فإنه يصح على الصحيح من المذهب. ويصح تعليق فسخ غير خلع بشرط، كقوله: بعتك كذا بكذا، على أن تنقدني الثمن إلى كذا، أي: وقت معين، أو: بعتك على أن ترهنني المبيع بثمنه، وإلا تفعل ذلك فلا بيع بيننا، فينعقد بالقبول، وينفسخ إن لم يفعل.

من النظم مما يتعلق بالشروط بالبيع وللبيع أشراط صحاح ثلاثة ... فما يقتضيه العقدُ غَيرَ مُنَكِدِ كقبضهما في الحال والرد بعده ... بعيب وشرط من مصالح معقد كشرط الفتى إن جئتني بدراهم ... إلى جمعة أولى فلا بيع جوّدِ وتأجيل أَثمانٍ ورهنٍ وكافلٍ ... به وخيارٌ كل ذا إن تشرطن طدِ ولا تلزمن تسليم مطلق رهن أن ... كفيل بل اختر فامض بيعًا أو ارددِ وإن عيّنا رهنًا وقلنا لزومه ... بعقد وبالتسليم ألزمه واظهدِ ومَن يشترط في المشتري حل صَنْعَه ... ووصفٍ مباح يُبْتَغى يُتَقَصَّدِ كَمْهلجَةِ المركوب أو كخصائه ... وبكر وإسلام وصَيَّاد أفْهُدِ فذا ومضاهية صحيح وفقده ... لك الأرش أو أخْذٌ لأرش المفقدِ

س21: تكلم بوضوح عن الضرب الثاني من الشروط في البيع

وقد قيل أن لا أرش فيه سوى إذا ... تعذر رد نحو عتق المُعبَدِ وإن تشرطنها ثيبًا أو كفورة ... فلا فسخ إن تفقد سوى في مُبَعَّدِ والغ في الأقوى شرط طير يجيء منْ ... مِسير كذا أو شَرطُ صَوْتٍ مُغَردِ كذا شرطُ حمْل في الإناث وشرُطُه ... الديوك تنادي رقْدًا للتهجدِ وشرط انتفاع بالمبيع أجز سوى ... الجماع إذا عَيَّنْتَ نَفْعًا بأوكدِ وليس على ذي الحق في بذل خصمه ... له ثمن الثنيا قبول فأرشدِ بلى إن يردّي خصمه العين إن توت ... في الأقوى وإيجازًا لِثنياه أطدِ وشرط ارتهان المشتري ببديله ... خلاف أبي يعلى أجز عند أحمدِ الضرب الثاني من الشروط في البيع س21: تكلم بوضوح عن الضرب الثاني من الشروط في البيع

مُبَينًا أنواعه، ومَثِلْ له، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل. ج: الضرب الثاني من الشروط في البيع فاسد، يحرم اشتراطه، وهو ثلاثة أنواع: أحدها: مبطل للعقد من أصله، كشرط بيع آخر: كبعتك هذه الدار على أن تبيعني هذه الفرس، أو شرط سلف: كبعتك عبدي على أن تسلفني كذا، أو شرط قرض: كعلي أن تقرضني كذا، أو شرط إجارة: كعلي أن تؤجرني دارك بكذا، أو شرط شركة: كعلي أن تشاركني في كذا، أو شرط صرف الثمن: كبعتك الأمة بعشرة دنانير على أن تصرفها بمائة درهم، أو شرط صرف غير الثمن: كبعتك الثوب على أن تصرف لي هذه الدنانير بدراهم؛ لحديث أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيعتين في بيعة» رواه مالك والشافعي وأحمد، والنسائي والترمذي وأبو داود. وهذا النوع بيعتان في بيعة. قال أحمد: والنهي يقتضي الفساد، وقال ابن مسعود: «صفقتان في صفقة ربا» ؛ ولأنه شرط عقد في عقد فلم يصح، كنكاح الشغار، وكذا لو باع شيئًا على أن يزوجه ابنته، أو ينفق على عبده ونحوه، أو حصته منه قرضًا أو مجانًا. النوع الثاني: ما يصح معه البيع، كشرط ينافي مقتضاه البيع، كاشتراط مشترِ أن لا خسارة عليه في مبيع، أو متى نَفَق المبيعُ وإلا

رده لبائعه، أو اشتراط بائع على مشتر أن لا يَقِفَ المبيعَ، أو أن لا يبيع المبيع، أو أن لا يهبه، أو أن لا يعتقه، أو شرط البائع إن أعتق المشتري المبيع، فالولاء له، أي: البائع، أو يشترط البائع على المشتري أن يفعل ذلك، أي: يقف المبيع أو يهبه، فالشرط فاسد والبيع صحيح، لعود الشرط على غير العاقد، نحو: بعتكه على أن لا ينتفع به أخوك أو زيد ونحوه؛ لحديث عائشة قالت: جاءتني بريرة، فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني، فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم، ويكون ولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت لهم، فأبوا عليها، فجاءت من عندهم، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، فقالت: إني عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرت عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «خذيها، واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق» ففعلت عائشة - رضي الله عنها - ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: «أما بعد، فما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله تعالى؟! ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق» متفق عليه. فأبطل الشرط ولم يبطل

العقد، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «واشترطي لهم الولاء» لا يصح حمله على: واشترطي عليهم الولاء، بدليل أمرها به، ولا يأمرها بفاسد؛ لأن الولاء لها بإعتاقها، فلا حاجة إلى اشتراطه؛ ولأنهم أبوا البيع إلا أن تشترط لهم الولاء، فكيف يأمرها بما علم أنهم لا يقبلونه؟! وأما أمرها بذلك، فليس يأمر على الحقيقة، وإنما صيغة أمر بمعنى التسوية، كقوله تعالى: {فَاصْبِرُوا أَوْ لاَ تَصْبِرُوا} [الطور: 16] التقدير: اشترطي لهم الولاء، أو لا تشترطي؛ ولهذا قال عقبة: فإنما الولاء لمن أعتق، إلا شَرْطُ عِتُقٍ، فيلزم باشتراط بائع على مشتر؛ لحديث بريرة، ولحديث أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المسلمون على شروطهم» رواه أحمد وأبو داود، والحاكم وابن الجارود وابن حبان، وهذا المذهب، وهو مذهب مالك وظاهر مذهب الشافعي، والرواية الثانية: «الشرط فاسد» ، وهو مذهب أبي حنيفة؛ لأنه شرط ينافي مقتضى العقد، أشبه ما لو شرط أن يبيعه، وليس في حديث عائشة أنها شرطت لهم العتق، إنما أخبرتهم أنها تريد ذلك من غير شرط فاشترطوا ولاءها، والذي يترجح عندي القول الأول، لما تقدم. ويجبر مشتر على عتق مبيع اشترط عليه إن أباه؛ لأنه مستحق لله تعالى، لكونه قربة التزمها المشتري، فأجبر عليه كالنذر، فإن أصر

ممتنعًا، أعتقه حاكم، كطلاقه على مؤلٍ، وإن شرط رهنًا فاسدًا كخمر أو خنزير، لم يصح الشرط، أو شرط خيارًا وأجلاً مجهولين، بأن باعه بشرط الخيار وأطلق، أو إلى الحصاد ونحوه، أو بثمن مؤجل إلى الحصاد ونحوه، لم يصح الشرط أو شرط تأخير تسليم مبيع بلا انتفاع به، لغا الشرط، وصح البيع، أو شرط بائع إن باع المبيع مشتر، فالبائع أحق بالمبيع بالثمن، أي بمثله. ونقل الشيخ تقي الدين، نقل علي بن سعيد فيمن باع شيئًا، وشرط عليه إن باعه، فهو أحق به بالثمن، جواز البيع والشرط، وسأله أبو طالب عمن اشترى أمة بشرط أن يتسرى بها لا للخدمة، قال: لا بأس به. قال الشيخ تقي الدين –رحمه الله تعالى-: وروي عنه نحو عشرين نصًا على صحة هذا الشرط، قال: وهذا من أحمد يقتضي أنه إذا شرط على البائع فعلاً، أو تركًا في المبيع مما هو مقصود البائع أو للمبيع نفسه، صح البيع والشرط، كاشتراط العتق. واختار الشيخ تقي الدين صحة هذا الشرط، بل اختار صحة العقد والشرط في كل عقد وكل شرط لم يخالف الشرع؛ لأن إطلاق الاسم يتناول المنجز والمعلق، والصريح والكناية، كالنذر، وكما يتناوله بالعربية والعجمة. انتهى. أو شرط أن الأمة لا تحمل فيصح البيع، وتبطل هذه الشروط، قياسًا على اشتراط الولاء لبياع، ولمن فات غرضه بفساد الشرط من بائع

ومشتر الفسخ في كل ما تقدم من الشروط الفاسدة، ولو كان عالمًا بفساد شرط؛ لأنه لم يسلم له ما دخل عليه من الشرط، ويرد ثمن ومثمن لم يفت بإلغاء الشرط وإن فات، فيلزم أرش نقص ثمن لبائع إن كان المشترط بائعًا، أو استرجاع زيادة الثمن لمشتر إن كان هو المشترط لفوات غرض كل منهما. ومن قال لغريمه: بعني هذا على أن أقضيك منه دينك، فباعه إياه، صح البيع، قياسًا على ما سبق لا الشرط؛ لأنه شرط أن لا يتصرف فيه بغير القضاء، ومقتضى البيع أن يتصرف مشتر بما يختار، ولبائع الفسخ، أو أخذ أرش نقصِ ثمنٍ على ما تقدم، وإن قال رب الحق: أقضيه على أن أبيعك كذا بكذا، فقضاه حقه، صح القضاء؛ لأنه أقبضه حقه دون البيع المشروط؛ لأنه معلق على القضاء، وإن قال رب الحق: اقضني أجود من مالي عليك على أن أبيعك كذا، ففعلاً، فالبيع والقضاء باطلان، ويرد الأجود قابضه، ويطالب بمثل دينه؛ لأن المدين لم يرض بدفع الأجود إلا في حصول المبيع له، ولم يحصل لبطلان البيع لما تقدم. النَّوعُ الثالث: ما لا ينعقد معه البيع، وهو المعلق عليه البيع، كبعتك كذا إن جئتني بكذا، أو رضي زيد، لم يصح البيع؛ لأنه

علَّق البيع على شرط مستقبل، وبه قال الشافعي، وقيل: يصح العقد، وعنه صحتهما، اختاره الشيخ تقي الدين –رحمه الله تعالى- في كل العقود التي لم تخالف الشرع، ويصح: بعت إن شاء الله، وقبلت إن شاء الله؛ لأن القصد منه التبرك، وإذا قال المرتهن: إن جئتك بحقك في محله، وإلَّا فالرهن لك، فلا يصح البيع؛ لحديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غرمه» رواه الشافعي في «مسنده» ، والدارقطني وحسنه، وقال الحافظ: رجاله ثقات. وفسره أحمد بذلك، وحكاه ابن المنذر عن جماعة من العلماء؛ لأنه علقه على شرط مستقبل كالأولى. وقال الشيخ تقي الدين –رحمه الله-: لا يبطل الثاني، وإن لم يأته صار له، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، يؤيده حديث: «المسلمون على شروطهم» وحديث إغلاق الرهن، إن صح؛ فمعناه: أن يتملكه المرتهن من دون إذن الراهن وشرطه، ويصح بيع العربون وإجارته، والعربون في البيع: هو أن يشتري السلعة، ويدفع إلى البائع درهمًا أو أكثر على أنه إن أخذ السلعة احتسب به من الثمن، وإن لم يأخذها فهو للبائع، قال أحمد ومحمد ابن سيرين: لا بأس به؛ لما روى نافع بن عبد الحارث أنه اشترى لعمر، وإلا له كذا وكذا. وقال أبو الخطاب: لا يصح، وهو قول الشافعي ومالك وأصحاب الرأي، ويروى عن ابن عباس

والحسن؛ لما ورد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع العُرْبان» رواه مالك وأبو داود وابن ماجه. ولأنه شرط للبائع شيئًا بغير عوض، فلم يصح، كما لو شرطه لأجنبي، ولأنه بمنزلة الخيار المجهول؛ فإنه اشترط أن له رد المبيع من غير ذكر مدة، فلم يصح، كما لو قال: ولي الخيار متى شئت رددت السلعة ومعها درهمًا. وهذا القول هو الذي يترجح عندي، والقول الأول من مفردات المذاهب، قال ناظم المفردات: لبائع دُرَيْهمًا مَن أعطى ... عربونه يصح هذا الإعطا إن رَدَّهُ ليسَ به مطلوب ... أو يمضه من ثمن محسوب ومن قال لقنه: إن بعتك فأنت حر، فباعه؛ عتق عليه بتمام قبول، ولم ينتقل ملك فيه؛ لأنه يعتق على البائع في حال انتقال الملك إلى المشتري، حيث يترتب على الإيجاب والقبول انتقال الملك ونفوذ العتق، فيتدافعان، وينفذ العتق لفوته وسرايته دون انتقال الملك، ولو قال مالكه: إن بعته فهو حر، وقال آخر: إن اشتريته فهو حر، فاشتراه، عَتَقَ على بائع دون مشتر، وإلا يقل مالكه: إن أبعته فهو حر، وقال آخر: إن اشتريته فهو حر، فاشتراه، عتق على مشتر؛ لأن الشراء يُراد للعتق، فيكون

مقصودًا، كشراء ذي رحم وغيره. وإن قال: بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث، وإلا فلا بيع بيننا، فالبيع صحيح، نص عليه، وهذا قول أبي حنيفة والثوري وإسحاق، ومحمد بن الحسن، وقال به أبو ثور إذا كان إلى ثلاث، وحكى مثل قوله إن ابن عمر، وقال مالك: يجوز في اليومين والثلاثة ونحوها، وإن كان عشرين ليلة، فسخ البيع. وقال الشافعي وزفر: البيع فاسد؛ لأنه عَلَّقَ فسخ البيع على غرر، فلم يصح كما لو علقه بقدوم زيد، والذي يترجح عندي القول الأول؛ لأنه روي عن ابن عمر، ولأنه نوع بيع فجاز أن ينفسخ بتأخير القبض كالصرف؛ ولأن هذا بمعنى شرط الخيار؛ لأنه كما يحتاج إلى التروي في المبيع هل يوافقه أو لا، يحتاج إلى التروي في الثمن، هل يصير منقودًا أو لا؟ فهما شبيهان في المعنى، وإن تغايرا في الصورة إلا أنه في الخيار يحتاج إلى الفسخ، وهذا ينفسخ إذا لم ينقد في المدة المذكورة؛ لأنه جعله كذلك، وإن باعه وشرط البراءة من كل عيب، أو شرط بائع البراءة من عيب كذا إن كان في المبيع، لم يبرأ بائع بذلك، فلمشتر الفسخ بعيب لم يعلمه حال العقد؛ لما روى مالك وأحمد والبيهقي، واللفظ له: أن عبد الله بن عمر باع غلامًا له بثمان مائة درهم، وباعه بالبراءة، فقال الذي ابتاعه لعبد الله بن عمر: بالغلام داء، فاختصما إلى عثمان - رضي الله عنه -، فقال الرجل: باعني عبدًا وبه داء لم يسمه لي، فقال عبد الله بن

عمر: بعته بالبراءة، فقضى عثمان على عبد الله بن عمر باليمين أن يحلف له: لقد باعه بالغلام، وما به داء يعلمه، فأبى عبد الله أن يحلف، وارتجع العبد، فباعه بعد ذلك بألف وخمس مائة درهم. قال الشيخ: الصحيح في مسألة البيع بشرط البراءة من كل عيب، والذي قضى به الصحابة، وعليه أكثر أهل العلم أن البائع إذا لم يكن عَلِمَ بالعيب، فلا رد للمشتري؛ لكن إن ادعى أن البائع علم بذلك، فأنكر البائع، حَلَفَ أنه لم يَعلم؛ فإن نكل قضى عليه. اهـ. وإذا كان في المبيع عيب يعلمه البائع بعينه، فأدخله في جملة عيوب ليست موجودة، وتبرأ منها كلها، فقال ابن القيم: لا يبرأ حتى يفرده بالبراءة، ويُعَيّنَ مَوْضِعَهُ وجنسهُ ومقدارهُ حيث لا يبقى للمبتاع فيه قول، ولا يقول البائع: بشرط البراءة من كل عيب، وليقل وأنك رضيت بها بجملة ما فيها من العيوب التي توجب الرد، أو يبين عيوبًا يدخله في جملتها، وأنه رضي بها كذلك. وفي «الاختيارات الفقهية» : وشرط البراءة من كل عيب باطل، ولا يبرأ حتى يسمي العيب، قال أحمد: يضع يده على العيب فيقول: أبرأ إليك من ذا، فأما إذا لم يعمد إلى الداء، ولم يوقفه عليه، فلا

أراه يبرأ، يرده المشتري بعيبه؛ لأنه مجهول. قال ابن رشد: وحجة من لم يجز البراءة على الإطلاق أن ذلك من باب الغرر فيما لم يعلمه البائع، ومن باب الغبن والغش فيما يعلمه. قال ابن القيم: وإذا أبطلنا الشرط، فللبائع الرجوع بالتفاوت الذي نقص من ثمن السلعة بالشرط الذي لم يسلم له، هذا هو العدل، وقياس أصول الشريعة. ولمن جهل الحال من زيادة أو نقص وفات غرضه الخيار، ومن باع شيئًا يذرع، كأرض ودار، وتوت على أنه عشرة أذرع أو أشبار، أو أجربة أو أمتار ونحو ذلك، فبان المبيع أكثر، فالبيع صحيح؛ لأن ذلك نقص على المشتري فلم يمنع صحة البيع، كالعيب والزائد عن العشرة للبائع مشاعًا في الأرض أو الدار أو الثوب؛ لعدم تعينه، ولكل منهما الفسخ دفعًا لضرر الشركة، إلا أن المشتري إذا أعطى الزائد مجانًا بلا عوض فلا فسخ له؛ لأن البائع زاده خيرًا. قلت: وفيما أرى أنه إذا لم يكن على المشتري ضرر في ذلك، وإن اتفقا على إمضاء البيع لمشتر بعوض للزائد جاز؛ لأن الحق لهما لا يعدوهما كحالة الابتداء، وإن بان ما ذكر من الأرض أو الدار أو الثوب أقل من عشرة، فالبيع صحيح؛ لأن ذلك نقص حصل على البائع فلم يمنع

صحة البيع، كما تقدم، والنقص على البائع؛ لأنه التزمه بالبيع. ولمشتري الفسخ لنقض المبيع، وله إمضاء البيع بقسط المبيع من الثمن برضاء البائع؛ لأن الثمن يقسط على كل جزء من أجزاء المبيع، فإذا فات جزء، استحق ما قابله من الثمن، وإن لم يرض البائع بأخذ المشتري له بقسطه، فله الفسخ دفعًا لذلك الضرر، وإن بذل مشتر جميع الثمن لم يملك البائع الفسخ؛ لأنه لا ضرر عليه في ذلك، ولا يجبر أحدهما على المعاوضة، وإن اتفقا على تعويضه جاز؛ لأن الحق لا يعدوهما، وإن باع صبرة على أنها عشرة أقفزة أو زبرة حديدة على أنها عشرة أرطال، فبانت أحد عشر، فالبيع صحيح؛ لصدوره من أهله في محله، والزائد للبائع مشاعًا، ولا خيار للمشتري لعدم الضرر، وكذا البائع. وإن بانت الصبرة أو الزبرة تسعة، فالبيع صحيح، وينقص من الثمن بقدر نقص المبيع، لما تقدم، ولا خيار للمشتري ولا للبائع، بخلاف الأرض ونحوها مما ينقص التفريق والمقبوض بعقد فاسد لا يملك به، ولا ينفذ تصرفه فيه ببيع ولا غيره. ويضمن المشتري المقبوض بعقد فاسد كالغصب، ويلزمه النماء المنفصل والمتصل، وأجرة مثله مدة بقائه في يده، وإن نقص بيده ضمن نقصه، وإن تلف أو اتلف فعليه ضمانه بقيمته يوم تلفه ببلد

قبض فيه. من النظم مما يتعلق بالشروط الفاسدة وإن تشترط في البيع عقدًا كقرضه ... وصرف وشرط ما مناف التعقدِ كشرط امتناع المشتري من عتاقه ... وبيعٍ وبَذْلٍ والتَّسَلُمُ باليدِ وشرط ولاء عند إعتاقه له ... أو الرد إن يَخْتَرْهُ عند التكَسُّدِ ورهنُ حرامٍ أو جهيل فكل ذي ... لتلغ وصح العقد معها بأوكدِ وإن تَشْتَرِطْ عِتْقًا فيأباه فافْسَخَنْ ... أو اجبْرهُ في الأقوى وأبْطِلْ بأبْعَدِ فإن تشترط شرطين من فاسد فلا ... تجزه وألغ العقد في المتأكدِ وإن علقا بالشرط عقدًا كبعته ... متى جاء رأس الشهر أو يرض ذو اليدِ وقولك إن لم آت بالحق وقته ... وأن لك المرهون ذا العقد أفسدِ وإن درهمًا من قيمة العين تعطه ... على إن رددت العين يملكه اطّدِ وقال أبو الخطاب ذا غير جائز ... وقد فعل الفاروق ذا فيه فاقتدِ ومن يشترط من كل عين براءة ... فلا تبر في الأولى كمن كتم الردي وقيل ابرهِ والعقد أفسد بمبعد ... كذا في التبري من كذا إن يكن طِد وجاهل لَغو الشرط إن صح عقده ... له الفسخ أو أرش لنقص المفقدِ

باب الخيار في البيع

وليس يفيد الملك قبض بفاسد ... وكالغصب ضمنه وبالنما فاردد ولا حد في وطء بل أرش بكارة ... ومهر ويضمن حر ولد وتردد وإن باع شيئًا ما معدد أذرع ... بين فوقها فاحكم له بالمزيد وكل له فسخ وإن أمضيا أجز ... إذا صح والأولى فساد المعقد وعكس بعكس والخيار لمشتر ... ليأخذ بقسط أو ليقبله إن فد باب الخيار في البيع وبيان خيار المجلس وما يتعلق به من أحكام س22: ما هو الخيار، وكم أقسامه؟ ج: الخيار: اسم مصدر اختار يختار اختيارًا، والخيار: طلب خير الأمرين من إمضاء عقد أو فسخه، وأقسامه بحسب أسبابه ثمانية بالاستقراء. س23: ما هو القسم الأول من أقسام الخيار، وما دليله؟ وما الذي يثبت فيه؟ ومتى ينتهي؟ وما الذي لا يثبت به، وما مُسْقطَاته؟ وما الذي ينقطع به؟ ومثل لما لا يتضح إلا بالأمثلة، واذكر الأدلة. ج: الأول من أقسام الخيار: خيار المجلس، ويثبت في البيع؛ لما ورد عن حكيم بن حزام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البيعان بالخيار ما لم

يتفرقا» أو قال: «حتى يتفرقا، فإن صدقا وبَيَّنَا، بُورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما، محقت بركة بيعهما» . وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا، أو يقول أحدهما لصاحبه: اختر» ، وربما قال: أو يكون بيع خيار، وفي لفظ: «إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا، وكانا جميعًا أو يخير أحدهما الآخر؛ فإن خير أحدهما الآخر، فتبايعا على ذلك، فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن تبايعا، ولم يترك واحد منهما البيع، فقد وجب البيع» متفق على ذلك كله. وفي لفظ: «المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه، ما لم يتفرقا، إلا بيع خيار» ، وفي لفظ: «إذا تبايع المتبايعان فكل واحد منهما بالخيار من بيعه، ما لم يتفرقا، أو يكون بيعهما عن خيار، فإذا كان بيعهما عن خيار، فقد وجب البيع» . قال نافع: وكان ابن عمر –رحمه الله- إذا بايع رجلاً، فأراد أن لا يقبله قام فمشى هنيهة، ثم رجع. أخرجاهما. قال في «الشرح» : وجملته أن خيار المجلس يثبت في البيع بمعنى أنه يقع جائزًا، ولكل واحد من المتبايعين الخيار في فسخه ما داما مجتمعين لم يتفرقا، وهو قول أكثر أهل العلم، يُروى ذلك عن عمر وابنه وابن عباس، وأبي هريرة، وأبي برزة، وبه قال سعيد بن المسيب وشريح، والشعبي وعطاء، وطاووس، والزهري، والأوزاعي، وابن أبي ذئب،

والشافعي، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وقال مالك وأصحاب الرأي: «يلزم العقد بالإيجاب والقبول، ولا خيار لهما» اهـ. قال النووي: «ومن قال بعدمه ترد عليه الأحاديث الصحيحة، والصواب ثبوته كما قال الجمهور» . قال ابن القيم: أثبت الشارع خيار المجلس في البيع حكمة ومصلحة للمتعاقدين، وليحصل تمام الرضى الذي شرطه تعالى فيه بقوله: {عَن تَرَاضٍ} [النساء: 29] ؛ فإن العقد قد يقع بغتة من غير تروِ ولا نظر في القيمة، فاقتضت محاسن هذه الشريعة الكاملة أن يجعل للعقد حريمًا يَترَّوى فيه المتبايعان، ويعيدان النظر، ويستدرك كل واحد منهما. اهـ. والمسائل التي لا يَثْبُتُ فيها الخيارُ أربع: 1- تَوَلَّي طرفي العقد. 2- الكتابة. 3- إذا اشترى من يَعْتُقُ عليه. 4- إذا اشترى مَن يَعترفُ بحريته قبل الشراء. وكبيع في ثبوت الخيار في المجلس صلح بمعنى بيع، بأن أقر له

بدين أو عين، ثم صالحه عنه بعوض، وكبيع قسمة بمعنى بيع، وهي قسمة التراضي، وكبيع هبة بمعناه وهي التي فيها عوض معلوم؛ لأنها نوع من البيع، فيثبت فيها خيار المجلس كالبيع، وكبيع إجارة على عين كدار وحيوان، أو على نفع في الذمة، كخياطة ثوب ونحوه؛ لأنه نوع من البيع، وكبيع ما قبضه شرط لصحته، كصرف وسلم وبيع ربوي بجنسه، فيثبت فيها خيار المجلس؛ لعموم الخبر؛ ولأنه موضوعه النظر في الأحظ وهو موجود هنا. ولا يثبت في حوالة ولا إقالة، ولا الأخذ بالشفعة، والجعالة، والشركة، والوكالة، والمضاربة، والعارية، والهبة بغير عوض، والوديعة، والوصية قبل الموت، ولا في نكاح، لا في الوقف، والخلع، والإبراء، والعتق على مال. وأما المساقات والمزارعة؛ فإن قلنا: إنهما عقد لازم، كما هو الراجح عندي، ثبت فيهما خيار المجلس، وإن قلنا: إنهما عقد جائز، فلا خيار فيهما؛ لأن الخيار مستغني عنه حينئذ، ويبقى خيار مجلس حيث ثبت إلى أن يتفرقا عرفًا بأبدانهما؛ لحديث عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا تبايع الرجلان، فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعًا» الحديث متفق عليه.

قال في نهاية «التدريب» : أما خيارُ مجلس التبايع ... فثابت للمشتري والبائع فيستمرُّ حق كل منهما ... حتى يرى مفارقًا أو ملزمًا فإن كانا في مكان واسع، كمجلس كبير وصحراء فبمشي أحدهما مستديرًا لصاحبه خطوات، وإن كانا في دار كبيرة ذات مجالس وبيوت، فبمفارقته إلى بيت آخر أو مجلس أو صُفَّة أو نحوها، وإن كانا في دار صغيرة، فبصعود أحدهما السطح، أو بخروجه منها، وإن كانا بسفينة كبيرة، فبصعود أحدهما أعلاها إن كانا أسفل، أو نزوله أسفلها إن كانا أعلاها، وإن كانت صغيرة فبخروج أحدهما منها، ومع إكراه أو فزع من مخوف أو إلجاء بسيل أو نار أو نحوهما إلى أن يتفرقا ن مجلس زال فيه إلجاء أو إكراه؛ لأن فعل الملجأ والمكره كعدمه. ويسقط إذا نفياه، أو أسقطاه بعد العقد؛ لأنه حق ثبت للمسقط بعقد البيع، فسقط بإسقاطه كالشفعة، وإن أسقطه أحدهما أو قال لصاحبه: اختر سقط خيار القائل، وبقي خيار صاحبه؛ لحديث ابن عمر: «فإن خير أحدهما صاحبه فتبايعا على ذلك، فقد وجب البيع» أي لزم، ولأن جعل الخيار لغيره، فلم يبق له شيء، وتحرم الفرقة خشية أن يستقيله؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم -

قال: «البَيْعُ والمبتاع بالخيار حتى يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله» رواه الخمسة إلا ابن ماجه، ورواه الدارقطني. وينقطع خيار مجلس بموت أحدهما، ولا ينقطع خياره بجنونه في المجلس؛ لعدم التفرق وهو على خياره إذا أفاق من جنونه، وإن خرس، قامت إشارته مقام نطقه. من النظم مما يتعلق بالخيار وإن لم يفارق مشتر بائعًا هما ... بحكم خيار بين فسخ ومعقد وفي مجلس البيع اعتبارُ تفرق الغريمين ... عنه بانفصال مبدد ويبطل أيضًا بالفرار بكرهه ... ووجهين في التفريق كرهًا فأسند وإن يزل الإكراه عاد خيارهم ... بمجلسهم وابْطِلْه مع موت مفرد وقيل حرام فرُّه خوفَ فسخه ... ولو قيل لم يبطل إذًا لم أبعد وإن أسقطا في مجلس أو بعقدهم ... فأسقطه في القول الصحيح المسدد وأسقط خيار الفرد دون غريمه ... بإسقاطه أو قوله اختر بأجود وفي الفسخ والإمضاء إن يتخالفا ... بمجلسهم فاقبل مقال المفسدِ

س24: تكلم بوضوح عن القسم الثاني من أقسام الخيار مبينا ما يثبت به، وابتداء مدته وانتهاءها، وإذا شرط الخيار بائع حيلة ليربح في قرض، وإذا شرط الخيار مدة مجهولة أبدا، أو مدة مجهولة، أو شرط الخيار إلى العطاء وما الذي لا يثبت به؟ وما الذي يسقط به خيار الشرط؟ وإذا شرط الخيار شهرا مثلا يوما يثبت ويوما لا يثبت، وإذا شرط الخيار في أحد مبيعين، فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ وإذا شرط الخيار لأحد متبايعين متفاوتا أو لغيرهما، أو لأحدهما لا بعينه فما الحكم؟ وهل يفتقر فسخه إلى رضا أو حضور؟ وإذا مضى زمنه ولم يفسخ فما الحكم؟ وما مسقطاته؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تفصيل أو خلاف أو ترجيح، ومثل لما لا يتضح إلا بالمثال.

خيار الشرط س24: تكلم بوضوح عن القسم الثاني من أقسام الخيار مبينًا ما يثبت به، وابتداء مدته وانتهاءها، وإذا شرط الخيار بائع حيلة ليربح في قرض، وإذا شرط الخيار مدة مجهولة أبدًا، أو مدة مجهولة، أو شرط الخيار إلى العطاء وما الذي لا يثبت به؟ وما الذي يسقط به خيار الشرط؟ وإذا شرط الخيار شهرًا مثلاً يومًا يثبت ويومًا لا يثبت، وإذا شرط الخيار في أحد مبيعين، فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ وإذا شرط الخيار لأحد متبايعين متفاوتًا أو لغيرهما، أو لأحدهما لا بعينه فما الحكم؟ وهل يفتقر فسخه إلى رضا أو حضور؟ وإذا مضى زمنه ولم يفسخ فما الحكم؟ وما مسقطاته؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تفصيل أو خلاف أو ترجيح، ومثل لما لا يتضح إلا بالمثال. ج: القسم الثاني من أقسام الخيار أن يشترط العاقدان الخيار في صلب العقد، أو يشترطاه بعده في زمن الخيارين خيار المجلس، وخيار الشرط إلى مدة معلومة، فيصح فيها ولو طالت، وقاله جمع من العلماء؛ لقوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] ؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «المسلمون على شروطهم» ولأنه حق مقدر معتمد الشرط، فيرجع في تقديره إلى شرطه كالأجل. وقال الشيخ: ويثبت خيار الشرط في كل العقود ولو طالت المدة، وهو اختيار ابن القيم في كتابه «إعلام الموقعين» قال:

والشارع لم يمنع من الزيادة على الثلاثة، ولم يجعلها حدًا فاصلاً بين ما يجوز من المدة وما لا يجوز، وإنما ذكرها في حديث حبان بن منقذ، وجعلها له بمجرد البيع، وإن لم يَشْتَرطْهُ؛ لأنه كان يُغْلَبُ في البيوع، فجعل له ثلاثًا في كل سلعة يشتريها، سواء شرط ذلك، أو لم يشترطه. هذا ظاهر الحديث، فلم يتعرض للمنع من الزيادة على الثلاثة بوجه من الوجوه. اهـ. قال في «الشرح» : وأجازه مالك فيما زاد على الثلاث بقدر الحاجة، وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يجوز أكثر من ثلاث؛ لما روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: ما أجد لكم أوسع مما جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحبان جعل له الخيار ثلاثة أيام، إن رضي أخذ، وإن سخط ترك؛ ولأن الخيار ينافي مقتضى البيع؛ لأنه يمنع الملك واللزوم، وإطلاق التصرف، وإنما جاز للحاجة فجاز القليل منه، وآخر حد القلة ثلاث، قال الله تعالى: {فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ} [هود: 65] بعد قوله: {فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ} [هود: 64] . اهـ. والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. وإن شرط الخيار بائع حيلة، ليربح فيما أقرضه، حرم؛ لأنه يتوصل به إلى قرض جر نفعًا، ولم يصح البيع لئلا يتخذ ذريعة للربا ولا يصح

الخيار مجهولاً مثل أن يشترطاه أبدًا، أو مدة مجهولة، بأن قالا: مدة أو زمنًا أو مدة نزول المطر ونحوه، أو أجلاه أجلاً مجهولاً، كبعتك ولك الخيار متى شئت أو شاء زيد، أو قدم عمرو، أو هبت الريح، أو نزل المطر، أو قال أحدهما: لي الخيار ولم يذكر مدته، أو شرطاه إلى الحصاد والجذاذ ونحوه فيلغو الشرط، ويصح البيع. وإن شرط الخيار إلى العطاء وهو القسط من الديون، وأراد وقت العطاء، وكان العطاء معلومًا، صح البيع والشرط للعلم بأجله، وإن أراد الوقت الذي يحصل فيه العطاء بالفعل دون الوقت المعتاد له عادة، فهو مجهول، فيصح البيع، ويلغو الشرط للجهالة. ويثبت خيار شرط فيما ثبت فيه خيار مجلس، كبيع وصلح بمعناه وقسمه بمعناه، وهبة بمعناه؛ لأنه من صور البيع، ويثبت في إجارة في ذمة، كخياطة ثوب، أو إجارة مدة لا تلي العقد إن انقضى قبل دخولها كما لو أجره داره سنة ثلاث في سنة اثنين، وشرط الخيار مدة معلومة تنقضي قبل دخول سنة ثلاث؛ فإن وليته أو دخلت في مدة إجارة، فلا لأدائه إلى فوات بعض المنافع المعقود عليها، أو استيفائها في زمن الخيار، وكلاهما لا يجوز. ولا يثبت في بيعٍ قبضُ عوضه شَرْطٌ لِصحَّةِ العقد عليه من صرف وسلم وربوي بربوي؛ لأن وضعها على أن لا يبقى بين

المتعاقدين علقة بعد التفرض؛ لاشتراط القبض، وثبوت خيار الشرط ينافي ذلك، فيلغوا الشرط، ويصح العقد. وابتداء مدة خيار الشرط من حين عقد شرط فيه، ويسقط خيار شرط بأول الغاية؛ فإن شرط إلى رجب سقط بأوله، وإلى صلاة مكتوبة، كالظهر سقط بدخول وقتها، كما إذا شرط إلى الغد، فيسقط بطلوع فجره؛ لأن «إلى» لانتهاء الغاية، فلا يدخ لما بعدها فيما قبلها، وإن شرط الخيار شهرًا مثلاً يومًا يثبت، ويومًا لا يثبت، صح البيع في اليوم الأول، لإمكانه فقط؛ لأنه إذا لزم في اليوم الثاني، لم يعد إلى الجواز، ويصح شرط الخيار للمتعاقدين ولو كانا وكيلين؛ لأن النظر في تحصيل الأحظ مفوض إلى الوكيل، كما يصح شرطه لموكليهما؛ لأن الحظ لهما حقيقة، وإن لم يأمر الموكلان الوكيلين بشرط الخيار. ويصح شرط خيار في مَبيْع مُعيَّن من مبيعين بعقد واحد، كعبدين بيعًا صفقة وشرط الخيار في أحدهما بعينه؛ لأن أكثر ما فيه أن جمع ما بين مبيع فيه الخيار، ومبيع لا خيار فيه، وذلك جائز بالقياس على شراء ما فيه شفعة وما لا شفعة فيه، ومتى فسخ البيع فيما فيه الخيار منهما، رجع مشتر أقبض ثمنهما بقسطه من الثمن، كما لو رد أحدهما لعيبه، وإن لم يكن أقبضه، سقط عنه بقسطه، ودفع الباقي. ويصح شرط خيار المتبايعين متفاوتًا، بأن شرط لأحدهما شهرًا،

وللآخر سنة، ويصح شرطه لأحدهما دون الآخر؛ لأنه حق لهما

جُوِّزَ رِفْقًا بهما، فكيفما تراضيا به جاز، ويصح شرط بائعين غير وكيلين الخيار لغيرهما ولو المبيع، كما لو تبايعا قِنًا وشرطا له الخيار؛ فإنه يصح، ويكون جعل الخيار للغير توكيلاً منهما له؛ لأنهما أقاماه مقامهما، فلا يصح جعل الخيار للأجنبي دون المتبايعين؛ لأن الخيار شرع لتحصيل الحظ لكل واحد من المتعاقدين، لا يكون لمن لا حظ له فيه؛ وأما صحة جعله للمبيع، فلأنه بمنزلة الأجنبي، وإن شرط الخيار في أحد المتبايعين لا بعينه، أو شُرِطَ الخيار لأحد المتعاقدين لا بعينه، فهو مجهول لا يصح شرطه للجهالة، ولمن له الخيار الفسخ من غير حضور صاحبه ولا رضاه؛ لأن الفسخ على حل عقد جعل إليه، فجاز مع غيبة صاحبه وسخطه، كالطلاق، أطلقه الأصحاب، وعنه في رواية أبي طالب: إنما يملك الفسخ برد الثمن إن فسخ البائع، وجزم به الشيخ كالشفيع، وقال الشيخ: وكذا التملكات القهرية، كأخذ الغراس والبناء من المستعير والمستأجر بعد انقضاء الإجارة، وكأخذ الزرع من الغاصب إذا أدركه رب الأرض قبل حصاه، قاله في «الإنصاف» ، وهذا هو الصواب الذي لا يعدل عنه خصوصًا في زمننا هذا، وقد كثرت الحيل وهذا في زمنه، فكيف بزمننا!! ويحتمل أن يحمل كلام من أطلق على ذلك انتهى. «إقناع» و «شرحه» .

وإن مضت المدة، ولم يفسخ، بطل خيارهما إن كان الخيار لهما، أو خيار أحدهما إن كن الخيار له وحده، ولزن البيع؛ لأن اللزوم موجب البيع يتخلف بالشرط، فإذا زال ثبت العقد بموجبه لخلوه عن المعارض. من النظم مما يتعلق في خيار الشرط وأما خيارُ الشرط فاحكم به إلى ... ثلاثة أيام وفوق وقيِّدِ فإن لم يقيد لم يصح وعنه بل ... أجزه إلى أن يقطعا غير مفسد ولا تمضه في كل بيع شرطت في ... تصححه قبضًا كصرف فتعتدي ويثبت في هذا خيار بمجلس ... في الأولى وفي كل الإجارات أطد ووجهين في سبق وأخذ بشفعة ... زراع مساقاة حوالة أمهد ولا تثبتن في غيرها كنكاحه ... وخلع وتضمينٍ فرهن بل اردد وذو الشرط ماض في إجارة ذمة ... وما لا تلي عقدًا ووال بمبعد ومَن جُن أو أغُمي عليه بمجلس ... فيختار عنه حاكم ذو تقلد ولم يثبتا في عقد فرد وغير ذي ... وغاية شرط ليس منه بأوكد وقولين خذ في الجذ والحصد هل

س25: إلى من ينقل الملك في المبيع زمن الخيارين، وما الذي يترتب على ذلك؟ وإذا وطئ مشتر أمة زمن خيار، فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ وما حكم تصرف المتبايعين مع شرط الخيار لهما زمنه في ثمن ومثمن؟ وإذا أعتق مشتر المبيع زمن خيار أو أعتقه البائع أو تصرف أحدهما في المبيع مع شرط الخيار له وحده، أو تلف المبيع قبل القبض وقد شرط الخيار، وإذا باع عبدا بأمة بشرط الخيار، فمات العبد قبل انقضاء مدة الخيار، ووجد بالأمة

هما ... من الأجل المجهول أخذ مجود وشرط إلى أن تطلع الشمس أو ... إلى الغروب صحيح أو إلى بكرة الغد ويثبت تأجيل العطاء لقاصد ... به الوقت لا نفس العطاء المرصد وإن شرطا عامًا باثني شهرهم ... فتممه عدًا والأهلة فاقصد في الأولى لباقيها وعنه جميعها ... كذا كلما علقت بالأشهر اعدد ومن شاء في التأجيل يفسخ ولو على ... كراهة خصم أو معيب بأوطد ومدته في حين عقد وقيل من ... فراق فإن لم يفسخا فيه أطد وشرط اختيار الغير توكيله به ... ودونهما إن خصصاه ليردد ووجهان إن يشرط له لم يقيد ... وإن خصصا فردا به منهما طد من ينتقل إليه الملك زمن الخيارين س25: إلى من ينقل الملك في المبيع زمن الخيارين، وما الذي يترتب على ذلك؟ وإذا وطئ مشتر أمة زمن خيار، فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ وما حكم تصرف المتبايعين مع شرط الخيار لهما زمنه في ثمن ومثمن؟ وإذا أعتق مشتر المبيع زمن خيار أو أعتقه البائع أو تصرف أحدهما في المبيع مع شرط الخيار له وحده، أو تلف المبيع قبل القبض وقد شرط الخيار، وإذا باع عبدًا بأمة بشرط الخيار، فمات العبد قبل انقضاء مدة الخيار، ووجد بالأمة

عيبًا، فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ وهل يورث خيار الشرط؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل. ج: ينتقل الملك في المبيع زمن الخيارين للمشتري، سواء كان الخيار لهما أو لأحدهما لظاهر حديث: «من باع عبدًا وله مال فما له للبائع إلا أن يشترطه المبتاع» رواه مسلم، فجعل المال للمبتاع باشتراطه وهو عام في كل بيع، فشمل بيع الخيار؛ ولأن البيع تمليك بدليل صحته بقوله: ملكته، فيثبت به الملك في بيع الخيار، كسائر البيع. يحققه أن التمليك يدل على نقل الملك إلى المشتري، ويقتضيه لفظه، ودعوى القصور فيه ممنوعة، وجواز فسخه لا يوجب قصوره، ولا يمنع نقل الملك فيه كالعيب، وامتناع التصرف لأجل حق الغير لا يمنع لثبوت الملك، كالمرهون. وعن أحمد أن الملك لا ينتقل حتى ينقضي الخيار، وهو قول مالك. والقول الثاني للشافعي، وبه قال أبو حنيفة إذا كان الخيار لهما أو للبائع، وإن كان للمشتري خرج عن ملك البائع، ولم يدخل في ملك المشتري؛ لأن البيع الذي فيه الخيار عقد قاصر، فلم ينقل الملك كالهبة قبل القبض، ويتقل ملك بعقد، ولو فسخا المبيع بَعْدُ بخيار أو عيب، أو تقابلٍ ونحوها، فيعتق بشراء ما يعتق على مشتر لرحم أو تعليق، أو اعتراف بحريته، وينفسخ نكاح بشراء أحد الزوجين الآخر، ويلزم المشتري نفقة

حيوان مبيع، وفطرة قن مبيع بغروب الشمس من آخر رمضان قبل فسخه، وكسب المبيع ونماؤه المنفصل مدة خيار للمشتري؛ لحديث: «الخراج بالضمان» ، وما أولد مشتر من أمرة مبيعة وطئها زمن خيار، فأم ولد؛ لأنه صادف ملكًا له، وأشبه ما لو أحبْلَهَا بَعْدَ مُدة الخيار، وولده حر ثابت النسب؛ لأنه من مملوكته، فلا تلزمه قيمته، وعلى بائع بوطء مبيعة زمن الخيارين المَهْرُ لمشتر، ولا حَدَّ عليه إن جَهِلَ، وعليه مع علم تحريمه للوطء وزوال ملكه عَنْ مَبِيعٍ بعقد، وإن البيع لا ينفسخ بوطئه المبيعة – الحَدُّ؛ لأنه وطء لم يصادف ملكًا ولا شبهة ملك. وقيل: لا حَدَّ على بائع بوطئه المبيعة مطلقًا؛ لأن وطأه صادف ملكًا أو شهبة ملك، للاختلاف فلي بقاء ملكه، اختاره جماعة. قال في «الإنصاف» : وهو الصواب., وولده، أي: البائع مع لمه بما سبق قنٌ لمشتر، ومع جهل واحد منها الولد حر، ويفديه بقيمته يوم ولادة لمشتر ولا حدَّ، والحملُ وقت عَقْد مَبيع لا نماء للمبيع، كالولد المنفصل فيرد معها. قال ابن رجب في «القواعد» : وهو أصح وجزم به في «الإقناع» فيما إذا ردت بشرط الخيار، وقال: قلت: فإن كانت أمة، ردت هي وولدها على القولين، لتحريم التفريق. اهـ.

قال ابن رجب: وللروايتين فوائد عديدة: منها: وجوب الزكاة، فإذا باع نصابًا من الماشية بشرط الخيار حولاً، فزكاته على المشتري على المذهب، سواء فسخ العقد أو أمضى، وعلى الرواية الثانية الزكاة على البائع إذا قيل: الملك باق له. ومنها: لو باع عبدًا بشرط الخيار، وأهلَّ هلال الفطر وهو في مدة الخيار فالفطرة على المشتري على المذهب، وعلى البائع على الثانية. ومنها: لو كسب المبيع في مدة الخيار كسبًا، أو نما نماءً منفصلاً، فهو للمشتري فسخ العقد أو أمضى، وعلى الثانية هو للبائع. ومنها: مؤنة الحيوان والعبد المشتري بشرط الخيار يجب على المشتري على المذهب، وعلى البائع على الثانية. ومنها: لو تلف المبيع في مدة الخيار؛ فإن كان بعض القبض أو لم يكن مُبْهمًا، فهو من مال المشتري على المذهب، وعلى الثانية من مال البائع. ومنها: لو تعيب المبيع في مدة الخيار، فعلى المذهب لا يرد بذلك إلا أن يكون غير مضمون على المشتري لانتفاء القبض، وعلى الثانية له الرد بكل حال. ومنها: لو باع الملتقط اللقطة بعد الحول بشرط الخيار، ثم جاء ربها في مدة الخيار؛ فإن قلنا: لم ينتقل الملك، فالرد واجب، وإن قلنا بانتقاله فوجهان الملزم به في «الكافي» الوجوب. ومنها: لو باع مُحِلٌّ صيدًا بشرط الخيار، ثم أحرم في مدته؛ فإن قلنا: انتقل الملك عنه، فليس له الفسخ؛ لأنه ابتداء ملك على الصيد

وهو ممنوع منه، وإن قلنا: لم ينتقل الملك عنه، فله ذلك، ثم إن كان في يده المشاهدة، أرسله، وإلا فلا أنهاها إلى 15. اهـ. ويحرم تصرف المتبايعين مع شرط الخيار لهما زمنه في ثمن ومثمن، لزوال ملك أحدهما إلى الآخر، وعدم انقطاع علق زائل الملك عنه، وينفذ عتق مشتر أعتق المبيع زمن خيار بائع لقوته وسرايته، وملكُ بائع الفسخَ لا يمنعه، ويسقط فسخه إذن، كما لو وهب ابنه عبدًا، فأعتقه. ولا ينفذ عتق بائع لمبيع، ولا شيء من تصرفاته فيه؛ لزوال ملكه عنه، ولا ينفذ غير عتق مع خيار البائع؛ لأنه لم ينقطع علقه عن المبيع إلا إذا تصرف مشتر معه، أو إلا إذا تصرف مشتر بإذن البائع، فينفذ؛ لأن الحق لا يعدوهما، ولا يتصرف بائع سواء كان الخيار لهما، أو له، أو لمشتر إلا بتوكيل مشتر؛ لأن الملك له، ومبطل خيارهما إن وكله في نحو بيع مما ينقل الملك، وليس تصرف بائع شرط الخيار له وحده فسخًا لبيع نصًا؛ لأن الملك انتقل عنه، فلا يكون تصرفه استرجاعًا كوجود ماله عند من أفلس وهو من مفردات المذهب. قال ناظم المفردات: في مدة الخيار إن تصرفا ... منْ باع في المبيع لو قد وقفا فاردد ولا قل بفسخ العقد ... وهكذا في الحكم عتق العبد

.. وقال في «الشرح» : إذا تصرف البائع في المبيع بما يفتقر إلى الملك، كان فسخًا للبيع، وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي؛ لأن تصرفه يدل على رغبته في المبيع، فكان فسخًا للبيع، كصريح القول؛ لأن الصريح إنما كان فسخًا للبيع، لدلالته على الرضا به، فما دل على الرضا به يقوم مقامه ككنايات الطلاق. وتَصَرُّفُ مشتر في مبيع شرط له الخيار فيه زَمَنَه، بوقف، أو بيع، أو هبة، ولَمْسُ أمةٍ مُبْتَاعَةٍ لِشَهْوَةٍ ونحوه، وسَوْمُهُ إمْضَاءُ لِلْبَيْع، وإسقاطٌ لخياره؛ لأنه دليل الرضا بالبيع، ولا يسقط خيار مشتر بتصرف في مبيع لتجربة، كركوب دابة، لينظر سيرها، وحلب شاة، لمعرفة قَدر لبنها؛ لأنه المقصود من الخيار، فلم يبطل به، كما لا يسقط باستخدام قن، ولو كان استخدامه لغير تجربة، ولا يسقط إن قبلته الأمة المبيعة، ولم يمنعها نصًا؛ لأنه لم يوجد منه ما يدل على إبْطَالِهِ، والخيار له لا لها. وإن تلف المبيع قبل القبض، وكان مكيلاً ونحوه، بطل البيع، وبطل الخيار معه، خيار المجلس، وخيار الشرط، سواء كان لهما أو لأحدهما؛ لأن التالف لا يتأتى عليه الفسخ، وإن كان تلف المبيع بكيل أو وزن أو عد أو ذرع بعد القبض، فهو من ضمان المشتري وبطل الخيار، أو كان التلف قبله أو بعد فيما عدا مكيل ونحوه

بطل خيارهما، وإن باع عبدًا بأمة بشرط الخيار، فمات العبد قبل انقضاء مدة الخيار، ووجد بالأمة عيبًا، فله ردها بالعيب على باذلها، كما لو تلف العبد، ويرجع بقيمة العبد على مشتر لتعذر رده. ويورث خيار الشرط إن طالب به مستحقه قبل موته، بأن يقول: أنا علي حقي من الخيار، كشفعةٍ وحدِّ قذف. قال أحمد: الموت يبطل به ثلاثة أشياء: الشفعة، والحد إذا مات المقذوف، والخيار إذا مات الذي اشترط الخيار، ولا يشترط الطلب قبل الموت في إرث خيار غير خيار الشرط. قال في «الشرح الكبير» : ويتخرج أنه لا يبطل خياره، وينتقل إلى ورثته؛ لأنه حق مالي، فينتقل إلى الوارث كالأجل، وخيار الرد بالعيب؛ ولأنه حق فسخ، فينتقل إلى الوارث كالفسخ بالتحالف، وهذا قول مالك والشافعي. اهـ. وهذا هو الذي يترجح عندي أن خيار الشرط، وثبوت الشفعة لا يبطل بالموت، وأن ورثته ينوبون في هذا؛ لأنه من حقوقه المالية. والله أعلم.

من النظم مما يتعلق في نقل الملك وينقل نفس العقد ملكًا لمشتر ... على أظهر المروي من نص أحمد فيملك إكسابًا ومنفصل النما ... ولو فسخا عقد الخيار المجدد وما لهما وقت الخيار تصرف ... سوى في اختيار المشتري في التقصد تصرف مبتاع رضى في المجود ومن بائع ... فسخا وعنه بمبعد وينفذ في المشهور إعتاق مشتر ... وإعتاق من قد باع لغو بأوكد ومن صح منه زال تخيير خصمه ... ويأخذ أثمان العتيق المشرد وعنه أن يشا يفسخ ويأخذ قيمة ... العتيق لتفويت ارتجاع التعبد ومَن أفْرَدُوه بالخيار يكن له التَّصرف ... يمضي منه دون مصدد وكالعتق لا كالبيع وقف بأجود ... وقيل كبيع العين مَن بَانَ يَردد وإن تلف المبتاع عند الذي اشترى ... فللبائع التغيير في المتأكد وإن يشا فليفسخ ويأخذ قيمة المبيع ... وعنه بل له الثمن قد ومن قبلته المشتراة مع الرضا ... أو استخدم المبتاع خيِّرْ بأوطد ومن حبلت ممن حكمت بها له ... بوقت خيار فهي أم تولد

س26: تكلم بوضوح عن خيار الغبن مبينا من الذي يثبت له، وعرف ما يحتاج إلى تعريف، ومثل لما يحتاج إلى تمثيل مما يلي المماكسة، الغبن، النجش، الركبان، الخلابة، المواطأة، المسترسل. وما حكم النجش؟ وما الذي يثبت لمن لا يحسن أن يماكس؟ وهل يقبل قوله بالجهل بالقيمة؟ وما حكم الغبن والعقد وتغوير المشتري؟

ولا مهر فيه لا ولا حد وابنها ... هو الحر منه ثابت النسب اعدُدِ وإن يك هذا الوطء من غير مالك ... مع العلم بالتحريم فاعكسه ترشد وإن يك مع جهل فألزِمْهُ مهرها ... وقيمة مولود ولما يُحدَّدِ وقال إمام العصر لا حَدَّ مطلقًا ... على واحد مع جهله والتعمُّدِ وليس بموروث خيارُ اشتراطهم ... ولا حد قذف ثم شفعة ملحد إذا لم يطالبهم بها قبل موته ... وقيل بلى وَرِّثْ كتأجيل مبعد وإما تعلق عتق عبد ببيعه ... فبعت عَتَقْ وافسخه في نص أحمد وقبل إذا لم ينقل الملك عقدهم ... ولم يسقط التخيير ذات التعقد وإن قال عبدي حر إن بعته العلى ... وقال العلى هو حر إن أشْرِهِ طد فاعتق له قبل القبول إن يبعه ... للعُلا فاشتر من مال بائعه قد وقيل على من هو له بعده مدى ... التَّخير إن صححت ثاني التقيد الثالث من أقسام الخيار: خيار الغبن س26: تكلم بوضوح عن خيار الغبن مبينًا من الذي يثبت له، وعرف ما يحتاج إلى تعريف، ومثل لما يحتاج إلى تمثيل مما يلي المماكسة، الغبن، النجش، الركبان، الخلابة، المواطأة، المسترسل. وما حكم النجش؟ وما الذي يثبت لمن لا يحسن أن يماكس؟ وهل يقبل قوله بالجهل بالقيمة؟ وما حكم الغبن والعقد وتغوير المشتري؟

وما صفته؟ وما تستحضره من دليل أو تعليل، أو خلاف، أو ترجيح؟ ج: الثالث من أقسام الخيار: خيار الغَبْن بسكون الباء، مصدر غبنه من باب: ضربَ: إذا خدعه، والمراد غبن يخرج عن العادة؛ لأنه لم يرد الشرع بتحديده، فرجع فيه إلى العرف، كالقبض والحرز؛ فإن لم يخرج عن العادة، فلا فسخ؛ لأنه يتسامح به. وقيل: يقدر بالثلث، اختاره أبو بكر، وجزم به في «الإرشاد» ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الثلث والثلث كثير» والذي يترجح عندي القول الأول. والله أعلم. ويثبت خيار غبن في ثلاث صور: أحَدُها: إذا تلقى الركبان، وهم جمع راكب، وهو في الأصل راكب البعير، ثم اتسع فيه، فأطلق على كل راكب، والمراد بهم هنا القادمون من السفر بِجَلُوبَةٍ، وهي ما يجلب للبيع، وإن كانوا مشاة؛ لما ورد عن أبي هريرة قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتلقى الجلب» الحديث رواه الجماعة إلا البخاري. فمن تلقاهم عند قربهم من البلد، فباعهم شيئًا، فهو كمن اشترى منهم قبل العلم بالسعر، وغبنهم غبنًا يخرجون عن العادة؛ لحديث أبي هريرة قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتلقى الجلب؛ فإن تلقاه إنسان، فابتاعه، فصاحب السلعة فيها بالخيار إذا ورد السوق» رواه الجماعة إلا البخاري.

والتلقي: قيل: إنه مكروه، وقيل: محرم، وهذا أولى؛ لحديث أبي هريرة المتقدم؛ ولما ورد عن ابن مسعود قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تلقي البيوع» متفق عليه. والبيع صحيح؛ لما روى أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تلقوا الجلب، فمن تلقاه، فاشترى منه، فإذا أتى السَّوق فهو بالخيار» رواه مسلم. والخيار لا يكون إلا في عقد صحيح. ولأن النهي لا لمعنى في المبيع، بل يعود إلى ضرب من الخديعة يمكن استدراكها بإثبات الخيار، فأشبه بيع المصراة، وفارق بيع الحاضر للبادي؛ فإنه لا يمكن استدراكه بالخيار، إذ ليس الضرر عليه إنما هو على المسلمين. الثانية في النجش، والنجش: كشف الشيء وإثارته، يقال: نجشت الشيء: إذا استخرجته، والناجش: الذي يحوش الصيد، والنجش: أن يزيد في السلعة، وهو لا يريد شراءها ليقع غيره فيها، وفي الحديث: «ولا تناجشوا» . قال الشاعر: وأجرد ساط كشاة الأران ... رِيْعَ فعيَّ على الناجش ولنجش حرام؛ لما فيه من تغرير المشتري وخديعته، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع حاضر لباد ولا تناجشوا» الحديث متفق عليه. وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الخديعة

في النار» ويثبت للمشتري بالنجش الخيار إذا غبن غبنًا يخرج عن العادة، ولو كانت زيادة من لا يريد الشراء بلا مواطأة من البائع لمن يزيد فيها، أو كان البائع زاد في الثمن بنفسه والمشتري لا يعلم ذلك لوجود التغرير، ومن النجش قول بائع: أعطيت في السلعة كذا وهو كاذب، وكذا لو أخبره أنه اشتراها بكذا، فيثبت له الخيار؛ أنه باعه مساومة. وقال ابن أبي الوفا: الناجش آكل ربا وخائن، والإثم يختص بالناجش إن لم يعلم به البائع؛ فإن واطأه على ذلك، أثما جميعًا. ويحرم تغرير مشتر بأن يسومه كثيرًا، ليبذل قريبًا منه، كأن يقول في سلعة ثمنها خمسة: أبيعها بعشرة، وجزم به الشيخ وغيره. ولا أرش لمغبون مع إمساك مبيع؛ لأن الشرع لم يجعله له، ولم يفت عليه جزء من مبيع يأخذ الأرش في مقابلته. ومن قال عند البيع: لا خلابة، فله الخيار إذا خلب، والخلابة: الخديعة، أي: له الخيار إذا خدع، ومنه: «إذا لم تغلب فاخلب» ؛ لما ورد عن ابن عمر قال: ذكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل يُخدع في البيوع، فقال: «من بايعت، فقل لا خلابة» متفق عليه. ومعناه البّيْع بشرط أن أرُدَّ الثمنَ، وتَسْتَرِدَّ المبيعَ إذا ظَهرَ لي غَبْنٌ، لقَّنْهُ - صلى الله عليه وسلم - هذا القول ليتلفظ به عند البيع، ليطلع به صاحبه على أنه ليس من ذوي البصائر في معرفة السلع، ومقادير القيمة فيها، ليرى له البائع كما يرى لنفسه، وكان

الناس إذ ذاك أحقاء، لا يغبنون أخاهم المسلم، وينظرون له كما ينظرون لأنفسهم، والغبن محرم لما فيه من التغرير بالمشتري، وخيار غبن كخيار عيب في عدم فورية، أي على التراخي، لثبوته لدفع الضرر المستحق، فلم يسقط بالتأخير بلا رضا كالقصاص. ولا يمنع الفسخ حدوث عيب بالمبيع عند مشتر، وعلى مشتر الأرشُ لِعَيبٍ حدث عنده، ولا يمنع الفسخ تلف المبيع، وعليه قيمته لبائعه؛ لأنه قوته عليه، وللإمام جعل علامة تنفي الغبن عن من يغبن كثيرًا؛ لأنه مصلحة، وكبيع في غبن إجارة؛ لأنها بيع المنافع، فإن فسخ في أثنائها، أي: مدة الإجارة، رجع على مستأجر بالقسط من أجرة المثل لما مضى، ولا يرجع بالقسط من الأجر المسمى؛ لأنه لا يستدرك به ظلامة الغبن. الثالثة المسترسل: وهو من استرسل: إذا اطمأن، وشرعًا: من جهل القيمة ولا يحسن يماكس من بائع ومشتر؛ لأنه حصل له الغبن، لجهله بالبيع، أشبه القادم من سفر. والمراد الغبن الذي يخرج عن العادة، فيثبت له الخيار بين الفسخ والإمساك بكل الثمن، وهو من المفردات، قال ناظمها: خيار غبن المشتري المسترسل ... إن زاد عما اعتيد فاثبت تعدل وقيل: قد لزم البيع، ولا فسخ له، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي؛ لأن نقصان القيمة مع سلامة السلعة لا يمنع لزوم

س27: تكلم بوضوح عما يلي: ما هو خيار التدليس؟ ولم سمي بذلك؟ ولم حرم؟ وما حكم العقد معه؟ دلل على ما تقول، وما هي أقسام التدليس وما مثاله؟ وما هي التصرية؟ وما حكمها؟ وما الذي يترتب عليها وإذا وجدت في بهيمة الأنعام أو في غيرها، أو اشترى جارية مصراة فما الحكم؟ وما حكم التدليس؟ وإذا تصرف المشتري في المبيع بعد علمه بالتدليس فما الحكم؟ وهل للتدليس مدة يسقط الخيار بانتهائها؟ وضح ذلك مع التمثيل لما قد يتوهم أنه تدليس وليس بتدليس، واذكر ما تستحضره لكل ما تقدم من دليل أو تعليل أو تفصيل أو خلاف أو ترجيح.

العقد، كغير المسترسل، وكالغبن اليسير، والقول الأول عندي أنه أرجح. قال ابن القيم رحمه الله على حديث حبان بن منقذ المتقدم قريبًا: في الحديث «غبن المسترسل ربا» وهو الذي لا يعرف قيمة السلع، أو الذي لا يماكس، بل يسترسل إلى البائع، واختار الشيخ وغيره ثبوت خيار الغبن لمسترسل لم يماكس، وقال: لا يربح على المسترسل أكثر من غيره، وكذا المضطر الذي لا يجد حاجته إلا عند شخص ينبغي أن لا يربح عليه إلا كما يربح على غيره. الرابع: خيار التدليس س27: تكلم بوضوح عما يلي: ما هو خيار التدليس؟ ولِمَ سمي بذلك؟ ولِمَ حرم؟ وما حكم العقد معه؟ دلل على ما تقول، وما هي أقسام التدليس وما مثاله؟ وما هي التصرية؟ وما حكمها؟ وما الذي يترتب عليها وإذا وجدت في بهيمة الأنعام أو في غيرها، أو اشترى جارية مصراة فما الحكم؟ وما حكم التدليس؟ وإذا تصرف المشتري في المبيع بعد علمه بالتدليس فما الحكم؟ وهل للتدليس مدة يسقط الخيار بانتهائها؟ وضح ذلك مع التمثيل لما قد يتوهم أنه تدليس وليس بتدليس، واذكر ما تستحضره لكل ما تقدم من دليل أو تعليل أو تفصيل أو خلاف أو ترجيح.

ج: الدَّلَسُ، بالتَّحْرِيكِ: الظُّلْمة، كأن البائع بفعله الآتي صَيَّر المشتري في ظلمة، والتدليس حرام للغرور، والعقد معه صحيح؛ لحديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تصرُّوا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين» متفق عليه. حيث جعل له الخِيَار، وهو يدل على صحة البيع. والتدليس ضربان: أحدهما: كتمان العيب، والثاني: فعل ما يزيد به الثمن، وهو المراد هنا وإن لم يكن عيبًا، كتحمير وجه الجارية وتسويد شعرها وتجعيده، وجمع ماء الرحى وإرساله عند عرضها للبيع، ليزيد دورانها بإرسال الماء بعد حبسه، فيظن المشتري أن ذلك عادتها، فيزيد في الثمن، وكتحسين وجه الصبرة، وتصنيع النساج وجه الثوب، وصقال الأسكاف وجه المتاع الذي يداس فيه ونحوه، وجمع اللبن في ضرع بهيمة الأنعام أو غيرها وهو التصرية، ليوهم المشتري كثرة اللبن. وأصل التصرية: الحبس، والجمع، يقال: صَرَى الماءُ في ظهره زمانًا: إذا حبسه، وصرى الرجل الماء في صلبه: إذا امتنع من الجماع. قال الشاعر: رُبَّ غُلَامٍ قَدْ صَرى في فِقْرتِهْ ... مَاءُ الشَّبَابِ عُنْفُوان شِرَّتِهْ ويقال: ماء صرى: إذا اجتمع في محبس فتغير لطول المكث. قال الشاعر:

صَرَى آجِنٌ يَزْوِيْ له المرءُ وَجْهَهُ ... إذَا ذَاقَه ظَمآنُ في شَهرِ نَاجِرِ

ويحرم التدليس، كتحريم كتم عيب؛ لما ورد عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «المسلم أخو المسلم لا يحل لمسلم باع من أخيه بيعًا وفيه عيب إلا بَيَّنَةُ لَهُ» رواه ابن ماجه. وعن واثلة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل لأحد أن يبيع شيئًا إلا بَيَّنَ ما فيه، ولا يحل لأحد يعلم ذلك إلا بَيَّنَه» رواه أحمد. وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على رجل يبيع طعامًا، فأدخل يده فيه، فإذا هو مبلول، فقال: «من غشنا فليس منا» رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي. وعن العداء بن خالد بن هَوذة قال: كتب لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا: «هذا ما اشترى العداء بن خالد بن هَوْذَةَ من محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى منه عبدًا أو أمة لا داء، ولا غائلة ولا خبْثَةَ بيعَ المسلم المسلم» رواه ابن ماجه والترمذي. ويثبت لمشتر بتدليس خيار الرد إن لم يعلم به، ولو حصل التدليس بلا قصد كحمرة وجه جارية لخجل أو تعب ونحوه؛ لأنه لا أثر له في إزالة ضرر لمشتر، ولا خيار بعلف شاة أو غيرها، ليظن أنها حامل؛ لأن كبر البطن لا يتعين للحمل، ولا خيار بتدليس ما لا يختلف به الثمن، كتبييض الشعر وتسبيطه؛ لأنه لا ضرر على المشتري في ذلك، أو كانت الشاة عظيمة الضرع خلقة، فظنها كثيرة اللبن، فلا خيار لعدم التدليس، ومتى علم المشتري التصرية، خير ثلاثة أيام منذ علم؛

لحديث أبي هريرة: «لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد، فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها وصاعًا من تمر» متفق عليه. وللبخاري وأبي داود: «من اشترى غنمًا مصراة، فاحتلبها؛ فإن رضيها أمسكها، وإن سخطها، ففي حلبتها صاع من تمر» ، وفي رواية: «إذا اشترى أحدكم لقحة مصراة، أو شاة مصراة، فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إما هي، وغلا فليردها وصاعًا من تمر» رواه مسلم. وفي رواية: «من اشترى مصراة، فهو منها بالخيار ثلاثة أيام إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها ومعها صاع من تمر لا سمراء» رواه الجماعة إلا البخاري. وعن أبي عثمان النهدي قال: قال عبد الله: «من اشترى محفَّلةً فردها، فليرد معها صاعًا» رواه البخاري والبرقاني على شرطه، وزاد: «من تمر» . وإن تصرف المشتري في المبيع بعد علمه بالتدليس، بطل رده، ويرد مع المصراة في بهيمة الأنعام عوض اللبن الموجود حال العقد، ويتعدد بتعدد المصراة صاعًا من تمر سليم، ولو زاد قيمة الصاع من التمر على المصراة، أو نقصت قيمته عن قيمة اللبن، وكون التمر بدل اللبن المحلوب، فقد ضمن الشيء بما ليس مثلاً ولا قيمة، وقد ألغز بها الشيخ محمد بن سلوم للشيخ عبد الرحمن الزواوي، فقال:

سَألتُكَ هَل من مَوْضعٍ أوجَبُوا لَهُ ... ضَمانًا بِلَا مِثلٍ وعَن قيْمَةِ خَلا فأجابه حلاًّ للمسألة: مِن التمرِ صاعٌ عن حِلابٍ تَرُدُّهُ ... فلا قيمةً هذا ولا مثلَ فاعْقِلَا فإن لم يجد التمر، فعليه قيمته موضع العقد؛ لأنه بمنزلة ما لو أتلفه. واختار الشيخ يعتبر في كل بلد صاع من غالب قوته؛ فإن كان اللبن باقيًا بحاله بعد الحلب لم يتغير بحموضة ولا غيرها، رده المشتري، ولزم البائع قبوله، ولا شيء عليه؛ لأن اللبن هو الأصل، والتمر إنما وجب بدلاً عنه، فإذا رد الأصل أَجزأ كسائر الأصول مع مبدلاتها، كرد المصراة قبل الحلب، وقد أقر له البائع بالتصرية، أو شَهِدَ به مَن تُقْبَلُ شهادته. وقيل: لا يجبر بائع على أخذه، وحديث: «رَدَّهَا وصاعًا مِن تمر» يدل على أنه لا يجوز رد اللبن، ولو كان باقيًا على صفته لم يتغير لاختلاطه بالحادث، وتعذر معرفة قدره. ودل على أنه لا يلزم قبوله، لذهاب طراوته واختلاطه بما تجدد عند المشتري، وأخذ الجمهور بظاهر الحديث، وأفتى ابن مسعود وأبو هريرة، ولا مخالف لهما من الصحابة، وقال به من التابعين ومن بعدهم من لا يُحْصَى عدده، ولم يفرقوا بين أن يكون اللبن الذي احتلب

قليلاً أو كثيرًا ولا بين أن يكون التمر قوت البلد أم لا، وهذا القول هو الذي يترجح عندي، والله أعلم. وإن تغير اللبن بالحموضة أو غيرها، لم يلزم البائع قبوله؛ لأنه نقص في يد المشتري، فهو كما لو أتلفه، وإن رضي المشتري بالتصرية، فأمسك المصراة، ثم وجد بها عيبًا، ردها به؛ لأن الرضا بعيب لا يمنع الرد بعيب آخر، وإن صار لبنها عادة، سقط الرد بالتصرية لزوال الضرر، كعيب زال من مبيع رد؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، وكأمة مزوجة اشتراها، وبانت قبل ردها، فيسقط؛ فإن كان الطلاق رجعيًا، فلا، وإن كان بغير مصراة لبن كثير، فحلبه ثم ردها بعيب رد اللبن إن بقي، أو رد مثله إن عدم اللَّبَن؛ لأنه مبيع، وله رَدُّ مُصَرَّاةٍ من غير بهيمة الأنعام كأمة وأتان مجانًا؛ لأنه لا يعتاض عنه عادة. والوجه الثاني لا رد له. وفي «المهذب» : وإن اشترى جارية مصراة، ففيه أربعة وجه: أحدها: أن يردها ويرد معها صاعًا؛ لأنه يقصد لبنها، فثبت بالتدليس له فيه الخيار والصاع كالشاة. والثاني: أن يردها؛ لأن لبنها يقصد لتربية الولد ولم يسلم له ذلك، فثبت له الرد، ولا يرد بدله؛ لأنه لا يُباع ولا يقصد بالعوض. والثالث: لا يردها؛ لأن الجارية لا يقصد في العادة إلا عينها دون

لبنها. والرابع: لا يرد ويرجع بالأرش؛ لأنه لا يمكن ردها مع عوض اللبن؛ لأنه ليس للبنها عوض مقصود، ولا يمكن ردها من غير عوض؛ لأنه يؤدي إلى إسقاط حق البائع، فوجب أن يرجع على البائع بالأرش كما لو وجد بالمبيع عيبًا، وحدث عنه عيب. اهـ. فإن مضت الثلاثة أيام، ولم يَرُدَّ المشتري المصراة، بطل الخيار لانتهاء غايته، ولزم البيع، وخيار غيرها من التدليس على التراخي كخيار عيب يجامع أن كلاً منهما ثبت لدفع الضرر وقد زال. من النظم مما يتعلق بخيار الغبن وإنَّ خيار الغبن في البيع ثابت ... كركب تلقوا فاشتروا مال مقصد أو ابتاع منهم فالخيار إليهم ... إذا غبنوا في السوق فوق المعود وقال أبو بكر هو الثلث صاعدًا ... وقد قيل بل بالسدس أو بتزيد كذا اختر مَتى تُغبن لنجش مغرر ... خبير ولم يقصد سوى بالتزيد كذاك ليختر جاهل بتصرف ... وسعر الذي باع أو شري في الموطد كذا الغبن لاستعجاله لا لجهله ... بسعر لتختر فيه دون تقيد

وعن أحمد بيع التلقي باطل ... كذا النجش والمشهور عنه الذي ابتدي وبيعك معلومًا جزافًا لجاهل ... بعلمك أو بالقدر خير بأجود ويلزمه إن يدر أنك عالم ... بمقداره والبيع أبطل بمبعد ومن يشتري شيئًا بتدليس ربه ... بوصف يزيد السعر من متعمد لحبسك ماء للرحى ثم بعثه ... لدى العرض أو تحسين قِنٍّ مبعد وتصرية الألبان في ضرع ناقة ... وشاة وأبقار لدرٍ مقصد فللمشتري المغرور تخيير ربها ... وإن يحتلب صاعًا من التمر يردد وقيمة تَمر فات موضع عقدهم ... وإن يقبل المحلوب في المتوطد وردك حين العلم بالغر جائز ... وقد قيل من بعد الثلاث أن تشا اردد فإن صار فيها عادة لم يردها ... كتطليق زوج مشتراتك في غد وفي أشهر الوجهين ردك جائز ... لكل مصراة ولو في الإما اشهد وكتم العيوب احظر وتدليس سلعة ... على عالم من مالك ومبعد وقيل بل اكره دون حظر وصححن ... ولو كتما عقد المبيع بأجود الخامس: خيار العيب

س28: ما حد خيار العيب؟ وما مثال العيب في المبيع؟ وما الذي تستحضره من الأدلة والتعليلات؟ وهل عيوب المبيع محصيات أو لها ضابط؟ واذكر بعض الأمثلة للعيب.

س28: ما حد خيار العيب؟ وما مثال العيب في المبيع؟ وما الذي تستحضره من الأدلة والتعليلات؟ وهل عيوب المبيع محصيات أو لها ضابط؟ واذكر بعض الأمثلة للعيب. ج: القسم الخامس من أقسام الخيار: خيار العيب، وما هو بمعنى العيب وهو: نَقْصُ مَبِيْعٍ أو نقصُ قِيْمَتِهِ عادة، فما عدَّهُ التجار مُنقصًا أنِيْطَ الحكُم به؛ لأنه لم يرد في الشرع نصٌ في كل فردٍ منه، فرجع فيه إلى أهل الشأن، كمرض بحيوان يجوز بيعه على جميع حالاته، وكبَخَرٍ في عبدٍ أو أمة، وحَولٍ وخرسٍ وكلَفٍ وصمَمٍ –ويقال له طَرَش- وقرعٍ وتحريم عام بملك أو نكاح، كمجوسية بخلاف نحو أخته من رضاع، وكعفل وقرن وفتق ورتق، وكاستحاضة وجنون وسعال، وحمل أمة لا بهيمة فهو زيادة إن لم يضر باللحم، وكذهاب جارحة كأصبع مبيع، أو ذهاب سن من كبير، وكزيادة الجارحة، كأصبع زائدة أو السن، وكزنا من بلغ عشرًا نصًا من عبد أو أمة، وكشربه مسكرًا، وإباقه، وسرقته، وبوله في الفراش؛ فإن كان ممن دون عشر فليس عيبًا، وحمق كبير، والحمق ارتكاب الخطأ على بصيرة، وكفزع الرقيق الكبير فزعًا شديدًا، وكونه أعسر لا يعمل بيمينه عملها المعتاد، وكثرة كذب، وكونه خنثى وإهمال الأدب والوقار في محالهما، وعدم ختان ذكر كبير

للخوف عليه، وعثرة مركوب وعضه ورفسه وحرنه، وكونه مُستعصيًا، ويُقال: شموسًا، أو بعينه ظَفَرةٌ وهي جلدةٍ تغشى العين. وما هو بمعنى العيب، كطول نقل ما في دار مبيعة عرفًا لطول تأخير تسليم المبيع بلا شرط، كما لو كانت مؤجرة؛ فإن لم تطل المدة، فلا خيار. ولا أجرة على بائع لمدة نقل اتصل عادة، ولو طال حيث لم يفسخ مشتر لتضمن إمساكه الرضى بتلف المنفعة زمن النقل، وتثبت يد المشتري على الدار المبيعة، فتدخل في ضمانه بالعقد، وإن كانت بها أمتعة البائع إن لم يمنعه منها. وتسوى الحفر الحادثة بعد البيع كما كانت حين الشراء؛ لأنه ضرر لحق الأرض لاستصلاح ماله المخرج، فكان عليه إزالته، وكبق ونحوه غير معتاد بالدار المبيعة، لحصول الأذى به، كما لو اشترى قرية، فوجد بها حية عظيمة تنقص بها قيمتها، وكون الدار ينزلها الجند، بأن تصير معدة لنزولهم لفوات منفعتها زمنه. والجار السوء عيب، واختلاف الأضلاع والأسنان، وطول إحدى ثديي الأنثى، وخرم شنوفها وأكل الطين، والوكع وهو إقبال الإبهام على السبابة من الرجل حتى يرى أصلها خارجًا كالعقدة. وقال الشيخ: لا يطمع في إحصاء العيوب؛ لكن يقرب من الضبط ما قيل، إن ما يوجد بالمبيع مما ينقص العين أو القيمة نقصًا يفوت به غرض صحيح،

س29: تكلم بوضوح عما إذا وجد المشتري بالمبيع عيبا وما هو الأرش؟ وإذا أفضى أخذ الأرش إلى ربا أو مسألة مد عجوة أو تعيب الحلي أو القفيز المبيع عند المشتري فما الحكم؟ وما الحكم فيما إذا تعيب المبيع عند المشتري وعما إذا لم يعلم بالعيب حتى تلف؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر ما في ذلك من خلاف أو ترجيح.

يثبت الرد إذا كان الغالب في جنس المبيع عدمه. قال الوزير: اتفقوا على أن للمشتري الرد العيب الذي لم يعلم به حال العقد ما لم يحدث عنده عيب آخر. س29: تكلم بوضوح عما إذا وجد المشتري بالمبيع عيبًا وما هو الأرش؟ وإذا أفضى أخذ الأرش إلى ربا أو مسألة مد عجوة أو تعيب الحلي أو القفيز المبيع عند المشتري فما الحكم؟ وما الحكم فيما إذا تعيب المبيع عند المشتري وعما إذا لم يعلم بالعيب حتى تلف؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر ما في ذلك من خلاف أو ترجيح. ج: من اشترى معيبًا لم يعلم عيبه، ثم علم عيبه، علم البائع بعيبه فكتمه، أو لم يعلم، أو حدث به عيب بعد عقد، وقبل قبض فيما ضمانه على بائع، كمكيل وموزون، ومعدود ومذروع، وثمر على شجر ونحوه، كمبيع بصفة أو رؤية متقدمة، خُيِّرَ مشترِ بين رد، وعليه مؤنة رد إلى البائع؛ لحديث: «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» وإذا رده، أخذ الثمن كاملاً حتى ولو وهبه البائع ثمنه، أو أبرأه منه، وبَيْنَ إمساك المبيع مع أرش العيب، ولو لم يتعذر الرد رضي بائع بدفع الأرش أو سخط، وهذا من المفردات، قال ناظمها: أيْضًا له رَدُّ مَعيْبٍ حُقِقّا ... أو لا وأخذُ الأرْشِ إنْ شا مُطْلَقًا قال في «الاختيارات الفقهية» : وإذا اشترى شيئًا، فظهر به عيب فله أرشه إن تَعَذَّرَ رَدٌّ، وإلا فلا. وهو رواية أحمد، ومذهب

أبي حنيفة والشافعي، وكذا في نظائره كالصفقة إذا تفرقت. اهـ. وهذا القول قوي فيما أرى، وهو الذي يترجح عندي. والله أعلم. والأرش: قسط ما بين قيمته صحيحًا ومعيبًا من ثمنه، مثال ذلك لو قوم مَبْيع صَحِيْحًا بخمسة عشر ومعيبًا بإثنى عشر، فقد نقص خمس قيمته، فيرجع بخمس الثمن قل أو كثر، مثال آخر: لو قوم المبيع صحيحًا بعشرة دراهم، ومَعِيْبًا بثمانية دراهم، وكان الثمن الذي جرى عليه العقد خمسة عشر فالنقص خمس الثمن، فيكون الأرش في المثال ثلاثة، فيرجع بها. مثال آخر: وما ثمنه مائة وخمسون قوم صحيحًا بمائة ومعيبًا بتسعين، فقد نقص بسبب العيب عشرة نسبتها لقيمته صحيحًا عشرها، فينسب ذلك العشر للمائة والخمسين، فيكون عشر المائة والخمسين خمسة عشر، وهو الأرش الواجب للمشتري، فيرجع به على البائع، ولو كان الثمن في المثال خمسين وجب للمشتري على البائع خمسة وهي عشر الخمسين. وإن أفضى أخذ الأرش إلى ربا، كشراء حُلي فضة بزنته دراهم، أمسك مجانًا إن شاء، أو رده وأخذ الثمن المدفوع للبائع، أو شراء قفيز مما يجري فيه ربا، كبرٍ وشعيرٍ بمثله جنسًا وقدرًا، ويجده معيبًا فيرد مشتر، أو يمسك مجانًا بلا أرش؛ لأن أخذه يؤدي إلى ربا الفضل، أو مسألة

س30: تكلم بوضوح عما يلي: كسب المبيع لمن إذا رد المبيع بعيب وقد نما. وما معنى حديث «الخراج بالضمان» ؟ وإذا وطئ المشتري أمة ثيبا ثم أراد ردها لعيب، وإذا وطئ مشتر بكرا ثم علم عيبها، إذا دلس بائع. إذا لم يعلم العيب حتى نسج الغزل أو صبغ الثوب، وهل يقبل قول المشتري في قيمته؟ وإذا باع المعيب مشتر قبل علم عيبه لبائعه له فما الحكم؟ واذكر أمثلة لما لا يتضح إلا بالمثال، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

مد عجوة، وإن تعيب الحُلي أو القفيز المبيع أيضًا عند المشتري، فسخ العقد حاكم لتعذر فسخ كل من بائع ومشتر؛ لأن الفسخ من أحدهما إنما هو لاستدراك ظلامته، وهنا إن فسخ البائع، فالحق عليه لكونه باع معيبًا، وإن فسخ مشتر فالحق عليه لتعييبه عنده. وإذا فسخ الحاكم، لتعذر فسخ كل من بائع ومشتر، رد بائع الثمن إن قبضه، وطالب مشتريًا بقيمة المبيع معيبًا بعيبه الأول؛ لأن العيب لا يهمل بلا رضى، ولا أخذ أرش، ولم يرض مشتر بإمساكه مجانًا، ولا يمكنه أخذ أرش العيب الأول، ولا رده مع أرش ما حدث عنده، لإفضاء كل منهما إلى الربا، وإن لم يعلم عيبه حتى تلف المبيع عنده، ولم يرض بعيبه، فسخ العقد، ليستدرك ظلامته، ورد مشترٍ بدل المعيب التالف عنده، واسترجع الثمن إن كان أقبضه للبائع لتعذر أخذ الأرش لإفضائه إلى الربا. س30: تكلم بوضوح عما يلي: كسب المبيع لمن إذا رد المبيع بعيب وقد نما. وما معنى حديث «الخراج بالضمان» ؟ وإذا وطئ المشتري أمة ثيبًا ثم أراد ردها لعيب، وإذا وطئ مشتر بكرًا ثم علم عيبها، إذا دلس بائع. إذا لم يعلم العيب حتى نسج الغزل أو صبغ الثوب، وهل يقبل قول المشتري في قيمته؟ وإذا باع المعيب مشتر قبل علم عيبه لبائعه له فما الحكم؟ واذكر أمثلة لما لا يتضح إلا بالمثال، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

ج: كسب مبيع معيب من عقد إلى رد لمشتر؛ لحديث عائشة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى أن الخراج بالضمان» رواه الخمسة، وصححه الترمذي، وابن خزيمة، وابن الجارود، وابن حبان، والحاكم وغيرهم، وضعفه البخاري. ومعنى الحديث: إن خراج المبيع، وهو غلته وفائدته لمن هو في ضمانه، وضمان المبيع بعد القبض على المشتري، فكان له خراجه، والباء في قوله: «بالضمان» متعلقة بمحذوف تقديره مستحق بالضمان، أي: بسببه. وأصل الحديث أن رجلاً اشترى غلامًا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان عنده ما شاء الله، ثم رده من عيب وجده، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برده بالعيب، فقال المقضي عليه: قد استعمله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الخراج بالضمان» . ولا يرد مشتر رد مبيعًا لعيبه نماءً منفصلاً منه، كثمرة وولد بهيمة إلا لعذر، كولد أمة، فيرد معها لتحريم التفريق، وللمشتري قيمة الولد على بائع؛ لأنه نماء ملكه، وللمشتري رد أمة ثيب لعيبها، وَطِئَهَا المشتري قبل علمه عيبها مَجَّانًا؛ لأنه لم يحصل به نقص جزء ولا صفة، روي ذلك عن زيد بن ثابت، وبه قال الشافعي ومالك، وأبو ثور، وعثمان البتي، وعن أحمد رواية أخرى: أنه يمنع الرد، يُروى ذلك عن علي - رضي الله عنه -، وبه قال الزهري والثوري وأبو حنيفة وإسحاق؛ لأن الوطء كالجناية؛ لأنه لا يخلو

في ملك الغير من عقوبة أو مال، فوجب أن يمنع الرد، وهو اختيار الشيخ تقي الدين –رحمه الله- ذكره عنه في «الفائق» وهذا القول هو الذي يترجح عندي. والله أعلم. وإن وطئ المشتري الأمة البكر، أو تعيبت عنده، أو تعيب غيرها من المبيع عنده كثوب قطعه، أو نَسِيَ رَقيقٌ صنعة عند المشتري، ثم علم عيبه، فللمشتري الأرش للعيب الأول، أو رَدَّه على بائعه مع أرش نقصه الحادث عنده؛ لقول عثمان في رجل اشترى ثوبًا ولبسه، ثم اطلع على عيب: «رده وما نقص» ، فأجاز الرد مع النقصان. رواه الخلال. والأرش هنا: ما بين قيمته بالعيب الأول، وقيمته بالعيبين، ولا يرجع مشترٍ رد معيبًا مع أرش عيب حدث عنده بأرش العيب الحادث عنده إن زال عيبه، كتذكره صنعة نسيها لصيرورة المبيع على المشتري بقيمته بفسخه بالعيب الأول بخلاف مشتر أخذ أرش عيب من بائع، ثم زال سريعًا، فيرده لزوال النقص الذي لأجله وجب الأرش. وإن دَلَّسَ بائعٌ عَيْبًا بأن عَلِمَهُ فَكتَمَهُ فلا أرشَ على مشترٍ بتعيبه عنده بمرض أو جناية أجنبي، أو فعل مبيع، كإباقه ونحوه مما هو مأذون له فيه، وذهب مبيعٌ على البائع المدلس إن تلف المبيع بغير فعلِ مشترٍ، كموته أو أبق؛ لأنه غَرَّهُ، ويتبعُ بائع عبده

حيث كان، وإن لم يكن البائع دلَّس العيب فتلف مبيعٌ معيبٌ في يد مُشترٍ أو عتق، تعيَّن أرش، وكذا لو لم يعلم مُشتر عيب المبيع حتى صبغ نحو ثوب، أو نسج غزلاً، أو وهب مبيعًا، أو باعه أو صبغ أو وهب، أو نسج بعضه، تعين الأرش؛ لأن البائع لم يوف ما أوجب له العقد، ولم يوجد منه الرضا به ناقصًا. قال في «الشرح الكبير» : وإن صبغه، أو نسجه فله الأرش في أظهر الروايتين، وهو قول أبي حنيفة فيما إذا صبغه؛ لأن فيه ضررًا على البائع، وتشق المشاركة، فلم يجبر كما لو فصله، أو خلط المبيع بما لا يتميز منه. وعنه: له الرد، ويكون شريكًا للبائع بقيمة الصبغ والنسج؛ لأنه رد المبيع بعينه، أشبه ما لو لم يصبغه ولم ينسجه، ومتى رده لزمت الشركة ضرورة. وقال الشافعي: ليس للمشتري إلا رده؛ لأنه أمكنه رده، فلم يملك أخذ الأرش، كما لو سمن عنده. اهـ باختصار. فإن فعل ذلك عالمًا بعيبه، فلا أرش له، لرضاه بالمبيع ناقصًا، ويُقبلُ قولُ المشتري إنْ تصرَّف في المبيع قبل علم عيبه في قيمته، لاتفاق العاقدين على عدم قبض جزء من المبيع، وهو ما قابل الأرش، فقبل قول المشتري في قدره؛ لكن لو باع مشتر المعيب قبل علمه، ورد عليه قبل أخذ أرشه، فله أرشه أو رده لزوال المانع كما لو لم يبعه، وإن باع المعيب قبل علم عيبه

لبائعه له ولم يعلم عيبه أيضًا، ثم علمه، فللبائع الأول –وهو المشتري ثانيًا- رده على البائع الثاني، ثم للبائع الثاني رد المبيع المردود على البائع الأول. وفائدة الرد من الجانبين اختلاف الثمنين، وكذا إن اختار الأرش. من النظم مما يتعلق في خيار المعيب ومن بان فيما ابتاعه نقص سقمه ... وجارحة أو سن أو مع تزيد وسرقة عبد أو إباق أو الزنا ... أو الكذب أو بول الكبير بمرقد وعثرة مركوب وكدْمِ ورفسهِ ... وقُوَّةِ رأس أو حِرانٍ منكد وأشباهها مما يُنقص قدرَه ... ويُقلِّل فيه رغبة المتقصد فللمشتري المغرور رد وأخذه ... بقيمة ما بين الصحيح مع الرد من الثمن المبذول والزائد ارتجع ... ولا أرش مع إمساكه افهم بأبعد وكالكسب يُعطَى الراد منفصل النما ... في الأولى وعنه اردد كغير المفرد ويلزم أخذ الأرش إن تلد الإما ... أو اردده معها لا سواه بأوطد وما كان موجودًا لدى العقد من نما ... ليردد إذا هو من مبيع بمقصد وإن يتعيب عنده قبل علمه ... بعيب فعيِّنْ أخذ أرش بأوكد وعنه يباح الرد مع أرش نقصه ... لديه وعنه إن دلس إن شئتَ فاردد

س31: تكلم بوضوح عما يلي: إذا كسر مشتر مبيعا مأكوله في جوفه، فما الحكم؟ وما مثال ذلك؟ واذكر أقسام ما له أقسام؟ وهل خيار العيب على التراخي أو على الفور؟ وما الذي يسقط به خيار العيب؟ وهل يفتقر رد المشتري المبيع إلى حضور البائع أو رضا أو قضاء؟ إذا اشترى

بلا أرش نقصان ولا أرش مطلقًا ... وعنه بلى مع أرش بِكْرٍ مُزَيَّدِ وعنه متى تُوطا فلا ردَّ مطلقًا ... لدى مشتر وليعط أرش المفقد وبالثمن امنح كل من جاز رده ... فَرُد مَبيْعًا لا بقيمة اشهد وخير شاري صبرة فوق زبرة ... وللبائع التخيير في عكس ما ابتدى وإن بان عيب بعد أن زال ملكه ... بعتق وبيع أو هبات تجوّد ووقف وقتل أو تلاف وأكله ... وكل مزيل الملك غير مقيد فعين له أرشًا وقيل ويملك ... انفساخًا ويعطي قيمة المتشرد وعن أحمد لا أرش إن باع بل متى ... يرد عليه أو إن يشا الرد يردد وليس عليه غرم نسيان صنعة ... وهزل كنَاسِ الخطِ في نص أحمد وخذ أرش باقي مشتر بعت بعضه ... ولا رد في الأولى بقسط مقيد وفي أرش ما قد بعت خلف ككله ... ولا شيء للمبتاع إن يدر بالردي ومع صبغه أو نسجه الأرش لازم ... وعنه له رد وقيل المزيد وفي الثوب لم ينقصه نشر تخيرن ... وإلا كجوز الهند إن يكسره اعدد وللبائع إن رد المبيع معيبًا ... من القيمة الطاري بنقص مُجَدَّدِ س31: تكلم بوضوح عما يلي: إذا كَسَر مُشتر مبيعًا مأكوله في جَوفه، فما الحكم؟ وما مثال ذلك؟ واذكر أقسام ما له أقسام؟ وهل خيار العيب على التراخي أو على الفور؟ وما الذي يسقط به خيار العيب؟ وهل يفتقر رد المشتري المبيع إلى حضور البائع أو رضا أو قضاء؟ إذا اشترى

اثنان من بائع وشرطا الخيار أو وجداه معيبًا فرضي أحدهما. إذا قال واحد لاثنين: بعتكما، فقال أحدهما: قبلت، إذا ورث اثنان خيار عَيْب، أو خيار شرط. إذا اشترى واحد معيبين أو طعامًا في وعائين، فهل له رد أحدهما؟ واذكر الدليل والتعليل، والخلاف والترجيح. ج: ما لا يعلم عيبه بدون كسره ينقسم إلى قسمين ما لمكسور قيمة، وما ليس له قيمة، فإذا كسر مشترٍ مبيعًا مأكوله في جوفه، كرمان وبطيخ، فوجده فاسدًا، وليس لمكسوره قيمة كبيض الدجاج، رجع بثمنه لتبين فساد العقد من أصله؛ لأنه وقع على ما لا نفع فيه، وإن وجد البعض فاسدًا، رجع بقسطه من الثمن، وليس عليه رد فاسده إلى بائعه؛ لأنه لا فائدة فيه، وإن كان لمكسوره قيمة، كبيض النعام، وجوز الهند، خير مشتر بين أخذ أرشه لِنَقْصه بكسره، وبين رده مع أرش كسره الذي تبقى له معه قيمة إن لم يُدلس بائع كما مر، وأخذَ ثمنه لا اقتضاء العقد السلامة. ويَتَعَيَّنُ أرشٌ لِمُشْتَرٍ مَعَ كسرٍ لا تبقى معه قيمةٌ، كنحو جوز هند؛ لأنه أتلفه وخيار عَيْب متراخ؛ لأنه لدفع ضرر مُحقق، فلا يَسقط بالتأخير كالقصاص، وعنه على الفور، وبه قال الشافعي، وقال في «الإنصاف» ، وقال الشيخ تقي الدين: يجبر المشتري على رده، أو أرشه لتضرر البائع بالتأخير. ولا يسقط خيار عيب إلا إن وُجِدَ دليل رضا المشتري،

كتصرفه في مبيع عالمًا بعيبه بنحو بيع أو إجارة أو إعارة، وكاستعماله المبيع لغير تجربة كوطء وحمل على دابة، فيسقط أرش، كرد لقيام دليل الرضا مقام التصريح به. وعنه: له الأرش في ذلك كله، اختاره جمع، منهم صاحب «الرعاية» واستظهره وابن عقيل، وقال عن القول الأول: فيه بعد، وقال الموفق: هذا قياس المذهب، وصوبه في «الإنصاف» ، قال في «الشرح» : ونص عليه في الهبة والعطية، ويتجه صحته من جاهل غاية. قال ابن رجب في القاعدة 110: ومنها لو اشترى شيئًا، فظهر على عيب فيه، ثم استعمله استعمالاً يدل على الرضى بإمساكه، لم يسقط حقه من المطالبة بالأرش، قال ابن عقيل: لأن البيع موجب لأحد شيئين إما الرد، وإما الأرش. ولا يفتقر رد مشتر مبيعًا لنحو عيب إلى حضور بائع ولا رضاه، ولا إلى قضاء حاكم، وإذا اشترى اثنان من بائع واحد، وشرط الخيار، فرضي أحدهما الخيار، فللآخر ردُّ نصيبه، أو اشترى اثنان شيئًا، ووجداه معيبًا، فرضي أحدهما، فللآخر رَدُّ نصيبه؛ لأن نصيبه جميع ما ملكه بالعقد، فجاز له رده بالعيب تارة، وبالشرط أخرى، وكشراء واحد من اثنين شيئًا بشرط

الخيار، ووجداه معيبًا، فللمشتري رده عليهما، وله رد نصيب أحدهما عليه، وبإمساك نصيب الآخر؛ لأن عقد الواحد مع اثنين عقدان، فكأنَّ كلَّ واحدٍ منهما باعَ نَصيبه مفردًا؛ فإن كان أحدُهما غائبًا، والآخرُ حاضرًا رد المشتري على الحاضر منهما حصته بقسطها من الثمن، ويبقى نصيب الغائب في يده حتى يقدم، فيرد عليه، ويصح الفسخ في غيبته، والمبيع بعد فسخ أمانة، ولو كان أحدهما باع العين كلها بوكالة الآخر له، فالحكم كذلك سواء كان الحاضر الوكيل، أو الموكل؛ لأن حقوق العقد متعلقة بالموكل دون الوكيل، وإن قال واحد لاثنين: بعتكما هذا بكذا، فقال أحدهما وحده: قبلت، جاز ذلك، وصح العقد في نصف المبيع بنصف الثمن على ما مر من أن العقد الواحد مع الاثنين بمنزلة عقدين، فكأنه خاطب كل واحد بقوله: بعتك نصف هذا بنصف المسمى، وإن ورث اثنان خيار عيب، فرضي أحدهما بنصيبه معيبًا، سقط حقه، وحق الوارث الآخر من الرد؛ لأنه خرج من ملك البائع دفعة واحدة، فإذا رد واحد منهما نصيبه، رده مشتركًا مشقصًا، فلم يكن له ذلك. ومثله لو ورث اثنان خيار شرط بأن طالب به المورث قبل موته، فإذا رضي أحدهما، فليس للآخر الفسخ، وإن اشترى واحد مَعِيبين صفقة واحدة، أو اشترى

طعامًا ونحوه في وعائين صفقة واحدة، فليس له إلا درهمًا معًا أو إمساكهما والمطالبة بالأرش؛ لأن في رَدِّ أحدهما تفريقًا للصفقة على البائع مع إمكان أن لا يفرقها، أشبه رد بعض المعيب الواحد؛ فإن تلف أحد المعيبين، وبقي الآخر، فللمشتري رد الباقي بقسطه من الثمن، لتعذر رد التالف، والقول في قيمة التالف إذا اختلفا فيها قول المشتري؛ لأنَّهُ منكر لما يدعيه البائع من الزيادة في قيمته، ولأنه بمنزلة الغارم؛ لأن قيمة التالف إذا زادت زاد قدر ما يغرمه، فهو بمنزلة المستعير والغاصب، والقول قول المشتري مع يمينه، لاحتمال صدق البائع، وإن كان أحدهما معيبًا، والآخر سليمًا، وأبى المشتري، أخذ الأرش عن المعيب، فله رده بقسطه من الثمن؛ لأنه رد للمبيع المعيب من غير ضرر على البائع، ولا يملك المشتري رد السليم لعدم عيبه إلا أن ينقصه تفريقه كمصراعي باب، وزوجي خف، أو يحرم تفريق كجارية وولدها ونحوه، فليس للمشتري رد أحدهما وحده، بل له درهمًا معًا، أو الأرش، دفعًا لضرر البائع، أو لتحريم التفريق. ومثله أخوان بيعا صفقة واحدة، وبان أحدهما معيبًا، ليس له رده، لتحريم التفريق بين ذي الرحم المحرم. ومثل ما ذكر في الأخوين في عدم التفريق رقيق جان له ولد، أو أخ ونحوه، وأريد بيع جان في الجناية، فلا يباع وحده، لتحريم التفريق، بل

يباعان، وقيمة جان تصرف في أرش جناية وقيمة الولد ونحوه لمولاه، لعدم تعلق الجناية به قال في «الإقناع» وشرحه: وإن كان البائع الوكيل، فللمشتري رد المبيع إذا ظهر معيبًا على الوكيل؛ لأن حقوق العقد متعلقة به دون الموكل؛ فإن كان العيب مما يمكن حدوثه بعد البيع، كالإباق، فأقر الوكيل وأنكر الموكل، لم يقبل إقراره على موكله؛ لأنه لم يوكله بالإقرار بالعيب، فكما لو أقر أنه

جنى، بخلاف خيار الشرط؛ لأنه لا يملك شرطه للعاقد معه، فملك الإقرار به، فإذا رده المشتري على الوكيل لإقراره بالعيب دون الموكل، لم يملك الوكيل رده على الموكل، لعدم اعترافه بالعيب، وإن أنكر العيب الوكيل، ولم يعترف بأن المبيع كان معيبًا، فتوجهت اليمين عليه، فنكل عن اليمين، فرده المشتري عليه بنكوله، لم يملك الوكيل رده على موكله؛ لأنه غير معترف بعيبه وهذا كله إذا قلنا: إن القول قول البائع، والمذهب: القول قول المشتري، فيحلف ويرده على الموكل. اهـ. والبيع بعد فسخ لعيب وغيره أمانة بيد مشتر، لحصوله في يده بلا تعد؛ لكن يرده مشتر فورًا، فإن قصر في رده فتلف ضمنه، وكثوب أطارته الريح إلى داره. من النظم مما يتعلق في خيار العيب وما لم يَبنْ مِن دُوْنِ كَسْرٍ عُيُوبُه ... فمع كسر ما يُدرى به عيبُه قدِ كجوز وبطيخ وبيض ونحوه ... لك الأرش أو ردٌّ بغرم التشردِ وعن أحمد تَعيينُ أرشٍ وعنه لا ... ارتداد ولا أرش له في المعددِ

س32: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا اختلف بائع ومشتر عند من حديث العيب فمن القول قوله؟ إذا قال بائع: إن البيع ليس المردود، أو في ثمن أنه ليس المردود ومن القول قوله في ثابت في ذمة إذا باع قنا تلزمه عقوبة أو لزمه مال. إذا أقر وكيل بعيب فيما باعه وإذا اشترى شيئا فوجده خبرا مما اشتراه، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

إذا هو لم يشرط سلامته وإن ... خلا بانكسار من تمول قصد كبيض دجاج لا كبيض نعامة ... وجوزة هند بالثَّمَنْ كلّضه عد وفي ربوي بيع بالجنس إن يبن ... معيبًا فلا أرش بل إن شئت فاردد وواحد مبتاعين شيئًا بخيره ... له الرد في الأولى كذا الجزء من ردي كوارث عيب في معيب وعنه لا ... كترك خيار وارث منهم قد وإن بان عيب في مبيعين صفقة ... لشخص أبى أرشًا فكلا ليردد وعنه له ردُّ الفرار بقسطه ... وعنه له ردُّ لكل ومفرد فإن يتْوَ فرد ردَّ باقٍ بقسطه ... في الأولى وعنه لا وفضل كما ابتدى ومن مشتر لا البائع اقبل مقاله ... بالاية في قدر لثاوٍ بأوطد ومَن نَقَّصَ التفريق بينهما ومن ... يحرم حر أخذ أرش أو اردد وقيل ارددن والكل أرش فناقص ... بتفريق حل مثل ما مع مفرد س32: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا اختلف بائع ومشتر عند من حديث العيب فمن القول قوله؟ إذا قال بائع: إن البيع ليس المردود، أو في ثمن أنه ليس المردود ومن القول قوله في ثابت في ذمة إذا باع قنًا تلزمه عقوبة أو لزمه مال. إذا أقر وكيل بعيب فيما باعه وإذا اشترى شيئًا فوجده خبرًا مما اشتراه، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

ج: إذا اختلف بائع ومشتر عند من حدث العيب في المبيع مع الاحتمال لحصوله عند بائع، وحدوثه عند مشتر، كإباق، ولا بينة لأحدهما؛ فالقول قول مشترٍ بيمنه؛ لأنه ينكر القبض في الجزء الفائت، والأصل عدمه، كقبض المبيع، فيحلف على البت إن لم يخرج مبيع عن يد المشتري؛ فإن غاب عنه، فليس له رده لاحتمال حدوثه عند من انتقل إليه، فلا يجوز الحلف على البت فيحلف أنه اشتراه وبه العيب، أو أن العيب ما حدث عنده؛ لأن الأيمان كلها على البت إلا ما كان على نفي فعل الغير. هذا المذهب وهو من المفردات. قال ناظمها: والخلف في العيب مع احتماله ... هل كان عند بائع في ماله أو حادث بعد الشرا في النظر ... فالقول باليمين قولُ المشتري وقيل: القول قول بائع مع يمينه على البت؛ لأن الأصل سلامة المبيع وصحة العقد؛ ولأن المشتري يدعي استحقاق الفسخ، والبائع ينكره قال في «الإنصاف» : والرواية الثانية يقبل قول البائع وهي أنصهما، واختارها القاضي في الروايتين، وأبو الخطاب في «الهداية» وابن عبدوس في «تذكرته» وجزم بها في «المنور» و «منتخب الآدمي» وقدمها في «المحرر» وقضى به عثمان - رضي الله عنه -،

وبه قال أبو حنيفة، والشافعي، واستظهره ابن القيم في «الطرق الحكمية» ، وهذا القول هو الذي يترجح عندي لما تقدم؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «البينة على المدعي، واليمين على من أنكر» والمدعي في هذه الحال هو المشتري. والله أعلم. وإن لم يحتمل إلا قول أحدهما، كأصبع زائدة، والشجة المندملة التي لا يمكن حدوثها بعد عقد إذا ادعى البائع حدوثها، فالقول قول المشتري بلا يمين، وكالجرح الطري الذي لا يحتمل كونه قديمًا إذا ادعى المشتري أنه قديم، فالقول قول البائع بغير يمين لعدم الحاجة. ويقبل قول بائع بيمينه إن المبيع المعيب المعين بعقد ليس المردود، لإنكاره كونه سلعته، وإنكاره استحقاق المعين بعقد ليس المردود، لإنكاره كونه سلعته، وإنكاره استحقاق الفسخ إلا في خيار شرط إذا أراد المشتري رد ما اشتراه بشرط الخيار وأنكر البائع كونه المبيع، فالقول قول مشتر أنه المردود بيمينه لاتفاقهما على استحقاق الفسخ. ويقبل قول مشتر في عين ثمن معين بعقد أنه ليس المردود إن رده عليه بعيب، ويقبل قول قابض بيمينه في ثابت في ذمة من ثمن مبيع، وقرض وسلم وأجرة وقيمة متلف إذا أراد رده بعيب، وأنكره مقبوض منه؛ لأن الأصل بقاء شغل الذمة إن لم يخرج عن يد القابض، ويغيب عنه فلا يملك رده لما تقدم. ومن باع قِنًا تلزمه عقوبة من قصاص وغيره ممن يعلم لزوم

العقوبة، فلا شيء له، لرضه به معيبًا، وإن علم بذلك بعد البيع خُيِّرَ بين رد وأخذ ما دفع من ثمن، وبين أخذ أرش مع إمساك كسائر العيوب. وإن علم مشتر بعد قتل قصاصًا أو حدٍّ تعيَّنَ أرش لتعذر رد فيقوم لا عقوبة عليه ثم وعليه العقوبة، ويؤخذ بالقسط من الثمن، فلو قوم غيرَ جان بمائة وجانيًا بخمسين، فما بينهما النصف، فالأرش إذن نصف الثمن هذا المذهب وهو من المفردات، قال ناظمها: من باع عبدًا مستحقًا دمه ... والمشتري فذاك لا يعلمه فقتلوه مشتريه ينثني ... بأرشه لا بجميع الثمن لأنه تلف عند المشتري بالعيب الذي كان فيه، فلم يوجب الرجوع بجميع الثمن، كما لو كان مريضًا، فمات بدائه، أو مرتدًا فقتل بردته. وقال أبو حنيفة والشافعي: يرجع بجميع الثمن؛ لأن تلفه كان بمعنى استحق عند البائع، فجرى مجرى إتلافه إياه، وهذا القول هو الذي يترجح عندي، ويخالف المريض؛ فإنه لم يمت بالمرض الذي كان في يد البائع، وإنما مات بزيادة مرض حدث في يد المشتري فلم يرجع بجميع الثمن. والله أعلم. وإن دلس بائع، فات عليه، ورجع مشتر بجميع الثمن كما سبق. وإن علم مشتر بعد قطع قصاصًا أو لسرقة ونحوهما ولا تدليس، فحكمه كما لو اشترى معيبًا على أنه سليم، فظهر أنه

معيب، ثم عَابَ عند المشتري، وقد تقدم أنه له الأرش للعيب الأول مع الإمساك، وله الرد مع أرش نقصه الحادث عنده، قاله الموفَّقُ، والشارح؛ لأن استحقاق القطع دون حقيقته. وقال في «الإنصاف» : قلت: الذي يظهر أن ذلك –يعني القطع- ليس بحدوث عيب عند المشتري؛ لأنه مستحق قبل البيع غايته أنه استوفى ما كان مستحقًا، فلا يسقط حق المشتري من الرد. انتهى. وإن لزم القن المبيع مال أوجبته جنايته قبل بيعه، أو جنى عمدًا وعفي عنه إلى مال، والسيد –وهو البائع- ولمشتر جهل الحال الخيار لتمكن المجني عليه من انتزاعه؛ فإن اختار الإمساك، واستوعبت الجناية رقبة المبيع، وأخذ بها، ورجع مشتر بالثمن كله؛ لأن أرش مثل ذلك جميع الثمن، وإن لم تكن مستوعبة، فيرجع بقدر أرشه، أي: نسبة قيمته من ثمنه، فلو كانت قيمة الجاني مائة، وأرش الجناية خمسين، رجع مشتر بنصف الثمن، وإن كان بائعٌ موسرٌ تَعَلَّقَ أرشٌ وَجَبَ بجنايَةِ مَبِيعٍ قبل بيعٍ بذمة البائعِ؛ لأنه مُخَيَّرٌ بين تسليمه في الجناية وفدائِهِ، فإذا باعهُ تعين عليه فداؤهُ؛ ولأنه فوَّتَهُ على المجني عليه، فيلزمه أرشه، كما لو قتله، ولا خيار لمشتر؛ لأنه لا ضرر عليه لرجوع مجني عليه على بائع.

ومن اشترى متاعًا فوجده خيرًا مما اشتراه، فعليه رده على بائعه، كما لو وجده أردأ كان له رده، نص عليه، قال في «الرعاية» : ولعل محله إذا كان البائع جاهلاً به قاله في «الإنصاف» .

من النظم في الاختلاف عند من حدث العيب عنده وإن بان عيب ليس يعلم حاله ... قبيل شراها أم حديث التجدد ليقبلْ في الأولى مشتر بيمينه ... ودون يمين مع تعين قلد ويقبل فيما رد أقوال بائع ... بأن الذي قد بعت غير المردد وإن عاب بعد البيع من قبل قبضه ... فما نقل مرديه يضمنه فاردد وليس على فور خيارُك هاهنا ... وفي الخلف في وصف المبيع بأوكد وإفلاس مبتاع إذا لم يبن رضى ... بشيء كسوم أو كوطء الإما اشهد ويملك رد العين من غير حاكم ... ومع كره خصم في معيب ومشهد ولا شيء للمبتاع شيئًا بعينه ... عليمًا كعبد قاتل أو مفسد ويأخذ أرشًا أو يرد لجهله ... ومن بائع بالأرش حسب إن قتل فدي وإن زال هذا أو عفا عنه قبل أن ... يردّ فلا ردّ ولا أرش فاشهد وإن يجن ما يستلزم المال قد مّن ... حقوق خصوم العبد مع فقر سيد وللمشتري فسخ وما ابتاعه به ... أو الأرض مع مال به العبد يفتدي إذا كان قدر العبد أو دون قدره ... ولا تلزمنه في القويّ بأزيد

س33: تكلم بوضوح عن القسم السادس من أقسام الخيار، وما الذي يثبت به من الصور، وكم هي؟ وما الذي لابد في جميعها منه، ولماذا؟ وما الألفاظ التي تصح بها؟ وعرف ما يحتاج إلى تعريف، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل. وإذا قالك أشركتك، أو أشركاني، أو أشركني، أو اشتري قفيزا فقبض نصفه. فقال آخر: بعني، أو قال: أشركني في هذا القفيز بنصف الثمن، فما الحكم؟ وإذا دعى البائع غلطا في رأس المال، أو باع سلعة بدون ثمنها فما الحكم؟ وإذا اشترى المبيع ممن ترد شهادته له، أو ممن حاباه، أو لرغبة تخصه فما الحكم؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل،

وإن هو لم يفده فْالأدنى لخصمه ... من الأرض أو من قيمة المعتدي فد وإن كان مولى العبد بالأرش موسرًا ... ففي ماله والبيع ألزم بأوكد وحمل الإما لا العجم عيب به ارددن ... ووجهان في عيب بمال المُعَبَّدِ وشرط الخصا أو فعل اردد بقصده ... وفي مطلق من لم تحض والخصا اردد القسم السادس: خيار في البيع بتخيير الثمن متى بان أقل أو أكثر س33: تكلم بوضوح عن القسم السادس من أقسام الخيار، وما الذي يثبت به من الصور، وكم هي؟ وما الذي لابد في جميعها منه، ولماذا؟ وما الألفاظ التي تصح بها؟ وعرف ما يحتاج إلى تعريف، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل. وإذا قالك أشركتك، أو أشركاني، أو أشركني، أو اشتري قفيزًا فقبض نصفه. فقال آخر: بعني، أو قال: أشركني في هذا القفيز بنصف الثمن، فما الحكم؟ وإذا دعى البائع غلطًا في رأس المال، أو باع سلعة بدون ثمنها فما الحكم؟ وإذا اشترى المبيع ممن ترد شهادته له، أو ممن حاباه، أو لرغبة تخصه فما الحكم؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل،

أو خلاف مع الترجيح لما تراه. ج: يثبت الخيار في البيع بتخبير الثمن في صور أربع من صور البيع واختصت بهذه الأسماء، كاختصاص السلم باسمه: 1- الأولى: التولية وهي لغةً: تقليد العمل، والمراد بها هنا البيع برأس المال فقط كقوله: وليتكه أو بعتكه برأس ماله، أو بعتكه بما اشتريته به، وبعتكه برقمه وهو ثمنه المكتوب عليه، وهما يعلمان الثمن والرقم. 2- وفي شركة وهي بيع بعض المبيع بقسطه من الثمن، كقوله: أشركتك في ثلثه أو ربعه، أو ثلثيه أو ثمنه، و «أشركتك» ينصرف إلى نصفه؛ لأن مطلق الشركة يقتضي التسوية، وإن لقيه آخر، فقال له: أشركني وكان الآخرُ عالمًا بشركة الأول فَشَرَّكهُ، فله نصف نصيبه وهو الربع؛ لأنه طلب منه أن يُشركه في النصف، وأجابه إلى ذلك، فيأخذ الربع، وإن لم يكن الآخر عالمًا بشركة الأول، وقال: أشركتُك، صح ذلك، وأخذ الآخرُ نصيبه كلَّه وهو النصفُ؛ لأنه طلب منه نصف المبيع، وأجابه إليه، وإن طلبا منه الشركة، فشركهما معًا، فلهما الثلثان، وله الثلث، وإن كانت السلعةُ لاثنين، فقال لهما آخر: أشْركاني فيها، فأشركا معًا فله الثلث لما سبق من أن مطلق الشركة يقتضي التسوية، وإن أشركه أحدهما وحده، فله

نصف نصيبه وهو الربع لما سبق، وإن أشركه كل واحد منهما منفردًا كان له النصف، ولكل واحد منهما الربع لما تقدم، وإن اشترى شخص قفيزًا من طعام أو غيره مما يكال، فقبض المشتري نصفه، فقال له آخر: بعني نصفه، فباعه نصفه، انصرف البيع إلى النصف المقبوض؛ لأنه الذي يصح تصرف المشتري فيه، وإن قال الآخر لمشتري القفيز القابضِ لِنصفهِ: أشركني في هذا القفيز بنصف الثمن، فقال له: أشركتك فيه بنصف الثمن، لم تصح الشركة إلا فيما قبض منه وهو النصف، فيكون لكل واحد من النصف المقبوض الربع بربع الثمن، والنصف الذي لم يقبض باق للمشتري الأول؛ لأن تصرف المشتري بالشركة لا يصح إلا فيما قبض منه. 3- وفي مرابحة، وهي بيع المبيع بثمنه، وهو رأس ماله وربح معلوم، مثال ذلك أن يقول: ثمنه مائة بعتك بها، وبربح خمسة، أو يقول: رأس مالي فيه ألف بعتكه به، وربح مائة، فيصح ذلك بلا كراهة؛ لأن الثمن والربح معلومان. وإن قال: بعتكه بثمنه كذا على أن أربح في كل عشرة درهمًا، يصح ويكره، نص عليه، واحتج بكراهة ابن عمر وابن عباس، ورويت الكراهة أيضًا عن الحسن ومسروق وعكرمة، وسعيد بن جبير، وعطاء بن يسار،

وهي من المفردات، قال ناظمها: يكره أن يقول في المرابَحَة ... لكل عشر درهم مسامَحَه وقال إسحاق: لا يجوز؛ لأن الثمن مجهول حال العقد فلم يجزكما لو باعه بما يخرج به الحساب، ورخص فيه سعيد بن المسيب، وابن سيرين وشريح والنخعي والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، وابن المنذر؛ لأن رأس المال معلوم، والربح معلوم، وهذا القول هو الذي يترجح عندي، ووجه الكراهة أن ابن عمر وابن عباس كرهاه ولم يعلم لهما في الصحابة مخالف. وإن قال: دِهْ يا زِدِهْ أو دِهْ دَوَ ازِدِهْ كره أيضًا نصًا؛ لأنه بيع الأعاجم؛ ولأن الثمن قد لا يعلم في الحال، ومعنى دهْ يَازْدِهِ: العشر أحد عشر، ومعنى: دِهْ دَوازدِهْ: العشرة اثنا عشر. تنبيه: يؤخذ من قول الإمام؛ لأنه من بيع الأعاجم؛ لأن التكلم بلغتهم مكروه. قال الشيخ: اعتياد الخطاب بغير العربيَّة مكروه؛ فإنه من التشبه بالأعاجم. قال: وقال عمر: إياكم ورطانة الأعاجم. 4- وفي مواضعة وهي بيع بخسران، كبعتكه برأس ماله مائة وَوَضِيْعَة عشرة، فما ثمنه الذي اشتراه به مائة، وباعه به ووضيعة درهم من كل عشر وقع البيع بتسعين، لسقوط عشرة من المائة، وإن باعه بثمنه المائة، ووضيعة درهم لكل عشرة، أو عن كل عشرة، يقع

البيع بتسعين وعشرة أجزاء من أحد عشر جزءًا من درهم؛ لأن الحط في الصورتين من غير العشرة، فيحط من كل أحد عشر درهمًا درهم، فيسقط من تسعة وتسعين تسعة، ومن درهم جزء من أحد عشر جزءًا منه، فيبقى ما ذكر، ولا تضر الجهالة حينئذ لزوالها بالحساب. ويعتبر للتولية والشركة والمرابحة والمواضعة علْمَ العاقدين برأس المال، لما تقدم من أن شرط البيع العلم بالثمن، والمذهب أنه متى بان أقل أو مؤجلاً حط الزائد ويحط قسطه في مرابحة، وينقصه في مواضعه وأجل في مؤجل ولا خيار، والذي يترجح عندي القول الأول، وهو ثبوت الخيار في البيع تولية وشركة ومرابحة ومواضعة إذا بان خلاف ما أخبر به. والله أعلم. وتصح الأنواع المذكورة بألفاظها، أو بلفظ البيع، وبما يؤدي ذلك المعنى، ولا تقبل دعوى بائع غلطًا في إخبار برأس مال كان قال: اشتريته بعشرة، ثم قال: غلطت بل اشتريته بخمسة عشر بلا بينة؛ لأنه مدع لِغَلط غيره، أشبه المضارب إذا ادعى الغلط لربح بعد أن أقر به. وعنه: يقبل قوله مطلقًا مع يمينه، اختاره القاضي وأصحابه، وقدم في «الهداية» ، و «المستوعب» ، و «الخلاصة» ، و «المحرر» ، و «نظم المفردات» ، و «الرعايتين» ، و «الحاويين» ، و «الفائق» واختاره ابن عبدوس في «تذكرته» ، و «المحرر» وجزم به في

«المنور» ، وقال ابن رزين: وهو القياس، قال ناظم المفردات: وبعد الأخبار برأس ماله ... من ادعى النسيان في مقاله يرجع بالنقصان مع يمينه ... والشيخ لا لابد من تَبْيِيْنِهِ وعنه: يقبل قوله إن كان معروفًا بالصدق، وإلا فلا. وعن أحمد رواية ثالثة: أن لا يقبل قول البائع، وإن أقام بينة حتى يصدقه المشتري، وهو قول الثوري والشافعي؛ لأنه أقر بالثمن، وتعلق به حق الغير، فلا يقبل رجوعه، وإن أقام بينة لإقراره بكذبها. والذي تميل إليه النفس أنه يقبل قول البائع إذا كان مَعْروفًا بالصدق وإلا فلا. والله أعلم. ولا يحلف مشتر بدعوى بائع عليه علم الغلط؛ لأنه قد أقر له، فيستغنى بالإقرار عن اليمين، وخالف في ذلك الموفق والشارح، فقالا: الصحيح أن عليه اليمين أنه لا يعلم ذلك، وجزم به في «الكافي» قاله في «الإقناع» وشرحه. وإن باع سلعة بدون ثمنها الذي اشتراها به عالمًا بالنقص عن ثمنها لزمه البيع، ولا خيار له، وإن اشترى المبيع ممن لا تقبل شهادتهُ لهُ كأبيه وابنه، لم يجز بيعه مرابحة حتى يبين ذلك، وبهذا قال أبو حنيفة لأنه متهم في الشراء منهم، لكونه يحابيهم، ويسمح

لهم، فلم يجز أن يخبر بما اشترى منهم مطلقًا، كما لو اشترى من مكاتبه، فإنه يجب عليه أن يبين أمره. وقال الشافعي وأبو يوسف ومحمد: يجوز وإن لم يبين؛ لأنه اشتراه بعقد صحيح، وأخبر بثمنه، فأشبه ما لو اشترى من أجنبي. اهـ (ش ك) أو اشتراه ممن حاباه بأن اشتراه منه بأكثر من ثمن مثله، لزمه بيان الحال لما في ذلك من الغش، وكذا لو اشتراه من غلام دكانه الحر، أو من غيره حيلة، فيلزمه بيان الحال، وإن اشتراه بدنانير، وأخبر في البيع بتخبير الثمن أنه اشتراه بدراهم أو بالعكس أو اشتراه بعرض، فأخبر أنه اشتراه بثمن، أو اشتراه بنقد، فأخبر أنه اشتراه بعرض وأشباه ذلك، فللمشتري الخيار. وإن اشترى إنسان شيئًا بثمن لرغبة تخصه، كسمن جارية، أو كان المبيع دارًا بجوار منزله، أو أمة لرضاع ولده، لزمه بيان الحال، أو لموسم ذهب كالذي يباع على العيد أنه اشتراه قربة، وبقي عنده، لزمه أن يبين الحال، أو باع بعض المبيع بقسطه من الثمن، وليس المبيع بعضه من المتماثلات المتساوية، كزيت ونحوه من كل مكيل أو موزون متساوي الأجزاء، كالثياب ونحوها، لزمه أن يبين ذلك لمشتر؛ لأنه قد لا يرضى به إذا علمه كما لو اشترى شجرة مثمرة، وأراد بيعها مرابحة دون ثمرتها. وإن كان مكيلاً ونحوه، جاز بيعه مراحبةً ونحوها، وإن لم يبين الحال؛ فإن كتم بائع شيئًا

من ذلك، خير مشتر بين رد وإمساك كالتدليس، وهو حرام كتدليس العيب. وكذا إن نقص المبيع بمرض، أو ولادة أو عيب، أو تلف بعضه، أو أخذ مشتر صوفًا أو لبنًا ونحوه كَانَ حِيْنَ البَيْع أخْبَرَ بالحال. من النظم فيما يتعلق في البيع بتخيير الثمن ويشمل المرابحة والمواضعة والتولية والشركة فتولية ولّيتُ أو بعتُه بما ... اشتريت ومعناه كرقم محدد وشركته بيع لبعض بقسطه ... كنصف وثلث المشتري لمعدد وإن في مبيع يشرك اثنان ثالثًا ... معًا فله ثلث ونصف بمبعد وبيع برقم واكتساب مقدر ... مرابحة واعكس مواضعة اليد ويشرط في هذي العقود جميعها ... تعيُّنُ رأس المال وقت التعقد وبيع بما هو ظاهر بحسابه ... من الربح شرعًا طد بكره بأوطد وما زاد فالزمه مع قسطه أخي ... من الربح في نسيانه والتعمد وإن زاد في الأخبار حتى بعمدٍ أو ... يبن نسئًا إن شاء يردّ بأوكد وإن يمض يلزمه وإلا مؤجلاً ... وعنه إن يشا الإمساك حالاً ليرفد

وبالعكس من هذا مواضعة ومدعي ... غلطًا أحلفه واقبل أو اردد وعنه اقبلن مع شاهديه وعنه لا ... وعنه اقبلن من صادق في التفرد وألزم قبولاً من يصدق باطنًا ... ولا تحسبن منه نما صنعة اليد ولا أجر حمال وخزن ونحوه ... وللمشتري صف ما جرى لا تزيَّد وإن ضم فوق المال أجرة صنعه ... سوى عمل منه وقال بمشهد علي بهذا قد تحصل مجملاً ... فوجهين في التحليل والحظر أورد ومن كتم التأجيل أو مشتراه مِن ... محابٍ كإبن واحتيالٍ اكرهن دد وفي بيع جزء الصفقة افهم بقسطه ... وليس بموزون ولا كيل باليد وأخذك أرش العيب أو لجناية ... لمبتاعه الامضا ورد المعدد وما بعته بالربح ثم اشتريته ... فبالحال أخبر في الصحيح المسدد أو الربح من ثانيهما حُطَّ واخْبِرَنْ ... بباقٍ وللحال إن فقد كله عد وبعد اشتراك واقتسام متى يبع ... مرابحة إن بَيَّن اعقد بأوكد ومن كان في الثوبين أسلف إن يشا ... إذا استويا في الوصف يخبر ويرشد بقيمة ثوب منهما أو بربحه ... ويحرم إن يفقد تساويهما أشهد وإن يشر مبتاع دري كتم بائع ... بحال بها قلنا يخبَّر، يردد وليس برقم الثوب بأس لمخبر ... إذا علماه عند عقد مشيد وأحمد مختار مساومة على ... مرابحة تقوى إمام مسدد ومشتريًا ثوبًا بعشرين فاشتري ... فتى منهما حظ الشريك بأزيد

س34: تكلم بوضوح عما يلي: ما يزاد في ثمن أو مثمن أو أجل أو يحط منه زمن الخيارين، هبة مشتر لوكيل باعه شيئا. هبة بائع لوكيل اشترى منه، أخذ النماء والاستخدام والوطء إلخ. إذا اشترى ثوبا بعشرة وقصره ونحوه، أجرة المكان والكيل والوزن ونحوه، حمل المبيع وخياطته وعلفه ونحوه، وإذا اشتراه بعشرة، ثم باعه بخمسة عشر، ثم اشتراه بعشرة أو اشتراه بخمسة عشرة، ثم باعه بعشرة، أو اشترى نصف شيء بعشرة، واشترى غيره باقيه بعشرين، ثم باعاه مرابحة أو مواضعة أو تولية صفقة واحدة فما الحكم؟

فإن زاد مثقالين يخبر بواحد ... وعشرين والمبتاع نصف معبد بعشرين ثم ابتاع آخرْ نصفه ... بخمسين إن باعا معًا بيع مفرد مساومة فالربح نصفان فيهما ... وبالربح إن باعا كذلك وطد وعنه إذا باعا مرابحة يكن ... على قدر المالين قسم المزيد ما يزاد في ثمن أو مثمن أو أجل هبة مشتر لوكيل وبائع لوكيل س34: تكلم بوضوح عما يلي: ما يزاد في ثمن أو مثمن أو أجل أو يحط منه زمن الخيارين، هبة مشتر لوكيل باعه شيئًا. هبة بائع لوكيل اشترى منه، أخذ النماء والاستخدام والوطء إلخ. إذا اشترى ثوبًا بعشرة وقصره ونحوه، أجرة المكان والكيل والوزن ونحوه، حمل المبيع وخياطته وعلفه ونحوه، وإذا اشتراه بعشرة، ثم باعه بخمسة عشر، ثم اشتراه بعشرة أو اشتراه بخمسة عشرة، ثم باعه بعشرة، أو اشترى نصف شيء بعشرة، واشترى غيره باقيه بعشرين، ثم باعاه مرابحة أو مواضعة أو تولية صفقة واحدة فما الحكم؟ ج: ما يزاد من ثمن زمن الخيارين، أو في مثمن زمن الخيارين،

أو يُزاد في أجل زمن الخيارين، أو يزاد في خيار شرط في بيع يلحق بالعقد فيخبر به كأصله، وما يوضع من ثمن أو مثمن أو أجل أو خيار من الخيارين يلحق بالعقد، فيجب أن يخبر به كأصله تنزيلاً لحال الخيار منزلة حال العقد، وإن حط الثمن كله، فهبة، ولا يلحق بعقد ما زيد أو حط فيما ذكر بعد لزوم العقد، فلا يجب أن يخبر به، ولا إن جنى مبيع ففداه مشتر، أو مرض فداواه، فلا يلحق ذلك بالثمن؛ لأنه لم يزد به المبيع ذاتًا ولا قيمة، وإنما هو مزيل لنقصه بالجناية أو المرض، وكذا لو مانه أو كساه لا يلحق بالثمن، وإن أخبر بالحال، فحسن؛ لأنه أتم في الصدق، وهبة مشتر لوكيل باعه شيئًا من جنس الثمن أو غيره كزيادة في الثمن، فتكون لبائع زمن الخيارين فيخبر بها، ومثله هبة بائع لوكيل اشترى منه، فتلحق بالعقد، وتكون للموكل زمن الخيارين، وإن كانت الهبة بعد لزوم البيع، فهي للموهوب له فيهما؛ فإن اشترى ثوبًا بعشرة، وقصره أو صبغه، أو نحو ذلك بعشرة بنفسه أو غيره، أخبر به على وجهه، بأن يقول: اشتريته بعشرة، وقصرته أو صبغته بعشرة، ومثل أجرة عمله أجرة مكانه وكيله ووزنه وذرعه وحمله وخياطته، وعلف الدابة ونحوه، فيخبر بذلك على وجهه، ولا يجوز أن يخبر أنه اشتراه بعشرين، ولا يجوز أن يقول: تحصل علي بها؛ لأنه كذب وتغرير للمشتري، وفيه وجه آخر:

أنه يجوز فيما استأجر عليه أن يضم الأجرة إلى الثمن، ويقول: تحصلت علي بكذا؛ لأنه صادق، وبه قال الشعبي والحكم والشافعي. والذي تميل إليه النفس القول الأول؛ لأنه كما تقدم تغرير بالمشتري؛ فإنه ربما لو علم أن بعض ما تحصلت به لأجل الصناعة، لم يرغب فيها لعدم رغبته في ذلك، فأشبه ما ينفق على الحيوان في مؤنته وكسوته، وعلى المتاع في خزنه. وإن باع ما اشتراه بعشرة بخمسة عشر، ثم اشتراه بعشرة لم يَبعْهُ مرابحة، بل يخبر بالحال؛ لأنه أبلغ في الصدق، وأقرب إلى الحق، أو يحط الربح من العشرة الثمن الثاني، ويخبر أنه تحصل عليه بخمسة؛ لأن الربح أحد نوعي النماء، فوجب الإخبار به في المرابحة ونحوها، كالنماء من نفس المبيع كالثمرة ونحوها، ولا يجوز أن يخبر أنه اشتراه بخمسة؛ لأنه كذب وهو حرام، وهذا المذهب، وعليه الأصحاب. وقيل: يجوز أن يخبر أنه اشتراه بعشرة، قدمه في «المقنع» واختاره الموفق ولشارح وقدمه في «الفروع» وهو أصوب، قال في «الإنصاف» : وهو الصواب، وقال عن الأول: إنه المذهب، وهو المذهب، ثم قال: وهو ضعيف. ولعل مراد الإمام أحمد استحباب ذلك، لا أنه على سبيل اللزوم. اهـ. «إقناع» وشرحه. ولو اشتراه بخمسة عشر، ثم باعه بعشرة، ثم اشتراه بأي

س35: تكلم بوضوح عن القسم السابع من أقسام الخيار، وبين ماذا يعمل عند الاختلاف، وما الحكم فيما يتفرع عن ذلك ن فسخ أو نكول؟ وما صفة الحلف الصادر من المتبايعين أو أحدهما؟ وما صفة الاختلاف؟ وإذا اختلفا في الأجرة. واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تفصيل أو ترجيح أو خلاف.

ثمن كان بيَّنَهُ. وما باعه اثنان من عقار أو غيره مشترك بينهما مرابحة، فثمنه بينهما بحسب ملكيهما ولا يكون ثمنه على رأس ماليهما؛ لأن الثمن عوض المبيع، فهو على قدر ملكيهما. من النظم في الزيادة في مدة الخيار وما زيد في وقت التخاير ملحق ... وما حط منقوص من المتعدد ولا شيء من بعد اللزوم بملحق ... ولا ما به الجاني المبيع قد افتدى وينقص من أثمانه أرش عيبه ... كذا أرش ما يجني عليه بأوكد وما نلت من صوف ودر مباشر ... بعقد وذكر الحال أولى فقيد ولا تَنْقُصن ألكسب منه ولا النما ... وما ذكر سعر لازم في المؤكد وإن باع إنسان مواضعة فكالمـ ... ـرابحة التفضيل مع عكس معهد وبالمائة إن يبع وعشر فوضعه ... من العشر فلسًا زن أيا خير مفرد وقل مائة من غير نقص كقوله ... لكل عشير وضع فرد مزهد س35: تكلم بوضوح عن القسم السابع من أقسام الخيار، وبين ماذا يعمل عند الاختلاف، وما الحكم فيما يتفرع عن ذلك ن فسخ أو نكول؟ وما صفة الحلف الصادر من المتبايعين أو أحدهما؟ وما صفة الاختلاف؟ وإذا اختلفا في الأجرة. واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تفصيل أو ترجيح أو خلاف.

ج: السابع: خيار يثبت لاختلاف المتبايعين في الثمن في بعض صوره، فإذا اختلفا، أو اختلفت ورثتهما أو أحدهما، وورثة الآخر في قدر ثمن، بأن قال بائع أو وارثه: الثمن ألف، وقال مشتر أو وارثه: ثمانمائة، ولا بَيِّنة لأحدهما، تحالفا، أو كان لكل منهما بينة بما ادعاه، وتعارضت البينتان، تحالف المتعاقدان، وسقطت بينتاهما، فيصيران كمن لا بينة له، وصفة التحالف أن يبدأ بيمين البائع، لقوة جنبتِهِ؛ لأن المبيع يرد إليه، فيحلف: ما بعته بكذا، وإنما بعته بكذا، فيجمع بين النفي والإثبات. فالنفي لما ادعي عليه، والإثبات لما ادعاه، ويقدم النفي على الإثبات؛ لأنه الأصل في اليمين، ثم يحلف المشتري: ما اشتريته، وإنما اشتريته بكذا، ويتفاسخان، وبه قال شريح والشافعي، ورواية عن مالك؛ لحديث ابن مسعود مرفوعًا: «إذا اختلف المتبايعان، وليس بينهما بينة، فالقول ما يقول صاحب السلعة، أو يترادَّان» رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وزاد فيه: «والبيع قائم بعينه» ، ولأحمد في رواية: «والسلعة كما هي» ، وفي لفظ: «تحالفا» ، وروي عن ابن مسعود أنه باع الأشعث رقيقًا من رقيق الإمارة، فقال: بعتك بعشرين ألفًا، وقال الأشعث: اشتريته منك بعشرة، فقال عبد الله: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا اختلف المتبايعان، وليس بينهما بينة والمبيع قائم بعينه،

فالقول قول البائع، أو يترادان البيع» قال: فإني أردُّ البيع. وعن عبد الملك بن عبيدة مرفوعًا: «إذا اختلف المتبايعان، استحلف البائع، ثم كان للمشتري الخيار إن شاء أخذ، وإن شاء ترك» رواهما سعيد. وظاهر هذه النصوص أنه يفسخ من غير حاكم، قاله في «الشرح» . ويحلف وارث على البت إن علم الثمن، وإلا فعلى نفي العلم، ثم بعد تحالف إن رضي أحد المتعاقدين بقول الآخر، أقر العقد؛ لأن من رضي صاحِبُه بقوله منهما، حَصَلَ له ما ادعاه، فلا خيار له، أو نكل أحدهما عن اليمين، وحَلف الآخر أقر العقد بما حلف عليه الحالف منهما؛ لأن النكول كإقامة البينة على من نكل، وإن لم يرض أحدهما بقول الآخر بعد التحالف، فلكل منهما الفسخ ولو بلا حاكم؛ لأنه لاستدراك الظلامة، أشبه رد المعيب، وينفسخ البيع بفسخ أحدهما ظاهرًا وباطنًا؛ لأنه فسخ لاستدراك الظلامة، أشبه الرد بالعيب. وإن امتنع البائع والمشتري من الحلف، صرفهما الحاكم، كما لو نكل من ترد عليه اليمين، وكذا إجارة؛ فإن اختلف المؤجر والمستأجر، أو ورثتهما في قدر الأجرة، فكما تقدم، فإذا تحالفا، وفسخت الإجارة بعد فراغ مدة إجارة، فعلى مستأجرٍ أجرةَ مِثْل العين المؤجرةِ، وإن فسخت في أثناء مدة الإجارة يؤخَذ من

س36: تكلم بوضوح عما إذا اختلف المتبايعان في قدر ثمن مبيع تلف، وما الذي يترتب على ذلك؟ ومن الذي يقبل قوله في القيمة والقدر والصفة؟ وهل يقبل قول الغارم فيما غرم؟ وإذا ادعى المشتري أو الغارم تقدم العيب على البيع؟ وإذا مات المتعاقدان أو أحدهما فما الحكم؟ وما صفة الحلف المطلوبة من الوارث؟ وما هو القسم الثامن من أقسام الخيار؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو ترجيح.

مستأجر بالقسط من أجرة مثل؛ لأنه يدل ما استوفى من المنفعة. ويحلف بائع فقط إن اختلفا في قدر الثمن بعد قبض ثمن وفسخ عقد بتقايل أو غيره؛ لأن البائع منكر لما يدعيه المشتري بعد انفساخ العقد، أشبه ما لو اختلفا في القبض. اختلاف المتبايعين في قدر ثمن مبيع والقسم الثامن من أقسام الخيار س36: تكلم بوضوح عما إذا اختلف المتبايعان في قدر ثمن مبيع تلف، وما الذي يترتب على ذلك؟ ومن الذي يقبل قوله في القيمة والقدر والصفة؟ وهل يقبل قول الغارم فيما غرم؟ وإذا ادعى المشتري أو الغارم تقدم العيب على البيع؟ وإذا مات المتعاقدان أو أحدهما فما الحكم؟ وما صفة الحلف المطلوبة من الوارث؟ وما هو القسم الثامن من أقسام الخيار؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو ترجيح. ج: إذا اختلفا في ثمن السلعة بعد تلفها، فقيلك يتحالفان مثل ما لو كانت قائمة، وهو قول الشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد، وإحدى الروايتين عن مالك، والأخرى القول قول المشتري مع يمينه اختارها أبو بكر، وهو قول النخعي والثوري والأوزاعي، وأبي حنيفة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث: «والسلعة قائمة» مفهومه أنه لا

يشرع التحالف عند تلفها؛ ولأنهما اتفقا على نقل السلعة إلى لمشتري، وهذا القول قوي فيما أرى. والله أعلم. قال في «الإقناع وشرحه» : إن كانت السلعة تالفة، وتحالفا لاختلافهما في قدر الثمن، وفسخ العقد، رجعا إلى قيمة مثلها إن كانت مثلية، وإلا بأن لم تكن مثلية، فإلى قيمتها، لتعذر رد العين، فيأخذ مشتر من باعٍ الثمن إن كان قد قبض إن لم يرض بقول بائع وفسخ العقد، ويأخذ بائع من مشترٍ القيمة؛ لأنه فوت عليه المبيع، فإن تساويا، أي: الثمن والقيمة، وكانا من جنس، أي: نقد واحد، تقاصا وتساقطا؛ لأنه لا فائدة في أخذه، ثم رده، وإلا بأن كان أحدهما أقل وهما من جنس واحد، سقط الأقل، ومثله من الأكثر، ويبقى الزائد يطالب به صاحبه، وإن اختلف الجنس، فلا مقاصة. اهـ. وقال في «الإنصاف» : وقال ابن منجا في شرحه: ظاهر كلام أبي الخطاب أن القيمة إذا زادت عن الثمن لا يلزم المشتري الزيادة؛ لأنه قال: المشتري بالخيار بين دفع الثمن الذي ادعاه البائع، وبين دفع القيمة؛ لأن البائع لا يدعي الزيادة. قال: وبحث ذلك الشيخ تقي الدين –رحمه الله- أيضًا-، فقال: يتوجه أن لا تجب قيمته إلا إذا كانت أقل من الثمن؛ أما إذا كان أكثر، فهو قد رضي بالثمن، فلا يعطي زيادة، لاتفاقهما على عدم استحقاقها.

وإن اختلف البائع والمشتري في قيمة السلعة التالفة بعد التفاسخ، فقول مشتر بيمينه، وكذا إن اختلفا في صفة السلعة التالفة، ككون العبد كاتبًا، فقول مشتر بيمينه، أو اختلفا في قدر السلعة التالفة، بأن قال البائع: كان المبيع قفيزين، فقال المشتري: بل قفيزًا، فقول مشتر بيمينه؛ لأنه غارم، والقول قول الغارم. فلو وصفها مشتر بعيب كبرص، وخرق ثوب وغيرهما، فقول من ينفيه، وهو البائع بيمينه؛ لأن الأصل السلامة من العيب، وإن ثبت أن المبيع معيب، قبل قول المشتري من تقدم العيب على البيع؛ لأن الأصل براءته مما يدعي عليه. وإن تعيب مبيع عند مشتر قبل تلفه، ضم أرشه إلى قيمته، لكونه مضمونًا عليه حين التَّعَيُّب، وكل غارم حكمه حكم المشتري في ذلك. وإن مات المتعاقدان، أو مات أحدهما، فورثتهما بمنزلتهما، وورثة أحدهما إن مات وحده بمنزلته، وإن كان الموت بعد التحالف وقبل الفسخ؛ فإن رضي ورثة أحدهما بما قاله وَرَثةُ الآخر، أقر العقد، وإلا فلكل الفسخ، ومتى رضي بعض ورثة أحدهما، فليس للبقية الفسخ على قياس ما تقدم في خيار العيب، وإن كان الموت قبل التحالف، وكان الوارث حضر العقد، وعلمه، حلف على البت؛ لأنه الأصل في الإيمان، وإن لم يعلم الوارث قدر الثمن حضر العقد أولاً، حلف على نفي العلم؛ لأنه على فعل الغير، وإذا فسخ في

التحالف، انفسخ ظاهرًا وباطنًا في حق كل منهما، فيباح للبائع جميع التصرف في المبيع، وكذا المشتري في الثمن إن كان ظالمًا. وقال في «المقنع» : ومتى فسخ المظلوم منهما، انفسخ العقد ظاهرًا وباطنًا، وإن فسخ الظالم، لم ينفسخ في حقه باطنًا وعليه إثم الغاصب، وهذا هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. الثامن من أقسام الخيار: خيار يثبت للخلف في الصفة إذا باعه بالوصف ولتغير ما تقدم رؤيته العقد، وتقدم في الشرط السادس من شروط البيع. من النظم في الخيار عند اختلاف المتبايعين وإن يختلف في سلعة مع بقائها ... فمن ناقص أثمانها ومزيد ليحلف كلُ إنما عقدا كذا ... ولكنَّ مَن قد بَاع بالحلف يبتدي وكلُّ له فسخ إذا لم يكن رضى ... بما قيل وليُقْضي على ناكل هدي ومحتمل في ذلكم فسخ حاكم ... لقطع خصومات الورى والتنكد ومَن مات قام الوارثون مقامه ... وينفذ فسخ المعتدي ظاهرًا قد

س37: تكلم بوضوح عما يلي إذا اختلف المتبايعان في صفة ثمن، أو في شرط صحيح أو فاسد، أو أجل أو رهن أو ضمين أو قدر مبيع. إذا تشاحا في التسليم، إذا غيب مشتر ماله، أو ظهر عسره، أو أجر بنقد حال، أو نقص مبيع بتشقيص، أو أحضر بعض الثمن، وهل يملك البائع المطالبة بثمن في الذمة؟ وهل يملك أحدهما قبض الثمن أو المثمن من الخيارين؟ واذكر ما تستحضره من ضوابط وتفاصيل وأدلة وتعليلات وخلاف وترجيح.

وقيل بأن الفسخ ينفذ باطنًا ... وقيل مِنَ المبتاع حسْبُ فَقَيِّدِ وإن فَسَخَ المظلوم يفسخ مطلقًا ... كذا إن تلف المبتاع في الحكم أسند وللمشتري إعطاءه من باع ما ادعى ... أو القيمة إن تعرف صفات المفقدِ وإن تخف يقبل قوله مع يمينه ... بقيمة مع وصفه المتعددِ كذا كل ذِي غُرْمٍ وخذ قَوْل مَن نَفَا ... إذًا ظاهرًا كالخرق في المتوطد وعن أحمد قول الذي باع وحده ... وحلفته اقبل مع توى المشتري قد وعنه اقبلن من مشترٍ بَعْدَ قبضه ... ومِن قبلِهِ حُكْمُ التحالف أكِّدِ وعن أحمد مِنْ بائع مع يمينه ... ليقبل فردًا في البقا والتفسد س37: تكلم بوضوح عما يلي إذا اختلف المتبايعان في صفة ثمن، أو في شرط صحيح أو فاسد، أو أجل أو رهن أو ضمين أو قدر مبيع. إذا تشاحا في التسليم، إذا غيب مشتر ماله، أو ظهر عسره، أو أجر بنقد حال، أو نقص مبيع بتشقيص، أو أحْضَر بَعض الثمن، وهل يملك البائع المطالبة بثمن في الذمة؟ وهل يملك أحدهما قبض الثمن أو المثمن من الخيارين؟ واذكر ما تستحضره من ضوابط وتفاصيل وأدلة وتعليلات وخلاف وترجيح. ج: إذا اختلف المتبايعان في صفة ثمن اتفقا على ذكره في البيع أخذ نَقْدُ البلد إن لم يكن بها إلا نقد واحد، وادَّعاه أحدهما، فيقضي له به عملاً بالقرينة، ثم إن كان بالبلد نقود، واختلفت

رواجًا، أخذ غالبه رَوَاجًا؛ لأن الظاهر وقوع العقد به، لغلبته فإذا استوت النقود رواجًا، فالوسط تسوية بين حقيهما؛ لأن العدول عنه ميل على أحدهما، وعلى مدعي نقد البلد، أو غالبه رواجًا أو الوسط اليمين، وإن اختلفا في جنس ثمن، كما لو ادعى أحدهما أنه عقد بنقد، والآخر بعرض، أو ادعى أحدهما أنه عقد بذهب والآخر بفضة، فالظاهر أنهما يتحالفان؛ لأنهما اختلفا في الثمن على وجه لا يترجح قول أحدهما، فوجب التحالف كما لو اختلفا في قدره، وإن اختلفا في أجل أو شرط، فقول من ينفيه؛ لعموم حديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ولكن اليمين على المدعى عليه» متفق عليه. وروى البيهقي والحاكم ولفظه: «البينة على المدعي، واليمين على من أنكر» وكذا إن اختلفا في رهن بأن قال: بعته بدينار على أن ترهنني عليه كذا، وأنكر مشتر، فقوله: أو اختلفا في قدر الأجل والرهن، فقول منكر الزائد سوى أجل في سلم، فقول مسلم إليه، وكذا إن اختلفا في شرط ضمين بالثمن، أو بعهدته، أو عهدة المبيع فوق لمن ينفيه بيمينه؛ لأن الأصل عدمه. كما يقبل قو منكر مفسد لبيع ونحوه، فإذا ادَّعى أحدهما ما يفسد العقد مِن سَفَهٍ أو صغَرٍ أو إكراه، أو عَبْدٍ عدم إذن سيَّدهِ ونحوه، وأنكر الآخرُ، فقول المنكر؛ لأن الأصل في العقود

الصحة، وإن أقاما بينتين، قُدمت بينة مدعٍ، وقيل: يتساقطان، وإن اختلفا في قدر مبيع، بأن قال بائع: بعتك قفيزين، وقال المشتري: بل ثلاثة، فقول بائع؛ لأنه منكر للزيادة والبيع يتعدد بتعدد المبيع، فالمشتري يدعي عقد آخر ينكره الآخر بخلاف الاختلاف في الثمن، وفي عين المبيع كبعتني هذه الجارية، فيقول: بل العبد، فوق بائع؛ لأنه كالغارم، وقيل: يحلف كلُّ واحد على ما أنكره، ولم يثبت بيع واحد منهما، وهذا هو الذي يترجح عندي. والله أعلم. وإن قال: بعتني هذين، فقال: بل أحدهما بثمن واحد، فالقول قول بائع؛ لأنه منكر للبيع في العبد الثاني، والأصل عدمه، وقيل: يتحالفان، اختاره القاضي، وذكره ابن عقيل رواية وصححها، قال الشارح: هذا أقيس وأولى إن شاء الله تعالى «إنصاف» ، وإن تشاحا في أيهما يسلم قبل الآخر، فقال بائع: لا أسلمُ المبيع حتى أتسلم الثمن، وقال المشتري: لا أسلم الثمن حتى أتسلَّمَ المبيع والثمنُ عينٌ، أي: معين في العقد نُصبَ عدلٌ يقبض منهما الثمن والمثمن، ويسلم المبيع للمشتري، ثم يسلم الثمن لبائع؛ لأن قبض المبيع من تتمات البيع في بعض الصور، واستحقاق الثمن مرتب على تمام البيع، ولجريان العادة بذلك، وإن كان الثمن دينًا حالاً أجبر بائعٌ على تسليم المبيع، لتعلق حق مشتر

بعينه، ثم أجبر مشتر على تسليم ثمن إن كان الثمن حالاً بالمجلس، لوجوب دفعه عليه فورًا لإمكانه. وقال مالك وأبو حنيفة: يجبر المشتري على تسلم الثمن ثم البائع على تسليم المثمن، وقيل: له حبسه حتى يقبض ثمنه الحال، كما لو خاف فواته؛ لأنه لم يرض بالبيع إلا بهذه الحالة. ولو أجبر على تسليم المبيع قبل قبض الثمن، لحصل بذلك ضرر عظيم على الناس، وتمكن الغادر من أخذ أموال الناس بهذه الطريقة، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. وإن كان الثمن غائبًا بعيدًا، أو المشتري معسرًا، فللبائع الفسخ؛ لأن عليه ضررًا في تأخير الثمن، فكان له الفسخ والرجوع في عين ماله، كالمفلس، وكل موضع قلنا: له الفسخ في المبيع، فإنه يفسخ بغير حكم حاكم، وفي النكاح تفصيل يأتي إن شاء الله تعالى. وكل موضع قلنا: يحجر عليه، فذلك إلى حاكم؛ لأنه يحتاج إلى نظر واجتهاد، وكذا حكم مؤجر بنقد حال على ما تقدم تفصيله، وإن هرب المشتري قبل وزن الثمن وهو مُعْسِرٌ بالثمن أو بعضه، فللبائع الفسخ في الحال، وإن كان المشتري موسرًا، وهرب قبل دفع الثمن قضاه الحاكم من ماله إن وجد له مالاً، وإلا باع المبيع وقضى منه ثمنه، وحفظ الباقي؛ لأن للحاكم ولاية مال الغائب كما يأتي إن شاء الله تعالى في باب القضاء.

وليس للبائع الامتناع من تسليم الأمة المبيع بعد قبض الثمن، لأجل الاستبراء، لتعلق حق المشتري، وانتقال الملك إليه، ولو طالب المشتري البائع بكفيل لئلا تظهر حاملاً، لم يكن له ذلك إن لم يشترطه في صلب العقد؛ لأنه إلزام له بما لا يلزمه، ولم يلتزمه. وإن أحضر مشتر بعض الثمن لم يملك أخذ ما يقابله من مبيع إن نقص بتشقيص، كمصراعي باب. ولا يملك بائعٌ مطالبة بثمن بذمةٍ زمن خيار، ولا يملك أحدهما قبض معين من ثمن ومثمن زمن خيار شرط أو مجلس بغير إذن صريح في قبضه ممن الخيار له، لعدم انقطاع علق من له الخيار عنه، وإن تعذر على بائع تسليم مبيع فلمشترٍ الفسخ. من النظم عند الاختلاف في صفة الثمن وفي صفة الأثمان إن يتحالفا ... إلى الثمن المعروف بالبلد اردد فإن كثرت فيه النقود بأوسط النقود ... إلا فاحكم ولا تتردد وأفت بتحليف الذي القول قوله ... وقد أحلف القاضي الغريمين فاقتدي وإن يختلف خصمان في أجل وفي ... ضمينٍ وفي شرطٍ ورهنٍ مرصد وعن أحمدِ يُروى التحالفُ منهما ... وعنه لِيَحْلِف مُنكر بتفرُّدِ وإن يختلف في مفسد العقد فاعتمد ... على قول من ينفيه والعقد أطد

كدعوى افتراق قبل قبض تصارف ... أو ابتعت كرهًا للمصحح قلد فإن قال شخصٌ كنت بعتك سلعتي ... صغيرًا فقول المشتري اقبل وأكد ومحتمل نصر لذي الصغر ادعى ... وإن قال عبد بعت سلعة سيد بلا إذنه فالقول قول من اشترى ... وإن أنكر المولى إلى قوله عُد وإن يك في عين المبيع اختلافهم ... وفي القدر في الشيئين من باع قلد وقيل بلا احكم بالتحالف منهما ... وأوْهِي عُقُودَ الفِرقَتَيْنِ وَأفْسِدِ وفي قَدَرِ الأثمان من بعد قبضها ... وفسخ العقود القول من بائع طد

في جعل العدل يقبض ويقبض ويجعل عدل قابض ومقبض ... متى شحَّ كل منهما افهم بمبتدي إذا كانت الأثمان عينا بمجلس ... وذا العدل في ظني وكيل لعقد ويبدا بتسليم المبيع لمشتر ... ومن بعده الأثمان للبائع ارفد ومع قدرة من يأب يضمن كغاصب ... وقيل المبيع احبس لقبض المعدد وإن بعت بالدين الحليلَ فسلمن ... كذا المشتري بالمال في المجلس اضهد وللبائعين الفسخ من عسر مشتر ... وغيبة مال مدة المتبعد وما دون هذا في احتمال وقبل عن ... مبيع وباقي ماله امنعه واصدد إلى حين تسليم كحكم مغيب ... ببلدته مال الوفاء مُبَعَّدِ

س38: تكلم بوضوح عن الأشياء التي لا يصح تصرف المشتري فيها قبل قبضها، وما يتعلق بها، والتي من ضمان البائع، والتي ينفسخ فيها العقد وإذا انفسخ العقد، أو تلف المبيع أو بعضه، أو الثمن، أو أخذ بشفعة، أو خلط بما لا يتميز، أو تلف قبل قبضه، فما الحكم؟ وإذا اشترى شاة بشعير، فأكلته قبل قبضه، فما الحكم؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل، أو ضابط أو تفصيل، أو خلاف مع الترجيح لما تراه.

فصل في التصرف في المبيع قبل قبضه س38: تكلم بوضوح عن الأشياء التي لا يصح تصرف المشتري فيها قبل قبضها، وما يتعلق بها، والتي من ضمان البائع، والتي ينفسخ فيها العقد وإذا انفسخ العقد، أو تلف المبيع أو بعضه، أو الثمن، أو أخذ بشفعة، أو خلط بما لا يتميز، أو تلف قبل قبضه، فما الحكم؟ وإذا اشترى شاة بشعير، فأكلته قبل قبضه، فما الحكم؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل، أو ضابط أو تفصيل، أو خلاف مع الترجيح لما تراه. ج: ما اشتُري بكيل كقفيز من صبرةٍ أو اشتُري بوزنٍ كرطلٍ من زُبرة حديد، أو اشتري بعد كبيض على أنه مائة، أو اشتري بذرع كثوبٍ على أنه عشرة أذرع، ملك المبيع في ذلك بمجرد العقد، فنماؤه لمشتر أمانة بيد بائع، ولزم البيع فيه بعقد لا خيار فيه، كسائر المبيعات، ولم يصح تصرفه فيه ببيع، وعنه يجوز بيعه لبائعه، اختاره الشيخ تقي الدين –رحمه الله- وجوز التولية فيه، والشركة، وخرجه من بيع دين، والمذهب خلاف ذلك، وعليه الأصحاب، والذي يترجح عندي القول الأول أنه لا يجوز ولو لبائعه. ولا يصح التصرف فيه بإجارة ولا هبة، ولا رهن، ولا الحوالة

عليه، ولا الاعتياض عنه، ولا غير ذلك من التصرفات حتى يقبضه؛ لما ورد عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا ابتعت طعامًا فلا تبعه حتى تستوفيه» رواه أحمد ومسلم، وعن أبي هريرة قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُشترى الطعام، ثم يباع حتى يُستوفى» رواه أحمد ومسلم، ولمسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اشتر طعامًا، فلا يبعه حتى يكتاله» ، وعن حكيم بن حزام قال: قلت: يا رسول الله، إني أشتري بيوعًا فما يحل لي منها، وما يحرم علي؟ قال: «إذا اشتريت شيئًا، فلا تبعه حتى تقبضه» رواه أحمد. وعن زيد بن ثابت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تُباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم» رواه أبو داود والدارقطني. وروى عثمان بن عفان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا بعت فكِلْ، وإذا ابتعتَ فاكتل» رواه البخاري. وعن جابر قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان صاع البائع، وصاع المشتري» رواه ابن ماجه. وعن ابن عمر قال: كانوا يتبايعون الطعام جزافًا بأعلى السوق، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعوه حتى ينقلوه. رواه الجماعة إلا الترمذي وابن ماجه، ولفظ في «الصحيحين» : «حتى يحولوه» وللجماعة إلا الترمذي: «من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه» ولأحمد: «من اشترى طعامًا بكيل أو وزن، فلا يبعه حتى يقبضه» ولأبي داود والنسائي:

«نهى أن يبيع أحد طعامًا اشتراه بكيل حتى يستوفيه» . وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَن ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه» . قال ابن عباس: ولا أحسب كل شيء إلا مثله. رواه الجماعة إلا الترمذي، وفي لفظ في «الصحيحين» : «من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يكتاله» . ويصح قبض مبيع بكيل أو وزن، أو عد أو ذرع جزافًا إن علم المتعاقدان قدره، لحصول المقصود به؛ ولأنه مع علمه قدره كالصبرة المعينة، ويصح عتق الرقيق المبيع بعَدّ قبل قبضه، لقوته وسرايته، ويصح جعل المبيع بنحو كيل مهرًا، ويصح خلع عليه ووصية به لاغتفار الغرر فيهما. وينفسخ عقد البيع في مبيع بكيلٍ، أو وزنٍ أو عدٍ، أو ذرع تلف بآفة سماوية لا صُنْعَ لآدمي فيها قبل قبضه؛ لأنه –عليه الصلاة والسلام- نهى عن ربح ما لم يضمن. والمراد به ربح ما بيع قبل القبض، ويخير مشتر إن تلف بعضه، وبقي منه شيء بين أخذ الباقي بقسطه من الثمن، أو رده وأخذ الثمن كله لتفريق الصفقة، وإن تلف مبيع بنحو كيل أو عاب قبل قبضه بإتلاف مشتر أو تعييبه له، فلا خيار له؛ لأن إتلافه كقبضه وإذا عَيَّبَهُ، فقد عيب مال نفسه، فلا يرجع بأرشه على غيره، وإن تلف أو تعيب بفعل بائع، أو بفعل أجنبي غير بائع ومشتر يخير مشتر بين فسخ بيع،

ويرجع على بائع بما أخذ من ثمنه؛ لأنه مضمون عليه إلى قبضه، وبين طلب إمضاء بيع، وطلب متلف بمثل مثلي، وقيمة متقوم مع تلف في مسألة الإتلاف أو إمضاءٍ ومُطالبةُ مُعَيِّبِهِ بأرش نقصٍ مَعَ تَعَيُّبٍ في مسألة التعيب، لتعديهما على ملك الغير، ولا ينفسخ بتلفه بفعل آدمي بخلاف تلفه بفعله تعالى؛ لأنه لا مقتضى للضمان سوى حكم العقد بخلاف إتلاف الآدمي، فإنه يقتضي الضمان بالبدل إن أمضى العقد، وحكم العقد يقتضي الضمان بالثمن إن فسخ، فكانت الخيرة للمشتري بينهما، والتالف من مال بائع؛ لحديث: «نهى عن ربح ما لم يضمن» . قال الأثرم: سألت أبا عبد الله عنه، قال: هذا في الطعام وما أشبهه من مأكول ومشروب، فلا يبعه حتى يقبضه. فلو بيع أو أخذ بشفعة مبيع اشترى بثمن يتعلق به حق توفية من مكيل وموزون، ومعدود ومذروع، كما لو اشترى عبدًا أو شقصًا مشفوعًا بنحو صبرة بر على أنها عشرة أقفزة، ثم باع العبد، أو أخذ الشقص، ثم تلف الثمن وهو الصبرة بآفة قبل قبضه، انفسخ العقد الأول الواقع بالصبرة، لتلفها قبل قبضها، كما لو كانت مثمنًا دون العقد الثاني، ولم يبطل الأخذ بالشفعة لتمامه قبل فسخ الأول، وغرم المشتري الأول للعبد أو الشقص بالصبرة للبائع لهما قيمة المبيع الذي هو العبد أو الشقص، لتعذر رده عليه، وكذا لو أعتق عبدًا، أو أحبل أمة

اشتراها بذلك، ثم تلف، وأخَذَ المشتري الأول من الشفيع مثل الطعام التَالف؛ لأنه ثمن الشقص ومَن اشترى العبدُ منه ما وقع عليه عقده، أو خلطه بما لا يتميز كَبُرٍ بِبُرٍ، وزيت بزيت، لم ينفسخ البيع بالخلط، لبقاء عينه والمشتري ومالك ما اختلط به المبيع شريكان في المختلط بقدر ملكيهما ولمشتر الخيار لِعَيْبِ الشركة. وما عدا ما اشتري بكيل أو وزن، أو عد أو ذرع يصح التصرف فيه قبل قبضه؛ لما ورد عن ابن عمر قال: قلت: يا رسول الله، إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير، وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير، آخذ هذا من هذا، وأعطي هذا من هذا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا بأس أن تؤخذ بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء» رواه الخمسة، وصححه الحاكم. ووجه الدلالة منه أنه تصرف في الثمن قبل قبضه، وهو أحد العوضين، فدل على الجواز. ويعضده أنه –عليه السلام- اشترى من جابر جَمَلَه، فوهبه له قبل قبضه، واشترى - صلى الله عليه وسلم - ناقة فوهبها لعبد الله بن عمر قبل قبضها. وعن أحمد رواية أخرى: لا يجوز بيع شيء قبل القبض، اختارها ابن عقيل، وروي ذلك عن ابن عباس، وهو قول أبي حنيفة والشافعي إلا أن أبا حنيفة اختار بيع العقار قبل قبضه؛ لما روى

حكيم بن حزام قال: قلت: يا رسول الله، إني أشتري بيوعًا فما يحلي لي منها، وما يحرم عليَّ؟ قال: «إذا اشتريت شيئًا فلا تبعه حتى تقبضه» رواه أحمد. إلا المبيع بصفة أو رؤية متقدمة؛ لحديث: «الخراج بالضمان» وهذا المبيع ربحه للمشتري، فضمانه عليه إلا أن منع المشتري البائعُ من قبضه، فعليه ضمانه، كغاصب، أو كان المبيع ثمرًا على شجر على ما يأتي، أو كان مبيعًا بصفة أو رؤية متقدمة، فتلفه من ضمان بائع؛ لأنه يتعلق به حق توفية، أشبه ما لو اشترى بنحو كيل. وما لا يصح تصرف مشتر فيه، كمبيع بنحو كيل أو بصفة أو رؤية متقدمة ينفسخ العقد بتلفه بآفة قبل قبضه، لما تقدم. وإن تلف بفعل آدمي فعلى ما سبق، وثمن ليس في ذمة وهو المعين، كمثمن في حكمه السابق، فلو اشترى شاة بشعير، فأكلته قبل قبضه؛ فإن لم تكن بيد أحد، انفسخ البيع، وإن كانت بيد بائع، فكقبضه، وإن كانت بيد مشتر، أو أجنبي خير بائع كما مر، وما في الذمة من ثمن ومثمن له أخذ بدله إن تلف قبل قبضه، ويصح بيعه وهبته لمن هو عليه غير سلم، ويأتي لاستقراره في ذمته.

وحكم كل عوض ملك بعقد موصوف بأنه ينفسخ بهلاكه العوض قبل قبضه، كأجرة معينة في إجارة وعوض معين في صلح بمعنى بيع ونحوهما، كعوض معين بشرط في هبة حُكْمُ عِوَضٍ في بيع في جواز التصرف إن لم يحتج لحق توفية، ولم يكن بصفة أو رؤية متقدمة، وفي منع التصرف فيما يحتاج لحق توفية، أو كان بصفة أو رؤية متقدمة، وكذا حكم عوض لا ينفسخ عقده بهلاكه قبل قبضه، كعوض خلع وعتق، وكمهر، ومصالح به عن دم عَمد، وأرش جناية، وقيمة متلف ونحوه، كعوض طلاق في جواز التصرف فيه قبل قبضه، ومنعه إلحاقًا له بعقد البيع؛ لكن يجب بتلف العوض الذي لا ينفسخ العقد بهلاكه مثله إن كان مثليًا أو قيمته إن كان متقومًا لبقاء العقد، وتعذر تسليمه، ولو تعين ملك جائز التصرف في موروث أو وصية أو غنيمة، فله التصرف فيه قبل قبضه، لتمام ملكه عليه، وعدم توهم غرر الفسخ فيه، وكذا وديعة، ومال شركة وعارية، فيجوز التصرف فيها قبل قبضها لما تقدم، وما قبضه شرط لبقاء صحة عقده، كصرف ورأس مال سلم لا يصح تصرفه فيه قبل قبضه؛ لأن ملكه عليه غير تام، أشبه ملك غيره، ويحرم ولا يصح تصرف في مقبوض بعقد فاسد؛ لأن وجوده كعدمه، فلا ينتقل الملك فيه، ويضمن هو وزيادته من ولد

وثمرة وكسب وغيرها. من النظم مما يتعلق في حكم قبض المبيع والتصرف فيه وسبعة أشيا القبض شرط لزومها ... هبات وقرض ثم مال الربا اعدد ورهن وأثمان الذي فيه أسلموا ... ولا ملك قبل القبض في ذي لقصد وللمشتري بعد انقضاءٍ لمدة ... التَّخَيُّرْ بلا فسخ تصرف مقصد وذلك في العين المميز مطلقًا ... في الأولى وبعد القبض في غيره قد وقبض الذي بالكيل بعت بكيله ... وموزونه وزنًا ومعدوده اعدد ومذروعه ذرعًا وكل تصرف ... بذا قبل تسليم بما قيل فاردد ولو كان ما قد بعته من معين ... كمد كذا من صبرة عينت طد وما علما مقداره جاز قبضه ... جزافًا وفي المكيال قولين أسند وما شرطه التقبيض إن يتْو قَبل ... بالسماوي فممن باع والبيع فسد وما بعضه يتوى وَهَي فيه قدره ... وللمشتري التخيير في سالم قد وإن يختلط مِن غير مَيْزٍ بغيره ... وَهَي العقد في الوجه الصحيح المجود وإن بائع أراده أو غيره فللذي ... ابتاع فسخ وارتجاع المنقد إن يشأ الإمضا وقيمة متلف ... أو المثل في المثلي في مال مفسد وما ابتعته بالوصف أو ماض رؤية ... فمثل مكيل والموزَّنَ فاعدد

وإن يتو ما قد بعت منه مقدرًا ... سوى قدره فالسالم المشتري قد ككر وعنه كالإما عين صبرة ... وكالقبض أتوى المشتري مشتر طد فمن يشتر المطعوم يا صاح صبرة ... فمن قبل قبض لا يبعه بأوكد وإن تشر أثمارًا صلاحها مبتدي ... فبعها إن تشا من قبل قطع بأوطد وقيل إن توى من قبل قبض مقدر ... فمن بائع والغير من مشتر طد وغير الذي سقناه من قبل قبضه ... التصرف فيه جائز في المؤكَّد وإتلافه من مال مبتاعه وما ... مُلكْ بنكاح أو عتاقه أعبد وخذ مثل مثلي وقيمة متلف ... سواه وما عقدًا لهذا بمفسد وما حزته الإرث أو بوصية ... إذا شئت قبل القبض بع لم تصدد وتضمن مقبوضًا لعرض مثمنًا ... وما لم يثمن أو يساوم بأبعد وما قبضه شرط لصحة عقده ... كصرف فلا تصرفَّن قبل يفسد ولا يملك المقبوض في فاسد ولا ... تصرفه فيه حلال لمهتد ومع أجر نفع أدّ قيمة تالف ... ونقص وما ينمي بوجهين أسند ولا حد بل مهر وأرش بكارة ... بوطء الإما والولد حر لمولِدِ بقيمة إن يبد حيًا وميتًا ... ليلغ وإن يهلك بضربة معتدي فغرة الزمه كمالك أمه ... كقيمته منها وتوريث أزيد

س39: بم يحصل قبض ما بيع بكيل أو نحوه؟ , وما الذي يشترط لذلك؟ وتكلم عن وعاء المستحق، وزلزلة الكيل، وقبض وكيل من نفسه لنفسه، وإذا وجد قابض زائدا أو ناقصا، أو أذن لغريمه في الصدقة بدينه عنه، أو قال: تصدق عني بكذا، أو أتلف المبيع مشتر، أو متهب لعين موهوبة أو غصب بائع ثمنا، أو أخذه بلا إذن، فما الحكم؟ وعلى من أجرة الكيال ونحوه؟ وبم يحصل قبض الصبرة؟ وما ينتقل وما يتناول؟ والأراضي والبناء والشجر، وما الذي يعتبر لقبض المشاع؟ وإذا امتنع الشريك عن شيء يجب عليه، أو سلم البائع المبيع بلا إذن الشريك فما الحكم؟ واذكر الدليل والتعليل، والضابط والتفصيل، ومثل لما يتضح إلا بالتمثيل، وتعرض للخلاف والترجيح.

فصل في قبض المبيع س39: بم يحصل قبض ما بيع بكيل أو نحوه؟ , وما الذي يشترط لذلك؟ وتكلم عن وعاء المستحق، وزلزلة الكيل، وقبض وكيل من نفسه لنفسه، وإذا وجد قابض زائدًا أو ناقصًا، أو أذن لغريمه في الصدقة بدينه عنه، أو قال: تصدق عني بكذا، أو أتلف المبيع مشتر، أو متهب لعين موهوبة أو غصب بائع ثمنًا، أو أخذه بلا إذن، فما الحكم؟ وعلى من أجرة الكيال ونحوه؟ وبم يحصل قبض الصبرة؟ وما ينتقل وما يتناول؟ والأراضي والبناء والشجر، وما الذي يعتبر لقبض المشاع؟ وإذا امتنع الشريك عن شيء يجب عليه، أو سلم البائع المبيع بلا إذن الشريك فما الحكم؟ واذكر الدليل والتعليل، والضابط والتفصيل، ومثل لما يتضح إلا بالتمثيل، وتعرض للخلاف والترجيح. ج: يحصل قبض ما بيع بكيل أو وزن، أو عد أو ذرع بالكيل والوزن، والعد والذرع؛ لحديث أحمد عن عثمان مرفوعًا: «إن بعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل» رواه البخاري تعليقًا، وحديث: «إذا سميت الكيل فكل» رواه الأثرم. ولا يعتبر نقله بعد بشرط حضور مستحق الكيل ونحوه، لما تقدم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا ابتعت فاكتل» أو حضور نائب المستحق لقيامه مقامه. وَوعَاه المستحق كيده؛ لأنهما لو تنازعا ما فيه كان لربه، فإذا وضع في وعائه

بحضرته، فهو من ضمانه ولو لم يتناوله أو يحوله إلا إذا وضع في الوعاء بغير حضور مستحق أو نائبه؛ لأنه الحضور شرط، وتكره زلزلة الكيل، لاحتمال الزيادة على الواجب بها، وحملاً على العرف، وفي «الغاية» : ما لم يحصل بها زيادة محققة، فيحرم فعلها؛ لقوله تعالى: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] ، ويصح قبض وكيل من نفسه لنفسه، بأن يكون لمدين وديعة عند رب الدين من جنسه، فيوكله في أخذ قدر حقه منها؛ لأنه يصح أن يوكله في البيع من نفسه، فصح أن يوكله في القبض منها إلا ما كان من غير جنس ماله، بأن كان الدين دنانير، والوديعة دراهم، فلا يأخذ منها عوض الدنانير؛ لأنه معاوضة تحتاج إلى عقد، ولم يوجد. ويستحق استنابةُ من عليه الحق للمستحق، بأن يقول من عليه حق لربه: اكتل من هذه الصبرة، ومتى وجد المقبوضَ قابضٌ زائدًا قدرًا لا يتغابن به عادة، أعلم القابضُ المُقَبِّض بالزيادة وجوبًا ولم يجب عليه الرد بلا طلب، وإن قبض المكيل ونحوه جزافًا ثقة بقول باذل: إنه قدر حقه، ولم يحضر كيله أو ووزنه، ثم أخبره ووجده ناقصًا، قبل قول القابض في قدر نقصه إن لم يخرج عن يده؛ لأنه منكر، فالقول قوله بيمينه إن لم تكن بينة وتلف، أو اختلفا في بقائه على حاله، وإن اتفقا على بقائه بحاله اعتبر بالكيل أو نحوه. وإن صدقه

قابض في قدر الكيل ونحوه، برئ مقبض من عهدته، فمتلفه على قابض، ولا تقبل دعوى نقصه بعد تصديقه، ولا يتصرف فيه قابض قبل اعتباره، لفساد القبض؛ لأن قبضه بكيله ونحوه مع حضور مستحقه أو نائبه ولم يوجد، ولو أذن رب دين لغريمه في الصدقة بدينه عنه، أو في صرفه أو الشراء به ونحوه، لم يصح الإذن، ولم يبرأ مدين بفعل ذلك؛ لأن الآذن لا يملك شيئًا مما يد غريمه إلا بقبضه ولم يوجد، فإذا تصدق، أو صرف، أو اشترى بما ميزه لذلك، فقد حصل بغير مال الآذن، فلم يبرأ به. ومن قال الآخر ولو لغريمه: تصدق عني بكذا، أو اشتر لي به ونحوه، ولم يقل: من ديني، صح؛ لأنه لا مانع منه، وكان قوله ذلك اقتراضًا من المأذون له، وتوكيلاً له في الصدقة ونحوها به؛ لكن يسقط من دين غريم أذن في ذلك بقدر المأذون فيه بالمقاصة بشرطها وإتلاف مشتر لمبيع ولو غير عمد قبض، وإتلاف متهب لعين موهوبة بإذن واهب قبض؛ لأنه ماله، وقد أتلفه، وليس غصب المشتري معيبًا داخلاً في ضمانه إلا بقبضه، ولا غصب موهوب له عينًا وهبت له قبضًا، فلا يصح تصرفه في ذلك لعدوانه، وكذا غصب بائع من مشتر ثمنًا بذمة، أو كان معينًا من نحو مكيل، كموزون قبل اعتباره، أو أخذ البائع الثمن من مال مشتر بلا إذن منه ليس قبضًا للثمن، بل غصب؛ لأن حقه لم

يتعين فيما قبضه، كغصب البائع ثمنًا غير معين إلا مع المقاصة، بأن أتلفه أو تلف بيده، وكان موافقًا لماله على المشتري نوعًا وقدرًا، فيتساقطان وكذا إذا رضي مشتر بجعله عوضًا عما عليه من الثمن. وأجرَةُ كيَّال لمكيل، ووزَّان لموزونٍ، وعدَّادٍ لمعدودِ، وذراعٍ لمذروعٍ، ونقَّادٍ لمنقود قبل قبضها، ونحوهم كتفية ما يحتاج إليها على باذلٍ بائع أو غيره؛ لأنه تعلق به حق توفية، ولا تحصل إلا بذلك، أشبه السقي على بائع الثمرة، وأجرة نقل لمبيع منقول على آخذ؛ لأنه لا يتعلق به حق توفية؛ ولأنه من مصلحته. وأجرة دلال على بائع إلا مع شرط، ولا يَضمن ناقدٌ حاذقٌ أمين خطأ مُتبرعًا كان أو بأجرة؛ لأنه أمين. ويحصل قبض في صبرة بيعت جزافًا بنقل، وفي ما ينقل بنقل، وفي حيوان بتمشيته، وفيما يتناول كدنانير ودراهم وكتب بتناول باليد، وفي غير المذكور، كأرض وبناء وشجر بتخلية بائع بينه وبين مشتر بلا حائل، بأن يفتح له باب الدار، أو يسلمه مفتاحها ونحوه. ولو كان بالدار متاع بائع؛ لأن القبض مطلق في الشرع، فيرجع فيه إلى العرف كالحرز والتفرق؛ لكن يعتبر في قبض مشاع، فيرجع فيه إلى العرف كالحرز والتفرق؛ لكن يعتبر في قبض مشاع، كثلث ونصف مما ينقل، كنصف فرس أو بعير إذن شريكه؛ لأن قبضه نقله ولا يتأتى إلا بنقل حصة شريكه، والتصرف في مال الغير بغير إذنه حرام، فلو

أبى الشريك الإذن في قبضه، وَكَّلَ مُشتر في قبضه، فإن أبى مشتر أن يوكل فيه، أو أبى الشريك، نَصَبَ حاكمٌ مَن يقبض لهما أمانة أو بأجرة، وأجرها عليهما مراعاة لحقهما، فلو سلمه بائع بلا إذن شريكه، فالبائع غاصب لحصة شريكه، لتعديه بتسليمها بلا إذنه، وقرار الضمان فيه إن تلف على البائع، لتغريره المشتري ما لم يعلم آخذ وهو المشتري أنَّ للبائع شريكًا لم يأذن في تسليم حصته؛ فإن علم فقرار الضمان عليه، وكذا إن جهل المشتري الشركة، أو علمها وجهل وجوب الإذن، ومثله يجهله، فقرار الضمان على البائع. من النظم مما يتعلق في قبض المبيع وقبضك في المنقول بالنقل والذي ... يُناول بالأيدي التناول باليد فتمتع قبل النقل من بيع صبرة ... شريت وعنه بل يجوز فبعد وفي حيوان مشيُه من مكانه ... وفي الأرض تمكينٌ بغير مصدد وكل مبيع قبضه في رواية ... بتمكينه منه وتمييزه قد وفي مال كلٍّ غرمُ إيفاء واجب ... لصاحبه تقبيضه منه فاشهد وما ابتعته بالكر من صبرة متى ... تبعه فتتلف صبرة قبل مورد

س40: ما هي الإقالة؟ وما حكمها؟ وما دليلها؟ وهل هي فسخ أم بيع؟ وما الذي تصح به الإقالة، والذي تصح منه؟ وهل يعتبر لها شروط؟ وما هي الألفاظ التي تصح بها، وهل فيها خيار أو شفعة؟ وهل يحنث بها من حلف لا يبيع أو يبر من حلف ليبيعن؟ وضح جميع ما يتعلق بالإقالة وعلى من مؤنة رد مبيع تقايلاه؟ وهل تمنع رجوع أب في هبة؟ وما هي المسائل التي لا تصح معها الإقالة؟ وما حكمها من الوكيل ومؤجر الوقف؟ ولمن النماء الحاصل والكسب؟

فأول عقديك افسخن حسب واضمنن ... من ابتعته بالكر قيمته قد وفسخ على المنصور رد إقالة ... أقل قبل قبض والشفيع ليطرد ولا تتزيد فوق ما ابتعته به ... وعنه شرً فاعكس وفي وجه ازدد س40: ما هي الإقالة؟ وما حكمها؟ وما دليلها؟ وهل هي فسخ أم بيع؟ وما الذي تصح به الإقالة، والذي تصح منه؟ وهل يعتبر لها شروط؟ وما هي الألفاظ التي تصح بها، وهل فيها خيار أو شفعة؟ وهل يحنث بها من حلف لا يبيع أو يبر من حلف ليبيعن؟ وضح جميع ما يتعلق بالإقالة وعلى من مؤنة رد مبيع تقايلاه؟ وهل تمنع رجوع أب في هبة؟ وما هي المسائل التي لا تصح معها الإقالة؟ وما حكمها من الوكيل ومؤجر الوقف؟ ولمن النماء الحاصل والكسب؟ ج: الإقالة: قال ابن سيده: الإقالة في البيع: نَقْضُه وإبطالُه، وقال الفارسي: معناه أنك رددت ما أخذت منه، وردَّ عليك ما أخذ منك، والأفصح أقالهُ إقالةً، ويقال: قاله بغير ألف. إقالة النادم مستحبة؛ لما ورد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أقال مسلمًا بيعته أقال الله عثرته يوم القيامة» رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان في «صحيحه» واللفظ له، والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما، وفي رواية لابن حبان:

«من أقال مسلمًا عثرته، أقال الله عثرته يوم القيامة» . وفي رواية لأبي داود في «المراسيل» : «من أقال نادمًا أقال الله نفسه يوم القيامة» ، وعن أبي شريح - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أقال أخاه بيعًا أقال الله عثرته يوم القيامة» رواه الطبراني في «الأوسط» . والإقالة: فسخ العقد لا بيع؛ لأنها عبارة عن الرفع والإزالة بدليل جوازها في السلم مع إجماعهم على المنع من بيعه قبل قبضه، فتصح الإقالة قبل قبض ما بيع من نحو مكيل، كموزون ومعدود ومذروع، ومبيع في ذمة، أو بصفة، أو رؤية متقدمة. وفي سلم قبل قبضه، وبعد نداء الجمعة، كسائر الفسوخ. وتصح الإقالة من مضارب وشريك ولو بلا إذن رب المال، والشريك الآخر، وتصح من مفلس بعد حجر الحاكم عليه، ومن ناظر وقف، ومن ولي يتيم لمصلحة فيهن؛ لأنها مطلوبة شرعًا، ومن وكل في بيع فباع، لم يملك الإقالة بغير إذن موكله، أو وكل في شراء، فاشترى، لم يملك الإقالة بغير إذن الموكل؛ لأنه لم يوكل في الفسخ، وتصح الإقالة في الإجارة، كما تصح في البيع، وتصح الإقالة من مؤجر وقف إن كان الاستحقاق له كله؛ لأنه كالمالك له، قال في «شرح الإقناع» : وظاهره إن كان الاستحقاق مشتركًا أو لمعين غيره، أو كان الوقف على جهة، لم تصح الإقالة، وعمل الناس على خلافه، وفي «الفروع» : في الحج من استُؤجر عن ميت يعني

ليحج عنه إن قلنا: تصح الإجارة، فهل تصح الإقالة؛ لأن الحق للميت؟ يتوجه احتمالان، قال في «تصحيح الفروع» : الصواب الجواز؛ لأنه قائم مقامه، فهو كالشريك والمضارب. اهـ. وتصح الإقالة بلا شروط بيع من معرفة المقال فيه، ومن القدرة على تسليمه وتمييزه عن غير، كما يصح الفسخ لخيار مع عدم ذلك، وتصح الإقالة بلفظها، وبلفظ صلح، وبلفظ بيع، وبما يدل على معاطاة؛ لأن القصد المعنى، فيكتفي بما أداه كالبيع، ولا خيار في الإقالة لا لمجلس ولا غيره؛ لأنها فسخ والفسخ لا يفسخ، ولا شفعة فيها، كالرد بالعيب، ولا يحنث بها من حلف لا يبيع؛ لأنها فسخ، ولا يبر بها من حلف ليَبيعَنَّ. وتصح مع تلف ثمن لا مع تلف مبيع، لتعذر الرد فيه، ولا تصح مع موت المتعاقدين أو أحدهما، ولا تصح بزيادة على الثمن المعقود به، أو مع نقصه، أو بغير جنسه؛ لأن مقتضى الإقالة رد الأمر إلى ما كان عليه ورجوع كل منهما إلى ما كان له، والملك باق للمشتري؛ أنه شرط التفاضل فيما يعتبر فيه التماثل، فبطل، كبيع درهم بدرهمين، وإن طلب أحدهما الإقالة، وأبى الآخر، فاستأنفا بيعًا، جاز بزيادة عن الثمن الأول، ونقص عن الثمن الأول، وبغير جنسه، والفسخ بالإقالة أو غيرها رفع عقد من حين فسخ، لا من أصله كالخلع والطلاق، فما حصل من كسب ونماء منفصل، فللمشتري؛ لحديث: «الخراج

بالضمان» ولا ينفذ حكم حاكم بصحة عقد بيع فاسد بعد تقايل، لحصول فسخ العقد وارتفاعه، فلم يبق ما يحكم به.

باب الربا والصرف

باب الربا والصرف س41: ما هو الربا؟ وما حكمه؟ وما دليله؟ وما هي أنواعه؟ ج: الربا مقصور، وأصله: الزيادة، قال الجوهري: رَبَا الشيءُ يَربُو رُبوًا: إذا زاد، قال الله تعالى: {فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [الحج: 5] أي: علت وارتفعت. وقال: {أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ} [النحل: 92] . أي أكثر. وقال تعالى: {فَلاَ يَرْبُو عِندَ اللَّهِ} [الروم: 39] . أي: لا يزيد. وهو محرم بالكتاب والسُّنة والإجماع، قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 275] . ثم قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [البقرة: 278] .

وأما الأدلة من السُّنة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجتنبوا السبع الموبقات» وذكر منها: «أكل الربا» متفق عليه. وعن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه» رواه الخمسة، وصححه الترمذي، غير أن لفظ النسائي: آكل الربا وموكله، وشاهداه، وكاتبه إذا علموا ذلك ملعونون على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة» ، وعن عبد الله بن الحنظلية غسيل الملائكة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشدُّ من ست وثلاثين زَنيَة» رواه أحمد. وعن جابر - رضي الله عنه - قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه» ، وقال: «هم سواءٌ» رواه مسلم. وعن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رأيت الليلة رجلين أتياني، فأخرجاني إلى أرض مقدسة، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه ورجل قائم، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج رمي الرجل بحجر في فيه، فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى فيه بحجر، فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا؟ فقال: الذي رأيه في النهر آكل الربا» رواه البخاري في «صحيحه» .

س42: تكلم بوضوح عما يجري فيه الربا وما لا يجري فيه، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر ما في ذلك من خلاف.

وأجمعت الأمة على أن الربا محرم، وهو من الكبائر، لعده - صلى الله عليه وسلم - له في السبع الموبقات. وهو شرعًا: تفاضل في أشياء، كمكيل بجنسه، أو موزون بجنسه، ونساء في أشياء كمكيل بمكيل، وموزون ولو من غير جنسه مختص بأشياء، وهي المكيلات والموزونات ورد الشرع بتحريم الربا فيها. وهو نوعان ربا فضل وربا نسيئة. س42: تكلم بوضوح عما يجري فيه الربا وما لا يجري فيه، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر ما في ذلك من خلاف. ج: يحرم ربا الفضل في كل مكيل بيع بجنسه، وفي كل موزون بيع بجنسه، لعدم التماثل؛ لما روى عبادة بن الصامت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبُرُّ بالبُّرِّ، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مِثْلاً بمثل يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم يدًا بيد» رواه أحمد ومسلم. وعن أبي سعيد مرفوعًا: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح مِثْلاً بمثل، يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد، فقد أربى، الآخذ والمعطي سواء» رواه أحمد والبخاري.

واختلف في العلة التي لأجلها حرم الربا في هذه الأصناف الستة، فالأشهر عن الإمام وعامة الأصحاب أن علة الربا في النقدين كونهما موزوني جنس، وفي الأعيان الباقية كونها مكيلات جنس، فيجري الربا في كل مكيل أو موزون بجنسه مطوعًا، كان أو غير مطعوم، وبذلك قال أبو حنيفة؛ لحديث عبادة المتقدم؛ ولحديث أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلاً على خيبر، فجاءهم بتمر جنيب، فقال: «أكل تمر خيبر هكذا؟» قال: إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، فقال: «لا تفعل، بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبًا» ، وقال: «في الميزان مثل ذلك» متفق عليه. قال في «شرح المنتقى» على الحديث: وقال المصنف –رحمه الله-: وهو حجة في جريان الربا في الموزونات كلها؛ لأن قوله: «في الميزان» ، أي: في الموزون، وإلا فنفس الميزان ليست من أموال الربا. انتهى. وقد ترجم البيهقي لحديث أبي سعيد: باب من قال بجريان الربا في كل ما يُكال ويُوزن، وفي كتاب «رحمة الأمة» : الأعيان المنصوص على تحريم الربا فيها بالإجماع ستة، هي: الذهب والفضة، والبر والشعير، والتمر والملح، فالذهب والفضة يحرم فيها الربا عند الشافعي بعلة واحدة لازمة، وهي أنهما من جنس الأثمان، وقال أبو حنيفة: العلة فيهما جنس موزون، فيحرم الربا في سائر الموزونات؛ وأما الأربعة الباقية، ففي علتها

للشافعي قولان الجديد أنها مطعومة، فيحرم الربا في الأدهان، والماء على الأصح والقديم أنها مطعومة أو مكيلة أو موزونة. وقال أهل الظاهر: الربا غير معلل، وهو مختص بالنصوص عليه، وقال أبو حنيفة: العلة فيها أنها مكيلة في جنس، وقال مالك: العلة القوة، وما يصلح للقوت في جنس مدخر، وعن أحمد روايتان، إحداهما كقول الشافعي، والثانية كقول أبي حنيفة، وقال ربيعة: كل ما يجب فيه الزكاة يحرم فيه الربا. اهـ. وقال الشيخ تقي الدين: العلة في تحريم ربا الفضل الكيل أو الوزن مع الطعم، ورجح ابن القيم في كتابه «الإعلام» من هذه الأقوال قول الإمام مالك. اهـ. وإنما جعل العلة ما ذكر؛ لأن أخص أوصاف الأربعة المذكورة، ونظم بعض المالكية ما فيه ربا النساء وربا الفضل عند مالك في بيتين، وهما: رباء نسا في النقد حَرِّمْ ومِثْلُهُ ... طعامٌ وإن جنساهما قد تعددا وخُصَّ ربا فضل بنقدٍ ومثلُه ... طعامُ الربا إن جنس كلٍ تّوحدا والأشياء التي لا ربا فيها: 1- الماء لإباحته أصلاً، وعدم تموله عادة. 2- ما لا يوزن، لصناعة كأسطال، ومعمول من حديد كسكاكين، ومعمول من قطن كثياب، ومعمول من حرير وصُوف،

وشعر وَوَبَر، فيجوز بيع سكين بسكينين وإبرة بإبرتين ونحوه، وكذا فلس بفلسين، ولا ربا في مطعوم لا يكال ولا يوزن، كالبطيخ والجوز، والقثاء والخيار، والبيض والرمان، والتفاح؛ لما روى سعيد بن المسيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ربا إلا فيما كيل، أو وزن مما يؤكل أو يشرب» أخرجه الدارقطني، وقال: الصحيح أنه من قوله، ومن رفعه فقد وهم. ولا الأوني لخروجها عن الكيل والوزن، ولعدم النص والإجماع، وهو قول الثوري، وأبي حنيفة، وأكثر أهل العلم، وهذا هو الصحيح، قاله في «الشرح» من غير ذهب وفضة فيجري فيهما للنص عليهما. وجَيِّدُ الربوي ورديئه، وتبره ومضروبه، وصحيحه ومكسوره في جواز البيع متماثلاً، وتحريمه متفاضلاً سَوَاءٌ إلا بمثله وزنًا سواء ماثله في الصناعة أو لا؛ لعموم الخبر، وجَوَّز الشيخ بيع مصنوع مباح الاستعمال، كخاتم ونحوه بيع بجنسه بقيمته حالاً جعلاً للزائد عن وزن الخاتم في مقابلة الصنعة، فهو كالأجرة، وكذا جوزه، أي: بيع الخاتم بجنسه بقميته نساء ما لم يقصد كونهما ثمنًا؛ فإن قصد ذلك، لم يجز للنساء، وفي «الاختيارات الفقهية» : وما خرج عن القوت بالصنعة، فليس بربوي ولا بجنس نفسه، فَيباع خبز بهريسة، وزيت بزيتون، وسمسم بشيرج. اهـ. والمذهب ما يأتي أنه لا يصح.

س43: تكلم بوضوح عما يلي: الجنس، النوع، وهل يكون النوع جنسا والجنس نوعا؟ بيع صبرة بجنسها بيع حب جيد بخفيف أو مسوس. بيع مكيل بجنسه وزنا، أو موزون بجنسه كيلا. حكم البيع إذا اختلف الجنس. بيع لحم بمثله. بيع عسل بمثله، بيع فرع معه غيره لمصلحته. بيع فرع بأصله. ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح، وجميع ما يتعلق بما ذكر من المسائل.

وفي «المغني» و «الشرح» : وإن قال للصائغ: صغ لي خاتمًا وزنه درهم، وأعطيك مثل زنته وأجرتك درهمان، فليس ذلك بيع درهم بدرهمين، قال أصحابنا: وللصائغ أخذ الدرهمين أحدهما في مقابلة فضة الخاتم، والآخر أجرة له في نظير عمله، وجزم بمعناه في «المنتهى» . الجنس والنوع وأمثلة لما يصح بيعه س43: تكلم بوضوح عما يلي: الجنس، النوع، وهل يكون النوع جنسًا والجنسُ نوعًا؟ بيع صبرة بجنسها بيع حب جيد بخفيف أو مسوس. بيع مكيل بجنسه وزنًا، أو موزون بجنسه كيلاً. حكم البيع إذا اختلف الجنس. بيع لحم بمثله. بيع عسل بمثله، بيع فرع معه غيره لمصلحته. بيع فرع بأصله. ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح، وجميع ما يتعلق بما ذكر من المسائل. ج: الجنس ما شمل أنواعًا، أي أشياء مختلفة بالحقيقة، والنوع: ما شمل أشياء مختلفة بالشخص، وقد يكون النوع جنسًا باعتبار ما تحته، والجنس نوعًا باعتبار ما فوقه. ويصح بيع صبرة من مكيل بصبرة من جنسهان كصبرة تمر بصُبْرة تمر إن علما كيلهما وتساويهما كيلاً، لوجود الشرط وهو التماثل، أو لم يعلما كيلهما ولا تساويهما وتبايعاهما مثلاً بمثل، فكيلتا فكانتا سواء

لوجود التماثل، وإن نقصت إحداهما عن الأخرى بطل؛ لكن إن بيعت صبرة من بر بصبرة من شعير مثلاً بمثل، فكيلتا فزادت إحداهما، فالخيار. قال في «الفروع» : واختار شيخنا في «الاعتصام بالكتاب والسُّنة» ما ذكره عن مالك أنه يجوز بيع الموزونات الربوية بالتحري للحاجة. انتهى. ويصح بيع حب جيد بحب خفيف من جنسه إن تساويا كيلاً؛ لأنه معيارهما الشرعي، ولا يؤثر اختلاف القيمة. ولا يصح بيع حب بحب مسوس من جنسه؛ لأنه لا طريق إلى العلم بالتماثل، والجهل به كالعلم بالتفاضل. ولا يصح بيع مكيل كتمر وبر وشعير بجنسه وزنًا، كرطل تمر برطل تمر، ولا بيع موزون كذهب وفضة بجنسه كيلاً؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الذهب بالذهب وزنًا بوزن، والفضة بالفضة وزنًا بوزن، والبر بالبر كيلاً بكيل، والشعير بالشعير كيلاً بكيل» رواه الأثرم. ولأنه لا يحصل العمل بالتساوي مع مخالفة المعيار الشرعي، للتفاوت في الثقل والخفة؛ فإن كيل المكيل، أو وزن الموزون فكانا سواءن صح البيع للعلم بالتماثل. قال في «الفائق» : قال شيخنا –ويعني به الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى-: إن بيع المكيل بشيء من جنسه وزنًا ساغ. وقال في «الفروع» : ويتوجه من جواز بيع حب بدقيقه

وسويقه جواز بيع مكيل وزنًا وموزون كيلاً، اختاره شيخنا. وقال في «الاختيارات الفقهية» : وما لا يختلف فيه الكيل والوزن مثل الأدهان يجوز بيع بعضه ببعض كيلاً ووزنًا. وعن أحمد ما يدل عليه. اهـ. ويصح البيع إذا اختلف الجنس، كتمر ببر كيلاً، ولو كان المبيع موزونًا، ووزنًا، ولو كان المبيع مكيلاً، وجزافًا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا اختلفت هذه الأشياء فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيد» رواه مسلم وأبو داود؛ ولأنهما جنسان يجوز التفاضل بينهما، فجاز جزافًا، وحديث جابر في النهي عن بيع الصبرة بالصبرة من الطعام لا يدري ما كيل هذه، وما كيل هذه. محمول على الجنس الواحد، جمعًا بين الأدلة. ويصح بيع لحم بمثله وزنًا من جنسه، رطبًا ويابسًا إذا نزع عظمه؛ فإن بيع يابس من برطبه لم يصح، لعدم التماثل، أو لم ينزع عظمه لم يصح، للجهل بالتساوي، ويصح بيع لحم بحيوان من غير جنسه. هذا أحد وجهين، وهو المذهب، وبه قال مالك؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا اختلفت هذه الأشياء فبيعوا كيف شئتم» ولأنه ليس أصله ولا جنسه، فجاز كما لو بيع بغير مأكول. والوجه الثاني: لا يجوز، وهو قول الشافعي؛ لحديث: «نهى عن بيع الحي بالميت» ذكره أحمد

واحتج به، وقال الشيخ تقي الدين: يحرم به لنسيئة عند جمهور الفقهاء، قاله في «الفروع» . ولا يصح بيع لحم بحيوان من جنسه؛ لما روى مالك عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع اللحم بالحيوان» ، قال ابن عبد البر: هذا أحسن أسانيده. وورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى أن يباع حَيُّ بميت» ذكره الإمام أحمد. وروى البيهقي عن الحسن عن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن بيع الشاة باللحم» ، وقال البيهقي بعد سياقه: هذا إسناده صحيح؛ ولأن مال ربوي بيع بما فيه من جنسه مع جهالة المقدار، وهذا مذهب مالك والشافعي، وقول الفقهاء السبعة. وحكي عن مالك أنه لا يجوز بيع اللحم بحيوان معد للحم، ويجوزه بغيره. وقال ابن القيم: وأما إذا كان الحيوان غير مقصود به اللحم، كما إذا كان غير مأكول، أو مأكولاً لا يقصد لحمه، كالفرس تباع بلحم إبل، فذا لا يحرم بيعه به. وقال أبو حنيفة: يجوز مطلقًا؛ لأنه باع مال الربا بما لا ربا فيه، أشبه بيع الحيوان بالدراهم، أو بلحم من غير جنسه، ويجوز بيع لحم بحيوان غير مأكول، كبغل وحمار. ويصح بيع عسل بمثله كيلاً إذا صُفِّيَ كل منهما من شمعه، وإلا

لم يصح، لما سبق، إن اتحد الجنس، وإلا جاز التفاضل، كعسل قصب بعسل نحل. ويصح بيع فرع من جنس مع فرع غيره لمصلحته كجبن؛ فإن فيه ملحًا لمصلحته أو منفردًا ليس معه غيره، كجبن بجبن متماثلاً وزنًا، وكسمن بسمن متماثلاً كيلاً إن كان مائعًا، وإلا فوزنًا. ويصح بيع فرع معه غيره لمصلحته، أو لا بفرع غيره، كزبد بمخيض ولو متفاضلاً، كرطل زبد برطلي مخيض لاختلافهما جنسًا بعد الانفصال، وإن كانا جنسًا واحدًا ما دام الاتصال بأصل الخلقة، كالتمر ونواه، إلا مثل زبد بسمن، فلا يصح بيعه به لاستخراجه منه. ولا يصح بيع نوع معه شيء ليس لمصلحته، ككشك بنوعه؛ لأنه كمسألة مدّ عجوة ودرهم، ولا بيع فرع معه غيره لغير مصلحته بفرع غيره، ككشك بجبن أو بهريسة، لعدم إمكان التماثل، ولا بيع فرع بأصله، كأقط أو زبد أو سمن أو مخيض بلبن لاستخراجه منه، أشبه بيع لحم بحيوان من جنسه، ولا يصح بين نوع مسته النار، كخبز شعير بنوعه الذي لم تمسه النار كعجين شعير، لذهاب النار ببعض رطوبة أحدهما، فيجهل بالتساوي بينهما.

من النظم مما يتعلق بالربا فإيَّاك إيَّاك الربا فلدرهم ... أشد عقابًا من زناك بنهد وتمحق أموال الربا وإن نمت ... ويربو قليل الحل في صدق موعد وفي بلد الإسلام يحرم مطلقًا ... وفي دار حرب ما خلا بين مهتد ومن ذوي حرب ولا أمن بينهم ... كخدعة حربٍ حصلت نيل مقصد ويختص موزون وما كيل إن بيع ... بجنس ولو نزرًا رباء التزيد وعنه بجنس الطعم أو ثمنية ... وعنه إن يكل مطعومك أو يوزنن قد فمطعوم وزن أو مكيل بجنسه ... ربا ومنافيه أبح لا تردد وما هجر المعيار فيه لصنعة ... فما من ربا فيه على المتأكد وسيان في الحكم الصحيح وضده ... وتبر ومضروب وما جادوا الردي وبيعك أموال الربا بعصيرها ... كزيت بزيتون حرام فأبعد وما لم يجز فيه التفاضل فاحظر ... النسا فيه حتمًا دون خلف تسدَّدِ وما أصله كيل أو الوزن لم يبع ... بأجناسه إلا بعرف مُقَيْدِ وعند اختلاف الجنس بع كيف شئته ... جزافًا وكيلاً أو بوزن محدّد

س44: تكلم بوضوح عن الجنس وفروعه، ومثل له، واذكر حكم ما إذا بيع دقيق الربوي دقيقه، أو مطبوخه بمطبوخه، أو عصيره بعصيره، أو رطبه برطبه، أو منزوع النوى بما فيه النوى، أو بيع منزوع نواه مع نواه بما فيه نواه، أو ما فيه النوى بما ليس فيه، أو حب بدقيق أو خبز حبه أو دقيقه أو سويقه، أو نيء الربوي بنيئه، أو أصله بعصيره، أو خالصه بمشوبه أو رطبه بيابسه. واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف.

.. حلول وتقبيض بمجلس معقد وشرط شرا كيل ووزن بمثله ... فلوسًا بها الشرطين ألْزِمْ بأوطدِ سوى عَرْضٍ وَزْنٍ بالنقودِ وصارفٍ ... وموزونهم أو ذا بذا حال معقدِ وليس بشرط قبض غير مكيلهم ... الأصح وعنه أحظر بجنس موحد وما جاز فيه الفضل جاز النساء في ... وعنه على الإطلاق دُوْنَ تَقّيُّدِ وعنه إذا ما بعته متفاضلاً الجنس وفروعه س44: تكلم بوضوح عن الجنس وفروعه، ومثل له، واذكر حكم ما إذا بيع دقيق الربوي دقيقه، أو مطبوخه بمطبوخه، أو عصيره بعصيره، أو رطبه برطبه، أو منزوع النوى بما فيه النوى، أو بيع منزوع نواه مع نواه بما فيه نواه، أو ما فيه النوى بما ليس فيه، أو حب بدقيق أو خبز حبه أو دقيقه أو سويقه، أو نيء الربوي بنيئه، أو أصله بعصيره، أو خالصه بمشوبه أو رطبه بيابسه. واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف. ج: تقدم تعريف الجنس، وأنه ما شمل أشياء مختلفة كالذهب

والفضة والبر والشعير والتمر والملح، وفروع الأجناس أجناس كالأدقة والأخباز، والأدهان والخلول ونحوها، فدقيق البر جنس، وخبزه جنس، ودقيق الشعير جنس، وخبزه جنس، وهكذا واللحم واللبن والجبن والسمن أجناس باختلاف أصولها، فلحم الإبل جنس، ولبنها جنس، ولحم البقر والجواميس جنس، ولحم الضأن والمعز جنس ولبنها جنس، وهكذا سائر الحيوانات، فيجوز بيع رطل لحم ضأن برطلي لحم بقر. والشحم والمخ والألية والقلب والطحال والرئة والكلية والكبد والأكارع أجناس، فيجوز بيع رطل شحم برطلي مخ، وهو ما يخرج من العظام، أو برطلي ألية مطلقًا؛ لأنهما جنسان، ويصح بيع دقيق ربوي كدقيق ذرة بدقيقه مثلاً بمثل إذا استويا في النعومة، لتساويهما على وجه لا ينفرد أحدهما بالنقص، فجاز كبيع التمر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبادة المتقدم: «مثلاً بمثل سواء بسواء» ، وهذا قول أبي حنيفة ومالك. وقال الشافعي: لا يجوز؛ لأنه يعتبر تساويهما حالة الكمال، وهو حال كونهما حبًا، وقد فات ذلك؛ لأن أحد الدقيقين يكون من حنطة رزينة، والآخر من خفيفة، فيستويان دقيقًا ولا يستويان حبًا. ويصح بيع مطبوخ الربوي بمطبوخه من جنسه، كرطل سمن

بقري برطل منه مثلاً بمثل. ويصح بيع خبزه بخبزه، كخبز بر بخبز بر مثلاً بمثل، إذا استويا نشافًا أو رطوبةً، لا إن اختلفا. ويصح بيع عصيره بعصيره، كمد ماء عنب بمثله، ويصح بيع رطبه برطبه، كرطب برطب وعنب بعنب مثلاً بمثل. ويصح بيع منزوع نواه من تمر وزبيب بمنزوع النوى من جنسه مثلاً بمثل، كما لو كانا مع نواهما. ولا يصح يع منزوع نواه مع نواه، بمنزوع النوى مع نواه، لزوال التبعية فهي كمسألة مد عجوة ودرهم، ولا يباع تمر بلا نوى بتمر فيه النوى، لاشتمال أحدهما على ما ليس من جنسه، ويصح بيع نوى بتمر فيه نوى، ولا يصح حب من بر وذرة ونحوها بدقيقة أو سويقه لانتشار أجزاء الحب بالطحن، فيتعذر التساوي، ولأخذ النار من السويق، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وقال مالك: يجوز بيع الحب بدقيقه، ولا يصح بيع خبز بحبه أو دقيقه أو سويقه للجهل بالتساوي؛ لما في الخبز من الماء، ولا بيع نيء الربوي بمطبوخه، كلحم نيء بلحم مطبوخ، لأخذ النار من المطبوخ، ولا يجوز بيع أصله بعصيره، كدبس بتمر، أو زيت بزيتون، لعدم التساوي، واختار ابن القيم في كتابه «الإعلام» الجواز، وهو اختيار الشيخ تقي الدين. ولا يصح بيع خالص الربوب بمشوبه، لانتفاء التساوي والجهل به، ولا بيع رطبه بيابسه، كبيع الرطب بالتمر والعنب بالزبيب والحنطة

س45: تكلم بوضوح عن المحاقلة، والمزابنة، والعرايا، واذكر ما تستحضره من شروط وأمثلة وتفاصيل ومحترزات، وما يعتبر وما لا يعتبر، وحكم ما إذا ترك العرية حتى أثمرت، واذكر الدليل والتعليل والخلاف.

المبلولة أو الرطبة باليابسة، وبه قال مالك والشافعي وصاحبا أبي حنيفة؛ لحديث سعد بن أبي وقاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن بيع الرطب بالتمر، قال: «أينقص الرطبُ إذا يبس؟» قالوا: نعم، «فنهى عن ذلك» رواه الخمسة، ومالك والشافعي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي، وصححه الترمذي، وتفرد أبو حنيفة بتجويز بيع رطبه بيابسه كيلاً. المحاقلة والمزابنة والعرايا س45: تكلم بوضوح عن المحاقلة، والمزابنة، والعرايا، واذكر ما تستحضرهُ من شروط وأمثلة وتفاصيل ومحترزات، وما يعتبر وما لا يعتبر، وحكم ما إذا ترك العرية حتى أثمرَت، واذكر الدليل والتعليل والخلاف. ج: المحاقلة: مفاعلة من الحقل، وهو: الزرع إذا تشعب قبل أن يغلظ سوقه، وقيل: الحقل: الأرض التي تزرع. قال صاحب «المطالع» : المحاقلة: كراء الأرض بالحنطة، أو كراؤها بجزء مما يخرج منها، وقيل: بيع الزرع قبل طيبه، أو بيعه في سنبله بالبر، وهو من الحقل، وهو الفدان، والمحاقل: المزارع، وفي عرف الفقهاء: هي بيع الحب المشتد في سنبله بجنسه. والمزابنة: مفاعلة من الزبن،

وهو الدفع، كان كل واحد منهما يَزْبِنُ صاحبه عن حقه بما يزداد منه. قال صاحب «المطالع» : المزابنة والزبن: بيع معلوم بمجهول من جنسه، أو بيع مجهول بمجهول من جنسه من الزبن مأخوذ، وهو الدفع. وقيل: بيع الزرع بالحنطة وبكل ثمر يخرصه، وفسرها ابن الأثير ببيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر؛ وأما العرايا فهي جمع عَرِيَّة، فعيلة بمعنى مفعولة، وهي في اللغة: كل شيء أفرد من جملة وإنما دخلت فيها الهاء؛ لأنها أفردت فصارت في أعداد الأسماء، مثل النطيحة والأكيلة، ولو جئت بها مع النخلة، قلت: نخلة عري. قال الشاعر: ليست بِسنْهَاءَ ولا رُجَّبِيَّة ... ولكن عرايا في السنين الجوائحِ قال أبو عبيد: من عراه يعريه: إذا قصده، ويحتمل أن يكون فعيلة بمعنى فاعلة، من عَرِي يَعْرَى إذا خلع ثيابهن كأنها عريت من جملة التحريم، أي: خرجت، وقال ابن عقيل: هي في الشرع بيع رُطب في رؤوس نخلة بتمر كيلاً. ولا يصح بيع المحاقلة؛ لما ورد عن جابر - رضي الله عنه - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المحاقلة، والمزابنة، والمخابرة، وعن الثنيا إلا أن تعلم» رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وصححه الترمذي، وعن أنس رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة، والمخاضرة،

والملامسة، والمنابذة، والمزابنة» رواه البخاري. لأن الحب إذا بيع بجنسه لا يعلم مقداره بالكيل، والجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل؛ فإن لم يشتد الحب، وبيع ولو بجنسه لمالك الأرض أو بشرط القطع، صح إن انتفع به، ويصح بيع حب مشتدٍ في سنبله بغير جنسه من حب وغيره، كبيع بر مشتد في سنبله بشعير أو فضة، لعدم اشتراط التساوي، ولا يصح بيع المزابنة؛ لحديث جابر المتقدم، وحديث أنس المتقدم قريبًا وهو بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر إلا في العرايا. وشروط بيع العرايا خمسة: الأول: أن يكون دون خمسة أوسق؛ لما ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزابنة، والمزابنة: بيع الرطب بالتمر، ثم أرخص في العرية، وشك في الخمسة. فيبقى على العموم في التحريم؛ ولأن العرية رخصة بنيت على خلاف النص، والقياس فيما دون الخمسة، والخمسة مشكوك فيها، فلا تثبت باجتهاد مع الشك. وروى ابن المنذر بإسناده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أرخص في بيع العرية في الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة. والتخصيص بهذا يدل على أنه لا يجوز الزيادة في العدد عليه. وقال ابن حبان: الاحتياط أن لا يزيد على الأربعة، قال الحافظ: يتعين المصير إليه. وقال مالك والشافعي في قول: يجوز في

الخمسة. ورواه إسماعيل بن سعيد عن أحمد؛ لأن في حديث سهل وزيد أنه رخص في العرايا مطلقًا، ثم استثنى ما زاد على الخمسة، وشك الراوي في الخمسة، فبقي المشكوك فيه على أصل الإباحة. الثاني: أن يكون مشتريها محتاجًا إلى أكلها رطبًا؛ لما روى محمود بن لبيد قال: قلت لزيد بن ثابت: ما عراياكم هذه؟ فسمى رجالاً محتاجين من الأنصار شَكَوْا إلى رسول الله أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطبًا يأكلونه، وعندهم فضول من التمر، فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر يأكلونه رطبًا. متفق عليه. الثالث: أن يشتريها بخرصها، للخبر؛ ولأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلاً. زتفق عيه. ولا بد أن يكون التمر معلومًا بالكيل للخبر. وفي معنى الخرص روايتان، إحداهما: أن ينظر كما يجيء منها تمر، فيبيعها بمثله؛ لأنه يخرص في الزكاة كذلك. والثانية: يبيعها بمثل ما فيها من الرطب؛ لأن الأصل اعتبار المماثلة في الحال بالكيل، فإذا خولف الدليل في إحداهما، وأمكن أن لا يخالف في الآخر وجب، ولا يجوز بيعها برطب ولا تمر على نخل خرصًا.

س46: تكلم بوضوح عما إذا باع رجل عرية من رجلين، أو اشترى إنسان عريتين فأكثر من رجلين، أو باع العرية لغني. وما هي مسألة مد عجوة؟ وما صورتها، وما حكمها، وما دليله؟ وهل يجوز بيع العرايا في غير ثمرة النخل؟ وما حكم الزيادة على القدر المأذون فيه؟ واذكر التوجيه، والدليل، والتعليل، والخلاف.

الخامس: أن يتقابضا قبل تفرقهما؛ لأنه بيع تمر بتمر، فاعتبرت فيه أحكامه إلا ما استثناه الشرع مما لم يمكن اعتباره في العرايا، والقبض فيما على النخلة بالتخلية، وفي التمر باكتياله؛ فإن كان حاضرًا في المجلس اكتاله، وإن كان غائبًا مشيًا إلى التمر فتسلم، وإن قبضه أولاً ثم مشيا إلى النخلة فتسلمها جاز. وعلم مما تقدم أن الرطب لو كان مجذوذًا لم يجز بيعه بالتمر، للنهي عنه، والرخصة وردت في ذلك ليؤخذ شيئًا فشيئًا، لحاجة المشتري إلى التفكه، لا لحاجة البائع وإن المشتري إن لم يكن محتاجًا للرطب، أو كان محتاجًا إليه ومعه نقد، لم تصح، ولا يعتبر في العرية كونها موهوبة لبائع على المذهب، وإذا ترك العرية حتى أثمرت بطل البيع. مسألة مد عجوة وحكم بيع العرايا في غير ثمن النخل س46: تكلم بوضوح عما إذا باع رجل عرية من رجلين، أو اشترى إنسان عريتين فأكثر من رجلين، أو باع العرية لغني. وما هي مسألة مد عجوة؟ وما صورتها، وما حكمها، وما دليله؟ وهل يجوز بيع العرايا في غير ثمرة النخل؟ وما حكم الزيادة على القدر المأذون فيه؟ واذكر التوجيه، والدليل، والتعليل، والخلاف. ج: لو باع رجل عرية من رجلين، فأكثر فيها أكثر من خمسة

أوسق، جاز البيع حيث كان ما أخذه كل واحد دون خمسة، فلا ينفذ البيع في حق البائع بخمسة أوسق، بل ينفذ في حق المشتري، وإن اشترى إنسان عريتين فأكثر من رجلين فأكثر، وفيهما أقل من خمسة أوسق، جاز البيع لوجود شرطه، وإن كان فيهما خمسة أوسق فأكثر، لم يجز عند القائلين بجوازها فيما دون خمسة أوسق، كما هو المشهور من المذهب، وتقدم الخلاف، وأدلة كل من القولين في جواب السؤال الذي قبل هذا. ولا يجوز بيع العرية لغني معه نقد يشتري به، لمفهوم ما تقدم، ولو باعها لواهبها تحرزًا من دخول صاحب العرية، أو من دخول غيره لا لحاجة الأكل، لم يجز لما سبق أو اشتراها بمثل خرصها رطبًا لم يجز لما سبق. ولو احتاج إنسان إلى أكثر التمر، ولا ثمن معه إلا الرطب، لم يبعه به، فلا تعتبر حاجة البائع؛ لأن الرخصة لا يقاس عليها. وقال أبو بكر والمجد بجوازه، وهو بطريق التنبيه؛ لأنه إذا جاز مخالفة الأصل لحاجة التفكه، فلحاجة الاقتيات أولى، والقياس على الرخصة جائز إذا فهمت العلة، ولا يباع الرطب الذي على الأرض بتمر للنهي عنه كما سبق، ولا يجوز بيع العرايا في بقية الثمار؛ لحديث الترمذي عن سهل ورافع مرفوعًا: «نهى عن المزابنة بيع الثر بالتمر، إلا أصحاب العرايا، فإنه قد

أذن لهم، وعن بيع العنب بالزبيب» ؛ ولأن أصحاب العرايا رخصة، ولا يساويها غيرها في كثرة الاقتيات وسهولة الخرص. قال في «الكافي» : وقال القاضي: يجوز في جميع الثمار؛ لأن حاجة الناس إلى رطبها كحاجتهم إلى الرطب. ويحتمل الجواز في التمر والعنب خاصة لتساويهما في وجوب الزكاة فيهما، وورد الشرع بخرصهما، وكونهما مقتاتين دون غيرهما. اهـ. وفي «الاختيارات الفقهية» : وتجوز العرايا في جميع العرايا والزرع، وخرج الشيخ من بيع العرايا جواز بيع الخبز الطري باليابس في برِيِّةِ الحجاز ونحوها، ذكره عنه في «الفائق» والزركشي، وزاد بيع الفضة الخالصة بالمغشوشة نظرًا للحاجة «إنصاف» ولا يصح بيع ربوي بجنسه، ومع أحدهما أو معهما، أي: الثمن والمثمن من غير جنسهما، كمد عجوة ودرهم بمثلهما أو بمدين من عجوة أو بدرهمين، وتسمى مسألة: مد عجوة ودرهم، ودليلها حديث فضالة بن عبيد، قال: اشتريت قلادة يوم خيبر باثني عشر دينارًا، فيها ذهب وخرز ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارًا، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «لا يباع حتى يفصل» رواه مسلم والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه. وفي لفظ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بقلادة فيها ذهب وخرز، ابتاعها رجل بتسعة دنانير، أو سبعة دنانير، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا حتى تميز بينه وبينه» ، فقال: إنما أردت الحجارة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا حتى تميز بينهما» قال: فرده حَتَّى

مَيَّزَ بينهما. رواه أبو داود. قال في «شرح الإقناع» :وللأصحاب في توجيه البطلان مأخذان، أحدهما: وهو مأخذ القاضي وأصحابه: أن الصفقة إذا جمعت شيئين مختلفي القيمة انقسم الثمن على قدر ملكيهما، كما لو اشترى شقصًا وسيفًا؛ فإن الشفيع يأخذ الشقص بقسطه منه، وهذا يؤدي إلى العلم بالتفاضل أو إلى الجهل بالتساوي، وكلاهما يبطل العقد، فإنه إذا باع درهمًا ومدًا يساوي درهمين بمدين يساويان ثلاثة دراهم، كان الدرهم في مقابلة ثلثي مُدّ، ويبقى مد في مقابلة مُدّ وثلث، وذلك ربًا. فلو فرض التساوي كمد يساوي درهمًا ودرهم بمد يساوي درهمًا، ودرهم لم يُجز؛ لأن التقويم ظن وتخمين، فلا تتحقق معه المساواة، والجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل، وضعف هذه الطريقة ابن رجب قال: لأن التقسيم هو قسمة الثمن على قيمة المثمن، لا أجزاء أحدهم على قيمة الآخر، والمأخذ الثاني: سد ذريعة الربا، لئلا يتخذ ذلك حيلة على الربا الصريح، كبيع مائة درهم في كيس بمائتين، جعلاً للمائة في مقابلة الكيس، وقد لا يساوي درهمًا. وفي كلام الإمام إيماء هذا المأخذ. اهـ. وعن أحمد: يجوز البيع في مسألة مد عجوة، بشرط أن يكون المفرد أكثر من الذي معه غيره. اختاره الشيخ تقي الدين –رحمه الله- في مواضع من كلامه. فعيها يجوز بيع درهمين بمد ودرهمين

س47: تكلم عن حكم بيع نوعي جنس، أو نوع بنوعيه أو نوعه أو قراضته، وصحيحا بصحيحين، أو بقراضتين، أو حنطة حمراء أو سمراء ببيضاء أو ما لا يقصد عادة، واذكر أمثلة لذلك، وإذا قال: أعطني بنصف هذا الدرهم نصفا، وبالآخر فلوسا أو حاجة، أو نحو ذلك فما الحكم؟ وما مرجع الكيل والوزن؟

ومدين بدرهم ومد، ودرهم ومد بدرهم ومد، ومدين ودرهم بمد ودرهم وعكسه، ولا يجوز درهم بمد ودرهم، ولا مد بدرهم ومد ونحو ذلك. بيع نوعي جنس أو نوع بنوعية أو قراضة س47: تكلم عن حكم بيع نوعي جنس، أو نوع بنوعيه أو نوعه أو قراضته، وصحيحًا بصحيحين، أو بقراضتين، أو حنطة حمراء أو سمراء ببيضاء أو ما لا يقصد عادة، واذكر أمثلة لذلك، وإذا قال: أعطني بنصف هذا الدرهم نصفًا، وبالآخر فلوسًا أو حاجة، أو نحو ذلك فما الحكم؟ وما مرجع الكيل والوزن؟ ج: ويصح بيع نوعي جنس مختلفي القيمة بنوعيه، أو نوعه ويصح بيع نوع بنوعيه، أو نوعه، كبيع دينار قراضة، وهي: قطعة ذهب، أو قطع فضة، ودينار صحيح معها بدينارين صحيحين، أو قراضتين إذا تساوت وزنًا، أو بيع دينار صحيح بدينار صحيح مثله وزنًا، وكبيع حنطة حمراء وسمراء بحنطة بيضاء، وعكسه، وكبيع تمر معقلي وبرني بإبراهيمي وعكسه، وكبرني وصيحاني بمعقلي، وإبراهيمي مثلا بمثل؛ لأن المعتبر المثلية في الوزن أو الكيل لا القيمة والجودة.

ويصح بيع لبن بذات لبن ولو من جنسه، وبيع صوف بحيوان عليه صوف من جنسه، وبيع ذات لبن بمثلها، أو ذات صوف بمثلها؛ لأن النوى بالتمر والصوف واللبن بالحيوان غير مقصود فلا أثر له. ويصح بيع درهم فيه نحاس بنحاس خالص، أو بدرهم مساويه في غش بيقين؛ فإن زاد غش أحدهما بطل البيع، وكذا إن جهل؛ لأن النحاس في الدرهم غير مقصود، فلا أثر له، ولا يقابله شيء من الثمن أشبه الملح في الشيرج، وحبات شعير بحطة، ويصح بيع تراب معدن بغير جنسه، وبيع تراب صاغة بغير جنسه، لعدم اشتراط المماثلة إذن؛ فإن بيع تراب معدن ذهب أو صاغة بفضة أو بالعكس، اعتبر الحلول والتقابض بالمجلس، ولا تضر جهالة المقصود لاستتاره بأصل الخلقة في المعدن، وحمل عليه تراب الصاغة، ولا يصح بجنسه للجهل بالتساوي. ويصح بيع ما مُوّهَ بنقد بنحو دار، كباب وشباك، لا حلي بجنسه. ويصح بيع نخل عليه تمر أو رطب بمثله، وبيع نخل عليه تمر بتمر، أو رطب؛ لأن الربوي في ذلك غير مقصود بالبيع، فوجوده كعدمه. ويصح قوله: أعطني بنصف هذا الدرهم نصفًا من دراهم، وبالنصف

الآخر فلوسًا أو حاجة كلحم، وقوله: أعطني بالدرهم نصفًا وفلوسًا ونحوه، كدفع دينار ليأخذ بنصفه نصفًا وبنصفه فلوسًا أو حاجة، لوجود التساوي؛ لأن قيمة النصف في الدرهم كقيمة النصف مع الفلوس أو الحاجة، وقيمة الفلوس أو الحاجة كقيمة النصف الآخر. ويصح قول لصائغ: صغ لي خاتمًا من فضة وزنه درهم، وأعطيك مثل زنته، وأعطيك أجرتك درهمًا، وللصائغ أخذ الدرهمين أحدهما في مقابلة فضة الخاتم، والدرهم الثاني أجرة له، وليس بيع درهم بدرهمين. ومرد الكيل لعرف المدينة، والوزن لعرف مكة زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لحديث عبد الله بن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المكيال مكيال أهل المدينة، والوزن وزن أهل مكة» رواه أبو داود والنسائي والبيهقي، وصححه ابن حبان والدارقطني. وروى عبد الملك بن عمير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المكيال مكيال المدينة، والميزان ميزان مكة» وكلامه - صلى الله عليه وسلم - إنما يحمل على تبيين الأحكام، فما كان مكيالاً بالمدينة في زمنه انصرف التحريم بتفاضل الكيل إليه، فلا يجوز أن يتغير بعد ذلك. وهذا قول جمهور العلماء مالك والشافعي وغيرهم. وقال أبو حنيفة: المرجع إلى عادات الناس وما لا عرف له بالمدينة يعتبر عرفه في موضعه؛ لأنه لا حد له شرعًا، أشبه القبض والحرز؛ فإن

اختلفت عرفه في بلاده اعتبر الغالب منها؛ فإن لم يكن له عرف غالب رُدَّ إلى أقرب ما يشبهه بالحجاز كرد الحوادث إلى أشبه منصوص عليه بها، وكل مائع مكيل؛ لحديث: «كان يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع، ويغتسل هو وبعض نسائه من الفرق» ، وهي: مد مكاييل قدر بها الماء، فكذا سائر المائعات، ويؤيده حديث ابن ماجه مرفوعًا: «نهى عن بيع ما في ضروع الأنعام إلا بكيل» . والبر والشعير مكيلان، وكذا الدقيق والسويق وسائر الحبوب والأبازير، ويجوز التعامل بكيل لم يعهد. ومن الموزون: الذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص والزئبق والكتان والقطن والحرير والقز والشعر والوبر والصوف. وغير المكيل والموزون كالثياب والحيوان والجوز والبيض والرمان والقثاء والخيار، وسائر الخضر والبقول والسفرجل والتفاح والكمثرى والخوخ ونحوه.

من النظم في معاني الجنس والنوع وما يتصل بذلك وشامل أصناف تشارك في اسمه ... بقيد هو الجنس المراد لقصد كتمر وبر والشعير ونحوه ... كذلك أجناس فروع المعدد كأدهانها خذ مع خلول أدقة ... كذلك ألبانًا ولحمانها اعدد وفي الشاة أجناس يفاضل بينها ... إذا بعت من لحم وشحم مسرهد وكبد وقلب والرئات وكلية ... وأطحلة والكرش فاحفظ معدد ومن سادة الأصحاب مَن قال ألية ... وشحم هما جنسان للمتفقد ولا تشر باللحمان أحياء جنسها ... وفيها بغير الجنس وجهين أورد وما بيع حب جائزٍ بدقيقه ... وتجويزه يروى بشرط مُقَيدِ إذا استويا وزنًا وليس بجائز ... عصير بأصل والمشوب بجيد وبيعُك أَلبان الحليب بجائز ... يجوز وحرم بيعه المُجمَّدِ وما بيع سمن بالمخيض ممنع ... وبالمثل بع سمنًا بِزُبْدٍ بأجود وبع رطبًا والخبز والعنب إن تشا ... ولحمًا وقيل إن عن عظام يُجَرَّدِ بمثل كما بعد الجفاف وقيل في ... طري اللحم ذا احظره وذا الوجه بعد وباللبن احظر مطلقًا بيع سمنه ... وزبد ومخضوض بغير تردد وعن أحمد إن زاد زبد مفرد ... على الزبد في الألبان جاز فبعد

ومن قبل طبخ باللبا اللبن اشتري ... وعن كامخ بالمثل والكشك فاصدد وحرم شرا مطبوخ نوع بنيه ... كذا رطبه باليابس المُتَجَمِّدِ سوى في العرايا بيع أرطاب نخلة ... بتمر كتمر الرطب بعد التجمد وعنه بتمر مثلها رطبًا له ... وقبل الفراق القبض شرط المعدد لدى حاجة للتمر يشري برطبه ... وبالعكس مع إعساره من منقد وذلك فيما دون خمسة أوسق ... فحسب ولو من واحد أو معدد وأبطل بثاني الصورتين إن اتمرتْ ... وفي غير ثمر النخل حرم بأجود وفي السنبل احظر بيع حب بجنسه ... كذاك بغير الجنس في متبعد وبالربوي لا تشر بالجنس مردفًا ... بغرٍّ من القطرين أو من مفرد كصاع دقيق معه ليس بمثله ... وصاعين أو فلسين في المتأكد وعنه أجز ما لم يكن كمصاحب ... أو انقص منه قدر ذا المتفرد وبالنوع نوعي جنس أو سالمين بالْتَّسَلُّمْ ... وضدُّ لم يَزِدْ بِعْ بأجود وما لا ربا فيه وفيه مخالِطٌ ... هَلِيْكٌ بجنس الخلط بع لا تُفَنّدِ كذا ربوي فيه مستهلكٌ به ... لإصلاحه أولى بغير تَقَيُّدِ كذا مال عبد تشتريه بجنسه ... ولو باشتراط إن يكن غير مقصد وبيع النوى بالتمر منتزع النوى ... يدًا بيد جوز ولو بتزيد وبيع النوى في التمر فيه نواه هل ... يجوز على قولين في نص أحمد

س48: ما هو النساء؟ وما الذي يحرم فيه ربا النسيئة، وهل له ضابط؟ وما الذي يشترط لبيع الربوي بجنسه؟ وما هو الكالئ؟ واذكر ما تعرفه من صور بيع الدين بالدين؟ ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح والشرط.

وإن باع نخلاً فيه تمر بمثله ... وبالتمر جوز بيعه مع تردد كذا بيع شاة ذات صُوف ودرهما ... بمثل أو الألبان والصوف ردد ويحرم بيع الدين بالدين والتفاضل ... في مرذول جنس بجيد ومرجع عرف الكيل مكيال يثرب ... ومكة في وزن يعرف لمرشد وما ليس معروفًا هناك فعرفه ... بموضعه بل قيل بالشبه اعدد وكالماء كل المائعات مكيلة ... وجا سَلَمٌ بالوزن من قول أحمد ما يحرم فيه ربا النسيئة وما يشترط لبيع الربوي بجنسه س48: ما هو النسِاء؟ وما الذي يحرم فيه ربا النسيئة، وهل له ضابط؟ وما الذي يشترط لبيع الربوي بجنسه؟ وما هو الكالئ؟ واذكر ما تعرفه من صور بيع الدين بالدين؟ ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح والشرط. ج: النساء والنسيئة: هو التأخير، ومثله النسأة، ومنه الحديث: «أنسأ الله في أجله» . وقوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكُفْرِ} [آل عمران: 124] ،

ومنه حديث ابن عوف: وكان قد أنسِيءَ له في العُمُر. وحديث: «من سره النساء ولا نساء» قال الكميت، أو عمير بن جدل الطعان: ألسْنَا النَّاسِئِيْنَ عَلى مَعَدٍّ ... شُهُور الحِلَّ نَجْعَلُهَا حَرَامَا يحرب ربا النسيئة بين ما اتفقا علة ربا الفضل، كبيع مدَّ بُرٍّ بمدَّ بُرٍ، أو بشعير، وكبيع درهم من قز برطل من خبز، فيشترط لذلك حلول وقبض بالمجلس سواء اتحد الجنس أو اختلف، وتماثل إن اتحد الجنس؛ ولأنهما مالان من أموال الربا علتهما متفقة، فيحرم التفرق فيهما قبل القبض كالصرف، ولا يعتبر ذلك إن كان أحد العوضين نقدًا إلا في صرف النقد بفلوس نافقة، فيشترط الحلو والقبض إلحاقًا لها بالنقد، وقال في «الإقناع وشرحه» : ولو في فلوس نافقة بنقد، فيجوز النساء، واختاره الشيخ تقي الدين وغيره كابن عقيل، وذكره الشيخ رواية، قال في «الرعاية» : إن قلنا: هي عرض جاز، وإلا فلا. اهـ. والذي تميل إليه النفس ما مشى عليه في «الإقناع» حيث جوز النساء في صرف الفلوس بالنقد. والله أعلم. والخلاصة: أنه إذا بيع مكيل بجنسه كتمر بتمر، أو الموزون بجنسه كذهب بذهب؛ صح بثلاثة شروط: الحلول، والمماثلة في القدر، والقبض قبل التفرق؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «مثلاً بمثل، يدًا بيد» رواه أحمد ومسلم. وعن أبي سعيد مرفوعًا: «لا تبيعوا الذهب بالذهب

إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الوَرِق بالوَرِق إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز» متفق عليه. وإذا بيع بغير جنسه كذهب بفضة وبر بشعير، صح بشرط القبض قبل التفرق، وجاز التفاضل، قال في «نهاية التدريب» : ناظمًا للشروط المذكورة: بيع الطعام بالطعام يشترط ... له التساوي إن يكن جنسًا فقط كذلك الحلول والمقابضةْ ... حقيقة في مجلس المعاوضة فلم يبع بجنسه جنس فضل ... ولا يجوز مطلقًا إلى أجل وكالطعام في جميع ما عرف ... نَقْدٌ بِنَقْدٍ جنسه أو مختلف لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبادة: «فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد» رواه أحمد ومسلم، وعن عمر مرفوعًا: «الذهب بالورق ربًا إلا هاء وهاء، والبر بالبر ربًا إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربًا إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر ربًا هاء وهاء» متفق عليه. وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا بأس ببيع البر بالشعير، والشعير أكثرهما يدًا بيد» رواه أبو داود. وإذا بيع المكيل بالموزون كبر بذهب مثلاً، جاز التفاضل، والتفرق قبل القبض؛ لأن العلة مختلفة، فجاز التفرق كالثمن بالمثمن. ويحل نساء في بيع ما لا يدخله ربا فضل، كثياب بثياب، أو

نقد أو غيره، وحيوان بحيوان أو غيره؛ لحديث ابن عمر: أنه «أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ على قلائص الصدقة، فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة» رواه أحمد والدارقطني، وصححه. الكالئ بالكالئ: هو النسيئة بالنسيئة، وذلك أن يشتري الرجل شيئًا إلى أجل، فإذا حل الأجل لم يجد ما يقضي به، فيقول: بعنيه إلى أجل آخر بزيادة شيء، فيبيعه منه، ولا يجري بينهما تقابض. يقال: كلأ الدين كْلُوءًا فهو كالئ، وإذا تأخر. ومنه قولهم: بلغ الله بك أكلأ العمر، أي: أطوله وأكثره تأخرًا، وأنشد ابن الأعرابي: تَعَفَّفْتُ عنها في السنين التي مضت ... فكيف التَّصَابي بعدما كلأ العمر ولا يصح بيع كالئ بكالئ، وهو بيع دين بدين؛ لما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن بيع الكالئ بالكالئ» يعني: الدين بالدين. رواه إسحاق والبزار بإسناد ضعيف، ففي الحديث دليل على عدم جواز بيع الدين بالدين، وهو إجماع أهل العلم، كما حكاه أحمد وابن عبد البر والوزير وغيرهم وله صور، منها بيع ما في الذمة بثمن مؤجل لمن هو عليه، أو بحال لم يقبض، أو جعله رأس مال سلم. وقال ابن القيم: الكالئ: هو المؤخر الذي لم يقبض، كما لو أسلم

شيئًا في شيء بالذمة، وكلاهما مؤخر، فهذا لا يجوز بالاتفاق، وكذا لا يجوز بيع معدوم بمعدوم، وقال: بيع الدين بالدين ينقسم إلى بيع واجب بواجب، وهو ممتنع، وإلى بيع ساقط بساقط، وساقط بواجب، وواجب بساقط، فالساقط بالساقط في صورة المقاصة، والساقط بالواجب كما لو باعه دينًا له في ذمة بدين آخر من جنسه، فسقط الدين المبيع، ووجب عوضه وهو بيع الدين ممن هو في ذمته؛ وأما بيع الواجب بالساقط، فكما لو أسلم إليه في كر حنطة ما في ذمته، وقد حكى الإجماع على امتناعه، ولا إجماع فيه. واختار الشيخ جوازه. قال ابن القيم: وهو الصواب، إذ لا محذور فيه، وليس بيع كالئ بكالئ فيتناوله النهي بلفظه، ولا في معناه فيتناوله بعموم المعنى؛ فإن المنهي عنه قد اشتغلت فيه الذمتان بغير فائدة؛ وأما ما عداه من الثلاث فلكل منهما غرض صحيح، وذلك ظاهر في مسألة التقاص؛ فإن ذمتهما تبرأ من أسرها، وبراءة الذمة مطلوب لهما وللشارع، فأما في الصورتين الأخيرتين فأحدهما يعجل براءة ذمته، والآخر يحصل على الربح، وإن كان بيع دين بدين، فلم ينه الشارع عنه لا بلفظه ولا بمعنى لفظه، بل قواعد الشرع تقتضي جوازه. اهـ. لكن المنع قول الجمهور، لاسيما في الاحتيال على المعسر في قل الدين إلى معاملة أخرى

باب الصرف

بزيادة مال، وذكر الشيخ أنه حرام باتفاق المسلمين، ويحرم أن يمتنع من إنظار المعسر حتى يقلب عليه الدين. باب الصرف س49: ما هو الصرف؟ ولِمَ سمي بذلك؟ وبأي شيء يبطل؟ ومثل لما لا يبطل به؟ وإذا تأخر التقابض في البعض، فما الحكم؟ وما حكم التوكيل في قبض في صرف ونحوه؟ وإذا تصارفا على عينين من جنسين، وظهر غصب أو عيب أو بيعت سائر أموال الربا، أو تصارفا على جنسين في الذمة وتقابضا قبل التفرق، ووجد أحدهما بما قبضه عيبًا، فما الحكم؟ وإذا تلف عوض قبض في صرف، ثم علم عيبه وقد تفرقا، فما الحكم؟ واذكر ما يتفرع حول هذا المبحث من المسائل والتقادير، والدليل والتعليل. ج: الصرف: بيع نقد بنقد من جنسه أو غيره، مأخوذ من الصريف، وهو تصويت النقد بالميزان، وقيل: لانصراف المتصارفين عن مقتضى البياعات من عدم جواز التفرق قبل القبض ونحوه. والقبض في المجلس شرط لصحة الصرف، حكاه ابن المنذر إجماع. مَنْ يحفظ عنه من أهل العلم؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وبيعوا الذهب كيف شئتم إذا كان يدًا بيد» ويبطل كسلم بتفرق ببدن يُبْطِلُ خيار المجلس قبل تقابض من الجانبين في صرف؛ لقوله -عليه السلام-: «يدًا بيد» وفي سلم قبض رأس ماله، لما يأتي في بابه، وإن تأخر تقابض في

صرف، أو في رأس مال سلم في بعض من ذلكن بطل الصرف والسلم في المتأخر قبضه فقط، لفوات شرطه، وصحا فيما قبض لوجود شرطه، ويقوم الاعتياض عن أحد العوضين، وسقوطه عن ذمة أحدهما مقام قبضه، ويصح التوكيل من العاقدين أو أحدهما بعد عقد في قبض ربوي وسلم، ويقوم قبض وكيل مقام قبض موكله ما دام موكله بمجلس العقد، لتعلقه به، سواء بقي الوكيل بالمجلس إلى قبض أو فارقه، ثم عاد وقبض؛ لأنه كالآلة؛ فإن فارق موكل قبله بطل العقد، وإن وكل في العقد اعتبر حال الوكيل، ولا يبطل صرف ونحوه باشتراط خيار فيه كسائر العقود الفاسدة في البيع، فيصح العقد ويبطل بالتفرق، وإن تصارفا على عينين من جنسين كصارفتك هذا الدينار بهذه الدراهم، فيقبل، ذكر وزنهما أم لا، ولو كان صرفهما بوزن متقدم على مجلس العقد، أو بخبر صاحبه بوزنه وتقابضا وظهر غصب في جميعه، أو ظهر عيب في جميع أحد العوضين، ولو كان يسيرًا، أو كان عيبه من غير جنس المعيب بأن وجد الدنانير رصاصًا، أو الدراهم نحاسًا، أو فيها شيء من ذلك بطل العقد؛ لأن باعه ما لا يملكه، أو لم يسلم له، أشبه: بعتك هذا البغل، فبان فرسًا. وإن ظهر الغصب أو العيب في بعضه، بطل العقد في المغصوب أو المعيب فقط بناء على تفريق الصفقة، ويصح في الباقي بقسطه،

وإن كان العيب من جنس المعيب كوضوح ذهب، وسواد فضة، فلآخِذِهِ الخيار بين فسخ وإمساك، وليس له أخذ بدله لوقوع العقد على عينه؛ فإن أخذ غيره أخذ ما لم يعقد عليه؛ فإن رد المعيب بطل العقد لما تقدم، وإن أمسك فله أرش العيب كسائر المعيبات المبيعة بالمجلس، ولا يأخذ أرشه من جنس النقد السليم، لئلا يصير كمسألة مد عجوة ودرهم. وكذا يجوز أخذ أرش العيب بعد المجلس إن جعل الأرش من غير جنس النقدين كبر وشعير لعدم اعتبار التقابض إذًا، وكذا سائر أموال الربا إذا بيعت بربوي غير جنسها بما القبض شرط فيه، كمكيل بيع بمكيل، وموزون بيع بموزون غير جنسه، فبر بيع بشعير، ووجد بأحدهما عيب من جنسه، فأرش بدرهم أو نحوه من الموزونات مما لا يشاركه في العلة، جاز في المجلس فقط لا من جنس السليم، وإن تصارفا على جنسين في الذمة، كدينار بندقي بعشرة دراهم فضة، صح إن تقابضا قبل تفرق، ثم إن وجد أحدهما بما قبضه عيبًا، والعيب من جنسه، فالعقد صحيح، كما لو لم يكن عيب، ثم تارة يعلم العيب قبل تفرق، وتارة يعلمه بعده؛ فإن علمه قبل تفرق عن المجلس، فله طلب سليم بدله؛ لأن الإطلاق يقتضي السلامة أو أرشه، وله إمساكه مع أرشه، لا من جنس السليم. وإن علمه بعد التفرق، فله إمساكه مع أخذ أرش، لاختلاف الجنس،

ويكون من غير جنس السليم والمعيب كما تقدم. وله رده، وأخذ بدله بمجلس رد؛ لأن ما جاز إبداله قبل التفرق جاز بعده كالسلم فيه؛ فإن تفرقا قبل أخذ بدله بطل العقد؛ لحديث: «ولا تبيعوا منها غائبًا بناجز» وإن لم يكن العيب من جنسه فتفرقا قبل رَدِّ معيْبٍ وأخذ بدله، بطل الصرف للتفرق قبل التقابض، وإن عين أحد العوضين من جنسين في صرف دون العوض الآخر، بأن كان في الذمة، ثم ظهر في أحدهما عيب، فلكل من المعين وما في الذمة حكم نفسه فيما تقدم، والعقد على عينين ربويين من جنس، كهذا الدينار بهذا الدينار، كالعقد على ربويين من جنسين، وكذا لو كانا أو أحدهما في الذمة، إذ أنه لا يصح أخذ أرش مطلقًا، لا قبل التفرق ولا بعده، ولا من الجنس ولا من غيره؛ أنه يؤدي إلى التفاضل إن كان من الجنس، وإلى مسألة مد عجوة إن كان من غير الجنس، وإن تلف عوض قبض في عقد صرف ذهب بفضة مثلاً، ثم علم عيبه وقد تفرقا، فسخ صرف وردَّ الموجودُ لباذله، وتبقى قيمة التالف في ذمة من تلف بيده، لتعذر الرد، فيرد من تلف بيده مثل القيمة أو عوضها إن اتفقا عليه، ويصح أخذ أرش العيب ما لم يتفرقا إن كان العوضان في صرف من جنسين؛ لأن الأرش كجزء من المبيع، وقد حصل قبضه بالمجلس؛ لكن لا يكون

جنس السليم كما تقدم، ويصح أخذه بعد التفرق من غير جنس النقدين.

س50: هل لأحد المتصارفين الشراء من الآخر؟ وإذا أعطى صارف فضة بدينار أكثر مما بالدينار ليأخذ قدر حقه منه، أو صارف خمسة دراهم بنصف دينار، فأعطى صارف الفضة دينارا، أو اقترض الخمسة، وصارفه بها عن الباقي، فما الحكم؟ وما هي الحيلة؟ وما حكمها؟ وما دليله؟ واذكر بعض الحيل المحرمة، وإذا كان على إنسان دينار فقضاه دراهم متفرقة، أوله على آخره عشرة دنانير وزنا فوفاها عددا فوجدت وزنا أحد عشر، أو باع دينارا بدينار بإخبار صاحبه بوزنه، وتقابضا فوجده ناقصا فما الحكم؟ وما حكم الصرف، والمعاملة بمغشوش، وكسر السكة الجائزة بين المسلمين؟ واذكر الدليل، والتعليل، والتفصيل.

مسائل متنوعة تتعلق بالصرف وبعض الحيل س50: هل لأحد المتصارفين الشراء من الآخر؟ وإذا أعطى صارف فضة بدينار أكثر مما بالدينار ليأخذ قدر حقه منه، أو صارف خمسة دراهم بنصف دينار، فأعطى صارف الفضة دينارًا، أو اقترض الخمسة، وصارفه بها عن الباقي، فما الحكم؟ وما هي الحيلة؟ وما حكمها؟ وما دليله؟ واذكر بعض الحيل المحرمة، وإذا كان على إنسان دينار فقضاه دراهم متفرقة، أوله على آخره عشرة دنانير وزنًا فوفاها عددًا فوجدت وزنًا أحد عشر، أو باع دينارًا بدينار بإخبار صاحبه بوزنه، وتقابضا فوجده ناقصًا فما الحكم؟ وما حكم الصرف، والمعاملة بمغشوش، وكسر السكة الجائزة بين المسلمين؟ واذكر الدليل، والتعليل، والتفصيل. ج: لكل من المتصارفين الشراء من الآخر من جنس ما صرف الآخر منه، بلا مواطأة كأن صرف منه دينارًا بدرهم، ثم صرف منه الدراهم بدينار آخر؛ لحديث أبي سعيد وأبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلاً على خبير، فجاءه بتمر جنيب، فقال له: «أكل تمر خيبر هكذا؟» قال: لا والله، إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تفعل، بع التمر بالدراهم، ثم اشتر بالدراهم جنيبًا» متفق عليه. ولم يأمره أن يبيع من غير من اشترى منه، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. وصارف فضة بدينار إن أعطى فضة أكثر مما بالدينار، ليأخذ رب

الدينار قدر حقه منه، ففعل بأن أخذ صاحب الدينار قدر حقه، جاز هذا الفعل منهما ولو كان أخذ قدر حقه بعد تفرق، لوجود التقابض قبل التفرق، وإنما تأخر التمييز، والزائد عن حقه أمانة بيده، لوضع يده عليه بإذن ربه، وصارف خمسة دراهم فضة بنصف، فأعطى صارف الفضة دينارًا، صح الصرف لما تقدم، ولقابض الدينار مصارفته بعد ذلك بالباقي من الدينار؛ لأنه أمانة بيده. ولو افترض صارف خمسة دراهم الخمسة التي دفعها لصاحب الدينار، وصارفه بها عن النصف الباقي من الدينار، صح بلا حيلة، لوجود التقابض قبل التفرق. فإذا كان ثم حيلة لم يصح، والحيلة: التوسل إلى محرم بما ظاهره الإباحة، والحيل كلها غير جائزة في شيء من أمور الدين؛ لحديث: «من أدخل فرسًا بين فرسين، وقد أمن أن يسبق فهو قمار، ومن أدخل فرسًا بين فرسين، ولم يأمن أن يسبق، فليس بقمار» رواه أبو داود وغيره. فجعله قمارًا مع إدخال الفرس الثالث، لكونه لا يمنع معنى القمار، وهو كون كل واحد من المتسابقين لا ينفك عن كونه آخذًا، أو مأخوذًا منه، وإنما دخل تحيلاً على إباحة المحرم. وسائر الحيل مثل ذلك، كأن يظهر المتعاقدان عقدًا ظاهره الإباحة يريدان به محرمًا مخادعة وتوسلاً إلى فعل ما حرم الله تعالى من

الربا ونحوه، أو إلى إسقاط واجب لله تعالى أو لآدمي، كهبة ماله قرب الحول لإسقاط الزكاة، أو لإسقاط نفقة واجبة، أو إلى دفع حق عليه من نحو دين، فمن الحيل لو أقرضه شيئًا، وباعه سلعة بأكثر من قيمتها، أو اشترى المقرض من المقترض سلعة بأقل من قيمتها توسلاً إلى أخذ العوض عن القرض. ومن الحيل أن يستأجر البستان بأمثال أجرتها، ثم يساقيه على ثمر شجر بجزء من ألف جزء للمالك، أو لجهة الوقف والباقي من الثمر للعامل، ولا يأخذ المالك ولا الناظر منه شيئًا، ولا يريدان ذلك، وإنما قصدهما بيع الثمرة قبل وجودها أو بُدُو صلاحها بما سمياه أجرة، والعامل لا يقصد سوى ذلك، وربما لا ينتفع بالأرض التي سمى الأجرة في مقابلتها، بل قد تكون الأرض لا تصلح للزرع بالكلية، وقد ذكر ابن القيم في كتابه «إعلام الموقعين» من ذلك صورًا كثيرة جدًا في المجلد الثالث، ومن عليه دينار فأكثر، فقضاه دراهم متفرقة، كل نقدة من الدراهم بحسابها من الدينار، صح لعدم المانع، وإلا يكن كل نقدة بحسابها بأن صار يدفع الدراهم شيئًا فشيئًا، ثم صارفه بها وقت المحاسبة، فلا يصح ولا يجوز؛ لأنه بيع دين بدين. ومن له على آخر عشرة دنانير مثلاً وَزْنًا، فوفاها عددًا، فوجدت وزنًا أحد عشر دينارًا، فالدينار الزائد مشاع مضمون لربه، لقبضه على أنه عوض ماله، فكان مضمونًا بهذا القبض، ولمالكه

التصرف فيه بصرف وغيره ممن هو بيده وغيره لبقاء ملكه عليه، ومن باع دينار بإخبار صاحبه بوزنه ثقة به، وتقابضا وافترقا، فوجد الدينار ناقصًا عن وزنه المعهود، بطل العقد؛ لأنه بيع ذهب بذهب متفاضلاً، وإن وجده زائدًا عن وزن الدينار المعهود، والعقد على عين الدينارين، بطل العقد أيضًا للتفاضل. وإن كانا في الذمة بأن قال: بعتك دينارًا بدينار، ووصفاهما وقد تقابضا وافترقا، ثم وجد أحدهما زائدًا، فالزائد بيد قابض له مشاع مضمون لربه، لما تقدم، ولم يفسد العقد؛ لأنه إنما باع دينارًا بمثله، وإنما وقع القبض للزيادة على المعقود عليه، وللقابض دفع عوض الزائد لربه من جنسه ومن غيره؛ لأنه ابتداء معاوضة، ولكل من المتعاقدين فسخ العقد؛ أما القابض فلأنه وجد المبيع مختلطًا بغيره والشركة عيب؛ وأما الدافع، فلأنه لا يلزمه أخذ عوض الزائد. وإن كان في المجلس استرجعه ربه، ودفع بدله، ويجوز الصرف بنقد مغشوش، وتجوز المعاملة بنقد مغشوش، ولو كان غشه بغير جنسه، كالدراهم تغش بنحاس لمن يعرف الغش. قال أحمد: إذا كان شيئًا اصطلحوا عليه مثل الفلوس اصطلحوا عليها، فأرجو أن لا يكون بها بأسًا؛ ولأن غايته اشتماله على جنسين ولا غرر فيهما؛ ولأن هذا مستفيض في الأعصار؛ فإن لم يعرف الآخر غشه لم يجز، لما فيه من التغرير.

س51: بم يتميز ثمن عن مثمن؟ وما حكم اقتضاء نقد من آخر؟ وإذا اشترى شيئا بنصف دينار، فماذا يلزمه؟ ووضح ما يتفرع على ذلك من المسائل، وما الذي تتعين به الدراهم والدنانير، والذي تملك به؟ وما حكم إبدالها، والتصرف فيها قبل قبضها؟ وحكم ما إذا تلفت، أو ظهرت الدراهم مغصوبة، أو معيبة، أو تعاقدا على مثلين أو لا، وما حكم أخذ الأرش، ومن أين يؤخذ؟ وما حكم الربا بين المسلم والحربي، وبين السيد ورقيقه، ومكاتبه ... إلخ؟

ويحرم كسر السكة الجائزة بين المسلمين؛ لما ورد عن عبد الله بن عمرو المازني قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تكسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، ولما فيه من التضييق عليهم إلا أن يختلف في شيء منها: هل هو رديء أو جيد؟ فيجوز كسره للحاجة. ما يتميز به ثمن عن مثمن وحكم اقتضاء نقد من آخر س51: بم يتميز ثمن عن مثمن؟ وما حكم اقتضاء نقد من آخر؟ وإذا اشترى شيئًا بنصف دينار، فماذا يلزمه؟ ووضح ما يتفرع على ذلك من المسائل، وما الذي تتعين به الدراهم والدنانير، والذي تملك به؟ وما حكم إبدالها، والتصرف فيها قبل قبضها؟ وحكم ما إذا تلفت، أو ظهرت الدراهم مغصوبة، أو معيبة، أو تعاقدا على مثلين أو لا، وما حكم أخذ الأرش، ومن أين يؤخذ؟ وما حكم الربا بين المسلم والحربي، وبين السيد ورقيقه، ومكاتبه ... إلخ؟ ج: يتميز ثمن مثمن بباء البدلية، ولو أن أحد العوضين نقد، فما دخلت عليه الباء فهو الثمن، فدينار بثوب، الثمن بثوب، لدخول الباء عليه. قال: بعضهم للباء أربعة عشر معنى، وجمعها

بعضهم في بيتين: تَعَدَّ لُصُوقًا واسْتَعِنْ بتَسَبُّبٍ وبَدِّلْ صحَابًا قَابَلُوْكَ بالاسْتِعْلا ورِدْ بَعْضَهُمْ إنْ جَاوَزَ الظَّرْفُ غَايَةً يَمِيْنًا تَحُزْ للبا مَعَانِيها كَلا ويصح اقتضاء نقد من نقد آخر، كذهب من فضة وعكسه إن أحضر أحَدُ النقدين، أو كان أحدهما أمانة أو عارية أو غصبًا، والآخر مستقر في الذمة، كثمن وقرض وأجرة استوفى نفعها، بخلاف دين كتابة، وجُعْلٍ قَبل عمل ورأس مال سلم؛ لأنه لم يستقر. ولو كان ما في الذمة غير حال ككونه مؤجلاً، وقضاه عنه بسعر يوم القضاء، جاز؛ لأنه رضي بتعجيل ما في الذمة بغير عوض بسعر يوم القضاء؛ لحديث ابن عمر قال: قلت: يا رسول الله، إني أبيع الإبل بالبقيع، فأبيع بالدنانير، وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم فآخذ الدنانير، آخذ هذا من هذا، وأعطي هذا من هذا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا بأس أن تؤخذ بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شيء» رواه الخمسة، وصححه الحاكم؛ ولأنه صرف بعين وذمة، فجاز كما لو لم يسبقه اشتغال ذمة، واعتبر بسعر يوم القضاء للخبر، ولجريان ذلك

مجرى القضاء، فتقيد بالمثل، وهو هنا من حيث القيمة لتعذره من حيث الصورة، ولا يشترط حلول ما في الذمة إذا قضاه بسعر يومه لظاهر الخبر؛ ولأنه رضي بتعجيل ما في الذمة بغير عوض، أشبه ما لو قضاه من جنس الدين؛ فإن نقصه عن سعر المؤجلة أو غيرها لم يجز للخبر. ومن اشترى كتابًا أو نحوه بنصف دينار أو نحوه؛ لزمه نصف دينار، ثم إن اشترى شيئًا آخر كثوب بنصف آخر لزمه شق أيضًا، لدخوله بالعقد على ذلك، ويجوز إعطاء المشتري للبائع عن الشقين دينًا صحيحًا؛ لأنه زاده خيرًا؛ فإن كان ناقصًا، أو اشترى بمكسرة، وأعطى عنها صحاحًا أقل منها، أو بصحاح، وأعطى منها مكسرة أكثر منها، لم يجز للتفاضل؛ لكن إن اشترط إعطاء صحيح عن الشقين في العقد الثاني أبطله، لتضمنه اشتراط زيادة عن العقد الأول، واشتراط ذلك قبل لزوم العقد الأول بخيار مجلس يبطل العقدين، لوجود المفسد قبل إبرامه لازمًا، وتتعين دراهم ودنانير بتعيين في جميع المعاوضات؛ لأنها تتعين بالغصب، فتتعين بالعقد كالقرض، ولأنها أحد العوضين، فأشبهت العرض الذي هو المثمن، فإنه يتعين بذلك، وتملك دراهم ودنانير بالتعيين في جميع العقود، فلا يصح إبدالها إذا وقع العقد على عينها لتعينها.

ويصح تصرف من صارت إليه فيها قبل قبضها، كسائر أملاكه، وإن تلفت أو تعيَّبت، فهي من ضمانه إن لم تحتج إلى عدد أو وزن؛ فإن احتاجت إلى أحدهما لم يصح تصرفه فيها قبل قبضها لاحتياجها لحق توفية. ويبطل غير نكاح وخلع وطلاع وعتق على دراهم أو دنانير معينة، وغير صلح بها عن دم عمد في نفس أو طرف بكون الدراهم والدنانير المعينة مغصوبة كالمبيع يظهر مستحقًا، أو بكونها معيبة عيبًا من غير جنسها، ككون الدراهم نحاسًا أو رصاصًا؛ لأنه باعه غير ما سمي له. ويبطل غير ما تقدم استثناؤه في بعض هو مغصوب أو معيب من غير جنسها فقط، ويصح في الباقي بناء على تفريق الصفقة، وإن كان العيب من جنسها، كسواد درهم، ووضوح دنانير يخير من صارت إليه بين فسخ العقد المعيب، وإمساك بلا أرش إن تعاقدا على مثلين، كدينار بدينار؛ لأن أخذه يفضي إلى التفاضل، أو مسألة مد عجوة ودرهم، وإلا يكن العقد على مثلين، فلمن صارت إليه المعيبة أخذ الأرش بمجلس العقد، لا من جنس السليم؛ لأن أكثر ما فيه حصول زيادة من أحد الطرفين، ولا تمنع من الجنسين، ولا يأخذ أرشًا بعد المجلس إلا إن كان الأرش من غير جنس العوضين، فيجوز أخذه بعده مما لا يشاركه في العلة كما تقدم. ويحرم الربا بدار حرب، ولو بين مسلم وحربي، بأن يأخذ المسلم

زيادة من الحربي؛ لعموم قوله تعالى: {وَحَرَّمَ الرِّبَا} وعموم السُّنة؛ ولأن دار الحرب كدار البغي في أنه لا يد للإمام عليهما، وحديث مكحول مرفوعًا: «لا ربا بين المسلم وأهل الحرب» رُدَّ بأنه خبر مجهول لا يترك له تحريم ما دل عليه الكتاب والسُّنة الصحيحة، ولا يحرم الربا بين سيد ورقيقه، ولو كان الرقيق مدبرًا، أو أم ولد؛ لأن المال كله لسيد، ولو كان الرقيق مكاتبًا، فلا يجري بينه وبين سيد ربًا في مال الكتابة فقط، بأن عوضه عن مؤجلها دونه، ويأتي لا يجوز الربا بينهما في غير هذه. من النظم مما يتعلق بالصرف ويبطل عقد الصرف إن يتفرقا ... ولا قبض من كل كذا السلم اعدد ومهما تعين من دراهم عُيّنَتْ ... ومِن ذهب في العقد في المتأكد وَرَدُّك بَعْضًا مثل تَركِك قَبْضه ... بوجه فأبطل في الجميع بأوكد فإنْ بان عَيْبٌ بَعْدَ عَقدٍ وفرقة ... تغاير في جنس فأبطل بأوطد بناء على التعيين إن عَيَّناهُمَا ... وإلَّا له الإبدال أورده قد وعنه له الإبدال حالة رده ... وعنه ليلزم بالمبيع فبعد

ومن جنسه إن كان إن شئت رده ... وخذ بدلاً في مجلس الردِّ فاعْضِدِ وإلا فأمسك أو بلا البدل اردد إذا قيل لا تَعْيِيْنَ أو لم يُعينا ... وقولين في رد المعيب فَقَطْ طد وَمِن عَيبِ بعض إن تشا اردد جميعَه ... بمجلسكم أو غير جنس الثمن عد وإن تشا في الجنسين لا الجنس الأرش خُذْ ... من الربوي المعلوم بالربوي اعدد كذا الحكم والتفصيل في كل ما اشترى ... في الأقوى بلا أرش ليبق أو اردد وإن بعد عيب أو توىَ تدري عيبه ... بمثل لمثلي أو القيمة اعهد وفي ذمة التاوي إليه ضمانُها ... أو إخبار بعض العاقدين فجودِّ وتركهما وزنًا لعلم بقدره ... وهَي العقدُ قيل إنْ عينا في المزيد وإن يُدْرَ نقصٌ بَعد قَبضٍ وفرقَةٍ ... بوصف بذكر أو بعرف معود ويشرط علم للنقود لصرفهم ... بدين أجز بل في المؤجل بأجود وحظر شرا دين بدين وعينه ... ومن غيره في الجنس بالجنس أفسد ومع علم عيب منه يلزم مطلقًا ... كإنفاق مغشوش على المتأطد وإن يتساوى الغش جاز بأجود ... فخذ وقت عقد قيمة المتكسد وإن بعت شيئًا بالفلوس فعطلت ... كذا الحكم في الأثمان يا ذا التأيد إذا كنت لم تقبض إلى أن تكسدت ... ليَقْضِيَهُ قبل المحل بأوطد

باب بيع الأصول والثمار وما يتعلق بها

ويحرم تنقيص لدين مؤجل ... المُشرّع عنه اخطره دُون تَقَيُّدِ وكل احتيال لاستباحة ما نَهَى ... من المشتري لا حيلة في المجود وبالنقد بع أردى وخذ جيدًا به ... وفاه صحيحًا دون أو عكس أجود وإن ظن هلك لا وإن شك ردد وإن تشرِ عينًا بالمكسر لم يجز وصرفًا بمظنون البقا مودعًا أجز باب بيع الأصول والثمار وما يتعلق بها س52: ما هي الأصول، وإذا باع دارًا فما الذي يدخل بالبيع، والذي لا يدخل فيه؟ وضح ما في ذلك من مفردات وتفاصيل، وما لذلك من أدلة أو تعليلات، أو خلاف مع الترجيح. ج: الأصول جمع أصل، وهو ما يتفرع عنه غيره، والمراد به هنا: أرض ودور وبساتين ونحوها، والثمار: جمع ثمر، ككتاب

وكتب، وجمع الثمر أثمار، كعنق وأعناق، وهي ما حملته الأشجار سواء أكل أو لا، من باع دارًا أو رهن دارًا أو وهب دارًا أو أوقف دارًا أو أقر بدار، أو وصى بدار، تناول ذلك أرضها

بمعدنها الجامد؛ لأنه من أجزائها بخلاف الجاري، وتناول بناءها؛ لأنهما داخلان في مسماها، وتناول فناءها إن كان لها فناء؛ لأن غالب الدور لا فناء لها، وتناول متصلاً بها لمصلحتها، كسلالم مسمرة، جمع: سلم، وهي: المرقاة، وهو مأخوذ من السلامة تفاؤلاً ويذكر ويؤنث، وأنشدوا لابن مقبل: لا تحْرْز المرء أحجاء البلاد ولا ... يبني له في السموات السلاليم احتاج فزاد الياء، وقال الجوهري: السُّلم: واحد السّلاليم. ويشمل البيع الرفوف المسمرة، والأبواب المنصوبة، والرحى المنصوبة والخوابي المدفونة، والأجرنة المبنية، وأساسات الحيطان؛ لأن اتصاله لمصلحتها أشبه الحيطان؛ فإن لم تكن السلالم والرفوف مسمرة، أو كان الأبواب والرحى غير منصوبة، أو الخوابي غير مدفونة، لم يتناولها البيع ونحوه؛ لأنها منفصلة عنها، أشبه الطعام والشراب فيها، وتناول ما في الدار من شجر مغروس، ومن عُرْش جمع عريش، شبه بيت من حريد يجعل فوقه الثمار، ويجمع على عروش كفلس وفلوس. فائدة: مرافق الأملاك، كالطرق والأقنية ومسيل المياه ونحوها، هل هي مملوكة، أو ثبت فيها حق الاختصاص؟ فيه وجهان: أحدهما:

ثبوت حق الاختصاص فيها من غير ملك، جزم به القاضي وابن عقيل

في إحياء الموات، ودل عليه نصوص أحمد. الثاني: الملك، صرح به الأصحاب في الطرق، وجزم به في الكل صاحب «المغني» وأخذه من نص أحمد والخرقي على ملك حريم البئر، ذكر ذلك في القاعدة الخامسة والثمانين، قاله في «الإنصاف» م ص. ولا يتناول البيع ما فيها من كنز وحجر مدفونين؛ لأنهما مودعان فيها للنقل عنها، أشبه الستر والفرش، بخلاف ما فيها من الأحجار المخلوقة؛ فإن ضرت بالأرض ونقصتها فعيب، ولا يتناول البيع ما فيها من منفصل منها، كحبل ودلو وبكرة وقفل وفرش؛ لأن اللفظ لا يشمله، ولا هو من مصلحتها؛ وأما المفتاح، وحجر الرحى الفوقاني، فقيل: لا يتناولهما اللفظ، وقيل: يشملهما البيع، ويدخلان فيه، وهذا هو الذي يترجح عندي. والله أعلم. ولا يتناول البيع ما فيها من معدن جار وماء نبع؛ لأنه يجري من تحت الأرض إلى ملكه، أشبه ما يجر من الماء في نهر إلى ملكه؛ ولأنه لا يملك إلا بالحيازة، وتقدم في البيع. وإن ظهر ذلك بالأرض لم يعلم بائع، فله الفسخ؛ لما روي أن ولد بلال بن الحارث باعوا عمر بن عبد العزيز أرضًا، فظهر فيها معدن، فقالوا: إنما بعنا الأرض ولم نبع المعدن، وأتوا عمر بالكتاب الذي فيه قَطْعِيِّةُ النبي - صلى الله عليه وسلم -

س53: إذا باع أرضا أو بستانا، فما الذي يدخل في المبيع، وما الذي لا يدخل؟ وتكلم عما إذا كان فيها زرع أو قطنيات، أو جزر أو فجل، أو ثوم أو نحوه، واذكر التفصيل والدليل والتعليل والخلاف.

لأبيهم، فأخذه وقبله، ورد عليهم المعدن، وعنه: إذا ظهر المعدن في ملكه ملكه، وظاهر أنه لم يجعله للبائع، ولا جعل له الخيار، قاله في «الشرح» . ما يدخل وما لا يدخل في البيع إذا كان المبيع أرضًا أو بستانًا س53: إذا باع أرضًا أو بستانًا، فما الذي يدخل في المبيع، وما الذي لا يدخل؟ وتكلم عما إذا كان فيها زرع أو قطنيات، أو جزر أو فجل، أو ثوم أو نحوه، واذكر التفصيل والدليل والتعليل والخلاف. ج: مَنْ باع أو وهب أو رهن أو وقف أو أقر أو أوصى بأرض أو بستان، أو جعله صداقًا أو عوض خلع ونحوه، دخل غراس وبناء فيها ولو لم يقل بحقولها، لاتصالهما بهما، وكونهما من حقوقهما، والبستان اسم للأرض والشجر والحائط، إذ الأرض المكشوفة لا تسمى به، ولا يدخل في نحو بيع أرض ما فيها من زرع لا يحصد إلا مرة، كبر وكشعير وأرز وقطنيات، سميت بذلك لقطونها، أي: مكثها في البيوت، ونحوها كجزر وفجل وثوم ونحوه، كبصل ولفت؛ لأنه مودع في الأرض يُراد للنقل، أشبه الثمرة المؤبرَّة. ويبقى

في الأرض لبائع ونحوه إلى أول وقت أخذه، كالثمرة بلا أجرة؛ لأن المنفعة مستثناة له، فلا يبقى بعد أول وقت آخذه، وإن كان بقاؤه أنفع له، إلا برضى مشتر، ما لم يشترط الزرع مشتر أو متهب ونحوه؛ فإن شرطه آخذ فهو له، قصيرًا كان أو ذا حب مستترًا أو ظاهرًا، معلومًا أو مجهولاً؛ لأنه بالشرط يدخل تبعًا للأرض، كأساسات الحيطان، وإن حصد الزرع بائع قبل أوان الحصاد، لينتفع بالأرض في غير الزرع، لم يملك البائع الانتفاع بها، لانقطاع ملكه عنها، كما لو باع دارًا فيها متاع لا ينقل في العادة إلا في شهر، فتكلف نقله في يوم لينتفع بالدار في غيره بقية الشهر، لم يملك ذلك، لانقطاع ملكه عنها، وإنما أمهل للتحويل بحسب العادة دفعًا لضرره، وحيث تكلفه قد رضي به. (فرع) : البستان: اسْمٌ لأرض وشجر وحائط، بدليل أن الأرض المكشوفة لا تسمى بذلك، ومن قال: بعتك هذه الأرض، وثلث بنائها، أو: بعتك الأرض وثلث غراسها، أو بعتك هذا البستان وثلث غراسه، لم يدخل في البيع من البناء والغراس إلا الجزء المسمى، لقرينه العطف وإن كان في الأرض زرع يجز مرة بعد أخرى، كرطبة وهي القصة؛ فإن يبست فهي قت، وكالبقول وثمر ونعناع وقثاء وباذنجان ودباء، أو يتكرر زهره، كورد

وياسمين، فأصول جميع هذه لمشترٍ ومتهب ونحوه؛ لأنه لم يرد للبقاء أشبه الشجر، وجزة ظاهرة وقت عقد لبائع ونحوه، ولقطة أولى، وزهر تفتح وقت عقد لبائع ونحوه؛ لأنه يجني مع بقاء أصله، أشبه الشجر المؤبر، وعلى البائع ونحوه قطع الجزة الظاهرة واللقطة الأولى ونحوها في الحال، أي: فورًا؛ لأنه ليس له حد ينتهي إليه، وربما ظهر غير ما كان ظاهرًا، فيعسر التمييز، ما لم يشترط مشتر دخول ما لبائع عليه؛ فإن شرطه كان له؛ لحديث: «المسلمون عند شروطهم» . وقصب سكر كزرع يبقى لبائع إلى أوان آخذه؛ فإن أخذه بائع قبل أوانه لينتفع بالأرض لم يمكن منه، وقصب فارسي كثمرة، فما ظهر منه فلمُعْط، ويقطعه في أول وقته الذي يؤخذ فيه، وعروق القصب الفارسي لمشتري ونحوه؛ لأنها تترك في الأرض للبقاء فيها، أشبهت الشجر؛ فإن طلب من بائع ونحوه إزالة عروق قصب سكر مضرة بالأرض، لزمه ذلك؛ لأن عليه تسليم الأرض خالية، وكذا يلزمه إزالة عروق قطن وذرة، كنقل متاع وتسوية حفر، لما في بقائها من الضرر، وكذا كل ما لا يدخل في بيع على البائع إزالته.

س54: تكلم عن حكم البذر إذا بقي أصله، وإذا كان خيار لأحد المتبايعين، وعما إذا وهب البائع المشتري ما هو من حقه، أو اشترى نخلا عليها طلع ظن المشتري أنه لم يؤبر، فبان مؤبرا، أو قطع البائع الطلع، أو اشترى أرضا أو نخلا، ظن دخول زرع فيها أو ثمرة، ومن القول قوله في جهل ذلك؟ وهل تدخل مزارع قرية أو شجر في بيعها؟ وإذا باع إنسان إنسانا شجرة، فهل له تبقيتها؟ وهل له الاجتياز إليها؟ وهل يدخل منبتها وإذا انقلعت أو بادت فما الحكم؟

حكم البذر إذا بقي أصله وإذا وهب البائع المشتري ما هو من حقه س54: تكلم عن حكم البذر إذا بقي أصله، وإذا كان خيار لأحد المتبايعين، وعما إذا وهب البائع المشتري ما هو من حقه، أو اشترى نخلاً عليها طلع ظن المشتري أنه لم يؤبر، فبان مؤبرًا، أو قطع البائع الطلع، أو اشترى أرضًا أو نخلاً، ظن دخول زرع فيها أو ثمرة، ومن القول قوله في جهل ذلك؟ وهل تدخل مزارع قرية أو شجر في بيعها؟ وإذا باع إنسان إنسانًا شجرة، فهل له تبقيتها؟ وهل له الاجتياز إليها؟ وهل يدخل منبتها وإذا انقلعت أو بادت فما الحكم؟ ج: بذر بقي أصله، كبذر بقول وقثاء، وباذنجان ورطبة، كشجر يتبع الأرض؛ لأنه يتبعها لو كان ظاهرًا، فأولى إذا كان مستترًا؛ ولأنه يترك فيها للبقاء، وما لا يبقى أصله كبذر بر وقطنيات، فهو كزرع لبائع ونحوه، كما لو ظهر، ولمشتر جهل بذر الأرض أن لا يتبع الأرض بأن لم يعلم به، الخيار بين فسخ بيع، لفوات منفعة الأرض عليه ذلك العام، وبين إمضاء مجانًا بلا أرش؛ لأنه نقص بالأرض، ويسقط خيار مشتر إن حول البذر بائع من أرض مبادرًا بزمن يسير، لزوال العيب على وجه لا يضر بالأرض، أو وهب البائع المشتري ما هو من حقه وهو البذر، فلا خيار للمشتري؛ لأنه زاده

خيرًا. وإن اشترى أرضًا بذرها فيها صح، ودخل تبعًا، وكذا مشتر نخلاً عليها طلع ظن المشتري طلعها لم يؤبر، فبان مؤبرًا فيثبت له الخيار، ويسقط إن وهب بائع الطلع؛ لكن لا يسقط خيار بقطع الطلع؛ لأنه لا تأثير له في إزالة الضرر عن المشتري بفوات الثمرة ذلك العام. ويثبت خيار لمشتر أرضًا أو شجرًا ظن دخول زرع بأرض، أو دخول ثمرة على شجر لبائع، كما لو جهل وجود الزرع والثمرة لبائع، لتضرره بفوات منفعة الأرض والشجر ذلك العام، والقول قول المشتري بيمينه في جهل ذلك إن جهله مثله كعامي؛ لأن الظاهر معه، وإلا لم يقبل قوله، ولا تدخل مزارع قرية بيعت بلا نص أو قرينة، بل الدور والحصن الدائر عليها؛ لأنه من مسمى القرية، وإن قال: بعتك القرية بمزارعها، أو دلت قرينة على دخولها كمساومة على الجميع، أو بذل ثمن لا يصلح إلا فيها وفي مزارعها، دخلت عملاً بالنص أو القرينة. إذا باع رب بستان إنسانًا شجرة فأكثر من بستانه، فللمشتري تبقيتها في أرض البائع إن لم يشترط قلعها، كثمر على شجر بيع بعد بدو صلاحه، ويثبت للمشتري حق الاجتياز إليها لدلالة الحال عليه، فله الدخول لمصالحها من نحو سقي وتأبير، ولا يدخل منبتها من

الأرض تبعًا لها؛ لأن اللفظ قاصر عنه، والمغرس أصل فلا يكون تبعًا إلا بشرط، ولا يبطل البيع بشغلها بمساقاة ونحوها، بل تبطل المساقاة مع البيع، ومع عدم الشرط، بل يكون للمشتري حق الانتفاع في الأرض النابتة فيها، فلو انقلعت الشجرة أو بادت لم يملك إعادة غيرها مكانها؛ لأنه لم يملكها كما تقدم، وانقطع حقه من الانتفاع بذلك. من النظم فيما يتعلق ببيع الأصول والثمار وفي بيع دار يدخل الأرضُ والبنا ... ومتصلٌ فيها لإصلاحها اعدد كسلّمها المنصوب والرَّفِ مُوثقًا ... وأبوابها منصوبة خوفَ معتدي وخابية منصوبة أو رحىً وفي العَلِيَّةِ ... والمفتاح وجهين أسند كذا حكم مصراع أخوه مركب ... كذاك أرى في الباب ملقى بمرصد وكنز وفرش ثم قفل وبكرة ... وحبل ودلو للذي باع في الغد ومدفون أحجار كذا كل مودع ... به غير ما استثنيته فله زد وللمشتري الأرضين جامدُ مَعْدَنٍ ... كمثل لْجَينٍ والحديدِ وعَسْجَدِ وإن باع شخصٌ أرضَه بحُقوقها ... فبالغرس والبنيان للمشتري اشهد وهل يدخلان إن لم يقل بحُقوقها ... هنا وكذا في الرهن وجهين أسند

.. تدل على الصحرا وبنيانها طد وإن باع شخصٌ قرية بقرينة ... مزارعها للدار بالبيع أفرد وإن قرية بيعت ولم تشترط لها ... وما حاز من أشجارها في المجود وإلا فما الصحرا له بل بناؤها ... وفجل وما مَحْصُودُهُ لَم يُردد وإن بعت أرضًا ذات زرع كحنطة ... إهداؤها لأكثر من واحد وسبع البدته لا يجوز ... على قلعه لكن إذا اشتد فاحصد لك الزرع ما لم يشترط لست مكرهًا ... العروق وما حفرت منها فمهد ويلزمك التنظيف للأرض من أذى ... فليس له بالأرض نفع مجدد وإن تقتلعه قبل حين اقتلاعه ... وذا ثمن من بعد أخذ مردد وإن كان مما جزه متكررًا ... فظاهر هذا حسب للبائع ارفد كقثا وباذنجانهم وبنفسج ... اشترى وأبا الجلاب كالزرع فاعدد كذا فارسي الأقصاب والأصل للذي ... وجز بقول خشبة من تزيد ويلزم من قد باع في الحال لقطة ... وللمشتري التخيير مع جهل مقصد وبذر الذي يختص كل به له ... خيار كذا تفريغها غير مبعد فإن وهب البياع ذاك له فلا

س55: إذا باع شخص نخلا أو هبه، أو رهن نخلا فيه طلع فما الحكم؟ وما هي المسائل التي تدخل فيها الثمرة أبرت أو لم تؤبر؟ وإذا باع شجر عنب وتوت أو رمان أو نحوه، فلمن الثمر والورق والعراجين؟ ومن الذي يقبل قوله في بدو الثمر وتشقق الطلع؟ وما حكم شرط بائع ما لمشتر؟ وإذا ظهر أو تشقق بعض ثمرة أو بعض طلع، وعلى من يكون السقي؟

إذا باع شخص نخلاً أو وهبه وقد تشقق الطلع س55: إذا باع شخص نخلاً أو هبهُ، أو رهن نخلاً فيه طلع فما الحكم؟ وما هي المسائل التي تدخل فيها الثمرة أبرت أو لم تؤبر؟ وإذا باع شجر عنب وتوت أو رمان أو نحوه، فلمن الثمر والورق والعراجين؟ ومن الذي يقبل قوله في بدو الثمر وتشقق الطلع؟ وما حكم شرط بائع ما لمشتر؟ وإذا ظهر أو تشقق بعض ثمرة أو بعض طلع، وعلى من يكون السقي؟ ج: من باع نخلاً، أو رهن نخلاً، أو وهب نخلاً تشقق طلعه، ولو لم يؤبّر –أي: يلقح، وهو وضع الفحال في طلع النخل- أو باع أو رهن أو وهب نخلاً به طلع فحال يُراد للتلقيح، أو صالح به، أو جعله أجرة أو صداقًا، أو عوض خلع أو طلاق أو عتق، فثمر وطلع فحال لم يَشترطهُ كلَّه أو يشترط بعضهُ المعلوم آخذٌ لمُعطٍ متروكٌ إلى جَذاذٍ؛ لما ورد عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ابتاع نخلاً بعد أن تؤبر، فثمرتها للذي باعها، إلا أن يشترط المبتاع» متفق عليه. وعن عبادة بن الصامت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن ثمرة النخل لمن أبرها، إلا أن يشترط المبتاع. رواه ابن ماجه. ونص على التأبير، والحكم منوط بالتشقق لملازمته له غالبًا، وعن أحمد رواية أن الحكم

منوط بالتأبير، وأنه إذا تشقق ولم يؤبر للمشتري؛ لظاهر الحديث، واختارها الشيخ تقي الدين وصاحب «الفائق» ، وبه قال مالك والشافعي، وهذا القول هو الذي يترجح عندي. والله أعلم. وألحق بالبيع باقي عقود المعاوضات؛ لأنها في معناه، وألحق بذلك الهبة، لزوال الملك بغير فسخ، وتصرف المتهب بما شاء أشبه المشتري والرهن؛ لأنه يُراد للبيع ليستوفي الدين من ثمنه، وترك إلى الجذاذ؛ لأن تفريغ المبيع بحسب العرف والعادة، كدار فيها أطعمة أو متاع. وإن اشترطه كله مشتر، أو شرط بعضًا معلومًا، فله ما شرطه للخبر، ما لم تجر عادة بأخذ التمر بُسْرًا، أو يكن بسره خيرًا من رطبه، فيجذه بائع إذا استحكمت حلاوة بسره؛ لأنه عادة أخذه إن لم يشترطْ مُشترٍ قطعهُ على بائع؛ فإن شرطه عليه قطع وما لم يتضرر النخل ببقائه؛ فإن تضررت قطع؛ لأن الضرر لا يزال بالضرر، بخلاف وقف ووصية؛ فإن الثمرة تدخل فيهما نصًا، أبَّرَت أو لم تؤبّر، كفسخ بيع أو نكاح قبل دخول، لعيب ومقايلة في بيع. وجملة ذلك أن الشجر على خمسة أقسام: أحدها: ما يكون ثمره في أكمامه، ثم تتفتح الأكمام فيظهر كالنخل الذي وردت السُّنة فيه، وهو الأصل، وما عداه مقيس عليه وملحق به، ومن هذا الضرب القطن، وما يُقصد نوره كالورد والياسمين

والنرجس والبنفسج؛ فإنه تظهر أكمامه ثم تنفتح فيظهر، فهو كالطلع إن تفتح جنبذه فهو للبائع، وإلا فهو للمشتري. الثاني: ما تظهر ثمرته بارزة لا قشر عليها ولا نور، كالتين والتوت والجُمَّيْزِ، فهي للبائع؛ لأن ظهورها من شجرها بمنزلة ظهور الطلع من قشره. الثالث: ما يظهر في قشره، ثم يبقى فيه إلى حين الأكل، كالرمان والموز، فهو للبائع أيضًا بنفس الظهور؛ لأن قشره من مصلحته، ويبقى فيه إلى حين الأكل، فهو كالتين، ولأن قشره ينزل منزلة أجزائه للزومه إياه، وكونه من مصلحته. الرابع: ما يظهر في قشرين كالجوز واللوز، فهو للبائع أيضًا بنفس الظهور؛ لأن قشره لا يزول عنه غالبًا إلا بعد جذاذه، فأشبه الضرب الذي قبله؛ ولأن قشر اللوز يؤكل معه، فأشبه التين، وقال القاضي: إن تشقق القشر الأعلى، فهو للبائع، وإن لم يتشقق، فهو للمشتري كالطلع؛ لأن الطلع لابد من تشققه، وتشققه من مصلحته، وهذا بخلافه؛ فإنه لا يتشقق على شجره، وتشققه قبل كماله يفسده. الخامس: ما يظهر نوره ثم يتناثر، فتظهر الثمرة كالتفاح والمشمش والإجاص والخوخ، فإذا تفتح نوره وظهرت الثمرة فيه فهي للبائع، وإن

لم تظهر فهي للمشتري، وقي: ما تناثر نوره فهو للبائع، وما لا فهو للمشتري؛ لأن الثمرة لا تظهر حتى يتناثر النور، والعنب بمنزلة ما له نور؛ لأنه يبدو في قطوفه شيء صغار كحب الدخن، ثم ينفتح ويتناثر كتناثر النور، فيكون من هذا القسم. والله أعلم. وأما الأغصان والورق وسائر أجزاء الشجر فهو للمشتري بكل حال؛ لأنه من أجزائها خلق لمصلحتها، فهو كأجزاء سائر المبيع. اهـ من «المغني» . ويقبل قول معط من نحو بائع وواهب في بدو ثمرة قبل عقد، لتكون باقية له؛ لأن الأصل عدم انتقالها عنه ويحلف. ويصح شرط بائع ونحوه ما لمشتر ونحوه، أو شرطه جزءًا منه معلومًا من نحو ربع أو خمس، كما تقدم في طلع النخل، وله تبقيته إلى جذاذ، ما لم يشترط عليه قطع غير المشاع، وإن ظهر أو تشقق بعض ثمرة، أو بعض طلع ولو من نوع، فما ظهر أو تشقق لبائع ونحوه لما سبق، وغير الذي تشقق أو ظهر لمشتر ونحوه للخبر، إلا إذا ظهر أو تشقق بعض ثمرة في شجرة، فالكل لبائع ونحوه؛ لأن بعض الشيء الواحد يتبع بعضه. ولكل من معط وآخذ السقي لما له لمصلحة، ويرجع فيها إلى أهل الخبرة، ولو تضرر الآخر بالسقي، لدخولهما في العقد على ذلك؛ فإن لم تكن مصلحة في السقي منع منه؛ لأن السقي

يتضمن التصرف في ملك الغير، والأصل المنع، وإباحته للمصلحة. من النظم فيما يتعلق في بيع الأشجار بعد ظهور حملها والنخل مؤبرًا ومن باع أشجارًا تبين حملها ... أو النخل مأبورًا بطلع منضد له الحمل بل إن يشترط مشتر يجز ... مبقي إلى وقت الجذاذ المعود وذاك بأن يبدو بصورة كامل ... وفي الطلع بالتشقيق غي رمقيد وقد قيل من فحل لما باع مطلقًا ... وإن لم يؤبر طلع أكل معود وقيل وبادي النور قبل انفتاحه ... ومشقوق أعلى القشر قطفي التعدد وما قيل والأوراق للمشتري فقط ... سوى ورق التوت المفتح بأبعد وكل له إن يشترط ما لخصمه ... وفي الفسخ أتبع أصله لا تقيد وقول الذي قد باع يقبل أنه ... بدا قبل بيع الأصل بالأصل فاعضد وكالنخل قطن ياسمين بنفسج ... ونرجسهم وردًا من الكم يبتدي وما بان في البستان من نوعه له ... وما لم يبن للمشتري في المؤطد وما نوع جنس موجبًا لظهوره ... بدو لنوعي جنسه في المجود وللبائع السقيا وإن ضر أصله ... كحاج كذاك العكس للمشتري امهد وإن خيف بالبقيا على أصله التوى ... فوجهين في إلزامه القطع أسند

س56: ما حكم بيع الثمر قبل بدو صلاحه، والزرع قبل اشتداد حبه؟ وهل يلزم القطع إذا شرط؟ وما الذي يستثنى من ذلك؟ واذكر ما تستحضره من دليل، أو تعليل، أو تفصيل، أو خلاف، أو ترجيح.

بيع الثمر قبل بدو صلاحه والزرع قبل اشتداده س56: ما حكم بيع الثمر قبل بدو صلاحه، والزرع قبل اشتداد حبه؟ وهل يلزم القطع إذا شرط؟ وما الذي يستثنى من ذلك؟ واذكر ما تستحضره من دليل، أو تعليل، أو تفصيل، أو خلاف، أو ترجيح. ج: لا يصح بيع الثمرة قبل بدو صلاحها؛ لحديث ابن عمر قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها، نهى البائع والمبتاع» متفق عليه. والنهي يقتضي الفساد. ولا يصح بيع الزرع قبل اشتداد حبه؛ لحديث ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع السنبل حتى يبيض، ويأمن العاهة» رواه مسلم. وعن أنس مرفوعًا: «نهى عن بيع الحب حتى يشتد» رواه أحمد والحاكم. وقال: على شرط مسلم. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تتبايعوا الثمار حتى يبدو صلاحها» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه. وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع العِنَب حتى يسود، وعن بيع الحب حتى يشتد» رواه الخمسة إلا النسائي. وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمرة حتى تزهى» ، قالوا: وما تزهى؟ قال: «تحمر» الحديث، أخرجاه. ويُستثنى من ذلك إذا باع الثمرة لمالك أصلها قبل بدو صلاحها، أو باع الزرع قبل اشتداد حبه لمالك

أرضه، صح البيع لحصول التسليم للمشتري على الكمال، لملكه الأصل والقرار، فصح كبيعهما معًا ولا يلزم مالك الأصل ومالك الأرض قطع ثمرة أو زرع شُرِطَ في البيع؛ لأن الأصل والأرض لهما. وقيل: لا يجوز بيع الثمر قبل بدو صلاحه، ولا الزرع قبل اشتداد حبه لمالك الأرض والأصل؛ لأن العقد يتناول الثمرة خاصة، والغرر فيما يتناوله العقد أصلاً يمنع الصحة، كما لو كانت الأصول لأجنبي؛ ولأنها تدخل في عموم النهي، بخلاف ما إذا باعهما معًا؛ فإنه مستثنى بالخبر المروي فيه؛ ولأنَّ الغرر فيما يتناوله العقد أصلاً يمنع الصحة، وفيما إذا باعهما معًا تدخل الثمرة تبعًا، ويجوز في التابع ما لا يجوز في المتبوع، كما يجوز بيع اللبن في الضرع والحمل مع الشاة، والذي يترجح عندي أنه لا يجوز بيعهما للمالك قبل البدو والاشتداد كغيره؛ لأن الحديث عام، والعلة عامة. والثالثة مما يُستثنى: إذا بيعا مَعَ أصلهما، فيصح البيع، لحصوله فيهما تبعًا، فلم يضر احتمال الغرر فيه، كما احتملت الجهالة في لبن ذات اللبن، والنوى في التمر. الرابعة: إذا باعها بشرط القطع في الحال؛ لأن المنع لخوف التلف وحدوث العاهة قبل الأخذ، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنس:

«أرأيت إن منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟» رواه البخاري، وهذا مأمون فيما يقطع، فصح بيعه، كما لو بدا صلاحه، وإذا بيعا بشرط القطع اشترط شرطان: أحدهما: أن يكونا منتفعًا بهما؛ فإن لم ينتفع بهما لم يصح، لما تقدم في شروط البيع. الثاني: أن لا يكونا مشاعين؛ فإن كانا كذلك بأن باعه النصف ونحوه بشرط القطع، لم يصح؛ لأنه لا يمكنه قطعه إلا بقطع ملك غيره، فلم يصح اشتراطه؛ فإن اشترى الثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع، ثم استأجر الأصول، أو استعارها مشتر بشرط القطع لتبقية الثمرة أو أوان الجذاذ، لم يصح. وكذا لو اشترى الزرع الأخضر بشرط القطع في الحال، ثم استأجر الأرض، أو استعارها لتبقية الثمرة، لم يصح؛ لأن البيع يبطل بأول زيادة. ولا يجوز بيع القثاء والخيار والباذنجان وما أشبهه إلا لقطة لقطة، أو جزة جزة، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، وقال مالك: يجوز بيع الجميع؛ لأن ذلك يشق تمييزه، فجعل ما لم يظهر تبعًا لما ظهر، كما أن ما لم يبد صلاحه تبع لما بدا، ودليل القول الأول ما روى مسلم وأصحاب السنن: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحصاة، وعن بيع

الغرر، وهذا غرر، وأنها ثمرة لم تخلق، فلم يجز بيعها، كما لو باعها قبل ظهوره شيء منها، والحاجة تندفع ببيع أصوله، ولأن ما لم يبد صلاحه يجوز إفراده بالبيع، بخلاف ما لم يخلق؛ ولأن ما لم يخلق من ثمرة النخل لا يجوز بيه تبعًا لما خلق، وإن كان ما لم يبد تبعًا لما بدا ولا يجوز بيع ما المقصود منه مستور في الأرض، كالجزر والفجل والبصل والثوم حتى يقلع ويشاهد، وهذا قول الشافعي وابن المنذر وأصحاب الرأي، وأباحه مالك والأوزاعي وإسحاق؛ لأن الحاجة داعية إليه، فأشبه بيع ما لم يبد صلاحه تبعًا لما بدا. ودليل القول الأول: أنه مبيع مجهول لم يره ولم يوصف له، فأشبه بيع الحمل؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن بيع الغرر» رواه مسلم. وهذا غرر؛ وأما بيع ما لم يبد صلاحه فإنما جاز بيعه؛ لأن الظاهر أنه يتلاحق في الصلاح، ويتبع بعضه بعضًا. وفي «الاختيارات الفقهية» (129) : والصحيح أنه يجوز بيع المقاثي جملة بعروقها، سواء بدا صلاحها أو لم يَبْدُ، وهذا القول له مأخذان: أحدهما: أن العروق كأصول الشجر، فبيع الخضروات قبل بدو صلاحها كبيع الشجر بثمرة قبل بدو صلاحه يجوز تبعًا. والمأخذ الثاني، وهو الصحيح: أن هذه لم تدخل في نهي النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل يصح العقد على اللقطة الموجودة واللقطتان إلى أن تَيْبَسَ

س57: على من يكون الحصاد والجذاذ؟ وإذا حدث مع ثمرة انتقل ملك أصلها ثمرة أخرى، أو اختلطت مشتراة بغيرها، فما الحكم؟ ومتى يجوز بيع الثمرة والحب، وعلى من يكون السقي، واذكر الدليل والتعليل والخلاف.

المقثأة؛ لأن الحاجة داعية إلى ذلك، ويجوز بيع المقائي دون أصولها. وقاله بعض أصحابنا. اهـ. واختار ابن القيم جواز بيع المقائي، وللمشتري اللقطة الموجودة، وما يحدث بعدها إلى أن تيبس المقثأة، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. على من يكون الحصاد والجذاذ س57: على من يكون الحصاد والجذاذ؟ وإذا حدث مع ثمرة انتقل ملك أصلها ثمرة أخرى، أو اختلطت مشتراة بغيرها، فما الحكم؟ ومتى يجوز بيع الثمرة والحب، وعلى من يكون السقي، واذكر الدليل والتعليل والخلاف. ج: حصاد زرع يبيع حيث صحَّ على مُشترٍ، وجذاذ ثمرٍ بيع حيث يصح على مُشتر، ولقاطُ ما يُباعُ لقطة لقطةً على مشترٍ ونحوه كمتهبٍ؛ لأن نقل المبيع، وتفريغ ملك البائع منه على المشتري كنقل مبيع من محل بائع، بخلاف كيل ووزن، فعلى بائعٍ كما تقدم؛ لأنها من مؤونة تسليم المبيع، وهي على البائع، وهنا حصل التسليم بالتخلية بدون القطع، لجواز بيعها والتصرف فيها، وإن ترك مشترٍ ثمرًا أو زرعًا شُرِط قطعُهُ حيثُ لا يصح

بدونه، وبطل البيع بزيادته، لئلا يتخذ ذلك وسيلة إلى بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، وتركها حتى يبدو صلاحها، ووسائل الحرام حرام كبيع العينة، وهذه من المفردات. قال ناظمها: من اشترى شيئًا كنحو الثمرة ... قبل صلاح حالها المشتهرة بشرط قطع كي يصح المشتري ... فإن تزد بتركه رد الشرا وعند الأئمة الثلاثة وأكثر أهل العلم: لا يبطل؛ لأن أكثر ما فيه أن المبيع اختلط بغيره، أشبه ما لو اشترى ثمرة، فاختلطت بأخرى ولم تتميز، أو حنطة فانثالت عليها أخرى. وعنه: البيع صحيح، ويشتركان في الزيادة. وعنه: يتصدقان بها، ووجه الرواية الأولى: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها» ، فاستثنى نه ما اشتراه بشرط القطع، فقطعه بالإجماع، فيبقى ما عداه على أصل التحريم؛ ولأن التبقية معنى حرم الشرع اشتراطه لحق الله تعالى، فأبطل العقد وجوده، كالنسيئة فيما يحرم فيه النساء وترك التقابض فيما يشترط فيه القبض أو الفضل فيما يجب التساوي فيه، وهذا القول هو الذي يترجح عندي. والله أعلم. ويعفي عن يسير الزيادة عُرفًا لعُسر التحرز منه. وكذا في بطلان البيع بالترك لو اشترى رطبًا عرية ليأكلها، فتركها ولو لعذر حتى أثمرت، فصارت تمرًا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «يأكلها أهلها رطبًا» ولأن

شراءها كذلك إنما جاز للحاجة إلى أكل الرطب، فإذا أثمر تَبينًا عدم الحاجة، وسواء كان لعذر أو غيره، وحيث بطل البيع عادت الثمرة كلها للبائع تبعًا لأصلها، وإن حدَثَ مَعَ ثمرة انتقل ملك أصلها ثمرةٌ أخرى، كما لو باع شجرًا فيه ثمر للبائع، بأن كان نخلاً تشقق طلعه أو شجرًا ظهرت ثمرته، أو باع ما فيه زهر أو قطن خرج من أكمامه، أو أصول قثاء ونحوها بعد ظهور ثمرتها. قالوا: ويصدق في التين والنبق والسفرجل؛ أن النبق يحمل حملين: أحدهما: يُسمى بعلاً، والثاني: يسمى نيروزي ووزيري، وهما حملان في وقتين، والسفرجل سدسي وصَيْفي–فالحادث للمشتري؛ لأنه نماء ملكه، والسابق الذي كان ظاهرًا للبائع، أو اختلطت ثمرة مشتراة بعد بدو صلاحها بغيرها، ولم تتميز الحادثة؛ فإن علم قدر الحادثة بالنسبة إلى الأولى كالثلث، فالآخذ وهو المستحق للحادثة شريك بذلك القدر المعلوم، وإلا تعلم قدرها اصطلحا على الثمرة، ولا يبطل البيع لعدم تعذر تسليم للبيع، وإنما اختلط بغيره، أشبه ما لو اشترى صبرة، واختلطت بغيرها، ولم يعرف قدر كل منهما، بخلاف شراء ثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع، فتركها حتى بدا صلاحها؛ فإن البيع يبطل كما تقدم، لاختلاط المبيع بغيره، بارتكاب نهي، وكونه يتخذ حيلة على شراء الثمرة قبل بدو صلاحها، ويفارق مسألة العارية

أيضًا؛ لأنها تتخذ حيلة على شراء الرطب بالتمر بلا حاجة إلى أكله رطبًا، وحيث بقي البيع، فهو كتأخير قطع خشب اشتراه مع شرط القطع فزاد، فلا يبطل البيع، ويشترك البائع والمشتري في زيادة الخشب. وقال ابن قندس في حاشية «الفروع» : ويطلب الفرق بين الثمرة والخشب، فيقال: لِمَ بطل العقد في الثمرة بالزيادة، ولم يبطل في الخشب؟ فقد يقال: الفرق أن الترك في مسألة الثمرة اختل به شرط صحته شرط القطع، ولو بيع من غير شرط القطع لم يصح؛ لأن الثمرة قبل بدو الصلاح متعرضة للآفة، بخلاف الخشب؛ فإنه لا يُشترط في صحة بيعه شرط القطع، لعدم تعرضه للآفة، فإذا شرط قطعه ثم ترك، لم يحصل اختلاط شرط صحة العقد، وإنما اختل شرط ما اتفقا عليه بينهما في العقد، ولو لم يذكر صح العقد. اهـ. وإن اشترى إنسان قصيلاً فقطعه، ثم نبت في العام المقبل، فلصاحب الأرض؛ لأن المشتري ترك الأصول على سبيل الرفض لها، فسقط حقه منها، كما سقط حق حاصد الزرع من السنابل التي يدعها، ولذلك أبيح التقاطها، ولو سقط من الزرع حب، ثم نبت من العام المقبل، فهو لصاحب الأرض. قاله في «الشرح» ومتى بدا صلاح ثمر جاز بيعه، أو اشتد حب جاز بيعه بلا شرط القطع،

س58: تكلم بوضوح عما إذا تلفت ثمرة بيعت بعد بدو صلاحها دون أصلها قبل أوان جذاذها بآفة، أو تعيبت بالجائحة قبل أوان جذاذها، وعما يتكرر حمله من النبات، وعن صلاح بعض ثمرة شجرة، وعن كيفية صلاح الثمر بالتفصيل، وبم يكون صلاحها؟ وما الذي يشمله بيع الدابة، وبيع القن؟ وما يتعلق بذلك من شرط، أو فسخ، أو إقالة أو رد، أو نحو ذلك، مع ذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح؟

وجاز بيعه بشرط تبقية الثمر إلى الجذاذ، والزرع إلى الحصاد، لمفهوم الخبر، وأمن العاهة. ولمشتر تبقيته إلى الجذاذ وحصاد، لاقتضاء العرف، ولمشتر بيع الذي بدا صلاحه، والزرع الذي اشتد حبه قبل جذه؛ لأنه مقبوض بالتخلية فجاز التصرف كسائر المبيعات، ولمشتر قطعه في الحال. وعلى بائع سقي الثمر بسقي الشجرة، ولو لم يحتج إليه؛ لأنه يجب عليه تسليمه كاملاً، بخلاف شجر بيع عليه ثمر لبائع، فلا يلزم مشتريًا سقيه؛ لأن البائع لم يملكه من جهته، وإنما بقي ملكه عليه، وعلى البائع سقيه ولو تضرر الأصل بالسقي؛ لأنه دخل على ذلك، ويجبر بائع على سَقْي إن أبى السقي لدخوله عليه. إذا تلفت ثمرة بيعت بعد بدو صلاحها س58: تكلم بوضوح عما إذا تلفت ثمرة بيعت بعد بدو صلاحها دون أصلها قبل أوان جذاذها بآفة، أو تعَيّبَت بالجائحة قبل أوان جذَاذهَا، وعما يتكرر حَمْلهُ من النبات، وعن صلاح بعض ثمرةِ شجرةٍ، وعن كيفية صلاح الثمر بالتفصيل، وبِمَ يكون صلاحُها؟ وما الذي يشمله بيعُ الدابة، وبيعُ القن؟ وما يتعلق بذلك من شرط، أو فسخٍ، أو إقالةٍ أو ردٍ، أو نحو ذلك، مع ذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح؟ ج: وما تلف بجائحة من ثمر بعد بدو صلاحه مُنفردًا على أصوله

قبل أوان أخذ، أو قبل بدو صلاحه بشرط القطع قبل التمكن منه سوى يسير لا ينضبط –والجائحة: الآفة التي تهلك الثمار والأموال وتستأصلها وكل مصيبة عظيمة، وفتنة مُبيرة جائحة، والجمع: الجوائح، وجاح الله المال، وأجاحه: أهلكه، والسَّنَة كذلك، والمراد هنا: ما لا صنع لآدمي فيها. وذلك كجراد وحر وبَرْد وبَرد وريح وعطش– ولو كان تلفه بعد قبضه بتخليته، فضمانه على بائع. ويعابا بها، فيقال: مبيع قبضه المشتري، ومع ذلك مضمون على البائع؛ لما ورد عن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وضع الجوائح» رواه أحمد والنسائي وأبو دود. وفي لفظ لمسلم: «أمر بوضع الجوائح» ، وفي لفظ، قال: «إن بعت من أخيك ثمرًا، فأصابها جائحة؛ فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق!» رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه. والقول بوضع الجوائح من مفردات المذهب، قال ناظم المفردات: وإن يكن بعد الصلاح المشتري ... ونزلت جائحة بها ترى عن مشتر فوضعها لا ينتفي ... ومالك لابد بالثلث تفي وقال أبو حنيفة والشافعي في الجديد: كل ما تهلكه الجائحة من الثمر على أصوله قبل أوان الجذاذ من ضمان المشتري؛ لما روى أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إن ابني اشترى ثمر من فلان، فأذهبتها

الجائحة، فسأله أن يضع عنه، فتأى أن لا يفعل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تألى فلان أن لا يفعل خيرًا» متفق عليه. ولو كان واجبًا لأجبره عليه؛ وأن التخلية يتعلق بها جواز التصرف، فتتعلق بها كالنقل والتحويل؛ ولأنه لا يضمنه إذا أتلفه آدمي، فكذلك لا يضمنه بإتلاف غيره. قال أهل القول الأول: لا حجة لهم في حديثهم؛ فإن فعل الواجب خير، فإذا تألى أن لا يفعل الواجب، فقد تألّى ألا يفعل خيرًا، فأما الإجبار فلا يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - بمجرد قول المدعي من غير إقرار من البائع، ولا حضور؛ ولأن التخلية ليست بقبض تام، بدليل ما لو تلفت بعطش عند بعضهم، ولا يلزم من إباحة التصرف تمام القبض، بدليل المنافع في الإجارة يباح التصرف فيها، ولو تلفت كانت من ضمان المؤجر، كذلك الثمرة فإنها في شجرها كالمنافع قبل استيفائها، توجد حالاً فحالاً. وقياسهم يبطل بالخلية في الإجارة. قاله في «المغني» ورجح القول الأول القرطبي والشوكاني في «نيل الأوطار» ، وابن القيم في «تهذيب السنن» ، وفي «إعلام الموقعين» ورَدَّ قولَ مَن قال: إنه من ضمان المشترين وهذا هو الذي يترجح عندي، والله أعلم. ويقبل قول بائع في قدر تالف؛ لأنه غارم، وتكون من ضمان المشتري في

مسألتين: إذا بيعت الثمرةُ مع أصلها. المسألة الثانية: إذا أخر مشتر أخذها عن عادته؛ فإن أخره عنه فمن ضمان المشتري لتلفه بتقصيره، وإن تعيبت الثمرة بالجائحة قبل أوان جذاذها، خير مشتر بين إمضاء بيع وأخذ أرش، أو رد مبيع وأخذ ثمن كاملاً؛ لأن ما ضمن تلفه بسبب في وقت كان ضمان تعيبه فيه بذلك من باب أوّلى، وإن تلف الثمر بصنع آدمي، ولو بائعًا أو لصًا أو عَسْكرًا، فحرقه ونحوه، خير مشتر بين فسخ بيع، وطلب بائع بما قبضه، ونحوه من ثمن أو إمضاء بيع ومطالبة متلفه ببدله، وإن أتلف مشتر فلا شيء عليه. وأصل ما يتكرر حمله من قثاء وخيار وبطيخ ونحوه، كثمر شجر في جائحة وغيرها مما سبق تفصيله. فائدة: تختص الجائحة بما تقدم على الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، واختار الشيخ تقي الدين –رحمه الله- ثبوت الجائحة في زرع مستأجر، وحانوت نقص نفعه عن العادة. وقال الشيخ تقي الدين –رحمه الله- أيضًا: قياس نصوصه وأصوله إذا عطل نفع الأرض بآفة، انفسخت فيما بقي، كانهدام الدار، وأنه لا جائحة فيما تلف من زرعه؛ أن المؤجر لم يبعه إياه، ولا ينازع في هذا من فهمه، قاله في «الإنصاف» . وإن استأجر إنسانٌ أرضًا فزرعها، فتلف الزرع ولو بجائحة سماوية،

فلا شيء على المؤجر فيما قبضه من الأجرة، وإن لم يكن قبضها فله الطلب بها؛ لأنها تستقر بمضي المدة، انتفع المستأجر أولاً، وصلاح بعض ثمرةِ شجرةٍ صلاح لجميع ثمر أشجار نوعها الذي في البستان؛ لأن اعتبار الصلاح في الجميع يشق، وكالشجرة الواحدة؛ ولأنه يتتابع غالبًا، فاكتفى ببدو صلاح بعضه؛ لأن الله امتن علينا، فجعل الثمار لا تطيب دفعة واحدة، إطالة لزمن التفكه، فلو اعتبر في طيب الجميع لأدى إلى أن لا يباع شيء قبل كمال صلاحه، أو تباع الحبة بعد الحبة، وفي كل منهما حرج ومشقة. فمثلاً صلاح السَّلجة صلاح لها ولغيرها من نوعها، وصلاح الخطرية صلاح لها ولغيرها من نوعها، وصلاح السُّكَّريَّة صلاح لها ولغيرها من نوعها، وهذا قول الشافعي وكثير من العلماء. وقال ابن القيم: إذا بدا الصلاح في بعض الشجر جاز بيعها جميعها، وكذلك يجوز بيع ذلك النوع كله في البستان. وفي «الاختيارات الفقهية» : وإذا بدا صلاح بعض الشجرة جاز بيعها، وبيع ذلك الجنس، وهو رواية عن أحمد وقول الليث بن سعد، وفي «الفروع» : واختار شيخنا بقية الأجناس التي تباع عادة كالتفاح، والعلة عدم اختلاف الأيدي على الثمرة والصلاح فيما يظهر من الثمر فما واحدًا، كبلح وعنب طيبُ أكله وظهورُ نضجه؛ لقول

أنس - رضي الله عنه -: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع العنب حتى يطيب» متفق عليه. والصلاح فيما يظهر فما بعد فم، كقثاء أن يؤكل عادة كالثمر، والصلاح في حب أن يشتد أو يبيض؛ لأنه –عليه السلام- جعل اشتداده غاية لصحة بيعه، كبدو صلاح ثمر، ويشمل بيع دابة لجامًا ومقودًا ونعلاً، لتبعيته لها عرفًا، ويشمل بيع قن ذكرٍ أو أنثى لباسًا معتادًا عليه؛ لأنه مما يتعلق به حاجدة البيع أو مصلحته، وجرت العادة ببيعه معه، ولا يأخذ مشتر ما لجمال من لباس وحلي؛ لأنه زيادة على العادة، ولا يتعلق به حاجة المبيع، ولا يشمل البيع مالاً مع الرقيق أو بعض ما لجمال وبعض المال، إلا أن يشترط المشتري ذلك أو بعضه في العقد؛ لحديث ابن عمر مرفوعًا: «من باع عبدًا وله مال، فماله للبائع، إلا أن يشترط المبتاع» رواه مسلم. ثم إن قصد ما اشترط، ولا يتناوله بيع لولا الشرط بأن لم يرد تركه للقن اشترط له شروط البيع من العلم به، وأن لا يشارك الثمن في علته ربا الفضل ونحوه، كما يعتبر ذلك في المعينين المبيعين؛ لأنه مبيع مقصود أشبه ما لو ضم إلى القن عينًا أخرى وباعهما، وإلا يقصد مال القن أو ثياب جماله، أو حليه، فلا يشترط له شروط البيع لدخوله تبعًا غير مقصود، أشبه أساسات الحيطان، وتمويه سقف بذهب. وللمبتاع الفسخ بعيب مال الرقيق المقصود، كما أن له الفسخ بعيب يجده في الرقيق، وإن رد

الرقيق بإقالة أو خيار شرط أو خيار عيب، أو غبن أو تدليس رد ماله معه؛ لأن عين مال أخذه المشتري به فيرده بالفسخ كالعبد، ورد بدل ما تلف من المال عنده، كما لو تعيب عنده، ثم رده، ولا يفرق بين العبد المبيع ببيعه، بل النكاح باق مع البيع، لعدم ما يوجب التفريق. من النظم فيما يتعلق ببيع الثمار قبل بدو صلاحها وبيع ثمار قبل بدو صلاحها ... بلا شرط قطع ألغ لكن به طد كذا الزرع من قبل اشتداد حبوبه ... إذا كان في المقطوع نفع لقصد كذا بيع باذنجانهم وخياره ... وشبههما من مثمر متجدد فلا تشر إلا لقطة بعد لقطة ... وفي رطبة في كل جزةٍ ابتدي وبيعكه مع أصله جائز كذا ... شرا مالك الأصل الثمار بمبعد كذلك في بيع القصيل وأرضه ... من الحكم والتفصيل ما قد مضى امهد ومحتمل وجهين قبل حصادها ... على بائع بل من شراها ليحصد وإن حدثت فوق الثمار لمشتر ... ثمار فتصحيح المبيع ليشهد فإن ميزا قدر النصيبين شوركا ... وإلا إلى الصلح انفصالهما عد فإن كان يدري بائع بحدوثها ... فباع فعقد البيع يا صاح أفسد

وإن تشتريها قبل بدو صلاحها ... لقطع فتترحها ولو لم تعمد إلى أن بدا فالبيع أبطل بأوكد ... وللبائع احكم واقض بالمتزيد وذا قدرها ما بين بيع وأخذها ... وقد قل ما بين الشرا والتنضد وإن تمض بيعًا فهي بينهما معًا ... وقيل لمبتاع وعنه بها جد وبذلهما ندب فإن أبيا يكن ... مشاركة حتى تراضيهما ارصد كذا الحكم في الرطب العرايا حبسته ... إلى حين إتمار فقيد وقلد وما تشتري من بعد بدو صلاحه ... يجز تركه حتى الجذاذ ويمهد ويلزم من قد باعه سقيه وإن ... تضرر أصل عند حاجته قد وإن نبت المقصول أو حب حاصل ... فذاك لرب الأرض في نص أحمد وبالصفرة النخل اعتبر أو بحمرة ... وفي العنب التمويه إن تره اعقد وفي غير هذين اعتبره بنضجه ... كتين وكمثرى وطيبة مزود وللمشتري بعد الصلاح وقيل إن ... يحد يجوز البيع في المتأكد بدو صلاح الجنس من نوع حائط ... صلاح لكل النوع في المتأطد وليس صلاح الجنس شرطًا لغيره ... ولا حائط شرط لآخر مفرد وفي بصل فامنع وفي جزر وما ... يضايهما في الأرض بيعا وصدد ومن يشر أثمارًا فتمحق بآفة ... سماوية من قبل قطع معود فللمشتري الرجعى على من يبيعها ... إذا لم تجاوز وقت قطع محدد

باب السلم والتصرف في الدين وما يتعلق به

ولو قل في الأولى ويضبط عادة ... ومع أصله إن بيع لم يضمن اشهد وعن أحمد لا يضمن دون ثلثه ... بتقويمه بل قيل بالقدر حدد وإن تشر عبدًا باشتراط لماله ... مع الجهل إن يملك فصحح تسدد وعينًا ودينًا مع أقل وأزيد ولو كان من جنس الذي ابتعته به ... خلا إن يريد العبد لا غير فاعقد وإن قلت لم يملك فكالبيع شرطه ... لبائعه غير اللباس المعود وذاك على القولين من غير شرطه باب السلم والتصرف في الدين وما يتعلق به س59: ما هو السلم؟ ولِمَ سمي سلمًا وسلفًا؟ وبِمَ ينعقد؟ وما سنده؟ وكم شروطه؟ ج: السلم والسلف واحد في قول أهل اللغة، إلا أن السلف يكون قرضًا؛ لكن السلم لغة أهل الحجاز، والسلف لغة أهل العراق. وسمي سلمًا لتسليم رأس المال في المجلس، وسلفًا لتقديمه. وحدّه في الشرع: عقد على موضوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض بمجلس العقد. وهو جائز بالكتاب والسُّنة والإجماع.

أما الكتاب: فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282] . وروى سعيد بإسناده عن ابن عباس أنه قال: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في كتابه، أذن فيه، ثم قرأ هذه الآية؛ ولأن هذا اللفظ يصلح للسلم، ويشمله بعمومه. وأما السُّنة: فروى ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن قدم المدينة، وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث، فقال: «من أسلف في شيء، فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم» متفق عليه., وروى البخاري عن محمد بن أبي المجالد، قال: أرسلني أبو بردة وعبد الله بن شداد إلى عبد الرحمن بن أبزى، وعبد الله بن أبي أوفى، فسألتهما عن السلف، فقالا: كنا نصيب المغانم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان يأتينا أنباط من أنباط الشام، فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب، فقلت: أكان لهم زرع، أم لم يكن؟ قال: ما كنا نسألهم عن ذلك. وأما الإجماع: فقال ابن المنذر: أجمع كل من تحفظ عنه من أهل العلم على أن السلم جائز؛ ولان المثمن في البيع أحد عوضي العقد، فجاز أن يثبت في الذمة كالثمن؛ ولأن الناس في حاجة إليه؛

س60: تكلم بوضوح عن الشرط الأول من شروط السلم، وما الأوصاف التي لابد منها، وبم يضبط الحيوان؟ وما الحكم فيما إذا أسلم في مكيل أو نحوه، أو في أمة أو في فواكه، أو بقول، أو جلود ونحوها، أو في أواني، أو فيما لا ينضبط أو يجمع أخلاطا، أو ما فيه لمصلحته، أو في أثمان أو في فلوس أو عرض، أو في قسي، أو في ترس، أو في معين؟ واذكر ما لذلك من تتمة؟ واذكر ما لذلك من دليل أو تعليل أو تفصيل أو خلاف.

لأن أرباب الزرع والثمار والتجارات يحتاجون إلى النفقة على أنفسهم وعليها لتكمل، وقد تعوزهم النفقة، فجوز لهم السلم، ليرتفقوا ويرتفق المسلم بالاسترخاص. ويصح السلم بلفظه، كأسلمتك هذا الدينار في كذا من القمح، ويصح بلفظ سلف، كأسلفتك كذا في كذا؛ لأنهم حقيقة فيه لأنهما للبيع الذي عجل ثمنه، وأجل مثمنه، ويصح بلفظ بيع، وكل ما ينعقد به البيع، والسلم نوع من البيع؛ لأنه بيع إلى أجل، فشمله اسمه. ويصح بشروط سبعة زائدة على شروط البيع، فتكون أربعة عشر شرطًا. س60: تكلم بوضوح عن الشرط الأول من شروط السلم، وما الأوصاف التي لابد منها، وبم يضبط الحيوان؟ وما الحكم فيما إذا أسلم في مكيل أو نحوه، أو في أمة أو في فواكه، أو بقول، أو جلود ونحوها، أو في أواني، أو فيما لا ينضبط أو يجمع أخلاطًا، أو ما فيه لمصلحته، أو في أثمان أو في فلوس أو عرض، أو في قسي، أو في ترس، أو في معين؟ واذكر ما لذلك من تتمة؟ واذكر ما لذلك من دليل أو تعليل أو تفصيل أو خلاف. ج: الأول: كون مُسْلَمٍ فيه مما يمكن انضباط صفاته؛ أن ما لا

تنضبط يختلف كثيرًا، فيفضي إلى المنازعة المطلوب عدمها شرعًا. وقال الوزير: اتفقوا على أن السلم جائز في المكيلات، والموزونات، والمزروعات التي يضبطها الوصف. وقال الموفق وغيره: المتفق عليه ثلاثة أوصاف: الجنس، والنوع، والرداءة، وأن هذه لابد منها في كل مسلم بلا خلاف، ويضبط الحيوان بتسعة أوصاف: الجنس، والنوع، والرداءة، والسن، واللون، والقدر، والهزال، والسمن، والجودة. وذلك الذي يمكن انضباط صفاته، كمكيل من حبوب، وأدهان، وألبان، وموزون من ذهب وفضة وحديد ونحاس ورصاص وقطن وكتان وصوف وإبريسم وشهد ونحوها، ولو كان الموزون شحمًا نيئًا. قيل لأحمد: إنه يختلف، قال: كل سلف يختلف، ولحمًا ولو مع عظمه؛ لأنه كالنوى في التمر إن عين محل يقطع منه، كظهر وفخذ وجنب، ويعتبر إذا أسلم في لحم أن يقول: لحم ذكر أو أنثى، مع بيان نوع كبقر أو جواميس أو ضأن أو معز، وبيان صفة من سمن وهزال وخصي وغيره، رضيع أو فطيم معلوف أو راع من الكلأ؛ لأن الثمن يختلف بهذه الأشياء، فاعتبر بيانها. وإن كان لحم صيد لم يحتج في الوصف لذكر علف وخصاء وذكورية وأنوثية؛ لكن يذكر الآلة أحبولة أو كلبًا أو غيره من الجوارح، والشبكة والفخ؛ لأن الأحبولة يؤخذ فيها الصيد

سليمًا، ونكهة الكلب أطيب من نكهة الفهد. ويلزم المسلم إذا أسلم في لحم وأطلق قبول لحم بعظم؛ لأن اتصاله بالعظم اتصال خلقة كنوى بتمر، ولا يلزم قبول رأس وساقين؛ لأنه لا لحم بها؛ فإن أسلم في لحم طير لم يحتج في وصفه لذكر ذكورة وأنوثة، إلا أن يختلف اللحم بذلك، كلحم دجاج فيحتاج إلى البيان، ولا يحتاج أيضًا في السلم في الطير، لذكر موضع قطع، إلا أن يكون الطير كبيرًا يأخذ منه بعضه، كخمسة أرطال من لحم نعام، فيبين موضع القطع، لاختلاف العظم، ويذكر في سمك إذا أسلم فيه النوع والنهر، ويذكر نحو سمن وهزال، وصغر وطري وملح، ولا يقبل رأس وذنب، بل يلزم المسلم أن يقبل ما بين الذنب والرأس بعظامه. ولا يصح السلم في اللحم المطبوخ والشواء على الصحيح من المذهب، وهو مذهب الشافعي؛ لأن ذلك يتفاوت كثيرًا وعادات الناس فيه مختلفة، فلم يمكن ضبطه، وقيل: يصح، لما ذكر في الخبز واللبأ، قدمه ابن رزين. ويصح السلم في مزروع وثياب وخيوط، وفي معدود من حيوان. قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275] وعن عبد الله ابن عمر قال: «أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن

أبعث جيشًا على إبل كانت عندي، قال: فحملت الناس حتى نفدت الإبل، وبقيت بقية من الناس، قال: فقلت: يا رسول الله، الإبل نفدت، وقد بقيت بقية من الناس لا ظهر لهم، فقال: «ابتع علينا إبلاً بقلائص الصدقة إلى محلها» . قال: فكنت أبتاع البعير بقلوصين وثلاث قلائص إلى إبل الصدقة» رواه أحمد وأبو داود والدارقطني. وروي عن أبي رافع قال: «استسلف النبي - صلى الله عليه وسلم - بَكْرًا فجاءتْه إبل الصدقة، فأمرني أن أقضي الرجل بكرة» . وعن علي: «أنه باع جملاً له يُدْعَى عصيفيرًا بعشرين بعيرًا إلى أجل معلوم» رواه مالك والشافعي. قال ابن المنذر: وممن روينا عنه ذلك ان مسعود وابن عباس وابن عمر؛ ولأن يثبت في الذمة صداقًا، فصح السلم فيه كالنيات، وعنه: لا يصح؛ لأن الحيوان لا يمكن ضبطه؛ لأنه يختلف اختلافًا متباينًا مع ذكر أوصافه الظاهرة، فربما تساوى العبدان وأحدهما يساوي أمثال صاحبه، وإن استقصى صفاته كلها تعذر تسليمه، قاله في «الكافي» . وقال ابن عمر: إن من الربا أبوابًا لا تخفى، وإن منها السلم في السن. رواه الجوزجاني. ومن قال بالرواية الأولى حمل حديث ابن عمر على أنهم يشترطون من ضراب فحل بني فلان. قال الشعبي: إنما كره ابن مسعود السلف في الحيوان؛ لأنهم

اشترطوا نتاج فحل بني فلان فحلٍ معلوم. رواه سعيد. ولو كان آدميًا كعبد صفته كذا. ولا يصح السلم في أمة وولدها أو أختها أو عمتها أو نحوه، لندرة جمعهما الصفة، ولا يصح اشتراط كون حيوان مسلم فيه حاملاً؛ لأن الحمل مجهول غير محقق، فلا تأتي الصفة عليه، أو كونه لبونًا؛ لأنه كالحمل، ولا يصح في معدود فواكه كرمان وسفرجل وخوخ ونحوها، لاختلافها صغرًا وكبرًا، بل يصح في المكيل منها، كرطب وفي الموزون كعنب كسائر الموزونات، ولا يصح السلم في بقول؛ لأنها تختلف ولا يمكن تقديرها بالحزم، ولا في جلود لأنها تختلف، ولا يمكن ذرعها لاختلاف أطرافها، ولا في رؤوس وأكارع؛ لأن أكثر ذلك العظام والمشافر، واللحم فيها قليل، وليست موزونة على المذهب. وعنه: يصح السلم في الجلود والرؤوس والأكارع. اختاره ابن عبدوس في «تذكرته» . قال الناظم: وهو أولى، وصححه في «تصحيح المحرر» ، وهذا مذهب مالك والثوري، ولا يصح في بيض لاختلافه كبرًا وصغرًا، ولا في رمان ونحو هذه المذكورات من المعدودات المختلفة، ولا يصح السلم في أوان مختلفة رؤوس وأوساط، كقماقم وأصطال ضيقة رؤوس لاختلافها. وقال في «الإقناع» ، وقيل: يصح حيث أمكن ضبطها؛ فإن لم تختلف رؤوسها وأساطها،

صح السلم فيها، ولا فيما لا ينضبط، كجوهر ولؤلؤ ومرجان وعقيق ونحوها، لاختلافها اختلافًا كثيرًا صغرًا وكبرًا، وحسن تدوير وزيادة ضوء وصفاء. ولا يمكن تقديرها ببيض عصفور ونحوه؛ لأنه يختلف، ولا في مغشوش؛ لأن غشه يمنع العلم بالمقصود منه، ولما فيه من الغررو، ففي حديث أبي هريرة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الغرر» روه مسلم، وأهل السنن. ولا فيما يجمع أخلاطًا مقصودة غير متميزة كمعاجين مباحة، ولا في ندٍ وغالية: نوع من الطيب مركب من مسك وعنبر وعود ودهن، لعدم ضبطها في الصفة، ولا في قسي مشتملة على الخشب والقصب والعرى ولا في ترس لعدم انضباط مقداره. ويصح السلم فيما فيه لملحته شيء غير مقصود، كجبن فيه أنفحة، وكخبز فيه ملح أو ماء، وكخل تمر وزيبي فيه ماء، وكسكنجبين فيه خل، وكشيرج فيه ملح؛ لأن الخلط يسير غير مقصود بالمعاوضة لمصلحة المخلوط، فلم يؤثر. ويصح فيما يجمع أخلاطًا متميزة كثوب نسج من نوعين كقطن وكتان أو إبريسم وقطن، وكنشاب ونيل مريشين، وخفاف، ورماح متوزة، أي مصنوعة ونحوها، لإمكان ضبطها بصفة لا يختلف ثمنها معها غالبًا، يصح السلم في عين من عقار وشجر نابت وغيرهما؛ لأن المعين يمكن بيعه في الحال، فلا حاجة

إلى السلم فيه؛ ولأنه ربما تلف قبل أوان تسليمه، فلم يصح كما لو شرط مكيالاً بعينه غير معلوم. ويصح السلم في أثمان خالصة؛ لأنها تثبت في الذمة ثمنًا، فتثبت سلمًا كعروض، ويكون رأس المال غير الأثمان كثوب وفرس، لئلا يفضي إلى ربا النسيئة، ويصح في فلوس ولو نافقة وزنًا وعددًا على الصحيح من المذهب، ويكون رأس مال الفلوس عرضًا. ويصح في عرض بعرض، كتمر في فرس، وحمار في حمار، ولا يصح السلم إن جرى بين المسلم فيه ورأس ماله ربا، في إسلام عرض في فلوس، وعرض في عرض، فلو أسلم في فلوس وزينة نحاسًا أو حديدًا أو في تمر برًا أو نحوه، لم يصح؛ لأنه يؤدي إلى بيع موزون بموزون، أو مكيل بمكيل نسيئة، ومن جيء له بعين ما أسلمه عند محله، كمن أسلم عبدًا صغيرًا في عبد كبير إلى عشر سنين، فجاءه بعين العيد عند الحلول، وقد كبر واتصف بصفات السلم، لزم المسلم قبوله؛ لاتصافه بصفات المسلم فيه، أشبه ما لو جاء بغيره، ولا يلزم عليه اتحاد الثمن والمثمن؛ لأن الثمن في الذمة، وهذا عوض عنه، ومحله ما لم يكن حيلة، كما لو أسلم جارية صغيرة في جارية كبيرة إلى أمد تكبر فيه ووصفها، فلم يأت إلا وهي بصفة مسلم فيه وهي الجارية الكبيرة؛ فإن فعل ذلك حيلة لينتفع بالعين،

أو يستمتع بالجارية، ثم يردها بغير عوض، لم يجز، لما تقدم من تحريم الحيل. ويصح السلم في السكر والفانيذ والدبس ونحوه مما مسته النار؛ لأن عمل النار فيه معلوم عادة يمكن ضبطه بالنشاف والرطوبة، أشبه المجفف بالشمس، الفانيذ: معرب بانيد، هو ضرب من الحلوى.

س61: تكلم بوضوح عن الشرط الثاني من شروط السلم، وما الذي يختلف ثمن المسلم فيه غالبا؟ وبم يصف التمر، وإذا شرط في العقد عتيق، أو أسلم في رطب أو دفع إليه مشدخا، أو ما قارب أن يثمر فما الحكم؟ وما حكم ما يشبهه من الفواكه، والخبز والحنطة والعسل والسمن والزبد واللبن والجبن والحيوان؟ وإلى من يرجع في سن الرقيق؟ وما حكم استقصاء الصفات إلى حد بندر فيه وجود المسلم فيه؟ وهل يحتاج إلى وصف شعر الجارية المسلم فيها؟ وبم يصف الإبل والغزل والقطن والإبريسم والثياب والكاغد والنحاس والسيف وخشب البناء وحطب وقود ونشاب وقصاع وحجر رحى والآجر والبلور والعود الهندي؟ وما حكم شرط الأردأ والأجود؟ وإذا جاء بأجود أو أردأ أو من غير نوعه، أو تعيب سلم، أو أخذ عوض زيادة قدر دفعت، أو عوض جودة أو نقص.

س61: تكلم بوضوح عن الشرط الثاني من شروط السلم، وما الذي يختلف ثمن المسلم فيه غالبًا؟ وبم يصف التمر، وإذا شرط في العقد عتيق، أو أسلم في رطب أو دفع إليه مشدخًا، أو ما قارب أن يثمر فما الحكم؟ وما حكم ما يشبهه من الفواكه، والخبز والحنطة والعسل والسمن والزبد واللبن والجبن والحيوان؟ وإلى من يرجع في سن الرقيق؟ وما حكم استقصاء الصفات إلى حد بندر فيه وجود المسلم فيه؟ وهل يحتاج إلى وصف شعر الجارية المسلم فيها؟ وبِمَ يصف الإبل والغزل والقطن والإبريسم والثياب والكاغد والنحاس والسيف وخشب البناء وحطب وقود ونشاب وقصاع وحجر رحى والآجر والبلور والعود الهندي؟ وما حكم شرط الأردأ والأجود؟ وإذا جاء بأجود أو أردأ أو من غير نوعه، أو تعيب سلم، أو أخذ عوض زيادة قدر دفعت، أو عوض جودة أو نقص. ج: الثاني: ذكر ما يختلف به ثمنه غالبًا؛ لأنه عوض في الذمة، فاشترط العلم به كالثمن؛ وأما الاختلاف النادر فلا أثر له، ولا فرق بين الصفات في العقد أو قبله، وذلك كنوع المسلم فيه، وهو مستلزم لذكر جنسه، وذكر قدر حب، كصغار حب أو كباره، متطاول الحب أو مدوره، وذكر لون كأحمر وأبيض إن اختلف ثمنه بذلك ليتميز بالوصف، وذكر بلد الحب، فيقول: من بلد كذا، بشرط أن تبعد الآفة فيها، وذكر حداثته وجودته أو ضدهما، فيقول: حديث أو

قديم، جيد أو رديء، ويبين قديم سنة أو سنتين ونحوه، وذكر سن حيوان، ويرجع في سن رقيق بالغ إليه، وإلا فقول سيد وإن جهله رجع إلى قول أهل الخبرة تقريبًا بغلبة الظن، وبذكر نوعه كضأن أو معز، ثني أو جذع، وذكر ما يميز به مختلفه، كذكر أو سمين أو معلوف أو ضدها، وذكر جنس مسلم فيه، فيقول: تمرًا أو حنطة، وذكر قدر، كقفيز أو رطل، وذكر جودة كحرير بلدي. وذكر رداءة شرط في كل مسلم فيه من مكيل أو موزون فيصف التمر بنوعه، كبرني أو معقلي، صغير حب أو كبيره، أو يصفه بذكر لونه إن اختلف لونه كأحمر أو أسود، ويصفه بذكر بلده، كبصري أو كوفي أو حجازي، ويذكر قدمه وحداثته؛ فإن أطلق العتيق فلم يقيده بعام أو أكثر؛ أجزأ أيُّ عتيق كان، لتناول الاسم له، ما لم يكن مسوسًا أو متغيرًا، فلا يلزم المسلم قبوله؛ لأن الإطلاق يقتضي السلامة، وإن شرط في العقد عتيق عام أو عامين، فهو على ما شرط لوقوع العقد على ذلك، ويذكر تمر جيد كبرني أو رديء كحشف. ورطب كتمر في هذه الأوصاف إلا الحديث والعتيق؛ لأنه لا يتأتى فيه ذلك، وللمسلم في رطب ما أرطب كله، لانصراف الاسم إليه، ولا يأخذ رطبًا مشدخًا كمعظم بسر يغمر حتى يشدخ. ولا يلزم أخذ ما قارب أن يثمر، لعدم تناول الاسم له، وكالرطب في هذه

الأوصاف ما يشبهه من عنب وفواكه يصح السلم فيها، وكذلك سائر الأجناس التي يسلم فيها، ولا يلزم أخذ نحو تمر كزبيب إلا جافًا الجفاف المعتاد. ويصِفُ الخبز بنوع، كخبز برّ أو شعير أو ذرة، ويذكر في وصفه نشافه ورطوبته ولونه كحوارى، ولابد من وصف جودة ورداءة، ويَصِفُ الحنطة بالنوع كَسُلْمُوني، والبلد كحوراني. وبقاعي إذا كان في الشام، وبُحَيْري إذا كان بمصر، وبالقدر كصغير حب أو كبيره، وحديث أو عتيق، وإن كان النوع الواحد يختلف لونه ذكره لما تقدم. ولا يسلم في البرّ إلا مصفى من تبنه وعُقَد، وكذا الشعير والقطنيات وسائر الحبوب، فيصفها بأوصاف البر. ويلزم مسلمًا إليه دفع حب مسلم فيه بلا تبن ولا عقد؛ فإن كان به تراب يأخذ موضعًا من المكيال، لم يجز، وإن كان فيه تراب يسير لا يأخذ موضعًا من المكيال لزم مسلمًا أخذُه؛ لأن الحبوب لا تخلو من يسير التراب غالبًا، ويصف العسل بالبلد، كمصري وشقيقي وربيعي وصيفي، أبيض أو أشقر أو أسود، جيد أو رديء، وليس له إلا مصفى من الشمع، ويصف السمن بالزرع، كمِنْ ضأن أو معز أو بقر أو جاموس، ويصفه باللون، كأبيض أو أصفر، وجيد أو رديء.

قال القاضي: ويذكر المرعى، ولا يحتاج لذكر عتيق أو حديث؛ لأن الإطلاق يقتضي الحديث. ولا يصح السلم في عتيق السمن؛ لأنه عيب، ولا ينتهي إلا حد يضبط به، ويصفُ الزبد بأوصاف السمن، ويزيد على وصف السمن: زبد يومه، أو زبد أمسه، ولا يلزم المسلم قبول متغير من سمن وزبد ولا قبول سمن أو زبد رقيق، إلا أن تكون رقتهما من الحر، ويَصِفُ اللبن بنوع ومرعى، ولا يحتاج للون لعدم اختلاف، ولا إلى كونه حليب يوم؛ لأن الإطلاق يقتضي ذلك؛ فإن ذكر كان مؤكدًا، ولا يلزم قبول لبن متغير بنحو حموضة؛ لأن الإطلاق يقتضي السلامة. ويصح السلم في المخيض؛ لأن ما فيه من الماء يسير لمصلحته، وجرت العادة به، فهو كالملح في الجبن, ويَصفُ الجبن بنوع ومرعى، ورطب أو يابس، جيد أو رديء. ويَصِفُ اللبأ كما يصف اللبن بالنوع والمرعى، ويزيد ذكر اللون والطبخ أو عدمه، ويسلم في اللبأ وزنًا؛ لأنه يجمد عقب حلبه، فلا يتحقق فيه الكيل. ويَصِفُ الحيوان، آدميًا كان أو غيره، بالنوع والسن والذكورة والأنوثة؛ فإن كان الحيوان المسلم فيه رقيقًا ذكر نوعه كتركي وزنجي وذكر سنه، ويرجع في سن الغلام والجارية إليهما إن كانا بالغبن، وإن لم يكونا بالغبن رجع إلى قول السيد في قدر سنه؛ لأن قول الصغير

غير معتد به، وإن لم يعلم السيد سنة رجع إلى قول أهل الخبرة على ما يغلب ظنهم تقريبًا، لعدم القدرة على اليقين. ويعتبر ذكر طول رقيق كخماسي أو سداسي، يعني خمس أشبار أو ستة، أسود أو أبيض، أعجمي أو فصيح، والجارية كحلاء أو دعجاء، والكحل محركًا: سواد في أجفان العَين خلقة، كأن بها كحلاً وإن لم تكتحل، يقال: رجل أكحل وامرأة كحلاء. قال الشاعر: ليس التكحل في العينين كالكحل والدعج: شدة سواد العين في شدة بياضها، وتَكلْثُمُ وجهٍ، أي: استدارته، وبكارة وثيوبة ونحوها، ويذكر كون الجارية خميصة ثقيلة الأرداف، أو سمينة، ونحوه مما يقصد؛ فإن استقصى الصفات حتى انتهى إلى حد يندر وجود مسلم فيه بتلك الصفات، بطل السلم؛ لأن شرطه أن يكون عام الوجود عند الحلول، واستقصاء الصفات يمنع منه، ولا يحتاج في وصف شعر الجارية المسلم فيها، كقوله: ذات شعر جعد أو سبط أو أسود أو أشقر؛ لأنه لا يختلف به الثمن اختلافًا بينًا، كما لا تراعى صفات ذات حسن وملاحة؛ لأنه لا يختلف بها اختلافًا ظاهرًا؛ فإن ذكر ذلك وعقد عليه، لزم الوفاء به. ويَصِفُ الإبل بالنتاج، كمن نتاج بني فلان، واللون كبيض

وحمر، وبالسن كبنت مخاض أو لبون، أو حقة، وبالذكورة والأنوثة. وأوصاف الخيل كالإبل، وتنسب بغال وحمير لبلدها، كشامي ومصري ويمني؛ لأنها لا تنسب لنتاج، والبقر والغنم إن عرف لها نتاج نسبت إليه، كبلدي وجبلي إذا كان بالشام، وإلا يعرف لها نتاج، فكحمير تنسب إلى بدلها. ولابد من ذكر نوع هذه الحيوانات، كأن يقول في وصف إبل: بختية أو عرابية، وفي وصف خيل: عربية أو هجين أو برذون، ويقول في وصف غنم: ضأن أو معز، إلا البغال والحمير، فلا أنواع فيها غالبًا. ويصف غزل قطن وعزل كتان ببلد ولون ورقة ونعومة وخشونة، ويصف القطن بالبلد واللون، ويجعل مَكان غلَظٍ ودقَّةٍ طويل شعرة أو قصيرها، وإن شرط فيه منزوع الحب جاز، وله شرطه، وإن أطلق كان له القطن بحبه، كالتمر بنواه. ويصفُ الإبريسم ببلد ولون وغلظ ودقة، ويصفُ الصوف ببلد ولون وطويل شعره وقصيره، ويصفه بزمان، كقوله: خريفي، أو ربيعي. وعلى المسلم إليه تسليمه نقيًا من شوك وبعر، وكذا شعر ووبر، فيوصفان بأوصاف الصوف، ويسلمان نقيين من الشوك والبعر، وإن لم يشترط. ويَصِفُ الثياب إذا أسلم فيها بنوع وقطن وكتان وصوف وحرير، ويصفه ببلد، كبغدادي وشامي ومصري، ويصفه بطول

وعرض وصفاقة ورقة وغلظ ونعومة وخشونة، ولا يذكر الوزن، وإن ذكر في الوصف الخام أو المقصود، فله شرطه، وإن لم يذكره جاز، ولأن الثمن لا يختلف بذلك، ومع الإطلاق فله خام؛ لأنه الأصل وإن ذكر في وصف الثوب مغسولاً أو لبيسًا، لم يصح السلم؛ لأن اللبس يختلف، ولا ينضبط، وإن أسلم في مصبوغ مما يصبغ غزله، صح السلم؛ لأنه مضبوط، وإن أسلم في ثوب مختلف غزل من نوعين فأكثر، كقطن وكتان أو قطن وإبريسم، أو قطن وصوف وكتان، وكان الغزل من كل نوع مضبوطًا، ككون السدا من إبريسم، واللحمة من كتان أو نحوه، كقطن وصوف، صح السلم للعلم بالمسلم فيه، وإلا لم يصح. ويَصِفُ الكاغد بطول وعرض ودقة وغلظ واستواء صَنعَةٍ، ولا يضر اختلاف يسير جدًا في دقة وغلظ، لعسر التحرز من ذلك. ويَصفُ نحو رصاص ونحاس بنوع، كرصاصٍ قلعي أو أسرب، ويصفه بنعومة وخشونة ولون إن كان يختلف لونه، ويزيد في وصف حديد بذكر أو أنثى؛ فإن الذكر أحد وأمضى من الأنثى، ويَصفُ السيف بنوع حديد، وضبط طوله وعرضه، وبلده وقدمه، قديم الطبع أو حديثه، ماض أو غيره، ويصف قبيعته وقرابه. ويَصِفُ خشب بناء بذكر نوع كجوز وحور ورطوبة ويبس

وطول ودور إن كان مدورًا أو سمك وعرض إن لم يكن مدورًا، ويلزم دفع الخشب كله من طرفه إلى طرفه بالعرض والدور الموصوفين؛ فإن كان أحد طرفيه أغلظ مما وصف له، والآخر كما وصف، فقد زاده خيرًا، وإن كان أحد طرفيه أدنى مما وصف له، لم يلزمه قبوله؛ لأنه دون ما أسلم فيه. وإن ذكر وزن الخشب أو كونه سمحًا، أو لم يذكر ذلك، جاز السلم، وصح وله سمح، أي: خال من العقد، وإن كان الخشب المسلم فيه للقسي، ذكر هذه الأوصاف، وزاد: سهليًا أو جبليًا؛ فإن الجبلي أقوى من السهلي. ويَصِفُ حطب وقود بغلظ ودقة ويبس ورطوبة ووزن. ويَصِفُ نحو قصاع وأقداح من خشب بذكر نوع خشب، فيقول: من جوز أو توت أو نحوه، وقدر من صغر وكبر وعمق وضيق وثخانة ورقة. ويصف الأواني المتساوية الرؤوس والأوساط بقدر من كبر وصغر، وطول وسمك، ودور كالأسطال القائمة الحيطان، ويَصِفُ حجر رحى بدور وثخانة، وبلد ونوع، إن كان يختلف، ويَصِفُ حجر بناءٍ بلون وقدر، ونوع ووزن، ويصف الآجر واللبن بموضع تربة، ولون ودور وثخانة، ويصف البلور بأوصافه المعلومة له. ويصف العنبر بلون ووزن وبلد، وإن شرطه قطعة أو قطعتين

أو أكثر جاز، وإلا فله إعطاؤه صغارًا بالوزن، ويصف العود الهندي ببلده وما يعرف به، ويصف المسك ونحوه مما يختلف به الثمن، واللبان والمصطكي وصمغ الشجر باللون والبلد وما يختلف به. ويصف السكر والدبس وسائر ما يجوز السلم فيه بما يختلف الثمن، وما لا يختلف به الثمن لا يحتاج إلى ذكره. ولا يصح شرط الأردأ أو الأجود، لتعذر الوصول إليه إلا نادرًا، إذا ما من جيد إلا ويحتمل أجود منه، ولا رديء إلا ويحتمل أردأ منه. ولمسلم أخذ دون ما وصف له، وله أخذ غير نوع المسلم فيه إذا كان من جنسه، كثمر معقلي عن إبراهيمي وعكسه؛ لأن الحق له وقد رضي بدونه، ومع اتحادهما في الجنس هما كالشيء الواحد، بدليل تحريم التفاضل ولا يلزم المسلم أخذ دون ما وصف له، ولا أخذ نوع آخر؛ أن غير المسلم فيه، ولا يجبر على إسقاط حقه، وإن جاء المسلم إليه بجنس آخر، بأن استلم في بر، فجاء بأرز وشعير، لم يجز للمسلم أخذه؛ لحديث: «من أسلم في شيء، فلا يصرفه في غيره» رواه أبو داود وابن ماجه من رواية عطية العوفي، وضعفه جماعة من حديث أبي سعيد. ونقل جماعة من الإمام: يأخذ أدنى

كشعير عن بر بقدر كيله، ولا يربح مرتين، واحتج بابن عباس، وبأنه أقل من حقه، وحمل على أنهما جنس واحد، وقال الشيخ سليمان ابن سحمان الناظم لبعض اختيارات شيخ الإسلام: وقال أبو العباس بل ذاك جائز ... وعن أحمد نص الجواز فأورد إن اعتاض عن حب شعيرًا بسعره ... ولا بأس في هذا لدى كل سيد فيروى عن الحبر ابن عباس أنه ... يجوز ولم يعرف له من مفند وأما حديث النهي عن صرفه إلى ... سواه ففي الإسناد طعنٌ لنُقَّدِ وإن صح هذا فالمراد بصرفه ... إلى سلم في غير ذاك فقيد ليربح فيما ليس يضمن فاحظرن ... لهذا ففيه النهي فافهم تسدد ويلزم المسلم إن جاءه المسلم إليه بأجود مما وصف له أخذ أجود منه إذا كان من نوع ما أسلمه فيه؛ لأنه جاءه بما تناوله العقد وزاده نفعًا، ولا يلزمه أخذه من غيره نوعه، ولو أجود، كضأن عن معز؛ لأن العقد تناول ما وصفاه على شرطيهما، والنوع صفة، فأشبه ما لو فات غيره من الصفات؛ فإن رضيا جاز، كما تقدم، ويجوز رد سلم معيب أخذه غير عالم بعيبه، ويطلب بدله، وله أخذ أرشه مع إمساكه كمعيب غير سلم، ولمسلم إليه أخذ عوض زيادة قدر دفعت، كما لو أسلم إليه في قفيز فجاءه بقفيزين، لجواز إفراد هذه الزيادة بالبيع، ولا يجوز له

أخذ عوض جودة إن جاءه بأجود مما عليه؛ لأن الجودة صفة لا يجوز إفرادها بالمبيع، ولا أخذ عوض نقص رداءة لو جاءه بأردأ، لما سبق. وليس لمسلم إلا أقل ما يقع عليه الصفة التي عقد عليها، فإذا أتاه به لا يطلب من أعلى منه؛ لأنه أتاه بما تناوله العقد، فبرئت ذمته منه. من النظم فيما يتعلق في باب السلم بحاضر عين بذلها متعوضًا ... بموصوف دين في زمان مجدد يصح بألفاظ التبايع كلها ... وما حضه أولى وبالسلف امهد وإمكان ضبط الوصف شرط الجواز ... كالمكيل وموزون ودرع معدد ولابد عند العقد من ذكره هذه ... ليمكن تقبيض بغير منكد وما ليس مضبوطًا بوصف كلؤلؤ ... وحب ومرجان ومثل زبرجد فللسلم امنع فيه وامنعه في الذي ... التخالط مقصود به لم يحدد كند ومعجون ومغشوش نقدهم ... وإن ميز الأخلاط فيه لصد

كثوب من الجنسين أحكم نسجه ... ونبل ونشاب مريش فجود وما فيه خلط مصلح لا يراد ... بالعقود كملح الخبز إن تسلمن طد ووجهان في إسلام عرض بمثله كآنية فيها وفي شاة قثرد وما اختلفت أوساطه ورؤوسه ... وفي حيوان حامل ذاك أسند لبونًا لنا وجها جواز ومنعه ... وأولاهما التجويز يا ذا التأيد وفي الحيوان استمل قولين مطلقًا ... وجوز وبطيخ وبيض معدد وقولان في زمانهم وسفرجل ... وإلا فزن بل عنه زن لا تقيد وبقل ومع نزر التفاوت عده ... في الأولى وأطراف المذكي المجود وفي الروس أسلم والجلود ونحوها ... وسمن وشهد أسلمن ثم قيد وفي اللحم والألبان والخبز واللبا ... بغير مكيل والذي يوزن اسند وأورد في التنبيه قولاً بمنعه فيما تختلف أثمانه وما اختلفت أثمانه غالبًا به ... فذكركه في العقد شرط مؤكد

س62: تكلم بوضوح عن الشرط الثالث من شروط السلم مبينا ما يلزم ذكره، وحكم ما إذا أسلم في كيل وزنا، أو في موزون كيلا، أو في مكيال غير معلوم، أو أسلم في مثل هذا الثوب ونحوه، أو عين مكيال رجل أو ميزانه أو نحوه، وبأي شيء يسلم في معدود مختلف يتقارب غير حيوان، واذكر الدليل والتعليل والخلاف؟

كجنس ونوع ثم قدر ومنشأ ... جديد عتيق والرديء وجيد وليس بكاف أن يرى رأس ماله ... وأجرى عين دون ضبط بأجود وفي شرط أردى النوع وجهان جاءنا ... وليس صحيحًا شرط أجوده اشهد وما دون موصوف ونوع لجنسه ... لك الأخذ لا حتمًا سوى أخذ أجود وتعويضه عن جودة غير جائز ... لنهيك عن صرف إلى غير مقصد في المذروع ولا يجزِ في المذروع إلا بذرعه ... وفي عكس عرف الغير جوز بأوكد وضبط بمعيار يرى غير شائع ... لدى العرف لا يكفيك عند لتعقد س62: تكلم بوضوح عن الشرط الثالث من شروط السلم مبينًا ما يلزم ذكره، وحكم ما إذا أسلم في كيل وزنًا، أو في موزون كيلاً، أو في مكيال غير معلوم، أو أسلم في مثل هذا الثوب ونحوه، أو عين مكيال رجل أو ميزانه أو نحوه، وبأي شيء يسلم في معدود مختلف يتقارب غير حيوان، واذكر الدليل والتعليل والخلاف؟

ج: الثالث: ذكر قدر كيل في مكيل، وقدر وزن في موزون وقدر ذرع في مذروع متعارف، أو قدر عد في معدود؛ لحديث: «من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم» ولأنه عوض في الذمة، فاشترط معرفة قدره كالثمن، فلا يصح سلم في مكيل وزنًا، أو في موزون كيلاً؛ لحديث: «من أسلف في شيء، فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم» متفق عليه؛ ولأنه مبيع يشترط معرفة قدره، فلم يجز بغير ما هو مقدر به في الأصل، كبيع الربويات بعضها ببعض؛ ولأن قدره بغير ما هو مقدر به في الأصل، فلم يجز. واختاره أكثر الأصحاب، قال الزركشي: هو المشهور والمختار للعامة، وممن قال به: القاضي وابن أبي موسى، وجزم بن ناظم «المفردات» ، فقال: وفي المكيل لا يصح السلم ... وزنًا ولا بالعكس نصًا فاعلموا وعنه: يصح، اختاره الموفق والشارح وابن عبدوس وصاحب «الوجيز» والشيخ تقي الدين وابن القيم، وبه قال الثلاثة، وعليه العمل في هذا الزمن وقبله؛ لأن الغرض معرفة قدره وإمكان تسليمه من غير تنازع، فبأي شيء قدر قدره جاز. وهذا القول هو الذي يترجح عندي. والله أعلم. ولا يصح السلم في المذروع إلا بالذرع، ولابد أن يكون المكيال

س63: ما هو الشرط الرابع من شروط السلم؟ وبم يصح؟ وما الحكم فيما إذا أسلم، أو باع، أو أجر، أو شرط الخيار مطلقا، أو لمجهول، أو قالا: محله رجب أو إليه، أو فيه، ونحوه أو يؤديه فيه؟ وإذا أسلم وعين عيد فطر أو أضحى، أو ربيعا، أو جمادى، أو قالا: محله رجب أو إلى رجب، أو في رجب أو إلى أول شهر كذا أو أخره، أو يؤديه فيه، أو إلى ثلاثة أشهر فما الحكم؟ واذكر الدليل، والتعليل، والتفصيل، والخلاف، والترجيح.

ونحوه، كالصنجة والذراع معلومًا عند العامة؛ لأنه إذا كان مجهولاً تعذر الاستيفاء به عند التلف، وذلك مخل بالحكمة التي اشترط معرفة القدر لأجلها؛ فإن شرط مكيالاً بعينه، أو ميزانًا بعينه أو ذراعًا بعينه، أو صنجة بعينها غير معلومات، أو أسلم في مثل هذا الثوب ونحوه، لم يصح السلم؛ لأنه قد يهلك فتتعذر معرفة المسلم فيه، وهو غرر؛ لكن إن عين مكيال رجل أو ميزان أو صنجته أو ذراعه، صح السلم، ولم تتعين، فله أن يسلم في أي مكيال أو ميزان أو صنجة أو ذراع، لعدم الخصوصية. ويسلم في معدود مختلف يتقارب فيه حيوان عَدَدًا، وفي المعدود الذي لا يتقارب وزنًا إن صح السلم فيه، والمذهب أنه لا يصح، والرواية الثانية: يصح، وعندي أنها أقوى من الأولى إذا كان التفاوت يسيرًا. س63: ما هو الشرط الرابع من شروط السلم؟ وبم يصح؟ وما الحكم فيما إذا أسلم، أو باع، أو أجر، أو شرط الخيار مطلقًا، أو لمجهول، أو قالا: محله رجب أو إليه، أو فيه، ونحوه أو يؤديه فيه؟ وإذا أسلم وعين عيد فطر أو أضحى، أو ربيعًا، أو جمادى، أو قالا: محله رجب أو إلى رجب، أو في رجب أو إلى أول شهر كذا أو أخره، أو يؤديه فيه، أو إلى ثلاثة أشهر فما الحكم؟ واذكر الدليل، والتعليل، والتفصيل، والخلاف، والترجيح.

ج: الشرط الرابع: أن يكون في الذمة إلى أجل معلوم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من أسلف في شيء، فليسلف في كيل معلوم، أو وزن معلوم إلى أجل معلوم» فأمر بالأجل كما أمر بالكيل والوزن، والأصل الوجوب؛ ولأن السلم رخصة جاز للرفق، ولا يحصل إلا بالأجل، فإذا انتفى الأجل انتفى الرفق، فلا يصح كالكتابة، والحلول يخرجه عن اسمه ومعناه، بخلاف بيوع الأعيان، فإنها لم تثبت على خلاف الأصل لمعنى يختص التأجيل، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة، وأكثر العلماء، خلافًا للشافعي، ففي كتاب «المهذب» : ويجوز حالاً؛ لأنه إذا جاز مؤجلاً، فلأن يجوز حالاً، وهو من الغرر أبعد أولى. اهـ. وفي «الاختيارات الفقهية» : ويصح السلم حالاً إن كان المسلم فيه موجودًا في ملكه، وإلا فلا. اهـ. قال: وهو المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم - لحكيم بن حزام: «لا تبع ما ليس عندك» أي: ما ليس في ملكك، فلو لم يجز السلم حالاً لقال: لا تبع هذا، سواء كان عندك أم لا. وتلكم على ما ليس عنده. للأجل وقع في الثمن عادة؛ لأن اعتبار الأجل لتحقق الرفق، ولا يحصل بمدة لا وقع لها بالثمن كشهر ونحوه. وفي «الكافي» : أو نصفه، وفي «المغني» و «الشرح» : وما قارب الشهر. وقال بعض الأصحاب: ويشترط أن تفي به مدته، فلا يصح كمائتي سنة؛ لأن آجال الناس لا تبلغها غالبًا، وهو ظاهر.

ويصح أن يسلم في جنسين، كأرز وعَسل إلى أجل واحد، إن بين ثمن كل جنس منهما؛ فإن لم يُبينه لم يصح، قال في «المغني» : لأن ما يقابل كل واحد من الجنسين مجهول، فلم يصح، كما لو عقد عليه مفردًا بثمن مجهول، ولأن فيه غررًا؛ لأنا لا نأمن الفسخ بتعذر أحدهما، فلا يعرف بما يرجع، وهذا غرر يؤثر مثله في السلم، وبمثل هذا عللنا معرفة صفة الثمن وقدره، وقد ذكرنا ثم وجهًا آخر أنه لا يشترط، فيخرج هاهنا مثله؛ لأنه في معناه، ولأنه لما جاز أن يسلم في شيء واحد إلى أجلين، ولا يبين ثمن كل واحد منهما، كذا هاهنا. قال ابن أبي موسى: ولا يجوز أن يسلم خمسة دنانير وخمسين درهمًا في كر حنطة حتى يبين حصة ما لكل واحد منهما من الثمن، والأولى صحة هذا؛ لأنه إذا تعذر بعض المسلم فيه، رجع بقسطه منهما، إن تعذر النِّصف رجع بنصفهما، وإن تعذر الخمس رجع بدينار وعشرة دارهم. ويصح أن يسلم في جنس واحد إلى أجلين، كسمن يأخذ بعضه في رجب، وبعضه إلى رمضان؛ لأن كل بيع جاز إلى أجل جاز إلى أجلين، وآجال إن بَيَّنَ قسط كل أجل وثمنه؛ لأن الأجل الأبعد له زيادة وقع على الأقرب، فما يقابله أقل، فاعتبر معرفة قسطه وثمنه؛ فإن لم يبينهما لم يصح، وكذا لو أسلم جنسين كذهب وفضة في جنس كأرز، لم يصح حتى يبين حصة كل

جنس من المسلم فيه. ويصح أن يسلم في شيء كلحم وخبز وعسل، يأخذ كل يوم جزءًا معلومًا مطلقًا، وساء بين ثمن كل قسط أو لا، لدعاء الحاجة إليه، ومتى قبض البعض وتعذر الباقي رجع بقسطه من الثمن، ولا يجعل للمقبوض فضلاً على الباقي؛ لأنه مبيع واحد متماثل الأجزاء، فقسط الثمن على أجزائه بالسوية، كما لو اتفق أجله. ومن أسلم أو باع مطلقًا أو لمجهول، أو أجر، أو شرط الخيار مطلقًا، بأن لم يُغَيِّهِ بغايةٍ، أو جَعلها لأجلٍ مجهولٍ، كحصادٍ وجذاذٍ ونحوهما، أو قدوم الحاج، أو نزول المطر، أو جعلها إلى عيد أو ربيع أو جمادى أو النفر، لم يصح غير البيع، لفوات شرطه؛ ولأن الحصاد ونحوه يختلف بالقرب والبعد حتى لو أبهم الأجل، كإلى وقت أو زمن. أخرج البيهقي عن ابن عباس أنه قال: لا سلف إلى العطاء، ولا إلى الحصاد، واضْرِبْ له أجلاً. وفي لفظ: ولكن سمه شهرًا. وعن أحمد: يجوز إلى الحصاد والجذاذ، وبه قال مالك؛ لأن التفاوت يسير يتسامح بمثله، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أنه يباع إلى العطاء، وبه قال ابن أبي ليلى. وكذا إن قال: إلى قدوم الغزاة، وهذا القول هو الذي يترجح؛ لأن التفاوت يسير فيه، وهو مقصود مَن أسلم في الثمر والزرع ولو عين شهرًا؛ فإن قصده حصول تلك الثمرة. والله أعلم. وأما

س64: من المقبول قوله في قدر الأجل، وعدم مضيه، ومكان

البيع فيصح لعدم تعلقه بالأجل، ويكون الثمن حالاً، وللمشتري الخيار بين إمضاء البيع مع استرجاع الزيادة على قيمة المبيع حالاً، وبين الفسخ؛ فإن عين عيد فطر أو أضحى، أو ربيع أول أو ثانٍ أو جمادى كذلك، أو النفر الأول أو الثاني، أو إلى يوم عرفة أو عاشوراء أو نحوها، صح؛ لأنه أجل معلوم. وإن قالا: محلُّه رجب، أو: محله إلى رجب، أو: في رجب ونحوه، صح السلم وحَلَّ بأوَّلِه، وإن قالا: محله إلى أوله، أي: شهر كذا، أو إلى آخره، يحل بأول جزء من أوله أو آخره، ولا يصح إن قالا: يؤديه فيه، لجعل الشهر كلَّهِ ظرفًا، فيحتمل أوله وآخره فهو مجهول. وإن قالا: إلى ثلاثة أشهر، فإلى انقضائها، وإن كانت مبهمة فابتداؤها حين تلفظه بها، وإن قال: إلى شهر انصرف إلى الهلال، إلا أن يكون في أثنائه؛ فإنه يكمل العدد وينصرف إطلاق الأشهر إلى الأشهر الهلالية؛ لقوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً} [التوبة: 36] . المقبول قوله في قدر الأجل وعدم مضيه س64: من المقبولُ قولُه في قدْرِ الأجل، وعَدَمِ مُضيه، ومكان

تسليم؟ وإذا أتي إنسانٌ بمالهُ مِن سلَمِ أو غيره قَبْل حلولِهِ أو بعده، فما حكم ذلك؟ وماذا يعمل معه إذا أبى قبضه؟ وإذا أراد إنسانٌ قضاء دين عن مدين أو غيره، فأبى ربه أو أعسر زوج بنفقة زوجة، أو لم يعسر فبذلها أجنبي فما الحكم؟ وهل تملك الفسخ لإعساره؟ واذكر جميع ما يتعلق بما ذكر، والدليل والتعليل، والخلاف والترجيح والتفصيل. ج: ويقبل قول مدين، أي: مسلم إليه في قدر الأجل، وفي عدم مضيه بيمينه؛ لأن العقد اقتضى الأجل والأصل بقاؤه، ولأن المسلم إليه ينكر استحقاق التسليم، وهو الأصل، ويقبل قوله أيضًا في مكان تسليم إذا الأصل براءة ذمته في مؤونة نقله إلى موضع ادعى المسلم شرط التسليم فيه. ومَنْ أتي بماله من سلم أو غيره قبل محله، ولا ضرر عليه في قبضه، لخوف وتحمل مؤنة، أو اختلاف قديم مسلم فيه وحديثه؛ لزم رب الدين قبضه، لحصول غرضه؛ فإن كان فيه ضرر كالأطعمة والحبوب والحيوان أو الزمن مخوفًا، لم يلزمه قبضه قبل محله، وإن أحضره في محله لزمه قبضه مطلقًا كمبيع معين؛ فإن أبى قبضه حيث لزمه، قال له حاكم: إما أن تقبض، أو تبرئ من الحق؛ فإن أبى القبض والإبراء قبضه الحاكم لرب الدين، لقيامه مقام الممتنع، كما يأتي في السيد إذا امتنع من مال الكتابة، ومع ضرر في

س65: ما هو الشرط الخامس من شروط السلم؟ ما حكم

قبضه لكونه مما يتغير كالفاكهة التي يصح السلم فيها من الرطب والعنب ونحوهما، فإنها تتلف سريعًا، والضرر لا يزال بالضرر أو كان المسلم فيه قديمه دون حديثه كالحبوب، فلا يلزمه قبضه قبل محله، وكذلك ما يحتاج في حفظه لكلفة كقطن وحيوان يحتاج لمؤنة، أو يخشى المسلم على ما يقبضه من خوف في زمان أو مكان، فلا يلزمه قبل محله، لما عليه من الضرر، وإن جاء المسلم إليه بالمسلم فيه بعد محله؛ فإنه يلزم المسلم قبول المسلم فيه مطلقًا، تضرر بقبضه أو لا؛ لأن الضرر لا يزال بالضرر، ومن أراد قضاء دين عن مدين وغيره، فأبى رب الدين قبضه من غير مدينه، أو أعسر زوج بنفقة زوجته، وكذا إن لم يعسر بطريق الأولى، فبذلها أجنبي، أي: من لم تجب نفقته، فأبت الزوجة قبول نفقتها من الأجنبي، لم يجبر رب الدين والزوجة لما فيه من المنة عليهما؛ وإذا كان الباذل لذلك وكيلاً ونحوه لزم القبول تبرئة لذمة المبذول عنه، وتملك الزوجة الفسخ لإعسار زوجها، كما لو لم يبذلها أحد؛ فإن ملكه لمدين وزوج وقبضاه ودفعاه لهما، أجبر على قبوله، وليس للمسلم إلا أقل ما يقع الصفة. وتسلم الحبوب نفية من تبن وعقد ونحوها، وتراب إلا يسيرًا لا يؤثر في كيل، ويسلم التمر جافًا. س65: ما هو الشرط الخامس من شروط السلم؟ ما حكم

السلم إذا عين مسلم فيه من ناحية، أو عين قرية أو بستانًا، أو أسلم في شاة من غنم زيد أو نتاج فحله، أو أسلم لمحل يوجد فيه عامًا فانقطع وتحقق بقاؤه، أو هرب مسلم إليه، أو تعذر مسلم فيه، لو أسلم فهي لذمي في خمر ثم أسلم أحدهما؟ واذكر الدليل والتعليل، والتمثيل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، والخلاف والترجيح. ج: الخامس: غلبة مسلم فيه وقت محله؛ لأنه وقت وجوب تسليمه، وإن عدم وقت عقد، كسلم في رطب وعنب في الشتاء إلى الصيف بخلاف عكسه؛ لأنه لا يمكنه تسليمه غالبًا عند وجوبه أشبه ببيع الآبق بل أولى. ويصح سلم إن عين مسلم فيه من ناحية تبعد فيها آفة كتمر المدينة، وإن سلم في ثمرة بستان بعينه، أو قرية صغيرة، لم يصح؛ لأنه لا يؤمن انقطاعه وتلفه. قال ابن المنذر: إبطال السلم إذا أسلم في ثمرة بستان بعينه كالإجماع من أهل العلم، منهم: الثوري ومالك والشافعي والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي. قال: وروينا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أسلف إليه رجل من اليهود دنانير في تمر مسمى، فقال اليهودي: من تمر حائط بني فلان، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أما من حائط بني فلان فلا؛ ولكن كيل مسمى إلى أجل مسمى» رواه ابن ماجه وغيره، ورواه الجوزجاني في «المترجم» ، وقال: أجمع الناس

على الكراهة لهذا البيع؛ ولأنه لا يؤمن انقطاعه وتلفه أشبه ما لو أسلم في شيء قدره بمكيال معين، أو صنجة معينة، أو أحضر خرقة وأسلم في مثلها، قال في «الإنصاف» : ونقل أبو طالب وحنبل: يصح إن بدا صلاحه واستحصد. وقال أبو بكر في «التنبيه» : أن أَمِنَ عَليها الجائحة. اهـ. وكذا لو أسلم في مثل هذا الثوب. ولا يصح إن أسلم في شاة من غنم زيد، أو في بعير من نتاج فحله، أو في عبد مثل هذا العبد ونحوه؛ لحديث ابن ماجه المتقدم. وإن أسلم إلى وقت يوجد فيه مسلم فيه عامًا، فانقطع وتحقق بقاؤه؛ لزمه تحصيله، ولو شق كبقية الديون، وإن تعذر مسلم فيه، أو تعذر بعضه، خير مسلم بين صبر إلى وجوده فيطالب به، أو فسخ فيما تعذر منه، ويرجع إن فسخ لتعذره كله برأس ماله إن وجد، أو عوضه إن كان تالفًا، أي: مثله إن كان مثليًا، وقيمته إن كان متقومًا. هذا إن فسخ في الكل؛ فإن فسخ في البعض فيسقطه، وبذلك قال الشافعي وإسحاق وابن المنذر؛ فإن هرب مسلم إليه أخذ مسلم فيه من ماله كغيره من الديون عليه، وإن أسلم ذمي لذمي في خمر، ثم أسلم أحدهما، رد لمسلم رأس ماله إن وجد أو عوضه إن تعذر.

من النظم فيما يتعلق في اشتراط الوقت ووجود ذلك عند الحلول ولابد في وقت به الرفق غالبًا ... ومن كون مبتاعتى حل يوجد فإن كنت لا تلاقاه أو تلق نادرًا ... إذا حل من يسلم إذًا فيه يصدد ومن قبضك الأثمان قبل تفرق ... فمهما تجده اختل منهن يفسد وإن تقبضن البعض ثم افترقتما ... فما حزت في الأقوى امض والغير أفسد وإن تسلمن في الحال أو لغد فلا ... يصح وقول الشافعي غير مبعد وإن تشترط قبضًا لجزء معين ... بكل نهار منه صحح وجود وتعديد آجال لجنس مجوز ... كذلك أجناسٌ لوقت محدد وشرط إلى حين الجذاذ وحصدهم ... في الأوهى أجز واطلب به حين يبتدي كذاك إلى شهري جمادى ونحوه ... وإما إلى شهرٍ ففي الآخر اقصد ولا تك في الجنسين مفرد قيمة ... وعَيِّن لكل منهما في المؤكَّدِ وما قبض دين قبل ما حل لازمًا ... متى كان في التعجيل تفويت مقصدِ وقل للمدين اقبله في قدر وقتهم ... ونفي حلول مع يمين وأكِّدِ وما سَلَمٌ في ثمر نخل معين ... وقريته الصغرى صحيحًا بل افسد وإن يتعذر قبض ما حل فاصبرن ... أو افسخ ومالك خذه أو عوض الردي ووجهان إن تحتل به أو عليه هل ... يصح إذًا أمْ لا إنِ الفَسْخَ تقصد وقيل بنفس العقد يفسخ في الذي ... تعذر من كل وبعض مفقد

ويختار في باقيه بالقسط وحده ... في الأقوى وفي المفقود فاسخ أو ارصد

س66: ما هو الشرط السادس من شروط السلم، وإذا ظهر رأس مال مسلم مقبوض غصبا أو معيبا، فما الحكم؟ وما حكم معرفة قدر رأس مال السلم، ومعرفة صفته، والسلم في الجوهر، ونحوه، ومن القول قوله في الاختلاف في القيمة؟

س66: ما هو الشرط السادس من شروط السلم، وإذا ظهر رأس مال مسلم مقبوض غصبًا أو معيبًا، فما الحكم؟ وما حكم معرفة قدر رأس مال السلم، ومعرفة صفته، والسلم في الجوهر، ونحوه، ومن القول قوله في الاختلاف في القيمة؟ ج: السادس: قبض رأس مال سلم قبل تفرق من مجلس عقده تفرقًا يبطل خيار مجلس، لئلا يصير بيع دين بدين، واستنبطه الشافعي من قوله –عليه السلام-: «فليسلف» أي: فليعط، قال: لأنه لا يقع اسم السلف فيه حتى يعطيه ما أسلفه قبل أن يفارقه من أسلفه، وإن قبض مسلم إليه بعض رأس مال السلم قبل التفرق، صح فيه بقسطه فقط، وبطل فيما لم يقبض، لتفريق الصفقة. وإن بان رأس مال سلم مقبوض غصبًا أو معيبًا عيبًا من الجنس أو غيره، فحكمه كما مر في صرف من أنه إن ظهر أنه مغصوب أو العيب من غير الجنس، فللمسلم إليه إمساكه، وأخذ أرش عيبه أو رده، وأخذ بدله في مجلس الرد، لا من جنس السلم، وكقبضٍ في الحكم ما بِيَد المُسْلَم

إليه أمانة أو غصب ونحوه، فيصح جعله رأس مال سلم في ذمة من هو تحت يده، ولا يصح جعل ما في ذمة رأسَ سلم؛ لأن المسلم فيه دين؛ فإن كان رأس ماله دينًا كان بيع دين بدين، بخلاف غصب وأمانة، وتشترط معرفة قدر رأس مال السلم، ومعرفة صفته؛ لأنه لا يؤمن فسخ السلم لتأخر المعقود عليه، فوجب معرفة رأس ماله ليرد بدله كالقرض، ولا تكفي مشاهدة رأس مال السلم، كما لو عقداه بصبرة لا يعلمان قدرها ووصفها، ولا يصح فيما لا ينضبط، كجوهر ونحوه، ويرد ما قبض من ذلك على أنه رأس مال سلم، لفساد العقد إن وجد، وإلا يوجد فقيمته إن كان متقومًا، ومثله إن كان مثليًا كصبرة من حبوب؛ فإن اختلفا في قيمة رأس مال السلم الباطل، أو في قدر الصبرة المجعولة رأس مال سلم، فقول مسلم إليه بيمينه؛ لأنه غارم؛ فإن تعذر قول مسلم إليه بأن قال: لا أعرف قيمة ما قبضته، فعليه قيمة مسلم فيه مؤجلاً إلى الأجل الذي عيناه؛ لأن الغالب في الأشياء أن تباع بقيمتها، ويقبل قول مسلم إليه في قبض رأس ماله، وإن قال أحدهما: قبض قبل التفرق، وقال الآخر: بعده، فقول مدعي الصحة، وتقدم بينته عند التعارض.

س67: هل يشترط في السلم ذكر مكان الوفاء؟ وبأي مكان يكون الوفاء؟ وما حكم أخذ الرهن، والكفيل بدين السلم، وأخذ غيره مكانه؟ وبيعه أو بيع رأس ماله، أو حوالة عليه، أو به، وما صورتهما، وما الفرق بينهما؟ والدليل، والتعليل، والخلاف، والترجيح.

ذكر مكان الوفاء وأخذ الرهن والكفيل بدين السلم س67: هل يشترط في السلم ذكر مكان الوفاء؟ وبأي مكان يكون الوفاء؟ وما حكم أخذ الرهن، والكفيل بدين السلم، وأخذ غيره مكانه؟ وبيعه أو بيع رأس ماله، أو حوالة عليه، أو به، وما صورتهما، وما الفرق بينهما؟ والدليل، والتعليل، والخلاف، والترجيح. ج: ولا يشترط في السلم ذكر مكان الوفاء؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يذكره، ولأنه عقد معاوضة، أشبه بيوع الأعيان؛ فإن كان موضع العقد لا يمكن الوفاء به، كبرية وبحر ودار حرب، فيشترط ذكره لتعذر الوفاء في موضع العقد، وليس البعض أولى من البعض، فاشترط تعيينه بالقول، ويكون الوفاء مكان عقد السلم إذا كان محل إقامة؛ لأن مقتضى العقد التسليم في مكان، ويجب الإيفاء مكان العقد مع المشاحة؛ لأن العقد يقتضي التسليم في مكانه، فاكتفى بذلك عن ذكره. وللمسلم أخذ المسلم فيه في غير مكان العقد إن رضيا؛ لأن الحق لا يعدوهما، ولا يجوز أخذه مع أجرة حمله إلى مكان العقد، ويصح شرط الإيفاء في مكان العقد، ويكون ذلك الشرط تأكيدًا، ولا يصح أخذ رهن أو كفيل بمسلم فيه، رويت كراهته عن علي وابن عباس، وابن عمر والحسن، وسعيد بن جبير، والأوزاعي؛ لأنه

لا يمكن الاستيفاء من عين الرهن، ولا من ذمة الضامن، ولأنه لا يؤمن هلاك الرهن في يده بعد، فيصير مستوفيًا لحقه من غير المسلم فيه. وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره» وروى الدارقطني عن ابن عمر مرفوعًا: «من أسلف سلفًا فلا يشرط على صاحبه غير قضائه» ؛ ولأنه يقيم ما في ذمة الضامن مقام ما في ذمة المضمون عنه، فيكون في حكم أخذ العوض، والبدل عنه، وهذا لا يجوز وهو المذهب، جزم به الخرقي وابن البناء في «خصاله» وصاحب «المبهج» و «الإيضاح» وناظم «المفردات» قال في «الخلاصة» : ولا يجوز أخذ الرهن والكفيل به على الأصح، واختاره الأكثر، والرواية الثانية: يجوز، روى حنبل جوازه، ورخص فيه عطاء ومجاهد وعمرو بن دينار والحكم ومالك والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي وابن المنذر؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ} إلى قوله: {فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [البقرة: 282] ، وقد روي عن ابن عباس وابن عمر أن المراد به السلم، ولأن للفظ عام، فيدخل السلم في عمومه، ولأنه أحد نوعي البيع، فجاز أخذ الرهن بما في الذمة منه كبيوع الأعيان، وصححه في «التصحيح» و «الرعاية» و «النظم» ، وجزم به في «الوجيز» قال الزركشي: وهو الصواب.

وقال في «التنقيح» : وهو أظهر، وحملوا قوله: «لا يصرفه لي غيره» أي لا يجعله رأس مال سلم آخر. وهذا القول هو الذي يترجح عندي لما تقدم؛ ولأن الحاجة للتوثقة في دين السلم أبلغ من غيرها. والله أعلم. ولا يجوز أخذ غيره مكانه لنهيه –عليه الصلاة والسلام- عن بيع الطعام قبل قبضه. وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أسلف في شيء؛ فلا يأخذ إلا ما أسلف فيه، أو رأس ماله» رواه الدارقطني وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أسلم في شيء، فلا يصرفه إلى غيره» رواه أبو داود وابن ماجه. قال في «الشرح» : وذلك حرام، سواء كان المسلم فيه موجودًا أو معدومًا، وسواء كان العوض مثل المسلم فيه في القيمة، أو أقل أو أكثر، وبه قال أبو حنيفة والشافعي. وقال مالك: يجوز أن يأخذ غير المسلم فيه مكانه يتعجله، ولا يؤخره إلا الطعام، قال ابن المنذر: وقد ثبت أن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: إذا أسلم في شيء إلى أجل؛ فإن أخذت ما أسلفت فيه، وإلا فخذ عوضًا انقص منه، ولا تربح مرتين. رواه سعيد. وسُئل شيخ الإسلام –رحمه الله- عن رجل أسلف خمسين درهمًا في رطل حرير إلى أجل معلوم، ثم

جاء الأجل فتعذر الحرير، فهل يجوز أن يأخذ قيمة الحرير، أو يأخذ أي شيء كان؟ فأجاب: الحمد لله، هذه المسألة فيها روايتان عن الإمام أحمد. إحداهما: لا يجوز الاعتياض عن دين السلم بغيره، كقول الشافعي وأبي حنيفة؛ لما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره» وهذه الرواية هي المعروفة عند متأخري أصحاب الإمام أحمد، وهي التي ذكرها الخرقي وغيره. والقول الثاني: يجوز ذلك، كما يجوز في غير دين السلم، وفي المبيع من الأعيان، وهو مذهب مالك، وقد نص أحمد على هذا في غير موضع، وجعل دين السلم كغيره من المبيعات، فإذا أخذ عوضًا غير مكيل ولا موزون بقدر دين السلم حين الاعتياض، لا بزيادة على ذلك، أو أخذ من نوعه بقدره، مثل أن يسلم في حنطة، فيأخذ شعيرًا بقدر الحنطة، أو يسلم في حرير، فيأخذ عنه عوضًا من خيل أو بقر أو غنم؛ فإنه يجوز، وقد ذكر ذلك طائفة من الأصحاب. اهـ. من «مجموع الفتاوى» (29/503، 504) ، والذي يترجح عندي القول الثاني، لما تقدم. والله أعلم. ولا يجوز بيع المسلم فيه قبل قبضه هذا المذهب، وقال في «الشرح» : بغير خلاف علمناه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الطعام قبل قبضه، وعن ربح ما لم يضمن؛ ولأنه

مبيع لم يدخل في ضمانه، فلم يجز بيعه كالطعام قبل قبضه. وفي «المبهج» وغيره رواية بأن بيعه يصح، واختاره الشيخ تقي الدين –رحمه الله تعالى- وقال: هو قول ابن عباس - رضي الله عنهما -؛ لكن يكون بقدر القيمة فقط، لئلا يربح فيما لم يضمن، قال: وكذا ذكره أحمد –رحمه الله تعالى- في بدل القرض وغيره، وهو اختيار ابن القيم في «تهذيب السنن» . ولا يصح بيع رأس مال بعد فسخ، وعليه أكثر الأصحاب، وقيل: يجوز، اختاره القاضي في «المجرد» وابن عقيل، وهو ظاهر ما جزم به في «المنور» وتصح هبة كل دين سلم أو غيره لمدين فقط؛ لأنه إسقاط، وعنه: تصح لغير من هو عليه، اختارها في «الفائق» وهو مقتضى كلام الشيخ تقي الدين، وهو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. ولا تصح الحوالة بدين السلم، ومعنى الحوالة به: أن يكون لرجل سلم، وعليه مثله من قرض، أو سلم آخر أو بيع، فيحيل بما عليه من الطعام على الذي عنده السلم، فلا يجوز، وإن أحال المسلم إليه المسلم بالطعام الذي عليه، لم يصح أيضًا؛ لأنه معاوضة بالمسلم فيه قبل قبضه، فلم يجز كالبيع؛ لأنها لا تجوز إلا على دين مستقر، والسلم عرضة للفسخ، ولا تصح الحوالة على المسلم فيه، أو رأس ماله

س68: تكلم عن حكم بيع الدين المستقر، ومثل لذلك، ذاكرا ما يشترط لذلك وما يتعلق بذلك، وما حكم الإقالة في السلم أو بعضه، وما الذي يجب بفسخ سلم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ وإذا كان إنسان له سلم، وعليه سلم من جنسه، فقال لغريمه: اقبض سلمي لنفسك، أو قال: اقبضه لي، ثم لك، أو قال: أنا أقبضه لنفسي، وخذه بالكيل الذي تشاهد، أو احضر اكتيالي منه لأقبض لك، ففعل، فما الحكم؟

بعد الفسخ؛ لحديث نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الطعام قبل قبضه، وعن ربح ما لم يضمن. وحديث: «من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره» ولأنه لم يدخل في ضمانه، أشبه المكيل قبل قبضه، وأيضًا فرأس مال السلم بعد فسخه وقبل قبضه مضمون على المسلم إليه بعقد السلم أشبه المسلم فيه، واختار الشيخ تقي الدين جواز الحوالة بدين السلم، والحوالة عليه، وعلله بتعاليل جيدة، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس؛ لأنه لا محذور فيه؛ ولأن الحوالة ليست بيعًا. والله أعلم. بيع الدين المستقر وحكم الإقالة في السلم س68: تكلم عن حكم بيع الدين المستقر، ومثل لذلك، ذاكرًا ما يشترط لذلك وما يتعلق بذلك، وما حكم الإقالة في السلم أو بعضه، وما الذي يجب بفسخ سلم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ وإذا كان إنسان له سلم، وعليه سلم من جنسه، فقال لغريمه: اقبض سلمي لنفسك، أو قال: اقبضه لي، ثم لك، أو قال: أنا أقبضه لنفسي، وخذه بالكيل الذي تشاهد، أو احضر اكتيالي منه لأقبض لك، ففعل، فما الحكم؟ ج: يصح بيع دين مستقر من ثمن وقرض ومهر بعد دخول، وأجرة استوفى نفعها ومدتها، وأرش جناية وقيمة متلف ونحوه لِمَنْ هو في ذمته، وهذا المذهب؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: كنا

نبيع الإبل بالبقيع بالدنانير، ونأخذ عوضها الدارهم، وبالدراهم ونأخذ عوضها الدنانير، فسألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «لا بأس إذا تفرقتما، وليس بينكما شيء» فدل الحديث على جواز بيع ما في الذمة من أحد النقدين بالآخر، وغيره يقاس عليه، ودل على اشتراط القبض قوله: «إذا تفرقتما، وليس بينكما شيء» ويُستنثى على المذهب ما إذا كان عليه دراهم من ثمن مكيل أو موزون باعه منه نسيئة؛ فإنه لا يجوز أن يستبدل عما في الذمة بما يشاركه المبيع في علة رد الفضل، نص عليه حسمًا لمادة ربا النسيئة. ويستثنى أيضًا ما في الذمة من رأس مال السلم إذا فسخ العقد، وأنه لا يجوز الاعتياض عنه، وإن كان مستقرًا، على الصحيح من المذهب، ويشترط لصحة بيع الدين الثابت في الذمة لمن هو عليه أن يقبض عوضه في المجلس إن باعه، بما لا يباع به نسيئة، كأن باع الذهب بفضة أو عكسه، أو باعه بموصوف في الذمة، فيصير قبضه قبل التفرق، لئلا يصير بيع دين بدين، وهو منهي عنه كما تقدم، ولا يصح بيع الدين المستقر لغير من هو في ذمته، وهو الصحيح من المذهب، وعنه: يصح، قاله الشيخ تقي الدين. ولا يصح بيع دين الكتابة ولو لمن هو في ذمته؛ لأنه غير مستقر. وتصح إقالة في سلم؛ لأنها فسخ، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم

على أن الإقالة في جميع ما أسلم فيه جائزة؛ لأن الإقالة فسخ للعقد. وقع من أصله، وليست بيعًا، وتصح الإقالة في بَعْض السلم؛ لأنها مندوب إليها، وكل مندوب إليه صح في شيء، صح في بعضِه، كالإبراء والإنظار، ولا يشترط في التقايل قبض رأس مال السلم في مجلس الإقالة؛ لأنها ليست بيعًا، ولا قبض عوض رأس مال السلم إن تعذر رأس مال السلم بأن عدم في مجلس الإقالة، ومتى انفسخ عقد السلم بإقالة أو غيرها كعيب في الثمن، لزم المسلم إليه رد الثمن الموجود؛ لأنه عين مال السلم عاد إليه بالفسخ، وإن لم يكن الثمن موجودًا رد مثله إن كان مثليًا، ثم قيمته إن كان متقومًا؛ لأن ما تعذر رده رجع بعوضه، وإن أخذ بدل رأس مال السلم بعد الفسخ ثمنًا وهو ثمن، فصرف يُشترط فيه التقابض قبل التفرق، وإن كان رأس السلم عرضًا، فأخذ السلم منه عرضًا أو ثمنًا بعد الفسخ، فبيع؛ يجوز فيه التفرق قبل القبض؛ لكن إن عوضه مكيلاً عن مكيل، أو موزونًا عن موزون، اعتبر القبض قبل التفرق، كالصرف. وإن كان لرجل سلم، وعليه سلم من جنسه، فقال الرجل لغريمه: اقبض سلمي لنفسك ففعل، لم يصح قبضه لنفسه إذ هو حوالة بسلم، وتقدم أنها على المذهب لا تصح به، ولا يصح قبضه للآمر؛ لأن الآمر لم يوكله في قبضه، فلم يقع له، فيرد المسلم إليه، وصح قبضه لهما إن

قال: اقبضه لي، ثم اقبضه لك، لاستنابته في قبضه له ثم لنفسه، فإذا قبضه لموكله جاز أن يقبضه لنفسه، كما لو كان له عنده وديعة. وتقدم: يصح قبض وكيل من نفسه لنفسه، إلا ما كان من غير جنس دينه. وإن قال رب سلم لغريمه: أنا أقبض السلم ممن هو عليه لنفسي، وخذه بالكيل الذي تشاهد؛ صح قبضه لنفسه، لوجود قبضه من مستحقه. والرواية الثانية: لا يجوز، ولا يكون قبضًا، وهو مذهب الشافعي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، صاع البائع وصاع المشتري، ولم يوجد ذلك، ولأنه قبض بغير كيل، أشبه ما لو قبضه جزافًا. أو قال رب سلم لغريمه: احضر اكتيالي ممن عليه الحق لأقبضه لك، ففعل؛ صح قبضه لنفسه لما تقدم، ولا أثر لقوله: لِأقْبضَهُ لكَ؛ لأن القبض مع نيته لغريمه كنيته لنفسه، ولا يكون قبضًا لغريمه حتى يقبضه له بالكيل؛ فإن قبضه بدونه لم يتصرف فيه قبل اعتباره، لفساد القبض، وتبرأ به ذمة الدافع، وإن ترك القابض المقبوض بمكياله، وأقبضه لغريمه، صح القبض لهما؛ لأن استدامة الكيل كابتدائه، وقبض الىخر له في مكياله جريُّ لصاعه فيه.

س69: هل يقبل قول قابض لسلم في قدره، وإذا ادعى قابض أو مقبض بكيل أو وزن غلطا أو نحوه، فما حكم ذلك؟ وإذا قبض أحد شريكين أو أكثر من دين مشترك فممن يأخذ شريكه؟ وماذا يعمل من استحق على غريمه مثل ماله عليه قدرا وصفة حالين، أو مؤجلين أجلا واحدا؟ وإذا دفع مديون وفاء عما عليه، أو امتنع ووفاه عنه حاكم، فهل يبرأ؟ وإذا كان على أنثى دين من جنس واجب نفقتها، فهل يحتسب به؟ وإذا كان على إنسان دين لا يعلم به ربه، فما حكم إعلامه؟ واذكر ما يتعلق حول ما ذكر من أمثلة.

س69: هل يقبل قول قابض لسلم في قدره، وإذا ادعى قابض أو مقبض بكيل أو وزن غلطًا أو نحوه، فما حكم ذلك؟ وإذا قبض أحد شريكين أو أكثر من دين مشترك فممن يأخذ شريكه؟ وماذا يعمل من استحق على غريمه مثل ماله عليه قدرًا وصفة حالين، أو مؤجلين أجلاً واحدًا؟ وإذا دفع مديون وفاءَ عما عليه، أو امتنع ووفاه عنه حاكم، فهل يبرأ؟ وإذا كان على أنثى دين من جنس واجب نفقتها، فهل يُحتسب به؟ وإذا كان على إنسان دين لا يعلم به ربه، فما حكم إعلامه؟ واذكر ما يتعلق حول ما ذكر من أمثلة. ج: يقبل قول قابض لسلم أو غيره جزافًا في قدر المقبوض بيمينه؛ لأنه ينكر الزائد، والأصل عدمه؛ لكن لا يتصرف من قبض مكيلاً ونحوه جزافًا في قدر حقه قبل اعتباره بمعياره لفساد القبض، وفيه وجه: يصح التصرف في قدر حقه منه، قدمه ابن رزين في «شرحه» ، ولا يقبل قول قابضٍ ولا مُقبِّضٍ بكيل ولا وزن ونحوه دعوى غلط ونحوه؛ لأنه خلاف الظاهر، وما قبضه أحد شريكين من دين مشترك بإرث أو إتلاف عين مشتركة، أو بعقد كبيع مشترك، وإجارته أو بِضَرِيْبَةٍ سببُ استحقاقها واحدٌ، كوقف على عدد محصور، فشريكه مُخيَّرٌ بين أخذ من غريم لبقاء اشتغال ذمته، أو أخذ من قابض، للاستواء في الملك، وعدَم تمييز حصة أحدهما من حصة الآخر، فليس أحدهما أولى من الآخر به، ولو

بعد تأجيل الطالب لحقه، لما سبق، ما لم يستأذنه في القبض؛ فإن أذن له في القبض من غير توكيل في نصيبه، فقبضه لنفسه، لم يحاصصه، أو ما لم يتلف مقبوض، فيتعين غريم، والتالف من حصة قابض؛ لأنه قبضه لنفسه، ولا يضمن لشريكه شيئًا، لعدم تعديه؛ أنه قدر حصته، وإنما شاركه لثبوته مشتركًا، ومن استحقَّ على غريمِهِ مِثْلَ ماله عليه من دين جنسًا وقدرًا وصفة، حالَّين أو مؤجلين أجلاً واحدًا، كثمنين اتحد أجلهما؛ تساقطا إن استويا، أو سقط من الأكثر بقدر الأقل إن تفاوتا قدرًا بدون تراض؛ لأنه لا فائدة في أخذ الدين من أحدهما، ثم رده إليه، ولا يتساقطان إذا كان الدينان دين سلم، أو كان أحدهما دين سلم، ولو تراضيا؛ لأنه تصرف في دين سلم قبل قبضه، أو تعلق بأحد الدينين حق، بأن بيع الرهن لتوفية دينه من مدين غير المرتهن، أو عين المفلس بعض ماله لبعض غرمائه بثمن في الذمة من جنس دينه؛ فلا مقاصة، لتعلق حق الغرماء أو المرتهن بذلك الثمن، ومن عليها دين من جنس واجب نفقتها، لم يحتسب به مع عسرتها؛ لأن قضاء الدين بما فضل. وإذا نوى مديون وفاءً عما عليه بدفع، بريء منه، وإلا ينو وفاءً، بل نوى التبرع فَتبرُّعٌ، والدين باق عليه؛ لحديث: «وإنما لكل امرئ ما نوى»

وتكفي نية حاكم وفاة قهرًا من مال مديون لامتناعه، أو مع غيبته لقيامه مقامه. ومن عليه دين لا يعلم به ربه، وجب عليه إعلامه. وإذا دفع زيدٌ لعمرو دراهم، وعلى زيد طعام لعمرو، فقال زيد لعمرو: اشتر لك بها مثل الطعام الذي علي، ففعل، لم يصح الشراء. قال في «الفروع» : لأنه فضولي؛ لأنه اشترى لنفسه بمال غيره. وإن قال زيد لعمرو: اشتر لي بالدراهم طعامًا، ثم اقبضه لنفسك، ففعل، صح الشراء؛ لأنه وكيل عنه فيه، ولم يصح القبض لنفسه؛ لأن قبضهُ لنفسه فرعٌ عن قبض موكله، ولم يوجد. وإن قال زيد لعمرو: اشتر لي بدراهم مثل الطعام الذي علي، واقبضه لي، ثم اقبضه لنفسك، فاشترى لها طعامًا له، ثم قبضه له، ثم قبضه لنفسه؛ صح ذلك كله؛ لأنه وكَّلَهُ في الشراء والقبض، ثم الاستيفاء من نفسه لنفسه، وذلك صحيح. ولو دفع إليه كيسًا، فقال: استوف منه قدر حقك، ففعل، صح؛ لأنه من استنابة من عليه الحق للمستحقِّ، والزائد أمانة، قال في «الفروع» : قال أحمد - رضي الله عنه -: الدين أوله هم، وآخره حزن. قال بعضهم: كان يقال: الدين هم بالليل، وذل بالنهار، وإذا أراد الله أن يذل عبدًا جعل في عنقه دينًا. وكان يقال: الأذلاء أربعة: النمام، والكذاب، والفقير، والمديان. وكان يقال: لا هم إلا هم

الدين، ولا وجع إلا وجع العين. قال ابن عبد البر: وقد روي هذا القول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه ضعيف. وقال جعفر بن محمد: المستدين تاجر الله في أرضه. وقال عمر بن عبد العزيز: الدين وقرٌ طالما حمله الكرام. اهـ. من النظم فيما يتعلق في السلم في المعين وفي عدم نقل الملك فيه قبل قبضه والإقالة وإن يسلم المغصوب وهو معيّن ... ورد رَديًا فهو عَقْدُ تفسد وإن قبضا عما استقر بذمة ... فإن له في مجلس بدل الردي وفيه من التفضيل والخلف مثلما ... تقدم في صرف هناك ليقصد وما سَلم في العين حل وإنما ... يصح إذا أسلمت في ذمة قد وليس بشرط ذكرهم موضع الوفا ... فوف متى تطلق بموضع معقد وإن لم يوالِ فاشترطه بأجود ... وفي الثاني في أدنى البلاد ليورد وإن تشترط فيه يكن لتأكد ... وفي غيره إن تشترط صح بأوكد ونقلك فيه الملك من قبل قبضه ... حرام لنا مع جهله والتعمد ويحرم بيع الدين بالدين مطلقًا ... وبالنقد إلا للغريم بأوكد إذا كان دينًا مستقرًا بشرط أن ... يقبضه الأثمان في المجلس احدد

ووجهين في دين الكتابة خذهما ... وفي مسلم من بعد فسخ منكد وبيع بممنوع به بيعه نسا ... وموصوف اقبضه بمجلس معقد وليس بشرط قبض غيرهما به ... إذا ما به بعت الديون بأجود وفي سلم إن ما تقبل نادمًا يجز ... وفي بعضه أيضًا على المتأكد وخذ رأس مال أو مثيلاً له إن توى ... أو القدر عند الفسخ في المتجوزد وإن قال شخص مالك سلمًا لمن ... عليه له من جنسه اقبضه وارشد لنفسك لم تملكه في قبضه وهل ... يكون لأمار بوجهين أسند وإن قال لي فاقبضه ثم لك احكمن ... بتصحيح قبض للوكيل وأكد ولا تجز إقباضًا بكيلة قابض ... تراه ولو لم تنأ عنه بأوكد وتركك إياه بمكيال قبضه ... فتقبيضه إياه صح بأوكد وإن تعطه نقدًا وقلت اشترى بها ... لك السلم الباقي علي وجود فإنَّ شراه كالفضولي فإن تقل ... لي ابتعه واستوفى يصح الشرا قد وإن قلت لي ابتع ثم لي اقبضه ثم لك ... فيفعل يصح الكل في نص أحمد ومن يدعي في قبض دين بعرفه ... مُسوِّغَ وهْمٍ فاقبلن في المجود ومن جنسه من تعطه صبرة لكي ... يوفى فتوفى باتفاق يقلد كذا في مكان القبض إن صح شرطه ... وفي وقته قول المدين فقلد

باب القرض

وجوز به رهنًا في الأولى وكافل ... وفك إبراءٍ بفسخ المعقد وثابت دين جاز من رهنه القضا ... يجوز به أو آيل للتأطد باب القرض س70: ما هو القرض لغة واصطلاحًا؟ وما حكمه؟ وما وجه اتباعه بالسلم؟ وهل هو عقد لازم أم جائز؟ وبم ينعقد؟ وإذا قال: ملكتك، ولا قرينة تدل على رد بدل فمن القول قوله؟ وما حكم الاقتراض بالجاه للإخوان والشراء بدين لا وفاء له؟ وما هي شروط صحة القرض؟ ومتى يتم القبول؟ ومتى يملك ويلزم؟ ومتى يملك المقرض الرجوع فيه؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو تفصيل أو ترجيح. ج: القرض في اللغة: القطع، كأنه يقطع له قطعة من ماله، وقيل: هو المجازاة؛ لأنه يرد مثل ما أخذ، ومنه قولهم: الدنيا قروض ومكافأة، وهما يتقارضان الثناء، إذا أثنى رجل على رجل، وأنثى عليه الآخر. وقال الزجاج: القرض في اللغة: البلاء الحسن والبلاء السيئ، قال أمية:

كل امرئ سوف يجزي قرضه حسنًا أو سيئًا ومدينًا مثل مادانا والقرض شرعًا: دفع مال إرفاقًا لمن ينتفع به، ويرد بدله، وهو نوع من السلف، وهو من المرافق المندوب إليها للمقرض؛ لحديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مسلم يقرض مسلمًا قرضًا إلا كان كصدقتها مرتين» رواه ابن ماجه وابن حبان في «صحيحه» ، والبيهقي مرفوعًا وموقوفًا، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة» رواه ابن حبان في «صحيحه» ، ورواه مسلم والترمذي وأبو داود والنسائي عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من منح منيحة لبن أو وَرِقٍ، أو هدى زُقاقًا، كان له مثل عتق رقبة» رواه أحمد والترمذي، واللفظ له، وابن حبان في «صحيحه» ، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. ومعنى قوله: «منح منيحة ورق» إنما يعني به: قرض الدراهم. ومعنى «هدى زقاقًا» : هداية الضال إلى الطريق، وهو نوع من المعاملات على غير قياسها، لمصلحة لاحظها الشارع، لانتفاع المقترض بما اقترضه، ويصح بلفظ: قرض، ولفظ «سلف»

لورود الشرع بهما، وبكل لفظ يؤدي معناهما، كملكتك هذا على أن ترد بدله؛ فإن قال معط: ملكتك، ولا قرينة على رد بدله، فهبة، وإن اختلفا في أنه هبة أو قرض، فقول آخذ بيمينه أنه هبة؛ لأنه الظاهر؛ فإن دلت قرينة على رد بدله، فقول معط أنه قرض. والقرض مباح للمقترض، وليس مكروهًا، لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان مكروهًا كان أبعد الناس منه، ولا إثم على مَن سُئل فلم يقرض؛ لأنه ليس بواجب، بل مندوب كما تقدم، وليس سؤال القرض من المسألة المذمومة، لما تقدم من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ولأنه إنما يأخذه بعوضه، فأشبه الشراء بدين في ذمته، وينبغي للمقترض أن يعلم المقرض بحاله، ولا يغره من نفسه، ولا يستقرض إلا ما يقدر أن يؤديه، إلا الشيء اليسير الذي لا يتعذر مثله عادة، لئلا يضر بالمقرض. وكره الإمام أحمد الشراء بدين ولا وفاء عنده إلا اليسير. وقال الإمام: ما أحب أن يفترض بجاهه لإخوانه، قال القاضي: إذا كان من يقترض له غير معروف بالوفاء؛ لأنه تغرير بماله المقرض وإضرار به؛ أما إذا كان معروفًا بالوفاء فلا يكره؛ لأنه إعانة وتفريج لكربته، وينبغي للفقير إذا أراد أن يتزوج بامرأة موسرة أن يعلمها بفقره، لئلا يَغُرَّها.

وشروط صحة القرض خمسة: أولاً: أن يكون فيما يجوز بيعه. ثانيًا: معرفة وصفه. ثالثًا: معرفة قدره. رابعًا: كون مقرض ممن يصح تبرعه، فلا يقرض نحو ولي يتيم من ماله، ولا مكاتب، ولا ناظر وقف منه، كما لا يحابي.

خامسًا: أن يصَادِفَ ذمة لا على ما يحدث. قال ابن عقيل: الدين لا يثبت إلا في الذمم. اهـ. ولا يصح قرض جهة كمسجد ونحوه، كمدرسة ورباط، وفي «الموجز» : يصح قرض حيوان وثوب لبيت المال، ولآحاد المسلمين. ذكره في «الفروع» اهـ. يؤيد ما سبق أمره –عليه السلام- ابن عمر أن يأخذ على إبل الصدقة. ويصح القرض في كل عين يجوز بيعها إلا بني آدم، فالمذهب: لا يصح، قال في «الشرح» : ويحتمل صحة قرض لعبد دون الأمة، وهو قول مالك والشافعي، إلا أن يقرضهن ذوو أرحامهن؛ وأما قرض الجواهر ونحوها، مما يصح بيعه، ولا يصح السلم فيه، فالصحيح الصحة، ويرد المقترض القيمة، ولا يصح قرض المنافع؛ لأنه غير معهود. وقال الشيخ تقي الدين: يجوز قرض المنافع، مثل أن يحصد معه يومًا، ويحصد الآخر معه يومًا آخر أو يسكنه دارًا ليسكنه الآخر بدلها. وقال في «الاختيارات الفقهية» : ويجوز قرض الخبز ورد مثله عددًا بلا وزن من غير قصد الزيادة، وهو مذهب أحمد، وما قاله الشيخ رحمه الله هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. ويتم العقد بالقبول كالبيع، ويملك ويلزم بالقبض؛ لأنه عقد يَقِفُ التصرف فيه على القبض، فوقف الملك عليه، فلا يملك مقرض

س71: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا شرط المقترض رد ما اقترضه بعينه، أو اقترض مثليا ورد بعينه، أو فلوسا فمنع السلطان إنفاقها، وأبطل ماليتها، أو كانت الفلوس أو المكسرة التي منع السلطان المعاملة بها ثمنا معينا لم يقبضه البائع، أو رد المشتري مبيعا ورام أخذ ثمنه، وكان فلوسا أو مكسرة فمنعها السلطان، أو أعوز المثل، وإذا دفع مكيلا وزنا أو موزونا كيلا، فما الحكم؟ وما حكم قرض الماء والخبز والخمير؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل، والخلاف والترجيح.

استرجاع القرض من مقترض كالبيع، للزوم من جهته، إلا إن حجر على مقترض لفلس، فيملك مقرض الرجوع فيه بشرطه؛ لحديث: «من وجد متاعه عند مفلس بعينه فهو أحق به» رواه أحمد. وللمقرض طلب بدل القرض من المقترض في الحال؛ لأنه سبب يوجب رد المثل أو القيمة، فأوجبه حالاً كالإتلاف، فلو أقرضه تفاريق فله طلبها جملة، كما لو باعه بيوعًا متفرقة ثم طالبه بثمنها جملة. س71: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا شرط المقترض رد ما اقترضه بعينه، أو اقترض مثليًا ورد بعينه، أو فلوسًا فمنع السلطان إنفاقها، وأبطل ماليتها، أو كانت الفلوس أو المكسرة التي منع السلطان المعاملة بها ثمنًا معينًا لم يقبضه البائع، أو رد المشتري مبيعًا ورام أخذ ثمنه، وكان فلوسًا أو مكسرة فمنعها السلطان، أو أعوز المثل، وإذا دفع مكيلاً وزنًا أو موزونًا كيلاً، فما الحكم؟ وما حكم قرض الماء والخبز والخمير؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل، والخلاف والترجيح. ج: إذا شرط مقرض رده بعينه، لم يصح الشرط؛ لأنه ينافي مقتضى العقد، وهو التوسع بالتصرف، ورده بعينه يمنع من ذلك. ويجب على مقرض قبول قرض مثلي رد بعينه وفاءً، ولو تغير سعره لرده على صفته التي عليها، فلزمه قبوله كالسلم، بخلاف متقوم رد وإن لم يتغير سعره فلا يلزم قبوله؛ لأن الواجب له قيمته، والمثلي هو

المكيل والموزون، ما لم يتعيب مثلي رد بعينه، كحنطة ابتلت، فلا يلزمه قبوله لما فيه من الضرر؛ لأنه دون حقه، أو ما لم يكن القرض فلوسًا أو دراهم مكسرة، فيمنعها السلطان ويبطل التعامل بها، ولو لم يتفق الناس على ترك التعامل بها؛ فإن كان كذلك، فللمقرض قيمة القرض المذكور وقت قرض؛ لأنها تعيبت في ملكه، وسواء نقصت قيمتها كثيرًا أو قليلاً، وتكون القيمة من غير جنس القرض إن جرى في أخذها من جنسه ربا فضل، بأن كان اقترض دراهم مكسرة، فمنعت وأبطل التعامل بها، وقيمتها يوم القرض أنقص من وزنها؛ فإنه يعطيه بقيمتها ذهبًا، وكذا لو اقترض حُلِيًا، وكذا ثمن لم يقبض إذا كان فلوسًا أو مكسرة، فمنع السلطان إنفاقها وأبطل ماليتها، أو طُلِبَ ثمنٌ من بائع برد مبيع عليه، لعيب ونحوه، وكذا صداق وأجرة وعوض خلع ونحوها إذا كان فلوسًا أو دراهم مكسرة، فمنعها السلطان وأبطل التعامل بها، فحكمه حكم القرض، قال شيخ الإسلام: ويطرد ذلك في بقية الديون، وقد نظمها ناظم «المفردات» فقال: والنقدُ في المبيعِ حَيْثُ عُيِّنَا ... وبَعْدَ ذَا كسَادُهُ تَبَيَّنَا نحو الفُلُوسِ ثم لا يُعَامَلُ ... بها فَمِنْهُ عِنْدَنَا لا يُقْبَلُ بل قيمةُ الفُلوسِ يَوْمَ العَقْدِ ... والقرض أيضًا هكذا في الرَّدِ

ومثلهُ مَن رَامَ عَوْدَ الثَّمنِ ... بِرَدِّهِ المبيع خُذْ بالأحْسَنٍ قد ذَكرَ الأصحابُ ذَا في ذي الصُّوَرْ ... والنصُ في القرصِ عَيانًا قد ظَهَرْ والنَّصُّ بالقيمةِ في بُطْلَانِهَا ... لا في ازدِيَادِ القَدْرِ أَو نُقْصَانِها بل إن غَلَتْ فالمِثْلُ فيها أَحْرَى ... كَدَانِقٍ عِشْرينَ صَارَ عَشْرًا والشيخُ في زِيَادةٍ أو نَقْصِ ... مِثْلاً كَقَرْضٍ في الغَلا والرُّخْصِ وشيخُ الإسلامِ فَتَى تَيمِيِّهْ ... قال قياسُ القَرْضِ عَن جلِيّهْ الطَّردُ في الدِّيُونِ كالصَّداقِ ... وعوضٍ في الخلعِ والإعْتاقِ والغصبِ والصلحِ عَن القصاص ... ونَحوِ ذا طُرًا بلا اخْتِصَاصِ قال وَجَافي الدَّيْنِ نصًا مُطْلَقُ ... حَرَّرَهُ الأثرمُ إذْ يُحَقَّقُ وقولهم إنَّ الكَسَاد نَقْصًا ... فذاك نقصُ النوعِ عَابَتْ رُخْصًا قال ونقصُ النوعِ لَيْسَ يُعْقَلُ ... فيما سِوى القيْمَةِ ذَا لا يُجْهَلُ وخَرَّجَ القِيْمَة في المِثْلِيِّ ... بِنَقُصِ نَوْعٍ لَيْسَ بالخَفِي واختارهُ وقالَ عَدْلٌ مَاضِي ... خَوف انتظار السِّعْرِ بالتَّقَاضِي لِحَاجَةِ النَّاسِ إلى ذِي المسألهْ ... نَظَمْتُهَا مَبْسُوطَةً مُطَوَّلهْ ويجب على مقترض رَدُّ فلوسٍ اقترضها، ولم تحرم المعاملة بها

غلت أو رخصت أو كسدت؛ لأنها مثلية، ويجب رد مثل مكيل أو موزون لا صناعة فيه مباحة يصح السلم فيه؛ لأنه يضمن في الغصب والإتلاف بمثله، فكذا هنا، مع أن المثل أقرب شبهًا به من القيمة؛ فإن أعوز المثل فعليه قيمته يومَ إعوازه؛ لأنه يوم ثبوتها في الذمة. ويجب رد قيمة غير المكيل والموزون المذكور؛ لأنه لا مثل له، فيضمن بقيمته كما في الإتلاف والغصب، فجوهر ونحوه مما تختلف قيمته كثيرًا، تعتبر قيمته يوم قبض المقترض من المقرض، لاختلاف قيمته في الزمن اليسير بكثرة الراغب وقلته، فتزيد زيادة كثيرة، فَيَنْضرُّ المقترضُ أو ينقُص، فينضر المقرِضُ وغير الجوهر ونحوه، كمذروع ومعدود تعتبر قيمته يوم قرض؛ لأنها تثبت في ذمته. وقي: يجب رد مثله من جنسه بصفاته، وكذا الجواهر ونحوها، قيل: يجب رد مثله جنسًا وصفة وقيمة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسلف من رجل بكرًا، فرد مثله؛ ولما ورد عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم لها بقصعة فيها طعام، فضربت بيدها فكسرت القصعة، فضمها، وجعل فيها الطعام، وقال: «كلوا» ودفع القصعة الصحيحة للرسول، وحبس المكسورة. رواه البخاري والترمذي. ولأن ما ثبت في الذمة في السلم ثبت في القرض كالمثلي،

ويخالف الإتلاف فإنه لا مسامحة فيه. قالوا: ولأن هذا هو مقتضى عقد القرض، ولأن مثله يحصل فيه مقصودان: مقصود القيمة، ومقصود حصول ذلك الشيء المقرض، وهذا القول هو الذي يترجح عندي. والله أعلم. ويرد مثل كيل مكيل دفع وزنًا؛ لأن الكيل هو معياره الشرعي، وكذا يرد مثل وزن موزون دفع كيلاً، ويجوز قرض ماءٍ كيلا كسائر المائعات. ويجوز قرض لسقي مقدرًا بأنبوبة أو نحوها، مما يعمل على هيئتها من فخار أو نحاس أو رصاص أو نحوه، ويجوز قرضه مقدرًا بزمن من نوبة غيره، ليرد مقترض على مقرض مثله في الزمن من نوبته نصًا. قال: وإن كان غير محدود كرهته، أي: لأنه لا يمكن أن يرد مثله، ويجوز قرض خبز وخمير ورده عددًا بلا قصد زيادة؛ لحديث عائشة قالت: قلت يا رسول الله، الجيران يستقرضون الخبز والخمير، ويردون زيادة ونقصانًا، فقال: «لا بأس، إنما ذلك من مرافق الناس لا يُراد به الفضل» رواه أبو بكر في «الشافي» ، ولمشقة اعتباره بالوزن مع دعاء الحاجة.

س72: ما حكم تأجيل القرض، وكل دين حال أو حل، وشرط رهن أو ضمين في القرض، أو نقص وفاء، أو جر نفع أو نحو ذلك، أو أهدى مقترض لمقرض، أو علمت شهوة سخائه، وغلب على الظن أن يزيده، وحكم كل غريم غير المقبوض، وحكم ما إذا فعل شيئا مما سبق قبل الوفاء أو طوب ببدل قرض أو ثمن في ذمة، أو طولب ببدل غصب ببلد آخر غير بلد قرض وغصب؟ أو اقترض إنسان من رجل دراهم، وابتاع منه بها شيئا، فخرجت زيوفا، أو قال إنسان لآخر: أقرضني ألفا،، وادفع إلي أرضا أزرعها بالثلث، أو أقرض من له عليه بر شيئا يشتريه به، ثم يوفيه إياه، أو قال: إن مت فأنت في حل، أو أقرض إنسان غريمه المعسر ألفا ليوفيه منه، ومن دينه الأول كل وقت، أو جعل إنسان جعلا لمن يقترض له بجاهه. واذكر ما لذلك من دليل أو تعليل أو تفصيل، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر الخلاف والترجيح.

تأجيل القرض وكل دين حال أو حل ... س72: ما حكم تأجيل القرض، وكل دين حال أو حل، وشرط رهن أو ضمين في القرض، أو نقص وفاء، أو جر نفع أو نحو ذلك، أو أهدى مقترض لمقرض، أو علمت شهوة سخائه، وغلب على الظن أن يزيده، وحكم كل غريم غير المقبوض، وحكم ما إذا فعل شيئًا مما سبق قبل الوفاء أو طوب بِبَدَل قرض أو ثمن في ذمة، أو طولب ببدل غصب ببلد آخر غير بلد قرض وغصب؟ أو اقترض إنسان من رجل دراهم، وابتاع منه بها شيئًا، فخرجت زيوفًا، أو قال إنسان لآخر: أقرضني ألفًا،، وادفع إليّ أرضًا أزرعها بالثلث، أو أقرض مَن له عليه بر شيئًا يشتريه به، ثم يْوفيه إياه، أو قال: إن مت فأنت في حل، أو أقرض إنسانٌ غريمه المعسر ألفًا ليوفيه منه، ومن دينه الأول كل وقت، أو جعل إنسان جعلاً لمن يقترض له بجاهه. واذكر ما لذلك من دليل أو تعليل أو تفصيل، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر الخلاف والترجيح. ج: يثبت بدل القرض في ذمة المقترض حالاً؛ لأنه سبب يوجب رد البدل، فأوجبه حالاً كالإتلاف؛ ولأنه عقد منع فيه التفاضل، فمنع فيه الأجل كالصرف، ولو مع تأجيل القرض؛ لأنه وَعْدٌ لا يلزم الوفاء به، وأيضًا شرط الأجل زيادة بعد استقرار العقد، فلا يلزم وكذا كل دين حال أو مؤجل حَلَّ، فلا يصح تأجيله، وبهذا قال الأوزاعي والشافعي وابن المنذر، وهو أنه وإن أجل القرض لم

يتأجل، وكل دين حال أجله لم يصر مؤجلاً بتأجيله. وقال مالك والليث: يتأجل الجميع بالتأجيل؛ لحديث: «المسلمون على شروطهم» ولأن الله تعالى أمر بوفاء العقود، وأمر بالوفاء بالوعد، وعَدَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - إخلاف الوعد من صفات النفاق؛ وأن المتعاقدن يملكان التصرف في هذا العقد بالإقالة والإمضاء، فملكا الزيادة فيه كخيار المجلس. قال في «الإنصاف» : واختار الشيخ تقي الدين صحة تأجيله ولزومه إلى أجله، سواء كان قرضًا أو غيره، وذكره وجهًا، قلت: وهو الصواب. اهـ. وهذا القول هو الذي يترجح عندي، والله أعلم. ويجوز شرط رهن في القرض؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - استقرض من يهودي شعيرًا ورهنه درعه. متفق عليه. ولأن ما جاز فعله جاز شرطه، ويجوز شرط ضمين لما تقدم، ولأنه يراد للتوثق، وليس ذلك بزيادة، والضمان كالرَّهْن، ولا يجوز الإلزام بشرط تأجيل قرض، أو شرط نقص في وفاء؛ لأنه ينافي مقتضى العقد، ويحرم كلُّ شرط جر نفعًا، كشرط أن يسكنه المقترض داره، أو يقضيه خيرًا منه، أو أكثر مما أقرضه، أو يُنزِّلَ له في أجرة داره، أو شرط المقرض على المقترض أن يبيعه شيئًا يرخصه عليه، أو شرط أن يعمل له عملاً، أو أن ينتفعَ بالرهن، أو أن يساقيه على نخل، أو يزارعه على ضيعَةٍ، أو أن يبيعه شيئًا بأكثر من قيمته، أو أن يستعمله في صنعة

ويعطيه أنقص من أجرة مثله، ونحوه من كل ما فيه جر منفعة. والدليل عليه ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن سلف وبيع» والسلف: هو القرض في لغة أهل الحجاز. وعن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل قرض جر منفعةً فهو ربا» رواه الحارث بن أبي أسامة، وإسناده ساقط، وله شاهد ضعيف عند البيهقي عن فضالة بن عبيد - رضي الله عنه -، وآخر موقوف عن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - عن البخاري. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسْلِفَ إذا شرط على المسُتسلِف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربًا. وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة؛ ولأنه عقد إرفاق وقربة، فإذا شرط فيه الزيادة أخرجه عن موضوعه. ولا فرق بين الزيادة في القدر أو في الصفة، مثل أن يقرضه مكسرة، فيعطيه صحاحًا أو نقدًا، ليعطيه خيرًا منه، ولا يجوز شرط أن يقضيه ببلد آخر، ولحمله مؤنة؛ لأنه عقد إرفاق وقربة، فشرط النفع فيه يخرجه عن موضوعه، وإن لم يكن لحملة مؤنة، فقال في «المغني» : الصحيح جوازه؛ لأنه مصلحة لهما من غير ضرر، وكذا لو أراد إرسال نفقة لأهله، فأقرضها ليوفيها المقترض لهم جاز، ولا يفسد القرض بفساد الشرط؛ وأما إذا شرط أن يقضيه ببلد آخر،

فقيل: لا يجوز، وهو رواية عن الإمام أحمد. وقال في «الإنصاف» : ويحتمل جواز هذا الشرط، وهو عائد إلى هذه المسألة فقط، وهو رواية عن أحمد، واختاره المصنف والشيخ تقي الدين –رحمه الله- وصححه في النظم و «الفائق» وهو ظاهر كلام ابن أبي موسى، وأطلق المصنف الجواز فيما إذا لم يكن لحمله مؤنة، وعدمه فيما لحمله مؤنة. اهـ. وفي «مجموع الفتاوى» : وسُئل عما إذا أقرض رجل رجلاً دراهم ليستوفيها منه في بلد آخر، فهل يجوز ذلك أم لا؟ فأجاب: إذا أقرضه دراهم ليستوفيها منه في بلد آخر، مثل أن يكون المقرض غرضه حمل الدراهم إلى بلد آخر، والمقترض له دراهم في ذلك البلد، وهو محتاج إلى دراهم في بلد المقرض، فيقترض منه، ويكتب له سفتجة، أي: ورقة إلى بلد المقترض، فهذا يصح في أحد قولي العلماء، وقيل: نهي عنه؛ لأنه قرض جر منفعة، والقرض إذا جر منفعة كان ربًا. والصحيح: الجواز؛ لأن المقترض رأى النفع بأمن خطر الطريق في نقل دراهمه إلى ذلك البلد، وقد انتفع المقترض أيضًا بالوفاء في ذلك البلد، وأمن خطر الطريق، فكلاهما منتفع بهذا الاقتراض، والشارع لا ينهي عما ينفعهم ويصلحهم، وإنما ينهى عما يضرهم (29/530، 531) . وإن فعل ما يحرم اشتراطه، بأن أسكنه داره، أو قضاه ببلد

آخر بلا شرط، جاز، أو أهدى مقترض له هدية بعد الوفاء، جاز، أو قضى مقترض خيرًا مما أخذه، جاز، كصحاح عن مكسرة، أو أجود نقدًا، أو سكة مما اقترض، وكذا رد نوع خيرًا مما أخذ، أو أرجح يسيرًا في قضاء ذهب أو فضة، وكذا رد نوع خيرًا مما أخذ، أو أرجح يسيرًا في قضاء ذهب أو فضة، بلا مواطأة في الجميع، أو علمت زيادة المقترض على مثل القرض أو قيمته لشهرة سخائه، جاز ذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استسلف بكرًا، فرد خيرًا منه، وقال: «خيركم أحسنكم قضاء» متفق عليه من حديث أبي رافع. ولأن الزيادة لم تجعل عوضًا في القرض، ولا وسيلة إليه، ولا استيفاء دينه، أشبه ما لو لم يكن قرض، وإن فعل مقترض ذلك بأن أسكنه داره، أو أهدى له قبل الوفاء، ولو لم ينو مقرض احتسابه من دينه، أو لم ينو مكافأة عليه، لم يجز، إلا إن جرت عادة بينهما به قبل قرضه؛ لحديث أنس مرفوعًا: «إذا أقرض أحدكم فأهدي إليه، أو حمله على الدابة، فلا يركبها ولا يقبله، إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك» رواه ابن ماجه، وكذا البيهقي في «السنن» و «الشعب» وسعيد بن منصور في «سننه» ، وهو حديث حسن، ويؤيده ما في البخاري عن أبي بردة، قال: قدمت المدينة، فلقيت عبد الله بن سلام، فقال لي: إنك بأرض فيها الربا فاش، فإذا كان لك على رجل حق، فأهدي إليك حمل تبن، أو حمل قت، فلا تأخذه؛ فإنه ربًا. وفي مسند

الحارث بن أبي أسامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل قرض جر منفعة فهو باب من أبواب الربا» وكذا كل غريم حكمه حكم المقترض في ما تقدم. ومن طولب ببدل قرض، ومثله ثمن في ذمة ونحوه، أو طولب بدل غصب ببلد آخر غير بلد قرض، أو غصب؛ لزمه أداء البدل لتمكنه من قضاء الحق بلا ضرر، إلا ما لحمله مؤنة كحديد وقطن وبر، وقيمته ببلد القرض أو الغصب أنقص من قيمته ببلد الطلب، فلا يلزمه إلا قيمته ببلد القرض أو الغصب؛ لأنه لا يلزمه حمله إلى بلد الطلب، فيصير كالمتعذر، وإذا تعذر المثل، تعينت القيمة، واعتبرت ببلد قرض أو غصب؛ لأنه الذي يوجب فيه التسليم؛ فإن كانت قيمته ببلد القرض أو الغصب مساوية لبلد الطلب أو أكثر، لزمه دفع المثل ببلد الطلب كما سبق، ومن طولب بعين الغصب بغير بلده لم يلزمه وكذا لو طولب بأمانة أو عارية ونحوها بغير بلدها؛ لأنه لا يلزمه حملهَا إليه، ولو بذل المثل مقترض أو غاصب بغير بلد قرض أو غصب، ولا مؤنة لحمله إليه، كأثمان لزم مقرضًا ومغصوبًا منه قبوله مع أمن بلد وطريق؛ لعدم الضرر عليه إذًا، وكذا ثمن وأجرة ونحوهما؛ فإن كان لحمله مؤنة أو البلد أو الطريق غير آمن، لم يلزمه قبوله، ولو تضرر المقترض أو الغاصب؛ لأن الضرر لا يزال بالضرر، ومن اقترض من رجل دراهم، وابتاع منه بها شيئًا، فخرجت زيوفًا، فالبيع جائز،

ولا يرجع عليه بشيء؛ لأنها دراهمه، فعيبها عليه، وله على المقترض بدل ما أقرضه له بصفته زيوفًا، ولو أقرض إنسان فلاحه في شراء بقر يعمل عليها في أرضه بالحرث ونحوه، أو أقرضه في شراء بذر يبذره في أرضه؛ فإن شرط المقرض ذلك في القرض، لم يجز لما تقدم، وإن كان ذلك بلا شرط، أو قال المقترض: أقرضني ألفًا، وادفع إلي أرضك أزرعها بالثلث، حرم أيضًا؛ لأنه يجر به نفعًا. نص عليه، واختاره ابن أبي موسى، وجوزه المرفق وجمع لعدم الشرط والمواطأة عليه، وصححه في «النظم» و «الرعاية الصغرى» ، وقدمه في «الفائق» و «الرعاية الكبرى» . ولو أقرض من له عليه بر شيئًا يشتري البر به، ثم يوفيه إياه، جاز العقد بلا كراهة، وإن قال المقرض للمقترض: إن مِتُّ -بضم التاء- فأنت في حل، فوصيته صحيحة كسائر الوصايا، وإن قال له: إن مِتَّ –بفتحها- فأنت في حلن لا يصح؛ لأنه إبراء معلق. قال الناظم: وقولُ إذا ما مِتُّ تَبرأ وَصِيَّةٌ وإن تَفْتَحِ التَّا اردْدُ للابْرَا المُقَيَّدِ ولو أقرض إنسان غريمه المعسر ألفًا، ليوفيه منه ومن دينه الأول كل وقت، جاز والكل حال، أو قال المقرض: أعطني بديني رهنًا،

وأنا أعطيك ما تعمل فيه، وتقضيني ديني كله الأول والثاني، ويكون الرهن عن الدينين، أو عن أحدهما بعينه، جاز؛ لأنه ليس فيه اشتراط زيادة عما يستحقه عليه، والكل حال، الدين الأول والثاني، ولا يتأجل بقول ذلك. ولو جعل إنسان لآخر جعلاً على اقتراضه له بجاهه، جاز؛ لأنه في مقابلة ما يبذله له بجاهه فقط، وقيل: لا يجوز؛ لأن هذه المسألة داخلة في القرض الذي جر نفعًا، ووسيلة قريبة إلى الربا، وإن جعل له جعلاً على ضمانه له، فلا يجوز؛ لأنه ضامن، فيلزمه الدين، وإن أداه وجب له على المضمون عنه، فصار كالقرض، فإذا أخذ عوضًا صار القرض جارًا للمنفعة، فلم يجز. ولو أقرض ذمي ذميًا خمرًا، ثم أسلما أو أحدهما، بطل القرض، ولم يجب على المقترض شيء. فائدة: قال في «الفروع» : قال أحمد - رضي الله عنه -: الدين أوله هَمٌ، وآخره حزن. قال بعضهم: كان يقال: الدين هَمٌّ بالليل، وذل بالنهار، وإذا أراد الله أن يذل عبدًا جعل في عتقه دينًا، وكان يقال: الأذلاء أربعة: النمام، والكذاب، والفقير، والمديان. وكان يقال: لا هم إلا هم الدين، ولا وجع إلا وجع العين. قال ابن عبد البر: وقد روي هذا القول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه ضعيف. اهـ.

من النظم فيما يتعلق بالقرض وإن تُقْرِضَنْ شيئًا فندبٌ مضاعفٌ ... كمثلين إلا خمس بذل التجود ويكره الاستقراض للسيئ الوفا ... ولِلسَّهْلِهِ لا بأس بالشارع اقتد ومن صح منه بذله صح قرضُه ... لما صَحَّ فيه البيع يا ذا التنقد سوى أمة قد قيل والعبد والذي ... به سلم لم تمضه في المجود وقيل اقترض واردد كقيمة جوهر ... وفي الحيوان المثل مع كرهه اردد ومعرفة المقدار والوصف لازم ... ويملكه بالقبض مستقرض اليد فليس عليه رده بل بديله ... بذمته حتم الحلول المؤكد وما شرط تأجيل الحلول بلازم ... ويلزم منه أخذه إن يردد متى لم يعب أو يمنع الناس أخذه ... فقيمته وقت اقتراضك أورد على نصه بل قيل يوم كساده ... وما نقص سعر منع رد بأجودِ كذا جوهر أو نحوه إن جاز قرضه ... ومثلاً لموزون وما كيل فاردد وقيمة مثل يوم إعواز مثله ... وفيما سوى هذين وجهين أسند وثانيهما قوم من القرض وانقد

فوجه له مثل مقارب وصفه ... قبولكه أو مثله احتم بمبعد وفي كاسد في العرف لا منع حاكم ... وعنه اشترط الوزن زن أو فعدد وقرض يسير الخبز بالعد جائز ... لرد كبير والخمير كذا اعدد ويحرم إقراض الصغير تقصدًا ... لتطييب قلب المقرض المتجود وشرط رهنًا أو ضمينًا به أجز ... كإهدائه أورد أوفى وأجود وما جر نفعًا لا يجوز اشتراطه ... إجارته أو نفعه احذر وأوعد وبيع عليه أو شرا الشيء منه أو ... بقيمة ما أهدي وإلا ليردد ومن زاد من قبل الوفاء ليحتسب ... هدية هذا الصاحب المتودد ومن كان قبل القرض يهدي تقبلت ... ففي أوطد لا بأس بالشارع اقتد ومن زاد من غير اشتراط إذا قضى ... على أوطد الوجهين أسوة أحمد ولا تكرهن القرض للحسن الوفا ... يزد ثانيًا يحرم بغير تردد وقيل إن يزده مَرةً في القضا متى ... فأتبعه المعطي بقرض مجدد ومن صده الإفلاس عن رد قرضه ... كذا قرضُه أثمان قرض ليورد لِيُوفِيهِ شهرًا ثم شهرًا فجائز ... بأرضك أو أثمان ثور بأجود كذا قرض بذر دون شرط لزارع ... ولو ليتيم طد نفع بأوكد وشرط وفا سهل بغير مكانه ... وإن تفتح التا اردد للأبرا المقيد وقول إذا ما مت تبرا وصية ... أجز واكتفل عني ولك ألفٌ اردد وقول اقترض لي الآن ألفًا ولك

كذا ... بالإسلام أسقطها ولو من مفرد ولو أقرض الذمي خمرًا لمثله ... بديلاً ليرضى غير أرض التجودِ وإن طلب المغصوب منه ومقرض ... المؤونة إن يزدد هنا سعره قد فإعطاؤه حتم سوى ما لحمله ... وليس عليه هاهنا أخذ مورد فقيمته في أرض قرض هنا له ... مع الأمن في هذا وسبل المردد سوى الشيء ما في حمله من مؤونةٍ ... وإن يبق لم يجبر بحال فقيد كذا بدل المغصوب إن كان تالفًا

باب الرهن

باب الرهن س73: ما هو الرهن لغة وشرعًا؟ وما هو المرهون؟ وما حكم الزيادة فيه. أو في دَيْنِه؟ وهل لما يصح رهنه ضابط؟ وبم ينعقدْ؟ وما أركانه؟ وما حكمه؟ ولِمَ أتبع بالبيع والقرض، وما فائدته؟ وفصِّلُ لما يحتاج إلى تفصيل، ومثل لما يحتاج إلى تمثيل، واذكر الدليل والتعليل، والخلاف والترجيح. ج: الرهن في اللغة: الثبوت والدوام والاستمرار. وقال ابن سيده: ورهنه، أي: أدامه، ومن رهن بمعنى دام قول الشاعر: الخُبْزُ واللحمُ لَهم رَاهِنٌ وقهوةٌ راو وُقها ساكِبُ وقيل: هو الحبس، قال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38] . وقال الشاعر: وفارقَتْكَ بِرهْنٍ لا فكَاكَ لَهُ يومَ الوداع فأضْحَى الرَّهْنُ قَدْ غَلِقَا شبه لزوم قلبه لها، واحتباسه عندها لوجده بها، بالرهن الذي يلزم المرتهن، فيحبسه عنده ولا يفارقه، وتخفف العين من رَهَنَ كما خُفِفَ في رُسُل وكُتُب، ومثل رَهْن ورُهُن سَقْف وسُقُف، وقال الأعشى:

آليتُ لا أعُطِيهِ مِن أبنائنا ... رُهُنًا فَيُفْسِدْهُم كَمَنْ قَدْ أفْسَد ويقال في الرهن: رَهَنْتُ وأرْهَنْت. قال عبد الله بن همام السِّلولي: فلما خَشيِتُ أظافِيْرَهُم ... نَجَوْتُ وأرهَنْتُهُم مَالِكًا وشرعًا: توثقه دَيْنٍ بعين يُمكن أخذه أو بَعْضُه مِنها أو من ثمنها. وهو جائز بالكتاب، والسُّنة، والإجماع؛ أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [البقرة: 282] . وأما السُّنة: فروت عائشة - رضي الله عنها - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشترى من يهودي طعامًا، ورهنه درعه» متفق عليه. وروى أبو هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونًا، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونًا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة» رواه البخاري. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يغلق الرهن» ؛ وأما الإجماع: فأجمع المسلمون على جواز الرهن، لدلالة الكتاب والسُّنة عليه.

والمرهون: عين معلومة قدرًا وجنسًا وصفةً، جُعِلتْ وَثِيْقَةً بحق يمكن استيفاء الحق، أو استيفاء بعضه منها، أو من ثمنها، بخلاف نحو وقف وحر، ويأتي حكم أم الولد، وتقدم حكم دين السلم والكتابة. وتصح زيادة رهن، بأن رهنه شيئًا على دين، ثم رهنه شيئًا آخر عليه؛ لأنه توثقه، ولا تصح زيادة دينه، بأن استدان منه دينارًا، ورهنه كتابًا أو أقبضه له منه، ثم اقترض منه دينًا آخر، وجعل الكتاب رهنًا عليه وعلى الأول؛ لأنه رهن مرهون، والمشغول لا يشغل، وهذا قول أبي حنيفة وأحمد، وهو الراجح من مذهب الشافعي، وقال مالك بالجواز، وهو رواية عن أحمد، والقديم للشافعي، واختاره الشيخ تقي الدين وابن القيم، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. ويصح رهن كل ما يصح بيعه، ولو كان نقدًا أو مؤجرًا أو معارًا، ولو لرب دين؛ لأنه يصح بيعه، فصح رهنه، وينعقد الرهن بلفظ وبمعاطاة كالبيع. وأركانه خمسة: راهن، ومرهون، ومرهون به، ومرتهن، وصيغة، وهي الإيجاب، والقبول، وما أدى معناهما، فلا يصح بدونهما، فإذا قال: أقرضتك هذا، أو خذه بمثله، أو ملكتك على

س74: ما حكم ضمان العارية إذا رهنت، والمبيع قبل قبضه، والمشاع؟ وإذا لم يرض شريك ومرتهن بكون المشترك بيد أحدهما أو بيد غيرهما، أو كان الرهن مكاتبا أو مصحفا، أو كتب حديث أو تفسير، أو جانبا أو مدبرا، أو معلقا عتقه بصفة، أو كان مما يسرع إليه الفساد، أو قنا مسلما لكافر، فما الحكم؟ واذكر ما يتفرع على ذلك

أن ترد بدله، صح، وقد يكون القرض واجبًا، كالمضطر، وحرامًا كما إذا غلب على ظنه أنه يصرفه في محرم، ومكروهًا، كما إذا غلب على ظنه أنه يصرفه في مكروه. وأما فائدته: فكبيرة؛ لأنه من الوثائق التي يحصل منها الاستيفاء عند تعذر الوفاء من الغريم، ويطمئن إليه، ويأمن من غدر صاحبه وأكمله أن يكون عينًا مقبوضة؛ فإن كانت قيمتها أكثر من الدين تمت من جميع الوجوه؛ فإن كانت الوثيقة دينًا أو غير مقبوضة، أو أقل من الدين، صارت ناقصة. وأما مناسبة إتباعه للبيع والقرض، فلما كان الرهن يتسبب عن الدين، من قرض تارة، ومن بيع أخرى، وأنهى الكلام على الدينين وما يتعلق بهما من مقاصة، عقد الكلام على ما يتسبب عنهم من رهن ونحوه. ضمان العارية إذا رهنت والمبيع قبل قبضه س74: ما حكم ضمان العارية إذا رهنت، والمبيع قبل قبضه، والمشاع؟ وإذا لم يرض شريك ومرتهن بكون المشترك بيد أحدهما أو بيد غيرهما، أو كان الرهن مكاتبًا أو مصحفًا، أو كتب حديث أو تفسير، أو جانبًا أو مدبرًا، أو معلقًا عتقه بصفة، أو كان مما يسرع إليه الفساد، أو قنًا مسلمًا لكافر، فما الحكم؟ واذكر ما يتفرع على ذلك

بالتفصيل، واذكر الدليل والتعليل، والخلاف والترجيح. ج: ويسقط ضمان العارية إذا أرهنت، لانتقالها للأمانة إن لم يستعملها المرتهن؛ فإن استعملها ولو بإذن الراهن، ضمن. ويجوز رهن المبيع قبل قبضه، غير المكيل والموزون والمذروع والمعدود على ثمنه وغيره عند بائعه وغيره، بخلاف المكيل ونحوه؛ أنه لا يصح بيعه قبل قبضه، فكذلك رهنه. واختار الشيخ تقي الدين جواز رهن المكيل والموزون ونحوهما قبل قبضها، وحكاه القاضي وابن عقيل عن الأصحاب، قالوا: لأن قبضه مستحق، فيمكن المشتري أن يقبضه ثم يقبضه، وإنما لم يجز بيعه؛ لأنه يفضي إلى ربح ما لم يضمن، وهو منهي عنه، وهذا القول هو الذي يترجح عندي. والله أعلم. ويصح رهن المشاع؛ لأنه يجوز بيعه في محل الحق، ثم إن رضي الشريك والمرتهن بكون المشترك في يد أحدهما أو بيد غيرهما، جاز. وإن اختلفا جعله حاكم بيد أمين أمانة أو بأجرة أو آجره الحاكم عليهما، فيجتهد في الأصلح لهما؛ لأن أحدهما ليس أولى من الآخر، ولا يمكن جمعهما فيه، فتعين ذلك؛ لأنه وسيلة لحفظه عليهما. ويصح رهن المكاتب، لجواز بيعه، وإيفاء الدين من ثمن، ولا يصح رهنه لمن يعتق عليه، بأن رهن لمكاتب عند رحمه المحرم؛ لأن

المرتهن لرحمه المحرم لا يملك بيعه عند جوازه، ويأتي في الكتابة، ويمكنه المرتهن من الكسب؛ لأن ذلك مصلحة، ولا يصح شرط منعه من التصرف، وما أداه من دين الكتابة رهن معه؛ لأنه كنمائه؛ فإن عجز عن أداء مال الكتابة، وعاد قنصا، فهو وكسبه رهن؛ أنه نماؤه وإن عتق بأداء أو إعتاق، فما أدى بعد عقد الرهن رهن، كقن مرهون اكتسب ومات. ويجوز رهن ما يسرع إليه الفساد، كفاكهة رطبة، وبطيخ، ولو رهنه بدين مؤجل؛ لأنه يصح بيعه، ويباع ويجعل ثمنه رهنًا مكانه حتى يحل الدين فيوفى منه، كما لو كان حالاً، وإن أمكن تجفيفه، كعنب ورطب، جفف، ومؤنته على راهن؛ لأنها لحفظه، كمؤنة حيوان. وكذا الحكم إن رهنه ثيابًا، فخاف المرتهن تلفها، أو رهنه حيوانًا، فخاف موته فيباع على ما تقدم، وشرط أن لا يبيعه أو لا يجففه فاسد، لتضمنه فوات المقصود منه، وتعريضه للتلف. ويصح رهن القن المسلم لكافر إذا شرط في الرهن كونه بيد مسلم عدل، كرهن كتب حديث وتفسير لكافر، لأمن المفسدة؛ فإن لم يشترط ذلك لم يصح، اختاره أبو الخطاب، والشيخ تقي الدين –رحمه الله-، وقال: اختاره طائفة من أصحابنا، وجزم به ابن عبدوس في «تذكرته» ويفارق البيع بأن البيع ينتق الملك فيه إلى الكافر، وفي الرهن

المرهون باق على ملك المسلم، وقيل: لا يصح رهن العبد المسلم لكافر، اختاره القاضي؛ لأنه عقد يقتضي قبض المعقود عليه والتسليط على بيعه، فلم يجز كالبيع، والقول الأول هو الذي يترجح عندي. والله أعلم. ويصح رهن مدبر، ومعلق عتقه بصفة لم يعلم وجودها قبل حلول دين ومرتد وجان وقاتل في محاربة، ثم إن كان المرتهن عالمًا بالحال، فلا خيار له، كما لو لم يعلم حتى أسلم المرتد، أو عفي عن جان، وإن علم قبل ذلك فله رده، وفسخ بيع شرط فيه؛ لأن الإطلاق يقتضي السلامة، وله إمساكه بلا أرش، وكذا لو لم يعلم حتى قتل أو مات ومتى امتنع السيد من فداء الجاني لم يجير، ويباع في الجناية، لسبق حق المجني عليه، وتعلق حقه بعينه بحيث يفوت بفواته، بخلاف مرتهن. وأما رهن المصحف، فقيل: لا يصح؛ لأن المقصود من الرهن استيفاء الدين من ثمنه، ولا يحصل إلا ببيعه، وبيعه غير جائز، وقيل: يصح، وهو قول مالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي، بناء على أنه يصح بيعه، فيصح رهنه كغيره، والخلاف في ذلك مبني على جواز بيعه، وتقدم الكلام عليه في أول كتاب البيع في الشرط الثالث من شروطه.

س75: تكلم بوضوح عما لا يصح رهنه، والذي يستثنى منه، وما شروط الرهن؟ وما حكم رهن المؤجر والمعار لذلك؟ وما حكم الرهن مع الحق وبعده وقبله؟ وما الذي ينبغي للمدين الذي يريد أن يرهن شيئا؟ وإذا أذن إنسان لآخر أن يرهنه بمائة مثلا، فرهنه بأزيد أو أنقص، أو أراد الرجوع عن الإذن، أو تلف المأذون في رهنه، أو اختلفا في القدر المأذون فيه، فما الحكم؟ وما الدليل وما التعليل؟ واذكر أمثلة لما لا يتضح إلا بالتمثيل، وفصل لما يحتاج إلى تفصيل، والخلاف والترجيح؟

ما لا يصح رهنه والذي يستثنى منه وشروط الرهن س75: تكلم بوضوح عما لا يصح رهنه، والذي يستثنى منه، وما شروط الرهن؟ وما حكم رهن المؤجر والمعار لذلك؟ وما حكم الرهن مع الحق وبعده وقبله؟ وما الذي ينبغي للمدين الذي يريد أن يرهن شيئًا؟ وإذا أذن إنسان لآخر أن يرهنه بمائة مثلاً، فرهنه بأزيد أو أنقص، أو أراد الرجوع عن الإذن، أو تلف المأذون في رهنه، أو اختلفا في القدر المأذون فيه، فما الحكم؟ وما الدليل وما التعليل؟ واذكر أمثلة لما لا يتضح إلا بالتمثيل، وفصل لما يحتاج إلى تفصيل، والخلاف والترجيح؟ ج: ما لا يصح بيعه لا يصح رهنه؛ لأن القصد استيفاء الدين منه أو من ثمنه عند التعذر، وما لا يصح بيعه لا يمكن فيه ذلك، ويصح رهن المساكن من أرض مصر ونحوها، ولو كانت آلتها منها؛ لأنه يصح بيعها، سوى رهن ثمرة قبل بدو صلاحها بلا شرط قطع، وسوى رهن زرع أخضر بلا شرط قطع، فيصح؛ لأن النهي عن بيعها لعدم أمن العاهة، وبتقدير تلفها لا يَفُوت حق المرتهن من الدين، لتعلقه بذمة الراهن، وسوى قن ذكرًا أو أنثى، فيصح رهنه دون ولده ونحوه، كوالده وأخيه؛ لأن تحريم بيعه وحده للتفريق بين ذوي الرحم المحرم، وذلك مفقود هنا؛ فإنه إذا استحق بيع الرهن يباعان معًا، دفعًا لتلك المفسدة، ويختص المرتهن بما يخص المرهون من ثمنها،

فيوفى منها دينه، وإن فَضَل شيء من ثمنه، فللرهن، وإن فضل ذا ولد مائة، وقيمة الولد خمسون، فحصة الراهن ثلثًا الثمن؛ لكن لو رهن ثمرة على دين مؤجل إلى أجل تحدث فيه ثمرة أخرى، بحيث لا يتميز عن الثمرة المرهونة، فالرهن باطل لجهالته عند حلول الحق، وإن جعلت الثمرة رهنًا على دين مؤجل، وشُرطَ في العقد قطع عند حدوث غيرها، فلا يكون الرهْنُ باطلاً، لانتفاء الجهالة، وعدم الغرر. وشروط الرهن ستة: أحدها: أن يكون منجزًا، فلا يصح معلقًا، كالبيع. الثاني: كونه مع الحق، بأن يقول: بعتك هذا بعشرة إلى شهر، ترهنني بها كذا، فيقول: قبلت، فيصح ذلك، وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي؛ لأن الحاجة داعية إلى ثبوته، فإنه لو لم يعقده مع ثبوت الحق ويشترطه، لم يتمكن من إلزام المشتري عقده، وكانت الخيرة إلى المشتري، والظاهر أنه لا يبذله، فتفوت الوثيقة بالحق. ويصح بعد الحق بالإجماع؛ لأن الله تعالى قال: {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [البقرة: 282] جعله بدلاً عن الكتابة، فيكون في محلها، ومحلها بعد وجوب الحق؛ ولأن في الآية ما يدل على ذلك، وهو قوله:

{إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282] فجعله مذكورًا بعدها بفاء التعقيب؛ ولأنه دين ثابت تدعو الحاجة إلى الوثيقة به، فجاز أخذها كالضمان، ولا يجوز قبل الحق، فيقول: رهنتك عبدي هذا بعشرة تقرضنيها. اختار هذا القول أبو بكر والقاضي، وذكر القاضي أن أحمد نص عليه في رواية ابن منصور، وهو مذهب الشافعي؛ لأنه وثيقة بحق، فلم يجز قبل ثبوته، ولأنه تابع لحق، فلا يسبقه، كالثمن لا يتقدم المبيع، بخلاف الضمان، والفرق أن الضمان التزام مال تبرعًا بالقول، فجاز في غير حق ثابت كالنذر، واختار أبو الخطاب أنه يصح، فإذا قال: رهنتك ثوبي هذا بعشرة تقرضنيها غدًا، وسلمه إليه، ثم أقرضه الدراهم؛ لزمه الرهن، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك؛ لأنه وثيقة بالحق، فجاز عقدها قبل وجوبه كالضمان، أو فجاز انعقادها على شيء يحدث في المستقبل، كضمان الدرك، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. الثالث: كونه ممن يصح بيعه وتبرعه؛ لأنه نوع تصرف في المال، فلم يصح إلا من جائز التصرف كالبيع.

الرابع: كون الرهن ملكه أو مأذونًا له فيه، بأن استأجر أو استعار دارًا مثلاً، وأذن المؤجر أو المعير له برهنها فرهنها، صح. ولا يشترط لصحة الإذن تعيين الدين، ولا وصفه، ولا معرفة رب الدين، وينبغي للمدين أن يذكر للمؤجر والمعير المرتَهِنَ، فيقول: أريد أن أرهنه عند زيد مثلاً، ويذكر له القدر الذي يرهنه به، وجنس القدر الذي يرهنه به، كذهب أو فضة، ويذكر له مدة الرهن، كشهر أو سنة، لئلا يغرهما، ومتى شرط الراهن شيئًا من ذلك المذكور، وهو المرتهن، وقدر الدين وجنسه، ومدة الرهن، فخالف ورهنه بغيره، لم يصح الرهن؛ لأنه لم يؤذن له فيه، أشبه ما لو لم يؤذن في أصل الرهن؛ فإن أذن المؤجر والمعير الراهن في رهن ما استأجره، أو استعاره لذلك كمائة مثلاً، فنقص عنه بأن رهنه بثمانين مثلاً، صح الرهن؛ لأنه فعل بعض المأذون له فيه، وإن رهنه بأكثر، كمائة وخمسين مثلاً، صح الرهن في القدر المأذون فيه، وهو المائة فقط، وبطل في الزيادة، كتفريق الصفقة، بخلاف ما لو أذنه بدنانير، فرهنه بدراهم، وعكسه؛ فإنه لا يصح للمخالفة، ويملك آذِنٌ، مؤجرًا كان أو معيرًا، الرجوع في الإذن في الرهن قبل إقباض المرتهن لا بعده، للزومه، ويطالب معير راهنًا بفكه في محل الحق وقبل محله؛

لأن العارية لا تلزم، ولا يملك مؤجر الرجوع في إجارة عين لرهن قبل مضي مدة الإجارة للزومها، وإن بيع رهن مؤجر أو معار مأذون للراهن فيه لوفاء دين، رجع مؤجر أو معير على راهن بمثلِ مِثْليٍّ؛ لأنه فوته على ربه، أشبه ما لو أتلفه، ورجع بالأكثر من قيمة متقوم أو ما بيع به؛ لأنه إن بيع بأقل من قيمته ضمن الراهن النقص، وإن بيع بأكثر كان ثمنه كله لمالكه، ويؤيده أن المرتهن لو أسقط حقه من الرهن رجع الثمن كله إلى صاحبه، فإذا قضى به الراهن دينه رجع به عليه، ولا يلزم من وجوب ضمان النقص أن لا تكون الزيادة للمالك، كما لو كان باقيًا بعينه. وإن تلف رهن معار أو مؤجر بتفريطه، ضمن راهن ببدَلِهِ، وبلا تفريط، ضمن راهن لا مرتهن المعار لا المؤجر؛ لأن العارية مضمونة، والمؤجر أمانة لا تضمن إلا بالتعدي أو التفريط، وإن قال مأذون في الرهن لمالكه: أذنت لي في رهنه بعشرة، فقال المالك: بل أذنتُ لك في رهنه بخمسة، فقول آذن بيمينه؛ لأنه منكر للإذن في الزيادة، ويكون رهنًا بالخمسة فقط. الخامس: كون الرهن معلومًا جنسه وقدره وصفته؛ لأنه عقد على مال، فاشترط العلم به كالبيع. السادس: كونه بدين واجب، كقرض وثمن وقيمة متلف، أو

س76: ما حكم أخذ الرهن على العين المضمونة؟ والمقبوض على وجه السوم، أو بعقد فاسد، أو نفع إجارة، أو دية على عاقلة، أو جعل في جعالة، أو عوض في مسابقة، أو عهدة مبيع، أو عوض غير ثابت في ذمة، أو دين كتابة؟ وما حكم رهن مال اليتيم ونحوه عند فاسق؟ وهل يشترط كون رهن من مدين، أم لابد من إذنه؟ وضح ذلك، مع ذكر ما تيسر من دليل أو تعليل، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل؟

بشيء مآله إلى الدين الواجب، كثمن في مدة خيار مجلس أو شرط، وأجرة قبل استيفاء منفعة مأجُورٍ، ومهرٍ قبلَ دخولٍ؛ لأن ذلك يؤول إلى الوجوب. حكم الرهن على العين المضمونة والمقبوض على وجه السوم س76: ما حكم أخذ الرهن على العين المضمونة؟ والمقبوض على وجه السوم، أو بعقد فاسد، أو نفع إجارة، أو دية على عاقلة، أو جعل في جعالة، أو عوض في مسابقة، أو عهدة مبيع، أو عوض غير ثابت في ذمة، أو دين كتابة؟ وما حكم رهن مال اليتيم ونحوه عند فاسق؟ وهل يشترط كون رهن من مدين، أم لابد من إذنه؟ وضح ذلك، مع ذكر ما تيسر من دليل أو تعليل، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل؟ ج: يصح بعين مضمونة، كغصب وعارية ومقبوض على وجه سوم، أو بعقد فاسد، ويصح بنفع إجارة في ذمة، كخياطة ثوب، وبناء دار، وحمل معلوم إلى موضع معين؛ لأنه ثابت في الذمة ويمكن وفاؤه من الرهن بأن يستأجر من ثمن من يعمه. ولا يصح أخذ رهن بدية على عاقلة قبل مضي حول، لعدم وجوبها إذن، ولا بجعل قبل العلم، لعدم وجوبه.

ويصح رهن بدية على عاقلة، ويجعل بعد الحول والعمل لاستقرارهما، ولا يصح بدين كتابة، لفوات الإرفاق بالأجل المشروع، إذ يمكنه بيع الرهن وإيفاء الكتابة ولا يصح أخذ رهن بعهدة مبيع؛ لأنه ليس له حد ينتهي إليه، فيعم ضرره بمنع التصرف فيه، وإذا وثق البائع على عهدة المبيع، فكأنه ما قبض الثمن، ولا ارتفق به، ولا يصح أخذ رهن بعوض غير ثابت في ذمة، كثمن وأجرة معينين، وإجارة منافع عين معينة، كدار معينة، وعبد معين، ودابة معينة لحمل إلى مكان معلوم؛ لأن الذمة لم يتعلق بها في هذه الصور حق واجب، ولا يؤول إلى الوجوب؛ لأن الحق متعلق بأعيان هذه. وينفسخ عقد الإجارة عليها بتلفها. ويحرم، ولا يصح رهن مال يتيم لفاسق؛ لأنه تعريض به للهلاك؛ فإن شرط كونه بيد عدل، صح. وكيتيم مكاتب وقن مأذونًا له في تجارة، لاشتراط المصلحة في ذلك التصرف، وكيتيم سفيه ومجنون وصغير، فيحرم على من كانت أموالهم تحت يده أن يجعلها تحت يد فاسق على طريق رهن أو غيره، بل عليه صيانته وحفظها عن الضياع وطلب تنميتها لهم بحسب الإمكان، لضعفهم عن ذلك، ولا يشترط كون رهن من مدين ولا بإذنه؛ لأنه إذ جاز أن يقضي عنه دينه بلا

إذنه، فأولى أن يرهن عنه. قال الشيخ تقي الدين: يجوز أن يرهن الإنسان مال نفسه على دين غيره، كما يجوز أن يضمنه وأولى. من نظم ابن عبد القوي فيما يتعلق بباب الرهن وخذ في بيان الرهن وهو وثيقة ... بحق يقوي نفس كل مشدد وفي كل دين واجب صح أخذه ... ولو حضرا من جائز الأمر فارشد ووجهان في دين الكتابة وارهنن ... مع الحق أو بعدًا وقيل بمبعد ورهنك قبل الحول بالعقد باطل ... ووجهين قبل الفعل في الجعل أسند وما لم يجب في ذمة لا تجز به ... رهانًا كما عينت في كل معقد وعقد كه في حق ذي الدين جائز ... وملتزم بالقبض من راهنٍ قد فإن كان منقولاً فبالنقل قبضه ... وفي غير منقول بتخلية اليد وعنه التزم بالعقد رهن معين ... ومن منع التسليم فاجبره واضهد ومن شرطا أن يقبض الرهن لم يجز ... تفسيره إلا رضى أو لمفسد وتقبيضه تقبيض مرتهن فإن ... يك اثنين لم يحفظ على يد مفرد وللعدل رد الرهن إن شا إليهما ... فإن يعط فرد يرتجعه ويردد

وضمنه إن لم يرتجعه نصيب من ... تعذر بالتسليم للغير تهتدي ويلغ لزوم الرهن بالرد عن رضى ... وبالعود يلزم دون عقد مجدد كذا ما تخمر من عصير رهنته ... فإن عاد خلاً عاد لازم معقد فإن يتصرف قبل قبض ورده ... بمانع أخذ الدين منه ليفسد ولم يلغه عارية أو إجارة ... لمرتهن والغير مع إذنه اعضد وجائز بيع جائز الرهن ما عدا المكاتب ... إن يقبض لشرط التأطد ويملك إن قلنا يجوز تكسبًا ... وما جاز أو أدى فرهنًا ليعدد ومن عتقه بالشرط إن حل قبله ... ليرهن وإلا لا وإن يعم ردد ومن يحرم التفريق في البيع بينهم ... أجزْ رهن فرد ثم بع للمعدد فإن خيف من قبل الحلول فساده ... يجفف وإن واتى على الرهن أشهد وإلا فبع وارهنه شاء أو اطلقا ... في الأقوى وإما يمنعا البيع أفسد ورهن مشاع لو لغير شريكه ... أجز ولدي من عين الحفظ خلد وفي يد عدل اجعلنه إن تخالفا ... ولو مؤجر أو آكر الكل تقصد وغير مجاز البيع لا تمض رهنه ... سوى ثمر والزرع قبل التشدد على أحد الوجهين في شرطك البقا ... ولا تُرْهِنِ الكفار مُسْلَم أعبد وقال أبو الخطاب ذلك جائز ... بشرطك جعل العبد في يد مهتد ورهن مبيع عينوا قبل قبضه ... أجزه ولو للبائعيه تسدد

وقيل سوى موزونه أو مكيله ... كذاك على أثمانه امنع بأجود وإن زاد دين الرهن حال لزومه ... يكون به رهنًا وبالسابق اردد ورهن معار والغصيب لقابض ... أجز وانف تضمينًا على سابق اليد وقيل إن مضى وقت لإمكان قبضها ... وقيل بإذن الراهن القبض قَيِّدِ وإن تستعر عينًا لترهنها يجز ... ويلزم فك الرهن عند التقصد وقيل إن تعين قدر دين ووقته ... فإن خان أبطله وقيل بما اعتدى وإن حل دين بعه واضمن بقيمة ... وقيل بما قد بعته إن يزيد ووجهين في رهن التراث وبيعه ... قبيل وفا دين على الميت أسند

س77: متى يلزم الرهن، ومن الذي يلزم في حقه؟ وإذا جن، أو برسم، أو حجر عليه لسفه بعد عقد وقبل قبض، فما الحكم؟ وإذا مات راهن قبل إقباض، فهل للورثة إقباضه أم لا؟ ومتى يجوز للراهن أن يرجع في الرهن؟ وبأي شيء يبطل إذن الراهن في القبض؟ وإذا رجع فهل له التصريف فيه، وإذا كاتب الرهن، أو آجره، أو دبره فما الحكم؟ وما حكم استدامة قبض الرهن؟ وبأي شيء يزول لزوم الرهن؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف.,

وقت لزوم الرهن ومن يلزم في حقه س77: متى يلزم الرهن، ومن الذي يلزم في حقه؟ وإذا جُنّ، أو بُرْسِمَ، أو حجر عليه لسفه بعد عقد وقبل قبض، فما الحكم؟ وإذا مات راهن قبل إقباض، فهل للورثة إقباضه أم لا؟ ومتى يجوز للراهن أن يرجع في الرهن؟ وبأي شيء يبطل إذن الراهن في القبض؟ وإذا رجع فهل له التصريف فيه، وإذا كاتب الرهن، أو آجره، أو دبره فما الحكم؟ وما حكم استدامة قبض الرهن؟ وبأي شيء يزول لزوم الرهن؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف., ج: لا يلزم الرهن إلا بالقبض كقبض مبيع، ولو كان القبض ممن اتفق الراهن والمرتهن على أن يكون عنده؛ لقوله تعالى: {فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [البقرة: 282] ويكون قبل القبض رهنًا جائزًا يجوز للراهن فسخه، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، وسواء في ذلك الكيل والموزون وغيره، قال بعض الأصحاب في غير المكيل والموزون: إنه يلزم بمجرد العقد. قال في «الإنصاف» : وعنه أن القبض ليس بشرط في المتعين، فيلزم بمجرد العقد، نص عليه. قال القاضي في «التعليق» : هذا قول أصحابنا، قال في «التلخيص» : هذا أشهر الروايتين،

وهو المذهب عند ابن عقيل وغيره، وعليه العمل، وهو قول مالك، وهو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. ويلزم في حق الراهن فقط؛ لأن الحظ فيه لغيره. فلزم من جهته كالضمان، بخلاف مرتهن؛ لأن الحظ فيه له وحده، فكان له فيه وحجه، فكان له فسخه كالمضمون له. ويعتبر في القبض إذن ولي أمر الحاكم لمن جن أو حصل له برسام بعد عقد رهن وقبل قبض؛ لأن ولايته للحاكم كما يأتي، وهو نوع تصرف في المال، فاحتياج إلى النظر في الحظ؛ فإن كان الحظ في إقباضه كان شرطًا في البيع، والحظ في إتمامه، أقْبَضَهُ، وإلا يجز؛ فإن قبضه مرتهن بلا إذن راهن أو وليه، لم يكن قبضًا. وإن مات راهن قبل إقباضه قام واره مَقامهُ؛ فإن أبى لم يجبر، وإن أحب إقباضه، وليس على الميت سوى هذا الدَّين، فله ذلك، وليس لورثة راهن إقباض الرهن وثم غريم للميت لم يأذن فيه نصًا؛ لأنه تخصيص له برهن لم يلزم، وسواء مات أو جُن ونحوه قبل الإذن أو بعده، لبطلان الإذن له، ولراهن الرجوع في رهن قبل الإقباض، ولو أذن الراهن في القبض، لعدم لزوم الرهن إذًا، وله التصرف فيه بما شاء؛ فإن تصرف بما ينقل الملك فيه ببيع أو هبة، أو رهنهُ ثانيًا بطل الرهن الأول، سواء أقبض الثاني أو لا، لخروجه عن إمكان استيفاء الدين من ثمنه، وإن دبره أو

كاتبه، أو آجره أو زوج الأمة، لم يبطل؛ لأنه لا يمنع ابتداء الرهن، فلا يقطع استدامته كاستخدامه ويبطل إذن الراهن في القبض بنحو إغماء، وحجر لسفه وخرس، وليس له كتابة ولا إشارة مفهومة؛ فإن كانت له كتابة أو إشارة مفهومة، فكمتكلم، لحصول المقصود بكتابته أو إشارته، وإن رهنه عينًا مالية بيد رب الدين أمانة أو مضمونة، ولو كانت غصبًا، صح الرهن، ولزم بمجرد عقده كهبة؛ لأن استمرار القبض قبض، وإنما تغير الحكم، ويمكن تغيره مع استدامة القبض كوديعة جحدها مودع فصارت مضمونة، ثم أقر بها فعادت أمانة بإبقاء ربها لها عنده، وصار أمانة لا يضمنه مرتهن بتلفه بلا تعد ولا تفريط، وللإذن له في إمساكه رهنًا، ولم يتجدد منه فيه عدوان، ولزوال مقتضى الضمان، وحدوث سبب يخالفه، واستدامة قبل رهن من مرتهن أو من اتفقا عليه، شرط لبقاء لزوم عقده. للآية الكريمة، ولحديث عائشة - رضي الله عنها - «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى طعامًا من يهودي إلى أجل، ورهنه درعًا من حديد» متفق عليه. فيزيل اللزوم أخذ راهن رهنًا، أو أخذ وكيله بإذن مرتهن له في أخذه ولو أخذه إجارة أو إعارة أو نيابة للمرتهن في حفظ الرهن كاستيداع؛ لأن استدامة القبض شرط للزوم وقد زالت، فينتفي المشروط بانتفاء شرطه، بخلاف ما لو أزيلت يد المرتهن بغير حق،

كما لو غصب الرهن أو أبقى، أو شرد أو سرق، فلزومه باق؛ لأن يده ثابتة حكمًا، فكأنها لم تزل. وقال في «رحمة الأمة في اختلاف الأئمة» : واستدامة الرهن عند المرتهن ليست شرطًا عند الشافعي، وهي شرط عند أبي حنيفة ومالك، فمتى خرج الرهن من يد المرتهن على أي وجه كان بطل الرهن، إلا أن أبا حنيفة يقول: إن عاد إلى الراهن بوديعة أو عارية لم يبطل، وعن أحمد: أن استدامته في المتعين ليست بشرط، واختاره في «الفائق» ويزيل لزومه تخمر عصير رهن، لمنعه من صحة العقد عليه، فأولى أن يخرجه عن اللزوم، وتجب إراقته، ويعود لزوم رهن أخذه راهن بإذن مرتهن برده إلى مرتهن، أو من اتفقا عليه بحكم العقد السابق؛ لأنه يعود ملكًا بحكم الأول، فيعود به حكم الراهن، وإن استحال خمرًا قبل قبضه بطل رهنه، ولم يعد بعوده، لضعفه بعدم لزومه، كإسلام أحد الزوجين قبل الدخول.

س78: تكلم بوضوح عما يلي: إذا أجر الرهن راهن لشخص، أو أعاره أو وهبه أو باعه، أو شرط في مؤجل رهن ثمنه مكانه، أو شرط تعجيل الدين المؤجل، أو رجع مرتهن فيما أذن فيه لراهن، أو اختلفا في إذن، أو أعتق الرهن ران، أو أقر بالعتق، أو أحبل الأمة، أو ضرب الرهن فتلف، فما الحكم؟ وإذا اختلفا في إذن، فمن القول قوله؟ ومتى تعتبر قيمة التالف؟ واذكر الدليل والتعليل، والتفصيل والخلاف والترجيح.

إذا أجر الرهن راهن لشخص أو إعارة س78: تكلم بوضوح عما يلي: إذا أجر الرهن راهن لشخص، أو أعاره أو وهبه أو باعه، أو شرط في مؤجل رهن ثمنه مكانه، أو شرط تعجيل الدين المؤجل، أو رجع مرتهن فيما أذن فيه لراهن، أو اختلفا في إذن، أو أعتق الرهن ران، أو أقر بالعتق، أو أحبل الأمة، أو ضرب الرهن فتلف، فما الحكم؟ وإذا اختلفا في إذن، فمن القول قوله؟ ومتى تعتبر قيمة التالف؟ واذكر الدليل والتعليل، والتفصيل والخلاف والترجيح. ج: إذا أجر الرهن راهن لشخص، أو أعاره راهن لمرتهن، أو لغيره بإذن المرتهن، فلزوم الرهن باق؛ لأنه تصرف لا يمنع البيع، فلم يفسد القبض، وإن وهب راهن الرهن أو وقفه أو رهنه أو جعله عوضًا في صداق ونحوه بإذن مرتهن، صح تصرفه؛ لأن منعه من تصرفه فيه لتعلق حق المرتهن فيه، وقد أسقطه بإذنه، وبطل الرهن؛ لأن هذا التصرف يمنع الرهن ابتداءً، فامتنع دوامًا، وإن باع راهن الرهن بإذن المرتهن، والدين حالُّ، صح البيع للإذن فيه، وأخذ الدين من ثمنه؛ لأنه دلالة له في الإذن في البيع على الرضا بإسقاط حقه من الرهن، ولا مقتضى لتأخير وفاته، فوجب دفع الدين من ثمنه، وإن شرط في إذن في بيع رهن بدين مؤجل رهن ثمنه مكانه، وجب الوفاء بالشرط، فإذا بيع كان ثمنه رهنًا مكانه

لرضاهما بإبدال الرهن بغيره، وإلا يشترط كون ثمنه رهنًا مكانه والدين مؤجل، بطل الرهن، كما لو أذن له في هبته. وإن شرط تعجيل مؤجل من ثمنه؛ صح البيع، وشرط تعجيل الدين المؤجل لاغٍ؛ لأن التأجيل أخذ قسطًا من الثمن، فإذا أسقط بعض مدة الأجل في مقابلة الإذن، فقد أذن بعوض، وهو المقابل لباقي مدة الأجل من الثمن، ولا يجوز أخذ العوض عنه، فيلغو الشرط، ويكون ثمنه رهنًا مكانه. وإن اختلفا في إذن، فقول مرتهن بيمينه؛ لأنه منكر، وإن اتفقا عليه، واختلفا في شرط رهن ثمنه مكانه ونحوه، فقول راهن؛ لأن الأصل عدم الشرط. وللمرتهن الرجوع فيما أذن فيه لراهن من التصرفات قبل وقوعه، لعدم لزومه كعزل الوكيل قبل فعله؛ فإن رجع بعد تصرفه، وقال راهن بعده، فقيل: يقبل قول مرتهن، اختاره القاضي، واقتصر عليه في «المغني» ، وقيل: قول راهن، قال في «الإنصاف» : وهو الصواب، وجزم بمعناه في «الإقناع» . وينفذ عتق الراهن لرهن مقبوض، ولو بلا إذْنِ مُرتهن، موسرًا كان الراهن أو معسرًا، نصًا، وهو قول أبي حنيفة. ويسعى العبد المرهون في قيمته للمرتهن، وأرجح الأقوال عند الشافعي أنه ينفذ من الموسر، ويلزمه قيمته يوم عتقه ثمنًا، وإن كان معسرًا لم ينفذ،

وهذا هو المشهور عن مالك. وقال مالك أيضًا: إن طرأ له مال، أو قضى المرتهن ما عليه، نفذ العتق. وعن أحمد: لا ينفذ عتق الراهن للمرهون مطلقًا، موسرًا كان أو معسرًا، وهو اختيار الشيخ تقي الدين، وهو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. قالوا: لأنه تعلق به حق المرتهن تعليقًا منع صاحبه التصرف فيه قبل انفكاكه؛ ولأن تجويز عتقه قد يفضي إلى مفسدة؛ لأنه لا تحصل الثقة التامة والتوثقة برهن المماليك؛ لأنه قد يعتقه، فيكون معسرًا أو مماطلاً، فتضيع التوثقة، ويضيع حقه؛ ولأن العتق قربة إلى الله كالوقف، فكما لا ينفذ وقف المرهون، فلا ينفذ عتقه. ويحرم عتق راهن لرهن بلا إذن مرتهن؛ لإبطاله حقه من عين الرهن، ويعايا بها، فيقال: مالك رقة كلها يحرم عليه عتقها؛ فإن نجز العتق راهن بلا إذن مرتهن، أو أقر راهن بعتقه قبل رهن، فكذبه مرتهن، أو أحبل راهن الأمة المرهونة بلا إذن مرتهن في وطء، وبلا اشتراطه في رهن، أو ضرب الرهن راهن بلا إذن المرتهن، فتلف به رهن، فعلى راهن مُوْسِرٍ ومُعسْرٍ أيسر قيمة الرهن الفائت على المرتهن بشيء مما سبق تكون رهنًا مكانه، كبدل أضحية ونحوها، لإبطاله حق مرتهن من الوثيقة، ويصدق مرتهن بيمينه، ويصدق وارثه يمينه في عدم الإذن إن اختلفا في إذن؛ لأنه

س79: تكلم بوضوح عما يلي: إذا ادعى راهن أن الولد منه. إذا وطئ راهن مرهونة ولم تحبل. هل للراهن غرس الأرض المرهونة، والانتفاع بها، ووطء المرهونة، وسقي الشجر، والتلقيح وإنزاء الفحل على المرهونة، والمداواة والفصد والختان، وقطع السلعة، والانتفاع بالرهن باستخدام أو نحوه، ولمن نماؤه؟ ووضح حكم الأرش أين يكون؟ وإذا أسقط مرتهن عن جان أرشا، أو أبرأه منه، فما الحكم؟ وعلى من مؤونة الرهن؟ وإذا تعذر إنفاق عليه فما الحكم؟

الأصل، وتُعْتَبَرُ قِيْمَةُ رهنٍ حَالَ إعتاقِهِ، أوْ إقْرارٍ بِهِ، أوْ إحبال، أو ضرب، وكذا لو جرحه فمات، اعتبرت قيمته حال جرح، وإن كان الدينُ حالاً، أو حَلَّ طُوْلِبَ به خاصة لبراء ذمته به من الحقين معًا؛ فإن كان ما سبق بإذن مرتهن، بطل الرهن ولا عوض له حتى في الإذن في الوطء؛ لأنه يفضي إلى الإحبال، ولا يقف على اختياره، فإذن في سببه إذن فيه. إذا وطئ راهن مرهونة وغرس الأرض المرهونة س79: تكلم بوضوح عما يلي: إذا ادعى راهن أن الولد منه. إذا وطئ راهن مرهونة ولم تحبل. هل للراهن غرس الأرض المرهونة، والانتفاع بها، ووطء المرهونة، وسقي الشجر، والتلقيح وإنزاء الفحل على المرهونة، والمداواة والفصد والختان، وقطع السلعة، والانتفاع بالرهن باستخدام أو نحوه، ولمن نماؤه؟ ووضح حكم الأرش أين يكون؟ وإذا أسقط مرتهن عن جان أرشًا، أو أبرأه منه، فما الحكم؟ وعلى من مؤونة الرهن؟ وإذا تعذر إنفاق عليه فما الحكم؟ ج: إن ادعى راهن بعد ولادة مرهونة، والراهن ابن عشر فأكثر أن الولد منه، وأمكن كونه منه، بأن ولدته لستة أشهر فأكثر منذ وطئها، وأقر مرتهن بوطء الراهن لها، وأقر مرتهن بإذنه لراهن

في وطء، وأقر بأن المرهونة ولدت؛ قُبل قوله بلا يمين؛ لأنه ملحق به شرعًا لا بدعواه، وإلا يمكن كونه من راهن، بأن ولدته لدون ستة أشهر من وطئه، وعاش أو أنكر مرتهن الإذن، أو قال: أذنت ولم يطأ، أو أذنت ووطئ، لكنه ليس ولدها بل استعارته، فلا يقبل قول راهن في بطلان رهن الأمة، وعدم لزوم وضع قيمتها مكانها؛ لأن الأصل عدم ما ادعاه، وبقاء التوثقة حتى تقوم البينة بخلافه، وإن أنكر مرتهن الإذن، وأقر بما سواه، خرجت الأمة من الرهن، وعلى الراهن قيمتها مكانها، وإن وطئ راهن مرهونة بغير إذن مرتهن، ولم تحبل، فعليه أرش بكارة فقط، يجعل رهنًا معها كجناية عليها، وإن أقر راهن بوطء حال عقد، أو قبل لزومه، لم يمنع صحته؛ لأن الأصل عدم الحمل؛ فإن بانت حاملاً منه بما تصير به أم ولد، بطل الرهن، ولا خيار لمرتهن ولو مشروطًا في بيع لدخول بائع عالمًا بأنها قد لا تكون رهنًا، وبعد لزومه وهي حامل، أو ولدت، لا يقبل على مرتهن أنكر الوطء، ويأتي. ولراهن غَرسُ أرْضٍ رَهْنٌ على دين مؤجل؛ لأن تعطيل منفعتها إلى حلول الدين تضييع للمال، وقد نهي عن إضاعة المال، بخلاف الدين الحال؛ لأنه يجبر على فك الرهن بالوفاء أو بيعه، فلا يعطل نفعها، ويكون الغرس رهنًا معها؛ لأنه من نمائها، سواء نبت

بنفسه أو بفعل الراهن، ولراهن انتفاع برهن مطلقًا بإذن مرتهن. وله وطء مرهونة بشرط وطئها، أو إذن مرتهن فيه؛ لأن المنع لحقه، وقد أسقطه بإذنه فيه أو الرضا به؛ فإن لم يكن إذن ولا شرط، حرم ذلك. ولراهن سَقْيُ شجر، وتلقيح نخل، وإنزاء فحل على مرهونة، ومداواة وفصد ونحوه، كتعليم فن صناعة، ودابة سَيْرًا؛ لأنه مصلحة لرهن، وزيادة في حق مرتهن بلا ضرر عليه، فلا يملك المنع منه؛ إن كان فحلاً، فليس لراهنٍ إطراقه بلا إذن؛ لأنه انتفاع به، إلا إذا تضرر بترك الإطراق، فيجوز؛ لأنه كالمداواة له، والرهن مع ذلك بحاله؛ لأنه لم يطرأ عليه مفسد ولا مزيل للزومه، ولا يجوز لراهن ختان مرهون غير ما على دين مؤجل يبرأ جرحه قبل أجل الدين؛ لأنه يزيد به ثمن، ولا يجوز لراهن قطع سلعة خطرة من مرهون؛ لأنه يخشى عليه من قطعها، بخلاف أكلة؛ فإنه يخاف عليه من تركها؛ إن لم تكن السلعة خطرة فله قطعها. وليس لراهن أن ينتفع بالرهن بلا إذن مرتهن باستخدام ووطء أو سكنى أو غيرها، وتكون منافعه معطلة إن لم يتفقا على نحو إجارته حتى ينفك الرهن، ونماء الرهن المتصل كسمن وتعلم صنعة، والمنفصل ولو صوفًا ولبنًا وَورَق شجرٍ مَقْصُوْدٍ رَهْنٌ؛ لحديث

أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غرمه» رواه الشافعي وابن ماجه وابن حبان والحاكم والدارقطني، وكَسْبُ الرَّهْنِ رَهْنٌ؛ لأنه حكم يثبت في العين بعقد المالك، فيدخل فيه النماء والمنافع، كالملك بالبيع وغيره؛ ولأن النماء حادث من عين الرهن، فيدخل فيه كالمتصل، ولأنه حق مستقر في الأم، ثبت برضا المالك، فسرى إليه حكم الرهن كالتَّدبير والاستيلاد، وهو من المفردات، قال ناظمها: وكسب مرهون فكإنماء ... يدخل في الرهن بلا امتراء وقال الشافعي: لا يدخل في الرهن شيء من النماء المنفص، ولا من الكسب؛ لأنه حق تعلق بالأصل يستوفى من ثمنه، فلا يسري إلى غيره كحق جنايته، وقال أبو حنيفة: يتبع النماء لا الكسب؛ لأن الكسب لا يتبع في حكم الكتابة والاستيلاد والتدبير، فلا يتبع في الرهن كإعتاق مال الراهن، وقال مالك: يتبع الولد في الرهن خاصة دون سائر النماء؛ لأن الولد يتبع الأصل في الحقوق الثابتة، كولد أم الولد، ومهر الرهن إن كان أمة حيث وجب رهن؛ لأنه تابع له، وأرش الجناية على الرهن رهن؛ لأنه بدل جزئه، فكان نه كقيمته لو أتلف، وإن أسقط مرتهن عن جان على رهن أرشًا، لزمه أو أبرأه منه سقط حق

المرتهن من الأرش، بمعنى أنه لا يكون رهنًا مع أصله دون حق راهن، فلا يسقط؛ لأنه ملكه، وليس لمرتهن تصرف عليه فيه. ومؤنة الرهن، وأجرة مخزنه إن احتاج إلى مخزن على مالكه، ومؤنة رده من إباقه، أو شروده إن وقعا على مالكه؛ لحديث سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعًا: «لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غرمه» رواه الشافعي والدارقطني، وقال: إسناده حسن متصل، كَكفَنِهِ إن مات، فعلى مالكه؛ لنه تابع لمؤنته؛ فإن تعذر إنفاق عليه، أو أجرة مخزنه، أو رده من إباقه ونحوه من مالكه لعسرته أو غيبته ونحوه، بيع من رهن بقدر حاجته إلى ذلك، أو بيع كله إن خيف استغراقه لثمنه؛ لأنه مصلحة لهما. من النظم ومختصره فيما يتعلق بتصرف الراهن في الرهن ولراهن احظر دون إذن تصرفًا ... ونفعًا كتزويج الإماء بأجود وقيل له تزويجها دون بذلها ... لزوج ومنه المهر في الرهن أورد فإن أبيا نفعًا تعطل نفعه ... إلى فكه إلا أن يشاء بأوطد

وألغ بلا إذن سوى عتق راهن ... وقيمته خذ منه رهنًا تؤيد كذلك إن من متلف رهنه ومن ... مولده أنشاه بلا إذن ذي اليد ويقبل في استحقاقه قبل رهنه ... على نفسه إقراره حسب أفرد وإن يهب المرهون أو يرهننه أو ... يقفه بإذن المستحق فأطد وبيعك صحح مع حلول بإذنه ... ليوفيه أو يرهن الثمن انقد كذا الحكم مع إطلاق إذن وقيل لا ... يصير الثمن رهنًا بل الرهن أفسد وعند اختلاف في اشتراط الذي مضى ... من الراهن اقبل لا الغريم بأجود وبيعكه مع شرط تعجيل آجل ... لغا مع بقاء الرهن بل شرطه قد ووجهان في استرهان أثمانه إذا ... وجوز رجوع الإذن قبل التوكد ووجهين فيما قد تصرف راهن ... مع الجهل منه بالرجوع فأسند وكل نماء الرهن رهن وكسبه ... وأرش الذي يجني عليه لينقد وفي الرهن ما في البيع يدخل بيعه ... الأراضي ودور والغراس بأوطد وكلفته جمعًا فمن راهن فخذ ... وأجرة مخزون وتكفين ملحد وإن حل دين والثمار رهينة ... أجب مبتغي قطع وإن تفسد اردد وإطراق فحل والدوا ليس لازمًا ... وليس عليه فعل شيء مزيد ومرتهن الأموال مؤتمن بها ... فلا يضمنن من غير تفريط معتد فإن لم يفرط فهو من مال راهن ... ويقضيه كل الحق إذ حل فاعهد وإن يتو بعض الرهن فالدين ثابت ... على أيسر الباقي وثيق التأكد

س80: ما حكم الرهن بيد المرتهن أو من اتفقا عليه؟ ومتى يدخل في ضمان المرتهن؟ وإذا دخل في ضمانه، فهل يبطل الرهن؟ وإذا تلف الرهن فهل يسقط شيء من الدين؟ واذكر ما يماثله من المسائل، وإذا تلف بعض الرهن، أو ادعى تلفه بحادث، أو ادعى راهن تلفه بعد قبض في بيع شرط فيه، وإذا أدى المدين بعض الدين، فهل ينفك مقابله؟ وإذا قضى إنسان بعض دين عليه، أو أسقط عن مدينه بعض دينه، وببعض الدين رهن أو كفيل، فما الحكم؟ وإذا رهن واحد عن اثنين شيئا أو بالعكس، فوفى أحدهما، أو رهن اثنان عبدا لهما عند اثنين بألف، فقضاها أحدهما، أو أبي مدين وفاء دين عليه، وقد أذن في بيع الرهن، أو أبى راهن بيعا، فما حكم ذلك؟

كون الرهن بيد مرتهن أو من اتفقا عليه س80: ما حكم الرهن بيد المرتهن أو من اتفقا عليه؟ ومتى يدخل في ضمان المرتهن؟ وإذا دخل في ضمانه، فهل يبطل الرهن؟ وإذا تلف الرهن فهل يسقط شيء من الدين؟ واذكر ما يماثله من المسائل، وإذا تلف بعض الرهن، أو ادعى تلفه بحادث، أو ادعى راهن تلفه بعد قبض في بيع شرط فيه، وإذا أدى المدين بعض الدين، فهل ينفك مقابله؟ وإذا قضى إنسان بعض دين عليه، أو أسقط عن مدينه بعض دينه، وببعض الدين رهن أو كفيل، فما الحكم؟ وإذا رهن واحد عن اثنين شيئًا أو بالعكس، فوفى أحدهما، أو رهن اثنان عبدًا لهما عند اثنين بألف، فقضاها أحدهما، أو أبي مدين وفاء دين عليه، وقد أذن في بيع الرهن، أو أبى راهن بيعًا، فما حكم ذلك؟ ج: الرهن بيد مرتهن، أو من اتفقا عليه أمانة ولو قيل عقد عليه كبعد وفاء دين، أو إبراء منه؛ لحديث: «أد الأمانة إلى من ائتمنك» ولأنه لو ضمن لامتنع الناس منه خوف ضمانه، فتتعطل المداينات، وفيه ضرر عظيم، ويدخل في ضمان المرتهن أو نائبه بتعد أو تفريط

فيه كسائر الأمانات، ولا يبطل الرهن بدخوله في ضمانه؛ لجمع العقد أمانة واستيثاقًا، فإذا بطل أحدهما بقي الآخر، ولا يسقط بتلف الرهن شيء من حق المرتهن، لثبوته في ذمَّة الراهن قبل التلف، ولم يوجد ما يسقطه، فبقي حاله، وحديث عطاء: أن رجلاً رهن فرسًا، فنفق عند المرتهن، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بذلك، فقال: «ذهب حقك» مرسل، وكان يفتي بخلافه؛ فإن صح، حمل على ذهاب حقه من التوثقة، ومعنى نفق، أي: مات. ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: «حجوا قبل أن لا تحجوا، قبل أن لا تنبت شجرة في البادية، ما أكلت منها دابة إلا نفقت» وكدفع عين لغريمه ليبيعها ويستوفي حقه من ثمنها، وكحبس عين مؤجرة بعد فسخ إجارة على الأجرة المعجلة، فتتلف العينان، والعلة الجامعة أنها عين محبوسة بيده بعقد على استيفاء حق له عليه، وإن تلف عليه بعض الرهن، فباقيه رهن بجميع الحق، لتعلق الحق كله بجميع أجزاء الرهن، وإن ادعى مرتهن تلف الرهن بحادث، وقامت بينة بوجود حادث ظاهر ادعى التلف به كنهب وحريق، حلف أنه تلف به وبرئ، وإن لم تقم بينة بما ادعاه من السبب الظاهر، لم يقبل قوله؛ لأن الأصل عدمه، ولا يتعذر إقامة البينة عليه، وإن ادعى تلفه بسبب خفي كسرقة، أو لم يُعيِّن سببًا، حلف وبرئ منه؛ لأنه

أمين، فإن لم يحلف فليس عليه بالنكول، وإن ادعى راهن تلف الرهن بعد قبض في بيع شرط الرهن فيه قبل قول مرتهن: إنه تلف قبله، فلو باع سلعة بثمن مؤجل، وشرط على مشتر رهنًا معينًا بالثمن، ثم تلف الرهن، فقال بائع: تلف قبل أن أقبضه، فلي فسخ البيع، لعدم الوفاء بالشرط، وقال مشتر: تلف بعد التسليم، فلا خيار لك للوفاء بالشرط، فقول مرتهن وهو البائع؛ لأن الأصل عدم القبض. ولا ينفك بعض الرهن حتى يقضي الدين كله، لتعلق حق الوثيقة بجميع الرهن، فيصير محبوسًا بكل جزء منه، ولو مما ينقسم إجبارًا، أو قضى أحد الوراثين حصته من دين مورثه، فلا يملك أخذ حصته من الرهن. ومَن قضى بعض دين عليه، أو أسقط عن مدينه بعض دين عليه، وببعض الدين المذكور رهن أو كفيل، وقع قضاء البعض أو إسقاطه عما نواه قَاضٍ ومُسقط؛ لأن تعيينه له، فينصرف إليه؛ فإن نواه عما عليه الرهن، أو به الكفيل وهو بقدره، انفك الرهن وبرئ الكفيل، ويقبل قوله في نيته؛ لأنها لا تعلم إلا من جهته فإن أطلق قاضٍ ومُسقط نيةَ القضاء والإسقاط بأن لم ينو شيئًا، صرف البعض بعده لما شاء، لملكه ذلك في الابتداء، فملكه بعد كمن أدى قدر زكاة أحد ماليه الحاضر والغائب، فله صرفها إلى أيهما شاء. وإن رهن ما يصح رهنه من عبد أغيره عند اثنين بدين لهما، فوفى راهن أحدهما دينه،

انفك نصيبه من الرهن؛ لأنه عقد واحد مع اثنين بمنزلة عقدين، أشبه ما لو رن كل واحد النصف منفردًا؛ فإن كان الرهن لا تنقصه القسمة، كمكيل، فلراهن مقاسمة من لم يوف، وأخذ نصيب من وفاه، وإلا لم تجب قسمته، لضرر المرتهن، ويبقى بيده نصفه رهن، ونصفه وديعة، وإن رهن اثنان واحدًا شيئًا، فوفاه أحدهما ما عليه، انفك الرهن في نصيب الموفي لما عليه، لما تقدم؛ ولأن الرهن لا يتعلق بملك الغير إلا بإذنه ولم يوجد، وإن رهن اثنان عبدًا لهما عند اثنين بألف، فهذه أربعة عقود، وكل ربع من العبد رهن بمائتين وخمسين، فمتى قضاها أحدهما انفك من الرهن ذلك القدر، ومن أبى وفاء دين عليه، وقد أذن في بيع رهن، ولم يرجع عن إذنه، باع الرهن مأذون له في بيعه من مرتهن أو غيره بإذنه، ووفى مرتهن دينه من ثمنه؛ لأنه وكيل ربه. وإن لم يكن أذن في بيعه، أو كان أذن ثم رجع، لم يبع، ورفع الأمر إلى الحاكم، فأجبر راهنًا على بيع رهن ليوفي من ثمنه. وقال في «المغني» : وقياس المذهب أنه متى عزله عن البيع، فللمرتهن فسخ البيع الذي جعل الرهن في ثمنه، كما لو امتنع الراهن من تسليم الرهن المشروط في البيع. انتهى. أو أجبره على وفاء الدين من غير الرهن؛ لأنه قد يكون له غرض فيه، والمقصود الوفاء، فإن أبى راهن بيعًا حبس أو غزز، بأن يحبسه الحاكم أو

س81: ما حكم جعل الرهن بيد عدل أو أكثر من واحد؟ وإذا تغير حال من جعل الرهن بيده، فهل ينقل عنه؟ فإن قلت: نعم، فما صفة نقله؟ وماذا يعمل معهما إذا امتنعا أو تغيبا، أو لم يوجد حاكم؟ ووضح ما يتفرع عن ذلك من المسائل وأحكامها، وهل للعدل أن يرده إلى أحدهما؟ فإن قلت: لا وفعل، فما الحكم؟ وإذا غصبه مرتهن من العدل، أو سافر فيه، ثم رد، فما الحكم فيما قبل الرد وما بعده؟ وإذا اختلفا في تغير حال العدل أو المرتهن، أو أذن

يعزره حتى يفعل ما أمر به؛ فإن أصر على امتناع من كل منهما، باع الرهن حاكم بنفسه أو أمينه، لتعينه طريقًا لأداء الواجب، ووفى حاكم الدين لقيامه مقام الممتنع، ولو غاب راهن، باع حاكم الرهن ولا يبيعه مرتهن إلا بإذن ربه والحاكم. قال الشيخ تقي الدين: فلو لم يمكن بيع رهن إلا بخروج ربه من الحبس، أو كان في بيعه ضررًا عليه إذا كان محبوسًا، وجب إخراجه من الحبس ليبيعه، ويوفي ما عليه، أو يمشي معه هو أو وكيله إن خيف هربه دفعًا للضرر. «إقناع وشرحه» . جعل الرهن بيد عدل وإذا تغير حال من جعل الرهن بيده س81: ما حكم جعل الرهن بيد عدل أو أكثر من واحد؟ وإذا تغير حال من جعل الرهن بيده، فهل ينقل عنه؟ فإن قلت: نعم، فما صفة نقله؟ وماذا يعمل معهما إذا امتنعا أو تغيبا، أو لم يوجد حاكم؟ ووضح ما يتفرع عن ذلك من المسائل وأحكامها، وهل للعدل أن يرده إلى أحدهما؟ فإن قلت: لا وفعل، فما الحكم؟ وإذا غصبه مرتهن من العدل، أو سافر فيه، ثم رد، فما الحكم فيما قبل الرد وما بعده؟ وإذا اختلفا في تغير حال العدل أو المرتهن، أو أذن

الراهن أو المرتهن في بيع الرهن، أو عين نقد أو لم يعين أو تلف عند عدل، واذكر التمثيل والتفصيل، والدليل والتعليل. ج: ويصح جَعْلُ رَهْنٍ بِيَدِ عَدْلٍ جائز التصرف من مسلم، أو كافر عدل، أو فاسق ذكر أو أنثى؛ لأنه توكيل في قبض في عقد، فجاز كغيره، فإذا قبضه قام مقام قبض مرتهن، بخلاف صبي وعبد بلا إذن سيده، ومكاتب بلا جعل، وإن شرط جعل رهن بيد أكثر من عدل، كاثنين أو ثلاثة، جاز، فيجعل في مخزن عليه لكل منهما قفل، ولم ينفرد واحد منهم بحفظه؛ لأن المتراهنين لم يرضيا إلا بحفظ العدد المشترط، كالإيصاء لعدد وتوكيله، ولا ينقل رهن عن يد من شرط كونه بيده مع بقاء حاله، أي: أمانته إلا باتفاق راهن ومرتهن؛ لأن لحق لا يعدوهما، وللمشروط جعله تحت يده رده على راهن ومرتهن لتطوعه بالحفظ، وعليهما قبوله منه؛ فإن امتنعا أجبر؛ فإن تغيبا نصب حاكم أمينًا يقبضه لهما، لولايته على ممتنع من حقه عليه؛ فإن لم يجد العدل حاكمًا، تركه عند عدل آخر، لم يضمن. وإن لم يمتنعا، ودفعه عدل أو حاكم إلى آخر، ضمنه دافع وقابض آخر، وإن غاب متراهنان، وأراد المشروط جعله عنده، رده؛ فإن كان له عذر كسفر ومرض، دفعه إلى حاكم فيقبضه منه، أو ينصب له عدلاً؛ فإن لم يجد حاكمًا أودعه ثقة. وإن لم يكن له عذر، وغيبتهم مسافة قصر، قبضه

حاكم؛ فإن لم يجده، دفعه إلى عدل. وإن غابا عن المسافة، فكحاضرين، وإن غاب أحدهما، فكما لو غابا، ولا يملك العدل رده إلى أحدهما بغير إذن الآخر، سواء امتنع أو سكت؛ لأنه تضييع لحظ الآخر؛ فإن فعل بأن رده إلى أحدهما بلا إذن الآخر، وفات الرهن على الآخر، ضمن العدل حق الآخر من المتراهنين؛ لأنه فوته عليه، أشبه ما لو أتلفه، وإن لم يفت رده الدافع إلى يد نفسه، ليوصل الحق إلى مستحقه، ويضمن الرهن مرتهن بغصبه من العدل، لتعديه عليه، ويزول الغصب والضمان برده إلى العدل، لنيابة يده عن يد مالكه، كما لو رده لمالكه، ولا يزول حكم ضمانه برد رهن ممن هو بيده من عدل أو مرتهن، فلو سافر أحدهما بالرهن بلا إذن مالكه، صار ضامنًا له؛ فإن عاد من سفره لم يزل ضمانه بمجرد عوده، ولا بزوال تعديه على الرهن، كما لو لبِس المرهون لا لمصلحته، ثم خلعه لزوال استئمانه، فلم يعد يفعله مع بقائه بيده؛ فإن رده لمالكه ثم عاد له، زال الضمان، وعلم منه أنه ليس له السفر برهن، بخلاف وديعة، لما يتعلق ببلد الرهن من البيع بنقده، وبيعه فيه لوفاء الدين ونحوهما، وإن حدث لمن شرط جعل الرهن عنده فسق، أو ضعف عن حفظ، أو تعادى العدل مع أحد المتراهنين، أو مات العدل، أو مات مرتهن عنده الرهن، ولم يرض راض بكون الرهن بيد

ورثة، أو بيد وصي له، أو حدث للمرتهن فسق ونحوه والرهن بيده، جعله حاكم بيد أمين، لما فيه من حفظ حقوقهما، وقطع نزاعهما، ما لم يتفقا على وضعه بيد آخر، وإن اختلفا في تغير حال عدل، أو مرتهن بحث حاكم عنه، وعمل بما بان له، وإن أذن الرَّاهنُ والمرتهن للعدل في بيع الرهن، أو أذن راهن لمرتهن في بيع رهن، وعين لعدل أو مرتهن نقد، تعين، فلا يصح بيعه بغيره، وإلا يعين له نقد، بيع رَهْنٌ بنقد البلد إن لم يكن إلا نقدًا واحدًا؛ لأنه الحظ له لرواجه؛ فإن تعدد نقد البلد فبالأغلب رواجًا، لما سبق؛ فإن لم يكن فيه أغلب، فإنه يباع بجنس الدين؛ لأنه أقرب إلى وفاء الحق؛ فإن لم يكن فيه جنس الدين، فإنه يباع بما يراه مأذون له في بيع أصْلَح؛ لأن الغرض تحصيل الحظ؛ فإن تردد رأيه أو اختلف راهن ومرتهن على عدل في تعيين نَقْدٍ، عيَّن النقد حاكم؛ لأنه أعرف بالأحظ، وأبعد عن التُّهْمَة، وتلف ثمن رهن بيد عدل بلا تفريط، من ضمان راهن؛ لأنه وكيله في البيع، والثمن ملكه وهو أمين في قبضه، فيضيع على موكله، كسائر الأمناء، وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة ومالك: يكون من ضمان المرتهن؛ لأن البيع لأجله، وإن أنكر راهنه ومرتهن قبض عدل ثمنًا، وادعاه، فقوله؛ لأنه أمين.

س82: إذا استحق رهن بيع، فعلى من يرجع مشتر؟ وما الحكم إذا قضى عدل بثمن رهن مرتهنا دينه في غيبة راهن فأنكر مرتهن القضاء؟ ومن الذي يحلف؟ ومن الذي يرجع عليه؟ وهل يصدق العدل على الراهن والمرتهن؟ وما حكم شرط ما يقتضيه العقد، وما مثاله؟ وإذا عزل الراهن العدل أو المرتهن اللذين أذن في بيع الرهن، أو مات الراهن، فهل ينعزلان؟ وما حكم شرط ما لا يقتضيه عقد الرهن، أو ما ينافيه، أو أن لا يقبضه، أو أن لا يبيعه عند حلول دين، أو كونه من ضمان مرتهن؟ وهل يفسد العقد بفساد الشرط؟ مثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، وفصل لما يحتاج إلى تفصيل، واذكر الدليل والتعليل، والخلاف والترجيح.

إذا استحق رهن بيع س82: إذا استحق رهن بيع، فعلى من يرجع مشتر؟ وما الحكم إذا قضى عدل بثمن رهن مرتهنًا دينه في غيبة راهن فأنكر مرتهن القضاء؟ ومن الذي يحلف؟ ومن الذي يرجع عليه؟ وهل يصدق العدل على الراهن والمرتهن؟ وما حكم شرط ما يقتضيه العقد، وما مثاله؟ وإذا عزل الراهن العدل أو المرتهن اللذين أذن في بيع الرهن، أو مات الراهن، فهل ينعزلان؟ وما حكم شرط ما لا يقتضيه عقد الرهن، أو ما ينافيه، أو أن لا يقبضه، أو أن لا يبيعه عند حلول دين، أو كونه من ضمان مرتهن؟ وهل يفسد العقد بفساد الشرط؟ مثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، وفصل لما يحتاج إلى تفصيل، واذكر الدليل والتعليل، والخلاف والترجيح. ج: إن استحق رهن بيع بأن بان مستحقصا لغير راهن، رجع مشتر أعلمه بائع من عدل أو مرتهن أنه مأذون في بيعه على راهن، ولو كان الثمن بيد العدل؛ لأن المباشر نائب عنه. وكذا كل من باع مال غيره، وأعلم المشتري بالحال، ولا يرجع على العدل؛ لأنه سله إليه على أنه أمين ليسلمه للمرتهن، وإن كان المرتهن قبض الثمن رجع المشتري عليه به؛ لأنه عين ماله صار إليه بغير حق، وبان للمرتهن فساد الرهن، فله فسخ بيع شرط فيه، وإن رده مشتر بعيب، لم يرجع على مرتهن؛ لأنه قبضه بحق، ولا على عدل؛ لأنه أمين، فيتعين راهن،

وإلا يعلم عدل أو مرتهن مشتريًا أنه وكيل، فعلى بائع يرجع مشتر؛ لأنه غره، ويرجع بائع على راهن إن أقر، أو قامت بينة بذلك. وإن تلف رهن بيع بيد مشتر، ثم بان مستحقًا قبل دفع ثمنهن فلربه تضمين من شاء من غاصب وعدل ومشتر. وفي «المغني» : والمرتهن يعني إن كان حصل بيده، وإلا فلا وجه لتضمينه، وقرار ضمانه على مشتر، لتلفه بيده، ودخوله على ضمانه، وإن قضى عدل بثمن رهن مرتهنًا دينه في غيبة راهن، فأنكر مرتهن القضاء، ولا بينة به للعدل، ضمن لتفريطه بعدم الإشهاد، وإن لم يأمره به مدين؛ فإن حضر راهن القضاء، لم يضمن العدل، وكذا إن شهد العدل ولو غاب شهوده أو ماتوا إن صدقه راهن، ولا يصدق العدل على الراهن والمرتهن؛ أما الراهن، فلأنه إنما أذن في القضاء على وجه يبرأ به، وهو لم يبرأ بهذا؛ وأما المرتهن، فلأنه وكيله في الحفظ فقط، فلا يصدق عليه فيما ليس بوكيله فيه، فيحلف مرتهن أنه ما استوفى دينه، ويرجع بدينه على من شاء من عدل وراهن؛ فإن رجع على العدل، لم يرجع العدل على أحد، لدعواه ظلم مرتهن له، وأخذ المال منه ثانيًا بغير حق. وإن رجع مرتهن على راهن، رجع الراهن على العدل، لتفريطه بترك الإشهاد، كما لو تلف الرهن بتفريطه، وكذا وكيل في قضاء دين إذا قضاه في غيبة موكل ولم يشهد فيضمن لما تقدم. ويصح شرط كل ما يقتضيه

العقد فيه، كشرط بيع مرتهن لرهن، وكشرط بيع عدل لرهن عند حلول بيع، وكشرط جعله بيد معين فأكثر. وينعزل المرتهن والعدل المأذون لهما في بيع الرهن بعزل راهن لهما، وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة ومالك: لا ينعزل؛ لأن وكالته صارت من حقوق الرهن، فلم يكن للراهن إسقاطه كسائر حقوقه، وقال ابن أبي موسى: ويتوجه لنا مثل ذلك؛ فإن أحمد قد منع الحيلة في غير موضع من كتبه، وهذا يفتح باب الحيلة للراهن. وهذا القول قوي جدًا فيما أرى، والله أعلم. وبموته وحجر عليه لسفه، وإن لم يعلما كسائر الولايات والوكالات، فلا يملكان البيع. ولا يصح شرط ما لا يقتضيه عقد الرهن، ككون منافع الرهن لمرتهن؛ لأنه ملك الراهن، فلا تكون منافعه لغيره. أو إن جاءه بحقه في محله، وإلا فالرهن له، أو إن لم يأته في محله، فالرهن مبيع له بالدين الذي له عليه، أو شرط ما ينافي مقتضى عقد الرهن، كتوقيته بأن قال: هو رهن لسنة مثلاً، وكونه يومًا رهنًا ويومًا لا يكون رهنًا، أو شرط أن لا يباع إلا بثمن يرضاه راهن، أو بشرط الخيار له، أي: الراهن، أو شرط كون رهنه بيده، أي: الراهن، أو شرط أنه غير لازم في حقه، أي: الراهن، أو لا يباع عند حلول الحق، أو

س83: تكلم بوضوح عن اختلاف الراهن والمرتهن في صفة الرهن وقدره، وعما إذا قال: قبضت الرهن بإذنك، فقال: بغير إذني، أو قال: هو رهن بالمؤجل، وقال المرتهن: بالحال، أو قال من بيده رهن لربه: أرسلت زيدا ليرهنه بعشرين، وقبضها زيد وصدقه، أو أقر بعد لزومه بوطء، أو أقر راهن أن الرهن جني، أو أنه كان غصبه، واذكر الدليل

لا يباع ما خيف تلفه مما يسرع إليه الفساد، أو شرط كونه من ضمان مرتهن، أو من ضمان عدل، أو شرط الراهن أن لا يستوفي الدين من ثمنه، فلا يصح في هذه الصور كلها، لمنافاته الرهن، ولا يفسد عقد الرهن بذلك، بل يفسد الشرط فقط؛ لحديث: «لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غرمه» رواه الشافعي والدراقطني، وقال: إسناده حسن متصل، ورواه الأثرم بنحوه. قال الإمام: لا يدفع رهنًا إلى رجل، ويقول: إن جئتك بالدرهم إلى كذا، وإلا فالرهن لك. ووجه الدلالة منه أنه - صلى الله عليه وسلم - نفى غلق الرهن دون أصله، فدل على صحته، وقيس عليه سائر الشروط الفاسدة؛ لكن إن كان الرهن مجهولاً، أو كان محرمًا ونحوه، كالمعدوم، وسائر ما لا يصح بيعه مما لا يقدر على تسليمه ونحوه، فباطل، لعدم حصول المقصود منه. اختلاف الراهن والمرتهن في صفة الرهن س83: تكلم بوضوح عن اختلاف الراهن والمرتهن في صفة الرهن وقدره، وعما إذا قال: قبضت الرهن بإذنك، فقال: بغير إذني، أو قال: هو رهن بالمؤجل، وقال المرتهن: بالحال، أو قال من بيده رهن لربه: أرسلت زيدًا ليرهنه بعشرين، وقبضها زيد وصدقه، أو أقر بعد لزومه بوطء، أو أقر راهن أن الرهن جني، أو أنه كان غصبه، واذكر الدليل

والتعليل والتفصيل، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل. ج: إذا اختلف الراهن والمرتهن في أن الرهن عصير أو خمر في عقد شرط فيه رهنه، وصورته أن يبيعه بثمن مؤجل، ويشترط أن يرهنه به هذا العصير وقبضه، ثم علمه خمرًا، فقال مشتر: أقبضتك عصيرًا وتخمر عندك، فلا فسخ لك، لأني وفيت بالشرط، وقال بائع: كان تخمر قبل قبضي، فلي انفسخ للشرط، فقول راهن؛ لأن الأصل السلامة. أو اختلفا في رد رهن، بأن ادعاه مرتهن، وأنكره راهن، فقوله؛ لأن الأصل عدمه، والمرتهن قبض الرهن لمنفعته، فلم يقبل قوله في الرد، كمستعير ومستأجر. أو اختلفا في عين الرهن، بأن قال: رهنتك هذا العبد، فقال: بل هذه الجارية، فقول راهن بيمينه أنه ما رهنه هذه الجارية، وخرج العبد أيضًا من الرهن، لاعتراف المرتهن بأنه لم يرهنه، أو اختلفا في قدره، بأن قال: رهنتك هذا العبد، فقال مرتهن: بل هو وهذا الآخر، فقول راهن بيمينه؛ لأنه منكر، أو اختلفا في قدر دين به، بأن يقول راهن: رهنتك بألف، فقال مرتهن: بل بألفين، فقول راهن بيمينه؛ لأن الراهن منكر للزيادة التي يدعيها المرتهن، والقول قول المنكر؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لو يُعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء رجال وأموالهم؛ ولكن اليمين على المدعى عليه» رواه مسلم. وبه قال النخعي والثوري والشافعي

وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وحكي عن الحسن وقتادة أن القول قول المرتهن، ما لم يجاوز ثمن الرهن أو قيمته ونحوه، وهو قول مالك، واختاره الشيخ تقي الدين –رحمه الله-؛ لأن الظاهر أن الرهن يكون بقدر الحق، سواء اتفقا على أن الدين ألفان، أو اختلفا في صفة دي بالرهن، كرهنتك بنصف الدين، أو رهنتك بالمؤجل منه، فقول راهن بيمينه؛ لأنه منكر لرهنه بالزائد، أو اختلفا في قبض الرهن، وليس بيد مرتهن عند الاختلاف، وصورة الاختلاف أن يقول الراهن: قبضته بغير إذني، وقال المرتهن: بل بإذنك، فقول الراهن بيمينه؛ لأن الأصل عدمه. وإن كان بيد مرتهن، فقوله بيمينه؛ لأن الظاهر معه، ولو كان الدين ألفين، أحدهما حال، والآخر مؤجل، وقال الراهن: هو رهن بالمؤجل، وقال المرتهن: بل بالحال، فقول راهن؛ لأنه يقبل قوله في أصل الرهن، فكذا في صفته، وإن قال: رهنتك ما بيدك بألف، فقال ذو اليد: بل بعتنيه بها، أو قال: بعتكه بها، فقال: بل رهنتيه، حلف كل على نفي ما ادعاه عليه، وأخذ راهن رهنه، وبقي الألف بلا رهن. وإن قال من بيده رهن لربه: أرسلت زيدًا ليرهنه بعشرين، وقبضها زيد، وصدق المرتهن زيدٌ أنه قبض منه العشرين، وأنه سلمها لرب الرهن، قبل قول الراهن الذي أرسل زيدًا بيمينه أنه لم يرسل زيدًا

ليرهنه إلا بعشرة، ولم يقبض سواها، فإذا حلف برئ من العشرة، ويغرمها الرسول للمرتهن، وإن صدق زيدٌ راهنًا، حلف زيد أنه ما رهنه إلا بعشرة، ولا قبض إلا عشرة، ولا يمين على راهن؛ لأن الدعوى على غيره، فإذا حلف زيد برئا معًا، وإن نكل غرم العشرة المختلف فيها، ولا يرجع بها على أحد، وإن عدم الرسول، حلف راهن أنه ما أذن في رهنه إلا بعشرة، ولا قبض أكثر منها، ويبقى الرهن بها، وإن أقر راهن بعد لزوم الرهن بوطء مرهونة قبل رهنها حتى يترتب عليها أنها صار أم ولد إن كانت حاملاً، قبل على نفسه؛ لأنه لا عذر، كما لو أقر بدين، ولا يقبل إقراره بذلك على مرتهن أنكره؛ لأنه متهم ي حق مرتهن، وإقرار الإنسان على غيره غير مقبول، ثم إن أنكر ولي الجناية أيضًا لم يلتفت إلى قول راهن، وإن صدقه لزمه أرشها إن كان موسرًا، لحيلولته بين المجني عليه والجاني يرهنه، كما لو قتله، وإن كان معسرًا تعلق برقبة الجاني إذا انفك الرهن. وكذا يأخذ مشتر ومغصوب منه الرهن إذا انفك، لزوال المعارض، وعلى مرتهن اليمين أنه لا يعلم ذلك؛ فإن نكل قضى عليه ببطلان الرهن، وسلم المقر له به.

س84: تكلم بوضوح عن الانتفاع بالرهن، وما يفضل من لبن أو نفقة، وتعرض لما يتعلق بذلك من تقدير أو ضمان أو نفقة على الرهن أو استئذان أو تعذره، وحكم حيوان معار ومؤجر ومودع ومشترك بيد أحدهما بإذن الآخر، إذا أنفق عليه مستعير ومستأجر ووديع وشريك، وبم يرجع من عمر الرهن وما لا يرجع به؟ واذكر الدليل والتعليل، والتفصيل، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر الخلاف.

الانتفاع بالرهن س84: تكلم بوضوح عن الانتفاع بالرهن، وما يفضل من لبن أو نفقة، وتعرض لما يتعلق بذلك من تقدير أو ضمان أو نفقة على الرهن أو استئذان أو تعذره، وحكم حيوان معار ومؤجر ومودع ومشترك بيد أحدهما بإذن الآخر، إذا أنفق عليه مستعير ومستأجر ووديع وشريك، وبم يرجع من عمّر الرّهْنَ وما لا يرجع به؟ واذكر الدليل والتعليل، والتفصيل، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر الخلاف. ج: لمرتهن ركوب حيوان مرهون، كفرس وبعير بقدر نفقته، وله حلبة واسترضاع أمة بقدر نفقتها متحريًا للعدل؛ لما ورد عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول: «الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونًا، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهونًا، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة» رواه الجماعة إلا مسلمًا، والنسائي، وفي لفظ: «إذا كانت الدابة مرهونة، فعلى المرتهن علفها؛ ولبن الدر يشرب، وعلى الذي يشرب نفقته» رواه أحمد. ولا يعارضه حديث: «لا يغلق الرهن من راهنه، له غنمه، وعيه غرمه» لأنا نقول: النماء للراهن، لكن للمرتهن ولايةو صرفه إلى نفقته، لثبوت يده عليه، ولوجوب نفقة الحيوان، وللمرتهن فيه حق، فهو كالنائب عن المالك في ذلك وقد أمكن القيام به من نماء الرهن واستيفائه من منافعه، فجاز كما يجوز للمرأة أخذ

مؤونتها من مال زوجها عند امتناعه بغير إذنه، وقيس على ذلك الأمة تسترضع بقدر نفقتها، ومحله إن أنفق بنية الرجوع، وإلا لم ينتفع، وهذا من المفردات. قال ناظمها: مُرتهنٌ لِرَّهْنِ نَصًا يَرْكَبُ ... بقدر ما أنفق أيضًا يَحْلِبُ سيان بذل مالك للنفقة ... أو منعها والإذن فيها مُطْلَقَه وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا يحتسب له بما أنفق، وهو متطوع به، ولا ينتفع من الرهن بشيء؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يغلق الرهن من راهنه، له غنمه، وعليه غرمه» ولأنه ملك غيره، لم يأذن له في الانتفاع به، ولا الإنفاق عليه، فلم يكن له ذلك. ولا ينهك المركوب والمحلوب بالركوب والحلب؛ لأنه إضرار به بلا إذن راهن، ومعنى إنهاكه: المبالغة في ذلك حتى يُهْزِلَهُ، ولو كان الراهن حاضرًا، ولم يمتنع من النفقة عليه؛ لأنه مأذون فيه شرعًا. فإن كان الرهن غير مركوب ولا محلوب، كعبد وثوب، لم يجز لمرتهن أن يَنْتَفِع به بقدر نفقته، لاقتضاء القياس أن لا ينتفع المرتهن من الرهن بشيء غيْرَ ما ذكر للخبر، فلا يجوز أن يستعمله في حرث وسقي. قال في «المغني» و «الشرح» : ليس للمرتهن أن ينفق على العبد والأمة ويستخدمهما بقدر النفقة. قال في «الإنصاف» :

وهو المذهب، وعليه أكثر الأصحاب، ويبيع مرتهن فضل لبن مرهون بإذن راهن؛ لأنه ملكه، وإلا يأذن لامتناعه أو غيبته، فحاكم، لِقَيامه مقامَه، ويرجع مرتهن بفضل نفقة من ركوب وحلب واسترضاع على راهن بنية رجوع. ولمرتهن أن ينتفع بالرهن بإذن راهن مجانًا بلا عوض، وإن انتفاع المرتهن بالرهن بغير إذن الراهن، فعليه أجرته في ذمته، وإن تلف ضمنه، لتعديه بانتفاعه بغير إذن ربه، وله أن ينتفع بالرهن بعوض، وله أن ينتفع به بإذن راهن مجانًا، ولو بمحاباة لِطِيب نفس رَبِّهِ به، ما لم يكن الدين قرضًا فيحرم، لجره النفع، ويصير الرهن المأذون في استعماله مجانًا مضمونًا بالانتفاع به، لصيرورته عارية، ولا يصير مضمونًا قبل الانتفاع به، وإن أنفق مرتهن على الرهن بغير إذن الراهن مع إمكان استئذانه، لم يرجع على الراهن، ولو نوى الرجوع؛ لأنه متبرع أو مفرط، حيث لم يستأذن المالك مع قدرته عليه، وإن تعذر استئذانه، لتخفيه أو غيبته ونحوها، وأنفق بنية الرجوع، فله الرجوع على راهن بالأقل مما أنفق على رهن، أو أنفقه مثله، ولو لم يستأذن حاكمًا مع قدرته عليه، أو لم يشهد أنه أنفق، ليرجع على ربه لاحتياجه إلى الإنفاق لحراسة حقه، أشبه ما لو عجز عن استئذان حاكم.

وحيوان معار ومؤجر ومودع، ومشترك بيد أحدهما بإذن الآخر، إذا أنفق عليه مستعير ومستأجر وديع وشريك كرهن، فيما سبق تفصيله. وإن مات قن فكّفَّنَهُ، فكذلك ذكره في «الهداية» وغيرها، وإن عَمَّرَ مُرتهن الرهن، كدار انهدمت، ورجع مُعمَّرٌ بآلته فقط، ولا يرجع بما يحفظ به مالية الدار، كثمن ماء ورماد وطين وجص ونورة وأجرة معمرين، إلا بإذن مالكها، لعدم وجوب عمارتها، بخلاف نفقة حيوان، لحرمته وعدم بقائه بدونها. وقال في «الإنصاف» : وجزم القاضي في «الخلاف الكبير» أنه يرجع بجميع ما عمَّر في الدار؛ لأنه من مصلحة الرهن، وجزم به في «النوادر» ، وقاله الشيخ تقي الدين –رحمه الله- فيمن عمَّر وقفًا بالمعروف ليأخذ عوضه، فيأخذه من مغله. وقال ابن عقيل: ويحتمل عندي أنه يرجع بما يحفظ أصل مالية الدار، لحفظه وثيقته. وقال ابن رجب في «القواعد» : ولو قيل: إن كانت الدار بعد ما خرب منها تحرز قيمة الدين المرهون به لم يرجع، وإن كان دون حقه، أو وقف حقه، ويخشى من تداعيها للخراب شيئًا فشيئًا حتى تنقص عن مقدار الحق، فله أن يعمرويرجع، لكان متجهًا. قلت: وهو قوي. انتهى.

من النظم فيما يتعلق في اختلاف المتراهنين ورهنك عند اثنين إن توف واحدًا ... فحصته انفكت كعكس بأوطد وإن رهن الشخصان عندهما إذًا ... لجاريهما فالريع بالريع قيد وإن حَلَّ دينٌ لم يُوفَّ يَبعْهُ مَن ... رَضِي به طوعًا وإلَّا لِيُطهد على بيعه إن لم يوفّ فإن أبى ... فبعه ووف الدَّيْنَ لا تَتَزَيَّدِ ويملك قبل البيع عزلاً بأجود ... فيختار رب الدين في فسخ معقد وبعه بنقد العرف إن كان واحدًا ... وإلا بجنس الدين إن كثرت قد فإن لم يكن بع بالأحظ فإن توى ... لدى العدل من مال الذي رهن اعدد فإن خالف المشروع فالبيع باطل ... ويضمن كأحكام الموكل يعتد وإن أنكراه قبضه ممن اشترى ... على راهن في الرهن خصم ويقصد وإن بان مغصوبًا ليرجع من اشترى ... فمنه ليقبل في الأصح المجودِ إذا علم التوكيل لكن متى يكن ... به جاهلاً فالخصم من باعه اشهد ودعوى قضاء الدين من ثمن فلا ... يفيد مع الإنكار من غير شهد وكل وكيل في قضا الدين هكذا ... إذا أنكر الخصم القضاء فقيد ويرجع بالإيلاء مرتهن على ... ذوي الرهن ثم العدل بالغُرْمِ أفرد وقيل على ذي الدين يقبل قوله ... وقيل على ذي الرهن إن لم يُقيَّدِ

س85: بأي شيء يتعلق أرش جناية الرهن؟ ومتى يخير سيده؟ وبأي شيء يخير؟ وإذا فدى الرهن مرتهن، فهل يرجع؟ وإذا جني على الرهن، فمن الخصم؟ وإذا اخر الطلب الخصم، فمن الخصم؟ وهل للسيد أن يعفو على ما، أو يقتص، ووضح ما يترتب على ذلك. وإذا جنى على سيد، أو عفا عن مال، أو وطئ مرتهن مرهونة، فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك من المسائل

وشرطك أخذ الرهن عند حلوله ... وإلا يُباعُ ارْدُدْ كَعَقْد بأبعدِ ومن راهن في قدر دين ورهنه ... ورد خذ الإيمان مع فقد شهد كذلك دعوى رد خمر ونحوه ... فقال عصير رهني احفظه واشهد وفي قيمة المرهون والتلف اقبلن ... من المرتهن مع رده في مبعدِ كذا حكم الاستئجار أو مع مضارب ... وموصى بجعل والوكيل به اعدد ودعوى أمين المال من غير أجره ... هلاكًا وردًا فاقبلن لا تردد ومن يدعي هلكًا بظاهر حادث ... بلا شهد بالحادث امنعه واردد أرش جناية الرهن س85: بأي شيء يتعلق أرش جناية الرهن؟ ومتى يخير سيده؟ وبأي شيء يخير؟ وإذا فدى الرهن مرتهن، فهل يرجع؟ وإذا جني على الرهن، فمن الخصم؟ وإذا اخر الطلب الخصم، فمن الخصم؟ وهل للسيد أن يعفو على ما، أو يقتص، ووضح ما يترتب على ذلك. وإذا جنى على سيد، أو عفا عن مال، أو وطئ مرتهن مرهونة، فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك من المسائل

والأحكام؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل. ج: إن جَنَى رقيقٌ رُهِنَ على نفسٍ أو مالٍ خطأً أو عَمْدًا لا قود ليه، أو فيه قود، واختير المال تعلق الأرش برقبته، وقدِّمت على حق مرتهن لتقدمها على حقِّ مالكٍ مع أنه أقوى، وحق المرتهن ثبت من جهة المالك بعقده، بخلاف حق الجناية، فقد ثبت بغير اختياره مقدمًا على حقه، فقدم على ما ثبت بعقده. ولاختصاص حق الجناية بالعين، فيفوت بفواتها؛ فإن استغرق الرهن أرش الجناية، بأن ساوى قيمته أو زاد، خُير سيده بين ثلاثة أمور: 1- فداء القن المرهون بالأقل من الأرش، ومن قيمة الرهن؛ أن الأرش إن كان أقل، فالمجني عليه لا يستحق أكثر نه، وإن كانت القيمة أقل، فلا يلزم السيد أكثر منها؛ لأن ما يدفعه عوض الجاني، فلا يلزمه أكثر من قيمته، كما لو أتلفه، ما لم تكن الجناية بإذن السد، او أمره مع كون المرهون صبيًا أو أعجميًا لا يعلم تحريم الجناية، أو كان يعتقد وجوب طاعة سيده في ذلك؛ فأن كان كذلك، فالجاني السيد، فيتعلق به أرش الجناية، ولا يباع العبد فيها والرهن بحاله، لقيام حق المرتهن لوجود سببه، وإنما قدم حق المجني عليه لقوته وقد زال.

2- أو بيع الرهن في الجناية. 3- أو تسليم الرهن لولي الجناية، فيملكه ويبطل الرهن فيما إذا باعه في الجناية، وفيما إذا سلمه فيها، لاستقرار كونه عوضًا عنها بذلك، فيبطل كونه محلاً للرهن، كما لو تلف أو بان مستحقًا، وإن لم يستغرق أرشُ الجناية رهنًا، بيع من الرهن إن لم يفده سيده بقدر الأرش؛ لأن البيع للضرورة، فيتقدر بقدرها وباقيه رهن؛ لأنه لا معارض له؛ فإن تعذر بيع بعضه، فكله يباع للضرورة، وباقي ثمنه رهن، وكذا إن نقص بتشقيص، فيباع كله، وإن فدى الرهن مرتهنٌ لم يرجع على راهن إلا إن نوى الرجوع، وأذن له راهن في فدائه؛ لأنه إن لم ينو رجوعًا فمتبرع، وإن نواه ولم يأذن راهن فمتآمر عليه؛ لأنه لا يتعين فداؤه، وإن جُني على الرهن، فالخصم في الطلب بما توجبه الجناية عليه سيد كمستأجر ومستعار؛ أنه ليس المرتهن فيه إلا حق الوثيقة؛ فإن أخر سيده الطلب لغيبة أو غيرها لعذر أو غيره، فالخصم المرتهن، لتعلق حقه بموجب الجناية، فيملك الطلب كما لو جنى عليه سيد، ولسيد أن يعفو على مال، وله أن يقتص من جان عليه عمدًا؛ لأنه حق له إن أذن له فيه مرتهن، أو أعطى الراهنُ المرتهن شيئًا يكون رهنًا، لئلا يفوت حقه من التوثق بقيمته بلا إذنه؛ فإن اقتص السيد بدون الإذن، أو إعطاء ما يكون رهنًا في

نفس أو دونها من طرف أو جرح، فعليه قيمة أقلهما تجعل مكانه؛ لأنه أتلف مالاً استحق سبب إتلاف الرهن، لزمه غرمه، كما لو أوجبت الجناية مالاً، أو عفا السيد على مال عن الجناية كثير أو قليل، فعليه قيمة أقلهما، أي: الجاني والمجني عليه، تجعل رهنًا مكانه، فلو كان الرهن يساوي مائةً، والجاني تسعين، أو بالعكس، لم يلزمه إلا تسعون؛ لأنه في الأولى لم يفت على المرتهن إلا ذلك القدر، وفي الثانية لم يتعلق حق المرتهن إلا به. والمنصوص: إن عليه قيمة الرهن، أو أرشه الواجب بالجناية يجعل رهنًا مكانه؛ لأنهما بدل ما فات على مرتهن، والمفتى به الأول. قاله في «شرحه» ، وكذا لو جنى رهن على سيده، فاقتص السيد منه أو اقتص منه وارثه، فعليه قيمته أو أرشه تجعل رهنًا إن لم يأذن مرتهن، وإن عفا السيد عن المال الواجب بالجناية على الرهن، صح عفوه في حقه لملكه إياه، ولا يصح في حق مرتهن؛ لأن الراهن لا يملك تفويته عليه، فيؤخذ من جان، ويكون رهنًا؛ فإن انفك الرهن بأداءٍ أو إبراءٍ، رد ما أخذه من جان إليه، لسقوط التعلق به، وإن استوفى الدين من الأرش، رجع جان على راهن، لذهاب ماله في قضاء دينه، كما لو استعاره فرهنه فبيع بالدين، وإن وطئ مرتهنٌ أمةً مرهونة، ولا شبهة له في وطئها، حُدَّ لتحريمه إجماعًا؛ لقوله تعالى: {إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ

أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون:5] . وليست زوجة ولا ملك يمين، وكالمستأجر مع ملكه نفعها، فهنا أولى، وَرَقَّ وَلَدُه إن ولدتْ منه؛ لأنه تبع لأمه، وهو ولد زنى، وسواء أذن راهن أو لا. ولزم المرتهن المهر إن لم يأذن راهن بوطئها، أكرهها عليه أو طاوعت، ولو اعتقد الحل أو اشتبهت عليه؛ لأن المهر يجب للسيد، فلا يسقط بمطاوعتها، كإذنها في قطع يدها، وكأرش بكارتها إن كانت بكرًا، وإن أذن راهنٌ مرتهنًا في وطئها، فلا مهر لإذن المالك في استيفاء المنفعة، كالحرة المطاوعة. وكذا لا حدَّ بوطء مرتهن مرهونة إن ادعى مرتهن جهل تحريم الوطء، ومثله يجهلُ التحريم، لكونه حديث عهد بإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة، سواء أذنه فيه أو لا. وولد المرتهن من وطء جهل تحريمه حُرُّ؛ لأنه من وطء شبهة، أشبه ما لو ظنها أمته، ولا فداء على مرتهن أذن له راهن في وطء؛ لحدوث الولد من وطء مأذون فيه، والإذن في الوطء إذن فيما يترتب عليه؛ فإن لم يأذن راهن في الوطء، ووطئ بشبهة، فولد حر، وعليه فداؤه.

من النظم فيما تعلق بجناية الرهن وإن يجن رَهْنٌ مُوْجِبَ المال فالذي ... عليه جنى أولى به ولسيد فداه بأرش أو بقيمة ناقص ... أو البيع أو تمليكهم رق معتد وعنه عليه الأرش أجمع إن فدى ... ويبطل بالتسليم رهن الفتى قد وما زاد عن أرش رهين بدينه ... وبع منه قدر الأرش حسب بأوطد ويرجع ذو دين بإذن فدى فإن ... فداه بلا إذن فلا في المؤكد إذا قيل قاضي الدين يرجع إن نوى ... وإن زاد عن قدر الفدا لم يردد وإن كان مجنيًا عليه فصاحب ... الخصومة مولاه وفي الرهن ما ودي وخذ منه أدنى القيمتين رهينة ... إذا اقتص من جان بلا إذن ذي اليد كذا الحكم إن يقتص هو أو وليه ... من الرهن إن يجني عليه لينقد ولا شيء في وجه مقوي على امرئ ... إذا اقتص من جان على رهنه طد أو اقتص إن يجني عليه وإن جنى ... اقتضاء لمال فاهدرنه ترشد وما خير من مال بعفو عليه أو ... أصالةً ارهنه مكان المفقدِ وفي حق مولاه يصح إذا عفا ... عن المال لا في حق مرتهن صدي فرد إلى الجاني إذا فك رهنه ... وقد كنت حزت المال يا ذا التأيد

باب الضمان

ويختار مثل الشافعي لغو عفوه ... موفق دين الله غير مقيدِ وقيل يصح العفو يا صاح مطلقًا ... وقيمته ممن عفا خذ وقيد ومن يرتهن أنثى فيولج فحده ... ورق بنيه إن زنا مع تعمُّد وإن يدعي جهلاً يسوغ فأعفه ... وأولاده حَزِّرْ ولكن ليفتد ووجهان فيما مر مع إذن راهن ... ولا مهر إلا دون إذن المسود وإن كنت ذا دين عليك ببعضه ... كفيلاً ورهنًا ما تشا بالوفا اقصد ويقبل فيه القول فيما نويته ... وإن تطلقن فاختر وقيل اقسمن قد ورهنك أنثى دون أولادها أجز ... وبينهما اجمع إن تبع لا تُبَدَّدِ ويشرط في رهن النساء انضمامها ... إلى امرأة أو حرم ذي تَوَدُّدِ وإلا إلى ذي زوجة أو عديلها ... أو الأم وامنع رهنها العُزْبَ واصدد كذا رهن أنثى العبد خشيةَ خلوة ... بها إن تأتي الحِرْز أولى فافسدِ باب الضمان س86: ما هو الضمان لغة واصطلاحًا؟ ومن أين اشتقاقه؟ وما أركانه؟ وما سنده؟ وما هي الوثائق المعتبرة شرعً، وما فائدتها؟ ج: الضمان: مصدرِ ضمنَ الشيءَ ضمانًا، فهو ضَامن وضمين:

إذا كفل به. وقال ابن سيده: ضمن الشيء ضمنًا وضمانًا، وضَمَّنَهُ إياه: كفَّلهُ إياه، وهو مشتق من التضمين؛ لأن ذمة الضامن تتضمَّنُ، قاله القاضي أبو يعلى، وقال ابن عقيل: الضمان مأخوذ من الضمن، فتصير ذمة الضامن في ذمة المضمون عنه. وقيل: هو مشتق من الضم؛ لأن ذمة الضامن تنضم إلى ذمة المضمون، والصواب الأول؛ أن لام الكلمة في الضم ميم، وفي الضمان نون، وشرط صحة الاشتقاق: كون حروف الأصل موجود في الفرع. اهـ. «مُطْلِع» . وشرعًا: التزام ما وجب على غيره مع بقائه، وما قد يجب، غير جزية فيهما. قال بعض الأدباء: ضادُ الضَّمانِ بِصَادِ الصَّكِ مُلْتَصِقٌ ... فإنْ ضَمِنْتَ فَحَاءُ الحَبْسِ في الوَسَطِ وأركان الضمان أربعة: ضامنٌ، ومضمونٌ، ومضمونٌ له، وصيغة. والأصل في جوازه: الكتاب، والسُّنة، والإجماع؛ أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] ، والزعيم: الكفيل، قاله ابن عباس. وأما السُّنة: فما روي عن النبي

- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الزعيم غارم» رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن. وروى البخاري عن سلمة بن الأكوع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى برجل ليصلي عليه، فقال: «هل عليه دين؟» قالوا: نعم، ديناران. قال: «هل ترك لهما وفاءً؟» قالوا: لا، فتأخر، فقيل: لِمَ لا تصلي عليه؟ فقال: «ما تنفعه صلاتي وذمته مرهونة، إلا أن قام أحدكم فضمنه» ، فقام أبو قتادة، فقال: هما علي يا رسول الله، فصلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأجمع المسلمون على جواز الضمان في الجملة. والوثائق المعتبرة شرعًا أربع: الرهن، والضمان، والكفالة، والشهادة، وقد جمعتها في بيت: وثائقنا شرعًا لدى العد أربع ... ضمان فرهن فالكفالة فاشهد فالضمان يكون للدين، والكفالة لإحضار بدن الغريم وفائدتها إلزام الضامن بالوفاء، مع إلزام صاحب الحق، فيتعلق الحق بذمة كل واحد منهما؛ وأما الشهادة: فيثبت بها الحق، وهي أوسع الوثائق دائرة، وأعظمها مصلحة، وأقطع للنزاع، وهي تثبت الحقوق في الذمم، وتسقط ما ثبت بوفاء أو إبراء أو نحو ذلك، والحق لا يستوفي منها، وإنما هي آلة وسلاح للاستيفاء ممن عليه الحق، ورد الظالم عن ظلمه؛ وأما الرهن: فهو وثيقة يطمئن إليه، ويأمن من غدر صاحبه، وليستوفي منه الحق إذا تعذر الوفاء من

س87: تكلم بوضوح عن الضمان، وما الألفاظ التي يصح بها؟ وما مثال ما لا يصح بها؟ ومن الذي يصح منه الضمان، والذي لا يصح منه؟ وهل يصح ضمان الأخرس بالإشارة، أو الكتابة، ومن الذي يطالبه صاحب الحق؟ وفصل لما يحتاج إلى تفصيل ومثل لما يحتاج إلى تمثيل، واذكر الدليل والتعليل.

الغريم. الألفاظ التي يصح بها الضمان والتي لا يصح س87: تكلم بوضوح عن الضمان، وما الألفاظ التي يصح بها؟ وما مثال ما لا يصح بها؟ ومن الذي يصح منه الضمان، والذي لا يصح منه؟ وهل يصح ضمان الأخرس بالإشارة، أو الكتابة، ومن الذي يطالبه صاحب الحق؟ وفصل لما يحتاج إلى تفصيل ومثل لما يحتاج إلى تمثيل، واذكر الدليل والتعليل. ج: تقدم لنا بعض الكلام على الضمان، وأنه التزام من يصح تبرعه، وهو الحر غير المحجور عليه، أو التزام مفلس برضاهما ما وجب على غيره أو ما يجب على غيره مع بقاء ما وجب، أو يجب على الغير غير ضمان مسلم أو كافر جزية، فلا يصح ولو بعد الحول؛ لأنها إذا أخذت من الضامن فات الصغار المضمون عنه، وغير كفالته، أي: كفالة مسلم، وكذا كفالة كافر من الجزية عليه، فلا تصح الكفالة ولو بعد الحول، لفوات الصغار إذا استوفيت من الكفيل، فلا يصح الضمان ولا الكفالة في جزية وجبت، ولا جزية ستجب، كما تقدم. ويصح الضمان بلفظ: أنا ضمين، وكفيل، وقبيل، وحميل، وصبير، وزعيم بما عليه. ويصح الضمان أيضًا بلفظ: ضمنت دينك أو تحملته،

وضمنت إيصاله، أو: دينك علي، ونحوه من كل ما يؤدي معنى التزام ما عليه؛ فإن قال شخص: أنا أؤدي ما عليه، أو: أنا أحضر ما عليه، لم يصر ضامنًا بذلك؛ لأنه وعد وليس بالتزام، وقال الشيخ: قياس المذهب يصح بكل لفظ فهم منه الضمان عرفًا، مثل قوله: زوجه، وأنا أؤدي الصداق، أو قال: بعه، وأنا أعطيك الثمن. أو قال: اتركه ولا تطالبه، وأنا أعطيك ما عليه، ونحو ذلك مما يؤدي هذا المعنى؛ لأن الشرع لم يحد ذلك بحد، فرجع إلى العرف كالحرز والقبض. وإن ضمن إنسان وهو مريض مرضًا غير مخوف، كصداع وحمى يسيرين، ولو صارت مخوفًا ومات به، أو وهو مريض مرضًا مخوفًا، ولم يتصل به الموت، فهو كالصحيح، وإن كان الضامن وقت الضمان مريضًا مرض الموت المخوف، حسب ما ضمنه من ثلثه؛ لأنه تبرع وكالوصية. ويصح ضمان من أخرس بإشارة مفهومة كسائر تصرفاته؛ لأنها كاللفظ في الدلالة على المراد، ولا يثبت الضمان بكتابة الأخرس حال كونها منفردة عن إشارة يفهم بها عنه أن قصد الضمان؛ لأنه قد يكتب عبثًا أو تجربة قلم، فلا يكون ضامنًا بالاحتمال، ومن لا تفهم إشارته لا يصح ضمانه ولو بكتابة،

س88: تكلم بوضوح عما يلي: إذا أحال رب الحق أو أحيل، أو زال عقد أو ورث الحق، وعما إذا أحال رب دين ثالثا على اثنين، كل منهما ضامن الآخر، أو أبرئ أحدهما من الكل، أو برئ مديون، أو لحق ضامن بدار حرب، أو تعدد ضامن، أو ضمن أحد الضامنين الآخر، وهل يبرأ مدين ببراءة ضامه؟ وإذا قال رب دين لضامن: برئت إلي، أو: أبرأتك فما الحكم؟

وكالضمان سائر تصرفاته، فتصح بإشارة مفهومة لا بكتابة مفردة عن إشارة يفهم بها المقصود، ولا ممن ليس له إشارة مفهومة. ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما؛ فإن أراد مطالبة الضامن، وإن أراد مطالبة المضمون عنه، لثبوت الحق في ذمتيهما جميعًا، لصحة هبته لهما؛ وأن الكفيل لو قال: تكفلت بالمطالبة دون أصل الدين، لم يصح اتفاقًا. ولصاحب الحق مطالبة الضامن والمضمون عنه معًا في الحياة والموت، ولو كان المضمون عنه مليئًا باذلاً للدين، لما تقدم، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الزعيم غارم» . إذا أحال رب الحق أو أحيل س88: تكلم بوضوح عما يلي: إذا أحال رب الحق أو أحيل، أو زال عقد أو ورث الحق، وعما إذا أحال رب دين ثالثًا على اثنين، كل منهما ضامن الآخر، أو أبرئ أحدهما من الكل، أو برئ مديون، أو لحق ضامن بدار حرب، أو تعدد ضامن، أو ضمن أحد الضامنين الآخر، وهل يبرأ مدين ببراءة ضامه؟ وإذا قال رب دين لضامن: برئت إلي، أو: أبرأتك فما الحكم؟ ج: إن أحال رب الحق على مضمون أو راهن، أو أحيل رب الحق بدينه المضمون له أو الذي به الرهن، أو زال عقد وجب به

الدين بتقايل أو غيره، برئ ضامن وكفيل، وبطل رهن؛ لأن الحوالة كالتسليم لفوات المحل، ولا يبرأ ضامن وكفيل، ولا يبطل رهن إن وَرث الحق؛ لأنها حقوق للميت، فتورث كسائر حقوقه؛ لكن لو أحال ربد دين على اثنين مدينين له، وكل منهما ضامن على الآخر ثالثًا، ليقبض المحال من أيهما شاء؛ لأنه لا فضل هنا في نوع ولا أجل ولا عدد، وإنما هو زيادة استيثاق، وكذا إن لم يكن كل منهما ضامن الآخر، وأحاله عليهما؛ لأنه إذا كان له أن يستوفي الحق من واحد، جاز أن يستوفيه من اثنين، وإن أحاله في الأولى على أحدهما بعينه، صح، لاستقرار الدين على كل منهما؛ لكن من لم يحل عليه، فالظاهر براءة ذمته من المحيل، لانتقال حقه عنه؛ لأن الحوالة استيفاء ينتقل الدين إلى المحال عليه؛ لأنه في المعنى كأنه قد استوفى منه؛ ولكن لا يطالب الآخر حتى يؤدي كما في ضمان الضامن، قاله ابن نصر الله. ويصح إبراء المضمون قبل أداء الدين، لإبراء محتال له، وإن أبرئ أحدهما بأن أبرأه رب الدين من الكل؛ برئ مما عليه أصالة وضمانًا، وبقي ما على الآخر أصالة؛ لأن الإبراء لم يصادفه، وأما ما كان عليه كفاة، فقد برئ بإبراء الأصيل. وإن برئ مديون بوفاء أو إبراء أو حوالة، برئ ضامنه؛ لأنه تبع له، والضمان وثيقة،

فإذا برئ الأصيل زالت الوثيقة كالرهن، ولا يبرأ مدين ببراءة ضامنه، لعدم تبعيته له. وإن تعدد ضامن لم يبرأ أحدهم بإبراء غيره سواء ضمن كل واحد منهم جميع الدين أو جزءًا منه، ويبرؤون بإبراء مضمون، ولا يصح أن يضمن أحد الضامنين الآخر، لثبوت الحق في ذمته بضمانه الأصلي، فهو أصل، فلا يصح أن يصير فرعًا، بخلاف الكفالة؛ لأنها ببدنه، فلو سلمه أحدهما، برئ وبرئ كفيله به، لأمن إحضار مكفول به. وإذا لحق ضامن بدار حرب مرتدًا، أو كان كافرًا أصليًا، فضمن ولحق بدار حرب مرتدًا، أو كان كافرًا أصليًا، فضمن ولحق بدار حرب، لم يبرأ من الضمان كالدين الأصلي. وإن قال رب دين لضامن: برئتَ إلي من الدين، فقد أقر بقبضه الدين؛ لأنه إخبار بفعل الضامن، والبراءة لا تكون ممن عليه الحق إلا بأدائه، ولا يكون قوله له: أبرأتك من الدين، أو: برئت منه، إقرارًا بقبضه؛ أما في: أبرأتك، فظاهر؛ وأما في: برئت منه؛ فلان البراءة قد تضاف إلى ما لا يتصور الفعل منه، كبرِئت ذمتُك، فهو أعم من أن تكون البراءة بفعل الضامن أو المضمون له، فلا دلالة فيه على القبض.

س89: إذا قال رب دين لضامن: وهبتكه، أو ضمن ذمي عن ذمي خمرا، فأسلم مضمون له، أو أسلم مضمون عنه، أو أسلم ضامن في خمر، فما الحكم؟ ومن الذي يعتبر رضاه، والذي لا يعتبر رضاه؟ وما حكم معرفة الضامن للمضمون له أو عنه؟ وهل يعتبر وجوب الحق أو العلم من الضامن بالحق؟ وإذا قال: ضمنت لزيد على بكر، أو ضمنت ما يلزم التاجر من دين، أو ما يقبضه من عين، أو ضمن دين ضامن، أو ضمن دين ميت أو مفلس مجنون، أو نقص صنجة أو نقص كيل، أو ادعى قابض نقصا، فما حكم ذلك؟ واذكر الدليل والتعليل، والخلاف والترجيح.

إذا وهب رب الدين للضامن الدين س89: إذا قال رب دين لضامن: وهبتكه، أو ضمن ذمي عن ذمي خمرًا، فأسلم مضمون له، أو أسلم مضمون عنه، أو أسلم ضامن في خمر، فما الحكم؟ ومن الذي يعتبر رضاه، والذي لا يعتبر رضاه؟ وما حكم معرفة الضامن للمضمون له أو عنه؟ وهل يعتبر وجوب الحق أو العلم من الضامن بالحق؟ وإذا قال: ضمنت لزيد على بكر، أو ضمنت ما يلزم التاجر من دين، أو ما يقبضه من عين، أو ضمن دين ضامن، أو ضمن دين ميت أو مفلس مجنون، أو نقص صنجة أو نقص كيل، أو ادعى قابض نقصًا، فما حكم ذلك؟ واذكر الدليل والتعليل، والخلاف والترجيح. ج: إذا قال رب دين لضامن: وهبتك الدين، فهو تمليك للضامن، فيرجع به على مضمون عنه، كما لو دفعه عنه، أو وهبه إياه. ولو ضمن ذمي عن ذمي خمرًا، فأسلم مضمون له، برئ مضمون عنه كضامنه؛ لأن مالية الخمر بطلت في حقه، فلم يملك المطالبة بها، أو أسلم مضمون عنه، برئ المضمون عنه؛ لأنه صار مسلمًا، ولا يجوز وجوب الخمر على المسلم، والضامن فرعه. وإن أسلم ضامن في خمر وحده، برئ؛ لأنه لا يجوز طلب مسلم بخمر، ولا يبرأ الأصل ببراءته، ويُتبر لصحة ضمان رضا ضامن؛ لأن الضمان تبرع بالتزام الحق، فاعتبر له الرضى كالتبرع بالأعيان، ولا يُعتبر رضى من ضمن، وهو المضمون عنه؛ لأن أبا قتادة ضمن الميت في الدينارين، وأقره

الشارع. رواه البخاري. ولصحة قضاء دينه بغير إذنه، فأولى ضمانه. ولا يُعتبر رضا من ضُمِنَ له؛ لأنه وثيقة لا يعتبر لها قبض، فلم يعتبر لها رضى كالشهادة، ولا يعتبر لضامن أن يعرف المضمون له، والمضمون عنه ضامنٌ؛ لأنه لا يعتبر رضاهما، فكذا معرفتهما، ولا يعتبر العلم من الضامن بالحق؛ لقوله تعالى: {وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] وهو غير معلوم؛ لأنه يختلف، ولا يعتبر وجوب الحق إن آل إلى العلم به في المسألة الأولى، وإلى الوجوب في الثانية للآية؛ لأن حمل البعير فيهما يؤول إلى الوجوب؛ فإن قيل: الضمان ضم ذمة إلى ذمة، فإذا لم يكن على المضمون حق فلا ضم، أجيب بأنه قد ضم ذمته إلى ذمة المضمون عنه في أنه يلزمه ما يلزمه، وهذا كاف، فيصح: ضمنت لزيد ما على بكر، وإن جهله الضامن. ويصح: أنا ضامن لك ما لك على فلان، أو ما يُقضى به عليه، أو ما تقوم به البينة، أو ما يقر به لك، أو ما يخرجُ في روز مَانِجك. وبهذا قال أبو حنيفة ومالك، وقال الثوري والليث وابن أبي ليلى والشافعي وابن المنذر: لا يصح؛ لأنه التزام مال، فلم يصح مجهولاً كالثمن، ودليل القول الأول قوله تعالى: {وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72] .

ولأنه التزام حق في الذمة من غير معاوضة، فصح في المجهول كالنذر والإقرار، ولأنه يصح تعليقه بضرر وخطر، وهو ضمان العهدة. وإذا قال: ألق متاعك في البحر، وعلي ضمانه، أو قال: ادفع ثيابك إلى هذا الوفاء، وعلي ضمانها، فصحَّ المجهول كالعتق والطلاق. ولضامن ما لم يجب إبطال الضمان قبل وجوب الحق؛ لأنه إنما يلزم بالوجوب، فيؤخذ منه أنه يبطل بموت ضامن، ومن ضمان ما يؤول إلى الوجوب ضمان السوق، وهو أن يضمن ما يلزم التاجر من دين، وما يقبضه من عين مضمون، قاله الشيخ. وقال الشيخ: تجوز كتابته والشهادة به لمن لم ير جوازه؛ لأنه محل اجتهاد. وقال: وأما الشهادة على العقود المحرمة على وجه الإعانة عليها، فحرام. واختار الشيخ صحّضة ضمان حارس ونحوه، وتجار حرب ما يذهب من البلد أو البحر، وأنه غايته ضمان ما لم يجب. وضمان المجهول كضمان السوق، وهو أن يضمن الضامن ما يجب على التجار للناس من الديون، وهو جائز عند أكثر العلماء، كمالك وأبي حنيفة وأحمد. وقال الشيخ أيضًا: الطائفة الواحدة الممتنعة من أهل الحرب التي ينصر بعضهم بعضًا تجري مجرى الشخص الواحد في معاهداتهم. وإذا شورطوا على أن تجارهم يدخلون دار الإسلام بشرط أن لا يأخذوا

للمسلمين شيئًا، وما أخذوه كانوا ضامنين له، والمضمون يؤخذ من أموال التجار، جاز ذلك، ويجب على ولي الأمر إذا أخذوا مالاً لتجار المسلمين أن يطالبهم بما ضمنوه، ويحسهم على ذلك كسائر الحقوق الواجبة. انتهى. وإن قال: ما أعطيته فهو علي ولا قرينة، فقيل: هو لما وجب ماضيًا، جزم به في «الإقناع» وصوب في «الإنصاف» أنه للماضي والمستقبل، ومعناه للزركشي، ويصح ضمان ما صح أخذ رهن به من دين وعين لا عكسه، لصحة ضمان العهدة دون أخذ الرهن بها، ويصح ضمان دين ضامن، بأنه يضمن ضامن آخر، وكذا ضامن الضامن فأكثر؛ لأنه دين لازم في ذمة الضامنن فصح ضمانه كسائر الديون، فيثبت الحق في ذمة الجميع أيهم قضاه برئ، وإن برئ المدين برئ الكل، وإن أبرأ مضمون له أحدهم برئ ومن بعده لا من قبله. ويصح ضَمَانُ دَيْنِ ميِّت وإن لم يحلف وفاء؛ لحديث سلمة بن الأكوع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي برجل ليصلي عليه، فقال: «هل عليه دين؟» فقالوا: نعم، ديناران، قال: «هل ترك لهما وفاء؟» قالوا: لا، فتأخر، فقالوا: لم لا تصلي عليه؟ فقال: «ما تنفعه صلاتي وذمته مرهونة، وألا قام أحدُكم فَضَمَنُه!» فقام أبو قتادة، فقال: هما

علي يا رسول الله، فصلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأنه دين ثابت، فصح ضمانه، ودليل ثبوته أنه لو تبرع رجل بقضاء دينه، جاز لصاحب الحق اقتضاؤه؛ ولو ضمنه حيًا ثم مات، لم يبرأ منه الضامن، ولو برئت ذمة المضمون عنه برئت ذمة الضامن، وفي هذا انفصال عما ذكروه. قاله في «الشرح» وبهذا قال أكثر العلماء، وقال أبو حنيفة: لا يصح ضمن دين الميت، إلا أن يُخَلِّف وفاء؛ فإن خلف بعض الوفاء، صح ضمانه بقدر ما خلف؛ لأنه دين ساقط فلم يصح ضمانه، كما لو سقط بالإبراء؛ ولأن ذمته قد خربت خرابًا لا يعمر بعد، فلم يبق فيه دين، والضمان ضم ذمة إلى ذمة، ولا تبرأ ذمة الميت قبل قضاء دينه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه» ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل أبا قتادة عن الدينارين اللذين ضمنهما، فقال: قد قضيتهما، فقال: «الآن بردت عليه جلدته» رواه أحمد. ولأنه وثيقة بدين أشبه الرهن، وكالحي. والرواية الثانية: أنه يبرأ بمجرد الضمان؛ لما روى أبو سعيد - رضي الله عنه - قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنازة، فلما وضعت قال: «هل على صاحبكم من دين؟» قالوا: درهمان، فقال: «صلوا على صاحبكم» ، فقال عَليٌّ: هما عَليَّ يا رسول الله، وأنا لهما ضامن، فقام فصلى عليه، ثم أقبل على عَليٍ، فقال: «جزاك الله عن الإسلام خيرًا، وفكَ رهانَك كما فككت

رهان أخيك» رواه الدارقطني. فدل على أن المضمون عنه برئ بالضامن، ولذلك صلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وروى الإمام أحمد في «المسند» عن جابر قال: توفي صاحب لنا، فأتينا به النبي - صلى الله عليه وسلم - ليصلي عيه، فخطا خطوة، ثم قال: «أعليه دين؟» قلنا: ديناران، فانصرف، فتحملهما أبو قتادة، فقال: الديناران علي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وجب حق الغريم، وبرئ الميت منهما» قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: «ما فعل الديناران؟» قال: إنما مات أمس، قال: فعاد إليه من الغد، فقال: قد قضيتهما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الآن بردت جلدته» وهذا صريح في براءة المضمون عنه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وبرئ الميت منهما» ولأنه دين واحد، فإذا صار في ذمة ثابتة برئت الأولى منه كالمحال به؛ لأن الدين الواحد لا يحل في محلين. وقال أهل القول الأول: وأما صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - على المضمون عنه؛ فلأنه بالضمان صار له وفاء، وإنما كان –عليه الصلاة والسلام- يمتنع من الصلاة على مدين لم يخلف وفاء، وأما قوله لعلي: «فك الله رهانك كما فككت رهان أخيك» ؛ فإنه كان بحالة لا يصلي عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما ضمنه فكه من ذلك، أو ما في معناه. قوله: «برئ الميت منهما» أي: صرت أنت المطالب بهما، وهذا على وجه التأكيد لثبوت الحق في ذمته، ووجوب الأداء عنه، بدليل قوله حين أخبره

بالقضاء: «الآن بردت عليه جلدته» . وفارق الضمان الحوالة؛ فإن الضمان مشتق من الضم بين الذمتين في تعلق الحق بهما وثبوته فيهما، والحوالة: من التحول، فيقتضي تحول الحق عن محله إلى ذمة المحال عليه، وقولهم: إن الدين الواحد لا يحل في محلين، قلنا: يجوز تعلقه في محلين على سبيل الاستيثاق، كتعلق دين الرهن به وبذمة الراهن، كذلك هذا. انتهى من «الشرح الكبير» . والقول الثاني: هو الذي تميل إليه النفس، والله أعلم. ويصح ضمان دين مفلس مجنون؛ لعموم: «الزعيم غارم» ، وكالميت ويصح ضمان نقص صنجة، أو نقص كيل، أي: مكيال في بذل واجب أو مآله إليه ما لم يكن دين سلم؛ لأن النقص باق في ذمة باذل، فيصح ضمانه كسائر الديون؛ ولأن غايته أنه ضمان معلق على شرط، فصح كضمان العهدة، ويرجع قابض بقوله مع يمينه في قدر نقص؛ لأنه منكر لما ادَّعاه باذل، والأصل بقاء اشتغال ذمة باذل، ولرب الحق طلب ضامن به للزومه ما يلزم المضمون.

س90: ما هي العهدة؟ وما حكم ضمان العهدة؟ وما ألفاظ ضمانها؟ وما صورة ضمان العهدة؟ وما الذي يدخل في ضمانها؟ ولم يدخل فيها؟ وما حكم ضمان العين المضمونة، والعارية، والمقبوض على وجه السوم، وضمان أحد دينيه وضمان دين الكتابة والأمانات، والتعدي فيها؟ وإذا باع شيئا بشرط ضمان دركه، أو شرط خيارا في ضمان، أو كفالة، أو قال: ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه، أو ألق متاعك في البحر، فألقاه، أو قال: ألقه في البحر، وأنا ضامنه، أو: وأنا وركبان السفينة ضامنون، أو: وكل منا ضامن لك متاعك، أو قيمته؟

ضمان العهدة وألفاظه وصورته وضمان العين وغيرها س90: ما هي العهدة؟ وما حكم ضمان العهدة؟ وما ألفاظ ضمانها؟ وما صورة ضمان العهدة؟ وما الذي يدخل في ضمانها؟ ولِمَ يدخل فيها؟ وما حكم ضمان العين المضمونة، والعارية، والمقبوض على وجه السوم، وضمان أحد دينيه وضمان دين الكتابة والأمانات، والتعدي فيها؟ وإذا باع شيئًا بشرط ضمان دركه، أو شرط خيارًا في ضمان، أو كفالة، أو قال: ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه، أو ألق متاعك في البحر، فألقاه، أو قال: ألقه في البحر، وأنا ضامنه، أو: وأنا وركبان السفينة ضامنون، أو: وكل منا ضامن لك متاعك، أو قيمته؟ ج: عهدة المبيع لغة: الصك يكتب فيه الابتياع. واصطلاحًا: ضمان الثمن ويصح ضمان العهدة لدعاء الحاجة إلى الوثيقة، والوثائق قيل: إنها أربع كما تقدم، وقيل: ثلاثة: الشهادة، والرهن والضمان؛ والشهادة لا يستوفي منها الحق، والرهن لا يجوز فيه إجماعًا، لما تقدم، فلم يبق غير الضمان فلو لم يصح لامتنعت المعاملات مع من لم يعرف، وفيه ضرر عظيم. وألفاظ ضمان العهدة: ضمنت عهدته، أو ثمنه، أو دركه أو يقول لمشتر: ضمنت خلاصك منه، أو: متى خرج المبيع مستحقًا، فقد ضمنت لك

الثمن. وصورة ضمان العهدة: أن يضمن عن بائع لمشتر، بأن يضمن الضامن عن البائع الثمن ولو قبل قبضه؛ أنه يؤول إلى الوجوب إن استحق المبيع، بأن ظهر مستحقًا لغير بائع، أو رد المبيع على بائع بعيب أو غيره، أو يضمن أرشه إن اختار مشتر إمساكه مع عيب، ويكون ضمان عن مشتر لبائع بأن يضمن الضامن الثمن الواجب في البيع قبل تسليمه، أو إن ظهر به عيب، أو ظهر الثمن مستحقًا، فضمان العهدة في الموضعين هو ضمان الثمن، أو جزء منه عن أحدهما للآخر. ولو بنى مشتر في مبيع، ثم بان مستحقًا فهدمه مستحق، فالأنقاض لمشتر؛ لأنه ملكه ولم يزل عنها، ويرجع مشتر بقيمة تالف من ثمن ماء ورماد وطين وجص ونورة ونحوه على بائع؛ لأنه غره، وكذا أجرة مبيع مدة وضع يده عليه، ويدخل ذلك في ضمان العهدة، فلمشتر رجوع به على ضامنها؛ لأنه من درك المبيع، ويصح ضمان عين مضمونة، كغصب وعارية ومقبوض على وجه السوم، وولد المقبوض على وجه سوم؛ لأنه تبع له في الضمان في بيع وإجارة؛ لأن هذه الأعيان يضمنها من هي بيده لو تلفت، فصح ضمانها كعهدة المبيع، وإنما يضمن المقبوض على وجه السوم إن ساومه وقطع ثمنه أو أجرته، أو ساومه بلا قطع ثمن أو أجرة، ليريه أهله إن رضوه، وإلا رده،

فهو في حكم المقبوض بعقد فاسد؛ لأنه قبضه على وجه البدل والعوض، ولا ضمان على آخذه إن أخذه ليريه أهله بلا مساومة ولا قطع ثمن؛ لأنه لا سوم فيه، فلا يصح ضمانه. ومعنى ضمان غصب ونحوه ضمان استنقاذه، والتزام تحصيله أو قيمته عند تلفه، فهو كعهدة المبيع، ولا ضمان بعض لم يقدر من دين لجهالته حالاً ومآلاً، وكذا لو ضمن أحد دينيه. ولا يصح ضمان دين كتابة؛ لأنه ليس بلازم ولا مآله إلى اللزوم؛ لأن للمكاتب تعجيز نفسه والامتناع من الأداء، فإذا لم يلزم الأصل فالضامن أولى، وهو قول الشافعي، وأكثر أهل العلم، والأخرى: يصح؛ لأنه دين على مكاتب، فصح ضمانه كسائر ديونه. ولا يصح ضمان الأمانات، كالوديعة، والعين المؤجرة، والشركة، والمضاربة، والعين المدفوعة إلى الخياط والقصار؛ لأنها غير مضمونة على صاحب اليد، فكذا على ضامنه. ويصح ضمان التعدي في الأمانات؛ لأنها إذن مضمونة على من هي بيده، أشبهت المغصوب. ولا يصح ضمان الدلالين فيما يعطونه لبيعه إلا أن يضمن تعديهم فيه أو هربهم ونحوه، ومن باع شيئًا بشرط ضمان دركه إلا من زيد، لم يصح بيعه له؛ لأن استثناء زيد من ضمان دركه يدل على

حق له في المبيع، وأنه لم يأذن له في بيعه، فيكون باطلاً، ثم إن ضمن دركه منه أيضًا، لم يعد البيع صحيحًا؛ لأن الفاسد لا ينقلب صحيحًا، وإن شُرطَ خيارٌ في ضمان أو في كفالة، بأن قال: أنا ضمين بما عليه، أو كفيل ببدنه، ولي الخيار ثلاثة أيام مثلاً، فسد الضمان والكفالة، لمنافاته لهما. ويصح قول جائز التصرف لمثله: ألق متاعك في البحر، وعلي ضمانه، لصحة ضمان ما لم يجب، فيضمنه القائل. وإن قال: ألقه في البحر وأنا ضامنه، ضمن الآمر به الجميعَ وحده؛ لأن ضمان مَا لم يجب صحيح. وإن قال: ألقه في البحر وأنا وركبان السفينة ضامنون، وأطلق ضمن الآمر وحده بالحصة؛ لأنه لم يضمن الجميع، وإنما ضمن حصته، وأخبر عن سائر ركبان السفينة بضمان سائره، فلزمته حصته، ولم يسر قوله على الباقين، وإن قال: ألقه في البحر، وكلُّ واحدٍ منا ضامن لك متاعك أو قيمته، ضمن القائل وحده ضمان الجميع، سواء سمع الباقون فسكتوا، أو قالوا: لا نفعل، أو لم يسمعوا؛ لأن سكوتهم لا يلزمهم به حق، وإن رضوا بما قال لزمهم الغرم، ويوزع على عددهم لاشتراكهم في الضمان، ولو خيف من غرق السفينة، فألقى بعض من فيها متاعَه في البحر لتخفَّ، لم يرجع بمتاعِه على أحدٍ، ولو نوى الرجوع؛ لأن أتلف مال نفسه باختياره من غير

س91: تكلم بوضوح عما إذا قضى الدين ضامن بإذن أو بغير إذن، وبم يرجع؟ وعما إذا أدى الإنسان عن غيره دينا واجبا، أو زكاة، ووضح ما في ذلك من تفصيل؟ وإذا أنكر مقضي القضاء فعلى من يرجع؟ وإذا اعترف مضمون له بالقضاء، وأنكر مضمون عنه، أو أرسل إنسان آخر إلى من له عنده مالآ لأخذ دينار، فأخذ أكثر من دينار، أو ضمن الحال مؤجلا أو بالعكس. أو مات مضمون عنه قبل حلول دين، أو مات ضامن أو ضمن إنسان شخصا أو كفله، ثم قال: لم يكن عليه حق، فما حكم ذلك؟ واذكر ما لذلك من دليل أو تعليل أو خلاف أو ترجيح؟

ضمان، ويجب إلقاء ما لا روح فيه من السفينة إن خيف تلف الركاب بالغرق؛ لأن حرمة ذي الروح آكد؛ فإن خيف الغرق بعد ذلك، ألقي الحيوان غير الآدمي؛ لأن حرمته آكد. قضاء الضامن الدين وإذا ضمن الحال مؤجلاً س91: تكلم بوضوح عما إذا قضى الدين ضامن بإذن أو بغير إذن، وبِمَ يرجع؟ وعما إذا أدى الإنسان عن غيره دينًا واجبًا، أو زكاة، ووضح ما في ذلك من تفصيل؟ وإذا أنكر مقضي القضاء فعلى من يرجع؟ وإذا اعترف مضمون له بالقضاء، وأنكر مضمون عنه، أو أرسل إنسان آخر إلى من له عنده مالآ لأخذ دينار، فأخذ أكثر من دينار، أو ضمن الحال مؤجلاً أو بالعكس. أو مات مضمون عنه قبل حلول دين، أو مات ضامن أو ضمن إنسان شخصًا أو كفله، ثم قال: لم يكن عليه حق، فما حكم ذلك؟ واذكر ما لذلك من دليل أو تعليل أو خلاف أو ترجيح؟ ج: إذا قضى الدين ضامن، أو أحال ضامن رب دين به، ولم ينو ضامن رجوعًا على مضمون عنه بما قضاه؛ لم يرجع؛ لأنه متطوع، سواء ضمن بإذنه أو لا. وإن نوى الرجوع؛ ففي ذلك أربع مسائل: إحداهما: أن يضمن بإذنه ويقضي بإذنه، فيرجع بلا نزاع. الثانية: أن

يضمن بإذنه ويقضي بغير إذنه، فيرجع أيضًا بلا نزاع. الثالثة: أن يضمن بغير إذنه، ويقضي بإذنه، فيرجع على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب. الرابعة: أن يضمن بغير إذنه، ويقضي بغير إذنه. فهذه فيها الروايتان، إحداهما: يرجع، وهو المذهب. قال في «الفائق» : واختاره الشيخ تقي الدين. والرواية الثانية: لا يرجع بشيء، وهو قول أبي حنيفة والشافعي وابن المنذر، بدليل حديث علي وأبي قتادة؛ فإنهما لو كانا يستحقان الرجوع على الميت صار الدين لهما، فكانت ذمة الميت مشغولة بدينهما، كاشتغالها بدين المضمون لهن ولم يصل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه تبرع بذلك، أشبه ما لو أعلف دوابه، وأطعم عبيده بغير أمره. ووجه الأولى أنه قضاء مبرئ من دين واجب، فكان من ضمان منَ هو عليه، كالحاكم إذا قضى عنه عند امتناعه، فأما عليٌ وأبو قتادةَ، فإنهما تبرعا بالقضاء والضمان، فإنهما قضيا دينه قصدًا لتبرئة ذمته ليصلي عليه - صلى الله عليه وسلم -، مع علمهما أنه لم يترك وفاء، والمتبرع لا يرجع بشيء، وإنما الخلاف في المحتسب في الرجوع. قاله في «الشرح» وحيث رجع ضامن فبالأقل مما قضى ضامنٌ، ولو كان ما قضاه به قيمةَ عرضٍ عوضه الضامن به أو قدر الدين، فلو كان الدين عشرة، فوفاه عنه ثمانية، أو عوضه عنه عرضًا قيمته ثمانية أو بالعكس، رجع بالثمانية؛ لأنه إن كان المقضي أقل، فإنما يرجع بما غرم،

ولهذا لو أبرأه غريمه لم يرجع بشيء، وإن كان الأقل الدين فالزائد غير لازم للمضمون، فالضامن متبرع به. وكذا في الرجوع وعدم كفيلٌ وكلٌ مؤد عن غيره دينًا واجبًا، فيرجع إن نوى الرجوع، وإلا فلا، ولا يرجع مؤدٍ عن غيره زكاة ونحوها؛ لأنها تحتاج إلى نية من صاحبها أو توكيل ولم يوجد ذلك، ولهذا لم تقع الموقع؛ لكن يرجع ضامن الضامن على الضامن وجوبًا؛ لأنه إنما قصد الدفع عن الذي ضمنه دون الأصيل، والضامن للأصيل يرجع على الأصيل المضمون عنه، وإن أحال رب الدين به على الضامن، توجه أن يقال: للضامن طلب مضمون عنه بمجرد الحوالة؛ أنها كالاستيفاء منه؛ فإن مات الضامن قبل أداء المحتال عليه، ولم يخلف تركة، وطالب الضمان ورثته؛ فلهم أن يطلبوا من الأصيل ويدفعوا، ولهم الدفع عن أنفسهم، لعدم لزوم الدين لهم، فيرفع المحتال الأمر للحاكم ليأخذ من الأصيل، ويدفع للمحتال، ولا يقال: يسقط حق المحتال لعدم التركة؛ لأن الضامن له تركة بالنسبة إلى هذا الدين، وهو ما يستحقه في ذمة الأصيل، وكذا إذا أدى ضامن الضامن، ومات الضامن قبل أدائه إلى ضامنه، ولم يترك شيئًا. ذكره ابن نصر الله بحثًا. وإن أنكر مَقْضِي القضاء، أي: أنكر رب الدين أخذه من نحو ضامن، وحلف رب الحق، لم يرجع مدعي القضاء على مدين، لعدم

براءته بهذا القضاء، ولو صدقه مدين على دفع الدين؛ لأن عدم الرجوع لتفريط الضامن ونحوه بعدم الإشهاد، فلا فرق بين تصديقه وتكذيبه، إلا إن ثبت القضاء بينة، أو حَضَر القضاء مضمون عنه؛ لأنه المفرط بترك الإشهاد، أو شهد دافع الدين ومات شهوده، أو غاب شهوده وصدق الدافع مدين على حضوره أو غيبة شهوده أو موتهم؛ لأنه لم يفرط، وليس الموت أو الغيبة من فعله؛ فإن لم يصدقه مدين على أنه حظر، أو أنه أشهد من مات أو غاب؛ فقول مدين؛ لأن الأصل معه، ومتى أنكر مقضي القضاء، وحلف ورجع، فاستوفى من الضامن ثانية، رجع على مضمون بما قضاه عنه ثانيًا؛ لبراءة ذمته به ظاهرًا، وإن اعترف مضمون له بالقضاء، وأنكر مضمون عنه، لم يسمع إنكاره، لاعتراف رب الحق بأن الذي له صار للضامن، فوجب قبول قوله؛ لأنه إقرار على نفسه. ومَن أرسل آخر إلى من له عنده مال لأخذ دينار من المال، فأخذ الرسول من المرسل إليه أكثر من دينار، ضمن المأخوذ مُرْسِلٌ؛ لأنه المسلط للرسول، ورجع مرسل بالمأخوذ على رسوله لتعديه بأخذه. وإذا ضمن الدين الحال مؤجلاً صح، ويكون حالاً على المضمون، مؤجلاً على الضامن، يملك مطالبة المضمون عنه دون

الضامن، وبه قال الشافعي. قال أحمد في رجل ضمن ما على فلان أنه يؤديه في ثلاث سنين: فهو عليه، ويؤديه كما ضمن، ووجه ذلك ما روى ابن عباس أن رجلاً لزم غريمًا له بعشرة دنانير على عهد رسول - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ما عندي شيء أعطيكه، فقال: والله لا أفارقك حتى تعطيني، أو تأتيني بحميل، فجره إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كم تستنظره؟» فقال: شهرًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فأنا أحمل» فجاء به في الوقت الذي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أين أصبت هذا؟» قال: من معدن. قال: «لا خير فيها» وقضاها عنه. رواه ابن ماجه. ولأنه ضمن مالاً بعقد مؤجل، فكان مؤجلاً كالبيع، ولا يقال: الحال لا يتأجل، وكيف يثبت في ذمتيهما مختلفًا؛ لأن الحق يتأجل في ابتداء ثبوته بعقد، وهنا كذلك؛ لأنه لم يكن ثابتًا عليه حالاً، ويجوز تخالف ما في الذمتين، وإن ضمن الدين المؤجل حالاً، لم يلزمه أداه قبل أجله؛ لأنه فرع المضمون عنه، فلا يلزمه ما لا يلزم المضمون عنه، كما أن المضمون لو ألزم نفسه تعجيل المؤجل، لم يلزم تعجيله، وإن عجل المؤجل ضامن لم يرجع ضامن على مضمون عنه حتى يحل الدين؛ لأن ضمانه لا يغيره عن تأجيله، وإن أذنه مضمون عنه بتعجيله ففعله، فله الرجوع عليه؛ لأنه أدخل

الضرر على نفسه، ولا يحل دين مؤجل بموت مضمون عنه، ولا بموت ضامن؛ لأن التأجيل من حقوق الميت، فلم يبطل بموته كسائر حقوقه، ومحله إن وثق الورثة. قاله في «شرحه» . ومن ضمن أو كفل شخصًا، ثم قال: لم يكن عليه حق المضمون أو المكفول له، صدق خصمه، وهو المضمون أو المكفول له، لادعائه الصحة بيمينه، لاحتمال صدق دعواه؛ فإن نكل مضمون أو مكفول له قضي عليه ببراءة الضمين والأصيل. من النظم فيما يتعلق بالضمان وملتزم حقًا وما سيؤول عن ... فتى ضامن لم يبر قبل التنفد سوى مفلس ميت ضمنت بأبعد ... فتبرأ منه ذمة بالمجود وذو الدين يستوفيه ممن يشاؤه ... ومن إرثه إن مات غير مبعد وما صح إلا من صحيح تبرع ... وذي حجر إفلاس وفي غير ارشد وعبد بلا إذن مقال وكلهم ... به بعد فك الحجر عنه ليقصد وفي نفس مأذون الرقيق ضمانهم ... وعن أحمد قول بذمة سيد وقولان في تصحيحه من مميز ... ومن أخرس صححه مع فهم مقصد ومن ناطق من مفهم أنا ضامن ... زعيم كفيل أو قبيل ليعقد

وإن يبرأ المضمون عنه فد برئ ... الزعيم بلا عكس بغير تردد وأيهما يقضيه أو إن يحل به ... فقد برآ منه لفقد التعدد وتسقط عمن أسلم الخمر أوله ... فينقطع التطلاب لا بتقيد ولابد فيه من رضا ضامن فقط ... ولا يشترط علم الخصوم بأوطد وقيل بلى بل علم ذي الدين وحده ... وليس مضرًا جهل دين مؤكد إذا آل للإيجاب والعلم أمره ... ويرجع قبل الدين إن شا بأوكد وقولك ما أعطيته أنا ضامن ... لما آل في الأقوى أوان التجردِ ووجهان إن يضمن مكاتبه ولو ... بإذن ومن ثلث ضمان المجهد وكل الديون اضمن ولو دين ضامن ... سوى سلم أو دين من كوتب اعضد وينفذ في أعيان كل مضمن ... كعارية والغصب والسوم في اليد وفي عهدة المبتاع عن كل عاقد ... في الأقوى أجز لا مبهم في معددِ وليس على حر يقر برقه ... فيبتاعه من عهدة مطلقًا طد وليس صحيحًا في الأمانات كلها ... سوى ضامن فيها تعدي مفسد وصحح ضمان الحل صاح مؤجلاً ... كعكس في الأقوى ثم أجل بأجود وما للضمين الاقتضا قبل يقتضي ... في الأقوى وبعد الدفع من إذن اطهدِ ومن يقض عنه أو يحل بيع عوده ... يعد مثل قول اضمنه عني وانقد وعن أحمد لا يرجعنَّ بما قضى ... بلا الإذن في فرد كقاض مجود وإن يقض عن دين عروضًا ليرجعن ... بأدناهما في القدر لا بالمزيد

وإن يقض ذا التأجيل قبل حلوله ... فلا يرجعن حتى يحل فقيد وإن أنكر الخصمان إيفاء ضامن ... لغا وبتصديق الموفَّى بمبعد وإن أنكر استحلف ومن شاء بينهما ... يطالب فإن يقضيه من ضامن صدي فليس على المضمون عنه لضامن ... سوى أحد المالين خذ مع تردد وإن صدق المديون وفاه ما قضى ... بمرآه في الأقوى كقاض بشهد وليس له شيء بتكذيبه ولا ... بتصديقه إن فرطن بأوكد ووجهان هل يرجع لإشهاد فسق ... خفوا ولمن فيه اختلاف كأعيد وليس يحل الدين مع موت واحد ... ولا موت كل منهما في المؤكد وأيهما يحلل عليه فليس ذا ... بموجب تحليل على الآخر اشهد وقول بري منه إلي لضامن ... كقبض وإن يفقد إليَّ تردد وما لضمين والكفيل الخيار وألزم ... الأب يضمن مهر زوجة فوهد وإن قال شخص ألق في اليم مثقلاً ... سفينتنا إضمن فألقى لينقد وإن لم يقل إضمن فألقى فمهدر ... وإن قال يضمن وحده الزم بأجود

س92: ما هي الكفالة؟ وبم تنعقد؟ ومن الذي تصح منه؟ وما هي الألفاظ التي تنعقد بها الكفالة؟ وإذا ضمن معرفة شخص، أو قال: ضمنت لك حضوره متى أردت، أو عجز عن إحضاره. أو قال: أعط فلانا ألفا، ففعل، فما حكم ذلك؟ وبم تصح الكفالة، وما الذي لا تصح به؟ وهل يكتفي بذكر الاسم والمكان؟ وما الفرق بينها، وبين الضمان؟ وما الحكم فيما إذا قال: أبرئ الكفيل وأنا كفيل؟ أو قال: كلفت هذا الدين على أن تبرئني من الكفالة بفلان، أو ضمنت لك هذا الدين شرط أن تبرئني من ضمان الدين الآخر؟ أو شرط في كفالة أو ضمان أن يتكفل له أو به بآخر، فما الحكم؟ واذكر الدليل والتعليل، والتفصيل والخلاف؟

فصل في الكفالة س92: ما هي الكفالة؟ وبم تنعقد؟ ومن الذي تصح منه؟ وما هي الألفاظ التي تنعقد بها الكفالة؟ وإذا ضمن معرفة شخص، أو قال: ضمنت لك حضوره متى أردت، أو عجز عن إحضاره. أو قال: أعط فلانًا ألفًا، ففعل، فما حكم ذلك؟ وبم تصح الكفالة، وما الذي لا تصح به؟ وهل يكتفي بذكر الاسم والمكان؟ وما الفرق بينها، وبين الضمان؟ وما الحكم فيما إذا قال: أبرئ الكفيل وأنا كفيل؟ أو قال: كلفت هذا الدين على أن تبرئني من الكفالة بفلان، أو ضمنت لك هذا الدين شرط أن تبرئني من ضمان الدين الآخر؟ أو شرط في كفالة أو ضمان أن يتكفل له أو به بآخر، فما الحكم؟ واذكر الدليل والتعليل، والتفصيل والخلاف؟ ج: الكفالة شرعًا: التزام رشيد إحضار من عليه حق مالي إلى ربه، والجمهور على جوزها، قال الله تعالى حاكيًا عن يعقوب قال: {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [يوسف: 66] . وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً لزم غريمًا له حتى يقضيه،

أو يأتيه بجميل، فقال: كم تستنظره؟ قال: شهرًا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فأنا أحمل» رواه أبو داود والترمذي وغيرهما. ومعنى قوله: «جميل» أي: كفيل، وقوله: «أحمل» أي: أكفل. وفيه: فقضاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدل على صحة الكفالة؛ ولعموم حديث: «الزعيم غارم» ولدعاء الحاجة إلى الاستيثاق بضمان المال والبدن، وكثير من الناس يمتنع من ضمان المال، فلو لم تجز الكفالة لأدى إلى الحرج وتعطل المعاملات المحتاج إليها. وتنعقد الكفالة بلفظ ينعقد به ضمان؛ لأنها نوع منه، فانعقدت بما ينعقد به، فيؤخذ به صحتها ممن يصح منه الضمان، وصحتها ببدن من يصح ضمانه، وإن ضمن رشيد معرفته أخذ به، فلو جاء إنسان يستدين من آخر، فقال: أنا لا أعرفك، فلا أعطيك، فضمن آخر معرفته لمن يريد أن يداينه، فداينه، وغاب مستدين أو توارى، أخذ ضامن المعرفة به، كأنه قال: ضمنت لك حضوره متى أردت، لأنك لا تعرفه، ولا يمكنك إحضار من لا تعرفه، فهو كقوله: كفلت ببدنه، فيطالبه به؛ فإن عجز عن إحضاره مع حياته، لزمه ما عليه لمن ضمن معرفته له، ولا يكفي أن يعرف رب المال اسمه ومكانه. وقال الشيخ تقي الدين في «شرح المحرر» : ضمان المعرفة معناه: إني أعرفك من هو وأين هو، وفي «الغاية» . ومن ضمن معرفة

شخص أخذ بتعريفه لا بحضوره خلافًا لـ «المنتهى» وكلامه في «الغاية» موافق لكلام شيخ الإسلام؛ وأما لو قال: أعط فلانًا ألفًا، ففعل، لم يرجع على الآمر، ولم يكن ذلك كفالة ولا ضمانًا إلا أن يقول: أعطه عني. وتصح الكفالة ببدن من عنده عين مضمونة كعارية وغصب، أو عليه دين كالضمان، فتصح ببدن كل من يلزمه الحضور لمجلس الحكم بدين لازم ولو مالاً، فتحص بصبي ومجنون؛ لأنه قد يجب إحضارهما لمجلس الحكم للشهادة عليهما بالإتلاف وببدن محبوس وغائب. ولا تصح ببدن من عليه حد الله تعالى؛ لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: «لا كفالة في حدٍ» ولأن مبناها على الإسقاط والدرء بالشبهة، فلا يدخله الإستيثاق، ولا يمكن استيفاؤه من غير الجاني، وسواء كان حقًا لله تعالى كحد الزنا والسرقة، أو لآدمي كحد القذف والقصاص. قال في «المغني» : وهذا قول أكثر أهل العلم، منهم شريح والحسن، وبه قال إسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي، وبه قال الشافعي في حدود الله تعالى، واختلف قوله في حدود الآدمي، وقال الشيخ تقي الدين –رحمه الله-: تصح كفالة من عليه حد أو قصاص، واختاره في «الفائق» ، وكون من عليه حد أو قصاص لا تصح كفالته من «مفردات المذهب» قال ناظمها: ومن عليه الحد ليس بكفل

ولا تصح بزوجة لزوجها في حق الزوجية له عليها، ولا بشاهد؛ لأن الحق عليهما لا يمكن استيفاؤه من الكفيل، ولا تصح الكفالة بمكاتب لدين كتابة؛ لأن الحضور لا يلزمه إذ له تعجيز نفسه، ولا تصح الكفالة إلى أجل مجهول أو بشخص مجهول؛ أما عدم صحتها إلى أجل مجهول؛ فلأن المكفول ليس له وقت يستحق المطالبة فيه؛ وأما عدم صحتها بشخص، فلأنه غير معلوم في الحال ولا في المآل، فلا يمكن تسيلمه، بخلاف ضمان دين مجهول يؤول إلى العلم، ولو في ضمان كإلى مجيء المطر ونحوه، أو قال: ضمنت أحد هذين، فلا يصح الضمان لما تقدم. وإن كفل رشيد بجزءٍ شائع، كثلث من عليه حق أو رُبُعِهِ، أو كفل بعضو منه ظاهر كرأسه ويده، أو باطن كقلبه وكبده، صح؛ لأنه لا يمكن إحضاره إلا بإحضار الكل، أو تكفل بشخصٍ على أنه إن جاء بالكفيل، قد برئن وإلا يجيء به فهو كفيل بآخر معين، أو فهو ضامن ما عليه من المال، صح؛ لصحة تعليق الكفالة والضمان على شرط كضمان العهدة. وإذا قال: إذا قدم الحاج، فأنا كفيل بزيد شهرًا، صح؛ لجمعه تعليقًا وتوقيتًا، وكلاهما صحيح. ويبرأ من كفل شهرًا أو نحوه إن لم يطالبه مكفول له بإحضاره في الشهر ونحوه؛

س93: ما الذي يعتبر لصحة كفالة؟ وإذا سلم كفيل مكفولا به، أو سلم مكفول نفسه، أو مات مكفول، أو تلفت العين التي تكفل ببدن من هي عليه، فما الحكم؟ وإذا تعذر إحضار مكفول على الكفيل، أو غاب، أو مضى زمن عينه كفيل لإحضار المكفول، أو شرط البراءة منه، أو ثبت موت المكفول الغائب ونحوه، أو هرب المحبوس من السجان، واذكر الدليل والتعليل والخلاف.

لأنه بمضيه لا يكون كفيلاً، وإن قال رشيد لرب دين: أبرئ الكفيل، وأنا كفيل، فسد الشرط، وهو قوله: أبرئ الكفيل؛ لأنه لا يلزم الوفاء به، فيفسد عقد الكفالة؛ لأنه معلق عليه. ولو قال: كفلتُ هذا الدين على أن تبرئني من الكفالة بفلان، أو ضمنت لك هذا الشرط بشرط أن تبرئني من ضمان الدين الآخر، لم يصح؛ لأنه فسخ عقد في عقد، كالبيع بشرط فسخ بيع آخر، وكذا لو شرط في كفالة ضمان أن يتكفل له أو به بآخر، أو يضمن دينًا عليه، أو يبيعه شيئًا، أو يؤجره داره، لم يصح. ما يعتبر لصحة الكفالة س93: ما الذي يعتبر لصحة كفالة؟ وإذا سلم كفيل مكفولاً به، أو سلم مكفول نفسه، أو مات مكفول، أو تلِفتَ العين التي تكفل ببدن من هي عليه، فما الحكم؟ وإذا تعذر إحضار مكفول على الكفيل، أو غاب، أو مضى زمن عينه كفيل لإحضار المكفول، أو شرط البراءة منه، أو ثبت موت المكفول الغائب ونحوه، أو هرب المحبوس من السجان، واذكر الدليل والتعليل والخلاف. ج: يعتبر لصحة كفالة رضى كفيل لا مكفول به ولا مكفول له كضمان، ومتى سلم كفيل مكفولاً به لمكفول له بمحل عقد، وقد

حل أجل الكفالة إن كانت الكفالة مؤجلة؛ برئ الكفيل؛ لأن الكفالة عقد على عمل، فبرئ منه بعمله كالإجارة، وسواء كان عليه فيه ضرر أو لا؛ فإن سلمه في غير محل العقد، أو غير موضع شرطه، أو لكون الدين مؤجلاً لا يمكن اقتضاؤه منه، لم يبرأ؛ لأن رب الحق قد لا يقدر على إثبات الحجة فيه لنحو غيبة شهوده، وإن سلمه، ولم يحل الأجل، ولا ضرر على مكفول له في قبض المكفول، برئ الكفيل؛ لأنه زاده خيرًا بتعجيل حقه؛ فإن كان فيه ضرر لغيبه حجته، أو لم يكن يوم مجلس الحكم، لم يبرأ الكفيل. ومحل براءة الكفيل بتسليمه ما لم تكن هناك يد حائلة ظالمة تمنعه منه؛ فإن كانت لم يبرأ الكفيل؛ لأنه كلا تسليم. وإن سلم مكفول نفسه لرب الحق بمحل عقد برئ الكفيل؛ لأن الأصيل أدى ما عليه، كما لو قضى مضمون عنه الدين، أو مات المكفول برئ الكفيل، سواء توانى الكفيل في تسليمه حتى مات أو لا، لسقوط الحضور عنه بموته، وبه قال شريح والشعبي وأبو حنيفة والشافعي. وقيل: لا يبرأ مطلقًا، فيلزمه الدين، وهو قول الحكم والليث، واختاره الشيخ تقي الدين، ذكره عنه في «الفائق» . لأن الكفيل وثيقة بحق، فإذا تعذرت من جهة من عليه الدين استوفى من الوثيقة كالرهن، ومحل

الخلاف إذا لم يشترط، فإذا شرط الكفيل أنه لا شيء عليه إن مات، برئ بموته قولاً واحدًا؛ وأما إذا تلفت العين التي تكفل بدن من عنده بفعل الله تعالى قبل طلب، برئ كفيل؛ لأنه بمنزلة موت المكفول، ولا يبرأ بتلفها بعد طلبه بها، ولا بتلفها بفعل آدمي، ولا بغصبها؛ فإن تلفت بفعل آدمي، فعلى المتلف بدلها، ولو قال كفيل: إن عَجَزتُ عن إحضاره، أو: متى عَجَزت عن إحضاره، كان علي القيام بما أقر به، فقال ابن نصر الله: لم يبرأ بموت المكفول، ويلزمه ما عليه. ولا يبرأ كفيل إن مات هو أو مات مكفوله؛ لأن الكفالة أحد نوعي الضمان، فلم تطبل بموت كفيل ولا مكفول له كضمان، وإن تعذر إحضار المكفول على الكفيل مع بقائه، أو غاب ومضى زمن يمكن رده فيه، أوعيته لإحضاره، ضمن ما عليه؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الزعيم غارم» ؛ ولأنها أحد نوعي الضمان، فوجب الغرم بها كالكفالة. وقال ابن عقيل: قياس المذهب لا يلزمه إن امتنع بسلطان، وألحق به معسرًا أو محبوسًا ونحوهما لاستواء المعنى، وكون الكفيل يضمن ما على المكفول به إذا لم يسلمه من «مفردات المذهب» ، قال ناظمها: إن لم يُسلِم كافلٌ من كَفَلا ... يضمن ما على الأصيل أصلاً سواء المطلق والمؤجل

ولا يضمن كفيل ما على مكفول تعذر عليه إحضاره إذا شرط البراءة من المال عند تعذر إحضاره عليه؛ لحديث: «المسلمون عند شروطهم» ؛ ولأنه التزام إحضاره على هذا الوجه، فلا يلزمه غير ما التزمه، وإن ثبت موت المكفول الغائب ونحوه ببينة أو إقرار مكفول له، قبل غرم الكفيل المال، لانقطاع خبره، استرد ما غرمه كفيل لتبين براءة الكفيل بموت المكفول، فلا يستحق الأخذ منه، وإن قدر على المكفول بعد أدائه عنه ما لزمه، فقال في «شرح المنتهى» : فظاهر كلامهم أنه في رجوعه كضامن، وأنه لا يسلمه إلى المكفول له، ثم يسترد ما أداه، بخلاف مغصوب تعذر إحضاره مع بقائه لامتناع بيعه، قاله في «الفروع» اهـ. والسجان كالكفيل، عليه إحضار الخصم؛ فإن تعذر إحضاره، ضمن ما علين، قاله الشيخ تقي الدين، واقتصر عليه في «الفروع» . وقال ابن نصر الله: الأظهر أنه كالوكيل يجعل في حفظ الغريم، إن هرب منه بتفريطه، لزمه إحضاره، وإلا فلا. وقال الشيخ: وإذا لم يكن الوالد ضامنًا لولده؛ ولا له عنده مال، لم يجز لمن له على الولد حق أن يطالب والده بما عليه؛ لكن إن أمكن الوالد معاونة صاحب على إحضاره ولده بالتعريف بمكانه ونحوه، لزمه التعريف بمكانه ونحوه؛ لأن من قبيل نصحه له.

س94: تكلم بوضوح عما يلي: إذا طالب كفيل مكفولا به أن يحضره معه، أو ضامن مضمونا بتخليصه. من كفله اثنان، فسلمه أحدهما أو سلم نفسه. إذا كفل كل واحد من الكفيلين الآخر، فأحضر المكفول به. من كفل الاثنين، فأبرأه أحدهما من الكفالة، أو كفل الكفيل آخر والآخر آخر. أو ضمن اثنان واحدا، وقال كل لرب الحق: ضمنت لك الدين، أو قالاك ضمنا لك الدين، أو قال شخص لآخر: اضمن فلانا، أو قال: اكفل فلانا، أو: اضمن عن فلان، أو اكفل عنه، ففعل فما حكم ذلك؟

إذا طالب كفيل مكفولاً به أن يحضره معه س94: تكلم بوضوح عما يلي: إذا طالب كفيل مكفولاً به أن يحضره معه، أو ضامن مضمونًا بتخليصه. من كفله اثنان، فسلمه أحدهما أو سلم نفسه. إذا كفل كل واحد من الكفيلين الآخر، فأحضر المكفول به. من كفل الاثنين، فأبرأه أحدهما من الكفالة، أو كفل الكفيل آخر والآخر آخر. أو ضمن اثنان واحدًا، وقال كل لرب الحق: ضمنت لك الدين، أو قالاك ضمنا لك الدين، أو قال شخص لآخر: اضمن فلانًا، أو قال: اكفل فلانًا، أو: اضمن عن فلان، أو اكفل عنه، ففعل فما حكم ذلك؟ ج: إذا طالب كفيل مكفولاً به أن يحضر معه ليسلمه لغريمه ويبرأ منه، لزمه الحضور بشرطه، أو طالب ضامن مضمونًا بتخليصه من ضمانه بتوفية الحق إلى ربه، لزمه إن كفل أو ضمن بإذن المكفول أو المضمون، وطولب كفيل وضامن بذلك؛ لأنه شغل ذمته من أجله بإذنه، فلزمه تخليصها، كما لو استعار عبده فرهنه بإذنه، ثم طلبه سيده بفكه، ويكفي في لزوم الحضور في مسألته الكفالة الإذن أو مطالبة رب الدين الكفيل؛ أما مع الإذن فلما تقدم؛ وأما مع المطالبة فلأن حضور المكفول حق للمكفول له، وقد استناب الكفيل في ذلك بمطالبته به، أشبه ما لو صرح بالوكالة.

ومن كفله اثنان معًا أولاً، فسلمه أحدهما، ولم يبرأ الآخر بذلك؛ لأن إحدى الوثيقتين انحلت من غير استيفاء، فلا تنحل الأخرى، كما لو أبرأ أحدهما، أو انفك أحد الرهنين بلا قضاء. وإن سلم مكفول نفسه برئ هو ومن تكفل به من الكفيلين؛ لأدائه ما عليهما، كما لو سلم من تكفل به دون الكفيل الثاني وكفيله. وإن تكفل ثلاثة بواحد، وكل منهم كفيل بصاحبه، صح، ومتى سلمه أحدهم، برئ هو وصاحباه من كفالتهما به خاصة؛ لأنه أصل لهما وهما فرعان ويبقى على كل واحد منهما الكفالة بالمدين؛ لأنهما أصلان فيها. ومن كفل لاثنين فأبرأه أحدهما من الكفالة، وسلم المكفول به لأحدهما، لم يبرأ الآخر، لبقاء حقه، كما لو ضمن دينًا لاثنين، فوفى أحدهما، وإن كفل الكفيل شخص آخر، وكفل الآخر آخر، وهكذا برئ كل من الكفلاء ببراءة من قبله، فيبرأ الثاني ببراءة الأول، والثالث ببراءة الثاني، وهكذا لأنه فرعه ولا عكس، فلا يبرأ واحد ببراءة من بعده؛ لأنه أصله كضمان. ومتى سلم أحدهم المكفول برئ الجميع؛ لأن أدى ما عليهم، كما لو سلم مكفول به نفسه. ولو ضمن اثنان واحدًا في مال، وقال كل لرب الحق: ضمنت لك الدين، فهو ضمان اشتراك في التزام في انفراد بالطلب، فكل واحد

منهما ضامن لجميع الدين على إنفراده، فلرب الدين طلب كل منهما بالدين كله لالتزامه به، وإن قال الاثنان: ضمنا لك الدين، فهو بينهما بالحصص على كل منهما نصف، وإن كانوا ثلاثة، فعلى كل واحد ثلث. وإن قال أحدهم: أنا وهذان ضامنون لك الألف مثلاً، فسكت الآخران، فعليه ثلث الألف، ولا شيء عليهما، أو قال شخص لآخر: اضمن فلانًا، أو قال: اكفل فلانًا، أو اضمن عن فلان، أو اكفل عنه ففعل، لزم الضمان أو الكفالة المباشر لا الآمر؛ لأنه كفيل باختيار نفسه، وإنما الآمر للإرشاد فلا يلزمه به شيء. من النظم فيما يتعلق بالكفالة وإن يلتزم إحضار مضمون أعين ... ومديونها يلزم وقيل إذا قد وإن صح لم يلزمه معكم الحضور بل ... متى تدعي أو يأذن الزمه واطهد ومن فيه حدُّ أو قصاص فلا تجز ... كفالته أو مبهم العين تعتدي وإن كان عن مال الديات وأخذها ... عليه من الأموال من سُرَّق طد وكافل وجه الشخص كافله كذا ... سوى الوجه أو جزءٍ سيتبع بأجود

ومن قال أبرئ ذا الكفيل وما به ... تكفَّل عن زيد عليَّ به اشهد فوجهان في تصحيحه وفساده ... وتعليق ذا بالشرط والوقت جود كذلك تعليق الضمان وقيل لا ... تجز بسوى أسباب حق مؤكد وأفسده القاضي وصحح مطلقًا ... أبو جعفر والكلوذانيُّ فاقتد ومن قال إني كافل لك خالدًا ... متى لم أسلمه كفلت بمَخْلَدِ وإني ضمنينٌ ما على مَخْلَد ... فصحح والزم فيهما في المجود وتبرأ مما قد كفلت به متى ... تسلَّمه ذو الحق دون تقيد وألزمه بالقاضي السليم وإن أبى ... وأشهد لفقد القاضي تبرأ وترشد ولو جاءه من نفسه قبل وقته ... وإن ضر قبل الوقت لم يجبر اشهد كذا بتلاف العين من فعل ربنا ... وموت الفتى المكفول تبرأ بأوطد ولابد من تعيين وقت حضوره ... وكالسلم احكم في المكان تسدد وإن عينا عند الكفالة موضعًا ... تعين وإلا موضع العقد أورد ويبرئه التسليم في كل موضع ... به حاكم مع شاهديه بأجود وإن يتعذر مع بقاء حضوره ... أو اجتاز وقتًا عيناه لِينْقُد المبقَّى على المكفول أو قيمة الذي ... كفلت من الأعيان لما يصرد كذا إن مضى وقت يوافيك رده ... ولم تشترط منه البراءة فارفد فإن يرددن العين بعد ضمانها ... ليرجع إليه ماله ويردد ومن يَشْتَرِطْ وقْتَ التَّكَفٌّل بَراءَةً ... مِن المالِ يَبْرأ مُطلقًا لا تَرَدَّدِ

باب الحوالة

ومَن يكتَفِلْ بالنفس والمال إن يَمُتْ ... غريمٌ بَري منه وللمال فليد ومن كفل الشخصين أو كفلاه إن ... بري من فتى تبقى كفالة مفرد وبعد لزوم الحق إن مات كافل ... فدين وقيل إن مات يبرأ فَقَيُدِ وليس بإقرار يقبض برئت يا ... كفيل العلى مما كفلت بأجود وإن قلت قد أبرأته من كفالتي ... بري هو ولم تقرر بغير تردد ومن قال عن ذا اضمن أو أقرضه ألفًا أو ... تكفل به لا عَيَّنَ الفاعل افرد باب الحوالة س95: ما معنى الحوالة لغةً واصطلاحًا؟ ومن أين اشتقاقها؟ ولم أتبعها الفقهاء بالضمان؟ وبأي شيء ثبتت، وهل هي بيع؟ فإن قلت: لا فما وجه ذلك؟ وما هي الألفاظ التي تنعقد بها؟ وما مقتضاها؟ وما شروطها؟ وما أركانها؟ وما الذي تصح عليه، والذي لا تصح عليه؟ وضحهما باستقصاء، واذكر الدليل والتعليل والتفصيل، ومثل لما يحتاج إلى تمثيل. ج: الحوالة -بفتح الحاء وكسرها-: مأخوذة من التحول، يقال:

حول الشيء من مكانه: نقله منه إلى مكان آخر، وحول وجهه: لفته، وقال في «المغني» : واشتقاقها من تحويل الحق من ذمة إلى ذمة. اهـ. ولما كان الضمان والحوالة متشابهين، لما بينهما من حمالة الدين، اعقبَ بها، وهي ثابتة بالسُّنة والإجماع، فمنها ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَطل الغني ظلم، وإذا أحيل أحدكم على مليء فليتبع» ، وفي لفظ: «من أحيل بحقه على مليء فليحتل» وهي عقد إرفاق منفرد بنفسه، ليس محولاً على غيره ولا خيار فيها، وليست بيعًا؛ لأنها لو كانت بيعًا لكانت بيع دين بدين، ولما جاز التفرق قبل القبض؛ لأنها بيع مال بجنسه، ولجازت بلفظ البيع، وبين جنسين كالبيع كله؛ ولأن لفظها يشعر بالتحول، وليست بمعنى البيع، لعدم العين فيها، بل الحوالة: انتقال مال من ذمة إلى ذمة. والألفاظ التي تنعقد بها لفظ الحوالة كأحلتك بدينك، أو بمعناها الخاص، كأتبعتك بدينك على زيد ونحوه، ومقتضى إلزام المحال عليه بالدين مطلقًا، وشُرِط لحوالة خمسة شروط: أحدها: رضى محيل؛ أن الحق عليه، فلا يلزمه أداؤه من جهة الدين على المحال عليه. والثاني: إمكان المقاصة، بأن يتفق الحقان جنسًا وصفة، وحلولاً

وأجلاً وقدرًا، فلا تصح بدنانير على دراهم، ولا بصحاح على مكسرة، ولا بحال على مؤجل، ولا مع اختلاف أجل؛ لأنها عقد إرفاق كالقرض، فلو جوزت مع الاختلاف لصار المطلوب منها الفضل فتخرج عن موضوعها. والثالث: علم المال المحال به وعليه لاعتبار التسليم، والجهالة تمنع منه. والرابع: استقرار المحال عليه، كبدل قرض، وثمن مبيع بعد لزوم بيع؛ أن غير المستقر عرضة للسقوط. ومقتضى الحوالة إلزام المحال عليه بالدين مطلقًا، فلا تصح على مال سلم، أو على رأس مال سلم بعد فسخ؛ لأنه لا مقاصة فيه، وتقدم الكلام في «باب السلم» . ولا تصح على صداق قبل دخول ونحوه مما يقر الصداق، لعدم استقراره، ولا تصح الحوالة على مال كتابة؛ لأنه ليس بمستقر، ولا على أجرة قبل استيفاء منفعة فيما إذا كانت الإجارة لعمل، أو قبل فراغ مدة إن كانت الإجارة إلى مدة، لعدم استقرارها. ولا تصح الحوالة على ثمن مبيع على مشتر في مدة خيار مجلس أو شرط، ولا تصح الحوالة على عين من نحو وديعة، ولا استحقاق في وقف أو على ناظره، أو على ناظر بيت المال، لعدم الاستقرار في كُلٍّ، فلو أحال ناظر وقف ونحوه بعض المستحقين في الوقف على جهة من جهات

الوقف، لم تصح الحوالة؛ لكن ذلك وكالة كالحوالة على ماله في الديوان، وتصح إن أحال مكاتب سيده بمال كتابته، أو أحال زوج امرأته بصداقها قبل دخول على مستقر؛ لأنه لا يشترط استقرار محال به. ولا تصح الحوالة بجزية على مسلم أو ذمي، لفوات الصغار عن المحيل، ولا تصح الحوالة عليها لذلك، ولا يصح أن يحيل ولدٌ على أبيه إلا برضى الأب؛ لأنه لا يملك طلب أبيه. قال في «الاختيارات الفقهية» : وليس للابن أن يحيل على الأب، ولا يبيع دينه إذا جوزنا بيع ما على الغريم إلا برضى الأب. اهـ. ولا يلزم رب الدين أن يحتال على والد المحيل، وتصح الحولة على الضامن. والخامس: كون المحال عليه يصح السلم فيه من مثلي، كمكيل وموزون لا صناعة فيه، غير جوهر وغيره، وغير المثلي كمعدود ومذروع ينضبطان بالصفة، فتصح الحوالة بإبل الدية على إبل القرض إن قي: يرد فيه المثل، وإن قلنا: يرد القيمة، فلا؛ لاختلاف الجنس، وإن كان بالعكس لم تصح مطلقًا. ذكر معناه في «المغني» و «الشرح» و «المبدع» ، قاله في «شرح المنتهى» . قال العمريطي ناظمًا لشروط الحوالة وجوزن حوالة الإنسان ... غريمه على غريم ثان

س96: تكلم بوضوح عما يلي: استقرار محال به. رضى محال لا رضى محال عليه، رضى محتا، ومتى يبرأ المحيل. إذا أفلس محال عليه، أو جحد الحوالة، أو مات. من هو المليء إذا ظنه مليئا فبان ملفسا، أو جهل حاله إذا رضيا بدفع خير من المحال به، أو بأخذ دونه أو بتعجيل أو تأجيل، أو بعوضه فما الحكم؟ ووضح ما يحتاج إلى تمثيل أو تفصيل، واذكر الدليل والتعليل والخلاف.

بكل دين لازم معلوم ... لا الإبل في الديات والنجوم والشرط أن يرضى به المحيل ... ومن محال يوجد القبول كذا اتفاق الجنس في دينهما ... والنوع والأوصاف مع قدريهما كذلك الحلول والتأجيل ... وحيث صحت يبرأ المحيل ودينه الذي على المحال ... عليه صار الآن للمحال حكم رضى محال عليه ومحتال ومن ظنه مليئًا فبان مفلسًا س96: تكلم بوضوح عما يلي: استقرار محال به. رضى محال لا رضى محال عليه، رضى محتا، ومتى يبرأ المحيل. إذا أفلس محال عليه، أو جحد الحوالة، أو مات. من هو المليء إذا ظنه مليئًا فبان ملفسًا، أو جهل حاله إذا رضيا بدفع خير من المحال به، أو بأخذ دونه أو بتعجيل أو تأجيل، أو بعوضه فما الحكم؟ ووضح ما يحتاج إلى تمثيل أو تفصيل، واذكر الدليل والتعليل والخلاف. ج: لا يشترط استقرار محال به، فتصح بجعل قبل عمل؛ لأن الحوالة بمنزلة وفائه، ويصح الوفاء قبل الاستقرار، ولا يعتبر رضى المحال عليه، ولا رضى المحتال إن كان المحال عليه مليئًا؛ أما كونه لا يعتبر رضى المحال عليه، فلأن للمحيل أن يستوفي الحق بنفسه

وبوكيله، وقد أقام المحتال مقام نفسه في القبض، فلزم المحال عليه الدفع إليه كالوكيل؛ وأما المحتال على مليء، فلحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - يرفعه: «مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع» متفق عليه. وفي لفظ: «من أحيل بحقه على مليء فليحتل» ؛ ولأن للمحيل وفاء ما عليه من الحق بنفسه وبمن يقوم مقامه، وقد أقام المحال عليه مقام نفسه في التقبيض، فلزم المحتال القبول كما لو وكل رجلاً في إيفائه، وفارق إعطاء عرض عما في ذمته؛ لأنه غير ما وجب له. وقال أبو حنيفة: يعتبر رضاهما؛ لأنه معاوضة فيعتبر الرضى من المتعاقدين. وقال مالك والشافعي: يعتبر رضى المحتال؛ لأن حقه في ذمة المحيل، فلا يجوز نقله إلى غيرها بغير رضاه، كما لا يجوز أن يجبره على أن يأخذ بالدين عوضًا؛ فأما المحال عليه، فقال مالك: لا يعتبر رضاه إلا أن يكون المحتال عدوه. وإن كان المحال عليه مفلسًا، ولم يكن المحتال راضيًا بالحوالة عليه، رجع بدينه على المحيل؛ لأن الفلس عيب، ولم يرض به فاستحق الرجوع كالمبيع المعيب؛ فإن رضي بالحوالة عليه، فلا رجوع له إن لم يشترط الملاءة، لتفريطه. والمليء: هو القادر بماله، وقوله، وبدنه. فماله: القدرة على الوفاء، وقوله: أن لا يكون مماطلاً، وبدنه: إمكان حضوره إلى مجلس الحكم، فلا يلزم رب الدين أن يحتال على والده؛ لأنه لا يمكنه

إحضاره إلى مجلس الحكم؛ وأما الصحة، فيصح إذا رضى؛ لأن دينه يثبت في ذمة أبيه. وإن ظن المحتال المحال عليه مليئًا أو جهله فلم يدر أمليء أم لا، فبان مفلسًا وكان رضى، فقيل: لا يرجع؛ لأنه رضي بدون حقه، ويحتمل أن يرجع، وهو رواية عن الإمام أحمد؛ لأن الفلس عيب في الذمة، فأشبه ما لو اشترى شيئًا يظنه سليمًا، فبان معيبًا. وهذا فيما أرى أنه أقوى من الأول، والله أعلم. وإذا صحت الحوالة باجتماع شروطها نقلت الحق المحال به إلى ذمة المحال عليه، وبرئ المحيل بمجرد الحوالة. قال الموفق وغيره: في قول عامة أهل العلم. ومتى لم يكن المحال عليه قادرًا بماله وقوله وبدنه، لم يلزم الاحتيال عليه، لما في ذلك من الضرر على المحال، والنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر بقبولها على المليء. ومتى صحت فرضي المحتال والمحال عليه بدفع خير من المحال به بالصفة، أو رضيا بأخذ دونه في الصفة والقدر، أو رضيا بتعجيل المؤجل، أو رضيا بتأجيله وهو حال، جاز أو رضيا بعوضه جاز ذلك؛ لأن الحق لهما؛ لكن إن جرى بين العوضين رباء نسيئة، بأن عوضه عن موزون موزونًا، أو مكيل مكيلاً، اشترط القبض بمجلس التعويض.

س97: إذا بطل بيع وقد أحيل بائع، أو أحال بالثمن، أو انفسخ البيع، أو أحال بائع المشتري على من أحاله عليه، أو أحال مشتر محالا عليه، أو اتفقا على قول مدين لرب دين: أحلتك على زيد، أو: أحلتك بديني على زيد، أو ادعى أحدهما إرادة الوكالة، وادعى الآخر إرادة الحوالة أو اتفقا على قول مدين لرب الدين: أحلتك بدينك، وادعى أحدهما إرادة الحوالة، والآخر إرادة الوكالة، فما حكم ذلك؟ واذكر الدليل والتعليل؟

حكم ما إذا بطل بيع وقد أحيل بائع أو أحال بالثمن س97: إذا بطل بيع وقد أحيل بائع، أو أحال بالثمن، أو انفسخ البيع، أو أحال بائع المشتري على من أحاله عليه، أو أحال مشتر محالاً عليه، أو اتفقا على قول مدين لرب دين: أحلتك على زيد، أو: أحلتك بديني على زيد، أو ادعى أحدهما إرادة الوكالة، وادعى الآخر إرادة الحوالة أو اتفقا على قول مدين لرب الدين: أحلتك بدينك، وادعى أحدهما إرادة الحوالة، والآخر إرادة الوكالة، فما حكم ذلك؟ واذكر الدليل والتعليل؟ ج: إذا بطل بيع كأن بان مبيع مستحقًا أو حرًا، وقد أحيل بائع بالثمن، أي: أحاله مشتر به على من له عنده دين مماثل له، بطلت أو أحال بائع مدينًا له على المشتري بالثمن، بطلت الحوالة؛ لأنا تبينا أن لا ثمن على المشتري لبطلان البيع، فيرجع مشتر على من كان دينه عليه في الأولى، وعلى المحال عليه في الثانية لا على البائع، لبقاء الحق على ما كان بإلغاء الحوالة، ويعتبر ثبوت ذلك ببينة أو اتفاقهم؛ فإن اتفقا على حرية العبد، وكذبهما محتال، لم يقبل قولهما عليه، ولا تسمع بينتهما؛ لأنهما كذباها بالدخول في التبايع، وإن أقامها العبد قلت وبطلت الحوالة، وإن صدقهما المحتال، وادعى أنها بغير ثمن العبد، فقوله بيمينه، وإن أقر المحيل والمحتال، وكذبهما المحال عليه، لم

يقبل قولهما عليه، وتبطل الحوالة، وإن اعترف المحتال والمحال عليه، عتق، لاعتراف من هو بيده بحريته، وبطلت الحوالة بالنسبة إليهما، ولا رجوع للمحتال على المحيل؛ لأن دخوله معه في الحوالة اعتراف ببراءته، ولا تبطل الحوالة إن فسخ البيع بعد أن أحيل بائع، أو أحال بالثمن على أي وجه الفسخ بعيب، أو تقايل أو غيرهما، وإن لم يقبض المحتال الثمن؛ لأن البيع لم يرتفع من أصله، فلا يسقط الثمن. ولمشتر الرجوع على بائع فيهما؛ لأنه لما رد المعوض استحق الرجوع بالعوض، وقد تعذر الرجوع في عينه، للزوم الحوالة، فوجب بدله، وكذا نكاح فسخ وقد أحيلت الزوجة بالمهر، وكذا نحو كإجارة فسخت وقد أحيل مؤجر، أو أحال بأجرة، ولبائع أحيل بثمن ثم فسخ البيع، أن يحيل المشتري بالثمن الذي عاد إليه بالفسخ على من أحاله المشتري عليه في المسألة الأولى، لثبوت دينه على من أحاله المشتري عليه أشبه سائر الديون المستقرة. ولمشتر أن يحيل محالاً عليه من قبل بائع على بائع في المسألة الثانية، وهي ما إذا كان البائع أحال المشتري بالثمن، لاستقرار الدين عليه كما تقدم. وإن اتفق رب دين ومدين على قول مدين لرب دين: أحلتك على زيد، أو على قوله له: أحلتك بديني على زيد، وادعى أحدهما إرادة الوكالة،

س98: إذا قال زيد لعمرو: أحلتني بديني على بكر، واختلف زيد وعمرو: هل جرى بينهما لفظ الحوالة أو غيره، فمن المصدق منهما. وما الذي يترتب على ذلك؟ وهل يحلف المصدق منهما ومن مال من التالف بيد أحدهما؟ وإذا قال عمرو لزيد مثلا: أحلتك، وقال زيد: وكلتني، فمن المصدق منهما؟ وما حكم الحوالة من المدين على ماله في الديوان، وإحالة من لا دين عليه شخصا على من دينه عليه، ومن لا دين عليه على من لا دين عليه؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ واذكر الدليل والتعليل.

وادعى الآخر إرادة الحوالة، صدق مدعي إرادة الوكالة بيمينه؛ لأن الأصل بقاء الدين على كل من المحيل والمحال عليه، ومدعي الحوالة يدعي نقله، ومدعي الوكالة ينكره، ولا موضع للبينة هنا؛ لأن الاختلاف في النية. وإن اتفقا على قول مدين لرب الدين: أحلتك بدينك، وادعى أحدهما إرادة الحوالة، والآخر إرادة الوكالة، فقول مدعي الحوالة؛ لأن الحوالة بدينه لا تحتمل الوكالة، فلا يقبل قول مدعيها. إذا اختلفا في لفظ الحوالة هل جرى بينهما س98: إذا قال زيد لعمرو: أحلتني بديني على بكر، واختلف زيد وعمرو: هل جرى بينهما لفظ الحوالة أو غيره، فمن المصدق منهما. وما الذي يترتب على ذلك؟ وهل يحلف المصدق منهما ومن مال من التالف بيد أحدهما؟ وإذا قال عمرو لزيد مثلاً: أحلتك، وقال زيد: وكلتني، فمن المصدق منهما؟ وما حكم الحوالة من المدين على ماله في الديوان، وإحالة من لا دين عليه شخصًا على من دينُه عليه، ومن لا دين عليه على من لا دين عليه؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ واذكر الدليل والتعليل. ج: إذا قال زيد لعمرو: أحلتني بديني على بكر، واختلف زيد وعمرو: هل جرى بينهما لفظ الحوالة أو غيره كالوكالة بأن قال زيد:

أحلتني، بلفظ الحوالة، وقال عمرو: وكلتك بلفظ الوكالة؛ فإن كان لأحدهما بينة عمل بها؛ لأن الاختلاف هنا في اللفظ، وإن لم يكن لأحدهما بينة صدِّق عمرو بيمينه؛ لأنه يدعي بقاء الحق على ما كان، وهو الأصل، فلا يقبض زيد من بكر لعزله نفسه بإنكار الوكالة، وما قبضه زيد من بكر قَبْلُ، وهو المقبوض، قائم لم يتلف، لعمرو أخذه من زيد؛ لأنه وكيله فيه، والتالف بيد زيد مما قبضه من بكر بلا تفريق ما مال عمرو، لدعواه أنه وكيله، ولزيد طلب عمرو بدينه عليه لاعترافه ببقائه في ذمته بإنكاره الحوالة، وإن قال عمرو لزيد مثلاً: أحلتك بلفظ الحوالة، وقال زيد: وكلتني في قبضه بلفظ الوكالة، ولا بينة لأحدهما، صدق زيد بيمينه لما تقدم، ولزيد القبض؛ لأنه إما وكيل وإما محتال؛ فإن قبض منه بقدر ماله على عمرو فأقل قبل أخذ دينه، فله أخذه لنفسه لقول عمرو: هو لك، وقول زيد: هو أمانة في يدي، ولي مثله على عمرو، فإذا أخذه لنفسه حصل غرضه، وإن كان زيد قبضه وأتلفه، أو تلف في يده بتفريطه سقط حقه وبلا تفريط، فالتالف من عمرو، ولزيد طلبه بحقه، وليس لعمرو الرجوع على بكر لاعترافه ببراءته، والحوالة من مدينٍ على ماله في الديوان، أو في الناظر للمستحق على ما في الوقف إذن له في الاستيفاء فقط لا حوالة حقيقة؛ لأن الحوالة إنما

تكون على ذمة، فلا تصح بمال الوقف ولا عليه حينئذ، فللمحتال بذلك طلب محيله بحقه؛ لأنه لم يبرأ منه بوفاء ولا إبراء ولا حوالة صحيحة، وإحالة من لا دين عليه شخصًا على من دينه عليه وكالة في الاستيفاء، ولو جرت بلفظ الحوالة، إذ ليس فيها تحويل حق من ذمة إلى ذمة، وإنما جازت الوكالة بلفظ الحوالة لاشتراكهما في المعنى، وهو استحقاق الوكيل مطالبة من عليه الدين كاستحقاق المحتال مطالبة المحال عليه، وتثبت فيها أحكام الوكالة من عزل الوكيل بموت الموكل وعزله ونحوه، وإحالة من لا دين عليه على مثله، أي: من لا دين عليه وكالة في اقتراض، وكذا إحالة مدين على بريء وكالة في اقتراض، فلا يصارفه المحتال؛ لأنه وكيل في الاقتراض لا في المصارفة. ومن طالب مدينه فقال: أحلت علي فلانًا الغائب، وأنكره الدائن، فقوله، ويعمل بالبينة.

من نظم ابن عبد القوي فيما يتعلق بالحوالة ومعلوم دين مسقر بأجود ... يصح السلم فيه على مثله قد ومن يرتضي لما أحيل بحقه ... على من عليه مثل دين الفتى اشهد بأن ذمة المرء المحيل بريئة ... من الحق في طول الزمان المؤبد بشرط اتفاق الجنس والوصف والنساء ... كذاك حلول فيهما اشرط وأكد مَتَى لم يبن إفلاسُ مَن قَد شَرَطتَهُ ... مليًا فلا يبرا فإن شئت فاردد ووجهين في راض لجهل بعسرة ... ومن ظنَّ ذا الإعسار ذا يسرة طد ولا يجبرن إلا على ذي ملاءة ... بمل وقول ومع حضور لمقصد وبيرا بها من قبل إجبار حاكم ... محالاً على المشهور من نص أحمد وليس رضى المرء المحال عليه في ... الْحَوالة شرطًا عند كل مسدد وشرط يقرر ما أحيل عليه لا ... به غير ما أسلمت فيه ليفرد وإن يحل المبتاع وقت الخيار والْمكاتب ... أو عرس قبيل التأطد بمهر وأثمان ودين كتابة ... يصح في الأقوى لا عليها بل اصدد وإن يحل أو يحتلْ بأثمان مشترٍ ... عليك فيظهر مستحقًا فأفسد وإن ترددن بالعيب أو بمجوز ... ولم تقتض الأثمان وجهين أورد كذا كل دين قد أحلت به ولم ... يَكن مستقرًا بعد فسخ ليعدد

باب الصلح

وأبطلها القاضي به لا عليه بل ... إذا فيهما صحت فللبائع امهدِ إذا اختار يومًا أن يحيل محيله ... على من عليه قد أحيل فأرشدِ وللمشتري حقًا إحالة متبع ... عليه على المرء المحيل فقَيِّدِ ومَن قال قبضي المال قبض حوالة ... فقال غريم بل وكالة مسعد وبالعكس فاقبل قول ثاني حوالة ... وإن عينا لفظ الحوالة فاشهد إذا قال شخص قد أريدت وكالة ... بهذا ففي المقبول وجهين أسند وإن قال في ذا قد أحلت بدينه ... فذاك حوالة بغير تردد وقل بيع أو عقد لرق حوالة ... فوجهان في تخيير مجلس معقد باب الصلح س99: ما معنى الصلح لغةً واصطلاحًا؟ وما هي أقسامه؟ وبأي شيء ثبت؟ وما حكمه؟ وما حكم الصلح بلفظ الصلح، أو بشرط أن يعطيه الباقي، أو يمنعه حقه بدونه، أو ممن لا يصح تبرعه، أو مما ادعى على مولاه؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والتفصيل.

ج: الصلح لغةً: التوفيق والسَّلْم، أي: قطع المنازعة.

واصطلاحًا: معاقدة يتوصل بها إلى موافقة بين مختلفين، أي متخاصمين. وهو ثابت بالكتاب والسُّنة والإجماع. قال الله تعالى: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ} [الحجرات: 9] ، وقال: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] ، وقال: {وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء: 120] ، وقال: {لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} [النساء: 114] . وللترمذي وغيره، وصححه: قال: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصدقة والصلاة!؟» قلنا: بلى، قال: «إصلاح ذات البين؛ فإن فساد ذات البين الحالقة» ، وقال لأبي أيوب: «ألا أدلك على تجارة؟» . قال: بلى، قال: «تسعى في إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، وتقارب بينهم إذا تباعدوا» . وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحًا

حرم حلالاً، أو أحل حرامًا» رواه أبو داود والترمذي، وقال: حسن صحيح، وصححه الحاكم. وأجمعوا على جوازه لما تقدم. والصلح خمسة أنواع: أحدها: يكون بين مسلمين وأهل حرب وتقدمت أقسامه في الجهاد. والثاني: بين زوجين خيف شقاق بينهما، أو خافت الزوجة إعراض زوجها عنها، ويأتي إن شاء الله تعالى في عشرة النساء. والثالث: بين أهل عدل وأهل بغي، ويأتي إن شاء الله في قتال أهل البغى. والرابع: بين متخاصمين في غير مال. والخامس: بين متخاصمين في المال، وهو المقصود بالباب. والصلح في الأموال قسمان: صلح على إقرار، وصلح على إنكار. والصلح على الإقرار نوعان: نوع يقع على جنس الحق، مثل أن يقر جائز التصرف لمن يصح تبرعه بدين معلوم، أو يقر له بعين بيده، فيضع المقر له عن المقر بعض الدين، كنصفه أو ثلثه أو ربعه، أو يهب له البعض من العين المقر بها، ويأخذ المقر له الباقي من الدين أو العين، فيصح ذلك؛ لأنه جائز التصرف لا يمنع من إسقاط بعض حقه أوهبته، كما لا يمنع من استيفائه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قد كلم غرماء جابر ليضعوا عنه، وفي الذي أصيب في حديقته، فمر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو ملزوم فأشار إلى غرمائه بالنصف، فأخذوه منه، وقد روى عبد الله ابن كعب عن أبيه أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينًا كان له عليه في المسجد

فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فخرج إليهما، ثم نادى: «يا كعب!» فقال: لبيك يا رسول الله، فأشار إليه أن ضع الشطر من دينك، قال: قد فعلت، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «قم فأعطه» متفق عليه. ومحل صحة الإسقاط ونحوه أن لا يمنع من عليه الحق ربه بدون الإسقاط ونحوه؛ أن منعه أكل المال الغير بالباطل، إلا إن أنكر من عليه الحق ولا بينة؛ فإنه يصح الصلح مما ذكر ونحوه، ومتى اصطلحا، ثم ظهرت بينة؛ فاختار الشيخ نقض الصلح؛ لأنه إنما صالح مكرهًا في الحقيقة، إذ لو علم البينة لم يسمح بشيء من حقه، ولا يصح بلفظ الصلح؛ لأنه هضم للحق، وهذا المشهور، وهو من المفردات قال ناظمها: من قال صالحني بلفظ الصلح ... فلا تصح فانتبه للشرح وعنه: يصح بلفظ الصلح، وهو ظاهر ما في «الموجز» و «التبصرة» واختاره ابن البنا في «خصاله» قال في «شرح الإقناع» : وبالجملة فقد منع الخرقي وابن أبي موسى الصلح على الإقرار، وأباه الأكثر، فعلى الأولى إن وفاه من جنس حقه فهو وفاء، ومن غير جنسه معاوضة وإن أبرأه من بعضه فهو إبراء، وإن وهبه بعض العين فهو هبة، ولا يسمى صلحًا، فالخلاف إذن في التسمية، قاله في «المغني» و «الشرح» ؛ وأما المعنى فمتفق عليه.

س100: تكلم بوضوح عما يلي: الصلح عن المؤجل ببعضه حالا. إذا وضع رب الدين بعض دين حال وأجل باقيه. الصلح عن حق كدية خطأ أو شبه عمدا أو قيمة متلف بأكثر من حقه. الصلح عن متلف مثلي بأكثر من قيمته، أو عن مثلي بعرض أكثر فيهما. إذا صالح عن بيت أقر به على بعضه أو على سكناه، أو على بناء غرفة له فوقه، أو ادعى رق مكلف أو زوجية مكلفة. إذا بذل المدعي عليه العبودية والمدعى عليه الزوجية مالا للمدعي صلحا عن دعواه، أو بذلت امرأة مالا لمبينها ليقر لها ببينونتها.

اهـ. ولا يصح إن كان بشرط، مثل أن يقول: أبرأتك، أو: وهبتك على أن تعطيني الباقي، وإن لم يذكر لفظ الشرط، ولا يصح الصلح ممن لا يصح تبرعه، كمكاتب وقن مأذون له في تجارة، وولي نحو صغير وسفيه وناظر وقف؛ لأنه تبرع، وهم لا يملكونه إلا إن أنكر من عليه الحق ولا بينة لمدعيه، فيصح؛ لأن استيفاء البعض عند العجز عن استيفاء الكل أولى من الترك، ويصح الصلح من ولي ويجوز له على ما ادعى من دين أو عين وبه بينة، فيدفع البعض ويقع الإبراء أو الهبة في الباقي؛ لأنه مصلحة؛ فإن لم تكن به بينة لم يصالح عنه. الصلح عن المؤجل ببعضه حالاً س100: تكلم بوضوح عما يلي: الصلح عن المؤجل ببعضه حالاً. إذا وضع رب الدين بعض دين حال وأجل باقيه. الصلح عن حق كدية خطأ أو شبه عمدًا أو قيمة متلف بأكثر من حقه. الصلح عن متلف مثلي بأكثر من قيمته، أو عن مثلي بعرض أكثر فيهما. إذا صالح عن بيت أقر به على بعضه أو على سكناه، أو على بناء غرفة له فوقه، أو ادعى رق مكلف أو زوجية مكلفة. إذا بذل المدعي عليه العبودية والمدعى عليه الزوجية مالاً للمدعي صلحًا عن دعواه، أو بذلت امرأة مالاً لمبينها ليقر لها ببينونتها.

واذكر الدليل والتعليل، والتفصيل والخلاف؟ ج: لا يصح الصلح عن دين مؤجل ببعضه حالاً؛ لأن المحطوط عوض عن التعجيل، ولا يجوز بيع الحلول والأجل، هذا المذهب وكره ذلك زيد بن ثابت وابن عمر - رضي الله عنهما -، وقال: نهى عم رأن يباع العين بالدين، وكره ذلك سعيد بن المسيب والقاسم وسالم والحسن ومالك والشافعي والثوري وابن عيينة وأبو حنيفة وإسحاق، وفي «الإرشاد» و «المبهج» رواية: يصح، واختاره الشيخ تقي الدين –رحمه الله تعالى- وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وابن سيرين والنخعي أنه لا بأس به، وهذا القول هو الذي يترجح عندي ومما يؤيده ما روى البيهقي والطبراني عن ابن عباس قال: لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإخراج بني النضير من المدينة أتاه ناس منهم، فقالوا: إن لنا ديونًا لم تحل، فقال: «ضعوا وتعجلوا» ولأن في ذلك مصلحة للقاضي والمقتضي، فقد يحتاج من عليه الحق إلى الوفاء قبل حلوله، وقد يحتاج صاحب الحق إلى حقه لعذر من الأعذار، وفي تجويز هذا مصلحة. وعن الحسن وابن سيرين أنهما كانا لا يريان بأسًا بالعروض أن يأخذها من حقه قبل محله؛ لأنهما تبايعا العروض بما في الذمة، فصح كما اشتراها بثمن مثلها، ويصح في دين كتابة إذا عجل المكاتب البعض وأبرأه السيد؛ لأن الربا لا يجري بين المكاتب وسيده

في دين الكتابة، وإن وضع رب دين بعض دين حال، وأجل باقيه، صح الإسقاط دون التأجيل؛ لأن الحال لا يتأجل، ولأنه وعده، فلا يلزم الوفاء به. قال في «الإنصاف» : وذكر الشيخ تقي الدين رواية بتأجيل الحال في المعاوضة لا التبرع، قال: واعلم أن أكثر الأصحاب، قالوا: لا يصح الصلح في هذه المسألة، وصححه في «الهداية» و «المذهب» و «المستوعب» و «الخلاصة» وغيرهم، وجزم به في «الكافي» وغيره، وقدمه ناظم «المفردات» ، فقال: والدين إن يوصف بالحلول ... فالصلح لا يصح في المنقول عليه بالبعض مع التأجيل ... رجحه الجمهور بالدليل وقال بالجزم به في الكافي ... وفصل المقنع للخلاف فصحح الإسقاط دون الأجل ... وذاك نص الشافعي ينجلي مثال لما تقدم: لو كان عليه مائة حالة أبرأه منها بخمسين مؤجلة، وكذا لو صالحه عن مائة صحاح بخمسين مكسرة، وهو إبراء في الخمسين، ووعد في الأخرى، وقال ابن القيم –رحمه الله-: يصح الإسقاط والتأجيل، وهو الصواب بناء على تأجيل القرض والعارية، وهو مذهب أهل المدينة، واختاره شيخنا، وقال: وإن صالحه ببعضه حالاً مع الإقرار والإنكار، جاز، وهو قول ابن عباس وإحدى الروايتين عن أحمد، واختاره شيخنا؛ فإن هذا عكس الربا؛ فإن الربا

يتضمن الزيادة في أخذ الموضعين في مقابلة الأجل، وهذا يتضمن براءة ذمته من بعض العوض في مقابلة سقوط الأجل، فسقط بعض العوض في مقابلة سقوط بعض الأجل، فانتفع به كل منهما، ولم يكن هنا ربا لا حقيقة ولا لغة ولا عرفًا، والذين حرموا ذلك إنما قاسوه على الربا، ولا يخفى الفرق الواضح بينهما. اهـ. ولا يصح الصلح عن حق كدية خطأ، أو شبه عمد لا قود فيه، كجائفة ومأمومة، أو قيمة متلف غير مثلي، كمعدود، ومزروع بأكثر من حقه المصالح عنه من جنسه؛ لأن الدية والقيمة تثبت في الذمة بقدره، فالزائد لا مقابلة له، فيكون حرامًا؛ لأنه من أكل المال بالباطل كالثابت عن قرض. ويصح الصلح عن متلف مثلي كبر بأكبر من قيمته من أحد النقدين، ويصح الصلح عن حق كدية خطأ، وقيمة متلف، وعن مثلي بعرض قيمته أكثر من الدية، وقيمة المتلف والمثلي في المسألتين؛ لأنه لا ربا بين العوض والمعوض عنه، فصح كما لو باعه ما يساوي عشرة بدرهم، وإذا ادعى على رجل بيتًا، فصالحه على بعضه، أو على أن يبني له فوقه غرفة، أو على أن يسكنه مدة معلومة كسنة كذا، أو مجهولة، كأن يصالحه على مدة عيشه، أي: عمره، لم يصح الصلح؛ لأنه صالحه عن ملكه على ملكه، أو على منفعة مالكه؛ فإن فعلى على

سبيل المصالحة معتقدًا أنه وجب بالصلح، رجع عليه بأجرة ما سكن، أو أخذه من البيت؛ لأنه أخذه بعقد فاسد، وإن بنى فوق البيت غرفة، أجبر على نقضها، وإذا أجر السطح مدة مقامه بيده، وله أخذ آلته؛ فإن صالحه عنها رب البيت برضاهما جاز، وإن كانت آلة البناء والتراب من البيت فالغرفة لربه، وعلى الباني أجرتها مبينة، وليس له نقضها إن أبرأه رب البيت من ضمان ما يتلف بها. وإن أسكنه أو أعطاه البعض غير معتقد وجوبه كان متبرعًا، ومتى شاء انتزعه. وإن صالح شخص إنسانًا مكلفًا ليقر له بالعبودية، أي: بأنه مملوكه، أو صالح امرأة لتقر له بالزوجية، لم يصح الصلح؛ لأن ذلك صلح يحل حرامًا؛ لأن إرقاق النفس وبذل المرأة نفسها بعوض لا يجوز، وإن بذل المدعى عليه بالعبودية، أو بذلت المدعى عليها الزوجية مالاً للمدعي صلحًا عن دعواه، صح؛ لأن المدعي يأخذه عن دعواه الرق أو النكاح، والدافع يقطع به الخصومة عن نفسه، فجاز كعوض لكن يحرم الأخذ إن علم كذب نفسه لأخذه بغير حق ولو ثبتت زوجيتها بعد لم تبن بأخذ العوض؛ لأنه لم يصدر منه طلاق ولا خلع. وإن بذلت امرأة مالاً لمبينها ليقر لها ببينونتها، صح؛ لأنه يجوز لها بذلك المال ليبينها، ويحرم عليه أخذه. وإن طلقها وأنكر، فدفعت إليه مالاً ليقر

س101: تكلم بوضوح عن النوع الثاني من قسمي الصلح، مبينا حكم ما إذا كان على غير جنسه، أو بلفظ الصلح أو بنقد عن نقد وبعوض أو عنه بنقد أو عرض أو بمنفعة وحكم ما إذا تلف قبل استيفاء المنفعة، أو ظهر مستحقا أو معيبا، وإذا صالحه بتزويج أمته، أو عن دين أو بشيء في الذمة، أو صالح الورثة من وصي له، أو صالح عن عيب من مبيعه بشيء أو صالحت المرأة عن دين أو عين أقرت به بتزويجها، وعما إذا كان الصلح بتزويجها عن عيب أقرت به في مبيعها، أو عما تعذر علمه، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تفصيل، ومثل لما يحتاج إلى تمثيل.

لها بما وقع من طلاقها، صح. ولو طلقها ثلاثًا أو أقل من ثلاث فصالحها على مال لتترك دعواها الطلاق، لم يجز الصلح؛ لأنه يحل حرامًا. ومن قال لغريمه: أقر بديني، وأعطيك منه مائة، أو: أقر لي بديني وخذ منه مائة مثلاً، فأقر، لزمه ما أقر به؛ لأنه لا عذر لمن أقر، ولم يصح الصلح لوجوب الإقرار عليه بما عليه من الحق، فلم يبح له العوض عما يجب عليه. النوع الثاني من قسمي الصلح س101: تكلم بوضوح عن النوع الثاني من قسمي الصلح، مبينًا حكم ما إذا كان على غير جنسه، أو بلفظ الصلح أو بنقد عن نقد وبعوض أو عنه بنقد أو عرض أو بمنفعة وحكم ما إذا تلف قبل استيفاء المنفعة، أو ظهر مستحقًا أو معيبًا، وإذا صالحه بتزويج أمته، أو عن دين أو بشيء في الذمة، أو صالح الورثة من وصي له، أو صالح عن عيب من مبيعه بشيء أو صالحت المرأة عن دين أو عين أقرت به بتزويجها، وعما إذا كان الصلح بتزويجها عن عيب أقرت به في مبيعها، أو عما تعذر علمه، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تفصيل، ومثل لما يحتاج إلى تمثيل.

ج: النوع الثاني من أقسام الصلح على إقرار: أن يصالح على غير جنسه، بأن أقر له بعين أو دين، ثم صالحه عنه بغير جنسه، فهو معاوضة، ويصح بلفظ الصلح كسائر المعاوضات بخلاف ما قبله؛ لأن المعاوضة عن الشيء ببعضه محظورة، فالصلح عن نقد بنقد بأن أقر له بدينار، فصالحه عنه بعشرة دراهم مثلاً أو عكسه، فهو صرف يعتبر فيه التقابض قبل التفرق، والصلح عن نقد بأن أقر له بدينار، فصالحه عنه بعرض كثوب بيع، أو صالحه عن عرض أقر له به، كفرس بنقد ذهب أو فضة بيع، أو صالحه عن عرض أقر له به، كفرس بنقد ذهب أو فضة بيع، أو صالحه عن عرض كثوب بعرض بيع يشترط له شروطه كالعلم به، والقدرة على التسليم، والتقابض بالمجلس إن جرى بينهما ربا نسيئة. والصلح عن نقد أو عرض مقر به بمنفعة، كسكنى دار وخدمة قن معينين إجارة، فيعتبر له شروطها، وتبطل بتلف الدار وموت القن كباقي الإجارات، فيعتبر له شروطها، وتبطل بتلف الدار وموت القن كباقي الإجارات، بخلاف ما لو باعها أو أعتق العبد، فللمصالح نفعه إلى انقضاء المدة، وللمشتري الخيار إن لم يعلم ولا يرجع العبد على سيده بشيء؛ لأنه أعتقه مسلوب المنفعة، وإن تلفا قبل استيفاء شيء من المنفعة رجع بما صولح عنه، وانفسخت الإجارة، وفي أثنائها تنفسخ فيما بقي، فيرجع بقسطه، وإن ظهرت الدار مستحقة أو القن حرًا أو مستحقًا، فالصلح باطل، لفساد العوض، ورجع مُدَّع فيما أقر له به، وإن ظهر معيبين بما

تنقص به المنفعة، فله الرد وفسخ الصلح، وإن صالحه بتزويج أمته، صح بشرطه، والمصالح به صداقها؛ فإن فسخ نكاح قبل دخول بما يسقطه رجع زوج بما صالح عنه، وإن طلقها ونحوه قبل دخول رجع بنصفه. والصلح عن دين ونحوه غير دين سلم يصح بغير جنسه مطلقًا بأقل منه أو أكثر أو مساويه، ولا يصح صلح عن حق بجنسه، كعن بُرٍ بِبُرٍ أقل منه أو أكثر منه على سبيل المعاوضة، لإفضاء إلى ربا الفضل؛ فإن كان أقل على وجه الإبراء والهبة، صح؛ إلا بلفظ الصلح. والصلح عن دين بشيء في الذمة بأن صالحه عن دينار في ذمته بأردب قمح أو نحوه في الذمة، يصح، ويحرم التفرق قبل القبض؛ أنه يصير بيع دين بدين. ولو صالح الورثة من وصى له من قبل موروثهم بخدمة رقيق، أو بسكنى دار معينة، أو بحمل أمة مُعَيَّنَةٍ بدراهم مسماة، جاز صلحًا؛ لأنه إسقاط حق، فصح في المجهول للحاجة لا بيعًا، لعدم العلم بالمبيع، ومن صالح عن عيب في مبيع، بشيء من عين كدينار، أو منفعة كسكنى داره شهرًا، صَحَّ الصلح. وليس من الأرش في شيء، ورجع بالمصالح به إن بان عدم العيب، كانتفاخ بطن أمة ظنه حملاً، ثم ظهر الحال لتبين عدم

استحقاقه، أو زال العيب سريعًا بلا كلفة ولا تعطيل نفع على مشتر، كمزوجة بانت، ومريض عوفي، لحصول الجزء الفائت من المبيع بلا ضرر، فكأنه لم يكن، وترجع امرأة صالحت عن عيب مبيعها بتزويجها، وبان عدمه أو زال سريعًا بأرش العَيب لو كان، أو لم يزل سريعًا؛ لأنها رضيت بالأرش مهرًا لها، وكذا إن بان فساد البيع، كفن خرج حُرًّا أو مستحقًا، وإن أقر له بزرع فصالحه عنه، صح على الوجه الذي يصح بيعه، وتقدم تفصيله. ويصح الصلح عما تعذر علمه من دين أو عين، مثال الدين: كمن بينهما معاملة أو حساب مضى عليه زمن طويل، ومثال العين: كقفيز حنطة وقفيز شعير اختلطا وطحنا، فيصح بمال معلوم نقدًا ونسيئة؛ لما ورد عن أم سلمة قالت: جاء رجلان يختصمان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في موارث بينهما قد درست ليس بينهما بينة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم تختصمون إلي، وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها أسْطَامًا في عنقه يوم القيامة» فبكى الرجلان، وقال كل واحد منهما: حقي لأخي، فقال رسول الله

- صلى الله عليه وسلم -: «أما إذا قلتما، فاذهبا فاقتسما، ثم توخيا الحق، ثم استهما، ثم ليحلل كل واحد منكما صاحبه» رواه أحمد وأبو داود؛ لأنه إسقاط حق، فصح في المجهول للحاجة، ولئلا يفضي إلى ضياع المال أو بقاء شغل الذمة، إذ لا طريق إلى التخلص إلا به، وسواء كان الجهل من الجهتين أو ممن هو عليه، وقال الشافعي: لا يصح الصلح على المجهول؛ لأن فرع للبيع، والبيع لا يصح على المجهول؛ فإن وقع الصلح بمجهول لم يصح؛ لأن تسليمه واجب، والجهل به يمنعه؛ فإن لم يتعذر علم المجهول، كتركة باقية، صالح الورثة الزوجة عن حصتها منها مع الجهل بها، فكبراءة من مجهول. جزم به في «التنقيح» ، وقدمه في «الفروع» ، قال في «التلخيص» : وقد نزل أصحابنا الصلح عن المجهول المقربة بمعلوم منزلة الإبراء من المجهول، فيصح على المشهور لقطع النزاع، وظاهر كلامه في «الإنصاف» أن الصحيح المنع لعدم الحاجة إليه، ولأن الأعيان لا تقبل الإبراء، وقطع به في «الإقناع» ، قال في «الفروع» : وهو ظاهر نُصوصه. اهـ. (ش منتهى) .

من النظم فيما يتعلق بباب الصلح وللصلح في الأموال قسمان جوزا ... وذلك خيرٌ من خِلافٍ مُنَكّدِ فإن يبرئ الإنسان من بعض حقه ... ويَستوف بعضَ الحال صححه واحمد ويؤجر إن يشفع بذلك شافع ... وإن شفع القاضي بذلك يَقتدي وإن كان ذا الإسقاط شرطٌ لقَبضِهِ ... بقيته قولين في الصحة اسْنِدِ وخرج من إبرائه من كذا على ... تعَجل باقيه بغير تنكد ولا تمض ذا ممن منعت تبرعًا ... كعبد وطفل أو مكاتب أعبد ولا من ولي الغمر إلا ضرورةً ... كمجحود مال مع تعذر شهد ومن عن مؤجل غير دين كتابة ... يصالح ببعض عاجل فليصدد وليس صحيحًا منه تأجيل عاجل ... سوى ثمن في مجلس البيع فاشهد ومن يسقطن بعضًا وينسئ بعضه ... في الأوهى اقض بالإسقاط والنسأ اردد ولا صلح عن حق بجنس نسيئة ... وفيٍّ وصححه بعرض مزيد كعقل الخطأ أو متلف فيه قيمة ... كعبد وغير العبد من كل مفسد وتقضي بمال الصلح في مال قاتل ... حليلاً لخوف المكر عن عاقل ذد وعن متلف المثلي صحح بزائد ... على قيمة إذ مثله واجب قد ومن يصطلح مع من أقر ببيته ... بسكناه عامًا أو بنى فوقه اصدد

وإن تعترف بالدين بالجعل صح في ... اعترافك لا في أخذ جعل مجدد وإقرار أنثى بالنكاح برشوة ... وعبد برق لا يصح لقصد ودفعك دعوى الرق عنك برشوة ... يجوز كذا في زوجة في المجود وصلح بغير الجنس عقد تعاوض ... له شرط أنواع المعاوضة اشهد فإن يتو ما صالحته بانتفاعه ... بما تدعي أو ما اعترفت به عد وصححه من أنثى بتزويج نفسها ... فإن كان عن عيب المبيع المردد فزال سريعًا أو تبين سالمًا ... لها أرشه لا مهر أمثالها اشهد وصححه بالمعلوم عن متعذر ... التحققْ ولو عينًا على المتوطد وبالعوض المجهول عن مثله أجز ... كدارس ميراث محال التعدد

س102: ما حكم الصلح على الإنكار؟ وما مثاله؟ وماذا يكون في حق كل من المدعي والمدعى عليه؟ واذكر ما يترتب على ذلك من شفعة أو رد أو فسخ؟ وحكم ما إذا صالح ببعض عين مدعى بها، أو علم بكذب نفسه وما الذي يترتب على ذلك؟ وإذا قال: صالحني عن الملك الذي تدعيه، فهل يكون مقرا به. وإذا صالح على المنكر لدين أو عين أجنبي، أو صالح الأجنبي لنفسه في حال الإنكار والإقرار في دين أو عين، فما الحكم؟ وإذا ظن القدرة أو عدمها، ثم ثبتت على استنفاذها، فما الحكم؟

فصل في القسم الثاني من قسمي الصلح س102: ما حكم الصلح على الإنكار؟ وما مثاله؟ وماذا يكون في حق كل من المدعي والمدعى عليه؟ واذكر ما يترتب على ذلك من شفعة أو رد أو فسخ؟ وحكم ما إذا صالح ببعض عين مدعى بها، أو علم بكذب نفسه وما الذي يترتب على ذلك؟ وإذا قال: صالحني عن الملك الذي تدعيه، فهل يكون مقرًا به. وإذا صالح على المنكر لدين أو عين أجنبي، أو صالح الأجنبي لنفسه في حال الإنكار والإقرار في دين أو عين، فما الحكم؟ وإذا ظن القدرة أو عدمها، ثم ثبتت على استنفاذها، فما الحكم؟ ج: القسم الثاني من قسمي الصلح بمال الصلح على إنكار، بأن يدعي شخص على آخر عينًا أو دينًا، فينكر المدعى عليه أو يسكت، والمدعى عليه يجهل المدعى به، ثم يصالحه نقدًا ونسيئة؛ لأن المدعي ملجأ إلى التأخير بتأخير خصمه، فيصح الصلح، وبه قال مالك وأبو حنيفة، وأكثر العلماء؛ لعموم الآيات الواردة في الصلح؛ ولعموم قوله –عليه الصلاة والسلام-: «الصلح جائز بين المسلمين» فيدخل هذا في عمومه. فإن قالوا: فقد قال: «إلا صلحًا أحل حرامًا» وهذا داخل فيه؛ لأنه لم يكن له أن يأخذ من مال المدعى عليه، فحل بالصلح، قلنا:

لا نسلم دخوله فيه، ولا يصح حمل الحديث على ما ذكروه لوجهين: أحدهما: أن هذا يؤخذ في الصلح بمعنى البيع؛ فإنه يحل لكل واحد منهما ما كان محرمًا عليه قبله، وكذا الصلح بمعنى الهبة؛ فإنه يحل للموهوب ما كان حرامًا عليه. الثاني: أنه لو حل به المحرم لكان الصلح صحيحًا؛ فإن الصلح الفاسد لا يحل الحرام، وإنما معناه ما يتوصل به إلى تناول المحرم، مع بقائه على تحريمه، كما لو صالحه على استرقاق حر أو إحلال بضع محرم، أو صالحه بخمر أو خنزير، وليس ما نحن فيه كذلك، وعنه: لا يصح، وهو قول الشافعي؛ لأنه عاوض عما لم يثبت له، فلم تصح المعاوضة، كما لو باع مال غيره؛ ولأنه عقد معاوضة خلا عن العوض في أحد جانبيه، فبطل كالصلح على حد قذف، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. ويكون الصلح على إنكار إبراء في حق المدعى عليه؛ لأنه بذل العوض ليدفع الخصومة عن نفسه لا في مقابلة ثبت عليه، فلا شفعة في المصالح عنه إن كان شقصًا من عقار، ولا يستحق مدعى عليه لعيب وجد في مصالح عنه شيئًا؛ لأنه لم يبذل العوض في مقابلته لاعتقاده أنه ملكه قبل الصلح، فلا معاوضة، ويكون الصلح بيعًا في حق مدع، فله رد المصالح به عما ادعاه بعيب يجده فيه؛ لأنه أخذه

على أنه عوض ما ادعاه، وفسخ الصلح إن وقع على عينه، وإلا طالب ببدله، وتثبت في شقص مشفوع صولح به الشفعة؛ لأنه أخذه عوضًا عن ما ادعاه، كما لو اشترى به، إلا إذا صالح المدعِي مُدّعى عليه ببعض عين مُدَّعي بها، كمن ادعى نصف دار بيد آخر، فأنكره وصالحه على ربعها، فالمدعي في الصلح المذكور كالمنكر المدعى عليه، فلا يؤخذ منه بشفعة، ولا يستحق لعيب شيئًا؛ لأنه يعتقد أنه أخذ بعض عين ماله مسترجعًا له ممن هو عنده. ومن علم بكذب نفسه من مُدَّعٍ ومُدَّعى عليه، فالصلح باطل في حقه؛ أما المدعي؛ فلأن الصلح مَبْنيٌ على دعواه الباطلة، وأما المدعى عليه، فلأنه مبني على جحده حق المدعي ليأكل ما ينتقصه بالباطل. وما أخذه مدع عالم كذب نفسه مما صولح به، أو مدعى عليه مما انتقصه من الحق بجحده، فهو حرام؛ لأنه أكل لمال الغير بالباطل، ولا يشهد له إن علم ظلمه. قال في «الفتاوى المصرية» : ومن صالح على بعض الحق خوفًا من ذهاب جميعه، فهو مكره، ولا يصح، وله أن يطالبه الحق بعد ذلك إذا ثبت ذلك ببينة أو إقرار. ومن قال لآخر: صالحني عن الملك الذي تدعيه، لم يكن مقرًا بالملك للمقول، لاحتمال إرادة صيانة نفسه عن التبذل، وحضور مجلس الحكم بذلك. وإن صالح أجنبي عن منكر لِدَيْنٍ بإذنه أو بدونه، صح؛ لجواز

قضائه عن غيره بإذنه وبغير إذنه، فإنَّ عليًّا وأبا قتادة - رضي الله عنهما - قضيا عن الميت فأجازه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتقدم في الضمان، وإن صالح أجنبي عن منكر لعين بإذن المنكر، أو بدون إذنه، صح الصلح ولو لم يقل الأجنبي: إن المنكر وكله؛ لأنه افتداء للمنكر من الخصومة، وإبراء له من الدعوى، ولا يرجع الأجنبي بشيء مما صالح به عن المنكر في المسألتين إن وقع بدون إذنه في الصلح والدفع؛ لأنه أدى عنه ما لا يلزمه فكان متبرعًا، كما لو تصدق عنه؛ فإن أذن المنكر للأجنبي في الصلح أو الأداء عنه، رجع عليه إن نواه. وإن صالح الأجنبي المدّعي لنفسه، ليكون الطلب له وقد أنكر الدعوى، لم يصح؛ لأنه اشترى من المدعي ما لم يثبت له، ولم تتوجه إليه خصومة يَفْتَدِي منها، أشبه ما لو اشترى منه ملك غيره، وإن أقرَّ لأجنبي، والمدعى به دين، لم يصح؛ لأنه بيع دين لغير من هو عليه، وتقدم الكلام على بيع الدين مُستوفى في باب السلم، وإن كان المدعى به عينًا، وأقرَّ الأجنبي بها، وعلم عجزه عن استنقاذها من مدعى عليه، لم يصح الصلح؛ لأنه بيع مغصوب لغير قادر على أخذه، وإن ظن الأجنبي القدرة على استنقاذها، صح؛ لأنه اشترى من مالك ملكه القادر على أخذه في اعتقاده، أو ظن عدم القدرة، ثم تبينت قدرته على استنقاذها، صح الصلح؛ لأن البيع ما يمكن تسليمه، فلم يؤثر

ظنه عدمه، ثم إن عجز الأجنبي بعد الصلح ظانًا القدرة على استنقاذها، خير الأجنبي بين فسخ الصلح؛ لأنه لم يسلم له المعقود عليه فكان له الرجوع إلى بدله، وبين إمضاء الصلح؛ لأن الحق له كخيار العيب. وإن قال الأجنبي للمدعي: أنا وكيل المدعى عليه في مصالحتك عن العين، وهو مقر لك بها، وإنما يجحدك في الظاهر، فظاهر كلام الخرقي لا يصح الصلح. وقال القاضي: يصح، ثم إن صدقه المدعى عليه ملك العين، ورجع الأجنبي بما أدى عنه إن أذن في دفعه، وإن أنكر مدعى عليه الإذن فيه، أي: الدفع، فقوله بيمينه، وحكمه كمن أدى عن غيره دينًا بلا إذنه، وإن أنكر مدعى عليه الوكالة، فقوله مع يمينه، ولا رجوع للأجنبي، ولا يحكم له بملكها، ثم إن كان الأجنبي قد وكل في الشراء، فقد ملكها المدعى عليه باطنًا، وإلا فلا؛ لأن الشراء له بغير إذنه، وإن قال الأجنبي للمدعي: قد عرف المدعى عليه صحة دعواك، ويسألك الصلح عنه ووكلني فيه، فصالحه، صح، وكان الحكم كما ذكرنا؛ لأنه هنا لم يمتنع من أدائه. قاله في «المغني» ملخصًا. اهـ. «منتهى وشرحه» .

من النظم فيما يتعلق في الصلح على إنكار ومن يدعي شيئًا عليه فأنكر أو ... أرمَّ فبالمعلوم إن صالح اشهد بصحته من مدع وهو بائع ... فما جاز حكم البيع فيه ليطرد وذاك هو الإبراء في حق منكر ... فلا شفعة فيه ولا رد مفسد ولا صلح في حق العليم بمينه ... وما ناله سحت بغير تردد وعن منكر إن صالح الغير طد فان ... أذن فنوى بالمال عودًا ليردد وقيل بلا إذن عن الدين جائز ... وفي العين إن لم يدع الإذن يفسد وفي مدعي التوكيل وجهان ثم إن ... يصدقه يملكها وإلا فلا اشهد وإن كان في التكذيب والصدق كاذبًا ... ففي ملكها اعكس حكم كل بل ابتد ولا يرجع الناوي على غير آذن ... وقيل بلى عن ثابت بمبعدِ وإن هو لم يثبت يكن مثل مدع ... فيحلفه إن كان صدقه قد وإن رام ملك المدعي فقد اشترى ... ديونًا ومغصوبًا وفي البيع فاقصد فإن كذب الدعوى فذا الصلح باطل ... شرى غير مال واتقى ظلم معتدي كذا إن صدقا الدعوى بدين بأوطد ... وبالعين عن ذي العجز عن قهر جحد وإن ظن إمكان التخلص صححن ... في الأقوى ويمضي إن عجز أو ليردد وإن ظن عجزًا فاستبان مواتيًا ... فوجهين في تصحيح ذا الصلح أسند

س103: تكلم بوضوح عن الصلح على ما ليس بمال مبينا ما يصح الصلح عنه وما لا يصح عنه، ومن الذي لا تصح مصالحته؟ وإذا صالح عن دار فبان العوض مستحقه، أو عن قود بقيمة عوض، فبأي شيء يرجع؟ وما هي الأشياء التي تسقط بالصلح؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل.

وعن كل ما جاز التعاوض عنه طد ... وإن لم يجز فيه ابتياع لعقد الصلح على ما ليس بمال وما يصح الصلح عنه وما لا يصح س103: تكلم بوضوح عن الصلح على ما ليس بمال مبينًا ما يصح الصلح عنه وما لا يصح عنه، ومن الذي لا تصح مصالحته؟ وإذا صالح عن دار فبان العوض مستحقه، أو عن قود بقيمة عوض، فبأي شيء يرجع؟ وما هي الأشياء التي تسقط بالصلح؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل. ج: يصح صلح مع إقرار ومع إنكار عن قود في نفس ودونها، وعن سكنى دار ونحوها، وعن عيب في عوض أو معوض، قال في «المجرد» : وإن لم يجز بيع ذلك؛ لأنه لقطع الخصومة، فيصح عن قود بفوق دية ولو باع ديات، أو قيل: الواجب أحد شيئين؛ لما

روي أن الحسن والحسين وسعيد بن العاص بذلوا للذي وجب له

القصاص على هدبة بن خشرم سبع ديات، فأبى أن يقبلها؛ ولأن المال غير متعين، فلم يقع العوض في مقابلته، ويصح الصلح عما تقدم بما ثبت مهرًا في نكاح من نقد أو عوض، قليل أو كثير، حال ومؤجلٍ؛ لأنه يصح إسقاطه، ولا يصح صلح بعوض عن خيار في بيع أو إجارة أو عن شفعة أو عن حد قذف؛ لأنها لم تشرع لاستفادة مال، بل الخيار للنظر في الأحظ، والشفعة لإزالة ضرر الشركة، وحد القذف للزجر عن الوقوع في أعراض الناس، وتسقط جميعها: الخيار، والشفعة، وحد القذف بالصلح؛ لأنه رضي بتركها، ولا يصح أن يصالح سارقًا أو شاربًا ليطلقه ولا يرفعه للسلطان؛ لأنه لا يصح أخذ العوض في مقابلته، ولا يصح أن يصالح شاهدًا ليكتم شهادته، لتحريم كتمانها إن صالحه على أن لا يشهد عليه بحق لله ولآدمي، وكذا على أن لا يشهد عليه بالزور؛ لأنه لا يقابل بعوض. ومن صالح آخر عن دار ونحوها، ككتاب وحيوان بعوض، فبان العوض مستحقًا لغير المصالح، أو بان القن حرًا رجع بالدار ونحوها المصالح عنها إن بقيت، وببدلها إن تلفت، إن كان الصلح مع إقرار المدعى عليه؛ لأنه بيع حقيقة، وقد تبين فساده لفساد عوضه، فرجع فيما كان له، ورجع بدعواه قبل الصلح، وفي «الرعاية» : أو قيمة المستحق المصالح به مع إنكار، لتبين فساد الصلح بخروج المصالح

س104: تكلم بوضوح عن كل ما يلي: إجراء ماء في أرض غيره، صلحه على ذلك، وما الذي يترتب على ذلك؟ والذي يعتبر لصحته والذي لا يعتبر؟ الصلح على ساقية محفورة. الصلح على إجراء ماء مطر على سطح أو أرض، وهل الأرض الموقوفة كالمؤجرة؟ وإذا صالحه على سقي أرضه من نهره أو عينه، أو اشترى ممرا في دار أو موضعا في حائط ليفتح بابا أو نحوه، فما الحكم؟ وهل له إعادة ما ذكر؟ وما حكم الصلح على عدم إعادته، أو على زواله، أو على

به غير مال، أشبه ما لو صالح بعصير، فبان خمرًا، فيعود الأمر إلى ما كان عليه قبله. ووجه ما في «الرعاية» أن المدعي رضي بالعوض وانقطعت الخصومة، ولم يسلم له، فكان له قيمته، ورد بأن الصلح لا أثر له، لتبين فساده، ورجع المصالح عن قود من نفس أو دونها بعوض، وبان مستحقًا بقيمة عوض مصالح به، لتعذر تسليم ما جعل عوضًا عنه، وكذا لو صالح عنه بقن فخرج حرًا، وإن علم المتصالحان أن العوض مستحقًا أو حرًا حال الصلح، فبالدية يرجع ولي الجناية، لحصول الرضى على ترك القصاص، فيسقط إلى الدية، وكذا لو كان مجهولاً كدار وشجرة، فتبطل التسمية وتجب الدية، وإن صالح على عبد أو بعير ونحوه مطلق، صح، وله الوسط. إجراء ماء في أرض غيره وما يترتب على ذلك س104: تكلم بوضوح عن كل ما يلي: إجراء ماء في أرض غيره، صلحه على ذلك، وما الذي يترتب على ذلك؟ والذي يعتبر لصحته والذي لا يعتبر؟ الصلح على ساقية محفورة. الصلح على إجراء ماء مطر على سطح أو أرض، وهل الأرض الموقوفة كالمؤجرة؟ وإذا صالحه على سقي أرضه من نهره أو عينه، أو اشترى ممرًا في دار أو موضعًا في حائط ليفتح بابًا أو نحوه، فما الحكم؟ وهل له إعادة ما ذكر؟ وما حكم الصلح على عدم إعادته، أو على زواله، أو على

فعله صلحًا أبدًا أو إجارة؟ واذكر الدليل والتعليل. ج: يحرم أن يجري شخص في أرض غيره، أو في سطح غيره ماءً، ولو تضرر بتركه بلا إذن رب الأرض أو السطح، لتضرره أو تضرر أرضه، وكزرعها، ويصح صلحه على إجراء مائه في أرض غيره أو سطحه بعوض؛ لأنه إما بيع وإما إجارة، وإن صالحه على إجراء مائه في أرضه أو سطحه مع بقاء ملك رب المحل الذي يجري فيه، بأن تصالحا على إجرائه في ملكه، فهو إجارة؛ لأن المعقود عليه المنفعة، وإن لم يتصالحا على إجرائه فيه مع بقاء ملكه، فهو بيع؛ لأن العوض في مقابلة المحل، ويعتبر لصحة ذلك إذا وقع إجارة علم قدر الماء الذي يجريه لاختلاف ضرره بكثرته وقلته بساقية الماء الذي يخرج فيها إلى المحل الذي يجري فيه؛ لأنه لا يجري فيها أكثر من مائها. ويعتبر علم قدر ماء مطر برؤية المحل الذي يزول عنه الماء من سطح أو أرض أو بمساحته، أي: ذكر قدر طوله وعرضه، ليعلم مبلغه وتقدير ما يجري فيه الماء من ذلك المحل، ولا يعتبر علم قدر عمقه؛ لأنه إذا ملك عين الأرض أو نفعها كان له إلى التخوم، فله النزول فيه ما شاء. وفي «الإقناع» : وإن كان إجارة اشترط ذلك العمق، ولا يعتبر علم قدر مدة الإجراء للحاجة، إذ العقد على المنفعة في موضع الحاجة إجارة كنكاح وفي «القواعد» : ليس بإجارة محضة،

بل شبيه بالبيع. وفي «الإقناع» : يشترط فيه تقدير المدة، ولمستأجر ومستعير الصلح على ساقية محفورة في أرض استأجرها أو استعارها، ليجري الغير ماءها فيها، لدلالتها على رسم قديم. وقال في «شرح الإقناع» : هذا ما جزم به في «الإنصاف» وغيره، وفيه نظر؛ لأن المستعير لا يملك المنفعة، فكيف يصالح عليها! ولهذا لا يجوز أن يؤجر أو يعير، وعلى تسليم الصحة ينبغي أن يكون العوض المصالح به عن ذلك لمالك الأرض، كما يأتي فيما لو أجرها بإذن معير. ولا يجوز لمستأجر ومستعير الصلح على إجراء ماء معطر على سطح أو على أرض؛ لأن السطح يتضرر بذلك، ولم يؤذن له فيه، والأرض يجعل لغير صاحبها رسمًا، فربما ادعى رب الماء الملك على صاحب الأرض، وأرض موقوفة كمؤخرة في الصلح عن ذلك، فيجوز على ساقية محفورة لا على إحداث ساقية، أو إجراء ماء مطر عليها. وفي «المغني» : الأولى أنه يجوز له، أي: الموقوف عليه حفر الساقية؛ لأن الأرض له، وله التصرف فيها كيف شاء ما لم ينتقل الملك فيها إلى غيره، بخلاف المستأجر. قال في «الفروع» : فدل أن الباب والخوخة والكوة ونحو ذلك لا يجوز في مؤجرة، وفي موقوفة الخلاف، أو يجوز قولاً واحدًا، وهو أولى؛ لأن تعليل الشيخ لو لم يكن مسلمًا لم يفد، وظاهره لا يعتبر المصلحة وإذن الحاكم، بل

عدم الضرر، وأن إذنه يعتبر لدفع الخلاف، ويأتي كلام ابن عقيل في الوقف، وفيه إذنه فيه لمصلحة المأذون الممتازة بأمر شرعي، فلمصلحة الموقوف أو الموقوف عليه أولى، وهو معنى نصه في تجديده المصلحة، وذكره شيخُنا عن أكثر العلماء في تغيير صفاته لمصلحة كالحكورة، وعليه حكام أصحابنا بالشام حتى صاحب «الشرح» في الجامع المظفري، وقد زاد عمر وعثمان في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وغَيَّروا بناءه ثم عمر بن عبد العزيز، وزاد فيه أبوابًا، ثم المهدي، ثم المأمون. ولو صالحه على أن يسقي أرضه من نهره، أو من عينه، أو بئره مدة ولو كانت معينة، لم يصح الصلح بعوض؛ لعدم ملك الماء. وقال في «الإنصاف» : وقيل: يجوز، وهو احتمال في «المغني» و «الشرح» ومال إليه، قلت: وهو الصواب، وعمل الناس عليه قديمًا وحديثًا. ويصح شراء مَمَرٍّ في دار ونحوها من مالكه، وشراء موضع بحائط يفتح بابًا، وشراء بقعة تحفر بئرًا؛ لأنها منفعة مباحة؛ فجاز بيعها كالأعيان، ويصح شراء علو بيت، ولو لم يبن البيت إذا وصف البيت، ليعلم ليبني عليه، أو ليضع عليه بنيانًا، أو يضع عليه خشبًا موصوفين، ومع زوال ما على العلو من بنيان أو خشب لرب البنيان أو الخشب الرجوع على رب سُفْلٍ بأجرة مدة زواله عنه، وقيده في «المغني» بما إذا كان في مدة الإجارة، وكان السقوط لا يعود، فمفهومه أنه لا

رجوع في مسألة البيع، والصلح على التأبيد، ولا فيما إذا كان السقوط عوده، وله إعادته مطلقًا، سواء زال لسقوطه أو سقوط ما تحته، أو لهدمه له أو غيره؛ لأنه استحق إبقاءه بعوض، وله الصلح على عدم الإعادة؛ لأنه إذا جاز بيعه منه جاز صلحه عنه، كما له الصلح على زواله، أي: رفع ما على العلو من بنيان أو خشب، سواء صالحه عنه بمثل العوض المصالح به على وضع أو أقل أو أكثر؛ لأنه عوض عن المنفعة المستحقة له، فصح بما اتفقا عليه، وكذا لو كان له مسيل ماءٍ من غيره، أو ميزاب ونحوه، فصالح رب الأرض مستحقه ليزيله عنه بعوض، جاز، وله فعل ما تقدم من الممر، وفتح الباب في الحائط، وحفر البقعة في الأرض بئرًا، ووضع البناء والخشب على علو غيره صلحًا أبدًا؛ لأنه يجوز بيعه وإجارته، فجاز الاعتياض عنه بالصلح، وله فعله إجارة مدة معينة؛ لأنه نفع مباح مقصود، وإذا مَضَتْ بُقِّيَ، ولمالك العلو أجرة المثل، ولا يطالب بإزالة بنائه وخشبه؛ لأنه العرف فيه؛ لأنه يعلم أنها لا تستأجر لذلك إلا للتبايع، ومع التساكت له أجرة المثل.

من النظم فيما يصح الصلح عنه بِمَا صَحَ صلحًا عن دِمِ العمد صالحِنْ ... في الأقوى ولَو فَوقَ الدِيَّات بأوطدِ وخذ دية أو أرش جُرْحٍ لجهله ... وقيمته حرًا وغصبًا بها جُدِ وإن كان عن دار وعبد فخذهما ... فصلحك ذا بيع بدا ذا تفسد ولا تمضه عن حد قذف وشفعة ... وأسقطهما في الصلح في المتجود وإن تصطلح مع سارق لخلاصه ... وعن شاهد إن يكتم الحق تعتدي وصلح على إجراء ماءٍ بأرضه ... ويمشي ووضع الخشب مع علمه امهد وإن كان إيجارًا ليذكر قيده ... سوى ماء قطر من سطوح محدد ولابد من تحديد ساقية فإن ... يكن في كرًا جوزه في متحدد بمقدار وقت في إجازته فقط ... وفي الوقف في الأقوى أجز في مجدد وإن لم يضر الأرض أجر ضرورة ... بغير رضاه في قويْلٍ مُبَعَّدِ وصلحك كي تسقي نهارًا بمائه ... بوجه أجز كالبيع ثلث المخدد وإن تشتري أرضًا لتحفر مصنعًا ... وعلوًا لتبني فيه مع علمه طد وبشرط تبيان المحل وآلة البناء ... ومقدار البناء المشيد وإن تشتري علو المهدي متى بنى ... بنَيْت في الأقوى طد وكلاً فقيد

س105: لم وضع هذا الفصل؟ ومن هو الجار؟ وما هي الوصاية نحوه؟ وإذا حصل في هواء الإنسان، أو على جداره، أو في أرضه غصن شجرة غيره، فما حكم ذلك؟ وما الذي يترتب عليه من التقادير والأحكام؟ وإذا صالح رب غصن أو عرف عن ذلك بعوض، أو صالح من مال حائطه، أو زلق خشبه إلى ملك غيره عن ذلك بعوض فما الحكم؟ وإذا اتفق رب الغصن والهوى على أن الثمرة له أو بينهما، فما حكم ذلك؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف.

فصل في حكم الجوار س105: لِمَ وضع هذا الفصل؟ ومن هو الجار؟ وما هي الوصاية نحوه؟ وإذا حصل في هواء الإنسان، أو على جداره، أو في أرضه غصن شجرة غيره، فما حكم ذلك؟ وما الذي يترتب عليه من التقادير والأحكام؟ وإذا صالح رب غصن أو عرف عن ذلك بعوض، أو صالح من مال حائطه، أو زلق خشبه إلى ملك غيره عن ذلك بعوض فما الحكم؟ وإذا اتفق رب الغصن والهوى على أن الثمرة له أو بينهما، فما حكم ذلك؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف. ج: هذا الفصل عقد لبيان أحكام الجوار، ما يجب، وما يجوز، وما يحرم، والجوار، بكسر الجيم: مصدر جاور، وأصله الملازمة، ومنه قيل للمعتكف: مجاور، ولملازمة الجار جاره في المسكن. وقد وردت أحاديث في حسن الجوار والحث على ذلك، فمن ذلك ما ورد عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله

- صلى الله عليه وسلم -: «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه» متفق عليه. وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يمنع جار جاره أن يغرر خشبه في جداره» الحديث متفق عليه. وإذا حصل في هواء الإنسان أو على جداره، أو في أرضه التي يملكها أو بعضها، أو يملك نفعها أو بعضه غصنُ شجرة غيره أو عرقه، لزم رب الغصن والعرق إزالته برده إلى ناحية أخرى أو قطعه، سواء أثر ضررًا أو لا، ليخلي ملكه الواجب إخلاؤه، والهواء تابع للقرار، وضمن رب الغصن أو العرق ما تلف به بعد الطلب بإزالته، لصيرورته متعديًا بإبقائه وبناه في «المغني» على مسألة ما إذا مال حائطه فلم يهدمه حتى أتلف شيئًا، فعليه لا ضمان عليه مطلقًا، كما صححه في «الإنصاف» ؛ لأنه ليس من فعله، فإن أبى رب غصن أو عرق إزالته، فلرب الهواء أو الأرض قطع الغصن أو العرق إن لم يزل إلا به، بلا حاكم ولا غرم؛ لأنه لا يلزمه إقرار مال غيره في ملكه بلا رضاه، ولا يجبر ربه على إزالته؛ لأنه ليس من فعله، وإن أمكن رب الهواء إزالة الأغصان بلا إتلاف لها ولا قطع، من غير مشقة ولا غرامة، مثل أن يلويها ونحوه؛ لم يجز له إتلافها، كالبهيمة الصائلة إذا اندفعت بدون القتل؛ فإن أتلفها في هذه الحالة، غرمها لتعديه به. وإن اتفق رب الغصن والهواء على أن

الثمرة لصاحب الهواء أو بينهما، جاز الصلح؛ لأنه أصلح من القطع، ولم يلزم الصلح، فلكل منهما إبطاله متى شاء؛ لأنه مجرد إباحة من كل منهما لصاحبه، وصحة الصلح هنا مع جهالة العوض وهو الثمرة خلاف القياس، لخبر مكحول يرفعه: «أيما شجرة ظللت على قوم، فهم بالخيار بين قطع ما ظلل، أو أكل ثمرها» ، وفي «المبهج» في الأطعمة ثمرة غصن في هواء طريق عام للمسلمين. ومعناه أيضًا لابن القيم في «إعلام الموقعين» لأن إبقاءه إذن عرفًا في تناول ما سقط. وإن امتد من عروق شجرة إلى أرض جاره، فأثرت العروق ضررًا، كتأثير الممتد في المصانع وطي الآبار، وأساس الحيطان، أو كتأثيره في منع الأرض التي امتدت إليها العروق من نبات شجر، أو نبات زرع لصاحب الأرض، أو لم يؤثر الممتد شيئًا من ذلك، فالحكم في إزالته، وفي الصلح عنه كالحكم في الأغصان على ما تقدم من التفصيل والخلاف، إلا أن العروق لا ثمرة لها بخلاف الأغصان. وصلح من مال حائطه إلى ملك غيره أو من زلق خشبه إلى ملك غيره، كصلح رب غصن مع رب الهواء، فلا يصح على ما تقدم.

س106: تكلم بوضوح عما يلي: إخراج دكان ودكة بنافذ ما تلف بذلك. إخراج جناح أو ساباط أو ميزاب، إخراج دكان ودكة وجناح وساباط وميزاب في ملك غيره، أو هوائه، وفي درب غير نافذ، أو فتح باب فيه لاستطراق أو لغيره. الصلح عن إخراج دكان بملك غيره وجناح وساباط وميزاب بهواء غيره. نقل باب في درب غير نافذ. من له باب سر في درب غير نافذ، فأراد أن يستطرق منه استطراقا عاما. واذكر ما يتعلق حول ذلك من المسائل. وما لديك من دليل أو تعليل أو أمثلة أو تفصيل أو خلاف.

فصل في إخراج دكان ودكة بنافذ وغير ذلك س106: تكلم بوضوح عما يلي: إخراج دكان ودكة بنافذ ما تلف بذلك. إخراج جناح أو ساباط أو ميزاب، إخراج دكان ودكة وجناح وساباط وميزاب في ملك غيره، أو هوائه، وفي درب غير نافذ، أو فتح باب فيه لاستطراق أو لغيره. الصلح عن إخراج دكان بملك غيره وجناح وساباط وميزاب بهواء غيره. نقل باب في درب غير نافذ. من له باب سر في درب غير نافذ، فأراد أن يستطرق منه استطراقًا عامًا. واذكر ما يتعلق حول ذلك من المسائل. وما لديك من دليل أو تعليل أو أمثلة أو تفصيل أو خلاف. ج: يحرم إخراج دكان، أو إخراج دكة بطريق نافذ. والدكة بالفتح، والدكان بالضم: بناء يسطح أعلاه للمقعد، وفي موضع آخر: الدكان كرمان: الحانوت، وفي «الإقناع» الدكان هو الدكة المبنية للجلوس عليها، فيضمن مخرج دكان أو دكة ما تلف به لتعديه، وكذا جناح، وهو: الروشن على أطراف خشب وساباط ويمزاب، فيحرم إخراجها بنافذ إلا بإذن الإمام أو نائبه بلا ضرر، بأن يمكن عبور محمل من تحته، وإلا لم يجز وضعه ولا إذنه فيه، وفي «المغني» و «الشرح» احتمال بالجواز مع انتفاء الضرر، حكي رواية عن الإمام أحمد، ذكره الشيخ تقي الدين –رحمه الله- في «شرح العمدة» ، قلت:

وعليه العمل في كل عصر ومصر. قال في «القواعد الفقهية» : اختاره طائفة من المتأخرين، قال الشيخ تقي الدين –رحمه الله-: إخراج الميازب إلى الدرب هو السنة، واختاره. اهـ. «إنصاف» . فإن كان الطريق منخفضًا وقت وضعه، ثم ارتفع لطول الزمن، فحصل به ضرر وجبت إزالته، ذكره الشيخ تقي الدين. والساباط: هو المستوفي للطريق على جدارين، قال الجوهري: الساباط سقيفة بين حائطين تحتهما طريق، والجمع سوابيط وساباطات. وأما جواز إخراجها إذا لم يكن ضرر بإذن الإمام أو نائبه؛ فلأنه نائب المسلمين، فإذنه كإذنهم؛ ولحديث أحمد: أن عمر اجتاز على دار العباس، وقد نصب ميزابًا إلى الطريق فقلعه، فقال: تقلعه وقد نَصَبَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بيده؟! فقال: والله لا تنصبه إلا على ظهري، فانحنى حتى صعد على ظهره فنصبه؛ ولجريان العادة به. وقال الشيخ تقي الدين: ومن كانت له ساحة يلقي فيها التراب والحيوان والميت، وتضرر الجيران بذلك؛ فإنه يجب على صاحبها أن يدفع ضرر الجيران إما بعمارتها أو بإعطائها من يعمرها، أو بأن يمنع أن يلقي فيها ما يضر بالجيران. وقال –رحمه الله-: ولا يجوز لأحد أن يخرج في طريق المسلمين شيئًا من أجزاء البناء، حتى إنه ينهى عن تجصيص الحائط إلا أن يدخل رب الحائط به في حده بقدر غلظ الجص. انتهى.

ويحرم إخراج دكان ودكة وجناح وساباط وميزاب في ملك غيره أو هوائه، أو في درب غير نافذ، أو فتح باب في ظهر دار في الدرب غير النافذ لا استطراق إلا بإذن مالكه إن كان في ملك غيره، أو بإذن أهل الدرب غير النافذ؛ لأنه ملكهم، فلم يجز التصرف فيه بلا إذنهم، ويجوز فتح باب في ظهر دار في درب غير نافذ بلا إذن أهله لغير استطراق كضوء وهواء؛ لأن الحق لأهله في الاستطراق ولم يزاحمهم فيه؛ ولأن غايته التصرف في ملك نفسه برفع بعض حائطه، ويجوز فتح ذلك ولو لاستطراق في زقاق نافذ؛ لأنه ارتفاق بما لا يتعين له مالك، ولا إضرار فيه على المارين. ويجوز صلح بعوض عن إخراج دكان ودكة بملك غيره، وجناح وساباط وميزاب بهواء غيره، أو عن الاستطراق في درب غير نافذ؛ لأنه حق لمالكه الخاص ولأهل الدرب، فجاز أخذ العوض عنه كسائر الحقوق، ومحله في الجناح ونحوه إن علم مقدار خروجه وعلوه. ويجوز نقل باب في درب غير نافذ من آخره إلى أوله، لتركه بعض حقه في الاستطراق، فلم يمنع منه بلا ضرر؛ فإن كان فيه ضرر منع منه، كأن فتحه في مقابلة باب غيره، وكفتحه عاليًا يصعد إليه بسلم يشرف منه على دار جاره، ولا يجوز نقل الباب الذي بالدرب غير النافذ من أوله إلى داخل إن لم يأذن من فوق الداخل عنه، لتقدمه إلى

موضع لا استطراق له فيه؛ فإن أذن له من فوقه؛ فإنه يجوز، ويكون إعارة لازمة، فلا رجوع للآذن بعد فتح الداخل وسد الأول، كإذنه في نحو بناء على جداره؛ لأنه إضرار؛ فإن سد المالك بابه الداخل، ثم أراد فتحه لم يملك إلا بإذن ثان. ومن خرق بين دارين له متلاصقتين من ظهرهما، باباهما في دربين مشتركين، باب كل واحدة منهما في درب غير نافذ، واستطرق بالخرق إلى كل من الدارين من الأخرى، جاز؛ لأنه إنما استطرق من كل درب إلى داره التي فيه، فلا يمنع من الاستطراق منها إلى موضع آخر، كدار واحدة لها بابان يدخل من أحدهما ويخرج من الآخر. ومَن له باب سِرٍ يخْرجُ مِنْهُ النساء، أو الرجل المرة بعد المرة في درب غير نافذ، فأراد أن يستطرق منه استطراقًا عامًا، فقال الشيخ تقي الدين: ينبغي أن لا يجوز؛ لأن الظاهر أنه إنما استحق الاستطراق كذلك، فلا يتجاوزه.

س107: تكلم بوضوح عما يلي ممثلا لما لا يتضح إلا بالتمثيل: إذا أحدث بملكه ما يضر بجاره من نحو حمام أو غرس شجر، إذا تلف بسبب إحداثه في ملكه شيء. إذا ادعى فساد بئره بكنيف جاره أو بالوعته. إذا كان المضر بالجار سابقا. من أراد تعلية بنيانه على جاره. ماذا يلزم كل منهما نحو الآخر في نحو سترة أو بناء ما بينهما. أو صعود يشرف منه على النازل. من حفر بئرا في ملكه، فانقطع ماء بئر جاره. من ماء جاره له حق في جريانه على سطحه. التصرف في جدار مشترك أو جدار جار، وضع الخشب على جدار جاره، الاستناد إلى حائط جاره، إسناد قماشه وجلوسه في ظله، النظر في ضوء سراج الغير. واذكر ما لذلك من دليل أو تعليل أو خلاف.

إذا أحدث بملكه ما يضر بجاره س107: تكلم بوضوح عما يلي ممثلاً لما لا يتضح إلا بالتمثيل: إذا أحدث بملكه ما يضر بجاره من نحو حمام أو غرس شجر، إذا تلف بسبب إحداثه في ملكه شيء. إذا ادعى فساد بئره بكنيف جاره أو بالوعته. إذا كان المضر بالجار سابقًا. من أراد تعلية بنيانه على جاره. ماذا يلزم كل منهما نحو الآخر في نحو سترة أو بناء ما بينهما. أو صعود يشرف منه على النازل. من حفر بئرًا في ملكه، فانقطع ماء بئر جاره. من ماءُ جاره له حق في جريانه على سطحه. التصرف في جدار مُشْتركٍ أو جدار جار، وضع الخشب على جدار جاره، الاستناد إلى حائط جاره، إسناد قماشه وجلوسه في ظله، النظر في ضوء سراج الغير. واذكر ما لذلك من دليل أو تعليل أو خلاف. ج: ويحرم على المالك أن يحدث بملكه ما يضر بجاره، لخبر: «لا ضرر ولا ضرار» احتج به أحمد، ومثال ما يضر بالجار كحمام يتأذى جاره بدخانه، أو ينضر حائطه بمائه، وككنيف ملاصق لحائط جاره يتأذى بريحه، أو يصل إلى بئره، وكرحى يهتز بها حيطانه، وفي وقتنا هذا مكنة الطحنة، وكتنور يتعدى دخانه إليه، ومثله في وقتنا الفرن، لما في النار من الخطر أيضًا. وعمل دكان قصارة أو حدادة يتأذى بكثرة دق، وبهز حيطان للخبر، وهذا إضرار بجاره.

ويحرم غرس نحو شجرتين، كجميز تسري عروقه فتنشق مصنع جاره. ومما يضر بالجار أيضًا غرس الأثل؛ لأن عروقه تضخم وتؤثر على ما حولها من البناء، وحفر بئر ينقطع ماء بئر جاره، وسقي وإشعار نار يتعديان إلى جاره، ونحو ذلك من كل ما يؤذيه. ويضمن من أحدث بملكه ما يضر بجاره ما تلف بذلك بسبب الإحداث لتعديه به، لجاره منعه إن أحدث ذلك، كما له منعه من إحياء ما بجواره، لتعلق مصالحه به، كما له منه من دق وسقي يتعدى إليه، بخلاف طبخه وخبزه في ملكه، فلا يمنع منه لدعاء الحاجة إليه، وليسر ضرره. وإن ادعى فساد بئره بكنيف جاره أو بالوعته، اختبر بالنفط يلقى فيها؛ فإن ظهر طعمه أو ريحه بالماء؛ نقلت إن لم يمكن إصلاحها بنحو بناء يمنع وصوله إلى البئر، ولا يمنع من ذلك المضر بالجار سابقًا بضرر لاحق، كمن له في ملكه نحو مدبغة كرحى وتنور، فأحيا إنسان آخر بجانبها مواتًا، أو بنى دارًا، أو اشترى دارًا بجانبه بحيث يتضرر صاحب الملك المحدث بما ذكر من نحو المدبغة، لم يلزم صاحب المدبغة ونحوها إزالة الضرر؛ لأنه لم يحدث بملكه ما يضر بجاره، وليس للجار منع جاره من تعلية داره، ولو أفضى إعلاؤه إلى سد الفضاء عنه، قاله الشيخ. قال في «الفروع» : وقد احتج أحمد

بالخبر: «لا ضرر ولا ضرار» فيتوجه منه منعه، وروى أبو حفص العكبري في «الأدب» عن أبي هريرة مرفوعًا: «من حق الجار على الجار أن لا يرفع البنيان على جاره ليسد عليه الريح» . قال شيخنا: وليس له منعه خوفًا من نقص أجرة ملكه بلا نزاع. قال في «الفروع» : كذا قال: ويلزم الأعلى من الجارين بناء سترة تمنع مشارفة الأسفل؛ لأن الإشراف على الجار إضرار به؛ لأنه يكشفه ويطلع على حرمه، فمنع منه، وكذا لو كانت السترة قديمة فانهدمت؛ فإنه يجب إعادتها؛ فإن استويا في العلو اشتركا في بنائها، إذ ليس أحدهما أولى بالسترة من الآخر بالسترة، فلزمتهما. ويجبر ممتنع منهما على البناء مع الحاجة؛ لأنه حق عليه، لتضرر جاره بمجاورته له من غير سترة، فأجبر عليه كسائر الحقوق، وإن كان سطح أحدهما أعلى من الآخر، فليس له الصعود على سطحه على وجه يشرف على بيت جاره إلا مع السترة كما تقدم. ولا يلزم الأعلى سد طاقة إذا لم ينظر منها ما يحرم نظره من جهة جاره، إذ لا ضرر فيما على الجار حينئذ؛ فإن رأى ذلك منها لزمه سترها، ولا يمنع من صعود سطحه حيث لم ينظر حرامًا على جاره؛ فإن نظر ذلك، حرم ومنع. وإذا حفر إنسان بئرًا في ملكه، فانقطع ماء بئر جاره، وتوهم انقطاع ماء بئر جاره بسبب حفر بئره الحادثة، طمت الحادثة ليعود ماء بئر جاره؛ لأن الظاهر

أن الانقطاع بسببها؛ فإن سد الثاني بئره، ولم يعد ماء الأولى، كلف الجار، وهو صاحب البئر القديمة، حفر البئر المطموسة التي سدت من أجله؛ لأنه تسبب في سدها بغير حق. وقيل: لا يكلف سد بئره، ولو انقطع ماء جاره. وهذا القول قوي فيما أرى، والله أعلم. ومن له حق ماء يجري على سطح جاره، لم يجز لجاره تعلية سطحه ليمنع الماء أن يجري على سطحه، لما فيه من إبطال حتى جاره، أو أن يعليه لكي يكثر ضرر صاحب الحق بإجرائه على ما علاه للمضاربة به، ويحرم تصرف في جدار جار أو في جدار مشترك بين المتصرف وغيره بفتح كوة، أي: الخرق في الجدار، ويقال: روزنة أو بفتح طاق، أو بضرب وتد ولو لستره، ويحرم أن يحدث عليه سترة أو خصًا يحجز به بين السطحين إلا بإذن مالكه أو شريكه، كالبناء عليه، وكذا يحرم وضع خشب على جدار جار أو مشترك، إلا أن لا يمكن تسقيف إلا به، فيجوز بلا ضرر حائط، ويجبر رب الجدار أو الشريك فيه على تمكينه منه إن أبى بلا عوض؛ لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «لا يمنعن جار جاره أن يضع خشبة على جداره» ، ثم يقول أبو هريرة: «ما لي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم» متفق عليه. ولأنه انتفاع بحائط جاره على وجه لا يضره، أشبه الاستناد إليه وهو من

المفردات، قال ناظمها: ووضع الأخشاب على الجدار ... للجار إن لم يك بالأضرار مع اضطرار منه لتسقيف ... عليه إن أباه بالتعنيف وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي في «الجديد» : ليس للجار وضع خشبة على جداره جاره؛ لأنه انتفاع بملك غيره من غير ضرورة. والقول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس؛ لحديث أبي هريرة؛ فإن كان فيه ضرر، أو لم يحتج إليه، لم يجز إلا بإذن ربه، ولا فرق بين البالغ واليتيم والمجنون والعاقل، ولم يجز لرب الحائط أخذ عوض إذًا؛ لأنه يأخذ عوض ما يجب عليه بذله، ذكره في «المبدع» . وجدار مسجد كجدار دار وأولى؛ لأنه إذا جاز في ملك الجار مع أن حقه مبني على الشح والضيق، ففي حقوق الله المبنية على المسامحة والمساهلة أولى. والفرق بين فتح الباب والطاق، وبين وضع الخشب أن الخشب يمسك الحائط، والطاق والباب يضعفه، ووضع الخشب تدعو الحاجة إليه، بخلاف غيره. ولرب الحائط هدفه لغرض صحيح، ومتى زال الخشب بسقوطه، أو سقوط الحائط، ثم أعيد، فله إعادته إن بقي المجوز لوضعه، وإن خيف سقوط الحائط باستمراره عليه، لزمه إزالته. وإن استغنى رب الخشب عن إبقائه عليه لم تلزمه إزالته؛ لأن فيه إضرارًا بصاحبه، ولا ضرر على ما صاحب الحائط، وليس لرب الحائط هدمه بلا

حاجة، ولا إجارته أو إعارته على وجه يمنع المستحق من وضع خشبه؛ لأنه يُسقط بذلك حقًا وَجَبَ عليه، وإن باعه صح البيع، ولم يملك المشتري منْعَه. ومَن وجد بناءهُ أو وجد خشبه على حائط جاره، أو وجد مسيل مائه في أرض غيره أو جناحه، أو ساباطه في حق غيره، أو وجد مجرى مائه في سطحه على سطح غيره، ولم يعلم سببه وزال؛ فله إعادته؛ لأن الظاهر وضعه بحق، فإن اختلفا في أنه وضع بحق أو لا، فقول صاحب البناء والخشب والمسيل ونحوه أنه وضع بحق بيمينه، عملاً بالظاهر، وللإنسان أن يَستْنِدُ إلى حائط غيره، وأن يُسْنِدَ قماشه وجلوسه في ظله بلا إذنه، لمشقة التحرز منه، وعدم الضرر فيه. ويجوز للإنسان أن ينظر في ضوء سراج غيره بلا إذنه، وفي «الغاية وشرحها» : ويتجه، ويجوز للإنسان كتبه شيئًا يسيرًا، ككلمة وسطر بقلمه من محبرة غيره بلا إذنه، لجريان العادة بذلك؛ ولأنه مما يتسامح به عادة. وقال الشيخ تقي الدين: العين والمنفعة التي لا قيمة لها عادة لا يصح أن يرد عليها عقد بيع ولا عقد إجارة كمسألتنا، أي: كالاستناد إلى الجدار ونحوه، ومثلها في العين نحو حبة بر.

س108: تكلم عن أحكام ما يلي: إذا طلب شريط في حائط أو سقف شريكه ببناء معه. إذا بناه بإذن شريك أو حاكم، أو بناه شريك لنفسه. إذا احتاج نهر أو دولاب، أو بئر أو ناعورة، أو قناة لعمارة، وهو مشترك إذا عجز قوم عن عمارة قناتهم أو نحوها، فأعطوها لمن يعمرها بجزء. من كان له علو بيت، فانهدم الأسفل، هل يلزم الأعلى بناؤه أو المساعدة عليه؟ من هدم بناء له فيه حصة إذا خيف سقوطه، واذكر ما لذلك من أمثلة وأدلة وتعليلات.

إذا طلب شريك في حائط أو سقف شريكه ببناء معه س108: تكلم عن أحكام ما يلي: إذا طلب شريط في حائط أو سقف شريكه ببناء معه. إذا بناه بإذن شريك أو حاكم، أو بناه شريك لنفسه. إذا احتاج نهر أو دولاب، أو بئر أو ناعورة، أو قناة لعمارة، وهو مشترك إذا عجز قوم عن عمارة قناتهم أو نحوها، فأعطوها لمن يعمرها بجزء. من كان له علو بيت، فانهدم الأسفل، هل يلزم الأعلى بناؤه أو المساعدة عليه؟ من هدم بناء له فيه حصة إذا خيف سقوطه، واذكر ما لذلك من أمثلة وأدلة وتعليلات. ج: إذا طلب شريك في حائط انْهدم، أو سقف فيما بينهما مشاعًا، أوبين سُفْلِ أحدهما وعُلو الآخر ولو وقفًا انهدم، شريكه الموسِر فيه ببناء معه، أجبر المطلوب على النباء معه، كما يجر على نقضه معه عند خوف سقوط الحائط أو السقف دفعًا لضرره؛ لحديث: «لا ضرر ولا ضرار» وكون الملك لا حرمة له في نفسه توجب الإنفاق عليه مسلم؛ لكن حرمة الشريك الذي يتضرر بترك البناء توجب ذلك؛ فإن أبى شريك البناء مع شريكه، وأجبره عليه حاكم وأصر، أخذ حاكم ترافعًا إليه من مال الممتنع النقدَ، وأنفق بقدر حصته، أو باع الحاكم عَرَضَ الممتنع إن

لم يكن له نقد، وأنفق من ثمنه مع شريكه بالحاصة، لقيامه مقام الممتنع؛ فإن تعذر ذلك على الحاكم لنحو تغيب ماله، اقترض عليه الحاكم، ليؤدي ما عليه، كنفقة نحو زوجته، وإن بناه شريك بإذن شريكه، أو بناه بإذن حاكم أو بدون إذنهما، ليرجع على شريكه حال كون ما يبنيه شركة، رجع لوجوبه على المنفق عنه، وإن بناه لنفسه بآلته، فالمبني شركة بينهما كما كان؛ لأن الباني إنما أنفق على التأليف، وهو أثر لا عين يملكها، وليس له أن يمنع شريكه من الانتفاع به قبل أخذ نفقة تأليفه، كما أنه ليس له نقضه. وإن بنى لنفسه بغير آلة المنهدم، فالبناء للباني خاصة، وله نقضه؛ لأنه ملكه، لا إن دفع له شريكه نصف قيمته، فلا يملك نقضه؛ لأنه يجبر على البناء فأجبر على الإبقاء، وليس لغير الباني نقضه ولا إجبار الباني على نقضه؛ لأنه إذا لم يملك منعه من بناء فأولى أن لا يملك إجباره على نقضه. وإن لم يرد الانتفاع به، وطالبه الباني بالغرامة أو القيمة، لم يلزمه إلا إن أذن. وإن كان له رسم انتفاع ووضع خشب، وقال: إما أن تأخذه مني نصف القيمة لأنتفع به أو تقلعه لنعيد البناء بيننا، لزمه إجابته؛ لأنه لا يملك إبطال رسومه وانتفاه، وكذا إن احتاج لعمارة نهر أو دولاب أو بئر أو ناعورة أو قناة مشتركة بين اثنين فأكثر، فيجبر

الشريك على العمارة إن امتنع، وفي النفقة ما سبق تفصيله. وليس لأحدهم منع صاحبه من العمارة إذا أرادها كالحائط؛ فإن عمره أحدهم فالمال بينهم على الشركة، ولا يختص المعمر؛ لأن الماء ينبع من ملكهم، وإنما أثر أحدهم في نقل الطين منه، وليس فيه عين مال، والحكم في الرجوع بالنفقة كما تقدم في الحائط، وإذا كان بعض شركاء في نهر أو نحوه أقرب إلى أوله من بعض، اشترك الكل في كريه وإصلاحه حتى يصلوا إلى الأول، ثم إذا وصلوا فلا شيء على الأول، لانتهاء استحقاقه؛ لأنه لا حق له فيما وراء ذلك، ويشترون الباقون حتى يصلوا إلى الثاني، ثم لا شيء عليه لما تقدم. ويشترك من بعد الثاني حتى ينتهي إلى الثالث، ثم لا شيء عليه، وهكذا كلما انتهى العمل إلى موضع واحد منهم لم يكن عليه فيما بعده شيء؛ لأنه لا ملك فيما وراء موضعه. وإن بنيا ما بينهما نصفين من حائط وغيره، والنفقة بينهما نصفين، على أن لأحدهما أكثر مما للآخر، كأن شرطا لأحدهما الثلثين مثلاً، وللآخر الثلث، لم يصح؛ لأنه صالح على بعض ملكه ببعضه، أشبه ما لو أقر له بدار فصالحه بسكناها، أو بنياه على أن كلاً منهما يحمله ما يحتاج إليه لم يصح، ولو وصف الحمل؛ لأنه لا ينضبط.

وإن عجز قوم عن عمارة قناتهم أو نحوها، فأعطوها لمن يعمرها، ويكون له منها جزء معلوم، كنصف أو ربع، صح، وكذا لم يعجزوا على ما يأتي في الإجارة، كدفع رقيق لمن يربيه بجزءٍ معلومٍ منه، وغزل لمن ينسجه كذلك. ومن له علو من طبقتين، والسفلى للآخر، أوله طبقة ثانية وما تحتها لغيره، فانهدم السفل في الأولى أو الوسطى، أو هما في الثانية، لم يشارك رب العلو في النفقة على بناء ما انهدم تحته من سفل أو وسط؛ لأن الحيطان إنما تبنى لمنع النظر والوصول إلى الساكن، وهذا يختص به من تحته دون رب العلو، وأجبر على البناء مالكُ المنهدم تحت، ليتمكن رب العلو من انتفاعه به. ولو كان السفل الواحد، والعلو لآخر، وتنازعا في السقف ولا بينة، فالسقف بينهما، لانتفاع كل به لا صاحب العلو وحده، ويأتي إن شاء الله في «الدعاوى» بأوضح من هذا.

من النظم فيما يصح الصلح عنه ومن غصنه قد مال في ملك غيره ... ليرفعه أن يطلب وإلا ليبعد برفع إذا وأتى وإلا بقطعه ... ووجهان في الإجبار مع غرم مفسد وصلح جواز في انتفا الشح بالنما ... وفي العوض المعلوم أوجه فوطد فمن لمحفوظ خلاف ابن حامد ... وقيل على سال بأرضك معمد كذا الحكم في ساري العروض لأرضه ... وكالتمر ما ينبت عليه ليعدد وحظر بلا إذن خروج بروشن ... مضر وساباط ودكان معتد وإن كان قد ملك لقوم فحكمه ... إليهم وإلا للإمام المقلد ويضمن ما أراده والصلح جائز ... مع العلم في الحقين في المتجود وإخراج ميزاب لسيل أجز بلا ... أذىً غالبًا والمنع أشهر فاصدد ولا تفتحن في ظهر دارك منفذًا ... ممرًا بلا إذن بدرب مسدد وفتحكه لا للمرور مُجَوَّز ... على أشهر الوجهين والصلح جود وفتحكه في نافذ الدر جائز ... بغير خلاف في الطريق المعود والأقوى لذي الدارين أن يتلاصقا ... بدربين لاستطراق من كل مفرد ويملك نقل الباب في الدرب خارجًا ... كذا العكس في وجه في نصه اصدد وإن رام فتحًا في مقابل باب من ... يجاوره يمنعه إن شاء يصدد

وإن تجد البابين في غير نافذ ... لشخصين في الدرب اشتراكهما احدد إلى أول البابين بل منتهى بنا ... المقدم وللثاني جميع المزيد وفي ثالث فالدرب بينهما معًا ... لأنهما سيان في الحق واليد ولا تحدثن في غير ملكك طاقة ... وعن وضع أخشاب لضربه ذد وجوز بإذن أو بصلح إجارة ... معينة أو صلح دهر مؤبد وفي نقض هذا الحائط احكم له إذا ... بناه برد الرسم في الصلح تحمد وصلحًا لمنع الرد أو رفعها أجز ... وإن تجهلن كيفية الوضع أيد فإن لم يضر أو له عن غنية ... فلابد من إذن على المتوطد فإن لم يكن عنه غنى لتعذر السقيف ... أجز قهرًا وقيل بل اصدد وقولان في المضطر والحال هذه ... إلى وضع أخشاب بحائط مسجد وإن خيف من ضعف البنا فليزل كذا ... لينقض لخوف الهدم أو حسن مقعد وليس لدى ذي الحق نقل لغيره ... ولا صلحه أيضًا فمع ذا الغنى اصدد وأما يعده وضع ما ليس لازمًا ... فيسقط فشرط الرد إذن مجدد ومشترك الحيطان يسقط إن أبى ... الشريك على الإنفاق يجبر بأوكد وليس له منع الشريك بناؤه ... وخير له إذن الأمير المقلد وللحاكم الإنفاق من ماله إذا ... رأى يسره أو باقتراض مردد فإن يبنه الباني بآلة نقضه ... على أجرة التأليف لا يتزيد

فإن يبن بالأنقاض يرجع شركة ... بلا أجر تأليف وقيل ليصدد عن النفع قبل إعطاء قسط بنائه ... وإن يبنه من ماله فليفرد وبالشركة احكم بل إذا كان محدثًا ... له آلة من ماله فليفرد به وله إن شاء نقض بنائه ... وإن يبذل القسط الشريك وينقد على تركه للنفع لم يجبرن على ... الْقَبُول وعنه إن يأب يجبر ويلهد فإن قيل لم يجبر فإن تبد حاجة ... الشريك فيمنعه انتفاعًا ويصدد فخيره إن شاء الخراب ليبنيا ... جميعًا وإن شاء القبول فأرشد وصاحب علو دون سفل إذا هوت ... من السفل حيطان إن العود يقصد ليجبر معه صاحب السفل في البنا ... وفي العكس في إحدى المقالين فاطهد فعنه على كل بنا حد مُلْكِهِ ... بقولين في تشريكه والتفرد وبينهما التسقيف ظلاً ومركزًا ... وفي ثالث مع أوسط حكم ما ابتدى ومن يبن منهم حسبة فهو شركة ... ووجهين في ناوي الرجوع فأسند ولا نفع في الأدنى متى يبن من علا ... بغير رضى أو غرم قسط كمبتدي وقيل له السكنى كظل لغيره ... وليس له نفع بحيطانه اصدد ومن داره تعلو على الجار يلزمن ... بنا يستر الأدنى لباغي التقصد ويلزم أيضًا سد طاق علا ولو ... تقدم ودعوى لا أرى لا تقلد ومن يأب ألزمه البنا مع جاره ... إذا استويا بالارتفاع بأجود ولا غرم في هدي المخوف سقوطه ... المضر وإن يؤمن ليضمنه معتدي

ومن يأب ترميمًا لبئر وآلة استقاء ... ليجبر مع شريك بأوكد وليس له منع الشريك صلاحه ... ومن بعد في التشريك في الماء فاشهد وليس له نفع بآلات منفق ... بغير رضى أو غرم قسط المجددِ ويمنعه من كل نفع لجاره ... كحش وحمام وتنور موقد ودكان حداد ودق قصارة ... ومدبغة تؤذي بريح منكد ومن غرس ما يمتد منه عروقه ... إلى بئر ما الجار في المتوطد وسيان مؤذي المال والنفس يا فتى ... وضمنه ما أراده فعل المصدد

وَقْفٌ للهِ تَعَالَى تَأْلِيفُ عَبدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ السّلمانِ المدرس في معهد إمام الدعوة بالرياض غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين الجزء الخامس طُبِِعَ عَلَى نَفَقَةِ مَنْ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وجْهَ اللهِ وَالدَار الآخرةَ فجَزاهُ اللهُ عن الإسلام والمسلمينَ خيرًا وغَفَر له ولوالديه ولمن يُعيدُ طِبَاعَتَه أو يُعِيْنُ عليها أو يَتَسبَب لها أو يُشِيرُ على مَنْ يُؤمِلُ فيه الخيرَ أن يَطبَعَه وقفًا للهِ تعالى يُوزَّع على إخوانِهِ المسلمين ... اللهم صل على محمد وعلى آله وسلم

ومن أراد طباعته ابتغاء وجه الله تعالى لا يريد به عرضًا من الدنيا؛ فقد أذن له، وجزى الله خيرًا من طبعه وقفًا أو أعان على طبعه أو تسبب لطبعه وتوزيعه على إخوانه المسلمين؛ فقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مَن دَلَّ على خيرٍ فله مثل أجر فاعله» رواه مسلم، وورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة صانعه يحتسب في صنعته الخير والرامي به ومنبله» الحديث رواه أبو داود. وورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» الحديث رواه مسلم. طُبِع على نفقة: جماعة من المحسنين، جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين أحسن الجزاء، وكثر أمثالهم في المسلمين ... اللهم صل على محمد وآله وسلم. يا طالبًا لعلوم الشرع مُجتهدًا ... تَبغي الفوائدَ دَانِيها وقاصِيها في الفقه أسئلةٌ تُهدَى وأجوبَةٌ ... أَلْمم بها تَرتوي من عَذب صافيها كَم حُكْمُ شَرْعِ بقال الله مُقترنًا ... أو قالهُ المُصْطَفى أودَعْتُهُ فِيها

كتاب الحجر

بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الحجر س1: ما هو الحجر لغةً واصطلاحًا؟ وما الأصل في مشروعيته؟ وكم أسبابه؟ وهل الأولى ذكر الحجر بعد الصلح أم بعد الرهن وجه ذلك وبيِّن من هو المفلس؟ ولِمَ سمي بذلك؟ وإلى كم ينقسم الحجر؟ وكم أقسامه؟ وما هي أقسام كل قسم؟ واذكر ما يتعلق بذلك من مطالبة أو قيد أو تعميم لحكم أو دليل أو تعليل أو خلاف أو ترجيح. ج: الحجر لغةً: التضييق والمنع، ومنه سمي الحرام حجرًا؛ لقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ حِجْراً مَّحْجُوراً} أي حرامًا محرما، وسمي العقل حجرًا؛ لأنه يمنع صاحبه من ارتكاب ما يقبح وتضر عاقبته. وشرعًا: منع مالك من تصدقه في ماله غالبًا سواء كن المنع من قبل الشرع كالصغير والسفيه والمجنون أو الحاكم كمنعه المشتري من التصرف في ما له حتى يقبض الثمن على ما تقدم. والأصل في مشروعيته: قوله تعالى: {وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} أي أموالهم؛ لكن أضيفت إلى الأولياء؛ لأنهم قائمون عليها مدبرون لها. وقوله: {وَابْتَلُوا اليَتَامَى} ، وقوله: {فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ} . وقد فسر الشافعي -رحمه الله- السفيه بالمبذر والضعيف بالصبي والكبير المختل والذي لا يستطيع أن يمل بالمغلوب على عقله فأخبر الله تعالى أن هؤلاء ينوب عنهم أولياؤهم فدل على ثبوت

الحجر عليهم. وأسباب الحجر عشرة: الأولى: أن يكون الشروع فيه بعد انتهاء الكلام على متعلق الرهن، وكان منه الحجر الخاص على الراهن ومنعه من التصرف في الرهن إلا بإذن المرتهن. والمفلس لغةً: من لا مال له، ولا ما يدفع به حاجته، فهو المعدم، ومنه أفلس بالحجة أي عدمها، ومنه الخبر المشهور: «من تعدون المفلس فيكم؟» قالوا: من لا درهم له ولا متاع، قال: «ليس ذلك المفلس؛ ولكن المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال، ويأتي وقد ظلم هذا، وأخذ من عرض هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته؛ فإن بقي عليه شيء أخذ من سيئاتهم فرد عليه، ثم طرح في النار» رواه مسلم بمعناه، فقولهم ذلك إخبار عن حقيقة المفلس؛ لنه عرهم ولغتهم وقوله ليس ذلك المفلس تجوز لم يرد به نفي الحقيقة، بل إنما أراد فلس الآخرة؛ لأنه أشد وأعظم حتى إن فلس الدنيا عنده بمنزلة الغنى الواسع وسُمِيَ بذلك؛ لأنه لا مال له إلا الفلوس، وهي أدنى أنواع المال، والمفلس عند الفقهاء من دينه أكثر من ماله، وسُمي مُفلسًا وإن كان ذا مال لاستحقاق ماله الصرف في جهة دينه فكأنه معدوم أو لما يؤول إليه مِن عدم ماله بعد وفاء دينه أو لأنه يمنع من التصرف في ماله من حاكم مَن عليه دينٌ حالٌ يعجز عنه من تصرفه في ماله الموجود حال الحجر والمتجدد بعده بإرث أو هبة أو غيرها مدة الحجر أي إلى وفاء دينه أو حكمه بفكه ولا حجر على مكلّف رشيد لا دين عليه ولا على من دينُه مؤجل ولا على قادر على الوفاء ولا من التصرف في ذمته والحجر الذي يمنع الإنسان التصرف في ماله على ضربين: أحدهما: الحجر لحق الغير كالحجر على المفلس لحق الغرماء، وعلى راهن لحق المرتهن في الرهن بعد لزومه وعلى مريض مرض الموت المخوف فيما زاد على الثلث لحق

س2: من الغريم؟ وهل له منع مدينه إذ أراد سفرا من أو تحليله مما أحرم به؟ ومتى يجب وفاء دين حال؟ دلل على ما تقول. وماذا يعمل مع من خيف هروبه؟ وهل يمكن من طلب تمكينه من الإيفاء؟ وإذا مطل المدين رب الدين حتى شكاه، فماذا يلزم الحاكم نحوه؟ وما الحكم فيما غرم بسبب المطل أو تغيب مضمون أو أهمل شريك بناء حائط بستان اتفقا عليه فتلف من ثمرته بسبب ذلك؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تفصيل أو تعليل أو خلاف.

الورثة وعلى قن ومكاتب لحق سيدهما وعلى مرتد لحق المسلمين؛ لأن تركته فيء يُمنع من التصرف في ماله لئلا يفوتَه عليهم، وعلى مُشتر في جميع ماله إذا كان الثمن في البلد أو قريبًا منه بعد تسليمه المبيع لحق البائع حتى يُوفيه وتقدم وعلى شقص مشفوع بعد طلب شفيع له إن قلنا لا يملكه بالطلب لحق الشفيع والمذهب أنه يملكه بالطلب فلم يكن للمشتري شيء يحجر عليه فيه، القسم الثاني: الحجر على الشخص لحظ نفسه كالحجر على الصغير والمجنون والسفيه؛ لأن مصلحته عائدة إليهم والحجر عليهم في أموالهم وذممهم عام ولا يطالب مدين لم يحل ولا يحل ولا يحجر عليه بَدينٍ لم يحل؛ لأنه لا يلزم أداؤه قبل حلوله. مسائل فيها احترازات ومصالح لصاحب الدين والمدين س2: من الغريم؟ وهل له منعُ مَديِنه إذ أراد سفرًا من أو تحليله مما أحرم به؟ ومتى يجب وفاء دَيِن حال؟ دلل على ما تقول. وماذا يُعمل مع مَن خيف هروبه؟ وهل يُمكن من طلب تمكينه من الإيفاء؟ وإذا مطل المدين رب الدين حتى شكاه، فماذا يلزم الحاكم نحوه؟ وما الحكم فيما غرم بسبب المطل أو تغيب مضمون أو أهمل شريك بناء حائط بستان اتفقا عليه فتلف من ثمرته بسبب ذلك؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تفصيل أو تعليل أو خلاف. ج: الغريم هنا رب الدين. قال الجوهري: الغريم الذي عليه الدين، وقد يكون الذي له الدين قال كثير عزة: قضى كل ذي دين فوفى غريمه وعزة ممطول معنى غريمها ولغريم المدين إن أراد سفرًا منع مدينه من السفر ولو كان غير مخيف

أو كان المدين لا يحل أجله قبل مدة السفر وليس بدين الغريم الذي يريد مدينه السفر رهن يحرز الدين أي يفي به أو ليس به كفيل مليء قادر بالدين حتى يوثق بالرهن أو الكفيل المليء لما منه من الضرر عليه بتأخير حقه بسفره وقدومه عند محله غير متيقن ولا ظاهر؛ فإن كان الرهن لا يحرز والكفيل غير مليء فله منعه حتى يوثق بالباقي، وقيل ليس له منعه إذا كان الدين لا يحل قبل مدة السفر إذا لم يخش غيبته المستمرة؛ لأن الغريم قبل حلول دينه على غريمه ليس له مطالبته ولا حبسه ولا منعه من شيء من عوائده التي لا تضر بالغريم، وأيضًا العرف جار بين الناس أنهم لا يمنعون غرماءهم الذين لا تحل ديونهم في السفر، وأيضًا كثير من الناس معاملاتهم تضطر إلى السفر ومنعه ضرر كبير وتفويت لمصالحه وربما عاد الضرر على الغريم، فهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. وإن أراد الغريم مدين وضام السفر معًا فله منعهما ومنع أيهما حتى يوثق كما سبق وليس الغريم من أراد سفرًا لجهاد متعين لاستنفار الإمام منعه؛ لأن هذا أي الجهاد نفعه عام بخلاف الحج. قال في «الإنصاف» : اختار الشيخ تقي الدين –رحمه الله- أن من أراد سفرًا وهو عاجز عن وفاء دينه أن للغريم منعه حتى يقيم كفيلًا ببدنه. قال في «الفروع» : وهو متجه، قلت من «قواعد المذهب» : أن العاجز عن وفاء دينه إذا كان له حرفة يلزم بإيجار نفسه لقضاء الدَين فلا يبعد أن يمنع ليعمل. اهـ. ولا يملك ربُّ دَين تحليل المدين إن أحرم ولو بنقل لوجوب إتمامه. قال الشيخ تقي الدين: له منع عاجز حتى يقيم كفيلًا ببدنه، أي: لأنه قد يحصل له ميسرة ولا يتمكن من مطالبته لغيبته عن بلده فيطلبه من الكفيل، ويجب وفاء دَين حال فورًا على مدين قادر بطلب ربه؛ لما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مطل

س3: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا أحضر مدعى عليه مدعي

الغني ظلم» ، والطلب يتحقق المطل ويمهل مدين بقدر ما يتمكن به من الوفاء بأن طولب بمسجد أو سوق وماله بداره أو حانوته أو بلد آخر فيمهل بقدر ما يحضره فيه، ويحتاط رب دين إن خيف هروب المدين بملازمته إلى وفائه أو يحتاط بكفيل مليء أو توكيل في حفظه جمعًا بين الحقين، وكذا لو طلب تمكينه من الإيفاء محبوسٌ فيكمن منه ويُحتاط إن خيف هروبه كما تقدم، وكذا لو توكل إنسان في وفاء حق وطلب الإمهال لإحضار الحق فيمكن به كالموكل، وإن مَطَلَ المدينُ ربَّ الدَين حتى شكاه رَبُّ الدين وجب على حاكم ثبت لديه أمرُهُ بوفائه بطلب غريمه إن علم قدرته عليه أو جهل حاله لتعينه عليه ولم يحجر عليه لعدم الحاجة إليه ويقضي دينه بمال فيه شبهة نصًا؛ لأنها لا تُنفى شبهة بترك واجب وما غرم ربُّ دينٍ بسبب مطل مدين أحوج رب الدين إلى شكواه فعلى مماطل لتسببه في غرمه أشبه ما لو تعدى على مال لحمله أجرة وحمله لبلد آخر وغاب ثم غرم مالك أجرة حمله لعوده إلى محله الأول؛ فإنه يرجع به على من تعدى بنقله، وإن تغيب مضمون قادر على الوفاء فغرم ضامن بسببه أو غرم شخص لكذب عليه عند وليّ الأمر رجع الغارم بما غرمه على مضمون كاذب لتسببه. قال في «شرح المنتهى» : ولعل المراد إن ضمنه بإذنه وإلا فلا فعل له في ذلك ولا تسبب وإن أهمل شريك بناء حائط بستان بينه وبين آخر فأكثر، وقد اتفق الشريكان على البناء وبنى شريكه فما تلف من ثمرة البستان بسبب ذلك الإهمال ضمن مهمل حصة شريكه منه لحصول تلفه بسبب تفريطه؛ فإن أهملا البناء فلا ضمان على كل منهما. مسائل حول امتناع المدين عن أداء ما عليه س3: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا أحضر مُدّعى عليه مدّعي

به لحمله مؤنة ولم يثبت لمدّع فعلى من مؤنة إحضاره وردّه إلى محله، إذا أبى مدين وفاء ما عليه فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ ومن أول من حبس على الدَين؟ وكيف كان عمل الخصمين قبل ذلك؟ وما الذي يعمل مع محبوس موسر أبى دفع ما عليه؟ وإذا أصر على عدم القضاء فماذا يعمل معه؟ واذكر ما تستحضرهُ من دليل أو تعليل. ج: إذا أحضر مدعى عليه مدعي به لحمله مؤنة لتقع الدعوى على عينه ولم يثبت المدّعي لزم المدّعى مؤنة إحضاره وردّه إلى محله؛ لأنه ألجأه إلى ذلك فيؤخذ من هذه المسائل الرجوع بالغرم على من تسبب فيه ظلمًا؛ فإن أبى مدين وفاء ما عليه بعد أمر حاكم له بطلب ربه حَبَسَهُ؛ لحديث عمرو بن الشريد عن أبيه مرفوعًا: «لَيُّ الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته» رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، قال أحمد: قال وكيع: عرضه شكواه وعقوبته حبسه. وفي «المغني» : إذا امتنع الموسر من قضاء الدين فلغريمه ملازمته ومطالبته والإغلاظ عليه بالقول، فليقول: يا ظالم يا معتدي ونحوه للخبر وحديث: «إن لصاحب الحق مقالًا» اهـ. قلت: وفي قوله تعالى: {لاَ يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ} ما يدل على أنه يجوز لمن ظُلم أن يتكلم بالكلام الذي هو من السوء في جانب من ظلمه، وليس للحاكم إخراج المدين من الحبس حتى يتبين له أمره؛ لأن حبسه حكم فلم يكن له رفعه بغير رضا المحكوم له وأول مَن حبس على الدين شريح، وكان الخصمان يتلازمان وتجب تخليَة المحبوس إن بان معسرًا رضي غريمه أولًا فيخرجه منه لقوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} وقد ورد في إنظار المعسر أحاديث تدل على عظم فصل إنظاره منها ما ورد عن أبي أُمامة أسعد بن زرارة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سره أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله، فلييسر على معسر أو يضع عنه» ، وعن بريدة عن أبيه قال:

سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثله صدقة» ، قال: سمعتك يا رسول الله تقول: «من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثلاه صدقة» ، قال: «له بكل يوم مثله صدقة قبل أن يحل الدّين، فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثلاه» . وورد أن أبا قتادة كان له دَين على رجل، وكان يأتيه يتقاضاه فيختبئ منه، فجاء ذات يوم فخرج صبيٌ فسأله عنه، فقال: هو في البيت يأكل خزيرة، فناداه، فقال: يا فلان أخرج فقد أخبرت أنك هاهنا فخرج إليه، فقال: ما يُغَيّبُك عني؟ فقال: إني معسر وليس عندي شيء، قال: آلله إنك معسر؟ قال: نعم، فبكى أبو قتادة، ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة» رواه مسلم. وإن برئ المدين من غريمه بوفاء أو إبراء أو حوالة وجب إطلاقه لسقوط الحق عنه، وكذا إن رضي غريمه بإخراجه من الحبس بأن سأل الحاكم إخراجه وجب إطلاقه؛ لأن حَبْسَه حقٌ لربِّ الدين وقد أسقطه وإن أصَر المَدِينُ المليء على الحبس ولم يقبض الدين باع الحاكم ماله وقضى دينه؛ لما ورد عن كعب بن مالك «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حجر على معاذ ماله وباعه في دَينٍ كان عليه» رواه الدارقطني. وعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: كان معاذ بن جبل شابًا سخيًا وكان لا يمسك شيئًا فلم يزل يُدّان حتى أغرق ماله كله في الدين، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلمه ليكلم غرماءه فلو تركوا لأحد لتركوا لمعاذ لأجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له ماله حتى قام معاذ بغير شيء، رواه سعيد في «سننه» هكذا مرسلًا. وقال جماعة منهم صاحب الفصول: إذا أصّر على الحبس وصبر عليه ضربه الحاكم، قال في الفصول وغيره: يحبسه؛ فإن أبى عزره، قال: ويكرر حبسه وتعزيره حتى يقضيه. قال الشيخ: نصَّ عليه الأئمة من أصحاب أحمد وغيرهم ولا أعلم فيه نزاعًا؛ لكن لا يُزاد

س4: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: مطالبة ذي عسرة بما عجز عنه وملازمته والحجر عليه، إذا ادعى المدين العسرة ودينه عن عوض أو عرف له مال سابق أو عن غير عوض، وإذا كان هناك بينة فما الذي يعتبر فيها؟ وهل يحلف معها، إذا ادعى تلفا؟ وما الفرق بين ما إذا شهدت بنحو تلف أو بعسرة ومتى تسمع البينة، إذا طلب مدعي العسرة من الحاكم أن يسأل رب الدين عن عسرته، إذا أنكر مدعي عسرته وأقام بينة بقدرته على الوفاء أو حلف بحسب جوابه، ما بذله الغريم للمحبوس، إنكار المعسر وحلفه، إذا سأل غرماؤه من له مال لا يفي بدينه أو سأل بعضهم الحاكم الحجر عليه، إظهار حجر سفه وفلس والإشهاد على الحجر، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

في كل يوم على أكثر التعزير إن قيل بتقديره، وقال الشيخ: ومن طولب بأداء حق عليه من دَين أو غيره فطلب إمهالًا بقدر ما يتمكن فيه من الأداء أمهل بقدر ذلك كما تقدم. مسائل حول عسرة المدين س4: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: مطالبةُ ذي عسرة بما عجز عنه وملازمته والحجر عليه، إذا ادّعى المدين العسرة ودَينه عن عوض أو عرف له مال سابق أو عن غير عوض، وإذا كان هناك بيّنة فما الذي يعتبر فيها؟ وهل يحلف معها، إذا ادعى تلفًا؟ وما الفرق بين ما إذا شهدت بنحو تلف أو بعسرة ومتى تسمع البيّنة، إذا طلب مدّعي العسرة من الحاكم أن يسأل رب الدين عن عسرته، إذا أنكِر مدّعي عسرته وأقام بيّنة بقدرته على الوفاء أو حلف بحسب جوابه، ما بذله الغريم للمحبوس، إنكار المعسر وحلفه، إذا سأل غرماؤه مَن له مال لا يفي بدينه أو سأل بعضهم الحاكم الحجر عليه، إظهار حجرِ سَفَهٍ وفلس والإشهاد على الحجر، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: وتحرم مطالبة ذي عسرة بما عجز عنه وتحرم ملازمته والحجر عليه إن كان عاجزًا عن وفاء شيء منه؛ لقوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} . وقوله - صلى الله عليه وسلم - في الذي أصيب في ثماره: «خذوا ما وجدتن وليس لكم إلا ذلك» رواه مسلم. قال ابن القيم: ولم يحبس النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا يحبس في الدين ولو كان في مقابلته عوض إلا أن يظهر بقرينة أنه قادر مماطل؛ لأن الحبس عقوبة والعقوبة إنما تسوغ بعد تحقق سببها وهي من جنس الحدود، ولا يجوز إيقاعها بالشبهة، بل يتثبت الحاكم ويتأمل حال الخصم ويسأل عنه؛ فإن تبيّن له مطله وظلمه

ضربه إلى أن يوفي أو حبسه ولو أنكر غريمه إعساره؛ فإن عقوبة المعذور شرعًا ظلم وإن لم يتبيّن له من حاله شيء أخّره حتى يتبين له حاله وإن ادّعى المدين العسرة ولم يصدقه ربُّ الدين ودينه عن عوض كثمن مبيع وبدل قرض أو عرف له مال سابق، والغالب بقاؤه أو كان دينه عن غير عوض مالي كمهر وعوض خلع وأرش جناية وضمان وقيمة متلف ونفقة زوجة، وكان المدين أقرّ أنه مليء حبس؛ لأن الأصل بقاء المال ومؤاخذة له بإقراره إلا أن يقيم المدين بيّنة بإعساره ويعتبر في البينة الشاهدة بإعْسَارِهِ وأن تخبر باطن حاله؛ لأن الإعسار من الأحوال الباطنة التي لا يطلع عليها في الغالب إلا المخالط، وهذه الشهادة وإن كانت تتضمن النفي فهي تثبت حالة تظهر وتقف عليها المشاهدة وهي العسرة بخلاف ما لو شهدت أنه لا حق له؛ فإنه مما لا يوقف عليه ولا يحلف المدين مع البينة الشاهدة بإعساره لما فيه من تكذيب البيّنة أو أن يدعي تلفًا لما له أو نفاد ماله في نفقة أو غيرها ويقيم بيّنة بالتلف ونحوه ولا يعتبر فيها أن تخبر حاله؛ لأن التلف يطلع عليه مَن خَبَرَ بَاطن حاله وغيره ويحلف المدين مع البيّنة الشاهدة بتلف ماله ونحوه إن طلب رب الحق يمينه؛ لأن اليمين على أمر محتمل غير ما شهدت به البينة، والفرق أن بينة المعسر إن شهدت بنحو تلف حلف معها ولم يعتبر فيها خبرة الباطن، وإن شهدت بعسرة اعتبر فيها خبرة الباطن ولم يحلف معها ويكتفي في الشهادة بعسرته اثنين كالنكاح والرجعة ويكفي في الإعسار أن تشهد به، وفي التلف أن تشهد به فلا يعتبر الجمع بينهما وتسمع بينة الإعسار والتلف ونحوه قَبْل حبْسٍ كما تُسمع بَعد الحبس؛ لأن كل بيّنة جاز سماعها بعد مدة جاز سماعها في الحال وإن سأل مدع حاكمًا تفتيش مدين مُدعيًا أن المال معه لزمه إجابته، أو إلا أن يسأل مدين سؤال مدع عن حاله ويصدقه مدع على عسرته فلا يحبس في المسائل الثلاث.

وهي ما إذا أقام بينة بعسرته أو تلف ماله ونحوه أو صدقه مدع على ذلك، وإن أنكر مدّع عسرته وأقام بيّنة بقدرة المدين على الوفاء ليُسقط عنه اليمين حبس أو حلف مدع بحسب جوابه للمدين حبس المدين حتى يبري أو تظهر عسرته، وإن لم يكن دينه عن عوض كصداق ولم يعرف له مال الأصل بقاؤه ولم يقرّ أنه مليء ولم يحلف مدّع طلب يمينه أن لا يعلم عسرته حلف مدين أنه لا ماله وخلى سبيله؛ لأن الحبس عقوبة ولا يعلم له ذنب يعاقب به ولا يجب الحبس بمكان معين، بل المقصود تعويقه عن التصرف حتى يؤدي ما عليه ولو في دار نفسه بحيث لا يمكن من الخروج، وفي «الاختيارات» : ليس له إثبات إعساره عند غير من حبسه بلا إذنه وليس على محبوس قبول ما يبذله غريمه مما عليه مِنَّةٌ كغير المحبوس وإن قامت بيّنة بمعين لمدين فأنكر ولم يقربه لأحد أو أقربه لزيد مثلًا فكذبه قضى منه دين وإن صدقه زيد أخذه بيمين ولا يثبت الملك للمدين؛ لأنه لا يدعيه. قال في «الفروع» : وظاهر هذا أن البينة هنا لا يعتبر لها تقدم دعوى وإن كان له بيّنة قدمت لإقرار رب اليد وإن أقر به لغائب، فقال ابن نصر الله: الظاهر أنه يقضي منه دينه؛ لأن قيام البينة به له تكذبه في إقراره مع أنه متهم فيه وحرم إنكاره معسر وحلفه لا حق له، ولو تأول كقوله لا حق علي الآن لظلمه ربُّ الدين فلا ينفعه التأويل. وفي «الإنصاف» : لو قيل بجوازه إذا تحقق ظلم ربّ الحق له وحبسه ومنعه من القيام على عياله لكان له وجه. اهـ. وفي «الرعاية» : والغريب العاجز عن بيّنة إعساره يأمر الحاكم مَن يَسأل عنه، فإذا ظن السائل إعساره شهد به عنده. قال في «الإنصاف» : وقال الشيخ تقي الدين: إن ضاق ماله عن ديونه صار محجورًا عليه بغير حكم حاكم، وهو رواية عن أحمد. وهذا القول أرجح وأقرب إلى الصواب فيما أرى. والله أعلم. وإن سأل الحاكم غرماء من له مال لا يفي بدينه الحال

الحجر عليه أو سأله بعضهم الحجر على المدين لزم الحاكم إجابتهم وحجر عليه؛ لحديث كعب بن مالك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجر على معاذ وباع ماله» رواه الخلال. فإن لم يسأل أحد منهم لم يحجر عليه ولو سأله المفلس ويُسن إظهار حجر سفه وفلس ليعلم الناس حالهما فلا يعاملان إلا على بصيرة وسُنّ الإشهاد على الحجر؛ لذلك ليثبت عند من يقوم مقام الحاكم ولو عزل أو مات فيضمنه ولا يحتاج إلى ابتداء حجر ثان. من النظم فيما بكتاب الحجر وللحجر أسباب ثمانية أتت ... تفرع من ضربين عند التفقدِ فحجر لحق الغير كالمفلس الذي ... يَهَي ماله عن دينه الحال فاشهدِ فلا تطلبنّ شخصًا بدِينٍ مؤجلٍ ... ولا تحجرن من أجله وتَقَيَّدِ سوى راحلٍ حَلَّ الوَفَا قبل عوده ... كغازٍ وإلا لا وعنه إن تشا اصددِ إذا لم يوثق بالضمين ورهنه ... ومِنْ قَادرٍ يقضي فإن يأب يضهد بحبس فإن يصبر فبع واقض قد قضى ... ديون معاذ أحمد فيه اقتدى وعنه بإفلاس وموت يحل ما ... تأجل إلا أن يوثق ذو اليد بمحرز دَين أو بمقدار إرثه ... وعنه بلا شرط وعنه إن يُلحَّدِ وما كان للناوي وللمفلسين من ... مؤجل دَين لم يحل بما ابتدى وأن يدع الإعسار من كان موسرًا ... ومعتاض دَين عن ديون فقيد إلى أن يقيم الشاهدين بما ادّعى ... ويحلف إن يثبت توى ماله قد وإن يثبت الإعسار لا تحلفنه ... إذا أخبروا في الباطن العسر قيد وعن أحمد الإعسار بعد الغنى فلا ... تثبته إلا مع ثلاثة شهد ويسمع قبل الحبس فيه وبعده ... بعسرته قول الشهود فسدد وإن لم يكن ذا الدَين عوض ولم ... يكن يسار قيل احلف وشردِ

س5: كم الأحكام التي تتعلق بالحجر على المفلس؟ وما حكم إقرار المفلس على ماله؟ وما حكم تصرفه في ماله ببيع أو غيره؟ وبأي شيء يكفر المفلس والسفيه وجه ذلك؟ وما حكم تصرف محجور عليه لفلس في ذمته وإذا جنى محجور عليه لفلس فهل يشارك المجني عليه الغرماء؟ وما الذي يتعلق به الحجر؟ وهل يتبع محجور عليه بما لزمه في ذمته بعد الحجر؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو ترجيح.

وما يتصرف قبل حجر فامضه ... بغير خافٍ عند أصحاب أحمد وإن يعترف من قبل حجر بما حوى ... لهذه فتكذبه فمن ماله أعدد وذاك لهند إن تصدّق وإن تشا الغريم ... يحلف هند لا صاحب السيد الأحكام التي تتعلق بالحجر على المفلس س5: كم الأحكام التي تتعلق بالحجر على المفلس؟ وما حكم إقرار المفلس على ماله؟ وما حكم تصرفه في ماله ببيع أو غيره؟ وبأي شيء يُكفر المفلس والسفيه وجه ذلك؟ وما حكم تصرف محجور عليه لفلس في ذمته وإذا جنى محجور عليه لفلس فهل يشارك المجني عليه الغرماء؟ وما الذي يتعلق به الحجر؟ وهل يتبع محجور عليه بما لزمه في ذمته بعد الحجر؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو ترجيح. ج: يتعلق بحجر على مفلس أربعة أحكام أحدُها تعلق حق غرمائه بماله الموجود والحادث بنحو إرث؛ لأنه يباع في ديونهم فتعلقت حقوقهم به كالرهن مَن سأل الحجر وغيره فلا يصح أن يقربه المفلس على الغرماء ولو كان المفلس صانعًا كقصار وحائك وأقر بما في يده من المتاع لأربابه لم يقبل ويباع حيث لا بيّنة ويقسم ثمنُهُ بين الغرماء ويتبع به بعد فك الحجر عن، ولا يصح أن يتصرف فيه المفلس بغير تدبير ووصية؛ لأنه لا تأثير لذلك إلا بعد الموت وخروجها، من الثلث؛ ولأن المدر يصح بيعه ولا يعتق إلا إذا خرج من الثلث بعد وفاء الديون. وفي «المستوعب» : وغيْر صدَقَةٍ بتافهٍ فيصح زاد في «الرعاية» بشرط أن لا يضر. قال في «الإنصاف» : قلت إذا كانت العادة مما جرت به وتسومح بمثله فينبغي أن يصح تصرفه فيه بلا خلاف. وفي «شرح المنتهى» : والمراد تصرفًا مستأنفًا كبيع وهبة ووقف وعتق وصداق ونحوه؛ لأنه محجور عليه فيه أشبه الراهن يتصرف في الرهن؛ ولأنه متهم في

ذلك؛ فإن كان التصرف غير مستأنف كالفسخ لعيب فيما اشتراه قبل الحجز أو الإمضاء أو الفسخ فيما اشتراه قبله بشرط الخيار، صح؛ لأنه إتمام لتصرف سابق حجره فلم يمنع منه كاسترداد وديعة أودعها قبل حجره، ولا يتقيد بالأحظ وتصرفه قبل الحجر عليه صحيح ولو استغرق دَينه جميع ماله؛ لأنه رشيد غير محجور عليه؛ ولأن سبب المنع الحجر فلا يتقدم سببه ويحرم إن أضر بغريمه، وقيل: لا ينفذ تصرفه ذكره الشيخ تقي الدين وحكاه رواية واختاره، وسأله جعفر من عليه دَين يتصدق بشيء؟ قال: الشيء اليسير، وقضاء دَينه أوجب عليه. قلت: وهذا القول هو الصواب خصوصًا وقد كثرت حيل الناس، وجزم به في القاعدة الثالثة والخمسين، انتهى من «الإنصاف» . وقال ابن القيم: إذا استغرقت الديون ماله لم يصح تبرعه بما يضر بأرباب الديون سواء حجر عليه الحاكم أو لم يحجر عليه، هذا مذهب مالك، واختاره شيخنا وهو الصحيح، وهو الذي لا يليق بأصول المذهب غيره، بل هو مقتضى أصول الشرع وقواعده؛ لأن حق الغرماء قد تعلق بماله، ولهذا يحجر عليه الحاكم، ولولا تعلق حق الغرماء بماله لم يسع الحاكم الحجر عليه فصار كالمريض مرض الموت، وفي تمكين هذا المدين من التبرع إبطال حقوق الغرماء والشريعة لا تأتي بمثل هذا؛ فإنما جاءت بحفظ حقوق أرباب الحقوق بكل طريق وسد الطرق المفضية إلى إضاعتها. اهـ. ولا يصح أن يبيع المفلس ماله لغرمائه كلهم أو بعضهم بكل الدَين؛ لأنه ممنوع من التصرف فيه فلم يصح بيعه، كما لو باعه بأقل من الدين؛ ولأن الحاكم لم يحجر عليه إلا لمنعه من التصرف والقول بصحة التصرف يبطله، وهذا بخلاف بيع الرهن للمرتهن؛ لأنه لا نظر للحاكم فيه بخلاف مال المفلس لاحتمال غريم غيرهم وعليه، فلو تصرف في استيفاء دين أو المسامحة فيه ونحوه بإذن الغرماء لم يصح ونقل المجدّ في شرحه أن كلام القاضي وابن عقيل يدل على صحته

ونفوذه ويكفّر المفلس بصوم لئلا يضر بغرمائه ويكفّر سفيه بصوم لا يعتق وجوبًا، وقيل: إن السفيه الغني يكفّر بالمال كغيره؛ لعموم الأدلة. وهذا القول هو الذي يترجح عندي. والله أعلم. وعَلَّلَ أهل القول الأول بقولهم؛ لأن إخراجها من ماله يضر به وللمال المكفر به بدل وهو الصوم فرجع إليه، كما لو وجبت الكفارة على من لا مال له إلا إن فك حجره وقدر على ما يكفّر به قبل تكفيره، فكموسر لم يحجر عليه قبل ذلك فيكفّر بالعتق؛ لأن العبرة في الكفارات وقت الأداء على قوله مرجوح، ويخير من أيسر قبل تكفيره بين فعل العتق والصوم، إذ المعتبر في الكفارات وقت الوجوب، وإن تصرف محجور عليه لفلس في ذمته بشراء أو إقرار ونحوهما كإصداق وضمان، صح؛ لأهليته للتصرف والحجر يتعلق بماله لا بذمته ويتبع محجور عليه لفلس بما لزمه في ذمته بعد الحجر عليه بعد فك الحجر عنه؛ أنه حق عليه منع تعلقه بماله لحق الغرماء السابق عليه، فإذا استوفى فقد زال المعارض وعلم منه أنه لا يشارك الغرماء سواء علم من عامله بعد الحجر أنه محجور عليه أم لا، إلا أن الجاهل يرجع بعين ما باعه أو نحوه بشروطه الآتية، وإن جنى محجور عليه لفلس جناية توجب مالًا أو قصاصًا واختير المال شارك مجني عليه الغرماء لثبوت حقه على الجاني بغير اختيار المجني عليه ولم يرض بتأخيره كالجناية قبل الحجر وقدم مَن جنى عليه من قن المفلس بالقن الجاني لتعلق حقه بعينه، والمراد بلا إذن السيد أو به حيث علم التحريم وعدم وجوب الطاعة وإلا فيذمه سيد فيكون أسوة الغرماء كما لو جنى السيد نفسه.

س6: الحكم الثاني من وجد عين ماله عند من أفلس تكلم عنها بوضوح، وبين حكم ما إذا قال المفلس: أنا أبيعها وأعطيك ثمنها أو بدلها غريم أو خرجت وعادت في ملكه، وكم الشروط المشترطة لرجوع مرة وجد عين ماله عند مرة أفلس وإذا اختلطت بغيرها أو تغيرت أو تعلق بها حق أو زادت أو نقصت فما الحكم؟ وبأي شيء يكون الرجوع بها؟ وإذا رجع بما أبق أو شبهه بغيره أو فيما ثمنه مجل أو صيد وهو محرم، فما الحكم؟ وما الذي لا يمنع الرجوع فيها؟ وإذا كان المبيع أرضا وفيها غراس أو زرع ورجع رب الأرض فيها، فما الحكم؟ وبين ما يترتب على ذلك من الصور والاختلاف والأحكام. واذكر ما يتعلق بذلك من قيود أو محترزات أو إلزامات أو ضمان أو موت أو دليل أو تعليل أو تفصيل أو خلاف مع الترجيح لأحد القولين.

الحكم الثاني من وجد عين ماله عند من أفلس س6: الحكم الثاني مَنْ وجد عين ماله عند من أفلس تكلم عنها بوضوح، وبين حكم ما إذا قال المفلس: أنا أبيعها وأعطيك ثمنها أو بدلها غريمٌ أو خرجت وعادت في ملكه، وكم الشروط المشترطة لرجوع مرة وجد عين ماله عند مرة أفلس وإذا اختلطت بغيرها أو تغيرت أو تعلق بها حق أو زادت أو نقصت فما الحكم؟ وبأي شيء يكون الرجوع بها؟ وإذا رجع بما أبق أو شبهه بغيره أو فيما ثمنه مجل أو صيدٍ وهو مُحرمٌ، فما الحكم؟ وما الذي لا يمنعُ الرجوع فيها؟ وإذا كان المبيع أرضًا وفيها غراس أو زرع ورجع رب الأرض فيها، فما الحكم؟ وبين ما يترتب على ذلك من الصور والاختلاف والأحكام. واذكر ما يتعلق بذلك من قيود أو محترزاتٍ أو إلزاماتٍ أو ضمانٍ أو موتٍ أو دليلٍ أو تعليلٍ أو تفصيلٍ أو خلافٍ مع الترجيح لأحد القولين. ج: الحكم الثاني: أن من وجد عين ما باعه للمفلس أو عين ما أقرضه له أو عين ما أعطاه له رأس مال سلم فهو أحق بها أو وجد شيئًا أجره للمفلس ولو كان المؤجر للمفلس غريمُ المفلس ولم يمض مِن مدة الإجارة زمنٌ له أجرة فهو أحق به وإن مضى من المدة شيء فلا فسخ تنزيلًا للمدة منزلة المبيع ومضى بعضها كتلف بعضه، وكذا لو استؤجر لعمل معلوم؛ فإن لم يعمل منه شيئًا فله الفسخ، وإلا فلا أوجد نحو ذلك كشقص أخذه المفلس منه بالشفعة ولو كان بيعه أو قرضه ونحوه بعد حجره جاهلًا بالحجر البائع أو المقرض أو نحوهما فواجد عين ماله فمن تقدم أحق بها؛ لما ورد عن الحسن عن سمرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَن وجَدَ مَتَاعَه عند مفلس بعينه فهو أحق به» رواه أحمد. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدرك

ماله بعينه عند رجل أفلس أو إنسان قد أفلس هو أحق به من غيره» رواه الجماعة. وفي لفظ: قال في الرجل الذي يُعْدِم إذا وجد عنده المتاع ولم يُفرقهُ: «إنه لِصَاحِبِه الذي باعَه» رواه مسلم والنسائي. وفي لفظ: «أيما رجل أفلس فوجد رجل عنده ماله ولم يكن اقتضى من ماله شيئًا فهو له» رواه أحمد. وعن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما رجل باع متاعًا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعهُ من ثمنه شيئًا فوجد متاعه بعينه فهو أحق به» الحديث رواه مالك في «الموطأ» ، وبه قال عثمان وعليّ، قال ابن المنذر: لا نعلم أحدًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خالفهما؛ وأما من عامله بعد الحجر جاهلًا فلأنه معذور وليس مقصر بعدم السؤال عنه؛ لأن الغالب على الناس عدم الحجر؛ فإن علم بالحجر فلا رجوع له فيها لدخوله على بصيرة ويتبع ببدلها على فك الحجر عنه، وحيث كان ربها أحقٌّ بها؛ فإنه يقدم بها، ولو قال المفلس: أنا أبيعها وأعطيك ثمنها، لم يلزم قبوله وله أخذ سلعته نصًا؛ لعموم الخبر؛ فإن بذل الغرماء لصاحب السلعة التي أدركها ربها بيد المفلس الثمن من أموالهم أو خصّوه بثمنها من مال المفلس ليتركها لم يلزم ربّ السلعة قبوله ولو أخذها؛ لعموم ما سبق. وقيل: إنه إذا حصل له ثمن سلعته على أي وجه كان لم يكن له أخذها؛ لأن الشارع إنما خصّه وجعل له الحق في أخذها خوفًا من ضياع ماله فينظر إلى المعنى الشرعي، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. وإن دفع الغراء إلى المفلس الثمن فبذله المفلس لربِّ السلعة لم يكن له الفسخ واستقر البيع لزوال العجز عن تسليم الثمن فزال ملك الفسخ كما لو أسقط الغرماء حقهم عنه أو وُهِبَ له مالٌ فأمكنه الأداء منه أو غلت أعيان ماله فصارت قيمتها وافية بحقوق الغرماء بحيث يمكنه أداء الثمن كله وهو أحق بها إن شاء ولو بعد خروجها عن

ملك المفلس وعودها إليه بفسخ أو شراء أو نحو ذلك، كإرث وهبة ووصية، فلو اشتراها المفلس ثم باعها ثم اشتراها فهي لأحد البائعين بقرعة فأيهما قرع كان أحق بها؛ لأنه يصدق على كل منهما أنه أدرك متاعهُ عند من أفلس فتقديم أحدهما ترجيح بلا مرجح فاحتجنا إلى تمييزه بالقرعة؛ فإن ترك أحدُهما فللثاني الأخذ بلا قرعة ولا تقسم بينهما لئلا يفضي إلى سقوط حقهما من الرجوع فيها، فلا يقال كل من البائعين تعلق استحقاقه بها، بل يقال: أحدهما أحق بأخذ لا بعينه فيميز بقرعة والمقروع أسوة الغرماء، وقيل: إنها للبائع الثاني، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. ومن قلنا إنه أحق بمتاعه الذي أدركه له تركه والضرب أسوة الغرماء –وشُرط لرجوع من وجد عين ماله عند من أفلس ستة شروط: واحد في المفلس: هو كونه حيًا، وواحد في العوض، وأربعة في العين، وزاد في «الإقناع» سابعًا: وهو كونه صاحب العين حيًا، وقال به جمع منهم صاحب «الترغيب» و «الرعاية الكبرى» ، وقدمه في «الرعاية الصغرى» و «الفائق» ، والزركشي، و «التلخيص» . أحدُها: كون مفلس حيًا إلى أخذها؛ لحديث أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما رجل باع متاعه فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا فوجد متاعه بعينه فهو أحق به، وإن مات المشتري فصحب المتاع أسوة الغرماء» رواه مالك وأبو داود مرسلًا، ورواه أبو داود مسندًا، وقال: حديث مالك أصح؛ ولأن الملك انتقل إلى الورثة أشبه لما لو باعه. والشرط الثاني: بقاء كل عوض العين في ذمة المفلس للخبر، ولما في الرجوع في قسط باقي العوض من التشقيص وأضرار المفلس والغرماء لكونه لا يرغب فيه كالرغبة في الكامل. والثالث: كون السلعة في ملك المفلس فلا رجوع إن تلف بعضها أو بيع أو وقف أو نحوه؛ لأن البائع ونحو لم يدرك متاعه، وإنما أدرك بعضه

ولا يحصل له بأخذ البعض فصل الخصومة وانقطاع ما بينهما وسواء رضي بأخذ الباقي بكل الثمن أو بقسطه لفوات الشرط إلا إذا جمع العقد عددًا كثوبين فأكثر فيأخذ بائع ونحوه مع تعذر بعض المبيع ونحوه بتلف إحدى العينين أو بعضه ما بقي من العين السالمة؛ لأن السالم من العينين وجده ربه بعينه فيؤخذ؛ لعموم الخبر، أو لا يجمع العقد عددًا لكن كان المبيع ونحوه مكيلًا أو موزونًا كقفيز بر وقنطار حديد تلف بعضه فيأخذ بائع ونحوه مع تعذر بعض المبيع ونحوه بتلف أحد العينين أو بعضه ما بقي؛ لأن السالم من البيع وجده البائع بعينه عند إنسان قد أفلس فهو أحق به. وهذا بخلاف ما لو كانت العينان بحالها فقبض من الثمن مقدار ثمن أحدهما؛ فإنه يمنع الرجوع في العينين أو في إحداهما، والفرق أن المقبوض من الثمن يقسط على المبيع فيقع القبض من ثن كل واحدة بخلاف التلف؛ فإنه لا يلزم من تلف إحداهما تلف شيء من الأخرى. والرابع: كون السلعة بحالها، ومعنى ذلك بأن لم تنقص ماليتها لذهاب صفة من صفاتها مع بقاء عينها بأن لم توطأ بكر ولم يجرح قن جرحًا تنقص به قيمته؛ فإن وطئت أو جرح فلا رجوع. وقيل: لا يمنع الرجوع؛ لأنه فقد صفة فأشْبه نسيان الصنعة واستخلاق الثوب، فإذا رجع نظرنا في الجرح؛ فإن كان ممالًا أرش له كالحاصل بفعل الله تعالى أو فعل بهيمة أو جناية المفلس أو جناية عبده أو جناية العبد على نفسه فليس له مع الرجوع أرش، وإن كان الجرح موجبًا لأرش كجناية الأجنبي فللبائع إذا رجع أن يضرب مع الغرماء بحصة ما نقص من الثمن فينظركم نقص من قيمته فيرجع بقسط ذلك من الثمن؛ لأنه مضمون على المشتري للبائع بالثمن، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس؛ لأن عين ماله باقية لم تتلف. والله أعلم. ويكون صاحب الحين أسوة الغرماء عند من لم ير الرجوع لما تقدم، وبأن لم تختلط بغير متميز؛ فإن خُلِطَ زيتٌ بزيت

ونحوه فلا رجوع؛ لأنه لم يجد عين ماله بخلاف خلط بر بحمص فلا أثر له. قال في «الإنصاف» : قال الزركشي، وقد يقال: ينبني على الوجهين في أن الخلط هل هو بمنزلة الإتلاف أم لا؟ ولا نسلم أنه لم يجد عين ماله، بل وجده حكمًا. انتهى. قلت: الصحيح من المذهب أن الخلط ليس بإتلاف وإنما هو اشتراك على ما يأتي بكلام المصنف في باب الغصب في قوله: وإن خلط المغصوب بماله على وجه لا يتميز. اهـ. (5/290) . وقال مالك: يأخذ زيته، وقال الشافعي: إن خلط بمثله أو دونه لم يسقط الرجوع، وله أن يأخذ متاعه بالكيل أو الوزن، وإن خلطه بأجود، ففيه قولان: أحدهما: يسقط حقه من العين، قال الشافعي: وبه أقول، واحتجوا بأن عين ماله موجودة من طريق الحكم فكان له الرجوع، كما لو كانت منفردة؛ ولأنه ليس فيه أكثر من اختلاط ماله بغيره فلم يمنع الرجوع كما لو اشترى ثوبًا فصبغه أو سويقًا ففته. اهـ من «المغني» (5/527) . وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. وإن اشترى حنطة فطحنها أو زرعها أو دقيقًا فخبزه أو زيتًا فعمله صابونًا أو ثوبًا فقطعه قميصًا أو غزلًا فنسجه ثوبًا أو خشبًا فنجره أبوابًا أو شريطًا فعمله إبرًا أو شيئًا فعمل به ما أزال اسمه سقط حق الرجوع، وقال الشافعي: فيه قولان: أحدهما – وبه أقول: يأخذ عين ماله ويعطي قيمة عمل المفلس فيها؛ لأن عين ماله موجودة وإنما تغير اسمها فأشبه ما لو كان المبيع حملًا فصار كبشًا أو وديًا فصار نخلًا، وهذا القول هو الذي يترجح عندي؛ لأنه وجد عين ماله. والله أعلم. وإن كان حبًا فصار زرعًا أو زرعًا فصار حبًا أو نوى فنبت شجرًا أو بيضًا فصار فراخًا سقط حق الرجوع، وقيل: لا يسقط وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي المنصوص عليه منهما؛ لأن الزرْعَ نفس الحَب والفرخ نفس البيضة، وهذا القول أيضًا هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم.

والخامس: كون السلعة لم يتعلق بها حق كشفعة إذا كان قبل الطلب وأما بعده فقد دخل في ملك الشفيع به؛ فإن تعلق بها حق شفعة فلا رجوع لسبق حق الشفيع ثبت بالبيع وحق البائع ثبت بالحجر والسابق أولى، قال في «الفروع» : فله أسوة الغرماء في الأصح، وقيل: لا يمتنع الرجوع، وقيل: الشفيع أحق به، وقيل: إن طالب الشفيع امتنع وإلا فلا والذي يترجح عندي أن له الرجوع لعموم الخبر. والله أعلم. وإن كان المبيع عبدًا فجنى ثم أفلس المشتري فالبائع أسوة الغرماء؛ لأن الرهن يمنع الرجوع وحق الجناية مقدم عليه فأولى أن يمنع. وقيل: له الرجوع؛ لأنه حق لا يمنع تصرف المشتري فيه بخلاف الرهن فعلى المذهب حكمه حكم الرهن، وعلى الثاني هو مخير إن شاء رجع فيه ناقصًا بإرش الجناية وإن شاء ضرب بثمنه مع الغرماء؛ فإن رهن المفلس المبيع ثم حجر عليه؛ فإنه يُقدم حق بالمرتهن على حق البائع فلا رجوع لربّه فيه؛ لأن المفلس عقد قبل الحجر عقدًا منع به نفسه من التصرف فيه فمنع باذله بالرجوع فيه كالهبة؛ ولأن رجوعه إضرار المرتهن ولا يزال الضرر بالضرر؛ فإن كان دَين المرتهن دون قيمة الرهن بيع كله ورد باقي ثمنه في المقسم وإن بيع بعضه لوفاء الدين فباقيه بين الغرماء وإن أسقط الحق ربه كإسقاط الشفيع شفعته وَوَلي الجناية أرشها وردّ المرتهن الرهن فكما لو لم يتعلق بالعين حق فلربما أخذها لوجدانها بعينها خالية من تعلق حق غيره بها. السادس: كون السلعة لم تزد زيادة متصلة كسمن وتعلم صنعة ككتابة ونجارة ونحوها، وتجدد حمل في بهيمة؛ فإن زادت كذلك لا رجوع؛ لأن الزيادة للمفلس لحدوثها في ملكه فلم يستحق ربّ العين أخذها كالحاصلة بفعله؛ ولأنها لم تصل إليه من البائع فلم يستحق أخذها منه كغيرها من أمواله، ويفارق الردّ بالعيب؛ لأنه من المشتري فقد رضي بإسقاط حقه من الزيادة والخبر محمول على

من وجد متاعه على صفته ليس بزائد لتعلق حق الغرماء بالزيادة، وروي عن الإمام أحمد أنها لا تمنع وهو مذهب مالك والشافعي؛ لأن مالكًا يخير الغرماء بين أن يعطوه السلعة أو ثمنها الذي باعها به واحتجّوا بالخبر وبأنه فسخ لا تمنع منه الزيادة المنفصلة فلم تمنع المتصلة كالردّ الغيب. وهذا القول الذي يترجح عندي لما تقدم، ولأنها زيادة لا تتميز فتبعت الأصل. والله أعلم. ولا يُمنع الرجوع الحمل، إن ولدت البهيمة عند المفلس؛ لأنه زيادة منفصلة ككسب العبد ويصح رجوع المدرك لمتاعه عند المفلس بشرطه بقول كرجعت في متاعي أو أخذته أو استرجعته أو فسخت البيع إن كان مبيعًا أو متراخيًا كرجوع أبٍ في هبة فلا يحصل رجوعه بفعل كأخذ العين ولو نوى به الرجوع بلا حاكم لثبوته بالنص كفسخ المعتقة ورجوعُ من أدرك متاعه عند المفلس فسخ، وقد لا يكون ثم عقد يفسخ كاسترجاع زوجٍ الصداق إذا انفسخ النكاح على وجه يسقط قبل فلس المرأة وكانت باعته ونحوه ثم عاد إليها وإلا فيرجع إلى ملكه قهرًا حيث استمر في ملكها بصفته ولا يفتقر الرجوع إلى شروط البيع من المعرفة والقدرة على التسليم؛ لأنه ليس ببيع فلو رجع فيمن أبق صحّ رجوعه وصار الآبق للراجع في متاعه؛ فإن قدر الراجح على الآبق أخذه، وإن عجز عنه أو تلف بموت أو غيره فهو من ماله، أي: الراجح لدخوله في ملكه بالرجوع وإن بان تلفه حين رجع بأن تبين موته قبل رجوعه ظهر بطلان استرجاعه لفوات محل الفسخ ويضرب له بالثمن مع الغرماء وإن رَجَعَ بشيء اشتبه بغيره بأن رجع في عبده مثلًا وله عبيد واختلفَ المفلسُ وربهُ فيه قُدَّمَ تعيين مفلس؛ لأنه ينكر دعوى الراجع إستحقاق الرجوع معه، ومن أراد الرجوع في مبيع ثمنه مؤجل أو في صيد وهو محرم لم يأخذ ما ثمنه مؤجل قبل حلول. قال أحمد: يكون ماله موقوفًا إلى أن يحل دينه فيختار الفسخ أو الترك فلا يباع في

الديون الحالة لتعلق حق البائع بعينه، وقيل: له أخذه في الحال؛ لأنه إنما يرجع في المبيع فأي موجب لتأخيره وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. ولا يأخذ المحرم الصيد حال إحرامه؛ لأن الرجوع فيه تمليك له ولا يجوز مع الإحرام كشراء له؛ فإن كان البائع حلالًا والمفلس محرمًا لم يمنع بائع أخذه؛ لأن المانع غير موجود فيه ووقف الصيد إلى أن يحل؛ لأنه لا يدخل في ملكه بغير إرث ولو تلف ما ثمنه مؤجل قبل حلول أجله فمن ضمان مفلس ولا يمنع الرجوع نقص سلعة كهزال ونسيان صنعة ومرض وجنون ونحوه، وتزويج أمة؛ لأنه لا يخرجه عن كونه عين ماله ومتى أخذه ناقصًا فلا شيء له غيره وإلا ضرب بثمنه مع الغرماء ولا يمنعه صبغُ ثوبٍ أو قصرهُ أولتّ سويقٍ بدهنٍ لبقاء العين قائمة مشاهدةً لم يتغير اسمُها ويكون المفلس شريكًا لصاحب الثوب والسويق بما زاد عن قيمتها ما لم ينقص الثوب بالصبغ أو القصارة؛ فإن نقصت قيمته لم يرجع؛ لأنه نقص بفعله فأشبه إتلاف البعض، ورد هذا التعليل في «المغني» : بأنه نقص صفة فلا يمنع الرجوع كنسيان صنعة وهزال. وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس؛ لأنه وجد عين ماله. والله أعلم. ولا رجوع في صبغٍ صُبغ به ولا زيت وُلتَّ به ولا مسامير سمر بها بابًا ولا حجر بُني عليه ولا في خشب سُقِّفَ به وسواءٌ كان الصبغ من رب الثوب أو غيره فيرجع بالثوب وحده ويضربُ مع الغرماء بثمن الصبغ والمفلس شريك بزيادة الصبغ، ولا يمنعُ الرجوع زيادة منفصلة كثمرة وكسبٍ وولدٍ نقص بها البيع أو لم ينقص إذا كان نقص صفة لوجدانه عين ماله لم تنقص عينها ولم يتغير اسمها، والزيادة قيل: إنها لبائع في ولد جارية ونتاج الدابة. قال الإمام في رواية حنبل: في ولد الجارية ونتاج الدابة هو للبائع، وهذا المذهب اختاره أبو بكر والقاضي في «الجامع» والخلاف جزم به في «المنور» ، و «منتخب الآدمي» وقدّمه في «المستوعب» ،

و «الخلاصة» ، و «التخليص» ، و «المحرر» ، و «المحاويين» ، و «الفروع» ، و «الفائق» . وقيل: إن الزيادة المنفصلة للمفلس، اختاره ابن حامد وغيره، وصححه في «المغني» ، و «الشرح» لأنها حصلت في ملكه يُؤيده الخراجُ بالضمان، قال في «المغني» : يحمل كلام أحمد على أنه باعهما في حال حملهما فيكونان مبيعين؛ ولهذا خص هذين بالذكر، قال: ولا ينبغي أن يقع في هذا خلاف، والذي تميل إليه النفس أن الزيادة المنفصلة للمفلس. والله أعلم. ولا يمنع رجوعه غرسُ أرض أو بناءٌ فيها لإدراك متاعه بعينه كالثوب إذا صبغ، وكذا زرع أرضٍ ويبقى إلى حصادٍ مجانًا بلا أجرةٍ لعدم تعدِّيه، وإذا رجع ربُّ الأرض فيها فله دفعُ قيمة الغراس والبناء فيملكُه، أو قلعه وضمانُ نقصه؛ لأنهما حصلا في ملكه لغيره بحق كالشفيع والمعير إلا أن يختار المفلس والغرماء القلع؛ فإن اختاره ملكه؛ لأن البائع لا حق له في الغراس والبناء فلا يملك إجبار مالكهما على المعارضة عنهما فعلى هذا يلزمهم إذن تسوية الأرض ويلزمهم أرش نقصها الحاصل به؛ لأن ذلك نقص حصل لتخليص ملك المفلس فكان عليه ويضرب بأرش نقص الارض البائع مع الغرماء كسائر ديون المفلس ولبائع الأرض الرجوع فيها، ولو قبل قلع الغراس والبناء ودفع قيمة الغراس والبناء أو قلعه وضمان نقصه وإن امتنع المفلس والغرماء من القلع لم يُجبروا عليه؛ لأنهما وُضعا بحق وإن أبى الغُرماء القلع وأبى البائع دفع القيمة أو أرش نقص القلع سقط الرجوعُ لما فيه من الضرر على المشتري والغرماء والضرر لا يزال بالضرر، ولو اشترى أرضًا فزرعها ثم أفلس بقي الزرعُ مجانًا إلى الحصاد؛ فإن اتفق المُفلسُ والغرماءُ على الترك أو القطع جاز، وإن اختلفوا وله قيمةٌ بعد القطع قُدِّم قول من يطلبه وإن اشترى غراسًا فغرسه في أرضه ثم أفلس، ولم يزد الغراس فله الرجوع فيه؛ فإن أخذه لزمه تسوية الأرض وأرش نقصها وإن بذل الغرماء

والمفلس له القيمة لم يُجبر على قبولها، وإن امتنع من القلع فبذلوا القيمة له ليملكه المفلس وأرادوا قلعه وضمان النقص فلهم ذلك، وكذا لو أرادوا قلعه من غير ضمان النقص في الأصح، قاله في «المبدع» وغيره، وإن أراد بعضهم القلع وأراد بعضهم التبقية قُدِمَ قولُ مِن طلب القلع. وإن اشترى أرضًا من واحد وغراسًا من آخر وغرسه فيها ثم أفلس ولم يزد فلكل الرجوعُ في عين مالهِ ولصاحب الأرض قلعُ الغراس من غير ضمان؛ فإن قلعهُ بائعهُ لزمهُ تسويةُ الأرض وأرشُ نقصها الحاصل به وإن بذل صاحب الغراس قيمة الأرض لصاحبها لم يجبر على ذلك، وفي العكس إذا امتنع من القلع له ذلك في الأصح, قاله في «المبدع» . وإن مات بائع حال كونه مدينًا فمشترٍ أحق بمبيعه، ولو قبل قبضه؛ لأنه ملكه بالبيع من جائز التصرف فلا يملك أحد منازعه فيه كما لو لم يمت بائعه مدينًا. من النظم فيما يتعلق بإظهار الحجر على المفلس، وفيما يتعلق فيمن وجد عين ماله عند من أفلس: وإن شارَبُ الدَين فالحجر لازمٌ وإظهاره ندب وإشهاد شهد ومن بعد حجر ماله لحقوقهم سوى العتق في قول تصرفه اردد وأرش الذي يجني كسابق دينه وبع قنه الجاني لخصمً وأفرد وإن جاد بالمال اليسير فجائز كذا أجر حمام وفعلٍ معوَّد وتطليقه من بعده ونكاحه وإقراره فيما سوى المال جود

وملتزم الأموال في الحجر لازمٌ له بعد فك الحجر في المتوطد وما لذوي هذي الحقوق طلابه إلى أن يفك الحجر من يشأ يقصدِ وأحكام هذا الفصل تجري جميعها بحجر سفيهٍ غير دين معدد ولا حجر في الإفلاس إلا لحاكم ومع سفه مع فكّ ذا في المجود وقيل بقسم المال والرشد فكّه فإن فكّه فالداني أن يبغ يردد وللأولين أضربٌ بما كان باقيًا وللآخرين أضربٌ بكل المنقد ومَن عِند حَيي مُفْلِسٍ يَلْق عينَ ما له عوضٌ عنه كَمَيْلَ التَّأطُدِ فإن شاء فليرجع بنور بأجودٍ كذا إنْ مَاتَ شارٍ قيلَ قَبل التقيدِ متى لم يزل عن ملكه وصفاته لديك ولم يعلق بحق مجدّدِ وإن زال ملك ثم عاد بعد القَوِى وبالفسخ اقْضِ في ثالثٍ قدِ ومن باعه مِن بعد حجرٍ بذمةٍ له الفسخُ مِن جهل وإلّا فلا أشهد

وإن كان مشفوعًا ليأخُذْ بُشْفعةٍ وقيلَ إن بِقي قبلًا وقيل ليردد وإن كان عبدًا قد جَنى قبل حجره فوجهين في عود الذي باع أسند وليس نماءُ العين مانعُ أخذِها سِوى ذي اتصالٍ في مقالٍ مُبَعَّدِ وما قيل لم يمنعْ يكون لُمِفْلِس يُشارِكُ بالنامِي إذا لم يُفرد وقال أبو بكر كنص الإمام ذو انْفصال لبيّاع يعود فبعّد كصبغ وَلَتَّ للسويق بزيته وقيل بذا أمنعٍ كالسمين المرددِ وذا الصبغ لم يرجع وبائعهما معًا يردهما من بعد صبغ بأجود وما نقص وصف مع بقا العين مانعًا ويمنع نقص العين لو بالمعدد ولا ردّ إن زال إسمه أو بُنَي به وسمر أو يخلط بمعنى التفرد ووجهان في نامي الثياب بقصره وفي حامل بعد الشرا لم تولد وإن يلق يؤخذ في القوي بقيمة وإلَّا فبعها معه وأقسمنَّ تسدد

وإن كان موجودًا لدى البيع خذ وإن كَبُرْ أَو وُلِدْ كالمتصلْ في المجودِ وإن كان أشجارًا فتفصيل حكمها بأثمارها فرع مشق التعددِ وما بعت بالتأجيل قفه لحينه وقِيل اقبض في الحال غير مفسدِ وخُذْ أحدَ العبدين إن يَتْوَ وَاحِدٌ بتقسطه في منتقى قول أحمد ومن قبل حجر وطؤه البكر مانع ووجهين إن لم تحمل الثيب أسند وإن يبن أو يغرس بأرض مفلس فخذها بما فيها وقيمته اردد وإن يشأ أرباب الديون ليقلعوا ويترك من أرض ببعض التحدد ويخرج وإلّا ردّ من قبل قلعه فلم يضموا نقصًا كقلع قد ابتدى وإن منعوا قلعًا ولم يعط قيمة ففوت رجوع العين في المتجرد وقد قيل لا تسقط ولكن ليجبروا على بيع كل ثم قسم بمبعد وقد قيل لا تسقط ولا تجبرنهم وكالغرس بعد الفسخ في الموجز اعدد

س7: ما هو الحكم الثالث من الأحكام المتعلقة بحجر المفلس؟ وما الذي يلزم الحاكم قبله؟ وما حكم إحضار المفلس عند بيع ماله؟ وما الذي يجب تركه للمفلس؟ وما مقدار النفقة الواجب له ولعياله؟ وكم الثياب التي يكفن بها إذا مات؟ ومن أين تؤخذ أجرة مناد وكيال ووزان وحمال وإذا عين المفلس إنسانا وعين الغريم آخر فمن المقدم تعيينه؟ وما الذي يبدأ به الحاكم في قسم مال المفلس؟ ولماذا؟ وما الذي يلي الأول وما بعده على الترتيب؟ وتكلم بوضوح عن ما إذا استأجر المفلس عينا أو أجر عينا وعلى التقادير التي تتعلق بها من مضي مدة أو تلف عين أو إنهدامها قبل مضي المدة أو ما إلى ذلك، وعن ما إذا كان في الغرماء من دينه مؤجل وعما إذا ظهر رب دين بعد قسم ماله، فما الحكم؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تفصيل أو خلاف أو ترجيح.

ما هو الحكم الثالث من الأحكام المتعلقة بحجر المفلس؟ س7: ما هو الحكم الثالث من الأحكام المتعلقة بحجر المفلس؟ وما الذي يلزم الحاكم قبله؟ وما حكم إحضار المفلس عند بيع ماله؟ وما الذي يجب تركه للمفلس؟ وما مقدار النفقة الواجب له ولعياله؟ وكم الثياب التي يكفّن بها إذا مات؟ ومن أين تؤخذ أجرة مُنادٍ وكيّال ووزّان وحمّال وإذا عين المفلسُ إنسانًا وعين الغريمُ آخر فَمَنِ المقدمُ تَعْيينُه؟ وما الذي يبدأ به الحاكم في قسم مال المفلس؟ ولماذا؟ وما الذي يلي الأول وما بعده على الترتيب؟ وتكلم بوضوح عن ما إذا استأجر المفلس عينًا أو أجَّرَ عينًا وعلى التقادير التي تتعلق بها من مضي مدة أو تلف عين أو إنهدامها قبل مضي المدة أو ما إلى ذلك، وعن ما إذا كان في الغرماء من دينه مؤجل وعما إذا ظهر رب دين بعد قسم ماله، فما الحكم؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تفصيل أو خلاف أو ترجيح. ج: الحكم الثالث من الأحكام المتعلقة بحجره أنه يلزم الحاكم قسم مال المفلس الذي من جنس الدين الذي عليه وأنه يلزمه بيع ما ليس من جنس الدين بنقد البلد أو غالبه رواجًا أو الأصلح الذي من جنس الدين كما تقدم في بيع الرهن وبيعه يكون في سوقه استحبابًا؛ لأنه أكثر لطلاّبه وأحوط ويجوز بيعه في غيره؛ لأن الغرض تحصيل الثمن كالوكالة وربما أدّى الاجتهاد إلى أن بيْعَ الشيء في غير سوقه أصلح من بيعه في سوقه بشرط أن يبيعه بثمن مثله المستقر في وقت البيع فلا اعتبار بحال الشراء أو بأكثر من ثمن مثله؛ فإن باع بدون ثمن لم يجز. وقال في «شرح الإقناع» : مقتضى ما يأتي في الوكالة أنه يصح ويضمن النقص. انتهى. ويقسم الثمن فورًا؛ لأن هذا جُلُّ المقصود من الحجر عليه وتأخيره مطل وظلم الغرماء، ولمّا حجر النبي - صلى الله عليه وسلم -

على معاذ باع ماله في دَينه وقسم ثمنه بين غرمائه، وكان شابًا سخيًا، وكان لا يمسك شيئًا فلم يمسك شيئًا فلم يزل يُدان حتى أغرق ماله كله في الدين، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فكلَّمه ليُكلم غُرماءهُ، فكلمهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأبوا، فباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماله كله في الدين حتى قام معاذ بغير شيء ويستحب إحضار المفلس عند بيع ماله ليضبط الثمن، ولأنه أعرف بالجيد من متاعه فيتكلم عليه، ولأنه أطيب لنفسه ووكيله كهو، ولا يشترط استئذانه؛ لأنه محجور عليه يحتاج إلى قضاء دينه فجاز بيع ماله بغير إذن كالسفيه. ويستحب للحاكم أن يحضر الغرماء؛ لأنه لهم وربما رغبوا في شيء فزادوا في ثمنه وأطيب لقلوبهم وأبعد عن التهمة، وربما يجد أحدهم عين ماله فيأخذها، وإن باعه من غير حضورهم كلهم جاز ويأمر الحاكِمُ المفلَّسَ والغرماءَ أن يقيموا مناديًا ينادي على المتاع؛ لأنه مصلحة؛ فإن تراضوا بثقة أمضاه الحاكم، وإن تراضوا بغير ثقة ردّه بخلاف المرهون إذا أنفق الراهن والمرتهن على غير ثقة لم يكن له ردّه والفرق أن للحاكم هنا نظرًا؛ إنه قد يظهر غريم آخر وإن اختار المفلس رجلًا ينادي واختار الغرماء آخر أقر الحاكم الثقة من الرجلين؛ فإن كان ثقتين قدّم الحاكم المتطوع منهما؛ لأنه أحظ؛ فإن كانا متطوعين ضم الحاكم أحدهما إلى الآخر جمعًا بين الحقين وإن كان يجعل قُدِمَ أوثُقهُما وأعرفُهُمَا؛ لأنه أنفعُ؛ فإن تساويا في ذلك قدّم الحاكم من يرى منهما؛ لأنه مرجح لأحدهما على الآخر، ويجب على الحاكم أو أمينه أني ترك للمفلس من ماله ما تدعو إليه حاجته من مسكن وخادم صالحين لمثله؛ لأن ذلك مما لا غنى له عنه، فلم يبع في دينه كلباسه وقوته قاعدة المسكن والخادم والمركب المحتاج إليه ليس بغنى فاضل يمنع أخذ الزكاة ولا يجب به الحج والكفارات ولا يوفي منه الديون والنفقات، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي سعيد، قال:

أصيب رجل في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تصدقوا عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه» ، فقال لغرمائه: «خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك» . قضية في عين ويحتمل أنه لم يكن له عقار ولا خادم، ويحتمل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خذوا ما وجدتم» أي ما وجدتم مما تصدّق به عليه، والظاهر أنه لم يتصدّق عليه بدار وهو محتاج إلى سكناها ولا خادم وهو محتاج إليه، وإن كن له داران يستغني بسكنى إحداهما بيعت الأخرى؛ لأن به غنى عن سكناها وإن كان مسكنه واسعًا لا يسكن مثُله في مثلِه بيع واشُتريَ له مسكن مثله وردّ الفضل على الغرماء كالثياب التي له إذا كانت رفيعة لا يلبس مثلُه مثلها تباع ويُشترى له ما يلبسه مثله ويُرد الفضلُ على الغرماء، وإن كانت الثياب إذا بيعت واشترى له كسوة لا يفضل عن كسوة مثله شيء تركته بحالها، وشرط ترك الخادم له أن لا يكون نفيسًا لا يصلح لمثله وإلا بيع واشترى له ما يصلح لمثله إن كان مله يخدم وردّ الفضل على الغرماء؛ فإن كان المسكن والخادم عين مال الغرماء، لم يُترك للمفلس منه شيء، بل مَن وجد عين ماله فهو أحق بها بالشروط السابقة ولو كان المفلس محتاجًا إلى ذلك لعموم ما سبق من الخبر، وقال شريح ومالك والشافعي: تباع دار المفلس التي لا غنى له عن سكناها ويُكتري له بدلها. اختاره ابن المنذر لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الذي أصيب في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال لغرمائه: «خذوا ما وجدتم» . وهذا ما وجدوه، ولأنه عين ماله المفلس فوجب صرفه في دينه كسائر ماله، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس لعظم خَطر الدين، فقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «اللهم أني أعوذ بك من الكفر والدين» ، وقال: «فإذا أراد الله أن يذل عبدًا وضعه، وقال: وشهيد البر يغفر له إلا الدين» ، وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا أُتي بجنازة ليصلي عليها يقول: «هل عليه دَين؟» فإن قالوا: نعم، ولم يخلف

شيئًا، يقول: «صلوا على صاحبكم» الحديث، ويترك الحاكم للمفلس آلة حرفته فلا يبيعها لدعاء حاجته إليها كثيابه ومسكنه؛ فإن لم يكن المفلس صاحب حرفة ترك الحاكم له ما يتجر به لتحصيل مؤنته. قال ناظم المفردات: وإن يكن في فلس يباع ... لدَينه العقار والمتاع وماله من حرمة فيدفع ... من ماله إليه ما يبتضع ويجب للمفلس ولعياله من زوجة وخادم وقريب أدنى نفقة مثلهم من مأكل ومشربٍ وكسوةٍ بالمعروف إلى أن يفرغ من قسمة ماله بين الغرماء إن لم يكن للمفلس كسب يفي بنفقته وكسوته؛ فأمّا إن كان يقدر على التكسب فنفقته في كسبه؛ فإنه لا حاجة في إخراج ماله مع غناه بكسبه وإن كان كسبه دون ذلك كملت من ماله، ويكفّن المفلس إذا مات. قال في «التيسير نظم التحرير» : إنْ فَلَّسَ القاضِي مَدِينًا قُدِّمَا مِن مَالِهِ على جَميع الغُرَمَاء بمأكلٍ ومَشْربٍ ومَسْكَنٍ وَمَلْبَسٍ لا مَنْ بِكَسْبِهِ غَنِى وقَدَّمُوا مؤنَةَ الأمْوَالِ في بَيْعهَا كأجْرَةِ الدّلاّلِ وقُدَّمَ المَدِينُ أيضًا بمُؤنْ عيَالِهِ وبَعْدَ مَوْتٍ بالكفَنْ ونحوه كأجَرِ حَفْرِ القَبْرِ ودَينِهِ إن كان قبلَ الحَجْرِ مَعْ رَهْنِ عَيْنٍ عندَ ربِ الدَّينِ

فَيَستَحِقُ أخْذَ تِلكَ العَيْنِ وكذا مَن مات من الرجال الذين تلزمه نفقتهم في ثلاثة أثواب بيض من قطن مما كان يلبس في حياته وهو ملبوس مثله في الجمع والأعياد، والمرأة في خمسة أثواب. وقدم في «الرعاية» : يُكفن في ثوب واحد، وإن تلف شيء من مال المفلس تحت يد الأمين الذي من قبل لحاكم فمن مال المفلس وإن بيع شيء ن ماله وأودع ثمنه فتلف عند المودع من غير تعدّ ولا تفريط فمن ضمان مال المفلس ما تلف؛ لأن نماءه له فتلفه عليه كالعروض ويبدأ الأمينُ ببيع أقله بقاءً وأكثره مؤنةً فيبيعُ أولًا ما يُسرع إليه الفسادُ كالطعام الرطب والفاكهة بأنواعها؛ لأن بقاءه متلفُه بيقين ثم بعده يبدأ ببيع الحيوان؛ لأنه مُعرض للإتلاف ويحتاج إلى مؤنة بقائِه. ثم بعد ذلك يبدأ ببيع الأثاث؛ لأنه يُخاف عليه ويناله الأذى ثم يُبدأ ببيع العقار؛ لأنه لا يُخاف عليه بخلاف غيره وبقاؤه أشهرُ له وأكثرُ لطلابه والعُهدة على المفلس إذا ظهر مستحقًا فقط ويبيع الأمين بنقد البلد؛ لأنه أصلح؛ فإن كان فيه نقودٌ باع بأغلبها رواجًا؛ فإن تساويا باع بجنس الدين وتقدم في الرهن نظيره ويُعط منادٍ وحافظ لمتاع وحافظٍ للثمن ويُعطى الحمالون أجرتهم من مال المفلس؛ لأنه حقٌ عليه لكونه طريقًا إلى وفاء دينه فمؤنته عليه فتقدّم على ديون الغرماء، ومحل ذلك إن لم يُوجد مُتبرعٌ بالنداء والحملِ والحفظِ؛ فإن وجد تبرع بالنداء قُدِمَ على من يطلب أجرةً ونظيرُ أجرةِ المنادي ونحوه ما يُستدانُ على تركةِ الميت لمصلحة التركة؛ فإنه مُقدمٌ على الديون الثابتة في ذمة الميت ويبدأ عند قسم ماله بالمجني عليه إذا كان الجاني عبدًا لمفلس وسواء كانت الجناية قبل الحجر أو بعده؛

لأن الحق متعلق بعينه يفوت بفواتها بخلاف بقية الغرماء فيدفع الحاكم أو أمينه إلى المجني عليه الأقل من الأرش أو من ثمن الجاني ولا شيء للمجني عليه غير الأقل منهما؛ لأن الأقل إن كان هو الأرش فهو لا يستحق إلا أرش الجناية وإن كان ثمن الجاني فهو لا يستحق غيره؛ لأن حقه متعلق بعينه. هذا إذا كانت الجناية بغير إذن السيد؛ فإن كانت بإذنه أو أمره تعلقت بذمته فيضرب للمجني عليه بجميع أرشها مع الغرماء، كما لو كان السيد هو الجاني؛ لأن العبد إذا كالآلة، وإن لم يف ثمنهُ بأرش الجناية فلا شيء له غيره ثم يبدأ بمن له رهن مقبوض فيختص بثمنه إن كان قَدْرَ دينه سواء كان المفلس حيًا أو ميتًا؛ لأن حقه متعلق بعين الرهن وذمة الراهن بخلاف الغرماء وإن فضل للمرتهن فضلٌ من دينه ضربَ به مع الغرماء؛ لأنه ساواهم في ذلك وإن فَضَلَ من ثمن الرهن فَضْلٌ عن دَينه رُدَّ على المال ليُقْسمَ بين الغرماء؛ لأنه انفكّ من الرهن بالوفاء فصار كسائر مال المفلس، ثم يُبدأ بمن له عينُ مالٍ فيأخذه بشروطه لما تقدم أو له عين مؤجرة استأجرها المفلسُ منه ولم يمض من مدتها شيءٌ فيأخذها؛ لأن حقه متعلق بالعين والمنفعة وهي مملوكة له في هذه المدة، وكذا مؤجر نفسه للمفلس ثم حُجِرَ عليه قبلَ أن يمضي من مدة الإجارة شيءٌ فله فسخُ الإجارة لدخوله فيما سبق. وإن بطلت الإجارة في أثناء المدة بأن ماتت العين التي استأجرها من المفلس وعجّل له أجرتها ضرب للمستأجر مع الغرماء بما بقي له من الأجرة التي عجّلها كسائر الديون إن لم تكن عين الأجرة باقية وإن كان ذلك بعد قسم ماله رجع على الغرماء بحصِته، ولو باع المفلس شيئًا أو باعه وكيله وقبض المفلس أو وكيله الثمن فتلف وتعذّر وردّه وخرجت السلعة مستحقة وحجز على المفلس ساوى المشتري بما كان دفعه الغرماء فيضرب له به معهم كسائر

الديون، وإن أجَّر المفلس دارًا بعينها أو بعيرًا بعينه أو أجَّر شيئًا غيرهما بعينه، ثم أفلس لم تنفسخ الإجارة بالحجر عليه بالفلس لِلُزومها وكان المستأجر أحق بالعين التي استأجرها من الغرماء حتى يستوفي حقَّه؛ فإن هلك البعير المؤجر أو انهدمت الدار المؤجرة قبل انقضاء المدة انفسخت الإجارة لفوات المعقود عليه ويضربُ المستأجرُ مع الغُرماء ببقية الأجرة إن كان عجَّلَها، وإن استأجر جملًا أو نحوه في الذمة ثم أفلس المؤجر، فالمستأجر أسوةُ الغرماء لعدم تعلق حقه بالعين، وإن أجَّرَهُ دارًا ثم أفلس المؤجرُ فاتفق المفلس والغرماء على البيع قبل انقضاء مدة الإجارة فلهم ذلك؛ لأن الحق لا يعدوهم ويبيعونها مُستأجرةً للزُوم الإجارة؛ فإن اختلفوا بأن طلب أحدهم البيع في الحال، والآخر إذا انقضت الإجارة قُدِّمَ قولُ من طلب البيع في الحال؛ لأنه الأصل ولا ضرر فيه، فإذا استوفى المستأجرُ المدة أو المنفعة تسلَّم المشتري العين لِعَدَم المُعارض، وإن اتفق المفلسُ والغرماءُ على تأخير البيع حتى تنقضي مدة الإجارة فلهم ذلك؛ لأن الحق لهم وقد رضوا بتأخيره، ولو باع سلعةً قبل الحجر ولو كان المبيع مكيلًا أو موزونًا قبض ثمنها أولًا ثم أفلس أو مات قبل تقبيضها أي السلعة المبيعة، فالمشتري أحقُ بها من الغرماء؛ لأنها عينُ ملكه وإن كان على المفلس دينُ سلم فوجدَ المُسلِمُ الثمن بعينه فالمسلم أحق به، وإن لم يجد الثمن؛ فإن حلَّ السلم القسمة ضرب المُسلمُ مع الغرماء بقيمة المسلّم فيه كسائر الديون؛ فإن كان في المال من جنس حقه المسلّم فيه أخذ المسلم منه بقدر ما يستحقه بالمحاصة. وإن لم يكن في مال المفلس من جنس حقه الذي سلم فيه عُزِلَ لِلمُسْلِم من المال قدرَ حقه يخرج له بالمحاصة فيشتري به المسلم فيه فيأخذه وليس له أن يأخذ المعزول بعينه؛ لأنه اعتياض عن المسلم فيه وهو لا يجوز؛ فإن أمكن الحام أو أمينه أن يشتري بالمعزول لرب السلم أكثر

مما قدر له أي من المعقود عليه لرخص المسلم فيه اشترى لرب السلم بقدر سلمه ويردّ الباقي مما خرج له بالمحاصة على الغُرماء؛ لأنه لا مستحق له غيرهم ثم يقسم الحاكم أو أمينه ما بقي من مال المفلس بين باقي الغرماء لتساوي حقوقهم في تعلقها بذمة المفلس على قدر ديونهم؛ لأن فيه تسوية بينهم ومراعاة لكمية حقوقهم، فلو قضى الحاكمُ أو المفلسُ بعضهم لم يصح؛ لأنهم شركاؤه فلم يجز اختصاصه دونهم ولا يلزم الغرماء بيان أن لا غريم سواهم بخلاف الورثة لئلا يأخذ أحدهم ما لا حقَّ له فيه فاحتيط بزيادة استظهار؛ ولأن الورثة يستفيض أمرهم ولا يخفى غالبًا فلا يعسر بيانه ولا إنكار وجوده؛ فإن كان في الغرماء مَن له دين مؤجل لم يحلّ؛ لأن الأجل حق للمفلس فلا يسقط بفلسه كسائر حقوقه؛ ولأنه لا يوجب حلول ماله فلا يوجب حلول ما عليه ولم يوقف للدين المؤجل شيء من المال ولا يرجع رب الدين المؤجل على الغرماء إذا حلّ دينه بشيء؛ لأنه لم يستحق مشاركته حال القسمة فلم يستحق الرجوع عليهم بعد؛ لكن إن حلّ دينه قبل القسمة شاركهم لمساواته لهم، وإن حلّ دينه بعد قسمة البعض من المال شاركهم في الباقي من المال ويضرب فيه بجميع دَينه ويضرب باقي الغرماء ببقية ديونهم، وقيل: يحل دفعًا للضرر عن ربّه؛ ولأن الإفلاس يتعلق به الدَين بالمال فأسقط الأجل كالموت، وبه قال مالك، وعن الشافعي كالمذهبين. وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس لإشتراك الجميع في وجوب الوفاء؛ ولأنه إنما دخل معه في المعاملة بحسب ما عنده من الموجودات وربما كان أحق من أصحاب الديون الحالة لكون مدينهم معسرًا عليهم إنظاره فلمّا استدان دينًا مؤجلًا صارمًا عند المدين أعيان مال صاحب الدين المؤجّل وأعواضه. وهذا مقتضى اختيار الشيخ تقي الدين؛ لأنه يرى أنه يحجر عليه وإن لم يحجر عليه الحاكم حفظًا لحقوق

س8: هل يحل الدين المؤجل أو الجنون؟ وهل لضامن مطالبة رب الحق بقبضه من تركة المضمون عنه؟ وهل يلزم المفلس على إيجار نفسه أو المفلسة على النكاح أو من لزمه حج أو كفارة على أن يحصل من حرفته ما يحج به أو يكفر به أو على قبول هدية أو صدقة أو وصية وعلى تزويج أم ولد ليوفي بمهرها دينه أو على خلع زوجته على عوض يوفي منه دينه أو على رد مبيع أو إمضائه أو أخذ دية أو طلاق زوجة بذلت له أو غيرها؟ ومتى ينفك الحجر عن المفلس؟ وإذا بقي بعض الدين أو طلب الغرماء إعادته أو دان فحجر عليه ثانيا أو فلس ثم أدان أو أبى المفلس أو وارث الحلف مع شاهد للمفلس، فما الحكم؟ وما الحكم الرابع؟ اذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو تفصيل مع الترجيح تراه.

الناس وردًا للظلم بكل طريق؛ ولكن إن كان مؤجلًا فيه ربح أسقط من الربح بمقدار ما سقط من المدة، فلو باع سلعة تساوي ألفًا ومائتين إلى أجل ومضى نصف الأجل وجب ألف ومائة وسقط مائة مقابل باقي المدة. والله أعلم. وإن ظهر ربُّ دين حال رجع على كل غريم بقسطه وهو قدر حصته؛ لأنه لو كان حاضرًا لقاسمهم فيقاسم إذا ظهر كغريم الميت يظهر بعد قسم ماله ولم تنقض القسمة؛ لأنهم لم يأخذوا زائدًا على حقهم، وإنما تبين مزاحمتهم فيما قبضوه من حقهم، فلو كان للمفلس ألف اقتسمه غريماه نصفين ثم ظهر ثالث دينه كدين أحدهما رجع الثالث على كل واحد بثلث ما قبضه وهو خمسمائة وثلثها مائة وستة وستون وثلثان. مسائل يجبر عليها المفلس وأخرى لا يجبر عليها س8: هل يُحلُّ الدين المؤجّل أو الجنون؟ وهل لضامن مطالبة ربّ الحق بقبضه من تركة المضمون عنه؟ وهل يلزم المُفلسُ على إيجار نفسه أو المُفلسة على النكاح أو من لزمه حج أو كفارة على أن يحصل من حرفته ما يحج به أو يكفّر به أو على قبول هدية أو صدقة أو وصية وعلى تزويج أم ولد ليوفي بمهرها دَينه أو على خلع زوجته على عوض يوفي منه دينه أو على رد مبيع أو إمضائه أو أخذ دية أو طلاق زوجة بذلت له أو غيرها؟ ومتى ينفك الحجر عن المفلس؟ وإذا بقي بعض الدين أو طلب الغرماء إعادته أو دّان فحُجر عليه ثانيًا أو فلس ثم أدّان أو أبى المفلس أو وارث الحلف مع شاهد للمفلس، فما الحكم؟ وما الحكم الرابع؟ اذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو تفصيل مع الترجيح تراه.

ج: لا يحلّ الدَين المؤجل بجنون ولا موت؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك حقًا أو مالًا فلورثته» ولأن تعلق الدين بالمال لا يزيل الملك في حق الجاني والراهن والمفلس فلم يمنع نقله. ومحل ذلك إن وثق ورثتهُ ربَّ الدين أو وثق أجنبي ربَّ الدين بأقل الأمرين من قيمة التركة أو الدَين برهن أو كفيل مليء؛ لأن الأجل حق للميت فورث عنه كسائر حقوقه؛ فإن تعذر التوثق لعدم وارث بأن مات عن غير وارثٍ أو حلف وارثًا؛ لكن لم يوثق بذلك حل؛ لأن الورثة قد لا يكونون مليئين ولم يرض بهم الغريم فيؤدي إلى فوات الحق فلو ضمنه ضامن وحلّ على أحدهما لم يحلّ على الآخر ومثاله أن يموت الضامن للمؤجل؛ فإنه يحلّ عليه فقط إذا لم توثق ورثته أو مات المضمون وكان الضامن غير مليء؛ فإنه يحلّ على المضمون فقط بشرطه. قال الشيخ تقي الدين في الأجرة المؤجلة: لا تحل بالموت في أصح قول العلماء، وإن قلنا: يحل الدين؛ لأن حلولا مع تأخير استيفاء المنفعة ظلم، وإن مات من عليه حال ومؤجَّل والتركة بقدر الحال أو أقل؛ فإن لم يوثق المؤجل حلَّ واشتركا، وإن وثق الورثة أو أجنبي لم يترك لرب المؤجّل شيء وكون ما على الميت من الديون المؤجّلة لا تحل بالموت إن وثق الورثة برهن يحرز أو كفيل مليء. من المفردات قال ناظمها: ولا يَحِلُّ مَا عَلى المَديُون ... بِمَوتِهِ مِن أجَلِ الدُّيونِ وقيل: يحلُّ ما على الميت من الديون المؤجلة بموته، وهو قول الشعبي والنخعي وسوار ومالك والثوري وأصحاب الرأي والشافعي؛ لما روى ابن عمر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا مات الرجل وله دين إلى أجل وعليه دين إلى أجل فالذي عليه حال، والذي له إلى أجله» ولأن الأجل جعل

رفقًا بمن عليه الدين والرفق بعد الموت أن يُقضي دينه وتبرأ ذمته، والدليل عليه ما روى أبو هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نفس المؤمن معلقة بدَينه حتى يُقضى عنه» رواه أحمد والترمذي وحسنه، ولخراب ذمة الميت، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. وليس لضامن إذا مات مضمونة مطالبة رب حق يقبض الدين المضمون فيه من تركة مضمون عنه ليبرأ الضامن أو أن يُبريه أي الضامن من الضمان كما ل لم يمت الأصل، وقيل: له مطالبة رب الحق من تركة المضمون عنه أو يبريه، قال في «تصحيح الفروع» : قلت: وهو الصواب، وهذا القول هو الراجح عندي. والله أعلم. وإن بيت على المفلس بقية وله صنعة، فقيل يجبر على إيجار نفسه لقضاء ما بقي من الدين وهو قول عمر بن عبد العزيز وسوار والعنبر وإسحاق؛ لما روي «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - باع سُرَّقًا في دينه، وكان سُرَّقًا دخل المدينة، وذكر أن وراءه مالًا فداينه الناس فركبته ديون، ولم يكن وراءه مال فسمّاه سُرَّقًا وباعه بخمسة أبعرة» رواه الدارقطني بمعناه من رواة خلد بن مسلم الربحي إلا أن فيه كلامًا. والحر لا يباع ثبت أنه باع منافعه؛ ولأن المنافع مجرى الأعيان في صحة العقد عليها وتحريم أخذ الزكاة وثبوت الغنى بها فكذلك في وفاء الدين منها؛ ولأن الإجارة عقد معاوضة فجاز إجباره عليه كبيع ماله ولأنها إجارة لما يملك إجارته فيجبر عليها لوفاء دينه كإجارة أم ولده، وهذا القول من المفردات: قال ناظمها: ومُفْلِسٌ ذُو صَنْعةٍ فَيؤجرُ ... لِنَفْسِهِ وَإنْ أبَى فَيُجْبَرُ وقيل: لا يجبر، وهو قول مالك والشافعي؛ لقوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ؛ ولما روى أبو سعيد أن رجلًا أصيب في ثمرة ابتاعها فكثر دينه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تصدقوا عليه فتصدقوا عليه فلم يبلغ وفاء دينه» ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك» رواه

مسلم؛ ولأنه تكسبٌ للمال فلم يجبر عليه كقبول الهبة والصدقة، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. ويجبر المفلس على إيجار موقوف عليه يستغني عنه وعلى إيجار أمِّ ولده إن استغنى عنها؛ لأنه قادر على وفاء دينه فلزمه كمالك ما يقدر على الوفاء منه، ولا يُجبر من لزَمه حج أو كفارة ونحوهما من حقوق الله تعالى على إيجار نفسه ووقفه وأُمِّ ولده في ذلك؛ لأن ماله لا يباع فيه فنفعه أولى، ولا يجبر المدين المفلس أو غيره على قبول هبة أو صدقة أو عطية أو وصية لما فيه من الضرر عليه من تحمّل المنّة التي تأباها قلوب ذوي المروآت، قال قطرب: للَّدغ الفِ مَنَّهْ ... وَلَا احْتِمَالُ مِنَّهْ وقال غيره: (مِنْنُ الرجالِ عَلى القُلُوْبِ أشد من وَقعِ الأسِنَّهْ) . ولو كان المتبرع ابنًا له ولا يملك غير المدين وفاء دَينه عنه مع امتناع المدين منه، وكذلك لو بذله غير المدين وامتنع ربّه من أخذه منه، قال الشيخ: ع ن فإن قلت تقدم أن وفاء الدين عن الغير لا يتوقف على إذن المدين حتى أن للموفي الرجوع إذا نواه، قت: يمكن حمل ذلك على ما إذا لم يوجد من المدين امتناع يعذر معه بخلاف ما هنا؛ فإن وفاء الدين ليس بواجب حال الإعسار فلم يقم الموفي عن المدين بواجب؛ لأن المعسر يقول له: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} فما تقدم مقيد فلا تغفل. اهـ. ولا يملك الحاكم قبض مَا ذكر من هبة وصدقة ووصية وعطية للمدين لوفاء دينه بلا إذن من المدين لفظي أو عرفي؛ لأنه لا يملك إجباره عليه فلم يملك فعله عنه ولا يُجبر المفلسُ على تزويج أم ولد لوفاء دينه مما يأخذ من مهرها لما فيه تحريمها عليه بالنكاح وتعلق حق الزوج ولا تجبر

امرأةٌ مدينةٌ على نكاح نفسها لمن يرغب في نكاحها لتأخذ مهرها، وتوفي منه دينها؛ لأنه يترتب عليها بالنكاح من الحقوق ما قد تعجز عنه ولا يجبر رجل على خلع زوجته على عوض يوفي منه دينه؛ لأن عليه فيه ضررًا بتحريم زوجته عليه، وقد يكون له إليها ميل ولا يجبر مدين أيضًا باع أو اشترى بشرط الخيار على رد مبيع ولا على إمضائه، ولو كان فيه حظ؛ لأن ذلك إتمام لتصرّف سابق على الحجر فلم يجبر عليه فيه ولا يجبر على أخذ ديّة عن قود وجب له بجناية عليه أو عنه أو مورثة؛ لأنه يفوت المعنى الذي وجب له القصاص؛ فإن اقتص فلا شيء للغرماء وإن عفا على مال ثبت وتعلقت به حقوق الغرماء ولا يجبر لو بذلت له امرأة مالًا ليتزوجها عليه، لم يجبر على قبوله أو ادّعى على إنسان بشيء فأنكره وبذل له مالًا على أن لا يحلفه ونحو ما تقدم كطلاق زوجة بذلت له أو غيرها عوضًا ليطلقها عليه ويوفي دينه، وينفك حجر المفلس بوفاء دينه لزوال المعنى الذي شرع له الحجر، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا ويصح الحكم بفك الحجر مع بقاء بعض الدين؛ لأن حكمه يفكه مع بقاء بعض الدين لا يكون إلا بعد البحث عن فراغ ماله والنظر في الأصلح من بقاء الحجر وفكّه ولا ينفكّ مع بقاء بعض الدين بدون الحكم؛ لأنه ثبت يحكم فلا يزول إلا به لاحتياجه إلى نظر واجتهاد. وقيل: يزول بقسمة ماله؛ لأنه حجر عليه لأجله، فإذا زال ملكه عنه زال سبب الحجر فزال الحجر كزوال حجر المجنون لزوال جنونه، وإذا طلب غرماء من فك حجره إعادة الحجر عليه لما بقي من دينهم لما يجبهم الحاكم ذلك؛ لأنه لم ينفك حجره حتى لم يبق له شيء؛ فإن ادَّعوْا أن بيده مالًا وبيّنُوا سببهُ ساله الحاكم عنه؛ فإن أنكر حلف وخلى سبيله وإن أقر، وقال لفلان: وأنا وكيله أو عامله سأله الحاكم إن حضر؛ فإن صدقه فلان فله بيمينه وإن أنكره أعيد الحجر

بطلبهم وإن كان المقر له غائبًا أقرَّ بيد المفلس إلى أن يحضر ويسأل وإن ادَّان من فُكَّ حجره وعليه بقية دين فحُجر عليه ولو بطلب أرباب الديون التي لزمت بعد فك الحجر الأول تشارك غرماء الحجر الأول وغرماء الحجر الثاني في ماله الموجود إذًا لتساويهم في ثبوت حقوقهم في ذمته كغرماء الميت إلا أن الأولين يُضْرَبُ لهم ببقية ديونهم والآخرين بجميعها، ومَنْ فلس أي ثبت فلسه عند حاكم وحُكم به ثم أدَّان لم يُحبس لوضوح أمره، وإن أبى مُفلس أو أبى وارث الحلف مع شاهد للمفلس أو للوارث بحق فليس لغُرماء المفلس أو الميت الحلفُ لإثباتهم ملكًا لغيرهم تتعلق به حقوقهم بعد ثبوته له فلم يجز كالمرأة تحلف لإثبات ملك زوجها لتعلق نفقتها به، ولا يجبر المفلس ولا الوارث على الحلفِ لأنَّا لا نعلمُ صدق الشاهدِ؛ فإن حلف ثبت المال وتعلق به حق الغرماء. الحكم الرابع المتمم لأحكام الحجر على المفلس انقطاع المطالبة عنه لما تقدم من قوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - لغرماء معاذ: «خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك» ، فمن أقرض المفلس شيئًا أو باعه شيئًا لم يملك مطالبة المفلس ببدله حتى ينفك عنه الحجر؛ لأنه هو الذي أتلف ماله بمعاملة من لا شيء معه؛ لكن إن وجد المقرض أو البائع أعيان ما لهما أخذها كما سبق إن لم يعلما بالحجر. من النظم فيما يتعلق في نفقة المحجور عليه وما إلى ذلك وأنفق على المحجور من ماله ومن ... يعول إلى أن تقسم المال ترشد وابْقِ الذي يَحتاجُه مِن لباسِهِ ... ومسكنه مع خادم متعود

س9: تكلم بوضوح عن ما يلي: من هو المحجور عليه لحظ نفسه؟ وما الأصل في ذلك؟ وما حكم تصرفه؟ وإذا دفع إليه إنسان ماله أو أتلف مال غيره أو أعطى المحجور عليه مالا أو جنى على نفس أو طرف ونحوه أو أخذ إنسان من المحجور عليه مالا ليحفظه فما الحكم؟ ومتى ينفك

وآلة ما يحتاجه إن كان ضائعًا ... وإلّا فكان ربحه للمعدد إذا لم يطق كسبًا يقوم بهم وإن ... أطاق منع والميت كفنه واللحد وباقَيهُ بِعه بلا إذنه وإن ... تشاوره مع أهل الديون تجود وبِعْ أولًا ما خيف فيه فساده ... وأجر المنادي منه مع فقد مسعد وبِع كل شيء في محل نفاقَه ... وقَسِّمْ على قدر الديون تسدد وليس لِمَجْنِي عليه زيادةٌ ... على قيمة الجاني وإن زاد فاردد كذا الدَين عن رهن فإن لم يف به ... له أسوة الباقين بالمتزيد ومَن بان ذا دين له بعد قسمه ... ليرجع بقدر الدين في المتعددِ ولم ينتقل إرث المدين لوارث ... في الأولى وعنه إنقله بالموت ترشد وبالإرث علق دَين ميت كمفلس ... ولو لم تقل بالموت قد حل واصدد تَصَرُّفَ وارثٍ إلى أن يوثقوا الغـ ... ـريم بقاض أو بقدر المعددِ فإن قدموا يُستَوفَ منهم بحاكم ... فإن فات في قدر الديون ليردد وقال أبو يعلى الديون إن تَرك وفا ... بذمة وارث ولو لم يقيد وأجبر على الإكساب مُفْلِي حِرْفَةٍ ... لِيقض دينًا لازمًا في المؤكد ولا تلزمنه أخذ ما فيه منة ... وقرضًا وتزويج النسا لا تقيد ولا أخذه عقلًا بحتم قصاصه ... وإن لم يجب عينًا فبالعقل قيّدِ ولا حلفه مع شاهد بحقوقه ... وأن يول ذو دَين يؤدب ويردد فصل في الضرب الثاني من ضربي الحجر س9: تكلم بوضوح عن ما يلي: من هو المحجور عليه لحظ نفسه؟ وما الأصل في ذلك؟ وما حكم تصرفه؟ وإذا دَفعَ إليه إنسانٌ ماله أو أتلف مال غيره أو أعْطى المحجور عليه مالًا أو جنى على نفس أو طرف ونحوه أو أخذَ إنسانٌ من المحجور عليه مالًا ليحفظه فما الحكم؟ ومتى ينفك

عنه الحجر؟ وما الذي يستحب عندما يدفع إليه ماله؟ وما الذي يحصل به البلوغ؟ وما الذي لا يعتبر في البلوغ؟ واذكر التفاصيل والتقاسيم إن كان هناك شروط أو محترزات، فاذكرها مع الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: الضرب الثاني: حجر المحجور عليه لحظ نفسه وهو الصبي (1) ، أيْ: مَنْ لم يبلغ من ذكر وأنثى والمجنون (2) والسفيه (3) ؛ لأن فائدة الحجر عائدة عليهم والحجر عليهم عام بخلاف المفلس ونحوه والأصل فيه قوله تعالى: {وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً} وأضاف الأموال إليهم؛ لأنهم مدبّروها ومن دفع إليهم أو إلى أحدهم ماله ببيع أو قرض رجع فيه إن كان باقيًا؛ لأنه عين ماله وما تلف منه بنفسه كموت قن أو حيوان أو بفعل محجور عليه زمن الحجر كقتله له فهو على مالكه غير مضمون وسواء كان بتعدِّ أو تفريط أو لا؛ لأنه سلطهم عليه برضاه سواء علم بالحجر أو لم يعلم به لتفريطه؛ لأن الحجر في مظنة الشهرة، وقيل: يضمن السفيه إذا جهل أنهُ محجور عليه، واختار في «الرعاية الصغرى» الضمان مطلقًا، واختاره ابن عقيل، قال في «الإنصاف» : وهو الصواب كتصرف العبد بغير إذن سيده. تتمة: لابد أن يكون الدفع معتبرًا بأن يكون من غير محجور عليه، فدفع نحو صغير كلا دفع فيصير مضمونًا على القابض ويضمن الصبي والسفيه والمجنون ما لم يدفع إليهم إذا أتلفوه؛ لأنه لا تفريط من المالك والإتلاف يستوي فيه الأهل وغيره وحكم المغصوب كذلك لحصوله في يدهم بغير إختيار مالكه، ومن أعطاه السفيه أو الصبي أو المجنون مالًا بغير إذن الولي صار في ضمان آخذه لتعديه بقبضه ممن لا يصح منه دفع حتى يأخذه منه ولي الدافع له؛ لأنه المستحق لقبض مال الدافع وحفظه، ولا يضمن من أخذ من محجور عليه لحظ نفسه مالًا إن أخذه ليحفظه لربه ولم يفرط؛ لأنه محسن بالإعانة على رد الحق ـــــــــ (1، 2، 3) بياض بالأصل.

لمستحقه؛ فإن فرّط ضمن، ومتى عقل مجنون وبلغ صبي رشدًا ذكرين أو أنثيين انفك الحجر عنهما أمّا في الأول فلأن الحجر عليه كان لجنونه، فإذا زال وجب زوال الحجر كزوال علته؛ وأمّا في الثاني فلقوله تعالى: {وَابْتَلُوا اليَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} ، وقيل: لا يزول الحجر إلا بحكم حاكم، وبه قال مالك وبعض أصحاب الشافعي، واختاره القاضي وابن عقيل؛ لأنه موضع اجتهاد ونظر؛ فإنه يحتاج في معرفة البلوغ والرشد إلى اجتهاد فيوقف ذلك على حكم حاكم كزوال الحجر على السفيه، قال أهل القول الأول: إن اشتراط حكم الحاكم زيادة تمنع الدفع عند وجود الرشد حتى يحكم الحاكم، وهذا مخالف لظاهر النص؛ ولأنه حجر ثبت بغير حكم حاكم، فيزول بغير حُكمه كالحجر على المجنون؛ ولأن الحجر عليه إنما كان لعجزه عن التصرف في ماله على وجه المصلحة حفظًا لما له عليه فمتى بلغ ورشد زال الحجر لزوال سببه والذي تطمئن إليه النفس أنه ينفك الحجر بلا حكم حاكم لظاهِر الآية الكريمة. والله أعلم. ومتى انفك الحجر عنهما دفع إليهما مالهما؛ لقوله تعالى: {فَإِنْْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} قال ابن المنذر: اتفقوا على ذلك وسن إعطاؤه ماله بإذن قاضٍ وإشهادٌ برشد ودفعٍ ليأمن التبعة واستحباب ذلك خوفًا من الإنكار، فلو أنكر الدفع إليه قبل قول الدافع، وقال القرطبي على قوله تعالى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} : وهذا الإشهاد مستحب عند طائفة من العلماء؛ فإن القول قول الوصي؛ لأنه أمين، وقالت طائفة: هو فرض وهو ظاهر الآية وليس بأمين فيقبل قوله كالوكيل إذا زعم أنه قد رد ما دفع إليه أو المودع وإنما هو أمين للأب ومتى ائتمنه الأب لا يقبل

قوله على غيره. اهـ. والذي تطمئن إليه النفس أنه فرض لما تقدم. والله سبحانه أعلم. ولا ينفك الحجر منهما قبل البلوغ أو العقل مع الرشد ولو صارا شيخين، قال ابن المنذر: أكثر علماء الأمْصَار يرون الحجر على كل مضيّع لماله صغيرًا كان أو كبيرًا للآية، وروى الجوزجاني في المترجم، قال: كان القاسم بن محمد يلي أمر شيخ من قريش ذو أهل ومال لضعف عقل فالدفع معتبر بشرطين: 1- بلوغ النكاح. 2- إيناس الرشد ويحصل البلوغ بخمسة أشياء، ثلاثة يشترك فيها الرجل والمرأة وهي إنزال المني يقظة أو منامًا بإحتلام أو جماع أو غير ذلك، والدليل عليه قوله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنكُمُ الحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} فأمرهم بالإستئذان بعد الاحتلام فدل على أنه بلوغ. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الفرائض والأحكام تجب على المحتلم ومما يدل على ذلك أيضًا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يحتلم ... » الحديث، وحديث: «لا يُتم بعد إحتلام» رواهما أبو داود. وروى عطية القرظي قال: عرضنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن قريظة: فمن كان محتلمًا أو نبتت عانته قتل فلو لم يكن بالغًا لما قتل، والثاني: السن، وهو يستكمل خمس عشرة سنة؛ لحديث ابن عمر: «عرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني» متفق عليه، وفي رواية البيهقي بإسناد حسن: فلم يجزني ولم يرني بلغت وابتداء الخمس عشرة من انفصال جميع الولد. والمراد بقول ابن عمر: «وأنا ابن أربع عشرة سنة» أي طعنت فيها، وبقوله: وأنا ابن خمس عشرة سنة، أي: استكملتها؛ لأن غزوة أحد

كانت في شوال سنة ثلاث والخندق كانت في جمادى سنة خمس. قال القمولي: قال الشافعي: رد النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعة عشرة من الصحابة وهم أبناء أربع عشرة؛ لأنه لم يرهم بلغوا ثم عرضوا عليه وهم أبناء خمس عشرة فأجازهم منهم زيد بن ثابت ورافع بن خديج وابن عمر. والثالث: نبات الشعر الخشن القوي حول القبل؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لما حَكَّمَ سعد بن معاذ في بني قريظة فحكم بقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم وأمر أن يكشف عن مؤتزرهم فمن أنبت فهو من المقاتلة ومن لم ينبت فهو من الذريَّة فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «لقد حكم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة» متفق عليه. وروى محمد بن يحيى بن حبان أن غلامًا من الأنصار شبَّبَ بإمرأة في شعره فرُفِع إلى عمر - رضي الله عنه - فلم يجده أنُبت، فقال: لو أنبت الشعر لحددْتك، وإثنان يختصان بالمرأة، أحدهما: الحيض؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» رواه الترمذي وحسنه، وأخرج البيهقي عن أم سلمة قالت: إذا حاضت الجارية وجب عليها ما يجب على أمها من الستر، والثاني: الحمل؛ لأن الحمل دليل إنزالها فيحكم ببلوغها منذ حملت؛ لأن الله أجرى العادة بخلق الولد من مائهما؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث أم سلمة: «تربت يداك فبم يشبهها ولدها» متفق عليه، ويقدر الوقت الذي حكم ببلوغها منه بما قبل وضعها بستة أشهر؛ لأنه اليقين؛ لأنه أقلَّ مدة الحمل إذا كانت توطأ بأن كانت مزوجة، وإن طلقت وكانت لا توطأ فولدت لأكثر مدة الحمل وهي أربع سنين، فأقل من ذلك منذ طلقت فقد بلغت قبل الفرقة؛ لأنه لا يحتمل خلاف ذلك، ويحصل بلوغ خنثى بأحد خمسة أشياء: تمام خمس عشرة سنة، نبات شعر خشن حول الفرجين أو مني من أحدهما أو حيض من قبل أو المني والحيض من فرج واحد أو مني من ذكره وحيض من فرجه؛ لأنه إن كان ذكرًا فقد أمنى وإن كانت أنثى

س10: ما هو الرشد؟ ومتى يدفع إلى من رشد ماله؟ وبأي شيء يعلم الرشد؟ واذكر معاني ما يتعلق بذلك من مفردات؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

فقد حاضت وكل منهما يحصل به البلوغ ولا اعتبار بالزغب الضعيف؛ لأنه ينبت للصغير ولا يغلظ الصوت، ولا فرق الأنف ولا نهود الثدي ولا بنزل الخصيتين ولا بشعر الإبط ولا بشعر اللحية وغيرها. ما يعلم به الرشد س10: ما هو الرشد؟ ومتى يدفع إلى من رشد ماله؟ وبأي شيء يعلم الرشد؟ واذكر معاني ما يتعلق بذلك من مفردات؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: الرشد: الصلاح في المال؛ لقوله تعالى: {فَإِنْْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} قال ابن عباس: يعني صلاحًا في أموالهم، وهذا قول مالك وأبي حنيفة، وقال الشافعي: إصلاح الدين والمال، فإصلاح الدين: أن لا يرتكب من المعاصي ما يسقط به العدالة وإصلاح المال أن يكون حافظًا لماله غير مبذر وهو إختيار ابن عقيل من أصحابنا وهو أليق بمذهبنا، وذكره البيهقي عن ابن عباس والحسن ومقاتل بن حيان، وترجم له باب الرشد، هو الصلاح في الدين، وإصلاح المال. قال ابن كثير على هذه الآية: قال سعيد بن جبير يعني صلاحًا في دينهم وحفظًا لأموالهم، وكذا روي عن ابن عباس والحسن البصري غير واحد من الأئمة، وهكذا قال الفقهاء: إذا بلغ الغلام مصلحًا لدينه وماله انفك الحجر عنه فيسلم إليه ماله كما يمنع قبول قوله وثبوت الولاية على غيره وإن لم يعرف عنه كذب ولا تبذير، ومما يؤيد القول الأول أن العدالة لا تعتبر في الرشد في الدوام فلا تعتبر في الابتداء كالزهد في الدنيا، قالوا: ولأن هذا مصلح لماله فأشبه العدل يحققه أن الحجر عليه إنما لحفظ ماله عليه، والمؤثر فيه ما أُثِر من تضييع المال

أو حفظه، وقولهم: أن الفاسق غير رشيد قلنا هو غير رشيد في دينه؛ أما في ماله وحفظه فهو رشيد ثم هو منتقض بالكافر؛ فإنه غير رشيد في دينه ولا يحجر عليه لذلك، ولا يلزم من منع قبول القول من منع دفع ماله إليه؛ فإن من عرف بكثرة الغلط والنسيان أو من يأكل في السوق ويمد رجليه في مجمع الناس لا تقبل شهادتهم وتدفع أموالهم إليهم ولا يدفع إلى المحجور ماله قبل رشده ولو صار شيخًا لما تقدم ولا يدفع إليه حتى يختبر ويمتحن بما يليق به ويعلم رشده؛ لقوله تعالى: {وَابْتَلُوا اليَتَامَى} الآية فوجب اختباره بتفويض التصرف إليه وهو يختلف؛ فإن كان من أولاد التجار وهم من يبيع ويشتري لطلب الربح فإيناس الرشد منه بأن يتكرر البيع والشراء منه فلا يغبن غالبًا غبنًا فاحشًا وأن يحفظ ما في يده من صرفه فيما لا فائدة فيه كالقمار والغناء وشراء المحرمات كالخمر وآلات اللهو بجميع أنواعها من بكمات وسينمات وتلفزيونات ودخان ومذياع ومجلات خليعة وصور وآلات تصوير والورق وبذله في القمار أو في استئجار أنواع الملاهي وحظورها وسائر أنواع المعاصي؛ لأن العرف يَعُد مَن صرف ماله في ذلك سفيهًا مسرفًا مبذرًا، وقد يُعدّ الشخص سفيهًا لصرفه ماله في المباح، ففي الحرام أولى وأحرى. وقال الشيخ تقي الدين: الإسراف ما صرفه في المحرمات أو كان صرفه في المباح يضر بعياله أو كان وحده ولم يثق بإيمانه أو أسرف في مباح قدرًا زائدًا على المصلحة. انتهى. والتبذير: تفريق المال كما يفرق البذر كيفما كان من غير تعمد لمواقعه، وهو الإسراف المذموم لمجاوزته للحد المستحسن شرعًا في الإنفاق وهو الإنفاق في غير الحق. قال الشافعي: التبذير إنفاق المال في غير حقه ولا تبذير في عمل الخير، وقال بعضهم: الفرق بين الإسراف والتبذير أن الإسراف صرف الشيء فيما ينبغي زائد على ما ينبغي والتبذير صرف الشيء فيما لا ينبغي، والسفه والتبذير

أصله الخفة والطيش والحركة. قال الشاعر: وأبْيَضَ مَوْشِيِّ القَميصِ نَصَبْتُهُ ... على ظَهْرِ مِقْلاةٍ سَفِيهٍ جَدِيلُها يعني خفيف زمامها – وقال الآخر: مَشَينَا كما اهتزتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ ... أَعَاليها مَرُّ الرياحِ النواسِمِ وليس الصدقة به وصرف في باب برٍ كغزو وحج وصرفه في مطعم ومشرب وملبس ومنكح لا يليق إلَّا به تبذيرًا إذْ لا إسرافَ في الخير وأعمال البر والنفقات الواجبة أو المباحة التي فيها صيانة النفس والعرض والصلة والإحسان إلى الأقارب والجيران والمحبين في الله. ويختبر ابن المزارع بما يتعلق بالزراعة والقيام على العمال والقوام ويختبر ابن المحترف وهو صاحب الصنعة بما يتعلق بصنعته ويختبر إبن الرئيس والصدر الكبير، وابن الكاتب الذين يُصان أمثالهم عن الأسواق بأن تدفع إليه نفقته مدة لينفقها في مصَالحه؛ فإن صرفها في مصارفها ومرافقها واستوفى على وكيله فيما وكل فيه واستقصى على وكيله، دل ذلك على رشده فيعطى ماله ويشترط في الكل ما تقدم، ابن التاجر من حفظ ما في يده عن صرفه فيما لا فائدة فيه كشراء المحرمات وآلات اللهو بأنواعها وإذا علم رشده وصلاحه أعطى ماله سواء رشَّدَهُ الولي أو لا؛ لقوله تعالى: {فَإِنْْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} . قال الشيخ: وإن نوزع في الرشد فشهد به شاهدان قُبِلَ؛ لأنه قد يعلم بالإستفاضة ومع عدم البيّنة له اليمين على وليه أنه لا رشده. اهـ. لأن اليمين على فعل الغير فكانت على نفي العلم، ولو تبرع من لم يعلم رشده وهو تحت الحجر، فقامت بيّنة برشده وقت التبرع نفذ

تبرعه، وكذا سائر عقوده؛ لأن العبرة في العقود بما في نفس الأمر لا بما في ظن المكلف، والأنثى إذا أريد اختبارها يفوّض إليها ما يفوّض إلى ربة البيت من الغزال والإستغزال أي دفعها الكتان ونحوه إلى الغَزَّالات بأجرة المثل وتوكيلها في شراء الكتّان ونحوه كالقطن وحفظ الأطعمة من الهر والفأر وغير ذلك؛ فإن وجدت ضابطة لما في يدها مستوفية من وكيلها فهي رشيدة يدفع إليها مالها وإلا فلا، ووقت الاختبار قبل البلوغ؛ لقوله تعالى: {وَابْتَلُوا اليَتَامَى} فظاهرها أن ابتلاءهم قبل البلوغ؛ لأنه سماهم يتامى وإنما يكون ذلك قبل البلوغ؛ لأن اليتيم مَن مات أبوه ولم يبلغ. ومُدة إختبارهم إلى البلوغ بلفظ حتى فدل على أنه قبله؛ ولأن تأخيره إلى البلوغ يفضي إلى الحجر على البالغ الرشيد؛ لكونه ممتدًا حتى يختبر ويعلم رشده، ولا يختبر إلا المراهق المميّز الذي يعرف البيع والشراء والمصلحة والمفسدة وإلا أدى ضياع المال وحُصُول الضرر، وبيع الاختبار وشراؤه صحيح؛ لقوله تعالى: {وَابْتَلُوا اليَتَامَى} ولا يأمر بغير الصحيح. من النظم فيما يتعلق في المحجور عليه لحظّه ومن ذي جنون ألغ كل تصرف ومن غير إذن من سفيه وفَوْهَدِ سوى في حقير ثم في إذن خبره تظن لدى التمييز صحيح بأوكد وما للوليّ الإذن إلا لظنه صلاحًا لذي التمييز أو سَفَهٍ قد ويمضي بلا إذن الولي كليهما قبول هبات والوصايا بأجود

ورد على من عاملوا عين ماله وإن يَتْوَ لم يضمن لتفريط مُوْرد والزمهما عاريةً ووديعة كذا العبد إن هم أتلفوها بأجود وقيل على عبدٍ فحسب ضمانه وقيل عليه مع سفيه مبدِّد ويلزمهم أرش الجناية كلَهم بأموالهم والعبد في فضله أقصد ومن كان إذْ ضمنته مفلسًا إذا عَقَلْ قَدْرًا ألزمه بغرم المفسد وبالرشد من بعد بلوغ وعقله يفك بدون الحكم حجر بأوطد ومن زال داعي حجره زال حجره بغير قضاء عند كلِ مُسَدَّدٍ ومن قَبْلِ ذا لا تفككّن عند حجره ولو صار شيخًا طاعنًا غيرَ أرشد ويبلغ بالإنزال أو شعر عانة وبالعشر مع خمس سنين فعدد وتزداد بالحمل الفتاة وحملها دليل على إنزالها المتعود وإصلاح مال المرء آية رُشده وقيل مع الإصلاح الدين فازدد

س11: لمن ولاية المملوك والصغير والمجنون وإذا فقد أو تغيرت حاله فلمن تكون؟ وإذا لم يوص من له الولاية فكيف العمل؟ ومن الذين لا ولاية لهم؟ وهل للولي أن يتصرف في مال موليه أو يتبرع أو يحابي أو يزيد على نفقته؟ وماذا يعمل مع من أفسد نفقته أو كسوته؟ وهل للولي أن يبيع أو يشتري أو يرتهن من مال موليه؟ وهل له مكاتبة القن أو عتقه أو تزويجه أو الإذن له في التجارة أو للسفر بمال موليه أو المضاربة به أو قرضه أو هبته أو رهنه أو شراء عقار أو بناؤه أو شراء ضحية أو مداواته أو تركه بمكتب أو تعليمه الخط أو بيع عقار أو قبول وصية؟ وما الذي يستحب حول اليتيم؟ وضح ذلك مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تفصيل أو قيد

ويحصل علم الرشد عند اعتباره بقلةِ غَبُنٍ في تصرف الرشد وإحرازه عن صرفه في محرّم ومكروه أو في غير فائدة زد وعنه وتزويج النسا وولاؤها أو المكث عند الزوج حولًا فترشد وبالسّن كلف مشكلًا ونباتِهِ على القبل منه أو ببادٍ معود من الحيض والإنزال من مخرجيهما فإن خرجا يشكل ويبلغ بأحود ووقت اختبار الرشد قبل بلوغ مَن يُراهِقُ لا بعد البلوغ بأوكد فصل فيمن له الولاية على المملوك والصغير والمجنون س11: لمن ولاية المملوك والصغير والمجنون وإذا فقد أو تغيرت حاله فلمن تكون؟ وإذا لم يوص من له الولاية فكيف العمل؟ ومن الذين لا ولاية لهم؟ وهل للولي أن يتصرف في مال موليه أو يتبرع أو يحابي أو يزيد على نفقته؟ وماذا يعمل مع من أفسد نفقته أو كسوته؟ وهل للولي أن يبيع أو يشتري أو يرتهن من مال موليه؟ وهل له مكاتبة القن أو عتقه أو تزويجه أو الإذن له في التجارة أو للسفر بمال موليه أو المضاربة به أو قرضه أو هبته أو رهنه أو شراء عقار أو بناؤه أو شراء ضحية أو مداواته أو تركه بمكتب أو تعليمه الخط أو بيع عقار أو قبول وصية؟ وما الذي يستحب حول اليتيم؟ وضّح ذلك مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تفصيل أو قيد

أو محترز أو خلاف أو ترجيح. ج: ولاية مملوك لسيدة؛ لأنه ماله ولو كان سيده غير عدل؛ لأن تصرف الإنسان من ماله لا يتوقف على عدالته وولاية صغير عاقل أو مجنون وبالغ مجنون، ومن بلغ سفيهًا واستمر لأبٍ بالغٍ رشيد لكمال شفقته؛ فإن ألحقَ الولد بإبن عشر فأكثر ولم يثبت بلوغه فلا ولاية له؛ لأنه لم ينفك عنه الحجر، فلا يكون وليًا، وتكون ولاية هذا الولد للحاكم كما يفهم مما في باب الهبة في «الإقناع وشرحه» : ثم الولاية بَعْدَ أبٍ لوصيه؛ لأنه نائب الأب أشبه وكيله في الحياة ولو كان وصيه بجعل وثم متبرع بالنظر له أو كان الأب أو وصيه كافرًا على كافر إن كان عدلًا في دينه بأن يمتثل ما يعتقده واجبًا وينتهي عما يحرمونه ويراعى مروءته، ولا ولاية لكافر على مسلم، قال الله تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} ثم بعد الأب ووصيه تكون الولاية لحاكم لإنقطاع الولاية من جهة الأب فتكون للحاكم كولاية النكاح؛ لأنه ولي مَن لا ولاية له، وتكفي العدالة في الولي ظاهرًا فلا يحتاج حاكم إلى تعديل أب أو وصية وللمكاتب ولاية ولده التابع له دون الحر؛ فإن عدم حاكم أهل فأمين يقوم مقام الحاكم والجد لا ولاية له؛ لأنه لا يدلي بنفسه وإنما يدلي بالأب فهو كالأخ والأم، وسائر العصبات لا ولاية لهم؛ لأن المال محل الخيانة ومن عدا المذكورين أو لا قاصر عنهم غير مأمون على المال، وقيل: للجد ولاية، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي. قال في «الفائق» : وهو المختار فعليها يقدم على الحاكم بلا نزاع، ويقدم على الوصي على الصحيح. قال في «الإنصاف» : هو الصواب، وذكر القاضي أن للأُّم ولاية، وقيل: لسائر العصبة أيضًا ولاية بشرط العدالة اختاره الشيخ تقي الدين، ذكره عنه في الفائق، ثم قال: قلت: ويشهد له حجر الإبن على أبيه عند خوفه. انتهى. وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه

وتعالى أعلم. قال في «الإنصاف» : قلت: الذي يظهر أنه حيث قلنا للأُّم والعصبة ولاية أنهم كالجد في التقديم على الحاكم وعلى الوصي على الصحيح. انتهى. وفي «الاختيارات الفقهية» : وأما تخصيص الولاية بالأب والجد والحاكم فضعيف جدًا، والحاكم العاجز كالعدم. انتهى. نقل ابن الحكم فيمن عنده مال تطالبه الورثة فيخاف من أمره ترى أن يخبر الحاكم ويدفعه إليه؟ قال الإمام: أما حكامنا اليوم هؤلاء فلا أرى أن يتقدم إلى أحد منهم ولا يدفع إليه شيئًا، وقال في «الغاية وشرحها» : ويتجه وهو أي ما قاله الإمام الصحيح الذي لا ريب فيه وكلامهم أي الأصحاب محمول على حاكمٍ أهل إن وجد وهو أندر من الكبريت الأحمر، وهذا ينفعك. كل موضع اعتبر فيه الحاكم فاعتمده واحفظه؛ فإن مُهم جدًا. اهـ. وحرم تصرف ولي صغير وولي مجنون وسفيه إلا بما فيه الأحظ للمحجور عليه؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ، والسفيه والمجنون في معناه وإن تبرع الولي بصدقة أو هبة أو حابة بأن باع من مال موليه بأنقص من ثمنه أو اشترى له بأزيد أو زاد في الإنفاق على من تلزمهما مؤنته بالمعروف ضمن ما تبرع به وما حابى به، والزائد في النفقة لتفريطه، ولِلْوَلي تعجيل نفقة موليه مدةً جرت به عادةُ أهل بلده إن لم يفسدها وتدفع النفقة إن أفسدها يومًا بيوم؛ فإن أفسد النفقة مُولى عليه بإتلاف أو دَفَعَ لغيره أطعمه الوليُّ معاينة، وإلا كان مفرطًا؛ فإن أفسد كسوته ستر عورته فقط في بيت إن لم يمكن التحيل على إبقائها عليه ولو بتهديد وزجر وصياح عليه ومتى أراه الناس ألبسه؛ فإن عاد نزعه عنه ويقيد المجنون إن خيْف عليه، ولا يصح أن يبيع وليُ الصغير والمجنون أو يشتري أو يرتهن من مالهما لنفسه أو يقترض لنفسه من مالهما؛ لأنه مظنة التهمة إلا الأب فله ذلك ويلي طرفي العقد؛ لأنه يلي بنفسه والتهمة منفية بين الوالد وولده إذ من طبعه

الشفقة عليه والرحمة والميل إليه وترك حظ نفسه لحظه بخلاف غيره وللأب مكاتبة قنهما أي الصغير والمجنون؛ لأن فيه تحصيلًا لمصلحة الدنيا والآخرة وقيدها بعض الأصحاب بما إذا كان فيها حظ، ولأب وغيره عتقه قنهما على مال؛ لأنه معاوضة فيها حظ أشبه البيع وليس له العتق مجانًا، وقيل: بلى لمصلحة بأن يكون له أمة لها ولد يُساويان مجتمعين مائة ولو أفردت ساوت مائتين ولا يمكن إفرادها بالبيع تتعين الأخرى لتكثر قيمة الباقية، أو تساوي أمةٌ وَولدها مائة ويساوي أحدهما مائة، ولأب وغيره تزويج قن الصغير والمجنون لمصلحة ولو بعضه ببعض كعبده بأمته لإعفافه عن الزنا وإيجاب نفقة الأمة على زوجها ولأب وغيره إذنه أي رقيق محجوره في تجارة بماله كإتجار وليه فيه بنفسه ولأب وغيره سفر مالهما للتجارة وغيرها مع أمن بلد وطريق لجريان العادة به في مال نفسه؛ فإن كان البلد أو طريقه غير أمنٍ لم يجُز. وفي «الإقناع» : في غير بحر وعلله بعضهم بأنه مظنة عدم السلامة والولي لا يتصرف إلا بالأحظ مع مظنه عدم السلامة ولا يدفع الولي مالهما، إلا إلى الأمناء؛ لأنه لا حظّ لهما في دفعه لغير أمين ولا يُغَررْ الولي بمالهما بأن يعرضه لما هو متردد بين السلامة وعدمها لعدم الحظ لهما، قال ابن نصر الله: وإن دفعه إلى ولده أو غيره ممن ترد شهادته له فهل هو كما لو أتجر فيه بنفسه أو كما لو دفعه إلى أجنبي ظاهرُ إطلاقهم أنه كالأجنبي. والأظهر أنه كما لو أتجر فيه بنفسه قياسًا على بيع الوكيل ممن ترد شهادته له ولم أجده نقلًا. اهـ. وللولي الإتجار بالمال بنفسه؛ لحديث ابن عمر مرفوعًا: «مَن ولي يتيمًا له ماله فليتجر به، ولا يتركه حتى تأكله الصدقة» ، وروي موقوفًا على عمر وهو أصح رواية ممن رأى هذا الحديث مرفوعًا؛ ولأنه أحظ للمولى عليه وللمحجور عليه ربحهُ كلُّهُ؛ لأنه نماء مال فلا يستحقه غيره إلا بعقد ولا يعقدها الولي

لنفسه للتهمة، وللولي دفع مال محجور عليه لغيره مضاربة بجزءٍ مشاع معلومٍ من ربحه؛ لأن عائشة - رضي الله عنها - أبضعت مال محمد بن أبي بكر، ولنيابة الولي عن محجوره في كل ما فيه مصلحة وللعامل ما شورط عليه ولولي بيع مال موليه إلى أجل لمصلحة وله قرضه ولو بلا رهن لمصلحة بأن يكون ثمن المؤجل أكثر مما يباع به حالًا أو يكون القرض لِمَلِيء ويأمن جحوده خوفًا على المال من نحو سفر وإن أمكن الولي أخذ رهن أو ضمين بثمن أو قرض، فالأولى أخذه إحتياطًا. قال ناظم المفردات: مالُ اليتيم لِلْوَلي عندنا ... إقْراضُه لِثِقَةٍ تَبَيَّنَا قولانِ في اشتراط أخذ الرهنِ ... والقطعُ باشتراطِهِ في المغني وإن ترك الولي التوثيق مع إمكانه فضاع المال لم يضمنه الولي؛ لأن الظاهر السلامة. قال القاضي: ومعنى الحظ في قرض مال الصبي والمجنون: أن يكون للصبي أو المجنون مال في بلد فيريد الولي نقله إلى بلد آخر فيقرضه من رجل في ذلك البلد ليقتضيه بدله في بلده يقصد الوليُّ بذلك حفظه من الغرر في المخاطرة في نقله أو يخاف عليه الهلاك من نهبٍ أو غرق أو غيرهما أو يكون مما يتلف بتطاول المدة أو يكون حديثه خيرًا من قديمه كالحنطة ونحوها فيقرضه خوفًا من السُوْسِ أو مِن أن تنقصَ قيمتُه وأشباه ذلك، وإن لم يكن فيه حظًا لم يجز ولا يقرضه لمودة ومكافأة وله هبتهُ بعوض؛ لأنها في معنى البيع وفيها ما فيه وله رهنه لثقة لحاجة وإيداعه، ولو مع إمكان قرضه لمصلحة وله شراء عقار من مالهما لِيَسْتغلَّ لهما مع بقاء الأصل، وهذا أولى من المضاربة به وله بناء العقار لهما من مالهمَا؛ لأنه في معنى الشراء إلا أن يتمكن من الشراء ويكون أحظ فَيتعيَّن عليه ويكون بناؤه بما جرت به عادة أهل بلده؛ لأنه العرف فيفعله لمصلحة؛

فإن لم تكن فلا، وله شراء ضحية لمحجور عليه موسرًا وحمله في «المغني» على يتيم يعقلها؛ لأنه يوم عيد وفرح فيحصل بذلك جبر قلبه وإلحاقه بمن له أب كالثياب الحسنة مع استحباب التوسعة في هذا اليوم وله مداواة عليه ولو بأجرة لمصلحة ولو بلا إذن حاكم وله حمله بأجره ليشهد الجماعة، وله ترك صبي بمكتب لتعلم خط ونحوه بأجرة؛ لأنه من مصالحه أشبه ثمن مأكوله، وكذا لو تركه بدكان لتعلّم صناعة وله تجهيز صغيرة إذا زوّجها أو كانت مزوجة بما يليق بها من لباس وحلي وفرش على عادتهن في ذلك، وله أيضًا خلط نفقة موليه بماله إذا كان أرفق به وألين لعيشه في الخبز وأمكن في الأدم؛ لقوله تعالى: {وَإِن تُخَالِطُوَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} وإن كان أفراد اليتيم أرفق به أفرده مراعاة لمصلحة. قال في «الاختيارات الفقهية» : ولو مات من يتجر لنفسه وليتيمه بماله وقد اشترى شيئًا ولم يعرف لمن هو لم يقسم ولم يوقف الأمر حتى يصطلحا، كما يقوله الشافعي: بل مذهب أحمد أنه يقرع فمن قرع حَلف وأخذ ولولي صغير ومجنون بيع عقارهما لمصلحة لكونه ي مكان لا غلة فيه أو فيه غلة يسيرة أو له جار سوء أو ليعمر به عقاره الآخر أو احتاج إلى نفقة أو كسوة أو قضاء دين أو ما لابد منه للصغير والمجنون وليس له ما تندفع به حاجته أو يخاف عليه الهلاك بغرق أو خراب ونحوه أو يكون في بيعه غبطة، وهي أن يبذل فيه زيادة كثيرة على ثمن مثله ولو بلا ضرورة لبيعه وأشباه هذا مما لا ينحصر، وقد نظم البدر الدميني الأسباب التي يباع عقار المحجور عليه لأجلها وعدّها إثنا عشر على مذهب الموالك. فقال: إذا بيع رَبْعٌ لليتيم فبيعُه لأشياء يُحصيها الذكيُ بفَهْمِهِ

قضاءٌ وإنفاق ودعوى مشارك إلى البيع فيما لا سبيل لقَسْمِهِ وتعويضُ كُلٍ أو عقارٍ مُخَرَّبٍ وخوف نزول فيه أو خوف هَدْمِه وبذلُ الكثير الحل في ثمن لَهُ وخِفَّةِ نَفْعٍ فيه أو ثُقْلِ غُرمِهِ وترك جوار الكفر أو خوف عُطْلِهِ فحافظ على فعل الصواب وحكمه ويجب على ولي الصغير والمجنون قبول وصية لهما بمن يعتق عليهما من أقاربهما إن لم تلزمهما نفقته لإعسار أو غيره كوجود أقرب منهمخا أو قدرة عتيق على تكسب؛ لأن قبول الوصية إذًا مصلحة وإلا بأن لزمتهما نفقته حرم قبول الوصية به لتفويت مالهما بالنفقة عليه، وإن لم يمكن الولي تخليص حق الصغير والمجنون إلا برفع المدين لوال يظلمه رفعه الولي إليه؛ لأنه الذي جر الظلم إلى نفسه كما لو لم يمكن رد المغصوب إلى مالكه إلا بكلفة عظيمة فلربّه إلزام غاصبه برده، ويستحب إكرام اليتيم وإدخال السرور عليه ودفع النقص والإهانة عنه فجبر قلبه من أعظم مصالحه، وكذا الإحسان إليه ومن ذلك تعليمُه وكفالُته ورعايةُ حاله والتلطف به والشفقةُ عليه والعنايةُ بأموره وتنميةُ مالِهِ ونحو ذلك من أنواع الإحسان وقد ورد في الحث على الإحسان إليه آياتٌ وأحاديثٌ منها قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ اليَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ} ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أنا وكافل اليتيم كاهتين في الجنة» ، وقال: «من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة تَمُر عليها يَدُه حسنات» ، وقال: «من أوى يتيمًا إلى طعامه وشرابه أوجب الله له الجنة البتة إلا أن يعمل ذنبًا لا يغفر» . وفي حديث أبي الدرداء: «أتحب أن يلين

قلبك وتدرك حاجتك؟ إرحم اليتيم، وامسح رأسه، وأطعمه من طعامك يلن قلبك» رواه الطبراني في «الكبير» . من النظم فيما يتعلق في الصغير والمجنون من قبل الولاية على الترتيب وحجر الصبا والجن للأب ثم مَن ... يُوصّيه إن لم يَدْر فِسْقهما اشهدِ وبعدهما للحاكم اجعَلْ وعنه بَلْ ... لجدهما بعد الأب المتوددِ وفي كونه قبل الوصي تَرَدُّدُّ ... وفي كافر عَدْلٍ لَديْهم تَرَدُّدِ وما للولي مِن غيرِ حظٍ تصرفٌ ... ولا عقدُه لِلنَّفس إلا أبًا قد فيبتاع من طفل أبوه لنفسه ... ومن نفسه للطفل غير مصدد وعن أن يزد عن غيره أو يوله ... سوى الأب جوز والكفيل الذي اعدد وفي بيعه لإبن ومن كاتب أو أب ... وإيجارة وجهين فيما يلي أسند ويضمن ما أراده في غير جائز ... ولو فوق إنفاق عليه مقيد ويقبل فيها قوله وله إذا ... كتاب وتزويج الرقيق إن وجب قد وعتق بمال إن رأى فيه حظه ... وتضحية للموسر اخْبأ وقدد وعن أحمد ما أن تصير ضحية ... وقيل لمن يعقل كذا افهم وقيد وتعليمه خطأ بأجر وصنعة ... وتسفير مال والمضاربة اعهد وقرض برهن ثم بيع نَسَاءٍ واشتراء ... عقار والبنا بالمعود وإن يتجر بالمال فالربح كله ... لموليه هذا هو المذهب اعضد وجوز أجر المثل فيه أبو الوفا ... أو النزر من حظ بربح معود وبيع العقار احذره إلا ضرورة ... وغبطتهم كالثلث فوق العود والأولى عدم تقييده بل لحظهم ... يباع كتعويض به خير مَقْصَدِ وموصى به للطفل الملك معتق ... ولا غُرم فليقبل وإلّا ليردد وجوز له إيداع أمواله إن يكن ... أحظ وقرضًا دون رهن لجيد

س12: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: لمن النظر فيمن بلغ سفيها واستمر أو مجنونا، من فك عنه الحجر فعاوده السفه، إذا فسق السفيه ولم يبذر أو جن بعد بلوغه ورشده فما الحكم، ولمن النظر: الشيح الكبير إذا اختل عقله هل يحجر عليه؟ ماذا يستحب نحو المحجور عليه، تزوج السفيه البالغ، عتق السفيه البالغ لرقيقه، إجبار الولي السفيه على الزواج إذا علم أنه يطلق، إذا أفسد السفيه نفقته أو كسوته، تدبير السفيه ووصيته وعتقه وهبته ووقفه ونذره عبادة، ومطالبته بالقصاص وعفوه وإقراره بنسب أو طلاق أو قصاص، شركته أو حوالته أو الحوالة عليه أو ضمانه أو كفالته ... إلخ.

فصل في عود السفه بعد فك الحجر عنه س12: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: لِمَن النظر فيمن بلغ سفيهًا واستمر أو مجنونًا، مَن فك عنه الحجر فعاوده السفه، إذا فسق السفيه ولم يبذر أو جن بعد بلوغه ورشده فما الحكم، ولمن النظر: الشيح الكبير إذا اختلّ عقله هل يحجر عليه؟ ماذا يستحب نحو المحجور عليه، تزوج السفيه البالغ، عتق السفيه البالغ لرقيقه، إجبارُ الولي السفيه على الزواج إذا علم أنه يُطلق، إذا أفسد السفيه نفقته أو كسوته، تدبير السفيه ووصيته وعتقه وهبته ووقفه ونذره عبادة، ومطالبته بالقصاص وعفوه وإقراره بنسب أو طلاق أو قصاص، شركته أو حوالته أو الحوالة عليه أو ضمانه أو كفالته ... إلخ. ج: مَن بلغ سفيهًا واستمر أو بلغ مجنونًا، فالنظر في ماله لوليه قبل البلوغ من أب أو وصيه أو الحاكم لما تقدم، ومن فك عنه الحجر بأن بلغ عاقلًا رشيدًا فعاوده السفه أعيدَ الحجر عليه؛ لأن الحجر يدور مع علته وجودًا وعدمًا؛ فإن فسق السفيه ولم يبذر لم يحجر عليه خصوصًا على القول بأن الرشد إصلاح المال، ولا يحجر على من سفه أو جن بعد بلوغه ورشده إلا الحاكم؛ لأن التبذير الذي هو سبب الحجر ثابتًا يختلف فاحتاج إلى الاجتهاد وما احتاج إلى الاجتهاد لم يثبت إلا بحكم حاكم كالحجر على المفلس. قال في «شرح الإقناع» : وهذا واضح بالنسبة لمن سفه؛ وأما مَن جُنَّ، فالجنون، قال في المبدع: لا يفتقر إلى اجتهاد بغير خلاف ومعناه في «المغني» اهـ. ولا ينظر في مال من سفه أو جُن بعد بلوغه ورشده وحجر عليه إلا الحاكم؛ لأن الحجر عليهما يفتقر إلى الحاكم وفكّه كذلك فكذا النظرُ في مالهما ولا ينفكُ الحجرُ عنهما إلا بحكمه؛ لأنه حجر ثبت بحكمه لم يزل به كالفلس، وقيل: ينفك بمجرد رشده، قاله أبو الخطاب؛ لأن

سبب الحجر زال فيزول بزواله، كما في حق الصبي والمجنون والشيخ الكبير إذا اختل عقله حجر عليه بمنزلة المجنون لعجزه عن التصرف في ماله ونقل المروزي أرى أن يحجر الابنُ على الأب إذا أسرف في ماله بأن يضعه في الفساد وشراء المغنيات ونحوه. قلت: وكذا صرفه في تلفزيون أو سينما أو صور أو مذياع أو بكمات أو دخان. اهـ. ومن حجر عليه استحب إظهاره والإشهاد على الحجر عليه لتجنتب معاملته، وتقدّم ولا يصح تزوجه إلا بإذن وليه؛ لأنه تصرف يجب به مال فلم يصح بغير إذن وليه كالشراء إن لم يكن السفيه محتاجًا إلى التزوج وإن كان محتاجًا إلى التزوج صح تزوجه بغير إذن وليه؛ لأنه إذًا مصلحة محضة، والنكاح لم يشرع لِقصد المال وسواء إحتاج لمتعة أو خدمة ويتقيد السفيه إذا تزوج بمهر المثل، فلا يزيد؛ لأن الزيادة تبرع وليس من أهل التبرع، وتلزم الولي لسفيه زيادة زوَّج بها فيدفعها من ماله لتعدّيه ولا تلزم زيادة أذن فيها؛ لأنه لم يباشرها ووجود الإذن كعدمه، ولا تلزم أيضًا السفيه، وفي «الإنصاف» : ويحتمل لزومهُ زيادة أذن فيها كتزويجه بها في أحد الوجهين: والثاني تبطل هي للنهي عنها فلا يلزم أحدًا، قلت: ويحتمل أن تلزم الولي. اهـ. وللولي إجبار السفيه على النكاح إن امتنع منه لمصلحته كإجباره على غيره من المصالح وكسفيهة فلولَيها إجبارها النكاح لمصلحتها وإن أذن لسفيه وليٌ في تزويج لم يلزم تعيين المرأة في الإذن، قال في «المغني» و «الشرح» : الولي يخيَّر بين أن يعين له المرأة أو يأذن له مطلقًا ونصراه. قال في «الإنصاف» : وهو الصواب وجزم به ابن رزين في «شرحه» ، والوجه الثاني يلزم تعيين المرأة له. اهـ. وإن علم الولي أن السفيه يُطلق إذا زوَّجه اشترى له أمةً يتسرَّى بها ويصح طلاقه؛ لأن الطلاق ليس إتلافًا إذ الزوجة لا ينفذُ بيع زوجها ولا هبتُه لها ولا تُورثُ عنه لو مات فليستْ بمال بخلاف أمتِهِ وغُرْمِ الشاهد

بالطلاق قبل الدخول إذا رجعا نصف المسمى، إنما هو لأجل تفويت الإستمتاع بإيقاع الحيلولة، وإن يتلفا مالًا كرجوع من شهد بما يُوجب القودَ، وقوله: أخطأتُ، وأيضًا فالعبد يصح طلاقُه، فالسفيه أولى ويصح من السفيه نذرُ كل عبادة بدنية من حج وغيره كصوم وصلاةٍ؛ لأنه غير محجور عليه في بدنه لا نذرُ عبادة ماليةٍ كصدقةٍ وأضحيةٍ، وتقدم حكم ما إذا أحرم السفيه بحج فرض أو نفل وحكم نفقته في كتاب الحج والعمرة (ص208) من الجزء الثاني من «الأسئلة والأجوبة الفقهية» ، ولا يصح عتق السفيه لرقيقهِ؛ لأنه تبرع أشبه هبته ووقفه، ولا تصح شركةُ السفيه ولا حوالتُه ولا الحوالة عليه ولا ضمانُه لغيره ولا كفالته بيد إنسان؛ لأن ذلك تصرفٌ مالي، فلم يصح منه كالبيع والشراء ويصح تدبيره ووصيته؛ لأنه لا ضرر عليه فيهما، ويصح إستيلاده للأمة المملوكة له وتعتق الأمة المستولدة له بموتِهِ وللسفيه المطالبة بالقصاص؛ لأنه يستقل بما لا يتعلق بالمال مقصودُه وله العفو عن القصاص على مال، ولا يصح عفُوه عن القصاص على غير مال ويأتي إن شاء الله في العفو عن القصاص على غير مال، ويأتي إن شاء الله في العفو عن القصاص وتحرره وأنه يصح وإن أقرَّ بما يُوجب الحدَ من نحو زنا أو قذف أخِذَ به في الحال أو أقرَّ السفيهُ بطلاقٍ أو قصاصٍ أخذ به في الحال. قال ابن المنذر: هو إجماعُ من تحفظُ عنه من أهل العلم؛ لأنه غير مُتهم في نفسه، والحجر إنما يتعلق بماله فيقبل على نفسه ولا يجب مال عُفي عليه عن قصاص أقرَّ به السفيه لاحتمال التواطئ بينه وبين المقر له؛ فإن فُكَّ حجره أخذه وإن أقر بمال كثمن وقرض وقيمة متلف فبعد فك الحجر يؤخذُ به؛ لأنه مكلف يلزمه ما أقر به كالراهن يُقر الرهن ولا يقبل في الحال لئلا يزول معنى الحجر؛ لكن إن علم الولي صحة ما أقرّ به السفيه لزمه أداؤه في الحال وتصرف ولي السفيه في ماله كتصرف ولي الصغير والمجنون على ما تقدم؛ لأن الحجر

س13: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: مقدار ما يأكله الولي من مال المولي عليه، وهل يحتاج إلى من يقدر له؟ وهل يلزمه عوض إذا أيسر؟ وهل يقرأ في مصحف اليتيم؟ وما مقدار ما يأكله ناظر الوقف والوكيل في الصدقة وإذا زال الحجر فادعى الصغير أو السفيه أو المجنون على الولي تعديا في ماله أو ادعى ما يوجب ظلما من نحو تفريط أو نحوه فمن القول قوله وإذا ادعى الولي وجود ضرورة أو غبطة أو مصلحة أو تلف أو دفع مال، فما الحكم؟ واذكر ما يتعلق بذلك من تفاصيل ومحترزات وأدلة وتعليلات وخلاف وترجيح.

عليه لحظِ نفسه أشبه الصغير، وإن أقر السفيه بخلع أخذ به في الحال كطلاقه وظهاره وإيلائه ولا عوض له أن كذبته مختلعة وإن صدقته فلا يقبض العوض؛ إن قبضه لم يصح قبضه على الصحيح من المذهب، وللولي أخذه منها ثانيًا؛ لأن إقباضها للسفيه غيرُ مبرئ ويصح إيلاؤه وظهارهُ ولعانُه ونفيُ النسب باللعان عن السفيه، وإن أقرّ السفيه بنسب ولدٍ أو نحوه صحَّ إقراره ولزمته أحكامُه من نفقةٍ وغيرها كالسكنى والإرث كنفقة الزوجة والخادم، ولا يُفرقُ السفيهُ زكاةَ مالِهِ بنفسه، بل يُفرقها وليهُ كسائر تصرفاته المالية. فصل للولي الأكل بالمعروف س13: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: مقدار ما يأكله الولي من مال المولي عليه، وهل يحتاج إلى من يقدر له؟ وهل يلزمه عوض إذا أيسر؟ وهل يقرأ في مصحف اليتيم؟ وما مقدار ما يأكله ناظر الوقف والوكيل في الصدقة وإذا زال الحجر فادعى الصغير أو السفيه أو المجنون على الولي تعديًا في ماله أو ادّعى ما يوجب ظلمًا من نحو تفريط أو نحوه فَمِنَ القولُ قولُه وإذا ادعى الولي وجودَ ضرورةٍ أو غبطةٍ أو مصلحةٍ أو تلفٍ أو دفع مال، فما الحكم؟ واذكر ما يتعلق بذلك من تفاصيل ومحترزات وأدلة وتعليلات وخلاف وترجيح. ج: للولي المحتاج غير الحاكم وأمينه أن يأكل من مال المولي عليه بالمعروف؛ لقوله تعالى: {وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} وروى عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده: أنَّ رجلًا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني فقير، وليس لي شيء، ولي يتيمٌ، فقال: «كل مِن مالِ يتيمك غيرَ مُسْرفٍ» رواه

أبو بكر، ويأكلُ الأقلَّ من أجرة مثله أو قدر كفايته؛ لأنه يستحقه بالفعل والحاجة جميعًا فلم يجز إلا ما وجدا فيه، فإذا كان كفايته أربعة ريالات مثلًا وأجرة عمله ثلاثة أو بالعكس لم يأكل إلا الثلاثة فقط. ويأكل الوليُ بالمعروف ولو لم يقدره الحاكم؛ وأما الحاكم وأمينه فلا يأكلان شيئًا لاستغنائهم بمالهما في بيت المال، ولا يلزمُ الوليَّ عوض ما أكله إذا أيسر؛ لأن ذلك جعل عوضًا له عن عمله فلم يلزم عوضه كالأجير والمضارب، ولظاهر الآية فإنه تعالى لم يذكر عوضًا بخلاف المضطر إلى طعام غيره لا إستقرار عوضه في ذمته. قال في «الإنصاف» : تنبيه: تمثل ذلك في غير الأب، فأما الأب فيجوز له الأكلُ مع الحاجة وعدمها في الحكم ولا يلزمُه عوضُه على ما يأتي في باب الهبة، وإن كان الولي غنيًا لم يجز له الأكل من مال المُولى عليه؛ لقوله تعالى: {وَمَن كَانَ غَنِياًّ فَلْيَسْتَعْفِفْ} فإن قدَّر الحاكمُ للولي شيئًا جاز له أخذه مجانًا فلا يغرم بدله بعد ولو مع غناه، وللحاكم القرض حيث رأى فيه مصلحة ولا يَقْرَ الولي ولا غيره في مُصحف اليتيم إن كان ذلك يُخلقه ويُبليه لِما فيه من الضرر عليه، ويأكل ناظر وقف بمعروف إذا لم يشترط الواقف له شيئًا؛ لأنه يساوي الوصي معنىً وحكمًا وليس من المعروف مجاوزة أجرة مثله؛ فإن شرط له الواقف شيئًا فله ما شرط. وقال الشيخ تقي الدين لناظر الوقف: أخذُ أجرة عمله مع فقره، وقال: ولا يقدم بمعلومه بلا شرط إلا بأخذ أجرة عمله مع فقرة كوصي اليتيم والوكيل في تفريق الصدقة لا يأكل منها شيئًا لأجل العمل؛ لأنه يمكنه موافقة الموكل على الأجرة، بخلاف الوصي ولا يأكل لفقره ولو كان محتاجًا؛ لأنه منفذ ومتى زال الحجر عن الصغير أو المجنون أو السفيه، فادَّعى أحدهم على الولي تعدَّيًا في ماله أو ادعى ما يُوجب ضمانًا من نحو تفريط أو محاباة أو تبرع ونحوه بلا بينةٍ فالقول

قول الولي؛ لأنه أمين كالمودع حتى في قدر نفقة عليه وقدر كسوة أو قدر نفقة أو كسوة على مال المحجور عليه من رقيق أو بهائم ويُقبل قولُه في قدر النفقة على من تلزمه نفقته من زوجة وقريب، ويُقبل في قدر نفقة على عقاره إن أنفق عليه في عمارة بالمعروف من ماله أي الولي ليرجع على المحجور عليه ما لم يعلم كذبُ الولي بأن كذب الحس دعواه أو تخالفه عادة وعرف، فلا يقبل قوله لمخالفته الظاهر؛ لكن لو قال الوصيُ: أنفقتُ عليك ثلاثَ سنين، وقال اليتيم: مات أبي منذ سنتين، وأنفقت علي من أوان موته، فقول اليتيم بيمينه؛ لأن الأصل موافقتُه ويُقبل قولُ الولي أيضًا في وجود ضرورةٍ وغبطةٍ ومصلحةٍ اقتضت بيع عقارِ المحجورِ، ولا يُعتبر ثبوتُ ذلك عند الحاكم؛ لكنه أحوط دفعًا للتهمة، ويُقبل قول الولي أيضًا في تلف مال محجورٍ عليه أو بعضه؛ لأنه أمين، وحيث قُلنا القول قولُ الولي؛ فإنه يحلف لاحتمال قول اليتيم غير حاكم فلا يحلف مطلقًا لعدم التُّهمة، ويُقبل قول الولي في دفع المال إليه بعد بلوغه ورشده وعقله إن كان الولي متبرعًا؛ لأنه أمين أشبه المودعِ وإن كان الولي قبض المال لحظه فلم تقبل دعواه الرد كالمرتهن والمستعير، وليس لزوجٍ حجرٌ على امرأتِهِ الرشيدةِ في تبرع في شيء من مالها، ولو زاد تبرعُها على الثلث؛ لقوله تعالى: {فَإِنْْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً} ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «يا معشر النساء، تصدقن ولو من حليكن» وكن يتصدقن ويقبل منهن، ولم يستفصل، وقياسها على المرض فاسد؛ لأن المرض سبب يُفضي إلى وصول المال إليهم بالميراث والزوجية، إنما تجعله من أهل الميراث فهي أحد وصفي العلة، فلا يثبتُ الحكم بمجردها كما لا يَثبت لها الحجر على زوجها. والقول الثاني: ليس لها التصرف في مالها بزيادة على الثلث بغير عوض إلا بإذن زوجها، وبه قال مالك، وحكى عنه

في امرأة حلفت بعتق جارية ليس لها غيرها فحنثت ولها زوج فرد ذلك عليها زوجها، قال له: أن يرد عليها وليس لها عتق؛ لما روي أن امرأة كعب بن مالك أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - بحُلي لها، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يجوز للمرأة عطية حتى يأذن زوجها، فهل استأذنت كعبًا؟» فقالت: نعم، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى كعب، فقال: «هل أذِنْت لها أن تتصدق بحُليها» ، فقال: نعم، فقبله. رواه ابن ماجه. وروي أيضًا عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبة خطبها: «لا يجوز لامرأة عطية في مالها إلا بإذن زوجها، إذ هو مالك عصمتها» رواه أبو داود، ولفظه عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يجوز لامرأة عطية إلا بإذن زوجها» ولأن حق الزوج متعلق بمالها؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تنكح المرأة لمالها ولجمالها ولدينها» ، والعادة أن الزوج يزيد في مهرها من أجل مالها ويتسبط فيه وينتفعُ به وإذا أعسر بالنفقة أنظرته فجرى ذلك مجرى حقوق الورثة المتعلقة بمال المريض. والقول الأول: قول أبي حنيفة والشافعي وهو ظاهر كلام الخرقي، وهو الذي تطمئن إليه النفس، يؤيده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتته زينب امرأة عبد الله ابن مسعود وامرأة أخرى اسمها زينب، فسألته عن الصدقة هل يجزؤهن أن يتصدقن على أزواجهن وأيتام لهن؟ فقال: «نعم» ولم يذكر لهن هذا الشرط، ولأن من وجب أن يدفع ماله إليه لرشده جاز له التصرّف فيه من غير إذنٍ كالغلام، وحديثهم ضعيف وشعيب لم يذكر عبد الله بن عمرو فهو مرسل، ويمكن حمله على أنه لا يجوز عطيتها من ماله بغير إذنه، بدليل أنه يجوز عطيتها ما دون الثلث من مالها، وليس معهم حديث يدل على تحديد المبلغ بالثلث، والتحديد بذلك تحكم ليس فيه توقيف، ولا عليه دليل. والله أعلم. وليس لحاكم حجر على مقتر على نفسه وعياله؛ لأن فائدة الحجر جمع المال وإمساكه لا إنفاقه، وقال الأزجي: بلى فعليه لا يمنع من عقوده ولا يكف

س14: إذا أذن ولي المميز أو السيد للعبد في التجارة فهل ينفك الحجر عنهما؟ وإذا أذن الولي أو السيد للمميز أو العبد أن يشتري في ذمته أو أقرا بشيء أو أجر المميز أو العبد نفسه أو توكل لغيره أو وكل أو عزل سيد قنه، فما الحكم؟ ما حكم تصرف الطفل دون التمييز وشراء العبد من يعتق على سيده لرحم أو غيره أو شراء امرأة سيده أو شراء زوج صاحبة المال، وإذا رأى العبد سيده يتجر فلم ينهه أو رأى المميز وليه يتجر فلم ينهه، فهل يصير مأذونا له، وإذا تصرف غير المأذون له ببيع أو شراء أو وجد ما أخذه المميز أو العبد من مبيع أو غيره أو تلف ما أخذه المميز والعبد فما الحكم؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والمحترزات والخلاف والترجيح.

عن التصرف في ماله؛ لكن ينفق عليه جبرًا بالمعروف من ماله. فصل لولي المميز ولسيد العبد الإذن لهما في التجارة س14: إذا أذن ولي المميّز أو السيّد للعبد في التجارة فهل ينفك الحجر عنهما؟ وإذا أذن الوليُ أو السيدُ للمميزِ أو العبدِ أن يشتري في ذمتَّه أو أقرَّا بشيء أو أجَّر المميزُ أو العبد نفسه أو توكل لغيره أو وكَّل أو عزلَ سيدٌ قِنَّهُ، فما الحكم؟ ما حكم تصرفُ الطفل دون التمييز وشراء العبد من يعتق على سيده لرحم أو غيره أو شراء امرأة سيده أو شراء زوج صاحبة المال، وإذا رأى العبد سيده يتجر فلم ينههُ أو رأى المُميز وليُّه يتَّجِرُ فلم ينههُ، فهل يصير مأذونًا له، وإذا تصرف غير المأذون له ببيعٍ أو شراء أو وُجد ما أخذهُ المميزُ أو العبدُ من مبيع أو غيره أو تلف ما أخذه المميز والعبد فما الحكم؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والمحترزات والخلاف والترجيح. ج: لولي المميز ذكرًا كان أو أنثى ولسيدِ عبدٍ مميز أو بالغٍ الإذنُ لهما في التجارة؛ لقوله تعالى: {وَابْتَلُوا اليَتَامَى} الآية، أي اختبروهم تعلموا رشدهم، وإنما يتحقق ذلك بتفويض الأمر إليهم من البيع والشراء ونحوه؛ ولأن المميّز عاقل محجور عليه، فصح تصرفه بإذن وليه كالعبد الكبير والسفيه، وفارق غير المميّز؛ فإنه لا تحصل المصلحة بتصرّفه لعدم تمييزه ومعرفته ولا حاجة إلى اختباره؛ لأنه قد علم حاله. وقيل: لا يصح تصرف الصبي المميز بالإذن وهو قول الشافعي؛ لأنه غير مكلف أشبه غير المكلّف؛ ولأن العقل لا يمكن الوقوف منه على الحد الذي يصلح به للتصرف لحقائه وتزايده تزايدًا خفي التدريج، فجعل الشارع له ضابطًا، وهو البلوغ فلا تثبتُ له أحكام العقلاء قبل وجود المظنة، والقول الأول هو الذي تميل

إليه النفس. وقولهم: إن العقل لا يمكن الإطلاع عليه، قال في «الشرح» : يعلم ذلك بآثاره وجريان تفرقاته على وفق المصلحة كما يعلم في حق البالغ؛ فإن معرفة رشده شرط دفع ماله إليه وصحة تصرفه. اهـ. والله أعلم. ومع تعدد سيد لقن لابُدَّ من إذن الجميع؛ لأن التصرف في شغله نفسه مشترك بينهم فاعتبر الإذن من جميعهم، وإلا كان غاصبًا ومثلُه حرٌ عليه وصيان وينفك الحجرُ عن المميز والعبد، فيما أذن الولي والسيّد لهما فيه فقط، فإذا أذن لهما في التجارة في مائة لم يصح تصرفهما فيما زاد عليها وينفك عنهما الحجر في النوع الذي أمرا بأن يتجرا فيه فقط؛ لأنهما يتصرفان بالإذن من جهة آدمي فوجب أن يتقيدا بما أذن لهما فيه كوكيل ووصي في نوع من التصرفات، فليس له مجاوزته كمن وُكِّلَ أو وُصي إليه في تزويج لشخصٍ مُعين فليس له أن يزوِّج من غيره، وكمنْ وكَّلهُ رشيدٌ في بيعِ عينٍ من مالٍ فليس للوكيل بيعُ غيرها عن ملكه ويستفيد وكيل في بيع عين أو إجارتها ونحوه العقد الأول فقط؛ فإذا عادت العين لِمُلْكِ المُوكل ثانيًا لم يملك الوكيل العقد عليها ثانيًا بلا إذن متجدد إلا أن رد المبيع ونحوه عليه لفسخ بنحو عيب وخيار فيبيعه ثانيًا؛ لأن العادة جارية بذلك ومأذونٌ له في التجارة، ومن حُرٍ وقنٍّ مُميز في بيع نسيئة وغيره كبعَوضِ كمضارب، فيصح لا كوكيل؛ لأن الغرض هنا الربح كالمضاربة، وإن أذن الولي أو السيدُ للمُميز أو العبد أن يشتري في ذمته جاز له الشراء في ذمته عملًا بالإذن، ويصح إقرار المميّز والعبد بقدر ما أذن لهما فيه؛ لأن الحجر انفك عنهما فيه، وليس لأحد منهما أن يُوكِّلَ فيما يتولى مثلُه من العمل بنفسه إذا لم يُعجزْهُ؛ لأنهما يتصرّفان بالإذن فاختصا بما أذن لهما فيه كالوكيل وإن أذن الولي للمميز أو السيدُ للعبد في جميع أنواع التجارة، لم يجزُ أن يُؤجرَ نفسَه ولا أن يتوكَّلَ لغيره، ولو لم يُقيد الولي

أو السيدُ عليه؛ لأنه عقدٌ على نفسه فلا يملكُه إلا بالإذن كبيع نفسه وتزويجه؛ ولأن ذلك يشغله عن التجارة والمقصودة بالإذن، وإن وكل المميز أو العبد المأذونُ له فكوكيل يصح فيما يعجزه وفيما لا يتولى مثله بنفسه فقط، ومتى عزل سيدٌ قنه المأذون له إنعزل وكيل القن كإنعزال وكيل وكيلٍ بعزله وكانعزال وكيل مضارب بفسخ رب المال المضاربة؛ لأنه يتصرف لغيره بإذنه وتوكيله نوع إذنه؛ فإذا بطل الإذن بطل ما يبني عليه بخلاف وكيل صبي أذن له وليه أن يتجر بماله ووكَّل ثم منعه وليهُ من التجارة فلا ينعزل وكيلهُ، وبخلاف مرتهن أذن لراهنٍ في بيع رهنٍ فوكل فيه الراهنُ ثم رجع المرتهن فيه عن إذنه فلا ينعزلُ وكيلُ الراهن، وبخلاف مكاتب أذن له سيدُه فيما يحتاج إلى إذنه فوكّل فيه ثم منعه سيده فلا ينعزل وكيله؛ لأن كلًّا من هؤلاء الثلاثة متصرف لنفسه في ماله فلا ينعزل وكيله بتغير الحال؛ فإذا زال المانع تصرّف بالإذن الأول، ولا حاجة إلى تجديد عقد، والمجنون والطفل دون التمييز لا يصح تصرّفهما بإذن ولا غيره لعدم الإعتداد بقولهما، ويصح شراء العبد من يعتق على سيده لرحم أو غيره كتعليق بأن قال السّيدَ لعبدٍ: إن اشتريتك فأنت حرٌ فاشتراه مأذونُه، أو قال: إن ملكت عبد زيدٍ فهو حرٌ، فاشتراه مأذونه. قال في «شرح الإقناع» : قلت: الظاهر أنه ليس له شراء من اعترف سيده بحريته؛ لأنه إفتداء وتبرع فلا يملكه. اهـ. وللعبد شراء امرأة سيدهِ، وله شراءُ زوجِ صاحبة المال وينفسخُ نكاحها، وقيل: إنه لا يدخل في الإذن في التجارة أن يشتري قن مأذون له في التجارة من يعتق على مالكه لرحم أو قول؛ لأنه إنما إذن له أن يبيع ويشتري ما تحصل به التجارة لا أن يشتري ما يُنافيها، فهو في شراء رحم سيدهِ وزوجه غير مأذون لفظًا ولا عرفًا، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. وإن رأى العبد سيدُه

يتجر فلم ينهه لم يصر مأذونًا، وكذا إن رأى المميز وليُه يتجر فلم ينهه لم يصر مأذونًا له؛ لأنه تصرف يفتقر إلى الإذن، فلم يقم السكوت مقامه، كما لو تصرف أحد الراهنين في الرهن، والآخر ساكت، وكتصرف الأجانب فيحرم على عالم بأنه غير مأذون له معاملته لعدم صحة تصرفه؛ لأنه محجور عليه كالسفيه، وإذا تصرّف المميز أو العبد غَير المأذون له ببيع أو شراء بعين المال أو في ذمته أو تصرّف بقرض لم يصح التصرّف؛ لأنه محجور عليه ثم إن وجد ما أخذ المميز أو العبد من بيع أو غيره فلربّه أخذه من العبد أو المميّز وله أخذه من السيّد أو الولي إن كان بيده، وله أخذه حيث كان لفساد العبد؛ فإن تلف ما أخذه المميز أو العبد بنحو بيع في يد السيّد أو غيره رجع عليه مالكه ببدل ماله؛ لأنه تلف بيده بغير حق، وإن شاء المالك كان ما تلف بيد السيد متعلقًا برقبة العبد؛ لأنه الذي أحال بينه وبين ماله، فيخبر المال بين أن يرجع على السيّد أو العبد، وإن أهلك العبد ما قبضه ببيع أو غيره بغير إذن سيده تعلق البدل برقبته يفديه سيده أو يسلمه لمستحق البدل أو يبيعه إن لم يعتقه؛ فإن أعتقه لزم السيد الذي كان عليه قبل العتق، وهو أقله الأمرين من قيمته؛ فإذا تعلق برقبته مائة وقيمته خمسون فأعتقه سيده لم يلزمه سوى الخمسين؛ لأنه لم يفوت إلا خمسين، ويضمن ما قبضه العبد ببيع وقرض ونحوه بمثله إن كان مثليًا وإلا بقيمته؛ لأنه مقبوض بعقد فاسد؛ وأما ما قبضهُ المميزُ المأذونُ وأتلفه أو تلف فغير مضمون عليه، ويتعلق دَين مأذونٍ له في التجارة بذمة سيّده بالغًا ما بلغ؛ أنه غرّ الناس بمعاملته.

س15: ما حكم استدانة العبد المأذون له أو اقترضه؟ وإذا حجر على سيده أو جن أو مات فهل يبطل الإذن؟ وبم تتعلق أروش جنايات العبد وقيم متلفاته؟ وما حكم بيع العبد المأذون له شيئا؟ وإذا ثبت على العبد دين أو أرش جناية ثم ملكه من له الدين أو الأرش أو حجر على العبد المأذون وفي يده مال ثم أذن له فأقر بالمال أو كسب عبد غير مكاتب من مباح فما حكم ذلك؟ وما حكم معاملة من شك في الإذن له أو وجد إنسان بما اشتراه من قن عيبا؟ وما الذي لا يبطل به الإذن؟ وما حكم تبرع المأذون له أو هديته أو دعوته؟ وهل للقن الصدقة من قوته؟ وهل للمرأة الصدقة من بيت زوجها بغير إذنه؟ وهل له الصدقة بطعامها؟ وهل لمن يقوم مقام المرأة الصدقة؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل والتعليل والخلاف والتفصيل والترجيح.

15- حكم استدانه العبد أو اقترضه س15: ما حكم استدانة العبدُ المأذون له أو اقترضه؟ وإذا حُجر على سيده أو جُن أو مات فهل يبطل الإذن؟ وبم تتعلق أروش جنايات العبد وقيم متلفاته؟ وما حكم بيع العبد المأذون له شيئًا؟ وإذا ثبت على العبد دين أو أرش جناية ثم ملكهُ من له الدين أو الأرشُ أو حَجَرَ على العبد المأذون وفي يده مال ثم أذن له فأقر بالمال أو كَسَبَ عبدٌ غيرُ مكاتب من مباح فما حكم ذلك؟ وما حكم معاملة من شك في الإذن له أو وجد إنسانٌ بما اشتراه من قنٍ عيبًا؟ وما الذي لا يبطلُ به الإذنُ؟ وما حكم تبرع المأذون له أو هديتهُ أو دعوتُه؟ وهل للقن الصدقةُ من قُوته؟ وهل للمرأة الصدقةُ من بيت زوجها بغير إذنه؟ وهل له الصدقة بطعامها؟ وهل لمن يقوم مقام المرأة الصدقة؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل والتعليل والخلاف والتفصيل والترجيح. ج: ما استدانه العبد المأذون له أو اقترضه بإذن السيد حكمه حكم ما استدانه للتجارة بإذنه، فيتعلق بذمة السيّد ولو زاد على قيمة العبد ويبطل الإذن بالحجر على سيده لسفه أو فلس وبموته وجنونه المُطْبَق وبسائر ما يبطل الوكالة؛ لأن إذنه له كالوكالة يبطل بما يبطلها، وتتعلق أروش جنايات العبد وقيمٌ مُتلقاته برقبته سواء كان مأذونًا له في التجارة أو لا، إذ الإذن في التجارة لا يتضمن الإذن في الجنايات والإتلافات، ولا فرق فيما لزمه من الديون بين أن يكون لزمه في التجارة المأذون له فيها أو فيما لم يؤذن له فيه مثل أن يأذن له في التجارة في البُر فيتجر في غيره من أنواع التجارة أو يستدين لغير ذلك؛ لأن إذنه له في التجارة لا ينفك عن التغرير إذ يظن الناس أنه مأذون له في ذلك أيضًا فيعاملونه، وإذا باع

السيدُ عبدَه المأذونَ له شيئًا أو اشتراه منه لم يصح؛ لأن العبد وما بيده ملكٌ للسيد وليس له أن يسافر بلا إذن سيده بخلاف المضارف والمكاتب؛ لأن ملك السيد في رقبته وماله أقوى، وإذا ثبت على العبد دينٌ أو أرشُ جناية ثم ملكه مَنْ له الدين أو الأرش بغير شراء سقط عنه ذلك الدين أو الأرش لعدم البدل عن الرقبة الذي يتحول إليه الدين، وإن ملكه بشراء؛ فإن كان الدين متعلقًا بذمته سقط أيضًا؛ لأن السيد لا يثبت له الدين في ذمة مملوكه وإن كان متعلقًا برقبته تحوّل إلى ثمنه؛ لأنه بدله فيقوم مقامه ومن هنا يعلم أن دين العبد على ثلاثة أقسام: قسم يتعلق بذمة السيد وهي الديون التي أذن له فيها، وقسم يتعلق برقبته، وهي ما لم يؤذن له فيه مما ثبت ببينة من الإتلافات أو بتصديق السيد، وقسم يتعلق بذمته وهو ما لم يثبت بغير إقرار العبد فقط، وإن حجر السيدُ على عبده المأذون له وفي يده مال فأقر به، لم يصح إقراره لحق السيد، ثم إن أذن السيد له فأقر المأذون به، أي بما يده من المال المعين صح إقراره؛ لأن المانع من صحة إقراره الحجرُ عليه، وقد زال؛ ولأن تصرفه صحيح فصح إقراره كالحر وما كسب عبدٌ غيرُ مكاتبٍ من مباح أو قبلُه من نحو هبة فلسيده ولمن يريد بيعًا أو شراءً ونحوه معاملةُ عبد ولو لم يثبت كونُه مأذونًا له؛ لأن الأصل صحة التصرف ومَن وجَدَ بما اشتراه من قنٍ عيبًا، فأراد رده على القنّ، فقال: أنا غير مأذون لي في التجارة لم يقبل منه؛ لأنه إنما أراد أن يدفع عن نفسه ولو صَدَّقَهُ سيدُه. ونقل مهنا فيمن قدم ومعه متاع يبيعه فاشتراه الناس منه، فقال: أنا غير مأذون لي في التجارة، قال: هو عليه في ثنه مأذونًا أو غير مأذن؛ ولأنه يدعي فساد العقد والخصم يدّعي صحته، وقال الشيخ تقي الدين: إن علم السيد بتصرفه لم يقبل ولو قدر صدقه فتسليطه عدوان منه فيضمنه ولا يعامل صغير لم يعلم أنه مأذون له إلا في مثل ما يعامل مثله؛ لأن

الأصل عدم الإذن وتقدم في البيع يصح تصرفه باليسير ولا يبطل إذن العبد في التجارة بإباقٍ وتبذيرٍ وإيلادٍ وكتابةٍ وحريةٍ وأسرٍ وحبسٍ بدين وغصْب؛ لأن ذلك لا يمنع ابتداء الإذن له في التجارة فلا يمنع استدامته ولا يصح تبع مأذون له بدرهم ولا بكسوة ثياب ونحوها؛ لأن ذلك ليس من التجارة ولا يحتاج إليه كغير المأذون له ويجوز للمأذون له هدية مأكول وإعادة دابة وعمل دعوة وإعادة ثوبه بلا إسراف؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يجيب دعوة المملوك؛ ولأنه مما جرت عادة التجار فيما بينهم فيدخل في عموم الإذن. وقال في «النهاية» : الأظهر أنه لا يجوز؛ لأنه تبرع بمال مولاه فلم يجز كنكاحه وكمكاتب في الأصح. اهـ. ولقنٍّ غير مأذون له صدقة من قوته برغيف ونحوه إذا لم يُضِرَّ به؛ لأنه مما جرت العادة بالمسامحة فيه، وللمرأة الصدقة من بيت زوجها بغير إذنه برغيف ونحوه؛ لحديث عائشة: «إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة كان له أجرها بما أنفقت، ولزوجها أجر ما كسب، وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعضٍ شيئًا» متفق عليه. ولم تذكر إذنًا؛ ولأن العادة السماح وطيب النفس به إلا أن يمنعها الزوج ذلك أو يكون الزوج بخيلًا فتشكّ في رضاه فيحرم عليها الصدقة بشيء من ماله في الحالتين وهما إذا منعها أو كان بخيلًا وشكّت في رضاه، وكذا إذا اضطربَ عُرفٌ وشكّت في رضاه؛ لأن الأصل عدم رضاه، إذًا كما يحرم على الرجل الصدقة بطعام المرأة بغير إذنها؛ لأن العادة لم تجر به؛ فإن كان في بيت الرجل من يقوم مقام امرأته كجاريته وأخته وغلامه المتصرّف في بيت سيّده وطعامه فهو كزوجة يجوز له الصدقة بنحو رغيف من ماله ما لم يمنعه أو يكون بخيلًا أو يضطرب عرف بأن يكون عادة البعض الإعطاء وعادة آخرين المنع أو يشكّ في رضا ربّ البيت فيحرم الإعطاء من ماله بغير إذنه: وإن كانت المرأة الممنوعة

من التصرف في بيت زوجها كالتي يطعمها بالفرض بأن فرض لها الحاكم عليه دراهم كل يوم فليس لها أن تتصرف في مال زوجها بغير إذنه لا مما هو مفروض لها؛ لأنها تملكه بقبضها له. من النظم فيما يتعلق في عود السفيه أو أكل الأولياء من مال اليتيم بقدر العمل وما يتعلق بالإذن ومَن فُكّ عنه عند إيناس رشده فعاود جهلًا موجب الحجر يُردَدِ ولا أمر في ذي الحجر إلا لحاكم ويبطل حق الأوليا بالتَرشدِ ويَنفذُ مع إذن الولي نكاحُه ومن غير إذنٍ عند مُمَلي المُجَرَّدِ وأمواله عند التصرف حكمها كأموال مجنون وطفل مُمَهَّد وللأوليا مِن مال موليهم أبِح كأجرتهم أو سد فقر بأزهد وقيل يجب الاجتناب مع الغني ولكن مباحٌ قدر أجر مفسدِ ويخرج في نظار وقف كمثلهم وإن أيسروا لم يرددوا في المؤكدِ وإن كان واليهم أبى أن يرده لأن له أخْذًا بِغير تردد

ويقبل قول الأولياء بنفي ما ادعى موجبًا تضمينهم من مرشد وقيل بل أقبل قول موليهم متى ادَّعوا رد مال دون إحضار شُهَّدِ وإن قال مِن حَوْلٍ أبى مَاتَ قَائِلٌ من اثنين فاقبل مطلقًا قول فوهد وتدبير واعٍ والوصايا وخلعه صحيح كذا الإيلاد دون تقيّد وإقرار واع بالقصاص ونسبة وحدّ وتطليق أجزوا ليحدد وإحرامه بالحج نفلًا ككلفة المقيم أجز بل إن نما اصدد بأجود ويلزمه تحليله بصيامه كذا كل تكفير عليه لِيُعْدَدِ والغ في الأولى عتقه كاعترافه بمال الذي حُجِّرْهُ وَبَعِّدْ بِمُبْعَدِ وحتم وإن لم يعترف مع علمه قضى كل دين بل متى مات يُصْدَدِ ولا يَحْجُرن زوجُ رشيدة إن تجُدْ بأكثر من ثلثٍ لها في الموطد

الإذن وإذن الذي تمييزهم في تجارة يجوز على القول الأصح المسدّد ويجوز بلا خلف لعد ولا تُبِحْ لِكُلِهِمَا غير المسمّى المقّيد فإن يتصرّف دون إذن وليها يُرَدُ وقيل إنْ تُمضِ بعد يجود كذاك وكيلٌ والوصي وشراء من على آذِن يَعُتقْ ليلغ بأجود وإذنك في كل التجارة لم يبح إجارة نفس أو توكّل أعبدُ وليس له فيما يباشر مثله من الفعل توكيلٌ إذا في المؤكد وليس بإذن ترك إذن وليهم لهم عند فعل الإتجار فقلد وتصريف عبد غير ماضٍ بلا رضى المليك وأن يتلف ففي نفسه طد ويُسَلَّم أو يُغدى وعنه بذمةٍ فيتبع بعد العتق من غير عندد وعنه بلا إذن تصرّفه أجز وخذ بعد عتقٍ بالمسمَّى فبعد وفي ذمة المولى ديون تجارة العبيد بإذن واقتراضٍ بأوكد

وعنه بنفس العبد مثل جناية وقل بكلا الأمرين في ثالث زد ولغو تبايعه لمأذون عَبْدِه سوى مستدين قدره بمبعد وإقرارُه فيما أجيز له أجز ولو بعد إذنٍ بعد حجر مجدد وليس إبَاقٌ مبطلًا إذنَ آبقٍ وإن يتبرع بالدراهم يعتدي وكسوة ثوبٍ بل ليُهْدِ مَآكِلًا وإن شا يُعِر ظهرًا إذا لم يزيد وذو الحجر إن يُهْدِ الرغيفَ ونحوه مِن القوت ما لم يؤذ جوّز بأوكَدِ وللعُرس أعطا ذاك من بيت زوجها في الأولى بلا إذنٍ إذا لم يُصَدِدِ في كسب العبد وما حاز قنّ لربّه ولو هبة أو من وصية ملحد ويملك بالتمليك من كل مالك في الأولى وقرره بعتق وأكّد وبالإذن إن شاء التسرّي أبح له وإطعام تكفيرٍ كعتق بأوكد

الوكالة

وقد قيل لا يقبل هبات بلا رضى ولا ملك في الأخرى فيعكس ما ابتدى 16- الوكالة س16: ما هي الوكالة؟ وما هي أركانها؟ وما هي شروط صحة الوكالة؟ وما حكمها؟ وما هي أدلة حكمها باستقصاء؟ واذكر أوجه الدلالة من الأدلة وكل ما له تعلق بما ذكر من تعليق أو تنجيز. ج: الوكالة -بفتح الواو وكسرها-: التفويض، يقال: وكلَّه أي فوّض إليه، وَوَكَلْتُ أمري إلى الله، أي: فوضته إليه واكتفيت به، وتطلق أيضًا بمعنى الحفظ، ومنه حسبنا الله ونعم الوكيل، أي: الحفيظ. والوكالة شرعًا: استنابة جَائِزِ التصرف مثلَه في الحياة فيما تدخله النيابة من حقوق الله وحقوق الآدميين مِن قولٍ أو فِعل، فالقول كالعقد والفسخ، والفعل كالقبض والإقباض، وهي جائزة بالكتاب والسُّنة والإجماع؛ أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} فجوّز العمل عليها، وذلك بحكم النيابة عن المستحقين، وقوله تعالى: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى المَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ} وهذه وكالة واستدل لذلك بعض العلماء بقوله تعالى: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي} الآية؛ فإنه توكيل لهم من يوسف على إلقائهم قميصَه عن وجهِ أبيه ليرتدّ بصيرًا، واستدل بعضهم أيضًا بقوله تعالى عن يوسف: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ} الآية؛ فإنه توكيل على ما في خزائن الأرض. وأما السُّنة: فمنها: حديث عروة بن الجعد البارقي: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه دينارًا ليشتري به له شاة فاشترى له به شاتين فباع إحداهما بدينار، وجاءه بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى ترابًا لربح فيه» رواه

الإمام أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارقطني، وفيه التوكيل على الشراء. وعن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه ليشتري له أضحية بدينار، فاشترى أضحية بدينار فأربح فيها دينارًا فاشترى أخرى مكانها، فجاء بالأضحية والدينار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ضح بالشاة، وتصدّق بالدينار» رواه الترمذي. وفيه التوكيل بالشراء، وعن معن بن يزيد قال: كان أبي خرج بدنانير يتصدق بها، فوضعها عند رجل في المسجد، فجئت فأخذتها، فأتيته بها، فقال: والله ما إياك أردت، فخاصمته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «لك ما نويت يا يزيد، ولك يا مَعْنُ ما أخذت» رواه أحمد والبخاري. ومنها: حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: أدرت الخروج إلى خيبر، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: أني أردت الخروج إلى خيبر، فوقف، فقال: «إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقًا؛ فإن ابتغى منك آية فضع يدك على ترقوته» أخرجه أبو داود والدارقطني. وفيه التصريح منه - صلى الله عليه وسلم - بأن له وكيلًا، ومن ذلك حديث علي - رضي الله عنه - قال: «أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بدنه وأن أتصدق بلحومها وجلودها وأجلتّها» الحديث متفق عليه، وفيه التوكيل على القيام على البدن والتصدق بلحومها وأجلتّها وجلودها. ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «واغد يا أنيس إلى امرأة هذا؛ فإن اعترفت فارجمها» وهو صريح في التوكيل في إقامة الحدود. ومن ذلك حديث عقبة بن عامر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه غنمًا يقسمها على أصحابه» الحديث متفق عليه، وفيه الوكالة في تفسيمها ووكل - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أمية الضمري في تزويج أم حبيبة، وأبا رافع في قبول نكاح ميمونة، وحديث أبي هريرة في حفظ زكاة رمضان، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما جهز جيش

غزوة مؤتة في نحو ثلاثة آلاف في سنة (8) ثمان من الهجرة إلى البلقاء من الشام: «أميركم زيد؛ فإن قتل فجعفر؛ فإن قتل فعبد الله بن رواحة» إلى غير ذلك من الأدلة. وأمّا الإجماع: فقد أجمع المسلمون على جواز الوكالة وصحتها في الجملة؛ ولأن الحاجة تدعو إلى الوكالة؛ فإنه يمكن كل أحد فعل ما يحتاج إليه بنفسه، وقد يكون للإنسان مال ولا يحسن الإتجار فيه، وقد يحسن ولا يتفرغ إليه لكثرة أشغاله. وأركانها أربعة: مُوَكَّل وَوَكيْل، ومُوكَلٌ فيه، وصيغة، وقد نظمتُها في بيت: مَوَكَّلَ ووكيل صِيْغَةُ وَكَذَا مْوكلٌ فيه فاحْفَظْ حِفْظَ مَن فَهِمَا وشروط صحتها خمسة: أولًا: تعيين الوكيل. ثانيًا: أن يكون جائز التصرف. ثالثًا: أن يكون فيما تدخله النيابة. رابعًا: أن يكون الوكيل والموكل ممن يصح ذلك منه لنفسه. خامسًا: أن تكون الوكالة في شيء معين. وأقسام النيابة عن الغير ثلاثة أقسام: نائب خاص كالوكيل، والوصي الخاص المعين باسمه أو وصفه، ونائب عام، كنيابة الحاكم عن الغائب ونظره في الأوقاف والوصايا التي لا وصي لها ولا ناظر. ونائب ضرورة كنيابة الملتقط على ما يجده مع اللقيط من مال لينفقه عليه ونيابة من مات في محل لا وصي فيه ولا حاكم. وتَصح الوكالة مطلقة ومُنجَّزة ومؤقتة كأنْتَ وكيلي شهرًا أو سنة، فلا يصح تصرف الوكيل قبل المدة التي ضربها له الموكِل ولا بعدها، وتصح الوكالة معلقة بشرط كوصية وإباحة أكل وقضاء وإمارة وصفة التعليق بشرط نحو إذا قدم الحاج فافعل كذا، أو إذا جاء الشتاء فاشتر لنا كذا، أو

إذا طلب أهلي منك شيئًا فادفعه إليهم، وإذا دخل رمضان فقد وكلتك في كذا، أو أنت وكيلي، وتصح بكل قول يدل على الإذن في التصرف نحو افعل كذا، أو أذنت لك فيه أو بعهُ أو اعْتِقْهُ وكاتبه ونحو ذلك، كأقمتك مقامي أو جعلتك نائبًا عني؛ لأنه لفظ دل على الإذن فصح كلفظ الوكالة الصريح. قال في «الفروع» : ودل كلام القاضي على انعقادها بفعل دالٍ كبيع وهو ظاهر كلام الشيخ فيمن دفع ثوبه إلى قصّار أو خيّاط وهو أظهر كالقبول. انتهى. وقال ابن نصر الله: ويتخرج انعقادها بالخط والكتابة الدالة، ولم يتعرض له الأصحاب ولعله داخل في قوله بفعل دال؛ لأن الكتابة فعل يدل على المعنى. اهـ حاشية. ويصح قبول الوكالة بكل قول أو فعل من الوكيل يدل على القبول؛ لأن وكلاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينقل عنهم سوى امتثال أوامره؛ ولأن إذن في التصرف فجاز قبوله بالفعل كأكل الطعام ولو لم يعلم الوكيل بالوكالة له مثل أو وكله في بيع داره أو بستانه أو دكانه، ولو لم يعلم الوكيل فباعها نفذ بيعه؛ لأن الاعتبار في العقود بما في نفس الأمر لا بما في ظن المكلف وتقدم في البيع، ويصح قبول الوكالة على الفور والتراخي بأن يوكله في بيع شيء فيبيعه بعد سنة أو يبلغه أنه وكله منذ شهر، فيقول: قبلت؛ لأن قبول وكلائه - صلى الله عليه وسلم - كان بفعلهم وكان متراخيًا عن توكيله إياهم؛ ولأنه إذن في التصرف والإذن قائم ما لم يرجع عنه أشبه الإباحة، وكذا سائر العقود الجائزة كشركة ومضاربة ومساقات ومزارعة في أن القبول يصح بالفعل فورًا ومتراخيًا لما سبق، ولو أبى الوكيل أن يقبل الوكالة فكعزله نَفْسه كالموصى له إذا لم يقبل الوصية ولم يردها يحكم عليه بالرد، وعلى قياس ذلك باقي العقود الجائزة وتقدم أنه يُشترط لصحَّة وكالة تعيين وكيل، فلو قال: وكلت أحد هذين لم تصح للجهالة، ولو وكل زيدًا وهو

س17: من الذي يصح منه التوكيل؟ وما الذي يستثنى من ذلك؟ وما حكم التوكيل في بيع ما سيملكه أو في طلاق من يتزوجها؟ وما حكم توكيل العبد والمكاتب والسفيه ووكالة المميز؟ وما الذي يصح فيه التوكيل؟ وما حكم توكيل الكافر في شراء ما يحرم على المسلم؟ وما حكم توكل الكافر عن المسلم وبالعكس، وإذا قال: إن ملكت فلانا، فقد وكلتك في عتقه أو في بيع ما سيملكه تبعا للمبيع، فما الحكم؟

لا يعرفه، لم تصح لوقوع الاشتراك في العلم فلابد من معرفة المقصود؛ إما بنسبة أو إشارة إليه أو نحو ذلك مما يعينه أو لم يعرف الوكيل موكله بأن قيل له: وكلك زيد، ولم ينسب له ولم يذكر له من وصفه أو ما يميزه لم يصح ذلك للجهالة. 17- من يصح منه التوكيل س17: من الذي يصح منه التوكيل؟ وما الذي يُستثنى من ذلك؟ وما حكم التوكيل في بيع ما سيملكه أو في طلاق من يتزوجها؟ وما حكم توكيل العبد والمكاتب والسفيه ووكالة المميز؟ وما الذي يصح فيه التوكيل؟ وما حكم توكيل الكافر في شراء ما يحرم على المسلم؟ وما حكم توكّل الكافر عن المسلم وبالعكس، وإذا قال: إن ملكت فلانًا، فقد وكلتك في عتقه أو في بيع ما سيملكه تبعًا للمبيع، فما الحكم؟ ج: لا يصح التوكيل في شيء من بيع أو عتق أو طلاق أو نحوها إلا ممن يصح تصرفه في الذي وكَّلَ فيه؛ لأن من لا يصح تصرفه لنفسه فنائبه أولى: يَجوزُ أن يُوكل الإنسانُ في مَا كان فيه جائزَ التَّصرفِ فلا يصح توكيل سفيه في نحو عتق عبده سوى توكيل أعمى رشيد، وموكل غائب في ما لم يره كشقص، وكمن يريد شراء عقار لم يره وكمن وكَل عالمًا بالمبيع بصيرًا فيما يحتاج لرؤية كجوهر وعقار فيصح وإن لم يصح ذلك منه لنفسه؛ لأن منعهما من التصرف في ذلك لعجزهما عن العلم بالمبيع لا لمعنى يقتضي منع الموكَّل من التوكيل.

ومثل التوكيل فيما ذكر توكُلٌ عن غيره فلا يصح أن يتوكّل في شيء إلا ممن يصح منه لنفسه، فلا يصح أن يوجب عن غيره نكاحًا من لا يصح منه إيجابه لموليته؛ لأنه إذا لم يجز أن يتولاه أصَالة فلم يجز بالنيابة كالمرأة ولا يقبل النكاح من لا يصح منه قبوله لنفسه ككافر يتوكل في قبول نكاح مسلمة لمسلم. ولا يصح أن يتوكل مسلم عن كافر في نكاح إبنته؛ لأنه من شرط الولاية إتفاق الدينين إلا في سيّد زوّج أمتَه الكافرة لكافر فيصح سواء كان الموكل الكافر كتابيًا أو غير كتابي، كما لا يصح أن يتوكّل كافر عن مسلم في تزويج إبنته، ولا يصح أن يتوكّل كافر عن مسلم في شراء قنّ مسلمٍ ولا في شراء مصحف ولا في معاقبة المسلم إذا وجب عليه حد سوى قبول نكاح نحو أخته كعمته وخالته وحماته لأجنبي؛ لأن المنع منه لنفسه إنما هو على سبيل التنزيه لا لمعنى فيه يقتضي منع التوكيل، سوى توكل حر واجد الطول نكاح أمة لمن تباح له الأمة من حر أو عبد عادم الطول خائف العنت وسري توكّل غني قبض زكاة لفقير، فيصح؛ لأن المنع في هذه لنفسه للتنزيه له لا لمعنى فيه يقتضي منع التوكيل وسوى طلاق امرأة نفسها وطلاق غيرها كضرتها أو غيرها بوكالة فيصح فيهن؛ لأنها لما ملكت طلاق نفسها بجعله إليها ملكت طلاق غيرها بالوكالة، ويصح توكيل مسلم كافرًا فيما تصح تصرف الكافر فيه كبيع وشراء، ولا يصح توكيل الكافر ولا مسلم في شراء خمر ولا عنب يُراد له ولا في شراء خنزير وطُنبور وجنك وعُود، وكل ما يحرم على الموكل استعماله كالدخان والتلفزيون والسينما والبكم والإسطوانات وخاتم ذهب لرجل وثياب أنثى لرجل وثياب رجل لأنثى لحرمة التشبه والصور مجسدة أو غير مجسدة والمذياع، وما قصد به فعل محرم كأمواس ومقاص ومكائن لحلق اللحى أو قصّها، وكل

ما يحرم إتخاذه كأواني الذهب والفضة ونحوها؛ لأنه أقام الوكيل مقام نفسه فامتنع عليه ما يمتنع على موكله. قال في نظم «أسهل المسالك» : وكل ما جاز له أن يفعلا ... بنفسه يجوز أن يوكلا وإن وكل إنسان عبد غيره صح فيما يملك العبد فعله بدون إذن سيّده كالصدقة بالرغيف ونحوه، والطلاق، والرجعة؛ وأما ما لا يملك العبد كالبيع والإجارة والشراء ولو في شراء نفسه من سيّده، فيصح إن أذن سيّده؛ لأن المنع لحقه، فإذا أذن صار كالحر، وإذا جاز الشراء له من غيره جاز من سيّده فلا يجوز له أن يتوكل؛ لأنه محجور عليه لحق سيّده فيما لا يملكه العبد كعقد بيع وإجارة وإيجاب نكاح وقبول وعتق قنَّ لآخر فلا يملك ذلك؛ لأن الحاجة تدعو إلى ذلك بلا إذن سيده، وكالعبد كل محجور عليه لصغر أو جنون أو سفه لا يتوكل واحد منهم بلا إذنه إلا الصغير فله أن يتوكّل في الطلاق، وإذا كان بعقله ولو لم يأذن له وليه بخلاف نحو طلاق؛ لأنه يجوز التوكيل في الإنشاء فجاز في الإزالة بطريق الأولى وبخلاف رجعة وصدقة بنحو رغيف وفلس وتمرة فلا يفتقر إلى إذن السيّد. ولمكاتب أن يوكل في كل ما يتصرف فيه بنفسه من بيع وشراء وشركة وللمكاتب أن يتوكّل بجعل؛ لأنه من اكتساب المال ولا يمنع المكاتب من الإكتساب. وليس له أن يتوكل لغيره بغير جعل إلا بإذن سيده؛ لأن منافعه كأعيان ماله وليس له بذل ماله بغير عوض بلا إذن سيده؛ فإن أذنه جاز والمدبّر والمعلّق عتقه بصفة كالقنّ، وكذا المبعض؛ لأن التصرف يقع بجميع بدنه، ويصح إذا كان بينه وبين سيده مهاياة في نوبته لعدم لحوق الضرر بالسيّد،

س18: تكلم بوضوح عما يلي: إذا تصرف الوكيل فيما وكل فيه بخبر من ظن صدقه، ما الذي يترتب على ذلك إذا حكم بالوكالة ثم قال أحد الشاهدين أو غيرهما عزله إذا أبى وكيل قبولها، إذا قال إنسان لوكيل غائب في مطالبة تثبت: احلف أن لك مطالبتي أو احلف أنه ما عزلك، وقال عن دين ثابت في ذمة مدعي عليه: موكلك أخذ حقه، أو قال عبد: اشتريت نفسي لزيد موكلي بإذن سيدي وصدقه زيد وسيده، أو قال السيد: ما اشتريت نفسك إلا لنفسك، فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ ومثل لما يحتاج إلى تمثيل وفصل ما يحتاج لتفصيل، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

ولا تصح الوكالة في بيع ما سيملكه أو في طلاق من يتزوجها؛ لأن الموكل لا يملكه حين التوكّل، ولا يصح إن ملكت فلانًا فقد وكلتك في عتقه؛ لأنه يصح تعليقه على ملكه بخلاف إن تزوجت فلانة فقد وكّلت في طلاقها، وتصح الوكالة في بيع ما سيملكه عقب الوكالة تبعًا للمبيع المملوك له وقت التوكيل. كقول الموكل لوكيله بع هذا الحيوان وما يحدث منه نتاج أو بعه واشتر بثمنه كذا؛ فأما قول الموكل بع ما يحصل من نحو لبن البهيمة كنتاجها وصُوفها وشعرها ووبرها، فلا يصح؛ لأنه غير موجود حين التوكل وبع اللبن إذا حصل يصح؛ لأنه تعليق، وتقدم أن تعليق الوكالة صحيح. 18- تصرف الوكيل وما يتعلق بذلك س18: تكلم بوضوح عما يلي: إذا تَصرفَ الوكيلُ فيما وكِّلَ فيه بخبر من ظنَّ صدقهُ، ما الذي يترتب على ذلك إذا حكم بالوكالة ثم قال أحد الشاهدين أو غيرهما عزلَه إذا أبى وكيلٌ قبولها، إذا قال إنسان لوكيل غائبٍ في مطالبة تثبت: احلف أن لك مطالبتي أو احلف أنه ما عزلك، وقال عن دين ثابت في ذمة مُدعي عليه: موكلك أخذَ حقهُ، أو قال عبد: اشتريت نفسي لزيد مُوكلي بإذن سيدي وصدَّقه زيدٌ وسيده، أو قال السيد: ما اشتريت نفسك إلا لنفسك، فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ ومثّل لما يحتاج إلى تمثيل وفصّل ما يحتاج لتفصيل، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: للوكيل التصرف فيما وكله فيه بخبر مَن ظن صدقه بتوكّل زيد مثلًا له؛ لأن الأصل صدقه كقبول هدية وإذن غلام في دخول ويضمن

الوكيل ما ترتب من تصرفه إن أنكر زيد التوكيل، ولا يرجع الوكيل على مخبره بالوكالة لتقصيره بعدم التفحّص عن حقيقة الحال، ولا يخفى أن هذا مبني على القول بأن المباشر ليس له الرجوع على الميت، ومقتضى القواعد أن للوكيل الرجوع على مخبره؛ لأنه غرّه والذي تميل إليه النفس أنه لا يرجع لتفريطه بعدم التثبت. والله أعلم. ولو شهد بالوكالة اثنان، ثم قال أحدهما: عزله، ولم يحكم بالوكالة حاكم قبل قوله عزَلَه، ولم تثبت الوكالة لرجوع شاهدها قبل الحكم وإن حكم بالوكالة، ثم قال أحد الشاهدين: عزله، أو قال غيرهما بعد الحكم أو قبله لم يقدح ذلك في الوكالة لنفوذ الحكم بالشهادة ولم يثبت العزل، وإن قالا عزله ثبت العز لتمام الشهادة به كتمامها بالتوكيل ولو أن القائل لذلك شاهد الوكالة وليس ذلك رجوع عن الشهادة، وإن شهد اثنان أن فلانًا الغائب وكَّل هذا الحاضر، فقال الوكيل: ما علمتُ، وأنا أتصرفُ عنه ثبتت الوكالة؛ لأن معناه إلى الآن لم أعلم وقبول الوكالة يجوز متراخيًا ولا يضر جهله بالتوكيل. وإن قال: ما أعلم صدق الشاهدين، لم تثبت لقدحه في شهادتهما، وإن قال: ما علمتُ، فقيل: فسر؛ فإن فسر بالأول ثبتت وكالتُه إن فسر بالثاني لم تثبت، وإن أبى وكيل قبول الوكالة، فقال: لا أقبلها فكعزله نفسه؛ لأن الوكالة لم تتم. ومن قال لوكيل غائب في مطالبة ثبتت وكالتُه ببينة أو إقرار غريمٍ: أن لك مطالبتي لم يسمع قوله، المعنى لم يُلتفت إلى قول المدّعى عليه ذلك؛ لأنه دعوى للغير إلا أن يدّعي المطلوب علم العزل فيحلف الوكيل على نفي العلم لاحتمال صدق المدّعى عليه وإن نكل عن اليمين، فلا طلب للوكيل لاحتمال صدق الغريم فيمتنع الطلب، ولو قال من ادّعى عليه وكيل غائبٍ عن دين ثابتٍ في ذمةٍ المدعى عليه: مُوكلك أخذ حقهُ، لم يُقبل

س19: تكلم بوضوح عما تصح فيه الوكالة، وما لا تصح فيه، ومثل لما يحتاج إلى تمثيل، وفصل لما يحتاج إلى تفصيل، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

قوله بلا بينة؛ لأنه مُقر مُدَّعي الوفاء ولا يؤخر، أي لا يحكم على الوكيل بتأخير طلبه حتى يحضر موكله ليحلف الموكل أو يعترف بالأخذ؛ لأن ذلك وسيلة لتأخير مُتيقن لمشكوك فيه، كما لو ادّعى المدّعي عليه وفاء للموكل وادّعى غيبة البينة التي أقبض بحضورها فلا يؤخر المدعي لحضور البينة. ولو قال عبد: اشتريتُ نفسي لزيد مُوكّلي بإذنِ سيدي وصدقه زيدٌ وسيده صح الشراء ولزم زيدًا الثمن الذي وقع به العقد؛ لأن ذلك مقتضى البيع، وإن قال السيد: ما اشتريت نفسك إلا لنفسك، فقال العبد: بل اشتريت نفسي لزيد، فكذبه زيد، العبدُ لإقرار السيد على نفسه بما يعتق به العبد ولزم العبد الثمنُ في ذمته؛ لأن العبد لم يحصل لزيد ولا يدعيه سيّده عليه، والظاهر ممن باشر العقد أنه له وإن صدقه السيد وكذّبه زيد؛ فإن كذبه بالوكالة حلف وبرئ، وللسيّد فسخ البيع لتعذر الثمن وإن صدقهُ في الوكالة وكذّبه في شراء نفسه له، فقوله القنّ؛ لأن الوكيل يقبل قوله في التصرف المأذون فيه. ما تصح فيه الوكالة وما لا تصح فيه س19: تكلم بوضوح عما تصح فيه الوكالة، وما لا تصح فيه، ومثّل لما يحتاج إلى تمثيل، وفصّل لما يحتاج إلى تفصيل، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: تصحّ في كل حق آدمي يتعلق بالمال أو ما يجري مجرى المال من عقد كبيع وهبة وإجارة ونكاح؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - وكل في الشراء والنكاح، وألحق بهما سائر العقود، ويصح التوكيل في فسخ لنحو عيب وطلاق؛ لأن ما جاز التوكيل في عقده جاز ي حلِّهِ بطريق الأولى ويصح التوكيل في رجعة؛

لأن التوكيل حيث ملك به إنشاء النكاح ملك به تجديده بالرجعة من باب أولى، وقال في «الغاية وشرحها» : ويتجه باحتمال قوي لا تصح الوكالة إن وكلها، أي الزوجة في رجعة نفسها أو رجعة غيرها من مطلقاته؛ أنها ممنوعة من مباشرة التصرف في إيجاب نكاح نفسها ابتداء فمنعت من التوكل في الرجعة المقتضية لاستمرار النكاح دوامًا إذ لا فرق بينهما. وتصح الوكالة في تملّك مباح من صيد وحشيش؛ لأنه تملّك مالٍ لا يتعين عليه فجاز التوكيل فيه كالاتهاب والابتياع بخلاف الالتقاط؛ لأن المغلب فيه الائتمان وتصح في صلح؛ لأنه عقد على مال أشبه البيع وإقرار؛ لأنه قول يلزم به الموكل مال أشبه التوكيل في الضمان وصفته أن يقول: وكلتك في الإقرار، فلو قال له عني لم يكن ذلك وكالة ذكره المجد، ويصح التوكيل في الإقرار بمجهول ويرجع في تفسيره إلى الموكل. وليس توكيله في الإقرار، بإقرار كتوكيله في وصية أو هبة فليس بوصية ولا هبة. المعنى: أن مجرد الوكالة ليس بإقرار حتى توجد الصيغة من الوكيل، فإذا وجدت من الوكيل بإقرار بشيء أو وصية أو هبة صار إقرارًا وأمّا مجرد التوكيل بذلك ليس إقرارًا ويصح التوكيل في عتق وإبراء لتعلقهما بالمال ولو لأنفسهما أن عُيّنا، كأن يقول سيد لقنّه: أعتق نفسك، أو يقول رب الدين لغريمه: وكلتك في أن تبرئ نفسك، فلو وكل عبده في إعتاق عبيده لم يدخل أو وكل امرأته في طلاق نسائه لم تدخل، أو وكل غريمه في إبراء غُرمائه لم يدخل، أو قال لإنسان: تصدق بهذا المال لم يدخل الوكيل في ذلك، فلا يملك العبد عتق نفسه، ولا يملك الوكيل في التصدق أخذ شيء من المال لنفسه إلا بالنص الصريح من الموكل. وتصح الوكالة في كل حق لله تعالى تدخله النيابة من إثبات حد واستيفائه مِمَّن وجب عليه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «واغدو يا أنيس إلى امرأة هذا؛

فإن اعترف فارجمها» فاعترفت، فأمر بها فرجمت، متفق عليه. وكّله في الإثبات والاستيفاء جميعًا، ويصح أن يوكل السيد إنسانًا في إثبات حد وجب على العبد، وفي استيفائه منه. وفي «الغاية وشرحها» : ويتجه صحتها من حاكم في إثبات حدّ خلافًا أبي الخطاب حيث منع جواز الوكالة في الإثبات، وله أيضًا أن يوكّل في إستيفائه لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - برجم ماعز، فرجموه، ووكّل عثمان عليًا في إقامة حد الشرب على الوليد بن عقبة، ووكل عليٌ الحسن في ذلك، فأبى الحسن فوكّل عبد الله بن جعفر، فأقامه، وعليٌ يَعُد، رواه مسلم. ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك؛ لأن الإمام لا يمكنه تولي ذلك بنفسه. اهـ. ويصح من الوكيل استيفاء ما وكل فيه بحضرة موكل وغيبته؛ لعموم الأدلة، ولأن ما جاز استيفاؤه في حضرة الموكل جاز في غيبته كسائر الحقوق حتى في استيفاء حد قذف وقود. وتصح في عبادة تتعلق بالمال كتفرقة صدقة وتفرقة نذر وتفرقة زكاة؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- كان يبعث عماله الصدقات وتفريقها، وقال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: «أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم» الحديث متفق عليه. وتصح في تفرقة كفّارة؛ لأنه كتفرقة الزكاة، وتصح وكالة في إخراج زكاة بقول الموكل لوكيله أخرج زكاة مالي من مالك أو أخرج كفارتِي من مالك؛ لأنه اقتراض من مال وكيله وتوكيل له في إخراجه. وتصحّ الوكالة في فعل حجٍ وعمرة فيستنيبُ من يفعلهما عنه مطلقًا في النفل، ومع العجز في الفرض على ما سبق في الحج، وتدخل ركعتا الطواف تبعًا للطواف وإن كانت الصلاة لا تدخلها النيابة، وفي «الغاية وشرحها» : ويتجه باحتمال قوي، وكذا يدخل في الوكالة صوم الوكيل عن موكّله الثلاثة أيام في الحج السابع والثامن والتاسع من ذي الحجة إذا كان متمتعًا وهو متجه،

وحيث صحّت الثلاثة أيام فلا مانع من صحة العشرة قبل العود إن كان وكيلًا عن حيَّ عاجز عن الصوم. اهـ. ولا تصحُ الوكالة في عبادة بدنية محضة لا تتعلق بالمال كصلاة وصوم لتعلقهما ببدن من هُما عليه والصوم المنذور يفعل عن الميت أداء لما وجب عليه وتقدم في بابه، وليس فعل الصوم عن ميت بوكالة؛ لأن الميت لا يستنيب الولي، وإنما أمره الشرع به إبراء لذمة الميت، وطهارةٍ من حدثٍ واعتكاف وغسلِ جمعةٍ وتجديد وضوء؛ لأن الثواب عليه لأمر يختص المعتكف به وهو لبث ذاته في المسجد فلا تدخله النيابة، وتصح الوكالة في تطهير البدن والثوب من النجاسة، ويصح أيضًا أن ينوي رفع الحدث ويستنيب من يصب له الماء ويغسلُ له أعضاءَه: ولا تصح الوكالة في ظهارٍ؛ لأنه قول منكر وزورٌ أشبه بقية المعاصي، ولا في لِعانٍ وإيلاءٍ ونذرٍ وقسامةٍ؛ لأنها تتعلقُ بعين الحالف والناذر فلا تدخلها النيابة كبقية العبادات البدنية، ولا في قسم لزوجات؛ لأن ذلك يختص بالزوج ولا يوجد في غيره، ولا في شهادة لا تتعلق بعين الشاهد لكونها خبرًا عمَّا رآه أو سمعه، ولا يتحقق هذا المعنى في نائبه؛ فإن استناب كان النائب شاهدًا على شهادته لكونه يؤدي ما سمعه من شاهد الأصل وليس بوكيل، ولا تصحّ الوكالة في الإلتقاط؛ لأن المُغلَّب فيه الإئتمان والملتقط أحق به من الآمر ولا في اغتنام؛ لأنه إنما يُستحقُ بالحضور فلا يملك غائبٌ المطالبة به، ولا في جزيةٍ لفوات الصَّغار عمَّن وجب عليه، ولا في معصية من زنى وغيره؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ولا في رضاع؛ لأنه مختص بالمرضعة؛ لأن لبنها ينبت لحم الرضيع وينشز عظمه. والحاصل أن لحقوق ثلاثة أنواع: نوع تضع الوكالةُ فيه مطلقًا، وهو ما تدخله النيابة من حقوق الله تعالى وحقوق الآدميين. ونوعٌ لا تصح فيه مطلقًا كالصلاة والظِّهار، ونوع تصح فيه مع العجز

دون القدرة كحج فرض وعمرته. قال صاحب «التيسير» : يجوز للمكلف التوكيلُ في ما كان فيه جَائز التصرّف ولم يَجُزْ في مُطْلَق المجهول كالإذن في الكثير والقليل وليَمْتَنِعْ في حَمْل حَدٍ وقودْ وقَبْضه مال الربا حيث عقد وقبضِ رأسِ المالِ في عَقدِ السَّلَمْ والوَطء مَعْ شَهادَةٍ بهَا التَزَمْ واللَّعْنِ والإيلاء والظِهارِ وَسَائِر الأيمانِ والإقرار وهكذا عبادة فلا تشكْ في المنع فيها مُطْلقًا إلا النسكْ وتصح الوكالة في بيع مال الموكّل كله؛ لأنه يعرف ماله فلا غرر، وتصح في بيع ما شاء الوكيل من مال الموكل؛ لأنه إذا جاز التوكيل في الجميع ففي بعضه أولى، وكذا تصح الوكالة في طلاق جميع نسائه أو ما شاء منهن أو عتق جميع عبيده أو ما شاء منهم، وقال ابن مفلح في كتاب «الفروع» : وظاهر كلامهم له بيع كل ماله، وذكر الأزجي لَا لأنَّ مِن للتبعيض. اهـ. فلا يبيع إلا واحدًا لا الكل لاستعمال هذا في الأقل غالبًا، والذي تميل إليه النفس أن له بيع كل ماله. والله أعلم. وتصح الوكالة في المطالبة بحقوق الموكّل كلها أو ما شاء منها، وفي

الإبراء منها كلها وما شاء منها. ولا يصح التوكيل في عقد فاسد كبلا ولي أو شراء شيء بلا رؤية؛ لأن الموكل لا يملكه ولم يأذن الشرع فيه، بل حرمه، فلا يصح ولا يملك الصحيح مما وكله به كإجرائه عقد التزويج بولي، وشرائه الشيء بعد الرؤية فلم يصح لمخالفته اشتراط الموكل. قال في «الإنصاف» : إذا وكله في بيع فاسد فباع بيعًا صحيحًا، لم يصح، قطع به الأصحاب، والذي يترجح عندي صحته إذا لم يحصل ضرر على المالك ولا نقص. والله أعلم. ولا يصح التوكيل في كل قليل وكثير، ذكره الأزجي إتفاق الأصحاب؛ لأنه يدخل فيه كل شيء من هبة ماله، وطلاق نسائه، وإعتاق أرقائه، وتزويج نساء كثيرة، ويلزمه المهور الكثيرة فيعظم الغرر والضرر؛ ولأن التوكيل لابد أن يكون في تصرف معلوم، وقيل: يصح كما لو وكله في بيع ماله كله أو المطالبة بحقوقه كلها أو الإبراء منها أو بما شاء منها فمتى عرف فيه الوكالة صحّ التوكيل، ولو عمّت الوكالة كل ماله التصرف فيه حيث لا محذور. وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. ولا يصح التوكيل إن قال: اشتر ما شئت، أو اشتر عبدًا بما شئت؛ لأن ما يمكن شراؤه، والشراء به يكثر فيكثر فيه الغرر حتَّى يُبين للوكيل نوع وقدر الثمن؛ لأنه إذا ذكر نوعًا فقد أذن في أعلاه ثمنًا فيقل الغرر فيه وقدر الثمن يشتري به؛ لأن الغرر لا ينتفي إلا بذكر الشيئين، ما لم يكن مقدار ثمن المبيع معلومًا بين الناس كمكيل وموزون؛ لأنه لا غرر فيه ولا ضرر، وإن قال لوكيله: اشتر كذا وكذا، لا يصح التوكيل للجهالة، وقيل: يصح إذا قال: اشتر لي عبدًا بما شئت، والذي تطمئن إليه النفس صحة ذلك إذ لا محذور فيه ولا دليل على المنع. والله أعلم.

س20: ما الذي يقتضيه الإطلاق في قول الموكل لوكيله: اشتر عبدا؟ وما مثال العقود الجائز؟ وهل فسادها يمنع نفوذ التصرف فيها؟ وما الذي يملك من وكل في شراء طعام؟ وما حكم التوكل لمن ظن ظلمه والمخاصمة عن الغير ممن غير عالم بحقيقة أمره، وإذا وكل في قبض دين أو غيره، فهل يملك الخصومة أو وكل في الخصومة؟ فهل يملك القبض؟ وما الحكم فيما إذا قال: أجب خصمي عني أو اقبض حقي اليوم أو أقبض حقي من فلان أو أقبض حقي الذي قبله أو عليه أو وكله في خلع بمحرم فخالع به أو بمباح؟ وهل للوكيل التوكيل؟ وما حكم توكيل الخائن أو أمينا ثم خان أو وصي يوكل أو حاكم يستنيب أو قول موكل لوكيل: وكل عنك أو عني أو وكل ويطلق؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

ومثل قوله: وكلتك في كل قليل وكثير، لو قال لوكيله: اشتر لي ما شئت من المتاع الفلاني، لم يصح؛ لأنه قد يشتري ما لا يقدر على ثمنه، والذي يترجح عندي صحته. والله أعلم. 20- مسائل حول إطلاق التوكيل س20: ما الذي يقتضيه الإطلاق في قول الموكل لوكيله: اشتر عبدًا؟ وما مثال العقود الجائز؟ وهل فسادها يمنع نفوذ التصرف فيها؟ وما الذي يملك مَنْ وُكلَ في شراء طعام؟ وما حكم التوكل لمن ظن ظلمه والمخاصمة عن الغير ممن غير عالم بحقيقة أمره، وإذا وكّل في قبض دين أو غيره، فهل يملك الخصومة أو وكّل في الخصومة؟ فهل يملك القبض؟ وما الحكم فيما إذا قال: أجب خصمي عني أو اقبض حقي اليوم أو أقبض حقي من فلان أو أقبض حقي الذي قبله أو عليه أو وكّله في خلع بمحرم فخالع به أو بمباح؟ وهل للوكيل التوكيل؟ وما حكم توكيل الخائن أو أمينًا ثم خان أو وصي يوكل أو حاكم يستنيب أو قول موكّل لوكيل: وكّل عنك أو عني أو وكّل ويطلق؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: الإطلاق في قول الموكّل لوكيله اشتر عبدًا يقتضي أن لا يملك الوكيل إلا شراء عبد مسلم؛ لأن الكفر عيب في الرقيق والعقود الجائزة كالشركة والمضاربة والوكالة إذا كانت فاسدة؛ فإن فسادها لا يمنع نفوذ التصرف فيها بالإذن ووكيل في طعام يملك شراء البر فقط؛ لأن الطعام هو البر عند الإطلاق في لسان أهل الحجاز. وقال ابن عقيل: في الفنون لا تصح الوكالة ممن عَلِم ظُلْمَ موكَله في الخصومة، وكذا لو ظنّ ظلمه وبالغ القاضي فمنع أن يخاصم عن غيره، وقال: قوله تعالى: {وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيماً} يدل على أن لا يجوز لأحد أن يخاصم عن غيره وهو غير عالم

بحقيقة أمره. قال في «المغني» و «الشرح» : في الصلح على المنكر يشترط أن يعلم صدق المدعي فلا يحل دعوى ما لم يعلم ثبوته. وفي «الغاية وشرحها» : ويتجه إن كان الموكّل ممن يعرف بالصدق والأمانة وعدم التعدّي على الغير اعتمد قوله، وصحت الوكالة عنه، وإن كان ممن يعرف بالكذب والاستشراف لما في أيدي الناس فلا يعتمد على قوله، ولا تصح الوكالة عنه لئلا يقع الوكيل في المحظور من أجله، ومن وُكل في قبض دين أو غيره كان وكيلًا في خصومة سواء علم الغريم ببذل ما عليه أن جحده أو مطله؛ لأنه لا يتوصّل إلى القبض إلا بالإثبات، فالإذن فيه أُذِن فيه عرفًا ومثله من وكل في قسم شيء أو بيعه أو طلب شفعة فيملك بذلك تثبيت ما وكل فيه؛ لأنه طريق لتوصل إليه، والوكيل في الخصومة لا يكون وكيلًا في القبض؛ لأن الإذن لم يتناوله نطقًا ولا عرفًا؛ ولأنه قد يرضي للخصومة من لا يرضاه للقبض وليس لوكيل في خصومة إقرار على موكله بقود ولا قذف وكالولي لا يصح إقراره على مولاه، وإذا قال إنسان لآخر: أجب خصمي عني وكالة في خصومة، وقوله: اقبض حقي اليوم أو الليلة أو بع ثوبي اليوم أو اليلة لم يملك فعل ما وكل فيه اليوم أو الليلة غدًا؛ لأنه لم يتناوله نطقه إذنًا ولا عرفًا؛ ولأنه قد يؤثر التصرف في زمن الحاجة دون غيره، ولهذا لما عين الله لعبادته وقتًا لم يجز تقديمها عليه، ولا تأخيرها عنه؛ وإنما صح فعلها قضاء؛ لأن الذمة لما اشتغلت كان الفعل مطلوب القضاء، وإن قال لوكيله: اقبض حقي من فلان ملك قبض حقه من فلان ومن وكيله لقيامه مقام موكله، فيجري مجرى إقباضه ولا يملك القبض من ورثته؛ لأنه لم يؤمر بذلك ولا يقتضيه العرف؛ لأن الحق انتقل إلى الوارث واستحق الطلب عليه بطريق الأصالة بخلاف الوكيل، ولهذا لو حلف إنسان لا يفعل شيئًا حنث بفعل وكيله، وإن قال له: اقبض حقي الذي قبل فلان أو اقبض حقي الذي على فلان ملك قبض حقه منه ومن

وكيله حتى مِن وارثه؛ لأن الوكالة اقتضت قبْض حقِه مُطلقًا فشمل القبضُ من وارثه؛ لأنه حقه. ووكيل الزوج في خلع بمحرم كخمر وخنزير وسينما وتلفزيون ومذياع وبكم وصور وآلة تصوير فيلغوا إذا لم يأت بلفظ طلاق أو نية، فلو خالع وكيل في خلع بمُحرم أو بمباح أكثر من مهرها صح الخلع بقيمه قاله في «الفروع» . وقال في «الرعاية» : وإن خالعها على مباح صحّ الخلع وفسد العوض وله قيمة العوض لا هو. انتهى. فلا يلزم الزوج قبول المخالع عوضًا إذ لو لزمه أخذ العوض للزمه أخذ القيمة، ولوكيل توكيل فيما يعجزه فعله لكثرته لدلالة الحال على الإذن فيه، وحيث اقتضت الوكالة جواز التوكيل جاز في جميعه كما لو أذن فيه لفظًا وله التوكيل فيما لا يتولى مثله بنفسه إذا كان العمل مما يرتفع الوكيل عن مثله كالأعمال الدنيئة في حق أشراف الناس المرتفعين عن فعلها عادة؛ فإن الإذن ينصرف إلى ما جرت به العادة، ولا يصح أن يوكل وكيل فيما يتولى مثله بنفسه ولم يعجزه بأن كان قادرًا عليه؛ لأنه غير مأذون في التوكيل ولا تضمَّنه الإذن له فلم يجز، كما لو نهاه؛ ولأنه استؤمن فيما يمكنه النهوضُ فيه فلا يوليه غيره كالوديعة إلا بإذن مُوكله له أن يوكله فيجوز بلا خلاف؛ لأنه عقد أُذِنَ له فيه أشبه سائر العقود، ويتعين على وكيل حيث جاز له أن يُوكل أمينٌ فلا يجوز له استنابة غيره؛ لأنه ينظر لموكله بالحظ ولا حظ له في إقامة غيره وإن عيَّن الموكلُ وكيلًا بأن قال له: وكّل زيدًا مثلًا فله توكيله، وإن لم يكن أمينًا؛ لأنه قطع نظره لتعيينه له، وإن وكل أمينًا فخان عليه عزله؛ لأن تركه يتصرف تضييع وتفريط، وكالوكيل فيما تقدم تفصيله وصيُّ يَوكَّلُ أو حاكم يستنيب؛ لأن كلًّا منهما مُتصرف لغيره. قال في «الإنصاف» : وهذا إحدى الطريقتين للأصحاب وهو المذهب والطريقة الثانية يجوز للوصي التوكيل وإن منعناه في التوكيل ورجّحه القاضي وابن عقيل

وأبو الخطاب وقدمه في «المحرر» و «النظم» ، قلت: وهو الصواب؛ لأنه متصرف بالولاية وليس وكيلًا محضًا، وذكر أيضًا للحاكم طريقتين للأصحاب. اهـ. وقول موكل لوكيله: وكل عنك، يصح؛ فإن فعل فالوكيل وكيل وكيله، فله عزله وينعزل بموت الوكيل الأول وعزله، ووكّل عني أو وكّل ويطلق فلا يقول: عنك ولا عني فوكّل فهو وكيل موكله فلا ينعزل بموت الوكيل الأول ولا عزله ولا يملك الأول عزله؛ لأنه ليس وكيله، وإن مات الموكّل أو جن ونحوه انعزلا سواء كان أحدهما فرع الآخر أو لا، ولو قال الشخص: وكل فلانًا عني في بيع كذا، فقال الوكيل للثاني: بع، ولم يشعره أنه وكيل الموكل، فقال الشيخ: لا يحتاج إلى تبيين؛ لأنه وكيله أو وكيل فلان ذكره في «الاختيارات الفقهية» ، وحيث قلنا: إن الوكيل الثاني وكيل الموكل؛ فإنه ينعزل بعزله وبموته وجنونه وحجر عليه وقولُ المُوْصى لوصية أوص إلى من يكون وصيًا لي؛ فإنه يكون من أوصى إليه الوصي وصيًا للموصي الأول، ولا يوصي وكيل وإن أذنَ له موكله لعدم تناول اللفظ له ولبطلان الوكالة بموت الوكيل. من النظم فيما يتعلق بالوكالة وكل مقال يفهم الإذن صححن به عقدها من مطلق ومقيد وعنه سوى فوضت أمر كذا له ووكلت فيه فارددنه وبعد وبالقول أو بالفعل صحح قبولها على الفور أو من بعد وقت معبد

ولا تمض توكيل الفتى وتوكلًا سوى في محل جاز تصريفه قد سوى قابلي عقد النكاح لأهله وإيجابه من غير أهل بمبعد وأما قبول الموسرين الزكاة أو شبيهًا به للمدقعين فجرد وفي كل حق الآدمي يصح من طلاقٍ وعتق وارتجاعٍ ومعَقد وفسخٍ وتحصيل المباحات كلها سوى مغنمٍ بالحوز ملك لحشد وفي الحج أو تفريق واجب ماله وإثباتٍ واستيفاء حد مجدد ولو غاب ذو الدعوى وقد قيل لا تجز قصاصًا وحد القذف إلا بمشهد وليس صحيحًا ظهار ومرضع ولا في لعان واليمين المؤكد ولا في عبادات سوى حجة وما تضمن أو في ركعتي طائف قد وصب وإيصال الطهور لعضوه بكُرْهٍ وغسل للنجاسات فاشهد وليس بلا إذن توكل في سوى المضر وما ينفيه عرف بأوكد

وذاك مباح للوصي وحاكم وتاجر أموال الضراب بأجود وكل ولي منكح غير مجبر وقيل هُمُوا مثل الوكيل المقيد فإن منع التوكيل لمَّا يجز له وبالإذن في الثاني وكيل لمبتدي وإن قال وَكِّلْه لنفسك يكن له كذا جائز من دون إذن ليعدد وليس له توكيل غير الأمين بل بنص وتوكيل الموكل جود وليس بلا إذن لعبد توكل وجوز شراه النفس معها بأجود وعقد جوَاز لا لزوم وكالة فكل له فسخ وبالموت أفسد وبالحجر في حق السفيه وهكذا جميع العقود الجائزات لتعدد وفسق مناف للوكالة مبطل كذا بجنون مطبق متأطد وغيبة عقل آيب غير مبطل وفي جحده التوكيل وجهين أسند وفي رد لمَّا تُنافِي تصرفًا وعتقك من وكلته من مُعَّبد

وجن يعاود مع تعدي وكيلهم وبالوطء أبطل في طلاق منكد وفي عتق عبد بالكتابة أبطلن كذا بتدبير بغير تردد ويملك ما لم يعزل الفعل دائمًا إذا وقع التوكيل غير مقيد وليس بعيدًا منعنا عزل نفسه إذا كان عنه ربه ذو تبعد ويَنْفذ تصريف الوكيل لجهله لمبطلها من قبله في المسدد وفعل وكيل المرء في الحكم فعله فأنت مقر إن في الإقرار تُسْنَدِ وليس مفيد للعموم خصوصها ولا مرتض باثنين راض بمفرد ولا يعقدن مع نفسه البيع والشرا في الأولى وإن يؤذن له فليجود كذاك وكيل في التزوج مطلقًا يزوجه من بنته امنع بأجود ومن يتوكل مطلقًا لا يبع نسا ولا بسوى معهود نقد معدد وقيل أجز بيع النسا لمضارب على أشهر القولين فيه فقيد ودعواهما في ذالكم إذن مالك

فقولهما المقبول في المتجود وإن جاوز التقدير والعرف في الشرا وباعا بإذن منه صحح بأوكد ويضمن كل نقصه ومزيده وقيل كتعريف الفضولي فاعدد وإن زيد عن مقدار مثل به أن بيع به اردد كذا وقت الخيار بمبعد وأما بأدنى منه إن شريا أجز كذلك إن باع بذاك وأزيد وإن بعت بالدينار مع إذن دِرْهمٍ ونقد بسعر الصرف صحح بأجود إذا لم يضر الحفظ والبيع بالعبا معادل دينار وأوفى ليردّدِ وإن قلت بع عبدي فإن باع واحدًا بقيمته صححه لا بعض مفرد وقيل أجز بعضًا بقيمة كله وفي بيع باقيه أجز في المجود ومن يتزوج لامرئ دون نفسه وأخرى سوى من عين اردد بأوطد

س21: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: عقد الوكيل مع فقير أو قاطع طريق، من وكل اثنين فأكثر في بيع وارد أحدهما الانفراد بالتصرف، بيع الوكيل نساء أو بعرض أو منفعة أو فلوس أو بغير نقد البلد أو غير غالبه رواجا أو بغير الأصلح، أو أنكر الموكل الإذن. وما الذي يترتب على ما سبق؟ وإذا قال موكل لإثنين أيكما باع فبيعه جائز أو باع الوكيل بغير ما يباع به عرفا: إذا غاب أحد وكيلين، فهل للحاضر التصرف أو ضم أمين إليه أو أثبت أحدهما الوكالة والآخر غائب، فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟

21- بيع الوكيل نساء أو بعرض أو بعير نقد البلد إلخ س21: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: عقد الوكيل مع فقير أو قاطع طريق، من وكل اثنين فأكثر في بيع وارد أحدهما الانفراد بالتصرف، بيع الوكيل نساء أو بعرض أو منفعة أو فلوس أو بغير نقد البلد أو غير غالبه رواجًا أو بغير الأصلح، أو أنكر الموكل الإذن. وما الذي يترتب على ما سبق؟ وإذا قال موكل لإثنين أيكما باع فبيعه جائز أو باع الوكيل بغير ما يباع به عرفًا: إذا غاب أحد وكيلين، فهل للحاضر التصرف أو ضم أمين إليه أو أثبت أحدهما الوكالة والآخر غائب، فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ ج: لا يعقد الوكيل عقدًا وكُّلِ فيه كعقد بيعٍ وإجارةٍ مع فقير بذمته لتعسر الاستيفاء منه، ولا يعقد مع قاطع طريق لما فيه من إضرار الموكل، ولا ينفرد وكيل من عدد، فمن وكل اثنين فأكثر في بيع أو غيره ولو واحدًا بعد واحد ولم يعزل الأول، فليس لواحد أن ينفرد بالتصرف إلا بإذن؛ لأن الموكل لم يرض بتصرفه منفردًا بدليل إضافة الغير إليه فلو وكل اثنين في حفظ ماله حفظا معًا في حرز لهما، فلو غاب أحدهما لم يكن للآخر أن يتصرف، وليس للحاكم ضم أمين إليه ليتصرفا معًا؛ لأن قول الموكل إفعلا، يقتضي اجتماعهما على فعله، بخلاف بعتكما حيث كان منقسمًا بينهما؛ لأنه لا يمكن أن يكون الملك لهما على الاجتماع ولا يبيع وكيل نساء إلا بإذن؛ فإن فعل لم يصح لانصراف الإطلاق إلى الحلول ولا يبيع بغير نقد كمنفعة أو عرض كثوب وفلوس؛ فإن فعل لم يصح؛ لأن الإطلاق محمول على العرف، والعرف كون الثمن من النقدين إلا بإذن موكل أو قرينة كبيع حزم بقل بفلوس وإن قال الموكل لوكيله: إصنع ما شئت، أو تصرف كيف شئت، فله أن يبيع حالًا ونساءً وبمنفعة وعرض؛ فإن باع نساء أو بعرض

أو منفعة بدون الإذن فتصرفه باطل، والفرق بين الوكيل والمضارب حيث يبيع نساء وبعرض، أن المقصود في المضاربة الربح، وهو في النساء ونحوه أكثر، ولا يتعين ذلك في الوكالة، بل ربما تحصيل الثمن لدفع حاجته فيفوت بتأخير الثمن؛ ولأن استيفاء الثمن وتنصيفه في المضاربة على المضارب فيعود الضرر عليه بخلاف الوكالة، وإن عيَّن له شيئًا تعين ولم تجز مخالفته؛ لأنه متصرف بإذنه ولا يصح البيع لو باع الوكيل بغير نقد البلد؛ لأن إطلاق النقد ينصرف إلى نقد البلد أو باع بنقد غير غالبه رواجًا إن كان في البلد نقود مختلفة أو باع بغير الأصلح أن تساوت النقود رواجًا؛ لأنه الذي ينصرف إليه الإطلاق هذا إذا لم يعين الموكل نقد وإن عين الموكّل نقدًا بأن قال: بع بنقد كذا، فيتعين ما عينه الموكل، وإذا وكل شخصًا في بيع عبد ونحوه فباعه نساء، فقال: ما أذنت لك في بيعه إلا نقدًا، وأنكر موكل الإذن في النسا؛ فإن صدّق وكيله وصدّق المشتري الموكّل فسد البيع لتصديقهما له، ويطالب الموكل من شاء منهما، أي من الوكيل والمشتري بالعبد إن كان باقيًا وبقيمته إن تلف؛ فإن أخذ القيمة من الوكيل رجع على المشتري بها وأخذها منه؛ لأن قرار الضمان على المشتري لحصول التلف في يده وبتصديق الوكيل وحده يضمن الوكيل دون المشتري وإن صدق المشتري وحده يرد المبيع وللموكّل الرجوع على المصدّق منهما بغير يمين. قال في «الشرح» : وقال ويحلف على المكذب ويرجع على حسب ما ذكر هذا إن اعترف المشتري بالوكالة وإن أنكر ذاك، وقال: إنما بعتني ملكك، فالقول قوله مع يمينه إنه لا يعلم كونه وكيلًا وأذن في البيع نسيئة حلف الموكل ويرجع في العين إن كانت قائمة وإن كانت تالفة رجع بقيمتها على من شاء منهما، وإن كان وكيلين صح إنفراد أحدهما عن الآخر في صورة هي قوله: أيكما باع سلعتي، فبيعه جائز لحصول مقصود الموكل في بيع

س22: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: الوكالة، الشركة، المضاربة، المساقاة، المزارعة، الوديعة، الجعالة، وبأي شيء تبطل هذه العقود، واذكر ما تبطل به الوكالة وما لا تبطل به، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، وفصل ما يحتاج إلى تفصيل وبين المحترزات وما يترتب على

أحدهما، وكما يصح الانفراد في قوله: أيكما باع سلعتي، فبيعه جائز، صح بيع ما يباع مثله بفلوس عرفًا كخبز وحُزمة بقل وكل تافه إذا بيع بها عملًا بالعرف. ولو وكّل إنسان وكيلين فغاب أحد الوكيلين ولم يكن جعل الانفراد لكل منهما لم يكن للوكيل الحاضر التصرف مع غيبة الآخر، ولا لحاكم ضم أمين إلى الوكيل الحاضر ليتصرف الحاضر والأمين. بخلاف موت أحد الوصيين من قبل ميت؛ لأن للحاكم نظرًا في حق ميت ويتيم ولذلك يقيم وصيًا لميت لم يوص إلى أحد بخلاف الموكل؛ فإنه رشيد جائز التصرف فلا ولاية للحاكم عليه وإن أثبت أحد الوكالة لدى حاكم، والآخر غائب وحكم بها الحاكم ثبتت الوكالة له وللغائب تبعًا، ولا يتصرف الحاضر وحده، بل إذا حضر الغائب تصرفا معًا. لا يقال: هو حكم للغائب؛ لأنه يجوز تبعًا لحق الحاضر كما يجوز أني حكم بالوقف لمن لم يخلق لأجل مَن يستحقه في الحال، وإذا حضر الغائب فلا يحتاج إلى إقامة بينة بالوكالة لثبوتها له بالتبعية، وإن جحد الوكيل الغائب الوكالة الثابتة له بالتبعية، بأن قال: لست بوكيل، أو عزل الغائب نفسه إنعزل ولم يتصرف الآخر بانفراده؛ لأن الموكّل لم يأذنه في ذلك، وهكذا كل تصرف من بيع وإجارة واقتضاء وإبراء ونحوها. 22- ذكر بعض العقود الجائزة وما تبطل به الوكالة وما لا تبطل به س22: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: الوكالة، الشركة، المضاربة، المساقاة، المزارعة، الوديعة، الجعالة، وبأي شيء تبطل هذه العقود، واذكر ما تبطل به الوكالة وما لا تبطل به، ومثّل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، وفصّل ما يحتاج إلى تفصيل وبيّن المحترزات وما يترتب على

ذلك من ضمان أو غيره، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح؟ ج: الوكالة والشركة والمضاربة والمساقاة والمزارعة والوديعة والجعالة والمسابقة والعارية: عقود جائزة من الطرفين؛ لأن غايتها إذن وبذل نفع، وكلاهما جائز، ولكل من المتعاقدين فسخها. وتبطل هذه العقود كلها بموت أحد المتعاقدين؛ لأنها تعتمد الحياة؛ لكن لو وكل ولي يتيم وناظر وقف أو عقد ولي اليتيم وناظر الوقف عقدًا جائزًا غير الوكالة كشركة ومضاربة لم تنفسخ بموت ولي اليتيم وناظر الوقف ذكره في القواعد، واقتصر عليه في «الإنصاف» ، وقيل: إن المساقاة والمزارعة عقدان لا زمان لدخولهما في الأمر بالعقود والعهود، ولكون المقصود منهما الكسب والعوض وليسا من عقود التبرعات أو من عقود الوكالات حتى يسمح لأحدهما فسخها، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. ولا تنفسخ بعزل ولي اليتيم وناظر الوقف؛ لأن متصرف على غيره. وتبطل الوكالة بجنون مُطبقًا من الموكل أو الوكيل؛ لأن الوكالة تعتمد العقل، فإذا انتض انتفت صحتها لانتفاء ما تعتمد عليه، وهو أهلية التصرف، ولا تبطل الوكالة بإغماء؛ لأنه يحدث ثم يزول، وبحجرٍ على أحدها لسفه فيما لا يتصرف فيه السفيه كبيع وشراء حيث اعتبر رشده لعدم أهلته للتصرف بخلاف نحو طلاق، وتبطل الوكالة أيضًا بفلس موكل فيما حجر فيه كتصرف في عين ماله لانقطاع تصرفه فيه بخلاف ما لو وكل في تصرف في الذمة وتبطل بفعلهما اختيارًا ما يفسقان به فيما ينافه الفسق كإيجاب نكاح واستيفاء حدج وإثباته لخروجه بالفسق عن أهلية ذلك التصرف، بخلاف الوكيل في قبول نكاح أو في بيع أو شراء فلا ينعزل بفسق موكله ولا بفسقه؛ لأنه يجوز منه ذلك لنفسه فجاز لغيره كالعدل إذا وكل فيما يشترط فيه الأمانة كوكيل ولي اليتيم وولي وقف على المساكين ونحوه،

فسق فينعزل بفسقه، وفسق موكله لخروجه عن أهلية التصرف، وتبطل بردة موكل لمنعه من التصرف في ماله ما دام مرتدًا ولا تبطل بردة وكيل إلا فيما ينافيها كإرتداد وكيل في حج وفي قبول نكاح مسلمة وإيجابه فتبطل بذلك وتبطل أيضًا بردة وكيل في قبول نكاح قنّ مسلم، وتبطل بتدبيره أو كتابته قِنًّا وكّل في عتقه لدلالة التدبير والكتابة على الرجوع، ولا تبطل الوكالة إن وكّل القنّ في شيء ولو عتق أو بيع ونحوه بأن وهبه أو كاتبه؛ لأن ذلك لا يمنع ابتداء الوكالة فلا يمنع استدامتها، وكذا إن وكّل إنسان عن غيره فاعتقه السيد أو باعه أو وهبه أو كاتبه أو أبق العبد؛ لكن في صورة البيع والهبة إن رضي المشتري ببقائه على الوكالة، إن لم يكن المشتري والمتهب الموكل، فالوكالة باقية. وإن لم يرض من ملكه من مشتر ومتهب ببقاء وكالة العبد بطلت الوكالة؛ لأن العبد لا يتصرف بغير إذن مالكه؛ وأما إن اشتراه أو اتهبه الموكل من مالكه فلا بطلان؛ لأن ملكه إياه لا ينافي إذنه في البيع والشراء، ولا تبطل الوكالة بسكنى الموكل داره بعد أن وكله في بيعها ونحوه؛ لأن ذلك لا يدل على رجوعه عن الوكالة ولا ينافيها ولا تبطل الوكالة ببيع الموكل بيعًا فاسدًا شيئًا وكّل في بيعه؛ لأن البيع الفاسد لا ينقل الملك وتبطل الوكالة بوطء الموكّل زوجة وكّل في طلاقها؛ لأن الوطء دليل رغبة فيها، واختيار إمساكها، ولذلك كان رجعة في المطلقة رجعيًا، وقيل: لا تبطل، وهذا أقرب وأرجع. والله أعلم. ولا تبطل بقبلته أو مباشرته لها، ولو وكّله في عتق عبد فكاتبه أو دّبره بطلت الوكالة، والذي يترجح عندي صحة عتقه. والله أعلم. ولا تبطل الوكالة إن وُكَّلتْ في شيء من بيع ونحوه فبانت منه أو أبانها، ولا تبطل الوكالة بوطء سيدٍ أمةً وكَّل في عتقها، وتبطل بتوكيل السيّد وكيلًا في عتق قنَّ بعد أن كان وكَّله آخر في شرائه منه فتبطل الوكالة

من الشراء بمجرد توكيل السيد في العتق المقترن بقبول الوكيل الوكالة في العتق وتبطل الوكالة بإقرار الوكيل على موكله بقبض ما وكل الوكيل في قبضه أو الخصومة، لا إعتراف الوكيل بذهاب محل الوكالة بالقبض وتبطل بدلالة رجوع الموكل والوكيل عنها، وتبطل بمجرد علم الوكيل ظلم الموكّل. وتقدم أن الوكالة لا تصح فيما إذا علم أو ظن ظلم موكله، وتبطل وكالة وكيل، قيل له: اشتر كذا بيننا، فقال مقول له: نعم، ثم قال: نعم لإنسان آخر بعد قوله اشتراه بيننا، فقد عزل نفسه من وكالة الأول؛ لأن إجابته للثاني دليل رجوعه عن إجابة الأول، ويكون الشقص المبيع للوكيل، وللثاني نصفين؛ لأنه لا مفضل لأحدهما على الآخر، وإذا وكل إنسان شخصًا ثم وكل بعده آخر من غير الأول؛ فإن أتى في كلامه أو قرينة حاله ما يدل على عزل الأول فتوكيل الثاني عزل للأول، وإن وكّل الثاني من غير تعرض لعزل الأول لا لفظًا ولا عرفًا، فالأصل بقاء وكالته، فيشتركان في التصرّف والتصريف والتدبير، ويصير نظير ما لو وكّلهما دفعة واحدة، فكل واحد ينيب فيه اثنين فأكثر ولم يذكر أن كلًا منهما التصرف بانفراده؛ فإنه لا ينفرد أحدهما دون الآخر وتبطل الوكالة بتلف الموكّل في التصرف فيها لذهاب محل الوكالة، وكذا تبطل بتوكيل إنسان في نقل امرأته أو بيع عبده، فتقوم بينة بطلاق الزوجة أو عتق العبد وتبطل الوكالة بدفع عوض لم يؤمر به كدفع دينار ودرهم، يشتري بالدينار ثوبًا وبالدرهم كتابًا، فاشترى بالدينار كتابًا وبالدرهم ثوبًا؛ لأنه عكس فلم يصح الشراء لإلزامه الموكل ثمنًا لم يلتزمه ولا رضي بلزومه، أو قال: اشتر بهذا الدينار ثوبًا وبهذا كتابًا، فتلف دينار الكتاب مثلًا، واشتراه بدينار الثوب، فلا يصح الشراء لئلا يلزم الموكّل ثمن لم يلتزمه ولا رضي بلزومه، والذي يترجح صحته في المسألتين إذا أجاز الموكّل ذلك. والله أعلم.

ولا تبطل الوكالة بتعدَّ كلبس الثوب وركوب الدابة ونحوهما؛ لأن الوكالة إذن في التصريح مع إستئمان، فإذا زال أحدهما لم يزل الآخر ويضمن الوكيل ما تعدّى فيه أو فرط ولا يزول الضمان عن عين ما وقع فيه التعدي بحال ثم إن تصرّف كما مر صح تصرفه لبقاء الإذن وبرئ بقبضه العوض، فإذا تلف بيده بلا تعدّ ولا تفريط لم يضمنه؛ لأنه لم يتعد فيه. قال في «شرح المنتهى» : قوله بقبضه العوض ليس قيدًا في براءته، بل يبرأ بمجرد تسليم العين وإذا قبض العوض لم يكن مضمونًا عليه وإن كان بدلًا عن ما هو مضمونًا عليه لما تقدم. اهـ. ولا تبطل الوكالة بجحود الوكيل أو الموكل الوكالة؛ لأنه يدل على رفع الإذن السابق كما لو أنكر زوجية امرأة، ثم قامت بها البينة؛ فإنه لا يكون طلاقًا، وينعزل وكيل بموت موكله وبعزله إياه ولو لم يعلم. قال في «الفروع» : اختاره الأكثر، وذكر شيخنا أنه أشهر، قال في «الإنصاف» : وهو المذهب والرواية الثانية لا ينعزل قبل علمه بموت الموكّل أو عزله؛ لما فيه من الضرر المترتب على ذلك؛ فإنه ربما باع جارية ووطئها المشتري أو غير ذلك. وقيل: ينعزل بالموت قبل بلوغه لا بالعزل حتى يبلغه ذكر الشيخ تقي الدين. وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وينبني على الروايتين تضمينه وعدمه، قال الشيخ: لا يضمن مُطلقًا، قال في «الإنصاف» : وهو الصواب بكل لفظ دل على العزل كقول الموكّل فسخت الوكالة أو أبطلتها أو نقضتها، أو قوله: صرفتك عنها، وينعزل الوكيل بنهي الموكل له عن فعل ما أمره به ولو لم يبلغه، كما ينعزل شريك ومضارب بعزل أو موت شريكه ولو لم يبلغه. والشركة والمضاربة كالوكالة خلافًا ومذهبًا، ويضمن الوكيل إن تصرف بعد العزل أو الموت لبطلان الوكالة إلا فيما يأتي في باب العفو عن القصاص من أن الوكيل في الاستيفاء لو اقتص ولم يعلم بعفو موكله لا ضمان عليهما.

س23: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا ادعى موكل عزل وكيله بعد الترف أو قول موكل إنه أخرج زكاته قبل دفع وكيله زكاته للساعي أو للفقير، وذكر ما يترتب على ذلك: ما بيد وكيل بعد عزل، إقرار وكيل على موكله بعيب، من ادعى على وكيل غائب بحق فأنكره الوكيل وشهد بالحق بينة، الوكالة الدورية، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

23- مسائل حول إدّعاء الموكل على وكيله س23: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا ادّعى موكل عزل وكيله بعد الترف أو قول موكل إنه أخرج زكاته قبل دفع وكيله زكاته للساعي أو للفقير، وذكر ما يترتب على ذلك: ما بيد وكيل بعد عزل، إقرار وكيل على موكله بعيب، من ادّعى على وكيل غائب بحق فأنكره الوكيل وشهد بالحق بيّنة، الوكالة الدورية، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: لا تقبل دعوى موكل العزل لوكيله بعد تصرف الوكيل فيما وكل فيه في غير طلاق، ويأتي إن شاء الله أن الموكل إذا ادعى عزل وكيله قبل أن يوقع الطلاق يُدين، وكذا شريك ورب مال مضاربة بلا بينة بالعزل لتعلق حق الغير به؛ فإن أقام بينة عمل بها وإلا يقم بينة فلا تقبل دعواه العزل؛ لأن الأصل بقاء الوكالة وعدم الضمان وبقاء الشركة وبراءة ذمة الوكيل والشريك والمضارب من ضمان ما أذن له فيه بعد الوقت الذي ادّعى عزله فيه، ويقبل قول موكّل في إخراج زكاته أنه أخرج زكاته قبل دفع وكيله زكاته للساعي؛ لأنها عبادة، والقول قول مَن وجبت عليه في أدائها وزمنه؛ ولأنه انعزل من طريق الحكم بإخراج المالك زكاة نفسه، وتؤخذ الزكاة التي دفعها الوكيل من الساعي إن بيت بيده لفساد القبض؛ فإن فرقها الساعي على مستحقها أو تلفت بيده فلا رجوع، ولو دفع الوكيل الزكاة لنحو فقير فلا يقبل قول الموكل إنه كان أخرج قبل ذلك حتى ينتزعها من الفقير بلا بينة، ويضمن وكيل ما دفعه إلى الساعي؛ لأنه قد عزل من الوكالة بدفع موكّله ومتى صح العزل في الوكالة والشركة والمضاربة كان ما بيد وكيل بعد عزل أمانة لا يضمنه بغير تعدّ منه ولا تفريط، حيث لم يتصرّف؛ وأما ما تلف بتصرفه فيضمنه لما سبق كمودع عزل، فتصير

الوديعة بعد عزله أو موت مودعه أمانة لا يضمن تلفها عنده بلا تعدّ ولا تفريط، ولو نقلها من محل إلى محل آخر أو سافر بها مع غيبة ربّها وكان السفر أحفظ لها، ولم ينعزل قبل علمه بموت المودع أو عزله، وكالرهن إذا انتهت مدته أو فسخ عقده فيبقى أمانة بيد مرتهن، وكالهبة إذا رجع فيها أب فتبقى أمانة بيد ولده، قال في «الغاية وشرحها» : وظاهر كلام الأصحاب أن الأمانات كلها يجب حفظها على من هي بيده، ولا يجب عليه الرد إلى مالكها فورًا قبل طلبه لها؛ وأما بعد الطلب فيجب ردّها على الفور؛ فإن تراخى بعد الطلب وتلف ضمنها، ويأتي إن شاء الله في الوديعة بأتم من هذا. اهـ. ويقبل إقرار وكيل على موكله بعيب يمكن حدوثه فيما باعه؛ لأنه أمين، فقبل قوله في صفة البيع كقدر ثمنه إن ادعى المشتري أن المبيع معيب، وأنكره الوكيل فالتمس يمينه على نفي العيب فنكل عن اليمين على نفي العيب في المبيع، إن قيل القول قول البائع فرد عليه المبيع بنكوله رد بالبناء للمفعول على موكل لتعلق حقوق العقد كما لو باشره؛ وأما إذا لم يمكن حدوثه لا احتياج إلى إقراره، وإنما اعتبر إقراره في الممكن حدوثه؛ لأنه أمين يقبل قوله في صفة المبيع كما يقبل في قدر الثمن، ومن ادّعى على وكيلٍ غائبٍ بحق فأنكر الوكيل فشهد بالحق بيّنة حكم للمدعي بالحق، فإذا حضر الموكل الغائب وجحد الوكالة لم يؤثر جحوده في الحكم، أو ادّعى أنه عزله لم يؤثر ذلك في الحكم؛ لأن القضاء على الغائب صحيح وإن لم يكن وكيل. الوكالة الدورية: قول إنسان لآخر وكَّلتُك وكلما عزلْتُك أو كلما انعزلت فقد وكلتك، أو كلما انعزلت فأنت وكيلي فكُلَّما انْعَزَل أو عزله عاد وكيلًا، وسُميت دورية؛ لدورانها على العزل. قال في «التلخيص» : هي صحيحة على أصلنا في صحة التعليق؛ لأن تعليق الوكالة صحيح. وقال الشيخ

س24: بم تتعلق حقوق العقد؟ وما مثالها؟ وبم ينتقل الملك ولمن ينتقل ومن المطالب بالثمن؟ وهل يبرأ بإبراء البائع؟ ولمن ما وهب للوكيل في مدة الخيارين؟ وهل للموكل أن يرد ما وجده معيبا؟ وهل يحنث الموكل ببيع وكيله؟ وإذا اشترى وكيل في ذمة، فما الحكم؟ وإذا لم يحضر الموكل خيار المجلس، فما الحكم؟ وهل للوكيل أن يبيع على نفسه أو يشتري منها لموكله؟ ومن الذي يماثل ذلك في الحكم؟ وهل للوكيل أن يبيع ما وكل في بيعه على ولده أو مكاتبه ونحوهم؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والخلاف والترجيح.

تقي الدين -رحمه الله-: لا تصح الوكالة الدورية؛ لأنه يؤدي إلى أن تصير العقود الجائزة لازمة، وذلك تغيير لقاعدة الشرع وليس المقود المعلق إيقاعُ الفسخ وإنما قصده الامتناع من التوكيل وحله قبل وقوعه، والعقود لا تنفسخ قبل انعقادها. انتهى. ذكره ابن رجب في القاعدة الثامنة عشر بعد المائة، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. 24- حكم عقود الوكيل وما يمتنع عليه منها وما يترتب على تصرفه من ضمان س24: بِمَ تتعلق حقوق العقد؟ وما مثالها؟ وبِمَ ينتقل الملك ولمن ينتقل ومن المطالب بالثمن؟ وهل يبرأ بإبراء البائع؟ ولمن ما وهب للوكيل في مدة الخيارين؟ وهل للموكل أن يرد ما وجده معيبًا؟ وهل يحنث الموكل ببيع وكيله؟ وإذا اشترى وكيل في ذمة، فما الحكم؟ وإذا لم يحضر الموكل خيار المجلس، فما الحكم؟ وهل للوكيل أن يبيع على نفسه أو يشتري منها لموكله؟ ومن الذي يماثل ذلك في الحكم؟ وهل للوكيل أن يبيع ما وكل في بيعه على ولده أو مكاتبه ونحوهم؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والخلاف والترجيح. ج: حقوق العقد كتسليم الثمن وقبض المبيع وضمان الدرك والرد بالعيب ونحوه، وسواء كان العقد مما تجوز إضافته إلى الوكيل كالمبيع والإجارة أو لا، كالنكاح مُتعلقة بموكل لوقوع العقد له فلا يعتق من اشتراه وكيل من أقاربه كأبيه وأخيه ممن يعتق على وكيل إذا اشتراه لموكله؛ لأن الملك لم ينتقل للوكيل؛ لأنه لا يملكه، وكذا لو قال للعبد: إن اشتريتك فأنت حر، فاشتراه بالوكالة، لم يعتق على الوكيل، وينتقل ملك

من بائع لموكل بمجرد العقد؛ لأن الوكيل قبله له أشبه ما لو تزوج له، وكالأب والوصي، ويطالب الموكل بثمن ما اشتراه وكيله له ويبرأ منه موكل بإبراء بائع وكيلًا لم يعلم بائع أنه وكيل لتعلقه بذمته ولا يرجع وكيل على موكل بشيء، وإن علمه بائع وكيلًا فأبرأه لم يصح؛ لأنه لا حق له عليه يبريه منه ولموكل أن يرد بعيب ما اشتراه له وكيله؛ لأنه حق له فملك الطلب به كسائر حقوقه، ويحنث موكّل بحلفه أنه لا يبيع الشخص الفلاني ببيع وكيله إياه؛ أن حقوق العقد متعلقة بالموكّل دون الوكيل، ويضمن الموكّل العهدة إن ظهر المبيع مستحقًا أو الثمن ونحو ذلك من سائر ما يتعلق بالعقد، ومحل ذلك إن أعلم الوكيل العاقد بوكالته سواء كان العاقد بائعًا للوكيل أو مشتريًا منه وإن لم يعلمه بوكالته فضمان العهدة عليه إبتداء للتغرير، والقرار على الموكّل، ويملك مشتر طلب بائع بإقباض ما باع له وكيله؛ لكن إن باع وكيل بثمن في الذمة، فلكل من وكيل وموكّل الطلب به لصحة قبض كل منهما له. وإن اشترى وكيل بثمن في ذمته ثبت في ذمة الموكّل أصلًا، وفي ذمة الوكيل تبعًا كما يثبت الدين في ذمة المضمون أصلًا، وفي ذمة الضامن تبعًا، وللبائع مطالبة من شاء منهما من وكيل وموكل ويبرآن ببراءة موكل لا إن أبرأ وكيل فقط فلا يبرأ الموكل، وهذا إذا كان البائع عالمًا بأنه وكيل ليوافق ما سبق. وقال الشيخ تقي الدين فيمن وكل في بيع أو استئجار: إن لم يسم موكله في العقد فضامن، وإلا فروايتان، وقال: ظاهر المذهب يضمنه، قال: ومثله الوكيل في الاقتراض. اهـ. ويختص وكيل بخيار مجلس لم يحضره موكّل؛ لأن ذلك من تعلق العاقد كالإيجاب والقبول؛ فإن حضره موكّل كان الأمر له إن شاء حجر على الوكيل في ذلك، وإن شاء أبقاه مع كون الوكيل يملكه؛ لأن الخيار حقيقة للموكّل. ولا يصح بيعُ وكيل لنفسه بأن يشتري ما وكّل في بيعه من نفسه،

ولا يَصح شراءُ وكيلٍ من نفسه لموكله بن وكّل في شراء شيء معين فاشتراه من نفسه لموكله؛ لأنه خلاف العرف في ذلك؛ لأن العرف بيعه لغيره فتحمُل الوكالة عليه وللحوق التهمة له في ذلك، وهذا مذهب الشافعي وأصحاب الرأي، والرواية الثانية يجوز بشرطين أن يزيد على مبلغ ثمنه في النداء، والثاني: أن يتولى النداء غيره، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه أعلم. وإن أذن موكّل لوكيله في بيعه من نفسه أو شرائه منها صح للتوكيل ذلك فيصح للوكيل إذا تولى طرفي العقد فيهما، كأب الصغير ونحو ذلك إذا باع من ماله لولده أو اشترى منه له؛ لأن دينه وأمانته وشفعته تحمله على عمل الحق، وربما زاده خيرًا ما لم يكن الإبن بالغًا أو ولد زنا؛ لأنه لا ولاية له عليهما؛ وأما الولي نحو الصغير إذا كان غير أب، وباع ماله لموليه أو اشترى منه لنفسه فلا يصح، وكتوكيل جائز التصرف في بيعه وتوكيل آخر لذلك الوكيل في شرائه فيتولى طرفي عقده، ومثلُ عقد البيع نكاحٌ بأن يُوكّل الولي الزوج أو عكسه أو يُوكل واحدًا أو يُزوج عبده الصغير بأمته فيتولى طرفي العقد، ومثلُه دعوى بأن يوكّله المتداعيان في الدعوى والجواب عنها وإقامة الحجة لكل منهما وولد الوكيل، وإن نزل ووالده وإن علا، ومكاتبه ونحوهم، كزوجته وكل من لا يقبل شهادته له كولد بنته ووالد أمه كنفسه، فلا يجوز للوكيل أن يبيع لأحدهم ولا أن يشتري منه؛ لأنه يُتهم في حقَّهم؛ ولأنه يميل إلى ترك الاستقصاء عليهم في الثمن كتهمته في حق نفسه، هذا مع الإطلاق؛ وأما مع الإذن فيجوز ويصح بيعُ الوكيل في البيع لإخوته وأقاربه كعمه وابن أخيه. قال في «الإنصاف» : قلتُ وحيثُ حَصَل في ذلك تُهمةٌ لا يصح، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله سبحانه أعلم. وكالوكيل فيما تقدم من البيع ونحوه حاكمٌ وأمينه ووصي وناظر وقف ومضارب وشريك عنان

س25: إذا باع وكيل بزائد أو باع مضارب بزائد على مقدر أو على ثمن المثل أو بأنقص عن مقدر أو اشتريا بأزيد عن مقدر أو ثمن المثل، فما الحكم؟ وتعرض للضمان حول الوكيل والمضارب إذا زيد على ثمن مثل قبل فهل للوكيل أو المضارب بيعها بثمن المثل أو فسخ البيع، وإذا قال الموكل لوكيله: بع هذا الكتاب بدرهم فباعه بدرهم وعرض، أو باع بدينار، أو قال لوكيله: بع هذا بألف نساء فباع به حالا أو بعه فباع بعضه بدون ثمن كله، أو بعه بسوق كذا بألف فباع به في آخر، أو اشتراه بكذا فاشتراه به مؤجلا، أو قال: اشتر لي شاة بدينار فاشترى به شاتين تساويه إحداهما أو شاة تساويه بأقل، فما الحكم؟ وضح ذلك مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف.

ووجوه، فلا يبيع أحد منهم من نفسه ولا ولده ووالده ونحوه ممن لا تقبل شهادته له ولا يشتري من نفسه ولا من ولده ووالده لما تقدم؛ وأما إجارة ناظر الوقف، فقال ابن عبد الهادي في «جمع الجوامع» : إن كان الوقف على نفس الناظر فإجارته لولده صحيحة بلا نزاع وإن كان الوقف على غيره ففيه تردد، ويحتمل أوجه منها الصحة، وحكم به جماعة من قضاتنا منهم البرهان بن مفلح. والثاني: تصح بأجرة المثل فقط، والثالث: لا تصح مطلقًا، وهو الذي أفتى به بعض إخواننا، والمختار من ذلك الثاني. انتهى كلامه ملخصًا. قال في «شرح الإقناع» : والذي أفتى به مشايخنا عدم الصحة. وقال في «شرح الغاية» : عدم الصحة لا يعدل عن فحواه ولا تميل الأسس السليمة إلى سواه خصوصًا في هذا الزمان الذي تُعجِزُ حيلُ أهله حُكماء اليونان. اهـ. وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله سبحانه أعلم. 25- مسائل حول بيع الوكيل بأزيد ممن قدر أو بعض المبيع س25: إذا باع وكيل بزائد أو باع مضارب بزائد على مقدر أو على ثمن المثل أو بأنقص عن مقدر أو اشتريا بأزيد عن مقدر أو ثمن المثل، فما الحكم؟ وتعرض للضمان حول الوكيل والمضارب إذا زِيْدَ على ثمن مثل قبل فهل للوكيل أو المضارب بيعها بثمن المثل أو فسخ البيع، وإذا قال الموكل لوكيله: بع هذا الكتاب بدرهم فباعه بدرهم وعرض، أو باع بدينار، أو قال لوكيله: بع هذا بألف نساء فباع به حالًا أو بعه فباع بعضه بدون ثمن كله، أو بعه بسوق كذا بألف فباع به في آخر، أو اشتراه بكذا فاشتراه به مؤجلًا، أو قال: اشتر لي شاة بدينار فاشترى به شاتين تساويه إحداهما أو شاة تساويه بأقل، فما الحكم؟ وضح ذلك مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف.

ج: إذا باع وكيل في بيع أو باع مضارب بزائد على ثمن مقدر وهو ما قدر له ربَّ المال صح البيع، أو باع مضارب بزائد على ثمن مثل إن لم يقدر لهما ثمنًا، ولو كان الزائد من غير جنس ما أمر الوكيل والمضارب بالبيع به صحَّ البيعُ لوقوعه بالمأذون فيه وزيادة تنفع ولا تضر؛ لأن من رضي بمائة دينار لا يكره أن يزاد عليها ثوبًا أو نحوه. وإن قال: بعه بمائة درهم فباعه بمائة دينار أو بتسعين درهمًا وعشرة دنانير أو بمائة ثوب أو ثمانين درهمًا وعشرين ثوبًا، لم يصح للمخالفة، والذي يترجح أنه يصح فيما إذا جعل مكان الدرهم أو الدراهم أو بعضها دنانير؛ لأنه مأذون فيه عرفًا؛ لأن من رضي بدرهم رضي مكانه دينارًا. والله أعلم. وكذا يصح البيع إن باع الوكيل أو المضارب بأنقص عن مقدر أو ثمن مثل أو اشترى بأزيد عن مقدر أو ثمن مثل؛ لأن من صح بيعهُ وشراؤه بثمن صح بأنقص منه وأزيد كالمريض ويضمن الوكيل والمضارب في شراء بأزيد من مقدر أو ثمن مثل الزائد عنهما ويضمنان في بيع كلُّ النقص عن مقدر ويضمنان في بيع إن لم يقدر لهما ثمن كلّ ما لا يتغابنُ بمثله عادةً كعشرين من مائة بخلاف ما يُتغابن به كالدرهم ن عشرة لعُسْرة التحرز منه، وحيث نقص ما لا يتغابن به ضمِنَا جميعَ ما نَقَصَ عن ثمن مثل؛ لأنه تفريط بترك الاحتياط وطلب الحظ لآذن وبقاء العقد وتضمين المفرط جمعٌ بين المصالح، وكذا شريك ووصي وناظر وقف أو بيت مال ونحوهم. قال الشيخ تقي الدين: وهذا ظاهر فيما إذا فرّط؛ وأما إذا احتاط في البيع والشراء، ثم ظهر غبن أو عيب لم يُقصر فيه، فهذا معذور يشبه خطأ الإمام أو الحاكم ويشبه تصرّفه قبل علمه بالعزل وأبين من هذا الناظر والوصي والإمام والقاضي إذا باع أو أجّر أو زارع أو ضارب، ثم تبين أنه بدون القيمة بعد الاجتهاد، أو تصرّف تصرفًا ثم تبين

الخطأ فيه، مثل أن يأمر بعمارة أو غرس ونحو ذلك، ثم تبين أن المصلحة كانت في خلافه، وهذا باب واسع. وكذلك المضارب والشريك؛ فإن عامة من يتصرّف لغيره بوكالة أو ولاية قد يجتهد ثم يظهر فوات المصلحة أو حصول المفسدة فلا لوم عليه فيهما وتضمين مثل هذا فيه نظر وهو شبيه بما إذا قتل في دار الحرب من يظنه حربيًا فبان مسلمًا؛ فإن جماع هذا إنه مجتهد مأمور بعمل إجتهد فيه، وكيف يجتمع عليه الأمر والضمان؟ هذا الضرب هو خطأ في الاعتقاد والقصد لا في العمل، وأصول المذهب تشهد له بروايتين. قال ناظم المفردات: مُوَكّلٌ قدَّر لِلْوَكيل قدرًا به يَبيعُ يَا خَليل فباعَ بالأقَّل مِمَّا قَدَّرا أو زَادَ عَن ذاك الوكيلُ في الشرا وهكذا في مُطلقَ التوكيل إنْ زَادَا أو نَقَصَ في التمثيل عن ثمن المثلِ مَضَى انعقادًا ويَضْمنُ النقصَ كذا ما زادَا هذا هو المنصوصُ في القولين قال به الأكثرُ في الحالينِ والذي يترجح عندي إنه إذا باع بأقل مما قدره له أنه لا ينفذ تصرفه إلا بالإجازة؛ لأن الإذن إنما حصل على هذه الصفة، وأنه إذا باع أو اشترى بأكثر من ثمن مثل أو بأقل من ثمن مثل مع احتياطه واجتهاده إنه غير ضامن

على الإذن فلا يكون من ضمانه. والله أعلم. ولا يضمن قنَّ إذنه سيده في بيع وشراء فباع بأنقص أو اشترى بأزيد لسيده، ولا يضمن صغير أذن له وليه في التجارة فباع بأنقص أو اشترى بأزيد، كما لو أتلف مال نفسه؛ لأن الإنسان لا يثبت له الدين على نفسه. قال في «الإنصاف» : ويصح البيع على الصحيح من الذهب، وقدمه في «الفروع» . وإن زيد في ثمن سلعة يريد الوكيل أو المضارب بيعها على ثمن مثل قبل بيع لم يجز لوكيل ولا لمضارب بيعها بثمن مثل؛ لأن عليه طلب الحظ لآذنه وبيعها كذلك مع من يزيد يُنافيه وإن زيد على ثمن مثلها بعد أن بيعت في مدة خيار مجلس أو شرط لم يلزم وكيلًا ولا مضاربًا فسخُ بيعٍ؛ لأن الزيادة إذًا منهي عنها، فلا يلزم الرجوع إليها وقد لا يثبت المزايد عليها، وقال الشيخ عن على قوله: لم يلزم فسخ، ينبغي تقييد بما إذا زاد غير عالم بالأول، وإنما لم يلزم الفسخ هنا مع لزومه فيما تقدم في الحجر في أمين الحاكم؛ لأن مال المفلس بيع لوفاء دينه، وهو واجب بحسب الإمكان بخلاف ما هنا؛ فإن خالف الوكيل وباع مع حضور من يزيد على ثمن المثل، فمقتضى ما سبق يصح البيع، وظاهر كلامهم ولا ضمان ولم أره مصرحًا به، قاله في «شرح الإقناع» ، وقد يقال: بل هو مفرد في الحالة المذكورة، فيضمن لتحقق تفريطه أخذًا مما سيأتي، وكلامهم هنا لا ينافيه. اهـ. ومن قال لوكيله في بيع نحو ثوب: بعه بدرهم، فباعه بالدرهم، وبعرض كفلس وكتاب، صح، أو باعه بدينار، صح البيع؛ لأنه في الأولى باع بالمأذون فيه حقيقة وزيادة تنفع الموكل ولا تضره، وفي الثانية باع بمأذون عرفًا؛ فإن من رضي بدرهم رضي مكانه بدينار ولو قال لوكيله: بع هذا بألف نساء، فباع بالألف حالًا صَحَّ ولو مع ضرر يلحق الموكل بحفظ الثمن؛ لأنه زاده خيرًا ما لم ينهه عن البيع حالًا؛ فإن نهاه لم يصح للمخالفة، وكل تصرف خالف الوكيل فيه الموكل فكتصرّف فضولي،

والذي يترجح عندي أنه مع لحوق الضرر بالموكل لا يصح. والله أعلم. وإن قال موكل لوكيله في بيع شيء: بعه، فباع بعضه بدون ثمن كله، لم يصح البيع لضرر الموكل بتشقيصه، ولم يأذن فيه نطقًا ولا عرفًا؛ فإن باع بعضه بثمن كله صح للإذن فيه عرفًا؛ لأن من رضي بالمائة مثلًا عن الكل رضيها عن البعض؛ ولأنه حصل له المائة وأبقى له زيادة تنفعه ولا تضره وله بيع باقيه بمقتضى الإذن أشبه ما لو باعه صفقة بزيادة على الثمن ما لم يبع الوكيل باقيه فبيع الأول موقوف؛ فإن بيع الباقي تبينًا صحة الأول وإلا تبيّنا بطلانه، وإن رضي مُوكله ببيع البعض صحَّ أو يكن ما وكّل في بيعه عبيدًا أو صبرة ونحوها مما لا ينقصه تفريق فيصح لاقتضاء العرف؛ لذلك وعدم الضرر على الموكل في الإفراد؛ لأنه لا نقص فيه ولا تشقيص ما لم يقل موكل لوكيله بع هذا صفقة لدلالة تنصيصه عليه على غرضه فيه، وكذا شراء فيصح شراء شيء واحد ممن أمر بشرائهما، ولو قال: اشتر لي عشرة شياة أو عشرة أمداد برًا وعشرة أرطال حرير؛ فإنه يصح أن يشتري له ذلك صفقة وشيئًا بعد شيء لا إن أمره بشرائهما صفقة فاشتراهما واحدصا بعد واحد، فلا يصح وإن قال: اشتر لي عبدين صفقة، فاشترى عبدين لإثنين مشتركين بينهما من وكيلهما أو من أحدهما بإذن الآخر جاز، وإن قال: بع هذا العبد بمائة فباع نصفه بالمائة صح البيع؛ لأن حصل غرضه وزاده زيادة تنفعه ولا تضره، وللوكيل بيع النصف الآخر؛ لأنه مأذون في بيعه فأشبه ما لو باع العبد كله بمثلي ثمنه. وإن قال: بعه بألف في سوق كذا، فباعه بالألف في سوق آخر، صح البيع؛ لأن القصد بيعه وتنصيصه على أحد السوقين مع استوائهما في الغرض إذن في الآخر كمن استأجر أو استعار أرضًا لزراعة شيء؛ فإنه إذن في زراعة مثله ما لم ينهه الموكل عن البيع في غيره، فلا يصح للمخالفة، ولا يصح إن كان للموكّل في السوق الذي عيّنه غرض صحيح إذا باع في غيره كحلِّ نقده

أو أن الثمن فيه أكثر أو جودة نقده أو مودة أهله أو صلاحهم، فلم يجز في غيره لتفويت غرضه عليه. وإن قال: بعه لزيد، فباعه لغيره، لم يصح البيع للمخالفة؛ لأنه قد يقصد نفع زيد فلا يجوز مخالفته. قال في «المغني» و «الشرح» : إلا أن يعلم بقرينة أو صريح أنه لا غرض له في عين المشتري. وإن قال لوكيله في شراء شيء اشتراه مثلًا بمائة فاشتراه الوكيل بها مؤجلًا صح؛ لأنه زاده خيرًا، وقيل: لا يصح إن حصل ضرر، وجزم به في «الوجيز» . قال في «الإنصاف» : وهو الصواب، وهذا هو الذي يترجح عندي. والله أعلم. وإن قال له: اشتر شاة بدينار فاشترى به شاتين تساوي الدينار إحداهما، صح لحديث عروة بن الجعد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معه بدينار يشتري له به أضحية، فاشترى له اثنين، فباع واحدة بدينار وأتاه بالأخرى، فدعا له بالبركة، فكان لو اشترى ترابًا لربح فيه. وفي رواية قال: هذا ديناكرم وهذه شاتكم، قال: «كيف صَنَعتَ» فذكره، ورواه البخاري في ضمن حديث متصل لعروة؛ ولأنه حصل المأذون فيه وزيادة أو اشترى له شاة تساوي الدينار بأقل من الدينار صح، وكان الزائد للموكَّل؛ لأنه مأذون له عرفًا فيه وقد حصل المقصود وزيادة، وإن تساوِ الدينار إحداهما فلا يصح الشراء؛ لأنه لم يتحصل المقصود له فلم يقع البيع له لكونه غير مأذون لفظًا ولا عرفًا. وإن قال لوكيله: اشتر عبدًا لم يصح شراء إثنين معًا؛ لأنه لم يأذن له لفظًا ولا عرفًا، ولو كان أحدهما يساوي ما عينه من الثمن ولو اشتراهما واحدًا بعد واحد صح شراء الأول، والذي يترجح عندي أن غير الشياه مثلها في الحكم، فلو قال لوكيله مثلًا: اشتر لي ثوبًا بدينار فاشترى بالدينار ثوبين، وكان أحدهما يساوي الدينار صح؛ لحصول غرض الموكل وزيادة. والله أعلم. ويصح شاء واحد ممن أمر بشرائهما.

من النظم فيما يتعلق بالوكالة: وإن قال بِعْ عَبْدِي وَوَكَّلَهُ فتىً لِيَبْتَاعَه توكيلُ الاثنين أطدِ ونحو اشترِ عبدًا بنقد مقدّر فيشري به مرجًا أجزه بأجود ونحو اشتر شاة بثمن إذا اشترى اثنين تساوي الثمن إحداهما أطد ونحو اشترِ بالعين من يشتري نسا فينقده الزم به في المؤكد وفي عكس هذا العقد صحح لامرئ وقيل إذا لم يرض بالعقد أفسد وجانب بلا إذن شِرا تعيب ولو عَيَّن اردد دون إذن بأجود وإن قال خصم رضى العيب ربه فأبرأ أو استوفى الثمن لم يقلد ليحلف وكيل إنه غير عالم نصحه دعواه ويقبض ويردد فإن صدق الدعوى الموكلُ بعد ما رددت يصح الرد منك بأجود فإن يرضَ بالعيب الوكيل فرد الْمُوَكِّلْ على وجهين مَبْنَى التَّرددِ فإن خالفَ التعيين في أجلٍ وفي زمانٍ وشخصٍ ثم نقدٍ ليفسد وليس خلاف المرء في السُوقِ مُبْطلٌ

إذا استَويَا في السعر مع حُسن مقصد ومَن يشتر الشيء المُسَمَّى مُؤجَّلًا بقيمة تعجيل ولم يُنْهَ جوِّدِ وعن بائعٍ والمشتري العوض انقل ابتداءً إلى ملْكٍ الموكل تَرْشُدِ وتَلْزمَه الأثمانُ ثم وكيلُه كَضامِنِه مَن شاءَ مَن باعَ يَقصُد ومَا مِن حُقوق العقدِ شيء بلازِمِ الوكيل ولكن لِلْوكِيلِ فاقصِدِ ويملك تسليمًا لما باع واشترى ودون دليل لم يقبض بأجود فإن يَتَعَذَّر قبض ما لم يَجُزْ يُرى وإلا فلا والقبضَ جَوزْ بمعبد وليسَ بَعِيدًا مَنْعَنَا عَزْل نفْسِهِ إذا غابَ عَنه رَبُه ذَا تَبَعُّدِ ولا يملكُ الإبرا ولا قرار نائب الخِصَامِ بقبض المالك الثمنَ اشهَدِ ولا قبضَ أيضًا ولا بُرْأ نفسِهِ إذا مَلكَ الإبراءَ يَا ذا التَسَدُدِ ويملك مَن وَكَّلْتَ في القبض يا فَتَى الْخُصومَةَ في الأقوى ولو مَعْ تجَرُدِ وتوكيلُه في فاسدِ البيع باطلٌ وفي كل شيءٍ ألْغِ لِلْجهل وَارْدُد ونحو اشترِ عَبدًا بماشِيَةٍ ومَن تَشاءُ في الأولى الغِ مَا لم تقيَّدِ ونحو بمالي ابتعْ وبعْهُ وخلِّصَنْ حُقُوقي جَمِيعًا جَائِزَ غيرَ مُفْسَدِ ونحو اشترِ عبدًا وثوبًا لذا أجز كثوبٍ وعبدٍ دونَ قَيْدٍ بمُبْعَدِ ونحو اقبضنْ مِن ذا حُقوقي مَتَى يَمُتْ فليس لَه مِن وَارِثٍ قَبَضُ مُوْرِدِ وإنْ قَالَ خُذْ مَالِي مِن الحقِ عِنَدهُ فَمَلِّكَ مِن وَرَّاثِهِ القبضَ تَرشُدَ ومَن يَقْضِ دَينًا والموكلُ حاضرٌ ولم يَقُلْ اشْهَدْ بالقضاء فَيجَحْدِ فلا غُرْمَ في حقِ الوكيلِ وإن قَضَى بغَيْتِهِ ضمِّنْه إن لم يُشَهّدِ ولو مَعَ تَصْديقِ المُوكلِ في القضاءِ لِفُقْدانِ الإبرا بالقضا مَعْ تَقَصُّدِ ولا غُرمَ في قَولٍ كإيدَاعِ نائبٍ لأن بها الإشهادُ غَيرَ مُعَوَّدِ

س26: هل للوكيل شراء معيب؟ وضح ذلك مع ما يترتب عليه من تفصيل أو نحوه، وإذا ادعى بائع رضي موكل أو أسقط وكيل خياره أو أنكر بائع أن الشراء وقع لموكل، أو قال موكل لوكيله: اشتر لي بعين هذا الدينار، فاشترى له في ذمته أو عكسه أو أطلق الموكل أو خلط المال الوكيل بدراهمه، فضاع الكل، أو قال: بعه لزيد، فباعه لغيره، فما الحكم؟ وإذا وكل إنسان في بيع شيء، فهل يملك تسليمه وقبض ثمنه وإذا تعذر قبض الثمن على موكل أو أخر وكيل تسليم الثمن، فما الحكم؟ وما الدليل والتعليل؟ واذكر ما في ذلك من خلاف وترجيح وتفصيل.

26- شراء الوكيل معيب وادّعاؤه رضا موكّل بالعيب وشراؤه غير ما أمر بشرائه إلخ س26: هل للوكيل شراء معيب؟ وضح ذلك مع ما يترتب عليه من تفصيل أو نحوه، وإذا ادّعى بائع رضي موكل أو أسقط وكيل خياره أو أنكر بائع أن الشراء وقع لموكّل، أو قال موكّل لوكيله: اشتر لي بعين هذا الدينار، فاشترى له في ذمته أو عكسه أو أطلق الموكّل أو خلط المال الوكيل بدراهمه، فضاع الكل، أو قال: بعه لزيد، فباعه لغيره، فما الحكم؟ وإذا وكل إنسان في بيع شيء، فهل يملك تسليمه وقبض ثمنه وإذا تعذر قبض الثمن على موكّل أو أخر وكيل تسليم الثمن، فما الحكم؟ وما الدليل والتعليل؟ واذكر ما في ذلك من خلاف وترجيح وتفصيل. ج: ليس للوكيل شراء معيب مع الإطلاق؛ لأنه يقتضي السلامة ولذلك جاز له الرد بالعيب؛ فإن علم بعيبه قبل شرائه لزم الوكيل الشراء لدخول في العقد على العيب ما لم يرضَ موكله بعيبه؛ فإن رضي به فله؛ لأنه نوى العقد له وإن جهل وكيل عيبه حال العقد صح، وكان كشراء موكّل بنفسه لمشقة التحرر من ذلك؛ فإن رضي موكل معيبًا فليس لوكيل رده؛ لأن الحق للموكل وإن سخط أو كان غائبًا فللوكيل رده على بائعه لقيامه مقام موكّله، وكذا خيار غب أو تدليس؛ فإن ادّعى بائع رضي موكله بالعيب والموكّل غائب حلف وكيلُ أنه لا يعلم رضى موكله وردُّه للعيب، ثم إن حضر موكل فصدق بائعًا على رضاه بعيبه أو قامت به بينة لم يصح الردّ لانعزال الوكيل من الرد برضى موكله بالعيب والمعيب باق لموكله، فله استرجاعه ولو كانت دعوى الرضى مِن قَبِلَ الموكل، وإن لم يدَّع بائعٌ رِضيَ موكل، وقال له: توقف حتى يحضر الموكل، فربما رضي بالعيب لم يلزم الوكيل ذلك، لاحتمال هرب

البائع أو فوات الثمن بتلفه وإن طاوعه لم يسقط رد موكل، وإن أسقط وكيل اشترى معيبًا خيارهُ ولم يرض موكله بالعيب فله رده لتعلق الحق به، وإن أنكر بائع أن الشراء وقع لموكل ولا بينة حلف بائع أنه لا يعلم أن الشراء وقع له ولزم البيع الوكيل لرضاه بالعيب والظاهر صدور العقد لمن باشره فيغرم الثمن، وإن صدق بائع أن الشراء لموكّله أو قامت بيّنة فله الرد، وإن وجد من الوكيل ما يسقطه، ولا يرد وكيل ما عينه الموكل له كاشتر هذا العبد أو الثوب بعيب وجده فيه قبل إعلامه الموكّل لقطعه نظر وكيله بتعيينه فربما رضي به على جميع أحواله؛ فإن علم الوكيل عيب ما عينه له قبل الشراء فله شراؤه، وإن قال لوكيله: اشتر لي كذا بعين الدينار مثلًا، فاشترى له في ذمته ثم نقد ما عيَّنهُ له أو غيره لم يلم الشراء موكلًا لمخالفته الموكّل فيما له فيه غرض صحيح؛ لأن الثمن المعين ينفسخ العقد بتلفه أو كونه مغصوبًا ولا يلزمه ثمنه في ذمته وحينئذٍ يقع الشراء للوكيل، والذي يترجح عندي أنه يقف على إجازة الموكل؛ فإن أجازه لزمه، وإلا فلا. والله أعلم. وإن قال الموكل لوكيله: اشتر لي في ذمتك وأنقد هذه الدراهم، فاشترى الوكيل بعينها صح الشراء الموكّل، ويلزمه لإذنه في عقد يلزمه به الثمن مع بقائه وتلفه فكان إذنًا في عقد لا يلزمه الثمن إلا مع بقائه دون تلفه وإن أطلق الموكّل، فقال: اشتر لي كذا بكذا، ولم يقل بعينه، ولا في الذمة، جاز الشراء بالعين، وفي الذمة؛ لتناول الإطلاق لهما، وإن قال لوكيله: بعه لزيد، فباعه الوكيل لغير زيد، لم يصح البيع سواء قدر له الثمن أو لم يقدره؛ لأنه قد يكون غرضه في تمليكه لزيد دون غيره، إلا أن علم الوكيل ولو بقرينة أنه لا غرض له في عين زيد، ومَن وكل في بيع شيء ملك تسليمه لمشتريه؛ لأنه من تمام البيع ولا يملك الوكيل قبض ثمن المبيع مطلقًا سواء دلت عليه قرينة كأمره ببيعة في محل ليس فيه الموكل أو لا؛ لأنه قد يوكل في البيع من لا يأمنه على

س27: هل للوكيل تقليب المبيع على مشتر أو بيعه ببلد آخر وإذا أمر إنسان يدفع شيء إلى معين ليصنعه فدفعه ونسيه فهل يضمن؟ وإذا وكل في قبض دراهم أو دنانير، فهل يصارف؟ واذكر ما يترتب على ذلك، وإذا وكل

قبض الثمن. قال في «الشرح الكبير» : ويحتمل أن يملك قبض الثمن؛ لأنه من موجب البيع فملكه كتسليم المبيع، فعلى هذا ليس له تسليم المبيع إلا بقبض الثمن أو حضوره؛ فإن سلمه قبل قبض ثمنه ضمنه. قال شيخنا: والأولى أن ينظر فيه؛ فإن دلّت قرينة الحال على قبض الثمن مثلُ توكيله في بيع ثوب في سوق غائب عن الموكل أو موضع يضيع الثمن بترك الوكيل كان إذنًا في قبضه ضمنه؛ لأن ظاهر حال الموكل أنه إنما أمره بالبيع لتحصيل ثمنه فلا يرضى بتضييعه، ولهذا يُعدُ من فعل ذلك مفرطًا وإن لم تدل قرينة على ذلك لم يكن له قبضه. اهـ. والذي تطمئن إليه النفس أن قبض الوكيل للثمن وللمثمن يرجع فيه إلى العادة والعرف. والله أعلم. وإن تعذر قبض ثمن على موكّل كموت المشتري مفلسًا أو كون المبيع مُستحقًا أو معيبًا لم يلزم الوكيل شيء من الثمن لعدم تفريطه كحاكم وأمينه يبيعان شيئًا لغائب أو محجور عليه وفات الثمن، لا شيء عليهما وكتعذر قبض الثمن لهرب ونحوه ما لم يفض ترك قبض ثمن مبيع إلى ربا؛ فإن أفضى إلى ربا نسيئة كبيعه قفيز بر بمثله أو بشعير فباعه به، ولم يحضر موكله المجلس ملك الوكيل قبض الثمن للإذن فيه شرعًا وعرفًا إذ لا يتم البيع إلا به وكذا الشراء، فالوكيل فيه يملك تسليم الثمن ولا يملك تسليم المبيع إلا بإذن صريح أو قرينة على ما تقدم وإن أخر وكيل في شراء تسليم ثمنه بلا عذر في التأخير فتلف ضمنه لتفريطه؛ فإن كان عذر نحو امتناع من قبضه لم يضمنه. 27- بحوث حول تصرفات الوكيل ومسائل تتعلق به وبمعامله س27: هل للوكيل تقليب المبيع على مشتر أو بيعه ببلد آخر وإذا أمر إنسان يدفع شيء إلى معين ليصنعه فدَفعه ونسيه فهل يضمن؟ وإذا وكل في قبض دراهم أو دنانير، فهل يصارف؟ واذكر ما يترتب على ذلك، وإذا وكّل

في قبض دينار أو ثوب فأخذ أكثر أو أخذ وكيل في قبض دينَ رَهْنًا أوْ وَكَّلَ غيره في قضاءِ دينٍ وَلم يشهد الوكيل، وأنرك الغريم أو وكل في إيداع، ولم يشهد الوكيل أو قال: أشهدت، فماتوا، أو قال: أذنت لي في القضاء، فما الحكم؟ وإذا وكل في خصومة فهل يكون وكيلًا في قبض أو بالعكس؟ وإذا قال: أجب خصمي عني أو اقبض حقي اليوم أو من فلان أو الذي قبله فما الحكم؟ وما الدليل وما التعليل والخلاف والترجيح؟ ج: ليس لوكيل في بيع تقليب المبيع على مشتر إلا بحضرة موكّل؛ لأن الإذن في البيع لا يتناوله؛ فإن حضر الموكّل جاز لدلالة الحال على رضاه به، وإلا بأن دفعه إليه ليقلبه بحيث يغيب به عن الوكيل فأخذه ليريه أهله ضمن الوكيل لتعديه، وفي «الفروع» : ويتوجه العرف. اهـ. وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. وليس لوكيلٍ في بيع شيء بيعُه ببلد آخر لعدم تعارفه فلا يقتضيه الإطلاق فيضمن تلفه قبل بيعه لتعديه، ويصح بيعه له ببلد آخر لما تقدم أن الوكالة لا تبطل بتعديه ومع مؤنة نقل للمبيع لا يصح بيعه ببلد آخر؛ لأن فيه دلالة على رجوعه عن التوكيل؛ لأن مثل ذلك لا يفعله بغير إذن صريح إلا المتصرف لنفسه، ومن أمر بدفع شيء كثوب أمره مالكه بدفعه إلى نحو قصّار أو صبَّاغ معين ليصبغه فدفعه إلى من أمر به بدفعه له ونسيه فضاع لم يضمن؛ لأنه لم يتعد ولم يفرط، بل فعل ما أمر به، وإن أطلق مالك بأن قال مثلًا: إدفعه إلى من يقصّره أو يصبغه، فدفعه الوكيل إلى مَن لا يعرف عينه كما لو ناوله مِن وراء ستر ولا يعرف اسمُه ولا دكانه، بل دفعه بغير دكانه، ولم يسأل عنه ولا عن اسمه، فضاع ضمن لتفريطه، وأطلق أبو الخطاب إذا دفعه إليه لم يضمن إذا اشتبه عليه ومَن وكل في قبض درهم فأكثر أو قَبِلَ دينار فأكثر ممن عليه دراهم أو دنانير لم يصارف المدين بأن يقبض عن

الدنانير دراهم أو عن الدراهم دنانير؛ لأن لم يأمره بمصارفته ويكون من ضمان الباعث إن تلف؛ لأنه دفع إلى الرسول غير ما أمِرَ به، فهو وكيل للدافع في تأديته إلى صاحب الدين إلا إن أخبر الرسول المدين أن ربّ الدين أذنهُ في ذلك فيكون من ضمان الرسول؛ لأنه غرّه. قال الشيخ عثمان: ولا يعارض هذا ما سبق في الضمان من أن الرسول المخالف يكون ضمان ما خالف فيه على المرسل الأول، ويستقر على الرسول؛ لأن ذلك فيما إذا كان المأمور بقبضه عين مال المرسل كالوديعة، بخلاف ما هنا؛ فإنه في الدين وهو لا يملك إلا بقبضه، وسوى في «الإقناع» بين المسألتين، فجعل الضمان على الباعث، أي المدين، أو من عنده المال، ويرجع على الرسول في الأخيرة، أي صورة الوديعة، وإن أخذ وكيل في قبض دين رهنًا أساء بأخذه؛ لأنه غير مأذون فيه ولم يضمن الرهن وكيل؛ لأنه رهن فاسد، وفاسد العقود كصحيحها في الضمان وعدمه، ومن وكل غيره لو كان الوكيل مودعًا في قضاء دين فقضاه، ولم يشهد الوكيل بالقضاء، وأنكر غريم القضاء لم يقبل قول وكيل عليه؛ لأنه لم يأتمنه، وكما لو ادعاه الموكل وضمن وكيل لموكله ما أنكره رب الدين لتفريطه بترك الإشهاد، ولهذا إنما ضمن ما ليس بحضرة موكل، وقيل: يتبع العرف والعوائد تختلف بحسب الديون وحسب الغرماء فمن كان دينه مؤجلًا بوثيقة ووكل المدين من يقضيه دين ثم قضاه بلا إشهاد عليه، فهذا مفرط والمفرط ضامن؛ لأنه مأمور بقضاء مبرئ للذمة؛ وأما إن كان عنده طلب الآخر بلا وثيقة ولم يأمره بالإشهاد، بل أمره أن يعطيه حقه، والمقضي أمين، فهذا لا يعده الناس مفرطًا فلا ضمان عليه إن لم يشهد؛ فإن حضر مع ترك الإشهاد فقد رضي بفعل وكيله، كقوله: اقضه، ولا تشهد بخلاف حال غيبته لا يقال هُوَ لم يأمره بالإشهاد فلا يكون مفرطًا بتركه؛ لأنه إنما أذنه في قضاء مبرئ ولم يفعل، ولهذا يضمن ولو صدقه موكل

وكذب رب الدين بخلاف توكيل في إيداع فلا يضمن وكيل لم يشهد على الوديع إذا أنكر لقبول قوله في الرد والتلف، فلا فائدة للموكل في الاستيثاق عليه؛ فإن أنكر الوديعُ دفعَ الوكيل الوديعة إليه فقول وكيلٍ بيمينه؛ لأنهما اختلفا في تصرفه وفيما وكِّل فيه، فكان القولُ قولُه فيه، وإن قال وكيلٌ في قضاء دين أشهدتُ على رب الدين بالقضاء شهودًا فماتوا، وأنكره موكلٌ، أو قال له: قضيتُ بحضرتك، فقال: بل بغيبتي حَلَف موكلٌ لاحتمال صدقِ الوكيل وقضي له بالضمان؛ لأن الأصل معه ومن وُكِّلَ في قبض دين أو عين كان وكيلًا في خصومة سواء على رب الحق ببذل الغريم ما عليه أو جحده أو مطله؛ لأنه لا يتوصل إلى القبض إلا بالإثبات، فالإذن في القبض إذن فيه عرفًا. قال في «شرح المنتهى» : قلت: ومثله من وكّل في قسم شيء أو بيعه أو طلب شفعة فيملك بذلك تثبت ما وكّل فيه؛ لأنه طريق للتوصل إليه. اهـ. وإن وكّله في الخصومة لا يكون وكيلًا في القبض ولا إقرار عليه؛ لأن الإذن لا يتناوله نطقًا ولا عرفًا؛ لأنه قد يرضى للخصومة من لا يرضاه للقبض إذ معنى الوكالة في الخصومة الوكالة في إثبات الحق، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: يملكُ قبضه؛ لأن المقصود من التثبت قبضه أو تحصيلُه؛ ولأنه مأمور بقطع الخصومة ولا تنقطع إلا به. وقال في «الإنصاف» : الذي ينبغي أن يكون وكيلًا في القبض إن دلت عليه قرينة كما اختاره المصنف وجماعة فيما وكّله في بيع شيء أنه لا يملك قبضه إلا بقرينة، وهذا هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. وإذ قال إنسان لآخر: أجب خصمي عني، فيحتمل أن يكون كتوكيله في خصومة، ويحتمل بطلان الوكالة بهذا اللفظ. قال في «تصحيح الفروع» : الصواب الرجوع في ذلك إلى القرائن؛ فإن دلت على شيء كان وإلّا فهي الخصُومة أقرب. اهـ. وفي الفنون لا تَصِحُ

الوكالة ممَّنْ عِلَم ظُلم مُوكله في الخصومة. وفي كلام القاضي لا يجوز لأحد أن يخاصم عن غيره في إثبات حب أو نفيه وهو غير عالم بحقيقة أمره، وإذا قال لوكيله: اقبض حقي اليوم أو يوم كذا، ونحوه لم يملك فعل ما وكل فيه اليوم غدًا؛ لأن الإذن لم يتناوله، ولأنه قد يؤثر التصرف زمن الحاجة، فالوكالة تقيدت بزمن معين، ولهذا لما عين الله لعبادته وقتًا لم يجز تأخيرها عنه، وإنما صح فعلها قضاء؛ لأن الذمة لما اشتغلت كان الفعل مطلوب القضاء، وإن قال لوكيله: اقبض حقي من فلان ملك قبض حقه من فلان ومن وكيله لقيامه مقامه فيجري مجرى إقباضه ولا يملك قبضه من وارثه؛ أنه لم يؤثر به ولا يقتضيه العرف. لا يقال: الوارث قائم مقام المورّث فهو كالوكيل؛ لأن الوكيل إذا دفع بإذنه جرى مجرى تسليمه وليس الوارث كذلك؛ فإن الحق انتقل إليه واستحقت المطالبة عليه لا بطريق النيابة عن المورّث، ولهذا لو حلف لا يفعل شيئًا حنث بفعل وكيله دون مورثه، وقيل: ينظر؛ فإن تبين من مراده أنه وكّله على استحصال حقه بقطع النظر عمن يقبض منه، فلا شك أنه يملك قبضه من وارثه كما يملك قبضه من وكيل زيد وإن صرح أن قصده أن يقبض من زيد فقط، وأنه لا يرغب قبضه من وارثه، فهذا لا يملكه إلا بإذن ظاهر؛ لأنه قد يرى بقاء الحق عندهم دونه، وهذا التفصيل هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. إن قال له: اقبض حقي الذي قبل زيد مثلًا أو الذي عليه ملك قبضه منه ومن وكيله ومن وارثه لاقتضاء الوكالة قبضه مطلقًا فشمل القبض من وارثه؛ لأنه حقه.

س28: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: ما تلف بيد الوكيل، إقرار وكيل على موكله، الاختلاف في رد عين أو ثمنها، رد عين أو ثمنها إلى الورثة، قول ورثة وكيل في دفع لموكل أو أجبر أو مستأجر في رد عين، دعوى من تقدم التلف، إذا قال وكيل لموكله: أذنت لي في البيع نساء، وأنكر الموكل، أو قال له: أذنت في البيع بغير نقد البلد أو اختلفا في صفة الإذن، فمن القول قوله؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو ترجيح أو تفصيل.

28- الوكيل أمين س28: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: ما تلف بيد الوكيل، إقرار وكيل على موكله، الاختلاف في رد عين أو ثمنها، رد عين أو ثمنها إلى الورثة، قول ورثة وكيل في دفع لموكل أو أجبر أو مستأجر في رد عين، دعوى من تقدم التلف، إذا قال وكيل لموكله: أذنت لي في البيع نساء، وأنكر الموكل، أو قال له: أذنت في البيع بغير نقد البلد أو اختلفا في صفة الإذن، فمن القول قوله؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو ترجيح أو تفصيل. ج: الوكيل أمين لا يضمن ما تلف بيده بلا تفريط؛ لأنه نائب المالك في اليد والتصرف، فالهلاك في يده كالهلاك في يد المالك كالمودع والوصي ونحوه، وسواء كان متبرعًا أو بجعل؛ فإن فرّط أو تعدّى ضمن ويصدق وكيل بيمينه في دعوى تلف عين أو ثمنها إذا قبضه، وقال موكل: لم يتلف كالوديع ويصدق بيمينه في نفي تفريط ادعاه موكّله؛ لأنه أمين، ولا يكلف بيّنة؛ لأنه مما يتعذر إقامة البيّنة عليه ولئلا يمنع الناس من الدخول في الأمانات مع الحاجة إليها وفي ح م ص ولو قبض الوكيل الدراهم ثمنًا، ثم ردت عليه دراهم زائفة مدعيًا الرادُّ أنها التي أعطاها الوكيل فصدقه قبل قوله على موكّله وإن قبضها الوكيل ولم يعرفها لزمته دون الموكّل وإن لم يقبلها فللبائع بها عليه اليمين أنه لا يعلم أنها تلك الدراهم، وكذا له على الموكل اليمين. كذلك قال المجد: هذا مذهب مالك وقياس نص إمامنا. اهـ. ويقبل إقرار الوكيل على موكّله في كلا وكل فيه من بيع وإجارة وصرف وغيرها، ولو كان الموكل فيه نكاحًا؛ لأنه يملك التصرف فقبل قوله فيه كولي المحبرة، فيقبل قول وكيل أنه قبض الثمن من مشتر وتلف بيده، وفي قدر ثمن ونحوه؛ لكن

لا يصدق فيما لا يشتبه من قليل ثمن ادعى أنه باع به أو كثيره أن اشتراه ذكره المجد. المعنى أنه لا يصدق فيما يخالفه الظاهر أو يكذبه الحسّ. وإذا وكل البائع والمشتري، وعقد الوكيلان واتفقا على الثمن، واختلف الموكلان فيه، قال القاضي: يتحالف البائع والمشتري، وصحح المجد لا تحالف وأنه يُقبل قولُ الوكيلين، وإن اختلف الوكيل والموكل في رد عين أو في رد ثمنها بعد بيعها، فالقول قول وكيل متبرع؛ لأنه قبض العين لنفع مالِكها لا غيرَ كالمودع، ولا يُقبل قولُ وكيل بجعل أنه رَدَّ العين؛ لأن في قبضه نفعًا لنفسه أشبه المستعير، ويُقبل قولُ وصيٍ وعامل وقفٍ وناظره إذا كانوا مُتبرعين لا إن كانوا بجعل فلا يقبل قولهم في رد العين، ومن قلنا القول قوله فهو مع يمينه، وأجير ومستأجر ونحوه ممن قبض العين لحظة فلا تقبل دعواه الرد، وإن طلب ثمن من وكيل، فقال: لم أقبضه بعد، فأقام المشتري بيّنة عليه بقبضه ألزم الوكيل ولم يقبل قوله في رد ولا تلف؛ لأنه صار خائنًا بجحده، قاله المجد. قال في «الإقناع وشرحه» : وإذا قبض الوكيل ثمن المبيع فهو أمانة في يده ولا يلزمه تسليمه قبل طلبه ولا يضمنه إذا تلف بتأخيره كالوديعة بخلاف الثوب الذي أطارته الريح إلى داره؛ لأن الوكيل مأذون له في القبض صريحًا أو ضمنًا بخلاف صاحب الدار؛ فإن أخر رده بعد طلبه مع إمكانه فتلف، ضمنه الوكيل لتعديه بإمساكه بعد الطلب وتمكنه منه، وإن تلف قبل التمكن من رده لم يضمنه، ولا يقبل قول وكيل في رد ما ذكر من العين أو الثمن إلى ورثة موكل؛ لأنهم لم يأتمنوه، ولا يقبل قول وكيل في رد إلى غير من ائتمنه كدفع إلى زوجة الموكل؛ لأنها لم تأتمنه عليه ولا هو مأذون بالدفع إليها، فلم يبرأ إلا إن دفعه بإذن الموكل؛ فإن أذن بالدفع لزوجته أو غيرها بأن أذن له بدفع دينار لزيد قرضًا فدفعه له وأنكره زيد لم يضمن الوكيل؛ لأنه فعل

ما هو مأذون في فعله. قال في «الإنصاف» : فائدة لو ادعى الرد إلى من ائتمنه بإذن الموكل قبل قول الوكيل على الصحيح من المذهب نص عليه، واختاره أبو الحسن التميمي قاله في القاعدة الرابعة والأربعين. اهـ. وما يأتي في الوديعة من قبول قول الوديع في الرد إلى من يحفظ ماله عادة فليس مما نحن فيه، ولا يقبل قول ورثة وكيل في دفع لموكل؛ لأنه لم يأتمنهم ولا يقبل قول أجير مُشترك كصباغ وصائغ وخياط في رد العين، ولا يقبل قول أجير خاص لقبضِه العَين لحظ نفسه ولا فرق بينه وبين الأجير المشترك ي كون كل منهما لا تقبل دعواه؛ لأن القاعدة أن من قبض العين لحظ نفسه لا يقبل قوله في الرد إلا ببينة وكُلٌ من المشترك والخاص قبض العين لحظ نفسه فلا يقبل إلا ببيّنة. والله أعلم. ولا يقبل قول مستأجر دابة أو سيارة أو نحوهما في ردها ولا مضارب ومرتهن وكلِّ من قبض العين لنفع نفسه إلا ببينة، ومن ادعى من وكيل ومرتهن ومضارب ومودع التلف بحادث ظاهر كحريق ونهب جيش ونحوهما لم يقبل قوله إلا ببينة تشهد بوجود الحادث في تلك الناحية؛ لأنه لا يتعذر إقامة البيّنة عليه غالبًا؛ ولأن الأصل عدمه ويقبل قول مدَعي التلف بسبب ظاهر بعد إقامة البيّنة عليه في أن العين تلفت به بيمينه لتعذر إقامة البيّنة على تلفها به، كما لو تلفت بسبب خفي، وإن قال وكيل لموكله: أذنت لي في البيع نساء، أي إلى أجل، وأنكره موكل، فقول وكيل أو قال وكيل لموكله: أذنت لي في البيع بغير نقد البلد أو بعرض، وأنكره موكل فول وكيل، أو اختلفا في صفة الإذن كقول الوكيل وكلتني في شراء عبد، فقال الموكل: بل في شراء أمة أو بالعكس، أو قال الوكيل: وكلتني أن أشتري لك بعشرة، فقال الموكل: بل بعشرين أو بالعكس، فالقول قول وكيل؛ لأنه أمين كمضارب اختلف مع رب المال في مثل ذلك وكخياط إذا قال: أذنتني في تفصيله قباءً، وقال ربه: بل قميصًا ونحوه، وقيل: القول قول الموكل

س29: تكلم عن أحكام ما يلي: إذا قال الوكيل أمرتني ببيعها، وقال الموكل: بل برهنها أو في أصل الوكالة اختلفا من قال لآخر: وكلتني أن أتزوج لك فلانة ففعلت وصدقت الوكيل وأنكر موكل فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ وما حكم التوكيل بجعل وبلا جعل، وإذا جعل له من كل ثوب كذا أو قال كل ثوب اشتريته فلك على شرائه، كذا أو بع ثوبي بكذا فما زاد فلك، فما الحكم؟ ومتى يستحق الجعل؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو ترجيح.

وهو قول أصحاب الرأي والشافعي وابن المنذر؛ لأنه يقل قوله في أصل الوكالة، فكذا في صفتها، قالوا: وهذا أصح لوجهين: أحدهما أنهما اختلفا في التوكيل الذي يدعيه الوكيل فكان القول قول من ينفيه، كما لو لم يقر الموكل بتوكيله في غيره، والثاني: أنهما اختلفا في صفة قول الموكل فكان القول قوله في صفة كلامه، كما لو اختلف الزوجان في صفة الطلاق، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. 29- مسائل حول اختلاف الموكل والوكيل وحكم التوكيل بجعل وبغير جعل إلخ س29: تكلم عن أحكام ما يلي: إذا قال الوكيل أمرتني ببيعها، وقال الموكل: بل برهنها أو في أصل الوكالة اختلفا من قال لآخر: وكلتني أن أتزوج لك فلانة ففعلت وصدَّقت الوكيل وأنكر موكل فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ وما حكم التوكيل بجعل وبلا جعل، وإذا جعل له من كل ثوب كذا أو قال كل ثوب اشتريته فلك على شرائه، كذا أو بع ثوبي بكذا فما زاد فلك، فما الحكم؟ ومتى يستحق الجعل؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو ترجيح. ج: إذا باع الوكيل السلعة، وقال للموكل: بذلك أمرتني، فقال: بل أمرتك برهنها صدق ربها فَاتتْ أو لم تَفُت؛ لأن الاختلاف هنا في جنس التصرف وإن اختلفا في أصل الوكالة فقول منكر؛ لأن الأصل عدم الوكالة. فائدة: لا ضمان على وكيل بشرط بأن قال له: وكلتك بشرط ضمان ما يتلف منك، فإذا تلف منه شيء بغير تفريط لم يضمنه؛ لأنه أمين، والشرط لاغ؛ لأنه ينافي مقتضى العقد.

وإن قال لآخر: وكلتني أن أتزوج لك فلانة على كذا، ففعلتُ، تزوجتها لك، وصدٌّت فُلانة مُدَّعي الوكالة، وأنكر الآخر، وهو المدعى عليه الوكالة، فقوله بلا يمين؛ لأنهما اختلفا في أصل الوكالة فقبل قول المنكر؛ لأن الأصل عدمها ولم يثبت أنه أمين له حتى يقبل، قال في «الشرح» : فأما إن ادعت المرأة فينبغي أن يستحلف؛ لأنها تدعي الصداق في ذمته، فإذا حلف لم يلزمه الصداق ولم يلزم الوكيل منه شيء؛ لأن دعوى المرأة على الموكّل وحقوق العقد لا تتعلق بالوكيل وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. ثم إن تزوجها الموكّل بعقد جديد، أقر العقد وإن لم يتزوجها لزمه تطليقها لاحتمال كذبه في إنكاره ولا ضرر عليه، ويحرم نكاحها غيره قبل طلاقها؛ لأنها معترفة أنها زوجته فتؤخذ بإقرارها، وإنكاره ليس بطلاق وإذا صدقت الوكيل واعترفت بالإصابة لزمها الإعتداد إذا طلقها، ولا يلزم وكيلًا شيء للمرأة من مهر ولا غيره؛ لأن حقوق العقد إنما تتعلق بالموكل؛ لكن إن ضمن الوكيل المهر رجعت إليه بنصف المهر؛ لأنه ضمنه عن الموكل وهو معترف بأنه في ذمته، وإن مات من تزوج له مدعي الوكالة لم ترث المرأة إن لم يكن صدق على الوكالة أو ورثته إلا أن قامت بها بيّنة، ويصح التوكيل بلا جعل؛ لأنه –عليه الصلاة والسلام- وكّل أنيسًا في إقامة الحد وعروة بن الجعد في الشراء، بل جعل، ويصح التوكيل بجعل معلوم كدرهم أو دينار أو ثوب صفته كذا بأيام معلومة بأن يوكله عشرة أيام كل يوم بدرهم أو يعطيه من الألف مثلًا شيئًا معلومًا كعشرة؛ لأنه –عليه الصلاة والسلام- كان يبعث عماله لقبض الصدقات ويعطيهم عليها؛ ولأن التوكيل تصرّف للغير لا يلزمه فعله فجاز أخذ الجعل عليه كرد الآبق، ولا يصح التوكيل بجعل مجهول لفساد العوض، ويصح تصرف الوكيل بعموم الإذن في التصرف وللوكيل حينئذ أجرة مثله؛ لأنه عمل بعوض لم يسلم له، وإن عين موكل ثيابًا معينة

س30: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: من عليه حق فادعى إنسان أنه وكيل ربه في قبضه أو وصيه أو أحيل به فصدقه، فهل يلزم الدفع إليه؟ وما الذي يترتب على ذلك من المسائل والأحكام والضمان والاعتراف؟ من

في بيع وشراء بأن قال لوكيله: كل ثوب بعته من هذه الثياب فلك على بيعه كذا، أو كل ثوب اشتريته من هذه الثياب فلك على شرائه كذا وعينه، ولو كان البيع أو الشراء من غير إنسان معين صح البيع والشراء؛ لأنه مأذون فيه ولا يفتقر عقده مع من عينه له إذ لا فرق بين ما إذا قال له: اشتر لي ثيابًا من زيد ولك كذا، وبين ما إذا قال: اشتر لي ثيابًا صفتها كذا، أو يطلق؛ لأن المقصود حصول البيع أو الشراء وزوال الجهالة وقد حصل، وإذا قال موكّل: بع ثوبي هذا بكذا، فما زاد عنه فلك، صح، قال: هل هذا إلا كالمضاربة واحتج بأنه يروى عن ابن عباس ووجه شبهه بالمضاربة أنه عيْن تُتَمَّى بالعمل عليها وهو البيع، فإذا باع الوكيل الثوب بزائد عما عينه له ولو من غير جنس الثمن، فهو له وإلا فلا شيء له كما لو لم يربح مال المضاربة وكرهه النخعي وحماد وأبو حنيفة والثوري والشافعي وابن المنذر؛ لأنه أجر مجهول يحتمل الوجود والعدم، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. ويستحقُ الوكيل جعله قبل تسليم ثمنه؛ لأنه وفَّى بالعمل ولا يلزم استخلاص الثمن من المشتري إلا إن اشتراط الموكل على الوكيل في استحقاقه الجعل تسليم الثمن؛ لأنه لم يوف بالعمل، وصفة اشتراطه أن يقول له إن بعث وسلمت إلي الثمن فلك كذا، فلا يستحقه قبل تسليم الثمن؛ لأنه لم يوف بالعمل المشترط عليه. من عليه حق وادعى إنسان أنه وكيل ربه في قبضه أو أنه وصية إلخ س30: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: من عليه حق فادعى إنسان أنه وكيل ربّه في قبضه أو وصيه أو أحيل به فصدقه، فهل يلزم الدفع إليه؟ وما الذي يترتب على ذلك من المسائل والأحكام والضمان والاعتراف؟ مَن

قَبِل قوله في رد وطلب منه الرد فهل يلزمه الرد أم له أن يؤخر المستعير ونحوه ممن لا يقبل قوله في الرد كالمرتهن والوكيل بجعل ومقترض وغاصب لا بيّنة عليه هل يلزمه الدفع بطلب ربِّ الحق أم له التأخير ليشهد، وإذا كان في الدين وثيقة فهل يلزم ربّ الحق دفعها وإذا شهد واحد أنه وكله يوم الجمعة وآخر أنه يوم السبت أو شهد أحدهُما أنه وكله بالعربية والآخر بالعجمية شهد، أو أحدهما أنه أقر عنده بالتوكيل بالعربية والآخر أنه أقر بالعجمية أو أنه وكّله والآخر أنه أذن له بالتصرف أو شهد أحدهما أنه أقر عنده أنه وكّله في بيع عبده والآخر أنه أقر عنده أنه وكّله في بيع عبده وجاريته أو نحو ذلك فما الحكم؟ وهل تقبل شهادة الوكيل على موكله، وإذا كانت أمة بين نفسين فشهدا أن زيدًا وكّله زوجُها في طلاقها، أو شهدا بعزل الوكيل في الطلاق فما الحكم؟ واذكر ما حول هذا البحث من أحكام، واذكر الأدلة والتعليلات والخلاف والترجيح. ج: مَن عليه حق مِن دين أو عين عارية أو وديعة أو نحوها فادّعَى إنسان أنه وكيل ربه في قبضه أو أنه وصي ربه أو أنه أحيل بالدين من ربه عليه فصدق من عليه الحق مُدعي الوكالة أو الوصية أو الحوالة، ولا بيّنة مع المدعي لم يلزم من عليه الحق دفع إلى المدّعي لجواز أن ينكر رب الحق الوكالة أو الحوالة أو يظهر حيًا في دعوى الوصية، فلا يبرأ من عليه الحق بهذا الدفع فيرجع على المحق، وإن كذب من عليه الحق المدّعي لذلك لم يستحلف لعدم فائدة استحلافه؛ لأنه لا يقضي عليه بالنكول، وإن دفع من عليه الحق للمدعي ذلك وأنكر صاحب الحق كونه وكّله أو أحال حلف ربّ الحق أنه لم يوكل المدفوع إليه من ذلك ولا أحاله عليه لاحتمال صدق المدّعي؛ وأما في دعوى الوصية فلا يحتاج إلى حلف ورجع رب الحق على دافع وحده إن كان المدفوع دينًا لعدم براءته بدفعه لغير ربّه أو وكيله ولم يثبت

وكالة المدفوع إليه؛ ولأن الذي أخذه مدّعي الوكالة أو الحوالة عين مال الدافع في زعم ربّ الحق فتعين رجوعه على الدافع؛ فإن نكل لم يرجع بشيء، وفي مسألة الوصية يرجع بظهوره حيًا ورجع دافع على مدعي الوكالة أو الحوالة أو الوصية بما دفعه مع بقائه؛ لأنه عين ماله؛ لأن المدعي والدافع يزعمان أن صار ملكًا لصاحب الحق وأنا ظالم للدافع بالأخذ منه، فيرجع الدافع فيما أخذه منه المدّعي ويكون قصاصًا مما أخذه منه صَاحِب الحق أو يرجع دافع على قابض ببدله مع تعدي القاضي أو تفريطه في تلف به؛ لأن من وجب عليه ردّ شيء مع بقائه وجب عليه ردّ بدله مع إتلافه إياه؛ فإن تلف بيد مدّعي الوكالة بلا تعدّ ولا تفريط لم يضمنه ولم يرجع عليه دافع بشيء؛ لأنه مقر بأنه أمين حيثُ صَدَّقَه في دَعْواه الوكالة أو الوصية وأن دَعْوى حوالة فَيرجعُ دافعٌ على قابض مطلقًا سواء بقي في يده أو تلف بتعد أو تفريط أو لا؛ لأنه قبض لنفسه فقد دخل على أنه مضمون عليه وإن كان المدفوع لمدعي وكالة أو وصية عينًا كوديعة أو عارية أو غَصْبٍ أو مقبوض على وجه سوم ووجدَ العينَ ربُها بيد القابض أو غيره أخذها ثم هي بيده؛ لأنها حينُ حقِهِ وله مطالبةُ من شاء بردّها؛ فإن شاء طالب الوديع ونحوه؛ لأنه حال بينه وبين ماله، وإن شاء طالب مدّعي الوكالة؛ لأنه قبض عين ماله بغير حق؛ فإن طالب الدافع فللدافع مطالبة الوكيل بها وأخذه من يده ليسلمها لربها ويبرأ من عهدتها هذا إن كانت باقية وإن كانت تالفة أو تعذر ردها ضَمَّن أيهُما شاء من الدافع والمدفوع إليه برد بدلها؛ لأن القابض قبض ما لا يستحقه والدافع تعدّى بالدفع إلى من لا يستحقه فتوجهت المطالبة على كل منهما، ولا يرجع الدافع للعين بها إن ضمنَّه ربُها على غير مُتْلفٍ أو مُفَرِطٍ لاعتراف كل منهما بأن ما أخذه من المال ظلم واعترف الدافع بأنه لم يحصل من القابض ما يوجب الضمان فلا يرجعه

إليه بظلم غيره هذا كله إذا صدق من عليه الحق المدعي؛ وأما مع عدم تصديق دافع المدعي الوكالة ونحوها، فيرجع دافع على قابض بما دفعه إليه مطلقًا سواء كان دَينًا بقي أو تلف ذكره الشيخ تقي الدين وفاقًا؛ لأنه لم يقر بوكالته ولم تثبت بينة قال: ومجرد التسليم ليس تصديقًا، وقال: وإن صدق ضمن أيضًا في أحد القولين في مذهب الإمام أحمد، بل نصه: لأنه إن لم يتبين صدقه فقد غرَّه وإن ادّعى شخص موت رب الحق وأنه وارثه لزم من عليه الحقُ دفعُ الحق لمدَّعي إرثه مع تصديق مدّعي الإرث له لإقراره له بالحق وأنه يبرأ بالدفع له أشبه المورث ولزم حلفه أي من عليه الحق على نفي العلم ع إنكاره موت ربّ الحق وأن المطالب وارثه؛ لأن من لزمه الدفعُ مع الإقرار لزمه اليمينُ مع الإنكار، والسبب في أنه يحلف على نفي العلم؛ لأن اليمين هنا على نفي فعل الغير فكانت على نفي العلم، ومن قبل قوله في رد كوديع ووكيل ووصي متبرع وطلب منه الرد لزمه الرد ولا يؤخره ليشهدَ على رب الحق لعدم الحاجة إليه لقبول دعواه الرد، وكذا مستعير ونحوه ممن لا يقبل قوله في الرد كمرتهن ووكيل بجعل ومقترض وغاصب لا بيّنة عليه فيلزمه الدفعُ بطلب رب الحق ولا يُؤخر ليشهد؛ لأنه لا ضرر عليه فيه لتمكُنه من الجواب بنحو لا يستحقٌ عليَّ شيئًا ويحف عليه كذلك، وقيل: يمكن من كل ما يدفع عند الضرر المحتمل، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله سبحانه أعلم. وإن كان عليه بينّة بذلك أخرّ الردَّ ليشهد عليه لئلا يُنكره فلا يقبل قولُه في الرد، وإن قال: لا يستحق عليَّ شيئًا قامت عليه البينة كدين بحجة فللمدين تأخيره ليشهد لما تقدم، ولا يلزم ربّ الحق دفع الوثيقة المكتوبة فيها الدين ونحوه لمدين؛ لأنها ملكه فلا يلزم تسليمها لغيره، بل يلزم ربّ الحق الإشهاد بأخذ الحق؛ لأن بيّنة الأخذ تسقط البيّنة الأولى كما لا يلزم البائع دفع حجة ما باعه لمشتر، ولو شهد

شاهد واحد أنه وكلّه يوم الجمعة وشهد شاهد آخر أنه وكله يوم السبت لم تتم الشهادة؛ لأن التوكيل يوم الجمعة غير التوكيل يوم السبت فلم تكمل شهادتهما على فعل واحد أو شهد أحدهما أنه وكّله بالعربية وشهد الآخر أنه وكّله بالعجمية لم تتم الشهادة؛ لأن التوكيل بالعربية غير التوكيل بالعجمية، فلم تكمل الشهادة على فعل واحد، ولو شهد أحدهما أنه أقر عنده بالتوكيل بالعربية وشهد الآخر أنه أقر بالعجمية كملت الشهادة، لعدم التنافي، أو شهد أحدهما أنه وكّله وشهد الآخر أنه أذن له في التصرف كملت الشهادة لاتحاد المعنى؛ ولأنهما لم يحكيا لفظ الموكّل وإنما عبرا عنه بلفظهما واختلاف لفظهما لا يؤثر إذا اتفقا على معناه، ولو شهد أحدهما أنه أقر عنده أنه وكله في بيع عبده وشهد الآخر أنه أقر عنده أنه وكله في بيع عبده وفي بيع جاريته تمت الشهادة وحكم بصحة الوكالة في العبد لاتفاقهما عليه وزيادة، والثاني لا يقدح في تصرفه في الأول فلا يضره، وله أن يحلف مع الشاهد الثاني. وتثبت الوكالة أيضًا في الجارية وإن لم يحلف فلا، وكذلك لو شهدا أحدهما أنه وكّله في بيع لزيد وشهد الآخر أنه وكّله في بيعه لزيد وإن شاء لعمرو فيحكم بالوكالة في بيعه لزيد وإن حَلَفَ مع الآخر تثبت أيضًا؛ لأن الشهادة في الوكالة في المال تثبت بما يثبت به المال، ويأتي إن شاء الله في الشهادات، وتقبل شهادة الوكيل على موكّله لعدم التُهمة كشهادة الأب على ولده وأولى وتقبل شهادة الوكيل لموكّله فيما لم يوكّله فيه؛ لأنه أجنبي بالنسبة إليه؛ فإن شهد الوكيل بما كان وكيلًا فيه بعد عزله من الوكالة لم تقبل شهادته سواء كان خاصم فيه بالوكالة أو لم يخاصم؛ لأنه بعقد الوكالة صار خصمًا فيه، وقيل: ترد إن كان خاصم وإلا فلا وإن كانت أمة بين نفسين فشهدا أن زيدًا وكّله زوجُها في طلاقها لم تقبل أو شهدا بعزل الوكيل في الطلاق لم تقبل شهادتهما؛ لأنها تجرُ نفعًا؛ أما في الأولى

فلعود منفعة البضع إليهما. وأما في الثانية فلبقاء النفقة على الزوج ولا تقبل شهادة إبني الرجل له بالوكالة ولا شهادة أبوية له بالوكالة، ولا شهادة أبيه وإبنه؛ لأنها شهادة فرع لأصل، وعكسه ويثِّبتُ العزلُ بشهادة أبوي الموكل أو ابنيْه أو أبيه وابنه؛ لأنهما يشهدان لمن لا يطلبها فهي كالشهادة عليه، وإن ادّعى مكاتب الوكالة فشهد له سيده أو أبناء سيده أو أبواه لم تقبل شهادتهما؛ لأن شهادة مالك لرقيقه أو شهادة فرع أو أصل لرقيق أصله أو فرعه وإذا حضر رجلان عند الحاكم، فأقر أحدهما، فقال أحدهما: أنه وكّله الآخر ولم يسمع الإقرار شاهدان مع الحاكم ثم غاب الموكل وحصر الوكيل فقدم خصمًا لموكّله، وقال: أنا وكيل فلان فأنكر الخصم كونه وكيلًا لم تسمع دعواه حتى تقوم البيّنة بوكالته؛ لأن الحاكم لا يحكم بعمله في غير تعديل وجرح، ومن أخبر بوكالة وظن صدق مخبره، تصرف إعتمادًا على غلبة الظن وإذا تصرّف وأنكر المخبر عنه ضمّن الوكيل ما فات بتصرفه إن لم تثبت وكالته لتبين أنه تصرّف بغير حَق. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم. من النظم فيما يتعلق بالوكالة وأن الوكيل أمين لا يضمن ما تلف بيده بلا تعدّ لا تفريط ومَن وَكَّلَ الإنسان فهو أمينُه فلا غُرمَ في تَاوٍ على غَير مُعْتَدِ وفي عَدَمِ التَّفْريط والهُلْكِ قولُه مَعَ الحَلِفِ المَقْبولِ لا قولَ مسند ورُدَّ ادّعَا هُلْكٍ بنحو حَريق مِن

سِوى مُثَبِتٍ أسبابَ هُلْك بشُهَّدِ من يقبل قوله من الأمناء كذا كُلُ مَن قد حَاز مالًا أمَانَةً كَمُسْتَأجِرٍ ثم المضارب فاعدد ومرتهنٌ ثم الشريكُ ومُوْدَعٌ وموص وقاضٍ قوله اقبل كما ابتدى وإن قال بعتُ العينَ ثم قبضتُ مَا به بعْتُها لاجْتِيْحَ يُقبَل بأوْطَدِ وفي الرَدِّ فاقبلْ مِن وكيلٍ تطَوعًا كالإيداع بَلْ في ذا بجُعْلٍ تَرَددِ كذا كل ذي نفعٍ بقبض أمانة كمرتهن أو مؤجر لمُدِّدِ فإن قال لم أقْبضِ فاثُبتَ فادَّعَى هَلاكًا ولَو أثْبَت في الأقْوَى لِيَرددِ ووجهان في المقبول في الاختلاف في صفات التوكّل كالنسا والتفقد ويقبل من ذي شركة وتوكّل أقرّ بعيبٍ في المبيع المرددِ ويقبل إقرار الوكيل بفعل ما له فوضوا حتى النكاح بأجودِ ومِن جَاحِدٍ أصل الوكالة فاقْبَلَن ولو صَدَّقَتْ عِرسٌ وكيلًا فَسدد ويقبل من غير اليمين جحوده

كتاب الشركة

الوكالة ألزمه اليمين وَأكِّد ونصف صداق الخود خذ من وكيله وألزمه تطليقًا على المتأطدِ وتوكيله بالجعل تلك إجارة يسامح فيها بالجهالة فاشهد وإن قال بع هذا المتاع بتسعة وما زاد عنها خذه صحح وارفد فإن زاد شيئًا كان أجرًا لفعله فإن لم يزد يحرم ونقص قد ابتدى ومَن ولي التفريق للصدقات لم تحلّ له إلا بشرطٍ مُقَيَّدِ وما الدفع حتمًا مِن مَدين يُصدِق الوكيل ولا يحلف لتكذيبه زد وإن تدفعن يرجع بذا الحق ربّه عليك متى ينكر ليحلف وينقد فإن كان ذا المدفوع عندك مودّعًا فلقاه يعطاه وإن يتو يقصد لتضمينه من شاء لا يرجعن على الأجير لتصديق وتضمين معتدي وإن يدعي إني أحلت به ادفعن لتصديقه واحلف لجحد بأجودِ وإن قال هذا الحق بالإرث حزته فسلمه إن صدقت واحلف بمجحد ومن ملزم حقًا بلا شُهَّدٍ ومَن له القول في رد به دون شهد ويملك للإشهاد بالقبض جنس ما يبينه أو إن يقل ردّ يردد 31- كتاب الشركة س31: ما هي الشركة؟ وبأي شيء ثَبتت؟ وما هي أنواعها؟ ومن الذي تجوز منه؟ وما حكم مشاركة المسلم للكافر أو من ماله حرام أو يتعامل بالمحرمات؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: الشركة -بفتح الشين مع كسر الراء وسكونها وبكسر الشين مع سكون الراء بوزن سَرِقةٍ ونِعْمَةٍ ومتمرةٍ- هي: اجتماع في استحقاق وتصرف، وهي ثابتة بالكتاب والسُّنة والإجماع؛ أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} الآية، والخلطاء: الشركاء. وأما السُّنة: فعن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه قال: «إن الله يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يَخُنْ أحدهما صاحبه، فإذا خان خرجت من بينهما» رواه أبو داود، وعن السائب بن أبي السائب أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «كنت شريكي في الجاهلية، فكنت خير شريك لا تداريني ولا تماريني» رواه أبو داود وابن ماجه، ولفظه: «كنت شريكي فنعم الشريك، لا تداريني ولا تماريني» ، وعن أبي المنهال «أن زيد بن أرقم والبراء بن عازب كانا شريكين فاشتريا فضةً بنقد ونسيئة، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فرده» رواه أحمد والبخاري، وعن أبي عبيدة عن عبد الله قال: «اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر، قال: فجاء سعد بأسيرين، ولم أجيء أنا وعمار بشيء» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه. وفي «الصحيحين» وغيرهما: عن أبي موسى - رضي الله عنه -: أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الأشعريين إذا قلَّ طعامهم» ، وفي رواية: «إذا أرسلوا أو قل طعامهم جمعوا متاعهم» ، وفي رواية: «جمعوا ما عندهم ثم اقتسَمُوهُ بالسوية» ، وفي رواية: «في إناء واحد بالسوية فهم مني وأنا منهم» . وللبخاري من حديث جابر: «أن الصحابة اشتركوا في أزوادهم في غزوة الساحل» ، ومن حديث سلمة:

«إنهم جمعوا أزوادهم فدعا لهم فيها بالبركة» . وعن رويقع بن ثابت قال: «إن كان أحدنا في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليأخذ نِضْوَ أخيه على أن له النِصف مما يَغْنَم ولنا النصف وإن كان أحدنا ليطير له النصل والريش وللآخر القدح» رواه أحمد وأبو داود، وعن حكيم ابن حزام -صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يشترط على الرجل إذا أعطاه مالًا مقارضة يضرب له به أن لا تجعل مالي في كبدٍ رَطْبةٍ ولا تحمله في بحر ولا تنزل به بطن مسيل؛ فإن فعلت شيئًا من ذلك فقد ضمنتَ مالي. رواه الدارقطني. وكان عثمان - رضي الله عنه - كثيرًا ما يعطي ماله قِراضًا لمن يعمل فيه ويشترط عليه الربح بينهما، وكان ابن عمر وغيره يقولون لمن يقارض: إذا نقص المال أو هلك تضمنه، فيقول: نعم، فيعطيه، وكان عليّ - رضي الله عنه - يقول في المضاربة أو الشريكين: لوضيعة على المال والربح على ما اصطلحوا عليه، ومن قاسم الربح فلا ضمان عليه. وأجمع المسلمون على جواز الشركة في الجملة وإنما اختلفوا في أنواع منها نبينّها –إن شاء الله تعالى-، وهي قسمان:

أحدهما: اجتماع في استحقاق كشركة إرث بأن ملك اثنان أو جماعة عبدًا أو دارًا أو نحوهما، ووصية كما لو ورث اثنان أو جماعة عبدًا أو نحوه موصي بنفعه أجنبي؛ فإن الورثة شركاء في رقبته فقط، وهبة عين كملك اثنين أو أكثر عبدًا أو نحوه بهبة أو مغنم، أو منفعة دون العين كما لو وصي لإثنين أو أكثر بمنفعة عبد أو نحو ذلك؛ فإن الموصي لهم شركاء في المنفعة دون الرقبة ويلحق بذلك ما إذا اشتركا في حق الرقبة كما لو قذفهما إنسان بكلمة واحدة؛ فإنَّه يُحَدُ لهما حدًا واحدًا، ويأتي –إن شاء الله تعالى-. وفي «التيسير نظم التحرير» : وقُسِمَتْ نوعَين نوعٌ قد جَرى في الملكِ مُطلقًا كإرثٍ وشِرا وما جَرَى بالعَقدِ وهو الثاني فَشرِكةُ العِنانِ والأبدَانِ وشركةُ الوجُوه والمفاوضَه وما عَدا العِنانِ غَيرَ ناهِضَهْ والقسم الثاني: اجتماع في تصرّف، وهي شركة العقود المقصودة هنا، وتكره شركة مسلم مع كافر كمجوسي؛ لأنه لا يؤمن معاملته بالربا وبيع الخمر وكل ما يحرم استعماله. ولا تكره الشركة مع كتابيّ لا يلي التصرف، بل يليه المسلم؛ لحديث الخلال عن عطاء، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مشاركة اليهودي والنصراني إلا أن يكون البيع والشراء بيد المسلم، ولانتفاء المحظور بتولي المسلم التصرف. وقيل: تكره، وهذا القول أرجح لقول ابن عباس: أكره أن يشارك المسلم اليهودي، وعلى القول الأول: ما يشتريه كافر

س32: ما هي شركة العنان؟ ولم سميت بذلك؟ وما حكمها؟ وهل لها شروط؟ وبأي شيء تنعقد؟ ومثل لما تصح به وما لا تصح به، وهل التصرف نافذ من الجميع؟ وهل لابد من خلط الأموال أو أن تكون بأيديهم؟ وتكلم

من نحو خمر بمال الشركة أو المضاربة ففاسد، ويضمنّه؛ لأن العقد يقع للمسلم، ولا يثبت ملك مسلم على خمر أشبه شراؤه ميتة ومعاملته بالربا. قلت: ومثله شراء سينما وتلفزيون وصور ومذياع ودخان وسائر المحرمات على المسلم ففاسد الشراء ويضمنه، وما خفي أمره على المسلم، فالأصل حلّه، وتكره معاملة مَن في ماله حلال وحَرام يُجْهَل، قُلتُ: ومعاملة من يتعاطى بيع المحرمات كالصور والسينمات والتلفزيونات والبكم والإسطوانات والمذياع والدُّخان، وكذا تكره إجابة دعوته وأكل هديته وصدقته ونحوها، وكذا تكره معاملة من أكثر دخله من أسهم له أو فلوس له فيما يَسْتَمِدُّ منه أهل المعاصي تنويرًا أو لتصليح آلات الملاهي وأنواع المحرمات، وكذا من أكثر دخله من حرفة التصوير أو حلق اللحى أو تصليح آلات اللَّهو أو كتب المبتدعة أو المجلات الخليعة طبعًا أو توريدًا أو تفريدًا، وكذا تكره معاملة من أكثر دخله من مشاركته في الأسمدة النجسة لحرمة بيعها وشرائها أو يتعاطى الكتب التي تحتوي على الصور أو قطع غيار لآلات الملاهي أو يتعامل بالربا أو بالغش للمسلمين، أو نحو ذلك مما هو معصية أو معين عليها. ويأتي -إن شاء الله- في باب وليمة العرس بأتم من هذا، وتقوى الكراهة وتضعف بحسب كثرة الحرام، وقلّته؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه» الحديث. 32- شركة العنان س32: ما هي شركة العنان؟ ولِمَ سمّيت بذلك؟ وما حكمها؟ وهل لها شروط؟ وبأي شيء تنعقد؟ ومثّل لما تصح به وما لا تصح به، وهل التصرف نافذ من الجميع؟ وهل لابد من خلط الأموال أو أن تكون بأيديهم؟ وتكلم

عما إذا تلف المال أو شيء منه أو شرط لبعضهم جزءًا من الربح أو ربح دراهم مُعينة أو أحد السفرتين أو ما يربح في يوم أو شهر أو سنة معينة؟ وهل المساقاة والمزارعة كشركة العنان في ذلك؟ وإذا اشترى بعض الشركاء شيئًا أو أبرأ أو أقر فما الحكم، وكيف تكون الوضعية، وإذا قال: عزلت شريكي أو فسخت الشركة، أو قال: ربُّ اليد إنما بيده له أو اختلفا في القسمة أو كانت المضاربة بنقرة أو بمغشوشة أو بفلوس، فما الحكم؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: هي أن يشترك اثنان فأكثر في مال يتجران فيه ويكون الربح بينهما بحسب ما يتفقان عليه، وسميت بذلك؛ لأن الشريكين يتساويان في المال والتصرف كالفارسين إذا استويا بين فرسيهما وتساويا في السير، وقيل: مشتقة من عَنَّ إذا ظهر، ومنه قول امرئ القيس: فَعَنَّ لنا سِرْبٌ كأنَّ نِعَاجَهُ عَذَارٍ دوارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّلِ وقال المتنبي: وَزَاركَ بي دُونَ المُلوكِ تَحَرُّجِي إذا عَنَّ بَحْرٌ لم يَجُز لي التَّيَمُّمُ أي ظهَر، ويقال: عَنَّت لِفلان حاجةٌ إذا عرضت؛ لأن كل واحد من الشريكين قد عَنَّ أي عَرَض له مشاركةُ صاحبه، وشركة العنان مشهورة عند العرب. قال الجعفري: وشاركنا قريشًا في تقاها وفي أحسابها شرك العنان وهي جائزة إجماعًا، ذكره ابن المنذر، وإن اختلف في بعض شروطها،

وشروطها أربعة: فشركة العِنَان أن يُحْضِرُ كُل واحد من عدد اثنين فأكثر جائز التصرف فلا تعقد على ما في الذمة ولا مع صغير ولا سفيه من ماله فلا تعقد بنحو مغصوب ويحضرا نقدًا ذهبًا أو فضة مضروبًا أي مسكوكًا معلومًا قدرًا وصفةً ولو كان النقد مغشوشًا قليلًا لِعُسْر التحرز منه لا كثيرًا، أو كان النقدين من جنسين كذهب وفضة أو كان متفاوتًا بأن أحضر أحدهما مائة والآخر مائتين أو كان شائعًا بين الشركاء إن علم كل منهم قدر ماله كما لو ورّثوه لأحدهم النصف ولآخر الثلث ولآخر السدس واشتركوا فيه قبل قسمته. ولا تَصح على عَرضٍ؛ لأن الشركة إما أن تقع على عين العرض أو قيمته أو ثمنه وعينُها لا يجوز عقدُ الشركة عليها؛ لأنها تقضي الرجوع عند فسخها برأس المال أو مثله ولا مثل لها يرجع إليه وقيمتها، ولا يجوز عقدها عليها؛ لأنها قد تزيد في أحدهما قبل بيعه فيشاركه الآخر في العين المملوكة وثمنها معدوم حال العقد وغير مملوك لهما، واشترط كون النقد مضروبًا دراهم أو دنانير؛ لأنها قيمة المتلفات وأثمان البياعات وغير المضروب كالعروض واشتراط إحضاره عند العقد لتقدير العمل وتحقيق الشركة كالمضارب والعلم به؛ لأنه لابد من الرجوع برأس المال ولا يمكن مع جهله. قال في «الإنصاف» : قال ابن رزين في «شرحه» : وعنه تصح بالعروض، وهي أظهر، واختاره أبو بكر وأبو الخطاب وابن عبدوس في «تذكرته» ، وصاحب «الفائق» ، وجزم به في «المنور» ، وقدم في «المحرر» والنظم، قلت: وهو الصواب على الرواية الثانية بجعل رأس المال قيمتها وقت العقد كما قال المصنّف يرجع كل واحد منهما عند المفارقة بقيمة ماله عند العقد، كما جعلنا قميتها نصابًا، وسواء كانت مثلية أو غير مثلية. اهـ. وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس؛ لأن مقصود الشركة جواز تصرفهما في المالين جميعًا وكون ربح

المال بينهما وهو حاصل في العروش كحصوله في الأثمان فتصح الشركة والمضاربة بها كالأثمان، وأيضًا الحاجة داعية إلى هذا وكما أن غير النقدين يصح أن يكون ثمنًا في البيع ونحوه وأجرة الإجارة ونحوها فيصح أن يكون رأس مال الشركة والمضاربة، وأيضًا المشاركات أوسع من المعاوضات، وقولهم: بأن النقدين قيم المتلفات وأثمان المبيعات، يقال: هذا في الغالب وإلا فقد تكون العروض قيمًا للمتلفات وأثمانًا للمبيعات. والله أعلم. وقال شيخنا عبد الرحمن الناصر السعدي –رحمه الله-: قول الأصحاب –رحمهم الله- في شركة العنان، وكذا المضاربة إذا كانت من متعددين، ولا يشترط أن يكون المالان من جنس واحد، فيصح أن يخرج أحدهما دنانير والآخر دراهم، وعند التراجع كل منهما بما أخرج ويقسمان الباقي هذا بناء منهم على ثبات النقدين وبقاءهما بقاءً مستمرًا بسعر واحد لا يزيد ولا ينقص كما هو في الأوقات الماضية، إذا كانت الدراهم والدنانير قيم الأشياء ونسبة بعضها لبعض لا تزيد ولا تنقص؛ وأما في هذه الأوقات فقد تغيرت الحوال وصار النقدان بمنزلة السلع تزيد وتنقص وليس لهما قرار يربطهما فهذا لا يدخل في كلام الأصحاب قطعًا؛ وأما في هذا الوقت فيتعين إذا أخرج أحدهما ذهبًا، والآخر فضة أن يجعل رأس ماليهما متفقًا إما ذهب تقوم به الفضة أو فضة يقوم به الذهب، فهذا هو العدل وهو مقصود الشركات كلها إذا كانت مبنية على العدل واستواء الشريكين في المغنم والمغرم وتحريم ما ينافي هذا ويضاده؛ لأن تجويز كون مال أحدهما ذهبًا ومال الآخر فضة مع عدم قرارهما يقتضي أنه عند التراجع والقسمة إذا كان أحد النقدين زائدًا سعرًا أن يستوعب صاحبه الربح كله ويبقى الآخر محرومًا فكما لا يجوز لأحدهما أن يشترط له ربح أحد الزمانين أو أحد السفرتين أو ربح السلعة الفلانية، وللآخر ربح الشيء الآخر، فهذا كذلك،

بل أولى للغرر والخطر؛ لأنه قمار ظاهر وهو مقصود الأصحاب، ولا ريب؛ لأن تعليلاتهم تدل عليه انتهى، ويعملان في المال ببدنيهما وربحه كُلٌ له مِنهُ بنسبةِ مَالِهِ بأن شَرطُوا لرب النصفِ نصف الربح ولرب الثلث ثلث الربح ولرب السدس سُدس الربح مثلًا أو على أن لكل منهم جزء مشاعًا معلومًا ولو أكثر من نسبة ماله كأن جعل لرب السدس نصف الربح لقوة حذقه أو يقال على أن الربح بيننا فيستوون فيه لإضافته إليهم إضافة واحدة بلا ترجيح أو ليعمل فيه البعض من أرباب الأموال على أن يكون للعامل منهم أكثر من ربح ماله كأن تعاقدوا على أن يعمل رب السدس، وله الثلث من الربح أو النصف ونحوه وتكون الشركة إذا تعاقدوا على أن يعمل بعضُهم كذلك عنانًا من حيث إحضار كل منهم لماله ومضاربة؛ لأن ما يأخذه العامل زائدًا عن ربح ماله في نظير عمله في ماله غيره، ولا تصح إن أحضر كل منهم مالًا على أن يعمل فيه بعضهم، وله في الربح بقدر ماله؛ لأنه إبضاع لا شركة وهو دفع المال لمن يعمل فيه بلا عوض، ولا تصح إن عقدوها على أن يعمل أحدهم بدون ربح ماله؛ لأن من لم يعمل لا يستحق ربح مال غيره ولا بعضه، وفيه مخالفة لموضوع الشركة وكونها لا تصح في الصورتين لفوات شرطها إذن وهو شرط جزء زائد على ربح مال العامل؛ لكن التصرّف صحيح لعموم الإذن، ولكل ربح ماله ولا أجرة لعامل لتبرُّعه بعمله وتنعقد الشركة بمَا يَدل على الرضى من قول أو فعل يدل على إذن كل منهما للآخر في التصرف وائتمانه، ويغني لفظ الشركة عن إذن صريح في التصرف لدلالته عليه وينفذ التصرّف في المال جميعه من كل الشركاء بحكم الملك في نصيبه وبالوكالة في نصيب شريكه؛ لأنها مبنية على الوكالة والأمانة، ولا يشترط للشركة خلط أموالها ولا أن تكون بأيدي الشركاء؛ لأنها عقد على التصرف كالوكالة، ولذلك صحت

على جنسين، ولأن مورد العقد العمل وبإعلام الربح يُعلم العمل والربح نتيجة العمل؛ لأنه سببه والمال تبع للعمل، فلا يشترط خلطه وما تلف من أموال الشركاء قبل خلط فهو من ضمان جميع الشركاء، كما لو زاد؛ لأن من مُوْجَبِ الشركة تعلق الضمان والزيادة، بالشركاء خُلطَ المال أو لم يخلط لصحة قسم المال بمجرد لفظ كخرص ثمر على شجر مشترك فكذلك الشركة، احتج به أحمد، وقيل: إذا تلف قبل الاختلاط فهو من ضمان صاحبه، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. وقال أبو حنيفة: متى تلف أحد المالين فهو من ضمان صَاحبه. والله أعلم. ولا تصح الشركة إن لم يذكر الربح في العقد كالمضاربة؛ لأنه المقصود منها فلا يجوز الإخلال به، ولا يصح أن يشترط لبعض الشركاء جزء من الربح مجهول كحِصَّةٍ أو نصيبٍ أو مثل ما شرط لفلان مع جهله أو ثلثا الربح إلا عشرة دراهم؛ لأن الجهالة تمنع تسليم الواجب؛ ولأن الربح هو المقصود فلا تصح مع جهله كثمن وأجرة، ولا يصح أن يشترط لبعضهم فيها دراهم معلومة كمائة؛ لأن المال قد لا يربح غيرها فيأخذ جميع الربح فيختص به من سّمي له وهو مناف لموضوع الشركة وقد لا يربح فيأخذا جزء من المال، وقد يربح كثيرًا فيتضرر مَن شرطت له، ولا تصح إن شرط لبعضهم فيها ربح عين معينة كربح ثوب بعينه، أو ربح عين مجهولة كربح ثوب أو أحد هذين الثوبين أو شرط لأحدهم فيها ربح أحد السفرتين أو ما يربح المال في يوم أو شهرٍ أو سنة مُعَينةٍ؛ لأنه قد يربح في ذلك دون غيره فيختص به من شرط له وهو مناف لموضوع الشركة، وكذا مساقاة ومزارعة فلا يصحان إن شرط لعامل جزء مجهول أو آصعٌ معلومة أو ثمرة شجرة معينة أو مجهولة أو زرع ناحية بعينها ونحوه، وما يشتريه البعض من الشركاء بعد عقد الشركة فهو للجميع؛ لأن كلًا منهم وكيلُ الباقين وأمينُهم

إلا أن ينوي الشراء لنفسه فيختص به وما أبرأه البعضً من مالها فمن نصيبه، وما أقر به البعض قبل فسخ الشركة من دين أو عين للشركة فهو من نصيبه فيكون ذلك في قدر ما يخصه من المبري منه أو المقر كنصفه، وثلثه مثلًا؛ لأن شركاءه أذنوا له بالتجارة، وليس الإقرار داخلًا فيها وإن أقر البعض بمتعلق بالشركة كأجرة دلّال وحمّال وأجرة مخزن كحافظ فهو من مال الجميع؛ لأنه من توابع التجارة والوضيعة وهي الخسران في مال الشركة بقدر مال كل من الشركاء سواء كان التلف أو نقصان ثمن أو غيره؛ لأنها تابعة للمال، ومَن قال من شريكين عزلتُ شريكي صَحَّ تصرفُ المعزولُ في قدر نصيبه من المال فقط، وصح تصرفُ العازل في جميع المال لعدم رجوع المعزول عن إذنه، ولو قال أحدهما: فسختُ الشركة انعزلا فلا يتصرف كل منهما إلا في قدر نصيبه من المال؛ أن فسخ الشركة يقتضي عزل نفسه من التصرف في مال صاحبه وعزل صاحبه من التصرف في مال نفسه، وسواء كان المال نقدًا أو عرضًا؛ لأن الشركة وكالة والربح يدخل ضمنًا وحق المضارب أصلي ويُقبل قولُ رب اليد، وهو واضع يده على شيء إنما بيده له لظاهر اليد ويُقبل قولُ منكرٍ للقسمة إذا ادَّعاها الآخر؛ لأن الأصل عدمُها ولا تصح شركة عنان ولا مضاربة بنُقرةٍ وهي الفضة التي لم تضرب؛ لأنها كالعروض، ولا تصح بمغشوشة غشًا كثيرًا ولا فلوسٍ ولو كانت المغشوشةُ والفلوسُ نافقتين؛ لأنها كالعروض بل الفلوس عروض.

س33: تكلم بوضوح حول ما لكل من الشركاء عمله وما يلحقه من ضمان، وما لا يجوز له فعله نحو الشركة واذكر المحترزات والتفاصيل، واذكر الأدلة والتعليلات والخلاف والترجيح.

33- لكل من الشركاء أن يبيع ويشتري ويأخذ ويعطي ويرد بعيب إلخ س33: تكلم بوضوح حول ما لكل من الشركاء عمله وما يلحقه من ضمان، وما لا يجوز له فعله نحو الشركة واذكر المحترزات والتفاصيل، واذكر الأدلة والتعليلات والخلاف والترجيح. ج: لكل من الشركاء أن يبيع من مال الشركة ويشتري به مساومة ومرابحة ومواضعة وتولية وكَيْفَ ما رأى المصلحة؛ أنه عادة الشركاء وله أن يأخذ ثمنًا ومثمنًا ويعطي ثمنًا ومثمنًا، ويطالب بالدين ويخاصم فيه؛ لأن من ملك قبض شيء ملك الطلب به والمخاصمة فيه بدليل ما لو وكله في قبض دينه، ويُحيل ويحتال؛ لأن الحوالة عقدُ معاوضةٍ وهو يملكها ويردَّ بعيب للحظ فيما ولي هو أو شريكه شراءه، ولو رضي شريكه كما لو رضي بإهمال المال بلا عمل فلشريكه إجباره عليه، لأجل الربح ما لم يفسخ الشركة بخلاف أحد اثنين اشتريا معيبًا فرضي أحدهما بعيبه؛ فإن الآخر إنما يرد في نصيبه، والفرق أن كلا من الشريكين هنا محجور عليه لحظ شريكه؛ ولأن القصد هنا حصول الربح، ولكل من الشركاء أن يقر بالعيب فيما بيع من مالها؛ لأنه من متعلقاتها وله إعطاء أرشه وأن يحطَّ من ثمنه أو يؤخره للعيب، وأن يُقايل فيما باعه أو اشتراه؛ لأنه قد يكون فيها حظ وأن يؤجر ويستأجر مِن مالها لجريان المنافع مَجْرى الأعيان، وله أن يقبض أجرة المؤجرة، ويعطي أجرة المستأجرة، وأن يبيع نساء لمن يعرف ويتمكن من أخذ الثمن منه عند حلوله وأن يشتري معيبًا؛ لأن المقصود هنا الربح وله شائبة ملك فغلبت حتى صار كأنه متصرف لنفسه بخلاف الوكيل فهو نائب محض عن غيره فتوقف على إذن صريح في ذلك، وله أن يفعل كل ما فيه حظ للشركة

كحبس غريم، ولو أبى الشريك الآخر حبسه وله أن يودع مال الشركة لحاجة إلى الإيداع؛ لأنه عادة التجار، وله أن يرهن ويرتهن عند الحاجة؛ لأن الرهن يُراد للإيفاء، والارتهان يُراد للاستيفاء، وهو يملكهما فكذا ما يُراد لهما وله أن يسافر بالمال مع أمن الطريق والبلد فحيث كان الغالب السلامة فلا ضمان وحيث كان الغالب العطب، أو استواء الأمرين ضمن، ومثله ولي يتيم ومضارب فلهما أن يُسافرا بالمال مع الأمن لانصراف الإذن المُطلق إلى ما جرت به العادة وعادة التجار جارية بالتجارة سفرًا وحضرًا وإن لم يكن أمنًا لم يجز وضمن لتعديه، ومتى لم يعلم شريك سافر بالمال خوفَه لم يضمن أو لم يعلم ولي يتيم سافر بماله إلى محل مخُوفٍ خوفه أو باع شريك أو وليُ يتيم لمفلَّسٍ ولم يَعْلَمَا فَلَسَ مشتر ففات الثمن، لم يضمن أحدهما ما فات بسببه لعسر التحرز عنه ولغالب السلامة بخلاف شراء الشريك أو ولي اليتيم خمرًا للشركة أو لليتيم جاهلًا به فيضمن نصًا؛ لأنه لا يخفى غالبًا، وإن علم شريك أو ولي يتيم عقوبة سلطان ببلد بأخذ مالٍ فسافر فأخذ السلطان مال الشركة أو اليتيم ضَمن المسافر ما أخذ منه لتعريضه للآخذ. فلو لم يعلم إلا بعد سفره ولم يتمكن من الخروج من البلد الخوف فلا ضمان عليه، ولا يجوزو للشريك أن يكاتب قنا من الشركة؛ لأنه لم يأذن فيه شركيه والشركة تنعقد على التجارة، وليست منها ولا أن يزوجه لما ذكر؛ ولأن التزويج للعبد ضرر محض ولا أن يعتقه ولو لمال إلا بإذن؛ لأنه ليس من التجارة المقصودة بالشركة ولا أن يهب من مال الشركة إلا بإذن ولا أن يقرض أو يحابي في بيع أو شراء فيبيع بأنقص من ثمن المثل أو يشتري بأكثر منه؛ لأن الشركة انعقدت على التجارة بالمال وهذه ليست منها، ولا أن يضارب بالمال؛ لأن ذلك يُثبت بالمال حقوقًا ويستحق ربحه لغيره

ولا أن يشارك في مال الشركة ولا أن يخلط مال الشركة بماله ولا مال غيره؛ لأنه يتضمن إيجاب حقوق في المال، وليس هو من التجارة المأذون فيها، ولا أن يأخذ بمال الشركة سفتجه -بفتح السين وضمها وفتح التاء- فارسي معرب، والجمع: سفاتج، ويسميه التجار بولصة، وكلاهما ليس بعربي، وهي بأن يدفع الشريك من مال الشركة لإنسن على سبيل القرض مالًا، ويأخذ من المدفوع إليه كتابًا إلى وكيله ببلد آخر ليستوفي منه ما أخذه منه موكله، أو يعطي السفتجة بأن يشتري الشريك عرضًا للشركة ويعطي بثمنه كتابًا إلى وكيل المشتري ببلد آخر ليستوفي البائع منه الثمن؛ لأن فيه خطرًا لم يؤذن فيه، وقيل: يجوزو أخذها. قال في «الفروع» : وإلا صح ويجوز أخذ سفتجةٍ، قال في «الإنصاف» : قلت: وهو الصواب لأنه لا ضرر فيها إذا كان لمصلحة، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس وكذا إعطاء السفتجة إذا كان لمصلحة ولا ضرر فيها فيما أرى. والله سبحانه وتعالى أعلم. قال في «الاختيارات الفقهية» : ولو كتب ربّ المال للجابي أو للسمسار ورقة ليسلمها إلى الصيرفي المتسلم ماله، وأمره أن لا يسلمه حتى يقبض منه فخالف ضمن لتفريطه ويُصدق الصيرفي مع يمنيه، والورقة شاهدة له؛ لأنه العادة. اهـ. ولا للشريك أن يبضع من الشركة، والإبضاع: أن يدفع من مال الشركة إلى من يتجر فيه متبرعًا ويكون الربح كله للدافع وشريكه، وليس له أني ستدين على مال الشركة؛ لأنه يدخل فيها أكثر مما رضي الشريك بالمشاركة فيه فلم يجز، كما لو ضم إليها شيئًا من ماله والاستدانة بأن يشتري بأكثر من رأس المال أو يشتري بثمن ليس معه من جنسه؛ لأنه يدخل فيها أكثر مما رضي الشريك بالشركة فيه كما تقدم، إلا في النقدين بأن يشتري بفضة ومعه ذهب أوب ذهب ومعه فضة؛ لانه عادة التجار ولا يمكن الفرار

س34: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: ما استدان شريك بدون إذن شريكه، إذا أخر أحدهما حقه من دين، تقاسم الدين في الذمم الذي على كل من الشركاء توليه، إذا فعل ما عليه توليه بنائب بأجرة، ما جرت العادة أن يستنيب فيه، بذل خفارة وعشر على المال، الاشتراط في الشركة نوعان فما هي الأمثلة الموضحة لذلك؟ وإذا كان لأحدهما ضابط فاذكره، وإذا فسدت شركة العنان فما صفة تقسيم الربح؟ وما صفة توزيع الوضيعة؟ وماذا يلزم من تعدي من الشركاء؟ وهل يفرق بين العقد الفاسد والصحيح في الضمان وعدمه؟ وما الذي تبطل به الشركة، وإذا مات أحد الشريكين وله وارث أو مولى عليه أو كان الميت قد وصى بمال الشركة أو بعضه، فما الحكم؟ وما الفرق بين الباطل والفاسد في الفقه؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

منه إلا أن يأذن الشريكُ في كل ما تقدم من المسائل؛ فإن أذن في شيء منها جاز، ولو قال الشريك لشريكه: اعمل برأيك ورأى مصلحةً جاز له أن يعمل كل ما يقع في التجارة من الإبضاع والمضاربة بالمال والمشاركة بالمال والمزارعة ونحوها لدلالة الإذن عليه بخلاف التبرع والقرض والعتق ونحوها للقرينة. 34- مسائل تتعلق باستدانة الشريك وما يتولاها كل من الشركاء وبيان أقسام الشركة س34: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: ما استدان شريك بدون إذن شريكه، إذا أخر أحدهما حقه من دَين، تقاسم الدين في الذمم الذي على كل من الشركاء توليه، إذا فعل ما عليه توليه بنائب بأجرة، ما جرت العادة أن يستنيب فيه، بذل خفارة وعشر على المال، الاشتراط في الشركة نوعان فما هي الأمثلة الموضحة لذلك؟ وإذا كان لأحدهما ضابط فاذكره، وإذا فسدت شركة العنان فما صفة تقسيم الربح؟ وما صفة توزيع الوضيعة؟ وماذا يلزم من تعدَّي من الشركاء؟ وهل يفرق بين العقد الفاسد والصحيح في الضمان وعدمه؟ وما الذي تبطل به الشركة، وإذا مات أحد الشريكين وله وارث أو مُولى عليه أو كان الميت قد وصى بمال الشركة أو بعضه، فما الحكم؟ وما الفرق بين الباطل والفاسد في الفقه؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: ما استدان شريك بدون إذن شريكه باقتراض أو شراء أو بضاعة ضمها إلى مال الشركة أو بثمن نسيئة ليس عنده من جنسه غير النقدين فعلى المُستدين وحده المطالبة بما استدانه وربحه له؛ لأنه لم يقع للشركة،

وإن أخرَّ أحدُهما حقه من الدين الحال جاز لصحة انفراده بإسقاط حقه من الطلب به كالإبراء بخلاف حق الشريك، وقال أبو حنيفة: لا يجوز؛ ولكن القول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. وللذي أخر حقه من الدين مشاركة شريكه الذي لم يؤخر لاشتراكه بينهما، وإن تقاسما دينًا في ذمة شخص أو أكثر، لم يصح؛ لأن الذمم لا تتكافأ ولا تتعادل والقسمة تقتضيهما؛ لأنها بغير تعديل البيع وبيع الدين غير جائز؛ فإن تقاسما ثم هلك بعض الدين فالباقي بينهما والهالك عليهما، وقيل: يصح صححه في النظم، واختاره الشيخ تقي الدين، وقدمه في «الرعايتين» ، وبه قال الحسن وإسحاق؛ لأن الاختلاف لا يمنع القسمة كاختلاف الأعيان فعليها لا رجوع إذا أبرأ كل منهما صاحبه، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله سبحانه أعلم. ومحل الخلاف إذا كان في ذمتين فأكثر؛ وأما إن كان في ذمة واحدة فلا يصح قولًا واحدًا قاله في «المغني» و «الشرح» . وقال الشيخ تقي الدين –رحمه الله-: يجوز أيضًا، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. وعلى كل من الشركاء تولي ما جرت عادة بتوليته من نشر ثوب وطيه وختم وإحراز لمالها وقبض نقده لحمل إطلاق الإذن على العرف، ومقتضاه تولي مثل هذه الأمور بنفسه؛ فإن فعل ما عليه توليه بنائب بأجرة فهي عليه؛ لأنه بذلها عوضًا عما عليه، وما جرت عادة بأن يستنيب فيه، كالنداء على المتاع فله أن يستأجر من مال الشركة إنسانًا حتى شريكه لفعله إذا كان فعله مما لا يستحق أجرته إلا بعمل كنقل طعام ونحوه، ككيله وكاستئجار غرائر شريكه لنقله فيها أو داره ليحرز فيها، وليس للشريك فعل ما جرت العادة بعدم توليه بنفسه ليأخذ أجرته بلا استئجار صاحبه له؛ لأنه قد تبرع بما لا يلزم فلم يستحق شيئًا كالمرأة التي تستحق الاستخدام إذا خدمت المرأة نفسها، ويحرم على شريك في زرع فرك شيء من سنبله

يأكله بلا إذن شريكه. قال في «الفروع» : ويتوجه عكسه. اهـ. لأن ذلك شيء قليل معلوم فيه رضي الشريك غالبًا، وهذا هو القول الذي تميل إليه النفس. والله سبحانه أعلم. وللشريك بذل خفارة وعشر على المال فيحْتَسِبُهُ الشريك أو العامل على رب المال كنفقة العبد المشترك، وكذا ما يبذل لمحارب ونحوه، ولو من مال يتيم ولا ينفق أحدهما أكثر من الآخر بدون إذنه، والأحوط أن يتفقان على شيء من النفقة لكل منهما. قال الإمام أحمد: ما أنفق على المال المشترك، فعلى المال بالحصص كنفقة العبد المشترك. فائدة: إذا كان بينهما دَين مشترك بإرث أو إتلاف. قال الشيخ تقي الدين –رحمه الله-: أو ضريبة سبب استحقاقها واحد فللشريك الأخذ من الغريم، ومن القابض على الصحيح من المذهب؛ لأنهما سواء في الملك وعنه يختص به، وقاله جماعة منهم أبو العالية وابن سيرين، كما لو تلف المقبوض في يد قابضه تعين حقه فيه، ولم يرجع على الغريم، لعدم تعديه؛ لأنه قدر حقه مع أن الأصحاب ذكروا لو أخرجه القابض برهن أو قضاء دين فله أخذه من يده كمقبوض بعقد فاسد. قال في «الفروع» : فيتوجه منه تعديه في التي قبلها ويضمنه وهو وجه. واختاره الشيخ تقي الدين، ويتوجه من عدم تعديه صحة تصرفه في التفرقة نظر ظاهر. انتهى. والإشتراك في الشركة نوعان: نوع صحيح: كأن يشترط أحدهما على الآخر أن لا يتجر إلا في نوع كذا كالحرير والبز وثياب الكتاب ونحوها، سواء كان مما يعم وجوده في ذلك البلد أو لا، أو يشترط أن لا يتجر إلا في بلد بعينه كمكة ودمشق، أو أن لا يبيع إلا بنقد كذا كدراهم أو دنانير صفتها كذا، أو أن لا يشتري ولا يبيع إلا من فلان أو أن لا يسافر بالمال؛ لأن الشركة تصرف بإذن فصح تخصيصُهَا بالنوع والبلد والنقد والشخص

كالوكالة، وبهذا قال أبو حنيفة، وقال مالك والشافعي إذا شرط أن لا يشتري إلا من رجل بعينه أو سلعةٍ بعينها، أو ما لا يعم وجُوده كالياقوت الأحمر والخيل البلق، لم يصح؛ لأنه يفوت مقصود الشركة والمضاربة وهو التقلب وطلب الربح، فلم يصح، كما لو شرط أن لا يبيع ولا يشتري إلا من فلان، أو أن لا يبيع إلا بمثل ما اشترى به، والقول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس يؤيده حديث: «المسلمون على شروطهم إلا شرطًا حرَّم حلالًا، أو أحل حرامًا» رواه الترمذي وصححه. والله أعلم. والنوع الثاني فاسد، وهو قسمان: قسم مفسد للشركة: وهو ما يعود بجهالة الربح كشرط دراهم لزيد الأجنبي والباقي من الربح لهما أو اشتراط ربح ما يشتري من رقيق لأحدهما، وما يشتري من ثياب للآخر أو لأحدهما ربح، هذا الكيس وللآخر ربح الكيس الآخر فتفسد الشركة والمضاربة بذلك لإفضائه إلى جهل حق كل منهما من الربح أو إلى فواته؛ ولأن الجهالة تمنع من التسليم فتقضي إلى التنازع. وقسم فاسد غير مفسد للشركة: كاشتراط أحدهما على الآخر ضمان المال إن تلف بلا تعد ولا تفريط أو أن عليه من الخسارة أكثر من قدر ماله أو أن يعطيه برأس ماله أو ما يختار من السلع التي يشتريها أأن يرتفق بها كلبس ثوب أو استخدام عبد أو ركوب دابة أو يشترط ربّ المال على المال في المضاربة أن يضارب في مال آخر أو يأخذ بضاعة أو قرضًا أو أن يخدمه في كذا، أو أبدًا أو أن لا يبيع إلا برأس المال أو أقل أو أن لا يبيع إلا ممن اشترى منه أو يشترط على المضارب خدمة شهر أو سنة ونحوه، فهذه الشروط كلها فاسدة لتفويتها المقصود من عقد الشركة أو منع الفسخ الجائز بحكم الأصل والشركة والمضاربة صيحة كالشروط الفاسدة في البيع والنكاح ونحوهما.

وإذا فسدت الشركة بجهالة الربح أو غيرها قسم ربح شركة عنان وربح شركة وجوه على قدر المالين؛ لأنه نماؤها كما لو كان العمل من غير الشريكين وقسمٌ أجرٌ ما تقبَّله الشريكان من عَمَلٍ في شركة أبدانٍ عليهما بالسَّوية؛ لأنه استحق بالعمل وهو منهما، وقُسمت وضيعة على قدْر مالِ كل من الشركاء ورجع كل من الشريكين في شركة عنان وشركة وجوه وشركة أبدان بأجرة نصف عمله، لعمله في نصيب شريكه بعقد يبتغي به الفضل في ثاني الحال، فوجب أن يقابل العمل فيه عوضًا كالمضاربة، فإذا كان عمل أحدهما مثلًا يساوي عشرة دراهم والآخر خمسة تقاصا بدرهمين ونصف، ورجع ذو العشرة بدرهمين ونصف، ويرجع كل من ثلاثة شركاء على شريكيه بأجرة ثلثي عمله، وعنه إن فسدت بغير جهالة، وقيل: إن فسد بغير جهالة الربح وجب المسمى. وذكره الشيخ تقي الدين –رحمه الله تعالى- ظاهر المذهب، وأوجب الشيخ تقي الدين في الفاسد نصيب لمثل فيجب من الربح جزء جرت العادة في مثله، وأنه قياس مذهب أحمد؛ لأنها عنده مشاركة لا من باب الإجارة. اهـ. ومن تعدى من الشركاء مخالفة أو إتلاف صار ضامنًا لما بيده من المال صحت الشركة أو فسدت لتصرفه في ملك غيره بما لم يأذن فيه كالغاصب وَربْحُ مال تُعُدِّي فيه لربه؛ لأنه نماء مال تصرف فيه غير مالكه بغير إذنه فكان لمالكه كما لو غصب حنطة وزرعها. والخلاصة: أنه إذا تعدى العامل ما أمر به رب المال بأن فعل ما ليس له فعله، واشترى شيئًا نهى عنه ثم ظهر ربح، ففيه ثلاث روايات: إحداها: له أجرة مثله؛ لأنه عمل ما يستحق به العوض ولم يسلم له المسمى، فكان له أجرة مثله كالمضاربة الفاسدة، والثانية: لا شيء له والربح كله للمالك؛ لأنه عقدَ عقدًا لم يؤذن له فيه، فلم يكن له شيء كالغاصب وهذه هي المذهب

وعنه يتصدقان بالربح؛ لأنه ربح ما لم يضمن، وهو منهى عنه فيتصدق به. قال ناظم المفردات: وإن تعدى عام لما أمِرَا ... به الشريك ثم ربح ظهرا فأجرة المثل له وعنه لا ... والربح للمالك نصًا نقلًا وعنه بل صدقة ذا يحسن ... لأن ذاك ربح ما لا يضمن وعقد فاسد في كل أمانة وتبرع كمضاربة وشركة ووكالة ووديعة ورهن وهبة وصدقة وهدية ووقف ونحوها، كعقد صحيح في ضمان وعدمه، فلا يضمن منهما ما لا يضمن في العقد الصحيح لدخولهما على ذلك بحكم العقد، وإنما ضمن قابض الزكاة إذا كان غير أهل لقبضها ما قبضه؛ لأنه لم يملكه به وهو مفرط بقبض ما لا يجوز له قبضه فهو من القبض الباطل لا الفاسد، وكل عقد لازم أو جائز يجب الضمان في صحيحه يجب في فاسده كبيع وإجارة ونكاح ونحوهما كقرض. قال في «شرح المنتهى» : والحاصل أن الصحيح من العقود إن أوجب الضمان ففاسده كذلك، وإن كان لا يوجبه فكذلك فاسده، وليس المراد أن كل حال ضمن فيها في الصحيح ضمن فيها في الفاسد؛ فإن البيع الصحيح لا تضمن فيه المنفعة، بل العين بالثمن والمقبوض ببيع فاسد يجب ضمان الأجرة فيه، والإجارة الصحيحة تجب فيها الأجرة بتسليم العين المعقود عليها انتفع المستأجر أو لم ينتفع، وفي الإجارة الفاسدة روايتان، والنكاح الصحيح يستقر فيه المهر بالخلوة دون الفاسد. قال الشيخ تقي الدين: الربح الحاصل من مال لم يأذن مالكه في التجارة فيه، قيل للمالك، وقيل للعامل، وقيل يتصدقان به، وقيل بينهما على قدر النفعين بحسب معرفة أهل الخبرة، قال: وهو أصحها إلا أن يتجر به على غير وجه العدوان، مثل أن يعتقد أنه مال نفسه فيبين مال غيره، فهنا

يقتسمان الربح بلا ريب إنصاف؛ وأما الفرق بين الباطل والفاسد، فقال في «شرح مختصر التحرير» لصاحب «المنتهى» : وفرق أصحابنا وأصحاب الشافعي بين الباطل والفاسد في الفقه في مسائل كثيرة، قال في «شرح التحرير» : قلت: غالب المسائل التي حكموا عليها بالفساد إذا كانت مختلفًا فيها بين العلماء والتي حكموا عليها بالبطلان. إذا كانت مجمعًا عليها إذ الخلاف فيها شاذ ثم وجدت بعض أصحابنا، قال: الفاسد من النكاح ما يسوغ فيه الاجتهاد، والباطل ما كان مجمعًا على بطلانه. انتهى. وقال في «الغاية» : ويتجه المراد بالفاسد ما اختل شرطه، والباطل ما اختل ركنه، والصحيح ما توافر فيه فالعقد مع نحو صغير باطل فيضمن آخذ منه. انتهى. وتبطل الشركة بموت أحد الشريكين وبجنونه المطبق وبالحجر عليه لفلس أو سفه أو فيما حجر عليه فيه وبالفسخ من أحدهما وسائر ما يبطل الوكالة؛ فإن عزل أحدهما صاحبه انعزل المعزول ولو لم يعلم كالوكيل ولم يكن له أن يتصرف إلا في قدر نصيبه من المال؛ فإن تصرف في أكثر ضمن الزائد وللعازل التصرف في جميع مال الشركة؛ لأنها باقية في حقه؛ لأن شريكه لم يعزله بخلاف ما إذا فسخ أحدهما الشركة فلا يتصرف كل إلا في قدر ماله هذا إذا نض المال بأن صار مثل حاله وقت العقد عليه دنانير أو دراهم، وإن كان المال عرضًا لم ينعزل أحدهما بعزل شريكه له، وله التصرف بغير ما ينض به المال؛ أنه معزول ولا حاجة تدعو إلى ذلك بخلاف التنضيض، قال في «شرح الإقناع» : وظاهر كلام أحمد والمذهب أنه ينعزل مطلقًا وإن كان عوضًا ورد قياسه على المضارب بأن الشركة وكالة، والربح يدخل ضمنًا، وحق المضارب أصلي. اهـ.

وإذا مات أحد الشريكين وله وارث رشيد، فللوارث أن يقيم على الشركة ويأذن له الشريك في التصرف، ويأذن هو لشريكه فيه، وبقاؤه على الشركة إتمام الشركة وليس بابتدائها، فلا تعتبر شروط الشركة من حضور المال وكونه نقدًا مضروبًا وبيان الربح ونحوها مما تقدم، وللوارث مطالبة الشريك بالقسمة لمال الشركة؛ فإن كان الوارث مولى عليه لكونه محجورًا عليه قام وليه مقامه في إبقاء الشركة والمقاسمة، ولا يفعل المولي إلا ما فيه مصلحة للمولى عليه كسائر التصرفات؛ فإن كان الميت قد وصى بمال الشركة أو ببعضه لمعين، فالموصى له إذا قبل كالوارث فيما ذكر لانتقال الملك إليه، وإن كان لغير معين كالفقراء لم يجز للوصي الإذن في التصرف، ووجب دفع المال الموصى به إلى الموصي لهم ويعزل الوصي نصيب الميت ويفرقه على الموصي لهم عملًا بالوصية؛ فإن كان على الميت تعلق الدين بتركته فليس للوارث إمضاء الشركة حتى يقضي دينه؛ فإن قضاه الوارث من غير مال الشركة فله إتمام الشركة، وإن قضه منه بطلت الشركة في قدر ما مضى. من النظم فيما يتعلق بالشركة ومَن صَحَّ منه البيعُ صَحَّ اشتراكه وبالإذن من والٍ له الإذن فاعقد من شرطها تعيين ما أشركا به وإحضاره كيما يسوغ لمقصد وأربعة أنواع جائز شركة عنان بأبدان ومالٍ منقد ولو باختلاف القدر والجنس وأكره

اشترك كفور أو فجور ومهتد وأن يتفرد بالتصرف مُتَّق فليس بمكروه بغير تردد وصحح بعرض الاشتراك وعنه وفي الغش مع جار الفلوس تردد وبينهم ما يشتري كل واحد كذاك من العرض المشارك فامهد وكل له في العرض قيمة عرضه وكالنافق المغشوش والأفلس اعدد ومن قال هذا لي شريت وذا لنا ولم يشر من مال اشتراه يقلد ومن بعد عقد ذا نوى فهو بينهم ولو قيل خلط المال غير مقيد ولكن بقدر المال قدر وضيعة وقسمتهم ربحًا على شرط ابتدي إن شرطوا أن يعمل الكل واحد ويأخذ أو في من نما ماله طد ويملك كل الفعل كل وسيلة إلى الربح مع فعل التجار المعودِ وقول الشريك اعمل برأيك فليبح له كل فعل للتجار ممهد سوى قرض شيء أو حطيطته أو التبرع أو عتق الرقيق المعبد ولو مع شرط المال في عتقه أو تزوج رقيقًا أو مكاتبه تعتد ولا يَأْخذن بالمال سفتجة ولا يبايع ويعطيها للإيفاء يصدد وفي مشتر شيئًا بما ليس جنسه لديه سوى النقدين وجهين أسند والإيضاع في الأولى وإيداعه أجز وفي سفر بالمال مع ظن أجود وبيع النَّسَا والارتهان كذا والإقالة في الأقوى لا الإذن جود ولا تخلطن مال اشتراك بغيره وإما يشارك أو يضارب اردد وقيل إن يضارب كلما شرطوا له وأدنى يجز مثل الوكيل بما ابتدي وأن يستدن من غير إذن عليهما يخص به غنمًا وغُرمًا بأوطد كذاك شرًا ما لم تجوزه مطلقًا له اجعله والأثمان من ماله قد ومن ثمن إن يبرأ أو ينسه امرؤُ أو إن خيار جاز في حقه قد وإقراره جوز في الأولى عليهما وقسمتهم دينًا يجوز بأوكدِ وكل وكيل فالذي فوق حقه بعزل وفسخ العقد كل ليصدد ويلزم كل الفعل كل معود فإن يكتري فالأجر من ماله قد وما لم يكن من عادة المن فعله فمن ماله أجر المباشر أورد فإن باشر الفعل الشريك بنفسه ليأخذَ أجرًا لم يجز في المسندِ وما منع أو جوزت أو ألزموه للشريك به احكم في المضارب ترشد فصل في الشروط الفاسدة ومع جهل رأس المال أوْ لِتَعيُّبٍ فليس صَحِيحًِا ذا بغير تردد ولابد من تعيين ربح لكلهم فإن أهملوه حالة العقد يفسدِ كذا شرط مجهول لهم أو لغيرهم وشرط نما عرض ونقد مقيدِ وأما يقولا بيننا الربع سَوِّيا ومن ضاربْ أو سَاقيْ كذا زارعْ اعْدُدِ في الشروط الفاسدة التي لا تعود بجهالة الربح وشرط لزوم العقد يا صاح مطلقًا وحملك نقصًا فوق مالك أفسدِ وشرط ضمان المال أو أن يخصه بما شاء أو نفع به كُلًا اردد وشرط اشتراط القوم في كل ثابت لهم وعليهم كل ذا الغ تهتد كذا كل شرط فاسد غير عائد بإبهام ربح الغ والعقد وطد وينقل عنه كالعيوب فساده فيعطي لرب المال ربح المعددِ وللعامل ابذل مطلقًا أجر مثله وربح عنان والوجوه لينقد

على حَسَبِ الملكيْن أولى وعنه بل كما شرطا إذ قد ترضوا بما ابتدى وكل له أجر على قدر فعله في الأولى وعنه امْنَعْهُ إذ لم يقصد وقال أبو يعلى كذا في فساده بإبهام ربح والمسمى ليورد بإفساده مع غير مجهول ربحهم وفي الفاسدات احكم كغير المفسدِ وفي شركة الأبدان تَفْسُد اقسم المحصل بين الجمع غير مزيد وتعيين نوع أو مكان ومشتر ونقد اجز شرطًا فمن يَعصِ يردد فإن أطلقوا فأطلق له فعل ما يرى أحظا وإسفارًا سليم التعودِ 35- المضاربة وما يتعلق بها س35: ما هي المضاربة؟ وضحها وما يتعلق بها من أمثلة ومحترزات وأسمائها في تنقلاتها، وهل يعتبر لها قبض أو قول؟ وهل تصح من المريض وإذا سمى للعامل أكثر من أجر مثله وفيه غرماء، فما الحكم؟ وما صفة الإبضاع؟ وإذا قال: اتجر به وربحه لك أو ربحه بيننا، أو قال: خذه مضاربة ولك ربحه أو ولي ربحه، فما الحكم؟ وإذا قال: وليس ثلث الربح أو لك ثلث الربح؟ وضح حكم ذلك مع ذكر ما يدور حول ذلك من أمثلة وأدلة وتعليلات وخلاف وترجيح.

ج: الثاني المضاربة من الضرب في الأرض بطلب الرزق. قال تعالى: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ} قال الأزهري: وعلى قياس هذا المعنى، يقال للعامل ضارب؛ لأنه هو الذي يضرب في الأرض، قال: وجائز أن يكون كل واحد من رب المال، ومن العامل يسمى مضاربًا؛ لأن كل واحد منهما يضارب صاحبه، وكذلك المقارض. اهـ. ومن ضرب كل منهما بسهم في الربح، وهذه تسمية أهل العراق وأهل الحجاز يسمونها قراضًا من قرض الفأر الثوب، أي قطعه، كأن رب المال اقتطع للعامل قطعة من ماله وسلمها له واقتطع له قطعة من ربحها أو من المقارضة بمعنى الموازنة ويُقال: تقارض الشاعران إذا توازنا، وحكى ابن المنذر الإجماع على جوازها، وحكي عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وحكيم بن حزام، ولم يعرف لهم مخالف ولحاجة الناس إليها. وهي شرعًا: دفع مال، وما في معنى الدفع كوديعة وعارية وغصب، إذا قال ربها لمن هي بيده ضارب بها على كذا مُعيّن، فلا يصح ضارب بإحدى هذين الكيسين تساوي ما فيهما أو اختلف علمًا ما فيهما أو جهلاه؛ لأنها عقد تمنع صحته الجهالة، فلم تجز على غير معين كالبيع معلم قدره، فلا تصح بصبرة دراهم أو دنانير إذ لابد من الرجوع إلى رأس المال عند الفسخ ليعلم الربح ولا يمكن مع الجهل، لمَنْ يتجر فيه بجزء معلوم من ربحه كنصفه أو عشرة للمتجر فيه أو لقنّه؛ لأن المشروط لرقيقه لسيده فلو جعلاه بينهما أو بين عبد أحدهما أثلاثًا كان لصاحب العبد الثلثان، وللآخر الثلث وإن كان العبد مشتركًا بينهما نصفين فكما لو لم يذكر العبد والربح بينهما نصفين أو شرط الجزء للعامل ولأجنبي مع عمل من الأجنبي بأن يقول: اعمل في هذا المال بثلث الربح لك، ولزيد على أن يعمل معك؛ لأنه في قوة قوله: اعملا في هذا المال بالثلث؛ فإن لم يشترط عملًا من الأجنبي لم تح

المضاربة؛ لأنه شرط فاسد يعود إلى الربح كشرط دراهم. وتسمى المضاربة قراضًا ومعاملة من العمل، وهي أمانة ووكالة بالإذن بالتصرف؛ فإن ربح المال بالعمل فشركة لصيرورتهما شريكين في ربح المال. قال ابن القيم في «الهدي» : المضارب أمين وأجير، ووكيل وشريك فأمين إذا قبض المال، ووكيل إذا تصرف فيه، وأجير فيما يباشره من العمل بنفسه وشريك إذا ظهر فيه ربح، وإن فسدت المضاربة فكالإجارة الفاسدة؛ لأن الربح كله لرب المال، وللعامل أجرة مثله وإن تعدى العامل في المال بأن فعل ما ليس له فعله فكغصب في الضمان لتعديه ويرد المال وربحه ولا أجرة له. قال في «الرعاية الكبرى» : وإن تعدى المضارب الشرط أو فعل ما ليس له فعله أو ترك ما يلزمه ضمن المال ولا أجرة وربحه لربه. اهـ. ولا يعتبر لمضاربة قبض عامل رأس المال، فتصح، وإن كان بيد ربه، وتنعقد بما يؤدي معنى المضاربة والقراض من كل قول دل عليها؛ لأن المقصود المعنى فجاز بكل ما يدل عليه وتكفي مباشرة العامل للعمل، ويكون قبولًا لها كالوكالة، وتصح المضاربة من مريض مرض الموت المخوف؛ لأنها عقد يبتغي به الفضل أشبه البيع والشراء، ولو سمي فيها لعامله أكثر من أجر مثله فيستحقه ويقدم به على الغرماء؛ لأنه غير مستحق من مال رب المال، وإنما حصل بعمل المضارب في المال فما حصل من الربح المشروط يحدث على ملك العامل بخلاف ما لو حابى أجيرًا في الأجر؛ فإن الأجر يؤخذ من ماله أو ساقي أو زارع محاباة فتعتبر من ثلثه لخروج المشروط فيهما ن عين ملكه بخلاف الربح في المضاربة؛ فإنه إنما حصل بالعمل، وقول رب مال لآخر: اتجر به وكل ربحه لي إبضاع؛ لأنه قرن به حكم الإبضاع فانصرف إليه لا حق للعامل فيه؛ لأنه ليس بمضاربة ولا أجرة له، وإن قال مع ذلك: وعليك ضمانه، لم

يضمنه؛ لأنه شرط ينافي مقتضى العقد وقول رب المال اتجر به وكل الربح لك قرض لا مضاربة؛ لأنه قرن به حكم القرض فانصرف إليه؛ فإن قال: معه ولا ضمان عليك، لم ينتف كما لو صرح به، ولا حق لربه وهو الدافع في الربح. وإن قال: اتجر به والربح بيننا صح مضاربة، ويستويان في الربح لإضافته إليهما واحدة ولم يترجح به أحدهما، وإن قال: اتجر به ولي ثلث الربح يصح، وباقيه للآخر، أو قال: اتجر به ولك ثلث الربح يصح مضاربة، وباقي الربح للآخر الذي لم يسمي له؛ لأن الربح لا يستحقه غيرهما، فإذا قدر نصيب أحدهما عنه فالباقي للآخر بمفهوم اللفظ؛ لقوله تعالى: {فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} فلما لم يذكر نصيب الأب علم أن الباقي وهو ثلثي الميراث له، وكذا لو وصى بمائة لزيد وعمرو، وقال لزيد: منها ثلاثون، فالباقي لعمرو، وإذا قال: اتجر به ولك نصف الربح ولي ثلثه، وسكت عن السدس، صح، وهو لربِّ المال، وإذا قال: خذه مضاربة على الثلث أو الربع أو بالثلث ونحوه صح والمقدر للعامل ويستحق بالعمل وهو يكثر ويقل، وإنما تتقدر حصته بالشرط وإن أتى مع الثلث ونحوه بربع عشر الباقي بأن قال: اتجر به ولك الثلث وربع عشر الباقي من الربح ونحوه، صح، واستخرج بالحساب وطريقه أن تلقى بسط الثلث وهو واحد يبقى اثنان وربع العشر مخرجه أربعون فتنظر بين الباقي بعد البسط وهو اثنان، وبين الأربعين يوافق في «الإنصاف» فتضرب الثلاثة في نصف الأربعين تبلغ ستين وتأخذ ثلثها عشرين وربع عشر الباقي وهو واحد يبلغ إحدى وعشرين ونحوه، كاتجر به على الربع وخمس ثمن الباقي، صح؛ لأن جهالته تزول بالحساب، وإن قال: خذه مضاربة ولك ثلث الربح وثلث ما بقي فللعامل خمسة أتساع الربح؛ لأن مخرج الثلث وثلث الباقي تسعة وثلثها ما بقي اثنان ونسبتها إلى التسعة

ما ذكر، وإن قال ربّ المال: خذه مضاربة ولك ثلث الربح وربع ما بقي فله النصف؛ لأن مخرج الثلث وربع الباقي ستة وثلثها اثنان وربع الباقي واحد والثلاثة نصف السّتة، وإن قال رب المال: خذه مضاربة ولك الربع وربع ما بقي فله ثلاثة أثمان ونصف ثمن؛ لأن مخرج الربع وربع الباقي من ستة عشر. وربعها أربعة وربع الباقي ثلاثة والسبعة نسبتها إلى السَتَة عشر ما ذكر سواء عرفا الحساب أو جهلاه؛ لأن إزالته ممكنة بالرجوع إلى غيرهما ممن يعرف بالحساب، وإن قال: خذه مضاربة، ولك جزء من ربحه أو شركة في الربح أو شيء من الربح، أو نصيب من الربح، أو حظ من الربح لم يصح؛ لأنه مجهول، والمضاربة لا تصح إلا على قدر معلوم.

س36: إذا اختلف لمن الجزء المشروط فلمن يكون، وما الذي تتفق فيه المضاربة وشركة العنان، وإذا قال رب المال للعامل: اعمل برأيك أو بما أراك الله تعالى أو فسدت المضاربة أو وقتت أو علقت، أو قال: ضارب بدين عليك، أو الذي على زيد، أو قال: ضارب بوديعة لي عند زيد أو عندك، أو قال ضارب بغضب لي عند زيد أو عندك أو بثمن عرض أو عمل مع مالك والربح بينهما أو شرط العامل في مضاربة أو مزارعة أو مساقاة عمل مالك أو غلامه أو عمل بهيمة أو اشترى عامل لاثنين برأس مال كل واحد أمة أو نحوها أو اتفق رب المال والمضارب على أن الربح بينهما والوضيعة، فما الحكم؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تفصيل أو خلاف أو ترجيح.

36- مسائل حول الاختلاف في الجزء المشروط وما تتفق فيه المضاربة وشركة العنان وتوقيت المضاربة وتعليقها والمضاربة بالدين وما إلى ذلك س36: إذا اختلِفَ لِمَنْ الجزء المشروط فلِمَنْ يكون، وما الذي تتفق فيه المضاربة وشركة العنان، وإذا قال رب المال للعامل: اعمل برأيك أو بما أراك الله تعالى أو فسدت المضاربة أو وقتت أو علقت، أو قال: ضارب بدين عليك، أو الذي على زيد، أو قال: ضارب بوديعة لي عند زيد أو عندك، أو قال ضارب بغضبِ لِي عند زيد أو عندكَ أو بثمن عرض أو عمل مع مالك والربحُ بينهما أو شرط العاملُ في مضاربة أو مزارعة أو مساقاة عَمَل مالك أو غلامِهِ أو عمل بهيمة أو اشترى عامل لاثنين برأس مال كل واحد أمة أو نحوها أو اتفق ربّ المال والمضارب على أن الربح بينهما والوضيعة، فما الحكم؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تفصيل أو خلاف أو ترجيح. ج: إذا اختلفا في المضارب لمن الجزء المشروط فهو للعامل أو اختلفا في مساقاة أو في مزارعة لمن الجزء المشروط، فهو للعامل؛ لأن ربّ المال يستحق الربح بماله؛ لأنه نماؤه وفرعه والعامل يستحقه بالشروط ومحله إذا لم يكن للمالك بينة، فلو أقاما بينتين قدمت بينة عامل؛ لأنها خارجة وبينة المالك داخلة؛ لأن رب المال واضع يده على المال حكمًا وإن لم يكن واضعًا لها حسًا، وقيل: إذا اختلفا لمن الجزء المشروط أن يرجع إلى العادة والعرف في الشركة والمساقاة والمزارعة، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. ومضاربة فيما لعامل أن يفعله من بيع وشراء وأخذ وإعطاء ورد بعيب وبيع نساء وبعرض وشراء معيب وإيداع لحاجة ونحوه مما تقدم أو لا يفعله

كعتق وكتابة وقرض ونحوه وفيما يلزمه فعله من نشر وطبي لثوب وختم وحرز ونحوه، وفي شروط صحيحة ومفسدة وفاسدة كشركة عنان على ما سبق تفصيله لاشتراكهما في التصرف بالإذن، وإن قال رب المال لعامل: اعمل برأيك أو بما أراك الله، والعامل مضارب بالنصف فدفع المال لعامل آخر ليعمل به بالربع من ربحه صح، وعمل به؛ لأنه قد يرى دفعه إلى أبصر منه، وإن قال: أذنتك في دفعه مضاربة صح، والمقول له وكيل لرب المال في ذلك؛ فإن دفعه لآخر ولم يشترط لنفسه شيئًا من الربح صح العقد، وإن شرط لنفسه من شيئًا لم يصح؛ لأنه ليس من جهته مال ولا عمل والربح إنما يستحق بواحد منهما، وملك العامل إذا قيل له: اعمل برأيك أو بما أراك الله الزراعة؛ لأنها من الوجوه التي يبتغي بها النماء؛ فإن تلف المال في الزراعة لم يضمنه، ولا يملك من قيل له ذلك التبرع والقرض والمكاتبة للرقيق وعتقه بمال وتزويجه إلا بإذن صريح فيه؛ لأنه مما ينبغي به التجارة وإن فسدت المضاربة فللعامل أجرةُ مثلهِ ولو خسر المالُ والتسميةُ فاسدةٌ؛ لأنها من توابع المضاربة، وحيث فاته المُسمى وجب ردُّ عمله؛ لأنه لم يعمل إلا ليأخذ عوضه وذلك متعذر فتجب قيمته وهي أجرة مثله كالبيع الفاسد إذا تقابضاه وتلف أحد العوضين. وقيل: إن فسدت يتصدقان بالربح، وقيل له: الأقل من أجرة المثل أو ما شرطه له من الربح، واختار الشريف أبو جعفر أن الربح بينهما على ما شرطاه كما في شركة العنان إنصاف. وقال الشيخ تقي الدين: له نصيب المثل إذا فسدت المضاربة، وهو الموافق للقواعد الشرعية، وهو الذي تميل إليه النفس. والله سبحانه أعلم. ولو قال رب المال: خذه مضاربة والربح كله لي فلا شيء للعامل لتبرعه بعمله أشبه ما لو أعانه أو توكل له بلا جعل، ويصح توقيت المضاربة بأن يقول رب المال: ضاربتك على هذه الدراهم أو الدنانير سنة، فإذا مضت فلا تبع ولا تشتر؛ لأنه تصرف يتوقت بنوع

من المتاع فجاز توقيته بالزمان كالوكالة، ولو قال رب المال: ضارب بهذا المال شهرًا ومتى مضى الأجل فمال المضاربة قرض، صح ذلك؛ فإن مضى الأجل والمال ناض صار المال قرضًا، وإن مضى الأجل وهو متاع فعلى العامل تنضيضه، فإذا باعه ونضضه صار قرضًا؛ لأنه قد يكون لرب المال فيه غرض، وإن قال رب عرض: بع هذا العرض وضارب بثمنه صح، أو قال رب وديعة: اقبض وديعتي من زيد أو منك وضارب بها، أو قال رب دين: اقبض ديني من فلان وضارب به، صح؛ لأنه وكله في قبضه الدين أو الوديعة وعلق المضاربة على القبض وتعليقها صحيح، وإن قال: ضارب بديني الذي عليك فللعلماء فيها قولان: أحدهما: لا يصح؛ لأن الدين في الذمة ملك لمن هو عليه ولا يملكه رب إلا بقبضه ولم يوجد، وهذا المذهب وهو قول أكثر أهل العلم منهم مالك والشافعي وأصحاب الرأي. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أنه لا يجوز أن يجعل الرجل دينًا له على رجُل مضاربة. والقول الثاني: يصح؛ لأنه إذا اشترى شيئًا للمضاربة فقد اشتراه بإذن رب المال ودفع الثمن إلى من أذن له في دفع ثمنه إليه فتبرأ ذمته منه ويصير كما لو دفع إليه عرضًا، وقال: بعه وضارب بثمنه، وقال ابن القيم في «إعلام الموقعين» : في المضاربة بالدين قولان في مذهب أحمد، أحدهما: الجواز وهو الراجح في الدليل وليس في الأدلة الشرعية ما يمنع جواز ذلك ولا يقتضي تجويزه مخالفة قاعدة من قواعد الشرع ولا وقوعًا في محظور من ربا ولا قمار ولا بيع غرر ولا مفسدة في ذلك بوجه ما فلا يليق بمحاسن الشريعة المنع منه وتجويزه من محاسنها ومقتضاها، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله سبحانه أعلم. ومن دفع مالًا لاثنين مضاربة في عقد واحد أو عقدين وجعل الدافع الربح بينهما نصفين صح قليلًا كان أو كثيرًا، وإن قال رب المال لكما كذا وكذا كالنصف

أو الثلث من الربح، ولم يبين كيف هو أي كيفية قسمه بينهما من تساوٍ أو تفاضل، فالجزء المشروط بينهما نصفين؛ لأن مطلق الإضافة يقتضي التسوية وإن شرط رب المال لأحد العاملين ثلث الربح وشرط للآخر ربع الربح، والباقي لرب المال جاز ذلك، وكان الربح على ما شرطوا؛ لأن الحق لا يعدوهم فجاز ما تراضوا عليه، وإن قارض اثنان واحدًا بألف لهما جاز، كما لو قارضه كل واحد منهما منفردًا بخمسمائة؛ فإن شرط للعامل في مالهما ربحًا متساويًا منهما بأن شرط أحدهما له النصف وشرط الآخر له الثلث، جاز كما لو انفرد كل منهما بعقده؛ لأن العقد يتعدد بتعدد العاقد ويكون باقي ربح مال كل واحد منهما لصاحب ذلك المال؛ لأنه نماء ماله، وتصح مضاربة إذا قال ضارب بغصب: لي عندك أو عند زيد مع علمهما قدره؛ لأنه مال يصح بيعه من غاصبه وقادر على أخذه منه فأشبه الوديعة، وكذا بعارية ويزول الضمان عن الغاصب والمستعير بمجرد عقد المضاربة؛ لأنه صار ممسكًا له بإذن ربه لا يختص بنفعه، ولم يتعد فيه أشبه ما لو قبضه مالكه، ثم أقبضه له؛ فإن تلفا فكما تقدم كما تصح المضاربة بثمن عرض باعه بإذن مالكه ثم ضاربه على ثمنه، ومن عمل مع مالك نقد أو شجر أو أرض وحب في تنمية ذلك بأن عاقده على أن يعمل معه فيه والربح في المضاربة أو الثمر في المساقاة أو الزرع في المزارعة بينهما أنصافًا أو أثلاثًا ونحوه صح ذلك، وكان مضاربة في مسألة النقد نصًا؛ لأن العمل أحد ركني المضاربة فجاز أن يكون من أحدهما مع وجود الأمرين من الآخر، وكان في مسألة الشجر مساقاة، وفي مسألة الحب والأرض مزارعة قياسًا على المضاربة، وإن شرط العامل في المضاربة والمساقاة والمزارعة عَمَل مالكٍ أو عمل رقيقه معه بأن شرط أن يُعينه على العمل، صح كشرط عمل بهيمةٍ بأن يحمل عليها أو سيارة ينقل عليها ونحوه،

ويجوز دفع مضاربة لاثنين فأكثر في عقد واحد وما شرط من الربح في نظير العمل، فعلى عددهم مع الإطلاق وإن فوضا بينهم فيه جاز، ولو أخذ عامل من رجل مائة قراضًا ثم أخذ من آخر مثلها، واشترى العامل الذي أخذ ما لإثنين برأس مال كل واحد من الإثنين وهو المائة في المثال أمة أو نحوها، كعبدين أو فرسين، واشتبه الأمتان أو العبدان أو الفرسان ونحوهما، ولم يتميزا، فقال الموفق في «المغني» : يصطلحان عليهما كما لو كانت لرجل حنطة فانهالت عليها أخرى، وقال القاضي: في ذلك وجهان، أحدهما: يكونان شريكين فيهما كما لو اشتركا في عقد البيع فتباعان ويقسم الثمن بينهما؛ فإن كان فيهما ربح دفع إلى العامل حصته، والباقي بينهما نصفين، والثاني يضمن العامل رأس مال كل من المالكين وتصير الأمتان للعامل والربح له والخسران عليه. قال في «المغني» : والأول أولى، يريد ما قدمه المصنف؛ لأن كل واحد منهما ثابت ملكه في أحد العبدين فلا يزول الاشتباه عن جميعه ولا عن بعضه بغير رضاه، كما لو لم يكونا في يد المضارب؛ ولأننا لو جعلناهما للمضارب أدى إلى أن يكون تفريطه سببًا بالربح وحرمان المتعدى عليه، وعكس ذلك أولى، وجعلاهما شريكين أدى إلى أن يأخذ أحدهما ربح مال الآخر بغير رضاه وليس فيه مال ولا عمل. انتهى. وإذا اتفق رب المال والمضارب على أن الربح بينهما والوضيعة عليهما، كان الربح بينهما والوضيعة على المال؛ لأنه متى شرط على المضارب ضمان المال أو سهمًا من الوضيعة فالشرط باطل والعقد صحيح، نص عليه أحمد؛ لأنه شرط لا يؤثر في جهالته الربح فلم يفسد به العقد، كما لو شرط لزوم المضاربة.

س37: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: شراء العامل من يعتق على رب المال، ما يترتب على ذلك: إذا اشترى عامل زوج أو بعض زوج أو بعض زوجة لمن له في المالك ملك؟ ما يترتب على ذلك: إذا اشترى عامل المضاربة من يعتق على المضارب، شراء العامل من مال المضاربة؟ أخذ العامل مضاربة لآخر، ما يترتب على ذلك؟ شراء رب المال من مال المضاربة لنفسه، شراء شريك نصيب شريكه؟ شراء الجميع، نفقة المضارب إذا أطلقت وإذا شرطت وإذا لم تشرط؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والخلاف والترجيح.

37- شراء العامل وما يترتب عليه وما يتعلق بذلك من نفقة س37: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: شراء العامل مَن يعتق على رب المال، ما يترتب على ذلك: إذا اشترى عامل زوج أو بعض زوج أو بعض زوجة لمن له في المالك ملك؟ ما يترتب على ذلك: إذا اشترى عامل المضاربة من يعتق على المضارب، شراء العامل من مال المضاربة؟ أخذ العامل مضاربة لآخر، ما يترتب على ذلك؟ شراء ربّ المال من مال المضاربة لنفسه، شراء شريك نصيب شريكه؟ شراء الجميع، نفقة المضَارب إذا أطلقت وإذا شرطت وإذا لم تشرط؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والخلاف والترجيح. ج: ليس لعامل شراء من يعتق على رب المال بغير إذنه؛ لأ فيه ضررًا ولا حظ للتجارة إذ هي معقود للربح حقيقة أو مظنة، وهما منتفيان هنا سواء كان يعتق على رب المال برحم كابنه ونحوه أو قول كتعليق ربّ المال صح الشراء؛ لأنه مال متقوم قابل للعقود، فصح شراؤه كغيره وعتق على ربّ المال لتعلق حقوق العقد به وضمن العامل ثمنه الذي اشتراه به لمخالفته وإن لم يعلم أنه يعتق على رب المال؛ لأنه إتلاف. قال ناظم المفردات: إذا اشترى مضارب مَن يَعْتُقُ على الشريك صَحَّحُوا واطْلَقُوا حتى بِلا إذنٍ أتَتْ إليه لو كانَ ذَا ويَعْتُقُ عليه وقال أبو بكر: إن لم يكن العامل عالمًا بأنه يعتق على ربّ المال لم

يضمن؛ لأن التلف حصل لمعنى في المبيع لم يعلم به المشتري فلم يضمن، كما لو اشترى معيبًا لم يعلم بعيبه فتلف به، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. فإن كان الشراء بإذن رب المال انفسخت في قدر ثمنه لتلفه؛ فإن كان ثمنه كل المال انفسخت كلها وإن كان في المال ربح أخذ حصته من الربح؛ لأنه استحقهُ بالعقد والعمل ولم يوجد ما يسقطه، وإن اشترى عامل ولو بعض زوج أو بعض زوجة لمن له المال ملك صح الشراء، لوقوعه على ما يمكن طلب الربح فيه كالأجنبي، وانفسخ نكاح المشتري كله أو بعضه؛ لأن النكاح لا يجامع الملك ويتنصف المهر على ربّ المال بشراء زوجته قبل الدخول ويرجع به على العامل، ولا ضمان عليه إن اشترى زوج ربة المال فيما يفوتُها من مهر ونفقة؛ لأنه لا يعود إلى المضاربة وسواء كان الشراء بعين المال أو في الذمة، وإن اشترى عاملُ المضاربة من يعتق على المضارب كأبيه وأخيه وظهر ربح في المضاربة بحيث يُخرج عن الأب أو الأخ مِن حصته من الربح سواء كان الربح ظاهرًا حين الشراء أو بعده، ومن يعتق عليه باق لم يُتَصَرَّف فيه عتق كُلُّه لملك حصته من الربح بالظهور، وكذا إن لم يخرج كلُ ثمنه من الربح؛ لكنه مُوسرًا بقيمة باقية؛ لأنه ملكه بفعله فعتق عليه كما لو اشتراه بماله وإن كان معسرًا عتق عليه بقدر حصته من الربح. وإن لم يظهر في المال ربحٌ حتى باع من يعتق عليه فلا يَعُتقُ منه شيء؛ لأنه لا يملكه، وإنما هو مُلك رب المال، وليس للعامل الشراء من مال المضاربة إن ظهر ربح؛ لأنه يصير شريكًا فيه؛ فإن لم يظهر ربحٌ صُحَّ شراؤه من رب المال أو بإذن كالوكيل يشتري من مُوكله وإذا أخذ عاملٌ من إنسانٍ مضاربةً، ثم أراد أخذَ مُضاربةٍ من آخر بإذن الأول جاز, وكذلك إن

لم يأذن ولم يكن على الأول ضررٌ؛ فإن كان فيه ضررٌ على الأول ولم يأذن مثل أن يكون المال الثاني كثيرًا يستوعبُ زمانه فيشغلهُ عن التجارة في المال الأول أو يكون المالُ الأولُ كثيرًا متى اشتغلَ عنه بغيره انقطع عن بعض تصرفاته، فقيل: ليس له ذلك؛ لأن المضاربة على الحظ والنماء، فإذا فعل ما يمنعه لم يجز كما لو أراد التصرف بالعين، وفارق ما لا ضرر فيه فعلى هذا إن فعل وربح رد الربح في شركة الأول وليقتسمانه فينظر ما ربح في المضاربة الثانية فيدفع إلى رب المال منه نصيبه ويأخذ المضارب نصيبه من الربح فيضمه إلى ربح المضاربة الأولى ويقاسمه لرب المضاربة الأولى؛ لأنه استحق حصته من الربح بالمنفعة التي استحقت بالعقد الأول، فكان بينهما كربح المال الأول. وقال أكثر الفقهاء: يجوز؛ لأنه عقد لا يملك به منافعه كلها فلم يمنع من المضاربة، كما لو لم يكن فيه ضرر وكالأجير المشترك، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. ولا يصح لرب المال الشراء من مال المضاربة لنفسه؛ لأنه ملكه كشرائه مِن وكيله وعبده المأذون وفارق المكاتب؛ فإن السيد لا يملك ما في يده ولا تجب عليه زكاته، وله أخذ ما فيه شفعة منه، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد، وهو قول الشافعي، وقيل: يصح وهو رواية عن أحمد، وبه قال مالك والأوزاعي وأبو حنيفة؛ لأنه قد تعلق به حق المضارب فجاز شراؤه كما لو اشترى من مكاتبه، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. وإن اشترى شريك نصيب شريكه صحَّ؛ لأنه مُلكُ غيره أشبه ما لو لم يكن بائعهُ شريكًا وإن اشترى الجميع حصته وحصة شريكه صحَّ الشراء في نصيب شريكه بناءً على تفريق الصفقة؛ وأما في نصيبه، فقيل: يبطلُ؛ لأنه

س38: إذا لقي رب المال العامل ببلد أذن له في سفر إليه فأخذه منه فهل للعامل نفقة لرجوعه؟ وإذا تعدد رب المال فكيف تكون النفقة؟ وهل للعامل التسري من مال المضاربة، وإذ وطئ عامل أمة من المال فما

ملكه، والذي تميل إليه النفس أنه يصح بناء على صحة شراء رب المال من مال المضاربة. والله أعلم، وليس للعامل نفقة إلا بشرط. وقال ابن القيم والشيخ تقي الدين: أو عادة؛ لأن النفقة تخصه فكانت عليه كنفقة الحضر وأجر الطبيب وثمن التطبيب؛ لأنه داخل على أنه لا يستحق من الربح إلا الجزء المسمى، فلا يكون له غيره؛ ولأنه لو استحق النفقة أفْضى إلى أن يختص بالربح إذا لم يربح سوى النفقة، وبهذا قال ابن سيرين وحماد ابن أبي سليمان، وهو ظاهر مذهب الشافعي، وقال الحسن والنخعي والأوزاعي ومالك وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي: يُنفق من المال بالمعروف إذا شخص به عن البلد؛ لأن سفره لأجل المال فكانت نفقته فيه كأجر الحمَّال، والقول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. فأما إن شرط له النفقة صح له وذلك؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمنون على شروطهم؛ فإن قدر له ذلك فحسن؛ لأن فيه قطعًا للمنازعة وزوال الاختلاف» . قال أحمد في رواية الأثرم: أحب إلى أن يشترط نفقة محدودة، وله ما قدر له من مأكول وملبوس ومركوب وغيره. فإن شرطت نفقة العامل مطلقة وتشاحا فيها فله نفقة مثله عرفًا من طعام وكسوة؛ لأن الإطلاق يقتضي جميع ما هو من ضروراته المعتادة كالزوجة. 38- مسائل وبحوث حول النفقة والتصرف بما اشترى للمضاربة س38: إذا لقي رب المال العامل ببلد أذن له في سفر إليه فأخذه منه فهل للعامل نفقة لرجوعه؟ وإذا تعدد ربُّ المال فكيف تكون النفقة؟ وهل للعامل التسري من مال المضاربة، وإذ وطئ عاملٌ أمةً مِن المال فما

الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك إن ظهر ربح أو لم يظهر؟ وضح ذلك مع بيان معاني ما في ذلك من مفردات. وهل لرب المال وطء أمة مِن المضاربة؟ ومتى يكون للعامل حقٌ في الربح وإذا ربح في أحد سلعتين أو ربح في إحدى سفرتين وخسر في الأخرى أو تعيبت سلعة وزادت أخرى أو نزل السعر أو تلف بعضُ المال بعد عَمَلٍ فكيف تكون الوضيعةُ؟ وما الذي يترتب على ذلك وإذا تقاسما الربحَ والمال ناضٌ أو تحاسبا بعد تنضيضه أو قسم ربّ المال والعامل الربح أو أخذ أحدهما منه شيئًا بإذن صاحبه والمضاربة باقية ثم خسر، فما الحكم؟ ج: إن لقي ربّ المال العامل ببلد أذن له في السفر إليه بالمال وقد نضَّ المال بأن صار المتاع نقدًا فأخذه ربه منه فلا نفقة للعامل لرجوعه إلى بلد المضاربة؛ لأنه إنما يستحق النفقة ما دام في القراض، وقد زال ولو مات لم يكفن منه ولو اشترط النفقة. وإن تعدد رب المال بأن كان عاملًا لاثنين فأكثر أو عاملًا لواحد ومعه مال نفسه أو بضاعة لآخر واشترط لنفسه نفقة السفر فهي له على قدر مال كل منهما أو منهم؛ لأن النفقة وجبت لأجل عمله في المال فكانت على قدر مال كل فيه إلا أن يشترطها بعض أرباب المال من ماله عالمًا بالحال وهو كون العامل يعمل في مال آخر مع ماله فيختص بها لدخوله عليه؛ فإن لم يعمل الحال فعليه بالحِصَّة وللعامل التسري من مال المضاربة بإذن رب المال، فإذا اشترى أمة للتسري بها ملكها؛ لأن البضع لا يُباحُ إلا بنكاح أو ملك يمين؛ لقوله تعالى: {إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} وصار ثمنها على العامل لخروجه من المضاربة مع عدم وجود ما يدل على التبرع به من رب المال، وإن وطئَ عاملٌ أمة مِن المال عُزِّرَ؛ لأن ظُهُورَ الربح ينبني على التقويم وهو غير مُتحقق لاحتمال أن السلع تُساوي أكثر مما

قُومتْ به فهو شُبْهَةٌ في درء الحد وإن لم يظهر ربح، وعليه المهر إن لم يطأ بإذن رب المال وإن ولدت منه وظهر ربح صارت أم ولد وولده حر، وعليه قيمتها وإن لم يظهر فهي وولدها لرب المال، ولا يطأ رب المال أمة من المضاربة ولو عدم الربح؛ لأنه ينقصها إن كانت بكرًا أو يعرضها للتلف والخروج من المضاربة ولا حدَّ عليه؛ لأنها ملكه وإن ولدتع منه خرجت من المضاربة وحُسبتْ قيمتُها عليه؛ فإن كان فيه ربحٌ فللعامل منه حصتُه ولا ربح لعاملٍ حتى يُستوفي رأسُ المال؛ لأن الربح هو الفاضلُ من رأس المال وما لم يفضل فليس بربح والوضيعة الخسارة والناضُّ من المال ما تحول عينًا بعد ما كان متاعًا، ويقال: ما نضَّ بيده شيء، وفي حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: «كان يأخذ الزكاة من ناض المال هو ما كان ذهبًا أو فضة عينًا أو ورقًا» ، وفي الحديث الآخر: «خذ صدقة ما قد نضَّ مِن أموالهم» . ووصف رجل بكثرة المال، فقيل: أكثر الناس ناضًا ونضا الثياب ينضوها نضوًا إذا خلعها. قال امرؤ القيس: فجئت وقد نضَّتْ لنوم ثيابها لدى السِّتر إلا لبسة المتفضلِ وإن ربح في أحد سلعتين وخسر في الأخرى أو ربح في إحدى سفرتين وخسر في الأخرى أو تعيبت سلعة وزادت أخرى أو نزل السعر أو تلف بعض المال بعد عَمَلِ عاملٍ في المضاربة فالوضيعةُ في بعض المال تُجبر من ربح باقية قبل قسم الربح ناضًا أو قبل تنضيضه مع محاسبته؛ فإن تقاسما الربح والمال ناضٌ أو تحاسبًا بعد تنضيضه المال وأبقيا المضاربة فهي مضاربة ثانية فما ربح بعد ذلك لا يُجبر به ووضيعةَ الاول إجراءً للمحاسبة مجْرَى القِسمة ولا يحتسبان على المتاع؛ لأن سِعْره ينحطُّ ويرتفعُ ولو اقتسم ربُّ المال والعامل الربْحَ أو أخذَ أحدُهما منه شيئًا بإذن صاحبه والمضاربةُ بحالها، ثم خَسِرَ كان

على العامل رَدُّ ما أخذهُ من الربح؛ لأنا تبينا أنه ليس بربح ما لم تنجبر الخسارة، ولو دفع مائةً مضاربة فخسرت عشرةً ثم أخذ رب المال منها عشرة، فالخسران لا ينقص به رأس المال؛ لانه قد يربح فيجبر الخسران لكنه نقص بما أخذه رب المال وهو العشرة وقسطها من الخسران وهو درهم وتسعُ درهم ويبقى رأس ثمانين وثمانية دراهم وثمانيةُ أتساع درهم وإن أخذ نصف التسعين الباقية بقي رأس المال خمسين، وإن كان أخذ خمسين بقي أربعة وأربعون وأربعة أتساع درهم؛ لأنه أخذ خمسة أتساع المال فسقط خمسة أتساع الخسران، وهي خمسة وخمسة أتساع درهم يبقى ما ذكر، وكذلك إذا ربح المال ثم أخذ رب المال بعضه كان ما أخذه من رأس المال والربح، فلو كان المال مائة فربح عشرين فأخذ ربُّ المال فقد أخذ سدسه فينقص المال وهو مائة سُدُسُه وهو ستة عشر وثلثان وقسطها من الربح ثلاثة وثلث، يبقى ثلاثة وثمانون وثلثًا، ولو كان أخذ ستين بقي رأس المال خمسين؛ لأنه أخذ نصف المال فبقي نصفه، وإن أخذ خمسين بقي ثمانية وخمسون وثلث؛ لأن أخذ ربع المال وسدسه فيبقى ثلثه وربعه، وذلك أن الخمسين المأخوذة ربع المائة والعشرين وسدسها والمال إذا ذهب منه ربعه وسدسه بقي ثلثه وربعه وثلث المائة التي هي رأس المال قبل ثلاثة وثلاثون وثلث وربعها خمسة وعشرون، ومجموع ذلك ثمانية وخمسون وثلث كما ذكر.

س39: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: ما تلف من مال المضاربة قبل عمل، إذا تلف كل مال المضاربة ثم اشترى العامل للمضاربة شيئا من السلع، وضح ذلك ما يتعلق بذلك من مطالبة ورجوع بثمن، إذا قتل قن المضاربة، متى يملك العامل حصته من الربح، وهل له الأخذ من الربح؟ وما حكم القسمة والعقد باق؟ ومتى يجبر المالك على البيع في المضاربة؟ وهل يدخل في الربح المهر والثمرة والنتاج؟ وإذا أتلف مالك مال المضاربة وما الذي يترتب على ذلك؟ وإذا فسخت المضاربة والمال عرض أو دراهم وكان دنانير أو عكسه فما الحكم؟ واذكر الدليل والتعليل والاختلاف والترجيح.

39- مسائل حول تلف مال المضاربة وما يدخل في مال المضاربة مما قد يتوهم عدم دخوله س39: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: ما تلف من مال المضاربة قبل عمل، إذا تلف كل مال المضاربة ثم اشترى العامل للمضاربة شيئًا من السلع، وضح ذلك ما يتعلق بذلك من مطالبة ورجوع بثمن، إذا قُتل قنُ المضاربة، متى يملك العامل حصته من الربح، وهل له الأخذ من الربح؟ وما حكم القسمة والعقد باق؟ ومتى يجبر المالك على البيع في المضاربة؟ وهل يدخل في الربح المهر والثمرة والنتاج؟ وإذا أتلف مالك مال المضاربة وما الذي يترتب على ذلك؟ وإذا فسخت المضاربة والمال عرض أو دراهم وكان دنانير أو عكسه فما الحكم؟ واذكر الدليل والتعليل والاختلاف والترجيح. ج: تنفسخ مضاربة فيما تلف من مال المضاربة قبل عمل العامل في مالها ويصير الباقي رأس مال؛ لأن التصرف بالعمل لم يصادف إلا الباقي فكان هو رأس المال بخلاف ما تلف بعد العمل؛ لأنه دار بالتصرف فوجب إكماله لاستحقاقه الربح؛ لأنه مقتضى الشرط؛ فإن تلف كل مال المضاربة قبل التصرف، ثم اشترى العامل للمضاربة شيئًا من السلع فهو كفضول وتقدم الكلام على الفضول في أول البيع في أول الجزء الرابع، وإن تلف مال المضارب بعد شراء العامل في ذمته وقبل نقد الثمن لما اشتراه، فالمضاربة بحالها أو تلف مال المضاربة بعد العمل مع ما اشتراه، فالمضاربة بحالها لوقوع تصرفه بإذن ربُّ المال ويطالب ربِّ المال والعامل بالثمن الذي اشتراه به العامل لتعلق حقوق العقد بربِّ المال ومباشرة العامل ويرجع بالثمن عامل إن دفعه على رب المال بنية الرجوع للزومه له أصالةً والعامل بمنزلة الضامن ورأس المال هو الثمن دون التالف لتلفه قبل التصرف فيه أو أشبه ما لو تلف قبل

القبض وإن أتلف العاملُ مال المضاربة ثم نقد الثمن من مالِ نفسِه بلا إذن ربّ المال لم يرجع ربُ المال على العامل بشيء، والعامل باق على المضاربة؛ لأنه لم يتعد فيه وإن قُتِل قنُّ المضاربة عمدًا فلرب المال أن يقتص بشرط؛ لأنه مالك المقتول وتبطل المضاربة فيه لذهاب رأس المال، وله العفو على مال ويكون المال المعفو عليه كبدل المبيع، وهو ثمنه؛ لأنه عوضٌ عنه، والزيادة في المال المعفو عليه على قيمة المقتول ربحٌ في المضاربة ومع ربح بأن كان ظهر ربح في المضاربة وقُتل قُّنها عمدًا، فالقودُ إلى ربّ المال والعامل كالمصلحة؛ لأنهما صارا شريكين بظهور الربح، ويملك عاملٌ حصته مِن ربحٍ بمجرد ظهوره قبل قسمته كمالك المال، وكما في المساقاة والمزارعة؛ لأن الشرط صحيح فيثبت مقتضاه، وهو أن يكون له جزء من الربح، فإذا وجد وجب أن يملكه، وأيضًا فهذا الجزء مملوك، ولابد له من مالك وربّ المال لا يملكه اتفاقًا فلزم أن يكون للمضارب ولملكه الطلب بالقسمة ولا يمتنع أن يملكه ويكون وقاية لرأس المال كنصيب ربّ المال من الربح ولو لم يعمل المضارب، إلا أنه صرف الذهب بورق فارتفع الصرف استحقه، ولا يملك المضارب الأخذ من الربح إلا بإذن رب المال؛ لأن نصيبه مشاع فلا يقاسم نفسه؛ ولأن ملكه له غير مستقر وإن شرط أنه لا يملكه إلا بالقسمة لم يصح الشرط لمنافاته مقتضى العقد وتحرم قسمة الربح وعقد المضاربة باقٍ إلا باتفاقهما؛ لأن وقاية لرأس المال فلا يجبر ربه على القسمة؛ لأنه لا يأمن الخسران فيجبره بالربح ولا العامل؛ لأنه لا يأمن أن يلزمه ما أخذه في وقت لا يقدر عليه؛ فإن اتفقا على قسمته أو بعضه جاز؛ لأنه ملكها كالشريكين، وإن أبى مالك البيع بعد فسخ المضاربة والمال عرض وطلبه عامل أجبر رب المال عليه إن كان فيه ربح؛ لأن حق العامل في الربح لا يظهر إلا بالبيع فأجبر الممتنع لتوفيته كسائر الحقوق؛ فإن لم يظهر ربح لم يجبر مالك على بيع؛ لأنه

حق للعامل فيه وربّه رضيه عرضًا، ومن الربح مهر وجب بوطء أمة من مال المضاربة أو بتزويجها باتفاقهما، ومنه ثمرة شجر اشترى من مالها، ومنه أجرة شيء من مالها أو جزء استعمل على وجه يوجبها أو تبعد على مالها، ومنه أرش جناية على رقيقها، ومنه نتاج نتجته بهيمتها؛ لأنه نماء مالها ككسب عبدها، وإتلاف مالك مال المضاربة كقسمة فيغرم حصة عامل من ربح، كما لو تلف بفعل أجنبي وحيث فسخت المضاربة والمال عرض أو دراهم وكان دنانير أو عكسه بأن كان دنانير وأصله دراهم فرضي ربه بأخذ مال المضاربة على صفته التي هو عليها قوَّم مال المضاربة ودفع حصة العامل من الربح الذي ظهر بتقويمه وملك رب المال ما قابل حصة العامل من الربح؛ لأنه أسقط عن العامل البيع، فلا يجبر على بيع ماله بلا حظ يكون للعامل في بيعه؛ فإن ارتفع السعر بعد ذلك لم يطالب العامل رب المال بقسطه، كما لو ارتفع بعد بيعه إن لم يكن فعل ربّ المال ذلك حيلة على دُخُول موسمٍ أو قفل فيبقى حق العامل في ربحه؛ لأن الحيلة لا أثر لها، وإن لم يرض ربّ مال بعد فسخ مضاربة بأخذ العروض أو الدراهم عن الدنانير أو عكسه، فعلى عاملي بيعه وقبض ثمنه؛ لأن عليه رد المال ناضًا كما أخذه وسواء كان فيه ربح أو لا؛ فإن نضَّ له قدر رأس المال لزمه أن ينض الباقي وإن كان صحاحًا فنضَّ قراضَه أو مكسره لزم العامل رده إلى الصحاح بطلب ربها فيبيعها بصحاح أو بعرض ثم يشتريها به، كما يلزم العامل بعد فسخ المضاربة تقاضى مال المضاربة لو كان دينًا ممن هو عليه سواء ظهر ربح أو لاقتضاء المضاربة رد رأس المال على صفته والدين لا يجري مجرى الناض فلزمه أن ينضه كله لا قدر رأس المال فقط؛ لأنه لا يستحق نصيبه من الربح إلا عند وصوله إليهما على وجه تمكن قسمته ولا يحصل ذلك إلا بعد تقاضيه.

س40: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: خلط رأس مال قبضه من واحد في وقتين، إذا أذن له قبل التصرف في الأول أو بعده، إذا قضى العامل برأس المال دينه ثم اتجر بوجهه وأعطى ربه حصته من الربح، إذا مات عامل أو مات مودع أو وصي وجهل بقاء ما بأيديهم إذا أراد المالك لمال المضاربة تقرير وارث، بيع وارث العامل لعرض المضاربة، وارث المالك إذا انفسخت المضاربة، الاشتراء بعد موت المضارب وهو رب المال، وإذا أخذ ماشية ليقوم عليها برعي وعلف وسقي وحلب وغير ذلك، فهل يجوز ذلك؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو ترجيح.

40- مسائل تتعلق بموت العامل أو ربّ المال أو أحدهما س40: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: خلط رأس مال قبضه من واحد في وقتين، إذا أذن له قبل التصرف في الأول أو بعده، إذا قضى العامل برأس المال دينه ثم اتجر بوجهه وأعطى ربّه حصته من الربح، إذا مات عامل أو مات مودع أو وصي وجهل بقاء ما بأيديهم إذا أراد المالك لمال المضاربة تقرير وارث، بيع وارث العامل لعرض المضاربة، وارث المالك إذا انفسخت المضاربة، الاشتراء بعد موت المضارب وهو ربّ المال، وإذا أخذ ماشية ليقوم عليها برعي وعلف وسقي وحلب وغير ذلك، فهل يجوز ذلك؟ واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو ترجيح. ج: لا يخلط عامل رأس مال قبضه من واحد في وقتين بلا إذنه لإفراده كل مال يعقد، فلا يُجبر وضيعة أحدهما بربح الآخر كما لو نهاه عنه، وإن أذن للعامل رب المالين في خلطهما قبل تصرفه في المال الأول أو بعد تصرفه في الأول، وقد صفاه من العروض وجعله نقدًا كما أخذ جاز وصار مضاربة كما لو دفعها إليه مرة واحدة، وإن كان إذنه فيه بعد تصرفه في الأول، ولم ينض حرم الخلط؛ لأن حكم العقد الأول استقر فربحه وخسرانه يختص به فضم الثاني إليه يوجب جبران خسران أحدهما بربح الآخر، فإذا شرط ذلك في الثاني فسد أو قضى العامل برأس المال دينه، ثم اتجر بوجهه بأن اشترى في ذمته بجاهه وباع وحصل ربح وأعطى ربّ المال الذي قضى به دينه حصته من الربح من تجارته بوجهه متبرعًا بها لربّ المال جاز، وإن مات عامل مضاربة أو مات مُوْدَعَ أو مات وصي على صغير أو مجنون أو سفيه، وجهل بقاء ما بيدهم من مضاربة ووديعة ومال محجوره، فهو دين في التركة؛ لأن الأصل بقاء المال بيد الميت واختلاطه

بجملة التركة ولا سبيل إلى معرفة عينه فكان دينًا؛ ولأنه لا سبيل إلى إسقاط حق المال ولا إلى إعطائه عينًا من التركة لاحتمال أن تكون غير عين ماله، فلم يبق إلا تعلقه بالذمة؛ ولأنه لما أخفاه ولم يعينه فكأنه غاصب فتعلق بذمته، قال في «شرح المنتهى» : قلت: وقياسه ناظر وقف وعامله ووكيل وأجير. وإن أراد المالك لمال المضاربة بعد موت عامله تَقْرِير وَارِثِ عاملٍ مكانه فتقريرُهُ مُضاربةٌ مبتدأة ولا يبيع وارث عامل عرضًا للمضاربة بلا إذن ربّ المال؛ لأنه لم يأذنه؛ ولأنه إنما رضي باجتهاد مورثه ولا يبيع المالك بلا إذن وارث العامل لوجود حقه في الربح؛ فإن تشاح ربُّ المال ووارث العامل بأن أبى كلٌ الأذن للآخر في بيعه باعه حَاكمٌ ويقسم الربح بينهما على ما شرطاه، ووارث المالك كالمالك إذا انفسخت المضاربة وهو حي فيتقرر ما لمضارب من الربح، ويقدم به على الغرماء ولا يشتري عامل بعد موت رب المال إلا بإذن ورثته فيكون وكيلًا عنهم لبطلان المضاربة بموته، والعامل بعد موت رب المال في بيع عرض واقتضاء دين ونحوه، مما يلزم المضارب كفسخ مضاربة والمال ناض جاز ويكون رأس المال الذي أعطاه مورثه وحصته من الربح رأس مال الوارث وحصة العامل من الربح شركة له مشاع وإن أراد وارث رب المال المضاربة والمال عرض فمضاربة مبتدأة، وهذا على القول بأنها لا تجوز على العروض، وتقدم في (ص133) المقارنة بين القولين، وأن القول الذي تطمئن إليه النفس صحتها بالعروض. والله أعلم.

من النظم فيما يتعلق في المضاربة تبارك ذو الأحكام والحكم التي تحار عقول الخلق فيها فتهتدي ففي كل شيء حكمة ودلالة لواع على توحيده والتفرد أباح اكتساب المال من سبل حله فكان له تحصيله خير مرشد فمن حكمه أبداؤنا وأمورنا ذوات ارتباط لا ذوات توحد فكل امرئ لا يستقل بأمره فسنّ لنا سبل التعاون فاهتدى فطورًا بتوكيل وطورًا بأجرة معينة في فعل شيء مقيد وطورًا أباح الجهل عند تعذر التّعين ومن هذا المضاربة اعدد إليه انتها الأسباب في كل كائن ومنه جميع الأمر ينهي ويبتدي يعلق أطماعَ الأنام بمكسب له يَركبون الهول في كل مقصد يهون على هذا اقتحام بنفسه وهذا يمال رغبة في التزيد ليأتي بأرزاق يعز حصولها إلى عاجز عنها ضجيع بمرقد فسبحان من أبدى فأتقن صنعه

س41: ما الذي يصدق فيه العامل وإذا أقر بربح، ثم ادعى تلفا أو خسارة أو غلطا أو نسيانا أو اقتراضا تتم به رأس المال، فما الحكم؟ وما الذي يقبل فيه قول المالك وإذا أقام كل واحد منهما بينة بدعواه فمن المقدم بينته، وإذا دفع إنسان لآخر عبدا أو دابة أو آلة حرث أو نحو ذلك لمن يعمل به بجزء من أجرته أو دفع ثوبا إلى من يخيط أو غزلا إلى من ينسجه بجزء من ربحه أو حصاد زرع أو رضاع قن أو طحن قمح أو استيفاء مال أو بناء دار أو نجر باب أو نحو ذلك بجزء منه، فما الحكم؟ وضح ذلك مع ما يتعلق به من تمثيل أو تفصيل أو دليل أو تعليل أو خلاف أو ترجيح.

وجل تعالى عن أباطيل ملحدِ وأشهد أن الله لا ربَّ غيره بتصديق رسل الله أودع ملحدِ وبعد فمعطي المال شخصًا مضاربًا له عَيَنَنْ جزءً من الربح واحددِ ولو من مريض فوق عرف وقَدِّمَنْ به عاملًا عن كلِ دَين وأرفدِ وإما يساقي أو يزارع بزائدٍ على أجر مثل جاز في المتجودِ فإن قال خذ المال والربح بيننا فنصفين قسم فيهما الربح تقصد وإن يقل اتّجرْ فيه والربح كله لك احكم بقرض المال للعامل اشهد وإن قال في هذا لي الربح كله فذلك إبضاع صحيح لممدد وإن قال في هذا مضاربة وما ربحت فلي أو ربحه لك تفسد وإن قال نصف الربح لي ومضاربي له الثلث اعط السدس ذا المال تهتد وقولك لي نصف يصح بأجودِ وللعامل الباقي وفي العكس أطد وقولك خذ ذا المال بالثلث جائز وللعامل المشروط عند التنكد كذا في المساقي فاحكمن ومزارع وفي الشركة اطلب تلق كل مقصد من المنع من فعل وإطلاقه له وإلزامه مع كل شرط مؤكد وإن شرطا جزأ لمن غير عامل وَهَتْ وَلعبد المالك أو عامل طد وإن يَنْفَسِدْ عقدُ المضاربة ابذلن لذي المال كل الربح والأجر أوردِ إلى عامل بل عند إن قل شرطه ليعطي إذا أرضاه عند التعقدِ وتعليقها بالشرط يا صاح جائز وتوقيتها أيضًا على المتأكد وامض إن يقل بع ذا وبالثمن اتجر وخذ مودعي واتجر به إن أتى عد وإن صَاحب الألفين ضارب عاملًا على ربح ألف منهما امنع وفند وقولك بالدَين الذي لي عليك يا أخا العزم ضارب لا يصح فقيد وإن يشاء بعد الفسخ يأخذ ماله عروضًا ليعطي أو يشاء البيع يسعد والزم بتطلاب الديون مضاربًا ولو لم يفد أو بعد فسخ العقد وإن جن رب المال أو مات تنفسخ كذا إن جن أو مات المضاربُ تفسد ووارث كل مثله في ابتدائهم قراضًا بنقد أو بعرض كما ابتدى 41- فيما يقبل قول العامل والمالك فيه وغير ذلك س41: ما الذي يصدق فيه العامل وإذا أقر بربح، ثم ادعى تلفًا أو خسارة أو غلطًا أو نسيانًا أو اقتراضًا تتم به رأس المال، فما الحكم؟ وما الذي يقبل فيه قول المالك وإذا أقام كل واحد منهما بينة بدعواه فمن المقدم بينته، وإذا دفع إنسان لآخر عبدًا أو دابة أو آلة حرث أو نحو ذلك لمن يعمل به بجزء من أجرته أو دفع ثوبًا إلى من يخيط أو غزلًا إلى من ينسجه بجزء من ربحه أو حصاد زرع أو رضاع قنّ أو طحن قمح أو استيفاء مال أو بناء دار أو نجر باب أو نحو ذلك بجزء منه، فما الحكم؟ وضح ذلك مع ما يتعلق به من تمثيل أو تفصيل أو دليل أو تعليل أو خلاف أو ترجيح. ج: العامل أمين؛ لأنه يتصرف في المال بإذن ربه ولا يختص بنفعه أشبه الوكيل بخلاف المستعير؛ فإنه يختص بنفع العارية، يصدق عامل بيمينه في قدر رأس المال؛ لأنه منكر لما يدعي عليه زائدًا، والأصل عدمه، ولو كان ثمَّ ربح متنازع فيه كما لو جاء العامل بألفين، وقال: رأس ألف والربح ألف، وقال رب المال: بل هما رأس المال، فقول عامل حيث لا بينة. قال في «شرح المنتهى» : فإن أقاما بيتين قدمت بينة رب المال، ولو دفع لاثنين قراضًا على النصف فنضيناه وهو ثلاثة آلاف، فقال ربّ المال: رأسه ألفان وصدقه أحدهما، وقال الآخر: بل ألف، فقوله مع يمينه، فإذا حلف أخذ نصيبه خمسمائة ويبقى ألفان وخمسمائة يأخذ ربّ المال ألفين؛ لأن الآخر يصدقه يبقى خمسمائة ربحًا يقتسمها ربّ المال مع الآخر أثلاثًا لرب المال ثلثاها، وللعامل ثلثها؛ لأن نصيب رب المال من الربح نصفه ونصيب هذا العامل ربعه فيقسم باقي الربح بينهما على ثلاثة وما أخذه الحالف زائدًا كالتالف منهما فهو محسوب من الربح. انتهى.

ويصدق عامل بيمينه في قدر ربح وعدمه، وفي هلاك وخسران إن لم تكن بينة؛ لأن ذلك مقتضى تأمينه. ولربِّ المال الاستفصال عن مفردات التلف والخسران ونحو ذلك حيث أمكن استظهار الصدق أو عدمه خصوصًا إذا ظهر أمارات الخيانة والكذب. ويصدق بيمينه فيما يذكر أنه اشتراه لنفسه أو للمضاربة، وكذا في شركة في عنان ووجوه ومفاوضة، وفي شركة أبدان إذا ذكر أنه تقبل العمل لنفسه دون الشركة فيصدق الشريك فيما يذكر أنه اشتراه لنفسه أو للشركة؛ لأنه أمين ولا تعلم نيته إلا منه. ويصدق عامل بيمينه في نفي ما يدعي عليه من خيانة أو تفريط؛ لأن الأصل عدمها. وإذا شرط العامل النفقة ثم ادعى أنه أنفق من ماله بنية الرجوع فله ذلك سواء كان المال بيده أو رجع إلى ربه كالوصي إذا ادعى النفقة على اليتيم، وإذا اشترط العامل شيئًا، وقال المالك: كنت نهيتك عنه وأنكر عامل، فقوله؛ لأن الأصل معه.

ولو أقر عامل بأنه ربح ثم ادعى تلفًا أو خسارة بعد الربح قُبِلَ قولُه؛ لأنه أمين، ولا يقبل قوله إن ادعى غلطًا أو كذبًا أو نسيانًا أو ادعى اقتراضًا تمَّمَ به رأس المال بعد إقرار العامل برأس المال لربّه بأن قال عاملٌ: هذا رأس مال مضاربتك ففسخ ربها وأخذه فادّعى العامل أن المال كان خسر وأنه خشي أن وجده ناقصًا يأخذه منه فاقترض مما تممه به ليعرضه عليه تامًا، فلا يقبل قول العامل فيه؛ لأنه رجوع عن إقرار بحق لآدمي ولا تقبل شهادة المقرض له؛ لأن فيه جر نفع له، ولا طلب له على ربّ المال؛ لأن العامل ملكه بالقرض ثم سلمه لرب المال فيرجع المقرض على العامل لا غير؛ لكن إن علم رب المال باطن الأمر، وأن التلف حصل بما لا يضمنه المضارب لزمه الدفع له باطنًا، ويقبل قول مالك في عدم رد مال المضاربة إن ادعى عامل رده إليه ولا بينة؛ لأنه قبضه لنفع له فيه أشبه المستعير ويقبل قول مالك في صفة خروجه عن يده؛ فإن قال: أعطيتك ألفًا قراضًا فربحه بيننا. وقال العامل: بل قرضًا لا شيء لك من ربحه، فقول ربّ المال؛ لأن الأصل بقاء ملكه عليه، فإذا حلف قسم الربح بينهما، وقال في «المغني» : ويحتمل أن يتحالفا ويكون للعامل أكثر الأمرين مما شرطه له من الربح أو أجر مثله؛ لأنه إن كان الأكثر نصيبه من الربح فرب المال معترف له به، وهو يدعي الربح كله، وإن كان أجر مثله أكثر، فالقول قوله في عمله مع يمينه، كما أن القول قول رب المال في ربح ماله، فإذا حلف قبل قوله في أنه ما عمل بهذا الشرط، وإنما عمل لغرض لم يسلم له فيكون له أجر المثل. اهـ. وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله سبحانه أعلم. وإن خسر المال أو تلف، فقال ربه: كان قرضًا، وقال العامل: كان قراضًا أو بضاعة فقول ربه؛ لأن الأصل في القابض لمال غَيره الضمان، وإن أقاما بينتين بأن أقام كل واحد منهما بينة بدعواه قدمت بينة عامل؛ لأن معها زيادة علم؛ لأنها ناقلة

عن الأصل، ولأنه خارج، وقيل: تقدم بينة رب المال، وإن قال رب المال: كان بضاعة، وقال العامل: كان قراضًا، حلف كل مهما على إنكار ما ادعاه خصمه وكان له أجر لا غير. ويقبل قول مالك بعد ربح مال مضاربة في قدر ما شرط لعامل، فإذا قال العامل: شرطت لي النصف، وقال المالك: بل الثلث مثلًا، فقول مالك؛ لأنه ينكر السدس الزائد واشتراطه له، ويصح دفع عبده أو دفع دابة أو قدر أو آلة حرث أو نحو ذلك، لمن يعمل به بجزء من أجرته، ويصح خياطة ثوب ونسج وغزل وحصاد وزرع ورضاع قن واستيفاء مال ونحوه، كبناء دار وطاعون ونجر باب وطحن نحو بر بجزء مشاع منه؛ لأنها عين تتمي بالعمل عليها فصح العقد عليها ببعض نمائها كالشجر في المساقاة والأرض في المزارعة، ولا يصح تخريجها على المضاربة بالعروض؛ لأنها إنما تكون بالتجارة والتصرف في رقبة المال، وهذا بخلافه ولا يعارضه حديث الدارقطني: «أنه –عليه الصلاة والسلام- نهى عن عسب الفحل، وعن قفيز الطحان» لحمله على قفيز من المطحون فلا يدري الباقي بعده فتكون المنفعة مجهولة، وإن جعل له مع الجزء المشاع درهمًا فأكثر لم يصح، ويصح بيع وإيجار لمتاع وغزو بداية من ربح المتاع أو بجزء من سهم الدابة، نص عليه فيمن أعطى فرسه على النصف من الغنيمة، ويصح دفع دابة أو نحل ونحوهما لمن يقوم بهما مدة معلومة كسنة ونحوها بجزء منهما كربعها أو خمسها والنماء للدابة أو النحل ونحوهما ملك لهما للدافع والمدفوع إليه على حسب ملكهما؛ لأنه نماؤه، وإن دفع دابة أو نحلًا ونحوهما لمن يقوم بهما مدة ولو معلومة بجزء من نمائها كدر ونسل وصوف وعسل ونحوهما كمسك وزباد، قيل: لا يصح لحصول نمائه بغير عمل، وله أجر مثله؛ لأنه عمل بعوض لم يسلم له، وقيل له: دفع دابة أو نخل لمن يقوم به بجزء من نمائه. اختاره الشيخ تقي الدين،

وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس وهو الذي عليه العمل من قديم، من ذلك العدولة المتعارفة بين الناس يعطي إنسان البدوي الغنم، ويكون على البدوي رعيها والقيام بما يلزم لها وله مقابل ذلك نفعها الخارج منها من لبن ودهن وصوف فقط. من النظم مما يتعلق في فصل والمضارب أمين وإن مات مع جهل بمال قراضه كدين عليه كالوديعة فارددِ وليس عليه من ضمان لأنه أمين بها في صحة وتفسدِ ويقبل في الخسران منه وفي التوى وفيما له أو للقراض اشترى اشهد وفي نفس دعوى موجب لضمانه وفي صفة أو قدر مال معددِ وربح وفي أذن السفار بماله ووصف التصرف فيهما اقبل بأوطدِ وقد قيل رب المال يقبل فيهما مقالته والمبتدأ نص أحمد وإن يتعدى في فعال فضامن لتاوٍ وإن يربح فلمالك انقد وخذ قول رب المال في ردِ ماله في الأقوى وعكس في الشراء بمقيدِ

وإن يختلف في قدر حظ مضارب من الربح من ذي المال، فاقبل بأوكدِ وعنه اقبلن من عامل أجر مثله وبَيّنَةٌ منه مقدمة قد وإن كان مغبونًا به الناس عادة فأجرَة مثل أعطه لا تزَّيدِ وإقراره بالربح ثم ادعاؤه الْخَسارة أو هلكا إلى قوله عد وإن قال إني كنت اقررت غالطًا وناسيًا اردد قوله رد عمد إن يقترض تتميمه خوف أخذه فَيْؤْخَذُ بملك لم يرد لمسعدِ وإن قال فرض لإقراض فلي النما فمن ربه أقبل مع يمين مؤكدِ وبينهما ربح وقيل ليحلفا وللعامل الأعلى من أجر ومرصدِ ودعوى قراض والمليك بضاعة بوجهين واعكس في العطاء والمقلد وإن يشتري ممن يرد مقاله له أو بيعه من ضراب ليردد وإن قال قرض لا بضاعة محلفًا وللعامل أجر المثل غير مزيد

س42: تكلم بوضوح عن شركة الوجوه، ما هي؟ ولم سميت بذلك؟ وما حكم ذكر الجنس لما يشتريانه وقدره ووقت الشركة والملك والربح والوضيعة؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

ودعواهما بالعكس والمال هالك من الملك أقبل والمعامل ليردد وإن يدعي الإنفاق من ماله وقد تشرطه في العقد يرجع به اشهد وللعامل أن يغضب طلاب بأجودٌ وفي الغيبة احتم ثم أن يرج به أشهد وإن كان للشخصين دين فمن قضى الغريم يشاركه الشريك بأوطدِ ومن شاء يطلب من غريم وقابض فإن يتو مقبوض كالإبراء يوطد 42- شركة الوجوه س42: تكلم بوضوح عن شركة الوجوه، ما هي؟ ولِمَ سميت بذلك؟ وما حكم ذكر الجنس لما يشتريانه وقدره ووقت الشركة والملك والربح والوضيعة؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: الثابت شركة الوجوه وهي أن يشتركا بلا مال في ربح ما يشتريان في ذممهما بوجوههما وثقة التجار بهما، سميت بذلك؛ لأنهما يعاملان فيهما بوجوههما والجاه والوجه واحد، يقال: فلان وجيه، أي ذو جاه، وهي جائزة عند أحمد وأبي حنيفة، ومذهب مالك والشافعي أنها باطلة. قال أهل القول الأول: وجه جوازها لأن معناها وكالة كل واحد منهما صاحبه في الشراء والبيع والكفالة بالثمن، وكل ذلك صحيح لاشتمالها على مصلحة من غير مفسدة، وقال أهل القول الثاني: القائلون إنها شركة باطلة؛ لأن ما يشتريه كل واحد منهما ملك له ينفرد به، فلا يجوز أن يشاركه غيره في ربحه، والذي

تطمئن إليه النفس القول الأول لما تقدم. والله سبحانه أعلم. ولا يشترط لصحتها ذكر جنس ما يشتريانه ولا ذكر قدره، ولا ذكر وقت الشركة، فلو قال أحدهما للآخر: كل ما اشتريت من شيء فبينا، وقال الآخر: كذلك صح العقد ولا يعتبر ذكر شروط الوكالة؛ لأنها داخلة في ضمن الشركة بدليل المضاربة وشركة العنان، وكل واحد منهما وكيل صاحبه وكفيل عنه بالثمن؛ لأنها مبناها على الوكالة والكفالة ويكون الملك فيما يشتريانه كما شرطا؛ لحديث: «المؤمنون على شروطهم» ؛ ولأن عقدها مبناه على الوكالة فينفذ بما أذن فيه وربح كما شرطا من تساوٍ وتفاضل؛ لأن أحدهما قد يكون أسلك مع الناس أوثق عند التجار وأبصر بالتجارة من الآخر؛ ولأنها منعقدة على عمل وغيره فكان ربحها على ما شرطا من تساوٍ وتفاضل؛ لأن أحدهما قد يكون أسلك مع الناس أوثق عند التجار وأبصر بالتجارة من الآخر؛ ولأنها منعقدة على عمل وغيره فكان ربحه على ما شرطا كشركة العنان والوضيعة، وهي الخسران بتلف أو بيع بنقصان عما اشترى به على قدر الملك فمن له فيه الثلثان فعليه ثلثا الوضيعة، ومن له الثلث عليه ثلثها سواء كان الربح بينهما كذلك أو لا؛ لأن الوضيعة نقص رأس المال وهو مختص بملاكه فيوزع بينهم على قدر الحصص وتصرُّف شريكي الوجوه فيما يجوز ويمتنع ويجب وشروط وإقرار وخصومة وغيرها، كتصرف شريكي عنان على ما سبق، من النظم تبع شركة الوجوه: وذاك اشتراك لا بما بربح ما بجهادهم ابتاعوه في الذمم احدد وسيان أطلاق وتعين مُشْتَرٍ بنوع ووقت أو بقدر مقيد وضيعتهم كالملك والملك بينهم على شرطهم كالربح في المتوطد

س43: ما هي شركة الأبدان، ولم سميت بذلك؟ وما هي أنواعها، واذكر أمثلة توضحها وما الذي يتقبلان به العمل، وإذا تقبل أحدهما عملا فمن المطالب ومن الذي يلزمه العمل لذلك ومن الذي يملك طلب الأجرة للعمل وإذا تلفت بيد أحدهما أو اقر أحدهما بما في يده أو حصل شيء من مباح تملكاه أو أحدهما أو أجرة عمل تقبلاه أو أحدهما فما الحكم؟ وما الذي لا يشترط لصحتها وإذا كان أحدهما غير عارف للصنعة التي لزمته للمستأجر أو مرض أحدهما أو ترك العمل، فما الحكم؟ وما حكم شركة الدلالين وما صفتها؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والخلاف والترجيح.

وكل وكيل للشريك وكافل تصرفهم مثل العنان كما ابتدى وإن فسدت فالربح كالملك بينهم وتبقى كفالات فلم تتفسد 43- شركة الأبدان وأنواعها وأحكامها وشركة الدلالين س43: ما هي شركة الأبدان، ولم سميت بذلك؟ وما هي أنواعها، واذكر أمثلة توضحها وما الذي يتقبلان به العمل، وإذا تقبل أحدهما عملًا فمن المطالب ومن الذي يلزمه العمل لذلك ومن الذي يملك طلب الأجرة للعمل وإذا تلفت بيد أحدهما أو اقر أحدهما بما في يده أو حصل شيء من مباح تملكاه أو أحدهما أو أجرة عمل تقبلاه أو أحدهما فما الحكم؟ وما الذي لا يشترط لصحتها وإذا كان أحدهما غير عارف للصنعة التي لزمته للمستأجر أو مرض أحدهما أو ترك العمل، فما الحكم؟ وما حكم شركة الدلالين وما صفتها؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والخلاف والترجيح. ج: القسم الرابع شركة الأبدان سميت بذلك لإشتراكهما في عمل أبدانهما وأضيفت إلى الأبدان لأنهم بذلوها في الأعمال لتحصيل المكاسب وهي نوعان: أحدهما أن يشتركا فيما يتملكان بأبدانها من مباح، كاحتشاش، واصطياد، وتلصص على دار الحرب، وكسلب من يقتلانه بدار الحرب. وحكمها الجواز عند أحمد ومالك؛ لما روى أبو داود بإسناده عن عبد الله قال: اشتركت أنا وسعد وعمار يوم بدر، فلما جيء أنا وعمار بشيء وجاء سعد أسيرين ومثله لا يخفى على النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك في غزوة بدر وكانت غنائمها لمن أخذها قبل أن يُشْرِكَ الله تعالى بينهم؛ ولهذا نقل أن

النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَن أخذَ شيئًا فهو له» ، فكان ذلك من قَبِيلِ المباحات؛ ولأن العمل أحدُ جهتي المضاربة فصحت الشركة عليه كالمال، وقال أبو حنيفة: يصح في الصناعة، ولا يصح في اكتساب المباح كالإحتشاش والاغتنام؛ لأن الشركة مقتضاها الوكالة، ولا تصح الوكالة في هذه الأشياء؛ لأن من أخذها ملكها، وقال الشافعي: شركة الأبدان باطلة؛ لما روت عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل» وهذا الشرط ليس في كتاب الله، فوجب أن يكون باطلًا؛ ولأنها شركة على غير مال، فلم تصح كما لو اختلفت الصناعات والذي تطمئن إليه النفس أنها جائزة؛ للحديث السابق الوارد عن ابن مسعود الدليل للقول الأول. والله سبحانه أعلم. النوع الثاني أن يشتركا فيما يتقبلان في ذممهما من عمل كحدادة وقصارة وخياطة، ولو قال أحدهما: أنا أتقبل، وأنت تعمل، والأجرة بيننا، صح؛ لأن تقبل العمل يوجب الضمان على المتقبل ويستحق به الربح، فصار كتقبل المال في المضاربة والعمل يستحق به العامل الربح، كعمل المضارب فينزل منزلة المضاربة ويطالبان بم يتقبله أحدهما من عمل، وبعد تقبُّل أحدهما لا فسخ للآخر ويلزمهما عملُ ما تقبَّله أحدهما؛ لأن مبناها على الضمان، فكأنها تضمَّنَتْ ضمان كل واحد منهما عن الآخر ما يلزمه، ولكل من الشريكين طلبُ أجرة عمل ولو تقبله الآخر، ويبرأ مستأجر بدفع الأجرة لأحدهما وتلف الأجرة بلا تفريط بيد أحدهما علهما جميعًا؛ لأن كلا وكيل الآخر في قبضها والطلب بها، وإقرار أحدهما بما في يده يُقبل عليهما؛ لأن اليد له، فقبل إقراره بما فيها بخلاف ما في يد شريكه أو دين على شريكه؛ لأنه لا يدَ له عليه، والحاصل من مباح تملكاه أو أحدهما أو مِن أجرة عمل تقبلاه أو أحدُهما كما شرطا عند العقد من تساوٍ أو تفاضل؛ لأن الربح يستحق بالعمل، ويجوز تفاضلهما

فيه ولا يُشترط لصحتها اتفاق صنعة الشريكين، فلو اشترك حدادٌ ونجارٌ أو خياطٌ وقصارٌ فيما تقبلان في ممها من عمل، صح؛ لاشتراكهما في كسب مساح أشبه ما لو اتفقت الصنائع؛ ولأنه قد يكون أحدهما أحذق من الآخر مع إتفاق الصنعة، فربما تقبل أحدهما ما لا يمكن الآخر عملُه، ولا يمنع ذلك صحتها، فكذا اختلاف الصنعة ومن لا يعرف يتمكن من إقامة غيره بإجرة أو مجانًا، ولا يشترط لصحة الشركة معرفة الصنعة لواحد منهما، فلو اشترك شخصان لا يعرفان الخياطة في تقبلها ويدفعان ما تقبلاه لمن يعمله، وما بقي من الأجرة لهما صح، ويلزم غير عارف إقامةُ عارف للصنعة مُقامهُ في العمل ليعمل ما لزمه للمستأجر، وإن مرض أحدُ الشريكين، فالكسب بينهما على ما شرطاه. قال أحمد: هذا بمنزلة حديث عمار وسعد وابن مسعود؛ ولأن العمل مضمون عليهما وبضمانهما له وجبت الأجرة فتكون لهما ويكون العامل منهما عونًا لصاحبه في حصته، ولا يمنع ذلك استحقاقه، ويلزم من عذر بنحو مرض في ترك عمل مع شريكه بطلب شريكه له أن يقيم مقامه في العمل لدخولهما على العمل فلزمه أن يفي بمقتضى العقد وللآخر الفسخ إن امتنع أو لم يمتنع؛ وأما شركة الدلالين فصفتها أن يشترك اثنان فيما يأخذان من الناس من الأموال التي يبيعونها فيما حصل لهما، ويكون معنى اشتراكهما أن كل واحد منهما يبيع ما أخذ شريكه كما يبيع هو ما أخذه من الناس، فقيل: لا تصح؛ لأنه لابد فيها من وكالة، وهي على هذا الوجه لا تصح كآجر دابتك، والأجرة بيننا؛ لأن الشركة الفرعية لا تخرج عن الوكالة والضمان، ولا وكالة هنا ولا ضمان؛ فإنه لا دين يصير بذلك في ذمة واحد منهما ولا تقبُّل عملٍ. وقال الشيخ تقي الدين: وتصح شركة الدلالين وجعلها بمنزلة خياطة الخياط ونجارة النجار. وموجب العقد التساوي في العمل والأجر، وهذا القول

س43: تكلم بوضوح عما يلي: إذا اشتركا ليحملا على دابتيهما والأجرة بينهما، إذا اشتركا في أجرة عين الدابتين أو في أجرة أنفسهما، إذا اشترك اثنان لأحدهما آلة قصارة وللآخر بيت يعملان فيه بها، أو اشترك ثلاثة لواحد منهم دابة وللآخر راوية وثالث يعمل، أو اشترك أربعة لواحد دابة وللآخر رحى ولثالث دكان ورابع يعمل، وما الذي للعامل وما الذي عليه، من استأجر شيئا مما ذكر للطحن أو أياما معلومة، وكيف تقسيم الأجرة، إذا تقبل الأربعة العمل فكيف تكون الأجرة؟ وبماذا يرجع كل منهم على صاحبه؟ وما الحكم إذا قال رجل لآخر أجر عبدي أو دابتي والأجرة بيننا أو جمع بين شركة عنان وأبدان ووجوه ومضاربة، وما موجب العقد في جعالة وإجارة وشركة؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والخلاف والترجيح.

هو الذي تطمئن إليه النفس، إذا علم الناس حالهما واشتراكهما؛ لأنهم وإن أعطوا أحدهما فقد علموا أن الآخر شريكه وإن لم يعلموا أنه شريكه فالأول الذي يترجح. والله سبحانه وتعالى أعلم. س43: تكلم بوضوح عما يلي: إذا اشتركا ليحملا على دابتيهما والأجرة بينهما، إذا اشتركا في أجرة عين الدابتين أو في أجرة أنفسهما، إذا اشترك اثنان لأحدهما آلة قصارة وللآخر بيت يعملان فيه بها، أو اشترك ثلاثة لواحد منهم دابة وللآخر راوية وثالث يعمل، أو اشترك أربعة لواحد دابة وللآخر رحى ولثالث دكان ورابع يعمل، وما الذي للعامل وما الذي عليه، من استأجر شيئًا مما ذكر للطحن أو أيامًا معلومة، وكيف تقسيم الأجرة، إذا تقبل الأربعة العمل فكيف تكون الأجرة؟ وبماذا يرجع كل منهم على صاحبه؟ وما الحكم إذا قال رجل لآخر أجر عبدي أو دابتي والأجرة بيننا أو جمع بين شركة عنان وأبدان ووجوه ومضاربة، وما مُوجبُ العقد في جعالة وإجارة وشركة؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والخلاف والترجيح. ج: يصح أن يشتركا ليحملا على دابتيهما ما يتقبلانه من شيء معلوم إلى موضع معلوم في ذممهما؛ لأن تقبلهما الحمل أثبت الضمان في ذمتيهما ولهما أن يحملا على أي ظهر كان والشركة تنعقد على الضمان كشركة الوجوه، ولا يصح أن يشتركا في أجرة عين الدابتين أو في أجرة أنفسها إجارة خاصة بأن أجرا الدابتين لحمله أو أجرا أنفسهما يومًا يومًا فأكثر؛ لأن الحمل ليس في الذمة، وإنما استحق الكرى منفعة البهيمة التي استأجرها أو منفعة الشخص الذي آجر نفسه، ولهذا تنفسخ الإجارة بموت المستأجر من البهيمة والإنسان، ولكل من مالكي الدابتين أجرة دابته فيما إذا آجرا عين الدابتين، ولكل أجرة نفسه فيما إذا أجرا أنفسهما لبطلان الشركة والذي

يترجح عندي صحة الشركة كما لو اشتركا فيما يكتسبان بأبدانهما من المباح؛ فإن أعان أحدهما صاحبه في التحميل والنقل كان له أجر مثله؛ لأنها منافع وفاها بشبهة عقد. والله سبحانه وتعالى أعلم. وتصح شركة اثنين لأحدهما آلة قصارة وللآخر بيت على أنهما يعملان القصارة فيه بالآلة، وما حصل فبينهما لوقوع الإجارة على عملها والعمل يستحق به الربح في الشركة، والآلة والبيت لا يستحق بهما شيئًا؛ لأنهما يستعملان في العمل المشترك فيهما كالدابتين يحملان عليهما، وإن كان لأحدهما آلة أو بيت، وليس للآخر شيء واتفقا على أن يعملا بالآلة أو في البيت والأجرة بينهما جاز، ولا يصح أن يشترك ثلاثة لواحد منهم دابة وللآخر راوية وثالث يعمل بالراوية على الدابة، وما حصل بينهم أو أربعة لواحد دابة وللآخر رحى ولثالث دكان ورابع يعمل يطحن بالدابن والرحى في الدكان، وما ربحوا فبينهم؛ لأنه لا شركة ولا مضاربة، وقيل: يصح اشتراك الثلاثة ومثلها الأربعة، واختار القول بالصحة جمع منهم الموفق والشارح وصححه في «الإنصاف» ، وقدمه في «الفروع» و «الرعاية» ، وقال في «التنقيح» : وهو أظهر فعلى هذا يكون ما رزقهم الله بينهم على ما اتفقوا عليه، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، وعلى القول الأول للعامل الأجرة وعليه لرفقته أجرة آلاتهم. والله سبحانه وتعالى أعلم. ومن استأجر من الأربعة ما ذكر من الدابة والرحى والدكان والعامل لطحن شيء معلوم وأيام معلومة صفقة واحدة صح العقد، وتكون الأجرة بين الأربعة بقدر قيمة أجر المثل بأن توزع عليهم على قدر أجر مثل الأعيان المؤجرة كتوزيع المهر، فيما إذا تزوج الرجل أربعًا من النساء بمهر واحد. وإن تقبَّلُوا العمل في ذممهم بأن استأجرهم ربُ حبٍ لطحنه وقبلُوه صح العقد والأجرة بينهم أرباعًا؛ لأن كل واحد لزمه طحن ربعه بربع

الأجرة، ويرجع كل واحد منهم على رفقته الثلاثة لتفاوت قدر العمل بثلاثة أرباع أجر المثل فيرجع رب الدابة على رفقته الثلاثة بثلاثة أرباع أجرة مثلها وهكذا، ويسقط الربع الرابع؛ لأنه في مقابلة ما لزمه من العمل، فلو كانت أجرة مثل الدابة أربعين، والرحى ثلاثين، والدكان عشرين، وعمل العامل عشرة؛ فإن ربَّ الدابة يرجع على الثلاثة بثلاثة أرباع أجرتها وهي ثلاثون مع ربع أجرتها الذي لا يُرجعُ به على أحدِ وهو عشرة فيكمل له أربعون، ويرجع رب الرحى على الثلاثة باثنين وعشرين ونصف مع ما لا يرجع به وهو سبعة ونصف فيكمل له ثلاثون، ويرجع رب الدكان بخمسة عشر مع ما لا يرجع به وهو خمسة فيكمل له عشرون، ويرجع العامل بسبعة ونصف مع ما لا يرجع به وهو درهمان ونصف، فيكمل له عشرة ومجموع ذلك مائة درهم وهي القدر الذي استؤجروا به، وإنما لم يرجع بالربع الرابع؛ لأن كل واحد منهم قد لزمه ربع الطحين بمقتضى الإجازة، فلا يرجع بما لزمه على أحد ولو تولى أحدهما الإجارة لنفسه كانت الأجرة كلها له، وعليه لكل واحد من رفقته أجرة ما كان من جهته، ومن قال لآخر: آجر عبدي أو أجر دابتي والأجرة بيننا، ففعل، فالأجرة لرب العبد والدابة وللمؤجر أجرة مثله؛ لأنه عمل بعوض لم يسلم له، والذي تطمئن إليه النفس أنه إذا كان عن رضى وصحة عقل يكون على ما شرطا يؤيده حديث: «المؤمنون على شروطهم» والله سبحانه وتعالى أعلم. ويصح جمع بين شركة عنان وأبدان ووجوه ومضاربة لصحة كل منها منفردة، فصحت مع غيرها ومُوجب العقد في شركة وجعالة وإجارة التساوي في عمل وأجر؛ لأنه لا مرجح لأحدهم يستحق به الفضل، ولذي زيادة عمل لم يتبرع بالزيادة طلبها من رفيقه ليحصل التساوي.

س44: تكلم بوضوح عن شركة المفاوضة لغة وشرعا؟ وبين أقسامها؟ وما الذي يختص به كل واحد من الشريكين؟

44- شركة المفاوضة س44: تكلم بوضوح عن شركة المفاوضة لغةً وشرعًا؟ وبين أقسامها؟ وما الذي يختص به كل واحد من الشريكين؟ ج: المفاوضة مأخوذة من قولهم قوم فوضى أي متساوون لا رئيس لهم، قال الأفوه الأودي: لا يصلحُ الناسُ فَوْضَى لا سراة لهم ولا سراةَ إذا جُهَّالُهم سَادُوا ونعامٌ فَوضى: أي مختلط بعضهم ببعض، والناس فوضى: أي متفرقون وأمرهم فوضى بينهم، أي مختلط، والمفاوضة: الاشتراك في كل شيء، ويقال: متاعهم فوضى بينهم إذا كانوا فيه شركاء، ويقال أيضًا: فوضى فضا. وقال الآخر: طعامُهُمُ فَوضَى فَضًا في رِحَالهم ولا يُحْسِنُون السِرَّ إلا تَنَادِيَا والمفاوضة: المساواة، والمشاركة مفاعلة من التفويض، ومنه حديث معاوية قال لِدَغْفَل النَّسَّابة: بِمَ ضَبَطْتَ مَا أرَى؟ قال: بمفاوضة العلماء، قال: وما مفاوضة العلماء؟ قال: كنت إذا لقيتُ عالمًا أخذتُ ما عنده وأعطيته ما عندي، فكأن كل واحد منهما رد ما عنده إلى صاحبه، أراد محادثة العلماء. وشرعًا: قسمان: أحدهما: صحيح، وهو نوعان: الأول: تفويض كل من إثنين فأكثر إلى صاحبه شراءً وبيعًا في الذمة ومضاربة وتوكيلًا ومسافرة بالمال وارتهانًا وضمانًا من الأعمال كخياطة وحدادة فهي صحيحة وهي الجمع بين عنان ومضاربة ووجوه وأبدان وتقدم وجه صحتها. والنوع الثاني: أن يشتركا في كلما يثبت لهما وعلهما إن لم يدخلا في الشركة كسبًا نادرًا

أو غَرامةً؛ لأنها لا تخرج عن أضرب الشركة التي تقدمت. والقسم الثاني: فاسد، وهو أن يدخلا في الشركة كسبًا نادرًا كوجدان لقطة أو ركاز أو يدخلا فيها ما يحصل لهما من ميراث أو يدخلا فيها ما يلزم أحدهما من ضمان غصب أو أرش جنايةٍ أو ضمان عارية أو لزوم مهر بوطء؛ لأنه عقدٌ لم يرد الشرع بمثله، ولما فيه من كثرة الغررِ؛ لأنه قد يلزمُ فيه ما لا يقدرُ الشريك عليه، ولكل من الشريكين في هذا القسم ما يستفيده وله ربح ماله وله أجرة عمله لا يشركه فيه غيره لفساد الشركة، ويختص كل منهما بضمان ما غصبه أو جناه أو ضمنه عن الغير؛ لأن لكلِ نفسٍ ما كسبتْ وعليها ما اكتسبتْ. من النظم مما يتعلق بشركة الأبدان وشركة أكسَاب بأبدانهم تجز ولو باختلاف الصنعتين بأجودِ بكل مباح كالتلصُصِ منهم على أهل دار الحرب أو كالتصَيُّدِ وصحتُها في الغُنْمِ في نَفَلٍ وفي اسْتِلابِ قَتِيْلٍ إذ يُخَصَّا بِمُوْجِدِ ومَن يَتَقَبَّل منهم عملًا يَصِرْ عليهم وقسِمْ بَيْنَهم كَسْبَ مُفْرَدِ ويَلْزَمَ ذَا قَسْمٍ مَتى يَبغِ نائب وقيل إنْ تَرَكْ كسبًا بلا عُذْرِ أطد وما كسباه اقْسمْهُ بَيْنَهُمَا على تشارطُهم في مُبتدأ العَقْدِ تَهْتَدِ

وشَرْطَتُهُمْ في حَمْلِ ما اقْتَبَلُوا به بذِمَّتِهم صَحِّحْ ولا تَتَردّدِ وإن أجَّرُوا الأعيانَ كُلٌ امرء اثِبْ على حَمْلِ ما يَخْتَصُّهُ في المجودِ ومن يعط عبدًا أو بهائم عاملًا عليها بنصف الكسب أو نحوه طد كذا دَفْع أثوابٍ لِشَخْصٍ يَخِيْطُهَا وغَزْل لِنسَّاجٍ بِرَيْعِ المُزَيّدِ وإن يأخُذَنْ نَعْلا ورواية فَتى وبَغْلا ودَارًا وَالرَّحَى مِن مُعَدّد ويعمل فيها والمُحصَّلُ بَيْنَهم يَصِحُّ وقيل ارْدُدْ وبالأجر زَوّدِ كذا رفعُ قوس والشباك وصائد بِمَعْلُومِ جُزْء الصَّيْدِ صَحّحْ كما ابتدى وقيل لذي الآلاتِ أجرةُ مثِله لبطلانها والصَّيدُ لِلْمُتَصَيِّد ومن يشترط مع جزء كسب دراهمًا لخيفة الاستغراق للكل يفسد ويشرط في كل المسائل عامل فإن آجروا أموالهم مع تعقد على شركة فيما تحصل لم يجز وكُلٌ بأجْرَة ملْكِهِ فَلْيُفَرَّدِ

باب المساقاة

والأوكد منع إعطاء ماشِيَةٍ لِمَنْ يَعُولُ بثُلْثِ الدُّرِ والنَّسْل أسْنِدِ وأن يرعها حولًا كمِيْلًا بثُلْثِهَا له الثلثُ بالنامِي يَصحُّ بأوطد وأربعةُ الأنواع جمْعُكَ بَيْنَها صَحيح فشَارِكْ بالأمانةِ واجْهَدِ وشركة دَلَّالِينَ غَير صَحِيْحَةٍ وإن جَازَ تَوْكِيْلُ الوكيل فَجَوِّدِ وإدخالُهم في شركة كسبُ نادرٍ مُفَاوَضَىً عَنْ رَدِّهَا لا تَحَيَّدِ 45- باب المساقاة س45: ما هي المساقاة؟ ولماذا جعلت بين القراض والإجارة؟ وما الأصل فيها؟ وما الذي تصح عليه والذي لا تصح عليه؟ وما هي المناصبة؟ وما هي المغارسة؟ وما الدليل؟ وما هي المزارعة؟ ولماذا جمعت في باب واحد؟ وما الذي يعتبر للمساقاة والمزارعة؟ وما الألفاظ التي تصح بها؟ وتكلم عن إجارة الأرض بنقد أو بعرض أو بجزء، وعن ما إذا لم يزرعها المستأجر، وعن إجارة الأرض بطعام، وعن المساقاة على وَدْي النخل أو على شجر يغرسه ويعمل عليه. واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: المساقاة: من السقي؛ لأنه أهم أمرها بالحجاز؛ لأن النخل تُسقى به نضحًا من الآبار فتكثر مشقته، ولما كانت شبيهة بالقراض في العمل في شيء ببعض نمائه، وللإجارة في اللزوم والتأقيت جعلت بينهما، وشرعًا: أن يدفع الرجل شجره إلى آخر ليقوم بسقيه وعمل سائر ما يحتاج إليه بجزء

مشاع معلوم من ثمره. والمزارعة: مفاعلة من الزرع، وشرعًا: دفع الأرض إلى من يزرعها ويعمل عليها والزرع بينهما. والمخابرة هي المزارعة. اختار الشيخ جواز المساقاة على شجر يغرس ويعمل عليه بجزء معلوم من الشجر أو بجزء من الشجر والثمر كالمزارعة، وقال: ولو كان مغروسًا، وإن اشتركا في الغرس والأرض فسدت وجهًا واحدًا، قاله في «الإنصاف» ، وقال الشيخ تقي الدين: قياس المذهب صحتها، وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. اهـ. وسواء في ذلك النخل والكرم والرمان والجوز واللوز والزيتون وغيرها، وأن يكون معلومًا للمالك والعامل برؤية أو وصف، فلو ساقاه على بستان غير معين ولا موصوف أو على أحد هذين الحائطين لم يصح؛ لأنها معاوضة يختلف الغرض فيها باختلاف الأعيان، لم تجز على غير معلوم كالبيع، والأصل في جوازها ما روى ابن عمر قال: «عامل النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر وزرع» متفق عليه. وعن طاوس: «أن معاذ ابن جبل أكرى الأرض على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان على الثلث والربع، فهو يعمل به إلى يومك هذا» رواه ابن ماجه. وقال البخاري: قال قيس بن مسلم: عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ما المدينة أهل بَيت هجرة إلا يزرعون على الثلث والربع، والمعنى شاهد بذلك، ودال عليه؛ فإن كثيرًا من أهل الشجر يعجزون عن عمارته وسقيه ولا يمكنهم الاستئجار عليه، وكثير من الناس لا تشجر لهم ويحتاجون إلى الثمر، ففي تجويز المساقاة تجويز للحاجتين وتحصيل لمصلحة الفئتين كالمضاربة بالأثمان، وما روي عن ابن عمر أنا قال: كنا نخابر أربعين سنة حتى حدثنا رافع بن خديج «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المخابرة» فمحول على رجوعه عن معاملة فاسدة، فسرها رافع في حديثه، ولا يجوز حمل حديث رافع على ما يخالف الإجماع؛

لأنه –عليه الصلاة والسلام- لم يزل يعامل أهل خيبر حتى مات ثم عمل به الخلفاء بعده ثم من بعدهم، فكيف يتصور نهيه –عليه الصلاة والسلام- عن ذلك! بل هو محمول على ما رواه البخاري عنه قال: «تكرى الأرض بالناحية منها تسمى لسيد الأرض، فربما يصاب ذلك وتسلم الأرض، وربما تصاب الأرض ويسلم ذلك، فنهانا» فأما الذهب والورق فلم يكن يومئذ، وروي تفسيره أيضًا بشيء غير هذا من أنواع الفساد وهو مضطرب أيضًا. قال الإمامُ رافعُ يروي عنه في هذا ضروب كأنه يريد أن اختلاف الروايات عنه يوهن حديثه، وقال طاوس: إن أعلمهم –يعني ابن عباس- أخبرني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينهه عنه؛ ولكن قال: «لأنْ يَمْنَحَ أحدُكم أخاه أرضًا خيرٌ من أن يأخذ عليها خراجًا معلومًا» متفق عليه؛ وأما المساقاة على ما ليس له ثمر مأكول كالصفصاف، ويقال: له الخلاف، وذكر ابن قتيبة في كتاب «عيون الأخبار» : أن الخلاف شجر سقط ثمره قبل تمامه، وهو الصفصاف. وقال الشاعر: توقَ خلافًا إن سَمَحْتَ بموعد لِتسلَم مِن لوم الوَرى وتُعافَى فلو صَدَقَ الصَّفْصَافُ مِن بَعدِ نورِهِ إيواء آفةٍ مَا لَقَّبُوهُ خِلافًا والسَّرر والوِرد ونحوها، فَقيل: لا تصح عليه؛ لأنه ليس منصوصًا عليه ولا في معنى المنصوص عليه؛ ولأن المساقاة إنما تجوز بجزء من الثمرة، وهذا لا ثمرة له، وقيل: تصح المساقاة على ماله ورق يقصد كتوت أو له زهر يقصد كورد وياسمين ونحوه إجراء للورق والزهر مجرى الثمرة، قالوا: وعلى قياس ماله ورقٌ أو زهر يُقْصَد وشجرٌ له خشبٌ يُقْصَدُ كَحَوَرِ وصَفْصَافٍ، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم.

وتصح المساقاة بلفظ مساقاة؛ لأنه لفظها الموضوع لها، وبلفظ معاملة، وبلفظ مفالحة، واعمل بستاني هذا حتى تكمل ثمرته على النصف مثلًا ونحوه وبكل لفظ يؤدي معناها؛ لأن القصد المعنى، فإذا دل عليه بأي لفظ كان صح كالبيع، وتقدم صفة القبول في الوكالة، وأنه يصح بما يدل عليه من قول وفعل فشروعه في العمل قبول. وتصح المساقاة بلفظ إجارة وتصح مزارعة بلفظ إجارة، فلو قال: استأجرتك لتعمل لي في هذا الحائط بنصف ثمرته أو زرعه، صح؛ لأنه القصد المعنى، وقد وجد ما يدل على المراد منه، وتصح إجارة أرض معلومة مدة معلومة بنقد معلوم، وبعروض معلومة، وتصح إجارتها بجزء مشاع معلوم كالنصف والثلث مما يخرج منها سواء كان طعامًا كالبر والشعير أو غيره كالقطن والكتان، وهو إجارة حقيقية كما لو أجرها بنقد، وهذا القول من المفردات، قال ناظمها: ببعض ما تخرج أرض تؤجر كالثلث أو كالنصف أو ما قدروا وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا يصح ذلك؛ لأنها إجارة عين ببعض نمائها فلم يجز كسائر الأعيان. وقال أيضًا ناظم المفردات: يصحّ في الأرضين أن يزارعوا ببعض ما تخرجه المزارع ومنع النعمان ثم مالك مِن ذا وقالا لا يصح ذلك والشافعي وافقهم في البيضا

وقال لا يصح فيها أيضًا وذاك باب كامل مطرد مذهبنا به إذا ينفرد وقال أبو الخطاب ومن تبعه: هي مزارعة بلفظ الإجارة مجازًا؛ فإن لم يزرعها المستأجر في إجارة أو مزارعة، وسواء قلنا إنها إجارة أو مزارعة نظر إلى معدل المغلّ أي الموازن لما يخرج منها لو زرعت فيجب القسط المسمى في العقد وإن فسدت فأجرة المثل. وتصح إجارة الأرض بطعام معلوم من جنس الخارج منها، كما لو أجرها ليزرعها برًا بقفيز بر، وتصح إجارتها بطعام معلوم من غير جنس الخارج منها بأن أجرها بشعير لمن يزرعها بُرًا وتصح المساقاة على شجر له ثمرة موجودة لم تكمل تنمى بالعمل وتصح المزارعة على زرع نابت ينمي بالعمل؛ لأنها إذا جازت في المعدوم مع كثرة الغرر فيه، ففي الموجود مع قلة الغرر أولى؛ فإن بقي من العمل ما لا تزيد به الثمرة أو الزرع كالجذاذ والحصاد لم يصح عقد المساقاة ولا المزارعة. وقال في «المغني» و «المبدع» : بغير خلاف وإذا ساقاه على صغار النخل أو ساقاه على صغار شجر إلى مدة يحمل فيها غالبًا بجزء من الثمرة صح العقد؛ لأنه ليس فيها أكثر من أن عملَ العاملِ يَكثر ونصيبُه يقِل وهذا لا يمنع صحتها، كما لو جعل له جزء من ألف جزء، وإن ساقاه على شجر يغرسه ويعمل عليه حتى يثمر بجزء مشاع معلوم من الثمرة أو من الشجر أو منهما، وهي المغارسة والمناصبة صح، واحتج بحديث خيبر؛ ولأن العمل وعوضه معلومان فصحت كالمساقاة على شجر مغروس. قال الشيخ تقي الدين: ولو كان ناظر وقف وأنه لا يجوز لناظر بعده بيع نصيب الوقف من الشجر بلا حاجة. انتهى. ومراده بالحاجة ما يجوز معه بيع الوقف؛ فإن كان الغراس من العامل فصاحب الأرض بالخيار بين قلعه، ويضمن له نقصه وبين تركه في أرضه،

س46: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا عمل اثنان في شجر لهما والشجر بينهما نصفان وشرطا التفاضل في الثمرة، وما هي أركان المساقاة؟ وما هي شروطها؟ جعل للعامل دراهم معلومة أو آصعا معلومة مع الجزء المشاع، إذا كان في البستان شجر من أجناس كتين وزيتون فشرط للعامل من كل جنس إذا كان البستان لاثنين فساقيا عاملا واحدا على أن

ويدفع إلى العامل قيمة الغراس كالمشتري إذا غرس في الأرض التي اشتراها، ثم أخَذَ الشقص المشفوع الشفيعُ بالشفعة، وإن اختار العام قلع شجره، فله ذلك سواء بذل له صاحب الأرض القيمة أولًا؛ لأنه ملكه فلم يمنع تحويله وإن اتفق صاحب الأرض والعامل على بقاء الغراس في الأرض ودفع أجرة الأرض جاز؛ لأن الحق لا يعدوهما، وقيل: يصح كون الغراس من مساق ومزارع ومناصب. قال المنقح: وعليه العمل، وقال في «الإنصاف» : حكمه حكم المزارعة اختاره الموفق، والشيخ تقي الدين وابن رزين وأبو محمد الجوزي، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. 46- أركان المساقاة وشروطها وأمثلة لها مما يصح ومما لا يصح وبحوث حول ذلك س46: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا عمل اثنان في شجر لهما والشجر بينهما نصفان وشرطا التفاضل في الثمرة، وما هي أركان المساقاة؟ وما هي شروطها؟ جعل للعامل دراهم معلومة أو آصعًا معلومة مع الجزء المشاع، إذا كان في البستان شجر من أجناس كتين وزيتون فشرط للعامل من كل جنس إذا كان البستان لاثنين فساقيا عاملًا واحدًا على أن له نصف نصيب أحدهما وثلث نصيب الآخر، إذا ساقى واحد على بستان له اثنين أو ساقاه على بستانه ثلاث على أن له في السنة الأولى النصف، وفي الثانية الثلث، وفي الثالثة الربع، المساقاة على البعل، واذكر الدليل والتعليل والترجيح والشروط والقيود والمحترزات. ج: إذا عمل اثنان في شجر لهما والشجر بينهما نصفان وشطر الشريكان التفاضل في الثمرة بأن قالا على أن لك الثلث ولي الثلثان صح؛

لأن من شرط له الثلثان قد يكون أقوى على العمل وأعلم به ممن شرط له الثلث، ومن شرط صحته تقدير نصيب العامل بجزء مشاع من الثمر كالثلث والربع والخمس؛ لما سبق من أنه - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من ثمر أو زرع، فلو جعل للعامل جزأ من مائة جزء جاز أو جع لرب الشجر الجزء من مائة جزء لنفسه، والباقي للعامل جاز ما تراضَوا عليه؛ لأن الحق لا يعدوهما ما لم يكن حيلة على بيع الثمرة قبل بدو صلاحها فلا يصح، وإن ساقا على النخل بسهم معلوم كالثلث أو الربح وشرط عليه زيادة وزان معلومة أو دراهم معلومة أو ساقاه على نخلة بخمسمائة وزنه أو أقل أو أكثر أو جعل له بدل التمر دراهم، فهذا النوع إجازة الشيخ تقي الدين والجمهور على المنع، والذي تطمئن إليه النفس ما قاله الشيخ. والله أعلم. وأركان المساقاة ثلاثة: إيجاب، وقبول، وصيغة، وشروطها: سبعة أن تكون من جائز التصرف أن تكون على شجر، فلا تصح على ما ليس بشجر كالخضروات أن يكون الشجر له ثمر أن يكون الثمر يؤكل عادة أن يكون نصيب كل منهما معينًا كالنصف والربع أن يكون الشجر معلومًا برؤية أو صفة أن لا يشترط لأحدهما ثمر شجرة أو شجر معين. وإذا كان في البستان شجر من أجناس كتين وزيتون وكرم فَشَرطَ ربُّ البستان للعامل من كل جنس من الشجر قدرًا معلومًا كنصف ثمر التين وثلث ثمر الزيتون وربع ثمر الكرم صح، أو كان البستان أنواعًا من كل جنس فشرط من كل نوع قدرًا معلومًا كنصف البرني وثلث الصيحان وربع الإبراهيمي، وربُّ البستان والعامل يعرفان قدر كل نوع صحَّ العقدُ على ما شرطاه؛ لأن ذلك بمنزلة ثلاثة بساتين ساقاه على كل بستان بقدر مخالف للقدر المشروط من الآخر، ولو ساقاه على بستان واحد نصفه هذا بالثلث ونصفه بالربع، وهما متميزان صح؛ لأنهما كبستانين، وإن

س47: ما حكم المساقاة والمزارعة؟ وما الذي يبطلان به؟ وهل يفتقران إلى قبول أو ضرب مدة؟ وما الحكم فيما إذا فسخت؟ وإذا مات العامل في المساقاة أو المناصبة، فما الحكم؟ واذكر ما يترتب على ذلك، وإذا باع العامل نصيبه، واذكر مشابهه، وما يترتب على ذلك، وإذا فسخ رب المال

كان البستان لاثنين فَساقيا عاملًا واحدًا على أن له نصف نصيب أحدهما وثلث نصيب الآخر والعامل عالم ما لكل واحد منهما من البستان صح العقد؛ لأنه بمنزلة بُستانين ساقاه كل واحد منهما على واحد بجزء مخالف للآخر، وكذا إن جهل العامل ما لكل منهما من البستانين إذا شرطا قدرًا واحدًا، كأن يقولا: اعمل في هذا البستان في الثلث؛ لأن له ثلث نصيب كل منهما بالغًا ما بلغ، كما لو قالا: بعناك دارنا هذه بألف ولم يعلم المشتري نصيب كل واحد منهما؛ فإنه يصح؛ لأنه اشترى الدار كلها منهما وهما يقتسمان الثمن على قدر ملكيهما، ولو ساقى واحد على بستان له اثنين ولو مع عدم التساوي بينهما في النصيب بأن جعل لأحدهما السدس وللثاني الثلث صح، أو ساقا واحدًا على بستانه ثلاث سنين على أن له في السنة الأولى النصف، وفي السنة الثانية الثلث، وفي السنة الثالثة الربع صح؛ لأن قدر الذي له في كل سنة معلوم، فصح كما لو شرط له من كل نوع قدرًا. 47- حكم المساقاة والمزارعة وما حول ذلك من المسائل س47: ما حكم المساقاة والمزارعة؟ وما الذي يبطلان به؟ وهل يفتقران إلى قبول أو ضرب مدة؟ وما الحكم فيما إذا فسخت؟ وإذا مات العامل في المساقاة أو المناصبة، فما الحكم؟ واذكر ما يترتب على ذلك، وإذا باع العامل نصيبه، واذكر مشابههُ، وما يترتب على ذلك، وإذا فسخ رب المال أو وقتت أو ساقاه إلى مدة تكمل فيها الثمرة غالبًا فلم تحمل الثمرة أو ظهر الشجر مستحقًا بعد العمل فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ وهل يلزم الغاصب شيء؟ وعلى من يستقر الضمان؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ وإذا اقتسمها الغاصب والعامل، فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ وما الدليل على ذلك؟ وما الذي يترجح من الأقوال؟

ج: المساقاة والمزارعة عقدان جائزان من الطرفين؛ لما روى مسلم عن ابن عمر في قصة خيبر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نقركم على ذلك ما شئنا» ولو كان لازمًا لم يجز بغير توقيت مدة ولا أن يجعل الخيرة إليه في مدة إقرارهم؛ ولأنها عقد على جزء المال فكانت جائزة كالمضاربة، وهذا القول من المفردات، قال ناظمها: عقد المُسَاقِي وكذا المزرعي جوازُه ففي الأصحِ قَد رُعى وقال أكثر الفقهاء: هو عقد لازم؛ لأنه عقد معاوضة فكان لازمًا كالإجارة؛ ولأنه لو كان جائزًا جاز لرب المال فسخه إذا أدركت الثمرة فيسقط حق العامل فيستضر، وللأمر بالوفاء والعهود وليست من عقود التبرعات أو من عقود الوكالات حتى يسمح لأحدهما في فسخها، واختار هذا القول الشيخ تقي الدين أي أنها عقد لازم، وهو قول مالك، وهذا القول الشيخ تقي الدين، أي أنها عقد لازم وهو قول مالك، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. وعلى القول الأول يبطلان بما تبطل به الوكالة من موت وجنون وحجر لسفهٍ وعزل ولا يفتقران إلى ضرب مدة يحصل الكمال فيها؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يضرب لأهل خيبر مدة ولا خلفاؤه من بعده، ولكل فسخا أي المساقاة والمزارعة؛ لأنه شأن العقود الجائزة؛ فإن فسخت المساقاة بعد ظهور الثمرة فالثمرة بين المالك والعامل على ما شرطاه عند العقد؛ لأنها حدثت على ملكهما وكالمضاربة ويملك العامل حصته من الثمرة بظهورها كالمالك والمضارب، ويلزم العامل تمام العمل في المساقاة كما يلزم المضارب بيع العروض إذا فسخت المضاربة، قال المنقح: فيؤخذ منه دوام العمل على العامل في المناصبة، ولو فسخت المناصبة إلى أن تبيد الشجر التي عقدت عليها المناصبة، والواقع كذلك؛ فإن مات العامل في المساقاة أو المناصبة قام وارثه مقامه في الملك

والعمل؛ لأنه حق ثبت للمورث وعليه فكان لوارثه؛ فإن أبى الوارث أن يأخذ ويعمل لم يجبر ويستأجر الحاكم من التركة من يعمل؛ فإن لم تكن تركة أو تعذر الاستئجار منها بيع من نصيب العامل ما يحتاج إليه لتكميل العَمل واسُتؤجر من يعمله ذكره في «المغني» ، وإن باع العامل نصيبه لمن يقوم مقامه أو باعه وارثه لمن يقوم مقامه بالعمل جاز؛ لأنه ملكه وإن تعلق به نصيب حق المالك من حيث العمل لم يمنع صحة البيع؛ لأنه لا يفوت عليه؛ لكن إن كان المبيع ثمرًا لم يصح إلا بعد بدو الصلاح أو لمالك الأصل وإن كان المبيع نصيب المناصب من الشجر صح مطلقًا، وصح شرط العمل من البائع على المشتري كالمكاتب إذا بيع على كتابته، وللمشتري الملك وعليه العمل؛ لأنه يقوم مقام البائع فيما له وعليه؛ فإن لم يعلم المشتري بما لزم البائع من العمل فله الخيار بين الفسخ وأخذ الثمن وبين الإمساك وأخذ الأرش كمن اشترى مكاتبًا لم يعلم أنه مكاتب، وإن فسخ العامل أو هرب قبل ظهور الثمرة فلا شيء له؛ لأنه قد رضي بإسقاط حقه فصار كعامل المضاربة إذا فسخ قبل ظهور الربح وعامل الجعالة إذا فسخ قبل تمام عمله، وإن فسخ المالك المساقاة قبل ظهور الثمرة وبعد شروع العامل بالعمل فعليه للعامل أجرة عمله، بخلاف المضاربة؛ لأن الربح لا يتولد من المال بنفسه، وإنما يتولد من العمل ولم يحصل بعمله ربح والثمر متولد من عين الشجر، وقد عمل على الشجر عملًا مؤثرًا في الثمر، فكان لعمله تأثير في حصول الثمر وظهوره بعد الفسخ، ذكره ابن رجب في «القواعد» . ويصح توقيت المساقاة؛ لأنه لا ضرر في توقيت المدة وإن ساقاه إلى مدة تكمل فيها الثمرة غالبًا، فلم تحمل تلك السنة فلا شيء للعامل؛ لأنه دخل على ذلك وكالمضاربة وإن ظهر الشجر مستحقًا بعد العمل أخذ الشجر ربه وأخذ ثمرته؛ لأنه عين ماله ولا حق للعامل في ثمرته ولا أجرة له على رب

س48: ما الذي يلزم العامل في المساقاة والمزارعة؟ وما الذي يلزم رب

الشجر؛ لأنه لم يأذن له في العمل، وللعامل على الغاصب أجرة مثله؛ لأنه غره واستعمله كما لو غصب نقرة واستأجر من ضربها دراهم، وإن شمس العامل الثمرة فلم تنقص قيمتها بذلك أخذها المغصوب منه، وإن نقصت الثمرة بذلك فله أخذها وأرش نقصها، ويرجع به على من شاء منهما من العامل أو الغاصب ويستقر الضمان على الغاصب؛ لأنه سبب يد العامل وإن استحقت الثمرة بعد أن اقتسمها الغاصب والعامل وأكلاها، فللمالك تضمين من شاء منهما؛ فإن ضمن الغاصب فله تضمينه الكل وله تضمينه قدر نصيبه؛ لأن الغاصب سبب إزالة يد العامل فلزم ضمان الجميع وله تضمين العامل قدر نصيبه لتلفه تحت يده؛ فإن ضمن المالك الغاصب الكل رجع على العامل قدر نصيبه لتلفه تحت يده؛ فإن ضمن المالك الغاصب الكل رجع على العامل بقدر نصيبه؛ لأن التلف وجد في يده فاستقر الضمان عليه ويرجع العامل على الغاصب بأجرة مثله؛ لأنه غره وإن ضمن العامل احتمل أن لا يضمنه إلا نصيبه خاصة؛ لأنه ما قبض الثمرة كلها، بل كان مراعيًا لها وحافظًا، ويحتمل أن يضمنه الكل؛ لأن يده مشاهدة بغير حق؛ فإن ضمنه الكل رجع على الغاصب ببدل نصيبه منها وأجر مثله وإن يضمن كل ما صار إليه رجع العامل على الغاصب بأجرة مثله لا غيره، وإن تلفت الثمرة في شجرها أو بعد الجذاذ قبل قسمة، فمن جعل للعامل قابضًا لها بثبوت يده على حائطها قال: يلزمه ضمانها، ومن قال: لا يكون قابضًا إلا بأخذ نصيبه منها، قال: لا يلزمه الضمان ويكون على الغاصب ذكره في «المغني» و «شرح المنتهى» . اهـ. من «الإقناع وشرحه» باختصار وتصرف. 48- ما يلزم العامل في المساقاة والمزارعة وما الذي يلزم رب الأصل فعله وذكر بعض الشروط المشترطة في ذلك س48: ما الذي يلزم العامل في المساقاة والمزارعة؟ وما الذي يلزم رب

الأصل فعله؟ وما حكم شرط الجذاذ على العامل؟ وإذا شرط في المضاربة والمساقاة والمزارعة عمل مالك أو عمل غلامه معه أو شرط العامل إن أجر الأجير الذي يستعين به يؤخذ من المال، وما الذي تتبع به الكلف السلطانية؟ وما الذي قاله الشيخ تقي الدين حول هذا الموضوع؟ وعلى من يكون الخراج في الأرض الخراجية؟ وهل يقبل قول العامل في عدم التعدي أو في الرد؟ وماذا يعمل معه إذا خان في العمل؟ وإذا اختلفا فيما شرط لعامل أو في مبطل أو اتهم رب المال العامل فما الحكم؟ واذكر الدليل والتعليل والترجيح. ج: على عامل في المساقاة والمغارسة والمزارعة عند إطلاق العقد كل ما فيه نمو أو صلاح الثمر وزَرْعٍ من سقي بماء حاصل لا يحتاج إلى حفر بئر ولا إدارة دولاب وإصلاح طرق الماء بتنقية مجراه من طين وغيره وإصلاح محله بتسوية ما ارتفع من الأرض مع ما انخفض منها لتشرب العروق وتستوفي حظها من الماء وتشميسُ ما يحتاج إلى تشميس وإصلاح موضع الشمس وحرث وآلته وبقره وزبار وهو تخفيف الكرم من الأغصان الرّديئة وبعض الجيدة بقطعها بمنجل ونحوه، وتلقيح وهو جعل طلع الفحال في طلع التمر وقطع حشيش مضر بشجر أو زرع وقطع شوك وشجر يبس وآلة قطع كفأس ومنجل وتفريق زبل وتفريق سباخ، وهو ما يجمع من الأزقة من رماد وغيره ونقل ثمر ونقل زرع لبيدر ومصطاح وحصاد ودياس ولقاط لنحو قثاء وباذنجان وتصفية زرع وتجفيف ثمرة وحفظها على الشجر وحفظ زرع في الجرين إلى قسمة وإصلاح حفر أصول نخل وتُسمى الأجاجين يجمع بها الماء ويثبت على الأصول فتروى وتنمو؛ لأن ذلك كله فيه صلاح الزرع والثمر وزيادتهما فهو لازم للعامل بإطلاق العقد، ويجب على رب أصل فعل ما يحفظ الأصل كسد حائط وتحصيل سياج وهو

الشوك يجعل على الجدار ليحفظ من الدخول وإجراء نهر وحفر بئر والجذاذ على العامل؛ لأنه كنقل الثمرة إلى الجرين فكان على العامل كالتشميس والحفظ ونحوه، وقيل: عليهما بقدر حصتيهما، والذي يترجح عندي القول الأول؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دفع إلى يهود على أن يعملوها من أموالهم، وهذا من العمل مما لا تستغني عنه الثمرة أشبه التشميس. والله أعلم. قال ناظم المفردات: وعِنْدنَا العَامِلُ والمُسَاقِي عَلَيْهما الجَذَاذُ في الإطلَاقِ والشيخُ لِلْعَامِلِ بَلْ يَخْتَصُّ كالحَصْدِ والأولُ فيه النَّصُ والله أعلم. وإن شرط في المضاربة والمساقاة والمزارعة عمل مالك أو عمل غلامه مع العامل بأن شرط أن يعينه في العمل، صح كشرطه عليه عمل بهيمة؛ لأنه هناك شرط مجرد المعونة فلم تؤثر في العقد ويتبع في الكلف السلطانية، وهي التي يطلبها السلطان العُرْف فما عرف أخذه من رب المال، وهو المالك فيؤخذ منه أو عرف أخذه من عامل فهو عليه، ويؤخذ منه ما لم يكن شرط جرى بينهما فيتبع ويعمل بمقتضاه؛ لحديث: «المؤمنون على شروطهم» وما طلب من قرية مِن كلف سلطانية فَعَلى قدر الأموال؛ فإن وُضِعَ على الزرع فعلى ربه، أو وضِعَ على العقار فعلى ربه ما لم يشترط على مستأجر، وإن وضع مطلقًا فالعادة، قاله الشيخ تقي الدين. وقال في المظالم المشتركة التي تطلب من الشركاء في قرية أو مدينة إذا طلب منهم شيء يؤخذ على أموالهم ورؤوسهم مثل الكلف السلطانية التي

توضع عليهم كلهم؛ أما على عدد رؤوسهم أو على عدد دوابهم أو عدد أشجارهم أو على قدر أموالهم، كما يؤخذ منهم أكثر من الزكاة الواجبة في الشرع أو أكثر من الخراج الواجب بالشرع أو تؤخذ منهم الكلف التي تؤخذ في غير الأجناس الشرعية كما وضع على المتبايعين للطعام والثياب والدواب والفاكهة وغير ذلك، وإن كان قد قيل إن ذلك وضع بتأويل وجوب الجهاد عليهم بأموالهم واحتياج الجهاد إلى تلك الأوال كما ذكره صاحب «غياث الأمم» وغيره مع ما دخل في ذلك من الظلم الذي لا مساغ له عند العلماء، ومثل ما يجمع لبعض العوارض لقدوم السلطان وحدوث ولد له ونحوه؛ وأما أن ترمي عليهم سلع تباع منهم بأكثر من أثمانها، وتسمى الحطائط، ومثل القوافل فيطلب منهم على عدد رؤوسهم أو دوابهم أو قدر أموالهم أو يطلب منهم كلهم، فهؤلاء المكرهون على أداء هذه الأموال عليهم لزوم العدل على ما يطلب منهم، وليس لبعضهم أن يظلم بعضًا فيما يطلب منهم، بل عليهم التزام العدل فيم أخذ منهم بغير حق كما عليهم التزام العدل فيما يؤخذ منهم بحق؛ فإن هذه الكُلف التي تؤخذ منهم بسبب نفوسهم وأموالهم هي بمنزلة غيرها بالنسبة إليهم، وإنما يختلف حالهما بالنسبة إلى الآخذ، فقد يكون آخذًا بحق وقد يكون آخذًا بباطل؛ وأما المطالبون فهذه كلف تؤخذ منهم بسبب نفوسهم وأموالهم فليس لبعضهم أن يظلم بعضًا في ذلك، بل العدل واجب لكل أحد على كل أحد في كل الأحوال والظلم لا يباح منه بحال وحينئذ فهؤلاء المشتركون ليس لبعضهم أن يفعل ما به ظلم غيره، بل إما أن يؤدي قسطه فيكون عادلًا؛ وإما أن يؤدي زائدًا على قسطه فيعين شركاءه فيما أخذه منهم فيكون محسنًا، وليس له أن يمتنع عن أداء قسطه من ذلك المال امتناعًا يؤخذ به قسطه من سائر الشركاء فيتضاعف الظلم عليهم؛ فإن المال إذا كان

يؤخذ لا محالة وامتنع بجاه أو رشوة أو غيرهما كان قد ظلمَ من يؤخذ منه القسط الذي يخصه، وليس هذا بمنزلة أن يدفع عن نفسه الظلم من غير ظلم لغيره؛ فإن هذا جائز مثل أن يمتنع عن أداء ما يخصه، فلا يؤخذ ذلك منه ولا من غيره، وحينئذ فيكون الأداء واجبًا على جميع الشركاء كل يؤدي قسطه الذي ينوبه إذا قسم المطلوب بينهم بالعدل، ومن أدى غَيْرُهُ قِسْطَهُ بغير إكراه كان له أن يرجع إليه، وكان محسنًا إليه في الأداء عنه فيلزمه أن يعطيه ما أداه عنه، كما في المقرض المحسن، ومن غاب ولم يؤد حتى أدى عنه الحاضرون لزم قدر ما أدوه عنه ومن قبض ذلك من ذلك المؤدى عنه وأداه إلى هذا المؤدي جاز له أخذه سواء كان الملزِم له بالأداء هو الظالم الأول أو غيره؛ ولهذا له أن يدعي بما أداه عنه كما يحكم عليه بأداء بدل القرض ولا شبهة على الآخذ في أخذ بدل ماله، والخراج في الأرض الخراجية على رب ماله لا على عامل؛ لأنه على رقبة الأرض أثمرت الشجر أو لم تثمر؛ ولأنه أجرة الأرض فكان على مَن هي ملكه ولا يجب الخراجُ في الأرض الخراجية على عامل؛ لأنه لا ملك له فيها، كما لو زارع آخر على أرضٍ مستأجرةٍ، فالأجرة عليه دون العامل؛ لأن منافعها صارت مستحقة له فملك المزارعة فيها كذلك، وحكم موقوف عليه كمالك في مساقاة ومزارعة، وكذا ينبغي في ناظر الوقف إذا رآه مصلحة وحكم عامل في مساقاة ومزارعة كمضارب فيما يقبل قوله فيه أو يرد قوله فيه فيقبل قوله أنه لم يتعد ونحوه؛ لأن رب المال إئتمنه دون الرد للثمرة والزرع؛ لأنه قبض العين لحظ نفسه، وكذا إذا اختلفا في قدر ما شرط لعامل من ثمرة أو زرع، وفي مبطل لعقدها كجزء مجهول أو دراهم ونحوها. وفي جزء مشروط من ثمر أو زرع إذا اختلفا لمن هو؟ فإن خان عامل في مساقاة أو مزارعة فمشرف يمنعه الخيانة إن ثبت بإقرار أو بينة أو نكول فيضم إليه من يمنعه حفظًا للمال وتحصيلًا

س49: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: الحصاد والجذاذ ليلا، ممن يكون البذر؟ إذا شرط لعامل نصف هذا النوع مثلا أو الجنس وربع النوع أو الجنس الآخر، إذا شرط إن سقى سيحا فله الربع وإن سقى بكلفة فله النصف، وإن زرعها شعيرا فله الربع، وإن زرعها حنطة فله النصف، أو قال: لك الخمسان إن لزمتك خسارة وإلا فلك الربع، أو أن يأخذ رب الأرض مثل بذره، أو ساقيتك هذا البستان بالنصف على أن أساقيك الآخر بالربع، أو شرطا لأحدهما قفزانا من الثمر أو دراهم معلومة أو زرع ناحية معينة، وإذا فسدت المساقاة أو المزارعة، فما الحكم؟ من زارع شريكه في أرض في نصيبه منها بجزء زائد عن حصته، من زارع أو آجر شخصا أرضا وساقاه على شجر بها، فسخ الإجارة لتبعيض الصفقة، واذكر ما حول ذلك من مسائل وأدلة وتعاليل وتفاصيل ومحترزات وترجيح وخلاف.

للغرضين؛ فإن تعذر منعه من الخيانة بأن لم يكن المشرف والعامل مكانه من الخائن لقيامه عنه بما عليه من العمل، كما لو عجز العامل عن عمل لضعفه مع أمانته فيضم إليه قوي أمين، ولا تنزع يده؛ لأن العمل مستحق عليه ولا ضرر في بقاء يد. 49- مسائل حول ما يشترطه العامل على رب المال أو بالعكس وبحوث حول ذلك س49: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: الحصاد والجذاذ ليلًا، ممن يكون البذر؟ إذا شرط لعامل نصف هذا النوع مثلًا أو الجنس وربع النوع أو الجنس الآخر، إذا شرط إن سقى سيحًا فله الربع وإن سقى بكلفة فله النصف، وإن زرعها شعيرًا فله الربع، وإن زرعها حنطة فله النصف، أو قال: لك الخمسان إن لزمتك خسارة وإلا فلك الربع، أو أن يأخذ رب الأرض مثل بذره، أو ساقيتك هذا البستان بالنصف على أن أساقيك الآخر بالربع، أو شرطا لأحدهما قفزانًا من الثمر أو دراهم معلومة أو زرع ناحية معينة، وإذا فسدت المساقاة أو المزارعة، فما الحكم؟ مَن زارع شريكه في أرض في نصيبه منها بجزء زائد عن حصته، من زارع أو آجر شخصًا أرضًا وساقاه على شجر بها، فسخ الإجارة لتبعيض الصفقة، واذكر ما حول ذلك من مسائل وأدلة وتعاليل وتفاصيل ومحترزات وترجيح وخلاف. ج: يكره الحصاد والجذاذ ليلًا إلا لحاجة خشية ضرر؛ لأنه ربما أصابه أذى من حية ونحوها؛ وأما كون البذر من رب الأرض، فقيل: يشترط؛ لأنه عقد يشترط للعامل ورب المال في نمائه فوجب كون رأس المال كله من عند أحدهما كالمساقاة والمضاربة، وقيل: لا يشترط كون البذر من

رب الأرض، اختاره الموفق والمجد والشارح وابن رزين وأبو محمد يوسف الجوزي، والشيخ ابن القيم، وصاحب «الفائق» و «الحاوي الصغير» ، وعليه عمل الناس؛ لأن الأصل المعول عيه قضية خيبر في المزارعة ولم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن البذر على المسلمين، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. وإذا شرك رب المال لعامل نصف هذا النوع أو الجنس من ثمر أو زر وربع النوع أو الجنس الآخر وجهل قدر النوعين بأن جهلاهما أو جهل أحدهما لم يصح؛ لأن قد يكون أكثر ما في البستان من النوع المشروط فيه الربع وأقله من الآخر، وقد يكون بالعكس، وإن شرط إن سقَى سَيْحًا فله الربع، وإن سقى بكُلفة فله النصف، أو إن زرعها شعيرًا فله الربع، وإن زرعها حنطة فله النصف، فقيل: لم يصح لجهالة العمل والنصيب، وقيل: يصح، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. وإن قال: ما زرعتها من شيء فلي نصفه، صح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ساقى أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو ثمر أو جعل له في المزارعة ثل الحنطة ونصف الشعير وثلثي الباقلا، وبيَّنا قدر ما يزرع من كل واحد من هذه الأنواع؛ إما بتقدير البذر أو تقدير المكان وتعيينه مثل أن يقول نزرع هذا المكان قمحًا وهذا شعيرًا أو تزرع مدين حنطة ومدى شعير جاز؛ لأن كل واحد من هذه طريق إلى العلم، فاكتفى به، وإذا قال: لك الخمسان إن لزمتك خسارة وإلا فالربع، لم يصح نصًا، وقال: هذا شرطان في شرط، وكرهه، والذي أرى أنه مثل ما إذا قال: إن سقى سيحًا فله كذا، أو إن سقى بكلفة فله كذا، وتقدمت قبل سبعة أسطر. والله أعلم. وإن شرط أن يأخذ رب الأرض مثل بذره مما يحصل ويقتسما الباقي، فقيل: لم يصح، وقال في «الفروع» : ويتوجه تخريج من المضاربة. قلت:

والذي يترجح عندي جوازه. والله أعلم. وجوز الشيخ تقي الدين أخذ البذر أو بعضه بطريق القرض، وقال: يلزم من اعتبر البذر من رب الأرض وإلا فقوله فاسد، وقال أيضًا: تجوز كالمضاربة وكاقتسامهما ما يبقى بعد الكلف، وإن قال رب بستانين فأكثر: ساقيتك هذا البستان بالنصف على أن أساقيك البستان الآخر بالربع فسدت المساقاة والمزارعة؛ لأنه شرط عقدًا في عقدين فهو في معنى بيعتين في بيع المنهي عنه كما لو شرط رب المال والعامل لأحدهما قزفانًا من الثمر والزرع أو دراهم معلومة؛ لأنه قد لا يخرج ما يساوي تلك الدراهم أو شرط لأحدهما زرع ناحية معينة من الأرض أو شرط لأحدهما ثمرة شجر معينة غير الشجر المساقي عليه؛ أما في الأولى فلأنه قد لا يزيد ما يخرج ما يزيد على القفزان المشروطة، وفي الثانية قد لا يتحصل في الناحية المسماة أو الأخرى بشيء أو شرط لأحدهما ثمرة سنة غير السنة المساقي عليها؛ لأنه كله يخالف موضوع المساقاة، وكذا لو شرط لأحدهما ما على السواقي أو الجداول منفردًا أو مع نصيبه، وحيث فسدت المزارعة والمساقاة فالزرع في المزارعة لرب البذر أو الثمر إذا فسدت المساقاة لرب الشجر؛ لأنه ماله ينقلب من حال إلى حال، وينمو كالبيضة تُحْضن فتصير فرخًا، وعلى رب البذر والشجر أجرة مثل عامل؛ لأنه بذل منافعه بعوض لم يلم له فرجع إلى بدله وهو أجرة المثل، وإن كان رب البذر عاملًا فعليه أجرة مثل الأرض التي فيها نصيب العامل وأجرة العمل بقدر عمله في نصيب صاحب الأرض، ومن زارع أو آجر شخصًا أرضًا وساقاه على شجر صح؛ لأنهما عقدان يجوز إفراد كل منهما فجاز الجمع بينهما كجمع بين إجارة وبيع في عقد واحد فيصح، سواء قل بياض الأرض أو كثر، فلو جعل رب الشجر للعامل جزء من مائة، جزء لنفسه والباقي للعامل جاز؛ لأن الحق لا يعدوهما ما لم يكن حيلة على بيع الثمرة قبل وجودها أو قبل بدء صلاحها؛ فإن كان

حيلة كأن يؤجر الأرض بأكثر من أجرتها ويساقيه على الشرج بجزء من مائة جزء فيحرم ذلك، ولا يصح عقد الإجارة والمساقاة. قال المنقح: قياس المذهب بطلان عقد الحيلة مطلقًا سواء جمع بين عقد الإجارة والمساقاة أو عقد واحدًا بعد آخر؛ فإن قطع بعض الشجر المثمر والحالة هذه فإنه ينقص من العوض المستحق بقدر ما ذهب من الشجر سواء، قيل: بصحة العقد أو فساده وسواء قطعه المالك أو غيره، قاله الشيخ تقي الدين. قال البهوتي: قلت: مقتضى القواعد أنه لا يسقط من أجرة الأرض شيء إذا قلنا بصحتها؛ لأن الأرض هي المعقود عليها ولم يفت منها شيء؛ وأما إذا فسدت فعليه أجرة مثل الأرض، ويرد الثمرة وما أخذه من ثمر الشجر وله أجرة مثل عمله فيها وما أخذه مستأجر من ثمر الشجر المساقي عليه أو تلف الثمر تحت يده، فمن ضمان المستأجر لفساد العقد وله أجرة مثل عمله. ويباح لكل إنسان إلتقاط ما تركه حَصَّاد رغبةً عنه مِن سُنبلٍ وحب وغيرهما لجريان ذلك مجرى نبذِه على سبيل الترك ويحرم منعه على غير مالك يريده؛ أما إذا أراده المالك فله منع ملتقطه؛ لأنه ملكه وقد بدا له العود إليه بعد إعراضه عنه فكان له ذلك، وإذا غصب زرع إنسان وحصده الغاصب أبيح للفقراء السُنبل المتساقط كما لو حصده المالك، وكما يُباح رعي كلأ الأرض المغصوبة واستشكل بدخول الأرض المغصوبة، ومن سَقط حبه منه وقت حصادٍ فنبت بعام قابل فلرب الأرض مالكًا كان رب الأرض أو مستأجرًا أو مستعيرًا؛ لأن رب الحب أسقط حقه بحكم العرف وزال ملكه عنه؛ لأن العادة ترك ذلك لمن يأخذه، ومن باع قصيلًا فحصد وبقي يسير فصار سنبلًا، فهو لرب الأرض، ولا يجوز أن يدخل إنسان مزرعة أحد إلا بإذنه لغير كلأ ولا شوك، والمراد ولا ضرر بدخول مريدهما ولم تحوط الأرض، إما إذا كانت محوطة أو كان يتضرر

المالك بالدخول إلى أرضه لعِزَّةِ وجُود الكلأ والشوك ودعاء الحاجة إليه، فلا يجوز؛ لأنه نبت في ملكه وهو أحق به من غيره. من النظم فيما يتعلق بالمساقاة وفي النخل والأشجار والكرم جائز مساقاتها مع عامل متعهدِ إذا كان ذا ثمر ويؤكل عادة كذا مبتغ الأوراق والزهر فاعدد وألغ أبو يعلى معاملة هنا وذوو الأرض مع غرس كذا الشفعة اعدد وإن رضيا البقيا بأجر فجائز وإن شاء رب الغرس قلعًا ليسعد وإن يشترط جُزأ من الغرس لم يجز وقيل بلى كالزرع في أرضه اهتدى وإن يشترط جزأ من الأرض لم يجز بغير خلاف عند كل مسدد ولغو مساقاة على ثمر بدا ولم يبد فيه من صلاح بأوكد وإن يتساوى ملك عمال غرسهم متى فاضلوا في الأجر وجهين أسند وصحح على أرض مزارعة الفتى ومن ربها أشرط بذرها في الموطد وعن أحمد ما دل إن ليس لازمًا

وذا اختاره الشيخ الموفق قلد ومن عامل أو منهما أو سواهما بأرضهما في الكل قولين أسند ويخرج هذا الخلف في بذر ثالث وفي اثنين يعطي واحد بذره قد وإن كان من عمرو عوامل حرثه ومن عامل باقي الأمور فجود وإن لم يكن من واحد غير مائة فقولان في هذا بغير تردد وذوو الأصل ألزمه بما فيه حفظه كإجراء نهر أو كسد مهدد وما منه ينمي الريع الزمه عاملًا كسقي وإصلاح المسيل وموهد وحرث وآلات له وعوامل وقطع مضر النبت والحصد باليد وزبر وتلقيح وإصلاح بيدر ودوس وتشميس وذرى معود وأن يحفظ الغلات حتى انقسامها وأن يستقي الماء مطلقًا لم يقيد وقيل وألزمه الجذاذ وقيل المدير لدولاب الحراث فجود وقيل على العمال كل مكرر

ويلزم أهل المال كلُ مُؤَيِّدُ فصل في حكم المساقاة وعقد المساقي والمزارع جائز قبيل ظهور أو بعد ذلك فاهتد وفسخ عمول قيل يسقط حقه ومن مالك خذ أجرة منه وأرقد وقد قيل كل لازم العقد فاشرطن لها مدة فِيهَا صلاح المرصد فإن كان لم تكمل بها فسدت وإن لعاملها أجر نعم في المجودِ وإن كان في المشروط عرف كمالها فيعمل فلم تحمل فيحرم ويُبعد وإن تتردد في الكمال فأفسدت في الأقوى وأجر العامل ابذل بأجودِ وللوارث التتميم إن مات عامل فإن يأب فاستأجر من الإرث وأزيد وبالقرض فاستعمل له أو مؤجل إن أمكن لفقد المال أو بعه وزوّد على عمل في الذمة إن قلت لازمًا وأما على عين فبالموت أفسد وللمالكين الأخذ عند تعذر

فبعد الظهور اقسم على الشرط تقصد ويلزم عمالًا وثمة فعله إلى قسمها أو من تُراث ملحدِ وإن فسخوا قبل الظهور فاجرة بوجه لعُمَّالٍ كذا في المُعَرَّدِ ويأخذ رب المال أجرته متى يباشر بإذن الحاكم المتقلدِ فإن يتعذر إذنه فبشهد ومن دون إذن يمكن أرجع بمبعد كذا الحكم إن يفسد بحجر أو السفيه أو ذهاب نُهىً من عاقد منهما اشهد وإن قلت إن يزرع كذا أو سقى كذا فنصف والأربع أبطل بأجود وإن قلت ما تزرع من البر نصفه لنا ومن الأرز ربع ففسد كذا قوله ساقيت هذا بنصفه على أن يساقي ذاك بالربع فازدد ومن صح منه الفعل في ماله أجز من المرء كلا منهما لا تردد تعاملت أو لفظًا شقاق كليهما وشبه في آجرت وجهين أورد بمعلوم جزء من غلال بنسبة

باب الإجارة

وتعيينك المعمول فيه فقيدِ ومن يشترط ممن يعامل آصعًا نهى وكذا من يشترط فقد معدد ومَن زارع الشخص الشريك بزائد على حظه في الريع جوّز بأجور وبالنقد أو عرض أجز أجر أرضه ومعلوم قفزان سوى زرعها طد 50- باب الإجارة س50: تكلم بوضوح عن الإجارة مبينًا ما هي؟ وما سندها؟ مع ذكر شيء من محاسنها، وما هي أقسامها؟ وما الذي يستثنى من ذلك، وهل هي على وفق القياس؟ ومن الذي تصح منه؟ وما الألفاظ التي تنعقد فيها؟ وما هي أركانها؟ وما هي شروطها؟ ومتى وقت الخدمة؟ وما حكم ماء البئر؟ وهل للمستأجر أن يأذن لمن شاء في الدخول فيها؟ وما الذي يمنع من إحداثه فيها؟ وهل يذكر المكان والزمان في الإجارة؟ وإذا كان المحمول كتابًا فما الحكم؟ وهل للإنسان أن يستأجر الحرة أو الأمة، وما حكم النظر إليها والخلو بها؟ واذكر ما يحتاج إلى ذكره من تقاسيم ومحترزات وقيود وأدلة وتعليلات وخلاف وترجيح. ج: الإجارة: مُشتقة من الأجر، وهو العوض، ومنه سمي الثواب أجرًا؛ لأن الله تعالى يعوض العبد به على طاعته أو صبره عن معصيته. والأصل في جوازها الكتاب والسُّنة والإجماع؛ أما الكتاب: فقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} ووجه الدلالة منه أنَّ آتوهن أجورهن أمر، والأمر للوجوب، والإرضاع بلا عقد تبرع لا يوجب أجرة وإنما

يوجبها القد فتعين الحمل عليه، أي آتوهن أجورهن إذا أرضعن لكم بعقد، وقال تعالى: {وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} ، وقال تعالى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأَمِينُ * قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ} وروى ابن ماجه في «سننه» عن عتبة بن المنذر، قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ (طسم) حتى إذا بلغ قصة موسى قال: «إن موسى –عليه السلام- آجر نفسه ثماني حجج أو عشرًا على عفة فرجه وطعام بطنه» . وقال تعالى: {فَوَجَدَا فِيهَا جِداَراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً} . وأما السُّنة: فعن عائشة في حديث الهجرة، قالت: «واستأجر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر رجلًا من بني الدَّيل هاديًا خريتًا، والخريتُ: الماهر بالهداية، وهو على دين كفار قريش، وأمناه فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث، فأتاهما براحلتيهما صبيحة ليال ثلاث، فارتحلا» رواه البخاري وأحمد، وعن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم» ، فقال أصحابه: وأنت. قال: «نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة» رواه أحمد والبخاري، وعن سويد بن قيس قال: جلبت أنا ومخرمة العبدي بزًّا من هجر، فأتينا به مكة، فجاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي فساوَمنا سراويل فبعناه، وثم رجل يزن بالأجر، فقال له: «زمن وأرجح» رواه الخمسة، وصححه الترمذي. وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: «كنت أرحل للنبي صلى الله عليه وسلم رواحله، فقيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن فلانًا أحسن من عبد الله لرجل من الطائف، فجعله النبي - صلى الله عليه وسلم - يرحل له مكاني بأجرة ... » الحديث. وعن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قال الله عز وجل: «ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل

باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يوفه أجره» ، وعن علي قال: «عملت كل ذنوب على تمرة، وأخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأكل معي منها» رواه أحمد. وله عن أبي سعيد: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره» . وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وأعطى الحجام أجره» رواه البخاري. وعن ابن عباس في قصة اللديغ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله» رواه البخاري، وفي الحديث الآخر: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه» . وأجمع أهل العلم في كل عصر وفي كل مصر على جواز الإجارة والعبرة أيضًا دالة عليها؛ فإن الحاجة إلى المنافع كالحاجة إلى الأعيان فلما جاز العقد على الأعيان وجب أن تجوز الإجارة على المنافع، ولا تخفى حاجة الناس إلى ذلك؛ فإنه ليس لكل أحد دار يملكها ولا يقدر كل مسافر على مركوب يملكه، ولا يلزم أصحاب الأملاك ولا يقدر كل مسافر على مركوب يملكه ولا يلزم أصحاب الأملاك إسكانهم وحملهم تطوعًا، وكذلك أصحاب الصنائع يعملون بأجرة ولا يمكن كل أحد عمل ذلك ولا يجد متطوعًا به، فلابد من الإجارة لذلك، بل ذلك مما جعله الله تعالى طريقًا إلى الرزق حتى إن أكثر المكاسب بالصنائع. والإجارة شرعًا: عقد على منفعة مباحة معلومة، فخرج بقولنا مباحة المحرمة كالزنا والزمر وسائر المحرمات فلا يجوز، وخرج بقولنا معلومة المجهولة التي توجد شيئًا فشيئًا، مدة معلومة كيوم أو شهر أو سنة من عين معينة أو موصوفة في الذمة كسكنى هذه الدار سنة أو دابة صفتها كذا أو سيارة أو طيارة أو نحو ذلك، للحمل أو للركوب سنة مثلًا أو شهرًا أو على عمل معلوم كحمله إلى موضع كذا فتبين أن الإجارة قسمان: الأول: تقدم، وهو كون المدة معلومة، والثاني: كونها على عمل معلوم في الضربين، فالمعقود عليه المنفعة؛ لأنه التي تستوفي دون العين والعوض في مقابلتها، وإنما أضيف العقد

للعين؛ لأنها محل المنفعة كما تضاف المساقاة للبستان والمعقود عليه الثمر، ولو قال: آجرتك منفعة داري جاز، والانتفاع من قبل المستأجر تابع لمنفعة المعقود عليه إذ المنفعة لا توجد عادة إلا عقبه، وتستحق الأجرة بالعقد على المنفعة وتسليم العين أو بذلها وإن لم ينتفع بها، ويستثنى من القسم الأول وهو كون المدة معلومة صورتان: إحداهما: تقدمت في الصلح، والأخرى: ما فتح عنوة ولم يقسم بين الغانمين فيما فعله عمر - رضي الله عنه - في أرض الخراج؛ فإنه وقف أرض ذلك على المسلمين، وأقرها في أيدي أربابها بالخراج الذي ضربه أجرة لها كل عام ولم يقدر مدتها لعموم المصلحة فيها. وأركان الإجارة خمسة: المتعاقدان، والعوضان، والصيِّغة. وشروطها أربعة: الأول: أنها لا تصح الإجارة إلا من جائز التصرف؛ لأنها عقد معاوضة كالبيع، وتنعقد الإجارة بلفظ: آجرتك، وبلفظ: كراء كأكريتُك، واستأجرتُ، وأكتريتُ، وآجرتكها، وأكريتكها، وتنعقد بلفظ: أعطيتك نفع هذه الدار، أو ملكتُكَهُ سنة بكذا لحصول المقصود به، وكذا لو أضافه إلى العين: كأعطيتك هذه الدار سنة بكذا، وتنعقد بلفظ بيع إضافة إلى النفع نحو بعتك نفعها أو بعتك سكنى الدار ونحوه، أو أطلق؛ لأنها بيع فانعقدت به كالصرف؛ فإن أضيف إلى العين كبعتك داري شهرًا لم يصح، وقال الشيخ تقي الدين: التحقيق أن المتعاقدين إن عرَفا المقصودَ انعقدتْ بأي لفظٍ كان من الألفاظ التي عرف بها المتعاقدان مقصودهما، وهذا عام في جميع العقود؛ فإن الشارع لم يحدَ حدًا لألفاظ العقود، بل ذكرها مطلقة، وكذا قال ابن القيم رحمه الله في «أعلام الموقعين» ،وصححه في «التصحيح» والنظم، وجزم به بمعناه في «الإقناع» ، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله أعلم. ومن شروط الإجارة: وهو الشرط الثاني: معرفة المنفعة؛ لأنها هي المعقود عليها، فاشترط العلم بها كالبيع ومعرفتها إما بعرف، وهو ما يتعارفه الناس

بينهم كسكنى دار شهرًا؛ لأن السكنى متعارفة بين الناس والتفاوت فيها يسير فلم يحتج إلى ضبطه وكخدمة الآدمي سنة؛ لأن الخدمة أيضًا معلومة بالعرف، فلم تحتج إلى ضبط كالسكنى فيخدمه في الزمن يقتضيه العرف فيخدم من طلوع الشمس إلى غروبها، وبالليل ما يكون من خدمة أوساط الناس، فإذا كان لهما عرف أغنى عن تعيين النفع، وعن تعيين صفته وينصرف الإطلاق إلى العرف لتبادره إلى الذهن، فإذا كان عرف الدار السكنى واكتراها فله السكنى، وله وضع متاعه فيها ويترك فيها من الطعام ما جرت عادة الساكن به، ويستحق ماء البئر تبعًا للدار في الأصح، وللمستأجر أن يأذن لأصحابه وأضيافه في الدخول بها والمبيت فيها؛ لأنه العادة، وقيل لأحمد: زوار عليه أن يخبر صاحب البيت بهم، قال: ربما كثروا أرى أن يخبر، وقال: إذا كان يجيئه الفرد ليس عليه أن يخبره وليس للساكن أن يعمل فيها حِدادة ولا قصارة؛ لأنه ليس العرف جار به، وأيضًا يضر بجدرانها ويخلخل سقوفها ولا يجعلها مخزونًا للطعام؛ لأنه يضر بها والعرف لا يقتضيه ولا أن يسكنها دابة لتأثر الجدران بالأندية والرطوبة. قال في «شرح الإقناع» : قلت: إن لم يكن قرينة كالدار الواسعة التي فيها اصطبل معد للدواب عملًا بالعرف ولا يدع المستأجر فيها رمادًا ولا ترابًا ولا زبالة ونحوها مما يضر بها؛ لحديث: «لا ضرر ولا ضرار» ، وللمستأجر إسكان ضيف وزائر؛ لأنه ملك السكنى فله استيفاؤها بنفسه وبمن يقوم مقامه؛ وإما بالوصف كحمل زبرة حديدة وزنها كذا إلى موضع معين، فلابد من ذكر الوزن والمكان الذي يحمل إليه؛ لأن المنفعة إنما تعرف بذلك، وكذا كل محمول؛ فإن كان المحمول كتابًا فوجد المحمول إليه غائبًا فله الأجرة لذهابه ورده، وإن كان وجده فالمسمى فقط ويرده؛ لأنه أمانة بيده، قال في «شرح الإقناع» : ولعل الفرق في الموت ليس من فعل الميت بخلاف الغيبة فكان

س51: تكلم بوضوح عن الإجارة على البناء، وبأي شيء يقدر البناء، ووضح ما لابد من ذكره، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، إذا اتسأجر إنسان إنسانا ليبني له بناء معلوما فسقط، إذا استأجره لبناء أذرع معلومة فبنى بعضها ثم سقط، الاستئجار لتطيين الأرض ونحو ذلك، إجارة أرض معينة أو غرس أو بناء الاستئجار لضرب اللبن أو على عم لمعلوم، وما حول ذلك من المسائل التي تتعلق بذلك؟ إذا استأجر للركوب، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

الباعث مفرط بعدم الاحتياط. اهـ. قال أحمد: يجوز أن يستأجر الأجنبي الأمة والحرة للخدمة؛ لأنها منفعة مباحة؛ ولكن يصرف وجهه عن النظر للحرة، ليست الأمة مثل الحرة، فلا يباح النظر لشيء من الحرة بخلاف الأمة فينظر منها إلى الأعضاء الستة أو إلى ما عدا عورة الصلاة على ما يأتي في النكاح، والحاصل أن المستأجر لهما كالأجنبي، ولا يخلو المستأجر مع الحرة في بيت ولا مع الأمة؛ لما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يخلوَنَّ أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم» متفق عليه. وعن عقبة بن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والدخول على النساء!» فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال: «الحمو الموت» متفق عليه. ولا ينظر إلى شعرها المتصل بها؛ لأنه عورة من الحرة. 51- مسائل حول استئجار الأجير للبناء أو الأرض للزرع أو للغرس إلخ س51: تكلم بوضوح عن الإجارة على البناء، وبأي شيء يقدر البناء، ووضح ما لابد من ذكره، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، إذا اتسأجر إنسان إنسانًا ليبني له بناء معلومًا فسقط، إذا استأجره لبناء أذرع معلومة فبنى بعضها ثم سقط، الاستئجار لتطيين الأرض ونحو ذلك، إجارة أرض معينة أو غرس أو بناء الاستئجار لضرب اللبن أو على عم لمعلوم، وما حول ذلك من المسائل التي تتعلق بذلك؟ إذا استأجر للركوب، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

ج: تصح الإجارة لبناء دار ونحوها؛ لأنه نفع مباح ويقدر البناء بالزمن كيوم وشهر، وإن قدر بالعمل بأن استأجر لبناء حائط، فلابد من ذكر طول الحائط وعرضه وسمكه وهو تخانته وغلظه وهو في الحائط بمنزلة العمق في غير المنتصب، وآلة البناء من طين ولبن وآجر وجص وأسمنت وشيد؛ لأن معرفة المنفعة لا تحصل إلا بذلك والغرض يختلف فلم يكن بد من ذكره، وإذا استؤجر لحفر بئر عشرة أذرع طولًا وعشرة أذرع عرضًا وعشرة أذرع عمقًا فحفر الأجير خمسة طولًا في خمسة عرضًا في خمسة عمقًا واردت أن تعرف ما يستحقه من الأجرة المسماة له فاضرب عشرة في عشرة تبلغ مائة ثم اضرب المائة في عشرة تبلغ ألفًا فهي التي استؤجر لحفرها واضرب خمسة في خمسة بخمسة وعشرين، ثم اضربها في خمسة بمائة وخمسة وعشرين وذلك الذي حفره، وإذا نسبت ذلك إلى الألف وجدته ثمن الألف، فله ثمن الأجرة؛ لأنه وفي بثمن العمل إن وجب له شيء م الأجرة بأن ترك العمل لنحو صخرة منعته الحفر، وإن استأجره ليبني له بناء معلومًا كجدار موصوف بما تقدم أو ليبني له في زمن معلوم كيوم أو أسبوع فبناه الأجير ثم سقط البناء فقد وفي الأجير ما عليه واستحق الأجرة كاملة؛ لأن سقوطه ليس من فعله ولا تفريطه هذا إن لم يكن سقوطه من جهة العامل؛ فأما إن كان سقوطه من جهته بن فرط أو بناه محلولًا أو نحو ذلك فسقط عليه إعادته وغرامة ما تلف منه لتفريطه، وإن استأجره لبناء أذرع معلومة فبنى بعضها، ثم سقط على أي وجه كان فعليه إعادة ما سقط وعليه تمام ما وقعت عليه الإجارة من الأذرع مطلقًا؛ لأنه لم يوف بالعمل وعليه غرم ما تلف إن فرط، ويصح استئجار لتطيين الأرض والسطوح والحيطان، ويصح الاستئجار لتجصيصها وتمشيتها وتسميتها وترخيمها ونحو ذلك، وتصح إجارة أرض معينة

برؤية لزرع كذا من بر أو قطن أو نحو ذلك، ولا يجوز إجارتها لزرع دخان وحشيش أو نحوهما من المحرمات، وتصح إجارة أرض معينة برؤية؛ لأن الأرض لا تنضبط بالصفة لزرع أو شعير أو نحوهما أو غرس معلوم أو بناء معلوم أو بناء معلوم كدار وصفها أو لزرع ما شاء أو لغرس ما شاء أو لبناء ما شاء أو لزرع ما شاء وغرس ما شاء وبناء ما شاء، كآجرتك لتزرع ما شئت أو آجرها لغرْسٍ، ويسكت أو لبناء وزرع ويسكت أو آجر الأرض، وأطلق فلم يعين هذه الصور للعلم المعقود عليه. قال الشيخ تقي الدين: إن أطلق، أو قال: انتفع بها ما شئت فله زرع وغرس وبناء ويجوز الاستئجار لضرب اللبن والبلك على عدة كيوم وشهر أو على عمل معلوم؛ فإن قدره بالعمل احتاج إلى تعيين عدده، وإلى ذكر قالب وموضع الضرب؛ لأنه يختلف باعتبار التركيب والماء؛ فإن كان هناك قالب معروف لا يختلف جاز، كما لو كان المكيال معروفًا وإن قدره بالطول والعرض والسمك جاز لانتفاء الغرر، ولا يكتفي بمشاهدة قالب الضرب إذا لم يكن معروفًا؛ لأن فيه غررًا وقد يتلف كالسلم ولا يلزم الأجير إقامة اللبن ليجف؛ لأنه إنما استؤجر للضرب لا للإقامة ما لم يكن شرط أو عرف فيرجع إليه، وإن استأجر للركوب ذكر المستأجر المركوب فرسًا أو حمارًا أو بعيرًا أو بغلًا أو سيارة أو قطارًا أو طائرة، ويذكر جنسها لاختلاف الأجرة باختلافها. وذكر ما يركب عليه من سرج وشداد ونحو ذلك؛ لأن ضرر المركوب يختلف باختلافه وذكر كيفية سيره من هملاج وغيره؛ لأنه يختلف باختلافه، ولا يشترط ذكر ذكورية المركوب وأنوثيته ونوعه، فلا يشترط في الفرس أن يقول حجر أو حصان ولا عربي أو برذون ونحوه؛ لأن التفاوت بين ذلك يسير ويشترط في إجارة لحمل ما يخشى عليه

س52: تكلم بوضوح عن الشرط الثاني من شروط الإجارة مبينا حكم ما كان عينا وما كان بذمة، واستئجار دار بسكنى دار أخرى، وبخدمة، وبتزويج من معين، وحلي، بأجرة، وأجبر ومرضعة بطعامهما وكسوتهما، وبين حكم ما إذا تنازع الأجير والمرضعة مع مستأجرهما، وما الذي يسن لمن استرضع أمة لولده أو حرة، وهل تسقط نفقة الأجير باستغنائه، وإذا احتاج الأجير لدواء فعلى من يكون، وهل للعقد على الحضانة أو اللبن، وإذا أطلقت الحضانة أو خصص رضاع، فهل يشمل الآخر؟ اذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

ضرر بكثرة الحركة أو يفوت غرض المستأجر باختلاف ما يحمل عليه إذا حمل كزجاج وأزيار وصين وخزَف ونحو ذلك معرفة حامله من آدمي أو بهيمة أو سيارة أو طائرة أو قطار أو سفينة أو مركب، ويشترط معرفة الحامل بنفسه أو على دابته أو سيارة لمحمول برؤية أو صفة إن كان زجاجًا أو خزفًا أو نحوه؛ لأنه فيه غرضًا، وذكر جنسه وقدره إن لم يكن خزفًا ونحوه بأن كان حديدًا أو قطنًا أو غيره. 52- مسائل حول استئجار الأجير والمرضعة إلخ س52: تكلم بوضوح عن الشرط الثاني من شروط الإجارة مبينًا حكم ما كان عينًا وما كان بذمة، واستئجار دار بسكنى دار أخرى، وبخدمة، وبتزويج من معين، وحلي، بأجرة، وأجبر ومرضعة بطعامهما وكسوتهما، وبين حكم ما إذا تنازع الأجير والمرضعة مع مستأجرهما، وما الذي يسن لمن استرضع أمة لولده أو حرة، وهل تسقط نفقة الأجير باستغنائه، وإذا احتاج الأجير لدواء فعلى من يكون، وهل للعقد على الحضانة أو اللبن، وإذا أطلقت الحضانة أو خصص رضاع، فهل يشمل الآخر؟ اذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: الشرط الثاني: معرفة الأجرة؛ لأنها عوض في عقد معاوضة فاعتبر علمه كالثمن، وقد روي عنه –عليه السلام- من استأجر أجيرًا فليعلم أجره، ويصح أن تكون الأجرة في الذمة، وأن تكون معينة فما بذمة من أجرة حكمه كثمن فما صح أن يكون ثمنًا بذمة صح أن يكون أجرة في الذمة، وما عين من أجرة كمبيع معين فتكفي مشاهدة نحو صبرة وقطيع وإن جهل قدره لجريان المنفعة مجرى الأعيان لتعلقها بعين حاضرة، ويصح استئجار دار بسكنى دار أخرى سنة ونحوه للعلم بالعوضين، ويصح استئجار

دار خدمة من معين وبتزويج من معين، وكذا استئجار آدمي لخدمة بتزويج امرأة لمُعين لقصة شعيب وموسى –عليهما السلام-، وحديث: «أن موسى آجر نفسه ثمان سنين أو عشر سنين على عفة فرجه وطعام بطنه» رواه ابن ماجه. لأن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه؛ لقوله تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} ولأن الأصل في الفائت بقاؤه والنسخ خلاف الأصل، ولا يصح استئجار دار بعمارتها للجهالة وإن آجرها بأجرة معينة وما تحتاج إليه بنفقة مستأجر بحسابه من الأجرة، صح؛ لأن الإصلاح على مالك وقد وكله فيه، وإن شرطه خارجًا عن الأجرة لم يصح، وإن دفع عبده إلى نحو خياط ليعلمه بعمل الغلام سنة جاز، ويصح استئجار حلي الذهب أو فضة بأجرة من جنسه للبس أو عارية؛ لأن الأجرة في مقابلة المنفعة، وقيل: لا يصح، وهذا القول هو الذي يترجح عندي. والله أعلم. وأما إذا كانت الأجرة من غير جنسه فيصح قولًا واحدًا، قاله في «الإنصاف» ؛ لأنه عين ينتفع بها منفعة مباحة مقصودة مع بقائها فجازت إجارته كالأراضي، ويصح استئجار أجير ومرضعة أم أو غيرها بطعامهما وكسوتهما ولو لم يوصف الطعام والكسوة، وكذا لو استأجرهما بدراهم معلومة وشرط معها طعامهما وكسوتهما؛ لقوله تعالى: {وَعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} . فأوجب لهن النفقة والكسوة على الرضاع، ولم يفرق بين المطلقة وغيرها، بل الزوجة تجب نفقتها وكسوتها بالزوجية وإن لم ترضع، وقال تعالى: {وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} والوارث ليس بزوج، ويستدل للأجير بقصة موسى وأبي هريرة وتقدمتا، وبأنه روي عن أبي بكر وعمر وأبي موسى أنهم استأجروا الأجراء بطعامهم وكسوتهم، ولم يظهر لهم نكير، فقام العرف فيه مقام التسمية كنفقة الزوجة والأجير والمرضعة

في تنازع مع مستأجرهما في صفة طعام أو كسوة أو قدرهما كزوجة فلهما نفقة وكسوة مثلهما؛ لقوله تعالى: {بِالْمَعْرُوفِ} فلا يطعمان إلا ما يوافقهما من الأغذية، وإن شرط للأجير لخدمة أو رضاع طعام غيره وكسوته موصوفًا صح للعلم به والمشروط للأجير نفسه إن شاء أطعمه للغير أو تركه؛ لأنه في مقابلة نفعه، ولا تسقط نفقة أجير عن مستأجر باستغناء الأجير وعجزه عن الأكل لنحو مرض أو غيره، وله المطالبة بها؛ لأنها عوض فلا تسقط بالغنى عنه كالدراهم؛ فإن احتاج الأجير لدواء لمرض لم يلزم المستأجر؛ لأنه ليس من النفقة كالزوجة، بل يلزم المستأجر بقدر طعام الصحيح يدفعه له فيصرفه بما أحب من دواء أو غيره وإن دفع المستأجر لأجير قدر الواجب فقط، أو دفع إليه أكثر منه وملكه إياه وأراد أجير بعد أن قبض طعامه أن يفضل بعضه لنفسه من طعامه الذي قبضه ولا ضرر على مستأجر جاز؛ لأنه ملكه ولا حق للمستأجر ولا ضرر عليه أشبه الدراهم، وإلا بأن دفع المستأجر للأجير أكثر من الواجب ليأكل منه قدر حاجته ويفضل الباقي منع منه فلا يجوز له التصرف فيه؛ لأنه لم يملكه إياه وإنما أباح أكل قدر حاجته وإن حصل باستفضاله ضرر بأن ضعف عن العمل أو قل لبن مرضعة منع منه أيضًا؛ لأن على المستأجر ضررًا بتفويت بعض ماله من منفعة فمنع منه كالجّمال إذا امتنع من عمل الجمَّال، وإن قدم المستأجر إلى الأجير طعامًا فنهب أو تلف قبل أكله، وكان الطعام على مائدة غير خاصة بالأجير فالطعام من ضمان مكثر؛ لأنه لم يسلم إليه وإن قدم المستأجر للأجير طعامًا وخصه به وسلمه إليه ثم نهب أو تلف، فمن ضمان أجير؛ لأنه تسليم عوض على وجه التمليك أشبه البيع، ويجب على مرضعة أن تأكل وتشرب ما يدرّ لبنها ويصلح به ولمكثر مطالبتها بذلك؛ لأنه من تمام التمكين من الرضاع، وفي تركه إضرار بالطفل، وإن لم

ترضعه؛ لكن سقته لبن الغنم أو غيرها أو أطعمته أو دفعته لخادمها أو صديقتها فأرضعته فلا أجر لها؛ لأنها لم توف بالمعقود عليه وإن اختلفا، فقالت: أنا أرضعته وأنكر المُسْتَرضِعُ أنها أرضعته، فالقول قولها بيمينها؛ لأنها مؤتمنة، وسن عند فطام لموسر استرضع أمة لولده ونحوه إعتاقها ولموسر استرضع حرة لولدها إعطاؤها عبدًا أو أمة؛ لما روى أبو داود بإسناده عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، ما يذهب عني مذمة الرضاع؟ قال: «الغرة العبد أو الأمة» ، قال الترمذي: حسن صحيح. قال الشيخ تقي الدين: لعل هذا في متبرعه بالرضاعة، قال ابن عقيل: إنما خص الرقبة بالمجازاة بها دون غيرها؛ لأن فعلها في إرضاعه وحضانته سبب حياته وبقائه وحفظ رقبته، فاستحب جعل الجزاء هبتها رقبة ليناسب ما بين النعمة والشكر؛ ولهذا جعل الله تعالى المرضعة أمًا، فقال: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ} ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ولا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكًا فيعتقه» وأما كونه يستحب إعتاقها إن كانت أمة؛ فإنه يحصل بالمجازاة التي جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مجازاة للوالد من النسب، ويصح استئجار زوجته لرضاع ولده كالأجنبية، ولو كان ولده منها؛ لأن كل عقد صح أن تعقده مع غير الزوجة صح أن تعقده مع الزوج كالبيع؛ ولأن منافعها في الحضانة والرضاع غير مستحقة للزوج بدليل أنه لا يملك إجبارها عليه، وهذا القول من «المفردات» ، قال ناظمها: زوجٌ على زوجته حيثُ عَقَدْ ... إجارةً جاز لإرضاع الوَلَدُ وقال أبو حنيفة وغيره: لا يصح؛ لأنه استحق حبسها والاستمتاع بها بعوض، فلا يجوز أن يلزمه عوض لذلك. وقال أهل القول الأول: عن قولهم إنها استحقت عوض الحبس والاستمتاع هذا غير الحضانة واستحقاق منفعة من وجه لا يمنع استحقاق منفعة سواها بعوض آخر، كما لو استأجرها أو لا ثم تزوجها، والقول الأول هو الأرجح عندي. والله أعلم.

ويصح استئجارها لأجل حضانة الولد سواء كان منها أو من غيرها وحرم أن تسترضع أمة لغير ولدها قبل ريِّ ولدها؛ لأن الحق للولد وليس لسيد إلا ما فضل عن الولد من اللبن، ويجوز للرجل وللمرأة أن يؤجر كل منهما أمته ولو أم ولد للإرضاع؛ لأنها ملكه ومنافعها له وليس لها إجارة نفسها لرضاع ولا غيره؛ لأنها لا تملك منافعها إلا بإذن سيدها، وإن كانت الأمة متزوجة بغير عبد سيدها، لم يجز له إجارتها للرضاع إلا بإذن الزوج؛ لأنه فيه تفويتًا لحقه وإن أجرها السيد للرضاع صح النكاح، ولا تفسخ الإجارة بالنكاح كالبيع، وللزوج الاستمتاع بها وقت فراغها من الرضاع والحضانة لسبق حق المستأجر والعقد في الرضاع على اللبن؛ لأنه المقصود دون الخدمة، ولهذا لو أرضعته بلا خدمة استحقت الأجرة، ولو خدمته بلا رضاع فلا شيء لها؛ ولأن الله تعالى قال: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} فرتب إيتاء الأجر على الإرضاع، فدل على أنه المعقود عليه؛ ولأن العقد لو كان على الخدمة لما لزمها سقي لبنها وجواز الإجارة عليه رخصه؛ لأن غيره لا يقوم مقامه لضرورة حفظ الآدمي، وإن أطلقت حضانة بأن استأجرها لحضانته وأطلق لم يشمل الرضاع أو خصص رضاع بالعقد، بأن قال: استأجرها لحضانته وأطلق، لم يشمل الرضاع أو خصص رضاع بالعقد، بأن قال: استأجرتك لرضاعه لم يشمل الحضانة لئلا يلزمها زيادة عما اشترط عليها وإن وقع العقد على رضاع انفسخ بانقطاع اللبن لفوات المعقود عليه والمقصود منه، وكذا إن وقع العقد على رضاع وحضانة جميعًا انفسخ العقد بانقطاعه لفوات المعقود عليه والمقصود منه.

س53: ما هي الشروط المشترطة في استئجار الرضاع؟ وما حكم إرضاع مسلمة طفلا لكتابي أو مجوسي، أو استئجار دابة بعلفها أو سلخها بجلدها، أو رعيها بجزء من نمائها، أو إعطاء صانعا ما يصنعه، أو استعمل حمالا أو دلالا أو نحوه بلا عقد، أو ركب في سفينة أو مركب أو طيارة أو سيارة، أو دخل حماما، أو دفع ثوبا لخياط، وقال: إن خطته اليوم فبدرهم أو إن خطته روميا فبدرهم، وإن خطته غدا أو فارسيا فبنصفه، وإن زرعتها برا فبخمسة أو ذرة فبعشرة، أو إن قعدت فيه خياطا فبخمسة أو حدادا فبعشرة؟ بين ذلك بيانا واضحا مع ذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

53- استئجار الدابة بعلفها أو سلخها بجلدها أو استعمل حمالًا أو دلالًا أو ركب مركبًا بلا عقد س53: ما هي الشروط المشترطة في استئجار الرضاع؟ وما حكم إرضاع مسلمة طفلًا لكتابي أو مجوسي، أو استئجار دابة بعلفها أو سلخها بجلدها، أو رعيها بجزء من نمائها، أو إعطاء صانعًا ما يصنعه، أو استعمل حمالًا أو دلالًا أو نحوه بلا عقد، أو ركب في سفينة أو مركب أو طيارة أو سيارة، أو دخل حمامًا، أو دفع ثوبًا لخياط، وقال: إن خطته اليوم فبدرهم أو إن خطته روميًا فبدرهم، وإن خطته غدًا أو فارسيًا فبنصفه، وإن زرعتها برًا فبخمسة أو ذرة فبعشرة، أو إن قعدت فيه خياطًا فبخمسة أو حدادًا فبعشرة؟ بين ذلك بيانًا واضحًا مع ذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: شرط في استئجار لرضاع أربعة شروط: 1- معرفة مرتضع بمشاهدة لاختلاف باختلاف الرضيع كبرًا وصغرًا ونهمة وقناعة. 2- عرفة عوض. 3- أمد رضاع إذ لا يكن تقديره إلا بالمدة؛ لأن السقي والعمل فيها يختلف. 4- معرفة مكان الرضاع؛ لأنه يشق عليها في بيت المستأجر ويسهل في بتها، ولا يصح استئجار دابة بعلفها فقط؛ لأنه مجهول ولا عرف له يرجع إليه؛ فإن وصفه من معين لشعير وقدره بمعلوم جاز، وقيل: يصح، اختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله وجزم به القاضي في التعليق، وقدمه في «الفائق» ، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. ولو استأجر من يسلخ له بهيمة بجلدها لم يجز؛ لأنه لا يعلم هل يخرج الجلد سليمًا أو لا؟ وهل هو ثخين أو رقيق؛ ولأنه لا يجوز أي يكون عوضًا في البيع، فلا يجوز أن يكون عوضًا في الإجارة كسائر المجهولات؛ فإن سلخه بذلك فله أجر مثله،

وإن استأجره لطرح ميتة بجلدها فهو أبلغ في الفساد؛ لأن جلد الميتة نجس لا يجوز بيعه، وقد خرج بموته عن كونه ملكًا وتقدم الكلام على جلد الميتة في باب الآنية، وذكر الخلاف في طهارة جلدها في أول الجزء الأول، ولو استأجر راعيًا لغنم بثلث درها وصوفها وشعرها ونسلها أو نصفه أو جميعه، لم يجز؛ لأن الأجر غير معلوم ولا يصح عوضًا في بيع ولا يدري أيوجد أو لا؟ وأما جواز دفع الدابة لمن يعمل عليها بجزء من ربحها فلأنها عين تنمي بالعمل فأشبه المساقاة والمزارعة؛ وأما هنا فالنماء الحاصل في الغنم لا يقف حصوله على عمل فيها، فلا يلحق بذلك والذي يترجح عندي أنه يجوز كما لو دفع دابته أو عبده بجزء من كسبه. والله أعلم. وإن استأجره لرعيها بجزء معين من عينها صح، ولا يصح استئجار على طحن كُرٍّ كبقفيز منه؛ لحديث الدارقطني مرفوعًا: «أنه نهى عن عسب الفحل، وعن قفيز الطحان» ولأنه جعل له بعض معموله أجرَ عمله فيصير الطحن مستحقًا له، وعليه ولأن الباقي بعد القفيز مطحونًا لا يدري كم هو فتكون المنفعة مجهولة، والقول الثاني - وهو الراجح عندي: جوازه بمقدار معلوم، والجواب عن الحديث كما قال بعض العلماء: بأن مقدار القفيز مجهول أو أنه كان الإستئجار على طحن صبرة بقفيز منها لا يعلم كيلها. والله أعلم. ومن أعطى صانعًا ما يصنعه كثوب ليصبغه أو يخيطه أو يغسله أو حديدًا ليضربه سيفًا ونحوه، ففعل فله أجر مثله، ومثله من استعمل حمالًا وحلاقًا أو دلالًا بلا عقد معه فله أجر مثله على عمله سواء وعده كقوله أعمله وخذ أجرته أو عرَّض له كقوله: اعمَلْ وأنا أعلم أنك لا تعمل بلا أجرة أو أنا أعلم أنك إنما تعمل بأجرة، ولو لم تجر عادة الحمال والدلال والحلاق ونحوه بأخذ الأجرة؛ لأن عمل له بإذن لما لمثله أجرة ولم يتبرع، أشبه ما لو وضع يده على ملك غيره بإذنه، ولا دليل على تمليكه إياه أو إذنه في إتلافه؛ لأن الأصل في قبض

مال غيره أو منفعته الضمان، وهذا في المنتصب لذلك وإلا فلا شيء له إلا بعقد أو شرط أو تعريض، وكذا ركوب سفينة ودخول حمام فيجب أجرة المثل؛ لأن شاهد الحال يقتضيه، وكذا من أعطى نجارًا ما يعمله وكذا قابلة في ولادة فيه أجرة المثل وشرب ماء ممن هو بيده أو قهوة أو شاه ونحوهما من المباحات، وما يأخذه البائع ثمن الماء أو القهوة أو الشاه وأجرة الآنية والساقي والمكان جائز بلا شرط؛ لأنه عمل لا يختص أن يكون فاعله من أهل القربة ومَن دفع ثوبًا لخياط، وقال: إن خطته اليوم فبدرهم، أو إن خطته روميًا فبدرهم وإن خطته غدًا فبنصه أو إن خطته فارسيًا فبنصف درهم لم يصح، كما لو قال: آجرتك الدار بدرهم نقدًا أو درهمين نسيئة أو استأجرت هذا منك بدرهم أو هذا بدرهمين لعدم الجزم بأحدهما، وله أجر مثله، وقيل: يصح؛ لأنه سمى لكل عمل عوضًا معلومًا فصحَّ، كما لو قال: كل دلو بتمرة، وهذا القول عندي أنه أرجح. والله أعلم. وإن دفع أرضه إلى زارع، وقال: إن زرعتها برًا فبخمسة، وإن زرعتها ذرة فبعشرة ونحوه لم يصح كما لو استأجره لحمل كتاب إلى الكوفة، وقال: إن أوصلته يوم كذا فلك عشرون، وإن تأخرت بعد ذلك فلك عشرة، وقيل: يصح، وهذا القول هو الذي يترجح عندي؛ لأنه لم يظهر لي دليل المنع. والله أعلم. وكذا لو قال: آجرتك الحانوت شهرًا إن قعدت فيه خياطًا فبخمسة أو حدادًا فبعشرة؛ لأنه ليس من قبل بيعتين في بيعة المنهي عنه فيما يظهر لي، فلهذا يترجح عندي صحتها. والله أعلم. من النظم مما يتعلق بكتاب الإجارة وعقد على نفع مباح إجارة بآجرت أو أكريت أو نحوه أعقد

كذا بعت في الأرداء ويلزم عقدها من الحائزين الأمر في ما لهم قد ويشرط علم العاقدين بنفعها بعرف له أو وصف نفع مقيد كخدمته شهرًا وسكناه جمعة وحمل كذا رطلًا بتعيين مقصد وطولًا وعرض الحائط اذكر وسمكه وآلته واللبن بالقالب احدد وموضعه إن تكتري لبنًا كذا وإن تكتري يومًا فعن شرطه اصدد وإن تبنه فانهار دون تفرط لك الأجر والبعض إن بنى فهوى أردد وبالوقت لا الفعل المعين فاضبطن إجارة تطيين البنا لا تقيد وما ذكر سكنى الدار شرط لكيفها سوى في محل غرفة ذا تعدد ويشرط علم الأرض والغرس والبنا وزرع كذا إن يكتري للمعددِ وعلم بمركوب كبيع الركوب كسرج أو طاءٍ معود وعلم المتاع اشرطه لا حاملًا له سوى مستضيء كالزجاج المشرد

وإن عين الجمال من جنسه ولم يفت ببديل مبتغى مكتري اظهد وإن يكتري نصف الطريق وعقبة يصح بعرف للركوب مقيد ويشرط أيضًا علم أجرة نفعه بما تعلم الأثمان في كل معقد متى جعلت في ذمة ومتى يكن معينة مثل المبيع لتعدد وإن جهل المقدار فيها كصبرة مشاهدة صحت على المتجودِ وبالأكل واللبس الإجارة جوزت وعنه لإرضاع وعنه ليرددِ ووجهين في إلزام ظئر حضانة بمطلق عقد في الإجارة أسند ويشرط علم الأجر والطفل يا فتى ومدة إرضاع وموضعه احدد وفي الأجر ذو المقصود بالعقد درها والإرضاع لا حضن ومبدأ مقصد ويلزمها استطعام مصلح درها وإن عينت إن تستنب فيه تصدد وندب عطاها حين تفطم غرة وإعتاقها إما تكن أمة زد

وليس له الإنفاق إلا بشرطه وجوزه أن يوصف بغير تردد وأن يغني عنه أو ثوى قبل قبضه يعوض وعن تفصيل مؤد ليصدد وللسيد إيجار الرقيق مراصعًا سوى ولد ينقضن ري المعود وأجرة خياط وقصار خرقة وخمامهم والفلك كالمتعود وأشباههم مع فقد فهو إجارة ويحرم من لم ينتصب للمعددِ وليس عليهم من ضمان لتالف بغير تعد من صحيح ومفسدِ ولك أجر حمل الكتب حتى متى إلى فلان توى أو غاب عود بأجودِ وإيجار شيء للمنافع جائز كدار لسكناها وتزويج نهد وإن تكتري طحان كر بثلثه وأشباههن صححه في المتأكد وإن تكتري في الشهر عنسًا بدرهم فما زاد تعطي بالحساب فجود وامض إن بعين كل شهر بدرهم في الأولى وترعى كل دلو به طد

س54: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا أكره دابة، وقال لمستأجر: إن رددت الدابة اليوم فبخمسة وغدا فبعشرة أو عينا زمنا وأجرة، واكترى دابة لمدة غزاة، إذا عين لكل يوم أو شهر شيء معلوم، كل دلو بتمرة أو اكتراه لحمل زبرة إلى محل كذا على أنها عشرة

ويلزم في الوقت المبدي بعقدهم وفيما يليه بالتلبّس أطد وكل له فسخ إذا تم شهره وقيل إلى تكميل يوم بل امدد وعشرين شهرًا كل شهر بدرهم أجز وبه ذا الشهر واحسب وزيد يصح في الأولى دون خلف وأول الأخيرة والوجهين في المتزيدِ ومن يكتري للبيت حمال صبرة مشاهدة صحح بغير تردد كذا حولتها كل كُرِ بدرهم كذا كل مفهم حمل أجمعها اعدد ويشرط قصد النفع شرعًا وجُله اختيارًا وبقيل العين وقت التعقد ومقدار محمول ورؤية راكب وطفل له استأجرت ظئرًا فقيد 54- إذا أكره دابة، وقال: إن رددتها اليوم فبخمسة وغدًا بعشرة أو عينا لكل يوم أو شهر شيء معلوم س54: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا أكره دابة، وقال لمستأجر: إن رددت الدابة اليوم فبخمسة وغدًا فبعشرة أو عينًا زمنًا وأجرة، واكترى دابة لمدة غزاة، إذا عُين لكل يوم أو شهر شيء معلوم، كل دلو بتمرة أو اكتراه لحمل زبرة إلى محل كذا على أنها عشرة

أرطال، وإن زاد فلكل رطل درهم، إذا لم يفسخ أحدهما بعد دخول أول المدة، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: من أكرى دابة، وقال لمستأجرها: إن رددت الدابة اليوم فبخمسة، وإن رددتها غدًا فبعشرة صح، أو عين العاقدان زمنًا وأجرة كمن استأجر دابة عشرة أيام بعشرة، وقالا: ما زاد فلكل يوم درهم مثلًا، صح نصًا. ونقل ابن منصور عنه فيمن اكترى دابة من مكة إلى جدة بكذا؛ فإن ذهب إلى عرفات فبكذا، فلا بأس؛ لأن لكل عمل عوضًا معلومًا به، فصح كما لو استقى له كل دلو بتمرة، ولا يصح أن يكتري نحو دابة لمدة غزاته لجهل المدة والعمل، كما لو استأجر الدابة لمدة سفر في تجارة؛ ولأن مدة الغزاة قد تطول وتقصر، والعمل فيها يقل ويكثر؛ فإن تسلم المؤجر فعليه أجرة المثل، فلو عين لكل يوم شيء معلوم كما لو استأجرها كل يوم بدرهم، أو عين لكل شهر شيء معلوم، بأن استأجرها كل شهر بدينار، صح؛ لأن كل شهر أو يوم معلوم مدته وأجرته، فأشبه ما لو قال: آجرتكها شهرًا كل يوم بكذا أو سنة كل شهر بكذا أو لنقل هذه الصبرة كل قفيز بدرهم، ولا بد من تعيين كونها لركوب أو حمل معلوم، وإن اكتراه ليسقي كل دلو بتمرة صح؛ لحديث علي قال: «جعتُ مرة جوعًا شديدًا، فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة، فإذا بامرأة قد جمعت بُدرًا بله، فقاطعتها على كل دلو بتمرة، فعددت ستة عشرة نوبًا، فعددت لي ستة عشر تمرة، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فأكل معي منها» رواه أحمد. وروي عنه وعن رجل من الأنصار «أنه قال ليهودي: اسق نخلك، قال: نعم، كل دلو بتمرة، واشترط الأنصاري أن لا يأخذ خِدرَة ولا نارزة ولا حشفة، وأن لا يأخذ جلدة فاستقى بنحو من الصاعين، فجاء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه ابن ماجه في «سننه» ؛ ولأن الدلو معلوم وعوضه معلوم، فجاز كما لو سمَّى دلاءً معروفة، ولابد من معرفة الدلو والبئر

وما يستقي به؛ لأن العمل يختلف، وقوله: بدرًا –بالباء والدال- جلد السخلة، وإن اكتراه لحمل زبرة إلى محل كذا على أنها عشرة ارطال وإن زادت فلكل رطل درهم صح لما تقدم، ولكل من المتأجرين فيما إذا استأجره كل يوم أو شهر بعوض معلوم الفسخ أول كل يوم، إذا قال: كل يوم بكذا، أو أول كل شهر إذا قال: كل شهر بكذا في الحال؛ فإن مضى زمن يتسع ولم يفسخ لزمت فيه؛ لأن تمهله دليل رضاه بلزوم الإجارة فيه. قال المجد في «شرحه» : وكلما دخلا في شهر لزمهما حكم الإجارة فيه؛ فإن فسخ أحدهما عقب الشهر انفسخت الإجارة انتهى من «المغني» و «الشرح» . أن الإجارة تلزم في الشهر الأول؛ ولأن الشروع في كل شهر مع ما تقدم من الاتفاق يجري مجرى العقد كالبيع بالمعاطاة، فإذا ترك التلبس به فكان الفسخ، وفي «الرعاية الكبرى» أو يقول: إذا مضى هذا الشهر فقد فسختها، وتقدم أنه يصح تعليق فسخ بشرط. ولو آجره دارًا أو نحوها شهرًا غير معين لم يصح العقد للجهالة، وقيل: يصح وابتداء المدة من حين العقد، وهذا القول عندي أنه أرجح من الأول. والله أعلم. ولو قال: آجرتك هذا الشهر بكذا، وما زاد فبحسابه صح العقد في الشهر الأول فقط؛ لأنه المعلوم دون ما بعده، وقيل: يصح في كل شهر تلبس به، وهذا القول أقرب عندي إلى الصحة ولم يظهر فيه جهالة. والله أعلم. وإن قال: آجرتك داري عشرين شهرًا من وقت كذا كل شهر بدرهم صح، قال في «المبدع» بغير خلاف نعلمه؛ لأن المدة والأجر معلومان، وليس لواحد منهما الفسخ بغير رضى الآخر؛ لأنها مدة واحدة أشبه ما لو قال: آجرتك عشرين شهرًا بعشرين درهمًا، ولو قال للأجير: أحمل لي هذه الصبرة كل قفيز بدرهم وانقل صبرة أخرى في البيت بحساب ذلك كل قفيز بدرهم، وعلما ما في البيت مشاهدة أو وصفًا صح العقد، فيهما للعلم بهما، ولو قال

س55: تكلم بوضوح عن الشرط الثالث من شروط الإجارة واذكر ما يشترط له، وحكم إجارة المصحف وإجارة دار تجعل مسجدا يصلي فيه المسلمون، ومثل لكل ما يصح استئجاره وما لا يصح استئجاره، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو ترجيح.

له: أحمل لي هذه الصبرة والصبرة التي في البيت بعشرة وكانا يعلمان ما في البيت صح فيهما بالعشرة، ولو قال له: أحمل لي إلى كذا قفيزًا من الصبرة بدرهم وما زاد على القفيز فبحساب ذلك، والمعنى مهما حملته من باقيها فلك بكل قفيز درهم، فقيل: لم يصح للجهالة، والذي يترجح عندي صحتها؛ لأنه لم يتضح لي فيه جهالة. والله أعلم. ولو قال له: أحمل إلي كذا هذه الصبرة كل قفيز بدرهم، فقيل: لم يصح للجهالة؛ لأن من للتبعيض وكل للعدد، فكأنه قال: لتحمل منها عددًا بخلاف ما لو أسقط منها، والذي يترجح عندي الصحة؛ لأنه لم يتبين لي دليل على عدم الصحة ولم يظهر لي فيها جهالة كما قالوا. والله أعلم. 55- أمثلة لما يصح استئجاره وما لا يصح س55: تكلم بوضوح عن الشرط الثالث من شروط الإجارة واذكر ما يشترط له، وحكم إجارة المصحف وإجارة دار تجعل مسجدًا يصلي فيه المسلمون، ومثل لكل ما يصح استئجاره وما لا يصح استئجاره، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو ترجيح. ج: الشرط الثالث: كون نفع معقود عليه مباحًا لغير ضرورة بخلاف ما يباح للضرورة أو للحاجة كأواني الذهب والكلب مقصودًا: 1- عرفًا بخلاف آنية التجمل، متقومًا. 2- بخلاف نحو تفاح لشم. 3- يستوفي من عين مؤجرة دون استهلاك الأجزاء بخلاف شمع لشعل وصابون لغسل. 4- مقدورًا عليه بخلاف ديك ليوقظه للصلاة، فلا يصح؛ لأنه يقف على فعل الديك، فلا يمكن استخراجه منه بضرب ولا غيره، ولا تصح إجارة آبق أو شارد إلا لقادر على تحصيلهما كما في البيع، ولا تصح إجارة مغصوب لغير قادر على أخذه عن غاصبه؛ لأنه لا يمكن تسليم المعقود عليه، فلا تصح

إجارته كبيعه، وكذا طير في الهواء، ولا تصح إجارة طير لحمل كتب، ولا تصح إجارة مركوب لمن يريد الخروج عليه ويترك حضور الجمعة أو الجماعة إذا كان ممن وجبت عليه، وليس بآت بها في طريقه؛ لأن تأجيره إعانة على المعصية. قال تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ، ومن كان له مال حلال وله مال حرام، واستأجر أجيرًا فلا يجوز له أن يعطيه أجرته من المال الحرام، وإنما يعطيه من الحلال؛ فإن أعطاه ولم يشعر أنه من الحرام جاز له التصرف ولا إثم عليه وإثمه على المستأجر؛ لأنه غره. 5- لمستأجر فلا يصح استئجار دابة لركوب مؤجر وذلك الذي يصح استئجاره ككتاب حديث أو فقه أو شعر مباح أو لغة أو صرف لنظر وقراءة ونقل وتجويد خط بأن كان به خط حسن يكتب عليه ويتمثل منه؛ لأنه تجوز إعارته لذلك فجائز إجارته وإجارة المصحف مبنية على حكم بيعه، وتقدم في أول الجزء الرابع وكدار تجعل مسجدًا يصلى فيه، وإذا تمت المدة بقي بأجرة المثل إن وافق المؤجر وكدار تسكن؛ لأنه نفع مباح مقصود وكاستئجار حائط لحمل خشب معلوم وكبئر يستقي منها أيامًا معلومة؛ لأن فيها نفعًا مباحًا بمرور الدلو والماء يؤخذ على أصل الإباحة وكحيوان لصيد كفهد وباز وصقر وكقرد لحراسة مدة معلومة؛ لأن فيه نفعًا مباحًا، وتجوز إعارته لذلك، ولا تصح إجارة كلب وخنزير مطلقًا؛ لأنه لا يصح بيعهما، وكاستئجار شجر لنشر عليه وجلوس بظله؛ لأنه منفعة مباحة مقصودة كالحبال والخشب، وكما لو كانت مقطوعة وتقدم في الصلح، ولغير مالك جدار استناد إليه، وإسناد قماشه وجلوسه بظله بلا إذن مالكه. قال الشيخ: العين والمنفعة التي لا قيمة لها عادة لا يصح أن يرد عليها عقد بيع أو إجارة اتفاقًا. اهـ. وكاستئجار بقر لحمل وركوب؛ لأنها منفعة مقصودة لم يرد الشرع بتحريمها أشبه ركوب البعير، وكثير

من الناس من الأكراد وغيرهم يحملون على البقر ويركبونها، والذي تطمئن إليه نفسي أنه لا يجوز استئجار البقر للركوب؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بينما رجل يسوق بقرة أراد أن يركبها، فقالت: إني لم أخلق لهذا، إنما خلقت للحرث» متفق عليه. والله أعلم. وفي بعض البلاد يحرث على الإبل والبغال والحمير، ومعنى خلقها للحرث أن معظم الانتفاع بها فيه، وذلك لا يمنع الانتفاع بها في شيء آخر كما أن الخيل خلقت للركوب والزينة، ويباح أكلها واللؤلؤ للحلية ويتداوى به. ويصح استئجار غنم لدياس زرع معلوم أو أيامًا معلومة، ويصح استئجار بيت معين في دار مدة معلومة بأجر معلوم، ولا يقدح في صحة الإجارة لو أهمل فلم يذكر استطراقه إذ لا يمكن الانتفاع به إلا بالإستطراق، وهذا شيء متعارف، ويصح استئجار آدمي لقَوْد أعمى أو مركوب مدة معلومة؛ لأنه نفع مباح يقصد وكذا ليدل على طريق؛ لحديث عائشة، قالت: «واستأجر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر رجلًا من بني الدَّيل هاديًا خريتًا، والخريت: الماهر بالهداية، وهو على دين كفار قريش وأمناه، فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث، فأتاهم براحلتيهما صبيحة ليال ثلاث فارتحلا» رواه البخاري وأحمد، وليلازم غريمًا يستحي ملازمته، ويصح الاستئجار على النسخ كمن استأجر إنسانًا لينسخ له كتب فقه أو حديث وسجلات وكتب توحيد وتفسير ونحو ومعاني وبيان ومذكرات ونحوهما، ويقدر بالمدة أو العمل؛ فإن قدر بالعمل ذكر عدد الأوراق وقدرها وعدد السطور في كل ورقة وقدر الحواشي ودقة القلم وغلظه؛ فإن عرف الخط بالمشاهدة جاز وإن أمكن ضبطه بالصنعة ضبطه، ويجوز تقدير الأجرة بأجزاء الفرع أو بأجزاء الأصل، وإن قاطعه على النسخ للأصل بأجر واحد جاز ويعفي عن خطأ يسير معتاد، وإن أسرف في الغل بحيث يخرج

عن العادة فهو عيب يُرد به، قال ابن عقيل: وليس له محادثة غيره حال النسخ ولا التشاغل بما يشغل سره ويوجب غلطه ولا لغيره تحديثه وشغله، وكذا كل الأعمال التي تختل بشغل السر والقلب كالقصارة والنساجة ونحوهما؛ لأن فيه إضرار بالمستأجر، ويصح استئجار شبكة وفخ لصيد مدة معلومة، وفي البركة التي يدخل فيها السمك فيحبس ثم يصاد منها ويصح استئجار عنبر وصندل ونحوهما، مما يبقى لشم مدة معينة ثم يرده؛ لأنه نفع مباح كالثوب للبس، ولا يصح استئجار ما يسرع فساده من الطيب كرياحين لتلفها عن قريب فتشبه المطعومات، ويصح استئجار دراهم ودنانير لتجمل ووزن، وكذا احتياج كأنف وربط سن فقط مدة معلومة كالحلي، للتجمل؛ لأنها نفع مباح مقصود يستوفي دون الأجزاء، وكذا قليل وموزون وفلوس ليعاير على المذكور، ولا تصح إجارة على زنا أو لواط أو زمرًا وغناه. قال ابن القيم –رحمه الله تعالى- في «إغاثة اللهفان» : قال أبو إسحاق في «التنبيه» : ولا تصح –يعني الإجارة- على منفعة محرمة كالغناء والزمر وحمل الخمر، ولم يذكر فيه خلافًا، وقال في «المهذب» : ولا يجوز على المنافع المحرمة؛ لأنه محرم فلا يجوز أخذ العوض كالميتة والدم، فقد تضمن كلام الشيخ أمورًا: أحدها: أن منفعة الغناء بمجرده منفعة محرمة. الثاني: أن الاستئجار عليها باطل. الثالث: أن أكل المال به أكل مال باطل بمنزلة أكله عوضًا عن الميتة والدم. الرابع: لا يجوز للرجل بذل ماله للمغني، ويحرم عليه ذلك؛ فإنه بذل ماله في مقابلة محرم وأن بذله في ذلك كبذله في مقابلة الدم والميتة. الخامس: أن الزمر حرام وإذا كان الزمر حرامًا الذي هو أخف آلات اللهو فكيف بما هو أشد منه كالعود والطنبور واليراع، ولا ينبغي لمن شم رائحة العلم أن يتوقف في تحري ذلك، فأقل ما فيه أنه من شعائر الفساق وشاربي الخمور. انتهى كلامه. ويحرم نوح أو تشغيل

آلات لهو، وكذا نسخ كتب بدع وشعر محرم وذلك كالهجاء ورعي خنزير ونحوه؛ لأن المنفعة المحرمة لا تقايل بعوض في بيع، فكذا في الإجارة، وذكر ابن المنذر إجماعًا، متفق عليه في المغنية والنائحة، ولا تصح إجارة فحل لضراب «لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن عسب الفحل» متفق عليه؛ ولأن المقصود الماء الذي يخلق منه الولد، وهو عين لا قيمة لها؛ فإن احتيج إليه جاز ذلك بذل الكرى، وليس للمطرق أخذه ذكره في «المغني» ، وإن أطرق محله بلا إجارة ولا شرط، وأهديت له هدية فلا بأس؛ لأنه فعل معروفًا فجازت مجازاته عليه، ولا تصح إجارة دار أو دكان يجعل كنيسة أو بيعة أو صومعة راهب أو بيت نار تُعبد أو لبيع خمر أو لقمار أو لبيع المجلات الخليعة أو لبيع آلات الملاهي كالسينما والتلفزيون أو الراديو، أو لبيع الصور مجسدة أو غير مجسدة أو لبيع الدخان أو لأهل الشيش أو لحلاق اللحى أو لحلاقي رؤوس النساء أو قصه للتشبه باليهود والنصارى أو للمطربين أو للمطربات أو لبيع الإسطوانات أو لسكنى المصورين وسواء شرط في العقد أو لم يشرط، وعلم بقرينة؛ لأنه فعل محرم فلم تجز الإجارة عليه كإجارة عبده للفجور به، ولما ينشأ عن تأجير هؤلاء من الأضرار المتعدية التي لا يعلم مدى ضررها إلا الله، قال الله تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} . وبسط الأدلة الدالة على تحريم المذكورات له مواضع أخرى من تدبر الكتاب والسُّنة وأقوال العلماء المحققين وجده في مثل «إغاثة اللهفان» لابن القيم، ورسالة الشيخ عبد الرحمن الناصر السعدي في حكم شرب الدخان، و «الأدلة الكاشفة» للشيخ عبد العزيز بن باز، ورسالة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد، وكتب الشيخ حمود التويجري، و «نصيحة المسلمين» للشيخ عبد الله السليماني بن حُميد والشهب المرمية للشيخ عبد الرحمن بن عبد الله التويجري ونحو هذه الكتب. وإن استأجر

ذمي من مسلم دارًا وأراد بيع الخمر فيها فله منعه؛ لأنه محرم، ولا يصح استئجار لحمل ميتة ودماء محرمة لأكلها لغير مضطر إليه، ولا يجوز استئجار لحمل خمر لشربها ولا أجرة له لما تقدم؛ لأن المنفعة المحرمة لا تقابل بعوض؛ فإن كان حمل الميتة لأكل المضطر إليها صحت، وتصح إجارة لحمل ميتة وخمر لإلقاء وإراقة لدعاء الحاجة إليه، ولا تندفع بدون إباحة الإجارة عليه ولا يكره أكل أجرة ذلك، ويصح الاستئجار لكسح الكنفي وشفط البلاليع والمستنقعات الوسخة، ولحمل النجاسات لتُلْقى خارج البلد، ويصح استئجار لإلقاء ميتة بشعر على جلدها، ومن أعطى صيادًا أجرة ليصيد له سمكًا ليختبر بخته أي حظه، فقد استأجره ليعمل بشبكته، قاله أبو البقاء. ولا تصح الإجارة على طير لسماع صوته؛ لأن منفعته ليست متقومة ولا مقدورًا على تسليمها؛ لأنه قد يصيح وقد لا يصيح ويصح، إجارة طير لصيد كصقر وباز مدة معلومة؛ لأنه نفع مباح معلوم متقوم، ولا تصح على تفاح لشم؛ لأن نفعها غير متقوم؛ لأن من غصب تفاحًا فشمه ورده لم يلزمه أجرة شمه، ولا تصح على شمع لتجمل أو شمع لشعل، والذي يترجح عنيد أن التفاح للشم والعنبر والشمع يجوز. والله أعلم. ولا تصح على طعام ليتجمل له على مائدته ثم يرده؛ لأن منفعة ذلك غير مقصودة ولا على طعام لأكل أو شرب أو صابون لغسل ونحو ذلك مما لا ينتفع إلا بإتلاف عينه؛ فإن استأجر شمعًا لشعل منه ما شاء ويرد بقيته وثمن الذاهب وأجرة الباقي لم يصح لشموله بيعًا وإجارة والمبيع مجهول فيلزم الجهل بالمستأجر فيفسد العقدان، ولا تصح الإجارة على حيوان لأخذ لبنه أو صوفه أو شعره؛ لأن المعقود عليه في الإجارة النفع. والمقصود هنا العين وهي لا تملك ولا تستحق بالإجارة، واختار الشيخ تقي الدين جوازها في الشمع ليشغله والحيوان لأخذ لبنه، وهذا القول

هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. ويصح استئجار ظئر وهي الآدمية للإرضاع؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} . ولو غار ماء بئر مؤجرة أو تغير بحيث يمنع الشرب والوضوء ثبت لمستأجر الفسخ، ولا تصح إجارة في جزء مشاع من عين يمكن قسمتها أولًا مفردًا عن باقي العين لغير شريكه بالباقي؛ لأنه لا يقدر على تسليمه إلا بتسليم نصيب شريكه ولا ولاية للمؤجر على مال شريكه، وكذا لو كانت لجمع فآجر أحدهم نصيبه لواحد منهم بغير إذن الباقين لم يصح، وتصح إجارة العين الواحدة المملوكة لواحد لعدد اثنين فأكثر، بأن آجر داره أو دابته لهما أو لهم، وإن استأجر شريك من شريكه أو آجرا معًا لواحد صحت وإن تفاوتت الأجرة؛ فإن أقاله أحدهما صح، وبقي العقد في نصيب الآخر، ولا تصح إجارة امرأة ذات زوج بلا إذنه؛ لأن في ذلك تفويتًا لحق الزوج في الإستمتاع لاشتغالها عنه بما استؤجرت له، فلم يجز إلا بإذنه، ولا يقبل قولها بلا بينة بعد أن أجّرت نفسها أنها متزوجة في بطلان الإجارة، ولا يقبل قول من تزوجت ثم ادعت أنها مؤجرة قبل نكاح، لا يقبل بلا بينة؛ لأنها متهمة في الصورتين، والأصل عدم ما تدعيه، ولا يجوز أخذ الأجرة على عقد النكاح؛ فإن عقد لهم وأعطوه بدون شرط ولا استشراف نفس ولا سؤال فلا بأس بأخذه، والأولى تركه ليتم أجره، ولا يجوز أخذ الأجرة على العزيمة التي تعلق على المريض ونحوه، وترك الكتب أولى، ولو لم يأخذ شيئًا والمشروع أن يرقيه بالأدعية النافعة من الكتاب والسُّنة.

من النظم فيما يتعلق بالشرط الثالث من شروط الإجارة ويشرط قصد النفع شرعًا وجعله اختيارًا وبقيًا العين وقت التعقد ومقدار محمول ورؤية راكب وطفل له استأجرت ظئرًا فقيد فيحرم إيجار لنفع محرم ويلغي كنوح أو غناء لذي اردد ودارًا لنفع الخمر أو نحوه من الحرام ونسخ الفحش والمذهب الردي وإن يكتري الذمّي دار المسلم فيقصد بيع الخمر فيها ليصدد وإيجار فحل للضراب محرم في الأقوى كحضر القرد والدب للدد وفي حمل ميتات وخمر لطاعم وآلات شراب ومغصوب معتدي مقالات والتجويز في ذا مُنكَّر ولا سيما في حملها لموَحِّد وجوز على المشهور حمل إراقة ونبذ الميتات وكسح الأذى الردي ويكره كالحجام أكل أجوره لحر وأطعم للرقيق وأعبد

س56: تكلم بوضوح عن أقسام إجارة العين وما يشترط في إجارتها، واذكر المحترزات وبين حكم استئجار الإنسان زوجته لرضاع ولده وعلى حضانته، وحكم استئجار الذمي لعمل أو لخدمة، وحكم إجارة العين من مستعير ووقف من ناظر، وحكم ما إذا مات مستحق وقف آجره أو مؤجر إقطاعه، وما الذي يترتب على ذلك، وبين حكم ما إذا آجر الناظر العام لعدم الخاص، أو آجر سيد رقيقه أو ولى يتيم آجر يتيما محجورا له ثم عتق الرقيق أو بلغ اليتيم؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

56- إجارة العين وما يشترط في إجارتها وحكم استئجار الزوجة والذمي والوقف إلخ س56: تكلم بوضوح عن أقسام إجارة العين وما يشترط في إجارتها، واذكر المحترزات وبين حكم استئجار الإنسان زوجته لرضاع ولده وعلى حضانته، وحكم استئجار الذمي لعمل أو لخدمة، وحكم إجارة العين من مستعير ووقف من ناظر، وحكم ما إذا مات مستحق وقف آجره أو مؤجر إقطاعه، وما الذي يترتب على ذلك، وبين حكم ما إذا آجر الناظر العام لعدم الخاص، أو آجر سيد رقيقه أو ولى يتيم آجر يتيمًا محجورًا له ثم عتق الرقيق أو بلغ اليتيم؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: الإجارة سمان: القسم الأول: أن تقع على منفعة عين، ولها صورتان: إحداهما: أن تكون إلى أمد معلوم، والأخرى: أن تكون إلى عمل معلوم، وستأتيان إن شاء الله تعالى، ثم العين تارة معينة كاستأجرت منك هذا العبد يخدمني سنة بكذا، أو ليخيط لي هذا الثوب بكذا، وتارة تكون موصوفة في الذمة، كاستأجرت منك حمارًا صفته كذا وكذا لأركبه سنة بكذا وكذا أو إلى بلد كذا بكذا، ولكل من القسمين شروط. وإليك الشروط الموصوفة التي ذكر العلماء وشرط استقصاء صفات سلم في عين موصوفة بذمة؛ لأن الأغراض تختلف باختلاف الصفات؛ فإن استقصيت الصفات كان أقطع للنزاع وأبعد من الغرر، وإن جرت إجارة على عين موصوفة بذمة بلفظ سلم، كأسلمتك هذا الدينار في خدمة عبد صنته كذا وقَبِلَ المؤجر اعتُبر قبضُ أجرة بمجلس جرَى فيه العقد لئلا يصير بيع دين بدين واعتبر تأجيل نفع إلى أجل معلوم، وإن كان بلفظ الإجارة جاز التصرف قبل القبض.

وشرط في إجارة عين معينة خمسة شروط: الأول: كونها يصح بيعها كالأرض والدار والعبد والبهيمة والثوب والخيمة والخيل والجمل والسيف والرمح والفرس والإناء والكتاب والمكائن والسيارات والفرش وأشباه ذلك، فلا تصح إجارة كلب وخنزير لحراسة أو لصيد ولا لغير ذلك سوى موقوف وأم ولد وحر وحرة، فتصح إجارتها؛ لأن منافعها مملوكة ومنافع الحر تضمن بالغصب فجازت إجارتها كمنافع القن، وكذا يصح إجارة جلد عقيقة؛ لأنه يصح بيعه فإجارته أولى، والقاعدة: أن ما حرم بيعه فإجارته تحرم؛ لأنها نوع من البيع إلا ما استثنى قريبًا وأجنيبية أجرت لغير محرمها في نظر مستأجرها إليها وفي خلوته بها لغيرها من الأجانب. قال المجد: وإذا استأجر امرأة أجنبية حرة أو أمة لشغل مباح لعمل جاز، وكذا حكم النظر إليها والخلوة بها على ما كان عليه قبل الإجارة. قال الإمام أحمد: يجوز أن يستأجر الأجنبي الأمة والحرة للخدمة؛ ولكن يصرف وجهه عن النظر للحرة، وليست الأمة مثل الحرة، فلا يباح النظر لشيء من الحرة، بخلاف الأمة فينظر منها إلى الأعضاء الستة أو إلى ما عدا عورة الصلاة على ما يأتي بيانه إن شاء الله في النكاح، والحاصل أن المستأجر لهما كالأجنبي فلا يجوز له أن يخلو مع أحدهما في بيت إلا مع ذي محرم؛ لحديث ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم» وكره استئجار أصله كأمه وجده وجدته وإن علوا لخدمته؛ لما فيه من إذلال للوالدين بالحبس على خدمة الولد، والذي يترجح عندي تحريم إستئجار أصله إن حصل لهم إهانة وإذلال؛ لأنه عقوق، وهو محرم. والله سبحانه وتعالى أعلم. ويصح استئجار زوجته لرضاع ولده ولو منها. وقال القاضي: لا يجوز إذا كانت بحباله، واختار هذا القول الشيخ تقي الدين وهو قول أبي حنيفة وغيره؛ لأنه استحق حبسها والاستمتاع بها بعوض،

فلا يجوز أن يلزمه عوض أجر لذلك، وقال أهل القول الأول: دليلنا أن كل عقد صح أن تعقده مع غير الزوج صح أن تعقده معه كالبيع؛ ولأن منافعها في الحضانة والرضاع غير مستحقة للزوج بدليل أنه لا يملك إجبارها عليه، قالوا: وقول أهل القول الثاني: إنها استحقت عوض الحبس والاستمتاع، قلنا: هذا غير الحضانة واستحقاق منفعة من وجه لا يمنع استحقاق منفعة أخرى سواها بعوض آخر، كما لو استأجرها أولًا ثم تزوجها، والقول أن يصح استئجارها أي الزوجة لرضاع ولده من «مفردات الذهب» ، قال ناظمها: زوجٌ على زوجْتِه حيثُ عقَدْ ... إجارةً جاز لإرضاع الوَلدْ والذي تطمئن إليه نفسي القول الثاني الذي اختاره شيخ الإسلام. والله أعلم. ويصح استئجار ذمي مسلمًا لعمل معلوم في الذمة كقصارة ثوب وخياطته أو إلى أمد كأن يبني به له شهرًا أو نحوه، ولا يصح أن يستأجر ذمي مسلمًا لخدمته لتضمنها حبس المسلم عند الكافر وإذلاله واستخدامه مدة الإجارة أشبه بين المسلم للكافر بخلاف إجارته لغير الخدمة فلا تتضمن إذلاله، قال الله تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} . والشرط الثاني: معرفة العين المؤجرة للعاقدين برؤية أو صفة كالبيع لاختلاف الغرض باختلاف العين وصفاتها، والشرط الثالث: قدرة مؤجر على تسليم العين المؤجرة كمبيع؛ لأنها بيع منافع أشبه ببيع الأعيان وتقدم أنه لا تصح إجارة الآبق والشارد ولا مغصوب ممن لا يقدر على أخذه. والشرط الرابع: اشتمال العين على النفع، فلا تصح إجارة بهيمة زمنة لحمْل، والزمانة: مرض يدوم طويلًا، ولا يصح إجارة أرض سبخة لزرع؛ لأنه لا يمكن

تسليم هذه المنفعة من هذه العين، ولا يصح إجارة دار خربة أو دكان خرب لتعذر استيفاء المنفعة إلا أن إستأجر أرضهما، ولا تصح إجارة أخرس لتعلم منطوق ولا إجارة أعمى لحفظ شيء يحتاج إلى رؤية؛ لأن الإجارة عقد على المنفعة، ولا يمكن تسليم هذه المنفعة من هذه العين. والخامس: كون مؤجر يملك النفع بملك العين أو استئجارها أو مأذونًا بطريق له الولاية كحاكم يؤجر ما، نحو سفينة أو غائب أو وقفًا لا ناظر له أو من قبل شخص معين كناظر خاص، ووكيل في إجازة؛ لأنها بيع منافع فاشترط فيها ذلك كبيع الأعيان، فتصح من مستأجر لغير حر أن يؤجره لمن يقوم مقام المستأجر؛ لأن موجب عقد الإجارة ملك المنفعة والتسلط على استيفائها بنفسه أو بمن يقوم مقامه بخلاف مستأجر الحر كبيرًا كان أو صغيرًا، فليس له أن يؤجره؛ لأن اليد لا تثبت عليه وإنما هو يسلم نفسه إن كان كبيرًا أو يسلمه وليه وتصح إجارتها، ولو لم يقبضها المستأجر؛ لأن قبضها لا ينتقل به الضمان إليه فلا يقف جواز التصرف عليه بخلاف بيع المكيل ونحوه قبل قبضه حتى لمؤجرها يجوز إجارتها عليه؛ لأن كل عقد جاز مع غير العاقد جاز معه كالبيع ولو بزيادة عما أجرها به أو نقص؛ لأنه عقد يجوز برأس المال فجاز بنقص وزيادة ما لم يكن حيلة كعينة بأن استأجرها بأجرة حالة نقدًا ثم آجرها بأكثر منه مؤجلًا، فلا يصح حسمًا لمادة ربا النسيئة، وليس للمؤجر الأول مطالبة المستأجر الثاني بالأجرة؛ لأن غريم الغريم ليس بغريم. قال في «شرح الإقناع» : قلت: إن غاب المستأجر الأول أو امتنع فللمؤجر رفع الأمر إلى الحاكم فيأخذ من المستأجر الثاني، ويوفيه أجرته أو من مال المستأجر الأول إن كان؛ فإن فضل شيء حفظه للمستأجر، وإن بقي له شيء فمتى وجد له مالًا وفاه منه كما يأتي في القضاء على الغائب إن شاء الله تعالى وإذا تقبل الأجير في

ذمته عملًا بأجرة كخياطة أو غيرها، فلا بأس أن يقبله بأقل من أجرته ولو لم يعنْ فيه بشيء من العمل؛ لأنه إذا جاز أن يقبله بمثل الأجر الأول أو أكثر جاز بدونه كالبيع وكإجارة الين، وتصح إجارة عين من مستعير بإذن معير في مدة يعينها المستعير للإجارة؛ لأنه لو أذن له في بيعها لجاز، فكذا في إجارتها؛ لأن الحق له؛ فإن لم يعين فكوكيل مطلق يؤجر العرف وتصير العين المؤجرة أمانة بعد أن كانت مضمونة على المستعير لصيرورتها مؤجرة، والأجرة لربها؛ لأنه مالكها، ومالك نفعها وانفسخت العارية بالإجارة؛ لأنها أقوى منها للزومها، وتصح إجارة في وقف من ناظره؛ لأنه إما مستحق فمنافعه له فله إجارتها كالمستأجر وإلا فبطريق الولاية كالولي يؤجر عقار موليه، وإن مات مستحق وقف أجره وهو ناظر بشرط بأن وقفه عليه، وشرط له النظر لم تنفسخ الإجارة بموته؛ لأنه أجر بطريق الولاية أشبه الأجنبي، وإن آجر المستحق لكونه أحق بالنظر مع عدم الشرط لكون الوقف عليه لم تنفسخ الإجارة، كما لو آجر وليُّ مال موليه أو ناظر أجنبي، ثم زالت ولايته. قال المنقح في «الإنصاف» : صححه في التصحيح والنظم، وجزم به في «الوجيز» ، وقدمه في «الفروع» و «الرعاية الكبرى» ، وشرح ابن رزين، قال القاضي في «المجرد» : هذا قياس المذهب. وقال في «التنقيح» : وإن مات المؤجر انفسخت إن كان المؤجر الموقوف عليه بأصل الاستحقاق، وقيل: لا تنفسخ قدمه في «الفروع» وغيره، وجزم به في «الوجيز» وغيره كملكه وهو أشهر، وعليه العمل. انتهى من «المنتهى وشرحه» . والقول الأول: وهو أنه إذا مات المؤجر وانتقل إلى من بعد أنها تنفسخ؛ لأن البطن الثاني يستحق العين بجميع منافعها تلقيًا من الوقف بإنقراض الأول، بخلاف الطلق؛ فإن الوارث يملكه من جهة الموروث فلا يملك إلا ما خلفه وحق المورث لم ينقطع عن ميراثه بالكلية، بل آثاره باقية، ولهذا قالوا: تقضي منه ديونه وتنفذ وصاياه، هو الذي تطمئن

إليه النفس، وهو اختيار الشيخ تقي الدين. والله أعلم. فعلى القول أن الإجارة لا تنفسخ بذلك يأخذ المنتقلُ إليه الاستحقاق حصته من أجرة قبضها مؤجر من تركته إن مات، أو يأخذها من المؤجر إن انتقل عنه الاستحقاق حيًا، كمن كان وقف داره على ابنته ما دامت عزبًا؛ فإن تزوجت فعلى زيد، ثم أجرَّت الدار مدة وتعجلت الأجرة، ثم تزوجت في أثنائها فيأخذ زيد منها ما يقابل استحقاقه، وقال في «الإقناع» : والذي يتوجه أنه لا يجوز للموقوف عليهم أن يستسلفوا الأجرة؛ لأنهم لم يملكوا المنفعة المستقبلة ولا الأجرة عليها فالتسليف لهم قبض مالًا يملكونه ولا يستحقونه بخلاف المالك، وعلى هذا فللبطن الثاني أن يطالب بالأجرة المستأجر الذي سلَّف المستحقين؛ لأنه لم يكن له التسليف، ولهم أن يطالبوا الناظر إن كان هو المسلف ذكره في «الاختيارات» ، وإذا بيعت الأرض المحتكرة أو ورثت فالحكم على من انتقلت إليه في الأصح، كما قاله الشيخ تقي الدين. انتهى. وإن لم تقبض الأجرة فالمنتقل إليه الاستحقاق يأخذ حصته من مستأجر لعدم براءته منها، وعلى الوجه السابق، وهو القول بانفساخ الإجارة بانتقال الاستحقاق عن المؤجر عير المشروط له النظر، وهو الذي تميل إليه النفس كما سبق. ينتزع من آل إليه الوقف أو الإقطاع ذلك من يد المستأجر، ويرجع مستأجر عجَّل أجرته على ورثة قابض مات أو عليه إن كان حيًا، ووجه انفساخ الإجارة: أن المنافع بعده حق لغيره، فبموته تبين أنه آجر حقه وحق غيره، فصح في حقه دون حق غيره، كما لو آجر دارين أحدهما له والأخرى لغيره، بخلاف الطلق إذا مات مؤجره؛ فإن الوارث يملكه من جهة مورثه فلا يملك منه إلا ما خلفه، وما تصرف فيه في حياته لا ينتقل إلى وارثه، والمنافع التي أجرها قد خرجت عن ملكه بالإجازة، فلا تنتقل إلى وارثه، والبطن الثاني في الوقف يملكون من جهة الواقف فما حدث منها بعد

البطن الأول، فهو ملك لهم وإن آجر الناظر العامُّ، وهو الحاكم أو آجر من جعل الإمام له ذلك لعدم الناظر الخاص، وهو أجنبي بأن كان الوقف على غيره لم تنفسخ إجارته بموته ولا عزله قبل مضي مدتها؛ لأنه بطريق الولاية، ومن يلي النظر بعده إنه يملك التصرف فيما لم يتصرف فيه الأول، وسواء كان عينه الواقف أو أقامه الحاكم، وإن آجر سيد رقيقه أو آجر ولي يتيمًا محجورًا له أو آجر مال محجوره كداره أو رقيقه أو بهائمه، ثم عتق الرقيق المأجور أو بلغ اليتيم أو رشد المحجور عليه أو مات المؤجر أو عزل الولي قبل انقضاء مدة الإجارة لم تنفسخ إجارة الرقيق؛ لأنه تصرف لازم يملكه المتصرف كما لو زوج أمة ثم باعها أو أعتقها. ولا رجوع له على مولاه بشيء؛ لأن منفعته استحقت بالعقد قبل العتق فلم يرجع ببذلها ولا تفسخ إجارة اليتيم أو إجارة ماله بموت الولي المؤجر ولا عزله؛ لأنه تصرف وهو من أهل التصرف فيما له الولاية عليه فلم يبطل تصرفه بزوال ولايته كما لو زوَّجه أو باع داره إلا أن عمل الولي بلوغ اليتيم في المدة بأن كان ابن أربع عشرة سنة وآجره أو آجر داره سنتين فتنفسخ ببلوغه لئلا يفضي إلى صحتها على جميع منافع طول عمره وإلى تصرفه في غير زمن ولايته على المأجور، ومثله إذا علم سيد عتق الرقيق في مدة الإجارة بأن قال: أنت حر بعد سنة ثم آجره سنتين فتنفسخ بعتقه، وإذا لم تنفسخ الإجارة بموت أو عزل مؤجر لا يعلم عتق الرقيق حينئذ فنفقة في عتق على سيد إلا إن شرطت النفقة على مستأجر فعليه، وإذا بيعت الأرض المحتكرة أو ورثت فالحكر على من انتقلت إليه في الأصح، قاله الشيخ تقي الدين: لو ورث المأجور أو اشترى أو اتهب أو وصَّي به لإنسان أو أخذ صداقًا أو أخذه الزوج عوضًا عن خلع أو صلحًا أو غير ذلك، فالإجارة

بحالها، ويجوز بيع العين المستأجرة ولا تنفسخ الإجارة إلا أن يشتريها المستأجر، وإذا آجر الوقف بأجرة المثل فطلبه غير مستأجره بزيادة فلا فسخ، وكذا لو أجره المتولي على ما هو على سبيل الخير. من النظم فيما يتعلق بالإجارة ومن شرطها إمكان تسليم مؤجر لمدته مع نفعه المتعودِ فلا يؤجر المغصوب إلا لغاصب وقاهره مع آبق متمرد وغير مجاز في الأصح إجارة المشاع فقط إلا لشركته قد وإيجار أرض سبخة لزراعة كإيجاره للنسخ من أقطع اليد وإيجار إنسان ليقتص جائز ومن مال من يقتص منه لممدد وجدر لوضع الخشْبِ أو صائد لمن يصيد ولا تؤجر سوى المتصيد ويحرم إيجار الكلاب جميعها سواه ما اقتناه جائز بمبعد ويحرم إيجار المحرم بيعه سوى الحر مع وقف وأم مولد وإيجار نقد للتحلي به أجز ووزن به قيدت أولى بأجود

وفي ذينك استعمل بإطلاق عقد وقرض لدى القاضي إذا لم يقيد وللخدمة استأجر وليدك لا أبًا وللحضن والإرضاع زوجًا بأجود وتمنعْ بلا إذن إجارَة نفسها سوى في اشتراك لم يشن نيل مقصد وجائز استئجار طيب كعنبر ودار تهيأ للصلاة كمسجد ويشرط علم العين إما برؤية أو الوصف أن يُضبَط به في المجوَّدِ وقيل أجز من غير وصف ورؤية وللمكتري التخيير في الرؤية اشهد وحظر كرا الإسلام كفرًا لخدمة وفي عمل في ذمة ليوطد وقولان في إيجاره لا لخدمة لمعلوم أعمال بوقت محدد وأجرة حمام حلال كريهة كأثمانه والعقد غير مفسَّد ويشرط ملك النفع فيه لمؤجر أو الإذن في الإيجار شرعًا بأوكدِ وأن تقبض العين إن تشاء أجر أو أعر لمثلك في ضر فأدنى بأوطدِ

وحتى لمكريها ولو بزيادة في الأولى وعنه إن زدت تعميرًا ازدد وجوز بلا قبض في الأقوى لأبعد وفي المؤجر أن تمنعه في ذا تردد وإن تشترط أن لا يلي النفعَ غيره لغا الشرط لم يلزم على المتأطد ويملك أيضًا مستعير إجارة بإذن معير في زمان مجدد ويملك أجر المثل لا الفسخ إن يعد لتغريره مستأجرًا عند معقد وإيجار وقف تحت حكم الفتى أجز مدى عمره في الظن إن لم يحدد ولم تنفسخ في الإنتقال بأجود ومن أجرة للثاني حصته أمهد ولو قيل إن يؤجره ذو نظر في المحبس لم يفسخ فقط لم أبعد وإن آجر الطفلَ الوليُّ وعبده فلا فسخ إن يبلغ ويعتق بأجود كذا مال محجور عليه لحظه إذا انفك حِجر بعد إيجاره اشهد

س57: ما هي صور العين المعقود عليها؟ وما الذي يشترط في الصور منها؟ وما الذي لا يشترط؟ وما حكم إجارة العين المشغولة وقت عقد؟ وما حكم إجارتها من وكيل مطلق؟ وكم للوكيل أن يؤجر إذا لم يحدد له؟ وبين حكم إجارة الآدمي، ومن هو الأجير الخاص؟ ولم سمي بذلك؟ وما الذي يستثنى من الوقت شرعا؟ وبم تستوفي السنة وبين حكم ما يعتبر بالأشهر، وحكم ما إذا قالا سنة عددية أو سنة بالأيام أو سنة رومية أو شمية أو فارسية أو قبطية، وهل للمستأجر ركوب لمثل المكان الذي استأجر إليه أو مخالفة الطريق؟ وبين حكم ما إذا استأجر للحج وتقدير المسافة والسير ... إلخ.

57- صور العين المعقود عليها، وما يشترط في الصور منها والذي لا يشترط وحكم إجارة العين المشغولة وقت عقد إجارتها وبما تستوفي السنة س57: ما هي صور العين المعقود عليها؟ وما الذي يشترط في الصور منها؟ وما الذي لا يشترط؟ وما حكم إجارة العين المشغولة وقت عقد؟ وما حكم إجارتها من وكيل مطلق؟ وكم للوكيل أن يؤجر إذا لم يُحدَّد له؟ وبين حكم إجارة الآدمي، ومن هو الأجير الخاص؟ ولِمَ سمي بذلك؟ وما الذي يستثنى من الوقت شرعًا؟ وبِمَ تستوفي السنة وبين حكم ما يعتبر بالأشهر، وحكم ما إذا قالا سنة عددية أو سنة بالأيام أو سنة رومية أو شمية أو فارسية أو قبطية، وهل للمستأجر ركوب لمثل المكان الذي استأجر إليه أو مخالفة الطريق؟ وبين حكم ما إذا استأجر للحج وتقدير المسافة والسير ... إلخ. ج: لإجارة العين المعقود على منافعها معينة كانت أو موصوفة في الذمة صورتان: إحداهما: أن تكون إلى أمد كهذه الدار شهرًا أو فرسًا صفته كذا ليركبه يومًا، وشرط في هذه الصورة علم الأمد كشهر من الآن أو وقت كذا؛ لأنه الضابط للمعقود عليه المعرف له وإن استأجره سنة وأطلق حمل على الأهلة؛ لأنها المعهودة شرعًا؛ لقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ} الآية؛ فإن قالا: سنة عددية، أو قالا: سنة بالأيام فثلاث مائة وستون يومًا [360] ؛ لأن الشهر العددي ثلاثون، وإن قالا: سنة رومية أو شمسية أو فارسية وهما يعلمانه، جاز وله ثلاثمائة وستون يومًا [360] ويشترط أن لا يظن عدم العين المؤجرة بنحو موت أو هدم في مدة الإجارة، فتصح، وإن طال الأمد؛ لأن المعتبر كون المستأجر يمكنه استيفاء المنفعة منها، قال في «الفروع» : ولو ظن عدم العاقد ولا فرق بين الوقف والملك، بل الوقف

أولى قاله في «الرعاية» ، قال في «المبدع» : وفي أولوية الوقف نظر، وإذا استأجر سنة لم يفتقر إلى تقسيط أجر كل شهر ولا أن تلي مدة الإجارة العقد، فتصح إجارة عين لسنة خمس في سنة أربع لجواز العقد عليها مع غيرها فجاز العقد عليها مفردة، ولو كانت مؤجرة أو مرهونة، قال في «الإنصاف» : إن غلب على الظن القدرة على التسليم وقت وجوبه صحت، وإلا فلا، قال: ومحل الخلاف إذا كان الرهن لازمًا؛ أما إن كان غير لازم فيصح إجارته قولًا واحدًا. انتهى. والذي يترجح عندي أن غجارة المرهون تتوقف على الإذن. والله أعلم. أو مشغوله بنحو زرع وقت عقد كمسلم فيه لا يشترط وجوده وقت عقد إن قدر مؤجر على تسليم ما آجره عند وجوب التسليم وهو أول دخول المدة، فلا تصح إجارة في أرض مشغولة في غرس وبناء وأمتعة كثيرة يتعذر تحويلها إذًا إن كانت الإجارة لغير المستأجر صاحب الغرس أو البناء ونحوهما، لعدم القدرة على تسليمه إذًا، ويصح استئجار عين شهرًا أو سنة، ويطلق ولو بمدة تلي العقد وابتداؤه من عقد، ولا تصح إجارة من وكيل مطلق لم يُقَدِّرْ له الموكلُ مدة طويلة كخمس سنين؛ لأنه المتبادر مع الإطلاق، وكما لو قال: اشتر لأهلي خبزًا فاشترى قنطارًا منه فلا يلزم الموكل، وقال الشيخ تقي الدين: ليس لوكيل مطلق إيجار مدة طويلة، بل العرف كسنتين ونحوهما. وقال في «الإنصاف» : الصواب الجواز إن رأى في ذلك مصلحة وتعرف بالقرائن، والذي يظهر أن الشيخ تقي الدين لا يمنع ذلك. اهـ. وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله سبحانه أعلم. وتصح إجارة الآدمي لرعي وخدمة مدة معلومة، وتقدمت الأدلة في أول باب الإجارة، ويسمى مؤجر نفسه مدة معلومة الأجير الخاص لتقدير زمن يستحق المستأجر نفعه في جميعه مختصًا به سوى فعل الصلوات الخمس بسننها الراتبة في أوقاتها، وسوى زمن فعل

صلاة جمعة، وصلاة عيد فطر، وصلاة عيد أضحى، فكل هذه مستثناة شرعًا، ولا يستنيب أجير خاص فيما استؤجر له لوقوع العقد على عينه كمن آجر دابة معينة لمن يركبها ونحوه، ومن استأجر سنة من العقد في أثناء شهر استوفى السنة بالأهلة فيستوفي أحد عشر وكمل ما بقي من أيام الشهر الذي استؤجر فيه ثلاثين يومًا لتعذر إتمامه بالهلال فيتم بالعدد؛ وأما ما عداه فقد أمكن استيفاؤه بالهلال فوجب؛ لأنه الأصل، وكذا كلما يعتبر بالأشهر، ثاني الصورتين أن تكون العين المعقود على منفعتها لعمل معلوم كدابة معينة أو موصوفة لركوب لمحل معين أو لحمل شيء معلوم إلى معين كبلد كذا، وله أن يركب الدابة المستأجرة للركوب لمنزله، ولو لم يكن منزله في أول عمارة البلد؛ لأنه العرف، وللمستأجر ركوب مؤجرة لمحل مثل المكان الذي استأجر إليه في جادة مماثلة للطريق المعقود عليه في مسافة وسهولة وحزونة وخوف وأمن، قلت: ومثل ذلك من استأجر سيارة أو طائرة أو السفينة أو المركب أو الدراجة أو الدباب، ولو كانت الطريث التي يعدل إليها أقل ضررً جاز على الصحيح من المذهب اختاره القاضي، وقدمه في «الفروع» . قال في «الرعاية الصغرى» : جاز في الأكثر وجزم به في «الحاوي الصغير» ؛ لأن المسافة عُيِّنت ليستوفي منها النفعة ويعلم قدرها بها، فلم تتعين كنوع المحمول والراكب، واختار الموفق في «المغني» جواز العدول إلى غير المعين إن لم يكن لمكر غرض في المحل الأول. قال: ويقوى عندي أنه متى كان للمكري غرض في تلك الجهة لم يجز العدول إلى غيرها كمكر جماله لمكة ليحج معها أو إلى بلد به أهله، فلا يعدل مكتر لغيره، ولو أكرى جماله جملة إلى بلد أخرى، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. ولو أكرى جماله إلى بغداد لكونه أهله بها أو ببلد العراق لم يجز الذهاب بها إلى مصر، وذلك لأنه عين المسافة

س58: تكلم بوضوح عما يلي: إستئجار بقر لحرث أو دياس زرع، إستئجار آدمي ليدل على طريق أو يلازم غريما أو يخيط أو يقصر أو يكون له ثوبا أو لفصده أو لختن أو حلق شعر رأس أو لحية أو بعض الرأس أو لمداواة شخص أو حلب حيوان أو رحى لطحن شيء، وما

لغرض في فواته ضرر فلم يجز تفويته كما في حق المكري؛ فإنه لو أراد حمله إلى غير المكان الذي اكترى إيه لم يجز، وإن سلك المستأجر أبعدمن المكن الذي استأجر إليه أو سلك أشق منه فعليه المسمى وأجرة المثل للزائد لتعديه به، ومن اكترى بعيرًا لمكة لا يركب لعرفة؛ لأنه زيادة على المعقود عليه، ولو اكترى للحج فله الركوب لمكة ثم الركوب من مكة لعرفة ثم الركوب لمكة لطواف الإفاضة ثم الركوب لمنى لرمي الجمار؛ لأن ذلك كله من أعمال الحج، ولا يحتاج لتقدير السير فيه كل يوم؛ لأن ذلك ليس إليهما ولا مقدورًا عليه لهما، وإن سن ذكر قدر السير كل يوم قطعًا للنزاع، لاسيما إذا كان بطريق ليس السير فيه إليهما، وإن كان الكرى في طريق السير إليهما استحب ذكر قدر السير في كل يوم؛ فإن أطلق والطريق منازل معروفة جاز؛ لأنه معلوم، ومتى اختلفا في قدر السير أو وقته ليلًا أو نهارًا أو اختلفا في موضع المنزل إما داخل أو في خارج منه حُمِل على العرف؛ لأن الإطلاق يحمل عليه وإن لم يكن للطريق عرف وأطلقا العقد، فقال الموفق: الأولى صحة العقد؛ لأنه لم تجر العادة بتقدير السير ويرجع إلى العرف في غير تلك الطريق. 58- استئجار البقر لحرث أو دياس واستئجار الآدمي على دلالة أو خياطة إلخ س58: تكلم بوضوح عما يلي: إستئجار بقر لحرث أو دياس زرع، إستئجار آدمي ليدل على طريق أو يلازم غريمًا أو يخيط أو يقصر أو يكون له ثوبًا أو لفصده أو لختْن أو حلق شعر رأس أو لحية أو بعض الرأس أو لمداواة شخص أو حلب حيوان أو رحى لطحن شيء، وما

الذي لا يؤجّر إلا لمدة، وما الذي يشترط لذلك والذي يعتبر التقدير به؟ وبين حكم استئجار الآدمي لذبح حيوان وحكم استئجار الرحى، وحكم ما إذا ضم لما استأجره غيره أو استأجر لحفر بئر؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف. ج: يصح إستئجار دواب العمل كبقر معينة أو موصوفة لحرث أرض معلومة لهما بالمشاهدة لإختلاف الأرض بالصلابة والرخاوة فيصح أن يستأجر البقر وحدها ليحرث هو بها وأن يستأجرها مع صاحبه بآلتها من سكة وغيرها، ويجوز تقدير العمل بالمساحة كجريب أو [جريبين] عن هذه الأرض وبالمدة كيوم أو يومين وهو من الصورة الأولى ويعتبر تعيين البقر؛ لأن الغرض يختلف باختلافها في القوة والضعف، وإن شرط المستأجر حمل زاد مقدر كمائة رطل وشرط المستأجر أن يبدل منها ما نقص بالأكل أو غيره فله ذلك لصحة الشرط، وإن شرط أن لا يبدله فليس له إبداله عملًا بالشرط؛ فإن ذهب بغير الأكل كسرقة أو سقوط ضاع به فله إبدال ما سرق أو ضاع، وإن أطلق العقد فلم يشترط إبدالًا ولا عدمه فله إبدال ما ذهب بسرقة أو أكل ولو معتادًا كالماء؛ لأنه استحق حمل مقدار معلوم فملكه مطلقًا، ويصح إستئجار آدمي حر أو عبد ليدل على طريق؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر استأجرا عبد الله بن الأريقط هاديًا خِرِّيتًا ليدلهما على الطريق إلى المدينة، والخريت الماهر في الهداية. قال الشاعر: كأنهم في قفارٍ ظلَّ سالكُها ... نهْجَ الطريق وما في القوم خرِّيتُ ويصح استئجار آدمي يلازم غريمًا يستحق ملازمة؛ لأن الظاهر أنه محق؛ فإن الحاكم في الظاهر لا يحكم إلا بالحق، ويصح أن يستأجر من

يخيط له ثوبًا أو يغسله أو يكويه أو يفصله أو يقلع سنًا أو ضرسًا معينين أو يستأجر لفصد عرق أو لختن أو حلق شعر أو تقصيره؛ وأما شعر اللحية فيحرُمُ على المستأجرِ والمستأجرْ وعلى الحالق لها والمحلوق، ولو بلا أجرة؛ لأنه يحرم شرعًا حلقها وقصها ونتفها وتحريقها، وفي حلقها إن لم تعد دية كاملة، وتقدمت الأدلة الدالة على تحريم حلقها في الجزء الأول في سؤال (35) (ص18) الطبعة الأولى، وكذا لا يصح الاستئجار لما يسمى بالتواليت، وهو حلق بعض الرأس وترك بعضه إلا إذا كان هناك جرح أو أذى، وكذا لا يصح الاستئجار لحلق رأس المرأة أو قصه للتشبه بالكفار إلا ما تقدم في الحج من أنها تقصر منه أنملة، ويصح استئجار طبيب لمداواة شخص معين، ويحرم الخلو بالمرأة لاسيما وقد ظهر وكثر إستعمال ما يسمى بالبنج وقلة الأمانة، وصار الطبيب المسلم نادر الوجود كالكبريت الأحمر ما تجد إلا من لا يُرى لا في جمعة ولا جماعة، ولذبح حيوان معين؛ لأن هذه أعمال مباحة لا يختص فاعلها أن يكون من أهل القرية فجاز الاستئجار عليها كسائر الأفعال المباحة وكإستئجار رحىً لطحن معلوم من حب معلوم؛ لأنه يختلف فمنه ما يسهل ومنه ما يعسر ما لا عمل له كدار وأرض لا يؤجر إلا لمدة، قاله المجد. وما له عمل ينضبط يجوز تقدير إيجاره بمدة وعمل، ويكفي ذكر أحدهما عن الآخر وشرط علم كل عمل استؤجر له وضبطه بما لا يختلف؛ لأنه إن لم يكن كذلك لكان مجهولًا، فلا تصح الإجارة فيعتبر في إجارة دابة لإدارة رحى معرفة صاحب الدابة الحجر إما بنظر أو وصف؛ لأن عمل البهيمة يختلف بثقله وخفته ويعتبر تقدير عمل بزمان كيوم أو يومين أو طعام اعتبر ذكر كيله كقفيز واعتبر ذكر جنس مطحون كاستئجار رحى لطحن بر أو شعير أو ذرة، وإن استؤجر دابة لإدارة دولاب اعتبر مشاهدة الدولاب مع مشاهدة دلائه لاختلافها

واعتبر تقدير المذكور بزمن أو ملء نحو حوض، ولا يصح تقديره بسقي أرض لتروى؛ لأنه لا ينضبط وإن استأجر دابة سقي بدلو اعتبر مشاهدة الدلو واعتبر تقديره بعدد الدلاء أو زمن كيوم أو أسبوع أو بماء نحو حوض كبركة، وإن قدر السقي بشرب ماشية جاز؛ لأن شربها يتقارب غالبًا كما يجوز تقديره ببل تراب معروف بالعرف، وإن استأجر دابة لسقي عليها اعتبر معرفة الآلة التي يسقى فيها من راوية أو قرابة أو جرارًا أو برميلًا أو تنكًا إما بالرؤية أو بالصفة؛ لأنها تختلف. ويقدر العمل بالزمان كيوم أو شهر أو بالعدد أو بمثل شيء معين، وإن قدر العمل بقدر المرَّات بالماء ويصب فيه للسقي من قرب وبعد؛ لأنه يختلف، وكذا إن استأجروا بيتًا لسقي اعتبر معرفته لإختلاف في الصغر والكبر، واعتبر معرفة الماء لإختلافه حلاوةً ومرارةً وكدرةً وصفاءً ونظافةً وضدُّها، ومن اكترى زورقًا، وهو نوعٌ من السفن – فزواهُ، بأن جمعه مع زورق له فغرقًا ضمن؛ لأنها مخاطرة لاحتياجهما إلى المسافة ككفة الميزان كما لو اشترى ثورًا لإستقاء ماء فقرنه بثور آخر لإستقاء الماء فتلف ضمن؛ لأنها مخاطرة وإن استأجر دابتين واحدة لمكة والأخرى للمدينة بيَّن الدابة التي لمكة وبين الدابة التي للمدينة قطعًا للنزاع. قلت: ومثله لو استأجر سيارتين لإختلافهما واختلاف الدرب، وإن استأجر لحفر نحو بئر أو لحفر نهر أو ساقيه اعتبر معرفة أرض تحفر واعتبر معرفة دور بئر، واعتبر معرفة مقدار عمقها؛ لأن الأرض تختلف بالصلابة وضدها واعتبر معرفة آلتها إن طواها بحصى أو نحوه. واعتبر معرفة طول نهر وعمقه وعرضه؛ لأنه يختلف وإن حفر بئرًا استؤجر لحفرها فعليه نقل ترابها منها؛ لأنه لا يمكنه الحفر إلا به فقد تضمنه العقد فإن تهوَّر فيها تراب من جانبها أو سقط

فيها نحو بهيمة فانهال بها تراب لم يلزم الأجير إخراج التراب، وهو على مكتر لحفرها إن أراد تنظيفها؛ لأنه سقط فيها من ملكه ولم يتضمن عقد الإجارة رفعه وإن وصل الأجير في الحفر لصخرة أو محل صلب يمنع الحفر لم يلزم الأجير حفره؛ لأن ذلك مخالف لما شاهده فوق، فإذا ظهر في الأرض ما يخالف المشاهدة كان للأجير الخيار في الفسخ والإمضاء؛ فإن فسخ الأجير فله من الأجرة بقسط ما عمل من المؤاجر عليه؛ لأن المانع من الإتمام ليس من قبله فيسقط الأجر المسمى على ما بقي من العمل وعلى ما عمل الأجير، فيقال: كم أجر ما عمل؟ وكم أجر ما بقي؟ فيسقط الأجر المسمى عليهما، فإذا فرضنا أن أجر ما عمل عشرة وما بقي خمسة عشرة، فله خمسا، ولا يُقسَّط على عدد الأذرع؛ لأن أعلى البئر يسهل نقلُ التراب منه وأسفله يشقُ، فمن استجر لحفر عشرة أذرع طولًا وعشرة أذرع عرضًا وعشرة عمقًا فحفر الأجير خمسة طولًا في خمسة عرضًا في خمسة عمقًا وأردت أن تعرف ما يستحقه من الأجرة المسماة له فاضرب عشرة بعشرة في مائة فاضربها في عشرة بألف، فهي التي استؤجر لحفرها واضرب خمسة في خمسة بخمسة وعشرين فاضربها في خمسة بمائة وخمسة وعشرين، وذلك الذي حفره وهو الخارج بالنسبة إلى الألف – فهو ثمن الألف، فللأجير ثمن الأجرة؛ لأنه وفَّى بثمن العمل، وإن نبع من المحفور من بئر أو نهر ما منع الأجير من الحفر فكالصخرة في الحكم للأجير الفسخ ويقسَّط على ما عمل وما بقي ويأخذ بالقسط ومن ذلك ما يُحكى أن شخصين مع أحدهما ثلاثة أرغفة ومع الآخر خمسة فخلطا الجميع فجاءهما ثالث فأكل معهما، ثم أجازهما بثمانية دراهم فترافعا إلى علي، فحكم لرب الثلاث بواحد ولرب الخمسة بسبعة. وقال لهما: لأن مجموع الخبز يضرب في ثلاثة عدد الأشخاص بأربعة وعشرين ثم تضرب أرغفة

كل واحد في الثلاثة، فلرب الثلاثة ثلاثة في ثلاثة بتسعة أكل منها ثمانية وبقي واحد، ولرب الخمسة خمسة في ثلاثة بخمسة عشر أكل منها ثمانية وبقي سبعة، فتم لكل ثمانية وهي مجموع الأربع وعشرين. من النظم فيما يتعلق بإجارة العين وإيجار عين مدةً سَمِّ مؤجرًا ... بها بالأجير الخاص لا تتردد وليس عليه من ضمان لتالف ... إذا لم يكن منه تعدي معتدي وبشرط علم الوقت فيه وإن بطل ... وظن بقاء العين مدة معقد وقيل ثلاثين احدُدَتْها وقيل بل ... بحول وفي الوقف اختصر لا تزيد وليس بشرط أن تلي وقت عقدها ... ولا عدم الإشتغال وقت التفقدِ وللمكتري في الوقت فعل فرائض ... بسُنَّتها معْ جمعة ومعيَّد فإن تلِهْ لم يُشَرط لها ذكرُ بدوها ... وإن تتراخى فاشترطه وجدَّد وإن يُطلِقنْ حولًا فمن حين عقدهم ... يكون ابتداءُ الحول في المتأطدِ ويملك بالعقد المنافعَ قبل أن ... توفي لتقدير الوجود كموجد وإن يؤجرون في الشهر حولًا فواحد ... يُعَدُّ وباقٍ في الأهلة فاسرد وعن أحمد بالعدل كل وهكذا ... جميع الذي علقت بالأشهر اعدد وإن يكتري لليل أو لنهاره ... فأوله لا الآخر احْدُد بأجود وإن يكتري عينًا لفعل معين ... فيشرط ضبط قاطع للتنكد وإن يكتري شيئًا إلى مكة ولم ... يبين متى يخرج فذا العقد أفسد وجائز استئجار ما للركوب للحـ ... ـراثة والمعكوس في المتعود ويكره أجرٌ للملازم لامرئ ... غريم على المنصوص من قول أحمد وجائز استئجار حافر بئره ... بأرض كذا شهرًا وعن شاغِل ذُدِ وشيْلُ تراب الحفر في شر أذرع ... معينة لْزم أجيرك تسْعد

س59: بأي شيء تعرف الأرض المرادة للحرث؟ وبأي شيء يقدر الكحل وإذا برئ في أثناء مدة الإجارة أو مات فما الحكم؟ وإذا استأجر من يقلع له ضرسه فقلع غيره، فما الحكم؟ وإذا امتنع من قلعه فما الحكم؟ وما هو النوع الثاني من نوعي الإجارة؟ وما الذي يشترط لذلك؟ وما مثال ذاك، وما الذي لا يشترط له، ومتى يلزم الأجير الشروع في العمل؟ واذكر ما يتعلق بذلك من أحكام، ومحتزات، وبين أحكام ما يلي: أكل الحجام أجرته، كسب المصور، وحلاق اللحى ورؤوس النساء وصاحب الملاهي والمطربين وبائعي الصور ومصلح آلات اللهو ومعلم الصور وبائع المسكرات أصحاب القيادة والزنا واللوط ... إلخ.

وما انهارَ فيه بعدُ يلزم ربَّه ... وإن شاء يَفسخ إن يَبنْ ذا تجمد ويأخذ إن يفسخ بقيمة فعله ... من الكل لا من مثل أذرع فاهتد وجائز إيجار لنسخ القرآن والحديث ... وكتب الفقه والشعر ولا الرَّد بمديرة أو تقد أوراقه مع السُّـ ... ـطور ووصف الخط والهامش أحدد 59- مسائل حول تقديرات المؤجر ومخالفة المؤجر ما استؤجر له وبيان النوع الثاني من نوعي الإجارة س59: بأي شيء تعرف الأرض المرادة للحرث؟ وبأي شيء يقدر الكحل وإذا برئ في أثناء مدة الإجارة أو مات فما الحكم؟ وإذا استأجر من يقلع له ضرسه فقلع غيره، فما الحكم؟ وإذا امتنع من قلعه فما الحكم؟ وما هو النوع الثاني من نوعي الإجارة؟ وما الذي يشترط لذلك؟ وما مثال ذاك، وما الذي لا يشترط له، ومتى يلزم الأجير الشروع في العمل؟ واذكر ما يتعلق بذلك من أحكام، ومحتزات، وبين أحكام ما يلي: أكل الحجام أجرته، كسب المصور، وحلاق اللحى ورؤوس النساء وصاحب الملاهي والمطربين وبائعي الصور ومصلح آلات اللهو ومعلم الصور وبائع المسكرات أصحاب القيادة والزنا واللوط ... إلخ. ج: تعرف الأرض المرادة للحراثة بالمشاهدة لاختلافها بالصلابة والرخاوة؛ وأما تقدير العمل فيجوز بأحد أمرين؛ إما بمدة كيوم، أو تجديد عمل، فقوله هذه القطعة، أو قوله: أحرث من هنا إلى هنا، أو بمساحة كقوله له: احرث جريبًا أو جريبين، أو كذا ذراعًا في كذا ذراعًا ومع تقدير العمل بمدة فلابد من معرفة ما يحرث عليه كبقر ونحوها؛ لأن الغرض يختلف باختلافها، ومن استؤجر لكحل عيني أرمد صح؛ لأنه عمل جائز

يمكن تسليمه أو استؤجر طبيب لمداواة مريض صحَّ واشترط تقدير التكحيل أو المداواة بما ينضبط به من عمل أو مدة، ولو كان التقدير بمرة واحدة أو مرات متعددة، وقيل: تعتبر صحة التقدير بالمدة فقط، والقول الأول أرجح. والله أعلم. وشرط بيان عدد ما يكحله كل يوم، فيقول: مرة أو مرتين؛ فإن كان الكحل من العليل جاز؛ لأن آلة العمل تكون من المستأجر كاللبن في البناء، والطين والآجر ونحوها، وإن شرطه على الكحال جاز لجريان العادة به، ويشق على العليل تحصيله وقد يعجز عنه بالكلية، فجاز ذلك، كالصبغ من الصباغ، والحبر والأقلام من الناسخ، واللبن في الرضاع، وإن استأجره مدة فكحله فلم تبرأ عينه؛ فإنه يستحق الأجرة لأنه وفَّى بالعمل الذي وقع عليه العقد، فوجب له الأجر وإن لم يبرأ، كما لو استأجره لبناء حائط يومًا أو لخياطة قميص فلم يتمه فيه، وإن برئ الأرمد في أثناء المدة انفسخت فيما بقي من المدة؛ لأنه قد تعذر العمل أشبه ما لو حجز عنه أمر غالب أو مات في أثنائها انفسخت الإجارة لما مر، ويستحق من الأجرة بالقسط، وإن امتنع مريض من طب مع بقاء مرض في عينه استحق الطبيب الأجرة بمضي المدة، كما لو استأجره للبناء فلم يستعمله فيه؛ ولأن الإجارة عقد لازم، وقد بذل الأجير ما عليه ويصح أن يستأجر من يقلع له ضرسه أو سنه عند الحاجة إلى قلعه؛ فإن أخطأ الأجير فقلع غير ما أمر به من ضرس ضمنه؛ لأنه جناية ولا فرق في ضمانها بين العمد والخطأ إلا في القصاص وعدمه، وتنفسخ الإجارة ببرء قبل قلعه؛ لأن قلعه بعد برئه غير جائز ويقبل قول المريض في برء الضرس؛ لأنه أدرى به، وإن لم يبرأ الضرس وامتنع ربه من قلعه لم يجبر على قلعه؛ لأنه إتلاف جزء من الآدمي محرم في الأصل، وإنما أبيح إذا صار بقاؤه ضررًا وذلك مفوَّضًا إلى كل إنسان في نفسه إذا كان أهلًا لذلك، وصاحب الضرس

أعلم بمضرته ونفعه وقدر ألمه. القسم الثاني من قسمي الإجارة: أن تكون على منفعة بذمة، وهي نوعان: أحدهما: أن تكون في محل معين كاستأجرتك لحمل هذا الطرد أو هذا الكيس أو الغرارة البر إلى محل كذا على بعير أو سيارة تقيمها من مالك بكذا. والثاني: أن تكون في محل موصوف كاستأجرتك لحمل كيس سكر أو غرارة بر صفته كذا إلى مكة بكذا أو إلى المدينة بكذا وشرط ضبط المنفعة بوصف لا يختلف به العمل كخياطة ثوب يذكر قدره وجنسه وصفته لخياطةٍ وبناء دار يذكر الآلة ونحوها وحَمْلٍ لشيء يذكر جنسه وقدره لمحل معين ليحصل العلم بالمعقود عليه، كحمل جماعة على دابة أو سيارة أو سفينة أو طائرة أو مركب، فلابد من ذكر عددهم، فكل موضع وقع العقد عل مدة فلابد من معرفة ظهر يحمل عليه؛ لأنه يختلف بالقوة والضعف والبطء والسرعة، والغرض يختلف باختلافه وإن وقع العقد على عمل معين لم يشترط معرفة الظهر الذي يحمل عليه؛ لأن القصد العمل، وحيث ضبط حصل المطلوب، وكذا لو وقع العقد على ركوب عُقْبة بأن يركب تارة ويمشي أخرى لم يشترط معرفة ركوب لحصول الغرض بدونها، ويصح العقد؛ لأنه إذا جاز اكتراؤها في الجميع جاز في البعض، ولابد من كون العُقبة معلومة فتقدر بمسافة كفراسخ معلومة بأن يركب فرسخًا ويمشي آخر وتقدير بزمن بأن يركب ليلًا ويمشي أخرى مثلها ويعتبر في هذا زمان السير دون زمان النزول، وإطلاق العقبة يقتضي نصف الطريق حملًا على العرف وإن اتفقا على أن يركب ثلاثة أيام ويمشي ثلاثة أيام أو ما زاد أو نقص جاز أو اتفقا على أن يمشي يومًا ويركب يومًا، وإن اختلفا لم يجبر الممتنع منهما؛ لأن فيه ضررًا على كل واحد منهما على الماشي لدوام المشي وعلى المركوب،

وإن اختلفا في البادئ منهما أقرع بينهما؛ لأنه لا مُرجِّح لأحدهما على الآخر فتعينت القرعة؛ لأنها تستعمل عند اشتباه المستحقين وعند تزاحمهم، وليس أحدهما أولى من الآخر وشرط كون أجير في المنفعة في الذمة آدميًا جائز التصرف؛ لأنها معاوضة على عمل في الذمة فلم تجز من غير جائز التصرف ويسمى الأجير فيه الأجير المشترك لتقدير نفعه بالعمل؛ ولأنه يتقبل أعمالًا لجماعة فتكون منفعة مشتركة بينهم، وشرط أن لا يجمع بين تقدير مدة وعمل كقوله استأجرتك لتخيط لي هذا الثوب في هذا اليوم؛ لأنه قد يفرغ منه قبل انقضاء اليوم؛ فإن استعمل في بقيته فقد زاد على المعقود عليه وإن لم يعمل فقد تركه في بعض زمنه فيكون غررًا يمكن التحرز منه ولم يوجد مثل في محل الوفاق، والذي تطمئن إليه نفسي جوازها. والله أعلم. ويصح الجمع بين تقدير المدة والعمل في الجعالة؛ لأنه يغتفر فيها ما لا يغتفر في الإجارة، فإذا تم العمل قبل إنقضاء المدة لم يلزمه العمل في بقيتها؛ لأنه وفي ما عليه قبل مدته فلم يلزمه شيء آخر كقضاء الدين قبل أجله، وإن مضت المدة قبل العمل فللمستأجر فسخ الإجارة؛ لأن الأجير لم يف له بشرطه؛ فإن رضي بالبقاء عليه لم يملك الأجير الفسخ؛ لأن الإخلال بالشرط منه فلا يكون ذلك وسيلة إلى الفسخ؛ فإن اختار إمضاء طالبه بالعمل لا غير كالمسلم إذا صبر عند تعذر المسلم فيه إلى حين وجوده لم يكن له أكثر من المسلم فيه، وإن فسخ العقد قبل العمل سقط الأجر والعمل، وإن كان بعد عمل بعضه فله أجر مثله؛ لأن العقد قد انفسخ فسقط المسمى ورجع إلى أجر المثل، ويلزم الأجير المشروع في عمل ما استؤجر له عقب العقد لجواز مطالبته به إذًا؛ فإن أخَّر العمل بلا عذرٍ فتلف المعقودُ عليه ضمن لتلفه بسبب تركه ما وجب عليه، وشرط كون عمل لا يختص فاعله بمسلم كخياطة ونساجة ونحوهما؛ أما إن كان فاعله يختص بالمسلم كأذان وإقامة وإمامة وتعليم قرآن

وفقه وحديث ونيابة في حجة وقضاء بين الناس، فتحرم الإجارة عليه، ولا تصح ولا يقع إلا قربة لفاعله؛ لحديث عثمان بن العاص أن آخر ما عهد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن اتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا» . قال الترمذي: حديث حسن، وعن عبادة بن الصامت قال: علَّمْتُ ناسًا من أهل الصفة القرآن والكتابة، فأهدى إلي رجل منهم قوسًا، قال: قلت: قوس وليس بمال، قال: قلت أتقلدها في سبيل الله، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقصصتُ عليه القصة، قال: «إن سرَّكَ أن يُقلدَك الله قوسًا من نار فاقبلْها» ، وعن أُبي بن كعب أن علم رجلًا سورة من القرآن، فأهدي له خميصة أو ثوبًا، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «إنك لو لبستها لألبسك الله مكانها ثوبًا من نار» رواه الأثرم في «سننه» ، وعن أبي قال: كنت أختلف إلى رجل مُسِنٍّ قد أصابته علةٌ وقد احتبس في بيته أقرئه القرآن، فكان عند فراغه مما اقرؤه، يقول للجارية: هلمي طعام أخي فنؤتى بطعام لا آكل مثله بالمدينة، فجال في نفسي منه شيء فذكرته للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «إن كان ذلك الطعام طعامه وطعامُ أهله فكل منه، وإن كان يُتحفك به فلا تأكله» ، وعن عبد الرحمن بن شبل الأنصاري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اقرأوا القرآن، ولا تغلو فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به» قال عبد الله بن شقيق: هذه الرُّغفان التي يأخذها المعلمون من السُّحْت؛ ولأن من شرط صحة هذه الأفعال كونها قربة إلى الله تعالى، فلا يصح أخذ الأجرة عليها، كما لو استأجر إنسانًا يصلي خلفه الجمعة أو التراويح، وقيل: يصح للحاجة، نقل أبو طالب عن احمد أنه قال: التعليم أحب إلي من أن يتوكل لهؤلاء السلاطين، ومِن أن يتوكل لرجل من عامة الناس في ضيعة ومِن أن يستدين ويتجر لعله لا يقدر على الوفاء فيلقي الله بأمانات الناس، التعليم أحب إلي ممن أجاز ذلك مالك والشافعي، ورخص في أجور المعلمين أبو قلابة وأبو ثور وابن المنذر؛ لأن «النبي - صلى الله عليه وسلم -

زوج رجلًا بما معه من القرآن» متفق عليه. فإذا جاز تعليم القرآن عوضًا في النكاح وقام مقام المهر جاز أخذ الأجرة عليه في الإجارة، ولما ورد عن ابن عباس أن نفرًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مروا بماء فيهم لديغ أو سليم، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق؛ فإن في الماء رجلًا لديغًا أو سليمًا، فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فجاء بالشاء إلى أصحابه فكرهوا ذلك، وقالوا: أنا أخذت على كتاب الله أجرًا حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجرًا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله» رواه البخاري. وعن أبي سعيد قال: انطلق نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم فلدغ سيدٌ ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلهم أن يكون عندهم بعض شيء فأتوهم، فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لُدغَ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحدٍا منكم من شيء؟ قال بعضهم: إني والله لأرقى؛ ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جُعلًا، فصالحوهم على قطيع من غنم، فانطلق يتفل عليه، ويقرأ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} فكأنما نُشِطَ من عقال، فانطلق يمشي وما به قلبة، قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنذكر له الذي كان فننظر الذي يأمرنا، فقدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكروا له ذلك، فقال: «وما يدريك أنها رقية؟» ، ثم قال: «قد أصبتم اقتسموا واضربوا لي معكم سهمًا» وضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -، رواه الجماعة إلا النسائي، وهذا لفظ البخاري. وإذا أجاز أخذ الجعل جاز أخذ الأجرة؛ لأنه في معناه؛ ولأنه يجوز أخذ الرزق عليه من بيت المال، فجاز أخذ الأجرة عليه كبناء

المساجد؛ ولأن الحاجة تدعو إلى الاستنابة في الحج عمن وجب عليه، وعجز عن فعله، ولا يكاد يوجد متبرع بذلك فيحتاج إلى بذل الأجرة فيه، واختار هذا القول الشيخ تقي الدين، وقال: لا يصح الاستئجار على القراءة وإهداؤها إلى الميت؛ لأنه لم ينقل عن أحد من الأئمة الإذن في ذلك، وقد قال العلماء: إن القارئ إذا قرأ لأجل المال فلا ثواب له، فأي شيء يُهدى إلى الميت وإنما يصل إلى الميت العمل الصالح والاستئجار على مجرد التلاوة، ولم يقل به أحد من الأئمة وإنما تنازعوا في الإستئجار على التعليم والمستحب أن يأخذ الحاج عن غيره ليحج لا أن يحج ليأخذ فمن أحب إبراء ذمة الميت أو رؤية المشاعر يأخذ ليحج ومثله كل رزق أخذ على عمل صالح ففرق بين من يقصد الدين فقط والدنيا وسيلة أو عكسه والأشبه أن عكسه ليس له في الآخرة من خلاق. قال: وحجه عن غيره ليستفضل ما يوفي دينه الأفضل تركه لم يفعله السلف، ويتوجه فعله للحاجة. قال صاحب «الفروع» : ونصره ونقل ابن هانئ فيمن عليه دين وليس له ما يحج أيحج عن غيره ليقضي دينه؟ قال: نعم، والذي يترجح عندي قول من قال بصحته للحاجة. والله سبحانه وتعالى أعلم. ولا يحرم أخذ جعالة على ذلك على القول الأول والثاني؛ لأنها أوسع من الإجارة، ولهذا جازت مع جهالة العمل والمدة ولا يحرم أخذ الأجرة على رقية؛ لحديث أبي سعيد المتقدم وكما لا يحرم أخذ ذلك بلا شرط؛ لحديث عمر بن الخطاب المتقدم في الزكاة: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «ما أتاك من هذا المال من غير مسألة ولا إستشراف نفس فخذه ومالًا فلا تتبعه نفسك» متفق عليه. وأما ما لا يختص أن يكون فاعله من أهل القربة كتعليم خط وحساب ونحو ذلك، وبناء مسجد وقناطر وذبح هدي وأضحية وتفريق صدقة، فيجوز الاستئجار له، وأخذ الأجرة عليه؛ لأنه يقع

تارة قربة وتارة غير قربة، أشبه غرس الأشجار وبناء البيوت، ولا يحرم أخذ رزق من بيت المال أو من وقف عليه على متعد نفعه كقضاء وتعليم قرآن وحديث ونيابة في حج وتحمل شهادة وأدائها وأذان؛ لأنه من المصالح العامة فجرى مجرى الوقف على من يقوم بها، وليس بعوض، بل رزق للإعانة على الطاعة ولا يخرجه ذلك عن كونه قربة ولا يقدح في الإخلاص؛ لأنه لو قدح ما اسُتحقِت الغنائم وسلبُ القاتل، بخلاف الأجر، فيمتنع أخذ الأجر على ذلك لما تقدم فَمَن عَمِلَ ممَّن يقوم بالمصالح لله أثيب على عمله الذي أخلصه لله. قال الله تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} وحرم أخذ رزق وأخذ جعل وأخذ أجر على فعل قاصر على فاعله لا يتعدى نفعه كصوم وصلاة خلفه وكحجة عن نفسه واعتكافه؛ لأنه ليس من المصالح إذ لا تدعو حاجة بعض الناس إلى بعض من أجله؛ ولأن الأجر عوض الإنتفاع فأشبه إجارة الأعيان التي لا نفع فيها ومَن نفعه قاصر على نفسه كالحاج عن نفسه والمعتكف والطائف عنها لا يجوز له أن يأخذ رزقًا من بيت المال إلا ما فضل عمَّن نفعهُ متعدِّ، وتقدم أن الفاضل عمن تعدى نفعه يقسم بين المسلمين غنيهم وفقيرهم لاشتراكهم فيه، والاشتراك يقتضي التسوية، وصح استئجار لحجم وفصد، ولا يحرم أجره؛ لما روى ابن عباس قال: «احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعطى الحجام أجره» ، ولو كان حرامًا لم يعطه، متفق عليه. وفي لفظ: لو علمه خبيثًا لم يعطه؛ ولأنها منفعة مباحة لا يختص أن يكون فاعلها من أهل القرية فجاز الاستئجار عليها كالرضاع، وكره لحر لا رقيق أكل أجرته، ولو أخذها بلا شرط تنزيهًا له ويطعمه رقيقًا وبهائم؛ لقوله –عليه الصلاة والسلام-: «كسب الحجام خبيث» متفق عليه. وقال: «أطْعمه ناضِحَك ورقيقكَ» رواه الترمذي وحسنه. فعلم منه أنه ليس بحرام إذ غيرُ جائز أن يُطعِمَ رقيقه ما يحرم أكله؛ فإن الرقيق آدمي يُمنع من

ما يمنع منه الحر، ولا يلزم من تسميته خبيثًا التحريمُ، وقد سمى - صلى الله عليه وسلم - الثوم والبصل خبيثين مع عدم تحريمهما، وإنما كُرِه للحُر تنزيهًا له لدناءة هذه الصناعة، وقال القاضي: إنه لا يحل للحجام أكل أجرته على ذلك؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «كسب الحجاب خبيث» . وقال ناظم المفردات مشيرًا إلى قول القاضي: وكَسْبُ حَجَّامٍ فَقُلْ خَبيثُ سُحْتٌ بذا قد جاءنا الحديث أكْلًا لِحُرٍ ليس بالمُلَائِمِ يُطْعَمُ لِلْعَبْدِ ولِلْبَهِائِمِ يَحْرُمُ نَصًّا جَاءَ قَال القَاضِي وَعَقْدُها لَيْسَ بعَقْدٍ مَاضِي وَقَالَهُ قَوْمُ وَقومٌ حَرَّموا بالعَقْدِ لَا بِغَيْرِهِ اكْرَهْ جَزَمُوا ومَذْهَبُ الشَّيْخَيْنَ فَاكْرَهْ مُطْلَقًا وعَقْدُهَا يَصِحُّ فِيمَا حُقّقَا وكذا أجرة كسح الكنيف أي إخراج ما في المحل المعد لقضاء الحاجة، ويصح الاستئجار لذلك ولشفط البالوعة لدعاء الحاجة إلى ذلك وكراهة أكل الأجرة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كسْبُ الحجام خبيث» ، ونهي الحر عن أكله، فهذا أولى، وقد روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن رجلًا حجَّ ثم أتاه، فقال له: إني رجل أكنس فما ترى في مكسبي؟ قال: أي شيء تكنس؟ قال: العَذِرَة، قال: ومنه حججتْ ومنه تزوجت، قال: نعم، قال: أنت خبيثٌ وحجُّك خبيثٌ وما تزوَّجتَ خبيث، أو نحو هذا. ذكره سعيد بن منصور في «سننه» بمعناه؛ ولأن فيه دناءة فكره كالحجامة ويحْرمُ كسْبُ

المصور للأحاديث الواردة في تحريم الصُّور مجسَّدة أو غير مجسدة والوعيد الشديد عليهم، ويُحرم كسْبُ حلاق اللحى للأحاديث الواردة في تحريمُ حلقها، ويحرم كسبُ مَن كسبُه من آلات اللهو كالسينماء والتلفزيون والبكمات، ويحرم كسبُ المطربين والمطربات وإعطاؤهم؛ لأنه إعانة وتشجيعٌ على المعاصي، وكذا المغنيين بالدماميم، وهي الطبول من رجال ونساء؛ لأن ذلك منكر ومع ذلك يحصل نظر محرم واستماع للملاهي واستماع لأصوات النساء الأجنبيات والتلذذ بها، وغير ذلك من المفاسد، وإن حصل ما يسمى عند الفساق والمنحلين بالتشريع، فلا تسأل عن عظم المفاسد وأضرارها ويحرم كسب حلاقي رؤوس النساء، ومن يقصُّها للتشبه بالكفر وللتمثيل بالشعر والتغيير لما خلقه الله عليها جمالًا لها وميزة عن الرجال، وكذا يحرم كسب من مكسبه من عمل التصوير، وكذا من مكسبه من بيع ملابس الرجال للنساء وملابس النساء للرجال لحرمة التشبه، وكذا يحرم كسب من مكسبه من عمل الرؤوس الصناعية أو بيعها؛ لأنه إذا كان وصل الشعر بشعر آخر حرام فجمعه أولى؛ لما في «الصحيحين» أن امرأة سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي أصابتها الحصبة، فتمزق شعرها، وإني زوجتها أفأصل فيه؟ فقال: «لعن الله الواصلة والموصولة» ، وفي رواية: أن زوجها أمرني أن أصل في شعرها، فقال: «لا، إنه قد لعن الموصولات» . وروى مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زجر أن تصل المرأة برأسها شيئًا، وكذا يحرم كسب من مكسبه من خطه وعمله للدعايات المحرمة في اللوحات والأوراق ونحوها للترغيب في المحرمات؛ لأنه إعانة على نشر الفساد بين المسلمين والمعاصي، وقد قال الله تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ، وكذا يحرم كسب من مكسبه من عمل خواتم ذهب للرجال أو من بيعها ومكاسبها، وكذا يحرم كسب

من مكسبه مما يأخذه من الناس باسم التأمين على الأموال أو على الأنفس؛ لأنه غرر وجهالة وأكل لأموال الناس بالباطل، وقد نهى الله عن ذلك بقوله جل وعلا: {وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ} ويأتي –إن شاء الله- الكلام على التأمين بأبسط من هذا في باب السبق في آخر هذا الجزء. ويحرم مكسب بائع الصور مجسدة أو غير مجسدة للأحاديث الواردة في تحريمها؛ ولأنه إعانة على نشر المعاصي والمفاسد والمفاتن؛ ولأنها من المعاصي المتعدية أضرارها ويحرُمُ مكسب مُصلح آلاتِ اللهو والمَعازِف؛ لأنه إعانة على المعاصي، ويحرم كسْبُ مَن مكسبُه من تعليم التصوير أو صنع آلات اللهو لما تقدم من أنه إعانة على نشر المعاصي والمفاسد؛ ولأنها من المعاصي المتعدي ضررها إلى الغير، ويحرم كسب من مكسبه من عمل المسكرات أو من بيعها لتحريمها، وتأتي الأدلة في كتاب حد شارب الخمر آخر الكتاب في الجزء الثامن –إن شاء الله تعالى-، ويحرم كسب من مكسبه من اللوط أو الزنا أو القيادة، ويقال لها الجرارة؛ لأنها من أعظم المحرمات. نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ويكره كسب منمصة لإشتمال فعلها على التنميص المنهي عنه وكسب حمامي؛ لأنه لا يسلم داخلوه من كشف العورة. من النظم فيما يتعلق في الإجارة في الذمة ويشترط في استئجار فعل بذمة بيان صفات الفعل كالسلم أحدد وتعيينه وقتًا لفعل معين يرد على الأولى وعنه ليوطد

فإن تم قبل الوقت يبرأ أجيره فللمكتري الفسخ وفي عكسه قد ومشترك هذا الأجير ولم يكن سوى آدمي جائز الأمر أرشد وإن يستنب فيها الأجير فجائز إذا كنت لم تشرط مباشرة اليد وإن يهرب أو يمرض أقام مقامه بأجر عليه حاكم ذو تقلد وإن يأذن الإنفاق أو يستدين أو يبيع بعيرًا فاضلًا للمعرد ويرجع في الأولى بلا إذن حاكم بالإنفاق أن يشهد لعذر ممهد وإن هو لم يشهد لإعواز شهد ليرجع على الأقوى إن نوى العود فاشهد وبعد إنقضاء وقت الإجارة فليبع ويقضيه قاض والنماء للمشردِ وإن عاد جمال وناكر منفقًا فللمنفق القول أرض ما لم يزيد وللمكتري عند التعذر فسخها ويفسخها فوت المحل المقيد وسيان برء والفرار وهلكه بكل زمان العقد قبل التأطدِ

ويشرط في الأعيان علم صفاتها فإن تتعطل في ابتداء العقد تفسد وإن كان في أثناء فسخ بما بقي وإن شئتَ فسخًا في المُعَيَّبِ فاردد وإن شئت فامسك وأغرم الأجر كله وإمساكها بالإرث ليس بمبعدِ وإن غار ماء الزرع في الأرض أو هوى الديار انفسخ فيما بقي في المجودِ ومن يكتري شيئًا لمعلوم شغله فيغصب ليصبر إن يشَا أو ليردد وإن يبق نفع لم يُبَح معْ سلامةٍ وهَتْ ولنقص وارتجا قربة طد وإن يكن الإيجار وقتًا بعينه له الفسخ أو أجر على غاصب قد وإن شرط الإنفاق في مال مكتر أو الأجر وقت العطلة اردد وأفسد وأما إذا استأجرت عينًا بوصفها فكالسلم أقض في الصفات وقيد وإن يتعذر نفعها بعد دفعها أو اعتابت استبدل وإن شئتَ فاردد وأما إذا استأجرتها مدة مضت بغير انتفاع للتعذر تفسد

وجوز على برء جعالة طبة في الأقوى وقل للبرء لا أجر فاشهد وإن مات أو [؟؟؟] على غير طبةً ينلْ أجره لا القسط حسبُ بأجود وكل الدوا من مال من طب لا على الطبيب سوى كُحْل شرطت بأجود وإن تكتريه مدة ليطب فاشترط كل يوم كم يداوي وقيد فإن تنقضي لم يَبْرَ يحْظَ بأجره وفيما بقي أفسخ إن ترى أو بريء أشهد ويحرم إيجار على فعل قربة بإيجارها يختص كل موحد كحج وتأذين وفعل إمامة وتعليم قرآن وفقه بأوكد وخذ ما أتى من غير شرط كوقفه ورزق الفتى من بيت مال مرصد وما قد يخص المسلمين بفعله كتعليم خط والحساب ليوطد ولا تؤجرن للحمل إلا برؤية أو الوزن أو كيل كوصف بمبعد وإن ينقص المحمول أكل وهلكة فإن له تحميل مثل بأجود

س60: هل للمستأجر أن يستوفي النفع بمثله؟ وما الذي يعتبر إن كان له ذلك؟ واذكر ما يتعلق بذلك من أمثلة، وما الذي يمنع منه المستأجر والذي يجوز له والذي يملكه والذي لا يملكه، وإذا فعل مكتر ما لا يملكه أو سلك طريقا أشق أو اكترى لحمولة قدر فزاد أو إلى موضع فزاد عليه أو تلفت الدابة أو أردف على الدابة أو اكترى أرضا، لوضع قدر فزاد على القدر أو اختلفا في قدر الأجرة أو صفة الانتفاع أو اختلفا في قدر المدة، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

60- مسائل حول استيفاء النفع وما يمنع من المستأجر والذي يجوز له إلخ س60: هل للمستأجر أن يستوفي النفع بمثله؟ وما الذي يعتبر إن كان له ذلك؟ واذكر ما يتعلق بذلك من أمثلة، وما الذي يمنع منه المستأجر والذي يجوز له والذي يملكه والذي لا يملكه، وإذا فعل مكتر ما لا يملكه أو سلك طريقًا أشق أو اكترى لحمولة قدر فزاد أو إلى موضع فزاد عليه أو تلفت الدابة أو أردف على الدابة أو اكترى أرضًا، لوضع قدر فزاد على القدر أو اختلفا في قدر الأجرة أو صفة الانتفاع أو اختلفا في قدر المدة، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: لمستأجر استيفاء نفع معقود عليه بمثله ضررًا كبدونه بإعادة أو إجارة لملكه المنفعة، ولو اشترط المستأجر أن يستوفي النفع بنفسه لبطلان الشرط لمنافاته مقتضى العقد وهو ملك النفع والتسلط عليه بنفسه أو نائبه فتعتبر مماثلة راكب لمأجور في طول وقصر وفي خفة وثقل فلا يركبها أطول ولا أثقل منه؛ لأنه لا يملك أكثر مما عقد عليها، وقيل: لا يشترط ذلك، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم. ويكفي في العلم بالمماثلة غلبة الظن فمن استأجر دابة ليركبها وأراد أن يعيرها أو يؤجرها الآجر، فإذا غلب على ظنه أنه مساوٍ له في الطول والقصر والخفة والثقل كفى ذلك، ولا يحتاج إلى اعتبار نفسه بالوزن، ثم يعتبر الآخر كذلك؛ فإن ساواه عقد عه وإلا فلا؛ لأن ذلك يعسر جدًا، وقد يتعذر فاغتفر فيه التفاوت اليسير، وتقدم أن القول الذي تميل إليه النفس عدم اعتبار ذلك والتفاوت بسيط، ولا تعتبر مماثلة في معرفة ركوب؛ لأن التفاوت يسير فعفى عنه، ولهذا لا يشترط ذكره في الإجارة، وقيل: تعتبر المماثلة؛ لأن قلة المعرفة تثقل على المركوب وتضر به. قال الشاعر:

لم يركبوا الخيل إلا بعد ما ركبوا ... فهم ثقال على أعجازها عُنُف ولا يضمنها مستعير بتلف عنده بلا تفريط لقيامه مقام المستأجر في استيفاء المنفعة فحكمه حكمه في عدم الضمان، والذي يترجح عندي أن يضمنها إلا أن أذن له المالك. والله أعلم. ويجوز استيفاء مستأجر ونائبه بمثل ضرر ما استؤجر له فما دون ضرره من جنسه، قال أحمد: إذا استأجر دابة ليحمل عليها تمرًا فحمل حنطة أن لا يكون به بأس إذا كان الوزن واحدًا لا إن كانت المنفعة التي يستوفيها أكثر ضررًا؛ لأنه لا يستحقه أو كانت بمخالف ضرر المستأجر في ضرر المعقود عليه؛ فإنه لا يجوز، فلو استأجر أرضًا لزرع بر فله زرع بر وزرع نحو شعير كعدس وباقلاء؛ لأنه دون البر في الضرر والمعقود عليه منفعة الأرض دون البر، ولهذا يستقر عليه العوض بمضي المدة إذا تسلم الأرض وإن لم يزرعها وإنما ذكر البر لتقدر المنفعة به، ولا يملك مستأجر أرضًا لزرع بر زرع نحو دخن وذرة وقطن وقصب؛ لأن ذلك أكثر ضررًا من البر، ولا يملك مكتر لزرع غَرس أو بناء؛ لأن ضررهما أكثر من الزرع، وإن استأجر أرضًا للغراس لم يملك البناء بها وإن استأجرها البناء لم يملك الزرع لاختلاف ضررهما، فالغراس بباطن الأرض يضر والبناء يضر بظاهرها وإن اكتراها لغرس له زرعها؛ لأن ضرره أقل من ضرر الغراس وهو من جنسه؛ لأن كلًا منهما يضر بباطن الأرض، وإن اكتراها للبناء ملك الزرع، والقول الأول عندي أنه أرجح. والله أعلم. ولا تخلو الأرض من قسمين: أحدهما: أن يكون لها ماء دائم إما من نهر لم تجر العادة بانقطاعه كالأراضي التي تشرب من النيل والفرات، ونحوهما أو لها ماء لا ينقطع إلا مدة لا تؤثر في الزرع أو تشرب من عين تنبع أو بركة من مياه الأمطار يجتمع فيها

الماء ثم تسقى به أو تشرب من بئر تقوم بكفايتها أو ما يشرب بعروقه لنداوة الأرض، وقرب الماء الذي تحت الأرض، فهذا كله دائم، ويصح استئجار هذا القسم من الأرض للغراس والزرع، قال في «المغني» : بغير خلاف علمنا وكذلك الذي تشرب من مياه الأمطار وتكتفي بالمعتاد منه؛ لأن حصوله معتاد، والظاهر وجوده. القسم الثاني: أن لا يكون لها ماء دائم، وهي نوعان: أحدهما: ما يشرب من زيادة معتادة تأتي وقت الحاجة بإذن الله تعالى كأرض مصر الشاربة من زيادة النيل وما يشرب من زيادة الفرات وأشباهه وأرض البصرة الشاربة من المد والجزر وأرض دمشق الشاربة من زيادة بردي وما يشرب من الأودية الجارية من ماء المطر المعتاد، فهذه تصح إجارتها قبل وجود الماء الذي تسقى به؛ لأن حصوله أجرى الله العادة بوجوده؛ ولأن ظن القدرة على التسليم في وقته كاف في صحة العقد كالسلم في الفاكهة إلى أوانها. النوع الثاني: أن يكون مجيء الماء إليها نادرًا أو غير ظاهر كالأرض التي لا يكفيها إلا المطر الشديد الكثير الذي يندر وجوده أو يكون شربها من فيض واد مجيئه نادرًا أو يكون شربها من زيادة غير معتادة، بل نادرة في نهر أو غير غالبة، قاله في «المغني» ، من نيل أو غيره فهذه إن أجرها بعد وجود ما يسقيها به صح العقد؛ لأنها مشتملة على النفع المقصود منها، وإن آجرها قبل وجود ما يسقيها للزرع أو الغرس لا يصح العقد؛ لأن الأرض لا تُنِبتُ الزرع أو الغرس بلا ماء وحصوله غير معلوم، ولا مظنون فأشبهت السبخة إذا أوجرت للزرع، وإن اكتراها على أنها لا ماء لها، صح؛ لأنه يتمكن بالانتفاع منها بالنزول فيها، ووضع رحله وجمع الحطب. وقال الشيخ تقي الدين: وما لم يرو من الأرض فلا أجرة له اتفاقًا، وإن قال في الإجارة مقيلًا ومراحًا وأطلق؛ لأنه لا يرد عليه عقد كالبرية، وليس له أن ينبني ولا يغرس فيها؛ لأن ذلك

يُراد للتأبيد وتقدير الإجارة بمدة يقتضي تفريغها عند انقضائها بخلاف ما إذا صرح بالبناء والغراس؛ فإن تصريحه صرف التقدير عن مقتضاه، وكذا لو أطلق مع علمه بحالها لا إن ظن إمكان تحصيله. والدار إذا استؤجر للسكنى لمستأجرها أن يسكن ويكِّن من يقوم مقامه في الضرر أو دونه ويضع فيها ما جرت عادة الساكن به من الرحل والطعام والبز، ويخزن فيها الثياب ونحوها مما لا يضرها، وكل ما جرت العادة بوضعه فيها مما لا يضر بها ولا يعمل فيها حدادة ولا قصارة؛ لأنه لإفضائه إلى تخريق الأرض وجدران البيت وأبوابه ولا يعمل شيئًا ثقيلًا فوق السطح؛ لأنه يثقله ويكسر الخشب ولا يجعل فيها شيئًا يضربها كسرجين، وإن كان فيها موضعًا معدًا لربط الدواب فلا مانع من إسكانها الدواب عملًا بالعرف، وإن كان شرط على المؤجر أن يجعل فيها سرجينًا فله ذلك؛ لأنه فوق المعقود عليه، وله إسكان ضيف وزائر، ومن استأجر دابة لركوب أو حمل لا يملك الآخر لاختلاف ضررهما؛ لأن الراكب يعين الظهر بحركته لكنه يقعد في موضع واحد فيشتد على الظهر والمتاع لا معونة فيه؛ لكنه يتفرق على الجنبين، وإن اكتراها لحمل حديد أو قطن لا يملك الآخر؛ لأن ضررهما مختلف، فالقطن يتجافى وتهب فيه الرياح فيتعب الظهر، والحديد يكون في موضع واحد فيثقل عليه؛ فإن فعل مكتر ما ليس له فعله أو سلك طريقًا أشق مما عينها فيلزمه المسمى بعقد مع تفاوت المنتفعين في أجرة مثل زيادة على المسمى إن كان قد سمى أجرًا؛ لأن الزيادة غير متميزة، ولأنه متعد بالجميع بدليل أن رب الدابة منعه من سلوك تلك الطريق كلها، بخلاف من سلك تلك الطريق وجاوزها؛ فإنه إنما يمنع من الزيادة لا غير، وإن اكترى ظهرًا لحمل حديد فحمل عليه قطنًا فعليه أجرة المثل، وعكسه إذا اكترى لحمل

قطن، فحمل حديدًا فيلزمه أجرة المثل؛ لأن ضرر أحدهما مخالف للآخر فلم يتحقق كون المحمول مشتملًا على المستحق بعقد الإجارة وزيادة عليه، وقيل: كالتي قبلها بأن يلزمه المسمى في تفاوت أجر المثل من غير استثناء والذي يترجح عندي القول الأول؛ لأنه أقرب إلى العدل فيما أرى والله سبحانه أعلم. وإن اكترى دابة ليركبها عريًا لم يكن له أن يركبها بسرج؛ لأنه زائد عما عقد عليه، وعكسه بأن اكتراها ليركبها بسرج لم يجز له ركوبها عريًا؛ لأنه يحمي ظهره وربما أفسده، وإن استأجرها ليركبها بسرج لا يركبها بسرج أثقل منه؛ زيادة عن المعقود عليه كما يمتنع عليه ركوب حمار بسرج برذون إن كان أثقل من سرجه أو أضر –كما تقدم- لا إن كان أخف أو أقل ضررًا من سرجه، وإن اكتراها لحمولة قدر كمائة رطل حديد، فزاد عليه أي على المقدار كما لو حملها مائة وعشرين، فعليه المسمى ولزائد أجرة مثله أو اكترى ليركب أو يحمل إلى موضع معين فجاوزه بأن زاد عليه، فعليه الأجر المسمى لاستيفاء المعقود عليه متميزًا عن غيره، وعليه لزائد أجرة مثله لتعديه كالغاصب، وإن تلفت الدابة المؤجرة، وقد خالف المستأجر ففعل ما لا يجوز له فعليه قيمتها كلها لتعديه سواء أتلفت في الزيادة أو تلفت بعد ردها إلى المسافة؛ لأن يده صارت ضامنة بمجاوزة المكان فلا يزول الضمان عنها إلا بإذن جديد ولم يوجد، وسواء كان صاحبها مع المكتري أو لم يكن، وقيل: إن تلفت في حال التعدي ولم يكن صاحبها مع راكبها فلا خلاف في ضمانها بكمال قيمتها وكذا إذا تلفت تحت الراكب أو تحت حمله وصاحبها معها؛ وأما إن تلفت في يد صاحبها بعد نزول الراكب عنها؛ فإن كان بسبب تعبها بالحمل والسير فهو كما لو تلفت تحت الحمل والراكب، وإن تلفت بسبب آخر فلا ضمان فيها، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله سبحانه أعلم.

وإن تلفت بافتراس سبع أو سقطت في هوة أو جرحها إنسان فماتت؛ فإنه لا ضمان على المكتري؛ لأنها لم تتلف في عارية وإحالة ضمانها على الجارح لها أو نحوه أولى من المكتري، وإن اكترى إنسان لحمل قفيزين فحملهما فوجدهما ثلاثة؛ فإن كان المكتري تولى الكيل ولم يعلم المكري بأنها ثلاثة فكمن اكترى لحمولة شيء فزاد عليه يلزمه المسمى وأجرة المثل للزائد، وإن كان الأجير تولى الكيل والتعبئة ولم يعلم المكتري أو علم ولم يأذن فهو غاصب، فلا أجر له في حمل الزائد، وإن تلفت دابته فلا ضمان على المستأجر لها؛ لأن تلفها بتعدي مالكها، وحكمه في ضمان الطعام إذا تلف حكم من غصب طعام غيره فتلف يضمنه بمثله، ومن استأجر دابة ليركبها فأردف غيره معه ضمنها، وإن تولى الكيل والتعبئة أجنبي ولم يعلم المستأجر والأجير ولم يأذنا بزيادة فهو متعد عليهما عليه الطعام ضمان مثل طعامه إن تلف، وسواء كان الطعام أحدهما ووضعه الآخر على ظهر الدابة أو كان الذي كاله وعبأه وضعه على ظهر الدابة، فالحكم منوط بالكائل؛ لأن التدليس منه لا بمن وضعه على ظهر الدابة ومكتر مكانًا لطرح قفيز من حنطة ونحوها، فزاد على ذلك بأن طرح أردبين فأكثر؛ فإن كان الطرح على الأرض فلا شيء لزائد؛ لأن ذلك لا يضر بالأرض، وإن كان الطرح على السطح فيلزمه لزائد أجر مثله لتعديه بزائد وإن اكتراه لطرح ألف رطل قطن فطرح فيه ألف رطل حديد لزمه المسمى مع تفاوت أجر مثل وإن اختلف المُكري والمكتري في صفة الانتفاع، بأن قال مستأجر: استأجرتها للغراس، فقال مؤجر: بل للزرع ولا بينة فقول مؤجر بيمينه كما لو أنكر الإجارة؛ لأن الأصل معه، وإن اختلفا في قدر أجرة تخالفا وإن اختلفا في قدر مدة الإجارة بأن قال مؤجرًا: أجرتكها سنة بدينار، فقال المستأجر: بل أجرتنيها سنتين بدينارين، فالقول قول مالك؛ لأنه منكر للزيادة فكان القول قوله فيما أنكره، وإن قال: أجرتكها

سنة بدينار. فقال مستأجر: بل سنتين بدينار فهاهنا قد اختلفا في قدر العوض والمدة جميعًا فيتحالفان؛ لأنه لم يوجد الإتفاق منهما على مدة بعوض فصار كما لو اختلفا في قدر الأجرة مع إتفاق المدة، وإن قال المالك: أجرتكها سنة بدينار، فقال الساكن: بل أجرتني على حفظها بدينار، فقال أحمد: القول قول رب الدار إلا أن يكون للساكن بينة وذلك لأن سكنى الدار قد وجد من الساكن واستيفاء منفعتها وهي ملك صاحبها، والقول قوله في ملكه، والأصل عدم استئجار الساكن في الحفظ فكان القول قول من ينفيه. من النظم فيما يتعلق في استيفاء النفع وللمكتري إستيفاء نفع بنفسه ومن دونه أو مثله في الأذى قد وقيل بتصحيح اشتراط تعين لشخص على إستيفاء نفع مقيد وليس له استيفاء فوق الذي اكترى ولا ما يخالف في الأذى بل ليصدد فإن فعل ألزمه بأجر زيادة الأذى مَعَ ما سَمَّاهُ في نصِّ أحمد ومَن يكتري للحج يركب إلى منى وقيل إلى طَوْفِ الزيادةِ قِيدِ

ووجهان فِيمَنْ يكْتَرِيْهِ لمكة أيملك حجًا أم إلى مكةٍ قدِ وقد قيل اجر المثل خذ فيهما معًا كفعل المخالف في الأذى في المؤطد كذا في اكترا عِنْسٍ إلى بُقعة مَتى سَلكَ مِثلَها أو في أذىً فَتَردَّدِ وقيمة توكُّلُها في يَد الذي نَوَى بَتعَدٍّ منه خُذْ لا تَرَدَّدِ ولو كان مَعْهُ ربُّها إن يَكُنْ نَوَى لَدى رَبِّهِ فالنصفُ حَسْبُ بِمُبْعَدِ ومَن يَكْتَرِي لِلزَّرعِ أرضًا فمَالهُ بناءُ ولا غرس بغير تردد وإن يكتري للغرس يَملكُ زرعَها وليس له فيها بناءُ المُشَيَّدِ ومُستأجرٌ أرْضًا لِيزرع حِنْطَةً فلا بأسَ أن يَزْرَعْ شَعِيرًا بأجْوَدِ وليس له زرعٌ لِقُطْنٍ وسِمْسِمٍ وعن ذُرَةٍ والدَّخْنِ فامنْعهُ واصْدُدِ وصَح ازْرَعَنْ ما شِئْتَ لا مَع أو اغْرِسَنْ وَوَجْهَانِ في واغْرِسْ بواوٍ فَقَيِّدِ ومستأجر عِنْسًا لِسَيْرِ مَسَافَةٍ له سَيْرُ مِثْل القَدْرِ والوصف وازهَدِ

ومستأجرٌ ظَهْرًا لِيَركَبَه فَلَا يَجُوزُ له تحْمِيلهُ ولْوكِّدِ بذلك في معكوسِ هذا ومكترٍ لِقُطنٍ فلا يَحْمِلْ حَديِدًا وَوَطِّدِ كذلك في معكوسِه وكذاك في العَوارِي مَعَ الإطلاق لا في التَّقَيُّدِ وإن يكتري المرءُ القميصَ فلا تُجِزْ له لُبْسَه في لَيْلِهِ عِندَ مَرْقَدِ ولكن نهارًا ثم يَتَّزرَنْ بهِ ووجهان فيه هل يُباحُ لِمُرْتَدِي ومستأجرٌ دارًا ليَسْكُنَهَا فما أضَرَّ بِهَا فلجْتَنِبه ويُبْعِدِ كخزن طعام أو مضر لِسُفْلِهَا ورَبْطِ مُضِرٍ كَالأُتنْ والعَمَرَّدِ ويُحْرِزُ ما لابُدَّ منه لِقُوتِهِ وحَاجَاتِه مِن آنياتٍ وبُرْجُدِ وأمَا إذا عَيَّنْتَ كُلًا فجائزٌ ولو لمضر أو بناء لمسجد

س61: ما الذي يجب على مؤجر؟ وما مثاله؟ وما الذي يجب على مكتر وما الذي يلزمه، والذي لا يلزم المؤجر، وما الحكم فيما إذا امتنع أحدهما مما يجب عليه، أو شرط أحدهما ما يجب على الآخر فعله، وما مثاله؟ وبين حكم ما إذا عمر مكتر بإذن مؤجر أو بدونه؟ واذكر ما يتعلق بذلك من شروط صحيحة أو فاسدة أو ضوابط أو محترزات أو أدلة أو تعليلات أو خلاف أو ترجيح.

61- ما يجب على مؤجر وما يجب على مكتر وما يلزم كل منهما وما يتعلق بذلك س61: ما الذي يجب على مؤجر؟ وما مثاله؟ وما الذي يجب على مكتر وما الذي يلزمه، والذي لا يلزم المؤجر، وما الحكم فيما إذا امتنع أحدهما مما يجب عليه، أو شرط أحدهما ما يجب على الآخر فعله، وما مثاله؟ وبين حكم ما إذا عمر مكتر بإذن مؤجر أو بدونه؟ واذكر ما يتعلق بذلك من شروط صحيحة أو فاسدة أو ضوابط أو محترزات أو أدلة أو تعليلات أو خلاف أو ترجيح. ج: يجب على مؤجر مع الإطلاق كل ما جرت به عادة أو عرف من آلةٍ كزِمام مركوب ليتمكن به من التصرف فيه ورحله وقتبه وحزامه ولفرس لجام وسرج ولحمار وبغل وبرذعة وإكاف؛ لأنه العرف فيحمل عليه الإطلاق أو فعل كقوْدٍ وسوْقٍ لمركوبٍ وضدٍّ ورفعٍ وحطٍّ لمحمول؛ لأنه العرف، وبه يتمكن المكتري من الانتفاع ولزوم دابة لنزولٍ لحاجةِ بولٍ أو غائطٍ، وكذا طهارة وواجب كفرض صلاة. قال في «المبدع» : وفرض كفاية كالعين لا لِسُنَّة راتبة لصِحَّتها على الراحلة ويدع البعير واقفًا حتى يقضي الغرض؛ لأنه لا يمكنه فعلُ ذلك على ظهر الدابة، ولابد له منه بخلاف أكل وشرب ونحوه مما يمكن راكبًا وعلى مؤجر تبريكُ بعير لامرأةٍ وشيخٍ وضعيفٍ ومريضٍ وسمينٍ ونحوهم ممَّنْ يعجز عن الركوب والنزول والبعير واقف لركوبهم ونزولهم؛ لأنه المعتاد لهم؛ فإن احتاجت الراكبة إلى أخذ يد ومس جسم تولى ذلك محرمها دون الجمال؛ لأن أجنبي ويلزمه أيضًا تبريكه لمريض وكل عاجز عن الركوب والنزول ولو طرأ مرضُه على الإجارة؛ لأن العقد اقتضى الركوب بحسب العادة، قاله

في «المغني» و «الشرح» ، ويلزمه أيضًا حبسه لأج لطهارة ويدع البعير واقفًا حتى يقضي حاجته ويتطهر ويصلي الفرض؛ لأنه لا يمكنه فعل شيء من ذلك على ظهر الدابة، ولابد له منه بخلاف نحو أكل وشرب مما يمكنه راكبًا، فإذا أراد مكتر إتمام الصلاة وطلبه الجمال بقصرها لم يلزمه، بل تكون خفيفة في تمام ولزوم ما تقدم إذا وقع العقد على أن يسافر مع المكتري، ومن أكرى بعيرًا لإنسان يركبه لنفسه، وسلمه إليه لم يلزمه سوى ذلك؛ لأنه وفى له بما عقدا عليه بخلاف ما إذا عقد على أن يسافر معه وعلى مؤجر ما يتمكن به مستأجر من نفع كترميم دار مؤجرة بإصلاح منكسر، وإقامة مائل من حائط وسقف وبلاط وعمل باب وتطيين سطح وتسميته إن كان غير طيني وتنظيفه من ثلج وإصلاح بركة دار وأحواض حمام ومجاري مياهه وسلاليم الأسطحة؛ لأن ذلك وشبهه يتمكن به مستأجر من النفع المعقود عليه؛ فإن لم يفعل مؤجر ذلك فلمستأجر الفسخ إزالةً للضرر الذي يلحقه بتركه، ولا يجبر مؤجرٌ على تجديدٍ لبيتٍ زائدٍ عما في الدار حالَ الإجارة ولا على هدم عامرٍ وإعادته جديدًا؛ لأنه لم يتناوله العقد ولو آجر دارًا أو حمامًا ونحوه وشرط مؤجر على المستأجر أن يقوم بأجرتها مدة تعطيلها إن تعطلت لم يصح أو يشرط عليه أن يأخذ بقدر مدة تعطيلها بعد مدة الإجارة عليها لم يصح أو شرط عليه العمارة لم يصح؛ أما في الأولى فلأنه لا يجوز أن يؤجره مدة لا يمكنه الإنتفاع في بعضها؛ وأما في الثانية فلأنه يؤدي إلى الجهل بانتهاء مدة الإجارة؛ وأما في الثالثة والرابعة، فلأن العمارة لا تنضبط فيؤدي إلى جهالة الأجرة؛ لكن لو عمر مكتر بهذا الشرط المذكور رجع أو عمر بإذن المكري له في العمارة رجع مكثر على مكر؛ لأنه أنفق على عين بإذن ربها أشبه ما لو أذن له في النفقة على عبده ودابته، وإن اختلفا في قدر النفقة في العمارة ولا بينة رجع بما قال مكر بيمينه؛ لأنه منكر، وقال في «الترغيب» وغيره: رجع

بما قال مكتر؛ لأنه كالوكيل قال في «الإنصاف» وهو الصواب، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله سبحانه أعلم. ولا يلزم المؤجر ولا المستأجر تزويق ولا تجصيص ونحوهما مما يمكن الانتفاع بدونه بلا شرط؛ لأن الانتفاع لا يتوقف عليه. ولا يلزم مؤجر محملٌ ومحارة ومظَّلة ووطاء فوق الرحل وحبل قران بين المحملين والعدلين، بل ذلك على المستأجر كأجرة دليل إن جهلا الطريق؛ لأن ذلك كله من مصلحة المكتري وهو خارج عن الدابة وآلتها فلم يلزم المكري، كالزاد، قال في «القاموس» : والمحمل كمجلس شقتان على البعير يحمل فيهما العديلان: والمِظلَّة الكبير من الأخبية وهو دون البيت من الشعر ونحوه والوطاء خلاف الغطاء، ومن اكترى بئرًا ليستقي منها فعليه بكرة وحبل ودلو لمكتر أرضًا لزرع فآلة حرث وزرع عليه وعلى مكتري دار أو حمام ونحوه تفريغ بالوعة وكنيف إذا تسلمها فارغة لحصوله بفعله كقماشة، وقال في «الإنصاف» : قلت: يتوجه أن يرجع في ذلك إلى العرف، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس. والله سبحانه أعلم. ويلزم مكتري الدار تفريغها من قمامة ونحو زبل ورماد ونحوه إن حصل بفعله، كما لو ألقى فيها جيفة أو ترابًا ونحوه وعلى مكر تسليم مفتاح؛ لأنه به يتمكن من الإنتفاع ويتوصل إليه والمفتاح أمانة بيد المستأجر كالعين المؤجرة؛ فإن ضاع بلا تفريط فعلى مؤجر بدل، وإن أضاعه المستأجر أو فرط في حفظه فعليه.

من النظم فيما يلزم المكري ويلزم من يكري جميع الذي به تمام انتفاع كالخزام ومقود ورحل وتحميل كذاك وضبطه لكي ما يصلي بالفلا فرضه قد كذا حاجة الإنسان يضبطه لها وللظهر لا المفعول فوق العمرد وقائدها مع سائق ومن اكترى تسلمها ألزمه كل المعددِ كذلك تعمير الديار وفعلها على مؤجر أيضًا وكل معود ومؤجر درب عرفه المشي تارةً فالأنثَى وضَعْفَى احْمِل وفي الجَلْدَ رَدِّدِ ويلزم تفريغُ الكنيفِ ونحوه لِمَن يكتريها خلوةً مِن مُنَكِّدِ فإن تملأ أو جهل قدر مائها ليلزم مكريها بشيل المعدد

س62: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: حكم الإيجارة إذا لم يسكن المستأجر أو تحول في أثناء المدة أو حوله مالك، أو لم يركب مؤجرة، أو امتنع من تسليم الدابة في أثناء المسافة، أو امتنع الأجير من تكميل العمل، أو شردت دابة مؤجرة، أو تعذر باقي استيفاء النفع، أو هرب أجير، أو مؤجر فما الحكم؟ ووضح ما تنفسخ به الإجارة، واذكر حكم ما غذ تلف مؤجر في أثناء عمل واذكر الدليل والتعليل.

62- حكم الإجارة إذا لم يسكن المستأجر أو تحول أثناء المدة أو حوله مالك أو نحو ذلك س62: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: حكم الإيجارة إذا لم يسكن المستأجر أو تحول في أثناء المدة أو حوله مالك، أو لم يركب مؤجرة، أو امتنع من تسليم الدابة في أثناء المسافة، أو امتنع الأجير من تكميل العمل، أو شردت دابة مؤجرة، أو تعذر باقي استيفاء النفع، أو هرب أجير، أو مؤجر فما الحكم؟ ووضح ما تنفسخ به الإجارة، واذكر حكم ما غذ تلف مؤجر في أثناء عمل واذكر الدليل والتعليل. ج: الإجارة عقد لازم من الطرفين ليس لأحدهما فسخ عقدها بلا موجب؛ لأنها عقد معاوضة كالبيع؛ لأنها نوع منه، وإنما اختصت باسم كالصرف والسلم ويملك مؤجر الأجرة بالعقد ويملك به مستأجر المنافع كالبيع، فإذا لم يسكن مستأجر مؤجرة أو لم يركب مؤجرة أو امتنع من إستيفاء المنفعة لعذر يختص به أولًا فعليه الأجرة، وكذا إن تحول مستأجر منها في أثناء المدة، فعليه الأجرة؛ لأن الإجارة عقد يقتضي تمليك مؤجر الأجرة والمستأجر المنافع، فإذا ترك المستأجر الإنتفاع اختيارًا منه لم تنفسخ الإجارة والأجر لازم له ولم يزُلْ ملكه عن المنافع كمن اشترى شيئًا وقبض فتركه، قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: اكتري بعيرًا، فلما قدم المدينة، قال له: فاسخني، قال: ليس ذلك له قد لزمه الكري، قلت: فإن مرض المستكري بالمدينة فلم يجعل له فسخًا وإن حوله مالك الدار ونحوها، قبل إنقضاء الإجارة فلا أجرة لما سكن قبل أن يحوله المؤجر، وهذا من المفردات، قال ناظمها: قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّة إن حَوَّلهْ مُؤْجرًا أسْقِطْ أجْرَةً مُكَمَّلَهْ

وقال أكثر الفقهاء: له أجرة ما سكن ونحوه؛ لأنه استوفى ملك غيره على سبيل المعاوضة فلزمه عوضه كالبيع إذا سلم بعضه ومنعه المالك، وكما لو امتنع لأمر غالب، والذي تميل إليه نفسي أنه إن كان حوله لعذر فللمؤجر من الأجرة يسقطه. والله سبحانه وتعالى أعلم. وكذا إن امتنع مؤجر دابة من تسليم الدابة المؤجرة في أثناء المدة، وفي أثناء المسافة المؤجر للركوب، أو الحمل إليها، فلا أجرة لركوبه أو حمله عليها قبل المنع منه، أو امتنع الأجير لعمل من تكميل العمل كخياطة أو كتابة أو حفر ما شورط عليه فلا أجرة له لما عمل، والذي تطمئن إليه النفس أنه كامتناعه عن تكميل العمل لعذر؛ فإنه يستحق من الأجرة قدر ما عمل. والله سبحانه وتعالى أعلم. وكل موضع منع المؤجر المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة إذا كان بعد عمل البعض فلا أجرة له فيه لما سبق؛ لأنه لم يسلم له ما تناوله العقد عقد الإجارة، فلم يستحق شيئًا إلا أن يرد المؤجر العين للمستأجر قبل انقضاء المدة الأجرة؛ لأنه سلم العين؛ لكن يسقط من الأجرة المدة التي احتبسها المؤجر لإنفساخ الإجارة فيه كما تقدم، أو إلا أن يُتمم الأجير العمل إن لم يكن العقد على مدة قبل فسخ المستأجر فيكون له أجر ما عمل؛ لأنه وفى بالعمل وإن شردت دابة مؤجرة أو تعذر باقي استيفاء النفع بلا فعل المؤجر والمستأجر، فعلى المستأجر من الأجرة بقدر ما استوفى من عمل وزمن قبل ذلك لعذر كل منهما، وإن هرب أجير مدة العمل قبل استيفاء مدة النفع حتى انقضت المدة أو هرب مؤجر عين بها قبل استيفاء بعض النفع حتى انفسخت أو شردت دابة مؤجرة قبل استيفاء بعض النفع حتى انقضت مدة الإجارة انفسخت الإجارة لفوات زمن الإجارة المعقود عليه؛ فإن عادت قبل انقضاء المدة استوفى ما بقي منها؛ لأنها تنفسخ شيئًا فشيئًا ولا أجرة لزمن هرب ولمستأجر قبل مُضِي المدة

الفسخ استدراكًا لما فاته، فلو كانت الإجارة على عمل موصوف بذمة كخياطة ثوب أو بناء حائط وحمل إلى محل معلوم وهرب أجير استأجر حاكم من مال الأجير من يعمله، كما لو هرب مسلمٌ إليه في قمح ونحوه، وليس له قمح؛ فإنه يُشتري من ماله قمح بصفة المسلم فيه ويدفع لرب السلم وإن كان قصد أو شرط أن يعمل العمل الأجير بنفسه فلا يُستأجر من ماله مَن يعمله ولا يلزم المستأجر قبوله؛ فإن تعذر استئجار من يعمله من ماله خُيرَ مستأجر بين فسخ إجارة وبين صبر إلى قدرة عليه فيطالبه بعمله؛ لأن ما في ذمته لا يفوت بهربه، وإن هرب حمال أو نحوه كحمار وبغال وترك بهائمه التي أكراها وللهارب مالٌ مقدور عليه أنفق حاكم على بهائم الهارب المقدور على ماله من ماله لوجوب نفقتها عليه وهو غائب والحاكم نائبه وأمينه، ولو بيع ما فضل من البهائم عما وقع عليه العقد، وكذا يستأجر الحاكم من مال الجمال من يقوم مقامه في الشد عليها وحفظها وفعل ما يلزم فعله؛ فإن لم يوجد له مال استدان الحاكم عليه ما ينفق عليها؛ لأنه موضع حاجة أو أذن الحاكم للمستأجر في النفقة على البهائم؛ لأن إقامة أمين غير المستأجر تشق وتتعذر مباشرته كل وقت، وإن لم يوجد للغائب مال أو وُجد ولم يقدر عليه فللمستأجر إنفاق على البهائم من ماله المستأجر بدون إذن حاكم بنية رجوع وله ذلك ويرجع على مالكها بما أنفقه سواء قدر على إستئذان حاكم وتركه أولًا، أشهد على نية رجوع أولًا، لقيامه عنه بواجب غير متبرع به وإلا ينوي الرجوع فلا رجوع له؛ لأنه متبرع وإن اختلفا فيما أنفقه، وكان الحاكم قدره قبل قول المكتري في ذلك دون ما زاد وإن لم يقدره قبل قوله في قدر النفقة بالمعروف، ويبيع الحاكم البهائم بعد انقضاء المدة ليوفي المنفق من مستأجر وغيره ما أنفقه؛ لأن فيه تخليصًا لذمة الغائب وإيفاء لحق صاحب النفقة ويحفظ الحاكم باقي

ثمن البهائم لمالكها؛ لأن الحاكم يلزمه حفظ مال الغائب إن كان حيًا وإن كان ميتًا، فعلى الحاكم أن يحفظ باقي الثمن للورثة؛ لأن حكم موت الجمال حكم هربه. وتنفسخ الإجارة بتلف محل معقود عليه كدابة أو عبد مات ودار انهدمت قبضها المستأجر أولًا لزوال المنفعة بتلف معقود عليه وقبضها إنما يكون باستيفائها أو التمكن منه ولم يحصل ذاك، وإن تلف مؤجر في أثناء مدة أو في أثناء عمل استؤجر له وقد مضى منها ما له أجر عادة انفسخت فيما بقي من المدة فقط أو العمل كتلف إحدى صبرتين قبل قبض بجائحة، ويقسط أجر مدةٍ أو عملٍ على حسب زمان رغبة للإختلاف، فإذا كان أجرها في الصيف أكثر من الشتاء أو في الشتاء أكثر من الصيف؛ فإن الأجر المسمى يُقسط على ذلك، فإذا قيل: أجرها في الصيف يساوي مائة، وفي الشتاء يساوي خمسين، وكان قد سكن الصيف، فعليه بقدر ثلثي المسمى، وكذلك العمل كالخياط؛ آجرها في أيام الصيف ليس كغيرها ولا يُقسَّط الأجر مطلقًا سواء استوى الزمان أو اختلف، بل يقدره في كل زمان بحسبه، وتنفسخ الإجارة بزوال ما استؤجر له أو برئه، كاستئجار طبيب؛ ليداويه فيبرأ، أو بموت فتنفسخ فيما بقي سواء كان التلف بفعل آدم كقتله العبد المؤجر أو لا بفعل أحد كموت حتف أنفه، وسواء كان القاتل المستأجر أو غيره، ويضمن ما أتلف كالمرأة تقطع ذكرَ زوجها تضمنه وتملكُ الفسخ؛ فإن امتنع المريض استحق الطيبي الأجرة بمضي المدة، وكاستئجار إنسان ليقتص له من آخر أو يقيم عليه الحدَّ فمات، وتنفسخ إجارةٌ بموت مرتضع أو امتناعه من الرضاع؛ لتعذر استيفاء المعقود عليه؛ لأن غيره لا يقوم مقامه في الإرتضاع؛ لاختلاف المرتضعين فيه، وقد يدر اللبن على واحد دون آخر؛ فإن كان موته عقب العقد زالت الإجارة من أصلها ورجع المستأجر بالأجر

كله وإن كان بعد مضي مدة رجع بحصته ما بقي، وكذا تنفسخ بموت المرتضعة لفوات المنفعة بهلاك محلها، وكذا تنفسخ بموت الراكب إذا لم يكن له من يقوم مقامه في استيفاء المنفعة أو كان غائبًا كمن يموت في طريق مكة ويُخلِّف جملة الذي اكتراه، وليس له عليه شيء يحمله ولا وارث له حاضر يقوم مقامه؛ لأنه قد جاء أمرٌ غالبٌ يمنع المستأجر منفعة العين فأشبه ما لو غصِبَتْ؛ ولأن بقاء العقد ضرر في حق المكري والمكتري؛ لأن المكتري يجب عليه الكِري من غير نفع والمكرِي يمنع عليه التصرف في ماله مع ظهور امتناع الكراء عليه، وقيل: إنها لا تنفسخ بموت راكب اكترى له سواء كان له من يقوم مقامه في استيفاء المنفعة أو لا، وسواء كان هو المكتري أو غيره؛ لأن المعقود عليه منفعة الدابة دون الراكب؛ لأن له أن يركب مَن يماثله، وإنما ذكر الراكب لتقدر به المنفعة كما لو استأجر دابة ليحمل عليها هذا القنطار من القطن فتلف لم تنفسخ، وله أن يحملها من أي قطن كان، والذي تطمئن إليه النفس القول الأول؛ لتعذر استيفاء المنفعة. والله أعلم. ولا تنفسخ بموت مكر أو موت مكتر للزومها كالبيع، وكما لو زَوَّج عبده الصغيرَ بأمة غيره ثم مات السيدان، ولا تنفسخ بعذر لأحدهما بأن يكتري جملًا مثلًا ليحج عليه فتضيع نفقتُه فلا يمكنه الحج أو يكتر دكانًا ليبيع فيها فيحترق ليحج عليه فتضيع نفقتهُ فلا يمكنه الحج أو يكتر دكانًا ليبيع فيها فيحترق متاعه؛ لأنها عقد لا يجوز فسخه بغير عذر، فلم يجز لعذر من غير المعقود عليه كالبيع، بخلاف الإباق؛ فإنه عذر في المعقود عليه. ولا يصح فسخ الإجارة بمقتضى ضياع النفقة واحتراق المتاع؛ لأنه لو جاز فسخه لعذر المكتري لجاز لعذر المكري تسوية بين المتعاقدين ودفعًا للضرر عن واحد من العاقدين، ولم يجز ثمَّ فلم يجز هنا، وإن اختلف مؤجر ومستأجر في الموجود في المؤجرة هل هو العيب أم لا؟ رُجعَ فيه إلى أهل الخبرة مثل أن تكون الدابة خشنة المشي، أو أنها تتعِب راكبها لكونها لا تركب كثيرًا؛ فإن قال

أهل الخبرة: هو عيب فله الفسخ، وإلا فلا فسخ له، ويكفي فيه اثنان منهم على قياس ما يأتي في الشبهات. من النظم في أن الإجارة عقد لازم من الطرفين ويلزم عقد من أجير ومكتر فليس لشخصٍ فسخها بتفرد وتركك الاستيفاء في الوقت قادرًا عليك جميع الأجر غير مصرد وإن يطر عيب العين أو بَانَ فافْسَخ إن تشا كَتَعذُّر خُلْفِ ما لم يقيد وإذا كان منع النفع من مؤجر فلا تُنَوِّلهُ أجْرًا وذا عِنْدَ أحْمَدِ وقيل له أجر بقسط انتفاعه وكلُّ ويعطي أجر مثل بأجود وما موت مكرٍ مبطلنها ومكترٍ له شاغل للعين أو خالف زد ولا عذر في كل كذا بقسامةٍ وفقدان ما اسَتكرى له من معددِ ومن يكتري شيئًا لِمعْلُوم شغله فَيُغْصَبَ أوْ يَشْرِي ليختر ويرتدي فإن شاء فليفسخ وإن شاء يصطبر إلى أوبه المغصوب والمتشردِ

وإن كان استئجار وقت معين له الفسخ أو أجر على غاصب اليد فإن ينجبر للفسخ فارجع بأجْرِ مَا تَقَضَّي بلا غصبٍ عليه تسدد ولا أجر للمكري إن غصبها بنفسه ولو بعض ميقات الكرى في المؤطدِ وإن منع أمرٌ غالبٌ نفع مكتر فيَفْسَخْ يُؤّدِي قَدْرَ نَفْعٍ به قَدِ ولم يَستِنبْ إن لم يشأ مكتر فتىً مقامَ ظن قد عُيِّنَ أوْ متشرِّدِ وبيعك ما أجرت حتى لمكتر أجزه وكالإرث افسخ كراه بأوكد وفي قدر أجر وانتفاع مخالف إذا اختلفا مَن قَبْلِ قبضٍ وأفسد وخُذْ أجْرَ مِثْلِ الفِعل مِن بَعْدِ قَبْضِهَا ومَن يَرض قَوْلَ الخصم فالعَقْدَ أوطد وقَولَ المليكِ أقبلْهُ في مدة الكرى وفي نفي عدوانٍ بمن يكتري اقتدِ وفي رد عين أو شرادٍ وموتِها بلا نفعٍ الوجْهَينِ خذْ في المقلَّدِ ولا مَؤجرن للحمل إلا برؤيةٍ أو الوزن أو كيل وفي الوصف رَدِّدِ

س63: بين حكم التصرف في العين المؤجرة، وإذا تصرف فيها أو غصبت أو ردت بعد غصبها أو كان الغاصب المؤجر، أو حدث خوف، أو انتقل ملك فيها، أو وقفت، أو تنقلت بإرث، أو وصية أو نكاح، أو خلع، أو طلاق، أو صلح، أو لم يعلم المشتري أن المبيع مؤجر، أو علم، أو استولى على دار المسلمين حربي ومنع الانتفاع بالمؤجر، أو ظهر عيب بمؤجرة، أو حدث فيها، واذكر بعض العيوب التي توجب الفسخ مع ما تستحضره من دليل أو تعليل.

وإن تَنْقُصِ الزَّادَ المقدَّرَ أكلُه أو الهُلْكِ فاستبدلْ به في المجودِ وبالوقت أو بالفعل ضبطُ إنتفاعِهِ وجَمْعُهُمَا مُوْهٍ على المتأكدِ وجوز لذِي كِرَى نَفْسِ مُسْلمٍ بِكُرهٍ وعنه امْنَعْ لِخِدْمَتِه قد 63- التصرف في العين المؤجرة أو ظهور عيب أو حدث فيها أو إنتقال أو نحو ذلك س63: بين حكم التصرف في العين المؤجرة، وإذا تصرف فيها أو غصبت أو ردت بعد غصبها أو كان الغاصب المؤجر، أو حدث خوف، أو انتقل ملك فيها، أو وقِّفت، أو تنقلت بإرث، أو وصية أو نكاح، أو خلع، أو طلاق، أو صلح، أو لم يعلم المشتري أن المبيع مؤجر، أو علم، أو استولى على دار المسلمين حربي ومنَع الانتفاع بالمؤجر، أو ظهر عيب بمؤجرة، أو حدث فيها، واذكر بعض العيوب التي توجب الفسخ مع ما تستحضره من دليل أو تعليل. ج: لا يحل لمؤجر تصرف في عين مؤجرة سواء ترك المستأجر الانتفاع بها أو لا؛ لأنها صارت مملوكة لغيره كما لا يملك البائع التصرف في المبيع إلا أن يوجد منهما ما يدل على الإقالة؛ فإن تصرف المؤجر في العين المؤجرة بأن سكن العين المؤجرة أو أجرها لغيره بعد تسليمها للمستأجر، فعلى المؤجر أجرة المثل لمستأجر لما سكن أو تصرف فيه يسقط ذلك مما على المستأجر من الأجر، ويلزمه الباقي؛ لأنه تصرف فيما يملكه المستأجر عليه بغير

إذنه فأشبه ما لو تصرف في المبيع بعد قبض المشتري له وقبض الدار هاهنا قام مقام قبض المنافع، بدليل أنه يملك التصرف في المنافع بالسكنى والإجارة، فلو كان أجر المثل الواجب على المالك بقدر المسمى في العقد لم يجب على المستأجر شيء، وإن فضلت منه فضلة لزم المالك أداؤها إلى المستأجر، فلو تصرف مالك قبل تسليم العين المؤجرة أو امتنع من التسليم حتى انقضت المدة انفسخت الإجارة بذلك. قال في «المغني» و «الشرح» : وجهًا واحدًا؛ لأن العاقد أتلف المعقود عليه قبل تسليمه فانفسخ العقد كما لو باعه طعامًا فأتلفه قبل تسليمه، وإن سلمها إليه في أثناء المدة انفسخت فيما مضى ويجب أجر الباقي بالحصة كالمبيع إذا سلم بعضه وأتلف بعضًا، وإن غصب عينًا مؤجرة معينة لعمل بأن قال: استأجرت منك هذا الفرس لأركبه إلى محل كذا، وهذا العبد ليبني لي هذا الحائط بكذا، فغُصبت الفرس أو العبد خير مستأجر بين فسخ إجارة، كما لو تعذر تسليم مبيع وبين صبر إلى أن يقدر عليها؛ لأن الحق له، فإذا أخَّره جاز وإن غُصِبت مؤجرةٌ معينة لمدة، كما استأجر العبد سنة للخدمة فغضِبَ خُير مستأجر متراخيًا ولو بعد فراغ المدة فلا يسقط إلا بما يدل على رضاه. خير بين فسخ وبين إمضاء العقد بلا فسخ ومطالبته غاصب بأجرة مثل، ولا ينفسخ العقد بمجرد غصب؛ لأن المعقود عليه لم يفت مطلقًا، بل إلى بدل وهو القيمة فأشبه ما لو أتلف المبيع ونحوه آدمي؛ فإن فسخ الإجارة فعليه أجرة ما مضى من المدة قبل الفسخ بالقسط، وإن مضى فعليه المسمى تامًا ويرجع على غاصب بأجرة وإن ردت مغصوبة مؤجرة في أثناء المدة قبل فسخ مستأجر استوفى ما بقي من المدة، وخير فيما والعين بيد غاصب بين فسخ فيما مضى والرجوع بالمسمى وبين إمضاء العقد ومطالبة غاصب بأجرة المثل، وللمستأجر بدل موصوفة بذمة، وهي ما إذا وقع

العقد على دابة أو نحوها موصوفة بذمة المؤجر، ثم سلم إلى المستأجر عينًا بالصفة، فغصبت فعلى المؤجر بدلها؛ لأن العقد على ما في الذمة كما وجد بالمسْلم عيبًا؛ فإن تعذر البدل فللمستأجر فسخ الإجارة، وله الصبر إلى أن يقدر على العين المغصوبة فيستوفي منها، وتنفسخ بمضي المدة إن كانت إلى مدة وعلم مما تقدم أن الإجارة الصحيحة ليس للمؤجر ولا غيره فسخها لزيادة حصلت ولو كانت العين وقفًا. قال الشيخ تقي الدين باتفاق الأئمة: وإذا التزم المستأجر بهذه الزيادة على الوجه المذكور لم تلزمه إتفاقًا لو التزامها بطيب نفس منه بناء على إلحاق الزيادة والشروط بالعقود اللازمة لا تلحق ذكره في «الاختيارات» وإن كان الغاصب للمؤجرة هو المؤجر، فلا أجرة له سواء كانت الإجارة على عمل أو إلى أمد، وسواء كانت على معينة أو موصوفة، وسواء كان غصبُه لها قبل المدة أو في أثنائها، ولمستأجر الفسخ إن كانت الإجارة على موصوفة في الذمة وتعذر البدل، ويثبت الانفساخ إن كانت على معينة لتعذر تسليم المعقود عليه مع تضمين المستأجر ما أتلف من العين، وحدُوثُ خوف عام يمنع من سكنى المكان الذي فيه العين المؤجرة أو حصر للبلد فامتنع خروج المستأجر إلى الأرض المؤجرة للزرع كغصب فللمستأجر الخيار؛ فإن كان الخوف خاصًا بمستأجر كخوف من السفر لقرب عدوِّه من محل يريد سلوكه لم يملك الفسخ؛ لأنه عذر يختص به لا يمنع استيفاء النفع بالكلية أشبه المرض والحبس ولو ظلمًا، ولو اكترى دابة ليركبها أو ليحمل عليها إلى موضع معين فانقطع الطريق إلى جهة ذلك الموضع لخوف حادث أو اكترى إلى مكة، فلم يحج الناس ذلك العام من تلك الطريق مَلك كلُّ من المؤجر والمستأجِر فسخَ الإجارة وإن اختار إبقاءَ الإجارة إلى حين إمكان استيفاء النفع، جاز؛ لأن الحق لا يعدوهما ولا فسخ لعقد الإجارة بانتقال

ملك في عين مؤجرة بنحو بيع أو هبة كعتق وجعالة لعدم التنافي بين ملك الرقبة والمنفعة، ولو كان الإنتقال لمستأجر فيجتمع على بائع لمشتر الثمن والأجرة؛ لأن عقد البيع لم يشمل المنافع الجارية في ملكه بعقد التأجير؛ لأن شراء الإنسان ملك نفسه محال، فلو فُسِخ بيع بنحو عيب، فالإجارة بحالها؛ لأنهما عقدان، فإذا فسخ أحدهما بقي الآخر، وإن كان مشتري المؤجرة أجنبيًا، فالأجرة من حين البيع له، ولا تبطل إجارة بوقف عين مؤجرة ولا بانتقال ملك فيها بإرث أو وصية أو نكاح أو خلع أو طلاق أو صلح لورودها على ما يملكه المؤجر من العين المسلوبة المنفعة، وإن استأجر من أبيه دارًا مملوكة له أو نحوها، ثم مات الأب وخلف المستأجر وأخاه، فالدار بينهما نصفين، وإن كان أبوه قبض الأجرة لم يرجع بشيء منها على أخيه ولا تركة أبيه، وما خلف أبوه بينهما نصفين ولو باع الدار التي تستحق المعتدةُ للوفاة سُكناها وهي حامل. فقال المجد: قياس المذهب صحة البيع، قال في «الإنصاف» : وهو الصواب كبيع المؤجرة، ويصح بيع عين مؤجرة سواء كانت الإجارة مدة لا تلي العقد، ثم بيعت قبلها أو في أثناء المدة؛ لأن الإجارة عقد على المنافع لا تمنع كبيع المزوجة، ولا يفتقر إلى إجارة المستأجر؛ لأن المعقود عليه في الإجارة غير المعقود عليه في البيع، ولمشتر لم يعلم أن المبيع مؤجر فسخ وإمضاء للبيع مجانًا من غير أرش والأجرة للمشتري من حين الشراء، وإن علم المشتري أن المبيع مؤجر فلا يملك فسخ المبيع ولا أجرة له لدخوله على بصيرة، وكذا مثل المنتقل بالبيع كل شقص منتقل إليه بعقد غير البيع كجعله مهرًا أو عوضًا في طلاق أو خلع، فحكمه حكم المنتقل بالبيع، فلا يبطل البيع بشيء من ذلك والمنتقل إليه بنوع مما ذكر إن لم يعلم بالحال الفسخ أو الإمضاء مجانًا وإن علم بالحال، فلا فسخ له ولا أجرة، وتنفسخ الإجارة باستيلاء حربي على دار الإسلام

إذا وضع يده على المأجور، ويمنع من الانتفاع به وعكسه بأن يستوي المسلمون على دار الحرب، ويضعوا أيديهم على مأجوراتهم فلا يمكن المستأجر من التصرف فيما استأجره من الحربي، فتنفسخ بذلك للعذر المانع من الانتفاع إلا إن كان الحربي قد أجر ما بيده لإنسان معصوم من مسلم أو ذمي، فلا تنفسخ الإجارة لدوام ثبوت يده على المأجور، وإن ظهر عيب بمؤجرة معينة بأن كان بها وقت العقد، ولم يعلم به مستأجر أو حدث بمؤجرة معينة عيب كجنون الأجير ومرضه ونحوه، حيث كان بفعل الله تعالى، والعيب ما يظهر به تفاوت الأجرة بأن تكون الأجرة معه دونها مع عدمه فللمستأجر الفسخ؛ لأنه عيب في المعقود عليه أشبه العيب في بيوع الأعيان، والمنافع لا يحصل قبضها إلا شيئًا فشيئًا، فإذا حدث العيب فقد وجد قبض الباقي من المعقود عليه، فأثبت الفسخ فيما بقي منها إن لم يزل العيب سريعًا بلا ضرر يلحق المستأجر كفتح بالوعة إذا فتحها المؤجر في زمن يسير لا تتلف فيه منفعة تضر بالمستأجر، فلا خيار له ولمستأجر الإمضاء مجانًا بلا أرش لعيب قديم أو حديث بكل الأجرة؛ لأنه رضي به ناقصًا، ومن العيب الذي يسوغ للمستأجر الفسخ جارُ سوء للدار المؤجرة، بل هو من أقبح العيوب وربما اضطر جاره إلى بيع ملكه، ومما يُنسب إلى الشافعي في الجار قوله: يَلُومُونَنِي إن بِعْتُ بالرُّخْص منزِلي ولم يَعْلَمُوا جَارًا هُنَاكَ يُنَغِّصُ فَقُلْتُ لهم: كُفُّوا الملامَ فإنَّما بِجِيرانِها تَغْلُو الديارُ وترْخُص ومن العيوب: خوف سقوط حائط أو سقف وخوف غرق سفينة إبقاء للنفوس والأموال، ومن العيوب تغيُّر رائحة بئر بدار مؤجر؛ لأن النفوس

تعافه، ومن العيوب انقطاع مائها أو غوره فيثبت له بذلك كله خيار الفسخ، قلت: ومثل ذلك فيما أرى. والله أعلم. إذا قطع عن المستأجر الماء من غير فعله ولا سببه وكان العرف أو الشرط جار بذلك، وإن اكترى أرضًا لها ماء ليزرعها أو استأجر دارًا يسكنها فانقطع ماء الأرض مع الحاجة إليه أو انهدمت الدار قبل انقضاء مدة الإجارة، انفسخت الإجارة فيما بقي من المدة لتعطيل النفع فيه؛ ولأن المقصود بالعقد قد فات أشبه ما لو تلف أو انهدم البعض من الدار ونحوها، انفسخت الإجارة فيما انهدم وسقط قسطه من الأجرة ولمكثر الخيار في البقية لتفريق الصفقة عليه؛ فإن أمسك البقية فبالقسط من الأجرة فتقسط الأجرة على ما انهدم وعلى ما بقي ويلزم قسط الباقي، وقد مر مسائل في تفريق الصفقة، وهي أن يجمع بين ما يصح بيعه وما لا يصح بيعه صفقة واحدة، فمثلُ البيع الإجارةُ فلو أجَّر سيارتَه وتلفزيونه لواحد يومًا أو شهرًا صفقةً واجدةً صحَّت الإجارةُ في السيارة وبطلت في التلفزيون، ولو أجَّر الدبابةَ أو السيكل والسينما، صح العقد في السيكل والدبابة وبَطلَ في السينما ولو أجر مكينته ومذياعهُ صفقةً واحدةً، صح في المكينة، وبطلت الإجارة في المذْياع، ولو آجر آلة التصوير لحرمة ذلك، ولو عقَدَ عقْدَ إجارة مع حلاق لحلق اللحية وحلق الرأس صحَّت الإجارةُ على حلق الرأس، وبطلت في حلق اللحية لحرمة ذلك، وتقدمت الأدلة ولو أجَّر أرضين صفقةً واحدةً يريد المستأجر أن يزرع واحدةً برًا والأخرى دخانًا صح في الأولى وهي التي يُريد أن يزرعها برًا وبطل في التي يريد أن يزرعها دخانًا، ويُقَسِّط العِوضَ عليهما، ولو كان ذلك بيعًا بطل في آلات اللهو لتحريمها، وصحَّ البيع في الحلال وهي السيارة والدبابة والسيكل والمكينة وآلة الطباعة وقِسْ على ذلك ما حَدَثَ مما لم يُذكر وما

سيحدث مماثلًا لذلك إن حدث في حياتك. والله أعلم. ومتى زرع فغرق الزرع أو تلف بنحو حريق أو جراد أو فأر أو برد أو غيره قبل حصاده، أو لم تنبت فلا خيار وتلزمه الأجرة؛ لأن التالف غير المعقود عليه وسببه غير مضمون على المؤجر، ثم إن أمكن المكتري الانتفاع بالأرض بغير الزرع أو بالزرع في بقية المدة، فله ذلك؛ لأن ملك المنفعة إلى انقضاء مدته، وإن تعذر زرع مؤجرة لغرق أرض أو قل الماء قبل زرعها أو بعده أو عابت بغرق يعيب به بعض الزرع فله الخيار لحصول ما نقص به منفعة العين المؤجرة، ثم إن اختار الفسخ وقد زرع بقي الزرع في الأرض إلى الحصاد، وعليه من المسمى بحصته إلى حين الفسخ وأجرة المثل لما بقي من المدة لأرض متصفة بالعيب الذي ملك الفسخ من أجله، والأرض الغارقة بالماء التي لا يمكن زرعها قبل إنحساره وهو تارة ينحسر وتارة لا ينحسر، لا يصح عقد الإجارة عليها إذن؛ لأن الانتفاع بها في الحال متعذر ولوجود المانع، وفي المآل غير ظاهر؛ لأنه لا يزول، وإن استأجر الأرض عامًا فزرعها زرعًا أجرى الله العادة بنباته، فلم ينبت إلا بعام قابل بلا تفريط مستأجر مثل أن يزرع زرعًا ينتهي في المدة عادة فأبطأ لبرد أو غيره، فللعام الأول المسحي في العقد وللعام الثاني أجرة مثل، ويلزم رب الأرض تركه إلى أن ينتهي، وليس لرب الأرض قلع الزرع قبل إدراكه؛ لأنه لا تفريط من المستأجر في تأخيره كما لو أعاره أرضًا فزرعها، ثم رجع المالك قبل كمال الزرع، وإن كان عدم نبات الزرع في العام بتفريط المستأجر كتأخير زرع لمدة لا يكمل فيها عادة فحكمه حكم زرع الغاصب للمالك بعد انقضاء المدة إبقاؤه بأجرة مثله لما زاد على المدة؛ لأنه أبقى زرعه بأرض غيره بعدوانه وله تمليكه بقيمته، وهي مثل بذره وعوض لواحقه. ومحل ذلك: ما لم يختر مكتر إزالة الزرع حالًا وتفريغ الأرض؛ فإن اختاره فله ذلك؛ لأنه يزيل الضرر ويُسلم

الأرض على الوجه على اقتضاء العقد ولا يلزم المستأجر قلع الزرع لو طلبه المالك في هذه الحال؛ لأن له حدًا ينتهي إليه بخلاف الغرس ومتى أراد المستأجر زرع شيء لا يدرك مثله في مدة الإجارة فلمالك منعه؛ لأنه سبب لوجود زرعه في أرضه بغير حق فملك منعه، وإن زرع متعديًا بأن زرع قبل انقضاء مدة الإجارة زرعًا يضر بالمستأجر أو غرس أو بنى فهو غاصب، ولمستأجر تملك زرعه بنفقته، وكذا غاصب أرض موقوفة زرعت بأن زرعها الغاصب للموقوف عليه تملك الزرع بنفقته لملك العين في الجملة، ولو اكترى أرضًا مدة لا يكمل ذلك الزرع فيها عادة كمن اكترى خمسة أشهر لزرع لا يكمل إلا في سنة نظرنا؛ فإن شرط المستأجر قلع الزرع بعد مدة الإجارة أو نقله عنه وتفريغها صح العقد؛ لأنه لا يفضي إلى الزيادة على مدته، وقد يكون له غرض ليأخذ قصيلًا أو غيره ويلزمه ما التزم، وإن لم يشترط قلعه بأن شرط إيفاءه إلى إدراكه بعد مدة الإجارة أو سكت فلم يشترط قطعًا ولا إبقاء، فلا تصح الإجارة لفسادها؛ أما في الأولى فلأنه جمع بين متضادين؛ لأن تقدير المدة يقتضي التفريغ بعدها، وشرط التبقية يخالفه؛ ولأن مدة التبقية مجهولة؛ وأما في الثانية فلأنه أكتراها لزرع شيء لا ينتفع بزرعه في مدة الإجارة أشبه إجارة المنتجة للزرع. وإذا سلم العين المعقود عليها في الإجارة الفاسدة حتى انقضت المدة أو بعضها أو مدة يمكن استيفاء المنفعة فيها أو لا فعليه أجرة المثل لمدة بقائه في يده سواء استعمل المأجور أو لم يستعمله؛ لأن المنافع تلفت تحت يده بعوض لم يسلم للمأجور فرجع إلى قيمتها كما لو استوفاه، وإن لم تسلم العين في الإجارة الفاسدة لم يلزمه أجرة، ولو بذل العين المالك؛ لأن المنافع لم تتلف تحت يده والعقد الفاسد لا أثر له بخلاف الإجارة الصحيحة.

من النظم فيما يتعلق في ملك نفع العين ويملك نفع العين مُستأجِرٌ لها ويَملك منه أجْرَهُ وَقْتَ مَعْقدِ بأجمعها إنْ لم تُؤَجَّلْ وإن نَسَا على عَملٍ في الذَّمة امنعْ بأجْوَدِ بتَسْليم عَينْ قَبْضُها تَسْتَحِقَّه أو العَمَل المَوْصُوفَ مِن غير مُبْعِدِ فإنْ يمضِ ميقات الكِرَى بَعد بَذْلِهَا قَبض الذي في ذمة تتأطدِ وفي صُبْرَةٍ مَجْهُولةِ القَدْرِ أجْرُه لتعْرِيضه للْفَسْخِ وَجْهَيْن أسْندِ ومستأجرٌ شخصًا لِيُوصل كُتْبَهُ إلى صَاحِب إن لم يَجدْه ليُمْدَدِ بأجْرَةِ إرْسَالٍ وَرَدٍّ لأنَّهُ لِحَاجَته اضْحَى يَرُوحُ وَيَغْتَدِي ومُلْقٍ إلى الخياط ثوبًا فخاطه وثوبًا إلى القْصَّارِ غير مُحَدَّدِ لأجْرٍ بأجْرِ المِثْلِ فاحْكُمْ وَهَكَذَا لأجْرِ مُنادٍ أوْ سَفِينَةِ مُزْبِدِ فصل وإن ينو غرسًا أو بناءً وقد مضَى زمان الكرى لم يشترط قَلعَه امْهَدِ

س64: تكلم بوضوح عن الأجير الخاص والأجير المشترك مميزا كل واحد عن الآخر، وما يلزم من ضمان أو عدمه؟ وما يتعلق بذلك من المسائل والاحترازات والتفاصيل والأدلة والتعليلات والخلاف والترجيح؟

لمؤجِرِهَا بالأجْرة الأخذ والبقا بأجْرٍ وَقَلْع ضامنًا نقْصَ مُفْسِد وقيمته ما بَيْنَ قيمَة أرْضِه وفيه البناء والغرس والحلوة أشهد وللمالِكْين القلْعُ مَعْ طَمِّ إثْرهِ وَمَا شَرَطَا يَلْزَمْ بغَيْر تقَيُّدِ وإن يَبْقَ من تفريطه الزرع إن تشا بقيمِتهِ خذ أوْ بأجْر مخلد وإن لم يُفرط بالمُسَمَّى فأبقهِ إنْ يَشاء ربه مع أجر مثل المزَيَّدِ وإن شَاءَ رَبُّ الزَّرْع والغَرْس أخْذَهُ بلا ضَرر في الحال مَكَّنْهُ واسّعِدِ وفيما قُبضْ في فَاسِدِ مُدةً وَلَوْ بلا نَفْعِ أجْر المِثْل في المتأكِد وبالفضة أنْ يُؤجرَ ويأخُذُ عدْلَهَا دَنَانِيرَ عِنْدَ الفَسْخِ للفضة اردد 64- الأجير الخاص والأجير العام س64: تكلم بوضوح عن الأجير الخاص والأجير المشترك مميزًا كل واحد عن الآخر، وما يلزم من ضمان أو عدمه؟ وما يتعلق بذلك من المسائل والاحترازات والتفاصيل والأدلة والتعليلات والخلاف والترجيح؟ ج: الأجير قسمان: قسم خاص، وقسم مشترك. ولا ضمان على أجير خاص وهو من قدر نفعه بمدة بأن استؤجر لمدة أو عمل في بناء أو خياطة

يومًا أو أسبوعًا ونحوه فيستحق المستأجر نفعه في جميع المدة المقدر نفعه بها لا يشركه فيها أحد؛ فإن لم يستحق نفعه في جميع المدة فمشترك كما يأتي سوى فعل الصلوات الخمس في أوقاتها بسننها المؤكدات، وسوى صلاة جمعة وعيد؛ فإن أزمنة ذلك لا تدخل في العقد، بل مستثناة شرعًا سواء سلَّم نفسه لمستأجر بأن كان يعمل عند المستأجر أو لا، بأن كان يعمل في بيت نفسه، ويستحق الأجير الخاص الأجرة بتسليم نفسه عمل أو لم يعمل؛ لأنه بذل ما عليه كما لو بذل البائع العين المبيعة، وتتعلق الإجارة بعينه كالأجير المعين فليس له أن يستنيب إذا تقرر هذا فلا ضمان عليه فيما تلف بيده كما لو انكسرت منه الجرة التي يستقي بها أو الآلة التي يحرث بها أو المكيل الذي يكتل به ونحوه؛ لأن عمله غير مضمون عليه، فلم يضمن ما تلف به كسراية القصاص والحد، وما روي عن علي أنه كان يضمن الأجير، ويقول: لا يصلح الناس إلا هذا فهو مرسل، والصحيح فيه أنه كان يضمن الصباغ والصواغ والمطلق محمول على المقيد؛ ولأنه نائب المالك في صرف منافعه إلى ما أمر به فلم يضمن كالوكيل؛ ولأن عمله غير مضمون عليه فلم يضمن ما تلف به كالقصاص إلا أن يتعمد الإتلاف أو يفرط؛ لأنه إذن كالغاصب، وإن عمِلَ أجيرٌ خاص لغير مستأجره فأضره للمستأجر على الأجير قيمة ما فوته عليه من منفعة. قال أحمد: في رجل يستأجر أجيرًا على أن يحتطب له على حمارين كل يوم فكان الرجل ينقل عليهما وعلى حمار لرجل آخر ويأخذ منه الأجرة؛ فإن كان يدخل عليه ضرر يرجع عليه بالقيمة. قال في «المغني» : فظاهر هذا أن المستأجر يرجع على الأجير بقيمة ما استضر باشتغاله عن عمله ويقبل دعوى الأجير لحمل شيء تلف ذلك المحمول على وجه لا يضمنه بيمينه ولحامل أجرة حمله إلى محل تلف؛ لأن ما عمل فيه

من عمل بإذن وعدم تمام العمل ليس من جهته. ولا ضمان على حجام أو ختان خاصًا أو مشتركًا بآلة غير كآلة، ويشترط كون القطع في وقت صالح لقطع؛ فإن قطع في وقت لا يصلح القطع فيه ضمن ولا على بيطار أو طبيب خاصًا أو مشتركًا إذا كان حاذقًا في صنعته، ولم تجن يده بمجاوزة أو قطع ما لم يقطع؛ ولأنه فعل مباحًا فلم يضمن سرايته كحده؛ لأنه لا يمكن أن يقال: إقطع قطعًا لا يسري، بخلاف دُقَّ دقًا لا يخرقه؛ فإن لم يكن لهم حذق في الصنعة ضمنوا؛ لأنه لا يحل لهم مباشرة القطع إذن، فإذا قطع فقد فعل محرمًا فضمن سرايته، وإن أذِن في الفعل مكلف ولو أو ولي مَن أذن له الحاكم حتى في قطع سلعة ونحوها لم يضمن؛ لأنه مأذون فيه من ذي الولاية وإلا يؤذن له فيه فسَرَتِ الجناية ضمِنَ؛ لأنه فعل غير مأذون فيه، والدية على عاقلته وعليه يحمل ما روي أن عمر قضى به في طفلة ماتت في الختان بدية على عاقلة خاتنها، وإن أذن فيه وكان حاذقًا؛ لكن جَنَت يده ولو خطأ مثل أن جاوز الختان إلى الحشفة أو إلى بعضها أو قطع في غير محل القطع أو قطع سلعة فتجاوز محل القطع أو قطع بآلة كآلة يكثر ألمُها وأشباه ذلك ضَمِنَ؛ لأن الإتلاف لا يختلف ضمانه والعمد والخطأ. قال ابن القيم في «تحفة المودود» : فإن أذن له أن يختنه في زمن حرٍّ مفرط أو بردٍ مفرطٍ أو في حال ضعف يخاف عليه منه؛ فإن كان بالغًا عاقلًا لم يضمنه؛ لأنه أسقط حقه بالإذن فيه، وإن كان صغيرًا ضمنه؛ لأنه يعتبر إذنه شرعًا، وإن أذن فيه وليه في زمن الحر المفرط أو البرد، فهذا موضع نظر هل يجب الضمان على الولي أو الخاتن؟ ولا ريب أن الولي متسبب والخاتن مباشر، فالقاعدة تقضي تضمين المباشر؛ لأنه يمكن الإحالة عليه بخلاف ما إذا تعذر تضمينه، انتهى. ولا ضمان على

راع فيما تلف من الماشية إذا لم يتعد ويقبل قوله في نفي التعدي وإذا لم يفرط بحفظها بنحو نوم كاشتغاله بلعب أو غيبة الماشية عنه أو ضربها ضربًا مبرحًا بأن يسرف في ضربها أو سلوكه موضعًا يتعرض لتلفها به؛ لأنه مؤتمن على حفظها أشبه المودع فلا يضمنها بدون ما ذكر كالمؤجرة؛ فإن فرط الراعي في حفظها بنوم أو غفلة أو تركها تتباعد عنه أو تغيب عن نظره وحفظه أو تعدى بأن أسرف في ضربها أو ضربه في غير موضع الضرب أو ضربها من غير حاجة إلى الضرب ضمن الراعي التالف، وإذا جذب الدابة مستأجر أو معلمها السير أو السير مع الكر أو الفر لتقف أو تنقلب فَتِلفت لم تضمن أو ضرب الدابة مستأجرها أو معلمها السير ونحوه كالضرب المتعارف عادة من غير إسراف لم تضمن؛ لأنه مأذون وإلا بأن جذبها لا للوقوف ولا للتعليم أو ضربًا غير المعتاد حرم ذلك، وضمن الدابة إن تلفت؛ لأنه فعل ما ليس ما فعله، وعلى راع تحري نافع مكان رعي ويلزمه توقي نبات مضرٍّ ويلزمه إيراد الماشية الماء إذا احتاجت إليه على الوجه الذي لا يضرها شربه، ويلزمه ردها عن زرع الناس ويلزمه دفع سباع عنها ويلزمه منع بعضها من أذية بعض قِتالًا ونطحًا. ويلزم أن يؤدب الصائلة بردها عن المصول عليها ويرد القرناء عن الجماء والقوية عن الضعيفة، وعليه إعادتها عند المساء لأربابها وإن اختلف راع ورب ماشية في تعد أو تفريط وعدمه بأن ادعى ربها أن الراعي تعدى وأفرط فتلفت وأنكر الراعي، فالقول قوله بيمينه؛ لأنه أمين، والأصل براءته وإن فعل الراعي فعلًا واختلفا في كونه تعديًا أو تفريطًا رجع فيه إلى أهل الخبرة؛ لأنهم أدرى به وإن ادعى الراعي موتًا لشاة أو بعير أو بقرة قُبِل قوله بيمينه ولو لم يحضر جلدًا أو غيره، وقيل: إذا أحضر الجلد ونحوه مدعيًا موتًا قُبل قوله، وقيل: لا يقبل إلا ببينة تشهد بموتها، والذي يترجح

عندي القول الأول، إلا إن كان فيه قرائن تدل على كذبه فلا يقبل قوله إلا ببينة، والله سبحانه وتعالى أعلم. لأنه مؤتمن، أو ادعى مكترٍ لدابة أو آدمي أن المتكري آبق أو أن المكتري مريض أو أنه شارد أو مات في المدة أو بعدها قبل قوله بيمينه في عدم التفريط والتعدي ولا ضمان عليه؛ لأنه مؤتمن ولو جاء به صحيحًا وكذبه المالك، وقيل: لا يقبل قوله إلا ببينة تشهد بموتها ولا أجرة عليه حيث لم ينتفع بالمأجور؛ لأن الأجرة إنما تجب بالانتفاع بالعين المؤجرة ولم يوجد، وإن عقد إجارة على رعي إبل أو بقر وغنم معينة مدة تعينت كما لو استأجر لخياطة ثوب بعينه فلا تبدل ويبطل العقد فيما تلف منها لفوات محل المعقود عليه كموت الرضيع وإن عقد على رعي شيء موصوف في ذمة فلابد من ذكر نوعه فلا يكفي ذكر الجنس كالإبل، فلابد من أن يقول بخاتي أو عِراب، وفي البقر بقرًا أو جواميس وفي الغنم ضانًا أو معزًا، ويذكر كبره أو صغره، ويذكر عدده وجوبًا؛ لأن الغرض يختلف باختلاف ذلك فاعتبر العلم به إزالة للجهالة. ولا يلزم الراعي رعي سِخالها سواء كانت على معينة أو موصوفة؛ لأن العقد لم يتناولها ولا يشمل إطلاق العقد على رعي بقر رعْي جواميس وعلى إبل لم يشمل بخاتي؛ لأن العقد لم يتناوله حملًا على العرف، ويضمن الأجير المشترك وهو مَن قدر نفعه بالعمل ولو تعرض في العمل وقت عقد لمدة ككحال بكحله شهرًا كل يوم كذا وكذا مرة أو لا كخياطة ثوب ويتقبل الأجير المشترك الأعمال في وقت واحد يعمل لهم فيشتركون في نفعه، فلذلك سمي مشتركًا فتتعلق الإجارة بذمته لا بعينه ولا يستحق الأجرة إلا بتسليم عمله دون تسليم نفسه بخلاف الخاص، فيضمن الأجير المشترك ما تلف بفعله من تخريق قصار بدقِّه أو مدِّه أو عصرِه أو بسطِه وغلط خياط في تفصيل، روي عن عمر وعلي - رضي الله عنهما - لأنه عمله مضمون

عليه لكونه لا يستحق العوض إلا بالعمل؛ فإن الثوب لو تلف في حرزه لم يكن له أجر فيما عمل فيه بخلاف الخاص وما تولد منه يكون مضمونًا كالعدوان يقطع عضو أو غلط في نسج أو في طبخ أو في خبز، وكذا ملاح سفينة ونحوه ويضمن أيضًا ما تلف بفعله من يده أو خرقه أو ما يعالج به السفينة وسواء كان رب المتاع معه أو لا، وقيل: لا يضمن ما لم يتعد أو يفرط، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس؛ لأنه من الأمناء الذين لا يضمنون إلا بالتعدي أو التفريط ويحمل ما ورد عن علي في تضمينهم على التعدي أو التفريط وإلا فليسوا غاصبين حتى يترتب عليهم الضمان، وأيضًا فالضمان مرتب على اليد والتصرف، فإذا كانت اليد يدًا عادية رتب عليها الضمان وإذا كان التصرف ممنوعًا رتب عليه الضمان والأجير يده غير عادية وتصرفه غير ممنوع، بل مأمور به من جهة المؤجر، والله سبحانه وتعالى أعلم. ويقدم قول رب التالف في صفة عمله إذا اختلفا في صفة العمل بعد تلف المأجور ليغرمه للعامل، فالقول قول ربه؛ لأنه غارم، وقيل: بل يقبل قول الأجير. قال في «الإنصاف» : لئلا يغرم نقصه مجانًا بمجرد قول ربه بخلاف الوكيل، قال في «التلخيص» : القول قول الأجير في أصح الروايتين، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه أعلم. ويضمن حامل ما تلف بزلْقِه أو عثرته أي الحامل من آدمي أو بهيمة وسقوطٍ عن دابة أو تلف يقوده وسوقه وإنقطاع حبله الذي يشد به الحمل سواء حضر ربها أو غاب إذ لا فرق بين أن يكون صاحب العمل حاضرًا عنده أو غائبًا أو كونه مع الملاح أو الجمال أو لا، قال ابن عقيل: ما تلف بجناية الملاح بحذقه أو بجناية المكاري بشده المتاع ونحوه، فهو مضمون عليه؛ لأن وجوب الضمان عليه بجناية يده فلا فرق بين حضور المالك وغيبته كالعدوان؛ لأن جناية الجمال والملاح إذا كان صاحب المتاع راكبًا معه يعم المتاعِ وصاحبه

وتفريطه يعمهما فلم يسقط ذلك الضمان كما لو رمى إنسانًا متترسًا فكسر ترسه وقتله؛ ولأن الطبيب والختان إذا جنت يداهما ضمنًا مع حضور المطبب والمختون وقد ذكر القاضي فتلف ضمن، والذي تطمئن إليه نفسي، والله أعلم أنه إذا لم يحصل إعتداء أو تفريط لا ضمان عليه، وإن سرق لم يضمن؛ لأنه في العثار تلف بجنايته والسرقة ليست من جنايته ورب المال لم يحل بينه وبينه، وهذا يقتضي أن تلفه بجنايته مضمون عليه سواء حضر رب المال أو غاب في وجوب الضمان في محل النزاع أولى؛ لأن الفعل في ذلك الموضع مقصود لفاعله والسقطة من الحمال غير مقصودة له وإذا أوجب الضمان كصباغ أمر بصبغ ثوب أصفر فصبغه أسود ونحوه لما روى جعفر بن محمد عن أبيه عن علي أنه كان يضمن الصباغ والصواغ، وقال: لا يصلح للناس إلا ذلك. وروى الشافعي في «مسنده» عن علي أنه كان يضمن الأجراء، ويقول لا يصلح الناس إلا هذا؛ ولأن عمل الأجير المشترك مضمون عليه فما تولد منه يجب أن يكون مضمونًا عليه كالعدوان بقطع عضو ودليل ضمان عمله عليه أنه لا يستحق العوض بمضي المدة وإن لم يعمل ولو بدفع ونحوه لغير ربه غلطًا فيضمنه؛ لأنه فوته على مالكه. قال أحمد في قصار دفع الثوب إلى غير مالكه: يغرم القصار، وليس للمدفوع إليه لبسه إذا علم وعليه رده للقصار، وغرم قابض الثوب المدفوع إليه غلطًا حيث قطعه أو لبسه جهلًا أنه ثوب غيره ضمن أرش قطعة وأجرة لبسه لتعديه على مالك وغيره ورجع قابض بأرش قطعه وأجرة لبسه على دافع؛ لأنه غره. قال في «شرح الهداية» : ويرجع بما غرمه على القصار. وزاد في «الرعاية» : مسألة الرجوع بأجرة اللبس وله المطالبة بثوبه إن كان موجودًا وإن هلك ضمن الأجير؛ لأنه أمسكه

بغير إذن صاحبه بعد طلبه كما لو علم، وإن علم قابض أن الثوب ونحوه ليس بثوبه فقطعه أو لبسه فلا رجوع على دافع بما غرمه للمالك؛ لأنه أدخل الضرر على نفسه ولا يضمن أجير ما تلف بغير فعله؛ لأنه عين مقبوضة بعقد الإجارة لم يتلفها بفعله أشبه المستأجر، ولأن قبضها بإذن مالكها لنفع يعود عليهما أشبه المضارب إن لم يفرط؛ فإن فرط ضمن؛ لأن العين في يده أمانة أشبه المودع، ولا يضمن ما ضاع من حِزره بنحو سرقة ولا أجرة للأجير المشترك فيما عمل فيه ولو كان عمله ببيت ربه، وقيل: لا فرق بين أن يكون بيت ربه أو غيره؛ لأنه لم يسلم عمله للمستأجر إذ لا يمكن تسليمه إلا بتسليم المعمول فلم يستحق عوضه ككيل بيع وتلف قبل قبضه، وفيه اتجاه أن الأجير لا يستحق الأجرة فيما إذا كان العمل ببيت المستأجر وتلف المعمول قبل فراغه من العمل، وأما إذا تلف بعد فراغه من العمل وهو بيت المستأجر فقد استحق الأجرة بمجرد الفراغ؛ لأنه أتم ما عليه، وفي «المغني» : وكُلّ مَن استؤجِرَ على عمل في عين فلا يخلو إما أن يوقعه وهو في يد الأجير كالصباغ يصبغ في حانوته، والخياط في دكانه، فلا يبرأ من العمل حتى يسلمها إلى المستأجر ولا يستحق الأجرة حتى يسلمه مفروغًا منه؛ لأن المعقود عليه في يده فلا يبرأ منه ما لم يسلمه إلى العاقد كالمبيع من الطعام، وأما إذا كان يوقع العمل في بيت المستأجر مثل أن يحضره إلى داره ليخيط فيها أو يصبغ فيها؛ فإنه يبرأ من العمل ويستحق أجرة بمجرد عمله؛ لأنه في يد المستأجر فيصير مسلمًا للعمل حالًا فحالًا ولو استأجر رجلًا يبني له حائطًا في داره أو يحفر بها بئرًا برِيءَ من العمل واستحق أجره بمجرد عمله ولو كانت البئر في الصحراء أو الحائط لم يبرأ بمجرد العمل، ولو انهارت عقب الحفر أو الحائط بعد بنائه وقبل تسليمه لم يبرأ من العمل، وأما الأجير الخاص فيستحق الأجرة

بمضي المدة سواء تلف ما عمله أو لم يتلف ولو استأجر أجيرًا ليبني له حائطًا طوله عشرة أذرع فبنى بعضه فسقط لم يستحق شيئًا حتى يتمه سواء كان في ملك المستأجر أو في غيره؛ لأن الاستحقاق مشروط بإتمامه ولم يوجد، وكذا لو استأجره ليحفر له بئرًا عمقها عشرة أذرع فحفر منها خمسة وانهار فيها تراب من جوانبها لم يستحق شيئًا حتى يتمم حفرها. ولا يضمن أجير مشترك تبرَّع بعمله مطلقًا سواء عمله ببينة أو غيره؛ لأنه أمين محض؛ فإن اختلفا في أنه أجير أو متبرع فقول أجير بيمينه؛ لأن الأصل براءته، ولأجيرٍ حبسُ معمولٍ على أجرته كثوب صَبغَه أو قصَّره أو خاطه إن حكم بفلس ربه وكون الأجير يملك حَبْسَ ما صبغهُ أو قصَّرَه أو خاطه؛ لأن زيادته للمفلس فأجرته عليه والعمل الذي هو عوضها موجود في عين الثوب فملك حبسه مع ظهور عسرة المستأجر كمن أجر دابته أو نحوها لإنسان بأجرة حالة، ثم ظهر عسر المستأجر قبل تسليمها له؛ فإن للمؤجر حبسها عنه وفسخ الأجرة، ثم إن كانت أجرته أكثر مما زادته به قيمته أخذ الزيادة وحاصص الغرماء بما بقي له من الأجرة وإن لم يحكم حاكم بفلس المستأجر فلا يملك الأجير حَبْس المعمول بعد عمله؛ فإن فعل فكغاصب حكمه؛ لأنه لم يرهنه هنده ولا أذن في إمساكه ولا يتضرر بدفعه قبل أخذ أجرته ومتى فعل فتلف ضمنه كما لو أتلفه الأجير بعد عمله أو بعد حمله إذا استؤجر له وخُيرَ مالك بين تضمين الأجير المعمولَ أو المموِّلَ غيرَ معمولٍ أو غيرَ محمولٍ بأن يطالبه بقيمته في الموضع الذي سلمه إليه فيه ليحمله منه ولا أجرة للأجير؛ لأنه لم يسلم عمله أو تضمينه المعمول أو المحمول التالف تعديًا بقيمته معمولًا ومحمولًا إلى مكان تلف فيه وله أجرة عمله وحمله؛ لأن تضمينه إياه كذلك في معنى تسليم العمل المأمور به، وإنما خير بين الأمرين؛ لأن ملكه مستصحب عليه إلى حين المطالبة

بقيمته قبل عمله وحين تلفه. وإن استأجر أجيرٌ مشتركٌ أجيرًا كخياط أو صباغ يستأجر أجيرًا فأكثر مدة معلومة يستعمله فيها فلكل من الخاص والمشترك حكم نفسه، فإذا تقبل صاحب الدكان خياطة ثوب ودفعه إلى أجير فخرقه أو أفسده بلا تعد ولا تفريط لم يضمنه؛ لأنه أجير خاص ويضمنه صاحب الدكان لمالكه؛ لأنه أجير مشترك، وإن تقبل الأجير المشترك ولم يعمل، بل استعان بغيره، فللأجير المشترك الأجرة المسماة في العقد لالتزامه العمل لا لتسليم العمل وتقدم في الشركة أن التقبل يوجب الضمان على المقتبل ويستحق الربح وسواء عمل فيه شيئًا أو لا، وإن قال الأجير: أنت لي في تفصيل الثوب قباء، وقال المستأجر: بل أذنت لك بتفصيله قميصًا فالقول قول خياط، لئلا يغرم نقصه مجانًا بمجرد قول ربه، وكذا إن قال: أذنت لي في قطعه قميص امرأة، قال: بل قميص رجل، أو في صبغه أسود، فقال: بل أحمر ونحوه لاتفاقهما على الإذن واختلافهما في صفته، فالقول قول الأجير وهو المأذون كالمضارب إذا قال: أذنت لي في البيع نساء؛ ولأنهما اتفقا على ملك الخياط القطع، والظاهر أنه فعل ما ملكه واختلف في لزوم الغرم له، والأصل عدمه فيحلف الخياط لقد أذنت لي في قطعه كذا ويسقط عنه الغرم، ويكون له أجرة مثله؛ لأنه ثبت وجود فعله المأذون فيه. وقال أبو حنيفة وأبو ثور: القول قول صاحب الثوب، واختلف أصحاب الشافعي، فمنهم من له قولان كالمذهبين، ومنهم ن قال له قول ثالث إنهما يتحالفان كالمتبايعين يختلفان في الثمن، ومنهم من قال: إن الصحيح أن القول قول رب الثوب؛ لأنهما اختلفا في صفة الإذن، والقول قوله في أصل الإذن فكذلك في صفته؛ ولأن الأصل عدم الإذن المختلف فيه، فالقول قول من ينفيه، وهذا القول هو الذي تميل

إليه النفس، والله سبحانه أعلم. ولو قال رب ثوب لخياط: إن كان يكفيني قميصًا أو قباء فاقطعه وفصّله، فقال الخياط: يكفيك ففصله فلم يكفه ضمن أرش تقطيعه؛ لأنه إنما أذنه في قطعه بشرط كفايته فقطعه بدون شرطه، كما لو قال له: اقطعه قباء فقطعه قميصًا؛ فإنه يضمن أرش نقصه لمخالفته لا إن قال أنظر هل يكفيني قميصًا أو قباء، قال: يكفيك، فقال له: اقطعه، فقطعه، فلم يكفه لم يضمن؛ لأنه أذنه في غير اشتراط بخلاف التي قبلها، وإن دفع إلى حائك غزلًا، وقال: انسجه لي عشرة أذرع في عرض ذراع فنسجه زائدًا على ما قدر له في الطول والعرض فلا أجرة لما زاد على ما قدر؛ لأنه غير مأمور به ويضمن الحائك نقص غزل نسج في الزيادة لتعديه، فأما ما عدا الزائد فينظر فيه؛ فإنه كان جاء به زائدًا في الطول وحده ولم ينقص الأصل بالزيادة فله ما سمي له من الأجر كما لو استأجره على أن يضرب له مائة لبنة فضرب له مائتين وإن جاء به زائدًا في العرض وحده أو فيهما، فقدم في «المغني» : لا أجر له؛ لأنه مخالف لأمر المستأجر فلم يستحق شيئًا، كما لو استأجره على بناء حائط عرض ذراع فبناه عرض ذراعين، والفرق بين الطول والعرض أنه يمكن قطع الزائد في الطول ويبقي الثوب على ما أراد ولا يمكن ذلك في العرض، وأما إن جاء به ناقصًا في الطول والعرض أو في إحداهما، فقدم في «المغني» : لا أجر له وعليه ضمان نقصان الغزل؛ لأنه مخالف لما أمره به فأشبه ما لو استأجره على بناء حائط عرض ذراع فبناه عرض نصف ذراع، وأما إن أثرت الزيادة أو النقص في الأصل مثل أن يأمره بنسج عشرة أذرع ليكون الثوب ضيقًا فنسجه خمسة عشر، فصار صفيقًا أو أمره بنسج خمسة عشر ليكون خفيفًا فنسجه عشرة فصار صفيقًا فلا أجر له بحال، وعليه ضمان نقص الغزل؛ لأنه لم يأت بشيء مما أمر به.

من النظم فيما يتعلق بالأجير المشترك ومستأجر قَدَّرْتَ بالفعل نَفْعَه فَيَضْمَنُ ما أراده مِن فِعْله قَدِ كَدَقةِ قَصَّار وزَلَةِ حَامِل وغَلْطَةِ خَيَّاطٍ بثوبٍ بأوْطَدِ وسيان ما أراده في بَيْتِ مُكْتَرٍ وَفي غير بَيْتِ المكتري في المجودِ ولا غَرْمَ فيما فات مِن غير فعله وَعنه بأمر ظاهرٍ لا مُبَعَّدِ وعنه عليه الغرم يا صَاحِ مُطلقًا كما لو جَنَى عَمْدًا بغير تردد ويَضْمَنُ مَحْبُوسًا لِيَأْخُذَ أجْرَهُ وللمالكِ التضمين غَير مُصَدَّدِ فإن شَاء مَعْمُولًا ويُعطِيه أجْره وإنْ شاء كَحَالِ العَقد غير مُزَوَّدِ وإنْ لَمْ يُضَمَّنَ مَن تقدم ذكره فليس له أجرٌ لِفعْل المُفَقَّدِ سوى مَا ببَيت المكتري كانَ فِعْلُه وعنه سوى أجر البنا مطلقًا ذُدِ وعنْهُ ومنْقُولٌ إذا كان فعله لَهُ وَاقِعًا في بَيْتِهِ فليُرفَدِ ومُلق إلى الخياط وقال إن كفاني قميصًا فاقطع الثوب واقدد فيقطعْهُ إن لم يكفِه فَهْو ضَامِنٌ

س65: متى تملك الأجرة في الإجارة؟ وما الذي يترتب على ذلك من وطء أو عتق أو تصرف؟ وبأي شيء تستقر الأجرة؟ ومتى يقع الشيء مقبوضا؟ وإذا بذلت العين في إجارة فاسدة فهل تجب الأجرة؟ وما حكم شرط تأخير الأجرة؟ ومن الذي ليس له تعجيلها؟ ومتى تجب أجرة؟ وكيف تسقط الأجرة؟ وإذا انقضت إجارة بنحو تقايل وبها غراس أو بناء فما حكم ذلك؟ وما الذي يترتب على الحكم؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح والتفصيل والشروط والمحترزات.

وإنْ قال هذا الثوب يكفيك فاعهد إذا قال فصله بأن لَيْس ضامنًا إذا لم يكن يكفيه عَهْدُ مُسَدَّدِ وإنْ يَقُل الخياط أنت أمرتني بِقَطْعِ قباء صَالحٍ للتَّجَنُدِ فقال قَمِيصًا فاسْتَمِعْ قَولَ صَانِع ويخرج أن للمالك القول فارشد ولا غُرْمَ مِن بَعْدِ اليَمِينِ بما ادّعَى وأجْرَةُ مِثْلٍ لا مسمى لَهُ قَدِ ولا غُرْمَ في فِعْلِ امرئ حاذق ردًا بطبٍ وحجمٍ والخِتَانِ مُجَوَّدِ وَلم تَجْنِ كَفَاه وضربُ مُؤَدِّبِ وَزَوجٍ ومسْتَكْرٍ بضَرْبٍ مُعَوَّدِ وكَبْحِ لِجَامِ مِن فَتىً رائضٍ ولَا ضَمانَ عَلىَ رَاعٍ غَدَا غَيْرَ مُعْتَدِ ومَنْ يُكتْرَى في رَعْي عِدٍ مُعَيَّنٍ تَعَيَّنَ في الأقوى وَلَمْ تَرْعَ مَوْلِدِ ومَا سَلَّم القِصَارُ أو نحوه إلى سِوَى رَبهِ جَهْلًا يُضَمَّنْ لذِي اليَدِ ومُسْتأجر عَيْنًا أمِينًا بحِفظها فليْسَ عَليْه غُرمُ رَدٍ فَقَيْدِ 65- ما يتعلق بتمليك العين المؤجرة من نحو وجوب أجرة واستقرار إلخ س65: متى تملك الأجرة في الإجارة؟ وما الذي يترتب على ذلك من وطء أو عتق أو تصرف؟ وبأي شيء تستقر الأجرة؟ ومتى يقع الشيء مقبوضًا؟ وإذا بذلت العين في إجارة فاسدة فهل تجب الأجرة؟ وما حكم شرط تأخير الأجرة؟ ومن الذي ليس له تعجيلها؟ ومتى تجب أجرة؟ وكيف تسقط الأجرة؟ وإذا انقضت إجارة بنحو تقايل وبها غراس أو بناء فما حكم ذلك؟ وما الذي يترتب على الحكم؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح والتفصيل والشروط والمحترزات. ج: تملك أجرة معينة في إجارة عين ولو مدة لا تلي العقد أو إجارة على منفعة في ذمة كحمل معين إلى مكان معين بعقد شُرِطَ فيه الحلول أو أطلق كما يجب الثمن بعقد البيع والصداق بالنكاح. وقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} ، وحديث: «أعطوا الأجير أجرة قبل أن يجف عرقه» رواه ابن ماجه - لا يعارض ذلك الإتيان في وقت لا يمنع وجوبه قبله، كقوله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} ، والصداق يجب قبل الاستمتاع فتوطؤ أمة جعلت أجرة؛ لأنها ملكت بمجرد عقد ويعتقُ قِنُّ على سيد بمجرد عقد إذا كان ممن يعتق عليه أو علق عتقه على ملكه له ويصح تصرف بالأجرة كمبيع وتستحق الأجرة كاملة ويطالب بها، ويجب على المستأجر تسليمها بمجرد تسليم عين معينة كانت في العقد أو موصوفة في الذمة ولو كانت العينُ المؤجرةُ نفسَ المؤجر فعليه تسليمُ نفسه بمجرد العقد ويملك المطالبة بالأجرة لجريان تسليم نفسه مجرى نفعها، وكذا بذل العين المستأجرة ليستوفي نفعها ولو أبى

مكتر قبولها؛ لأن المؤجر فعل ما عليه كما لو بذل البائع العين المبيعة، وليس للمكتري أن يمتنع من قبولها بعد بذلها إليه، وقال أبو حنيفة: لا يملك الأجرة ولا يستحق المطالبة بها إلا يومًا ويومًا إلا أن يشترط تعجيلها، قال أبو حنيفة: إلا أن تكون معينة كالثوب والدار والعبد؛ لأن الله تعالى قال: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} أمر بإيتائهن بعد الرضاع، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله عز وجل: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يوفه أجره» فتوعده على الامتناع من دفع الأجرة بعد العمل دل على أنها حالة الوجوب، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه» رواه ابن ماجه. ولأنه عوض لم يملك معوضه فلم يجب تسليمه كالعوض في العقد الفاسد؛ فإن المنافع معدومة لم تملك ولو ملكت فلم يتسلمها؛ لأنه يتسلمها شيئًا فشيئًا فلا يجب عليه العوض مع تعذر التسليم في العقد، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وقال بعضهم يجب على المكتري القبول إذا بذل العين مؤجر وليس في الموضع يد حائلة، فأما إذا كان يد حائلة تمنعه من الانتفاع بها فلا يجب عليه قبولها ويجب عليه دفع الأجرة؛ لعدم تمكنه من الانتفاع، كما لو كان المأجور داة أو سيارة وكانت الشرطة تسخر الدواب أو السيارات ولا يقدر المؤجر على تسليمها ولا المستأجر على دفعهم فلا يعتبر التسليم في هذه الحال وتستقر الأجرة وتثبت كاملة بذمة مستأجر بفراغ عمل ما استؤجر لعمله وهو بيد المستأجر كطباخ استؤجر في دار المستأجر فطبخ ما استؤجر له وفرغ منه؛ لأنه أتم ما عليه وهو بيد ربه فاستقر فكل شيء يستأجره لعمله إذا عمله أجير مشترك وفرغه أي بذله بعد فراغه منه وقع ذلك الشيء في حكم المقبوض فيستحق باذله أجرته وتستقر بدفع غير ما بيد المستأجر كما لو اتفقا على أن الخياط يخيط له ثوبًا بدكانه فخاطه وسلمه لربه

معمولًا؛ لأنه سلم ما عليه فاستحق عوضه وهو الأجرة. ومحل وجبو تسليم الأجرة إن لم تؤجل؛ فإن أجلت لم يجب بذلها حتى تحل كالثمن والصداق، ولا يجب تسليم العمل الذي في الذمة حتى يتسلمه المستأجر وإن وجبت بالعقد، وعلى هذا وردت النصوص، ولأن الأجير إنما يوفى أجره إذا قضى عمله؛ لأن عوض فلا يستحق تسليمه إلا مع تسليم المعوض كالصداق والثمن، وفارق الإجارة على الأعيان؛ لأن تسلمها جرى مجرى تسليم نفعها وتستقر الأجرة بمجرد فراغ عمل أجير خاص كأن يوقع العمل ببيت المستأجر سواء بذله له أو لا؛ لأنه في يد المستأجر فلا يفتقر إلى البذل وتستقر بانتهاء مدة الإجارة إن كانت على مدة وسلمت العين بلا مانع ولو لم ينتفع لتلف المعقود عليه تحت يده وهو حقه فاستقر عوضه كثمن المبيع إذا تلف بيد مشتر وتستقر أيضًا بتسليم عين معينة لعمل بذمة إذا مضت مدة يمكن استيفاء العمل فيها حيث لا مانع له من الانتفاع لتلف المنافع تحت يده باختيار فاستقر الضمان عليه كتلف المبيع تحت المشتري فلو استأجر دابة أو سيارة ليركبها إلى مكة مثلًا ذهابًا وإيابًا بألف وسلمها إليه المؤجر ومضت مدة يمكن فيها ذهابه إليها ورجوعه على العادة ولم يفعل استقرت عليه الأجرة ولو لم يتسلم المستأجر حتى مضت المدة المقدرة أو مضى زمن يمكن استيفاء الأجر فيه استقر الأجر عليه لتلف المنافع باختيار المستأجر فاستقر عليه الأجر كما لو كانت في يده، ولا تجب أجرة ببذل تسليم العين؛ فالإجارة فاسدة، ولأن منافعها لم تتلف تحت يده ولا في ملكه؛ فإن تسليم المؤجرة في إجارة فاسدة حتى مضت المدة أو مضى زمن يمكن استيفاء عمل معقود عليه أو لا فعليه أجرة المثل مدة بقائه بيده وإن لم ينتفع بها؛ لأن المنافع تحت يده بعوض لم يسلم لمؤجر فيرجع إلى قيمتها كما لو استوفاها.

ويصح شرط تأخير الأجرة بأن تكون مؤجلة إلى أجل معلوم كما لو شرط المستأجر على المؤجر في سنة ست أن لا تحل عليه الأجرة إلا عند ابتداء سنة سبع؛ لأن إجارة العين كبيعها وبيعها يصح بثمن حال ومؤجل فكذلك إجارتها، فلو مات المستأجر لم تحل أجرة مؤجلة؛ لأن حلها مع تأخير اسيتفاء المنفعة ظلم قاله الشيخ تقي الدين. ويصح تعجيل الأجرة على محل استحقاقها كما لو أجره داره سنة خمس في سنة ثلاث وشرط عليه تعجيل الأجرة في يوم العقد، قال الشيخ تقي الدين: غير ناظر وقف فليس له تعجيل الأجرة كلها إلا لحاجة التعمير الذي لا يتم الانتفاع إلا به ولو شرط التعجيل لم يجز؛ لأن الموقوف عليه يأخذ ما لم يستحقه الآن، وقال: كما يفرقون في الأرض المحتركة إذا بيعت أو ورثت؛ فإن الحكر من الانتقال يلزم المشتري والوراث وليس لهم أخذه من البائع وتركه في أصح قولهم. اهـ. ومن استؤجر لعمل كل يوم بأجر معلوم فله أجر كل يوم عند تمامه. قال ابن رجب: ظاهر هذا أن المستأجر للعمل مدةً مطلقة غير معينة كاستئجاره كل يوم بكذا؛ فإنه يصح، ثبت له الخيار في آخر كل يوم ويجب له أجر كل يوم في آخره؛ لأن ذلك مقتضى العرف، ولأنه غير ملتزم بالعمل فيما بعده، ولأن مدته لا تنتهي فلا يمكن تأخير إعطائه إلى تمامها وإذا عين لكل يوم منها قسطًا من الأجرة فهي إجارات متعددة، انتهى. وتقسيط الأجرة كل سنة كذا أو كل شهر كذا أو كل يوم كذا ليس بشرط. تنبيه: قال القاضي في التعليق: إذا دفع إلى دلال ثوبًا أو دارًا، وقال: بع، فمضى وعرض ذلك على جماعة مشتر، وعرف ذلك صاحب المبيع فامتنع من المبيع وأخذ السلعة ثم باعها هو من ذلك المشتري أو من غيره لم يلزمه أجرة الدلال للبيع؛ لأن الأجرة إنما جعلها في مقابلة العقد وما حصل له ذلك، قال أبو

العباس: الواجب أن يستحق من الأجرة بقدر ما عمل، انتهى. وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله تعالى أعلم. فإذا فسخت أو انفسخت بنحو تقايل المتأجرين من عقد الإجارة أو اختيار شرط، وكذا بظهور عيب في المأجور مبيع للفسخ، إجارة أرض انتهت مدتها ليست الأرض مشاعًا لشريك وبالأرض المؤجرة غراس أو بناء لم يشترط في العقد قلعه بانقضاء المدة أوش رط على رب الأرض بقاء الغراس أو البناء في الأرض بعد انقضاء مدة الإجارة أو لم يشترط قلع ولا بقاء بأن أطلق إذ لا فرق بين شرط البقاء والإطلاق؛ فإن قلعه مالكه فليس لرب الأرض منعه منه؛ لأنه ملكه وإن لم يقلع مالك الغراس والبناء خُيِّرَ مالك الأرض بين أمور ثلاثة، تملُّك الغراس، أو البناء بقيمته وذلك بأن تقوم الأرض مغروسةً أو مبنيةً ثم خاليةً منهما فما بينهما قيمته إن كان ملكه للأرض تامًا فيدفع قيمة الغراس والبناء ويملك مع أرضه؛ لأن الضرر يزول بذلك، الثاني: ترك الغراس أو البناء بأجرة مثله؛ لأن فيه جمعًا بين الحقين وإزالة ضرر المالكين فلا أثر لاشتراط المستأجر تبقية غراسه أو بنائه، الثالث: قلعه جبرًا ويضمن نقص الغراس أو البناء. هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في «المغني» و «الشرح» و «الوجيز» وغيرهم، قال في «التلخيص» : إذا اختار المالك القلع وضمان النقص، فالقلع على المستأجر وليس عليه تسوية الأرض؛ لأن المؤجر دخل على ذلك ولصاحب الشجر أو البناء بيعه لمالك الأرض وغيره؛ لأن ملكه عليه تام فله التصرف فيه كيف شاء فيكون المشتري غير مالك الأرض بمنزلة المستأجر، وكذا لا يمنع الخِيرةَ من أخذ رب الأرض له أو قلعه وضمان نقصه أو تركه بالأجرة، وكذا لو وقف مستأجر ما بناه أو وقف ما غرسه ولو على نحو مسجد كزاوية ومدرسة، فإذا تملكه بقيمته اشترى بالقيمة أو بما أخذه

من أرش القلع ما يكون وقفًا كما لو أتلف الوقف وأخذت قيمته من متلفه وجزم في الفروع أن الآلات والغراس المقلوع باق مقامه ولو أبى المالك القلع، وأبى مستأجر أخذ المالك بالقيمة والترك بالأجرة والقلع باع حاكم من المأجور أرضًا بما فيها من غراس أو بناء ودفع لرب الأرض قيمتها فارغةً وما بقي يدفع للمستأجر وكل منهما بيع ماله منفردًا والحكم فيها كما لو استعار الأرض للغراس، ثم رجع المعير قبل القلع؛ فإن كان شرط القلع بوقت أو رجوع لزم عنده ولو لم يأمره به معيره وإن لم يشترط القلع فللمعير أخذه قهرًا بقيمته أو قلعه جبرًا ويضمن نقصه؛ فإن أبى مُعِيرٌ ذلك ومستعيرٌ الأجرة والقلعَ بيعتْ أرض بما فيها إن رضياه أو أحدهما ويجبر الآخر ودفع لرب الأرض قيمتها فارغةً والباقي للآخر. وحكم إجارة فاسدة فيما تقدم تفصيله من أنها إذا انقضت المدة وفيها غراس أو بناء كحكم إجارة صحيحة من المالك مخير فيها بين أمور ثلاثة كما تقدم. ولو غرس أو بنى مشتر فحكمه حكم العارية فيما بيع منه أي اشتراه اشتراء صحيحًا، ثم فسخ عقد بيع بنحو عيب كغبن وتقايل أو خيار شرط وإن كان البناء الذي بناه المستأجر نحو مسجد ومدرسة وسقاية وقنطرة لزم بقاؤه فلا يهدم ولا يتملك، بل يترك على حاله بأجرته إلى زواله؛ لأنه العرف إذ وَضْعُ هذه للدوام ولا يعاد المسجد ونحوه إذا انهدم بعد انقضاء المدة بغير رضى رب الأرض لزوال حكم الإذن بزوال العقد ولو مات المستأجر معسرًا فلمالك فعل ما مر من تملك البناء بقيمته أو قلعه وضمان نقصه، لئلا يضيع حقه، ولو أعسر المستأجر وعجز عن دفع الأجرة للأرض المبنية مسجدًا لا يلزم المؤجر إبقاء البناء إلى أن يبيد البناء أو يؤسر المستأجر. وقال بعضهم: لو قيل إذا أعسر أو مات معسرًا وكان على نحو مسجد وقفٌ له غَلَةٌ فيؤخذ

من غلته ويدفع إلى رب الأرض أجرته أو إذا لم يكن له وقف فمن بيت المال إن وجد ولا يتملكه أو يقلعه ويضمن نقصه لم يَبْعُد. اهـ. وقال في «الفائق» : قلت: لو كانت الأرض المؤجرة لغرس أو بناء وقفًا وانقضت مدة الإجارة لم يجز أن يتملك غراس ولا بناء لجهة وقف الأرض إلا بشرط واقف للأرض أو رضى مستحق لريع الوقف إن لم يكن شرط؛ لأن نفي دفع قيمته من ريع تفويتًا على المستحق ويأتي إن شاء الله أنه لا يتملك إلا تام الملك هذا مع عدم شرط واقف أو رضى مستحق، قال الشيخ تقي الدين: ليس لأحد أن يقلع غراس المستأجر وزرعه صحيحة كانت الإجارة أو فاسدة لتضمنها الإذن في وضعه في أرض الوقف، بل إذا بقي فعلى مالكه أجرة المثل وإن أبقاه الغراس أو البناء الموقوف بالأجرة فمتى باد بطل الوقف وأخذ الأرض صاحبها فانتفع بها، وقال فيمن احتكر أرضًا بنى فيها مسجدًا أو بناء وقفه عليه حتى فرغت المدة وانهدم البناء: زال حكم الوقف وأخذها أرضهم فانتفعوا بها وما دام البناء قائمًا فيها فعليه أجرة المثل كوقف عُلْوِ رَبْعٍ أو دار مسجدًا؛ فإن وقف علو ذلك فلا يسقط حق ملاك السفل، وكذا وقف البناء لا يسقط حق ملاك الأرض، وذكر في الفنون معناه. قال في «الإنصاف» : وهو الصواب ولا يسع الناس إلا ذلك، وقال في «المنقح» : قلت: بل إذا حصل بالتملك نفع لجهة الوقف بأن يكون تملكه أحظ من قعله وضمان نقصه ومن إبقائه بأجرة مثله كان له تملكه لجهة الوقف؛ لأن فيه مصلحة تعود إلى مستحق الريع أشبه شراء ولي بناء ليتيم. وقد رؤي فيه مصلحة وإن شرط على مستأجر أرض لغرس أو بناء قلعه بانقضاء مدة الإجارة لزمه قلعه وفاء بموجب شرطه وليس على المستأجر تسوية حفر حصلت بالقلع ولا إصلاح أرض لدلالة الشرط على رضى رب الأرض بذلك إلا أن يشرطه رب الأرض

عليه فيلزمه وفاء بالشرط ولا يجب على رب الأرض إذا شرط القلع عند انتهاء المدة للإجارة غرامة نقص حصل القلع؛ لأنهما دخلا على ذلك لرضاهما بالقلع، ولأن رب الأرض أذن له في إشغالها مما ينقص بتفريغ الأرض، فلا يجب عليه ذلك من غير ضمان نقصه كما لو استعار أرضًا للغرس مدة فرجع المعير فيها قبل انقضائها ويخالف الزرع؛ فإنه لا يقتضي التأبيد ولا يلزم رب الأرض غُرْمُ نقصِ قيمةِ الغراس أو البناء إلا بشرط بأن شرط المستأجر على المؤجر أنه متى اختار قلعه يكون عليه غرامة نقصه. أفتى بعض العلماء في إجارة نصيب مشاع من أرض مشتركة بين اثنين أجر أحدهما نصيبه لشريكه فيبني المستأجر أو غيره بعد أن استأجر حصة شريكه ثم انقضت مدة الإجارة فالحكم أن المؤجر أخذ قدر حة نصيبه في تلك الأرض من غرس وبناء؛ فإن كان يملك نصف الأرض أخذ نصف الغراس أو البناء بنصف قيمته أو الربع أخذ ربعهما بربع القيمة وهكذا، وليس للمؤجر أن يلزم المستأجر بالقلع ولو ضمن له نقص نصيبه لاستلزامه قلع ما لا يجوز قلعه لعدم تمييز ما يخص نصيبه من الأرض من الغراس والبناء والضرر لا يزال بالضرر وإذا انقضت مدة الإجارة أو استوفي العمل من العين المؤجرة رفع مستأجر يده عن العين المؤجرة. ولو شرط مؤجر على مستأجر الضمان، فالإجارة صحيحة والشرط فاسد؛ لأن ما لا يضمن بدون شرط لا يصير بالشرط مضمونًا لكن متى طلبها ربها وجب تمكينه منها؛ فإن منعه لغير عذر صارت مضمونة كالمغصوبة ونماؤها كالأصل. فلو استأجر دابة فولدت عنده كان ولدها أمانة كأمِّه وليس له الانتفاع به؛ لأنه غير داخل في العقد وعكسه إذا شرط المستأجر على

المؤجر عدم الضمان للمؤجرة بتعديه عليها أو تفريطه لمنافاة هذه الشروط مقتضى العقد؛ فإن شرط مؤجر على مستأجر أن لا يسير بالدابة ليلًا أو شرط أن لا يسير بها وقت قائلة أو شرط أن لا ينزل بمناعه بطن واد أو شرط أن لا يتأخر بالدابة أو لا يتقدَّم القافلة وكشرطه أن لا يسير إلا مع رفقة وشبهه مما للمؤجر فيه غرض وجب العمل بالشرط؛ فإن خالف شيئًا مما شرط عليه بلا عذر فتلفت ضمن لتعديه بمخالفة الشرط كما لو شرط عليه أن لا يحمل الدابة إلا مائة صاع فحملها أكثر أو أن لا يحملها مائة رزنة فحملها أكثر، وحكم الإجارة الفاسدة حكم الصحيحة في أنه لا يضمن إذا تلفت العين من غير تفريط ولا تعد؛ لأنه عقد لا يقتضي الضمان في صحيحه فلا يقتضيه فاسدة كالوكالة، وحكم كل عقد فاسد في وجوب الضمان وعدمه حكم صحيحه فما وجب في صحيحه وجب في فاسده وما لا فلا، وللمستأجر إيداع الدابة المؤجرة بخان إذا قدم بلدًا في طريقه أو كان غرض فيه ومضى في حاجته؛ لأنه مأذون فيه عرفًا ولو لم يستأذن مالكًا في إيداعها؛ لأن الخان معد لحفظ الدواب وغيرها فلا يكون المودع مفرطًا فيه كما لا يلزم المستأجر إستئذان مالك لغسل ثوب مستأجر (بفتح الجيم) إذا اتسخ أو تنجس؛ لأنه العرف ولمؤجر مُشترطٍ على مُستأجِر عدَم سفر بعين مؤجرة الفسخ بسفره بها لمخالفته الشرط. ومن استأجر عبدًا للخدمة وأراد السفر سافر بالعبد في العقْد المطلق وهو الذي لم يذكر فيه عدم السفر وإن شرط ترك المسافرة به لزم الشرط وليس لسيدٍ سفر برقيقه إذ أجره ولا تقبل دعوى مستأجر الرد للعين المؤجرة إلى مالكها إذا أنكره بلا بينة كالمرتهن والمستعير والمضارب وكل من قبل العين لِحَظِّ نفسه كمرتهن وأجير ومشتر وبائع وغاصبٍ وملتقطٍ ومقترضٍ ومضاربٍ وادَّعى قابض الرد لشيء من ذلك إلى المالك فأنكر المالك الرد لم يُقبَلْ

قول قابض بلا بينة تشهد له بالرد، وكذا وديعٌ بجعل ووكيلٌ بجعل ووصيٌ ودلاَّل وناظرُ وقف وعامل خراج فلا يقبل قول واحد منهم إذا كان غير متبرع إلا ببينة بخلاف عامل زكاة؛ فإنه يُقبل قوله بيمينه في أنه ردها أو فرقها وسواء كان بجعل أو بدون جُعل؛ لأن الزكاةَ عبادةٌ وهو مؤتمن عليها كما يقبل قول مالك أنه فرقها قبل مجيء العامل؛ وأما دعوى التلف فتقبلُ من كل شخصٍ أمينٍ بيمين ما لم يكن التلفُ بأمرٍ ظاهر كحريق وغريق ونهب، فلابد من إقامة البينة عليه؛ لأن مثل ذلك لا يخفى غالبًا، وإذا اكترى بدراهمَ وأعطاه عنها دنانيرَ ثم انفسخ العقد رجع المستأجر بالدراهم، قال في «الإنصاف» : ولا أعلم فيه خلافًا، وجزم في «المغني» و «الشرح» و «الرعايتين» و «الحاوي الصغير» و «الفائق» وغيرهم؛ لأن العقد إذا انفسخ رجع كل من المتعاقدين في العوض الذي بذله وعوض العقد هو الدراهم والمؤجرُ أخذَ الدنانيرَ بعقدٍ آخر ولم ينفسخ أشبه ما إذا قبض الدراهم ثم صرفها بدنانير. والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم. من النظم فيما يتعلق بتملك نفع العين المؤجرة والأجرة ويملكُ نفعَ العَينِ مُسْتَأجرٌ لها وتُملكُ مِنهُ أجْرَةٌ وقْتَ مَعْقدِ بأجْمَعِهَا إنْ لم تؤجل والنَّسَا على عَمَلٍ في الذمةِ امْنَعْ بأجود بتَسْلِيم عينٍ قَبْضُها تَسْتحِقُّهُ أو العمل الموصوف مِن غير مُبْعَدِ فإن يمضِ مِيقاتُ الكِرى بَعْدَ بذلِهَا وقَبْض الذي في ذمةٍ تتَأطّد

وفي صُبْرةٍ مَجهول القدر أجرةٌ لِتَعْريضِهِ للفسخِ وجْهَين أسْنِدِ ومُسْتَأجرٌ شَخْصًا لِيُوصِل كتْبَه إلى صَاحبٍ إن لم يجدْه ليَمْدُد بأجْرةِ إرسالٍ وَرَدٍّ لأنَّهُ لِحَاجَتِهِ أضْحَى يَرُوْحُ ويَغْتَدِي ومُلْقٍ إلى الخياط ثوبًا فَخاطَهُ وثوبًا إلى القصارِ غَيْرَ مُحَدَّدِ لأجْرٍ بأجْرِ المِثلِ فاحْكُمْ وهكذا لأجْرٍ مُنَادٍ أو سَفِينَةِ مُزبِد وإن ينوِ غَرسًا أو بناءً وقَد مَضًى زمَانُ الكِرى لم يَشْتَرِط قَلعَه امهدِ لمؤجِرِهَا بالأجْرَةِ الأخْذُ والبَقَا بأجْرٍ وقَلْعٍ ضامنًا نقصَ مُفْسِدِ وقيمتُه ما بَينَ قيمة أرضِهِ وفيها البناء والغَرْس والخلوة اشهدِ وللمالكين القلعُ مَعْ طَمِّ إثره وما شَرَطَا يَلْزَمْ بغَيْرِ تَقَيُّدِ وإن يَبْقَ مِن تفريطه الزرعُ إن تَشَاء بقيمتِهِ خُذْ أو بأجْر مُخَلَّدِ وإن لم يُفَرط بالمُسَمَّى فأبقِه إنْ يَشَا ربُه مَعْ أجرِ مثلِ المُزَيَّدِ

باب المسابقة والمناضلة

وإن شاء رَبُّ الزرعِ والغرس أخْذُهُ بلا ضَررٍ في الحالِ مَكِّنْه واسْعِدِ وفيما قُبِضْ في فَاسِدٍ مُدّةً وَلو بلا نفع أجْرِ المِثلِ في المتأكِّدِ وبالفضة أن يُؤْجِرْ ويَأخُذُ عِدْلَها دَنَانِيرَ عِندَ الفَسْخِ لِلْفضَّةِ ارْدُدِ 66- باب المسابقة والمناضلة س66: ما هي المسابقة؟ وما هي المناضلة؟ وما هو السبق؟ وما الذي تجوز فيه المسابقة؟ والذي لا تجوز به؟ وما الذي يكره من الألعاب؟ وما الذي يجوز؟ وما الذي يستحب اللعب به؟ وما الذي ليس من اللهو المحرم؟ وما حكم ترك الرمي لمن تعلم؟ وما الدليل على ذلك؟ وما حكم المصارعة واللعب بالنرد والشطرنج؟ وما حكم النطاح بين الحيوان كالكباش والديكة ونحوها؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: المسابقة من السبق، وهو بلوغ الغاية قبل غيره، وهي المجارات بين حيوان ونحوه كرماح ومجانيق وسفن، وكذا السباق والمناضلة من النضل، يقل: ناضله مناضلة ونضالًا ونيضالًا، وهي المسابقة بالرمي بالسهام سميت بذلك؛ لأن السهم التام يُسمَّى نضلًا فالرامي به عمل بالنضل والسبق بفتح الباء هذا الأمر أي سبق الناس إليه وهو سباق غايات أي جائز قصبات السبق. قال الشماخ: يمدح عرابة الأوسي: في بيت مأثرة عزا ومكرمة ... سباق غايات مجد وابن سَبَّاقِ

وتجوز المسابقة بلا عوض في سُفن ومزاريقَ وهي الرماح، وبين سائر الحيوانات من إبلٍ وخيلٍ وسهام وبغال وحمير وفيلة وطير ورمي أحجار بيد ومقاليع وعلى الأقدام. أما دليل مسابقته - صلى الله عليه وسلم - على الأقدام فورد عنه - صلى الله عليه وسلم - في «مسند الإمام أحمد» و «سنن أبي داود» من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: سابقني النبي - صلى الله عليه وسلم - فسبقته فلبثنا حتى إذا أرهقني اللحم سابقني فَسَبَقني، فقال: «هذه بتلك» ، وفي رواية أخرى أنهم كانوا في سفر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: «تقدموا» ، تفقدموا، ثم قال: «سابقيني» فسبقتهُ ثم سابقني وسَبَقني، فقال: «هذه بتلك» . وتسابق الصحابة - رضي الله عنهم - على الأقدام بين يديه - صلى الله عليه وسلم - بغير رهان. وفي «صحيح مسلم» عن سلمة بن الأكوع قال بينما نحن نسير وكان رجل من الأنصار لا يسبق أبدًا فجعل يقول: ألا مسابق إلى المدينة هل من مسابق؟ فقلت: أما تكرم كريمًا وتهاب شريفًا؟ قال: لا إلا أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي ذرني أسابق الرجل، فقال: «إن شِئتَ» ، فسَبْقُته إلى المدينة، وورد «أن ركانة صارعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فصرعه النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه أبو داود، وفي «الصحيح» من حديث ابن عمر قال: سابق النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الخيل فأرسلت التي ضُمِّرت منها وأمدها الحفياء إلى ثنية الوداع والتي لم تُضمَّر أمدها ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق، وفي «الصحيحين» : عن موسى بن عقبة أن بين الحفياء إلى ثنية الوداع ستة أميال أو سبعة أميال، وقال البخاري: قال سفيان: من الحفياء إلى ثنية الوداع خمسة أميال أو ستة، ومن ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق ميل. وفي «مسند أحمد» من حديث عبد الله بن عمر أيضًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سبَق بين الخيل وراهن، وفي لفظ: له سبّق بين الخيل وأعطى السابق. وفي «المسند» أيضًا من حديث أنس أنه قيل له: تراهنون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أكان رسول الله يراهن؟ قال: نعم، والله لقد راهن

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فرس له يقال له سبحة، فسبق الناس فبشَّ لذلك وأعجبه. وفي «سنن أبي داود» عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سَبَّقَ بين الخيل وفضل القرح في «الغاية» وأما مسابقته بين الإبل، ففي «صحيح البخاري» تعليقًا عن أنس بن مالك قال: كانت العضباء لا تسبق، فجاء أعرابي على قعود له فسابقها فسبقها الأعرابي، وكأن ذلك شَقَّ على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: حقُّ على الله أن لا يرتفعَ شيء إلا وضعه. وفي «صحيحه» أيضًا عن حميد عن أنس بهذه القصة، وقال: «إن حقًا على الله عز وجل أن يرفع شيئًا من الدنيا إلا وضعه» ؛ وأما تناضل أصحابه بالرمي بحضرته، ففي «صحيح البخاري» عن سلمة بن الأكوع قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفر من أسلم يناضلون بالسوق، فقال: «ارموا بني إسماعيل؛ فإن أباكم كان راميًا ارموا وأنا مع بني فلان» ، قال: فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما لكم لا ترمون؟» فقالوا: كيف نرمي وأنت معهم، فقال: «ارموا وأنا معكم كلكم» ؛ وأما مراهنة الصديق للمشركين بعمله وإذنه فروى الترمذي في «جامعه» من حديث سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم؛ لأنهم وإياهم أهل أوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس؛ لأنهم أهل كتاب فذكروه لأبي بكر الصديق رضي الله عنه فذكره أبو بكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «أما إنهم سيغلبون فذكروه لهم، فقالوا: اجعلوا بيننا وبينك أجلًا فإن ظهرنا كان لنا كذا وكذا، وإن ظهرتم كان لكم كذا وكذا، فجعلوا أجل خمس سنين فلم يظهروا فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «ألا جعلت إلى دون العشر» » . قال سعيد: والبضع ما دون العشر، قال: ثم ظهرت الروم بعد، قال: فذاك قوله: {الم *

غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لله الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ} ، قال سفيان: سمعت أنهم ظهروا عليهم، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وكره رقص ومجالس شعر وكل ما يسمى لعبًا ذكره في «الوسيلة» لحديث عقبة ويأتي إلا ما كان مُعينًا على قتال عدو لما تقدم فيكره لعبه بأرجوحة ونحوها، وكذا مراماة الأحجار ونحوه وهي أن يرمي كل واحد الحجر إلى صاحبه، قال الشيخ تقي الدين –رحمه الله-: يجوز ما قد يكون فيه منفعة بلا مضرة، قال في «الفروع» : وظاهر كلامه -أي الشيخ تقي الدين- لا يجوز اللعب المعروف بالطاب والنقيلة، وقال أيضًا: كل فعل أفضى إلى محرم كثيرًا حرمه الشارع إذا لم يكن فيه مصلحة راجحة؛ لأنه يكون سببًا للفساد والشر، وقال أيضًا: كل ما ألهى وشغل عما أمر الله به فهو منهي عنه وإن لم يحرم جنسه كبيع وتجارة ونحوها، قلتُ: ومَن عَلِم ما يَنْشَأ عن الكرةِ من ضياع صلاةٍ وضياع أوقاتٍ، وكلام فاحش مِن لعنٍ وقذفٍ وانكشاف عورة وأضرار بدنية، وقيل وقال، ونسيان لذكر الله لم يشك في تحريم لعبها الذي ينشأ عنه ذلك أو بعضه من البالغين العاقلين، وليس من اللهو المحرم تأديبه فرسه وملاعبة أهله ورميه بقوسه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل لهو يلهو به الرجل فهو باطل إلا رميه بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته امرأته، فإنهن من الحق» ، وحديث جابر رواه النسائي والطبراني في «الأوسط» و «الكبير» والبزار من حديث عطاء بن أبي رباح قال: «رأيت جابر بن عبد الله وجابر بن عبيد الله الأنصاري يرتميان فمَدَّ أحدهما، فجلس، فقال له الآخر: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كل شيء ليس ن ذكر الله عز وجل فهو لهو أو سهو إلا أربع خصال: مشي الرجل بين الغرضين –أي الهدفين-، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعليم السباحة» » قال

الهيثمي: ورجال الطبراني رجال الصحيح خلا عبد الواهب بن بخت وهو تقية. ويستحب لعب بآلة حرب، قال جماعة وثقاف، وهو ما تسوى به الرماح وتثقيفها وسقيتها؛ لأنه يعين على قتال العدو ويتعلم بسيف خشب أو باغة لا حديد؛ لما ورد من النهي والوعيد على من أشار إلى أخيه بحديدة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح؛ فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده، فيقع في حفرة من النار» رواه البخاري ومسلم، وعنه - رضي الله عنه - قال: قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: «من أشار إلى أخيه بحديدة؛ فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي وإن كان أخاه لأبيه وأمه» رواه مسلم. وكره شديدًا لمن علم الرمي أن يتركه لما في «الصحيح» عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ارموا واركبوا وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا، ومن تعلم الرمي ثم نسيه فليس منا» ، وكان خلفاؤه - صلى الله عليه وسلم - يسبقون بين الخيل وقرأ على المنبر: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} ثم قال: «ألا إن القوة الرمي!! ألا إن القوة الرمي!! ألا إن القوة الرمي!!» ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ومن علم الرمي ثم تركه فهي نعمة كفرها» قال العلقمي: وردت طرق صحيحة بألفاظ مختلفة، والمعنى واحد، وسبب هذه الكراهة أن من تعلم الرمي حصلت له أهلية الدفاع عن دينه ونكاية العدو وتأهل لوظيفة الجهاد؛ فإن تركه فقد فرط في القيام بما يتعين عليه، وتجوز المصارعة؛ للحديث المتقدم أول الجواب من أنه - صلى الله عليه وسلم - صارع ركانة، ويجوز رمي الأحجار؛ لأنه في معنى المصارعة ويحرم اللعب بالنرد لما قد ثبت في «صحيح مسلم» عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه» ، وفي «الموطأ» و «السنن» من حديث أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من لعب بالنرد فقد

عصى الله ورسوله» . وعن عبد الرحمن الخطمي قال: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مثل الذي يلعب بالنرد، ثم يقوم فصلى، مثل الذي يتوضأ بالقيح ودم الخنزير ثم يقوم فيصلي» رواه أحمد. وعن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لعب بالكعاب فقد عصى الله ورسوله» رواه أحمد. ويحرم اللعب بالشطرنج لا بعوض ولا بغيره، وهي بالعوض أشد تحريمًا، فإذا اشتمل اللعب بالشطرنج على عوض أو تضمن ترك واجب مثل تأخير الصلاة عن وقتها أو تضييع واجباتها أو ترك ما يجب من مصالح العيال وغير ذلك مما هو واجب على المسلمين؛ فإنه حرام بإجماع المسلمين، وكذلك إذا تضمن كذبًا أو ظلمًا أو غير ذلك من المحرمات؛ فإنه حرام أيضًا، وإذا خلا عن ذلك فجمهور العلماء على تحريمه كمالك وأبي حنيفة وأصحابه وكثير من أصحاب الشافعي. وروى البيهقي بإسناده عن علي أن مر على قوم يلعبون بالشطرنج، فقال: «ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟ لأن يمس أحدكم جمرًا حتى يطفئ خير من أن يمسها» ، وعن علي قال: «صاحب الشطرنج أكذب الناس يقول أحدهم قتلت، وما قتل» ، قال ابن عبد: أجمع مالك وأصحابه على أنه لا يجوز اللعب بالشطرنج، وقالوا: لا تجوز شهادة المدمن المواظب على لعب الشطرنج، وقال يحيى: سمعت مالكًا يقول: لا خير في الشطرنج، وتلا هذه الآية: {فَمَاذَا بَعْدَ الحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ} . وعن مالك قال: بلغنا أن ابن عباس ولي مال يتيم فوجدها فيه فأحرقها، وعن ابن عمر: أنه سُئل عن الشطرنج، فقال: شر من النرد؛ فإن ما في النرد من الصد عن ذكر الله وعن الصلاة، ومن إيقاع العداوة والبغضاء في الشطرنج أكثر بلا ريب، وهي تفعل في النفوس فعل حميًا الكوؤس فتصد عقولهم وقلوبهم عن ذكر الله وعن الصلاة أكثر مما يفعله بهم كثير من أنواع الخمر والحشيشة وقليلها يدعو إلى كثيرها؛

فإن الملاعب بها يستغرق قلبه وعقله وفكره فيما يعمله خصمه وما يريد أن يفعله هو وفي لوازم ذلك ولوازم لوازمه حتى إنه لا يحس بجوعه ولا عطشه ولا ممن يحضر عنده، ولا ممن يسلم عليه ولا بحال أهله ولا بغير ذلك من ضرورات نفسه وماله فضلًا عن أن يذكر الله تعالى والصلاة، وهذا كما يحصل لشارب الخمر، بل كثير من الشراب يكون أصحى من عقل كثير من أصحاب الشطرنج والنرد واللاعب لا تنقضي نهمته منها وتبقى آثارها في النفس بعد انقضائها أكثر من آثار شارب الخمر حتى تعرض له في الصلاة والمرض وعند ركوب الدابة، بل عند الموت وأمثال ذلك من الآثار التي يطلب فيها ذكره لربه وتوجهه إليه يعرض له تماثيلها فصدُّها عن ذكر الله قد يكون أعظم من صد الخمر وإفسادها للقلوب أعظم من إفساد النرد؛ ولكن النرد كان معروفًا عند العرب والشطرنج لم يعرف إلا بعد أن فتحوا البلاد؛ فإن أصله من الهند وانتقل منهم إلى الفرس؛ ولهذا جاء ذكر النرد وإلا فالشطرنج شر من النرد إذا استويا في العوض أو عدمه. ولا يحل اللعب بأم الخطوط ولا الكيرم ولا المدافن إذا كانت بعوض أو أشغلت عن ذكر الله أو عن الصلاة ولو كانت بلا عوض، ومما يحرم ويدخل في المخاطرة والقمار ما يسمى بالتأمين، وهو عقد بين طرفين أحدهما مؤمن والآخر مؤمَّن يلتزم فيه المؤمن أن يؤدي إلى المؤمن مبلغًا من المال أو شيئًا مرتبًا عندما يحصل ضرر أو حادث، وذلك في مقابل قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن إلى المؤمن، وفي الغالب أن الذي يقوم بالتأمين شركات مساهمة كبيرة يتعامل معها أناس كثيرون ويكون لهم وكلاء، ومما يوضح خطر التأمين وضرره أنه لو دفع إنسان إلى الشركة التي تقوم بالتأمين مثلًا ستة آلاف (6000) لتأمين بضاعته التي ثمنها ثلاث مائة ألف (300000) أو لتأمين مستودعه الذي فيه من المال نحو ذلك؛ فإن عُدِمَ المال كله، فالذي

يأخذه من المؤمِّن أي من الشركة زائدًا على الستة الآلاف أليس بدون مقابل، فيكون أكلًا للمال بالباطل، وقد نهى الله عنه بقوله: {وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ} ، وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمرة حتى تزهي، قالوا: وما تزهي؟ قال: «تحمر» ، وقال: «إذا منع الله الثمرة فبم تستحل مال أخيك» أخرجاه. وأيضًا فيه من الغرر ومن الجهالة ما لا يخفى، وذلك أننا لا ندري ماذا يحصل على الشركة أو التجارة أو السيارة أو نحوها التي دفع القسط لتأمينها، وقد وردت أحاديث أيضًا في النهي عن الغرر من ذلك حديث أبي سعيد: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المنابذة» وهي طرح الرجل ثوبه بالبيع إلى الرجل قبل أن يقلبه أو ينظر إليه، و «نهى عن الملامسة» ، والملامسة: لمس الرجل الثوب لا ينظر إليه، ونهى - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر، وقال: «لا تشتروا السمك في الماء؛ فإنه غرر» ، ونهى عن بيع حبل الحبلة، ونهى عن ضربة الغائص وهو ما سيخرجه الغواص، ونهى عن شراء الصدقات حتى تقبض، ونهى عن بيع المغانم حتى تقسم، ونهى عن بيع المضامين وهي ما ينتج من أصلاف فحول الإبل الأصيلة من أولاد، ونهى عن بيع الملاقيح وهي ما ستنتجه إناث الإبل الأصيلة من نتاج، وقال العلماء: ولا يجوز بيع الآبق ولا الشارد ولا الطير في الهواء؛ لأنه تردد بين الحصول وعدمه وكل هذه النواهي تدل على المقصود على أنه من جهة أخرى داخل في القرض الذي يجر نفعًا، وأيضًا: فالشركة ما تسلم من التعامل بالربا فيكون الدافع لها أي المؤمن قد أعان على ذلك والله تعالى يقول: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ، ويقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} . وقال ابن القيم –رحمه الله في كتاب «الفروسية» : المغالبات ثلاثة أقسام

محبوب مرضي لله ورسوله معين على تحصيل محابه كالسباق بالخيل والإبل والرمي بالنشاب، وقسم مبغوض مسخوط لله ورسوله موصل إلى ما يكرهه الله ورسوله كسائر المغالبات التي توقع العداوة والبغضاء وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة كالنرد والشطرنج وما أشبههما، وقسم ليس بمحبوب لله ولا مسخوط له بل هو مباح لعدم المضرة الراجحة كالسباق على الأقدام والسباحة وشيل الأحجار والصراع ونحو ذلك. فالنوع الأول يشرع مفردًا عن الرهن، ويشرع فيه كل ما كان ادعى إلى تحصيله فيشرع فيه بذل الرهن من هذا وحده ومنهما معًا ومن الأجنبي وأكل المال، بل أكل بحق ليس أكلًا بباطل وليس من القمار والميسر في شيء. والنوع الثاني محرم وحده ومع الرهان وأكل المال به ميسر وقمار كيف كان سواء كان من أحدهما أو كليهما أو من ثالث وهذا باتفاق المسلمين؛ فما إن خلا عن الرهان فهو حرام عند الجمهور نردًا كان أو شطرنجًا هذا قول مالك وأصحابه وأبي حنيفة وأصحابه وأحمد وأصحابه وقول جمهور التابعين ولا يحفظ عن صحابي حله. قال: وتحرير المسألة وفقهها أن الله سبحانه لمَّا حرم الميسر هل هو لأجل ما فيه من المخاطر المتضمنة لأكل المال بالباطل فعلى هذا إذا خلا عن العوض لم يكن حرامًا؛ ولكن هذا القول خلاف النص والقياس كما سنذكره أو حرمه لما يشتمل عليه في نفسه من المفسدة وإن خلا عن العوض فتحريمه من جنس تحريم الخمر؛ فإنه يوقع العداوة والبغضاء ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة وأكل المال فيه عون وذريعة إلى الإقبال عليه واشتغال النفوس به؛ فإن الداعي حينئذ يقوي من وجهين من جهة المغالبة ومن جهة أكل المال فيكون حرامًا من الوجهين، وهذا المأخذ أصح نصًا وقياسًا وأصول الشريعة وتصرفاتها تشهد له بالاعتبار؛ فإن الله سبحانه وتعالى قال في

كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا البَلاغُ المُبِينُ} فقرن الميسر بالأنصاب والأزلام والخمر، وأخبر أن الأربعة رجس وأنها من عمل الشيطان، ثم أمر باجتنابها، ثم نبه على وجوه المفسدة المقتضية للتحريم فيها وهي ما يوقعه الشيطان بين أهلها من العداوة والبغضاء ومن الصد عن ذكر الله وعن الصلاة وكل أحد يعلم أن هذه المفاسد ناشئة من نفس العمل لا من مجرد أكل المال به. وقال -رحمه الله-: وإذا تأملت أصول هذه المغالبات رأيتها في ذلك كالخمر قليلها يدعو إلى كثيرها وكثيرها يصد عن ما يحبه الله ورسوله ويوقع فيما يبغض الله ورسوله فلو لم يكن في تحريمها نص لكانت أصول الشريعة وقواعدها وما اشتملت عليه من الحكم والمصالح وعدم الفرق بين المتماثلين توجب تحريم ذلك، والنهي عنه فكيف والنصوص قد دلت على تحريمه، فقد اتفق على تحريم ذلك النص والقياس، وقد سمى علي بن أبي طالب الشطرنج تماثيل فمر بقوم يلعبون بها، فقال: «ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؟» وقلب الرقعة عليهم ولا يعلم أحد من الصحابة أحلها ولا لعب بها وقد أعاذهم الله من ذلك، انتهى كلامه -رحمه الله-. ولا يباح بعوض ولا بغير عوض نطاح كباش ولا نقار ديوك أو دجاج أو حمام وهو بالعوض أشد، ولا يباح مهارشة بين الكلاب أو نحوها ولا تجوز مسابقة بعوض مالي مطلبًا سواء كانت مباحة أو لا إلا في خيل وإبل وسهام؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر» واختصت هذه الثلاثة في أخذ العوض فيها؛ لأنها من آلات الحرب المأمور بتعليمها

س67: تكلم بوضوح عن شروط المسابقة، واذكر ما لا يشترط لذلك وبين خيل الحلبة مرتبة، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو محتزر أو تفصيل أو ترجيح.

وأحكامها، وذكر ابن عبد البر: تحريم الرهان في غير الثلاثة إجماعًا وإنما اختصت الرجال دون النساء؛ لأن النساء لسْنَ مأمورات بالجهاد. 67- شروط المسابقة س67: تكلم بوضوح عن شروط المسابقة، واذكر ما لا يشترط لذلك وبين خيل الحلبة مرتبة، واذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو محتزر أو تفصيل أو ترجيح. ج: شروطها خمسة: أولًا: تعيين المركوبين في المسابقة برؤية سواء كانا إثنين أو جماعتين وتساويهما في إبتداء العدو وانتهائه وتعيين الرماة في المناضلة برؤية سواء كانا اثنين أو جماعتين؛ لأن المقصود في المسابقة معرفة سرعة عدو المركبين اللذين يسابق عليهما، وفي المناضلة معرفة حذق الرماة ولا يحصل ذلك إلا بالتعيين بالرؤية؛ لأن المقصود معرفة عدو مركوب بعينه ومعرفة حذق رام بعينه لا معرفة عدو مركوب في الجملة أو حذق رام في الجملة، فلو عقد اثنان مسابقة على خيل غير معينة أو مناضلة ومع كل منهما نفر غير متعين لم يجز وإن بان بعض الحزب كثير الإصابة أو عكسه فادعى أحدهما ظن خلافه لم يقبل، ولا يشترط تعيين الراكبين ولا القوسين ولا السهام؛ لأن الغرض معرفة عدو الفرس وحذق الرامي دون الراكب والقوس والسهام؛ لأنها آلة المقصود فلا يشترط تعيينها كالسرج ولو عينها لم تتعين وكل ما يتعين لا يجوز أبدًا له كالمتعين في البيع وما لا يتعين يجوز إبداله لعذر أو لغير عذر؛ فإن شرط أن لا يرمي بغير هذا القوس أو بغير هذا السهم لمنافاته لمقتضى العقد فهو كما لو شرط إصابة بإصابتين. الشرط الثاني: إتحاد المركوبين بالنوع بالمسابقة، أو إتحاد القوسين

بالنوع في المناضلة؛ لأن التفاوت بين النوعين معلوم بحكم العادة أشبها الجنسين، فلا يصح السباق بين فرس عربي وفرس هجين ولا بين قوس عربي وفارسي؛ فإن سابق بين فرس وبعير أو فرس وبغل لم يجز؛ لأنه لا يجري البغل في شوط الفرس، كما قال الشاعر: إن المذرع لا تغني خؤولته ... كالبغل يعجز عن شوط المحاضير والمذرع: هو الذي أمه أشرف من أبيه. قال الفرزدق: إذا باهلي عنده حنضلية ... له ولد منها فذاك المذرع وقيل: بالجواز، وهو الذي تميل إليه النفس والله أعلم. ولا يكره رمي بالقوس الفارسي وما رواه ابن ماجه والأثرم «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى مع رجل قوسًا فارسية، فقال: «ألقها فإنها ملعونة؛ ولكن عليكم بالقسي العربية وبرماح القنا فبها يؤيد الله هذا الدين وبها يمكن الله لكم في الأرض» » فيحتمل أنه لعنها لحمل العجم لها في ذلك العصر قبل أن يسلموا ومنع العرب من حملها لعدم معرفتهم لها؛ ولهذا أمر برماح القنا، ولو حمل إنسان رمحًا غيرها لم يكن مذمومًا، ومما يستدل به على القسي الفارسية قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} لدخوله في عموم الآية ولانعقاد الإجماع على الرمي بها وإباحة حملها؛ فإن ذلك جار في أكثر الأعصر وهي التي يحصل بها الجهاد في العصر الماضي القريب والبعيد قبل خروج الآلات الحربية الحديثة. الشرط الثالث: تحديد المسافة مبدأ وغاية بأن يكون لابتداء عدوهما وآخره غاية لا يختلفان فيه؛ لأن الغرض معرفة الأسبق ولا يحصل إلا بتساويهما في الغاية؛ لأن من الحيوان ما يقصر في أول عدوه ويسرع في آخره وبالعكس فيحتاج إلى غاية تجمع حاليه ومن الخيل ما هو أصبر

والقارح أصبر من غيره، وروى ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سبق بين الخيل وفضل القرح في الغاية» رواه أبو داود؛ فإن استبقا بلا غاية لينظر أيهما يقف أولًا لم يجز؛ لأنه يؤدي إلى أن لا يقف أحدهما حتى ينقطع فرسه ويتعذر الإشهاد على السبق فيه؛ ولذلك يشترط معرفة مدى الرمي إما بالمشاهدة أو بالذرعان، نحو مائة ذراع أو مائتي ذراع؛ لأن الإصابة به تختلف بالقرب والبعد ويجوز ما يتفقان عليه إلا أن يجعلا مسافة بعيدة تتعذر الإصابة في مثلها غالبًا؛ لأن الغرض يفوت بذلك، وقد قيل ما رمى في أربعمائة ذراع إلا عقبة بن عامر الجهني - رضي الله عنه - كما لا يصح تناضلهما على أن السبق لأبعدهما رميًا لعدم تحديد الغاية. الشرط الرابع: علم عوض؛ لأنه مال في عقد فوجب العلم به كسائر العقود ويعلم إما المشاهدة أو بالوصف أو بالقدر إذا كان بالبلد نقد واحد أو أغلب وإلا لم يكف ذكر القدر بل لابد من وصفه، وأن يكون العوض مباحًا وبذل العوض تمليك بشرط سبقه، قال في «شرح الإقناع» : قلت في كلامهم أنه جعالة فليس من قبيل التمليك المعلق على شرط محض، ويجوز طول العوض وتأجيله كله أو بعضه، فلو قال: إن فضلتني فلك دينار حال وقفيز حنطة بعد شهر جاز؛ لأن ما جاز أن يكون حال ومؤجلًا جاز أن يكون بعضه حالًا وبعضه مؤجلًا كالبيع غير أنه يحتاج إلى صفة الحنطة بما تعلم به كالسلم. الشرط الخامس: الخروج بالعوض عن شبه القمار؛ لأن القمار محرم وهو بكسر القاف مصدر قامره فقمره إذا راهنه فغلبه، وفي حديث أبي هريرة: «من قال لأخيه تعال أقامرك فليتصدق» بأن لا يخرج جميهم العوض؛ لأنه إذا أخرجه كل منهم فهو قمار؛ لأنه لا يخلو إما أن يغنم أو يغرم، ومن لم يخرج بقي سالمًا من الغرم، وقيل: يجوز ولو كان المتسابقان كل منهما مخرج

للعوض، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه أعلم. فإن كان الجعل من الإمام من ماله أو من بيت المال على أن من سبق فهو له جاز؛ لأن فيه مصلحة وحثًا على تعليم الجهاد ونفعًا للمسلمين ونص على أن الإخراج من بيت المال مختص بالإمام لتوليه الولاية أو كان الجعل من غير الإمام على أن من سبق فهو له جاز لما فيه من المصلحة والقربة اثنين فأكثر منهم إذا كثروا وثم من لم يخرج على أن من سبق أخذه جاز؛ لأنه إذا جاز بذله من غيرهم فأولى أن يجوز من بعضهم؛ فإن جاء المتسابقان منتهى الغاية معًا فلا شيء لهما من الجعل؛ لأنه لم يسبق أحدهما الآخر وإن سبق فخرج العوض من المتسابقين أحرزه ولم يأخذ من صاحبه شيئًا؛ لأنه إن أخذه منه شيئًا كان قمارًا وإن سبق الآخر الذي لم يخرج أحرز سبق صاحبه فملكه وكان كسائر ماله؛ لأنه عوض في الجعالة فملك فيها كالعوض المجعول في رد الضالة؛ فإن كان العوض في الذمة فهو دين يقضي به عليه إن كان موسرًا وإن أفلس ضرب به مع الغرماء وإن أخرج المتسابقان معًا لم يجز تساويًا أو تفاضلًا؛ لأنه قمار إذ لا يخلو كل منهما عن أن يغنم أو يغرم إلا بمحل لا يخرج شيئًا لما روى أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدخل فرسًا بين فرسين وهو آمن أن يسبق فهو قمار» رواه أبو داود، فجعله قمارًا إذا أمن السبق؛ لأنه لا يخلو كل واحد منهما أن يغنم أو يغرم وإذا لم يأمن أن يسبق لم يكن قمارًا؛ لأن كل واحد منهما يجوز أن يخلو من ذلك، ولا يجوز كون محلل أكثر من واحد لدفع الحاجة به. ويشترط في المحلل أن يكون يكافيء مركوبيهما في المسابقة أو يكافئ رميه رميهما في المناضلة للخبر السابق.

ولا يشترط تساوي ما أخرجاه من العوض؛ فإن سبقا المخرجان المحلل أحرزا سبقيهما أي أحرز كل منهما ما أخرجه؛ لأنه لا سابق منهما ولا شيء للمحلل؛ لأنه لم يسبق واحد منهما ولم يأخذا منه أي المحلل شيئًا؛ لأنه لم يشترط عليه شيء لمن سبقه وإن سبق المحلل المخرجين أحرز السبقين الشرط، وإن سبق المحلل وأحد المخرجين معًا بأن جاء أحدهما والمحلل جميعًا فقد أحرز السابق منهما مال نفسه ويكون سبق مسبوق بينما أي السابق والمحلل نصفين؛ لأنهما قد اشتركا في السبق فوجب أن يشتركا في عوضه. وقيل: إنه لا يشترط محلل؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - رخص في المسابقة وأخذ السبق في هذه الثلاثة، ولم يشترط محلل ولو كان شرطًا لشرطه وقولهم لأجل أن يخرج عن شبه القمار فيه نظر فإنه لا يشترط أن تخرج عن القمار، بل هو قمار جائز والقمار كله محرم ممنوع شرعًا إلا هذه الثلاثة لرجحان مصلحتها وإعانتها على الجهاد في سبيل الله، وهذا القول هو الذي تميلي إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. قال ابن القيم –رحمه الله-: والقول بالمحلل مذهب تلقاه الناس عن سعيد بن المسيب، وأما الصحابة فلا يحفظ عن أحد منهم قط أنه اشترط المحلل ولا راهن به مع كثرة تناضلهم ورهانهم، بل المحفوظ عنهم خلافه، وقال الجوزجاني الإمام في كتابه «المترجم» : حدثنا أبو صالح هو محبوب بن موسى الفراء، حدثنا أبو إسحاق هو الفزاري عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال: قال رجل: عند جابر بن زيد إن أصحاب محمد كانوا لا يرون بالدخيل بأسًا، فقال: هم كانوا أعف من ذلك، والدخيل عندهم: هو المحلل، فينافيه ما نقل عنهم أنهم لم يكونوا يرون به بأسًا وفرق بين ألا يرون به بأسًا وبين أن يكون شرطًا في صحة العقد وحله فهذا لا يعرف

عن أحد منهم البتة. وقوله: كانوا أعف من ذلك أي كانوا أعف من أن يدخلوا في الرهان دخيلًا كالمستعار، ولهذا قال جابر بن زيد راوي هذه القصة: إنه لا يحتاج المتراهنان إلى محلل حكاه الجوزجاني وغيره عنه، ومن حجج المجوزين للتراهن من غير محلل. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وهذا يقتضي الأمر بالوفاء لكل عقد إلا عقدًا حرمه الله ورسوله أو أجمعت الأمة على تحريمه وعقد الرهان من الجانبين ليس فيه شيء من ذلك، فالمتعاقدان مأموران بالوفاء به. وقال تعالى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ العَهْدَ كَانَ مَسْئُولاً} ، وقال: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «المسلمون على شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا» ، وقال: «إن من أعظم المسلمين جرمًا من سأل عن شيء لم يحرم فحرم على الناس من أجل مسألته» وهذا يدل على أن العقود والمعاملات على الحل حتى يقوم الدليل من الكتاب والسُّنة على تحريمها، فكما أنه لا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله فلا حرام إلا ما حرمه الله ورسوله، قالوا: وقد أطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - جواز أخذ السبق في الخف والحافر والنصل إطلاق مشروع لإباحته ولم يقيده بمحلل، فقال: لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل، فلو كان السباق بدونه حرامًا وهو قمار عند المشترطين فكيف يطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جواز السبق في هذه الأمور ويكون أغلب صوره مشروطًا بالمحلل وأكل المال بدونه حرام ولا ثبت بنص ولا إيماء ولا تنبيه ولا بنقل عنه ولا عن أصحابه مدة رهانهم ولا في قضية واحدة، قالوا: وروى أحمد أيضًا حديثًا عن غندر عن شعبة عن سماك قال: سمعت عياضًا الأشعري قال: قال أبو عبيدة من يراهنني؟ فقال شاب: أنا إن لم تغضب، قال: فسبقه، قال: فرأيت عقيصتي أبي عبيدة تنقران وهو على فرسه خلفه

عربي، ولم يذكر محللًا في هذا ولا في غيره، قالوا: ومثل هذا لابد أن يشتهر ولم ينقل عن صحابي خلافه. قال شيخ الإسلام: وما علمت بين الصحابة خلافًا في عدم اشتراط المحلل، قالوا: وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا جلب ولا جنب» فأبطل النبي - صلى الله عليه وسلم - في عقد الرهان الجلب والجنب، ولم يبطل اشتراكهما في بذل السبق مع أن حكمه أهم من بيان الجلب والجنب بكثير، قالوا: فإن هذا المحلل لا يحل السبق الذي حرمه الله ورسوله ولا تزول المفسدة التي في إخراجها بدخوله أيضًا إذ المعنى الذي جعلتموه قمارًا إذا اشتركا في الإخراج هو بعينه قائم مع دخوله المحلل فكيف يكون العقد قمارًا في إحدى الصورتين وحلالًا في الأخرى مع قيام المعنى بعينه ولا تذكرون فرقًا إلا كان الفرق مقتضيًا؛ لأن يكون العقد بدونه أقل خطرًا وأقرب إلى الصحة. قالوا: ودخول المحلل في هذا العقد كدخول المحلل في النكاح للمطلق ثلاثًا وكدخول المحلل في عقد العينة ونحوها من العقود المشتملة على الحيل الربوية؛ فإن كل واحد منهم مستعار غير مقصود في العقد والمقصود غيره، وهو حرف جاء لمعنى في غيره وقد ثبت في محلل النكاح والعينة ما ثبت فيه من النهي عنه قالوا: والأخبار عن محلل النكاح أنه تيس مستعار؛ فإنه لم يقصد بالعقد وإنما استعير دخيلًا ليحل ما حرم الله. قالوا: فإن كان إخراج السبق من المتراهنين حرامًا فدخول المحلل ليحله كدخول محلل النكاح سواء بسواء وإن كان بذل السبق منهما جائزًا معه فبدونه أولى بالجواز. انتهى كلامه –رحمه الله-. وفي «الاختيارات الفقهية» : والصراع والسبق بالأقدم ونحوهما إذا قصد به نصر الإسلام وأخذ السبق عليه أخذ بالحق فالمغالبة الجائزة تحل بالعوض

إذا كانت مما يُنتفع به في الدين كما في مراهنة أبي بكر - رضي الله عنه - وهو أحد الوجهين في المذهب. قلت: وظاهر ذلك جواز الرهان في العلم وفاقًا للحنيفة لقيام الدين بالجهاد والعلم، والله أعلم. اهـ. وإن قال المخرج غير المتسابقين من سبق فله عشرة ومن جاء ثانيًا، ويقال: المصلي فله خمسة صح؛ لأن كلًا منهما يجتهد أن يكون سابقًا ليحرز أكثر العوضين وسمي الثاني مصليًا؛ لأن رأسه يكون عند صولى الأول والصلوان هما العظمان الناتئان من جانبي الذنب، وفي الأثر عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: «سبق أبو بكر وصلى عمر وخطبتنا فتنة» ، وقال الشاعر: إن تبتدر غاية يومًا لمكرمة ... تلقى السوابق فينا والمصلينا وكذا يصح إذا فاوت العوض على الترتيب للأقرب فالأقرب لسابق بأن قال للمجلِّي مائة، وللمصلي تسعون، وللتالي ثمانون، وللبارع سبعون، وللمرتاح ستون، وللخطِّي خمسون، وللعاطف أربعون، وللمؤمل ثلاثون، وللطيم عشرون، وللسكيت عشرة، وللفُسْكُل خمسة صح؛ لأن كل واحد يطلب السبق فيحوز الأكثر، فإذا فاته طلب ما يلي السابق. وخيل الحلبة مرتبة وهي خيل تجمع للسباق من كل أوب لا تخرج من اصطبل واحد كما يقال للفرج إذا جاؤوا من كل أوب للصرة قد أحلبوا. وفي حديث سعد بن معاذ: «ظن أن الأنصار لا يستحلبون له على ما يريد» أي لا يجتمعون وأول خيل الحلبة مجل (1) وهو السابق لخيل الحلبة فيليه مصلٍّ. (2) لأن رأسه يكون عند صلا المجلي، وقيل: لأن جفلة علي صلى السابق وهو منخره والصلوان عظمان عن يمين الذنب فيليه تال. (3) لأنه يتلو المصلي فيليه بارع. (4) فيليه مرتاح. (5) فيليه خطِّي.

(6) فيليه عاطف. (7) فيليه مؤمِّل. (8) فيليه لطيم. (9) فيليه سكيت. (10) آخر خيل الحلبة ففسكل كقنفذ وزبرج وزنبور الذي يجيء آخر الخيل وسمي القاشور والقاشر. ونظمها بعضهم بقوله: وهي مِجَلٌ ومُصَل تَالِ البارعُ والمُرتَاحُ بالتَّوالِي ثم خطِّيٌ ثم عَاطِفٌ مُؤَمِّلُ ثم السُكَيْتُ والأجيرُ الفَسْكَلُ وقال الآخر: وجملةُ خَيلِ السَّبْقِ تُسْمَى بحَلْبةٍ وتَرْتِيبُهَا مِن بَعْدِ ذَا أنا وَاصِفُ مِجَل مُصَلٍ ثم تَالِ فَبَارعٌ فَمُرْتَاحُهَا ثم الخَطيُ فَعَاطِفُ مؤملُهَا ثم اللطِيمُ سُكَيتُهَا والآتِي أخيرًا فَسْكَلٌ وهو تائف والفسكل اسم للآخر من الخيل، ثم استعمل هذا في غير المسابقة بالخيل تجوزًا، كما روي أن أسماء بنت عميس كانت تزوجت جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - فولدت عبد الله ومحمد أو عونًا، ثم تزوجها أبو بكر الصديق فولدت له محمد بن أبي بكر، ثم تزوجها علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، فقالت له: إن ثلاثة أنت آخرهم لأخيار، فقال لولدها: فسكلتني أمكم. فإن جعل من أخرج العوض لمصل أكثر من سابق ونحوه كأن جعل

للتالي أكثر من المصلي أو لم يجعل لمصل شيئًا وجعل للتالي عوضًا لم يُجز؛ لأنه يُفضِي إلى أن يقصد السبق، بل يقصد التالي فيفوت المقصود وإن قال مخرج العوض لعشرة من سبق منكم فله عشرة صح؛ فإن جاءوا معًا فلا شيء لهم؛ لأنه لم يوجد الشرط الذي يستحق به الجعل في واحد منهم وإن سبق فله العشرة لوجود الشرط فيه أو سبق إثنان فأكثر إلى تسعة معًا وتأخر ما عدا سبق فالعشرة للاثنين فأكثر؛ لأن الشرط وجد فيهم فكان الجعل بينهم كما لو قال: من رد عبدي الآبق فله كذا، فردت تسعة فلهم العشرة لحصول رده من الكل ويصير هذا كما لو قال: من قتل قتيلًا فله سَلبُه؛ فإن قتل كل واحد واحدًا فلكل واحد سلب قتيله كاملًا وإن قتل جماعة واحدًا فلجميعهم سلب واحد، وهاهنا كل واحد له سبق مفرد فكان الجعل له كاملًا، فلو قال: من سبق فله عشرة، ومن صلى فله خمسة فسبق خمسة وصلى خمسة فللسابقين عشرة لكل واحد منهم درهمان وللمصلين خمسة لكل واحد منهم درهم، ويصح عقد لا شرط فيلغو في قول أحد المتسابقين للآخر: إن سبقتني فلك كذا ولا أرمي شهرًا ونحوه كان شرطًا لكل منهما أو لأحدهما الفسخ بعد الشروع في العمل وأشباه هذه، فهذه شروط باطلة في نفسها والعقد صحيح؛ لأنه قد تم بأركانه وشروطه؛ فإذا حذف الزائد الفاسد بقي العقد صحيحًا أو شرط المتسابقان أن السابق يطعم السَّبق الذي هو الجعل أصحابه أو يطعم الجعل بعضهم أو يطعمهم غيرهم لم يصح الشرط؛ لأنه عوض على عمل فلا يستحقه غير العامل كالعوض في رد الآبق ولا يفسد العقد، وكل موضع فسدت المسابقة؛ فإن كان السابق المخرج أمسك سبقه وإن كان الآخر فله أجر عمله؛ لأنه عمل بعوض لم يسلم له فاستحق أجر المثل كالإجارة الفاسدة.

من النظم فيما يتعلق بالسبق وإن سباقًا بالنضال لجائز وبالسفن والأقدام مع كل أجلد وإن اصطراع المسلمين لجائز ورفعهما الأثقال مع حسن مقصد وما سبق في غير خف وحافر ونضل بمسنون وقيل بمبعد ويشرط تعيين كذاك ومركب ووحدة نوع في القِسِي المعدد وأنواع مركوب وقيل يجوز مع تخالف نوعي جنس ذا المتوحد ولا تشترط تعيين قومس وراكب ولم يتعين واحد بالتقيد ويشرط تحديد المسافة مطلقًا بجاري عادات وعلم المنقد ومن أحد الحزبين أو أجنبي أو إمام يجوز الجعل للسابق أشهد فيحرزه بالسبق مالكه ولا يطالب مسبوقًا بشيء فيعتد وبالسبق يحويه سوى باذل وإن يجيا معًا فالسبق باق لممدد ولا شيء إن جاءوا معًا لهم متى يكن جعْلُهم من أجنبي مؤيد وتسوية بين المصلي وسابق

س68: لماذا كانت المسابقة جعالة؟ ومتى يجوز فسخها؟ وما الذي تبطل به المسابقة؟ وما الذي لا تبطل به؟ وبأي شيء يحصل بخيل وبإبل؟ وإذا شرط المتسابقان السبق بغير ذلك فما الحكم؟ وكيف تصف السبق؟ وماذا يقول مرتبها والمقيم عند طرف الخط؟ وما الذي يشترط في المسابقة بعوض؟ وما حكم الإجناب؟ وما هي المناضلة؟ وما شروطها؟ وضح مع ذكر الأدلة والتعليلات والخلاف والترجيح.

متى لم يكن مَن ينقص الجُعْلَ تفسد وشرطهم أن يطعم الجعل سابِقٌ لهم فاسد يُلْغى السباق بمبعد وشَرْطُ مُخِلٍ بالشروط التي مضت بصحته يُلْغِيه دُونَ تردد فإن سبق المعطي ليمسك جعله وللغير أجر المثل في المتفسدِ 68- ما تبطل به المسابقة وما لا تبطل س68: لماذا كانت المسابقة جعالة؟ ومتى يجوز فسخها؟ وما الذي تبطل به المسابقة؟ وما الذي لا تبطل به؟ وبأي شيء يحصل بخيل وبإبل؟ وإذا شرط المتسابقان السبق بغير ذلك فما الحكم؟ وكيف تصَف السبق؟ وماذا يقول مرتبها والمقيم عند طرف الخط؟ وما الذي يشترط في المسابقة بعوض؟ وما حكم الإجناب؟ وما هي المناضلة؟ وما شروطها؟ وضح مع ذكر الأدلة والتعليلات والخلاف والترجيح. ج: المسابقة جعالة؛ لأنها عقد على ما لا تتحقق القدرة على تسليمه فكان جائزًا، كرد الآبق وذلك؛ لأن عقد على الإصابة، ولا يدخل تحت قدرته وبهذا فارق الإجارة، لا يؤخذ بعوضها رهن ولا كفيل لعدم وجوبه، ولكل من المتعاقدين فسخها قبل الشروع في المسابقة، وإن طلب أحدهما الزيادة فيها والنقصان منها لم يلزم الآخر إجابته، ويصح الفسخ بعد الشروع ما لم يظهر على أحدهما الفضل لصاحبه مثل أن يسبقه بفرسه في بعض المسافة أو يصيب بسهامه أكثر منه؛ فإن ظهر فضل فيمتنع الفسخ على الفضول فقط دون الفاضل؛ لأنه لو جاز للمفضول ذلك لفات غرض المسابقة فلا يحصل المقصود. وتبطل المسابقة بموت أحد المتعاقدين كسائر العقود الجائزة، وتبطل بموت أحد الراكبين أو الراميين لتعلق العقد بعين المركوب والرامي، ولا يقوم وارث الميت مقامه ولا يقيم الحاكم من يقوم مقامه؛ لأنها انفسخت بموته ولا تبطل بموت أحد الراكبين أو تلف أحد القوسين؛ لأنه غير معقود عليه فلم ينفسخ العقد بتلفه كموت أحد المتبايعين. ويحصل سبق في خيل متماثلي العنق برأس وفي مختلفي العنقين بكتف، وفي إبل بكتفٍ؛ لأن الاعتبار بالرأس هنا متعذر؛ فإن طويل العنق قد يسبق

رأسُه لطول عنقه لا بسرعة عَدْوه وفي الإبل ما يُرفع رأسه وفيها ما يمد عنقه فربما سبق رأسه لمد عنقه لا بسبقه؛ فإن سبق رأسُ قصير العنق فقد سبق بالضرورة، وإن سبق رأس طويل العنق بأكثر مما بينهما في طول العنق فقد سبق، وإن كان بقدره فلا سبق وبأقل فالآخر سابق وإن شرط المتسابقان السبق بغير ذلك كان شرطًا بإقدام معلومة لم يصح؛ لأنه لا ينضبط ولا يقف الفرسان عند الغاية بحيث يعرف مسافة ما بينهما وتصف الخيل في ابتداء الغاية صفًا واحدًا، ثم يقول مرتبها: هل من مصلح للجام أو حامل للغلام أو طراح لجُلّ؟ فإذا لم يجبه أحد كبَّر ثلاثًا، ثم خلاها أي أرسلها عند التكبيرة الثالثة لما روى الدارقطني عن علي: قد جعلْت لك هذه السبقة بين الناس فخرج علي فدعا سراقة بن مالك، فقال: يا سراقة، إني قد جعلتُ إليك ما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في عنقي من هذه السبقة في عنقك، فإذا أتيت الميطان، قال أبو عبد الرحمن: الميطان مرسلها من الغاية فصف الخيل، ثم نادى هل من مصلح للجام أو حامل لغلام أو طارح لجل؟ فإذا لم يجبك أحد فكبر ثلاثًا ثم خلها عند الثالثة فيسعد الله بسبقه من شاء من خلقه وكان علي يقعد عند منتهى الغاية ويقيم رجلين متقابلين عند طرفي الخط بين إبهامي أرجلهما وتمر الخيل بين الرجلين ليعرف السابق ويقول لهما: إذا خرج أحد الفرسين على صاحبه بطرف أذنيه أو أذُن أو عذار فاجعلوا السبقة له، فإذا شككتما فإجعلوا أسبقهما نصفين. وهذا الأدب الذي ذكره في الحديث ابتداء الإرسال وانتهاء الغاية من أحسن ما قيل في هذا مع كونه مرويًا عن علي - رضي الله عنه - في قضية أمره بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفوضها إليه فينبغي أن تتبع ويعمل بها فيشترط في المسابقة بعوض أن يكون الإرسال دفعة واحدة فليس لأحدهما أن يرسل قبل الآخر ويكون عند الابتداء وهو أول المسابقة من يرقبها ليشاهد إرسالها عند أول المسافة كما

يشترط أن يكون عند الإنتهاء وهو انتهاء الغاية من يضبط السابق منهما لئلا يختلفا في ذلك وحرم أن يجنب أحد المتعاقدين مع فرسه بأن يكون بجانبه فرسًا لا راكب عليه يحرض الفرس الذي تحته على العدو ويحثه عليه ويغريه بالسرعة أو يصيح به وقت سباقه؛ لحديث رواه أبو داود عن عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا جَلَبَ ولا جَنَب في الرهان» ، ويروى عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من أجلب على الخيل يوم الرهان فليس منا» والجلبُ: بفتح اللام والجيم: الزجر للفرس، والصياح عليه حثًا له على الجري. المناضلة من النضل، يقال: ناضله نضالًا ومناضلة، وسمي الرمي نضلًا؛ لأن السهم التام يسمى نضلًا، فالرمي به عمل بالنضل، ومن المجاز ناضل عنه إذا دافع وتكلم عنه بعذره وخاصم، ومنه قول أبي طالب يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذّبتم وبيتِ الله يُبزَى محمدٌ ... ولم تُطاعِنْ دونه وتُنَاضل وهي ثابتة بالكتاب لقوله تعالى: {قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} ، وقرئ ننتضل، والسُّنة شهيرة بذلك من ذلك حديث سلمة بن الأكوع، قال: مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نفر من أسلم ينتضلون بالسوق، فقال: «ارموا بني إسماعيل؛ فإن أباكم كان راميًا» متفق عليه. وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من علم الرمي ثم تركه فليس منا» رواه أحمد ومسلم، وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي» . وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة صانعه الذي يحتسب في صنعه الخير، والذي يجهز به في سبيل الله، والذي

يرمي به في سبيل الله» ، وقال: «أرموا واركبوا وأن ترموا خير لكم من أن تركبوا» ، وقال: «كل شيء يلهو به ابن آدم فهو باطل إلا ثلاثًا رميه عن قوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله فإنهن من الحق» رواه الخمسة، وعن عمرو بن عبسة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من رمى بسهم في سبيل الله فهو عدل محرر» رواه الخمسة وصححه الترمذي. قال بعضهم: الرمي أفضلُ ما أوصَى الرسولُ به وأشجعُ الناسِ مَن بالرمي يَفْتَخِرُ أركانه خمسةٌ القبضُ أولُهَا والعقدُ والمَدُّ والإطلاقُ والنَظرُ وجعلها بعضهم في أربعة: يا سائلي عن أصول الرمي أربعة العقد والقبض والإطلاق والنظر وحكم المناضلة في العوضين حكم الخيل والإبل فيما تقدم تفصيله وتصح بين اثنين وبين حزبين وشروط المناضلة زيادة على ما سبق شروط أربعة أحدها كونها على من يحسن الرمي؛ لأن الغرض معرفة الحذق، ومن لا حذق له وجوده، كعدمه فتبطل المناضلة بين حزبين إذا كان في أحد الحزبين من لا يحسن الرمي، تبطل فيمن لا يحسنه من أحد الحزبين ويخرج مثله من جعل بإزائه من الحزب الآخر إذا كان كل واحد من الرئيسين يختار إنسانًا والآخر في مقابلته آخر فمن لا يحسن الرمي بطل العقد فيه وأخرج مقابله كالبيع إذا بطل في بعض المبيع سقط ما قبله من الثمن، ولكل حزب الفسخ إن أحبوا لتبعيض الصفقة في حقهم، وإن تعاقدوا بأن عقدوا النضال

ليقتسموا بعد العقد حزبين فيعين رئيس كل حزب من معه برضاهم لا بقرعة صح العقد؛ لأن القرعة قد تقع على الحذاق في أحد الحزبين وعلى الكوادن في الآخر فيبطل مقصود النضال؛ ولأنها إنما تخرج المبهمات، والعقد لا يتم حتى يتميز كل حزب، وشرط النضال أن يجعل لكل حزب رئيس فيختار أحد الرئيسين واحدًا من الرماة ثم يكون معه ثم يختار الرئيس الآخر من الرئيسين آخر من الرماة حتى يفرغا فيتم العقد على المعنيين بالاختيار إذن ولا يجوز اختيار كل منهما أكثر من واحد؛ لأن اختيار اثنين فأكثر يبعد من التساوي والعدل، وإن تشاحا فيمن يبدأ من الرئيسين بالخيرة اقتراعًا، فمن خرجت له القرعة اختار أولًا إذ القرعة تميز المستحق بعد ثبوت الإستحقاق لغير معين وتساوي أهله ولا يجوز جعل رئيس الحزبين واحدًا؛ لأنه لا يضره أي الحزبين سبق لتقديره لهما فيفوت مقصود المناضلة، ولا يجوز جعل الخبرة في تمييز والحزبين إلى واحد وإن أرادوا القرعة لإخراج الرئيسين جاز لقلة الغرر، ولا يجوز لأحدهما أن يختار جميع حزبه؛ لأنه ترجيح له بلا مرجح ويفضي إلى عدم التساوي. ولا يشترط للمناضلة استواء عدد رماة كل حزب، فلو كان أحد الحزبين عشرة والآخر ثمانية ونحو ذلك، صح وإن بان بعض الحزب كثير الإصابة أو عكسه بأن كان قليل الإصابة فادعى الحزب الآخر ظن خلافه لم يسمع منه ذلك؛ لأن شرط دخوله في العقد أن يكون من أهل الصنعة دون الحذق كما لو اشترى عبدًا على أنه كاتب فبان حاذقًا أو ناقصًا لم يؤثر. الشرط الثاني: معرفة عدد الرمي ومعرفة عدد الإصابة لتبين مقصود المناضلة وهي الحذق، فيقال مثلًا الرِّشْقُ بكسر الراء وهو عدد الرمي وأهل العربية يخصونه فيما بين العشرين والثلاثين، وبفتحها الرمي وهو مصدر

رشقت الشيء رشقًا. قال الحجاوي في «الحاشية» : الرشق بفتح الراء: الرمي نفسه، والرشق الوجه من الرمي إذا رمى القوم بأجمعهم جميع السهام، وقيل: الرشق السهام نفسها، وكذا في «المستعوب» و «المطلع» عن الأزهري: الرشق بكسر الراء عدد الرمي واشتراط العلم به؛ لأنه لو كان مجهولًا أفضى إلى الاختلاف؛ لأن أحدهما يريد القطع والآخر يريد الزيادة، وليس للرشق عدد معلوم، فأي عدد اتفقوا عليه جاز؛ لأن الغرض معرفة الحذق، فيقال مثلًا: الرشق عشرون والإصابة خمسة أو ستة أو ما يتفقان، وسواء استوى المتناضلين في عدد رمي وعدد إصابة وفي صفة الإصابة من خوارق ونحوها وسائر أحوال الرمي؛ لأن موضعها على المساواة فاعتبرت المسابقة على الحيوان؛ فإن جعل المتناضلان رمي أحدهما عشرة ورمى الآخر أكثر كعشرين مثلًا أو أقل كخمسة أو شرطا أن يصيب أحدهما خمسة وأن يصيب الآخر ستة أو شرطًا إصابة أحدهما خواسق والآخر خواصل أو شرطا أن يحط أحدهما من إصابته سهمين بسهم من إصابة الآخر أو شرطا أن يرمي أحدهما من بُعْدٍ، ويرمي الآخر من قرب أو أن يرمي أحدهما وبين أصابعه سهم والآخر بين أصابه سهمًا أو أن يرمي أحدهما وعلى رأسه شيء شاغل والآخر بدون الشاغل ونحوه مما تفوت به المساواة كان شرطًا أن يحط عن أحدهما واحدًا من خطئه لا عليه ولا له وأشباه هذا مما تفوت به المساواة لم تصح لمنافاته لموضوع المسابقة، وإذا عقدا ولم يذكرا قوسًا صَحَّ لما تقدم ويستويان في العربية والفارسية. الشرط الثالث: كون الرمي مفاضلة أو محاطة أو مبادرة؛ لأن غرض الرماة يختلف، فمنهم من إصابته في الابتداء أكثر منها الانتهاء، ومنهم من هو بالعكس إصابته في الإنتهاء أكثر منها في الإبتداء، فوجب اشتراط ذلك

ليعلم ما دخل فيه، فالمفاضلة كقولهم أينا فضل صاحبه بخمس إصابات من عشرين رمية، فقد سبق فأيهما فضل صاحبه بذلك فهو السابق لوجود الشرط، ويلزم فيها إتمام الرمي إن كان فيه فائدة أو تبين كون الرمي مبادرة كأينا أسبق إلى خمس إصابات من عشرين رمية فقد سبق ونحوه فإذا رميا عشرةً فأصاب أحدهما خمسًا فمصيب الخمس هو السابق أصاب لآخر ما دونها أو لم يصب شيئًا ولا يلزم أن سبق إلى الخمس واحد، ولو أصاب الآخر أربعًا إتمام الرمي عشرين؛ لأن السبق قد صار للسابق وإن أصاب كل واحد منهما من العشر خمسًا فلا سَبقَ فيهما ولا يكملان الرشق؛ لأن جميع الإصابة المشروطة قد وجدت واستويا فيها، وضابط ذلك أنه متى بقي من عدد الرمي ما يمكن أن يسبق به أحدهما صاحبه أو يسقط به سبق صاحبه لزم الإتمام وإلا فلا، أو تبين كون الرمي محاطة بأن اشترطا أن يحط ما تساويا فيه من الإصابة من رمي معلوم مع تساويهما في عدد الرميات فأيهما فضل صاحبه بإصابة معلومة فقد سبق. والفرق بين المفاضلة والمحاطة أن المحاطة تقدر فيها الإصابة من الجانبين بخلاف المفاضلة، قال في «شرح الغاية» : ويدل لذلك قول المجد في «شرح الهداية» : فالمفاضلة اشتراط إصابة عدد من عدد فوقه كإصابة عشرة من عشرين على أن يستوفيا رميهما؛ فإن تساويا في الإصابة أحرزا سبقهما وإن أصاب أحدهما تسعة والآخر عشرة أو أكثر فقد فضل، والمحاطة أن يشترطا حط ما يتساويان فيه من الإصابة في رشق معلوم، فإذا فضل أحدهما بإصابة معلومة فقد سبق فإن أطلقا الإصابة في المفاضلة أو شرطا أنها خواصل تناول اللفظ الإصابة على أي صفة كانت، ولا يشترط وصف الإصابة؛ لكن يسن، وإن اشترطا أن الإصابة خواسق أو شرطا خوازق أو شرطا مقرطس وهي ما خرق الغرض، وثبت فيه أو شرطا أن الإصابة خوارق أو موارق وهي ما

خرق الغرض ولم يثبت فيه أو شرطا أنهما خواصر، وهي ما وقع في أحد جانبي الغرض، ومنه قيل: الخاصر؛ لأنها في جانب الإنسان أو شرطا أنها خوارم، وهي ما خرم جانبي الغرض أو اشترطا أنها حوابي وهي ما وقع بين يدي الغرض ثم وثب إلى الغرض. قال الشاعر: حابى كثيرٌ وما نُبْلى بصَائِبةٍ ... وكيفَ لي مِن مَرَاميهن بالحابيَّ ومنه يقال: حبى الصبي، فبأي صفة قيد المتناضلون الإصابة تقيدت بها؛ لأنها وصف وقع عليه العقد فوجب أن تتقيد به ضرورة الوفاء بموجبه وحصل السبق بإصابة ذلك المقيد على ما قيدوا به أو شرطا إصابة موضع منه كدائرة الغرض تقيدت المناضلة بما شرطاه؛ لأن الغرض يختلف باختلاف ذلك فتعين أن تتقيد المناضلة به تحصيلًا للغرض، وإن شرطا الخواسق والحوابي معًا صح ولا يصح شرط إصابة نادرة كتسعة من عشرة؛ لأن الظاهر عدم وجودها فيفوت المقصود، ولا يصح تناضلهما على أن السبق لأبعدهما رميًا؛ لأن الغرض من الرمي الإصابة لا من بعد الرمي، وقيل: يصح، اختاره الشيخ تقي الدين قاله في «الفائق» وهو المعمول به عند الرماة الآن في أماكن كثيرة، وهذا القول هو ما تميل إليه النفس، والله أعلم. وإذا كان الشرط خواصل فأصاب الغرض بنصل السهم حسب له كيف كان لما تقدم أن الخاصل الذي أصاب القرطاس؛ فإن أصاب السهم الغرض بعرضه أو بفوقه وهو ما يوضع فيه الوتر نحو أن ينقلب السهم بين يدي الغرض فيصيب فوقه الغرض أو انقطع السهم قطعتين فأصاب القطعة الأخرى الغرض لم يعتد به؛ لأنه لا يعد إصابة. الشرط الرابع: معرفة قدر الغرض وهو ما يرمي طولًا وعرضًا وسمكًا وارتفاعًا من الأرض بمشاهدة أو تقدير بشيء معلوم؛ لاختلاف الإصابة بصغره وكبره وغلظه ورقته وارتفاعه وانخفاضه والغرض ما تقصد إصابته

س69: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا تشاح المتناضلان في الإبتداء، تعيين باد عند عقد، إذا بادر غير الأحق، رميهما سهما سهما أو خمسا خمسا أو يرمي كل واحد منهما جميع الرشق، صفة رمي المتناضلين إذا أطارت الريح الغرض فوقع السهم موضع الغرض، شرطهم خواسق أو مقرطس أو نحوه، إذا عرض لأحد المتناضلين عارض من كسر قوس أو نحوه أو عرض مطر أو ظلمة

بالرمي وهو ما ينصب في الهدف من قرطاس أو جلد أو خشب أو غيرها سمي غرضًا؛ لأنه يقصد ويسمى شارة وشنًا، وفي «القاموس» : القرطاس: كل أديم ينصب للنضال، والهدف ما ينصب الغرض عليه إما تراب مجموع أو حائط أو غيرهما كخشبة وحجر، ولا يعتبر لصحة النضال ذكر المبتدئ منهما بالرمي؛ لأنه لا أثر له وكثير من الرماة يختار التأخر؛ فإن ذكر المبتدئ كان أولى وإن لم يعينا المبتدئ عند العقد ثم تراضيا بعد العقد على تقديم أحدهما جاز؛ لأن الحق لا يعدوهما. 69- تشاح المتناضلين س69: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا تشاح المتناضلان في الإبتداء، تعيين باد عند عقد، إذا بادر غير الأحق، رميهما سهمًا سهمًا أو خمسًا خمسًا أو يرمي كل واحد منهما جميع الرشق، صفة رمي المتناضلين إذا أطارت الريح الغرض فوقع السهم موضع الغرض، شرطهم خواسق أو مقرطس أو نحوه، إذا عرض لأحد المتناضلين عارض من كسر قوس أو نحوه أو عرض مطر أو ظلمة عند الرمي، مدح أحد المتناضلين أو عيبه، الإتيان بكلام يغيظ صاحبه أو تعنيفه إذا قال لآخر مثلًا إرم عشرة أسهم؛ فإن كان صوابك أكثر من خطئك فلك درهم إلخ. واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والخلاف والترجيح. ج: يقرع عند تشاح المتناضلين في البادئ منهما بالرمي؛ لأنه لابدَّ أن يبدأ أحدهما بالرمي؛ لأنهما لو رميا معًا أفضى إلى الاختلاف ولم يعرف المصيب منهما وقد استويا في الإستحقاق فصير إلى القرعة؛ لأنه لا مرجح غيرها، وهي تستعمل عند اشتباه المستحقين وعند تزاحمهم وليس أحدهما أولى من الآخر

فمن خرجت له القرعة بدأ بالرمي وسن تعيين باد عند عقد؛ لأنه أقطع للنزاع؛ فإن بادر غير الأحق فرمى فرميه عبث لم يعتد له سهمه أخطأ أو أصاب؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» . ويجوز أن يرمي المتناضلان سهمًا سهمًا وأن يرميا خمسًا خمسًا وأن يرمي كل واحد منهما جميع الرشق، وإن شرطا شيئًا حمل عليه؛ فإن أطلق تراسلًا سهمًا سهمًا؛ لأنه العرف وإن بدا أحدهما في وجه هو رمي القوم بأجمعهم جميع السهام بدأ الآخر في الوجه الثاني تعديلًا بينهما؛ فإن شرطا البداءة لأحدهما في كلا الوجوه لم يصح؛ لأن موضوع المناضلة على المساواة وهذا تفاضل، وإن فعلا البدء في الرمي من غير شرط برضاهما صح؛ لأن البداءة لا أثر لها في الإصابة ولا في وجود الرمي، وإن شرطا أن يبدأ كل واحد منهما من وجهين متوالين جاز لتساويهما وإن اشترطا أن يرمي أحدهما رشقة ثم يرمي الآخر رشقة جاز أو اشترطا أن يرمي أحدهما عددًا ثم يرمي الآخر مثله جاز وعمل به؛ لحديث: «المؤمنون على شروطهم» وسن جعل غرضين في المناضلة يَرْمي الرَّسْلان أحد الغرضين ثم يمضيان إلى الغرض فيأخذان السهام ويرميان الغرض الآخر؛ لأن هذا كان فعل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما بين الغرضين روضة من رياض الجنة» ، وقال إبراهيم التيمي: رأيت حذيفة يشتد بين الهدفين يقول: أنابها في قميص، وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- مثله، ويروى أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يشتدون بين الأغراض يضحك بعضهم إلى بعض، فإذا جاء الليل كانوا رهبانًا أي عبادًا وإذا كان غرضًا فبدأ أحدهما بغرض بدأ الآخر بالغرض الثاني لحصول التعادل وإن جعلوا غرضًا واحدًا جاز لحصول المقصود به وإذا تشاحا في موضع الوقف هل هو عن يمين الغرض أو يساره ونحو ذلك؛ فإن كان الموضع

الذي طلبه أحدهما أولى مثل أن يكون في إحدى الموقفين يستقبل الشمس أو يستقبل ريحًا يؤذيه استقبالها ونحو ذلك، والآخر يستدبرها قدم قول من طلب استدبارها؛ لأنه أحظ لهما، إلا أن يكون في شرط المناضلة استقبال ذلك، فالشرط أولى بالإتباع لدخولهم عليه كما لو اتفقا على الرمي ليلًا؛ فإنه يعمل بما اتفقا عليه؛ فإن كان الموقفان سواء في استدبار الشمس كان الوقوف إلى الذي يبدأ فيتبعه الآخر، فإذا صار في الوجه الثاني وقف الثاني حيث شاء، وإن أطارت الريح الغرض فوقع السهم موضع الغرض وشرط المتناضلين خواسق أو خوارق أو مقرطس لم يحتسب له به ولا عليه؛ لأنا لا ندري هل كان يثبت في الغرض لو كان موجودًا أو لا، وإن وقع السهم في غير موضع الغرض احتسب به على راميه لتبين خطئه وإن وقع السهم في الغرض في الموضع الذي طار إليه الغرض حسبت الرمية عليه إلا أن يكون اتفقا على رميه في الموضع الذي طار إليه، وكذا الحكم لو ألقت الريح الغرض على وجهه إذا وقع السهم فيه حسب على راميه وإن أطارت الريح الغرض فوقع السهم موضعه احتُسِب به لراميه؛ لأنه لو كان الغرض موضعه لأصابه، وكذا لو كانا أطلقا الإصابة، ولو كان الغرض جلدًا وخيطَ عليه كشنبر المنخل وجعلا له عرى وخيوطًا تعلق به في العرى فأصاب السهم الشنبر أو العرى وشرطهم حواصل اعتد به؛ لأن ذلك من الغرض؛ وأما المعاليق وهي الخيوط فلا يعتبر بإصابتها مطلقًا؛ لأنها ليست من الغرض وإن عرض لأحدهما عارض من كسر قوس أو قطع وتر أو ريح شديدة لم يحتسب له بالسهم ولا عليه، ولو أصاب؛ لأن العارض كما يجوز أن يصرفه عن الصواب إلى الخطأ يجوز أن يصرفه عن الخطأ إلى الصواب، وقيل: يحسب عليه بالسهم إن أخطأ، وقيل: إن عرض لأحدهما كسر قوس أو قطع وتر أو ريح شديدة أو ردت سهمه عرضًا فأصاب

حُسِبَ له وإلا فلا، هذا والله سبحانه أعلم أقرب عندي إلى الصواب. وإن حال حائل بينه وبين الغرض فنفذ منه وأصاب الغرض حسب له؛ لأن هذا من سداد الرمي وقوته وإن عرض ظلمة أو مطر عند الرمي جاز تأخيره؛ لأن المطر يرخي الوتر والظلمة عذر لا يمكن معه فعل المعقود عليه؛ ولأن العادة الرمي نهارًا إلا أن يشترطاه ليلًا فيلزم كما تقدم؛ فإن كانت الليلة مقمرة منيرة اكتفى بذلك وإلا رميا في ضوء شمعة أو مشعل أو ضوء كهرب، وإن أراد أحدهما التطويل والتشاغل عند الرمي بما لا حاجة له إليه من مسح القوس والوتر ونحو ذلك ولعل صاحبه ينسى القصد الذي أصابا به أو يفتر مُنِعَ من ذلك وطولب بالرمي ولا يزعج بالاستعجال بالكلية بحيث يمنع من تحرير الإصابة وكره للأمين أو الشهود وغيرهم ممن حضر مدح أحدهما أو مدح المصيب وعيب المخطئ لما فيه كسر قلبه وألفت في عضده وتحجيله، وفي حديث أبي موسى الأشعري، قال: سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يثني على رجل ويطريه في المدح، فقال: «أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل» متفق عليه، وفي حديث أبي بكر - رضي الله عنه - أن رجلًا ذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأثنى عليه رجل خيرًا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ويحك قطعتَ عُنقَ صاحبك» يقوله مرارًا، الحديث متفق عليه. وعن المقداد أن رجلًا جعل يمدح عثمان - رضي الله عنه - فعمد المقداد فجثا على ركبتيه فجعل يحثو في وجهه الحصباء، فقال عثمان: ما شأنك؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأيتم المداحين فأحثوا في وجوههم التراب» رواه مسلم، وقال في «الفروع» : ويتوجه الجواز في مدح المصيب والكراهة في عيب غيره، قال: ويتوجه في شيخ العلم وغيره مدح المصيب من الطلبة وعَيب غيره كذلك، قال في «الإنصاف» : قلت: إن كان مدحه يفضي إلى تعاظم الممدوح أو كسر قلب غيره قوي التحريم وإن كان فيه تحريض على الاشتغال ونحوه

قوي الاستحباب. اهـ. قال النووي بعد إيرداه لأحاديث النهي عن المدح، وجاء أحاديث كثيرة في الإباحة صحيحة، قال العلماء: وطريق الجمع بين الأحاديث أن يقال إن كان الممدوح عنده كمال إيمان ويقين ورياضة نفس ومعرفة تامة بحيث لا يفتتن ولا يغتر بذلك ولا تلعب به نفسه فليس بحرام ولا مكروه، وإن خيف عليه شيء من هذه الأمور كره مدحه في وجهه كراهة شديدة وعلى هذا التفصيل تنزل الأحاديث المختلفة في ذلك. ومما جاء في الإباحة قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر - رضي الله عنه -: «أرجو أن تكون منهم» أي من الذين يدعون من جميع أبواب الجنة لدخولها، وفي الحديث الآخر: «لست منهم» أي لست من الذين يسبلون أزرهم خيلاء، وقال - صلى الله عليه وسلم - لعمر - رضي الله عنه -: «ما رآك الشيطان سالكًا فجًا إلا سلك فجًا غير فجك» اهـ. ويمنع كل من الكلام الذي يغيظ صاحبه كأن يرتجز ويفتخر ويتبجح بالإصابة أو يعنف صاحبه على الخطأ ويظهر أنه يعلمه، وكذا حاضر معهما يمنع من ذلك، ومن قال لآخر: إرم عشرة أسهم؛ فإن كان صوابك فيها أكثر من خطئك فلك درهم، صح؛ لأنه جعل الجعل في مقابلة إصابة معلومة؛ فإن كان أكثر العشرة أقله ستة وليس ذلك مجهولًا؛ لأنه بالأقل يستحق الجعل، ولا يصح عكسه بأن قال له: إرم عشرة أسهم فإن خطأتها فعليك درهم، لم يجز؛ لأن الجعل يكون في مقابلة عمل ولم يوجد من القائل عمل يستحق به شيئًا، وإن قال: إرم عشرة فإن كان صوابك أكثر فلك بكل سهم أصبت بدرهم صح، أو قال: إرم هذا السهم فإن أصبت به فلك درهم صح ولزمه؛ لأنه جعالة. من النظم فيما يتعلق بالسبق

وفي الأجود إجعل لاستباق جعالة فإن رضيا التزييد فيه فزيد وكل له قبل الشروع كبعده إن تساووا وأبطال وإلا لأزيد ويفسخ في ذا الوجه من موت عاقد وإلا فموت الحتم تعيينه قد ولا يأخذن بالجعل رهنًا وضامنًا وإن قلت بالإلزام فاعكس تسدد فمن موت فرد الراميين وواحد من الحاملين أبطل ولا تتردد وما تلف الرأسين يا صاح مبطل ولا موت ركاب الجواد بمفسدِ ووارث كل قائم بمقامه وإلا أقم من إرثه عنه وارفد ويحصل سبق الخيل بالرأس ثم مع تخالف أعناق بكتف كجلمد ولا تجنين مع سابق فرسًا ولا تجلِّب عليه بالصياح الملدد وهذا بيانٌ للنضالِ وإنَّه هو القوةُ احْرَصْ في اقتباسِكَ واجهدِ ومَعْرفَةُ الرَّمي اشتراط في جَمِيعِهِمِ وفي كُلّ مَن لا يُحْسنُ الرَّمْيَ أفْسِدِ واسْقِط مِن الباقِينَ مَن بإزائه

س70: تكلم بوضوح عن العارية مبينا وجه اشتقاقها، وما هي؟ وما الأصل فيها؟ وما أركانها؟ وما الذي يشترط لصحتها؟ وما يشترط في المعير؟ وما الذي يشترط في المستعير؟ وأيهما أوسع العارية أو الإجارة أو الجعالة؟ وبأي شيء تنعقد ولماذا ذكرت بعد الإجارة؟ وهل هي عقد تمليك أو إباة أو هبة؟ ومتى تحرم؟ ومتى تجب؟ ومتى تستحب؟ ومتى تباح؟ ومتى تكره؟ ولماذا أخرها عن الإجارة؟ واذكر شيئا من محاسنها ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

ولا فَسْخَ في الأقْوَى ومَنْ شاءَ يَرْدُدِ وتَعْدَادُ رَشْقٍ والإصَابةُ فاشُتَرِطْ بِلَا نُدْرَةٍ كالاسْتِواء فيهِمَا اشهدِ وإن شَرَطَا للأبعَدِ الجُعْلَ لَم يَجُزْ إذ لم يُحَدَّدْ غَايةٌ فيهما اشْهدِ وَمِنْ غير ذكر القَوْسِ صَحِّحْ بمُبْعَدٍ وَوَحْدَهُ في نوْع وَمَا عُيّنَ احْدُدِ ولا تَشْتَرطْ إن يَسْتَوي عَدَدُ الرُّمَاةِ مِن الحِزُبيْنِ في المُتَجَوِّدِ ولكنْ تَسَاوى الرَّمْي ثم مُحَلِّلِ لِيَرْمِ كحزب واحد أو مُعَدِّدِ ويَحْصُلُ سَبْقٌ في البِداء بِحوْزةٍ كَخَمْسِ إصَاباتٍ مِن العَشْرِ فاشْهدِ إذا لم اسْتَوَوْا في رَمْيِهِم وَبشَرْطِهِم مُفاضَلةً مِنْهَا لِحَاوِي المُزَيَّدِ وإتْمَامُ رَشْقٍ هَاهُنَا لازِمٌ مَتَى يَكُنْ فِيهِ نَفْعٌ دُون مَا لَم يُقَيَّدِ ويَسْتَوْعِبْ إطلاقُ الإصَاباتِ كُلَّهَا وشَرْطُ الحَواصِل مُطْلقًا للتأكُّدِ وفي أيِّ وَصْفٍ لِلإصَابَةِ قَيَّدُوا تَقَيَّدَ نَيْل السَّبْقِ بالمُتَقيِّدِ وفي الفَرضِ اشْرطْ عِلمَ وَصْفٍ وَقدره وبَيْنَهُمَا اقرع عِنْدَ بُخْلٍ المُبتدِي وقَد قِيلَ قَدِّمْ مُخرجًا سَبقًا فَمَنْ بِوَجْهٍ بَدَا فالغَيْر بالثاني يَبْتَدي وإن شَرَطُوا إن يَبْتَدِي البَعْضُ دائمًا فَلغْوٌ وإن يَبْدَأ بلا شَرط إمْهد ويُشرع نَضْبُ اثنين تبدأ فرقه بوَجْهٍ وبالثاني الأخيرة تبتدي وإن سَهْمُ شَخْص حَلَّ موضعَه وقد أطارَتْهُ رِيْحٌ عُدَّ إن لم تقيد بِنَوْعِ إصَاباتٍ إذًا في وُجُوْدِهِ تُشَكُّ بَتقْدِيرِ التَعَالِيمِ يُعَدَّدِ ولا تَحسَبنَّ سَهْمًا طَرَافيه عَارضٌ كَرِيحٍ وكَسْرِ القَوْسِ يَا صَاحِ تَعْتَدِ وإن يَطْرَ وَقْتُ الرَّمْي غَيْثٌ وظُلْمَةٌ فَجوِّزْ إذا أرْجَا النِّضَالَ إلى الغَدِ وقد كَرِهُوا إفْرَادَ شخصٍ بمَدْحِهِ لإيْذَاء إثانٍ مِن أمينٍ وُشُهَّدِ ومحضُورٌ الشِطْرَنْجُ والنَّردُ مَيْسِرٌ بِجُعْلٍ وغَيْرِ الجُعْل في نَص أحْمَدِ 70- باب العارية س70: تكلم بوضوح عن العارية مبينًا وجه اشتقاقها، وما هي؟ وما الأصل فيها؟ وما أركانها؟ وما الذي يشترط لصحتها؟ وما يشترط في المعير؟ وما الذي يشترط في المستعير؟ وأيهما أوسع العارية أو الإجارة أو الجعالة؟ وبأي شيء تنعقد ولماذا ذكرت بعد الإجارة؟ وهل هي عقد تمليك أو إباة أو هبة؟ ومتى تحرم؟ ومتى تجب؟ ومتى تستحب؟ ومتى تباح؟ ومتى تكره؟ ولماذا أخَّرها عن الإجارة؟ واذكر شيئًا من محاسنها ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: العارية بتخفيف الياء وتشديدها، قيل: إنها مشتقة من عار إذا ذهب وجاء ومنه، قيل للبطال: عيار لتردده في بطالته، والعرب تقول: أعاره وعاره كأطاعه وطاعه، وقيل: من التعاور وهو التناوب، وقيل من العرو، قال الشاعر: وإني لتعروني لذكراك هزةٌ ... كما انتفض العصفور بلله القطر وقيل: من العري الذي هو التجرد لتجردها عن العوض كما تسمى النخلة الموهوبة عرية؛ لتعريها عنه. وقال الجوهري: العارية بالتشديد كأنها منسوبة إلى العارِ؛ لأن طلبها عار وعيب، وينشد: إنما أنفسنا عارية ... والعواري قصارى أن ترد واعترض عليه بأنه - صلى الله عليه وسلم - فعلها كما سيأتي إن شاء الله، ولو كانت عيبًا ما فعلها وبأن ألف العارية منقلبة عن واو؛ فإنَّ أصلها عورية وأما ألف العار فمنقلبة عن ياء بدليل عيرته بكذا، والعارة مثل العارية. قال ابن مقبل:

فأخْلِفْ وأتِلفْ إنما المال عَارَةٌ وكُلْهُ مَعَ الدهرِ الذي هو آكلُهْ والعارية: العين المأخوذة من مالك أو مالك منفعتها أو مأذونهما للانتفاع بها مطلقًا أو زمنًا معينًا بلا عوض من الآخذ لها أو من غيره والإعارة إباحة نفع العين وهو رفع الحرج عن تناول ما ليس مملوكًا له وليست هبة إذ الهبة تمليك يستفيد به التصرف في الشيء كما يستفيده فيه بعقد المعاوضة. والإعارة مشروعة بالكتاب والسُّنة والإجماع: أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى} وهي من البر، وفسر جمهور المفسرين قوله تعالى: {وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ} بما يستعيره الجيران بعضهم من بعض كالدلو والفأس والإبرة، وقال ابن عباس وابن مسعود هي العواري؛ وأما السُّنة: فروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في خطبته في حجة الوداع: «العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدين مقضي، والزعيم غارم» . قال الترمذي: حديث حسن غريب، وعن صفوان بن أمية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعا رنه يوم حنين أدرعًا، فقال: أغصبًا يا محمد؟ فقال: «بل عارية مضمونة» الحديث رواه أحمد وأبو داود. وعن أنس بن مالك قال: كان فزع المدينة فاستعار النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسًا من أبي طلحة يقال له: المندوب، فركبه، فلما رجع قال: «ما رأينا من شيء إن وجدنا لبحرًا» متفق عليه، وعن أبي مسعود قال: كنا نعد الماعون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عارية الدلو والقدر، وعن عائشة أنها قالت وعليها درع قطري ثمنه خمسة دراهم: «كان لي منهم درع على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما كانت امرأة تُقَيَّن بالمدينة إلا أرسلت إليَّ تستعيره» رواه البخاري وأحمد، وفي حديث جابر قلنا: يا رسول الله، وما حقها؟ قال: «إطراق فحلها وإعارة دلوها ومنحتها» الحديث رواه مسلم

وأحمد، واستعار - صلى الله عليه وسلم - مرة قصعة فضاعت فضمنها. وأجمع المسلمون على جواز العارية واستحبابها؛ ولأنها لما جازت هبة الأعيان جازت هبة المنافع؛ ولذلك صحت الوصية بالأعيان والمنافع، وتستحب الإعارة ولا تجب؛ لحديث: «إذا أدَّيتَ زكاة مالك فقد قضيت ما عليك» رواه ابن المنذر. ولحديث: «ليس في المال حق سوى الزكاة» ، وفي حديث الأعرابي الذي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: ماذا فرض الله عليه من الصدقة؟ قال: «الزكاة» قال: هل عليَّ غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع، والآية فسرها ابن عمر والحسن بالزكاة، وكذلك زيد بن أسلم، وأركانها أربعة: (1) معير، (2) مستعير، (3) معار، (4) صيغة، وتنعقد بكل قول أو فعل يدل عليها، كقوله: أعرتك هذا الشيء أو أبحتك الإنتفاع به أو يقول المستعير: أعرني هذا أو أعطنيه أركبه أو أحمل عليه فيسلمه المعير إليه ونحوه، كاسترجْ هذا الدابة وكدفعه الدابة لرفيقه عند تعبه وكتغطيته رفيقه بردائه إذا رآه به برْد وكتظليله به إذا رآه متضررًا من الشمس؛ لأنها من البر فصحت بمجرد الدفع كدفع الصدقة ومتى ركب الدابة أو السيارة أو الدراجة أو الدباب المعارة أو استبقى الكساء عليه كان ذلك قبولًا، قال في «الترغيب» : يكفي ما دل على الرضاء من قول أو عمل، كما لو سمع من يقول: أردت أن يعيرني كذا، فأعطاه كذا وشرط لصحة الإعارة أربعة شروط أحدها: كون عين منتفعًا به بها مع بقائها. قال في «نهاية التدريب» : وجائزٌ إعارةُ العَيْنِ الَّتِي تَبْقَى مَعَ استعمالِهَا إنْ حَلْتِ مثالها كالدور والعبيد والثياب والدواب ونحوها للأحاديث المتقدمة

فثبت ما في الأحاديث بالنص، والباقي قياسًا فدفع ما لا يبقى كطعام تُبرعَ من دافع؛ لأنه لا ينتفع به إلا مع تلف عينه؛ لكن إن أعطى الأطعمة والأشربة بلفظ الإعارة، فقيل: يحتمل أن يكون إباحة الانتفاع على وجه الإتلاف؛ فإن كان الطعام أو الشراب بلفظ عارية فهو قرض يجب على آخذ ردُّ بدله كما لو استعار دراهم لينفقها فثبت بذمته قرضًا. والشرط الثاني: كون معير أهلًا للتبرع شرعًا إذ الإعارة نوع من التبرع؛ لأنها إباحة منفعة: متَى يُعرْ مَنْ لِتَبَرُّعٍ صَلَحْ أهْل تَبَرُعَاتِهِ عليه صَحْ عينًا لِنَفْعِ لم تَكْنْ تُسْتَهْلَكُ بسَبَبِ اسْتِيْفَاءِ نَفْعٍ يمْلَكُ الشرط الثالث: كون مستعير أهلًا للتبرع له بتلك العين المعارة فلا تصح إعارة نحو مضارب كناظر وقف ووليّ يتيم لما بأيديهم من مال المضاربة والوقف واليتيم، ولا تصح إعارة مكاتب لما بيده بدون إذن سيده، ولا تصح إعارة لنحو صغير ومجنون ومعتوه بلا إذن وليه؛ لعدم أهليتهم، وصح في إعارة مؤقتة شرط عوض معلوم وتصير إجارة تغليبًا للمعنى كالهبة إذا شرط فيها ثواب معلوم كانت بيعًا تغليبًا للمعنى على اللفظ، فإذا أطلقت الإعارة أو جهل العوض فإجارة فاسدة، وفي «التلخيص» : لو أعاره عبده أو نحوه على أن يعيره الآخر فرسه أو نحوه ففعلا فإجارة فاسدة لا تضمن للجهالة؛ لأنهما لم يذكرا مدة معلومة ولا عملًا معلومًا، قال الحارثي: وكذلك لو قال أعرتك هذه الدابة لتعليفها أو هذا العبد لتمونه وإن عينا المدة والمنفعة صحت إجارة لما تقدم.

فائدة: قال المرودي: قلت لأبي عبد الله: رجل سقط منه ورقة فيها أحاديث وفوائد فأخذتها فترى أن أنسخها وأسمعها؟ قال: لا، إلا بإذن صاحبها. وتصح إعارة نقد من ذهب أو فضة وكمكيل وموزون؛ فإن استعار النقد لينفقه أو أطلق أو استعار المكيل أو الموزون ليأكله وأطلق فقرض؛ لأن هذا معنى القرض وهو مغلب على اللفظ ولا تكون استعارة النقد لما يستعمل فيه مع بقائه قرضًا، بل عارية كما لو استعار النقد للوزن أو ليرهنه أو يعاير عليه؛ فإنها تصح كالإجارة لذلك، وكذا المكيل والموزون. والشرط الرابع: كون نفع عين مباحًا لمستعير؛ لأن الإعارة إنما تبيح له ما أباحه له الشارع، فلا يصح أن يستعير إناء من النقدين الذهب والفضة ليشرب فيه لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب في إناء الذهب والفضة، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم» ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في آنية الذهب والفضة: «ولا تأكلوا في صحافها؛ فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة» ، ولا يصح أن يستعير حليًا محرمًا على رجل ليلبسه الرجل أو ثياب أنثى ليلبسها الرجل أو بالعكس لتحريم التشبه، ولا خاتم ذهب لرجل لتحريم لبسه على الرجل ولا أمة ليطأها حيث صحت الإستعارة من أجله، ولو لم يصح الاعتياض عن النفع المباح كإعادة كلب لصيد أو ماشية وفحل لضراب؛ لأن نفع ذلك مباح ولا محظور في إعارتهما، والمنهي عنه هو العوض المأخوذ في ذلك، ولذلك امتنعت إجارته؛ ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر في حق الإبل والبقر والغنم إطراق فحلها والإعارة أوسع من الجعالة؛ لأن الجعالة نوع من الإجارة فتصح إعارة الكلب، ولا يصح أن يكون عوضًا جعالة وباب الجعالة أوسع من باب الإجارة؛ لأن الجعالة تصح على العبادة كالأذان والإمامة ولا كذلك الإجارة، وتجب إعارة المصحف لمسلم محتاج لقراءة فيه ولم يجد غيره، وهذا

إن لم يكن مالكه محتاجًا إليه وخرج بعض العلماء وجوب إعارة الكتب لمحتاج إليها من القضاة والحكام وأهل الفتاوى، وتجب إعارة كل شيء مضطر إليه مع بقاء عينه إذ دفع الضرر عن المعصوم واجب وإذا لم يندفع ضرره إلا بالإعارة، فالإعارة واجبة، ويأتي في الأطعمة أن من اضطر إلى نفع مال الغير وجب بذله له مجانًا مع بقاء عينه وعدمحاجة ربه إليه، وقال ابن الجوزي: ينبغي لمن ملك كتابًا أن لا يبخل في إعارته لمن هو أهله وكذلك ينبغي إفادة الطالب بالدلالة على الأشياخ وتفهيم المشكل. انتهى. قلت: هذا إذا كان من الكتب النافعة المستقيم أصحابها وكذا الأشياخ، وتحرم إعارة قن مسلم لكافر لخدمة الكافر كما تحرم إجارته لها؛ فإن أعاره أو أجرة العمل في الذمة غير الخدمة صحتا وتقدم، وتحرم إعارة صيد لمحرم؛ لأن إمساكه له محرم كما تحرم إعارة ما يحرم استعماله لشخص ممنوع شرعًا كنحو طيب أو مخيط لمحرم؛ لأنه معاونة على الإثم والعدوان؛ فإن أعار الصيد للمحرم فتلف بيد المحرم ضمنه لله الجزاء وللمالك بالقيمة. وتحرم إعارة آنية لمن يتناول بها محرمًا من نحو خمر ويحرم إعارة سينماء ويحرم إعارة تلفزيون ومذياع وآلة تصوير؛ لأنها من المحرمات وإعارتها إعانة على الإثم والعدوان نشر للفساد وتشجيع على المعاصي المتعدي ضررها وتعظيم لأعداء الله، ومن تأمل هذه المنكرات حق التأمل علم أنها من مكائد الشيطان وخيله وأصواته ولم يتوقف في تحريمها والمنع منها ولا عبرة بمن زين له اقتناؤها واتبع هواه واستحسنها واستعملها، قال ابن القيم –رحمه الله-: إذا أشكل حكم شيء هل هو الإباحة أو التحريم؟ فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته؛ فإن كان مشتملًا على مفسدة راجحة ظاهرة، فإنه يستحيل على الشارع الأمر به أو إباحته، بل العلم بتحريمه قطعي ولاسيما إذا كان طريقًا مفضيًا إلى ما يغضب الله ورسوله

موصلًا إليه عن قريب. انتهى. ويحرم إعارة أمة أو عبد لغناء أو نوح أو زمر أو نحو ذلك من المنكرات، ويحرم إعارة مركوب لمن يريد الخروج عليه ويترك حضور الجمعة أو الجماعة إذا كان ممن وجبت عليه وليس بآت بها في طريقه؛ لأن إعارته والحالة هذه إعانة على معصية الله، قال الله تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ، ويحرم إعارة شيشة لمن يشرب بها دخانًا ويحرم إعارة مكينة أو موسى لمن يحلق بها لحيته، ويحرم إعارة الصور وتقدم الأدلة الدالة على تحريمها، ويحرم إعارة دماميم وهي الطول المستعملة في الغناء لما تقدم، ويحرم إعارة مسجل ليسجل به الغناء المحرم، ويحرم إعارته لاستمتاع ما سجل به من الأغاني المحرمة. عن عبد الرحمن بن غنم قال: حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري سمع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف» أخرجه البخاري، وفي لفظ: «ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير» رواه ابن ماجه، وعن عمران بن حصين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف» ، فقال رجل من المسلمين: يا رسول الله، ومتى ذلك؟ قال: «إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور» رواه الترمذي، وفي حديث أبي هريرة: «وظهرت القيان والمعازف وشربت الخمور، ولعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحًا حمراء وزلزلة وخسفًا ومسخًا وقذفًا وآيات تتابع كنظام انقطع سلكه فتتابع» رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب. وعن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تبيت طائفة من أمتي على أكل وشرب ولهو ولعب، ثم يصبحون قردة وخنازير ويبعث الله على أحياء من أحيائهم ريحًا فتنسفهم كما نسف من كان قبلكم

باستحلالهم الخمور وضربهم بالدف واتخاذهم القينات» رواه أحمد، وعن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله بعثني رحمة وهدى للعالمين وأمرني أن أمحق المزامير والكبارات -يعني البرابط والمعازف- والأوثان التي كانت تعبد في الجاهلية» رواه أحمد. ويحرم إعارة إناء نقد ذهب أو فضة، ويحرم إعارة سلاح في فتنة، وإعارة دابة وسيارة ودراجة ودبابة لمن يؤدي عليها محرمًا، ويحرم إعارة دار أو دكان أو حجرة أو نحو ذلك لمن يفعل فيها معصية أو لمن يتخذها كنيسة أو يشرب فيها مسكرًا أو دخانًا أو شيشة أو للمغنين أو المطربين أو لحلاق اللحى ورؤوس النساء، وتحرم إعارة البضع؛ لأنه لا يباح إلا بملك اليمين أو نكاح، وتحرم إعارة أمة جميلة لرجل غير محرم وإن كانت إعارتها لصبي أو امرأة أو محرم جاز؛ لأنه مأمون عليها، وتحرم إعارة امرأة جميلة. وقديمًا قيل: لا يأمنن على النساء أخ أخًا ما في الرجال على النساء أمينُ حُرُّ الرجال وإنْ تَعَفَّفَ جُهْده لابُدَّ أنَّ بِنظرة سَيَخُونُ وقال القحطاني: لا تَخْلُ بامرأة لَدَيْكَ بريْبَةٍ لو كُنْتَ في النُّسَاك مِثلَ بَنَانِ إنَّ الرجَال الناظرينَ إلى النسا مثلُ الكِلابِ تطُوفُ باللُّحْمَانِ إن لم تصُنْ تلكَ اللحُّومَ أسُودُها أكِلتْ بلَا عَوضٍ ولا أثمان

وتحرم إعارة أمرد لغير مأمون كما تحرم إجارتهما للعزاب الذين لا نساء لهم من قرابات ولا زوجات لما فيه من التعرض للخلوة بالأجنبية، وتحرم الخلوة بالأجنبيات كغير المعارة؛ لما ورد عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يبتن رجل عند امرأة ثيب إلا أن يكون ناكحًا أو ذا محرم» رواه مسلم. وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والدخول على النساء» ، فقال رجل: يا رسول الله، أرأيت الحمو؟ قال: «الحمو الموت» متفق عليه. ويحرم النظر إلى الأجنبية لغير حاجة شرعية، وكذا الأمرد، ويحرم أن تعار الأمة للاستمتاع بها في وطء ودواعيه؛ لأنه لا يباح إلا بملك اليمين أو بالنكاح؛ فإن وطئ المستعير الأمة المعارة مع العلم بالتحريم، فعليه الحد لانتفاء الشبهة إذن، وكذا هي يلزمها الحد إن طاوعته عالمة بالتحريم وولده رقيق تبعًا لأمه ولا يلحقه نسبه؛ لأنه ولد زنا وإن كان وطئ جاهلًا بأن اشتبهت عليه بزوجته أو سريته أو جهل التحريم لقرب عهده بالإسلام فلا حد عليه؛ لحديث: «أدرأوا الحدود بالشبهات» . وكذا لا حد عليها إن جهلت أو أكرهت وولده حر ويلحق به للشبهة وتجب قيمته يوم ولادته على المستعير للمالك؛ لأنه فوته عليه باعتقاده الحرية ويجب مهر المثل وأرش البكارة في وطئه عالمًا أو جاهلًا ولو مطاوعة؛ لأن المهر للسيد فلا يسقط بمطاوعة الموطوءة إلا أن يأذن السيد في الوطء فلا مهر ولا أرش ولا فداء للولد؛ لأنه أسقط حقه بإذنه، وأما إعارة الأمة للخدمة فإن كانت برزة أو شوهًا، والشوهاء العابسة الوجه القبيحة المنظر، قال الشاعر: اكْرِمْ بشَوْهَاء مَا همَّتْ بفَاحِشَةٍ غَدَتْ على الغَزْل لَيْسَتْ تَعْرِفُ الغَزَلَا وقال الحطيئة:

أرى ثَمَّ وَجْهًا شَوَهَ اللهُ خَلْقَهُ فُقُبَّح مِن وَجْهٍ وقُبِّحَ حَامِلُه ويقال أيضًا: شوهاء للمليحة الحسناء. وروي عن منتج بن نبهان قال: امرأة شوهاء رائعة الحسن، وفي الحديث: «بينا أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة شوهاء إلى جنب قصر، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر» . وقال الشاعر: وبِجَارَتِي شَوْهَاءَ تَرْقُبُنِي وَحَمًا يظل بمنبذ الحِلْس والبرزة من النساء: المرأة تبرز للقوم يجلسون إليها ويتحدثون عنها وهي مع ذلك عفيفة عاقلة، ويقال: برزة موثوق برأيها وعفافها، وقال في «النهاية» : وفي حديث أم معبد وكانت برزة تحتبي بفناء القبة، يقال: امرأة برزة إذا كانت كهلة لا تحتجب احتجاب الشواب، وهي مع ذلك عفيفة عاقلة تجلس للناس وتحدثهم من البروز، وهو الظهور والخروج، فإعارتها إذا كانت برزة وشوهاء جائزة فلسيدها أن يعيرها مطلقًا للأمن عليها، والذي تميل إليه النفس المنع من ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم. وتكره إعارة أصله كأبيه وأمه وجده وجدته وإن علوا لخدمته؛ لأنه يكره للولد استخدام أحدهم فكرهت استعارته، والذي تميل إليه نفسي التحريم، والله أعلم. ووجه ذكرها بعد الإجارة؛ لأن كلًا منهما استيفاء منفعة ولاتحاد شرط ما يؤجر وما يعار؛ ولذا قيل: كل ما جازت إجارته جازت إعارته. واستثنى من ذلك بعض الفروع، من محاسن العارية أنها إحسان إلى من تحققت حاجته غالبًا وقصرت قدرته لقصور يده عن ملك العين فلا يمكن قضاء حاجته بالعين؛ لعدم الملك لها ولا بالإجارة لعدم الأجرة، وربما كان

مضطرًا، وقد حث الله على الإحسان وأخبر أنه يحب المحسنين، وهي نوع من الإحسان. ثانيًا: أنه إحسان مع بقاء العين للإنسان. ثالثًا: أن الإعارة سبب لتآلف بين المسلمين وسبب لمحبة بعضهم لبعض. رابعًا: أنها سبب لصيانة غيره مما ابتلى به من ملك اليمين. خامسًا: أن المستعير بعيد عن الكبر والعجب. سادسًا: أنها خلف عن الهبة فإذا لم يسامحه بتمليك العين سامحه بتمليك المنفعة. سابعًا: ربما كانت سببًا لبذلها للمستعير دوامًا وذلك بتمليكه لها. ثامنًا: الخروج عن من ذمهم الله جل وعلا بقوله: {وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ} فقد روي عن ابن عباس وابن مسعود - رضي الله عنهم - قال: العواري، وفسرها ابن مسعود، قال: القِدر والميزان والدلو. تاسعًا: البعد عن البخل والشح. عاشرًا: مخالفة المجوس واليهود، فالمجوس أحرص الناس على حطام الدنيا فلحرصهم لا يتصدقون ولا يعيرون، واليهود أخس طبيعة ولازمهم البخل لزوم الظل للشمس فلخساستهم ونذالتهم ورذالتهم وسائر خصالهم الذميمة لا يرون ذلك إحسانًا، عصمنا الله تعالى وجميع المسلمين من سفساف الأمور وشح الصدور.

س71: تكلم بوضوح عما يلي: الرجوع في العارية من نحو إناء أو سفينة، الرجوع في الإعارة للأرض قبل دفن الميت، الرجوع في الزرع قبل أوان الحصاد، إذا سقط الخشب عن الحائط المعار فهل يعاد، إذا حدد وقت العارية ومضى الأمد فهل له الانتفاع أم لابد من إذن جديد، ووضع ما يترتب على ذلك وحكم ما إذا كانت الإعارة مطلقة أو مقيدة وفيما إذا أعار أرضا لغرس أو بناء وشرط قلعه بوقت أو حال رجوع، وهل يلزم تسوية الحفر؟ وضح ذلك واذكر ما يترتب عليه واذكر المحترزات والشروط والأدلة والتعليلات والخلاف والترجيح.

71- الرجوع في العارية وما حول ذلك من المسائل س71: تكلم بوضوح عما يلي: الرجوع في العارية من نحو إناء أو سفينة، الرجوع في الإعارة للأرض قبل دفن الميت، الرجوع في الزرع قبل أوان الحصاد، إذا سقط الخشب عن الحائط المعار فهل يعاد، إذا حدد وقت العارية ومضى الأمد فهل له الانتفاع أم لابد من إذن جديد، ووضع ما يترتب على ذلك وحكم ما إذا كانت الإعارة مطلقة أو مقيدة وفيما إذا أعار أرضًا لغرس أو بناء وشرط قلعه بوقت أو حال رجوع، وهل يلزم تسوية الحفر؟ وضح ذلك واذكر ما يترتب عليه واذكر المحترزات والشروط والأدلة والتعليلات والخلاف والترجيح. ج: يصح رجوع معير في عارية ولو قبل أمد عينه؛ لأن المنافع المستقبلة لم تحصل في يد المستعير؛ لأنها تستوفي شيئًا فشيئًا، فكلما استوفى شيئًا فقد قبضه والذي لم يستوفه لم يقبض فجاز الرجوع فيه كالهبة قبل القبض. وجائزٌ توقيتُها إلى أجَلْ كذ الرجُوعُ قبل أن يُقْضَي الأجَلْ إلا أن يأذن المعير في شغل المعار بشيء في حال يستضر المستعير برجوع المعير في العارية فلا يصح رجوعه لما فيه من الضرر فمن أعار سفينة لحمل أو لوحًا لرفع سفينة فرفعها به وولج في البحر، فليس له الرجوع في العارية والمطالبة في السفينة ما دامت في اللجة حتى ترسي؛ لما فيه من الضرر، وكذا لو أعاره طائرة أو آلة من آلاتها فما دامت في الجو تطير متوجه فليس له الرجوع فيها ولا في الآلة التي يخل أخذها بها حتى تقع، فإذا وقعت فله الرجوع وله الرجوع في السفينة المعارة قبل دخولها البحر؛ لانتفاء الضرر وله الرجوع

في الطائرة قبل أن تطير لانتفاء الضرر، وليس لمن أعار أرضًا للدفن الرجوع حتى يبلى الميت ويصير رميمًا؛ لما فيه من هتك حرمته. وقال المجد في «شرحه» : بأن يصير رميمًا، ولم يبق شيء من العظام في الموضع المستعار، وللمعير الرجوع قبل الدفن لانتفاء الضرر ولا أجرة على مستعير منذ رجع المعير إلى زوال الضرر عن المستعير حيث كان الرجوع يضر به إذن ولا إذا أعار لغرس أو بناء، ثم رجع إلى حين تملكه بقيمته أو قلعه مع ضمان نقصه أو بقائه إذا أبى المعير ذلك إلى أن يتفقا ويأتي إن شاء الله تعالى؛ لأنه لا يملك الرجوع في عين المنفعة فيما إذا أضر بالمستعير إذن فلا يملك طلب بدلها كالعين المرهونة؛ ولأنه فيما إذا لم يأخذ الغرس أو البناء بقيمته أو يقلعه مع ضمان نقصه كان إبقاؤه في أرضه من جهته فلا يملك طلب المستعير بالأجرة كما قبل الرجوع إلا في الزرع إذا رجع المعير قبل أوان حصاده وهو لا يحصد قصيلًا؛ فإن له أجرة مثل الأرض المعارة من حين رجع إلى حين الحصاد لوجوب تبقيته في أرض المعير إلى أوان حصاده قهرًا عليه؛ لكونه لم يرض بذلك بدليل رجوعه، ولأنه لا يملك أن يأخذ الزرع بقيمته؛ لأن له أمدًا ينتهي إليه وهو قصير بالنسبة إلى الغرس فلا داعي إليه ولا أن يقلعه ويضمن نقصه؛ لأنه لا يمكن نقله إلى أرض أخرى بخلاف الغرس وآلات البناء؛ لأن المستعير إذا اختار قلع زرعه ربما يفوت المالك الانتفاع بأرضه في ذلك العام فيحصل له بذلك ضرر فيتعين أن يبقى بأجرة مثله إلى حصاده جمعًا بين الحقين، ولا يرجع معير دابة أو سيارة لعاجز عن المشي صار ببرية منقطعة؛ لأن رجوعه يضر بالمستعير والضرر يزال كمن أعار سفينة وصارت في لجة البحر، وأراد أخذها قبل أن ترسي فيمنع من ذلك إزالة لضرر المستعير، وإن دفن ميت في أرض معارة وأخرجه سبع أو نحوه، فقيل: لا يعاد في محله في الأرض

المعارة بلا إذن صريح من مالك؛ لأن عقد العارية انقضى بتفريغ المعارة فلا تشغل ثانيًا بدون إذن مالكها، ومن أعار ثوب صلاة عريانًا بعد الشروع فيما يمنع المعير من الرجوع في الثوب قبل [غير واضح بالأصل] كإعارة جدار لحمل أطراف خشب عليه لمحتاج إلى تسقيف ولم يمكن التسقيف إلا بوضع خشبه على جدار جاره ولا ضرر فوضع الخشب وبنى عليه أو أعار حائط لتعلية سترة عليه وبنيت السترة ولم يتضرر رب الحائط، فإنه يمنع المعير من الرجوع ما دام الخشب أو بناء السترة عليه؛ لما فيه من الضرر على المستعير، ولأن العارية وقعت لأزمة ابتداء. وإن قال: أنا أدفع إليك ما ينقص بالقلع لم يلزم المستعير ذلك؛ لأنه إذا قلعه انقطع ما في ملك المستعير منه ولا يجب على المستعير قلع شيء من ملكه بضمان القيمة، وللمعير الرجوع في حائطه قبل وضع الخشب وبعد وضعه قبل أن يبني عليه لانتفاء الضرر، فإن خيف سقوط الحائط بعد وضع خشب عليه لزم إزالته؛ لأنه يضر بالمالك، والضرر لا يزال بالضرر، وإن لم يخف على الحائط السقوط؛ لكن استغنى المستعير عن إبقاء الخشب عليه لم يلزم المستعير إزالته لما فيه من الضرر وإن سقط الخشب عن الحائط المعار لوضعه أو سقطت السترة لهدم الجدار أو غير الجدار كما لو سقط الخشب عن الحائط أو السترة مع بقاء الحائط لم يعد الخشب ولا السترة؛ لأن العارية ليست بلازمة وإنما امتنع الرجوع قبل السقوط؛ لما فيه من الضرر بالمستعير بإزالة المأذون في وضعه، وقد زال إلا بإذن المعير أو عند الضرورة بأن لا يمكن التسقيف إلا به إن لم يتضرر الجدار سواء أعيد الحائط بآلته الأولى أو أعيد بغيرها؛ لأن العارية لا تلزم، ومن أعار حجرًا بنى عليه إعارته مدة مؤقتة ثم انقضت يخير المعير بين أخذه أو أخذ قيمته إلا إذا كان في قلعه ضرر فيبقى إلى أن يسقط بنفسه أو يخرجه المستعير قياسًا على الجدار.

ومدة الإعارة إما مطلقة وإما مقيدة؛ فإن أطلقها المعير فلم يقيدها بزمن فللمستعير أن ينتفع بالعارية ما لم يرجع، وإن وقتها المعير فللمستعير أن ينتفع بالعارية ما لم يرجع المعير أو ينقضي الوقت، فإذا انقضى الوقت امتنع عليه الانتفاع إلا بإذن جديد لإنتهاء مدة الإعارة؛ فإن كان المعار أرضًا وانقضت مدة الإعارة لم يكن للمستعير أن يغرس ولا يزرع بعد الوقت الذي حدث به الإعارة أو بعد الرجوع في الإعارة وإن فعل شيئًا من ذلك فحكمه حكم الغاصب على ما يأتي تفصيله، ومن أعير أرضًا لغرس أو بناء وشرط المعير على المستعير قلعه أي الغراس أو البناء بوقت عينه له أو شرط القلع حال رجوع ثم رجع المعير لزم المستعير قلع ما غرسه أو بناه عنده أي عند الوقت الذي ذكره أو عند رجوع المعير وظاهره وإن لم يؤمر أي ولو لم يأمره المعير بالقلع؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمنون على شروطهم» قال في «الشرح» : حديث صحيح، ولأن المستعير داخل في العارية بالتزام الضرر الذي دخل عليه ولا يلزم رب الأرض نقص الغراس والبناء ولا يلزم المستعير تسوية الأرض إذا حصل فيها حفر بلا شرط المعير على المستعير ذلك لرضاه بذلك حيث لم يشترط على المستعير، فإن شرطه عليه لزمه لدخوله على ذلك وحيث لا شرط من المعير قلع غرسه وبناؤه بوقت أو رجوع ولم يلزم المستعير القلع إلا أن يضمن له المعير النقص لمفهوم قوله –عليه الصلاة والسلام-: «ليس لعرق ظالم حق» والمستعير إنما حصل غراسه أو بناؤه في الأرض بإذن ربها ولم يشترط عليه قلعه فلم يلزمخ لدخول الضرر عليه بنقص قيمة ذلك؛ ولأن العارية عقد إرفاق ومعونة وإلزامه وإلزامه بالقلع مجانًا يخرجه إلى حكم العدوان والضرر، ومتى أمكن القلع من غير نقص أجبر عليه المستعير ولو قلع المستعير غراسه وبناءه باختياره سوى الأرض من الحفر وجوبًا؛ لأنها حصلت بفعله لتخليص ماله من ملك

غيره من غير إلجاء أشبه المشتري إذا أخذ غرسه أو بناءه من المشفوع ومتى لم يمكن قلعه بلا نقص وأباه مستعير في الحال التي لا يجبر فيها بأن كان عليه ضرر ولم يشترط عليه فللمعير أخذ الغراس أو البناء قهرًا بقيمته كالشفيع ما لم يختر مستعير قلعه وتفريغ الأرض في الحال وإن قال مستعير: أنا أدفع قيمة الأرض لتصير لي لم يلزم المعير؛ لأن الغراس والبناء تابع للأرض ولذلك يتبعها الغراس والبناء في البيع ولا تتبعهما فيه، ولمعير قلع الغراس والبناء جبرًا ويضمن المعير نقصه؛ لأن في ذلك دفعًا لضرره وضرر المستعير وجمعًا بين الحقين ومؤنة القلع على المستعير كالمستأجر وليس لمستعير إبقاء البناء والغراس بالأجرة ما لم يرض المعير؛ فإن رضي بإبقائه بالأجرة جاز؛ لأن الأرض ملكه وله التصرف بها كيف شاء كما لو غرس أو بنى مشتر أرضًا، ثم فسخ عقد البيع بنحو عيب وجده المشتري بالأرض كأن وجدها سبخة أو مأوى للصوص أو فسخ العقد بتقايل فلرب الأرض تملك الغراس أو البناء بقيمته قهرًا أو قلعه وضمان نقصه للمشتري، وكما في إنسان بائع أرضًا من مفلس فغرس فيها أو بنى ثم رجع بائع الأرض، فللمفلس والغرماء القلع فإن أبوا القلع وطلب البائع التملك بالقيمة ملكه، وكذا إذا طلب القلع مع ضمان النقص، وكما لو اشترى مشتر أرضًا بعقد فاسد وغرس فيها أو بنى ثم ردت إلى ملكها فللغارس قلع غراسه؛ فإن أبى القلع فلرب الأرض تملكه بالقيمة أو القلع، ويضمن النقص وما ذكر من التملك والقلع ما لم يرض المعير والمستعير بإبقاء البناء أو الغراس في الأرض المعارة المؤجرة؛ لأن الحق لهما لا يعدوهما فإن أجريا عقد الإجارة صح من حينئذ ولا أجرة لما مضى. فإن أبى معير الأخذ بالقيمة والقلع مع ضمان النقص لم يجبر عليه، وكذا لو امتنع مستعير من دفع أجرة الغراس والبناء ومن القلع لم يجبر عليه،

وبيعت أرض بما فيها من غرس أو بناء عليها إن رضي المعير والمستعير أو رضي به أحدهما ويجبر الآخر بطلب من رضي؛ لأنه طريق لإزالة المضارة وتحصيل مالية كل منهما، وإذا بيعا دفع لرب الأرض من الثمن قيمتها فارغة من الغراس والبناء ودفع الباقي من الثمن للآخر وهو رب الغراس أو البناء ولكل من رب أرض وغراس وبناء بيع ماله منفردًا من صاحبه وغيره ويكون مشتر كبائع فيما تقدم، فيقوم المشتري لشيء من ذلك مقام البائع فمشتري الأرض بمنزلة المعير ومشتر الغراس والبناء بمنزلة المستعير على التفصيل السابق، وكذا الإجارة وإن أبى المعير والمستعير البيع ترك الغراس والبناء بحاله واقفًا في الأرض حتى يصطلحا؛ لأن الحق لهما والأجرة على المستعير من حين رجوع معير به نظير بقاء غرس وبناء في معارة ما دام الأمر موقوفًا ولا أجرة أيضًا للمعير في سفينة في لجة بحر ولا أجرة له من حين رجوع في أرض أعارها لدفن قبل أن يبلى؛ لأن بقاء هذه بحكم العارية فوجب كونه بلا أجرة كالخشب على الحائط، ولأنه لا يملك الرجوع في عين المنفعة المذكورة لإضراره بالمستعير إذن فلا يملك طلب بدلها كالعين الموهوبة وكعارية شقص بيع بعقد فاسد إذا غرس فيه المشتري أو بنى حكمه حكمها فلا يملك البائع قلعه من غير ضمان نقصه لتضمنه إذًا قاله في «الإنصاف» و «المحرر» ، ولا أجرة له وله تملك بالقيمة كغرس المستعير لا ما استؤجر بعقد فاسد، فإن حكمه حكم المأجور بعقد صحيح من أنه يلزم المستأجر أجرة المثل مدة وضع يده عليه، ولمعير مع تبقية الغراس والبناء الانتفاع بأرضه؛ لأنه يملك عينها ومنفعتها على وجه لا يضر بما فيها من غرس المستعير وبنائه لاحترامهما بإذن المعير في وضعهما ولمستعير غرس الأرض الدخول لسقي الغراس والزرع وله الدخول لإصلاح ولأخذ ثمر؛ لأن الإذن في فعل شيء إذن فيما يعود

س72: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: من القول قوله في مدة الإعارة، ما يترتب على ذلك، من حمل السيل إلى أرضه، بذر غيره أو غراسه أو نواه فنبت أو حمل أرضا بغراسها إلى أرض أخرى وبمن يقاس المستعير في استيفاء النفع، ما يترتب على ذلك من أحكام، وأمثلة حكم، تعيين نوع الانتفاع، السفر بالدابة أو السيارة المستعارة، إعارة ما استعير أو إجارته إذ ترتب على ذلك تلف، ومتى تضمن العارية، وإذا اشترط نفي ضمانها فما الحكم؟ وهل الموقوف في الضمان كغيره؟ وهل غير المنقول كالمنقول؟ وما الذي لا يضمن من العواري؟ واذكر

بصلاحه، ولا يجوز لمستعير الدخول لغير حاجة كتفرج وكمبيت فيها؛ لأن لا يعود بصلاح ماله؛ لأنه ليس بمأذون فيه نطقًا ولا عرفًا وهذا فيما إذا كانت محوطة، فإنه ممنوع منه إذ غير المحوطة لا يمنع داخلها لتفرج ونحوه إن لم يضر بها، فإن أضر منع وإن كانت البساتين مغلقة الأبواب محوطة فيحرم الدخول بدون إذن وكذا إذا كانت منظورة؛ لأن التحويط علامة على عدم الإذن في الدخول. وإن غرس مستعير أو بنى فيما استعاره بعد رجوع معير فغاصب أو غرس أو بنى بعد أمد العارية المؤقتة ولو لم يصرح بعده بالرجوع فغاصب؛ لأن الإذن في الإنتفاع إذا وقت بزمن تقيد به، وكذا إذا جاوز مستعير دابة أو سيارة مسافة قدرت فغاصب لتصرفه في مال غيره بغير إذنه أشبه ما لو قهره على ذلك لزوال الإعارة بالرجوع وبانتهاء وقتها إذا قيدت. 72- مسائل تتعلق في مدة الإعارة ونفع الإعارة وضمانها والتصرف فيها س72: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: مَن القول قوله في مدة الإعارة، ما يترتب على ذلك، من حمل السيل إلى أرضه، بذر غيره أو غراسه أو نواه فنبت أو حمل أرضًا بغراسها إلى أرض أخرى وبمن يقاس المستعير في استيفاء النفع، ما يترتب على ذلك من أحكام، وأمثلة حكم، تعيين نوع الانتفاع، السفر بالدابة أو السيارة المستعارة، إعارة ما استعير أو إجارته إذ ترتب على ذلك تلف، ومتى تضمن العارية، وإذا اشترط نفي ضمانها فما الحكم؟ وهل الموقوف في الضمان كغيره؟ وهل غير المنقول كالمنقول؟ وما الذي لا يضمن من العواري؟ واذكر

الدليل والتعليل والشروط والمحترزات والتفاصيل والخلاف والترجيح. ج: يقبل قول مالك في مدة بأن قال المالك: أعرتكها سنة، فقال المستعير: بل سنتين، فقول مالك؛ لأن الأصل عدم الإعارة في الزائد، وكذا إذا قال: أعرتكها لتركبها أو تحمل عليها إلى فرسخ، فقال: بل إلى فرسخين، فالقول قول المالك؛ لأنه منكر لإعارة الزائد والأصل عدمها، كما لو أنكر الإعارة من أصلها ويلزم المستعير أجرة مثل لقدر زائد على مدة أو مسافة فقط لحصول التعدي في الزائد دون ما قبله ومن حَملَ سيلٌ إلى أرضه بذْرَ غيره فنبت فيها، فالزرع لرب البذر وليس للمالك قلعه ولا يملكه، بل يبقى إلى الحصاد لعدم عدوان ربه وإن كان يحصد قصيلًا حصد وعلى ربه عن بقائه أجرة المثل؛ لأن إلزام رب الأرض تبقية زرع لم يأذن فيه في أرضه بغير أجرة إضرار به فوجب أجر مثل كما لو انقضت مدة الإجارة، وفي الأرض زرع بغير تفريطه، ولا يجبر رب الزرع على قلعه وإن أحب مالكه قلعه فله ذلك وعليه تسوية الحفر ونقصها؛ لأنه أدخل النقص على ملك غيره لاستصلاح ملكه وحملُ السيل لغراسٍ أو نوىً أو جوزٍ أو لوز أو فستُقٍ إلى أرض غيرٍ مالك ذلك فينبت في الأرض التي حمله السيل إليها، فالحكم كالعارية لربِّ الأرض تملكه بقيمته أو قلعه مع ضمان نقصه ولا يقلعه مجانًا؛ لعدم عدوان ربه ومثله لو غرس مشتر شقصًا مشفوعًا فأخذه الشفيع فله أخذه بقيمته أو قلعه مع ضمان نقصه إلا أن رب الغراس إن اختار قلعه فلا يجب عليه أن يسوي الحفر التي حصلت بسبب غرسه ولا عليه أن يضمن نقصًا حصل في الأرض بسبب قلع لحصول الغرس في ملك غيره بغير تفريط منه ولا عدوان وإن حمل السيل أرضًا بغراسها إلى أرض أخرى فنبت كما كان قبل نقله فهو لمالكه لعدم ما ينقل الملك فيه ولا يجبر رب أرض محمولة بشجرها على إزالة الشجر؛ لأنه ملكه وما تركه مالكه لرب الأرض المنتقل إليها من

زرع أو غرس أو نوى أو نحوه وليس على التارك لذلك أجرة ولا يلزمه نقله لحصوله بلا تفريط ولا عدوان وإن شاء محمول إليه الغرس أخذه لنفسه بقيمته أو قلعه وضمن نقصه؛ لأن الخيرة له في ذلك ومستعير في استيفاء نفع من عين معارة بنفسه أو نائبه كمستأجر فله أن ينتفع بنفسه وبمن يقوم مقامه لملكه التصرف فيها بإذن مالكها، فإن أعارها أرضًا للغراس والبناء أو لأحدهما فله ذلك وله أن يزرع ما شاء؛ لأن الضرر أخف وإن استعارها للزرع لم يغرس ولم يبن؛ لأنهما أكثر ضررًا وإن استعارها للغرس أو البناء فليس له الآخر؛ لأن ضررهمنا يختلف وكمستأجر أيضًا في أنه يملك استيفاء نفع بعينه، ومثل النفع ضررًا فما دون النفع في الضرر من نوعه، فإذا أعاره لزرع البر فله زرعه وزرع شعير؛ لأنه دونه لا ما فوقه ضررًا كدخن وذرة وإذا أعاره لركوب لم يحمل وعكسه، وكذا إن أذن له في زرع مرة لم يكن له أن يزرع أكثر منها وإن أذن في غرس شجرة فانقلعت لم يملك غرس الأخرى؛ لأن الإذن اختص بشيء لم يجاوزه؛ فإن زرع أو غرس أو بنى ما ليس له زرعه أو غرسه أو بناءه فكغاصب؛ لأنه تصرف بغير إذن المالك، ولا يشترط للإعارة تعيين نوع الانتفاع؛ لأنها عقد جائز فلا أثر للجهالة فيه للتمكن من قطعها بالفسخ بخلاف الإجارة. فلو أعير إنسان عينًا ولم يبين له نوع الانتفاع بها ملك المستعير الانتفاع بها بالمعروف في كل ما صلحت له عرفًا كأرض مثلًا تصلح لغرس وزرع وبناء وغيره فله الانتفاع بها في أي ذلك أراد وما كان غير صالح له وإنما يصلح لجهة واحدة كثوب للبس وبساط لفرش فالإطلاق فيه كالتقييد لتعيين نوع الانتفاع بالعرف فيحمل الإطلاق عليه وللمستعير استنساخ الكتاب المعار، وله دفع الخاتم المعار إلى من ينقش عليه له مثاله؛ لأن المنافع واقعة له فهو كالوكيل واستعارة دابة أو سيارة لركوب لا يستفاد سفر

بها؛ لأنه ليس مأذونًا فيه نطقًا ولا عرفًا ولا يعير مستعير ولا يؤجر المعار ولا يرهنه إلا بإذنه لا يملك المنفعة فلا يصح أن يبيعها ولا يبيحها بخلاف مستأجر ولا يودع المعار وليس له أن يرهنه بغير إذن مالكه وله ذلك بإذنه ولا يضمن مستأجر من المستعير مع الإذن من المعير إذا تلفت العين عنده بلا تفريط كالمستأجر من ربها، وإذا أجر المستعير العارية بإذن المعير فلا أجرة لربها؛ لأنه بدل ما يملكه من المنافع، وإنما يملك الانتفاع، فإن خالف المستعير بأن أعار المعار بلا إذن المعير فتلفت العارية عند المستعير الثاني ضمن مالك العين أيهما شاء، أما الأول فلأنه سلط عليها غيره على أخذ مال غيره بغير إذنه أشبه ما لو سلط على مال غيره دابة فأكلته، وأما الثاني فلأن العين والمنفعة فأتا على مالكها في يده والقرار في الضمان على الثاني؛ لأنه المستوفي للمنفعة بدون إذن المالك وتلف العين إنما حصل تحت يده ومحل ذلك إن علم الثاني الذي هو المستعير من المستعير بالحال بأن للعين مالكًا لم يأذن في إعارتها، وكذا لو أجرها بلا إذنه وإن كان الثاني غير عالم بالحال، بل ظنها ملك للمعير له ضمن العين فقط فيما تضمن فيه لدخوله على ضمانها بخلاف ما لا تضمن كأن تلفت فيما أعيرت له أو أركبها منقطعًا، ولم تزل يده عليها فلا ضمان على الثاني؛ لأنها غير مضمونة عليه لو كان المعير مالكًا فكذلك مع عدم العلم بأن المعير مستعير ويستقر ضمان المنفعة على المستعير الأول؛ لأنه غر الثاني بدفعها له على أن يستوفي منافعها بغير عوض وعكس ذلك لو أجرها لغير عالم بالحال فيستقر على المستأجر ضمان المنفعة وعلى المستعير ضمان العين والعواري المقبوضة فرط أو لم يفرط، وروي عن ابن عباس وأبي هريرة لما روى الحسن عن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» رواه الخمسة وصححه الحاكم؛ ولحديث صفوان بن أمية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعار منه درعًا يوم حنين، فقال: أغصبًا

يا محمد؟ قال: «بل عارية مضمونة» رواه أبو داود، وأشار أحمد إلى الفرق بين العارية والوديعة بأن الوديعة أخذتها اليد والوديعة دفعت إليك، ولأنه أخذ ملك غيره لنفع نفسه منفردًا من غير استحقاق ولا إذن في الإتلاف فكان مضمونًا كالغصب وقاسه في المعنى والشرح على المقبوض على وجه العموم فيضمنها المستعير بقيمة متقوم يوم تلف: ثم الضمانُ لِلْمُعَارِ يُعرفُ بما يُساوِي عَيْنَه إذْ تتلفُ ولأنه حينئذ يتحقق فوات العارية فوجب إعتبار الضمان به إن كانت متقومة، والمراد بيوم التلف وقته ليلًا أو نهارًا ومثل مثليه، كصنجة من نحاس لا صناعة بها استعارها ليزن بها فتلفت فعليه مثل وزنها من نوعها؛ لأنه أقرب إليها في القيمة، ولو شرط نفي ضمانها فيلغوا الشرط ولا يسقط ضمانها؛ لأن كل عقد اقتضى الضمان لم يغيره الشرط كالمقبوض ببيع فالشرط فاسد وكل ما كان أمانة لا يزول عن حكمه بشرط ضمان كالوديعة والرهن أو كان مضمونًا لا يزول عن حكمه بالشرط؛ لأن شرط خلاف مقتضى العقد فاسد، وذكر الحارثي: لا يضمن، وذكره الشيخ تقي الدين –رحمه الله- عن بعض الأصحاب، واختاره ابن القيم في «الهدي» ، وعن أحمد أنه ذكر له ذلك، فقال: المسلمون على شروطهم، فيدل على نفي الضمان بشرطه، فهذه رواية يضمن إن لم يشترط نفي الضمان وعنه يضمن إن شرطه وإلا فلا، اختاره أبو حفص العكبري والشيخ تقي الدين وصاحب «الفائق» ، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم؛ لكن لا يضمن موقوفًا على جهة بر كعلي الفقراء وككتب علم وسلاح موقوف على غزاة إذا استعارها لينظر فيها أو ليلبسها عند قتال كفار فتلفت بلا تعد ولا تفريط لم يضمنها المستعير، ولعل وجه عدم

ضمانها لكون قبضها على وجه يختص المستعير بنفعه لكون تعلم العلم وتعليمه والغزو من المصالح العامة أو لكون الملك فيه ليس لمعين أو لكونه من جملة المستحقين له أشبه ما لو سقطت قنطرة موقوفة بسبب مشيه عليها. اهـ. وإذا كان الوقف على شخص معين وتلف ضمنه مستعيره كالطلق وحيوان موصى بنفعه تلف بعد قبضه عند موص له فلا يضمنه إن لم يفرط؛ لأن نفعه مستحق لقابضه، وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس على المستعير غير المغل ضمان» أجيب عنه بأنه يرويه عمرو بن عبد الجبار عن عبيد بن حسان عمرو بن شعيب وعمرو وعبيد ضعيفان، قاله الدارقطني، وعلى تقدير صحته فالجواب عنه من وجهين، أحدهما: أنه محمول على ضمان الأجزاء التالفة بالاستعمال وإن كان تخصيصًا فلما عارضه من الأخبار المخصصة له، والثاني: أن المغل في هذا الموضع ليس بمأخوذ من الجناية والغلول، وإنما مأخوذ من استغلال الغلة، يقال: هذا غل فهو مغل إذا أخذ الغلة فيكون معنى الخبر لا ضمان على المستعير غير المتنقل: أي غير القابض؛ لأنه بالقبض يصير مستغلًا ومرادهم ما لم يكن المعير مستأجرًا للعين المعارة، فإن المستعير لا يضمنها بتلفها عنده من غير تعد ولا تفريط، اهـ. من «الغاية وشرحها» بتصرف، وحكم كتب العلم والسلاح والحيوان الموصى بنفعه حكم عوار غير منقول كعقار من دار ونحوها خسف به وذهب في الأرض أو هدم بنحو صاعقة أو برد أو ثلج أو زلزلة فلا يضمن من تلف في يده لعدم تفريطه، ولو أركب إنسان دابته شخصًا منقطعًا لله تعالى فتلفت الدابة تحته، ولم ينفرد بحفظها لم يضمن؛ لأن المالك هو الطالب لركوبه تقربًا إلى الله تعالى كرديف رب الدابة، قلت: ومثله لو أركب إنسان آخر سيارته أو دبابه أو سيكله

فخربت تحته أو خرب فيها شيء أو ضاع شيء من آلات بلا تعد منه ولا تفريط فلا ضمان عليه، ومثله الرائض وهو الذي يركب الدابة ليعلمها السير إذا تلفت تحته وهو بعرف كثير من الناس الذي يَعْسِفُ الدابة فلا ضمان عليه إذا تلفت تحته؛ لأنه أمين، وكوكيل؛ لأنه ليس بمستعير وكتغطية ضيقه بلحاف فاحترق عليه لم يضمن؛ لعدم عدوانه، وكذا لو أركب إنسان توددًا ولم ينفرد بحفظها فتلفت بلا تعد ولا تفريط فلا ضمان على ذلك الشخص؛ لأنه لا فرق بينه وبين المنقطع بجامع أن كلًا منهما لم يتعرض للطلب وإنما أركبه المالك من قبل نفسه، ومن قال لرب دابة أو سيارة أو دبابة: لا أركب إلا بأجرة، فقال له ربها: ما آخذ أجرة ولا عقد بينهما وأخذها فهي عارية تثبت لها أحكام العارية؛ لأن ربها لم يبذلها إلا كذلك، وكذا إذا استعمل مودع الوديعة بإذن ربها فهي عارية فيضمن ما تلف من ذلك ولا يضمن مستعير ولد عارية سلم معها بتلفه عنده بلا تفريط؛ لأنه لم يدخل في الإعارة ولا فائدة للمستعير فيه أشبه الوديعة، فإن قيل: قد تقدم أن الحمل وقت عقد البيع فعليه هنا يكون معارًا، وفرق بعضهم بينهما بأن العقد في البيع على العين بخلاف العارية، فإنه على المنافع ولا منفعة للحمل يرد عليها العقد ولا يضمن مستعير زيادة متصلة حصلت وحدثت في معارة عنده فتلفت لعدم ورود عقد العاقد عليها ويضمن مستعير زيادة كانت موجودة عند عقد كِسمَنٍ زال عند مستعير لتلفه تحت يده، وهذا إن لم تذهب في الإستعمال بالمعروف أو بمرور الزمان، ولا يضمن مستعير إن بليت العارية أو بلى جزؤها باستعمالها بمعروف كخمل منشفة وطنفسة وهي بساط له خمل رقيق، قلت: ومثل ذلك والله أعلم ليف التغسيل وحديد التغسيل والأسفنج وصوف الجواعد المعارة للاستعمال ونحو ذلك؛ لأن الإذن في الإستعمال تضمن الإذن في الإتلاف الحاصل بالاستعمال

س73: تكلم بوضوع عن أحكام ما يلي: رد العارية – تأخير الرد – ما يترتب على ذلك – مؤنة العارية – موضع رد العارية – إذا طالب المستعير في بلد بدابة أو سيارة كان أخذها في بلد آخر – استعارة ما ليس بمال مثالا وحكما – رد العارية إلى زوجة المعير أو ولده أو خازنه أو وكيل عام أو إلى المربط أو إلى الغلام أو إلى البائكة. إذا كانت سيارة من سلم لشريكه نحو دابة أو سيارة أو آنية مشتركة ليحفظها له فتلفت. إذا استعملها، إذا غصبت الدابة أو السيارة أو الدبابة أو الدراجة المستعملة بإذن الشريك، ما يترتب على ذلك، استعمالها في مقابلة علف الدابة، من استعار شيئا ثم ظهر أنه مستحقا، إذا دفع المعار ثم اختلفا هل هو إجارة أو عارية أو غصب أو وديعة، ما يترتب على ذلك؟ واذكر الدليل والتعليل والشروط والمحترزات والخلاف والترجيح.

وما أذن في إتلافه لا يضمن كالمنافع. قال العمريطي: والمستعير ضامن في الحال ... إن تلفت في غير الإستعمال فإن حمل المستعير في القميص ترابًا أو حصى أو حديدًا أو نحوه أو حمل فيه قطنًا فتلف ضمن أو استظل بالبساط من الشمس فتلف ضمنه لتعديه بذلك؛ لأنه استعمل ما استعاره في غير ما يستعمل فيه مثله ويقبل قول مستعير بيمينه في عدم تعديه الاستعمال المعهود بالمعروف؛ لأنه مُنكِرٌ والأصل براءته. 73- رد العارية ومؤنتها والاختلاف فيها س73: تكلم بوضوع عن أحكام ما يلي: رد العارية - تأخير الرد - ما يترتب على ذلك - مؤنة العارية - موضع رد العارية - إذا طالب المستعير في بلد بدابة أو سيارة كان أخذها في بلد آخر - استعارة ما ليس بمال مثالًا وحكمًا - رد العارية إلى زوجة المعير أو ولده أو خازنه أو وكيل عام أو إلى المربط أو إلى الغلام أو إلى البائكة. إذا كانت سيارة من سلم لشريكه نحو دابة أو سيارة أو آنية مشتركة ليحفظها له فتلفت. إذا استعملها، إذا غصبت الدابة أو السيارة أو الدبابة أو الدراجة المستعملة بإذن الشريك، ما يترتب على ذلك، استعمالها في مقابلة علف الدابة، مَن استعار شيئًا ثم ظهر أنه مستحقًا، إذا دفع المعار ثم اختلفا هل هو إجارة أو عارية أو غصب أو وديعة، ما يترتب على ذلك؟ واذكر الدليل والتعليل والشروط والمحترزات والخلاف والترجيح. ج: يجب على المستعير رد العارية بطلب مالك له بالرد ولو لم ينقض

غرضه منها أو يمضي الوقت؛ لأن الإذن هو المسلط لحبس العين وقد انقطع بالطلب، ويجب الرد أيضًا بانقضاء غرض المستعير من العين المعارة؛ لأن الانتفاع هو الموجب للحبس، وقد زال ويجب الرد بانتهاء المدة المؤقتة إن كانت العارية مؤقتة لانتهائها، ويجب بموت أحدهما المعير أو المستعير لبطلان العارية مؤقتة لانتهائها، ويجب بموت أحدهما المعير أو المستعير لبطلان العارية بذلك؛ لأنها عقد جائز من الطرفين، فإن أخّر المستعير الرد فيما ذكر فتلفت العارية ضمن قيمتها مع أجرة مثلها لمدة تأخيره وعلى المستعير مؤنة رد العارية إلى مالكها كمغصوب؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» وإذا كانت واجبة الرد وجب أن تكون مؤنة الرد على من وجب عليه الرد، كما يجب على المستعير مؤنة أخذ، ولا يجب على المستعير مؤنة العارية من مأكل ومشرب ما دامت عنده، بل على مالكها كالمستأجرة ويلزم المستعير رد العارية إلى مالكها أو وكيله لموضع أخذها منه كالمغصوب إلا أن يتفقا على ردها إلى غيره، ويبرأ بذلك من ضمانها ولا يجب على المستعير أن يحمل العارية للمعير إلى موضع غير الذي استعارها فيه فلو طالب المستعير بالرياض بسيارة أو دابة كان قد أخذها منه بالقصيم، فإن كانت الدابة مع المستعير لزمه دفعها إلى ربها لعدم العذر وإلا تكن معه بالقصيم فلا يلزمه حملها إليها؛ لأن الإطلاق إنما اقتضى الرد من حيث أخذ وإعادة الشيء إلى ما كان عليه فلا يجب ما زاد، وإن استعار ما ليس بمال ككلب مباح الاقتناء أو جلد ميتة مدبوغ أو أخذ حرًا صغيرًا أو مجنونًا أو أبعده عن بيت أهله لزمه الرد ومؤنته؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «على اليد ما أخذت حتى تؤديه ولو مات الحر لم يضمنه» ويبرأ مستعير برد عارية إلى من جرت عادة الود على يده كسائس رد إليه الدابة وخازن وزوجة وسائق المالك لها متصرفين في ماله ووكيل عام في قبض حقوقه فلا يضمن إذا ردها إلى من جرت عادته بجريان ذلك على يده، قال

أحمد في الوديعة: إذا سلمها إلى امرأته لم يضمنها؛ لأنه مأذون في ذلك عرفًا أشبه ما لو أذن فيه نطقًا ولا يبرأ مستعير برد الدابة إلى اصطبل أو إلى غلامه وهو القائم بخدمته وقضاء أموره عبدًا كان أو حرًا أو ردها إلى المكان الذي يأخذها منه أو إلى ملك صاحبها ولم يسلمها لأحد أو إلى عياله الذين لا عادة لهم بقبض ماله؛ لأنه لم يردها إلى مالكها ولا نائبه فيها، فلم يبرأ كما لو دفعها إلى أجنبي وكرد السارق ما سرقه إلى الحرز. قلت: وإذا سلم السيارة إلى السائق الذي يسوقها بمالكها فقد برئ وإذا رد السيارة إلى البائكة بدون إعلام ولا إذن لم يبرأ كما لا يبرأ برد الدابة إلى المربط، ومن سلم لشريكه نحو دابة أو سيارة أو دبابة أو سيكل أو ثوب أو آنية مشتركة ليحفظها فتلفت بلا تفريط ولا تعد لم يضمن؛ لأنها أمانة بيده، فإن استعملها بإذن شريكه مجانًا فعارية تضمن مطلقًا، وإن سلمها إليها لركوبها لمصالحه وقضاء حوائجه عليها فعارية أيضًا فلو غصبت الدابة أو السيارة المستعملة بإذن الشريك ضمن المأذون نفعها؛ لأن العارية مضمونة على كل حال وبدون إذن الشريك فغصب يحرم عليه ويضمن العين والمنفعة فرط أو لم يفرط لتعديه بذلك، وإن أخذها من شريكه بأجرة فهي إجارة لا تضمن بلا تعد ولا تفريط وإن أخذها من شركيه بغير أجرة فهي أمانة؛ لأن المشاع إذا قبض بإذن الشريك يكون نصفه مقبوضًا تملكًا ونصف الشريك أمانة، فلا تضمن بدون تعد أو تفريط كسائر الأمانات، وإن فرط الشريك بسوق أو السيارة فوق العادة ضمن وإن سلم الدابة إليه ليعلفها ويقوم بمصالحها ونحوه لم يضمن وإن استعملها في نظير إنفاقه عليها أو تناوبه معه لم يضمن بلا تفريط؛ لأنها أمانة، ومن استعار شيئًا ثم ظهر مستحقًا فلمالكه أجرة مثله لعدم إذنه في الاستعمال يطالب به من شاء منهما، أما الدافع فلتعديه بالدفع،

وأما القابض فلقبضه مال غيره بغير إذنه، فإن ضمن المستعير رجع على المعير بما غرم؛ لأنه غره ما لم يكن المستعير عالمًا بالحال فيستقر عليه الضمان؛ لأنه دخل على بصيرة وإن ضمن المالك المعير لم يرجع بالأجرة على أحد إن لم يكن المستعير عالمًا وإلا رجع عليه. وإن دفع إليه الدابة أو غيرها من الأعيان المنتفع بها مع بقائها ثم اختلف المالك والقابض، فقال المالك: أجرتك، وقال القابض: بل أعرتني، وكان ذلك الإختلاف قبل مضي مدة من القبض لها أجرة، فقول قابض بيمينه إن لم يستأجرها؛ لأن الأصل عدم الإجارة وترد إلى مالكها، وإن كان الاختلاف بعد مدة لها أجرة، فالقول قول مالك فيما مضى من المدة فقط مع يمينه لاختلافهما في كيفية انتقال المنافع إلى ملك القابض فقدم قول المالك، كما لو اختلفا في عين فادعى المالك بيعها والآخر هبتها إذ المنافع تجري مجرى الأعيان، ولو اختلفا في الأعيان، فالقول قول المالك، وأما الباقي من المدة فلا يقبل قول المالك فيه؛ لأن الأصل عدم العقد، وإذا حلف المالك فله أجر مثل؛ لأن الإجارة لا تثبت بدعوى المالك بغير بينة، وإنما يستحق بدل المنفعة وهو أجرة المثل، وإن كانت الدابة قد تلفت، وقال المالك: أجرتكها، وقال القابض: أعرتنيها لم يستحق صاحبها المطالبة بقيمتها لإقراره بما يسقط ضمانها وهو الإجارة ولا نظر إلى إقرار المستعير بالعارية؛ لأن المالك رد قوله بإقراره بالإجارة فبطل إقراره، وكذا لو ادعى زارع أرض غيره أنه زرع الأرض عارية، وقال ربها: زرعتها إجارة، فقول مالك وله أجرة المثل، وإن قال القابض للمالك: أعرتني، أو قال له: أجرتني، وقال المالك: بل غصبتني، فإن كان اختلافهما عقب العقد والبهيمة قائمة أخذها مالكها ولا شيء له؛ لأن الأصل عدم الإجارة والعارية ولم يفت منها شيء ليأخذها المالك عوضه وإن كان اختلافهما وقد مضى مدة لها أجرة فقول المالك بيمينه

لما تقدم أن الأصل عدم الإجارة والعارية، وأن الأصل في القابض لمال غيره الضمان فتجب له أجرة المثل على القابض للعين حيث لا بينة له؛ لأن الأصل عدم ما ادعاه وإن تلفت الدابة واختلفا، ففي مسألة دعوى القابض العارية والمالك الغصب هما متفقان على ضمان العين إذ كل من الغصب والعارية مضمون مختلفان في الأجرة؛ لأن المالك يدعيها لدعواه الغصب والقابض ينكرها بدعواه العارية، والقول قول المالك لما تقدم فيحلف وتجب له أجرة المثل على القابض كما تقدم، وفي دعوى القابض الإجارة مع دعوى المالك هما متفقان على وجوب الأجرة مختلفان في ضمان العين، والقول قول المالك فيغرم القابض قيمتها في صورتي دعوى الإجارة ودعوى العارية حيث ادعى المالك الغصب فيهما، ويغرم القابض أيضًا أجرة مثلها إلى حين التلف فيهما، أو قال المالك: أعرتك العين، قال القابض: بل أجرتني والبهيمة تالفة فقول مالك بيمينه؛ لأن الأصل في القابض بمال غيره الضمان، وكذا لو قال القابض: أعرتني، أو قال: أجرتني، فقال المالك: غصبتني والعين قائمة، فقول مالك بيمينه في وجوب الأجرة وفي وجوب دفع اليد ورد العين لمالكها؛ لأن الأصل عدم ما يدعيه القابض، وإن قال المالك: أعرتك، فقال القابض: أودعتني، فقول مالك بيمينه أو قال المالك: غصبتني، فقال القابض: أودعتني، فقول مالك بيمينه، أو قال المالك: غصبتني، فقال القابض: أودعتني فقول مالك بيمينه وللمالك على القابض قيمة عين تالفة لثبوت حكم العارية بحلفه عليه ولا أجرة، وكذا يقبل قوله بيمينه في عكسها كقول المالك: أودعتك، فقال القابض: أجرة ما انتفع بها، أي العين ويردها إن كانت باقية وإلا فقيمتها؛ لأن الأصل أن ضمان المنافع عليه ودعواه العارية غير مقبولة، وإن اختلفا في ردها بأن قال مستعير: رددتها، وأنكره المالك، فقول المالك بيمينه؛ لأن

الأصل عدم الرد وكالمدين إذا ادعى أداء الدين، قال المجد في «شرحه» : من بعث رسولًا يستعير له دابة ليركبها من بغداد إلى الكوفة مثلًا فجاء إلى المعير فاستعارها منه ليركبها إلى الحلة فركبها المستعير إلى الكوفة ولا يدري فعطبت، فالضمان على الرسول إن اعترف بالكذب، وإن قال للمستعير: كذلك أمرتني وكذبه المستعير، فلا يكون الرسول هنا شاهدًا؛ لأنه خصم والمستعير ضامن إلا أن يأتي ببينة أنه أمره إلى الكوفة. كتاب العارية وعارية الأعيان مشروعة سوى لصنوع وعون في الحرام المسفد فقيل هبات النفع فيها وقيل بل إباحته من أجل ذا لم يعدد ولم أر تصريحًا بمن ذا يمونها ويوهمه إنفاق خادم خرد ومِن جائز في ماله أمره أجز بما نفعه حل كفحل بمرغد وللمستعير الانتفاع بعرفه كما مر في نفع الإجارة فاقصد وما أذْنُ الإستعمال ضَمَّنَ فَوتَه كحمل متى يذهب به أضمن بمبعد ولا غرم في أولادِ كل معارة كالإيداع لا كالغصب في المتجودِ

وما كان مضمونًا من أجزائها متى تَوت قُوِّمَتْ معه وإلا فجردِ وليس له الإيجار إلا بإذنه على مُدَّةٍ معلومةٍ بتَقَيُّدِ ومِن غير إذنٍ لا تعرفي الموجود وفي ثالث إن وُقِتَتْ فَأعِر قد ومَن شئت ضَمِّن والفرارُ على الأجير وقيل إن جهل فالنفع قرر بمبتدي ومَن يَسْتَعْر شيئًا ليرهنه يُجزْ ويَفْكُكْهُ إن يَطْلبْ فإن باع يُورد لمالكه الأوفى من الثمن الذي به بَاعَ أو مِن قيمةٍ إن تَزَيدِ ومن يستَعر للغَزْوِ ذا السهمَ سَهْمهُ فالأولى له كالجنس والمؤجر أشهد ويحرم بتًا أن يعير لكافر على الظاهر المعروف مسلم أعبد ويكره للمرء استعارة والد ووالدة في خدمة لا مُوَلَّدِ وأن يستعير المشتهات أجنبي إن تَخَفْ خَلْة والحظر لَمَّا أبَعِّدِ وترجع متى ما شئت ما لم يكن أذى على مستعير فعله غير معتد

كإذنك في دَفْنٍ ولم يَبْلَ مَيِّتٌ في فلكٍ بلجةِ مُزُبدِ وفي وضع أخشابٍ على حائط فإنْ تَزُلْ لم تُعَدْ إلا بإذنٍ مُجَدَّدِ وعن أحمدٍ قَبْلَ انتفاع رجُوعُه حرامٌ ومِن قَبْل انقضاء المُحَدَّدِ وإما تَعِرْ للزرعِ فاصبِر لِحَصْدِهِ وإن كان ما يُحصَدْ قَصِيلًا لِيَحْصُدِ وإن للبناء والغرس وقتَّ مُدَّة فلا يَرجِعَنْ مِن قَبلُ تَمْضِي بأوطد وليس له أجر لما مر كله لمستقبل من حين عَود بأجود وإن يطلقن للغرس أو للبناء أو إلى مدة إن تشرط القلع فاعضد وإلا فخذهُ إن أردت بقيمةِ أو اقطعه وأضمنْ نقصَه إن يأب ذو اليد وقيمةُ أرضٍ إن بَذَلت لِرِّبَها لِتَملِكهَا لم يُجزِء المرء يَا عَدِي ويَثْبُتُ مَجانًا بأرضك غَرسُه مَتَى تأبَ ذيْنِ إن شَاء إبقَاء المُمَدَّدِ وكلّ إذا باعا له قدرُ ملكه فإن أبَيا يترك وفي الغر ردد

والزم هنا لا عند شرطك قلعَه مُعَارًا بلا شرط بطَمٍّ المُخَدَّدِ وذا الأرضِ ملك من تصرفه سوى مضر بأشجار المعار فتهتدي وتملك ذي الأشجار فيها دخولها لإصلاح أثمار وجد ومحصد وأيهما يبغي من الثاني بيع ما له بيعه فأجبر بوجه مبعد وشغلكها غصب بُعَيْدَ انقضا المدى وبذرك إن يحمله سَيلٌ فَيَرْكُدِ فيلبث في أرض لغيرك أبقه إلى حصده مع أجر مثلٍ بأجود وقيل إن يشا زيدٌ يَنَلْهُ بقيمةٍ وإن كان ذا غرس على قلعه أظهر ويجعل في الأقوى كغرس الشنيع لا كغرس غصيب ظالم العرق معتدي وعارية الإنسان مضمونة ولو بغير تعد يوم تتلف فاشهد ولو شرط الإنسان نفي ضمانها بقيمتها في الأظهر المتأكد وليس مفيدًا للضمان اشترطه بما كان من باب الأمانات فارشد

ومن يستعر أو يغصب العين يلتزم مؤونة رد دون مستأجر اليد وليس بمبر ردها لغلامه ولا اصطبله بل ردها لمعود وحلف المليك أقبله عند ادعاء ما بفوت فضمنها وأجرًا بأجود وقيل اقبن من جاحد الغصب قابضًا ومن ربها في الأجر لا غصبها قد ومن قابض دعوى الإعارة فاقبلن ومن ربها دعوى الإجارة فاردد على إثر قبض واقبلن منه حالفًا على زمن قد فات دون المجدد له أجر مثل لا المسمى لما مضى في الأقوى وأدنى الأجرتين بمبعد ومن يستعر شيئًا فبان غصبه فغرم فممن قد أعار ليردد

هذا آخر ما تيسر لي جمعه في هذا الجزء من الأسئلة والأجوبة الفقهية مبتدئًا به من كتاب الحجر ومنتهيًا به إلى آخر كتاب العارية، ويليه إن شاء الله تعالى الجزء السادس وأوله باب الغصب، وكان الفراغ من كتابة هذا الجزء الخامس الساعة ثلاث ونصف من ليلة الجمعة الموافق يومها 24/1/1391هـ. هذا وأسأل الله الحي القيوم العلي العظيم القوي العزيز الرؤوف الرحيم القريب المجيب أن يجعل عملنا خالصًا لوجهه الكريم، وأن ينفع بهذا الكتاب نفعًا عامًا لجميع إخواننا المسلمين إنه على كل شيء قدير. الله صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وَقْفٌ للهِ تَعَالَى تَأْلِيفُ عَبدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ السّلمانِ المدرس في معهد إمام الدعوة بالرياض غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين الجزء السادس طُبِِعَ عَلَى نَفَقَةِ مَنْ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وجْهَ اللهِ وَالدَار الآخرةَ فجَزاهُ اللهُ عن الإسلام والمسلمينَ خيرًا وغَفَر له ولوالديه ولمن يُعيدُ طِبَاعَتَه أو يُعِيْنُ عليها أو يَتَسبَب لها أو يُشِيرُ على مَنْ يُؤمِلُ فيه الخيرَ أن يَطبَعَه وقفًا للهِ تعالى يُوزَّع على إخوانِهِ المسلمين ... اللهم صل على محمد وعلى آله وسلم

ومن أراد طباعته ابتغاء وجه الله تعالى لا يريد به عرضًا من الدنيا؛ فقد أذن له، وجزى الله خيرًا من طبعه وقفًا أو أعان على طبعه أو تسبب لطبعه وتوزيعه على إخوانه المسلمين؛ فقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة صانعه يحتسب في صنعته الخير والرامي به ومنبله» الحديث رواه أبو داود. وورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» الحديث رواه مسلم. طُبِع على نفقة: مَن يبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة؛ فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرًا وكثر من أمثاله في المسلمين ... اللهم صل على محمد وآله وسلم. يا طالبًا لعلوم الشرع مُجتهدًا ... تَبغي الفوائدَ دَانِيها وقاصِيها في الفقه أسئلةٌ تُهدَى وأجوبَةٌ ... أَلْمم بها تَرتوي من عَذب صافيها كَم حُكْمُ شَرْعِ بقال الله مُقترنًا ... أو قالهُ المُصْطَفى أودَعْتُهُ فِيها

الغصب

بسم الله الرحمن الرحيم (1) الغصب تعريف وبيان ما يضمن وما لا يضمن س1: ما هو الغصب لغةً وشرعًا؟ واذكر ما تستحضره من محترزات وقيود، وما الذي يضمن والذي لا يضمن في باب الغصب؟ وهل يحصل الغصب من غير استيلاء؟ وما الذي لا تثبت اليد عليه؟ واذكر لما جعل الغصب بعد العارية، وما الأصل فيه؟ وما حكمه؟ وهل يكفر من استحله؟ وهل الاستيلاء يختلف؟ واذكر أمثلة وما تستحضره من أدلة وتعليلات أو خلاف أو ترجيح. ج: الغصب: مصدر غصب الشيء يغصبه بكسر الصاد غصبًا، فهو غاصب ومغصوب، ومنه الحديث: أنه غصبها نفسها، أراد أنه واقعها كرهًا فاستعاره للجماع، وهو في اللغة: أخذ الشيء ظلمًا، وشرعًا: استيلاء غير حربي عرفًا على حق غيره قهرًا بغير حق فتخرج الشفعة، ومنه المأخوذ مكسًا ونحوه، فلا يحصل بالاستيلاء وإن الاستيلاء الحربي على مالنا ليس غصبًا؛ لأنه يملكه بذلك وأن السرقة والنهب والإختلاس ليست غصبًا؛ لعدم القهر فيها، وأن استيلاء الولي على مال موليه ليس غصبًا؛ لأنه بحق. وذكره عقب العارية مناسب لاشتراكهما في مطلق الضمان، ولا يكون استيلاء مستأجر على عين مؤجرة بأجرة معلومة مع فلس مستأجر غصبًا ولا يكون استيلاء مشتر على شقص بيع بثمن معلوم مع ظهور فلس مشترٍ غصبًا لمصادفة ذلك عقد صحيحًا ابتداء وظهور الفلس لا يقدح فيه.

والأصل في تحريمه قبل الإجماع آيات، منها: قوله تعالى: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ} الآية، وإذا كان هذا في التطفيف وهو غصب القليل فما ظنك بغصب الكثير؟ ومنها: قوله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ} لا يأكل بعضكم مال بعض بالباطل، وقوله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} . وأخبار منها ما ورد عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ظلم شبرًا من الأرض طوَّقه الله من سبع أرضين» متفق عليه، وعن سعيد بن زيد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا؛ فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين» متفق عليه. وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من اقتطع شبرًا من الأرض بغير حقه طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين» رواه أحمد. وعن السائب ابن يزيد عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادًا ولا لاعبًا، وإذا أخذ أحدكم عصا أخيه فليردها عليه» رواه أحمد وأبو داود والترمذي. وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه» رواه الدارقطني، وقال أبو مسعود - رضي الله عنه -: قلت: يا رسول الله، أي الظلم أظلم؟ فقال: «ذراع من الأض ينتقصها المرء المسلم من حق أخيه، وليس حصاة من الأرض يأخذها إلا طوقها يوم القيامة إلى قعر الأرض، ولا يعلم قعرها إلا الذي خلقها» ، وفي رواية: «أعظم الغلول عند الله عز وجل ذراع من الأرض تجدون الرجلين جارين في الأرض أو في الدار فيقتطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعًا، إذا اقتطعه طوقه من سبع أرضين ولقي الله وهو عليه غضبان» ، وكان - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من أخذ من طريق المسلمين شبرًا جاء يوم القيامة يحمله من سبع أرضين» .

وورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من ظلم شبرًا من الأرض كلفه الله عز وجل أن يحفره حتى يبلغ به سبع أرضين ثم يطوقه يوم القيامة حتى يقضي بين الناس» ، وفي رواية: «من أخذ أرضًا بغير حقها كلف أن يحمله إلى المحشر» ، وفي رواية: «من ظلم شبرًا من الأرض كلف أن يحفره حتى يبلغ الماء ثم يحمله إلى المحشر» ، وعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أخذ شيئًا من الأرض بغير حقه خسف به يوم القيامة سبع أرضين» رواه أحمد والبخاري. وعن الأشعث بن قيس: «أن رجلاً من كندة ورجلاً من حضرموت اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في أرض باليمن، فقال الحضرمي: يا رسول الله، اغتصبها هذا وأبوه، فقال الكندي: يا رسول الله، أرضي ورثتها من أبي، فقال الحضرمي: يا رسول الله، استحلفه أنه ما يعلم أنها أرضي وأرض والدي اغتصبها أبوه، فتهيأ الكندي لليمين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنه لا يقتطع عبد أو رجل بيمينه مالاً إلا لقي الله يوم يلقاه وهو أجذم» فقال الكندي: هي أرضه وأرض والده» رواه أحمد. ويضمن عقار للأحاديث المتقدمة؛ ولأنه يملك الإستيلاء عليه على وجه يحول بينه وبين مالكه كسكناه الدار ومنع صاحبها منها أشبه أخذ الدابة والمتاع. ومن غصب مشاعًا كأرض ودار بين اثنين في أيديهما فينزل الغاصب فيها، ويخرج أحدهما ويقر الآخر معه على ما كان مع المخرج فلا يكون غاصبًا إلا نصيب المخرج حتى لو استغلا الملك أو انتفعا لم يلزم الباقي منهما لشريكه المخرج شيء، وكذا لو كان عبد لإثنين كف الغاصب يد أحدهما عنه ونزل في التسلط عليه موضعه مع إقرار الآخر على ما كان عليه حتى لو باعاه بطل بيع الغاصب للنصف وصح بيع الآخر لنصفه.

ولو غصب من قوم ضيعة ثم رد إلى أحدهمن نصيبه مشاعًا لم يطب له الإنفراد بالمردود عليه. وتضمن أم ولد بغصب لجريانها مجرى المال بدليل أنها تضمن بالقيمة في الإتلاف لكونها مملوكة كالقن بخلاف الحرة؛ فإنها ليست بمملوكة، فلا تضمن بالقيمة ويضمن قن بغصب ذكرًا كان أو أنثى ولو مكاتبًا أو مدبرًا أو معلقًا عنقه بصفة كسائر المال. واستيلاء كل شيء بحسبه فمن ركب دابة واقفة ليس عندها ربها أو كان عندها؛ لكن ركبها بلا إذنه فهو غاصب ولو لم يسيرها، بل تركها واقفة. ولا يحصل الغصب من غير الاستيلاء، فمن دخل أرض شخص أو داره بإذنه أو بلا إذنه ولم يمنعه إياها لم يضمن بدخوله سواء كان صاحبها فيها أو لم يكن حيث لم يقصد الإستيلاء كما لو دخل صحراء له؛ لأنه إنما يضمن بالغصب ما يضمن بالعارية، وهذا لا تثبت به العارية ولا يجب به الضمان فيها، فكذلك لا يثبت به الغصب إذا كان بغير إذن. ولا يشترط لتحقق الغصب نقل العين فيكفي مجرد الإستيلاء فلو دخل دارًا قهرًا أو أخرج ربها فغاصب وإن أخرجه قهرًا ولم يدخل أو دخل مع حضور ربها وقوته فلا، وإن دخل قهرًا أو لم يخرجه فقد غصب ما استولى عليه وإن لم يرد الغصب فلا وإن دخلها قهرًا في غيبة ربها فغاصب، ولو كان فيها قماشه، ذكره في «المبدع» . ولا تثبت يد غاصب على بضع بضم الباء، وجمعه أبضاع، كقفل وأقفال يطلق على الفرج والجماع والتزويج، والبضاع الجماع لفظًا ومعنى، فيصح من مالك تزويج أمة غصبت وهي بيد غاصبها ولو كانت أم ولد مدبرة

أو مكاتبة، ولا يضمن الغاصب مهرها ولو حبسها عن النكاح حتى فات نكاحها بكبرها ولا يضمن الغاصب نفع البضع؛ لأن النفع إنما يضمن بالتفويت إذا كان مما تصح المعاوضة عليه بالإجارة والبضع ليس كذلك. وإن غصب شخص خمر مسلم أو ذمي ضمن الغاصب ما تخلل بيده منا إن تلفت قبل رده؛ لأنها صارت خلا على حكم ملك المغصوبة منه ويلزم رد ما تخلل؛ لأن يد الأول لم تزل عنها بالغصب فكأنها تخللت في يده ولا يضمن ما تخلل مما جمع من خمر بعد إراقة فلا يلزم رده لزوال يده هنا بالإراقة، ويجب رد خمرة ذمي مستترة غصبت كخمرة خلال؛ لأنه غير ممنوع من إمساكها، وكذا لو غصب دهنًا متنجسًا؛ لأنه يجوز الاستصباح به في غير مسجد، ويجب رد كلب يقتنى ككلب لصيد وماشية وحرث؛ لجواز الانتفاع به. ولا يجب رد قيمة الخمر لذمي أو خلال ولا الكلب مع تلف لتحريمها فهما كالميتة. ولا يلزم رد جلد ميتة غصب على القول بعد طهارته بالدبغ، والقول الثاني: أنه يلزم رده، وهذا على القول بطهارته، وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس كما تقدم في الآنية أنه يطهر، والله أعلم (1) . وكذا كل مختلف فيه كدهن متنجس غصب ممن يرى طهارته بغسله فيلزم رده إليه، وإذا رفع الأمر إلى الحاكم فعليه أن يتحرى الأقوى دليلاً ويحكم به ومع تلف الجلد الذي يترجح عندي الحكم برد بدله؛ لأنه متمول بعد الدبغ وطاهر، وعلى القول الأول أيضًا يجب رده حيث قلنا ينتفع به في اليابسات؛ لأن فيه نفعًا مباحًا كالكلب المقتني وصححه في «تصحيح الفروع» وهو القياس وقطع به ابن رجب.

ولا يضمن حر كبير أو صغير باستيلاء عليه بأن حبسه ولم يمنعه الطعام والشراب فمات عنده؛ لأن اليد لا يثبت حكمها على الحر، وقيل: أن الصغير يضمن، وقدم في النظم أن الصغير لو لدغ أو صعق وجوب الدية، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس. والله أعلم (2) . وتضمن ثياب حر صغير وحلية وإن لم ينزعه عنه؛ لأنه مال، ولأن الصغير لا ممانعه منه عن ذلك أشبه ما لو غصبه منفردًا وعلى من أبعده عن بيت أهله رده إليه ومؤنة الرد عليه، ويأتي إنشاء الله في الديات مفصلاً. وإن استعمل الحر صغيرًا كان أو كبيرًا كرهًا في خدمة أو خيطاة أو نجارة أو حدادة أو غيرها فعليه أجرته لاستيفاء منافعه المتقومة فضمنها كمنافع اليد أو حبس الحر مدة لها أجرة فعليه أجرته مدة حبسه؛ لأنه فوته منفعته مدة الحبس، وهي مال يجوز أخذ العوض عنها فضمنت بالغصب كمنافع العبد، وقيل: لا يلزمه أجرته، والقول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله أعلم (3) . ولا أجرة إن منع إنسان آخر ولو كان الممنوع قنعًا العمل من غير غصب ولا حبس لعدم تلفها تحت يده، ولأنه في يد نفسه أو سيده ومنافعه تلفت معه، كما لا يضمن هو ولا ثيابه إذن ولا يضمن ربح فات على مالك بحبس غاصب مال تجارة مدة يمكن أن يربح فيها إذا لم يتجر فيه غاصب كما لو حبس عبدًا يريد مالكه أن يعلمه صناعة مدة يمكن تعليمه الصناعة فيها؛ فإن الصناعة لا تقوم على غاصب في تضمين منافعه ولا في تضمين عينه إن تلف؛ لأنها لا وجود لها، وفي «حاشية الجمل على شرح المنهج» قيل: إن بلغ الغصب نصابًا أي ربع دينار فهو كبيرة، وقيل: ولو حبة برد وهو مع الاستحلال ممن لا يخفى عليه كفر ومع عدم ذلك فسق. اهـ ح ل. ومحله في غصب المال، وأما غصب غيره كالكلب فإنه صغير.

من كتاب الغصب فيما يتعلق به خَف الله في ظلم الورى واحذرنه وخف يوم عَضَّ الظالمين على اليدِ ولا تحبسنَّ الله عن ذاك غافلاً ولكنه يملي لمن شا إلى الغد فلا تغترر بالحلم عن ظلم ظالم سيأخذه أخذًا وبيلاً وعن يد وللغصب الاستيلاء على حق غيره بظلم وبالإتلاف يضمن واليد وسيان منقول ولو أم ولده وما ليس منقولاً على المتأكدِ وليس بغصب وطؤه ملك غيره ظلومًا بلا إستيلائه والتفردِ ومن يغتصب كلبًا يجوز اقتناؤه وخمرًا من الذمي فأمره يردد ولا أجرة للكلب في حبسه ولا ضمان بإتلافهما لا تقيد ومع أمن أوجب دفق خمرة مسلم وكسرك صلبانًا وآلة ذي دَدِ وتمزيق كتب السحر والفحش كله وآلة تنجيم وكل وذي زد ولا غرم في إتلاف هذا جميعه كذاك أوان من لجين وعسجد

س2: ماذا يجب على غاصب، وإذا قال رب مغصوب مبعد: دعه وأعطني أجرة رده، أو سمر بالمسامير المغصوبة، أو زرع الأرض المغصوبة ثم ردها، أو غرس أو بنى في الأرض المغصوبة، أو غصب شجرا فأثمر، أو وهب الغاصب الغراس أو البناء لمالكها، أو زرع نوى قصار شجرا أو كانت آلة البناء من مغصوب فما الحكم؟

وآنية للخمر إن جاز دفقها وفيها انتفاع في سواها بأوكد ويضمنها الذمي بوجه بمثله وإن أظهروها فادفقنها ولا تد ورد في الأردى قبل دبغ جلودها يطهر دبغ لا كبعد بأجود ويلزمه إيصال خمر تخللت إلى ربها من كافر وموحد وأن يتخمر عنده فهو ضامن العصير ونقص الخل عنه ويردد ولا يضمن الحر الكبير بغضه وأن يلدغ أو يصعق صغير فذا يد ولابن عقيل لا كسقم بأجود وفي ليس من أهدرت وجهين أسند ويضمن نفع الحر مستخدم له على كرهه لا حابس في المجودِ (2) مسائل حول ما يجب على الغاصب س2: ماذا يجب على غاصب، وإذا قال رب مغصوب مبعد: دعه وأعطني أجرة رده، أو سمر بالمسامير المغصوبة، أو زرع الأرض المغصوبة ثم ردها، أو غرس أو بنى في الأرض المغصوبة، أو غصب شجرًا فأثمر، أو وهب الغاصب الغراس أو البناء لمالكها، أو زرع نوى قصار شجرًا أو كانت آلة البناء من مغصوب فما الحكم؟

ج: يجب على غاصب رد مغصوب إلى محله الذي غصب منه إن قدر الغاصب على رده إن كان باقيًا، ولو كان رده بأضعاف قيمته لكونه بنى عليه بأن غصب حجرًا أو خشبًا قيمته درهم فبنى عليه واحتاج في إخراجه ورده إلى خمسة دراهم أو لكونه بعيدًا بأن حمل مغصوبًا قيمته درهم إلى بلد بعيد بحيث تكون أجرة حمله إلى البلد المغصوب منه أضعاف قيمته أو خلط بمتميز بأن غصب شعيرًا فخلطه بذرة ونحوها، كما لو غصب حيوانًا وأفلته بمكان لا يمكنه الخروج منه؛ لكنه تعسر مسكه فيه ويحتاج في ذلك إلى أجرة فتلزم الغاصب؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» رواه ابن ماجه والترمذي، وحسنه؛ ولحديث: «لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعبًا أو جادًا، فإذا أخذ عصا أخيه فليردها إليه أو يردها عليه» رواه أبو داود، ولأنه أزال يد المالك عن ملكه بغير حق فلزم إعادتها، وأما كونه يلزم غرم تخليصه ومؤنة حمله فلأن ذلك حصل بتعديه فكان أولى بغرمه من مالكه. وإن قال رب مغصوب مبعد لغاصب بعده عن بلد الغصب رده بالبلد الذي هو فيها وأعطى أجرة رده إلى بلد غصبه أو طلب من الغاصب حمل المغصوب إلى مكان آخر في غير طريق الرد لم يلزم الغاصب إجابته إلى ذلك؛ لأنها معاوضة فلا يجبر عليها، وكذا لو بذل الغاصب للمالك أكثر من قيمته ولا يسترده، فإن المالك لا يلزمه ذلك وإن أراد المالك من الغاصب رد المغصوب إلى بعض الطريق فقط لزمه؛ لأنه يلزمه إلى جميع المسافة فلزم إلى بعض كما لو أسقط رب الدين عن المدين بعض الدين وطلب منه باقية، ومهما اتفقا عليه من ذلك جاز؛ لأن الحق لا يعدوهما. وإن غرس غاصب أو بنى في الأرض المغصوبة ألزم بقلع غرسه أو بنائه إذا طلبه رب الأرض بذلك؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «ليس لعرق ظالم حق»

رواه الترمذي، وحسنه في رواية أبي داود والدارقطني من حديث عروة بن الزبير، قال: ولقد أخبرني الذي حدثني هذا الحديث أن رجلين اختصما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غرس أحدهما نخلاً في أرض الآخر فقضى لصاحب الأرض بأرضه وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله منها، فلقد رأيتها وأنها لتضرب أصولها بالفؤوس وأنها لنخل عم والعم الطوال من النخل التامة طولها والتفافها، وأنشد أبو عبيد للبيد يصف نخلاً: سحق يمنعها الصفا وسرية ... عم نواعم بينهن كروم وأخذ الغاصب أيضًا بتسوية الأرض وأرش نقصها؛ لأنه ضرر حصل بفعله فلزم إزالته كغيره وعليه أجرة مثل الأرض مدة احتباسها؛ لأن منافعها ذهبت تحت يده العادية فكان عليه عوضها كالأعيان حتى ولو كان الغاصب أحد الشريكين في الأرض المغصوبة أو لم يغصبها الغارس أو الباني فيها؛ لكنه فعله بغير إذن للتعدي ولا يملك رب الأرض أخذ البناء أو الغراس من الغاصب مجانًا ولا بقيمته؛ لأنه عين مال الغاصب فلم يملك رب الأرض أخذه كما لو وضع فيها أثاثًا أو نحوه، ولأنها معاوضة فلم يجبر عليها وإن اتفقا على الغراس، فالواجب قيمته الغراس. ولو أدرك رب الأرض المغصوبة الثمر فيها، وأراد أخذه فقط دون أصله قهرًا منع منه؛ لأنه ثمر شجر الغاصب فكان له كالأغصان والورق ولبن الشاة ونسلها وما تقدم من أن لصاحب الأرض تملك الزرع بنفقته فهو مخالف للقياس، وإنما صار إليه الإمام للأثر فيختص الحكم به ولا يعدي إلى غيره، ولأن الثمرة تفارق الزرع من وجهين، أحدهما: أن الزرع نماء الأرض فكان لصاحبها والثمر نماء الشجر فكان لصاحبه. الثاني: أنه يرد عوض الزرع إذا أخذه مثل البذر الذي نبت منه الزرع مع ما أنفق عليه ولا يمكنه مثل ذلك في الثمرة.

وإن غصب شجرًا فأثمر، فالثمر لصاحب الشجر؛ لأنه نماء ملكه؛ لأن الشجر عين ملكه نما وزاد فأشبه ما لو طالت أغصانه ويرد الثمن إن كان باقيًا وبدا له أن تلف وإن كان رطبًا فصار تمرًا أو عنبًا فصار زبيبًا فعليه رده وأرش نقصه إن نقص، ولا شيء له بعمله ولا أجرة عليه للشجر؛ لأن أجرتها لا تجوز في العقود، فكذلك في الغب. وإن كانت ماشية فعليه ضمان ولدها إن ولدت عنده وضمان لبنها بمثله؛ لأنه من ذوات الأمثال ويضمن أوبارها وأشعارها بمثله كالقطن وإن وهب الغاصب الغراس أو البناء لمالك الأرض ليتخلص من قلعه فقبله المالك جاز لتراضيهما وإن أبى المالك قبول ذلك وكان لرب الأرض في قلعه غرض صحيح أو لا لم يجبر رب الأرض على قبوله من الغاصب؛ لأن ذلك إليه فلا يحجر عليه. وإن زرع الغاصب نوى فصار شجرًا فحكمه كغراس ونحو رطبة كنعناع وبقول مما يخرج مرة بعد أخرى وقثاء يتكرر حمله وباذنجان كزرع فلرب الأرض إذا أدركه قائمًا أن يتملكه بنفقته؛ لأنه ليس له أصل قوي أشبه الحنطة والشعير وإن سمر الغاصب بالمسامير المغصوبة بابًا أو دولابًا أو دريشة أو غيرها قلعها وجوبًا وردها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» ولا أثر لضرره؛ لأنه حصل بتعديه وإن كانت مأخوذة من الخشبة المغصوبة أو كانت من مال المغصوب منه فلا شيء للغاصب في نظير عمله؛ لتعديه به وليس له قلعها؛ لأنه تصرف لم يؤذن له فيه إلا أن يأمره المالك بقلعها فيلزمه القلع وإن كانت المسامير للغاصب فوهبها للمالك لم يجبر المالك على قبولها لما عليه من المنة، وربما أن يكون عليه ضرر ببقائها. وإن استأجر الغاصب على عمل شيء من المذكور، فالأجرة عليه؛ لأنه غر

العامل وإن زرع الغاصب الأرض المغصوبة ثم ردها وقد حصد زرعه، فليس لرب الأرض بعد حصد الزرع إلا الأجرة، وهي أجرة المثل عن الأرض إلى تسليم الغاصب؛ لأنه استوفى نفعها فوجب عليه عوضه كما لو استوفاها بالإجارة؛ ولأن المنفعة مال فوجب أن تضمن كالعين، وعليه ضمان النقص إن نقصت كسائر المغصوب ولو لم يزرع الغاصب الأرض فنقصت لترك الزراعة كأراضي البصرة أو نقصت لغير ذلك ضمن نقصها لحصوله بيده العادية. وإن أدرك الأرض ربها والزرع قائم، فليس له إجبار الغاصب على قلعه؛ لما روى رافع بن خديج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء وله نفقته» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه؛ ولأنه أمكن رد المغصوب إلى مالكه من غير إتلاف مال الغاصب على قرب من الزمن فلم يجز إتلافه كما لو غصب سفينة فحمل فيها متاعه وأدخلها لجة البحر لا يجبر على إلقائه، فكذا هنا صيانة للمال عن التلف وفارق الشجر لطول مدته، وحديث: «ليس لعرق ظالم حق» محمول عليه؛ لأن حديثنا في الزرع فيحصل الجمع بينهما. ويخير مالك قبل حصاده ولو كان مالك منفعة الأرض بإجارة ونحوها بين ترك الزرع إلى الحصاد بأجرة مثله وأرش نقصها إن نقصت أو تملك الزرع بنفقته؛ لأن كل واحد منهما يحصل به غرضه فملك الخيرة بينهما تحصيلاً لغرضه، وهي مثل البذر وعوض لواحقه من حرث وسقي وغيرهما؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث السابق: «وله نفقته ولو كان عمل الحرث» ونحوه بنفسه؛ لأن العمل متقوم استهلك لمصلحة الزرع فوجب رد عوضه كما لو استأجر من عمله؛ ولأن في كل من بقيته بأجرته وتملكه بنفقته تحصيلاً لغرض رب الأرض فملك الخيرة بينهما، وحيث اختار المالك أخذ الزرع

بنفقته فلا أجرة على الغاصب لمدة مكثه في الأرض المغصوبة؛ لأن منافع الأرض في هذه المدة عادة إلى المالك فلم يستحق عوضها على غيره. ويزكي الزرع رب الأرض أن أخذه قبل اشتداده لوجوبها، وهو في ملكه أن تملكه بعد اشتداد الحب فزكاته على الغاصب؛ لأنه المالك وقت وجوبها، قال في «الإنصاف» : تواتر النص عن الإمام أحمد - رحمه الله - أن الزرع للمالك وعلى جماهير الأصحاب، وجزم به في «الوجيز» وغيره، وقدمه في «الفروع» وغيره، قال الزركشي: هو قول القاضي وجمهور أصحابه، ومن تلاهم والمصنف في سائر كتبه، وهو في «مفردات المذهب» ، قال ناظمها: بالإحترام أحكم لزرع الغاصب وليس كالباني أو كالناصب إن شاء رب الأرض ترك الزرع بأجرة المثل فوجه مرعي أو ملكه إن شاء بالإنفاق أو قيمة للزرع بالوفاق اهـ. وقال الأئمة الثلاثة وغيرهم يجبر الغاصب على قلع زرعه، والحكم فيه كالغراس سواء بسواء؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام -: «ليس لعرق ظالم حق» ؛ ولأنه زرع في أرض غيره ظلمًا أشبه الغراس، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم (4) . وإن انتقلت الأرض من الغاصب إلى غيره وبنى المنتقلة إليه أو غرس ولم يعلم أن الأرض لغيره ثم عادت الأرض إلى صاحبها، فقيل: إن لصاحبها أن يلزم من انتقلت إليه من الغاصب من مشتر أو مستأجر أو نحوه بقلع الغراس والبناء، ويرجع المقلوع غرسه وبناؤه على الذي انتقلت إليه منه لكونه غره؛ لأن الأرض ليس لأحد فيها حق، ولم يتفق صاحبها مع أحد

س3: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: من غصب أرضا وغراسا منقولا من شخص واحد فغرسه في الأرض المغصوبة، أو غصب أرضا

بعقد يسوغ له بقاؤه، وقيل: أنه في هذه الحال معذور كما أنه معذور في غرسه وبنائه؛ لأنه وضعه معتقدًا أنه ملكه أو أنه مالك لمنافعه ولا يوصف في هذه الحال بأنه ظالم فلا يدخل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس لعرق ظالم حق» يؤيده أنه في الغالب يكون أصلح للطرفين إبقاؤه بتقويم أو تأجير ونحوه، وربما أنه إذا ألزم بالقلع للغراس والبناء يتعذر عليه الرجوع على الغار فيصير عليه ضرر عظيم، واختار هذا القول شيخ الإسلام، وهو الذي تطمئن إليه النفس، والله أعلم. ومتى كانت آلة البناء من مغصوب بأن كان فيه لبن أو آجر أو ضرب منه وبنى به فيه فعليه أجرتها مبنية؛ لأن البناء والأرض ملك للمغصوب منه ولا أجرة للغاصب لبنائه، ولا يملك غاصب هدمها؛ لأنه لا ملك له فيه ولم يأذن له ربه فيه؛ فإن نقضه فعليه أرش النقص الحاصل بنقصه وإلا تكن آلة البناء من المغصوب، بل إن كانت للغاصب بأن بناها بلبن من غير ترابها فعليه أجرتها غير مبنية؛ لأنه إنما غصب الأرض وحدها، وأما بناؤه بآلته فلو أجر الغاصب الأرض وبناءه الذي ليس منها، فالأجرة المستقرة على المستأجر بين الغاصب ورب الأرض بقدر قيمتها توزع بالمحاصة بقدر أجرة مثل الأرض وأجرة البناء فينظر كم أجرة الأرض مبنية ثم أجرة خالية فما بينهما فهو أجرة البناء، فيختص كل واحد بأجرة ماله ولو جصص الغاصب الدار وزوقها فحكمه كالبناء؛ لأنه ملك غيره بما لا حرمة له. (3) فيما يتعلق بغصب الأرض أو ما خاط به جرح أو غصب جوهرة أو نحوها س3: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: من غصب أرضًا وغراسًا منقولاً من شخص واحد فغرسه في الأرض المغصوبة، أو غصب أرضًا

لرجل وغراسًا لآخر فغرسه فيها، أو غصب خشبًا ورفع به سفينة، من غصب ما خلط به جرح حيوان محترم من آدمي أو غيره وخيف بقلعه ضرر آدمي أو خيف تلف غير الآدمي أو حل حيوان خيط جرحه بمغصوب لغاصب أو غصب جوهرة فابتلعتها بهيمة أو ابتلعت شاة شخص جوهرة آخر غير مغصوبة أو دخل رأس شاة أو نحوها في إناء ولم يخرج إلا بذبحها أو كسره. واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والمحترزات والخلاف والترجيح. ج: من غصب أرضًا وغراسًا منقولاً من شخص واحد فغرس الغراس في الأرض المغصوبة، فالكل لمالك الأرض ولا شيء للغاصب في نظير فعله؛ لتعديه به، ولم يملك الغاصب قلعه؛ لأن مالكها واحد ولا يتصرف غيره في ملكه بلا إذنه، وعلى الغاصب إن قلع الغراس بغير إذن مالك تسويتها ونقصها ونقص غراسه لتعديه به، وكذا إن طلب القلع رب الأرض والغراس لغرض صحيح بأن كان لا ينتج مثله في تلك الأرض لا لعبث إذ لا فائدة في العبث فعليه تسوية الأرض، وعليه أرش نقصها وأرش نقص غراس لحصوله بتعديه، وإن لم يكن غرض صحيح لم يجبر الغاصب على القلع؛ لأنه سفه وإن أراد الغاصب قلع الغراس أو البناء ابتداء من غير طلب المالك فله منعه من القلع؛ لأنه ملكه فلس لغيره التصرف عليه بغير إذنه ويلزم الغاصب أجرة المغصوب مبنيًا؛ لأن البناء والأرض ملك لربها. وإن غصب أرضًا وغصب غراسًا لرجل آخر فغرسه في الأرض المغصوبة، ثم وقع النزاع في مؤنة قلع الغراس على رب الأرض يرجع بها على الغاصب؛ لأنه تسبب في غرمه، وكذا إذا زرع الأرض المغصوبة ببدر الغير فليس لرب الأرض تملكه ولا قلعه، بل يبقى لمالكه إلى أوان

حصاده بأجرة مثل الأرض، وعلى الغاصب؛ لعدوانه. وإن غصب خشبًا فرفع به سفينة قلع إن كانت في الساحل أو في لجة البحر، ولا يخاف عليها من قلعه؛ لكونه في أعلاها ودفع لربه بلا إمهال لوجوبه فورًا ويمهل لقلع مع خوف على سفينة بقلعه بأن يكون في محل يخاف منه دخول الماء إليها وهي في اللجة حتى ترسي لئلا يؤدي قلعه إلى فساد ما في السفينة من المال مع إمكان رد الحق إلى مستحقه بعذر من قريب، وقيل: يقلع إلا أن يكون فيه حيوان محترم أو مال للغير. فإن تعذر الإرساء لبعد البر، فلمالك الخشب المغصوب أخذ قيمته للتضرر برد عينه إذًا فإذا أمكن رد الخشب إلى ربه استرجعه ورد القيمة لزوال الحيلولة، وعلى الغاصب الأجرة إلى حين بذله القيمة فقط ولا يملكه ببذلها، بل يملكها ربه، وعلى الغاصب أجرة الخشب إلى قلعه لذهاب منافعه بيده، وعليه أرش نقصه إن نقص لحصوله بتعديه على ملك غيره ومن غصب أرضًا فحكمها في جواز دخول غيره إليها كحكمها قبل غصب فحكم أرض محوطة كدار وبستان ونحوهما، لا يجوز دخول غيره إليها، وأما الغاصب فيمتنع عليه الدخول فيها من باب أولى وحكم غير المحوطة كصحراء ومدرسة وزاوية مغصوبة يجوز دخول غير الغاصب إليها؛ لأنه لا يمنع من الدخول قبل الغصب فبعده كذلك. وإن غصب ما خاط به جرح حيوان محترم من آدمي أو غيره، وخيف بقلع الخيط ونحوه ضرر آدمي لم يقلع، وعليه قيمته، وقيل: لا تؤخذ قيمته إلا إذا خيف تلفه ويقلع كغيره من الحيوانات المحترمة؛ فإنه لابد من خوف التلف أو خيف من قلعه تلف غير آدمي فعلى الغاصب قيمة الخيط أو نحوه؛ لأنه تعذر رد الحق إلى مستحقه فوجب رد بذله وهو القيمة، ولا يلزمه القلع؛ لأن الحيوان آكد حرمة من بقية المال؛ ولهذا جاز إتلاف

غيره وهو ما يطعمه الحيوان لأجل تبقيته، وكذا لو شد بالمغصوب جرحًا يشخب دمه أو جبر به نحو ساق مكسور وغير المحترم كالمرتد والحربي والكلب العقور والخنزير، فإذا خاط جرح ذلك بالخيط المغصوب وجب رده؛ لأنه لا يتضمن تفويت ذي حرمة أشبه ما لو خاط به ثوبًا وإن حل الحيوان المخيط جرحه بمغصوب لغاصب كشاته وبقرته ونحوها وخيف موته بقلع أمر غاصب بذبح الحيوان ولو نقصت قيمته به أكثر من ثمن الخيط أو لم يكن معدًا للأكل كالخيل ويرد الخيط لربه؛ لأنه متمكن من رده بذبح الحيوان والانتفاع بلحمه، ولا أثر لتضرره بذلك لتعديه كما يرد الخيط بعد موت الحيوان غير آدمي؛ لأنه لا حرمة له بعد موته بخلاف الآدمي المعصوم لبقاء حرمته فتتعين قيمته، وإن كان الحيوان الذي خيط جرحه محترمًا غير مأكول رد الغاصب قيمة الخيط؛ لأن حرمة الحيوان آكد. ومن غصب جوهرة مثلاً فابتلعتها بهيمة بتفريطه أولاً فحكمها حكم الخيط الذي خاط به جرحها على التفصيل السابق. ولو ابتلعت شاة شخص مثلاً جوهرة آخر غير مغصوبة وتعذر إخراجها إلا بذبحها وذبحها أقل ضررًا من ضرر تركها ذبحت، وعلى رب الجوهرة ما نقص بالذبح؛ لأنه لتخليص ماله إن لم يفرط رب الشاة بكون يده عليها حين ابتلاعها الجوهرة؛ فإن كانت يده عليها فلا شيء له على رب الجوهرة مما نقصه الذبح؛ لأن التفريط من غيره فكان الضرر على المفرط. وإن حصل رأس شاة أو بقرة أو بعير أو نحوها بإناء ولم يخرج رأسها إلا بذبحها أو كسر الإناء ولم يحصل تفريط من رب الشاة ورب الإناء كسر الإناء لرد ما حصل فيه بغير عدوان ويعطي لربه، وعلى مالك البهيمة الأرش لتخليص ماله ويجب كسر الإناء وأخذ أرشه إلا إن وهب البهيمة مالكها لرب الإناء، ولا يجب على رب الإناء قبول البهيمة لما فيه

من المنة؛ فإن قبلها جاز وصارت والإناء ملكًا له يتصرف بهما كيف شاء. وإن فرط رب الشاة بأن أدخل رأسها في نحو دبة فول أو نحوها أو كانت بيده عليها حال الدخول ذبحت البهيمة بلا ضمان على رب الإناء؛ لأن التفريط من جهته فهو أولى بالضرر ممن لم يفرط. ومع تفريط رب الإناء كما لو أدخله بيده أو ألقى الإناء في الطريق يكسر الإناء بلا أرش على رب الشاة ونحوها؛ لأن المفرط أولى بالضرر ويتعين في بهيمة غير مأكولة حصل رأسها بإناء ولم يخرج إلا بكسره كسر الإناء ولا تقتل البهيمة بحال، ولو اتفقا على القتل لم يمكنا منه؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - نهى عن ذبح اليحوان لغير مأكله، وعلى ربها أرش الإناء إلا أن يكون التفريط من مالكه، وقيل: حكمه حكم المأكول على ما تقدم، وقيل: أنه يقتل إن كانت الجناية من مالكها أو القتل أقل ضررًا. وإن قال من وجب عليه الغرم: أنا أتلف مالي ولا أغرم شيئًا كان له ذلك، ويحرم ترك رأس البهيمة بالإناء بلا ذبح ولا كسر؛ لأنه تعذيب حيوان، فإن لم يفرط رب الإناء وامتنع رب غير المأكولة من أرش الكسر أجبر؛ لأنه تعذيب حيوان؛ فإن لم يفرط رب الإناء وامتنع رب غير المأكولة من أرش الكسر أجبر؛ لأنه ضرورة لتخليصها من العذاب فلزم ربها كعلفها. ويلزم رد العين غاصبها ولو بنى فوقها قصرًا إذا لم يثرد ولو ناله في الرد أضعاف قدرها من الغرم الزمه ولا تتردد سوى رفع فلك فوق بحر بأجود ومع حرمة الحي أو أذى الغير خلد وإن خلط المغصوب بعد تقرر على خطأ في خلطه أو تعمد

بما فيه مميز فالزمه رده وإلا فمنه المثل من جنسه اردد وإن يكن المغصوب أردأ منه إن سمح غاصب بالأخذ منه ليظهد على أخذه منه انحتامًا وخلطه بشيرجه زيتًا فخذ مثله قد وقال أبو يعلى له المثل مطلقًا ولو مع جنس لا يميز فاشهد وقيل اقض في هذه الثلاث بشركة على قيمة المالين لا تتردد وف ماله إن يصعبن خروجه بلا هدمه فاهدمه والغصب أفرد وما كان هذا دون تفريط ربه على من ينجي ماله نقص مفسد ومحتمل تعيين ما قل ضره وما حل فاذبح وأكسرن مال معتدي وفي قمم أن تدخل الشاة رأسها بغير تعد المالكين لتقصد إلى فعل أدنى الحالتين إذًا فمن سلم ماله ضمنه نقص المفسد كذا غير مأكول ويحرم تركه وقد قيل عين ظرف هذا وشرد وخذ قيمة عن جابر الجرح إن يخف بقلع كذا في رفع فلك بمبعد

س4: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: من غصب شيئا فأدخله داره وتعذر إخراجه، إذا باعها وفيها ما يعسر إخراجه من غصب نحو دينار أو جنبه أو نحوه فحصل في إناء ضيق الرأس بفعل غاصب أو لا وعسر إخراجه أو جعله الغاصب في إناء نفسه ولم يخرج بدون كسره أو حصل الجنيه أو نحوه بلا غصب ولا فعل أحد في إناء من جرة أو نحوها أو بفعل مالكها أو بفعل رب الدينار أو الجنيه أو نحوهما، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

وإن كان مأكولاً له إذبح بأجود وقيل سوى ما ذبحه لم يعود وإن مات مجروح سوى الآدمي قد فَجرَّت بغصب جرحه أقلعه واردد وملك سوى جان وما لم يبع فدع وخذه إن يمت بل قيل من غير من هدي كذا الخلف والتفصيل بلع لمثمن وأشباهه غصبًا وفي ذبح مزرد ومحتمل إن زاد قيمة جوهر على غير إنسان ليذبح ويعتدي (4) من اغتصب شيئًا وأدخله داره وتعذر إخراجه أو دينارًا فأدخله إناء ضيقًا ... إلخ س4: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: من غصب شيئًا فأدخله داره وتعذر إخراجه، إذا باعها وفيها ما يعسر إخراجه من غصب نحو دينار أو جنبه أو نحوه فحصل في إناء ضيق الرأس بفعل غاصب أو لا وعسر إخراجه أو جعله الغاصب في إناء نفسه ولم يخرج بدون كسره أو حصل الجنيه أو نحوه بلا غصب ولا فعل أحد في إناء من جرة أو نحوها أو بفعل مالكها أو بفعل رب الدينار أو الجنيه أو نحوهما، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: من غصب فصيلاً أو مهرًا ونحوه فأدخله داره فكبر وتعذر خروجه نقض الباب أو غصب خشبًا وأدخله داره ثم بنى الباب ضيقًا بحيث لا تخرج الخشبة إلا بنقضه وجب نقضه لضرورة وجوب الرد ورد

الفصيل والخشبة إلى ربهما؛ لأن المتعدي أولى بالضرر، قلت: وكذا لو غصب سيارة أو نحوها وأدخلها داره ثم بنى الباب ضيقًا بحيث لا تخرج إلا بنقضه وجب نقضه لضرورة وجوب الرد ورد السيارة لربها ولا شيء على ربها في ذلك؛ لأن المتعدي أولى بالضرر. ولو حصل مال شخص من حيوان أو غيره في داره وتعذر إخراجه من الدار بدون نقض بعضها وجب نقضه وإخراجه، وعلى رب المال المخرج إصلاحه؛ لنه لتخليص ماله ومحل ذلك إن لم يفرط رب المال وذلك بأن دخل الحيوان بنفسه أو أدخله ربه، وأما الخشبة إذا حصلت في الدار من غير تفريط صاحبها؛ فإن كسرها أكثر ضررًا من نقض الباب وإعادته غالبًا في البيوت المبنية من الطين فحكمها كالفصيل بنقض الباب ويغرم صاحبها أرش نقضه وإصلاحه وإن كان كسرها أقل ضررًا كسرت ولا شيء على صاحب الدار لعدم عدوانه وإن كان حصول ما ذكر في الدار بعدوان من صاحبه كمن غصب دارًا وأدخلها فصيلاً أو خشبة أو سيارة ثم بنى الباب ضيقًا أو تعدى على إنسان فأدخل داره فرسًا ونحوه بغير إذنه كسرت الخشبة وذبح الحيوان المأكول ولو زاد ضرره على نقض الباب؛ لأن صاحبه هو الذي أدخل الضرر على نفسه بعدوانه. وإن كان الحاصل من ذوات التركيب فكذلك إن فرط مالك الدار نقض الباب من غير أرش وإن فرط مالكه فك التركيب. ولو باع الدار وفيها ما يعسر إخراجه كخوابي غير مدفونة وخزائن غير مسمورة لما تقدم في البيع أنه يتناول ما كان متصلاً بها أو كان فيها حيوان ينظر؛ فإن كان ضرر النقض أقل من بقاء ذلك في الدار أو من تفصيله ما يأتي تفصيله كخزائن ومن ذبح الحيوان المأكول نقض باب أقل ضررًا وكان أرش نقضه وإصلاحه على البائع؛ لأنه لتخليص ماله، وكذا

لو باع داره وله فيها أسرة ونحوها وتعذر الإخراج والتفكيك وإن كان نقض الباب أكثر ضررًا من بقاء ذلك في الدار ومن تفصيله، وذبح الحيوان؛ لعدم فائدته واصطلحا على ذلك بأن يشتري مشتر الدار أو يهبه له البائع، ذكره الموفق والشارح. ومن غصب جوهرة أو دينارًا أو جنيهًا أو نحو ذلك فحصل في إناء ضيق الرأس بفعل غاصب أو لا وصعب إخراجه منها فتعسر بدون الكسر؛ فإن زاد ضرر الكسر على الدينار أو نحوه بأن كانت قيمتها صحيحة دينارين وقيمتها مكسورة نصف الدينار فعلى الغاصب بدل الدينار أو الني يعطيه لربه ولم تكسر؛ لأنه إضاعة مال وهي منهي عنها. وإن لم يزد ضرر الكسر على الدينار بأن تساويا أو كان ضرر الكسر أقل تعين الكسر لرد عين المال المغصوب من غير إضاعة مال وعلى الغاصب ضمان الكسر؛ لأنه السبب فيه وإن غصب دينارًا وجعله في إناء نفسه ولم يخرج بدون كسرها، فإنها تكسر المحبرة أو الإناء سواء زاد ضرر الكسر على الدينار أو لا؛ لأن حصوله فيها بتعديه ومن غصب نحو خشب أو حجر فحصل في بناء آخر وعسر إخراجه؛ فإن زاد ضرر الهدم عليه فعلى الغاصب بدله وإلا تعين الهدم وعليه ضمانه. وإن حصل في بناء نفسه يهدم مطلقًا وإن حصل الدينار أو نحوه في الإناء بلا غصب ولا فعل أحد بأن سقط من مكان أو ألقته ريح أو طائر أو نحوه كسر الإناء وجوبًا وعلى رب الدينار أرش نقص الإناء بالكسر؛ لأن الكسر لتخليص حقه إلا أن يمتنع رب الدينار أو نحوه من كسر الإناء مع ضمان أرشه لكون الإناء غاليًا ثمنه؛ فإن امتنع فلا طلب له ويصطلحان عليه وإن حصل الدينار أو نحوه بفعل مالك الإناء فإنه يكسر مجانًا ولا ضمان على رب الدينار أو نحوه؛ لأنه وجب على ربها إعادة الدينار إلى مالكها،

ولم يكن ذلك بدون كسر الإناء فجاز كسره لذلك، ولا يضمن نقصه؛ لأن التفريط من مالكها. وإن حصل فيها بفعل رب الدينار فإنه يخير بين تركه في الإناء وبين كسره فرط مالك الإناء أو لم يفرط وعلى رب الدينار قيمة الإناء كاملة لتعديه ويلزم رب الدينار قبول مثل الدينار إن بذله رب الإناء ولم يجز الكسر؛ لأنه بذل له مالاً يتفاوت به حقه دفعًا للضرر عنه فلزمه قبوله لما فيه من الجمع بين الحقين ولو بادر رب الدينار إلى الإناء أو نحوه وكسره عدوانًا لم يلزمه إلا قيمته فقط. ويلزم إنشاد المبعد تركه أو أقرب مثوى لا المعارضة أشهد وليس لرب الأرض إلزام زارع لقلع ولم يبلغ لقرب التحصد وقيل إن تشا اتركه بأجر ونقضها إلى الحصد أو خذه بقيمته قد وعنه بما أدى عليه وقيل ل لمالكه يبقى بأجر بمبعد وإن حصل المزروع قبل تملك فليس سوى أجر لذي الأرض فأشهد وكالغرس في الأقوى المكر رجزه وأثمار أشجار بغصب لمعتد وإن يبن أو يغرس فخذه بقلعه وأجر وأرش النقص ثم التمهد

وإن كان غرس والبنا ملك ربها فشا الترك أو قلعا لمعنى يؤيد وإن زاد ألزمه الزيادة أن يبح فذات انفصال كاتصال لردد كغاصب أنثى ولدت أو تكسبت أو ازداد في جسم وفي صنعة اليد وإن حدثت ثم انقضت بعد غصبه ولا شيء في قول هنا إن رد أطد ووجهان إن يحدث من الجنس جائز ومن غير جنس ضمن النقص ترشد ولا غرم في جبر الشفا في سقامه وليس عليه نقص سعر بأوكد وما صاد بالمغصوب فهو لربه كذا سهمه إن يغنموا مال جحد وإن يجن في المغصوب ما غير اسمه كصوغ حلي من لجين وعسجد ووصفًا كنسيج الثوب أو نسج غزله وذبح شياة واشتواها بموقد فللمالك ابذله وقيمة نقصه وإن زاد لم يشرك غصوب بأوطد وعنه لغصاب ويضمنه وعن أمامك خير فيهما ربه قد ويملك طم البئر في الأرض حافر ومع كره رب الأرض مع حسن مقصد

متى يبر منها في القوى وقيل لا وقيل وإن لم يبرأ عن طمها أصدد ومن يغتصب حبًا فيزرعه أو نوى فينبت أو بيضا فأفرخ فأشهد بكل لرب الأرض في المتوطد وقيل لعاد مع ضمان المفسد ومن يغتصب ثوبًا فيصنعه شوركًا، كمليكها والنقص من غاصب قد وكل له ما زاد من قدر ملكه وذو الصبغ إن شا قلعه أقبل بأوطد ويضمن نقص الثوب وأحكم بعكسه لذي الثوب مع تضمين نقص تردد ولا تجبرن شخصًا على بيع حقه سوى غاصب أن يأب قلعًا بمبعد ويحتمل أن لا يمكن قالع به يضمحل المال للسفه أصدد ولا تلزمن ذا لثوب والدار منه بالقبول إن منح صبغًا ونفسًا بأجود كذا غاصب صبغًا فيصبغ ثوبه وزيتًا به السويق ليعدد وقيل عليه في الجميع ضمانه بمثل وإلا قيمة عند مفقد ومن يصبغ المغصوب من صبغ غصبه يرد وأرش النقص أو بالتزيد

س5: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا زاد مغصوب بيد غاصب، من غصب قنا أو شبكة أو نحوها فأمسك صيدا، أو غزا على فرس مغصوب فغنم، أو غصب مخلبا فقطع به أو سلاحا فصاد به، أو أزال غاصب اسم مغصوب بعمله فيه، إذا طلب مالك رد ما أمكن رده إلى حالته، إذا استأجر الغاصب على عمل شيء مما تقدم من حفر بئرا في أرض مغصوبة أو شق فها نهرا أو أراد طمها، أو غصب شاة وانزى عليها فحله فلمن الولد، أو غصب دجاجة أو حمامة فباضت عنده ثم حضنت بيضها فصار فراخا فلمن يكون الفراخ؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والاحتراز والقيد والخلاف والترجيح.

والإثنين إن كانا يكن مثل صبغه بثوب فتى والنقص منه لينقد (5) من غصب شبكة أو نحوها فأمسك بها صيد أو غزا على فرس فغنم أو عمل فيما غصبه ... إلخ س5: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا زاد مغصوب بيد غاصب، من غصب قنا أو شبكة أو نحوها فأمسك صيدًا، أو غزا على فرس مغصوب فغنم، أو غصب مخلبًا فقطع به أو سلاحًا فصاد به، أو أزال غاصب اسم مغصوب بعمله فيه، إذا طلب مالك رد ما أمكن رده إلى حالته، إذا استأجر الغاصب على عمل شيء مما تقدم من حفر بئرًا في أرض مغصوبة أو شق فها نهرًا أو أراد طمها، أو غصب شاة وانزى عليها فحله فلمن الولد، أو غصب دجاجة أو حمامة فباضت عنده ثم حضنت بيضها فصار فراخًا فلمن يكون الفراخ؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والاحتراز والقيد والخلاف والترجيح. ج: يلزم غاصبًا وغيره إذا كان بيده رد مغصوب زاد بيد غاصب أو غيره بزيادته المتصلة كقصارة ثوب وسمن حيوان وتعلم صنعة آدمي وبزيادته المنفصلة كالولد من بهيمة وكذا من أمة إلا أن يكون جاهلاً فهو حر ويفديه بقيمته يوم الولادة. وككسب رقيق؛ لأنه من نماء المغصوب وهو لمالكه فلزمه رده كالأصل. ولو غصب قنا أو شبكة أو شركًا فأمسك القن أو الشبكة أو الشرك صيد فلمالكه أو غصب جارحًا أو سهمًا أو فرسًا أو قوسًا فصاد الغاصب أو غيره بالجارح أو صاد على الفرس صيدًا أو غزا على الفرس فغنم، فالصيد وسهم الفرس من الغنيمة لمالك الجراح والفرس المغصوب؛ لأنه

حصل بسبب المغصوب فكان لمالكه، وقيل: هو الغاصب، وعليه الأجرة. وقال الشيخ تقي الدين -رحمه الله-: يتوجه فيما إذا غصب فرسًا وكسب عليه مالاً أن يجعل الكسب بين الغاصب ومالك الدابة على قدر نفعهما بأن تقوم منفعة الراكب ومنفعة الفرس ثم يقسم الصيد بينهما فعلى ما تقدم إن قلنا هو للمالك لم يكن له أجرة في مدة اصطياده؛ لأن الأجرة في مقابلة منافعه ومنافعه في هذه المدة عائدة إلى مالكه فلم يستحق عوضها غيره كما لو زرع أرض إنسان فأخذ المالك الزرع بنفقته، والثاني عليه الأجرة؛ لأنه استوفى منافعه أشبه ما لو لم يصد شيئًا وما ذكر من أن الصيد يكون لمالك المغصوب إن كان ما حصله من صيد أو غنيمة قدر أجرة المغصوب فأكثر، وأما إذا نقص الحاصل عن قدر أجرته فلرب المغصوب أجرة مثله تؤخذ من الغاصب لعدوانه. وإن غصب منجلاً فقطع الغاصب أو غيره به خشبًا أو حشيشًا فالخشب أو الحشيش لغاصب لحصول الفعل منه كالحبل المغصوب يربط فيه الغاصب ما يجمعه من حطب ونحوه وكالمنجل في الحكم، ولو غصب سيفًا أو سلاحًا أو رمحًا أو نحوه فصاد به فهو لغاصبه لحصول ذلك بفعله، كما لو غصب سيفًا فقاتل به وغنم، وإن أزال غاصب أو غيره اسم مغصوب بعمله فيه كنسج غزل فيصير ثوبًا، وطحن حب فصار دقيقًا أو طبخه فصار يسمى طبيخًا، والأول يسمى دقيقًا ونجر خشب بابًا أو رفوفًا أو دولابًا أو ماصة أو دريشة أو ضرب حديدًا مسامير أو سيفًا أو فؤسًا أو صفرًا نجرًا أو نحاسًا قدورًا أو فضة دراهم أو فضة دراهم أو حليًا وجعل طين غصبه لبنًا أو اسمنتًا ورملاً بيوكا أو بلاطًا أو آجرًا أو فخارًا جرارًا أو أزيارًا أو اسمنتًا ورملاً مواصير وأقلامًا رده الغاصب وجوبًا معمولاً لقيام عين المغصوب فيه ورد أرشه إن نقصه لحصول نقصه بفعله وسواء نقصت

عينه أو قيمته أو نقصًا جميعًا ولا شيء للغاصب لعمله فيه ولو زاد المغصوب بعمل الغاصب فيه لتبرعه به كما لو أغلى زيتًا فزادت قيمته بخلاف ما لو غصب ثوبًا فصبغه؛ فإنه يصير شريكًا في زيادة الثوب، والفرق بينهما أن الصبغ عين مال لا يزول ملك مالكه عنه بجعله مع ملك غيره وإن غصب ثوبًا فقصره الغاصب بنفسه، أو بأجرة أو غصب شاة فذبحها وسلخها وشواها لزمه رد ذلك وأرش نقصه إن نقص شيء له في نظير عمله لتعديه وذبح الغاصب الشاة لا يحرم أكلها؛ لأنها مذكاة والذي ذكاها من أهل الذكاة؛ لكن لا يجوز للغاصب ولا غيره أكلها ولا التصرف فيها إلا بإذن مالكها كسائر الأموال. وقيل: يكون شريكًا بالزيادة، اختاره الشيخ تقي الدين قاله في «الهداية» و «المستوعب الصحيح من المذهب» إن زادت القيمة بذلك فالغاصب شريك المالك بالزيادة، قال ناظم المفردات: إن صنع الغاصب بابًا بالخشب أو ضرب الفضة أو صك الذهب أو حاك غزلاً أو لثوب قصرًا بزائد شارك نصًا ضهرًا رجحه الأكثر في الخلاف ونصر الشيخان للمنافي وللمالك إجباره الغاصب على رد ما أمكن رده من مغصوب إلى حالته التي غصب عليها؛ لأن عمل الغاصب في المغصوب محرم فملك المالك إزالته مع الإمكان وما لا يمكن رده إلى حالته الأولى كالأبواب والفخار والجص والإسمنت والآجر والشاة ونحوها إذا ذبحها وشواها وكالحب إذا طحنه فليس للغاصب إفساده ولا للمالك إجباره عليه؛ لأنه إضاعة

مال بغير منفعة، وقد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال. وإن استأجر الغاصب إنسانًا على عمل شيء مما تقدم فالأجر عليه والحكم في زيادة ونقصه كما لو فعل ذلك بنفسه وللمالك تضمين النقص من شاء مهما فإن جهل الأجير الحال وضمن الغاصب لم يرجع على أحد وإن ضمن الأجير رجع على الغاصب؛ لأنه غره وإن علم الأجير الحال وضمن لم يرجع على أحد؛ لأنه أتلف مال غيره بدون إذنه وإن ضمن الغاصب رجع على الأجير؛ لأن النقص حصل بفعله فاستقر الضمان عليه وإن استعان الغاصب بمن فعل ذلك فهو كالأجير. ومن حفر بئرًا في أرض مغصوبة أو شق فيها نهرًا ووضع التراب الخارج من البئر أو النهر في الأرض المغصوبة فله طمها إن كان الطم لغرض صحيح كإسقاط ضمان تالف بها أو كون الغاصب قد نقل ترابها إلى ملكه أو ملك غيره أو إلى طريق يحتاج إلى تفريغه وللغاصب حينئذ رد ترابها من نحو ملكه أو طريق نقلها إليه حيث بقي، فلو فات بسيل أو ريح ونحوه فله الطم بغيره من جنسه لا برمل أو كناسة ونحوها ولو أبرأه المالك مما تلف بها؛ لأن الغرض قد يكون غير خشية ضمان ما يتلف بها وتصح البراءة منه؛ لأن الضمان إنما يلزمه لوجود التعدي فإذا رضي رب الأرض زال التعدي فيزول الضمان، وإنما صحت البراءة مما يتلف بالبئر مع أنها متضمنة لما لم يجب بعد لوجود أحد السببين من حافر البئر وكل منهما موجب للضمان فالسبب الأول هو التعدي منه بحفرة في الأرض التي لغيره عدوانًا، والسبب الثاني هو الإتلاف وليست هذه البراءة براءة مما سيجب وإنما هي إسقاط المالك عن الغاصب التعدي برضاه ولو منعه المالك من الطم لم يملك الغاصب طمها في هذه الصور؛ لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه لغير غرض صحيح ومنع من الطم رضي

بالحفر فيكون بمنزلة إبرائه من ضمان ما يتلف بها وإن كان الطم لغير غرض صحيح مثل أن يكون قد وضع التراب في أرض مالكها أو في موات وأبرأه من ضمان ما يتلف بها فلا يطمها الغاصب؛ لأنه إتلاف لا نفع فيه فلم يكن له فعله كما لو غصب نقرة فطبعها دراهم ثم أراد جعلها نقرة وبهذا قال أبو حنيفة والمزني وبعض الشافعية، وقيل: له طمها؛ لأنه لا يبرأ من الضمان بإبراء المالك؛ لأنه إبراء مما لم يجب بعد وهو أيضًا إبراء من حق غيره وهو الواقع فيها، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه نفسي، والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن أراد الطم المالك لغرض صحيح ألزم غاصب بالطم لعدوانه بالحفر؛ ولأنه يضرب الأرض وإن غصب حبًا فزرعه أو بيضًا فصار فراخًا أو نوى فصار نخلاً أو فراخًا فصار نخلاً أو أغصانًا فصارت شجرًا رد الغاصب الزرع والفراخ والشجر والنخل لمالكها؛ لأنه عين ماله المغصوب منه، ولا شيء للغاصب في عمله؛ لأنه تبرع به. إن غصب شاة أو بقرة أو بدنة أو نحوها فأنزى عليها فحله فالولد لمالك الأم كولد الأمة ولا أجرة للفحل لعدم إذن ربها؛ ولأنه لا تصح إجارته لذلك وكذا لو غصب نخلة وحصل منها ودي فإنه لمالكها والودي أفراخ النخل؛ لأنه من نمائها ككسب العبد وولد الأمة. وإن غصب فحل غيره وأنزاه على شاته فالولد له تبعًا للأم ولا لزمه أجرة الفحل؛ لأنه لا يصح إجارته لذلك؛ لكن إن نقص بالإنزاء وغيره، لزم الغاصب أرش نقصه لتعديه، وإن غصب دجاجة أو حمامة فباضت عنده ثم حضنت بيضها فصار فراخًا فهما لمالكها ولا شيء للغاصب في علفها، قال أحمد: في طيرة جاءت إلى دار قوم فازدوجت عندهم وفرخت يردونها وفراخها إلى أصحابها، قال في «المبدع» : ويرجع إلى ربها

بما أنفقه إن نوى الرجوع وإلا فلا. اهـ. وإن نقص المغصوب يضمن نقصه بقيمته عبدًا وغير معبد وعن أحمد في العين من فرس ومن بغال وحمر ربع قيمتها أرفد وفي بعض قن من عتيق مقدر كنسبته من قيمة العبد أورد وقيل أكثر الأمرين في العبد واجب كذا أوجبن أن يجن في العبد معتدي وإن كان غير الغاصب القاطع إن تشا فخذ أكثر الأمرين من غاصب قد ورد عليه الأرش من مال قاطع أو أقبضه وألزم غاصبًا بالمزيد وعنه على الجاني قرار مضمن بما كان من تقدير أو أرش أقصد ومن يغتصب عبدًا فيخصيه رده وقيمته حتمًا على المتأكد وإن زال ما يؤذيه من سمن فلا ضمان عليه في زوال المنكد وخذ مثلاً أودع ما يزيد فساده وخذه وأرش النقص عند التأطد وقال أبو يعلى بتعيين مثله لإضراره بالصبر مع جهل مفسد

س6: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: نقص المغصوب بعد غصبه من غصب عبد فخصاه أو أزال منه ما تجب فيه دية أو قطع ما فيه مقدر، إذا أخذ مالك أرشا من غاصب ثم زال العيب، نقص الشعر، زيادة المغصوب إذا طرأ على المغصوب مرض، إذا نقص مغصوب ثم زاد، إذا نقص نقصا غير مستقر، جناية القن المغصوب، زوائد المغصوب إذا تلفت أو نقصت في يد الغاصب أو جنت على المالك أو غيره إذا كان العبد ودية فجنى جناية استغرقت قيمته ثم أن المودع قتله بعدها، واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والمحترز والخلاف والترجيح.

(6) نقص المغصوب وجنايته س6: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: نقص المغصوب بعد غصبه من غصب عبد فخصاه أو أزال منه ما تجب فيه دية أو قطع ما فيه مقدر، إذا أخذ مالك أرشًا من غاصب ثم زال العيب، نقص الشعر، زيادة المغصوب إذا طرأ على المغصوب مرض، إذا نقص مغصوب ثم زاد، إذا نقص نقصًا غير مستقر، جناية القن المغصوب، زوائد المغصوب إذا تلفت أو نقصت في يد الغاصب أو جنت على المالك أو غيره إذا كان العبد ودية فجنى جناية استغرقت قيمته ثم أن المودع قتله بعدها، واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والمحترز والخلاف والترجيح. ج: يضمن غاصب نقص مغصوب بعد غصبه وقبل رده ولو كان النقص رائحة مسك أو عنبر أو نحوهما؛ لأن قيمته تختلف بالنظر إلى قوة رائحته وضعفها، وكذا قطع ذنب حمار أو بغل أو فرس إذ القصد بالضمان جبر حق المالك بإيجاب قدر ما فوت عليه، ولأنه لو فات الجميع؛ لوجبت قيمته، فإذا فات منه شيء وجب قدره من القيمة كغير الحيوان. وقال أبو حنيفة: إذا قلع عيني بهيمة تنتفع بها من وجهتين كالدابة والبعير والبقرة وجب نصف قيمتها، وفي إحداهما ربع قيمتها؛ لقول عمر محمول على أن ذلك كان قدر نقصها كما روي عنه أنه قضى في العين القائمة بخمسين دينارًا ولو كان تقدير الواجب في العين نصف القيمة كعين الآدمي، والقول الأول المخالف لقول أبي حنيفة هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه أعلم. وإن غصب قنا ثم عمي عنده قوم صحيحًا ثم أعمي وأخذ من غاصب

ما بين القيمتين وكذا لو نقص لكبر أو مرض أو شجة وإن غصب عبدًا وخصاه هو أو غيره، ولو زادت قيمته بخصاه له أو أزال منه ما تجب فيه دية كاملة من حر كأنفه ولسانه أو يديه أو رجليه رده على مالكه ورد قيمته كلها ولا يملكه الجاني؛ لأنه المتلف البعض فلا يتوقف ضمانه على زوال الملك كقطع خصيتي ذكر مدبر، ولأن المضمون هو المفوت فلا يزول الملك من غيره بضمانه كما ل قطع تسع أصابع، وبه قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة والثوري يخبر المالك بين أن يأخذه ولا شيء له غيره وبين أن يأخذ قيمته ويملكه الجاني؛ لأنه ضمان مال، فلا يبقى ملك صاحبه عليه مع ضمان كسائر الأموال والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن قطع غاصب من رقيق مغصوب ما فيه مقدر من حر دون الدية الكاملة كقطع يد أو جفن أو هدب ونحوه فعلى غاصب أكثر الأمرين من دية المقطوع أو نقص قيمته لوجود سبب كل منهما فوجب أكثرهما ودخل فيه الآخر؛ لأن الجناية واليد وجدا فيه جميعًا فلو غصب عبدًا قيمته (1000) ألف فزادت قيمته عنده إلى ألفين ثم قطعت يده فصار يساوي ألفًا وخمسمائة؛ لأنه دية المقطوع أكثر من نقص القيمة في الصورة الأولى، وفي الصورة الأخيرة نقص القيمة أكثر من الدية وإن كان القاطع ليده غير الغاصب وقد نقصت قيمته مائتين قبل وصار بعد القطع يساوي أربعمائة (400) كان على الجاني أربعمائة؛ لأن جنايته مضمونة بنصف القيمة وهي حين القطع ثمانمائة، وعلى الغاصب مائتان؛ لأنها نقصت من قيمة العبد في يده وللمالك تضمين الغاصب ما عليه وعلى الجاني؛ لأن ما وجده في يده في حكم الموجود منه.

ويرجع غاصب غرم الجميع على جان بأرش جناية لحصول التلف بفعله فيستقر ضمانه عليه فقط دون ما زاد عن أرش الجناية فيستقر على الغاصب؛ لأن الجاني لا يلزمه أكثر من أرش الجناية وللمالك تضمين الجاني أرش الجناية ولا يرجع به على أحد؛ لأنه لم يضمنه أكثر مما وجب عليه ويضمن الغاصب ما بقي من النقص ولا يرجع به على أحد. ولا يرد مالك تعيب ماله عند غاصب واسترده وأرش عيبه أرش معيب أخذه من غاصب بزوال العيب عند المالك كما لو غصب عبدًا فمرض عنده فرده وأرش نقصه بالمرض ثم بريء عند مالك بحيث لم يضر به نقص فلا يرد أرشه؛ لأنه عوض ما حصل بيد الغاصب من النقص بتعديه واستقر ضمانه برد المغصوب ناقصًا فإن أخذه مالكه دون أرشه فزال عيبه قبل أخذ أرشه لم يسقط ضمانه بخلاف ما لو بريء في يد غاصب فيرد مالكه أرشه إن كان أخذه. ولا يضمن غاصب رد مغصوبًا بحالة نقص سعر كثوب غصبه وهو يساوي مائة ولم يرده حتى نقص سعره فصار يساوي ثمانين مثلاً فلا يلزمه رده شيء؛ لأنه رد العين بحالها لم تنقص عينًا ولا صفة بخلاف السمن والصفة ولا حق للمالك في القيمة مع بقاء العين وإنما حقه فيها وهي باقية كما كانت كهزال زاد به سعر المغصوب أو لم يزد به ولم ينقص كعبد مفرط في السمن قيمته يوم غصب ثمانون فهزل عند غاصبه فصار يساوي مائة أو بقيت قيمته بحالها فلا يرد معه الغاصب شيئًا؛ لعدم نقصه. وقيل: يضمن نقص السعر لاسيما إذا كان عرضًا ينتظر فيه صاحبه الزيادة ليبيعه، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه أعلم. ويضمن غاصب زيادة مغصوب بأن سمن أو تعلم صنعة عنده ثم هزل أو نسي الصنعة فعليه رده وما نقص بعد الزيادة سواء طالبه المالك

برده زائدًا أو لا لأنها زيادة في نفس المغصوب فضمنها الغاصب كما لو طالبه بردها ولم يفعله، ولأنها زادت على ملك مالكها فضمنها الغاصب كالموجودة حال الغصب بخلاف زيادة السعر فإنها لو كانت موجودة حين الغصب لم يضمنها والصناعة إن لم تكن من عين المغصوب فهي صفة فيه وتابعة له ولا يضمن غاصب مرضًا طرأ على مغصوب بيده وبريء منه في يده؛ لزوال الموج للضمان في يده. وقيل: إن نقصت القيمة لمرض ثم عادت ببرئه أنه يضمن قال في «الإنصاف» : حكى الحارثي وجهًا للشافعية قال: وهو عندي قوي ورد أدلة الأصحاب، وهذا القول هو الذي يترجح عندي؛ لأن السمن الثاني غير الأول فلا يسقط به ما وجب بالأول، والله سبحانه وتعالى أعلم. وكذا لو حملت فنقصت ثم وضعت في يد غاصب فزال نقصها لم يضمن شيئًا ولا يضمن غاصب إن زاد مغصوب ثم زادت قيمته ثم زالت الزيادة ثم عاد كسمن زال ثم عاد؛ لأن ما ذهب من الزيادة عاد مثله من جنسه وهو بيده أشبه ما لو مرض فنقصت قيمته ثم بريء فعادت القيمة وكذا لو نسي صنعة ثم تعلمها أو بدلها فعادت قيمته كما كانت ولا يضمن غاصب سوى الرد إن نقص المغصوب في يده فزاد مثل النقص من جنسه كما لو غصب عبدًا نساجًا يساوي مائة فنسي الصنعة عنده فصار يساوي ثمانين ثم تعلم الصنعة التي نسيها فعاد إلى مائة فإنه لا ضمان عليه في نقصه حتى ولو كان ما تعلمه صنعة بدل صنعة نسيها كما لو تعلم الخياطة بدل النساجة أو النجارة بدل الحدادة أو الكتابة بدل الخرازة أو نحو ذلك فعادت قيمته إلى مائة؛ لأن الصنائع كلها جنس من أجناس الزيادة في الرقيق، والذي تطمئن إليه النفس أنه يضمن كالتي قبلها بقريب، والله سبحانه وتعالى أعلم (10) .

قال في الوهبانية: ولو نسي الحرفات يضمن نقصها ... ولو نسي القرآن أو شاخ يذكر ومثل ما تقدم لو تعلم علمًا ونسيه وتعلم علمًا آخر كما لو تعلم التفسير بدل علم الجغرافيا أو علم القواعد بدل علم المعاني والبيان أو علم الهندسة بدل علم العروض ولا فرق بين كون الصنعة التي تعلمها مساوية للصنعة التي نسيها أو أعلى منها في الشرف وكذا لو كانت الزيادة الحاصلة من غير جنس الزيادة الذاهبة مثل أن غصب عبدًا قيمته مائة فتعلم صنعة فصار يساوي مائتين لم يسقط ضمانها؛ لأنه لم يعد ما ذهب بخلاف الأولى. وإن كان المغصوب دابة ونقصت بجنايته أو غيرها ضمن الغاصب ما نقص من قيمتها ولو كان النقص بتلف إحدى عينيها فيغرم أرش نقصها فقط؛ لأنه الذي فوته على المالك وإن نقص المغصوب قبل رد نقصًا غير مستقر كحنطة ابتلت وعفنت وطلبها بين أخذ مثلها من مال غاصب أو تركها بيد غاصب حتى يستقر فسادها ويأخذها مالكها وأرش نقصها. وعلى غاصب جناية قن مغصوب؛ لأن جنايته نقص فيه لتعلقها برقبته فكان مضمونًا على الغاصب كسائر نقصه وعليه بدل ما يتلفه ولو كانت الجناية على مالكه أو كان الإتلاف لمال مالكه بالأقل من أرش جنايته أو قيمة العبد؛ لأن جنايته على سيده من جملة جنايته فكانت مضمونة على الغاصب كالجناية على الأجنبي وكذا حكم ما أتلفه القن المغصوب من مال أجنبي أو سيده ولا يسقط برد الغاصب له؛ لأن السبب وجد في يده فلو بيع في الجناية بعد الرد رجع به على الغاصب بالقدر المأخوذ منه لاستقراره عليه. وإن قتل المغصوب سيده أو غيره أو قنا فقتل به ضمنه الغاصب بأقل الأمرين

لتلفه بيده فإن عفي عنه على مال تعلق برقبته وضمنه الغاصب بأقل الأمرين كما يفديه سيده فلو قطع يدًا مثلاً فقطعت يده قصاصًا فعلى غاصب يقصه كما لو سقطت بلا جناية وإن عفا على مال فكما تقدم. وجناية مغصوب على غاصب هدر؛ لأنها لو كانت على غيره كانت مضمونة عليه ولا يجب له على نفسه شيء فسقط وكذا جناية المغصوب على مال الغاصب هدر لما تقدر إلا أن كانت الجناية في قوة فلا تهدر؛ لأنها حق تعلق بنفسه لا يمكن تضمينه لغيره فاستوفي منه. ولو قتل عبد مغصوب عبدًا للغاصب أو غيره من أجنبي أو سيده عمدًا فإنه يقتل قصاصًا ولسيد المقتول إن طلب القود قتله به؛ لأن النفس بالنفس ويرجع السيد على الغاصب بقيمته لتلفه في يده أشبه ما لو مات بيده، وفي «المستوعب» : من استعان بعبد غيره بلا إذن سيده فحكمه حكم الغاصب حال استخدامه فيضن جنايته ونقصه: وإن يجن مغصوب لو في مليكه فخذ أرش ما يجنيه من مال معتدي وموجب مال والقصاص على السرا إذا اقتص منه أرجع عليه أو افتدي ولا تلزمنه فوق نقص بما جنى ولو قدرت في الحر في المتوطد وأما الذي يجني على غاصب فلا ضمان له في نفسه والمعدد وزوائد مغصوب كولد الحيوان وثمر الشجر إذا أتلفت أو نقصت في يد الغاصب أو جنت على المالك أو غيره كالمغصوب بالإصابة سواء تلفت منفردة أو مع أصلها؛ لأنها ملك لمالك الأصل وقد

س7: تكلم بوضوح عما إذا خلط غاصب أو غيره مغصوبا بغيره وحكم تصرف غاصب في مخلط وعما إذا غصب ثوبا فصبغه أو سويقا

حصلت في يد الغاصب بغير اختبار المالك بسبب إثبات يده المتعدية على الأصل فتبعته في الحكم فإذا غصب حاملاً أو حائلاً فحملت عنده وولدت فالولد مضمون عليه إن ولدته حيًا وإن ولدته ميتًا وقد غصبها حاملاً فلا شيء عليه؛ لأنه لم تعلم حياته وإن كانت قد حملت به عنده وولدته ميتًا فلا شيء عليه أيضًا، وقيل: يضمنه بقيمته لو كان حيًا، وقيل: يضمنه بعشر قيمة أمه وإن ولدته حيًا ومات فعليه قيمته يوم تلفه والذي يترجح عندي أنه إذا ألقته ميتًا يضمنه بقيمته يوم الوضع كما لو كان حيًا؛ لأنه غصبه بغصب الأم فضمنه بالتلف كالأم، والله سبحانه أعلم. ولو كان العبد وديعة فجنى جناية استغرقت قيمته ثم إن المودع قتله بعدها فعليه قيمته وتعلق به أرش الجناية فإذا أخذها ولي الجناية لم يرجع على المودع، ولأنه جنى وهو غير مضمون عليه ولو جنى العبد في يد سيده جناية تستغرق قيمته ثم غصب فجنى في يد الغاصب جناية تستغرق قيمته بيع في الجنايتين وقسم ثمنه بينهما ورجع صاحب العبد على الغاصب بما أخذه الثاني منهما؛ لأن الجناية كانت في يده وكان لمجني عليه أولاً أن يأخذه دون الثاني؛ لأن الذي يأخذ المالك من الغاصب هو عوض ما أخذ المجني عليه ثانيًا فلا يتعلق به حقه ويتعلق به حق الأول؛ لأنه بدل عن قيمة الجاني لا يزاحم فيه وإن مات هذا العبد في يد الغاصب فعليه قيمته تقسم بينهما ويرجع المالك على الغاصب بنصف القيمة؛ لأنه ضامن للجناية الثانية ويكون للمجني عليه أولاً أن يأخذه لما ذكر. خلط المغصوب بغيره س7: تكلم بوضوح عما إذا خلط غاصب أو غيره مغصوبًا بغيره وحكم تصرف غاصب في مخلط وعما إذا غصب ثوبًا فصبغه أو سويقًا

فلته ثم زاد أو نقص، وإذا وطيء غاصب أمة فما الحكم؟ ولمن يكون الولد؟ وإذا تصرف غاصب بمغصوب ببيع أو إجارة أو هبة أو هدية أو صدقة فما الحكم؟ واذكر التفصيل والدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: إذا خلط غاصب أو غيره مغصوبًا لا يتميز كزيت ونقد بمثلهما لزمه مثل المغصوب كيلاً أو وزنًا من المختلط من المغصوب وغيره؛ لأنه تقدر على رد بعض ماله إليه مع رد المثل في الباقي فلم ينقل إليه بدله في الجميع كما لو غصب صاعًا فتلف بعضه وإن خلط مغصوبًا بدونه أو خلطه بخير منه من جنسه أو خلطه بغير جنسه مما له قيمة ولو بمغصوب مثله الآخر وكان الخلط على وجه لا يتميز كزيت بشيرج ودقيق حطة بدقيق شعير وكسمن بقر بسمن غنم أو لبن بقر بلبن غنم أو جص بجبس فهما شريكان بقدر قيمتهما فيباع الجميع ويدع إلى كل واحد قدر حقه كاختلاطهما من غير غصب؛ لأنه إذا فعل ذلك وصل كل منهما إلى حقه، فإن نقص المغصوب عن قيمته منفردًا فعلى الغاصب ضمان النقص؛ لأنه حصل بفعله. وإن خلطه بما لا قيمة له كزيت بماء فإن أمكنه تخليصه خلصه ورده ونقصه وإن كان يفسده فعليه مثله. ويحرم تصرف غاصب ومغصوب منه مال وخلط بغير متميز في قدر ماله فيه بدون إذن لاستحالة إنفراد أحدهما على الآخر فإن أذن مالك المغصوب جاز؛ لأن الحق لا يعدوهما، ولأنها قسمة فلا يجوز بغير رضى الشريكين. ولا يجوز للغاصب إخراج قدر الحرام من المختلط بدون إذن المغصوب

منه؛ لأنه اشتراك لا استهلاك فلا يقاسم نفسه، قال الإمام: هذا قد اختلط أوله وآخره أعجب إلى أن يتنزه عنه كله ويتصدق به وأنكر قول من قال يخرج منه قدر ما خالطه إن عرف ربه عنه وما بقي حلال وإن شك في قدر الحرام تصدق بما يعلم أنه أكثر منه. وقال أحمد في الذي يعامل بالربا يأخذ رأس ماله ويرد الفضل إن عرف ربه وإلا تصدق به ولا يأكل منه شيئًا ولو اختلط درهم لإنسان بدرهمين لآخر ولا غصب من أحدهما لآخر ولا تمييز لأحد المالين عن الآخر فتلف درهمان من الثلاثة فما بقي وهو درهم فهو بينهما نصفين؛ لأنه يحتمل أن يكون التالف الدرهمين فيختص صاحب الدرهم به ويحتمل أن يكون التالف درهمًا لهذا ودرهما لهذا فيختص صاحب الدرهمين بالباقي فتساويا ولا يحتمل غير ذلك ومال كل واحد منهما متميز قطعًا بخلاف المسائل المتقدمة غايته أنه أبهم علينا، ذكره في «الإنصاف» . وإن خلط المغصوب بغير جنسه فتراضيا على أن يأخذ المغصوب منه أكثر من حقه أو أقل منه جاز؛ لأن بدا له من غير جنسه فلا تحرم الزيادة بينهما بخلاف ما لو خلطه بجيد أرديء واتفقا على أن يأخذ أكثر من حقه من الرديء أو دون حقه من الجيد لم يجز؛ لأنه ربا وإن كان بالعكس فرضي بدون أخذ حقه من الرديء أو يسمح الغاصب بدفع أكثر من حقه من الجيد؛ لأنه لا مقابل للزيادة. وإن غصب ثوبًا فصبغه الغاصب بصبغه أو غصب سويقًا فتلفه بزيته فنقصت قيمة الثوب والصبغ أو قيمة الزيت والسويق أو قيمة أحدهما أو غصب سمن بقر فخلطه بسمن غنمه فنقصت قيمتها أو أحدهما ضمن الغاصب النقص؛ لأنه حصل بتعديه فضمنه كما لو أتلف بعضه وإن كان النقص بسبب تغيير الأسعار لم يضمنه، وتقدم في جواب سؤال (6) أن نقص

السعر يضمن على القول الذي تطمئن إليه النفس، والله أعلم. وإن لم تنقص قيمتها ولم تزد أو زادت قيمتها معًا فرب الثوب والصبغ أو السويق والزيت شريكان في الثوب وصبغه أو السويق وزيته بقدر ماليهما لاجتماع ملكيهما وهو يقتضي الإشراك فيباع ذلك ويوزع الثمن على قدر القيمتين وكذا لو غصب زيتًا فجعله صابونًا. وإن زادت قيمة أحدهما كغلو قيمة صبغ دون الثوب كان كأن قيمة الثوب عشرة وبقيت كذلك وقيمة الصبغ خمسة فصار مصبوغًا يساوي عشرين بسبب غلو الصبغ أو غلو ثوب دون الصبغ فالزيادة لمالك الذي إلا سعره من الثوب أو الصبغ يختص بالزيادة؛ لأن الزيادة تبع للأصل وإن زاد أحدهما أربعة والآخر واحدًا فهي بينهما كذلك وإن حصلت الزيادة بالعمل فهي بينهما؛ لأن ما عمله الغاصب في العين المغصوبة لمالكها حيث كان أثرًا وزيادة مال الغاصب له. وليس للغاصب منع رب الثوب من بيعه فإن باعه فصبغه له بحاله، فإن طلب مالك الثوب أو مالك الصبغ قلع الصبغ لم تلزم إجابته؛ لأن فيه إتلافًا لملك الآخر حتى ولو ضمن طالب القلع النقص لهلاك الصبغ بالقلع فتضيع ماليته وهو سفه وإن بذل أحدهما للآخر قيمة ماله لم يجبر على قبولها؛ لأنها معاوضة. ولمالك الثوب بيعه؛ لأنه ملكه وهو عين وصبغه باق للغاصب ولو أبى غاصب بيع الثوب المصبوغ فلا يمنع منه مالكه؛ لأنه لا حجر عليه في ملكه ولو أراد الغاصب بيع الثوب المصبوغ وأبي المالك لم يجبره؛ لحديث: «إنما البيع عن تراض» وإن بذل الغاصب لرب الثوب قيمته ليملكه أو بذل رب الثوب قيمة الصبغ للغاصب ليملكه لم يجبر الآخر؛ لأنها معاوضة لا تجوز إلا بتراضيها.

وإن غصب ورقًا وكتب فيه شيئًا حرامًا كشعبة وزندقة وبدع وإلحاد وسحر ونحو ذلك ضمن الورق بقيمته وإن كتب في الورق الذي غصبه فقهًا أو حديثًا أو نحو ذلك فعلى ما تقدم تفصيله وإن وهب الغاصب الصبغ للمالك للثوب أو غصب دارًا وزوقها بأن جصصها أو رخمها أو صبغها أو سمتها، فقيل: يلزم المالك قبوله؛ لأنه صار من صفات العين فهو كزيادة الصفة في المسلم فيه فيلغز بها على هذا القول، ويقال: هبة يلزم قبولها، فما هي؟ والقول الثاني هو الذي تطمئن إليه النفس أنه لا يلزم قبوله لما فيه من المنة وربنا كان على المالك ضرر في ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم. ولو غصب غزلاً فنسجه أو ثوبًا فغسله أو حديدًا فضربه سيوفًا أو أبرًا أو معدنًا فجعله أباريق أو قدورًا أو نحاسًا فجعله أوانيًا أو صفرًا فجعله أوانيًا وقدورًا أو أباريق أو نحوها أو غصب شاة وشواها وزادت القيمة بذلك العمل ووهبه الغاصب للمالك، فقيل: يلزمه قبوله، وقيل: لا يلزمه كمسامير سمر بها بابًا، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس؛ لأنه ربما يكون له غرس غير ما عمله الغاصب وربما نزلت قيمته إذا صنع، والله سبحانه وتعالى أعلم. ولا يلزم المالك إذا غصب منه خشبًا وجعله بابًا ثم وهب الغاصب المسامير للمالك قبوله الهبة التي هي المسامير؛ لأنها أعيان متميزة أشبهت الغراس فلا يجبر على قبولها كغيرها من الأعيان لما فيها من المنة التي لا يتحملها بعض الناس، كما قيل: للدغ ألف منه ... ولا احتمال منه وإن غصب إنسان صبغًا فصبغ به ثوبه أو غصب زيتًا فلت به سويقًا

فرب الصبغ أو الزيت والغاصب شريكان في الثوب المصبوغ أو السويق الملتوت على قدر حقيهما في ذلك فيباعان ويوزع الثمن على قدر الحقين؛ لأن بذلك يصل كل منهما لحقه ويضمن الغاصب النقص إن وجد لحصوله بفعله ولا شيء له إن زاد المغصوب في نظير عمله لتبرعه به. وإن غصب ثوبًا وصبغا من واحد فصبغه به ورد الثوب مصبوغًا؛ لأنه عين ملك المصبوغ منه ورد أرش نقصه إن نقص لتعديه به وإن كان الصبغ لواحد والثوب لواحد فهما شريكان بقدر ملكيهما وإن زادت قيمتهما فلهما وإن زادت قيمة أحدهما فلربه وإن نقصت قيمة أحدهما غرمه الغاصب وإن نقص السعر لنقص سعر الثياب أو الصبغ أو لنقص سعرهما لم يضمنه الغاصب ونقص كل واحد منهما من صاحبه وإن أراد أحدهما قلع الصبغ لم يجبر الآخر. وكذا لو غصب سويقًا من واحد وزيتًا من آخر ولته أو نشا وعسلاً من إثنين وعقده حلوى، وكذا إنقاء دنس نوب بصابون من الغاصب إن أورث نقصًا في الثوب ضمنه الغاصب لحصوله بفعله وإن زاد الثوب فالزيادة الحاصلة بالإنقاء للمالك ولا شيء للغاصب في عمله لتبرعه به. ولو غصب الثوب أو نحوه نجسًا لم يملك الغاصب تطهيره بغير إذن ربه كسائر التصرفات وليس للمالك للثوب تكليف الغاصب بتطهيره؛ لأن نجاسته له تحصل بيده وإن كان الثوب حين الغصب طاهرًا فنجس عند الغاصب لم يكن للغاصب تطهيره بغير إذن ربه لما سبق وللمالك إلزامه بتطهيره؛ لأنه تنجس تحت يده العادية وما نقص من قيمة الثوب بسبب الغسل على الغاصب أرشه؛ لأنه نقص حصل في يده ولو رد الغاصب الثوب نجسًا فمؤنة تطهيره على الغاصب؛ لأنه كالنقص الحاصل في يده. ويجب بوطء غاصب أمة مغصوبة عالم بتحريمه حد الزنا؛ لأنها ليست زوجة

ولا ملك يمين ولا شبهة تدرأ الحد، وكذا الأمة يلزمها الحد إن طاوعت على الزنا وكانت مكلفة غير جاهلة بالتحريم ويجب بوطئة أمة بكرًا مهر أمة مثلها بكرًا وأرش بكارة أزالها؛ لأنها بدل منها فلا يندرج في المهر؛ لأن كلاً من المهر والأرش يضمن منفردًا بدليل أنه لو وطئها ثيبًا وجب مهرها وإن افتضها بإصبعه وجب أرش بكارتها فكذلك يجب أن يضمنها إذا اجتمعا وإن كانت ثيبًا ووطئها الغاصب وجب عليه مهر الثيب. وقيل: لا يلزمه مهر الثيب؛ لأنه لم ينقصها ولم يؤلمها إختاره أبو بكر والخرقي وابن عقيل والشيخ تقي الدين، ولم يوجب عليه سوى أرش البكارة نقله عنه في «الفائق» ، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس وأنه لا مهر لمطاوعة؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - نهى عن مهر البغي، والله سبحانه وتعالى أعلم. ويجب بوطء الغاصب إذا حملت منه وولدت أرش نقص الولادة لحصوله بفعله بغير الولادة ولو قتلها غاصب بوطئه أو ماتت بغيره فعليه قيمتها وتضمن لو استردها المالك حاملاً فماتت بنفاس؛ لأنه أثر فعله كما لو استرد الحيوان المغصوب وقد جرحه الغاصب فسرى إلى النفس عند المالك فمات والولد من الغاصب ملك لربها؛ لأنه من نمائها ولأنه يتبع أمه في الرق في النكاح الحلال فهنا أولى، ويجب رده معها كسائر الزوائد ويضمنه الغاصب سقطًا وهو الولد لغير تمام وإن كان بجناية فإنه يضمن الجاني سواء نزل حيًا أو ميتًا بعشر قيمة أمه كما لو جنى عليه. قال بعضهم: أربعة فيها الضمان بالتلف ففي المبيع قبل قبضه الثمن

وللمصري صاع تمره في اللبن ومهر مثل للتي لم تقبض من زوجها المهر الذي به رضي وعشر قيمته الرقيقة التي جني عليها حاملاً فألقت ........................................... وإن ولدته تامًا حيًا ثم مات ضمنه بقيمته وإن ولدته ميتًا بجناية فلمالك تضمينه لمن شاء من جان وغاصب وقرار الضمان مع الجناية إن سقط بها على الجاني لوجود الإتلاف منه وكذا ولد البهيمة المغصوبة في الضمان ومتى ولدت الأمة من غير الغاصب ممن يعلم الحال فهو ملك لربها كما لو أتت به من الغاصب. ويضمن الغاصب جنين بهيمة ولدته قبل ردها بما نقص أمه فتقوم قبل الولادة وبعدها ويؤخذ ما بين القيمتين كما لو جنى عليها غيره والولد الذي تأتي به الأمة المغصوبة من جاهل للحكم ومثل يجهله لقرب عهده بالإسلام أو كونه نشأ ببادية بعيدة يخفى عليه مثل هذا وتأتي به مع شبهة من جاهل الحال بأن اشتبهت عليه بأمته أو زوجته في نحو ظلمة أو اشتراها من الغاصب يظنها أمته أو تزوجها منه على أنها حرة فاتت منه بولد فإنه في جميع هذه الصور حر ولا حد عليه للشبهة وعليه المهر وأرش البكارة ونقص الولادة؛ لأن ذلك إتلاف يستوي فيه الجاهل والعالم وكونه حر الإعتقاد الواطيء الإباحة ونسبه لاحق للواطيء للشبهة، وكذا لو كان من غير الغاصب جاهلاً ويلزم الواطيء فداء الولد بمثل صفاته تقريبًا، وقيل: لا يلزم المشتري فداء أولاده وليس للسيد بدلهم؛ لأنه انعقد حرًا، وهذا القول الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه أعلم (16) .

لأنه حال بينه وبين السيد بتفويت رقه باعتقاد بانفصاله حيًا؛ لأنها إذ وضعته ميتًا لم تعلم حياته قبل ذلك، ولم يوجد حيلولة بينه وبينه ويكون الفداء بقيمة الولد كسائر المتقومات يوم وضعه؛ لأنه أول حال إمكان تقويمه إذ لا يمكن تقويمه حملاً ولأنه وقت الحيلولة بينه وبين سيده، وقيل: يكون الفداء يوم الخصومة وهو ظاهر إطلاق الإمام أحمد في رواية ابن منصور وجعفر وهو وجه في «الفائق» قال في «الإنصاف» : وإن انفصل المحكوم بحريته ميتًا من غير جناية فغير مضمون؛ لأنه لم تعلم حياته قبل ذلك وإن كان انفصاله بجناية فعلى جان الضمان؛ لأن الإتلاف وجد منه، فإن كانت الجناية من الغاصب فعليه غرة لوارثه عبدًا أو أمة قيمتها خمس من الإبل موروثة عنه كأنه ولد حيًا؛ لأنه أتلف جنينًا حرًا ولا يرث الغاصب منها شيئًا لو كان الولد منه؛ لأنه قاتل له وعلى غاصب للسيد عشر قيمة أمه فيضمنه له ضمان المماليك وإن كانت الجناية من غير الغاصب فعلى الجاني الغرة يرثها الغاصب؛ لأنه أبو الجنين دون أمه؛ لأنه رقيقة، وعلى الغاصب عشر قيمة الأم للمالك؛ لأنه يضمنه ضمان المماليك؛ لكونه قد فوت رقه على السيد ومتى انتقلت العين المغصوبة عن يد الغاصب إلى المالك فالمنتقلة إليه بمنزلة الغاصب في كون المالك يملك تضمينه العين والمنفعة الفائتة؛ لأنه إن كان عالمًا بالحال كان غاصبًا وإن كان جاهلاً فلعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «على اليد ما أخذت حتى تؤديه» ولأن العين المغصوبة صارت في يده بغير حق فملك المالك تضمينه بما يملك تضمين الغاصب؛ لكن إنما يستقر عليه ما دخل على ضمانه من عين أو منفعة ويستقر ما لم يدخل على ضمانه على الغاصب. ومن يغتصب مملوكة فيصيبها يحد ويؤخذ منه مهر وتردد

ومع مهر بكر في القوى أرش فضها وقيل أن تطع لا مهر فيها لسيد وعنه ولا للثيب المهر مطلقًا ويملك أولادًا ونقصان ولد فإن مات بعد الوضع يضمن بقيمة وقيل بعشر من فدا الأم جود وأهدره القاضي لشك حياته وقال ابنه خذ قيمة لا تفند وسيان سقط من غصوب وغيره وعن أحمد فالقيمتين لسيد وإن كان يخفى مثل ذاعنه لم يحد وألحق به المولود حرًا ويفتدي كذا في سقيط الضرب أوجب وغرة تراثًا وعنها الوالد الضارب أصدد وقيمتها إن تتوى فأكثر ما ترى وأسقط سوى مهر وقدر المولد ومن قبض المغصوب يجهل غصبه كغاصبه من شاء ذو الملك يقصد بتضمين تاوي العين والنفع وليعد بما ليس مضمونًا بقبضكه قد فمتهب مع مودع يرجعا على الغصوب بغرم العين والنفع فاشهد ومستأجر بالعين لا النفع فليعد وبالنفع أن تبتعه إن تستعر عد

وإن حاز في وقت الإجارة والشرا المسمى غصوبًا مرة حتمًا ليردد وإن أحبل المبتاع أنثى فولده مع الجهل أحرار له أنسب ويفتدي بقيمة يوم الوضع الأول وعنه بل بمثلهم في قيمة عنه بل زد وعنه ليختر منهما ما يشاؤه وعنه بمثل قاربن لا تحدد ويأخذ نقص الوضع والمهر مع فدا بنيه وأجر النفع من مال معتد وليس له الرجعى بأرش بكارة ولا قيمة الأنثى وإن تبق تردد وعن أحمد ما حاز نفعًا مقابلاً لما حيز منه لا رجوع به أشهد وأن يشارب المال ضمن غاصبًا وليس له الرجعى على قابض طد سوى بالذي ما قابض راجع به عليه وإن يقبضه مالك أمهد بأن ماله شيء على غاصب لما استقر عليه لو يعد كأبعد فإن يتهب أو يبتع أو يستحره من غصوب بري مع جهله والتعمد وإن يك رهنًا عنده أو أمانة فيتوى ولم يعلمه بعد المعدد

س8: تكلم بوضوح عن الأيدي المترتبة على يد الغاصب والمسائل التي تتعلق بها، واذكر الدليل والخلاف والترجيح.

وكل سوى المذكور في مال غاصب وقابضها مع علم غصب كمعتد عليه يقر الغرم لم يرتجع به على غاصب لكنما العكس أطد الأيدي المترتبة على يد الغاصب س8: تكلم بوضوح عن الأيدي المترتبة على يد الغاصب والمسائل التي تتعلق بها، واذكر الدليل والخلاف والترجيح. ج: الأيدي المترتبة على يد الغاصب عشر: الأولى: القابضة تملكًا بعوض مسمى، وهي يد المشتري ومن في معناه، كالمتهب بعوض فمن غصب بكرًا فاشتراها منه آخر واستولدها ثم ماتت عنده أو غصب دارًا أو بستانًا أو عبدًا ذا صنعة أو بهيمة فاشتراها إنسان واستعملها إلى أن تلفت عنده ثم حضرا المالك وضمن المشتري ما وجب له من ذلك لم يرجع بالقيمة ولا بأرش البكارة على أحد لدخوله على ضمان ذلك لبذل العوض في مقابلة العين بخلاف المنافع فإنما تثبت للمشتري تبعًا للعين. ويرجع متملك مغصوب بعوض كقرض وشراء وهبة بعوض إذا غرم بتضمين المالك له على غاصب بنقص ولادة ومنفعة فائتة بأباق أو نحوه كمرض ومهر وأجرة نفع وثمرة وكسب وقيمة ولد منه أو من زوج زوجها له؛ لأنه لم يدخل على ضمان شيء من ذلك حيث جهل الحال، فإن علمه استقر عليه ذلك كله ويرجع غاصب غرم الجميع لمالك على معتاض بقيمة عين وأرش البكارة لدخوله على ضمانها. الثانية: يد مستأجر، فيرجع مستأجر غرم لمالك قيمة العين والمنفعة على غاصب بقيمة عين تلفت بيده بلا تفريط وجهل الحال؛ لأن لم يدخل على

ضمانها بخلاف المنفعة فتستقر عليه لدخوله على ضمانها. ويرجع غاصب غرم المالك العين والمنفعة على مستأجر بقيمة منفعة؛ لأنه دخل على ضمان المنفعة دون العين، فإن ضمن المالك الغاصب العين والمنفعة معًا رجع الغاصب على المستأجر بقيمة المنفعة وإن ضمنها المستأجر رجع على الغاصب بقيمة العين. ويسترد متملك ومستأجر من غاصب لم يقرا بالملك للغاصب ما دفعاه له من المسمى في بيع وإجارة من ثمن وأجرة ولو علم المستأجر والمشتري الحال، أي كون العين المتملكة أو المؤجرة مغصوبة لانتفاء صحة العقد مع العلم وعدمه؛ لأن الغاصب غير مالك وغير مأذون له من قبل المالك فلا يملك الثمن ولا الأجرة بالعقد الفاسد وسواء كانت القيمة التي ضمنت للمالك وفق الثمن أو دونه أو فوقه. قال ابن رجب: لو أقر المشتري للبائع بالملك فلا رجوع له عليه. الثالثة: يد القابض تملكًا بلا عوض، أما للعين بمنافعها كيد المتهب والمتصدق عليه والموصى له بالعين المغصوبة، وإما للمنفعة فقط كالموصي له بمنافعها. الرابعة: يد القابض لمصلحة الدافع فقط كوكيل ومودع عنده العين المغصوبة، وفي تملك بلا عوض كهبة وهدية وصدقة ووصية بعين أو منفعة وعقد أمانة كوكالة ووديعة ورهن مع جهل قابض بغصب يرجع متملك وأمين غرما على غاصب بقيمة عين ومنفعة لكونهما مغرورين بتغرير الغاصب؛ لأنهما لم يدخلا على ضمان شيء فكان لهما الرجوع بما ضمناه ولا يناقض ما سبق في الوكالة والرهن من أن الوكيل والأمين في الرهن إذا باعا وقبضا الثمن، ثم بان المبيع مستحقًا لا شيء عليهما؛ لأن معناه أن المشتري

لا يطالبهما بالثمن الذي أقبضه لهما لتعلق حقوق العقد بالموكل دون الوكيل، أما كون المستحق للعين لا يطالب الوكيل فلم يتعرضوا له هنا البتة وهو بمعزل عن مسألتهم بالكلية، قال ابن رجب: ولا يرجع غاصب غرم على من أودعه أو وهبه ونحوهما العين المغصوبة إذا تلفت تحت يده بلا تفريط بشيء من قيمة عين ولا منفعة حيث جهل الحال. الخامسة: يد المستعير ففي عارية مع جهل مستعير بالغصب إذا تلفت العين عنده يرجع مستعير ضمنه المالك العين والمنفعة بقيمة منفعة فقط؛ لأنه لم يدخل على ضمانها وإنما ضمنها بتغرير الغاصب ويستقر عليه ضمان العين إن لم تتلف بالاستعمال بالمعروف؛ لأنه قبضها على أنها مضمونة عليه، وكذا في حالة لم تكن العين فيها مضمونة على المستعير بأن كان منقطعًا ركب دابة يد صاحبها عليها عارية، وفيها إذا كان مستعيرها من مستأجر، وكذا من موصٍ له بمنفعتها وظهر أنها مغصوبة فلمستعير ضمنه مالك العين والمنفعة الرجوع على الغاصب بقيمة المنفعة. ويرجع الغاصب الذي غرمه المالك قيمة العين والمنفعة على مستعير جهل الغاصب بقيمة عين تلفت بغير الاستعمال بالمعروف فقط، ومع علم المستعير بغصب العين المعارة إذا ضمنه المالك ابتداء قيمة العين مع المنفعة لا يرجع على الغاصب بشيء مما ضمنه له مالك؛ لأنه تعدى بقبضها عالمًا بالحال فلا تغرير ولوجود التلف تحت يده ويرجع غاصب غرم ابتداء في هذه الحالة قيمة العين والمنفعة بقيمة العين والمنفعة على مستعير عالم بالحال لدخوله على ذلك. السادسة: يد الغاصب ففي غصب يرجع غاصب أول بما غرم لمالك من قيمة عين ومنفعة على غاصب ثان لتلفهما تحت يده العادية؛ لكن إن لم يقبضها الثاني عقب الأول لم يطالبه الأول إلا بقيمة منفعتهما

زمن إقامتهما عنده ولا يرجع غاصب ثان إذا غرم للمالك قيمة العين ومنفعتها زمن إقامتها عنده على الغاصب الأول بشيء لحصول التلف بيده العادية فاستقر الضمان عليه، ولا يرجع به على أحد؛ لكن لا يغرمه المالك المنفعة إلا مدة إقامتها عنده. السابعة: يد المتصرف في المال بما ينميه كشركة ومزارعة وفي نحو مضاربة ومساقاة يرجع عامل غرم على غاصب بقيمة عين تلفت تحت يده بلا تفريط لدخوله على عدم ضمانها ويرجع عليه بأجرة عمل لتغريره بخلاف الأجير في المال المغصوب كخياط وبناء وحائك فلا يستحق أجرة عمله على أحد إذا علم أن العين غصب؛ لتعديه بذلك. قال ابن رجب: وأما المضارب والمزارع بالعين المغصوبة وشريك العنان فقد دخلوا على أن لا ضمان عليهم بحال فإذا ضمنوا على المشهور رجعوا بما ضمنوا إلا حصتهم من الربح فلا يرجعون بضمانها لدخولهم على ضمانها عليهم بالعمل كذلك ذكره القاضي وابن عقيل في المساقي والمزارع نظيره. وأما المضارب والشريك فلا ينبغي أن يستقر عليهم ضمان شيء بدون القسمة سواء قلنا ملكوا الربح بالظهور أو لا؛ لأن حصتهم وقاية لرأس المال وليس لهم الإنفراد بالقسمة فلم يتعين لهم شيء مضمون. ويرجع غاصب غرم لمالك على عامل بما قبض عامل لنفسه من ربح في مضاربة وبما قبض من ثمر في مساقات. ومنزرع في مزارعة بقسمة الربح أو الثمر أو الزرع مع الغاصب؛ لأنه لا يستحق ما قبضه من ذلك لفساد عقد المضاربة، ولأنه قد تقدم أن للعامل مطالبة بأجرة عمله في المال أو الشجر فلا يجتمع له ذلك مع الجزء المشروط له من المال والثمر.

الثامنة: يد المتزوج للأمة المغصوبة من الغاصب إذا قبضها من الغاصب بمقتضى عقد النكاح وأولدها ثم ماتت عنده ففي نكاح يرجع زوج غرم لمالك بقيمتها وأرش بكارة ونقص ولادة وقيمة ولد شرط حريته في العقد على الغاصب ظانًا أنها ملكه أو لم يشترط حريته ومات الولد بيد الزوج إذا غرمه إياها المالك على الغاصب؛ لأن الولد وإن لم يفسد اشتراط ذلك على الغاصب عدم رقه؛ لكنه دخل مع الغاصب على أنه لا غرم عليه بسبب الولد، فإذا غرم ذلك رجع عليه به؛ لأنه غره. ويرجع غاصب على زوج إن غرم بمهر مثل غرمه إياه المالك لاستقراره عليه بالوطء ودخوله على ضمان البضع. التاسعة: القابضة للمغصوب تعويضًا بغير عقد البيع وما بمعناه ففي إصداق غصب بأن تزوج الغاصب امرأة على العين المغصوبة وقبضتها على أن العين صداقها ونحو خلع وطلاق وعتق وصلح عن دم عمد على المغصوب كما لو سأل الغاصب إنسانًا أن يخلع زوجته أو يطلقها أو يعتق أمته أو صالح عن دم عمد على ما بيده من مغصوب معين وإيفاء دين به كما لو كان في ذمة إنسان عبد موصوف دين سلم فغصب عبدًا بالصفة ودفعه عما في ذمته فإذا جاء المالك وقد تلف المغصوب بيد القابض له على وجه مما ذكر فله الرجوع عليه ببدل العين والمنفعة. وإيفاء دين يرجع قابض غرمه مالك قيمة العين والمنفعة بقيمة منفعة ومهر ونقص ولادة وثمرة وكسب وقيمة ولد على غاصب لتغريره إياه ويرجع غاصب إن غرم ببدل عين وأرش بكارة على قابض. والدين فيما إذا كان القبض ثابت عن وفاء في الذمة كثمن المبيع ودين السلم والقرض والأجرة وغير ذلك كقيم المتلفات باق في ذمة الغاصب

بحاله لفساد القبض. العاشرة: يد المتلف للمغصوب نيابة عن الغاصب مع جهله الحال كالذابح للحيوان والذي يطبخ له وطحن حب ففي إتلاف بإذن غاصب القرار على الغاصب لوقوع الفعل له فهو كالمباشر وإن علم متلف بغصب فقرار الضمان عليه لتعديه على ما يعلمه ملك غيره بغير إذن مالكه. وإن أتلف على وجه محرم شرعًا كقتل حيوان مغصوب من عبد أو حمار أو غيرهما بإذن غاصب ففي «التلخيص» يستقر الضمان عليه؛ لأنه عالم بتحريم هذا الفعل فهو كالعالم بأنه مال الغير. قال ابن رجب ورجح الحارثي دخول هذه اليد المتلفة في قسم المغرور؛ لأنها غير عالمة بالضمان فتغرير الغاصب لها حاصل. وإن كان لمنتقل إليه المغصوب في هذه الصور العشر هو المالك له مع جهله أنه عين ماله فلا شيء له على الغاصب لما يستقر على المنتقل إليه ضمانه لو كان غير المالك وما سوى ما يستقر ضمانه على المنتقل إليه الغصب لو كان أجنبيًا فهو غاصب، للمالك مطالبته به. فلو غصب عبدًا ثم استعاره منه مالكه جاهلاً أنه عبده ثم تلف عنده فلا طلب له إذا علم على غاصب بقيمته؛ لأن ضمانها يستقر عليه لو لم يكن هو مالكه ويطالبه بقيمة منافعه مدة إقامته عند الغاصب؛ لأنه لم يوجد ما يسقطها عنده؛ لأنها غير مضمونة عليه لو كان أجنبيًا فقد غره. فلو غصب إنسان طعامًا وأطعم الطعام المغصوب لمالك الطعام أو لأجنبي ولم يعلمه الغاصب أو أطعمه لدابة المالك أو لعبد المالك للطعام لم يبرأ غاصب ولو لم يقل غاصب لآكل كله فإنه طعامي أو أخذه المالك من غاصب هبة أو أخذه صدقة لم يبرأ غاصب بذلك.

وقال الحسن وأبو حنيفة: يبرأ، وللشافعي قولان، والقول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم (17) . ولا يبرأ غاصب لو أباحه له كان كأن صابونًا، فقال: اغسل به، أو شمعًا، أو قازًا، أو زيتًا أو فزًا أو حطبًا فأمر بوقده ونحوه وهو لا يعلمه أو استرهنه مالك أو استودعه أو استأجره من غاصبه أو استأجر غاصب مالكًا للثوب المغصوب على قصارته أو كيه أو خياطته أو صبغه ولم يعلم مالكه أنه ملكه ففي هذه المسائل المذكورة كلها لم يبرأ الغاصب. أما كونه لا يبرأ بالطعام والإباحة فلأنه بغصبه منع يد مالكه وسلطانه عنه ولم يعد إليه بذلك سلطانه؛ لأن المالك لم يملك التصرف فيه بغير ما أذن له فيه الغاصب، وأما في الهبة والصدقة فلأنه تحمل منته وربما كافأه على ذلك. وأما في مسألة الرهن وما بعدها فلأنه قبضه على وجه الأمانة فلم يعد إليه بذلك سلطانه وهو تمكينه من التصرف فيه بكل ما أراد. وإن كان المالك عالمًا أنه ملكه وأكله بإطعام الغاصب له أو أكله بنفسه أو أكله عبده أو دابته بيده ولو بلا إذنه برئ الغاصب؛ لأن المالك أتلف ماله عالمًا من غير تغرير فلم يكن له رجوع به على أحد وكذلك الأجنبي إذا أكل ما علم بقبضه برئ الغاصب ولزم الأجنبي الضمان؛ لأنه المباشر. وإن لم يتلف المغصوب الذي اشتراه أو استقرضه مالكه من الغاصب لم يبرأ منه الغاصب لاحتمال رده بنحو عيب فيتلف بعده كما لو دفعه الغاصب للمالك أمانة؛ لأنه لم يدخل على ضمان ذلك إذ لو تلف تحت يده بلا تعد ولا تفريط لا يكون ضامنًا. وإن صدر ما تقدم ذكره من مالك لغاصب أو لدابته أو وهبه إياه أو تصدق به عليه أو رهنه أو أودعه أو أجره إياه أو باعه منه أو أقرضه

س9: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: من اشترى أرضا فغرس فيها فبانت مستحقة وقلع غرسه وبناءه، من أخذ منه شيئا مشتراه بحجة مطلقة، من اشترى قنا فأعتقه فادعى شخص أن البائع غصبه منه فصدقه

أو أعاره للغاصب أو استأجر المالك الغاصب على غسل الثوب المغصوب أو على تعليم العبد المغصوب برئ الغاصب في هذه الصور كلها سواء علم المالك أن المغصوب ملكه أو لم يعلم اعتبارًا بما في نفس الأمر. كما لو وطئ امرأة يظنها أجنبية فتبينت زوجته فإنه لا مهر عليه ولا على غيره. وكما لو أكل في الصوم يظن أن الشمس لم تغرب فتبين أنها كانت غربت فإنه لا قضاء عليه برئ من غصب فقط لا من إثمه الحاصل بارتكابه الاستيلاء والحيلولة بين المالك وبين ماله بغير حق. وصدور ما ذكر من المالك مبرئ للغاصب من الغصب ومزيل لحكمه. وإن كان في بعض صوره ما يكون في ضمان الغاصب كما لو أقرضه الدراهم المغصوبة فإن حكم الغصب فيها إذا أتجر فيها الغاصب أن الربح يكون لمالكها والحكم فيها بعد اقتراضها من مالكها أن الربح يكون للذي اغتصبها. وكما لو باعه أو أعاره فإن الرجوع على الغاصب بأجرة المنفعة لدخوله على أن المنفعة غير مضمونة عليه. مسائل في الذي تبين أنه مغصوب بعد التصرف وإذا أتلف أو تلف المغصوب وما حول ذلك س9: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: من اشترى أرضًا فغرس فيها فبانت مستحقة وقلع غرسه وبناءه، من أخذ منه شيئًا مشتراه بحجة مطلقة، من اشترى قنا فأعتقه فادعى شخص أن البائع غصبه منه فصدقه

أو صدقه البائع والمشتري مع القن؟ من قال: أنا حر ثم أقر بالرق؟ لو مات القن وخلف مالاً فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ إذا أتلف أو تلف مغصوب مثلي أو غير مثلي، وما الذي يجري مجراه؟ وما الذي يقوم به المصوغ؟ وماذا يجب في تلف بعض مغصوب؟ وفي قن يأبق وعصير يتخمر؟ واذكر ما تستحضره من أمثلة وأدلة وتعاليل وقيود ومحترزات وتفاصيل وبطلان وضده وتقادير وخلاف وترجيح. ج: من اشترى أرضًا فغرس فيها أو بنى فيها فخرجت مستحقة لغير بائعها وقلع المشتري غرسه وبناءه لكونه وضع بغير حق رجع مشتر على بائع بما غرمه بسبب ذلك من ثمن أقبضه وأجرة غارس وبان وثمن مؤن مستهلكه وأرش نقص بقلع وأجرة دار ونحو ذلك؛ لأن البائع غر المشتري ببيعه إياها وأوهمه أنها ملكه وكان ذلك سببًا في غراسه وبنائه وانتفاعه فرجع عليه بما غرمه. وقيل لرب الأرض: قلعه إن قلعه إن ضمن نقصه، ثم يرجع به على البائع، وقيل: لا يقع بل يأخذه بقيمته. وقال الشيخ تقي الدين في «الفتاوى المصرية» : لو باع عقارًا ثم ظهر مستحقًا فإن كان المشتري عالمًا ضمن المنفعة سواء انتفع بها أو لم ينتفع وإن لم يعلم فقرار الضمان على البائع الظالم وإن انتزع المبيع من يد المشتري فأخذت منه الأجرة وهو مغرور رجع بذلك على البائع الغار. اهـ. وقال في «الفروع» : ويأخذ مشتر نفقته وعمله من بائع غار، قال ابن نصر الله: مفهومه: أنه لا يرجع على بائع غير غار مثل أن يكون اشترى من الغاصب فباعه ولم يعلم بالغصب فيكون رجوع المشتري من المشتري على الغاصب لا على المشتري الأولى. انتهى. ولا يرجع المشتري بما أنفق على قن وحيوان وخراج أرض فيما إذا

اشترى أرضًا خراجية وغرم خراجها ثم ظهرت مستحقة فلا يرجع المشتري بذلك على البائع؛ لأن المشتري دخل في الشراء ملتزمًا ضمان ذلك؛ لأن عقد البيع يقتضي النفقة على المبيع ودفع خراجه. قال في «شرح الإقناع» : وقياس ذلك أن الزوج لا يرجع على الغاصب بما أنفقه على الزوجة إذا خرجت مغصوبة كما أنه لا يرجع على الحرة في النكاح الفاسد وبيع الخراجية كما تقدم غير صحيح، فالمراد هنا إذا حكم به من يراه أو المراد به النزول عنها لمن يقوم مقامه في الإنتفاع ووزن الخراج. اهـ. ويجوز تملك زرع الغاصب ببدل بذره وعوض لواحقه. ومن اشترى شيئًا ثم انتزع منه بحجة مطلقة بأن أقيمت بينة شهدت للمدعي للملك المطلق بأن لم تقل ملكه من وقت كذا رد بائعه للمشتري ما قبضه منه من الثمن لفساد العقد بخروجه مستحقًا، والأصل عدم حدوث ملك ناشيء عن المشتري كما لو شهدت بملك سابق على زمن الشراء. ومن اشترى قنا من إنسان فادعى شخص ولا بينة أن البائع للقن غصبه فصدقه البائع أو المشتري على ما ادعاه لم يقبل تصديقه على الآخر المنكر؛ لأنه لا يقبل إقراره في حق غيره بل تصديقه على نفسه فقط وإن صدقه البائع والمشتري مع القن المبيع لم يبطل عتقه لتعلق حق الله تعالى به بدليل أنه لو شهد شاهدان بعتقه وأنكره العبد قبلت شهادتهما، ولم يقبل إنكاره مع اتفاق السيد والقن على الرق. وكذا من قال: أنا حر ثم أقر بالرق لم يقبل إقراره ولمالك تضمين من شاء منهما قيمته يوم العتق ويستقر ضمان القيمة على معتقه لمدعي العتق يوم الغصب، وقيل: ضمان الثمن لاعتراف المعتق بإتلافه بالعتق بغير إذن ربه،

فإن ضمن البائع رجع على المشتري وإن ضمن المشتري لم يرجع على البائع إلا بالثمن ذكره في «المبدع» وغيره. ولو مات القن العتيق وخلف مالاً ولا وارث له فالمال المخلف عنه لمدع لاتفاقهم على أنه له لا ولاء عليه؛ لأنه لم يعتق، ولا ولاء عليه للمعتق؛ لاعترافه بفساد عتقه، فإن خلف وارثًا فالمال له للحكم بحريته. وإن أقام المدعي بينة بأن البائع غصب منه عبده بطل البيع؛ لأنه ليس من مالك ولا مأذونه وبطل العتق أيضًا لترتبه على البيع الباطل ويرجع المشتري على البائع بالثمن لبطلان البيع. وإن لم يعتق المشتري القن وادعى إنسان أنه غصبه البائع منه وأقام المدعي بينة بما ادعاه انتقض البيع ورجع المشتري على البائع بالثمن لبطلان البيع وكذلك إن أقر البائع والمشتري بأن البائع غصبه من المدعي بطل البيع لإقرارهما بالغصب ورد ثمن قبضه بائع لمشتر بخلاف ما إذا أعتقه. وإن أقر أحدهما بما ادعاه المدعي من غصب القن لم يقبل إقراره على الآخر؛ لأنه تعلق به حق غيره فيلزم بائعًا أقر للمدعي وكان إقراره له بعد انقضاء مدة خيار قيمة العبد للمقر؛ لأنه ملكه وقد حال بينه وبينه بغير حق ويقر العبد بيد المشتري؛ لأنه ملكه في الظاهر وللبائع تحليف مشتر أنه لا يعلم صحة إقراره فإن نكل قضى عليه بالنكول. وإن كان البائع ما قبض الثمن لم يطالبه به لإقراره بما يسقطه وإن كان البائع قد قبض الثمن لم يسترده مشتر؛ لأنه لا يدعيه فإن عاد قن لمقر وهو البائع في هذه لفسخ البيع أو غيره من إرث أو هبة أو شراء وجب رد لمدعيه؛ لاعترافه له بالملك وله استرجاع ما أخذ منه في نظير الحيلولة لزوالها، وإن كان إقرار البائع في مدة الخيار بأن غصبه منه في مدة خيار، فإنه ينفسخ البيع؛ لأنه يملك فسخه، فقبل إقراره بما يفسخه وسواء كان

خيار مجلس أو خيار شرط لهما أو للبائع وحده لا للمشتري وحده ويلزم مشتريًا أقر بأن البائع غصبه من مدعيه رد عبد لمدعي لإقراره له بالملك ولم يقبل إقراره على البائع ولا يملك المشتري الرجوع على البائع بالثمن إن كان قبضه، وعلى المشتري دفع ثمن لبائع إن لم يكن قبضه؛ لأنه في ملكه في الظاهر. وإن أقام المشتري بينة بما أقر به من غضب البائع للعبد عمل بها؛ لعدم ما ينافيها وله الرجوع بالثمن على البائع حينئذ؛ لتبين بطلان البيع، وكذا بائع أقر بأنه غصب من المدعي وأقام بينة بما أقر به ولم يقل بائع حال بيع بعتك عبدي هذا أو بعتك ملكي، بل قال: بعتك هذا العبد مثلاً، قبلت بينته؛ لأنه قد يبيع ملكه وملك غيره. وإن كان البائع في حال البيع، قال: بعتك عبدي هذا أو ملكي، لم تقبل بينته؛ لأنه يكذبها بقوله: عبدي هذا أو ملكي، وإن أقام المدعي البينة سمعت بينته وبطل البيع، وكذا العتق إن كان كما تقدم ولا تقبل شهادة البائع للمدعي بأنه غصبه منه؛ لأنه يجر بها إلى نفسه نفعًا وإن أنكر البائع والمشتري مدعي العبد فله إحلافهما؛ لحديث: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر» وإن وجد إنسان عند آخر سرقته بعينها، فقال أحمد: هي ملكه يأخذها أذهب إلى حديث سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من وجد متاعه عند رجل فهو أحق به» ويتبع المبتاع من باعه. وإن أتلف مغصوب بإتلاف الغاصب له أو بإتلاف غيره له بأن قتل الحيوان المغصوب أو أحرق المتاع المغصوب ولو كان إتلاف الغاصب للمغصوب بلا غصب بأن أتلف وهو بيد الغاصب أو بعد أن انتقل إلى يده بشيء مما تقدم من نحو بيع أو هبة أو عارية أو وديعة أو تلف مغصوب بأن كان حيوانًا فمات في يده بذلك المرض ضمن الغاصب أو من تلف

بيده المغصوب المثلي وهو الفلوس. وكل مكيل من حب وثمر ومائع وغيرهما أو موزون كحديد ونحاس ورصاص وذهب وفضة وحرير وكتان وقطن ونحوها لا صناعة فيه مباحة يضمن بمثله بخلاف نحو هريسة أو الموزون بخلاف حلي وأسطال وتقدم بيان المكيلات والموزونات في باب الربا والصرف في الجزء الرابع من «الأسئلة والأجوبة الفقهية» فيضمن ذلك بمثله؛ لأن المثل أقرب إليه من القيمة فإنها تماثل من طريق الظن والاجتهاد وسواء تماثلت أجزاء المثلي أو تفاوتت كالأثمان ولو دراهم مغشوشة رائجة والحبوب والأدهان ونحوها، وفي رطب تمر أو سمسم صار شيرجًا يخبر مالكه فيضمنه أي المثلين أحب وأما مباح الصناعة كمعمول حديد ونحاس وصوف وشعر مغزول فيضمن بقيمته لتأثير صناعته في قيمته وهي مختلفة والقيمة فيه أخصر وأضبط. قال في «شرح الإقناع» : ينبغي أن يستثنى من ضمان المثل بمثله الماء بالمفازة فإنه يضمن بقيمته في البرية ذكره في «المبدع» ، وجزم ابن الحارثي، قلت: ويؤيده ما قالوه في التيمم ويمم رب ماء مات لعطش رفيقه، ويغرم قيمته مكانه لورثته. اهـ. فإن أعوز مثلي التالف بأن تعذر لعدم أو بعد أو إلا فالواجب قيمة مثله يوم أعواز المثل لوجوب القيمة في الذمة حين إنقطاع المثل كوقت تلف المتقوم، ولأنها أحد البدلين فوجب عند تعذر أصله كالآخر ودليل وجوبها إذ أنه يستحق طلبها ويجب على الغاصب أداؤها ولا يبقى وجوب المثل للعجز عنه، ولأنه لا يستحق طلبه ولا استيفاءه، وهذا القول من مفردات المذهب، قال ناظمها: إن تلف المغصوب وهو مثل وعدم المثل فحقق نقلي

يضمن بالقيمة يوم العدم لا يوم غصب أو بأقصى القيم وقيل: يضمنه بقيمته يوم قبض البدل، وقيل: يلزمه قيمته يوم تلفه، وقال أبو حنيفة ومالك: تعتبر القيمة يوم المحاكمة وهو وجه للشافعية؛ لأن القيمة لا تنتقل إلى الذمة إلا بحكم حاكم، وقال أبو يوسف: يوم الغصب. وقال الشيخ تقي الدين - رحمه الله تعالى -: ويضمن المغصوب بمثله مكيلاً أو موزونًا أو غيرهما حيث أمكن وإلا فالقيمة، وهذا المذهب عند ابن أبي موسى وطائفة من العلماء، قالوا به، وإذا تغير السعر فقد تعذر المثل، وينتقل إلى القيمة وقت الغصب، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله أعلم. فإن قدر من وجب المثل عليه على المثل بعد تعذره قبل أداء القيمة لا بعد أخذها وجب المثل؛ لأنه الأصل وقد قدر عليه قبل أداء البدل حتى ولو كان ذلك بعد الحكم عليه بأداء القيمة كمن عدم الماء ثم قدر عليه قبل انقضاء الصلاة، فإن أخذ المالك القيمة عنه استقر حكمها ولم ترد ولا طلب بالمثل إذ الحصول البراءة بأخذها ويضمن غير المثلي إذا تلف أو أتلف بقيمته يوم تلفه؛ لحديث ابن عمر مرفوعًا: «من أعتق شركًا في عبد قوم قيمة العدل» متفق عليه، فأمر بالتقويم في حصة الشريك؛ لأنها متلفة بالعتق ولم يأمر بالمثل، ولأن غير المثلي لا تتساوى أجزاؤه وتختلف صفاته فالقيمة فيه أعدل وأقرب ولا يعتبر يوم الغصب ولا يوم المحاكمة ولا أكثر القيم من يوم الغصب إلى يوم التلف فأبو حنيفة ومالك قالا: تعتبر قيمته يوم الغصب؛ لأنه الموجب للضمان فنقدره بحال وجوده وكالإتلاف، وقال الشافعي: يجب أقصى القيم يوم الغصب إلى يوم التلف؛

لأنها حالة الزيادة واجبة الرد فوجب حينئذ كون الزيادة مضمونة، قال العمريطي ناظمًا لما قاله الشافعي: والمثل في المثلي منه للعدم وفي سوى المثلي أكثر القيم ... من وقت غصبه إلى الإتلاف وصدقوه عند الاختلاف وإنما يعتبر يوم التلف إذا كان الاختلاف؛ لتغير الأسعار، وأما إذا كان لمعنى في العين من سمن وتعلم صنعة ونحو ذلك فإنا نعتبر قيمتها أكثر مما كانت لو كان العبد ذا صنعة أو تعلمها عنده ثم نسيها، ثم تلف فإنا نعتبر قيمته حال كونه ذا صنعة لا حال التلف كما صرح به في «المغني» و «الشرح» اهـ. وإن كان الزرع أخضر قوم على رجاء السلامة وخوف العطب كالمريض والجاني إن كان يحل بيعه هذا مذهب مالك. وقال بعضهم: فيما إذا أتلف إنسان الثمر مع التلقيح ونحوه أو أتلف ولد الغرس ونحوها فكيفية تقوم ذلك أن يقال قيمة العقار مع ثمرته والغرس مع ولدها ألف مثلاً ومع عدم ذلك ثمانمائة فيكون قيمة التالف مائتين وعلى هذا فقس. وقيل: يضمن المغصوب بمثله مطلقًا وقاله ابن أبي موسى، واختاره الشيخ تقي الدين - رحمه الله - واحتج بقوله تعالى: {فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَا أَنفَقُوا} . ولحديث أنس قال: «أهدت بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - طعامًا في قصعة فضربت عائشة القصعة بيدها، فألقت ما فيها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:

«طعام بطعام وإناء بإناء» » رواه الترمذي وهو بمعناه لسائر الجماعة إلا مسلمًا. وتعتبر قيمته في بلد غصبه من نقد ذلك البلد؛ لأنه موضع الضمان بمقتضى التعدي، وهذا المذهب نقله جماعة عن أحمد قال: وهو الصحيح والمشهور، وقيل: تعتبر القيمة من نقد البلد الذي تلف فيه؛ لأنه موضع ضمانة والذي يترجح عندي أنه له المطالبة بقيمة أي البلدين شاء، والله سبحانه أعلم. فإن تعددت النقود في البلد، فالقيمة تؤخذ من قيمته رواجًا لانصراف اللفظ إليه فيما لو باع بنقد مطلق وكالمغصوب فيما سبق تفصيله متلف بلا غصب ومقبوض يضمن كمقبوض بعقد فاسد يجب الضمان في صحيحه كمبيع لا نحو هبة. وما أجرى مجرى المقبوض بعقد فاسد كالمقبوض على وجه العموم مما لم يدخل في ملك المتلف له كالرهن والوديعة والمال تحت يد الوكيل حيث وجب ضمان ذلك بالتلف والمعار. فيضمن مثلي بمثله ومتقوم بقيمته فإن دخل التالف في ملك متلفه بأن أخذ معلومًا بكيل أو وزن أو أخذ حوائج من بقال أو جزار أو زيات في أيام ولم يقع سعرها ثم يحاسبه بعد ذلك، فإنه يعطيه بسعر يوم أخذه؛ لأنه ثبتت قيمته في ذمته يوم أخذه لتراضيهما على ذلك ولا يرد المثل. ومقتضى قول الأصحاب، فإن دخل في ملكه أن العقد في ذلك صحيح وإلا لما ترتب عليه الملك؛ ولذلك أخذ منه الشيخ تقي الدين صحة البيع بثمن المثل وعلى هذا يدخل في ملكه، وهذا العقد جار مجرى الفاسد؛ لكونه لم يعين فيه الثمن، لكنه صحيح إقامة للعرف مقام النطق وهذا وإن كان مخالفًا لما تقدم من أن البيع لا يصح إلا مع معرفة الثمن أولى من القول

بأنه فاسد يترتب عليه الملك؛ لأن الفاسد لا يترتب عليه أثره، بل يدعي أن الثمن في هذا معلوم بحكم العرف فيقوم مقام التصريح به. وقيده بعض العلماء بما إذا علماه حالة العقد وإلا فهو كالبيع بما اشترى به زيد مثلاً أو بما ينقطع السعر به وتقدم حكم ذلك والخلاف فيه في الجزء الرابع. ويقوم الموزون وهو مصاغ مباح أي فيه صناعة مباحة وكمعمول من نحاس ورصاص ومغزول صوف وشعر ونحوه كمغزول قطن وكتان أو محلى بأحد النقدين تزيد على وزنه لصناعته. ويقوم تبر تخالف قيمته وزنه بزيادة أو نقص بنقد من غير جنسه فإن كان المصوع من أحد النقدين قوِّم بالآخر، فإن كان من ذهب قوِّم بفضة وإن كان من فضة قوم بذهب لئلا يؤدي إلى الربا وإن كان محلى بأحد النقدين قوم من غير جنسه فرارًا من الربا، وقال القاضي: يجوز بجنسه؛ لأن الزيادة في مقابلة الصنعة فلا يؤدي إلى الربا، واختاره في «الفائق» ، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله أعلم. وإن كان الحلي من ذهب وفضة قوم بأيهما شاء منهما للحاجة إلى تقويمه بأحدهما؛ لأنهما قيم المتلفات وليس أحدهما أولى من الآخر فكانت الخيرة في ذلك إلى من يخبر التقويم ويعطي رب الحلي المصوغ من النقدين أو المحلى بهما بقيمته عرضًا؛ لأن أخذها من أحد النقدين يفضي إلى الربا. ويضمن محرم الصناعة كإناء من ذهب أو فضة وحلي محرم كسرج ولجام وركاب ونحوه بوزنه فقط من جنسه؛ لأن الصناعة المحرمة لا قيمة لها شرعًا.

وقال في «الإنتصار» و «المفردات» : لو حكم الحاكم بغير المثل في المثلي وبغيره القيمة في المتقوم لم ينفذ حكمه ولم يلزم قبوله. ويجب في تلف بعض مغصوب عند غاصب فتنقص قيمة باقيه كزوجي خف ومصراعي باب وبعض أجزاء كتاب ومصراعي دالوب ونحو ذلك تلف أحدهما رد باق منهما إلى مالكه وجوبًا وقيمة تالف وأرش نقص للباقي منهما فإذا كانت قيمتهما مجتمعين ستة ريالات فصارت قيمة الباقي منهما ريالين رده ورد معه أربعة ريالات قيمة التالف وريالان أرش النقص؛ لأنه نقص حصل بجنايته فلزمه ضمانه كما لو شق ثوبًا بنقصه الشق بخلاف نقص الشعر فإنه لم يذهب به من المغصوب عين ولا معنى وهاهنا فوت معنى وهو إمكان الانتفاع به وهو الموجب لنقص قيمته كما لو فوت بصره أو سمعه أو نحوه، وقيل: يدفع للغاصب الفردة من زوجي الخف الباقية إن شاء ويضمنه قيمة المجموع ومتلف إحدى فردتين يسلم البقية والمجموع منه يحضر، وقيل: يمسك الثانية الباقية ويضمنه الإثنتين، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ولو غصب ثوبًا مثلاً قيمته عشرة فلبسه حتى نقص بلبسه خمسة ثم غلت الثياب حتى صارت قيمته عشرة رده وأرش نقصه ولو تلف الثوب وقيمته عشرة ثم غلت الثياب فصارت قيمته عشرين لم يلزمه إلا عشرة. ويجب في قن يأبق من غاصب وكجمل يشرد منه ويعجز عن رده قيمة المغصوب الآبق أو الشارد لمالكه وللحيلولة ويملك القيمة مالك المغصوب بقبضها. ويصح تصرفه فيها كسائر أملاكه من أجل الحيلولة لا على سبيل العوض؛

ولهذا لا يملك غاصب مغصوبًا بدفع القيمة؛ لأنه لا يصح أن يتملكه بالبيع؛ لعدم القدرة على تسليمه، وكما لو كان أم ولد فلا يملك كسبه ولا يعتق عليه لو كان قريبه. قال في «التلخيص» : ولا يجبر المالك على أخذها، ولا يصح الإبراء منها ولا يتعلق الحق بالبدل، فلا ينتقل إلى الذمة وإنما يثبت جواز الأخذ دفعًا للضرر فتوقف على خيرته. قال الشيخ عثمان: والظاهر أن محل هذا إذا كانت عين الغصب باقية حين دفع البدل وإلا فيجب البدل في الذمة ويصح الإبراء وغيره. اهـ. فمتى قدر غاصب على آبق ونحوه رده وجوبًا بزيادته؛ لأنها تابعة له، وأخذ القيمة بعينها إن بقيت؛ لزوال الحيلولة التي وجب لأجلها ويرد زوائدها المتصلة من سمن ونحوه، ولا يرد المنفصلة بلا نزاع كالولد والثمرة. قال المجد: وعندي أن هذا لا يتصور؛ لأن الشجر والحيوان لا يكون أبدًا في نفسه نفس القيمة الواجبة، بل بدل عنها فإذا رجع المغصوب رد القيمة لا بدلها كمن باع سلعة بدراهم ثم أخذ عنها ذهبًا أو سلعة ثم رد المبيع بعيب فإنه يرجع بدراهمه لا بدلها، انتهى. ويفرق بينهما بأن الثمن ثبت في الذمة دراهم، فإذا عوض عنها شيئًا فهو عقد آخر، وأما هنا فالقيمة لم تثبت في الذمة كما تقدم عن صاحب «التلخيص» فما دفعه ابتداء فهو القيمة سواء من النقدين أو غيرهما أو يأخذ بدل القيمة إن تلفت مثلها إن كانت مثلية وإلا فقيمتها. وليس لغاصب حبس المغصوب لترد قيمته، وكذا مشتر بعقد فاسد ليس له حبس المبيع على رد ثمنه، بل يدفعان إلى عدل يسلم إلى كل ماله.

ويجب في عصير تخمّر عند غاصب مثله لصيرورته في حكم التالف بذهاب ماليته ومتى انقلب عصير تخمر بيد غاصب خلاً بيده رده إلى مالكه؛ لأنه عين ماله ورد معه أرش نقصه إن نقصت قيمته خلاً عن قيمته عصيرًا لحصول النقص بيده كتلف جزء منه، وكما لو نقص بلا تخمر بأن صار ابتداء خلاً وكغصب شابة فتهرم واسترجع الغاصب إذا رد الخل وأرش نقص العصير البدل وهو مثل العصير الذي دفعه لمالكه للحيلولة كما لو أدى قيمة الآبق ثم قدر عليه ورده لربه وإن نقصت قيمة عصير أو زيت أغلاه غاصب بغليانه فعليه أرش نقصه. من النظم فيما يتعلق بالغصب: ومن بين أو يغرس بأرض شرًا فإن تكن غصبت إن شاء ذو الملك يعضد وعن أحمد يضمن النقص ثم خذ من البائع النقصان للغارم اليد ومن قال كل هذا الطعام فضامن وإن لم يقل فالآكل أقصد بأجود ولم يبرا أن يطعمه في النص ربه وإن لم يقل هذا الطعام بأوطد كذلك أن يقبض قبض أمانة وقد قيل يبرا مثل مع علمه أمهد وأن يغتصب أو يستعر يبر غاصب لتضميننا في الموضعين لذي اليد وأن تشتري عبدًا فتعتقه فاردد ادعا رقه والغصب من غير شهد

ولا تقبل التصديق في حق منكر ولا مع وفاق العبد فيها لعقد وقيل بلى في الثان والعتق آيل على مشتر إن تم عتق المعبد وفي تالف المغصوب ذي المثل مثله وقيمة مثل يم أعوازه اردد وعنه لذي غصب وعنه لذي التوي وقيل لدى قبض المثيل ليعدد وخرج أعلى القدر من حين غصبه إلى حين أعواز المثيل المقيد وقيمة باق إن تعذر ردت إن اخترتها خذ يوم قبضكها قد ونيل غصيب عزلاً المثل موجب لردك إن عوضت قيمته اردد وفيما سوى المثلي من بعد أرضه له قيمة يوم الهلاك بأوطد وقد قيل يوم الغصب وجب وقيل بل من الغصب حتى الهلك جد بالمزيد وما فيه فضل بين وزن وقيمة مصوغًا بغير الجنس قوم بأوطد وقال أبو يعلى يجوز بجنسه وقابل بما يزداد في صنعة اليد

س10: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: المغصوب والمقبوض بعقد فاسد مدة مقامه باليد، إجارة المغصوب المعجوز عن رده المقبول قوله في وقت التلف الذي لا تلزم أجرته، غصب قن ذي صنائع، حكم تصرف الغاصب في المغصوب، الاتجار بعين المغصوب، الاختلاف في قيمة المغصوب، من بيده غصوب أو رهون أو أمانات لا يعرف ملاكها، من عدم المباح وأراد أن يأكل، من نوى جحد ما بيده من الغصوب أو الرهون أو الأمانات فالثواب لمن، رد ما غصبه على الورثة، إذا رد ورثة غاصب بعد موته وما يتعلق بذلك؟ واذكر الدليل والتعليل والقيود والمحترزات والخلاف والترجيح.

(10) إجارة المغصوب والمقبوض بعقد فاسد وحكم تصرف الغاصب والاختلاف في قيمة المغصوب وحكم الرهون والأمانات والغصوب المجهول أربابها وما حول ذلك من بحوث س10: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: المغصوب والمقبوض بعقد فاسد مدة مقامه باليد، إجارة المغصوب المعجوز عن رده المقبول قوله في وقت التلف الذي لا تلزم أجرته، غصب قن ذي صنائع، حكم تصرف الغاصب في المغصوب، الاتجار بعين المغصوب، الاختلاف في قيمة المغصوب، من بيده غصوب أو رهون أو أمانات لا يعرف ملاكها، من عدم المباح وأراد أن يأكل، من نوى جحد ما بيده من الغصوب أو الرهون أو الأمانات فالثواب لمن، رد ما غصبه على الورثة، إذا ردّ ورثة غاصب بعد موته وما يتعلق بذلك؟ واذكر الدليل والتعليل والقيود والمحترزات والخلاف والترجيح. ج: ما صحت إجارته من مغصوب ومقبوض بعقد فاسد كرقيق ودواب وسفن وعقار فعلى غاصب وقابض بعقد فاسد أجرة مثله مدة مقامه بيده. وقال ابن نصر الله في «حواشي المحرر» : وينبغي تقييده بما إذا كان والقابض عالمًا بفساد العقد، أما إن كان جاهلاً فينبغي أن يكون حكمه في الضمان حكم القابض من الغاصب إذا كان جاهلاً في أنه يضمن ذلك فيما التزم ضمانه لا غيره. فتضمن منافعه بالفوات والتفويت سواء استوفى المنافع أو تركها ألا تذهب؛ لأن كل ما يضمنه بالإتلاف بالعقد الفاسد جاز أن يضمنه

بمجرد التلف كالأعيان، ولأن المنفعة مال متقوم فوجب ضمانه كالعين ومن لم يوجب الأجر على الغاصب احتج بحديث «الخراج بالضمان» . ولا ضمان على الغاصب؛ لأنه استوفى منفعة بغير عقد ولا شبهة ملك أشبه ما لو زنى بامرأة مطاوعة والجواب بأن كل ما ضمنه بالإتلاف بالعقد الفاسد جاز أن يضمنه بمجرد الإتلاف كالأعيان، ولأنه أتلف متقومًا فوجب ضمانه كالأعيان أو يقال مال متقوم مغصوب فوجب كالعين. وأما الخبر فوارد في البيع ولا يدخل فيه الغاصب؛ لأنه لا يجوز له الانتفاع بالمغصوب إجماعًا ولا يشبه الزنا، فإنها رضيت بإتلاف منافعها بغير عوض، ولا عقد يقتضي العوض فكأنه بمنزلة من أعاره داره ولو أكرها عليه لزمه مهرها ولو غصب جارية ولم يطأها ومضى عليها زمن يمكن الوطء فيه لم يضمن مهرها؛ لأن منافع البضع لا تتلف بلا استيفاء بخلاف غيرها، ولأنها لا تقدر بزمن فيتلفها مضي الزمان بخلاف المنفعة ومع عجز غاصب عن رد مغصوب تصح إجارته كعبد أبق وجمل شرد فعليه أجرته إلى وقف أداء قيمته. فإن قدر الغاصب على المغصوب بعد عجزه عنه لزمه رده لمالك، وكذا مقبوض بعقد فاسد ولا أجرة له على غاصب وقابض من حين دفع بدله إلى ربه؛ لأن مالكه بأخذ قيمته استحق الإنتفاع ببدل الذي هو قيمته فلا يستحق الإنتفاع به وببدله ومنافع المقبوض بعقد فاسد يجب الضمان في صحيحه كبيع وإجارة كمنافع المغصوب يضمنها قابضها بالفوات والتفويت سواء استوفى المنافع أو تركها تذهب بخلاف عقود الأمانات كالوكالة والوديعة والمضاربة وعقود التبرعات كالهبة والوصية والصدقة فلا ضمان في صحيحها؛ ولهذا يرجع من غرم بسبب ذلك شيئًا بما غرمه. ومع تلف مغصوب أو مقبوض بعقد فاسد فالواجب على قابضه

أجرة مثله إلى تلفه؛ لأنه بعده لا منفعة له تضمن كما لو أتلف بلا غصب أو قبض ويقبل قول غاصب وقابض في تلفه فيطالبه مالكه ببدله. ويقبل قول الغاصب والقابض بعقد فاسد في وقت التلف لتسقط عنه الأجرة من ذلك الوقت بيمينه؛ لأنه منكر ويقبل قوله في تلف المغصوب ليطالب متلفه ببدله إن كان مثليًا وبقيمه إن كان متقومًا. وألا تصح إجارة المغصوب بأن لم تجر عادة بإجارته غالبًا فلا تلزم غاصبه ولا قابضه أجرة كغنم وشجر وطير ولو قصد صوته وكشمع ومطعوم ومشروب مما لا منافع له يستحق بها عوض غالبًا فلا يرد صحة إجارة غنم لدياس زرع وشجر لنشر ونحوه لندرته. ويلزم غاصبًا وقابضًا بعقد فاسد في قن يحسن الصنائع أجرة أعلا الصنائع مدة إقامته عنده؛ لأنه لا يمكن الانتفاع في صنعتين معًا في آن واحد؛ ولأن غاية ما يحصل لسيده برضى النفع أن يستعمله في أعلى ما يحسنه من الصنائع أو كان غير محسن صنعة لم يلزم قابضه أجرة صنعة مقدرة ولو حبسه مدة يمكنه فيها تعلم صنعة؛ لأنه غير محقق. ولا قصاص في مال كشق ثوب وكسر إناء، بل الضمان بالبدل والأرش على ما تقدم تفصيله، واختار الشيخ تقي الدين وجمع أنه يخير في ذلك، قال في «شرح الغاية» : لو غصب جماعة مشاعًا بين جماعة كعقار فرد أحد الغاصبين سهم واحد من المالكين إليه لم يجز له الإنفراد بالمردود، وكذا لو صالحه عنه بمال فليس له الإنفراد به نقله حرب. وقال في «الفروع» : ويتوجه أنه كبيع المشاع انتهى، فيصح له المال وهو ظاهر، ولعل رواية حرب فيما إذا صالحوه عن سهم معين، وكذا لو كان الغاصب لحصصهم واحد.

ويصح غصب المشاع فلو كانت أرض ودور لإثنين في يدهما فنزل الغاصب في الأرض أو الدار فأخرج أحدهما وبقي الآخر معه على ما كان مع المخرج، فإنه لا يكون غاصبًا إلا نصيب المخرج حتى لو استغلا الملك أو انتفعا به لم يلزم الباقي منهما لشريكه المخرج شيء، وكذا لو كان عبدًا لإثنين كف الغاصب يد أحدهما عنه ونزل في التسلط عليه موضعه مع إقرار الآخر على ما كان عليه حتى لو باعاه بطل بيع الغاصب للنصف وصح بيع الآخر كنصفه قاله المجد في «شرحه» اهـ. وإن غصب أثمانًا لا مؤنة لحملها فطالبه المالك في غير بلد الغصب وجب على الغاصب ردها إلى مالكها لعدم الضرر وإن كان المغصوب من المتقومات كالثياب والعبيد وطالبه به مالكه في غير بلد الغصب لزم الغاصب دفع قيمته في بلد الغصب للحيلولة. وإن كان المغصوب من المثليات ولحمله مؤنة وقيمته في بلد الغصب وبلد الطلب واحدة أو هي أقل في بلد الطلب فللمالك مطالبته بمثله للحيلولة مع أنه لا ضرر عليه. وإن كانت قيمته ببلد الطلب أكثر منها ببلد الغصب فليس للمالك المثل لما فيه من ضرر الغاصب وله المطالبة بقيمته ببلد الغصب؛ لأنه لا ضرر فيها على الغاصب. وفي جميع ذلك متى قدر الغاصب على المغصوب أو قدر على المثل في بلد الغصب رده للمالك؛ لأنه الواجب وأخذ الغاصب القيمة؛ لأنها إنما وجبت للحيلولة وقد زالت. ويحرم تصرف غاصب وغيره ممن علم الحال في مغصوب مما ليس له حكم من صحة وفساد فلا يتصف بأحدهما كإتلاف المغصوب وكاستعماله

كأكله ولبسه وكركوبه وحمل عليه واستخدامه وذبحه ولا يحرم المذبوح بذلك وكسكنى العقار؛ لحديث: «أن أموالكم وأعراضكم عليكم حرام» . ويحرم تصرف غاصب وغيره في مغصوب بماله حكم بأن يوصف تارة بالصحة وتارة بالفساد كعبادة بأن يتوضأ بالماء المغصوب أو يتيمم بالتراب المغصوب أو في البقعة المغصوبة أو يخرج الزكاة من المال المغصوب أو يحج من المال المغصوب ونحو ذلك بخلاف نحو صوم وذكروا اعتقاد فلا مدخل له فيه، وكما لو باع المغصوب أو أجرة أو أعاره أو نكح الغاصب أو أنكح الأمة المغصوبة أو أعتق العبد المغصوب أو وقف الشقص. ولا تصح عبادة الغاصب على الوجه المذكور ولا يصح عقده فيكونان باطلين؛ لحديث: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» أي مردود. وإن أتجر غاصب بعين مغصوب بأن كان دنانير أو دراهم فاتجر بها أو أتجر بعين ثمنه بأن غصب عبدًا فباعه واتجر بثمنه وظهر ربح وهو باق فالربح. وما اشتراه الغاصب من السلع لمالك المغصوب؛ لخبر عروة بن الجعد، وهذا حيث تعذر رد المغصوب إلى مالكه ورد الثمن إلى المشتري ونقل حرب في خبر عروة إنما جاز؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جوزه له. وروى الأثرم عن رباح بن عبيد أن رجلاً دفع إلى رجل دراهم ليبلغها أهله فاشترى بها ناقة فباعها فسُئل ابن عمر عن ذلك قال: إدفع إليه دراهمه بنتاجها؛ لأنه نماء ملكه فكان تابعًا لأصله كالسمن. وحيث تعين جعل الربح للغاصب أو المغصوب منه فجعله للمالك أولى؛ لأنه في مقابلة نفع ماله الذي فاته بمنعه، ولو كان الشراء بثمن في ذمته بنية نقده من المغصوب أو من ثمنه ثم نقده فيكون الربح لمالك المغصوب،

وهذا من «المفردات» قال ناظمها: وبالنقود غاصب أن تجرا والشيخ بالعروض أيضًا نصرًا فالربح بالمالك قد يختص وفيه وفي المودع جاء النص بالعين أو في ذمة كان الشرا مع نقدها في أشهر قد حررا حتى بذا جزمًا كثير نقلوا وذا على الأصول فرع مشكل وقال مالك والليث وأبو يوسف: الربح للغاصب ونحوه. عن أبي حنيفة وزفر ومحمد بن الحسن؛ لكن قالوا: يتصدق به؛ لأنه غير طيب، واستدلوا بحديث: «الخراج بالضمان» والذي تطمئن إليه النفس أنه كما قال أهل القول الأول للمالك؛ لأنه نماء ملكه ونتيجته، والله سبحانه وتعالى أعلم. وحيث تعذر رد مغصوب إلى المالك ورد ثمن لمشتر كان جهل دفع له أو تلف هو، أما إذا كانت عين الغصب باقية وأمكن ردها فيجب ردها وتوابعها ويأخذ المعتاض ما دفع إلى الغاصب. والربح للمالك ولو قلنا ببطلان التصرف فيما أدركه المالك باقيًا، وأما ما لم يدركه فوجه تصحيحه أن الغاصب تطول مدته وتكثر تصرفاته، ففي القضاء ببطلانها ضرر كبير وربما عاد إلى الضرر على المالك إذا الحكم بصحتها يقتضي كون الربح للمالك والعوض بنمائه وزيادته والحكم ببطلانها يمنع ذلك.

وإن دفع المال المغصوب إلى من يضارب به فالحكم بالربح على ما ذكر وليس على المالك من أجر العامل شيء؛ لأنه لم يأذن له بالعمل في ماله وإن كان المضارب عالمًا بالغصب فلا أجر له؛ لأنه متعمد بالعمل ولم يغره أحد، وإن لم يعلم فعلى الغاصب أجر مثله؛ لأنه استعمله عملاً بعوض لم يحصل له فلزمه أجرة كالعقد الفاسد، وكذا الحكم لو أتجر في الوديعة فالربح للمالك. وإن اختلف الغاصب والمالك في قيمة مغصوب تلف بأن قال الغاصب: قيمته مائة، قال المالك: بل قيمته مائة وعشرون، فالقول قول الغاصب، أو قال الغاصب: قيمته ثمانمائة، وقال المالك: قيمته ألف فقول الغاصب؛ لأنه غارم، والأصل براءة ذمته مما زاد على المائة. وإن اختلفا في قدر المغصوب أو في حدوث عيبه أو قال المغصوب منه كان كاتبًا فقيمته ألف، وقال الغاصب: لم يكن كاتبًا فقيمته مائة، فالقول قول الغاصب؛ لأن الأصل عدم الكتابة وبراءة الذمة مما زاد على المائة، وإن قال الغاصب: كان سارقًا فقيمته ثمانمائة، وقال المغصوب منه: لم يكن سارقًا فقيمته ألف، فالقول قول المالك؛ لأن الأصل عدم السرقة. وإن اختلفا في ملك ثوب على مغصوب أو اختلفا في ملك سرج على فرس، فالقول قول غاصب بيمينه حيث لا بينة للمالك؛ لأنه منكر، والأصل براءته من الزائد وعدم الصناعة فيه وعدم ملك الثوب والسرج عليه. وإن اختلفا في رد المغصوب إلى مالكه أو في وجود عيب في المغصوب التالف بأن قال الغاصب بعد تلف المغصوب كان فيه حين غصبته سلعة أو أصبع زائدة وأنكره مالك وكذلك دعواه أنه كان أعور أو أعرج أو يبول في الفراش أو فيه طرش وهو أهون الصم أو أعمى فقول مالك بيمينه على نفي ذلك؛ لأن الأصل السلامة.

وإن اختلفا بعد زيادة قيمة في وقت الزيادة، فقال المالك: زادت قبل تلفه، وقال الغاصب: بعد تلفه، فالقول قول الغاصب؛ لأن الأصل براءة ذمته وإن شاهدت البينة العبد معيبًا عند الغاصب، وقال المالك: تعيب عندك، وقال الغاصب: بل كان العيب فيه قبل غصبه فقول الغاصب بيمينه؛ لأنه غارم والظاهر أن صفة العبد لم تتغير. وقيل: إن القول قول المالك كما لو تبايعا واختلفا في عيب هل كان عند البائع أو حدث عند المشتري فإن فيه رواية أن القول قول البائع كذلك هنا، إذ الأصل السلامة وتأخر الحدوث عن وقت الغصب، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه أعلم. وإن اتفقا على أنه كان به عيب وادعى كل منهما حدوثه عند الآخر فقول غاصب بيمينه. ومن بيده غصوب لا يعرف أربابها أو كان بيده رهون لا يعرف أربابها أو بيده أمانات من ودائع وغيرها لا يعرف أربابها أو لحرفهم وفقدوا وليس لهم ورثة فسلمها إلى الحاكم ويلزمه قبولها برئ بتسليمها للحاكم من عهدتها؛ لأن قبض الحاكم لها قائم مقام قبض أربابها لقيام مقامهم. وللذي بيده غصوب أو نحوها إن لم يدفعها للحاكم الصدقة بها عن أربابها بلا إذن حاكم؛ لأن المال يُراد لمصلحة المعاش أو المعاد ومصلحة المعاد أولى المصلحتين وقد تعينت هاهنا لتعذر الأخرى، ونقل المروذي: يعجبني الصدقة بها. وقال الشيخ تقي الدين: إذا كان بيد الإنسان غصوب أو عواري أو ودائع أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها، فالصواب أنه يتصدق بها عنهم، فإن حبس المال دائمًا لمن لا يرجى لا فائدة فيه بل هو تعريض لهلاك

المال واستيلاء الظلمة عليه، وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية فدخل بينه ليأتي بالثمن فخرج فلم يجد البائع فجعل يطوف على المساكين ويتصدق عليهم بالثمن ويقول اللهم عن رب الجارية. وكذلك أفتى بعض التابعين من غل من الغنيمة وتاب بعد تفرقهم أن يتصدق بذلك عنهم ورضي بهذه الفتيا أصحابه والتابعون الذين بلغتهم كمعاوية وغيره من أهل الشام. والحاصل أن المجهول في الشريعة كالمعدوم فإن الله سبحانه وتعالى قال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» . فالله إذا أمرنا بأمر كان ذلك مشروطًا بالقدرة عليه والتمكن من العمل به فما عجزنا عن العمل به سقط عنا، انتهى. وقال في الغنيمة: يجب عليه ذلك، أي التصدق بها قال في «الغاية وشرحها» : ويتجه حمله أي لزوم التصدق مع عدم حاكم أهل للائتمان كحكامنا الآن فإن وجد حاكم أهل وهو أندر من الكبريت الأحمر فلا يلزم التصدق بها، بل يكون مخيرًا بين دفعها إليه ليبرأ من عهدتها وبين الصدقة بها بشرط ضمانها لأربابها إذا عرفهم؛ لأن الصدقة بدون الضمان إضاعة لمال المالك لا على وجه بدل وهو غير جائز. وله شراء عرض بنقد ويتصدق به ولا يجوز في ذلك محاباة قريب أو غيره وكذا حكم مسروق ونحوه كلقطه حرم التقاطها ولم يعرفها فتصدق بها عن ربها بشرط الضمان أو يدفعها للحاكم الأهل كما تقدم وإذا أنفقت كانت لمن يأخذها بالحق مباحة كما أنها على من يأكلها بالباطل محرمة وبكل حال ترك الأخذ أجود من القبول وإذا صح الأخذ كان

أفضل أي الأخذ والصرف إلى المحتاجين من الناس إلا إذا كان من المفاسد فهنا الترك أولى. ويسقط عن الغاصب والسارق ونحوه إثم الغصب أو السرقة ونحوها؛ لأنه معذور بعجزه عن الرد لجهله بالمالك وثوابها لأربابها، وفي الصدقة بها عنهم جمع بين مصلحة الغاصب بتبرئة ذمته ومصلحة المالك بتحصيل الثواب له. ونقل ابن هانئ يتصدق أو يشتري به كراعًا أو سلاحًا يوقف هو مصلحة المسلمين وسأله جعفر عمن بيده أرض أو كروم ليس أصله طيبًا ولا يعرف ربه قال يوقفه على المساكين، وسأله المروذي عمن مات وكان يدخل في أمور تكره فيريد بعض ولد التنزه، فقال: إذا وقفها على المساكين فأي شيء يبقى عليه واستحسن أن يوقفها على المساكين ويتوجه على أفضل البر. قال الشيخ تقي الدين: تصرف في المصالح، وقاله في وديعة وغيرها، وقال قاله العلماء وإنه مذهبنا ومذهب أبي حنيفة ومالك، وهذا مراد أصحابنا؛ لأن الكل صدقة. وقال - رحمه الله -: من تصرف بولاية شرعية لم يضمن، وقال: ليس لصاحبه إذا عرف رد المعارضة لثبوت الولاية شرعًا عليها للحاجة كمن مات ولا ولي له ولا حاكم، وقال: فيمن اشترى مال مسلم من التتار لما دخلوا الشام، إن لم يعرف صاحبه صرف في المصالح وأعطى مشتريه ما اشتراه به؛ لأنه لم يصر لها إلا بنفقته وإن لم يقصد ذلك كما رجحه فيمن اتجر في مال غيره وربح، انتهى. قال ابن رجب: وعليه أي وعلى هذا الأصل وهو قوله ومن بيده نحو غصوب أو أمانات ... إلخ بتخرج جواز أخذ الفقراء الصدقة من يد من ماله

حرام كقطاع الطريق وأفتى بجوازه. قال الشيخ عثمان إنما يظهر هذا التخريج أنه لو قصد المتصدق جعل الثواب لرب المتصدق به كما في مسألتنا فيجوز قبول الصدقة إذًا وإلا فيد المتصدق عليه من جملة الأيدي العشر المرتبة على يد الغاصب كما تقدم. وفي «الغاية وشرحها» : ويتجه بجواز الأخذ من يد من ماله حرام ولو بغير صدقة كالأخذ على وجه الشراء منه والهبة حيث جهل حاله؛ لأن الأصل فيما بيد المسلم أنه ملكه ثم إن كانت الدراهم في نفس الأمر قد غصبها هو ولم يعلم القابض كان جاهلاً بذلك، والمجهول كالمعدوم قاله الشيخ تقي الدين، انتهى. وأن مثل المذكور من المال الحرام كل ما جهل أربابه وصار مرجعه لبيت المال كالمكوس، والمكس: الضريبة التي يأخذها الماكس وهو العشار، ومنه حديث أنس وابن سيرين، قال لأنس: «لا تستعملن على المكس» أي على عشور الناس، وفي الحديث: «لا يدخل الجنة صاحب مكس» قال جابر بن حني التغلبي: أفي كل أسواق العراق إتاوة وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم وكالمغصوب والخيانات والسرقة المجهول أربابها فيجوز للفقراء أخذها صدقة، ويجوز أخذها لهم ولغيرهم هبة وشراء ووفاء عن أجرة سيما إن أعطاها الغاصب لمن لا يعلم حالها كان قبضه لها بحق؛ لأن الله لم يكلفه ما لم يعلم، قاله الشيخ تقي الدين. وليس لمن بيده الغصوب والرهون والأمانات المجهول أربابها التوسع بشيء منها وإن كان فقيرًا من أهل الصدقة، وصرح القاضي جواز الأكل

منها إذا كان فقيرًا، وأفتى الشيخ تقي الدين به في الغاصب إذا تاب، فإن عرف أربابها وكان قد تصدق بها الغاصب ونحوه خير بين الأجر والأخذ من التصدق فإن اختاروا الأجر وأجازوا الصدقة فالثواب لهم لترتبه على ملكهم وإن لم يجيزوها وأغرموا ثمنها لمن تصدق بها فالثواب لغارم عما تصدق به وعلم منه أنه ليس للمالك إذا عرف رد ما فعله من كانت الغصوب ونحوها بيده مما تقدم لثبوت الولاية له شرعًا. ويتصدق مديون بديون عليه جهل أربابها ببلده التي استدان من أهلها، قال ابن رجب: الديون المستحقة كالأعيان يتصدق بها عن مستحقيها ونصه في رواية صالح من كانت عنده ودائع فوكل في دفعها ثم مات وجهل ربها وأيس من الإطلاع عليه يتصدق بها الوكيل وورثة الموكل في البلد الذي كان صاحبها فيه حيث يرون أنه كان وهم ضامنون إذا ظهر له وارث. وقد نص على مثله في الغصب، وفي مال الشبهة واحتج بأن عمر جعل الدية على أهل القرية إذا جهل القاتل ووجه الحجة منه أن الغرم إنما اختص بأهل المكان الذي فيه الجاني؛ لأن الظاهر أن الجاني أو عاقلته المختصين بالغرم لا يخلو المكان عنهم فكذلك الصدقة بالمال المجهول مالكه ينبغي أن يختص بأهل المكان؛ لأنه أقرب إلى وصول المال إليه إن كان موجودًا أو إلى ورثته، ويراعى في ذلك الفقراء؛ لأنها صدقة ونص في رواية أبي طالب فيمن عليه دين لرجل ومات وعليه ديون للناس يقضي عنه دينه بالدين الذي عليه أنه يبرأ باطنًا. وإذا أراد من بيده عين جهل مالكها أن يتملكها ويتصدق بقيمتها عن مالكها فنقل صالح عن أبيه الجواز فيمن اشترى آجرًا وعلم أن البائع باعه

ما لا يملك ولا يعرف له أرباب أرجو أن أخرج قيمة الآجر فتصدق به أن ينجو من إثمه. ومن عدم المباح لم يأكل من الحرام ماله غنية عنه كفاكهة وحلو ونحو ذلك ويأكل عادته إذ لا مبيح للزيادة عما تندفع به حاجته. قال في «الاختبارات الفقهية» : لو باع الرجل مبايعات يعتقد حلها ثم صار المال إلى وارث أو متهب أو مشتر يعتقد تلك العقود محرمة فالمثال الأصلي لهذا اقتداء المأموم بصلاة إمام أهل بما هو فرضه عند المأموم دونه، والصحيح الصحة نقله في «حاشية الإقناع» . ومن نوى جحد ما بيده من الغصوب والأمانات وما في معناها أو نوى جحد دين عليه في حياة ربه فثوابه لربه؛ لأن نية جحده قائمة مقام إتلافه إذًا فكأنه لم ينتقل لورثة ربه بموته لورثته نقله ابن الحكم؛ لأنه إنما عدم عليهم. وعلم من ذلك أنه يثاب على ما فات عليه قهرًا مع أنه لم ينوه ولو ندم غاصب على ما فعله وقد مات المغصوب منه ورد ما غصبه على الورثة برئ من إثم المغصوب؛ لوصوله للمستحق ولا يبرأ من إثم الغصب، بل يبقى عليه إثم ما أدخل على قلب مالك المغصوب من ألم الغب ومضرة المنع منه والانتفاع به مدة حياته فيفتقر لتوبة إذ لا يزول إثم ذلك إلا بها أي التوبة هذا معنى كلام ابن عقيل. قال بعضهم: فيه توقف الأولى ما قاله أبو يعلى الصغير من أن بالقضاء والضمان بلا توبة يزول حق الآدمي ويبقى مجرد حق الله تعالى؛ لأنه قد حصل معه ندم ورد مظلمة وهو توبة، وقد ذكر المجد فيمن أدان على أن يؤديه فعجز لا يطالب به في الدنيا ولا في الآخرة، وقاله أبو يعلى الصغير بما يقتضي أنه

محل وفاق، انتهى. ولو رد المال المغصوب ونحوه ورثة غاصب بعد موته وموت مالكه لورثة المغصوب منه فللمغصوب منه ونحوه مطالبة الغاصب ونحوه في الآخرة؛ لأن المظالم لو انتقلت لما استقر للمظلوم حق في الآخرة، ولأنها ظلامة عليه قد مات ولم يتحلل منها برد ولا تبرئة فلا تسقط عنه برد غيره لها إلى غير المظلوم كما لو جهل ورثة ربها فتصدق بها عنهم أو ورث الغاصب المغصوب منه فتصدقوا بالغصب على أجنبي. ويجب على غاصب رد مغصوب إن لم يكن عذر يمنعه من الرد كخوف على نفسه أو ما بيده من مغصوب وغيره إن ظهر ذلك يؤخذ منه أو يعاقب فورًا من غير تأخير؛ لأنه يأثم باستدامة المغصوب تحت يده لحيلولته بينه وبين مالكه. فلا تصح توبة الغاصب بدون الرد الذي هو أحد شروط التوبة الثلاثة التي هي: (1) الندم على ما فات. (2) والعزم على أن لا يعود إلى المعصية. (3) والإقلاع بالحال. وإن كان الحق لآدمي فيشترط: (4) الرد للحق إذ توبته مع بقائه تحت يده وجودها كعدمها. ولو ألقى نحو ريح أو طائر ثوب غيره بداره لزم حفظه؛ لأنه أمانة بيده إلى أن يرده إلى ربه، فإن عرف رب الدار صاحب الثوب أعلمه به فورًا من غير تأخير وإن لم يعلمه فورًا وتلف الثوب ضمنه رب الدار إن مضى زمن يتمكن فيه من إعلامه؛ لأنه لم يستحفظه والذي تميل إليه نفسي أنه يستحب لمن أطارت الريح إلى داره ثوبًا أن يحفظه وأنه لا يضمنه إذا أخره ولا حصل منه تعد ولم يغصبه ولم يستعره فلماذا يوجب عليه الضمان؟ والله سبحانه أعلم. فإن لم يعرف رب الدار صاحب الثوب فهو لقطة تجري فيه أحكامها

على ما يأتي في أحكام اللقطة. وكذا حكم طائر ألقته ريح أو طفل أو مجنون بداره وهو غير ممتنع كمقصوص الجناح لا يقدر على الفرار من قاصده. وإن دخل طير مملوك برجه فأغلق عليه الباب ناويًا إمساكه لنفسه ضمنه؛ لتعديه وإن لم يغلق عليه أو أغلقه غير ناو إمساكه لنفسه بأن لم يعلم به أو نوى إمساكه لربه، فلا ضمان عليه؛ لعدم تعديه وهو في الأخير محسن؛ لكن عليه إعلامه فورًا. من النظم فيما يتعلق وما كان محظور الصناعة مهدر وما صيغ من نقدين قوم بمفرد وأعط ذوي الأموال عرضًا بقدره وكن ذا احتراز عن ربا عند معقد كان إن تشا خذ منه أن يجن غيره ورد عليه الأرش من مال معتد وإن تشأ خذ مما جنى أرش فعله ومن غاصب خذ باقي النقص ترشد وخذ قيمة من غاصب غير قادر على رد مغصوب فإن رد فاردد وإن يغتصب شيء فاحتيج واحد فنقص قدر السالم المتخلد فإن عليه رد باق لقيمة الفقيد وأرش النقص في المتجود

ومن يغتصب ثوبًا فيبليه نقصه خذ الأرش واطلب أجرة اللبس تسعد ولو بسوى استعماله كان نقصه فخذها إلى أن رد أو هلكه قد وأجرة ما لم تستطع رده إلى وفا الغرم بل حتى الهلاك بمبعد وحكمي فعل الغاصب أحكم بلغوه كفعل عبادات وعقد بأوكد وعنه ليمض الثالث أن يرضى مالك ومن قال بالتفصيل لما أبعد وأن يشتري بالمال فالربح كله لمالكه والإثم حظ المعربد كذلك أن يتبع بنية نقده فينقده بعد العقد في المتأكد وفي قدر مغصوب ووصف وقيمة وهلك مقال الغاصب أقبله وأعضد وفي رده والعيب خذ قول ربه إذا اختلفا في ذاك مع فقد شهد فإن قال مولى العبد قد كان كاتبًا فقال بل أميًا إلى قوله أعدد وغاصبه إن قال قد كان سارقًا فكذبه المولى لمولاه قلد وأن يختلف في كسوة العبد مالك وغاصبه للغاصب القول مهد

س11: تكلم بوضوح عما يلي: من أتلف مالا محترما لغيره، من أكره على إتلاف مال نفسه، أو أتلف غير محترم، من دفع ماله لغير رشيد، من أتلف مال ولده، من فتح قفصا عن طائر أو حل قيدا أو وكاء أو دفع لأسير أو قن مبردا فبرد القيد وفات أو حل فرسا أو سفينة أو بهيمة ففات ذلك أو أتلف ما أفلت شيئا أو بقي بعد حله فألقته ريح أو أذابته شمس، أو دفع مفتاحا للص، أو حبس مالك الدواب فهلكت الدواب من حبس عن طعامه فاحترق إذا بقي الطائر الذي فتح قفصه واقفا ونفره آخر إذا أزال إنسان يد آخر عن عبد أو حيوان فهرب أو غصب دابة فتبعها ولدها فأكله ذئب أو نحوه أو فتح بابا فسرق البيت أو ضرب يد إنسان فسقط ما في يده أو أغرى ظالما أو ربط دابة بطريق،

وأن تجهل المغصوب تصدقن به عنه مضمونًا كلقطة منشد ورد إلى الحكام يبرأ مطلقًا وإن يتصدق اسقطن إثمه قد ومبهم حل النقد مع حظر ثلثه بردك قدر الحظر حل المنكد وإن غير المحظور ثلثًا فكله اجتنبه وقيل الحكم فيه كما ابتدي (11) من أتلف شيئًا أو أزال مانعًا فتلف أو تلف ما أزيل عنه شيئًا أو نفر صيدًا أو غرى ظالمًا أو ربط دابة بطريق أو فتح بابًا أو نحوه إلخ س11: تكلم بوضوح عما يلي: من أتلف مالاً محترمًا لغيره، من أكره على إتلاف مال نفسه، أو أتلف غير محترم، من دفع ماله لغير رشيد، من أتلف مال ولده، من فتح قفصًا عن طائر أو حل قيدًا أو وكاء أو دفع لأسير أو قن مبردًا فبرد القيد وفات أو حل فرسًا أو سفينة أو بهيمة ففات ذلك أو أتلف ما أفلت شيئًا أو بقي بعد حله فألقته ريح أو أذابته شمس، أو دفع مفتاحًا للص، أو حبس مالك الدواب فهلكت الدواب من حبس عن طعامه فاحترق إذا بقي الطائر الذي فتح قفصه واقفًا ونفره آخر إذا أزال إنسان يد آخر عن عبد أو حيوان فهرب أو غصب دابة فتبعها ولدها فأكله ذئب أو نحوه أو فتح بابًا فسرق البيت أو ضرب يد إنسان فسقط ما في يده أو أغرى ظالمًا أو ربط دابة بطريق،

واذكر الأدلة والتعاليل والقيود والمحترزات والتفاصيل والأمثلة والخلاف والترجيح. ج: من أتلف من مكلف أو غيره ولو كان الإتلاف سهوًا أو خطأ مالاً محترمًا لغير المتلف ولم يأذن ربه في إتلافه ولم يدفع إلى المتلف ومثله يضمنه لإتلافه له؛ لأنه فوته عليه فوجب عليه ضمانه كما لو غصبه فتلف عنده. واحترز بالمال عن السرجين النجس والكلب ونحوهما وبالمحترم عن الصليب وآلات اللهو كالمزمار والتلفزيون والسينما والراديو والبكم والصور والدخان والطنبور ونحوها وبقول لغيره مال نفسه وبقول ومثله يضمنه ما يتلفه أهل العدل من مال أهل البغي وقت حرب وعكسه وعما يتلفه المسلم من مال الحربي والحربي من مال المسلم وعما يتلفه الصغير. وبقوله بلا إذن ربه عما أذن مالكه المطلق التصرف في إتلافه، فإن المتلف حينئذ يكون وكيلاً عن ملكه في الإتلاف وبقوله ومثله يضمنه عما يتلفه أهل العدل من مال أهل البغي وعكسه حال الحرب وعما يتلفه المسلم من مال الحربي، والحربي من مال المسلم وعما يتلفه الصغير والمجنون من مال من دفعه إليهما مالكه وعما يتلفه الآدمي من مال ولده وما يتلفه دفعًا عن نفسه كما لو صال عليه رقيق أو بهيمة لمعصوم. وإن أكره إنسان على مال غيره المضمون فمكرهه يضمنه ولو أكره على إتلاف مال نفسه ضمنه المكره كإكراهه على دفع الوديعة إلى غير ربها؛ لأن الإتلاف من المكره، وأما المكره فهو كالآلة بخلاف قتل لم يختره فيضمنه لمباشرته ما فيه إبقاء نفسه وبخلاف مضطر فإنه يأتي ما اضطر إليه باختياره ويضمن؛ لأن المضطر لم يلجئه إلى الإتلاف من يحال الضمان عليه.

ولا يضمن ما أتلفه إن كان غير مال ككلب ولو لماشية أو صيد أو أتلف مال نفسه باختياره أو أتلف مالاً بإذن مالكه الرشيد فلا يضمنه؛ لأنه وكيله في الإتلاف أو أتلف غير محترم كصائل عليه دفعًا عن نفسه ولو آدميًا ويأتي إن شاء الله تعالى. وكذا لا يضمن ما أتلف قن مرتد قبل توبته حيث قبلت أو حال قطعه الطريق مال حربي أو آلة لهو كالصليب والمزمار والبكم ونحو ذلك؛ لأنها غير محترمة ولا يضمنه مثله كمتلف حال قتال بغاة؛ لأن قتالهم مأذون فيه شرعًا أو دفع ماله لغير رشيد فلا يضمن في هذه الصور كلها ولا يضمن ما أتلفه أب من مال ابن بمعنى أنه ليس له مطالبة أبيه حال حياته فأما بعد الموت فإنه يأخذه من تركته. ومن فتح قفصًا عن طائر مملوك محترم ففات أو أتلف بعد فتح القفص شيئًا ضمنه أو فتح إصطبل حيوان وهو موقف الحيوان وهو أعجمي تكلمت به العرب وهمزته أصلية. أو حل قيد قن أو أسير أو دفع للقن أو الأسير مبردًا فبرد القيد وانطلق وفات أو أتلف بعد ما فات شيئًا ضمنه أو حل فرسًا مربوطًا أو سفينة أو بهيمة غير ضارية ليلاً لا نهارًا إذ على أرباب الأموال حفظها من الدواب بالنهار ففات بأن ذهب الطائر من القفص أو دخل إليه حيوان فقتله أو هرب القن أو الأسير أو شردت الفرس أو الجمل أو نحوهما وغرقت السفينة لعصوف ريح أو غير ذلك أو عقر أو جرح شيئًا من ذلك بسبب إطلاقه بأن كان الطائر جارحًا فقلع عين حيوان أو حل سلسلة فهد أو أسد فقتل أو عفر ضمن الفاتح والحال للقيد ودافع المبرد لتسببه في الضياع أو التلف أو الجرح أو كسر إناء أو قتل إنسانًا ونحوه أو أتلف مالاً أو أتلفت الدابة التي حلها زرعًا أو غيره أو انحدرت السفينة التي حلها أو السيارة التي أدار

المفتاح المحرك لها للمشي، ويقال له: (سوتش Switch) وكذلك الدراجة النارية على شيء فأتلفته ونحوه ضمنه؛ لأن المباشرة إنما حصلت ممن لا يمكن إحالة الحكم عليه كما لو نفر طائرًا أو أهاج دابة وأشلى كلبًا على صيد فقتله أو أطلق نارًا في متاع إنسان فإن للنار فعلاً لكن لما لم يمكن إحالة الحكم عليها كان وجوده كعدمه، ولأن الطائر وسائر الصيد من طبعه النفور وإنما يبقى على طبعه فإذا أزيل المانع ذهب لطبعه فكان الضمان على من أزال المانع كمن قطع علاقة قنديل أو لمبة أو أطلق زجاجة أو نحوها فانكسرت وهكذا حل قيد العبد أو الأسير، قال في «الفنون» : إلا ما كان من الطيور يألف الرواح ويعتاد العود فلا ضمان في إطلاقه ويضمن من حل وكاء وهو الحبل الذي يربط به نحو قربة وسواء كان ما حل وكاؤه مائعًا أو جامدًا فأذابته الشمس فاندفق بخلاف ما لو أذابته نار قربها إليها غير أو بقي الزق بعد فكه منتصبًا فألقته ريح أو ألقاه نحوه طير كحيوان أو زلزلة فاندفق فخرج ما فيه كله في الحال أو خرج قليلاً قليلاً أو خرج منه شيء بل أسفله فسقط فاندفق أو ثقل أحد جانبيه بعد حل وكائه فلم يزل يميل قليلاً قليلاً حتى سقط أو هتك حرزًا فسرق اللص الذي داخل الحرز ضمنه لتسببه في ذلك التلف سواء تعقب ذلك فعله أو تراخى عنه فالقرار على السارق ولا يضمن دافع مفتاح للص ما سرقه اللص من المال لمباشرته للسرقة فاللص أولى بإحالة الحكم عليه من المتسبب؛ لأن القاعد أنه إذا اجتمع مباشر ومتسبب فالضمان على المباشر. ولا يضمن حابس مالك دواب تلفت بسبب حبسه، قال في «المبدع» : ينبغي أن يفرق بين الحبس بحق أو غيره، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ويضمن الغاصب لو حبس إنسانًا عن طعامه بعد جعله على النار أو بعد

وضع خبزه في التنور فاحترق الطعام أو الخبز بسبب منعه، ولو بقي الطائر الذي فتح قفصه واقفًا أو بقيت الفرس التي حل ربطها واقفة حتى نفرها إنسان آخر قاصدًا تنفيرها ضمن المنفر؛ لأن سببه أخص فاختص الضمان به كدافع الواقع في البئر مع حافرها، وكذا لو حل إنسان حيوانًا وحرضه آخر فجنى فضمان جنايته على المحرض. ولا يضمن المار إن نفر بسبب مروره حيث لا صنع له في التنفير وإن طار الطائر الذي فتح قفصه ووقف على جدار أو شجرة أو نحوهما فنفره آخر فطار لم يضمنه المنفر؛ لأن تنفيره لم يكن سببًا لفواته؛ فإنه كان ممتنعًا قبل ذلك وإن رماه إنسان فقتله ضمن الرامي ولو كان في داره أو في هواء دار غيره ضمنه؛ لأنه لا يمكن منع الطائر من الهواء، وإن سقط طائر غيره في داره لم يلزم رب الدار حفظه ولا إعلام صاحبه؛ لأنه لم يزل ممتنعًا، فإن كان غير ممتنع فكالثوب فيما سبق إذا ألقته الريح أو طائر أو نحوه في آخر جواب سؤال (9) ، وإن دخل برجه فأغلق عليه ناويًا إمساكه لنفسه ضمنه لتعديه، وإلا فلا ضمان عليه لعدم تعديه، ولو غصب فرسًا أو حمارة فتبعها ولدها فأكله ذئب ضمنه لتسببه في ذلك، وقد ألغز بعضهم بذلك وفي غيره، فقال: وغاصب شيء كيف يضمن غيره وليس له فعل بما يتغير وغاصب نهر هل له منه شربه وهل ثم نهر طاهر لا مطهر البيت الأول واضح، وأما الثاني: فالجواب على قوله هل له منه شربة؟ ج- إن حوّل النهر عن موضعه كره شربه لظهور أثر الغصب بالتحويل، وكذا يكره الوضوء وإن لم يحوله فلا لثبوت حق كل أحد فيهما، والجواب عن

الشطر الثاني أنه الفرس السريع، فإنه يسمى نهرًا وبحرًا، قال - صلى الله عليه وسلم - في فرس أبي طلحة: «وإن وجدناه لبحرًا» ، والله سبحانه أعلم. ولو أزال إنسان يد آخر عن عبد أو حيوان فهرس إذا كان الحيوان مما يذهب بزوال اليد عنه كالطير والبهائم الوحشية والبعير الشارد والعبد الآبق فيضمنه من أزال يد مالكه عند تسببه في فواته، وكذا لو أزال يده الحافظة لمتاعه حتى نهبه الناس أو أفسدته الدواب أو النار أو أفسده الماء فيضمنه. وإن فتح بابًا تعديًا فيجيء غيره فينهب المال أو يسرقه أو يفسده بحرق أو غرق فلرب المال تضمين فاتح الباب لتسببه في الإضاعة والقرار على الآخذ لمباشرته فإن ضمنه المالك لم يرجع على أحد وإن ضمن الفاتح رجع على الآخذ. وإن ضرب إنسان آخر فوقع من يده جنيه أو ريال أو دينار فضاع ضمنه الضارب لتسببه في الإضاعة، وكذا لو ضربه فسقطت غترته أو عمامته أو ساعته أو نظاراته فتلفت لوقوعها في نار أو بئر أو نحو ذلك أو سقطت في زحام بسبب هزه ونحوه فضاعت ضمنها الذي سقطت بفعله لتعديه. قال في «شرح الإقناع» : قلت: فإن وقعت في نحو قدر ينقصها فعليه أرش النقص وإن رفد جدار بيته أو أسند عمودًا أو نحوه بجداره المائل ليمنعه من السقوط فأزال العمود أو نحوه آخر تعديًا فسقط الجدار أو السقف المرفود بالحال أي من حين أزال العمود ونحوه ضمن المزيل للعمود ونحوه لتعديه برفعه ما لزم الجدار ونحوه. وإن حل إنسان رباط دابة عقور وجنت بعد حلها أو فتح اصطبلها ونحوه ضمن الحال ونحوه بجنايتها؛ لأنه السبب فيها كما لو حل سلسلة

فهد أو ساجور كلب فعقر، فالضمان على الحال لتسببه والساجور خشبة تجعل في عنق الكلب، ولو فتح إنسانًا بثقًا وهو الجسر الذي يحبس الماء فأفسد بمائه زرعًا أو أفسد بنيانًا أو غراسًا ضمن فاتح البثق ما تلف بسببه، قال في «شرح الإقناع» : قلت: وعلى قياسه لو فات ربه ري شيء من الأراضي فيضمن. ويضمن مغرمًا أخذه ظالم بإغرائه ودلالته لتسببه فيه. والمغري هو من يقول للحكم خذ من مال فلان كذا أو يأتي بكلام يكون سببًا لأخذ الظالم. والدال هو الذي يقول له ماله في موضع كذا؛ لأنه يصدق عليه أنه تسبب في ظلمه فهو كالذي بعده. ويضمن كاذب ما غرم مكذوب عليه عند ولي الأمر بسبب كذبه؛ لأنه تسبب في ظلمه وله الرجوع على الآخذ منه؛ لأنه المباشر ومثله من شكى إنسانًا ظلمًا فأغرمه شيئًا لحاكم سياسي كما أفتى به الشهاب بن النجار. ومن ربط دابة في طريق أو أوقف دابة بطريق أو ترك بالطريق طينًا أو خشبة أو عمودًا أو حجرًا، أو أسند خشبة إلى حائط أو وضع كيس دراهم أو صندوقًا أو رش السوق أو أوقف سيارة أو ألقى فيها قشر موز أو بطيخ أو أوقف دبابًا أو سيكلاً أو عربية ضمن ما تلف بسبب ذلك الفعل لتعديه بوضعه في طريق المسلمين. وعن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - مرفوعًا: «من أوقف دابة في سبيل المسلمين أو في سوق من أسواقهم فأوطأت بيد أو رجل فهو ضامن» رواه الدارقطني، ولأن طبع الدابة الجناية بفمها أو رجلها فإيقافها في الطريق كوضع الحجر ونصب السكين فيه ووضع براميل القز أو القاز أو البانزين

في السوق فيضمن ما تلف بسبب ذلك الفعل لتعديه. ومن اقتنى كلبًا عقورًا بأن يكون له عادة بالعقر أو اقتنى كلبًا لا يقتنى بأن اقتنى كلبًا لا لحرث ولا لماشية ولا لصيد أو اقتنى كلبًا أسود بهيمًا بأن لا يكون فيه لون غير السواد ولو كان اقتناؤه لصيد أو ماشية أو حرث أو اقتنى أسدًا أو نمرًا أو ذئبًا أو هرًا تأكل الطيور وتقلب القدور عادة مع علمه بحالها فعقرت أو خرقت ثوبًا بمنزله ضمنها مقتنيها؛ لأنه تعد باقتنائه إذًا فإن لم يكن للهر عادة بذلك كالكلب الذي ليس بعقور إذا اقتناه لنحو صيد ولم يكن أسود بهيمًا فإن صاحبه لا يضمن جنايته. ومن اقتنى نحو دب وقرد أو أسد أو صقر أو باز أو كبش معلم للنطاح فعقر أو خرق ثوبًا أو جرح أو أتلف شيئًا ضمنه لتعديه باقتنائه ولا فرق في ضمان إتلاف ما لا يجوز إقتناؤه مما تقدم بين إتلاف الليل والنهار؛ لأنه للعدوان بخلاف البهائم من إبل وبقر وغنم ونحوها إلا أن يخرق ثوب من دخل منزل ربه بلا إذنه أو دخل بإذنه ونبهه رب المنزل بأن الكلب ونحوه عقور أو أن حبله المربوط به غير موثوق به لرداءة ربطه أو لضعف الحبل فلا يضمن رب المنزل؛ لأنه دخل في الأولى بغير إذنه فهو المتعدي بالدخول. وإن كان بإذن رب المنزل ونبهه على أنه عقور أو غير موثوق فقد أدخل الضرر على نفسه على بصيرة. ويلزم رب المنزل تنبيهه قبل رؤية الحيوان للداخل وإعلامه بأن الحيوان مفترس؛ ليكون متيقظًا لدفعه عن نفسه. ولو حصل عنده نحو كلب عقور وكقرد أو ذئب أو سنور ضار من غير اقتناء واختيار فأفسد بغير ما ذكر من عقر وخرق ثوب بأن أفسد ببول أو ولوغ أو تنجيس في إناء أو ثوب أو نحو ذلك؛ لأن هذا لا يختص بالكلب

العقور لم يضمن؛ لأنه لم يحصل الإفساد بسببه. ويجوز قتل هر يأكل لحم كالفواسق، وقيل: له قتلها إذا لم تندفع إلا بالقتل كالصائل، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه أعلم. ومن أجج نارًا بأن أوقدها حتى صارت تلتهب عادة بلا إفراط ولا تفريط بحيث لا تسري في العادة وتأجيجه إياها في داره أو على سطحه ولو كان ملكه لمنفعة الدار كملكه منفعتها بإجارة أو إعارة فتعدى ذلك إلى ملك غيره فأتلفه لم يضمن الفاعل؛ لأن ذلك ليس من فعله ولا من تعديه ولا من تفريطه، وكذا لو مر في الطريق العامة ومعه نار يحملها إلى أرضه وداره فهبت بها الريح غير متعد وهو محق في مروره في الطريق؛ لأن له حقًا في المرور بخلاف الطريق الخاص أو سقى مواتًا أو ملكه فتعدى ذلك السقي لملك غيره لم يضمن؛ لأنه لم يتعد ولم يفرط. ولو سرى ما أججه من النار بملكه بطيران ريح إلى ملك غيره فأتلفه لم يضمن إذا كان التأجج جرت به العادة بلا إفراط ولا تفريط فإن أفرط بكثرة بأن أجج نارًا تسري عادة لكثرتها أو فتح ماء كثيرًا يتعدى مثله أو فرط بنحو نوم كإهمال بأن ترك النار مؤججة والماء مفتوحًا ونام عن ذلك أو أهمله ضمن لتعديه أو تقصيره، كما لو باشر إتلافه أو فرط بأن أججها وقت ريح شديدة تحملها إلى ملك غيره ضمن لتعديه، وكذا لو أججها فرب زرب: وهو المدخل، وموضع الغنم أو أججها قرب حصيد أو أقد نارًا بمكان غصب ضمن مطلقًا سواء فرط أو أسرف أو لا. وكذا يضمن إن أبيست النار التي أوقدها ولو في ملكه شجرة غيره؛ لأن ذلك لا يكون إلا من نار كثيرة إلا أن تكون الأغصان في هوائه

س12: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: من بنى دكة أو نحوها أو حفر بئرا أو فتحها أو بنى في السابلة الواسعة نحو مسجد أو بنى جسرا أو قلع حجرا يضر بالمارة من المسلمين أو فعل ما فيه نفع أو أمر حرا بحفر بئر أو أمر سلطان بحفرها أو بسط بمسجد حصيرا أو بساطا أو علق قنديلا أو وضع في المسجد خزائن أو جلس في المسجد فعثر به إنسان أو أخرج جناحا أو ميزابا أو ساباطا أو بنى حائطه مائلا، أو أحدث في ملكه بركة أو بالوعة أو مستحما فزل إلى جدار جاره. واذكر التفاصيل والقيود والمحترزات والأدلة والتعاليل والخلاف والترجيح.

فلا يضمن؛ لأنه لا يمنع من التصرف في ملكه، ولكن الأولى بل يتأكد في حقه أن يأمره بلي الأغصان عن هواء داره فإن نبهه فلم يمتثل فلا ضمان. وإن أجج نارًا في السطح، ولم يكن له سترة وبقربه زرع ونحوه، والريح هابة ضمن. وإن منع من ذلك لأذى جاره ضمن وإن لم يسرف، وإن اقتنى حمامًا أو غيره من الطير فأرسله نهارًا فلقط حبًا لم يضمنه؛ لأن العادة إرساله. (12) من بنى في الطريق أو أخرج إليها جناحًا أو نحوه أو وضع في المسجد شيئًا إلخ س12: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: من بنى دكة أو نحوها أو حفر بئرًا أو فتحها أو بنى في السابلة الواسعة نحو مسجد أو بنى جسرًا أو قلع حجرًا يضر بالمارة من المسلمين أو فعل ما فيه نفع أو أمر حرًا بحفر بئر أو أمر سلطان بحفرها أو بسط بمسجد حصيرًا أو بساطًا أو علق قنديلاً أو وضع في المسجد خزائن أو جلس في المسجد فعثر به إنسان أو أخرج جناحًا أو ميزابًا أو ساباطًا أو بنى حائطه مائلاً، أو أحدث في ملكه بركة أو بالوعة أو مستحمًا فزل إلى جدار جاره. واذكر التفاصيل والقيود والمحترزات والأدلة والتعاليل والخلاف والترجيح. ج: من بنى دكة وهي المبنية للجلوس عليها أو حفر بنفسه أو حفر أجيره أو حفر قنه أو ولده بأمره بئرًا لنفسه ليختص بنفعها في فنائه وهو ما كان خارج الدار قريبًا منها سواء حفر أو بنى بإذن الإمام أو بغير إذنه وسواء حفر البئر في حده نصفها ونصفها في فنائه ضمن ما تلف

بالبئر، وقال أصحاب الشافعي: وإن حفرها بإذن الإمام لم يضمن، وقال بعض الأصحاب: له حفرها لنفسه بإذن الإمام فعليه لا ضمان؛ لأن للإمام أن يأذن فيما لا ضرر فيه وجوابه بأنه حفر في مكان مشترك بغير إذن أهله لغير مصلحتهم فضمن ولا نسلم أن للإمام الإذن فيه فدل على أنه لا يجوز لوكيل بيت المال وغيره بيع شيء من طريق المسلمين النافذ وأنه ليس للحاكم الحكم بصحته، وقاله الشيخ تقي الدين، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله أعلم. وكذا الدكة؛ لأنه تلف حصل بسبب تعديه ببنائه أو حفره في مكان مشترك بغير إذن أهله لغير مصلحتهم فأشبه ما لو نصب في فنائه سكينًا فتلف بها شيء كحفر أجيره الحر بئرًا في فنائه فيضمن الأجير الحافر ما تلف بها سواء حفرها بأجرة أو لا؛ لأنه هو المتعدي، ومحل ذلك أن علم الأجير الحال بأنها ليست ملك الآذن إذ الأفنية ليست بملك؛ ولهذا قال القاضي: لو باع الأرض بفنائها لم يصح البيع؛ لأن الفناء ليس بملك، بل مرفق وإن جهل الحافر أنها في ملك الغير فالضمان على الآمر لتقريره الحافر، وكذا لو جهل الباني فلو ادعى الآمر علم الحافر والباني وأنكر الحافر والباني فقولهما؛ لأن الأصل عدمه. ولا يضمن من حفر بئرًا في موات لتملك أو ارتفاق لنفسه أو حفر بئرًا بملكه إذ للإنسان التصرف في ملكه كيف شاء وإن حفر في طريق واسعة لنفع عام لم يضمن؛ لأنه مأذون فيه شرعًا كما لو حفرها ليجمع فيها ماء المطر أو لينبع منها الماء ليشرب المارة فلا يضمن؛ لأنه محسن، قال الله تعالى: {مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ} ولو لم يجعل عليها حاجزًا لتعلم به فتتوقى، وفي «الغاية وشرحها» .

ولا يضمن من حفر بئرًا في موات ونحوها ولو لم يجعل عليها حاجز، ولا يضمن من لم يسد بئره سدًا يمنع الضرر. اهـ. وقال الشيخ تقي الدين - رحمه الله -: يضمن ما تلف بها، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله أعلم. وما فتحه وأعاده الإنسان من الآبار القديمة يكون فتحه لها بمنزلة إحداثها ضررًا ونفعًا فلو فعله بملكه لا يضمن ما تلف بسببه؛ لأنه مأذون فيه شرعًا، ولو كان فتحه لها بغير ملكه يضمن لتعديه ويلزمه سدها سدًا بحيث يمنع الضرر بالمارة. وإن بنى في السابلة الواسعة نحو مسجد أو مدرسة بلا ضرر بالمارة بإحداث ذلك، ولو فعله بلا إذن لم يضمن ما تلف بذلك؛ لأنه محسن، قال الشيخ تقي الدين: حكما ما بنى وقفًا على المسجد في هذه الأمكنة حكم بناء المسجد، وقيل: لا يضمن إن كان بإذن الإمام وإلا ضمن. وقال بعض الأصحاب: ينبغي أن يتقيد سقوط الضمان عنه فيما إذا حفرها في موضع مائل عن القارعة بشرط أن يجعل عليه حاجزًا يعلم به ليتوقى، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه أعلم. ومن بنى جسرًا وهو القنطرة ليمر عليه الناس وكذا فعل ما تدعو الحاجة إليه لنفع الطريق وإصلاحها كإزالة الماء والطين عنها وتنقيتها مما يضر فيها كقشر بطيخ أو موز ووضع حجر أو خشب ليطأ عليه الناس وحفر هدف وهو ما ارتفع وعلا في الطريق بحيث أنه بعد إزالتها يتساوى وتصير كغيرها، وكذا قلع حجر في الأرض يضر بالمارة ووضع الحصاء في حفر الأرض ليملأها وتسقيف ساقية فيها، فهذا كله مباح لا يضمن ما تلف به؛ لأنه إحسان ومعروف، قال الله تعالى: {مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ} .

وإن فعل ما فيه نفع عام كان حفر بئرًا أو بنى مسجدًا أو خانًا وهو الحانوت ونحوه في الطريق فتلف فيه شيء لم يضمن. وإن فعل شيئًا لنفع خاص بنفسه أو كان يضر بالمارة كأن حفر البئر في القارعة أو بطريق ضيقة، فإنه يضمن ما تلف بها سواء فعله لمصلحة عامة أو لا بإذن الإمام أو لا لما فيه من الضرر. ونقل المروذي حكم هذه المساجد التي بنيت في الطريق تهدم، وسأل محمد بن يحيى الكحال: يزيد في المسجد من الطريق، قال: لا يصلى فيه. ونقل حنبل أنه: سُئل عن المساجد على الأنهار؟ قال: أخشى أن يكون من الطريق، وسأله ابن أهيم عن ساباط فوقه مسجدًا أيصلى فيه؟ قال: لا يصلى فيه إذا كان من الطريق. ومن أمر حرًا بحفر بئر أو بناء بملك غير الآمر بأجرة أو لا فحفر المأمور وتلف بها شيء ضمن ما تلف به حافر علم بذلك وضمن بأن علم أن الأرض ملك لغير الآمر. ويحلف الحافر والباني إن أنكر العلم بأنه ملك غير الآمر وادعى الآمر وعلمه؛ لأن الأصل عدمه وإن لم يعلم حافر بذلك أو كان المأمور قن الآمر فآمر يضمن ما تلف لتغريره. ويضمن سلطان آمر بحفر بئر أو بناء في ملك غيره دون حافر وبان، وسواء علم أن الأرض ملك لغير السلطان أو لا؛ لأنه لا تسعه مخالفته أشبه ما لو أكره عليه، ومن بسط بمسجد ونحوه حصيرًا أو بادية أو مدة أو بساطًا أو زولية أو علق فيه أو أوقد فيه قنديلاً، قلت: ومثل ذلك الكهرب لو علق مروحة أو لمبة أو نجفًا أو كنديشة أو ثلاجة أو نصب رفًا أو بابًا؛ لنفع المسلمين لم يضمن ما تلف به.

ومن جلس من المسجد أن إضطجع فيه أو قام فيه مسلم فعثر به حيوان فتلف أو نقص لم يضمن نقصه ولا تلفه أو أقام في طريق واسع فعثر به حيوان فتلف أو نقص لم يضمن؛ لأنه فعل مباحًا لم يتعد به على أحد في مكان له فيه حق أشبه ما لو فعل بملكه ويضمن إن جلس أو اضطجع أو أقام في طريق ضيق لإضراره بالمارة. وإن أخرج جناحًا وهو الروشن أو أخرج برندة (بلكونة Balcony) أو أخرج ميزابًا كساباط أو أبرز حجرًا في البنيان إلى طريق نافذ بلا إذن الإمام أو نائبه في ذلك بلا ضرر إذ ليس للإمام أن يأذن بما فيه ضرر أو أخرج ما ذكر في درب غير نافذ بغير إذن أهله فسقط على شيء فأتلفه ضمنه المخرج لحصول التلف بما أخرج إلى هواء الطريق أشبه ما لو بنى حائطًا مائلاً إلى طريق أو أقام خشبة في ملكه مائلة إلى الطريق فأتلف شيئًا. قال ع ن: ومقتضى ما تقدم في حفر البئر أن نحو الجناح من ضمان الباني أي الأجير إذا كان حرًا وانظر هل يفرق بين العالم التحريم أم لا؟ انتهى. ولو كان التلف بعد بيع وقد طولب البائع بنقضه قبل البيع ولم يفعل لحصول التلف بفعله وهو إخراجه ما تقدم إلى هواء الطريق. وإن سقط بعد البيع ولم يكن طولب بنقضه قبل البيع لا ضمان عليه ولا على المشتري؛ لأنه لم يطالب بنقضه، وكذلك إن وهبه وأقبضه قبل الطلب ثم سقط فأتلف شيئًا لم يضمنه الواهب؛ لأنه ليس ملكه ولا الموهب له؛ لأنه لم يطالب، وكذا لو صالح به أو جعله صداقًا أو عوضًا في خلع أو طلاق أو عتق ومحل الضمان ما لم يأذن في الجناح والميزاب والساباط المخرج إلى الطريق إمام أو نائبه ولا ضرر على المارة بإخراجه فإن أذن فيه فأخرج فلا ضمان؛ لأن النافذ حق للمسلمين والإمام وكيلهم فإذنه كإذنهم. ومع وجوب الضمان والتالف آدمي فديته على عاقلة رب المخرج؛ لأنها

تحمل دية الخطأ وشبه العمد فإن أنكرت العاقلة كون المخرج لصاحبهم أو أنكروا مطالبته بنقضه حيث اعتبر أو أنكروا تلف الآدمي لم يلزمهم شيئ إلا أن يثبت بينة؛ لأن الأصل عدم الوجود. وإن مال حائطه لغير ملكه سواء كان مختصًا كهواء جاره أو مشتركًا كالطريق أو تشقق الحائط فكميله فلا ضمان إن لم يطالب بنقضه وأبى هدمه حتى أتلف شيئًا بسقوطه، وقيل: إن طولب بنقضه وأشهد عليه فلم يفعل ضمن واختاره جماعة، قال الموفق والشارح: والمطالبة من كل مسلم إن كان ميله إلى الطريق. وقال أبو حنيفة: الإستحسان أن يضمن؛ لأن الجواز للمسلمين وميل الحائط يمنعهم، والقول الثاني: وهو قول من يقول بالإشهاد عليه هو الذي تميل إليه النفس، والله أعلم. وإن بنى الحائط مائلاً لطريق ضمن ما تلف به، أو بناه مائلاً إلى ملك غيره بلا إذنه ضمن ما تلف به ولو لم يطالب بنقضه لتسببه بذلك، وإن بناه مائلاً إلى ملك غيره بإذنه أو مائلاً إلى ملك نفسه أو مال الحائط إلى ملك ربه لم يضمن ربه ما تلف به لعدم تعديه. وإن أحدث بركة أو كنيفًا أو صهروجًا أو بالوعة فنزل إلى جدار جاره فأوهاه وهدمه ضمنه؛ لأن هذه الأسباب تتعدى ذكره في الفصول والتلخيص قالا: وللجار منعه من النزول إلى جدار جاره، وقال أيضًا: الدق الذي يهدم الجدار مضمون السراية؛ لأنه عدوان محض. ومحترم الأموال إن تتلف أضمن لغيرك أن تجهل وأن تتعمد ويضمن أيضًا فاتح حبس طائر ومن فك قيد المال أن تتشرد

وإن يثنيا من بعد هذا فنفرًا فغرمهما أخصص بهذا المشرد ومن يرد مملوكًا من الطير في هوا جدرًا له أو فوقه يضمن الردي كفاتح وعا السيال أو جامد به فسال بما ليس أهل غرم بأجود ومن ربط العجماء في ضيق من الدروب ليضمن ما جنت لا تقيد وقولان بالإطلاق إن يك واسعًا كذابًا قتنًا كلب عقور بأجود وعنه إن جنى في داخل دون إذنه إلى داره لا غرم إذ هو معتدي كذا الحكم في هر يصيد الطيور لا إذا بال في شيء وولغ الذي ابتدي وأن يوقد الإنسان نارًا بملكه ويجري عليه ماؤه غير معتد فليس عليه غرم تاو لجار به مع سوى تفريطه والتزيد ويمنع من إنشا مضر بجاره ويضمن ما أردى بحفر مجدد ويضمن منشي ما يضر بملكه ومختصه في واسع لا تقيد وإن ينشه في واسع لانتفاعنا لا غرم حتى دون إذن بأوكد

ولا غرم في ملغى بموحل وأشباهه من نافع غير مفسد ومن يحتقرها في موات لنفعه ونفع الورى التضمين عن مثله ذد ولا غرم في شيء نوى في المجود بوضعك قنديلاً وبسطًا بمسجد ولا عائر في جالس وسط مسجد ولا في طريق واسع في المجود ويضمن في ذا واضع حجرًا به ومن قشر بطيخ وماء مبدد وما أتلف الميزاب في ملك غيره وروشنه يضمن بلا إذن ذي اليد وإن نحن جوزنا بإذن الإمام ما خلا عن أذى وجهين في العرف أسند وذو حائط قد مال في ملك غيره فيدعى لإصلاح بإشهاد شهد فضمنه أن يأتي فإن جاء ممكنًا وقيل وإن لم يدع وأعكس بأوحكد ولا يسقط التضمين تأجيل حاكم ولا مفرد من شركة متعدد وإن يبن ميالاً إلى ملك غيره فمتلفه ضمنه دون تردد والإتلاف في هذه الأمور من الخطأ فما ليس معقولاً ففي مال معتد

س13: تكلم بوضوح عما يلي من أحكام ومفردات: ما أتلفته البهائم الضارية والجوارح وشبهها، ماذا يجب على رب البهيمة المعروفة بالصول، إذا حاله الدابة بين المال ومالكه البهائم غير الضارية، ماذا على السائق والقائد والراكب إذا أتلف المركوب شيئا أو جنى على أحد، إذا تعدد الراكب إذا كانت البغال والإبل مقطرة، ما أفسدته البهائم بالليل أو بالنهار، إذا طرد الدابة من مزرعته ودخلت مزرعة غيره من صال عليه آدمي صغير أو كبير عاقل أو مجنون فقتله؟ واذكر ما يتصل بذلك من أحكام وشروط ومحترزات وتفاصيل وأدلة وتعليل وخلاف وترجيح.

ومن يدخل الإنسان حتى يضيفه فيسقط ببئر عنده لم يحدد ولم ير أما للعمى أو لسترها فضمنه ما لم ينذر المرء ترشد ومن يغتصب أرضًا فحظر دخولها على غير رب الأرض إن حوطت قد وإن لم تحوط جاز فيها دخوله وأخذ الكلا منها على نص أحمد (13) ما أتلفته البهائم الضارية وغير الضارية وما أتلفه المركوب عليه ... إلخ س13: تكلم بوضوح عما يلي من أحكام ومفردات: ما أتلفته البهائم الضارية والجوارح وشبهها، ماذا يجب على رب البهيمة المعروفة بالصول، إذا حاله الدابة بين المال ومالكه البهائم غير الضارية، ماذا على السائق والقائد والراكب إذا أتلف المركوب شيئًا أو جنى على أحد، إذا تعدد الراكب إذا كانت البغال والإبل مقطرة، ما أفسدته البهائم بالليل أو بالنهار، إذا طرد الدابة من مزرعته ودخلت مزرعة غيره من صال عليه آدمي صغير أو كبير عاقل أو مجنون فقتله؟ واذكر ما يتصل بذلك من أحكام وشروط ومحترزات وتفاصيل وأدلة وتعليل وخلاف وترجيح. ج: يضمن رب بهائم ضارية، والضارية: المفترسة المعتادة بالجناية، قال أبو الطيب: فما ينفع الأسد الحياء من الطوى ... ولا تتقى حتى تكون ضواريا

إذا كان عالمًا بضريانها أو أمر بإمساكها من لم يعلم بأنها ضارية فما أتلفته ضمنه. ويضمن رب جوارح وشبهها ما أتلفته من نفس ومال، قال في «الفصول» : من أطلق كلبًا عقورًا أو دابة رفوسًا، ويقال لها: رموحًا أو عضوضًا على الناس وخلاه في طريقهم ورحابهم ومصاطبهم فأتلف مالاً أو نفسًا ضمن لتفريطه. وكذا إن كان له طائر جارح كالصقر والبازي فأفسد طيور الناس وحيواناتهم، انتهى. قال في «الإنصاف» وهو الصواب. ومتى عرفت البهيمة أنها تصول أي تعدو وتثب على الناس وجب على مالكها وغيره إمساكها أن تمكن من غير أن يصيبه ضرر وإلا فيتلفها دفعًا لضررها وحيث جاز إتلافها فله أن يتلفها بالمعروف على أي وجه لا تعذيب فيه للحيوان؛ لحديث: «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة» . ولا يضمن البهيمة المعروفة بالصول إذا قتلت حال صولها؛ لأنها غير محترمة كمرتد وزان محصن، وإن حالت الدابة بين إنسان وبين ماله ولم تندفع بلا قتل قتلها، ولا شيء عليه ولو كانت مملوكة للغير؛ لأن قتلها دفعًا لشرها. ومن القواعد إن من أتلف شيئًا لدفع أذاه له لم يضمنه وإن أتلف لدفع أذاه به ضمنه فمن صال عليه جمل أو ثور وأتلفه المصول عليه لم يضمنه. وحيث جاز له قتلها إزالة لضررها بالحيلولة بينه وبين ماله فعليه أن يسمي عليها إن كانت مأكولة اللحم لئلا يضيعها على ربها فلو قتلها ولم يسمّ عليها سهوًا لا جهلاً بالحكم فلا شيء عليه؛ لسقوط التسمية بذلك، وإن ترك التسمية عمدًا ضمن لربها قيمتها مذكاة.

ولا يضمن رب بهائم غير معروفة بالصول وغير جوارح وشبهها ما أتلفته إن لم تكن يده عليها ولو كان ما أتلفته البهيمة بالحرم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «العجماء جرحها جبار» متفق عليه، أي هدر، فإن كانت ضاربة ضمن. ويضمن جناية دابة سواء كانت ضارية أو غير ضارية راكب وسائق وقائد للدابة مالكًا كان أو غاصبًا أو مستأجرًا أو مستعيرًا أو موصى له بنفعها أو مرتهنًا قادر على التصرف فيها؛ لأن العاجز عن التصرف وجوده كعدمه. ويشترط تكليف المتصرف القادر على التصرف. وما يضمنه جناية يدها وفمها وذنبها وولدها سواء جنى بيده أو فمه أو رجله أو ذنبه ولو لم يفرط؛ لحديث النعمان بن بشير مرفوعًا: «من أوقف دابة في سبيل من سبل المسلمين أو في سوق من أسواقهم فأوطأه بيد أو رجل فهو ضامن» رواه الدارقطني. ولأن فعل البهيمة منسوب إلى من بيده البهيمة إذا كان يمكنها حفظها. ولا يضمن ما نفحت برجلها ومعنى نفحت رمحت من غير سبب؛ لما روى سعيد مرفوعًا: «الرجل جبار» رواه أبو داود، وفي رواية أبي هريرة: «رجل العجماء جبار» فدل على وجوب الضمان في جناية غيرها، وخصص بالنفح دون الوطء؛ لأن من بيده الدابة يمكنه أن يجنبها وطء ما لا يريد أن تطأه بتصرفه فيها بخلاف نفحها فإنه لا يمكنه أن يمنعها منه، وحيث وجب الضمان وكان المجني عليه مما تحمله العاقلة فهي عليها. ومحل عدم الضمان ما نفحت برجلها ما لم يجذبها باللجام زيادة على العادة أو يضربها في وجهها فيضمن لتسببه في جنايتها ولو فعل ذلك لمصلحة تدعو إليه.

ولا يضمن الراكب ونحوه ممن بيده الدابة جناية ذنبها؛ لأنه لا يمكن التحفظ من جناية ذنبها ولا يضمن متصرف بدابة سقوط حملها إذا لم يفرط. ويضمن جنايتها مع سبب للجناية كنخس، ويقال: نغز وتنفير فاعل ذلك؛ لأنه المتسبب في جنايتها دون الراكب والسائق والقائد. فإن جنت البهيمة على من نفرها أو نخسها فأتلفته، فالجناية هدر؛ لأنه السبب في الجناية على نفسه. وإن تعدد راكب إثنان فأكثر فجنت جناية مضمونة ضمن الأول ما يضمنه المنفرد؛ لأنه المتصرف فيها والقادر على كفها عن الجناية إلا أن يكون الأول صغيرًا أو مريضًا أو أعمى أو مجنونًا، والثاني متولي تدبيرها، فعلى الثاني الضمان وحده لكونه المتصرف فيها. وإن اشترك الراكبان في التصرف في البهيمة اشتركا في ضمان جنايتها المضمون لاشتراكهما في التصرف، وكذا لو كان مع البهيمة قائد وسائق وجنت جناية تضمن، فالضمان عليها؛ لأن كلا منهما لو انفرد ضمن فإذا اجتمعا ضمنا. وإن كان مع القائد والسائق راكب أو كان مع أحدهما راكب شارك الراكب السائق والقائد أو أحدهما في ضمان جنايتها لاشتراكهم في التصرف؛ لأن كلا منهم لو انفرد مع الدابة انفرد بالضمان، فإذا اجتمع مع غيره منهم شاركه في الضمان. ولو اجتمع الثلاثة أو إثنان منهم وانفرد واحد منهم بالتصرف اختص بالضمان. وإبل وبغال وخيل مقطرة والتقطير أن تشد الإبل على نسق واحد خلف

واحد لواحدة على قائدها الضمان لما جنت كل واحدة من القطار؛ لأن الجميع إنما تسير بسير الأول وتقف بوقفه وتطأ بوطئه، وبذلك يمكنه حفظ الجميع عن الجناية. وإن كان مع القائد سائق شارك السائق القائد في ضمان الأخير فقط إن كان السائق في آخرها؛ لأنهما اشتركا في التصرف الأخير ولا يشارك السائق القائد فيما قبل الأخير؛ لأنه ليس سائقًا له ولا تابعًا لما يسوقه فانفرد به القائد وإن انفرد راكب على أول قطار ضمن جناية الجميع؛ لأنه في حكم القائد لما بعد المركوب والكل يسير بسيره وتطأ بوطئه فأمكن حفظه من الجناية. وإن ركب أو ساق غير الأول وانفرد ضمن جناية ما ركبه أو ساقه وما بعده لا ما قبل الذي باشر سوقه فيختص به القائد ولا يشارك فيه السائق؛ لأنه ليس سائقًا ولا تابعًا لما يسوقه. وإن انفرد راكب بالقطار وكان الراكب على أوله ضمن الراكب جناية الجميع؛ لأن ما بعد الراكب الأول إنما يسير بسيره ويطأ بوطئه فأمكن حفظه عن الجناية فضمن كالمقطور على ما تحته. ولو انفلتت دابة ممن هي بيده فأفسدت شيئًا فلا ضمان على أحد؛ لحديث: «العجماء جرحها جبار» فلو استقبلها إنسان فردها فقياس قول الأصحاب: الضمان، قاله الحارثي، ثم قال: ويحتمل عدم الضمان؛ لعموم الخبر، ولأن يده ليست عليها، قال: والبهيمة: النزفة التي لا تنضبط بكبح ولا نحوه، ليس له ركوبها بالأسواق، فإن ركب ضمن لتفريطه، وكذا الرموح والعضوض. اهـ. والكبح: الجذب، وكبح الدابة: جذب رأسها إليه، وفي حديث الإفاضة من

عرفات وهو يكبح راحلته، هو من ذلك، قال في «الغاية وشرحها» : ويتجه إن راد الدابة يضمن ما أتلفته إن ردها من عند نفسه لا إن ردها بأمر ربها، فإن ردها بأمر ربها ليمسكها فلا ضمان عليه؛ لأنه محسن، انتهى. {مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ} . ويضمن رب الدابة ومستعير ومؤجر ومودع ومرتهن وأجير لحفظها وموصى له بنفعها ما أفسدته من زرع وشجر وثوب خرقته أو أكلته أو مضغته أو وطئت عليه ونحوه ومحل ذلك إذا أفسدته ليلاً فقط؛ لحديث مالك عن الزهري عن حزام بن سعد عن محيصة: أن ناقة للبراء دخلت حائط قوم، فأفسدت فيه، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أن على أهل الحوائط حفظها النهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل فهو مضمون على أهلها» قال ابن عبد البر: هذا وإن كان مرسلاً فهو مشهور، وحدث به الأئمة الثقات، وتلقاه فقهاء الحجاز بالقبول، ولأن العادة من أهل المواشي إرسالها نهارًا للرعي وحفظها ليلاً وعادة أهل الحوائط حفظها نهارًا، فإذا أفسدت شيئًا ليلاً كان من ضمان من هي بيده. وإن فرط في حفظها بأن لم يضمها بحيث لا يمكنها الخروج، فإن ضمنها من هي بيد فأخرج غيره إذنه أو فتح عليها بابها فأتلفت شيئًا فعليه الضمان دون مالكها، ولا ضمان على من كانت بيده؛ لعدم تفريطه ولو كان ما أتلفته الدابة المعارة ونحوها ليلاً لربها ضمنه مستعير ومستأجر وإن لم يفرط ربها ونحوه بأن ضمها ليلاً بحيث لا يمكنها الخروج فأتلفت شيئًا فلا ضمان؛ لعدم تفريطه. ولا يضمن ربها ومستعيرها ونحوه ما أفسدته نهارًا؛ للحديث السابق إذا لم يكن يد أحد عليها وسواء فرط بأن أرسلها بقرب ما تفسده أو لا لعموم الحديث السابق إلا غاصبها فيضمن ما أفسدت نهارًا أيضًا لتعد بإمساكها

وإن كان على البهيمة يد كقائد ضمن صاحب اليد ما أفسدت. ولو ادعى صاحب زرع أن بهائم فلان رعت زرعه أو ادعى أنها أفسدت شجره ليلاً ووجد في الزرع أثر ولم يكن هناك بهائم لغيره قضي بالضمان على صاحب البهائم التي تفشت في الزرع ليلاً عملاً بالقرينة. قال الشيخ تقي الدين: هذا من القيافة في الأموال وجعل القيافة معتبرة في الأموال كالقيافة في الإنسان ومن طرد دابة من مزرعة له فدخلت مزرعة غيره فأفسدت لم يضمن ما أفسدته من مزرعة غيره إلا أن يدخلها مزرعة غيره، فإن اتصلت المزارع لم يطردها؛ لأن ذلك تسليط على زرع غيره والذي تميل إليه نفسي أن طردها عن مزرعته إذا لم يدخلها مزرعة غيره وليس ذلك بتسليط، بل لدفع الضرر عن ماله، والله سبحانه أعلم. ولو قدر أن يخرجها من زرعه وله منصرف يخرجها منه من محل غير المزارع فتركها تأكل من زرعه ليرجع على ربها فما أكلته هدر لا رجوع لربه به؛ لتقصيره بعدم صرفها. والحطب على الدابة إذا خرق ثوب آدمي بصير عاقل يجد موضعًا يتحول إليه فالخرق هدر لا يضمنه الحطاب لتقصير رب الثوب بعدم الإنحراف وقياسه لو جرحه ونحوه، وكالحطب حديد ونحوه، وكذا لو كان صاحب الثوب مستدبرًا فصاح حامل الحطب منبهًا له ووجد منحرفًا ولم ينحرف فخرق ثوبه فهدر وكالمستدبر الأعمى إذا صاحب عليه منبهًا له بالإنحراف لموضع يمكنه الإنحراف إليه ولم يفعل وإن لم يجد منحرفًا وهو مستقبل له ولم ينبهه وهو مستدبر ضمن من مع الدابة أرش خرق الثوب، وكذا لو جرحه ونحوه. ومن صال عليه آدمي صغير أو كبير عاقل أو مجنون أو غيره من البهائم

س14: إذا اصطدمت سفينتان فغرقتا، فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ وإذا خرق إنسان سفينة فغرقوا أو أشرفت سفينته على الغرق أو ألقى أحد الركاب متاعه ومتاع غيره، أو قتل صائلا عليه أو قتل خنزيرا أو أتلف آلة لهو أو صليب أو آلة تصوير أو مزمارا أو طنبورا أو عودا أو طبلا أو دفا بصنوج أو حلق أو أتلف نردا أو شطرنجا أو تلفزيونا أو سينما أو راديوا وهو المذياع أو أتلف بكما أو أتلف شيشة أو دخانا أو إناء فيه خمر أو كسر آنية ذهب أو فضة أو حليا محرما على ذكر أو نحو ذلك؟

والطيور فقتله المصول عليه دفعًا عن نفسه لم يضمن إن لم يندفع إلا بالقتل؛ لأن قتله لدفع شره فكأن الصائل قتل نفسه ولو دفع إنسان الصائل عن غيره غير ولد القاتل ونسائه كزوجته وأمه وأخته وعمته وخالته فدفعه بالقتل ضمنه. (14) مسائل تتعلق في اصطدام السفن وإتلاف آلات اللهو وقتل الصائل والاستعانة بالمخلوق والدعاء على الظالم س14: إذا اصطدمت سفينتان فغرقتا، فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ وإذا خرق إنسان سفينة فغرقوا أو أشرفت سفينته على الغرق أو ألقى أحد الركاب متاعه ومتاع غيره، أو قتل صائلاً عليه أو قتل خنزيرًا أو أتلف آلة لهو أو صليب أو آلة تصوير أو مزمارًا أو طنبورًا أو عودًا أو طبلاً أو دفًا بصنوج أو حلق أو أتلف نردًا أو شطرنجًا أو تلفزيونًا أو سينما أو راديوًا وهو المذياع أو أتلف بكمًا أو أتلف شيشة أو دخانًا أو إناء فيه خمر أو كسر آنية ذهب أو فضة أو حليًا محرمًا على ذكر أو نحو ذلك؟ ج: إذا اصطدمت سفينتان واقفتان أو مصعدتان أو منحدرتان فغرقتا ضمن كل واحد من قيّمي السفينتين سفينة الآخر وما فيها من نفس ومال إن فرطا في ردها أو تكميل آلتها من الرجال والحبال وإن كان مركبًا فما يحتاج من وقود وغيره وهو قيد في كل من المتعاطفين لحصول التلف بسبب فعليهما، فوجب على كل واحد منهما ضمان ما تلف بسبب فعله كالفارسين إذا اصطدما وإن لم يفرطا فلا ضمان على واحد منهما؛

لعدم مباشرته التلف وتسببه فيه، فإن فرط أحدهما دون الآخر ضمن المفرط وحده ما تلف بتفريطه لتسببه في إتلافه. ومع تعمدهما التصادم فهما شريكان في ضمان إتلاف كل من السفينتين، وفي ضمان إتلاف من فيهما من الأنفس والأموال؛ لأنه تلف حصل بفعلهما فاشتركا في ضمانه أشبه ما لو خرقاهما، فإن كان الصدم يقتل غالبًا فعليهما القود بشرطه من المكافأة ونحوها؛ لأنهما تعمدا القتل بما يقتل غالبًا أشبه ما لو ألقياه في لجة البحر بحيث لا يمكنه التخلص فغرق وإن لم يقتل غالبًا بأن فعلا قريبًا من الساحل فهو شبه عمد كما لو ألقاه في ماء قليل فغرق به ولا يسقط فعل صادم. ولو كان الاصطدام مع غيره عمدًا بأن كان خطأ أو شبه عمد بأن مات أحد القيمين دون الآخر بسبب تصادم السفينتين لم يهدر فعل الميت في حق نفسه بل يعتد به لمشاركة الآخر في قتل نفسه، فإن كان حرًا فليس لورثته إلا نصف ديته وإن كان عبدًا فليس لسيده إلا نصف قيمته؛ لأنه شارك في قتل نفسه أشبه ما لو تحامل هو وغيره على قتل نفسه بمحدد. ولو خرق السفينة قيّمها عمدًا في اللجة فغرق من فيها بذلك أو خرقها شبه عمد بأن قلع اللوح بلا داع إلى قلعه قريب من الساحل لا يغرق به من فيها غالبًا فغرق عمل به أو خرقها خطأ بقلع لوح يحتاج إلى الإصلاح ليصلحه أو ليضع في مكانه في محل لا يغرق به من فيها غالبًا فغرقوا عمل بذلك فيقتص منه في صورة العمد بشرطه والدية على عاقلته في شبه العمد والخطأ على ما يأتي في الجنايات والكفارة في ماله والسفينة المشرفة على غرق يجب إلقاء ما يظن بإلقائه نجاة من الغرق، فإن تقاعدوا أثموا ولا ضمان، ولو ألقى متاعه ومتاع غيره فلا ضمان على أحد ومن امتنع من إلقاء متاعه ألقي وضمنه ملق غير الدواب فلا تلقى لحرمتها إلا عند إلجاء الضرورة إلى إلقائها

فتلقى لنجاة الآدمي؛ لأنهم آكد حرمة، ومن قتل حيوانًا صائلاً عليه ولو كان الصائل آدميًا صغيرًا أو كبيرًا عاقلاً أو مجنونًا حرًا أو عبدًا دفعًا عن نفسه لم يضمنه إن لم يندفع إلا بالقتل؛ لأنه لدفع شره فكأنه قتل نفسه، فإن كان قتله دفعًا عن غيره، فقيل: يضمنه، وقيل: لا يضمنه، وهو الموافق لما يأتي في حد قطاع الطريق. وإن قتل خنزيرًا لم يضمنه؛ لأنه مباح القتل أشبه الكلب العقور والخنزير حيوان خبيث، يقال: أنه حرم على لسان كل نبي، وكذا كل حيوان أبيح قتله. ومن أتلف مزمارًا بكسر أو نحوه أو أتلف طنبورًا لم يضمنه، والمزمار: آلة يزمر فيها، والطنبور: آلة طرب ذات عنق طويل لها أوتار من نحاس ج طنابير، أو أتلف عودًا أو طبلاً أو دفًا بصنوج أو حلق أو أتلف نردًا أو شطرنجًا أو أتلف صليبًا لم يضمن؛ لأنها محرمة. والعود آلة من المعازف يضرب بها ج عيدان، وأعواد والطبل آلة معهودة ذات وجه أو وجهين والدف أيضًا آلة طرب والصنوج جمع صنجة من نحاس أصفر مدورة تضرب على أخرى مثلها للطرب والصنوج أيضًا ما يجعل في إطار الدف من الهنات المدورة، وكل هذه نسأل الله العافية من المحرمات. ومن أتلف أو كسر أو شق إناء فيها خمر مأمور بإراقتها، قدر على إراقتها بدون الكسر أو لا لم يضمنه؛ لحديث ابن عمر قال: «أمرني - صلى الله عليه وسلم - أن آتيه بمدية فأتيته، فأرسل بها فأهرقت ثم أعطانيها، ثم قال: «أعد علي بها» فخرج بأصحابه إلى أسواق المدينة وفيها زقاق الخمر وقد جلبت من الشام فأخذ المدية مني فشق ما كان من ذلك الزقاق بحضرته ثم أعطانيها، وأمر الذين كانوا معه أن يمضوا معي ويعاونوني أن آتي الأسواق كلها فلا أجد فيها

زق خمر إلا شققته ففعلت، فلم أترك زقًا إلا شققته» رواه أحمد، والزق: وعاء الخمر، قال أبو الطيب: ولا تحسبن المجد زقًا وقينة ... فما المجد إلا السيف والفتكة البكر ولأمره - صلى الله عليه وسلم - بكسر دنها، رواه الترمذي، فلو لم يجز إتلافها لم يأمر - صلى الله عليه وسلم - بكسر الدنان ولا شق الزقاق، ولا يضمن من أتلف تلفزيونًا أو سينما لما فيهما من المفاسد العظيمة والشرور وتحطيم العقائد والأخلاق ونشر الخلاعة والمجون، فإن هاتين الصناعتين هما المنتهى الذي وصل إليه المصورون في فن التصوير المحرم، وفيهما مع فتنة التصوير فتنة تسجيل أصحاب الصور وحركاتهم وهيئاتهم حال الرقص والغناء والمعازف والإختلاط والتبرج والسفور والتشبه بأعداء الله والسير في ركابهم، وقال الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز في «الأدلة الكاشفة» : وأما التلفزيون فهو آلة خطيرة وأضرارها عظيمة كالسينما أو أشد وقد علمنا عنه من الرسائل المؤلفة في شأنه، ومن كلام العارفين به في البلاد العربية وغيرها ما يدل على خطورته وكثرة أضراره بالعقيدة والأخلاق وأحوال المجتمع، وما ذلك إلا لما يبث فيه من تمثيل الأخلاق السافلة والمرائي الفاتنة والصور الخليعة وشبه العاريات والخطب الهدامة والمقالات الكفرية والترغيب في مشابهة الكفار في أخلاقهم وأزيائهم وتعظيم كبرائهم وزعمائهم، والزهد في أخلاق المسلمين وأزيائهم والاحتقار لعلماء المسلمين وأبطال الإسلام وتمثيلهم بالصور المنفرة منهم المقتضية لإحتقارهم والإعراض عن سيرتهم وبيان طرق المكر والإحتيال والسلب والنهب والسرقة وحياكة المؤامرات والعدوان على الناس، ولا شك أن ما كان بهذه المثابة وترتب عليه هذه المفاسد يجب منعه، والحذر منه وسد الأبواب المفضية إليه ... إلخ كلامه (ص40، 41) انتهى. وبالتالي لو لم يكن فيهما إلا الصور المحرمة لكان كافيًا للقول بحرمتهما

للأحاديث الواردة في تحريم الصور كلها عدا الشجر وما لا روح له ولتحريم النظر إلى الأجنبيات، ولما يترتب على ذلك من نشوز أحد الزوجين عن الآخر. ولا يضمن من أتلف المذياع الراديو؛ لأنه آلة لهو محرم لدخوله في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ} الآية، وقد فسر لهو الحديث كثير من السلف من الصحابة والتابعين: بالغناء والمزامير، وفسره بعضهم: بالأساطير والقصص من أخبار ملوك الأعاجم والروم، وبعضهم فسر لهو الحديث: بكل باطل يلهي ويشغل عن الخير، فإن فسرت هذه الآية بالغناء والمزامير فهو رأس الملاهي كلها وإن فسرت بالأساطير والقصص والأضاحيك المهزولة فهي غاية أخباره، وإن فسرت بما يجمع ذلك من كل باطل يلهي ويشغل عن الخير فهو الجامع لذلك وفوق ذلك الوصف. ومن المعلوم لدى كل ذي عقل سليم أن الراديو المقصود الأصلي منه اللهو والغناء والإشتغال عن طاعة الله وفي المذياع يجمع بين كلام الله والغناء، وهذا من أعظم التنقص والإمتهان له والإستهزاء به والاستخفاف به، وقد قال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُوا مَعَهُمْ} الآية، وعدم تنزيه كلام الله عن مزامير الشيطان من أعظم الظلم وأقبحه. وقد استدل العلماء بهذه الآية على أن الراضي بالمعصية كالفاعل لها فالاستماع إليهم والحالة هذه مشاركة لهم، وقد أجمع المسلمون على تعظيم القرآن وتنزيهه. وقال القاضي عياض رحمه الله: أعلم أن من استخف بالقرآن أو بالمصحف أو بشيء منه أو جحد حرفًا منه أو كذب بشيء مما هو مصرح به فيه

من حكم أو خبر أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته وهو عالم بذلك أو شك في شيء من ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين، انتهى. ومن المؤسف لدى كل ذي عقل سليم صاحب علم ودين محب لكلام الله أن يسمع الغناء يقف إثر كلام بديع السموات والأرض، وختامًا فعلى المسلم أن يطهر سمعه عن استماعه، وكل الملاهي والأغاني والنظر إليها، لعله أن يفوز باستماع أصوات الحور العين في جنات النعيم، ويرحم الله ابن القيم حيث يقول: حب الكتاب وحب ألحان الغنا ... في قلب عبد ليس يجتمعان ويقول الآخر: تقول نساء الحي تطمع أن ترى محاسن ليلى مت بداء المطامع وكيف ترى ليلى بعين ترى بها سواها وما طهرتا بالمدامع وتطمع منها بالحديث وقد جرى حديث سواها في خروق المسامع ولا يضمن من أتلف آلات اللهو بكمًا أو إسطوانة أو نحوهما لتحريمهما لما فيها من المفاسد والشرور، ولا يجوز بيعها أو شراؤها ولا إجارتها ولا إعارتها، ولا يضمن من أتلف كورة؛ لأنها من آلات اللهو، بل هي من أعظمها وقد عم البلاء بها في هذا الزمان وهي مما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وكذا لا يضمن من أتلف الورق التي يلعب بها والكيرم ونحو هذه الملاهي. ولا يضمن متلف الشيش المعدة لشرب الدخان ولا آلات شربه

ولا آلة توليعه وتطفيته كما أنه لا يضمن متلف الدخان؛ لأنه محرم شربًا وبيعًا وشراءً. ومن الأدلة الدالة على تحريم الدخان قوله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ} إلى قوله تعالى: {يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ} ولا يمتري عاقل في دخوله في قسم الخبائث، وورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «كل مسكر حرام» ، وقال: «كل مسكر خمر وكل خمر حرام» ، وعن عائشة مرفوعًا: «كل مسكر حرام، وما أسكر الفرق منه فملؤ الكف منه حرام» فهذه الأحاديث دالة على تحريمه، فإنه خبيث مسكر تارة ومفتر تارة أخرى. ومن الأدلة على تحريمه أنه ثبت طبيًا أن التبغ يحتوي على كمية كبيرة من مادة النيكوتين السامة، وأن شاربه يتعرض لأمراض خطرة كثيرة في بدنه أولاً ثم تظهر تدريجيًا فيضطرب الغشاء المخاطي ويهيج ويسيل منه اللعاب بكثرة ويتغير ويتعسر عليه هضم الطعام. وأيضًا يحدث إلتهابًا في الرئتين ينشأ عنه سعال، ويتسبب عن ذلك تعطيل الشرايين الصدرية وعروض أمراض صدرية ربما يتعذر البرء منها وما يجتمع على باطن القصبة من آثار التدخين يجتمع مثله على القلب فيضغط على فتحاته فيحصل عسر في التنفس. ويؤثر على القلب بتشويش إنتظام دقاته وربما أدى بشرابه إلى الموت فيكون شاربه تسبب لقتل نفسه وقتل النفس محرم شرعًا، قال الله: {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا» . ومن الأدلة الدالة على تحريمه أنه إسراف وليس فيه نفع مباح، بل هو

محض ضرر بأخبار أهل الخبرة، وقد حرم الإسراف والتبذير شرعًا، قال الله: {وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ} ، وقال تعالى: {إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ} وورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات، ومنعا وهات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» . ومن الأدلة الدالة على تحريمه كون رائحته الكريهة تؤذي الناس الذين لا يستعملونه، وعلى الخصوص في مجامع الصلاة ونحوها، فقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا: «من أكل ثومًا أو بصلاً فليعتزلنا وليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته» . ومن المعلوم أن رائحة الدخان لا تقل عن كراهة رائحة الثوم والبصل، وورد عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الناس» ، وفي الحديث الآخر: «من آذى مسلمًا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله» ، وفيما ذكرنا كفاية من الأدلة الدالة على تحريمه، فالعاقل المتبصر ينظر ويتأمل ولا يغتر بأقوال أهل الأهواء. ولا يضمن متلف آلة التصوير ولا متلف صور ذوات الأرواح مجسدة أو غير مجسدة كبيرة أو صغيرة؛ لأنها محرمة، وقد تواترت الأدلة على تحريم التصوير ومشروعية طمس الصور وفيها الوعيد الشديد للمصورين والأخبار بأن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة، وقد قص الله علينا ما صنعه موسى –عليه السلام- بالعجل من إحراقه ونسفه وإلقائه في البحر، وأخبر تعالى عن خليله –عليه السلام- أنه قال لقومه: {وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم} الآية، إلى أن قال: {فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا} . وقد ذكرنا بعض الأدلة في الجزء الأول من «الأسئلة والأجوبة الفقهية» في (ص97) في (س ج 184) فنكتفي بذلك عن الإطالة.

ولا يضمن من كسر إناء فضة أو ذهب، وأما إذا أتلفه؛ فإنه يضمن بوزنه فضة أو ذهبًا بلا صناعة، والفرق بينه وبين آلة اللهو أن الذهب والفضة لا يتبعان الصنعة، بل هما مقصودان عملاً أو كسرًا، والخشب والرق يصيران تابعين للصنعة، فالصناعة في الذهب والفضة كالغناء في الآدمية؛ لأن الصناعة أقل من الأصل، والخشب والرق لا يبقى مقصودًا في نفسه، بل يتبع الصورة، ولا يضمن من أتلف آلة سحر أو آلة تعزيم أو آلة تنجيم ولا يضمن من أتلف وثنًا وهو الصنم يعبده المشركون، ولا يضمن من أتلف كتب مبتدعة مضلة أو كتب كفر وإلحاد، تنبيه: وليحذر اللبيب من اقتنائها أو المطالعة فيها، وإذا أشكل عليه معرفة كتاب، هل مصنفه مستقيم أم لا؟ فليسأل عنه أهل العلم المستقيمين العاملين بعلمهم الموثوق بدينهم وأمانتهم ممن يعرف المصنفين الموثوقين السلفيين ويعرف المشهورين بالبدع والقلوب المرضى بالشكوك والشبهات ليبعد عن كتبهم ويحذر عنها. ولا يضمن من أتلف أو حرق مخزن خمر أو كتبًا فيها أحاديث موضوعة؛ لأنه يحرم بيعه، ولأن مخزن الخمر من أماكن المعاصي وإتلافها جائز؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - حرق مسجد الضرار، وأمر بهدمه، قال ابن القيم في كتاب «الهدى» : ولا فرق بين كون المتلف مسلمًا أو كافرًا كل لا يضمن شيئًا مما ذكر. وفي «الفنون» : يجوز إعدام الآية من كتب المبتدعة؛ لأجل ما هي فيه وإهانة لما وضعت له ولو أمكن تمييزها. ولا يضمن من أتلف كتبًا فها سخائف لأهل الخلاعة كالمجلات الخليعة والدواوين المحتوية على الهجاء والإغراء بالفجور والفسق والإلحاد. وختامًا: فعلى من منَّ الله عليه بأن لم يكن عنده شيء من المنكرات التي

تقدم ذكرها أن يذكر من حمد الله وشكره، ويسأل الله الثبات على ذلك حتى الممات، وعلى من كانت عنده للاستعمال أو يتعاطى بيعها وشراءها أن يبادر إلى الله بالتوبة النصوح وليبعدها عنه بإتلافها أو نحو ذلك، وإن كان عنده عوضها فليتصدق به على الفقراء أو يدفعه للإمام الأهل كما مر وليحذر كل الحذر أن يخلفها بعده نعوذ بالله من ذلك، ونسأل الله الحي القيوم العلي العظيم القريب المجيب أن يعصمنا وإخواننا المسلمين منها ومن أمثالها وأن يوفق ولاة المسلمين لإزالتها ومنعها، اللهم صل على محمد وآله وسلم. ومن كسر حليًا محرمًا على ذكر لم يضعه مالكه يصلح للنساء كلجام وسرج ونحوه لم يضمنه؛ لعدم إحترامه، وأما إذا أتلفه فقد تقدم أن محرم الصناعة يضمن بمثله وزنًا وتلغى صناعته. ولا يجوز كسر حلي صلح للنساء كخواتم ذهب، فإن كسرها؛ فإنه يضمن قيمتها، وأن اللبس الصالح للنساء كالأردية المنسوجة بالحرير والقصب يضمنها متلفها بتشقيق أو تخريق أو غيره، فأما إتلاف نحو عمامة حرير مختصة بالرجال، فإنها لا يضمنها متلفها لإزالته منكرًا ويؤيد عدم ضمان ما ليس بصالح للنساء نص الإمام أحمد في رواية المروذي على تخريق الثياب السود لما فيه من التشبه بالكفار المنهي عنه. قال الشيخ تقي الدين: للمظلوم الإستعانة بمخلوق في دفع الظلم عن نفسه فاستعانته بخالقه أولى من استعانته بمخلوق وله الدعاء على ظالمه بقدر ما يوجبه ألم ظلمه، ولا يجوز له الدعاء على من شتمته أو أخذ ماله بالكفر؛ لأنه فوق ما يوجبه الظلم ولو كذب ظالم على إنسان لم يفتر عليه، بل يدعو الله فيمن يفتري عليه نظيره، وكذا إن أفغسد عليه دينه فلا يفسد عليه هو دينه، بل يدعو الله عليه فيمن يفسد عليه دينه. هذا مقتضى التشبيه والتورع عنه أولى، قال أحمد: الدعاء قصاص، ومن

دعا على من ظلمه فما صبر يريد أنه انتصر لنفسه؛ لقوله –عليه السلام-: «من دعا على من ظلمه فقد انتصر» رواه الترمذي عن عائشة، ولمن صبر فلم ينتصر وغفر، إن ذلك الصبر والتجاوز لمن عزم الأمور. من النظم فيما يتعلق بجناية البهائم وما لا يغرم وما يغرم وما جنت العجماء نهارًا فمهدر سوى مع تفريط وفي يد مرشد كإرسالها عمدًا بقرب الذي جرت بإفسادها عاداتها لا التبعد وضمن بليل غير متقن حفظها وإن غلبت من غير حبس فلا يد وإن نفرت خذ ما جنت من منفر وعنه بليل ضمنن لا تقيد ومن راكب أو قائد أو مسوقها يزن مطلقًا عدوان فيها مع اليد وطاء برجل رفس نح بدائه ويضمن نفحًا هاجه كبح مقود وعنه ليضمن سائق فعل رجلها وعنه عن الرجل أعف عن غير معتد وإن تك مع راع ومن يستعيرها ومستأمن ألزمه مأربها يد وما غير أشجار وزرع بلازم الضمان ولو ليلاً سوى مع مفسد

ولا شيء فيما جوز الصول قتله ومكلف أو عجمًا وبله وفوهد ولا غرم في المقتول دفعًا لشره إذا لم يفرد قاتل بالتزيد وأن يصطدم فلكان إن غرقا معًا بتضمين كل متلف الآخر أشهد إذا فرطا بالضبط حتى تصادما ومن خص بالتفريط بالغرم أفرد ومنحدرًا ضمنه مصعدة سوى مع العجز عن ضبط ودع غرم مصعد ومن غاص مع تفريطه مال غيره بماء له واعتاض إخراج مورد ليكسر له ملغى وإن لم يفرطن ليضمن رب المال نقص التشرد وهل بذل المظروف يلزم أخذه مع البذل من ذي الظرف وجهين أسند وإن يصطدم نفسان عمدًا فموتًا فذا شبه عمد ليس عمدًا بأجود وقيل إذا ما كان يقتل غالبًا فأهد لكل بالتقاصص تهتدي وعاقل كل ضامن قتل مخطئ وفي ماله التكفير مع باق مفسد وقيمة عبد متلف وركابه كذلك قدر الحر في نفس أعبد

باب في الشفعة

وعبدين إن كانا فماتا فما توى لفوت محل الغرم أهدره ترشد وسائرهم ضمنه متلف واقف وقد قيل لا مع ضيق موقفه قد وأهدر على المنصوص متلف سائر وقد قيل لا بل قيل مع ضيق مورد وإن غلب المركوب راكبه فلا ضمان لمال متلف في مبعد ومن يقل انبذ رحلك أضمنه تبح فالزم وفي تضمينه قسطه قد ويكره بيع وابتياع بموطن الظلام كذا غصب لقصد التزهد ولا غرم في كسر الصليب ولا أنا لجين وعين قل ولا آلة الدد وتمزيق كتب السحر أو لمنجم وشبههما من كتب محظور أعدد وشق ظروف الخمر يا صاح مطلقًا وإن نفعت في غيره في الموطد (15) باب في الشفعة س15: ما هي الشفعة؟ وما وجه مناسبتها للغصب؟ وبأي شيء ثبتت؟ وما أركانها؟ وما شروطها؟ وما الذي لا تجب به؟ وهل تسقط بالتحيل؟ ومثل له، وهل يقبل قول من ادعى ما يسقطها؟ ولأي شيء

شرعت الشفعة؟ وما الذي تسقط به؟ واذكر المحترزات والتفاصيل والأمثلة والأدلة والتعليل والخلاف والترجيح. ج: الشفعة بإسكان الفاء هي مشتقة من الزيادة والتقوية؛ لأن الشفيع يضمن المبيع إلى ملكه فيشفعه به وكأنه كان واحدًا وترًا فصار زوجًا شفعًا، وعين شافعة تنظر نظرين، وأنشد ابن الأعرابي: ما كان أبصرني بغرات الصبا فاليوم قد شفعت لي الأشباح وأنشد ثعلب: لنفسي حديث دون صحبي وأصبحت تزيد لعيني الشخوص الشوافع والشافع: هو جاعل الوتر شفعًا، والشفيع: فعيل بمعنى فاعل، ووجه مناسبة الشفعة للغصب تملك الإنسان مال غيره بلا رضا في كل منهما، والحق تقديمها عليه؛ لكونها مشروعة دونه؛ لكن توفر الحاجة إلى معرفته للاحتراز عنه مع كثرة وقوعه من الإستحقاق في البياعات والعقار والمنقول والأشربة والإجارات والشركات والمزارعات أوجب تقديمه. ومن محاسن الشفعة: أن الجار ربما يكون في حاجة إلى هذه الحصة المبيعة كأن يكون بيته ضيقًا ويريد إتساعه أو تكون الأرض المشتركة بجوار مزارعه ويحتاج إليها، ومن محاسن الشفعة: التنبيه على عظم حق الجار والشريك حيث أن له الحق في التقدم على غيره في الشراء إلا إذا أسقط حقه بامتناعه عن الشراء، ومن محاسن الشفعة: دفع ضرر الجوار وهو مادة المضار، قال الله تعالى: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا ضرر ولا إضرار في الإسلام» ولا شك عند أحد

في حسن دفع ضرر التأذي بسبب المجاورة على الدوام من حيث إيقاد النار وإعلاء الجدار وإثارة الغبار وسائر أنواع الضرر. ومن الفوائد المترتبة على الشفعة: أن يكون أحد الشريكين راغبًا في بيع حصته من دار أو أرض أو دكان فيأتي المشتري وربما كان عدوًا للشريك الآخر فيشتري الحصة المبيعة فيؤذي الشريك، فهذا الجوار بسبب البغض والحقد والحسد في النفوس، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحاسدوا ولا تباغضوا» الحديث، وربما يكون المشتري من ذوي الأخلاق الفاسدة والنفوس الشريرة فيصل الضرر إلى جاره، وربما ملّ الإنسان من ملكه، وما أحسن ما قيل: كم معشر سلموا لم يؤذه سبع وما نرى أحدًا لم يؤذه بشر وقال الآخر: إن السباع لتهدوا في مرابضها والناس ليس بهاد شرهم أبدًا والشفعة قبل الإجماع ثابتة بالسُّنة، فورد عن جابر قال: «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة» متفق عليه، ولمسلم قال: «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالشفعة في كل ما لم يقسم ربعة أو حائط لا يحل له أن يبيع حتى يستأذن شريكه؛ فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، فإن باع ولم يستأذنه فهو أحق به» . وأما الإجماع: فقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما بيع من أرض أو دار أو حائط، والمعنى في ذلك أن أحد الشريكين إذا أراد بيع نصيبه ويمكن من بيعه لشريكه

وتخليصه مما كان بصدده من توقع الخلاص والإستخلاص، فالذي يقتضيه حسن العشرة أن يبيعه لشريكه ليصل إلى غرضه من بيع نصيبه وتخليص لشريكه من الضرر، فإذا لم يفعل ذلك وباعه لأجنبي سلط الشرع الشريك على صرف ذلك إلى نفسه. والشفعة في الشرع: إستحقاق انتزاع حصة شريكه ممن انتقلت إليه بعوض مالي بثمنه الذي استقر عليه العقد إن كان المتنقل إليه مثل الشفيع في الإسلام والكفر أو دون الشريك بأن كان الشريك مسلمًا، والمنتقل إليه الشقص كافرًا، ولا شفعة في الموروث والموصى به والموهوب بلا عوض ولا المجعول مهرًا أو عوضًا في خلع ونحوه أو صلحًا عن دم عمد ونحوه ولا تسقط الشفعة باحتيال على إسقاطها. ويحرم الاحتيال على إسقاطها، قال الإمام أحمد: «ولا يجوز شيء من الحيل في إبطالها ولا إبطال حق مسلم له» ، واستدل الأصحاب بحديث أبي هريرة: «لا ترتكبوا ما ارتكب اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل» ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحومها، جملوه، ثم باعوه وأكلوا ثمنه» متفق عليه، ولأن الله تعالى ذم المخادعين قوله: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} ، وقال عبد الله بن عمر: من يخدع الله يخدعه. واتفق السلف على أن الحيل بدعة محدثة لا يجوز تقليد من يفتي بها، ويجب نقض حكمه ومن احتال على تحليل ما حرم الله وإسقاط ما فرض الله، وتعطيل ما شرعه الله كان ساعيًا في دين الله بالفساد. وقال الشيخ - رحمه الله -: وما وجد من التصرفات لأجل الاحتيال على إسقاط الشفعة فهو باطل؛ لأن الشفعة شرعت لدفع الضرر فلو شرع التحيل لإبطالها؛ لكان عودًا على إبطال مقصود الشريعة.

وقال ابن القيم: من له معرفة بالآثار وأصول الفقه ومسائله، ثم أنصف لم يشك أن تقرير الإجماع من الصحابة على تحريم الحيل وإبطالها ومنافاتها للدين أقوى من تقرير إجماعهم على العمل بالقياس وغير ذلك مما يدعى في إجماعهم، بل أقوالهم وأفعالهم وأحوالهم متفقة على تحريمها، والمنع عنها ومضى على أثرهم أئمة الحديث والسُّنة. اهـ. ومعنى الحيلة: أن يظهروا في البيع شيئًا لا يؤخذ بالشفعة معه ويتواطئوا في الباطن على خلافه كإظهار هبة شقص مشفوع لمشتر وإظهار هبة ثمن من مشتر لبائع بعد أن تواطئوا على ذلك، أو إظهار ثمن كثير وهو قليل مثل أن شتري شيئًا يساوي عشرة دنانير بألف درهم ثم يقتضيه عنها عشرة دنانير أو يشتريه بمائة دينار ويقضيه عنها مائة درهم، أو يشتري البائع من المشتري سيارة قيمتها مائة بألف في ذمته ثم يبيعه الشقص بالألف، أو يشتري شقصًا بألف يدفع منها مائة ويبرئه البائع من الباقي وهي تسعمائة، أو يشتري جزءًا من الشقص بمائة ثم يهب له البائع باقيه، أو يعقد البيع بثمن مجهول المقدار كأن يبيعه الشقص المشفوع بصبرة يجهل قدرها، والصبرة ما جمع بلا كيل ولا وزن ولا عد، أو حفنة قراضة أو جوهرة معينة أو سلعة معينة غير موصوفة، أو بمائة درهم ولولؤة ونحو ذلك، فإن وقع ذلك في غير حيلة سقطت الشفعة، وإن تحيلا به على إسقاطها لم تسقط، ويؤخذ الشقص فيما إذا ظهر التواهب بمثل ثمن وهب للبائع إن كان مثليًا أو قيمته إن كان متقومًا. وفي الصورة الثانية: وهي ما إذا كان قيمة الشقص عشرة دنانير وأظهر أن الثمن ألف درهم يؤخذ شقص بمثل ثمن عقد باطنًا وهو عشرة دنانير.,

وفي الصورة الثالثة: وهي ما إذا اشترى الشقص بمائة دينار وقضاه عنه مائة درهم دون المائة دينار؛ لأنها غير المقصودة. وفي الصورة الرابعة: وهي إذا اشترى سيارة قيمتها مائة بألف في ذمته ثم باعه الشقص المشفوع بألف يؤخذ مائة درهم أو قيمتها ذهبًا؛ لأن المائة هي المقصودة دون الألف. وفي الصورة الخامسة: وهي ما إذا اشترى شقصًا بألف ودفع منها مائة وأبراه البائع من تسع مائة يؤخذ منه مائة أو الباقي بعد الإبراء؛ لأن ما زاد عليه ليس مقصودًا حقيقة. وفي الصورة السادسة: وهي ما إذا اشترى جزءًا من الشقص بمائة ثم وهب له البائع بقية الشقص يؤخذ أيضًا مائة لا غير؛ لأنه إنما وهبه بقية الشقص عوضًا عن الثمن الذي اشترى به الجزء. وفي الصورة السابعة: وهي ما إذا باعه الشقص بصبرة دراهم مشاهدة مجهول قدرها حيلة أو بحفنة قراضة أو جوهرة معينة ونحوها مجهولة القيمة حيلة ومع جهل ثمن شقص فيؤخذ مثل الثمن المجهول أو من الدراهم بقيمته إذا كان جوهرة ونحوها إن كان الثمن باقيًا ولو تعذر معرفة الثمن مع الحيلة بتلف المعقود عليه أو موت العبد ونحوه المجعول ثمنًا دفع الشفيع إلى المشتري قيمة الشقص المشفوع؛ لأن الأصل في عقود المعاوضات أن يكون العوض بقدر القيمة؛ لأنها لو وقعت بأقل أو أكثر؛ لكانت محاباة والأصل عدمها. قال في «الفائق» : ومن صور التحيل أن يقفه المشتري أو يهبه حيلة لإسقاطها فلا تسقط بذلك عند الأئمة الأربعة ويغلط ومن يحكم بها ممن ينتحل مذهب أحمد، وللشفيع الأخذ بدون حكم، انتهى. قال في القاعدة

الرابعة والخمسين: هذا الأظهر. وإن تعذر علم قدر الثمن من غير حيلة في ذلك على إسقاط الشفعة بأن قال المشتري: لا أعلم قدر الثمن ولا بينة به، فقوله مع يمينه أنه لا يعلم قدر الثمن ويقبل قول مشتر في نفي الحيل على إسقاط الحيلة؛ لأن الأصل عدم ذلك فإن نكل قضي عليه بالنكول. وتسقط الشفعة حيث جهل قدر الثمن بلا حيلة كما لو علم قدره عند الشراء ثم نسي؛ لأن الشفعة لا تستحق بغير البدل ولا يمكن أن يدفع إليه مالاً يدعيه ودعواه لا تمكن مع جهله. وإن خالف أحد المتعاقدين ما تواطئا وأظهرا خلافه كما لو تواطئا على أن الثمن عشرة دنانير وأظهرا ألف درهم فطالب البائع المشتري بما أظهراه وهو الألف في المثال، فإنه يلزم المشتري دفع ما أظهره المتبايعان وهو الألف حكمًا؛ لأن الأصل عدم التواطؤ. قال في «شرح الإقناع» : قلت: إن لم تقم بينة بالتواطؤ وله تحليف البائع أنه لم يتواطأ معه على ذلك، انتهى. ولا يحل في الباطن لمن غر صاحبه الأخذ بخلاف ما تواطآ عليه بأن يأخذ منه زيادة؛ لأنه ظلم. تتمة في التحذير من الحيل: قد مسخ الله تعالى أهل القرية التي عصت أمر الله وخالفوا عهده وميثاقه فيما أخذه عليهم من تعظيم السبت والقيام بأمره إذ كان مشروعًا لهم فتحيلوا على اصطياد الحيتان في يوم السبت بما وضعوا لها من الشصوص والحبائل والبرك قبل يوم السبت، فلما جاءت السبت على عادتها في الكثرة نشبت بتلك الحبائل والحيل فلم تخلص منها يومها كان الليل أخذوها بعد انقضاء السبت، فلما

فعلوا ذلك مسخهم الله إلى صورة القردة، وهي أشبه شيء بالأناسي في الشكل الظاهر، وليست بإنسان حقيقة فكذلك أعمال هؤلاء وحيلتهم لما كانت مشابهة للحق في الظاهر ومخالفة له في الباطن كان جزاؤهم من جنس عملهم. وقال تعالى: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ} قيل به أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ليتعظوا بذلك فيجتنبوا فعل المعتدين، ولأن الحيلة خديعة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحل الخديعة لمسلم» ولأن الشفعة وضعت لدفع الضرر فلو سقطت التحيل للحق الضرر فلم تسقط كما لو أسقطها المشتري عنه بالوقف والبيع وفارق ما لم يقصد به التحيل؛ لأنه لا خداع فيه ولا قصد به إبطال حق والأعمال بالنيات. وشروط الشفعة خمسة: أحدها: كون شقص منتقل عن الشريك مبيعًا أو صلحًا عن إقرار بمال، وهو أن يقر له بدين أو عين فيصالحه عن ذلك بالشقص؛ لأنه بمعنى البيع أو يكون الشقص مصالحًا به عن جناية موجبة للمال كقتل وشبه العمد وأرش الجائفة ونحوها أو كونه هبة مشروطًا فيها الثواب فإنها بمعنى البيع؛ لأن الشفيع يأخذ بمثل الثمن الذي انتقل به إلى المشتري ولا يمكن هذا في غير البيع وألحق بالبيع المذكورات بعده؛ لأنها بيع في الحقيقة، لكن بألفاظ أخر. ولا شفعة فيما انتقل عن ملك الشريك بغير عوض كقسمة؛ لأنها إفراز وتراض؛ لأنها لو ثبتت أحدهما على الآخر لثبت ماله عليه فلا فائدة وهبة بغير عوض وموصى به ومورث ونحوه كدخوله في ملكه بطلاق قبل الدخول بأن أصدقت امرأة أرضًا وباعت نصفها ثم طلقها الزوج قبل الدخول فإنه يرجع إليه النصف الباقي في ملكها ولا شفعة للمشتري من المرأة عليه ولا شفعة أيضًا فيما عوضه غير مال كصداق

وعوض خلع أو طلاق أو عتق كقوله: اعتق عبدك عني وخذ هذا الشقص وعوض خلع وصلح عن قود؛ لأن ذلك ليس له عوض يمكن الأخذ به فأشبه الموهوب والموروث وفارق البيع؛ لأنه يؤخذ بعوضه. فلو جنى جنايتين عمدًا وخطأ فصالحه منهما على شقص أخذ بها في نصف الشقص أي ما يقابل الخطأ بدون باقية؛ لأن الصفقة جمعت ما فيه شفعة وما لا شفعة فيه فوجبت بها فيما تجب فيه دون الآخر كما لو باع شقصًا وسيفًا. وقيل: تجب، اختاره ابن حامد، وقال ابن شبرمة وابن أبي ليلى: لأنه مملوك بعقد معاوضة أشبه البيع، وبه قال مالك والشافعي، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ومن قال لأم ولده: إن خدمت ولدي حتى يستغنى فلك هذا الشقص، فخدمته إلى الفطام استحقته، ولا شفعة فيه؛ لأنه موصى به شرط. ولا شفعة أيضًا في شقص أخذ من شريك أجرة أو جعالة أو ثمن سلم إن صح جعل العقار رأس مال سلم أو عوض كتابة؛ لأنه لا يمكن الأخذ بقيمة الشقص؛ لأنها ليست بعوضه في المسائل الأربعة ولا بقيمة مقابله من النفع والعين وأيضًا الخبر وارد في البيع، وليست هذه واردة في معناه. ومثل ما عوضه غير مال شقص اشتراه بنحو خمر كجلود ميتة وسرجين نجس أو خنزير؛ لأن ذلك ليس بمال. ولا شفعة فيما يرجع إلى البائع كرد شقص مشفوع بعد الشراء على بائعه بفسخ أو عيب أو مقايلة أو لغبن فاحش أو لاختلاف متبايعين في الثمن أو خيار مجلس أو شرط أو تدليس؛ لأن الفسخ رفع العقد وليس

بيعًا ولا في معناه. ولا شفعة فيما لا يصح بيعه كأراضي مصر والشام والعراق وجميع ما وقفه عمر - رضي الله عنه - سوى المساكن منها، وتقدم الكلام عليها في الجزء الرابع (ص25، 26) . الشرط الثاني: كون الشقص مشاعًا مع الشريك من عقار تجب قسمته بطلب بعض الشركاء إجبارًا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الشفعة فيما لم يقسم، فأما إذا وقعت الحدود فلا شفعة» روى الشافعي. ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة» رواه أبو داود. فإن قيل: إنما نفى الشفعة بصرف الطرقات وهي للجار غير مصروفة أجيب بأن الطرق التي لم تنصرف بالقسمة باستطراق المشاع الذي يستطرق به الشريك ليصل إلى ملكه، فإذا وقعت القسمة انصرف استطرافه في ملك شريكه، وأما غيره من الطرقات المستحقة فلا تنصرف أبدًا فلا شفعة لجار في مقسوم محدود لما تقدم، وأما حديث أبي رافع مرفوعًا: «الجار أحق بصقبه» رواه البخاري، فليس بصريح في الشفعة، فإن الصقب القرب. قال الشاعر: كوفية نازخ محلتها ... لا أمم دارها ولا صقب فيحتمل أنه أراد بإحسان جاره وصلته وعيادته، وحديث: «جار الدار أحق بالدار» رواه الترمذي، وحديث: «الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها إذا كان غائبًا إذا كان طريقها واحدًا» رواه الترمذي. فقد أجيب عن الأول بوجهين، أحدهما: أنه أبهم الحق ولم يصرح به

فلم يجز أن يحمل على العموم، والثاني: محمول على أنه أحق بالفناء الذي بينه وبين الجار ممن ليس بجار أو يكون مرتفقًا به، وعن الثاني بأن الحسن رواه عن سمرة، وأهل الحديث اختلفوا في لقاء الحسن له، ومن أثبت لقاءه إياه، قال: أنه لم يرو عنه إلا حديث العقبة ولو سلم لكان عنه الجوابان المذكوران، وعن الثالث: بأن شعبة قال: سها فيه عبد الملك بن سليمان الذي الحديث من روايته. وقال الإمام أحمد: هذا الحديث منكر، وقال ابن معين: لم يرو غير عبد الملك، وقد أنكر عليه ثم يحتمل أن المراد بالجار في الأحاديث الشريك فإنه جار أيضًا؛ لأن اسم الجوار يختص بالقريب والشريك أقرب من اللصيق، فكان أحق باسم الجوار، وقد أطلقت العرب على الزوجة جارة لقربها، قال الأعشى: أجارتنا بيني فإنك طالق، وقال حمل بن مالك: كنت بين جارتين فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فقتلتها وجنينها، فأطلق الجارتين وأراد بهما الضرتين، وهذا ممكن في تأويل الحديث -حديث أبي رافع-، والله سبحانه أعلم. قال العمريطي: إن يشترك شخصان في عقار كالأرض والأشجار والعقار فاجعل لكل بيع تلك الحصة وللشفيع أخذها بالشفعة إن صح قسم ذلك العقار ولا تجوز شفعة للجار وعند أبي حنيفة والثوري وابن أبي ليلى وابن سيرين: تثبت الشفعة بالجوار.

وتوسط بعض العلماء، فقال: بثبوت الشفعة للجار بشرط أن يكون بينهما طريق أو بئر أو جدار أو مسيل ماء ونحو ذلك، وهذا القول هو اختاره شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم، وبهذا القول يحصل الجمع بين الأحاديث الواردة في باب الشفعة، وهذا القول الذي تطمئن إليه النفس والله سبحانه أعلم. وقال في «الشرح» : ولا شفعة في طريق نافذ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ولا شفعة في فناء ولا طريق مثقبة» رواه أبو عبيد في «الغريب» ، والمثقبة: الطريق الضيق بين دارين لا يمكن أن يسلكه أحد ولا شفعة في طريق مشترك لا ينفذ ببيع دار فيه بأن كان غير نافذ لكل واحد من أهله فيه باب فباع أحدهم داره التي فيه بطريقها أو باع الطريق وحده، وكان الطريق لا يقبل القسمة فلا شفعة، ولو كان نصيب مشتر للدار بطريقها أو لطريقها من الطريق أكثر من حاجته في الإستطراق إذ في وجوبها تبعيض للصفقة على المشتري وهو ضرر ومحل ذلك حيث لا باب آخر للدار المشتراة إلا ذلك الباب ولم يمكن فتح باب لها لشارع نافذ فلا شفعة للحديث السابق؛ ولحصول الضرر على المشتري بوجوبها؛ لأن الدار تبقى لا طريق لها. وإن كان الطريق يقبل القسمة لسعته ولدار المشتري طريق آخر إلى شارع أو غيره أو لم يكن لها طريق لكن يمكن فتح باب لها إلى شارع وجبت الشفعة في الطريق المشترك؛ لأنه أرض مشتركة يحتمل القسمة فوجبت فيه الشفعة كغيره من الأرض وكالطريق المشترك الذي لا ينفذ دهليز وصحن دار مشتركان، فإذا بيعت دار لها دهليز مشترك أو بيت بابه في صحن دار مشترك ولا يمكن الإستطراق إلى المبيع إلا من ذلك الدهليز أو الصحن فلا شفعة فيهما للضرر. وإن كان له باب آخر أو أمكن فتح باب له إلى شارع وجبت لوجوب

المقتضي وعدم المانع. والذي تميل إليه النفس: أن الشفعة تثبت بالشركة في البئر، والطريق، ومسيل الماء، والله سبحانه أعلم. ولا شفعة بالشرب وهو النهر أو البئر أو العين يسقي أرض هذا وأرض هذا، فإذا باع أحدهما أرضه المفردة فليس للآخر الأخذ بالشفعة بسبب حقه في الشرب، قال أحمد في روية ابن القاسم في رجل له أرش تشرب هي وأرض غيره من نهر: فلا شفعة من أجل الشرب إذا وقعت الحدود فلا شفعة. ولا شفعة فيما لم يقسم بالطلب كحمام صغير وبئر وطرق ضيقة وعراص ضيقة ورحى صغيرة وعضادة؛ لحديث أبي عبيدة السابق؛ ولقول عثمان: لا شفعة في بئر ولا نخل، ولأن إثبات الشفعة بهذا يضر البائع؛ لأنه لا يمكنه أن يتخلص من إثبات الشفعة في نصيبه في القسمة. وقد يمتنع المشتري لأجل الشفيع فيتضرر البائع. وقد يمتنع البيع فتسقط الشفعة فيؤدي إثباتها إلى نفيها، فأما إذا أمكن قسمة ما ذكر كالحمام الكبير الواسع الذي تمكن قسمته حمامين بحيث إذا قسم لا يتضرر بالقسمة وأمكن الإنتفاع به حمامًا، فإن الشفعة تجب فيه، وكذا البئر والعضائد متى أمكن أن يحصل من ذلك شيئًان كالبئر يقسم بئرين يرتقى الماء منهما أو كان مع البئر بياض أرض بحيث يحصل البئر في أحد النصيبين وجبت الشفعة لا مكان القسمة، وهكذا كل ما أمكن قسمته. وقيل: تجب الشفعة فيما لا تجب قسمته إختاره ابن عقيل وأبو محمد الجوزي والشيخ تقي الدين، قال الحارثي: وهو الحق؛ لما روى ابن عباس

-رضي الله عنهما- مرفوعًا: «الشريك شفيع، والشفعة في كل شيء» رواه الترمذي والنسائي متصلاً ومرسلاً، وهو أصح قاله الدارقطني، والذي أصله أبو حمزة السكري، وهو مخرج عنه في «الصحيحين» ، ولأنها وضعت لإزالة الضرر ووجود الضرر فيما لم يقسم أبلغ، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه أعلم. ولا شفعة فيما ليس بعقار كشجر وبناء مفرد عن أرض ولا تجب الشفعة في حيوان وجوهر وسفينة، قلت: والذي يترجح عندي أن السفينة والسيارة والمركب أن فيها الشفعة نظرًا للمعنى الذي أثبت الشارع الشفعة فيه للشريك وهو إزالة الضرر وهو موجود في هذه، والله سبحانه أعلم. ولا شفعة في زرع وثمر وسيف وكل منقول؛ لأن شرط وجوبها أن يكون البيع مما يبقى ويطول ضرر، وهذا لا يطول بخلاف الأرض ويؤخذ غراس وبناء بالشفعة تبعًا للأرض؛ لحديث قضائه - عليه الصلاة والسلام - بالشفعة في كل مشترك لم يقسم ربعة أو حائطًا، وهذا يدخل فيه البناء والأشجار والربع جمع ربوع وأربع المنزل، قال الشماخ: تصيبهم وتخطئني المنايا وأخلف في ربوع عن ربوع وقال ذو الرمة: الأربع الدهم اللواتي كأنها بقية وحي في بطون الصحائف والربع الدار بعينها، قال زهير: فلما عرفت الدار قلت لربعها ألا أنعم صباحًا أيها الربع واسلم

وقال المتنبي: بكيت يا ربع حتى كدت أبكيكا وجدت بي وبدمعي في مغانيكا والحائط البستان من النخل إذا كان عليه حائط وهو الجدار وجمعه حوائط، وكذا نهر وبئر وقناة ودولاب فتؤخذ الشفعة تبعًا للأرض لا مفردة، ولا يؤخذ بالشفعة تبعًا ولا مفردًا ثمر ظهر ولا زرع؛ لأنهما لا يدخلان في البيع. فإن بيع الشجر مع الأرض التي فيها الشفعة وأخذ الشجر تبعًا للأرض بالشفعة، وفيه ثمر غير ظاهر كالطلع غير المتشقق دخل الثمر في المشفوع تبعًا له حيث أخذه الشفيع قبل التشقق؛ لأنه يتبع في البيع فتبع في الشفعة فيدخل في القاعدة المشهورة: يثبت تبعًا ما لا يثبت إستقلالاً. وإن لم يأخذه حتى تشقق بقي الثمر لمشتر إلى أوان أخذه وإن باع علوًا من دار وكان ذلك العلو مشتركًا والسقف الذي تحته لصاح العلو، فلا شفعة في العلو؛ لأنه بناء مفرد ولا شفعة أيضًا في السقف؛ لأنه لا أرض له فهو كالأبنية المفردة، فإن باع سفلاً مشتركًا بين إثنين فأكثر والعلو خالص لأحد الشريكين فباع رب العلو نصيبه من السفل ثبتت الشفعة في السفل فقط دون العلو لعدم الشركة فيه. فيما يتعلق بالشفعة من النظم تبارك من في طي أحكامه له يرى حكمًا قلب اللبيب المسدد ففي الضر والإضرار يقضي على الفتى بما أن طرا يقضي له في المجدد

فمن حكم الأحكام إيجاب شفعة لكل شريك خائف من تنكد فيملك أخذ الشقص من مشتر من الشريك بما قرر بحتم التعقد ولم يجب إلا في عقار محتم تقاسمه أن بيع في المتوطد وعنه يجب في كل مال ولو من النقل إلا ممكنًا قسمه قد ولا شفعة فيما بلا عوض قني كإرث وإيصاء وبذل مجود وما اعتاضه عن غير مال بأجود كخلع نكاح صلح قتل تعمد فإن توجبن خذه بقيمته تصب وقيل بقيمة ما يقابله جد ولا شفعة فيما اشترى إثنان صفقة لكل ولا مع جهل سبق اقتنا اليد ولا في حقوق الأرض من دون عينها ولا في شريك الوقف في ذا بأوطد ولا في مبيع في زمان الخيار للجميع وفرد منهما في الموطد ويؤخذ غرس والبنا تبعًا وفي ثمار بدت والزرع لا في المجود ويحرم كيد للسقوط ولم يفد ولا شفعة للجار كره وأبعد

س16: تكلم بوضوح عن الشرط الثالث من شروط الشفعة مبينا حكم تأخيرها، وما صفة لفظ طلب الشفعة؟ وبأي شيء يملك الشقص؟ ومتى يصح التصرف في الشقص المشفوع؟ وهل تشترط رؤيته لأخذه؟ وإذا لم يجد الشفيع من يشهده أو كذب المخبر له أو قال لمشتر بعينه، أو أكرنيه أو صالحني أو اشتريت رخيصا أو عمل دلالا بينهما أو توكل لأحدهما أو جعل للشفيع الخيار فاختار إمضاءه أو رضي بالبيع أو ضمن الشفيع للبائع الثمن أو سلم عليه أو دعا له بعده أو أسقطها قبل البيع أو ترك شفعة موليه أو كان من له حق الشفعة مفلسا أو مكاتبا أو باع أو ترك شفعة موليه أو كان من له حق الشفعة مفلسا أو مكاتبا أو باع ولي محجورين لأحدهم نصيبا في شركة أو كان وكيل بيت المال، واذكر الدليل والتعليل والمحترز والقيد والخلاف والترجيح.

فيأخذ في المثلي بمثل قضى فقط وقيمة غير أو لشقص متى ردي ولا شفعة في واقع دون حيلة ومبتاعه أقبل منه جحد التكيد (16) شروط الشفعة وألفاظ طلبها وبعض الألفاظ التي تسقطها والتي لا تسقطها وما يتعلق بذلك س16: تكلم بوضوح عن الشرط الثالث من شروط الشفعة مبينًا حكم تأخيرها، وما صفة لفظ طلب الشفعة؟ وبأي شيء يملك الشقص؟ ومتى يصح التصرف في الشقص المشفوع؟ وهل تشترط رؤيته لأخذه؟ وإذا لم يجد الشفيع من يشهده أو كذب المخبر له أو قال لمشتر بعينه، أو أكرنيه أو صالحني أو اشتريت رخيصًا أو عمل دلالاً بينهما أو توكل لأحدهما أو جعل للشفيع الخيار فاختار إمضاءه أو رضي بالبيع أو ضمن الشفيع للبائع الثمن أو سلم عليه أو دعا له بعده أو أسقطها قبل البيع أو ترك شفعة موليه أو كان من له حق الشفعة مفلسًا أو مكاتبًا أو باع أو ترك شفعة موليه أو كان من له حق الشفعة مفلسًا أو مكاتبًا أو باع ولي محجورين لأحدهم نصيبًا في شركة أو كان وكيل بيت المال، واذكر الدليل والتعليل والمحترز والقيد والخلاف والترجيح. ج: الشرط الثالث: للشفعة المطالبة بها على الفور ساعة يعلم بالبيع؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الشفعة لمن واثبها» رواه الفقهاء في كتبهم، ورده الحارثي بأنه لا يعرف في كتب الحديث. ولقوله الشفعة: «كحل العقال» رواه ابن ماجه، وفي لفظ: «كنشط العقال» إن قيدت تثبت وإن تركت فاللوم عن من تركها؛ لأنه خيار لدفع الضرر عن المال، فكان على الفور كخيار الرد بالعيب، ولأن إتيانه على التراخي المشتري؛ لكونه لا يستقر ملكه على المبيع ويمنعه من التصرف

بعمارة المبيع خشية أخذه منه ولا يندفع عنه الضرر بأخذ قيمته. لأن خسارتها في الغالب أكثر من قيمتها مع تعب قلبه وبدنه فيها، والتحديد بثلاثة أيام تحكم لا دليل عليه، والأصل المقيس عليه ممنوع. وقيل: أن الشفعة على التراخي لا تسقط ما لم يوجد منه ما يدل على الرضا من عفو أو مطالبة بقسمة ونحو ذلك، وهذا قول مالك وقول الشافعي، إلا أن مالكًا قال: تنقطع بمضي سنة. وقيل: بمضي مدة يعلم أنه تارك لها؛ لأن هذا الخيار لا ضرر في تراخيه فلم يسقط بالتأخير كحق القصاص. وقيل: بثلاثة أيام بقدر الخيار وهو قول للشافعي، ويحكى عن ابن أبي ليلى والثوري والذي تطمئن إليه النفس القول الثاني، وهو قول من يقول: إنها على التراخي لا تسقط إلا بما يدل على السقوط، والله سبحانه أعلم. صورة طلب شفعة الجوار حضر إليّ شهوده في يوم تاريخه كذا وكذا فلان ابن فلان وأشهد عليه أنه لما بلغه أن شريكه فلان باع من فلان النصف الشائع من جميع الدار أو البستان الفلاني التي يملك الحاضر المذكور النصف الآخر منه أو منها، ويحدد بثمن مبلغه كذا وكذا بادر مسرعًا من غير تأخر ولا إهمال وطلب الشفعة في المبيع المعين أعلاه وأشهد عليه بالطلب للشفعة في إشهادًا شرعيًا فلانًا وفلانًا. فإن أخر الشفيع الطلب بالشفعة عن وقت العلم لغير عذر بطلت شفعته وإن أخر الطلب للشفعة لشدة جوع أو عطش أو أخره المحدث لطهارة أو لإغلاق باب أو ليخرج من حمام أو أخر طلبها حاقن أو حاقب أو حاقز أو أخره مؤذن ليؤذن أو يقيم الصلاة أو أخر الطلب ليشهد الصلاة في جماعة يخاف فوتها باشتغاله بطلب الشفعة.

أو انخرق ثوبه أو سقط منه مال فأخره أو أخره من علم ليلاً حتى يصبح مع غيبة مشتر أو أخر الطلب لفعل صلاة وسننها لم تسقط؛ لأن العادة تقديم هذه الحوائج ونحوها على غيرها فليس الإشتغال بها رضي بترك الشفعة إذ الفور المشروط حسب العرف والعادة. وكذا إن أخر الطلب جهلاً بأن التأخير مسقط للشفعة ومثله يجهله لم تسقط؛ لأن الجهل مما يعذر به أشبه ما لو تركها لعدم عله بها بخلاف ما ل تركها جهلاً باستحقاقه لها أو نسيانًا للطلب أو البيع، والذي تميل إليه نفسي أنه إذا كان جاهلاً أن له الشفعة أو نسي أن يشفع أن له ذلك؛ لأنه معذور، والله سبحانه أعلم. أو أشهد بطلبه غائب أو محبوس لم تسقط شفعته؛ لأن إشهاده به دليل رغبته وأنه لا مانع له منه إلا قيام العذر، فإن لم يشهد سقطت؛ لأنه قد يترك الطلب للعذر وقد يتركه لغيره وسواء قدر على التوكيل فيه أو لا إذا التوكيل إن كان بجعل فيه غرم، وإن كان بتبرع ففيه منة وقد لا يثق به. وتسقط الشفعة إذا علم الشريك بالبيع وهو غائب عن البلد بسيره هو أو وكيله إلى البلد الذي فيه المشتري في طلب الشفعة بلا إشهاد قبل سيره مع التمكن منه قبل سيره؛ لأن السير يكون لطلب الشفعة ولغيره، وقد قدر أن يبين كون سيره لطلب الشفعة بالإشهاد عليه، فإن لم يفعل سقطت كتارك الطلب مع حضوره وتقدم القول الذي تطمئن إليه النفس وأنها على التراخي لا تسقط إلا بما يدل على السقوط، والله أعلم، ولا تسقط الشفعة بسير الشريك حاضر بالبلد. ولا يلزم الشفيع أن يسرع في مشيه، بل يمشي على عادته ولا يلزم أن يحرك دابته أو يسرع بسيارته أو دراجته فوق العادة؛ لأن الطلب المشروط هو

الطلب بما جرت به العادة، وإن لقي الشفيع المشتري فسلم عليه ثم طالبه لم تسقط بالسلام؛ لأنه السُّنة، وفي الحديث: «من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه» رواه الطبراني في «الأوسط» وأبو نعيم في «الحلية» من حديث ابن عمر. وإن قال الشفيع بعد السلام متصلاً به بارك الله في صفقة يمينك، أو قال بعد السلام: جزاك الله خيرًا أو غفر لك، لم تبطل الشفعة؛ لأن ذلك يتصل بالسلام فهو من جملته والدعاء بالبركة في الصفقة دعاء من الشفيع لنفسه؛ لأن الشخص يرجع إليه إذا أخذه بالشفعة فلا يكون ذلك الدعاء رضي بترك الشفعة. فإن اشتغل الشفيع بكلام غير الدعاء أو سكت بلا عذر بطلت الشفعة لفوات شرطها وهو الفور وتقدم القول الذي تطمئن إليه النفس وأن حق الشفعة كسائر الحقوق لا يسقط إلا بما يدل على السقوط. ويملك الشفيع الشقص بالمطالبة ولو لم يقبضه مع ملاءته بالثمن؛ لأن البيع السابق سبب فإذا انضمت إليه المطالبة كان كالإيجاب في البيع إذا انضم إليه القبول. ولفظ الطلب أن يقول الشفيع: أنا طالب بالشفعة أو أنا مطالب بالشفعة أو أنا آخذ بالشفعة، أو أنا قائم على الشفعة ونحوه مما يفيد محاولة الأخذ بالشفعة كتملكت الشقص أو انتزعته من مشتريه أو ضممته إلى ما كنت أملكه من العين ويملك الشقص بذلك فيورث عنه إذا مات بعد الطلب كسائر أملاكه. ويصح تصرفه فيه وإن لم يقبضه حيث كان قادرًا على الثمن الحال ولو بعد ثلاثة أيام. ولا تشترط لملك الشفيع الشقص المشفوع رؤيته لأخذه بالشفعة قبل

التملك، قال في «التنقيح» : ولا يعتبر رؤيته قبل تملكه. ولا يعتبر لا انتقال الملك إلى الشفيع رضى مشتر؛ لأنه يؤخذ منه قهرًا والمقهور لا يعتبر رضاه وإن لم يجد غائب عن البلد من يشهده على الطلب أو وجد من تقبل شهادته كامرأة أو فاسق وغير بالغ أو وجد مستوري الحال فلم يشهدهما لم تسقط؛ لأنه معذور بعدم قبول شهادتهما وإن وجد واحدًا فأشهده لم تسقط أيضًا؛ لأن شهادة العدل يقضي بها مع اليمين أو أخر الشريك الطلب، والإشهاد عجزًا عنهما كمريض أخرهما عجزًا عن السير إلى المشتري ليطالبه وإلى من يشهده على أنه مطالب لم تسقط، وأما إن كان به مرض يسير كصداع وألم قليل فلا يعذر بتأخير الطلب والإشهاد؛ لأن ذلك لا يعجزه عنهما. ولا تسقط بتأخير محبوس ظلمًا إن عجز عن الطلب والإشهاد؛ لأن التأخير ليس من جهته. ولا تسقط إن أخر الطلب والإشهاد لإظهار البائع والمشتري أو أحدهما أو مخبر الشفيع زيادة ثمن على ما وقع عليه العقد أو غير جنسه كإظهارهما أنهما تبايعا بدينار فظهر أنه بدراهم أو بالعكس أو أظهر أنه اشتراه بنقد تبايعًا بدنانير فظهر أنه بدراهم أو بالعكس أو أظهر أنه اشتراه بنقد فبان أنه اشتراه بعرض أو أظهر أنه اشتراه بعرض فبان أنه اشتراه بنقد أو أظهر أنه اشتراه بنوع من العروض فبان أنه اشتراه بغيره. أو أظهر أنه اشترى الكل بثمن فظهر أنه اشترى نصفه بنصفه أو أظهر أنه اشترى نصفه بثمن فبان أنه اشترى جميعه بضعفه أو أظهر أنه اشترى الشقص وحده فبان أنه اشتراه وغيره أو أظهر أنه اشترى الشقص وغيره فبان أنه اشتراه وحده أو لإظهار أحد ممن ذكر نقص مبيع. أو أظهر أن المبيع موهوب أو أظهر المشتري أن المشتري غيره فبان أنه

هو المشتري أو أظهر أنه اشتراه لإنسان فبان أنه اشتراه لغيره أو أخر شفيع الطلب، والإشهاد عليه لتكذيب مخبر له يقبل خبره فهو في كل الصور هذه على شفعته إذا علم الحال فلا يكون ذلك مسقطًا لشفعته؛ لأنه معذور أو غير عالم بالحال على وجهه كما لو لم يعلم مطلقًا، ولأن خبر من لا يقبل خبره مع عدم تصديق شفيع له وجوده كعدمه، فإن صدقه سقطت شفعته لإعترافه بوقوع البيع وتأخيره كما لو أخبره ثقة فلم يصدقه، فأما إن أظهر المشتري أنه اشتراه بثمن فبان أنه اشتراه بأكثر فلا شفعة؛ لأن من لا يرضى بالقليل لا يرضى بأكثر منه، وكذا إذا أظهر أنه اشترى الكل بثمن فبان أنه اشترى به البعض سقطت شفعته؛ لأن من لا يرضى بأخذ الشقص كله بذلك الثمن لا يرضى بأخذ بعضه وتسقط شفعته إن كذب مخبرًا له مقبولاً خبره ولو واحدًا؛ لأنه خبر عدل يجب قبوله في الرواية والفتيا والأخبار الدينية أشبه ما لو أخبره أكثر من عدل، وقيل: إن كان قد أخبره عدلان سقطت شفعته؛ لأنه أخبره من يثبت بقوله الحقوق، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله أعلم. وإن قال شفيع لمشتر لشقص بعينه أو أكرنيه أو قاسمني أو صالحني عنه أو قال: هبه لي أو ائتمني عليه أو بعه من شئت أو أعطه لمن شئت أو ولَّهِ إياه ومثله قوله للمشتري: اشتريت غاليًا أو بأكثر مما أعطيت أنا؛ لأن هذا وشبهه دليل رضاه بشرائه وتركه للشفعة. وإن قيل له: شريك باع من زيد، فقال: إن باعني زيد وإلا فلي الشفعة كان ذلك كقوله لزيد يعني ما اشتريت أو حبس بحق فلم يبادر بالطلب للشفعة أو يوكل في طلبها بأن قدر عليه فلم يفعله سقطت؛ لعدم عذره في التأخير، وتقدم القول الذي تطمئن إليه النفس، وأنه لا يسقط حقه إلا بما يدل على السقوط دلالة واضحة، والله أعلم.

ولا تسقط الشفعة إن عمل الشريك سفيرًا بين شريكه والمشتري، ويقال له: الدلال، قال ابن سيده: ما جعلته للدليل والدلال لم تسقط شفعته، وكذا لو توكل الشفيع لأحدهما في البيع أو جعل للشفيع الخيار في البيع فاختار إمضاء البيع فرضي الشريك بالبيع أو ضمن ثمن الشقص المبيع لم تسقط؛ لأن ذلك بسبب ثبوت الشفعة فلا تسقط به كالإذن في البيع أو أسقط الشفعة قبل البيع لم تسقط؛ لأن المسقط لها إنما هو الرضي بعد وجوبها ولم يوجد كما لو أبرأه مما يستقرضه له، وقيل: تسقط، وهو رواية عن الإمام أحمد واختاره الشيخ تقي الدين - رحمه الله - وصاحب «الفائق» ، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله أعلم. وإن قال لشريكه: بع نصف نصيبي مع نصف نصيبك ففعل ثبتت الشفعة لكل واحد منهما، وإن ترك الولي شفعة للصبي فيها حظ لم تسقط وله الأخذ بها إذا كبر وصار أهلاً، واختاره الشيخ تقي الدين وغيره، وقيل: لا تسقط مطلقًا وله الأخذ بها إذا كبر، وهذا المذهب نص عليه؛ لأن حق الأخذ ثبت فلا يسقط بترك غيره كوكيل الغائب، وقيل: لا يأخذ المحجور عليه بعد أهليته إلا إن كان فيها حظ له وعليه الأكثر، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه أعلم. ويجب على ولي صغير أو مجنون أو سفيه الأخذ بالشفعة لمحجور عليه مع حظ بأن كان الشراء رخيصًا أو بثمن المثل وللمحجور عليه مال يشتري منه ولو بعد عفو الولي؛ لأن عليه الاحتياط وفعل الأحظ له فإن ترك الولي الأخذ حينئذ فلا غرم عليه؛ لأنه لم يفوت شيئًا من ماله. وإن لم يكن في الأخذ بالشفعة حظ للمحجور عليه كما لو غبن المشتري أو كان الأخذ بها يحتاج إلى أن يستقرض ويرهن مال المحجور عليه حرم على الولي الأخذ وتعين عليه الترك كسائر ما لاحظ فيه لموليه،

ولم يصح الأخذ بالشفعة حينئذ فيكون باقيًا على ملك المشتري. صورة تسليم الحصة للمحجور عليه بشفعة الخليط بتصديق المشتري، يكتب في ظ اهر كتاب التبايع، حضر إليَّ شهودة فلا الوصي الشرعي على اليتيم الصغير الفلاني بموجب الوصية الشرعية المسندة إليه من والد الصغير المذكور المحضرة للشهود المؤرخ باطنها بكذا الثابت مضمونها مع ما يعتبر ثبوته شرعيًا بمجلس الحكم العزيز وأحضر معه فلانًا المشتري المذكور واعترف أنه تسلم منه لليتيم المذكور أعلاه جميع الحصة المبيعة من الدار المحدودة الموصوفة باطنه التي يملك اليتيم المذكور منها الباقي ملكًا شرعيًا بتاريخ متقدم على تاريخ كتاب التبايع المسطر باطنه تسلمًا شرعيًا ودفع إليه نظير الثمن المعين باطنه من مال اليتيم المذكور ومبلغه كذا وكذا فقبضه منه قبضًا شرعيًا بعد أن ترافعا بسبب ذلك إلى مجلس الحكم وادعى الوصي المذكور لمحجوره اليتيم المذكور أعلاه على المشتري المذكور باطنه بشفعة الخلطة بالطريق الشرعي، وبعد ثبوت ملكية اليتيم المذكور للنصف الباقي من الدار المذكورة وأن الثمن المبذول المعين أعلاه ثمن المثل للحصة المعينة أعلاه وأن لليتيم المذكور حظًا، ومصلحة في ذلك الثبوت الشرعي والحكم لليتيم المذكور بذلك واعتبار ما يجب اعتباره شرعًا وصدقة المشتري المسمى باطنه على ذلك كله تصديقًا شرعيًا وأقر أنه لا يستحق مع اليتيم المذكور أعلاه في ذلك ولا في شيء منه حقًا ولا دعوى ولا طلبًا بوجه ولا سبب ولا ملكًا ولا شبهة ملك ولا ثمنًا ولا مثمنًا ولا منفعة ولا استحقاق منفعة ولا شيئًا قل ولأجل لما مضى من الزمان وإلى يوم تاريخه ويؤرخ. ولا يأخذ ولي حمل مات مورثه كأبيه قبل المطالبة بالشفعة وإن طالب المورث قبل موته فيورث عنه الشقص كسائر تركته وإن عفى الولي

عن الشفعة التي فيها حظ لموليه ثم أراد الولي الأخذ بها فله ذلك؛ لعدم صحة عفوه عنها وإن أراد الولي الأخذ في ثاني الحال وليس فيها مصلحة لموليه لم يملك الأخذ بالشفعة؛ لعدم الحظ. وإن تجدد الحظ للمحجور عليه أخذ الولي بها؛ لعدم سقوطها بالتأخير وحيث أخذها الولي مع الحظ لموليه ثبت الملك في المشفوع للمحجور عليه وليس له نقضه بعد البلوغ أو العقل أو الرشد كسائر تصرفات الولي اللازمة. وحكم المغمى عليه والمجنون غير المطبق حكم المحبوس والغائب تنتظر إفاقتهما؛ لأنهما معذوران ولا تثبت الولاية عليهما وحكم ولي المجنون المطبق وهو الذي لا ترجى إفاقته حكم ولي الصغير فيما سبق. وحكم ولي السفيه حكم ولي الصغير فيما تقدم، ولمفلس الأخذ بالشفعة وله الترك؛ لأنه مكلف رشيد وليس للغرماء إجباره على الأخذ بالشفعة. ولو مع حظ له في الأخذ؛ لأن الحق له فلا يجبر على استيفائه، وكذا المكاتب له الأخذ بالشفعة والترك كالحر وللمأذون له من الأرقاء في التجارة الأخذ بالشفعة دون الترك؛ لأن الحق فيها لسيده لا له فهو كولي المحجور عليه وإذا باع ولي محجورين لأحدهم نصيبًا في شركة الآخر فللولي الأخذ للآخر بالشفعة؛ لأنه كالشراء له. وإن كان الولي شريكًا لمن باع عليه من المحجور عليهم الشقص المشفوع فليس للولي الأخذ بالشفعة؛ لأنه متهم في بيعه، ولأنه بمنزلة من يشتري لنفسه من مال يتيمه سوى أب باع شقص ولده من أجنبي فله الأخذ بالشفعة لنفسه؛ لعدم التهمة، ولذلك كان له أن يشتري من نفسه مال ولده.

ولو باع الولي نصيبه من شخص آخر أخذ لموليه ذلك النصيب بالشفعة وليس له الأخذ إلا مع الحظ لموليه؛ لأن التهمة منتفية، فإنه لا يقدر على الزيادة في ثمنه؛ لكون المشتري لا يوافقه، ولأن الثمن حاصل من المشتري كحصوله من اليتيم بخلاف بيعه مال اليتيم، فإنه يمكنه تقليل الثمن ليأخذ الشقص به. وإذا رفع الأمر إلى الحاكم فباع فللموصي الأخذ حينئذ؛ لعدم التهمة ولوكيل بيت مال أخذ شقص مشترك مات أحد الشريكين ثم باع الشريك نصيبه بالشفعة حيث لا وارث للميت وإذا أخذه يضمنه إلى ما بيده من أموال المسلمين؛ لتصرف فيما أعدت له. من النظم حول ما يتعلق بالفورية للأخذ بالشفعة وفي الفور أخذ الشقص ساعة عله بإشهاد أخذ أو بسعي معود إلى مشتر أو حاكم يبتغي فإن يؤخر بلا عذر سقط في المؤكد وعنه تراخي الأخذ ما لم يبن رضى بترك ووجه مجلس العلم قيد ومرج لعذر حل إن غاب مشترٍ متى يسع من بعد الفراغ ليسعد وفي مشهد راجي التطلب ممكنًا وساع ولم يشهد لوجهين أسند وإن لم يواتي السير للأخذ مشهدًا ولا وكل إن واتي نزل في المجود

س17: ما هو الشرط الرابع من الشروط للأخذ بالشفعة؟ وإذا طلب الشفيع أخذ بعض الشقص أو تصرف المشتري بالمبيع قبل أخذ الشفيع أو تلف بعض المبيع فما الحكم؟ وما صورة ذلك؟ وإذا كانت الشفعة بين شركاء فكيف تكون؟ ولماذا؟ وهل لها مماثل؟ ومثل لذلك، وإذا ترك بعض الشركاء حقه من الشفعة فهل الباقين يأخذوا على قدر أملاكهم أم يأخذوا الجميع؟ وعلل لما يحتاج إلى تعليل، وإذا ترك بعضهم أخذه بها حيلة لظنه

وإن قدم الثاني وإن طال عهده فيعلم فيطلها أعنه وأسعد وأهمل بإهمال المصدق مخبرًا وتكذيب عدليه لعدل بمبعد وعبد كحر والنساء مثلنا هنا في الأجود إذ ذا مخبر غير مشهد وتكذيبه من ليس يقبل قوله ولو كثر النقال ليس بمفسد وترك لعذر أو لإظهارهم له خلاف صفات العقد غير مصدد لحبس وسقم وادعًا جهل مسقط موات وعجز عن وكيل وشهد فإن قاسموا المعذور أو نائبًا له لإظهارهم ذا فاستبان الذي ابتدي (17) حكم التصرف في الشقص المشفوع وتلفه وكرنه لعدة شركاء وترك بعضهم وتحيله واستغلاله ... إلخ س17: ما هو الشرط الرابع من الشروط للأخذ بالشفعة؟ وإذا طلب الشفيع أخذ بعض الشقص أو تصرف المشتري بالمبيع قبل أخذ الشفيع أو تلف بعض المبيع فما الحكم؟ وما صورة ذلك؟ وإذا كانت الشفعة بين شركاء فكيف تكون؟ ولماذا؟ وهل لها مماثل؟ ومثل لذلك، وإذا ترك بعض الشركاء حقه من الشفعة فهل الباقين يأخذوا على قدر أملاكهم أم يأخذوا الجميع؟ وعلل لما يحتاج إلى تعليل، وإذا ترك بعضهم أخذه بها حيلة لظنه

عجز المتروك له فما الحكم؟ وإذا كان المشتري شريكًا في العقار وثم شريك آخر أو وهب أحد الشفعاء شفعته أو كان غائبًا أو خرج الشقص مستحقًا أو قدم أحد الشركاء وقد أخذ الحاضر الغلة قبل قدومه فما الحكم؟ واذكر الأمثلة والتفاصيل والقيود والأدلة والتعاليل والمحترزات والخلاف والترجيح. ج: الشرط الرابع للأخذ بالشفعة أخذ الشريك جميع الشقص المبيع فلا تتبعض الصفقة لئلا ينضر المشتري بتبعضها في حقه بأخذ بعض المبيع مع أن الشفعة تثبت على خلاف الأصل دفعًا لضرر الشركة فإذا أخذ البعض لم يندفع الضرر. فإن طلب الشريك بعض المبيع مع بقاء الكل سقطت شفعته؛ لأن حق الأخذ إذا سقط بالترك في البعض سقط في الكل كعفوه عن بعض قود يستحقه. وإن تلف بعض الشقص المبيع كانهدام بيت من الدار التي بيع بعضها بسبب آدمي أو أمر سماوي وسواء كان المتلف له المشتري أو غيره وأراد الشفيع الأخذ بالشفعة أخذ باقي الشقص بحصته بعد ما تلف من ثمن جميع الشقص، فإن كان المبيع نصف دار وقيمة البيت المنهدم منها نصف قيمتها أخذ الشفيع الشقص فيما بقي من الدار بنصف ثمنه ثم إن بقيت الأنقاض أخذها مع العرصَة وما بقي من البناء بحصته وإن عدمت أخذ ما بقي من البناء مع العرصة بالحصة؛ لأنه تعذر عليه أخذ كل المبيع بتلف بعضه فجاز له أخذ الباقي بحصته كما لو كان معه شفيع آخر. وإن نقصت القيمة مع بقاء صورة المبيع كانشقاق الحائط وبورا الأرض وهو عدم زرعها فليس له الأخذ إلا بكل الثمن وإلا ترك فلو اشترى شقصًا بألف يساوي ألفين فباع بابه أو هدمه فبقي بألف أخذه

الشفيع بخمسمائة بالحصة من الثمن. والشفعة بين شفعاء على قدر أملاكهم؛ لأنها حق نشأ بسبب الملك فكانت على قدر الأملاك كالغلة. وأثبت للجمع باشتراك ... ووزعت بنسبة الأملاك وقيل: تكون الشفعة بين الجمع على عدد رؤوسهم ولا يعتبر اختلاف الأملاك؛ لأنهم استووا في سبب الاستحقاق وهو الإتصال فيستوون في الإستحقاق ألا ترى أنه لو انفرد واحد منهم استحق كل الشفعة وهذا آية كمال السبب وكثرة الإتصال تؤذن بكثرة العلة والترجيح يقع بقوة في الدليل إلا بكثرته ولا قوة هاهنا لظهور الأخرى بمقابلته، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. فدار بين ثلاثة لواحد نصف وللثاني ثلث والثالث سدس، باع صاحب الثلث نصيبه، فأصل المسألة من ستة مخرج الكسور بين صاحب النصف والسدس على أربعة لبسط النصف ثلاثة ولبسط السدس واحد فلصاحب النصف ثلاثة، ولرب السدس واحد، ولا يرجع أقرب الشفعاء على أبعدهم ولا ذو قرابة من الشفعاء على أجنبي؛ لأن القرب ليس هو سبب الشفعة، ولو باع صاحب النصف في المثال الأول فهو بينهما ثلاثة لصاحب الثلث إثنان ولصاحب السدس واحد. وتتصور الشفعة في دار كاملة وهي إما بإظهار ثمن زائد كثيرًا بحيث تترك الشفعة معه كأن تكون دور مشتركة بين جماعة فيبيع أحدهم حصته من الجميع مشاعًا ويظهر أنه باع بثمن كثير لترك الشفعة لأجله، ويقاسم بالمهايات فيحصل للمشتري دار كاملة ثم يتبين الحال فيأخذها الشفيع أو تكون دور جماعة مشتركة فيبيع أحدهم حصته من الجميع مشاعًا

ويظهر انتقال الشقص من جميع الأملاك بالهبة فيقاسم المشتري شركاءه فيحصل له دار كاملة فيأخذها الشفيع ويتصور أن تكون الشفعة في دار كاملة بترك وكيل شريكًا في استيفاء حقوقه أو بترك ولي محجور عليه الأخذ بالشفعة وقسمت بالمهاياة فخرج نصيب مشتر دارًا كاملة، وبيان ذلك أن يوكل الشريك وكيلاً باستيفاء حقوقه ويسافر فيبيع شريكه أو شريك المحجور عليه حصته في جميع الدور المشتركة فيرى الوكيل أو الولي أن الحظ لموكله أو لموليه في ترك الشفعة فلا يطالب بها ويقاسم المشتري الوكيل بحسب وكالته أو الولي بحسب ولايته فيحصل للمشتري دار كاملة فهدمها أو باع بابها فنقصت كما تقدم ثم حضر الشفيع أو رشد المحجور عليه وعلم مقدار الثمن بالبينة أو بإقرار المشتري فله الأخذ بالشفعة. ولو تعيب مبيع بعيب ينقص الثمن مع بقاء عينه كما لو انشلخ الجدار أو تصدع الحجر أو بارت الأرض فليس للشفيع الأخذ إلا بكل الثمن أو يترك؛ لأنه لم يذهب من المبيع شيء حتى ينقص من الثمن. وإسقاط بعض الثمن إضرار بالمشتري والضرر لا يزال بالضرر؛ ولهذا قالوا: لو بنى المشتري أعطاه الشفيع قيمة بنائه، ولو زاد المبيع زيادة متصلة دخلت في الشفعة قاله في «المغني» . ومن له حق في الشفعة إذا ترك الطلب والأخذ بترك كالمدعي إذا سكت عن دعواه ترك إلا أن يكون ترك الأخذ بها حيلة ليلزم بالشفعة كله غيره من الشفعاء مع اعتقاد التارك عجز المتروك له الشقص عن أخذه كله فيترك الشقص جميعه؛ لأنه ليس له أخذ البعض لتبعض الصفقة على المشتري، فإذا وجده التارك أعرض عنه يرجع هو ليأخذه جميعه لنفسه فيحرم عليه التحيل لذلك ويؤمر بأخذ حصته فقط ويرجع العاجز عن أخذ الجميع

بأخذ مقدار حصته ويدفع للمشتري قدر ما خصه من الثمن. ومع ترك البعض من الشركاء حقه من الشفعة لم يكن للباقي الذي لم يترك حقه أن يأخذ بالشفعة إلا كل المبيع أو يترك الكل، قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على هذا؛ لأن في أخذ البعض إضرارًا بالمشتري بتبعيض الصفقة عليه، والضرر لا يزال بالضرر كما لو كان بعض الشفعاء غائبًا، فإنه ليس للحاضر إلا أخذ الكل أو تركه؛ لأنه لم يعلم الآن مطالب سواه. ولو كان المشتري للشقص شريكًا في العقار وثم شريك آخر استقر لمشتر من الشقص بحصته؛ لأنهما تساويا في الشركة فتساويا في الشفعة كما لو كان المشتري غيرهما فإن عفا عن شفعته ليلزم بالشقص كله غيره من الشركاء لم يصح عفوه، ولم يصح الإسقاط؛ لأن ملكه قد استقر على قدر حقه وجرى مجرى الشفيعين إذا أخذ الجميع فلما حضر الآخر وطلب حقه، فقال الآخذ للجميع لشريكه: خذ الكل أودعه. ومن وهب من الشفعاء كل الشقص المشفوع أو يتركه؛ لأنه لا يعلم مطالب سواه ولا يمكن تأخير حقه إلى قدوم الغائب؛ لما فيه من إضرار المشتري، فلو كان الشفعاء ثلاثة فحضر أحدهم وأخذ جميع الشقص ملكه ولا يؤخر بعض ثمنه ليحضر غائب فيطالب؛ لأن الثمن قد وجب عليه فلم يملك تأخيره، فإن أصر على الإمتناع من إبقائه فلا شفعة له، كما لو أبى أخذ جميع المبيع. والغائب من الشفعاء على حقه من الشفعة للعذر، فإذا حضر الشريك

الغائب قاسم شريكه الحاضر إن شاء أو عفا فيبقى الشقص للأول؛ لأن المطالبة إنما وجدت منهما، فإذا حضر ثالث بعد أن قاسم الثاني الأول قاسمهما إن شاء الأخذ بالشفعة وبطلت القسمة الأولى؛ لأنه تبين أن لهما شريكًا لن يقاسم ولم يأذن وإن عفا الثالث عن شفعته بقي الشقص للأولين؛ لأنه لا مشارك لهما. وإن خرج شقص مشفوع مستحقًا وقد أخذ الأول ثم الثاني ثم الثالث منهما، فالعهدة على المشتري؛ لأن الشفعة مستحقة بعد الشراء وحصول الملك للمشتري فكانت العهدة عليه. يرجعون الثلاثة على المشتري ولا يرجعون على بعضهم بشيء، ولو قال ثاني لأول حين قدومه من غيبته لا آخذ إلا قدر نصيبي فله ذلك؛ لأنه اقتصر على بعض حقه، وليس فيه تبعيض للصفقة على المشتري والشفيع دخل على أن الشفعة تتبعض عليه. ولا يطالب غائب شريكه الذي سبقه بالأخذ بما أخذه سابقًا من غلة الشقص المشفوع من ثمر وأجر ونحوهما قبل أن يقدم من غيبته؛ لأنه انفصل في ملكه فأشبه ما لو انفصل في يد المشتري. وإن ترك الأول الأخذ بالشفعة أو أخذ بها ثم رد ما أخذه بعيب توفرت الشفعة على صاحبيه الغائبين فإذا قدم الأول منهما فله أخذ الجميع على ما ذكر في الأول، وإن أخذ الأول الشقص بالشفعة ثم أعاده للمشتري بنحو هبة فلا شفعة للغائبين؛ لأنه عاد بغير السبب الذي تعلقت به الشفعة بخلاف رد بعيب؛ لأنه رجع إلى المشتري بالسبب الأول فكان له أخذه كما لو عفا.

س18: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: ما بيع على عقدين: إذا اشترى إثنان حق واحد، إذا اشترى واحد حق إثنين، إذا اشترى واحد من آخر شقصين من عقارين، إذا بيع شقص مشفوع مع ما لا شفعة فيه. مثال ذلك، واذكر ما يترتب على ذلك، إذا باع إثنان نصيبهما من إثنين صفقة واحدة، وضح الشرط الخامس للشفعة، الشفعة في الملك الناقص، مثاله، الموقف في الجائز بيعه، إذا وكل أحد الشريكين الآخر فباع بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن شريكه إذا تصرف المشتري بعد الطلب أو قبله، حكم تصرفه فيما سبق، تصرف المشتري برهن أو أجاره انتقال الشقص لوارث إذا أوصى المشتري بالشقص، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

(18) تعدد الشافع والمشفوع فيه وبيان الشرط الخامس للشفعة وحكم الشفعة في الملك الناقص س18: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: ما بيع على عقدين: إذا اشترى إثنان حق واحد، إذا اشترى واحد حق إثنين، إذا اشترى واحد من آخر شقصين من عقارين، إذا بيع شقص مشفوع مع ما لا شفعة فيه. مثال ذلك، واذكر ما يترتب على ذلك، إذا باع إثنان نصيبهما من إثنين صفقة واحدة، وضح الشرط الخامس للشفعة، الشفعة في الملك الناقص، مثاله، الموقف في الجائز بيعه، إذا وكل أحد الشريكين الآخر فباع بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن شريكه إذا تصرف المشتري بعد الطلب أو قبله، حكم تصرفه فيما سبق، تصرف المشتري برهن أو أجاره انتقال الشقص لوارث إذا أوصى المشتري بالشقص، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: لشفيع فيما بيع على عقدين الأخذ بالشفعة بالعقدين؛ لأن شفيع فيهما وله الأخذ بأحدهما أيهما شاء؛ لأن كلاً منهما بيع مستقل بنفسه وهو يستحقها، فإذا سقط البعض كان له ذلك، كما لو أسقط حقه من الكل ويشارك الشفيع مشتر إذا أخذ بالعقد الثاني دون الأول لاستقرار ملك المشتري فيه فهو شريك في البيع الثاني، فإن أخذ بالبيعين أو بالأول لم يشاركه؛ لأنه لم يسبق له شركة. وإن بيع شقص على أكثر من عقدين فللشفيع الأخذ بالجميع وببعضها ويشاركه مشتر إن أخذ بغير الأول بنصيبه مما قبله. وإن تعدد دون العقد بأن اشترى إثنان حق واحد صفقة واحدة أو اشترى واحد لنفسه ولغيره بالوكالة أو الولاية أولهما بأن كان وكيلاً لأحدهما

ووليًا على الآخر حق واحد فللشفيع أخذ حق أحدهما؛ لأن الصفقة مع اثنين بمنزلة عقدين فيكون للشفيع الأخذ بهما وبأيهما شاء، وكذا إن اشترى الواحد لنفسه ولغيره لتعدد من وقع له العقد. وإن اشترى واحد حق اثنين صفقة واحدة أو اشترى واحد من آخر شقصين من عقارين صفقة واحدة فللشفيع أخذ أحد المشترين أو البائعين؛ لأن الصفقة مع اثنين بائعين أو مشترين بمنزلة عقدين أو باع شريك من عقارين شقصين صفقة واحدة فللشفيع أخذ أحد الشقصين من أحد العقارين دون الآخر؛ لأن الضرر قد يلحقه بأرض دون أخرى. ولشفيع أخذ شقص مشفوع بيع صفقة واحدة مع شقص لا شفعة فيه كعرض أو فرس أو نحو ذلك بثمن واحد فيأخذه بقسطه من الثمن فيقسم الثمن المسمى على قيمة الشقصين أو قيمة الشقص وقيمة ما معه. فلو كانت قيمة الشقص مائة وقيمة ما معه عشرون أخذ الشقص بخمسة أسداس ما وقع عليه العقد ولا يثبت لمشتر خيار تفريق فيهما في أخذ الشقص. وإن باع إثنان نصيبهما من إثنين صفقة واحدة فالتعدد واقع من الطرفين إذ البائع إثنان والمشتري إثنان والعقد واحد وذلك العقد بمثابة أربع صفات فللشفيع أخذ الكل أو أخذ نصفه من أحدهما ويبقى نصفه الآخر أو أخذ ربعه من أحدهما فيبقى له وللآخر نصفه وذلك خمسة أخيرة. الشرط الخامس للأخذ بالشفعة: سبق ملك للرقبة، وذلك بأن يسبق ملكه الجزء من رقة ما منه الشقص المبيع على زمن البيع؛ لأن الشفعة ثبتت لدفع الضرر عن الشريك فإذا لم يكن له ملك سابق فلا ضرر عليه فلا شفعة. ويعتبر ثبوت الملك للشفيع بالبينة أو إقرار المشتري فلا تكفي اليد؛ لأنها

مرجحة فقط حملاً بالظاهرة ولا تفيد الملك فيثبت الأخذ بالشفعة لمكاتب سبق ملكه للرقبة لصحة ملكه كغيره. ولا تثبت الشفعة لأحد إثنين اشتريا دارًا صفقة واحدة على آخر؛ لأنه لا مزية لأحدهما على صاحبه؛ لأن شرط الأخذ سبق الملك وهو معدوم هنا، وكذا لو جهل السبق مع إدعاء كل منهما السبق وتحالفا أو أقاما بينتين وتعارضة بينتاهما بأن شهدت بينة كل واحد منهما بسبق ملكه وتجدد ملك صاحبه؛ لأنه لم يثبت السبق لواحد منهما. ولا تثبت الشفعة لمالك بملك غير تام كبيع شقص من دار موصى له ببيعها فلا شفعة للموصى له؛ لأن المنفعة لا تؤخذ بالشفعة فلا تجب بها. ولا يثبت الملك لمالك بملك غير تام كشركة وقف على معين فلا يأخذ موقوف عليه بالشفعة، فدار نصفها وقف ونصفها طلق وبيع الطلق لا شفعة للموقوف عليه؛ لأن ملكه غير تام. وقيل له: الشفعة؛ لعموم الحديث المذكور حديث جابر قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم الحديث ولوجود المعنى وهو دفع الضرر، قالوا: بل صاحب الوقف إذا لم يثبت له شفعة يكون أعظم ضررًا من صاحب الطلق لتمكن المالك من البيع والتخلص من الضرر بخلاف مستحق الوقف فإنه يضطر إلى بقاء الشركة، والحديث لم يفرق بين الذي ملكه تام والذي ملكه ناقص، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه أعلم. ويصح عكسه فيؤخذ بالشفعة موقوف جاز بيعه وهو ما تعطلت منافعه كتعطيل منافع دار نصفها وقف ونصفها طلق بانهدامه أو خراب محلتها وبيع الشقص الموقوف ليشتري بثمنه ما يكون وقفًا مثله أو دونه أو يصرف في وقف مثله، إذ ما لا يدرك كله لا يترك كله فللشريك الأخذ بالشفعة

إذ لو تراضيا على القسمة بلا رد عوض من المالك أو برد عوض من أهل الوقف لكان ذلك جائزًا. وإن وكل أحد الشريكين الآخر بأن قال له: بع نصف نصيبي مع نصف نصيبك فباع بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن شريكه ثبتت الشفعة لكل من الشريكين في الشقص المبيع من نصيب صاحبه على قدر حصته؛ لأن المبيع المذكور بمنزلة عقدين لتعدد من وقع منه العقد. وتصرف مشتر في الشقص المشفوع بعد طلب شفيع بالشفعة باطل لانتقال الملك إلى الشفيع بالطلب في الأصح أو الحجر عليه به لحق الشفيع على مقابله. وإن نهى الشفيع المشتري عن التصرف ولم يطالبه بها لم يصر المشتري ممنوعًا. وتصرف مشتر قبل الطلب بوقف على معين كان وقفه على ولده أو ولد زيد أو على غير معين كان وقفه على المساجد أو وقفه على الفقراء أو على الغزاة أو تصرف في الشقص بهبة أو تصرف فيه بصدقة أو بما لا تجب به شفعة إبتداء كجعله مهرًا أو عوض خلع أو صلحًا عن دم عمد يسقط الشفعة؛ لأن الشفعة إضرار بالموقوف عليه والموهوب له والمتصدق عليه؛ لأن ملكه يزول عنه بغير عوض؛ لأن الثمن يأخذه المشتري والضرر لا يزال بالضرر، وهذا القول من «مفردات المذهب» قال ناظمها: ومشتر للشقص إن قد وقفا لا حيلة بعد الطلاق بالوفاء يبطل حق شفعة كذا الهبة وصدقات للفقير ذا هبة

جمهور الأصحاب على هذا النمط والقاضي قال النص في الوقف فقط وقال أبو بكر: لا تسقط الشفعة، وهو قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي؛ لأن الشفيع لا يملك الأخذ به أولى، ولأن حق الشفيع أسبق وجنبيته أقولى، فلم يملك المشتري تصرفًا يبطل حقه فيأخذه بالثمن الذي وقع به البيع، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه أعلم. ويحرم على المشتري التصرف بوقف أو هبة أو صدقة وما عطف على ذلك مما تقدم ليسقط به الشفعة ولا تسقط الشفعة بتصرف المشتري بالشقص المشفوع برهن أو إجارة لبقاء المرهون والمؤجر في ملك المشتري وسبق تعلق حق الشفيع على حق المرتهن والمستأجر وينفسخ الرهن والإجارة بأخذ الشفيع الشقص على حق المرتهن والمستأجر وينفسخ الرهن والإجارة بأخذ الشفيع الشقص المرهون أو المؤجر بالشفعة من حين الأخذ؛ لأنهما يستندان إلى الشراء ولسبق حقهما، وأيضًا الفرق بين الأخذ بالشفعة والبيع أن الشقص خرج من يد المشتري قهرًا عليه بالأخذ بالشفعة بخلاف البيع، وقيل: إن أجره أخذه الشفيع، وله الأجرة من يوم أخذه بالشفعة ولا تنفسخ، وقيل: للشفيع الخيار بين فسخ الإجارة وتركها، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه أعلم. ولا تسقط الشفعة بانتقال لوارث بموت مورثه إن طالب بها قبل موته، وقيل: إن مات الشفيع قبل العفو والأخذ انتقل حقه من الشفعة إلى ورثته؛ لأنه قبض استحقه بعقد البيع فانتقل إلى الورثة كقبض المشتري في البيع، ولأنه خيار ثابت لدفع الضرر عن المال فورث كالرد بالعيب وإن كان له وار ثان فعفا أحدهما عن حقه سقط حقه فقط ولم يسقط حق الثاني كما لو عفا أحد

الشفيعين، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه أعلم. ولا تسقط الشفعة بانتقال الشقص المشفوع لبيت المال بأن ارتد المشتري عن الإسلام فقتل أو مات قبل علم الشفيع بالبيع فللشفيع إذا علم الأخذ بالشفعة من بيت المال لانتقال مال المرتد إليه؛ لأنها وجبت بالشراء وانتقاله إلى المسلمين بقتله أو موته لا يمنع الشفعة كما لو مات على الإسلام فورثه ورثته. ويؤخذ الشقص بالشفعة من وكيل بيت المال؛ لأنه نائب عن المسلمين الآيل إليهم الشقص. ولا تسقط الشفعة بوصية من المشتري بأن أوصى بالشقص المشفوع ومات إن أخذ الشفيع والشقص قبل قبول موصى له؛ لأن حقه أسبق من حق الموصى له فإذا أخذه دفع الثمن إلى الورثة، وطلت الوصية؛ لأن الموصي به ذهب فبطلت الوصية به كما لو تلف ولا يستحق الموصى له بدله؛ لأنه لم يوص له إلا بالشقص وقد فات بأخذه. وإن كان الموصى له قبل الوصية بالشقص قبل أخذ الشفيع الشفعة أو قبل طلبه بها لزمت الوصية واستقر للموصى له وسقطت الشفعة؛ لأن الشفعة إضرار بالموصى له؛ لأنه ملكه يزول عنه بغير عوض، وكما لو وهبه المشتري قبل الطلب. وإن طلب الشفيع الأخذ بالشفعة قبل قبول الوصية ولم يأخذ بعد حتى مات الموصى بطلت واستقر الأخذ للشفيع سواء قبل الموصى له الوصية أو لا؛ لأنه ملك قبل لزوم الوصية ففات على الموصى.

س19: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا بيع الشقص المشفوع قبل الطلب، إذا رجع الشقص إلى الشريك بسبب فسخ، رجوع الشقص إلى الشريك بسبب فسخ إقالة أو عيب في الشقص أو في الثمن أو فسخ لعيب الثمن بعد الأخذ بها، وما الذي يترتب على ذلك إذا ظهر الشفيع على عيب المشفوع إذا بان ثمن مستحقا، إذا حصل إختلاف بين الشفيع والمشتري والبائع وإقرار وإنكار؟ واذكر الأدلة والتعليلات والتفاصيل والاحترازات والقيود والخلاف والترجيح.

(19) رجوع الشقص المشفوع بعيب أو أقاله وحكم ما إذا بان مستحقًا أو حصل اختلاف بين البائع والمشتري والشفيع أو ظهر الشفيع على عيب المشفوع س19: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا بيع الشقص المشفوع قبل الطلب، إذا رجع الشقص إلى الشريك بسبب فسخ، رجوع الشقص إلى الشريك بسبب فسخ إقالة أو عيب في الشقص أو في الثمن أو فسخ لعيب الثمن بعد الأخذ بها، وما الذي يترتب على ذلك إذا ظهر الشفيع على عيب المشفوع إذا بان ثمن مستحقًا، إذا حصل إختلاف بين الشفيع والمشتري والبائع وإقرار وإنكار؟ واذكر الأدلة والتعليلات والتفاصيل والاحترازات والقيود والخلاف والترجيح. ج: لا تسقط الشفعة ببيع المشتري الشقص قبل الطلب فيأخذ الشقص المشفوع شفيع بثمن أي البيعين شاء؛ لأن سبب الشفعة الشراء وقد وجد كل منهما، ولأنه شفيع في العقدين وعلم من ذلك صحة تصرف المشتري في الشقص قبل الطلب وكون الشفيع له أن يتملكه لا يمنع من تصرفه كما لو كان أحد العوضين معيبًا فإنه لا يمنع من التصرف في الآخر وكالإبن يتصرف في العين الموهوبة له وإن جاز لأبيه الرجوع فيها ويرجع الذي أخذ من الشقص ببيع قبل بيعه وهو من كان الشقص بيده حال الأخذ على بائعه بما أعطاه من الثمن؛ لأنه لم يسلم له المعوض فإن الشفيع الشقص بالبيع الأول رجع المشتر الثاني على المشتري الأول مما دفعه له من الثمن وينفسخ البيع الثاني. وإن كان ثم مشتر ثالث بأن لم يعلم الشفيع حتى تبايع ثلاثة فأكثر وأخذ الشفيع بالبيع الأول رجع المشتري والثاني على الأول والمشتري الثالث على

الثاني وهلم جرا، وينفسخ ما بعد البيع الأول وإن أخذ بالبيع الأخير فلا رجوع واستقرت العقود وإن أخذ بالمتوسط إستقر ما قبله وانفسخ ما بعده، فإن اشتراه الأول بمائة كيلو أرز، والثاني بمائة كيلو، والثالث بمائة كيلو شعير، فإن أخذ الشفيع من الأول دفع له مائة كيلو أرز ويرجع كل من الثاني والثالث على بائعه بما دفع؛ لأن المشتري إذا انفسخ البيع رجع بالثمن وإن أخذ بالبيع الثاني دفع للمشتري الثاني مائة كيلو بر ويرجع الثالث على الثاني بما دفعه له وإن أخذ بالبيع الثالث على دفع للمشتري الثالث مائة كيلو شعير ولا رجوع لأحد منهم على غيره. مثال ثاني: كأن يشتري الشقص المشتري الأول بخمسة ريالات ويبيعه من آخر بعشرة ريالات ويأخذ الشقص شفيع من المشتري الأول بخمسة ريالات ويرجع المشتري الثاني على الأول بما دفعه له من الثمن وهو العشرة ريالات وينفسخ البيع الثاني. وإن كان مشتر ثالث بخمسة عشر ريالاً ولم يعلم الشفيع حتى تبايع ثلاثة فأكثر وأخذ الشفيع بالبيع الأول رجع المشتري الثاني على الأول، والمشتري الثالث على الثاني وهلم جرا أو ينفسخ ما بعد البيع الأول وإن أخذ الشفيع بالبيع الأخير فلا رجوع واستقرت العقود وإن أخذ بالمتوسط استقر ما قبله وانفسخ ما بعده. ولا تسقط الشفعة برجوع الشقص إلى الشريك بسبب فسخ البيع لتحالف على قدر الثمن بسبب اختلافهما فيه لسبق استحقاق الشفعة الفسخ ويؤخذ الشقص بثمن حلف عليه بائع؛ لأن البائع مقر بالبيع الثمن الذي حلف عليه ومقر للشفيع باستحقاق الشفعة بذلك، فإذا بطل حق المشتري بإنكاره لم يبطل حق الشفيع بذلك فله أن يطلب فسخهما ويأخذ؛ لأن حقه أسبق.

ولا تسقط الشفعة برجوع الشقص إلى الشريك بسبب فسخ إقالة أو بسبب فسخ البيع لوجود عيب في شقص فللشفيع إبطال الإقالة والرد والأخذ بالشفعة؛ لأن حقه سابق عليهما وفسخ البائع البيع لعيب في ثمن الشقص المشفوع المعين قبل أخذ الشفيع الشقص بالشفعة يسقطها؛ لأنه من جهة البائع، ولما فيه من الإضرار بالبائع بإسقاط حقه من الفسخ الذي إستحقه بوجود العيب والشفعة تثبت لإزالة الضرر والضرر لا يزال بالضرر، ولأن حق البائع في الفسخ أسبق؛ لأنه استند إلى وجود العيب وهو موجود حال البيع والشفعة تثبت بالبيع ويفارق ما إذا كان الشقص معيبًا، فإن حق المشتري إنما هو في استرجاع الثمن وقد حصل له من الشفيع فلا فائدة في الرد. ولا تسقط الشفعة بالفسخ لعيب الثمن بعد الأخذ بالشفعة؛ لأن الشفيع ملك الشقص بالأخذ فلا يملك البائع إبطال ملكه، كما لو باعه المشتري لأجنبي، فإن الشفعة بيع في الحقيقة. ولبائع إذا فسخ بعد أخذ الشفيع إلزام مشتر بقيمة شقص؛ لأن الأخذ بالشفعة بمنزلة تلف الشقص. وليس لبائع إلزام مشتر بعد أخذ الشفيع بالثمن الذي قبضه المشتري من الشفيع بدلاً عن المعيب؛ لعدم وقوع العقد على ما أقبضه الشفيع؛ لأن الشفيع إنما دفع للمشتري قيمة غير المعيب. ويتراجع مشتر وشفيع بما بين قيمة شقص وثمنه الذي وقع عليه العقد فيرجع دافع الفضل بالأكثر منهما على صاحبه بالفضل، فإذا كانت قيمة الشقص مائة وقيمة العبد الذي هو ثمن الشقص مائة وعشرون 120 وكان المشتري أخذ المائة والعشرين من الشفيع رجع الشفيع عليه بالعشرين؛ لأن الشقص إنما استقر عليه بالمائة.

ولا يرجع شفيع على مشتر بأرش عيب في ثمن عفى عنه بائع امعنى لو أبرأ البائع مشتري الشقص من العيب الذي وجده بالعبد الذي هو ثمن الشقص فلا رجوع للشفيع عليه بشيء؛ لأن البيع لازم من جهة المشتري لا يملك فسخه أشبه ما لو حط البائع عنه بعض الثمن بعد لزوم العقد وإن اختار ابائع أخذ أرش العيب فله ذلك، ولا يرجع مشتر على شفيع بشيء إن دفع إليه قيمة العبد سليمًا وإلا رجع عليه ببدل ما أدى من إرشه. وإن عاد الشقص إلى المشتري من الشفيع أو غيره ببيع أو غيره لم يملك بائع استرجاعه بمقتضى فسخه لعيب الثمن السابق لزوال ملك المشتري عنه وانقطاع حقه منه إلى القيمة، فإذا أخذها البائع لم يبق له حق بخلاف غاصب تعذر عليه رد مغصوب فأدى قيمته ثم قدر عليه فإنه يرده ويسترجع القيمة؛ لأنه ملك المغصوب منه لم يزل عنه ولشفيع أخذ الشقص بالشفعة ثم ظهر على عيب به لم يعلمه المشتري ولا الشفيع رد الشقص على مشتر أو أخذ أرشه منه ويرجع المشتري على البائع بالثمن ويرد الشقص إن رده الشفيع عليه أو يأخذ الأرش. ومن علم بالعيب عند العقد أو قبله من شفيع ومشتر لم يرد الشقص المعيب ولم يطالب بأرشه؛ لأنه دخل على بصيرة وللمشتري الأرش للعيب الذي لم يعلمه. وإن بان ثمن معين مستحقًا بطل البيع ولا شفعة؛ لأنها إنما تثبت في عقد ينقل الملك إلى المشتري، فإن كان الشفيع قد أخذ بالشفعة لزمه رد ما أخذه على البائع ولا يثبت ذلك إلا ببينة أو إقرار المتبائعين والشفيع، فإن أقرا وأنكر الشفيع لم يقبل قولهما عليه، وله الأخذ بالشفعة ويرد العبد لصاحبه ويرجع على المشتري بقيمة الشقص. وإن أقر الشفيع والمشتري دون البائع لم تثبت الشفعة ووجب على

المشتري رد قيمة العبد على صاحبه ويبقى الشقص معه يزعم أنه للبائع والبائع ينكر ويدعي عليه وجوب رد العبد فيشتري الشقص منه ويتباريان. وإن أقر الشفيع والبائع وأنكر المشتري وجب على البائع رد العبد على صاحبه ولم تثبت الشفعة ولم يملك البائع مطالبة المشتري بشيء؛ لأن البيع صحيح في الظاهر، وقد أدى ثمنه الذي هو ملكه في الظاهر. وإن أقر الشفيع وحده لم تثبت الشفعة ولا يثبت شيء من أحكام البطلان في حق المتبايعين. وإن كان اشترى الشقص بثمن في ذمته ثم نقد الثمن فبان مستحقًا كانت الشفعة واجبة؛ لأن البيع صحيح، فإن تعذر قبض الثمن من المشتري لا عساره أو غيره فللبائع فسخ البيع، ويقدم حق الشفيع؛ لأن بالأخذ بها يحصل للمشتري ما يؤديه ثمنًا فتزول عسرته ويحصل الجمع بين الحقين. وإن كان الثمن مكيلاً أو موزونًا أو معدودًا أو مزروعًا فتلف قبل قبضه بطل البيع وانتفت الشفعة إن كان التلف قبل الأخذ بها؛ لأنه تعذر التسليم فتعذر العقد فلم تثبت الشفعة كالفسخ بخيار، فإن كان الشفيع أخذ بالشفعة قبل التلف لم يكن لأحد استرداد الشقص لاستقرار ملك الشفيع عليه ويغرم مشتريه لبائعه قبل المبيع ويأخذ من الشفيع بدل ما وقع عليه العقد. من النظم والزم شفيعًا إن أبوا قلعه فخذ بقيمته في يوم تقويمه قد وإن شايز له ضامنًا أرش نقصه وعن شفعة أن يأب الأمرين يصدد

فما غرسوه أو بنوا يقلع إن بنوا ويلزمهم نقص بقلع بأجود ولم يضمنوا نقصًا بغرس ولا بنا فخذ المسمى الشقص ناقصًا أو حد وفي ذا أن يبيعوا البعض أو هدموا البنا فخذ ما بقي بالقسط من ثمن قد وقيمته ما بين قيمة أرضه مفرغة منه ومشغولة طد وأن يتوكل أو يدل لعقدهم أو اختار أمضا البيع إن خير اطد وترك الأحظ أحظر وخذ بعد تركه لطفل فيملكه فإن رد يصدد وتسقط بالإطلاق عند ابن بطه ومن غير حظ اسقطن في المجود ويأخذ في الأولى مسقط قبل بيعهم ومن باع قبل العلم في المتجود ويأخذ ذا المبتاع شقص شفيعه الذي باعه من مشتريه بأجود ولا شفعة في بعض باق جميعه ومع هلك بعض خذ بقسط بأجود وقيل بما قد بيع أجمع خذه إن يكن بسماوي هلاك المفقد وإن يتو بعض خذ مبقى بقسطه وقيل بفعل الرب بالكل أو ذد

ولا شفعة في بعض باقي شرا امرئ ولو بالمسمى جوزوا لم أبعد وإن بيع مشفوع وما ليس صفقة فبالقسط خذ دفع احتيال بأوطد وإن يتعدى مشتري وعقودهم فذا صفقتان أما تشا خذ بمفرد وإن يتعدد بائع أو مبيعهم فخذه في الأقوى أن يتحد عقد عقد فمن يشر من أرضين شقصين صفقة وحق امرئين الفرد خذ في المجودِ وللشفعاء أقسم على قدر ملكهم وعنه على عد الرؤوس ليعدد فإن يعف فرد لم يكن لسواه أن يحوز سوى كل وإلا ليطرد ويأخذ مبتاع شريكًا بقسطه وليس له إلزامهم بالمعدد ومبتاع شقص صفقتين من امرئ لشركته خذ للجميع ومفرد فلا شفعة أن يأخذوا بمقدم وبالثان أو بالكل خذها بأجود وبعد أطلاب انبذ تصرف مشتر وقيل العطا والوقف صحح بأوطد وإن باع خذ ممن تشاء بشفعة بما ابتاعه الآخر قط بمبعد

وقيل متى تأخذه من غير آجر يرد على من بعده ثمنًا قد ومع فسخ عيب الشقص أو بإقالة وفسخ لآلي الحلف خذ ثمت أردد المسمى وفي الأحلاف ما قال بائع وإن آجر افسخ حين تأخذ تسعد وغلته للمشتري قبل أخذه وبادي زروع والثمار بها أشهد بلا أجرة للأرض تبقى أخذه إلى وقت حصد والجذاذ ليرصد ومتصل النامي وما لم يبن من الثمار تبع للأصل في الآخذ فاردد ولا تأخذن من بائع رد شقصه بعيب وإيلاء وإختلاف تفند ولا باختيار الفسخ أو رد مهرها بموجبه بل من مقال بمبعد ولا شفعة في الشقص بيع بعرض أن يجد بائع كالعرض عيبًا فيردد وللمفلسين الأخذ لا وزن مالهم لأخذ وعن أخذ الغريم بها أصدد وتورث عمن مات قبل طلابها وأسقط بموت قبله في المؤطد

س20: هل بين الشفيع والبائع إقالة إذا أدرك الشفيع الشقص وقد شغل بزرع أو ظهر الثمر في الشجر، فما الحكم في ذلك؟ واذكر ما يترتب على ذلك من المسائل، وإذا قاسم المشتري الشفيع لإظهار زيادة ثم غرس المشتري أو بنى فهل تسقط الشفعة؟ وهل يضمن نقض القلع؟ وما صفة التقويم؟ وإذا حفر المشتري في المشفوعة بئرا فهل يأخذها الشفيع مجانا؟ وإذا باع شفيع شقصه أو بعضه قبل عمله فهل تبطل شفعته؟ وإذا مات الشفيع فهل تسقط شفعته؟ وإذا بيع شقص له شفيعان فعفا أحدهما عن الشفعة وطلب الآخر ثم مات الطالب فما الحكم؟ ومن هم الثلاثة الذين يسقط حقهم قبل أن يطالبوا؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والقيود والمحترزات والخلاف والترجيح.

(20) إذا انشغل الشقص المشفوع بزرع أو غرس أو بيع قبل عمل أو حصل به نقص إلخ س20: هل بين الشفيع والبائع إقالة إذا أدرك الشفيع الشقص وقد شغل بزرع أو ظهر الثمر في الشجر، فما الحكم في ذلك؟ واذكر ما يترتب على ذلك من المسائل، وإذا قاسم المشتري الشفيع لإظهار زيادة ثم غرس المشتري أو بنى فهل تسقط الشفعة؟ وهل يضمن نقض القلع؟ وما صفة التقويم؟ وإذا حفر المشتري في المشفوعة بئرًا فهل يأخذها الشفيع مجانًا؟ وإذا باع شفيع شقصه أو بعضه قبل عمله فهل تبطل شفعته؟ وإذا مات الشفيع فهل تسقط شفعته؟ وإذا بيع شقص له شفيعان فعفا أحدهما عن الشفعة وطلب الآخر ثم مات الطالب فما الحكم؟ ومن هم الثلاثة الذين يسقط حقهم قبل أن يطالبوا؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والقيود والمحترزات والخلاف والترجيح. ج: لا تصح الإقالة بين البائع والشفيع؛ لأنه ليس بينه وبينه بيع وإنما هو مشتر من المشتري والإقالة إنما يكون بين متبايعين فإن باعه إياه صح؛ لأن العقار يجوز التصرف فيه قبل القبض. وإن استغل الشقص المشفوع مشتر قبل أخذ الشفيع بالشفعة بأن أخذ ثمرته أو أجرته فهي له وليس للشفيع مطالبة المشتري بدرها؛ لحديث: «الخراج بالضمان» . وإن أدرك الشقص المبيع شفيع وقد اشتغل الشقص بزرع مشتري وكان الشقص من أرض ونخل فلم يدركه الشفيع حتى ظهر ثمر في شجر بعد شرائه أو أدركه شفيع وقد أبر طلع للنخل المبيع ولو كان موجودًا حينه بلا تأثير ونحوه، كما لو كان الشقص من أرض بها أصول باذنجان أو قثاء أو بامياء فعلى

الشفيع تركه لفراغ اللقطات بلا أجرة هذا إن كانت الأصول لمشتر، وأما إذا كانت لمستأجر أو مستعير من المشتري فليس له إلا اللقطة الأولى فقط. وإن قاسم مشتر شفيعًا أو قاسم وكيل الشفيع في غيبته لإظهار المشتري زيادة ثمن على الثمن المبتاع به الشقص ونحوه كإظهاره أن الشريك وهبه له أو وقفه عليه أو أن الشراء لغيره ثم غرس المشتري أو بنى فيما خرج له بالقسمة لم تسقط الشفعة؛ لأن الشفيع لم يترك الأخذ بها إعراضًا عنها، بل لما أظهره المشتري. وكذا الحكم لو كان الشفيع غائبًا أو صغيرًا وطالب المشتري الحاكم بالقسمة فقاسم ثم قدم الغائب وبلغ الصغير فلهما الأخذ بالشفعة ولربهما أي الغراس والبناء إذا أخذ الشقص بالشفعة قلعهما؛ لأنهما ملكه على انفراده وسواء كان فيه ضرر أو لا لأنه تخليص لعين ماله مما كان حين الوضع في ملكه، وقيل له ذلك إذا لم يكن فيه ضرر، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه أعلم. ولا يضمن مشتر قلع غراسه أو بناءه نقصًا حصل بقلعه لانتفاء عدوانه فيخير فيه الشفيع بين أخذ الشقص ناقصًا بكل الثمن أو تركه ولا يسوي المشتري حفرًا إذا قلع غرسه أو بناءه لعدم عدوانه، فإن أبى مشتر قلع غراسه أو بنائه فللشفيع أخذ الغراس والبناء إذا علم الحال بقيمته حين تقويم الغراس والبناء وصفة التقويم أن تقوم الأرض مشغولة بنحو غرس أو بناء ثم تقوم الأرض خالية من الغراس أو البناء فما بينهما فهو قيمة نحو بناء كغراس؛ لأن ذلك هو الذي زاد بالغراس. وفي «الإقناع وشرحه» : ولا يلزم الشفيع إذا أخذ الغراس أو البناء دفع ما أنفقه المشتري على الغراس والبناء سواء كان ما أنفقه أقل من قيمته

أو أكثر منها بل تلزمه قيمته فقط، أو قلع الغراس أو البناء ويضمن نقصه من القيمة المذكورة وهي ما بين قيمة الأرض مغروسة أو مبنية وبين قيمتها خالية ويلزم الشفيع إبقاء الغراس أو البناء بأجرة؛ لأن مدته تطول ولا يعلم متى تنقضي فإن أبى الشفيع أحد الشيئين فلا شفعة؛ لأنه مضار. وإن حفر المشتري في البقعة المشفوعة بئرًا لنفسه بإذن الشفيع لإظهار زيادة ثمن ثم علم فأخذ بالشفعة أخذ شفيع البئر مع الشقص ولزم الشفيع للمشتري أجرة مثل حفرها؛ لأن المشتري لم يتعد بحفرها. وإن باع شفيع شقصه من الأرض التي بيع منها الشقص المشفوع أو باع بعض شقصه منها قبل علمه ببيع شريكه، فعلى شفعته؛ لأنها ثبتت له حين باع شريكه ولم يوجد منه ما يدل على عفوه عنها. وثبتت الشفعة لمشتر أول وهو الذي لم يعلم الشفيع بشرائه حين باع شقصه فيما باعه شفيع؛ لأنه شريك في الرقبة أشبه المالك الذي لم يستحق عليه شفعة وإن باع شفيع جميع حصته بعد علمه ببيع شريكه سقطت شفعته. وتسقط الشفعة بموت شفيع لم يطلب الأخذ بها مع طدوة أو شهادة مع عذر؛ لأنها نوع خيار شرط للتمليك أشبه القبول فإنه لو مات من يريد القبول بعد إيجاب صاحبه لم يقم وارثه مقامه في القبول، ولأنا لا نعلم بقاء الشفعة لاحتمال رغبته عنها ولا ينتقل إلى الورثة ما شك في ثبوته ولا تسقط الشفعة بموت شفيع بعد طلب المشتري بها أو بعد إشهاد بالطلب حيث اعتبر الإشهاد كمرض شفيع أو غيبته عن البلد وتكون الشفعة لورثته كلهم بقدر إرثهم كسائر حقوقه. ولا فرق في الوارث بين ذي الرحم والزوج والمولى المعتق وعصبته المتعصبون بأنفسهم وبيت المال فيأخذه الإمام بها إذا لم يكن ثم وارث

س21: بما يأخذ الشفيع الشقص المشفوع، وإذا طلب الشفيع الإمهال لتحصيل الثمن فهل يمهل؟ وإذا جهل الثمن أو اتهمه شفيع أو عجز شفيع عن ثمن أو بقي الثمن في ذمة شفيع حتى فلس أو كان ثمن الشقص مؤجلا أو حصل زيادة في الثمن أو نقص في زمن خيار، فما الحكم؟ ومن القول قوله في قدر الثمن، وإذا ادعى مشتر جهله بقدر الثمن أو ادعى أنه غرس أو بنى

خاص يستغرق بفرض أو تعصيب أو رد أو رحم. والذي تطمئن إليه النفس أنه إذا مات الشفيع قبل العفو والأخذ أنه ينتقل حقه إلى ورثته ولو لم يطالب بها؛ لأنه قبض استحقه بعقد البيع فانتقل إلى الورثة كقبض المشتري في البيع، ولأنه خيار ثابت لدفع الضرر عن المال فورث كالرد بالعيب، والله سبحانه أعلم. فإن ترك بعض الورثة حقه من الأخذ بالشفعة توفر الحق على باقي الورثة ولم يكن لهم إلا أن يأخذوا الكل؛ لأن في أخذ البعض وترك البعض إضرار بالمشتري. ولو بيع شقص له شفيعان فعلى أحدهما عن الشفعة وطلب الآخر ثم مات الطالب فورثه العافي عن الشفعة فله أخذ الشقص بالشفعة؛ لأن عفوه أو لا عن حقه الثابت بالبيع لا يسقط حقه المتجدد بالإرث، والثلاثة الذين يسقط حقهم قبل أن يطالبوا الشفيع والمتبايعان بالخيار والمقذوف. (21) مسائل حول الجهل بالثمن أو زيادته أو نقصه أو العجز عنه أو تأجيل الثمن أو القدرة على بعض، وحول اختلاف الشفيع والمشتري في الثمن أو ادعى شيئًا ينكره الخصم فيما يتعلق بذلك س21: بما يأخذ الشفيع الشقص المشفوع، وإذا طلب الشفيع الإمهال لتحصيل الثمن فهل يمهل؟ وإذا جهل الثمن أو اتهمه شفيع أو عجز شفيع عن ثمن أو بقي الثمن في ذمة شفيع حتى فلس أو كان ثمن الشقص مؤجلاً أو حصل زيادة في الثمن أو نقص في زمن خيار، فما الحكم؟ ومن القول قوله في قدر الثمن، وإذا ادعى مشتر جهله بقدر الثمن أو ادعى أنه غرس أو بنى

في الأرض، أو أدلى كل من شفيع ومشتر ببينة أو شهد البائع لأحدهما، أو قال مشتر: اشتريته بألف، وأثبته بأكثر، أو قال مشتر: غلطت أو نسيت أو كذب، أو ادعى شفيع شراءه بألف، فقال: بل اتهبته أو ورثته أو أنكر مدعي عليه وأقرّ بائع فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك من المسائل والأحكام؟ واذكر القيود والمحترزات والتفاصيل والأدلة والتعليلات والخلاف والترجيح. ج: يملك الشقص المشفوع شفيع مليء بلا حاكم؛ لأنه حق ثبت بالإجماع فلم يفتقر إلى حكم حاكم كالرد بالعيب بقدر ثمنه الذي استقر عليه العقد وقت لزوموه قدرًا وجنسًا وصفة؛ لحديث جابر: «فهو أحق به بالثمن» رواه أبو إسحاق الجوزجاني في «المترجم» ، ولأن الشفيع إنما يستحق الشقص بالبيع فكان مستحقًا له بالثمن كالمشتري لا يقال: الشفيع استحق أخذ الشقص بغير رضا مالكه فكان ينبغي أن يأخذه بقيمته كالمضطر إلى طعام غيره؛ لأن المضطر استحقه بسبب حاجته فكان المرجع في بدله إلى قيمته، والشفيع استحقه بالبيع فوجب أن يكون بالعوض الثابت له المعلوم للشفيع؛ لأن الأخذ بالشفعة أخذ بعوضها فاشترط أن يعلمه باذل قبل الإقدام على التزامه كمشتري المبيع. وحيث تقرر هذا فإن كان الثمن من المثليات كالدراهم والدنانير أو غيرهما من المثليات كالحبوب والأدهان، فإن الشفيع يدفع لمشتر مثل ثمن مثلي قدرًا من جنسه بمعياره الشرعي؛ لأن مثل هذا من طريق الصورة والقيمة فكان أولى مما سواه، ولأن الواجب بدل الثمن فكان مثله كبدل القرض والمتلف ويدفع لمشتر قيمة ثمن متقوم من حيوان وثياب ونحوهما؛ لأنه بدله في الإتلاف والمراد قيمته وقت الشراء؛ لأنه وقت استحقاق الأخذ ولا اعتبار بزيادة القيمة أو نقصها بعد ذلك، وإن كان

في البيع خيار اعتبرت القيمة عند لزومه؛ لأنه حين استحقاق الأخذ ويأتي. فإن تعذر على شفيع مثل مثلي بأن عدمه فعليه قيمته يوم إعوازه؛ لأنها بدله في الإتلاف وإن تعذرت معرفة قيمة الثمن المتقوم بتلف أو نحوه فعلى شفيع قيمة مشفوع يوم عقد؛ لأنه وقت استحقاق الأخذ؛ لأن الأصل في عقود المعاوضات أن تكون بقدر القيمة؛ لأن وقوعها بأقل أو أكثر محاباة والأصل عدمها. وإن جهل قدر ثمن كما لو كان صبرة نقد فتلفت أو اختلطت بما لا تتميز منه ولا حيلة في ذلك على إسقاط الشفعة سقطت؛ لأنها تستحق بغير بدل ولا يمكن أن يدفع إليه ما لا يدعيه وكما لو علم قدر الثمن عند الشراء ثم نسي، فإن تهمة الشفيع بأنه فعل ذلك تحيلاً لإسقاطها حلفه على نفي ذلك لاحتمال صدق الشفيع وإن جهل الثمن مع الحيلة فعلى شفيع قيمة الشقص ويأخذه إذ الظاهر أنه بيع بقيمته. وإن عجز شفيع عن ثمن شقص مشفوع ولو كان عجزه عن بعض ثمن الشقص بعد إنظار الشفيع بالثمن من حين أخذه بالشفعة ثلاث ليال بأيامها حتى يتبين عجزه؛ لأنه قد يكون معه نقد فيمهل بقدر ما يعده فيه والثلاث يمكن الإعداد فيها غالبًا ولو كان الشفيع مفلسًا لاحتمال تحصيل الثمن بإتهاب أو غيره فإن مضى عليه الأمد ولم يأت بالثمن فلمشتر لم يرض بتأخير الثمن حيث عجز الشفيع عنه أو هرب وقد أخذ الشقص بالشفعة الفسخ؛ لأنه تعذر عليه الوصول إلى الثمن فملك الفسخ كبائع بثمن حال تعذر وصوله إليه الأخذ بها عليه كفسخ غيرها من البيع وكالرد بالعيب ولو جاء الشفيع الأخذ بها عليه كفسخ غيرها من البيوع وكالرد بالعيب، ولو جاء الشفيع للمشتري برهن على الثمن أو جاء بضامن له فيه؛ لأن الضرر بتحصيل الثمن حاصل معها، والشفعة لدفع الضرر فلا تثبت معه، ولأن

المشتري لا يلزم تسليم الشقص قبل قبض ثمنه. وقيل: إن عجز عنه أو عن بعضه يرجع في ذلك إلى رأي حاكم، قال في «الإنصاف» ، قلت: وهو الصواب في وقتنا هذا، وهذا القول الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه أعلم. ومن أخذ الشقص بالشفعة وبقي ثمنه بذمته حتى حجر عليه الحاكم لفلس خير مشتر بين فسخ للأخذ بالشفعة أو إمضائه وضرب مع الغرماء بالثمن كالبائع إذا أفلس مشتر. وثمن مؤجل أخذ به المشتري الشقص ولم يدرك الشفيع الأخذ حتى حل على مشتر وثمن حال أي كما لو اشترى به حالاً، قال في «الفروع» : وإلا يحل الثمن المؤجل قبل أخذ الشفيع الشقص بالشفعة، فإنه يأخذه به إلى أجله إن كان الشفيع مليئًا وهو القادر أو كفله فيه كفيل مليء نص عليه وعليه الأكثر؛ لأنه تابع للمشتري في الثمن وصفته والتأجيل من صفاته وينتفي عنه الضرر بكونه مليئًا أو كفله مليء وإذا أخذه بالثمن مؤجلاً ثم مات هو أو مشتر فحل على أحدهما لم يحل على الآخر. وإن لم يكن الشفيع مليئًا فسخ المشتري عقد التملك بالشفعة إن لم يوثقه الشفيع بكفيل مليء إذ التوثقة شرط للزوم التملك كالملاءة ويعتد في قدر ثمن بما زيد في قدر ثمن بما زيد فيه زمن خيار مجلس أو شرط أو حط منه زمن خيار؛ لأن زمن الخيار بمنزلة حالة العقد والتغيير يلحق بالعقد فيه؛ لأنهما على اختيارهما فيه، ولأن حق الشفيع إنما يثبت إذا لزم العقد فاعتبر القدر الذي لزم العقد عليه، ولأن الزيادة بعد لزوم العقد هبة والنقص إبراء فلا يثبت شيء منهما في حق الشفيع. ويصدق مشتر بيمينه فيما إذا اختلف هو والشفيع في قدر الثمن الذي

اشترى به الشقص حيث لا بينة لمباشرته العقد وهو أعرف بالثمن، ولأن الشقص ملكه فلا يتبرع منه بدون ما يدعي به من قدر الثمن من غير بينة، وكذا لو كان الثمن قيمة عرض إشترى به الشقص، وقال الشفيع: قيمته عشرون، وقال المشتري: بل ثلاثون، فالقول قول مشتر في قدر قيمة العرض المشتري به بيمينه حيث لا بينة ومحل ذلك حيث لم يكن العرض موجودًا، فإن كان موجودًا عرض على المقومين ليشهدوا بما يعلمون من قدر قيمته. ويصدق المشتري بيمينه في جهل قدر ثمن كتصديقه في جهل بقيمة العرض المشتري به لجواز أن يكون اشتراه جزافًا أو بثمن نسي مبلغه ويصدق المشتري بيمينه في أنه غرس أو بنى الأرض التي منها الشقص المشفوع فيما إذا أنكر الشفيع أنه أحدث ذلك؛ لأنه ملك المشتري والشفيع يريد تملكه، فكان القول قول المالك إلا مع بينة شفيع فيعمل بها. وتقدم بينة شفيع على بينة مشتر أن أقاما بينتين؛ لأنها بمنزلة بينة الخارج. ولا تقبل شهادة بائع لشفيع ولا لمشتر؛ لأنه متهم، ويقبل عدل وامرأتان أو شاهد أو يمين. وإن قال مشتر لشقص: اشتريته بألف، وأثبت الشراء بائع بأكثر من أخذ الشقص شفيع بألف؛ لأن المشتري مقر له باستحقاق أخذه بألف فلم يستحق الرجوع بأكثر، ولأن دعوى المشتري تتضمن دعوى كذب البينة، ولأن البائع ظلمه فيما زاد على الألف فلا يحكم للمشتري على الشفيع بما زاد على الألف وإنما حكم به للبائع؛ لأنه لا يكذبها. فإن قال مشتر: صدقت البينة وغلطت أنا أو نسيت أو كذبت لم يقبل رجوعه عن قوله الأول؛ لأنه رجوع عن إقرار تعلق به حق غيره أشبه ما لو قر له بدين.

وقيل: يقبل كما لو أخبر في المرابحة، ثم قال: غلطت، قبل هاهنا أولى؛ لأنه قد قامت بينة بكذبه، قال الحارثي: هذا الأقوى، وقال القاضي: قياس المذهب عندي يقبل، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه أعلم. وإن ادعى شفيع على من انتقل إليه شقص كان لشريكه شراء الشقص المشتري قائلاً إنك اشتريت هذا الشقص بألف فلي الشفعة احتاج إلى تحرير الدعوى فيحدد المكان الذي منه الشقص ويذكر قدره وثمنه، فإن اعترف غريمه وجبت الشفعة. وإن أنكر الشراء، فقال: بل اتهبته أو ورثته، فلا شفعة لك فيه حلف عليه ولا شفعة؛ لأن الأصل معه والمثبت للشفعة البيع ولم يتحقق، فإن نكل عن اليمين ثبتت أو قامت لشفيع بينة بالبيع ثبتت أو أنكر مدعي عليه الشراء أو أقر بائع به ثبتت الشفعة لثبوت موجبها. ومتى انتزع منه الشقص وأبى قبض الثمن فإنه يبقى حتى في المسألة الأخيرة إن أقر بائع بقبض الثمن ممن انتزع منه الشقص، يبقى في ذمة شفيع لوصول كل منهما إلى مقصوده بدون المحاكمة حتى يدعيه مشتر فيدفع إليه؛ لأنه لا مستحق له غيره ولا يكون إنكار المشتري للبيع مسقطًا لحقه لئلا يلزم أخذ الشفيع الشقص من غير عوض. وإن لم يقر بائع بقبضه الثمن في المسألة الأخيرة أخذ الشفيع الشقص من البائع ودفع إليه الثمن؛ لأنه معترف بالبيع الموجب للشفعة والمشتري ينكره فأخذ بإقراره؛ لأنه أقر بحقين حق للشفيع وحق للمشتري، فإذا سقط حق المشتري بإنكاره ثبت حق الآخر.

س22: إذا ادعى شريك على حاضر بيده نصيب شريكه الغائب إنه اشترى الشقص منه أو ادعى شريك على حاضر أنه باع نصيب الغائب وقدم الغائب وأنكر، فما الحكم؟ إذا ادعى شراءه لموليه، أو باع مريض مرض الموت المخوف، فما الحكم؟ وعلى من عهدة الشفيع؟ وإذا أبى مشتر لشقص مشفوع قبض مبيع ليسلمه لشفيع أو ورث إثنان شقصا فباع أحدهما، فما الحكم فيما قبلهما وبين من تكون الشفعة في الأخيرة؟ وهل للكافر شفعة على المسلم؟ بين الحكم والدليل، وهل للمضارب أو رب المال شفعة على الآخر؟ وهل للمضارب فيما باعه من مال المضاربة أو في ماله فيه ملك أو فيما بيع شركة المال المضاربة؟ واذكر الدليل والتعليل والقيود والتفاصيل والمحترزات والخلاف والترجيح.

(22) مسائل حول ادعاء الشفيع والمشتري على الآخر وعلى مَن تكون عهدة الشفيع والشفعة في حق المضارب ورب المال والكافر على المسلم وصفة حل ما امتنع المشتري من قبضه س22: إذا ادعى شريك على حاضر بيده نصيب شريكه الغائب إنه اشترى الشقص منه أو ادعى شريك على حاضر أنه باع نصيب الغائب وقدم الغائب وأنكر، فما الحكم؟ إذا ادعى شراءه لموليه، أو باع مريض مرض الموت المخوف، فما الحكم؟ وعلى من عهدة الشفيع؟ وإذا أبى مشتر لشقص مشفوع قبض مبيع ليسلمه لشفيع أو ورث إثنان شقصًا فباع أحدهما، فما الحكم فيما قبلهما وبين من تكون الشفعة في الأخيرة؟ وهل للكافر شفعة على المسلم؟ بين الحكم والدليل، وهل للمضارب أو رب المال شفعة على الآخر؟ وهل للمضارب فيما باعه من مال المضاربة أو في ماله فيه ملك أو فيما بيع شركة المال المضاربة؟ واذكر الدليل والتعليل والقيود والتفاصيل والمحترزات والخلاف والترجيح. ج: إذا ادعى شريك فيما فيه الشفعة على حاضر بيده نصيب شريكه الغائب أنه اشتراه من الغائب وأنه يستحقه بالشفعة فصدقه المدعي عليه أخذ المدعي الشقص ممن هو بيده على حصته مما سبق من أنها بقدر الملك وليس المراد أخذه كاملاً إلا أن يكون المدعى عليه غير شريك لهما؛ لأن من بيده العين يصدقه في تصرفه فيما هو بيده. ولو ادعى شريك على حاضر أنك بعت نصيب الغائب بإذنه، فقال: نعم، فإن للمدعي أخذ الشقص بالشفعة، فإذا قدم الغائب وأنكر الأذن في البيع

حلف؛ لأن الأصل عدمه وأخذ شقصه وطالب بالأجرة من شاء منهما ويستقر الضمان على الشفيع؛ لأن المنافع تلفت تحت يده. وإن ادعى الشريك على الوكيل أنك اشتريت الشقص الذي في يدك فأنكر، وقال: إنما أنا وكيل فيه أو مستودع له، فالقول قوله مع يمينه، فإن نكل قضى عليه؛ لأن لو أقر لقضي عليه فكذلك إذا نكل. وتجب الشفعة فيما ادعى مشتر شراءه لمحجوره؛ لأن الشفعة حق ثبت لإزالة الضرر فاستوى فيه جائز التصرّف وغيره وقبل إقرار وليه فيه بعيب في مبيعه. وكذا لو قال مشتري الشقص: إنما اشتريته لفلان الغائب، فإن الشفعة تثبت ويأخذه الحاكم ويدفعه إلى الشفيع ويكون الغائب على حجته إذا قدم؛ لأننا لو وقفنا الأمر في الشفعة إلى حضور المقر له لكان في ذلك إسقاط الشفعة؛ لأن كل مشتر يدعي أن الشراء لغائب، وأما إذا أقر المدعى عليه بمجرد الملك لموكله الغائب أو المحجور ثم أقر بالشراء بعد ذلك لم تثبت الشفعة حتى يقوم بالشراء بينة أو يقدم الغائب أو ينفك الحجر عن المحجور ويعترفا بالشراء؛ لأن الملك إنما ثبت لهما بالإقرار فإقراره بالشراء بعد ذلك إقرار في ملك غيره فلا يقبل. وإن لم يذكر سبب الملك لم يسأله الحاكم عنه ولم يطالب ببيانه؛ لأنه لو صرح بالشراء لم تثبت به شفعة فلا فائدة في الكشف عنه. ولا تثبت الشفعة مع خيار مجلس أو شرط قبل إنقضاء الخيار سواء كان للمتبايعين أو لأحدهما لما في الأخذ من إبطال خياره وإلزام المشتري بالعقد قبل رضاه بالتزامه وإيجاب العهدة عليه وتفويت حقه من الرجوع في غير الثمن إن كان الخيار له.

وبيع المريض ولو كان مرض الموت المخوف كبيع الصحيح في الصحة، وفي ثبوت الشفعة وغيرها من الأحكام المرتبة على البيع؛ لأنه مكلف رشيد، وفي المحاباة تفصيل يأتي إن شاء الله بيانه في عطية المريض. وعهدة شفيع على مشتر فيما إذا ظهر الشقص مستحقًا أو معيبًا وأراد الشفيع الرجوع بالثمن أو الأرش؛ لأن الشفيع ملكه من جهته فرجع عليه؛ لكونه كبائعه، ولأن الشفعة مستحقة بعد الشراء وحصول الملك للمشتري فكانت العهدة عليه والعهدة في الأصل كتاب الشراء والمراد بها هنا رجوع من انتقل الملك إليه من شفيع أو مشتر على من انتقل عنه الملك من بائع أو مشتر بالثمن أو الأرش عند إستحقاق الشقص أو عيبه، فإذا ظهر الشقص مستحقًا رجع الشفيع على المشتري بالثمن ثم المشتري على البائع. وإن ظهر الشقص معيبًا، واختار الشفيع الإمساك مع الأرش رجع بالأرش على المشتري ثم المشتري على البائع، فإن أبى المشتري قبض المبيع ليسلمه للشفيع أجبره الحاكم على قبض الشقص؛ لأن القبض واجب ليحصل حق المشتري من تسليمه، ومن شأن الحاكم أن يجبر الممتنع. فإن علم المشتري العيب عند البيع ولم يعلمه الشفيع عند الأخذ فلا شيء للمشتري وللشفيع الرد وأخذ الأرش وإن علمه الشفيع ولم يعلمه المشتري فلا رد لواحد منهما ولا أرش. ومحل كون العهدة للشفيع على المشتري إن أقر المشتري بشرائه الشقص، فإن أنكر مشتر الشراء ولا بينة به وأخذ الشقص من بائع مقر بالبيع، فالعهدة على بائع لحصول الملك للشفيع من جهته كما أن عهدة مشتر على بائع. وإن ورث اثنان شقصًا فباع أحدهما نصيبه، فالشفعة في المبيع بين

الوارث الذي لم يبع وبين شريك مورثه على قدر ملكيهما؛ لأنهما شريكان حال ثبوت الشفعة فكانت بينهما كما لو تملكاها بسبب واحد؛ لأنها تثبت لدفع ضرر الشريك الداخل على شركائه بسبب شركته وهو موجود في حق الكل. ولا شفعة لكافر حال بيع على مسلم سواء أسلم بعد البيع أو لم يسلم؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا شفعة لنصراني» رواه الدارقطني في كتاب «العلل» بإسناده عن أنس - رضي الله عنه -، ولأنه معنى يختص العقار فأشبه الإستعلاء في البنيان يحققه أن الشفعة إنما تثبت للمسلم دفعًا للضرر عن ملكه فقد دفع ضرر المشتري ولا يلزم تقديم دفع ضرر المسلم على المسلم تقديم ضرر الذمي، فإن حق المسلم أرجح ورعايته أولى، ولأن ثبوت الشفعة في محل الإجتماع على خلاف الأصل رعاية لحق الشريك المسلم وليس الذمي في معنى المسلم فيبقى فيه على مقتضى الأصل. وقال ابن القيم - رحمه الله - في «البدائع» : فائدة حقوق المالك وحقوق الملك شيء، فحقوق المالك تجب لمن له على أخيه حق، وحقوق الملك تتبع الملك ولا يراعى بها المالك وعلى هذه حق الشفعة للذمي على المسلم من أوجبه جعله من حقوق الأملاك ومن أسقطه جعله من حقوق المالكين، والنظر الثاني أظهر وأصح؛ لأن الشارع لم يجعل للذمي حقًا في الطريق المشترك عند المزاحمة، فقال: «إذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيقه» فكيف يجعل له حقًا في انتزاع الملك المختص عند التزاحم، وهذه حجة الإمام أحمد نفسه. وأما حديث: «لا شفعة لنصراني» فاحتج به بعض أصحابه وهو أعلم من أن يحتج به، فإنه من كلام بعض التابعين. اهـ. وتثبت الشفعة للمسلم على الذمي؛ لعموم الأدلة، ولأنها إذا أثبتت على

المسلم مع عظم حرمته، فلأن تثبت على الذمي لدناءته أولى. ولا شفعة لمبتدع مكفر ببدعة على مسلم لما تقدم وأهل البدع الغلاة كالمعتقد أن جبريل غلط في الرسالة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما أرسل إلى علي ونحوه، وهذا اعتقاد بعض الرافضة نعوذ بالله من زيغ القلوب وكمن يعتقد ألوهية علي؛ لأنها إذا لم تثبت للذمي الذي يقر على كفره فغيره أولى، وكذا حكم من حكم بكفره من الدعاة إلى القول بخلق القرآن ونحوه. ولا شفعة لمضارب على رب المال إن ظهر ربح؛ لأنه يصير جزء من مال المضاربة فلا تثبت له على نفسه كأن يكون للمضارب شقص في دار فيشتري المضارب بمال المضاربة بقيتها وإن لم يظهر ربح وجبت الشفعة؛ لأنه أجنبي. ولا شفعة لرب المال على مضارب كأن يكون لرب المال شقص في دار فيشتري المضارب بمال المضاربة بقيتها؛ لأن الملك لرب المال فلا يستحق الشفعة على نفسه. ولا شفعة لمضارب في شقص باعه من مال المضاربة وللمضارب في الذي منه الشقص المبيع ملك لتهمته أشبه شراءه من نفسه وللمضارب الشفعة في شقص باعه مالكه الأجنبي لأجنبي من مكان فيه الشفعة شركة لمال المضاربة إن كان في أخذه حظ ككونه بدون ثمن مثله؛ لأنه مظنة الربح، فإن أبى مضارب أخذه بالشفعة أخذ بالشفعة رب المال؛ لأن مال المضاربة ملكه والشركة حقيقة له.

من النظم فيما يتعلق بالشفعة بمثل عن المثلي خذ أو بيمة وإن قرر العقد فعن غير أنقد وللمشتري منع إلى قبض حقه فإنت يعي يفسخ دون حكم بأجود وليس قبول الرهن منك بلازم ولا ضامن للمشتري بالمنقد وإن طلب الإمهال يمهل ثلاثة وبالعجز عنه أو عن البعض أبعد ويأخذ في تأجيله ذو ملاءة ومكفول شخص مع ملاءته قد ويقبل في مقداره قول مشتر إذا كان لم يأت الشفيع بشهد وفي جهله مقداره مع يمينه وفي نفي كيد ثم أسقط وأبعد وإن قال بالألف اشتريت فخذ بها وإن أثبت البياع ألفين فأردد وإن يدعي النسيان في القول مشتر ليقبل مع أحلافه في المجودِ وإن قلت بالألف اشتريت فقال بل هبات كذاك من وراثة ملحد ليقبل نفي الإشتراء مع يمينه وخذ إن أبى أو إن أتيت بشهد

وسلمه أو يبريك من ثمن فإن أبى الحفظ في الأقوى وقاض بمبعد وإن جهل المبذول في الشقص اسقطن وقد قيل لا بل قيمة الشقص أورد ولا شفعة من بعد ما فسخ بائع لخيرة أو عيب الثمين المقيد وفي الفسخ بعد الأخذ تمضي وقيمة المبيع من المبتاع للبائع أردد ووازن فضل من شفيع ومشتر عليه من الثان أردد الفضل وانقد ويملك في الأقوى بلا حكم حاكم نأخذ ولفظ مفهم الأخذ قيد وقيل بتطلاب المليء بحوزه فمن قبل قبض أن تصرف يؤطد وخذه بإقرار بيع بما ادعى متى جحد المبتاع عقدًا بأجود ومن بائع خذه وضمنه عهدة هنا وكلا الشخصين من مشتر ذد وفي ثمن لم يدعه بائع ولا إبتاع كالماضي وجوه فعدد وغير هنا المبتاع ضمنه عهدة وعهدة مبتاع على بائع طد فإن يأب قبضا مشتر فاجبرنه وفي قول محفوظ على بائع عد

س23: تكلم بوضوح عما يلي الوديعة: سبب تسميتها بذلك، الأصل فيها الإيداع، الإستيداع، الذي يعتبر لها، مبطلاتها، ومتى يجب قبولها؟ ومتى يستحب؟ ومتى يكره؟ ومتى يحرم؟ وهل تضمن

وسيان في استحقاق شقص بشفعة شريك قريب مع شريك مبعد فلو باع بعض الوارثي الشقص عن أب لشرك أبيه مثل إخوته أشهد ولا شفعة للكفر في شقص مسلم بل العكس أو للكفر في شقص مرد ولا مظهر الإسلام يقضي بكفره كغال برفض واعتزال دعا قد ولا شفعة في وقف فارو وديننا في الأولى ومن يقض بها فيه قلد ولا شفعة فيما بمال قراضك إشتريت لرب المال في المتجرد كذا عامل إن يبد ربح وقيل بالتملك وإن شا بعد ذا الأخذ يسعد ويملك عند الحظ أخذ بشفعة فإن يعف يأخذ رب مال كمبتدي (23) تعريف الوديعة، ذكر طرف من محاسنها، الأصل فيها، ما يعتبر لها، حكمها، من يصح منه الإيداع، ومن لا يصح منه، ما تنعقد به، موضع حفظها، مبطلاتها، التعدي فيها، حرز حفظها، وما حول ذلك س23: تكلم بوضوح عما يلي الوديعة: سبب تسميتها بذلك، الأصل فيها الإيداع، الإستيداع، الذي يعتبر لها، مبطلاتها، ومتى يجب قبولها؟ ومتى يستحب؟ ومتى يكره؟ ومتى يحرم؟ وهل تضمن

إذا تلفت؟ وما حكم حفظها؟ وبأي شيء يحفظها؟ وإذا عين صاحبها موضعًا لحفظها فخالف، فما الحكم؟ ومن الذي يصح الإيداع عنده، والذي لا يصح الإيداع عنده، وبأي شيء تنعقد الوديعة؟ واذكر ما حول ذلك من القيود والتفاصيل والمحترزات والأمثلة والدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: الوديعة هي فعلية من ودع إذا ترك، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات والجماعات» رواه مسلم، وفي النسائي: «دعوا الحبشة ما ودعوكم واتركوا الترك ما تركوكم، والوديعة واحدة الودائع» . قال لبيد: وما المال والأهلون إلا ودائع ولا بُدَّ يومًا أن نرد الودائع وقال الآخر: إذا أنت لم تبرح تؤدي أمانة وتحمل أخرى أثقلتك الودائع وهي لغة: الشيء الموضوع عند غير صاحبه للحفظ، وتقال على الإيداع، وعلى العين المودعة، من ودع الشيء يدع إذا سكن؛ لأنها ساكنة عند المودع، وقيل من قولهم: فلان في دعة أي راحة؛ لأنها في راحة المودع ومراعاته وحفظه. قال الشاعر: استودع العلم قرطاسًا فضيعه وبئس مستودع العلم القراطيس

والوديعة شرعًا: المال المدفوع إلى من يحفظه، وسميت وديعة بالهاء؛ لأنهم ذهبوا بها إلى الأمانة، انتهى. ثم محاسن الوديعة ظاهرة إذ فيها إعانة عباد الله تعالى في حفظ أموالهم ووفاء الأمانة، وهو من أشرف الخصال عقلاً وشرعًا، قال –عليه الصلا ة والسلام-: «الأمانة تجر الغنى، والخيانة تجر الفقر» ، وفي المثل: الأمانة أقامة الملوك مقام الملوك، والخيانة أقامت الملوك مقام المملوك، ومن محاسن الوديعة: أنها إحسان إلى عباد الله، والله يحب المحسنين، وأنها سبب التآلف بين المسلمين ومحبة بعضهم بعضًا ومعاونة بعضهم بعضًا. وأما الأصل فيها فهو الكتاب والسُّنة والإجماع؛ أما الكتاب: فقال الله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} ، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} . وأما السنة: فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك» رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان عنده ودائع فلما أراد الهجرة أودعها عند أم أيمن وأمر عليًا أن يردها على أهلها. وروى البيهقي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال وهو يخطب للناس: «لا يعجبنكم من الرجل طنطنته؛ ولكن من أدى الأمانة وكف عن أعراض الناس فهو الرجل» ولقد كان سفيان الثوري - رحمه الله - كثيرًا ما ينشد قوله: إني وجدت فلا تظنوا غيره إن التورع عند هذا الدرهم فإذا قدرت عليه ثم تركته فاعلم بأن تقاك تقوى المسلم

وأما الإجماع: فأجمع أهل كل عصر على جواز الإيداع والاستيداع والعبرة تقتضيه لحاجة الناس إليها، فإنه يتعذر على جميعهم حفظ أموالهم بأنفسهم ويحتاجون إلى من يحفظها لهم. والإيداع توكيل رب المال جائز التصرف في حفظه تبرعًا. والاستيداع توكل جائز التصرف في حفظ مال غيره تبرعًا بغير تصرف في المال المحفوظ. ويعتبر للوديعة لعقده أركان وكالة من كون كل منهما جائز التصرف وتعيين وديع ونحوه. ولا يصح الإيداع إلا من جائز التصرف في المال، فإن أودعه صبي أو سفيه لم يقبل؛ لأنه تصرف في المال فلم يصح من الصبي والسفيه كالبيع. ولا يصح إلا عند جائز التصرف، فإن أودع صبيًا أو سفيهًا لم يصح الإيداع؛ لأن القصد من الإيداع الحفظ والصبي والسفيه ليسا من أهل الحفظ. وتبطل الوديعة بما تبطل به الوكالة إلا إذا عزله المالك ولم يعلم بعزله فهي أمانة بيده بعد ذلك. وحكم الوديعة يختلف باختلاف الأحوال فيكون قبولها واجب على القادر على حفظها فيما إذا اضطر إليه أخوه المسلم في حفظ ماله بأن لم يجد من يحفظه له سواه. ويكون قبولها مستحبًا لمن يعلم من نفسه الأمانة والقدرة على حفظها؛ لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى} ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» .

ويكون قبولها مكروهًا فيما إذا كان الشخص لم يثق بأمانته بأن خاف عن نفسه الخيانة. ويحرم على عاجز عن حفظها أخذها، وكذا من يعلم من نفسه الخيانة؛ لأنه يعرضها للتلف فلا يجوز له قبضها. قال في «نهاية التدريب» : ويستحب أخذها لمن يثق بنفسه ولم يجز إن لم يطق لكن تكون عنده أمانة ما لم يكن تقصير أو خيانة والوديعة أمانة بيد وديع لا تضمن بلا تعد ولا تفريط؛ لأن الله سبحانه وتعالى سماها أمانة، والضمان ينافي الأمانة، ولما روى عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أودع وديعة فلا ضمان عليه» رواه ابن ماجه، ولأن المستودع يحفظها لمالكها فلو ضمنت لامتنع الناس من قبضها، وذلك مضر لما فيه من مسيس الحاجة إليها فلا تضمن بلا تعد من الوديع أو تفريط وهو التقصير في حفظها. فإن تعدى أو فرط ضمنها؛ لأن المتعدي متلف لمال غيره فضمنه، كما لو أتلفه من غير إيداع والمفرط متسبب بترك ما وجب عليه من حفظها ولو تلفت من بين ماله سواء ذهب معها من ماله شيء أو لا، وما روي عن عمر أنه ضمن أنسًا وديعة ذهبت من بين ماله محمول على التفريط. قال ابن رشد: اتفقوا على أنها أمانة لا مضمونة، قال: وبالجملة فالفقهاء أجمعوا أنه لا ضمان على صاحب الوديعة إلا أن يتعدى، وقال الوزير: اتفقوا على أن الوديعة أمانة محضة وأن الضمان لا يجب على المودع إلا

بتعديه، واتفقوا على أنه إذا أودعه على شرط الضمان، فإنه لا يضمن بالشرط. اهـ. ويلزم الوديع حفظها بنفسه أو وكيله أو من يحفظ ماله عادة كزوجة وعبد كما يحفظ ماله فيجعلها في حرز مثلها عرفًا. قال في «التدريب» : وحفظها محتم بجعلها ... في موضع يكون حرز مثلها إذ المقصود من الإيداع الحفظ والإستيداع إلتزام ذلك فإذا لم يحفظها لم يفعل ما التزمه كحرز سرقة؛ لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ولا يمكن ذلك إلا بالحفظ فمن استودع شيئًا حفظه في حرز مثله عاجلاً مع القدرة وإلا ضمن. وإن شرط رب الوديعة ضمانها على الوديع لم يصح الشرط ولم يضمنها؛ لأنه شرط ينافي مقتضى العقد فلم يصح. وفي نظم «أسهل المسالك» : ضمانها عن الوديع قد سقط لأنها أمانة ولو شرط إلا بأسباب العدا كلو وقع تعديًا منه عليها ما تدع أو نقلها بغير نقل مثلها أو موضع الإيداع سهوًا ضلها وكذا لو قال الوديع: أنا ضامن للوديعة لم يضمن ما تلف منها من غير تعد ولا تفريط؛ لأن ضمان الأمانات غير صحيح. وكذا ما أصله الأمانة كالرهن والعين المؤجرة والموصى بنفعها

فلا يصح شرط ضمانها ولا يضمنها الوديع. ولا يضر نقل الوديعة من حرز مثلها لتحرز مثله ولو نقلها إلى حرز دون الأول؛ لأن صاحبها رد حفظها إلى رأيه واجتهاده وأذن له في إحرازها بما شاء من إحراز مثلها؛ ولهذا لو تركها في الثاني أولاً لم يضمنها فكذلك إذا نقلها إليه. فإن عين الحرز رب الوديعة بأن قال: أحفظها بهذا البيت أو الدكان فأحرزها بدون المعين رتبة في الحفظ ولو أنه حرز مثلها فضاعت ضمن؛ لأنه خالف المالك في حفظ ماله، ولأن بيوت الدار تختلف فمنها ما هو سهل فتقه، ومنها ما يصعب نقبه فيضمنها بوضعها في غيره ولو ردها للحرز المعين بعد ذلك، وتلفت فيه فيضمنها لتعديه بوضعها في الدون فلا تعود أمانة إلا بعقد جديد، وقيل: إن ردها إلى حرزها الذي عينه له فتلفت لم يضمن، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن أحرز الوديعة بحرز مثل الذي عينه صاحبها في الحفظ أو أحرزها بحرز فوقه لم يضمن ولو أخرجها لغير حاجة؛ لأن تعيينه الحرز أذن فيما هو مثله كمن اكترى أرضًا لزرع حنطة فله زرعها وزرع مثلها في الضرر واقتضاء الإذن فيما هو أحفظ من باب أولى كزرع ما هو دون الحنطة أو زادها إقفالاً لم يضمن؛ لأنه زاده خيرًا، وكذلك لو قال: ضعها في الشنطة أو في الدولاب فوضعها في التجوري؛ لأنه زاده خيرًا. ولو نهاه عن إحراز بمثل المعين أو فوقه أو عن نقلها مما عين له أو عن زيادة الإقفال وفعل لا يضمن؛ لأنه لا يعد مفرطًا ولو تلفت الوديعة بسبب نقل كانهدام محل نقلت إليه. ولو كانت العين في بيت صاحبها، فقال الآخر: واحفظها ببيتي موضعها ولا تنقلها فنقلها من موضعها لا لخوف عليها ضمنها؛ لأنه ليس بوديع، بل

وكيل في حفظها فليس له إخراجها من ملك صاحبها ولا من موضع استأجره لها إلا أن يخاف عليها فعليه إخراجها؛ لأنه مأمور بحفظها وقد تعين حفظها في إخراجها، ويعلم أن صاحبها لو حضر لأخرجها من هذه الحال، ولأنه مأمور في حفظها على صفة، فإذا تعذرت الصفة لزمه حفظها كالمستودع إذا خاف عليها. وإن نهى المودع الوديع عن إخراجها فأخرجها وديع من الحرز حرز مثلها أو لحرز أعلى منه أو لحرز دونه لعذر ويلزمه إخراجها لغشيان نار بأن اشتعلت في المحل أو سيل أو شيء الغالب منه التوي والهلاك فتلفت الوديعة لم يضمن ما تلف بنقلها؛ لأنه محسن، والله تعالى يقول: {مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ} . ويلغز فيما إذا نهاه عن إخراجها فأخرجها لغشيان شيء الغالب فيه التوي والهلاك وتعذر إحرازها في حرز مثلها أو فوقه ونقلها إلى أدنى أنه لا ضمان عليه. وإن تركها في الحرز الذي عينه ربها مع غشيان ما الغالب منه الهلاك فتلفت ضمن سواء تلفت بالأمر المخوف أو غيره؛ لأنه مفرط بها. وإن أخرج الوديعة من المكان الذي عينه ربها ونهاه عن إخراجها منه لغير خوف ويحرم إخراجها إذن ولو كان إخراجه إياها لحرز أعلى من الحرز الذي عينه له المالك فتلفت الوديعة ضمن؛ لأن خالف ربها لغير فائدة فكان متعديًا بذلك بخلاف ما إذا لم ينهه فإن عين رب الوديعة حرزًا، وقال للوديع: لا تخرجها منه وإن خفت عليها فحصل خوف فأخرجها خوفًا عليها لم يضمن؛ لأنه زيادة خير وحفظًا، وكذا إذا لم يخرجها مع الخوف لا يضمنها إذا تلفت؛ لأنه إن تركها فقد امتثل أمر صاحبها لنهيه عن إخراجها مع الخوف كما لو قال له: أتلفها فأتلفها وإن أخرجها فقد زاده خيرًا

س24: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: من أودع بهيمة فلم يعلفها حتى ماتت، إذا أنفق على البهيمة المودعة، إذا اختلفا في قدر النفقة عليها، إذا لم يؤمر بإعلافها، إذا قال: اتركها في جيبك، فتركها في يده أو في كمه أو بالعكس أو أخذها في سوقه وقد أمر بحفظها

وحفظًا وأحسن به كما لو قال: أتلفها، فلم يفعل، والحكم في إخراجها من الكيس أو الصندوق كالحكم في إخراجها من البيت فيما تقدم تفصيله. ويشترط لصحة الوديعة شروط منها: (1) تعيين المودع. (2) رضا المودع. (3) رضا المودَع. (4) أن تكون ممن يصح تصرفه. (5) أن يكون المال مما يجوز تموله، فلا يجوز استيداع المحرم كالخمر والصور مجسدة أو غير مجسدة إذا كانت من صور ذوات الأرواح والتليفزيون والسينما والبكم والراديو والدخان والشيش والدمايم والعود آلة الغناء ونحو ذلك من المحرمات؛ لأن حفظها إبقاء للشر وإعانة عليه ومساعدة لأهله ونشر للمعاصي وتوسيع لدائرة المنكرات، ولذلك لا يضمن متلفها كما مر في الغصب، وكذا لا يصح إيداع الطير في الهواء والعبد الآبق والمال الساقط في البحر؛ لأنها غير قابلة لإثبات اليد عليها وأركان الوديعة مودِع ومودَع ووديعة وإيجاب من المودع كأودعتك أو ما نوب منابه قولاً أو فعلاً والقبول حقيقة بأن يقول: قبلت أو أخذت أو نحو ذلك مام يدل عليه أو عرفًا بأن يسكت حين يضع الوديعة. (24) حكم من أودع بهيمة ولم يعلفها فماتت، وإذا اختلفا في تقدير النفقة عليها، وإذا قال له: اتركها في جيبك فتركها في يده أو جعل الخاتم في الخنصر بدل البنصر ... إلخ س24: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: من أودع بهيمة فلم يعلفها حتى ماتت، إذا أنفق على البهيمة المودعة، إذا اختلفا في قدر النفقة عليها، إذا لم يؤمر بإعلافها، إذا قال: اتركها في جيبك، فتركها في يده أو في كمه أو بالعكس أو أخذها في سوقه وقد أمر بحفظها

في البيت فتركها لحين مضيه أو ألقاها عند هجوم ناهب، أو قال: اجعل الخاتم في الخنصر فجعله في البنصر أو عكسه أو انكسر أو جعله في أنملتها العليا، أو قال: احفظها في هذا البيت ولا تدخل أحدًا، فخالف فتلفت، أو باعها عند خوف تلفها، واذكر القيود والتفاصيل والمحترزات والأدلة والتعليلات والخلاف والترجيح. ج: وإن أودعه بهيمة ولم يأمره ربها بعلفها ولا سقيها لزمه علفها وسقيها؛ لأنه من كمال حفظها، بل هو الحفظ بعينه؛ لأن العرف يقتدي علفها وسقيها، فإن لم يعلفها الوديع أو لم يسقها حتى ماتت جوعًا أو عطشًا ضمنها بالتفريط في حفظها وتعديه به بترك ما أمر به عرفًا أو نطقًا إلا أن نهى الوديع مالك الوديعة عن علفها وسقيها فتركها حتى ماتت فلا يضمن الوديع؛ لأن مالكها أذن في إتلافها فامتثل، كما لو أمره بقتلها فقتلها. ويحرم على الوديع ترك علفها وسقيها حتى مع الأمر بتركها لحرمتها في نفسها فيجب إحياؤها لحق الله تعالى ويرجع منفق على بهيمة نهاه مالكها عن علفها وسقيها حيث قلنا بوجوب ذلك عليه إن نوى الرجوع ومحل ذلك مع تعذر استئذان مالك للبهيمة في الإنفاق عليها إما لغيبة أو استشارة. وإن قدر الوديع على صاحب البهيمة أو وكيله طالبه بالإنفاق عليها أو ردها عليه أو على وكيله أو طالبه بالإذن في الإنفاق عليها ليرجع به؛ لأن النفقة على الحيوان واجبة على مالكه، فإن عجز عن صاحبها وعن وكيله أو لم يقدر على أن يتوصل إلى أحدهما ليطالبه بالإنفاق عليها أو استردادها أو أن يأذن في النفقة أنفق المستودع عليها ولو لم يستأذن حاكمًا أمكن استئذانه، بل نوى الرجوع فقط فله الرجوع. وقيل: إذا أنفق مع إمكان إذن الحاكم ولم يستأذنه، بل نوى الرجوع لم يرجع.

والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ويقبل قول الوديع في قدر ما أنفق بأن قال الوديع: أنفقت عشرة ريالات، قال ربها: بل ثمانية (8) ، فالقول قول الوديع بيمينه إذا ادعى النفقة بمعروف؛ لأنه أمين وإن ادعى الوديع زيادة عن النفقة بمعروف بأن قال ربها: أنفقت منذ سنة، فقال المستودع: بل من سنتين فقول صاحب الوديعة؛ لأن الأصل براءة ذمته مما ادعاه عليه من المدة الزائدة. ويلزم الوديع علف بهيمة ولو يأمره ربها بالعلف؛ لأن للحيوان حرمة في نفسه توجب تقديمه على قضاء الدين أحيانًا وإن لم يعلف البهيمة حتى ماتت ضمنها؛ لأن الحيوان لا يبقى عادة بدون العلف ولو خاف على الثوب أو العباءة أو البشت أو الكوت العث أو الحرق وجب نشره، فإن لم يفعل وتلف ضمنه، قلت: وكذا لو خاف عليها أو على غيرها من القماش أو الكتب من الأرضة. وإن قال رب وديعة لوديع: اتركها في جيبك فتركها في يده أو تركها في كمه ضمنه؛ لأن الجيب أحرز وربما نسي فسقطت من يده أو كمه أو قال: اتركها في كمك فتركها في يده ضمنها؛ لأن اليد يسقط منها الشيء بالنسيان بخلاف الكم، ولو قال: أدخلها في مخبأة الكوت التي تلي الصدر فتركها في التي تلي الجنب ضمن؛ لأن التي تلي الصدر أحرز. وقيل: لا ضمان عليه فيما إذا قال: اتركها في كمك فتركها في جيبه أو في يده، وقيل: إن تلفت بأخذ غاصب لم يضمن؛ لأن اليد بالنسبة إليه أحرز وإن تلفت لنوم أو نسيان ضمن؛ لأنها لو كانت في الكم مربوطة لما ذهبت، والقول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وإن قال: أتركها في يدك فتركها في كمه ضمنه؛ لأن الكم يتطرق إليه البط بخلاف اليد فكل منها أدنى من الآخر من وجه فضمن لمخالفته أو أخذ الوديعة الوديع بسوقه أو أمره مالكها بحفظها في بيته فترك الوديعة إلى أن خرج إلى منزله أو فوق ما يمكن الذهاب بها من دون عذر فتلفت قبل أن يمضي بها إلى بيته ضمن؛ لأن البيت أحفظ لها وتركها فوق ما يمضي بها تفريط. وفي «المغني» : يحتمل أن لا يضمن إن تركها إلى مضيه وصوبه في «الإنصاف» . قال في «الفروع» : وهو أظهر، قال ابن قندس: والذي يظهر إن كان بيته بعيدًا لا يروح إليه إلا بعد قضاء إشغاله فتلفت في مدة إقامته لم يضمن جزمًا. اهـ. والذي تطمئن إليه النفس ما صوبه في «الإنصاف» ، والله سبحانه وتعالى أعلم. ولا يضمن الوديع إن قال له المودع: اتركها في كمك، أو قال: اتركها في يدك أو ألقاها الوديع عند هجوم نحو ناهب كقاطع طريق إخفاء لها فلا يضمن؛ لأنه عادة الناس في حفظ أموالهم، وإذا لم يأمره بشيء بعينه يضعها فيه فله وضعها فيما يشاء من كم أو يد أو جيب ضيق وإن كان الجيب واسعًا غير مزرور فإنه يضمن ذكره المجد في «شرحه» . وإن شدها في كمه أو في عضده أو تركها في كمه مودعًا ثقيلاً حيث يشعر به إذا سقط بلا شد لم يضمنه حيث لم يعين ربه حرزًا؛ لجريان العادة به، وإن تركها في وسطه وشد عليها سراويله لم يضمن إن ضاعت؛ لأنه لا يعد مفرطًا. وإن أمره رب الوديعة أن يجعلها في صندوق، وقال له: لا تقفل عليها أو لا تنم فوقها فخالفه، وقفل عليها الصندوق أو نام عليها فلا ضمان

عليه؛ لأنه محسن، أو قال: إجعلها في الصندوق ولا تقفل عليها إلا قفلاً واحدًا فجعل عليها قفلين فلا ضمان عليه، أو قال: إجعلها في الشنطة فجعلها في الصندوق حديد تجوري فلا ضمان؛ لأنه محسن حيث جعلها في حرز أوثق في الأول. وإن قال مودع لوديع: إجعل هذا الخاتم في البنصر فجعله في الخنصر فضاع ضمنه، وإن قال: إجعله في الخنصر فجعله في البنصر فلا يضمنه؛ لأنها أغلظ فهي أحرز إلا أن انكسر الخاتم من غلظها فيضمنه لإتلافه له بما لم يأذن له فيه مالكه وإن لم يدخل في جميعها فجعله في بعضها ضمن؛ لأنه أدنى من المأمور به. وإن قال رب الوديعة: احفظها في هذا البيت ولا تدخله أحدًا فخالف فجعلها في البيت وأدخل فيه أحدًا فتلفت الوديعة بنحو حرق أو نهب أو سرقة ولو من غير داخل إليه ضمن؛ لأن الداخل ربما شاهد الوديعة في دخوله البيت وعلم موضعها وطريق الوصول إليها فدل عليها غيره ووصف موضعها له فسرقها أو سرقها هو بنفسه، وقد خالف قول مالكها حيث أدخل إلى البيت قومًا أشبه ما لو نهاه عن إخراجها فأخرجها لغير حاجة أو ضرورة. وفي «الإقناع وشرحه» : وإن قال: إجعلها في هذا البيت ولا تدخله أحدًا فأدخل إليه قومًا فسرقها أحدهم حال إدخالهم أو بعده ضمنها، وقال: وإن كان السارق من غيرهم، أو كان التلف يحرق أو غرق ففي الضمان وجهان، أحدهما: لا يضمن، اختاره القاضي، قال في «المبدع» : أنه أصح. والوجه الثاني: يضمن، اختاره ابن عقيل والموفق وإليه ميل الشارح، والذي تميل إليه النفس قول من قال لا يضمن، والله سبحانه وتعالى أعلم.

س25: إذا دفع الوديعة المودع إلى من يحفظ ما لديها عادة فهل يضمن؟ وإذا دل على الوديعة لصا فعلى من يكون الضمان وإذا أراد سفرا فهل يسافر بالوديعة، وماذا يعمل من خاف على الوديعة؟ وإذا لم يجد وكيل ربها أو أخرج الدراهم أو ركب الدابة أو لم ينشر الوديعة أو خلط بما لا تتميز منه أو نوى التعدي فما الحكم؟ وما الدليل؟ واذكر التفصيل والقيود والخلاف والترجيح.

ولمودع بيع وديعة تعذر على وديع ردها إلى مالكها أو وكيله أو الحاكم الثقة حيث خاف عليها، بل يجب بيعها مع خوف التلف وحفظ ثمنها إلى حضور ربها؛ لأن حفظ الأموال مطلوب ولو أمر رب وديعة الوديع أن يجعلها في منزله فتركها في ثيابه وخرج بها ضمنها؛ لأن البيت أحرز لها. ولو أمره بشدها مما يلي الجيب فشدها من الجانب الآخر ضمن وإن أمره بشدها مما يلي الجانب الآخر فشدها مما يلي الجيب لم يضمن؛ لأنه أحرز وإن أمره بشدها على عضده أو أمره بحفظها معه فشد من أي الجانبين كان لم يضمن؛ لأنه ممتثل أمر مالكها حيث أحرزها بحرز مثلها، وإن شدها على وسطه فهو أحرز لها، وكذلك إن تركها في بيته في حرزها. (25) دفع الوديعة إلى من يحفظ مال المودع وإذا أراد المودع سفرًا أو تعدى فها أو أخرجها من حرزها إلى أعلى أو دونه أو خلطها بما لا تتميز منه أو نوى التعدي فيها أو دل عليها لصًّا وما حول ذلك من المسائل س25: إذا دفع الوديعة المودع إلى من يحفظ ما لديها عادة فهل يضمن؟ وإذا دل على الوديعة لصًّا فعلى من يكون الضمان وإذا أراد سفرًا فهل يسافر بالوديعة، وماذا يعمل من خاف على الوديعة؟ وإذا لم يجد وكيل ربها أو أخرج الدراهم أو ركب الدابة أو لم ينشر الوديعة أو خلط بما لا تتميز منه أو نوى التعدي فما الحكم؟ وما الدليل؟ واذكر التفصيل والقيود والخلاف والترجيح. ج: إذا دفع الوديعة إلى من يحفظ مال المستودع عادة أو رفعها إلى من يحفظ مال ربها كزوجته وعبده وخادمه ونحوهم كخازنه

وتلفت لم يضمن؛ لأنه قد وجب عليه حفظها فله توليه بنفسه وبمن يقوم مقامه كما لو دفع الماشية إلى الراعي والبهيمة إلى غلامه ليسقيها ولقيامهم مقام المالك في الرد أو دفعها لعذر كمن حضره الموت أو أراد سفرًا وليس السفر أحفظ لها فدفعها إلى أجنبي ثقة لم يضمن. وحكم دفع المستودع الوديعة إلى شريك نفسه أو شريك ربها في غيرها أو فيها كحكم دفعها لأجنبي محض، فإن كان بلا عذر ضمن ولعذر وهو ثقة لم يضمن أو دفعها لحاكم فتلفت لم يضمن؛ لأنه لم يتعد ولم يفرط. والقاعدة: أن من قبض من يد الأمناء بغير إذن المالك في حالة يجوز إقباضها فأمانة عند الثاني، قاله ابن رجب، وإلا يكن له عذر حين دفعها إلى الأجنبي المحض وهو ليس له فيها شريك ولا هو ممن يحفظ ماله عادة ضمن لتعديه؛ لأنه ليس له أن يودع بلا عذر. كما أنه ليس له أن يؤجرها ولا يعيرها ولا يرهنها، وقد نظم بعضهم عشر مسائل لا يملك فيها تمليكا لغيره بدون إذن سواء قبض أو لا، فقال: ومالك أمر لا يملكه بدون أمر وكيل مستعير وموجر ركوبًا ولبسًا فيهما ومضارب ومرتهن أيضًا وقاص يؤمر ومستودع مستبضع ومزارع إذا لم يكن من عنده البذر يبذر وما للمساقي أن يساقي غيره وإن أذن المولى له ليس ينكر

وكما لو نهاه عند إيداعها، ولأنه أمره بحفظها بنفسه فلم يرض لها غيره. ولمالك الوديعة إذن مطالبة الأجنبي أيضًا ببدل الوديعة؛ لأنه قبض ما ليس له قبضه أشبه المودع من الغاصب، وعلى الأجنبي قرار الضمان إن علم الحال لتعديه، ولأن التلف حصل عنده وقد دخل على أنه يضمن وإن لم يعلم الحال فله تضمين الأول، وليس للأول الرجوع على الثاني؛ لأنه دخل معه في العقد على أنه أمين لا ضمان عليه، وكذا حكم كل أمانة كعارية وغير مرهونة. وما بيد وكيل ومضارب إذا دفعها من هي بيده من غير عذر إلى أجنبي وتلفت فمع علم الأجنبي يضمن لحصول التلف عنده ومع جهل الحال لا يضمن لدخوله على أنها أمانة، وأن الحاكم لا يطالب ببدل الأمانة إذا دفعت إليه وتلفت عنده بلا تعد ولا تفريط إلا مع علمه بالحال بخلاف الأجنبي، فإنه يطالب بالبدل علم الحال أو لم يعلم لكن عليه القرار إن علم. وإن دل وديع لصًّا على الوديعة فسرقها ضمن الوديع واللص، أما الوديع فلمنافاة دلالته الحفظ المأمور به أشبه ما لو دفعها لغيره، وأما اللص فلأنه المتلف لها وعلى اللص القرار لمباشرته ووجود التلف في يده، وللوديع الاستعانة بأجنبي في حمل ونقل من موضع إلى آخر، وله الاستعانة بأجنبي في سقي وعلف بهيمه. وله السفر بوديعة ولو مع حضور مالكها فلا يضمنها إن تلفت معه سواء كان به ضرورة إلى السفر أو لا ومحل ذلك إن كان السفر بها أحفظ للوديعة ولم ينهه رب الوديعة عن السفر بها، فإن نهاه عن السفر بها امتنع عليه السفر بها، فإن سافر بها ضمن لمخالفته صاحب الوديعة. وقيل: إن كان حاضرًا أو وكيله في قبضها أنه لا يحملها إلا بإذن،

فإن فعل ضمن، قال في «المغني» : ويقوى عندي أنه متى سافر بها مع القدرة على مالكها أو نائبه بغير إذن أنه مفرط عليه الضمان، انتهى. وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. فإن فاجأ البلد عدو أو جلا عن البلد أهله أو حدث في البلد حريق أو غرق وأراد السفر بها تعين عليه ذلك؛ لأنه موضع الحاجة، فإن تركها إذًا؛ فإنه يضمن إن تلفت لتركه فعل الأصلح، وإن لم يكن السفر أحفظ لها أو استوى الأمران أو نهاه المالك عن السفر أو فاجأ البلد عدو دفعها لمالكها الحاضر أو من يحفظ ماله عادة كزوجته وخازنه أو وكيله في قبضها كحاضر خاف عليها؛ لأن في ذلك تخليصًا له من دركها وإيصالاً للحق إلى مستحقه وامتنع عليه السفر بها، فإن تعذر على الوديع المريد للسفر دفعها إلى مالكها أو من يقوم مقامه فعليه دفعها لحاكم مأمون؛ لأن في السفر بها عذرًا؛ لأنه عرضة للنهب وغيره، ولأن الحاكم يقوم مقام صاحبها عند غيبته. وإن لم يكن ثم حاكم أو كان وتعذر دفعها إليه لكونه غير مأمون أو دفعها إليه ولم يقبلها فعليه دفعها لثقة لفعله - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يهاجر أودع الودائع التي كانت عنده أم أيمن وأمر عليًا - رضي الله عنه - أن يردها إلى أهلها كوديع حضره الموت؛ لأن كلا من الموت والسفر سبب لخروج الوديعة عن يده. أو دفن الوديعة إن لم يضر الدفن وأعلم ساكنًا بالدار ثقة فإن لم يعلمه أو كان المعلم غير ساكن في الدار أو كان غير ثقة المعلم أو دفنها خارج البلدة فضاعت ضمنها الوديع؛ لأنه فرط في الحفظ بعدم إعلامه أحدًا؛ لأنه قد يموت في سفره أو يظل فيخطئ موضعها فلا تصل لربها وإن أخبر غير ثقة فربما أخذها ومن لا يسكن الدار لا يمكنه حفظ ما فيها

ولم يودعه إياها وليس في إمكانه حفظها. ولا يضمن مسافر أودع وديعة فسافر بها فتلفت في السفر؛ لأن إيداع المالك لها في السفر يقتضي الإذن في السفر بها. ومن تعدى في الوديعة المركوبة فركبها لغير نفعها أو كانت ثيابًا أو عباءة فلبسها أو افترشها لا لخوف عث وهو سوسة تلحس الصوف ضمن وبطلت أمانته. ويضمن وديع ثياب إن نقصت بحصول عث بها وهو الحرق إن لم ينشرها؛ لأنه مفرط، وكذا إن تلفت بسبب العث، قال بعضهم: وتارك نشر الصوف صيفًا فعث له يضمن وقرض الفأر بالعكس يؤثر إذا لم يسد الثقب من بعد علمه ولم يعلم الملاك ما هي تقرر ومحل ذلك إن لم ينهه المالك وإلا فلا ضمان عليه. وكاستعماله آلة صناعة من خشب لا لخوف من دابة الأرض بطلت أمانته. وإن أخرج الدراهم أو الدنانير المودعة لينفقها أو ليخون فيها أو أخرجها لينظر غليها شهوة ليتفرج عليها ويراها ثم ردها إلى وعائها أو كسر ختمها أو حل كيسها ضمنها لهتكه الحرز. وكذا إن كانت مصرورة ففتح الصرة أو مقفولة فأزال قفلها أو جحد الوديعة ثم أقر بها ضمن؛ لأنه بجحده لها خرج عن الاستئمان عليها فلم يزل عنه الضمان بالإقرار بها؛ لأن يده صارت يد عدوان. وكذا لو منعها المودع مالكها بعد طلبه لها أو وكيله الثابتة وكالته بالبينة

أو بعد التمكن من دفعها إلى طالبها الشرعي ضمن؛ لأن يده يد عادية إذًا بسب منعها. وإن خلط الوديعة بما لا تتميز منه كزيت بزيت أو شيرج وكسمن بري ببحري وكصماء بصماء ورز برز نحو ذلك بطلت أمانته فيما تعدى فقط وحيث بطلت وجب ردها فورًا؛ لأنها أمانة محضة. وقد زالت بالتعدي ولا تعود وديعة بعد التعدي فيها بغير عقد جديد. ولا ضمان بنية التعدي في لوديعة، ل لابد من قول أو فعل. وإن خلط الوديعة غير الوديع بما لا تتميز منه فالضمان على الخالط دون الوديع لوجود العدوان من الخالط. ومتى جدد الوديعة الوديع استئمانًا بريء، فإن تلفت بعد لم يضمن؛ لأنه لم يتعد في الإستئمان الذي تلفت فيه والأول قد زال. وإن أبرأه المالك من الضمان بتعديه بريء فلا يضمنها، إن تلفت بعد لإمساكه إياها بإذن ربها وزال حكم التعدي بالبراءة ونقل منها عن رجل استودع عشرة دراهم واستودعه آخر عشرة وأمره أن يخالطها فخلطها فضاعت الدراهم فلا شيء عليه، فإن أمره أحدهما بخلط دراهمه ولم يأمره الآخر فعليه ضمان دراهم من لم يأمره بخلطها دون الأخرى المأمور بخلطها. وإن خلطها بمتميز كدراهم بدنانير أو ريالات بجنيهات أو جنيهات سعودية بجنيهات إفرنجية أو ريالات فرنسية بريالات سعودية أو دراهم بيض بدراهم سود أو بر بشعير أو حب هيل بقهوة أو مسمار بهيل لم يضمن لإمكان التميز فلا يعجز بذلك عن ردها فلم يضمنها كما لو تركها في صندوق فيه أكياس له.

وإن قال رب مال لوديع رد المال غدًا وبعد غد يعود المال وديعة تعين على الوديع رده غدًا امتثالاً فإن أخر رده عن الغد وتلف ضمن لمخالفته قول ربه ولا يعود بعد رده إلا بعقد جديد لبطلان العقد بمجرد الرد. ومن استأمنه أمير على ماله فخشي من حاشيته إن منعهم من عاداتهم المتقدمة لزمه فعل ما يمكنه وهو أصلح للأمير من تولية غيره فيرتع معهم لاسيما وللأخذ شبهة، قاله الشيخ تقي الدين. من النظم فيما يتعلق بالوديعة وأودع كذا استودع لمن جاز بيعه وإلا ضمنت المال من يد فوهد وتبرأ بتسليم الولي له فقط ولا غرم أن يودع فيتلف لمبعد وقد قيل لا تضمين في قبض خائف ضياعًا لمال مع صبي فجود كذا الحكم مع عبد بلا إذن سيد وضمنه ما يريد بنفس بأجود ومستودع في حفظها ذو أمانة فلا غرم إن تتلف على غير معتد وإن تلفت من بين أمواله فلا ضمان عليه في الصحيح المؤكد وما شرط تضمين الأمانات موجب ضمانًا ولا نفي لتضمين مفسد

ويلزمه الإحراز في حرر مثلها ولو بيدي مأمونة المتعود ولا غرم أن تنقل إلى حرز مثلها ولو دون ذا إن ربها لم يقيد وإن تك في مأموي لمالكها فإن تزلها سوى للخوف من هلكها تدي ولا تنقلها من معين ربها سوى لمسلم مهلك غالب قد كنار وسيل قاصد لمقرها وهدم مكان أو تغلب معتد فيلزمه نقل وقيل لمثله وأحرز منه أنقل ولو لم يخف رد وقيل لأعلى دون مثل وقيل دع وإن لم تزل للخوف يضمن بأوطد وإن ينه عن إخراجها عند خوفه ونوم عليها ثم قفل مجود وعن علف أو سقي البهيم فليس في خلاف ولا في طاعة غرم أشهد ولو قيل بالتضمين في ترك فوتها لإثمهما في تركه لم أبعد وأن تدع الأمر المخوف وفقدها به جيء لغشين الشهيد بشهد ووال بحق الله قد ذهبت به تخلص من تضمينها وتقلد

وتارك إطعام البهيمة آثم ويضمن ما لم ينه قيمة مفسد ومحتمل أن ليس يضمنها ولو أمره ولم يقبل إذًا لم يزود وخذ قوتها من ربها أو فردها فإن غاب فاستأذن ذوي الحكم ترشد فيفعل حظ المرء من بيع بعضها أو الكل أو إيجارها لتزود أو الدين للإنفاق يقضيه ربها فإن فات كل وانفقن بشهد فإن تنو عدوانًا فأنفق أخي بلا شهود ولا حكم موات تردد ويضمنها بعد التعدي بحجدها وبالمنع مع إمكان دفع لمنشد وأخذ لإنفاق ولو رد قبله وتغيير ختم وانتفاع مجدد له دونها مثل الركوب لشغل وراكبها للسقي والرعي لها يدي وخلط بمال يمكن الميز بعده ولا غرم مع إمكان ميز بأوكد فإن مات عن تلك وإن ما تميزت فصاحبها فيها غريم بمرصد وما احتاج نشرًا أن يدع نشره ولم يكن قد نهاه عنه ضمنه تسعد

وفي قوله في الجيب ضعها بوضعها بكم يضمن دون عكس المحدد وقيل إن يضع في الكم مشدودة أو الثقيلة لم يضمن لفعل معود ووجهان أن يعصي ويجعل في اليد وجوزه القاضي لزحم ملدد وإن يقل إحملها إلى البيت فليسر سريعًا وضمن أن يقر ويقعد وقد قيل لا غرم لمكث لحاجة وإن لم يعين فأحفظن بالمعود وإن قال لا يدخل سواك مقرها فمكن منه غيره فهو معتدي ويضمن مع تسليمها غير حافظ جناة بلا عذر ولو حاكم زد وليس على الثاني مع الجهل غرمها وقال أبو يعلى بلى وليعود على أول لا العكس والعكس إن درى كذا حكم من أعلمته دفنها أعدد وإما تخف يومًا عليها لديك أو تشا سفرًا للمالك إن أمكن أردد وإلا متى لم تنه عن سفر بها فسافر بها إن كان أحظى له قد ووجهان عند الإستواء وإن تسر بها بعد نهي أو مع الخوف تعتد

ويختار شيخ العصر تضمين سائر بها أن يوات الرد للمالك إقتد فإن لم يوات الرد أو سفرها بها تعين إعطا حاكم في المؤطد وقيل يجوز الدفع من ذي إقامة بلا حاجة للحاكم المتقلد فإن يتعذر كل أودع حفيظًا أو لديه أدفن إن لم يؤذ وأعلمه واحدد وما احتاج أجرًا فهو من مال ربها وأجرة عدوان فمن مال معتدي وتضمن أن تدفن لدى غير معلم حفيظ وأرض الدفن في حرزة قد ومن خاف موتًا فهو مثل مسافر على ما مضى من حكمه المتعدد وإن خاف كاستعمالها لانتفاعها أرو إخراج عدوان فتاب فيردد أو أنكر ثم إن أقر بها الفتى فإن تلفت يضمن غير بغير تردد

س26: إذا خلطت الوديعة فضاع بعضها أو أخذ منها ريالا ثم رده وتلفت، أو أذن في أخذ درهم فضاع الكل، فهل يضمن الدرهم وحده؟ وإذا خرق الكيس أو البوك الذي فيه الفلوس أو الشنطة التي فيها الدراهم أو أودعه صغير أو مجنون أو سفيه فبأي طريق يبرأ من الوديعة؟ أو وجد ما حرم إلتقاط بمضيعة فأخذه ليحفظه فتلف أو أودع صغيرا أو مجنونا أو سفيها أو معتوها أو مات إنسان وعنده وديعة أو مضاربة أو رهنا ونحوها من الأمانات ولم توجد في تركته وإذا دعي مودع ردا للوديعة أو ادعى تلفا أو ردها للحاكم أو للورثة أو أقر بالإيداع بعد إنكار، فما الحكم؟ واذكر التفاصيل والقيود والمحترزات والأدلة والتعاليل والخلاف والترجيح.

(26) خلط الوديعة بغيرها أو أخذ شيء منها ورد وإيداع الصغير والمجنون والسفيه والمعتوه وإذا مات من عنده أمانة أو مضاربة أو رهنا ولم توجد في تركته س26: إذا خلطت الوديعة فضاع بعضها أو أخذ منها ريالاً ثم رده وتلفت، أو أذن في أخذ درهم فضاع الكل، فهل يضمن الدرهم وحده؟ وإذا خرق الكيس أو البوك الذي فيه الفلوس أو الشنطة التي فيها الدراهم أو أودعه صغير أو مجنون أو سفيه فبأي طريق يبرأ من الوديعة؟ أو وجد ما حرم إلتقاط بمضيعة فأخذه ليحفظه فتلف أو أودع صغيرًا أو مجنونًا أو سفيهًا أو معتوهًا أو مات إنسان وعنده وديعة أو مضاربة أو رهنًا ونحوها من الأمانات ولم توجد في تركته وإذا دعي مودع ردًا للوديعة أو ادعى تلفًا أو ردها للحاكم أو للورثة أو أقر بالإيداع بعد إنكار، فما الحكم؟ واذكر التفاصيل والقيود والمحترزات والأدلة والتعاليل والخلاف والترجيح. ج: إذا اختلطت الوديعة لا بفعل الوديع، بل بفعل طائر أو حيوان أو تدحرج عليها صخرة أو خشبة أو حديدة فضاع من الوديعة بعضها فالضائع من مال الوديع والباقي من الوديعة بخلاف ما إذا أتلفت كلها فلا ضمان على الوديع. وإن أخذ الوديع ريالاً إن كانت ريالات أو جنيهات إن كانت جنيهات أو بعض الورق المودعة بلا إذن من مالكها وهي غير مختومة ولا مشدودة ولا مصرورة ثم رده وتلفت ضمنه وحده أو أخذ منها ريالاً ثم ر د بدله متميزًا وضاعت ضمنه وحده. وإن أذن المالك للوديع في أخذ ريال منها فأخذ الريال ورد بدله بلا إذنه المالك فضاع الكل ضمن الريال وحده؛ لأن الضمان تعلق بالأخذ

فلم يضمن غير ما أخذه بدليل ما لو لتلف في يده قبل رده ما لم تكن الوديعة مختومة أو مشدودة أو مصرورة، فإن كان كذلك ضمن الجميع لهتك الحرز بغير إذن ربه أو يكن البدل الذي رده غير متميز وضاعت الوديعة فيضمن الجميع لخلطه الوديعة بما لا تتميز منه كما لو لم يدر أيهما ضاع هل هو المردود أو غيره من الوديعة فيضمنه؛ لأن الأصل عدم براءته. وعند مالك: لو خلط دراهم الوديعة أو دنانير أو الحنطة بمثلها حتى لا تتميز لم يكن ضامنًا للتلف، وقال أبو حنيفة: إن رده بعينه لم يضمن تلفه وإن رد مثله لم يسقط عنه الضمان، وقال الشافعي: هو ضامن على كل حال بنفس إخراجه لتعديه، ولا يسقط الضمان سواء رده بعينه أو رده مثله. والذي تميل النفس أنه إذا رده غير متميز لا يجب عليه ضمان الجميع، بل يضمن ما حصل فيه التعدي وهو الريال وحده، والله سبحانه أعلم. ويضمن وديع بخرق كيس فيه وديعة من فوق شد أرش الكيس فقط دون ما في الكيس؛ لأنه لم يهتك حرزه ويضمن بخرقه من تحت شده أرشه وما فيه إن ضاع هتكه الحرز. ومن أودعه صغير مميز أو لا أو أودعه مجنون أو أودعه سفيه وديعة لم يبرأ الوديع من صغير ونحوه إلا بردها إلى وليه في ماله كديته الذي له عليه. ويضمنها قابضها من الصغير ونحو إن تلفت تعدى أو فرط أو لا لتعديه بأخذها؛ لأنه لا تسليط من المالك وقد تلفت بغير حق فضمنه؛ لأنه إتلاف يستوي فيه الكبير والصغير والعمد والسهو ما لم يكن المحجور عليه لحظه مميزًا مأذونًا له في الإيداع أو يخف الآخذ هلاكها معه فأخذها لحفظها حتى يسلمها لوليه حسبة فلا ضمان عليه كمال ضائغ وموجود في مهلكة إذا أخذ لحفظه لربه وتلف قبل التمكن من رده فلا ضمان عليه بأخذه

لقصده به التخلص من الهلاك فالحفظ فيه لمالكه وكأخذه مالاً مغصوبًا من الغاصب تخليصًا له ليرده لمالكه فتلف قبل التمكن من رده لم يضمنه؛ لأنه محسن. ولو وجد إنسان حيوانًا حرم إلتقاطه لامتناعه من صغار السباع ووجده بمضيعة وهي الفلاة من الأرض البعيدة من العمران وعلم الواجد مالك الحيوان فأخذه ليحفظه لربه وتلف لا يضمنه؛ لأنه محسن صانع معروفًا، والله جل وعلا يقول: {مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ} فغير لائق أن يعامل بضده. وما أودع أو أعير لنحو صغير أو معتوه أو مجنون أو قن صغير لم يضمن المعار أو المودع بتلف في يد قابضه ولو حصل التلف من القابض أو حصل بتفريطه؛ لأن المالك سلطهم على الإتلاف بالدفع إليه. ويضمن المودع والمعار العبد المكلف وهو البالغ الرشيد ومثله المدبر والمعلق عتقه بصفة وأم ولد في رقبته إذا أتلفه؛ لأنه مكلف فصح إستحفاظه وبه يحصل الفرق بينه وبين الصبي وكونه في رقبته؛ لأن إتلافه من جناية. وقيل: إن إتلاف السفيه موجب للضمان كالرشيد وإلحاقه بالرشيد أقرب، وهذا القول هو الذي يترجح عندي، والله سبحانه وتعالى أعلم. وإذا مات إنسان وثبت أن عنده وديعة أو مضاربة أو رهنًا ونحوها من الأمانات ولم يوجد تلك ونحوها بعينها في تركته فهي دين عليه تغرمها الورثة من تركته؛ لأنه لم يتحقق براءاته منها كبقية الديون، فإن كان عليه دين سواهما فهما سواء. والمودع أمين؛ لأن الله سبحانه وتعالى سماها أمانة بقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} فيصدق المودع

في رد الوديعة بيمينه؛ لأنه لا منفعة له في قبضها، فقبل قوله بغير بينة أشبه الوكيل بلا جعل ويصدق الوديع في رد إلى مالكه. قال في «نهاية التدريب» : ولا خلاف أن قول المودع مصدق في ردها للمودع ويصد في رد إلى وكيل المالك في حفظها أو لزوجة المالك أو لخازن المالك أو لمن يحفظ ماله عادة؛ لأن يدهم كيد المالك فالدفع لهم كالدفع له، وكذا الوادعي الوديع الرد على يد قن مدعي الرد أو زوجته أو خازنه، قال في «الإنصاف» : لوادعي الأداء على يد عبده أو زوجته أو خازنه فكدعوى الأداء بنفسه. ولو ادعى الوديع الرد على يد حافظه أو وكيله يصدق؛ لأنه لما كان له حفظها بنفسه وبمن يقوم مقامه كان له دفعها كذلك؛ لأن أيديهم كيده ويقبل قول مدعي ممن ذكر بيمينه. ولو مات المودع وادّعى المودع أنه رد إليه الوديعة قبل موته بأن ادّعى ورثة المالك عليه، فقال: رددتها إليه قبل موته قبل قوله بيمينه، كما لو كان المالك هو المدعي وأنكر ويصدق الوديع أيضًا بيمينه في قوله لمالكها أذنت لي في دفعها. وهو من «مفردات المذهب» ، وقيل: لا يقبل، قاله الحارثي وهو قوي؛ لأن الأصل عدم الإذن وله تضمينه، وهذا القول هو الذي يترجح عندي، والله سبحانه وتعالى أعلم. ويصدق في قوله أذن لي مالكها قبل موته في دفعها لفلان أمانة ودفعتها إليه؛ لأن الوديع ادّعى دفعًا يبرأ به من الوديعة فكان القول قول

فيه، كما لو ادّعى ردها إلى مالكها ولا يلزم المدّعي عليه غير اليمين لما لم يقرّ بقبضه، وكذا إن أقرّ المالك بالإذن في الدفع وأنكر أن يكون دفع له قبل قول الوديع ثم ينظر في المدفوع إليه، فإن أقر بالقبض فلا كلام وإن أنكر حلف وبرئ وفاتت على ربها إن كان المدفوع إليه وديعًا، وإن كان دائنًا قبل قوله مع يمينه وضمن الدافع إن لم يشهد لتقصيره صدق المالك أو كذبه؛ لأنه لما قبل قوله على المالك فكذلك يقبل قوله على الورثة مع إنكارها. ويصدق وديع بيمينه في دعوى تلف للوديعة بسبب خفي كالسرقة لتعذر إقامة البينة على مثل هذا السبب، ولأنه لو لم يقبل قوله في ذلك لامتنع الناس من قبول الأمانات مع الحاجة إلى ذلك، قال ابن المنذر: أجمع من يحفظ عنه من أهل العلم أن المستودع إذا أحرز الوديعة ثم ذكر أنها ضاعت قبل قوله مع يمينه. وحكى الوزير الإتفاق على أن القول قول المودع في التلف والرد مع يمينه. وقال ابن القيم: إذا لم يكذبه شاهد الحال، وقال: إذا ادّعى الهلاك في الحريق أو تحت الهدم أو في نهب العيارين ونحوهم لم يقبل إلا إذا تحقق وجود هذه الأسباب وإن هلكت من بين ماله. اهـ. وكذا إن لم يذكر السبب أو دعوى تلف للوديعة بسبب ظاهر كحريق وغرق ونهب جيش إن ثبت وجوده ببينة تشهد بوجود ذلك السبب، فإن عجز عن إقامة السبب الظاهر ضمن الوديعة؛ لأنه لا يتعذر إقامة البينة به والأصل عدمه. ويكفي في ثبوت السبب الظاهر الإستفاضة ويصدق الوديع بيمينه

في عدم الخيانة وعدم تفريط وفي حرز مثل بلا نزاع؛ لأنه أمين، والأصل براءته. وإن ادّعى الوديع رد الوديعة لحاكم أو ورثة مالك لم يقبل إلا ببينة؛ لأنهم لم يأمنوه أو ادعى ردًا بعد مطله بتأخيره دفعها إلى مستحقه بلا عذر، ثم ادّعى تلفًا لم يقبل إلا ببينة؛ لأنه بالمطل بطل الإستئمان وكذلك لو ادعى ردًا بعد منعه منها لم يقبل إلا ببينة؛ لأنه صار كالغاصب. قال في «التدريب» : وأن يؤخر ردها بعد الطلب من غير عذر فالضمان قد وجب أو وعد الوديع المالك رد ما أودعه ثم ادّعى الوديع الرد أو ادّعى تلفه قبل وعده برده إليه أو ادعى ورثة الوديع ردًا منهم أو من مورثهم ولو لمالك أو ادّعى ورثة الوديع أن مورثهم رد الوديعة قبل موته لم يقبل ذلك إلا ببينة؛ لأنهم غير مؤتمنين عليها من قبل مالكها. وكذا لو ادعاه ملتقط أو من أطارت الريح الثوب إلى داره فلا يقبل إلا ببينة. وكذا في الحكم كل من يقبل قوله بيمينه من الأمناء كالشريك والوكيل مجانًا والمرتهن إذ لا فرق بينهم وبين الوديع. وإن أنكر الوديع الوديعة بأن قال: لم يودعني، ثم قرّ بالإيداع أو ثبتت عليه الوديعة ببينة، فادعى ردًا أو تلفًا سابقين لجحوده لم يقبل منه ذلك؛ لأنه صار ضامنًا بجحود معترفًا على نفسه بالكذب المنافي للأمانة. ولو أتى ببينة على الرد أو التلف وأطلقت البينة الشهادة فلم تقل قبل ولا بعد فلا تسمع لتكذيبه لها بجحوده.

وبهذا قال المالك والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي؛ لأنه مكذب لإنكاره الأول ومعترف على نفسه بالكذب المنافي للأمانة. وقيل: يقبل؛ لأن صاحبها لو أقر بذلك سقط عنه الضمان. وقال في «الإنصاف» : ويحتمل أن يقبل ببينة، قال الحارثي: وهو المنصوص من رواية أبي طالب وهو الحق، وقال: هذا المذهب عندي، انتهى. وهذا القول الذي تميل إليه النفس والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن ادّعى ردًا أو تلفًا بعد جحوده كما لو ادّعى عليه بالوديعة يوم الأحد فجحدها ثم أقر بها يوم الاثنين ثم ادّعى أنه ردها أو تلفت بغير تفريط يوم الثلاثاء وأقام بينة شاهدين قبلا، والسبب في أنه يقبل الرد والتلف إذا أداهما بالبينة بعد الجحود؛ لأنه حينئذ ليس بمكذب لها ولا ضمان على وديع بتركه الوديعة عنده باختيار ربها بقائها بعد ثبوتها عند الوديع؛ لأنها بإبقاء ربها لها باختيار تعود أمانة. وإن قال مدعى عليه: الودعية مالك عندي شيء أو لا حق لك عندي أو قبلي، ثم أقر بالإيداع أو ثبتت ببينة قبل منه رد أتلف سبقًا جحوده؛ لأنه ليس بمناف لجوابه أن يكون أودعه ثم تلفت عنده بغير تفريط أو ردها فلا يكون له عنده شيء. ولا يقبل منه دعوى وقوع الرد والتلف بعد جحوده بلا بينة لاستقرار حكمه بالجحود فيشبه الغاصب وعليه ضمان وديعة ثبت أنها تلفت ببينة ما لم يكن جدد عقدًا بعد الجحود. وإن قال إنسان لآخر: لك عندي وديعة ثم ادّعى المقر ظن البقاء بأن قال: كنت أظنها باقية ثم علمت تلفها قبل قوله بيمنه.

قال في «الإنصاف» : قلت: وهو الصواب، وقيل: إذا قال لك عندي وديعة ثم ادّعى ظن البقاء ثم علم تلفها لم يقبل قوله، والقول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وإذا مات مودع أو وكيل أو شريك أو مرتهن أو مضارب وانتقلت الوديعة إلى يد من بعده فالواجب على وارثه المنتقل إليه فورًا أحد شيئين: إما إعلام مالك بموت الوديع أو ردها. ولا يجوز لمن هي بيده أن يمسكها قبل إعلام ربها بها؛ لأنه لم يأتمنه عليها. ومحل ذلك إذا كان إذن مالكها لزوال حكم الائتمان بمجرد موت المورث. فإن تلفت الوديعة عند وارث قبل إمكان الإعلام أو الرد إلى ربها لنحو جهل بها أو به لم يضمنها إذا لم يفرط بلا نزاع؛ لأنه معذور. وإن تلفت بعد إمكان ردها إلى ربها أو إعلامه بموت الوديع فلم يفعل ضمن لتأخر ردها إلى ربها أو الإعلام مع إمكانه وحصولها بيده بلا إيداع بخلاف عبد أو حيوان دخل داره وعليه أن يخرجه ليذهب كما جاء؛ لأن يده لم تثبت عليه. وكل من حصل في يده بلا ائتمان من صاحبها كلقطة وثوب أطارته ريح لداره وعلم به فعليه المبادرة إلى الرد مع العلم بصاحبها والتمكن منه أو إعلامه. وكذا لو عزل نفسه نحو مودع كعدل بيده الرهن ومرتهن ووكيل ومضارب وشريك فيجب عليه الرد على الفور. قال ابن رجب في «قواعده» : وكذا حكم الأمانات إذا فسخها المالك

س27: ماذا يجب على من عنده عين إجارة أو إعارة أو غصب أو مقبوض على وجه السوم أو رهن، وإذا أحرز الوديعة بعد طلب صاحبها فما الحكم؟ وما الذي تثبت به الوديعة؟ وإذا ادعى الوديعة إثنان فأقر لأحدهما أو أودع إثنان وديعة وطلب أحدهما نصيبه منها، وإذا غصبت العين المودعة أو الموجودة أو مال المضاربة أو الرهن فهل لمن هي بيده المطالبة، وإذا أكره مودع على دفع الوديعة فدفعها لغير ربها أو أكره على الطلاق أن لا وديعة عنده لفلان، وإذا نادى السلطان بتهديد من عنده وديعة وينكرها فجزاؤه كذا، أو قال من لم يحمل وديعة فلان عمل به كذا فحملها إنسان فما الحكم؟ واذكر القيود والمحترزات والتفاصيل والأمثلة والأدلة والتعاليل والخلاف والترجيح.

كالوديعة والوكالة والشركة والمضاربة يجب الرد على الفور لزوال الائتمان صرح به القاضي في خلافه، وسواء كان الفسخ في حضرة الأمين أو غيبته، وظاهر كلامه أنه يجب فعل الرد، فإن العلم هنا حاصل للمالك، انتهى. وحاصله أن الأمين إن كان أزال الائتمان بعزله نفسه فيجب عليه المبادرة إلى الرد أو الإعلام، وإن كان العزل صدر من المالك وطلب الرد وجب على الأمين التمكين من الرد، قال في «القواعد» : فمتى كان المالك عالمًا ولم يطلب فلا ضمان إذا لم تكن مؤونة الرد واجبة على من هو عنده. (27) الواجب على من عنده عين انقضى ما أخذت من أجله وما تثبت به الوديعة وحكم المطالبة إذا غصبت ممن هي بيده أو أكره على دفع الوديعة بتهديد أو على الطلاق أن لا وديعة س27: ماذا يجب على من عنده عين إجارة أو إعارة أو غصب أو مقبوض على وجه السوم أو رهن، وإذا أحرز الوديعة بعد طلب صاحبها فما الحكم؟ وما الذي تثبت به الوديعة؟ وإذا ادعى الوديعة إثنان فأقر لأحدهما أو أودع إثنان وديعة وطلب أحدهما نصيبه منها، وإذا غصبت العين المودعة أو الموجودة أو مال المضاربة أو الرهن فهل لمن هي بيده المطالبة، وإذا أكره مودع على دفع الوديعة فدفعها لغير ربها أو أكره على الطلاق أن لا وديعة عنده لفلان، وإذا نادى السلطان بتهديد من عنده وديعة وينكرها فجزاؤه كذا، أو قال من لم يحمل وديعة فلان عمل به كذا فحملها إنسان فما الحكم؟ واذكر القيود والمحترزات والتفاصيل والأمثلة والأدلة والتعاليل والخلاف والترجيح.

ج: الأعيان المضمونة يجب المبادرة بها إلى ردها بكل حال وسواء كان حصولها في يده بفعل مباح أو محرم أو بغير فعله. فالأول: كالعواري يجب ردها إذا استوفى منها الغرض المستعارة له إذا انتهى قدر الانتفاع المأذون فيه وسواء طالب المالك أو لم يطالب؛ لأنها من قبيل المضمونات فهي شبيهة بالمقبوض، وكذا حكم المقبوض بالسوم. والثاني: كالمغصوب والمقبوض بعقد فاسد. ويجب على المستأجر رد العين المؤجرة إذا انقضت إجارة. ويجب على مرتهن إذا وفى دين برهن رد الرهن لمالكه. ويضمن وديع أحرز الوديعة فلم يمكن مالكها من أخذها بعد طلب فإن أخر الرد بعد طلبها بلا عذر في التأخير ضمن إن تلفت أو نقصت كالغاصب. وإن طلبها في وقت لا يمكن دفعها إليه لبعدها أو لمخافة في طريقها أو للعجز عنها وعن حملها لم يكن متعديًا بترك تسليمها ولم يضمنها لعدم العدوان. ومثل الوديع من أخر دفع مال أمر بدفعه بلا عذر وتلف فيضمنه ولو لم يطلب الوكيل ذلك؛ لأنه أمسك مال غيره غير إذن. ويمهل من طولب بوديعة أو بمال أمر بدفعه لنحو أكل أو لكونه في حمام إلى قضاء حاجته، وكذا يمهل لهضم طعام ونوم إلى أن يستيقظ ويمهل لمطر وطهر بقدره، فلا تضمن الوديعة بتلف زمن العذر؛ لعدم عدوانه. وتثبت وديعة حكمًا بإقرار وديع بأن أقر أنها لفلان أو إقرار وارث أو وجود نحو بينة كإمارة ظاهرة. وإن وجد وارث خط مورثه: لفلان عندي وديعة أو وجد على الكيس

ونحوه مكتوب هذا لفلان عمل الوارث به وجوبًا كما يعمل بإقراره باللفظ. وإن وجد وارث خط مورثه بدين له على فلان جاز للوارث الحلف إذا قام به شاهد مثلاً، وكان يعلم أن مورثه لا يكتب إلا حقًا وأنه صادق أمين ودفع الدين إليه. وإن وجد وارث خط مورثه بدين عليه لمعين عمل الوارث به وجوبًا ودفع الدين إلى من هو مكتوب بإسمه كالوديعة. وإن ادّعى الوديعة إثنان فأقر المستودع بها لأحدهما فهي للمقر له مع يمينه؛ لأن اليد كانت للمودع وقد نقلها إلى المدعي فصارت اليد له ومن كانت اليد له قبل قوله بيمينه. ومن إفراد ذلك لو قال المودع أودعنيها الميت، وقال هي لفلان، وقال ورثته: بل هي له، فقال الشيخ تقي الدين: بأن القول قول المودع مع يمينه ويحلف المودع أيضًا للمدعي الآخر الذي أنكره؛ لأنه منكر لدعواه وتكون يمينه على نفي العلم. فإن حلف بريء وإن نكل لزمه بدلها له؛ لأن فوتها عليه، وكذا لو أقر له بعد أن اقر بها للأول فتسلم للأول ويغرم قيمتها للثاني. وإن أقر بها لهما معًا فهي بينهما كما لو كانت بأيديهما وتداعياها ويحلف لكل واحد منهما يمينًا على نصفها، فإن نكل عن اليمين لزمه بدل نصفها لكل واحد منهما وإن نكل عن اليمين لأحدهما فقط لزمه لمن نكل عن اليمين له عوض نصفها ويلزم كل واحد منهما الحلف لصاحبه؛ لأنه منكر لدعواه. وإن قال المودع: هي لأحدهما ولا أعرف عينه، فإن صدقاه أو سكتا

عن تصديقه وتكذيبه فلا يمين عليه إذ لا اختلاف ويقرع بينهما فمن خرجت له القرعة سلمت إليه بيمينه. وإن كذباه بأن قالا: بل تعرف أينا صاحبها حلف لهما يمينًا واحدة أنه لا يعلم عينه، وكذا إن كذبه أحدهما وحده ويقرع بينهما فمن خرجت له القرعة حلف أنها له لاحتماله عدمه وأخذها بمقتضى القرعة. فإن نكل المودع عن اليمين أنه لا يعلم صاحبها حكم عليه بالمنكول وألزم بالتعيين بأن يعين صاحبها. فإن امتنع عن التعيين أجبر على القيمة إن كانت متقومة وإن كانت مثلية أجبر على المثل فتؤخذ القيمة أو المثل أو العين فيقترعان عليهما ويتفقا عليهما، وكذلك إذا قال: أعلم المستحق ولا أحلف. ثم إن قامت بينة بالعين لأخذ القيمة سلمت إليه العين للبينة وتقديمها على القرعة وردت القيمة إلى المودع ولا شيء للقارع على المودع؛ لأنه لم يفوت عليه شيئًا، بل المفوت البينة. وإن أودع اثنان إنسانًا وديعة مكيلاً أو موزونًا ينقسم ولا ينقص بالتفرقة فطلب أحدهما حقه من الوديعة لغيبة شريكه أو حضوره وامتناعه من الأخذ ومن الإذن لصاحبه في أخذ حقه سلم للطالب نصيبه وجوبًا؛ لأنه أمكن تمييز نصيب أحد الشريكين من نصيب الآخر بغير غبن ولا ضرر، فإذا طلب أحدهما نصيبه لزمه دفعه إليه كما لو كان متميزًا. وقيل: لا يلزمه الدفع إلا بإذن شريكه أو الحاكم، وقال القاضي: لا يجوز إلا بإذن الحاكم؛ لأن ذلك يحتاج إلى قسمة ويفتقر إلى حكم واتفاق، والقول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وعلم مما تقدم أن ذلك لا يجوز في غير مثلي؛ لأن قسمته لا يؤمن فيها

الحيف لافتقارها إلى التقويم وهو ظن وتخمين. قال المجد في «شرحه» : لو كان على الوديع دين بقدر الوديعة كألف درهم فأعطاه الوديع ألفًا ثم اختلفا، فقال الوديع: الذي دفعت إليك وفاء عن الدين، والوديعة تلفت، فقال المالك: بل هو الوديعة والدين بحاله، فالقول قول الوديع. ولمودع ومضارب ومستأجر ومرتهن وعدل بيده الرهن وأجبر على حفظ عين والوكيل فيه والمستعير والمجاعل على عملها مطالبة غاصب العين من وديعة أو مضاربة أرهن أو مستأجره فله مطالبة غاصبها؛ لأنها من جملة حفظها المأمور به، والذي تميل إليه نفسي أنه يلزمه المطالبة بذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم. ولا يضمن مودع أكره على دفع الوديعة بتهديد على دفعها لغير ربها. وإن طلب يمين الوديع أن لا وديعة لفلان عنده ولم يجد بدًا من الحلف بأن يكون الطالب بيمينه متغلبًا عليه بسلطته أو تلصص ولا يمكنه الخلاص منه إلا بالحلف وتأول فينوي لا وديعة عندي لفلان في موضع كذا من المواضيع الذي ليست بها ونحوه ولم يحنث لتأوله فإن لم يحلف حتى أخذها منه ضمنها. وقيل: لا يأثم إن حلف الوديع مكرهًا أنه لا وديعة لفلان عنده ولم يتأول وهو دون إثم إقراره بها ويكفر، وقيل: إن حلف ولم يتأول أَثِمَ ووجبت الكفارة. قال في «الإنصاف» : وإن حلف ولم يتأول أثم، وقال: الصواب وجوب الكفارة مع إمكان التأويل وقدرته عليه وعلمه بذلك ولم يفعله، وهذا القول الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وكونه يأثم إذا لم يتأول لحلفه كاذبًا لكن إثم حلفه دون إثم إقراره بها؛ لأن حفظ مال الغير من الضياع آكد من بر اليمين. وإن أكره على الطلاق أن لا وديعة عنده لفلان وكان ضرر التغريم كثيرًا يوازن الضرر في صور الإكراه. فهو إكراه لا يقع وإلا وقع ولم يقولوا أي الأصحاب وتأويل؛ لأن المكره لا يلزمه تأويل لعدم إنعقاد يمينه، قاله في «الغاية وشرحها» . وإن نادى السلطان بتهديد من عنده وديعة وينكرها فجزاؤه كذا وكذا من أنواع العقوبة أو نادى بتهديد من لم يحمل وديعة فلان عمل به كذا وكذا من أنواع التهديد فحملها بلا مطالبة أثم إن لم يعينه. وإذا استودع فضة وأمر بصرفها بذهب ففعل وتلف الذهب لم يضمنه. وإذا قال: أصرف مالي عليك من قرض ففعل وتلف ضمنه، ولم يبرأ من القرض. ومن نال منها بعضها ثم رده فضاعت ليضمنه فقط في المؤكد وهذا إذا لم تلف عنه حريزة فتهتك عنها والتي لم تشدد كذاك إذا رد البديل مميزًا وإلا فضمنه الجميع بأوكد ويبرأ برد للوديعة خائن وإلا براء من غرم وعقد مجدد وإن ثبتت في إرث ميت وديعة

فتفقد فدين أسوة الغرما أعده وإن شك في بقيا وديعته إلى الممات فلم توجد لتضمن بأجود ومودعها في ردها أقبل مقاله فهلك وأذن في تسلم أبعد على مودع أو قابض منكر فإن قضى عن ديون ضمن غير مشهد وفي نفي تفريط ودعوى خيانة وجاحد إيداع فيثبت بشهد وإقراره أن يدعي قبل جحده تلافًا ورد العين أمنعه وأصدد ولو مع شهود صدقوه بأوطد وتقبل دعوى الرد من بعد مجحد وعن أحمد في قابض بشهادة لدعواه ردًا دون شهدًا ردد وفي قوله لا مال عندي لك ولا علي أقبلن دعوى التوى والتردد وقابضها ينوي الخيانة ضامن كملتقط لا أن طر إذا تجدد ورد ادعا الوارث رد فقيدهم وديعته أو ردهم دون شهد ولم يضمنوا إلا بكتمانهم لها وإمكان رد أخروه بأجود

وتلزم بالإقرار أو شاهدين لا بخط الردى حتى علي بمبعد وإن يدع إثنان الوديعة عنده فمن خصه يحلف ويعطي له طد ويحلف للمحروم في المتجود فإن يأب يضمنها له ويزود وإن خص منهم واحدًا لا بعينه فإن صدقا في نفي علم بمفرد فليس عليه من يمين وإن هما معًا كذباه أو فتى منهما قد ليحلف يمينًا لست أعلم من هو الذي يستحق العين يا ذا الترشد وتعطي لفرد قارع مع يمينه ومن قبلها إقرع وإن شئت بعد وإن يأب الإيلاء أقر عن قبله فقط ولا يلزم الإيلاء إن بقرعته إبتدي سوى للفتوى المقروع حسب بشرطه إن يكذبه المقروع في جهله أشهد فإن يأب إيلاء له يلتزم له بقيمة ما عنه زواه ويرفد وإن جحد الشخصين مودعها معًا ليحلف لكل منهما بتعدد وخذ مع نكول منه عينًا وقدرها وكل له بالقرعة إحدى المعدد

باب إحياء الموات

وبينهما في وجه اقسمهما كذا مقر لكل مع نكول التعدد ومن يبغ من موزونهم أو مكيلهم نصيبًا له من ممكن القسم أسعد وحرمه القاضي بلا إذن حاكم وهذا الذي يقضي به عقل من هدي ولا غرم أن يغصب وأن يعط مكرهًا وللمودع التطلاب حفظًا بأجود وردكها للحافظي مال ربها على عادة مبرّ بغير تردد وليس على مستودع أجر ربها إذا لم يبعدها بأفعال معتدي باب إحياء الموات س28: ما هي الموات لغةً وشرعًا؟ وما الأصل فيها؟ وما الذي يملك بالإحياء؟ وإذا ملكه من له حرمة أو شك هل للموات مالك أم لا؟ أو ملك ثم دثر أو كان لغير معصوم، أو تردد في جريان الملك عليه أو كان به أثر ملك غير جاهلي؟ وما الذي يدخل فيما ملك بالإحياء؟ وما الأسباب المقتضية للإحياء والتي لا يحصل بها الإحياء؟ وكم أقسام الموات؟ وما هي؟ وما الذي يستثنى من ذلك؟ واذكر القيود والتفاصيل والمحترزات والأدلة والتعليلات والخلاف والترجيح. ج: الموات والميتة والميتات بفتح الميم والواو والأرض الدارسة الخراب، وعرفها الأزهري: بأنها الأرض التي ليس لها مالك ولا بها ماء ولا عمارة

ولا ينتفع بها، والموات مشتق من الموت وهو عدم الحياة والموتان بضم الميم وسكون الواو: الموت الذريع، ورجل موتان القلب بفتح الميم وسكون الواو: يعني أعمى القلب لا يفهم، وفي «القاموس» : الموات كغراب الموت وكسحاب ما لا روح فيه وأرض لا مالك لها، ولموتان بالتحريك خلاف الحيوان أو أرض لم تحي بعد. وفي «التيسير نظم التحرير» : حقيقة الموات في الأراضي ما لم يعمر في الزمان الماضي وفي «نهاية التدريب» : وكل أرض ما لها مياه تسمى مواتًا ينبغي إحياء واصطلاحًا: الأرض المنفكة عن الإختصاصات وملك معصوم مسلم أو كافر، قال الحارثي: عن هذا الحد فيدخل ما يملك بالإحياء وخرج كل ما لا يملك به، انتهى، والأصل في جوازه: حديث جابر مرفوعًا: «من أحيا أرضًا ميتة فهي له» رواه أحمد والترمذي وصححه، وحديث سعد بن زيد: «من أحيا أرضًا ميتة فهي له، وليس لعرف ظالم حق» قال الترمذي: هذا حديث حسن، وعن عائشة مثله، رواه مالك وأبو داود، وقال ابن عبد البر: هو مسند صحيح متلقى بالقبول عند فقهاء المدينة وغيرهم. وعن أسمر بن مضرس قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعته، فقال: «من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له» فخرج الناس تعادون يتخاطون، رواه أبو داود عن عائشة مرفوعًا: «العباد عباد الله، فمن أحيا من موات الأرض شيئًا فهو له» رواه أبو داود الطيالسي.

قال في «المغني» و «الشرح» وعامة فقهاء الأمصاد على أن الموات يملك بالإحياء وإن اختلفوا في شروطه. ويملك بالإحياء كل موات لم يجر عليه ملك معصوم ولم يوجد فيه أثر عمارة. ويملك الإنسان ما أحياه إن لم يكن ملك امرئ سواه قال في «المغني» : بغير خلاف نعلمه بين القائلين بالإحياء، ونقل أبو الصقر في أرض بين قريتين ليس فيها مزارع ولا عيون ولا أنهار تزعم كل قرية أنها لهم فإنها ليست لهؤلاء ولا لهؤلاء حتى يعلم أنهم أحيوها، فمن أحياها فله، ومعناها نقل ابن القاسم. وإن كان الخراب الذي لم يوجد فيه أثر عمارة تتحقق أنه كان قد ملكه من له حرمة من مسلم أو ذمي أو مستأمن بشراء أو هبة أو ملكه من شك فيه بأن علم أن كان له مالك، وشك في حاله هل هو محترم أم لا؟ فإن وجد مالكه أو وجد أحد من ورثته لم يملك بالإحياء. قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن ما عرف بملك مالك غير منقطع أنه لا يجوز إحياؤه لأحد غير أربابه، انتهى. وكذا إن جهل مالكه بأن لم تعلم عينه مع العلم بجريان الملك عليه لذي حرمة فلا يملك بالإحياء؛ لحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من عمر أرضًا ليست لأحد فهو أحق بها» رواه أحمد والبخاري، وهذه مملوكة، ولأن هذا المكان مملوك فلم يملك بالإحياء كما لو كان مالكه معينًا. وإن علم أنه مات ولم يعقب ذرية ولا وارثًا لم يملك أيضًا بالإحياء

وأقطعه الإمام لمن شاء؛ لأنه فيء وإن ملك بالإحياء ثم ترك حتى دثر وعاد مواتًا لم يملك بالإحياء إن كان لمعصوم لمفهوم حديث: «من أحيا أرضًا ميتة فهي له» ، ولأن ملك المحيى أولاً لم يزل عنها بالترك بدليل سائر الأملاك. وإن علم ملك الدارس الخراب لمعين غير معصوم بأن كان لكافر لا ذمة له ولا أمان، فإن كان أحياه بدار حرب واندرس كان كموات أصلي فيملكه من يحييه؛ لأن ملك من لا عصمة له كعدمه. وإن لم يكن به أثر ملك وتردد في جريان الملك عليه ملك بالإحياء؛ لأن الأصل عدم جريان الملك فيه أو كان بالخراب أثر ملك غير جاهلي كالخرب جمع خربة وهي ما تهدم من البنيان التي ذهبت أنهارها واندرست آثارها ولم يعلم لها مالك الآن ملك بالإحياء؛ لعموم ما سبق من الأخبار وسواء كان بدار الإسلام أو الحرب، ولأن عامر دار الحرب إنما يملك بالقهر والغلبة كسائر أموالهم أو كان به أثر ملك جاهلي قديم كديار عاد وآثار الروم فيملكه من أحياه لما سبق أو كان به أثر ملك جاهلي قريب ملك بالإحياء؛ لأن أثر الملك الذي به لا حرمة له. قال الحارثي: مساكن ديار ثمود لا تملك؛ لعدم دوام البكاء مع السكنى ومع الإنتفاع. ويكره دخول ديارهم إلا لباكٍ معتبر لئلا يصيبهم ما أصابهم من العذاب للخبر ومن أحيى مما يجوز إحياؤه ولو كان الإحياء بلا إذن الإمام ملكه؛ لعموم الحديث، ولأنه عين مباحة فلا يفتقر تملكها إلى إذن كأخذ المباح. وقال أبو حنيفة: يحتاج إلى إذن الإمام. وقام مالك ما كان في الفلاة أو حيث لا يتشاح الناس فيه لا يحتاج إلى إذن وما كان قريبًا من العمران وحيث يتشاح الناس فيه افتقر إلى إذن.

وقال الشافعي وأحمد: لا يحتاج إلى الإذن، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس لإذن الشارع في ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم. وهو مبني على أن عموم الأشخاص يستلزم عموم الأحوال سواء كان المحيي مسلمًا أو ذميًا إتفاقًا وسواء كان مكلفًا أو لا لكن شرطه أن يكون ممن يملك المال؛ لأنه يملكه بفعله كالاصطياد، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «موتان الأرض لله ورسوله ثم هملكم جوابه بعد تسليم صحته أنها لكم أي لأهل داركم، والذمي من دارنا تجري عليه أحكامنا فيملك الأرض المحياة بالإحياء كما يملكها بالشراء» . ويملك مباحاتها من الحشيش والحطب والصيود والركاز والمعدن واللقطة وهي من مرافق دار الإسلام، فكذلك الموات مواتًا في دار الإسلام وغيرها إذ جميع البلاد سواء إلا موات الحرم وعرفات فلا يملك بالإحياء مطلقًا لما فيه من التضييق في أداء المناسك واختصاصه بمحل الناس فيه سواء. ومنى ومزدلفة من الحرم كما سبق فلا إحياء فيهما. وموات العنوة كأرض الشام والعراق كغيره مما أسلم أهله عليه كالمدينة وما صولح أهله أن الأرض للمسلمين. فيملك موات العنوة بالإحياء. ولا خراج على مسلم أحيا موات أرض العنوة وما روي عن الإمام: ليس في أرض السواد موات معللاً بأنها لجماعة فلا يختص بها أحدهم حملها القاضي على العامر ويحتمل أن أحمد قاله لكون السواد كان عامرًا في زمن عمر بن الخطاب وحين أخذه المسلمون من الكفار. وسوى ما أحياه مسلم من أرض كفار صولحوا على أن الأرض لهم

ولنا الخراج عنها؛ لأنهم صولحوا في بلادهم فلا يجوز التعرض لشيء منها؛ لأن الموات تابع للبلد ويفارق دار الحرب؛ لأنها على أصل الإباحة. وسوى ما قرب من العامر عرفًا؛ لأن التحديد لا يعرف إلا بالتوقيف لا بالرأي ولم يرد من الشارع تحديد فوجب أن يرجع في ذلك إلى العرف كالقبض والإحراز وما قيل أن حد القريب خمس خمس الفرسخ وإذا وقف الرجل بأعلى صوته لم يسمع أدنى أهل المصر إليه أجيب بأنه لا يجوز أن يكون حدًا لكل ما قرب من عامر؛ لأن من أحيا أرضًا في موات حرم إحياء شيء من ذلك على غيره ما لم يخرج من الحد وتعلق بمصالحه كطرقه وفنائه ومسيل مائه ومرعاه ومحتطبه. وحريم بئره وحريم نهره وحريم عين مائه ومطرح ترابه وقمامته وملقى آلاته التي لا نفع فيها ومرتكض خيله ومدفن موتى ومناخ إبل ومنازل مسافرين معتادة حول المياه وبقاع مرصدة لصلاة العيدين والإستسقاء والجنائز فمن أحيا ما يجوز إحياؤه ملك ما أحياه لمفهوم حديث: «من أحيا أرضًا ميتة من غير حق مسلم فهي له» ، ولأنه مملوك فأعطي حكمه. ويملكه محييه بما فيه من كنز جاهلي ومعدن جامد باطن في الأرض كذهب وفضة وحديد ونحاس ورصاص وبلور ومن معدن جامد ظاهر كجص وكحل وكبريت وزرنيخ تبعًا للأرض؛ لأنه ملك الأرض بجميع أجزائها وطبقاتها، وهذا منها فتبعها في الملك. ويفارق الكنز الإسلامي فإنه يملك ما فيها من كنز عليها فيه علامة ضرب الإسلام؛ لأنه مودع فيها للنقل عنها وليس من أجزائها وإنما يملك المحيي المعادن التي أحياها إذا حفرها وأظهرها. قال في «الشرح» و «المبدع» :ولو تحجر الأرض واقطعها فظهر فيها المعدن

قبل إحيائها كان له إحياؤها ويملكها بما فيها؛ لأنه صار أحق بتحجره وإقطاعه فلم يمنع من إتمام حقه. ولا يملك من أحيا أرضًا ما فيها من معدن جار. ولا يملك إنسان ما أحياه من معدن ظاهرًا كان أو باطنًا بإحيائه له مفردًا عن غيره، أما الظاهر وهو الذي يتوصل إليه من غير مؤنة ينتابه الناس وينتفعون به كمقطع الطين والملح والكحل والكبريت والقار والمومياء والنفط والبرام والياقوت فبلا خلاف؛ لأن فيه ضررًا بالمسلمين وتضييقًا عليهم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع أبيض بن حمال معدن الملح فلما قيل له أنه بمنزلة الماء المعد رده، قال أحمد: وروى أبو عبيد والترمذي وأبو داود بإسنادهم عن ابيض بن حمال أنه استقطع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بمأرب فلما ولَّى، قيل: يا رسول الله، أتدري ما أقطعت له إنما أقطعته الماء العد، فرجعه منه قال: قلت: يا رسول الله، ما يحمي من الأراك؟ قال: «ما لم تنله إخفاف الإبل» ، ولأن هذا يتعلق به مصالح المسلمين العامة فلم يجز إحياؤه ولا إقطاعه كمشارع الماء وطرقات المسلمين. قال ابن عقيل: هذا من مواد الله الكريم وفيض جوده الذي لا غنى عنه، فلو ملكه أحد بالاحتجار ملك منعه فضاق على الناس وإن أخذ العوض عنه أغلاه فخرج عن الوضع الذي وصفه الله من تعميم ذوي الحوائج من غير كلفة، قال في «المغني» : ولا أعلم فيه مخالفًا. وأما الباطن وهو الذي يحتاج في إخراجه إلى حفر ومؤنة كحديد ونحاس وذهب وفضة وجوهر فلا يملك بإحيائه مفردًا؛ لأن الإحياء الذي يملك به هو العمارة التي يتهيأ بها المحيى للانتفاع من غير تكرار عمل، وهذا حفر وتخريج يحتاج إلى تكرار عند كل إنتفاع ولا يملك من أحيا أرضًا كان فيها معدنًا ظاهرًا للناس يأخذون قبل الإحياء لتلك الأرض؛

لأن في ملكه إذا قطعا لنفع كان واصلاً للمسلمين ومنعًا لانتفاعهم وأما إذا ظهر بإظهاره فإنه لم يقطع عنهم شيئًا؛ لأنه إنما ظهر بإظهاره. وفي «التيسير نظم التحرير» : والمعدن الموجود إما ظاهر أو باطن في أرضه فالظاهر ما لم يعالج عند الإستخراج والباطن المحتاج للعلاج فليمتنع في الظاهر الإقطاع وطالب الإحياء لا يطاع بل ذك بين المسلمين مشترك من نال منهم بعضه فقد ملك وحيث ضاق فليقدم من سبق فإن أتوا معًا فقرعة أحق ويجب على ذمي خراج ما أحيا من موات أرض فتحت عنوة كأرض مصر والشام والعراق؛ لأن الأرض للمسلمين فلا تقر في يد غيرهم بدون خراج كغير الموات، وأما غير العنوة وهو ما صولح أهله على أن الأرض للمسلمين وما أسلم أهله عليه إذا أحيي الذمي فيه مواتًا فهو كالمسلم، وأما المسلم فلا خراج عليه فيما أحياه من أرض العنوة والصلح، وما أسلم أهلها عليها كالمدينة إذ الأرض للمسلمين وهو واحد منهم. ويملك بإحياء ويقطع محل إذا حصل فيه الماء صار فيه ملحًا؛ لأنه لا تضييق على المسلمين بإحداثه بل يحدث بفعله بالعمل فيه فلم يمنع منه كبقية الموات وإحياء هذا بتهيئة لما يصلح له من حفر ترابه وتمهيده وفتح قناة إليه تصب الماء فيه؛ لأنه يتهيأ بهذا للانتفاع به.

ويملك بإحياء ما قرب من العامر ولم يتعلق بمصالحه كالبعيد عنه؛ لعموم ما سبق من انتفاء المانع وهو التعلق بمصالح العامة وللإمام إقطاع ذلك؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أقطع بلال بن الحارث العقيق وهو يعلم أنه من عامر المدينة، ولأنه موات لم تتعلق به مصلحة العامر فجاز إحياؤه كالبعيد. ولا يملك بإحياء مكان غار ماؤه من الجزائر والرفاق مما لم يكن مملوكًا والرقاق بفتح الراء أرض لينة سهلة، قال ابن إبراهيم بن عمران الأنصاري: رقاقها حزم وجريها خدم ... ولحمها زيم والبطن مقبوب يريد أنها إذا عدت أضرم الرقاق وثار غباره كما تضطرم النار فيثور عثانها، وقيل: الرقاق رمال يتصل بعضها ببعض، قال أحمد في رواية العباس بن موسى: إذا نضبت الماء عن جزيرة إلى فناء رجل لم يبن فيها؛ لأن فيه ضررًا، وهو أن الماء يرجع إلى ذلك المكان فإذا وجده مبنيًا رجع إلى الجانب الآخر فأضر بأهله، ولأن الجزائر منبت الحطب والكلأ فجرت مجرى العادة الظاهرة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا حمى في الأراك» ، وما روي عن عمر أنا أباح الجزائر أي ما نبت فيها، وقيل: ما نضب عنه الماء من الجزائر والرقاق مما لم يكن مملوكًا فلكل أحد إحياؤه كموات، قال الحارثي: مع عدم الضرر، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ولا يملك بإحياء ما غمره الماء من مكان مملوك بأن غلب عليه الماء ثم نضب عنه، بل هو باق على ملك ملاكه قبل غلبة الماء عليه فلهم أخذه لعدم زوال ملكهم عنه وإن كان ما نضب عنه الماء لا ينتفع به أحد فعمره إنسان عمارة لا ترد الماء مثل أن يجعله مزرعة فهو أحق به من غيره؛ لأنه متحجر لما ليس فيه حق فأشبه المتحجر في الموات.

وإن ظهر فيما أحيى من موات عين ماء أو ظهر معدن جار وهو الذي كلما أخذ منه شيء خلفه عوضه كنفط وقار أو ظهر فيه كلأ أو شجر فهو أحق به؛ لأنه في ملكه خارج من أرضه أشبه المعادن الجامدة والزرع؛ لحديث: «من سبق على ما لم يسبق إليه أحد فهو أحق به» فهنا أولى. ولا يملكه لما ورد عن خداش عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المسلمون شركاء في ثلاثة: في الماء، والكلأ، والنار» رواه أحمد وأبو داود، ورواه ابن ماجه من حديث ابن عباس: «الناس شركاء في ثلاث: في الماء، والكلأ، والنار» وثمنه حرام، ولأنها ليست من أجزاء الأرض، وما فضل من مائه الذي في قرار العين أو في قرار البئر عن حاجته وحاجة عياله وماشيته وزرعه لزمه بذله لبهائم غيره. ويجب بذله لزرع غيره وهو من «المفردات» ؛ لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به الكلأ» متفق عليه. وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمنع نقع البئر» رواه أحمد وابن ماجه، وعن عبادة بن الصامت «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بين أهل المدينة أن لا يمنع نقع البئر، وقضى بين أهل البادية أن لا يمنع فضل ماء ليمنع به الكلأ» رواه عبد الله بن أحمد في «مسنده» ، ولمسلم من حديث أبي هريرة: «لا يباع فضل الماء ليباع به الكلأ» ، وللبخاري: «لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به الكلأ» . وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: «من منع فضل مائه أو فضل كلئه منعه الله فضله يوم القيامة» رواه أحمد، ولا يتوعد على ما يحل ما لم يجد رب البهائم أو الزرع ماء مباحًا فإنه يكون حينئذ مستغنيًا به

أو يتضرر به الباذل فلا يلزمه دفعًا للضرر أو يؤذه طالب الماء بدخوله في أرضه. أو يكون له في البئر ماء السماء أو يخاف عطشًا فلا بأس أن يمنعه منه؛ لأنه ملكه بالحيازة فلم يلزمه بذله كسائر أملاكه بخلاف العد. وكذا لو حاز الماء العد في إناء لم يلزمه بذله لغيره إلا عند الإضطرار بشرطه وإذا خيف الأذى بورود الماشية الماء بعد الفاضل عن حاجة رب أرضه فيجوز لرعاتها سوق فضل الماء إليها؛ لأن فيه تحصيلاً للمقصود بلا مفسدة ولا يلزم من وجب عليه بذل الماء بذل حبل ودلو ويكره؛ لأنها تتلف بالإستعمال أشبهت بقية مال لكن عن اضطر بلا ضرر على ربها لزمه بذلها. وقال مالك: إن كان البئر أو النهر في البرية فمالكها أحق بمقدار حاجته منها ويجب عليه بذل ما فضل عن ذلك. وإن كانت في حائط فلا يلزمه بذل الفاضل إلا أن يكون جاره زرع على بئر فانهدمت أو عين فغارت، فإنه يجب عليه بذل الفاضل له إلى أن يصلح جاره بئر نفسه أو يصلح عينه وإن تهاون بإصلاحها لم يلزمه أن يبذله بعد البذل شيئًا، وهل يستحق عوضه على روايتين. وقال أبو حنيفة وأصحاب الشافعي: يلزمه بذله لشرب الناس والدواب من غير عوض ولا يلزمه للمزارع وله أخذ العوض والمستحب تركه. قال في «نهاية التدريب» : وحافر بئرًا للارتفاق أولى بذاك البئر باتفاق

وحيث كان الماء في ذلك المقر وفاضلاً عن حاجة الذي حفر فلا يجوز مطلقًا أن يمنعه من شرب شخص أو بهيمة معه ولم يجب لسقي زرع أو بنا ولا لشرب أن يحزه في إنا وتقدم لك مذهب الإمام أحمد والرواية الثانية عنه أنه لا يلزمه؛ لان الزرع لا حرمة له فعليها يجوز بيعه بكيل أو وزن، ويحرم بيعه مقدرًا بمدة معلومة خلافًا لمالك، ويحرم أيضًا بيعه مقدرًا بالري أو جزافًا قاله القاضي وغيره، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وأقسام الموات خمسة؛ لأنه إما أن لا يجري عليه ملك لأحد ولم يوجد فيه عمارة أو يجري عليه ملك مالك، فالأول يملك بالإحياء بغير خلاف بين القائلين بالإحياء. والقسم الثاني: وهو ما جرى عليه ملك مالك إما أن يكون المالك معينًا أو لا، والأول: وهو المالك المعين إما أن يملكه بنحو شراء فلا يملك بالإحياء بغير خلاف. وإما أن يملك بالإحياء ثم تركه حتى دثر وصار مواتًا فلا يملك كالذي قبله، والثاني: الذي لم يجر عليه ملك لمعين بل وجد فيه آثار ملك نوعان؛ لأنه إما أن يكون أثر الملك جاهليًا أو إسلاميًا فيملك فيهما. ومن حفر بئرًا بأرض موات لنفع المجتازين فحافرها كغيره من المجتازين بها كمن بنى مسجدًا فيكون كأحدهم في السقي والزرع

والشرب؛ لأن الحافر لم يخص بها نفسه ولا غيره ويكون في المسجد كأحدهم؛ لأنه لم يخص نفسه ولا غيره. ومع الضيق والتزاحم يسقي آدمي أولاً لحرمته ثم حيوان؛ لأنه له حرمة ثم زرع بعدهما. وإن حفر البئر في موات ليرتفق الحافر بمائها كحفر السفارة في بعض المنازل بئرًا ليرتفقوا بمائها وكحفر المنتجعين كالأعراب والتركمان ينتجعون أرضًا فيحفرون لشربهم ودوابهم لم يملكوها؛ لأنهم جازمون بانتقالهم عنها وتركها لمن نزل منزلتهم بخلاف الحافر للتملك والحافرون لها أحق بمائها مدة إقامتهم عليها ولا يملكونها. وعلى الحافرين لها بذل الفاضل عنهم من مائها لشارب دون زارع للخبر السابق وبعد رحيلهم عن البئر يكون ماؤها سابلة للمسلمين؛ لأنه ليس أحد ممن لم يحفرها أحق من الآخر، فإن عادوا إليها كانوا أحق بها من غيرهم؛ لأنهم هم الذين حفروها ولم يحفروها إلا لأنفسهم ومن عادتهم الرحيل والرجوع فلم تزل أحقيتهم بذلك. وإن حفر إنسان بئرًا في موات تملكًا فهي ملك لحافر كما لو حفرها بملكه الحي ولكل أحد أن يسقي من الماء الجاري لشربه وطهارته وغسل ثيابه وانتفاعه به في أشباه ذلك مما لا يؤثر فيه من غير إذن ربه إذا لم يدخل إليه في مكان محوط عليه ولا يحل لصاحبه المنع من ذلك؛ لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل كان بفضل ماء بالطريق فمنعه ابن سبيل» رواه البخاري، فأما ما يؤثر فيه كسقي الماشية الكثيرة، فإن فضل الماء عن حاجة صاحبه لزمه بذله لذلك وإلا فلا وتقدم.

قال الحارثي: الفضل الواجب بذله ما فضل عن شفته وشفة عياله وعجينهم وطبخهم وطهارتهم وغسل ثيابهم ونحو ذلك، وعن مواشيه ومزارعه وبساتينه؛ لأن ذلك كله من حاجته. من النظم فيما يتعلق في إحياء الموات وإن موات الأرض داثرها بلا اختصاص بمعصوم بها متفرد فمن يحيه يملكه من مسلم ومن ذوي العهد حتى دون إذن المقلد ويروى ثلاث عنه مع جهل مالك نعم لا نعم مع شك عصمة مبتدي ولا يملك المحيي مكانًا عليه قد جرى ملك معصوم عليه فقيد ولا داثر المعصوم فيهم مآله ورتب في الأولى إن كذا خص يفرد ويملك بالإحياء داثر تربة إذا ما جهلنا ربها في المؤكد وخرج ألا ملك فيما يشك في زوال إختصاص قبل الإسلام قلد ولا ملك في داني مصالح عامر كذا الداني لم يحتج إليه بأبعد وليس بمملوك لملاك عامر ولكنهم أولى به في المجود

وليس بمملوك موات بلاد من نصالحهم والأرض ملكهم أعضد ولا معدن من قبل الإحياء ظاهر ينال بلا كد كملح أو أثمد وقد حرموا إقطاعه وبعكسه المحيل لما قد سيق ملح مجمد ولا باطن فيما ينال بكلفة كتبر في الأقوى أن يجبها بمفرد ويملك في الأولى موات بعنوة وعن أحمد لا بل بأجر فخلد وإن يحيه الذمي يعط خراجه وفي غير ذا الإحيا له حكم مهتدي وعن عليه عشر ثمر وزرعه وما قدم المنصور من نص أحمد ولا يملك الذمي عند ابن حامد مواتًا بإحياء بدار الموحد ويملك محيي الأرض ما بان ضمنها إتفاقًا لنا من معدن متجمد فما حاز منه غيره فهو غاصب بلا أجرة في فعله فعل معتدي وإن قال ما اطلعت منه فخذ يجز وإن قال لي نصف فلا في المجود ولا يملك الجاري ولا الماء ولا الكلأ في الأولى بلا حوز بل إن شابه إبتد وبذلك فضل الماء لسقي بهائم لغيرك حتم لا لزرع بأبعد

س29: بما يحصل إحياء الأرض، وما مقدار حريم البئر العادية وغيرها؟ وما مقدار حريم القناة، والنهر، والشجرة، والأرض التي تزرع؟ وهل لمن تحجر مواتا بيعه؟ ومن الذي يقطع للناس الموات؟ وهل يملك المقطع؟ وما مقدار المقطع؟ وهل للمقطع استرجاعه؟ ومتى يكون؟ وما حكم إقطاع الجلوس في الطرق وإذا جلس بحيث يمنع جاره رؤية المعاملين لمتاعه أو يمنع وصولهم إليه أو يضيق عليه فما الحكم؟ وما هي أقسام الإقطاع

وإن وجدوا ماء مباحًا سواه لم يحتم وينقل إن أضروا بورد وليس عليه بذل آلة سقيه ولا بذله من غير مرعى لقصد ولا ملك فيما زال ما النهر عنه من مجاريه خوفًا من أذى متجدد وإن كان ما لا نفع فيه لجيرة فحجر لزرع إن تشا لا تشدد وإن زاد ماء النهر في ملك جاره فملك الفتى باق عليه فخلد (29) ما يحصل به الإحياء، ومقدار حريم البئر وما يتعلق بذلك، وبيان مسائل الإقطاع، وما يحدثه الجار مما يضر بجاره ومعرفة ذلك، وبيان حريم النخل والشجر وحريم الأرض والدار، وحكم التحجر للأراضي، وما يدول حول ذلك من بحوث ومسائل وتفاصيل ومحترزات وأدلة س29: بما يحصل إحياء الأرض، وما مقدار حريم البئر العادية وغيرها؟ وما مقدار حريم القناة، والنهر، والشجرة، والأرض التي تزرع؟ وهل لمن تحجر مواتًا بيعه؟ ومن الذي يقطع للناس الموات؟ وهل يملك المقطع؟ وما مقدار المقطع؟ وهل للمقطع استرجاعه؟ ومتى يكون؟ وما حكم إقطاع الجلوس في الطرق وإذا جلس بحيث يمنع جاره رؤية المعاملين لمتاعه أو يمنع وصولهم إليه أو يضيق عليه فما الحكم؟ وما هي أقسام الإقطاع وبين حكم ما إذا نزل إنسان عن وظيفته لآخر؟ واذكر التفاصيل

والمحترزات والقيود والأمثلة والأدلة والتعاليل والخلاف والترجيح. ج: إحياء أرض في الموات بحوز يحاط منيع عادة بحيث يمنع الحائط ما وراءه؛ لحديث جابر مرفوعًا: «من أحاط حائطًا على أرض فهي له» رواه أحمد وأبو داود ولهما عن سمرة بن جندب مرفوعًا مثله. ويكون البناء مما جرت عادة أهل البلد البناء به من لبن أو حجر أو آجر أو أبيوك أو جص أو قصب أو خشب ونحوه سواء أرادها المحيى لبناء أو زرع أو أرادها حظيرة ماشية أو حظيرة خشب ونحوها. ولا يعتبر في الإحياء تسقيف ولا نصب باب؛ لأنه لم يذكر في الخبر والسكنى ممكنة بدونه. ويحصل إحياؤها بإجراء ماء يسوقه إليها من نهر أو بئر إن كانت لا تزرع إلا به؛ لأن نفع الأرض بالماء أكثر من الحائط أو منع ماء لا تزرع معه كأرض البطائح الذي يفسدها غرقها بالماء لكثرتها فإحياؤها بسده عنها وجعلها بحيث يمكن زرعها؛ لأنه بذلك يتمكن من الإنتفاع بها فيما أراد وجعلها بحيث يمكن زرعها من غير حاجة إلى تكرار ذلك كل عام. وإن كانت الأرض لا تصلح للزرع والغراس لكثرة أحجارها كارض اللجاة ناحية بالشام فإحياؤها بقطع أحجارها وتنقيتها وإن كانت غياضًا ذات أشجار لا تزرع معها فإحياؤها بأن يقلع أشجارها ويزيل عروقها المانعة من الزرع؛ لأنه الذي يتمكن من الإنتفاع بها أو حفر بئرًا أو نهرًا. وإن خرج الماء ملكه إلا أن تحتاج إلى وطئ فتمام الإحياء طيها. وعند المالكية لا يحصل الإحياء بالتحويط عليها بسور قال في «نظم أسهل المسالك» في مذهب الإمام مالك:

ويحصل الإحياء بقطع الشجر والحرث والغرس وكسر الحجر وجريه للماء والتفجير وبالبنا لا الخط والتحجير وإن كانت الأرض الموات لا تصلح لغرس لكثرة أحجارها فينقيها ويغرسها؛ لأنه يراد للبقاء كبناء الحائط، قال في «الفروع» : ويملكها بغرسها وإجراء ماء، ولا يحصل الإحياء بمجرد الحرث والزرع؛ لأنه لا يراد للبقاء بخلاف الغرس. ولا يحصل بخندق جعله حول الأرض الذي يريد إحياؤها؛ لأنه ليس بحائط ولا عمارة إنما هو حفر وتخريب. ولا يحصل بشوك يحوطها به وشبهه، قلت: ومثله إحاطته بأعواد وجريد ويكون تحجرًا؛ لأن المسافر قد ينزل منزلاً ويحوطه على رحله بنحو ذلك. وبحفر بئر في الموات يملك الحافر حريمها وهو حريم البئر من كل جانب في بئر قديمة، وهي التي يسمونها العادية نسبة إلى عاد ولم يرد عادًا بعينها، لكن لما كانت عاد في الزمن الأول وكانت لها آثار في الأرض نسب إليها كل قديم، نقل ابن منصور البئر العادية القديمة: هي التي انطمت وذهب ماؤها فمن جدد حفرها وعمارتها أو استخرج ماءها المنقطع ملكها ومنلك حريمها، والحريم ملقى نبيشة البئر، وفي الحديث: «حريم البئر أربعون ذراعًا» وهو الموضع المحيط بها الذي يلقى فيها ترابها، أي أن البئر التي يحفرها الرجل في موات فحريمها ليس لأحد أن ينزل فيه، ولا ينازعه عليه، وسمي به؛ لأنه يحرم منع صاحبه منه أو لأنه محرم على غيره التصرف فيه.

وفي «الصحاح» : حريم البئر وغيرها ما حولها من مرافقها وحقوقها وحريم النهر ملقى طينه والممشى على حافتيه ونحو ذلك، وقال أبو حنيفة: إن كانت لسقي الإبل فحريمها أربعون ذراعًا وإن كان للناضح فستون وإن كانت عينًا فثلاثمائة، وفي رواية خمسمائة، وقال مالك والشافعي: ليس لذلك حد والمرجع العرف، والقول الذي تميل إليه النفس والله أعلم قول من يقول: أنه من كل جانب خمسون ذراعًا، والحريم في غير القديمة خمسة وعشرون ذراعًا من كل جانب لما روى أبو عبيد في الأموال عن سعيد بن المسيب، قال في السُّنة في حريم القلب العادي خمسون 50 ذراعًا، والبدي خمسة وعشرون 25 وروى الخلاف والدارقطني ونحوه مرفوعًا. ومن كانت له بئر فيها فحفر آخر قريبًا منها بئرًا يتسرب إليها ماء البئر الأول فليس له ذلك سواء كان محتفر الثانية في ملكه كرجلين متجاورين في دار حفر أحدهما في داره بئرًا أعمق منها فيسري إليها ماء الأولى أو كانتا في موات فسبق أحدهما فحفر بئرًا قريبًا منها تجتذب ماء الأولى؛ لأنه ليس له أن يبتدي ملكه على وجه يضر بجاره. وعلامة تسرب الماء إلى المحدثة الثانية وضع بانزين أو قاز في الأولى، فإن ظهر في الثانية تبين أنها هي التي تسحب ماء الأولى. وقيل: ليس عليه شيء وله أن يحفر ولو ذهب ماء البئر الأولى وتحول إلى الثانية؛ لأنه غير متعد وهو حافر في ملكه الذي له التصرف فيه والماء تحت الأرض لا يملك، فلا مخاصمة ولا منع كمن بنى حفيزًا قرب حفيز آخر نحو ذلك فكسد الأول فإنه لا شيء عليه، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه أعلم. وهكذا في كل ما يحدثه الجار مما يضر بجاره فليس له أن يبتديه

في ملكه على وجه يضر جاره كأن جعل بداره مدبغة أو حمامًا أو خزانًا يضر بجدار عقار جاره أو ما يضر يحمي ناره أو رمادة أو دخانه أو يحفر في أصل حائطه بحيث يتأذى جاره برائحته أو رطوبته أو غيرها أو يجعل داره مخبزًا في وسط العطارين ونحوه مما يتأذى به جاره؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ضرر ولا ضرار» ولأنه أحدث ضررًا بجاره كدق يهز الجدران والسواري ونحوها وكإلقاء السماد والتراب والوسخ والقمامة في أصل جدار جاره على وجه يضر به، ومما يتأكد منع إحداثه قرب الجيران السابقين وضع شيشة بانزين لما فيها من الضرر والخطر وكذلك يمنع من إحداث طاحون؛ لأنه يقلق راحة الجيران ويؤذيهم. ولو كان لشخص مصنع فأراد جاره غرس شجرة مما تسري عروقه كالأثل فتشق جدار مصنع لجاره أو يتلفه لم يملك ذلك وكان لجاره منعه وقلعها إن غرسها وإن كان هذا الذي حصل منه الضرر سابقًا مثل من له في ملكه مدبغة أو مقصرة أي محل غسل ثياب فأحيا إنسان إلى جانبه مواتًا وبناه دارًا تتضرر بذلك لم يلزمه إزالة الضرر؛ لأن الأول سابق ملكه على ملك الأخير. وحريم عين وقناة احتقرها إنسان في موات خمسمائة ذراع 500. وقيل: قدر الحاجة ولو كان ألف 1000 ذراع اختاره القاضي في «المجرد» وأبو الخطاب والموفق في «الكافي» وغيرهم، وقيل: الحريم لبئر قناة ما لو حفر فيه نقص ماؤها أو خيف إنهياره، والذي تطمئن إليه النفس أنه قدر الحاجة، والله سبحانه وتعالى أعلم. وحريم نهر من جانبيه ما يحتاج النهر إليه لطرح كرايته وهي ما يلقى منه طلبًا لسرعة جريه وطريق قيمه وما يستضر صاحبه بتملكه عليه وإن كر،

قال في «الرعاية» : وإن كان بجنبه مسناة لغيره ارتفق بها في ذلك ضرورة، وله عمل أحجار طحن على النهر ونحوه وموضع غرس وزرع ونحوهما. اهـ. والمسناة: هي السد الذي يراد الماء من جانبه. وحريم شجرة غرست في موات قدر ما أغصانها حواليها. وحريم نخلة بقدر مد عسيبها؛ لحديث أبي سعيد قال: اختصم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في حريم نخلة فأمر بجريدة من جرائدها فزرعت فكانت سبعة أذرع، فقضى بذلك، رواه أبو داود. قال في «المغني» : وإن سبق إلى شجر مباح كالزيتون والخروب فسقاه وأصلحه فهو أحق به كالمتحجر الشارع في الإحياء، فإن طعمه ملكه بذلك وحريمه؛ لأنه تهيأ للانتفاع لما يراد منه فهو كسوق الماء إلى الأرض الموات. وحريم أرض من موات تزرع محل يحتاج إليه لسقيها وربط دوابها وطرح سبخها فيه ونحوه مما يرتفق به زارعها كمصرف مائها عند الإستغناء عنه؛ لأن ذلك كله من مرافقها. وحريم دار من موات حولها مطرح تراب وكناسة وثلج وماء ميزاب وممر باب؛ لأن هذا كله مما يرتفق به ساكنها. ولا حريم لدار محفوفة بملك غيره من كل جانب؛ لأن الحريم من المرافق. ولا يرتفق بملك غيره؛ لأن مالكه أحق به ويتصرف من أرباب الأملاك بحسب عادة في الإنتفاع فإن تعدى العادة منع من التعدي عملاً بالعادة. ومن تحجر مواتًا بأن شرع في إحيائه من غير أن يتمه بأن أدار حوله أحجارًا أو ترابًا أو حائطًا غير منيع أو حفر بئرًا لم يصل ماؤها أو سقى شجرًا مباحًا وأصلحه بأن قطع أغصانه الرديئة أو اليابسة أو المضر فيها لتخلفها

أغصان جيدة ولم يركبه ونحو ذلك بأن خندق حول الأرض أو حرثها أو أدار حولها شوكًا أو شبكًا أو نحوه لم يملكه بذلك. ومن أقطعه الإمام مواتًا ليحييه فلم يحيه لم يملكه بذلك؛ لأن الملك إنما يكون بالإحياء ولم يوجد والمتحجر أحق به من غيره؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام -: «من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو له» رواه أبو داود، وكذا وارثه من بعده يكون أحق به من غيره؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك حقًا أو مالاً فهو لورثته» ، ولأنه حق للموروث فيقوم الوارث مقامه كسائر الحقوق. وكذا من ينقله المتحجر أو ورثه إليه بغير بيع فيكون أحق به من غيره؛ لأن من له الحق أقامه مقامه فيه، وليس للمتحجر أو وارثه أو من انتقل إليه من أحدهما بيعه؛ لأنه لم يملكه وشرط البيع أن يكون مملوكًا. وكذا من نزل عن أرض خراجية بيده لغيره فإن المتروك له يكون أحق بها وورثته من بعده وليس للإمام أخذها منه بلا عوض. قال ابن رجب في القاعدة السابعة والثمانين: ومنها منافع الأرض الخراجية فيجوز نقلها بغير عوض إلى من يقوم مقامه فيها وتنتقل إلى الوارث فيقوم مقام مورثه فيها ونص الإمام أحمد في رواية عبد الله على جواز دفعها مهرًا ونص في رواية ابن هانئ وغيره على جواز دفعها إلى الزوجة عوضًا عما تستحقه عليه من المهر. قال ابن رجب: وهذه معاوضة عن منافعها المملوكة فأما البيع فكرهه أحمد ونهى عنه، واختلف في قوله بيع العمارة التي فيها لئلا تتخذ طريقًا إلى بيع رقبة الأرض التي لا تملك، ل هي إما وقف وإما فيء للمسلمين جميعًا. ونص أحمد في رواية المروذي على أنه يبيع آلات عمارته بما تساوي وكره أن يبيع بأكثر من ذلك لهذا المعنى وكذلك نقل عن ابن هانئ أنه

قال: يقوم دكانه وما فيه من علف وكل شيء يحدثه فيه فيعطي ذلك ولا أرى أن يبيع سكنى دار ولا دكان. وقال في «المبدع» بعد أن ذكر النزول عن الوظائف ومما يشبه النزول عن الوظائف، النزول عن الإقطاع، فإنه نزول عن استحقاق يختص به لتخصيص الإمام له استغلاله أشبه مستحق الوظيفة ومتحجر الموات وقد يستدل بجواز أخذ العوض في النزول عن الوظائف وعن الإقطاعات بالخلع فإنه يجوز أخذ العوض مع أن الزوج لم يملك البضع وإنما ملك الاستمتاع به فأشبه المتحجر، انتهى ما في «المبدع» . وقال ابن القيم: ومن بيده أرض خراجية فهو أحق بها بالخراج الذي ضربه أجرة لها كل عام فملكوا منافعها بالخراج الذي يبذلونه وترثه ورثته إلى غيره؛ لأنه أحق بها من غيره وإن نزل عنها أو آثر بها أحدًا فالمنزول له كذلك فيكونون أحق بها بالخراج وليس للإمام أخذها ممن هي بيده ودفعها إلى غيره والمؤثر أحق بها من غيره، انتهى. أو نزل إنسان عن وظيفة من إمامة أو خطابة أو تدريس ونحوه لمن فيه أهلية للقيام بها فلا يقرر غير منزلو له لتعلق حقه بها فإن قرر من له الولاية كالناظر فقد تم الأمر له وإن لم يقرره من له ولاية التقرير، فالوظيفة للنازل؛ لأنه لم يحصل منه رغبة مطلقة عن وظيفته، بل مقيدة بحصوله للمنزول له ولم يحصل. وليس للناظر التقرير في مثل هذا إنما يقرر عن ما هو خال عن يد مستحق أو في يد من يملك إنتزاعه منه لمقتضى شرعه فحينئذ يكون تقريره سائغًا. وقال الشيخ تقي الدين: لا يتعين المنزول له ويولي من له الولاية من

يستحقها شرعًا واعترض ابن أبي المجد بأنه لا يخلو أما أن يكون نزوله بعوض أو لا وعلى كل لم يحصل منه رغبة مطلقة عن وظيفته ثم قال: وكلام الشيخ في قضية عين فيحتمل أن المنزول له أهل ويحتمل عدمه. قال في «المبدع» : وفيه نظر فإن النزول يفيد الشغور وقد سقط حقه بشغوره إذ الساقط لا يعود وقوله في قضية عين الأصل عدمه. وقال الموضح: ملخص كلام الأصحاب يستحقها منزول له إن كان أهلاً وإلا فلناظر تولية مستحقها شرعًا، انتهى. قلت: وما قال الشيخ تقي الدين هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. يؤيده ما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «من استعمل رجلاً على عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين» ، وما ورد عن يزيد ابن أبي سفيان، قال: قال لي أبو بكر الصديق حين بعثني إلى الشام يا يزيد، إن لك قرابة عسيت أن تؤثرهم بالأمانة، وذلك أكثر ما أخاف عليك بعدما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ولي من أمر المسلمين شيئًا فأمر عليهم أحدًا محاباة فعليه لعنة الله لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلاً حتى يدخله جهنم» ، والله أعلم. وليس لمن هو أحق بشيء كالمتحجر للموات ونحوه بيعه؛ لأنه لم يملكه فلم يملك بيعه كحق الشفعة قبل الأخذ بالشفعة وكمن سبق إلى مباح. فإن طالت مدة التحجير للموات عرفًا ولم يتم إحياءه وحصل متشوق لإحياء المتحجر قال له الإمام أو نائبه إما أن تحييه فتملكه أو تتركه وترفع يدك عنه ليحييه غيرك؛ لأنه ضيق على الناس في حق مشترك بين الجميع فلم يمكن

من ذلك كما لو وقف على ضيق أو مشرعة ماء أو معدن لا ينتفع ولا يدع غيره ينتفع. فإن طلب المتحجر المهلة لعذر أمهل ما يراه حاكم من نحو شهر أو شهرين أو ثلاثة؛ لأنه بسيط وإن كن ليس له عذر فلا يمهل، ويقال له: إما أن تعمرها وإما أن ترفع يدك عنها، فإن لم يعمرها كان لغيره عمارتها وحيث انظر لعذر فلا يملك المكان المتحجر بإحياء غير المتحجر زمن إنظاره أو قبله؛ لمفهوم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحيا أرضًا ميتة في غير حق مسلم فهي له» ، ولأنه أحيا في حق غيره فلم يملكه كما لو أحيا ما يتعلق به مصالح ملك غيره، ولأن حق المتحجر أسبق فكان أولى كحق الشفيع يقدم على شراء المشتري. وإن أحياه بعد مضي مدة إنظاره فإنه يملك ما أحياه. قال في «الإنصاف» : لا أعلم فيه خلافًا اهـ. وذلك لأن الأول لا ملك له وحقه زال بإعراضه حتى مدة الإمهال. وأقسام الإقطاع ثلاثة: (1) إقطاع تمليك. (2) إقطاع استغلال. (3) وإقطاع إرفاق. وللإمام إقطاع موات لمن يحييه ولا يملكه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أقطع بلال بن الحارث العقيق، وروى علقمة بن وائل عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقطعه أرضًا فأرسل معه معاوية «أن اعطه إياها» ، أو قال: «أعطها إياه» ، وروى ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطع الزبير حضر فرسه فأجرى فرسه حتى قام ورمى بسوطه، فقال: «أعطوه من حيث وقع السوط» ، وروى أن أبا بكر أقطع الزبير وأقطع عمر عليًا وأقطع عثمان - رضي الله عنهم - خمسة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزبير وسعدًا وابن مسعود وخبابًا وأسامة بن زيد - رضي الله عنهم -.

ولا يملك الموات بالإقطاع؛ لأنه لو ملكه لما جاز استرجاعه، بل يصير المقطع كالمتحجر الشارع في الإحياء؛ لأنه ترجح بالإقطاع على غيره ويسمى تملكًا لم يؤول إليه. وقيل: يكون ملكًا بنفس الإقطاع فيجوز بيعه وهو قول مالك وكثير من العلماء وعليه العمل في البلاد السعودية في هذا الزمن، واستدل لهذا القول بما رواه أحمد عن عروة بن الزبير أن عبد الرحمن بن عوف قال: أقطعني النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا، فذهب الزبير إلى آل عمر فاشترى نصيبه منهم، فأتى عثمان بن عفان، فقال: إن عبد الرحمن بن عوف زعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقطعه وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا وإني اشتريت نصيب آل عمر، فقال عثمان عبد الرحمن جائز الشهادة له وعليه. وقد ساق البيهقي بسنده إلى عبد العزيز بن الربيع الجهني عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نزل في موضع المسجد تحت دومة، فأقام ثلاثًا ثم خرج إلى تبوك، وإن جهينة لحقوه بالرحبة، فقال لهم: «من أهل ذي المروة» ، فقالوا: بني رفاعة من جهينة، فقال: «قد أقطعتها لبني رفاعة فأقسموها» فمنهم من باع ومنهم من أمسك فعمل، وعن أبي رافع أنه باع قطعة أقطعه إياها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند دار سعد بن أبي وقاص بثمانية آلاف درهم، رواه الطبراني في «الأوسط» ، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ولا ينبغي للإمام أن يقطع إلا ما قدر المقطع على إحيائه؛ لأنه في إقطاعه أكثر من ذلك تضييقًا على الناس في حق مشترك بينهم مما لا فائدة فيه. فإن أقطع الإمام أحدًا مما يقدر على إحيائه ثم تبين عجزه عن إحيائه إسترجعه الإمام منه كما استرجع عمر من بلال بن الحارث ما عجز عن عمارته من العقيق الذي أقطعه إياه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال عمر لبلال:

إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقطعك لتحجز عن الناس، إنما أقطعك لتعمر فخذ منها ما قدرت على عمارته ورد الباقي، رواه أبو عبيد في «الأموال» . وللإمام إقطاع غير موات تمليكًا وانتفاعًا للمصلحة، بل من العامر العائد إلى بيت المال وإنما نص عليه لكونه يتوقف على إقطاع الإمام بخلاف الموات فإنه لا يتوقف على إقطاع الإمام مع جوازه فلا مفهوم له ع ن. ويجوز الإقطاع من مال الجزية كما في الإقطاع من مال الخراج ومعنى الانتفاع أن ينتفع به في الزرع والإجارة وغيرهما مع بقائه للمسلمين وهو إقطاع استغلال. ومحل ذلك حيث لا أرباب لما أقطعه الإمام من غير الموات، وأما مع وجود أربابه وتأهلهم للقيام فليس له انتزاعه منهم أو كان الإمام اقطع ذلك لأربابه ابتداء لمصلحة رآها. فلو فقدت المصلحة التي لأجلها جاز الإقطاع ابتداء فللغمام استرجاع ما أقطعه لاشتراط وجود المصلحة ابتداء واستمراره دوامًا؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا. وللإمام إقطاع جلوس للبيع والشراء بطريق واسعة ورحاب متسعة جمع رحبة وهي الساحة والمتسع وكان علي - رضي الله عنه - يقضي بين الناس في رحبة مسجد الكوفة. ومحل ذلك في غير المحوطة؛ لأن ذلك يباح الجلوس فيه والإنتفاع به حيث لا ضرر فجاز إقطاعه كالأرض الدارسة ويسمى إقطاع إرفاق ما لم يضيق على الناس فيحرم عليه أن يجلس من يرى أنه يضر بالمارة؛ لأنه ليس للإمام أن يأذن فيما لا مصلحة فيه فضلاً عن ما فيه مضرة، لكن ينبغي التنبيه وهو أن من لم يقم بحقوق الطريق أقل ما يكون في حقه الكراهة وحقوق الطريق هي المذكورة في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:

«غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر» . وقد حذر - صلى الله عليه وسلم - عن الجلوس في الطرقات فإن كان لابد له من ذلك فعليه بغض البصر عن المحرمات، وليكن على باله قوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} الآية، وليحفظ لسانه فيكفه عن أذية السائرين وغيرهم وليكف يده عن الأذية وليكن منتبه لرد السلام لأمره - صلى الله عليه وسلم - بذلك ولا تسام كثرة ردك على المارين. ورابعها: وهو أشق حقوق الطريق، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فإذا رأيت امرأة سافرة فانصحها لتستر. وإذا رأيت من يحلق لحيته نصحته وأعلمته أنها كبيرة من كبائر الذنوب لمخالفة الحالق أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -. وإذا رأيت من يشرب دخانًا نصحته وأعلمته أنه محرم، وكذلك من يشرب شيشة. وإذا رأيت من يحمل الدابة فوق طاقتها فانهه عن المنكر. وإذا سمعت من يلعن أو يقذف فانهه عن عمله القبيح. وإذا رأيت من يتبع أنثى أو يشير إليها فانصحه أولاً فإن أبى فارفع أمره. وإذا رأيت من معه دابة عضوضًا أو رموحًا فانصحه ومره يجعل على فمها شيئًا يمنع من أذيتها، فإن أبى فارفع أمره. وإذا رأيت من يغش أو يتعامل بالربا فانصحه، فإن أبى فارفع أمره لتبرأ من التبعة. وإذا رأيت من يبيع آلات اللهو أو الدخان أو الصور أو يصور فانصحه وأورد عليه الأدلة الدالة على التحريم.

وإذا رأيت من يطفف في المكاييل والموازين فانصحه فإن أبى فارفع أمره. وإن رأيت من يبيع طعامًا متعفنًا أو يخلط طيبًا برديء فانصحه. وإذا رأيت من يسبل ثيابه أو شاربه أو يعمل تواليت أو خنافس فانصحه. وإذا رأيت من يسرع بسيره فانصحه وحذره خطر سرعته وما يترتب عليها. وإذا رأيت من يريد الخروج ويترك حضور الجمعة أو الجماعة فانصحه. وإذا رأيت من عليه خاتم ذهب فانصحه إلخ. وقد نظم بعضهم آداب الجلوس على الطريق؛ فقال: نظمت آداب من رام الجلوس على الطريق من قول خير الخلق إنسانًا أفشِ السلام وأحسن في الكلام تفز وشمت العاطس الحماد إيمانًا في الحمل عاون ومظلومًا أعن وأغث لهفان رد سلامًا واهد حيرانًا بالعرف مُر وانْه عن نكر وكف أذى وغض طرفًا وأكثر ذكر مولانا ولا يملك ذلك المقطع ويكون المقطع أحق بالجلوس فيها بمنزلة السابق إليها لا إقطاع لكن لا يسقط حقه بنقل متاعه بخلاف السابق ما لم يعد الإمام في إقطاعه؛ لأنه كما أن له اجتهادًا في الإقطاع له اجتهاد في استرجاعه.

وإن لم يقطع الإمام الطريق الواسعة ورحاب المسجد غير المحوطة أحدًا فالسابق إليها أحق بالجلوس فيها ما لم ينقل قماشه عن المحل الذي جلس فيه؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به» ، ولما روى الزبير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لأن يحمل أحدكم حبلاً فيحتطب، ثم يجيء فيضعه في السوق فيبيعه، ثم يستغني به فينفقه على نفسه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه» رواه أحمد واتفق أهل الأمصار في سائر الأعصار على إقرار الناس على ذلك من غير نكير. ومحل ذلك ما لم يضيق على أحد أو يضر بمن يمر. فإن أطال الجلوس من غير إقطاع أزيل؛ لأنه يصير كالمتملك ويختص بنفع يساوي غيره. وللجالس بطريق واسع ورحبة مسجد غير محوطة بإقطاع أو غيره أن يستظل بغير بناء بما لا يضر كبارية وكساء؛ لأن الحاجة تدعو إلى ذلك. وليس له أن يبني دكة ولا غيرها في الطريق ولو واسعًا ولا في رحبة المسجد لما فيه من التضييق. وليس لمن هو أحق بالجلوس بإقطاع الإمام أو بسبقه الجلوس بحيث يمنع جاره في كيل ووزن وأخذ وعطاء؛ لحديث: «لا ضرر ولا ضرار» . وإن سبق إثنان فأكثر إلى الطريق الواسع أو إلى رحبة المسجد غير المحوطة أو سبق إثنان فأكثر إلى خان مسبل أو إلى رباط وهي ما أعد لسكنى العزاب أو سبق إثنان فأكثر إلى مدرسة أو إلى خانكاه وهي مسكن النساء أو مكان الصوفية ولم يتوقف الإنتفاع في المذكورات إلى تنزيل ناظر وضاق المكان عن انتفاع جميعهم أقرع بينهم لإستوائهم والقرعة مميزة وهي تستعمل عند اشتباه المستحقين وعند تزاحمهم، وليس أحدهم أولى من الآخر، أما

إن توقف على ذلك بأن شرطه الواقف قدم من نزله. والسابق إلى معدن غير مملوك أحق بما يناله منه باطنًا كان المعدن أو ظاهرًا؛ لحديث: «من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به» . ولا يمنع السابق ما دام يعمل للحديث ولا يمنع السابق إذا طال مقامه. وقيل: بل يمنع؛ لأنه يصير كالتملك ويختص بنفع يساويه غيره في استحقاقه. والقول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس إلا إن كان قد أخذ قدر حاجته وأراد الإقامة بحيث يمنع غيره منه فيمنع من ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن سبق إثنان فأكثر إلى المعدن وضاق المكان المباح عن أخذهم جملة أقرع كما لو سبق إثنان فأكثر إلى طريق واسع وضاق عن جلوسهما أو جلوس الجميع إن كانوا أكثر فيقرع بينهما أو بينهم كما سبق وإن حفر المعدن إنسان من جانب آخر غير الذي حفر منه السابق فوصل إلى النيل لم يمنع؛ لأن حقه إنما تعلق بما وصل إليه دون غيره والسابق إلى مباح كصيد وعنبر وحطب ولقطة ولقيط وثمر ولؤلؤ ومرجان ومنبوذ رغبة عنه وما يتركه الحصاد من الزرع واللقاط من الثمر أحق به؛ للحديث المتقدم، وكذا ما ينبت في الجزائر والرقاق وكل موات من الطرفاء والسمر والحطب وغير ذلك من النبات أحق به من غيره لسبقه إليه قبل غيره ويملكه بأخذه لكن الملك مقصور فيه على القدر المأخوذ فلا يملك ما لم يحزه ولا يمنع غيره منه قاله في «الإقناع وشرحه» . بتحويطها عرفًا أو إصلاحها لما تراد له في العرف الإحياء قيد

وإجراء معتاد المياه وقيل ما المعاود إحياء يلي بالمؤيد وعادية الآبار خمسون حولها ذراعًا حريم ملك محيى بأجود وإن كان فيها الماء وإن قل لم يجز تملكها بل غائض الماء مهد وإن لم تكن عادية فحريمها لحافرها خمسًا وعشرين مهد وقيل حريم الكل من كل جانب لهن على قدر الرشاء الممدد وقيل الذي تحتاج في حوز مائها إليه وقيل أقدر بعرف وقيد ومن يتملك أيكة في موات الحريم كغصن أو جريد ممدد وإصلاح دوح في موات تحجر ويملك بالترتيب دون تقيد وأحداث مؤذ نفس جار وماله حرام وأزله دون مؤذ قد ابتدى وليس بإقطاع ولا بتحجر موات بمملوك يصير لمبتدي ولكنه أولى ووارثه به فإن شاء يهب والبيع فامنع بأجود فإن أخر الإحياء بعد شروعه ليلزمه ذو السلطان إتمام ما ابتدى

فإن هو لم يتمم أبيح لغيره وشهرين مع شهر متى يبع يرصد ويملكها المحي سواه بمبعد كذاك حمى غير النبي محمد فإن تنقض الآمال لم يحي من يشا ليحيه لو من غير إذن كما ابتدى ويملك إقطاع الجلوس الإمام في سبيل فسيح أو برحبة مسجد إذا لم يكن فيه على الناس ضيقة وليس بملوك الإقطاع فاشهد ومقطعها أولى بها فهم وإن يزل متاع الفتى عنها متى شاء يردد فإن هي لم تكن لحق سابق متى لم يزل عنها المتاع ليقعد وينقل كل إن بطل في المجود وأقرع بين المستوين تسدد وقيل بتقديم الإمام الذي رأى ومن شاء يضلل لا بشيء مؤبد وإن كان تضييقًا على الناس لم يجز ويكره من هذا الشرا عند أحمد وما ناله ذو السبق من معدن له وإن ضيق أمنع كالمطيع بمبعد

س30: ما صفة قسم ما سبق إليه اثنان فأكثر، إذا رأى إنسان لقطة وسبقه إليها آخر أو رآها اثنان أو التقطاها جميعا فما الحكم في ذلك؟ وما هي الأسباب المقتضية للتمليك؟ وما الحكم في حمى مرعى للدواب؟ ونقض ما حمي، وكيف العمل بما حمي؟ وكيف الحكم في الماء الذي ينتفع فيه أناس كثيرون مختلفون في القرب منه والبعد أو متساوون، وإذا أراد إنسان إحياء أرض يسقيها من السيل أو النهر الصغير أو أحيا سابق مواتا في أسفل النهر ثم أحيا آخر فوقه إلخ، أو حفر نهرا صغيرا وسيق ماؤه من نهر كبير فما الحكم؟ وما صفة قسمه عليهم؟ ومن الذي يقسمه عند تشاحنهم؟ وما حكم التصرف فيه قبل قسمته؟ وما الذي يجوز لكل إنسان أن يأخذ منه لشرب أو وضوء إلخ؟ وما حكم المنع من ذلك وإذا سبق إنسان إلى قناة لا مالك لها فسبق آخر إلى بعض أفواهها أو احتاج النهر المشترك إلى عمارة فكيف تكون النفقة، وهل لمالك الأرض منع محيي القناة أو تضييق مجراها، وإذا سد ماء من أجل إنسان فهل لغيره السقي منه؟ واذكر التفاصيل والقيود والمحترزات والأدلة والتعليلات والخلاف والترجيح ومثل لما لا يتضح إلا بالأمثلة.

(30) حكم ماذا سبق اثنان إلى مباح أو معدن إلخ وما يتعلق بالحمى والانتفاع بالماء والقناة والنهر وما حول ذلك من مسائل وبحوث وأمثلة وقيود س30: ما صفة قسم ما سبق إليه اثنان فأكثر، إذا رأى إنسان لقطة وسبقه إليها آخر أو رآها اثنان أو التقطاها جميعًا فما الحكم في ذلك؟ وما هي الأسباب المقتضية للتمليك؟ وما الحكم في حمى مرعى للدواب؟ ونقض ما حمي، وكيف العمل بما حمي؟ وكيف الحكم في الماء الذي ينتفع فيه أناس كثيرون مختلفون في القرب منه والبعد أو متساوون، وإذا أراد إنسان إحياء أرض يسقيها من السيل أو النهر الصغير أو أحيا سابق مواتًا في أسفل النهر ثم أحيا آخر فوقه إلخ، أو حفر نهرًا صغيرًا وسيق ماؤه من نهر كبير فما الحكم؟ وما صفة قسمه عليهم؟ ومن الذي يقسمه عند تشاحنهم؟ وما حكم التصرف فيه قبل قسمته؟ وما الذي يجوز لكل إنسان أن يأخذ منه لشرب أو وضوء إلخ؟ وما حكم المنع من ذلك وإذا سبق إنسان إلى قناة لا مالك لها فسبق آخر إلى بعض أفواهها أو احتاج النهر المشترك إلى عمارة فكيف تكون النفقة، وهل لمالك الأرض منع محيي القناة أو تضييق مجراها، وإذا سد ماء من أجل إنسان فهل لغيره السقي منه؟ واذكر التفاصيل والقيود والمحترزات والأدلة والتعليلات والخلاف والترجيح ومثل لما لا يتضح إلا بالأمثلة. ج: ويقسم ما أخذ من ذلك بين عدد اثنين فأكثر بالسوية لاستوائهم في السبب والقسمة ممكنة وحذرًا من تأخير الحق ولا فرق في ذلك بين ذي الحاجة والتاجر؛ لأن الاستحقاق بالسبب لا بالحاجة والملك مقصود فيه على القدر المأخوذ فلا يملك ما لم يحزه ولا يمنع غيره منه.

وكذا سبق واحد فأكثر إلى ما ضاع مما لا تتبعه همة أوساط الناس كرغيف وتمرة وسوط ونحو ذلك؛ لأنه يملكه آخذه بمجرد لإلتقاط ولا يحتاج لتعريف. وكذا من سبق إلى ما يسقط من الثلج والمن وسائر المباحات. وإن سبق إنسان إلى لقيط أو لقطة فهو أحق به فلو رأى إنسان لقطة فسبقه آخر إلى أخذها فهي لمن سبق لا لمن رأى؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به» . وإن رأى اللقطة إثنان فأمر أحدهما الآخر فأخذها المأمور ونوى الأخذ لنفسه فهي له لا للآمر. وكذا لو لم ينوِ أنها لنفسه ولا نواها لغيره فهي له أيضًا؛ لأنه السابق إليها للحديث. وإن نوى المأمور بأخذها أنها للآمر فهي على ما نوى للآمر في قول من يقول بصحة التوكيل في الإلتقاط. وإن التقطاه معًا فهو لهما ووضع اليد عليه كأخذه فيملك بمجرد وضع اليد عليه، وكذا لقيط في الحكم كاللقطة إذ لا فرق بينه وبينها. والأسباب المقتضية للتمليك: 1) الإحياء. 2) الميراث. 3) المعاوضات. 4) الوصايا. 5) الوقف. 6) الصدقات. 7) الغنيمة. 8) الإصطياد. 9) وقوع الثلج في المكان الذي أعده. 10) وإنقلاب الخمر خلا والبيضة فرخًا. فائدة: من خط أحمد بن عطوة ونص الإمام أحمد في رواية حنبل أن للإمام أن يعطي من بيت المال ويقف على بعض المسلمين، وما في معنى ذلك، وقد أفتى في هذه المسألة ابن عقيل من أصحابنا وابن عصرون

من الشافعية بأن للإمام أن يعطي من أراضي بيت المال ويقف بعضها على بعض المسلمين وحكم به القاضي عز الدين بن جماعة في الديار المصرية في وقف السلطان الملك الناصر على خيل البريد وحكم بذلك في صحة الوقف ونفذ حكمه المالكي والحنفي والحنبلي ونفذ لهم القاضي جمال الدين. وللإمام حمى موات لرعي دواب المسلمين التي يقوم بها ما لم يضيق على الناس؛ لما ورد عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حمى النقيع للخيل خيل المسلمين، رواه أحمد، وعن الصعب بن جثامة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حمى النقيع، وقال: «لا حمى إلا لله ولرسوله» رواه أحمد وأبو داود وللبخاري منه: «لا حمى إلا لله ولرسوله» ، وقال: بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حمى النقيع، وأن عمر حمى الشرف والربذة، ولقول عمر - رضي الله عنه -: المال مال الله، والعباد عباد الله ولولا ما أحمل عليه في سبيل الله ما حميت من الأرض شبرًا في شبر. قال مالك: بلغني أنه كان يحمل في كل على أربعين ألفًا من الظهر، وروي أيضًا: أن عثمان حمى واشتهر ولم ينكر، وعن أسلم قال: سمعت عمر يقول: لهني حين استعمله على حمى الربذة يا هني، اضمم جناحك عن الناس واتق دعوة المظلوم فإنها مجابة، وأدخل رب الصريمة والغنيمة ودعني من نعم ابن عفان فإنهما إن هلكت ماشيتهما رجعا إلى نخل وزرع وإن هذا المسكين إن هلكت ماشيته جاء يصرح يا أمير المؤمنين فالكلأ أهون على أم غرم الذهب والورق أنها أرضهم قاتلوا عليها في الإسلام وإنهم ليرون أنا نظلمهم ولولا النعم التي تحمل عليها في سبيل الله ما حميت على الناس من بلادهم شيئًا أبدًا ووجه هذا أن ما كان من مصالح المسلمين قامت الأئمة فيه مقام النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لحديث: «ما أطعم الله لنبي طعمة إلا جعلها طعمة لمن بعده» . وحديث: «لا حمى إلا لله ولرسوله» رواه أبو داود أجيب

عنه بأنه مخصوص بما يحميه الإمام لنفسه فإنه يفارقه حمى النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن صلاحه يعود إلى صلاح المسلمين وماله كان يرده في المسلمين ففارق الأئمة في ذلك وساوره فيما كان صلاحًا للمسلمين؛ ولهذا اشترط في جواز الحمى أن لا يكون في قدر يضيق على المسلمين؛ لأنه إنما جاز لما فيه من المصلحة وليس من المصلحة الضرر على المسلمين. وللإمام نقض ما حماه باجتهاده وله نقض ما حماه غيره من الأئمة؛ لأن حمى الأئمة إجتهاد فيجوز نقضه بإجتهاد آخر. وينبني على ذلك أنه لو أحياه إنسان ملكه؛ لأن ملك الأرض منصوص عليه والنص مقدم على الإجتهاد، بل عمل كل من الإجتهادين في محله كالحادثة إذا حكم فيها قاض بحكم ثم وقعت مرة أخرى وتغير إجتهاده كقضاء عمر - رضي الله عنه - في المشركة. ولا ينقض أحد ما حماه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن النص لا ينقض بالإجتهاد فليس لأحد من الأئمة نقضه ولا تغييره. ولا يملك ما حماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإحياء وهو المشار إليه في باب صيد الحرمين ونباتهما من قوله وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حول المدينة إثني عشر ميلاً حمى. وإذا كان الحمى لكافة المسلمين تساووا فيه جميعهم فإن خص فيه المسلمون اشترك غنيهم وفقيرهم ومنع منه أهل الذمة. وإن خص فيه الفقراء منع منه الأغنياء وأهل الذمة ولا يجوز أن يخص فيه الأغنياء دون الفقراء ولا أهل الذمة. فلو امتنع الحمى المخصوص لعموم الناس جاز أن يشتركوا فيه؛ لارتفاع الضرر على من يخص به ولو ضاق الحمى العام عن جميع الناس

لم يجز أن يختص به أغنياؤهم. ولا يجوز لأحد أن يأخذ من أرباب الدواب عوضًا عن مرعى موات أو حمى؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أشرك الناس فيه. قاله في «الأحكام السلطانية» : المياه نوعان مباح، وغير مباح، فأما غير المباح فهو ما ينبع من الأرض المملوكة فصاحب الأرض أحق به من غيره، وأما المباح فهو الذي ينبع في الموات فهو مشترك بين الناس؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الناس شركاء في ثلاثة: الماء والنار والكلأ» . فمن سبق منهم إلى شيء منه كان أحق به؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به» فمن أراد أن يسقي منه أرضًا، فإن كان نهرًا عظيمًا كالنيل والفرات وما أشببهما من الأودية العظيمة جاز أن يسقي منه ما شاء ومتى شاء؛ لأنه لا ضرر فيه على أحد. وإن كان نهرًا صغيرًا كماء الأمطار، فلمن في أعلاه أن يسقي ويحبس الماء حتى يصل إلى كعبه ثم يرسله إلى من يليه ثم يرسله الذي أرسل إليه وهو الذي يلي الأعلى إلى من يليه يفعل كما فعل الأول مرتبًا ثم الذي يليه يفعل كما فعلا وهلم جرا على هذا تكون الحال إلى أن تنتهي الأراضي كلها. ومحل إرساله إلى من يليه إن فضل شيء عمن له السقي والحبس وإلا فلا شيء للباي وهو الذي بعده إذ ليس له إلا ما فضل كالعصبة مع أصحاب الفروض في الميراث؛ لحديث عبادة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في شرب النخيل من السيل أن الأعلى يشرب قبل الأسفل ويترك الماء إلى الكعبين، ثم يرسل الماء إلى الأسفل الذي يليه، وكذلك حتى تنقضي الحوائط أو يفنى الماء» رواه ابن ماجه وعبد الله بن أحمد، وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في سيل مهزور أن يمسك الماء حتى يبلغ الكعبين

ثم يرسل الأعلى على الأسفل» رواه ابن ماجه وأبو داود، ورواه الحاكم في «المستدرك» من حديث عائشة أنه قضى في سبيل مهزور ومذنب أن الأعلى يرسل إلى الأسفل ويحبس قدر الكعبين وأعله الدارقطني بالوقف. ومهزور بتقديم الزاء على الراء واد بالمدينة ومذنب اسم موضع بها، ولحديث عبد الله بن الزبير أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير في شراج الحرة التي يسقون بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إسق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك» فغضب الأنصاري، وقال: يا رسول الله، إن كان ابن عمتك، فتلون وجه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «يا زبير، اسق ثم أحبس الماء حتى يرجع إلى الجدر» ، فقال الزبير: فوالله إني لأحسب هذه الآية نزلت فيه: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} متفق عليه. الشراج: جمع شرج نهر صغير، والحرة: أرض ملتبسة بحجارة سود، والجدر: الجدار، وإنما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الزبير أن يسقي ثم يرسل الماء تسهيلاً على غيره فلما قال الأنصاري ما قال استوعى النبي - صلى الله عليه وسلم - للزبير حقه. فإن كان لأرض أحدهم أعلا وأسفل بأن كانت مختلفة منها العالي ومنها النازل سقى كلا من ذلك على حدته بأن يفرده فيسقي الأعلى ثم يرسل الماء إلى من يليه ثم كذلك حتى يصل إلى الأسفل فيسقيه كما تقدم. فإن استوى إثنان فأكثر في القرب من أول النهر قسم الماء بينهم على قدر أرض كل منهم إن أمكن قسمه لتساويهم بالحق. فلو كان لأحدهم جريب ولآخر جريبان ولآخر ثلاثة كان لرب الجريب السدس ولرب الجريبين الثلث، ولرب الثلاثة الأجربة النصف؛ لأن الزائد في الأرض من أرضه أكثر مسار في القرب فاستحق جزءًا من الماء كما لو كانوا ستة لكل واحد منهم جريب.

وإن لم يكن قسمه بينهم أقرع بينهم فمن خرجت له القرعة قدم بالسقي فيسقي منه بقدر حقه ثم يقرع بين الآخرين فمن قرع سقى بقدر حقه ثم تركه للآخر. وليس لمن تخرج له القرعة أن يسقي بجميع الماء؛ لأن من لم يخرج له يساويه في الاستحقاق في الماء فإن لم يفضل عن واحد سقى القارع بقدر حقه وليس للقارع السقي بكل الماء لمساواة الآخر له في الاستحقاق، وإنما استعملت القرعة للتقدم في استيفاء الحق بخلاف الأعلى مع الأسفل فلا حق للأسفل إلا في الفاصل عن الأعلى كما تقدم. وإن أراد إنسان إحياء أرض يسقيها من السيل أو النهر الصغير لم يمنع من الإحياء؛ لأن حق أهل الأرض الشاربة منه الماء لا في الموات ما لم يضر بأهل الأرض الشاربة منه فإن ضرهم فلهم منعه لدفع ضرره عنهم وخوف تقديمه عليهم إذا طال الزمن وجهل الحال ولا يسقي قبلهم؛ لأنهم أسبق إلى النهر منه، ولأن من ملك أرضًا ملكها بحقوقها ومرافقها فلا يملك غيرهم إبطال حقوقها، وهذا من حقوقها. فلو أحيا سابق في أسفله مواتًا ثم أحيا آخر فوقه ثم أحيا ثالث فوق الثاني كان للأسفل السقي أولاً ثم للثاني في الإحياء وهو الذي فوق الأسفل في المثال ثم سقى الثالث الذي فوق الثاني فيقدم السبق إلى الإحياء على السبق إلى أول النهر لمن تقدم من أنه إذا ملك الأرض ملكها بحقوقها ومرافقها. وقيل ليس لهم منعه من إحياء ذلك الموات، قال الحارثي: وهو أظهر، قال: وظاهر الأخبار المتقدمة وعمومها يدل على إعتبار السبق إلى أعلا النهر مطلقًا، قال: وهو الصحيح فله أن يسقي قبلهم على ما اختاره.

والقول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس؛ لحديث: «من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به، وهم أسبق منه» والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن حفر نهر صغير وسيق ماؤه من نهر كبير ملك الحافر الماء الداخل فيه، والنهر بين جماعة اشتركوا في حفره على حسب عمل ونفقة؛ لأنه ملك بالعمارة وإن لم يكفهم وتراضوا على قسمته بالمهايات بساعات أو أيام جاز فيه؛ لأن الحق لا يعدوهم. وإن لم يتراضوا على قسمته وتشاحوا قسمه حاكم على قدر ملكهم بأن يقسم لكل واحد من الماء بقدر ما يملك من النهر فتؤخذ خشبة صلبة أو حجر مستوي الطرفين والوسط فيوضع على موضع مستو من الأرض في مصدم الماء فيه حزوز أو ثقوب متساوية في السعة على قدر حقوقهم. فلو كان لأحدهم نصف، ولآخر ثلث، ولآخر سدس، جعل فيه ستة ثقوب لرب النصف ثلاثة، ولرب الثلث إثنان، ولرب السدس واحد يصب ماء كل واحد في ساقيته فيتصرف كل واحد بما في ساقيته فيما أحب لانفراده بملكه. وإن كان النهر مشتركًا بين جماعة فليس لأحدهم أن يتصرف فيه بما أحب من فتح ساقية إلى جانب النهر ليأخذ حقه منها ولا أن ينصب على حافتي النهر رحى تدور بالماء ولا غير ذلك من نحو ما تقدم؛ لأن حريم النهر مشترك فلم يملك التصرف فيه قبل قسمة. فإن أراد أحد الشركاء أن يأخذ من النهر قبل قسمه شيئًا فيسقي به أرضًا في أول النهر أو غيره لم يجز؛ لأن الأخذ منه ربما احتاج إلى تصرف في أول حافة النهر المملوك لغيره بلا إذن شركائه كسائر الحقوق المشتركة، لكن لكل إنسان أن يأخذ من ماء جار مملوك أو غيره لشرب ووضوء وغُسل وغَسل

ثيابه وغسل أوانيه لأكل وشرب أو يأخذ منه لأكله والإنتفاع به في نحو ذلك مما ليس بحرام. ولا يجوز أن يأخذ منه ماء للشيشة المستعملة في الدخان ولا أن يأخذ منه ما يبلّ فيه اللحية لحلقها أو لوساة التوالية ونحو ذلك من المحرمات؛ لأنه إعانة على المعاصي، قال الله تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} . ولا يحل لصاحب الماء الجاري المنع من ذلك المذكور؛ لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل كان له فضل ماء فمنعه ابن السبيل» الحديث رواه البخاري بخلاف ما يؤثر فيه كسقي ماشية كثيرة ونحوه، فإن فضل عن حاجته ماء لزمه بذله لذلك وإلا فلا وتقدم. ومن سبق إلى قناة لا مالك لها فسبق آخر إلى بعض أفواهها من فوق أو من أسفل فلكل منهما ما سبق إليه من ذلك للخبر وإن احتاج النهر المشترك ونحوه إلى عمارة أو تنظيف فعلى الشركاء بحسب أملاكهم فإن كان بعضهم أدنى إلى أوله من بعض اشترك الكل إلى أن يصلوا إلى الأول، ثم لا شيء عليه إلى الثاني، ثم يشترك الباقون حتى يصلوا إلى الثاني، ثم يشترك من بعده كذلك كلما انتهى العمل إلى موضع واحد منهم لم يكن عليه فيما بعده شيء؛ لأن الأول إنما ينتفع بالماء الذي في موضع شربه وما بعده إنما يختص بالإنتفاع به من دونه فلا يشاركهم في مؤنته كما لا يشاركهم في نفعه، فإن كان يفضل عن جميعهم منه ما يحتاج إلى مصرف فمؤنته على جميعهم لاشتراكهم في الحاجة إليه والانتفاع به فكانت مؤنته عليهم كأوله. ولمالك أرض منعه من الدخول بها ولو كانت رسوم القناة المحياة في أرض المانع فلا يدخل المحيى للقناة في أرض غيره بغير إذنه.

ولا يملك رب أرض تضييق مجرى قناة في أرضه من خوف لص؛ لأن مجراها لصاحبها فلا يتصرف غيره فيه بغير إذنه؛ لأن فيه ضرر عليه بتقليل الماء ولا يزال الضرر بالضرر ومن سد له ماء لجاهه ليسقي به أرضه فلغيره ممن لا استحقاق له بأصل الماء إلا بالحاجة السقي من الماء المسدد للمتجوه ما لم يكن ترك هذا الغير السقي من الماء المسدود سببًا؛ لأن يرد المتجوه الماء الذي سده على من سده عنه فيمتنع عليه السقي في هذه الحالة؛ لأنه تسبب في ظلم من سد عنه بتأخير حقه. وإذا حصل نصيب إنسان في ساقيته فله أن يسقي بها ما شاء من الأرض سواء كان لها رسم شرب من هذا النهر أو لا وله أن يعطي من يسقي به؛ لأنه ماء قد تفرد باستحقاقه فكان له أن يسقي ما شاء، كما لو انفرد إنفرد به من أصله. من النظم فيما يتعلق في إحياء الموات ويقرع بين اثنين إن ضاق عنهما فأكثر مع سبق معًا مثل مقعد وقيل أقسمن عند استواء وقيل من يشا القاض ينكا واستنب في مبعد ويملك ذو السبق المباح بحوزه وما نبذ الملاك نبذة مبعد وما سيبوا في مهلك لانقطاعه أو العجز عن قوت لمنجيه أورد على نصه في الحي غير رقيقه وقد قيل لم يملك كمال مبدد

سوى ما رموا في البحر خوفًا بأوطد وأن ينكسر فلك فبالأجرة أردد كذا الحكم في رد المتاع ومنفق على العبد في الأولى وقيل وجلعد ويقسم بين المستوين بسبقهم ونهر مباح لإزدحام ليورد على أول يسقي إلى الكعب حابسًا ويرسل للجيران حتى المبعد وعند استواء القرب يقسم بينهم فإن يمتنع قسم إلى قرعة عد فإن يحيى أرضًا بعد قسم جماعة يجز سقيها منه إذا لم تنكد ومستحدثون النهر عند اختلافهم ليقسم بظن العدل بين المعدد وكل ليسقي ما يشاء بسهمه ولم يجز القاضي بغير المعود وحفرك مجرى حل للحل ماؤه بإيصاله للنهر ملك المخدد ويملك أيضًا حافيته وماؤه مباح وحظر منه سوق مخدد ويملك فرض النهر مع حافيته من يحد إلى نهر مباح ممدد ويبقى على حكم الإباحة ماؤه ومن يبغ منه سوق ساقية ذد

س31: تكلم بوضوح عن الجعالة لغة، واصطلاحا، واذكر حكمها، وأمثلة لها، وكم أركانها؟ وما هي؟ وما الحكم فيما إذا بلغ الإنسان الجعل بعد العمل أو في أثنائه أو قبل الفعل وحكم الأخذ وإذا قال من رد عبدي فله كذا فما الحكم؟ وإذا رده من المسافة المعينة أو من أبعد منها أورد أحد آبقين أو فسخ جاعل أو عامل الجعالة قبل التمام أو جمع بين تقدير مدة وعمل، واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والفروق والمحترزات والخلاف والترجيح.

وإن لدواب المسلمين حبًا امرؤ أمام مواتًا لا يضر فأسعد ولا تمنعن من لا يطيق إنتجاعه بأنعامه مرعى بعيدًا فتعتد وغير حمى الهادي يجوز إنتقاضه ويملك في الأقوى بإحيا مجدد وصحح لإعطا الأرض من بيت مالنا ووقفا لقوم في المذاهب من هدي (31) الجعالة س31: تكلم بوضوح عن الجعالة لغةً، واصطلاحًا، واذكر حكمها، وأمثلة لها، وكم أركانها؟ وما هي؟ وما الحكم فيما إذا بلغ الإنسان الجعل بعد العمل أو في أثنائه أو قبل الفعل وحكم الأخذ وإذا قال من رد عبدي فله كذا فما الحكم؟ وإذا رده من المسافة المعينة أو من أبعد منها أورد أحد آبقين أو فسخ جاعل أو عامل الجعالة قبل التمام أو جمع بين تقدير مدة وعمل، واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والفروق والمحترزات والخلاف والترجيح. ج: الجعالة بتثليث الجيم مشتقة من الجعل بمعنى التسمية؛ لأن الجاهل يسمى الجعل للعامل أو من الجعل بمعنى الإيجاب، يقال: بجعلت له كذا وكذا أي أوجبت، ويسمى ما يعطاه الإنسان على أمره يفعله جعلاً وجعالة وما تجعل للغازي إذا غزا عنك بجعل وهي الجعائل يدفعه المضروب عليه البعث إلى من يغزو عنه، قال سليك بن شقيق الأسدي: فأعطيت الجعالة مستميتًا ... خفيف الحاذ من فتيان جرم

والجعالة إصطلاحًا: جعل جائز التصرف شيئًا متمولاً معلومًا لمن يعمل له عملاً مباحًا معلومًا أو مجهولاً مدة معلومة أو مجهولة، وهي جائزة بالكتاب والسُّنة والإجماع في الجملة، قال الله تعالى: {وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين: «من قتل قتيلاً فله سلبه» ، وعن أبي سعيد قال: «انطلق نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو آتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلهم أن يكون عندهم بعض شيء فآتوهم، فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لدغ وسعينا بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟ قال بعضهم: إني والله لأرقي، ولكن والله لقد استضفنا فلم تضيفونا فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً، فصالحوهم على قطيع من غنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي وما به قلبة فأوفرهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفوا حتى نأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فنذكر له الذي كان فننظر الذي يقرنا، فقدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له ذلك، فقال: «وما يدريك أنها رقية» ، ثم قال: «قد أصبتم اقتسموا واضربوا لي معكم سهمًا» ، وضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -. رواه الجماعة إلا النسائي، وهذا لفظ البخاري. وأجمع المسلمون على جواز الجعالة في الجملة، ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك من رد ضالة وآبق وعمل لا يقدر عليه فجاز كالإجارة. وأركان الجعالة: 1) عمل. 2) جعل. 3) صيغة. 4) عاقد. ولا يشترط أن يكون الجعل معلومًا إن كان من مال حربي فيصح مجهولاً كما تقدم في الجهاد.

قال في «المغني» : ويحتمل أن تجوز الجعالة مع جهالة العوض إذا كانت الجهالة لا تمنع التسليم نحو أن يقول من رد عبدي الآبق فله نصفه. ومن رد ضالتي فله ثلثها، فإن أحمد قال: إذا قال الأمير في الغزو من جاء بعشرة رؤوس فله رأس جاز، وقالوا: إذا جعل جعلاً لمن يدله على قلعة أو طريق سهل وكان الجعل من مال الكفار جاز أن يكون مجهولاً كجارية يعينها العامل فيخرج هاهنا مثله، فأما إذ كانت الجهالة تمنع من التسليم لم تصح الجعالة وجهًا واحدًا. ويشترط أن يكون العمل مباحًا لا محرمًا. فلا تصح الجعالة على الزنا واللواط والسرقة وشرب الدخان وحلق اللحية وعمل التواليت والخنافس، ولا تصح على عمل الرؤوس الصناعية ولا على قص رؤوس النساء ولا عمل ثياب رجال لنساء ولا على عمل ثياب نساء لرجال ولا على المسابقة في الكرة، ولا على اللعب بأم الخطوط، ولا على اللعب بالورق، ولا على الخضاب بالسواد، ولا على نقل من يريد ترك الجمعة والجماعة، ولا عمل الصور أو بيعها مجسدة أو غير مجسدة إذا كانت من صور ذوات الأرواح لتحريمها بيعًا وشراء وتصويرًا واقتناءً. ولا تصح الجعالة على تصليح آلات اللهو كالمذياع والتلفزيون والسينما والبكم وتسجيل الأغاني. ولا يجوز جعل للمطربين رجالاً أو نساءً. ولا تجوز الجعالة على الغيبة ولا النميمة ولا الكذب. ولا تصح على عمل شيش للدخان ولا المجلات الخليعة. ولا تصح الجعالة لمن يشهد بالزور وقس على ذلك جميع المحرمات،

فلا تصح عليها الجعالة كالإجارة. ولا تصح لمن يعمل عبثًا؛ لأنه لا فائدة فيه كساع يقطع أيامًا في يوم واحد. ومثله في عدم الصحة تكليف فوق الطاقة كرفع ثقيل من حجر أو غيره ومشى على جبل أو جدار أو قفز قليب أو نحوها فلا تنعقد الجعالة على شيء من ذلك لاشتراط الإباحة، وهذه الأشياء إما أن يخشى فاعله الضرر فحرام وإلا فمكروه على هذا يكون غير مباح. وقال الحليمي من الشافعية: لا يراهن رجلان على قوة يختبران بها أنفسهما على عمل فيقول أحدهما: إن قدرت على رمي هذا الجبل ونحوه فلك كذا، فإنه لا يصح. وقال ابن عبد الهادي: إذا قال من أكل هذا الرغيف أو رطل اللحم أو شرب هذا الكوز الماء أو صعد هذه الشجرة ونحو ذلك، فمن فعله استحق ذلك، قال: ومما يفعل في عصرنا أن يجعل على أكل كثير من الحلوى والفاكهة أو صعود موضع عسر ونحو ذلك، أن يقال من أكل هذه الرمانة ولم يرم منها حبة فله كذا فيصح ذلك، ومن فعل استحق الجعل، فإن قال: إن فعلت كذا فلك كذا وإن لم تأكله فعليك كذا لم يجز. اهـ. وتصح الجعالة ولو كان العمل مجهولاً إذا كان العوض معلومًا كمن خاط لي هذا الثوب ونحوه فله كذا وكرد لقطة لم يعين موضعها؛ لأن الجعالة جائزة لكل منهما فسخها فلا يؤدي أن يلزمه مجهول بخلاف الإجارة وأن تكون مع شخص جائز التصرف أو لمن يعمل له مدة ولو كانت المدة مجهولة كمن حرس زرعي فله كل يوم كذا، قال في «الشرح» . ويصح الجعل على مدة مجهولة أو على مجهول إذا كان العوض معلومًا؛

لأنها عقد جائز من الطرفين فجاز أن يكون العمل فيها مجهولاً والمدة مجهولة كالشركة والوكالة، ولأن الجائزة لكل منهما فسخها فلا يؤدي إلى أن يلزمه مجهول عنده إذا كان العوض معلومًا، ولأن الحاجة تدعو إلى كون العمل مجهولاً وكذلك المدة لكونه لا يعلم موضع الضالة والآبق ولا حاجة إلى جهالة العوض، ولأن العمل لا يصير لازمًا فلم يشترط كونه معلومًا والعوض يصير لازمًا بإتمام العمل فاشترط العلم به، انتهى. فإن جعله لمعين بأن قال لزيد مثلاً: إن رددت لقطتي فلك كذا وكذا فيستحقه إن ردها ولا يستحق من ردها سوى المخاطب بذلك؛ لأن ربها لم يجاعل إلا المخاطب على ردها. وإن كانت بيد إنسان فجعل له مالكها جعلاً ليردها لم يبح لمن هي بيده أخذ الجعل إلا إن طابت نفس مالكها حقيقة بذلك. وتصح الجعالة ولو جعل العوض لغير معين كان يقول من بنى لي هذا الجدار فله كذا وكذا أو من رد عبدي الآبق. وإذا قال من أذن في هذا المسجد شهرًا فله كذا وكذا ومن فعله ممن لي عليه دين فهو بريء من كذا فيصح العقد مع كونه تعليقًا؛ لأنه في معنى المعاوضة لا تعليقًا محضًا. فمن بلغه الجعل قبل العمل المجعول عليه ذلك العوض استحق الجعل بالعمل بعد لا إستقراره بتمام العمل كالربح في المضاربة، فإن تلف فله مثل مثلي وقيمة غيره. ولا يحبس العامل العين حتى يأخذه ومن بلغه الجعل في أثناء العمل فله من الجعل حصة تمامه. المعنى: أنه يستحق من الجعل بقسط ما بقي من العمل فقط؛ لأن عمله قبل

بلوغه الجعل وقع غير مأذون له فيه فلم يستحق عنه عوضًا لبذله منافعه متبرعًا بها. ومحل ذلك إن أتم العمل بنية الجعل ولهذا لو لم يبلغه الجعل إلا بعد تمام العمل لم يستحق الجعل ولا شيئًا منه لما سبق. وحرم عليه أخذ الجعل؛ لأنه من أكل المال بالباطل إلا أن تبرع له ربه به بعد إعلامه بالحال. وفي كلام ابن الجوزي في «المنتظم» : يجب على الولاة إيصال قصص أهل الحوائج فإقامة من يأخذ الجعل على إيصال القصص للولاة حرام؛ لأنه من أكل المال بالباطل. قال في «الفروع» : ويتوجه إحتمال ولعله ظاهر كلام ابن الجوزي إن وجب عليه حرام وإلا فلا. وإن قال: جائز التصرف لزيد مثلاً إن رددت لقطتي فلك كذا فيستحقه إن ردها هو ولم يستحقه من ردها دون زيد المقول له ذلك؛ لأن ربها لم يجاعله على رده وتقدمت المسألة. وإن فعل المجاعل عليه جماعة اقتسموا الجعل بينهم؛ لأنهم اشتركوا في العمل الذي به استحق الجعل، فلو قال قائل من نقب السور فله دينار فنقبوه كلهم نقبًا واحدًا، فإن كانوا ثلاثة استحقوا الدينار بينهم أثلاثًا؛ لأنهم اشتركوا في العمل الذي يستحق به العوض فاشتركوا في العوض كالأجرة في الإجارة. وإن نقب كل واحد نقبًا فكل واحد دينار كما لو قال من دخل هذا النقب فله دينار فدخله جماعة استحق كل واحد منهم دينارًا؛ لأن كل واحد من الداخلين دخل دخولاً كاملاً كدخول المنفرد فاستحق العوض كاملاً.

ولو اختلف المالك والعامل، فقال: عملته بعد أن بلغني الجعل، وقال المالك: بل قبله فقول عامل بيمينه؛ لأنه لا يعلم إلا من جهته، هذا هو الذي تميل نفسي، والله سبحانه وتعالى أعلم. ولو فاوت بين الجماعة العاملين فجعل لإنسان في رد آبق على رده ريالاً وجعل للآخر ريالين وجعل للثالث ثلاثة ريالات، فإن رد واحد استحق جعله وإن رده الثلاثة فلكل واحد منهم ثلث ما جعل له؛ لأنه عمل ثلث العمل فاستحق ثلث المنتمي. وإن رده إثنان منهم فلكل واحد منهم نصف جعله؛ لأنه عمل نصف العمل فاستحق نصف المسمى وإن جعل لواحد عوضًا معلومًا كريال مثلاً وجعل لآخر عوضًا مجهولاً فرداه معًا فلرب المعلوم نصفه وللآخر أجر عمله. وإن جعل رب العبد الآبق مثلاً لواحد معين كزيد شيئًا فرده من جوعل وهو زيد في المثال هو وآخران معه، وقال الآخران: رددناه معاونة لزيد استحق زيد كل الجعل ولا شيء لهما؛ لأنهما تبرعا بعملهما، وإن قالا: رددناه لنأخذ العوض منه لأنفسنا فلا شيء لهما؛ لأنهما عملا من غير جعل ولزيد ثلث الجعل؛ لأنه عمل ثلث العمل. وإن نادى غير صاحب الضالة، فقال: من ردها فله جنيه فردها رجل أو امرأة فالجنيه على المنادي؛ لأنه ضمن العوض المعنى التزمه ولا شيء على رب الضالة؛ لأنه لم يلتزم. وإن قال المنادي غير رب الضالة في ندائه قال فلان: من رد ضالتي فله ريال، ولم يكن رب الضالة قال ذلك فردها رجل لم يضمن المنادي؛ لأنه لم يلتزم العوض والذي رد الضالة مقصر حيث لم يأخذ بالاحتياط لنفسه. وإن قال رب عبد آبق من سيده من رد عبدي فله كذا، والمسمى أقل

من دينار أو أقل من اثني عشر درهمًا فضة اللذين قدرهما الشارع في رد الآبق، فقيل: يصح ذلك وللراد برد الآبق الجعل فقط؛ لأنه رد على ذلك فلا يستحق غيره. وقيل: لا تصح التسمية وللراد له ما قدره الشارع لاستقراره عليه كاملاً بوجود سببه. وما ذكر من أن الشارع قدر في رد الآبق دينار أو اثني عشر درهمًا، قال في «الإنصاف» : أنه المذهب سواء كان يساويهما أو لا لئلا يلتحق بدار الحرب أو يشتغل بالفساد، وروي عن عمر وعن عمرو بن دينار وابن أبي مليكة مرسلاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل في رد الآبق خارجًا من الحرم دينارًا. والقول الثاني هو الذي تميل إليه النفس والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن كان المسمى أكثر من دينار أو أكثر من اثني عشر درهمًا فرده إنسان استحق الجعل بعمل ما جوعل عليه كرد لقطة وبناء حائط؛ لأنه استقر على الجاعل بالعمل. ويستحق من سمي له جعل على رد آبق ورده من دون المسافة المعينة القسط من المسمى، فإن كان المردود منه نصف المسافة استحق نصف المسمى فقط؛ لتبرعه بالزائد؛ لعدم الإذن فيه. وهذا مع تساوي الطريق في الصعوبة والسهولة، أما إن كان يختلف بأن كان نصفه سهلاً ونصفه صعبًا كان بحسبه من المسمى. ويصح الجمع بين تقدير المدة والعمل في الجعالة كأن يقول من خاط هذا الثوب في يوم كذا فإن أتى به فيها استحق الجعل ولم يلزمه شيء آخر وإن لم يف به فيها فلا شيء له.

ويستحق من رد أحد آبقين جوعل على ردهما نصف الجعل عن ردهما؛ لأنه رد نصفهما وكذا لو قال من خاط لي هذين الثوبين فله كهذا فخاط أحدهما فله بقدره من الجعل. ومحل ذلك إذا لم يكن في اللفظ ما يدل على فعل الشيئين معًا، كما لو قال من ردهما كليهما فله كذا. وبعد الشروع في العمل إن فسخ جاعل فعلى الجاعل للعامل أجرة مثل عمله؛ لأن عمل بعوض لم يسلم له فكان له أجرة عمله وما عمله بعد الفسخ لا أجرة له عليه؛ لأنه عمل غير مأذون فيه. وإن زاد الجاعل أو نقص من الجعل قبل الشروع في العمل جاز وعمل به؛ لأنه عقد جائز فجاز فيه ذلك كالمضاربة. وإن فسخ عامل قبل تمام العمل فلا شيء له؛ لإسقاط حق نفسه حيث لم يوف ما شرط عليه. ومن التقط لقطة وكتمها ليبذل جعلاً على تحصيلها كما يفعله بعض الجهالة أو من لا يوثق بأمانته فهذه لقطة ويكون آثمًا بتركه التعريف وحكمه بتركه التعريف لها حكم الغاصب فلا يستحق شيئًا أصلاً. وقد ذكر العلماء فروق بين الإجارة والجعالة. أولاً: أن الإجارة لابد أن يكون العمل معلومًا كالعوض. والجعالة: قد يكون معلومًا كمن بنى لي هذا البيت فله كذا وقد يكون مجهولاً كمن رد لقطتي فله كذا. ثانيًا: الإجارة تكون مع معين، والجعالة أوسع من الإجارة؛ ولهذا تجوز على أعمال القرب كالأذان والإمامة وتعليم القرآن ونحوها بخلاف الإجارة.

ثالثًا: أن الجعالة لا يستحق العامل العوض حتى يعمل جميع العمل، وأما الإجارة ففيها تفصيل يرجع إلى أنه إن لم يكمل الأجير ما عليه فإن كان بسببه ولا عذر له فلا شيء له وإن كان التعذر من جهة المؤجر فعليه جميع الأجر وإن كان بغير فعلهما وجب من الأجر بقدر ما استوفى. رابعًا: أن العمل في الجعالة قائم مقام القبول؛ لأنه يدل عليه. خامسًا: أن الجعالة جائزة بخلاف الإجارة. سادسًا: أنه لا يشترط في الجعالة العلم بالعمل ولا بالمدة. سابعًا: أن القاعدة في العمل إذا كان مجهولاً لا تمكن الإجارة عليه فطريقه الجعالة وإذا كان معلومًا ولم يقصد لزوم العقد عدل إلى الجعالة أيضًا. من النظم فيما يتعلق بالجعالة وقولك من يفعل كذا فله كذا فمن بعد علم الجعل يغفله يردد إذا قاله من صح منه إجازة وليس بشرط فيهما دين مهتدي ولا شيء في فعل سبق علم جعله ولو رد بعد العلم لقطة منشد وتعيينه زيدًا بفعل معين له واقسمن من الفاعلين ومهد لكل من الجعل استووا أو تفاضلوا كنسبة فعل منه من متعدد وغير اشتراط جهل فعل ومدة ولا شرط فعل في زمان مقيد

ولابد من علم بجعل وقيل ما اجتهال تواتي القبض معه بمفسد وإن منع التسليم أو صد مطلقًا فلغو وأجر المثل للعامل أعدد وإن تنو جعلاً منذ تدريه تعطه وعند جواز ذي فمن شاء يفسد فإن فسخ العمال لم يعط أجرة وفي فسخها من جاعل فليزود بأجرة مثل الفعل منذ شروعه وفي الجعل قول الجاعل اقبل بأوطد ويخرج عند الخلف فيه تحالف فيلزم أجر المثل في فعل مقصد كقربة اختص الفعول بنفعها وإن يتعدى كالأذان تردد ولا شيء في فعل بلا شرط ربه سوى في مرد الأبقين بأوكد وعن أحمد بل أربعون وعشر أو دنينيران يردده من مصر أطد وطد نحو من يردده يملك ثلثه وما قال رب اجعلن كالمبعد ومن ربه يعطى غرامة قوته ولو مرمنه في الطريق المعبد ومن أرثه إن مات خذه كجعله ولو فات كل قيمة المتشرد

ومن الآباق فهو أمانة لإقرارهم للمدعي أو بشهد ولا يستحق الجعل إلا برده ولو فقد المردود عن باب سيد ومن قال من يردد فتى هند أعطه منا ورق ألزمه جعل المردد وفي بقعة عينت أورد غصبه من الجعل اعطا نسبة الفعل تهتد وجعل كذا في رد الآباق من منى كنسبة مردود ومن أقرب أرفد وإن ردهم من أبعد من منى فلا تزده على الجعل المسمى المحدد وإن قال من داوى فأبرا له كذا فليس صحيحًا في الصحيح المؤطد وقيل بلى والحكم حكم جعالة وقد قيل بل حكم الإجارة فاقصد وممن يداوي الكحل دون بقية الدواء على الأقوى فمن مال أرمد

س32: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا اختلف الجاعل والعامل في أصل جعل أو في قدره أو في مسافة وإذا عمل إنسان لغيره عملا بلا إذنه قاصد بذلك أخذ أجرة أو أنفق على آبق أو بهيمة أو مات من لزمه جعل أو نفقة أو خيف على حيوان، فما الحكم؟ وإذا كان عنده وديعة وخيف عليها أو وقع حريق بدار فهدمها على النار غير ربها بلا إذنه أو وقع آبق بيد إنسان وصدمه الآبق أو لم يجد واجد الآبق سيده، فما الحكم؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والخلاف والترجيح.

(32) اختلاف العامل والجاعل في أصل الجعالة وقدر المسافة أو قدر الجعل وحكم إنقاذ مال الغير من الهلاك وما يتعلق بذلك من نفقة أو نحوها س32: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا اختلف الجاعل والعامل في أصل جعل أو في قدره أو في مسافة وإذا عمل إنسان لغيره عملاً بلا إذنه قاصد بذلك أخذ أجرة أو أنفق على آبق أو بهيمة أو مات من لزمه جعل أو نفقة أو خيف على حيوان، فما الحكم؟ وإذا كان عنده وديعة وخيف عليها أو وقع حريق بدار فهدمها على النار غير ربها بلا إذنه أو وقع آبق بيد إنسان وصدمه الآبق أو لم يجد واجد الآبق سيده، فما الحكم؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والخلاف والترجيح. ج: إذا اختلفا في أصل الجعالة المسماة فأنكر أحدهما، فالقول قول من ينفيه منهما؛ لأن الأصل عدمه. وإن اختلفا في قدر الجعل أو اختلفا في قدر المسافة، فقال الجاعل: جعلت ذلك لمن رده من عشرات أميال، فقال العامل: بل من ستة أميال أو اختلفا في عين العبد الذي جعل فيه الجعل في رده، فقال: رددت العبد الذي جعلت إلي الجعل فيه فأنكر الجاعل، وقال: بل شرطته في العبد الذي لم ترده، فالقول قول جاعل؛ لأنه منكر لما يدعيه العامل زيادة عما يعترف والأصل براءته. وإن عمل شخص ولو المعد لأخذ أجرة على عمله كالملاح والمكاري والحجام والقصار والخياط والدلال والنقار والكيال والوزان وشبههم ممن يرصد نفسه للتكسب بالعمل وأذن له المعمول له في العمل فله أجرة المثل لدلالة العرف على ذلك. وإن لم يكن معدًّا لأخذ الأجرة وعمل لغيره عملاً بلا إذن أو بلا جعل

ممن عمل له فلا شيء له؛ لأنه بذل منفعته من غير عوض فلم يستحقه ولئلا يلزم الإنسان ما لم يلتزمه ولم تطب نفسه به إلا في تخليص مال غيره ولو كان مال غيره قنا من بحر أو فم سبع أو فلاة يظن هلاكه في تركه فله أجره مثله. وإن لم يأذن ربه؛ لأنه يخشى هلاكه وتلفه على مالكه بخلاف اللقطة، وكذا لو انكسرت السفينة فخلص قوم الأموال من البحر فتجب لهم الأجرة على الملاك؛ لأن فيه حثًّا وترغيبًا في إنقاذ الأموال من المهلكة. ومثل ذلك، والله أعلم عندي لو خلص مال غيره من حريق أو سيل لو بقي لتلف فإن الغواص إذا علم أن له الأجرة غرر بنفسه وبادر إلى التخليص بخلاف ما إذا علم أن لا شيء له وإلا في رد الآبق من قن ومدبر وأم ولد إن لم يكن الراد الإمام، فإن كان الإمام أو نائبه فلا شيء له لانتصابه للمصالح وله حق في بيت المال على ذلك ولذلك لم يكن له الأكل من مال يتيم. وإن كان الراد غير الإمام أو نائبه فله ما قدره الشارع دينارًا أو اثني عشر درهمًا وسواء كان الراد زوجًا أو ذا رحم في عيال المالك وسواء رده من المصر أو خارجه قربت المسافة أو بعدت ما لم يمت سيد مدبر خرج من الثلث وأولد قبل وصول إليه فيعتقا فلا شيء لرادهما في نظير الرد؛ لأن العمل لم يتم إذ العتيق لا يسمى آبقًا أو يهرب الآبق من واجده قبل وصوله؛ لأنه لم يرد شيئًا. ويأخذ راد الآبق من سيد أو تركته ما أنفق عليه أو ما أنفق على الدابة التي يجوز إلتقاطها يرجع في قوت وعلف وكسوة وأجرة حمل احتيج إليها لا دهن وحلوى ولو هرب أو لم يستحق جعلاً لرده من غير بلد سماه أو لم يستأذن المنفق مالكًا في الإنفاق مع قدرة على استئذانه؛ لأن الإنفاق مأذون فيه

شرعًا لحرمة النفس وحثًا على صون ذلك على ربه بخلاف الوديعة. ولا يجوز لواجد آبق أن يستخدمه بدل نفقته عليه كالعبد المرهون وأولى ويؤخذ جعل ونفقة من تركه سيد ميت كسائر الحقوق عليه ما لم ينو أن يتبرع بالعمل والنفقة فإن نوى التبرع فلا نفقة له، وكذا لو نوى بالعمل التبرع لا أجرة له ومقتضاه لا تعتبر نية الرجوع بخلاف الوديعة ونحوها، والفرق الترغيب في الإنقاذ من المهلكة فيكفي عدم نية التبرع فيرجع ولو لم ينو الرجوع وللإنسان ذبح حيوان خيف موته ولا يضمن ما نقصه؛ لأن العمل في مال الغير متى كان إنقاذًا له من التلف المشرف عليه كان جائزًا بغير إذن مالكها ولا ضمان على المتصرف وإن حصل به نقص، وقيل: يجب عليه ذبح الحيوان المأكول استنقاذًا من التلف وحفظًا لماليته، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن ادعى أنه لم يذبحه إلا خوفًا من موته فلابد من بينة إلا إن كان أمينًا كالراعي أو دلت قرينة على صدقه مثل بعير به مرض أو كان الذابح رجلاً يوثق بدينه وأمانته صدوقًا فلا يضمن، وتقدم في الإجارة إذا ادعى الراعي موتًا ولم يحضره جلدًا قبل يمينه. قال الشيخ تقي الدين وغيره: ومن استنقذ مال غيره من مهلكة ورده استحق أجرة المثل ولو بغير شرط في أصح القولين. وقال إذا استنقذ فرسًا أو نحوه للغير ومرض بحيث أنه لم يقدر على المشي فيجوز، بل يجب في هذه الحال أن يبيعه الذي استنقذه ويحفظ ثمنه لصاحبه نص الأئمة على هذه المسألة ونظائرها. وقال ابن القيم: متى كان العمل في مال الغير إنقاذًا له من التلف المشرف عليه كان جائزًا كذبح الحيوان المأكول إذا خيف موته ولا يضمن ما نقص

بذبح، قال: ولهذا جاز لأحدهم ضم اللقطة ورد الآبق وحفظ الضالة حتى أنه يحسب ما ينفقه على الضالة والآبق واللقطة. وينزل إنفاقه عليها منزلة إنفاقه لحاجة نفسه لما كان حفظًا لمال أخيه وإحسانًا إليه فلو علم المتصرف لحفظ مال أخيه أن نفقته تضيع وأن إحسانه يذهب باطلاً في حكم الشرع لما أقدم على ذلك، ولضاعت مصالح الناس ورغبوا عن حفظ أموال بعضهم بعضًا وتعطلت حقوق كثيرة وفسدت أموال عظيمة. ومعلوم أن شريعة بهرت العقول وفاقت كل شريعة واشتملت على كل مصلحة وعطلت كل مفسدة تأبى ذلك كل الإباء، وذكر أصولاً ثم قال: وإنما الشأن فيمن عمل في مال غيره عملاً بغير إذنه ليتوصل بذلك العمل إلى حقه أو فعله حفظًا لمال المالك وإحرازًا له من الضياع، فالصواب أنه يرجع عليه بأجرة عمله، وقد نص عليه أحمد في عدة مواضع منها إذا حصد زرعه في غيبته. ومنها: لو انكسرت سفينته فوقع متاعه في البحر فخلصه، فلو ترك ذلك لضاع والمؤمنون يرون قبيحًا أن يذهب عمل مثل هذا ضائعًا ومال هذا ضائعًا ويرون من أحسن الحسن أن يسلم مال هذا وينجح سعي هذا، انتهى. وكذا يجوز بيع نحو وديعة ولقطة ورهن خيف تلفه ويحفظ ثمنه لربه. فمن حصل بيده مال غيره وجب عليه حفظه فحيث كان يخشى تلفه ولم يكن مالكه حاضرًا يمكن إعلامه فيفعل ما فيه حظ من بيع أو غيره حسب ما يراه أنفع وهو الموافق للقواعد وللنظائر. ولو وقع حريق بدار فهدمها غير ربها بلا إذنه على النار خوف سريان

أو هدم قريبًا منها خوف تعديها وعتوها لم يضمن ذكرها ابن القيم في الطرق، ثم قال: وكذا لو رأى السيل يقصد الدار المؤجرة فبادر وهدم الحائط ليخرج السيل ولا يهدم الدار كان محسنًا ولا يضمن. والآبق وغيره من المال الضائع بيد آخذه أمانة إن تلف قبل التمكن من رده بغير تفريط ولا تعد فلا ضمان عليه؛ لأنه محسن بأخذه. ومن ادّعى الآبق أنه ملكه بلا بينة فصدقه الآبق المكلف أخذه؛ لأنه إذا استحق أخذه بوصفه إياه فتصديقه على أنه ملكه أولى، وأما قول الصغير فغير معتبر فإن لم يجد واجد الآبق سيده دفعه لنائب إمام فيحفظه لربه إلى أن يجده ولنائب إمام بيعه لمصلحة رآها في بيعه ويحفظ ثمنه لانتصابه. فلو قال سيده بعد أن باعه واجده كنت اعتقته قبل صدور البيع عمل به وبطل البيع؛ لأنه لا يجر به إلى نفسه نفعًا ولا يدفع عنها ضررًا ولم يصدر منه ما ينافيه وليس لواجد العبد بيعه ولا يملكه بعد تعريف؛ لأن العبد يتحفظ بنفسه فهو كضوال الإبل لكن جاز إلتقاطه؛ لأنه لا يؤمن لحاقه بدار حرب وإرتداده وإشتغاله بالفساد. وكل ما جاز أن يكون عوضًا في الإجارة جاز أن يكون عوضًا في الجعالة فيصح أن يجعل لعامل نفقة وكسوته كاستئجاره بذلك مفردًا أو مع دراهم مسمات وتزيد الجعال بجعل مجهول من مال حربي. وكل ما جاز عليه أخذ العوض في الإجارة من الأعمال جاز عليه أخذ العوض في الجعالة وما لا يجوز أخذ العوض عليه في الإجارة كالغنا والزمر وسائر المحرمات وتقدم نماذج منها في (ص190) لا يجوز أخذ الجعل عليها؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} .

س33: ما هي اللقطة؟ وإذا أخذ نعله أو متاعه وترك بدله فما الحكم؟ وما هي أقسام اللقطة؟ اذكرها بوضوح ممثلا لكل قسم من أقسامها مبينا ما يدخل في كل قسم وما يخرج منه، وإذا ترك إنسان دابة بمهلكة أو فلاة أو ألقى مال خوف غرق فما الحكم؟ وما هي أركان اللقطة؟ وما الأصل فيها؟ وإذا أخذ متاع إنسان أو ثيابه من حمام أو نحوه، وما الذي يحرم إلتقاطه؟ وما مثاله؟ وما الذي تضاعف قيمته على من التقطه؟ وماذا يعمل الإمام مما حصل بيده؟ وهل يؤخذ منه؟ وهل يعرفه؟ واذكر الدليل والخلاف والترجيح.

(33) اللقطة س33: ما هي اللقطة؟ وإذا أخذ نعله أو متاعه وترك بدله فما الحكم؟ وما هي أقسام اللقطة؟ اذكرها بوضوح ممثلاً لكل قسم من أقسامها مبينًا ما يدخل في كل قسم وما يخرج منه، وإذا ترك إنسان دابة بمهلكة أو فلاة أو ألقى مال خوف غرق فما الحكم؟ وما هي أركان اللقطة؟ وما الأصل فيها؟ وإذا أخذ متاع إنسان أو ثيابه من حمام أو نحوه، وما الذي يحرم إلتقاطه؟ وما مثاله؟ وما الذي تضاعف قيمته على من التقطه؟ وماذا يعمل الإمام مما حصل بيده؟ وهل يؤخذ منه؟ وهل يعرفه؟ واذكر الدليل والخلاف والترجيح. ج: اللقطة بضم اللام وفتح القاف، وحكى ابن مالك فيها أربع لغات: لقاطة، ولقطة بضم اللام وسكون القاف على وزن حزمة، ولقط بفتح اللام والقاف بلا هاء، ونظمها في بيت: لقاطة ولقطة ولقطه ... ولقط لاقط قد لقط وحكى عن الخليل اللقطة بضم اللام وفتح القاف كثير الإلتقاط، وحكى في «الشرح» اسم للملتقط؛ لأن ما جاء على فعلة فهو اسم للفاعل كالضحكة والصرعة والهمزة واللمزة واللقطة بسكون القاف الملقوط مثل الضحكة الذي يضحك. واللقطة عرفًا: مال أو مختص ضائع أو ما في معناه لغير حربي، فإن كان لحربي فلآخذه وهو ما معه كما لو ضل الحربي الطريق فأخذه إنسان فإنه يكون لآخذه. وأركانها ثلاثة: ملتقط، وملقوط والتقاط، والأصل في اللقطة ما روى زيد بن خالد الجهني قال: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لقطة الذهب والورق،

فقال: «أعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يومًا من الدهر فادفعها إليه» ، وسأله عن ضالة الإبل، فقال: «ملك ولها دعها، فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها» ، وسأله عن الشاة، فقال: «خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب» متفق عليه. والوكاء: الخيط الذي يشد به المال في الخاصة في الخرقة، والعفاص: الوعاء الذي هي فيه من خرقة أو قرطاس أو غيره، قال أبو عبيد: والأصل أنه الجلد الذي يلبس رأس القارورة. وقوله: «معها حذاؤها» يعني خفها؛ لأنه لقوته وصلابته يجري مجرى الحذاء، وسقاؤها: بطنها؛ لأنها تأخذ فيه كثيرًا فيبقى معها يمنعها العطش، والضالة: اسم للحيوان خاصة دون سائر اللقطة والجمع ضوال، ويقال لها أيضًا: الهوامي والهوامل قاله الشارح، فمن أخذ متاعه في نحو حمام من ثياب أو مداس ونحوه وترك ببناء الفعلين للمجهول بدله شيء متمول غير فالمتروك كلقطة نص عليه في رواية ابن القسم وابن بختان وجزم به في «الوجيز» وغيره. قال في «المغني» : ومن أخذت ثيابه من الحمام ووجد غيرها لم يأخذها فإن أخذها عرفها سنة ثم تصدق، إنما قال ذلك؛ لأن سارق الثياب لم يجر بينه وبين مالكها معاوضة تقتضي زوال ملكه عن ثيابه، فإذا أخذها فقد أخذ مال غيره ولا يعرف صاحبه فيعرفه كاللقطة، انتهى. ويأخذ المأخوذ متاعه حقه من المتروك بدل متاعه بعد تعريفه من غير رفع إلى حاكم، قال الموفق الشارح هذا أقرب إلى الرفق بالناس.

قال الحارثي: وهذا أقوى على أصل من يرى أن العقد لا يتوقف على اللفظ؛ لأن فيها نفعًا لمن سرقت ثيابه بحصول عوض عنها ونفعًا للآخر إن كان سارقًا بالتخفيف عنه من الإثم وحفظًا لهذه الثياب عن الضياع، فلو كانت الثياب المتروكة أكثر قيمة من المأخوذة كان كانت المتروكة تساوي مائة ريالاً والمأخوذة تساوي ثمانين ريالاً أخذ الثمانين؛ لأنها قيمة ثيابه والزائد عما يستحقه عشرون لم يرض صاحبها بتركها عما أخذه فيتصدق بالباقي الذي هو العشرون إن أحب أو يدفعها إلى الحاكم ليبرأ من عهدتها. وصوب في «الإنصاف» : وجوب التعريف إلا مع قرينة تقتضي السرقة بأن تكون ثيابه أو مداسه خيرًا من المتروكة وهي مما لا تشتبه على الآخذ ثيابه ومداسه؛ لأن التعريف إنما جعل في المال الضائع عن ربه ليعلم به ويأخذه وتارك هذه عالم بها راض ببدلها عوضًا عما أخذ ولا يعرف أنه له فلا يحصل من تعريفه فائدة، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. واللقطة ثلاثة أقسام: أحدها: ما لا تتبعه همة أوساط الناس ولا يهتمون في طلبه كسوط وهو ما يضرب به فوق القضيب ودون العصي يجمع على سياط، ومنه الحديث: «سياط كأذناب البقر» ، قال المنخل يصف موردًا: كان مزاحف الحيات فيه ... قبيل الصبح آثار السياط ومما لا تتبعه همة أوساط الناس شسع النعل أحد سيور النعل الذي يدخل بين الأصبعين، وفي الحديث: «إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمشي في نعل واحدة» . ومما لا تتبعه همة أوساط الناس الرغيف، ويقال له: خبزة وككسرة وتمرة وموزة قلبن ومثل ذلك قلم ناشف وقلم رصاص وفنجال شاهي أو مرمن التي يعتادها الناس الثمينة.

والميزان أوساط الناس لا الذي يهتم للشيء البسيط جدًا ولا الذي لا يهتم للشيء الثمين. فيملك ما لا تتبعه همة أوساط الناس بأخذه ويباح الإنتفاع به؛ لما روى جابر قال: رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العصى والسوط والحبل يلتقطه الرجل ينتفع به، رواه أبو داود وأحمد عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بتمرة في الطريق، فقال: «لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها» أخرجاه. ولا يلزم تعريفه؛ لأنه من المباحات والأفضل لواجده التصدق به ولا يلزمه بدل ما لا تتبعه همة إذا أتلف عند واجد. قال في «الشرح» : إذا التقطه إنسان وانتفع به وتلف فلا ضمان إن وجد ربه الذي سقط منه؛ لأن لاقطه ملكه بأخذه وإن كان ما التقطه مما لا تتبعه الهمة موجودًا أو وجد ربه لزم الملتقط دفع الملتقط له. وكالقول فيما تقدم في كون آخذه يملكه لو لقي كناس وهو المعروف الآن بالبلدي وبالذي يشيل الدمال وكنخال ومقلش قطعًا متفرقة من الفضة، فإنه يملكها بأخذها ولا يلزم تعريفها ولا بدلها إن وجد بدلها ولو كثرت؛ لأن تفرقها يدل على تغاير أربابها. ومن ترك دابة لا عبدًا أو متاعًا بمهلكة أو تركها ترك إياس لانقطاعها بعجزها عن المشي أو عجز مالكها عن علفها بأن لم يجد ما يعلفها فتركها ملكها آخذها؛ لحديث الشعبي مرفوعًا: «من وجد دابة قد عجز أهلها فسيبوها فأخذها فأحياها فهي له» قال أبو عبد الله محمد بن حميد بن عبد الرحمن، فقلت: يعني الشعبي من حدثك بهذا، قال: غير واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رواه أبو داود والدارقطني. وما ألقي في البحر مما في سفينة خوف غرق يملكه آخذه لا إلقاء صاحبه

له اختيارًا فأشبه المنبوذ رغبة عنه، وقيل: إن ما ألقي في البحر خوفًا من الغرق لا يملكه آخذه، والذي تميل إليه النفس القول الأول، وهو أنه باق على ملك أهله ولآخذه الأجرة، وهذا هو الأحوط، والله سبحانه وتعالى أعلم. القسم الثاني: الضوال جمع ضالة اسم للحيوان خاصة دون سائر اللقطة، ويقال لها: الهوامي والهوافي والهوامل وامتناعها إما لكبر جثتها كإبل وخيل وبقر وبغال وإما لسرعة عدوها كضباء وأما بطيرانها وأما بنابها كفهد معلم أو قابل للتعليم وإلا فليس بمال كما يعلم مما تقدم في البيع، وكفيل وزرافة ونعامة وقرد وهر وقن كبير. فهذا قسم غير القن الآبق يحرم التقاطه لما ورد عن زيد بن خالد الجهني، قال: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لقطة الذهب والورق، قال: «أعرف وكاءها وعفاصها ثم عرفها سنة، فإن لم تعرف فاستنفقها، ولتكن وديعة عندك، فإن جاء طالبها يومًا من الدهر فأدها إليه» ، وسأله عن الإبل، فقال: «ما لك ولها دعها فإن معها حذاءها وسقاءها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها» ، وسأله عن الشاة، فقال: «خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب» متفق عليه. وعن منذر بن جرير قال: كنت مع أبي جرير بالبواريح في السواد فراحت البقر، فرأى بقرة أنكرها، فقال: ما هذه البقرة؟ قالوا: بقرة لحقت بالبقر فأمر بها فطردت حتى توارت، ثم قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يأوي الضالة إلا ضال» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه. ولمالك في «الموطأ» عن ابن شهاب قال: كانت ضوال الإبل في زمن عمر بن الخطاب إبلاً مؤبلة تتناتج لا يمسكها أحد حتى إذا كان عثمان أمر بمعرفتها ثم تباع، فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها، وروي عن عمر: من أخذ

ضالة فهو ضال أي مخطئ. وكان ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في ضالة الإبل المكتومة بغرامتها ومثلها معها، وكان عمر - رضي الله عنه - يقول: من وجد بعيرًا وعرفه فلم يجد له مالكًا وضربه العلف والتعب في مؤنته فليذهب ويرسله حيث وجده ولأخذه، ولأن الأصل عدم جواز الالتقاط؛ لأنه مال غيره فكان الأصل عدم جواز أخذه كغير الضالة وإنما جاز الأخذ لحفظ المال على صاحبه، وإذا كان محفوظًا لم يجز أخذه، وأما الآبق فيجوز التقاطه صونًا عن الالتحاق بدار الحرب وإتداده وسعيه بالفساد. وأما الحمر فألحقها بعضهم فيما يمتنع من صغار السباع واعترضه الموفق -رحمه الله- بأنها لا تمتنع وألحقها بالشاة، وما قاله يؤيده الواقع، فإن الحمار لا يمتنع كالشاة، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ولا يملك ما حرم التقاطه بتعريف ولا يرجع بما أنفق لتعديه بالتقاطه؛ لعدم إذن المالك والشارع فيه أشبه الغاصب ولا فرق في ذلك بين زمن الأمن والفساد وبين الإمام وغيره. ولإمام ونائبه أخذه ليحفظه لربه لا على أن لقطة؛ لأن له نظرًا في حفظ مال الغائب، وفي أخذه على وجه الحفظ مصلحة لمالكها بصيانتها ولا يلزم الإمام أو نائبه تعريف ما أخذه منها ليحفظه لربه؛ لأن عمر لم يكن يعرف الضوال، ولأن ربها يجيء إلى موضع الضوال، فإذا عرفها أقام البينة عليها وأخذها. ولا يؤخذ من الإمام أو نائبه بوصف فلا يكتفي فيها بالصفة؛ لأن الضالة

كانت ظاهرة للناس حين كانت في يد مالكها فلا يختص بمعرفة صفاتها دون غيره فلم يكف ذلك، بل يؤخذ منه بينة؛ لأنه يمكنه إقامة البينة عليها لظهورها للناس ومعرفة خلطائه وجيرانه يملكه إياها. وما يحصل عند الإمام من الضوال فإنه يشهد عليها ويجعل عليها وسمًا بأنها ضالة لاحتمال تغيره ثم إن كان له حمى تركها ترعى فيها إن رأى ذلك. وإن رأى المصلحة في بيعها وحفظ ثمنها أو لم يكن له حمى باعها بعد أن يحلها ويحفظ صفاتها ويحفظ ثمنها لصاحبها، فإن ذلك أحفظ لها؛ لأن تركها يفضي إلى أن تأكل جميع ثمنها. وإن أخذها غير الإمام أو نائبه ضمنها؛ لأنه لا ولاية له على صاحبها. ويجوز التقاط صيود متوحشة بحيث لو تركت رجعت للصحراء بشرط عجز ربها عنها؛ لأن تركها إذن أضيع لها من سائر الأموال والمقصود حفظها لصاحبها في نفسها. ومثله على ما ذكره في «المغني» وغيره: لو وجد الضالة في أرض مسبعة يغلب على الظن أن الأسد يفترسها إن تركت أو قريبًا من دار الحرب يخاف عليها من أهلها أو بمحل يستحل أهله أموال المسلمين كوادي التيم أو برية لا ماء فيها ولا مرعى فالأولى جواز أخذها للحفظ ولا ضمان. ويسلمها إلى نائب الإمام ولا يملكها بالتعريف، قال الحارثي: وهو كما قال: قال في «الإنصاف» : قلت: لو قيل بوجوب أخذها والحالة هذه لكان له وجه، قاله في «شرح الإقناع» ، قال ناظم «المفردات» : وإن تقف بهيمة بمهلكة وربها يظنها في هلكة فآخذ يملك لا بالرد نقول فرق بينها والعبد

ولو كان القصد حفظها في نفسها لما جاز التقاط الأثمان، فإن الدينار دينار حيثما كان ولا يملكها بالتعريف؛ لأن الشرع لم يرد بذلك فيها. ولا يملكها آخذها بتعريف لما تقدم من أن يحفظها لربها فهو كالوديع وأحجار طواحين وقدور ضخمة وأخشاب كبيرة وأقلام مياه كبيرة ومكائن وأصياخ وكسيارة ودباب وصناديق ضخمة ودواليب كبيرة وأبواب ونحو ذلك كإبل فلا يجوز إلتقاطها؛ لأنها لا تكاد تضيع عن صاحبها ولا تبرح من مكانها فهي أولى بعدم التعرض من الضوال بالجملة للتلف إما بسبع أو جوع أو عطش ونحوه بخلاف هذه. وما حرم التقاطه ضمنه آخذه إن تلف أو نقص كغاصب ولو كان الإمام أو نائبه وآخذه على سبيل الحفظ؛ لأن التقاط ذلك غير مأذون فيه من الشارع. وإن تبع شيء من الضوال المذكور دوابه فطرده فلا ضمان عليه أو دخل شيء منها داره فأخرجه فلا ضمان عليه حيث لم يأخذه ولم تثبت يده عليه وإن التقط كلبًا فلا ضمان فيه؛ لأنه ليس بمال. ومن التقط ما لا يجوز إلتقاطه وكتمه عن ربه ثبت بينه أو إقرار فتلف فعليه قيمته مرتين؛ لحديث: «في الضالة المكتومة غرامتها ومثلها معها» قال أبو بكر في التنبيه: وهذا حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يُراد سواء كان الملتقط إمامًا أو غيره. ويزول ضمان ما حرم التقاطه ممن أخذه بدفعه للإمام أو نائبه؛ لأن للإمام نظرًا في ضوال الناس، فيقوم مقام المالك أو يرد المأخوذ من ذلك إلى مكانه الذي أخذه منه بأمر الإمام أو نائبه؛ لما روى الأثرم عن القضبي عن مالك، عن عمر أنه قال لرجل وجد بعيرًا: أرسله حيث وجدته؛ لأن أمره بردّه كأخذه منه.

وعلم مما تقدم أنه إن رده بغير إذن الإمام أو نائبه فتلف كان من ضمانه؛ لأنه أمانة حصلت في يده فلزمه حفظها فإذا ضيعها لزمه ضمانها كما لو ضيع الوديعة. القسم الثالث: ما يجوز التقاطه، ويملك بتعريفه المعتبر شرعًا، وهو ما عدا القسمين مما تتبعه همة أوساط الناس وما لا تتبعه، من نقد ومتاع كثياب وكتب وفرش وأوان وآلات حرف ونحوها وغنم وفُصلان بضم الفاء وكسرها جمع فصيل ولد الناقة إذا فصل عن أمه وعجاجيل جمع عجل ولد البقر وجحاش جمع جحش وهو ولد الأتان، وهي الأنثى من الحمر، قال زيد الخيل: أتاني أنهم مزقون عرضي ... جحاش الكرملين لهم فديد وأفلا جمع فلو بوز سحر وجرو وقدو وسمو وهو الجحش والمهر إذا فطما أو بلغ السنة والأوز والدجاج ونحوها، وقال الشيخ تقي الدين وغيره: لا يلتقط الطير والظباء ونحوها إذا أمكن صاحبها إدراكها، وأما إذا خيف عليها كما لو كانت بمهلكة أو في أرض مسبعة أو قريبًا من دار الحرب أو بموضع يستحل أهله أموال المسلمين أو ببرية لا ماء فيها ولا مرعى جاز أخذها. ولا ضمان على آخذها؛ لأنه إنقاذ لها من الهلاك حتى لو قيل بوجوب أخذها، والحالة هذه لكان متوجهًا، وكالخشبة الصغيرة وقطعة الحديد والنحاس والرصاص والكتب وقدر صغير وصحن وإبريق ودلة ومدخنة وما جرى مجرى ذلك والمريض من كبار الإبل والبقر ونحوهما كالصغير سواء وجد بمصر أو بمهلكة لم ينبذه ربه رغبة منه، فإن نبذه كذلك ملكه آخذه وتقدم في إحياء الموات.

وقن صغير وعكة دهن أو عسل أو تنكة دهن أو عسل أو جالون فيه ذلك أو جرة فيها عسل أو دهن أو الغرارة من الحب أو الكيس من الحب أو السكر أو صندوق شاي أو قطمة هيل أو صندوق هيل أو نحوه فيحرم على من لا يأمن نفسه عليها أخذ هذه اللقطة ونحوها لما فيه من تضييعها على ربها كإتلافها وكما لو نوى تملكها في الحال أو نوى كتمانها. وكذا عاجز عن تعريفها فليس له أخذها ولو بنية الأمانة؛ لأنه لا يحصل به المقصود من وصولها إلى ربها ويضمنها بأخذها من لا يأمن نفسه عليها إن تلفت فرط أو لم يفرط؛ لأنه أخذ مال غيره على وجه لا يجوز له أخذه؛ لأنه غير مأذون فيه أشبه الغاصب ولا يملك اللقطة ولو عرفها؛ لأن السبب المحرم لا يفيد الملك بدليل السرقة. فإن أخذها بنية الأمانة ثم طرأ له قصد الخيانة لم يضمن اللقطة إن تلفت بلا تفريط في الحول كما لو كان أودعها إياه وإن أمن نفسه على اللقطة وقوي على تعريفها فله أخذها وقيس عليه كل ما لا يمتنع بنفسه عن صغار السباع. قال في «التيسير نظم التحرير» : أنواعها في تسعة هنا ترد بقرية أو في فلاة متسع حل التقاطه وليعرفه سنة منه وإن لم يأته تملكه فالحيوان مطلقًا إذا وجد ومن صغار وحشه لم يمتنع فإن أتى ذو الملك يومًا مكنه لنفسه بصفة مملكه

س34: هل الأفضل أخذ اللقطة أم تركها؟ وما الحكم فيما إذا أخذها ثم ردها أو فرط فيها؟ وما الذي ينتفع به ولا يعرف؟ وبأي شيء يملك القن الصغير؟ وكم أقسام ما أبيح التقاطه ولم يملك به؟ وما الذي يلزم الملتقط نحوه؟ وهل يرجع بما أنفق عليه؟ ومن أين مؤنته؟ وما طريقة النداء على اللقطة؟ وما وقته؟ وأين مكانه؟ وإذا كانت ملتقطة في برية فما الحكم؟ وعلى من أجرة المنادي؟ وإذا أخر التعريف فما الحكم؟ وهل الخوف عذر في تأخير التعريف؟ وما حكم لقطة الحرم؟ وفيما إذا وجدت بدار حرب، أو ضاعت، أو كان الملتقط غنيا، أو ضاعت من واجدها، وما الدليل على ذلك؟ واذكر الخلاف والترجيح.

(34) الأفضل في حق من وجد لقطة وأقسام ما أبيح التقاطه ولم يملك وما يلزم الملتقط وصفة النداء على اللقطة ووقته ومكانه وحكم تأخير التعريف والمسنون في حق آخذها وحكم لقطة الحرم س34: هل الأفضل أخذ اللقطة أم تركها؟ وما الحكم فيما إذا أخذها ثم ردها أو فرط فيها؟ وما الذي ينتفع به ولا يعرف؟ وبأي شيء يملك القن الصغير؟ وكم أقسام ما أبيح التقاطه ولم يملك به؟ وما الذي يلزم الملتقط نحوه؟ وهل يرجع بما أنفق عليه؟ ومن أين مؤنته؟ وما طريقة النداء على اللقطة؟ وما وقته؟ وأين مكانه؟ وإذا كانت ملتقطة في برية فما الحكم؟ وعلى من أجرة المنادي؟ وإذا أخر التعريف فما الحكم؟ وهل الخوف عذر في تأخير التعريف؟ وما حكم لقطة الحرم؟ وفيما إذا وجدت بدار حرب، أو ضاعت، أو كان الملتقط غنيًا، أو ضاعت من واجدها، وما الدليل على ذلك؟ واذكر الخلاف والترجيح. ج: الأفضل لمن أمن نفسه على اللقطة وقوي على تعريفها تركها وعدم التعرض لها، قال أحمد: الأفضل ترك الالتقاط، وروي معناه عن ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنهما -: ولو وجدها بمضيعة، قاله في «المطلع» ؛ لأن في الإلتقاط تعريضًا بنفسه لأكل الحرام وتضييع الواجب من تعريفها وأداء الأمانة فيها فترك ذلك أولى وأسلم. قال ناظم «المفردات» : وعندنا الأفضل ترك اللقطة ... وإن يخف عاد عليها شططه وقال أبو حنيفة والشافعي: الإلتقاط أفضل؛ لأن من الواجب على المسلم حفظ مال أخيه، وقال مالك: كما قال أحمد الترك أفضل؛ لخبر: «ضالة المؤمن حرق النار» .

وقيل: واجب، وتأولوا الحديث على من أراد الانتفاع بها من أول الأمر قبل التعريف، والمراد ما عدا لقطة الحاج، فأجمعوا على أنه لا يجوز التقاطها، بل تترك مكانها لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك. والذي تميل إليه النفس قول أبي حنيفة والشافعي وهو أن الأفضل الإلتقاط لما ذكر، ولقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} والله سبحانه وتعالى أعلم. والأفضل مع وجود ربها عكسه وهو أن يتجنبها ولا يأخذها مع وجود ربها، قال في «المبدع» : وعند أبي الخطاب إن وجدها بمضيعة وأمن نفسه عليها فالأفضل أخذها لما فيه من الحفظ المطلوب شرعًا كتخليصه من الغرق ولا يجب أخذه؛ لأنه أمانة كالوديعة وخرج وجوبه إذًا؛ لأن حرمة مال المسلم كحرمة دمه، انتهى، والمذهب الأول والقول الثاني هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ومن أخذ اللقطة ثم ردها بلا إذن الإمام أو نائبه إلى موضعها حرم وضمنها، وكذا لو فرط فيها وتلفت حرم وضمنها؛ لأنها أمانة حصلت في يده فلزمه حفظها كسائر الأمانات وتركها والتفريط فيها تضييع لها، وقال مالك: لا ضمان على من أخذها ثم ردها إلى موضعها؛ لأنه روي عن عمر أنه قال لرجل وجد بعيرًا: «أرسله حيث وجدته» رواه الأثرم، ولما روي عن جرير بن عبد الله أنه رأى في بقرة بقرة قد لحقت بها فأمر بها فطردت حتى توارت، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، وحديث عمر في الضالة التي لا يحل أخذها، فإذا أخذها احتمل أن له ردها إلى مكانها ولا ضمان عليه لهذه الآثار، ولأنه ك ان واجبًا عليه تركها ابتداء فكان له ذلك بعد أخذه، وحديث جرير لا حجة فيه؛ لأنه لم يأخذ البقرة ولا أخذها غلامه، إنما لحقت بالبقر من غير فعله ولا اختياره ولذلك يلزمه ضمانًا

إذا فرط فيها؛ لأنها أمانة، والله أعلم. وإن ردها بأمر الإمام أو نائبه بذلك فإنه لا يضمن بلا نزاع؛ لأن للإمام نظرًا في المال الذي لا يعلم مالكه، وكذا لو التقطها ودفعها للإمام أو نائبه ولو كان مما لا يجوز التقاطه، وينتفع بمباح من كلاب ولا تعرف. ويملك قن صغير بتعريف كسائر الأموال والأثمان صححه في «الإنصاف» ، وجزم به في «الرعاية» و «الوجيز» ، قال الحارثي: وصغار الرقيق مطلقًا يجوز التقاطه ذكره القاضي واقتصر على ذلك. وقيل: يجوز التقاط القن الصغير ذكرًا كان أو أنثى ولا يملك بالالتقاط، انتهى. والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. فإن التقط صغيرًا وجهل رقه وحريته فهو حر لقيط، قال الموفق: لأن اللقيط محكوم على حريته؛ لأن الأصل على ما يأتي في اللقيط. وما أبيح التقاطه ولم يملك به وهو القسم الثالث من أقسام اللقطة ثلاثة أقسام، الأول: الحيوان المأكول كالفصيل والشاة والدجاجة ونحوها فيلزم الملتقط نحو هذا فعل الأصح أما أكله بقيمته في الحال؛ لما في الحديث من قوله - صلى الله عليه وسلم - حين سُئل عن لقطة الشاة: «هي لك أو لأخيك أو للذئب» فجعلها له في الحال؛ لأنه سوَّى بينه وبين الذئب، والذئب لا يتأنى بأكلها، ولأن في كل الحيوان في الحال إغناء عن الإنفاق عليه وحراسة لماليته على صاحبه إذا جاء. قال ناظم «المفردات» : والشاة في الحال ولو في المصر ... تملك بالضمان إن لم يبر وقال مالك وأبو عبيد وابن المنذر وأصحاب الشافعي: ليس له أكلها في المصر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «هي لك أو لأخيك أو للذئب» ولا يكون

الذئب في المصر، ولأنه يمكنه بيعها بخلاف الصحراء، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ومتى أراد أكله حفظ صفته فمتى جاء صاحبه فوصفه غرم له قيمته بكمالها، وإن شاء الملتقط لهذا القسم باع الحيوان وحفظ ثمنه؛ لأنه إذا جاز أكله فبيعه أولى وللملتقط أن يتولى ذلك بنفسه ولا يحتاج إلى إذن الإمام في أكله أو بيعه. وإن شاء حفظ الحيوان وأنفق عليه من ماله؛ لما في ذلك من حفظه على مالكه، فإن تركه بلا إنفاق عليه فتلف ضمنه؛ لأنه مفرط. وليس للملتقط أن يتملك الحيوان ولو بثمن المثل كولي اليتيم. ويرجع الملتقط بما أنفق على الحيوان ما لم يتعد بأن التقطه لا ليعرفه أو بنية تملكه في الحال. ويرجع إن نوى الرجوع بما أنفق على مالك الحيوان إن وجده كالوديعة قضى به عمر بن عبد العزيز. فإن استوت الأمور الثلاثة بأن لم يترجح عنده الأحظ منها خير؛ لأنها كلها جائزة ولعدم ظهور الأحظ. القسم الثاني: ما التقط مما يخشى فساده بتبقيته كالبطيخ والطماطم والعنب والموز والرمان والتفاح والبرتقال والمشمش وسائر الخضروات والفاكهة فيلزم الملتقط فعل الأحظ، أما أن يبيعه بقيمته ويحفظ ثمنه بلا إذن حاكم وإن شاء أكله بقيمته قياسًا على الشاة؛ لأن في كل منها حفظًا لماليته على مالكه ويحفظ صفاته في المسألتين. ومتى جاء صاحبه فوصفه دفع له ثمنه أو قيمته. وإن شاء جفف ما يجفف كعنب وتمر ونحوهما؛ لأن ذلك أمانة

في يده وفعل الأحظ في الأمانات متعين. وإن احتاج في تجفيفه إلى مؤنة فمؤنته منه فيباع بعضه لتجفيفه؛ لأنه من مصلحته فإن أنفق من ماله رجع، وقيل: ليس له الرجوع. والذي تميل إليه النفس أنه إن كان بإذن حاكم أو أنفق غير متطوع بالنفقة أن له الرجوع، والله سبحانه وتعالى أعلم. قال في «التيسير نظم التحرير» : وثالث الأنواع ما منه فسد ... نحو الطعام فليخير من وجد في أكله بقيمة لربه ... أو بيعه وحفظ اشترى به وقال العمريطي: وقسمت لأربعة أقسام ... أولها يبقى على الدوام من النقود والثياب والورق ... ونحوها فالحكم فيه ما سبق والثاني لا يبقى على الدوام ... بحالة كالرطب من طعام فإن يشا فالأكل مع غرم البدل ... أو بيعها مع حفظ ما منه حصل ثالثها يبقى ولكن مع تعب ... كالتمر في تجفيفه وكالعنب فبيعه رطبًا أو التجفيف ... وبعد ذاك يلزم التعريف رابعها ما احتاج ما لا يصرف ... كالحيوان مطلقًا إذ يعلف فأخذه يجوز بالتخيير ... للشخص في ثلاثة الأمور أكل وبيع ثم حفظ للثمن ... والترك لكن أن يسامح بالمون القسم الثالث: باقي المال وهو ما عدا القسمين المذكورين من المال كالأثمان والمتاع ونحوهما ويلزم الملتقط حفظ الجميع من حيوان وغيره؛ لأنه صار أمانة في يده في التقاطه ويلزم تعريفه سواء أراد الملتقط تملكه أو حفظه لصاحبه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به زيد بن خالد وأبي بن كعب

ولم يفرق، ولأن حفظها لصاحبها إنما يفيد بوصولها إليه، ما يتلف إذ التقط وإن وجد خمرًا أراقها. وإن وجد دخانًا أحرقه وإن وجد تلفزيونًا أو سينما أتلفهما لتحريمها، وإن وجد مذياعًا أتلفه. وإن وجد صورًا مجسدة أو غير مجسدة من صور ذوات الأرواح أحرقها أو مزقها، وكذا إن وجد كاميرا وهي الآلة التي يصور بها فيتلفها. وإن وجد بكما أو اسطوانات أغاني أتلفها، وكذا إن وجد تسجيل أغاني محرمة. وإن وجد مجلات خليعة أو كتب بدع أو كتبًا تحتوي على صور ذوات الأرواح أتلفها. وإن وجد الورقة التي يلعب بها أتلفها؛ لأن كل هذه من المحرمات الملهيات القاتلات للأوقات. وإن وجد الشيش المعدة لشرب الدخان أتلفها. وإن التقط دف صنوج أو آلة تنجيم أو آلة سحر أتلفهما. ولا غرم في جميع ما تقدم؛ لعدم إباحتها وإن التقط رؤوسًا صناعية أتلفها. وإن التقط طفايات الدخان أتلفها وجميع الملاهي وآلات الفساد لتحريمها، ولأن في التعريف لها نشر للفساد وفي إيصالها لأصحابها إعانة لأهل المعاصي، والله تعالى يقول: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} . وطريقة التعريف على اللقطة النداء عليها بنفسه أو نائبه؛ لأن إمساكها من غير تعريف تضييع لها عن صاحبها فلم يجز، ولأنه لو لم يجب التعريف لما جاز الإلتقاط؛ لأن بقاءها في مكانها إذًا أقرب إلى صاحبها إما بأن يطلبها في الموضع الذي ضاعت فيه فيجدها، وإما بأن يجدها من يعرفها

وأخذه لها يفوت الأمرين فيحرم فلما جاز الإلتقاط وجب التعريف كيلا يحصل الضرر ويعرفها فورًا لظاهر الأمر إذ مقتضاه الفور، ولأن صاحبها يطلبها عقب ضياعها، فإذا عرفت إذًا كان أقرب إلى وصولها إليه وتعريفها يكون نهارًا؛ لأن النهار مجمع الناس وملتقاهم أول كل يوم قبل انشغالهم بمعاشهم أسبوعًا؛ لان الطلب فيه أكثر، ولأن توالي طلب صاحبها لها في كل يوم باعتبار غالب الناس أسبوعًا ثم مرة في كل أسبوع من شهر ثم مرة في كل شهر، وقيل: على العادة بالنداء، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب، قال في «الإنصاف» : وهو الصواب، ويكون على الفور. اهـ. وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ومدة التعريف حول كامل من وقت التقاطه روي عن عمرو وعلي وابن عباس؛ لحديث زيد بن خالد، فإنه - عليه الصلاة والسلام - أمره بعام؛ لأن السنة لا تتأخر عنها القوافل ويمضي فيها الزمان الذي تقصد فيه البلاد من الحر والبرد والإعتدال فصلحت قدرًا كمدة أجل العنين. وصفة التعريف بأن ينادي من ضاع منه شيء أو من ضاع منه نفقة ولا يصفها؛ لأنه لا يؤمن أن يدعيها بعض من سمع صفتها فتضيع على مالكها. ويكون مكان النداء بمجامع الناس غير المساجد، فلا تعرف فيها، بل في السوق عند اجتماع الناس في الأسواق وحمام وباب مسجد وعند أبواب المعاهد والجوامع والمدارس والثانويات والمتوسطات ونحو ذلك وقت صلاة؛ لأن المقصود إشاعة ذكرها، ويحصل ذلك عند اجتماع الناس للصلاة. وكره النداء عليها في المسجد. وقيل: يحرم النداء عليها في المسجد؛ لما روى جابر، قال: سمع رسول الله

- صلى الله عليه وسلم - رجلاً ينشد ضالة في المسجد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا وجدت» . وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سمع رجلاً ينشد في المسجد ضالة، فليقل: لا أداها الله إليك، فإن المساجد لم تبن لهذا» . وعن بريدة أن رجلاً نشد ضالة في المسجد، فقال: من دعا إلى الجمل الأحمر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا وجدت إنما بنيت المساجد لما بنيت له» ، وقد ورد النهي عن رفع الصوت في المسجد، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ويكثر تعريف اللقطة في موضع وجدت فيه؛ لأن مظنة طلبها ويكثر تعريفها في الوقت الذي يلي التقاطها؛ لأن صاحبها يطلبها عقب ضياعها فالإكثار منه إذن أقرب إلى وصولها إليه. قال في «نهاية التدريب» : ويلزم التعريف قدر عام بالعرف لا في سائر الأيام بموضع الوجدان والمجامع كالطرق والأسواق والجوامع وإن وجد لقطه في طريق غير مأتي فقيل لقطة، واختار الشيخ تقي الدين أنه كالركاز، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس؛ لأنه أحوط، والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن التقطها بصحراء عرفها بأقرب البلاد إلى الصحراء التي وجدت فيها اللقطة؛ لأنها مظنة طلبها، وإن كان لا يرجى وجود رب اللقطة لم يجب تعرفها نظرًا إلى أنه كان كالعبث، وقيل: يجب تعريفها، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس؛ لأن أحوط والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن كانت دراهم أو دنانير ليست بصرة ولا نحوها، فقيل: يملكها بلا

تعريف، وقيل: أنه يجب النداء عليها، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس؛ لأنه أحوط، والله سبحانه وتعالى أعلم. وأجرة مناد على ملتقط؛ لأنه سبب في العمل فكانت الأجرة عليه كما لو اكترى شخصًا يقلع له مباحًا، ولأنه لو عرفها بنفسه لم يكن له عليه أجرة، فكذلك إذا استأجر عليه ولا يرجع بأجرة المنادي على رب اللقطة ولو قصد حفظها لمالكها؛ لأن التعريف واجب على الملتقط. وقيل: ما لا يملك بالتعريف والذي يقصد حفظه لمالكه يرجع عليه بالأجرة. وقيل: إن الأجرة من نفس اللقطة والقول الثاني هو الذي تميل إليه النفس والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن أخر التعريف عن الحول الأول أثم وسقط أو أخره بعض الحول الأول لغير عذر أثم الملتقط بتأخيره التعريف لوجوبه فورًا وسقط التعريف؛ لأن حكمة التعريف لا تحصل بعد الحول الأول، فإذا تركه في بعض الحول عرف بقيته فقط ولم يملكها بالتعريف بعد حول التعريف؛ لأن شرط الملك التعريف فيه ولم يوجد، ولأن الظاهر أن التعريف بعد الحول لا فائدة فيه؛ لأن ربها بعده يسلو عنها ويترك طلبها. وقيل: لا يسقط التعريف بتأخيره؛ لأنه واجب فلا يسقط بالتأخير عن الوقت الذي هو الحول الأول كالعبادات وسائر الواجبات، ولأن التعريف بالحول الثاني يحصل به المقصود على نوع من القصور فيجب الإتيان به؛ لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» ، فعلى هذا إن أخر التعريف نصف الحول أتى بالتعريف في بقيته وكمله من الحول الثاني، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس

وهو الأحوط، والله سبحانه وتعالى أعلم. وليس خوف الملتقط من سلطان جائر أن يأخذها منه عذر في ترك تعريفها، فإن أخر التعريف لذلك الخوف لم يملكها إلا بعد التعريف فمتى وجد أمنًا عرفها حولاً وملكها فيؤخذ منها أن تأخير التعريف للعذر لا يؤثر. وكذا إذا ترك تعريفها في الحول الأول لعذر كمرض أو حبس ثم زال عذر نحو مرض وحبس ونسيان فعرفها بعد، فإنه يملكها بتعريفها حولاً بعد زوال العذر؛ لأنه لم يؤخر التعريف عن وقت إمكانه فأشبه ما لو عرفها في الحول الأول. ومن وجد لقطة وعرفها حولاً فلم تعرف فيه وهي مما يجوز التقاطه دخلت في ملكه؛ لقوله - عليه الصلاة السلام - في حديث زيد بن خالد: «فإن لم تعرف فاستنفقها» ، وفي لفظ: «وإلا فهي كسبيل مالك» ، وفي لفظ: «ثم كلها» ، وفي لفظ: «فانتفع بها» ، وفي لفظ: «فشأنك بها» وتدخل في ملك الملتقط حكمًا كالميراث ملكًا مراعًا يزول بمجيء صاحبها. ولو كانت اللقطة عرضًا أو حيوانًا فتملك كالأثمان؛ لعموم الأحاديث التي في اللقطة جميعها، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عن اللقطة، فقال: «عرفها سنة» ثم قال في آخره: «فانتفع بها أو فشأنك بها» ، وقيل: لا يملك إلا الأثمان، قال ناظم «المفردات» : ملتقط الأثمان مذ عرفها ... حولاً فقهرًا ذا الغنى يملكها والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وأما لقطة الحرم، فقيل: إنها كغيرها تملك بالتعريف حكمًا؛ لأنه أحد الحرمين فأشبه حرم المدينة، ولأنها أمانة فلم يختلف حكمها بالحل والحرم كالوديعة وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وعائشة وابن المسيب، وهو

مذهب مالك وأبي حنيفة، وروي عن أحمد رواية أخرى أنه لا يجوز التقاط لقطة الحرم للتملك، وإنما يجوز حفظها لصاحبها، فإن التقطها عرفها أبدًا حتى يأتي صاحبها وهو قول عبد الرحمن بن مهدي، وأبي عبيد، وعن الشافعي كالمذهبين. واحتج لهذا القول بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة: «لا تحل ساقطتها إلا لمنشد» متفق عليه، وقال أبو عبيد: المنشد المعرف، والناشد الطالب، وينشد: إصاخة الناشد للمنشد فيكون معناه لا تحل لقطة مكة إلا لمن يعرفها؛ لأنها خصصت بهذا من سائر البلدان، كما أنها باينت غيرها في تحريم صيدها وشجرها وتغليظًا لحرمتها، ولأن مكة لا يعود الخارج منها غالبًا إلا بعد حول أو أكثر إن عاد فلم ينتشر إنشادها في البلاد كلها، فلذلك وجب عليه مداومة تعريفها ولا فرق بين مكة وبين سائر الحرم لاستواء جميع ذلك في الحرمة. وعن عبد الرحمن بن عثمان التيمي - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لقطة الحاج، رواه مسلم. قال ابن وهب: يعني يتركها حتى يجدها ربها، رواه أبو داود أيضًا، وأجاب أهل القول الأول عن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إلا لمنشد» بأنه يحتمل أن يريد إلا لمن عرفها عامًا، وتخصيصها بذلك لتأكدها لا لتخصيصها، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ضالة المسلم حرق النار» . والقول الذي تطمئن إليه النفس قول من قال: إن لقطة الحرم لا تملك، وهو اختيار الشيخ وغيره من المتأخرين، والله سبحانه وتعالى أعلم. قال في «التيسير نظم التحرير» : ورابع الأنواع لقطة الحرم تعريفها على الدوام ملتزم

فليلتقط للحفظ أو ليترك ولا يجوز الأخذ للتملك وإن كان الملتقط وجد اللقطة بالجيش الذي هو معه فيبدأ بتعريفها في الجيش الذي هو فيه لاحتمال أن تكون لأحدهم، فإذا قفل أتم التعريف في دار الإسلام، فإذا لم تعرف ملكها كما يملكها في دار الإسلام، هذا إذا اشتبهت عليه وأما إذا ظن أنها من أموالهم فهي غنيمة له لا تحتاج إلى تعريف؛ لأن الظاهر أنها من أموالهم وأموالهم غنيمة. قال في «الإنصاف» : قلت: وهذا هو الصواب، وكيف يعرف ذلك؟ وقيل: إن وجد لقطة بدار حرب وهو في الجيش عرفها سنة ابتدأ في الجيش وبقيتها في دار الإسلام ثم وضعها في المغنم، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن كانت من متاع المشركين فيجعلها في الغنيمة، وإن شك فيها عرفها حولاً وجعلها في الغنيمة؛ لأنه وصل إليها بإرادة الله بقوة الجيش. وإن دخل إلى دار حرب متلصصًا عرفها ثم هي كغنيمة ويحتمل أن تكون غنيمة له من غير تعريف، كما قاله الموفق، قال في «الإنصاف» : عن الإحتمال، قلت: وهو الصواب، وكيف يعرف ذلك؟ انتهى. وتدخل في ملك الغني كالفقير؛ لأنها كالميراث ولا فرق في ذلك بين الغني والفقر والمسلم والكافر والعدل والفاسق. وإن ضاعت اللقطة من واجدها بلا تفريط فالتقطها آخر فعرفها الملتقط الثاني مع علمه بالملتقط الأول ولم يعلم الثاني الأول باللقطة أو أعلم الثاني الأول وعرفها الثاني وقصد بتعريفها تملكها لنفسه فتدخل في ملك الثاني حكمًا بانقضاء الحول الذي عرفها فيه كما لو أذن له الأول أن يتملكها لنفسه؛ لأن سبب الملك وجد منه، والأول لم يملكها ولم يوجد منه

تعريف لا بنفسه ولا بنائبه، والتعريف هو سبب الملك والحكم ينتفي لانتفاء سببه. فإن لم يعلم الملتقط الثاني بالملتقط الأول حتى عرفها حولاً كاملاً ملكها الثاني لعدم تعديه إذًا وليس للأول إنتزاعها منه؛ لأن الملك مقدم على حق التملك، وإذا جاء رب اللقطة أخذها من الثاني ولا يطالب الأول؛ لأنه لم يفرط وإن علم الثاني بالأول ردها للأول، فإن أبى الأول أخذها فهي للثاني؛ لأن الأول ترك حقه فسقط. وإن قال الأول للثاني عرف اللقطة ويكون ملكها لي فعرفها الثاني فهو نائبه في التعريف ويملكها الأول؛ لأنه وكله في التعريف فصح كما لو كانت بيد الأول، وإن قال: عرفها وتكون بيننا، ففعل صح، وكانت بينهما؛ لأنه أسقط حقه من نصفها ووكله في الباقي. وإن رأى لقطة أو لقيطًا وسبقه آخر إلى أخذه أو أخذها فللآخذ، فإن أمر أحدهما صاحبه بالأخذ فأخذ ونواه لنفسه فهي له، وإلا فللآمر إن صحح التوكيل في الإلتقاط والفرق بين الإلتقاط والإصطياد أن الإلتقاط يشتمل على أمانة واكتساب بخلاف الإصطياد ونحوه، فإنه محض اكتساب. وإن غصبها غاصب من الملتقط وعرفها أو لم يعرفها لم يملكها؛ لأنه متعد بأخذها ولم يوجد منه سبب تملكها، فإن الإلتقاط من جملة السبب ولم يوجد منه بخلاف ما لو التقطها إثنان، فإنه وجد منه الإلتقاط وإن التقطها إثنان فعرفاها حولاً كاملاً ملكاها جميعًا. وهل تدخل اللقطة في ملك الملتقط بعد مضي حول التعريف قهرًا عليه إلا أن يختار أن تكون أمانة أو أنه يملكها بعد مضي الحول باختيار التملك، فإن لم يختر التملك لم يملك، وعلى هذا القول، فإن اختار أحدهما دون الآخر

ملك المختار نصفها دون الآخر. ومغصوب مال أن يضع فهو لقطة ثلاثة أقسام يسير مزهد كسوط وشسع والرغيف وتمرة فيملك مجانًا بغير تنشد فإن كان مما يرغب الناس عنه أن تجد ربه فاردده عندي فقلد ولم يقض بالرجعى لمالك سنبل الحصيد وأثمار الجذاذ المبدد ومحتمل ألا تعرف لقطة إذا كان هذا الموجب القطع لليد وعن أحمد قد جاء تعريف درهم ودانق عين قيل عن ذكره حد ومن يلتقط مالاً كثيرًا مفرقًا يظن لقوم فاعتبر كل مفرد وذات امتناع من صغار سباعها بأنفسها من يلتقطها فمعتدي بتعظيمها أو عدوها أو مطارها أو الناب والشيء الثقيل كذا اعدد وكالإبل الأبقار عند إمامنا وأتن لضعف كالشياه بأجود وإن خيف من مملوك صيد توحشا يكن لقطة في الحكم للمتصيد

وزن قيمتي ممنوع تاو كتمته ويبريك أن تدفعه للحاكم اليد وما ردها فيء في الأقوى ولا ترد لشهوة ذي بالوصف لكن بشهد وآخذها غير الإمام لحفظها ضمين سوى الخاشي عليها التوى قد وغير الذي سقنا يجوز التقاطه وتركه أولى على المتوطد وقال أبو الخطاب إن كان واجدًا بمضيعة فالأخذ أولى لمنشد وإن لم يثق من نفسه بأمانة ولا حسن تعريف كالغاصب أعدد وقيل أن يعرفها هنا صار مالكًا كأخذ الكلا من أرض شخص مصدد ويضمن بالتفريط أهل التقاطها ولو ردها في موضع الأخذ يعتدي وواجدها إن ضاعت من الحرز مثل ذا وإن يذره يلزم عطاها لمبتدي وإلا ليملكها بتعريفها له كذا إن يدر في الأردا وإن شركا طد وما وجد الصياد أو من يبيعه بحوت ولم يملك فللمتصيد وإن يلق ذي في نحو شاة أو التقى به أثر ملك فهو لقطة منشد

وفي ساحل البحران تجد نحو عنبر بلا أثر ملك فهو ملك لوجد ويملك صيدًا في شباك عدا بها فلم يتعوق والشباك لينشد وللناضب الآلات ما كان مثبتًا بها وكذا ما كان ملكًا لذي يد وفاقد نعل أو ثياب بمغسل وجد دونها ما لم يشابه بمركد فعنه تصدق به تعريفها بها وقيل لذي المفقود حلل وجود وقيل بل ادفعها لقاض يبيعها ويقضيك لكن إن تزد لا تزيد وإن يقترن منب بغلظة آخذ تعرف وفيها بعد الأوجه أسند وإن نازع السكان في الدار مالكًا على الدفن فيها يعط واصفه قد وكالشاة والفصلان والعجل جائز الالتقاط في الأولى مع تخير وجد على أكله في الحال أو بيعه أو احتياط عليه إن أبى ربه أردد وقولان في استرجاع إنفاق مشهد نوى العود واللذ ما نوى العود فاصدد وما كان كالبطيخ يخشى فساده فكل ثم بع واضمنه إن تبق يفسد

وفي مذهب الجوزي عرفه دائمًا إلى خشية الإتلاف فاختر كما ابتدي وما كان من شيء بجف فكلما لصاحبه كان الأحظ ليقصد وقيمة مأكول عليك بأكله وعز لكها لم تبر منها بل أنقد فإن شئت تجفيفًا وأنفقت فارتجع وإن بعت منه ثم أنفقت تحمد وعنه يباع النزر من غير ذي بقا وما كثر أرفعه لقاض مقلد وغير الذي قدمت يلزم حفظه وتعريف غير التافه المتبدد عقيب التقاط الكل حولاً متابعًا نهارًا بأرض الإلتقاط بمحشد ويكثر من تعريفها وقت أخذها وما بعد الأسبوع التوالي بموطد وواجبه ما لا يعد بفعله الفتى مهملاً في العرف دون تقيد فإن أخر التعريف في الحول كله وجب بعدو المنصوص إسقاطه أشهد ووجهين في تأخير تعريف عاجز عن الحول هل يعطى به بعد أسند وقد قيل لا تعريف للشاة مطلقًا لا طلاقة في الأخذ لما يقيد

وليس بمجد ملكها بعد ذلكم وقولان في حفظ لها والتجود وسيان ناوي حفظها وتملك ولو نزرت في الحل والحرم أطد وإن عرفت فالأجر خذ من معرف ولم يعد في كل مال بأوطد وقال أبو الخطاب أجرة ما نوى به حفظه أو ليس يملك فأردد ويذكر جنس في الندا دون وصفها ويملك لا بالقصد بعد بأجود ولا فرق بين العروض وغيرها في الأولى لدى الإرشاد والشيخ قلد وعن أحمد لا ملك في لقطة أتى وعنه لى ملكًا له ذي تأيد وعن أحمد الأثمان يملكها فقط وكالشاة في الأولى وذا القول أكد وقولان فيما ليس يملك هل له التصدق مضمونًا عليه فأسند وعن أحمد لا ملك في حرم إلا لملتقط إن حاز دون تقيد

س35: تكلم بوضوح عن حكم التصرف في اللقطة، ومتى يكون؟ وما الذي يسن نحوها؟ وما حكم الإشهاد على صفتها؟ وهل تدفع بلا وصف ولمن نماء اللقطة؟ ومتى تعتبر قيمتها؟ وإذا وصفها إثنان أو تلفت أو أدركها صاحبها مبيعة أو موهوبة أو احتاجت إلى مؤنة، أو قال رب اللقطة للملتقط بعد تلفها بيد الملتقط أخذتها لتذهب بها لا لتعرفها، وقال: بل لأعرفها أو استيقظ فوجد بثوبه أو كيسه مالا أو وجد في حيوان نقدا أو في سيارة أو في طيارة أو في قطار أو سمكة درة أو عنبرة بساحل أو ادعى ما بيد لص أو ناهب أو قاطع طريق أنه له فما الحكم؟ وهل هنا فرق بين المعرفين للقطة؟ وما حكم التقاط القن والمدبر والمكاتب والمبعض؟ واذكر ما يتعلق بذلك من محترزات وأمثلة وتفاصيل وقيود وأدلة وتعليلات وخلاف وترجيح.

(35) التصرف باللقطة وما يسنّ نحوها وإذا وجدها في مركوبة أو في سمكة أو دعى ما بيد لص أو نحوه ونمائها وإذا وصفها إثنان أو تلفت أو وجدها مبيعة إلخ س35: تكلم بوضوح عن حكم التصرف في اللقطة، ومتى يكون؟ وما الذي يسنّ نحوها؟ وما حكم الإشهاد على صفتها؟ وهل تدفع بلا وصف ولمن نماء اللقطة؟ ومتى تعتبر قيمتها؟ وإذا وصفها إثنان أو تلفت أو أدركها صاحبها مبيعة أو موهوبة أو احتاجت إلى مؤنة، أو قال رب اللقطة للملتقط بعد تلفها بيد الملتقط أخذتها لتذهب بها لا لتعرفها، وقال: بل لأعرفها أو استيقظ فوجد بثوبه أو كيسه مالاً أو وجد في حيوان نقدًا أو في سيارة أو في طيارة أو في قطار أو سمكة درة أو عنبرة بساحل أو ادّعى ما بيد لص أو ناهب أو قاطع طريق أنه له فما الحكم؟ وهل هنا فرق بين المعرفين للقطة؟ وما حكم التقاط القن والمدبر والمكاتب والمبعض؟ واذكر ما يتعلق بذلك من محترزات وأمثلة وتفاصيل وقيود وأدلة وتعليلات وخلاف وترجيح. ج: يحرم تصرف الملتقط في اللقطة بعد تعريفها حولاً ولو بخلط بما لا تتميز منه حتى يعرف وعاءها وهو كيسها من جلد أو خرق أو باغة أو صوف أو وبر أو حديد أو قدر أو زق أو زجاج أو ورق ونحو ذلك وحتى يعرف وكاءها وهو ما يشد به الكيس والزق، هل هو من سير أو خيط أبريسم أو كتان أو قطن أو لون البوك أحمر أو أسود أو أخضر أو أصفر أو خياطته كذا أو حجمه كذا أو عدد ما فيه أو ألوان ما فيه وحتى يعرف قدرها بمعيارها الشرعي من كيل أو وزن أو عد أو ذرع ويعرف جنسها وصفتها التي تتميز بها. وهي نوعها؛ لحديث زيد وفيه: «فإن جاء صاحبها فعرف عفاصها وعددها

ووكاءها فأعطها إياه، وإلا فهي لك» رواه مسلم، وفي حديث أُبي بن كعب فيه: «عدلها ووعاءها ووكاءها وأخلطها بما لك، فإن جاء ربها فأدها إليه» لأن دفعها إلى ربها يجب بوصفها. وإذا تصرف بها قبل معرفة صفتها لم يبق سبيل إلى معرفة وصفها بإنعدامها بالتصرف، ولأنه حيث وجب دفعها إلى ربها بوصفها فلابد من معرفته؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وسن أن يعرف وكاءها ووعاءها وعفاصها وجنسها وقدرها وصفتها عند وجدانها؛ لأن فيه تحصيلاً للعلم بذلك، قال في «نهاية التدريب» : والشخص إن يظفر بمال ضائع بموضع كمسجد وشارع فلقطة لواثق بنفسه أولى وغير واثق بعكسه وليعرف الملتقط الوعاء والجنس والمقدار والوكاء وسن له أيضًا عند وجدانها إشهاد عدلين، قال أحمد: لا أحب أن يمسها حتى يشهد عليها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من وجد لقطة فليشهد ذا عدل أو ذوي عدل» رواه أبو داود، ولم يأمر به زيد بن خالد وأبي بن كعب، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة فتعين حمله على الندب وكالوديعة. وفائدة الإشهاد حفظها من نفسه عن أن يطمع فيها ومن ورثته إن مات وغرمائه إن أفلس ولا يسن الإشهاد على صفتها لئلا ينتشر ذلك فيدعيها من لا يستحقها ويذكر صفتها كما قلنا في التعريف من الجنس والنوع ويستحب أن يكتب صفتها ليكون أثبت لها مخافة أن ينساها إن اقتصر على حفظها، فإن الإنسان عرضة للنسيان، كما قيل: وما سمي الإنسان إلا لنسيه ... ولا القلب إلا أنه يتقلب صورته: ما إذا التقط رجل مالاً وخاف على نفسه الموت أقر فلان أنه في

الوقت الفلاني مر في المكان الفلاني فوجد بوكًا أو شنطة أو نحو ذلك ويصف اللقطة بجنسها ونوعها وقدرها ولونها ووعائها وعفاصها حتى يخرجها عن الجهالة وأنه عرف ذلك سنة كاملة آخرها كذا وكذا، ولم يحضر لها صاحب ولا طالب وجميع ذلك باق بعينه الآن ويشخصه للشهود فيشهدوا بتشخيصه ومعاينته إن أمكن، ثم يقول: وإني أخاف على نفسي فراغ الأجل المحتوم واشتغال الذمة والمطالبة بالآخرة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم فأشهد عليه بذلك ويؤرخ. صورة أخرى لكيفية كتابتها: أقر فلان أنه في اليوم ... من شهر كذا ... أنه التقط في موضع كذا ... كيسًا ضمنه كذا ... وأنه عرفه لوقته وساعته ونادى عليه في موضعه، وفي الأسواق والشوارع والمساجد أيامًا متتالية وجُمعًا متتابعة وأشهرًا مترادفة من حين إلتقاطها إلى سنة كاملة فلم يحضر لها طالب وخشى على نفسه الموت أشهد عليه شهوده أنه وجدها فالتقطها وأنها تحت يده وفي حيازته، فإن حضر من يدعيها ووصفها وثبت ملكه لها أخذها وبرئ الملتقط المذكور عن عهدتها وخلت يده منها بتسليمه إياها لمالكها بالطريق الشرعي، وذلك بتاريخ ومتى وصف اللقطة طالبها وهو مدعي ضياعها بصفاتها ولو بعد الحول لزم دفع اللقطة له إن كانت عنده بنمائها المتصل؛ لأنه ملك مالكها ولا يمكن إنفصالها عنه، ولأن يتبع في العقود والفسوخ بلا يمين ولا بينة ظن صدقة أو لا؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: «فإن جاء طالبها يومًا من الدهر فأدها إليه» ، وقوله: «فإن جاءك أحد يخبرك بعددها ووعاءها ووكاءها فادفعها إليه» ، ولأنه يتعذر إقامة البينة عليها غالبًا لسقوط حال الغفلة والسهو فلو لم يجب دفعها بالصفة لما جاز إلتقاطها، وقد جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بينة مدعي اللقطة وصفها، فإن وصفها فقد أقام البينة.

وعند أبي حنيفة والشافعي أنه لا يلزم الدفع إلا ببينة، وفي «شرح المهذب» : وإن جاء من يدعيها ووصفها، فإن غلب على ظنه أنها له جاز له أن يدفع إليه ولا يلزم الدفع؛ لأن مال الغير فلا يجب تسليمه بالوصف كالوديعة والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ودفع اللقطة لمدعيها بلا وصف ولا بينة يحرم ولو ظن صدقة؛ لأنها أمانة فلم يجز دفعها إلا من لم يثبت أنه صاحبها كالوديعة ويضمن، وقال في «الشرح» : فإن دفعها فجاء آخر فوصفها أو أقام بها بينة لزم الدافع غرامتها له؛ لأنه فوّتها على مالكها بتفريطه وله الرجوع على مدعيها؛ لأنه أخذ مال غيره ولصاحبها تضمين آخذها فإذا ضمنه لم يرجع على أحد. وإن لم يأت أحد يدعيها فللملتقط مطالبة آخذها بها؛ لأنه لا يأمن مجيء صاحبها فيغرمه، ولأنه أمانة في يده فملك الأخذ من غاصبها. ومع رق ملتقط وإنكار سيده أنها لقطة فلابد من بينة تشهد بأنه التقطها ونحوه؛ لأن إقرار القن بالمال لا يصح؛ لأنه إقرار على سيده بخلاف إقراره بنحو طلاق. والنماء المنفصل بعد حول تعريفها لواجدها؛ لأن ملك اللقطة بانفصال الحول فنماؤها إذن نماء ملكه فهو له؛ لقوله: «الخراج بالضمان» . وأما النماء المنفصل في حول التعريف فيرد معها؛ لأنه تابع لها. وإن تلفت اللقطة أو نقصت أو ضاعت قبله أي الحول ولم يفرط لم يضمنها؛ لأنها في يده أمانة فلم تضمن بغير تفريط كالوديعة. وإن تلفت أو نقصت أو ضاعت بعد الحول، فإن الملتقط يضمنها مطلقًا سواء فرط فيها أو لم يفرط؛ لأنها دخلت في ملكه فكان تلفها من ماله.

وتعتبر قيمة اللقطة إذا تلفت وقد زادت أو نقصت يوم عرف ربها؛ لأنه وقت وجوب رد العين إليه لو كانت موجودة ويرد مثل مثلي وإن اختلفا في القيمة أو المثل، فالقول قول الملتقط مع يمينه إذا كانت اللقطة قد استهلكت في يد الملتقط؛ لأنه غارم وإن وصف اللقطة إثنان فأكثر معًا أو وصفها ثان بعد الأول، لكن قبل دفعها إلى الأول أقرع بينهما أو أقاما بينتين باللقطة أقرع بينهما؛ لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر وتدفع لقارع بيمينه لاحتمال صدق صاحبه كما لو تداعيا عينًا بيد غيرهما ولتساويهما في البينة أو عدمها أشبه ما لو ادعيا وديعة، وقال: هي لأحدهما ولا أعرف عينه، وقيل: تقسم بينهما لتساويهما في الوصف، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس؛ لأنه فيما أرى أقرب إلى العدل، والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن وصفها ثان بعد دفعها لمن وصفها أولاً فلا شيء لثان؛ لأن الأول استحقها بوصفه إياها مع عدم المنازع له حين أخذها وثبتت يده عليها ولم يوجد ما يقتضي انتزاعها منه فوجب إبقاؤها له كسائر ماله ولو أقام أحد بينة أنها له بعد أن أخذها الأول بالوصف أخذها الثاني من واصف؛ لأن البينة أقوى من الواصف فيرجع صاحبها بذلك، ولأنه يحتمل أن يكون الواصف رآها عند من أقام البينة فحفظ أوصافها فجاء وادعاها وهو مبطل. ولو ادعى اللقطة كل واحد منهما فوصفها أحدهما دون الآخر حلف واصفها وأخذها، فإن تلفت اللقطة عند الواصف ضمنها؛ لأن يده عادية كالغاصب، ولا ضمان على دافعها لواصفها؛ لأنه دفعها بأمر الشرع كما لو دفعها بأمر الحاكم؛ لأن الدفع إذن واجب عليه. ويغرمها الواصف لمن أقام البينة لعدوان يده. وإن أعطى ملتقط واصفها بدلها لتلفها عنده لم يطالبه ذو البينة، وإنما

يرجع على الملتقط ثم يرجع الملتقط على الواصف بما أخذه لتبين عدم استحقاقه له إن لم يكن أقر للواصف بملكها وحينئذ يكون مدعيًا أن مقيم البينة ظلمه بتضمينه فلا يملك الرجوع على غير من ظلمه. ولو أدرك اللقطة ربها بعد الحول والتعرف مبيعة أو أدركها موهوبة بيد من انتقلت إليه أو أدركها موقوفة فليس لربها إلا البدل؛ لأن تصرف الملتقط وقع صحيحًا؛ لكونها صارت في ملكه. ويفسخ العقد إن أدركها ربها زمن خيار بأن بيعت بشرط الخيار سواء كان لبائع أوله وللمشتري وترد له لقدرته عليه وإن كان الخيار للمشتري وحده فليس لربها إلا البدل ما لم يختر المشتري الفسخ ولا يلزم كما لو أدركها بعد عودها إلى الملتقط بفسخ أو غيره فينتزعها؛ لأنه وجد عين ماله في يد ملتقط فكان له أخذه كالزوج إذا طلق قبل الدخول فوجد الصداق قد رجع إلى المرأة أو كما لو أدركها بعد رهنها، فإن ربها ينتزعها من يد المرتهن لقيام ملكه وإنتفاء إذنه. ومؤنة رد اللقطة إلى مالكها إن احتاج إلى مؤنة على ربها ذكره في التعليق والانتصار لتبرع الملتقط بحفظها، ولو قال رب اللقطة بعد تلفها بيد الملتقط بحول تعريف بلا تفريط المشروع عليك ضمانها لكونك أخذتها لتذهب بها لا لتعرفها، وقال ملتقط: بل أخذتها لأعرفها، فالقول قول الملتقط بيمينه. ووارث ملتقط فيما تقدم تفصيله كمورثه لقيامه مقامه، فإن مات ملتقط عرفها وارثه بقية الحول وملكها وبعد الحول انتقلت إليه إرثًا كسائر أموال الميت ومتى جاء صاحبها أو وارثه أخذها أو بدلها وإن عدمت قبل موته فربها غريم ببدلها في التركة.

ومن استيقظ من نوم أو صحى من بنج أو جنون أو زال الإغماء عنه فوجد بثوبه أو كيسه مالاً درهمًا أو جنيهًا أو ريالاً أو غيرها لا يدري من صره أو وضعه في كيسه أو جيبه فهو لهو بلا تعريف؛ لأن قرينة الحال تقتضي تمليكه له. ولا يبرأ من أخذ من نائم أو مغمى عليه أو فيه بنج شيئًا إلا بتسليمه له بعد إفاقته؛ لأن الأخذ في حالة من الحالات المتقدمة موجب للضمان المأخوذ على آخذه لوجود التعدي؛ أنه إما سارق أو غاصب أو مازح فلا يبرأ من عهدته إلا برده على مالكه في حالة يصح قبضة له فيها. ومن وجد في حيوان اشتراه كشاة ونحوها نقدًا كدراهم أو دنانير وجدها في بطن الشاة فلقطة أو وجد فيه درة أو عنبرة فهو لقطة لواجده يلزمه تعريفها كسائر الأموال الضائعة، قلت: وكذا لو اشترى سيارة أو نحوها من المركوبات الحديثة فوجد داخل خشة أو حديدة نقدًا أو نحوه. ويبدأ في تعريف ببائع؛ لأنه يحتمل أن تكون الشاة ابتلعتها من ملكه كما لو وجد صيدًا مخضوبًا أو في أذنه قرطًا أو في عنقه خرز، فإنه لقطة؛ لأن ذلك الخضاب ونحوه يدل على ثبوت اليد عليه قبل ذلك. وإن وجد إنسان درة غير مثقوبة في بطن سمكة ملكها باصطياده لها من البحر فالدرة لصياد، قال في «الفروع» : لأن الظاهر ابتلاعها من معدنها، قال في «المغني» : لأن الدر يكون في البحر بدليل قوله تعالى: {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} . وإن باع الصياد السمكة غير عالم بالدرة لم يزل ملكه عنها فترد إليه؛ لأنه لو علم ما في بطنها لم يبعه ولم يرض بزوال ملكه عنه وإن وجد الصياد في بطن السمكة ما لا يكون إلا لآدمي كدراهم أو دنانير أو وجد فيها درة أو غيرها مثقوبة أو متصلة بذهب أو فضة أو غيرهما فلقطة لا يملكها الصياد، بل

يعرفها وكطير صاده ولا اثر ملك به فهو للصياد. وإن وجد إنسان عنبرة بساحل فحازها فهي له؛ لأن الظاهر أن البحر قذف بها فهي مباحة، ومن سيق إلى مباح فهو له. وما روى سعيد، عن إسماعيل بن عياش، عن معاوية بن عمرو، قال: ألقى بحر عدن عنبرة مثل البعير فأخذها ناس بعدن فكتب إلى عمر بن عبد العزيز، فكتب إلينا: أن خذوا منها الخمس، وادفعوا إلى آخذيها سائرها وإن باعوكموها فاشتروها فأردنا أن نزنها فلم نجد ميزانًا يخرجها فقطعناها ثنتين ووزناها فوجدناها ستمائة رطل فأخذنا خمسها ودفعنا سائرها ثم اشتريناها بخمسة آلاف دينار وبعثنا بها إلى عمر. فلم يلبث إلا قليلاً حتى باعها بثلاثة وثلاثين ألفًا فهو اجتهاد من عمر، والمذهب أن جميعها لواجدها وتقدم في الزكاة وإن لم تكن العنبرة على الساحل فلقطة يعرفها ما لم تصد السمكة التي وجد بها الدرة من عين أو نهر لا يتصل بالبحر فكالشاة في أن ما وجد في بطنها من درة مثقوبة أو غير مثقوبة لقطة؛ لأن العين والنهر غير المتصل ليس معدًا للدر وإن كان متصلاً بالبحر وكانت الدرة غير مثقوبة أنها للصياد أو وجد بما التقط أثر ملك فهو لقطة للملتقط تجري فيه أحكامها. قال الإمام أحمد: فيمن ألقى شبكة في البحر فوقعت فيها سمكة فجذبت الشبكة فمرت بها في البحر فصادها رجل، فإن السمكة للذي حازها والشبكة يعرفها ويدفعها إلى صاحبها فجعل الشبكة لقطة؛ لأنها مملوكة لآدمي والسمكة لمن صادها؛ لأنها كانت مباحة ولم يملكها صاحب الشبكة لكون شبكته لم تثبتها فبقيت على الإباحة، قاله في «المغني» . ونقل عن أحمد في رجل انتهى إلى شرك فيه حمار وحش أو ظبية قد

شارف الموت فخلصه وذبحه هو لصاحب الأحبولة وما كان من الصيد في الأحبولة فهو لمن نصبها وإن كان بازيًا أو صقرًا أو عقابًا. وسُئل عن بازي أو صقر أو كلب معلم أو فهد ذهب عن صاحبه فدعاه فلم يجبه ومر في الأرض حتى أتى لذلك أيام فأتى قرية فسقط على حائط فدعاه رجل، فأجابه، قال: يرده على صاحبه، قيل له: فإن دعاه فلم يجبه فنصب له شركًا فصاده به، قال: يرده على صاحبه. فجعل هذا لصاحبه؛ لأنه قد ملكه فلم يزل ملكه عنه بذهابه عنه والسمكة في الشبكة لم يكن ملكها ولا حازها وكذلك جعل ما وقع في الحبولة من البازي والصقر والعقاب لصاحب الحبولة، ولم يجعله هاهنا لمن وقع في شركه؛ لأن هذا فيما علم أنه قد كان مملوكًا لإنسان فذهب وإنما يعلم هذا بالخبر أو بوجود ما يدل على الملك فيه مثل وجود السير في رجله وآثار التعلم مثل استجابته للذي يدعوه ونحو ذلك. ومتى لم يوجد ما يدل على أنه مملوك فهو لمن اصطاده؛ لأن الأصل عدم الملك فيه وإباحته ومن ادّعى ما بيد لص أو ناهب أو قاطع طريق أنه له ووصفه فهو له. قال في «الفروع» : ومن وصف مغصوبًا ومسروقًا ومنهوبًا ونحوه، فإنه يستحقه بالوصف ولا يكلف بينة تشهد به ذكره في «عيون المسائل» ، والقاضي وأصحابه على قياس قول الإمام إذا اختلف المؤجر والمستأجر في دفن الدار فمن وصفه فهو له لترجحه بالوصف. قال في القاعدة الثامنة والتسعين (98) : من ادّعى شيئًا ووصفه دفع إليه بالصفة إذا جهل ربه ولم تثبت عليه من جهة مالك وإلا فلا. ولا فرق في وجوب تعريف اللقطة حولاً وملكها بعده بين ملتقط غني

وفقير وقن لم ينهه سيده ومسلم وكافر؛ لأن الالتقاط نوع اكتساب فاستووا فيه كالاحتشاش والاصطياد والاحتطاب، وأما من لا يأمن نفسه عليها فيحرم عليه أخذها وتقدم. وإن وجد اللقطة صغير أو سفيه أو مجنون صح التقاطه؛ لأنه نوع تكسب كالاصطياد وقام وليه بتعريفها عن واجدها؛ لأنه ثبت لواجدها حق التملك فيها فكان على وليه القيام بها. ولا تكون اللقطة للولي بل لواجدها بعد تعريف الولي؛ لأن سبب الملك تم بشرطه. فإن تلفت اللقطة بيد أحدهم بغير تفريط فلا ضمان عليه، وإن فرط في حفظها ضمن ما تلف منها بتفريطه في ماله. قال في «الفروع» : نص عليه في صبي كإتلافه جزم به في «المغني» و «الشرح» . وكتم اللقطة عن ولي واجده بأن علم بها ولم يأخذها منه لكونه ليس أهلاً للحفظ حتى تلفت فعلى الولي ضمانها؛ لأنه هو المضيع لها؛ لأنه يلزمه حفظ ما يتعلق به حق موليه، قاله الأصحاب، ولو عرفها مميز بنفسه بدون إذن وليه فالأظهر الأجزاء، قاله الحارثي؛ لأنه يعقل التعريف فالمقصود حاصل. فلو لم يعرفها الولي ولا الصغير حتى بلغ لم يملكها؛ لأنه قد مضى أجل التعريف فيما تقدم من السنين وإن عرفها فيما بعد ذلك؛ لأن التعريف بعده لا يفيد ظاهرًا لكون صاحبها ييأس منها ويترك طلبها. قال الإمام في غلام أصاب عشرة دنانير فذهب بها إلى منزله فضاعت، فلما بلغ أراد ردها فلم يعرف صاحبها تصدق بها، فإن لم يجد وكان يجحف به تصدق قليلاً.

قال القاضي: معنى هذا أنها تلفت بتفريط الصبي وهو أنه لم يعلم وليه حتى يقوم بتعريفها. وهذه المسألة تدل على أنه إذا ترك التعريف لعذر كان كتركه لغير عذر؛ لأن الصغير من أهل العذر، وقد تقدم ذلك في الضرب الثالث أن تأخير التعريف لعذر ليس مانعًا للتعريف بعد زوال العذر. والقن يصح التقاطه؛ لعموم الأحاديث، ولأن الإلتقاط سبب يملك به الصغير، ويصح منه فصح من الرقيق وله تعريفها بلا إذن سيده كاحتطابه واحتشاشه واصطياده؛ لأنه فعل حسبي فلم يمكن رده. وله إعلام سيده بها إن كان عدلاً وأمنه عليها ولسيده أخذها منه ليتولى تعريفها؛ لأنها من كسبه ولسيده إنتزاع كسبه من يده وإن كان القن قد عرفها بعد الحول عرفها السيد تمامه. ولسيده تركها مع الرقيق الملتقط إن كان الرقيق عدلاً ليتولى تعريفها ويكون السيد مستعينًا به في حفظها كما يستعين به في حفظ ماله. وإن كان العبد غير أمين كان السيد مفرطًا بإقرارها في يده فيضمنها إن تلفت كما لو أخذها من يده ثم ردها إليه؛ لأن العبد كيده. وإن أعتق السيد عبده بعد التقاطه كان له إنتزاعه اللقطة من يده؛ لأنها من كسبه. وإن لم يأمن الرقيق سيده على اللقطة لزمه سترها عنه؛ لأنه يلزمه حفظها وذلك وسيلة إليه ويسلمها إلى الحاكم ليعرفها ثم يدفعها إلى سيده بشرط الضمان، فإن أعلم سيده بها فلم يأخذها منه أو أخذها فعرفها وأدى الأمانة فيها فتلفت في الحول الأول بغير تفريط فلا ضمان فيها؛ لأنها لم تتلف بتفريط من أحدهما.

ومتى تلفت اللقطة بإتلاف الرقيق الملتقط أو تفريطه في الحول أو بعده ولو بدفعها لسيده وهو لا يأمنه عليها، ففي رقبته ضمانها مطلقًا سواء تلفت في حول التعريف أو بعد نص عليه؛ لأنه أتلف مال غيره فكان ضمانه في رقبته كغير اللقطة. وكذا مدبر ومعلق عتقه وأم ولد لكن إن فطرت أم الولد فداها سيدها بالأقل من قيمتها أو قيمة ما أتلفت كسائر إتلافاتها. ومكاتب في التقاط كحر؛ لأن المكاتب يملك أكسابه وهذا منها ومتى عاد قنا فعجزه كانت كلقطة القن. وما يلتقط مبعض فبينه وبين سيده على قدر ما فيه من الحرية والرق كسائر أكسابه. وكذا في الحكم كل نادر من كسب كهبة وهدية ووصية وركاز ونحوها كنثار وقع في حجره، ولو أن بين المبعض وسيده مهايأة مناوبة على أن كسبه لنفسه مدة معلومة ولسيده مدة معلومة؛ لأن الكسب النادر لا يعلم وجوده ولا يظن فلا يدخل في المهايأة وإن كان الرقيق الملتقط بين شركاء فاللقطة بينهم بحسب حصصهم فيه. من النظم فيما يتعلق باللقطة ويلزم علم الوصف والظرف والوكا لدى ملكها عونًا لعودة قصد والإشهاد في حين التقاطك سنة وعند التصرف واجب في المجود ولا تذكرون عند الشهود صفاتها بل الجنس مع نوع كتعريف منشد

ويلزم أن تعطي بمتصل النما لواصفها من غير حلف وشهد كذلك قبل الحول منفصل النما وبعد في الأقوى حادث ملك وجد وليس عليه قبل تملك غرمها إذا لم يخن بل قبل ذا حكم مشهد ويضمنها إن تتوى بعد تملك وتقويمها من حين علم بقصد ويأخذها من وصف من له بها شهود بملك ثابت متأكد ويأخذ منه الغرم بالهلك عنده وليس له تضمين دافعها اشهد وقيل بلى إن لم يسلم بحاكم ومن واصف إن لم يصدقه فاردد وعن ملك حي واجد إن تزل فلا رجوع فإن عادت إليه لتردد وتقسم بين إثنين إن وصفا معًا وقيل ليحلف قارع وله جد وإن نفدت عرضه عنها وربها غريم بها إن كنت في قغر فدفد وليس بدين قل يحضر ربها ولكن إذا ما جاله الحق جدد ويضمن معط دون وصف لمدع ولا شهد للواصف المتجدد

وآخذها ألزم لرد ودافعًا طلابًا بها مع فقد باغ ملدد ومثل فقير ذو الغنى في التقاطها وذو العهد في أحكامها مثل مهتدي وقيل بأمر جد على المرء مشرفًا وقيل انتزعها والأمين ليشهد وذا الفسق مثل العدل واضمم لحفظها تعريفها عدلاً إليه بأجود وإن لم يوات حفظها منه أفردت مع العدل في حفظ لها وتنشد وإن يلتقط طفل وذو سفه إلى وليهما التعريف وهي لوجد ويضمن بالتفريط فيها إذا توت كذاك الولي أن يبقها عند فوهد وإن يلتقط عبد لعدل فإن يشا يعرف بها المولى وإن شاء يجحد وكتمانها المولى الخؤون محتم وللسيد التخليص من عدل أعبد فإن جهل المولى فعرف عبده تكن ملك مولاه ويتمم ما ابتدي فإن يتوها في حول تعريفها تكن كعدوانه في نفسه عند أحمد وإن يتوها من بعد حول تعلقت بذمته من بعد عتق لينقد

إذا قيل بالتعريف يملكها الفتى ولا ملك في الأولى ففي نفسه طد كإتلافها في الحكم من بعد حوله ويسقط تضمين الفتى خذ تسيد وإن لم يعرفها فمولاه ملزم بتعريفها حتمًا بغير تردد وكالحر في حكم التقاط مكاتب ومن بعضه حر له ولسيد وقيل إذا هايا لمن في زمانه أصيبت كذا في نادر الكسب وردد وأخذكها أولى بها دون مبصر متى ينوها للنفس لا للمرشد وتعريفها للجمع فرض كفاية تصير لهم طرا بتعريف مفرد وإما تضع من واجد فالتقطتها ولم تدر رب الملك للواجد أردد ويأثم حاويها بنية كتمها وليس له ملك وإن عرف أشهد وإن يتداعى الدفن في الدار مؤجر ومستأجر ذا الوصف في النص أرفد ويملكها إن عرفت إن جهلا معًا كذا إن تعلم اللاقي فعرفت في ردي وإن وجدوا المبتاع أيضًا دفينة على بعض موجود علامة من هدي

فللمشتري اجعل لقطة دون بائع إذا لم يصفها أو يجيء بشهد كذا الحكم في الحفار بالأجر والذي إكتراه كلا الحكمين في نص أحمد كذا الحكم في الموجود في بطن مشتري من البر والبياع في قول أرفد وما أخرج الصياد من سمك يرى به أثر ملك لقطة لا تقيد وفاقد أثر الملك من درة له فإن باع لم يعلم فللدرة أردد عليه كما لو باع دارًا له بها من المال كنز فاقتبس وتنشد وإن ند صيد بالشباك قصدته ملكت وما معه التقاط لنشد وترجع بالإنفاق قبل تملك متى تنوه مع إذن قاض مقلد وإما بلا إذن متى تنو رجعة وتشهد على الإنفاق فارجع بأوكد ومن يلق صيدًا أو عن البحر عنبرًا بلا اثر يملك وإلا لينشد

س36: من هو اللقيط؟ وما الذي يبحث فيه هذا الباب؟ وما الأصل فيه؟ وما أركان اللقط الشرعي؟ وما حكم التقاط اللقيط والإشهاد عليه؟ ومن أين ينفق عليه؟ وإذا نفد ما ينفق عليه منه فمن أين ينفق عليه أو بان له من تلزمه نفقته فما الحكم؟ ومتى يحكم بإسلامه؟ ومتى يحكم بحريته؟ ومتى يحكم بكفره وإذا كثر المسلمون في دار الحرب فيما يحكم على لقيطها، وإذا وجد اللقيط في بلد إسلام كل أهله ذمة أو فيها مسلم أو وجد معه أو قريبا فراش أو ثياب أو نحوها فما الحكم؟ ومن الأولى بحضانة اللقيط؟ وهل لواجده حفظ مال اللقيط؟ وما صفة الإنفاق عليه؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل والتعليل والقيود والمحترزات والأمثلة والخلاف والترجيح.

(36) تعريف اللقيط وبيان أركانه وحكم الالتقاط والإشهاد والنفقة عليه وما يحكم به عليه إذا وجد وحضانته وما وجد معه أو قريبًا منه وما يدور حول ذلك ممن مسائل وشروط وضوابط وتفاصيل س36: من هو اللقيط؟ وما الذي يبحث فيه هذا الباب؟ وما الأصل فيه؟ وما أركان اللقط الشرعي؟ وما حكم التقاط اللقيط والإشهاد عليه؟ ومن أين ينفق عليه؟ وإذا نفد ما ينفق عليه منه فمن أين ينفق عليه أو بان له من تلزمه نفقته فما الحكم؟ ومتى يحكم بإسلامه؟ ومتى يحكم بحريته؟ ومتى يحكم بكفره وإذا كثر المسلمون في دار الحرب فيما يحكم على لقيطها، وإذا وجد اللقيط في بلد إسلام كل أهله ذمة أو فيها مسلم أو وجد معه أو قريبًا فراش أو ثياب أو نحوها فما الحكم؟ ومن الأولى بحضانة اللقيط؟ وهل لواجده حفظ مال اللقيط؟ وما صفة الإنفاق عليه؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل والتعليل والقيود والمحترزات والأمثلة والخلاف والترجيح. ج: اللقيط: هو فعيل بمعنى مفعول كقتيل وجريح، وشرعًا: طفل لا يعرف نسبه ولا يعرف رقة طرح في شارع أو عند باب مسجد أو في المسجد أو نحوه أو ضل الطريق وهو صغير إلى التمييز، وقيل: إلى البلوغ وهو الذي تطمئن إليه النفس؛ لاحتياجه إلى الحفظ والقيام بتربيته وتعهد أحواله، والله سبحانه وتعالى أعلم. هذا الباب يبين فيه حقيقته وما يفعل به وإسلامه وحريته. والتقاط اللقيط فرض كفاية، والأصل فيه مع ما يأتي قوله تعالى: {وَافْعَلُوا الخَيْرَ} وقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى} وقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} ولأن آدمي محترم فوجب حفظه كالمضر إلى طعام غيره وإنجائه من غرق فإذا التقطه بعض من أهل الحضانة للقيط

سقط الإثم عن الباقين، فإن لم يلتقطه أحدًا ثم الجميع، ولو علم به واحد فقط تعين عليه ويحرم النبذ؛ لأنه تعريض بالمنبوذ للتلف ويسن الإشهاد على اللقيط كاللقطة ودفعًا لنفسه لئلا تراوده باسترقاقه. وقيل: يجب الإشهاد عليه وإن كان اللاقط ظاهر العدالة خوفًا من أن يسترق وفارق الإشهاد عليه الإشهاد على اللقطة بأن الغرض من اللقطة المال والإشهاد في التصرف المالي مستحب ومن اللقيط حفظ حريته ونسبه فوجب الإشهاد كما في النكاح وبأن اللقطة يشيع أمرها بالتعريف ولا تعريف في اللقيط. وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ويجب الإشهاد على ما مع اللقيط تبعًا له، وقيل: يستحب والأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. صورة فيما إذا وجد رجل لقيطًا وأشهد عليه وعلى ما معه. أشهد عليه فلان أنه في الوقت الفلاني صباحًا أو مساءً أو ليلاً اجتاز في المكان الفلاني فوجد بالشارع الفلاني أو في المسجد الفلاني أو قرب المسجد الفلاني ويعين المكان ويوضحه إيضاحًا جليًا يؤمن معه الإشتباه بغيره من الأمكنة فوجد فيه صبيًا أو طفلة ملقى على الأرض، ويذكر صفته التي وجده بها ويعينه للشهود وأنه لقيط لم يكن له فيه ملك ولا شبهة ملك ولا حق من الحقوق الموصلة لملكه ولا لملك بعضه وأنه مستمر في يده على الحكم المشروع أعلاه عرف الحق في ذلك فأقر به والصدق فاتبعه لوجوبه عليه شرعًا وأشهد عليه بذلك في تاريخ كذا وكذا. وله ثلاثة أركان: اللقيط، وقد عرف، والإلتقاط والملتقط: وهو كل حر مكلف رشيد عدل، ولو ظاهر، وينفق عليه مما معه إن كان معه شيء؛

لأن نفقته واجبة في ماله وما وجد معه فهو ماله؛ لأن الطفل يملك وله يد صحيحة بدليل أنه يرث ويورث. ويصح أن يشتري له وليه ويبيع من ماله وإلا يكن معه شيء فينفق عليه من بيت المال؛ لما روى سعيد عن سنين أبي جميلة، قال: وجدت ملقوطًا فأتيت به عمر، فقال عريفي: يا أمير المؤمنين، إنه رجل صالح، فقال عمر: أكذلك هو؟ قال: نعم، فقال: فأذهب هو حر ولك ولاؤه وعلينا نفقته ورضاعه. فإن تعذر الإنفاق عليه من بيت المال لكونه لا مال فيه أو لكون البلد ليس فيها بيت مال ونحوه إقترض على بيت المال حاكم وظاهره ولو مع وجود متبرع؛ لأنه أمكن الإنفاق عليه بدون منة تلحقه في المستقبل أشبه الأخذ لها من بيت المال، قاله في «شرح المنتهى» فلو اقترض الحاكم ما أنفق عليه ثم بان اللقيط رقيقًا أو بان له من تلزمه نفقته كأب موسر أو وارث موسر رجع الحاكم على سيد الرقيق وأبى الحر الموسر؛ لأن النفقة حينئذ واجبة عليهم وإن لم يظهر له أحد تجب عليه نفقته، وفي الحاكم ما اقترضه من بيت المال؛ لأن نفقته حينئذٍ واجبة فيه. وإن كان اللقيط مال تعذر الإنفاق منه لمانع أو ينتظر حصوله من وقف أو غيره فلمن أنفق عليه الرجوع أن يرجع؛ لأنه في هذه الحالة غني عن مال الغير، هذا معنى كلام الحارثي، وقال: وإذا أنفق الملتقط أو غيره نفقة المثل بإذن الحاكم ليرجع فله الرجوع، انتهى. والله أعلم. وإذا أنفق بغير أمر الحاكم، فقال أحمد: يؤدي النفقة من بيت المال، فإن تعذر على الحاكم الإقتراض من بيت المال أو كان لا يمكن الأخذ منه لنحو منع مع وجود المال فعلى من علم حاله الإنفاق عليه مجانًا للأمر بالتعاون على البر والتقوى والإحسان، ولأنه إحياء معصوم وإنقاذ له من التلف، قال تعالى:

{وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} . وكذا حكم كل فرض كفاية يلزم من علم به القيام مجانًا ولا يرجع المنفق بما أنفقه عليه عند تعذر أخذ من بيت المال أو الإقتراض عليه؛ لأنه فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الباقين لحصول المقصود وإن ترك الكل أثموا أو لأنها وجبت للمواساة فهي كنفقة القريب وقري الضيف. جزم به القاضي وجماعة منهم صاحب «المستوعب» و «التلخيص» ، واختاره صاحب «الموجز» و «التبصرة» ، وقالا له: أن ينفق عليه من الزكاة وقدمه في «الرعاية» ، قال الحارثي: وهو أصح؛ لأن الوجوب مجانًا واستحقاق العوض لا يجتمعان، انتهى. ويحكم بإسلام الرقيق إن وجد بدار الإسلام، وفيه مسلم أو مسلمة يمكن كونه من أحدهما لظاهر الدار وتغليبًا للإسلام فإنه يعلو ولا يعلى عليه ويحكم بحريته؛ لأنها الأصل في الآدميين، فإن الله خلق آدم وذريته أحرارًا والرق لعارض والأصل عدمه. فاللقيط حر في جميع أحكامه حتى في قذف وقود إلا أن يوجد اللقيط ببلد حرب ولا مسلم في يد الحرب أو فيه مسلم كتاجر وأسير فهو كافر رقيق؛ لأن الدار لهم. وإذا لم يكن فيها مسلم كان أهلها منهم وإن كان فيها قليل من المسلمين كتاجر وأسير غلب فيها حكم الأكثر من أجل كون الدار لهم. قال في «الرعاية» : وإن كان فيها مسلم ساكن فاللقيط مسلم. وإلى ذلك أشار الحارثي، فقال: مثل الأصحاب في المسلم هنا بالتاجر والأسير واعتبر إقامته زمنًا حتى صرح في «التلخيص» : أنه لا يكفي مروره

مسافرًا وإن كثر المسلمون في دار الحرب فلقيطها مسلم حر تغليبًا للإسلام، وإن وجد اللقيط في بلد إسلام كل أهله ذمة، فقيل: إنه مسلم؛ لأن الدار للمسلمين، ولاحتمال كونه من مسلم يكتم إيمانه، قاله القاضي وابن عقيل. وقال في «المنتهى» : وفي بلد كل أهله ذمة فكافر؛ لأنه لا مسلم بها محتمل كونه منه وتغليب الإسلام إنما يكون مع الإحتمال. وقال في «الإقناع» : وإن وجد في دار الإسلام في بلد كل أهلها ذمة ووجد فيها لقيط حكم بكفره. اهـ. وكذلك جزم الموفق والشارح وصاحب «المبدع» وغيرهم بأنه يحكم بكفره. وما مشى عليه في «الإقناع» و «المنتهى» هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن كان ببلد إسلام كل أهله ذمة مسلم ولو واحدًا يمكن كون اللقيط من المسلم فاللقيط مسلم، قال بعض الأصحاب منهم الموفق والشارح قولاً واحدًا تغليبًا للإسلام ولظاهر الدار. وإن لم يبلغ من لقيط قلنا بكفره تبعًا لدار الكفر وهو من وجد في بلد أهل حرب لا مسلم به أو به نحو تاجر وأسير حتى صارت دار الكفر دار إسلام فهو مسلم فيها حكمنا بإسلامه تبعًا للدار؛ لأنها صارت دار الإسلام. وما وجد مع لقيط من فراش تحته كوطاء وبساط ووسادة وسرير وثياب وحلي أو غطاء عليه أو مال بجيه أو تحت فراشه أو وسادته أو وجد مدفونًا تحته دفنًا طريًا بأن تجدد حفره أو وجد مطروحًا قريبًا منه كثوب موضوع إلى جانبه أو وجد حيوان مشدودًا بثيابه فهو له.

وكذا ما طرح من فوقه أو ربطه به أو بثيابه أو سريره وما بيده من عنان دابة أو مربوطًا عليها أو مربوط به أو بثيابه، قاله الحارثي؛ لأن يده عليه فالظاهر أنه كالمكلف. ويمتنع التقاطه بدون التقاط المال الموجود لما فيه من الحيلولة بين المال ومالكه. وكذا خيمة ودار وجد فيها فهي له وجهل مالكها ولم يكن فيها غيره، فإن كان ثم بالغ في جميع ما تقدم فهو به أخص إضافة للحكم إلى أقوى السببين، فإن يد الملتقط ضعيفة بالنسبة إلى يد البالغ، وإن كان الثاني لقيطًا فهو بينهما نصفين لاستواء يدهما إلا أن توجد قرينة تقتضي إختصاص أحدهما بشيء دون شيء فيعمل بها وما وجد مدفونًا بعيدًا عنه أو مدفونًا تحته غير طري لم يكن له إعتماد على القرينة وما ليس محكومًا له به فلقطه. والأولى بحضانة اللقيط واجده؛ لأنه وليه إن كان أمينًا عدلاً لما تقدم عن عمر - رضي الله عنه -؛ لأن عمر أقر اللقيط في يد أبي جميلة حين قال له عريفه إنه رجل صالح ولو كان ظاهرًا لم تعلم عدالته باطنًا كولاية النكاح والشهادة فيه وأكثر الأحكام حرًا تام الحرية؛ لأن كلا من القن والمدبر وأم الولد والمعلق عتقه بصفة منافعه مستحقة لسيده فلا يصرفها في غير نفعه إلا بإذنه. وكذا المكاتب ليس له التبرع بماله ولا منافعه إلى بإذن سيده وكذا المبعض لا يتمكن من إستكمال الحضانة فإن أذن السيد لرقيقه أقر بيده؛ لأنه يصير كأن السيد التقطه واستعانت برقيقه في حضانته. قال ابن عقيل: إن أذن له السيد لم يكن له الرجوع بعد ذلك وصار كما

لو التقطه مكلفًا؛ لأن غير المكلف لا يلي أمر نفسه فلا يلي أمر غيره رشيدًا؛ لأن السفيه لا ولاية له على نفسه فغيره أولى. ويجوز لمن لا يقر بيده التقاط؛ لأن أخذه قربه لا يختص بواحد دون آخر وعدم إقراره بيده دوامًا لا يمنع أخذه ابتداء إلا الرقيق فليس له التقاطه إلا بإذن سيده إلا أن لا يعلم به سواء فعليه التقاطه لتخليصه من الهلاك كالغرق ويأتي. ولواجدة المتصف بما تقدم حفظ مال اللقيط بلا حكم حاكم؛ لأنه وليه لقول عمر ولك ولاؤه، ولأنه ولي بحضانته لا من أجل قرابته منه أشبه الحاكم. ولواجده المتصف بما تقدم الإنفاق على اللقيط مما وجد معه بلا إذن حاكم لولايته عليه وكما لو وصي، ولأنه من الأمر بالمعروف بخلاف من أودع مالاً وغاب وله ولد فلا ويسن لواجد اللقيط الإنفاق على اللقيط بإذن الحاكم إن وجد؛ لأنه أبعد عن التهمة وأقطع من المظنة وخروج من الخلاف وأحفظ لماله من أن يرجع عليه مما أنفق وينبغي لولي اللقيط أن ينفق عليه بالمعروف كولي اليتيم، فإذا بلغ واختلفا هو وواجده في قدر ما أنفق عليه أو اختلفا في التفريط في الإنفاق بأن قال اللقيط: أنفقت علي فوق المعروف، وأنكر واجده بأن قال: بل أنفقت عليك بالمعروف، فقول المنفق بيمينه؛ لأنه أمين والأصل براءته. ولواجد اللقيط قبول هبة للقيط وله قبول وصية له وله قبول زكاة إن كان ممن نحل له وقبول نذر له كولي اليتيم، ولأن القبول محض مصلحة فكان له بلا إذن حاكم كحفظه وتربيته. وقال «شرح الإقناع» :قلت: ولعل المراد يجب إن لم يضر باللقيط كما تقدم

س37: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: التقاط القن، التقاط ذمي لذمي إذا التقط اللقيط كافر ومسلم، إذا التقطه من البادية، أو صبي، أو التقطه في الحضر من يريد النقلة، أو وجد بفضاء خال من السكان، أو التقطه موسر ومعسر، أو مقيم ومسافر، أو امرأة ورجل، أو ظاهر العدالة أو كريم مع ضدهما، إذا ادعى إثنان صفة الشركة في الإلتقاط، ديته، وميراثه لمن جنايته، إذا ادعى رق اللقيط، إذا ادعاه مالك أمة، إذا ادعى اللقيط الكفر، إذا وجد في دار كفر أو في دار إسلام، إذا دني عليه؟ واذكر الدليل والتعليل والمحترزات والقيود والخلاف والترجيح.

في الحجر فيما إذا وهب لليتيم رحمة أنه يجب القبول إن لم تلزم نفقته وإنما عبروا باللام في مقالة من منع ذلك وجعله للحاكم. (37) أحكام تتعلق باللقيط والملتقط عند التنازع وعند عدمه وبيان ميراثه وديته وجنايته والجناية عليه ومن يقر بيده ومن لا يقر بيده ما حول ذلك من مسائل س37: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: التقاط القن، التقاط ذمي لذمي إذا التقط اللقيط كافر ومسلم، إذا التقطه من البادية، أو صبي، أو التقطه في الحضر من يريد النقلة، أو وجد بفضاء خال من السكان، أو التقطه موسر ومعسر، أو مقيم ومسافر، أو امرأة ورجل، أو ظاهر العدالة أو كريم مع ضدهما، إذا ادعى إثنان صفة الشركة في الإلتقاط، ديته، وميراثه لمن جنايته، إذا ادعى رق اللقيط، إذا ادعاه مالك أمة، إذا ادّعى اللقيط الكفر، إذا وجد في دار كفر أو في دار إسلام، إذا دني عليه؟ واذكر الدليل والتعليل والمحترزات والقيود والخلاف والترجيح. ج: يجب الإلتقاط على قن لم يوجد غيره؛ لأنه تخليص للقيط من الهلكة وهو واجب في هذه الحال لانحصاره فيه ويصح التقاط ذمي لذمي ويقر بيده؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} . ومحل ذلك فيما إذا عرف بعلامة أو وجد في بلد أهله ذمة كما تقدم، وإن التقط اثنان لقيطًا كافرًا فهما سواء لاستوائهما في الالتقاط وللكافر على الكافر الولاية. وقيل: المسلم أحق به؛ لأنه عند المسلم ينشأ عن الإسلام ويتعلم شرائع الدين فيفوز بالسعادة، ولأن الكفالة ولاية ولا ولاية للكافر على المسلم، قال

الله تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} ، ولأنه لا يؤمن أن يفتنه عن دينه. وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ويقرّ لقيط بيد من التقطه بالبادية مقيمًا في حلة –بكسر الحاء- وهي بيوت مجتمعة للاستيطان؛ لأنها كالقرية، فإن أهلها لا يرحلون عنها لطلب الماء والكلأ أو لم يكن في حلة لكنه يريد نقل اللقيط إلى الحضر؛ لأنه ينقله من أرض البؤس والشقاء إلى أرض الرفاهية والدين، فيقر بيده. ولا يقر بيد ملتقطه إن كان بدويًا ينتقل في المواضع؛ لأنه إتعاب للطفل بنقله فيؤخذ من إلى من في قرية؛ لأنه أرفه له وأخف عليه. وقيل: يقر بيده، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس؛ لأنه أرجى لظهور نسبه وأصح لبدنه، والله سبحانه وتعالى أعلم. ولا يقر بيده من وجده في الحضر فأراد نقله للبادية؛ لأن مقامه في الحضر أصلح له في دينه ودنياه وأرفه له وكونه وجده في الحضر، فالظاهر أنه ولد فيه فبقاؤه فيه أرجى لكشف نسبه وظهور أهله واعترافهم به، وقيل: يقر بيده. والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس لما تقدم، والله سبحانه وتعالى أعلم. ولا يقر بيد واجده مع فسقه الظاهر أو رقه لانتفاء أهليته للحضانة والولاية على الأحرار إلا أن يأذن له سيده، فإن أذن له فهو نائبه. ولا يقر بيده مدبر وأم ولد ومعلق عتقه بصفة ومكاتب وعضه حر لقيام الرق وتقدم أو مع كفر الواجد واللقيط مسلم لانتفاء ولاية الكافر على المؤمن ولا يؤمن فتنته في الدين.

ولا يقر بيد صبي ومجنون؛ لعدم أهليتهم للولاية. وإن التقطه حضرًا من يريد نقله إلى بلد آخر لم يقر بيده أو التقطه في الحضر من يريد النقلة إلى بلد آخر أو إلى قرية أو التقطه من يريد النقلة من حلة إلى حلة لم يقر بيده؛ لأن بقاؤه في بلده أو قريته أو حلته أرجى لكشف نسبه وكالمتنقل به إلى البادية. وقيل: إذا التقطه من يريد النقلة إلى بلد آخر يقر بيده؛ لأن البلد كالبلد، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ومحل المنع ما لم يكن المحل الذي كان وجد به وبيئًا وخيمًا كغور بيسان بكسر الموحدة وبعدها مثناة تحتية ثم سين مهملة موضع بالشام استعمل عمر النعمان بن عدي بن نضلة عليه فبلغه عنه الشعر الذي قاله، وهو: ومن مبلغ الحسناء أن خليلها ... بميسان يسقى من زجاج وحنتم إذا شئت غنتني دهاقين قرية ... ورقاصة تحدو على كل مبسم فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني ... ولا تسقني بالأصغر المتثلم لعل أمير المؤمنين يسوؤه ... تنادمونا بالجوسق المتهدم فعزله، وقال: لا تعمل لي عملاً أبدًا، ونحو غور بيسان من الأراضي الوبيئة كالجحفة بالحجاز، فإن اللقيط يقر بيد المنتقل عنها إلى البلاد التي لا وباء فيها أو دونها في الوباء لتعين المصلحة في النقل قاله الحارثي. وإن وجد اللقيط بفضاء خال من السكان نقله حيث شاء، قاله في «الترغيب» و «التلخيص» إذ لا وجه للترجيح. ولا يقر اللقيط بيد مبذر وإن لم يكن فاسقًا، قاله في «التلخيص» فإن أراد السفر به لم يمنع للأمن عليه وإن كان الملتقط مستور الحال لم تعرف منه حقيقة عدالة ولا خيانة أقر اللقيط في يده؛ لأن حكمه حكم العدل في لقطة

المال والولاية في النكاح والشهادة فيه وفي أكثر الأحكام؛ لأن الأصل في المسلم العدالة، ولذلك قال عمر: «المسلمون عدول بعضهم على بعض» . فإن أراد السفر بلقيطه لغير نقلة أقر بيده؛ لأنه يقر في يده في الحضر من غير مشرف يضم إليه فأشبه العدل، ولأن الظاهر الستر والصيانة. وحيث قلنا لم يقر اللقيط فيما تقدم من المسائل، فإنما هو عدم إقراره عند وجود الأولى به من الملتقط، فإن لم يوجد أولى منه فإقراره بيده أولى كيف كان لرجحانه بالسبق إليه. ويقدم موسر ومقيم من ملتقطين للقيط معًا على ضدهما فيقدم الموسر على المعسر؛ لأنه أحط للقيط وإن التقطه فقير وحده، فقيل: لا يقر بيد الفقير؛ لأنه لا يقدر على حضانته من حيث ضعف الإمكانيات اللازمة لحياة الطفل؛ لأن الغالب أن مسكن الفقير لا تتوفر فيه مسائل التهوية والأسباب الوقائية والنظافة وما إلى ذلك. وقيل: يقر بيده؛ لأن الأمور تجري بقضاء الله وقدره بضمانه وكفالته وأن الله تعالى تكفل بحفظه إذا شاء، وأن الأسباب الضرورية للحياة ينشأ عليها أبناء الفقراء مألوفة عندهم ويشبون عليها وتبنى فيها أجسامهم كأقوى ما تبنى الأجسام وقد رؤي حسًا ومشاهدة ما يتمتع به أبناء الفقراء من مناعة ضد الأمراض مع الكفاف في العيش، وذلك من رعاية الله لخلقه. وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ويقدم المقيم على المسافر؛ لأنه أرفق به فإنه استوى الملتقطان بأن لم يتصف أحدهما بما يكون به أولى وتشاحا به أقرع بينهما؛ لقوله تعالى: {وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} ولأنه لا يمكن أن يكون

عندهما في حالة واحدة. وإن تهايآه بأن جعل عند كل واحد يومًا أو أكثر أضر بالطفل؛ لأنه تختلف عليه الأغذية والأنس والألف ولا يمكن دفعه إلى أحدهما دون الآخر بالتحكم لتساويهما في سبب الاستحقاق ولا يمكن أن يسلم إلى غيرهما؛ لأنه قد ثبت لهما حق الالتقاط فلا يجوز إخراجه عنهما، فتعين الإقراع بينهما كالشريكين في تعيين السهام بالقسمة، وكما يقرع بين النساء في البداءة بالقسم ولا ترجح المرأة في الالتقاط كما ترجح في حضانة ولدها على أبيه؛ لأنها إنما رجحت هناك لشفقتها على ولدها وتوليها لحضانته بنفسها والأب يحضنه بأجنبية فكانت أمه أحظ له وأما هاهنا فهي أجنبية من اللقيط والرجل يحضنه بأجنبية فاستويا. ولا يقدم ظاهر العدالة على مستورها ولا يقدم كريم على بخيل ولا يقدم بلدي على قروي لاستواء المذكورين في الأهلية. وإن اختلف المتنازعان فادّعى كل واحد منهما أن الذي التقطه وحده، فاللقيط للذي له البينة به بلا نزاع سواء كان في يده أو في غيره عملاً بالبينة. فإن أتى كل واحد ببينة نظر في تاريخ البينتين وقدم السابق بالتاريخ؛ لأن الذي بينته متأخرة إنما يريد أن يأخذ الحق ممن ثبت له، فإن اتفق التاريخ أو أطلقتا أو أرخت إحداهما وأهملت الأخرى تعارضتا وسقطتا فكدعوى المال فتقدم بينة تاريخ وإن لم يكن لهما بينة فصاحب اليد مقدم؛ لأن اليد تفيد الملك فأولى أن تفيد الإختصاص فيكون اللقيط له بيمينه لاحتمال صدق الآخر. فإن كان اللقيط بيديهما ولا بينة استعملت القرعة لتساويهما وعدم المرجح؛ لأن القرعة تستعمل عند اشتباه المستحقين وعند تزاحمهم وليس

أحدهما أولى من الآخر، ولا طريق إلى اشتراكهما في كفالة اللقيط فمن خرجت له القرعة سلم له اللقيط بيمينه. وإن لم تكن لمن عدمت بينتاهما أو تعارضتا يد على اللقيط فوصف أحدهما بعلامة مستورة مثل ذلك أن يقول بظهره أو بطنه أو كتفه أو فخذه شامة أو جرح أو أثره أو أثر نار أو نحو ذلك من العلامات المستورة فكشف فوجد كما ذكر قدم على من لم يصفه به؛ لأنه نوع من اللقطة فقدم بوصفها كلقطة المال، ولأنه يدل على سبق يده عليه. وإن وصفاه جميعًا أقرع بينهما لانتفاء المرجح لأحدهما على الآخر، وإن لم يكن لهما بينة ولا لأحدهما ولم يصفاه ولا وصفه أحدهما ولا يد لهما ولا لأحدهما سلمه حاكم لمن يرى منهما أو من غيرهما؛ لأنه لا يد لهما ولا بينة فاستويا وغيرهما فيه كما لو لم يتنازعاه ولا تخيير للقيط إذ لا مستند له بخلاف اختيار الصغير أحد الأبوين؛ لأنه يستند إلى تجربة تقدمت قاله في «التلخيص» . ومن أسقط حقه من مختلفين في لقيط سقط؛ لأن الحق لهما، فكان لكل منهما تركه الآخر كالشفيعين. وإن ادّعى أحدهما أن الآخر أخذه منه قهرًا وسأل يمينه، ففي «الفروع» : يتوجه يمينه؛ لقوله النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لو يعطى الناس بدعواهم لادّعى قوم دماء قوم وأموالهم ولكن اليمين على من ادّعى عليه» . والشركة في الالتقاط أن يأخذ الملتقطان اللقيط معًا. ووضع اليد عليه كالأخذ. ولا اعتبار بالقيام المجرد عن الأخذ عند اللقيط؛ لأن الالتقاط حقيقة في الأخذ، وفي معناه وضع اليد فلا يوجد بدونهما.

وارث اللقيط إن مات لبيت المال ولا يرثه الملتقط؛ لأنه إذا لم يكن رحم ولا نكاح فالإرث بالولاء. وديته إن قتل لبيت المال؛ لأنهما من ميراثه كسائر ماله إن لم يخلف وارثًا بفرض أو تعصيب فإن كانت له زوجة فلها الربع والباقي لبيت المال. وهذا قول مالك والشافعي وأكثر أهل العلم، واختار الشيخ تقي الدين - رحمه الله - أن ميراث اللقيط لملتقطه. وهذا القول هو الذي تميل النفس إليه يؤيده ما روى أبو داود والترمذي من حديث واثلة بن الأسقع مرفوعًا: «المرأة تحوز ثلاثة مواريث عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت عليه» والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن ماتت لقيطة لها زوج فله النصف والباقي لبيت المال، وإن كان له بنت أو بنت ابن أو ابن بنت أخذ جميع المال؛ لأن الرد والرحم مقدم على بيت المال. ومحل ذلك ما لم يستلحقه ملتقطه بأن يدعي أنه منه، فإن استلحقه وأمكن كونه منه لحقه وجاز وارثه. وإذا جنى اللقيط جناية تحملها العاقلة بأن جنى خطأ أو شبه عمد فدية خطئه ونحوها في بيت المال؛ لأن ميراثه له ونفقته عليه. وإن جنى جناية لا تحملها العاقلة كالعمد المحض وإتلاف المال فحكمه فيها حكم غير اللقيط، فإن كانت توجب القصاص وهو بالغ عاقل اقتص منه مع المكافأة. وإن كانت موجبة للمال وله مال استوفي ما وجب بالجناية من ماله وإلا كان في ذمته حتى يوسر كسائر الديون. ويخبر الإمام في قتل عمد بين أخذ الدية وبين القصاص أيهما فعله

جاز إذا رآه أصلح؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «السلطان ولي من لا ولي له» . ومعنى التخيير تفويض النظر إليه في أصلح الأمرين، فإذا ظهر الأصلح لمن يكن مخيرًا، بل يتعين عليه فعل ذلك الأصلح ولا يجوز العدول عنه فليس التخيير هنا حقيقة وعلى هذا يقاس جميع ما ذكره الفقهاء من قولهم يخبر الإمام في كذا ويخير الولي أو الوصي في كذا ونحوه. ومتى عفا على مال أو صالح عليه كان لبيت المال كجناية الخطأ الموجبة للمال. وإن قطع طرف اللقيط وهو صغير أو مجنون حال كون القطع عمدًا انتظر بلوغه ورشده ليقتص أو يعفو؛ لأن مستحق الإستيفاء المجني عليه وهو حينئذ لا يصلح للاستيفاء فانتظرت أهليته وفارق القصاص في النفس؛ لأن القصاص ليس له بل لوارثه. والإمام هو المتولي عليه فيحبس الجاني على طرف اللقيط إلى أوان البلوغ والرشد لئلا يهرب إلا أن يكون اللقيط فقيرًا عاقلاً كان أو مجنونًا فيلزم الإمام العفو على شيء من الملا يكون فيه حظ اللقيط ينفق عليه منه دفعًا لحاجة الإنفاق. قال في «شرح المنتهى» : عن التسوية بين المجنون والعاقل أنه المذهب وصححه في «الإنصاف» ، ويأتي إن شاء الله تعالى في باب إستيفاء القصاص أن لولي المجنون العفو؛ لأنه لا أمد له ينتهي إليه بخلاف ولي العاقل وقطع به في «الشرح» و «المغني» هنا وهو ظاهر ما قطع به في «الهداية» و «المذهب» و «المستوعب» و «الخلاصة» وغيرهم هناك، وقيل للإمام: استيفاؤه قبل البلوغ. وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس؛ لأنه لم يظهر لي ما يدل أنه يلزم الأم العفو على مال يكون فيه حظ للقيط ينفق عليه منه، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وعلم مما تقدم أن اللقيط لو كان مجنونًا غنيًا لم يكن للإمام العفو على مال بل ينتظر إفاقته وهو المذهب، قاله الحارثي وقطع به في «الشرح» . وإن ادّعى جان على اللقيط رقه والجناية توجب القصاص أو المال أو ادّعى قاذفه رقه بعد بلوغه فكذبهما اللقيط، فالقول قوله؛ لأنه محكوم بحريته، فقبل قوله؛ لأنه موافق للظاهر بدليل أنه لو قذف إنسانًا وجب عليه حد الحر فللقيط طلب حد القذف وإستيفاء القصاص من الجاني وإن كان حرًا، وإن أوجبت الجناية مالاً طلب بما يجب في الحر وإن صدق اللقيط قاذفه أو الجاني عليه على كونه رقيقًا لم يجب عليه إلا ما يجب في قذف الرقيق أو جنايته عليه. وإن ادّعى أجنبي رق اللقيط أو ادّعى إنسان أن مجهول نسب غير اللقيط مملوكه وهو بيد المدعي رقه صدق المدعي لدلالة اليد على الملك بيمنه لإمكان عدم الملك حيث كان دون التمييز أو مجنونًا ثم إذا بلغ، وقال: أنا حر، لم يقبل، قاله الحارثي، وإن لم يكن اللقيط أو مجهول النسب بيد المدعي فلا يصدق؛ لأن دعواه تخالف الأصل والظاهر. ويثبت نسب اللقيط إذا دعاه مع بقاء رقه لسيده ولو مع بينة بنسبة، قال في «الترغيب» وغيره: إلا أن يكون مدعيه امرأة حرة فتثبت حريته فإن ادعى ملتقطه رقه أو ادعاه أجنبي وليس بيده لم يصدق؛ لأنها تخالف الظاهر بخلاف دعوى النسب؛ لأن دعواه يثبت بها حق اللقيط ودعوى الرق يثبت بها حق عليه فلم تقبل بمجردها كرق غير اللقيط. وإلا يكن اللقيط بيد الأجنبي المدعي لرقه وحلف أن له بينة بيده كما لو قالا: نشهد أنه جاز في ملكه كان بيده حكم له باليد وحلف أن اللقيط ملكه حكم له به؛ لأن ثبوت اليد دليل الملك، فقبل قوله فيه أو شهدت له بينة بملك بأن قال أنه جار في ملكه أو أنه ملكه أو أنه مملوكه أو عبده ولو لم تذكر البينة سبب الملك حكم له به كما ل شهدا بملك دار أو ثوب أو شهدت له

بينة أن أمة المدعي ولدت اللقيط بملك المدعي أو شهدت أنه قنه ولم تذكر سبب الملك حكم له به؛ لأن الغالب أنها لا تلد في ملكه إلا ملكه. فإن شهدت أنه ابن أمته أو أن أمته ولدته ولم تقل في ملكه لم يحكم له به؛ لأنه يجوز أن تكون ولدته قبل ملكه لها فلا يكون له مع كونه ابن أمته وكونها ولدته. قال في «المغني» : وإن كانت له بينة لم يقبل فيه إلا شهادة رجلين أو رجل وامرأتين. وإن شهدت الولادة قبل فيه امرأة واحدة أو رجل واحد؛ لأنه مما لا يطلع عليه الرجال في غالب الأحوال. وإن ادّعى رق اللقيط ملتقط لم يقبل منه إلا ببينة تشهد بملكه له أو أن أمته ولدته في ملكه فيحكم له به كما لو لم يكن ملتقطه. ولا تكفي يده ولا بينة تشهد له باليد؛ لأن الأصل الحرية ويده عن سبب لا يفيد الملك فوجودها كعدمها بخلاف المال، فإن الأصل فيه الملك وعدم قبول دعوى الملتقط بدون بينة إن أقامها بعد اعتراف الملتقط أنه لقيط لجنايته على نفسه بالإعتراف. وإلا يعترف بأنه لقيط بأن ادعى رق اللقيط ابتداء من غير تقدم اعتراف منه وأقام بينة الرق قبل قول الملتقط وحكم له به كما لو صدرت دعوى ذلك من أجنبي إذ لا فرق بينهما وإن كان المدعى عليه من لقيط ومجهول نسبه بالغًا عاقلاً، وكذا مميزًا كما سيأتي في الدعاوي فأنكرا أنه رقيق، وقال: أنا حر، فالقول قوله: أنا حر؛ لأن الأصل معه. وإن أقر برق لقيط بالغ بأن قال: أنا ملك زيد لم يقبل إقراره ولو لم يتقدم إقرار اللقيط تصرف منه بنحو بيع أو شراء أو لم يتقدم إقراره إصداق

ولا نكاح أو لم يتقدمه اعتراف بحريته قبل ذلك بأن أقر بالرق جوابًا لدعوى مدع أو أقر ابتداء ولو صدق مقر له بالرق؛ لأنه يبطل به حق الله تعالى في الحرية المحكوم بها فلم يصح إقراره كما لو أقر قبل ذلك بالحرية، ولأن الطفل المنبوذ لا يعلم رق نفسه؛ لأنه في تلك الحال ممن لا يعقل ولم يتجدد له بعد التقاطه فكان إقراره باطلاً. فإن شهدت لمدعي رق اللقيط أو مجهول النسب بينة بدعواه حكم له ببينته ونقض تصرفه الواقع منه قبل أن يحكم به لمدع رقه؛ لأنه بان أنه قد تصرف بدون إذن سيده. وإن أقر لقيط بالغ بكفر وقد نطق بإسلام أو أقر به لقيط بالغ مسلم محكوم بإسلامه من طريق الظاهر تبعًا للدار بأن كان وجد في دار الإسلام فيها مسلم يمكن كونه منه فهو مرتد حكمه حكم سائر المرتدين يستتاب ثلاثًا، فإن تاب وإلا قتل في الصورتين، أما في الأولى فبلا نزاع في مذهب أحمد؛ لأن إسلامه متيقن فلا يقبل إقراره بما ينافيه، وأما في الثانية فالصحيح من المذهب أنه لا يقبل منه ذلك؛ لأن لاإسلام وجد عريًا من المعارض وثبت حكمه واستقر فلم يجز إزالة حكمه بقوله كما لو قال ذلك ابن مسلم، وقوله لا دلالة فيه أصلاً؛ لأنه لا يعرف في الحال من كان أبوه ولا ما كان دينه، وإنما يقول ذلك من تلقاء نفسه. فائدة: قال أحمد في أمة نصرانية ولدت من فجور ولدها مسلم؛ لأن أبويه يهّودانه وينصّرانه، وهذا ليس معه إلا أمه. ومنبوذ أطفال لقيط محرر له في بلاد السلم حكم موحد وفي بلد الكفار منهم بأجود وقبل إن خلت منا وإلا فمهتدي

وسيان ما لم يملك المسلمون والذي ملكوه ثم حيزت بجحد وينفق بيت المال إن كان معوزًا عليه ويحوي إرثه مع تفرد فإن يتعذر منه من جاد منفقًا يثب ومتى ينو الرجوع ليسعد على الطفل بعد الرشد مع إذن حاكم وإلّا فخذ من بيت مال لمشهد وإحراز هذا الطفل فرض كفاية على عالم من ذمة وموحد وإشهاده حين احتوى الطفل سنة وليس وجوبًا في الأصح المؤطد وإن كان معه النقد والعرض فوقه وتحت ومشدود إليه له أعدد ووجهان في مال يكون بقربه وليس له ملك بمال مبعد ولا في دفين تحته وبملكه قضى ابن عقيل في دفن مجدد وملتقط حر أمين أحق بالحضانة والإنفاق من غير مبعد على الطفل من بدو إلى حضر به وليس له عكس بغير تردد وقرره في حجر المقيم بحلة ووجهان في ذي نقلة متشرد

ومن ينتقل من بلدة لإقامة بأخرى كالأولى يبق معه بأجود ولاحظ فيه للرفيق وفاسق ولا كافر والطفل في حكم مهتدي ووجهان في مستور حال موحد وفي فاسق وجه حكاه ابن أحمد وقدم مقيمًا موسرًا دون عكسه وإن يستوِ أقرع وعند التردد بأيهما في حوزة الطفل سابق فذا شهد قدم وإلا فذو اليد ووجهان في إخلافه ولواصف يسلمه إن يخل كذا عن يد قد فإن لم يصفه واحد فلحاكم إلى من يشا تسليمه وليجهد وإن كان في أيديهما وتنازعا فبينهما أقرع ولا تتردد وقدم في الأولى مسلمًا مع كفره ولو كان ذو فقر لينجو من الردي وميراثه مع عقله عند قتله على خطأ في بيت مال ليورد وإن كان عمدًا فالإمام وليه بتخييره في العقل والقتل أشهد وفي قطع عضو منه أرجئ لحكمه إلى حلميه يقتص أو منه يفتدي

وإن كان مجنونًا فقيرًا فإن يشارك إمام على مال عفا للتفقد وذو النسب المجهول من يبغِ رقة ببينة تنبي يملك مؤكد بأن فتاة المدعي ولدته واشترط قولها في ملكه في المجود فمن كان طفلًا أو به جنة بلا شهود فعبد المدعي إن كان ذا يد وقاذفه أو من عليه جنى إذا ادعى رقه أقبل جحده بالغًا قد وقيل أقبلن من قاذف فانف حده ولا حق بالتصديق بعد الترشد وإن كان باقي الرق ملتقطًا فلا تثبت له استرقاقًا إلا بشهد وإن يعترف بالرق بعد جحوده ومفهمه بعد البلوغ ليردد ووجهان في تصديقه من مميز وإن يبع أو يبتع وينكح ويطرد الفتى عرسه إقراره أردد بأوكد وفي ثالث فيما عليه أقبلن قد وقول لقيط مسلم بعد حلمه أنا كافر ذا ردة منه فاردد وقيل أنفه مع جزية بشروطها وإلا فألحقه بمأمنه قد

س38: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي ممثلا لما لا يتضح بالتمثيل، ومن الذي يتبعه اللقيط والذي لا يتبعه: إذا ادعاه جمع، إذا ألحق بإثنين ووصي له أو وهب له، إذا ألحقته بأكثر من إثنين، إذا ادعى نسبه رجل أو امرأة، إذا لم توجد قافه، إذا اختلف القائفان، إذا لم يوجد إلا قائف واحد، ما الذي يشترط في القائف؟ واذكر ما كان مشابها للقيط، نفقة المولود المشتبه نسبه إذا وطئت مزوجة بزنا وأتت بمولود أو وصى إثنان أمة لهما ولا قافة وإذا ولدت ذكر وولدت أخرى واختلفا، فما الحكم؟

وإن كان بالإسلام قد فاه قبل ذا يعيه فإن لم يسلم اقتله ترشد (38) بيان من يتبعه اللقيط ومن لا يتبعه ونفقة المشتبه نسبه وحكم ما إذا وطئت امرأة بشبهة وتعريف القائف ومتى يحتج إليه، وما حول ذلك من مسائل وأدلة وخلاف وترجيح س38: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي ممثلاً لما لا يتضح بالتمثيل، ومن الذي يتبعه اللقيط والذي لا يتبعه: إذا ادعاه جمع، إذا ألحق بإثنين ووصي له أو وهب له، إذا ألحقته بأكثر من إثنين، إذا ادّعى نسبه رجل أو امرأة، إذا لم توجد قافه، إذا اختلف القائفان، إذا لم يوجد إلا قائف واحد، ما الذي يشترط في القائف؟ واذكر ما كان مشابهًا للقيط، نفقة المولود المشتبه نسبه إذا وطئت مزوجة بزنا وأتت بمولود أو وصى إثنان أمة لهما ولا قافة وإذا ولدت ذكر وولدت أخرى واختلفا، فما الحكم؟ ج: وإن أقر إنسان أن اللقيط ولده مسلم أو ذمي يمكن كونه منه حرًا كان أو رقيقًا رجلاً كان أو امرأة ولو كانت أمة حيًا كان اللقيط أو ميتًا ألحق به؛ لأنه استلحاق لمجهول النسب إدعاه من يمكن كونه منه من غير ضرر فيه ولا دافع عنه ولا ظاهر يرده فوجب اللحاق، ولأنه محض مصلحة للطفل لوجوب نفقته وكسوته واتصال نسبه فكما لو أقر له بمال. ولا تجب نفقة على العبد إذا ألحقناه به؛ لأنه لا يملك ولا حضانة للعبد على من استلحقه لإشغاله بالسيد فيضيع فلا يتأهل للحضانة وإن أذن السيد جاز

لانتفاء مانع الشغل. ولا تجب نفقة من استلحقه العبد على السيد؛ لأنه محكوم بحريته والسيد غير نسيب وتكون نفقته في بيت المال؛ لأنه للمصالح العامة. ولا يلحق بزوج امرأة مقرة به بدون تصديق زوجها؛ لأن إقرارها لا ينفذ على غيرها فلا يلحقه بذلك نسب ولد لم يولد على فراشه ولم يقر به. فإن أقامت المرأة بينة أنها ولدته على فراش زوجها لحق به وكذلك الرجل إذا ادعى نسبه لم يلحق بزوجته؛ لأن إقراره لا يسري عليها. ولا يتبع اللقيط رقيقًا ادّعى نسبه في رقه؛ لأنه لا يلزم من تبعته النسب الرق بدون بينة. ولا يتبع لقيط كافرًا استلحقه في كفر؛ لأنه محكوم بإسلامه فلا يتأثر بدعوى الكافر، ولأنه مخالف للظاهر وفيه إضرار باللقيط. ولا حق للكافر في حضانته؛ لأنه ليس أهلاً لكفالة مسلم ولا تؤمن فتنته عن الإسلام. ونفقته في بيت المال، وكذا الحكم لو وطئ إثنان مسلم وكافر امرأة كافرة بشبهة وادعاه كل منهما وألحقته القافة بالكافر، فإنه يلحقه في النسب ولا يتبعه في الدين لاحتمال كونه من المسلم. ولا يسلم اللقيط إلى مستلحقه إلا أن يقيم مستلحقه بينة تشهد أنه ولد على فراشه فيلحقه دينًا لثبوت أنه ولد ذميين كما لو لم يكن بشرط استمرار أبويه على الحياة إلى بلوغه عاقلاً، فإن مات أحدهما أو أسلم قبل بلوغه حكم بإسلامه. والمجنون كالطفل إذا أقر إنسان أنه ولده لحق به إذا أمكن أن يكون

منه وكان مجهول النسب؛ لأن قول المجنون غير معتبر فهو كالطفل. وكل من ثبت لحاقه بالاستلحاق لو بلغ أو عقل وأنكر لم يلتفت إلى قوله لنفوذ الإقرار عليه في صغره أو جنونه لمستند صحيح أشبه الثابت بالبينة. وإن ادّعى نسب اللقيط جمع إثنان فأكثر سمعت؛ لأن كل واحد لو انفرد صحت دعواه فإذا تنازعوا تساووا في الدعوى ولا فرق بين المسلم والكافر والحر والعبد، فإن كان لأحدهم بينة قدم ذوو البينة بها؛ لأنها تظهر الحق وتبينه. وإن كان في يد امرأة وادّعت نسبه وأقامت بينة به قدمت على امرأة ادعته بلا بينة؛ لأن البينة علامة واضحة على إظهار الحق. وإن كان اللقيط المدعي نسبه في يد أحد المدعيين وأقاما بينتين قدمت بينة خارج كالمال، فإن تساووا في البينتين بأن أقام كل منهم بينة والطفل بأيديهم أو ليس بيد واحد منهم أو تساووا بعدم البينة بأن لم يكن لواحد منهم بينة بدعواه عرض اللقيط مع مدع موجود أو مع أقارب المدعي على القافة، القافة جمع قائف، وهو من يعرف الآثار ويعرف الإنسان بالشبه ولا يختص ذلك بقبيلة معينة، ومن تكررت منه المعرفة فهو قائف، قال القطامي: كذبت عليك لا تزال تقوفني ... كما قاف آثار الوسيقة قائف وقيل: إن البيت للأسود بن يعفر، والقيافة بالكسر: تتبع الأثر وتقوفه تتبعه، وأنشد ثعلب: محلي بأطواف عتاق يبينها ... على الضزن أغبى الضأن لو يتقوف وكان إياس بن معاوية قائفًا وكذا شريح: فإن ألحقته القافة بواحد لحقه وحده؛ لحديث عروة عن عائشة قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

ذات يوم وهو مسرور تبرق أسارير وجهه، فقال: «أي عائشة، ألم تر أن مجززًا المدلجي دخل فرأى أسامة وزيدًا وعليهما قطيفة قد غطيا رأسيهما وبدت أقدامهما، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض» ، وفي لفظ: «دخل قائف والنبي - صلى الله عليه وسلم - شاهد وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة مضطجعان، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، فسر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعجبه وأخبر به عائشة» متفق عليهما، فلولا جواز الإعتماد على القافة لما سر به النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا اعتمد عليه، ولأن عمر قضى به بحضرة الصحابة فلم ينكره منكر فكان إجماعًا. ويدل على ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في ولد الملاعنة: «انظروها، فإن جاءت به حمش الساقين كأنه وحرة، فلا أراه إلا وقد كذب عليها، وإن جاءت به أكحل جعدًا جماليًا سائغ الأليتين خدلج الساقين فهو للذي رميت به» فأتت به على النعت المكروه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لولا الأيمان لكان لي ولها شأن» ، فحكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - للذي أشبهه منهما. وقوله: «لولا الأيمان لكان لي ولها شأن» يدل على أنه لم يمنعه من العمل بالشبه إلا الأيمان، فإن انتفى المانع يجب العمل به لوجود مقتضيه. وقوله حمش الساقين: دقيقهما والجعد لئيم الحسب ويطلق على الكريم، قال كثير في السخاء يمدح بعض الخلفاء: إلى الأبيض الجعد بن عاتكة الذي ... له فضل ملك في البرية غالب وخدلج الساقين: ممتلئهما، قال الشاعر: إن لها سائقًا خدلجًا ... لم يدلج الليلة فيما أدلجا وكذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في ابن أمة زمعة حين رأى به شبهًا بينًا بعتبة بن أبي وقاص: «احتجبي منه يا سودة» ، فعمل بالشبه في حجب سودة عنه.

فإن قيل: فالحديثان حجة عليكم إذ لم يحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشبه فيهما، بل ألحق الولد بزمعة، وقال لعبد بن زمعة: «هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش وللعاهر الحجر» ، ولم يعمل شبه ولد الملاعنة في إقامة الحد عليها لشبهه بالمقذوف. قلنا إنما لم يعمل به في أمة ابن زمعة؛ لأن الفراش أقوى، وترك العمل بالبينة لمعارضة ما هو أقوى منها لا يوجب الإعراض عنها إذا خلت عن المعارض، ولذلك ترك إقامة الحد عليها من أجل إيمانها بدليل قوله: «لولا الأيمان لي ولها شأن» على أن ضعف الشبه في إقامة الحد لا يوجب ضعفه عن إلحاق النسب، فإن الحد في الزنا لا يثبت إلا بأقوى البينتين وأكثرها عددًا وأقوى الإقرار حتى يعتبر فيها تكراره أربع مرات ويدرأ بالشبهات. والنسب يثبت بشهادة امرأة واحدة على الولادة ويثبت بمجرد الدعوى ويثبت مع ظهور انتفائه حتى لو أن امرأة أتت بولد وزوجها غائب عنها منذ عشرين سنة لحقه ولدها فكيف يحتج على نفيه بعد إقامة الحد، ولأنه حكم بظن غالب ورأي راجح ممن هو أهل الخبرة، فجاز كقول المقومين. فإن قيل: فهاهنا إذا عملتم بالقيافة فقد نفيتم النسب عمن لم تلحقه القافة به، قلنا: إنما انتفى النسب هاهنا لعدم دليله؛ لأنه لم يوجد إلا مجرد الدعوى وقد عارضها مثلها فسقط حكمها، وكان الشبه مرجحًا لأحدهما، فانتفت دلالة الأخرى فلزم إنتفاء النسب لانتفاء دليله وتقديم اللعان عليه لا يمنع العمل به عند عدمه كاليد تقدم عليها البينة ويعمل بها. وإن ألحته القافة بإثنين لحق نسبه بهما لما روى سعيد عن عمر في امرأة وطئها رجلان في طهر، فقال: القائف قد اشتركا فيه جميعًا فجعله بينهما، وبإسناده عن الشعبي، قال: وعلي يقول هو ابنهما وهما أبواه يرثهما ويرثانه،

رواه الزبير بن بكار عن عمر، فيرث اللقيط الملحق بأبوين كلاً من الأبوين إرث ولد كامل، فإن لم يخلف غيره ورث جميع مالهما ويرثانه إرث أب واحد. وحيث كان إلحاقه القافة لقيطًا بإثنين معتبرًا فلو تزوج من ألحقت القافة الولد به بنت المحلق الآخر المفروض في مسألتنا، قيل في الشخص الذي تزوج قد تزوج هذا أخت ابنه لأبيه في النسب لا في الرضاع؛ لأنها أجنبية منه. قال في «شرح الغاية» : قال الخلوتي: إذا ألحقته القافة بإثنين وكان لكل من هذين الإثنين بنت وللقيط أم جاز لواحد أجنبي عنهما أن يجمع بين بنتي هذين الشخصين وأم اللقيط؛ لأن كلاً منهن أجنبي من الآخرين. ويعابا بها، فيقال: شخص تزوج بأم شخص وأختيه معًا وأقر النكاح مع إسلام الجميع، وفي ذلك قلت ملغزًا: يا فقيهًا حوى الفضائل طرا وتسامى على الأنام بعلمه أفتنا شخص تزوج أختين لشخص مع البناء بأمه وأجازوا عقوده دون ريب أو ملام في الشرع أرشد لفهمه وإن وصى الملحق بإثنين قبلا له الوصية أو وهب له قبلا له الهبة؛ لأنهما بمنزلة أب واحد، وعلى قياس ذلك سائر التصرفات من نكاح أو غيره، قال الموضح: وهما وليان في غير ذلك كنكاح وغيره. وإن خلف الملحق بإثنين أحدهما فللمخلف منهما إرث أب كامل ونسبه مع ذلك ثابت من الميت لا يزيله شيء كما أن الجدة إذا انفردت أخذت ما تأخذه الجداب والزوجة وحدها تأخذ ما تأخذه الزوجات ولأمي أبويه إذا مات وخلفهما مع أم أمه وعاصب نصف سدس؛ لأنهما بمنزلة

جدة الأب ولأم أمه نصف السدس كما لو كانت مع أم أب واحد، وكذا لو ألحقته القافة بأكثر من إثنين فيلحق بهم وإن كثروا؛ لأن المعنى الذي لأجله ألحق باثنين موجود فيما زاد عليه فقياس عليه وإذا جاز أن يخف من إثنين جاز أن يخلف من أكثر. ولو توقفت القافة في إلحاقه بأحد من ادّعاه أو نفته عن الآخر لم يلحق بالذي توقفت به؛ لأنه دليل له. وإن ادّعى نسبه رجل وامرأة ألحق بهما؛ لأنه لا تنافي بينهما لإمكان كونه منهما بنكاح أو وطيء بشبهة فيكون إبنهما بمجرد دعواهما كالإنفراد، فإن قال الرجل: هو ابني من زوجتي وادّعت زوجته أنه ابنها منه وادّعت امرأة أنه ابنها فهو ابنه وترجح زوجته على الأخرى؛ لأنه زوجها أبوه فالظاهر أنها أمه. وإن ادعت امرأة نسبه، فقيل: يقبل لأنها أحد الأبوين فقبل إقرارها بالنسب كالأب. وقيل: لا يقبل؛ لأنه يمكن إقامة البينة على ولادته من طريق المشاهدة، فلا يحكم فيها بالدعوى بخلاف الأب، فإنه لا يمكن إقامة البينة على ولادته من طريق المشاهدة، فقبلت فيه دعواه. ولهذا إذا قال لامرأة إن دخلت الدار: فأنت طالق لم يقبل قولها في دخول الدار إلا بينة، ولو قال لها: إن حضت فأنت طالق قبل قولها في الحيض من غير بينة فكذلك هنا. والثالث: إن كانت فراشًا لرجل لم يقبل قولها؛ لأن إقرارها يتضمن إلحاق النسب بالرجل وإن لم تكن فراشًا قبل؛ لأنه لا يتضمن إلحاق النسب بغيرها. وإن لم توجد قافة وادعاه إثنان فأكثر ضاع نسبه، فإن وجدت ولو بعيدة

ذهبوا إليها وإن نفته القافة عمن ادعياه أو ادعوه أو أشكل أمره على القافة فلم يظهر لهم فيه شيء ضاع نسبه؛ لأنه لا دليل لأحدهم أشبه من لم يدع نسبه أو اختلف فيه قائفان فألحقه أحدهما بواحد والآخر بآخر أو اختلف قائفان اثنان وثلاثة من القافة فأكثر بأن قال اثنان منهم هو ابن زيد، وقال الباقون هو ابن عمر ضاع نسبه لتعارض الدليل ولا مرجح لبعض من يدعيه أشبه تعارض البينتين. ولا يرجع أحدهم بذكر علامة في جسده؛ لأنه قد يطلع عليها الغير فلا يحصل الثقة بذكرها. ويؤخذ بقول قائفين اثنين خالفهما قائف ثالث لكمال النصاب إن اعتبر التعدد وإلا فتعارض القائفين يقتضي تساقطهما، والثالث خلا عن معارض فيعمل به كبيطارين خالفهما بيطار في عيب وكطبيبين خالفهما طبيب في عيب قاله في «المنتخب» . ويثبت النسب ولو رجعا بعد التقويم بأن قوماه بعشرة ثم رجع إلى إثني عشر أو ثمانية لم يقبل، قاله الحارثي، وينبغي حمله على ما بعد الحكم. ولو رجع عن دعواه النسب من ألحقته قافة به لم يقبل منه الرجوع؛ لأنه حق عليه ومع عدم إلحاق القافة به فرجع أحدهما عن دعواه ألحق بالآخر لزوال المعارض ولا يضيع سبه. ويكفي قائف واحد في إلحاق النسب لما روي عن عمر أن استقاف المصطلقى وحده، وكذلك ابن عباس استقاف ابن كلدة واستلحق به، ولأنه حكم فقبل فيه الواحد كالحاكم وهو كحاكم فيكفي مجرد خبرة؛ لأنه ينفذ ما يقوله بخلاف الشاهد. فإن ألحقه بواحد ثم ألحقه قائف آخر بآخر كان لاحقًا بالأول فقط؛ لأن

إلحاقه جرى مجرى حكم الحاكم فلا ينقض بمخالفة غيره له وكذا لو ألحقه بواحد ثم عاد فألحقه بغيره. وإن أقام آخر بينة أنه ولده حكم له به وسقط قول القائف؛ لأنه بدل فيسقط بوجود الأصل كالتيمم مع وجود الماء. ويشترط كونه القائف ذكرًا؛ لأن القيافة حكم مستند النظر والإستدلال فاعتبر فيه الذكورة كالقضاء. ثانيًا: أن يكون عدلاً؛ لأن الفاسق لا يقبل قوله. ثالثًا: أن يكون مسلمًا مجربًا بالإصابة؛ لأنه أمر علمي فلابد من العلم بعلمه له وذلك لا يعرف بغير التجربة فيه. قال في «المغني» : وقد روينا أن رجلاً شريفًا شك في ولد له من جاريته وأبى أن يستلحقه فمر به إياس بن معاوية في المكتب وهو لا يعرفه، فقال: ادع لي أباك، فقال المعلم: ومن أبو هذا؟ قال: فلان، قال: من أين علمت أنه أبوه؟ قال: هو أشبه من الغراب بالغراب، فقام المعلم مسرورًا إلى أبيه فأعلمه بقول إياس فخرج الرجل، وسأل إياسًا: من أين علمت أن هذا ولدي، فقال: سبحان الله، وهل يخفى ذلك على أحد؟ لأنه لأشبه منك من الغراب بالغراب فسر الرجل واستلحق ولده. وإن وطئ إثنان امرأة بشبهة في طهر ولا زوج لها أو وطئا أمتهما في طهر واحد أو وطئ أجنبي بشبهة زوجة لآخر أو سرية لآخر هي فراش لذلك الآخر وهو أن يجدها الواطئ على فراشه فيظنها زوجته أو أمته أو يدعو زوجته أو أمته في ظلمة فتجيبه زوجة آخر أو أمة الآخر أو يتزوجها كل واحد منهما تزويجًا فاسدًا أو يكون نكاح أحدهما صحيحًا والآخر فاسدًا مثل أن يطلق رجل امرأته فينكحها آخر في عدتها ويطؤها أو يبيع

جاريته ويطؤها المشتري قبل استبرائها، فإذا وقع شيء من ذلك المذكور وأتت بولد يمكن كونه من الواطئين، فإنه يرى القافة معهما. قال في «المحرر» : سواء ادعياه أو جحداه أو أحدهما وقد ثبت الإفتراش ولم يدع زوج أنه من واطأ ونفقة المولد المشتبه نسبه على الواطئ لاستوائهما في إمكان لحوق بهما فإذا ألحق بأحدهما رجع من لم يلحق به على الآخر بنفقته لتبين أنه محل الوجوب. ويقبل قول القائف في غير بنوه كأخوة وعمومة وخؤولة؛ لحديث عروة، عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله، وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبه الولد أعمامه» ذكره الحارثي، ولا يختص بالعصبات كما تقدم؛ لأن المقصود معرفة شبه المدعي للميت بشبه مناسبيه وهو موجود فيما هو أعم من العصبات. وإن وطئت مزوجة أو أمة بزنا وهي فراش لزوج أو سيد وأتت بولد بعد ستة أشهر من الواطئ فالولد الذي أتت به الزوجة لزوج والذي أتت به الأمة لسيد لقوة جانب كل منها بكونها فراشًا له وأنه إذا وطئ إثنان أمة لهما وأتت بولد وأشكل أمره في أمتهما المشتركة بينهما ولم يدعه أحدهما ولا قافة موجودة يعرض عليها أو وجد قافة وأشكل الأمر عليها يلحق الولد الواطئين معًا إذ لو انفرد كل منهما بالملك للحقه؛ لأنه صاحب فراش فكذلك هنا إذ لا فرق وتعتق بموتهما؛ لأنها أم ولدهما وبموت أحدهما يعتق منها قدر نصيبه. وليس لزوج وطئت زوجته بشبهة وأتت بولد وألحق به الولد بإلحاق القافة به وهو يجحده اللعان لنفيه؛ لأن شرط صحة اللعان أن يكون معه قذف؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} وهذا ليس بقاذف فلا يصح اللعان؛ لعدم شرطه.

ولو ولدت امرأة ذكرًا وولدت امرأة أخرى أنثى، واختلفا بأن أدّعت كل واحدة منهما أن الذكر ولدها دون الأنثى عرض الولد أن مع أميهما على قافة كرجلين فيما تقدم فليلحق كل واحد منهما بمن ألحقته به القافة كما لم يكن لها ولد آخر لا يلحق الولد الواحد بأكثر من امرأة واحدة، فإن ألحقه القائف بأمين سقط قوله لاستحالة ذلك. فإن لم يوجد قائف اعتبر باللبن خاصة فلبن الذكر يخالف لبن الأنثى في طبعه وزنته، فلبن الذكر أثقل من لبن الأنثى، فمن كان لبنها لبن الذكر فهو ولدها والبنت للأخرى، وإن كان الولدان ذكرين أو أنثيين وادعتا أحدهما تعين عرض الولد المتنازع فيه على القائف كما تقدم وإن ادّعى إثنان مولودًا، فقال أحدهما: هو ابني، وقال الآخر: هو بنتي نظر، فإن كان ذكرًا فلمدعيه وإن كان أنثى فلمدعيها سواء كانت بينة أو لا؛ لأن كل واحد منهما لا يستحق سوى ما ادعاه وإن كان خنثى مشكل عرض معهما على القافة؛ لأنه ليس قول أحدهما أولى من الآخر، والله أعلم. من النظم مما يتعلق باللقيط وفي نسب ألحقه حيًا وميتًا بمن يدعي حتى كفور وخرد ولا تتبعن في الرق أو كفر مدع بلا شهد في فرشه بالتولد وقيل وقول الشاهدين بأنه ولد كافرين أشرط وحيين فازدد وعنه ولا تتبع مزوجة وفي مقال عن المعروفه الأهل بعد

وقد قيل ذا أطلق كذا بادعائها وعن كل زوج بإدّعا الآخر أصدد وعبد كحر والأماء كحرة إذا ادعيا في نسبة لا تبعد وذا شهد قدمه عند تنازع وإلا سبوقًا دون فرش أم فوهد وعبد وحر والكفور ومسلم كحريق مهديين في المتعدد وإن جاء كل بالشهود تساقطا لفقد إستهام واقتسام بها طد وعند التساوي في الأمور إن تنازعوا فبالقافة أفصل بينهم ثم قلد فلحق بمن قد ألحقوه به تصب ولو بمثنى أو بجمع بأوطد ولا تتعدى إثنين عند ابن حامد وعند أبي يعلى الثلاثة فاحدد ولا تتعدى الأم من غير مرية وبامرأتين إن ألحقوه ليردد ويحظر طفل مع قرائب مدع توى فيهم إن ألحق ألحق بملحد وإن تنفه عن واحد وتوقفت على خصمه ألحق بذي الخصم ترشد وإن يتعذر قائف أو تعارضوا أو أشكل عليهم أو نفوا عن معدد

فقد ضاع أصل الطفل عند ابن جعفر وقيل ليلحق من يشار في الترشد ويختار مجد الدين إلحاقه بهم هنا حبذ حبرًا مجيدًا فقلد كذا حكم وطء إثنين أنثى بشبهة متى اشتركا في وطء طهر فتولد ووطء فراش المرء أو أمة له بإمكان كون الطفل من كل مورد وسيان مع دعوى الوليد وجحده من الجمع أو من بعضهم بتفرد ومن الحقوا بالزوج والزوج منكر له بلعان نفيه في المؤكد لأن بقاه محرمًا وارثًا أذى ولاحقه بالإنتساب كذا أعدد وإن يختلف نفسان في ابن وطفلة فبالقافة التوزيع في المتجود وقيل يرى ألبان أمهما كمن له خبرة التجريب في المتعود ويقبل قول القائف الذكر الرضي المجرب قدمًا في إجابة مقصد ووجهان في حرية ثم يكتفي بإخبار فرد في الأصح المسدد وعن أحمد لا بُدَّ في قول قافة من إثنين مع لفظ الشهادة فأشهد

باب الوقف

فإن يتعارض قائفان وثالث فالإثنين فاقبل حسب في نص أحمد ولا تنقضن ما ألحقوا بتحالف طرًا ومقال إثنين كالمتريد ويسقط حكم القائفين بشهد لثان كماء مع تيمم فقد وعنه إثنتان بالولادة يثبت إنتساب الذي أقصاه منه فأطد ومن ينف طفلاً في يد لفراشه ومن بتها أن تشهد امرأة قد وقيل مقال الأم يقبل مطلقًا وقد قيل لا بل من زوجة بتفرد (39) باب الوقف س39: ما هو الوقف؟ وما الأصل فيه وإلى أين يصرف ربعه؟ وما الذي يقصد به؟ وما حكمه؟ وما هي أركانه؟ وما صيغة الوقف؟ وهل يصح من الأخرس؟ واذكر أمثلة لما لا يتضح إلا بها، وما هو صريح الوقف؟ وما هي كنايته؟ وما الذي يلزم معها؟ وإذا قال: تصدقت بداري على زيد، ثم قال: رددت الوقف وأنكر زيدًا، وقال: جعلت هذا المكان مسجدًا أو جعلت ملكي للمسجد، أو وقف؟ وما الذي يلزم معها؟ وإذا قال: تصدقت بداري على زيد، ثم قال: رددت الوقف؟ والترجيح. ج: الوقف: مصدر وقف، بمعنى حبس وأحبس، يقال: وقفت الدار للمساكين أقفها بالتخفيف لغة رديئة معناه منعت أن تباع أو توهب أو تورث

ووقف الرجل إذا قام ومنع نفسه من المضي والذهاب ووقفت أنا ثبت مكاني قائمًا وامتنعت من المشي كله بغير ألف، قال بشر: ونحن على جوانبها وقوف ... نغض الطرف كالإبل القماح والوقف مما اختص به المسلمون، قال الشافعي: لم يحبس أهل الجاهلية وإنما حبس أهل الإسلام، والأصل فيه قوله تعالى: {لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} فإن أبا طلحة لما سمعها رغب في وقف بيرحاء وهي أحب أمواله - رضي الله عنه -، فعن أنس - رضي الله عنه - أن أبا طلحة قال: «يا رسول الله، إن الله يقول: {لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال: «بخ بخ، ذلك مال رابح مرتين» ، وقد سمعت: «أرى أن تجعلها في الأقربين» ، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه» متفق عليه. وقال تعالى: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ} ، وقال تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} ، وقال تعالى: {وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} والوقف من فعل الخير المأمور به، ومن أفضل القرب المندوب إليها؛ لحديث أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة أشياء: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه، وحمل بعضهم الصدقة الجارية على بقية الخصال العشر التي ذكروا أنها لا تنقطع بموت ابن آدم، وقد نظمها السيوطي بقوله: إذا مات ابن آدم ليس يجري ... عليه من خصال غير عشر علوم بثها ودعاء نجل ... وغرس النخل والصدقات تجري وراثة مصحف ورباط ثغري ... وحفر البئر أو إجراء نهر

وبيت للغريب بناه يأوي ... إليه أو بناء محل ذكر وتعليم لقرآن كريم ... فخذها من أحاديث بحصر وفي «صحيح البخاري» من حديث عمرو بن الحارث قال: «ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - درهمًا ولا دينارًا ولا عبدًا، ولا أمة، ولا شيئًا إلا بغلته البيضاء، وسلاحه، وأرضًا جعلها صدقة» ، وقال جابر: لم يكن أحد ذو مقدرة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا وقف. وعن ابن عمر أن عمر أصاب أرضًا من أرض خيبر، فقال: يا رسول الله، أصبت أرضًا بخيبر لم أصب مالاً قط أنفس عندي منه فما تأمرني، فقال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فتصدق بها عمر على أنها لا تباع ولا توهب ولا تورث في الفقراء وذوي القربى والرقاب وابن السبيل لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم غير متمول، وفي لفظ: «غير متأثل مالاً» رواه الجماعة. وفي حديث عمرو بن دينار قال في صدقة عمر: «ليس على الولي جناح أن يأكل ويؤكل صديقًا غير متأثل» ، قال: «وكان ابن عمر هو الذي صدقة عمر ويهدي لناس من أهل مكة كان ينزل عليهم» أخرجه البخاري، وفيه من الفقه أن من وقف شيئًا على صنف من الناس وولده منهم دخل فيه. وعن عثمان: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة، فقال: «من يشتري بئر رومة فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة» ، فأشتريتها من صلب مالي» رواه النسائي والترمذي، وقال: حديث حسن. وفيه جواز إنتفاع الواقف بوقفه العام، وعن ابن عمر قال: قال عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن المائة السهم التي لي بخيبر لم أصيب مالاً قط أعجب إلي منها

قد أردت أن أتصدق بها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أحبس أصلها وسبل ثمرتها» رواه النسائي وابن ماجه. وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من احتبس فرسًا في سبيل الله إيمانًا واحتسابًا، فإن شبعه وروثه في ميزانه يوم القيامة حسنات» رواه أحمد والبخاري، وعنه - رضي الله عنه - قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر على الصدقة، فقيل: منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيرًا فأغناه الله تعالى، وأما خالد فإنكم تظلمون خالدًا فقد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله، وأما العباس فهي علي ومثلها معها» ، ثم قال: «يا عمر، أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه» رواه مسلم، وفي حديث سعد ابن عبادة: قلت: يا رسول الله، إن أمي ماتت فأي الصدقة أفضل، قال: «الماء» فحفر بئرًا، وقال: هذه لأم سعد، رواه أبو داود والنسائي، وكان - صلى الله عليه وسلم - يرخص في وقف المنقول والمشاع، ويقول لمن سأله عن إباحة ذلك: «إن كانت نخلاً أحبس أصلها وسبل ثمرتها» . وعن ابن عباس قال: أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج، فقالت امرأة لزوجها: أحجتي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: ما عندي ما أحجك، قالت: أحجتي على جملك؟ فلأن قال ذلك حبيس في سبيل الله، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأله، فقال: «أما أنك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله» رواه أبو داود. والوقف: تحبس المكلف الرشيد الحر ماله المنتفع به مع بقاء عينه بقطع تصرفه: أي إمساك المال عن أسباب التملكات بقطع تصرف مالكه وغيره في رقبته بشيء من التصرفات يصرف ريع غلة المال وثمرته ونحوها بسبب تحبيسه إلى جهة بريعينها واقف. ومعنى قولهم وتسبيل المنفعة: إطلاق فوائد العين الموقوفة من غلة

وثمرة وغيرها للجهة المعينة تقربًا إلى الله تعالى بأن ينوي بها القربة. وهذا الحد لصاحب المطلع وتبعه عليه في «التنقيح» ، و «المنتهى» ، و «الإقناع» ، وتبعهم المصنف، واستظهر شارح «المنتهى» أن قوله تقريبًا إلى الله تعالى إنما يحتاج إلى ذكره في حد الوقف الذي يترتب عليه الثواب لا غير ذلك، فإن الإنسان قد يقف ملكه على غيره توددًا لا لأجل القربة ويكون وقفًا لازمًا. ومن الناس من يقف عقاره على ولده خشية على بيعه له بعد موته وإتلاف ثمنه واحتياجه إلى غيره من غير أن تخطر القربة بباله ومنهم من يستدين حتى يستغرق الدين ماله وهو مما يصح وقفه فيخشى أن يحجر عليه ويباع ماله في الدين فيقفه ليفوت على رب المال ويكون وقفًا لازمًا لكونه قبل الحجر عليه مطلق التصرف في ماله لكنه أثم بذلك، ومنهم من يقف على ما لا يقع عليه غالبًا إلا قربة كالمساكين والمساجد قاصدًا بذلك الرياء، فإنه يلزم ولا يثاب عليه؛ لأنه لم يبتغ به وجه الله تعالى ففقد الشرط المعتبر. ولا يصح الوقف من نحو مكاتب ولا سفيه ولا وقف كلب لم يعلم ولا الخمر ولا نحو المطعوم والمشروب إلا الماء، ويأتي - إن شاء الله تعالى -، فالوقف سُّنة؛ لقوله تعالى: {وَافْعَلُوا الخَيْرَ} ؛ ولفعله - عليه الصلاة والسلام - وفعل أصحابه. وأركان الوقف: واقف، ووقف، وموقوف عليه، وما ينعقد به من الصيغ القولية أو الفعلية، فيصح الوقف بإشارة من أخرس مفهمة؛ لأنها قائمة مقام القول من الناطق. ويصح الوقف بفعل مع شيء دال على الوقف عرفًا كما يحصل بذلك القول؛ لاشتراكهما في الدلالة عليه كبناء هيئة مسجد مع إذن عام في الصلاة فيه ولو بأذان وإقامة فيما بناه على هيئة المسجد بنفسه أو بمن نصبه؛ لذلك لأن الأذان والإقامة فيه كالإذن العام في الصلاة فيه.

قال الشيخ تقي الدين: ولو نوى خلافه ونقله أبو طالب أن نية خلاف ما دل عليه الفعل لا أثر لها. وقال الحارثي: وليس يعتبر للإذن وجود صيغة، بل يكفي ما دل عليه من فتح الأبواب والتأذين أو كتابة لوح بالأذان أو الوقف، انتهى. وإن كان ما بناه على هيئة المسجد وأذن في الصلاة فيه سفل بيته وينتفع بسطح البيت فيصح ولو كان إنتفاعه به بجماع فيباع؛ لأنه من الإنتفاع بملكه. وقال أبو حنيفة: إذا جعل علو داره مسجدًا دون أسفلها أو أسفلها دون أعلاها لا يصح؛ لأن المسجد يتبعه هواه والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. أو جعل علو البيت مسجدًا وانتفع بعلوه وسفله ولو لم يذكر استطراقًا إلى ما جعله مسجدًا فيصح الوقف ويستطرق إليه كما لو باع بيتًا من داره ولو لم يذكر له استطراقًا فإنه يصح البيع والإجارة ويستطرق إليه على العادة. أو بنى بيتًا لقضاء حاجة وتطهر ويشرعه يفتح بابه إلى الطريق ويملأ خابية ماء على الطريق أو ينثر على الناس نثارًا فمن فعل شيئًا من ذلك كان تسبيلاً وإذنًا في الإلتقاط وأبيح أخذه. وكذلك دخول الحمام وإستعمال مائه من غير إذن مباح بدلالة الحال. أو يجعل أرضه مقبرة ويأذن للناس إذنًا عامًا بالدفن فيها؛ لأن الإذن الخاص قد يقع على غير الموقوف فلا يفيد دلالة الوقف، قاله الحارثي. وباحتماله قوي أو يفرش نحو حصير كبساط بمسجد ومدرسة ويأذن للناس إذنًا عامًا في الصلاة عليه، وكذلك لو دفعه لقيم المسجد وأمره بافتراشه فيه أو خاطه بمفروش بجانبه فيصح ذلك ويلزم بمجرد فعله ذلك. ويحصل الوقف بقول رواية واحدة وصريحة وقفت وحبست وسبلت

فمن أتى بكلمة من هذه الثلاثة صح الوقف؛ لعدم احتمال غيره بعرف الإستعمال المنضم إليه عرف الشرع؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن شئت حبست أصلها وسبلت ثمرتها» فصارت هذه الألفاظ في الوقف كلفظ التطليق في الطلاق. وإضافة التحبيس إلى الأصل والتسبيل إلى الثمرة لا يقتضي المغايرة في المعنى، فإن الثمرة محبسة أيضًا على ما شرط صرفها إليه، فلو قال مالك: حبست ثمرة نخل على الفقراء كان ذلك وقفًا لازمًا باتفاق من يرى أن التحبيس صريح في الوقف. وأما الصدقة فقد سبق لها حقيقة شرعية في غير الوقف هي أعم من الوقف فلا يؤدي معناه إلا بقيد يخرجها عن المعنى الأعم، ولهذا كانت ككناية فيه. وفي جمع الشارع بين لفظي التحبيس والتسبيل تبيين لحالة الإبتداء والدوام، فإن حقيقة الوقف إبتداء تحبيسه ودوام تسبيل منفعته، ولهذا أخذ كثير من الأصحاب الوقف بأنه تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة والمنفعة. وكناية الوقف تصدقت وحرمت وأبدت لعدم خلوص كل لفظ منها عن الاشتراك، فإن الصدقة تستعمل في الزكاة وهي ظاهرة في صدقة التطوع والتحريم صريح في الظهار والتأبيد يستعمل في كل ما يُراد تأبيده من وقف وغيره. فلا يصح الوقف بها مجردة عما يصرفها إليه ككنايات الطلاق فيه؛ لأنها لم يثبت لها عرف لغوي ولا شرعي إلا بنية للوقف. فمن أتى بكناية واعترف أنه نوى بها الوقف لزمه حكمًا؛ لأنها بالبنية صارت ظاهرة فيه. وإن قال: ما أردت بها الوقف قبل قوله؛ لأن نيته لا يطلع عليها

غيره أو قرن الكناية في اللفظ بأحد الألفاظ الخمسة. وهي الصرائح الثلاثة والكنايات كقوله: تصدقت صدقة موقوفة، أو تصدقت صدقة محبسة، أو تصدقت صدقة مسبلة، أو تصدقت صدقة محرمة، أو يقول: حرمت كذا تحريمًا موقوفًا ... إلخ. كقوله حرمته تحريمًا محبسًا أو تحريمًا مسبلاً أو تحريمًا مؤبدًا أو قرن الكناية بحكم الوقف، كقوله: تصدقت به صدقة لا تباع أو صدقة لا توهب أو صدقة لا تورث أو تصدقت بداري على قبيلة كذا أو على طائفة كذا أو على مسجد كذا؛ لأن ذلك كله لا يستعمل في غير الوقف فانتفت الشركة. أو قرن الكناية بحكم الوقف كأن يقول: تصدقت بأرضي على زيد والنظر لي أيام حياتي أو النظر لفلان ثم من بعده لفلان أو تصدقت به على زيد ثم بعده على ولده وعلى عمرو. فلو قال رب دار: تصدقت بداري على زيد، ثم قال المتصدق: أردت الوقف وأنكر زيد، وقال: إنما هي صدقة فلي التصرف في رقبتها بما أريد قبل قبول زيد ولم يكن وقفًا لمخالفة قول المتصدق للظاهر؛ لأن زيدًا يدعي ما اللفظ صريح فيه، والواقف يدعي ما هو كناية فيه فقدمت دعوى زيد. لكن إن كان الواقف قد نوى الوقف كان وقفًا باطنًا وحصل له ثواب الوقف، وبهذا يعلم الفرق بين تصدقت وغيرها من بقية الكنايات التي ليست صريحة، فلو قال: حرمت هذه الدار على زيد، وقال: أردت الوقف وأنكر زيد لم يلتفت إلى إنكاره وتكون وقفًا. وعند الشيخ تقي الدين لو قال إنسان: قريتي التي في الثغر لموالي الذين به ولأولادهم صح وقفًا ونقله يعقوب بن بختان عن أحمد.

س40: كم الشروط المعتبرة لصحة الوقف؟ اذكرها بوضوح مع ذكر المحترزات والقيود والتفاصيل، ومن الذي يصح منه الوقف والذي لا يصح منه؟ وما الذي يصح به الوقف والذي لا يصح أن يقفه؟ ومثل لذلك مما هو موجود ووضح حكم توقيف الماء واحلي وما تستحضره من المخترعات

وعند الشيخ تقي الدين وغيره أنه يحصل الوقف بكل ما أدّى معناه. وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وإذا قال واحد جعلت هذا المكان مسجدًا أو وقفًا صار مسجدًا أو وقفًا بذلك، وإن لم تكمل عبارته أو قال كل واحد أو جماعة جعلت ملكي للمسجد أو في المسجد ونحو ذلك صح وصار بذلك وقفًا للمسجد، قاله في «الإختبارات» . ويؤخذ منه أن الوقف يحصل بكل ما أدى معناه وإن لم يكن من الألفاظ السابقة. ووقف الهازل ووقف التلجئة إن غلب على الوقف جهة التحرير من جهة أنه لا يقبل الفسخ فينفي أن يصح كالعتق والإتلاف وإن غلب عليه شبه التمليك فيشبه الهبة والتمليك وذلك لا يصح من الهازل على الصحيح، قاله في «الإختيارات» . قال في «الفروع» : فيتوجه منه الاكتفاء بلفظ يشعر المقصود وهو أظهر على أصلنا فيصح جعلت هذا للمسجد وفي المسجد ونحوه، وهو ظاهر نصوصه، انتهى. (40) الشروط المعتبرة في الوقف وبيان ما يصح وقفه وما لا يصح وبيان الذي يصح منه الوقف والذي لا يصح منه، وما حول ذلك من المسائل س40: كم الشروط المعتبرة لصحة الوقف؟ اذكرها بوضوح مع ذكر المحترزات والقيود والتفاصيل، ومن الذي يصح منه الوقف والذي لا يصح منه؟ وما الذي يصح به الوقف والذي لا يصح أن يقفه؟ ومثل لذلك مما هو موجود ووضح حكم توقيف الماء واحلي وما تستحضره من المخترعات

الحديثة مما يصلح للجهاد ومما يستعمل لغير ذلك؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: شروط الوقف المعتبرة لصحته ستة: أحدها: كون الوقف من مالك جائز التصرف وهو المكلف الرشيد، فلا يصح من صغير أو سفيه أو مجنون كسائر تصرفاتهم المالية. قال في «الإختبارات» : ويجوز للإنسان أن يتصرف فيما في يده في الوقف وغيره حتى تقوم بينة شرعية أنه ليس ملكًا له أو كون الوقف ممن يقوم مقامه كوكيله لا الولي، فلا يصح منه لعدم المصلحة للمحجور عليه فيه. الثاني: كون الموقوف عينًا، فلا يصح وقف ما في الذمة كقوله: وقفت دارًا أو عبدًا ولو موصوفًا؛ لأنه ليس بعين معلومة يصح بيعها بخلاف نحو أم الولد وأن تكون العين من الأعيان التي ينتفع بها إنتفاعًا عرفًا. وأن يكون النفع مباحًا بلا ضرورة مقصودة متقومًا كإجارة وإستغلال ثمرة ونحوه مع بقائها؛ لأن الوقف يُراد للدوام ليكون صدقة جارية ولا يوجد فيما لا تبقى عينه. والإشارة بأنه كالإجارة إلى أن المنتفع به تارة يُراد منه ما ليس عينًا كسكنى الدار وركوبه الدابة وزراعة الأرض، وتارة يُراد منه حصول عين كالثمرة من الشجر والصوف والوبر والألبان والبيض من الحيوان، ولو صادف الوقف جزءًا مشاعًا من العين المتصفة بما تقدم كنصف أو سهم معلوم منها؛ لحديث ابن عمر قال: المائة سهم التي بخيبر لم أصب مالاً قط أعجب إلي منها، فأردت أن أتصدق بها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أحبس أصلها وسبل ثمرتها» رواه النسائي وابن ماجه.

ويعتبر أن يقول كذا سهمًا من كذا سهمًا قاله أحمد؛ لأنه عقد يجوز على بعض الجملة مفرزًا فجاز عليه مشاعًا كالبيع، ولأن الوقف تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة وهو يحصل في المشاع كحصوله في المفروز ولا نسلم إعتبار البعض وإن سلمنا فهو يصح في الوقف كما يصح في البيع، قال في «الفروع» : ويتوجه أن المشاع لو وقفه مسجدًا يثبت فيه حكم المسجد في الحال فيمنع منه نحو جنب وتتعين القسمة هنا لتعينها طريقًا للانتفاع بالموقوف، وكذا ذكره ابن الصلاح. ويصح وقف الحيوان الذي يصح بيعه كالفرس على الغزاة أو العبد لخدمة المرضى وأثاث يفرش في مسجد كالزوالي والبسط والمدات ويصح توقيف قطار ودبابة للجهاد في سبيل الله. ويصح توقيف براشونات للنزول من الطائرات ورادرات وصواريخ ودبابات للجهاد في سبيل الله. ويصح توقيف سيف أو مدفع أو رشاش أو طائرات أو سيارات أو دراجات نارية أو غير نارية على الغزات في سبيل الله. ويصح توقيف بنادق أو رصاص على الغزاة في سبيل الله، ويصح توقيف سفن ومراكب وبواخر على الغزاة في سبيل الله، أما الحيوان فلحديث أبي هريرة مرفوعًا: «من احتبس فرسًا في سبيل الله إيمانًا واحتسابًا، فإن شبعه وروثه في ميزان حسناته» رواه البخاري. وأما الأثاث والسلاح؛ فلقوله - عليه الصلاة والسلام -: «وأما خالد فقد احتبس أدراعه وإعتاده في سبيل الله» متفق عليه، وفي لفظ: «وأعتده» قال الخطابي: الإعتاد: ما يعده الرجل من مركوب وسلاح وآلة الجهاد. وقال في «النهاية» :الإعتاد: جمع قلة للعتاد، وهو ما أعده الرجل من السلاح

والدواب وآلة الحرب ويجمع على أعتدة، وما عدا ذلك مقيس عليه؛ لأن فيه نفعًا مباحًا مقصودًا، فجاز وقفه كوقف السلاح. وإن صادف الوقف دارًا ولم يذكر الواقف حدودها صح إذا كانت معروفة وإن وقف عقارًا مشهورًا لم يشترط ذكر حدود. وقال في «الفروع» : نقل جماعة فيمن وقف دارًا ولم يحدها، قال: وإن لم يحدها إذا كانت معروفة. اهـ. ويصح وقف حلي على لبس ويصح وقف حلي للإعارة للعرس أو لزينة أو غير ذلك من الأمور المباحة؛ لما روى نافع: «أن حفصة ابتاعت حليًا بعشرين ألفًا حبسته على نساء آل الخطاب، فكانت لا تخرج زكاته» رواه الخلال. ولا يصح أن أطلق واقف لبس الحلي، فلم يعينه للبس ولا لإعارة؛ لأنه لا ينتفع به في غير ذلك إلا باستهلاكه، ولا يصح الوقف مبهمًا غير معين كوقفت أحد هذين العبدين؛ لأن الوقف نقل ملك على وجه الصدقة. فلم تصح في غير معين كالهبة فإن كان المعين مجهولاً مثل أن يقف دارًا لم يرها، قال أبو العباس: منع هذا بعيد. وكذلك هبة أو وقف ما لا يصح بيعه كأم ولد فلا يصح الوقف عليها أيضًا، فإن وقف على غيرها كعلي زيد على أن ينفق عليها منه مدة حياته أو وقف على زيد مثلاً على أن يكون الريع لأم ولده مدة حياته صح الوقف؛ لأن استثناء المنفعة لأم ولد كاستثنائها لنفسه. ولا يصح أيضًا وقف كلب وخنزير وسباع البهائم التي لا تصلح للصيد، وكذا جوارح الطير التي لا تصلح للصيد؛ لأنه لا يصح بيعها.

واختار الشيخ تقي الدين -رحمه الله- صحة وقف الكلب المعلم والجوارح المعلمة وما لا يقدر على تسليمه، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس؛ لأنه لم يظهر لي ما يدل على المنع، والله سبحانه وتعالى أعلم. ولا يصح وقف تلفزيون ولا سينما لتحريمهما، ولا يصح وقف مذياع ولا مسجل للغناء ولا دخان ولا شيش لشرب الدخان ولا أوان لمن يشرب بها خمرًا، ولا بيتًا ولا حجرة لمن يعمل فيهما معصية. ولا يصح وقف آلة تصوير ولا صور ذوات الأرواح ولا مزامير ولا أجراس؛ لما ورد من «أن الملائكة لا تصحب رفقة فيها كلب ولا صورة ولا جرس» . ولا وقف أطبول وهي الدماميم للغناء ولا مكائن وأمواس لحلق اللحا أو قصها أو الأخذ منها أو لتصليح التواليت أو لحلق رؤوس النساء، ولا البكمات والأسطوانات وجميع آلات اللهو والمعازف. وليحذر الإنسان كل الحذر من أن يجعل لها إتصالاً بثلثه أو ثلث والده أو قريبه أو يوقف ما كان له من أسهم فيما يستمد منه أهل المعاصي تنويرًا أو لتصليح آلاتهم وملاهيهم أو عند من ينشأ عن أعمالهم صورًا وآلات لهو ونحو ذلك. وليحذر أن يضع ثلثه أو وصيته عند من يتعامل بالربا فيعطيه مثلاً على عشرة آلاف إذا أبقاها عنده سنة ألفًا أو أكثر أو دون فهذه الزيادة ربا، وقد قال الله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} ، والمرابي محارب لله ورسوله نسأل الله أن يعصمنا وإخواننا المسلمين من جميع المعاصي إنه القادر على ذلك. ولا يصح وقف منفعة يملكها كخدمة عبد موصى له بها ومنفعة أم ولده في حياته ومنفعة العين المستأجرة.

ولا يصح أن يقف الحر نفسه وإن صحت إجارته ولا أن يقف العبد الموصى بخدمته. ولا يصح وقف نحو أرض مصر كأرض الشام والعراق ولا وقف مرهون بلا إذن راهن؛ لأن الوقف تصرف بإزالة الملك فيما لا يصح بيعه. فلو وقف جائز التصرف نحو أرض مصر كأرض الشام والعراق وكل ما فتح عنوة ووقف على المسلمين على نحو مدارس كمساجد وخوانك وغيرها إنما الأرض أرصاد: إعتداد وأرصاد الأرض اعتدادها فكأنه أعدها لصرف نمائها إلى الجهة التي عينها وإفرازها يقال: أفرز الشيء إذا عزله وميزه وبابه ضرب فكأنه أفرزها عن ملكه. ووقف الأرض مساجد يكتفي في ثبوت وقفه لها بناء المسجدية بصورة المسجد كبناء محراب أو منبر ويكتفي بذلك أيضًا بتسميته مسجدًا، فإذا زالت تلك الصور بانهدامها وتعطل منافعها عادت الأرض إلى حكمها الأصلي، من جواز لبث جنب فيها وعدم صحة إعتكاف لزوال حكم المسجدية عنها وعودها إلى الحكم الذي كانت عليه قبل ذلك إذ هي وقف الإمام عمر - رضي الله عنه - على المسلمين ولم يقسمها بينهم، كما وصل إلينا ذلك بالتواتر والوقف لا يوقف فلذلك جعل وقفها مجرد إرصاد وإفراز وموافق للقواعد. ولا يصح وقف ما لا ينتفع به مع بقائه دائمًا غير ماء فيصح وقفه. قال في «الفائق» : ويجوز وقف الماء، قال الفضل: سألته عن وقف الماء، فقال: إن كن شيئًا

إستخاروه بينهم، قال الحارثي: هذا النص يقتضي تصحيح الوقف لنفس الماء كما يفعله أهل دمشق يقف أحدهم حصته أو بعضها من ماء النهر. وهو مشكل من وجهين: أحدهما: إثبات الوقف فيما لم يملكه بعد فإن الماء يتجدد شيئًا فشيئًا، الثاني: ذهاب العين بالإنتفاع، ولكن قد يقال: بقاء مادة الحصول من غير تأثيره بالإنتفاع يتنزل منزلة بقاء أصل العين مع الإنتفاع ويؤيده هذا صحة وقف البئر، فإن الوقف وارد على المجموع الماء والحفيرة، فالماء أصل في الوقف، وهو المقصود من البئر ثم لا أثر لذهاب الماء بالإستعمال لتجدد بدله فهنا كذلك. فيجوز وقف الماء لذلك، كمطعوم ومشموم يسرع فساده؛ لأنه لا ينتفع به مع بقاء عينه بخلاف ند وصندل وقطع كافور فيصح وقفه لشم مريض وغيره لبقائه مع الإنتفاع، وقد صحت إجارته لذلك فصح وقفه واستظهر في «الإنصاف» : أن هذا من المتفق على صحته لوجود شروط الوقف فيه. ولا يصح وقف دهن على مسجد ولا وقف شمع كذلك ولا وقف الريحان ليشمه أهل المسجد لما تقدم. وقيل: يجوز ذلك ويصح وقفها، قال في «الإنصاف» : وقال الشيخ تقي الدين: لو تصدق بدهن مسجد ليوقد فيه جاز، وهو من باب الوقف وتسميته وقفًا بمعنى أنه وقف على تلك الجهة لا ينتفع به في غيرها لا تأباه اللغة وهو جار في الشرع. وقال أيضًا: يصح وقف الريحان ليشمه أهل المسجد، وقال: وطيب الكعبة حكمه حكم كسوتها، قال في «الإنصاف» : فعلم أن التطيب منفعة مقصودة، لكن قد تطول مدة التطيب، وقد تقصر ولا أثر لذلك.

وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله أعلم. وكذا يجوز وقف لنبات وأكواع ونجفات ومراوح وكنديشات لنفع المسلمين. ولا يصح وقف أثمان ولو لتحل ووزن كقنديل على مسجد وحلقة من نقد ذهب أو فضة تجعل في باب المسجد فلا يصح وقف شيء من ذلك على المسجد، كما لا يصح وقف الدراهم والدنانير لينتفع باقتراضها؛ لأن الوقف تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة. قال في «الفائق» : وعنه يصح وقف الدراهم فينتفع بها في القرض ونحوه، اختاره شيخنا يعني به الشيخ تقي الدين - رحمه الله -، وقال في «الاختيارات» : ولو وقف الدراهم على المحتاجين لم يكن جواز هذا بعيدًا، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وقيل: يصح وقف الأثمان للتحلي والوزن قياسًا على الإجارة، ويستثنى منه ما لو وقف فرسًا بسرج ولجام مفضين، فإنه يصح ويدخل تبعًا، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وما لا ينتفع به إلا في الإتلاف لا يصح فيه ذلك فيزكي النقد ربه لبقاء ملكه عليه، ولما كان واقف الإثمان يصح في بعض الصور على سبيل التبعية أشار إلى ذلك بقوله إلا إذا وقف الإثمان تبعًا كوقف فرس في سبيل الله تعالى بلجام وسرج مفضضين، فيصح الوقف في الكل فتباع الفضة؛ لأنها لا ينتفع بها ويصرف ثمنها في وقف مثله. قال الإمام أحمد فيمن وصى بفرس وسرج ولجام مفضض يوقف في سبيل الله: فهو على ما وقف ووصي، وإن بيعت الفضة من السرج واللجام وجعل ثمن ذلك في وقف مثله، فهو أحب لي؛ لأن الفضة لا ينتفع بها ولعله

يشتري بتلك الفضة سرج ولجام فيكون أنفع للمسلمين، قيل: فتباع وتجعل في نفقته. قال في «المغني» : فأباح أن يشتري بفضة السرج واللجام سرجًا ولجامًا؛ لأنها صرفها في جنس ما كانت عليه حين لم ينتفع بها فيه فأشبه الفرس الحبيس إذا عطب فلم ينتفع به في الجهاد جاز بيعه وصرف ثمنه في مثله ولم يجز إنفاقها على الفرس؛ لأنه صرف لها إلى غير جهتها ولا تصرف في نفقة الفرس، وقيل: يباع ذلك وينفق عليه، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ومثل ما تقدم وقف دار بقناديل نقد من ذهب أو فضة على جهة بر، فإنها تباع القناديل ويشتري بثمنها دارًا أو حانوتًا يكون وقفًا وتصرف غلة ذلك إلى الجهة التي عينها الواقف ما لم تكن الدار محتاجة لعمارة أو إصلاح ولم يكن في الوقف ما يصرف منه فتباع ويصرف ثمنها في ذلك لدعاء الحاجة إليه ولجواز بيع بعض الوقف لإصلاح باقيه عند الإحتياج إليه فهذا أولى. الشرط الثالث: كون الوقف على بر وهو إسم جامع للخير وأصله الطاعة لله تعالى واشتراط معنى القربة في الصرف إلى الموقوف عليه؛ لأن الوقف قربة وصدقة، فلابد من وجودها فيما لأجله الوقف سواء كان الوقف من مسلم أو ذمي؛ لأن ما لا يصح من المسلم الوقف عليه لا يصح من الذمي كالوقف على غير معين. قال أحمد في نصارى وقفوا على البيعة وماتوا ولهم أبناء نصارى فأسلموا والضياع بيد النصارى: فلهم أخذها وللمسلمين عونهم حتى يستخرجوها من أيديهم، لا يقال ما عقده أهل الكتاب وتقابضوه ثم أسلموا

وترافعوا إلينا لا ينقض؛ لأن الوقف ليس بعقد معاوضة وإنما هو إزالة ملك عن الموقوف على وجه القربة، فغذا لم يقع صحيحًا لم يزل الملك فيبقى بحاله كالعتق. والقربة قد تكون على الآدمي كالفقراء والمساكين والغزاة والمتعلمين، وقد تكون على غير آدمي كالحج والغزو والسقاية التي يتخذ فيها الشراب في المواسم وغيرها وإصلاح الطرق والمساجد والقناطر والمقابر والمدارس والبيمارستانات، وإن كانت منافعها تعود على الآدمي فيتصرف في مصالحها عند الإطلاق. ومن النوع الأول الأقارب فيصح الوقف على القريب؛ لأنه شرع لتحصيل الثواب، فإذا لم يكن على بر لم يحصل مقصوده الذي شرع لأجله. قلت: بل يستحب الوقف على القريب؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي طلحة وإني أرى أن تجعلها في الأقربين، فقال أبو طلحة: «أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبتي عمه» متفق عليه. وكتب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: صدقة للسائل والمحروم والضيف ولذي القربى وابن السبيل، وفي سبيل الله، وكتب علي –كرم الله وجهه- بصدقته ابتغاء مرضاة الله ليولجني الجنة، ويصرف النار عن وجهي ويصرفني عن النار في سبيل الله، وذي الرحم والقريب والبعيد لا يباح ولا يورث، وكتبت فاطمة - رضي الله عنها - بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفقراء بني هاشم وبني المطلب. ويصح على ما فيه قربة كالربط والخانات لأبناء السبيل وكتب العلم النافع كالحديث والتفسير والفقه والتوحيد والفرائض والعربية، فلا يصح الوقف على تعليم شعر مباح ولا على مكروه كتعليم منطق لانتفاء

القربة ولا على معصية، وتأتي أمثلته لما فيه من المعونة عليها. ويصح الوقف من مسلم على ذمي معين؛ لما روي أن صفية بنت حيي زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وقفت على أخ لها يهودي، ولأنه موضع للقربة لجواز الصدقة عليه، ولو كان الذمي الموقوف عليه أجنبيًا من الواقف؛ لأنه تجوز صلته. وفي «الإنتصار» : لو نذر الصدقة على ذمية لزمه كعكسه كما يصح من ذمي على مسلم معين أو طائفة، وكالفقراء والمساكين ويستمر الوقف إذا أسلم بطريق الأولى كما عدم هذا الشرط ويلغو شرط الواقف إستحقاقه ما دام كذلك ذميًا لئلا يخرج الوقف عن كونه قربة. ومثل ذلك ما لو وقف على زيد ما دام زيد غنيًا أو على فلانة ما دامت متزوجة. ولا يصح الوقف على كنائس جمع كنيسة متعبد اليهود والنصارى أو الكفار، قاله في «القاموس» : ولا يصح على بيوت نار أو على بيع جمع بيعة بكسر الباء الموحدة متعبَّد النصارى ونحوها كديور وصوامع ورهبان ومصالحها كقناديلها وفرشها ووقودها وسدنتها؛ لأنه معونة على معصية ولو كان الوقف على ما ذكر من ذمي، فلا يصح لما تقدم من أن ما لا يصح من المسلم لا يصح من الذمي. قال في أحكام أهل الذمة، وللإمام أن يستولي على كل وقف وُقف على كنيسة أو بيت نار أو بيعة ويجعلها على جهة قربات. ويصح الوقف على المار بها من المسلمين لجواز الصدقة على المجتازين وصلاحيتهم للقربة. ولا يصح الوقف على ذمي فقط قدمه في «الفروع» ، ولا يصح الوقف على

الفساق ولا على قطاع الطريق ولا على المغاني وكل المحرمات ولا على المسارح ولا على لاعبي الكرة لم ينشأ عنها من إضاعة صلاة وكلام فاحش من لعن وقذف وأضرار بدنية، ولا يصح على المجلات التي يجتمع فيها أناس للنظر إلى السينما والتلفزيون ولا على لاعبي الشطرنج والورق والنرد والكيرم ولا على طبع المجلات الخليعة ولا على الكتب التي فيها سب للدين أو لحملته ونحو ذلك، ولو خص الفقراء من الفساق وما عطف عليه لم يصح؛ لأنه إعانة على المعصية. ولا يصح الوقف على كتابة نحو التوراة والإنجيل أو شيء منهما؛ لأنه معصية ولو كان الوقف من ذمي لوقوع التبديل والتحريف. وقد روي من غير وجه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب لما رأى مع عمر صحيفة فيها شيء من التوراة، وقال: «أفي شك أنت يا ابن الخطاب، ألم آت بها بيضاء نقية، لو كان أخي موسى حيًا ما وسعه إلا اتباعي» . وكذا كتب بدع، قال في «شرح المنتهى» : ويلحق بذلك كتب الخوارج والقدرية ونحوهما. وكالدواوين التي فيها إلحاد أو هجاء للمسلمين أو تهييج للفساق أو قتل للوقت بلا منفعة دينية أو دنيوية تعين على الدين. ولا يصح الوقف على حربي أو على مرتد؛ لأن ملكه تجوز إزالته والوقف يجب أن يكون لازمًا، ولأن إتلاف أنفسهما والتضييق عليهما واجب فلا يجوز فعل ما يكون سببًا لبقائهما والتوسعة عليهما. ولا يصح وقف ستور وإن لم تكن حريرًا لغير الكعبة كوقفها على الأضرحة. ولا يصح وقف الإنسان على نفسه؛ لأن الوقف إما تمليك للرقبة أو المنفعة

ولا يجوز له أن يملك نفسه من نفسه، كما لا يجوز له أن يبيع ماله من نفسه ونقل حنبل وأبو طالب ما سمعت بهذا ولا أعرف الوقف إلا ما أخرجه لله تعالى، وبهذا قال مالك والشافعي. وقيل: يصح الوقف على النفس وهو رواية عن الإمام أحمد، وبه قال أبو حنيفة واختاره جماعة منهم ابن أبي موسى والشيخ تقي الدين، وصححه ابن عقيل والحارثي وأبو المعالي في «النهاية» و «الخلاصة» و «التصحيح» و «إدراك الغاية» ، ومال إليه في «التلخيص» ، وجزم به في «المنور» و «منتخب الآدمي» ، وقدمه في «النهاية» ، و «المستوعب» و «الهادي» ، و «الفائق» ، والمجد في «مسودته على الهداية» ، وعليه العمل في زمننا وقبله عند حكامنا من أزمنة متطاولة، وهو أظهر، وفي «الإنصاف» ، وهو الصواب وفيه مصلحة عظيمة وترغيب في فعل الخير وهو من محاسن المذهب، وفي «الفروع» ومتى حكم به حاكم حيث يجوز له الحكم، فظاهر كلامهم ينفذ حكمه ظاهرًا وإن كان فيه في الباطن خلافه. وهذا هو القول الذي تميل إليه النفس يؤيده ما ورد عن عثمان - رضي الله عنه - أنه وقف بئر رومة، وقال: دلوي فيها كدلاء المسلمين، والله سبحانه وتعالى أعلم. وعلى القول الأول ينصرف في الحال إلى من بعد فمن وقف على نفسه ثم أولاده أو الفقراء صرف في الحال إلى أولاده أو الفقراء؛ لأن وجود من لا يصح الوقف عليه كعدمه فكأنه وقفه على من بعده إبتداء، فإن لم يذكر غير نفسه فملكه بحاله ويورث عنه. ويصح وقف قنه على خدمة الكعبة صانها الله تعالى. قال في «الإختيارات» : وينبغي أن يشترط في الواقف ممن يمكن من تلك

القربة فلو أراد الكافر أن يقف مسجدًا منع منه. ولا يصح الوقف على تنوير قبر ولا على تبخيره وتطييبه ولا على من يقيم عنده أو يخدمه. ولا يصح الوقف على من يشد الرحل إلى زيارة القبور لتحريم ذلك. ولا يصح وقف القن على حجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - لإخراج ترابها أو إشعال قناديلها أو إصلاحها ويعتبر هذا من الغلو ولا يحل الغلو في القبور ولا إشعالها وتنويرها ولا البناء عليها ولا يجوز زخرفتها؛ لأن كل هذا وسيلة وذريعة إلى الشرك بالله. ولا يصح وقف بيت أو عمارة فيها قبور مسجدًا؛ لقول ابن عباس: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زائرات القبور والمتخذين عليها السرج والمساجد» أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي. ومن وقف شيئًا على غيره كأولاده أو مسجدًا واستثنى غلته كلها لنفسه أو استثنى سكناه أو استثنى بعضها له مدة حياته أو مدة معينة صح أو استثنى غلته أو بعضها لولده أو غيره صح أو استثنى الأكل مما أوقفه أو النفقة عليه أو استثنى الانتفاع لنفسه أو لأهله مدة حياتهم أو اشترط أنه يطعم صديقه مدة حياته. وقال مالك والشافعي ومحمد بن الحسن: لا يصح الوقف إذا وقف على غيره واستثنى الأكل منه مدة حياته؛ لأنه إزالة ملك فلم يجز إشتراط نفعه لنفسه كالبيع والهبة، وكما لو اعتق عبدًا واشترط أن يخدمه ولأن ما ينفقه على نفسه مجهول، فلم يصح اشتراطه كما لو باع شيئًا واشترط أن ينتفع به، ولأن الوقف يقتضي حبس العين وتمليك المنفعة والعين محبوسة عليه ومنفعتها مملوكة له فلم يكن للوقف معنى ويخالف وقف عثمان

رضي الله عنه وقف عام، ويجوز أن يدخل في العام ما لا يدخل في الخاص، والدليل عليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في المساجد وهي وقف على المسلمين، ولأن الوقف العام يدخل فيه من غير شرط ولا يدخل في الوقف الخاص فدل على الفرق بينهما، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. أو اشترط أنه يطعم صديقه مدة معينة صح الوقف والشرط على ما قال سواء قدر ما يأكله أو عياله أو صديقه ونحوه أو أطلقه. قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله اشترط في الوقف أني أقف على نفسي وعيالي، قال: نعم، واحتج بما روي عن حجر المدري أنه في صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأكل أهله منها بالمعروف غير المنكر، ويدل له أيضًا قول عمر لما وقف لا جناح على من وليها أن يأكل منها أو يطعم صديقًا غير متمول فيه وكان الوقف في يده إلى أن مات، ولأنه إذا وقف وقفًا عامًا كالمساجد والسقايات والرباطات والمقابر كان له الانتفاع بذلك وكذلك هنا. فلو مات من استثنى نفع ما وقف مدة معينة في أثناء المدة المعينة لنحو السكنى، فالباقي منها لورثته كما لو باع، واستثنى سكناها سنة ثم مات فيها. قال في «شرح الإقناع» : قلت: فيؤخذ منه صحة إجارة كل ما ملك منفعته وإن لم يشرطها الواقف له ولورثته إجارتها للموقوف عليه ولغيره كالمستثنى في البيع، ومنه يؤخذ صحة إجارة ما شرط سكناه لنحو بنته أو أجنبي أو خطيب أو إمام، قاله البهوتي، فلو لم يكن لمن مات، وقد بقي له بعض المدة ورثة، فالباقي من المدة التي مات عنها لبيت المال كباقي تركته ولا يعطي للموقوف عليه؛ لأنه لا يستحق شيئًا إلا بعد فراغ جميع المدة التي عينها الواقف. ومن وقف شيئًا على الفقراء فافتقر شمله الوقف وتناول الواقف منه؛

لوجود الوصف الذي هو الفقر فيه. ولو وقف إنسان مسجدًا أو مقبرة أو بئرًا أو مدرسة؛ لعموم الفقهاء أو بعضهم: نوع من الفقهاء كالحنابلة والشافعية أو وقف ربطًا أو غيرها للصوفية المستقيمين أو نحوهم مما يعم فالواقف كغيره في الإستحقاق والإنتفاع ما وقفه؛ لقول عثمان هل تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة، فقال: «من يشتري بئر رومة، فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة» فاشتريتها من صلب مالي، فجعلت فيها دلوي مع دلو المسلمين، قالوا: اللهم نعم. والصوفية: هم المشتغلون بالعبادات في غالب الأوقات المعرضون عن الدنيا المتبتلون للعبادة وتصفية النفس من الأخلاق المذمومة. فمن كان من الصوفية جماعًا للمال، ولم يتخلق بالأخلاق المحمودة ولا تأدب بالآداب الشرعية غالبًا لا آداب وضعية إذ لا أثر لما وضعوه من الآداب الغير المطلوبة في الشرع. وإن كان فاسقًا لم يستحق شيئًا من الوقف على الصوفية، قاله الشيخ تقي الدين - رحمه الله - لعدم دخوله فيهم. وقال الصوفي: الذي يدخل في الوقف على الصوفية يعتبر له ثلاثة شروط: الأول: أن يكون عدلاً في دينه، الثاني: أن يكون ملازمًا لغالب الآداب الشرعية في غالب الأوقات، وإن لم تكن واجبة كآداب الأكل والشرب واللباس والنوم والسفر والصحبة والمعاملة مع الخلق إلى غير ذلك من آداب الشريعة قولاً وفعلاً. ولا يلتفت لما أحدثه بعض الصوفية من الآداب التي لا أصل لها في الدين من التزام شكل مخصوص في اللبسة ونحوها كلباس خرقة متعارفة

عندهم من يد شيخ، وغير ذلك مما لا يستحب في الشريعة إذ لا دليل على اشتراطه في الشرع. بل ما وافق الكتاب والسُّنة فهو حق يصار غليه وما لا يكون كذلك فهو باطل لا يعول إليه فلا يلتفت إلى اشتراطه وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق وشرط الله أوثق. الثالث: أن يكون قانعًا بالكفاية من الرزق بحيث لا يمسك ما يفضل عن حاجته هذا ملخص ما ذكره في كتاب الوقف من «الفتاوى المصرية» . الشرط الرابع: من شروط الوقف كونه على معين من جهة كمسجد كذا أو شخص كزيد غير نفسه يملك ملكًا ثابتًا؛ لأن الوقف يقتضي تحبيسًا لا تجوز إزالته. والوقف على المساجد ونحوها وقف على المسلمين إلا أنه غير معين في نفع خاص لهم. فلا يصح الوقف على مكاتب ومعلق عتقه بصفة؛ لأن الوقف تمليك فلا يصح على من لا يملك والمكاتب ملكه غير مستقر، وأما الوقف على المكاتبين فيصح؛ لأنهم جهة يُراد معناه صرفه على جهة المكاتبين فمن كان مكاتبًا استحق قضاء كتابته، ونحو ذلك قاله ابن نصر الله. ولا يصح على مجهول كرجل لصدقة بكل رجل ومسجد بصدقة بكل مسجد ولا على مبهم كأحد هذين الرجلين أو المسجدين ونحوهما لتردده كبعتك أحد هذين العبدين، والذي تميل إليه النفس أنه يجوز ويخرج أحدهما بقرعة، والله أعلم. ولا يصح الوقف على من لا يملك كقن وأم ولد ومدبر. وقيل: يصح الوقف على العبد ويكون لسيده وسواء قلنا: يملك أو لا،

وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وقال الشيخ تقي الدين: يصح الوقف على أم ولده بعد موته وإن وقف على غيرها على أن ينفق عليها مدة حياتها أو يكون الريع لها مدة حياتها صح، وما قاله هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى. ولا يصح على ميت وجن وملك بفتح اللام أحد الملائكة ولا على بهيمة؛ لأنها لا تملك ولا على حمل أصالة كوقف داره على حمل هذه المرأة؛ لأنها تمليك إذن والحمل لا يصح تمليكه بغير الإرث والوصية، وقيل: يصل الوقف على الحمل إبتداء، اختاره الحارثي وصححه ابن عقيل، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس؛ لأنه لم يظهر لي دليل على المنع، والله سبحانه وتعالى أعلم. ولا يصح الوقف على المعدوم كعلى من سيولد لي أو على من سيولد لفلان فلا يصح إصالة، بل يصح الوقف على الحمل أو على من سيولد تبعًا لمن يصح الوقف عليه، كقول واقف وقفت كذا على أولادي ومن سيولد لي من فلان أو لفلان بلا نزاع. وإن وقف شيئًا على شخص اشترط تعيينه لما تقدم من أن الوقف لا يصح على مبهم وإن كان الوقف على جهة فلا يشترط تعيين أشخاصها، بل يشترط تعيين الجهة فقط، كقوله: وقفت على مصنفي التفسير أو شراح الأحاديث أو الأصوليين الذين يصنفون في التوحيد أو على من يدرس الحديث أو التفسير أن الفقه أو الفرائض أو التجويد أو غيره من العلوم المباحة في موضع كذا أو يطلق أو على من يؤذن أو يقيم الصلاة في مسجد كذا أو مدرسة كذا من مدارس المسلمين أو المعهد العلمي أو الجامعة الإسلامية أو الكليات لما في ذلك من تقوية الدين فيصح الوقف في ذلك كله. ويذكر في الوصية أو في الوقف أن الذي يدرس دروسًا محرمة

كالرسام لصور ذوات الأرواح ونحو ذلك لا يستحق من ذلك الوقف شيئًا البتة؛ لأن عمله محرم. ويلزم بمجرد التعيين لصدوره من أهله في محله. وإذا عين الواقف لوقفه ناظرًا، فإنه يقرر ذلك الناظر في الجهات المذكورة الصالح لمباشرة ما عينه الواقف، وهو المتأهل لذلك العمل فلو أقر الناظر غير صالح للقيام بشرط الواقف فلا ينفذ تقريره. وإن قال إنسان: وقفت كذا على أولاد فلان وفي أولاد فلان حمل فيشمله الوقف كمن لم يخلق من أولاد الأولاد تبعًا فيستحق العمل بمجرد وضع وكل حمل من أهل وقف. قال في «الإنصاف» : يتجدد حق الحمل بوضعه من ثمر وزرع ما يستحقه مشتر لشجر أو أرض من ثمر وزرع. قال في «القواعد» : سُئل أحمد عمن وقف نخلاً على ولد قوم ثم ولد مولود قال: إن كان النخل قد أبر فليس له في ذلك شيء وهو ملك الأول وإن لم يكن أبر فهو معهم. وكذلك الزرع إذا بلغ الحصاد فليس له شيء وإن لم يبلغ الحصاد فله فيه. وفي «المغني» : ما كان من الزرع لا يتبع الأرض في البيع فلا حق فيه للمتجدد؛ لأنه كالثمر المؤبر وما يتبع وهو لم يظهر مما يتكرر حمله فيستحق فيه المتجدد في الثمر، وتقدم في بيع الأصول والثمار لا يدخل في بيع نحو أرض ما فيها ما يحصد من زرع إلا مرة كبر وشعير وقطنيات ونحوها ويبقى لبائع إلى أول وقته بلا أجرة ما لم يشترطه مشتر. وإن كان يجز مرة بعد أخرى كرطبة، وبقول أو تتكرر ثمرته كقثاء

وباذنجان فأصوله لمشتر وجزة ظاهرة ولقطة أولى لبائع هذا إذا وجد حالة الوقف. وأما إن كان البذر من مال الموقوف عليهم فهو لهم فلا يستحق الحمل بوضعه منه شيئًا وإنما يستحق قدر نصيبه من المنفعة. وإن كان من مال الوقف، فالظاهر أنه كذلك وكالحمل في تجدد الإستحقاق من أي إنسان قدم إلى مكان موقوف عليه كثغر نزل في ذلك المكان أو خرج منه إلى مثله فيستحق من ثمر وزرع ما يستحقه مشتر لم تقدم قياسًا للإستحقاق على عقد البيع إلا أن يشترط لكل زمن معين فيكون له بقسطه وقياسه من نزل في مدرسة ونحوه. وقال ابن عبد القوى ولقائل أن يقول: ليس كذلك؛ لأن واقف المدرسة ونحوها جعل ريع الوقف في السنة كالجعل على اشتغال من هو في المدرسة عامًا فينبغي أن يستحق بقدر عمله في السنة من ريع الوقف في السنة لئلا يفضي إلى أن يحضر الإنسان شهرًا فيأخذ جميع الوقف ويحضر غيره باقي السنة بعد ظهور الثمرة فلا يستحق شيئًا، وهذا يأباه مقتضى الوقوف ومقاصدها. وكذا قال الشيخ تقي الدين يستحق بحصة من مغله ومن جعله كالولد فقد أخطأ وللورثة من المغل ما باشر مورثهم وأعلم أنه إذا كان استحقاق الموقوف عليه بصفة محضة مثل كونه فقيهًا أو فقيرًا فحكمه حكم الحمل. وأما إذا كان استحقاقه عوضًا عن عمل أو كان إستغلال الأرض لجهة الوقف، فإنه يستحق كل من اتصف بصفة الإستحقاق في ذلك العام منه حتى من مات في أثنائه استحق بقسطه وإن لم يكن الزرع قد وجد، وبنحو ذلك أفتى الشيخ تقي الدين.

وشجر الحور الموقوف إن أدرك أوان قطعة في حياة البطن الأول فهو له وإن مات البطن الأول وبقي الحور في الأرض مدة حتى زاد كانت الزيادة حادثة من منفعة الأرض مدة حتى زاد كانت الزيادة حادثة من منفعة الأرض التي للبطن الثاني، ومن الأصل الذي لورثة الأول، فإما أن تقسم الزيادة على قدر القيمتين، وإما أن يعطى الورثة أجرة الأرض للبطن الثاني، والأول قياس ما تقدم في بيع الأصول والثمار، وفيما أرى أن الكندل والأثل يقال فيه مثل ما يقال في شجر الحور، والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن غرس الحور البطن الأول من مال الوقف ولم يدرك أو أن قطعه إلا بعد انتقاله إلى البطن الثاني فهو لهم وليس لورثة الأول فيه شيء؛ لأنه يتبع أصله في البيع فيتبعه في انتقال الإستحقاق كما تقدم في الثمر غير المتشقق، قاله الشيخ تقي الدين. الشرط الخامس من شروط الوقف: أن يقف ناجزًا غير معلق ولا موقت ولا مشروط بنحو خيار. فلا يصح تعليق الوقف على شرط سواء كان التعليق في ابتدائه كقوله: إذا قدم زيد أوولد لي ولد أو جاء رمضان فداري وقف على كذا، أو كان التعليق لانتهائه، كقوله: داري وقف على كذا إلى أن يحضر زيد أو يولد لي ولد ونحوه؛ لأنه كالهبة إلا أن علق واقف الوقف بموته، كقوله: هو وقف بعد موتي، فإنه يصح. والتعليق بهذه الصيغة تبرع مشروط بالموت، فصح كما لو قال: قفوا داري على جهة كذا بعد موتي، واحتج أحمد بأن عمر وصى فكان في وصيته هذا ما أوصى به عبد الله عمر أمير المؤمنين إن حدث به حدث الموت أن تمغًا صدقه وذكر بقية الخبر، رواه أبو داود بنحو من هذا ووقفه هذا

كان بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - واشتهر في الصحابة ولم ينكر فكان إجماعًا. ويفارق التعليق بشرط في الحياة؛ لأن هذا وصية وهي أوسع من التصرف في الحياة بدليل جوازها بالمجهول والمعدوم، قال في «القاموس» : وثمغ بالفتح مال بالمدينة لعمر وقفه. ويلزم الوقف المعلق بالموت من حين صدوره منه إذ من أحكام الوقف لزومه في الحال أخرجه مخرج الوصية أم لم يخرجه. وعند ذلك ينقطع التصرف فيه بالبيع ونحوه، قال أحمد في رواية الميموني في الفرق بينه وبين المدبر: أن المدبر ليس لأحد فيه شيء وهو ملك الساعة، وهذا متى وقفه على قوم مساكين فكيف يحدث به شيئًا، قاله الحارث، والفرق عسر جدًا. وقال كلام الأصحاب: يقتضي أن المعلق على الموت أو على شرط في الحياة لا يقع لازمًا قبل وجود المعلق عليه؛ لأن ما هو معلق بالموت وصية والوصية في قولهم لا تلزم بالموت والمعلق على شرط في الحياة في معناها فيثبت فيه مثل حكمها، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن كان الموقوف نحو أمة ففي القواعد صارت كالمستولدة فينبغي أن يتبعها ولدها وأما الكسب ونحوه فالظاهر أنه للواقف وورثته إلى الموت؛ لأن الوقف المعلق بالموت يكون لازمًا من حين العقد لزومًا مراعى بموت الواقف؛ لأنه كالوصية فما دام الوقف حيًا يتصرف في نمائه وكسبه ومتى مات انتقل إلى الجهة التي عينه له. فيعتبر الوقف المعلق بالموت من ثلث مال الواقف؛ لأنه حكمه حكم الوصية، فإن خرج من الثلث لم يكن لأحد من الورثة ولا غيرهم رد شيء

منه وما زاد على الثلث فإنه يلزم الواقف منه في قدر الثلث والزائد موقوف على إجازة وأرث. قال في «المغني» : لا نعلم في هذا خلافًا عند القائلين بلزوم الوقف، قال الحارثي: وإذا قال: داري وقف على موالي بعد موتي دخل أمهات أولاده ومدبروه؛ لأنهم من مواليه حقيقة إذن. الشرط السادس من شروط الوقف: أن لا يشترط الواقف في الوقف شرطًا ينافيه من الشروط الفاسدة كشرط نحو بيعه أو هبته متى شاء أو شرط خيار فيه بأن قال: وقفته بشرط الخيار أبدًا أو مدة معينة أو شرط توقيته كقوله: هو وقف يومًا أو سنة أو نحوها أو بشرط تحويل الوقف من جهة لأخرى، كقوله: وقفت داري على جهة كذا على أن أحولها عنها أو عن الوقفية بأن أرجع عنها متى شئت، فإن الشرط شيئًا من ذلك بطل الشرط والوقف. وقال الشيخ تقي الدين: يصح في الكل نقله عنه في «الفائق» ، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله أعلم. وكذلك لو شرط الواقف تغيير شرطه أو متى شاء أبطله لم يصح الوقف؛ لأنه شرط ينافي مقتضى الوقف لكن إن وقف على ولده بأن قال: هذا وقف على ولدي سنة ونحوها كشهر ثم على المساكين صح الوقف والتوقيت. وكذلك إن قال: هذا وقف على ولدي مدة حياتي ثم هو بعد موتي للمساكين، صح؛ لأنه وقف متصل الإبتداء والإنتهاء. وإن قال: هو وقف على المساكين ثم على ولده صح للمساكين دون ولده؛ لأن المساكين لا إنقراض لهم.

قال في «المغني» : ولا تأثير لشرط بيع الموقوف إذا خرب وصرف ثمنه بمثله فلو شرط الواقف ذلك أو شرطه للناظر بعده فسد الشرط فقط، وصح الوقف كما في الشروط الفاسدة في البيع، ذكره الحارثي واستصوبه صاحب «الإنصاف» . قال في «الفروع» : وشرط بيعه إذا خرب فاسد في المنصوص نقله حرب وعلل بأنه ضرورة ومنفعة لهم. من النظم فيما يتعلق بالوقف ألا حبذا المال الحلال لمن هدي إلى البذل في أبواب بر معدد وذلك فضل الله يؤتيه من يشا ومن خير بر المرء وقف مؤبد إذا انقطعت أعمال بر الفتى أتى إليه أنيسًا عند وحشة مفرد فلا تك جماعًا منوعًا مكاثرًا وسارع لبذل الفرض في المال وإبتد وإياك والمال الحرام مورثًا لباذله في البر تشقى وتسعد تعد لعمري أخسر الناس صفقة وأكثرهم غبنًا وعضًا على اليد فبادر إلى تقديم مالك طائعًا صحيحًا شحيحًا رغبة في التزود ولا تخش فوت الرزق فالله ضامن

لنا الرزق ما أبقاك في اليوم والغد ووقفك حبس الأصل مع بذل نفعه يصح بقول ثم فعل بأوطد مؤد لمعناه كجاعل أرضه كمقبرة أو كالرباط ومسجد ويأذن في فعل يعد لأجله وألفاظ تصريح ثلاثة أعدد وقفت حبست الشيء سبلت والكنى تصدقت أو خرمت أبدت وأنشد لصحة وقف بالكنى أن تقارن الصحيح وإلا حكم وقف مخلد كأبدت موقوفًا وليس بقابل انتقال بوجه من وجوه التعقد وينفذ أن يتوي بها الوقف باطنًا وفي ظاهر خذه بتغيير مقصد ولا تمضه في غير ما جاز بيعه بشرط بقا نفع ورشد المؤبد وينفذ في المنقول مثل عقاره وينفذ أيضًا في المشاع كمفرد ووقف حلي جائز اللبس جائز لعارية واللبس في المتأكد ووقف على المجهول ملغى ووقفه وكل حرام البيع كالكلب فاعدد

ورهن وسبع لا يصيد وصائد بوجه وحمل مفرد دوام مولد ويبطل مع شرط الخيار وبيعها متى شا وقيل الشرط لا الوقف أفسد وما لم يدم نفع به مع بقائه كطعم وأثمان وريحان أردد وليس صحيحًا في سوى البر من يقف على غير معروف وبر فما هدي ووقف لأصناف الزكاة مجوز وإصلاح جسر أو رباط ومسجد وللناس حتى أهل عهد تعينوا ويفسد موقوف لأهل التهود وبيعتهم أو كتابة كتبهم ولو كان منهم واقف ذو تجود ويلغى على المرتد أو أهل حربنا وقطاع درب أو ذوي آلة ألدد ومن ليس أهل الملك مثل ملائك وجن كذا العجماء مع قن اعبد ووقف على خيل الغزاة لأهلها وخان وربط مسجد هو لقصد ووجهان فيمن ملكه ناقص وفي الوقوف على حمل كالايصالة أعدد ووقف على الفساق والأغنياء لا يصح ولا ما فيه عون لمفسد

ووقف الفتى شيئًا على نفسه أجز على الظاهر المنصوص من نص أحمد وثنياك من وقف على الغير نفعه حياتك والإنفاق كل ليوطد وإن يشترط إخراج من شا من أهله وإدخال من شا من سوى أهله أردد وإن يشترط حرمان من شاء ناظر متى لم يعين مستحقوه أطد وشرطك ذا فيمن يواتيك حصرهم أرى كاستوى جهل السباق فأفسد وتوقيته كالوقف عامًا أو إن أتى فلان فداري وقف بأجود وقيل يصح الوقف والشرط باطل وإن قال هي وقف إذا مت فأشهد بصحة ذا من ثلثه بعد موته كوقف أبي حفص وقيل بل أردد وإن صح توقيت يكن بعد وقته كمنقطع في الحكم في بابه أقصد ويلزم في الإيجاب في المتأكد وعنه وبالإخراج أيضًا عن اليد ويشرط في الأقوى قبول معين وقفت عليه كالعطالا المعدد فمع شرطه أن ينعدم يغط آنفًا لمن بعده من أهل وقف مؤبد

س41: تكلم بوضوح عن ما يلي: إذا قال إنسان وقفت كذا وسكت إذا لم يخرج الموقوف عن يده، متى يلزم الوقف، قبول الوقف، إذا ارتد الموقف، إلى أين يتعين مصرف الوقف، متى يجوز ركوب الفرس الحبيس؟ صرف موقوف لبناء مسجد على بناء منارة أو شراء سلم للسطح أو صرفه في زخرفة أو في مكانس أو مجارف للمسجد تغيير شرط واقف، وكيف يصرف منقطع الإبتداء؟ الوقف على من لا يصح الوقف عليه، وكيف يصرف منقطع الآخر إذا وقفه وسكت؟ وكيف يقع الحجب بين ورثة الواقف؟ وما مثال ذلك؟ وإذا لم يوجد

كوقف على أولاده إن ردوا أو تووا وإن رد بعض أو توى من بقا أزيد وفي مجلس العلم اشتراط قبولهم ومن بعد موت الواقف أن يتقيد ووقف على من لا يجوز وبعده على جائز صحح لمن جاز فاشهد وقيل إلغ في المردود مع ذي مآله وقيل إن تأتي علم فقد المفسد كمنقطع فاصرفه حتى انقراضهم ومن بعدهم للجائز الصرف أورد (41) إذا وقف وسكت أو لم يخرج الموقوف عن يده أو ارتد الموقف وبيان مصرف الوقف وحكم تغيير شرط الواقف وحكم صحيح الوسط ومنقطع الابتداء وانقطاع الجهة إلخ س41: تكلم بوضوح عن ما يلي: إذا قال إنسان وقفت كذا وسكت إذا لم يخرج الموقوف عن يده، متى يلزم الوقف، قبول الوقف، إذا ارتد الموقف، إلى أين يتعين مصرف الوقف، متى يجوز ركوب الفرس الحبيس؟ صرف موقوف لبناء مسجد على بناء منارة أو شراء سلم للسطح أو صرفه في زخرفة أو في مكانس أو مجارف للمسجد تغيير شرط واقف، وكيف يصرف منقطع الإبتداء؟ الوقف على من لا يصح الوقف عليه، وكيف يصرف منقطع الآخر إذا وقفه وسكت؟ وكيف يقع الحجب بين ورثة الواقف؟ وما مثال ذلك؟ وإذا لم يوجد

لواقف ورثة من النسب، أو انقطعت الجهة والواقف حي فما الحكم؟ وكيف يعمل في وقف صحيح الوسط فقط؟ وما مثاله؟ وإذا وقف على ثلاثة ثم على المساكين أو وقف على ثلاثة ولم يذكر مآلاً، فما الحكم في ذلك؟ وفيما إذا ماتوا وفيما إذا وقف على أولاده وعلى المساكين أو على مسجد أو على مساجد؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والقيود والمحترزات والأمثلة والخلاف والترجيح. ج: لا يشترط لصحة الوقف ذكر الجهة التي يصرف إليها الوقف، فإذا أطلق ولم يعين مصرفًا للوقف فهو صحيح؛ لأنه إزالة ملك على وجه التقرب إلى الله، وما أطلق من كلام الآدميين محمول على المعهود في الشرع. فإذا قال إنسان: وقفت كذا وسكت صح وصرف لورثة الواقف نسبًا لا ولاء ولا نكاحًا. ولا يشترط للزوم الوقف إخراج الموقوف عن يد الواقف؛ لحديث عمر روي عنه - رضي الله عنه - أنه كان في يده إلى أن مات رحمه الله. ويلزم الوقف بمجرده كالعتق ويزول ملكه عنه؛ لأن الوقف تبرع يمنع البيع والهبة فلزم بمجرد اللفظ كالعتق، والهبة تمليك مطلق. والوقف تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة فهو بالعتق أشبه فإلحاقه به أولى وعلم منه أن إخراجه عن يده ليس شرطًا بطريق الأولى، وعلى القول بالاشتراط لو شرط نظره لنفسه سلمه لغيره ثم ارتجعه منه. قال في «الفروع» : ولا يشترط فيما وقف على شخص معين قبوله للوقف؛ لأنه إزالة ملك يمنع البيع والهبة والميراث، فلم يعتبر فيه القبول أشبه العتق. والفرق بين الوقف والهبة والوصية أن الوقف لا يختص المعين، بل يتعلق

به حق من يأتي من البطون في المستقبل فيكون الوقف على جميعهم إلا أنه مرتب فصار بمنزلة الوقف على الفقراء لا يبطل برد واحد منهم ولا يقف على قبوله بخلاف الهبة والوصية لمعين. وإذا كان الوقف على غير معين كالمساكين والفقراء والعلماء أو كان الوقف على من لا يتصور منه القبول كالمسجد والقناطر لم يفتقر إلى القبول من ناظرها ولا من غيره كنائب الإمام؛ لأنه لو اشترط لامتنع صحة الوقف عليها. ولا يبطل الوقف على معين برده للوقف فقبوله له ورده وعدمها سواء في الحكم. ويتعين مصرف الوقف إلى الجهة المعينة من قبل الواقف له نصًا نقله الجماعة وقطع به أكثر الأصحاب؛ لأن تعيين الواقف لها صرف عما سواها. فلو سبل ماء للشرب لم يجز الوضوء به ولا الغسل ونحوه، وكذا لو سبل ماء للوضوء لم يجز الشرب منه؛ لأنه لو لم يجب إتباع تعيينه لم يكن له فائدة، ولا يصح الوضوء ونحوه به. قلتُ: ومثل ذلك ما جعل في الأزيار والقرب في المساجد، فلا يجوز الوضوء به، ولا يجوز الأخذ منه للبيوت والحجر إلا لضرورة أو حاجة، وكذا ما جعل للمارة لم يجز أخذه للبيوت والدكاكين، بل من أراد شرب منه كغيره، وكذا ما جعل في المدارس مخصصًا لهم الظاهر أنه لا يجوز لغيرهم إلا عند الحاجة، والله سبحانه وتعالى أعلم. لأنه غير مباح أشبه المباح المغصوب قال في «شرح الغاية» : ينبغي أن يقيد هذا في البلاد القليلة المياه التي يجمعون ماء الوضوء في أحواضها بالدلاء والسقايات أو يجرون الماء إليها في بعض الأوقات على حسب نوبهم، فهذه لو استعملت

للشرب وإزالة النجاسة لضاق على الناس أمر طهارتهم، بل ربما تعطلوا بالكلية، وكذلك المصانع الصغار التي على الطرقات إنما بنيت لإرواء ظمأ المارة، فلو استعملت في غير ذلك لنفدت في مدة يسيرة وتبقى المارة بقية السنة بلا ماء. وأما في البلاد الكثيرة المياه كدمشق الشام وأمثالها من البلاد الكثيرة المياه، فالظاهر أنه لا مانع من استعمال ماء البرك في مدارسها ومساجدها المعدة للوضوء في الشرب وغيره. وإن كان الواقف لاحظ في بنائها أن تستعمل في الوضوء؛ فإنه لو تناول من البركة الواحدة الخلق الكثير في آن واحد لا ينقص ماؤها إذ كلما أخذ منها شيء خلفه أضعافه. وكذلك السبلات التي بنيت في الأزقة للشرب المشتملة على شيء من الماء مع جريان إليها دائمًا والمصانع الكبرى في الصحارى المبني عليها محارب يباح إستعمال مائها شربًا ووضوءًا إذ وضع واقفيها عليها المحارب قرينة منهم على إباحة إستعمالها لذلك كله. ويؤكد ما ذكر قول الشيخ تقي الدين الآتي قريبًا يجوز تغيير شرط الواقف إلى ما هو أصلح منه، ونقل في «الفروع» قولاً إن سبل ماء للشرب جاز الوضوء منه، ثم قال: فشرب ماء موقوف للوضوء يتوجه عليه. ولا يركب فرس حبيس في حاجة غير تأديبه وغير جمال المسلمين ورفعتهم وغيظ عدوهم أو في علف الفرس وسقيه ولا يعار أو يؤجر إلا لنفعه قاله الآجري، قلت: وكذا المراكب الحديثة لا تستعمل إلا لما يعود إلى مصالح الجهاد في سبيل الله. وسُئل عن التعليم بسهام الغزو، فقال: هو منفعة للمسلمين وعن الإمام

يجوز إخراج بسط مسجد وحصره لمنتظر جنازة؛ لأنها موقوفة لنفع المسلمين وهذا منها. ويجوز صرف موقوف على بناء مسجد لبناء منارته وإصلاحها وبناء منبره وشراء سلم للسطح وبناء ظلة؛ لأنه ذلك من حقوقه ومصالحه ولا يجوز صرف الموقوف على المسجد في بناء مرحاض وهو بيت الخلاء وجمعه مراحيض لمنافاته المسجد وإن ارتفق به أهله. ولا يجوز صرفه أيضًا في زخرفته بالذهب أو الأصباغ؛ لما ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أمرت بتشييد المساجد لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى» رواه أبو داود. وليس ببناء، بل لو شرط لما صح؛ لأنه ليس قربة ولا داخلاً في قسم المباح ولا في شراء مجازف ومكانس وقناديل؛ لأنه ليس ببناء ولا سببًا له فانتفى دخوله في الموقوف عليه. قال الحارثي: وإن وقف على مسجد أو مصالحه جاز صرفه في عمارته وفي نحو مكانس كحصر ومدات ووقود بفتح الواو كزيت ومجارف ومساحي ورزق إمام ومؤذن ومقيم لدخول ذلك كله في مصالح المسجد وضعًا أو عرفًا. قال في «الوهبانية» : ويدخل في وقف المصالح قيم ... إمام خطيب والمؤذن يعبر قلت: وكذا مراوح ونجفات ولمبات وجميع أدوات الكهرب من أسلاك ومواسير وأكواع وطفايات وعداد وكنديشات وقناديل ودواليب لحفظ المصاحف وآلات التنوير. وفي «فتاوى الشيخ تقي الدين» :إذا وقف على مصالح الحرم وعمارته جاز

صرفه لقائم بالوظائف التي يحتاج إليها المسجد من تنظيف وحفظ وفراش وفتح باب وإغلاقه ممن يجوز الصرف إليهم. وعند الشيخ تقي الدين يجوز تغيير شرط واقف لما هو أصلح منه فلو وقف على فقهاء أو صوفية واحتيج للجهاد صرف للجند. ووقف منقطع الإبتداء فقط كوقفه على من لا يجوز الوقف عليه كعلى عبده ثم ولده ثم الفقراء يصرف في الحال لمن بعده فتصرف لولده في الحال لما تقدم من أن وجود من لا يصح الوقف عليه كعدمه. ويصرف منقطع الوسط كوقفه على زيد ثم عبده ثم على المساكين بعد انقطاع من يجوز الوقف عليه لمن بعد ما هو منقطع منه فيصرف بعد موت الولد إلى المساكين؛ لأن الواقف قصد صيرورة الوقف إلى الأوسط والآخر في الجملة ولا حالة يمكن انتظارها فوجب الصرف إليه لئلا يفوت غرض الواقف ولكيلا تبطل فائدة الصحة، ولأن وجود من لا يصح الوقف عليه كعدمه فيكون كأنه وقف على الجهة الصحيحة من غير ذكر الباطلة ولأننا لما صححنا الوقف مع ذكر من لا يجوز الوقف عليه فقد ألغيناه، فإنه يتعذر الصحيح مع اعتباره. وإن وقف على من لا يصح الوقف عليه ولم يذكر له مآلاً صحيحًا كأن يقول وقفته على الأغنياء أو الذميين أو على الكنيسة ونحوها بطل الوقف؛ لأنه عين المصرف الباطل واقتصر إليه. ويصرف منقطع الآخر كعلى زيد ثم عمرو ثم عبيده أو الكنيسة بعد من يجوز الوقف عليه إلى ورثته حين الإنقطاع نسبًا على قدر إرثهم وقفًا وكذا لو وقف على زيد ولم يزد عليه. ويصرف ما وقفه وسكت إلى ورثته، كما لو قال: وقفت هذه الدار ولم

يسمّ مصرفًا صحيحًا؛ لأن مقتضى الوقف التأييد فيحمل على مقتضاه ولا يضر تركه ذكر مصرفه، ولأن الإطلاق إذا كان له عرف صح وحمل عليه وعرف المصرف هاهنا أولى الجهات به فكأنه عينهم بصرفه. فيصرف ريعه إلى ورثة الواقف حين إنقطاع الوقف لا حين موته كما يفهم من «الرعاية» ؛ لأن حكمه حكم الوقف المنقطع الانتهاء نسبًا؛ لأن الوقف مصرفه البر وأقاربه أولى الناس ببره؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي طلحة وإني أرى أن تجعلها في الأقربين، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة وبني عمه، متفق عليه؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة» . ولقوله - عليه الصلاة والسلام -: «إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس» ، ولأنهم أول الناس بصدقاته النوافل والمفروضات فكذا صدقته المنقولة لا ولاء ولا نكاحًا؛ لعدم الإنتساب ويكون على قدر إرثهم من الوقف وقفًا عليهم فلا يملكون نقل الملك في رقبته، وعلم منه صحة الوقف وإن لم يعين له مصرفًا. وعلى قوله إلى ورثته قال ابن نصر الله في «حواشي الفروع» : هل المراد ورثته حين موته أو حين إنقطاع الوقف وإذا صرف إليهم فماتوا فهل ينتقل إلى ورثتهم أم لا؟ فأما الأول ففي «الرعاية» ما يقتضي أن المراد ورثته حين إنقطاع الوقف؛ لأنه إلى ورثته إذًا أي حين الإنقطاع، وأما المسألة الثانية ففي «شرح الخرقي» للزركشي، وحيث قلنا يصرف إلى الأقارب فانقرضوا أو لم يوجد له قريب، فإنه يصرف إلى بيت المال؛ لأنه مال لا مستحق له نص عليه أحمد في رواية إبراهيم وأبي طالب وغيرهما، وقطع به أبو الخطاب وأبو البركات. وقال ابن عقيل في «التذكرة» ، وصاحب «التلخيص» ، وأبو محمد: يرجع إلى

الفقراء والمساكين إذ القصد بالوقف الصدقة الدائمة، انتهى. ولم يذكر إذا مات بعض الورثة فهل يصرف إلى ورثة الواقف إذ ذاك وأنه إذا حدث للواقف وارث، فإنه يشارك الموجودين كما في نظائره، والله أعلم. ع ن. والذي تميل إليه النفس قول من قال: إنه يرجع إلى الفقراء والمساكين إذ القصد بالوقوف الصدقة الدائمة، والله سبحانه وتعالى أعلم. ويقسم بينهم على قدر إرثهم من الواقف فيستحقونه كالميراث ويقع الحجب بين ورثة الواقف فيه كوقوعه في إرث والغني والفقير في ذلك سواء لاستوائهم في القرابة. قال القاضي: فلبنت مع ابن ثلث وله الباقي، والأخ لأم مع أخ لأب سدس وله ما بي وإن كان جد لأب وأخ لأبوين أو لأب يشتركان سوية ويقتسمان ريع الوقف المذكور كالميراث، ويأتي إن شاء الله في الجزء الذي بعد هذا في الفرائض الكلام على الجد والأخوة والخلاف والراجح، وإن كان أخ لغير أم انفرد به العم كالميراث، فإن عدموا بأن لم يكن لواقف ورثة النسب فمعروف وقفه للفقراء والمساكين وقفًا عليهم؛ لأن القصد بالوقف الثواب الجاري على وجه الدوام وإنما قدم الأقارب على المساكين لكونهم أولى، فإذا لم يكونوا فالمساكين أهل ذلك، فصرف إليهم، وقيل: يصرف في مصالح المسلمين فيرجع إلى بيت المال، والذي تطمئن إليه النفس القول الأول، والله سبحانه وتعالى أعلم. ومتى انقطعت الجهة الموقوف عليها والواقف حي بأن وقف على أولاده أو أولاد زيد فقط فانقرضوا في حياته رجع إليه وقفًا، وقيل: إنه لا يرجع إلى الواقف وقفًا لانقطاع الجهة الموقوف عليها. والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم.

قال في «شرح المنتهى» : أي متى قلنا يرجع إلى أقارب الواقف وقفًا، وكان الواقف حيًا رجع إليه وقفًا، وكذا الوقف على أولاده وأنسالهم أبدًا على أنه من توفي منهم عن غير ولد رجع نصيبه إلى أقرب الناس إليه فتوفي أحد أولاده عن غير ولد والأب الواقف حي عاد نصيبه إليه لكونه أقرب الناس. وقيل: إلى عصبته وذريته، والذي تميل إليه النفس القول الثاني أنه يعود إليه وقفًا، والله سبحانه وتعالى أعلم. ويعمل في وقف صحيح وسط فقط دون الإبتداء والآخر كما لو وقف داره على عبده ثم على زيد ثم على الكنيسة بالاعتبارين بأن يلغى ما عدا الوسط ويجعل كأنه جعل وقفه ما عدا الطرفين فيصرف في الحال لزيد ويرجع بعد زيد لورثة واقف نسبًا وقفًا على قدر إرثهم ثم على المساكين. ولو وقف على زيد وعمر وبكر ثم على المساكين فمن مات منهم رجع نصيبه لمن بقي منهم؛ لأنه الموقوف عليه أولاً وعوده إلى المساكين مشروط بانقراضهم؛ لأن استحقاقهم مرتب بثم، فإن مات الثلاثة فللمساكين عملاً يشرطه. وإن وقف على ثلاثة ولم يذكر الواقف مآلاً، بل سكت فمن مات منهم رجع نصيب ميت منهم لباق كالتي قبلها لا كمنقطع إذ احتمال الانقطاع في غاية البعد، قاله الشيخ تقي الدين. وقيل: إذا وقف على ثلاثة ولم يذكر مآلاً فمن مات منهم فحكم نصيبه حكم المنقطع، فإذا مات الثلاثة جميعًا صرف كمنقطع لورثة الواقف نسبًا على قدر إرثهم وقفًا، فإن عدموا فللمساكين، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم.

س42: متى يزول ملك الواقف فيما وقف على نحو مسجد؟ ومتى ينتقل فيما وقف على آدمي؟ وإذا جنى القن الموقوف فما الحكم؟ ومن الذي تلزمه فطرة القن الموقوف وزكاته، وهل يقطع بسرقة الموقوف، ولمن نماؤه، ونفعه، وهل يتزوج موقوف عليه أمة موقوفة عليه، وهل ينفسخ به نكاحها؟ وهل له ولاية تزويجها؟ ومتى يلزم الولي تزويجها؟ وما حكم ولدها مع شبهة، وعتق الرقيق الموقوف؟ وإذا قطع عضو من أعضاء موقوف فما الحكم؟ وأين مصرف أرش رقيق عفى عن الجناية، وإذا قتل عمدا الرقيق، فماذا يجب؟ وما حكم العفو عنها؟ وإذا قتل قودا فهل يبطل الوقف؟ وهل يبطل بالقطع؟ وكيف يتلقى الوقف كل بطن؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

ومن وقف على أولاده وعلى المساكين فهو بين الجهتين نصفين يصرف لأولاده النصف وللمساكين النصف لاقتضاء الإضافة التسوية، وكذا لو وقف على مسجد معين أو وقف على مساجد معلومات وعلى إمام يصلي في المسجد أو يصلي في أحد المساجد فيكون ما وقفه بين الجهتين نصفين لانتفاء مقتضى التفاوت. (42) زوال ملك الواقف وإنتقاله وجناية الموقوت وزكاته ونماؤه وتزويجه وأرش الجناية وعتق الرقيق الموقوف إلخ س42: متى يزول ملك الواقف فيما وقف على نحو مسجد؟ ومتى ينتقل فيما وقف على آدمي؟ وإذا جنى القن الموقوف فما الحكم؟ ومن الذي تلزمه فطرة القن الموقوف وزكاته، وهل يقطع بسرقة الموقوف، ولمن نماؤه، ونفعه، وهل يتزوج موقوف عليه أمة موقوفة عليه، وهل ينفسخ به نكاحها؟ وهل له ولاية تزويجها؟ ومتى يلزم الولي تزويجها؟ وما حكم ولدها مع شبهة، وعتق الرقيق الموقوف؟ وإذا قطع عضو من أعضاء موقوف فما الحكم؟ وأين مصرف أرش رقيق عفى عن الجناية، وإذا قتل عمدًا الرقيق، فماذا يجب؟ وما حكم العفو عنها؟ وإذا قتل قودًا فهل يبطل الوقف؟ وهل يبطل بالقطع؟ وكيف يتلقى الوقف كل بطن؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: يزول ملك الواقف فيما وقف على نحو مسجد كمدرسة ورباط وقنطرة وفقراء وغزاة، وكذا بقاع المساجد والمدارس والقناطر والسقايات وينتقل بمجرد وقف لله تعالى، قال الحارثي: بلا خلاف.

وينتقل الملك فيما وقف على آدمي معين كزيد وعمرو له وعلى جمع محصور كأولاده وأولاد زيد للمحصور؛ لأنه سبب يزيل التصرف في الرقبة فملكه المنتقل إليه كالهبة وفارق العتق من حيث أنه إخراج عن حكم المالية، ولأنه لو كان تمليكًا للمنفعة المجردة لم يلزم كالعارية والسكنى. وقال أحمد: من وقف على ورثته في مرضه يجوز؛ لأنه لا يباع ولا يورث ولا يصير ملكًا للورثة يحتمل أنه أراد أنهم لا يملكون التصرف في الرقبة جمعًا بين قوليه لا يقال عدم ملكه التصرف فيها يدل على عدم ملكه لها؛ لأنه ليس بلازم بدليل أم الولد، فإنه يملكها ولا يملك التصرف في رقبتها. فينظر في الوقف الموقوف عليه إن كان مكلفًا رشيدًا، قال ابن رجب: قال في «الإنصاف» : هذا المذهب بلا ريب أو ينظر فيه وليه إن كان الموقوف عليه صغيرًا أو مجنونًا أو سفيهًا حيث لا ناظر بشرط يأتي في الكلام على الناظر. ولو كان الموقوف أرضًا على معين وقلنا إنه يملك الوقف فغصبها إنسان وزرعها وأدركها من وقفت عليه والزرع قائم فإنه يتملك زرع غاصب بنفقته وهي مثل بذره وعوض لواحقه كمالك الأرض المطلق. ويلزم الموقوف عليه المعين أرش جناية خطأ الموقوف إن كان قنًا كما يلزم سيد أم الولد فداؤها ولا يتعلق الأرش برقبته؛ لأنه لا يمكن تسليمه كأم الولد ولا يلزم الموقوف عليه أكثر من قيمته، بل يفديه بالأقل من أرش الجناية أو قيمته، وفي «الغاية وشرحها» : ويتجه أنه لا يلزم الموقوف عليه عمده أي ما جناه القن الموقوف عمدًا، وإن الموقوف عليه له تسليم القن الجاني عمدًا لولي الجناية الموجبة للقصاص؛ لعموم قوله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} الآية، لقتل إن اختاره الولي لوجوبه بالجناية سواء كانت الجناية على الموقوف

عليه أو على غيره، وللموقوف عليه تسليم الجاني ليتملكه ولي الجناية بدل ملكه الذي فوته عليه بجنايته، لكن التسليم للتمليك تأباه القواعد لخروجه عن التأبيد الذي هو أعظم المقاصد وإن عفا ولي الجناية على مال، فعلى الموقوف عليه المعين أقل أمرين كما سبق. اهـ. وقيل: إن جنى الوقف خطأ فالأرش يكون في كسبه إذا كان الموقوف عليه معينًا؛ لأنه ليس له مستحق معين ولا يمكن تعلقها برقبته، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ويلزم موقوفًا عليه فطرة القن الموقوف، وكذا لو اشترى عبدًا من غلة الوقف لخدمة الوقف، فإن الفطرة تجب قولاً واحد التمام التصرف فيه. قال أبو المعالي: ويلزم موقوفًا عليه زكاته لو كان إبلاً أو بقرًا أو غنمًا سائمة على ظاهر كلام الإمام أحمد، واختيار القاضي في التعليق والمجد وغيرهما. قال الناظم: لكن يخرج من غيرها، وقدمه الزركشي، وتقدم في الزكاة بأتم من هذا، وتقدم أيضًا تجب الزكاة في غلة شجر وأرض موقوفة على معين بشرطه. ويخرج من عين ثمر وزرع؛ لأنه ملك الموقوف عليه. ويقطع سارق الموقوف وسارق نمائه إذا كان على معين ولا شبهة للسارق لتمام الملك فيه، قال في «الشرح» : فيستوفيه بنفسه وبالإجارة والإعارة ونحوها إلا أن عين في الوقف غير ذلك. وللموقوف عليه المعين نفع الموقوف بإستعماله، وله نماؤه وغلته بلا نزاع. وجناية موقوف على غير آدمي معين كعبد موقوف على مسجد أو على

المساكين إذا جنى فأرش جنايته في كسبه؛ لأن ليس له مستحق معين يمكن إيجاب الأرش عليه ولا يمكن تعلقها في رقبته فتعين في كسبه. ولا يتزوج موقوف عليه أمة موقوفة عليه؛ لأن الملك لا يجامع النكاح وينفسخ بوقفها عليه نكاحها للملك ولا يطأ لأمة الموقوفة ولو أذن في وطئها واقف؛ لأن ملكه ناقص ولا يمكن منع حبلها فتنقص أو تتلف أو تخرج من الوقف بأن تبقى أم ولد. وللموقوف عليه ولاية تزويجها لملكه لها ويلزم الولي تزويجها إن طلبت صيانة لها عن الوقوف في المحرم إن لم يشرط واقف ولاية التزويج لغير الموقوف عليه ولموقوف عليه الأمة أخذ مهرها إن زوجها هو أو غيره ولو كان المهر لوطء شبهة؛ لأنه بدل المنفعة وهو يستحقها كالأجرة. وكالصوف واللبن والثمرة، وسواء كان الواطئ الواقف أو غيره وهذه كلها فوائد القول بأنه يملكها وكذا النفقة عليه وولد الموقوفة من وطء مع شبهة بنحو زوجة حرة كبأمته ولو كان الواطئ من قن اشتبهت عليه بمن ولده منها حر لاعتقاده حريته. وعلى واطيء قيمة الولد لتفويته عليه رقه بإعتقاده حريته يوم وضعه حيًا تصرف قيمته في شراء مثله يكون وقفًا مكانه؛ لأن القيمة بدل عن الوقف فوجب أن ترد في مثله وتصير الموقوفة أم ولده؛ لأنه أحبلها بحر في ملكه وولد من زوج، ولا شرط حريته أو من زنا وقف معها هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب، قاله في «شرح الغاية» ، وقال في «شرحها» : لأن ولد كل ذات رحم حكمه حكمها كأم الولد والكسب ما لم يعرض لذلك ما يمنعه كالشبهة واشتراط زوج الأمة على سيدها عند تزويجها حرية ولدها ونحوهما، قاله في «شرح المنتهى» .

ونظر البهوتي في شرحه عليه وعلله بأن الموقوف عليه لا يملك عتقه بالتصريح فلا يملك شرطه، انتهى مع أن عبارة شارك «المنتهى» لا تؤدي ما فهم منها إذ ما ذكروه بيان لأصل المسألة وإيضاح لأصل القاعدة من أن ولد كل ذات رحم حكمه حكمها فاستثنى من القاعدة الشبهة واشتراط الحرية ولابد في الشبهة من كونها اشتبهت بمن ولدها منه حر ولو كان الواطيء رقيقًا، فمن أمعن النظر ظهر له الحق. وحيث قلنا أن الموقوف عليه يملك الموقوفة فوطئها، فإنه لا حد عليه للشبهة ولا مهر عليه بوطئه إياها؛ لأنه لو وجب لوجب له ولا يجب للإنسان شيء على نفسه. وولد الموقوف عليه من الموقوفة حر للشبهة وعلى الواطيء قيمة الولد يوم وضعه حيًا تصرف في مثله؛ لأنه فوت رقه على من يؤول الوقف عليه بعده، ولأن القيمة بدل عن الوقف فوجب أن ترد في مثله. وتعتق المستولدة ممن هي وقف عليه بموته؛ لأنها صارت أم ولده لولادتها منه وهو مالكها وواطيء الأمة الموقوفة عليه لا يزول ملكه عنها باستيلاده إياها ما دام حيًا مع بقاء تحريمها عليه وكونها صارت أم ولده لا يباح له وطؤها لنقص ملكه، ولأنه ممنوع من وطئها إبتداء فمنع منه دوامًا. ويجب قيمتها في تركته إن كانت؛ لأنه أتلفها على من بعده من البطون يشتري بقيمتها مثلها ويشتري بقيمة وجبت بتلفها أو تلف بعضها مثلها يكون وقفًا مكانها لينجبر على ذلك البطن ما فاتهم أو يشتري بذلك منقص من أمه إن تعذر شراء أمة كاملة يصير ما يشتري بالقيمة أو بعضها وقفًا بمجرد الشراء كبدل أضحية.

ولا يصح عتق رقيق موقوف بحال لتعلق حق من يؤول الوقف به، ولأن الوقف عقد لازم لا يمكن إبطاله، وفي القول بنفوذ عتقه إبطال له وإن كان بعضه غير موقوف فأعتقه مالكه صح فيه ولم يسر إلى البعض الموقوف؛ لأنه إذا لم يعتق بالمباشرة فلان لا يعتق بالسراية أولى غير قن مكاتب وقفه سيده بعد مكاتبته وأدى ما عليه من مال الكتابة. وقيل: لا يصح وقف المكاتب؛ لأن الوقف يجب أن يكون مستقرًا والوقف فيه غير مستقر، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ويملك الموقوف عليه الوقف إذا كان الموقوف عليه آدميًا معينًا أو جمعًا محصورًا؛ لأنه سبب يزيل التصرف في الرقبة فملكه المنتقل إليه كالهبة وفارق العتق من حيث أنه أخرج عن حكم المالية، ولأنه لو كان تمليكًا للمنفعة المجردة لم يلزم كالعارية والسكنى، وقيل: لا يملكه، بل ينتقل إلى الله ويكون ملكًا لله؛ لأنه حبس عين وتسبيل منفعة على وجه القربة، فأزال الملك إلى الله تعالى كالعتق، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن قطع عضوًا من أعضاء موقوف كيده ونحوها عمدًا فللقن الموقوف القود؛ لأنه حقه لا يشرك فيه أحد وإن عفى الرقيق الموقوف عن الجناية عليه أو كان القطع أو الجرح لا يوجب قودًا؛ لعدم المكافأة أو كونه خطأ أو جائفة ونحوه فأرشه يصرف في مثل المجني عليه إن أمكن وإلا اشترى به شقص من مثله؛ لأنه بدل عن بعض الوقف، فوجب أن يرد في مثله. قال الحارثي: اعتبار المثلية في البدل المشتري بمعنى وجوب الذكر في الذكر والأنثى بالأنثى والكبير بالكبير وسائر الأوصاف التي تتفاوت

الأعيان بتفاوتها لاسيما الصناعة المقصودة في الوقف، والدليل على الاعتبار أن الغرض جبران ما فات ولا يحصل بدون ذلك. وإن قتل رقيق موقوف عبدًا أو أمة ولو كان قتله عمدًا محضًا من مكافيء له، فالواجب بذلك قيمته دون القصاص؛ لأن الموقوف عليه لا يختص به فلم يجز أن يقتص من قاتله كالعبد المشترك. ولا يصح عفو الموقوف عليه عن قيمة المقتول، ولو قلنا أنه يملكه؛ لأن ملكه لا يختص به لتعلق حق البطن الثاني به تعلقًا لا يجوز إبطاله ولا يعلم قدر ما يستحقه هذا منه فيعفو عنه. وإن قتل الموقوف قودًا بأن قتل مكافئًا له عمدًا فقتله ولي المقتول قصاصًا بطل الوقف كما لو مات حتف أنفه ولا يبطل الوقف إن قطع عضوًا منه قصاصًا كما لو سقط بآكلة. ويتلقى الموقوف عليهم الوقف كل بطن منهم عن واقفه لا من البطن الذي قبله، قال القاضي في «المجرد» ، وابن عقيل في «الفصول» ، والموفق في «المغني» ، وابن رجب في «القواعد الفقهية» ، وصححه الطوفي في «قواعده» : لأن الوقف صادر على جميع أهل الوقف من حينه فمن وقف شيئًا على أولاده ثم أولادهم ثم أولاد أولادهم ما تناسلوا كان الوقف على جميع نسله إلا أن استحقاق كل طبقة مشروط بانقراض من فوقها، قال في «المغني» : وإن رتب، فقال: وقفت هذا على ولدي وولد ولدي ما تناسلوا أو تعاقبوا الأعلى فالأعلى أو الأقرب فالأقرب أو الأول فالأول أو البطن الأول ثم البطن الثاني. أو على أولادي ثم أولاد أولادي أو على أولادي، فإذا انقرضوا فعلى أولاد أولادي فكل هذا على الترتيب ويكون على ما شرط ولا يستحق البطن الثاني شيئًا حتى ينقرض البطن الأول كله ولو بقي واحد من البطن الأول

س43: إلى أي شيء يرجع عند التنازع في شيء أمر الوقف الذي يملكه الإنسان والذي تحت يده ولا يملكه؟ وهل الإستثناء كالشرط؟

كان الجميع له؛ لأن الوقف ثبت بقوله فينبع فيه مقتضى كلامه. وإن قال على أولادي وأولادهم ما تعاقبوا وتناسلوا على أنه من مات منهم عن ولد كان ما كان جاريًا عليه جاريًا على ولده كان ذلك دليلاً على الترتيب؛ لأنه لو اقتضى التشريك لاقتضى التسوية ولو جعلنا لولد الولد سهمًا مثل أبيه ثم دفعنا إليه سهم أبيه صار له سهمان ولغيره سهم. وهذا ينافي التسوية، ولأنه يفضي إلى تفضيل ولد الغبن الإبن على الإبن والظاهر من إرادة الواقف خلاف هذا، فإذا ثبت الترتيب، فإنه ترتيب بين كل والد وولده، فإذا مات عن ولد انتقل إلى ولده سهمه سواء بقي من البطن الأول أحد أو لم يبق. فإذا امتنع البطن الأول حال استحقاقهم من اليمين مع الشاهد لهم بالوقف لثبوت وقفه فلمن بعده من البطون ولو قبل استحقاقهم الوقف الحلف مع الشاهد بالوقف لثبوته؛ لأنه موقوف عليه. وعلم منه أنهم لا يستحقونه بالحلف، بل عد إنقراض من قبلهم، ففائدة ذلك عدم صحة تصرف من بيده الوقف فيه ببيع ونحوه وحيث ثبت الوقف بالحلف المذكور، فإن الريع يكون للبطن الأول؛ لأن يدخل في ملكهم قهرًا كالإرث. (43) ما يرجع به عند التنازع في شيء من أمر الوقف وما يرجع إليه وما يتعلق بالشرط في الوقف وبيان التخصيص وإدخال شيء أو إخراجه وحكم تغيير الشرط وما قال الشيخ تقي الدين حول ذلك س43: إلى أي شيء يرجع عند التنازع في شيء أمر الوقف الذي يملكه الإنسان والذي تحت يده ولا يملكه؟ وهل الإستثناء كالشرط؟

وما الذي مثل الشرط؟ وما حكم العمل بالشرط؟ ومتى يجب الرجوع إلى الشرط الذي شرطه الواقف؟ وفي أي شيء يرجع؟ وما صفة التساوي؟ وما صفة التفضيل؟ وإذا خرج الواقف شيئًا أو أدخله فهل يعمل بذلك، واذكر أمثلة للصفات التي يستحق بها، وما حكم تغيير الشرط وإذا خصص مدرسة أو مقبرة أو إمامتها بأهل مذهب فما الحكم؟ وإذا شرط أن لا ينتفع بالوقف أو خصص إمامة بذي مذهب مخالف، وما معنى قول العلماء نصوص الواقف كنصوص الشارع؟ واذكر الدليل والتعليل والتفصيل والمحترز والقيد والخلاف والترجيح. ج: يرجع عند التنازع في شيء من أمر الوقف وجوبًا لشرط واقف كقوه شرطت لزيد كذا ولعمر وكذا؛ لأن عمر شرط في وقفه شروطًا، ولو لم يجب إتباع شرطه لم يكن في إشتراطه فائدة، ولأن ابن الزبير وقف على ولده وجعل للمردودة من بناته أن تسكن غير مضرة ولا مضر بها فإذا استغنت بزوج فلا حق لها فيه، ولأن الوقف متلقى من جهته فاتبع شرطه. ولو كان الشرط مباحًا كشرطه الدار الموقوفة أن تكون للسكنى دون الإستغلال، فإنه يجب إعتباره في كلام الواقف، وأما وقف الدار عند الإطلاق، فقيل: يحمل على الإستغلال لا على السكنى، قال في «النظم الوهباني» : ومن وقفت دار عليه فما له ... سوى الأجر والسكنى بها لا تقرر ولا يعمل بمكروه كشرطه أن لا يصلي في مسجد بناه إلا طائفة كذا. وفي «الغاية وشرحها» : ويتجه أنه يعتبر هذا الشرط ويرجع إليه وجوبًا إذا وقف الإنسان وقفًا يملكه بنوع من أنواع التملكات الصحيحة، والقول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم.

فأما وقف الأمراء والسلاطين فلا يتبع شروطهم؛ لأنهم لا ملك لهم إذ ما بأيديهم إما مجتمع من المظالم أو من الغنائم أو من الجزية أو من مال لا وارث له ونحو ذلك. وعلى كل حال ليس لهم مما بأيديهم شيء، وإنما هو للمسلمين يصرف في المصالح العامة فلو اشتروا مما بأيديهم شيء عقارات ووقفوها وشرطوا في أوقافهم شروطًا، فلا تجب العمل بها، فمن كان له حق في بيت المال ومنع منه فله أن يتناول من أوقافهم كفايته ولو لم يعمل مما شرطوه إلا أن كان فيما شرطوه مصلحة للمسلمين كمدرس كذا من العلوم النافعة وطالب كذا منها كذلك، وكشرطهم إن مات عن ولد والولد في مرتبة والده بأن يكون فيه أهلية للقيام بوظيفة أبيه، فالوظيفة له لاستحقاقه إياها. ففي هذا كله يجب العمل بشروطهم إذ في العمل بها مصلحة للمسلمين فيجب العمل بها، ولا يجب العمل بشرطهم إذا شرطوا أن وظيفة الوالد لولده وإن لم يكن مثل والداه؛ لأن ذلك رفع الشيء لغير أهله ووضعه في غير محله أو شرط لأحدهم أن يدفع كذا من ريع وقفه لمن يقرأ الدرس من العلوم النافعة كالفقه والتفسير والتوحيد والحديث والفرائض والعربية في مدرسته، فلا يتعين عليه فعله في تلك المدرسة، بل عليه أن يقرأ الدرس المشروط في أي موضع كان عملاً بشرط الواقف في الجملة. ومثل شرط صريح في حكم وجوب الرجوع إليه استثناه، قال في «الإنصاف» : والإستثناء كالشرط على الصحيح من المذهب نص عليه، انتهى فيرجع إليه. فلو وقف على أولاده وأولاد زيد أو قبيلة كذا إلا بكرًا لم يكن له شيء. ومثل الشرط مخصص من صفة كما لو وقفه على أولاده الفقهاء أو

المشتغلين بالعلم، فإنه يختص بهم فلا يشاركهم من سواهم وإلا لما كان لتخصيصه فائدة. ومثل الشرط في حكم الرجوع إليه مخصص من عطف بيان؛ لأنه مشبه بالصفة في إيضاح متنوعه وعدم إستقلاله، فمن وقف على ولده أبي محمد عبد الله، وفي أولاده ومن كنيته أبو محمد غيره اختص به عبد الله. ومثله في حكم أيضًا مخصص من توكيد كما لو وقف على أولاد زيد نفسه فلا يدخل أولاد أولاده. وكذا مخصص من بدل كمن له أربعة أولاد، وقال: وقفت على ولدي فلان وفلان وفلان وعلى أولاد أولادي، فإن الوقف يكون على أولاده الثلاثة وأولاده الأربعة؛ لأنه أبذل بعض الولد وهو فلان وفلان وفلان من اللفظ المتناول للجميع وهو ولدي، فاختص بالبعض المبدل؛ لأنه المقصود بالحكم، كقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} لما خص المستطيع بالذكر اختص الوجوب به. ولو قال: ضربت زيدًا رأسه ورأيت زيدًا وجهه اختص الضرب بالرأس والرؤية في الوجه، قال في «المغني» : ومنه قوله تعالى: {وَيَجْعَلَ الخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ} وقول القائل: طرحت الثياب بعضها فوق بعضها، فإن الفوقية تختص بالبعض مع عموم اللفظ الأول كذا هاهنا. ولو قال: وقفت على ولدي فلان وفلان ثم الفقراء لا يشمل ولد ولده ونحو ما تقدم تقديم الخبر، كقوله: وقفت داري على أولادي والساكن منهم عند حاجته بلا أجرة فلان، وكذا مخصص من جار ومجرور نحو وقفت هذا على أنه من اشتغل بالعلم من أولادي صرف إليه. وكذا إن قال: وقفته بشرط أنه من تأدب بالآداب الشرعية صرف إليه

ونحوه فيرجع إلى ذلك كله كالشرط فلو تعقب الشرط ونحوه جملاً عاد الشرط ونحوه إلى جميع الجمل. وكذا الصفة إذا تعقبت جملاً عادت إلى الكل. قال في «القواعد الأصولية» : في عود الصفة للكل لا فرق بين أن تكون متقدمة أو متأخرة. وقال الشيخ تقي الدين: موجب ما ذكره أصحابنا في عود الشرط ونحوه للكل؛ لأنه لا فرق بين العطف بالواو وبالفاء أو بثم على عموم كلامهم. ويجب العمل بالشرط في عدم إيجار الوقف أو قدر مدة الإيجار، فإن شرط أن لا يؤجر أكثر من سنة لم تجز بالزيادة عليها، لكن عند الضرورة يزاد بحسبها ولم يزل عمل القضاة عليه من أزمنة متطاولة. وقال الشيخ تقي الدين: والشروط إنما يلزم الوفاء بها إذا لم تفض الإخلال إلى المقصود الشرعي. وقال - رحمه الله -: قاعدة فيما يشترط الناس في الوقف، فإن فيها ما فيه عوض دنيوي وأخرون وما ليس كذلك، وفي بعضها تشديد على الموقوف عليه. فنقول: الأعمال المشروطة في الوقف على الأمور الدينية مثل الوقف على الأئمة والمؤذنين والمشتغلين بالعلم من القرآن والحديث والفقه ونحو ذلك أو بالعبادات أو بالجهاد في سبيل الله تنقسم إلى ثلاثة أقسام: أحدها: عمل يتقرب به إلى الله وهو الواجبات والمستحبات التي رغب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها وحض على تحصيلها، فمثل هذا الشرط يجب الوفاء به ويقف إستحقاق الوقف على حصوله في الجملة.

والثاني: عمل نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه نهي تحريم أو نهي تنزيه، فاشتراط مثل هذا العمل باطل باتفاق العلماء لما قد استفاض عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خطب على منبره، فقال: «ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله! من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فهو باطل» ، وإن كان مائة شرط، وكذا ما كان من الشروط مستلزمًا وجود ما نهى عنه الشارع فهو بمنزلة ما نهى عنه. وما علم أنه نهى عنه ببعض الأدلة الشرعية فهو بمنزلة ما علم أنه صرح بالنهي عنه، ومن هذا الباب أن يكون العمل المشترط ليس محرمًا في نفسه؛ لكنه مناف لحصول المقصود المأمور به. ومثال هذه الشروط أن يشترط على أهل الرباط ملازمته، وهذا مكروه في الشريعة مما أحدثه الناس أو يشترط على الفقهاء إعتقاد بعض البدع المخالفة للكتاب والسُّنة أو بعض الأقوال المحرمة أو يشترط على الإمام أو المؤذن ترك بعض سنن الصلاة والأذان أو فعل بعض بدعهما مثل أن يشترط على الإمام أن يقرأ في الفجر بقصار المفصل أو أن يصل الأذان بذكر غير مشروع أو أن يقيم صلاة العيد في المدرسة أو المسجد مع إقامة المسلمين لها على سُّنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم -. ومن هذا الباب أن يشترط عليهم أن يصلوا وحدانًا ومما يلحق بهذا القسم أن يكون الشرط مستلزمًا ترك ما ندب إليه الشارع مثل أن يشترط على أهل رباط أو مدرسة أو جانب المسجد الأعظم أن يصلوا فيها فرضهم، فإن هذا دعا إلى ترك الفرض على الوجه الذي هو أحب إلى الله ورسوله فلا يلتفت إلى مثل هذا. القسم الثالث: عمل ليس بمكروه في الشرع ولا مستحب، بل هو مباح مستوى الطرفين، فهذا قول بعض العلماء بوجوب الوفاء به والجمهور من

العلماء من أهل المذاهب المشهورة وغيرهم على أن شرطه باطل، فلا يصح عندهم إلا ما كان قربة إلى الله تعالى، وذلك لأن الإنسان ليس له أن يبذل ماله إلا لما فيه منفعة في الدين أو الدنيا فما دام الإنسان حيًا فله أن يبذل ماله في تحصيل الأغراض المباحة؛ لأنه ينتفع بذلك. فأما الميت فما بقي بعد الموت ينتفع من أعمال الأحياء إلا بعض صالح قد أمر به أو أعان عليه أو أهدي إليه ونحو ذلك، فأما الأعمال التي ليست طاعة لله ورسوله فلا ينتفع بها الميت بحال، انتهى من «مجموع فتاوى شيخ الإسلام» . وقال المصنف: لذلك وأنه يجب العمل بالشرط إن لم يحتج إلى زيادة على القدر المشروط، أما إذا احتيج بأن تعطلت منافع الموقوف ولم يمكن تعميره إلا بذلك جاز. وإن تعذر عقود حيث احتيج إليه كعقد واحد حتى لو شرط أن لا يؤجر أبدًا واحتاج الوقف إلى الإجازة فللناظر أن يؤجره وهو أولى من بيعه وقد أفتى به المرداوي وغيره ولم تزل علماؤنا تفتي به وهو أولى من بيعه ولا تجوز المحافظة على بعضها مع فوات المقصود بها ويأتي. وقال في «شرح الوجيز» : إن كان الوقف يحتاج إلى عمارة لا تحصل إلا بأن يزاد على المدة المشروطة مدة أخرى جاز أن يزاد عليها بقدر ما يحتاج إليه فقط ككون العمارة تحتاج إلى إستلاف دراهم، ولم يحصل من يسلفهم إلا من يستأجر أكثر من هذه المدة وأن تكون عمارته من الخراب ليعمر بما يحصل من الأجرة لا تمكن إلا مع الزيادة، فإنه يجوز أن يزاد بقدر الحاجة، فإن عمارة الوقف واجبة وما لا يتم الواجب إلا به فلابد من فعله، وهذا واجب بالشرع، انتهى. ويجب الرجوع إلى شرط الواقف في قسمة الوقف على الموقوف عليهم

بمعنى أنه يرجع إلى شرط بتقدير الإستحقاق من تساو أو تفضيل كعلى أن للأنثى سهم وللذكر سهمين، أو على أن للمؤذن كذا، وللإمام كذا وللخطيب كذا، وللمعلم كذا أو نحوه. ويرجع أيضًا إلى شرطه في تقديم بعض أهل الوقف كقوله: وقفت هذا على زيد وعمرو وبكر ويبدأ بالدفع لزيد بكذا أو وقفت على طائفة كذا ويبدأ بنحو الأصلح كالأفقه أو الأدين أو المريض أو الفقير. ويرجع أيضًا إلى شرطه في تأخير وهو عكس التقديم كقوله: يعطي منه أولاً ما سوى كذا، ثم ما فضل لفلان فليس للمؤخر إلا ما فضل، فإن لم يفضل شيء يسقط. ويرجع أيضًا إلى شرطه في جمع كجعل الاستحقاق مشتركًا في حالة واحدة كأن يقف على أولاده وأولادهم. ويرجع أيضًا إلى شرطه في ترتيب كجعل إستحقاق بطن مرتبًا على الآخر كأن يقف على أولاده ثم أولادهم، فالتقديم بقاء الاستحقاق للمؤخر على صفة أن له ما فضل عن المقدم وإلا بأن لم يفضل عن المقدم شيء سقط المؤخر، والمراد إذا كان للمقدم شيء مقدر كمائة مثلاً فحينئذ إن كانت الغلة وافرة حصل بعد المقدر للمقدم فضل فيأخذه المؤخر وغلا بأن كانت الغلة غير وافرة فلا يفضل بعده فضل، فلا شيء للمؤخر. والترتيب عدم إستحقاق المؤخر مع وجود المقدم فضل عنه شيء أولاً. والتساوي جعل ريع بين أهل وقف متساويًا كقوله: وقفت على جميع أولادي يقسم بينهم بالسوية. والتفضيل جعل الريع متفاوتًا كقوله: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} ونحوه والتسوية والتفضيل هو معنى قوله في قسمته، ويرجع إلى شرطه في إخراج من

شاء من أهل الوقف مطلقًا أو بصفة كإخراج من تزوجت من البنات ونحوه. وإدخال من شاء من أهل الوقف مطلقًا كوقف على أولادي أخرج من أشأ منهم وأدخل من أشأ منهم. أو بصفة كصفة فقر أو اشتغال بعلم؛ لأن ليس بإخراج للموقوف عليه من الوقف، وإنما علق الإستحقاق بصفة فكأنه جعل له حقًا في الوقف إذا اتصف بإرادته أعطاه ولم يجعل له حقًا إذا اتفقت تلك الصفة فيه. وليس هو تعليق للوقف بصفة، بل وقف مطلق والإستحقاق له صفة. ولا فرق بين أن يشترط الواقف ذلك لنفسه أو للناظر وفرضها في «الشرح» وغيره، فيما إذا اشترطه للناظر بعده، لكن التعليل يقتضي التعميم. ووقف على زوجته ما دامت عازبة ومتى تزوجت فلا حق لها أو وقف على أولاده وشرط أن من تزوج من بناته فلا حق لها لما تقدم عن ابن الزبير، ومعنى الإخراج والإدخال بصفة جعل الإستحقاق والحرمان مرتبًا على وصف مشترط فمن اتصف بصفة من صفات الإستحقاق استحق ما شرط له. فإن زالت تلك الصفة زال استحقاقه، فإن عادت الصفة عاد استحقاقه. ولا يصح الوقف إن شرط فيه إدخال من شاء من غير أهل الوقف وإخراج من شاء منهم؛ لأنه شرط ينافي مقتضى الوقف فأفسده، قاله الموفق ومن تابعه كشرط الواقف تغيير شرط، فلا يصح ويبطل به وقف وظاهره سواء شرط ذلك لنفسه أو للناظر بعده؛ لأنه شرط ينافي مقتضى الوقف فأفسده كما لو شرط أن لا ينتفع به بخلاف إدخال من شاء منهم وإخراجه وتقدم تعليله.

ويرجع إلى شرط واقفه في ناظر الوقف؛ لأن عمر جعل وقفه إلى ابنته حفصة ثم يليه ذو الرأي من أهلها، ولأن مصرف الوقف يتبع فيه شرط واقفه، فكذا في ناظره، وفي إنفاق عليه إذا خرب وإذا كان حيوانًا بأن يقول: ينفق عليه أو يعمر من جهة كذا، وفي سائر أحواله؛ لأنه ثبت بوقفه فوجب أن يتبع فيه شرطه كما لو شرط أن لا ينزل فيه فاسق ولا شرير ولا متجوه ونحو كذي بدعة فيعمل به. قلت: وكذا لو شرط الموقف أن لا ينزل فيه مصور أو معلم التصوير أو حلاق اللحى أو بائع آلات اللهو كالسينما والتلفزيون والراديو والشيش المعدة للدخان، وبائع الصور لذوات الأرواح مجسدة أو غير مجسدة وبائع المجلات الخليعة والكتب المضلة ومصلح آلات اللهو من بكمات وسينمات وتلفزيونات ونحو ذلك، فيحرم تأجيرهم وتسكينهم. وكذا لو شرط أن لا ينزل فيه من لا يصلي الجماعة ممن تجب عليه أو لا يشهد الجمعة وهو ممن يجب عليه حضورها، وكذا لو شرط أن لا ينزل فيه من يبيع الرؤوس الصناعية أو يصلح التواليتات أو الخنافس أو يتعاطى بالتأمين على الأموال أو الأنفس، وتقدم حكم التأمين في الجزء الخامس (ص338) . وكذا لو شرط أن لا يسكنه من نساؤه سافرات أو مغنيات أو مطربات فيجب العمل ويحرم تأجيرهم وتسكينهم؛ لأن ذلك إعانة على هذا المنكر وتحرم إعانة صاحب المعصية، قال تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} . وكذا لو شرط أن لا ينزل فيه من يعمل للدعايات المحرمة في اللوحات والأوراق ونحوها، وكذا لو شرط أن لا ينزل فيه من لا يصلي أبدًا فيجب العمل بذلك كله، وكذا لو شرط أن لا ينزل فيه من يبيع الدخان أو يشربه

أو يبيع طفاياته أو يورده أو ينقله أو لا ينزل فيه بائع آلات التصوير أو أدوات الملاهي. أو لا يسكن فيه من يعمل للدعايات المحرمة أو يعلم التصوير لذوات الأرواح أو لا ينزل فيه من يحلق لحيته أو يقصها أو ينتفها أو منهم بلواط أو زنا فيجب العمل بذلك كله، ويحرم تسكينهم وتأجيرهم. وكذا لو شرط أن لا ينزل فيه لاعبي الكرة أو من يبيعها لما فيها من المضار للدين والدنيا والبدن ومن إلهاء عن الصلاة وضياع وقتها وسب وقذف، ونحو ذلك فيجب العمل بذلك، نسأل الله العصمة لنا ولإخواننا المسلمين من هذه المنكرات المفسدات للأخلاق والأديان والأبدان. وقال الشيخ تقي الدين: الجهات الدينية كالخوانك والمدارس وغيرها لا يجوز أن ينزل فيها فاسق بقول أو فعل، سواء كان فسقه بظلمة الخلق وتعديه عليهم بقوله من نحو سب أو ضرب أو كان فسقه بتعديه حقوق الله يعني ولو لم يشرطه الواقف؛ لأنه يجب الإنكار عليه وعقوبته فكيف ينزل. وما قاله الشيخ تقي الدين صحيح موافق للقواعد، قال الحارثي: الشرط المباح الذي لا يظهر قصد القربة منه هل يجب إعتباره ظاهر كلام الأصحاب، والمعروف عن المذهب الوجوب وهو مذهب الأئمة الثلاثة وغيرهم واستدل له إلى أن قال: ولا يلزم من انتفاء جعل المباح جهة للوقف إنتفاء جعله شرطًا فيه؛ لأن جعله أصلاً في الجهة مخل بالمقصود وهو القربة وجعله شرطًا لا يخل به، فإن الشرط إنما يفيد تخصيص البعض بالعطية، وذلك لا يرفع أصل القربة وأيضًا فإنه من قبيل التوابع والشيء قد يثبت له حال تبعيته ما لا يثبت له حال أصالته. وإن خصص الواقف مقبرة أو رباطًا أو مدرسة أو خصص إمامتها أو

خصص خطابتها بأهل بلد أو قبيلة مستقيمين على الإسلام تخصصت بها أعمالاً للشرط إلا أن يقع الاختصاص بنحلة بدعة. ولا يصح شرط واقف المدرسة ونحوه تخصيص المصلين بها بذي مذهب، فلا تختص بهم؛ لأن إثبات المسجدية يقتضي عدم الاختصاص كما في «التحرير» فاشتراط التخصيص ينافيه، ولغيرهم الصلاة بها لعدم التزاحم بها ولو وقع وهو أفضل؛ لأن الجماعة تراد له. ولا يصح تخصيص الإمامة بذي مذهب مخالف لصريح أو ظاهر السنة سواء كن خلفه لعدم الإطلاع عليها أو لتأويل ضعيف إذ لا يجوز إشتراط مثل هذا، قاله الحارثي. ولا يصح شرط واقف أن لا ينتفع بالوقف أو شرطه عدم إستحقاق مرتكب الخير لشيء من ريع الوقف؛ لأنه شرط ينافي مقتضى الوقف. قال الشيخ تقي الدين: قول الفقهاء نصوص الوقف كنصوص الشارع، يعني في الفهم والدلالة على المراد الواقف لا في وجوب العمل بها أي أن مراد الواقف يستفاد من ألفاظه المشروطة كما يستفاد مراد الشارع من ألفاظه، فكما يعرف العموم والخصوص والإطلاق والتقييد والتشريك والترتيب في الشرع من ألفاظ الشارع، فكذلك تعرف في الوقف من ألفاظ الواقف مع أن التحقيق أن لفظ الواقف ولفظ الموصى والحالف والناذر وكل عاقد يحمل على عادته في خطابه ولغته التي يتكلم بها سواء وافقت لغة العرب أو لغة الشارع. وأما أن تجعل نصوص الواقف أو نصوص غيره من العاقدين كنصوص الشارع في وجوب العمل بها، فهذا كفر بإتفاق المسلمين إذ لا أحد يطاع في كل ما يأمر به من البشر بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والشروط إن وافقت

كتاب الله كانت صحيحة وإن خالفت فباطلة. وقال: ولا خلاف أن من وقف على صلاة أو صيام أو قراءة أو جهاد غير شرعي، ونحو ذلك لم يصح وقفه، والخلاف الذي بينهم في المباحات كما لو وقف على الأغنياء، ولا يجوز إعتقاد غير المشروع مشروعًا وقربة وطاعة واتخاذه دينًا. وقال: الشروط إنما يلزم الوفاء بها إذا لم تقض إلا الإخلال بالمقصود الشرعي، ولا يجوز المحافظة على بعضها مع فوات المقصود الشرعي بها. وقال ابن القيم - رحمه الله -: والصواب الذي لا تسوغ الشريعة غيره عرض شرط الواقفين على كتاب الله سبحانه وعلى شرطه فما وافق كتاب الله وشرطه فهو صحيح، وما خالفه كان شرطًا باطلاً مردودًا ولو كان مائة شرط. وقال الشيخ تقي الدين - رحمه الله -: فمن شرط في القربات أن يقدم فيها الصنف المفضول فقد شرط خلاف شرط الله كشرطه في الإمامة تقديمة غير الأعلم، وقال أيضًا: إن نزل مستحق تنزيلاً شرعيًا لم يجز صرفه عما نزل فيه بلا موجب شرعي؛ لأنه نقض للاجتهاد بالاجتهاد. وقال: كل متصرف بولاية إذا قيل يفعل ما يشاء، فإنما هو إذا كان فعله لمصلحة شرعية حتى لو صرح واقف بفعل ما يهواه الناظر أو ما يراه فشرط باطل لمخالفته الشرعي وغايته أن يكون مباحًا وهو باطل على الصحيح المشهور حتى لو تساوى فعلان عمل بالقرعة. وقال: الشرط المكروه باطل إتفاقًا، وعند الشيخ إنما يلزم العمل بشرط مستحق، قال: وعلى الناظر بيان المصلحة أي التثبت والتحري فيها بدليل قوله، فيعمل بما ظهر له أنه مصلحة ومع الإشتباه إن كن الناظر عالمًا عادلاً ساغ له إجتهاده.

وقال: لو شرط الصلوات الخمس على أهل مدرسة بالقدس بها كان أفضل لأهلها صلاة الخمس بالمسجد الأقصى، ولا يقف استحقاقهم على الصلاة بالمدرسة، وكان يفتي به ابن عبد السلام وغيره. وقال: إذا شرط في استحقاق ربع الوقف العزوبة، فالمتأهل أحق من المتعزب إذا استويا في سائر الصفات. وقال: إذا وقف على الفقراء، فأقارب الواقف الفقراء أحق من الفقراء الأجانب مع التساوي في الحاجة، وإذا قدر وجود فقير مضطر كان دفع ضرورته واجبًا، وإذا لم تندفع ضرورته إلا بتنقيص كفاية أقارب الواقف من غير ضرورة تحصل لهم تعين ذلك. وقال في وقف مدرسة: شرط أن لا يصرف ريعها لمن له وظيفة بجامكية أو مرتب في جهة أخرى إن لم يكن في الشرط مقصود شرعي خالص أو راجح كان الشرط باطلاً كما لو شرط عليهم نوع مطعم أو ملبس أو مسكن لا تستحبه الشريعة ولا يمنعهم الناظر من تناول كفايتهم من جهة أخرى هم مرنبون فيها، وليس هذا إبطالاً للشرط؛ لكنه ترك للعمل. وقال: لو حكم حاكم بمحضر وقف فيه شروط هم مرتبطون فيها والمحضر خط يكتب في واقفه خطوط الشهود في آخره لصحة ما تضمنه صدره، قاله في «القاموس» ، ثم ظهر كتاب الوقف بخلافه وجب ثبوته والعمل به إن أمكن إثباته أو أقر موقوف عليه أنه لا يستحق في هذا الوقف إلا مقدارًا معلومًا، ثم ظهر شرط الواقف أنه يستحق أكثر مما قاله حكم له بمقتضى الشرط ولا يمنع منه الإقرار المتقدم. اهـ. وذكر التاج السبكي في كتابه «الأشباه والنظائر» : الصواب أنه

لا يؤخذ سواء علم شرط الواقف وكذب في إقراره أم لم يعلم، فإن ثبوت هذا الحق له لا ينتقل بكذبه، انتهى. وقال ابن نصر الله: ومما يؤيده أن شرط صحة الإقرار كون المقر يملك نقل الملك في العين التي يقر بها ومستحق الوقف لا يملك ذلك في الوقف فلا يملك الإقرار به قبل قبضه أو جواز بيعه ولا يصح منه، ولو صح الإقرار بالريع قبل ملك المستحق له لاتخذ وسيلة إلى إجارة مدة مجهولة بأن يأخذ المستحق عوضها من شخص عن ريعها أو عن رقبته ويقر له به مدة حياة المقر أو مدة إستحقاق المقر، فلا يجوز إعتبار إقرار المستحق بالوقف ولا بريعه إلا بشرط ملكه للريع ولم أزل أفتي بهذا قديمًا وحديثًا من غير أن ولكنني قلته تفقهًا، ولا أظن لمن نظر تام في الفقه يقول بخلاف ذلك، والله أعلم. ويأكل الناظر للوقف بمعروف، وقال الشيخ تقي الدين: له أخذ أجرة عمله مع فقر. اهـ. من النظم فيما يتعلق بالوقف ووقف على من جاز فقدهم ولم تعين مآلاً عادة لم تفقد كذا إن تعين بعدما ليس جائزًا وقولك ذا وقف ولما تزيد فعند إنقراض الجائز الوقف أعطه المساكين في أولى روايات أحمد

وعنه لقربى الواقف الورث اصرفن على قدر ميراث لكل فتى جد وعنه لقربى الواقف الورث اصرفن ولا تخصصن ذا الفقر منهم بأوكد ومن قلت يعطاه فوقف مؤبد بنص وقيل أرده ملكًا وأفسد وعنه إجعلن كالفيء بعد إنقراضهم كوارثه أو مع بقا مبتد ردي وإن قال ذا وقف ولم يبد مصرفًا كمنقطع فاجعله لا تتردد ووقف على من لا إنقراض لهم لهم ولو قال فيه ثم يعطى لأعبد وبعد لزوم الوقف يملك عينه المحبس موقوفًا عليه بأوكد فيلزم في الأنعام فرض زكاتها ولكن ليخرج من سواها ويمدد ويملك تزويج الإماء بأوطد وقيل بل القاضي، وقيل بل اصدد ويملك مهرًا وانتفاعًا وغلة كثمر وألبان وصوف ملبد وليس له وطء الإماء فإن عدا فلا مهر في هذا وعن حده حد ومولوده حر في الأقوى ويفتدي بقيمته والأم من إرثه حد

بقيمتها إذ عتقها بعد موته ومثلهما وفقًا بذا المال أرصد ولا تمض في وقف الرقيق عتاقه ولو باشر الإعتاق ذو الوقف يعتدي وأولادها وقف من الزوج أو زنى ومن شبهة حر بقيمته فدي لدى الوضع مع مهر وقيمتها إن توت وبالقيمتين إبتع مثيلاً وخلد وقيل من الغلات موقوف نسلها وقيمته إن حر ملك لذي اليد وفي مال أرش إعتدا وقفه خطا وفي الكسب في وجه وفيء بمبعد وإن كان وقفًا للمساكين كان في تكسبه في وجه مال كما ابتدى وإن كان مجنيًا عليه فأرشه به عنه اشتر مثله ثم أبد فإن لم يف خذ ما تأتي كشقص أو سوى آدمي إن تعذر خلد وليس لب الوقف عفو عن أرش ذا ولا قود في النفس لا يبعد إن فدي وبعد لزوم زال عن ملك واقف فيمنع إلغا شرط أو من تزيد وناظره من خص في لفظ وقفه ومتصلاً واشرط أمينًا بأجود

وليس له التبديل بعد لزومه ومع فقد تعيين لذي الوقف أسند إذا كان ذا رشد وليس بفاسق وأنثى وقيل أضمم أمينًا لمعتدي وقيل يلي قاض لفقد معين كوقف على جمع منافي التعدد وليس له من دون إذن محبس ولا منعه التفويض في المتجود فإن حاز فاخصص ناظرًا عن محبس لأهل كقاض غير مبطل ما ابتدي وليس له من غير تعيين واقف سوى أجر مثل للفقير بمبعد وإن كان عن كاف ليعط كفاية ولا رد إن عن كسب إلهي بأجود وواقفه أن يشرطن نظرًا له فيسند له من بعد عزل بأجود وعنه يكون الوقف لله ربنا إذًا فيليه حاكم ذا تأيد وما من زكاة لا ولا شفعة له ومن ريعه أرش الجناية فأعدد وقيل لبيت المال والنفع مطلقًا ليعط لموقوف عليه ويفرط سوى واقف ما عم نفعًا لمسجد وبئر فإن المرء أسوة مفرد

ولا شيء في ترتيب وقف لمن تلا ولو لم يكن من سبق غير أوحد وبعد انقراض السابقين جميعهم أو الرد منهم للمصلين أرفد وقف عند قسم الوقف مع شرط واقف كجمع وترتيب ووصف مقيد وإطلاقه ثم التساوي بينهم وتفضيل بعض وإنتقاص مزيد والإنفاق فيه ثم سائر شأنه لأن إتداء الوقف منه فقلد وإن يشترط إخراج من شاء من ذوي الوقوف وإدخال الأجانب تفسد فتفضيل من صلى على سابق إلى مقاصد أهل الوقف أولى بمفسد ومن غلة الموقوف إصلاح شأنه إذا لم يعين غيرها ذو التجود وإن يبغ أهل الوقف علم أموره ونسخ كتاب الوقف يحبو بمبعد

س44: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا ظهر كتاب الوقف منافيا لما تصادق عليه مستحقوه، وماذا يعمل بالوقف العام الذي ليس له ناظر، إذا جهل شرط قسم واقف، إذا وقف على أحد أولاده وجهل اسمه، إذا لم يشرط واقف ناظرا أو شرطه لمعين فمات المشروط له، إذا أطلق النظر للحاكم، إذا شرط النظر لفلان فإن مات ففلان فعزل نفسه أو فسق أو شرطه لأفضل أولاده فأبى أو استوى اثنان في الفضل أو شرط النظر لإثنين من أفاضل ولده فلم يوجد إلا واحد، وما يشترط في الناظر الأجنبي، وإذا كان الناظر ضعيفا أو فسق بعد أن كان عدلا أو ولى النظر أجنبي من واقف وهو فاسق أو فسق أو كان النظر لموقوف عليه وهو غير رشيد، فما الحكم؟ واذكر ما حول ذلك من المسائل والأدلة والتعاليل والقيود والمحترزات والتفاصيل والخلاف والترجيح.

(44) ظهور الوقف منافيًا لما تصادق عليه مستحقوه، كيفية العمل بالوقف العام، إذا جهل شرط قسم واقف جهالة اسم الموقوف عليه، الشروط وعدمها حول الوقف فسق الناظر على الوقف وضعفه أو عدم رشده، وما حول ذلك من المسائل س44: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا ظهر كتاب الوقف منافيًا لما تصادق عليه مستحقوه، وماذا يعمل بالوقف العام الذي ليس له ناظر، إذا جهل شرط قسم واقف، إذا وقف على أحد أولاده وجهل اسمه، إذا لم يشرط واقف ناظرًا أو شرطه لمعين فمات المشروط له، إذا أطلق النظر للحاكم، إذا شرط النظر لفلان فإن مات ففلان فعزل نفسه أو فسق أو شرطه لأفضل أولاده فأبى أو استوى اثنان في الفضل أو شرط النظر لإثنين من أفاضل ولده فلم يوجد إلا واحد، وما يشترط في الناظر الأجنبي، وإذا كان الناظر ضعيفًا أو فسق بعد أن كان عدلاً أو ولى النظر أجنبي من واقف وهو فاسق أو فسق أو كان النظر لموقوف عليه وهو غير رشيد، فما الحكم؟ واذكر ما حول ذلك من المسائل والأدلة والتعاليل والقيود والمحترزات والتفاصيل والخلاف والترجيح. ج: إذا تصادق مستحقو الوقف على شيء من مصارفه وعلى مقادير إستحقاقهم في الوقف ونحوه ثم ظهر كتاب الوقف منافيًا لما تصادقوا عليه عمل بما تضمنه كتاب الواقف وجوبًا على حسب وصف الواقف من تعيين مصارف وتقدير وظائف وألغي التصادق الذي جرى بينهم لمخالفته كتاب الواقف أفتى به الحافظ ابن رجب - رحمه الله تعالى -. وقال القاضي أبو يعلى في «الأحكام السلطانية» : يعمل والي المظالم في وقف عام ليس له ناظر معين بكتاب ديوان حاكم وهو الذي يسمونه

القضاة سجلاً إذ هو للصحة والضبط أقرب من غيره أو يعمل بما في ديوان سلطنته وهو المعروف الآن الدفتر السلطاني؛ لأنه مأمون التزوير غالبًا ومحفوظ من التبديل والتغيير في الغالب أو يعمل بكتاب وقف قديم ظهر وعليه أمارات الصدق بحيث يقع في النفس صحته، ولا يحتاج ذلك إلى من يشهد للقرينة الدالة على صحة ما تضمنه، ولأن إقامة البينة على القديم متعذر فاكتفى بمجرد وجوده. وإن لم يعلم شرط قسم واقف غلة ما وقفه وأمكن التأنس بصرف من تقدم ممن يوثق به رجع إليه؛ لأن أرجح ممن عداه، والظاهر صحة صرفه ووقوعه على الوقف، فإن تعذر وكان الوقف على عمارة أو إصلاح صرف بقدر الحاجة، وإن كان على قوم عمل بعادة جارية إن كانت، فإن لم تكن عادة عمل يعرف مستقر في الوقف في مقادير الوقف كفقهاء المدارس؛ لأن العرف المستقر يدل على شرط الواقف أكثر من دلالة لفظ الإستفاظة، قاله الشيخ تقي الدين. ولأن الغالب وقوع الشرط على وقفه وأيضًا فالأصل عدم تقييد الواقف فيكون مطلقًا، والمطلق منه يثبت له حكم العرف، فإن لم تكن عادة ولا عرف ببلد الوقف كما لو كان ببادية ليس لها عادة ولا عرف ساوى فيه بين المستحقين؛ لأن الشركة ثبتت ولم يثبت التفضيل فوجب التسوية. ومحل كون القسمة بينهم على السواء إذا كان الموقوف وفي أيديهم أو لا يد لواحد منم عليه، فإن كان في يد بعضهم، فالقول قوله كذا نبه عليه جماعة، فإن كان الواقف حيًا رجع إلى قوله. وأفتى الشيخ تقي الدين فيمن وقف على أحد أولاده وقفًا وجهل اسم الموقوف عليه أنه يميز بقرعة ولو وجد في كتاب وقف رجلاً وقف على فلان

وعلى بنيه واشتبه هل المراد بين بنيه جمع ابن أو المراد بني بنته واحدة البنات، فيكون الوقف لبني البنين خاصة ولا يشاركهم بنو البنات، وقال ابن عقيل في «الفنون» : يكون بينهما لتساويهما كما في تعارض البينتين. وقال الشيخ تقي الدين: ليس من تعارض البينتين، بل هو بمنزلة تردد البينة الواحدة، ولو كان من تعارض البينتين فالقسمة عند التعارض رواية مرجوحة وإلا فالصحيح إما التساقط وإما القرعة فيحتمل أن يقرع هنا. ويحتمل أن يرجح بنو البنين؛ لأن العادة أن الإنسان إذا وقف على ولد بنيه لا يخص منهما الذكور، بل يعم أولادهما بخلاف الوقف على ولد الذكور، فإنه يخص ذكورهم كثيرًا كآبائهم. ولأنه لو أراد ولد البنت لسماها باسمها أو لشرك بين ولدها وولد سائر بناته قال: وهذا أقرب إلى الصواب، نقله عنه في «الإنصاف» . وإذا لم يشرط واقف ناظرًا على الموقوف أو شرط النظر لمعين فمات المشروط له فليس للواقف ولاية النصب لانتفاء ملكه فلم يملك النصب ولا العزل ويكون نظره لموقوف عليه إن حصر موقوف عليه كأولاده وأولاد زيد فينظر كل منهم على حصته كالملك المطلق المشترك سواء كان عدلاً أو فاسقًا؛ لأنه ملكه وغلته له. وإن كان الموقوف عليه غير محصور كالوقف على الفقراء والمساكين والعلماء والقراء فنظره للحاكم، وإلا فالموقوف على المسجد أو مدرسة أو رباط أو قنطرة أو سقاية فنظره لحاكم ببلد الوقف؛ لأنه ليس له مالك معين ومن يقيمه الحاكم؛ لأنه يتعلق به حق الموجودين وحق من يأتي من البطون فكان نظره للحاكم أو من يستنيبه الحاكم. ومن أطلق النظر من الواقفين للحاكم فلم يعينه شمل لفظ الحاكم أي

حاكم كان سواء كان مذهب الحاكم مذهب حاكم البلد زمن الموقوف أم لا وإن لم نقل بذلك لم يكن له نظر إذا انفرد وهو باطل إتفاقًا، قاله الشيخ تقي الدين. وإن شرط النظر لحاكم المسلمين كائنًا من كان فتعدد الحاكم، فقيل: إن النظر فيه للسلطان يوليه من شاء من المتأهلين لذلك ولو فرض النظر حاكم لإنسان لم يجز لحاكم آخر نقضه؛ لأنه كنقض حكمه. ولو ولى كل من حاكمين النظر على وقف لا ناظر له شخصًا في آن واحد وجهل سابق وتنازع الشخصان قدم ولي وهو السلطان أحقهما لتعلق حق كل منهما فلا يتعدى به إلى غيرهما، ولا يشتركان؛ لأن كلا منهما إنما ولي لينظر فيه على انفراده، فكان أحقهما بذلك أولى، قاله الشيخ تقي الدين. فإن استويا في الأحقية أقرع بينهما وإن علم الأول تعين لوقوعه في محله، ولذلك لم يملك الثاني نقضه ولو فوض النظر حاكم لإنسان لم يجز لحاكم آخر نقضه، بل ينظر الحاكم مع المفوض له النظر حفظًا للوقف. وقال الشيخ تقي الدين: لا يجوز لواقف شرط نظر لذي مذهب معين دائمًا، ومن شرط النظر لفلان، فإن مات ففلان بأن قال الواقف: النظر لزيد، فإن مات فلعمرو مثلاً فعزل زيد نفسه أو فسق فكموته؛ لأن تخصيصه الموت خرج مخرج الغالب فلا يعتد بمفهومه وإن أسقط حقه من النظر لغيره فلس له ذلك؛ لأنه إدخال في الوقف لغير أهله فلم يملكه وحقه باق فإن أصر على عدم التصرف إنتقل إلى من يليه كما لو عزل نفسه فإن لم يكن من يليه أقام الحاكم مقامه كما لو مات.

وإن شرط النظر لأفضل أولاده أو أولاد زيد فالنظر للأفضل منهم عملاً بالشرط فإن أبى الأفضل القبو فالنظر لمن يليه كأنه لم يكن ولو ولي النظر الأفضل فحدث من هو أفضل منه انتقل النظر إليه لوجود الشرط فيه، فإن استويا إثنان في الفضل اشتركا في النظر، وإن شرط النظر لإثنين من أفاضل ولده فلم يوجد إلا فاضل واحد من أولاده ضم إليه أمين ينظر معه عملاً بشرط الواقف. وكذا الحكم لو جع النظر لإثنين غير مستقلين لم يصح تصرف أحدهما دون الآخر بلا شرط واقف كالوكيلين والوصيين عن واحد، فلو مات أحدهما أو انعزل ضم إلى الحي أمين ينظر معه. وشرط في ناظر أجنبي شروط والمراد بالأجنبي غير موقوف عليه، وكذا إن كان لبعض الموقوف عليهم إن كانت ولايته من حاكم كوقف على جماعة غير محصورين ولم يعين واقفه ناظرًا ففوضه الحاكم إلى إنسان أو كانت ولايته من ناظر أصالة وذلك بجعل الواقف له ذلك أو بدونه أو جاز للوكيل أو يوكل. فأول الشروط: إسلام، إن كان الموقوف عليه مسلمًا أو كانت من جهات الإسلام كمسجد ومدرسة ورباط ونحوه؛ لقوله تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} ، الشرط الثاني: التكليف؛ لأن غير المكلف لا ينظر في ملكه الطلق، ففي الوقف أولى، والشرط الثالث: الرشد؛ لأن السفيه محجور عليه في تصرفاته في ماله فلا يتصرف في غيره، والشرط الرابع: الكفاية في التصرف والعلم بالتصرف وقوته عليه، قال الله تعالى مخبرًا عما قال يوسف: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} ، وقال عما قالته ابنة صاحب مدين: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ القَوِيُّ الأَمِينُ} وإذا

لم يكن المتصرف متصفًا بهذه الصفات لم يكن في إمكانه مراعاة الحفظ للوقف. ولا يشترط في الناظر الذكورية؛ لأن عمر أوصى بالنظر لحفصة - رضي الله عنها -. ويضم لناظر ضعيف تعين كونه ناظرًا بشرط واقف أو كون الوقف عليه قوي أمين ليحصل المقصود. وإن كانت الولاية على الوقف من ناظر أصلي فلابد من شرط العدالة فيه؛ لأنها ولاية على مال فاشترط لها العدالة كالولاية على مال اليتيم، فإن لم يكن الأجنبي المولى من حاكم أو ناظر أصلي عدلاً لم تصح ولايته لفوات شرطها وهو العدالة وأزيلت يده عن الوقف حفظًا له. فإن فسق منصوب حاكم بعد أن كان عدلاً عزل أو أصر متصرفًا بخلاف الشرط الصحيح عالمًا بتحريمه عزل من التولية وأزيلت يده عن الوقف؛ لأن ما منع التولية إبتداء منعها دوامًا فإن عاد إلى أهليته عاد حقه كوصي عزل لمقتض، ثم زال فيعاد، فإن عاد إلى أهليته يعاد إلى النظر ما لم يقرر الحاكم شخصًا غيره قبل عوده، فإن قرره قبل عوده لم يكن له إزالته بدن موجب شرعي لمصادفة تقريره محله. وإن ولي النظر أجنبي من واقف بأن شرطه له والأجنبي فاسق أو وهو عدل ثم فسق يضم أمين لحفظ الوقف ولم تزل يده؛ لأنه أمكن الجمع بين الحقين. ومتى لم يمكن حفظه نه أزيلت ولايته فإن مراعاة حفظ الوقف أهم من إبقاء ولاية الفاسق عليه وإن كان النظر لموقوف عليه إما بجعل الواقف النظر للموقوف عليه أو لكون الموقوف عليه أحق بالنظر لعدم تعيين غيره، فالموقوف

عليه مع رشد أحق بالنظر عدلاً كان أو فاسقًا رجلاً كان أو امرأة؛ لأن يملك الوقف فهو ينظر لنفسه وإن كان الموقوف عليه غير شيد ولم يشرط النظر لغيره فوليه يقوم بالنظر مقامه؛ لأنه يملكه كملكه الطلق. وإن شرط النظر واقف لغيره من موقوف عليه أو أجنبي ثم عزله لم يصح عزله له كإخراج بعض الموقوف عليهم إلا أن شرط الواقف لنفسه ولاية العزل، فإن شرطها له فله شرطه. وإن شرط الواقف النظر لنفسه ثم جعل النظر لغيره أو أسنده أو فوّض النظر إليه بأن قال: جعلت النظر أو فوضته أو أسندته إلى زيد، فللواقف عزل المجعول أو المسند أو المفوض إليه؛ لأنه نائبه أشبه الوكيل. ولناظر بإصالة كموقف عليه إن كان معينًا وحاكم فيما وقف على غير معين ولم يعين الواقف غيره نصب وكيل عنه وعزله لأصالة ولايته أشبه المتصرف من مال نفسه وتصرف الحاكم في مال يتيم ولكل من موقوف عليه وحاكم عزل وكيله وكونه له عزله لأصالة نظره فمن نصبه الناظر أو الحاكم نائبه كما في المطلق وله الوصية لنظر لأصالة الولاية. وللمستنيب عزل نائبه متى شاء؛ لأنه وكيله وللموكل أن يعزل وكيله متى شاء ولا ينصب ناظر بشرط؛ لأن نظره مستفاد بالشرط ولم يشترط النصب له ولو مات الناظر بالشرط في حياة الواقف لم يملك الواقف نصب غيره بدون شرط ولاية النصب لنفسه وانتقل الأمر إلى الحاكم، وإن مات بعد وفاة الواقف فكذلك بلا نزاع. ولا يوصي ناظر بشرط بالنظر بلا شرط واقف؛ لأنه إنما ينظر بالشرط ولم يشترط الإيصاء له سواء كان في مرض موته أو لا خلافًا للحنفية فإنهم

يوجبون العمل بوصيته بالنظر في مرض الموت بلا شرط واقف. وإن جعل الواقف له أن يوصي صح إيصاؤه به وكذلك لو كان الموقوف عليه هو المشروط فالأشبه أن له النصب لأصالة ولايته إذ الشرط كالمؤكد لمقتضى الوقف عليه. وإن أسند الواقف النظر لإثنين فأكثر من الموقوف عليهم أو غيرهم أو جعل النظر الحاكم أو الناظر الأصلي إليهما لم يصح تصرف أحدهما منفردًا عن الآخر بلا شرط؛ لأن الواقف لم يرض بواحد وإن لم يوجد إلا واحد وأبى أحدهما أو مات أقام الحاكم مقامه آخر. وإ ن شرط واقف النظر لكل منهما بأن قال: جعلت النظر لكل واحد منهما صح، وكذا يصح إذا جعل التصرف لواحد أو جعل اليد لآخر أو جعل عمارة الوقف لواحد وجعل تحصيل ريعه لآخر صح تصرف أحدهما منفردًا. وإذا مات أحدهما أو أبى لم يحتج إلى إقامة آخر واستقل الموجود منهما؛ لأن البدل مستغنى عنه واللفظ لا يدل عليه، فلو تنازع ناظران غير مستقلين بالتصرف في نصب إمام، نصب أحدهما زيدًا والآخر عمرًا لم تنعقد ولاية الإمامة لأحدهما لإنتفاء شرطها. وإن استقلا وقررا في وظيفة وسبق نصب أحدهما الآخر انعقدت وقدم الأسبق منهما دون الثاني؛ لأن ولايته لم تصادف محلاً وإن اتحد واستوى المنصوبان أقرع بينهما فمن قرع صاحبه قدم لعدم المرجح. وفي «الغاية وشرحها» : ويتجه وجوب إتباع شرط الواقف فيما وظفه فلا يجوز اشتراك اثنين فأكثر في وظيفة واحدة كإمامة وخطابة ونحوها من وظائف أوقاف حقيقة كأوقاف التجار ونحوهم، كما لا يجوز جمع شخص واحد جملة من الوظائف في وقف ويأتي.

بل يجوز اشتراك ثنين فأكثر في وظيفة في أوقاف صورية كأوقاف الأمراء والملوك، فإن أوقافهم من حيث الصورة، وأما في نفس الأمر فهي للمسلمين. وأول من أحدث وقف أراضي بيت المال على جهات الخير نور الدين الشهيد صاحب دمشق، ثم صلاح الدين يوسف صاحب مصر لما استفتيا ابن أبي عصرون فأفتاهما بالجواز على معنى أنه إرصاد وإفرار من بيت المال على بعض مستحقيه ليصلوا إليه بسهولة؛ لأنه وقف حقيقي إذ من شرط الموقوف أن يكون مملوكًا للواقف والسلطان ليس بمالك لذلك ووافق ابن عصرون على فتواه جماعة من علماء عصره من المذاهب الأربعة. وحيث كانت هذه الصورية إفرازًا وإرصادًا فللسلطان أو نائبه المفوض إليه التصرف في ذلك أن يقيم وكيلاً عنه في التصرف في ذلك بإجارة أو غيرها كما في بقية الأحكام والتصرفات المتعلقة ببيت المال ولا ريبة في صحة هذا الناظر المنصوب وكيلاً عمن له ولاية التصرف. اهـ. ولا نظر لحاكم مع ناظر خاص؛ لأنه ليس استحقاقه من جهة الحاكم، قال في «الفروع» : ويتوجه عدم النظر لغير الناظر مع حضوره في البلد أما إذا غاب الناظر فيقرر حاكم في وظيفة خلت في غيبته لما فيه من القيام بلفظ الواقف في المباشرة ودوام نفعه، فالظاهر أنه يريده ولا حجة في تولية الأئمة مع البعد لمنعهم غيرهم التولية فنظيره منع الواقف التولية لغيبة الناظر. اهـ. فعليه لو ولي الناظر الغائب إنسانًا وولى الحاكم إنسانًا آخر قدم الأسبق تولية منهما. ولحاكم النظر العام فيعترض على الناظر الخاص إن فعل ما لا يسوغ له

فعله لعموم ولايته. وللحاكم ضم أمين إلى الناظر الخاص مع تفريطه أو تهمته ليحصل بالأمين المقصود من حفظ الوقف واستصحاب يد من أراده الواقف والظاهر أن الأول يرجع إلى رأي الثاني ولا يتصرف إلا بإذنه ليحصل الغرض من نصبه. وكذا إذا ضم إلى ضغيف قوي معاونًا له فلا تزال يد الأول عن المال ولا نظره والأول هو الناظر دون الثاني، هذا قياس ما ذكر في الموصى له. ولا اعتراض لأهل الوقف على ناظر أمين ولاه الواقف ولهم سؤاله عما يحتاجون إلى عمله من أمر وقفهم حتى يستوي علمه وعلمهم فيه. ولأهل الوقف المطالبة بإنتساخ كتاب الوقف لتكون نسخته وثيقة في أيديهم لهم. وللناظر الإستدانة على الوقف بلا إذن حاكم لمصلحة كشراء للوقف نسيئة أو شراء بنقد لم يعينه. وعلى الناظر سواء كان الحاكم أو غيره نصب جاب مستوف للعمال المتفرقين إن احتيج إليه أو لم تتم مصلحة إلا به. وله أن يفرض لكل على عمله ما يستحقه مثله في كل مال يعمل فيه بمقدار ذلك المال الذي يعمل فيه إن احتيج إلى المستوفي أو لم تتم مصلحة إلا به، فإن لم يحتج إليه وتمت المصلحة بدونه لقلة الأعمال ومباشرته الحساب بنفسه لم يلزمه نصبه. ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة يباشر الحكم وإستيفاء الحساب بنفسه ويولي مع البعد ذكره الشيخ تقي الدين.

س45: تكلم بوضوح عن وظيفة الناظر، وما الذي له؟ وهل يتوقف الإستحقاق على نصبه؟ واذكر ما يوضح لذ لك من أمثلة وحكم الجمع بين وظائف لواحد واستنابة من ولاه السلطان ولمن الإمامة فيما بناه أهل الشوارع والقبائل من المساجد؟ وما الذي يعتبر في الإمام الذي نصبه جيران المسجد أو رئيس القرية؟ وهل للإمام النصب؟ ومن الذي يجب أن يولى في الوظائف وإمامة المساجد؟ وهل يولى الفاسق وإذا قرر بوظيفة على وفق الشرع فهل يصرف عنها؟ وإذا لم يقم بالوظيفة فهل يبدل؟ وإذا عطل المغل الموقوف على المسجد فكيف تكون الأجرة؟ وتكلم عما وقف على مصالح الحرم، وعما يأخذه الفقهاء من الوقف وما وقف على أعمال بر، وما الذي قاله الشيخ تقي الدين في أخذها ما فوق الحاجة بأضعاف ومن لهم جهات معلومة يأخذون ويستنيبون في الجهاد بيسير؟ وما حول ذلك من المسائل والأدلة والتعليلات والقيود والتفاصيل والمحترزات والخلاف والترجيح.

وإذا قام المستوفي بما عليه من العمل استحق ما فرض له وإن لم يقم به لم يستحقه ولم يجز أخذه. ولولي الأمر نصب ديوان يكون مستوفيًا لحساب أموال الأوقاف عند المصلحة كما له نصب ديوان لحساب الأمور السلطانية كالفيء وغيره مما يؤول إلى بيت المال من تركات ونحوها. (45) ما يتعلق بالناظر والوظيفة في الوقف والشروط المعتبرة في الإمام الذي نصبه رئيس القرية أو الجيران والذي يجب أن يولى وما حول ذلك من المسائل س45: تكلم بوضوح عن وظيفة الناظر، وما الذي له؟ وهل يتوقف الإستحقاق على نصبه؟ واذكر ما يوضح لذ لك من أمثلة وحكم الجمع بين وظائف لواحد واستنابة من ولاه السلطان ولمن الإمامة فيما بناه أهل الشوارع والقبائل من المساجد؟ وما الذي يعتبر في الإمام الذي نصبه جيران المسجد أو رئيس القرية؟ وهل للإمام النصب؟ ومن الذي يجب أن يولى في الوظائف وإمامة المساجد؟ وهل يولى الفاسق وإذا قرر بوظيفة على وفق الشرع فهل يصرف عنها؟ وإذا لم يقم بالوظيفة فهل يبدل؟ وإذا عطل المغل الموقوف على المسجد فكيف تكون الأجرة؟ وتكلم عما وقف على مصالح الحرم، وعما يأخذه الفقهاء من الوقف وما وقف على أعمال بر، وما الذي قاله الشيخ تقي الدين في أخذها ما فوق الحاجة بأضعاف ومن لهم جهات معلومة يأخذون ويستنيبون في الجهاد بيسير؟ وما حول ذلك من المسائل والأدلة والتعليلات والقيود والتفاصيل والمحترزات والخلاف والترجيح. ج: وظيفة الناظر: حفظ وقف وعمارته وإيجاره وزرعه ومخاصمته فيه

وتحصيل ريعه من أجرة أو زرع أو ثمر والإجتهاد في تنميته وصرفه في جهاته بما تحصل به تنميته من عمارة وإصلاح وإعطاء مستحق. ويقبل قول الناظر المتبرع في دفع المستحق وإن لم يكن متبرعًا لم يقبل قوله إلا ببينة، قال في «شرح الإقناع» : ولا يعمل بالدفتر المستحق المعروف في زمننا بالمحاسبات في منع مستحق ونحوه إذا كان بمجرد إملاء الناظر والكاتب على ما أعتيد في هذه الأزمنة. ومن وظيفة الناظر نحو شراء طعام وشراب شرطه الواقف؛ لأن الناظر هو الذي يلي الوقف وحفظه وحفظ ريعه وتنفيذ شرط واقفه وطلب الحظ مطلوب فيه شرعًا، فكان ذلك إلى الناظر. ويقبل قول الناظر المتبرع في دفع المستحق وإن لم يكن متبرعًا فلابد من البينة كما تقدم في الوكالة. وللناظر وضع يده على الوقف وعلى ريعه وله التقرير في وظائفه ذكروه في ناظر المسجد، فينصب من يقوم بوظائفه من إمام ومؤذن وقيم وغيرهم كما أن للناظر الموقوف عليه نصب من يقوم بمصلحة الواقف من جاب وحافظ. ومتى امتنع من نصب من يجب نصبه، نصبه الحاكم كولي النكاح إذا عضل وإن طلب على النصب جعلا سقط حقه وقرر الحاكم من فيه أهلية. وليس لمتكلم على وقف من ناظر وغيره وتقرير نفسه أو من لا تقبل شهادته له كولده ونحوه في شيء من وظائف الوقف؛ لأنهم كهو، ولذلك لا تصح إجارته له ولا لهم كما تقدم في الوكالة. وكذا لا يجوز مع كونه ناظرًا أن يكون شاهدًا لوقف ولا مباشرًا فيه

ولا أن يتصرف بغير مسوغ شرعي. ولا يتوقف الإستحقاق على نصب الناظر ولا الإمام إلا بشرط من الواقف. فإن شرط الواقف في الصرف نصب الناظر للمستحق كالمدرس والمعيد والمتفقه في المدرسة مثلاً، فلا إشكال في توقف الاستحقاق على نصب الناظر له عملاً بالشرط وإن لم يشرط الواقف نُصب الناظر للمستحق، بل قال: ويصرف الناظر إلى مدرس أو معيد أو متفقه بالمدرسة فلا يتوقف الاستحقاق على نصب ناظر ولا إمام، فلو انتصب بمدرسة مدرس أو معيد وأذعن له الطلبة بالاستفادة وتأهل لذلك استحق ولم ينازع لوجود الوصف المشروط؛ لأن الإجازة من الشيخ غير شرط في جواز التصدي للإقراء والإفادة. قلت: ومن باب أولى وأحرى الشهادات الموجودة في زمننا التي اعتمد كثير من أهل هذا الزمان عليها وصاروا يتواصون بها ويحرض بعضهم بعضًا على الحصول عليها والتمسك بها وتركوا التوكل على الله الذي هو فريضة يجب إخلاصه لله تعالى، وعنه تنشأ الأعمال الصالحة، فإن الإنسان إذا اعتمد على الله في جميع أموره الدينية والدنيوية صح إخلاصه ومعاملته مع الله جل وعلا، قال تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} فمن علم من نفسه الأهلية جاز له ذلك وإن لم يحمل الشهادة المعروفة في هذا الزمان وإن لم يجزه أحد وعلى ذلك السلف، وكذلك في كل علم، وفي الإقراء والإفتاء خلافًا لما يتوهمه الجهلة الأغبياء من اعتقاد كونها شرطًا. قال في «الإتقان» : ولا يجوز أخذ المال في مقابلتها إجماعًا، بل إن علم أهليته وجب عليه الإجازة أو عدمها حرم عليه، قال: وادّعى ابن خير الإجماع

على أنه ليس لأحد أن ينقل حديثًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم يكن له به روية ولو بالإجاز، انتهى. وكذا لو أقام بالمدرسة طالب متفقهًا ولو لم ينصبه ناصب استحق لوجود التفقه، وكذا لو شرط الصرف المطلق إلى إمام مسجد ونحو مؤذن كقيمه فأم إمام ورضيه الجيران أو أذن فيه مؤذن أو قام بخدمة المسجد قائم كان مستحقًا لوجود الشرط ومع شرط واقف نحو ناظر كأمين ومدرس ومعيد وإمام لم يجز قيام شخص واحد بالوظائف كلها ولو أمكنه جمع بينها. وقال الشيخ تقي الدين - رحمه الله -: وإن أمكن أن يجمع بين الوظائف لواحد فعل، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وقال في «الأحكام السلطانية» : ولا يجوز أن يؤم في المساجد السلطانية وهي الجوامع الكبار إلا من ولاه الإمام أو نائبه لئلا يفتات عليه فيما وكل إليه. وإن ندب له إمامين وخص كلا منهما ببعض الصلوات الخمس جاز، كما في تخصيص أحدهما بصلاة النهار والآخر بصلاة الليل، فإن لم يخصص فهما سواء وأيهما سبق كان أحق، ولم يكن للآخر أن يؤم في تلك الصلاة بقوم آخرين وإن حضرا معًا وتنازعا أقرع بينهما إذ لا مزية لأحدهما على الآخر. ويستنيب من ولاه السلطان أو نائبه إن غاب ويصير نائبه أحق لقيامه مقامه وإن غاب ولم يقم نائبًا فيقدم من رضيه أهل المسجد لتعذر إذنه. وما بناه أهل الشوارع والقبائل من المساجد، فالإمامة لمن يرضونه لا يعترض عليهم في أئمة مساجدهم، فإن تعذر إتفاقهم على واحد فلرئيس

القرية نصب إمام عدل؛ لأنه محل حاجة. وليس لهم بعد الرضابة والإتفاق عليه عزله عن إمامته ما لم تتغير حاله بنحو فسق أو ما يمنع الإمامة؛ لأن رضاهم به كالولاية فلم يجز صرفه. لكن يستنيب إن غاب؛ لأن تقديم الجيران له ليس ولاية وإنما قدم لرضاهم به. ولا يلزم من رضاهم به الرضى بنائبه كما في الوصي في الصلاة على الميت بخلاف من ولاه الناظر أو الحاكم؛ لان الحق صار بالولاية فجاز أن يستنيب. وأقل ما يعتبر في الإمام الذي نصبه جيران المسجد أو رئيس القرية: العدالة ظاهرًا وباطنًا، والقراءة الواجبة في الصلاة، والعلم بأحكام الصلاة وما يعتبر بها من صحة وفساد. وللإمام النصب أيضًا؛ لأنه من الأمور العامة لكن لا ينصب إلا برضى الجيران، وكذا ناظر خاص فلا ينصب من لا يرضونه الجيران لما في كتاب أبي داود وابن ماجه عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول ثلاثة: «لا يقبل الله منهم صلاة من تقدم قوم وهم له كارهون» إلخ. وقال الحارثي: ما معناه ظاهر المذهب ليس لأهل المسجد مع وجود إمام أو نائبه نصب ناظر في مصالحه ووقفه كما في غير المسجد، فإن لم يوجد القاضي كالقرى الصغار والأماكن النائية أو وجد وكان غير مأمون أو وجد وهو مأمون لكنه ينصب غير مأمون فلأهله النصب تحصيلاً للغرض ودفعًا للمفسدة. وكذا ما عدا المسجد من الأوقاف لأهله نصب ناظر فيه لعدم وجود القاضي المأمون ناصبًا لمأمون، قال في «الإنصاف» : ويجب أو يولى في الوظائف

وإمامة المساجد الأحق شرعًا وأن يعمل بما يقدر عليه من عمل واجب. وقال في «الأحكام السلطانية» : الإمامة بالناس طريقها الأولى لا الوجوب بخلاف ولاية القضاء والنقابة؛ لأنه لو تراضى الناس بإمام يصلي لهم صح وليس للناس أن يولوا عليهم الفساق سواء كانت الولاية خاصة أو عامة. قال في «المبدع» : والحاصل إن كان النظر لغير موقوف عليه وكانت ولايته من حاكم أو ناظر فلابد فيه من شرط العدالة وإن كانت ولايته من واقف وهو فاسق أو عدل ففسق صح، وضم إليه أمين. ومن قرر بوظيفة على وفق الشرع حرم على ناظر وغيره صرفه عنها بلا موجب شرعي يقتضي ذلك كتعطيله القيام بها وفسق ينافيها وله الإستنابة ولو عينه واقف. ومن لم يقم بوظيفة بدل وجعل بدله من له الولاية ممن يقوم بها تحصيلاً لغرض الواقف إن لم يتب ويلتزم الواجب قبل صرفه وإن قصر وترك بعض العمل لم يستحق ما قابله وإن زاد على العمل المشروط لم يستحق شيئًا على الزيادة. قلت: والذي يظهر لي أنه إن كان تاركًا للعمل في يوم البطالة، ولكن يشتغل في بيته بالتحضير والمطالع والتحرر لأوقات التدريس والقضاء، فهذا يستحق ما قابله إلا إن كان الواقف أو الجاعل قدر للدرس لكل يوم مبلغًا معلومًا، فاليوم الذي لا يدرس فيه أو لا يقضي فيه لا يستحق ما قابله، والله سبحانه وتعالى أعلم. وقال الشيخ تقي الدين: من وقف وقفًا على مدرس وفقهاء فلناظر ثم حاكم تقدير أعطيتهم فلو زاد النماء فهو لهم. اهـ. وليس تقدير الناظر أمرًا حتمًا كتقدير الحاكم بحيث لا يجوز له

أو لغيره زيادته ونقصه لمصلحة وقريب منه تغير أجرة لمثل ونفقته وكسوته؛ لأنه يختلف باختلاف الأحوال والأزمان وليس من نقض الاجتهاد بالاجتهاد، بل عمل بالاجتهاد الثاني لتغير السبب، وإن قيل إن المدرس لا يزاد ولا ينقص بزيادة النماء ونقصه للمصلحة كان باطلاً؛ لأنه لهم والحكم بتقديم مدرس أو غيره باطل لم نعلم أحدًا يعتد به، قال: به ولا بما يشبه ولو نفده حاكم وبطلانه لمخالفته الشرط والعرف أيضًا؛ لأنه إنما يجوز أن ينفذ الحاكم حكم من هو أهل للحكم كالمجتهد؛ لأنه لحكمه مساغ. والضرورة وإن ألجأت إلى تنفيذ حكم المقلد، فإنما التنفيذ يسوغ إذا وقف المقلد على حد التقليد ولم يتجاسر على قضية لو نزلت على عمر لجمع لها أهل الشورى، وإنما كان الحكم بالتقديم باطلاً؛ لأنه حكم على ما سيوجد فهو كحكم الحاكم في غير محل ولاية فوض إليه الحكم بها فلا ينفذ حكمه، ولأن النماء لم يخلق بعد وإنما قدم القيم ونحو إمام ومؤذن؛ لأن ما يأخذه أجرة عمله، ولهذا يحرم أخذه فوق أجرة مثله بلا شرط بخلاف مدرس ومعيد وفقهاء، فإنهم من جنس واحد، ولهذا كان القياس أن يسوي بينهم. قال في «الفائق» : ولو شرط على مدرس أو فقهاء وإمام فلكل جهة الثلث وإن تفاوتوا في المنفعة كالجيش، فإن فيه المقاتلة وغيرهم مع أنهم في المغنم سواء لكن دل العرف على التفضيل. وقال الشيخ تقي الدين: لو عطل مغل وقف مسجد سنة قسطت أجرة مستقبلة على السنة التي تعطل مغلها وعلى السنة الماضية التي لم يتعطل مغلها لتقويم الوظيفة فيها؛ لأنه خير من التعطيل ولا ينقص الإمام بسبب تعطل الزرع بعض العام. وقال في «الفروع» : فقد أدخل يعني الشيخ تقي الدين مغل سنة في سنة وقد

أفتى غير واحد من الحنالة في زمننا فيما نقص عما قدره الواقف كل شهر أنه يتمم مما بعده وحكم به بعضهم بعد سنين. وفي «فتاوى الشيخ تقي الدين» : إذا وقف على مصالح الحرم وعمارته فالقائمون بالوظائف التي يحتاج إليها المسجد من التنظيف والحفظ والفرش وفتح الأبواب وإغلاقها ونحو ذلك يجوز الصرف إليهم. وما يأخذه الفقهاء من الوقف فكرزق من بيت المال وما يؤخذ من بيت المال رزق للإعانة على الطاعة والعلم لا كجعل أو كأجرة على أصح الأقوال الثلاثة اختاره الشيخ تقي الدين، وجزم به في «التنقيح» ، ولذلك لا يشترط العلم بالقدر وينبني على هذا أن القائل بالمنع من الأجرة على نوع القرب لا يمنع من أخذ المشروط في الوقف، قاله الحارثي في الناظر، وكذا ما وقف على أعمال بر وموصى به ومنذور له ليس كالأجرة والجعل، انتهى. وقال القاضي في خلافه: ولا يقال إن منه ما يؤخذ أجرة عن عمل كالتدريس ونحوه؛ لأنا نقول أولاً لا نسلم أن ذلك أجرة محضة، بل هو رزق وإعانة على العلم بهذه الأموال، وهذا موافق لما قاله الشيخ تقي الدين، وفي «شرح المنتهى» : قلت: وعلى الأقوال الثلاثة حيث كان الاستحقاق بشرط فلابد من وجوده. اهـ. وهذا في الأوقاف الحقيقية، وأما الأوقاف التي من بيت المال كأوقاف الأمراء أو الملوك فليست بأوقاف حقيقة، وإنما هي أوقاف بالصورة فكل من له الأكل من بيت المال له التناول منها وإن لم يباشر المشروط كما أفتى به صاحب «المنتهى» موافقة للشيخ الرملي وغيره في وقف جامع طولون ونحوه. وفي «الينبوع» للسيوطي: فرع نذكر ما ذكره أصحابنا الفقهاء في

الوظائف المتعلقة بأوقاف الأمراء والسلاطين كلها إن كان لها أصل من بيت المال أو ترجع إليه فيحوز لمن كان بصفة الاستحقاق من عالم للعلوم الشرعية وطالب العلم كذلك. وصوفي على طريقة الصوفية من أهل السُّنة أن يأكل مما وقفوه غير متقيد بما شرطوه ويجوز في هذه الحالة الإستنابة لعذر وغيره، ويتناول المعلوم وإن لم يباشر ولا استناب، ومن لم يكن بصفة الاستحقاق من بيت المال لم يحل إلا كل من هذا الوقف ولو قرره الناظر وباشر للوظيفة؛ لان هذا من بيت المال لا يتحول عن حكمة الشرعي بجعل أحد. اهـ. وقال الشيخ تقي الدين: من أكل المال بالباطل قوم لهم رواتب أضعاف حاجاتهم من بيت المال وقوم لهم جهات معلومها كثير يأخذونه ويستنيبون في الجهات بيسير من المعلوم؛ لأن هذا خلاف غرض الواقفين. وقال الشيخ تقي الدين: والنيابة في مثل هذه الأعمال المشروطة من تدريس وإمامة وخطابة وأذان وغلق باب ونحوه جائزة ولو عينه الواقف، وفي عبارة أخرى له: ولو نهى الواقف عنه إذا كان النائب مثل مستنيبه في كونه أهلاً لما استنيب فيه ولا مفسدة راجحة، انتهى. وجواز الإستنابة في هذه الأعمال كالأعمال المشروطة في الإجارة على عمل في الذمة كخياطة الثوب وبناء الحائط.

س46: إذا أجر الناظر الوقف بأنقص من أجرة المثل أو غرس أو بنى في الوقف عليه، فما الحكم؟ ومم ينفق على الموقوف ذي الروح، وإذا تعذر ما ينفق عليه منه أو احتاج العقار إلى تعمير، فما الحكم؟ ومن الذي يدخل إذا وقف على أولاده ثم المساكين؟ وكيف استحقاقهم للوقف؟ وهل يدخل أولاد البنات في الوقف إذا قال على ولده أو بنيه ووضح ترتيب الجملة وترتيب الأفراد وترتيب الاشتراك؟ واذكر ما حول ذلك من أمثلة ومحترزات وضوابط وشروط وأدلة وخلاف وترجيح.

(46) مسائل فيما يتعلق بالناظر والموقوف عليه وأمثلة للوقف على الأولاد وكيفية إستحقاقهم وبيان من يدخل فيما ذكر ومن لا يدخل وما حول ذلك البحوث والأدلة س46: إذا أجر الناظر الوقف بأنقص من أجرة المثل أو غرس أو بنى في الوقف عليه، فما الحكم؟ وممّ ينفق على الموقوف ذي الروح، وإذا تعذر ما ينفق عليه منه أو احتاج العقار إلى تعمير، فما الحكم؟ ومن الذي يدخل إذا وقف على أولاده ثم المساكين؟ وكيف استحقاقهم للوقف؟ وهل يدخل أولاد البنات في الوقف إذا قال على ولده أو بنيه ووضح ترتيب الجملة وترتيب الأفراد وترتيب الاشتراك؟ واذكر ما حول ذلك من أمثلة ومحترزات وضوابط وشروط وأدلة وخلاف وترجيح. ج: إذا أجر ناظر الوقف المعين العين الموقوفة بأنقص من أجرة المثل صح عقد الإجارة وضمن الناظر نقصًا لا يتغابن به في العادة إن كان المستحق غيره؛ لأنه يتصرف في مال غيره على وجه الأحظ فضمن ما نقصه عقد كالوكيل إذا باع أو أجر بدون ثمن أو أجر مثل. ولا تفسخ الإجارة حيث صحت لو طلب الوقف بزيادة عن الأجرة الأولى وإن لم يكن فيها ضرر؛ لأنها عقد لازم من الطرفين ومن غرس أو بنى لنفسه فيما وقف عليه وحده فالغراس والبناء للغارس أو الباني محترم؛ لأنه وضعه بحق. قال في «الإقناع» : فلو مات وانتقل الوقف لغيره فينبغي أن يكون كغراس وبناء انقضت مدته وإن كان الغارس أو الباني شريكًا في الوقف بأن كان على جماعة فغرس فيه أحدهم أو بنى فغرسه وبناؤه له غير محترم فيقلع، وكذا إن كان له النظر فقط دون الإستحقاق فغرس أو بنى في الوقف

فغرسه وبناؤه غير محترم فيقلع وليس له بقاؤه بغير رضى أهل الوقف فيقلع إن أشهد أنه له. وإن غرس أو بنى موقوف عليه أو ناظر وقف فهو له إن شهد أنه غرسه أو بناه له وإن لم يشهد أنه له فغرسه وبناؤه للوقف تبعًا للأرض. وإن غرسه الناظر أو بناه للوقف أو من مال الوقف فهو وقف وإن غرس إنسان غير ناظر وموقوف عليه فهو للوقف بنيته. وقال الشيخ تقي الدين: يد الوقف ثابتة على المتصل به ما لم تأت حجة تدفع موجبها كمعرفة كون الغارس غرسها له بحكم إجارة أو إعارة أو غصب ويد المستأجر على المنفعة فليس له دعوى البناء بلا حجة ويد أهل عرصة مشتركة ثابتة على ما فيها بحكم الاشتراك إلا مع بينة باختصاصه ببناء ونحوه. وينفق الناظر على موقوف ذي روح كالرقيق والخيل مما عين واقف الإنفاق منه رجوعًا إلى شرط الواقف، فإن لم يعين الواقف محلاً للنفقة فنفقته من غلته؛ لأن الوقف اقتضى تحبيس أصله وتسبيل منفعته ولا يحصل ذلك إلا بالإنفاق عليه فكان ذلك ضرورته. فإن لم يكن له غلة لضعفه ونحوه فنفقته على موقوف عليه معين؛ لأنه ملكه، فإن تعذر الإنفاق عليه من الموقوف عليه لعجزه أو غيبته ونحوهما بيع الموقوف وصرف ثمنه في مثله. لكن غير ذي روح يكون وقفًا لمحل الضرورة إن لم يمكن إيجاره، فإن أمكن إيجاره كعبد أو فرس أو جر مدة بقدر نفقته لاندفاع الضرورة المقتضية للبيع بذلك ونفقة حيوان موقوف على غير معين كفقراء ومسجد تؤخذ من بيت المال؛ لأن الإنفاق هنا من المصالح.

فإن تعذر الأخذ من بيت المال بيع الموقوف وصرف ثمنه في عين أخرى كما تقدم فيما إذا كان على معين وتعذر الإنفاق عليه بكل حال، وإن مات العبد الموقوف فمؤنة تجيزه على من تلزمه نفقته. وإن كان الموقوف عقارًا واحتاج لعمارة لم تجب عمارته على أحد مطلقًا سواء كان على معين أو لا بلا شرط من واقفه كالطلق ذكره الحارثي وغيره مع أنه قال بعد في عمارة الوقف تجب إبقاء للأصل ليحصل دوام الصدقة وهو معنى قول الشيخ تقي الدين تجب عمارة الوقف بحسب البطون. فإن شرط العمارة واقف عمل بالشرط على حسب ما شرط لوجوب اتباع شرطه سواء شرط البداءة بالعمارة أو تأخيرها فيعمل بما شرط لكن إن شرط تقديم الجهة عمل ما لم يؤدّ إلى تعطيل الوقف، فإذا أدى إليه قدمت العمارة حفظًا للأصل. واشتراط الصرف إلى الجهة في كل شهر كذا في معنى اشتراط تقديمه على العمارة ومع الإطلاق تقدم على أرباب الوظائف وتقدم عمارة نحو مسجد ومدارس وزوايا على أرباب وظائف سواء شرط البداءة بالعمارة أو بالجهة الموقوف عليها أو لم يشرط شيئًا ما لم يفض تقديم العمارة إلى تعطيل مصالحه فيجمع بين العمارة وأرباب الوظائف حسب الإمكان لئلا يتعطل الوقف أو مصالحه. ولو احتاج خان مسبل أو احتاجت دار موقوفة وقفت للسكنى لنحو حاجّ كعابر سبيل وغزاة إلى مرمه وهي تصليح ما وهي وتضعضع أو جر من ذلك الموقوف جزء بقدر ما يحتاج إلى مرمته بقدر الضرورة والظاهر أنه يؤجر منه ذلك جوازًا أن العمارة لا تجب إلا بشرط من الواقف.

وعلم منه أنه لا يجوز أن يؤجر أكثر من قدر الحاجة وتسجيل كتاب الوقف منه كالعادة ذكره الشيخ تقي الدين، وقال: لو عمر وقفًا بالمعروف فله أخذه من غلته. وقال الشيخ أيضًا: ولو وقف مسجدًا أو شرط إمامًا وستة قراء وقيمًا ومؤذنًا وعجز الوقف عن تكميل حق الجميع ولم يرض الإمام والمؤذن والقيم إلا بأخذ جامكية مثلهم صرف للإمام والمؤذن والقيم جامكية مثلهم مقدمة على القراء، فإن هذا المقصود الأصلي. ومن وقف على ولده ثم على المساكين أو وقف على أولاده ثم المساكين أو وقف على ولد غيره أو وقف على أولاد غيره ثم على المساكين دخل موجود من أولاده حال الوقف فقط الذكور والإناثي والخناثي بينهم بالسوية، أما كون الأنثى كالذكر؛ لأن الولد يقع على الواحد والجمع والذكر والأنثى كما قاله أهل اللغة، وأما كونه بينهم بالتسوية فلأنه جعل لهم وإطلاق التشريك يقتضي التسوية كما لو أقر لهم بشيء وكولد الأم في الميراث. ولا يدخل فيهم المنفي بلعان؛ لأنه لا يلحقه كولد الزنا ثم لا فرق بين صيغة الولد أو الأولاد في الإستقلال الموجود منهم في الوقف واحدًا كان أو اثنين أو أكثر؛ لأن عمل الواقف بوجود ما دون الجمع دليل إرادته من الصيغة. ولا يدخل ولد حادث للواقف بأن حملت به أمه بعد صدور الوقف منه، وقيل: إن حدث للواقف ولد بعد وقفه استحق كالموجودين ومحل ذلك ما لم يقل الواقف: وقفت كذا على ولدي، ومن يولد لي، فإن قال ذلك دخل من كان موجودًا حال الوقف ومن يحدث.

والقول الثاني: وهو أنه يدخل ولو لم يقل الواقف ومن يولد لي وهو الذي تطمئن إليه النفس، والعرف الجاري بين الناس يؤيده أن الواقف لا يقصد حرمان ولده المتجدد، بل هو عليه أشفق لصغره وحاجته، والله سبحانه وتعالى أعلم. ويدخل في الوقف على ولده أو أولاده أو ولد غيره أو أولاده ولد بنيه الموجودين تبعًا سواء وجدوا حالة وقف أو لا كوصية لولد فلان فيدخل فيه أولاده الموجودون حال الوصية وأولاد بنيه وجدوا حال الوصية أو بعدها قبل موت الموصى لا من وجد بعد موته ما لم تكن قرينة تصرفه عن ذلك. وأما ولد البنات، فقيل: لا يدخلون في الوقف؛ لأنهم لا ينسبون إليه، بل إلى آبائهم، قال الله تعالى: {ادْعُوَهُمْ لآبَائِهِمْ} قال المروذي: قلت لأبي عبد الله: ما تقول في رجل وقف ضيعة على ولده، فمات الأولاد وتركوا النسوة حوامل، فقال: كل ما كان من أولاد الذكور بنات كن أو بنين فالضيعة موقوفة عليهم، وما ك ن أولاد البنات فليس لهم فيه شيء؛ لأنهم من رجل آخر، ووجه ذلك قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} دخل فيه ولد البنين وإن سفلوا، ولما قال تعالى: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ} تناول ولد البنين. فالمطلق من كلام الآدمي إذا خلا عن قرينة ينبغي أن يحم لعلى المطلق من كلام الله تعالى ويفسر بما يفسر به، ولأن ولد الولد ولد بدليل قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ} ، و {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميًا» ، وقالوا: نحن بنو النظير بنو كنانة، والقبائل تنسب إلى جدودها، ولأنه لو وقف على ولد فلان وهم قبيلة، دخل فيه ولد البنين فكذلك إذا لم يكونوا قبيلة، وإنما يسمى ولد الولد ولدًا مجازًا، ولهذا يصح نفيه،

فيقال: ما هذا ولدي، وقيل: لا يدخل ولد الولد بحال وسواء في ذلك ولد الولد أو ولد البنت؛ لأن الولد حقيقة وعرفًا إنما هو ولده لصلبه، وإنما سمي ولد مجازًا، ولهذا يصح نفيه، والقول الأول هو الذي تميل إليه نفسي، والله أعلم. فأما ولد البنات فعلى القول الأول لا يدخلون، قال الشاعر: بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأباعد وممن قال: لا يدخل ولد البنات في الوقف الذي على أولاده وأولاد أولاده مالك ومحمد بن الحسن. وقيل: يدخل في أولاد البنات، وهو مذهب الشافعي وأبي يوسف؛ لأن البنات أولاده فأولادهن أولاده حقيقة فيجب أن يدخلوا في اللفظ لتناوله لهم، وقد دل على صحة ذلك قوله تعالى: {وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى} وهو ولد بنت فجعله من ذريته. وكذلك ذكر الله تعالى قصة عيسى وإبراهيم وإسماعيل وإدريس، ثم قال: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ} وعيسى فيهم، وعن أبي بكرة قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه، وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى، ويقول: «أن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» رواه البخاري. وعن أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال وحسن وحسين على وركيه: «هذان ابناي وابنا بنتي، اللهم إني أحبهما، فأحبهما وأحب من يحبهما» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، وعن أنس قال: قال بلغ صفية أن حفصة قالت: بنت

يهودي، فبكت، فدخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي تبكي، وقالت: قالت لي حفصة أنت ابنة يهودي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنك لابنة نبي، وإن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي، فبم تفخر عليك» ، ثم قال: «اتقي الله يا حفصة» رواه أحمد والترمذي، وصححه النسائي، وفي حديث أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي: «وأما أنت يا علي، فختني وأبو ولدي» رواه أحمد، ولما قال تعالى: {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} دخل في التحريم حلائل أبناء البنات. وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ويستحق أولاد البنين الوقف مرتبًا بعد آبائهم وإن سفلوا لكن يحجب أعلاهم أسفلهم، كقوله: وقفته على أولادي أو الأعلى فالأعلى أو الأول فالأول أو قرنًا بعد قرن ونحوه مما يدل على الترتيب ما لم يكونوا قبيلة كولد النظر بن كنانة أو يأتي بما يقتضي التشريك كعلى أولادي وأولادهم فلا ترتيب وإن قال: وقفت على ولدي وولد ولدي شمل قوله فوق ثلاثة بطون؛ لان الولد يتناول أولاد الابن، وقيل: يدخل ثلاثة بطون دون من بعدهم. والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن قال: وقفت على ولدي ثم ولد ولدي ثم الفقراء شمل قوله البطن الثالث، وشمل من بعده لتناول الولد أولاد الإبن، وقيل: لا يشمل البطن الثالث، ومن بعده، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. وإن قال: وقفت على أولادي لصلبي لم يدخل ولد ولد، أو قال: وقفت على أولادي الذين يلوني اختص بهم ولم يدخل ولد ولد معهم، وإن قال: وقفت على عقبي أو نسلي، أو قال: وقفت على ولد ولدي، أو قال: وقفت على ذريتي لم يدخل فيهم ولد البنات إلا بقرينة.

ونقل عنه: يدخلون، وقال أبو بكر وابن حامد –رحمهما الله تعالى-: يدخلون في الوقف إلا أن يقول على ولد ولدي لصلبي فلا يدخلون، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس؛ لقوله تعالى في حق الذرية ودخول أولاد البنات فيهم: {وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ} إلى قوله: {وَعِيسَى} ابن مريم، فدل على دخول أولاد البنات في ذرية الرجل؛ لأن عيسى إنما ينسب إلى إبراهيم بأمه مريم، فإنه لا أب له., وروى ابن أبي هاشم أن الحجاج أرسل إلى يحيى بن يعمر: بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي - صلى الله عليه وسلم - تجده في كتاب الله، وقد قرأته من أوله إلى آخره، قال: أليس تقرأ سورة الأنعام: {وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} حتى بلغ: {وَيَحْيَى وَعِيسَى} قال: بلى، قال: أليس عيسى من ذرية إبراهيم وليس له أب، قال: صدقت، والله سبحانه وتعالى أعلم. ومن الوقف المحرم ما يفعله بعض الموقفين فيوقف على ذريته الذكور والأنثى حياة عينها، فهذا كما قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد: أنه وقف الجنف والإثم لما فيه من الحيلة على حرمان أولاد البنات ما جعل الله لهم في العاقبة، وهذا القوف على هذا الجهة بدعة ما أنزل الله بها من سلطان وغايته تغيير فرائض الله بحيلة الوقف. قال: وقد صنف فيها شيخنا - رحمه الله تعالى - وأبطل شبه المعارضين ولا يجيزه إلا مرتاب في هذه الدعوة الإسلامية. اهـ. قلت: فعلى المسلم أن يتجنب هذا الجنف والحيف والضرر العظيم الذي هو حرمان أولاد بناته، فإنه يسبب العقوق من أولاد البنات ويبغضه لهم فلا يسمحون بالدعاء له، وقد لا يعيش من نسله إلا هم فيأخذ وقفه البعيد وأولاد بنته يحرمون كيف؟ وقد ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الرجل أو المرأة ليعمل بطاعة الله سنين ثم يحضرهما الموت، فيضار أن في

الوصية، فتجب لهما النار» ثم قرأ أبو هريرة قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} رواه أبو داود. وإن قال على البطن الأول من أولادي ثم على الثاني ثم الثالث وأولادهم، والبطن الأول بنات، ونحو ذلك مما يدل على دخول أولاد البنات فيدخلون بلا خلاف. ومن وقف أولاده ثم أولادهم أو أولاده ما تناسلوا أو تعاقبوا الأعلى فالأعلى أو الأقرب فالأقرب أو طبقة بعد طبقة أو نسلاً بعد نسل، أقال على أولادي، فإذا انقرضوا فعلى أولاد أولادي فترتيب جملة على جملة مثلها لا يستحق البطن الثاني شيئًا قبل إنقراض البطن الأول؛ لأن الوقف ثبت بقوله فيتبع فيه مقتضى كلامه كقوله بطنًا بعد بطن، ونحوه كقرن بعد قرن فمتى بقي واحد من البطن الأول كان الكل له، والمراد لمن وجد من البطن الأعلى حيث كان الوقف على ولده أو أولاده أو ذكر ما يقتضي الترتيب. وعند الشيخ تقي الدين المرتب بثم إنما يدل على ترتيب الأفراد لا ترتيب البطون، فعليه يستحق الولد نصيب أبيه بعده فلو قال الواقف ومن مات عن ولد فنصيبه لولده، فهو دليل ترتيب؛ لأنه لو اقتضى التشريك لاقتضى التسوية، ولو جعلنا لولد الولد سهمًا مثل سهم أبيه ثم دفعنا غليه مثل سهم أبيه صار له سهمان ولغيره سهم، وهذا ينافي التسوية، ولأنه يفضي إلى تفضيل ولد الإبن والظاهر من مراد الواقف خلافه. فإن ثبت الترتيب، فإنه ترتيب بين كل والد وولده، فإذا مات من أهل الوقف واحد أو أكثر مما له ولد استحق كل ولد بعد أبيه نصيبه الأصلي والعائد إليه سواء بقي من البطن الأول واحد أو لم يبق منه أحد؛ لعموم قوله: «من مات عن ولد فنصيبه لولده» مثل أن يكون الموقوف عليهم ثلاثة إخوة

فيموت أحدهم عن ولد انتقل إليه نصيبه، ويموت الثاني عن غير ولد فنصيبه لأخيه الثالث، فإذا مات الأخ الثالث عن ولد استحق الولد جميع ما كان في يد أبيه من الثالث الأصلي والثلث العائد إليه من أخيه؛ لعموم «فنصيبه لولده» ؛ لأنه مفرد مضاف لمعرفة فيعم. وفي «الاختيارات الفقهية» : وقول الواقف «من مات عن ولد فنصيبه لولده» يشمل الأصلي لا العائد وهو احد الوجهين، وكذا إن زاد الواقف في شرطه على أن مات عن ولد في حياة والده، والمراد قبل دخوله في الوقف، وله ولد ثم مات الوالد عن أولاده لصلبه وعن ولد ولده لصلبه الذي مات أبه قبل استحقاقه فلولد الابن مع أعمامه ما لأبيه لو كان حيًا، فهذا تصريح في ترتيب الأفراد، فإذا مات واحد من مستحقي الوقف وجهل شرط الواقف صرف إلى جميع المستحقين بالسوية ذكره في «الاختيارات الفقهية» . وقال في «الفروع» : وقول الواقف «من مات فنصيبه لولده» يعم ما استحقه وما يستحقه مع صفة الاستحقاق، استحقه أو لا تكثر للفائدة ولصدق الإضافة بأدنى ملابسة فلو مات إنسان عن ولد ولد قبل أن يدخل أبوه في الوقف المشروط فيه أن من مات عن ولد فنصيبه لولده، فلولد الولد نصيب جده؛ لأن أباه استحقه أن لو كان موجودًا، ثم قال بعد قوله بأدنى ملابسة، ولأنه بعد موته لا يستحقه، ولأنه المفهوم عند العامين الشارطين ويقصدونه؛ لأنه يتيم لم يرث هو وأبوه من الجد، ولأن في صورة الاجتماع ينتقل مع وجود المانع إلى ولده. وصفات الاستحقاق للوقف ثلاثة: ترتيب جملة، وترتيب الأفراد، وترتيب الاشتراك، فترتيب الجملة: عبارة عن كون البطن الأول ينفرد بالوقف كله عمن بعده ما دام منه واحد ثم إذا انقرض أهل البطن الأول كلهم انتقل إلى الثاني فقط، وما دام من الثاني واحد لم ينتقل منه شيء، وهكذا.

وترتيب أفراد: عبارة عن كون الشخص من أهل الوقف لا يشاركه ولده ولا يتناول من الوقف شيئًا ما دام الأب حيًا، فإذا مات الأب انتقل ما بيده إلى ولده فاستحقاقه مشروطًا بموت أبيه. والاشتراك: عبارة عن استحقاق جميع الموجودين من البطون من غير توقف على شيء، بل هم على حد سواء فيشارك الولد والده، وكذا ولد الولد ثم الصفة الأولى تحصل بصيغ: منها: أن يقول هذا وقف على أولادي أو ولدي أو بطنًا بعد بطن أو طبقة بعد طبقة أو قرنًا بعد قرن أو ثم أولادهم. وتحصل الثانية بقوله من مات فنصيبه لولده أو عن غير ولد فلمن في درجته. وتحصل الثالثة بالواو بأن قال: على أولادي وأولادهم وأولاد أولادهم ونسلهم وعقبهم كان الواو للاشتراك؛ لأنها لمطلق الجمع فيشتركون فيه بلا تفضيل فيستحق الأولاد مع آبائهم لما تقدم من أنها لا تقتضي الترتيب بلا قرينة. وإن قال الواقف: هذا وقف على أولادي ثم أولادهم على أن نصيب من مات عن ولد فنصيبه لولده فهو ترتيب بين كل والد وولده فيستحق كل ولد بعد أبيه نصيبه؛ لأنه صريح في ترتيب الأفراد. ولو قال: وقفت على أولادي ثم أولاد أولادي على أنه من توفي منهم عن غير ولد فنصيبه لأهل درجته استحق كل ولد نصيب أبيه بعده كالمسألة التي قبلها بقرينة، قوله: عن غير ولد فهذا دال على إرادة ترتيب الأفراد وإن مات ولد فنصيبه له. وإن قال علي: أن نصيب من مات عن غير ولد لمن في درجته، والوقف

مرتب ثم أو نحوها فمات أحدهم فنصيبه لأهل البطن الذي هو منهم دون بقية البطون من أهل الوقف المستحقين له دون عملاً بسوابق الكلام. فلو كان البطن الأول ثلاثة فمات أحدهم عن ابن ثم مات الثاني عن ابنين ثم مات أحد الابنين وترك أخاه وبن عمه وعمه وأبناء لعمه الحي كان نصيبه لأخيه وابن عمه الذي مات أبوه دون عمه الحي وابنه. وكذا لو وقف على ثلاثة من بنيه الأربع على أن نصيب من مات عن غير ولد لمن في درجته فمات أحد الثلاثة عن غير ولد كان نصيبه بين أخويه من أهل الوقف دون الثالث؛ لأنه ليس من أهل الاستحقاق أشبه ابن عمهم. وقال السبكي: إذا وقف على شخص ثم أولادهم وشرط أن من مات من بناته فنصيبها للسباقين من إخوتها ومن مات قبل استحقاقه لشيء وفله ولد استحق ولده ما كان يستحقه المتوفى لو كان حيًا فمات الموقوف عليه وخلف ولدين وولد ولد مات أبوه في حياة والده، فأخذ الولدان نصيبهما وهما ابن وبنت وأخذ ولد الولد النصيب الذي لو كان والده حيًا لأخذه ثم ماتت البنت فهل يختص أخوها الباقي بنصيبها أو يشاركه فيه ابن أخيه؟ قال: تعارض اللفظان المذكوران، ونظرنا فرجحنا أن التنصيص على الإخوة وعلى الباقين منهم كالخاص، وقوله: من مات قبل الاستحقاق كالعام فيقدم الخاص على العام، فلذلك ترجح عندنا تخصيص الأخ وإن كان الآخر محتملاً وهو مشاركة ابن الأخ، انتهى.

س47: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا كان الوقف مشتركا بين البطون وشرط أن من مات عن غير ولد فنصيبه لمن في درجته، إذا قال: وقفت على زيد، وإذا انقرض أولاده فعلى المساكين، وإذا رتب ثم شرك، أو قال بعد الترتيب ثم على أنسالهم وأعقابهم، وإذا وقف شيئا على بنيه أو على بني فلان أو على قرابته أو قرابة زيد فمن يدخل من أولئك ومن يدخل في الوقف على العترة، وإذا وقف على أهل بيته أو نسائه أو قومه أو آله أو أهله، فما الحكم؟ وما الدليل؟ وضحه مع ذكر الخلاف والترجيح.

(47) الوقف المشترك بين البطون، وإذا رتب ثم شرك، أو قال من مات عن ولد فنصيبه لمن في درجته، والوقف على القرابة من يدخل ومن لا يدخل، والوقف على الآل والأهل وقومه س47: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: إذا كان الوقف مشتركًا بين البطون وشرط أن من مات عن غير ولد فنصيبه لمن في درجته، إذا قال: وقفت على زيد، وإذا انقرض أولاده فعلى المساكين، وإذا رتب ثم شرك، أو قال بعد الترتيب ثم على أنسالهم وأعقابهم، وإذا وقف شيئًا على بنيه أو على بني فلان أو على قرابته أو قرابة زيد فمن يدخل من أولئك ومن يدخل في الوقف على العترة، وإذا وقف على أهل بيته أو نسائه أو قومه أو آله أو أهله، فما الحكم؟ وما الدليل؟ وضحه مع ذكر الخلاف والترجيح. ج: إذا كان الوقف مشتركًا بين البطون وشرط إن مات عن غير ولد فنصيبه لمن في درجته فيختص به أهل الوقف الذي هو منهم من أهل الوقف، وليس للأعلى مع أهل درجة الميت شيء من نصيبه وإن كانوا مشاركين لهم قبل موته. فإن لم يوجد في درجة من مات عن غير ولد أحد من أهل الوقف فكما لو لم يذكر الشرط؛ لأنه لم يوجد ما تظهر فائدته فيه فيشترط الجميع من أهل الوقف في مسألة الاشتراك؛ لأن الاشتراك يقتضي التسوية وتخصيص بعض البطون يفضي إلى عدمها ويختص البطن الأعلى بنصيب المتوفي الذي لم يوجد في درجته أحد في مسألة الترتيب؛ لأن الوقف مرتب فيعمل بمقتضاه حيث يوجد الشرط المذكور. وإن كان الوقف على البطن الأول كما لو قال وقفت على أولادي على

أن نصيب من مات منهم لمن في درجته فكذلك نصيبه لأهل البطن الذي هو منهم من أهل الوقف كما تقدم، فإن لم يكن في درجته أحد اختص به الأعلى كما لو لم يذكر الشرط. وحيث كان نصيب ميت لأهل البطن الذي منهم فيستوي في ذلك كله إخوة الميت وبنو عمه وبنو عم أبيه وبنو عم أبي أبيه؛ لأنهم في درجته في القرب إلى الجد الذي يجمعهم والإطلاق يقتضي التسوية، وكذا أناثهم حيث لا مخصص للذكور إلا أن يقول الواقف يقدم الأقرب فالأقرب إلى المتوفي ونحوه فيختص نصيب الميت بالأقرب وليس من الدرجة من هو أعلى من الميت كعمه أو أنزل منه كابن أخيه. والحادث من أهل الدرجة بعد موت الآيل نصيبه إليهم كالموجودين حين الموت لوجود الوصف فيه والشرط منطبق عليهم. فعلى هذا إن حدث من هو أعلى من الموجودين وكان الشرط في الوقف الأعلى فالأعلى كما لو وقف على أولاده ومن يولد له ثم أولادهم ثم أولاد أولادهم ما تناسلوا ومات أولاده وانتقل الوقف لأولادهم ثم ولد له ولد أخذ هذا الولد الوقف من أولاد إخوته؛ لأنه أعلى منهم درجة فلا يستحقونه معه. ولا يرجع عليهم بما قبضوه فيما مضى من غلته؛ لأن المقبوض إنما استحقه قاضه ومالكه بوضع يده عليه وتناوله إياه في مدة كان يستحقها فيها دون غيره. قال في «شرح الإقناع» : فائدة لو قال على أن من مات قبل دخوله في الوقف عن ولد وإن سفل وآل الحال في الوقف إلى أنه لو كان المتوفي موجودًا لدخل قام ولده مقامه في ذلك وإن سفل واستحق ما كان أصله

يستحقه من ذلك أن لو كان موجودًا فانحصر الوقف في رجل من أولاد الواقف ورزق خمسة أولاد مات أحدهم في حياة والده وترك ولدًا ثم مات الرجل عن أولاده الأربعة وولد ولده ثم مات من الأربعة ثلاثة عن غير ولد وبقي منهم واحد مع ولد أخيه استحق الولد الباقي أربعة أخماس ريع الوقف وولد أخيه الخمس الباقي. وجه ذلك أن قول الواقف على أن من مات منهم قبل دخوله في هذا الوقف إلخ مقصور على استحقاق الولد لنصيب والده المستحق له في حياته لا يتعداه إلى من مات من إخوة والده عن غير ولد بعد موته، بل ذلك إنتمنا يكون للإخوة الأحياء عملاً بقول الواقف على أن من توفي منهم عن غير ولد إلخ إذ لا يمكن إقامة الولد مقام أبيه في الوصف الذي هو الأخوة حقيقة والأصل حمل اللفظ على حقيقته، وفي ذلك جمع بين الشرطين وعمل بكل منهما في محله وذلك أولى من إلغاء أحدهما. اهـ. ولو قال واقف ومن مات عن غير ولد وإن سفل فنصيبه لإخوته ثم نسلم وعقبهم عم ولو من لم يعقب من إخوته ثم نسلهم ومن أعقب ثم انقطع عقبه أي ذريته؛ لأنه لا يقصد غيره، واللفظ يحتمله فوجب الحمل عليه قطعًا، قاله الشيخ تقي الدين. ولو رتب الواقف أولاً بعض الموقوف عليهم، فقال: وقفت على أولادي ثم على أولاد أولادي ثم شرك بينهم بأن قال بعد أولاد أولادي وأولادهم أو عكس بأن قال: وقفت على أولادي وأولاد أولادي ثم على أولادهم، فهو على ما شرط ففي المسألة الأولى يختص الأولاد باقتضاء ثم للترتيب. فإذا انقرض الأولاد صار مشتركًا بين من بعدهم من أولادهم وأولاد أولادهم وإن نزلوا؛ لأن العطف فيهم بالواو وهو لا تقتضي الترتيب، فإن قيل: قد رتب أولاً فهل حمل عليه ما بعده، فالجواب قد يكون غرض الواقف

تخصيص أولاده لقربهم منه. وفي المسألة الثانية وهي ما إذا وقف على أولاده وأولاد أولاده ثم أولادهم وأولاد أولادهم يشترك البطنان الأولان للعطف بالواو دون غيرهم فلا يدخل معهم في الوقف لعطفه بثم، فإذا انقرضوا اشترك فيه من بعدهم لما تقدم. ولو قال بعد الترتيب بين أولاده بقوله هذا وقف على أولادي ثم على أولادهم ثم على أنسالهم وأعقابهم استحقه أهل العقب مرتبًا لقرينة الترتيب فيما قبله ولا يستحقونه مشتركًا مع الأنسال نظرًا إلى عطفهم بالواو لمخالفة القرينة السياق وصوب استحقاق أهل العقب مرتبًا في «الإنصاف» . قال في «الاختيارات» : الواو كما لا تقتضي الترتيب لا تنفيه لكن هي ساكتة عنه نفيًا وإثباتًا ولكن تدل على التشريك وهو الجمع المطلق، فإن كان في الوقف ما يدل على الترتيب مثل أن رتب أولاً عمل به ولم يكن ذلك لمقتضى الواو، انتهى. ومن وقف على بني فلان أو على بنيه فهو للذكور يختصون به؛ لأن لفظ البنين وضع لذلك حقيقة؛ لقوله تعالى: {أَصْطَفَى البَنَاتِ عَلَى البَنِينَ} ، وقوله: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ} ، وقوله تعالى: {المَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا} فلا يدخل خنثى؛ لأنه لا يعلم كونه ذكرًا، وكذلك لو وقف على بناته اختص بالبنات فلا يدخله فيه الذكور ولا الخناثى؛ لأنه لا يعلم كونهن إناثًا وإن كانوا بنو فلان قبيلة كبيرة، قال في «الرعاية» كبني هاشم وبني تميم وقضاعة دخل فيه الإناث؛ لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} ولأن القبيلة يشمل ذكرها وأنثاها دون أولاد النساء من تلك القبيلة إذا كانوا من رجال غير القبيلة؛ لأنهم لا ينسبون إلى القبيلة الموقوف عليها، بل إلى غيرها وكما لو قال المنتسبين إليّ ويدخل أولادهن منهم لوجود

الإنتساب حقيقة ولا يشمل مواليهم؛ لأنهم ليسوا منهم حقيقة كما لا يدخلون في الوصية. وقال الشافعي: لا يصح الوقف على من لا يمكن استيعابهم وحصرهم في غير المساكين وأشباههم؛ لأن هذا تصرف في حق آدمي فلم يصح مع الجهالة كما لو قال: وقفت على قوم، وهذا أحد قولي الشافعي والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس؛ لأن من صح الوقف عليهم إذا كانوا محصورين صح وإن لم يحصوا كالفقراء، والله أعلم. وإن وقف على عترتبه وعشريته فكما لو قال: وقفت على القبيلة، قال في «المقنع» : العترة هم العشيرة؛ لقول أبي بكر في محفل من الصحابة نحن عترة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبيضته التي تفقأت عنه ولم ينكره أحد وهم أهل اللسان، وقيل: العترة الذرية، وقيل: ولده وولد ولده. وفي «القاموس وشرحه» : العترة: نسل الرجل وأقرباؤه من ولد وغيره. وإن وقف على قرابته أو قرابة زيد فالوقف لذكر وأنثى من أولاده وأولاد أبيه وهم إخوته وأخواته وأولاد جده وهم أبوه وأعمامه وعماته وأولاد جد أبيه وهم جده وأعمامه وعماته فقط؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يجاوز بني هاشم بسهم ذوي القربى المشار إليه في قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى} فلم يعط من هو أبعد كبني عبد شمس وبني نوفل شيئًا، ولا يقال هما كبني المطلب، فإنه - صلى الله عليه وسلم - علل الفرق بينهم وبين من سواهم ممن ساواهم في القرب بأنهم لم يفارقوا في جاهلية الإسلام ولا إسلام ولم يعط قرابته من ولد أمه وهم بنو زهرة شيئًا منه، ولا يدخل في الوقف على القرابة مخالف لدين الواقف، فإن كان الواقف مسلمًا لم يدخل في قرابته كافرهم وإن كان

كافرًا لم يدخل المسلم إلا بقرينة ولا يدخل في الوقف على قرابته أمه أو قرابته من قبلها، وقيل: يدخل كل من عزف بقرابته من جهة أبيه ومن جهة أمه من غير تقيد بأربعة آباء، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس؛ لأنه صادق عليهم أنهم قرابته فيتناولهم الاسم ويدخلون في عمومه، والله سبحانه وتعالى أعلم. وعلى كلا القولين إن كان في اللقيط من الواقف ما يدل على إرادة الدخول كتفضيل جهة قرابة أبيه على قرابته من جهة أمه أو قول الواقف إلا ابن خالتي فلانًا ونحو ذلك فيعمل بمقتضى القرينة أو وجدت قرينة تخرج بعضهم عمل بها والوقف على أهل بيته أو على قومه أو على نسائه أو على آلة أو على أهله ونسبائه كعلى قرابته؛ لأن قوم الرجل قبيلته وهم نسباؤه. قال الشاعر: فقلت لها أما رفيقي فقومه ... تميم وأما أسرتي فيماني فلكل قرابة أما في أهل بيته فلقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تحل الصدقة لي ولا لأهل بيتي» وفي رواية: «آل محمد لا تحل لنا الصدقة» فجعل سهم ذوي القربى لهم عوضًا عن الصدقة التي حرمت عليهم، فكان ذوي القربى الذين سماهم الله تعالى هم أهل بيته وإن وقف على ذوي أرحامه، فإنه يكون لكل قرابة للواقف من جهة الآباء سواء كانوا عصبة كالآباء والأعمام وبينهم أولاً كالعمات وبنات العم ولكل قرابة من جهة الأمهات كأمه وأبيه وأخواله وأخوالها وخالاته وخالاتها؛ لأن القرابة من جهة الأم أكثر استعمالاً، فإذا لم يجعل ذلك مرجحًا فلا أقل أن لا يكون مانعًا ولكل قرابة له من جهة الأولاد ممن يرث بفرض أو تعصيب أو رحم كابنه وبنته وأولادهم؛ لأن الرحم يشملهم.

من النظم فيما يتعلق بالوقف ووقف لأولاد والفتى ووصيه كذكرانهم خنثى وأنثى ليردد ويشترط الإطلاق دون قرينة لدى الخلف والترتيب حتم بأجود ويختص منهم من لدى الوقف كائن كالإيصا عنه قبل موت المؤيد فمن يتجدد بعد لا قبل ما بدي ثمار وزرع خص بالبائع أصدد وإن جاو فيها ما يخص بمشتر يشارك فاطلب يا أخي العلم وأجهد وليس كهذا من تنزل طاريًا بمدرسة بل جعل فعل مقيد ووقف لأولاد وأولاد ولده فأنزل فالمنصوص دون المزيد ووقف على زيد وعمر ومعمر ومن مات من نسل حووا حصة الردى ومن مات لم يعقب ليعط نصيبه بشرط لأهل الوقف دون المعدد فمات عن ابن معمر وأخوه لم يعقب فللباقي مع ابن أخ جد وإن قال من لم يعقب امسخ نصيبه مساوية في الرتبة إن رتب أشهد

بأن نصيب الميت عن غير وارث يخص ببطن منهم ميت قد كذا أن يقف بين البطون مشركًا وقل هنا بل للجميع فجود ويدخل أولاد البنات بأجود نحاه أبو بكر مع الشيخ قلد كذا الحكم في نسل وذرية الفتى وفي عقب والخلف في كل أبعد وكالذكر أنثى من قضى بدخولهم وذا المال منهم كالفقير المقتردي وفي هؤلاء أولاد سعد وخالد وجيهان في تعميم من لم يعدد ويشرع قسم الوقف كالطلق بينهم وليس بمكروه كوجه مبعد وإن خص بعضًا عن هوى كرهوا له وأما لمعنى تقتضيه فجود ومن صار أهل قبل حصد زراعة وتأبير نخل يستحق كمبتدي ويدخل عن كانوا بنيه قبيلة نساء سوى أولادها من مبعد ويختص في اسم القرابة ولده وقربى أبي الإنسان مع علو مصعد وعنه على قربى أب رابع فقط وعنه على قربى الثلاثة قيد

س48: تكلم بوضوح عن معاني وأحكام ما يلي: إذا وقف على الأيامى أو العزاب أو الأرامل أو الأحفاد أو الأسباط أو القوم أو الأبكار أو الثيبات أو العوانس أو الأخوة أو العمومة أو الأخوات أو لجماعة أو جمع من

لأن رسول الله لم يعد هاشمًا بسهم ذوي القربى فكن خير مقتد ولا تعط إلا مسلمًا والغني والفقير والأنثى سوٌ ما لم يقيد وعنه إن يكن حال الحياة مواصلاً قرابته أم أعط وإلا فأبعد وذو رحم قربى أبيه وأمه وأولاده أعلم من قريب وأبعد وبيت الفتى والقوم مثل قرابة وقيل كذا الأرحام عند التفقد وقيل نساء مثل رحم له وقد قيل هم والآل كالأقرباء أعدد وعترتهم ذرية قيل بل هم عشيرته الأدنون عرفًا بأجود (48) الوقف على الأيامى والعزاب والأحفاد والأرامل والأسباط والقوم والشيوخ والأبكار والثيبات والعوانس والأخوة والأخوات والعلماء والقراء والزهاد وسبل الخيرات والقرابة والجيران وأهل قريته وما حول ذلك وصفة الوقف، وما يتعلق بذلك من معانٍ وأحكام س48: تكلم بوضوح عن معاني وأحكام ما يلي: إذا وقف على الأيامى أو العزاب أو الأرامل أو الأحفاد أو الأسباط أو القوم أو الأبكار أو الثيبات أو العوانس أو الأخوة أو العمومة أو الأخوات أو لجماعة أو جمع من

الأقارب فمن يدخل ومن لا يدخل، وإذا وقف على العلماء أو القراء أو الزهاد أو على مواليه أو على الفقراء أو على المساكين فمن الذي يتناوله الوقف، وإذا وقف على صنف من أصناف الزكاة أو على أصنافها أو صنفين فأكثر أو وقف على سبل الخيرات فلمن يكون، ووضح من يشمله اللفظ ومن لا يشمله وإذا وقف على أهل قريته أو جيرانه أو وصى لهم بشيء، فهل يدخل المخالف في الدين؟ وهل الوصية كالوقف فيما مر؟ وما الطريقة التي ينبغي للواقف أن يسلكها في قسم وقفه؟ واذكر القيود والأدلة والتعليل والمحترزات والخلاف والترجيح. ج: الأيامى: جمع أيم، وهي المرأة التي لا زوج لها بكرًا كانت أو ثيبًا، وكل ذكر لا أنثى معه، قال الشاعر: فإن تنكحي أنكح وإن تتأيمي ... وإن كنت أفتى منكموا أتأيم وقال التبريزي في شرح ديوان أبي تمام: قد كثر استعمال هذه الكلمة في الرجل إذا ماتت امرأته، وفي المرأة إذا مات زوجها، وفي الشعر القديم ما يدل على أن ذلك الموت وبترك الزوج من غير موت، قال الشماخ: يقر لعيني أن أحدث أنها ... وإن لم أنها أيم لم تزوج وقيل: إنها الثيب، واستدل له بما روي أنه - صلى الله عليه وسلم -، قال: «الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها» حيث قابلها بالبكر. وقال الشاعر: خلقنا رجالاً للتجلد والعزا ... وتلك الأيامى للبكا والمآثم

وقال الآخر: ولا تنكحن الدهر ما عشت أيمًا ... مجربة قد مل منها وملت وأما العزب فجمعه أعزاب، كسبب وأسباب، ويقال: رجل عزب وامرأة عزب، قال ثعلب: وإنما سمي عزبًا لانفراده وكل شيء انفرد فهو عزب، وفي «صحيح البخاري» : عن ابن عمر: وكنت شابًا أعزب، وأما الأرامل فهي النساء اللاتي فارقهن أزواجهن، وقيل: المساكين من رجال ونساء، وفي شعر أبي طالب في النبي - صلى الله عليه وسلم -: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل وقال الآخر: ليبك على ملحان ضيف مدفع ... وأرملة تزجى مع الليل أرملا وقال جرير: كل الأرامل قد قضيت حاجتها ... فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر وأما اليتامى: جمع يتيم وهو من مات أبوه ولم يبلغ، قال صاحب «اللامية» : فأيمت نسوانًا وأيتمت إلدة ... وعدت كما أبديت والليل اليل وسواء كان ذكرًا أو أنثى ولا يشمل الوقف على اليتامى ولد زنى؛ لأن لليتيم إنكسار يدخل على القلب بفقد الأب، والحفيد والسبط ولد ابن وبنت والرهط ما دون العشرة من الرجال خاصة لغة لا واحد له من لفظه، وأما القوم فقيل: الجماعة من الرجال والنساء؛ لأن قوم كل رجل شيعته وعشيرته، وقيل: الرجال دون النساء لا واحد له من لفظه، قال الجوهري: ومنه قوله تعالى: {لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ} ثم قال: ولا نساء من نساء، فلو كانت النساء من القوم لم يقل ولا نساء من نساء، وقال زهير:

وما أدري وسوف أخال أدري ... أقوم آل حصن أم نساء ومنه الحديث: «فليسبح القوم ولتصفق النساء» ، وسموا الرجال بذلك؛ لأنهم قوامون على النساء بالأمور التي ليس للنساء أن يقمن بها، والبكر يشمل الذكر والأنثى والثيب كذلك وعانس كذلك وهو من بلغ حد التزويج ولم يتزوج، قال الشاعر: رأيت فتيان قومي عانسي حدر ... إن الفتوا إذا لم ينكحوا عنسوا وأما الكهل من الرجال فمن وخطه الشيب، وقيل: من جاوز الثلاثين، وقيل: من زاد على الثلاثين إلى الأربعين، والعرب تتمدح الكهولة، قال: وما ضر من كانت بقاياه مثلنا ... شباب تسامى للعلى وكهول وقال الأعشى: كهولاً وشبانًا فقدت وثروة ... فلله هذا الدهر كيف ترددا وقال الأزهري: إذا بلغ خمسين؛ قيل له: كهل. ومنه قوله: هل كهل خمسين إن شاقته منزلة ... مسفه رأيه فيها ومسبوب فجعله كهلاً وقد بلغ خمسين، ويجمع على كهول وكهلون وكهال وكهلان بالضم، قال: وكيف ترجيها وقد حال دونها ... بنو أسد كهلانها وشبابها وأما الشيخ فهو من جاوز الخمسين إلى ثمانين وما بعده هرم، وقيل إلى السبعين. والصبيان والغلمان يختص الذكور قبل البلوغ والشبان من البلوغ حتى الثلاثين، وقيل: إلى خمس وثلاثين، ومثله الفتى وأخوة وعمومة لذكر وأنثى الأخوات للإناث خاصة والثيوبة زوال البكارة بالوطء، والطفل من

حين يخرج من بطن أمه إلى أن يحتلم، قال الله تعالى: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} . ويقال: طفل وطفلة، وفي حديث الاستسقاء: أن أعرابيًّا أنشد النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتيناك والعذراء يدمي لبانها ... وقد شغلت أم الصبي عن الطفل وقال الآخر: وطفلة مثل حسن الشمس إذ طلعت ... كأنما هي ياقوت ومرجان وإن قال: هذا وقف لجماعة أو لجمع من الأقرب إليه فثلاثة؛ لأنهم أقل الجمع، فإن لم يف الدرجة الأولى بأن لم يكن فيها ثلاثة كأن يكون له ولدان وأولاد ابن تمم الجمع من الدرجة التي بعدها وهم أولاد الابن فيتم الجمع بواحد منهم يخرج بقرعة. ويشمل الجمع أهل الدرجة وإن كثروا لعدم المخصص والعلماء حملة الشرع ولو أغنياء، وقيل: من تفسير وحديث وفقه أصوله وفروعه، قاله في «الفروع» : لا ذو أدب ونحو ولغة وصرف وعلم كلام أو طب أو حساب أو عروض أو هندسة وهيئة وتعبير رؤيا وقراءة قرآن وإقرائه وتجويده. وأهل الحديث من عرفه ولو حفظ أربعين حديثًا لا من سم عه من غير معرفة، والقراء في عرف هذا الزمان حفاظ القرآن، وفي الصدر الأول هم الفقهاء، وأعقل الناس الزهاد؛ لأنهم أعرضوا عن الفاني للباقي. قال ابن الجوزي: وليس من الزهد ترك ما يقيم النفس، ويصلح أمرها ويعينها على طريق الآخرن بل هذا زهد الجهال، وإنما الزهد ترك فضول العيش، وهو ما ليس بضرورة في بقاء النفس نفسه وعياله، وعلى هذا كان

النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يؤيد قوله - صلى الله عليه وسلم -: «كفى بالمرء أن يضيع من يعول» . وتقدم لابن الجوزي كلام آخر نفيس حول هذا الموضوع في «المجلد الثاني» (ص124) في فصل «صدقة التطوع» : وإن وقف على مواليه وله موال من فوق فقط وهم أعتقوه اختص الوقف بهم وإن كان له موال من فوق وموال من أسفل تناول الوقف جميعهم واستووا في الاستحقاق إن لم يفضل بعضهم على بعض؛ لأن الأسهم تتناولهم. ومتى انقرض مواليه فالوقف لعصبة مواليه ومن لم يكن له موال حين قال: وقفت على موالي فالوقف لموالي عصبته لشمول الاسم لهم مجازًا مع تعذر الحقيقة، فإن كان إذ ذاك موال ثم انقرضوا لم يرجع من الوقف شيء لموالي عصبته؛ لأن الاسم تناول غيرهم فلا يعود إليهم إلا بعقد جديد ولم يوجد وإن وقف على الفقراء تناول المساكين وإن وقف على المساكين تناول الفقراء؛ لأنه إنما يفرق بينهما في المعنى إذا اجتمعا في الذكر. وإن كان الوقف على صنف من أصناف الزكاة كالفقراء والرقاب والغارمين لم يدفع لواحد فوق حاجته؛ لأن المطلق من كلام الآدمي يحمل على المعهود في الشرع فيعطى فقير ومسكين تمام كفايتها مع عائلتهما سنة ومكاتب وغارم ما يقضيان دينهما وابن سبيل ما يحتاجه لسفره وغازيًا ما يحتاجه لغزوه. وإن كان الوقف على أصناف فوجد من فيه صفات كابن سبيل غازيًا غارمًا استحق بالصفات كالزكاة على ما تقدم تفصيله في الجزء الثاني، ولو وقف على أصناف الزكاة أو صنفين فأكثر من أصنافها أو على الفقراء أو على المساكين جاز الاقتصار على صنف كزكاة؛ لأن مقصود الواقف عدم مجاوزتهم،

وذلك حاصل بالدفع إلى صنف منهم، بل إلى شخص واحد ولا يعطى فقير وغيره من أهل الزكاة أكثر مما يعطاه من زكاة إن كان الوقف على صنف من أصنافها. وإن وقف على سبيل الخيرات فلمن أخذ من الزكاة لحاجته كفقير ومسكين وابن سبيل ولا يعطى مؤلف وغارم وعامل؛ لأن كلامه لا يشمل. وإن وقف على جماعة يمكن حصرهم واستيعابهم كبنيه أو بني فلان وليسوا قبيلة أو موالي غيره وجب تعميهم والتسوية بينهم فيه؛ لأن اللفظ يقتضي ذلك وأمكن الوفاء به فوجب العمل بمقتضاه كما لو أقر لهم بمال ولو أمكن حصرهم فيه في ابتداء الوقف ثم تعذر بكثرة أهله كوقف علي - رضي الله عنه - عمم من أمكن منهم بالوقف وسوى بينهم فيه؛ لأن التعميم والتسوية كانا واجبين في الجميع، فإذا تعذر في بعض وجب فيما لم يتعذر فيه كالواجب الذي تعذر بعضه. وإن لم يمكن حصرهم ابتداء كالمساكين والقبيلة الكبيرة كبني هاشم وقريش وبني تميم جاز التفصيل والاقتصار على واحد، والتفضيل بينهم أولى وكالوقف على المسلمين كلهم أو على إقليم كالشاة ومدينة كمكة فيجوز التفضيل والاقتصار على واحد. ويشمل جمع مذكر سالم كالمسلمين وضميره وهو الواو الأنثى تغليبًا؛ لقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ} . ولا يشمل جمع المؤنث السالم وضميره الذكر إذ لا يغلب غير الأشرف عليه. وإن وقف على أهل قريته أو على قرابته أو على إخوته أو على جيرانه أو وصى لهم بشيء لم يدخل فيهم مخالف لدين الواقف والموصى؛ لأن الظاهر من

حال الواقف أو الموصى لم يرد من يخالف دينه سواء كان مسلمًا أو كافرًا إلا بقربته تدل على دخولهم فيه فيدخلون كما مر. ومن القرائن كونهم كلهم كفارًا فيدخلون؛ لأن عدم دخولهم لم يؤدي إلى رفع اللفظ بالكلية والمستحب للواقف أن يقسم الوقف على أولاده على حسب قسمة الله في الميراث {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} . وقال القاضي: المستحب التسوية بين الذكر والأنثى؛ لأن القصد القربة على الدوام، وقد استووا في القرابة. والقول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس؛ لأنه إيصال للمال إليهم فينبغي أن يكون على حسب الميراث قسمته كالعطية، ولأن الذكر في مظنة الحاجة أكثر من الأنثى؛ لأن كل واحد منهما في العادة يتزوج ويكون له الولد، فالذكر تجب عليه نفقة امرأته وأولاده والمرأة ينفق عليها زوجها ولا يلزمها نفقة أولادها، وقد فضل الله تعالى الذكر على الأنثى في الميراث على وفق هذا المعنى، والله أعلم. وإن فضل بعضهم على بعض لما به من الحاجة والمسكنة أو عمى أو نحوه أو خص أو فضل المشتغلين بالعلم أو ذا الدين دون الفساق؛ لأن الفساق يستعينون به على المعاصي وأهل العلم والدين يستعينون به على طاعة الله وهذا فرق عظيم أو خص أو فضل المريض أو خص أو فضل من له فضيلة من أجل فضيلته، فلا بأس بذلك؛ لأنه لغرض مقصود شرعًا. ومن ليس ذا روح غريب وأيم وقيل الفتى عزب ونال لخرد وهن الأرامل مع فراق بعولة وقد قيل أيضًا للرجال به أقصد

ووقف أخيات يخص الإناث والعمومة للصنفين كالأخوة أشهد ووقف سبيل الله والخير والجزا لغاز بلا فرض وقربى ومرمد ولا تدخلن في رفقة لقرابة وقربته من خالف الدين تعتد وقيل ادخل الإسلام في وقف كافر وما صرح ابتعه وبالحال قيد ومولى الفتى اسم للعتيق ومعتق وقيل أخصصن بالوقف أهل التجود وذو سكة الإنسان هم أهل دربه وجيرانه من كل قطر ليعدد ثلاثون دارًا بعدما عشر أدور وعنه مداد الأربعين بها أحدد ولاحظ للمولى بوقف لقومه ولا من طريق أهل سكة مرفد وفي أقرب القربى أب وابنه سوا وقيل ابنه أولى بذا البر بعد ومثل أخ جد وقيل الأخ أخصصن وذا الأم إن يدن كذا الأب فأعدد ومن أبوين الأخ أقرب منهما والإيصا كذا أيضًا وتزويج نهد ومثل أب أم ومدل بها إذا كمدل إليه بالأب إن دخلوا قد

وإن قال يعطي منهم لجماعة فمن أقرب القربى ثلاثة أرفد وأن يتحد في القرب أكثر عمموا وإن نقصوا كمل من المتبعد وللعصبات الوقف يشمل وارثًا ومحجوبهم من كل دان وابعد وإن وقف الإنسان للعلماء بل إلى علماء الشرع بالوقف وأقصد ووقف لتباع امرئ لا يضر أن يخالف في نزل وفي مذهب ردي وإن كان للأيتام فهو لفاقد أباه ولم يبلغ وأنثى كفوهد ووقف لصبيان وغلمان أخصصن ذكورية قبل البلوغ المرشد ووقف لفتيان وشبان اعتبر بلوغهم حتى الثلاثين وأرصد ومنها إلى الخمسين للكهل مدة وما جاوز الخمسين للشيخ فأحدد ويدخل في هذي المسائل ذو الغنى وذو الفقير في الإعطاء ما لم يقيد ووقف لسبل الخير للحج ثلثه وللغزو ثلث ثم للفقر أجد وتعميم جمع ممكن الحصر واجب وتسوية في قسم غير المقيد

س49: متى يلزم الوقف؟ وهل ينفسخ أو يباع أو يوهب أو يورث أو يستبدل، وإذا لم يوجد ما يعمر به أو خرب محلته وضح ذلك وما يترتب عليه، وهل يعمر من ريع وقف آخر أو من بعضه؟ وهل يغير أو ينقص أو ينقل؟ ومن الذي يتولى ما يترتب على ذلك؟ وتكلم عن الوقف على الثغر وعلى القنطرة وعلى حفر البئر في المسجد وغرس الشجر فيه ورفعه وما حول ذلك من المسائل، واذكر الشروط والمحترزات، ومثل لما لا يتضح إلا بالأمثلة، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

ومع عدم الإمكان تخصيص مفرد وتفضيل بعض القوم جوز بأوطد وقد قيل لا يجزيه دون ثلاثة وكالوقف في ذا الفصل الإيصا أخي طد وكل فتى يعطى كمثل الزكاة من وقوف على أصنافها لا تزيد وإن أمكن استيعابهم ثم لم يطق فعمم وسوّ ما استطعت تسدد وهل واجب صرف في الأصناف كلها أم الصرف في صنف يجوز فردد وذو الفقر والمسكين صنفان فادر في الزكاة وصنف في سواها ليعدد (49) لزوم الوقف وما لا ينفسخ به وحكم نقله والتصرف فيه وتعميره وما يقاس عليه وحكم ما فضل عن حاجته وبيان من له الأمر في ذلك وبيان الحالات المسوغة لما يترتب على ذلك س49: متى يلزم الوقف؟ وهل ينفسخ أو يباع أو يوهب أو يورث أو يستبدل، وإذا لم يوجد ما يعمر به أو خرب محلته وضح ذلك وما يترتب عليه، وهل يعمر من ريع وقف آخر أو من بعضه؟ وهل يغير أو ينقص أو ينقل؟ ومن الذي يتولى ما يترتب على ذلك؟ وتكلم عن الوقف على الثغر وعلى القنطرة وعلى حفر البئر في المسجد وغرس الشجر فيه ورفعه وما حول ذلك من المسائل، واذكر الشروط والمحترزات، ومثل لما لا يتضح إلا بالأمثلة، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

ج: الوقف عقد لازم بمجرد القول أو ما يدل عليه؛ لأنه تبرع يمنع البيع والهبة فلزم بمجرده كالعتق، قال في «التلخيص» وغيره: وحكمة اللزوم في الحال أخرجه مخرج الوصية أو لم يخرجه حكم به حاكم أولاً؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يباع أصلها ولا توهب ولا تورث» قال الترمذي: العمل على هذا الحديث عند أهل العلم وإجماع الصحابة على ذلك، ولأنه إزالة ملك يلزم بالوصية، فإذا تجرد في الحياة لزم من غير حكم كالعتق. وقيل: لا يلزم إلا بالقبض وإخراج الوقف عن يده، اختاره ابن أبي موسى كالهبة، وذهب أبو حنيفة إلى أن الوقف لا يلزم بمجرده للواقف الرجوع فيه إلا أن يوصى به بعد موته فيلزم أو يحكم بلزومه حاكم وحكاه بعضهم عن علي وابن مسعود وابن عباس. وخالف أبا حنيفة صاحباه، فقال كقول سائر أهل العلم واحتج له بما روي أن عبد الله بن زيد صاحب الأذان جعل حائطه صدقة وجعله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء أبواه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالا: يا رسول الله، لم يكن لنا عيش إلا هذا الحائط، فرده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ماتا فورثهما، رواه المحاملي في أماليه، ولأنه إخراج ماله على وجه القربة من ملكه، فلا يلزم بمجرد القول كالصدقة. والقول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس لما تقدم، وقال الحميدي: تصدق أبو بكر بداره على ولده وعمر بربعه عند المروة على ولده وعثمان برومة، وتصدق علي بأرضه ينبع وتصدق الزبير بداره بمكة وداره بمصر وأمواله بالمدينة على ولده وتصدق سعد بداره بالمدينة، وداره بمصر على ولده وعمرو بن العاص بالوهط وداره بمكة على ولده. وتصدق حكيم بن حزام بداره بمكة والمدينة على ولده، فلذلك كله

إلى اليوم، وقال جابر: لم يكن أحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - له مقدرة إلا وقف، هذا إجماع منهم، فإن الذي قدر على الوقف منهم وقف واشتهر ذلك، فلم ينكره أحد، فكان ذلك إجماعًا، وصلى الله على محمد وآله وسلم. ولا يفسخ الوقف بإقالة ولا غيرها؛ لأنه عقد يقتضي التأييد فكان من شأنه ولا يوهب ولا يورث ولا يستبدل ولا يناقل به ولو بخير منه؛ للحديث المتقدم، ولا يباع فيحرم بيعه ولا يصح، وكذا المناقلة به إلا أن تتعطل منافعه المقصودة منه بخراب أو غيره مما يأتي التنبيه عليه بحيث لا يرد الوقف شيئًا على أهله أو يرد شيئًا لا يعد نفعًا بالنسبة إليه، وتتعذر عمارته وعود نفعه ولم يوجد في ريع ما يعمر به. ولو كان الخارب الذي تعطلت منفعته وتعذرت إعادته مسجدًا حتى بضيقه على أهله المصلين به وتعذر توسيعه في محله أو كان المسجد متعذرًا الإنتفاع به لخراب محلته، وهي الناحية التي بها المسجد أو كان مسجدًا وتعذر الانتفاع به لاستقذار موضعه أو كان الوقف حبيسًا لا يصلح لغزوه فيباع وجوبًا. قال في «الفروع» : وإنما يجب بيعه؛ لأن الولي يلزمه فعل المصلحة ولو شرط واقفه عدم بيعه وشرطه إذا فاسد ويصرفه ثمنه في مثله إن أمكن؛ لأن في إقامة البدل مقامه تأييدًا له وتحقيقًا للمقصود فتعين وجوبه أو يصرف ثمنه في بعض مثله؛ لأنه أقرب إلى غرض الواقف، وقال الخرقي: لا يشترط أن يشتري من جنس الوقف الذي بيع، بل أي شيء اشترى بثمن مما يرد على الوقف جاز. وقال شيخ الإسلام رحمه الله: وأما المسجد ونحوه فليس ملكًا لمعين باتفاق المسلمين، وإنما هو ملك لله، فإذا جاز إبداله بخير منه للمصلحة فالموقوف

على معين أولى بأن يعوض بالبدل وإما أن يباع ويشترى بثمنه البدل، والإبدال بجنسه مما هو أنفع للموقوف عليه. وقال: إذا كان يجوز في المسجد الموقوف الذي يوقف للانتفاع بعينه وعينه محترمة شرعًا يجوز أن يبدل به غيره للمصلحة لكون البدل أنفع وأصلح وإن لم تتعطل منفعته بالكلية، ويعود الأول طلقًا مع أنه متعطل نفعه بالكلية، فلأن يجوز الإبدال بالأنفع والأصلح فيما يوقف للاستغلال أولى وأحرى، فإنه عند أحمد يجوز ما يوقف للاستغلال للحاجة قولاً واحدًا. وفي بيع المسجد روايتان، فإذا جوز على ظاهر مذهبه أن يجعل المسجد طلقًا ويوقف بدله أصلح منه وإن لم تتعطل منفعة أول أحرى، فإن بيع الوقف المستغل أولى من بيع المسجد وإبداله أولى من إبدال المسجد؛ لأن المسجد تحترم عينه شرعًا، ويقصد للانتفاع بعينه فلا تجوز إجارته ولا المعاوضة عن منفعته بخلاف وقف الاستغلال، فإنه تجوز إجارته والمعارضة عن نفعه وليس المقصود أن يستوفي الموقوف عليه منفعته بنفسه كما يقصد ذلك في المسجد الأول ولا له حرمة شرعية لحق الله تعالى كما للمسجد. وقال: يجب بيع الوقف مع الحاجة بالمثل وبلا حاجة يجوز بخير منه للمصلحة، ولا يجوز بمثله لفوات التغرير بلا حاجة، وذكره وجهًا في المناقلة. وأومأ إليه الإمام أحمد، وقال شهاب الدين بن قدامة في كتابه «المناقلة في الأوقات» . واقعة نقل مسجد الكوفة، وجعل بيت المال في قبلته وجعل موضع المسجد سوقًا للتمارين، اشتهرت بالحجاز والعراق والصحابة متوافرون ولم ينقل إنكارها ولا الاعتراض فيها من أحد منهم، بل عمر هو الخليفة

الآمر وابن مسعود هو المأمور الناقل، فدل على مساغ القصد والإقرار عليها والرضى بموجبها، وهذه حقيقة الاستبدال والمناقلة. وهذا كما أنه بدل على مساغ بيع الوقف عند تعطل نفعه، فهو دليل أيضًا على جواز الاستدلال عند رجحان المبادلة، ولأن هذا المسجد لم يكن متعطلاً، وإنما ظهرت المصلحة في نقله لحراسة بيت المال الذي جعل في قبلة المسجد الثاني، انتهى. وصنف صاحب «الفائق» مصنفًا في جواز المناقلة للمصلحة سماه المناقلة في الأوقاف، وما في ذلك من النزاع والخلاف، قال في «الإنصاف» : وأجاد فيه ووافقه على جوازها الشيخ تقي الدين، وابن القيم، والشيخ عز الدين حمزة ابن شيخ السلامية، وصنف فيه مصنفًا سماه «دفع المناقلة في بيع المناقلة» . وقال مالك والشافعي: لا يجوز بيع الوقف، ولو تعطلت منافعه؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يوهب ولا يورث» ، ولأن ما لا يجوز بيعه مع بقاء منافعه لا يجوز بيعه مع تعطلها كالعتق، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم. ويجوز نقل آلة مسجد جاز بيعه ونقل أنقاضه لمسجد آخر إن احتاجها لمثله؛ لما ورد من أن ابن مسعود - رضي الله عنه - قد حول مسجد الجامع من التمارين بالكوفة ولا يعمر بآلة المسجد مدرسة ولا رباط ولا معهدًا ولا جامعة ولا متوسطة ولا كلية ولا مستشفى ولا بئرًا ولا حوضًا ولا خزانًا للماء ولا قنطرة وكذا آلات هذه الأمكنة لا يعمر بها ما عداها؛ لأن جعلها في مثل هذه العين ممكن فتعين لما تقدم ويصير حكم المسجد بعد بيعه للثاني الذي اشترى بدله، وأما إذا نقلت آلته من غير بيع فالبقعة باقية على أنها مسجد ونقل أنقاضه وآلاته إلى مثله أولى من بيعه لبقاء الانتفاع من غير خلل فيه.

ويصح بيع بعضه لإصلاح باقيه؛ لأنه إذا جاز بيع الكل عند الحاجة فبيع البعض مع بقاء البعض أولى إن اتحد الواقف، والجهة الموقوف عليها، فإن اختلفا أو أحدهما لم يجز وإن كان الموقوف عينين على جهة واحدة من واقف واحد كدارين خربتًا فتباع إحداهما لإصلاح الأخرى للإتحاد أو كان الموقوف عينًا واحدة فيجوز بيع بعضها لإصلاح باقيها. ومحل ذلك إن لم تنقض قيمة العين المبيع بعضها بالتشقيص لانتفاء الضرر ببيع البعض إذًا وإلا بأن كان المبيع عينًا واحدة ونقصت القيمة بالتشقيص بيع الكل. قال الشيخ تقي الدين: وجوز جمهور العلماء تغيير صورته لمصلحته كجعل الدار حوانيت والحكورة المشهورة فلا فرق بين بناء ببناء وعرَصة بعرَصة هذا صريح لفظه. وقال أيضًا فيمن وقف كرومًا على الفقراء يحصل على جيرانها به ضرر يعوض عنه بما لا ضرر فيه على الجيران ويعود الأول ملكًا، والثاني وقفًا، انتهى. وإن توقفت عمارة المسجد على بيع بعض آلاته جاز؛ لأنه الممكن من المحافظة على الصورة مع بقاء الانتفاع ويجوز اختصار آنية موقوفة كقدور وقرب ونحوها، إذا تعطلت واختصارها بأن يجعلها أصغر من الأولى وإنفاق الفضل على الإصلاح محافظة على بقاء الوقف، فإن تعذر اختصارها بيعت وصرف ثمنها في آنية مثلها رعاية للنفع الذي لأجله وقفت. قال في «الإنصاف» : وهو الصواب، ويجوز تجديد بناء المسجد للمصلحة؛ لحديث عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: «لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية لأمرت بالبيت فهدم، فأدخلت فيه ما أخرج منه وألزقته بالأرض، وجعلت

له بابين، بابًا شرقيًا، وبابًا غربيًا، فبلغت به أساس إبراهيم» رواه البخاري، ولا يجوز قسم المسجد مسجدين ببابين إلى دربين مختلفين؛ لأنه تغيير لغير مصلحة له، ويجوز نقض منارة المسجد وجعلها في حائطه لتحصينه من نحو كلاب. وحكم فرس حبيس على الغزو إذا لم يصلح للغزو وكوقف فيباع ويشترى بثمنه فرسًا يصلح للغزو، قلت: وكذا حكم المركوبات والآلات الحديثة إذا وقفت للغزو في سبيل الله، ثم حصل لها ما يبطل نفعها، فإنه يُشترى بثمنها إذا بيعت من جنسها من الآلات المستحدثة النافعة للجهاد في سبيل الله في كل زمان بحسبه. والذي يتولى بيع الوقف حيث جاز بيعه حاكم، إن كان الوقف على سبل الخيرات كعلى المساجد والقناطر والمدارس والمعاهد والجوامع والكليات والمتوسطات والفقراء والمساكين ونحو ذلك. وإن لم يكن على سبل الخيرات بأن كان على شخص معين أو جماعة معينين أو من يؤم أو يؤذن في هذا المسجد ونحوه فيبيعه ناظره الخاص إن كان، والأحوط إذن حاكم للناظر ببيعه؛ لأنه يتضمن البيع على من سينتقل إليهم بعد الموجودين الآن أشبه البيع على الغائب، فإن عدم الناظر الخاص فيبيعه حاكم لعموم ولايته. وبمجرد شراء البدل لجهة الوقف يصير وقفًا كبدل أضحية وبدل رهن أتلف، والأحوط وقفه لئلا ينقضه من لا يرى وقفيته بمجرد شراء البدل وفضلة موقوف على معين استحقاقه مقدر من الوقف يتعين إرصاده. وقال الشيخ تقي الدين: إن علم أن ريعه يفضل دائمًا وجب صرفه؛ لأن بقاءه فساد له وإعطاء المستحق فوق ما قدر له الواقف جائز؛ لأن تقديره لا يمنع استحقاقه.

قال: ولا يجوز لغير ناظر الوقف صرف الفاضل؛ لأنه إفتئات على من له ولايته، قال في «شرح الإقناع» : قلت: والظاهر لا ضمان كتفرقة هدي وأضحية. وما فضل عن حاجة المسجد من حصره وزيته ومغله وإنقاضه وآلته وثمنها إذا بيعت جاز صرفه إلى مسجد آخر محتاج إليه؛ لأنه صرف في نوع المعين وجازت بالمذكورات على فقراء المسلمين؛ لأنه في معنى المنقطع. قال الحارثي: وإنما لم يرصد لما فيه من التعطل فيخالف المقصود ولو توقعت الحاجة في زمن من آخر ولا ريع يسد مسدها لم يصرف في غيرها؛ لأن الأصل الصرف في الجهة المعينة وإنما سومح بغيرها حيث لا حاجة حذرًا من التعطل. وخص أبو الخطاب والمجد الفقراء بفقراء جيران لاختصاصهم بمزيد ملازمته والعناية بمصلحته. قال الشيخ: يجوز صرف الفاضل في مثله، وفي سائر المصالح، وفي بناء مساكن لمستحق ريعه القائم بمصلحته. اهـ. ويصح بيع شجرة موقوفة يبست وبيع جذع موقوف انكسر أو لي أو خيف أو انهدم، كما بي بيع دواب الحبيس التي لا ينتفع بها تباع ويجعل ثمنها في الحبيس. قال في «التلخيص» : إذا أشرف جذع الوقف على الانكسار أو دار الوقف على الانهدام وعلم أنه لو أخر لخرج عن كونه منتفعًا به، فإنه يباع رعاية للمالية أو ينقض تحصيلاً للمصلحة. قال الحارثي: وهو كما قال والمدارس والربط والخانات المسبلة ونحوها جائز بيعها عند خرابها على ما تقدم وجهًا واحدًا. ومن وقف على ثغر فاختل صرف في ثغر مثله أخذًا من مسألة بيع الوقف

إذا خرب إذ المقصود الأصلي هنا الصرف إلى المرابط فأعمال شرط الثغر المعين معطل له فوجب الصرف إلى ثغر آخر. ومن وقف على قنطرة فانحرف الماء أو انقطع يرصد مال الوقف لعل الماء يرجع إلى القنطرة فيصرف إليها ما وقف عليها، فإن أيس من رجوعه صرف إلى قنطرة أخرى. ويحرم حفر بئر بمسجد ولو لمصلحة العامة؛ لأن منفعة البقعة مستحقة للصلاة فتعطيلها عدوان ويحرم غرس شجرة بالمسجد لغير مصلحة راجحة للمصلين كاستظلالهم بها. ومقتضاة أن الحفر أو الغرس إذا كان فيه مصلحة راجحة وليست البئر أو الشجرة ببقع المصلين ولم يحصل به ضيق يجوز، فإن حفر أو غرس طمت البئر وقلعت الشجرة، فإن لم تقلع الشجرة فثمرتها لمساكين المسجد ولغيرهم من الفقراء، وإن غرست قبل بناء المسجد ووقفت معه، فإن عين الواقف مصرفها بأن قال: تصرف في حصر أو زيت أو نحو ذلك أو للفقراء ونحوهم عمل بما عينه الواقف، وإن لم يعين مصرفًا فكوقف منقطع تصرف ثمرتها لورثة الواقف، فإن انقرضوا فللمساكين. ولا يجوز نقل المسجد إلى مكان آخر غير مكانه الأول مع إمكان عمارته ولو دون العمارة الأولى؛ لأن الأصل المنع فجوز للحاجة وهي منتفية هنا. وسُئل شيخ الإسلام فيمن بنى مسجدًا لله وأراد غيره أن يبني فوقه بيتًا وقفًا له إما لينتفع بأجرته في المسجد أو ليسكنه الإمام ويرون ذلك مصلحة للإمام أو للمسجد، فهل يجوز ذلك أم لا؟ فأجاب بأنه إذا كان ذلك مصلحة للمسجد بحيث يكون ذلك أعون على ما شرعه الله ورسوله من الإمام والجماعة وغير ذلك مما شرع في المساجد، فإنه ينبغي فعله كما نص على

ذلك غير واحد من أئمة حتى سُئل الإمام أحمد عن مسجد لاصق بالأرض فأرادوا أن يرفعوه ويبنوا تحته سقاية، وهناك شيوخ فقالوا: نحن لا نستطيع الصعود إليه. فقال أحمد: ينظر ما أجمع عليه أكثرهم ولعل ذلك أن تغيير صورة المسجد وغيره من الوقف لمصلحة راجحة جائز إذ ليس في المساجد ما هو معين بذاته إلا المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال إذ هي من بناء الأنبياء –عليهم الصلاة والسلام- فكانت كالمنصوص عليه بخلاف المساجد التي بناها غيرهم، فإن الأمر فيها تبع المصلحة، ولكن المصلحة تختلف باختلاف الأعصار والأمصار. وقال الشيخ تقي الدين: والأرزاق التي يقدرها الواقفون ثم يتغير النقد فيما بعد نحو أن يشترط مائة درهم ناصرية ثم يحرم التعامل بها وتصير الدراهم ظاهرية، فإنه يعطى المستحق من نقد البلد ما قيمته قيمة المشروط. قال ابن عقيل: لا بأس بتغيير حجارة الكعبة إن عرض لها مرمة؛ لأن كل عصر احتاجت الكعبة فيه إليه قد فعل ولم يظهر نكير ولو تعينت الآلة لم يجز التغيير كالحجر الأسود، فلا يجوز تغييره ولا نقله من موضعه إلى موضع آخر. من النظم فيما يتعلق في بيع الوقف أو نقله وليس صحيحًا وقف قابل فسخه بوجه ولا عود لواقفه أشهد وبالوقف ألزمه وعنه وقبضه وليس بشرط حكم قبض مقلد

ومتلف وقف إلزمنه بقيمة وفي مثله أصرفه بعد وإن معتد وما تركهم تضمين وقف إعارة نوى دون تفريط بعيد الذي اليد ويحرم بيع الوقف ما دام نفعه وبع عطلاً وإعتض به كالمنكد كمثل حبيس الخيل إن قل نفعه يباع ويمضي في حبيس مجدد فإن لم تبع شقصًا كذا دائم الجدا لذي الوقف حتى غير جنس المفقد فإن لم يوات إصرف لإصلاح مثله كفاضل ما يكفي في آلات مسجد وإن شئت فاصرفها إلى فقرائنا وبع بعضه واصرفه في دم مفسد وناظر كذا شرطا يلي عقد بيعه وقيل إن يعين مالك النفع يعقد وعن أحمد ما إن تباع مساجد بل آلاتها انقلها إلى غيره قد وما فيه نفع ما وإن قل لم يبع سوى آفة في العرف غير معدد ولا تلزمن من ذا الوقف تعمير دائر بغير اعتداء لا بديع مجدد ولا ينفذ الإعتاق في الوقف مطلقًا ولو أنه من مالك عن تقصد

ويبدأ من وقف بإصلاح أصله وثن بموقوف عليه تسدد وإن كان وقفًا من أناس تعددوا فلم لا يقيد مثل وقف مفرد ويحرم إحداث الغراس بمسجد فإن وقفت مع وقفه المتأكد فإن كان عن أثمانها ذاغن فكل وإلا ففي إصلاحه بعه وأردد وإن في طريق واسع تبن مسجدًا بإذن إمام لا يضر تسدد ولا تبنه من غير إذن بأوكد فقف مع مراسيم الشريعة تهتدي هذا آخر ما تيسر لي جمعه من كتب الحديث والفقه مبتدئًا بهذا الجزء من كتاب الغصب إلى آخر كتاب الوقف، وكان الفراغ من هذا الكتاب في يوم الأربعاء الساعة 230 الموافق 10/5/1392هـ، ويليه إن شاء الله تعالى الجزء السابع وأوله باب الهبة والعطية والله المسؤول أن يجعل عملنا خالصًا لوجهه الكريم وأن ينفع به نفعًا عامًا، إنه قريب مجيب على كل شيء قدير، وصلى الله على محمد وآله وسلم.

وَقْفٌ للهِ تَعَالَى تَأْلِيفُ عَبدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ السّلمانِ المدرس في معهد إمام الدعوة بالرياض غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين الجزء السابع طُبِِعَ عَلَى نَفَقَةِ مَنْ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وجْهَ اللهِ وَالدَار الآخرةَ فجَزاهُ اللهُ عن الإسلام والمسلمينَ خيرًا وغَفَر له ولوالديه ولمن يُعيدُ طِبَاعَتَه أو يُعِيْنُ عليها أو يَتَسبَب لها أو يُشِيرُ على مَنْ يُؤمِلُ فيه الخيرَ أن يَطبَعَه وقفًا للهِ تعالى يُوزَّع على إخوانِهِ المسلمين ... اللهم صل على محمد وعلى آله وسلم

فصل في الهبة

وقف لله تعالى فصل في الهبة س1: ما هي الهبة لغةً وشرعًا؟ وما أصلها؟ وما معنى الاتهاب؟ وما معنى الاستيهاب؟ وما حكمها؟ وما أركانها؟ وما شروطها؟ وما سندها من الكتاب والسُّنة؟ ومن الذي يحرم الإهداء عليه؟ واذكر طرفا من محاسنها، وما حكمها؟ تلجئة، أو هزلاً، أو لمنع إرث، أو لمنع غريم، وما الفرق بينهما وبين الصدقة؟ وأيهما أفضل؟ وما الذي تختص به الهدية؟ وإذا أهدى يطلب أكثر فما الحكم؟ وما الذي يتبع الهدية؟ وما حكم ردها والمكافأة عليها؟ وضح ذلك مع ذكر المحترزات والقيود الأدلة، والتعاليل والخلاف والترجيح. ج: الهبة: العطية الخالية عن الأعواض والأغراض، وأصلها من هبوب الريح، أي مرورها من يد إلى أخرى، والوهاب كثير الهبات، ومن أسماء الله - سبحانه وتعالى -: الوهاب، قال ابن القيم - رحمه الله -: وكذلك الوهاب من أسمائه فانظر مواهبه مدى الأزمان أهل السموات العلى والعرش عن تلك المواهب ليس ينفكان وهي شرعًا: تمليك ماله المعلوم، الموجود أو المجهول المتعذر علمه في حياته غيره والاستيهاب، سؤال الهبة، والاتهاب قبولها، وتواهب القوم، أي وهب بعضهم بعضًا. وقد تطلق الهبة على الموهوب، كما في الخبر: «لا يحل لرجل أن يعطي عطية، أو يهب هبة، ثم يرجع فيها إلا الوالد» وتطلق

بالمعنى الأعم على أنواع البر، وهو هبة الدين ممن هو عليه، وحكمها الاستحباب، وأركانها ثلاثة عاقد ومعقود عليه وصيغة وشرطها سبعة: أولاً: أن كون من جائز التصرف. ثانيًا: كونه مختارًا. ثالثًا: كون الموهوب يصح بيعه. رابعًا: أن تكون لمن يصح تملكه. خامسًا: قبول الموهوب له الهبة. سادسًا: أن تكون بغير عوض. والأصل فيها قبل الإجماع قوله - سبحانه وتعالى -: {فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا} ، وقوله: {وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ} الآية، وقوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى} أي ليعن بعضكم بعضًا على البر، وقوله: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ} الآية، قيل: المراد الهبة. ومن السنة ما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تهادوا تحابوا» حسنه الترمذي، وللبزار عن أنس مرفوعًا: «تهادوا، فإن الهدية تسل السخيمة» . وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تحقرن جارة لجارتها، ولا فرسن شاة» متفق عليه. وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أهديت للنجاشي حلة وأوراق من مسك، ولا أره إلا قد مات، فإن ردت علي فهي لك» رواه أحمد. وعن أبي هريرة أن رسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو دعيتُ إلى كراع لأجبت، ولو أُهدي إليّ كراع لقبلت» رواه البخاري.

وللبخاري عن عائشة كان يقبل الهدية ويثيب عليها، وقبل - صلى الله عليه وسلم - هدية المقوقس الكافر، وتسرى من جملتها بمارية القبطية وأولدها. قال بعضهم: الهدية عمارة المروءة، وهي سُّنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ورسم الملوك، واستمالة القلوب، ومفاتيح المودة، واللطف الأكبر والبر الأعظم، وكان يقال: ما أرضي الغضبان ولا أستعطف السلطان، ولا سلت السخائم ولا دفعت المغارم، ولا توقي المحذور، ولا استميل المهجور بمثل الهدية. قال الشاعر: هدايا الناس بعضهم لبعض تولد في قلوبهم الوصالا وتزرع في الضمير هوى وودًّا وتكسوهم إذا حضروا جمالاً آخر: لو أن كل يسير رد محتقرًا لم يقبل الله يومًا للورى عملاً فالمرء يهدي على مقدار قيمته والنمل يعذر في القدر الذي حملا والذي يحرم عليه قبول الهبة أرباب الولايات والعمال من أهل ولايتهم، ممن ليست له عادة بذلك قبل الولاية. وتحرم هبة من يستعين بها على المعصية، ويحرم هبة المحرمات وقبولها كآلات اللهو بأنواعها، من تلفزيون وفيديو وسينماء، أو مذياع أو صور ذوات الأرواح، أو عود، أو اسطوانات، أو دخانًا أو شيشًا معدة لشرب الدخان، أو أواني لتطفيته، أو دماميم لغناء، أو مسكر، أو نحو ذلك من المحرمات، وكذا لا يجوز هبة الكتب التي تشتمل على بدع، أو صور ذات الأرواح، أو نحو ذلك.

ومن محاسن الهبة أنها من صفات الكمال، فإن الله - سبحانه وتعالى - وصف نفسه بها بقوله: {أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ العَزِيزِ الوَهَّابِ} والبشر إذا باشرها فقد اكتسب من أشرف الصفات لما فيها من استعمال الكرم، وإزالة شح النفس، وإدخال السرور في قلب الموهوب له، وإيثار المحبة والمودة بينهما وإزالة الضغينة، والحسد، ولهذا من باشرها كان من المفلحين، قال - سبحانه وتعالى -: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} . ولما فيها من التوسعة على الغير، والفضل فيها يتبت فيما قصد به وجه الله، وقال الفضل بن سهل: ما استرضي الغضبان، ولا استعطف السلطان، ولا سلت السخائم، ولا دفعت المغارم، ولا استميل المحبوب، ولا توقي المحذور بمثل الهدية. وقال بعضهم: يفرح بالهدية خمسة: المهدي إذا وفق للفضل، والمهدي إليه إذا كان أهلاً لذلك، والحمال إذا حملها، والملكان إذ يكتبان الحسنات، وفي المثال إذا قدمت من سفر فأهد إلى أهلك ولو حجرًا. ويشترط في المال الموهوب أن يكون موجودًا مقدروًا على تسليمه، فلا تصح هبة المعدوم، كما لو وهب ما تحم لأمته، أو شجرته، ولا تصح هبة ما لا يقدر على تسليمه كىبق وشارد، وأن يكون المال الموهوب غير واجب على مملكه، فلا تسمى نفقة الزوجة والقريب ونحوهما هبة؛ لوجوبها. ولابد أن يكون التمليك منجزًا في الحياة لتخرج الوصية، وأن التمليك بلا عوض، فإن كان بعوض فبيع. بما يعد هبة عرفًا من قول أو فعل كالمعطاة، والهبة، والصدقة، والهدية، والعطية معانيها متقاربة، وكلها تمليك في

الحياة بلا عوض، بخلاف عارية، فإنها إباحة، ونحو كلب وكخمر، وجلد ميتة لعدم صحة بيعه، ونحو حمل لجهالته، وتعذر تسليمه، ونفقة زوجة لوجوبها، ووصية إذ هي تمليك بعد الموت، ونحو بيع كإجارة؛ لأنهما عقد معاوضة. ولا تصح الهبة هزلاً ولا تلجئةً بأن لا تراد الهبة باطنًا، كأن توهب في الظاهر، وتقبض مع اتفاق الواهب والموهوب له على أنه ينزعه منه متى شاء أو توهب لخوف من الموهوب له أو غيره فلا تصح. وللواهب استرجاعها إذا زال ما يخاف، أو جعلت الهبة طريقًا إلى منع وارث حقه، أو منع غريم حقه، فهي باطلة؛ لأن الوسائل لها حكم المقاصد. فمن قصد بإعطاء شيء مما ذكر، فما أعطى هبة وعطية ونحلة، يسمى بذلك، فالألفاظ الثلاثة متفقة المعنى والحكم، ويعم جميعها لفظ العطية؛ لشمولها لها. والمذكورات من صدقة، وعطية، وهدية مستحبة، لمن قصد بها وجه الله - سبحانه وتعالى -، كالهبة لعالم وصالح وفقير، وما قصد به صلة الرحم، والصدقة على قريب محتاج أفضل من العتق؛ لما في «الصحيحين» عن ميمونة أنها أعتقت وليدة في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك، فقال: «لو أعطيتها لأخوالك كان أعظم لأجرك» . والصدقة أفضل من الهبة؛ لما ورد فيها مما لا يحصر إلا أن يكون في الهبة معنى يقتضي تفضيلها على الصدقة. وقال الشيخ تقي الدين: الصدقة أفضل من الهبة إلا لقريب يصل بها رحمه، أو أخ له في الله، فقد تكون أفضل من الصدقة، وقال: إعطاء المال ليمدح ويثنى عليه مذموم، وإعطاؤه لكف الظلم والشر عنه ولئلا ينسب إلى البخل مشروع، بل محمود مع النية الصالحة.

ويجوز للمهدي أن يبذل في دفع الظل عنه أو التوصل إلى حقه الذي لم يتوصل إلى أخذه إلا به، وهو المنقول عن السلف، والأئمة والأكابر، وفيه حديث مرفوع رواه أبو داود. ولا خير فيما قصد به رياء، أو سمعة، وتكره إن قصد مباهات أو رياء أو سمعة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من يسمع يسمع الله به، ومن يرائي يرائي الله به» متفق عليه. ولا يجوز أن يهدي لإنسان لئلا ينكر عليه وينصحه عما هو يفعله من المعاصي، ولا يجوز للآخر قبولها وترك نصحه، والقيام عليه لما في ذلك من المفاسد، ولله در القائل: يهدي إلي رجا أني أعظمه ولا أقوم عليه بالمناكير هيهات أني لما أهداه أقبله أبيع ديني بصراة الدنانير وقيل: تختص الهدية بالمنقولات، كالنقدين، وما ناب منابهما، والجواهر والأسلحة والأوني والفرش والأمتعة والحيوانات، قلت: ومثله القطارات، والسيارات والسياكل والدبابات والطيارات والمكائن والغسالات والثلاجات والكنديشات والدفايات والمراوح والملابس والفرش عدا المحرمات. ومن أهدى شيئًا ليهدي له أكثر منه فلا بأس به، لغير النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان ممنوعًا منه؛ لقوله - سبحانه وتعالى -: {وَلاَ تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ} قال ابن عباس: لا تعط العطية تلتمس أكثر منها، وكذا قال عكرمة، ومجاهد وعطا وطاووس وأبو الأحوص وإبراهيم النخعي والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم. وهو قول أكثر المفسرين، وهو خاص بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه مأمور بأشرف الأخلاق وأجلها ووعاء هدية

كهي، فلا يرد مع عرف بذلك، فإن لم يكن عرف رده، قاله في «الفروع» ، قال الحارثي: لا يدخل الوعاء إلا ما جرت به عادة كقوصرة تمر ونهوها، انتهى. وكره رد هبة وإن قلت، كذراع، أو كراع؛ لما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو دُعيت إلى كراع أو ذراع لأجبت، ولو أُهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت» رواه البخاري. وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو أُهدي إلي كراع لقبلت، ولو دُعيتُ عليه لأجبت» رواه أحمد والترمذي وصححه. ويكره بتأكد رد هدية طيب؛ لحديث: «ثلاثة لا ترد» وعد منها الطيب؛ ولحديث ابن مسعود مرفوعًا: «لا تردوا الهدية» . ولا يجب قبولها ولا قبول الهبة، ولو جاءت بلا مسألة ولا استشراف نفس لها؛ لحديث عمر قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيني العطاء، فأقول: أعطه أفقر مني، فقال: «خذه فتموله، وتصدق به، فما جاءك من هذا المال، وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، ومالاً فلا تتبعه نفسك» متفق عليه. وقيل: يجب قبولها؛ للحديث المتقدم، وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس، يؤيد هذا القول ما ورد عن خالد بن عدي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من جاءه من أخيه معروف من غير إشراف ولا مسألة فليقبله ولا يرده، فإنما هو رزق ساقه الله إليه» رواه أحمد. إلا أن يريد بذلك قطع المنة، أو أن لا يقنع بالثواب المعتاد، أو يريد أخذها بعقد معاوضة، أو تكون الصفة هدية. والمقصود منها أن تكون رشوة، يتوصل بها إلى فعل محرم، أو إبطال حق، ففي هذه الحال يجوز الرد، كما لو علم المهدى إليه

أن المهدي إنما أهدى حياء. وقيل: في هذه الحال، يجب الرد، قال ابن الجوزي: قال في «الآداب» وهو قول حسن؛ لأن المقاصد في العقود عندنا معتبرة، وكذا يجب رد صيد لمحرم؛ لأنه –عليه الصلاة والسلام- رد على الصعب بن جثامة هدية الحمار الوحشي، وقال: «إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم» . ويكافئ المهدى له بأن يعطيه بدلها؛ لقوله - سبحانه وتعالى -: {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ} ، وقال - سبحانه وتعالى -: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} . لحديث عائشة - رضي الله عنها -: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويثيب عليها» أخرجه البخاري، والمراد بالثواب: المجازاة، وأقله ما يساوي قيمة الهدية، ولابن أبي شيبة: «ويثيب عليها ما هو خير منها» . ولأحمد وغيره: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «وهب رجل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناقة، فأثابه عليها، فقال: «رضيت؟» ، قال: لا، فزاده، فقال: «رضيت؟» ، قال: لا، فزاده، فقال: «رضيت؟» قال: نعم» رواه الترمذي، وبين أن العوض ست بكرات. قال الشيخ - رحمه الله -: من العدل الواجب من له يد، أو نعمة أو يجزيه بها، ولا ترد، وإن قلت: خصوصًا الطيب للخبر. فإن لم يجد دعا له؛ لما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعًا: «من أتى إليكم معروفًا فكافؤه، فإن لم تجدوا ما تكافؤه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه» رواه أبو داود، وحكى أحمد في رواية مثنى عن وهب، قال: ترك المكافأة من التطفيف. وقاله مقاتل، والعرف والغالب أن الإنسان لا يهب إلا لغرض، فالهبة من الغنى والأعلى ونحوهما للأدنى أكثر ما تكون

كالصدقة، وللمساوي معاشرة لحسن العشرة والتآلف والتوادد. والهدايا تختلف مقاصد أصحابها، فالمهدي لتحصيل المودة والتعارف ولإصلاح ذات البيت لا تهمه المكافأة، والمهدى للملوك غرضه الكسب، ومضاعفة البدل، ومن غرضه الأجر فكالصدقة، إلى غير ذلك من الأغراض المتباينة. من النظم مما يتعلق في باب الهبة: ألا أن ذي الأموال في الأرض منحة لمحنة من يحذي النوال فيجتدي بها يفرق المرء السخي من الفتى البخيل وذو الأطماع من ذي التزهد ويعرف أرباب الأمانات عندها وكل خؤون بالتصنع مرتدى يرى الناس أبواب التزهد حيلة ويسعى لتحصيل الحطام المزهد له وثبات في اكتساب حطامه ولو ملك الطوفان لم يسق من صدى تعالى الكريم الله من أن يرى له ولي بخيل قابض الكف واليد فشر خلال المرء حرص وبخله من الله يقصيه فيا ويل مبعد وإن كريم الناس فيهم محبب قريب من الحسنى بعيد عن الردى يغطي عيوب المرء في الناس جوده ويخمل ذكر النابه البخل فأبعد فسارع إلى كسب المعالي ودع فتى

س2: تكلم بوضوح عما يلي: إذا شرط في الهبة عوض، إذا اختلفا في شرط فمن القول قوله، إذا لم يشرط في الهبة عوض بأن أطلق فما الحكم؟ إذا ردت الهبة وقد زادت، إذا اختلفا فيما صدر بينهما هل هو بيع أم هبة فما الحكم؟ ومتى تصح الهبة؟ ومتى تملك العين الموهوبة، وما حكم التصرف فيها قبل القبض؟ وهل تصح الهبة بالمعاطات، وإن لم يحصل إيجاب ولا قبول، وما صفة قبض الهبة؟ ومتى يصح القبض؟ وضح ذلك مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تقسيم أو تمثيل أو

توانى عن العليا لكسب مصدد فما المال إلا كالضلال تنقلا فبادر إلى الإنفاق قبل التشرد ولا تحسبن البذل ينقص ما أتى ولا البخل جلاب الغنى والتزيد ولا توعين يوعى عليك وأنفقن يوسع عليك الله رزقًا وترفد فلا تدعن بابًا من البر مغلقًا تلاقي غدًا باب الرضى غير موصد وتمليك مال المرء حال حياته بلا عوض تدعى هبات التجود وتلك لعمري منحة مستحبة تؤلف ما بين الورى مع تبعد تسل سخيمات القلوب وتزرع المحبة فيها للفتى المتجود وتخصيص ذي علم بها وقرابة أبرو من بإهابها أكره وفند مسائل حول الشرط في الهبة والتصرف فيها قبل قبضها وقبولها س2: تكلم بوضوح عما يلي: إذا شرط في الهبة عوض، إذا اختلفا في شرط فمن القول قوله، إذا لم يشرط في الهبة عوض بأن أطلق فما الحكم؟ إذا ردت الهبة وقد زادت، إذا اختلفا فيما صدر بينهما هل هو بيع أم هبة فما الحكم؟ ومتى تصح الهبة؟ ومتى تملك العين الموهوبة، وما حكم التصرف فيها قبل القبض؟ وهل تصح الهبة بالمعاطات، وإن لم يحصل إيجاب ولا قبول، وما صفة قبض الهبة؟ ومتى يصح القبض؟ وضح ذلك مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو تقسيم أو تمثيل أو

تفصيل أو ترجيح أو خلاف. ج: إذا شرط في الهبة عوض معلوم فهو بيع صحيح كشرطه في عارية فيثبت فيها خيار المجلس ونحوه كرد بعيب، واللزوم قبل التقابض، في الربوي المتحد؛ لأنه تمليك بعوض معلوم، أشبه ما لو قال: بعتك هذا، أو ملكتك هذا بهذا. وإن شرط في الهبة ثواب مجهول، فهو بيع فاسد، فترد بزيادتها المتصلة والمنفصلة؛ لأنها ملك الواهب، وإن تلفت أو زوائدها، ضمنها بمثلها إن كانت مثلية، وقيمتها إن كانت متقومة. وقيل: تصح ولو كان الثواب المشروط مجهولاً، قال في «الإنصاف» : وعنه أنه قال يرضيه بشيء، فيصح، وذكرها الشيخ تقي الدين، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله أعلم. وإن صدرت الهبة من شخص لآخر ولم يشرط شيئًا، فالظاهر أنها لا تقتضي عوضًا، ولو كان المهدى إنما أعطاه الهدية ليعاوضه عنها، أو أعطاه الهدية ظنًا منه أن المهدي إليه يقضي للمهدى حاجة، ولم يصرح له بذلك؛ لأن مدلول اللفظ انتفاء العوض، والقرينة لا تساويه، فلا يصح أعمالها. ولا تقتضي عوضًا إذا أطلقت، ولو كانت من شخص لمثله، أو كانت من أدنى لأعلى منه. وقول عمر - رضي الله عنه -: من وهب هبة يريد بها الثواب فهو على هبته، يرجع فيها إذا لم يرض منها، جوابه بأنها هبة على وجه التبرع، فلم تقتض ثوابًا كالوصية، وقول عمر خالفه فيه ابنه وابن عباس. وقال مالك: إذا وهب لأعلى منه، اقتضت الثواب، فيرجع بها إن لم يثب عليها، وهو أحد قولي الشافعي، وإذا اختلف الواهب والموهوب له في شرط عوض في الهبة، فقول منكر للشرط، وهو

الموهوب له بيمينه؛ لأنه الأصل، ولأن الأصل براءة ذمته. وإن اختلفا فيما صدر بينهما، فقال: من بيده العين وهبتني ما بيدي، فقال: من كانت بيده بالأول، بل بعتكه، ولا بينة لأحدهما، حلف كل منهما على ما أنكره من دعوى الآخر؛ لأن الأصل عدمه، ولا هبة بينهما ولا بيع؛ لعدم ثبوت أحدهما، وإن أقام كل واحد منا بينة بما ادعاه فكذلك؛ لأن كلاً منهما مدع عقد صحيحًا، ولا مرجح لأحدهما؛ لأن كلاً منهما مدع عقد صحيحًا، ولا مرجح لأحدهما، فوجود تعارض البينتين كعدمه، وإن نكلا بأن امتنع كل منهما عن اليمين، فلا هبة ولا بيع؛ لأن الأصل عدم كل واحد منهما، والله - سبحانه وتعالى - أعلم. وتصح الهبة بعقد، وتملك العين الموهوبة بعقد، وهو الإيجاب والقبول، فالقبض معتبر للزومها، واستمرارها لا لانعقادها، وإنشائها صرح به صاحب «المغني» ، وأبو الخطاب في «انتصاره» ، وصاحب «التلخيص» ، وغيرهم وقدمه في «الفائق» . قال بعضهم: وكل شيء صح بيعه وهب ... ولا لزوم قبل قبض المتهب إذا تقرر ذلك ففطرة عبد موهوب قبل غروب ليلة الفطر على موهوب له، ولو لم يقبضه، لدخول وقت وجوب الفطرة وهو في ملكه، وإذا باعها الموهوب له قبل القبض ثم رجع الواهب لا يملك استرجاع العين من مشتريها، بل يرجع ببدلها أو قيمتها ولا يرجع بنمائها؛ لأن تجدد على ملك غيره. وقال في «الشرح» : مذهبنا أن الملك في الموهوب لا يثبت بدون القبض، وكذا صرح ابن عقيل: بأن القبض ركن من أركان الهبة كالإيجاب في غيرها، وكلام الخرقي يدل عليه، وحكى ابن حامد

أن الملك يقع فيها مراعي، فإن وجد القبض تبينًا أنه للموهوب بقبولهن وإلا فهو للواهب، ويتفرع على ذلك النماء. ويصح التصرف في الهبة قبل القبض على المذهب نص عليه، والنماء للمتهب، قال في «الإنصاف» : وفيه نظر، إذ المبيع بخيار لا يصح التصرف فيه زمنه، فهنا أولى، ولعدم تمام الملك، وقال الشيخ عثمان: يمكن الفرق بينهما بأن مقتضى الخيار أن يبقى المعقود عليه على حاله لينظر خير الأمرين من الفسخ والإمضاء. وأما الهبة فإنه بمجرد العقد قد انقضى وطر الواهب من الموهوب، بدليل بذله بلا عوض، بخلاف البيع، وأما تمام الملك فقد يقال: إنما يشترط للزوم لا للصحة، وإنما لم نقل ذلك في الخيار للفرق المذكور، ويدل عليه قصة ابن عمر حيث قال: وهب عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - البعير الذي عليه ابن عمر، فوهبه النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن عمر، قالوا: ولم ينقل قبول النبي - صلى الله عليه وسلم - من عمر، ولا قبول ابن عمر، أي وكذا لم ينقل التسليم أيضًا، والله أعلم. وتصح هبة وتملك بمعطات بفعل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يهدي ويُهدى إليه، ويعطي ويعطى إليه، وأصحابه يفعلون ذلك، ولم ينقل عنهم في ذلك لفظ إيجاب ولا قبول، ولا أمر به، ولا بتعليمه لأحد، ولو وقع لنقل نقلاً مشهورًا. وكان ابن عمر على بعير لعمر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر: «بعنيه» ، فقال عمر: هو لك يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هو لك يا عبد الله بن عمر، فاصنع به ما شئت» ولم ينقل قبول النبي - صلى الله عليه وسلم - من عمر، ولا قبول ابن عمر من النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ولأن دلالة الرضى بنقل الملك تقوم مقام الإيجاب والقبول. ألا ترى أنا اكتفينا بالمعاطات في البيع، واكتفينا بدلالة الحال في دخول الحمام، وهو إجارة وبيع أعيان، فإذا اكتفينا في المعاوضات مع تأكدها بدلالة الحال، فإنها تنقل الملك من الجانبين، فلأن نكتفي به في الهبة أولى، فتجهيز بنته أو أخته أو نحوها بجهاز إلى بيت زوجها، تمليك لوجود المعاطات بالفعل. والهبة بإيجاب أو قبول في تراخي قبول عن إيجاب، وفي تقدمه عليه وفي غيرهما كبيع، وفي استثنى واجب نفع موهوب مدة معلومة كبيع على ما تقدم تفصيله، فيصح في الحال التي يصح فيها البيع، ويبطل فيما يبطل فيه، وغيرهما كانعقادها بكل لفظ أدى معناه، وبالمعاطات. ويصح استثناء حمل أمة وهبت فيه كالعتق، وكذا يصح استثناء نفع دار أو عبد وهبا مدة معلومة كالبيع والعتق، وكذا يصح نحو استثناء لبن كشعر وصوف من شاة وهبت. ويحصل قبول هنا، وفي الوصية بقول أو فعل دال على الرضا، وقبض الهبة في الحكم كقبض مبيع، فيكون القبض في موهوب مكيل أو موزون أو معدود أو مذروع بكيله ووزنه وعده وذرعه، وفيما ينقل بنقله، وفيما يتناول بتناوله، وفيما عدا ذلك بالتخلية. ولا يصح قبض هبة إلا بإذن واهب؛ لأنه قبض غير مستحق على واهب، فلم يصح بغير إذنه كأصل العقد وكالرهن. وللواهب الرجوع في هبته، وفي الإذن في قبضها، قبل القبض للهبة، ولو بعد تصرف متهب؛ لأن عقد الهبة لم يتم، فلا يدخل تحت المنع، وهو مكروه أي الرجوع، خروجًا من خلاف من قال أن الهبة تلزم بالعقد.

س3: تكلم بوضوح عما يلي: إذا مات الواهب أو الموهوب له قبل قبض الهبة، وبما تلزم الهبة، وما حكم الحمل، ومن الذي يقبل للصغير والمجنون والسفيه، وإذا وهب الولي لموليه هبة فكيف العمل في القبول والقبض؟ وكيف العمل فيما إذا كان وهب الأب موليه؟ وما الحكم فيما إذا أبرأ مدينه من دينه أو وهبه له أو ملكه له أو أحله منه أو أسقطه عنه أو تركه له أو تصدق به عليه أو عفا عنه؟ وما حكم هبة المشاع؟ وما الذي يشترط لقبضه؟

مسائل حول لزوم الهبة وقبولها وقبضها س3: تكلم بوضوح عما يلي: إذا مات الواهب أو الموهوب له قبل قبض الهبة، وبما تلزم الهبة، وما حكم الحمل، ومن الذي يقبل للصغير والمجنون والسفيه، وإذا وهب الولي لموليه هبة فكيف العمل في القبول والقبض؟ وكيف العمل فيما إذا كان وهب الأب موليه؟ وما الحكم فيما إذا أبرأ مدينه من دينه أو وهبه له أو ملكه له أو أحله منه أو أسقطه عنه أو تركه له أو تصدق به عليه أو عفا عنه؟ وما حكم هبة المشاع؟ وما الذي يشترط لقبضه؟ وما الحكم فيما إذا مات أحدهما وهي مع الرسول الذي أرسله أحدهما، وإذا قال: إن مت فأنت في حل فما الحكم؟ وما الحكم فيما إذا أبهم المحل؟ وهل هنا ضابط لما يصح هبته، وضح ذلك مع ذكر الدليل والتعليل وبين ما يحتاج إلى تقسيم ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر ما ترى إذا كان هناك خلاف ورجح ما ترى. ج: يبطل إذن واهب في قبض هبة بموت الواهب، أو الموهوب له، كالوكالة، وإن مات واهب قبل قبض هبة وقد أذن فيه أولاً فوارثه يقوم مقامه، في الإذن في القبض، وفي الرجوع؛ لأن عقد الهبة يؤول إلى اللزوم كالرهن قبل القبض والبيع المشروط فيه خيار بخلاف نحو الوكالة. وإن وهب إنسان لغائب هبة، وأنفذها الواهب مع رسول الموهوب له أو وكيله، ثم مات أحدهما قبل وصولها، لزم حكمها، وكانت للموهوب له؛ لأن قبضهما كقبضه، فلا يؤثر الموت بعد لزومها، وإن أنفذها مع رسول نفسه، ثم مات الواهب قبل وصولها إلى الموهوب له أو مات الموهوب له بطلت وكانت للواهب، أو ورثته؛ لعدم القبض. لما ورد عن أم كلثوم بنت أبي سلمة، قالت: «لما تزوج النبي

- صلى الله عليه وسلم - أم سلمة، قال لها: «إني قد أهديتُ إلى النجاشي حلة وأواقي من مسك، ولا أرى النجاشي إلا قد مات، ولا أرى هديتي إلا مردودة، فإن ردت علي فهي لكِ» ، قالت: وكان كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وردت عليه هديته، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية مسك، وأعطى أم سلمة بقية المسك والحلة» رواه أحمد. ووجه بطلان الهدية إذا مات الواهب بعد بعث رسوله بالهدية، لعدم القبول، كما يأتي: وليس للرسول حمل الهبة بعد موت الواهب إلى الموهوب له، إلا أن يأذن له الوارث؛ لأن الحق صار إليه، وكذا حكم هدية وصدقة؛ لأنهما نوعان من الهبة. وتلزم الهبة بمجرد القبض، بإذن واهب؛ لما ورد عن عائشة - رضي الله عنها - أن أبا بكر الصديق كان نحلها جاد عشرين وسقًا من ماله بالغابة، فلما حضرته الوفاة، قالك يا بنية، إني كنت نحلتك جاد عشرين وسقًا ولو كنت جددتيه كان لك، وإنما هو اليوم مال وارث، فاقتسموه على كتاب الله، رواه مالك في «الموطأ» ؛ ولقول عمر: لا نحلة إلا نحلة يحوزها الولد دون الوالد، وكالطعام المأذون في أكله. ويعتبر أن يكون القبض من رشيد في غير قليل لا يعبأ به كرغيف وتفاحة ورمانة ونحو ذلك، فهذا التافه لا يشترط رشد قابضه. ويقبض الولي للصغير والسفيه والمجنون؛ لأنه قبول لما للمهجور عليه فيه حظ، فكن إلى الولي، كالبيع والشراء. ولا يصح القبول ولا القبض من غير الولي، وهو الأب أو وصية، أو الحاكم أو أمينه، قال أحمد في رواية صالح في صبي وهبت له هبة أو تصدق عليه بصدقة، فقبضت الأم ذلك وأبوه حاضر، فقال: لا أعرف للأم قبضًا ولا يكون إلا للأب.

وإن عدم الولي فقبض لغير الرشيد من يليه، لدعاء الحاجة إليه، قال في «المغني» : فإن الصبي قد يكون في مكان لا حاكم فيه، وليس له أب ولا وصي، ويكون فقيرًا لا غنى به عن الصدقات، فإن لم يصح قبض غيرهم انسد باب وصولها إليه، فيضيع ويهلك، ومراعاة حفظه عند الهلاك أولى من مراعاة الولاية. وتلزم الهبة بمجرد عقد فيما بيد متهب، كالوديعة والمغصوب، ولو لم يمض زمن يتأتى قبضه فيه، صححه في «المغني» و «الشرح» ؛ لأن قبضه مستدام، فأغنى عن الابتداء، والقاعدة الفقهية: الاستدامة أقوى من الابتداء، كما لو باعه سلعة. وتصح هبة المشاع من شريكه، ومن غيره، منقولاً كجزء من عقار أو فرس أو سيارة، وسواء كان ينقسم أولاً كالعبد؛ لما في «الصحيح» : أو وفد هوازن لما جاءوا يطلبون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرد عليهم ما غنم منهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم» . ويعتبر لصحة قبض مشاع ينقل، إذن شريك فيه كالبيع؛ لأنه لا يمكن قبضه إلا بقبض نصيب شريكه، وهذا بالنسبة لجواز القبض، لا لزوم الهبة، فتلزم به، وإن لم يأذن شريكه، ويكون نصيب القابض مقبوضًا تملكًا، ونصيب الشريك مقبوضًا أمانة. فإن أبى الشريك أن يسلم نصيبه قيل للمتهب، وكل الشريك في قبضه لك ونقله، فإن أبى، نصب الحاكم من يكون في يده لهما فينقله، فيحصل القبض؛ لأنه لا ضرر على الشريك في ذلك، وإن أذن شريكه له في الانتفاع مجانًا فكعارية في ظمانه إذا تلف، ولو من غير تفريق، وإذا كان أذن في التصرف بأجرة، فإن نصيبه يكون في يد القابض أمانة كمأجور، فلا ضمان فيه.

وإن تلف بلا تعد ولا تفريط ولو كانت الأجرة مجهولة كان استعمله وأنفق عليه مثلها بقصد المعاوضة؛ لأن فاسد العقود كصحيحها في الضمان وعدمه، وإن تصرف بغير إذن الشريك ولا إجارة، أو قبض بلا إذن الشريك فكغاصب؛ لأن يده عادية. وإن وهب ولي كحاكم أو وصي موليه هبة لم يتولى طرفي العقد، ويقبض الولي، قال في «المغني» : وإن كان الواهب للصبي غير الأب من أوليائه، فقال أصحابنا: لابد أن يوكل من يقبل للصبي ويقبض له، ليكون الإيجاب منه والقبول والقبض من غيره، كما في البيع. ولا يحتاج أب وهب موليه لصغر أو جنون أو سفه إلى توكيل، بل يقول: وهبت ولدي كذا وقبضته له، ولا يحتاج إلى قبول للاستغناء عنه بقرائن الأحوال؛ أنه يجوز أن يبيع لنفسه؛ لانتفاء التهمة. وصحح في «المغني» : أن الأب وغيره سواء في هذا لانتفاء التهمة هنا بخلاف البيع، ولأنه عقد يصدر منه ومن وكيله، فجاز له أن يتولى طرفي العقد كالأب، وصريح كلام «المغني» و «الإنصاف» أن توكل غير الأب يكون في القبول والقبض، وظاهر كلام «التنقيح» ، وتبعه في «المنتهى» : أنه يكون في القبول، فقط ويكون الإيجاب والقبض من الواهب كما تقدم. ويغني قبض هبة إذا كان قابضها رشيدًا عن قبول فلا يحتاج إلى لفظ القبول، ولا يغني قبول الهبة عن قبضها؛ لأن القبول إذا لم يتصل بالقبض لا يكون مانعًا من رجوع الواهب بها. ولا يصح قبض مجنون، ولا صغير لا يحسن التصرف، بل يقبل، ويقبض لهما وليهما؛ لأنه المتصرف عليهما فالأب العدل يقوم مقامهما في ذلك، ثم عند عدمه وصي، ثم حاكم أمين كذلك، أو من يقيمونه مقامهم.

وعند عدم ولي غير رشيد، يقبض لغير الرشيد من يليه، من نحو أم، وقريب أو غيرهما، قال ابن الحكم: سُئل الإمام أحمد أيعطى الصبي من الزكاة؟ قال: نعم، يعطى أباه، أو من يقوم بشأنه؛ لأنه جلب منفعة، ومحل حاجة، ويصح من الصبي ونحوه قبض المأكول الذي يدفع مثله للصغير؛ لحديث أبي هريرة: «كان الناس إذا رأوا أول الثمار جاءوا به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا أخذه، قال: «اللهم بارك لنا في ثمرنا» ثم يعطيه أصغر من يحضر من الولدان» أخرجه مسلم. وإن كان الأب غير مأمون أو كان مجنونًا قبل الحاكم الهبة التي للولد، وإن كان الأب قد مات –لا وصي له- قبل له الحاكم؛ لأنه وليه إذن. وخادم الفقراء الذي يطوف لهم في الأسواق، ما حصل له على اسمهم، أو بنية قبضه لهم لا يختص به؛ لأن العرف إنما يدفع إليه للشركة فيه، وهو أما وكيلهم أو وكيل الدافعين، فينتفي الاختصاص. من النظم مما يتعلق بالهبة ولا ويقتضي التعويض مطلقها فإن شرط ما درى صحح وبيعا ليعدد فيأخذه إن كان شقصًا بشفعة وأحكام بيع كالخيار بها طد وعن أحمد حكم الهبات مغلب فلا تمض فيها حكم بيع وبعد وشرطك مجهول الأثابة مبطل ترد بما تنمي كبيع مفسد وعن أحمد صحت وعوضه ما ارتضى بل القدر في وجه فإن يأب فاردد

فإن تلفت يضمن وعنه ليهدر إن تقاض بلا فعل كرهن كذا الردى ويثبت من معروف قول يفيدها كذا بمعاطاة بعرف بأوطد كتقديم مأكول فيأكله ضيفه وخصصها القاضي بقول فبعد وألفاظها هذا لك أو خذه لك أو وهبتكه أهديته لك يا عدي كذاك بملكت الفتى أو نحلته وأعطيته أعمرته فلتفقد كذلك إن قال الفتى قد جعلته لي العمر أو عمري ونحو المعدد فيأتي بقول أو بفعل يفيدك القبول فصححها إذا لا تردد وأسكنته البيت الحياة إباحة متى ما تشا فيما أبحت الفتى عدي ويلغي اشتراط العود مطلقًا أو متى يمت مرقب والعقد صحح بأوطد وعنه يصح الشرط مع هبة معًا فإن مات عن أعمرته لك تردد وبالقبض مع إذن يؤطد ملكه وبالعقد في مقبوض متهب طد وعنه ووقت فيه يمكن قبضه وعنه مع إذن الواهب المتجدد وعنه سوى ما كيل أو وزنوا من المعين الزمه بعقد مجرد

ومن قبل تقبيض ولو بعد إذنه يقبض ليختر في ارتجاع أخو اليد ويلغو أن شرطنا الإذن قبض بدونها وقيل إن سكت عن قابض عالمًا طد وقبل قبول من يمت بطلت وإن يمت بعده قبل اللزوم المؤطد وهوب في الأقوى عكس معط فطد وكالفقيد ليمضي وارثًا أو ليفسد ومن ليس أهل القبض يقبض وليه الأمين له لكن بوالده ابتدي ومن أبرأ مدينه أو وهب الدين لمدينه، أو أحله منه، مثل أن يقول له: أنت في حل من ديني، أو أسقطه عنه، أو تركه له، أو ملكه له، أو تصدق بالدين على المدين، أو عفى عنه، صح ذلك جميعه، وكان مسقطًا للدين، وكذا لو قال: أعطيتكه وإنما صح بلفظ الهبة، والصدقة والعطية؛ لأنه لما لم يكن هناك عين موجودة يتناولها اللفظ، انصرف إلى معنى الإبراء. قال الحارثي: ولهذا لو وهبه دينه هبة حقيقة لم يصح، لانتفاء معنى الإسقاط وانتفاء شرط الهبة، ومن هنا امتنع هبته لغير من هو عليه، وامتنع أجزاؤه عن الزكاة لانتفاء حقيقة الملك، ولو كان ذلك قبل حلول الدين، أو أبرأه يعتقد أن لا شيء عليه؛ لأن العبرة بما في نفس الأمر لا بما في ظن المكلف بمن باع مال أبيه ونحوه يظن أنه حيًا فتبين أنه مات. وقال في «الإنصاف» : قال المصنف وغيره: قال أصحابنا: لو أبرأه من مائة، وهو يعتقد أن لا شيء عليه فكان له عليه مائة، ففي صحة الإبراء وجهان، صحح الناظم أن البراءة لا تصح، قال الحارثي: وهو أظهر، وهذا القول قوي جدًا فيما أرى، والله أعلم. وإن أبرأ المدين من الدين بأحد الألفاظ السابقة برئ، ولو رد المدين؛ لأن الإبراء لا يفتقر إلى القبول، كالعتق

س4: تكلم بوضوح عما يلي: ضابط ما تصح هبته، ما يعتبر لقبض المشاع، ما يترتب على ذلك: إذا أذن له في

والطلاق، بخلاف الهبة؛ لأنه تمليك، وقيل: لا يصح فلا يسقط إذا لم يرض من عليه الدين؛ لأنه ربما يكون له مقاصد حسنة لا تخالف الشرع، مثل أن يكون لا يتحمل المنة، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله أعلم. ويصح الإبراء منجزًا ولو جهل رب الدين قدره وصفته، كالأجنبي، لا أن علمه مدين فقط وكتمه عن رب الدين، خوفًا من أنه إن علمه رب الدين لم يبرئه منه، فلا يصح الإبراء منه؛ لأنه هضم للحق، وهو إذا كالمكره؛ لأنه غير متمكن من المطالبة والخصومة فيه. ويصح الإبراء مع إبهام المحل الوارد عليه الإبراء، كأبرأت أحد غريمي، أو أبرأت غريمي هذا من أحد ديني، ويطالب بالبيان، ومثل ذلك: وهبتك أحد هذين العبدين، أو كفلت أحد الدينين، وقيل: لا يصح مع إبهام المحل، والقول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله أعلم. وإن أبرأه من درهم إلى ألف، صح فيما دون الألف وفي الالف، ولو تبارا الدائن والمدين وظهر لأحدهما على الآخر دين مسطر بصك مكتوب، فادعى من هو بيده استثناءه من الإبراء، قبل قوله بيمينه؛ لأنه غارم، والله أعلم. وتصح الهبة من قن بإذن سيده؛ لأن الحجر عليه حق عليه لسيده، فإذا أذن انفك، بخلاف الصغير ونحوه، وما اتهبه عبد غير مكاتب وقبله فهو لسيده، ويصح قبوله بلا إذن سيده؛ لأنه تحصيل للمال للسيد فلم يعتبر إذن فيه كالتقاط وما وهبه فلسيده؛ لأنه من اكتسابه فأشبه اصطياده. ما تصح هبته والعمرى والرقبى وما حول ذلك من المسائل: س4: تكلم بوضوح عما يلي: ضابط ما تصح هبته، ما يعتبر لقبض المشاع، ما يترتب على ذلك: إذا أذن له في

التصرف، هبة المجهول، هبة الدين، هبة ما لا يقدر على تسليمه، تعليق الهبة، اشتراط ما ينافي الهبة، توقيت الهبة، العمرى، حكمها، الرقبى، أمثلة تتضح فيها المسائل، ما يترتب على ما تقدم من أحكام، ولمن تكون إذا شرط رجوعها إليه، أو شرط الواهب رجوعها إلى غيره، أو شرط رجوعها وأطلق فلم يقيده بموت ولا غيره إليه أو إلى ورثته أو إلى آخرهما موتًا واذكر ما حول ذلك من المسائل، واذكر ما تستحضره من تمثيل أو دليل أو تعليل أو تقسيم أو شرط أو تفصيل أو خلاف أو ترجيح. ج: ما صح بيعه من الأعيان صحت هبته؛ لأنها تمليك في الحياة، فتصح فيما يصح فيه البيع، وما لا يصح بيعه لا تصح هبته، كأم الولد، ويصح نقل اليد في الكلب ونحوه، مما يباح الانتفاع به، وليس هبة حقيقة، قال الشيخ تقي الدين: ويظهر لي صحة هبة الصوف على الظهر قولاً واحدًا. ويصح استثناء نفع الموهوب في الهبة عند إنشائها زمنًا معينًا كشهر وسنة، قياسًا على البيع فيما إذا شرط فيه البائع نفعًا معلومًا كسكنى الدار المبيعة شهرًا ونحو ذلك، وتصح هبة مصحف، قال الحارثي: ولا أعلم فيه خلافًا. وتصح هبة المجهول، وسواء تعذر عمله كما إذا اختلط متاعه بمتاع غيره فوهب أحدهما نصيبه للآخر فيصح مع جهل قدره وصفته، أو لم يتعذر علمه؛ لأنها بذل وإباحة وهي صحيحة بالمجهول، وأيضًا فإنها لا في مقابلة عوض، وقيل: لا تصح هبة مجهول لم يتعذر علمه؛ لأنه كحمل في بطن، والقول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله أعلم. وإن أذن رب شاة لإنسان في جز صوفها وحلبها، فهو إباحة وقول رب مال: خذ من هذا الكيس ما شئت، فله أخذ كل ما به، ولو قال: خذ من هذه الدراهم ما شئت، لم يملك أخذها كلها.

إذ الكيس ظرف، فإذا أخذ المظروف، حسن أن يقال أخذ من الكيس ما فيه، ولا يحسن أن يقال: أخذت من الدراهم كلها، وكذا قول مالك: ما أخذت من مالي فهو لك، وكذا قوله: من وجد شيئًا من مالي فله، حيث لا قصد، فهو هبة حقيقة، كما مر في هبة الدين، قال في «الاختيارات الفقهية» : بعد ذكر هاتين الصورتين وغيرهما، وفي جميع هذه الصور يحصل الملك بالقبض ونحوه. وللمبيح أن يجرع فيما قال قبل التملك، وهذا نوع من الهبة يتأخر فيه القبول عن الإيجاب كثيرًا، وليس بإباحة. ومن وهب أرضًا أو تصدق بأرض أو وقف أرضًا أو وصى بأرض أو بجزء من أرض أو باعها، احتاج أن يحدها كلها من الجهات الأربع: قبلة وشرقًا وجنوبًا وشمالاً، إلا أن كانت مفروزة، وإن كانت مشاعة، يقول: كذا سهمًا من كذا سهمًا. وما جاز بيعه جاز فيه الصدقة، والهبة، والرهن. ولا تصح هبة ما في الذمة لغير المدين؛ لأن غير من هو عليه لا يقدر على تسليمه. أو قادر على أخذه منه كالبيع؛ لأنه عقد يفتقر إلى القبض، فلم يصح في ذلك. وقيل: يصح هبته لغير مدين، وعندي أن هذا القول أقوى من الأول؛ لأنه يغتفر في باب التبرعات ما لا يغتفر في باب المعاوضات لوجود الفرق بين الأمرين، والله - سبحانه وتعالى - أعلم. ولا يصح تعليق الهبة على شرط، كإذا جاء رأس الشهر، أو قدم فلان، فقد وهبتك كذا، كالبيع، كإذا جاء رأس الشهر، أو قدم فلان، فقد وهبتك كذا كالبيع، إلا على موت الواهب فتصح، وتكون وصية؛ لأنها تمليك لمعين في الحياة، فلم يجز تعليقها على شرط، وما تقدم في حديث أم سلمة فوعد لا هبة.

وذكر الحارثي الجواز، واختاره الشيخ تقي الدين، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه أعلم. ولا يصح اشتراط ما ينافي الهبة، كأن يشترط الواهب على المتهب لا يبيع العين الموهوبة، أو لا يهبها، أو لا يأكل منها، أو لا يلبس الثوب الموهوب، أو لا يركب المركوب الموهوب، أو لا ينزل العمارة، أو الفلة، أو الدكان الموهوب له، أو لا يعمر الأرض الموهوبة له، أو نحو ذلك، فالشرط غير صحيح؛ لأن مقتضى الملك التصرف المطلق، فالحجر فيه ينافي مقتضاه، كما لو شرط في البيع أن لا يخسر، فالعقد صحيح، والشرط لاغ. ولا تصح مؤقتة كوهبتك شهرًا أو أسبوعًا أو سنة؛ لأنه تعليق لانتهاء مدة الهبة، فلا تصح معه كالبيع، إلا في العمرى والرقبى فيصحان، وهما نوعان من أنواع الهبة، يفتقران إلى ما تفتقر إليه سائر الهبات من الإيجاب والقبول والقبض. قال العمريطي: وحكم ما أعمره أو أرقبه ... من ماله لغيره حكم الهبة ويصح توقيتهما. وسميت العمرى عمرى؛ لتقييدها بالعمر، وسميت الرقبى رقبى؛ لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه، قال أهل اللغة: يقال أعمرته، وعمرته مشددًا، إذا جعلت له الدار مدة عمره، أو مدة عمري، وكانت الجاهلية تفعله فأبطل الشرع ذلك. ومثالها قوله: أعمرتك أو أرقبتك هذه الدار أو هذه الفرس أو هذه الأمة، قال ابن القطاع: أرقبتك أعطيتك وهي هبة ترجع إلى المرقب إن مات المرقب، وقد نهى عنه ونص الإمام

أحمد فيمن يعمر أمة لا يطأ المعمر الجارية المعمرة نقله يعقوب، وابن هانئ، وحمل القاضي نص الإمام على الورع؛ لأن الوطء استباحة فرج. وقد اختلف في صحة العمرى وجعلها بعضهم تمليك المنافع، فلم يرى الإمام وطأها، ولهذا قال ابن رجب في القاعدة الخامسة والثلاثين بعد المائة: وهو أي ما ذكره القاضي بعيد، ثم قال: والصواب تحريمه وحمله؛ لأن الملك بالعمرى قاصر. وإن قال: جعلت الدار، أو الفرس أو الجارية لك عمرك، أو جعلتها لك حياتك، أو جعلتها لك عمري، أو جعلتها لك رقبى، أو جعلتها لك ما بقيت، أو ما حييت، أو ما عشت، أو أعطيتكها عمرك أو نحو ذلك، فتصح الهبة في جميع ما تقدم وهي أمثلة العمرى، وتكون العين الموهوبة لمعطي ولورثته من بعده إن كانوا، كتصريحه بأن يقول المعمر: هل لك ولعقبك من بعدك، وإلا يكن للموهوب له وارث، فهي لبيت المال، كسائر الأموال المخلفة عنه. لما ورد عن جار قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعمرى لمن وهبت له، متفق عليه. وفي لفظ: «أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها، فمن أعمر عمري فهي للذي أعمر حيًا أو ميتًا ولعقبه» رواه أحمد ومسلم. وفي رواية، قال: «العمرى جائزة لأهلها، والرقبى جائزة لأهلها» رواه الخمسة. وخرج مسلم عن جابر: «العمرى ميراث لأهلها» ، وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «العمرى ميراث لأهلها» ، وقال: «جائزة لأهلها» .

وعن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أعمر عمرى فهي لمعمره، محياه ومماته، لا ترقبوا من أرقب شيئًا فهو سبيل الميراث» رواه أحمد وأبو داود والنسائي. وفي لفظ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الرقبى للذي أرقبها» رواه أحمد والنسائي. وفي لفظ: «جعل الرقبى جائزة» رواه أحمد والنسائي. وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تعمروا، ولا ترقبوا، فمن أعمر شيئًا أو أرقبه، فهو له حياته ومماته» رواه أحمد والنسائي. وفي رواية: «من أعمر رجلاً عمرى له ولعقبه، فقد قطع قوله حقه فيها، وهي لمن أعمر وعقبه» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه. وفي رواية: قال: «أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه، فإنها للذي يعطاها، لا ترجع إلى الذي أعطاها؛ لأنه أعطى عطأ وقعت فيه المواريث» رواه أبو داود والنسائي والترمذ وصححه. وفي لفظ عن جابر: «إنما العمرى التي أجازها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول هي لك ولعقبك، فأما إذا قال هي لك ما عشت، فإنها ترجع إلى صاحبها» رواه أحمد ومسلم وأبو داود. وفي رواية: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالعمرى أن يهب الرجل للرجل ولعقبه الهبة، ويستثنى إن حدث بك حدث ولعقبك، فهي إلي، وإلى عقبي، أنها لمن أعطيها ولعقبه» رواه النسائي.

وعن جابر أيضًا: «أن رجلاً من الأنصار أعطى أمه حديقة من نخيل حياتها فماتت، فجاء أخوته، فقالوا له: نحن فيه شرع سواء، قال: فأبى، فاختصموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقسمها بينهم ميراثًا» رواه أحمد. ولا ترجع العين إلى واهب؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ترقبوا ولا تعمروا، فمن أرقب شيئًا، أو أعمره فهو لورثته» قال الحارثي: والسند صحيح لا إشكال، فهذه النصوص تدل على ملك المعمر والمرقب مع بطلان شرط العود؛ لأنه إذا ملك العين لم تنتقل عنه بالشرط، ولأنه ينافي مقتضى العقد، فصح العقد، وبطل الشرط، كشرطه في البيع أن لا يبيع، ولو جعل اثنان كل منهما داره للآخر، على أنه أن مات قبله عادت إليه، فرقبى من الجانبين. وإن قال أحد شركين في قن مشترك بينهما: أنت حبيس على آخرنا موتاكم يعتق بموت الأول منهما، ويكون في يد الآخر عارية، فإذا مات عتق، ولا يصح أعمار المنفعة، ولا إرقابها، فلو قال رب بيت لآخر: منحتكه عمرك، فعارية. قال في «القاموس» : منحة الناقة، جعل له وبرها ودرها وولدها، وهي المنحة والمنيحة، أو قال: منحتك غلة الدار أو البستان، أو قال رب بستان: منحتك ثمرته، أو قال رب عبد: منحتك خدمته لك عمرك، فعارية وإباحة تلزم في قدر ما قبضه من غلته قبل رجوع المانع. وللمانح الرجوع في منحته متى شاء في حياة الممنوح وبعد موته؛ لأنه هبة منفعة، ويصح أعمار منقول وإرقابه من حيوان كعبد، وجارية وبعير وشاة وغير حيوان، كثوب وكتاب؛ لعموم ما تقدم من قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فمن أرقب شيئًا أو أعمره فهو لورثته» .

من النظم: فصل وتبرا من دين بإبراء ربه وإسقاطه والعفو مع هبة زد وألفاظ تحليل أو الصدقات مع قبول ورد بالبرائة أشهد ولو جهل المبرا به مطلقًا ولو عرفت به مع جهل مبرا بأوكد فلم يبر من يبرى بظن براءة إذا بان حق عنده في المجود كبيعك مالا حزت بالإرث جاهلاً فوجهين في تصحيح ذا البيع أسند وعنه متى تعلمه لم تبر مطلقًا وعنه كذا أن تجهلاه فقلد سوى دين جهل قد تعذر علمه وخرج أن تبرأ بغير تقيد سوى حال علم مع تعذر مبرئ بجهلك بالدين القديم فأمدد وإن تهبن دينًا لغير الغريم لم يصح على القول القديم المجود وإن رمت إيفاء الديون عن امرئ فإن يأرب رب الدين لم يتظهد إن تأب أخذ الفرض زوجة معسر من الغير لم تجبر وإن تفسخ اعضد

س5: تكلم بوضوح عما يلي: حكم التعديل بين من يرث في قرابة، التخصيص لبعض الورثة، إذا مات معط قبل التعديل، حكم الشهادة على التخصيصات أو التفضيل، إذا قسم الإنسان ماله بين وارثه، إذا حدث وارث، زيادة الذكر على الأنثى في الوقف، وقف الثلث في المرض على بعض الورثة، واذكر ما يستثنى مما تقدم، إذا حصل نقص أو زيادة فهل تمنع الرجوع، ولمن الزيادة؟ وإذا تعلق بما وهب حق، أو رغبة أو دين لأجل ذلك، واذكر الدليل، والتعليل، والتفضيل، والتقسيم، والأمثلة، والخلاف والترجيح.

من النظم: فصل في المشاع وفي ممكن التسليم مع حل نفعه تصح هبات من مشاع كمفرد فتقبض بالتوكل بل أن تنازعا يوكل قاض قابضًا ويضهد وإن نحن لم نشرط لملكك قبضه ولم يمكن التسليم وجهين أسند لا تمض في المجهول في المتوطد سوى مستحيل العلم كالصلح فاعقد ولا تجز التعليق بالشرط ها هنا وشرط منافيها ووقت محدد وثنيا جنين قد وهب أمه أجز في الأقوى كثنياه وعتق أمه اعدد فصل في عطية الأولاد س5: تكلم بوضوح عما يلي: حكم التعديل بين من يرث في قرابة، التخصيص لبعض الورثة، إذا مات معط قبل التعديل، حكم الشهادة على التخصيصات أو التفضيل، إذا قسم الإنسان ماله بين وارثه، إذا حدث وارث، زيادة الذكر على الأنثى في الوقف، وقف الثلث في المرض على بعض الورثة، واذكر ما يستثنى مما تقدم، إذا حصل نقص أو زيادة فهل تمنع الرجوع، ولمن الزيادة؟ وإذا تعلق بما وهب حق، أو رغبة أو دين لأجل ذلك، واذكر الدليل، والتعليل، والتفضيل، والتقسيم، والأمثلة، والخلاف والترجيح. ج: ويجب على واهب ذكر أو أنثى تعديل بين من يرث منه

بقرابة، لا زوجة، وولاء، فلا يجب التعديل بينهم، بخلاف القرابة، من ولد وغيره، وأم وأخ وابنه، وعم وابنه في عطيتهم في هبة شيء غير تافه، حتى لو زوج بعض بناته، وجهزها، أو بعض بنيه، وأعطا عنه الصداق. وقيل: لا يجب التعديل إلا بين الأولاد، وهذا هو الذي تطمئن إليه النفس، والله أعلم؛ لحديث جابر، قال: قالت امرأة بشير لبشير: أعط بني غلامًا، وأشهد لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن ابنة فلان سألتني، أن أنحل ابنها غلامي، قال: «أله أخوة؟» قال: نعم، قال: «كلهم أعطيتهم مثل ما أعطيته» ، قال: لا، قال: «فليس يصلح هذا، وإني لا أشهد إلا على حق» رواه أحمد ومسلم وأبو داود. وعن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم، اعدلوا بين أبنائكم» رواه أحمد وأبو داود والنسائي. وروى أبو داود من حديث النعمان بن بشير، وقال فيه: «لا تشهدين على جور، إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم» . وعن النعمان بن بشير: أن أباه أتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني نحلت ابني هذا غلامًا كان لي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أكل ولدك نحلته مثل هذا» ، قال: لا، فقال: «ارجعه» متفق عليه. ولفظ مسلم: قال: تصدق علي أبي ببعض ماله، فقالت أمي عمرة بن رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فانطلق أبي إليه يشهده على صدقتي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أفعلت هذا بولدك كلهم» . قال: لا، فقال: «اتقوا الله واعدلوا في أودلاكم» فرجع أبي في تلك الصدقة.

وللبخاري مثله، لكن ذكره بلفظ العطية لا بلفظ الصدقة فأمر - صلى الله عليه وسلم - بالعدل بينهم، وسمي تخصيص أحدهم بدون الباقين، جورا والجور حرام، فدل على أن أمره بالعدل للوجوب. ومحل التعديل الواجب بينهم بكون الهبة لهم بقدر إرثها منه للذكر مثل حظ الأنثيين، اقتداء بقسمة الله - سبحانه وتعالى -، وقياسًا لحالة الحياة على حالة الموت، قال عطاء: ما كانوا يقسمون على كتاب الله - سبحانه وتعالى -، وقضية بشير قضية عين، وحكاية حال لا عموم لها، إنما يثبت حكمها في مثلها، ولا نعلم حال أولاد بشير، هل فيهم أنثى أم لا؟ ولعل النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علم أن ليس له إلا ولد ذكر. وقال أبو حنيفة والشافعي ومالك وابن المبارك: يعطي الأنثى مثل ما يعطي الذكر، وهو رواية عن الإمام أحمد، واختاره ابن عقيل والحارثي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لبشير: «سوي بينهم» ، وعلل ذلك بقوله: «أيسرك أن يستووا في برك؟» فقال: نعم، فسوى بينهم، والبنت كالابن في الاستحقاق في برها، فكذلك في عطيتها. وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «سووا بين أولادكم في العطية، ولو كنت مؤثرًا أحدًا لأثرت النساء على الرجال» رواه سعيد، والذي تطمئن إليه النفس القول الأول الموافق لقسمة العليم الحكيم الرؤوف الرحيم، والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وسلم.

وأما في النفقة والكسوة، فتجب الكفاية دون التعديل، ونقل أبو طالب لا ينبغي أن يفضل أحدًا من ولده في طعام وغيره، قال إبراهيم: كانوا يستحبون التسوية بينهم حتى في القبل، قال في «الفروع» : فدخل فيه نظر وقف. وللمعطي التخصيص لبعض وارثه بإذن الباقي منهم؛ لانتفاء العداوة والقطيعة إذ لأن العلة في ذلك كونه يورث العداوة وقطيعة الرحم، فإن خص أو فضل بلا إذن رجع، أو أعطى الباقي حتى يستووا بمن خصه، أو فضله، ولو في مرض موته؛ لأنه تدارك للواجب، فإن مات معط قبل التعديل وليست العطية في مرض موته المخوف ثبتت لآخذ. وقيل: لا يثبت، وللباقي الرجوع، اختاره الشيخ، ويجوز للأب تملك الذي أعطاه لولده لقصد التسوية بلا حيلة، والحيلة أن يعطيه لقصد التسوية ونيته تملكه منه بعد ذلك. ولو زوج أحد ابنيه في صحته بصداق أداه الأب من عنده، ثم مرض الأب مرض الموت المخوف، وجب عليه إ عطاء الآخر مثل ما أعطى الأول ليستووا بمن خصه. قال في «الاختيارات الفقهية» : وينبغي أن يكون على الفور اهـ؛ لأن التسوية واجبة، ولا طريق لها في هذا الموضع إلا بعطية الآخر، فتكون واجبة إذ لا يمكن الرجوع هناك على الأول؛ لأن الزوجة ملكت الصداق. ولا يحسب ما يعطيه الأب لابنه الثاني من الثلث، مع أنه عطية في مرض الموت؛ لأنه تدارك الواجب أشبه قضاء الدين، ونص أحمد في رواية صالح وعبد الله وحنبل فيمن له أولاد زوج بعض بناته فجهزها وأعطاها، قال: يعطي جميع ولده مثل ما أعطاها.

وعن جعفر بن محمد سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل له ولد يزوج الكبير، وينفق عليه ويعطيه، قال: ينبغي له أن يعطيهم كلهم مثل ما أعطاه، أو يمنحهم مثل ذلك. وتحرم الشهادة تحملاً وأداءً على كل عقد فاسد، ولو كان الأداء بعد موت المخصص والمفضل، ومحل ذلك أن علم الشاهد بالتخصيص، أو التفضيل؛ لحديث: «لا تشهدني على جور» ، وأما قوله –عليه الصلاة والسلام-: «فاشهد على هذا غيري» فهو من باب التهديد، كقول الله - سبحانه وتعالى -: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} ولو لم يفهم منه هذا المعنى يشير لبادر إلى الامتثال، ولم يرد العطية، ولكنه بادر إلى ردها. وتحرم الشهادة تحملاً وأداءً على كل عقد فاسد عند الشاهد كنكاح بلا ولي وبيع غير مرئي ولا موصوف؛ لاعتقاده عدم جوازه قياسًا على التخصيص إن لم يحكم به من يراه. ولا يجب على المسلم التسوية بين أولاده من أهل الذمة، قاله الشيخ تقي الدين، وكلام غيره لا يخالفه؛ لأنهم لا يرثون منه، ولا فرق في امتناع التخصيص والتفضيل بين كون البعض ذا حاجة، أو زمانة أو أعمى أو له عيال أو أصلح أو أعلم أو لا، ولا كون البعض الآخر فاسقًا، أو مبذرًا أو لا. لعموم الأمر بالتسوية وفعل الصديق يحتمل أنه نحل معها غيرها أو أنه نحلها وهو يريد أن ينحل غيرها فأدركه المرض. واختار الموفق وغيره كابن رزين في «شرحه» ، والناظم جواز التفضيل لبعض الورثة، لمعنى حاجة أو زمانة أو أعمى أو لكثرة عائلة أو اشتغال بعلم أو لصلاح، استدلالاً بتخصيص الصديق عائشة رضي الله عنها أو ليس إلا لامتيازها بالفضل، وفضل عمر - رضي الله عنه - ابنه عاصمًا بشيء، وفضل عبد الله

ابن عمر - رضي الله عنهما - بعض ولده على بعض، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله أعلم. وكذا لو منع الأب بعض ولده لفسقه، أو بدعته أو كونه يعصي الله بما يأخذ. ويباح لمن له ورثة قسمة ماله بين ورثته على فرائض الله - سبحانه وتعالى -؛ لعدم الجور فيها، ويعطي حادث وارث حصته مما قسم وجوبًا ليحصل التعديل الواجب، وسن أن لا يزاد ذكر على أنثى من أولاد وأخوة ونحوهم في وقف عليهم؛ لأن القصد القربة على وجه الدوام. وقيل: المستحب القسمة على حسب الميراث كالعطية وما قاله أهل القول الأول لا أصل وهو ملغي بالميراث والعطية، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله أعلم. وإذا وقف مريض مرض الموت المخوف ثلثه على بعض ورثته، فقيل: يجوز ذلك ولا يتوقف على الإجازة، واحتج بحديث عمر وتقدم في الوقف حيث قال فيه: هذا ما أوصى به عبد الله عمر أمير المؤمنين إن حدث به حدث أن ثمغًا صدقة والعبد الذي فيه، والسهم الذي بخيبر ورقيقه الذي فيه والمائة وسق الذي أطعمني محمد - صلى الله عليه وسلم - تليه حفصة ما عاشت. ثم يليه ذو الرأي من أهله لا يباع ولا يشتري تنفقه حيث ترى من السائل والمحرم وذي القربى ولا حرج على من يليه أن أكل واشترى رقيقًا، رواه أبو داود بنحو من هذا، وقيل: لا يجوز تخصيص بعض الورثة بوقف ثلثه عليه أو تفضيله، وهو قول جمهور العلماء، وعليه تدل الأدلة الشرعية في إيجاب العدل بين الأولاد، ومنع الوصية لوارث، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه أعلم.

ولا ينفذ وقف مريض بجزء زائد على الثلث، كسائر التبرعات، بل يقف ما زاد على ثلث ماله على إجازة الورثة، ولو وقع ذلك حيلة لتحريمها أو بطلانها. ولا يصح رجوع واهب في هبته بعد قبض معتبر، بأن يكون من جائز التصرف، أو وكيله للزومها به، ولو كانت الهبة صدقة أو هدية أو نحلة أو نقوطًا، وهو ما يؤخذ شيئًا فشيئًا، أو كانت حمولة في نحو عرس أو ختان. لما ورد عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «العائد في هبته، كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه» متفق عليه، وفي رواية للبخاري: «ليس لنا مثل السوء الذي يعود في هبته، كالكلب الذي يقيء ثم يرجع في قيئه» . وإذا وهبت أنثى زوجها شيئًا بمسألته إياها، ثم ضرها بطلاق أو تزوج عليها، فقيل: يرده إليها، رضيت أو كرهت، قالوا: لأنها لا تهب إلا مخافة غضبه، أو إضراره بأن يتزوج عليها، وإن لم يكن سألها وتبرعت به فهو جائز، قالوا: ولأن شاهد الحال يدل على أنها لم تطب به نفسًا، وإنما أباحه الله عند طيب النفس، قال - سبحانه وتعالى -: {فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا} . وقيل: لا ترجع على زوجها مطلقًا، بل ترجع عليه بشروط، كما لو وهبته لدفع ضرر، فلم يندفع، أو لوجود شرط، فلم يوجد، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه أعلم. وللأب الرجوع فيما وهب لولده؛ لحديث ابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - مرفوعًا: «ليس لأحد أن يعطي عطية ويرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده» رواه الترمذي

وحسنه، ولا فرق بين أن يقصد برجوعه التسوية بين أولاده، أو لا. ولو وهب كافر لولده الكافر شيئًا، ثم أسلم فله الرجوع فيما وهبه لولده الذي أسلم، وقال الشيخ تقي الدين - رحمه الله -: ليس للأب الكافر أن يرجع في عطيته إذا كان وهبه له في حال الكفر، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه نفسي، يؤيده فيما أرى قول الله - سبحانه وتعالى -: {وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} والله - سبحانه وتعالى - أعلم. وإن تعلق فيما وهبه الأب لولده حق كفلس كأن يفلس الولد والمال الموهوب في يده، ولو حجر عليه فله الرجوع فيها، وقيل: لا يرجع، بل الحجر عليه يمنع الرجوع، كما في الرهن ونحوه، وبه صرح في «المغني» وصاحب «المحرر» وصوبه الحارثي، وقال من غير خلاف، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، لتعلق حق الغرماء، والله - سبحانه وتعالى - أعلم. وإن تعلق فيما وهبه الأب لولده رغبة بأن زوج الولد الموهوب رغبة فيما بيده من المال الموهوب له، أو داينه أحد لأجل ما في يده من المال الموهوب له، أو أقرضوه أو باعوه أو أجروه ونحو ذلك، لوجود ما في يده، أو يتزوجها إن كانت أنثى رغبة فيما بيدها من المال الموهوب له، فقيل: إن ذلك لا يمنع الرجوع، أي رجوع الأب فيما وهبه لولده. وقال الشيخ تقي الدين: يرجع فيما زاد على قدر الدين أو الرغبة، وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس، والله سبحانه أعلم. وإن وهب الولد ولده سرية للإعفاف، فقيل: لا رجوع فيها ولو استغنى الابن عنها بتزويج أو شرائه غيرها ونحوه،

وإن لم تصر أم ولد؛ لأنها ملحقة بالزوجة. وإن أسقط الأب حقه من الرجوع فيما وهب لولده سقط؛ لأن الرجوع مجرد حقه وقد أسقطه، بخلاف ولاية النكاح، فإنها حق عليه لله - سبحانه وتعالى - وللمرأة، بدليل إثمه بالعضل. وقيل: له الرجوع ولو أسقط حقه؛ لأنه حق ثبت له بالشرع فلم يسقط بإسقاطه، كما لو أسقط الولي حقه من ولاية النكاح، والذي يترجح عندي القول الأول، وإنه يسقط بإسقاطه له كما تسقط الشفعة بإسقاط الشفيع، والله - سبحانه وتعالى - أعلم. وأما من قبل الأم، فقيل: لها الرجوع فيما وهبته لولدها كالأب، اختاره جماعة من العلماء، وهو قول الشافعي، وقال: مالك لها الرجوع، ما كان أبوه حيًا، فإن كان ميتًا فلا رجوع؛ لأنها هبة ليتيم. وهذا القول قوي فيما أرى، وعموم لفظ الوالد يدل على أن لأم الرجوع كالأب، ولأنه طريق إلى التسوية، وربما يكون ليس لها طريق غيره، ولأنها ساوته في تحريم تفضيل بعض ولدها، فينبغي أن تساويه في التمكن من الرجوع فيما فضلت به تخليصًا لها من الإثم، وإزالة للتفضيل المحرم، قال الموفق: وهذا الصحيح إن شاء الله - سبحانه وتعالى -، والله - سبحانه وتعالى - أعلم. ولا يمنع الرجوع نقص عين موهوبة بيد ولد، سواء نقصت قيمتها أو ذاتها بتآكل بعض أغصانها، أو جنى عليها، أو جنى الموهوب، فتعلق أرش الجناية برقبته ونحوه، فإن رجع فأرش جنايته على الأب، ولا ضمان على الابن له، وأرش

جنايته عليه للابن؛ لأنها بمنزلة الزيادة المنفصلة. ولا يمنع الرجوع زيادة منفصلة، كولد وثمرة وكسب؛ لأن الرجوع في الأصل دون النما، والزيادة المنفصلة للولد؛ لحدوثها في ملكه، وإن حملت الأمة الموهوبة للولد وولدت عنده، فيمنع الرجوع في الأم الموهوبة، لتحريم التفرقة بين الوالدة وولدها. وتمنع الرجوع زيادة متصلة، كسمن وكبر وحمل وتعلم صنعة؛ لأن الزيادة للموهوب له؛ لأنها نماء ملكه، ولم تنتقل إليه من جهة أبيه، فلم الرجوع فيها كالمنفصلة، وإذا امتنع الرجوع فيها امتنع في الأصل، لئلا يقضي إلى سوء المشاركة، وضرر التشقيص بخلاف الرد بالعيب، فإنه من المشتري وقد رضي ببذل الزيادة. قال في «المغني» : وإن زاد ببرئه من مرض أو صمم، منع الرجوع، كسائر الزيادات. اهـ. وقال: في «بدائع الصنائع» : ومنها الزيادة في الموهوب له زيادة متصلة، فنقول جملة الكلام في زيادة الهبة أنها لا تخلو إما أن كانت متصلة بالأصل، وإما إن كانت منفصلة عنه. فإن كانت متصلة بالأصل، فإنها تمنع الرجوع سواء كانت الزيادة بفعل الموهوب له أو لا بفعله وسواء كانت متولدة أو غير متولدة نحو ما إذا كانت الموهوبة جارية هزيلة فسمنت أو دارًا فبنى فيها، أو أرضًا فغرس فيها، أو نصب دولابًا، وغير ذلك مما يستقي به، وهو مثبت في الأرض مبني عليها، على وجه يدخل في بيع الأرض من غير تسمية قليلاً كان أو كثيرًا أو كان الموهوب ثوبًا فصبغه بعصفر، أو زعفران أو قطعه قميصًا وخاطه، أو جبة وحشاه أو قباء؛ لأنه لا سبيل إلى

الرجوع في الأصل مع الزيادة؛ لأن الزيادة ليست بموهوبة، إذ لم يرد عليها العقد، فلا يجوز أن يرد عليها الفسخ. ولا سبيل إلى الرجوع في الأصل بدون الزيادة؛ لأنه غير ممكن، فامتنع الرجوع أصلاً. وإن صبغ الثوب بصبغ لا يزيد فيه أو ينقصه، فله أن يرجع؛ لأن المانع من الرجوع هو الزيادة، فإذا لم يزد الصبغ في القيمة، التحقت الزيادة بالعدم. اهـ. وقيل: إن الزيادة المتصلة لا تمنع الرجوع، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس، والله - سبحانه وتعالى - أعلم. ويصدق أب في عدم الزيادة؛ لأنه منكر لها، والأصل عدمها، ويمنع الرجوع رهن موهوب لزم؛ لأن في رجوعه إبطال لحق المرتهن، وإضرار به، إلا أن ينفك الرهن بوفاء أو غيره، فيملك الرجوع إذًا؛ لأن ملك الابن لم يزل، وقد زال المانع. ويمنع الرجوع هبة الولد ما وهبه له أبوه؛ لأن في رجوع الأب إبطالاً لملك غير ابنه، وهو لا يملك ذلك، إلا أن يرجع الرجوع حينئذ؛ لأنه فسخ هبته برجوعه، فعاد إليه الملك بالسبب الأول. ويمنع الرجوع بيع الولد لما وهبه له أبوه، وكذا هبته ووقفه ونحو ذلك، مما ينقل الملك ويمنع التصرف كالاستيلاد، وكذا لا رجوع له في دين أبرأ ولده منه، أو منفعة أباحها له بعد استيفائها، كسكنى دار ونحوها. وإن رجع المبيع الموهوب إلى الولد بفسخ، أو فلس مشتر فللأب الرجوع فيه، إذ العودة للولد بالسبب الأول، أشبه الفسخ بالخيار، بخلاف ما لو اشتراه الولد أو اتهبه ونحوه،

فلا رجوع للأب؛ لأنه عاد للولد بملك جديد لم يستفده من قبل أبيه، فلم يملك إزالته، كما لو لم يكن موهوبًا. ولا يمنع رجوع الأب في رقيق وهبه لولد تصرف الابن في الرقبة تصرفًا غير ناقل للملك، كإجارة، ومزارعة عليها، وجعلها مضاربة في عقد شركة وتزويج وتدبير وكتابة، وعتق معلق على صفة قبل وجودها، ووطئ مجرد عن إحبال ووصية لم تقبض لبقاء ملك الابن وسلطنة تصرفه، ويملك الرجوع مع بقاء إجارة بحالها، ومع بقاء كتابة وتزويج، كاستمراره مع المشتري من الولد. لكن تقدم أن الأخذ بالشفعة تفسخ به الإجارة، والفرق أن للأب فعلاً في الإجارة؛ لأن تمليكه لولده تسليط له على التصرف فيه، ولا كذلك الشفيع، فإن كان التصرف جائزًا كالوصية والهبة قبل القبض، والمزارعة والمضاربة والمشاركة بطل ذلك التصرف؛ لأن استمرار حكمه مقيد ببقاء المعقود معه، وقد فات بخلاف الأول. اهـ. ولا كذلك تدبير للرقيق، وتعليق عتقه بصفة، فإنه لا يبقى حكمها في حق الأب؛ لأنهما لم يصدرا منه ومع عود المدبر، والمعلق عتقه بصفة الملك للابن، فحكمها باق لعود الصفة. وما قبضه ابن من مهر أمة زوجها قبل رجوع أبيه، ومن دين كتابة، ومن أرش جناية على الرقيق، ومن مستقر أجرة فللابن دون الأب؛ لأنه نماء حصل في ملكه، ولا رجوع للأب فيما أبرأ ولده من دين كان له عليه، فلا يملك الرجوع به بعد أن أبرأه منه؛ لأن الإبراء إسقاط لا تمليك. ولا يصح رجوع إلا بقول، نحو رجعت في هبتي، أو ارتجعتها، أو رددتها، أو عدت فيها؛ لأن الملك ثابت للموهوب

له يقينًا، فلا يزول إلا بيقين، وهو صريح الرجوع، فلو تصرف فيه قبل الرجوع القول لم يصح، ويثبت الرجوع سواء علم الولد به أو لم يعلم، ولا يحتاج الرجوع إلى حكم حاكم؛ لثبوته بالنص، كفسخ معتقه تحت عبد. من النظم مما يتعلق بعطية الأولاد وواجب التعديل بين بنيه في العطية كالميراث مع كل محتد وأم مع الأولاد مثل أبيهم عليها احتم التعديل في القسم ترشد وقيل سوى الأولاد ليس بواجب لتخصصهم بالذكر من خير مرشد ويلزمه الرجعى ليعد بينهم لفقد سواه هكذا الأم فأعدد فإن مات لم يعدل فهل لمنقص رجوع على قولين بالمتزيد وما الأب في تخصيصه بعض ولده لقصد صحيح آثم بل ليحمد وترك شهود للأداء لجائز يجوز ولا أثم لكتمان مشهد وفي الوقف جوز أن تفاضل بينهم على النص والشيخ انتفى المنع فاردد ووقف مريض كالهبات لوارث وعند أحمد ألزمه في ثلثه قد فوفقك دارًا لست تملك غيرها على ابن وبنت بالسوية فاشهد

بإرث لثلثيها ووقف لثلثها بردهما أن لم نقل بالتفسد له ثلثا الثلثين إرثًا بردة وثلثيهما للبنت وقفًا فأبد وارثًا إذا أردت ونصفهما له حبيسًا وزده إرث سدس مردد كذا منحه إن رد المساواة حسب وأحبها ثلث ثلثيها لوقف مؤبد وأما على الأدنى فما الوقف لازمًا إذا رد في شيء من الدار فاشهد فتعمل فيها ها هنا ما عملت فيه سوى الثلث في القول الأخير كما ابتدى من النظم مما يتعلق بحكم العود في الهدية وليس مباحًا عود مهد هدية وإن لم يثب أو واهب متجود سوى الأب في الأولى وجد بأبعد وأم بوجه خرجوه مجود وإن زال ملك الابن عنه فإن يعد بعقد وارث لا رجوع كذا اعدد تعلق حقوق قاطع للتصرف كرهن وحجر الدين إيلاد خرد كذا في كتاب العبد مع منع بيعه ومهما يزل من ذي الأمور أن تشاع ولا يمنع الرجعى تصرف الابن ما له بعده التصريف في عينه اهتد ووجهان في عود بفسخ مبيعهم وقولان مع تعليق رغبة قصد

س6: تكلم بوضوح عما يلي: تملك الأب من مال ولده، تملك الأم من مال ولدها، بما يحصل التملك؟ إذا أبرأ الأب نفسه من دين ولده، أو أبرأ غريم ولده، إذا أقر الأب بقبض دين ولده من غيرم ولده وأنكر الولد، إذا ولد الأب جارية ولده قبل تملكها، ما يترتب على الحكم إذا استولد أمة أحد أبويه، هل للولد أو ورثته مطالبة الأب بدين، أو قيمة متلف، أو أرش جناية، وما الذي يستثنى من الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك: إذا وجد الولد عين ماله الذي أقرضه، أو باعه لأبيه، بعد موت أبيه فهل يأخذه، وهل يسقط دين الولد الذي عليه بموت الأب؟ ما الذي يسقط؟ ومن أين يؤخذ ما قضاه الأب في مرضه، أو وصى بقضائه، وضح ذلك مع ذكر الدليل، والتعليل والتفصيل والخلاف والترجيح والاحترازات والقيود.

ويرجع فيه دون متصل النما وقد قيل في هذا النما إن يشازد فإن كان ولدًا لا يفارق أمه به امنع وأن يعطى أبا لم يصدد وقولين في منع الفتى من رجوعه بمتصل قد زاد في العز أورد ويحصل فيه الارتجاع بلفظه الخصيص وفعل بالقرائن موطد وأخذ كه تنوي ارتجاعك رجعة وللأب في قصد ارتجاع فقلد ولا تعد أنثى في عطية زوجها وعنه بلى عنه إن سألها ليردد تملك الأب من مال ولده س6: تكلم بوضوح عما يلي: تملك الأب من مال ولده، تملك الأم من مال ولدها، بما يحصل التملك؟ إذا أبرأ الأب نفسه من دين ولده، أو أبرأ غريم ولده، إذا أقر الأب بقبض دين ولده من غيرم ولده وأنكر الولد، إذا ولد الأب جارية ولده قبل تملكها، ما يترتب على الحكم إذا استولد أمة أحد أبويه، هل للولد أو ورثته مطالبة الأب بدين، أو قيمة متلف، أو أرش جناية، وما الذي يستثنى من الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك: إذا وجد الولد عين ماله الذي أقرضه، أو باعه لأبيه، بعد موت أبيه فهل يأخذه، وهل يسقط دين الولد الذي عليه بموت الأب؟ ما الذي يسقط؟ ومن أين يؤخذ ما قضاه الأب في مرضه، أو وصى بقضائه، وضح ذلك مع ذكر الدليل، والتعليل والتفصيل والخلاف والترجيح والاحترازات والقيود.

ج: ولأن حر محتاج أو غير محتاج، تملك ما شاء من مال ولده، بعلمه أو بغير علمه صغيرًا كان، الولد أو كبيرًا، ذكر أو أنثى، راضيًا أو ساخطًا. لما ورد عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم» رواه الخمسة، وفي لفظ: «ولد الرجل من أطيب كسبه، فكلوا من أموالهم هنيئًا» رواه أحمد. وعن جابر: أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي مالاً ولدًا، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: «أنت ومالك لأبيك» رواه ابن ماجه. وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن أعرابيًا أتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: «أنت ومالك لوالدك، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم، فكلوه هنيئًا» رواه أحمد وأبو داود، وقال فيه: أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن لي مالاً وولدًا وإن والدي ... الحديث. ولأن الولد موهوب لأبيه بالنص القاطع، وما كان موهوبًا له، كان له أخذ ماله، كعبده، يؤيده أن سفيان بن عيينة قال في قوله - سبحانه وتعالى -: {وَلاَ عَلَى أَنفُسِكُمْ} الآية، ذكر الأقارب دون الأولاد لدخولهم في قوله - سبحانه وتعالى -: {مِنْ بُيُوتِكُمْ} ؛ لأن بيوت أولادهم كبيوتهم، ولأن الرجل يلي مال ولده من غير تولية، فكان له التصرف كمال نفسه. ما لم يضر الأب ولده بما يتملكه من ماله، فإن ضره بما تتعلق حاجة الولد به، كآلة حرفته وكرأس مال يتجر به، ونحو ذلك، لم يتملكه؛ لأن حاجة الإنسان مقدمة على دينه، فلأن تتقدم على أبيه أولى.

وكذا لا يتملكه أن تعلق به حق رهن أو فلس، ذكره في «الاختيارات» اهـ، ولا فرق بين الذكر والأنثى، وليس له أن يتملكه لي عطيه لولد آخر؛ لأنه ممنوع من تخصيصه بما أخذه من مال ولده الآخر أولى. وكذا لا يصح التملك بمرض موت أحدهما المخوف، لانعقاد سبب الإرث وليس للأب أن يتملك سرية ولده التي وطئها الابن، ولو لم تكن أم ولد للابن؛ لأنها ملحقة بالزوجة. ولا يصح التملك مع كفر أب، وإسلام ابن، لاسيما إذا كان الابن كافرًا ثم أسلم، قاله الشيخ تقي الدين، قال في «الإنصاف» : وهو عين الصواب. وقال الشيخ أيضًا: والأشبه أن الأب المسلم ليس له أن يأخذ من مل ولده الكافر شيئًا، لانقطاع الولاية والتوارث. ويحصل التملك للأب من مال ولده بقبض ما تملكه، مع قول بأن يقول تملكته ونحوه، أو نية، قال في «الفروع» : ويتوجه أو قرينة؛ لأن القبض أعم من أن يكون للتملك أو غيره، فاعتبر القول أو النية، ليتعين وجه القبض. ولا يصح تصرف الأب في مال ولده قبل قبض لما تملكه بالقول أو النية. وقيل: يصح، وقال أبو بكر في «التنبيه» : بيع الأب على ابنه، وعتقه، وصدقته ووطء إمائه ما لم يكن الابن وطئها جائز، ويجوز له بيع عبيده وإمائه وعتقهم، وهذا القول هو الذي تميل إليه نفسي، والله - سبحانه وتعالى - أعلم. ولا يملك الأب إبراء نفسه من دين لولده عليه، كإبرائه غريم ولده، ولا تملكه ما في ذمة نفسه، ولا تملكه ما في ذمة غريم ولده، ولا قبض دين الولد من الغريم غريم الابن.

وقيل: إنه يملك ذلك كله، وهذا القول هو الذي اختاره يؤيده الأحاديث المتقدمة، والله أعلم. ومن استولد أمة أحد أبويه لم تصر أم ولد له إن حملت منه، وولدة قن، وحد بشرطه وهو أن يكون عالمًا بالتحريم؛ لأن الابن ليس له التملك على أحد من أبويه، فلا شبهة له في الوطء، لا يقال رحم لأحد أبويه فيعتق عليه؛ لأنه ولد الزنى أجنبي من الأب. وليس لولد ولا لورثته مطالبة أب بدين كقرض، وثمن مبيع أو قيمة متلف، كثوب حرقة، أو إناء خربة أو نحو ذلك، أو أرش جناية على ولده، كقلع سن وقطع طرف، ولا بشيء من ذلك مما للابن عليه، كأجرة أرض زرعها، أو دار سكنها. لما روى الخلال أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بأبيه يقتضيه دينًا عليه، فقال: «أنت ومالك لأبيك» ، ولأن المال أحد نوعي الحقوق فلم يملك مطالبة أبيه، كحقوق الأبدان، ولا للابن أن يحيل على أبيه بدينه؛ لأنه لا يملك طلبه به، وللابن مطالبة أبيه بنفقته الواجبة عليه لفقر الولد وعجزه عن التكسب؛ لقوله –عليه الصلاة والسلام- لهند: «خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف» . وللولد مطالبة أبيه بعين مال له بيد أبيه فيطالبه الولد وورثته بعين مال له بيده، ويثبت له في ذمته الدين من ثمن وأجرة وقرض وقيمة متلف وأرش جناية من الأب سواء كانت على مال الولد أو نفسه ولا يعارضه ما تقدم من أن الولد لا يملك إحضار أبيه لمجلس حكم، بدين أو قيمة متلف أو أرش جناية ولا غير ذلك، مما للابن عليه، إذ لا يلزم من عدم ملكه المطالبة بشيء مما ذكر سقوط حقه عنه ما دام حيًا.

وتظهر الفائدة فيما لو وفاه والده في مرض موته، لا يحسب من الثلث، بل يكون من رأس المال، كما يأتي إن شاء الله - سبحانه وتعالى -. ويسقط أرش الجناية بموت الأب، فلا يرجع به في تركته، قال في «شرح المنتهى» : ولعل الفرق بينها وبين القرض، وثمن المبيع ونحوهما كون الأب أخذ عن هذا عوضًا، بخلاف أرش الجناية وعلى هذا ينبغي أن يكون مثله دين ضمان، من حيث أنه يسقط عن الوالد دين ضمان، إذا ضمن غريم ولده. وما قضاه أب من ذلك الدين الذي عليه لولده في مرض الأب، أو وصى الأب بأن يقضي من دين ولده أو أرش جناية وغيرها، فمن رأس ماله؛ لأنه حق ثابت عليه لا تهمة فيه، فكان من رأس المال كدين الأجنبي. ولولد الولد مطالبة جده بماله في ذمته من دين وأرش جناية وغيرها، كسائر الأقارب، إن لم يكن انتقل إليه من أبيه لما تقدم أنه ليس لورثة الولد مطالبة أبيه بدينه، وكذا الأم تطالب بدين ولدها. ويجري الربا بين الولد وأبيه؛ لتمام ملك الولد على ماله واستقلاله بالتصرف فيه ووجوب زكاته عليه وحل الوطء وتوريث ورثته، وحديث: «أنت ومالك لأبيك» على معنى سلطنة التملك ويدل عليه إضافة المال للولد وما وجد ابن بعد موت أب في تركته من عين مال الابن الذي أقرضه لأيبه أو باعه لأبيه أو غصبه الأب من الابن، فللابن أخذه دون بقية الورثة؛ لأنه وجد عين ماله إن لم يكن الابن استلم من الأب ثمنه ولا يكون ما وجده الابن من عين ماله بعد موت أيبه ميراثًا لورثة الأب، بل هو للابن المأخوذ منه دون سائر الورثة.

س7: تكلم بوضوح عما يلي: عطية المريض الذي مرضه غير مخوف والذي مرضه مخوف ومثل لكل واحد منهما، ووضح الألفاظ اللغوية وبين ما إذا أشكل هل مخوف أو غير مخوف، وفصل ما يحتاج إلى تفصيل واذكر ما يلتحق بالمريض مرض الموت المخوف مستقصيا لذلك ممثلا لما يحتاج إلى تمثيل، إذا علق صحيح عتق قنة فوجد في مرضه فما الحكم؟ وإذا اجتمع مع عطية وصية فأيهما يقدم، وإذا عجز الثلث عن التبرعات المنجزة فبما يبدؤ، وإذا وقعت دفعة فماذا نعمل؟ ومن أين المنجرة فبما يبدؤ؟ وإذا وقعت دفعة فماذا نعمل؟ ومن أين تكون معاوضة المريض وإذا حابى المريض وارثه فما الحكم؟ وإذا حابى أجنبيا وشفيعه وارث أو آجر المريض نفسه وحابى المستأجر فما الحكم؟ ومتى يعتبر ثلث مال المعطي في المرض، ومثل لذلك واذكر ما يترتب عليه، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

فصل في عطية المريض ومحاباته وما يتعلق بذلك س7: تكلم بوضوح عما يلي: عطية المريض الذي مرضه غير مخوف والذي مرضه مخوف ومثل لكل واحد منهما، ووضح الألفاظ اللغوية وبين ما إذا أشكل هل مخوف أو غير مخوف، وفصل ما يحتاج إلى تفصيل واذكر ما يلتحق بالمريض مرض الموت المخوف مستقصيًا لذلك ممثلاً لما يحتاج إلى تمثيل، إذا علق صحيح عتق قنة فوجد في مرضه فما الحكم؟ وإذا اجتمع مع عطية وصية فأيهما يقدم، وإذا عجز الثلث عن التبرعات المنجزة فبما يبدؤ، وإذا وقعت دفعة فماذا نعمل؟ ومن أين المنجرة فبما يبدؤ؟ وإذا وقعت دفعة فماذا نعمل؟ ومن أين تكون معاوضة المريض وإذا حابى المريض وارثه فما الحكم؟ وإذا حابى أجنبيًا وشفيعه وارث أو آجر المريض نفسه وحابى المستأجر فما الحكم؟ ومتى يعتبر ثلث مال المعطي في المرض، ومثل لذلك واذكر ما يترتب عليه، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: عطية المريض، وهي هبته في مرض غير مرض الموت، ولو كان المرض مخوفًا كعطية الصحيح، ومن كان مرضه غير مخوف، كوجع رأس يسيرن ويقال له: صداع أو رمد، أو به وجع ضرس، أو جرب أو حمى ساعة أو يوم، وكإسهال يسير بلا دم، ولو صار مخوفًا ومات به، فعطيته كصحيح، تصح في كل ماله؛ لأنه في حكم الصحة، لكنه لا يخاف منه في العادة، وكما لو كان مريضًا فبرئ، واعتبارًا بحال العطية. وأما الإسهال فإن كان منحرفًا لا يمكنه منعه، ولا إمساكه فهو مخوف –وإن كان ساعة- لأن من لحقه ذلك أسرع في هلاكه، وإن لم يكن منحرفًا، لكنه يكون تارة وينقطع أخرى،

فإن كان يومًا أو يومين، فليس بمخوف؛ لأن ذلك قد يكون من فضلة الطعام إلا أن يكون معه زحير وتقطيع، كأن يخرج متقطعًا، فإنه يكون مخوفًا؛ لأن ذلك يضعف وإن دام الإسهال فهو مخوف، سواء كان معه زحير أو لم يكن. وما أشكل أمره من الأمراض، رجع فيه إلى قول أهل الخبرة والمعرفة، وهم الأطباء؛ لأنهم أهل التجربة والممارسة والمعرفة. وعطية مريض في مرض مخوف، كبرسام بكسر الباء: بخار يرتقي إلى الرأس، ويؤثر في الدماغ، فيختل به العقل، وقال القاضي عياض: هو ورم في الدماغ، يتغير منه عقل الإنسان، ويهذي، وكذات الجنب: وهو قرح بباطن الجنب ينشأ عن التصاق الرئة بالأضلاع، وأكثر ما يحدث في أوائل الشتاء. ومن علاماته الحمى الملازمة، وقلة الشهوة، ورم القدم، ويبس اللسان، وشدة بياضه، وشدة الوجع تحت الأضلاع، وضيق النفس وشد مجاذبته له، وتغير البول إلى الحمرة، وكالقيام المتدارك، الإسهال الذي يستمسك وإن كان ساعة؛ لأن من أصابه ذلك تحلل جسمه وأسرع في هلاكه، وكذا إسهال مع دم؛ لأنه يضعف القوة وينهك الجسم. وكذلك الفالج: وهو استرخاء لأحد شي البدن لانصباب خلط بلغمي تفسد منه مسالك الروح في ابتدائه، وكالسل بكسر السين وهو وجع في الرئة، تأخذ معه البنية في النقصان والاصفرار، ومن علاماته: السعال والإسهال ووجع في الظهر مقابل الرئة، واستدرار الريق، وشد بياض العين، وسرعة نمو الشعر والأظافر وكثرة البلغم، وقلة النوم في انتهائه أما في ابتدائه فليس مخوفًا؛ لأنه في الدور الأول سهل العلاج،

وفي الثاني: يصعب، ولكنه بإذن الله يبرأ إذا أراد الله، وفي الثالث يكون مخوفًا جدًا. أو هاج به بلغم؛ لأنه من شدة البرودة، وقد يغلب على الحرارة الغريزية فيطفؤها، أو هاجت به صفراء؛ لأنها تورث يبوسة، أو هاج به قولنج، ويسمى السدد، وهو احتباس في الأمعاء، بأن ينعقد الطعام في بعضها ولا ينزل، أو هاجت به حمى مطبقة، فهذه كل واحد منها بمفرده مخوف، ومع الحمى أشد خوفًا، وإن ثاوره الدم، واجتمع في عضو كان مخوفًا؛ لأنه من الحرار المفرطة، وما قال طبيبان مسلمان عدلان أنه مخوف كالطاعون، والسرطان ونحوهما، مما تقدم ذكره. قال في «الاختيارات الفقهية» : ليس المرض المخوف الذي يغلب على القلب الموت منه، أو يتساوى في الظن جانب البقاء والموت؛ لأن أصحابنا جعلوا ضرب المخاض من الأمراض المخوفة، وليس الهلاك غالبًا ولا مساويًا للسلامة، وإنما الغرض إنما يكون سببًا صالحًا للموت، فيضاف إليه، ويجوز حدوثه عنده. وأقرب ما يقال ما يكثر حصول الموت منه، فعطاياه كوصية في أنها لا تصح لوارث بشيء غير الوقف للثلث فأقل، ولا تصح لأجنبي بزيادة على الثلث إلا بإجازة الورثة فيما إذا كانت لوارث بشيء، وما إذا كانت لأجنبي بزيادة على الثلث؛ لحديث أبي هريرة يرفعه: «إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم» رواه ابن ماجه. فمفهومه: ليس لكم أكثر من الثلث، يؤيده ما روى عمران ابن حصين أن رجلاً أعتق في مرضه ستة أعبد، لم يكن له مال غيرهم، فاستدعاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فجزأهم ثلاثة

أجزاء، فأقرع بينهم، فأعتق اثنين وأرق أربعة، رواه مسلم. وإذا لم ينفذ العتق مع سرايته، فغيره أولى، ولأن هذه الحال الظاهر منها الموت، فكانت عطيته فيها في حق الورثة لا تتجاوز الثلث، كالوصية، غير أنه ينفذ ظاهرًا في جميع ما تقدم، على ما قاله القاضي. قال في «الاختيارات الفقهية» : ذكر القاضي أن الموهوب له يقبض الهبة، ويتصرف فيها، مع كونها موقوفة على الإجازة، وهذا ضعيف، والذي ينبغي أن تسليم الموهوب إلى الموهوب له، يذهب حيث يشاء، وإرسال العبد المعتق، أو إرسال المحابات لا يجوز، بل لابد أن يوقف أمر التبرعات على وجه يتمكن الوارث من ردها بعد الموت إذا شاء. ولو كانت عطيته عتقًا لبعض أرقائه، وكذا عفوه عن جناية توجب مالاً، وكذا إن كانت عطيته محاباة في بيع كإجارة، والمحابات أن يسامح أحد المتعاوضين الآخر في عقد المعاوضة ببعض ما يقابل العوض، كأن يبيع ما يساوي ألف بستمائة، أو يشتري ما يساوي أربعمائة بألف، لا إن كان الصادر من المريض كتابة لرقيقه أو بعضه بمحاباة، أو كانت وصيته بالكتابة بمحاباة، فالمحاباة فيهما من رأس المال. قال في ببعض ما يقابل العوض، كأن يبيع ما يساوي ألف بستمائة، أو يشتري ما يساوي أربعمائة بألف، لا إن كان الصادر من المريض كتابة لرقيقه أو بعضه بمحاباة، أو كانت وصيته بالكتابة بمحاباة، فالمحاباة فيهما من رأس المال. قال في «شرح الإقناع» : هذا معنى كلامه في «الإنصاف» ، وفي «التنقيح» و «المنتهى» ، لكن كلام «المحرر» و «الفروع» والحارثي وغيرهم يدل على أن الذي يصير من رأس المال الكتابة نفسها؛ لأنها عقد معاوضة كالبيع من الغير، قال الحارثي: ثم إن وجد محاباة، فالمحاباة من الثلث. وقد ناقش شارح «المنتهى» صاحب «الإنصاف» ، وعارضه بكلام «المحرر» و «الفروع» ، وذكر أنه لم يقف على كلام الحارثي، وقد ذكرته لك فوقع الاشتباه على صاحب «الإنصاف» والتنقيح،

وتبعه من تبعه، والحق أحق أن يتبع. اهـ. وإذا أوصى أن يكاتب عبده فلان وأطلق، فإنه يكاتب بقدر ما يساوي ذلك العبد، جمعًا بين حق الورثة وحقه، فليس للوارث أن يطلب الكتابة بأكثر من قيمة العبد، ولا للعبد أن يطلب الكتابة بأقل إلا بتراضيهما، وينفذ العتق في مرض الموت في الحال، ويعتبر خروج العتق من الثلث بعد الموت، لا حين العتق. والأمراض الممتدة كالسل ابتداء لا في حالة الانتهاء، والجذام: علة تحدث من انتشار السوداء في البدن، فيفسد مزاج الأعضاء وهيأتها، وربما انتهى إلى تقطع، وفي نسخة تآكل الأعضاء وسقوطها عن تقرح، والأجذم الذي ذهبت أعضاؤه كلها، ويقال: رجل أجذم ومجذوم، إذا فتت أعضاؤه من الجذام، وهو الداء المعروف. والفالج في دوامه، إن صار صاحبها صاحب فراش، فمخوف وإلا فلا؛ لأن صاحب الفراش يخشى تلفه، أشبه صاحب المرض المخوف للموت، وإلا يصير صاحبها صاحب فراش، بل كان يذهب ويجيء، فلا تكون مخوفة وعطاياه من جميع ماله كالصحيح. وكمريض مرض الموت المخوف من بين النصفين وقت التحام الحرب، واختلاط الطائفتين للقتال، وأما إذا كان كل من الطائفتين متحيزة عن الأخرى ولم يختلطوا للحرب، وبينهما رمي سهام أو لا فليس مخوفًا وكل من الطائفتين تكافئ الأخرى، أو كان المعطى من الطائفة المقهورة؛ لأن توقع التلف إذًا كتوقع المريض أو أكثر سواء تباين دين الطائفتين أو لا إن كان المعطى من الطائفة القاهرة بعد ظهورها.

ومن كان بلجة البحر عند هيجان بريح عاصف لما تقدم. ومن وقع الطاعون ببلده وهو المرض العام والوباء الذي يفسد له الهواء فتفسد به الأمزجة والأبدان، وقال عياض: هو قروح تخرج في المغابن وغيرها لا يلبث صاحبها وتعم إذا ظهرت، وفي «شرح مسلم» : وأما الطاعون فوباء معروف وهو بثر وورم مؤلم جدًا يخرج مع لهب ويسود ما حوله ويخضر ويحمر حمرة بنفسجية، ويحصل معه خفقان للقلب. اهـ. وفي عرف الناس اليوك أنه الكليري، نسأل الله العافية منه ومن غيره. وقال ابن القيم: في كون الطاعون وخز أعدائنا الجن حكمة بالغة، فإن أعدائنا شياطينهم، وأما أهل الطاعة منهم، فهم أخواننا، والله أمرنا بمعاداة أعدائنا من الجن والإنس وأن نحاربهم طلبًا لمرضاته فأبى أكثر الناس إلا مسالمتهم وموالاتهم. فسلطهم الله عليهم عقوبة لهم حيث استجابوا لهم حتى أغورهم، وأمروهم بالمعاصي والفجور والفساد في الأرض، فأطاعوهم، فاقتضت الحكمة أن سلطهم عليهم بالطعن فيهم، كما سلط عليهم أعداءهم من الإنس، حيث أفسدوا في الأرض، ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم. فهذه ملحمة من الإنس، والطاعون ملحمة من الجن، وكل منهما بتسليط العزيز الحميد الحكيم عقوبة لمن يستحق العقوبة، وشهادة ورحمة لمن هو أهل لها، وهذه سُّنة الله - سبحانه وتعالى - في العقوبات، تقع عامة فتكون طهرًا للمؤمنين وانتقامًا من الفاجرين. اهـ. وقد ثبت في عدة أحاديث أنه وخز أعدائنا من الجن، أخرج عبد الرزاق في «مصنفه» ، وابن أبي شيبة وأحمد بن حنبل في

«مسنديهما» وابن أبي الدنيا في كتاب «الطوعين» والبزار وأبو يعلى والطبراني وابن خزيمة والحاكم وصححه البيهقي في «الدلائل» من طرق علي بن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فناء أمتي بالطعن والطاعون» ، قيل: يا رسول الله، هذا الطعن قد عرفناه، فما الطاعون؟ قال: «وخز أعدائكم الجن، وفي كل شهادة» . قال ابن الأثير: الطعن: القتل بالرمح، والوخز طعن بلا نفاذ، فبهذا الحديث وغيره ظهر بطلان قول بعض الأطباء أن الطاعون مادة سمية تحدث ورما قتالاً وأن سببه فساد جوهر الهواء. وقد أبطل ابن القيم - رحمه الله - في «الهدى» قول الأطباء هذا بوجوه، منها: وقوعه في أعدل الفصول، وفي أصح البلاد هواء وأطيبها ماء، ومنها: لو كان من الهواء لعم الناس والحيوان، ونحن نجد الكثير من الناس والحيوان يصيبه الطاعون وبجانبه من جنسه ومن يشابه مزاجه من لم يصيبه وقد يأخذ أهل البيت بأجمعهم ولا يدخل بيتًا يجاورهم أصلاً ويدخل بيتًا فلا يصاب منه إلا البعض وربما كان عند فساد الهواء أقل مما يكون عند اعتداله، ومنها: أن فساد الهواء يقتضي تغير الأخلاط وكثرة الأمراض والأسقام، وهذا يقتل بلا مرض أو بمرض يسير، ومنها: أن لو كان من فساد الهواء لعم جميع البدن بمداومته الاستنشاق. والطاعون: إنما يحدث في جزء خاص من البدن، لا يتعداه لغيره، وللزوم دوامه في الأرض؛ لأن الهواء يصح تارة ويفسد أخرى، ويأتي على غير قياس ولا تجربة ولا انتظام، فربما جاء سنة على سنة، وربما أبطأ عدة سنين. ومنها: أن كل داء بسبب من الأسباب الطبيعية له دواء من الأدوية الطبيعية، وهذا الطاعون أعيا الأطباء دواؤه،

حتى سلم حذاقهم، أنه لا دواء له، ولا دافع له إلا الذي خلقه وقدره، انتهى. وقد جمع بعضهم بين الوارد وكلام الأطباء أنه إذا أراد الله - سبحانه وتعالى - ظهور الطاعون أفسد الهواء وجعله متعفنًا، فتخرج بسببه الجن؛ لأنه من شأنهم تتبع العفونات، فيختلطون بالناس، فيظهر منهم ما سلطوا هـ، وهو جمع حسن. اهـ. والهرم إن صار صاحب فراش، فكمريض مرضًا مخوفًا، وكذا من قدم للقتل قصاصًا أو غيره لظهور التلف وقربه، أو حبس للقتل، وكذا أسير عند من عادته القتل لخوفه على نفسه، وكذا جريح جرحًا موحيًا مع ثبات عقله؛ لأن عمر - رضي الله عنه - لما جرح سقاه الطبيب لبنًا فخرج من جرحه، فقال له الطبيب: اعهد إلى الناس، فعهد إليهم ووصى، فاتفق الصحابة على قبول عهده ووصيته. وعلي - رضي الله عنه - بعد ما ضربه ابن ملجم، أوصى وأمر ونهى، فلم يحكم ببطلان قوله، ومع عدم ثبات عقله لا حكم لعطيته، بل ولا لكلامه. وحامل عند مخاض وهو الطلق مع ألم حتى تنجو من نفاسها؛ لأنها قبل ضرب المخاض لا تخاف الموت، فأشبهت صاحب المرض الممتد، قبل أن يصير صاحب فراش، فإن خرج الولد والمشيمة وحصل هناك ورم أو ضربان شديد أو رأت دمًا فحكمها حكم ما قبل ذلك؛ لأنها لم تنج بعد. وكميت من ذبح أو أبينت حشوته، أي أمعاؤه فلا يعتد بكلامه لا خرقها فقط من غير إبانة ولا قطعها من غير إبانة، وقال الموفق في «فتاويه» : إن خرجت حشوته ولم تبن، ثم مات ولده ورثه، وأن أبينت، فالظاهر يرثه؛ لأن الموت الذي هو زهوق النفس وخروج الروح لم يوجد، ولأن الطفل يرث

ويورث بمجرد استهلاله، وإن كان لا يدل على حياة أثبت من حياة هذا، انتهى. قال في «الفروع» : وظاهره أن من ذبح، ليس كميت مع بقاء روحه. قال في «الرعاية» : ومن ذبح أو أبينت حشوته فقوله لغو، فإن أخرجت حشوته واشتد به المرض وعقله ثابت كعمر وعلي - رضي الله عنهما - صح تصرفه وعطيته وتبرعه. ولو علق إنسان صحيح عتق قنه على صفة، كقدوم زيد، أو نزل مطر، فوجد الشرط الذي علق عليه العتق في مرضه المخوف، فعتق العبد يعتبر من ثلثه اعتبارًا بوقت وجود الصفة؛ لأنه وقت نفوذ العتق، وكذا الحكم لو وهب في الصحة وأقبض في المرض؛ لأن من تمام صحة الهبة التسليم، ولم يحصل إلا في المرض، فخرج من الثلث. ولو اختلف الورثة وصاحب العطية أو العتق بأن ادعى متهب أو الهبة أعطيها في الصحة فتكون من رأس المال أو ادعى معتوق أن صدور العتق في الصحة فيكون من رأس المال له فأنكر الورثة ذلك، فالقول قول الورثة وهو أنها في المرض فتكون من الثلث. وتقدم عطية اجتمعت مع وصية، وضاق الثلث عنهما، مع عدم إجازة لهما، وإن لم يف الثلث بتبرعات المريض المنجزة بدئ بالأول منهما، فالأول مرتبة؛ لأن العطية المنجزة لازمة في حق المعطي. فإذا كانت خارجة من الثلث، لزمت في حق الورثة، فلو شاركتها الثانية، لمنع ذلك لزومها في حق المعطى؛ لأنه يملك الرجوع عن بعضها بعطية أخرى، واحترز بالمنجزة عن الوصية بالتبرع.

وإن وقعت العطايا المنجزة دفعة واحدة، كما لو قبلها الكل معًا، أو وكلوا واحدًا قبل لهم بلفظ واحد، وضاق الثلث عنها، ولم تجزها الورثة، قسم الثلث بين الجميع بالحصص؛ لأنهم تساووا في الاستحقاق، فيقسم بينهم قدر حقوقهم كغرماء المفلس. قال في «المغني» : فإن كانت التبرعات كلها عتقًا أقرعنا بينهم، فكملنا العتق كله في بعضهم؛ لحديث عمران بن حصين أن رجلاً أعتق ستة مملوكين له عند موته، لم يكن له مال غيرهم، فدعا بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجزأهم أثلاثًا ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين، وأرق أربعة، وقال له قولاً شديدًا، رواه الجماعة إلا البخاري، وفي لفظ: أن رجلاً أعتق عند موته ستة رجلة له، فجاء ورثته من الأعراب فأخبروا النبي - صلى الله عليه وسلم - بما صنع، قال: «أو فعل ذلك، لو علمنا إن شاء الله ما صلينا عليه» فأقرع بينهم، فأعتق منهم اثنين، وأرق أربعة، رواه أحمد، ولأن القصد بالعتق تكميل الأحكام بخلاف غيره. وإن قال المريض مرض الموت المخوف: إن أعتقت سعدًا فسعيد حر ثم أعتق المريض سعدًا، عتق سعيد إن خرج من الثلث لوجود الصفة، وإن لمي خرج من الثلث إلا أحدهما، عتق سعد وحده، ولم يقرع بينهما لسبق عتق سعد، ولو رق بعض سعد لعجز الثلث عن قيمته كله فات أعتاق سعيد لعدم وجود شرطه. وإن بقى من الثلث بعد إعتاق سعد مما يعتق به بعض سعيد، عتق تمام الثلث منه لوجود شرط عتقه، وإن قال المريض: إن أعتقت سعدًا، فسعيد وعمرو حران، ثم أعتق سعدًا، ولم يخرج من الثلث إلا أحدهم، عتق سعد وحده، لما

تقدم وأقرع بين سعيد وعمرو، فيما بقي من الثلث، لا يقع عتقهما معًا من غير تقدم لأحدهما على الآخر. ولو خرج من الثلث اثنان وبعض الثالث، عتق سعد كاملاً بلا قرعة، لما تقدم وأقرع بين سعيد وعمرو، لتكميل الحرية في أحدهما، وحصول التشقيص في الآخر لما تقدم. ولو قصى مريض بعض غرمائه دينه صح القضاء، ولم يكن لبقية الغرماء الاعتراض عليه؛ لأن تصرف من جائز التصرف في محله، وليس بتبرع، ولم يزاحم المقضي الباقون من الغرماء، ولو لم تف تركته لبقية الديون؛ لأنه أدى واجبًا عليه، كأداء ثمن البيع. وما لزم المريض في مرضه، من حق لا يمكن دفعه، ولا إسقاطه كأروش جناياته، وأرش جنايات عبده. وما لزمه من معاوضة بثمن مثل، بيعًا أو شراءً أو إجارةً ونحوها، ولو مع إرث، فمن رأس المال؛ لأنه لا تبرع فيها، ولا تهمة، وما يتغابن الناس بمثله عادة فمن رأس مال؛ لأنه يندرج في ثمن المثل لوقوع التعارف به. ولا يبطل تبرع المريض بإقراره بعد التبرع بدين؛ لأن الحق يثبت بالتبرع في الظاهر، ولو حابى المريض وارثه، بطلت تصرفاته في قدر المحاباة؛ لأنها كالهبة، وهي لا تصح منه لوارث إلا بإجازة باقي الورثة؛ لأن المحاباة كالوصية، وهي لوارث باطلة، وكذلك المحاباة وصححت المعاوضة في غير قدر المحاباة؛ لأن المانع من صحة البيع المحاباة، وهي هنا مفقودة. فعلى هذا لو باع شيئًا بنصف ثمنه، فله نصفه بجميع الثمن؛ لأنه تبرع له بنصف الثمن، فبطل التصرف فيما تبرع به، وللمشتري الفسخ لتبعيض الصفقة في حقه.

ولو باع لوارثه شيئًا لا يملك غيره يساوي ثلاثين بعشرة فلم يجز باقي الورثة، صح بيع ثلثه بالعشرة، والثلثان كعطية، وللمشتري الفسخ لتبعيض الصفقة في حقه، فشرع له ذلك دفعًا للضرر. فإن فسخ وطلب قدر المحاباة أو طلب الإمضاء في الكل، وتكميل حق الورثة من الثمن، لم يكن له ذلك، لا إن كان للوارث المشتري شفيع، وأخذ الشقص الذي وقعت فيه المحاباة من وارث؛ لأن الشفعة تجب بالبيع الصحيح، وقد وجد. وحيث أخذه الشفيع، فلا خيار للمشتري، لزوال الضرر عنه؛ لأنه لو فسخ البيع رجع بالثمن، وقد حصل له من الشفيع، ولو حابى المريض أجنبيًا بأن باعه شقصًا وحاباه في ثمنه، وخرجت المحابات من الثلث، أو جاز الورثة، وشفيع الأجنبي وارث أخذ بالشفعة، إن لم تكن حيلة على محاباة الوارث، فإن كان كذلك لم تصح؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد. وإن آجر المريض نفسه وحاباه المستأجر وارثًا كان أو غيره، صح العقد مجانًا، من غير رد المستأجر لشيء من المدة والعمل؛ لأنه لو لم يؤجر نفسه لم يحصل لهم شيء، بخلاف عبيده وبهائمه. ويعتبر ثلث المعطى في المرض عند موت، لا عند عطية أو محاباة أو وقف أو عتق؛ لأن العطية معتبرة بالوصية، والثلث بالوصية معتبر بالموت؛ لأنه وقت لزومها وقبولها وردها، فكذلك في العطية. فلو أعتق مريض عبدًا لا يملك غيره، ثم ملك مالاً يخرج العبد من ثلثه تبينًا عتقه كله لخروجه من الثلث عند الموت.

س8: تكلم بوضوح عما يلي: هل حكم العطية في مرض الموت حكم الوصية، وما الذي تفارق فيه العطية في المرض، والوصية؟ علل لما تذكر، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر حكم ما إذا أقر في مرضه أنه أعتق ابن عمه أو نحوه في صحته، أو ملك من يعتق عليه بهبة أو وصية، ومثل لذلك، ومن أين يكون الثمن، وتعرض لحكم الإرث، والولاء، وحكم ما إذا عتق على وارثه، أو دبر ابن عمه، أو علق العتق بموت قريبه، وإذا أعتق أمة وتزوجها في مرضه فما الحكم؟ وإذا أعتقها وقيمتها مائة، ثم تزوجها، وأصدقها مائتين، لا مال له غيرهما فما الحكم؟ وإذا تبرع بثلثه في المرض، ثم اشترى أباه ونحوه من الثلثين فما الحكم؟ وضح ذلك واذكر ما حول ذلك من مسائل وأدلة وتعليلات واحترازات وقيود وخلاف وترجيح وتفصيل وتمثيل لما يحتاج إليه.

س8: تكلم بوضوح عما يلي: هل حكم العطية في مرض الموت حكم الوصية، وما الذي تفارق فيه العطية في المرض، والوصية؟ علل لما تذكر، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر حكم ما إذا أقر في مرضه أنه أعتق ابن عمه أو نحوه في صحته، أو ملك من يعتق عليه بهبة أو وصية، ومثل لذلك، ومن أين يكون الثمن، وتعرض لحكم الإرث، والولاء، وحكم ما إذا عتق على وارثه، أو دبر ابن عمه، أو علق العتق بموت قريبه، وإذا أعتق أمة وتزوجها في مرضه فما الحكم؟ وإذا أعتقها وقيمتها مائة، ثم تزوجها، وأصدقها مائتين، لا مال له غيرهما فما الحكم؟ وإذا تبرع بثلثه في المرض، ثم اشترى أباه ونحوه من الثلثين فما الحكم؟ وضح ذلك واذكر ما حول ذلك من مسائل وأدلة وتعليلات واحترازات وقيود وخلاف وترجيح وتفصيل وتمثيل لما يحتاج إليه. ج: حكم العطية في مرض الموت حكم الوصية في أشياء، منها: أنه يقف نفوذها على خروجها من الثلث أو إجازة الورثة، ومنها: أنها لا تصح لوارث إلا بإجازة الورثة. ومنها: أن فضيلتها ناقصة عن فضيلة الصدقة في الصحة. ومنها: أنها تتزاحم في الثلث إذا وقعت دفعة واحدة كتزاحم الوصايا، ومنها: أن خروجها من الثلث يعتبر حال الموت لا قبله ولا بعده. وتفارق العطية في المرض الوصية في أربعة أحكام، أحدها: أنه يبدأ بالأول فالأول في العطية لوقوعها لازمة والوصية يسوى بينها وبين متقدمها ومتأخرها؛ لأنها تبرع بعد الموت، فوجدت دفعة واحدة. من الوصية كل ما علق بموت، كقول المريض إذا مت فأعطوا فلانًا كذا من الدراهم، أو الأقمشة أو نحو ذلك،

أو يقول أعتقوا رقيقي فلانًا، أو أمتي فلانة، أو أوقفوا داري أو أسكنوا فلانًا بها سنة أو نحو ذلك. الثاني: أنه لا يصح رجوع في عطية قبضت؛ لأنها لازمة في حق المعطى، وإن كثرت؛ لأن المنع من الزيادة على الثلث، إنما كان لحق الورثة، لا لحقه، فلا بملك إجازتها ولا ردها. بخلاف الوصية، فإنه يصح الرجوع فيها؛ لأن التبرع بها مشروط بالموت، فقبل الموت لم يوجد، فهي كالهبة قبل القبول، بخلاف العطية في المرض، فإنه قد وجدت العطية منه، والقبول والقبض من الموهوب له فلزمت كالوصية إذا قبلت بعد الموت وقبضت. الثالث: أنه يعتبر قبول عطية عندها؛ لأنها تصرف في الحياة، فيعتبر شروطه وقت وجوده، والوصية بخلافه؛ لأنها تبرع بعد الموت، فاعتبر عند وجوده، إذ لا حكم لقبولها ولا ردها قبله. الرابع: أن الملك يثبت في العطية من حين وجودها بشروطها؛ لأنها إن كانت هبة فمقتضاها تمليك الموهوب في الحال كعطية الصحة، وكذا إن كانت محاباة أو إعتاقًا. ويكون هذا الثبوت مراعي؛ لأنا لا نعلم هل هذا مرض الموت أم لا؟ ولا نعلم هل يستفيد مالاً أو يتلف شيئًا من ماله؟ فتوقفنا لنعلم عاقبة أمرهن لنعمل بها، فإذا مات وخرجت العطية من ثلثه عند موته، تبينًا أن الملك كان ثابتًا من حين الإعطاء؛ لأن المانع من ثبوته كونه زائدًا على الثلث، وقد تبين خلافه. وإذا أقر مريض ملك ابن عمه في صحته أو ابن بن عمه ونحوه، والمرض الذي أقر به مرض الموت المخوف، أنه أعتق

ابن عمه أو نحوه في صحته، عتق من رأس ماله وورثه، أو ملك المريض في مرضه من يعتق عليه كأخيه وأبيه، وكان ملكه لذلك في المرض، وملكه له بطريق هبة، أو وصية، عتق المقر بعتقه في الصحة. والحادث ملكه بالهبة والوصية في المرض من رأس ماله؛ لأنه تبرع فيه، إذ التبرع بالمال إنما هو بالعطية، أو الإتلاف أو التسبب إليه وهذا ليس بواحد منها، والعتق ليس من فعله، ولا يتوقف على اختياره، فهو كالحقوق التي تلزم بالشرع. وقبول الهبة ونحوها ليس بعطية، ولا إتلاف لماله، وإنما هو تحصيل لشيء تلف بتحصيله فأشبه قبول الشيء لا يمكنه حفظه، وفارق الشراء فإنه تضييع لماله في ثمنه وورث؛ لأنه لا مانع به من الموانع التي تمنع من الإرث، أشبه غيره من الأحرار، وليس ذلك وصية، وإلا لا اعتبر في الثلث، فلو اشترى مريض ابنه ونحوه بخمسمائة وهو يساوي ألفًا، فقدر المحاباة الحاصلة للمريض من البائع وهو خمسمائة من رأس ماله، فلا يحتسب بها في التركة ولا عليها، ويحسب الثمن من ثلثه. وكذا ثمن كل من يعتق عليه؛ لأنه عتق في المرض، ولو اشترى مريض قريبه الذي إن مات يعتق على وارثه كمريض ورثه ابن عم له فوجد أخًا ابن عمه يباع فاشتراه صح الشراء، وعتق على وارثه أخيه عند موت المشتري. وإن دبر المريض ابن عمه، أو ابن عم أبيه ونحوه، عتق بموته ولم يرث؛ لأن الإرث شرطه الحرية، ولم تسبقه، فلم يكن أهلاً للإرث. ولو قال: أنت حر آخر حياتي ثم مات السيد عتق وورث

لسبق الحرية الإرث، وليس عتقه وصية له، فلا يتوقف على إجازة الورثة؛ لأنه حال العتق غير وارث، وإنما يكون وارثًا بعد نفوذه. ولو اشترى مريض من يعتق عليه ممن يرث منه، كأبيه وابن عمه، عتق من الثلث وورث لما تقدم. وإن عتق ابن عمه بمباشرة أو تعليق، وكان ذلك في مرضه، عتق إن خرج من الثلث، وورث لعدم المانع، وإن لم يخرج ثمن من يعتق عليه أو قيمة من أعتقه من الثلث، عتق منه بقدر الثلث؛ لأنه تبرع، ويرث بقدر ما فيه من الحرية لما يأتي في إرث المبعض. فلو اشترى أباه بكل ماله ومات، وترك ابنًا، عتق ثلث الأب الميت بمجرد شرائه، وله ولاؤه، وورث الأب بثلثه الحر من نفسه سدس باقيها الموقوف؛ لأن فرضه السدس لو كان تام الحرية، فله بثلثها ثلث السدس. ولا ولاء لأحد على هذا الجزء الذي ورثه من نفسه، وبقية الثلثين، وهي خمسة أسداس الأب، وثلثا سدسه، تعتق على الابن بملكه لها من جده. وله ولاؤها، لعتقها عليه. فالمسألة من سبعة وعشرين، تسعة منها وهي الثلث يعتق على الميت، وله ولاؤها، وسهم منها يعتق على نفسه لا ولاء عليه لأحد، وهو ثلث سدس الثلثين، ويبقى سبعة عشر سهمًا يرثها الابن، تعتق عليه وله ولاؤها. ولو كان الثمن الذي اشترى به المريض أباه ولا يملك غيرها تسعة دنانير، وقيمة الأب ستة تحاص البائع والأب في ثلث التسعة؛ لأن ملك المريض لأبيه، مقارن لملك البائع لثمنه.

وفي كل منهما عطية منجزة، فتحاصا لتقارنهما، فكان ثلث الثلث وهو دينار للبائع محاباة، وثلثاه للأب عتقا، يعتق به ثلث رقبته، ويرد البائع من المحاباة دينارين لبطلانها فيهما، ويكون ثلثا رقبة الأب مع الدينارين اللذين ردهما البائع ميراثًا، يرث منه الأب بثلثه الحر، ثلث سدس ذلك، والباقي للابن، ويعتق عليه باقي جده. وإن عتق من اشتراه المريض من أقاربه على وارثه دونه بأن يكون أخًا لابن عمه الوارث له فاشتراه صح شراؤه وعتق على أخيه لدخوله في ملكه بارئه له من ابن عمه فلا يرث معه. وإن دبر المريض ابن عمه ونحوه كابن عم أبيه عتق بموته ولم يرث منه؛ أن الإرث قارن الحرية ولم يسبقها فلم يكن أهلاً للإرث حينئذ. وإن قال المريض لابن عمه ونحوه أنت حر آخر حياتي، ثم مات المريض عتق ابن عمه ونحوه لوجود شرط عتقه، وورث لسبق الحرية الإرث، بخلاف من علق عتقه بموت قريب، كقن قال له سيده: إن مات أخوك الحر فأنت حر، فإذا مات أخوه عتق ولم يرث؛ لأنه لم يكن حرًا حال الإرث. وليس عتق المقول له أنت حر آخر حياتي وصية له حتى تكون وصية لوارث فتبطل؛ لأن العتق يقع في آخر الحياة، والوصية تبرع بعد الموت، ولو أعتق المريض أمته وتزوجها في مرضه، ثم مات ورثته، حيث خرجت من الثلث لعدم المانع، وتعتق إن خرجت من الثلث، ويصح النكاح لحريتها التامة، وإن لم تخرج من الثلث عتق منها بقدر الثلث كسائر تبرعاته وبطل النكاح، لظهور أنه نكح مبعضة يملك بعضها، والنكاح لا يجامع الملك. ولو أعتقها وقيمتها مائة، ثم تزوجها وأصدقها مائتين لا

مال له سواهما، وهما مهر مثلها ثم مات، صح العتق والنكاح ولم يستحق الصداق، لئلا يفضي إلى بطلان عتقها، ثم يبطل صداقها؛ لأنها إن استحقت الصداق، لم يبق له سوى قيمة الأمة المقدر بقاؤها فلا ينفذ العتق في كلها، وإذا بطل في البعض، بطل النكاح فيبطل الصداق. ويلغز بهذه المسألة فيقال: امرأة تزوجت بصداق مقدر في نكاح صحيح، ودخل بها ولم تستحق الصداق، مع أنه لم يوجد منها ما يسقطه. وإن أعتقها وأصدق المائتين وغيرها، ومات ولم يتجدد له مال صح الإصداق، وبطل العتق في ثلثي الأمة اعتبارًا بحال الموت، وكذا إن تلفت المائتين حال موته. ولو تبرع المريض بثلثه في المرض، ثم اشترى أباه أو أمه أو أخاه من الثلث، صح الشراء؛ لأنه معاوضة، ولا عتق لما اشتراه؛ لأنه اشتراه بما هو مستحق للورثة بتقدير موته. ويلغز بها، فيقال: رجل اشتراه أباه أو ابنه ونحوهما، ولم يعتق عليه واحد منهما وإنما كان ذلك لسبق التبرع بالثلث. فإذا مات المريض، عتق الأب ونحوه على وارث المريض إن كان الأب ونحوه ممن يعتق على وارث المريض، للملك له بالإرث، ولا إرث للعتيق إذا؛ لأنه لم يعتق عليه في حياته، بل بعد موته ومن شرط الإرث حرية الوارث عند الموت ولم يوجد. وإن تبرع مريض بمال أو أعتق ثم أقر بدين لم يبطل تبرعه ولا عتقه، وإن ادعى المتهب أو العتيق صدور ذلك في الصحة، فأنكر الورثة فقولهم، نقله مهنا في «العتق» . ولو قال المتهب: وهبتني زمن كذا صحيحًا فأنكروا صحته في ذلك الزمن، قبل قول المتهب.

كتاب الوصايا

وما لزم المريض في مرضه من حق لا يمكنه دفعه ولا إسقاطه كأرش جنايته، أو جناية رقيقه، وما عاوض عليه بثمن المثل، وما يتغابن بمثله، فمن رأس ماله، وكذا النكاح بمهر المثل وشراء جارية يستمتع بها ولو كثيرة الثمن بثمن مثلها والأطعمة التي يأكله مثله فيجوز ويصح، والله أعلم. فصل في الوصايا س9: تكلم بوضوح عن الوصية، ولما سميت بذلك؟ وما حكمها؟ وما هي أركانها؟ وما الأصل فيها؟ وما الذي يجري عليها من الأحكام الخمسة، وما هي شروط الوصية؟ ومتى تنفذ؟ ومن الذي تصح منه والذي لا تصح منه؟ وما هي أقسامها؟ ولماذا قدمها بعضهم على الفرائض وبعضهم أخرها؟ وما هو الأصل فيها؟ وما حكمها مطلقة ومقيدة؟ وما معنى ذلك؟ وهل يعتبر في الوصية القربة؟ وهل تصح بالخط؟ وهل يؤثر فيها طول الزمن أو تغير حال الموصي؟ وما الذي يستحب كتبه في مقدمة الوصية؟ واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: الوصايا جمع وصية، وهو مأخوذ من وصيت الشيء أصيه إذا وصلته، فإن الميت وصل ما كان فيه من أمر حياته بما بعده من أمر مماته، والوصية: لغة الأمر، قال الله - سبحانه وتعالى -: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} ، وقال - سبحانه وتعالى -: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ} ، وقال: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} وفي حديث خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فأوصى بتقوى الله» أي أمر، واصطلاحًا: الأمر بالتصرف بعد الموت، أو التبرع بالمال بعده. وقال بعضهم: الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع سواء كان ذلك في الأعيان أو في المنافع، ومثال

الأمر بالتصرف كأن يوصي إلى إنسان بتزويج بناته أو يوصي إلى إنسان أن يغسله أو يصلي عليه أو ما كان أو يوصيه بالكلام على صغار أولاده أو على تفرقه ثلثه ونحو ذلك. والوصية في الخلافة أن يعهد لمن يصلح لها من بعده بتوليها، وأوصى أبو بكر - رضي الله عنه - بالخلافة لعمر - رضي الله عنه -، ووصى بها عمر لأهل الشورى. وعن سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة، قال: أوصى إلى الزبير سبعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يحفظ عليهم أموالهم، وينفق على أيتامهم من ماله، والزبير ابن عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحواري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة الذين مات عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض. وكان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - على حراء فتحول حراء، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «اسكن حراء، فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد» ، وكان عليه أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير، ومناقب الزبير أكثر من أن تحصر، ساقها الذهبي في «سير أعلام النبلاء» . والأصل فيها الكتاب والسُّنة والإجماع: أما الكتاب: فقوله - سبحانه وتعالى -: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} على من مات وله مال، وهذا في أول الإسلام كان واجبًا، ثم نسخت الآية بآية المورايث. وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث» فرفع حكم أهل الفروض والعصبات بالكلية، وبقي الأقارب الذين لا ميراث لهم، ومن أدلة الكتاب قوله - سبحانه وتعالى -: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} .

وقدمت الوصية على الدين للاهتمام بشأنها، ولأن النفس قد لا تسمح بها لكونها تبرعًا، أو لأنها كانت على وجه البر والصلة، والدين يقع بعد الميت بنوع تفريط، بدأ بالوصية لكونها أفضل أو لأنها حظ الفقير غالبًا والدين حظ الغريم، ويطلبه بقوة أو لأجل ذلك كله، وإلا فهو مقدم عليها شرعًا بعد مؤن التجهيز بلا نزاع. لما ورد عن علي - رضي الله عنه - قال: «إنكم تقرؤن هذه الآية {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} ، وأن النبي قضى بالدين قبل الوصية» يشير إلى أن الترتيب في الذكر لا يوجب الترتيب في الحكم، وروي أنه قيل لابن عباس - رضي الله عنهما -: أنك تأمر بالعمرة قبل الحج وقد بدأ الله تبارك و - سبحانه وتعالى - بالحج، فقال: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فقال - رضي الله عنه -: كيف تقرؤون آية الدين؟ فقالوا: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} ، فقال: وبماذا تبدؤن؟ قالوا: بالدين، قال - رضي الله عنه -: هو ذاك. وأما الأدلة من السُّنة فمنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده» متفق عليه. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الرجل ليعمل أو المرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت، فيضاران في الوصية فتجب لهما النار» ثم قرأ أبو هريرة: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ} إلى قوله: {وَذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ} . وينبغي لمن رأى المريض أو غيره يجنف في الوصية أن ينصحه وينهاه؛ لقوله - سبحانه وتعالى -: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا}

قال أهل التفسير: إذا رأى المريض يجنف على ولده أن يقول: اتق الله ولا توص بما لك كله. اهـ. قلت: ومثله لو رأى من يحرم أولاد البنات؛ لأنه جور في الوصية، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الجور. ومن السُّنة ما روى سعد بن أبي الوقاص، قال: جاءني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله، قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي، قال: «لا» ، قلت: فالثلث، قال: «الثلث، والثلث كثير –أو كبير- إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس» رواه الجماعة. وفي رواية أكثرهم جاءني يعودني في حجة الوداع، وفي لفظ: عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضي، فقال: «أوصيت؟» ، قلت: نعم، قال: «بكم» ، قلت: بمالي كله في سبيل الله، قال: «فما تركت لولدك؟» قلت: هم أغنياء، قال: «أوص بالعشر» . فما زال يقول وأقول، حتى قال: «أوص بالثلث، والثلث كثير أو كبير» رواه النسائي وأحمد بمعناه، إلا أنه قال: قلت: نعم، جعلت مالي كله في الفقراء والمساكين وابن السبيل، وهو دليل على نسخ وجوب الوصية للأقربين. والوصية على عدة أقسام: قسم تجب، وذلك لمن عليه دين أو عنده وديعة، أو عليه واجب يوصي بالخروج منه، فإن الله - سبحانه وتعالى - فرض أداء الأمانات، وطريقه في هذا الباب الوصية فتكون مفروضة عليه وتقدم قريبًا في حديث ابن عمر. وقسم مختلف فيه: وهو الوصية للوارث إذا أجازها الورثة، فقيل: باطلة وإن أجازها الورثة، إلا أن يعطوه عطية مبتدأة؛ لحديث شرحبيل بن مسلم، عن أبي أمامة قال: سمعت

النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث» ، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع من عطية بعض ولده، وتفضيل بعضهم على بعض في حال الصحة، وقوة الملك، وإمكان تلافي العدل بينهم بإعطاء الذي لم يعطه فيما بعد ذلك، لما فيه من إيقاع العداوة والحسد بينهم، فهنا أولى وأحرى. وقيل: إن أجازها جازت في قول الجمهور من العلماء، والقول الأول هو الذي اختاره لما تقدم، ولأنهم ربما وافقوا وأجازوها حياء، وربما تندموا فيما بعد، وحقدوا على الموصي، والموصى له ونشأ عنها عداوات، والله أعلم. وقسم يجوز ولا يجب وهي الوصية للأجنبي بالثلث فأقل، وقد أوصى البراء بن معرور للنبي - صلى الله عليه وسلم - بثلث ماله فقبله، ثم رده على ورثته. وقسم يستحب أن يوصى لهم من الثلث فما دونه، وهم الأقارب الذين لا ميراث لهم؛ لقوله - سبحانه وتعالى -: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} ثم نسخت الآية بآية المواريث ورفع حكم أهل الفروض والعصبات، بحديث: «إن الله أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث، وبقي الأقارب الذين لا ميراث لهم» . ومن الأدلة على استحبابها لمن له مال الحديث القدسي: «ابن آدم جعلت لك نصيبًا في مالك حين أخذت بكظمك لأظهرك به وأزكيك» قال الوزير: أجمعوا على أن الوصية مستحبة مندوب إليها، لمن لا يرث الموصي من أقاربه وذوي أرحامه. وقال ابن عبد البر: لا خلاف بين العلماء إذا كانوا ذوي حاجة، فإن وصى لغيرهم وتركهم صحت في قول أكثر أهل العلم. والدليل على أنها غير واجبة في غير ما تقدم:

أولاً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يوص، وذلك مروي عن ابن عباس وعائشة وابن أبي أوفى - رضي الله عنهم -، وحديث سعد بن أبي وقاص المتقدم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس» . فاقتصر - صلى الله عليه وسلم - في الوصية على ما جعله خارجًا مخرج الجواز لا مخرج الإيجاب، ثم بين أن غنى الورثة بعده أولى من فقرهم إلى الصدقة. ولأن الوصية لو وجبت لأجبر عليها، ولأخذت من ماله عند موته إن امتنع منها كالديون والزكوات، ولأن الوصايا عطايا، فأشبهت الهبات، ومما يدل على ذلك أيضًا حديث ابن عمر - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه» . فتفويض الأمر إلى إرادة الموصي يدل على عدم الوجوب بخلاف من عليه حق شرعي يخشى أن يضيع على صاحبه إن لم يوصي به، كالدين والوديعة والعارية والزكاة ونحو ذلك، فترجح قول الجمهور: أن الوصية غير واجبة بعينها، وإنما الواجب بعينه الخروج من الحقوق الواجبة للغير سواء كانت بتنجيز أو وصية. ومحل وجوب الوصية إذا كان عاجزًا عن تنجيزها، ولم يعلل بذلك غيره ممن يثبت الحق بشهادته، وقالوا: لا يستحب أن يكتب جميع الأشياء المحقرة، ولا ما جرت العادة بالخروج منه، والوفاء به من قرب والذي تطمئن إليه النفس أنه لا يترك شيئًا وإن كان محقرًا؛ لأن الإنسان سيحاسب على الدقيق والجليل، قال الله - سبحانه وتعالى -: {وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} ، وقال: {وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًا يَرَهُ} والله - سبحانه وتعالى - أعلم.

من النظم: وما هذه الأيام إلا مراحل تقرب من دار اللقا كل مبعد ومن سار نحو الدار ستين حجة فقد حان منه الملتقى وكأن قد ومن كان عزرائيل كافل روحه فإن فاته في اليوم لم ينج في غد ومن روحه في الجسم منه وديعة فهيهات أمن يرتجى من مردد فما حق ذي لب يبيت بليلة بلا كتب إيصاء وإشهاد شهد فبادر هجوم الموت في كسب ما به تفوز غدًا يوم القيامة واجهد فما غبن مغبون بنعمة صحة ونعمة إمكان اكتساب التعبد فنفسك فاجعلها وصيك مكثرًا لسفره يوم الحشر طيب التزود ومثل ورود القبر مهما رأيته لنفسك نفاعًا فقدمه تسعد فما نفع الإنسان مثل اكتسابه بيوم يفر المرء من كل محتد وتعليق تفويض التصرف في العطا بموت هو الإيصاء فافهم وأرشد ولا يجب الإيصاء إلا بواجب ومال أمانات لدى غير شهد

وصحح تصب إيصاء كل مكلف وصححه أيضا من سفيه بأجود وصححه أيضًا من صبي بأوطد إذا ما وعاه بعد عشر محدد وعن أحمد من بعد سبع والغبن وصية مختل وطفل مهدهد ومن لم يجوز بيع غير له فلا يجوز بها الإيصالة لا تقيد ومن أخرس مفهوم قصد إشارة ومن كافر صحح ولا تتردد وأمضى في الأولى مشهدًا بعد ختمه عليه وموجودًا بخط الملحد وإن يثبت الإيصاء ببينة أو اعتراف فما لم يعلم العود أطد وتصح الوصية لكل من يصح تمليكه من مسلم وذمي؛ لقوله - سبحانه وتعالى -: {إِلاَّ أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا} قال محمد بن الحنفية: هو وصية المسلم لليهودي والنصراني، ولأن الصدقة على الذمي جائزة، فجازت الوصية، وأما الحربي فقيل: أنها تصح له في دار الحرب؛ لأنها لما صحت هبته فقد صحت الوصية له كالذمي، وقد روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى عمر حلة من حرير، فقال: يا رسول الله، كسوتنيها وقد قلت في حلة عطا رد ما قلت، فقال: «إني لم أعطكها لتلبسها» فكساها عمر أخًا له مشركًا كان بمكة. وقيل: لا تصح؛ لقول الله - سبحانه وتعالى -: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ} الآية، فيدل ذلك على أن من قاتلنا لا يجوز بره؛ لأن القصد من الوصية القربة إلى الله بنفع يعود

إلى الموصى له، وقد أمرنا بقتل الحربي وأخذ سلبه، فلا معنى للوصية له مع قيام هذا كله، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه نفسي، والله سبحانه أعلم. وأما المرتد، فقيل: تصح له الوصية، اختار هذا القول أبو الخطاب، والقول الثاني اختاره ابن أبي موسى، أنها لا تصح له؛ لأن ملكه غير مستقر، ولا يرث ولا يورث، فهو كالميت، ولأن ملكه يزول عن ماله، بردته في قول جماعة، فلا يثبت له الملك بالوصية، وهذا القول هو الذي تميل إليه نفسي، والله أعلم. وتصح الوصية مطلقة، كأوصيت لفلان كذا، وتصح مقيدة كأن مت في مرضي هذا أو بلدي هذا أو عامي هذا، فلبكر كذا أو فلزيد كذا؛ لأنه تبرع يملك تنجيزه، فملك تعليقه كالعتق. وأركان الوصية أربعة: موص، ووصية، وموصًا به، وموصًا له، فالأول أن تكون من مكلف لم يعاين الموت، فإن عاينه لم تصح؛ لأنه لا قول له، والوصية قول. والقول هو الذي تطمئن إليه النفس أنها تصح ما دام العقل ثابتًا، والله أعلم. وتصح من أخرس بإشاراته، وكذا معتقلاً لسانه على ما تميل إليه النفس يؤيده ما ورد عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن جارية وجد رأسها قدرض بين حجرين، فسألوها: من صنع بك هذا؟ فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي فأقر، وحديث الجارية حين قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أين الله؟» فأشارت بأصبعها في السماء، والله - سبحانه وتعالى - أعلم. وكذا سفيه، وضعيف عقل، فتصح لتمحضها نفعًا له بلا ضرر كعبادته، ولأن الحجر على السفيه لحفظ ماله ولا إضاعة في الوصية؛ لأنه إن عاش فماله له.

وإن مات فله ثوابه، وهو أحوج إليه من غيره، ولا تصح الوصية من سفيه على ولده؛ لأنه لا يملك التصرف عليه بنفسه فوصيته أولى، ولا تصح الوصية من موص إن كان سكرانًا؛ لأنه حينئذ غير عاقل، أشبه المجنون، وطلاقه إنما وقع تغليظًا عليه. ولا تصح الوصية من موص إن كان مبرسمًا؛ لأنه لا حكم لكلامه أشبه المجنون، وكذا المغمي عليه فإن كان يفيق أحيانًا وأوصى في حال إفاقته صحت، ولا تصح الوصية من طفل؛ لأنه لا يعقل الوصية ولا حكم لكلامه. وتصح الوصية من المميز لما روى مالك في «الموطأ» عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه أن عمرو بن سليم أخبره أنه قيل لعمر بن الخطاب: إن ها هنا غلامًا يفاعًا لم يحتلم وورثته بالشام وهو ذو مال، وليس له ها هنا إلا ابنة عم، فقال عمر: فليوص لها، فأوصى لها بمال، يقال: بئر جشم. قال ابن عمرو بن سليم: فبعت ذلك المال بثلاثين ألفًا، ابنة عمه التي أوصى لها هي أم عمرو بن سليم، وهذه قضية انتشرت فلم تنكر، ولأنه تصرف تمحض نفعًا للصبي، فصح منه كالإسلام والصلاة؛ وذلك لأن الوصية صدقة يحصل ثوابها له بعد غناه عن ملكه وماله، فلا يلحقه ضرر في عاجل دنياه ولا أخراه. بخلاف الهبة، والعتق المنجز، فإنه يفوت من مال يحتاج إليه، وإذا ردت رجعت إليه وها هنا لا يرجع إليه بالرد فإذا أوصى بوصية يصح مثلها من البالغ صحت منه، وما لا فلا، قال شريح وعبد الله بن عتبة وهما قاضيان من أصاب الحق أجزنا وصيته.

وتصح وصية كافر وفاسق رجلاً كان أو امرأة؛ لأن من كان كذلك هبته صحيحة، ولا تصح الوصية من طفل دون التمييز؛ لأنه لا يعقل الوصية ولا حكم لكلامه وإشارته ولا يجوز الوصية لعمارة القبور؛ لأن ذلك من مناهج الشرك ولا يجوز تنفيذها؛ لأن تنفيذها من أعظم التعاون على الإثم والعدوان. ولا تصح الوصية لعمارة محل للتصوير ذوات الأرواح ولا لمحلات السينما والتلفزيون والمذياع؛ لأنها من البدع المحرمات المنكرات، وكذلك الفيديوهات؛ لأنها تنشر الفساد في الأرض والعياذ بالله، وكذلك محلات للفنانين المطربين والمطربات أبعدهم الله عن المسلمين، وكذلك للعابي الكرة، ونحو هذه المنكرات، ولا يجوز كتبها ولو أقدم الموصى على هذا المحرم، نسأل الله العافية وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، الله صل على محمد وآله وسلم. والركن الثاني من أركان الوصية أن تكون صادرة بلفظ مسموع من الموصي بلا خلاف غير ما استثنى. وتصح الوصية بخط إن ثبت أنه خط موص بإقرار وارث أنه خطه، أو بينة تشهد أنه خطه، ويعمل بها. قال ابن القيم - رحمه الله -: وقد صرح أصحاب أحمد والشافعي بأن الوارث إذا وجد في دفتر مورثه إن لي عند فلان كذا، جاز أن يحلف على استحقاقه، وكذا لو وجد في دفترته إني أديت إلى فلان ما علي، جاز أن يحلف على ذلك، إن وثق بخط مورثه، وأمانته. وقال في «الاختيارات» : وتنفيذ الوصية بالخط المعروف،

وكذا الإقرار إذا وجد في دفتره، وهو مذهب الإمام أحمد. اهـ. والدليل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده» ، ولم يذكر أمرًا زائدًا على الكتابة، فدل على الاكتفاء بها. واستدل أيضًا بأنه - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى عماله وغيرهم ملزمًا لهم بالعمل بتلك الكتابة، وكذا الخلفاء الراشدون من بعده، ولأن الكتابة تنبئ عن المقصود، فهي كاللفظ المسموع. قال الحارثي: وقول أحمد إن كان عرف خطه، وكان مشهور الخط ينفذ ما فيها، فإنه ناط الحكم بالمعرفة، والشهرة من غير اعتبار لمعاينة الفعل، وقال الحارثي أيضًا: ولا شك أن المقصود حصول العلم بنسبة الخط إليه وذلك موجود بحيث يستقر في النفس استقرارًا لا تردد معه فوجب الاكتفاء به. اهـ. ومثل خط الموصى خط الحاكم وعليه عمل الناس قديمًا وحديثًا وما جرت به عادة الناس من كتب الشاهدين ونحو ذلك ليس فيه نص شرعي واستحبه بعضهم قطعًا للنزاع واحتياطًا لما فيها. ومحل ذلك ما لم يعلم رجوعه عن الوصية فتبطل؛ لأنها جائزة كما يأتي فله الرجوع عنها، وإذا لم يعلم رجوعه عنها عمل بها، وإن طال الزمن أو تغير حال موص، مثل أن يوصي في مرضه فيبرأ منه، ثم يموت بعد ذلك أو يقتل؛ لأن الأصل بقاء الموصي على وصيته. ولا تصح أن ختمها موص وأشهد عليها مختومة، ولم يعلم الشاهد ما فيها، ولم يتحقق أن الوصية بخط الموصي، فلا يعمل بها؛ لأن الشاهد لا تجوز له الشهادة، بما فيها بمجرد هذا القول، لعدم علمه بما فيها، ككتاب القاضي إلى القاضي، فإن ثبت أنه خطه عمل بها لما تقدم.

ويستحب أن يكتب في صدر وصيته: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصي به فلان بن فلان، أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم، ويطيعوا الله ورسوله، إن كانوا مؤمنين. وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} رواه سعيد. ومما ينسب لأبي حنيفة، وأنه أملاها على البديهة ما يلي: صورتها بعد البسملة الشريفة. وقد حذفنا من آخرها ما نراه غير مناسب هذا ما أوصى به فلان بن فلان الفلاني، وشهوده به عارفون، في صحة من عقله، وثبوت فهمه، ومرض جسمه. وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الملك ولم يكن له ولي من الذل، وهو الكبير المتعالي. وأن محمد عبده ورسوله، وأمينه على وحيه - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور. مبتهلاً إلى الله - سبحانه وتعالى - أن يتم عليه ذلك، ولا يسلبه ما وهب له فيه، وما امتن به عليه، حتى يتوفاه إليه، فإن له الملك وبيده الخير وهو على كل شيء قدير. وأوصى هذا الموصي فلان ولده وأهله وقرابته وأخوته ومن أطاع أمره بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} .

وأوصاهم جميعًا أن يتقوا الله حق تقاته، وأن يطيعوا الله في سرهم، وعلانيتهم في قولهم وفعلهم، وأن يلتزموا طاعته، وأن ينتهوا عن معصيته، وأن يقيموا الدين ولا يتفرقوا فيه، وجميع ما أوصاهم به فلا غنى لهم عنه، ولا غنى لأحد عن طاعة الله، وعن التمسك بأمره. أوصى هذا المسمى عافاه الله - سبحانه وتعالى - ولطف به إلى فلان ابن أبي فلان الفلاني: أنه إذا نزل به حادث الموت، الذي كتبه الله على خلقه، وساوى فيه بين بريته، وصار إلى ربه الكريم، وهو يسأله خير ذلك المصير. أن يحتاط على تركته المخلفة عنه، فيبدأ منها بمؤنة تجهيزه، وتكفينه ومواراته في حفرته، أسوة أمثاله، ثم يوفي ما عليه من الديون الشرعية المستقرة في ذمته، وهي التي أقر بها هذا الموصي المسمى بحضرة شهوده، وأشهدهم عليها بها، فمنها ما أقر به أن عليه وفي ذمته بحق شرعي لفلان بن فلان الفلاني كذا. ومن ادعى غير من ذكرهم وسماهم عليه دينًا، وأثبته، فيدفعه إليه، وأن يخرج عنه من ثلث ماله المخلف لفلان كذا ولفلان كذا. وإن كان يوصي بأشياء تجوز شرعًا ذكرها، ثم ما بقي بعد وفاء دينه وتنفيذ وصاياه يقسم بين ورثته وهم فلان وفلان على الفريضة الشرعية، وأن ينظر في أمر ولده الصغير فلان ويحفظ له ما يخصه من تركته إلى بلوغه وإيناس رشده أوصي بذلك جميعه إليه وعول فيما ذكر عليه لعلمه بديانته وأمانته وعدالته ونهضته وكفايته. وجعل له أن يسند إلى من شاء، ويوصي به إلى من أحب، وللمسند إليه من جهته مثل ذلك، وللموصى إليه من جهته مثل ما إليه، وصيًا بعد وصي، ومسندًا بعد مسند، وقيل:

الوصي منه ذلك في مجلس الإيصاء، في وجه الموصي، قبولاً شرعيًا، وأشهد عليها بذلك، ويؤرخ. صورة وصية إلى رجل وناظر عنه: هذا ما أوصي فلان إلى فلان –أو أسند فلان وصيته الشرعية- حذرًا من هجوم المنية، واتباعًا للسنة النبوية، حيث ندب إلى الوصية إلى فلان حال توعك جسده، وصحة عقله، حضور حسه وفهمه، وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن الموت حق، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن الساعة آية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور. أنه إذا نزل به حادث الموت الذي كتبه الله على العبيد، وساوى فيه بين الصغير والكبير والغني والفقير، والشريف والحقير، والشقي والسعيد، أن يحتاط على تركته المخلفة بعده، أو المخلفة عنه. ويبدأ أولاً منها بؤن التجهيز وتكفينه، ومواراته في حفرته، كأحسن ما يفعل بأمثاله، على وفق النصوص الشرعية من الكتاب والسُّنة الشريفة النبوية، ثم يقضي ديونه الشرعية، لتبرد عليه جلدته؛ لأن نفس المؤمن معلقة بدينه، وتنفيذ وصاياه من ثلث ماله راجيًا من الله العلي القدير أن تكون مقبولة عند الله مع صالح أعماله. ثم يقسم تركته على مستحقي إرثه قسمًا شرعيًا ويراعى ما يعتبر فيه طريق الشرع، ويرعى ويحفظ ما يختص بأولاده الصغار لديه، وهم فلان وفلان، ويجتهد في حفظه والاحتراز عليه، ويتصرف لهم بما فيه الحظ والمصلحة والغبطة والنمو والزيادة عاملاً في ذلك بتقوى الله الذي الحكم له والإرادة. ويعامل لهم فيه بسائر المعاملات الجائزة شرعًا، وينفق

عليهم من مالهم، ويكسوهم منه من غير إسراف ولا تقتير، مراقبًا في ذلك كله السمع البصير. فإذا بلغ كل منهم رشده، مصلحًا لماله، وصالحًا في دينه، سلم إليه ما فضل من ماله. وأوصاه بحسن التصرف، في ابتداء أمره ومآله، وأشهد عليه بقبضه، وصية صحيحة شرعية أسندها إليه، وعول فيها عليه، لعلمه بديانته وأمانته ونهضته وكفايته، وأذن له أن يسند وصيته هذه إلى من شاء من أهل الخير والديانة والصدق والعفاف والأمانة إذنًا شرعيًا، وقبل الموصى إليه ذلك منه قبولاً شرعيًا. وجعل الموصى النظر في هذه الوصية لفلان، بحيث لا يتصرف الموصى المذكور في ذلك، ولا في شيء منه إلا بإذن الناظر المشار إليه، ومراجعته فيه ومشاورته ومشاركته وإطلاعه، إلا أن يسافر الناظر إلى فوق مسافة القصر. فإن سافر أو مرض واشتغل بمرضه، كان للوصي التصرف من غير مشاركة إلى أن يعود من سفره قبل الوصي والناظر منه ذلك قبولاً شرعيًا، ورجع الموصى المذكور عن كل وصية كان أوصى بها قبل هذه الوصية، وأخرج من كان أوصى إليه وعزله عما كان أوصى به إليه، فلا وصية لأحد سوى هذا الموصي المسمى أعلاه، بنظر الناظر المشار إليه، أعلاه، ويكمل. صورة وصية: الحمد لله الذي تقرر بالبقاء، وحكم على عباده بالفناء، والصلاة والسلا على سيدنا محمد المنزل عليه في الكتاب المبين {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} وعلى آله وأصحابه الذين كانوا إلى الخيرات يسارعون. وبعد، فلما كانت الدنيا دار ممر ولا دار مقر، وكل من عليها

فان، وصائر إلى الزوال، ولا ينفع المرء إلا ما قدمه من صالح الأعمال في يوم لا بيع فيه ولا خلال. وكان من أعظم القربات: فعل الخيرات، وعمل المبرات، وقد جاءت بالوصية السُّنة السنية، أوصي فلان، وهو يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأوصي من ترك من أهله أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين. وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} . وأوصي بأنه إذا جاءه الأمر المحتوم، ونفذ به القضاء المعلوم، أن يبدأ في تجهيزه من تركته من غير تبذير، ولا تقتير، ثم يقضي ما عليه من ديون من دون تأخير، حقوق الله وحقوق الآدميين، لتبرد عليه جلدته؛ لأن نفس المؤمن معلقة بدينه. ويشتري بثلث ماله عقارًا مما يكون أبقى أصلاً، وأكثر مغلاً ويشتري من ريعه ثلاث أضاحي واحدة ينوي ثوابها له، والثانية لوالدته ينوي ثوابها، والثالثة لوالده ينوي ثوابها، والباقي من الريع يعمر فيه مساجد، أو يصلح ما خرب فيها منه، أو يشارك في عمارتها. أو يشتري فيه مصاحف جيدة الورق والتجليد، توزع على التالين لكتاب الله في كثير من الأوقات، أو يطبع منه كتب دينية مقوية للشريعة، مثل كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، ومثل البخاري ومسلم. أو يوزع على فقراء لا موارد لهم بتاتًا أو لهم شيء قليل لا يمونهم إلا بعض الحول، والوكيل على ذلك الصالح من الذرية، مهما تعاقبوا وتناسلوا ... إلخ.

فصل ويسن لمن ترك خيرًا، وهو المال الكثير أن يوصي بالخمس، روي عن أبي بكر وعلي -رضي الله عنهما-، قال أبو بكر: رضيت بما رضي الله به - سبحانه وتعالى - لنفسه، يعني في قوله - سبحانه وتعالى -: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} وعمر بالربع، قال قتادة: والخمس أحب إلي، وقال الموفق وغيره: هو أفضل للغني، وقال الوزير: أجمعوا على أنه إنما يستحب للموصي أن يوصي بدون الثلث مع إجازتهم له عملاً بإطلاق النصوص. وقال بعضهم: إن كان له مال كثير، فإن كانت ورثته فقراء فالأفضل أن يوصي بما دون الثلث ويترك المال لورثته؛ لأن غنية الورثة تحصل بما زاد على الثلث إذا كان المال كثيرًا ولا تحصل عند قلته والوصية بالخمس أفضل من الوصية بالربع والوصية بالربع أفضل من الوصية بالثلث. لما روي عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أن أوصي بالربع، ولأن أوصي بالربع أحب إلي من أوصي بالثلث، ومن أوصى بالثلث لم يترك شيئًا من حقه لورثته؛ لأن الثلث حقه. وروي عن أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - أنهم قالوا: الخمس اقتصاد والربع جهد مقدمًا أولاً القريب الفقير الذي لا يرث؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - كتب الوصية للوالدين والأقربين فخرج منهم الوارثون، بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا وصية لوارث» ، وبقي سائر الأقارب على الوصية لهم، وأقل ذلك الاستحباب. لأن الصدقة عليهم في الحياة أفضل، فكذا بعد الموت، وإن لم يكن له قريب فقير وترك خيرًا، فالمستحب أن يوصي لمسكين وعاجز فقير، وصاحب دين فقير، وابن سبيل وغاز. وتكره وصية لفقير إن كان له ورثة محاويج؛ لقوله –عليه الصلاة والسلام-: «إنك إن تترك ورثتك أغنياء، خير من أن تدعهم

عالة» ولأن إعطاء القريب المحتاج خير من إعطاء الغني، فمتى يبلغ الميراث غناهم كان تركه لهم كعطيتهم إياه فيكون ذلك أفضل من الوصية لغيرهم. فعلى هذا يختلف الحال باختلاف الورثة في كثرتهم وقلتهم وغناهم وفقرهم، وإن كان ورثة الفقير أغنياء أبيحت له الوصية. وتباح الوصية ممن لا وارث له، لا بفرض ولا تعصيب ولا رحم بجميع ماله، روي عن ابن مسعود لأن المنع من الزيادة على الثلث لحق الورثة، فحيث لا وارث له ينتفي المنع لانتفاء علته. فلو مات وورثه زوج أو زوجة، وكان قد وصى بجميع ماله، ورد الوصية الزوج أو الزوجة بكل المال، بطلت الوصية في قدر فرض الرد من ثلثي المال. فإن كان الراد زوجًا بطلت في الثلث؛ لأنه له نصف الثلثين، وإن كان زوجة، بطلت في السدس؛ لأن لها ربع الثلثين، وذلك أن الزوج والزوجة لا يرد عليهما والثلث لا يتوقف على إجازة الورثة فلا يأخذان من الثلثين أكثر من فرضيهما. فيأخذ موص له الثلث؛ لأنه لا يتوقف على إجازة، ثم يأخذ ذو الفرض، وهو أحد الزوجين، فرضه من ثلثي المال، ثم تتمم الوصية من الباقي من الثلثين؛ لأن الزائد على فرض أحد الزوجين، لا أولى به من الموصى له، أشبه ما لو لم يكن لموص وارث مطلقًا. ولو وصى أحد الزوجين للآخر بكل ماله ولا وارث له غيره، فللموصى له كل المال، فيأخذه جميعه إرثًا ووصية. وقيل: لا يصح وله على الرواية الثانية الثلث بالوصية ثم فرضه من الباقي والبقية لبيت المال. قال الناظم:

وإيصاء ذي مال كثير ووارث غني بخمس المال ندب فأكد وقال أبو بكر إذا بالوجوب للقريب الفقير إن عن تراث يصدد وإن كان ذا مال قليل ووارث فقير فأيصا الفتى أكرهه واصدد ومن لم يكن ذا وارث فهو جائز بكل الذي يحويه في المتأكد ومن زاد عن ثلثيه عن فرض زوجة وزوج ولا تعصيب للزوج فاردد ويكره لذي الوارث الإيصاء لبعضهم وما زاد عن ثلث لشخص مبعد وقف كل ممنوع على إمضاء وارث ولو خص كلا قدر إرث بمبعد ولا يمنع الإيصاء ذو رحم له على أشهر الوجهين في الشرح فاقصد وإن ضاق عن كل الوصايا لثلثه فوزع على قدر الوصايا تسدد وعن أحمد بطلان الإيصا لوارث وقيل وفوق الثلث للمتبعد ومن جائز التصريف في ماله من الإجازة صحح لا سفيه وفوهد وذو الإرث إن وصى له ثم لم يمت إلى أن غدًا بالحجب عنه كأبعد فصحح له الإيصاء وعكس بعكسه لأن اعتبار الحال بالموت فارصد وموص لسعدي ثم أوصت له متى تزوجها إن رد الإيصاء تفسد وما رد وارث الفتى قبل موته وتنفيذهم مجد بلى بعده قد كذا رد م أوصى له والقبول بالتـ راخي وفي التنفيذ ذا لم أبعد ويجب على من عليه حق بلا بينة ذكر الحق، سواء كان لله - سبحانه وتعالى -،

أو لآدمي لئلا يضيع. وتحرم الوصية ممن يرثه غير زوج أو زوجة بزائد على الثلث لأجنبي ولوارث بشيء سواء كانت في صحته أو مرضه أما تحريم الوصية لغير وارث بزائد على الثلث، فلقوله - صلى الله عليه وسلم - لسعد حين قال: أوصي بمالي كله، قال: «لا» ، قال: فالشطر، قال: «لا» ، قال: فالثلث، قال: «الثلث، والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس» متفق عليه، وأما تحريمها للوارث بشيء، فللحديث: «أن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث» رواه الخمسة إلا النسائي. وقد ألغز بعضهم حول قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فلا وصية لوارث» ، فقال: ألا فاسألوا من كان في العلم بارعًا ... وفي الفقه أفتى عمره بابتذاله عن المرء يوصي قاصدًا وجه ربه ... لزيد كما سماه من ثلث ماله فإن يكن الموصى له متمولاً ... دفعنا له الموصى له بكماله وإن كان ذا فقر وقل وفاقة ... حرمناه ذاك المال فإرث لحاله أيحرم ذو فقر ويعطاه ذو الغنى ... لعمرك ما رزق الفتى باحتياله فلا تعتمد إلا على الله وحده ... ولا تستند إلا لعز جلاله الجواب: أن يقال الموصى له المتمول أجنبي من الموصي غير وارث، وأما الفقير المحرم منها فهو الوارث؛ لحديث: «فلا وصية لوارث» . وتصح هذه الوصية المحرمة، وتقف على إجازة الورثة؛ لحديث ابن عباس مرفوعًا: «لا تجوز وصية لوارث، إلا أن يشاء الورثة» ، وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعًا: «لا وصية لوارث، إلا أن تجيز الورثة» رواهما الدارقطني. ولأن المنع لحق الورثة فإذا رضوا بإسقاطه نفذ. وتصح لولد وارثه، فإن قصد نفع الوارث لم تجز فيما بينه وبين الله - سبحانه وتعالى -؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد وتنفذ حكمًا؛ لأنها لأجنبي ولو وصى إنسان له ورثة، بكل وارث منهم بمعين من ماله بقدر إرث الموصى له من الموصي صح، أجاز ذلك الورثة أو لا، سواء كان ذلك في الصحة أو المرض. فلو ورثه ابنه وبنته فقط، وله عبد قيمته مائة، وأمة قيمتها

خمسون، فوصى لابنه بالعبد ونته بالأمة، صح؛ لأن حق الوارث في القدر لا في العين، لصحة معاوضة المريض بعض ورثته، أو أجنبيًا جميع ماله بثمن مثله، ولو تضمن فوت العين، عين جميع المال. وإذا أوصى بوقف ثلثه على بعض ورثته، فقيل: يجوز سواء أجاز ذلك باقي الورثة أو رده في الصحة أو في المرض؛ لأنه لا يباع، ولا يورث، ولا يملك ملكًا تامًا، لتعلق حق من يأتي من البطون به، وهذه من المفردات. والقول الثاني: لا يصح أن يوقف ثلثه على بعض ورثته، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه نفسي لإيجاب العدل بين الأولاد، والله أعلم. ومن لم يف ثلثه بوصاياه ولم تجز الورثة أدخل النقص على كل من الموصى لهم بقدر وصيته، كمسائل العول، فلو وصى لواحد بثلث ماله ولآخر بمائة ولثالث بعبد قيمته خمسون وبثلاثين لفداء أسير ولعمارة مسجد بعشرين وكان ثلث ماله مائة، وبلغ مجموع الوصايا ثلاثمائة نسبت منها الثلث فهو ثلثها فيعطى كل واحد ثلث وصيته، وإن كانت وصية بعضهم عتقًا؛ لأنهم تساووا في الأصل وتفاوتوا في المقدار فوجب أن يكون ذلك. وقيل: يقدم العتق، وما فاضل يقسم بين سائر الوصايا؛ لأن فيه حقًّا لله - سبحانه وتعالى - ولآدمي، فكان آكد، ولأنه لا يلحقه فسخ، ولأنه أقوى بدليل سرايته ونفوذه. وإن أجاز الورثة الوصية بزائد على الثلث، أو لوارث بشيء بلفظ إجازة، كأجزتها أو بلفظ إمضاء كأمضيتها أو بلفظ تنفيذ كنفذتها لزمت الوصية؛ لأن الحق لهم، كما تبطل بردهم. ولو أسقط مريض عن وارثه دينًا، أو عفا عن جناية موجبها

س10: تكلم بوضوح عن إجازة الورثة لما زاد على الثلث لأجنبي وللوارث بشيء، هل يثبت لها أحكام الهبة؟ وهل يحنث الحالف بها لا يهب شيئا؟ ولمن ولاء العتق المجاز، ومن الذي يختص به؟ وهل يعتبر للزومها القبول والقبض؟ وما حكمها من السفيه والمفلس وغير المكلف؟ وهل تلزم مع جهالة المجاز؟ وما زاد على الثلث مما أجيز كيف يكون العمل به؟ ومتى وقت الاعتبار بالإجازة؟ وما الذي يعتبر فيمن وصى له أو وهب له، وإذا أجاز مشاعا ثم قال: إنما أجزت ذلك لأني ظننته قليلا فما الحكم؟ وبماذا يحصل قبول الوصية؟ ومتى محل القبول؟ وما حكم التصرف بالعين الموصى بها قبل القبول؟ وهل تجب الزكاة في الموصى به؟ ولمن نماء العين الموصي بها، وإذا كانت الوصية بأمة أو بزوجته الأمة فأحبلها الموصى له أو أحبلها الوارث في المسألة الأولى قبل القبول أو بعده، وضح ذلك مع ذكر ما يتعلق به من المسائل والقيود والمحترزات والخلاف والترجيح.

المال، أو أسقطت امرأة صداقها عن زوجها في مرضها المخوف، فكالوصية يتوقف على إجازة الورثة؛ لأنه تبرع في المرض فهو كالعطية فيه. س10: تكلم بوضوح عن إجازة الورثة لما زاد على الثلث لأجنبي وللوارث بشيء، هل يثبت لها أحكام الهبة؟ وهل يحنث الحالف بها لا يهب شيئًا؟ ولمن ولاء العتق المجاز، ومن الذي يختص به؟ وهل يعتبر للزومها القبول والقبض؟ وما حكمها من السفيه والمفلس وغير المكلف؟ وهل تلزم مع جهالة المجاز؟ وما زاد على الثلث مما أجيز كيف يكون العمل به؟ ومتى وقت الاعتبار بالإجازة؟ وما الذي يعتبر فيمن وصى له أو وهب له، وإذا أجاز مشاعًا ثم قال: إنما أجزت ذلك لأني ظننته قليلاً فما الحكم؟ وبماذا يحصل قبول الوصية؟ ومتى محل القبول؟ وما حكم التصرف بالعين الموصى بها قبل القبول؟ وهل تجب الزكاة في الموصى به؟ ولمن نماء العين الموصي بها، وإذا كانت الوصية بأمة أو بزوجته الأمة فأحبلها الموصى له أو أحبلها الوارث في المسألة الأولى قبل القبول أو بعده، وضح ذلك مع ذكر ما يتعلق به من المسائل والقيود والمحترزات والخلاف والترجيح. وهل يلزمه شيء، وإذا كانت الموصي بها أرض فغرس الموصى له قبل القبول، أو بنى بها قبل القبول فما الحكم؟ وضح ذلك مع ذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: أجازة الورثة –لما زاد على الثلث للأجنبي وللوارث بشيء تنفيذ لما وصى به المورث ولا يثبت للإجازة أحكام الهبة، فلا تفتقر إلى أركان الهبة التي تتوقف عليها صحتها، من إيجاب وقبول، وقبض ونحوه، كالعلم بما وقعت فيه الإجازة، والقدرة على تسليمه. ولا تثبت الهبة فيما وقعت فيه الإجازة، فلا يرجع أوارث من

موصى أجاز وصيته لابنه؛ لأن الأب إنما يملك الرجوع فيما وهبه لولده، والإجازة تنفيذ لما وهبه غيره لابنه. ولا يحنث بالإجازة من حلف لا يهب؛ لأنها ليست هبة. وولاء عتق من مورث يفتقر إلى الإجازة تنجيزًا كأن أعتق عبدًا لا يملك غيره ثم مات، أو موص به كوصيته بعتق عبد لا يملك غيره، فعتقه في الصورتين يتوقف على إجازة الورثة في ثلثيه، فإذا أجازوه نفذ وولاؤه لموص يختص به عصبته؛ لأنه المعتق والإجازة تنفيذ لفعله. وما ولدته أمة موصى بعتقها قبل عتق وبعد موت يصير عتيقًا تبعًا لأمه كأم الولد والمدبرة. وتلزم الإجازة بغير قبول من المجاز له وبغير قبض ولو كانت الإجازة من سفيه ومفلس بخلاف الصغير والمجنون؛ لأنها تنفيذ لا تبرع بالمال. وقيل: إن إجازة السفيه والمفلس لا تصح، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه نفسي، والله أعلم. وما جاوز الثلث من الوصايا إذا أجيز للموصى له فإنه يزاحم به مجاوز الثلث من لم يجاوزه كوصيتين إحداهما مجاوزة الثلث والأخرى غير مجاوزة كوصية بنصف ووصية بثلث فأجاز الورثة الوصية بالنصف فقط، فلذي نصف أجيز مع ذي ثلث لم يجز ثلاثة أخماس الثلث؛ لأن صاحب النصف يزاحم صاحب الثلث بنصف كامل فيقسم الثلث بينهما على خمسة وهي بسط النصف والثلث من مخرجهما وهو ستة لصاحب النصف ثلاثة أخماس ولصاحب الثلث خمساه، فيرد السدس إلى التركة اعتبارًا ثم يكمل لصاحب النصف نصف بالإجازة. وإن قلنا: إنها عطية فإنما يزاحم بثلث خاصة إذ الزيادة عليه عطية محضة من الورثة لم تتلق من الميت فلا يزاحم بها الوصايا

لكن لو أجاز مريض مرض الموت المخوف وصية مورثة، جازت معتبرة من ثلثه لتركه حقًا ماليًا كان يمكنه أن لا يتركه، وقيل: إنها غير معتبرة من ثلثه؛ لأنها تنفيذ لا عطية. ومحابات صحيح في بيع خيار له، بأن باع ما يساوي مائة وعشرين بمائة بشرط الخيار له إلى شهر مثلاً، ثم مرض البائع في الشهر المشروط فيه الخيار له، ولم يختر فسخ البيع حتى لزم، فإن العشرين تعتبر من ثلثه، لتمكنه من استدراكها بالفسخ، فتعود لورثته، فلما لم يفسخ، كان كأنه اختار ذلك للمشتري، أشبه عطيته في مرضه. وكان مريض في قبض هبة وهبها وهو صحيح؛ لأنها قبل القبض كان يمكنه الرجوع فيها، ولا تعتبر محابات في خدمته من الثلث، بأن آجر نفسه للخدمة، بدون أجر مثله، ثم مرض فأمضاها، بل محاباته في ذلك من رأس ماله؛ لأن ترك الفسخ إذًا ليس بترك مال. والاعتبار بكون من وصي له بوصية أو وهب له هبة من مريض وارثًا أو لا عند موت موص وواهب. فمن وصى لأحد أخوته أو وهبه في مرضه، فحدث له ولد صحتا أن خرجتا من الثلث؛ لأنه عند الموت ليس بوارث. وإن وصى أو وهب مريض أخاه، وله ابن فمات قبله، وقفتا على الإجازة إجازة باقي الورثة. والاعتبار بإجازة وصية أو عطية، أو رد لأحدهما بعد الموت، وما قبل ذلك من رد، أو إجازة، لا عبرة به؛ لأن الموت هو وقت لزوم الوصية والعطية في معناها. ومن أجاز من ورثة عطية، أو وصية، وكانت جزء مشاعًا كنصف أو ثلثين، ثم قال: إنما أجزته لأني ظننته قليلاً، ثم تبين أنه كثير، قبل قوله في ذلك بيمينه؛ لأنه أعلم بحاله والظاهر معه، فيرجع بما زاد على ظنه، لإجازته ما في ظنه.

فإذا كان المال ألفًا وظنه ثلاثمائة، والوصية بالنصف، فقد أجاز السدس، وهو خمسون، فهي جائزة عليه مع ثلث الألف، فللموصي له ثلاثمائة وثلاث وثمانون وثلث، والباقي للوارث، إلا أن يكون المال المخلف ظاهر، لا يخفى على المجيز، أو تقوم به بينة على المجيز بعلمه قدره، فلا يقبل قوله ولا رجوع له عملاً بالبينة. وإن كان المجاز من عطية أو وصية عينًا كعبد أو فرس أو سيارة أو غسالة أو ثلاجة أو نحو ذلك يزيد هذا المعين على الثلث، فأجاز الورثة، وقال بعد الإجازة: ظننت المال كثيرًا تخرج الوصية من ثلثه، فبان قليلاً أو ظهر عليه دين، لم يقبل قوله. أو كان المجاز مبلغًا معلومًا، كألف ريال أو مائة جنيه أو ألف صاع من بر، أو مائة كيلو تمر، تزيد على الثلث، أوصى وأجازها الوارث، وقال: ظننت الباقي كثيرًا بعده، فبان قليلاً أو ظهر عليه دين لم أعلمه، لم يقبل قوله، ولم يملك الرجوع؛ لأن المجاز معلومًا لا جهالة فيه. وقال الشيخ تقي الدين: وإن قال: ظننت قيمته ألفًا فبان أكثر قبل، وليس نقضًا للحكم بصحة الإجازة ببينة أو إقرار، وقال: وإن أجاز، وقال: أردت أصل الوصية قبل، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه نفسي، والله أعلم. من النظم: وإن الغريم الوارث أوصى أو ابنه أجز وكذا إسقاط دين ليعدد ومن يجز الجزء المشاع وصية يزعم أنه قد ظنه ذا تزهد ليقبل منه قوله مع يمينه

وما زاد عما ظنه إن شاء يردد على أظهر الوجهين ما لم يقم لنا بعلم الفتى بالقدر أقوال شهد ورد الذي أوصى له وقبوله قبيل ممات الموصى لغو ليردد وإن ردها الموصى له بعد موته وهت وكذا إن مات من قبله اشهد وما رده للوارثين جميعهم وليس له يا صاح تخصيص مفرد وموت الذي يوصى له قبل موت من قد أوصى لبطلان الوصية أرصد وإن مات وصى للفتى بوصية فرد ولم يقبل فأبطل وصدد وإن مات موص ثم مات عقيبه ولم يتقبل أو يرد فيشهد فوارث من أوصى له خلفًا له ولا يبطل الأيصا إذا في المأكد ويحكم له بالملك بعد قبوله من الموت لا منذ القبول بمبعد وقد قيل بل يبقى على ملك ميت فيزداد من هذا النما ثلث ملحد فمن قيل بعد الموت يملكه يكن له ما نما ملكًا بغير تقيد فموصى بعبد ماله غيره فلم يجز وارثوه إن كسب بعد سيد وفي حكمنا بالملك منذ القبول إن

يطأ قبله الوارث موصى به اشهد بحرية الأولاد من غير قيمة ولا مهر لكن قيمة الأم أورد لموصى له من وطء كان وطؤه مفوتها إذ هي له أم مولد وإن يطأ الموصى بزوجته له فأولدها قبل القبول المؤطد فأولادها قن لوارثها ولم تصر أم أولاد لزوج بأجود ووطء الذي أوصى له لقبوله كوط لزوجات رواجع فاعدد وإن يمت الموصى له غير قابل أباه وقد أوصى به للملحد فإن قبل ابن الابن يعتق جده ويمنع ميراث ابنه في المجود وإن يقض من حين الممات بملكه فأحكام ذا الفضل اعكسن لا تردد وما وصى به لغير محصور، كالعلماء والفقراء والمساكين، ومن لا يمكن حصرهم كبني تميم أو بني هاشم، أو وصى به لنحو مسجد وثغر، أو رباط أو حج أو نحو ذلك، لم يشترط قبوله، ولزمت الوصية بمجرد الموت؛ لأنه متعذر قبول هذه الأشياء، فسقط اعتباره كالوقف عليهم، ولا يتعين واحد منهم، فيكتفي به. ولو كان من الموقوف عليهم ذو رحم من الموصى به، مثل أن يوصي بعبد للفقراء، وأبو العبد فقير، لم يعتق عليه؛ لأن الملك لم يثبت لكل منهم إلا بالقبض. وإن لم تكن الوصية كذلك، بل لآدمي معين ولو عددا يمكن

حصره اشترط قبوله؛ لأنها تمليك له كالهبة. ويحصل قبول، بلفظ كقبلت، ولا يتعين اللفظ، بل يجزئ ما قام مقامه. ويحصل قبول بفعل، دال على الرضى، كأخذ موص، ووطئ أمة موصى بها، كرجعة وبيع خيار، ويجوز فورًا أو متراخيًا. ومحل القبول بعد الموت؛ لأن الموصى له لا يثبت له حق قبله، وكذا لا عبرة برد قبل الموت. قال في «الفروع» : لا قبول ولا رد لموصى له في حياة الموصى ولا رد بعد قبوله. ويثبت ملك موص له من حين القبول بعد الموت؛ لأنه تمليك عين لمعين يفتقر إلى القبول، فلم يبق الملك كسائر العقود، ولأن القبول من تمام السبب، والحكم لا يتقدم سببه، وهو القبول. فلا يصح تصرف الموصى له في العين الموصى بها. ولا يصح تصرف وارث قبل القبول ببيع ولا رهن ولا هبة ولا إجارة ولا عتق ولا غيرها؛ لعدم ملكه لها. فلو باع الموصى له العين الموصى بها، أو وهبها أو أجرها أو كانت أمة فأعتقها، أو زوجها أو نحو ذلك، قبل قبوله، لم يصح شيء في ذلك؛ لأنها ليست في ملكه إذًا، والوارث مثله. ولو كان الموصى به نصابًا زكويًا، وتأخر القبول مدة تجب فيها الزكاة فيما في مثله، بأن يكون نقدًا، فيحول عليه الحول، أو ماشية فتسوم الحول، أو زرعًا أو ثمرًا، فيبدو صلاحه، قبل قبول، فلا زكاة فيه على واحد منهما، من موص له ووارث؛ لأن ملك الموصى به غير مستقر لواحد منهما.

والذي يترجح عندي أنه يجري في حول الموصى له، فإن لم يقبل فعلى الورثة، والله أعلم. وما حدث من عين موصًا بها يعد بعد موت موص وقبل قبول موص له بها من نماء منفصل، ككسب وثمرة وولد، فهو لوارث؛ لأن العين في ملكه حينئذ. ويتبع العين الموصى بها نماء متصل، كسمن وتعلم صنعة كسائر العقود والفسوخ. وإن كانت الوصية بأمة، فأحبلها وارث قبل القبول، وبعد موت موص، وولدت منه، صارت أم ولده؛ لأنها حملت منه في ملكه لها وولده حر؛ لإتيانها به من وطء في ملكه. ولا يلزمه من أجل ذلك إلا قيمتها لموصى له بها، إذا قبلها بعد ذلك، كما لو أتلفها. وإنما وجبت له قيمتها بإتلافها قبل دخولها لها في ملكه بالقبول إذا قبلها، لثبوت حق التملك له فيها بموت الموصى. فإن قيل: كيف قضيتم بكونها أم ولد، وهي لا تعتق بإعتاقه، أجيب عن ذلك، بأن الإستيلاد أقوى من العتق، ولذلك يصح من المجنون والشريك المعسر وإن لم ينفذ إعتاقهما. وإن وصى الأمة الموصى له بها بعد موت الموصي، كان ذلك قبولاً؛ لأنه إنما يباح في الملك، فتعاطيه دليل اختيار الملك، فيثبت له الملك به، كقبوله باللفظ، وكوطء الرجعية، تحصل به الرجعة. وإن وصى لرجل بأرض فبنى فيها أو غرس فيها الوارث قبل قبول موص له، ثم قبل فكغرس مشتر شقصًا مشفوعًا ويغرم نقصه؛ لأن الوارث غرس وبنى في ملكه، فليس بظالم فلعرقه حق، سواء علم بالوصية أم لا.

ولو بيع شقص في شركة الورثة، والموصى له على تقدير قبوله، وكان البيع قبل قبول الوصية، ثم قبل الوصية، فلا شفعة له؛ لأنه لم يكن مالكًا للرقبة حال البيع، وتختص الورثة بالشفعة لاختصاصهم بالملك. وإن وصى لإنسان حر بزوجته الأمة فقبلها الموصى له، انفسخ النكاح؛ لأنه لا يجتمع مع ملك اليمين، فإن أتت بولد كانت حاملة به وقت الوصية، فهو موص به معها تبعًا لها سواء ولدته قبل الموت أو بعده. وإن أحبلها بعد الوصية، وولدته في حياة الموصي، فالولد للموصي تبعًا لأمه. وإن أحبلها بعد الوصية، وولد بعد موت الموصى وقبل القبول لم تصر أم ولد لزوجها الموصى له بها؛ لأنها لم تكن ملكه حين أحبلها، والولد الذي حملت به قبل قبولها رقيق للورثة؛ لأنه نماء ملكهم، هذا إن لم يكن اشترط حرية أولاده، وإن أحبلها في حياة الموصي وولدت بعد القبول، فالولد لأبيه تبعًا لأمه. وكل موضع كان الولد للموصى له، فإنه يعتق عليه بالملك؛ لأنه ابنه وإن أحبلها بعد موت الموصي، ووضعت قبل القبول، فالولد للورثة؛ لأنه نماء ملكهم. وإن أحبلها بعد القبول فالولد لأبيه حر الأصل وأمه أم ولد؛ لأنها كانت مملوكة له حال إحباله. هذا كله إن خرجت من الثلث، إن لم تجز الورثة، وانفسخ النكاح؛ لحصول الملك في البعض. وكل موضع يكون الولد لأبيه فإنه يكون له منه ها هنا بقدر ملكه من أمه، ويسري العتق إلى باقيه، إن كان الموصى له موسرًا بقيمة باقيه، وإلا يكن موسرًا بقيمة باقيه، عتق ما ملك منه فقط، ولا سراية لعدم وجود شرطها.

وكل موضع قلنا تكون أم ولد هناك، فإنها تصير أم ولد هنا، موسرًا كان الموصى له أو معسرًا؛ لأن الاستيلاد من قبيل الاستهلاك. وإن وصى لحر بأبيه الرقيق، فمات موصى له بعد موت موص، وقبل قبوله الوصية، فقبل ابن الموصى له الوصية بجده، صح القبول؛ لقيامه مقامه، وعتق موص به حين قبول الوصية، لملك ابن ابنه له إذا لم يرث العتيق من ابنه الميت شيئًا لحدوث حريته بعد أن صار الميراث لغيره. ولو كان الموصى به ابن أخ للموصى له، وقد مات بعد موت الموصى، فقبل ابنه لم يعتق عليه ابن عمه؛ لأن القابل إنما تلقى الوصية من جهة الموصى، لا من جهة أبيه، ولذا لا تقضي ديون موصى له مات بعد موصي وقبل قبوله من وصيته إذا قبلها وارثه. وعلى وارث ضمان عين لا دين إذا كانت العين حاضرة يتمكن من قبضها بمجرد موت مورثه إن تلفت، المعنى أنها تحسب على الوارث، فما نقص من التركة بعد موت المورث فعلى الوارث. ولا ينقص بالتلف ثلث أوصى به المورث، ولا يكون على وارث سقي ثمرة موص بها؛ لأنه لم يضمن تسليم هذه الثمرة إلى الموصى له، بخلاف البيع. وإن مات موص له قبل موت موص، بطلت الوصية؛ لأنها عطية صادفت المعطى ميتًا، فلم تصح كهبته ميتًا. ولا تبطل الوصية إن مات موص له قبل موت موص، إن كانت الوصية بقضاء دين الذي مات قبل موت الموصى؛ لأن تفريغ ذمة المدين بعد موته كتفريغها قبله لوجود الشغل في الحالين حتى يؤدي الدين.

وإن رد موص الوصية بعد موت الموصى، فإن كان رده بعد قبوله للوصية، لم يصح رد مطلقًا، سواء قبضها أو لا، وسواء كانت مكيلاً أو موزونًا أو غيرهما، لاستقرار ملكه عليها بالقبول، كرده لسائر أملاكه، ولا عبرة بقبول الوصية قبل موت موص، ولا رده؛ لأنه قبله لم يثبت له حق. وإن لم يكن رده للوصية بعد قبولها، بأن ردها قبله، بطلت الوصية؛ لأنه أسقط حقه في حال يملك قبوله وأخذه، أشبه عفو الشفيع عن شفعة بعد البيع. وكل موضع صح فيه الرد، بطلت فيه الوصية، وعاد الموص به تركة، ويكون الموصى به للوارث، ولو خص به الراد بعض الورثة، لم يتخصص، ويصير بين الجميع؛ لأن المردود عاد إلى ما كان قبل الوصية، فلا اختصاص. وكل موضع امتنع الرد في الموصى به لاستقرار ملك الموصى له على الموصى به، فله أن يخص به بعض الورثة فيكون ابتداء تلميك؛ لأن له تمليكه لأجنبي، فله تمليكه لوارث، وحينئذ لو قال: رددت الوصية لفلان، فلا أثر لذلك، ألا أن يقترن به ما يفيد تمليك فلان، فيصح. وقيل: يقال له: ما أردت، فإن قال: أردت تمليكه إياها، وتخصيصه بها، فقبلها، اختص بها، وإن قال: أردت ردها إلى جميعهم، ليرضى فلان، عادت إلى جميعهم إذا قبلوها، فإن قبلها بعضهم، فله حصته. ويحصل رد بنحو قول موصى له، لا أقبل هذه الوصية، ويحصل الرد بقوله رددتها، وبقوله أبطلتها ونحو ذلك. وإن امتنع موص له بعد موت موص من قبول، ورد للوصية، حكم عليه بالرد شرعًا، من غير حكم حاكم، وسقط

حقه من الوصية؛ لأنها إنما تنتقل إلى ملكه بالقبول، ولم يوجد. وإن مات موص له، بعد موت موص، وقبل رد وقبول للوصية، قام وارثه مقامه في رد قبول للوصية؛ لأنه حق ثبت للمورث، فينتقل إلى ورثته بعد موته؛ لقوله –عليه الصلاة والسلام-: «من ترك حقًا فلورثته، وكخيار عيب» ، ولأن الوصية عقد لازم من أحد الطرفين، فلم تبطل بموت من له الخيار، كعقد الرهن والبيع إذ الشرط فيه الخيار لأحدهما، وبهذين فارقت الهبة، والبيع قبل القبول، وأيضًا الوصية لا تبطل بموت الموجب لها، فلم تبطل بموت الآخر. فإن كان وارثه جماعة اعتبر القبول، والرد من جميعهم، فمن قبل منهم فله حكمه من لزوم الوصية في نصيبه، ومن رد منهم فله حكمه من سقوط حقه من نصيبه، لعوده لورثة الموصى له. ويقوم ولي محجور عليه مقامه في ذلك، فيفعل ما فيه الحظ للمحجور عليه، كسائر حقوقه، وإن فعل الولي غير ما فيه الحظ لم يصح، فإذا كان الحظ في قبولها، لم يصح الرد، وكان له قبولها بعد ذلك. وإن كان الحظ في ردها لم يصح قبولها؛ لأن الولي لا يملك التصرف في مال المولى عليه بغير ماله الحظ فيه، وحينئذ فلا يجوز لولي محجور عليه أن يقبل لموليه من يعتق عليه برحم وصى له به، إن لزمته نفقته كأبيه وابنه وأخيه وعمه، لكون الموصى به فقيرًا لا كسب له، والمولى عليه موسر، قادر على الإنفاق عليه؛ لأنه لا حظ في قبول هذه الوصية.

س11: تكلم بوضوح عما يلي: بأي شيء تبطل الوصية مثل لذلك، وهل للإنسان تغيير وصيته، وإذا قال موص عن موص به: هذا لورثتي أو هذا في ميراثي، أو قال: ما أوصيت به لزيد فلعمرو فما الحكم؟ وإذا وصى لإنسان شيء ثم وطئ به لآخر فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك: إذا باع موص موصى به، أو وهبه أو رهنه أو أوجبه، في بيع أو هبة أو عرضه لبيع أو هبة أو وصى ببيعه أو عتقه أو نحو ذلك، فما الحكم؟ واذكر ما يحصل به الرجوع وما لا يكون رجوعا، إذا أوصى لزيد ثم قال: إن قدم عمرو فله ما أوصيت به لزيد فقدم عمرو فلمن يكون الموصى به؟ ومن الذي يخرج الواجب؟ وإذا وصى مع الواجب بتبرع أو قال: أخرجوا الواجب من ثلثي فما الحكم؟ وإذا قتل وصي موصيا أو جرحه فهل تبطل الوصية، وإذا أوصى لرجل بعبد ولآخر بثلثه أو وصى بالعبد لاثنين أو وصى لاثنين بثلث ماله فرد الورثة ورد أحد الوصيين وصيته أو أقر وارث بوصيته لواحد ثم أقر أنه أوصى بها لآخر فما الحكم؟ إذا شهدت بينة بالثلث لواحد وأقر الوارث به لآخر، أو خلط الموصى به بغيره، أو ذبح الموصى به، أو بنى الحجر أو غرس النوى، أو نجر الخشب أو سمر بالمسامير، أو جحد الوصية، أو زوج الرقيق الموصى به، أو زرع الموصى بها، أو وطئ الموصى بها أو لبس الثوب، أو سكن موصا به، فما الحكم؟ اذكر ما حول ذلك من المسائل والأدلة والتعليلات ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر المحترزات والقيود ورجح ما يحتاج إلى ترجيح.

وإن لم يكن على المحجور عليه ضرر؛ لكون الموصى به ذا كسب، أو لكون المولى عليه فقيرًا لا تلزمه نفقته، وجب على الولي القبول؛ لأن فيه منفعة بلا مضرة. أحكام الرجوع في الوصية وما يحصل به الرجوع س11: تكلم بوضوح عما يلي: بأي شيء تبطل الوصية مثل لذلك، وهل للإنسان تغيير وصيته، وإذا قال موص عن موص به: هذا لورثتي أو هذا في ميراثي، أو قال: ما أوصيت به لزيد فلعمرو فما الحكم؟ وإذا وصى لإنسان شيء ثم وطئ به لآخر فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك: إذا باع موص موصى به، أو وهبه أو رهنه أو أوجبه، في بيع أو هبة أو عرضه لبيع أو هبة أو وصى ببيعه أو عتقه أو نحو ذلك، فما الحكم؟ واذكر ما يحصل به الرجوع وما لا يكون رجوعًا، إذا أوصى لزيد ثم قال: إن قدم عمرو فله ما أوصيت به لزيد فقدم عمرو فلمن يكون الموصى به؟ ومن الذي يخرج الواجب؟ وإذا وصى مع الواجب بتبرع أو قال: أخرجوا الواجب من ثلثي فما الحكم؟ وإذا قتل وصي موصيًا أو جرحه فهل تبطل الوصية، وإذا أوصى لرجل بعبد ولآخر بثلثه أو وصى بالعبد لاثنين أو وصى لاثنين بثلث ماله فرد الورثة ورد أحد الوصيين وصيته أو أقر وارث بوصيته لواحد ثم أقر أنه أوصى بها لآخر فما الحكم؟ إذا شهدت بينة بالثلث لواحد وأقر الوارث به لآخر، أو خلط الموصى به بغيره، أو ذبح الموصى به، أو بنى الحجر أو غرس النوى، أو نجر الخشب أو سمر بالمسامير، أو جحد الوصية، أو زوج الرقيق الموصى به، أو زرع الموصى بها، أو وطئ الموصى بها أو لبس الثوب، أو سكن موصًا به، فما الحكم؟ اذكر ما حول ذلك من المسائل والأدلة والتعليلات ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر المحترزات والقيود ورجح ما يحتاج إلى ترجيح.

ج: تبطل وصية بقول موص رجعت في وصيتي، أو أبطلتها، أو غيرتها، أو رددتها أو فسختها أو نسختها، أو قال: هو لورثتي، فهو رجوع عن الوصية، تبطل به؛ لقول عمر: يغير الرجل ما شاء من وصيته، ولأنها عطية تنجز بالموت، فجاز له الرجوع عنها قبل تنجيزها، كهبة ما يفتقر إلى قبض قبل قبضه. وتفارق التدبير فإنه تعليق على شرط، فلم يملك تغييره كتعليقه على صفة في الحياة، وإن قال موص عن موصى به: هذا لورثتي، أو هذا في ميراثي، فهو رجوع عن الوصية؛ لأن ذلك ينافي كونه وصية. وإن قال: ما أوصيت به لزيد فلعمرو، فهو رجوع عن الوصية الأولى، لمنافاته لها، ورجوعه عنه، وصرفه إلى عمرو أشبه ما لو صرح بالرجوع. وإن وصى بمعين لإنسان كعبده سالم مثلاً، ثم وصى به لآخر، ولم يقل ما وصيت به لزيد فلعمرو، فالموصى به بين الموصى له به أو لا، والموصى له به ثانيًا، لتعلق حق كل واحد منهما به على السواء، كما لو رجع بينهما، فوجب أن يشتركا فيه. وإن أوصى لزيد مثلاً بثلثه، ثم أوصى لآخر بثلثه، فهو بينهما عند الرد، للتزاحم، وإن أجيز لهما أخذ كل الثلث؛ لتغايرهما. وإن أوصى لزيد بجميع ماله، ثم وصى به الآخر، فهو بينهما للتزاحم. ومن مات منهما قبل موص كان الكل للآخر، وكذا لو

تأخر موتهما عن موت موص ورد أحدهما الوصية بعد موت الموصى وقبل الآخر، كان كل الموصى به للآخر، وهو الذي قبل الوصية؛ لأنه اشتراك تزاحم، وقد زال المزاحم. وإن قتل الموصى له موصيًا قتلا مضمونًا بقصاص أو دية، أو كفارة، ولو كان القتل خطأ، بطلت الوصية؛ لأن القتل يمنع الميراث الذي هو آكد من الوصية، فالوصية أولى، ومعاملة له بنقيض قصده، على القاعدة المشهورة: من تعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه. وإن جرحه ثم أوصى له، فمات من الجرح فلا تبطل وصيته؛ لأنها بعد الجرح صدرت من أهلها في محلها لم يطرأ عليها، بخلاف ما إذا تقدمت، فإن القتل طرأ عليها فأبطلها، وكذا فعل مدبر بسيده، فإن جنى على سيده، ثم دبره ومات السيد، لم يبطل تدبيره. ومن أوصى لرجل بعبد، وأوصى لآخر بثلثه، فالعبد بينهما أرباعًا، بقدر وصيتهما؛ لأنه أوصى للأول بجميعه، وللثاني بثلثه، فكامل العبد ثلاثة أثلاث من جنس من أوصى به ثانيًا، وقد أوصى للثاني بثلث، فاجتمع معنا أربعة، فقسم عليها فكان للأول ثلاثة أرباع، وللثاني ربعه. وإن وصى بالعبد لاثنين فرد أحدهما وصيته، وقبل الآخر، فللآخر نصف العبد؛ لأنه موصى له به، ولا مزاحم له فيه. وإن أقر وارث بوصيته أن مورثه أوصى بها لواحد، ثم أقر أنه أوصى بها لآخر، بكلام متصل، فالمقر به من الوصية بينهما حيث لا بينة لواحد منهما، لقيام المقتضى. وإن كان منفصلاً، فأما أن يكون في مجلسين، فلا يقبل

للمتأخر، لتضمنه رفع ما ثبت للمتقدم بإقراره، وإن كان في مجلس واحد، فالمقربة بينهما؛ لأن المجلس الواحد كالحال الواحدة. ومن ادعى أن الميت أوصى له بثلث ماله، وشهد له بينة بالثلث الذي ادعاه، فأقر وارث مكلف ذكر لا أنثى ولا خنثى، عدل لا فاسق، إذ قرار الفاسق غير معتد به، أن مورثه أوصى بالثلث المدعى به لآخر، ورد الوراث الوصيتين، فالثلث بينهما سوية إن حلف المقر له يمينًا مع شهادة الوارث؛ لأن المال يثبت بشاهد ويمين. وإن كان الوارث المقر غير عدل أو كان المقر امرأة أو خنثى فالثلث لذي البينة؛ لثبوت وصيته دون المقر، وإن فعل موص ما يقتضي عدوله عن الوصية بأن باع ما أوصى به أو وهبه، فرجوع؛ لأنه ينافي الوصية، ولو لم يقبل المبتاع أو المتهب في إيجاب البيع والهبة، وكذا لو عرضه للبيع، أو للهبة، فرجوع. وكذا لو رهنه أو وصى ببيعه، أو وصى بعتقه، كأن يقول عبدي أعطوه زيدًا، ثم قال: اعتقوه، فهو رجوع، ومثله لو وصى بهبة ما أوصى به، فرجوع لدلالته عليه، أو كاتب ما أوصى به أو دبره أو خلطه بما لا يتميز منه، كزيت بزيت، أو دقيق بدقيق، أو سكر بسكر، أو أسمنت بأسمنت، أو جص بجص، أو سمن بسمن، أو نحو ذلك. أو بنى الحجر، أو غرس النوى، أو نجر الخشب، أو أزال اسمه، أو أعاد دارًا انهدمت، أو جعلها دكاكين فرجوع؛ لأنه دليل على اختيار الرجوع، لا إن جحد الوصية، فليس رجوعًا؛ لأنها عقد كسائر العقود، وكذا يعد رجوعًا لو سمر بابًا بالمسامير الموصى بها.

وإن آجر موص عينًا موصى بها، أو زوج رقيقًا، موصى به أو زرع أرضًا موص بها فليس رجوعًا. وإن غرس الأرض أو بناها فرجوع؛ لأنه يُراد للدوام، فيشعر بالصرف عن الأول. وإن وطئ أمة موصى بها ولم يحمل من وطئه فليس برجوع، وإن حملت فرجوع. وإن لبس ثوبًا موصى به أو غسله، أو سكن مكانًا موصى به، فليس رجوع؛ لأنه لا يزيل الملك، ولا الاسم، ولا يمنع التسليم. وإن وصى بثلث ماله، فتلف الذي كان يملكه حين الوصية بإتلافه هو أو غيره أو باعه، ثم ملك مالاً غيره، فليس رجوعًا؛ لان الوصية بجزء مشاع من المال الذي يملكه حين الموت، فلا يؤثر ذلك فيها. وكذا لو انهدمت الدار الموصى بها، ولم يزل اسمها، أو علم الرقيق الموصى به صنعة، ونحو ذلك مما لا يزيل الملك ولا الاسم ولا يمنع التسليم. وكذا لو كانت الوصية بقفيز من صبرة، فخلطها بصبرة أخرى، ولو بخير منها، مما يتميز منه، فليس رجوعًا؛ لأن القفيز كان مشاعًا، وبقي على إشاعته، ولو كانت إحدى الصبرتين أحسن من الأخرى. وزيادة موص في دار بعد أن أوصى بها للورثة؛ لأن الزيادة لم تدخل في الوصية، لعدم وجودها وقت الوصية، وأما ما انهدم من الدار الموصى بها إذا أعاده موص بعد الوصية فليس للورثة، بل للموصى له بها؛ لأن الأنقاض منها، فتدخل في الوصية، لوجودها حينها.

وإن وصى لزيد بنحو عبد، ثم قال: إن قدم عمرو فله ما أوصيته به لزيد فقدم عمرو بعد موت موص، فالموصى به لزيد دون عمر، ولأن الموصى لما مات قبل قدوم عمرو انقطع حقه من الموصى به، وانتقل لي زيد؛ لأنه لم يوجد إذ ذاك ما يمنعه فلم يؤثر وجود الشرط بعد ذلك كمن علق عتقًا أو طلاقًا بشرط فلم يوجد إلا بعد موته، وإن قدم عمرو في حياة الموصي كان له بلا نزاع. وإن وصى لعمرو بثلثه، وقال: الموصى لعمرو إن مت قبلي أو رددته فهو لزيد فمات عمرو قبل موت الموصى أورد الوصية فعلى ما شرط الموصى فتكون لزيد عملاً بالشرط كقول موصى أوصيت لعمرو مثلاً بكذا إذا مر شهر بعد موتى أو قال: أوصيت لفلانة الحامل بكذا إذا وضعت بعد موتي فيصح التعليق؛ لحديث: «المسلمون على شروطهم» ، وثبت عن غير واحد من الصحابة تعليقًا؛ لأن الوصية لا تتأثر بالتعليق لوضوح الأمر وقلة الغرر. فإن كانت الصفة لا يرتقب وقوعها بعد الموت فالأولى عدم جوازه لما فيه من إضرار الورثة بطول الانتظار لا إلى أمد يعلم. ويخرج موصى إليه بإخراج الواجب فإن لم يكن فوارث جائز التصرف، فإن لم يكن أو امتنع، أخرج حاكم الواجب على الميت من دين لآدمي أو لله - سبحانه وتعالى - كنذر وكفارة وزكاة من رأس المال وجوبًا أوصى به أو لم يوص به؛ لقوله - سبحانه وتعالى -: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} . ويجزي إخراج الواجب على الميت من أجنبي لا ولاية له من ماله كقضاء الدين عن حي بلا إذنه، وكما لو كان القضاء بإذن حاكم.

ولا يضمن الأجنبي، بل يرجع بما أخرجه على التركة إن نوى الرجوع، قال الله - سبحانه وتعالى -: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} ، وقال - سبحانه وتعالى -: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى} ، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا» وهذا من التعاون كل مؤمن يراه حسنًا، والله أعلم. ومن الواجب وصية بعتق في كفارة تخيير وهي كفارة اليمين. وإن أوصى مع الواجب بتبرع من معين أو مشاع اعتبر الثلث الذي تعتبر منه التبرعات من المال الباقي بعد أداء الواجب كأن كانت التركة أربعين، والدين عشرة، ووصى بثلث ماله، دفع الدين أولاً، ثم دفع للموصى له عشرة؛ لأنها ثلث الباقي؛ لحديث علي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالدين قبل الوصية، خرجه الإمام أحمد في «المسند» ، والترمذي وابن ماجه؛ ولقوله –عليه الصلاة والسلام-: «اقضوا الله، فالله أحق بالوفاء» رواه البخاري مختصرًا. والحكمة في تقديم الوصية على الدين في الآية، أنها لما أشبهت الميراث في كونها بلا عوض، فكان في إخراجها مشقة على الوارث، فقدمت حثًا على إخراجها، قالوا: ولذلك جيء بكلمة أو التي للتسوية، أي فيستويان في الاهتمام، وعدم التضييع، وإن كان مقدمًا عليها. وقال ابن عطية: الوصية غالبًا تكون لضعاف فقوي جانبها في التقديم في الذكر لئلا يطمع ويتساهل فيها، بخلاف الدين، لكونه حظ غريم، يطلبه بقوة وسلطان. وقيل: لما كانت ناشئة من جهة الميت قدمت بخلاف الدين، فإنه ثابت مؤدي ذكر أو لم يذكر.

وقيل: المقصود تقديم الأمرين على الميراث، من غير قصد إلى الترتيب بينهما، والله - سبحانه وتعالى - أعلم. وإن أوصى بكفارة إيمان، فأقل الواجب كفارة ثلاثة أيمان؛ لأنها أقل الجمع. وإن قال: من عليه واجب، ووصى بتبرع، أخرجوا الواجب من ثلثي، بدئ بالواجب من الثلث، لما تقدم. فإن فضل شيء من الثلث بعد الواجب، فهو لصاحب التبرع؛ لأن الدين يجب البداءة به قبل الميراث والتبرع، فإذا عينه بالثلث، وجبت البداءة به. وما فضل للتبرع، وإن لم يفضل شيء من الثلث بعد إخراج الواجب منه، بطلت الوصية بالتبرع، كما لو رجع عنها، إلا أن تجيز الورثة، فيعطي ما أوصى له به. من النظم فيما يتعلق بالرجعة في الوصية ونحوها ورجعت موص في الوصية جائز بقول وفعل يفهم العود أكد كإخراجه عن ملكه ووصية بإخراجه أو رهنه فتقلد ووجهان في تخييره وكتابة وفعل يزيل اسمًا لهدم المشيد وطحن حبوب واختباز دقيقها وتنجيز خشب الباب قصر ممرد وسمر بمسمار ونسج الغزول وابتناء بأحجار وشبه المعدد وخلط بما لا يمكن الميز بعده وجحد وصاياه فعي العلم ترشد وإيجابه في البيع أو هبة ولو يردوا فكل رجعة في المجود

وإن لم يزل بالهدم الاسم استحقه وليس له الإنقاض في المتجود فيملك نصًا ما استحق ببيعها وما زيد فيها من بناء بمبعد وليس رجوعًا زرع موص بأرضه وفي الغرس والبنيان وجهين أسند وليس رجوعًا غسل ثوب ولبسه وسكنًا ديار أو إجارة أعبد وتزويج من أوصى بها أفهم ووطؤها إذا هي لم تحمل من الوطء قيد وتعليم عبد صنعة وعمارة الديار بتخصيص ونحو المعدد كخلط طعام فيه كر وصية بمثل وعود خلط هذا بأجود وأما إذا أوصى به لمعمر وأوصى ولم يرجع به لمحمد فأيهما من قبل موص يمت يكن لباق وإن عاشا فبينهما اقدد وإن قال أن يقدم سليمان فالذي لسلمان معطاه سليمان فاشهد به لسليمان إن أتى في حياته وإلا لسلمان أبذلنه بأجود وواجب الإيصا على المرء إن يكن عليه حقوق واجبات لتردد ومن رأس مال أدها كلها تصب وإن مات لم توص بها إن تدري تردد

س12: من الذي تصح له الوصية والذي لا تصح له؟ واذكر ما يترتب على ذلك، ووضح معاني ما فيه من الكلمات التي فيها غموض، وإذا قال: ضع ثلثي حيث أراك الله، أو وصى في أبواب البر أو أن يحج عنه بألف أو قال حجة بألف، أو حج الوصي، أو الوارث بإخراجها، أو عين من يحج عنه فأبى، أو وصى بعتق نسمة بألف، فأعتق الورثة بخمسمائة، فما الحكم؟ إذا وصى بعتق عبد زيد، ووصيته له، فأعتق العبد سيده، أو وصى بعتق عبد بألف، أو وصى بشراء فرس للغزو بمعين، وبمائة نفقة له، فاشترى بأقل، أو وصى لأهل سكته، أو لجيرانه، أو لأقرب قرابته، أو لأقرب الناس إليه، أو نحو ذلك فما الحكم؟ وضح ذلك مع ما يتعلق به من مسائل ومحترزات وتقاسيم وأدلة وتعليلات وترجيحات وقيود وأمثلة.

ومن ثلث الباقي تبرعه وإن يقل أخرجوا من ثلثي الواجب ابتدى به فمتى يستغرق الثلث يبطل التبرع في الوجه المجود وقال أبو الخطاب حاصص بينهم ومن رأس مال كمل الفرض تهتد فصل في الموصى له س12: من الذي تصح له الوصية والذي لا تصح له؟ واذكر ما يترتب على ذلك، ووضح معاني ما فيه من الكلمات التي فيها غموض، وإذا قال: ضع ثلثي حيث أراك الله، أو وصى في أبواب البر أو أن يحج عنه بألف أو قال حجة بألف، أو حج الوصي، أو الوارث بإخراجها، أو عين من يحج عنه فأبى، أو وصى بعتق نسمة بألف، فأعتق الورثة بخمسمائة، فما الحكم؟ إذا وصى بعتق عبد زيد، ووصيته له، فأعتق العبد سيده، أو وصى بعتق عبد بألف، أو وصى بشراء فرس للغزو بمعين، وبمائة نفقة له، فاشترى بأقل، أو وصى لأهل سكته، أو لجيرانه، أو لأقرب قرابته، أو لأقرب الناس إليه، أو نحو ذلك فما الحكم؟ وضح ذلك مع ما يتعلق به من مسائل ومحترزات وتقاسيم وأدلة وتعليلات وترجيحات وقيود وأمثلة. ج: الركن الثالث من أركان الوصية: من تصح له الوصية؟ تصح لكل من يصح تمليكه، من مسلم معين كعمر، أولا كالفقراء، وتصح لكافر معين؛ لقوله - سبحانه وتعالى -: {إِلاَّ أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا} . قال محمد بن علي بن أبي طالب: المعروف بابن الحنفية نسبة إلى أمه امرأة من بني حنيفة، قال: إن ذلك هو في الوصية وصية المسلم لليهودي، وقاله عطاء وقتادة كالهبة، فلا تصح لعامة

النصارى ونحوهم. لكن لو أوصى لكافر بعبد مسلم، أو مصحف، أو سلاح، أو حد قذف، لم تصح، وبعبد كافر فأسلم قبل موت موصى بطلت، وكذا بعد موته وقبل القبول؛ لأنه لا يجوز أن يبتدي الكافر ملكًا على مسلم. وتصح الوصية من إنسان لمكاتبه، ولمكاتب وارثه، كما تصح لمكاتب أجنبي من موص؛ لأن المكاتب مع سيده كالأجنبي في المعاملات، فكذا في الوصية، وسواء وصي له بجزء شائع كثلث ماله وربعه، أو بشيء معين كعبد وثوب؛ لأن الورثة لا يملكون مال المكاتب بموت سيده. وتصح الوصية لأم ولده؛ لأنها حرة عند لزوم الوصية، فتقبل التمليك كوصيته أن ثلث قريته وقف عليها ما دامت حاضنة لولدها منه. ويسقط حق أم ولده لو مات الولد؛ لأن قصد الواقف بذلك تربية ولده، والقيام بخدمته، وحفظه من الضياع، فإذا مات الولد انقطع ما لوحظ لأجله، فسقط حقها، عملاً بالشرط، ويصرف مصرف المنقطع، على ما تقدم في الوقف. وإن شرط في وصيته عدم تزويج أم ولده أو زوجته الحرة فوافقت عليه، وأخذت الوصية، ثم تزوجت ردت ما أخذت من الوصية، لبطلان الوصية بفوات شرطها. ولو دفع لزوجته مالاً على أن لا تتزوج بعد موته، ثم تزوجت، ردت المال الذي أخذت لزومًا، فترده للوارث، لفوات الشرط، وكذا لو أعطيته مالاً على أن لا يتزوج عليها فتزوج، رد ما أخذه وجوبًا. وإن وصى بعتق أمته على أن لا تتزوج فمات الموصي، فقالت الأمة: لا أتزوج عتقت لوجود الشرط، فإن تزوجت بعد ذلك لم يبطل عتقها؛ لأن العتق لا يمكن رفعه بعد وقوعه.

وتصح الوصية لمدبره، فإن ضاق ثلثه عنه وعن وصيته بدئ بعتقه؛ لأنه أنفع له منها، وبطل ما عجز عن الثلث. وتصح الوصية لقنه بما شاء كثلثه، وتصح الوصية لقنه بنفسه، بأن يقول: أوصيت لك بنفسك ويعتق كله بقبوله إن خرج، وإن لم يخرج كله من ثلثه، بل خرج بعضه، فإنه يعتق منه بقدر الثلث، أن لم تجز الورثة عتق باقيه. وينتظر بتكليف الصغير، وإفاقة المجنون ليقبل أو يرد وإن كانت الوصية بثلثه وفضل منه شيء بعد عتقه أخذه، ولا تصح الوصية لقن غيره؛ لأنه لا يملك أشبه ما لو وصى لحجر. وقيل: تصح الوصية لعبد غيره، وهذا القول هو الذي اختاره، والله - سبحانه وتعالى - أعلم. ووصية الإنسان لعبد وارثه، كوصيته لوارثه، فتقف على إجازة باقي الورثة، ووصيته لعبد قاتل، كوصيته لقاتله لما تقدم، من أن الوصية إذا قبلها لسيده. ولا تصح الوصية لحمل مشكوك في وجوده حينها، إلا إذا علم وجوده حين الوصية؛ لأنها تمليك فلا تصح لمعدوم، بأن تضعه الأم حيًا لأقل من ستة أشهر، من حين الوصية فراشًا كانت أو بائنًا؛ لأن أقل مدة الحمل ستة أشهر. فإذا وضعته لأقل منها وعاش، لزم أن يكون موجودًا حين الوصية، أو تضعه لأقل من أربع سنين، إن لم تكن فراشًا، أو كانت فراشًا لزوج أو سيد، إلا أنه لا يطؤها لمرض، يمنع الوطء، أو أسر أو حبس أو بُعد عن بلدها، أو علم الورثة أنه لم يطأها، أو أقروا بذلك للحاقه بأبيه، والوجود لازم له فوجب ترتيب الاستحقاق. ووطء الشبهة نادر، وتقدير الزنا إساءة ظن بمسلم، والأصل عدمها، فإن وضعته لأكثر من أربع سنين، لم يستحق

لاستحالة الوجود حين الوصية. تنبيه: ويثبت الملك للحمل من حين قبول الوصية له بعد موت الموصي، وقيل: يثبت بعد الولادة، وقبول الولي يعتبر بعد الولادة لا قبل؛ لأن أهلية الملك إنما ثبتت حينئذ. وإن وصى بالحمل من أمة أو فرس ونحوهما، فلا تصح إلا إذا علم وجوده حين الوصية، وإن وصى لحمل امرأة من زوجها، أو سيدها صحت الوصية له إن لحق به، أي بالزوج أو السيد لا إن نفى الحمل بلعان أو دعوى استبراء، فلا تصح الوصية؛ لعدم شرطه المشروط في الوصية. ولو وصى لحمل امرأة بوصيته، فولدت ذكرًا وأنثى تساويا في الوصية؛ لأن ذلك عطية وهبة، أشبه ما لو وهبهما شيئًا بعد الولادة. ومحل ذلك، إن لم يفاضل الموص بينهما، فإن فاضل بينهما، بأن جعل لأحدهما أكثر من الآخر، فعلى ما قال كالوقف. وإن ولدت أحدهما منفردًا فله وصيته، لتحقق المقتضي، فإن قال موص لحمل امرأة: إن كان ما في بطنك ذكر، فله مائة ريال وإن كان ما في بطنك أنثى فلها خمسون ريالاً فكان في بطنها ذكر وأنثى بولادتها لهما، فلكل واحد منهما ما شرط له؛ لأن الشرط وجد فيهما. ولو كان قال: إن كان ما في بطنك أنثى فلها كذا وإن كان ذكرًا فله كذا فكانا فلا شيء لهما؛ لأن أحدهما بعض ما في بطنها لا كله. وطفل من لم يميز قال في «البدر المنير» : الطفل الولد الصغير من الإنسان والدواب. اهـ. وقال غيره: الطفل من حين يخرج من بطن أمه إلى أن يحتلم، قال الله - سبحانه وتعالى -: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ} ، ويقال: طفل

وطفلة، وفي حديث الاستسقا أن أعرابيًا أنشد النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتيناك والعذراء يدمي لبانها ... وقد شغلت أم الصبي عن الطفل والمطفل ذات الطفل من الإنس والوحش وقد أطفلت المرأة والظبية والنعم، قال لبيد: فعلا فروع الأيهقان وأطفلت ... بالجلهتين ظباؤها ونعامها وقال أبو ذؤيب في الإبل: وأن حديثًا منك لو تبذلينه ... جنى النحل في ألبان عوذ مطافل والصبي من لم يفطم بعد: وفي المحكم من لدن يولد إلى الفطام، وقيل إلى البلوغ. قال في «فتح الباري» في حديث: «علموا الصبي الصلاة ابن سبع» يؤخذ من إطلاق الصبي على ابن سبع الرد على من زعم أنه لا يسمى صبيًا إلا إذا كان رضيعًا، ثم يقال له: غلام إلى أن يصير ابن تسع سنين ثم يصير يافعًا إلى عشر، ويوافق قول الجوهري الصبي الغلام، انتهى. وقيل: الغلام الذي طر شاربه أو هو حين يولد إلى أن يشب، وفي حديث ابن عباس: قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - أغيلمة بني المطلب على أحمرات لنا من جمع فجعل يلطخ أفخاذنا، ويقول: أبني عبد المطلب لا ترموا الجمرة حتى الشمس. وعهود الصبا أوقاته، قال الشاعر: وجنب أوطان الرجال إليهم مآرب قضاها الشباب هنالكا إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم عهود الصبا فيها فحنوا لذالكا

واليافع: المترعرع إلى البلوغ، ومراهق من قارب البلوغ، قال في «القاموس» : راهق الغلام قارب الحلم، قال أبو الطيب: يحدث عما بين عاد وبينه وصدغاه في خدي غلام مراهق وشاب وفتى من البلوغ إلى ثلاثين والكهل من الثلاثين إلى الخمسين قال في «القاموس» : الكهل من وخطه الشيب، ورؤيت له بجالة وهو التعظيم، قال الشاعر: هل كهل خمسين إن شاقته منزلة ... مسفه رأيه فيها ومسبوب وشيخ من الخمسين إلى السبعين سنة، وقيل: إلى الثمانين، وما بعده هرم إلى آخر عمره، فإذا أوصى للهرمين من بني فلان لم يتناول من سنه دون سبعين، وهكذا الحكم فيمن أوصى بشبانهم أو كهولهم أو شيوخهم، فإن الوصية لا تتناول من هو دون ذلك، ولا من هو أعلى. وتصح الوصية لصنف من أصناف الزكاة، كالفقراء، والغزاة، وتصح لجميع أصناف الزكاة؛ لأنهم يملكون، ويعطي كل واحد منهم قدر ما يعطي من زكاة، حملاً للمطلق من كلام الآدمي على المعهود الشرعي. قال في «المغني» : وينبغي أن يعطي كل صنف حيث أوصى لجميعهم ثمن الوصية، كما لو أوصى لثمان قبائل، ويكفي من كل صنف شخص واحد، لتعذر الاستيعاب، بخلاف الوصية لثلاثة عينوا حيث تجب التسوية، لإضافة الاستحقاق إلى أعيانهم. ويستحب تعميم من أمكن منهم، والدفع على قدر الحاجة، وتقديم أقارب الموصى، لما فيه من الصلة، ولا يعطي إلا المستحق، من أهل بلدة الموصى كالزكاة، فإن لم يكن بالبلد فقير، تقيد بالأقرب

إليه، ولا تجب التسوية بينهم، فيجوز التفضيل، كما لا يجب التعميم، وإن وصى لفقراء دخل فيه المساكين. وتصح الوصية لكتب القرآن وكتب علم نافع، كالتوحيد والفقه والفرائض، وأصول الفقه وأصول التفسير والتفسير؛ لأنه مطلوب شرعًا، فصح الصرف فيه كالصدقة. وتصح الوصية لمسجد، كما لو وقف عليه، ويصرف في مصلحته؛ لأنه العرف، ويبدأ الناظر بالأهم، والأصلح باجتهاد، وكذا الوصية لقنطرة وسقاية ونحوها، لنفع المسلمين؛ لأنها قربة. وتصح الوصية بمصحف ليقرأ فيه؛ لأنها قربة، ويوضع بمسجد تصلى الجماعة أو الجمعة فيه أو موضع حريز ليحفظه. وتصح الوصية لفرس حبيس؛ لأنها جهة قربة، فإن مات الفرس الموصى له قبل صرف موصى به أو بعضه، رد موصى به أو باقيه لورثة لبطلان محل الوصية، كما لو أوصى لإنسان بشيء فرد كوصيته، بعتق عبد زيد، فتعذر ذلك بأن مات العبد أو نحوه فثمنه للورثة، وإن أوصى بشرى عبد بألف ليعتق عنه، أو بشرى عبد زيد بالألف، فاشتروا عبد زيد بدون الألف، أو اشتروا عبدًا يساوي الألف بدونها، فالفاضل للورثة؛ لأنه لا مستحق له غيرهم. وإن وصى بشيء في أبواب البر، صرف في القرب جميعها؛ لعموم اللفظ وعدم المخصص، ويبدأ منها بالغزو، بالجهاد في سبيل الله، وجزء يتصدق به، وجزء في الحج، وليس هذا على سبيل اللزوم والتحديد، بل يجوز صرفه في جهات البر كلها؛ لأن اللفظ للعموم، فيجب حمله على العموم. ولا يجوز تخصيص العموم بغير دليل، وربما كان غير هذه الجهات أحوج من بعضها وأحق، وقد تدعو الحاجة إلى تغسيل ميت

وتكفينه، وترميم مسجد أو بنائه، أو إصلاح طريق أو فك أسير أو إعتاق رقبة، أو قضاء دين أو إصلاح بين المسلمين أو إغاثة ملهوف، أكثر من دعائها إلى حج من لم يجب عليه. وإن قال الموصى: لمن جعل له رف ثلثه، ضع ثلثي حيث أراك الله، فله صرفه في أي جهة من جهات القرب رأى وضعه فيه، عملاً بمقتضى وصيته. والأفضل صرفه لفقراء أقارب الموصى غير الوارثين؛ لأنها فيهم صدقة وصلة، فإن لم يكن للموصى أقارب من التسب، فإلى محارمه من الرضاع، كأبيه وأخيه وعمه ونحوهم من رضاع. فإن لم يجد له محارم من الرضاع، فإلى جيرانه، الأقرب فالأقرب ولا يجب ذلك؛ لأنه جعل ذلك إلى ما يراه، فلا يجوز تقييده بالتحكم. ولو وصى بفكاك الأسرى، أو وقف مالاً على فكاكهم صرف من يد الوصي أو وكيله. وله أن يقترض عليه، ويوفيه منه، وكذا في سائر الجهات. ومن أفتك أسيرًا غير متبرع جاز صرف المال إليه، وكذا لو اقترض غير الوصي مالاً فك به أسيرًا جاز توفيته منه. وما احتاج إليه الوصي في افتكاكهم من أجرة صرف من المال، ولو تبرع بعض أهل الثغر بفدائه، واحتاج الأسير إلى نفقة الإياب، صرف من مال الأسرى. وكذا لو اشترى من المال الموقوف على افتكاكهم، أنفق عليه منه إلى بلوغ محله، قاله في «الاختيارات» . وإن أوصى من لا حج عليه أن يحج عنه بألف، صرف الألف من الثلث إن كان الحج تطوعًا في حجة بعد أخرى لمن يحج راكبًا أو راجلاً، بدفع لكل من الراكب والراجل قدر ما يحج به فقط. ولا يدفع إليه أكثر من نفقة المثل؛ لأنه أطلق في المعاوضات

فاقتضى ذلك عوض المثل، كالتوكيل في البيع والشراء، حتى ينفذ الألف؛ لأنه وصى بجميعه في جهة قربة، فوجب صرفه فيها. كما لو وصى في سبيل الله، فلو لم يكف الألف للحج به من بلد الموصى، أو لم يكف البقية منه، أن صرف منه في حجة، أو أكثر، وبقي شيء لا يمكن أن يحج به من بلد موص، حج بألف أو الباقي، من حيث يبلغ؛ لأنه قد عين صرفه في الحج، فصرف فيه بحسب الإمكان. ولا يصح حج وصي بإخراج الألف للحج؛ لأنه منفذ، فهو كقوله تصدق عني بكذا، لا يأخذ منه، وكذا لو وصى بصرفه في الغزو، ولا يصح حج وارث به؛ لأنه خلاف ما يظهر من غرض موص. وإن قال: يحج عني حجة بألف دفع الكل إلى من يحج به؛ لأنه مقتضى الوصية، فإن عين من يحج عنه، بأن قال: يحج عني محمد بألف، فأبى محمد أن يحج عنه، بطلت الوصية في حقه، بمعنى أنه بطل تعيينه؛ لأنها وصية فيها حق للحج، وحق للموصى له. فإذا رد بطل في حقه دون غيره، كقوله: بيعوا عبدي لفلان وتصدقوا بثمنه، وكذا لو لم يقدر الموصى له بفرس في السبيل على الخروج. وإن قبل أن يحج عنه، فله أخذه قبل التوجه؛ لأنه مأذون في التجهيز به، ومن ضرورته الأخذ قبله لكن لا يملكه بالأخذ؛ لأن المال جعل له على صفة، فلا يملك بدون تلك الصفة. ولا يعطي المال إلا أيام الحج احتياطًا للمال، ولأنه معونة في الحج فليس مأذونًا فيه قبل وقته، والبقية بعد نفقة مثله للورثة؛ لأنه لا مصرف لها لبطلان محل الوصية بامتناع المعين من الحج، كما لو وصى به لإنسان فرد الوصية، وإن لم يمتنع المعين من الحج أعطى الألف؛ لأنه موصى له بالزيادة بشرط حجة، وقد بذل نفسه للحج،

فوجب تنفيذ الوصية على ما قال موص، وحسب الفاضل من الألف عن نفقة مثل لتلك الحجة في فرض من الثلث؛ لأنه المتبرع به. ونفقة المثل فيها من رأس المال؛ لأنها من الواجبات، وحسب الألف جميعه إن كانت الوصية في حج نفل، من الثلث؛ لأنها تطوع بالألف، بشرط الحج عنه. ولو وصى بثلاث حجج إلى ثلاثة رجال، صح صرفها إلى الثلاثة في عام واحد؛ لإطلاق الوصية وإمكان الفعل. وإن كان على الموصى فرض، فيحرم النائب بالفرض أولاً لتقدمه، فإن أحرم بغيره قبله وقع عن الفرض، وتقدم البحث فيه بالحج، وكذا إن وصى بثلاث حجج، ولم يقل إلى ثلاثة، وكذا لو قال: حجوا عني بألف، وأمكن أن يستناب جماعة في عام واحد. ويكون معنى قولهم صرف في حجة بعد أخرى، أي بعد الصرف في حجة أخرى، وإن لم يحصل بالمباشرة إلا بحجة واحدة؛ لأنه لا يتسع لأكثر، ولا يستلزم ذلك أن لا يحصل بالنائب أكثر؛ لأن النائب إذا تعدد أمكن الاتساع، فأمكن تعدد الوقوع. وتلف مال بطريق على موصى غير مضمون على النائب؛ لأنه مؤتمن بالإذن في إثبات يده، أشبه المودع، والتصرف بالإنفاق لا يوجب ضمانًا، ولا يزيد ائتمانًا؛ لأنه مأذون فيه، كما في إنفاق المضارب بالإذن، وليس على نائب تلفت نفقته بغير تفريط إتمام الحج. ولا يضمن ما كان أنفق لوجود الإذن، وكذا لو مات أو أحصر أو مرض، أو ضل الطريق للإذن فيه. وإن رجع خشية أن يمرض وجب الضمان؛ لأنه صحيح والعذر موهوم، وللمعذور ممن ذكر نفقة رجوع، وإن مضى من ضاعت منه

النفقة، فما أنفق من ماله أو مال استدانه، رجع به على التركة إذا عاد، إن كان واجبًا. وإن مضى من ضاعت النفقة منه للحج، عن آخر بنفقة يأخذها، جاز لانقطاع علاقته عن الأول بنفاد نفقته، ولانتفاء اللزوم، وعلى الموصى استنابة ثقة؛ لأن في الحج أمانة. ووصية بصدقة أفضل من وصية بحج تطوع. ولو وصى بعتق نسمة بألف، فأعتقوا نسمة بخمسمائة، لزم الورثة عتق نسمة أخرى بخمسمائة، حيث احتمل الثلث الألف، وإن قال موص: اعتقوا أربعة أرقًا بعشرة آلاف جاز الفضل بينهم، ما لم يسم لكل واحد ثمنًا معلومًا، فإن عينه وجب على ما قاله. ولو وصى بعتق عبد زيد، ووصية له، بأن قال: يشتري عبد زيد ويعتق ويعطى مائة، فأعتقه سيده، أخذ العبد الوصية بالمائة؛ لأن الموصى قد أوصى بوصيتين، عتقه وإعطائه المائة، فإذا فات عتقه لسبق سيده به بقيت الأخرى. ولو وصى بعتق عبد من عبيده بألف، اشترى بثلثه إن لم يخرج الألف من الثلث ولم تجز الورثة. ولو وصى بشرى فرس له للغزو، بمعين كألف، ووصى بمائة نفقة للفرس، فاشترى الفرس بأقل من الألف، والثلث يحتمل الألف والمائة، فباقي الالف نفقة للفرس مع المائة، وليست إرثًا؛ لأنه أخرج الألف والمائة في وجه واحد وهو الفرس، فهما مال واحد بعضه للثمن، وبعضها للنفقة عليه، وتقدير الثمن من المال، وتبقى بقيته للنفقة. وإن وصى لأهل سكنه، فالموصى به لأهل زقاقه، ويقال: أهل سوقه، والزقاق: الدرب، وكانت الدروب بمدينة السلام تسمى سككًا، فيستحق من كان ساكنًا به حال الوصية؛ لأنه قد يلحظ

أعيان سكانها الموجودين لحصرهم. ولو وصى لأهل العلم فلمن اتصف به من العلوم الشرعية، أو ما هو وسيلة إليها كالقواعد. ولو وصى بما في هذا الكيس المعين، لم يتناول المتجدد فيه بعد الوصية. ولو وصى لحفظة القرآن، أو لأهل القرآن فللحفظة، ولو وصى لجيرانه، تناول أربعين دارًا؛ لقوله –عليه الصلاة والسلام-: «الجار أربعون دارًا، هكذا، وهكذا، وهكذا، وهكذا» رواه أحمد. وقيل: الجار الملاصق فقط، وهو قول أبي حنيفة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الجار أحق بصقبه» يعني بالشفعة، وإنما يثبت للملاصق. والذي تطمئن إليه نفسي أنه يرجع في ذلك إلى العرف والحديث لو صح لا يجوز العدول عنه، ولكنه ضعيف أفاده الهيثمي في «مجمع الزوائد» ، والله أعلم بالصواب. وإن وصى لأقرب قرابته أو وصى لأقرب الناس غليه، أو وصى لأقربهم به رحمًا، وللوصي أب وابن أو له جد وأخ لغير أم، فهما سواء، حيث لم يرثا لمانع، أو أجيز؛ لأن الأب والابن كل منهما يدلي بنفسه بلا واسطة، والجد والأخ يدليان بالأب. وأخ من أب، وأخ من أم، إن دخل الأخ من أم في القرابة سواء؛ لاستوائهما في القرب. ومذهب الحنابلة لا يدخل في القرابة، وولد الأبوين أحق من الأخ لأب فقط، والأخ للأم فقط؛ لأن من له قرابتان أقرب ممن له قرابة واحدة. والإيناث كالذكور في القرابة، فالابن والبنت سواء، والأخ والأخت سواء، والأب أولى من ابن الابن، ومن الجد ومن الأخوة. وفي «الترغيب» : أن ابن الابن أولى من الأب، وكل من قدم قدم

ولده، إلا الجد فإنه يقدم على بني إخوته وأخاه لأبيه، فإنه يقدم على ابن أخيه لأبوين. وإن أوصى للأيتام، لم يدخل فيه من له أب؛ لأن اليتيم من بني آدم من مات أبوه ولم يبلغ، فلا يدخل فيه البالغ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يتم بعد الحلم» . وإن أوصى للأيامى فالأيامى جمع أيم، وهي المرأة التي لا زوج لها بكرًا كانت أو ثيبًا، وكل ذكر لا أنثى معه، قال الشاعر: فإن تنكحي أنكح وأن تتأيمي ... وإن كنت أفتى منكم أتأيم وقال جميل: أحب الأيامى إذ بثينة أيم ... وأحببت لما أن غنيت الغوانيا وقال التبريزي في «شرح ديوان أبي تمام» : قد كثر استعمال هذه الكلمة في الرجل إذا ماتت امرأته، وفي المرأة إذا مات زوجها، وفي الشعر القديم ما يدل على أن ذلك بالموت، وبترك الزوج من غير موت. قال الشماخ: يقر لعيني أن أحدث أنها ... وإن لم أنلها أيم لم تزوج وقيل: إنها الثيب، واستدل له بما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها» حيث قابلها بالبكر.

وقال الشاعر: خلقنا رجالاً للتجلد والعزى ... وتلك الأيامى للبكاء والمآثم وقال الآخر: ولا تنكحن الدهر ما عشت أيمًا ... مجربة قد مل منها وملت وإن وصى للأرامل فهو للنساء اللائي فارقن أزواجهن بموت أو غيره، وهو من أرمل المكان إذا صار ذا رمل، وأرمل الرجل إذا صار بغير زاد لنفاده وافتقاره، وأرملة المرأة فهي أرملة، وهي التي لا زوج لها لافتقارها إلى من ينفق عليها. وقال ابن السكيت: والأرامل المساكين، رجالاً كانوا أو نساء. وفي شعر أبي طالب في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على ذلك: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل وقال الشعبي وإسحاق: هو للرجال والنساء، وأنشد أحدهما عليه: هذه الأرامل قد قضيت حاجتها ... فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر وقال الآخر: ليبك على ملحان ضيف مدفع ... وأرملة تزجي مع الليل أرملاً وقال آخر: أحب أن أصطاد ظبيًا سخيلاً ... رعى الربيع والشتاء أرملاً وقيل: لا يقال: أرمل إلا في الشعر، قاله ابن الأنباري، وقال الخليل: يقال: امرأة أرملة، ولا يقال: رجل أرمل إلا في مليح الشعر، قالوا: وقول جرير محمول عليه، أو هو شاذ كما قال ابن الأنبار أو لازدواج الكلام، قال - سبحانه وتعالى -: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} ،

وقال: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ} ، وكما قال الشاعر: فإن تنكحي أنكح وإن تتأيمي ... مدى الدهر ما لم تنكحي أتايم ومعلوم أن الرجل لا يسمى أيمًا لكن أطلق عليه لازدواجه بقوله: «وأن تتأيمي» . من النظم فيما يتعلق بالموصى له: وللجائز التمليك صحح وصية ولو لكفور الحرب أو ذمة جد ووجهان في مرتدهم وتصح للمكاتب ومن دبر وأم مولد فإن لم يسع ثلث مدبره وما يوصى به فالعتق للسبق فابتد وقال أبو يعلى يحرر بعضه ويملك من الإيصا بقدر المشرد وصحح بنحو الثلث أيضًا لعبده وأعتقه منه أو على قدره قد فإن زاد عنه الثلث سلمه فاضلاً وألغ لشخص أو بألف بأوكد وموصى له بالربع وهو كتسع ما لموصى بباقي الريع أعتق وارفد وقيل بل أكمل بالسراية عتقه من الثلث وامنحه بريع المعدد وإن لم يسع ثلث الموصى وصية المدبر مع مقداره أن يردد فاعتقه ثم ألغ ما لم يسع كذا وقيل اعتقن بعضًا ومقداره أزيد

وينفذ إيصاه لعبد لغيره وكل متى يقبله عبد لسيد وموصى بعتق أنثى بشرط تأيم فتعتق فتنكح بعد لم تتعبد وموص لها مع ذا بألفين أو لمن قد أولدها أن تنكح اردد بأجود وبالحمل أن يملك وللحمل صححن متى تلق حيًا دون ميت ولو ودى إذا ما حكمنا حين الإيصا بكونه من أم فراش وطء زوج وسيد بأن تلد الموص به ستة من الشهور فأدنى منذ الإيصاء له أشهد وأن تلقه من بعد ستة أشهر ولم يلتحق بالواطئ المتقصد سوى بجماع كان قبل وصية فصحح بذا التقدير أو لا فأفسد ومن بائن أن تلقه بعد فرقة لما دون أدنى وقت حمل بأجود ولا ينفذ الإيصا لمن ولدته ذي لما فوق مذكور بوصف مقيد وللحمل من زوج ومولى فشرطه لحاق به في نسبة دون مبعد وكالذكر الأنثى متى تطلقن وأن تعرض لمعدوم من الحمل تفسد وفي إن كان أنثى حملها فله كذا وإن ذكرًا يعطى كذا أن يتعدد

فلا شيء يعطى واحد منهما وأن تلد واحدًا فامنحه شرطك تقصد وإن قتل الموصى له موصيًا أو المدبر لغا الإيصا وتدبير أعبد وإن جرحاه ثم أوصى فمات لم يهي لهما الإيصا وقيل بأوكد وموص لأصناف الزكاة وبعضهم يصح ويعطي كالزكاة المحدد وقد قيل ثمن كل صنف له هنا ومن كل صنف يجر إعطاء مفرد وإن قال ضع ثلثي حيث ترى ليجتهد في الذي أولى وقرباه أكد وموص لكتب الذكر والعلم محسن وقوت حبيس أو عمارة مسجد ومال حبيس الخيل إن مات أعطه وفاضله وراث موص بأوطد ومن في سبيل الله يوصي فذلكم لأهل جهاد الكفر لا الحج أورد وإن قال يخدم عبدي الفضل عامة فيعتق ولو أبقى فمن بعد شرد وإن قال يشري عبد زيد بستة فيعتق أن يتبع بما دون فاردد البقية للوارث أو كله مع امتناع شرًا أو عجز ثلث المفقد ومن لا عليه الحج أن يوص عنه أن يحج بألفيه من الثلث زود

بها كلها في حجة بعد حجة كفايتها من حيث حل أو اجهد وأعط جميع الألف من حج عنه أن يقل حجة بالألف من ثلثه قد وأن يأب حجا من يعينه لها ويطلب باقي الألف يمنع ويصدد كذا الحكم فيمن يلزم الحج فيهما وفاضل أجر المثل في النفل أوفد من الثلث لكن إن أبى الحجة الذي يعينه أوفد سواه وأمدد بأجره مثل والذي فوقها إذا لوارث موص بل النفل بأجود ومن يوصي في أبواب بر فصرفه على كل معروف من القرب اقصد وقيل إلى قوم المساكين صرفه وحج وغزو ثم قراه أورد وعنه مكان الحج فك أسيرنا وما زاد من فضل ففي الوقف فاعهد ومن أحب الكلام على بحث الأيامى والفتيان والعزاب ونحوهم فقد ذكرنا في الوقف ما يغني عن إعادته هنا في الجزء السادس في آخره (ص381، 382، 383) ، والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وسلم. ولا تصح الوصية لكنيسة وبيعة أو بيت نار أو مكان من أماكن الكفر سواء كانت ببنائه أو بشيء ينفق عليه؛ لأنه معصية، فلا تصح الوصية، كوصيته بعبده أو أمته للفجور أو بشراء خمر أو خنزير، يتصدق به على أهل الذمة، مسلمًا كان الموصى أو كافرًا.

ولا تصح الوصية لمن يظهرون في المنكرات والملاهي؛ لأن ذلك إعانة على المعاصي لما في هذه الملاهي من الصد عن ذكر الله وطاعة الله، ولما فيها من إفساد الأخلاق وقتل الأوقات فيها وضياع الأموال، ولا تصح الوصية للقائمين على هذه المنكرات ولا لمن يحضرونها ويشجعونها ويستمعون لها لما في ذلك من المفاسد العظيمة والأضرار الجسيمة على الدين والبدن والمال، نسأل الله أن يزيلها عن المسلمين. ولا تصح الوصية لكت التوراة والإنجيل؛ لأنهما منسوختان، وفيهما تغيير وتبديل والاشتغال بهما غير جائز، وقد غضب النبي - صلى الله عليه وسلم - حين رأى مع عمر شيئًا مكتوبًا من التوراة. قلت: فكيف لو رأى من يدرس القوانين الوضعية، نعوذ بالله من الانتكاس وعمي البصيرة. وكيف لو رأى من يتعلم على الكافر، يجلس بين يديه ويعظمه ويضاحكه ويداعيه ويتلطف له، ويباشره مباشرة لو رآها من ثبت الله الإيمان في قلبه لأوشك أن يذوب قلبه ويحترق جسمه. فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، قال - سبحانه وتعالى -: {ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ، وقال: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} اللهم نسألك باسمك الأعظم أن تبعث لدينك أنصارًا. ولا تصح الوصية لملك، أو ميت؛ لأنهما لا يملكان، أشبه ما لو وصى لحجر، ولا تصح لجني. وإن أوصى لميت يعلم موته حال الوصية، أو لا يعلمه ولحي بأن أوصى بعبد مثلاً لزيد وعمر، وزيد ميت، فللحي

النصف من الموصى به؛ لأنه أضاف الوصية إليهما، فإذا لم يكن أحدهما أهلاً للتمليك بطلت الوصية في نصيبه دون نصيب الحي، لخلوه من المعارض، كما لو كانت لحيين فمات أحدهما. ويل: يكون الكل للحي؛ لأنه لما أوصى بذلك مع علمه بموته فكأنه وقصد الوصية للحي وحده. والقول الأول هو الذي تميل إليه نفسي، والله سبحانه أعلم. ولا تصح الوصية لكتب سحر، أو تعزيم أو تنجيم، ولا لكتب أهل البدع، والكتب السخيفة القاتلة للوقت بما لا يعود منه إلا الضرر. ولا تصح لكتب الملاحدة كابن سيناء والفارابي والطوسي وابن عربي وابن رشد والحلاج والعلاف وأرسطاليس، وأفلاطون، ونحو هؤلاء، ولا للكتب التي تحتوي على صور ذوات الأوراح ولا للمجلات، والصحف التي تحتوي عليها، وعلى الأمور الخليعة التي كم أفسدت من عقائد وخربت من أخلاق، وأضاعت من أوقات ونقود، وسببت من عقوق، وقطيعة وتفرق، وأضرار لا يعلم مداها إلا الله العليم الخبير. ولا يصح جعل الكفر أو الجهل شرطًا في الاستحقاق، فلو وصى لأجهل الناس، لم تصح قاله الشيخ تقي الدين. وقال أبو الفتح البستي: أجهل الناس من كان على السلطان مدلاً وللإخوان مذلاً، كاتباع الظلمة الذي يبيعون دينهم بدنيا غيرهم، ولا يبالون بتحصيل المال بأي وجه أمكن، ولا يبتغون سوى مرضاة من يوليهم الولايات، ويبارزون لأجله جبار السموات، مع أنه ينتقم منهم في بعض الأحيان ويذيقهم العذاب الشديد من الذل والهوان. وبمجرد خلاصهم مما له من إشراك، يتوسلون إليه

ليعيدهم إلى ما كانوا عليه من الانهماك، فلا ريب أن هؤلاء أجهل الناس، وأطوعهم لمتبوعهم الوسواس الخناس. فمن كان مصنفًا بهذه الصفات الرديئة ينبغي أن لا تصح له الوصية، بل يعود كباقي التراث، ويحوزها أقارب الموصى من ذكور وإناث؛ لأن المقصود من الوصية إنما هو البر والصلة. وهؤلاء ليس من أهلها، وفي دفعها إليهم إعانة على تماديهم في الظلم، والتعدي بأكل أموال الناس بالباطل، لتمكن الجهل منهم واستيلائه عليهم. وإن أوصى لوارث وأجنبي، فرد الورثة، فللأجنبي السدس. وإن وصى من له ابنان بماله كله لابنيه وأجنبي، فرداها فللأجنبي التسع، ولو أجيزت الوصية كان له ثلث المال؛ لأنه ثالث ثلاثة، فله مع الرد ثلث الثلث. وإن وصى بثلثه لزيد، وللفقراء والمساكين، فلزيد التسع والتسعان للفقراء والمساكين، إذ الوصية لثلاث جهات، فوجب التسوية بينها، كما لو أوصى لثلاثة أنفس. ولا يستحق زيد مع الفقراء والمساكين بالفقر والمسكنة لاقتضاء العطف المغايرة. ولو قال لزيد والفقراء والعلماء، فلزيد الثلث، ولو وصى بشيء لزيد، وبشيء آخر للفقراء وزيد منهم لم يشاركهم. وإن وصى لزيد بشيء، وبشيء لجيرانه، وزيد مع جيرانه لم يشاركهم بكونه جارًا. وإن وصى لقرابته وللفقراء، فلقريب فقير سهمان، ذكره أبو المعالي؛ لأن كلاً من وصفيه سبب للاستحقاق، فجاز تعدد استحقاق، بتعدد وصفه.

ولو وصى له ولأخوته بثلث ماله، فله النصف؛ لأن زيدًا جهة والأخوة جهة، وقيل: إنه كأحدهم، والأول أرجع عندي والله أعلم. ولو قال: وصيت به لجاري فلان، باسم مشترك لم يصح؛ لإبهام الموصى له وتعيينه شرط فإن كان ثم قرينة أو غيرها، أنه أراد معينًا منهما وأشكل، صحت الوصية، وأخرج المستحق منهما بقرعة، إذ القرعة تستعمل عند اشتباه المتسحقين، وعند تزاحمهم، وليس أحدهم أولى من الآخر. ولو قال: عبدي غانم حر بعد موتي، ولغانم مائتا درهم، وللموصي عبدان يسميان بهذا الاسم، الذي هو غانم، ثم مات الموصي، عتق أحدهم بقرعة، ولا شيء لمن خرجت له القرعة من الدراهم الموصى بها، ولو خرجت من الثلث؛ لأن الوصية بها لغير معين، فلم تصح. ويصح قول موصي أعطوا ثلثي أحدهما، كأعتق أحد هذين العبدين من عبيدي، وللورثة الخيرة فيمن يعطوه الثفث منهما أو يعتقوه؛ لأن ذلك أمر بالتمليك، أو العتق فصح بهذين، بخلاف وصيت فإنه تمليك معلق بالموت، فلم يصح لمبهم. ولو وصى ببيع عبده لزيد ألعمرو، أو قال: بعه لأحدهما صح والخيرة للمجعول له ذلك، ولا تصح الوصية ببيعه مطلقًا؛ لأن الوصية لابد لها من مستحق، وقد انتفى هنا. ولو وصى لشخص بخدمة عبده سنة، ثم هو بعد خدمته للموصي له سنة حر، فوهب الموصى له بالخدمة العبد الخدمة، أورد الوصية بالخدمة، عتق العبد منجزًا، وقيل: لا يعتق في الصورتين إلا بعد السنة، والأول عندي إنه أرجح، والله أعلم. ومن وصى بعتق عبد بعينه، أو وصى بوقفه لم يقع

العتق، أو الوقف حتى ينجزه الورثة؛ لأن الوصية بذلك أمر بفعله، فلم يقع إلا بفعل المأمور، كالتوكيل في ذلك. لكن هنا يلزم تنفيذ الوصية، فإن أبى وارث تنجيزه، فحاكم ينجزه، ويكون حرًا أو وقفًا من حين أعتق أو وقف، وولاؤه لموص، وكسب الموصى بعتقه ووقفه بين موت موص وتنجيزه لما أوصى به من عتق أو وقف إرث لبقائه في الملك إلى التنجيز. ومن يوص في إثم كإحداث بيعة وكتب لتوراة والإنجيل يردد وشارب خمر أو مغن ونحو ذي من العون في فعل المعاصي لمعتدي وسيان إيصاء التقي وفاجر بهذا وإيصا ذمة وموحد وللملك الإيصاء ملغ كميت ومن ليس أهل الملك مطلقًا أورد فموص لمن لم يملك الملك مطلقًا وزيد ليعطي الكل أزيد بأوطد وموص لإنسانين حي وميت مع الجهل نصف المال للحي أرفد وكل له مع علم موت بأجود وذا ظاهر التعليل من لفظ أحمد وقيل لحي نصفه مثل قوله ليقسم ما بين الوصيين فأشهد وموص لشخص أجنبي ووارث بثلث فسدس عند رد لأبعد وإن يوص بالثلثين إن رد وارث فللأجنبي الثلث غير مصدد

وإن خصصوا بالرد فوق ثلثهم فبينهما أقسمه وقيل لمبعد وإن جوزوا الإيصا لوارثهم فقط فسلم إليه الثلث غير مزهد وللأجنبي الثلث أيضًا وقيل بل له السدس يعطاه بغير تزيد وبينهما الموصى به في إجازة بكل امرئ من غير خلف معدد وإن يوص لابنيه وزيد بماله فردا على زيد فتسعًا ليرفد وفي قول محفوظ له الثلث كله وفيه من التفريع مثل الذي ابتدى وموصى لزيد أو لآل بثلثه لزيد جميع الثلث غير مصدد وموص لزيد والمساكين يا فتى بشيء لزيد نصفه قس وعدد ولكن عرف الناس يأباه فاجعلن له الربع أو سبعًا من الفقرا ازدد ففي الفقراء الشيخ والمبتدين والإمام وذي التأذين والقيم احدد لشيخهم عشر وإن كان معهم معيد فسهم بعد عشر له قد وباقيه للباقين كل له الذي يرى ناظرًا في الوقف مع حسن مقصد وقيل كفرد منهم أن يحصروا له وكم لا سوى محصور جمع مزيد

س13: تكلم بوضوح عما يلي: ما الذي يعتبر نحو الموصى به؟ وما الذي لا يعتبر؟ وما الذي تصح به الوصية والذي لا تصح به؟ إذا اختف العرف والحقيقة فأيهما يغلب؟ وما الحكم فيما إذا قال الموصى أعطوا فلانا ثوبا أو وصى لأحد بكلب أو بكلاب أو قال: أعطوا فلانا دابة أو شاة أو حصان أو فرس، أو قال: أعطوه عبدا من عبيدي أو عبدا من مالي أو مائة ريال أو نحو ذلك.

وموص لزيد بالعبا وبثلثه لقوم أولى وصف جلي مقيد فلاحظ في الثلث لزيد ولو غدا مشاركه في الوصف في نص أحمد وموص لواحد ذين أو جاره العلي وللموص جاران اسمهما العلي اردد وعن أحمد بل صححنها كقوله بثلثين من هذين جود لمفرد ولو قال في الأولى فعبدي غانم إذا مت حرًا ثم ألف ليرفد وللمرء عبدان اسم الاثنين غانم فبالقرعة اعتق واحدًا لا تزيد وليس له شيء من الألف يا فتى وفي الثاني يعطي الألف من ثلث ملحد ولا يعتق العبد الموصى بعتقه إلى عتق وراث الموصي المفقد ومعتقه السلطان إن لم يحرروا وبالكسب من موت الموصي له جد الموصى به وبيان أحكامه س13: تكلم بوضوح عما يلي: ما الذي يعتبر نحو الموصى به؟ وما الذي لا يعتبر؟ وما الذي تصح به الوصية والذي لا تصح به؟ إذا اختف العرف والحقيقة فأيهما يغلب؟ وما الحكم فيما إذا قال الموصى أعطوا فلانًا ثوبًا أو وصى لأحد بكلب أو بكلاب أو قال: أعطوا فلانًا دابة أو شاة أو حصان أو فرس، أو قال: أعطوه عبدًا من عبيدي أو عبدًا من مالي أو مائة ريال أو نحو ذلك. وإذا أوصى بدفن كتب العلم فما الحكم؟ وهل تدخل فيها كتب أهل الكلام؟ إذا وصى بإحراق ثلث ماله، أو أوصى بدفن

ثلث ماله في التراب فما الحكم؟ وهل يدخل الحادث بعد الوصية؟ وهل تدخل ديته في وصيته، وضح ذلك مع ذكر ما يتعلق بذلك من تقارير، واذكر الجواب عنها، ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر المحترزات، والتقاسيم، والأدلة والتعليلات وكل ما يدول حول ذلك من مسائل، ورجح ما يحتاج إلى ترجيح. ج: هو آخر أركان الوصية الأربعة، وهي: موص، وصيغة، وموص له، وموص به، ويعتبر في الموصى به إمكانه، فلا تصح الوصية بمدبر؛ لعدم إمكانه بحريته، بموت الموصي، ولا بحمل أمته الآيسة، ولا بخدمة أمته الزمنة، وفي عرفنا ولغتنا الشعبية المحرولة. ويعبتر اختصاص الموصى به بموص، وإن لم يكن مالاً كجلد ميتة ونحوه، فلا تصح وصيته بمال غيره، ولو ملكه بعد الوصية، بأن قال: وصيت بمال محمد، أو ثلثه، فلا تصح الوصية، ولو ملك الموصي مال محمد بعد الوصية، لفساد الصيغة حينئذ، بإضافة المال إلى غيره. وتصح الوصية بإناء ذهب، أو إناء فضة؛ لأنه مال يباح الانتفاع به على غير هذا الوجه، وذلك بأن يكسره أو يصبه أو يغير هيئته، فيجعله حليًا يصلح للنساء ونحوه، كالأمة المغنية. ولا تصح الوصية بما لا نفع فيه كخمر وميتة وخنزير، وسباع من بهائم، وطيور لا تصلح لصيد، لعدم نفعها؛ لأن الوصية تمليك، فلا تصح بذلك كالهبة. وقد حث الشارع على إراقة الخمر وإعدامه، فلا يجوز صحة الوصية فيه إلا لمضطر لأكلها أو لإزالة لقمة غص بها ولم يحضره غيرها. ولا تصح الوصية بفيديو ولا بتلفزيون ولا سينماء ولا

بمذياع ولا اسطوانات الأغاني ولا أشرطة الأغاني هجاء أو تشبيبًا أو نحو ذلك مما يلهي ولا خير فيه ولا بدخان ولا بأوانيه ولا بصور ذوات الأرواح مجسدة أو غير مجسدة ولا بكاميرات التصوير لذوات الأرواح ولا بكورات ولا بمحل لهذه المنكرات المحرمات التي لا يجوز بيعها ولا شراؤها ولا استعمالها ولا اتخاذها لما فيها من الصد عن ذكر الله، ولما فيها من إفساد الأخلاق والأموال وضياع الأوقات وإشغال العباد عما خلقوا له من عبادة الله وطاعته ولما فيها من أحداث العداوة والبغضاء والتفرقة بين المسلمين قلوبًا وأبدانًا ونشر المعاصي بين الناس وتعظيم الكفرة والمنافقين والفاسقين والظالمين. وتصح الوصية بما يعجز عن تسليمه لو كان واجبًا عليه حال الوصية، ولموص له السعي في تحصيله، فإن قدر عليه خرج من الثلث. ومثال العجوز عنه الآبق من الأرقاء والشارد من الدواب وكالطير في الهواء، وكالحمل بالبطن واللبن في الضرع؛ لأن الوصية أجريت مجرى الميراث، وهذا يورث فيوصى به، ولا فرق في الحمل أن يكون حمل أمة أو حمل بهيمة مملوكة؛ لأن الغرر لا يمنع الصحة، فجرى مجرى إعتاقه. ويعتبر جودة في الأمة بما يعتبر وجود الحمل الموصى له، وإن كان حمل بهيمة، اعتبر وجوده بما يثبت به وجوده في سائر الأحكام. وتصح الوصية بمعدوم؛ لأنه يجوز أن يملك في السلم والمضاربة والمساقاة، فجاز أن يملك بالوصية، وذلك كوصيته بما تحمل أمته، أبدًا ومدة معينة، أو بما تحمل شجرته أبدًا أو مدة معينة كسنة أو سنتين ونحو ذلك. ولا يضمن الوارث السقي؛ لأنه لا يضمن تسليمها بخلاف مشترك، وكوصية بمائة من دراهم أو غيرها لا يملكها

موص حال وصيته، وليس هذا من قبيل الوصية بمال غيره؛ لأنه لم ينظمها إلى ملك إنسان سواه. إذا تقرر هذا فإن حصل شيء مما وصى به من المعدوم، فلموصًا له، أو قدر موص على المائة التي لم تكن في ملكه، أو قدر على شيء منها عند موت الموصى، فهو لموصى له، بمقتضى الوصية، إلا حمل الأمة الموصى له به، فيكون له قيمته، لئلا يفرق بين ذي رحم في الملك. وتعتبر القيمة يوم الولادة، إن قبل قبلها، وإلا فوقت القبول وإلا يحصل شيء من ذلك، بطلت الوصية؛ لأنها لم تصادف محلاً، كما لو وصى بثلثه، ولم يخلف شيئًا، وكذا لو لم تحمل الأمة حتى صارت حرة، فإن وطئت في الرق بشبهة وحملت فعلى واطئ قيمة الولد الموصى له به. وتصح الوصية بغير مال، ككلب مباح النفع، وهو كلب صيد، وماشية وزرع، وجرو يربى لما يباح اقتناؤه له مما ذكر؛ لأن فيه نفعًا مباحًا، وتقر اليد عليه، غير كلب أسود بهيم؛ لأنه لا يباح صيده ولا اقتناؤه، فإن لم يكن للموصي كلب مباح، لم تصح الوصية سواء قال: من كلابي أو مالي؛ لأنه لا يصح شراؤه، ولا قيمة له، بخلاف متمول ليس في ملكه فيشتري له من التركة. وتقسم الكلاب المباحة بين الورثة، أو بينهم وبين الموصى له بشيء منها، أو بين الموصى لهم بها بالعدد لا بالتقويم، فإن تشاحوا، أقرع. وتصح الوصية بزيت ودهن متنجس لغير مسجد؛ لأنه فيه نفعًا مباحًا، أما المسجد فيحرم فيه. ولا تصح الوصية به للمسجد؛ لأنه لا يجوز الاستضاءة به، وللموصى له بالمباح ثلثهما، ولو كثر مال الموصى؛ لأنه حق اليد عليه فلا تزال يد ورثته عنه بالكلية كسائر حقوقه،

ولأنه ليس بمال ولا يقابل بشيء من ماله فيعتبر بنفسه كما لو لم يكن له مال سواه إن لم تجز الورثة الوصية في جميعه فإن أجازوه نفذ كالمال. ولا تصح الوصية بما لا نفع فيه كخمر وميتة وخنزير لتحريم الانتفاع بذلك، فالوصية به وصية بمعصية. وتصح الوصية بمبهم ويعطى الموصى له به ما يقع عليه اسم الثوب؛ لأنه اليقين سواء كان منسوجًا من حرير، أو كتان أو قطن أو صوف أو شعر ونحوه، مصبوغًا أو لا، صغيرًا أو كبيرًا؛ لأن غايته أنه مجهول، والوصية تصح بالمعدوم فهذا أولى. فإن اختلف اسم موص به بالمعرف والحقيقة اللغوية، غلب العرف، كاليمين؛ لأن الظاهر إرادته، ولأنه لو خوطب قوم بشيء لهم فيه عرف، وحملوه على عرفهم، لم يعدوا مخالفين، ولأن المتكلم إنما يتكلم بعرفه، ولأنه المتبادر إلى الفهم. وقيل: تغلب الحقيقة؛ لأنها الأصل ولهذا يحمل عليها كلام الله وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -. والذي اختاره تقديم العرف على الحقيقة لما تقدم والله سبحانه أعلم. فشاة وبعير، وثور اسم لذكر وأنثى، ومثله إبل وفرس وبقر وخيل وقن ورقيق، لغة لذكر وأنثى صغير وكبير، فيعطى موصى له بشيء مما ذكر ما يقع عليه الاسم، من ذكر وأنثى وخنثى، وصغير وكبير، لصلاحية اللفظ له. ويشمل لفظ الشاة، الضأن والمعز والصغير والكبير؛ لعموم حديث: «في أربعين شاة شاة» ، ويقولون: حلبت البعير، يريدون الناقة والبكرة كالفتات، وكذلك القلوص، وسواء قال: أوصيت بثلاث، أو ثلاثة من غنمي أو إبلي أو بقري ونحوه؛ لأن اسم الجنس يذكر ويؤنث، وقد يلحظ في التذكير معنى الجمع، وفي التأنيث معنى الجماعة.

وحصان وجمل وحمار وبغل وعبد، لذكر فقط؛ لقوله - سبحانه وتعالى -: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} والعطف للمغايرة، وقيل: العبد للذكر والأنثى، ويؤيده ما يأتي في العتق، من أنه إذا قال: عبيدي أحرار، عتق مكاتبوه، ومدبروه وأمهات أولاده. وحجر بكسر الحاء، الأنثى من الخيل، وأتان لحمارة وناقة وبقرة لأنثى، والدابة لغة: ما دب، وعرفًا اسم لذكر وأنثى من خيل وبغال وحمير؛ لأن ذلك هو المتعارف، فتقيد يمين من حلف لا يركب دابة بها؛ لأن الاسم في العرف لا يقع إلا على ذلك ولم تغلب الحقيقة هنا؛ لأنها صارت مهجورة، فما عدا الأجناس الثلاثة. لكن إن قرن به ما يصرفه إلى أحدها كدابة يقاتل عليها، أو يسهم لها انصرف إلى الخيل؛ لاختصاصها بذلك. وإن قال: أعطوا له دابة، ينتفع بظهرها ونسلها، خرج منه ذكر وبغل؛ لأنه لا نسل لهما. وتصح الوصية بغير معين، كعبد من عبيده، ويعطيه الورثة ما شاءوا من عبيده، لتناول اسم العبد للصحيح، والجيد والكبير والصغير وضدهم، فإن ماتوا إلا واحدًا، تعينت الوصية فيه، لتعذر تسليم الباقي. وإن قتلوا كلهم بعد موت موصى، فلموصى له قيمة أحدهم يختار الورثة إعطاءه له، على قاتل العبد، وإن لم يكن للموصى عبد حال الوصية، ولم يملكه قبل موته، لم تصح الوصية، كما لو وصى بما في كيسه ولا شيء فيه. وإن ماتوا كلهم قبل موت موص، أو بعده وقبل قبول، بطلت؛ لأنها إنما تلزم بالقبول بعد الموت، ولا رقيق له حينئذ، وإن ملك واحدًا تعين، وإن قال: أعطوه عبدًا من مالي، ولا عبد له، اشترى له ذلك الموصى به.

وإن قال: أعطوه مائة من أحد كيسي فلم يوجد فيهما شيء، استحق مائة، اعتبارًا للمقصود، وهو أصل الوصية، لا صفتها بخلاف، ما لو وصى له بعبد من عبيده، ولا عبد له فتبطل. وإن وصى له بقوس، وللموصي أقواس، قوس لرمي بنشاب أو نل، وقوس لرمي بندق، وقوس ندف، فللموصي له قوس النشاب؛ لأنها أظهرها، إلا مع صرف قرينة إلى غيرها، كان يكون ندافًا لإعادة له بالرمي، أو كان عادته رمي الطيور بالبندق؛ لأن ظاهر حال الموصى، أنه قصد نفعه بما جرت عادته بالانتفاع به. وإن لم يكن له إلا قوس واحد من هذه الأقواس، تعينت الوصية فيها، وإن كان له أقواس نشاب، أعطاه الورثة ما شاءوا منها، كالوصية بعبد من عبيده، ولا يدخل في الوصية بقوس وترها؛ لأن الاسم يقع عليها دونه. ولو وصى بدفن كتب العلم لم تدفن؛ لان العلم مطلوب نشره ودفنه مناف لذلك. ولا يدخل في كتب العلم، إن وصى بها لشخص، كتب الكلام؛ لأنه ليس من العلم. قال في «الفروع» : قال ابن الجوزي: أما من عنده أو حكاية عن الشافعي - رحمه الله تعالى - ولم يخالفه، لو أن رجلاً أوصى بكتبه من العلم لآخر، وكان فيها كتب الكلام، لم تدخل في الوصية؛ لأن الكلام ليس من العلم. اهـ. وقال الإمام أحمد - رحمه الله - في رواية أبي الحارث: الكلام رديء لا يدعو إلى خير، لا يفلح صاحب الكلام، تجنبوا أصحاب الجدال والكلام، وعليك بالسنن، وما كان عليه أهل العلم؛ فإنهم كانوا يكرهون الكلام، وعنه لا يفلح صاحب كلام أبدًا، ولا ترى أحدًا نظر في الكلام إلا وفي قلبه دغل.

وكذلك روى ابن مهدي عن مالك فيما حكى البغوي، لو كان الكلام علمًا لتكلم فيه الصحابة والتابعون، كما تكلموا في الأحكام والشرائع، ولكنه باطل. قال ابن عبد البر: أجمع أهل الفقه والآثار من جميع الأمصار أن أهل الكلام لا يعدون في طبقات العلماء، وإنما العلماء أهل الفقه والآثر. ومن وصى بإحراق ثلث ماله، فهذه الوصية باطلة لا يفعلها إلا سفيه أو من يقصد إضرار الورثة، وكذا من وصى بدفن ثلثه أو ماله في التراب. ومن وصى بثلث ماله في ماء، يصرف في عمل سفن للجهاد، تصحيحًا لكلامه حسب الإمكان، والذي أرى أن يصرف في ماء وثلج وأواني للماء، ويوضع في مجامع المسلمين في المساجد والطرق ونحوها، أو في برادات توضع في المساجد والطرق للمسلمين. وتصح الوصية بمصحف ليقرأ فيه؛ لأنه إعانة على التقرب بتلاوة القرآن، كفرس يغزى عليه للجهاد في سبيل الله، ويوضع المصحف في مسجد؛ لأنه محل الطاعات أو في محل حريز عند من يستعمله، وتنفذ وصية موصى بجزء مشاع من ماله، كربع وخمس، فيما علم الموصى من ماله، وما لم يعلم منه، لعموم لفظه، فيدخل فيه ذلك، كما لو نذر الصدقة بثلثه. فإن وصى بثلثه فاستحدث مالاً بعد الوصية، دخل ثلث المال المستحدث في الوصية، ويقضى منه دينه. وإن قتل عمد أو خطأ، فأخذت ديته فهي ميراث عنه، قال الإمام أحمد: قد قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الدية ميراث، تدخل ديته في وصيته، ويقضى منها دين المقتول؛ لأن ديته بدل نفسه، ونفسه له، فكذلك بدلها، ولأن دية أطرافه في حياته له،

س14: تكلم بوضوح عن حكم الوصية بالمنفعة، وما الذي يعتبر نحوها، وهل للورثة عتقها ما أوصى بمنافعها، وهل يبقى الانتفاع، ولمن ولاية تزويجها، وإذا وطئت بشبهة فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ وإذا قتلت فلمن تكون قيمتها، وإذا جنت فما الحكم؟ وهل للوصي استخدامها ونحو ذلك، وهل له وطؤها؟ وما الذي يترتب على ذلك، وعلى من تكون نفقتها، وإذا وصى لإنسان بالرقبة، ولآخر بالمنفعة، أو وصى لإنسان بمكاتب، أو وصى بمال الكتابة، أو بنجم منها، أو وصى بأوسط نجوم الكتابة أو قال موص: ضعوه عن

فكذلك دية نفسه بعد موته، وإنما يزول من أملاكه ما استغنى عنه، لا ما تعلقت به حاجته. وقيل: لا تدخل روي ذلك عن مكحول وشريك وأبي تور وداود وهو قول إسحاق، وقاله مالك في دية العمد؛ لأن الدية لا تجب للورثة إلا بعد الموت موت الموصي؛ لأن سببها الموت فلا يجوز وجوبها قبله؛ لأن الحكم لا يتقدم سببه، والقول الأول هو الذي اختاره، والله - سبحانه وتعالى - أعلم. ويجوز تجدد الملك له بعد موته، كمن نصب شبكة ونحوها، فسقط فيها صيد بعد موته، فتحدث الدية على ملك الميت، وتحسب الدية على الورثة، ورثة المقتول، إن كان وصى بمعين بقدر نصفها كعبد قيمته خمسمائة دينار، فيعطي الموصى له. ومثال آخر: بأن كان قد وصى لزيد بعبد قيمته خمسمائة دينار، وكان لا يملك غيره، فلما قتل الموصي، وأحدث ديته، وهي ألف دينار خرج ذلك العبد من الثلث؛ لأن الاعتبار بثلثه حاله الموت، وقد صار العبد ثلثًا حالة الموت، احتسابًا بديته على الورثة؛ لأن العبد صار يساوي مثل نصفها، لا أنه نصفها. س14: تكلم بوضوح عن حكم الوصية بالمنفعة، وما الذي يعتبر نحوها، وهل للورثة عتقها ما أوصى بمنافعها، وهل يبقى الانتفاع، ولمن ولاية تزويجها، وإذا وطئت بشبهة فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك؟ وإذا قتلت فلمن تكون قيمتها، وإذا جنت فما الحكم؟ وهل للوصي استخدامها ونحو ذلك، وهل له وطؤها؟ وما الذي يترتب على ذلك، وعلى من تكون نفقتها، وإذا وصى لإنسان بالرقبة، ولآخر بالمنفعة، أو وصى لإنسان بمكاتب، أو وصى بمال الكتابة، أو بنجم منها، أو وصى بأوسط نجوم الكتابة أو قال موص: ضعوه عن

المكاتب، أو قال: ضعوا عنه نجمًا، أو قال: أكثر ما عليه، أو قال: ضعوا عنه ما شاء من مالها، أو وصى لشخص برقبة المكاتب ولآخر بما عليه، فما الحكم؟ وما الذي يترتب على ذلك، وما الحكم فيما وصى بكفارة أيمان، وضح ذلك مع ذكر ما يتعلق بذلك من تقادير، واذكر الجواب عنها، ومثل ما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر المحترزات والقيود والأدلة والتعليلات والتقاسيم، وكل ما يدور حول ذلك من المسائل، ورجع ما ترى. ج: تصح الوصية بمنفعة مفردة عن الرقبة، لصحة المعاوضة عنها، كالأعيان، وذلك كوصيته بمنافع أمته أبدًا أو مدة معينة كسنة. ويعتبر خروج جميع العين الموصى بنفعها من الثلث؛ لأن المنفعة مجهولة، لا يمكن تقويمها على إنفرادها، فوجب اعتبار العين بمنفعتها. وقيل: إن وصى بالمنفعة على التأبيد، اعتبر قيمة الرقبة بمنافعها من الثلث؛ لأن عبدًا لا منفعة له، لا قيمة له وإن كانت بالمنفعة مدة معلومة، اعتبرت المنفعة فقط من الثلث. فإذا وصى له بسكنى دار سنة، فتقوم الدار مستحقة المنفعة سنة، فإذا قيل: قيمتها عشرة مثلاً، قومت بمنفعتها، فإذا قيل: قيمتها اثنى عشر، فالاثنان قيمة المنفعة الموصى بها إن خرجا من الثلث، نفذت الوصية، وإلا فبقدر ما يخرج منها. ولورثة موص عتقها، ولو أن الوصية بمنافع الرقبة أبدًا لملكهم لها، ومنافعها لموصى له. وإن أعتقها موصًا له بالمنافع لم تعتق؛ لأن العتق للرقبة، وهو لا يملكها، وإن وهبها منافعها، فللورثة الانتفاع بها؛ لأن ما يوهب للرقيق لسيده. ولا يجزي عتق ورثة لها عن كفارة، كالزمنة، وللورثة

بيعها من موصًا له بمنفعتها وغيره؛ لأنها مملوكة، تصح هبتها فصح بيعها كغيرها، ولتحصيل الثواب، والولاء بإعتاقها، وربما وهبه موصًا له بالنفع نفعها، فتكمل لمشتريها. وللورثة كتابتها؛ لأنها بيع، ويبقى انتفاع وصى بحاله، ولو عتقت أو بيعت أو كوتبت؛ لأنه لا معارض له. وهل يصح وقفها، قال بن نصر الله: الظاهر عدم الصحة، وقال م ص: قلت: بل الظاهر ومقتضى القواعد صحته لصحة بيعها. اهـ، وقال ع ن: ما ذكره ابن نصر الله أظهر إذ لابد في العين الموقوفة من كونها ينتفع بها، وهذه لا منافع لها؛ لأنها مستحقة للموصى له، ولا يلزم من صحة البيع صحة الوقف؛ لأن الوقف أضيق، وقد تقدم أن من شروط الوقف كونه عينًا يصح بيعها، وينتفع بها عرفًا، مع بقائها فتأمل. اهـ. وللورثة ولاية تزويجها؛ لأنهم المالكون لرقبتها بإذن مالك النفع، فإن لم يأذن لم يصح، لما عليه من الضرر فيه، ويجب تزويجها بطلبها، كما لو طلبته من سيدها، وأولى، والمهر لمالك النفع، حيث وجب؛ لأنه بدل بضعها، وهو من منافعها. وولد الأمة الموصى بنفعها من شبهة حر؛ لاعتقاد الواطئ حريته، وللورثة قيمته عند وضع على واطئ؛ لأنه فوت رقه عليهم، باعتقاده حريته، واعتبرت حالة الوضع؛ لأنه أول أوقات إمكان تقويمه. وللورثة قيمتها إن قتلت، لمصادفة الإتلاف الرقبة وهم مالكوها، وتبطل الوصية لفوات المنفعة ضمنًا، كبطلان إجارة بقتل مؤجرة، وإن جنت موصى بنفعها سلمها وارث لولي الجناية، أو فداها مسلوبة المنفعة، بالأقل من أرش الجناية، أو قيمتها، كذلك مؤنة يملكها كذلك، كأم ولد، وعلى الوارث إن قتلها قيمة المنفعة، للموصى له بمنفعتها.

وقيل: إن قتل الوارث كقتل غيره، وللموصى له بمنفعتها استخدامها، حضرًا وسفرًا؛ لأنه مالك منفعتهما، أشبه مستأجرها للخدمة. وله إجارتها؛ لأنه يملك نفعها ملكًا تامًا، فجاز له أخذ العوض عنه كالأعيان، وكالمستأجر وله إعادتها، وكذا ورثته بعده لهم استخدامها، حضرًا وسفرًا، وإجارتها، وإعارتها، لقيامهم مقام مورثهم. وليس للموصى له بمنفعتها وطئها، ولا لوارث موصى وطئها؛ لأن مالك المنفعة لا يملك رقبتها، ولا هو بزوج لها، ومالك الرقبة لا يملك الأمة ملكًا تامًا، بدليل أنه لا يملك الاستقلال بتزويجها، ولا هو بزوج لها، ولا يباح الوطء بغيرهما؛ لقوله - سبحانه وتعالى -: {إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} ولا حد بوطئها على واحد منهما للشبهة، لوجود الملك لكل منهما فيها. وما تلده من واحد منهما، فهو حر؛ لأنه من وطء شبهة، وتصير إن كان الواطئ مالك الرقبة أم ولد بما تلده منه؛ لأنها علقت منه، وعليه المهر لمالك النفع دون قيمة الولد. وإن ولدت من مالك النفع لم تصر أم ولد له؛ لأنه لا يملكها وعليه قيمة الولد يوم وضعه لمالك الرقبة، وولدها من زوج لم يشترط حريته لمالك الرقبة. ونفقة الموصى بنفعها على مالك نفعها؛ لأنه يملكه على التأبيد، أشبه الزوج، ولأن إيجاب النفقة على من لا نفع له ضرر مجرد. وإن وصى رب أمة لإنسان برقبتها ووصى لآخر بنفعها صح؛ لأن الموصى له برقبتها ينتفع بثمنها ممن يرغب في ابتياعها ويعتقها، والموصى له بها كالوارث فيقوم مقامه، فيما ذكر.

وإن وصى لرجل بحب زرع، ولآخر بتبنه، صح، والنفقة بينهما لتعلق حق كل واحد منهما بالزرع، فإن امتنع أحدهما أجبر، كالجدار المشترك بينهما إذا استهدم، وتكون النفقة على قيمة كل واحد منهما. وإن وصى لواحد خاتم، ولآخر بفصه، صح، ولا ينتفع به أحدهما إلا بإذن الآخر، ويجاب طالب قلعه، ويجبر الآخر عليه، وإن اتفقا على بيعه، أو اصطلحا على لبسه، جاز. وإن وصى بدينار من غلة داره، صح، فإن أراد الورثة بيع بعضها، وترك ما أجرته دينار، فله منعهم؛ لأنه يجوز أن ينقص أجره عن الدينار، فإن لم تخرج الدار من الثلث، فلهم بيع ما زاد عليه. ومن وصى له بمكاتب صح؛ لأنه يجوز بيعه، وكان موصى له به، كما لو اشتراه؛ لأن الوصية تمليك، أشبهت الشراء، ويعتبر من الثلث، أقل الأمرين من قيمته، مكاتبًا أو ما عليه، فإن أدى عتق، وولاؤه للموصى له به، كمشتريه، وإن عجز عاد قنًا له. وإن عجز في حياة وصى لم تبطل الوصية وإن أدى إلى موص عتق وبطلت الوصية وتصح الوصية بمال الكتابة وتصح الوصية بنجم من الكتابة وللورثة مع إبهام النجم إعطاؤه أي نجم شاءوا، ولو وصى بأوسط نجوم الكتابة أو قال: ضعوا أوسطها عن المكاتب والنجوم شفع كأربعة وستة وثمانية صرف للشفع المتوسط كالثاني والثالث من أربعة والثالث والرابع من ستة، والرابع والخامس من ثمانية؛ لأنه الوسط وإن قال: ضعوا عنه نجمًا من نجوم الكتابة فما شاء وارث وضعه عنه، وإن قال موص: ضعوا عنه أكثر ما عليه ومثل نصفه وضع عنه فوق نصفه وفوق ربع ما عليه بحيث يكون نصف الموضوع أولاً، وإن قال موص: ضعوا عنه ما شاء، فالكل يجب

وضعه عنه إن شاء وخرج من الثلث تنفيذًا للوصية، وإن قال: ضعوا عنه ما شاء من مالها وجب عليهم وضع ما شاء منه لا وضع كله؛ لأن من للتبعيض، وإن قال: ضعوا عنه أكثر نجومه وهي متفاوتة، انصرف لأكثرها مالاً. وتصح الوصية برقبة المكاتب لشخص، والوصية لآخر بما عليه؛ لأن كلاً من الرقبة والدين مملوك لموص، فإن أدى عتق، وإن عجز بطلت الوصية فيما عليه، وعاد قنا لموص له برقبته وما أخذه موص له بما عليه من مال الكتابة، قبل عجزه، فهو له. وإن وصى بكفارة أيمان فأقله ثلاثة؛ لأنها أقل الجمع وقد يكون الموجب مختلفًا. وإن وصى بما على المكاتب للمساكين، ووصى إلى شخص يقبضه من المكاتب ويفرقه عليهم، فدفع المكاتب دين الكتابة ابتداء من غير أن يدفعه لموصى إليه ليوصله للمساكين، لم يبرأ المكاتب بدفعه لهم؛ لأنه غير مأذون له فيه ولم يعتق، لعدم براءته. وإن وصى السيد بدفع المكاتب، المال الذي كاتبه عليه إلى غرماء السيد، تعين على المكاتب قضاء الغرماء منه؛ لأنه صار وصيًا عنه في ذلك، وإن قال: اشتروا بثلثي رقابًا وأعتقوها، لم يجز صرفها للمكاتبين؛ لأنه أوصى بالشراء لا بالدفع إليهم، وأن اتسع الثلث لثلاثة، لم يجز شراء أقل منها، فإن قدر أن يشتري أكثر من ثلاثة، فهو أفضل ويقدم من به ترجيح من عفة ودين وصلاح وعلم، ولا يجزي إلا رقبة مسلمة سالمة من العيوب التي تضر بالعمل كالكفارة. تصح لغير الوارثين بثلثه لدى الموت بالتقويم لا الأخذ فاحدد

وصحح بما تسليمه متعذر كذي عدم أو غيبة أو تشرد كحمل الأما أو لابنه أو بهيمة إلى أمد أو دائمًا ذا تأبد فما يتحصل منه من قبل موته لموصى له يعطى وإلا فأفسد وينفذ فيما فيه نفع مملك وإن لم يكن مالاً ككلب التصيد فمع إرث مال ثم إن قل أو نما له كل ذي لا ثلثه في المجودِ وقيل له ثلث ولو كان ذا غنى وإن مات لم يملك كلا بالتفسد وموص لصياد الظبا بكلابه وبالثلث من أمواله لمحمد لذي الثلث ثلث المال وابذل لصائد بغير خلاف ثلث ضار مصيد وموص بثلث المال تلغى كلابه وإن لم تقوم قسمة بالتعدد وموص بما لا نفع فيه كخمرة وميتة تحريم ونحوهما اردد وصحح بمجهول كعبد وأعطه أقل مسمى ذلك الأمر ترشد ولم يجز أنثى في اختيار ابن حامد كعكس ويجزى عند مملى المجرد وإن يختلف عرف به وحقيقة يغلب عليها العرف في المتجود

كشاة وثوب والبعير ودابة قد اختلفوا فيها وفي العرف فاشهد وموص بعبد مبهم من عبيده له باقتراع واحد منهم أمهد إذا كان قدر الثلث لكن متى يزد ولما تجز فالثلث منه ليرفد وفي الأجود أحب المرء ما شاء وارث وإن هلكوا طرا سوى متفرد بعين للإيصاء إن كان ثلثه وإلا بقدر الثلث منه فزود وإن قتلوا من بعد موص فخذله بقيمه عبد في الخلاف المعدد وإن لم يكن للموص يا صاح أعبد فلا شيء للموص له في المجود وقيل المسمى اتبع له ثم اعطه كقول الموصى اعط عبد المعبد وموص له باسم مسماه شامل لأشيا له المشهور عند التجرد كموص بقوس جد بقوس تبالة وقيل كعبد من عبيدي هنا طد وإن شمل المحظور والحل اعطه الحلال فإن لم يوجد الحل افسد وموص بثلث المال يدخل ثلث ما له حاضر حقًا وثلث المجدد وعنه إن يكن يعلم به أو يقل له بثلثي يوم الموت أو حيث أطد

وعقل قتيل مطلقًا من تراثه فأوف ديون المرء منه واسعد بتنفيذ ما أوصى وعند حدوثه على ملك ووراث فعن كل اصدد فموص لإنسان بشيء معين كمقدار نصف العقل أو دونه اعدد على وارثيه العقل من ثلثيه في المقال المبدالا الأخير بأجود وينفذ إيصا بنفع فجرد عن العين في وقت وبذل تأبد إذا خرجت كالعين من ثلث إرثه وإلا بقدر الثلث منها فأطد ويملك الاستخدام مالك نفعها حضور وأسفارًا بغير مصدد وإيجارها أيضًا كذاك إعارة ويملك مهر الوطء في المتجود ويملك ذو العين الهبات وعتقها وبيعًا في الأقوى بل لذي نفعها قد ومولدها ملك لذي العين من زنا وزوج في وجه له حكمها أمهد وقيمتها في ملك قاتلها فقط وقيمة مولود من الشبه اعدد على الوالد الواطئ أوان ولادة لحرية الأولاد إذ ذاك يفتدى وفي وجه ابتع منهما من يقيمه مقامهما في كل حكم معدد

ومع إذن ذي نفع فذو العين منكح ووطء القناة احظر على كل مفرد ولا حد فيه لم حر وليدهم وقيمته والمهر بثني كما ابتدي وذا النفع من ثلث وقيل وأصله وقيل إذا وصى بنقع مؤبد كذا نفع أشجار ودار وشاتهم وموصى له بالعين كالوارث اعدد وذو النفع فلينفق عليها وقيل بل ذوو العين بل في كسبها في المجود وكل امرئ لا تمن من سقي أيكه وذو العين أن تيبس وتذلج بها افرد وإيصاء شخص بالمكاتب جائز ويخلفه موصى له فيه فاهتد وما قل من باقي الكتابة فاعتبر وقيمته إذا ذاك من ثلث ملحد وجائز الإيصا لشخص بعينه وشخص بباقي ما عليه فقيد ويعتق أن أوى النجوم لربها ويبطل إيصا صاحب العين فاشهد ويملكه ذو العين بالعجز يا فتى ويبطل في باقي النجوم إذا قد وإن قال من أوصى له بنجومه أنا منظر بالمال فامنعه واطرد ومن يوص بالشيء المعين إن توى ولو كان من أوصى به لك تفسد

س15: تكلم بوضوح عما يلي: إذا تلف المعين الموصى به، إذا تلف المال كله غير المعين، إذا لم يأخذ الموصى له الموصى به حتى نما أو إلا، إذا لم يكن لموص غير المعين إلا دين أو مال غائب وضح ما يترتب على ذلك، إذا وصى لإنسان بثلث عبد، أو ثلث دار ونحوهما، أو وصى له بثلث ثلاثة عبد، فاستحق في المسألة الأولى ثلثاه، وفي الثانية استحق اثنان أو ماتا، فما الحكم؟ أو إذا وصى لشخص بعبد معين قيمته مائة، ولآخر بثلث ماله، وماله غيره مائتان، فما الحكم إذا وصى بالنصف مكان الثلث، أو وصى لشخص بثلث ماله، ولآخر بمائة، ولثالث بتمام الثلث على المائة، فما الحكم؟ وما هو الطريق في المسألتين، إذا وصى لشخص بعبد، ولآخر بتمام الثلث، فمات

وإن يبق دون المال أو بعضه يكن لموصى له إن كان كالثلث فامهد يقوم وقت الموت لا وقت أخذه وإن لم يكن مال سواه لمخلد سوى غائب عنه ودين فاعظ ذا السمعين ثلثا لا تقفه بأوطد وقف ثلثيه ثم حيزه منهما فكالثلث منه للوصي من محدد إلى حين تمليك المعين كله وللإرث بالموقوف إن فقدا جد وحين وفاة المرء تقويم حاصل بأسوأ حاليه إلى قبضه امدد كذا الحكم في العبد المدبر فاعتبر من الموت أدناه إلى قبض فقد وموص بعين لامرأ أو ببعضها له إن بان غصب النصف نصف ليوطد س15: تكلم بوضوح عما يلي: إذا تلف المعين الموصى به، إذا تلف المال كله غير المعين، إذا لم يأخذ الموصى له الموصى به حتى نما أو إلا، إذا لم يكن لموص غير المعين إلا دين أو مال غائب وضح ما يترتب على ذلك، إذا وصى لإنسان بثلث عبد، أو ثلث دار ونحوهما، أو وصى له بثلث ثلاثة عبد، فاستحق في المسألة الأولى ثلثاه، وفي الثانية استحق اثنان أو ماتا، فما الحكم؟ أو إذا وصى لشخص بعبد معين قيمته مائة، ولآخر بثلث ماله، وماله غيره مائتان، فما الحكم إذا وصى بالنصف مكان الثلث، أو وصى لشخص بثلث ماله، ولآخر بمائة، ولثالث بتمام الثلث على المائة، فما الحكم؟ وما هو الطريق في المسألتين، إذا وصى لشخص بعبد، ولآخر بتمام الثلث، فمات

العبد، فما الحكم في ذلك؟ اذكره مبسوطًا، مع ذكر ما تستحضره من دليل أو تعليل أو خلاف أو تمثيل أو تقسيم أو تفصيل أو ترجيح. ج: تبطل الوصية بمعين إذا تلف قبل موت موص، أو بعده قبل قبولها؛ لأن حق موص له لم يتعلق بغير العين، فإذا ذهبت زال حقه، بخلاف إتلاف، وإرث أو غيره له؛ لأنه إذا قبله موصى له، فإن على متلفه ضمانه له. وإن تلف المال كله غير المعين الموصى به بعد موت موص، فالموص به كله لموص له، لعدم تعلق حق الورثة به، لتعيينه للموصى له، لملكه أخذه بغير رضاهم، فتعين حقه فيه، دون سائر ماله، والمراد حيث خرج من الثلث عند الموت، وكان غيره عينًا حاضرة، يتمكن وارث من قبضها. وإن لم يأخذ الموصى له الموصى به حتى غلا أو نما، بان صار ذا صنعة، زادت بها قيمته قوم، وذلك بأن تعتبر قيمته حين موت موصى؛ لأنه وقت لزوم الوصية، ولا يقوم حين أخذ، أي قبول، فينظر كم كان الموصى به وقت الموت، وإن كان ثلث التركة أو دونه، استحقه الموصى له. وإن زادت قيمته حتى صارت مثل المال أو أكثر، أو هلك المال سواه، اختص به، ولا شيء للورثة، وإن كان حين الموت زائدًا على الثلث، فللموصى له منه بقدر الثلث، وإن كان نصف المال فله ثلثاه وإن كان ثلثيه، فله نصفه، وإن كان ثلث المال ونصفه، فله خمساه. وإن نقص بعد ذلك أو زاد، أو نقص سائر المال أو زاد، فليس للموصى له إلا ما كان حين الموت، فلو وصى بعبد قيمته ثلاثة دنانير مثلاً، وله مال غير العبد، قدره ستة دنانير، فزادت قيمة العبد، بعد موت الموصى ستة دنانير، فصار يساوي تسعة دنانير، فالعبد كله لموصى له به؛ لأن الزيادة

حدثت في العبد بعد موت الموصى، فاستحقها الموصى له. وإن كانت قيمة العبد حين موت موص ستة دنانير مثلاً، فللموصى له ثلثا العبد، وهما أربعة دنانير في المثال، وإن نقصت قيمته حين موص، بأن صار يساوي دينارين، فالنقص الحاصل محسوب على الموصى له؛ لأن من كان له غنمه فعله غرمه. وإن لم يكن لموص سواه إلا دين بذمة معسر أو ميسر، أو لم يكن له إلا مال غائب عن بلده، فللموصى له ثلث ما وصى به، يسلم إليه وجوبًا بالاستقرار حقه فيه، إذ لا فائدة في وقفه كما لو لم يخلف سواه وليس له أخذ المعين قبل قدوم الغائب، وقبض الدين؛ لأنه ربما تلف، فلا تنفذ الوصية في المعين كله. وكلما اقتضى من الدين شيء، أو حضر من المال الغائب شيء ملك موصى له بالعين موص به قدر ثلثه، حتى يتم ملكه عليه، فلو خلف تسعة عينًا، وعشرين دينًا، ووصى بالتسعة لزيد، سلم إليه منها ثلاثة فإذا اقتضى من الدين ثلاثة، فلزيد من التسعة واحد، وهكذا حتى تقتضي ثمانية عشر فيكمل له التسعة. وإن تعذر أخذ الدين بجحد مدين ونحوه، أخذ الورثة الستة الباقية، وكذا حكم مدبر، فيعتق ثلثه في الحال، ومن وصى له بثلث عبد، أو ثلث دار ونحوهما، فاستحق ثلثاه فله الثلث الباقي من العبد ونحوه. ومن وصى له بثلث ثلاثة أعبد فاستحق اثنان، أو ماتا فله ثلث العبد الباقي لاقتضاء الوصية أن يكون له من كل عبد ثلثه، وقد بطلت الوصية فيمن مات أو استحق، فبقي له ثلث الباقي. ومن وصى لشخص بعبد معين، قيمته مائة، ووصى لآخر بثلث ماله، وماله غير العبد مائتان، فأجاز الورثة الوصيتين،

فللموصى له بالثلث المائتين؛ لأنه لا مزاحم له فيهما، وهو ستة وستون وثلثان وله ربع العبد لدخوله في المال الموصى له بثلثه مع الوصية بجميعه الآخر. فيدخل النقص على كل بقدر ماله في الوصية كمسائل العول فيبسط الكامل وهو العبد من جنس الكسر يصير العبد ثلاثة ويضم إليه الثلث الموصى به للآخر يحصل أربعة، فصار الثلث منه ربعًا ولموص له بالعبد ثلاثة أرباعه. وإن رد الورثة الوصية بالزائد عن الثلث في الوصيتين فالثلث بينهما نصفين لتساوي وصيتهما في المثال فيكون لموصى له بالثلث سدس المائتين ثلاث وثلاثون وثلث وسدس القبة، ولموص له بالعبد نصفه. وإن وصى بالنصف مكان الثلث مع الوصية للآخر بالعبد وأجاز الورثة الوصيتين، فلصاحب النصف مائة؛ لأنها نصف المائتين وله ثلث العبد؛ لأنه موص له بنصفه لدخوله في جملة المال وموصى للآخر بكله، وذلك نصفان ونصف فرجع النصف إلى الثلث ولموصى له بالعبد ثلثاه. وإن رد الورثة الوصية لهما بزائد على الثلث قسم الثلث بينهما على خمسة بسط النصف والثلث، فلصاحب النصف خمس المائتين وخمس العبد ستون من ثلاثمائة وذلك خمسا وصيته. والطريق في المسألتين أن تنسب الثلث وهو مائة إلى وصيتهما معًا، وهما الوصيتان في المسألة الأولى مائتان؛ لأنهما بالعبد وقيمته مائة، وبثلث المال وهو مائة، والوصيتان في المسِألة الثانية مائتان وخمسون؛ لأنهما بالعبد وقيمته مائة وبنصف المال، وهو مائة وخمسون، ويعطى كل واحد من الموصى لهما من وصيته مثل تلك النسبة. فنسبه الثلث إلى الوصيتين في الأولى نصف كما تقدم، وفي

الثانية خمسان؛ لأن الوصيتين فيهما بنصف وثلث وذلك مائتان وخمسون، والمائة خمسًا ذلك. ولو وصى لشخص بثلث ماله ولآخر بمائة، ولثالث بتمام الثلث على المائة، فلم يزد الثلث عن المائة، بطلت وصية صاحب التمام؛ لأنها لم تصادف محلاً، كما لو وصى له بداره، ولا دار له. وقسم الثلث مع الرد من الورثة للزائد على الثلث بين الموصى له بالثلث، والموصى له بالمائة على قدر وصيتهما، فإن كان الثلث مائة، قسم بينهما نصفين كأنه وصى لكل واحد منهما بمائة، وإن كان خمسين، فكأنه وصى بمائة وخمسين، فيقسم الثلث بينهما أثلاثًا، وإن كان أربعين قسم بينهما أسباعًا لموص له بالمائة خمسة أسباعه، ولموصى له بالثلث سبعاه. وإن زاد الثلث عن المائة فأجاز الورثة الوصايا، نفذت على ما قال موص، فإن كان مائتين مثلاً أخذهما موصى له بالثلث، وأخذ كل من الآخرين مائة. وإن رد الورثة الوصية بزائد على الثلث، فلكل من الأوصيا نصف وصيته، سواء جاوز الثلث مائتين أو لا؛ لأن الوصية المائة، وتمام الثلث مثل الثلث، وقد أوصى مع ذلك بالثلث، فكأنه وصى بالثلثين، فيردان إلى الثلث، لرد الورثة الزائد عليه، فيدخل النقص على كل منهم بالنصف، بقدر وصيته. ولو وصى لشخص بعبد، ولآخر بتمام الثلث عليه، وهو ما بقي من ثلثه بعد العبد، فمات العبد قبل موت الموصى، بطلت الوصية فيه، وقومت التركة عند الموت بدون العبد، ثم ألقيت قيمة العبد من ثلث التركة؛ لأن الموصى إنما جعل له تتمة الثلث بعد العبد، فقد جعل له الثلث إلا قيمة العبد، فما

بقي من الثلث بعد إلقاء قيمته منه فهو لوصية صاحب التمام، كما لو استثنى من الثلث قدرًا معلومًا، وإن لم يبق منه شيء لا شيء له. ولو وصى لشخص بثلث ماله، ويعطى زيد منه كل شهر مائة، حتى يموت، صح، فإن مات وبقي شيء فهو للأول، ذكره في «المبدع» . وموص بثلث من ثلاثة أعبد متى يستحق اثنان أو يهلك ارفد بثلث الذي يبقى وقيل بكله إذا لم يجاوز ثلث قيمة الأعبد وموص بثلث من مكيل ونحوه له إن توى الثلثان عكس الذي ابتدى ومن يوص بالعبد الفريد لمعبد ويوصى بثلث المال أيضًا لأحمد ومال الفتى ألفان والعبد قدره كألف فأما إن أجازوا فمهد لأحمد ثلث النقد مع ربع عدهم وأرباع ذا العبد البواقي لمعبد وذو الثلث إن ردوا له سدس نقده ومن عبدهم سدس بغير تزيد وموص له بالعبد يأخذ نصفه لكل امرئ في الرد من ثلث ملحد كنسبه ثلث من موصى به لهم معًا دون عين بالتزاحم فاردد وقيل كقدر الثلث من حاصل المجاز لكل من مجاز له جد

فيقسم ثلث الميت بينهما كما يحصل لكل في الإجازة فاشهد فذو الثلث يعطي خمس ألفيه كاهلاً وعشر ونصف العشر من عبده قد وذو العبد يعطي ربعه مع خمسه وهذا اختيار الشيخ خير مقلد وإن كان فيها موضع الثلث نصفه له مائة حقًا وثلث لمعبد وموصى له بالعبد ثلثاه حقه إذا ما أجازوا ثم في الرد أورد لذي النصف ربع الفقد مع سدس عبده وذي العبد ثلثا منه غير مزيد وقال أبو الخطاب ذو النصف جدله بخمسيهما حقًا وذو العبد صفد بخمسيه من غير انتقاص الفتى وقد تقدم تبيين الطريق المرشد وموص لعمران بألف وخالد بألف وأوصى بعد ذاك لأسعد بتتميم ألف فوق ألف فلم يجز فإن جاوز الألفين ثلث فأورد لكل فتى نصف الموصى له به وقيل لذي ألف بها كلها جد وما فوق ألفيه لأسعد نصفه وعمران يعطي السدس غير مزيد وإن جاوز ألفًا دون ألفين ثلثه فكل له نصف الموصى به قد

باب الوصية بالأنصباء والأجزاء

وقيل على الثاني لذي الثلث نصفه ونصف لرب الألف غير منكد يزاحم ذو ثلث برب تتمة ولا تعطه شيئًا بغير تردد وألغى أبو يعلى التتمة ها هنا وبين رفيقيه اقسم الثلث ترشد كذا إن يجاوز ثلثه الألف حاصص الوصيين وامنع ذا التمام تسدد وموصى بعبد ثم سائر ثلثه لثان فمات العبد من قبل سيد فقوم بغير العبد إرثًا وألقه من الثلث والباقي إلى الثاني أورد ومن خلفت زوجًا وأوصت بنصف ما لها أعط من أوصت له الثلث تهتد وللزوج نصف الباقي ثلث وسدسها إلى بيت مال والوصي مثله زد ومن يقل ابتع مثل زيد ببردة واعتق فيأتي البيع أو يتزيد فللوارثين المال أو فاضل متى شروه بأدنى كالمساوي بأزهد وإن قال يعطي بعد عنق كذا فإن يبادر زيد عتقه فيه أرفد وباقي المعين لا يباع محبس لإنفاقه أن يسو ذاك بأوطد باب الوصية بالأنصباء والأجزاء س16: اذكر ما تستحضره من التراجم لهذا الباب، وما المقصود منه، إذا وصى لإنسان بمثل نصيب وارث معين، أو

بمثل نصيب ابنه، وله ابنان، أو بمثل ابنه أو ولده، أو بضعف نصيب ابنه، أو بمثل نصيب أحد الورثة، أو بمثل نصيب وارث لو كان، وضح ذلك واذكر ما يتعلق بذلك من تقادير وتقاسيم، وحكم كل مسألة منها، واذكر الدليل، والتعليل والخلاف والترجيح. ج: ترجم له في «المحرر» بباب حساب الوصايا، وفي «الفروع» بباب عمل الوصايا. والغرض منه معرفة طريق استخراج أنصباء الموصى لهم، وتعيين قدر نصيب كل واحد منهم، ونسبته من التركة، والأنصباء جمع نصيب وهو الحظ، قال الشاعر: آها لورد فوق خدك أحمر فللدين فيهما والولاء نصيب والأجزاء جمع جزء، وهو البعض، ومسائل هذا الباب ثلاثة أقسام: قسم في الوصية بالأنصباء، وقسم في الوصية بالأجزاء، وقسم في الجمع بينهما، فالقسم الأول: من وصى له بمثل نصيب وارث معين بالتسمية، كقوله: وصيت له بمثل نصيب ابني فلان، أو الإشارة، كابني هذا، أو يذكر نسبته منه، كقوله ابن من بني، أو بنت من بناتي ونحوه، فللموصى له مثل نصيب ذلك الوارث، بلا زيادة ولا نقصان. وإن كان الوارث مبعضًا، فله مثل ما يرثه بجزئه الحر، مضمومًا إلى مسألة الوارث لو لم تكن وصية، وعلم من صحة الوصية لما روى ابن أبي شيبة عن أنس أنه أوصى بمثل نصيب أحد ولده، ولأن المراد تقدير الوصية، فلا أثر لذكر الوارث. ويما إذا أوصى بنصيب أبيه ونحوه المعنى بمثل نصيبه،

صوتًا للفظ عن الإلغاء، فإنه ممكن الحمل على المجاز، بحذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، عند من يرى المجاز، ومثله في الاستعمال كثير، وأيضًا فبعد حصول نصيب الابن للغير، فيتعين الحمل على إضمار لفظ المثل. ومن وصى بمثل نصيب ابن، وله ابنان وارثان، فللموصى له بذلك ثلث جميع المال؛ لأنه جعل وارثه أصلاً وقاعدة، وحمل عليه نصيب الموصى له، وجعله مثلاً له، وذلك يقتضي أن لا يزاد أحدهما على صاحبه. ولو كان لموصى بمثل نصيب ابنه ثلاثة بنين، فلموصى له ربع، فتصير المسألة من أربعة، فإن كان مع البنين الثلاثة بنت للموصى له، فللموصى له تسعان؛ لأن مسألة الورثة من سبعة، لكل ابن سهمان، وللبنت سهم، فيزاد عليها سهمان للموصى له، فتصير تسعة لكل ابن تسعان، وللبنت تسع وللموصى له تسعان. وإن أوصى بنصيب ابنه، ولم يقل مثل صحت الوصية أيضًا، كما لو أتى بلفظ مثل، وللموصى له بنصيب الابن مثل نصيبه. وإن وصى بمثل نصيب ولده وله ابن وبنت، فلموصى له مثل نصيب البنت؛ لأنه المتيقن، فإن لم يكن له إلا بنت، ووصى بمثل نصيبها، فله نصف ولها نصف، عند القائل بالرد. وإن خلف بنتين، ووصى بمثل نصيب إحداهما، فله ثلث ولهما ثلثان، وإن خلف جدة أو أخًا لأم، وأوصى بمثل نصيبه فقياس قول القائلين بالرد، المال بينهما نصفين. وإن وصى بضعف نصيب ابنه، فلموصي له مثلاه؛ لقوله - سبحانه وتعالى -: {إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ المَمَاتِ} ، وقوله - سبحانه وتعالى -: {فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا} ، وقوله - سبحانه وتعالى -: {وَمَا

آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُضْعِفُونَ} . ويروى عن عمر أنه أضعف الزكاة على بني تغلب، فكان يأخذ من المائتين عشرة، قال الأزهري: الضعف المثل فما فوقه، وقال: إن العرب تتكلم بالضعف مثنى، فتقول: إن أعطيتني درهمًا فلك ضعفاه، والمراد مثلاه، وإفراده لا بأس به، إلا أن التثنية أحسن. وإن وصى بضعفي نصيب ابنه، فللموصى له بذلك ثلاثة أمثاله، وإن وصى له بثلاثة أضعافه، فله أربعة أمثاله، وكلما زاد ضعفًا زاد مثلاً، وهلم جرا؛ لأن التضعيف ضم الشيء إلى مثله مرة بعد أخرى، قال أبو عبيدة معمر بن المثني ضعف الشيء هو ومثله، وضعفاه هو ومثلاه، وثلاثة أضعافه أربعة أمثال له، ولولا أن ضعفي الشيء ثلاثة أمثاله، لم يكن فرق بين الوصية بضعف الشيء وبضعفيه. والفرق بينهما مراد ومقصود عرفًا، وإرادة المثلين في قول الله - سبحانه وتعالى -: {يُضَاعَفْ لَهَا العَذَابُ ضِعْفَيْنِ} إنما فهمت من لفظ يضاعف؛ لأن التضعيف ضم الشيء إلى مثله، كل واحد من المثلين المضمومين ضعف، كما قيل لكل واحد من الزوجين زوج، والزوج هو الواحد، المضموم إلى مثله. وإن وصى بمثل نصيب من لا نصيب له، كمحجوب عن ميراثه بوصف، ككونه رقيقًا، أو مخالفًا لدين المورث، أو محجوبًا بشخص، كأن يكون أخًا مع وجود الابن، فلا شيء له؛ لأن المحجوب لا شيء له، فمثله لا شيء له. وإن وصى بمثل نصيب أحد ورثته، ولم يسمه فلموصى له مثل ما لأقل الورثة نصيبًا؛ لأنه جعله كواحد منهم، فلو كان الموصى له مع ابن وأربع زوجات، فمسألة الورثة تصح من اثنين وثلاثين، من ضرب أربعة عدد الزوجات في ثمانية أصل المسألة لمباينة أسهم الزوجات لعددهن، لكل زوجة من ذلك

سهم، وللابن ثمانية وعشرون، وللموصى له سهم مزاد على الاثنين والثلاثين، فتصير المسألة من ثلاثة وثلاثين. فإن كانت الوصية بمثل نصيب أكثرهم، فله ذلك مضافًا إلى المسألة، فيزاد له في هذه عليها ثمانية وعشرون، فتصير من ستين مع الإجازة، وأما مع الرد فله الثلث، والباقي للورثة، وتصح من ثمانية وأربعين، للوصية ستة عشر، وللورثة اثنان وثلاثون. وإن وصى بمثل نصيب وارث لو كان موجودًا، فللموصى له بذلك مثل ما له لو كانت الوصية، والوارث المعدوم موجود بأن ينظر ما يكون للموصى له مع وجود ذلك الوارث لو كان موجودًا، فيعطى له مع عدمه، بأن تصحح مسألة وجوده ومسألة عدمه وتحصل أقل عدد ينقسم عليهما ثم تقسم على مسألة وجوده فما خرج أضفه إلى الحاصل فهو للموصى له والباقي للورثة. وإن وصى له بمثل نصيب وارث لو كان وله ابنان، فمسألة وجوده من ثلاثة، ومسألة عدمه من اثنين، وحاصل ضرب الاثنين في ثلاثة بستة، زد عليها مثل نصيب ما لأحدهم، تبلغ ثمانية، فللموصى له ربع وهو اثنان، ولكل ابن ثلاثة. ولو كان أبناء الموصى أربعة فأوصى بمثل نصيب أحدهم إلا مثل نصيب خامس لو كان فقد أوصى له بالخمس إلا السدس فيكون له سهم يزاد على ثلاثين سهمًا حاصله من ضرب خمسة في ستة؛ لأن الموصى استثنى السدس من الخمس، فإذا ضربت أحدهما في الآخر كان ثلاثين خمسها ستة وسدسها خمسة. فإذا طرحت الخمسة من الستة بقي سهم للموصى له، فإذا أخذه الموصى له فالثلاثون لا تنقسم على أربعة وتوافق بالنصف فرد الأربعة إلى اثنين واضرب الاثنين في ثلاثين بستين فزد

عليها سهمين تصح من اثنين وستين للموصى منها سهمان ولكل ابن خمسة عشر سهمًا. وإن قال من له أربعة أبناء أوصيت لمحمد بمثل نصيب خامس، لو كان إلا مثل نصيب ابن سادس، لو كان فقد أوصى له بالسدس إلا السبع وهو سهم من اثنين وأربعين سهمًا. وطريقه أن تضرب مخرج أحدهما في مخرج الآخر ستة في سبعة تكن اثنين وأربعين سدسها سبعة، أسقط منها السبع سبعة تكن اثنين وأربعين سدسها سبعة، أسقط منها السبع ستة يبقى سهم للوصية فيزاد ذلك السهم على الاثنين وأربعين سهمًا، يجتمع ثلاث وأربعون للموصى له سهم والباقي للبنين الأربعة لا ينقسم ويوافق بالنصف فرد الأربعة إلى نصفها اثنين وأضربها في ثلاثة وأربعين، فتصح من ستة وثمانين للموصى له سهمان، ولكل ابن إحدى وعشرون سهمًا. ولو كان بنوا الموصى خمسة، فوصى بمثل نصيب أحدهم إلا مثل نصيب ابن سادس لو كان فقد اوصى له بالسدس إلا السبع بعد الوصية، فاضرب أحد المخرجين في الآخر يخرج اثنان وأربعون سدسها سبعة، بقي سهم للوصية فيكون له سهم يزاد على اثنين وأربعين مبلغ ضرب أحد المخرجين وهو ستة في المخرج الآخر وهو سبعة وتصح من مائتين وخمسة عشر؛ لأن الباقي للورثة اثنان وأربعون على خمسة تباينها، فأضرب الخمسة في الثلاثة والأربعين، يحصل ذلك لموصى له خمسة؛ لأنها حاصل ضرب الواحد في الخمسة، وللبنين الباقي، لكل ابن اثنان وأربعون. ولو خلفت المرأة وزوجًا وأختا شقيقة أو لأب، وأوصت بمثل نصيب أم لو كانت، فللموصى له الخمس، مضافًا لأربعة؛ لأن للأم الربع، لو كانت وتعول المسألة إلى ثمانية، للأم سهمان، وللزوج ثلاثة، وللأخت ثلاثة، فزد سهمين مثل ما للأم للموصى له تكن عشرة، وللموصى له سهمان، يبقى

ثمانية، للزوج أربعة وللأخت أربعة، ثم ترد نصيب كل واحد منهم إلى نصفه للموافقة، فيجعل للموصى له سهم، مضافًا إلى أربعة الورثة، أو للزوج سهمان، وللأخت سهمان، يكون ما للموصى له خمسًا. من النظم فيما يتعلق بالوصية بالأنصباء والأجزاء وموص بنحو الثلث خذه من أصله وقسم على الوارث باقي المعدد فإن ينكسر فاضرب مسائل قسمهم أو الوقف في تلك المخارج وامهد فما صار صحا منه فاضرب وصية بمسألة الوارث أو أوفقها أعمد وميراث كل في بقية مخرج لتضربه من بعد الوصية ترشد فما صار بعد الضرب فهو نصيبه كذا اعمل متى أوصى بأجر مزيد على الثلث أن تمضي فإن رد فاجمعهن سهام الوصايا من مخارجها قد فيجعلها يا صاحبي ثلث ماله فإن صح باقيه على أهله أحمد وفي مخرج الأجزاء فاضرب عديدهم متى ينكسر أو وفقهم ثم ترفد وموص بثلث لامرئ ثم ربعه لثان مع ابنيه أن أجازوا فقلد فخذ ثلثا والربع يا صاح سبعة من اثني عشر وابنيه بالخمسة أزيد وفي الرد في السبع اجعلن ثلث ماله لذين ولا بنيه بنصفها جد

وأما يجيزا لامرئ أو يجز فتى لكل امرئ أو كل فرد لمفرد فضرب عداد الرد في وفق منفذ ثمانية ستون مع مائة زد لممض له مضروب ما ناله من الإجازة ثم قف لذي الرد واصفد وللذي لم يمضي له سهمه من المردد في وفق الإجازة زود وباقيه إرث والمجيز هما اعط ما له أن يجز في وفق رد المعدد وللمانع الشخصين عكس وما بقي على سبعة بين الوصيين فاعدد وأما يجيزا كل فرد لمفرد فكل لينقص نصف نقص المردد وكل مجيز لامرئ نقضه فما أفاد وصيا من إجازته قد وموص بنصف لامرئ ولغيره بربع مع ابنين الثمانية اقصد إذا ما أجازوا وهي من تسعة متى يردا فثلثا للوصيين أورد ومسألة الرد إن أجازوا لواحد لتضرب في أصل المجاز كما ابتدى أو الوفق إن كان اتفاقًا أو اجتزى بمثل أو الأعلى إن تداخلتا قد لمن رد ما سموا بضربك سهمه من الرد في أصل الإجازة زود

وبالعكس في سهم المجاز كذا اضربن وباقيه للوارث غير مصرد وإن يجز ابن للوصيين وحده ففي الضرب والقسم اعملن مثل ما ابتدى وباقيه يعطى للوصيين ثلثه لذي الربع والثلثان للآخر امهد وإن يمض كل ابن وصية واحد أو ابن فقد أمضى وصية مفرد فبالرد فاعملها وخذ للمجاز من مجيز له ما قدره فتقلد إلى حد تتميم الموصى له به كقدر سهام للمجيز المحمد من الثلثين أنسب وكالكسر فابسط الجميع متى تظفر بكسر تسدد وإن كان ما أوصى به فوق ما له فمثل فروض عائلات التعدد فموص بثلثيه وثلث ونصفه من الستة المنشأ والتسعة اصعد فقسم عليها المال عند إجازة أو الثلث عند الرد غير مفند وأما يجزها بعض وراثه اعملن برد وكالثلث اقسمن حظ مرفد وإن تشا ضرب الرد في الجائز اعملن كما مر والممضي لذي القسم أبعد وإن يجز الوراث أو بعضهم فقط إذا بعضها أو كل شخص لأوحد فما يقتضي الجزء المسمى وصية

أو الثاني منه أعط ذاك بأجود مجازًا له بل قيل ما يستحق مع إجازة مجموع الوصايا له اعدد ففي ذان أن تعمل يجوز بحق أن يجز ثان أو يمنع يكن ذا توحد ولا يتأتى الباب في أول فذا يرد على الباقين تزداد فارشد فذو ابنين يوصى بالجميع وثلثه من اثني عشر صحت لرد المعدد لذي الكل منها ابذل ثلاثة أسهم وذو الثلث سهمًا أعطه لا تزيد ويعطيه في الثاني مجيزًا له فقط بنصف تمام الربع غير مزيد ونصف تمام الثلث في أول ومن أجاز لذي كل فحسب ليرفد بنصف الذي يحويه مع ربعه على الأخير وبالمجموع في وجه ابتد وإن رد ذو ثلث وهو قد أمضاهما ومن قبل الإمضا أن رد أن جهلا قد فذا كل امنحه بكل وقيل بل ثلاثة أرباع بغير تزيد ولو كان ذا كل الذي رد فاعط من له الثلث ثلثا كاملاً لا تردد وإن يوص ذو بنت بكل ونصفه فذا الكل بالثلثين أن يمض يصفد وذو النصف ثلث ثم في الرد تسعة كذا إن أجيز المال لا النصف أمدد

وما زاد عن تسع لذي المال كله وقيل له الثلثان حسب فقيد وتسعان للوارث لكن متى يجز لذي النصف يعطى النصف عند التفرد وقيل له ثلث وتسعان خذهما لذي المال والباقي لوارثه اردد وسهم مجيز للوصيين فا قسمن مع الثلث أثلاثًا وبينهما جد وممض لذي مال لذي النصف تسعة وللابن ثلث والمبقى لمبتدي وقيل له ثلث وتسع وتسعة الذي قد تبقى للمجيز له اردد وممض لذي نصف ليمنحه نصف ما يتم به نصف على المتجود وذلك سدس المال مع ربع تسعة وذي الثلث مع ربع الذي جاز في اليد وقد قيل بل يعطيه ربع الذي حوى وذلك تسع مع تسيع له زد وذو المال تسعين اعطه وكذا لمن أجاز وثلثا أعطه للمصدد وموص بسهم ابن له مثل سهمه وقيل متى يوصي بذلك تفسد ويعطي لمن أوصى له مثل حظه يضم إلى الوارث دون تردد مع ابنين ثلث والثلاثة ربعه وتسعين مع بنت القوم أرفد

وضعف وضعاه بمثليه جد وفي ثلاثة أضعاف بتعدادها جد وهذا اختيار الشيخ واختار صحبنا على عدد الأضعاف تزييد مفرد وموص كذي إرث ولما يسمها له كأقل الوارثين فمهد فيعطي مع ابن ثم أربع نسوة كزوجة اقسمها وسهم الفتى زد كذا الحكم في الإيصا كموصى لهوإن يفضل في الأجزا المشاع المعدد ويشكره معه في الجميع يكن له بنسبة عد القوم من كل مفرد وموص بألف ثم عبد وداره لمن قال شاركهم بها النصف أعتد وموص بمن لو كان قدره كائنا وأعط وصيا ماله معه قد فذو ابنين يوصي لامرئ مع ثالث له الربع فافهم ذا وقس ثم زيد على عدد الموجود من وارث الفتى بسهمين سهم للوصي به جد وموصى له كابن من أربعة سوى خامس لو كان فاضرب تسدد عديد بنيه فيهم مع مقدر يكن لهم السامي ومن فوقه زد له الربع إلا الخمس يبلغ واحدًا وعشرين منها صح نيل التقصد

س17: تكلم بوضوح عما يلي: من وصى له بجزاء أو حظ أو نصيب أو قسط أو شيء ماذا يكون له، من وصى له بسهم أو بجزء معلوم، أو جزئين أو أكثر، أو وصى لرجل بثلث ماله، ووصى لآخر بربعه وخلف ابنين فما الحكم؟ وضح ذلك مع ذكر ما يتعلق به من مسائل وتقاسيم وقيود ومحترزات وتفاصيل وأدلة وتعليلات وترجيحات.

وفي خامس لو كان إلا كسادس إذا كان قطع الدور فيها أن تشا اقصد إلى ضرب منشا الخمس في السدس وارتجع من المرتقى سدسًا من الخمس ترشد فللأربع الابنا ثلاثون كمل وسهمًا عليها للوصي فزيد فتضرب للتصحيح في الكل وفقهم ثلاثين من ستين واثنين فاعدد وموصى له كابن من أربعة سوى سادس لو كان فاضرب وعدد لأربعة الأبناء في وفق ستة تكن عشرة واثنين عند التفقد وخذ سدسها من ربعها يبق واحد يُزاد عليها للوصي المرصد فصل في الوصية بالأجزاء س17: تكلم بوضوح عما يلي: من وصى له بجزاء أو حظ أو نصيب أو قسط أو شيء ماذا يكون له، من وصى له بسهم أو بجزء معلوم، أو جزئين أو أكثر، أو وصى لرجل بثلث ماله، ووصى لآخر بربعه وخلف ابنين فما الحكم؟ وضح ذلك مع ذكر ما يتعلق به من مسائل وتقاسيم وقيود ومحترزات وتفاصيل وأدلة وتعليلات وترجيحات. ج: هذا الفصل يذكر فيه القسم الثاني من مسائل هذا الباب، من وصى له بجزء أو حظ أو نصيب أو قسط أو شيء، فلورثته أن يعطوا الموصى له بأحد هذه ما شاءوا؛ لأن كل شيء جزء ونصيب وحظ وشيء. وكذا لو قال: أعطوا فلانًا من مالي، ارزقوه؛ لأن ذلك لا حد له لغةً ولا شرعًا، فهو على إطلاقه، يعطوه ما شاءوا،

من متمول؛ لأن القصد بالوصية بر الموصى له، وإنما وكل قدر الموصى به وتعيينه إلى الورثة، وما لا يتمول شرعًا، لا يحصل به المقصود. وإن وصى له بسهم من ماله، فللموصى له بالسهم، سدس بمنزلة سدس فروض؛ لما روى ابن مسعود أن رجلاً أوصى لرجل بسهم من ماله، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - السدس؛ ولأن السهم في كلام العرب السدس، قاله إياس بن معاوية، فتصرف الوصية إليه، كما لو لفظ به، ولأنه قول علي وابن مسعود، ولا مخالف لهما من الصحابة، ولأن السدس أقل سهم مفروض يرثه ذو قرابة. وقيل له: سهم مما تصح منه المسألة ما لم يزد على السدس، وهو قول شريح؛ لأن سهمًا ينصرف إلى سهام فريضة، أشبه ما لو قال: فريضتي، أو كذا سهمًا منها لك. وقيل له مثل نصيب أقل الورثة، ما لم يزد على السدس، وهو قول أبي حنيفة؛ لأن السهم يطلق ويُراد به النصيب، والنصيب هنا هو نصيب الورثة. وقال الشافعي وابن المنذر: يعطيه الورثة ما شاءوا؛ لأن ذلك يقع عليه اسم السهم، فأشبه ما لو وصى له بجزء أو حظ. فتصرف الوصية إليه، إن لم تكمل فروض المسألة، كأم وبنتين مسألتهم من ستة، وترجع بالرد إلى خمسة، ويزاد عليها السهم الموصى به، فتصح من ستة، للموصى له سهم، وللأم سهم، ولكل بنت سهمان. أو كانت الورثة عصبة كخمسة بنين، مع الوصية بسهم، فله سدس، والباقي للبنين. وإن كملت فروض المسألة أعيلت بالسدس، كزوج وأخت لأبوين أو لأب مع وصية بسهم من ماله، فإنها تعول

إلى سبعة، فيعطى الموصى له السبع واحد من سبعة والزوج ثلاثة، والأخت ثلاثة من السبعة. وإن عالة المسألة بدون السهم الموصى به، أعيل معها بالسهم الموصى به، كما لو كان مع الزوج والأخت جدة، زاد عولها بالسهم الموصى به، فيعطى الموصى له الثمن، والجدة سهمًا، وكل من الزوج والأخت ثلاثة، ثلاثة. وإن خلف زوجة وخمسة بنين، فأصلها ثمانية، وتصح من أربعين، فيزاد عليها مثل سدسها، ولا سدس لها، فتضربها في ستة، تبلغ مائتين وأربعين (240) ، وتزيد على الحاصل سدسه، وهو أربعون، تبلغ مائتين وثمانين (280) للموصى له بالسهم أربعون (40) ، وللزوجة ثلاثون (30) ؛ لأن لها من الأربعين خمسة، مضروبة في ستة، عدد الرؤوس، ولكل ابن اثنان وأربعون؛ لأن له سبعة من الأربعين مضروبة في ستة. وإن وصى لإنسان بسدس ماله ولآخر بسهم منه، وخلف أبوين وابنتين، جعلت ذا السهم كالأم، وأعطيت صاحب السدس سدسًا كاملاً، وقسمت الباقي بين الورثة، والموصى له بالسهم على سبعة، فتصح من اثنين وأربعين، لصاحب السدس سبعة، ولصاحب السهم خمسة. وإن كانت الوصية بجزء معلوم، كثلث أو ربع، تأخذه من مخرجه ليكون صحيحًا، فتدفعه إلى الموصى له به، وتقسم الباقي على مسألة الورثة؛ لأنه حقهم. فإن كان له ابنان ووصى بثلثه، صحت من ثلاثة، وإذا كانوا ثلاثة بنين، ووصى بربعه، فالمسألة من أربعة. وإن وصى بخمسه، وخلف زوجًا وأختًا صحت من خمسة وبتسعه وخلف زوجة وسبع بنين، صحت من تسعة، إلا أن

يزيد الجزاء الموصى به على الثلث كالنصف، ولم تجز الورثة فيفرض للموصى له الثلث، وتقسم الثلثين على مسألة الورثة كما لو وصى له بالثلث فقط. فلو وصى له بالنصف وله ابنان فرد الوصية، فللموصى له الثلث، والباقي للابنين، وتصح من ثلاثة، فإن لم ينقسم الباقي بعد الثلث على مسألة الورثة، ضربت مسألة الورثة، أن باينها الباقي، أو ضربت وفقها، إن وافقها الباقي في مخرج الوصية، فما بلغ فمنه تصح. فمثال المباينة ما لو وصى بنصف، وله ثلاثة بنين فردوا، فمخرج الوصية من ثلاثة، للموصى له سهم منها، تبقى اثنان تباين عدد البنين، فاضرب ثلاثة في ثلاثة، تصح من تسعة، ومثال الموافقة، لو كان البنون أربعة، فقد بقي له سهمان، توافق عددهم بالنصف، فردهم إلى نصفهم اثنين، واضربهما في ثلاثة تصح من ستة، للموصى له سهمان، ولكل ابن سهم. وإن وصى بجزأين كثمن وتسع، أخذتهما من مخرجهما سبعة عشر، وهي لا تنقسم، فاضرب ثمانية في تسعة، تبلغ اثنين وسبعين، ومنها تصح، فأعط لصاحب الثمن تسعة، ولصاحب التسع ثمانية، يبقى خمسة وخمسون، تدفع للورثة. وإن أوصى بأكثر من جزئين كثمن وتسع وعشر تأخذ الكسور من مخرجها الجامع لها، وذلك سبعة وعشرون، وهي لا تنقسم، فاضرب الثمانية في التسعة، تبلغ اثنين وسبعين، ثم اضرب ذلك في عشر تبلغ سبعمائة وعشرين، ومنها تصح، فأعط للموصى له بالثمن تسعين، وللموصى له بالسبع ثمانين، وللموصى له بالعشر اثنين وسبعين.

وتقسم الباقي وهو أربعمائة وثمان وسبعين على مسألة الورثة، فإن لم ينقسم فعلى ما تقدم، فإن زادت الأجزاء الموصى بها، وردت الورثة الزائد على الثلث، جعلت السهام الحاصلة للأوصياء ثلث المال، ليقسم عليها بلا كسر، وقسمت الثلثين على الورثة إن انقسم وإلا فعلى ما تقدم. ولو وصى لرجل بثلث ماله، ولآخر بربعه، وخلف ابنين، أخذت الثلث والربع من مخرجهما، سبعة من اثني عشر؛ لأن مخرج الثلث من ثلاثة، والربع من أربعة، وثلاثة وأربعة متباينان، ومسطحهما اثنا عشر، فهي المخرج، وثلثها أربعة وربعها ثلاثة، فمجموع البسطين سبعة للوصيين، يبقى خمسة للابنين إن أجازا للوصيين. لا تنقسم عليها وتباين عددها، فاضرب اثنين في اثنى عشر، وتصح من أربعة وعشرين ثم اقسم، فللموصى له بالثلث ثمانية، والربع ستة، وللابنين عشر لكل ابن خمسة. وإن رد الابنان الوصيتين، جعلت السبعة ثلث المال، وقسمتها بين الوصيتين، لصاحب الثلث أربعة، ولصاحب الربع ثلاثة، فتكون المسألة من واحد وعشرين؛ لأن مسألة الرد أبدًا من ثلاثة، سهم للموصى لهم يقسم على سهامهم، وسهمان للورثة على مسألتهم، والعمل على ما يأتي في تصحيح المسائل، فللوصيتين سهم على سبعة، فتضربها في أصل المسألة، يحصل ما ذكر. وإن أجاز الابنان لأحد الوصيين دون الآخر، أو أجاز أحد الابنين للوصيين. أو أجاز كل واحد من الابنين لواحد من الوصيين، فأعمل على مسألة الإجازة ومسألة الرد، وانظر بينهما بالنسب الأربع، وحصل أقل عدد ينقسم عليهما. ففي المثال مسألة الإجازة من أربعة وعشرين، والرد من

أحد وعشرين وهما متوافقان في الثلث فاضرب وفق مسألة الإجازة والوفق ثمانية في مسألة الرد يكن الخارج مائة وثمانية وستين للذي أجيز له سهمه من مسألة الإجازة مضروب في وفق مسألة الرد. فإن أجازا لصاحب الثلث وحده فله من الإجازة ثمانية في وفق مسألة الرد وهو سبعة يحصل له ست وخمسون. ولصاحب الربع نصيبه من مسألة الرد ثلاثة في وفق مسألة الإجازة بأربعة وعشرين، ويبقى ثمانية وثمانون بين الابنين لكل منهما أربعة وأربعون. وإن كانا أجازا لصاحب الربع وحده، فله من الإجازة ستة في سبعة من مسألة الرد تضرب بأربعة في وفق مسألة الإجازة. وهي ثمانية يخرج اثنان وثلاثون، فمجموع ما للوصيين أربعة وسبعون والباقي وهو أربعة وتسعون للورثة، وهما الابنان، لكل واحد سبعة وأربعون. وإن كان أحد الابنين أجاز لهما، والآخر رد لهما، فللابن الذي أجاز لهما نصيبه من مسألة الإجازة، وهو خمسة في وفق مسألة الرد سبعة بخمسة وثلاثين، وللابن الآخر الراد على الوصيين سهمه من مسألة الرد سبعة في وفق مسألة الإجازة، ثمانية بستة وخمسين. فمجموع ما للولدين إذًا إحدى وتسعون والباقي وهو سبعة وسبعون بين الوصيين على سهامها سبعة، لصاحب الثلث أربعة وأربعون، ولصاحب الربع ثلاثة وثلاثون. وإن زادت الأجزاء الموصى بها على المال، عملت فيها عملك في مسائل العول بأن تجعل وصاياهم كالفروض للورثة إذا زادت على المال. فإن كانت الوصية بنصف وثلث وربع وسدس، أخذتها من مخرجها اثنى عشر وعالت إلى خمسة عشر، فيقسم المال

كذلك بين أصحاب الوصايا إن أجيز لهم كلهم، أو يقسم الثلث إن رد عليهم فتكون مسألة الرد من خمسة وأربعين. لما روى سعيد بن منصور، حدثنا معاوية، حدثنا أبو عاصم الثقفي، قال: قال إبراهيم النخعي: فقلت: لا يجوز، قال: قد أجازوه، قلت: لا أدري، قال: أمسك اثنى عشر، فأخرج نصفها ستة، وثلثها أربعة، وربعها ثلاثة، فاقسم المال على ثلاثة عشر. ومن أوصى لزيد بجميع ماله، ولآخر بنصفه، فالمال بين الوصيين إن أجيز لهما على ثلاثة، والثلث بينهما على ثلاثة، مع الرد، وإن أجيز لصاحب المال وحده، فلصاحب النصف التسع، والباقي لصاحب المال؛ لأنه موصى له به كله. وإن أجيز لصاحب النصف وحده، فله النصف، ولصاحب المال تسعان، وإن أجاز أحد ابني الموصى للوصيين، فسهمه بينهما على ثلاثة، وإن أجاز أحد الابنين لصاحب المال وحده دفع إليه. وفي الجمع بين الوصية بالأنصباء والأجزاء، إذا خلف ابنين، ووصى لرجل أو امرأة بثلث ماله، ولآخر بمثل نصيب ابن، فلصاحب النصيب ثلث المال عند إجازة الورثة الوصية، للموصى له وعند ردهم لها يقسم الثلث بينهما نصفين. وإن وصى لرجل أو امرأة بمثل نصيب أحد ابنيه، ولآخر بثلث باقي المال، فلصاحب النصيب وهو الموصى له بمثل نصيب أحد بنيه ثلث المال، وللآخر ثلث الباقي، وذلك تسعان مع الإجازة من الابنين لهما والباقي للابنين، فتصح من تسعة، لصاحب النصيب ثلاثة، وللآخر سهمان، ولكل ابن سهمان. ومع الرد من الابنين على الوصيين، يكون الثلث بينهما

على خمسة، فتصح من خمسة عشر، لصاحب النصيب ثلاثة وللآخر سهمان، والباقي للورثة. ومع الرد من الابنين على الوصيين، يكون الثلث بينهما على خمسة، فتصح من خمسة عشر، لصاحب النصيب ثلاثة وللآخر سهمان، والباقي للورثة. وإن كانت وصية الثاني بثلث ما يبقى من النصف، فلصاحب النصيب ثلث المال وللآخر ثلث ما يبقى من النصف، وهو ثلث السدس، والباقي للورثة. وتصح من ستة وثلاثين؛ لأن مخرج ثلث السدس من ثمانية عشر، يأخذ منها صاحب النصيب الثلث ستة، وصاحب ثلث السدس وهو واحد، ومجموعهما سبعة، يبقى أحد عشر على الاثنين، لا تنقسم وتباين، فاضرب عدد الأولاد في ثمانية عشر، يخرج ستة وثلاثون. لصاحب النصيب اثنا عشر، ثلث المال، وللموص له بثلث ما بقي من النصف سهمان، يبقى اثنان وعشرون، لكل ابن أحد عشر، إن أجاز الابنان للوصيين، ومع الرد من الابنين للوصيتين على سبعة. وإن خلف أربعة بنين، ووصى لزيد بثلث ماله إلا مثل نصيب أحد بنيه الأربعة، فأعط زيدًا وابنا الثلث، وأعط البنين الثلاثة الباقين الثلثين، لكل ابن تسعان، ولزيد تسع. فتصح من تسعة له سهم، ولكل ابن سهمان؛ لأن مخرج الوصية ثلاثة، تضرب، ثلاثة تبلغ تسعة، لزيد مع ابن ثلثها والباقي ستة على ثلاثة بنين، لكل ابن تسعان، والمستثنى من الثلث مثل نصيب أحد البنين، وقد علمت أنه سهمان، فيبقى لزيد سهم. وإن وصى لزيد بمثل نصيب أحد بنيه الأربعة إلا سدس جميع المال، ووصى لعمر بثلث باقي الثلث بعد النصيب،

صحت المسألة من أربعة وثمانين لكل ابن تسعة عشر، ولزيد خمسة ولعمر ثلاثة. وطريقة العمل: أن تضرب مخرج الثلث في عدد البنين، يحصل اثنا عشر، لكل ابن ثلاثة، ويزاد لزيد مثل نصيب ابن ثلاثة، استثنى من هذه الثلاثة اثنين؛ لأنهما سدس جميع المال وهو اثنا عشر زدهما عليها يصير أربعة عشر. اضربها في مخرج السدس ستة، ليخرج الكسر صحيحًا، تبلغ أربعة وثمانين، لكل ابن تسعة عشر، وهي النصيب، ولزيد خمسة؛ لأنها الباقي من النصيب، بعد سدس المال، وهو أربعة عشر، ولعمر ثلاثة؛ لأنها ثلث باقي الثلث بعد النصيب، إذ الثلث ثمانية وعشرون، والنصيب تسعة عشر، فإذا طرحتها من الثلث بقى تسعة، وثلثها ثلاثة. وإن خلف ميت أمًا وبنتًا وأختًا لغير أم، وأوصى لزيد بمثل نصيب الأم، وسبع ما بقي من المال بعد مثل نصيب الأم، وسبع ما بقي من المال بعد مثل نصيب الأم، ووصى لآخر بمثل نصيب الأخت، وربع ما بقي من المال بعد مثل نصيب الأخت، ووصى لآخر بمثل نصيب البنت، وثلث ما بقي بعد مثل نصيب البنت، وأجاز الورثة الوصايا فمسألة الورثة من ستة، للموصى له بمثل نصيب البنت ثلاثة، وثلث ما بقي من الستة سهم، وللموصى له بمثل نصيب الأخت سهمان وربع ما بقي من الستة سهم، وللموصى له بمثل نصيب الأم سهم، وسبع ما بقي خمسة أسباع سهم. فيكون مجموع الموصى به، ثمانية أسهم، وخمسة أسباع سهم، يضاف ذلك إلى مسألة الورثة ستة يكون المجموع أربعة عشر سهمًا، وخمسة أسباع سهم، يضرب في سبعة، مخرج السبع ليخرج الكسر صحيحًا، يكون خارج الضرب مائة وثلاثة. فمن له شيء أربعة عشر سهمًا وخمسة أسباع سهم، فهو مضرو له في سبعة، فللبنت إحدى وعشرون، من ضرب

ثلاثة في سبعة، وللأخت أربعة عشر من ضرب اثنين في سبعة، وللأم سبعة من ضرب واحد في سبعة. وللموصى له بمثل نصيب البنت وثلث ما بقي ثمانية وعشرون، من ضرب أربعة في سبعة، وللموصى له بمثل نصيب الأخت، وربع ما بقي أحد وعشرون، من ضرب ثلاثة في سبعة، وللموصى له بمثل نصيب الأم وسبع ما بقي، اثنا عشر من ضرب واحد وخمسة أسباع في سبعة. وهكذا كلما ورد عليك من هذا الباب تفعل فيه كذلك وهي طريقة صحيحة. وإن خلف ثلاثة بنين ووصى لشخص بمثل نصيب أحدهم إلا ربع المال، فخذ مخرج الكسر وهو أربعة، وزد على الأربعة ربعه واحدًا يكون المجموع خمسة، فهو نصيب كل ابن من الثلاثة، وزد على عدد البنين واحدًا، واضربه في المخرج، يكن الحاصل من ضرب أربعة في أربعة ستة عشر. أعط الموصى له منها نصيبًا وهو خمسة، واستثنى منه ربع المال ربعة، يبقى له سهم لكل ابن خمسة، وإن قال: إلا ربع الباقي بعد النصف، فزد على عدد البنين سهمًا وربعًا، واضربه في المخرج يكن سبعة عشر، للموصى سهمان ولكل ابن خمسة إلا ربع الباقي بعد الوصية فاجعل المخرج ثلاثة وزد عليها واحدًا تكن أربعة فهو النصيب، وزد على سهام البنين سهمًا وثلثًا واضربه في ثلاثة يكن ثلاثة عشر له سهم ولكل ابن أربعة. اهـ «منتهى وشرحه» . من النظم فيما يتعلق في الجمع بين الوصية بالأنصباء والأجزاء وذوا بنين أوصى لامرء مثل واحد وأوصى بثلث المال أيضًا لمعبد لكل وصي منهما الثلث أن يجز وفي الرد نصفين اقسم الثلث تهتد

لكل وصي نصف ذاك وقيل بل كما يحتوي ابن ذو النصيب ليصفد بثلث المبقى وهو ثلثان أن يجز وبينهما في الرد ثلث ليعدد على خمسة لكن متى يوص لامرئ بنصف مكان الثلث فيها فأورد إلى ذي نصيب ثلث ثلثيه إن يجز وفي الرد فالثلث اقسمن لها قد على سبعة مع ستة منه تسعة لذي النصف والباقي لمن كابنه ازيد وذا بعد تصحيح مزيل لكسره إلى تسعة فوق الثلاثين فاصعد وإن يوص كابن منهما فلآخر بثلث الذي يبقى على الأول اعدد لرب النصيب الثلث ثم لجاره بثلث المبقى وهو تسعًا المعدد وباقيه إرث ثم يلزم دوره على ثاني الوجهين فاقطعه ترشد فقل مال من أوصى ثلاثة أسهم تزيد نصيبًا للموصى له جد وثلث الذي يبقى لذي الثلث واحد وسهمان لابنيه نصيبًا فحدد وموص بجزء المال ثم لآخر بمثل نصيب ابن ففي القسم فاغتد لرب نصيب كابنه قبل جزية وقد قيل بل بعد الوصية أرفد ومال فقل إلا نصيبًا وصية وثلث المبقى بعده للمرصد

فيفضل ثلث المال بنقص قسطه إذا من نصيب للوصي المزود وهذا عديل للنصيب فأجبرن وقابل يكن ثلثين من مال اشهد عديل نصيبه وثلث نصيبه وبالبسط أثلاثًا لكسر معدد تلاق نصيب اثنين والمال يا فتى ثمانية بالقلب فافهم وقيد ومخرج كل منهما أن تشأ اضربن بمخرج ثان ثم من متصعد ليسقط منه واحدًا أبدًا فما تبقى هو المال المراد لقصد ومن مخرج الإيصاء بالجزء واحد ليسقط في ذا الباب أجمع تهتد يكن ما بقي منه النصيب وإن تشا فقل ذاك مال ساقط ثلثه زد عليه كنصف الباقي تلغي ثلاثة ومثل نصيب ابن كأربعة عد وضابطه أن تجعل الأصل عدة البنين وكمل كل نقص وعدد بجزء مراد فيه من تحت دون مخرج الوصية بالأجزاء فافهم وأرشد وفرع إذا رضت المسائل كلها فقد وضح المنهاج إن كنت تهتدي وإن يوص ذو الأبنا الثلاثة لامرئ بمثل نصيب ابن سوى ربع ملثد

فعجل لكل ابن بربع وربعه المبقى إلى الموصى له ربعه جد لتفضيل كل ابن بربع تراثه عليه فباقي الربع بينهما اعدد وإن شئت زد في مخرج الربع واحدًا يصر خمسة وهو النصيب المفرد وعدة أبناء الفتى مع واحد بمخرج ما استثناه فاضربه وارفد وصيًا نصيبًا وارتجع منه أربعًا يكن ما ذكرناه بغير تردد وإن قال إلا ربع باقيه بعد ما نصيب بقي مال سوى المخرج اشهد فزود كل ابن بخمسة أسهم وسهم بنصف الثمن حصة محتد فزد ربعه بعد الثلاثة أنصبا وكمل وقابل وابسط الكسر يصعد بسبعة عشر أنصباء عديلة لخمسة أموال فحوله يوجد نصيب لكل ابن من القوم خمسة وسهمان للموصى له فتفقد وإن قال إلا الربع بعد وصية فيبقى لثلث الأنصبا لو ترشد إذا من نصيب ربعها يبقى ربعه الوصية فوق الأنصباء ليزيد وتبسط أرباعًا ثلاثة أنصبا إلى الربع منها صحة القسم فاهتد

لكل من الأبناء أربعة إذا وسهمًا لمن وصى له الميت أرصد وإن يوص للثاني بثلث بقية من النصف شيئًا فاجعل المال واردد نصيبين فادفع للوصية واحدًا وثلث مبقى النصف للثاني أفرد ولابن نصيبًا ثم يفضل خمسة فتلك النصيب اجعل ومال المنقد ثمانية مع مثلها خمس عشرة على الأنصبا والسهم للثاني أعتد وإن شئت نصف المال فاجعل ثلاثة ومعها نصيب للوصيي به جد وللثاني يسهم ثلث باق وما بقي يضم لنصف المال غير مصرد يصر خمسة فهو النصيب كما بدي ومعها نصيب ثم تمم كما ابتدى ومال فقل إلا نصيبًا بجبرهم وثلث بقايا النصف منه فصرد فخمسة أسداس من المال قد بقي سوى ثلثي ذاك النصيب المبعد فيعدل ذا الباقي نصيبين فاجبرن وقال وحول وابسط الكسر تهتد وموص بحظ الأم مع سبع ما بقي ومثل نصيب أخت وربع المؤبد ومثل نصيب البنت مع ثلث بائع فمثله للوارث من سنة طد

وهذا بقايا مال اجتيح ثلثه فزد نصفه يكمل ومن فوق ذا ازدد كمثل نصيب البنت يكمل عشرة وخمسًا بقايا ما توى ربعه زد لتكميله ثلثًا ومثل حنا أخته يكن تسعة مع مثلها في التعدد وذاك بقايا ما وهي منه سبعة فزد سدسه مع حظ أم وعدد يكن كله عشرين واثنين فوقها فعول على هذا الحساب وقلد لمن كأخته ست وكالبنت ستة وموصى له كالأم أربعة قد كذلك حال الرد يقسم ثلاثة وخمسون إلا اثنين أصل المعدد وإن يوص كابن منهما ولآخر بثلث الذي يبقى من النصف فاصعد إلى تسعة مع مثلها صححت على المبدي من الوجهين غير مقيد لرب النصيب الثلث ست وثلث ما يرى النصف سهم للوصي الثاني مهد ولا بنيه عشر من سهام وعشرها ومن ستة بعد الثلاثين فامهد وفي الرد من فرد وعشرين صححن فست وسهم للوصيين أورد وفي الثاني فالمال اجعلن ستة من الـ ـسهام ومع هذا نصيبين زيد

فتدفع من هذا نصيبًا لربه وللثاني سدسًا من سهامك زود ولابن نصيبًا يبق خمسة أسهم نصيب كثاني ابنيه يا صاح أرفد وبالجبر ما نقصنه النصيب مع ثليث بقايا النصف للمترصد بقي خمس أسداس من المال نقصت بثلثي نصيب هي نصيبان قيد بثلثي نصيب فاجبرنها وقابلن تعادل نصيبيهم وثلثين يا عدي فبالبسط أسداسًا وتحويلها ترى نصيب الفتى والمال مثل الذي ابتدي وإن يوص كابن ذو الثلاثة لامرئ ومع نصف باقي المال أوص لمعبد ففي وجه امنح ذا النصيب به بلا مزاحمة بالثاني من مال مرفد وقيل من الثلثين يعطى وقيل من بقية مال بعد جزء مزود فيدخلها في الثالث الدور أن تشا فمن مخرج النصف اسقطن سهم مفرد وباقيه سهم هو نصيب وزد على عداد بنيه واحدًا ذا تفرد ونضربهم في مخرج النصف ترتقي ثمانية منها انقصن واحدًا قد ففي تسعة مال لذي السهم واحد ونصف الذي يبقى لثان به جد

وإن شئت نصف السهم فوق البنين زد وتضربها في مخرج النصف ترشد وإن شئت سهمان البنين فقل إذًا بقية مال نصفه اجتيح فازدد مثيلاً له يكمل وزد سهم واحد البنين بمثليه فسبعًا كما ابتدي وبالجبر فاجعل مالاً إلا نصيبه ونصف الذي يبقى لثان فزود بقي نصف مال غير نصف نصيبه عديلاً ثلاث الأنصبا لبني الردى بنصف النصيب أجبر وقابل فنصفه عديل أنصبا الأولاد مع نصف مفرد وأن يوص للثاني بنصف الذي بقي من الثلث من شا النصف والثلث قيد وأسقط منه سدسه يبق خمسة فتلك النصيب احفظه ثم تزيد على عدد الإنسان فردًا وتضرب الجميع بمن شا البذل ستًا تصعد لأربعة من بعد عشرين ثمنها أزله فعشرون إرثه مع مفرد لرب نصيب خمسه ثم سهمًا أد فعن للوصي الآخر المترصد ويبقى لكل ابن من المال خمسه وإن شئت نصف السهم يا صاح زيد على أسهم الأبناء ثم اضربنها بمخرج الإيصا ستة يك ما بدى

وإن شئت بالمنكوس فاعمل كما مضى وسبعة اضرب في الثلاثة واصعد ومن خلفت زوجًا وأمًا وأختها من الأب أن توصي كأم المخلد وثلث المبقى ثم أوصت لمزيد كزوج بلا ولد ونصف لمخلد فقل من ثمان منشأ الإرث نصفه توى مثله مع سهم زوج فزيد وقل ذا بقايا ما توى ثلثه فزد لتكميله كالنصف منه تسدد ومثل نصيب الأم سهمين يبلغن ثلاثين مع نصف فالكسر عدد فمن واحد من بعد ستين صححت وما للوصايا الثلث في الرد فاحدد فمن مائة تتلو ثلاثين فوقها إذا خمسة في الرد صحت هنا قد وإن يوص ذا الاثنا الثلاثة لامرئ بمثل نصيب ابن سوى ربع منكد فعجل لكل ابن بربع وربعه المبقى إلى الموصى له ربعه جد لتفضيل كل ابن بربع تراثه عليه فباقي الربع بينهم اعدد فزود كل ابن بخمسة أسهم وسهم بنصف الثمن حصة محتد وإن شئت زد في مخرج الربع واحدًا يصر خمسة وهو النصيب لمفرد

وعدة أبناء الموصي وواحدًا بمخرج ما استثناه فاضربه وارفد وصيًا نصيبًا وارتجع منه أربعًا يكن ما ذكرنا قبل دون تردد وإن قال إلا ربع باقيه بعدما نصيب بقي مال سوى المخرج اشهد فزد ربعه تعدل ثلاثة أنصبًا وكمل وقابل وابسط الكسر يصعد لسبعة عشر أنصباء عديلة لخمسة أموال فحوله يوجد نصيب لكل ابن من القوم خمسة وسهمان للموصى له فتفقد وإن شئت زد سهمان الأبناء واحدًا وربعًا وفي منشا الربيع اضربن قد وإن قال إلا ربع باقيه بعدما الوصية فالمنشأ ثلاثة ازدد عليه كثلث منه يبلغ أربعًا فذاك النصيب أعلمه ثم تزيد على أسهم الأبناء سهمًا وثلثه وفي المخرج أضربه يكن مال ملحد فكل ابن امنحه من المال أربعًا وموصى له سهمًا بغير تزيد وإن شئت قلت الباقي بعد وصية سهام بنيه ربعها ألقه قد إذا من نصيب يبق ذاك ربعه الـ وصية فوق الأنصباء ليردد

وتبسط أرباعًا ثلاثة أنصبًا ودفع نصيب للوصية أعتد لكل من الأبناء أربعة إذًا وسهمًا لمن أوصى له الميت ارصد وإن شئت مما استثنى أنقصه أربعًا وزد فوق باقي ربع سهم مزيد فبين بنيه اقسم لأربعة أسهم فسهم مع الثلث النصيب المفرد فبالبسط اثنى عشر يبلغ ثلثها نصيبًا وسهم فوقها حظ محتد وموص كفرد ابنيه ثم بثلث سائر النصف ستًا فاجعل المال وزدد نصيبين فادفع واحدًا لوصية وثلث بقايا النصف للثاني أفرد ولابن نصيبًا ثم يفضل خمسة فتلك النصيب اجعل ومال المفقد ثمانية مع مثلها خمس عشرة على الأنصبا والسهم للثاني أعتد وإن شئت نصف المال فاجعل ثلاثة ومعها نصيب للوصي به جد وللثاني سهم ثلث باق وما بقي من النصف مع نصف الجميع فزيد يصر خمسة فهي النصيب كما بدي ومعها نصيب ثم تمم كما ابتدي وما لا فقل إلا نصيبًا بجبرهم وثلث بقايا النصف منه فصرد

س18: تكلم بوضوح عما يلي: من هو الموصى إليه؟ وما الذي يسند إليه؟ وما حكم الدخول في الوصية؟ وما هو الدليل على ذلك؟ ومن الذي تصح إليه الوصية؟ والذي لا تصح إليه، وما هي الصفات المعتبرة في الموصى إليه؟ ومتى تعتر، وبماذا تنعقد الوصية، وإذا حدث عجز لموص إليه فما الحكم؟ وهل تصح للمنتظر؟ وإذا أوصى إلى واحد ثم من بعد إلى آخر فما الحكم؟ وإذا قال الإمام الخليفة بعدي فلان، فإن مات أو تغير حاله ففلان، أو علق الأمر ولاية حكم أو إمارة أو ولاية وضيفة بشرط شغورها أو غيره فما الحكم؟ وإذا وصى زيدا ثم عمرا أو مات أحد اثنين أو تغير حاله أو جعل لكل أن ينفرد، أو عاد إلى حاله من عدالة أو غيرها فما الحكم؟ وما حكم قبول الوصي للوصية وعزله نفسه، وضح ذلك مع ذكر ما يتعلق بذلك كله من مسائل وقيود وتفاصيل ومحترزات وأدلة وتعليلات وخلاف وترجيحات.

فيعدل ذا الباقي نصيبين فاجبرن وقابل وحول وابسط الكسر تهتد فخمسة أسداس من المال قد بقي سوى ثلثي ذاك النصيب المصرد باب الموصى إليه س18: تكلم بوضوح عما يلي: من هو الموصى إليه؟ وما الذي يسند إليه؟ وما حكم الدخول في الوصية؟ وما هو الدليل على ذلك؟ ومن الذي تصح إليه الوصية؟ والذي لا تصح إليه، وما هي الصفات المعتبرة في الموصى إليه؟ ومتى تعتر، وبماذا تنعقد الوصية، وإذا حدث عجز لموص إليه فما الحكم؟ وهل تصح للمنتظر؟ وإذا أوصى إلى واحد ثم من بعد إلى آخر فما الحكم؟ وإذا قال الإمام الخليفة بعدي فلان، فإن مات أو تغير حاله ففلان، أو علق الأمر ولاية حكم أو إمارة أو ولاية وضيفة بشرط شغورها أو غيره فما الحكم؟ وإذا وصى زيدًا ثم عمرًا أو مات أحد اثنين أو تغير حاله أو جعل لكل أن ينفرد، أو عاد إلى حاله من عدالة أو غيرها فما الحكم؟ وما حكم قبول الوصي للوصية وعزله نفسه، وضح ذلك مع ذكر ما يتعلق بذلك كله من مسائل وقيود وتفاصيل ومحترزات وأدلة وتعليلات وخلاف وترجيحات. ج: الموصى إليه هو المأذون له في التصرف بعد الموت والدخول في الوصية لمن قوى عليها قربة، ويسند إليه ما للوصى التصرف فيه حال الحياة وتدخله النيابة بملكه وولايته الشرعية ولا بأس بالدخول في الوصية لفعل الصحابة، فروي عن أبي عبيدة أنه لما عبر الفرات أوصى إلى عمر وأوصى إلى الزبير ستة من الصحابة منهم عثمان وابن مسعود وعبد الرحمن ابن عوف ومقداد والمطيع واشتهر، فكان كالإجماع، حتى قال

عمر - رضي الله عنه -: لو تركت تركة، أو عهدت عهدًا إلى أحد لعهدت إلى الزبير، أنه ركن من أركان الدين. وقال الوزير: اتفقوا على أن الوصية إلى العدل جائزة، وأوصى عبد الله بن عمر إلى ابنه جابر - رضي الله عنهما - في قضاء دينه وغيره، وأوصى الزبير إلى ابنه عبد الله في قضاء دينه وغيره. وقياس قول أحمد: إن عدم الدخول فيها أولى لما فيها من الخطر، وأحمد لا يعدل بالسلام شيئًا، ولأن الدخول فيها للقوي صاحب النية الصالحة، يدخل في قوله - سبحانه وتعالى -: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى} ، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} ففيها إعانة أخيك المسلم. وقال - صلى الله عليه وسلم -: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا» ، وقال –عليه الصلاة والسلام-: «أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين» ، وقال: بأصبعه السبابة والتي تليها، أخرجه البخاري. قلت: في زمننا الحالي الذي ضيعت فيه الأمانة واضمحل فيه الورع، وصار عندهم الحلال ما حل في اليد، والسلامة في أن لا تقدر الأولى عندي الابتعاد عنها إلا لضرورة أكيدة متعينة عليك إن لم تقم بها ضاعت. وتصح وصية المسلم إلى كل مسلم، وأما الكافر فلا تجوز الوصية إليه في حق مسلم؛ لقوله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ البَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} الآية، ولأنه غير مأمون على المسلم، ولهذا قال - سبحانه وتعالى -: {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاً وَلاَ ذِمَّةً} ، ولأن الكافر لا يلي مسلمًا. فتصح الوصية إلى كل مسلم مكلف رشيد عدل إجماعًا، ولو كان الموصى إليه مستورًا، وهو من ظاهره العدالة، أو

كان عاجزًا، ويضم إليه أمين، أو كان الموصى إليه أم ولد، أو قنًا، ولو كان لموصى لصحة استنابتهما في الحياة أشبه الحر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «والعبد راع على مال سيده، وهو مسئول عنه» ، والرعاية ولاية، فوجب ثبوت الصحة، ولأنه أهل للعدالة والاستنابة في الحياة، فتأهل للإسناد إليه. وأما أنه لا يلي على ابنه فلا له، بدليل المرأة، وكون عبد الغير يتوقف تصرفه على إذن سيده، لا أثر له أيضًا، بدليل توقف التنفيذ للقدر المجاوز للثلث، على إذن الوارث. ويقبل القن وأم الولد، إن كان لغير موص بإذن سيده؛ لأن منافعه مملوكة له، وفعل ما وصى فيه منفعة لا يستقل بها، فلم يجز فعل ذلك بغير إذن مالك منفعته. وكما تصح الوصية إلى من ذكر، تصح من مسلم وكافر ليست تركته نحو خمر وخنزير وسرجين نجس وتلفزيون ومذياع وسينما وفيديو وجميع آلات اللهو المحرمة ونحو ذلك، وتصح من كافر إلى كافر، عدل في دينه؛ لأنه يلي على غيره بالنسب، فيلي بالوصية كالمسلم. وتعتبر الصفات المذكورة من الإسلام، والتكليف والرشد والعدالة حين موت موص؛ لأنه الوقت الذي يملك الموصى إليه التصرف بالإيصاء، ويعتبر وجودها حين وصية موص؛ لأنها شروط لصحتها، فاعتبر وجودها حالها. فإن تغيرت هذه الصفات بعد الوصية، ثم عادت قبل موت موص، عاد الموصى إليه لعمله لعدم المانع، ولا يعود موصى إليه إلى الوصية إن زالت هذه الصفات بعد موت الموصي، لوجود المنافي، أو زالت بعد الوصية ولم تعد قبل الموت، لانعزاله من الوصية، بزوال الصفات المقتضية لصحتها. ويصح قبول وصية في حياة موص؛ لأنه إذن في التصرف، فصح قبوله بعد العقد، كالوكالة بخلاف الوصية بالمال، فإنها تمليك في وقت، فلم يصح القبول قبله، ويصح القبول بعد

موت الموصى؛ لأنها نوع وصية، فصح قبوله إذًا كوصية المال، فمتى قبل موصى إليه صار وصيًا، ويقوم فعل التصرف مقام اللفظ، كما في الوكالة. وتنعقد الوصية بقول موص فوضت إليك كذا، أو أوصيت إليك بكذا، أو إلى عمر بكذا، أو أنت وصيي أو بكر وصيي في كذا، أو جعلتك أو جعلت محمدًا وصيي على كذا. ولا تصح الوصية إلى فاسق، أو إلى صبي، ولو مراهقًا، أو إلى سفيه، أو إلى مجنون؛ لأنهم ليسوا أهلاً للولاية والأمانة ولا نظر لحاكم مع وصي خاص كفو في ذلك النظر الذي أسند إليه؛ لأن الوصية تقطع نظر الحاكم، لكن له الاعتراض عليه إن فعل ما لا يسوغ. ومن نصب وصيًا ونصب عليه ناظرًا، يرجع الوصي إليه لرأيه ولا يتصرف الوصي إلا بإذنه جاز، فإن خالف لم ينفذ تصرفه؛ لأن الموصي لم يرض برأيه وحده. وإن حدث عجز لموصى إليه بعد موت موص لضعف، أو علة، كعمى أو كثرة عمل ونحوه، مما يشق معه العمل، وجب ضم أمين إليه، ليتمكن من فعل الموصى إليه فيه، وإلا تعطل الحال، وحيث ضم الأمين إليه لم يكن لكل واحد منهما التصرف منفردًا، والأول هو الوصي فقط. وتصح الوصية لمنتظر أهليته كأن يوصي إلى صغير إذا بلغ، أو إلى غائب إذا حضر من غيبته، أو إلى سفيه إذا رشد، أو إلى فاسق إذا تاب من فسقه، أو إلى مريض إذا برئ من مرضه، أو إذا صالح أمة مما تدعيه، أو إلى كافر إذا أسلم أو يوصي إلى شخص، ويقول: إن مات الوصي فمحمد الوصي بدله، أو يقول: زيد وصيي سنة، ثم عمرو وصيي بعدها، صحت الوصية للخبر الصحيح، أميركم زيد فإن قتل فجعفر، فإن

قتل فعبد الله بن رواحة، والوصية كالتأمير. وإذا قال الإمام: الخليفة بعدي فلان مات في حياته أو تغير حاله، فالخليفة بعدي فلان صح على ما قال، وكذا في ثالث ورابع. ولا تصح الوصية للثاني إن قال الإمام فلان ولي عهدي فأولى، ثم مات فلان بعده؛ لأن الأول إذا ولي صار الاختيار له والنظر إليه فالعهد إليه فيمن يراه، وفي التي قبلها جعل العهد إلى غيره عند موته وتغير صفاته التي لم يثبت للمعهود إليه فيها إمامة. وإن علق ولي الأمر ولاية حكم أو إمارة أو ولاية وظيفة، بشرط شغورها وهو تعطيلها، أو غيره كموت من هي بيده، فلم يوجد الشرط حتى قام ولي أمر غيره مقامه، صار الاختيار الثاني؛ لأن تعليق الأول بطل بموته كمن علق عتقًا أو طلاقًا بشرط، ثم مات قبل وجوده لزوال ملكه، فتبطل تصرفاته. ومن وصى محمدًا على أولاده ونحوه، ثم وصى بكرًا اشتركا كما لو وكلهما كذلك؛ لأنه لم يوجد رجوع عن الوصية لواحد منهما، فاستويا فيها كما لو أوصى لهما دفعة واحدة، إلا أن يخرج محمدًا، فتبطل وصيته للرجوع عنها. ولا ينفرد بالتصرف والحفظ غير وصي مفرد عن غيره كالوكالة؛ لأن الموصي لم يرض بنظره وحده وانفراد أحدهما يخالف مقصد الموصي، فإن جعله لكل منهما فله الانفراد حينئذ لرضى الموصي بذلك، أو يجعل التصرف لأحدهما واليد للآخر، فيصح تصرفه منفردًا عملاً بالوصية. ولا يوصى وصي إلا أن يجعل إليه، كالوكالة وإن مات أحد اثنين وصيين، أو ماتا أقيم مقامه أو مقامهما، وكذا إن تغير حاله بسفه أو جنون أو غاب، أو وجد منه ما يوجب عزله كسفه وعزله نفسه، أقام الحاكم مقامه في الأول أمينًا ليتصرف

س19: تكلم بوضوح عما يلي: ما هو التصرف الذي تصح فيه الوصية، وما مثاله، ما حكم الإيصاء بتزويج مولياته، وهل للوصي قضاء الدين على الميت، ما حكم الوصية من المرأة على أولادها، الوصية باستيفاء دين مع رشد وارثه، الوصي في شيء، هل يصير وصيا في غيره، إذا وصى بتفرقة ثلثه، أو قضاء دينه، فأبى الورثة، أو جحدوا وتعذر ثبوته، إذا فرق الثلث موصى إليه بتفرقته، ثم ظهر على موص دين، أو جهل موصى له فتصدق الوصي به، أو تصدق الحاكم بالثلث، ثم ثبت فما الحكم؟ إذا قضى المدين دينا عن الميت، فهل يبرأ وهل له دفع دين موصى به لمعين إليه، وضح ذلك وما حوله من المسائل، وإذا قال: ضع ثلثي حيث شئت، أو قال: أعطه من شئت، أو تصدق به على من شئت، وإذا دعت حاجة لبيع عقار، أو بعضه، أو مات إنسان ببريه ولا حاكم فيها، فما الحكم؟ وما الدليل؟ وما التعليل؟

مع الآخر، أو أقسام مقامهما في الثانية لئلا ينفرد للباقي بالتصرف في الأولى، ولم يرضى موص بذلك أو تتعطل الحال في الثانية. وإن جعل لكل أن ينفرد بالتصرف، فماتا أو أحدهما أو تغير حالهما اكتفى بواحد. ومن عاد إلى حاله من عدالة أو غيرها بعد تغيره، عاد إلى عمله لزوال المانع وصح قبول وصي للوصية في حياة الموصي. وللوصي عزل نفسه في حياة موص وبعد موته، وفي حضوره وغيبته؛ لأنه متصرف بالإذن كالوكيل، ولموص عزله متى شاء كالموكل، ولا يعود من عزل نفسه وصيًا بلا عقد جديد. س19: تكلم بوضوح عما يلي: ما هو التصرف الذي تصح فيه الوصية، وما مثاله، ما حكم الإيصاء بتزويج مولياته، وهل للوصي قضاء الدين على الميت، ما حكم الوصية من المرأة على أولادها، الوصية باستيفاء دين مع رشد وارثه، الوصي في شيء، هل يصير وصيًا في غيره، إذا وصى بتفرقة ثلثه، أو قضاء دينه، فأبى الورثة، أو جحدوا وتعذر ثبوته، إذا فرق الثلث موصى إليه بتفرقته، ثم ظهر على موص دين، أو جهل موصى له فتصدق الوصي به، أو تصدق الحاكم بالثلث، ثم ثبت فما الحكم؟ إذا قضى المدين دينًا عن الميت، فهل يبرأ وهل له دفع دين موصى به لمعين إليه، وضح ذلك وما حوله من المسائل، وإذا قال: ضع ثلثي حيث شئت، أو قال: أعطه من شئت، أو تصدق به على من شئت، وإذا دعت حاجة لبيع عقار، أو بعضه، أو مات إنسان ببريه ولا حاكم فيها، فما الحكم؟ وما الدليل؟ وما التعليل؟ ج: لا تصح الوصية إلا في تصرف معلوم، ليعلم موصى إليه ما وصى به إليه، ليتصرف فيه كما أمر، وأن يكون الموصى يملك فعل ما وصى به فيه؛ لأنه أصيل، والوصي

فرعه، ولا يملك الفرع ما لا يملكه الأصل، كالإمام يوصي بخلافه. كما وصى أبو بكر لعمر، وعهد عمر إلى أهل الشورى، وكأن يوصي مدين في قضاء دين عليه، وكالوصية في تفريق وصية، ورد أمانة، ورد غصب، وعارية لربه، ونظر في أمر غير مكلف من أولاده، وتزويج مولياته، ويقوم وصية مقامه وحد قذف يستويه لنفسه الموصى، لا الموصى له؛ لأن الوصي يملك فعل ذلك، فملكه وصية كوكيله. ولا تصح الوصية باستيفاء دين مع رشد وارثه وبلوغه، لانتقال المال إلى من لا ولاية له عليه، فإن كان صغيرًا أو سفيهًا صح الإيصاء إن كان ولده، بخلاف عمه وأخيه، بل يتولاه وليه. ومن وصى في فعل شيء، لم يصر وصيًا في غيره، ومن وصى بتفرقة ثلثه، أو قضاء دين عليه فأبى الورثة تفرقة الثلث، أو جحدوا الدين وتعذر ثبوته، قضى الوصي الدين باطنًا بلا علم الورثة، وإن لم يأذنه حاكم لتمكينه من إنفاذ ما وصى إليه بفعله، فوجب عليه كما لو لم تجحده الورثة وأخرج موصي إليه بتفرقة الثلث، حيث أبى الورثة إخراج ثلث ما بأيديهم بقية الثلث الموصى إليه بتفرقته، مما في يده لتعلق حق الموصى بالثلث بأجزاء التركة، وحق الورثة مؤخر عن الدين وعن الوصية. وإن فرق الثلث موصى إليه بتفرقته، ثم ظهر على موص دين يستغرق الثلث لاستغراق جميع المال لم يضمن؛ لأنه معذور بعدم علمه رب الدين، وكذا لو جهل موص له بالثلث كقوله: أعطوا ثلثي قريبي فلانًا، فلم يعلم له قريب بهذا الاسم، فتصدق الوصي به أو تصدق حاكم بالثلث، ثم ثبت الموصى له لم يضمن موصى إليه ولا حاكم شيئًا؛ لأنه معذور

بعدم علمه به وإن أمكن الرجوع على آخذ رجع عليه ووفي به الدين. ويبرأ مدين الميت باطنًا بقضاء دين عن الميت، يعلمه على الميت، فيسقط مما عليه بقدر ما قضى عن الميت، كما لو دفعه إلى الوصي بقضاء الدين فدفعه في دين الميت، وكذا وصي في قضاء دين شهد عنده عدلان من غير ثبوته عند حاكم، والأحوط أن يكون بحضور حاكم. ولمدين وصى غريمه بدينه لغيره دفع دين موص به لمعين إلى المعين الموصى له به، بلا حضور ورثة ووصي؛ لأنه قد دفعه لمستحقه وله أن يدفعه إلى وصي الميت في تنفيذ وصاياه، ويبرأ بذلك لدفعه إلى من له التصرف فيه بأمر الميت له في دفعه، فإن كانت الوصية به لغير معين كالفقراء، دفعه للوصي يفرقه عليهم. وإن لم يوص بالدين ولا يقبض الموصى له عينًا، بل أوصى وصية غير معينة، فإنما يبرأ مدين ووديع ونحوه بالدفع إليه وارث ووصي معًا؛ لأن الوصي شريك الوارث في استحقاقه القبض منه. وإن صرف أجنبي وهو من ليس بوارث ولا وصي الموصى به لمعين في جهته الموصى به فيها، لم يضمنه لمصادفة الصرف مستحقه، كما لو دفع وديعة إلى ربها بلا إذن مودع. وإن وصى بإعطاء مدع عينه دينًا يدعيه بيمينه، نفذه الوصي من رأس ماله؛ لإمكان أنه يعلم الموصى بالدين ولا يعلم قدره. ومن وصى إليه بحفر بئر بطريق مكة، فقال: لا أقدر، أو في حفر بئر في السبيل، فقال: لا أقدر، فقال له الموصى: افعل ما ترى، لم يحفر بدار قوم لا بئر لهم، لما فيه من تخصيصهم. وإن وصى ببناء مسجد فلم يجد الوصي عرصة تبني

مسجدًا، لم يجز شراء عرصة يزيدها في مسجد صغير؛ لأنه ليس فعلاً لما أمر به. ولو وصى بدفع هذا ليتامى بني فلان، فإقرار بقرينة، وإلا فوصيته لهم، ذكره الشيخ تقي الدين. وإن قال لوصيه: ضع ثلثي حيث شئت، أو أعطه لمن شئت، أو تصدق به على من شئت، لم يجز له أخذه؛ لأنه منفذ، كالوكيل في تفرقة مال. وقيل: يجوز ذلك لتناول اللفظ له، وقيل: بجوازه مع القرينة، وهذا هو الذي تطمئن إليه نفسي، والله - سبحانه وتعالى - أعلم. ولا دفعه إلى أقارب الوصي الوراثين له، ولو كانوا فقراء ولا دفعه إلى ورثة الموصي؛ لأنه وصى بإخراجه، فلا يرجع إلى ورثته. وإن قال: اصنع في مالي ما شئت، أو هو في حكمك، افعل به ما شئت، ونحو ذلك من أفعال الإباحة، لا الأمر. قال أبو العباس: أفتيت أن هذا الوصي له أن يخرج ثلثه، وله أن لا يخرجه، فلا يكون الإخراج واجبًا ولا حرامًا، بل موقوفًا على اختيار الوصي. وإن دعت حاجة لبيع بعض عقار ونحوه، من تركة الميت، لقضاء دين على الميت مستغرق ماله، غير العقار، لحاجة صغار من ورثته، وفي بيع بعض العقار ضرر لنقص قيمته بالتشقيص باع الوصي العقار كله على الصغار والكبار، الذين أبوا بيعه أو غابوا، أو لو اختص الكبار بميراث، بأن وصى بقضاء دين، أو وصيته، تخرج من ثلثه، واحتيج في ذلك لبيع بعض عقاره، وفي تشقيصه ضرر، وكل الورثة كبار أو أبوا بيعه أو غابوا، فللموصى إليه بيع العقار كله؛ لأنه يملك بيع بعض التركة، فملك بيع جميعها، كما لو كانوا صغارًا، والدين يستغرق وكالعين المرهونة.

الحكم المذكور لا يتقيد بالعقار، بل يثبت فيما عداه، إلا الفروج احتياطًا، وإنما خص العقار بالذكر؛ لأن إبقاءه أحظ لليتيم، فثبوت الحكم فيه، منبه على ثبوت الحكم فيما دونه في ذلك، ولا يبيع على غير وارث أبى أو غاب. ومن مات ببرية بفتح وهي الصحراء ضد الريفية، أو في جزائر لا عمران بها، ولا حاكم حضر موته ولا وصي له بان لم يوص إلى أحد، فلمسلم حضر أخذ تركته وبيع ما يراه منها كسريع الفساد؛ لأنه موضع ضرورة لحفظ مال المسلم عليه، إذ في تركه إتلاف له فيفعل الأصلح في التركة، فإن كان حفظها وحملها للورثة، أصلح وجب عليه ذلك. وإن كان البيع أصلح، وجب بيعها حفظًا لها، ولو كان في التركة إماء، فله بيعها؛ لأنه موضع ضرورة. وقال الإمام أحمد: أحب إلي أن يتولى بيعهن حاكم من الحكام، أن تعذر نقلها إلى ورثته أو مكاتبتهم ليحضروا ويأخذوها. قال في «الشرح» : وإنما توقف عن بيعهن على طريق الاختيار احتياطًا؛ لأن بيعهن يتضمن إباحة فروجهن، انتهى. ويجهزه المسلم الذي حضره من تركته، إن كانت وأمكن تكفينه منها، فإن لم تكن تركة أو كانت ولم يمكن تجهيزه منها فيجهزه من عنده، ويرجع بما جهزه به بالمعروف على تركته حيث كانت أو على من تلزمه نفقته غير الزوج؛ لأنه قام عنه بواجب إن نوى الرجوع أو استأذن حاكمًا في تجهيزه، فله الرجوع على تركته، إن كانت أو على من يلزمه كفنه؛ لأنه لو لم يرجع لامتنع الناس من فعله مع الحاجة إليه، فإن نوى التبرع فلا رجوع. وموص إلى عمرو وأوصى بمثله إلى عامر كانا وصيي مؤكد

لفقد دليل منه يخرج أولاً وحظر بلا إذن تصرف مفرد ومن مات أو لم يبق أهلاً ليبدلن بعدل وعنه اضمنه مع فاسق قد ومع ضم عدل إن تعذر حفظه من الخائن اطرده بغير تردد وليس لذي الحكم اكتفاء بواحد بل إن خرجا منها معًا في تردد ومع إذن موص في تصرف مفرد وأهلية لا أمر للقاضي فاصدد وجوز لمن أوصي إليه قبولها ولو لم يمت موص وبعد التلحد ويملك في الحالين عزلاً لنفسه وذلك مع وجدان قاض مقلد وعن أحمد لا يملك العزل أن يمت ولا قبله من قبل أعلام مسند ويملك من أوصى متى شاء عزله وشرط قبول القن إذن المسود ولا يملك الإيصا الوصي إن منع بلا أذين مع الإطلاق لا في المؤكد وفي حفظ مال أن تنازع أوصيا يصن في مكان تحت أيدي المعدد ومن شرط موص فيه علم به وأن يجوز لموص فعله افهم وقيد كتفريق ما أوصى وإيصال واجب إلى أهله من كل فعل محدد كذا أنظر الأطفال من بعد موته وتزويج موليات عدل مرشد

ولو قيل أن الأم مع فقد والد تلي الطفل أو جد له لم أبعد ومع بلغ الوارث أن يوص بقبض ديون لم يصح بل اصدد وموص إلى عمرو بفعل مخصص فلا يتعدى ذاك بل يتقيد وليس بمكروه قبول وصية لنفع معدى بالصحابة فاقتد وإن جحد الوارث دينًا عليه أو وصية أو إرثًا مع أعوان شهد فما علم الموصى به فله القضا وإن لم يخف عودًا فأوجب بأبعد ويبذل كل الثلث مما لديه في مقال وعنه ثلث ما حازه قد وباقيه فاحبسه إلى أن يكملوا له الثلث هما عندهم ثم تردد وقيل إن تعدد جنس إرث فثلث ما لديك وكل الثلث عند التوحد ويبرأ قاضي دين ميت بدينه عليه في إلا وهي باطنًا مع توحد وقيل إن أقر الوارثون ليقضه وإن جحدوا لم يقضه فتقلد وقولان هلا يقضى إذا قام شهد به عنده لا عند قاض مقلد ويبرأ إذا أوصى به لمعين بدفع إليه أو وصي المفقد وإن لم يعين فيه الإيصا فلا يبرأ لدفع كذا إلا لمولى الموحد

وإيصاء ذي كفر إلى مسلم أجز إذا كان ميراث الفتى مال من هدي وأن يوص ذي كفر إلى ذي عدالة من الكفر فيما بينهم فتردد ومن قال صح ذا المال أو أعط من تشا ليمنع منه نفسه وليزهد وأولاده والوالدين ليمنعوا ومحتمل أن يأخذوا أن لم يقيد وقيل لهم أخذ لمعنى محرر وقيل وصي احسب وعن أخذه اصدد ومع حاجة تدعو لبيع عقاره كمثل قضا دين وحاجة فوهد إذا نقص التشقيص قيمته فبع على من أبى أو غاب من مترشد ومحتمل ألا يبيع عليهم وهذا قياس الحكم عند التنقد وإن فرق الثلث الولي فبان ما يوصيه لم يضمن على المتأكد ومن مات لم يوص وما ثم حاكم ولا وارث فليحتكم ذو تسدد ووارث من يوصي بمثل وصية لتفريق إيصاء ودين مؤكد وجوز توكيل الوصي بفعل ما ترفع عنه نحو ما لم يعود وما لوصي أن يوكل في الذي يقوم به أمثاله في المؤكد

باب الفرائض

باب الفرائض س20: ما هي الفرائض ولما سميت بذلك، وما الأصل فيها وما الذي ورد في الحث على تعلمها؟ ج: الفرائض جمع فريضة بمعنى مفروضة، ولحقتها الهاء للنقل من المصدر إلى الاسم من الفرض بمعنى التوقيت، ومنه فمن فرض فيهن الحج، والجزء من الشيء كالتفريض، ومن القوس موضع الوتر، وما أوجبه الله كالمفروض والقراءة والسنة يقال فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي سن ونوع من التمر، والجند يفترضون، والترس وعود من أعواد البيت، والعطية الموسومة وما فرضته على نفسك فوهبته، ومن الزند حيث يقدح منه، والحز الذي فيه، وقوله - سبحانه وتعالى - {سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} جعلنا فيها فرائض الأحكام وبالتشديد أي جعلنا فيها فريضة بعد فريضة، أو فصلناها وبيناها. وبمعنى التقدير ومنه فنصف ما فرضتم ويقال فرض القاضي النفقة، أي قدرها ويقال فرضت الفارة الثوب إذا قطعته، والفرض في الشرع ما ثبت بدليل مقطوع به، كالكتاب والسنة المتواترة والإجماع، وسمي هذا النوع من الفقه فرائض، لأنه سهام مقدرة مقطوعة مبينة ثبتت بدليل مقطوع به وشرعًا العلم بقسمة الميراث، وإنما خص بتسميته بالفرائض لوجهين: أحدهما أن الله سماه به فقال بعد القسمة فريضة من الله والنبي - صلى الله عليه وسلم - سماه به، فقال: «تعلموا الفرائض» . والثاني: أن الله - سبحانه وتعالى - ذكر الصلاة والصوم وغيرهما من العبادات مجملاً، ولم يبين مقاديرها، وذكر الفرائض وبين سهامها وقدرها تقديرًا لا يحتمل الزيادة والنقصان، فخص هذا النوع بهذا الاسم لهذا المعنى.

س21: تكلم بوضوح عما يلي: من الذي اشتهر من الصحابة بعلم الفرائض، وما معنى قوله - عليه الصلاة والسلام - فإنه نصف العلم، حد هذا العلم، موضوعه، ثمرته، نسبته إلى غيره، فضله، واضعه، استمداده، حكمه، مسائله؟

والأصل فيها آيات المواريث والأخبار الآتية كخبر الصحيحين، الحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر، وأما الآثار التي وردت في الحث على تعلم الفرائض فهي ما يلي: روى أبو داود بإسناده عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «العلم ثلاثة وما سوى ذلك فهو فضل آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة» . وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تعلموا الفرائض وعلموها فإنه نصف العلم وهو يُنسى وهو أول شيء ينزع من أمتي» أخرجه ابن ماجه. ويُروى عن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإنِّي أمرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض حتى يختلف الرجلان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما» . وروي عن سعيد عن جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن إبراهيم قال قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - تعلموا الفرائض فإنها من دينكم. س21: تكلم بوضوح عما يلي: من الذي اشتهر من الصحابة بعلم الفرائض، وما معنى قوله - عليه الصلاة والسلام - فإنه نصف العلم، حد هذا العلم، موضوعه، ثمرته، نسبته إلى غيره، فضله، واضعه، استمداده، حكمه، مسائله؟ ج: اشتهر من الصحابة - رضي الله عنهم - بعلم الفرائض أربعة: علي وابن عباس وزيد وابن مسعود، ولم يتفق هؤلاء في مسألة إلا وافقتهم الأمة، وما اختلفوا إلا وقعوا فرادى، ثلاثة في جانب وواحد في جانب. وعنه - عليه السلام -: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل وأقرؤها لكتاب الله - عز وجل - أُبَي وأعلمها

بالفرائض زيد بن ثابت ثَابِتٍ لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» ، رواه أحمد والترمذي. وحُكِيَ أن الوليد بن مسلم رأى في منامه أنه دخل بستانًا فأكل من جميع ثمره إلا العنب الأبيض، فقصه على شيخه الأوزاعي فقال تصيب من العلوم كلها إلا الفرائض، فإنها جوهر العلم، كما أن العنب الأبيض جوهر العنب. وأما قوله فإنها نصف العلم فاختلفوا في معناه، فبعض توقف ولو يؤول، وقال لا نتكلم فيه بل يجب علينا إتباعه وهؤلاء قليل، وقال قوم إن معنى كونها نصف العلم باعتبار الحال فإن للناس حالتين، حالة حياة وحالة وفاة، فالفرائض تتعلق بالثاني وباقي العلوم بالأول. وقيل النصف بمعنى الصنف. قال الشاعر: إِذا مِتُّ كان الناسُ نِصفان شَامِتٌ ... وآخَرُ مُثْنٍ بِالذِي كُنْتُ أَصْنَعُ وقيل هو نصف العلم باعتبار الثواب، لأن له بتعلم مسألة واحدة من الفرائض مائة حسنة، ومن غيرها من العلوم عشر حسنات، وقيل سمي نصفًا، لأن ثوابه مثل ثواب بقية العلوم، قيل وأحسن الأقوال، أن يقال أسباب الملك نوعان اختياري، وهو ما يملك رده كالشراء والهبة ونحوها، وقهري وهو ما لا يملك رده، وهو الإرث، وقيل إن العلم يستفاد بالنص تارة، وبالقياس تارة، وعلم الفرائض من أجل العلوم خطرًا وأرفعها قدرًا وأعظمها أجرًا، إذ هو من العلوم القرآنية والصناعية الدينية. روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من علم فريضة كمن أعتق عشر رقاب، ومن قطع ميراثاُ قَطع الله ميراثه مِن الجنَّة» . وحد علم الفرائض، هو فقه المواريث وما يضم إلى ذلك

س22: كم الحقوق المتعلقة بالتركة، وما هي، وهل هي مرتبة، وضح ذلك.

من حسابها، وموضوعه التركات وثمرته إيصال ذوي الحقوق حقوقهم، ونسبته إلى غيره أنه من العلوم الشرعية، وفضله ما ورد من الحث والترغيب في تعلمه وتعليمه، وواضعه الله سبحانه، واستمداده من الكتاب والسنة والإجماع، وحكمه فرض كفاية، إذا قام به من يكفي، سقط الإثم عن الباقين، ومسائله ما يذكر في كل باب من أبوابه. س22: كم الحقوق المتعلقة بالتركة، وما هي، وهل هي مرتبة، وضح ذلك. ج: عددها خمسة، مرتبة إن ضاقت التركة: الأول: مؤنة التجهيز من كفن وأجرة حفر قبر وغسل ونحو ذلك، فهذه مقدمة على الحقوق المتعلقة بعين التركة عندنا خلافًا للأئمة الثلاثة. الثاني: الحقوق المتعلقة بعين التركة كدين برهن وكأرش جناية متعلقة برقبة العبد الجاني. الثالث: الديون المرسلة في الذمة، كدين بلا رهن وسواء كانت هذه الديون لله أو لآدمي. الرابع: الوصايا. الخامس: الإرث، وهو المقصود بالذات وقد نظمت هذه المذكورة في بيت واحد: هُون فَدَيْنٌ قالوا وصَايَا فَقَسْمَ مَا ... يُخلِّفُ فَافهَمْ حُكْمَهُنَّ مُرَتَّّبَا قال الجعبري: إِذا ماتَ ذُو مَالٍ فَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ ... مُؤنتُهُ قدّمْ عَلَى الدَّيْنِ أَوَّلاً وَبَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ أمْضِ وَصيَّةً ... مِنْ الثلثِ وَأقسِمْ مَا تَبَقَّى مُفَصَّلاَ وقال آخر: فَمُؤَنُ التَّجهِيزِ بِالمعْرُوْفِ ... ثمَ قَضَايَا دَيْنِهِ المأْلوُفِ

س23: تكلم بوضوح عما يلي: تعريف الإرث أركان الإرث، شروط الإرث، والأدلة على شرف هذا العلم.

وَبَعْدَ ذَا تُنفَّذُ الْوَصِيَّةْ ... وَيَقَعُ الميراثُ في البَقِيَّةْ س23: تكلم بوضوح عما يلي: تعريف الإرث أركان الإرث، شروط الإرث، والأدلة على شرف هذا العلم. ج: الأركان لغة جمع ركن وهو جانب الشيء الأقوى وفي الاصطلاح، هو عبارة عن جزء الماهية، والإرث في اللغة البقاء، قال - عليه الصلاة والسلام -: «إنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم» أي على بقية من بقايا شريعته، وشرعًا هو حق قابل للتجزؤ ثبت لمستحق بعد موت من كان له ذلك لقرابة بينهما أو نحوها، وعرفه، بعضهم فقال، انتقال مال الغير إلى الغير على سبيل الخلافة. ومن شرف هذا العلم، أن الله - سبحانه وتعالى - تولى بيانه وقسمته بنفسه وأوضحه وضوح النهار بشمسه، فقال {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} إلى آخر الآيتين، وقال سبحانه {يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} إلى آخر الآية، فبين أهم سهام الفرائض ومستحقيها والباقي يعرف بالاستنباط لمن تأمل فيها وفي غيرها من الآيات والأحاديث، وعدد الأركان ثلاثة: وارث ومورث وحق موروث. قال في البرهانية: وَوَارِثٌ مُوَرِّثٌ مَوْرُوْث ... أَرْكَانُهُ مَا دُوْنَهَا تَوْرِيْثُ ... والشرط لغة العلامة واصطلاحًا ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، وشروط الإرث ثلاثة: الأول: تحقق موت المورث، إما بمشاهدة أو استفاضة، أو شهادة عدلين أو إلحاقه بالأموات حكمًا كالمفقود، أو إلحاقه بالأموات تقديرًا كالجنين، إذا انفصل ميتًا بسبب جناية على أمه توجب الغرة، وهي عبد أو أمة تقدر بخمس من الإبل تكون لورثة الجنين، فيقدر حيا ثم يقدر أنه مات لتورث عنه تلك الغرة.

س24: ما هو السبب وكم أسباب الإرث وما هي، اذكرها بوضوح وتعرض للخلاف، وتكلم عن تركة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما هي موانع الإرث وكم هي؟

الثاني: تحقق حياة الوارث بعد موت مورثه ولو لحظة. الثالث: العلم بالجهة المقتضية للإرث من زوجية أو ولاء أو قرابة، وتعين جهة القرابة من بنوه أو أبوة أو نحو ذلك، والعلم بالدرجة التي اجتمع فيها الميت والوارث. وقال البرهاني: وهي تحقق وجود الوارث ... موت المورث اقتضاء التوارث س24: ما هو السبب وكم أسباب الإرث وما هي، اذكرها بوضوح وتعرض للخلاف، وتكلم عن تركة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما هي موانع الإرث وكم هي؟ ج: السبب لغة هو ما يتوصل به إلى غيره واصطلاحًا ما يلزم من وجوده الوجود ومن عدم العدم لذاته والأسباب التي يتوارث بها الورثة المعينون المتفق عليها ثلاثة، رحم ونكاح وولاء، فلا يرث ولا يورث بغيرها كالموآخاة، أي الموالاة والمعاقدة وهي المحالفة وإسلامه عليه يديه وكونهما من أهل ديوان واحد. واختار الشيخ تقي الدين أنه يورث بها عند عدم الرحم والنكاح والولاء وتبعه في الفائق. وهناك سبب رابع اختلف فيه الأئمة رحمهم الله، وهو بيت المال فالمالكية يرونه سببًا لخبر: «أنا وارِث من لا وارِث لهُ أعقل عنهُ وأرِثه» وهو - صلى الله عليه وسلم - لا يرث لنفسه بل يصرفه للمسلمين وكذلك الشافعية إن انتظم. قال في التيسير نظم التحرير: لِلإرْثِ أَسْبَابَ بِكُلٍ قَدْ لَزِمْ ... وَهْوَ النكاحُ والولاءُ والرَّحِمْ والرابعُ الإسلامُ فاصْرفَ مَا وُجِدْ ... كُلاًّ لِبَيْتِ الَمالِ إِرْثًا إِنْ فُقِدْ

أَرْبَابُ أَسْبَابِ الثلَّاثَةِ الأُوَلْ ... أَوْ كانَ غَيرَ جَائِزٍ فَمَا فَضلْ وأما الأحناف والحنابلة، فلا يرونه سببًا سواء كان منتظمًا أو غير منتظم، وقالوا بالرد وبتوريث ذوي الأرحام لقوله - سبحانه وتعالى - {وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} . وكانت تركة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسائر الأنبياء صدقة لم تورث، لحديث: «إِنَّا معاشر الأنبِياءِ لا نُورث ما تركناه صدقة» رواه الشيخان. الثاني: النكاح وهو لغة الضم يقال تناكحت الأشجار إذا انضم بعضها إلى بعض، وشرعًا هو عقد الزوجية الصحيح وإن لم يحصل وطء ولا خلوة، ويورث به من الجانبين لقوله - سبحانه وتعالى - {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} الآية، ولا إرث بنكاح فاسد، وهو ما اختل شرطه، ولا بنكاح باطل وهو ما اختل ركنه، وبعضهم قال النكاح الفاسد ما اختلف فيه والباطل ما أجمع على بطلانه. الثالث: الولاء وهو لغة يطلق على النصرة والقرابة والملك واصطلاحًا هو عصوبة سببها نعمة المعتق على عتيقه بالعتق، فيرث به المعتق وعصبته المتعصبون بأنفسهم لا بغيرهم ولا مع غيرهم. وكما يثبت الولاء على العتيق فكذلك يثبت على فرعه بشرطين، الأول أن لا يكون أحد أبويه حر الأصل، والثاني أن لا يمسه رق لأحد. قال الجعبري: وَلِلإرْثِ أَسْبَابٌ تَلِيْهَا مَوَانِعٌ ... سَنأتِيْ بهَا في النّظْم وَاضِحَةَ الْحُلاَ فأَسْبَابُهُ زَوْجِيَّةٌ وَقَرَابَةٌ ... ومِنَ بَعْدَ ذَينِ الإرثُ بالنَّصِ بالْوَلاََ

وقال الرحبي: أسبابُ مِيراثِ الوَرَى ثَلاثةْ ... كُلٌّ يُفيدُ رَبَّهُ الوِراثَةْ وهْيَ نِكاحٌ ووَلاءٌ ونَسَبْ ... مَا بَعدَهُنَّ للمَوَاريْثِ سَبَبْ والمولود يتبع أمه في الحرية والرق ويتبع خير أبويه في الدين والولاء، وبالنسب يتبع أباه، وفي النجاسة وحرمة الأكل يتبع أخبثهما. وموانع الإرث ثلاثة: رق وقتل واختلاف دين، أما الرق فهو عجز حكمي يقوم بالإنسان سببه الكفر، فالرقيق لا يرث ولا يورث ولا يحجب، وأما القتل فالمانع منه ما أوجب قصاصًا أو دية أو كفارة، وما عدا ذلك لا يمنع، وأما اختلاف الدين فهو أن لا يجتمع الوارث والمورث في ملة واحدة، فلا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم إلا بالولاء وكذا اليهودي والنصراني لا يرث أحدهما الآخر والملل كثيرة فلا يتوارث أهل ملتين. قال الرحبي: ويَمْنَعُ الشَّخصَ مِنَ الْمِيراثِ ... واحِدَةٌ مِنْ عِلَلٍ ثَلاَثِ (رِقٌّ) و (قَتلٌ) و (اختِلافُ دِيْنِ) ... فافهَمْ فَلَيْسَ الشَّكُّ كَاليَقينِ وقال ابن عبد القوي: بِحقِ الإلهِ الحِق ما رُمْتُ اَبْتَدِي ... وأُهْدِي صلاةً لِلنَبِي مُحَمَّدِ وَكُلُ نَبِي لِلأَنَامِ وصَحْبِهمْ ... ومَن بِهُداهُم في الأَعَاصِيرِ يَهْتَدِيْ وأَشْرَعُ في عِلْمِ المواريثِ مُوْجِزًا ... وأسْألُ تَوفِيقًا وإتْمَامَ مَقْصَدِي

س25: من المجمع على توريثهم وكم عددهم وكم الوارثات من النساء ومن هن، وضح ذلك من جهة البسط والاختصار وإذا اجتمع جميع الذكور والنساء فكم يرث منهم من هم؟

فإيَّاكَ والمالَ الحَرامَ مُوَرِّثًا ... تَبُوءُ بِخُسْرانٍ مُبِيْنٍ وَتَكْمُدِ فَتَشْقَى بِه جَمْعًا وَتَصْلى به لظَى ... وَغَيرُكَ يَهْنَاهُ ويَسْعَدُ في غَدِ وَأدِّ زَكاةَ المالِ حَيًا مُطَيِّبًا ... ولاَ تَركَنَنْ لِلشّامِتِيْنَ وَحُسَّدِ وَبادِرْ بإخْراجِ المظالمِ طَائِعًا ... وفَتِّشْ على عَصْرِ الصِّبَا وَتَفَقّدِ فَيَالَكَ أَشْقَى الناسِ مِنْ مُتَكَلِّفٍ ... لِغَيرِكَ جَمَّاعًا إِذَا لَم تَزَوَّدِ وَمَا النَّاسُ إِلا مَيِّتٌ وَمُؤَخَرٌ ... فعِلْمُ الَّذِي قَدْ مَاتَ نِصْفُ التَّرَشُدِ فَبادِرْ إِلى عِلْمِ الموارِيثِ إِنَّهُ ... لأَولُ عِلْمٍ دَارِسٍ وَمُفَقّدِ وَسَارِعْ إِلى تَجْهِيْزِ مَيْتٍ فَديْنِهِ ... فَبَذلُ وَصَايَاهُ فَقَسْمُ الُمَزيَّدِ وَأَسْبَابُ مِيْراثِ الأنِام ثَلاثَةٌ ... وَلاءٌ وَتزوِيْجٌ وَأَنْسَابُهُمْ قَدِ وَالغِ مُوَالاَةَ الفَتَى وعقَادَهُ ... وََصُحْبَة بَخِّيلٍ وَإسْلامَ ذِي يَدِ وَيَمْنَعُهُ رِقٌ وَقَتْلٌ مُضَمَّنُ ... كذاكَ اخْتِلافُ الدِيْنِ يَا ذَا التَّنَقُّدِ س25: من المجمع على توريثهم وكم عددهم وكم الوارثات من النساء ومن هن، وضح ذلك من جهة البسط والاختصار وإذا اجتمع جميع الذكور والنساء فكم يرث منهم من هم؟ ج: المجمع على توريثهم من الذكور بالبسط خمسة عشر وهم الابن وابنه وإن نزل، والأب وأبوه وإن علاه والأخ الشقيق والأخ

لأب والأخ لأم وابن الأخ الشقيق وابن الأخ لأب والعم الشقيق والعم لأب وابن العم الشقيق وابن العم لأب والزوج والمعتق هذه جملتهم. وبالاختصار عشرة: الابن وابن الابن وإن نزل بمحض الذكور لقوله - سبحانه وتعالى - {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} الآية، والأب وأبوه وإن علا بمحض الذكور لقوله - سبحانه وتعالى - {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} وابن الأخ لأبوين أو لأب عصبة، والعم لا من الأم وابنه لا من الأم لحديث: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفروض فلأولى رجل ذكر» . والزوج لقوله - سبحانه وتعالى - {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} الآية والمعتق وعصبته المتعصبون بأنفسهم لحديث: «الولاء لمن أعتق» وللإجماع وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعًا: «الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب» ، رواه الحاكم وابن حبان وصححه. قال الناظم: وذو فرض أو تعصيب أو رحم هم ومنهم وصنفين عند التعدد وذو الإرث بالإجماع في الناس عشرة ذكور وسبع من عقائل نهد فلابن ولابن الابن إن كان نازلا وللأب ثم الجد مع علو مصعد وللأخ من أي الجهات وجدته ولابن الأخ الشقيق أو من أب جد

وللعم وابن العم من والديه أو أب مع زوج ثم مولى محمد وبنت وبنت ابن وأم وزوجة ومن كل وجه أخته فتعهد وجداته أيضًا ومولاة نعمة وجملة فرض الإرث ستة أعدد وقال الرحبي: والوَارثونَ مِنَ الرِّجَالِ عَشَرَة ... أَسماؤُهُمْ مَعرُوفَةٌ مُشْتهَرَه الابْنُ وابنُ الابنِ مَهمَا نَزَلا ... والأبُ والْجَدُّ لَهُ وإِنْ عَلا والأَخُ مِن أيِّ الْجِهاتِ كانا ... قَد أَنزَلَ اللهُ بِهِ القُرآنا وابنُ الأخِ الْمُدْلِيْ إِلَيهِ بِالأَبِ ... فاسْمَعْ مَقالاً لَيسَ بالْمُكَذَّبِ والعَمُّ وابنُ العَمِّ مِن أبيهِ ... فاشكُرْ لِذي الإيجازِ والتَّنبيهِ والزَّوجُ والْمُعتَقُ ذو الوَلاءِ ... فجُملَةُ الذُّكُورِ هؤلاء والوارثات من النساء بالبسط عشر: البنت وبنت الابن والأم والجدة من قبلها، والجدة من قبل الأب وأبي الأب، والأخت الشقيقة والأخت لأب والأخت لأم، والزوجة والمعتقة, وبالاختصار سبع البنت وبنت الابن وإن نزل أبوها بمحض الذكور لقوله تعالى {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} وحديث ابن مسعود في بنت وبنت ابن وأخت ويأتي إن شاء الله، والأم لقوله تعالى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} الآية والجدة مطلقًا لما يأتي إن شاء الله والأخت

مطلقًا شقيقة كانت أو لأب أو لأم لآيتي الكلالة، والزوجة لقوله - سبحانه وتعالى - {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} الآية والمعتقة. قال في الرحبية: والوارِثاتُ مِنَ النَّساءِ سَبْعُ ... لَمْ يُعْطِ أُنْثَى غَيْرَهُنَّ الشَّرْعُ بِنْتٌ وبَِِنْتُ ابْنٍ وأُمٌّ مُشفِقَه ... وزَوجَةٌ وجَدَّةٌ ومُعتَقَةْ والأُختُ مِن أَيِّ الْجِهَاتِ كانَت ... فهاذِهِ عِدَّتُهُنَّ بَانَتْ ولا يرث المولى من أسفل وقيل بلى عند عدم غيره ذكره الشيخ تقي الدين لخبر عوسجة مولى ابن عباس - رضي الله عنه - أن رجلاً مات ولم يترك وارثًا إلا عبدًا هو أعتقه، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - ميراثه، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وحسنه، قال والعمل عليه عند أهل العلم في هذا الباب وأن من لا وارث له فميراثه في بيت المال وعوسجة وثقه أبو زرعة وقال البخاري في حديثه لا يصح. وما عدا هؤلاء فمن ذوي الأرحام، وإذا اجتمع كل الذكور يرث منهم ثلاثة الأب والابن والزوج ومسألتهم من اثني عشر للأب السدس اثنان وللزوج الربع ثلاثة والباقي وهو سبعة للابن تعصيب وصورتها ما يلي: ... ... ... ... ... 12 أب زوج ابن وإذا اجتمع كل النساء، وهلك هالك عنهن ورث منهن خمس البنت وبنت الابن والأم والزوجة والأخت الشقيقة ويسقط

البقية ومسألتهن من أربعة وعشرين للزوجة الثمن ثلاثة وللأم السدس أربعة وللبنت النصف اثنا عشر ولبنت الابن السدس أربعة تكملة الثلثين والباقي للأخت الشقيقة تعصيبًا وصورتها ما يلي: ... ... ... ... ... 24 زوجة أم بنت بنت ابن أخت شقيقة " فرع ": اسم الأخوة والأخوات الأشقاء بنوا الأعيان، لأنهم من عين واحدة واسم الأخوة والأخوات إذا كانوا لأب فقط بنوا العلات جمع علة بفتح العين، أي الضرات والمراد بنوا أمهات شتى متفرقة من رجل، لأن الذي يتزوج على الأولى كان قد تأهل قبلها، ثم عل من هذه واسم الأخوات والأخوة لام الأخياف سموا بذلك، لأن الأخياف الأخلاط فهم من أخلاط الرجال ليسوا من رجل واحد، والكلالة اسم للورثة ما عدا الوالدين والولدين. وروى عن أبي بكر - رضي الله عنه - أنه قال الكلالة من عدا الوالد والولد، واحتج من ذهب إلى هذا بقول الفرزدق: ورثتم قناة المجد لا عن كلالة ... عن ابن مناف عبد شمس وهاشم واشتقاقه من الإكليل الذي يحيط بالرأس ولا يعلو عليه فكأن الورثة ما عدا الوالد والولد قد أحاطوا بالميت من حوله لا من طرفيه أعلاه وأسفله، وقيل الكلالة اسم للميت الذي لا ولد له ولا والد، يروى ذلك عن علي وعمر وابن مسعود. ويروى عن الزهري أنه قال الميت الذي لا ولد له ولا والد كلالة

ويسمى وارثه كلالة وتطلق الكلالة على الأخوات من الجهات كلها، وقد دل على صحة ذلك قول جابر: يا رسول الله، كيف الميراث وإنما يرثني كلالة فجعل الوارث هو الكلالة ولم يكن لجابر يومئذ ولد ولا والد. وممن ذهب إلى أنه يشترط في الكلالة عدم الولد والوالد زيد وابن عباس وجابر بن زيد والحسن وقتادة والنخعي وأهل المدينة والبصرة والكوفة ويروى عن ابن عباس أنه قال الكلالة من لا ولد له، ويروى ذلك عن عمر والصحيح عنهما كقول الجماعة. وإذا اجتمع الذكور والإناث فيرث منهم خمسة الأب والأم والابن والبنت وأحد الزوجين، وهو الزوج إن كان الميت أنثى فمسألتهم من اثني عشر، وتصح من ستة وثلاثين، لأن الخمسة التي للابن والبنت ليست منقسمة على ثلاثة رؤوسهم فتضرب الثلاثة في اثني عشر بستة وثلاثين للأب السدس ستة وللأم السدس ستة وللزوج الربع تسعة والابن مع البنت عصبة للذكر مثل حظ الأنثيين، للابن عشرة وللبنت خمسة وصورتها ما يلي: ... 12 36 أب أم زوج ابن ... الباقي بنت والزوجة إن كان الميت ذكرًا فمسألتهم أصلها من أربعة وعشرين، وتصح من اثنين وسبعين للأب السدس اثنا عشر وللأم السدس اثنا عشر وللزوجة الثمن تسعة وللابن مع البنت الباقي عصبة للذكر مثل حظ الأنثيين له ستة وعشرون وللبنت

س26: عرف الفرض، وإلى كم تنقسم الفروض المقدرة وإلى كم ينقسم الإرث والوارث، وكم جملة أصحاب الفروض من حيث اختلاف أحوالهم وكم الفروض المقدرة وإلى كم تنقسم؟

ثلاثة عشر وهذه صورتها: 24 72 أب أم زوجة ابن بنت قال صاحب السراجية - رحمه الله -: وفي اجْتِمَاعٍ لِلْذُكُوْرِ الوَارِثُ ... الأبُ والابْنُ وَزَوْجُ مَاكِثُ وفي النِسَاء الوَارِثاتُ خَمْسُ ... بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ لَهُ والعِرْسُ والأُمُّ والأُخْتُ الشَّقِيْقَة وَلَوْ ... كانُوا جَمِيْعًا فَلِخَمْسٍ قَدْ حَبَوْا الوَالِدَيْنِ يَا فَتَى والوَلَدَيْن ... وَأحَدُ الزَّوْجَينِ فاعْلَمْ دُوْنَ مَيْنْ باب الفروض المقدرة شرعًا ومن يرث بها س26: عرف الفرض، وإلى كم تنقسم الفروض المقدرة وإلى كم ينقسم الإرث والوارث، وكم جملة أصحاب الفروض من حيث اختلاف أحوالهم وكم الفروض المقدرة وإلى كم تنقسم؟ ج: الفروض جمع فرض وهو في اللغة الحز والقطع والتقدير، وفي العرف النصيب المقدر شرعًا لوارث خاص لا يزيد إلا بالرد ولا ينقص إلا بالعول. وتنقسم الفروض المقدرة إلى قسمين، قسم ثبت بالكتاب وهي ستة: النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس وإن شئت قلت: النصف والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما، أو

الثمن والسدس وضعفهما وضعف ضعفهما أو الربع والثلث وضعف كل ونصف كل. قال الرحبي: واعلَمْ بأنَّ الإرثَ نوعانِ هُمَا ... فَرضٌ وتَعْصِيْبٌ عَلَى مَا قُسِمَا فالفَرضُ في نَصِّ الكِتابِ سِتَّة ... لا فَرْضَ فِي الإرثِ سِواهَا البَتَّهْ نِصْفٌ ورُبْعٌ ثُمَّ نِصْفُ الرُّبْعِ ... والثُّلْثُ والسُّدسُ بِنَصِّ الشَّرْعِ والثُّلُثانِ وَهُمَا التَّمَامُ ... فاحْفَظْ فَكُلُّ حافِظٍ إِمَامُ وقال الناظم: وجُمْلةُ فَرْضِ الإرثِ سِتَّة أعْدُدِ ... فَنِصْفٌ وَرُبْعٌ ثُمَّ ثُمْنٌ مُقَلَّلٌ وثُلْثَانِ مَعْ ثُلْثِ وَسُدّسٍ مُعَردِ ... ............................. وقال العمريطي: ثُم الفروضُ سِتَّةٌ مُقَدَّرَةْ ... وَفي كِتَابِ رَبِنَا مُقَرَّرَةْ رُبْعٌ وَنِصْفٌ الربعِ ثم ضِعْفُه ... والثلثُ ثم ضِعْفُهُ وَنِصْفُهُ وقال الجعبري: وفي مُحْكَمِ التَّنْزِيْلِ يَا صَاحِ سِتَّةٌ ... فروضُ أولِى الميراثِ تُتْلَى وتُجْتَلاَ فَنِصْفٌ وَرُبْعٌ ثم ثُمْنٌ مُقَدَّرٌ ... وثلثانِ ثم الثُلْثُ والسدسُ كَمِّلاَ

س27: كم عدد الذين يرثون النصف، ومن هم وما هي شروط إرثهم لذلك، وضح ذلك.

والثاني ثبت بالاجتهاد وهو ثلث الباقي للأم في المسألتين الغراوين، وللجد في بعض أحواله وجملة أصحاب الفروض من حيث اختلاف، أحوالهم إحدى وعشرون نظمها بعضهم: ضَبْطُ ذَوِيْ الفُرُوْضِ مِنْ هَذَا الرَّجَزْ ... خُذْهُ مُرَتَّبًا وَقُلْ هَبَا دَبَزْ فالهاء بخمسة عدد أصحاب النصف والباء باثنين عدد أصحاب الربع والألف بواحد عدد أصحاب الثمن، والدال بأربعة عدد أصحاب الثلثين، والياء باثنين عدد أصحاب الثلث بالنص والزاي بسبعة عدد أصحاب السدس. باب أصحاب النصف س27: كم عدد الذين يرثون النصف، ومن هم وما هي شروط إرثهم لذلك، وضح ذلك. ج: خمسة: الزوج بشرط واحد وهو عدم الفرع الوارث والفرع الوارث أولاد الميت وأولاد بنيه وإن نزلوا، فأما أولاد البنات فهم فروع غير وارثين فلا يحجبون من يحجبه الفرع الوارث. مثاله: 2 زوج عم

البنت وتستحق النصف بشرطين عدميين: 1 - عدم المعصب. ... ... ... 2 – عدم المشاركة وهي أختها. مثاله: 2 بنت أخ شقيق وبنت الابن بثلاثة شروط: 1ـ عدم المعصب وهو أخوها أو ابن عمها الذي في درجتها. 2ـ عدم المشاركة وهي أختها أو بنت عمها التي في درجتها. 3ـ عدم الفرع الوارث الذي أعلا منها. مثاله: 2 بنت ابن أخب لأب الأخت الشقيقة بأربعة شروط: 1 – عدم المشاركة. ... ... 2 – عدم المعصب. 3 – عدم الأصل الوارث من الذكور. 4 – عدم الفرع الوارث. الأخت لأب بخمسة شروط: 1- عدم الأشقاء والشائق والأربعة المذكورة في الشقيقة لقوله تعالى: {إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ

مَا تَرَكَ} وهذه الآية في ولد الأبوين أو الأب بإجماع أهل العلم قاله في المغني. قال في الرحبية: والنِّصفُ فَرْضُ خَمْسَةٍ أَفْرَادِ ... الزَّوجُ والأُنثَى مِنَ الأَوْلادِ وبِنْتُ الابْنِ عِندَ فَقْدِ البِنتِ ... والأُختُ في مَذْهَبِ كُلِّ مُفْتِي وبَعْدَهَا الأُخْتُ الَّتي مِنَ الأبِ ... عِندَ انْفِرَادِهِنَّ عَنْ مُعَصِّبِ وقال الجعبري: فللزوجُ نِصْفٌ حَيْثُ لاَ وَلد وَقُلْ ... إذا انْفَرَدَتْ بِنْتٌ لَهَا النصِفُ مَنْزِلاََ كَذا بِنْتُ الابنِ اعْلَمْ إِذَ البِنْتُ لمَ ْتَكُنْ ... كذا الأختُ مِن أصْلَينِ أَوْ مِن أَبٍ عَلاَ إِذا لمَ ْتَكُ الأُوْلَى وَيُسْقِطُ فَرْضَهَا ... أَخُوهَا كذا حُكْمِ البَواقِي مفْصَّلاَ وحِيْنَئِذٍ تَحْوِي مِن الإرث نِصْفَ مَا ... حَواهُ أَخُوهَا إِن بِتَعْصِيْبِهَا اعْتَلاَ والذي يمكن اجتماعه من ذوي النصف الزوج والأخت الشقيقة أو الأخت لأب. أمثلة لما تقدم أخرى: 1 - زوج وأخت شقيقة المسألة من اثنين للزوج النصف وللأخت النصف. 2 - مثال ثاني: بنت، وبنت ابن، وشقيقة المسألة من ستة للبنت النصف ثلاثة ولبنت الابن السدس واحد تكمله الثلثين والباقي للأخت تعصيب.

3 - شقيقة وأخت لأب وعم المسألة من ستة للأخت الشقيقة النصف ثلاثة وللأخت لأب السدس واحد تكملة الثلثين والباقي للعم تعصيب. 4 - بنت ابن، وابن ابن ابن فلها النصف لانفرادها وعدم المعصب وعدم فرع أعلا منها والباقي لابن الابن النازل. 5 - هلك هالك عن بنت وبنتي ابن وعم فللبنت النصف ولبنتي الابن السدس تكملة الثلثين والباقي للعم. من النظم في ميراث البنات والأخوات وللبنت نصف المال ثم بفقدها ... يصير لبنت ابن فقس وتأيد فإن فقدوا للأخت من أبويه جد ... به ثم للآتي من الأب ارفد وسدس لبنت ابن فأعلى مع ابنة ... كبنت أب مع من بوجهين تهتد ولكن إذا عصبن بالذكر اقسم الـ ... ـذي ورثوا لابن كبنتين ترشد كذا الأخ كالأختين عند تعصب ... وخص به تعصيبهن وقيد فباق لأخت مع أب في ثلاثة ... ولابن أخ دون أخت أو عمة جد وزوج وأخت من أبين وأخته ... من الأب تحوي السدس بل مع أخ زد

س28: من هم أصحاب الربع، وما شرط إرث كل واحد منهم للربع، واذكر الدليل على ذلك؟

وثلث لأخت من أب وأخ وإن ... تفرد مع أختيه من أصلين تطرد وإن ملكت بنتاه ثلثي تراثه ... بنات ابنه أسقط ولا تتقلد وبالأخ يحرزن التراث فقس بها ... بنات أب مع مدليات بأزيد بلى لبنات ابن الفقيد زيادة ... يعصبن بابن ابن قريب وأبعد إذا لم يرثن افهم فثلثان لابنتي ... فتى وابن ابن ابنه في المزيد كأختيه أو كالعمتين أو ابنتي ... عمومته أو عم والده جد متى زاد بعدا زاد تعصيب رتبة ... وليس قريب عاصبًا لمبعد باب أصحاب الربع س28: من هم أصحاب الربع، وما شرط إرث كل واحد منهم للربع، واذكر الدليل على ذلك؟ ج: أصحاب الربع اثنان، وهما الزوج والزوجة لقوله - سبحانه وتعالى - {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} . فالزوج يرث الربع بشرط وجودي وهو وجود الفرع الوارث وسواء كان الأولاد منه أو من غيره. والزوجة ترث الربع بشرط واحد وهو عدم الفرع الوارث وهم أولاد الميت وأولاد بنيه.

س29: من هم أصحاب الثمن، اذكرهم بوضوح مع التمثل.

قال في هداية الراغبين: والربع فرض الزوج مع فرع لزم ... وزوجة فصاعدًا إذا عدم ... وقال الرحبي: والرُّبعُ فَرضُ الزَّوجِ إِنْ كانَ مَعَه ... مِن وَلَدِ الزَّوجَةِ مَنْ قَد مَنَعَه وَهْوَ لِكُلِّ زَوجةٍ أوْ أَكثَرا ... مَعْ عدَمِ الأولادِ فيما قُدِّرا أمثلة: 1 - زوجة وأب: للزوجة الربع لعدم الفرع الوارث والباقي للأبي. 2- زوج وابن: المسألة من أربعة للزوج الربع واحد والباقي للابن. 3 - زوجة وابن: للزوجة الثمن لوجود الفرع الوارث والباقي للابن. 4 - زوجة وعم: للزوجة الربع وللعم الباقي. باب أصحاب الثمن س29: من هم أصحاب الثمن، اذكرهم بوضوح مع التمثل. ج: الذي يرث الثمن صنف واحد وهو الزوجة فأكثر وتستحق الثمن بشرط واحد وهو وجود الفرع الوارث.

س30: كم أصحاب الثلثين، ومن هم وما شروط إرث كل صنف منهم للثلثين؟

قال في الرحبية: والثُّمْنُ للزَّوجةِ والزَّوجاتِ ... مَعَ البنِينَ أو مَعَ البَنَاتِ أو مَعَ أولادِ البنينَ فاعْلَمِ ... ولا تظنَّ الجمعَ شرطًا فافهَمِ وقال في وسيلة الراغبين: والثُمنُ فرضُ زَوجَةٍ فأَكثرا ... مَعْ فرعِ زوج وارثٍ قَد حَضَرَا وقال الجعبري في الربع والثمن: وَرُبْعٌ لِزوجٍ إِنْ يَكُنْ وَلَدٌ وَإِنْ ... خلا الزوجُ عنه فهو لِلزَّوْجَةِ اجْعَلاَ وَثُمْنٌ لَهَا إِنْ كانَ لِلزوج وَارِثٌ ... مِنْ الوَلدِ وَالزوجات كالزوجة انْجَلاَ 1 - زوجة وابن: من ثمانية للزوجة الثمن واحد والباقي للابن. 2 - زوجة وبنت وعم: المسألة من ثمانية للزوجة الثمن واحد وللبنت النصف أربعة والباقي ثلاثة للعم. باب من يرث الثلثين س30: كم أصحاب الثلثين، ومن هم وما شروط إرث كل صنف منهم للثلثين؟ ج: أهل الثلثين أربعة أصناف: 1 - البنات: ويرثن الثلثين بشرطي: شرط وجودي وهو أن يكن اثنتين فأكثر، وشرط عدمي وهو عدم المعصب. 2 - بنات الابن: ويرثن الثلثين بثلاثة شروط: شرط وجودي وهو أن يكن اثنتين فأكثر وشرطين عدميين، وهما عدم المعصب وعدم الفرع الوارث الذي هو أعلا منهن.

3 - الثالث من الأصناف الأخوات الشقائق ويرثن الثلثين بأربعة شروط: شرط وجودي وهو أن يكون اثنتين فأكثر وثلاثة شروط عدمية، عدم المعصب وعدم الفرع الوارث وعدم الأصل من الذكور الوارث. 4 - الأخوات لأب: ويرثن الثلثين بخمسة شروط، شرط وجودي وهو أن يكن اثنتين فأكثر وأربعة عدمية عدم المعصب وعدم الفرع الوارث وعدم الأصل من الذكور الوارث وعدم الأشقاء والشقائق. قال في الرحبية: والثُّلُثانِ للبناتِ جَمعًا ... مَا زادَ عن واحدَةٍ فسَمعا وهْوَ كذاكَ لِبناتِ الابنِ ... فافهَمْ مَقالِيْ فَهْمَ صَافيْ الذِّهنِ وهْوَ للاُختَينِ فمَا يَزيدُ ... قضَى بهِ الأَحرارُ والعبيدُ هاذا اإذا كنَّ لأُمٍّ وأبِ ... أو لأبٍ فاعْملْ بهذا تصِبِ وقال في وسيلة الراغبين: والثلثان لاثنتين استوتا ... فصاعدًا ممن له النصف أتى وقال الجعبري: وثلثان فرض لاثنتين فصاعدا ... من اللائي لإحداهن نصف تحصلا أمثلة: 1 - هلك هالك عن زوجة وبنتين وعم: المسألة من أربعة وعشرين للزوجة الثمن ثلاثة وللبنتين الثلثان ستة عشر وللعم الباقي خمسة.

س31: من الذين يرثون الثلث، وما شرط إرث كل صنف منهم الثلث، وما العمريتان، ولم سميتا بالعمرتين، والغراوين والغريبتين، وما الأحكام التي يختص بها ولد الأم، واذكر ما تستحضره من خلاف مع ذكر أمثلة حول الموضوع.

2 - عن زوج وثلاث أخوات شقائق: المسألة من ستة وتعول إلى سبعة، للزوج النصف ثلاثة وللأخوات الثلثان أربعة. 3 - عن بنتين وعم: المسألة من ثلاثة، للبنتين الثلثان اثنان وللعم الباقي واحد. 4 - عن ابنتي ابن وزوجة وشقيق: المسألة من أربعة وعشرين لبنتي الابن الثلثان ستة عشر وللزوجة الثمن ثلاثة وللشقيق الباقي خمسة. 5 - عن زوجة وثلاث بنات وأخت لأب: المسألة من أربعة وعشرين للزوجة الثمن ثلاثة وللبنتين الثلثان ستة عشر وللأخت لأب الباقي خمسة. 6 - عن بنتي ابن وشقيقتين: المسألة من ثلاثة وتصح من ستة لبنتي الابن أربعة لكل واحدة اثنان ولشقيقتين اثنان لكل واحدة واحد. باب من يرث الثلث س31: من الذين يرثون الثلث، وما شرط إرث كل صنف منهم الثلث، وما العمريتان، ولم سميتا بالعمرتين، والغراوين والغريبتين، وما الأحكام التي يختص بها ولد الأم، واذكر ما تستحضره من خلاف مع ذكر أمثلة حول الموضوع. ج: عددهم ثلاثة: الأم والأخوة للأم والجد مع الأخوة في بعض أحواله، وتستحق الأم الثلث بثلاثة شروط عدمية: 1 - عدم الفرع الوارث. 2 - عدم الجمع من الأخوة والمقصود بالجمع اثنان فأكثر سواء كانا ذكرين أو أنثيين أو خنثيين أو مختلفين شقيقين أو لأب أو لأم وارثين أو محجوبين بشخص. 3- أن لا تكون المسألة إحدى العمريتين، وهما زوج وأم وأب أو زوجة وأم وأب المسألة الأولى من ستة للزوج النصف

ثلاثة وللأم ثلاثة الباقي واحد وهو في الحقيقة سدس وإنما سمي ثلثا تأدبًا مع القرآن والباقي للأب. وقال ابن عباس لها ثلث المال كله في المسألتين لظاهر الآية والحجة معه , لولا انعقاد الإجماع من الصحابة على خلافة ووجهه أنهما استويا في النسبة المدلى بها , وهي الولادة وامتاز الأب بالتعصيب بخلاف الجد , فلو أعطينا الزوج فرضه , وأخذت الأم الثلث لزم تفضيل الأنثى على ذكر من حيز واحد في مرتبه واحدة أو أعطينا الزوجة فرضها والأم الثلث كاملا , لزم أن لا يفضل عليها التفضيل المعهود مع اتحاد الجهة والرتبة. فلذلك استدركوا هذا المحذور وأعطوا الأم ثلاث الباقي وللأب ثلثيه مراعاة لهذه المصلحة والحاصل أن ابن عباس خالف الصحابة في خمس مسائل اشتهر قوله فيها إحداها زود وأبوان. والثانية: زوجة وأبوان للأم ثلث الباقي عندهم وجعل هو لها ثلث المال. الثالثة: لا يحجب الأم إلا بثلاثة أخوة. الرابعة: لم يجعل الأخوات مع البنات عصبة. الخامسة: لم يعل المسائل وهذه خمس صحت الرواية عنه فيها واشتهر القول عنه بها. أو إذا لم يكن لولد الأم أب لكونه ولد زنا أو منفيًا بلعان أو أدعته وألحق بها، فمنقطع تعصيبه ممن نفاه بلعان أو نحوه، فلا يرث النافي ولا يرثه أحد من عصباته، لانقطاع السبب وهو النسب. وكذا الزاني وعصبته لا يرثون ولد الزنى وكذا زوج المقرة وعصبته لا يرثون من أقرت به إن لم يصدقوها لانقطاع نسبه ولو كان التعصيب بأخوة من أب إذا ولدت توأمين وترثه

أمه وذو فرض منه وعصبة من لا أب له شرعًا بعد ابنه عصبة أمه وليست أمه عصبة في إرث لا في نكاح وعقل ويكون الميراث لأقربهم فأم وخال له الباقي بعد الثلث ومعهما أخ لأم أو ابنه له السدس فرضًا والباقي تعصيبًا، ويرث إخوته لأمه مع بنته النصف تعصيبًا لأنه أقرب لأخته لأمه، وإن مات ابن ابن ملاعنة وخلف أمه وجددته أم أبيه الملاعنة فالكل لأمه فرضًا وردًا وإذا كذب الملاعن نفسه لحقه الولد ونقضت القسمة. صورة العمريتين 6 زوج أم أب والمسألة الثانية: أصلها من أربعة للزوجة الربع واحد وللأم ثلث الباقي وهو واحد وهو في الحقيقة ربع وإنما قيل له ثلث تأدبًا مع القرآن والباقي للأب وصورتها ما يلي: 4 زوجة أم أب وسميا بالغراوين لاشتهارهما كالكوكب الأغر أو لأن الأم غرت فقيل لها الثلث الباقي، وهو في الحقيقة سدس أو

ربع وسميا بالعمريتين لقضاء عمر بهما وبالغريبتين لغرابتهما من مسائل الفرائض وبالغريمتين، لأن كلا من الزوجين كالغريب صاحب الدين والأبوين كالورثة يأخذان ما فضل. قال في الرحبية: والثُّلْثُ فرضُ الأُمِّ حيثُ لا وَلَد ... ولا مِنَ الإخوَةِ جمعٌ ذُو عدَد كاثْنَيْنِ أو ثِنْتَينِ أو ثَلاثِ ... حكمُ الذُّكور ِ فيهِ كالإناثِ ولا ابنُ إبنٍ مَعَها أو بنتهُ ... ففرضُهَا الثُّلْثُ كمَا بَيَّنتهُ وإنْ يكنْ زَوْجٌ وأمٌّ وأبُ ... فثُلُثُ الباقي لها مُرَتَّبُ وهاكذا مَعْ زَوجةٍ فصاعِدا ... فلا تَكُن عنِ العُلومِ قاعِدا وهوَ للاثنينِ أوِ اثنتين ... مِن ولدِ الأُمِّ بغَيْرِ مَيْنِ وهاكذا إن كَثُرُوا أو زادُوا ... فما لهمْ في ما سواهُ زادُ الثاني: ممن يرث الثلث الأخوة لأم، ويسمون بني الأخياف تشبهًا لهم بالفرس الأخيف، وهو الذي له عين زرقاء وعين كحلاء، وذلك لاختلاف في نسب الأباء، ويسمى الأخوة الأشقاء بنو الأعيان، وذلك لأن عين الشيء خيره والأشقاء خيار الأخوة لأن قرابتهم من جهتين، ويسمى الأخوة لأب بنوا العلات، لأن العلة هي الضرة أو من العلل وهو الشراب الثاني والنهل الشراب الأول، وتقدم الكلام حول هذا

الموضوع ويستحق الأخوة لأم الثلث بثلاثة شروط: 1 – شروط وجودي: وهو أن يكونوا اثنين فأكثر. 2 – شرطين عدميين: وهما عدم الفرع الوارث. 3 – عدم الأصل الوارث من الذكور. ويختص ولد الأم بأحكام منها كون الذكر والأنثى سواء انفرادًا واجتماعًا، والثاني أنهم يرثون مع من أدلوا به وقاعدة الفرائض المطردة، أن من أدلى بوارث حجبه ذلك الوارث، والثالث ذكرهم أدلى بأنثى ويرث، والرابع أنهم يحجبون من أدلوا به نقصانًا، والخامس أن ذكرهم لا يعصب أنثاهم. أمثلة: أم وأخوان لأم وعم المسألة من ستة للأم السدس واحد وللأخوة لأم الثلث اثنان، والباقي وهو ثلاثة للعم. مسألة أخرى: أخ لأم وابن وجدة المسألة من ستة للجدة السدس والباقي للابن ويسقط الأخ للأم بالابن. مسألة: أب وأخ لأم، فالمال للأب ولا شيء للأخ للأم لوجود أصل من الذكور. مسألة: بنت وأخ لأم وعم، للبنت النصف والباقي للعم ويسقط الأخ لأم لوجود الفرع الوارث. مسألة: أم وأخ لأم وأخت لأم وأخ شقيق، للأم السدس وللأخوين لأم الثلث بالسوية والباقي للأخ الشقيق. وقال الجعبري: وثلث لأم حيث لا ولد ولا ... من الأخوة الوارث ذو عدد علا وفي أحد الزوجين والأبوين قل ... لها ثلث ما أبقاه ذو الفرض مسجلا وذو عدد من ولدها الثلث فرضه ... نصيب الذكور كالإناث فحصلا

س32: من هم أهل السدس اذكرهم بوضوح مستقصيا لما يتعلق بهم من القيود والمحترزات والمسائل والأدلة والتعليلات.

وقال في البغية: والثلث فرض الأم حيث عدما ... فرع وجمع أخوة وثلث ما يبقى لهما في العمريتين ... مع أب وأحد الزوجين وقال في التيسير نظم التحرير: والثلث فرض الأم حيث لا عدد ... من أخوة ولا لميت ولد لا من أب واحد الزوجين ... بل ثلث ما يبقى عن الفرضين والثلث فرض ولد أو زائد ... عن واحد والسدس فرض الواحد من ولدها الذكور والإناث ... ويستوي القسمان في الميراث باب من يرث السدس س32: من هم أهل السدس اذكرهم بوضوح مستقصيًا لما يتعلق بهم من القيود والمحترزات والمسائل والأدلة والتعليلات. ج: السدس لسبعة: لأم من فرع وارث، ذكرا كان أو أنثى أو خنثى، واحدا أو متعددًا، ومع ولد الابن كذلك، لقوله - سبحانه وتعالى - {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} ومع وجود جمع من الأخوة، أو جمع من أخوات، والمراد بالجمع اثنان فأكثر أو خناثي كاملي الحرية، ومع نقص الحرية بالحساب. فإن خلف أخوين، نصف كل حر، فالسدس ثابت للأم على كل حال، وإنما يقع الحجب في السدس الواحد، فنقول لو كانا حرين، كان لهما سدسها الأول، ولو كانا رقيقين كان لها

السدس الثاني، فمع رق نصفهما يكون لها نصف هذا السدس، الذي وقع فيه الحجب وعلى هذا فقس. ولا يصح أن نقول إذا كان نصفهما حرًا، فهما بمنزلة أخ واحد، فلها ثلث، لأن الأخ الواحد لا يحجبها إلى السدس، لأنه يلزم من هذا إلغاء قولهم، المبعض يرث ويحجب بقدر ما فيه من الحرية، لأنه حينئذ لا حجب، لأن هذا السدس الذي في يدها ثبت لها، والأصل في ذلك قوله - سبحانه وتعالى - {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} . والسدس أيضًا لواحد من ولد الأم، ذكرًا كان أو أنثى، ويستحقه بثلاثة شروط: أولا: عدم الفرع الوارث. الثاني: عدم الأصل من الذكور الوارث. الثالث: انفراده. قال بعضهم: سدس جميع المال نصا قد ورد ... وولد الأم له إذا انفرد وقال الرحبي: وولدُ الأُمِّ يَنالُ السُّدْسا ... والشرْطُ في إفرادِهِ لا يُنسَى فلود الأم ثلاث حالات، حالة يرث فيها الثلث، وحالة يرث فيها السدس، والحالة الثالثة يسقط بمن سيأتي ذكرهم في الحجب إن شاء الله. ومن أهل السدس أيضًا بنت الابن فأكثر، مع بنت واحدة من صلب، وكذا بنت ابن منازلة فأكثر مع بنت ابن واحدة، أعلا منها، ومن أهل السدس الأخت لأب فأكثر، مع أخت واحدة شقيقة.

ومن أهل السدس الأب مع فرع وارث. ومن أهل السدس الجد مع فرع وارث، إذا عدم الأب، وكذا في حال من أحواله مع الأخوة. ومن أهل السدس الجدة فأكثر، وتستحقه عند عدم الأم سواء كانت مع الفرع الوارث، أو لا يكن فرع وارث أصلاً. مع تساوي الجدات في القرب أو البعد من الميت، لحديث عبادة ابن الصامت، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى للجدتين من الميراث بالسدس بينهما، رواه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند. قال الرحبي: والسُّدْسُ فَرضُ سَبعةٍ مِنَ العَدَدْ ... أبٍ وأُمٍّ ثمَّ بنتِ ابنٍ وُجِدْ والاُختِ بنتِ الابنِ ثمَّ الجَدَّهْ ... ووَلَدُ الأُمِّ تَمَامُ العِدَّهْ فالأبُ يسْتَحِقُّهُ مَعَ الوَلَد ... وهاكذا الأُمُّ بِتَنْزيلِ الصَّمَد وهاكذا مَعْ وَلَدِ الإبنِ الَّذي ... ما زالَ يَقفو إثرَهُ ويَحتَذِي وهْوَ لَها أيَضًا مَعَ الإثنين ... مِنْ إخوَةِ الْمَيْتِ فقِسْ هذينِ جج وتحجب قربى من الجدات بعدى، سواء كانت من جهة أو من جهتين، وسواء كانت القربى من جهة الأم، والبعدى من جهة الأب، إجماعًا أو بالعكس، لأنها جدة قربى، فتحجب البعدي كالتي من قبل الأم، ولأن الجدات أمهات، يرثن ميراثًا واحدًا من جهة واحدة، فإذا اجتمعن، فالميراث لأقربهن كالآباء، والأبناء والأخوة والبنات.

قال في الرحبية: وتسقط البعدَى بذاتِ القربِ ... في المَذهبِ الأَولى فقل لي حسبي ولا يرث من الجدات أكثر من ثلاث، في غير لحوق مورث، بجمع من الرجال، أما إذا ألحقت القافة مجهول النسب بعدد من الرجال، ثم مات فترثه جميع جداته لأبائه مع أمه. وفي الغاز عبد الرحمن الزواوي لشيخه: وما خمس جدات ورثن لميت ... على مذهب للحنبليين يجتلى فأجابه شيخه: وإن يطأ الشخصان فرجا بشبهة ... فتأتي بابن منهما كامل الحلا وألحقه من قاف بالكل منهما ... فكل أبوه لم يجد عنه محولا فمن أبويه تأتي جدات أربع ... وواحدة من أمه يا أخا العلا وبالمناسبة نسوق الألغاز وحلها إن شاء الله. قال الزواوي: أمام العلى مني إليك تحية ... مضاعفة ما حن رعد وحجلا يشفعها أسنى سلام مبارك ... يعززها سامي دعاء تقبلا وبعد فيا إنسان عين أولى النهى ... ومن في مراقي كل فن توغلا سألتك مهل من موضع أوجبوا له ... ضمانًا بلا مثل وعن قيمة خلا وهل ناب ماء عن تراب كفيت ما ... يسؤك عقباه ولا نالك البلا

وعن كافر لم تأكل الأرض لحمه ... وعادتها أكل لحوم أولى البلا وعن مسلم حرتقي مكلف ... وساغ له فطر صحيحًا مسهلا بمدة شهر الصوم من غير فدية ... وغير قضاء حل ما كان مشكلا وعن مسلم حر مريض ومدنف ... وصيته صحت بما قد تمولا ووراثه لم يتركوا من نصيبهم ... فتيلا ولكن أحرزوه مكملا وعن ميت وراثه خمس عشرة ... رجالاً فسدس من تراث تحصلا لخمستهم والثلث كان لخمسة ... ونصف من الميراث للباقي اعتلا وعن خمس جدات ورثن لميت ... على مذهب للحنبليين يجتلا وعن عدد يخرج لك النصف هكذا ... إلى العشر لا كسر يلم بما خلا ومال أضفنا خمسه ثم خمسه ... إليه وأسقطنا لثلث تحصلا كذا خمسه أيضًا طرحنا فلم يف ... من المال شيء حلها صار معضلا ومال أخذنا ثلثه ثم خمسه ... فكان ثلاثين فكم كان أذعلا وأولا شخص أنهبوا تركة لهم ... فأولهم قد حاز قرشًا مجملا وثانيهم اثنين وثالثهم فقد ... أصاب ثلاثًا ثم زد واحد ولا لباق فرد الحاكم الكل منهم ... وقسمها قسما صحيحًا معدلا أضاءت لكل عشرة عن نصيبه ... فما عدها ما عدهم يا أخا العلا

فأجابه شيخه حلاًّ لها: سلام يحاكي الروض بالزهر كللا ... يفوق الشذا منه عبير ومندلا ثغور الهنا منه بواسم ضحك ... ووجه الرضا بالبشر فيه تهللا إلى ذي النهي والمجد أفخر من على ... علا ذروة الإفضال والمجد واعتلا وبعد فيا من فاق علما وسؤددا ... وفاق على هام السماكين واعتلا بعثت إلى ذي فاقة واستكانة ... تحاول منه حل ما كان متكلا مقل قصير الباع فيما ترومه ... من العلم والإدراك أضحى معطلا وكلفتني حملا ثقيلا ومن يكن ... مطاء فقير كيف يحمل مثقلا وإني مجيب حسب قدري وطاقتي ... وإن كان ما ألقيت صعبًا ومعصلا فإن أنج قصدًا في الجواب فحبذا ... ولله شكري إذ أبان وسهلا وإن لم أصب قصدا فعذري واضح ... وهل أعرج يستطيع يمشي مهرولا وهاك جوابي ولتكن لي عاذرا ... إذا لم أحوز اليوم في ذاك مفضلا من التمر صاع عن حلاب ترده ... فلا قيمة هذا ولا مثل فاعقلا وقارون في أرض يسيخ بقامة ... مدى الدهر باق لم ينل جسمه البلا ومن مات في بحر وقد عز دفنه ... ففي البحر يلقى وهو بالأرض بدلا

وإن سافر الشيخ المسن فلا قضا ... ولا فدية فافهم وإن كان ذاملا وذو شبق أيضًا يكون مسافرا ... فلا حرج في الدين فالله سهلا وإن خص كلا من مواريثه بما ... يعين مما قد حوى وتمولا وقيمة كل قدر حصة وارث ... وصيته صحت بما كان خولا وإن مات إنسان وخلف خمسة ... بني إخوة من أمه يا أخا العلا ومثلهم أبناء أخت شقيقة ... وأبناء أخت مثلهم من أب تلا فثلث ونصف ثم سدس مرتب ... لهم حسب من أدلوا به الإرث نزلا وإن يطأ الشخصان فرجًا بشبهة ... وتأتي بابن منهما كامل الحلا وألحقه من قاف بالكل منهما ... فكل أبوه لم يجد عنه محولا فمن أبويه تأتي جدات أربع ... وخامسة من أمه فاقف ما انجلا وخمس مئين ثم ألفان بعدها ... وعشرون تحوي كل ما كان مشكلا من العشر حتى النصف لا كسر حاصل ... لديها فإن شئت اختبرها على الولا واثنان مع نصف لسدس يزيدها ... بخمس جميع ثم خمسه يجتلا وتسقط ثلث الكل ثم لخمسه ... فلم يبق شيء بعد ما قد تحصلا وخمسون مع ست وربع هي التي ... ثلاثون منها الثل والخمس كملا

وعد ذوي النهبات عشر وتسعة ... ومنهو بهم تسعون ماية كملا إذا بالترقي كان أصل انتهابهم ... بواحد والمأخوذ واحد أولا فصار لكل عشرة هي سهمه ... إذا حاكم رد انتهابًا وعدلا فهذا جواب عن أحاجيك كلها ... يبين خافيها وإن كان مشكلا وإني لأرجو أن يكون مطابقا ... به فتح ما أقفلت فيها وأضلا وأسأل ربي أولا ثم آخرا ... على ما به أولى علي وأفضلا وأسأله من فضله أن يزيدني ... ويمنحني الله السني المكملا ويلحقني بالصحب أتباع أحمد ... على سنن الأسلاف غرة من تلا على هديهم أحيا وأنقل راجيًا ... رضاء إلهي منة وتطولا وصل إلهي كل وقت وساعة ... على خير هاد في الأنام وأفضلا وآل وأصحاب كرام أجلة ... بهم قد أقام الدين ربي وكملا

والثالث الجدات المذكورة هن: أم أم، وأم أب، وأم أبي أب فقط، ومن كان من أمهاتهن وإن علون أمومة. روي ذلك عن علي وزيد بن ثابت وابن مسعود، لما روى سعيد في سننه عن إبراهيم النخعي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورث ثلاث جدات، اثنتين من قبل الأب، وواحدة من قبل الأم، وأخرجه أبو عبيد والدارقطني. وروى سعيد أيضًا عن إبراهيم أنهم كانوا يورثون من الجدات ثلاثًا، اثنتين من قبل الأب، وواحدة من قبل الأم، وهذا يدل على التحديد بثلاث، أنه لا يورث من فوقها، فلا ميراث لأم أبي أم أب. ولا لكل جدة أدلت بأب بين أمين ولا لأم أبي جد، لأن القرابة كلما بعدت ضعفت، والجدودة جهة ضعيفة بالنسبة إلى غيرها من القربات، ولذلك بين الله - سبحانه وتعالى - فروض الورثة، ولم يذكر الجدات، فإذا بعدن زدن ضعفًا، فيكون من عداهن من ذوي الأرحام. والجدات المتساويات في الدرجة " أم أم أم "و " أم أم أب " و"أم أبي أب " وكذا " أم أم أم أم " و" أم أم أم أب " و" أم أم أبي أب ".

وإن أردت تنزيل الجدات الوارثات وغيرهن، فاعلم أن للميت في الدرجة الأولى جدتين "أم أمه وأم أبيه". وفي الثانية أربع، لأن لكل واحد من أبويه جدة، فهما أربعة بالنسبة إليه. وفي الثالثة ثمان، لأن لكل من والديه أربعا على هذا الوجه فيكون لولدهما ثمان وعلى هذا كلما علون درجة يضاعف عددهن، ولا يرث منهن إلا ثلاث. ولجدة ذات قرابتين، مع جدة ذات قرابة واحدة، ثلثا السدس، وللأخرى ذات القرابة الواحدة، ثلث السدس، لأن ذات قرابتين، شخص ذو قرابتين، يرث بكل واحدة منهما منفردة، لا يرجح بهما على غيره، فوجب أن ترث بكل واحدة منهما، كابن العم إذا كان أخًا لأم أو زوجا، وفارقت الأخ للأبوين، لأنه رجح بقرابته على الأخ لأب. ولا يجمع بين الترجيح بالقرابة الزائدة، والتوريث بها فإذا وجد أحدهما انتفى الآخر، ولا ينبغي أن يخل بهما جميعًا وهاهنا قد انتفى الترجيح بالقرابة الزائدة، فيثبت التوريث خلافًا للشافعي وأبي يوسف، فإنهما قالا السدس بينهما نصفان. فلو تزوج بنت عمته، فأتت بولد، فجدة المتزوج لأبيه بالنسبة إلى الولد الذي ولد بينهما " أم أم أمه " و" أم أبي أبيه " فترث معها " أم أم أبيه " ثلث السدس. وإن تزوج بنت خالته فأتت بولد فجدته بالنسبة إلى الولد " أم أم أم " و" أم أم أب " فترث " أم أبي أبيه " معها ثلث السدس. ولا يمكن أن ترث جدة لجهة واحدة، مع جدة ذات ثلاث جهات.

س33: من هم العصبة لغة واصطلاحا، ولماذا سموا بذلك، وكم أقسامهم، وهل لهم ضوابط، وكم جهاتهم، وما هي أحكامهم، وضح ذلك مع التمثيل، وإذا عدمت العصبة فما الحكم، وما هي جهات التعصيب وأيها المقدم؟

فلو تزوج هذا الولد بنت خالة له، فالجدة المذكورة بالنسبة إليه "أم أم أم أم " و" أم أم أم أب " و" أم أم أبي أب " فهذه الجدة في هذه الصور ينحصر السدس فيها، لئلا نورث أكثر من ثلاث جدات. وللأب والجد ثلاث حالات، الأولى أنهما (يرثان بتعصيب فقط مع عدم فرع وارث، كولد، وولد ابن، والثانية أنهما يرثان بفرض فقط، مع ذكورية الفرع الوارث، كالابن وإن نزل، والثالثة أنهما يرثان بفرض وتعصيب مع أنوثية الولد وولد الابن) . باب العصبات س33: من هم العصبة لغة واصطلاحًا، ولماذا سموا بذلك، وكم أقسامهم، وهل لهم ضوابط، وكم جهاتهم، وما هي أحكامهم، وضح ذلك مع التمثيل، وإذا عدمت العصبة فما الحكم، وما هي جهات التعصيب وأيها المقدم؟ ج: العصبات جمع عصبة، وهو جمع عاصب من العصب وهو الشد، ومنه عصابة الرأس، لأنه يعصب بها والعصابة العمامة والعمائم يقال لها عصائب. قال الفرزدق: وركب كأن الريح تطلب منهم ... لها سلبًا من جذبها بالعصائب والعصب لأنه يشد الأعضاء، وعصابة القوم لاشتداد بعضهم ببعض، وهذا يوم عصيب أي شديد، فسميت القرابة عصبة، لشدة الأزر.

وفي الاصطلاح، هو الوارث بغير تقدير، أو من يحوز المال إذا لم يكن معه صاحب فرض. وعرفه بعض العلماء بقوله: العاصب من يأخذ كل المال عند انفراده ويأخذ ما بقي بعد أصحاب الفروض وعرفه الرحبي بقوله: فكلُّ مَن أحرَزَ كلَّ المَال ... مِنَ القَراباتِ أو الْمَوالِي أو كانَ مَا يَفضُلُ بَعدَ الفرْضِ لَه ... فهْوَ أخو العُصُوبةِ الْمُفضَّله وقال الجعبري: وكُلُّ يَحُوزُ المالَ عندَ انْفِرَادِه ... بِتَعْصِيْبةٍ فادْر الأُصُولَ لِتأْصلا ويَأْخُذُ ما يُبْقْيِهِ ذو الفرضِ ثم إِنْ ... حَوىَ المالَ أهَلُ الفرضِ يَسْقُطُ مُهْمَلا وهم ينقسمون أولا إلى قسمين: عصبة بنسب، وعصبة بسبب، ثم العصبة بالنسب ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: عصبة بالنفس وعصبة بالغير وعصبة مع الغير، فالعصبة بالنفس، كل ذكر نسيب، ليس بينه وبين الميت أنثى غير الزوج والأخ لأم. وعددهم أربعة عشر: الابن، وابن الابن، وإن نزل والأب وأبوه وإن علا، والأخ الشقيق، والأخ لأب، وابن الأخ الشقيق، وابن الأخ لأب، والعم الشقيق والعم لأب، وابن العم الشقيق، وابن العم لأب، والمعتق والمعتقة، فإنها عصبة بنفسها للعتيق، ولمن انتمى إليه بنسب أو ولاء، على التفصيل المذكور في باب الولاء.

قال في الرحبية: وليسَ في النساءِ طرًا عَصَبَة ... إلاّ الَّتي مَنت بعِتقِ الرَّقبَة (فصل) ولا يرث أبعد بتعصيب مع أقرب منه، لأن الأقرب أشد وأقوى من الأبعد فهو أولى منه بالميراث. وأقرب العصبة، ابن فابنه وإن نزل فلا يرث أب ولا جد مع فرع ذكر بالعصوبة بل السدس. فرضًا لقوله - سبحانه وتعالى - {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} الآية، ولأنه جزؤه وجزء الشيء أقرب إليه من أصله. وبعد الابن وابنه وإن نزل، أب فأبوه وإن علا، بمحض الذكور، فهو أولى من الأخوة لأبوين، أو لأب في الجملة، لأنه أب وله إيلاد، ولذلك يأخذ السدس مع الابن، وإذا بقى السدس فقط أخذه، وسقط الأخوة، وإذا بقى دون السدس أو لم يبق شيء، أعيل له السدس، وسقط الأخوة. وبعد الأب وأبيه وإن علا أخ لأبوين، لترجيحه بقرابة الأم. وبعده أخ لأب لتساويهما في قرابة الأب وبعده ابن أخ لأبوين وبعده ابن أخ لأب وإن نزلا بمحض الذكور، لأن الأخوة وأبناءهم من أولاد الأب. ويسقط البعيد من بني الأخوة بالقريب منهم. ويقدم ابن العم لأبوين، على ابن العم لأب. وبعدهم أعمام أب، فأبناء كذلك يقدم من لأبوين على من لأب. وبعدهم أعمام جد، فأبناؤهم كذلك يقدم من لأبوين على من لأب. وبعدهم أعمام أبي الجد ثم أبناؤهم كذلك أبدًا، فلا يرث بنوا أب أعلى مع بني أب أقرب منه وإن نزلت درجتهم.

لما روى ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَلحقوا الفرائض بِأهلها فما بقي فلأولى رجلٍ ذكرٍ» متفق عليه. وأولى هنا، بمعنى أقرب، لا بمعنى أحق، لما يلزم عليه من الإيهام والجهالة، فإنه لا يدري من هو الأحق، وقوله ذكر بين به أنه ليس المراد بالرجل البالغ، بل الذكر وإن كان صغيرًا. وهنا أربع قواعد مهمة ذكرها الفرضيون: الأولى: لا ميراث لعصبة عصابات المعتق إلا أن يكونوا عصبة للمعتق. الثانية: لا ميراث لمعتق عصابات المعتق إلا من أعتق أباه أو جده. ثالثًا: أنه لا يرث النساء بالولاء، إلا من أعتقن أو أعتقه من أعتقن. والقاعدة الرابعة: لا يرث بنوا أب أعلا مع بني أب أقرب وإن نزلوا. فائدة: ذكر بعض العلماء هنا لغزا، ناظمًا له بقوله: قاضي المسلمين أنظر بحالي ... وأفتني بالصحيح واسمع مقالي مات زوجي وهمني فقد بعلي ... كيف حال النساء بعد الرجال صير الله في حشاي جنينًا ... لا حرام بل بوطء حلال فلي النصف عن أتيت بأنثى ... ولي الثمن إن يكن من رجال ولي الكل إن أتيت بميت ... هذه قصتي ففسر سؤالي

ج: هذه امرأة اشترت رقيقًا وأعتقته ثم تزوجت به فحملت منه ثم مات وهي حامل منه، فإن وضعت أنثى فلها النصف فرضًا لأنها بنت الميت، ولهذه الزوجة الثمن فرضًا والباقي تعصيبًا وإن كان المولود ذكرًا فلها الثمن فقط، والباقي للولد تعصيبًا، وإن يكن الحمل ميتًا، أخذت جميع المال تعصيبًا وفرضًا، لأن لها الربع فرضا بالزوجية والباقي بالولاء تعصيبًا حيث لا وارث له من النسب. وحله بعضهم بنظم فقال: دام حمد لربنا ذي الجلال ... وصلاة على النبي ثم آل هذه حرة حوت لرقيق ... ملكته بأيد رحبة الخصال أعتقته وبعد ذا زوجته ... نفسها ثم صار زوجها في الحلال حملت منه ثم مات سريعًا ... قبل وضع تأملوا في السؤال فها النصف إن يك الحمل أنثى ... منه ثمن بفرضها يا بدخال ثم باقيه بالولا ملكته ... فلها الكل بالولا والسؤال ولها الربع فرضا وسواه ... أخذته عصبته بالكمال وانظر الحكم إن يكن الحمل خنثى ... واتبع الشرع ترتقي في المعالي

ويقال: إن أبا حنيفة - رحمه الله - زوج ابنته بعبده، وعليه قول الشاعر: تقول فتاة لزوجها ... وكانا على غاية الاتفاق تمتع بهذا النكاح الصحيح ... إلى أن يموت فقيه العراق فإن مات أملكك من ساعتي ... وبعتك وآخذ جميع الصداق حصل ذلك الأمر عند الجميع ... جليًّا ولم يرو فيه افتراق متى ذاك أخبرني يا فتى ... فصرنا أجانب بغير الطلاق والرجال كلهم عصبات بأنفسهم سوى زوج وأخ لأم فإنهما صاحبا فرض وأحكام العصبة بالنفس ثلاثة: الأول: إن من انفرد منهم أخذ جميع المال. الثاني: إنه إذا كان مع أصحاب الفروض، يأخذ ما أبقت الفروض. الثالث: أنه إذا استغرقت الفروض التركة سقط، إلا الأب والجد والابن. وجهات التعصيب ست: بنوة، ثمأبوة، ثم جدودة وأخوة ثم بنوا أخوة، ثم عمومة وبنوهم، ثم ولاء. بنوة أبوة جدودة ... أخوة بنوهم عمومة وإذا اجتمع عصبتان، فتارة يستوون في الجهة والدرجة، والقوة وتارة يختلفان، فإن استويا، اشتركا، وفي حالة الاختلاف يحجب بعضهم بعضًا، وهو مبني على قاعدتين، إحداهما أن من أدلى بواسطة، حجبته تلك الواسطة، إلا ولد

الأم اتفاقًا، وإلا أم الأب، والجد عند الحنابلة خلافًا للثلاثة، قال ناظم المفردات: والجدة أم الأب عندنا ترث ... وابنها حي به لا تكترث القاعدة الثانية: إذا اجتمع عصبتان فأكثر، فيكون التقديم على حسب ما يأتي، فأولا يقدم الترجيح بالجهة، فتقدم جهة البنوة على غيرها من الجهات، فيأخذ أبناء الميت المال كله، أو ما يبقى بعد أصحاب الفروض، فإذا لم يوجد الأبناء فأبناؤهم وإن نزلوا، لأنهم يقومون مقامهم. فإذا مات عن "ابن وأب وأخ شقيق" فالعصبة هنا هو الابن، لأن جهة البنوة مقدمة على غيرها، والأب صاحب فرض ولا شيء للأخ الشقيق، لأن جهته متأخرة، وهكذا العمل. ثانيًا: عند الاستواء في الجهة، يقدم الأقرب درجة إلى الميت، مثال ذلك إذا مات عن ابن وابن ابن، الميراث للابن كله، ولا شيء لابن الابن، لأن درجة الابن أقرب، فيكون هو العصبة، ومثل ذلك إذا وجد أخ لأب، وابن أخ شقيق، فيكون المال للأخ لأب، لأنه أقرب درجة من ابن الأخ الشقيق. قال الرحبي: وما لذِي البعدَى مَعَ القريبِ ... في الإرْثِ مِن حَظٍّ ولا نصِيبِ ثالثًا: إذا استويا في الجهة والدرجة، قدم الأقوى، والأقوى هو المدلي بقرابتين، والضعيف هو المدلي بقرابة واحدة، مثال ذلك أخ شقيق وأخ لأب، المال كله للأخ الشقيق لأنه أقوى قرابة، ومثله ابن أخ شقيق وابن أخ لأب، المال كله لابن الأخ الشقيق لأنه أقوى قرابة.

ومثله عم شقيق، وعم لأب، المال كله للعم الشقيق، ولا شيء للعم للأب، والقوة لا تكون في جهتي البنوة والأبوة، بل في الأخوة وبنيهم. والأعمام وبنيهم والترجيح المتقدم ذكره الجعبري فقال: ودونك فاحفظ ضابطًا جل قدره ... إذا كان بالتعصيب ذو الإرث نفلا أولوا جهة لم يختلف قدم الذي ... بالأصلين أدلى دون ذي الأصل مجملا مثال له أخ شقيق مقدم ... على الأخ من أصل يروق مقبلا فإن كان ذو الأصلين في البعد موغلا ... فذو الأصل بالتوريث أحرى فأصلا مثال له تقديمنا الأخ من أب ... على ابن الأخ المدلي بأصلين إن علا وإن يختلف في الإرث حقا جهاتهم ... وكنت لترتيب الجهات محصلا فقل كل من بالإرث أحرى ففرعه ... على الجهة الأخرى يقدم مسجلا مثال له ابن ابن يقدم موغلا ... على الأخ وابن الأخ للعم عطلا فالبجهة التقديم ثم بقربه ... وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا أحط بالذي أمليت يا صاح تغن عن ... إعادته في الحجب واقتس لتنضلا

أمثلة أخرى: أب، وجد، المال للأب لأنه أقرب، ولأن الجد يدلي بالأب، والقاعدة من أدلى بواسطة حجبته تلك الواسطة، إلا ما استثنى. مثال آخر: عم، وابن عم، المال للعم لأنه أقرب إلى الميت ولو هلك هالك عن زوجته، وابن، وابن ابن، فللزوجة الثمن والباقي للابن وحده، لأنه أقرب منزلة. مثال آخر: أب، وابن، فللأب السدس فرضًا والباقي للابن تعصيبًا، ولا تعصيب للأب، لأن جهة البنة أسبق من جهة الأبوة. مثال آخر: زوج وبنت، وبنت ابن، وجدة، وأب، المسألة من اثني عشر، للزوج الربع ثلاثة، وللبنت النصف ستة، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وللجدة السدس اثنان، وللأب السدس اثنان، تعول المسألة إلى خمسة عشر. مثال آخر: إذا مات عن عم أبيه، وابن ابن ابن عمه، فالمال لابن العم النازل، دون عم الأب، لأن ابن العم يتصل بالميت في الجد، وعم أبيه يتصل به في أبي الجد، فابن العم أقرب منزلة. مثال آخر: بنت وأخت شقيقة وأخ لأب فللبنت النصف، والباقي للأخت الشقيقة، لأنها أقوى من الأخ للأب. مثال آخر: زوج وشقيقة وعم المسألة من اثنين للزوج النصف، وللشقيقة النصف، والعم يسقط، لأن العاصب يسقط إذا استغرقت الفروض التركة. والعصبة بالغير، أربعة أصناف: البنات وبنات الابن، والأخوات الشقيقات، والأخوات لأب كل واحدة منهن مع

أخيها عصبة به، له مثلاً مالها، فتكون الأنثى منهن مع الذكر المساوي لها عصبة بالغير. وضابط العصبة بالغير أن يقال كل أنثى منعها أخوها فرضها من نصف أو غيره، قال بعضهم: وعاصب بغيره من منعه ... أخوه فرضه إذا كان معه وتزيد بنت الابن عليهن، بأنه يعصبها ابن ابن في درجتها، سواء كان أخوها أو ابن عمها، ويعصبها أيضًا ابن ابن أنزل منها، إذا لم يكن لها شيء في الثلثين. وتزيد الأخت شقيقة كانت أو لأب بأنها يعصبها الجد كما سيأتي إن شاء الله وأمثلة ذلك بنت فأكثر مع ابن فأكثر المال بينهما أو بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. ومثال ذلك بنت ابن، وابن ابن سواء كان أخاها أو ابن عمها، وأخت شقيقة مع أخ شقيق، وأخت لأب مع أخ لأب فأكثر في الجميع، ففي هذه المسائل الثلاث المال بين كل ذكر وأنثى من المذكورين للذكر مثل حظ الأنثيين. مثال آخر: بنت وبنت ابن وابن ابن في درجتها، سواء كان أخاها أو ابن عمها، للبنت النصف ولبنت الابن الباقي مع ابن الابن للذكر مثل حظ الأنثيين. مثال آخر: بنت ابن، وابن ابن ابن أنزل ممنها لها النصف والباقي له فلا يعصبها لاستغنائها بفرضها. مثال آخر: بنت وبنت ابن فأكثر وابن ابن ابن، للبنت النصف ولبنت الابن فأكثر السدس تكمله الثلثين والباقي لابن ابن الابن النازل فلا يعصبها لما مر. مثال آخر: بنتا ابن، وابن ابن ابن، لهما الثلثان والباقي له لما مر.

مثال آخر: بنت وبنت ابن وبن ابن ابن ابن، وابن ابن ابن ابن نازل، للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكمله الثلثين، والباقي لبنت ابن ابن الابن مع ابن ابن ابن الابن المذكور للذكر مثل حظ الأنثيين. مثال آخر: زوجة، وابن، وبنت، المسألة من ثمانية، للزوجة الثمن والباقي سبعة للابن وأخته، للذكر مثل حظ الأنثيين، ورؤسهم ثلاثة، تكون جزء السهم، تضرب في أصل المسألة ثمانية تبلغ 24 أربع وعشرين، فللزوجة الثمن واحد مضروب في جزئ السهم ثلاثة، يكمن لها ثلاثة وللابن والبنت سبعة، مضروب في ثلاثة تبلغ واحدًا وعشرين، للابن أربعة عشر، وللبنت سبعة، وهذه صورتها: 8، 3 24 زوجة ابن بنت مثال آخر: زوجة وأخ وأخت أشقاء، المسألة من أربعة، للزوجة الربع واحد، والباقي ثلاثة للأخ وأخته، للذكر مثل حظ الأنثيين، له اثنان ولها واحد. مثال آخر: بنتان، وبنت ابن، وابن ابن أنزل منها، للذكر مثل حظ الأنثيين عصبها لأنها احتاجت إليه.

والعصبة مع الغير مختصة بالأخوات الشقيقات أو لأب مع البنات أو بنات الابن، إذا لم يكن معنن أخ ذكر. قال في الرحبية: والأخواتُ إن تكُن بَناتُ ... فهُنَّ مَعهنَّ مُعَصَّباتُ وقال غيره: والأخوات لا لأم عصبات ... مع بنات الابن أو مع البنات إذا انتفى الحاجب ثم إن وجد ... معصب الأخت هنا القسم اعتمد مثال ذلك: ابن وأخت شقيقة، المال للابن، بنت وأخت شقيقة، للبنت النصف وللشقيقة الباقي تعصيبًا، أب وأخت شقيقة، المال للأب. مثال: بنت وأخت شقيقة وأخ لأب، المسألة من اثنين للبنت النصف والباقي للأخت الشقيقة تعصيبًا مع الغير ويسقط الأخ للأب لأنها أقوى. مثال آخر: زوج وبنت ابن وشقيقتان وأخ لأب، للزوج الربع لوجود الفرع الوارث، ولبنت الابن النصف فرضًا، وما بقي فللشقيقتين وليس للأخ للأب شيء، لأنه حجب بالشقيقتين. مثال آخر: بنتان، أخت لأب، ابن أخ شقيق، للبنتين الثلثان وللأخت للأب الباقي، وهو الثلث لأنها صارت عصبة مع الغير فهي في قوة الأخ للأب وتحجب من بعدها من العصبات وهو ابن الأخ الشقيق.

فتبين مما تقدم أن العصبة مع الغير صنفان الأخوات الشقيقات، والأخوات لأب مع البنات، أو بنات الابن. وتعصيبهن مع الغير مشروط بأن لا يكن عصبة بالغير، مثال ذلك بنت وبنت ابن وشقيقة، المسألة من ستة، للبنت النصف ثلاثة، ولبنت الابن السدس واحد تكملة الثلثين، والباقي للأخت الشقيقة تعصيبًا مع الغير، والأخت الشقيقة والأخت لأب إذا صارت عصبة مع الغير صارت كأخيها. فالشقيقة كالأخ الشقيق فتحجب الأخونة للأب، ذكورًا كانوا أو إناثًا، ومن بعدهم من العصبات، وحيث صارت الأخت للأب عصبة مع الغير، صارت كالأخ فتحجب بني الأخوة ومن بعدهم من العصبات. وإذا استوعبت الفروض المال ولم يبق شيء سقط العاصب لمفهوم الحديث السابق وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أَلحقوا الفرائض بِأهلها فما بقي فلأولى رجلٍ ذكرٍ» متفق عليه. وذلك كزوج وأم وأخوة لأم اثنين فأكثر، ذكورًا أو إناثًا، أو ذكرًا وأنثى فأكثر لأب، أو أخوات لأبوين معهن أخوهن، وهو المسمى بالأخ المشؤم، لأن وجوده صار سببًا لحرمان نفسه وأخته من الميراث. فهذه المسألة المتقدمة قريًا حلها يكون من ستة، للزوج نصف التركة ثلاثة وللأم سدسها واحد، وللأخوة للأم اثنان، وسقط سائرهم، لاستغراق الفروض التركة. وتسمى هذه المسألة مع ولد الأبوين الذكر فأكثر أو الذكر مع الإناث المشركة، وأركانها أربعة: زوج وصاحب سدس من أم أو جدة وأخوة لأم وأشقاء.

قال في الدرة المضية: وإنْ تَجِدْ زَوْجًا وأُمًا وَعَدَدْ ... مِن وَلَدِ أُم وَشَقِيقًا اتَّحَدْ فامْنَعْ شَقِيْقًا وَمتَى وَجَدْتاَ ... في مَوْضِعَ الشقيقِ مَعْهُم أُخْتَا مِن غَيرِ أمٍ وَرَّثْنهَا عَائِلاً ... فإِنْ تَجِدْ مُعَصِّبًا كُنْ حَاضِلاً وكذلك كل مسألة اجتمع فيها زوج وأم وجدة، واثنان فصاعدا من ولد الأم، وعصبة من ولد الأبوين. وإنما سميت المشركة، لأن بعض أهل العلم شرك فيها ولد الأبوين، وولد الأم في فرض ولد الأم، فقسمه بينهم بالسوية وتسمى اليتيمة والحجرية والمنبرية. وتسمى الحِمَارِيَّةْ، لأنه يروى أن عمر أسقط ولد الأبوين فقال بعضهم يا أمير المؤمنين هب إن أبانا كان حمارًا، أليست أمنا واحدة فشرك بينهم. ويروى هذا القول عن علي وابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وأب موسى، لقوله - سبحانه وتعالى - {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} . ولا خلاف في أن المراد بهذه الآية ولد الأم على الخصوص فمن شرك بينهم فلم يعط كل واحد منهما السدس، فهو مخالف لظاهر القرآن ويلزم منه مخالفة ظاهر الآية الأخرى وهي قوله - سبحانه وتعالى - {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} ، يراد بهذه الآية سائر الأخوة والأخوات وهم يسوون بين ذكرهم وأنثاهم.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «أَلحقوا الفرائض بِأهلها» ومن جهة المعنى أن ولد الأبوين عصبة لا فرض لهم، وقد تم المال بالفروض، فوجب أن يسقطوا، كما لو كان مكان ولد الأم ابنتان، وقد انعقد الإجماع على أنه لو كان في هذه المسألة واحد من ولد الأم، ومائة من ولد الأبوين، لكان للواحد السدس، وللمائة السدس الباقي، لكل واحد عشرة. فإذا جاز أن يفضلهم الواحد هذا الفضل كله، فلان يسقطهم وجود الاثنين، من باب أولى وأحرى. وإليك قيمتها على مذهب أحمد وأبي حنيفة، المسألة من ستة للزوج النصف ثلاثة وللأم السدس واحد وللأخوة للأم الثلث ويسقط الأخوة الأشقاء وهذا هو الذي حكم به عمر أولا وهو مقتضى النص والقياس، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «أَلحقوا الفرائض بِأهلها فما بقي فلأولى رجلٍ ذكرٍ» . والمذهب الثاني: التشريك بين الأخوة لأم والأخوة الأشقاء وبه قال مالك والشافعي وهو الذي حكم به عمر أخيرًا، ولما قيل له أنك حكمت عام أول بإسقاط الأخوة قال: ك على ما قضيناه، وهذا على ما نقضي، فعل هذا المذهب لا يفضل الشقيق على الأخ لأم. وهذه صورتها على المذهبين: 6 6 أم ... أم زوج ... زوج أخوة لأم ... أخوة لأم أخوة أشقاء ... أخوة أشقاء على مذهب ... ... على مذهب ... فوقهما ولا المساوي لهما أحمد وأبي حنيفة الشافعي ومالك

وقال ابن القيم تشريكهم خروج عن القياس، كما هو خروج عن النص. ولو كان في المسألة المتقدمة مكان الأخوة لأبوين أو لأب، أخوات لأبوين أو لأب ثنتان فأكثر مع الزوج والأم أو الجدة والأخوة للأم، عالت إلى عشرة، للزوج ثلاثة، وللأم أو الجدة السدس واحد، وللأخوة للأم اثنان وللأخوة للأبوين أو لأب الثلثان أربعة. وتسمى هذه المسألة أم الفروخ، لكثرة عولها شبهوا أصلها بالأم وعولها بفروخها وليس في الفرائض ما يعول بثلثيه سواها وشبهها، وتسمى الشريحية لحدوثها في زمن القاضي شريح. وروى أن رجلاً أتاه وهو قاض بالبصرة، فقال ما نصيب الرجل من زوجته، قال النصف مع غير الولد، والربع معه. فقال امرأتي ماتت وخلفتني، وأمها أختيها لأمها وأختيها لأبيها وأمها، فقال لك إذا ثلاثة من عشرة، فخرج من عنده وهو يقول لم أر كقاضيكم هذا، لم يعطني نصفًا ولا ثلثًا، فكان شريح يقول له إذا لقيه إذا رأيتني ذكرت حاكمًا جائرًا، وإذا رأيتك ذكرت رجلاً فاجرًا، إنك تكتب القضية وتشيع الفاحشة. ومتى عدمت عصبة النسب، ورث المولى المعتق، ولو كان أنثى لحديث: «الولاء لمن أعتق» . ولحديث: «الولاء لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب» رواه الخلال والنسب يورث به. وروى سعيد بسنده عن عبد الله بن شداد، قال كان لبنت حمزة مولى أعتقته، فمات وترك ابنته ومولاته فأعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - بنته النصف، وأعطى مولاته بنت حمزة النصف.

وروى أيضًا عن الحسن قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الميراث للعصبة، فإن لم يكن عصبة فللمولى، ثم عصبة المولى المعتق، إن لم يكن موجودًا، الأقرب فالأقرب كنسب. لما روى أحمد عن زياد بن أبي مريم، أن امرأة أعتقت عبدًا لها ثم توفيت، وتركت ابنًا لها وأخًا، ثم توفي مولاها من بعدها، فأتى أخو المرأة وابنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ميراثه، فقال - عليه الصلاة والسلام -، ميراثه لابن المرأة، فقال أخوها: يا رسول الله لو جر جريرة كانت علي، ويكون ميراثه لهذا، قال نعم. ولأنه صار بين العتيق ومعتقه مضايفة، كمضايفة النسب فورثه عصبة المعتق، لأنهم يدلون به، ثم مولى المولى يقدم، ثم عصبته الأقرب فالأقرب كذلك، ثم مولى المولى كذلك وإن بعد. ولا شيء لموالي أبيه وإن قربوا، لأنه عتيق مباشرة، فلا ولاء عليه لموالي أبيه، ثم بعد المولى وإن بعد وعصبته الرد على ذوي الفروض غير الزوجين. لقوله - سبحانه وتعالى - {وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} فإذا لم يرد الباقي على ذوي الفروض، لم تتحقق الأولوية فيه، لأنا نجعل غيرهم أولى به منهم، والفروض إنما قدرت للورثة حالة الاجتماع، لئلا يزدحموا فيأخذ الأقوى ويحرم الضعيف. ولذلك فرض للإناث، وفرض للأب مع الولد دون عيره من الذكور، لأن الأب أضعف من الولد، وأقوى من بقية الورثة، فاختص في موضع الضعف بالفرض، وفي موضع القوة بالتعصيب، ثم إن عدم ذو فرض يرد عليه، فتعطى ذووا الأرحام، للآية المذكورة ولأن سبب الإرث القرابة، بدليل أن الوارث من ذوي الفروض والعصبات، إنما ورثوا لمشاركتهم الميت في نسبه، وهذا موجود في ذوي الأرحام فيرثون كغيرهم.

تنبيه: لا يرث المولى من أسفل، وهو العتيق من حيث كونه عتيقًا من معتقه، لحديث: «الولاء لمن أعتق» . فوائد: إذا هلك هالك عن أبي معتق، وعن معتق أب، فالمال لأبي المعتق، لأن الميت عتيق ابنه. وأما معتق الأب فليس له ولاء عليه، لأن من شرط ثبوت الولاء على فرع العتيق، أن لا يمسه رق لأحد. مسألة أخرى: إذا اشترى ابن وأخته أباهما فعتق عليهما ثم ملك الأب قنا فاعتقه، ثم مات الأب فورثاه بالنسب، ثم مات العتيق فميراثه للابن دون أخته، لكونه ابن معتق، لا لكونه معتق معتق، لأن جهة بنوة المعتق، مقدمة على جهة الولاء. ويروى أن مالكًا قال: سألت عنها سبعين قاضيًا من قضاة العراق، فأخطؤا فيها، ولهذا تسمى مسألة القضاة. ولو اشترت بنت أباها، عتق عليها ثم إذا هلك عنها وعن ابنه، ورثاه بتعصيب النسب، للذكر مثل حظ الأنثيين. ولو هلك العتيق عن ابن معتقه، وأخي معتقه، كان المال للأول لأنه أسبق جهة، ولو هلك هالك عن ابن معتقه وابن ابن معتقه، فالمال للأول، لأنه أقرب منزلة. ومتى كان العصبة عما أو ابنه أو ابن أخ لأبوين أو لأب، انفرد بالإرث دون أخواته، لأن أخوات هؤلاء من ذوي الأرحام والعصبة مقدم على ذي الرحم.

قال بعضهم: ما عصب ابن الأخ وابن العم ما بخلاف الابن وابنه، والأخ لغير أم، فيعصب أخته، ويعصب ابن الابن النازل من في درجته من بنات الابن مطلقًا، ومن هي أعلى منه، إذا لم يكن لها شيء من نصف أو سدس أو مشاركة في الثلثين. ومتى كان أحد بني عم زوجًا، أخذ فرضه، وشارك الباقين المساوين له في العصوبة في الميراث، فلو ماتت امرأة عن بنت، وزوج هو ابن عم، فتركتها بينهما بالسوية. وإن تركت معه بنتين، فالمال بينهم ثلاثا، وثلاثة أخوة لأبوين أصغرهم زوج لبنت عمهم الموروثة، له ثلثان ولهما ثلث، وقد نظمها بعضهم فقال: ثلاثة أخوة لأب وأم ... وكلهم إلى خير فقير فحاز الأكبران هناك ثلثا ... وباقي المال أحرزه الصغير وأجاب بعضهم عن هذا اللغز بقوله: ثلاثة أخوة لأب وأم ... تزوج بنت عمهم الصغير له من إرثها نصف بفرض ... وسدس بالعصوبة يا خبير وللأخوين بالتعصيب ثلث ... لكل منهما سدس يصير وتسقط أخوة لأم بما يسقطها، فبنت وابنا عم أحدهما أخ لأم، للبنت النصف، وما بقي بين ابني العم نصفان، لأن ابن الأم محجوب بالفرع الوارث، وهي البنت، فلم يبق إلا جهة العصوبة فقط.

ومن ولدت ولدًا من زوج، ثم مات زوجها فتزوجت أخاه لأبيه، وله خمسة ذكور من غيرها، فولدت منه خمسة ذكور أيضًا ثم مات ولدها الأول ورث خمسة نصفًا وهم أولاد عمه الذين هم أخوته من أمه، وخمسة ثلثا وهم أولاد عمه من الأجنبية، وخمسة سدسًا، وهم أولاد أمه من الأجنبي. ومن خلف أخوين لأم أحدهما ابن عم، فالثلث بينهما فرضًا، والباقي لابن العم تعصيبًا، فتصح مسألتهم من ستة لابن العم خمسة وللآخر سهم واحد وإن كان أخوة الميت، لأمه ثلاثة، أحد الثلاثة ابن عم للميت، فالثلث بينهم على ثلاثة، لأنه فرض أولاد الأم، والباقي لابن العم تعصيبًا، وتصح من تسعة، لابن العم سبعة وللآخرين سهمان. ومن نكح امرأة، وتزوج أبوه بنتها وولد لكل منهما ابن، فابن الأب عم لابن الابن، لأنه أخو أبيه لأبيه، وابن الابن خال لابن الأب من بنتها، لأنه أخو أمه لأمها، فإن مات ابن الأب وخلف خاله هذا، فإنه يرثه مع عمه له خاله هذا دون عمه، لأن خاله هذا ابن أخيه وابن الأخ يحجب العم. ولو خلف الأب في هذه الصورة أخا له، وابن ابنه هذا هو أخو زوجته، ورثه لأنه ابن ابنه دون أخيه، لأنه محجوب بابن الابن ويعايا بها، فيقال زوجة ورثت ثمن التركة، وأخوها الباقي. فلو كانت الأخوة للزوجة وهو ابن ابنه سبعة، ورثوا المال سواء لها مثل ما لكل واحد منهم، فيعايا بها.

ولو تزوج رجلان كل منهما لأم الآخر، وولد لكل منهما ابن، فولد كل منهما عم الآخر، وهما القائلتان مرحبًا بابنينا وزوجينا. ولو تزوج كل منهما بنت الآخر، فولد كل منهما خال ولد الآخر. ولو تزوج زيد أم عمرو، وتزوج عمرو بنت زيد، فابن زيد عم ابن عمرو وخاله. ولو تزوج كل منهما أخت الآخر، ولد كل منهما ابن خال ولد الآخر. وأولى ولد كل أب أقربهم إليه، فإذا خلف ابن عم، وابن ابن عم، فالأول أولى بالميراث، لأنه أقرب إلى الجد الذي يجتمعان إليه، فإن استووا في الدرجة فأولاهم من كان لأبوين، فأخ شقيق أولى من أخ لأب، وابن أخ شقيق أولى من ابن عم لأب. والأخ من الأم ليس من العصبات، ويأخذ فرضه مع الشقيق. وأخت شقيقة مع بنت، أو بنت ابن، كأخ شقيق، فتسقط الأخوة لأب، وبني الأخوة الأشقاء أن أو الأب. وكذا الأخت لأب، يسقط بها مع البنت بنوا الأخوة كذلك إذ العصوبة جعلتها في معنى الأخ. وقال الناظم فيما يتعلق بالعصبات: وباقي الذي سميت من وارثيه لم ... أعين له فرضًا بتعصبيه أشهد ويحوي جميع المال عند انفراده ... ويحظى بباق بعد فرض مقيد وذو النسب الداني فكن متفهمًا ... أحق بإرث من نسيب مبعد

وأقربهم ابن أب بعده أخ ... بأصليه ثم الأخ من والد قد ومن بعدهم عم بأصلين ثم من ... أب والذي يدلي بكل كهو أعدد فعم من الأصلين أو أخت أو أخ ... مع البنت أولى من بني الأب فارشد كذا ابن أخ ميت من الأب ساقط ... مع ابن أخ من والدين مؤيد وبابن أخ أسقط وإن كان من أب ... بني ابن أخ من والديه وشرد وبابن أخ من جانب أسقط العمو ... مة وابن العم للأب فاصدد به ابن ابن عم من أبيه وأمه ... ويسقط أعمام الأب المتودد عن الأخذ من إرث الفتى بابن عمه ... وإن سفل ابن العم إسقاط مبع وإن أخوات مع بنات وجدتها ... فأوص بتعصيب الأخيات ترشد ففاضل مفروض البنات لأخته ... أو الجمع بالتعصيب لا الفرض زود وغير أخ وابن وإن نزل أخصصن ... بتوريث تعصيب فتى دون نهد وأما هما فاقسم كأختين للفتى ... من الأبوين أو من أب لا تقيد فإن أخذ المال الفروض جميعه ... فاسقط ذوي التعصيب يا صاح مبعد كزوج وأم ثم من أمها أخوة ... ومن أبويها اسقطن هؤلاء قد

س34: ما هو الحجب لغة واصطلاحا، وما هي أقسامه وما هي أنواع أقسامه، ومن الذي يدخل عليه الحجب،

ومن خلفت زوجًا وأما وأخوة ... لأم وأخت من أب متفرد وأخت من الأصلين فالنصف أعط ذي ... كزوج وسدس المال للأم اعتد كبنت أب والثلث أعط لأخوة ... لأم وإن تلقى بني عم ملحد وبعض أخ للأم أو زوجًا أحبه ... بفرض وباقي المال بينهم أعدد وأن يستوي تعصيب جمع برتبة ... ولو من محلين أقسمن لا تزيد وبعد نصيب عاصب يرث الفتى ... موالي أعتاق وبعدهم أرفد ذوي القرب بالتعصيب منهم كما مضى ... ومعتقة أيضًا كذلك فاعدد وبعد الولا رد فذو رحم فان ... أبيدوا فبيت المال من بعد زود وعن أحمد بل بيت مال مقدم ... على الرد والأرحام يا ذا التسدد باب الحجب س34: ما هو الحجب لغة واصطلاحًا، وما هي أقسامه وما هي أنواع أقسامه، ومن الذي يدخل عليه الحجب، وإذا اجتمع أبعد وأقرب فما الحكم، وضح ذلك مع التمثيل والتعليل وما الذي يسقط الجد، والذي يسقط الجدات، والذي يسقط ابن الابن، والأخ لأب والأعمام، وولد الأم، وبنات

الابن والأشقاء، اذكرهم مع ما يتعلق بذلك من المسائل، والتقاسيم والقيود والمحترزات والخلافات والترجيحات والأدلة والتعليلات. ج: الحجب لغة المنع مأخوذ من الحجاب، ومنه الحاجب، لأنه يمنع من يريد الدخول بغير إذن. قال الشاعر: إذا حجب الحجاب باب خليفة ... فليس على باب المهيمن حاجب وحاجب العين لأنه يمنع ما ينحدر إليها والحاجب من كل شيء حرفه والحاجب من الشمس ناحية منها، قال الشاعر: تراءت لنا كالشمس تحت غمامة ... بدا حاجب منها وظنت بحاجب واسم الفاعل من هذه المادة حاجب، واسم المفعول محجوب فالحاجب الذي يمنع غيره من الإرث، والمحجوب الممنوع من الإرث وقال الشاعر: له حاجب عن كل أمر يشينه ... وليس له عن طالب العرف حاجب والحجب اصطلاحًا، منع من قام به سبب الإرث من الإرث بالكلية، أو من أوفر حظيه. والحجب من أعظم أبواب الفرائض وأهمها، حتى أنه قال بعضهم حرام على من لم يعرف الحجب أن يفتي في الفرائض، خشية أن يمنع الحق أهله، ويعطيه غيرهم، فيورث من لا إرث له. وما أحسن ما قال بعضهم: أقول ذا الباب عظيم الفائدة ... فجد فيه تحتوي مقاصده من لم يفز فيه بسر غامض ... يحرم أن يفتي في الفرائض

والحجب قسمان: حجب نقصان، وحجب حرمان، وهو نوعان، أحدهما بالموانع ويسمى الحجب بالوصف، والثاني حجب الشخص، ويأتي مفصلاً إن شاء الله. أما الحجب بالوصف، وهو أحد نوعي الحجب للحرمان، فإنه يدخل على جميع الورثة، أصولاً وفروعًا وحواشي، وذلك كاتصاف الوارث بالرق، أو اتصافه بالقتل، أو باختلاف الدين. وضابطه أن يتصف الوارث بمانع من موانع الإرث المتقدم ذكرها. وأما الحجب بالشخص وهو الحجب نقصانًا، فكذلك يدخل على كل الورثة وهو سبع أنواع: الأول: الانتقال من فرض إلى فرض وهذا في حق من له فرضان كالزوجين والأم وبنت الابن والأخت للأب. ومن الأمثلة للمحجوب بشخص الذي قد يحجب غيره نقصانًا أم وأب وأخوة كيف كانوا، فإن الأم تحجب بهم من الثلث إلى السدس، والباقي للأب لأنهم محجوبون به، ومنها أم وجد وعدد من أولاد الأم، فالجد يحجبهم وهم يحجبون الأم من الثلث إلى السدس والباقي للجد، ومنها أم وأخ شقيق وأخ لأب، ومنها أم وزوج وأخت شقيقة وأخ من أب فللأم السدس ولكل واحد من الزوج والشقيقة النصف وتعول السبعة ولا شيء للأخ من الأب لاستغراق الفروض، فحجب الأم من الثلث إلى السدس في الأخيرتين بوارث ومحجوب. الثاني: من الأنواع، الانتقال من فرض إلى تعصيب في حق ذوات النصف والثلثين. الثالث: الانتقال من تعصيب إلى فرض في حق الأب والجد. الرابع: الانتقال من تعصيب إلى تعصيب وهذا في حق الأخت لغير أم فإن لها مع أخيها أقل مما لها مع البنت، فإذا

مات إنسان عن بنت وأخت لغير أم فللبنت النصف وللأخت النصف الباقي. الخامس: المزاحمة في الفرض في حق الزوجة والجدة, وذوات النصف والثلثين وبنت الابن مع البنت الصلبية والأخت للأب مع الشقيقة وأولاد الأم. السادس: المزاحمة في التعصيب في حق كل عاصب غير الأب لأنه لا يتعدد. السابع: المزاحمة في العول كما صار ثمن المرأة في المنبرية تسعًا ونصف الزوج في الغراء ثلثا وسدس الأم في أم الفروخ عشرا. ضوابط الحجب بالشخص: يسقط كل جد بأب، حكى ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم. ويسقط كل جد أبعد بمن أقرب منه لإدلائه به. ويسقط كل ابن أبعد بأقرب منه فيسقط ابن ابن ابن، بابن ابن. ويسقط أبو أبي أب، بأبي أب، وهكذا. وتسقط كل جدة من جهة الأب، أو الأم بأم، لأن الجدات يرثن بالولادة، فكانت الأم أولى منهن، لمباشرتها الولادة. قال الرحبي: والجَدُّ مَحجُوبٌ عنِ المِيراثِ ... بالأبِ في أحوالهِ الثَّلاثِ وتسْقطُ الجدّاتُ من كلِّ جِهَه ... بالأمِّ فافهَمْهُ وقسْ ما أشبَهَه وهاكذا ابنُ الابنِ بالإبنِ فلا ... تبْغ ِ عَنِ الحُكمِ الصَّحِيحِ مَعْدِلا وتسقط كل جدة بعدي بجدة قربى، سواء كانا من جهة

الأم كأم وأمها أو من جهة الأب، كأم الأب وأمها، لأنها أدلت بها، ولأنها قربى فتحجب البعدى، كالتي من قبل الأم، ولأن الجدات أمهات، يرثن ميراثًا واحدًا من جهة واحدة، فإذا اجتمعن، فالميراث لأقربهن، كالآباء والأبناء والأخوة والبنات. وقال الجعبري: وبالأم فاحجب مسقطًا كل جدة ... كذا الجدة القصوى احجبن حين تبتلا بقربى دلت بالأم حقا وإن دلت ... بالأب فذات البعد قل حجبها انجلا إذا ما به أدلت وبالأم إن دلت ... ففي حجبها قولان والإرث فصلا ولا يحجب أب أمه، أو أم أبيه، وكذلك الجد لا يحجب أمه كما لو كان عما، روى عن عمر وابن مسعود وأبي موسى وعمران بن حصين وأبي الطفيل - رضي الله عنهم -. لما روى ابن مسعود: «أَو جدة أَطعمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سدسًا مع ابنِها وابنها حي» أخرجه الترمذي ورواه سعيد بن منصور، إلا أن لفظه: أول جدة أطعمت السدس، أم أب مع ابنها، ولأن الجدات أمهات، يرثن ميراث الأم، لا ميراث الأب، فلا يحجبن به، كأمهات الأم. ويسقط الأخوة الأشقاء ذكورًا كانوا أو إناثًا أو خناثي، باثنين بالابن وإن نزل، ويسقطون بالأب الأقرب دون الجد، فإنه يشاركهم عند من يرى ذلك والذي تطمئن إليه نفسي أن الجد يسقط الأخوة والله أعلم. ويسقط الأخوة للأب ذكورًا كانوا أو إناثًا بالابن وابنه، والأب وبالأخ الشقيق وبالشقيقة، إذا صارت عصبة، مع البنت أو بنت الابن.

ويسقط ابن الأخ لأبوين بثمانية بالخمسة المتقدمة وبالأخ لأب والجد والأخت لأب إذا كانت عصبته مع الغير، وابن الأخ لأب يسقط بتسعة بالثمانية المتقدمة وبابن الأخ الشقيق ويسقط العم الشقيق بعشرة بالمذكورين وبابن الأخ لأب والعم لأب يسقط بأحد عشر بالمذكورين وبالعم الشقيق وابن العم الشقيق يسقط باثني عشر بالمذكورين وبالعم لأب. وابن العم لأب يسقط بثلاثة عشر بالمذكورين وبابن العم الشقيق. والأخ لأم يسقط بستة بالابن وابن الابن والأب والجد والبنت وبنت الابن. قال الرحبي: وتسْقطُ الإخوَةُ بالبَنِينا ... وبالأبِ الأدنَى كمَا رُوِينا وببَنِي البَنِينَ كيف كانوا ... سِيانِ فيهِ الجَمْعُ والوِحدانُ ويفضُلُ ابنُ الأُمِّ بالإسقاطِ ... بالجَدِّ فافهَمْهُ على احتِياطِ وبالبَناتِ وبناتِ الإبن ... جَمْعًا ووِحْدانًا فقلْ لِي زِدْنِي وتسقط بنات الابن ببنتي الصلب، ما لم يعصب بنات الابن ذكر بإزائهن كأخيهن، فإنه يعصبهن، ويمنعهن من الفرض، ويقسم ما ورثوه للذكر مثل حظ الأنثيين.

قال ناظم الرحبية: ثُمَّ بَناتُ الابنِ يَسْقُطنَ مَتَى ... حازَ البَناتُ الثلثينِ يا فتَى إلاّ إذا عصَّبَهُنَّ الذَّكرُ ... من ولدِ الإبن ِ على ما ذكرُوا ومِثلهُنَّ الأخواتُ الَّلاتِي ... يُدلينَ بالقرْبِ مِنَ الجهاتِ إذا أخذنَ فرْضَهُنَّ وافيا ... أسْقطنَ أولادَ الأبِ البَواكيا وإِن يَكن أخٌ لهُنَّ حاضِرا ... عَصَّبَهُنَّ باطنًا وظاهرا وقال الجعبري: وإن أحرز الثلثين ذو عدد من ال ... بنات لصلب أو بنات ابن أسفلا حجبن اللتي من دونهن وإن يكن ... مساويها أو دونها ذكر تلا يعصبها ثم احجب الأخت من أب ... بالأختين من أصلين حجبا موصلا إذا حازن الثلثين ما لم يكن أخ ... للأخت من أصل إذ بتعصيبها خلا

وأما الأخ المبارك فهو الذي لولاه لسقطت أخته. مثاله: بنتان وبنت ابن وابن ابن، فالمسألة من ثلاثة، وتصح من تسعة، للبنتين الثلثان ستة والباقي لابن الابن وأخته، له اثنان ولها واحد، فلولا وجود ابن الابن سقطت بنت الابن. مثال آخر: بنتان، وبنت ابن وابن ابن أنزل منها، قسمتها للبنتين الثلثان، والباقي لبنت الابن وابن الابن، الذي هو أنزل منها. مثال آخر: بنتان وابن ابن، وبنت ابن ابن أنزل منه، المسألة من ثلاثة للبنتين الثلثان اثنان، والباقي لابن الابن، وتسقط بنت الابن، لأنها أنزل من ابن الابن وشرط تعصبيه لها احتياجها إليه وأن يكون أنزل منها أو مساويًا لها في الدرجة. وأما الأخ المشئوم فهو الذي لولاه لورثت أخته، ولا يكون ذلك إلا مساويًا للأنثى من أخ مطلقًا وابن عم لبنت ابن. وله صور: منها، زوجد وأم وأب وبنت وبنت ابن، فللزوج الربع، وللأم السدس، وللأب السدس، وللبنت النصف، ولبنت الابن السدس فتعول المسألة إلى خمسة عشر. فلو كان معهم ابن ابن سقط، وسقطت معه بنت الابن، لاستغراق الفروض، وتكون إذ ذاك عائلة لثلاثة عشر، ولولاه لورثت فهو أخ مشئوم عليها. مثال آخر: زوج وأخت شقيقة، وأخت لأب، وأخ لأب، فالمسألة من اثنين، للزوج النصف، وللشقيقة النصف،

وتسقط الأخت وأخوها لأنهما عصبة، واستغرقت المسألة فروضها ولولا وجود الأخ، لكانت الأخت صاحبة فرض السدس، فتكون المسألة من ستة، للزوج النصف ثلاثة، وللشقيقة النصف ثلاثة، وللأخت لأب السدس واحد تكملة الثلثين، وتعول إلى سبعة، وصورتها هذه: 7 ... 2 زوج ... زوج شقيقة ... شقيقة أخت لأب ... أخت لأب أخ لأب ولا يعصب ابن الابن ذات فرض أعلى منه، كعمته وبنت عم أبيه، بل يكون باقي المال له، ولا يشارك أهل الفرض في فرضه، لما فيه من الإضرار بصاحب الفرض، أما إذا كانت عمته، أو بنت عمه، ليس لها فرض، فيعصبها ويأخذ مثليها بعد ذوي الفروض، لأنها تصير عصبة به. ولا يعصب ابن الابن من هي أنزل منه، كبنت ابن ابن ابن بل يحجبها ويأخذ جميع الباقي بعد ذوي الفروض، لأنه لو عصبها لاقتضى مشاركتها وإلا بعد لا يشارك الأقرب، وهكذا يسقط كل بنات ابن ببنات ابن أعلى منهن. فإذا خلف خمس بنات ابن بعضهن أنزل من بعض لا ذكر

معهن، كان للعليا النصف، وللثانية السدس، وسائرهن سقط، والباقي للعصبة. فإن كان مع العليا أخوها، أو ابن عمها، فالمال بينهما على ثلاثة، وسقط سائرهن. وإن كان مع الثانية عصبتها، كان الباقي وهو النصف بينهما على ثلاثة. وإن كان مع الثالثة، فالباقي وهو الثلث بينهما على ثلاثة وإن كان مع الرابعة فالباقي بينه وبين الثلاثة والرابعة، على أربعة. وإن كان مع الخامسة، فالباقي بعد فروض الأولى والثانية بينهم على خمسة، وتصح من ثلاثين، وإن كان أنزل من الخامسة، فكذا قال في المغني ولا أعلم في هذا اختلافًا بتوريث بنات الابن مع بني الابن بعد استكمال الثلثين. فائدة ليس في الفرائض: من يعصب أخته وعمته وعمة أبيه وجده، وبنات أعمامه وبنات أعمام أبيه وجده، إلا المتسفل من أولاد الابن. وكذا يسقط أخوات لأب، مع وجود أخوات لأبوين، لقربهن إلى الميت، بإدلائهن إليه بسببين، إلا أنه لا يعصبهن إلا أخوهن، للذكر مثل حظ الأنثيين. خلافًا لابن مسعود وأتباعه فلو استكمل الأخوات من الأبوين الثلثين، وثمة أخوات لأب وابن أخ لهن، لم يكن للأخوات التي للأب شيء، وكان الباقي لابن الأخ بخلاف

ما سبق في ابن الابن، فإنه ابن وإن نزل، وابن الأخ ليس بأخ أهـ ش غ ي هـ. مثال للحجب بالوصف: مات ميت عن أخت شقيقة وأم وأخ شقيق رقيق، وعم لغير أم، فللأم الثلث وللأخت النصف والباقي للعم ولا شيء للأخ، لأنه رقيق فهو محجوب بالوصف ولذلك لم يحجب الأم إلى السدس ولم يعصب أخته، ولم يسقط العم لأن وجوده كعدمه. مثال آخر: مات ميت عن ابن كافر وأم وزوجة وأخ شقيق للأم الثلث، وللزوجة الربع والباقي للشقيق، فتكون مسألتهم من اثني عشر، للأم الثلث أربعة وللزوجة الربع ثلاثة والباقي خمسة للشقيق، والابن الكافر لا شيء له لاختلاف الدين فهو محجب بالوصف، ولذلك لم يحجب الأم إلى السدس ولم يسقط الأخ الشقيق ولم يحجب الزوجة إلى الثمن. مات ميت عن الابن الذي قتله وعن زوجته وعن أبيه وعن أمه، المسألة من أربعة: للزوجة الربع واحد وللأم ثلث الباقي واحد وللأب الباقي اثنان لأنها إحدى العمريتين ولا شيء للابن لأنه محجوب بوصف. قال الجعبري: وَمَن كانَ مَحْجُوبًا بِوَصْفٍ فلا تَكُنْ ... بِه حَاجبًا أَصْلاً أَتَاكَ مُمَثِلاَ بِمَيْتٍ لَه ابنٌ كَافِرٌ ثُمّ لاِبْنِه ... مِنْ المسلمينَ ابنُ وَعَم أَخِي البِلاَ فلابنِ ابنِهِ كُلُ التُراثِ وَعَمُّهُ ... لَه مِنَ تُراثِ الميتِ دَمْعٌ تَهَطَّلاَ

ومن لا يرث لمانع فيه من رق أو قتل، أو اختلاف دين، لا يحجب لا حرمانًا ولا نقصانًا لأن وجوده كعدمه، إلا الأخوة، فقد لا يرثون لوجود الأب، ويحجبون الأم نقصانًا من الثلث إلى السدس. قال الجعبري: وإن كانَ في الوُارَّثِ حَاجبُ حَاجبٍٍ ... حَوى مَا حَواهُ فاعْتَبِرْ صَافِيًا خَلاَ كالأخْوَةِ صَدُوْا الأُمَّ عن نِصْفِ ثُلْثِها ... وأحْرَزَه مَنْ دُوْنِ كُلٍ أَبِ عَلاَ وقال في التيسير نظم التحرير: بالابنِ أولادَ البنين تُحْجَبُ ... وبالأبِ الجدّ اتِّفَاقًا يُحْجَبُ وسَائِرُ الجَداتِ بالأمِ أحْجِبِ ... وبالشقيقِ أحْجبْ أخًا مِن الأَبِ وكالأخِ المذكورِ عَمَ مِثْلُهُ ... في حَجْبِهِ وَمِثْلُ كُلٍ نَجْلُهُ وبابْنَتَينِ بِنْتَ الابنِ تُحْجَبُ ... وبابنِ الابنِ مَعْهُمَا تعصبُ إن كانَ في رُتْبَتهَا أو أنْزَلاَ ... واخْتَصَّ بِالباقِي مَتَى عَنْهَا عَلاَ وبالشقائِقِ احْجبْ ابنةَ الأبِ ... فإنْ يكنْ مَعْهَا أَخٌ تعصب واحْجِبْ بِجَدٍ وَأبٍ أوَلادَ أُمْ ... وبالفُروعِ الوارِثين حَجْبُهُمْ

س35: ما المراد بالجد، وما المراد بالأخوة، وما الحكم إذا اجتمع الجد والأخوة، وما الفرق بين الجد والأب وتعرض للخلاف مع بيان ما تستحضره من حجج للفريقين والترجيح لما تراه؟

باب الجد والأخوة س35: ما المراد بالجد، وما المراد بالأخوة، وما الحكم إذا اجتمع الجد والأخوة، وما الفرق بين الجد والأب وتعرض للخلاف مع بيان ما تستحضره من حجج للفريقين والترجيح لما تراه؟ ج: المراد بالجد أبو الأب وإن علا بمحض الذكور والمراد بالأخوة الأشقاء والأخوة لأب، ومسألة الجد والأخوة، اختلف العلماء فيها، فقيل إن الجد لا يسقط الأخوة وعليه جماهير الأصحاب وهو قول علي وابن مسعود وزيد وبه قال مالك والأوزاعي والشافعي وأبو يوسف ومحمد لأن الأخ ذكر يعصب أخته فلم يسقطه الجد كالابن، ولأن ميراثهم ثبت بالكتاب، فلا يحجبون إلا بنص أو إجماع وما جد شيء من ذلك، ولأنهم تساووا في سبب الاستحقاق. فإن الأخ والجد يدليلان بالأب فالجد أبوه والأخ ابنه وقرابة البنة لا تنقص عن قرابة الأبوة، بل ربما كانت أقوى منها، فإن ابن الابن يسقط بتعصيب الأب، ولذلك مثله علي بشجرة أنبتت غصنًا فانفرق منه غصنان، كل منهما أقرب منه إلى أصل الشجرة. ومثله زيد بواد خرج منه نهر فافترق منه جد ولأن كل منهما إلى الآخر أقرب منه إلى الوادي. والقول الثاني: أن الجد يسقط الأخوة وذهب إليه كثير من الصحابة منهم أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -، وبه قال ابن عباس وابن الزبير وروى ذلك عن عثمان وعائشة وأبي بن كعب وأبى الدرداء ومعاذ بن جبل وأبي موسى وأبى هريرة.

وحكى عن عمران بن حصين وجابر بن عبد الله وأبى الطفيل وعبادة بن الصامت وعطاء وطاووس وجابر بن زيد، وبه قال قتادة وإسحاق وأبو ثور ونعيم بن حماد وأبو حنيفة والمزني وابن سريج وابن اللبان وداود وابن المنذر. واختاره ابن بطة وأبو حفص البرمكي وأبو حفص العكبري والشيخ تقي الدين. وصاحب الفائق قال في الفروع وهو أظهر، قال في الإنصاف وهو الصواب، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي قلأولى رجل ذكر» متفق عليه. والجد أولى من الأخ بدليل المعنى والحكم، أما المعنى فإن له قرابة إيلاد ويعصبه كالأب. وأما الحكم فإن الفروض إذا ازدحمت يسقط الأخ دونه ولا يسقطه أحد إلا الأب، ولأنه لا يقتل بقتل ابن ابنه ولا يحد بقذفه، ولا يقطع بسرقة ماله فدل ذلك على قربه. قلت: ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: {كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ} وقوله: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} وقوله: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ} وقوله: {أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ الأَقْدَمُونَ} وفي حديث المعراج: «هذا أبوك آدم، وهذا أبوك إِبراهيم» وقال الفرزدق يتحدى جريرًا: أولئك آبائي فجئني بمثلهم ... إذا جمعتنا يا جرير المجامع قال ابن عباس ألا يتقي الله زيد، يجعل ابن الابن ابنا، ولا يجعل أبا الأب أبا، واختلف القائلون بتوريثهم في كيفية

توريثهم، واختار هذا القول ابن القيم -رحمه الله- وساق لترجيحه عشرين وجهًا في المجلد الأول من إعلام الموقعين صفحة 374، 375، 376، 377، 378، 379. قلت: ولا شك أن من ورث الجد وأسقطهم هو أسعد الناس بالنص والإجماع والقياس وعدم التناقض، بل فاز بأدلة الكتاب والسنة فيما أرى والله - سبحانه وتعالى - أعلم. وإذا اجتمع الجد والأخوة، فعلى القول بأن الجد لا يسقط الأخوة، فله معهم إحدى حالتين: الأولى: أن لا يكون معهم صاحب فرض. الثانية: أن يكون معهم صاحب فرض. فإذا لم يكن مع الجد والأخوة صاحب فرض، فللجد معهم ثلاث حالات: الأولى أن تكون المقاسمة أحظ له من ثلث المال وينحصر في خمس صور: الأولى: جد وأخ، المسألة من اثنين، للجد واحد وللأخ واحد وهذه صورتها: 2 جد أخ الثانية: جد وأخت، المسألة من ثلاثة، للجد اثنان وللأخت واحد وهذه صورتها:

3 جد أخت الثالثة: جد وأختان، المسألة من أربعة، للجد اثنان وللأختين اثنان لكل واحدة وإليك صورتها: 4 جد ... 2 أخت ... 1 أخت ... 1 الرابعة: جد وثلاث أخوات، المسألة من خمسة، للجد اثنان ولكل واحدة واحد وإليك صورتها: 5 جد ... 2 أخت ... 1 أخت ... 1 أخت ... 1 الخامسة: جد وأخ وأخت، المسألة من خمسة، للجد اثنان وللأخ اثنان وللأخت واحد، وضابط ذلك أن يكون الأخوة أقل من مثليه وصورتها ما يلي: 5 جد ... 2 أخ ... 2 أخت ... 1

الحالة الثانية: أن يستوي للجد المقاسمة وثلث المال ويعبر عنه بالمقاسمة، وضابطها أن يكونوا مثليه وينحصر ذلك في ثلاث صور: الأولى: جد وأخوان، المسألة من ثلاثة، للجد واحد ولكل أخ واحد وصورتها ما يلي: 3 جد ... 1 أخ ... 1 أخ ... 1 الثانية: جد وأخ وأختان، المسألة من ثلاثة وتصح من ستة، للجد اثنان وللأخ ولكل أخت واحد وصورتها ما يلي: 6 جد ... 2 أخ ... 2 أخت ... 1 أخت ... 1 الثالثة: جد وأربع أخوات، المسألة من ستة، للجد اثنان ولكل أخت واحد وصورتها ما يلي: 6 جد ... 2 أخت ... 1 أخت ... 1 أخت ... 1 أخت ... 1

الحالة الثالثة: أن يكون ثلث المال أحظ للجد من المقاسمة فيأخذه فرضًا، وضابطها أن يكونوا أكثر من مثليه، ولا تنحصر صورها، وإليك بعض الأمثلة: جد وخمس أخوات، المسألة من ثلاثة وصح من خمس عشر، للجد خمسة ولكل أخت اثنان هذه صورتها: 3/5 15 جد ... 1 ... 5 أخت ... 2 أخت ... 2 أخت ... 2 ... 2 أخت ... 2 أخت ... 2 مثال آخر: جد وثلاثة أخوة، المسألة من ثلاثة وتصح من تسعة، للجد ثلاثة ولكل واحد من الأخوة اثنان وصورتها ما يلي: 3/3 9 جد ... 1 ... 3 أخ ... 2 أخ ... 2 ... 2 أخ ... 2 ولا ينقص الجد عن الثلث مع عدم ذوي الفرض، وأما إن كان معهم صاحب فرض فأكثر، فله مع الأخوة عدة حالات: الأولى: أن تستغرق الفروض جميع المال وحينئذ يسقط الأخوة لأنهم عصبة، أما الجد فلا يسقط بل يفرض له السدس ويزاد في عود المسألة مثال ذلك:

زوج وبنت وبنت ابن وأم وجد وأخ شقيق، مسألتهم من اثني عشر، للزوج منها الربع ثلاثة وللبنت النصف ستة ولبنت الابن السدس اثنان وللأم السدس اثنان وقد عالت إلى ثلاثة عشر، فيسقط الأخ ويعطي الجد السدس اثنان وتعول إلى خمسة عشر وهذه صورتها. 12/13/15 زوج ... 3 بنت ... 6 بنت ابن ... 2 أم ... 2 جد ... 2 أخ الثانية: أن يكون الفاضل عن الفروض أقل من السدس وحينئذ يسقط الأخوة ويكمل للجد السدس وتكون المسألة عائلة مثال ذلك: زوج وبنت وبنت ابن وجد وأخ، المسألة من اثني عشر، للزوج الربع ثلاثة وللبنت النصف ستة ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين وللجد اثنان سدس ويسقط الأخ وتعول المسألة إلى ثلاثة عشر وهذه صورتها: 12/13 زوج بنت بنت ابن جد أخ الثالثة: أن يكون الباقي بعد الفروض هو السدس فقط وحينئذ يأخذ الجد ذلك السدس المتبقي لأنه فرضه ويسقط الأخوة.

مثال ذلك: بنت، وبنت ابن، وجدة وجد وأخ شقيق، المسألة من ستة، للبنت النصف ولبنت الابن السدس احد تكلملة الثلثين وللجدة السدس واحد، والباقي للجد ويسقط الأخ. 6 بنت بنت ابن جدة جد أخ شقيق الرابعة: أن يكون الباقي بعد الفروض أكثر من السدس ففي هذه الحالة يعطى الجد الأحظ من ثلاثة أمور: المقاسمة وثلث الباقي وسدس جميع المال ويتفرع عن هذا التخيير سبع صور: الأولى: لما تكون المقاسمة أحظ للجد زوج وجد وأخت، المسألة من ستة، للزوج النصف ثلاثة والأحظ للجد المقاسمة له اثنان وللأخت واحد وهذه صورتها: 6 زوج جد أخت الثانية: لما يكون ثلث الباقي خير له، جد وجدة وخمسة أخوة من ثمانية عشر، لجدة ثلاثة أسهم وللجد ثلث الباقي خمسة، ولكل أخ سهمان وهذه صورتها:

6/3 18 جد جدة أخ أخ أخ أخ أخ الثالثة: لما يكون سدس المال أحظ له، زوج وجد وجدة وثلاثة أخوة أشقاء، المسألة من ستة، للزوج النصف ثلاثة وللجدة السدس واحد وللجد سدس جميع المال، وهو واحد والباقي للأخوة وهذه صورتها: 6/3 18 جد جد جدة أخ شقيق أخ شقيق أخ شقيق الرابعة: لما تستوي فيه المقاسمة وثلث الباقي، زوجة وجد وأخوان، المسألة من أربعة، للزوجة الربع ويستوي للجد المقاسمة وثلث الباقي وهما أحظ له من السدس، فإن قاسم أخذ واحدًا وإن أخذ ثلث الباقي، أخذ واحد ولكل أخ واحد وصورتها هذه: 4

زوجة جد أخ أخ الخامسة: لما تستوي له المقاسمة وسدس جميع المال، زوج وجد وجدة وأخ، المسألة من ستة للزوج النصف ثلاثة وللجدة السدس واحد وللجد واحد بالمقاسمة أو سدس جميع المال وللأخ واحد. 6 زوجة وجد وجدة أخ السادسة: أن يستوي سدس جميع المال وثلث الباقي مثال ذلك زوج وجد وثلاثة أخوة، المسألة من ستة للزوج النصف ثلاثة ويستوي للجد سدس جميع المال وثلث الباقي وهما أحظ له من المقاسمة وصورتها هذه: 3/6 18 زوج جد أخ أخ أخ السابعة: أن تستوي له ثلاثة الأمور المقاسمة وثلث الباقي وسدس جميع المال، مثال ذلك، زوج وجد وأخوان لغير أم، المسألة من ستة،

س36: تكلم بوضوح عن معاني وأحكام ما يلي: الجد مع الأخوات، المعادة متى تكون، وكم مسائلها وما هي، وما هي الأكدرية ولم سميت بذلك، وكم أركانها وما هي، وما صفة قسمتها، وما هي الزيديات الأربع، وما هي أمثلتها وما هي الخرقاء والمسبعة والمسدسة والمربعة والمخمسة؟

للزوج النصف ثلاثة وللجد واحد والباقي للأخوة وهذه صورتها: 6 زوج جد أخ أخ س36: تكلم بوضوح عن معاني وأحكام ما يلي: الجد مع الأخوات، المعادة متى تكون، وكم مسائلها وما هي، وما هي الأكدرية ولم سميت بذلك، وكم أركانها وما هي، وما صفة قسمتها، وما هي الزيديات الأربع، وما هي أمثلتها وما هي الخرقاء والمسبعة والمسدسة والمربعة والمخمسة؟ ج: الجد مع الأخوات كالأخ في السهم، فله مثلاً ما للأخت وفي الحكم فهي معه عصبة بالغير، إلا أنه يخالف الأخ بأنه باجتماعه مع الأخت لا يحجب الأم عن الثلث إلى السدس. مثال ذلك: أم وأخ وأهت، المسألة من ستة، للأم السدس، والباقي للأخ وأخته، للذكر مثل حظ الأنثيين، ولو كان بدل الأخ جد، صار للأم الثلث. ومعنى المعادة، أنه إذا كان مع الجد أخوة أشقاء، وأخوة لأب، عد الأخوة الأشقاء الأخوة لأب كأنهم أشقاء، ليزاحموا الجد، فإذا أخذ الجد حظه، ورثوا كأن لم يكن معهم جد. وهذا فيما إذا احتاج الشقيق لعد ولد الأب، ككون الشقيق أقل من مثلى الجد، أما إذا كان الشقيق مثليه كجد وأخوين لأبوين، وأخ

لأب، فلا معادة، لأن الجد هنا لا يقاسم ويأخذ ثلث المال، فلا فائدة لعده. ثم يأخذ الشقيق ما بيد ولد الأب، إنما عده عليه، لأن الجد والد، فإذا حجبه أخوان وارثان، جاز أن يحجبه أخ وارث وأخ غير وارث كالأم، ولأن ولد الأب يرثون معه إذا انفردوا، فيعدون عليه مع غيرهم كالأم، بخلاف ولد الأم، فإن الجد يحجبهم فلا يعدون عليه. ثم بعد عدهم أولاد الأب على الجد وأخذ الجد نصيبه، يرجعون إلى المقاسمة على حكم ما لم يكن معهم جد، فإن كان أولاد الأبوين ذكرًا فأكثر أو إناثًا، أخذوا من أولاد الأب ما حصل لهم، لأن أولاد الأبوين أقوى تعصيبًا من أولاد الأب فلا يرثون معهم شيئًا، كما لو انفردوا عن الجد. مسألة جد، وأخ شقيق وأخ لأب، المسألة من ثلاثة، للجد ثلث وللشقيق ثلثان، الثلث الذي حصل له، والثلث الذي حصل لأخيه. مسألة ثانية: زوجة وجد وأخ شقيق وأخ لأب، مسألتهم من أربعة، للزوجة ربع المال واحد، وللجد ثلث الباقي واحد وللشقيق النصف اثنان، وسقط ولد الأب. مسألة: جد وشقيقة وأخت لأب، المسألة من أربعة، عدد رؤوسهم للجد سهمان، لأن المقاسمة إذا أحظ له، وللشقيقة سهمان، لأن كل أخت لها سهم، ولا شيء لولد الأب، فترجع الشقيقة على أختها وتأخذ ما في يدها لتستكمل فرضها وهو النصف، كما لو كان مع الأختين بنت، فأخذت البنت النصف وبقي النصف، فإن الأخت لأبوين تأخذه جميعه، وتسقط الأخت لأب.

وترجع المسألة المذكورة بالاختصار لاثنين، للجد سهم وللأخت لأبوين سهم، وإن كان للشقيق أختًا واحدة مع جد وولد أب فأكثر ذكرًا أو أنثى وفضل بعد حصة الحد أكثر من النصف، فتأخذ تمام فرضها النصف، كما لو لم يكن جد. وما فضل عن الأحظ للجد وعن النصف الذي فرض لها، فهو لولد الأب واحدًا كان أو أكثر، ذكرًا أو أنثى. ولا يتفق أن يبقى لولد الأب بقية بعد نصيب الجد ونصف الأخت لأبوين، في مسألة فيها فرض غير السدس، لأنه لا يكون في مسائل المعادة فرض إلا السدس أو الربع أو النصف لأن الثلث إنما هوللأم مع عدم الولد، والعدد من الأخوة، والأخوات، والثلثان للبنات، أو بنات الابن، والثمن للزوجة مع الولد ولا معادة في ذلك. وإذا انتفى الثلثان والثلث والثمن، بقي النصف والربع والسدس مع الربع، متى كانت المقاسمة، أحظ له بقي للأخوة أقل من النصف، فهو لولد الأبوين، وإلا وجب أن يكون الربع للجد، لأنه ثلث الباقي، ولا يجوز أن ينقص عنه فيبقى للأخوة النصف، فهو للشقيقة، لأنه فرضها، ولا يبقى لولد الأب شيء. وإن كان الفرض هو النصف، فالباقي بعده وبعد ما يأخذه الجد على كل حال دون النصف، فتأخذه الأخت لأبوي، ولايبقى لولد الأب شيء، فوجب أن كان فرض أن لا يكون غير السدس، وإن لم يكن في مسائل المعادة فرض لم يفضل عن الأخت لأبوين مع ولد أب وجد أكثر من السدس، لأن أدنى ما للجد الثلث وللأخت النصف، والباقي بعدهما هو السدس. فجد وأخت شقيقة، وأخ وأخت لأب، فالمسألة من ستة، لأن فيا نصفًا وثلثًا وما بقي، للجد ثلث المال اثنان، وللأخت نصف المال

ثلاثة، ويبقى لولد الأب سدس واحد، على ثلاثة لا ينقسم ويباين، فاضرب الثلاثة في الستة، تصح من ثمانية عشر، للجد ستة وللأخت للأبوين تسعة، وللأخت لأب سهم وللأخ للأب سهمان. وكذا جد وأخت لأبوين، وثلاث أخوات لأب، تصح من ثمانية عشر، للجد ستة وللتي لأبوين تسعة، وللباقيات لكل واحدة سهم. ومن ذلك الزيدات الأربع، إحداهن العشرية، وهي جد وأخت شقيقة وأخ لأب أصلها خمسة، عدد رؤوسهم، للجد سهمان وللأخت النصف سهمان ونصف، والباقي للأخ فتنكسر على النصف، فاضرب مخرج اثنين في خمسة فتصح من عشرة للجد أربعة وللشقيقة خمسة وللأخ لأب واحد. وهذه صورتها: 5 10 جد أخت شقيقة أخت لأب الثانية العشرينية: وهي جد وأخت شقيقة وأختان لأب، أصلها عدد رؤوسهم خمسة، للجد سهمان وللشقيقة سهمان ونصف ولكل واحدة من الأختين لأب ربع سهم، فتنكسر على الربع، فاضرب مخرج أربعة في خمسة، فتصح من عشرين، للجد ثمانية وللشقيقة عشرة، ولكل أخت لأب واحد، وهذه صورتها: 5 20

جد شقيقة أخت لأب أخت لأب والثالثة مختصرة: زيد، وهي أم وجد وأخت شقيقة، وأخ لأب وأخت لأب، للأم السدس لوجود العدد من الأخوة، وللجد ثلث الباقي، لأنه أحظ له، وللأخت للأبوين النصف، لأنه فرضها والباقي لولد الأب على ثلاثة. فالمسألة من ثمانية عشر، للأم ثلاثة وللجد خمسة، وللشقيقة تسعة، يبقى لولدي الأب واحد، لا ينقسم عليهما، فاضرب ثلاثة في ثمانية عشرِن تبلغ أربعة وخمسين، للأم ثلاثة مضروبة في ثلاثة تبلغ تسعة، وللجد خمسة تضرب في ثلاثة تبلغ خمسة عشر، وللشقيقة تسعة تضرب في ثلاثة تبلغ سبعا وعشرين، وللأخت للأب واحد يضرب في ثلاثة بثلاثة، للأخ اثنان ولأخته واحد، وهذه صورتها: 3 أم جد شقيقة أخ لأب أخت لأب

وسميت مختصرة زيد؛ لأنه صححها من مائة وثمانية، وردها بالاختصار إلى ما ذكر، وبيان ذلك أن المسألة من مخرج فرض الأم ستة، للأم واحد يبقى خمسة، على عدد الرؤوس ستة، الجد والأخوة لا تنقسم وتباين، فتضرب عددهم في ستة في أصل المسألة ستة، تبلغ ستة وثلاثون، للأم ستة وللجد عشرة، وللشقيقة ثمانية عشر، يبقى سهمان، لولد الأب على ثلاثة، لا تنقسم وتباين، فتضرب ثلاثة في ستة وثلاثين، تبلغ مائة وثمانية. ومنها تصح للأم ثمانية عشر، وللجد ثلاثون وللشقيقة أربع وخمسون، وللأخ لأب أربعة، وللأخت لأب سهمان، والأنصباء تتفق بالنصف، فترد المسألة إلى نصفها، ونصيب كل وارث إلى نصفه، فترجع إلى ما ذكر أولا، ولا أعتبر للجد ثلث الباقي، لصحة ابتداء من أربعة وخمسين. لغز في مختصرة زيد: ماذا تقولُ وأنتَ المرءُ نَعْرفُهُ ... مُقَدَّمٌ مِن ذَوي الأفهامِ إِنْ ذُكِرُوْا فِقْهٌ وعِلْمٌ وآدابٌ وَمَعْرفَةٌ ... وشاعِرٌ مُفلقٌ في القَومِ إِن شَعِرُوْا في مَرْأَة قَصَدَتْ قَومًا قد اجْتَمَعُوا ... لقَسْم مِيراثِ مَيْت ضَمَّه الحُفَرُ قَالَتْ لَهُمْ إِنَّني حُبْلى ومثْقَلةٌ ... والوضعُ مِني قَريْبُ الأمرِ فانْتَظِرُوْا فإِنْ وَضَعْتُ ابْنةٌ لم تُعطَ خَرْدَلةٌ ... مِنْ إرْثِكُم وكذا إِنْ جَاءَنِي ذَكَرُ وإِنْ وَلَدْتُ ابْنَةً وابنًا مَعًا ظَفِرُوْا ... بِنِصْفِ تُسْعٍ وفيِمَا قُلْتُ مُعْتَبَرُ

بَيِّنْ لَنَا كَيْفَ هَذَا إِنَّهُ غَلِقٌ ... والقول فيه شَدِيْدٌ ضَيِّقٌ عَسِرُ وأَنْتَ مِفْاتَحُهُ فافْتَحْهُ تلْقَ بِهِ ... أَجْرًا جَزِيْلاً وشُكرًا لَيْسَ يُحْتَقَرُ قَرِيْنةُ المرءِ في الدَّارَيْن مَعْرفَة ... فيا لَهُ شَرَفٌ بادو مُفْتَخَرُ الجواب هذا امرؤٌ ماتَ عَن أمٍ وعِرسُ أَبٍ ... حُبْلَى وجدٌ ضعيفٌ مَسُّه الكِبَرُ وَثَمَّ أُختٌ لَهُ لَمْ ترقَ عَبْرَتُهَا ... مِنْ أُمِّهِ وأبِيهِ دَمْعُهُا دُرَرُ فإِنْ أَتَتْ هَذِه الحُبْلَى بِجَارِيةٍ ... فالسدسُ للأمِ فرضٌ لَيْسَ يُحْتَقَرُ ونِصفُ مَا قَد بَقِي لِلْجَدِ يأَخذهُ ... ونصفُ ذلكَ فرضٌ الأُخْت يُعْتَبَرُ لَكِنْ تَفُوزُ بِه تلكَ التي اتَّسَمَتْ ... بالأم والأب مِمَّنْ ضَمَّهُ الحُفَرُ والثلثُ لِلْجَدِ بَعدَ الفرضِ يأخذهُ ... وما تَبَقى لَهَا إِن جَاءَ ذَا ذَكَرُ وإِنْ تَكُنْ قَدْ أَتَتْ بابنٍ وجَارِيةٍ ... فتأخذُ الأمُ سُدْسًا حُكْمَ مَا ذَكَرُوْا وثُلْثُ مَا قَدْ بَقي لِلْجَدِ يأخُذُهُ ... وَنصفُ كلٍ فَفَرْضُ الأُخْتِ مُعْتَبَرُ وَيفْضُلَ الآنَ نِصْفُ التُسْع بَيْنَهُمَا ... إرثًا صَحْيحًا ولكنْ قَسْمُهُ عَسِرُ فاضْرِبْ ثَلاَثَتَهُم في الأَصْلِ مُصْطَبِرًا ... على الحسِابِ فعُقْبَى صَبْرِكَ الظَّفَرُ تَكُنْ ثَمَانِيةً مِن بَعْدِهَا مِائَةٌ ... هذا جَوابُ امرئ مَا نَالَهُ كَدَرُ هَذَا عَلَى قَولِ زَيْدٍ وَهْوَ أَفْرضُهُمْ ... كَذا عَن المُصْطَفى قَد جَاءَنَا الخَبَرُ

والرابعة: تسعينية زيد: وهي أم وحجد، وأخت شقيقة، وأخوان، وأخت لأب، للأم السدس ثلاثة من ثمانية عشر، وللجد ثلث الباقي خمسة، وللشقيقة النصف تسعة، يفضل واحد لأولاد الأب، على خمسة، فاضرب خمسة في ثمانية عشر بتسعين ثم اقسم، فللأم خمسة عشر، وللجد خمسة وعشرون وللشقيقة خمسة وأربعون، ولكل أخ لأب سهمان، ولأختهما سهم. وإذا اجتمع مع الجد أختان لأبوين، وأخ لأب، فالمسألة من خمسة عدد رؤوسهم، للجد سهمان، لأن المقاسمة خير له، وللأختين لأبوين سهمان، وهما ناقصان عن الثلثين، فيستردان ما في يد الأخت للأب وه سهم، فلا تكمل الثلثان لهما، فيقتصر على استرداد ذلك ولا عول، لأن الجد يعصب الأخوات وإذا قسمت الثلاثة على الشقيقتين، لم تنقسم، فاضرب اثنين في خمسة يحصل عشرة، للجد أربعة ولكل شقيقة ثلاثة. الأكدرية: هي زوج، وأم وجد، وأخت شقيقة، أو لأب. وسميت بذلك لتديريها لأصول زيد في الجد، فإنه أعالها ولا عول عنده في مسائل الجد والأخوة، وفرض للأخت مع الجد ولم يفرض لأخت مع جد غيرها ابتداء، وجمع سهامها وسهامه فقسمها بينهما، ولا نظير لذلك. وقيل سميت بذلك، لأن زيدًا كدر على الأخت ميراثها بإعطائها النصف، واسترجاع بعضه منها. وقيل لأن عبد الملك بن مروان سأل عنها رجلاً اسمه أكدر فأفتى فيها على مذهب زيد وأخطأ، فنسبت إليه.

وقيل لأن الميتة كان اسمها كدرة. وقيل بل كان اسم زوجها أكدر. وقيل بل كان اسم السائل أكدر. وقيل سميت بذلك لكثرة أقوال الصحابة فيها وتكدرها. وإليك طريقة قسمها: أصلها من ستة، للزوج النصف ثلاثة، وللأم الثلث، اثنان، ويبقى واحد، فعلى مقتضى ما تقدم يكون للجد، وتسقط الأخت، وبهذا قال أبو حنيفة، وهو الذي تطمئن إليه نفسي والله أعلم. وأما مذهب الأئمة الثلاثة تبعًا لزيد بن ثابت، فإنه يفرض للأخت النصف ثلاثة، وتعول المسألة إلى تسعة، ثم يقسم نصيب الجد والأخت بينهما، وهو أربعة من تسعة، على ثلاثة رؤوس، لأنها لا تستحق معه إلا بحكم المقاسمة. والأربعة لا تنقسم وتباين، فتضرب ثلاثة في المسألة بعولها، تسعة فتصح من سبعة وعشرين، للزوج تسعة، وهي ثلث المال، وللأم ستة وهي ثلث الباقي، وللجد ثمانية وهي الباقي، بعد الزوج والأم والأخت، وللأخت أربعة وهي ثلث باقي الباقي، ويلغز بها فيقال أربعة ورثوا مال ميت، أخذ أحدهم ثلثه، والثاني ثلث ما بقي، والثالث ثلث باقي ما بقى، والرابع ما بقى. ونظمها بعضهم فقال: ما فرض أربعة يوزع بينهم ... ميراث ميتهم بفرض واقع فلواحد ثلث الجميع وثلث ما ... يبقى لثانيهم بحكم جامع ولثالث من بعدهم ثلث الذي ... يبقى وما يبقى نصيب الرابع

وإنما أعالها زيد، لأنه لو لم يفرض لها لسقطت، وليس في الفريضة من يسقطها، فإن قيل هي عصبة بالجد فتسقط باستكمال الفروض، فالجواب: أنه إنما يعصبها إذا كان عصبة، وليس الجد بعصبة، مع هؤلاء، بل يفرض له، هذا محصل دليل القائلين بهذا القول. قال الجعبري: ويفرض للأخت مع الجد في اللتي ... إلى كدر تعزى وفي غيرها فلا وصورتها زوج وأم كريمة ... وجد وأخت فرضها قد تأصلا ربا أصلها من ستة ثم عولها ... إلى تسعة فأجمع نصيف أخت ذي البلا إلى سدس للجد وأقسم مفضلا ... على الأخت جدا إذ به عصبت حلا ومن سبعة صحح وعشرين بعدها ... ولو كان أخ موضع الأخت عطلا فإن لم يكن زوج فخرقاء سمها ... وفيها خلاف للصحابة يجتلا ويقال امرأة جاءت قومًا، فقالت إني حامل، فإن ولدت ذكرًا فلا شيء له، وإن ولدت أنثى فلها تسع المال وثلث تسعه وإن ولدت ولدين فلهما السدس. ويقال أيضًا إن ولدت ذكرًا فلي ثلث المال، وإن ولدت أنثى فلي تسعاه، وإن ولدت ولدين فلي سدسه، وإن شئت قلت أخذ أحدهم جزأ من المال، وأخذ الثاني نصف ذلك الجزء،

وأخذ الثالث نصف ذلك الجزأين، وأخذ الرابع نصف الآخر، فإن الجحد أخذ ثمانية وللأخت أربعة وللأم ستة وهي نصف ما حصل لها والزوج تسعة وهي نصف ما حصل لهم ونظمها الموفق فقال: ماذا تقولون في ميراث أربعة ... أصاب أكبرهم جزءًا من المال ونصف ذلك للثاني ونصفهما ... لثالث ترب للخير فعال ونصف ذلك مجموعًا لرابعهم ... فخبروني فهذا جملة الحال فإن كان مكان الأخت أخ سقط، لأنه عصبة في نفسه، فلا يمكن أن يفرض له، وقد استغرقت الفروض التركة وصحت المسألة من ستة ولا عول، للزوج ثلاثة، وللأم سهمان، وللجد سهم. وإن كان مع الأخت أخت أخرى انحجبت الأم إلى السدس وتصح من اثني عشر، للزوج ستة، وللأم اثنان، وللجد كذلك، ولكل أخت واحد. أو كان مع الأخت أخ، أو أكثر من أخت، أو أخ، انحجبت الأم إلى السدس وأخذ الزوج النصف والأم السدس والجد السدس، ويبقى للأخ والأخت السدس على ثلاثة، فتصح من ثمانية عشر، ولا عول فيها. وإن لم يكن مع الأخت إلا أخ، أو أخت لأم لم يرث ولد الأم، لحجبه بالجد إجماعًا، وانحجبت الأم إلى السدس، لوجود عدد من الأخوة.

وإن لم يكن في الأكدرية زوج، بل كان فيها أم وجد وأخت فللأم ثلث، ومخرجه من ثلاثة، فلها واحد وما بقي اثنان فبين جد وأخت على ثلاثة، لا تنقسم وتباين، وتصح من تسعة، حاصلة من ضرب الثلاثة، عدد رؤوس الجد والأخت في أصل المسألة ثلاثة. وتسمى هذه المسألة الخرقاء، لكثرة أقوال الصحابة فيها وتسمى المسبعة، لأن فيها سبعة أقوال. قول زيد، وقول الصديق -رضي الله عنهما- وموافقيه للأم الثلث والباقي للجد. وقول علي، للأخت النصف، وللأم الثلث وللجد السدس. وقول عمر للأخت النصف، وللأم ثلث الباقي، وللجد ثلثاه. وقول ابن مسعود، للأخت النصف، وللأم السدس، والباقي للجد، وهي في المعنى مثل الذي قبله، إلا أنه سمي للأم في هذا السدس، وفي الذي قبله ثلث الباقي. ويروى عن ابن مسعود أيضًا للأخت النصف، والباقي بين الجد والأم نصفين، فتكون المسألة من أربعة، وهي إحدى مربعات ابن مسعود. وقول عثمان للأم الثلث، وللأخت الثلث، وللجد الثلث. وتسمى المسدسة، لأن الأقوال ترجع إلى ستة وتسمى المخمسة، لاختلاف خمسة من الصحابة فيها، عثمان وعلي وابن مسعود وزيد وابن عباس وتسمى المربعة، لأنها إحدى مربعات ابن مسعود، وتسمى المثلثة، لقسم عثمان لها من ثلاثة، ولذلك سميت العثمانية، وتسمى الشعبية والحجاجية لأن الحجاج امتحن بها الشعبي، فأصاب فعفي عنه.

س37: تكلم بوضوح عما يلي: ما المراد بحساب الفرائض، وعلى أي شيء يشتمل، وما هو التأصيل، ومم يكون، وكم عدد أصول المسائل، وما الذي يعول منها، وما الذي لا يعول منها وهل له ضابط، وما اسم ما لا عول فيه ولا رد.

باب الحساب أو أصول المسائل س37: تكلم بوضوح عما يلي: ما المراد بحساب الفرائض، وعلى أي شيء يشتمل، وما هو التأصيل، ومم يكون، وكم عدد أصول المسائل، وما الذي يعول منها، وما الذي لا يعول منها وهل له ضابط، وما اسم ما لا عول فيه ولا رد. وما هو العول، وما هي المسألة، وما هو التصحيح، وما هي الصورة، ومتى وقع العول، وما هي أول فريضة عالت في الإسلام، وما هي مسألة المباهلة، وما هو التباهل ولما سميت بذلك، وما هي مسألة الإلزام ولم سميت بذلك، وما هي الغراء وما هي المروانية ولما سميت بذلك، وما هي أم الفروخ وما هي الدينارية ولماذا سميت بذلك، ما هي الركابية والشاكية ولماذا سميتا بذلك، وما هي المسألة البخيلة ولماذا سميت بذلك ولماذا سميت بالمنبرية؟ وضح ذلك مع التمثيل لما لا يتضح إلا به، وقسم ما يحتاج إلى تقسيم وبين الأدلة والتعاليل والمحترزات والخلاف والترجيح. ج: المراد بحساب الفرائض هو تأصيل المسائل، وتصحيحها، لا علم الحساب المعروف، الذي هو علم بأصول يتوصل بها إلى استخراج المجهولات العددية، فإنه يشمل حساب الفرائض وغيره. وحساب الفرائض يشتمل على التأصيل والتصحيح، والمسائل والصور. والتأصيل، هو تحصيل أقل عدد يخرج منه فرض المسألة أو فروضها بلا كسر، فمتى كان الورثة كلهم عصبات، فأصل المسألة من عدد رؤوسهم.

والتصحيح، هو تحصيل أقل عدد ينقسم على الورثة بلا كسر، والمسالة هي تعيين الفرض مع قطع النظر عن مستحقه والصورة هي بيان مستحق الفرض والعول زيادة في السهام ونقصان في الأنصباء. قال في الفارضية: وَالْعَوْلُ أَنْ يُزَادَ فِي السِّهَامِ ... فَيَنْقُصُ النِصَابُ عَنْ تَمَامِ والمسألة التي لا عول فيها ولا رد ولا عاصب تسمى العادلة لاستواء مالها وفروضها. والأصول المتفق عليها عددها سبعة، أصل اثنين وثلاثة وأربعة وستة وثمانية واثني عشر وأربعة وعشرين. واثنان مختلف فيهما، وهما أصل ثمانية عشر، وستة وثلاثين، والصحيح أنهما أصلان، في باب الجد والأخوة، وهما مبنيان على قاعدة، وهي أن كل مسألة فيها سدس، وثلث ما بقي، وما بقي تكون من ثمانية عشر، وكل مسألة فيها ربع وسدس وثلث باقي وباقي، تكون من ستة وثلاثين. وجملة المسائل المتفرعة على هذه الأصول التسعة، تسعة وخمسون مسألة، وكل مسألة تتضمن صورًا، والصور تقرب من ستمائة صورة. وتنقسم الأصول باعتبار العول وعدمه إلى قسمين، عائل وغير عائل، فالذي يعول ثلاثة أصول، الأول أصل ستة، الثاني أصل اثني عشر، الثالث أصل أربعة وعشرين. والقسم الثاني لا يعول، وهي الاثنان والثلاثة الأربعة والثمانية، لأن العول ازدحام الفروض، ولا يوجد ذلك هنا.

وضابط غير العائل، أن تقول هو ما كان فيه فرض واحد أو كان فيه فرضان من نوع واحد. فالنصف والربع والثمن نوع، لأن مخرج أقلها مخرج لها والثلثان والثلث والسدس نوع كذلك، فنصفان، كزوج وأخت شقيقة أو زوج وأخت لأب من اثنين، مخرج النصف. وتسميان اليتيمتين، تشبيهًا بالدرة اليتيمة، لأنهما فرضان متساويان، ورث بهما المال كله، ولا ثالث لهما، وتسميان أيضًا النصفيتين. أو نصف والبقية كزوج وأب، أو أخ لغير أم أو عم أو ابنه كذلك من اثنين مخرج النصف للزوج واحد والباقي للعاصب. وثلثان والبقية من ثلاثة كبنتين وأخ لغير أم، أو ثلث والبقية من ثلاثة كأبوين، للأم الثلث، والباقي للأب. أو الثلثان والثلث، كأختين لأم، وأختين لغيرها، كذلك من ثلاثة، مخرج الثلث والثلثين، لاتحادهما. وربع، والبقية من أربعة، كزوجة وعم أو زوج وابن، من أربعة، مخرج الربع. أو ربع مع النصف والبقية، كزوج وبنت وعم، من أربعة لدخول مخرج النصف في مخرج الربع. أو ثمن والبقية، كزوجة وابن، من ثمانية مخرج الثمن. أو ثمن مع النصف والبقية، كزوجة وبنت وعم من ثمانية لدخول مخرج النصف في مخرج الثمن. فهذه الأصول الأربعة، لا تزدحم فيها الفروض، إذ الأربعة والثمانية لا تكون إلا ناقصة أي فيها عاصب والاثنان والثلاثة، تارة يكونان كذلك، وتارة يكونان عادلتين.

والأصول التي يتصور فيها العول ثلاثة، إذا زادت فروضها، وهي أصل ستة، واثني عشر، وأربعة وعشرين، وتقدم لنا أن مالا عول فيها ما اجتمع في فرضها نوعان فأكثرن كنصف مع ثلث، أو ثلثين أو كربع وسدس، أو ثلث أو ثلثين وكثمن وثلثين وسدس، والاجتماع في الجملة. وإلا فالسدس، وما بقي من ستة مع أنه لم يجتمع فيها فرضان وتقدم لنا أن العول اصطلاحًا زيادة في السهام، ونقص في الأنصباء، فإذا اجتمع مع النصف سدس، فمن ستة، كبنت وأم وعم، أو اجتمع مع النصف ثلث، كأخت لأبوين وأم وعم، فمن ستة، أو اجتمع مع النصف ثلثان، كزوج وأختين لغير أم، فمن ستة، لأن مخرج النصف اثنان، ومخرج الثلثين أو الثلث ثلاثة، وهما متباينان، فتضرب أحدهما بالآخر يبلغ ستة، وأما النصف مع السدس، فإنه يكتفي بمخرج السدس، لدخول مخرج النصف فيه. وتصح المسألة من ستة بلا عول، كزوج وأم وأخوين لأم للزوج النصف ثلاثة، وللأم السدس واحد، وللأخوين لأم الثلث اثنان. وتسمى مسألة الإلزام، ومسألة المناقضة، لأن ابن عباس لا يحجب الأم من الثلث إلى السدس، إلا بثلاثة من الأخوة والأخوات، ولا يرى العول، ويرد النقص مع ازدحام الفروض على من يصير عصبة في بعض الأحوال، بتعصيب ذكر لهن. وهي البنات والأخوات لغير أم، فالزم بهذه المسألة، فإن أعطى للأم الثلث لكون الأخوات أقل من ثلاثة، وأعطى ولديها الثلث، عالت المسألة، وهو لا يرى العول، وإن أعطاها ثلثا وأدخل النقص على ولديها فقد ناقض مذهبه في إدخال النقص على من لا يصير عصبة بحال.

قال الجعبري: ولو زوجة ماتت عن أم كريمة وعن ولدي أم وزوج تبتلا فللزوج نصف وابن عباس لا يرى عن الثلث حجب الأم بالأخوين لا ولا العول ثم الحجب يلزمه هنا أو العول أيامًا توخاه أشكلا وتعول الستة تواليًا إلى سبعة، كزوج وأختين لغير أم أو زوج، وأخت لأبوين وجدة، أو زوج وأخت لأب وجدة، أو ولد أخم، للزوج في المسألة الأولى النصف، وللأختين لغير أم الثلثان. وهذه أول فريضة عالت في الإسلام. ولم يقع العول في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا في زمن أبي بكر - رضي الله عنه -، حيث لم يحصل مسألة أو حادثة فيها عول، في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا زمن أول خليفته، وإنما حصلت أول قضية في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -، أول من أعال الفرائض عمر، لما التوت أي كثرت عليه الفرائض، ودافع بعضها بعضًا فقال: ما أدري أيكم قدم الله، ولا أيكم أخر، وكان امرؤ ورعًا فقال: ما أجد شيئًا أوسع لي من أن أقسم التركة عليكم بالحصص، أدخل على كل ذي حق ما دخل من عول الفريضة. فكان عمر أول من أعال المسائل، وقد انعقد الإجماع على هذا، حيث لم يخالف أحد من الصحابة، فلما انقضى عصر عمر أظهر ابن عباس رضي الله عنهما خلافه، وكان ترك مذهبه لمخالفته الإجماع.

وفي المسألة الثانية للزوج النصف، وللأخت لأبوين النصف وللجدة السدس. وفي المسألة الثالثة، للزوج النصف وللأخت لأب النصف، وللجدة أو ولد الأم السدس. وتعول إلى ثمانية، كزوج وأم وأخت لغير أم، للزوج النصف ثلاثة، وللأم الثلث اثنان، وللأخت النصف ثلاثة. وتسمى المباهلة، لقول ابن عباس فيها من شاء باهلته أن المسائل لا تعول، إن الذي أحصى رمل عالج عددًا، اعدل من أن يجعل في مال نصفًا، ونصفا وثلثا. هذان نصفان ذهبا بالمال، فأين موضع الثلث، وأيم الله لو قدموا من قدم الله، وأخروا من أخر الله، ما عالت مسألة قط، فقيل له لما أظهرت هذا زمن عمر، قال كان مهيبًا فهبته. والمباهلة الملاعنة والتباهل التلاعن، قال في المغني من أهبطه من فريضة إلى فريضة، فذاك الذي قدمه الله، كالزوجين والأم لكل واحد منهما فرض، ثم يحجب إلى فرض آخر لا ينقص عنه. وأما من أهبطه من فرض إلى ما بقي كالبنات والأخوات، فإنهن يفرض لهن، فإذا كان معهن أخوتهن ورثوا بالتعصيب، فكان لهم ما بقي قل أو كثر أهـ. وأول فريضة عالت حدثت في زمن عمر، فجمع الصحابة للمشورة، فقال العباس أرى أن يقسم المال بينهم على قدر سهامهم، فأخذ به عمر وأتبعه والناس على ذلك حتى خالفهم ابن عباس.

وتعول إلى تسعة كزوج، وولدي أم وأختين لغير أم، للزوج النصف ثلاثة، ولولدي الأم الثلث اثنان، وللأختين الثلثان أربعة، وتسمى الغراء، لأنها حدثت بعد المباهلة، واشتهر بها العول، وتسمى المروانية، لحدوثها زمن مروان. وكذا زوج وأم وثلاث أخوات متفرقات، وتعول إلى عشرة كزوج وأم وأختين لغير أم وأكثر من واحد من أولاد الأم، وتسمى هذه المسألة، أم الفروخ، لكثرة ما فرخت في العول. وقال بعضهم، إن أم الفروخ لقب لكل عائلة إلى عشرة، كزوج، وأم وأخوين لأم، وأخت شقيقة، وأخت لأب، ولا تعول الستة إلى أكثر من عشرة، لأنه لا يمكن فيها اجتماع أكثر من هذه الفروض. وإذا عالت إلى ثمانية وتسعة أو عشرة، لم يكن الميت فيها إلا امرأة، إذ لابد فيها من زوج. وربع مع ثلثين، كزوج وبنتين وعم، وكزوجة وشقيقتين وعم من اثنى عشر، لتباين المخرجين. وربع مع ثلث، كزوجة وأم وأخ لغير أم، من اثني عشر، لما تقدم. وربع مع سدس، كزوج وأم وابن، أو كزوجة وجدة وعم من اثني عشر لتوافق مخرج الربع والسدس والنصف، وحاصل ضرب أحدهما بالآخر ما ذكر. وتصح بلا عول، كزوجة وأم، وأخ لأم وعم، للزوجة الربع ثلاثة، وللأم الثلث أربعة، ولولد الأم السدس اثنان، ويبقى ثلاثة، يأخذها العم. وكذا زوج وأبوان وخمسة بنين، وكذا زوج وبنتان وأخت

لغير أم، وتعول الاثنا عشر أفرادًا لا أشفاعًا، إلى ثلاثة عشر، إذا كان مع الربع ثلثان وسدس، أو نصف وثلث. كزوج وأم وبتنين، للزوج الربع ثلاثة، وللأم السدس اثنان، وللبنتين الثلثان ثمانية. وكزوجة وأخت لغير أم، وولدي أم، للزوجة الربع ثلاثة، وللأخت النصف ستة، ولولد الأم الثلث أربعة، وتعول إلى خمسة عشر، إذا كان مع الربع ثلثان وسدسان وثلث. وذلك كزوج وبنتين وأبوين، للزوج الربع ثلاثة وللبنتين الثلثان ثمانية، ولكل من الأبوين اثنان. وكذا زوجة وأختان لغير أم، وولدا أم، وتعول إلى سبعة عشر، إذا كان مع الربع ثلثان وثلث وسدس. كثلاث زوجات وجدتين وأربع أخوات لأم، وثمان أخوات لأبوين أو لأب، للزوجات الربع ثلاثة، لكل واحدة واحد، وللجدتين السدس، لكل واحدة واحد، وللأخوات لغير أم الثلثان، ثمانية لكل واحدة احد. وتسمى أم الأرامل، وأم الفروج، لأنثية الجميع، ولو كانت التركة فيها سبعة عشر دينارًا حصل لكل واحدة منهن دينار، وتسمى السبعة عشرية، والدينارية الصغرى. ولابد في هذا الأصل أن يكون الميت أحد الزوجين، بشهادة الاستقراء، ويلغز بها فيقال سبع عشرة امرأة، من جهات مختلفة، اقتسمن مال الميت، حصل لكل واحدة سهم.

ونظمها بعضهم فقال: قل لمن يقسم الفرائض واسأل ... إن سألت الشيوخ والأحداثا مات ميت عن سبع عشرة أنثى ... من وجوه شتى فحزن التراثا أخذت هذه كما أخذت تلك ... عقارًا ودرهمًا وأثاثا وكذا زوجة وأم وأختان لها، وأختان لغيرها، ولا تعول الاثنا عشر إلى أكثر من سبعة عشر، ولا يكون الميت فيها إلا ذكرا. ولو اجتمع ثمن مع سدس، فمن أربعة وعشرين، كزوج وأم وابن، إذ مخرج الثمن من ثمانية، مخرج السدس من ستة، وهما متوافقان بالنصف، فإذا ضربت نصف أحدهما في الآخر حصل ما ذكر للزوجة ثلاثة، وللأم أربعة، وللابن سبعة عشر، أو اجتمع ثمن مع ثلثين. كزوجة وبنتين وعم، فمن أربعة وعشرين، لتباين مخرج الثمن والثلثين، أو اجتمع الثمن مع الثلثين والسدس. كزوجة وبنتي ابن، وأم وعم، فمن أربعة وعشرين، للتوافق بين مخرج السدس والثمن، مع دخول مخرج الثلثين في مخرج السدس، ولا يجتمع الثمن مع الثلث، لأن الثمن لا يكون إلا لزوجة مع فرع وارث، ولا يكون الثلث في مسألة فيها فرع وارث. وتصح الأربعة والعشرون بلا عول. مثاله زوجة وبنتان وأم وأثني عشر أخًا، وأختًا لغير أم، للزوجة الثمن ثلاثة، وللبنتين الثلثان ستة عشر، لكل واحدة

ثمانية، وللأم السدس أربعة، يبقى للأخوة والأخت واحد، على عدد رؤوسهم خمسة وعشرين، لا ينقسم. فتصح من ستمائة، للزوجة خمسة وسبعون، وللبنتين أربعمائة، لكل واحدة مائتان، وللأم مائة يبقى للأخوة خمسة وعشرون، لكل أخ سهمان، وللأخت سهم، وتسمى الدينارية الكبرى. لما روي أن امرأة قالت لعلي - رضي الله عنه - أن أخي من أبي وأمي مات، وترك ستمائة دينار، وأصابني منه دينار واحد، فقال: لعل أخاك لم يخلف من الورثة إلا كذا وكذا، قالت: نعم قال قد استوفيت حقك. وتسمى الركابية والشاكية، لأنه يقال إن المرأة أخذت بركاب علي واشتكت إليه، عند إرادة الركوب. فقالت: يا أمير المؤمنين إن أخي ترك ستمائة دينار فأعطاني شريح دينارًا واحدًا، فقال علي على الفور: لعل أخاك ترك زوجة وأمًا وبنتين واثني عشر أخًا وأنت، فقالت: نعم، فقال: ذلك حقك فلم يظلمك شريح شيئًا وفيها قال بعضهم: قل لمن يقسم الفرائض واسأل إن سألت الشيوخ والأحداثا مات ميت عن سبع عشرة أنثى من وجوه شتى فحزن التراثا أخذت هذه كما أخذت تلك عقارًا ودرهمًا وأثاثا

وتعول الأربعة والعشرون، إلى سبعة وعشرين لا غير، إذا كان فيها ثمن وثلثان. مثاله: زوجة وبنتين، أو بنتي ابن فأكثر وأبوان، أو جد وجدة. فللزوجة الثمن ثلاثة، ولكل من البنتين فأكثر أو بنتي الابن فأكثر الثلثان ستة عشر، ولكل من الأبوين أو الجد والجدة، السدس أربعة. ولا تعول الأربعة والعشرون إلى أكثر من سبعة وعشرين، ولا تكون الاثنا عشر والأربعة والعشرين عادلة أبدًا بل إما ناقصتان، أو عائلتان. وتسمى هذه المسألة البخيلة، لقلة عولها، لأنها لم تعل إلا مرة واحدة، وتسمى المنبرية، لأن عليًا سئل عنها هو على المنبر يخطب، فقال: صار ثمن المرأة تسعًا. ومضى في خطبته، والمعنى أنه كان للمرأة قبل العول ثمن، وهو ثلاثة من أربعة وعشرين، فصار بالعول تسعًا، وهو ثلاثة من سبعة وعشرين. ولا يكون الميت في الأربعة والعشرين إلا زوجًا، بدليل الاستقراء، ولأن الثمن لا يكون إلا لزوجة فأكثر، مع فرع وارث. تتمة وفروض من نوع تعول إلى سبعة فقط وهي أم وأخوة لأم وأختان فأكثر لغيرها انتهى ش غ هـ.

من الجعبرية فيما يتعلق بباب أصول المسائل أولوا الإرث بالتعصيب مبلغ عدهم ... لمسألة لا فرض فها تأصلا ذكورًا جميعًا أو إناثًا وإن غدوا ... إناثًا وذكرانًا فق موضحًا حلا رؤوس ذكور ضعفن ثم مبلغ ال ... جميع رسا أصلا وقل بعد مجملا مسائل أهل الفرض سبع فأربع ... خلون بلا شك عن العول فانقلا ثمانية واثنان ثم ثلاثة ... وأربعة والعول مدخل علا ثلاث فالأولى ستة ثم ضعفها ... وثالثها ضعف المضاعف أجملا وقل إن يكن نصف من اثنين أصلها ... وإن كان ثلث فالثلاثة أصلا وأربعة أصل لربع وما بقي ... وربع ونصف والثمانية أعقلا لثمن رست أصلا كذا الثمن أصله ... مع النصف ثم السدس من ستة ولا كذا النصف مع ثلث وسدس وعولها ... بأربعة وترًا وشفعًا تنزلا وقل ضعفها أصل لربع مشفع ... بثلث كذاك الربع والسدس أقبلا وقل خمسة حقًا نهاية عولها ... وبالوتر ترقى ثم قل ضعفها أبخلا لثمن وسدس صح أصلاً ممهدا ... كذا الثمن والثلثان بالأصل وكلا

وقل عولها بالثمن لا شك مرة ... وثلث وثمن لا يحلان منزلا وأصلان قد خصا بجد وجدة ... فأصل تراه ضعف تسعة أعقلا لسدس تلاه ثلث باقي تراثه ... ومن بعده ضعف المضاعف أصلا لربع وسدس بعده ثلث ما بقي ... فهذي أمور صح إيرادها ولا وقال الرحبي: وإنْ تُرِدْ مَعرِفةَ الحِسابِ ... لِتَهتَدِي بهِ إلَى الصَّوابِ وتعرِفَ القِسمَةَ والتَّفصِيلا ... وتعلمَ التَّصحِيحَ والتَّأصيلا فاستخرِج ِ الأُصُولَ في المَسائل ... ولا تكُن عن حِفظِها بذاهلِ فإنهنَّ سبْعةٌ أُصولُ ... ثلاثةٌ منهنَّ قد تعولُ وبعدَها أربعةٌ تَمامُ ... لا عولَ يعرُوها ولا انْثلامُ فالسُّدْسُ مِنْ ستةِ أسهمٍ يرَى ... والثلثُ والرُّبعُ مِنِ اثنيَ عَشرا والثمنُ إنْ ضمَّ إليهِ السُّدْسُ ... فأصْلهُ الصّادِقُ فيهِ الحدْسُ أربعةٌ يَتبَعُها عُشرُونا ... يَعرِفُها الْحُسَّابُ أجمَعونا فهاذِهِ الثَّلاثةُ الأُصولُ ... إنْ كثرَتْ فرُوعها تعولُ فتبلغُ السِّتةُ عقدَ العشرَة ... في صُورَةٍ مَعرُوفةٍ مشتهرَة وتَلْحَقُ الَّتِي تَلِيْهَا بالأَثَرْ ... في العولِ إفرادًا إلى سَبْعَ عَشَرْ

س38: ما معنى تصحيح المسائل، وما الذي تتوقف عليه معرفته، وما الذي يتوقف عليه ما تتوقف عليه معرفة التصحيح، وإذا انكسر سهم فريق عليه، أو انكسر على فريقين فما العمل، وما هي الصماء ولماذا سميت بذلك، وما هي مسألة الامتحان ولماذا سميت بذلك، مثل لهما وضح ذلك مع ذكر جميع ما يتعلق به ويدور حوله من مسائل وتقارير، ومحترزات وتعاليل، وأدلة وأمثلة وأقسام وخلاف وترجيح ومعاني ما لا يتضح من الكلمات، وما هي المماثلة وما هي المداخلة وما هي المباينة وما هي الموافقة؟

والعدَدُ الثّالثُ قد يعولُ ... بثمْنِهِ فاعمَلْ بمَا أَقُوْلُ والثُّلْثُ مِن ثلاثةٍ يَكونُ ... والرُّبْعُ مِنْ أربعَةٍ مَسْنونُ والثُّمْنُ إنْ كانَ فمِن ثَمَانيَه ... فهَاذِهِ هيَ الأصُولُ الثَّانيَة لا يدْخلُ العولُ عليها فاعْلمِ ... ثمَّ اسْلكِ التَّصحِيحَ فِيهَا واقسِم باب تصحيح المسائل س38: ما معنى تصحيح المسائل، وما الذي تتوقف عليه معرفته، وما الذي يتوقف عليه ما تتوقف عليه معرفة التصحيح، وإذا انكسر سهم فريق عليه، أو انكسر على فريقين فما العمل، وما هي الصماء ولماذا سميت بذلك، وما هي مسألة الامتحان ولماذا سميت بذلك، مثل لهما وضح ذلك مع ذكر جميع ما يتعلق به ويدور حوله من مسائل وتقارير، ومحترزات وتعاليل، وأدلة وأمثلة وأقسام وخلاف وترجيح ومعاني ما لا يتضح من الكلمات، وما هي المماثلة وما هي المداخلة وما هي المباينة وما هي الموافقة؟

ج: التصحيح تقدم لنا أنه تحصيل أقل عدد إذا قسم على الورثة على قدر إرثهم خرج كل نصيب فرد سهم صحيح بلا كسر، بحيث لا يحصل هذا الفرض من عدد دونه. ومعرفة ذلك تتوقف على أمرين: أحدهما، معرفة أصل المسألة، والثاني معرفة جزء السهم وهو يتوقف على مقابلتين: إحداهما مقابلة السهام من مسألة التأصيل، ورؤوس أصحابها، والثاني مقابلة رؤوس كل نوع من الورثة بنوع آخر، بحيث لا يصح انقسام سهام النوع عليه، سواء بقي أو رجع إلى وقف. واعلم أنه إذا انقسمت سهام كل فريق عليهم فلا يحتاج إلى ضرب، والفريق والحزب والحيز جماعة اشتركوا في فرض أو ما أبقت الفروض، إذا فهمت ذلك فاعلم أنه متى انكسر سهام فريق عليه، بأن لم ينقسم قسمة صحيحة، ضربت عدد الفريق إن تباين المقسوم والمقسوم عليه كثلاثة واثنين. مثاله: زوج وثلاثة أخوة، أصل مسألتهم من اثنين، للزوج واحد، وللأخوة يبقى واحد، ما ينقسم ويباين الثلاثة عددهم، فاضربها في اثنين يحصل ستة للزوج ثلاثة وللأخوة ثلاثة لكل واحد سهم. مثال آخر: زوج وخمسة أعمام، المسألة من اثنين للزوج واحد يبقى للأعمام واحد يباين الخمسة عددهم فاضربها في اثنين تصح من عشرة، للزوج واحد في خمسة بخمسة وللأعمام واحد في خمسة بخمسة، لكل واحد منهم واحد. وهذه صورتها:

2/5/10 ... ... زوج عم عم عم عم عم ومثال آخر: ثلاث أخوات لغير أم وعم لهن سهمان على ثلاثة، لا تنقسم وتباين فتضرب عددهم في أصل المسألة، فتصح من تسعة، لكل أخت سهمان وللعم ثلاثة ويسمى عدد الفريق جزء السهم. والمعنى حظ السهم من المسألة من المصحح، وذلك لأنك إذا قسمت المصحح على أصل المسألة خرج لكل سهم منها ذلك المضروب فيها، وكذا كل عددين ضربت أحدهما بالآخر إذا قسمت الحاصل على أحدهما، خرج الثاني، والجزء والحظ والنصيب واحد. فإذا أردت القسمة فكل من له شيء من أصل المسألة أخذه مضروبًا في العدد الذي ضربت فيه المسألة فما بلغ فهو له إن كان واحدًا، وإن كانوا جماعة قسمته عليهم. مثال يوضحها زيادة: زوج وأم وثلاثة أخوة أصلها من ستة، للزوج النصف ثلاثة وللأم السدس سهم يبقى للأخوة سهمان لا ينقسم عليهم ولا يوافقهم فارضب عددهم وهو ثلاثة في أصل المسألة وهي ستة تكن ثمانية عشر للزوج ثلاثة في ثلاثة بتسعة، وللأم سهم في ثلاثة بثلاثة، وللأخوة سهمان في ثلاثة بستة لكل واحد سهمان، وهو ما كان لجماعتهم. وهذه صورتها:

6/3/ 18 ... ... زوج أم أخ أخ أخ أو ضربت جزء السهم في مبلغها بالعول إن عالت فما بلغ الضرب فمنه تصح. مثال ذلك: زوجة وأم وخمس شقيقات أصلها من اثني عشر وتعول إلى ثلاثة عشر، للزوجة الربع ثلاثة وللأم السدس اثنان وللشقيقات ثمانية على خمسة عدد رؤوسهن لا ينقسم ويباين فاضرب خمسة في ثلاثة عشر بخمسة وستين للزوجة ثلاثة في خمسة بخمسة عشر وللأم اثنان في خمسة بعشرة، وللشقيقات ثمانية في خمسة بأربعين. وهذه صورتها: ... ... أصلها عولها ... ... ... 12/13/5 65 ... ... زوج أم شقيقة شقيقة شقيقة شقيقة شقيقة مثال: لموافقة المقسوم والمقسوم عليه كأربعة وستة: زوجة وستة

أعمام، أصلها من أربعة، للزوجة سهم، يبقى للأعمام ثلاثة، لا تنقسم وتوافق بالثلث، فإذا رددت الفريق وهو الأعمام إلى وفقه وهو اثنان وضربت كما مر حصل ثمانية ومنه تصح. ثم من له شيء من أصل المسألة، أخذه مضروبًا في جزء سهم المسألة، فيصير لكل واحد من الفريق من السهام في التصحيح عدد ما كان له عند التباين، أو يصير له وفق ما كان لجماعته عند التوافق. ففي المثال للزوجة واحد في اثنين باثنين، وللأعمام ثلاثة في اثنين بستة، لك واحد سهم. ويتأتى الانكسار على فريق فيكل الأصول التسعة، وأما في أصل اثنين، فلا يتأتى فيه الموافقة بين السهام والرؤوس، لأن الباقي بعد النصف واحد، والواحد يباين كل عدد، والنظر بين الرؤوس والسهام يكن بالمباينة أو الموافقة، لا المماثلة والمداخلة وجه ذلك أن المماثلة بين الرؤوس والسهام ليس فيها انكسار، فالمداخلة إن كانت الرؤوس داخلة في السهام، فكذلك وإن كان بالعكس، فنظروا باعتبار الموافقة، لأن كل متداخلين متوافقان، مع أن ضرب الوفق أخصر من ضرب الكل. وإن كان الانكسار على أكثر من فريق، كعلى فريقين، أو ثلاث فرق أو أربع فرق، ولا يتجاوزيها في الفرائض، نظرت بين كل فريق وسهامه، بالموافقة والمباينة، لأنه إما أن يوافق كل فريق سهامه أو يباينها، أو يوافق أحدهما ويباين الآخر. فالموافقة ترده لوفقه، والمباينة يبقى بحاله، ثم تنظر نظرا ثانيًا بين الرؤوس والرؤوس المثبتات بالنسب الأربع، وهي المماثلة

والمداخلة والمباينة والموافقة. فالمماثلة هي أن يتفق العددان، كثلاثة وثلاثة وأربعة، وأربعة واثنين واثنين. والمداخلة أن ينقسم الأكبر على الأصغر بدون كسر، أو أن يفنى الأصغر الأكبر إذا كررته، وسلطته عليه بلا زيادة ولا نقص، فلا يبقى كسر. والمباينة هي أن لا يتفق العددان بجء من الأجزاء، بل يختلفان، وذلك كخمسة وثلاثة، وكستة وخمسة. وأما الموافقة فهي أن يتفق العددان في جزء مسمى كستة، وأربعة وستة وثمانية، ولا يصدق عليهما حد المداخلة. فإن كانت متماثلة، اكتفيت بأحد المتماثلين، أو المتماثلات وهو جزء السهم، فتضربه في أصل المسألة وعولها إن عالت، فما بلغ فمنه تصح. وإن كانت متداخلة اكتفيت بالأكبر، وهو جزء السهم، فتضربه في الأصل مع العول، إن عالت فما بلغ فمنه تصح. وإن كانت متوافقة، ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر، فما بلغ فهو جزء السهم، فتضربه في الأصل، مع العول إن عالت، فما بلغ فمنه تصح. وإن كانت متباينة ضربت بعضها في بعض، فما تحصل فهو جزء السهم، فتضربه في الأصل مع العول إن عالت فما بلغ فمنه تصح.

مثال للماثلة: فيما إذا تماثلت الرؤوس كلها كثلاثة وثلاثة فأحد المتماثلات جزء السهم، يضرب في أصل المسألة بلا عول، أو بعولها إن عالت. كزوج وثلاث جدات وثلاثة أخوة لأبوين أو لأب، أصلها من ستو، للزوج ثلاثة، وللجدات السدس واحد، لا ينقسم عليهن، ويباين وللأخوة ما بقي وهو اثنان، لا ينقسم ويباين وثلاثة وثلاثة متماثلان فاكتف بأحدهما، واضربه في ستة تصح من ثمانية عشر للزوج ثلاثة في ثلاثة بتسعة، وللجدات واحد في ثلاثة بثلاثة، لكل واحدة سهم، وللأخوة اثنان في ثلاثة بستة، لكل واحد سهمان وإليك صورتها: 3/6 18 ... ... زوج جدة ... 1 جدة جدة أخ ... 2 أخ أخ مثال للمباينة: زوج وخمسة بنين، المسألة من أربعة للزوج الربع واحد، والباقي للبنين، لا ينقسم عليهم فهو منكسر ومباين، فتكون الرؤوس هي جزء السهم، تضربها في أصل المسألة، أربعة فتصح من عشرين، للزوج واحد مضروب في جزء السهم خمسة في خمسة، وللبنين ثلاثة مضروبة في جزء السهم خمسة تبلغ خمسة عشر لكل واحد ثلاثة فصار لواحدهم ما كان لجماعته قبل الضرب وإليك صورتها:

4/5 20 ... ... زوج ابن ... 3 ابن ابن ابن ابن وإن تداخلت، كاثنين وأربعة أو ستة أو ثمانية، فأكبر الأعداد يجعل جزء السهم، ويضرب في أصل المسألة أو عولها، ففي ثلاثة أخوة لأم وتسعة أعمام، نصيب كل واحد مباين لعدده، وعددهما متناسبان، فاضرب التسعة في ثلاثة، تصح من سبعة وعشرين، للأخوة للأم تسعة لكل واحد ثلاثة، وللأعمام ثمانية عشر، لكل عم اثنان. وكذا إن كان الانكسار على ثلاث فرق أو أربع وتداخلت فتكتفي بأكثرها، وإن كان الأقل جزأ للأكثر، كثلث أو ربع أو ثمن أو نصف ثمن، فتكتفي بالأكثر دائمًا. مثال للمداخلة: مات ميت عن أختين لأم، وثمانية أعمام، المسألة من ثلاثة، للأختين من الأم الثلث واحد، لا ينقسم ويباين، والباقي اثنان للأعمام، لا ينقسم عليهم ويوافق بالنصف، فترد رؤوس الأعمام إلى نصفها أربعة، ثم تنظر بينها وبين رؤوس الأختين لأم، تجدهما متداخلين، فتكتفي بالأكبر وهو رؤوس الأعمام، ثم تضربه في أصل المسألة ثلاثة تبلغ اثني عشر ومنه تصح، للأختين لأم واحد في أربعة بأربعة لكل واحدة اثنان، وللأعمام اثنان في أربعة بثمانية، لكل واحد واحد.

مثال للموافقة: أربع أخات شقائق وعم، المسألة من ثلاثة للشقيقات الثلثان اثنان، لا ينقسم عليهن ويوافق بالنصف فيثبت نصفهن اثنان، وهو جزء السهم والباقي للعم، فتضرب أصل المسألة في جزء السهم اثنين، فتصح من ستة، للشقائق اثنان في اثنين بأربعة، لكل واحدة واحد، وللعم الباقي واحد مضروب في اثنين باثنين، وهذه صورتها: 3/2 6 ... ... شقيقة ... 2 شقيقة شقيقة شقيقة عم مثال للمباينة: بنت وخمس بنات ابن، وثلاث جدات، وسبعة أعمام، المسألة من ستة للبنت النصف ثلاثة، ولبنات الابن السدس تكملة الثلثين واحد، لا ينقسم عليهن ويباين، وللجدات السدس واحد، لا ينقسم ويباين، وللأعمام الباقي وهو واحد، فاضرب ثلاثة في خمسة والحاصل خمسة عشر في سبعة بمائة وخمسة، وهي جزء السهم، فاضربها في ستة، تبلغ ستمائة وثلاثين، ومنها تصح. فاضرب للبنت ثلاثة في مائة وخمسة بثلاث مائة وخمسة عشر، وكل فريق من باقي الورثة واحد في مائة وخمسة، لكل واحدة من بنات الابن أحد وعشرون، ولكل واحدة من الجدات خمسة وثلاثون، ولكل واحد من الأعمام خمسة عشر. وإن توافقت أعداد الفريق، كأربعة وستة وعشرة، أو كاثني عشر وثمانية عشر وعشرين، فلك طريقان، أحدهما

طريق الكوفيين، وهي أن تحصل الوفق بين أي عددين شئت منها، من غير أن تقف شيئًا منها. ثم إذا عرفت الوفق بين اثنين منها، ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر، فما بلغ فأحفظه، ثم انظر بين المحفوض، وبين الثالث، فإن كان الثالث داخلاً فيه، أو مماثلاً له، لم تحتج إلى ضربه، واجتزأت بالمحفوظ، فهو جزء السهم، فاضربه في أصل المسألة، فما بلغ فمنه تصح. وإن وافق الثالث المحفوظ، ضربت وفقه فيه فما حصل فهو جزء السهم، أو يباين الثالث المحفوظ ضربت كل الثالث في المحفوظ، فالحاصل من ضرب أوفاقها هو جزء السهم، اضربه في المسألة فما بلغ فمنه تصح واقسم كما سبق. مثال: أربع زوجات، وتسع شقيقات، واثنا عشر عمًا، المسألة من اثني عشر، وسهام كل فريق يباينه، وإذا نظرت بين تسعة واثني عشر، إذا هما متوافقان بالثلث، فاضرب ثلث أحدهما في الآخر بستة وثلاثين. وانظر بينه وبين عدد الزوجات، تجد عدد الزوجات داخلاً فيه، فالستة والثلاثون جزء السهم، فاضربه في اثني عشر أصل المسألة، تصح من أربع مائة واثنين وثلاثين. ثم اقسمها للزوجات ثلاثة في ستة وثلاثين بمائة وثمانية لكل واحدة سبعة وعشرون، وللشقيقات ثمانية في ستة وثلاثين بمائتين وثمانية وثمانين، لكل واحدة اثنان وثلاثون، وللأعمام واحد وفي ستة وثلاثين، لكل واحد ثلاثة. وإن تماثل عددان وباينهما الثالث، كثلاث أخوات لأبوين وثلاث جدات وأربعة أعمام، أو وافقهما الثالث كأربع زوجات

وستة عشر أخًا لأم وستة أعمام، لأن نصيب أولاد يوافق عددهم بالربع، فتردهم إلى ربعهم أربعة، وهي مماثلة لعدد الزوجات، وكلاهما يوافق عدد الأعمام بالنصف، ضربت أحد المتماثلين في وفق الثالث إن كان موافقًا كالمثال الثاني، فما بلغ فهو جزء السهم. فإذا أردت تتميم العمل، ضربته في المسألة، فما حصل صحت منه المسألة، وأقسمه مثل ما سبق. وإن تناسب اثنان وباينهما الثالث، كثلاث جدات وتسع بنات ابن وخمسة أعمام، أصل المسألة ستة، للجدات السدس واحد على ثلاثة لا ينقسم ويباين، ولبنات الابن الثلثان أربعة على ثلاث لا تنقسم وتباين، وللأعمام واحد على خمسة لا ينقسم ويباين، والثلاثة داخلة في التسعة والخمسة مباينة، لهما ضربت أكثرهما وهو التسعة في جميع الثالث، وهو خمسة، يحصل خمسة وأربعون، فهو جزء السهم. ثم اضربه في المسألة، وهي الستة، وتصح من مائتين وسبعين، للجدات خمسة وأربعون، لكل واحدة خمسة عشر، ولبنات الابن مائة وثمانون، لكل واحدة عشرون، وللأعمام خمسة وأربعون، لكل واحد تسعة. وإن توافق اثنان من أعداد الفرق وباينهما الثالث، كأربعة وخمسة وستة، ضربت وفق أحدهما في جميع الآخر، ثم ضربت الحاصل في العدد الثالث المباين، فالحاصل جزء السهم اضربه في أصل المسألة، ثم اقسمه كما مر، وهذا كله في الانكسار على ثلاث فرق. ويتأتى الانكسار على فريقين، في غير أصل اثنين، فلا

يتأتى فيه ويتأتى على ثلاث فرق، فيما يعول من أصول المسائل، كأصل ستة واثني عشر وأربعة وعشرين. مثال ذلك جدتان وثلاثة أخوة لأم وعمان، أصلها من ستة للجدتين السدس واحد، يباينهما، وللأخوة للأم الثلث اثنان يباينهم، وللعمين الباقي ثلاثة يباينهما، وبين الجدتين والعمين مماثلة في العدد، فاجتزئ بأحدهما واضربه في ثلاثة رؤوس الأخوت، يبلغ ستة وهي جزء السهم، اضربها في ستة أصل المسألة، تجدها ستة وثلاثين. ومنها تصح للجدتين واحد في ستة بستة، لكل واحدة ثلاثة وللأخوة للأم اثنان في ستة باثني عشر، لكل واحد أربعة وللعمين ثلاثة في ستة بثمانية عشر لكل واحد تسعة. وعلى أربع فرق إنما يتأتى الكسر في أصل اثني عشر، وفي أصل أربعة وعشرين من المسائل، كزوجتين وثلاث جدات، وخمسة أخوة لأم وعمين، أصلها من اثنين عشر، للموافقة بين الربع والسدس، حاصل من ضرب وفق الربع في كامل السدس، للزوجتين الربع ثلاثة يباينهما، وللجدات السدس اثنان يباينهن، وللأخوة للأم الثلث أربعة يباينهم، وللعمين الباقي ثلاثة يباينهما. وبين الزوجتين والعمين مماثلة في عدد الرؤوس، فاجتزئ بأحد العددين واضربه في ثلاثة عدد الجدات، يبلغ ستة، اضربها في خمسة عدد رؤوس الأخوة لأم تبلغ ثلاثين، وهو جزء السهم، اضربه في أصل المسألة، اثني عشر تبلغ ثلاثمائة وستين. ومنها تصح للزوجتين ثلاثة في ثلاثين بتسعين، لكل واحدة خمسة وأربعون، وللجدات اثنان في ثلاثين بستين، لكل واحدة عشرون وللأخوة للأم أربعة في ثلاثين بمائة وعشرين

لكل واحد أربعة وعشريون وللعمين ثلاثة في ثلاثين بتسعين، لكل واحد خمسة وأربعون. ومثال للانكسار على أربع غرق في أصل أربعة وعشرين، زوجتان وثلاث بنات، وثلاث جدات وعمان، أصل المسألة من أربعة وعشرين، حاصل من ضرب ثلاثة في ثمانية، للزوجتين الثمن ثلاثة يباينهما، وللبنتين الثلثان ستة عشر تباينهن، وللجدات السدس أربعة تباينهن، وللعمين الباقي واحد يباينهما. وبين الزوجتين والعمين مماثلة في عدد الرؤوس، فاجتزئ بأحدهما، وبين الجدات والبنات مماثلة، فاضرب اثنين في ثلاثة بستة، وهي جزء السهم، اضربه في أربعة وعشرين، أصل المسألة، تجده مائة وأربعة وأربعين، ومنها تصح. فللزوجتين ثلاثة في ستة بثمانية عشر، لكل واحدة تسعة وللبنات ستة عشر في ستة بستة وتسعين، لكل واحدة اثنان وثلاثون، وللجدات أربعة في ستة بأربعة وعشرين، لكل واحدة ثمانية، وللعمين واحد في ستة بستة، لكل واحد ثلاثة. ولا يزيد الانكسار على أربعة من الفرق، في غير الولاء والوصايا. متى تباينت الرؤوس والسهام، بأن باين كل فريق سهامه، وتباينت أعداد الفرق، سميت صماء، لأنها ليس فيها عدان متماثلان، ولا متناسبان، ولا متوافقان ابتداء، ولا بعد ضرب عدد في آخر. ومثال الصماء: أربع زوجات وثلاث جدات، وخمس أخوات لأم وعم، أصل المسألة من اثني عشر، للزوجات الربع ثلاثة على أربعة تباينها، وللجدات السدس اثنان على ثلاثة تباينها وللأخوات لأم الثلث أربعة على خمسة تباينها، فاضرب ثلاثة

في أربعة باثني عشر، والحاصل في خمسة بستين فهي جزء السهم فاضربها في اثني عشر تصح من سبعمائة وعشرين. للزوجات ثلاثة في ستين بمائة وثمانين، لكل واحدة خمسة وأربعون، وللجدات اثنان في ستين بمائة وعشرين، لكل واحدة أربعون، وللأخوات لأم أربعة في ستين بمأتين وأربعين وللعم الباقي ثلاثة في ستين بمائة وثمانين. مثال آخر للصماء: أربع زوجات وثلاث جدات وخمسة أعمام فاضرب ثلاثة في أربعة باثني عشر والحاصل في خمسة بستين فهي جزء السهم تبلغ سبعمائة وعشرين ومنها تصح وهذه صورتها: 12/60 720 زوجة ... 3 زوجة زوجة زوجة جدة ... 2 جدة جدة عم ... 7 عم عم عم عم

مثال آخر للصماء: جدتان وثلاثة أخوة لأم وخمسة أعمام فللجدتين السدس واحد، لا ينقسم عليهما ويباينها، وللثلاثة أخوة للأم الثلث اثنان، لا ينقسمان عليهما ويباين عددهم، وللخمسة أعمام الباقي، وهو ثلاثة لا تنقسم عليهم وتباين عددهم، وبين عدد الجدتين وعدد الثلاثة أخوة تباين، فيضرب أحدهما بالآخر بستة، وبين الستة وعدد الخمسة أعمام تباين فيضرب أحدهما بالآخر بثلاثين، وهو جزء السهم، فتضربه في أصل المسألة وهو ستة بمائة وثمانين، ومنها تصح. مسألة الامتحان: أربع زوجات وخمس جدات، وسبع بنات وتسعة أعمام، أصلها من أربعة وعشرين، للزوجات الثمن ثلاثة، وللجدات السدس أربعة، وللبنات الثلثان ستة عشر، وللأعمام الباقي واحد. وسهام كل فريق تباينه فاضرب أربعة في خمسة بعشرين ثم اضرب العشرين في سبعة بمائة وأربعين، ثم اضربها في تسعة بألف ومائتين وستين (1260) ، فهي جزء السهم اضربها في أربعة وعشرين أصل المسألة، تبلغ ثلاثين ألفًا ومائتين وأربعين (30240) ، ومنها تصح عند القائلين بها ممن يرى توريث أكثر من ثلاث جدات. قسمها للزوجات ثلاثة في ألف ومائتين وستين بثلاثة آلاف وسبعمائة وثمانين (3780) يخص كل زوجة تسعمائة وخمسة وأربعون (945) . وللجدات أربعة في ألف ومائتين وستين بخمسة آلاف وأربعين (5040) لكل واحدة ألف وثمانية. وللبنات ستة عشر في ألف ومائتين وستين بعشرين ألفا

ومائة وستين (20160) لكل واحدة ألفان وثمانمائة وثمانون (2880) . وللأعمام الباقي وهو واحد في ألف ومائتين وستين (1260) لكل واحد مائة وأربعون، وسبب تسميتها مسألة الامتحان، لأن الطلبة بها يمتحن بعضهم بعضًا. فيقال: ميت خلف أربعة أصناف وليس صنف منهم يبلغ عدده عشرة، ومع ذلك صحت من أكثر من ثلاثين ألفًا، وتسمى أيضًا صماء أهـ من ش غ ي هـ. قال الرحبي: وإنْ تَرى السِّهَامِ لَيْسَتْ تنقسِمْ ... على ذوِي المِيراثِ فاتبَعْ ما رُسِمْ واطلبْ طرِيقَ الاختِصَارِ في العَملْ ... بالوَفقِ والضَّرْبِ يُجُانبْكَ الزَّللْ وارْدُدْ إلَى الأصْلِ الَّذي يُوافقُ ... واضْرِبْهُ في الأصْلِ فأنتَ الحاذِقُ إنْ كَانَ جنِسًْا وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَا ... فاتبَعْ سَبيلَ الحقِّ واطرَحِ المِرا وإنْ تَرَ الكَسْرَ عَلَى أجناسِ ... فإنَّهُ في الحكمِ عندَ النَّاسِ تُحْصَرُ في أَربَعَةِ أَقْسَامِ ... يََعْرِفُهَا الماهِرُ في الأَحْكَامِ مُمَاثِلٌ مِنْ بَعْدِهِ مُنَاسِبُ ... وَبَعْدَهُ مُوَافِقٌ مُصَاحِبُ والرَّابعُ المُبَاينُ المُخَالِفُ ... يُنْبِيْكَ عن تَفْصِيْلِهنَّ العَارِفُ

فخُذْ مِن المُمَاثِلَينِ وَاحِدَا ... وَخُذْ مِن المُناسِبَيْنِ الزَّائِدَا واضْرِبْ جَمِيْعَ الوَفقِ في المُوَافِقِ ... واسْلكْ بذاكَ أنْهَجَ الطَّرَائِقِ وخُذْ جَمِيْعَ العدَدِ المُبَايِن ... واضْرِبْهُ في الثَّاني وَلا تُدَاهنِ فَذَاكَ جُزءُ السَّهْمِ فاحْفَظَنْهُ ... وَاحْذَرْ هُدِيْتَ أَنْ تَزيغَ عَنْهُ واضْرِبْهُ في الأَصْلِ الذِي تَأَصَّلاَ ... وأحصِ ما انْضَمَّ وَمَا تَحَصَّلاَ واقْسِمْهُ فالقَسْمُ إِذًا صَحِيْحُ ... يعرِفُهُ الأَعجَمُ والفَصِيْحُ ومن الجعبرية فيما يتعلق بتصحيح المسائل وهاك لتصحيح المسائل منهجا ... يضيء سناه حين يبدو مصهلا أولو الإرث إن صحت عليهم سهامهم ... فقسمك لا يحتاج ضربًا فيشكلا وإن تنكسر يا ذا النهى أسهم على ... رؤوس فريق فالرؤوس اضربن ولا إذا باينت تلك السهام ووفقها ... إذا وافقت في أصل مسألة الملا وغايتها بالعول والمبلغ الذي ... إليه انتهت بالضرب منه إن انجلا تصح وقل من بعده الوفق إنما ... يكون بنصف أو بثلث قدم علا

وربع وخمس ثم سبع كذلك قل ... بثمن وبنصف الثمن كيما يعدلا كذلك بجزء من ثلاثة عشرة ... وجزء بدا من سبع عشرة يجتلا ولا وفق يلغى بعد لكن مسائل ... بها الجد مختص والأخوة مكملا ففيها يكون الوفق بالسدس مرة ... وأخرى بنصف السبع أصلهما ولا له ستة سدس وبالعشر تارة ... على أصل ضعف التسعة احفظ مكملا وأما إذا ما خلت كسرا وقع على ... فريقين فانظر ما يباين أولا وقل كله يبقى وذو الوفق رده ... إلى وفقه ثم انظرن ما تحصلا فخذ أحد المثلين مما تماثلا ... وأوفاهما من ذي التداخل فاعقلا وشرطهما نلت الأماني إن ترى ... قليلهما جزء الكثير تنزلا وفي الأصل فاضربه، إذا لم يعل وفي ... نهايته إن عال فاضرب ليسهلا فإن لم يكن جزء فقل قد توافقا ... إذا عدد أفناهما حين أجملا بأصغر جزء صح من متعدد ... به أفنى الثاني ما شئت مسجلا إلى وفقه فاردده واضربه في الذي ... يوافقه والمبلغ اضربه مجملا على ما مضى في أصل مسألة وفي ... نهايتها بالعول إن راق منهلا

وإن قل عد منهما ثم واحد ... به فنيا فه المباين منزلا فخذ أحد العدين واضربه في الذي ... يباينه ثم الذي منهما علا بجملته في أصل مسألة وما ... إليه انتهت بالعول فاضربه مكملا وإن وقع الكسر المقدم ذكره ... على فرق لم ترق عن أربع ولا فمنهاجه ما مر لكن توافق الر ... رؤوس له نهجان أولاهما اعتلا إذا رمته قف أيها شئت وفقه ... ورد رؤوس الآخرين مسهلا إلى وفقها بعد التوافق بينها ... وبين الذي بالوفق أضحى مكملا وصنعتك بالأوفاق ما أنت صانع ... بها حيث وفق لا تراه موصلا فإن لم توافق فالذي ساغ ضربه ... من الكل في الموقوف يضرب أولا فما عال فاضربه في الأصل وعوله ... وإن وافقت يا ذا النهى طبت منهلا فقف أي وفق شئت واردد بقية الـ ... وفوق إليه بالتوافق محملا وفعلك في الأوفاق أوفاق ما مضى ... وحاصل كل فاضربنه كما انجلا كذا النهج في الوفق الذي قد وقفته ... وفي العدد الموقوف فاضرب محصلا ومبلغه في أصل مسألة وفي ... نهايته بالعول فاضربه إن علا

وإن كان في الأعداد ما لو وقفته ... لوافقه الباقي ولو غيره فلا موافقة كل وكان جميعها ... ثلاثة أعداد بها الكسر وكلا ففي أحد النهجين قف ما يوافق الـ ... جميع ووفق بين كل كما خلا وفي الآخر اضرب ما يباين في الذي ... يباينه والمبلغ اضربه مكملا في الأصل وفيما عال والمبلغ الذي ... إليه انتهى منه تصح فحصلا وإن كانت الأعداد أربعة فقل ... تعين نهج مر في النظم أولا وما مر بصريهم وكو فيهم متى ... ترمه فوافق بين عدين مجملا وخذ وفق عد منهما وفي ألـ ... جميع الذي ولاه والمبلغ أعقلا ووفق على ذا النهج يا صاح بينه ... وبين الذي من بعده قد تنزلا وخذ وفق أي ما تشاء وفي ألـ ... موافقة فاضربه ثم الذي علا بلا مرية فاضربه في وفق ما تلا ... تلاه على ذي الرسم واضرب محصلا بجملته في أصل مسألة وفي ... نهايتها بالعول إن راق مجتلا ومن بعد تصحيح المسائل إن ترم ... لقسمتها نهجا فخذ ما تأصلا لكل فريق من سهام وفي الذي ... ضربت في الأصل اضربه واقسم مفصلا

س39: تكلم بوضوح عما يلي: المناسخات، أسباب تسميتها بذلك، أحوالها، أو صورها، صفة العمل فيها، أمثلتها، وما يتعلق بها من أسئلة وأجوبة ومحتزات وأدلة وتعليلات.

عليهم وقل ما خص كلا نصيبه ... وحسبك ما أمليت نهجا مسهلا وليس على التحقيق بين الرؤوس وال ... سهام إذا ما خلت للكسر مدخلا سوا ما ذكرنا من مباينة ومن ... موافقة قيدت أجزائها ولا ولا وفق فيما زاد يا ذا النهى على ... ثلاثة أصناف بها الكسر وكلا ولا حصر للأوفاق بين الرؤوس والـ ... رؤوس فحصل جملة الباب مكملا س39: تكلم بوضوح عما يلي: المناسخات، أسباب تسميتها بذلك، أحوالها، أو صورها، صفة العمل فيها، أمثلتها، وما يتعلق بها من أسئلة وأجوبة ومحتزات وأدلة وتعليلات. ج: المناسخات، جمع مناسخة، من النسخ بمعنى الإزالة أو التغيير أو النقل، يقال نسخت الشمس الظل، أي إزالته، ونسخت الرياح الديار، غيرتها، ونسخت الكتاب نقلت ما فيه. وهي عند الفقهاء أن يموت ورثة ميت أو بعضهم قبل قسمة تركته، وأسباب تسميتها بذلك، لزوال حكم الميت الأول ورفعه، لأن المال تناسخته اليدي، وهذا الباب من عويص الفرائض.

ومما يستعان به على معرفته، الشباك لابن الهائم، لأنه مضبوط وموضح للمسائل، خصوصًا المدرس، فهو ضروري له. وللمناسخات ثلاث صور بالتتبع والاستقراء، أحدها أن يكون ورثة الميت الثاني يرثونه كالميت الأول، ككونهم عصبة لهما، كأولاد فيهم ذكر، وكالأخوة والأعمام، فتقسم التركة بين من بقي من الورثة، ولا يلتفت للأول، كما لو مات شخص عن أربعة بنين وأربع بنات ثم مات منهم واحد بعد آخر حتى بقي منهم ابن وبنت، فاقسم المال بينهما أثلاثًا، ولا تحتاج لعمل، ويسمى الاختصار قبل العمل. مثال آخر: مات ميت عن خمسة أولاد، ثم مات أحد الأبناء عن بقية أخوته، ولا وارث له سواهم، فإن التركة تقسم في هذه الحالة على الباقين، ويعتبر الابن الميت كأنه من الأصل غير موجود، وتوزع التركة بين الأبناء الأربعة. وكذا لو مات ميت عن ثلاث أخوات شقيقات، ثم ماتت واحدة منهن عن أختيها، دون أن يكون لها وارث غيرهما، فالحكم فيها كالتي قبلها. مثال آخر: مات ميت عن عشرة إخوة أشقاء أو لأب، فلم تقسم التركة حتى ماتوا واحد بعد واحد ولم يبق سوى ذكر وأنثى، فاجعل الموتى بعد الأول كالعدم، وكان الأول مات عن ذكر وأنثى، وتكون المسألة من ثلاثة، للأخ اثنان وللأخت واحد.

مثال آخر: كأبوين وزوجة وابنين وابنتين منها، ماتت بنت ثم ماتت الزوجة ثم مات الابن، ثم مات الأب، ثم ماتت الأم فانحصر ميراث الجميع بين الابن والبنت الباقيين أثلاثًا، ولا تحتاج إلى عمل مسائل. الثانية من صور المناسخة، أن لا يرث ورثة كل ميت غيره كأخوة مات أبوهم عنهم، ثم ماتوا وخلف كل منهم بنيه منفردين أو مع إناث، فاجعل لكل واحد منهم مسألة، واجعل مسائلهم كعدد انكسرت عليه سهامه، وصح كما ذكر في الباب قبله. مثال ذلك، مات ميت عن أربعة بنين، ثم مات أحدهم عن ابنين، ومات الثاني عن ثلاثة بنين، ومات الثالث عن أربعة بنين، ومات الرابع عن ستة بنين، فكل واحد من الموتى بعد الأول لا ترث منه أخوته شيئًا بأخوتهم لأن له بنين، ومسألة كل منهم عدد بنيه. وإذا أردت قسمتها فالمسألة الأولى من أربعة، عدد بنيه، ومسألة الابن الأول من اثنين، ومسألة الابن الثاني من ثلاثة ومسألة الابن الثالث من أربعة، ومسألة الابن الرابع من ستة عدد البنين لكل منهم، فالحاصل من مسائل الورثة اثنان، وثلاثة وأربعة وستة، فالاثنان تدخل في الأربعة، والثلاثة تدخل في الستة. فأسقط الاثنين والثلاثة، يبقى أربعة وستة، وهما متوافقان، فاضرب وفق الأربعة في الستة، ثم تضربها في المسألة الأولى وهي أربعة، يحصل ثمانية وأربعون، لورثة كل ابن اثنا عشر، حاصل من ضرب واحد في الاثني عشر.

وتقسم ذلك عليهم، لكل واحد من ابني الابن الأول ستة، ولكل واحد من ابني الابن الثاني أربعة، ولكل واحد من ابني الابن الثالث ثلاثة، ولكل واحد من ابني الابن الرابع سهمان، لأن كل صنف يختص بتركة مورثه. الثالثة من صور المناسخات، هي ما عدا الصورتين السابقتين قبل، بأن يكون ورثة الثاني لا يرثونه كالأول، ويكون ما بعد الميت الأول من الموتى، يرث بعضهم بعضًا. وهذه الصورة ثلاثة أقسام، لأنك إذا عملة مسألة الأول وصححتها، وعملت مسألة الثاني وصححتها، وأخذت سهامه من الأولى وعرضتها على مسألته، لم تخل من حال من أحوال ثلاث، الأولى أن تنقسم سهام الميت الثاني على مسألته، فتصح المسألتان مما صحت منه الأولى. مثال: ميت مات عن زوجة وبنت وأخ لغير أم، ثم ماتت البنت، عن زوج وبنت وعمها، فإن المسألة التي للأول من ثمانية، للزوج واحد، وللبيت أربعة، وللأخ الباقي وهو ثلاثة، فللبنت أربعة، ومسألتها من أربعة مخرج الربع، للزوج سهم، ولبنتها سهمان، وللعم الباقي سهم، فصحت المسألتان من ثمانية، لزوجة الأول سهم، ولزوج الثانية سهم، ولبنتها سهمان، وللأخ من المسألتين أربعة، ثلاثة من الأولى، وواحد من الثانية. الحالة الثانية: أن لا تنقسم سهام الثاني على مسألته ولكن توافق، فإن وافقت سهامه مسألته بنحو ثلث أو نصف فترد مسألته إلى وفقها، وتضرب وفق مسألته في جميع مسألته الأولى، ليخرج بلا كسر، فما خرج يسمى الجامعة للمسألتين ثم

كل من له شيء من المسألة الأولى أخذه مضروبًا في وفق المسألة الثانية، ومن له شيء من المسألة الثانية أخذه مضروبًا في وفق سهام الميت الثاني. مثال ذلك أن تكون الزوجة، أما للبنت الميتة في المثال المذكور أي في مسألتنا، فتكون ماتت عن زوج وبنت وأم وعم فتصح مسألتها من اثني عشر، لأن فيها نصفًا للبنت، وربعًا للزوج وسدسًا للأم، فتوافق سهامها من الأولى، وهي أربعة بالربع، فتضرب ربع الاثني عشر، وهو ثلاثة في المسألة الأولى وهي ثمانية، تكون الجامعة أربعة وعشرين، للمرأة التي هي زوجة في الأولى وأم في الثانية، فيكون لها خمسة، وللأخ من الأولى ثلاثة، ولبنتها منها ستة في واحد بستة ومجموع السهام أربعة وعشرون. الحالة الثالثة: أن لا تنقسم سهام الميت الثاني على مسألته ولا توافق ولكن تباين، فتضرب المسألة الثانية في كل المسألة الأولى، فما حصل فهو الجامعة، ثم كل من له شيء من الأولى أخذه مضروبًا في المسألة الثانية، لأنها جزء سهمها، ومن له من المسألة الثانية أخذه مضروبًا في سهام الميت الثاني، لأن ورثته إنما يرثون سهامه من الأولى. وذلك كأن تخلف البنت التي مات أبوها عنها وعن زوجة وأخ بنتين وزوجًا وأمًا.

مسألتها من اثني عشر، وتعول إلى ثلاثة عشر، للبنتين ثمانية، وللزوج ثلاثة وللأم اثنان، وسهام البنت من مسألة أبيها أربعة، تباين الثلاثة عشر، فاضرب الثلاثة عشر في المسألة الأولى، وهي ثمانية، تكن مائة وأربعة. للمرأة التي هي أم في الثانية، زوجة في الأولى، سهم من الأولى في الثانية بثلاثة عشر، ولها من الثانية سهمان في سهام الميتة الأولى أربعة بثمانية، يجتمع لها واحد وعشرون ولأخي الميت الأول ثلاثة من الأولى في الثانية بتسعة وثلاثين، ولا شيء له من الثانية لاستغراق الفروض المال. وللزوج من الثانية ثلاثة في سهام الميتة الأربعة باثني عشر ولبنتيها من الثانية ثمانية في أربعة باثنين وثلاثين، ومجموع السهام مائة وأربعة. وإن مات ثالث أيضًا أو أكثر من ثالث قبل القسمة جمعت سهامه من المسألتين الأولتين فأكثر، وعملت كعملك في ثان مع أول. وذلك بأن تنظر بين سهامه ومسألته، فإن انقسمت عليها لم تحتج لضرب، وإلا فأما أن توافق أو تباين، فإن وافقت، رددت الثالثة لوفقها، وضربته في الجامعة. وإن باينت ضربت الثالثة في الجامعة. وإن باينت ضربت الثالثة في الجامعة، ثم من له شيء من الجامعة، يأخذه مضروبًا في وفق الثالثة عند التوافق، أو كلها عند التباين، ومن له شيء من الثالثة، يأخذه مضروبًا في وفق سهام مورثه من الجامعة عند الموافقة، أو في كلها عند المباينة. مثال ذلك: مات ميت عن زوجة وأم، وثلاث أخوات متفرقات، أصل المسألة من اثني عشر، وتعول إلى خمسة عشر

ثم ماتت الأخت من الأبوين، عن زوجها وأمها وأختها لأبيها وأختها لأمها. أصل المسألة من ستة، وتعول إلى ثمانية، وسهامها من الأولى ستة متفقان في النصف، فاضرب نصف الثانية، أربعة في الأولى تبلغ ستين، للزوج من الأولى ثلاثة في أربعة باثني عشر، وللأم من الأولى اثنان في أربعة بثمانية، ومن الثانية واحد في ثلاثة فيجتمع لها أحد عشرًا. ولأخت الأول لأبيه اثنان في أربعة بثمانية، ومن الثانية ثلاثة بثلاثة بتسعة، يجتمع لها سبعة عشر، وللأخت لأم من الأولى اثنان في أربعة بثمانية، ومن الثانية واحد في ثلاثة بثلاثة يجتمع لها أحد عشر، ولزوج الثانية من الثانية ثلاثة في ثلاثة بتسعة. ثم ماتت الأم، وخلفت زوجًا وأختًا وبنتًا، وهي الأخت لأم فمسألتها من أربعة، ولها من الجامعة أحد عشر لا تنقسم ولا توافق، فتضرب مسألتها أربعة في الجامعة، وهي ستون تبلغ مائتين وأربعين، ومنها تصح الثلاث. للزوجة من الجامعة اثنا عشر في أربعة بثمان وأربعين، وللأخت للأب سبعة عشر في أربعة بثمانية وستين، وللأخت لأم من الجامعة أحد عشر في أربعة بأربعة وأربعين، ومن الثالثة اثنان في أحد عشر، وهي سهام الثالثة باثنين وعشرين، فيجتمع لها ستة وستون، ولزوج الثانية تسعة من الجامعة، في أربعة بستة وثلاثين، ولزوج الثالثة منها واحد في أحد عشر بأحد عشر، وكذا أختها. وربما اختصرت المسائل بعد التصحيح بالموافقة، بين

سهام الورثة، بأن يكون لجميع السهام كسر تتفق فيه جميع السهام بجزء، كنصف وخمس من عدد أصم كأحد عشر، فترد المسألة إلى ذلك الكسر، وهو الجزء الذي حصلت فيه الموافقة وترد سهام كل وارث إلى الجزء الذي به الموافقة، ليكون أسهل في العمل. مثاله: رجل مات عن زوجة وابن وبنت منها، ثم ماتت البنت عن أمها وأخيها المذكور، تصح الأولى من أربعة وعشرين للزوجة ثلاثة، وللابن أربعة عشر، وللبنت سبعة. ومسألة البنت من ثلاثة تباين السبعة، فتصح المسألتان بعد ضرب الثانية في الأولى من اثنين وسبعين، للزوجة من الأولى ثلاثة في ثلاثة بتسعة، ولها من الثانية واحد في سبعة بسبعة يكون لها ستة عشر، وللبان من الأولى أربعة عشر في ثلاثة باثنين وأربعين، ومن الثانية اثنان في سبعة بأربعة عشر، يجتمع له ستة وخمسون. وتتفق سهام الزوجة مع سهام الابن بالأثمان، فترد المسألة التي هي الجامعة إلى ثمنها تسعة، وترد سهام الزوجة لثمنها اثنين، وترد سهام الابن لثمنها سبعة، وهذا هو الاختصار بعد العمل. وإذا قيل ميت مات عن أبوين وبنتين، ثم لم تقسم التركة حتى ماتت إحدى البنتين عمن في المسألة فقط، أو مع زوج احتاج المسئول إلى أن يستفصل ويسأل عن الميت الأول أذكر هو أم أنثى فإن كان الميت الأول رجلاً فالأب في الأولى جد وارث في الثانية، لأنه أبو أب.

وتصح المسألتان من أربعة وخمسين، حيث ماتت عمن في المسألة فقط، لأن الأولى من ستة لكل من الأبوين سهم، ولكل من البنتين سهمان. والثانية: من ثمانية عشر، للجدة السدس ثلاثة، وللجد عشرة، للأخت خمسة، وسهام الميت اثنان، لا تنقسم على الثمانية عشر، لكن توافقها بالنصف، فردها لتسعة، واضربها في ستة، تبلغ أربعة وخمسين. للأم من الأولى واحد في تسعة بتسعة، ومن الثانية ثلاثة. في واحد بثالثة، يجتمع لها اثنا عشر، وللأب من الأولى واحد في تسعة بتسعة، ومن الثانية عشرة في واحد بعشرة، يجتمع له تسعة عشر، وللبنت من الأولى سهمان في تسعة بثمانية عشر، ومن الثانية خمسة في واحد بخمسة، ومجموعها ثلاثة وعشرون، ومجموع سهام الكل أربعة وخمسون. وإن كانت امرأة فالأب في الأولى أبو أم في الثانية لا يرث وأخت أما أن تكون شقيقة أو لأم، وتصح المسألتان من اثني عشر، إذا كانت الأخت شقيقة، لأن الأولى من ستة، والثانية من أربعة بالرد. للجدة واحد، وللشقيقة ثلاثة، وسهام الميتة اثنان، لا تنقسم على الأربعة لكن توافقها بالنصف، فترد الأربعة لاثنين، وتضربها في ستة باثني عشر، ثم تقسمها. للأب من الأولى واحد في اثنين باثنين، ولا شيء له من الثانية، وللميت من الأولى واحد في اثنين باثنين، ومن الثانية واحد في واحد بواحد، فلها ثلاثة ومجموع السهام اثنا عشر.

وإن كانت الأخت لأم فمسألة الرد من اثنين، وسهام الميتة من الأولى اثنان، فتصح المسألتان من الستة، للأب واحد وللبنت ثلاثة وللجدة اثنان، وتسمى هذه المسألة المأمونية، لأن المأمون امتحن بها يحيى بن أكثم، لما أراد أن يوليه القضاء، فقال يحيي الميت الأول ذكر أم أنثى، فعلم أنه قد عرفها، فقال له إذا عرفت التفصيل، فقد عرفت الجواب. من الجعبرية فيما يتعلق بالمناسخات وإن مات قبل القسم يا ذا النهى امرؤ ... له من تراث الميت حق تأصلا فقل إن يكن ورائه وارثي الذي ... توى ألا فالثاني قدره مهملا إذا اتحدت في الإرث كل جهاتهم ... بأن كان بالتعصيب كل تقبلا وبالفرض والتعصيب والفرض عائلا ... بما زاد أو ساوي جن ميت ولا وحينئذ فاقسم تراث الذي خلا ... على سائر الوارث قسمًا معدلاً كأن لم يخلف وارثًا غيرهم وقل ... إذا كان ذو فرض كذا الحكم مسجلا إذا لم يرث ممن توى آخر فان ... يرث منهما لا كالتي قبل تجتلا أو اختص من ثان بالإرث فصححن ... لكل الذي قد مر مسألة ولا وخذ أسهم الثاني من الميت الذي ... توى أولاً ثم اقسمنها كما انجلا على حايزي ميراثه بعده وقل ... إذا انقسمت قد صحتا عند الابتلا من العدد المقسوم يا ذا النهى على ... أولي الإرث ممن حاز سبقا إلى البلى

فإن لم تكن ذات انقسام بنفسها ... ولا ذات وفق فاضربنها مكملا في الأولى كذا فيها اضربن وفق ما تلت ... إذا وافقتها أسهم الثاني فاعقلا وإن رمت نهج القسم قل كل من له ... سهام من الأولى يخرجن اقبلا نهايتها بالضرب فيما ضربته ... في الأولى على الرسم المقدم أولا فذو الإرث من ثان يحوز سهامه ... بلا مرية مضروبة حين تجتلا كما هو فيما مات عنه مورث ... إذا لم يكن وفق وفي الوفق إن تلا وإن مات قبل القسم يا صاح ثالث ... فمسألتي من مر صحح لتكملا وأسهمه استخرج كما مر منهما ... ووارثه اقسمها عليهم مفصلا فإن صح قسم صح كل من الذي ... مضى من سهام الأولين فحصلا وإن باينت أو وافقت فاسلكن بها ... سبيلك فيها قد تقدم منزلا وإن مات من بعد الثلاثة رابع ... كذا خامس فالحكم في الكل ما خلا وأسهم أهل الإرث من كل ميت ... إذا لم يوافق بعضها البعض مسجلا فقل لا اختصارًا ثم مهما توافقت ... جميعًا بجزء واحد حين تبتلا إلى الوفق فاردد ما علا من مسائل ... وما خص كلا من سهام ممثلا بمن مات عن ابن وبنت وزوجة ... ومن قبل قسم ماتت البنت أولا

س40: تكلم بوضوح عما يلي: ما هي التركة وما معنى القسمة وما الطريق لقسمة التركة وما فائدة ذلك وما هي الأمثلة الموضحة لها، وما هو القيراط وما هي الطريقة على قسمة القيراط وضح ذلك بالأمثلة.

وقد خلفت أما تلاها أخ فق ... سهامهما بالثمن قد وافقت ولا فمسألتي من مرد بلا مرا ... إلى الثمن إن رمت اختصارًا مسهلا ورد إلى ثمن سهام أخ كذا ... إلى الثمن فاردد أسهم الأم مجملا كذا الحكم في الأوفاق مهما توافقت ... ونظم جميع الباب قد ساغ سلسلا قسمة التركات س40: تكلم بوضوح عما يلي: ما هي التركة وما معنى القسمة وما الطريق لقسمة التركة وما فائدة ذلك وما هي الأمثلة الموضحة لها، وما هو القيراط وما هي الطريقة على قسمة القيراط وضح ذلك بالأمثلة. ج: القسمة حل المقسوم إلى أجزاء متساوية عدتها كعدة أحاد المقسوم عليه، أو بعبارة أخرى معرفة نصيب الواحد من المقسوم عليه، أو بعبارة أخرى معرفة نصيب الواحد من المقسوم عليه، ولهذا إذا ضربت الخارج بالقسمة في المقسوم عليه، ساوى حاصله المقسوم، فمعنى اقسم ستة وثلاثين على تسعة أي كم نصيب الواحد من التسعة، أو كم في الستة والثلاثين مثل التسعة، وإذا ضربت الخارج بالقسمة وهو أربعة في التسعة، ساوى المقسوم. والتركة هي ما يتركه الميت من مال، أو متاع أو عقار، أو بعبارة أخرى: هي تراث الميت، وما يخلف بعده، وكل ما تقدم من تأصيل

المسائل وتصحيحها، فهو وسيلة لقسم التركة، لأنها هي الثمرة المقصودة بالذات من هذا العلم. والتركة تنقسم إلى أقسام منها ما يقسم بالعد، ومنها ما يقسم بالكيل، ومنها ما يقسم بالوزن، ومنها ما يقسم بالذرع والمساحة ومنها ما يقسم بالوزن، ومنها ما يقسم بالذرع والمساحة ومنها ما يقسم بالتقويم كالدور والعروض والحيوانات والسيارات والمكائن، ونحو ذلك. وطرق قسمة التركة عند الفرضيين، أنها تنبني على الأعداد الأربعة المتناسبة، التي نسبة أولها إلى ثانيها كنسبة ثالثها إلى رابعها، كالاثنين والأربعة والثلاثة والستة، فإن نسبة الاثنين إلى الأربعة كنسبة الثلاثة إلى الستة، وكذلك نسبة ما لكل وارث من المسألة إليها كنسبة ماله من التركة إليها. وهذه الأعداد الأربعة، أصل كبير في استخراج المجهولات وإذا جهل أحدها ففي استخراجه طرق، أحدها طريقة النسبة وهي ما إذا كانت التركة معلومة، وأمكن نسبة سهام كل وارث من المسألة بجزء، كخمس أو عشر، فللوارث من التركة بنسبة سهمه إلى المسألة. مثال ذلك: زوج وأبوان وبنتان، المسألة من اثني عشر، وتعول إلى خمسة عشر والتركة أربعون دينارًا فللزوج من المسألة ثلاثة خمس المسألة، فله خمس التركة ثمانية دنانير، ولكل واحد من الأبوين اثنان وهما ثلثا خمس المسألة، فلهما ثلثا الثمانية خمسة وثلث، ولكل واحدة من البنتين مثل ما للأبوين، يعني

لكل واحدة أربعة، نسبتها إلى الخمسة عشر خمس وثلث خمس، فخذ لها من التركة مثل ذلك، وذلك عشرة دنانير وثلثان. الطريقة الثانية: أن تقسم التركة على المسألة، وتضرب الخارج بالقسمة في نصيب كل وارث، فما اجتمع فهو نصيبه ففي المسألة المتقدمة، إذا قسمتها على المسألة، كان الخارج دينارين وثلثين، فإذا ضربتها في نصيب الزوج وهو ثلاثة، كانت ثمانية، وإذا ضربتها في نصيب كل واحد من الأبوين، كانت خمسة وثلثا، وإذا ضربتها في نصيب كل واحدة من البنتين، كانت عشرة دنانير وثلثي دينار. أو تقسم وفق التركة على وفق المسألة، فإنها توافق مسألتنا بالأخماس، فإذا قسمت خمسيها وهو ثمانية على خمس المسألة، وهو ثلاثة، حتى علمت الخارج بالقسمة لكل سهم، وهو هنا ديناران وثلثا دينار، وضربت الخارج بالقسم في نصيب كل وارث، فما اجتمع فهو نصيبه، فإذا ضربت الاثنين وثلثين في سهام الزوج، بلغت ثمانية وهي حقه، وإذا ضربتها في سهمي الأب، بلغت خمسة وثلثا وهي حقه، وكذلك إذا ضربتها في سهمي الأم، وإذا ضربتها في أربعة، وهي سهام كل واحدة من البنتين، بلغت عشرة وثلثين وذلك حقها. وإن شئت، قسمت المسألة على التركة، وإن كانت التركة أكثر كما في المسألة التي في المثال نسبت المسألة إليها، فما خرج بالقسمة فأقسم عليه نصيب كل وارث بعد بسطه من جنس الخارج، فما خرج فهو نصيبه، ففي المثال نسبة الخمسة عشر إلى الأربعين ثلاثة أثمان، فتقسم عليها نصيب كل وارث بعد بسطه أثمانًا بأن تضربه في ثمانية مخرج الثمن، ثم تقسم على ثلاثة،

فللزوج ثلاثة تضربها في ثمانية بأربعة وعشرين، ثم تقسمها على ثلاثة، يخرج له ثمانية دنانير، ولكل من الأبوين اثنان في ثمانية بستة عشر، تقسمها على ثلاثة، يخرج خمسة وثلث، ولكل واحدة من البنتين أربعة في ثمانية باثنين وثلاثين، ثم تقسمها على ثلاثة يخرج لها عشرة وثلثان. وإن شئت قسمت التركة في مسائل المناسخات على المسألة الأولى، ثم أخذت نصيب الميت الثاني من الأول، فقسمته على مسألته، وكذا تفعل في الثالث، فتقسم نصيبه منهما على ورثته، ثم في الرابع وهكذا حتى ينتهوا. فلو مات إنسان عن أربعة بنين، وأربعين دينارًا، ثم مات أحدهم عن زوجته وأخوته، فإذا قسمت التركة على المسألة، الأولى خرج لكل واحد عشرة، ثم تقسم نصيب المتوفى وهو عشرة، على مسألته أربعة، فتعطي الزوجة دينارين ونصفًا، ولكل أخ ديناران ونصف. ثم إن مات آخر عن زوجته وأخويه فله من التركتين اثنا عشر ونصف، فللزوجة ثلاثة دنانير وثمن دينار، وكل من الأخوين أربعة ونصف دينار وثمن دينار ونصف ثمن دينار، وقس على ذلك. قال الرحبي: وإنْ يَمُتْ آخَرُ قَبْلَ القسِْمَةْ ... فَصَحِحِ الحِسَابَ واعْرِفْ سَهْمَهْ واجْعَلْ لهُ مسألةً أخرَى كَمَا ... قد بُيِّنَ التَّفصِيلُ فِيما قُدِّمَا

وإنْ تَكُنْ لَيْسَتْ عَليها تَنْقَسِمْ ... فارْجِعْ إِلى الوَفقِ بِهَذَا قَدْ حُكِمْ وانْظُر فإنْ وَافَقَتِ السِّهَامَا ... فَخُذْ هُدِيْتَ وَفْقَهَا تَمَامَا واضْرِبْهُ أَوْ جَمِيْعَهَا في السَّابِقَةْ ... إِنْ لَمْ تَكُنْ بَْيَنهُمَا مُوَافَقَةْ وكلُّ سَهْمٍ في جَمِيْعِ الثَّانِيَةْ ... يُضْرَبُ أَوْ فِي وَفْقها عَلاَنِيَةْ وَأَسْهُمُ الأُخرَى فَفِي السِّهَامِ ... تُضْرَبُ أَوْ فِي وَفقها تَمَامِ فهَذِهِ طَرِيْقَةُ المُنَاسَخَةْ ... فارْقَ بِهَا رُتبَةََ فَضْلٍ شَامِخَةْ وإن كانت التركة عقارًا وأردت القسمة على قراريط الدينار، وهي أربعة وعشرون، فاجعل عدد القراريط كالتركة واعمل كما تقدم فإن كانت السهام كثيرة، وأردت أن تعلم سهم القيراط منها، فاقسم ما صحت منه المسألة على أربعة وعشرين، فما خرج فهو سهم القيراط.

وإن شئت قسمت وفق سهام المسألة، على وفق القيراط، يحصل المطلوب، فتأخذ سدس الستمائة وهو مائة، فتقسمه على سدس الأربعة وعشرين، وهو أربعة، فيخرج خمسة وسبعون، وقسمته على ثمن الأربعة وعشرين، وهو ثلاثة، يخرج خمسة وعشرون، وكذلك كل عدد قسمته على عدد آخر إذا كان بينهما موافقة، رددت كلا منهما إلى وفقه، وقسمت وفق المقسوم عليه، يخرج المطلوب. وإن شئت فانظر عددًا إذا ضربته في الأربعة والعشرين، ساوى حاصله المقسوم أو قاربه، فإن بقيت منه بقية، ضربتها في عدد آخر، حتى يبقى أقل من المقسوم عليه، ثم تجمع العدد الذي ضربته إليه، وتنسب تلك البقية من المقسوم عليه، فتضمها إلى العدد، فيكون ذلك العدد سهم القيراط. مثاله في الستمائة، أن تضرب عشرين هوائية في أربعة وعشرين، هي المقسوم عليها، تكون أربعمائة وثمانين، يبقى من المقسوم مائة وعشرين، وهي أكثر من الأربعة وعشرين، فتضرب خمسة أخرى هوائية في الأربعة وعشرين، تكون مائة وعشرين، ولا يبقى من المقسوم شيء، وتضم الخمسة إلى العشرين، فيكون ذلك سهم القيراط. فإذا عرفت سهم القيراط فكل من له سهم، فاعطه بكل سهم من سهام القيراط قيراطًا، فإن بقي له شيء من السهام لا يبلغ قيراطًا، فانسبه إلى سهم القيراط، وأعطه منه، مثل تلك النسبة. وإن كان في سهام القيراط كسر، فابسط القراريط الصحاح من جنس الكسر، وضم الكسر إليها واحفظ المجتمع

ثم كل من له شيء من المسألة، اضربه في مخرج الكسر، واحسب له بكل قدر عدد البسط قيراطًا، وإن بقي أو خرج مالاً يبلغ مجموع البسط، فانسبه من البسط، واعطه مثل تلك النسبة. مثال ذلك، زوج وأم وستة أعمام، تصح المسألة من ستة وثلاثين، إذا قسمتها على مخرج القيراط أربعة وعشرين، خرج واحد ونصف فبسط ذلك ثلاثة احفظها، ثم اضرب للزوج ثمانية عشر في مخرج الكسر اثنين، بستة وثلاثين، واجعل له بكل ثلاثة قيراطًا، يخرج له اثنا عشر قيراطًا، واضرب للأم اثني عشر في اثنين، بأربعة وعشرين، واعطها بكل ثلاثًا قيراطًا يخرج لها ثمانية قراريط، واضرب لكل عم واحد في اثنين، وسهم من الثلاثة، يكون له ثلثا قيراط. وإن كانت المسألة دون الأربعة والعشرين، فانسبها إلى الأربعة والعشرين، واحفظ بسط الكسر الخارج بالنسبة، ثم كل من له شيء من المسألة اضربه في مخرج الكسر، واحسب له بكل قدر عدد البسط قيراطًا، وذلك بأن تقسم الحاصل على البسط، يخرج ماله مثاله: زوج وثلاثة أخوة وأختان لأبوين، أصل المسألة من اثنين، للزوج واحد، يبقى واحد للأخوة على ثمانية، فتضرب ثمانية في اثنين، فتصح من ستة عشر، وهي أقل من أربعة وعشرين، ونسبتها إلى الأربعة والعشرين، ثلثان فمخرج ذلك الكسر ثلاثة وبسطه اثنان، للزوج من الستة عشر ثمانية، اضربها في ثلاثة مخرج الثلث، بأربعة وعشرين، واحسب له كل اثنين بقيراط. بأن تقسط الأربعة والعشرين على اثنين، وهي بسط الثلثين، يكون الخارج اثني عشر قيراطًا للزوج، وكذا للأخوة

فلكل أخ سهمان في ثلاثة بستة، احسب له كل اثنين بقيراط، يكون له ثلاثة قراريط، ولكل أخت واحد في ثلاثة بثلاثة، فلها قيراط ونصف قيراط. وإن كانت التركة سهامًا من عقار كثلث وربع وخمس، من دار أو بستان، فلك طريقان، فإن شئت اجمع الكسور من قراريط الدينار، واقسمها كما ذكر، فثلث دار وربعها، أربعة عشر قيراطًا، فاجعلها كأنها دنانير واعمل كما سبق. مثال ذلك: ماتت امرأة، عن زوج وأخت لأب، فالمسألة من ثمانية، للزوج ثلاثة، هي ربع المسألة وثمنها، فإن قسمت السهام على المسألة، فللزوج ربع أربعة عشر قيراطًا وثمنها وهو خمسة قراريط وربع قيراط، من جميع الدار، وللأم يهمان، هما ربع التركة، فتعطيها ربع الأربعة عشر ثلاثة ونصفا، وللأخت مثل الزوج. وإن شئت أخذت السهام من مخرجها، ووافقت بينها وبين المسألة، وذلك بأن تنظر هل بينهما موافقة أو مباينة، وتضرب المسألة إن باينت السهام في مخرجها أو تضرب وفقها إن وافقتها السهام في مخرج سهام العقار. ثم كل من له شيء من المسألة اضربه في السهام الموروثة من العقار عند المباينة، أو في وفقها عند الموافقة، فما بلغ فالنسبة من مبلغ سهام العقار، فما خرج فهو نصيبه، ففي المسألة المتقدمة قريبًا، وهي زوج وأم خرج فهو نصيبه، ففي المسألة المتقدمة قريبًا، وهي زوج وأم وأخت لغيرها والتركة ثلث دار وربعها، المسألة من ثمانية، وبسط الثلث والربع من مخرجهما سبعة.

وليس بين الثمانية والسبعة موافقة فاضرب الثمانية في مخرج السهام، وهو اثنا عشر تكن ستة وتسعين، للزوج من المسألة ثلاثة مضروبة في سبعة، تكون إحدى وعشرين، فانسبها إلى ستة وتسعين، تجدها ثمنها وثلاثة أربعا ثمنها. الاثنا عشر ثمنها والتسعة ثلاثة أرباعه، فله من الدار مثل تلك النسبة، وللأخت مثله، وللأم من المسألة سهمان في سبعة بأربعة عشر، وهي ثمن الستة والتسعين وسدس ثمنها، فلها من الدار مثل تلك النسبة، هذا مثال المباينة. ومثال الموافقة: زوج وأبوان وبنتان، والتركة ربع دار وخمسها، فالمسألة من اثني عشر، وتعول إلى خمسة عشر، للزوج ثلاثة، ولكل من الأبوان سهمان، ولكل بنت أربعة، ومخرج السهام عشرون وبسطها تسعة. فالمسألة توافق السهام الموروثة من العقار بالثلث، لأن السهام الموروثة تسعة، فترد المسألة إلى ثلثها خمسة للموافقة ثم تضربها في مخرج سهام العقار وهو عشرون، تكن مائة، فللزوج من المسألة التي هي خمسة عشر ثلاثة، وفق سهام العقار ثلاثة تبلغ تسعة، انسبها للمائة، تكن تسعة أعشار عشرها. ولكل واحد من الأبوين سهمان، في ثلاثة في ستة، وهي ستة أعشار المائة فله بمثل تلك النسبة، ستة أعشار عشر الدار، ولكل بنت من المسألة أربعة في ثلاثة، وفق السهام باثنين عشر، وهي عشر المائة وعشرًا عشرها، فلها عشر الدار وعشرًا عشرها، أو تقول وهمس عشرها، لأنه أخصر هذا كله إذا لم تنقسم السهام على المسألة.

وإن انقسمت سهام العقار على المسألة، فاقسمها من غير ضرب في شيء، وذلك كزوج وأم وثلاث أخوات متفرقات، والتركة ربع دار وخمسها، أصل المسألة من ستة تعول إلى تسعة، للزوج ثلاثة وللشقيقة مثله، ولكل واحدة من الباقيات سهم. ومخرج سهام العقار عشرون، الموروث منها تسعة، لأن ربعها خمسة وخمسها أربعة، والمجموع تسعة، منقسمة على المسألة، للزوج منها ثلاثة، وهي عشر العشرين ونصف عشره، فله عشر الدار، ونصف عشرها، وللأخت من الأبوين مثل ذلك، ولكل واحدة من الباقيات واحدة، وهو نصف عشر العشرين، فلها نصف عشر الدار، وقس على ذلك. وإذا أفضل بعض الورثة حقه من الميراث، بأن قال لا حاجة لي بالميراث، اقتسم بقية الورثة وأخذوا سهامهم المختصة بهم ويوقف له سهمه لأن الميراث قهري. ولو قال قائل: إنما يرثني أربعة بنين ولي تركة أخذ الأكبر دينارًا وخمس ما قي، وأخذ الثاني دينارين وخمس ما بقي، وأخذ الثالث ثلاثة دنانير وخمس ما بقي، وأخذ الرابع جميع ما بقي، والحال أن كل واحد منهم أخذ حقه من غير زيادة ولا نقصان، كم كانت التركة؟ ج: كانت ستة عشر دينارًا، وقد أخذ كل واحد منهم، أربعة دنانير وهي نصيبه. وإن خلف بنين ودنانير، فأخذ الأكبر دينارًا وعشر الباقي وأخذ الثاني دينارين وعشر الباقي، وأخذ الثالث ثلاثة دنانير وعشر الباقي، واستمروا كذلك، ثم أخذ الأصغر الباقي

واستوت سهامهم، فكم البنين والدنانير، فخذ مخرج العشر وهو عشرة، وانقصه واحدًا، فالباقي تسعة وهي عدد البنين فاضرب عددهم تسعة في تسعة، والمرتفع بالضرب هو عدد الدنانير، وهو واحد وثمانين، وأخذ كل واحد تسعة دنانير. ولو قال إنسان صحيح لمريض أوص، فقال المريض للصحيح إنما يرثني امرأتاك وجدتاك وخالتاك. فالجواب: أن كل واحد منهما تزوج بجدتي الآخر، أم أمه وأم أبيه، فأولد المريض كلا منهما بنتين، فهما من أم أبي الصحيح عمتا الصحيح، ومن أم أمه خالتاه، وقد كان أبو المريض تزوج أم الصحيح، فأولدها بنتين، فالورثة زوجتان وهما جدتا الصحيح، وجدتان وهما زوجتا الصحيح، وأربع بنات العمتان والخالتان، وأختان لأب هما أختا الصحيح لأمه. فأصل المسألة من أربعة وعشرين، وتصح من ثمانية وأربعين، لأن ثمن الزوجتين لا ينقسم عليهما ويباينهما، وكذلك نصيب الأختين، واثنان واثنان متماثلان، فتكتفي بأحدهما وتضربه في المسألة، يبلغ ما ذكر، فلزوجتين الثمن ستة لكل واحدة ثلاثة، وللجدتين ثمانية لكل واحدة أربعة، وللبنتين اثنان وثلاثون، لكل واحدة ثمانية، وللأختين ما بقي وهو اثنان لكل واحدة منهما واحد، انتهى ق ش ش غ هـ بتصرف يسير. من الجعبرية فيما يتعلق بقسمة التركات: وما خلف الموروث إن رمت قسمه ... وكان مكيلاً أو به الوزن وكلا

أو الذرع أو ما كان قيمة غير ما ... ذكرنا وكل كان ذا عدد ولا فخذ حين تبغي القسم أسهم كل ذي ... نصيب من الوراث مما تأصلا وفي جملة الموروث فاضرب سهامه ... وخذ ما علا بالضرب مما تأصلا وفي جملة الموروث فاضرب سهامه ... وخذ ما علا بالضرب واقسم معدلا على منتهى ما منه صحت سهام من ... حوى الإرث حقا فاعتبره مكملا فما خص سهمًا واحدًا من سهامهم ... من المبلغ المقسوم خصصه مسجلا بمن ضربت في المال حقا سهامه ... وحسبك نهج في النهاية أصلا كزوج وأم وابنتين وستة ... وعشرون دينارًا تراثًا تحصلا ففيها سهام الزوج وهي ثلاثة ... إذا ضربت صارت ثمانية ولا وسبعين فاقسمها بجملتها على ... سهام أولي الميراث ثم تأملا تجد كل سهم خص منها بستة ... وذاك نصيب الزوج مما تأصلا والأم على ذا الرسم تأخذ حقها ... كذا كل بنت فاعتبره محصلا وقيل اقسم المال المخلف كله ... على أسهم الوراث قسمًا معدلاً فما خص سهمًا واحدًا فاضربنه في ... جنى كل ذي إرث من الأصل مكملا

فما بلغا بالضرب فهو نصيبه ... من المال حقا نهجه لاح وانجلا وإن خلت بين المال حين اعتباره ... ومسألة الوراث وفقا تنزلا فللقسم نهج ثالث وهو رد ما ... تقدم من كل إلى وفقه ولا وحينئذ فاعمل بما شئت منهما ... وقيل سهام الوارث انسب مسهلا إلى منتهى ما منه صحت واعطه ... بنسبتها يا صاح مما تحصلا وأسهم أهل الإرث إن كان عدها ... أصم فلا تنسب وبالسبل اعملا وما دون دينار إذا خلته ففي ... قراريطه فاضربه كي يتعدلا وجملتها عشرون إن هي أعرقت ... وأربعة إن أشأمت زد لتكملا وما دون قيراط كذلك أضربنه ... على الرسم في حباته حين يجتلا وهن ثلاث ثم ما دون حبة ... فرزاتها فيها اضربنها كما خلا وهن أربعًا حقًا وما دون رزة ... إليها بالأجزاء انسبنه ليسهلا وإن كان كسر فابسط المال كله ... بلا مرية من جنسه ثم عولا على ما مضى لكن إذا زدت وفق ما ... بسطت كسورًا ذلك الكسر مكملا ومخرج كسر قدره اجعله واحدًا ... صحيحًا فإن لم يبلغ انسبه مسجلاً

وإن مات عن جزأي عقار معين ... ففي مخرج الجزأين مسألة الملا بجملته اضرب ثم الإرث قسمة ... فمن مخرج الجزأين خذ ما تأصلا لكل فريق من شريك ووارث ... ومسألة الوراث فيها اضربن ولا جميع الذي خص الشريك وما علا ... له وكذا ذو الإرث والنهج ما خلا وإن كان مالاً ليس يعرف قدره ... وبعض أولي الميراث أضحى محصلا من المال مقدرا أحاط بعلمه ... ورمت سبيل العلم بالكل مكملا فخذ قدر ما حازوه واضربه منعما ... بجملته في أسهم الكل مجملا ومبلغه بالضرب فاقسمه كله ... على أسهم الحاوي المقدر أولا فما خص سهمًا واحدًا من سهامها ... فهو جملة الموروث هذا الذي انجلا وإن شئت فاقسم ما حواه بحقه ... على ماله من أصل مسألة الملا فما خص سهمًا واحدًا من سهامه ... ففي الأصل فاضربه وقل ما تحصلا هو المبلغ الموروث حقًا وإن تشأ ... بنسبة ما قد حاز فاقض لمن تلا وإن حاز مجهولاً بمقدار حقه ... كثوب وباقي الإرث نقد تحصلا ثلاثون دينارًا ومات عن ابنه ... وأم وعم خصه الثوب مجملا

س41: تكلم بوضوح عما يلي: ما هو الرد، ومن الذي قال به، والذي منعه، ومتى يكون الرد، ومن الذين يرد عليهم، وإلى كم تنقسم مسائله، وما هي أصول مسائل الرد، اذكر ما تستحضره من الأمثلة الموضحة لها.

فسهميه في النقد اضربن ثم ما علا ... على أسهم الباقين فاقسم مفصلا فما خص سهمًا واحدًا من سهامهم ... يكن قيمة المجهول نهجًا مسهلا وإن شئت فاقسم جملة النقد أولا ... على أسهم الباقين قسما معدلا فما خص سهمًا واحدًا من سهامهم ... ففيه اضربن سهميه ثم الذي علا من الضرب أنهى قيمة الثوب لا مرا ... وإن شئت قل للعم سهمان أصلا هما النصف من باقي السهام فنصف ما ... تعين نقدًا قيمة الثوب مكملا س41: تكلم بوضوح عما يلي: ما هو الرد، ومن الذي قال به، والذي منعه، ومتى يكون الرد، ومن الذين يرد عليهم، وإلى كم تنقسم مسائله، وما هي أصول مسائل الرد، اذكر ما تستحضره من الأمثلة الموضحة لها. ج: الرد لغة العود والرجوع والصرف، قال الله - سبحانه وتعالى - {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا} الآية أي أعادهم مقهورين ذليلين، وقال - سبحانه وتعالى - إخبارًا عن موسى ومن معه {فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} أي رجعا وعادا. وقال الشاعر: أجزني إذا أنشدت شعرًا فإنما ... بشعري أتاك المادحون مرددا

وقال الآخر: يا أم عمرو جزاك الله مغفرة ... ردي على فؤادي كالذي كانا المعنى: أعيدي على فؤادي كما كان في السابق قبل العشق والرد اصطلاحًا زيادة في الأنصباء، ونقصان في السهام، عكس العول الذي هو زيادة في السهام ونقصان في الأنصباء، وقد اختلف في الرد. والقول به روى عن عمر وعلي وابن عباس، وكذا عن ابن مسعود، في الجملة وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، ونص عليه الإمام أحمد، في رواية الجماعة، وسواء انتظم بيت المال أم لا وعليه الفتوى عند الشافعية إن لم ينتظم بيت المال، والقائلين بعدم الرد، زيد ومالك، قالوا: لا يرد على أحد، بدليل تقدير الفروض. ومن أدلة القائلين به، قوله - سبحانه وتعالى - {وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} . وهؤلاء من ذوي رحمه، وقد ترجحوا بالقرب، فهم أولى من بيت المال، لأنه لسائر المسلمين، وذو الرحم أحق من الأجانب. وقال - صلى الله عليه وسلم -: «فمن ترك دينًا أو ضيعة فإليَّ ومن ترك مالاً فلورثته» متفق عليه وهو عام في جميع الأموال. ولحديث الذي روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تحوز المرأة ثلاثة موارِيث: عتيقها ولقيطها وولدها الَّذي لاعنت عليه» فأخبر أنها تحوز ميراث ابنها الذي لاعنت عليه وهذا نص صريح. ويكون الرد إذا لم يكن عصبة ولا فروض تستغرق المسألة أما إذا استغرقت الفروض التركة فلا رد، وإذا لم تستوعب

الفروض التركة، كما لو كان الوارث بنتا وبنت ابن، ولم يكن عصبة مع ذوي الفروض، رد الفاضل عن الفروض على ذوي الفروض، بقدر فروضهم، كالغرماء يقتسمون مال المفلس على قدر ديونهم، إلا الزوج والزوجة، فلا رد عليهما لأنهما ليسا من ذوي القرابة. قال بعضهم: وَإِنْ يَفِضْ مَالٌ وَعَاصِبٌ فُقِدْ ... عَلَى سِوَى الزَّوْجَينِ رَدًا اعْتَمِدْ كُلٌ بِقَدْرِ حَقِّهِ فالبِنْتُ مَعْ ... جَدَّةٍ الربعُ لِجَدَّةٍ وَقَعْ وما روي عن عثمان - رضي الله عنه -، أنه رد على زوج، فلعله كان عصبة أو ذا رحم، فأعطاه لذلك أو أنه أعطاه من بيت المال، لا على سبيل الميراث. وتنقسم مسائل الرد إلى قسمين: قسم لا يكون فيه زوج ولا زوجة، وقسم يكون فيه زوج أو زوجة ولكل واحد منهما حكم فإن لم يكن مع ذوي الفروض زوج ولا زوجة. فإن كان المردود عليه شخصًا واحدًا، بأن لم يترك الميت إلا بنتا، أو بنت ابن، أو أمًا أو جدة أو أختًا أو ولد أم ونحوهم أخذ الواحد المال كله، فرضًا وردًا، لأن تقدير الفروض، إنما شرع لمكان المزاحمة، ولا مزاحمة هنا. وإن كان المردود عليه جماعة من ذوي الفروض، من جنس واحد، كبنات أو بنات ابن، أو أخوات أو أولاد أم، أو جدات اقتسموا الميراث بالسوية، كالعصبة من البنين والأخوة وغيرهم، وكبني الأخوة والأعمام وبنيهم، لاستوائهم في موجب الميراث.

وإن اختلفت محلاتهم من الميت، كبنت وبنت ابن أو أم أو جدة أو أخت، فخذ عدد سهام المردود عليهم، من أصل ستة دائمًا، لأن الفروض كلها توجد في الستة إلا الربع والثمن، وهما للزوجين، ولا يرد عليهما، والسهام المأخوذة من أصل مسألتهم، هي أصل مسألتهم، كما في المسألة العائلة. فإن كان عدد سهامهم سدسين، كجدة وأخ من أم، فالمسألة من اثنين، لأن فرض كل منهما السدس، والسدسان من ستة فيقسم بينهما نصفين، فرضًا وردا، لاستواء فرضهما، ولو كانت الجدات فيها ثلاثًا انكسر عليهن سهمن، فاضرب عددهن في الاثنين، وتصح من ستة، للأخ من الأم ثلاثة، وللجدات ثلاثة، لكل واحدة واحد. وإن كان مكان الجدة أم، بأن كانت المسألة أم وأخ لأم، فتكون من ثلاثة، لأن فرض الأم الثلث وهو اثنان من ستة، وفرض الأخ لأم السدس واحد، فيكون المال بينهما أثلاثًا، للأم ثلثاه، ولولدها ثلثه. وإن كان مكان الأم، أخت لأبوين أو لأب فمن أربعة، لأن فرض الأخت النصف ثلاثة من ستة، وفرض الأخ من أم واحد، فيكون المال بينهما أرباعًا. مثال آخر: أم وبنت أو بنت ابن، كذلك من أربعة، للأم السدس واحد، وللبنت أو بنت الابن النصف ثلاثة، فيقسم المال بينهما أرباعًا.

وفي أخت لأبوين، وأخ لأم وأخت لأب، المسألة من خمسة لأن فرض الأخت لأبوين النصف، والأخت لأب السدس، تكملة الثلثين، والأخ لأم السدس، فيقسم المال بينهم أخماسًا، للتي لأبوين ثلاثة أخماسه، وللتي لأب خمسة، ولولد الأم خمسة. مثال آخر: أم وبنتان أو بنتا ابن، أو أختان لغير أم، للأم السدس، وللآخرين أربعة أخماسه، ولا تزيد مسائل الرد على خمسة أبدًا، لأنها لو زادت على الخمسة سدسًا آخر، لاستغرقت الفروض المال، فلم يبق منه شيء يرد. فإن انكسر على فريق من الورثة المردود عليهم سهامه، ضربت عدد الفريق، إن باينته سهامه، أو وفقه إن وافقته في عدد سهامهم، لأنه أصل مسألتهم دون الستة، كما تضرب في المسألة بعولها إذا عالت دون أصلها. بيان ذلك في أصل اثنين، ثلاث جدات، وأخ من أم، للجدات سهم، لا ينقسم عليهن ويباينهن، فتضرب عددهن ثلاثة في أصل المسألة، وهو اثنان بستة، ومنها تصح للأخ لأم ثلاثة، وللجدات ثلاثة لكل واحدة سهم. أصل أربعة، أخت لأبوين، وأربع أخوات لأب لهن سهم، لا ينقسم عليهن فاضرب عددهن في أصل المسألة وهو أربعة، تكن ستة عشر، ومنها تصح للشقيقة اثنا عشر، وللأخوات للأب أربعة، لكل واحدة واحد. أصل خمسة، أم وأخت لأبوين، وأربع أخوات لأب، للأم السدس واحد، وللشقيقة النصف ثلاثة، وللأخوات لأب السدس واحد، لا ينقسم عليهن ويباين، فاضرب عددهن في

خمسة أصل المسألة، تكن عشرين ومنها تصح، للأم أربعة، وللشقيقة اثنا عشر، وللآتي لأب أربعة، لكل واحدة واحدة. وإن كان مع من يرد عليهم من أصحاب الفروض أحد الزوجين، فاعمل مسألة رد أو لا ثم اعمل مسألة زوجية، واعط أحد الزوجين فرضه من مسألته، ثم اقسم ما فضل عن فرض الزوجية على مسألة الرد، كوصية مع إرث، فيبدأ بإعطاء أحد الزوجين فرضه من مخرجه، ومخرج فرضه اثنان إن كان نصفًا، وأربعة إن كان ربعًا، وثمانية إن كان ثمنًا، وما يبقى بعد فرض أحد الزوجين، وهو إما واحد أو ثلاثة أو سبعة، اقسمه على من يرد عليه. فإن كان شخصًا واحدًا، أو صنفًا واحدًا، فمخرج فرض الزوجية هو أصل مسألة الرد، مثال ذلك زوج وأم، المسألة من اثنين. زوجة وبنت، أصل المسألة من ثمانية، للزوجة الثمن، والباقي للبنت، فرضًا وردا. وإن كان من يرد عليه أكثر من صنف، فمسألتهم كما تقدم من عدد سهامهم مقتطعة من أصل ستة، وما بقي بعد الزوجين، فإما أن ينقسم أو يباين أو يوافق. مثال ذلك: زوجة وأم وأخوان لأم، فمسألة الزوجية من أربعة، للزوجة الربع واحد، ومسألة الرد من ثلاثة. للأم واحد، ولولدي الأم اثنان، فانقسم الباقي بعد فرض الزوجية على مسألة الرد فصحت المسألتان من أربعة، مخرج فرض الزوجية.

وإن لم ينقسم الباقي، بعد فرض الزوجين على مسألة الرد فلا يخلو، إما أن يوافق أو يباين، فإن وافق، ضربت وفق مسألة أهل الرد في كامل مسألة أحد الزوجين، فما بلغ فمنه تصح المسألتان. وإن باين الباقي، بعد فرض الزوجية، مسألة أهل الرد ضربت مسألة أهل الرد في كامل مسألة الزوجية، فما بلغ فمنه تصح المسألتان، ثم من له شيء من مسألة الزوجية، أخذه مضروبًا في كل مسألة الرد عند المباينة، وفي وفقها عند الموافقة. ومن له شيء من مسألة الرد، أخذه مضروبًا في الباقي بعد مسألة الزوجية عند المباينة، أو في وفقه عند الموافقة، فما حصل فهو له. مثال ذلك: أربع زوجات وبنت وسبع بنات ابن، أصل مسألة البنت وبنات الابن أربعة، والسبعة الباقية بعد فرض الزوجات تباين الأربعة، فاضرب الأربعة في الثمانية مخرج فرض الزوجية، يحصل اثنان وثلاثون، وهو الجامعة، فللزوجات من الثمانية واحد مضروبًا في مسألة الرد أربعة بأربعة لكل واحدة واحد، وللبنت من مسألة الرد ثلاثة، مضروبًا في الباقي بعد مسألة الزوجية، وهو سبعة بواحد وعشرين، ولبنات الابن واحد مضروبًا في الباقي من مسألة الزوجية سبعة بسبعة، لكل واحدة واحد. مثال آخر: أربع زوجات وست بنات وجدتان، أصل مسألة الزوجية من ثمانية، للزوجات واحد، لا ينقسم عليهن ويباين، يفضل سبعة، وأصل مسألة الرد من خمسة، لأن مسألة الرد لا تزيد على الخمسة أبدًا، كما لا يمكن أن تكون من سبعة أبدًا.

فاضرب أحداهما بالأخرى تكن أربعين، للزوجات خمسة تباينهن، يبقى خمسة وثلاثون وللجدتين من المسألة سبعة تباينهما، وللبنات ثمانية وعشرون، وهي توافق عدد رؤوسهن بالنصف، فاضرب وفق رؤوس البنات وهو ثلاثة في أربعة، عدد رؤوس الزوجات تبلغ اثني عشر، والاثنا عشر جزء السهم المقسوم عليه، فنضربها بأربعين، تبلغ أربعمائة وثمانين ومنها تصح ثم تقسم. فكل من له شيء من الأربعين أخذه مضروبًا بالاثني عشر التي هي جزء السهم، فللزوجات خمسة في اثني عشر بستين، لكل واحدة خمسة عشر، وللجدتين سبعة في اثني عشر بأربعة وثمانين، لكل واحدة اثنان وأربعون، وللبنات ثمانية وعشرون في اثني عشر بثلاثمائة وستة وثلاثين، لكل واحدة ستة وخمسون. مثال آخر، أربع زوجات وثلاث جدات متحاذيات، وثمان بنات، فمسألته الزوجية أصلها من ثمانية للزوجات واحد لا ينقسم عليهن ويباين، فاضرب أربعة في ثمانية، تصح من اثنين وثلاثين، للزوجات أربعة، ويفضل ثمانية وعشرون. ومسألة الرد من ثلاثين، لأن أصلها خمسة، للجدات واحد، لا ينقسم عليهن ويباين، وسهام البنات أربعة، توافق عددهن، وهو ثمانية بالربع فرجعهن إلى اثنين، ثم اضرب اثنين في عدد الجدات للتباين بين المثبتين، من عدد الفريقين، فكان الحاصل ستة، ثم اضرب الستة في أصل مسألة الرد، وهو خمسة، تبلغ ثلاثين، للجدات واحدة ثلاثة، وبين الثلاثين التي صحت منها مسألة الرد، وبين الفاضل عن الزوجات من مسألة الزوجية، وهو ثمانية وعشرون موافقة بالإنصاف.

فارجع الثلاثين إلى نصفها خمسة عشر، ثم اضربها في مسألة الزوجية، اثنين وثلاثين، تبلغ أربعمائة وثمانين (480) ومنها تصح، ثم تقسم فكل من له شيء من مسألة الزوجية، أخذه مضروبًا في وفق مسألة الرد وهو خمسة عشر ومن له شيء من مسألة الرد أخذه مضروبًا في وفق الفاضل عن مسألة الزوجية، وهو أربعة عشر. فللزوجات أربعة في خمسة عشر بستين، لكل واحدة خمسة عشر، وللجدات ستة في أربعة عشر، نصف الثمانية والعشرين بأربعة وثمانين، لكل جدة ثمانية وعشرون، وللبنات أربعة وعشرون في أربعة عشر بثلاثمائة وستة وثلاثين، لكل بنت اثنان وأربعون. وإن شئت صحح مسألة الرد، ثم زد عليها لفرض الزوجية للنصف مثلاً، وللربع ثلثا، وللثمن سبعا وابسط من جنس كسر ليزول ففي بنت وبنت ابن وزوجة، مسألة الرد من أربعة، فزد عليها لثمن الزوجة سبعًا، تصير أربعة، وأربعة أسباع أبسط الكل أسباعًا تكن اثنين وثلاثين ومنها تصح. ومال من لا وارث له بفرض أو تعصيب أو رحم وما فضل عن فرض أحد الزوجين لبيت المال وليس بيت المال وارثًا وإنما يحفظ المال الضائع وغيره فهو جهة ومصلحة. قال الناظم فيما يتعلق بالرد: وإن فضلت بعد الفروض بقية ... وما للفتى من عاصب مترصد فرد على أهل الفرائض فاضلا ... على قدر ميراث لهم في المؤكد

س42: هل يتصور أن يكون غلامان كل منهما عم الآخر؟

سوى زوجة والزوج والواحد أعطه ... جميعًا وساو بين جنس معدد وخذ أسهم الجنسين من أصل ستة ... وصيره أصلا للمسائل وامهد (أسئلة وأجوبة ملغز بها في الفرائض) س42: هل يتصور أن يكون غلامان كل منهما عم الآخر؟ ج: نعم صورة ذلك في امرأتين لكل واحدة منهما ولد تزوج أم الآخر، فجاءت بولد فكل واحد من الولدين يقول للآخر عمي. س43: وهل يتصور أن يكون غلامان أحدهما عم الآخر وخاله؟ ج: نعم يتصور فيما إذا تزوج رجل امرأة وتوج أبوه ابنتها، وولد لكل منهما ولد، فولد الأب عم ولد الابن وخاله ويتصور فيما إذا تزوج رجل بنت رجل تزوج بأمه، وولد لكل منهما ولد، فابن البنت يقول لابن الأم عمي خالي. س44: هل يتصور أن يكون غلامان أحدهما عم الآخر والآخر خاله؟ ج: نعم وذلك فيما إذا تزوج رجل امرأة وأبوه ابنتها وولد لكل منهما ولد فابن الأب عم ابن الابن وابن الابن خال ابن الأب.

وقد أورد الحريري هذا اللغز بوجه آخر فقال: أَيُهَا العَالِمُ الفَقِيْهُ الذي فَا ... قَ ذَاكاءً تعالى اللهُ عن الشَّبِيْه أَفْتِنَا في قَضِيَّة حَادَ عَنْهَا ... كٌلُ قَاضٍ وَحَارَ فِيْهَا كُلُّ فَقِيْهْ رَجُلٌ مَاتَ عَن أخٍ مُسْلمٍ حُرٍ ... تَقِيٍّ مِن أُمِّهِ وَأَبِيْهْ وَلَهُ زَوْجَةٌ لَهَا أَيُهَا الحَبْرُ ... أخٌ خَالِصٌ بلا تَمْوِيْهْ فَحَوَتْ فَرْضَهَا وَحَازَ أخُوهَا ... مَا تَبَقَّى بالإرْثِ دُوْنَ أَخِيْهْ فاشْفِنَا بالجَواب عَمَّا سَألنَا ... فَهْوَ نَصٌ لا خُلْفَ يُوْجَدُ فِيْهْ الجواب، له أيضًا: قُلْ لِمنْ يُلْغِزُ المَسَائِلَ إنّيْ ... كاشفٌ سِرّهَا الذِيْ تُخْفِيْهْ إِنَّ ذَا الميتِ الذِي قَدَّمَ الشّْر ... عُ أَخا عِرْسِه عَلَى ابْنِ أَبِيْهْ رَجُلٌ زَوَّجَ ابْنُهُ عَن رِضَاهُ ... بحماة لَهُ وَلاَ غُرْوَ فِيْهْ ثُمّ مَاتَ ابْنُهُ وقد عَلِقَتْ مِنـ ... ـهُ فَجَاءَتْ بابنِ يَسُرُّ ذَوِيْهْ فَهْوَ ابْنُ ابْنِهِ بغيرِ مِرَاء ... وَأخُو عِرسِهِ بلا تَمْوِيْهْ وابنُ الابنِ الصّرِيحِ أَدْنَى إِلىَ الُـ ... جَدِ وَأوْلَى بِإرْثِهِ مِن أَخِيْهْ فَلِذَا حِيْنَ مَاتَ أُوْجِبَ للزَّوْ ... جَةِ ثُمْنُ التُراثِ تَسْتَوْفِيْهْ

س45:

وَحَوَى ابنُ ابْنِهِ الذِي هُوَ فِي الأ ... صْلِ أخُوهَا مِن أُمُّهِا بَاقِيْهْ وَتَخَلَّى الأَخُ الشقيقُ مِن الإرْ ... ثِ وقُلْنَا يَكفِيْكَ أَنْ تَبْكِيْهْ وللسيوطي: س45: سَلِّمْ عَلَى مُفْتِي الأنامِ وقُلْ لَهُ ... عندِيْ سُؤال في الفَرَائِضِ مُفْحَمْ قَوْمٌ إذا مَاتُوا تَحُوزُ دِيَارُهُمْ ... زَوْجَاتُهُم ولِغَيرِهِم لا تُقْسَمْ وبَقيَّةُ المالِ الذِي قَدْ خَلّفُوْا ... يَجْرِيْ عَلَى بَاقِ الوراثَةِ مِنْهُمْ الجواب للمحلى: حَمْدًا لِرَبِ العالمَين أُقَدِّمُ ... ثُمَ الصلاةُ مَعَ السلامِ يُقُاوِمْ هَذَا السُؤالُ مخَصّصٌ بنِسَاءٍ مَنْ ... قَدْ هَاجَرُوا والأَمْرُ فِيْهِ مُحْكَمْ خَصَّ النَّبيُ نِسَاءَهُمْ بِدِيَارِهِمْ ... إذْ ليس مأوَاهُمْ سِوَاهَا يُعْلَمْ وبَقِّيةُ المالِ الذِي قَدْ خَلَّفُوْا ... يَجْرِيْ عَلَى بَاقِي الوَرَثة مِنْهُمْ فَدَعِ اعْتِرَاضَكَ إِنْ تكُنْ ذَا فِطْنَةٍ ... وارْجعْ كَمَا قَالَ الإمامُ الأَعْظَمْ فَهْوَ الإمامُ عَليٌ أَعْنيْ المالِكِيْ ... مَن نَفْسَ جُهورٍ بِهِ تَتَعَظَّمُ عند الخصائص شَرْحِهِ ألفِيةٍ ... في سِيْرةٍ فاعْلَمْ وَدَعْ مَا يَحْرُم

س46:

لغز: س46: وما امرأةٌ قَالَتْ لأَهْل وِرَاثَةٍ ... أَرَانِي حُبْلَى أَيُهَا القَومُ فاصْبِرُوْا فإِنْ جَاءَنِي ابْنٌ لم يفُزْ بِوِرَاثَةٍ ... وَإنْ تأتِي أنثَى أيُها القومُ فأبشِرُوْا فإِنَّ لَهَا إِرْثًا وَلِي مِثْل رُبْعِهِ ... ألا فأبْصِروا في قسْمِكُمْ وَتَدَبَّرُوْا الجواب للمحلى: لَقَدْ هَلَكَتْ أُنْثَى عَن أُخْتٍ شَقِيْقَةٍ ... وزَوْجٍ وعن أولادِ أُمٍّ تَقَرَّرُوْا ثَمَانٍ وَفِيْهِنّ الَّتِيْ هِيَ حَامِلٌ ... مِن الأبِ لِلأُنْثَى التِي هِيَ تَقْبُرُ بأَنْ كَانَ هَذَا الوَطْءُ صَار بِشُبْهَةٍ ... أو الأبُ مِن هل الَمُجوسِ مُصَوَّرُ فَلِلزَّوْجِ نِصْفٌ ثم للأختِ مِثْلُهُ ... وَثلْثٌ عَلى أوْلاَدِ أُمٍ فَيُكْسَرُ فَإِنْ كَانَ هَذَا الحملُ أُنْثَى فأعْطِهَا ... مِنْ المالِ سُدْسًا عَائِلاً لا يُغَيّرُ وَقَدْ عَالَ هَذَا الأَصلُ بالثُلْثِ وَحْدَهُ ... ألاَ فاْنظُرُوْا في مَالِكُمْ وَتَبَصَّرُوْا فإِنْ جَاءَ هَذا الحَمْل أُنْثَى فَعَولُهُ ... لِتسْعٍ ولِلتَّصْحِيْحِ لَو مُحَرّرُ فَللزّوْجِ يَبُ ثم لِلأختِ مِثْلُهُ ... وللحَمْل فاعْطُوا أَرْبَعًا لا تُقْصِّرُوْا

وَيَبْقَى ثَمَانٌ فَهْي لِلأخْوَةِ التِي ... لأمٍّ عَلَى أعْدادِهِمْ مُتَوفِّرُ وقَدْ خصَّ أُمُّ الحَمْل مِن ذاكَ وَاحِدٌ ... وَذا أرْبَعٌ قَدْ خَصَّهُ مُتَصَوّرُ فهذا جَوابٌ مِن حُسَيْنٍ مُوَضّحٌ ... لأِجْلِ الدُعَا بالعَفوِ لِلَّذنْبِ يُغْفَرُ لغز: أَمولاَيَ قُلْ لِيْ في الفرائض جّدةٌ ... لها النِصْفُ فرْضًا ما سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ وَمَا حَاجبٌ قَدْ زَادَ مَحْجُوبُهَ بِه ... فَمَا حَجْبُه والإرثُ يَنْمُوْ لأَجْلِهِ وَمَا جَدّةٌ نَالَتْ مَعَ الأمُ إرْثَهَا ... وأدْلَتْ بِهَا أَرْشِدْ فَتَاكَ لِسُؤْلِهِ وألغز فيها آخر أيضًا فقال: أَبِنْ لِيْ هَداكَ اللهُ مَا هِيَ جَدَّةٌ ... عن الإرثِ لَمْ تُحْجَبْ دَوَامًا بِبِنْتِهَا وَبِنْتٌ لَهَا أُمٌ وَقَدْ وَرِثَا معَا ... فثُلْثٌ لأمٍ ثُمّ نِصْفُ لأُمِّهَا

س47: من هم ذو الأرحام، وكم أصنافهم، وما هي، وما حكم توريثهم، وكيف صفة توريثهم، وإذا أدلى جماعة بجماعة، أو أسقط بعضهم بعضا، فما الحكم وما هي جهاتهم وضح بالأمثلة واذكر الأدلة والخلاف والترجيح؟

وأجاب بعضهم بقوله: جَوَابُكَ يَا هَذَا الإمامُ يَكُونُ فِي ... نِكَاحِ مَجُوسِيٍ لِبِنْتٍ فَبِنْتُهَا فَأَولادِي هَذِيْ إِنْ تَمُتْ كَانَتْ أُمُّهُمْ ... لها الثلثُ مِيْراثًا ونِصفٌ لأُمِّهَا بِآخِيةٍ لِلْمَيْتِ فاسْمَعْ فَذا الذِي ... طَلَبْتَ حَبَاكَ اللهُ فَضْلَ أُولِي النُهَى باب ذوي الأرحام س47: من هم ذو الأرحام، وكم أصنافهم، وما هي، وما حكم توريثهم، وكيف صفة توريثهم، وإذا أدلى جماعة بجماعة، أو أسقط بعضهم بعضًا، فما الحكم وما هي جهاتهم وضح بالأمثلة واذكر الأدلة والخلاف والترجيح؟ ج: الأرحام جمع رحم، قال صاحب المطالع، هي معنى من المعاني، وهو النسب والاتصال الذي يجمعه والد، فسمي المعنى باسم ذلك المحل، تقريبًا للأفهام، ثم يطلق الرحم على كل قرابة. وذوو الأرحام اصطلاحًا في الفرائض كل قرابة ليس بذي فرض ولا عصبة، كالعمة والجد لأم والخال، واختلف في توريثهم، فروي عن عمر وعلي وعبد الله وأبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء - رضي الله عنهم - توريثهم عند عدم العصبة، وذوي الفروض غير الزوجين، وبه قال أبو حنيفة وأحمد والشافعي، إذا لم ينتظم بيت المال وكان زيد لا يورثهم، وبه قال مالك وغيره. ودليل القول الأول، قوله - سبحانه وتعالى - {وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} وقوله - سبحانه وتعالى - {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ} وهم من جملة القرابة. وحديث سهل بن حنيف أن رجلاً رمى رجلاً بسهم فقتله ولم يترك إلا خالاً، فكتب فيه أبو عبيدة لعمر، فكتب إليه عمر

إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الخال وارث من لا وارث له» رواه أحمد، قال الترمذي حديث حسن. وروى المقداد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الخال وارث من لا وارث له يعقل عنه ويرثه» أخرجه أبو داود. وأصناف ذوي الأرحام أحد عشر صنفًا، أحدها ولد البنات لصلب أو لاب، والثاني ولد الأخوات لأبوين أو لأب، والثالث بنات الأخوة لأبوين أو لأب، والرابع بنات الأعمام لأبوين أو لأب أو لأم. والخامس ولد ولد الأم، ذكرًا كان أو أنثى. والسادس العم لأم، سواء كان عم الميت أو عم أبيه أو جده، وإن علا. والسابع: العمات لأبوين أو لأب أو لأم، وسواء في ذلك عمات الميت وعمات أبيه وعمات جده، وإن علا. والثامن: الأخوال والخالات للميت، أو لأبويه أو لأجداده أو جداته. والتاسع أبو الأم وأبوه، وإن علا. والعاشر: كل جدة أدلت باب بين أمين، كأم أبي الأم، أو أدلت باب أعلا من الجد، كأم أبي الجد: أي أم أبي أبي أبي الميت. والحادي عشر: من أدلى بواحد من صنف ممن سبق، كعمة العمة، أو العم، وخالة العمة، أو الخال، وأخي أبي الأم وعمه وخاله، ونحو ذلك. واختلف القائلون بتوريثهم في كيفيته على مذاهب متعددة هجر بعضها، والباقي لم يهجر، مذهبان، أحدهما مذهب أهل القرابة، وهو أنهم يورثونهم على ترتيب العصبة، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، وهو رواية عن الإمام أحمد. والمذهب الثاني: وهو المختار، أنهم يورثون بتنزيلهم،

منزلة من أدلوا به، فينزل كل منهم منزلة من أدلى به من الورثة، بدرجة أو درجات، حتى يصل إلى من يرث فيأخذ ميراثه. فولد بنت الصلب أو بنت الابن، وولد الأخت، كأم كل منهم، وبنت أخ وبنت عم، وولد ولد أم، كآبائهم وأخوال وخالات، وأبو أم كأم وعمات وعم من أم، كأب وأبو أم أب وأبو أم أم، وأخواهما وأختاهما، وأم أبي جد بمنزلتهم. ثم تجعل نصيب كل وارث بفرض أو تعصيب، لمن أدلى به. من ذوي الأرحام. لما روي عن علي وعبد الله أنهما نزلا بنت البنت بمنزلة البنت، وبنت الأخ بمنزلة الأخ، وبنت الأخت بمنزلة الأخت والعمة منزلة الأب، والخالة منزلة الأم. وروي ذلك عن عمر في العمة والخالة، وروى الزهري أن سول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «العمة بمنزلة الأب، إذا لم يكن بينهما أب، والخالة بمنزلة الأم، إذا لم يكن بينهما أم» رواه أحمد. فإذا انفرد واحد من ذوي الأرحام، أخذ المال كله، لأنه ينزل منزلة من أدلى به، فإما أن يدلي بعصبة فيأخذه تعصيبًا أو يدلي بذي فرض فيأخذه فرضًا وردًا. فإن أدلى جماعة من ذوي الرحم بوارث واستوت منزلتهم منه بلا سبق كأولاده وإخوته المتفرقين الذين لا واسطة بينه وبينهم فنصيبه لهم، كإرثه منه، لكن هنا ذكر كأنثى، لأنهم يرثون بالرحم المجردة فاستوى ذكرهم وأنثاهم، كولد الأم. وقيل إن للذكر مثل حظ الأنثيين كالأولاد، لأن ميراثهم معتبر بغيرهم ولا يجوز حملهم على ذوي الفروض لاستيعابهم المال به ولا على العصبة البعيد لانفراد الذكور به، فوجب

اعتبارهم بالقرب من العصبيات، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، وهو أنهم يعطون حكم من أدلوا به، فإذا أدلوا بمن يفضل ذكرهم على أنثاهم، فضل الذكر على الأنثى، إلا من يدلي بأولاد الأم، فذكرهم وأنثاهم سواء، كمن أدلوا به والله - سبحانه وتعالى - أعلم. مثال ذلك: مات ميت عن بنت أخت وابن وبنت لأخت أخرى فلبنت الأخت الأولى النصف، لأنه إرث أمها فرضًا وردًا، ولنت الأخت الأخرى وأخيها النصف، لأنه إرث أمها حيث استوت الأختان في كونهما لأبوين أو لأب أو لأم بالسوية، بين الأخت وأخيها، فتصح من أربعة، وعلى القول الثاني يكون للذكر مثل حظ الأنثيين. وإن اختلفت منزلتهم، قسمت نصيبه بين من أدلوا به، على حسب منازلهم منه. وإن اختلفت منزلتهم، قسمت نصيبه بين من أدلوا به، على حسب منازلهم منه. مثال ذلك: ثلاث خالات متفرقات، واحدة شقيقة والثانية لأب، والثالثة لأم، وثلاث عمات متفرقات، واحدة شقيقة، والثانية لأب والثالثة لأم، فالثلث الذي كان للأم بين الخالات على خمسة، لأنهن يرثنه، كذلك فرضًا وردًا، والثلثان اللذان كانا للأب تعصيبًا، يقسم بين العمات على خمسة لما تقدم. فأصل المسألة من ثلاثة، للخالات واحد، لا ينقسم على الخمسة، وللعمات اثنان، كذلك والخمسة والخمسة متماثلان فاكتف بأحدهما واضرب الخمسة في ثلاثة أصل المسألة مخرج الثلث، تكن خمسة عشر، للخالات منها خمسة للخالة التي لأبوين ثلاثة، وللتي لأب سهم، وللتي لأم سهم، كما يرثن الأم لو ماتت عنهن، وللعمات عشرة، للعمة لأبوين ستة، والتي لأب سهمان، والتي للأم سهمان. ولو كان مع الخالات خال من أم، ومع العمات عم من أم،

فالثلث بين الخال والخالات على ستة، والثلثان بين العم والعمات على ستة، وتصح من ثمانية عشر، حاصل من ضرب ثلاثة في ستة، فللخالة لأبوين ثلاثة، وللتي لأب واحد، وللتي لأم وأخيها سهمان، وللعمة لأبوين ستة، وللتي لأب سهمان وللتي لأم سهمان ولأخيها سهمان. مثال آخر: ثلاثة أخوال متفرقين، أحدهم أخ لأم لأبويها، والثاني أخ للأم من أبيها، والثالث أخ للأم من أمها، فللخال الذي من قبل الأم السدس، كما يرثه من أخته لو ماتت، والباقي لذي الأبوين، لأنه يسقط الأخ للأب، وتصح المسألة من ستة، للخال لأم السدس واحد، والباقي للخال الشقيق. مثال آخر: مات ميت وخلف ثلاث بنات أخوة مفترقين، فكأنه خلف أخًا لأبوين وأخًا لأب وأخًا لأم، فسدس الأخ لأم لبنته، والباقي لبنت الأخ لأبوين، وتسقط بنت الأخ لأب، كأبيها لو كان موجودًا مع الشقيق. مثال آخر: مات ميت وخلف ثلاثة بنات عمومة مفترقات شقيقة ولأب ولأم، فكل التركة لبنت العم الشقيق وحدها، لقيام كل واحدة منهن مقام أبيها، ولو خلف ثلاثة أعمام مفترقين، لكان جميع الميراث للعم من الأبوين، لسقوط العم من الأب به، مع كونه من العصبات، فالعم من الأم مع كونه من ذوي الأرحام أولى بالسقوط. وإن خلف ميت بنت عم لأب، وبنت عم لأم، وبنت عم لأبوين، أو بنت عم لأم، وبنت بنت عم لأبوين، فالمال للأولى لأنها أقرب، وبنت عم وبنت عمة، المال لبنت العم في قول الجمهور. ويسقط الأخوال أبو الأم، كما يسقط الأب الأخوة لإدلائهم به.

وإن أدلى جماعة من ذوي الأرحام بجماعة من ذوي الفروض أو العصبات، جعلت كان المدلى بهم أحياء، وقسمت المال بينهم وتجعل نصيب كل وارث بفرض، أو تعصيب لمن أدلى به من ذوي الأرحام، لأنهم ورثته. مثال ذلك: ابن أخت معه أخته، وبنت أخت أخرى مساوية للأخت الأولى في كونها لأبوين أو لأب أو لأم، فلبنت الأخت وأخيها حق أمهما النصف بينهما نصفين، لتنزيلهما منزلتها، ولبنت الأخت الأخى حق أمها النصف، لقيامها مقام أمها، وتصح من أربعة. مثال آخر: بنت بنت وبنت بنت ابن، فالمسألة من أربعة بالرد، كما لو مات عن بنت وبنت ابن، فلبنت البنت ثلاثة، حق أمها لقيامها مقامها، ولبنت بنت الابن سهم، حق أمها. مثال آخر: مات ميت عن بنت بنت وبنت خال، أو بنت بنت عمه، فالأقرب إلى الوارث بنت البنت، ثم بنت الخال، لكن لما كانت الجهات متعددة، لم يسقط الأبعد بالأقرب، فنلحق كل واحد بمن أدلى به من الورثة، يكن لبنت البنت النصف، لأنها بمنزلة البنت، ولبنت الخال السدس، لأنها بمنزلة الأم، ولبنت بنت العمة السدس فرضًا، والباقي تعصيبًا، لأنها بمنزلة الأب. مثال آخر: ثلاث بنات أخت لأبوين ومثلهن لأب ومثلهن لأم، وثلاث بنات عم لأبوين أو لأب، قسم المال بين المدلي بهم من ستة، فلبنات الأخت لأبوين النصف، لأنه فرض من أدلين بها، ولكل صنف من بنات الأختين الأخريين، أي التي لأب والتي لأم السدس، يفضل من المال سدس، يكون لبنات العم

ثم تنظر فنصيب بنات الأخت لأبوين عليهن صحيح، ثم تنظر فنصيب بنات الأخت لأبوين عليهن صحيح، ونصيب الباقين على بناتهم مباين، والأعداد متماثلة، فتجزئ بأحدها وهو ثلاثة ثم تضرب الثلاثة في أصل المسألة ستة بثمانية عشر ومنها تصح. ثم اقسم المال بين المدلي بهم، فأعط بنات الأخت لأبوين، النصف تسعة، لكل واحدة ثلاثة، وأعط لجميع الورثة البواقي تسعة، وهن ثلاث بنات أخت لأب، وثلاث بنات أخت لأم، وثلاث بنات عم، فمجموعهن تسعة، لكل واحدة سهم. وإن كان ثلاث بنات أخوات متفرقات، وبنت عم لأبوين أو لأب، فاقسم المال بين المدلي بهم كأنهم أحياء، فالمسألة من ستة، للأخت لأبوين النصف ثلاثة، وللأخت لأب السدس واحد تكملة الثلثين، وللأخت لأم السدس واحد، وللعم الباقي واحد. فأعط بنت الشقيقة حق أمها، وبنت الأخت لأب حق أمها وبنت الأخت لأم حق أمها، وبنت العم حق العم، لقيام كل منهن مقام من أدلت به. وإن أسقط بعضهم بعضًا، فلا شيء لمن أدلى بمحجوب. مثال ذلك: مات ميت وخلف عمة وبنت أخ، المال للعمة، لأنها بمنزلة الأب، وبنت الأخ بمنزلة الأخ، والأب يسقط الأخوة، ويسقط بعيد من وارث بأقرب منه إليه. مثاله: بنت بنت، وبنت بنت بنت، المال للأولى لقربها من الميت. مثال آخر: مات ميت وخلف بنت بنت أخ لغير أم، وبنت

عم لأب، المال كله لبنت العم لأب، لأنها تلقى الوارث في ثاني درجة، ولا شيء لبنت بنت الأخ، لأنها تلقى الوارث بثالث درجة. مثال آخر: خالة وأم أبي أم المال، للخالة لأنها تلقى الأم بأول درجة، بخلاف أم لأبيها. مثال آخر: بنت بنت بنت، وبنت بنت ابن، المال للثانية لأنها تلقى بنت الابن الوارثة بالفرض بأول درجة. وإن كان ذوو الأرحام من جهتين فأكثر فينزل البعيد حتى يصل إلى وارث سقط به أقرب أولا. مثاله: بنت بنت بنت، وبنت أخ لأم، الكل لبنت بنت البنت، لأن جدتها وهي البنت تسقط الأخ لأم. ومن خلف ثلاث خالات أب مفترقات، وثلاث عمات أم مفترقات، وثلاث عمات أم مفترقات، وثلاث خالات أم مفترقات، فخالات الأم بمنزلة أم الأم، وخالات الأب بمنزلة الأب. ولو خلف الميت هاتين الجدتين كان المال بينهما نصفين، فيكون نصيب كل واحدة منهما بين أخوتها على خمصة، لأنهن يرثنها كذلك فرضًا وردًا، وتصح من عشرة. وتسقط عمات الأم، لأنهن بمنزلة أبي الأم، وهو غير وارث، فلو كان معهن عمات أب، كان لخالات الأب والأم السدس بينهما نصفين، لما تقدم أنهما بمنزلة الجدتين، والباقي لعمات الأب، لأنهن بمنزلة الجد. وخالة أب، وأم أبي أم، الكل للثانية لأنها بمنزلة الأم، والأولى بمنزلة الجدة. وجهات ذوي الأرحام ثلاث: أولاً: أبوة، ويدخل فيها

فروع الأب من الأجداد، والجدات السواقط، وبنات الأخوة، وأولاد الأخوات، وبنات الأعمام والعمات وبناتهن، وعمات الأب، وعمات الجد وإن علا. والثاني: أمومة، ويدخل فيها فروع الأم من الأخوال والخالات، وأعمام الأم، وأعمام أبيها وأمها، وعمات الأم، وعمات أبيها، وأمها، وأخوال الأم وأخوال أبيها وأمها وخالات الأم، وخالات أبيها وأمها. والثالث: بنوة، ويدخل فيها أولاد البنات، وأولاد بنات الابن، ووجه الانحصار في الثلاثة، أن الواسطة بين الإنسان وسائر أقاربه، أبوه وأمه وولده، لأن طرفه الأعلا أبواه، لأنه ناشئ بينهما، وبطرفه الأسفل أولاده، لأنه مبدؤهم، ومنه نشأوا بإذن الله فكل قريب إنما يدلي بواحدة من هؤلاء. فتسقط بنت بنت أخ، ببنت عمة، لأن بنت العمة تدلي بالأب، وبنت الأخ تدلي بالأخ، والأب يسقط الأخوة. ويرث مدل بقرابتين من ذوي الأرحام بهما، لأنه شخص له قرابتان لا يرجح بهما فورث بهما كالزوج إذا كان ابن عم. مثال ذلك: ابن بنت بنت، هو ابن ابن بنت أخرى، ومعه بنت بنت بنت أخرى، فللابن الثلثان، جعلا له بمنزلة اثنين، وللبنت الثلث، وتصح من ثلاثة. فإن كانت أمهما واحدة فله ثلاثة أرباع المال، لأن له نصف ما كان لجدته لأمه وهو الربع وله جميع ما كان لجدته من أبيه وهو النصف ولأخته لأمه نصف ما كان لأمها وهو الربع. مثال آخر: بنتا أخت لأم إحداهما بنت أخ لأب، وبنت

أخت لأبوين، المسألة من اثني عشر، لبنت الأخت من الأبوين ستة، ولذات القرابتين أربعة من جهة أبيها، وواحد من جهة أمها وللأخرى واحد. وإن حصل مع ذوي الأرحام أحد الزوجين أعطي فرضه كاملاً غير محجب ولا معال، ثم يقسم الباقي على ذوي الأرحام. مثال ذلك: ماتت امرأة عن زوج وبنت بنت، فللزوج النصف فرضه، والباقي لبنت البنت. مثال آخر: ماتت امرأة وخلفت زوجًا، وبنت بنت أخت، وبنت أخ، فللزوج النصف، والباقي بينهما نصفان، وتصح من أربعة، للزوج اثنان، ولكل واحدة واحد. مثال آخر: هلك هالك عن زوجة وبنت بنت، فللزوجة الربع ولبنت البنت النصف فرضًا والباقي ردا. مثال آخر: بنت بنت، وبنت أخت لا لأم، أو بنت أخ لا لأم، الباقي بعد فرض الزوجية بالسوية بينهما كما لو انفردتا. فإن كان معهما زوج، أخذ النصف، ولكل منهما ربع، وتصح من أربعة، للزوج اثنان، ولكل منهما واحد. وإن كان معهما زوجة فلها الربع، والباقي لهما بالسوية، فتصح من ثمانية. وفي زوج وبنت بنت وخالة وبنت عم، للزوج النصف، والباقي لذوي الأرحام على ستة، فتصح من اثني عشر، للزوج ستة، ولبنت البنت ثلاثة، ولللخالة سهم ولبنت العم سهمان. وإن كان معهم زوجة فلها الربع، ويبقى ثلاثة على ستة، توافقت بالثلث، فاضرب اثنين في أربعة تصح من ثمانية. مثال: زوج وخالة وعمة، للزوج النصف والباقي للخالة

ثلثه، وللعمة ثلثاه، أو كان مع الزوج خالة وبنت عم، أو مع الزوج خال وبنت عم، فللزوج النصف، والباقي للخال وبنت العم، فمخرج النصف من اثنين، للزوج واحد يبقى واحد، لا ينقسم على ثلاثة ويباين، فاضرب الثلاثة في الاثنين وتصح من ستة، للزوج ثلاثة، وللخال أو الخالة واحد، ولبنت العم اثنان. مثال: ماتت أنثى وخلفت زوجًا، وابن خال أبيها وبنتي أخيها لغير أم، فللزوج النصف، والباقي كأنه التركة، بين ذوي الأرحام، فابن خال أبيها يدلي بعمته، وهي جدة الميتة، فيرث السدس، لو كانت فيأخذه هو لقيامه مقامها، فيكون له السدس، من الباقي بعد فرض الزوجية ولبنتي أخيها باقيه، لقيامهما مقام الأخ. والباقي خمسة بينهما نصفان فلا تنقسم، فاضرب اثنين في اثني عشر، وتصح من أربعة وعشرين، للزوج نصفها اثنا عشر، ولابن خال أبيها سدس الباقي سهمان، ولكل بنت خمسة، ولا يعول في باب ذوي الأرحام إلا أصل ستة، فتعول إلى سبعة فقط، لأن العول الزائد على ذلك لا يكون إلا لأحد الزوجين، وليس من ذوي الأرحام. مثاله: أبو أم وبنت أخ لأم، وثلاث بنات ثلاث أخوات متفرقات، لأب الأم السدس، ولبنت الأخ لأبوين النصف، ولبنت الأخ لأب السدس، ولبنت الأخ لأم وأختها الثلث، ومجموع ذلك سبعة. مثال: خالة وست بنات أخوات متفرقات، بنتي أختين لأبوين، وبنتي أختين لأب، وبنتي أختين لام، فللخالة السدس، ولبنتي الأختين لأبوين الثلثان، ولبنتي الأختين لأم الثلث، ولا شيء لبنتي الأختين لأب.

ومال من لا وارث له لبيت المال يحفظه كالمال الضائع، وليس بيت المال وارثًا، فهو جهة ومصلحة، لأن اشتباه الوارث بغيره لا يوجب الحكم بالإرث للكل أهـ من غ وش هـ. من النظم فيما يتعلق بذوي الأرحام: باب ميراث ذوي الأرحام وورث ذوي الأرحام كل قرابة ... لفقد فروض والعصيب بآوند كنسل ابنة أو نسل أخت وكابنت الـ ... أخ والأعمام والخال فاشهد وعم لأم مع أبيها ومع بني ... أخيه لأم ثم عمته اعدد وخالته مع جدة الجد يا فتى ... وأم أبي أم وشبههما زد كذلك من أدلى بهم واقسمن كمن ... به مت كلا في العطا والتعدد فتجعل كلا مثل أقرب وارث ... إليه به أولى وإن يتبعد فكالأخت أو بنت بنوها وأمه ... أبوها وخالات وخال ليعدد وقل أب أم الأم حقًا وأختها ... كذاك أخوها مثلها في التعدد وعد بأم الأب مثلهما كذا ... أخوها وأيضًا أختها لا تبعد بنات أخ والعم مع نسل أخوة ... لأم وإن ينزل كآبائهم جد

وكالأب عمات وعم من أمه ... وعنه كعم من سبيي مفقد فبنت أخ للأب العمة اعددن ... لعمته المجموع واعكس بأبعد وعن أحمد العمات من أبويه أو ... من الأب مثل الجد يا ذا الترشد فعمته في ذا لأم وعمة الأ ... م كمثل الجدة أمهما اعدد فعم أبي أم كجد أبي أب ... كذلك عمات الأب لتقيد وقيل كعم الأب من أبوين بل ... كمثل أبي جد لخلف به بدي وكالجدة اجعل خالة الأب فامنعن ... مع أم أبي أم كأم الذي ارفد وأم أبي جد كمثل ابنها اجعلن ... وبعد إلى تفصيل أحكامهم عد وبالفرد أمامت منهم جماعة ... فكالإرث عنه سهمه بينهم جد إذا ما استووا بالقرب منه وأعطين ... فتاهم كأنثاهم على المتأكد وعنه كالاثنين فأعط سوى بني الـ ... إخوة من أم وذا غير مبعد وعنه يسوى بينهم غير خالة ... وخال وهذا القول غير مسدد فأعط ابن الأخت نصف ميراث خالة ... ولابنة أخت غيرها النصف امدد وإن كان لابن الأخت أخت شقيقة ... بنصفين قسم فيهما صاح تحمد وبنت ابن بنت وابن بنت لها له الـ ... نصيف على الأولى وثلث بأبعد وبينهم اقسم سهم مدل به على اخ ... تلاف منازل كلهم منه ترشد

كخالات موروث ثلاث تفرقت ... وعماته أيضًا كذلك فاشهد وهذا إذا أدلوا بأنفسهم ولو ... بوحدتهم في منزل والتعدد لخالاته ثلث المخلف وابذلن ... لعماته ثلثين غير مزهد تصحح من خمس وعشر سهامها ... ثالثة أخماس بغير تزيد من الثلث نعطيها لخالته التي ... من الأبوين افهم وخمسًا فأفرد لخالته للأم والخمس أعطه ... لخالته من جانب الأب تقصد وستة أسهام إلى العمة التي ... من الأبوين ادفع وسهمين أور ولو مع تعداد الذي أدليا به ... إذا ما اقتضى الإسقاط شرع محمد يعدون كالأحياء فتسقط مسقطا ... فكل له سهم القريب الملحد وإن مت منهم ثالث بجماعة ... أو اثنين إن يكن بنوا خالة زد وسيان من وجه كأمثال خالة ... كذا أبدا مثل المناسخة امهد يعد الفتى قد مات عن إرث وارث ... فما خصه من وارث لهم اعدد

فصل وأما إذا أدلوا إليه بوسطة ... وبنت أخ من غير أم به ارفد كذا إن يكن معهن ابنة عمه ... لبنت الذي للوالدين به جد بنيات أعمام ثلاث تفرقت ... أبو الأم أسقطه ولا تترد كذا حكم أخوال فإن كان معهم ... وبنت أخيه من أبيه فبعد لبنت أخ من والديه بقية ... وبنت أخ للأم سدس ومهد ثلاث بنات من ثلاثة أخوة ... من الأب فامنحها لسهمين وأزيد لعمته للأم والعمة التي ... إذا كان قرب الكل من جهة قد فتسقط بنت البنت بنت ابنة ابنه ... وإن أسقط الأدنى من أخرى فترشد فتجعل كلا مثل أقرب وارث ... إليه به أدلى وإن يتبعد فأعط جميعًا بنت بنت ابنة ابنه ... ولابن أخ من أمه امنع وبعد ونصف لبنت الأخ من غير أمه ... ومن ورث الأدنى فكل له اعدد ومن قال هم في الإرث كالعصبات في ... الترتيب يعطى بنت بنت ابنة قد بأم أبي أزل خالة الأب ... لإسقاط أم جدة من أب شد

فصل ثلاث جهات الإرث أقوى أبوة ... أمومته ثم البنوة أكد وعن أحمد في كل ولد لصلبه أج ... علن جهة واختاره المجد فاقتد فوزع على ذي بين بنت ابنة ابنة ... وبنت ابنة ابن من أريبعة زد وفي قولنا كل البنة وجهة ... لبنت ابنة الابن الجميع ليردد ومع بنت بنت الابنة الأخرى فجد ... لأولاد بنتي صلبه في التعدد وكمله في الأولى لبنت ابنة ابنة ... ففرع على هذا المثال وعدد وقد جاء في إيمائه أن كل من ... يمت به من وارث جهة زد ثلاث بنات من عمومة فرقة ... لبنت الذي من والديه به جد كذا إن يكن معهن بنت لعمة ... ولا بنت صنو من سوى الأم جد قد وحظ ابن خال ثلثه مع عمه ... وإن كان معهم خالة الأم فاصدد بها لابن خال ثم سدس لها على الـ ... صحيح وباقيه لعمته امهد ومع جعل كل من ذوي الإرث وجهة ... لخالة الأم أسقط وقسم كما ابتدي وخالة أب مع خالة الأم أسقطن ... بأم أبي أم علي ذي فبعد وتسقط بالمشهور في القول وحدها ... وللحالتين اقسم سوا كالتفرد

وسدس نصيب ابن ابن أخت لأمه ... وبنت ابن ابن الأخ للأب زود بباق ومع جعل الأخوة وجهة ... يكون جميع المال للبنت فاردد لجعلك في ذا الأجنبيين يا فتى ... إذا أهل وجه واحد متفرد ويلزم من جعل الأخوة وجهة ... وذي الإرث أيضًا والعمومة فاشهد سقوط بنات العم والأخ يا فتى ... من الأبوين أو من الأب فارشد ببنت عم للأم أو بنت عمه ... إذا جملا مثل الأب المتحمد

فصل ومن جهتين اعط الذي مات فرضه ... كما مر في فرض وتعصيب مفرد ومن غير حجب أعط زوجا ولا تقل ... كذي زوجة معهم بمفروضها جد وباقيه اقسم بينهم كانفراد ... وقيل كمن أدلوا به اقسمه واعدد مع القوم فرض الزوج فاحجب به ولا ... تنقص فرض الزوج واكمله ترشد ولا خلف إلا في ممت بعاصب ... ومدل بذي فرض معا يتعدد فللزوج نصف ثم لابة بنتها ... وبنت أختها للأب بربعين زود وأما على الثاني فثلث الذي بقي ... لبنت ابنة والثلث بنت أختها ازيد وباقي تراث الزوج عن ربع زوجة ... لبنت أخ للأب وبنت ابنة طد ثمانية سهمان حظ لزوجة ... وكل فتاة بالثلاثة أمدد وفي الثان باقيه على سبعة ومن ... ثمانية من بعد عشرين أرفد فأربعة من سبعة لابنة ابنة ... وبنت أخ تعطى ثلاثة اشهد وعول ذوي الأرحام خص بستة ... إلى سبعة عالت بغير تزيد كخالته أو من يقوم مقامها ... من اللائي مثل الأم مع من سيبتدي

س48: تكلم بوضوح عن الحمل وميراثه، ومتى تقسم التركة، وما الذي يوقف له، ومن الذي يدفع له إرثه، والذي لا يدفع له، ومتى يأخذ نصيبه، وإذا زاد أو بقى شيء فما الحكم، ومتى يرث، وإذا ظهر بعضه فاستهل، أو انفصل ميتا فما الحكم إذا اختلف ميراث توأمين، أو مات كافر عن حمل منه، أو من كافر غيره فما الحكم، متى يرث الصغير المحكوم بإسلامه وإذا خلف أما مزوجة بغير أبيه، وورثة لا تحجب ولدها فما الحكم، ومن هي المرأة القائلة إن ألد ذكرا لم يرث ولم أرث وإلا ورثنا، ومن هي القائلة إن ألد أنثى ورثت، وإن ولدت ذكرا فأكثر أو مع أنثى فأكثر لم يرثوا، وضح ذلك بالأمثلة، وما يتعلق بذلك من المسائل.

كست بنات من أخيات فرقة ... وخالته معهن أيضًا كذا اعدد ثلاث بنات للأخيات وابنة ... لصنو من أم مع أب الأم قيد ومن لم يخلف وارثًا غير وارث ... قريب رقيق لم يرثه بأوك ميراث الحمل س48: تكلم بوضوح عن الحمل وميراثه، ومتى تقسم التركة، وما الذي يوقف له، ومن الذي يدفع له إرثه، والذي لا يدفع له، ومتى يأخذ نصيبه، وإذا زاد أو بقى شيء فما الحكم، ومتى يرث، وإذا ظهر بعضه فاستهل، أو انفصل ميتا فما الحكم إذا اختلف ميراث توأمين، أو مات كافر عن حمل منه، أو من كافر غيره فما الحكم، متى يرث الصغير المحكوم بإسلامه وإذا خلف أما مُزَوَّجَة بغير أبيه، وورثة لا تحجب ولدها فما الحكم، ومن هي المرأة القائلة إن ألد ذكرا لم يرث ولم أرث وإلا ورثنا، ومن هي القائلة إن ألد أنثى ورثت، وإن ولدت ذكرًا فأكثر أو مع أنثى فأكثر لم يرثوا، وضح ذلك بالأمثلة، وما يتعلق بذلك من المسائل. ج: الحمل بفتح الحاء يطلق على ما في بطن كل حبلى، قال - سبحانه وتعالى - {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا} وقال {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ} . ويطلق على الادخار والخزن قال الله - سبحانه وتعالى - {وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} والمراد هنا ما في بطن الآدمية من ولد يقال امرأة حامل وحاملة إذا كانت حبلى فإذا حملت شيئًا على ظهرها أو رأسها فهي حاملة لا غير، وحمل الشجرة ثمرة بالفتح والكسر. يرث الحمل بلا ناع في الجملة ويثبت له الملك بمجرد

موت مورثه بشرط خروج الحمل حيا فمن مات عن حمل يرثه ومع الحمل أيضًا من يرث، ورضي بأن يوقف الأمر إلى الوضع وقف الأمر إليه وهو الأولى لتكون القسمة مرة واحدة. وإن طلب بقية الورثة أو بعضهم القسمة، لم يجبروا على الصبر ولم يعطوا كل المال ووقف للحمل الأكثر من إرث ذكرين أو أنثيين، لأن ولادة التوأمين كثيرة معتادة، فلا يجوز قسم نصيبهما كالواحد وما زاد عليهما نادر، فلا يوقف له شيء ودفع لمن لا يحجبه الحمل إرثه ودفع لمن يحجبه الحمل حجب نقصان أقل ميراثه. مثال: من مات عن زوجة وابن وحمل، دفع لزوجته الثمن ووقف للحمل نصيب ذكرين، لأنه أكثر من نصيب أنثيين، فتصح المسألة من أربعة وعشرين، للزوجة ثلاثة وللابن سبعة ويوقف للحمل أربعة عشر، ثم بعد الوضع تتضح المسألة بإذن الله. وإن مات عن زوجة حامل منه وأبوين، فالأكثر هنا إرث أنثيين، فتعول المسألة إلى سبعة وعشرين، وتعطى الزوجة منها ثلاثة، وكل واحد من الأبوين أربعة، ويوقف للحمل ستة عشر، حتى يظهر أمره، وإن خلف زوجة حاملاً منه فقط، لم يدفع إليها سوى الثمن، لأنه اليقين. ولا يدفع لمن يسقطه الحمل شيء من التركة مثال ذلك: مات ميت عن زوجة حامل منه، وعن أخوة وأخوات، فلا يعطون شيئًا، لاحتمال كون الحمل ذكرًا، وهو يسقط الأخوة والأخوات، فإذا ولد الحمل أخذ نصيبه من الموقوف، ورد ما بقي لمستحقه.

قال في الفارضية: مَنْ مَاتَ عَنْ حَمْلٍ وَوَارِثٍ مَعَهْ وَقَدْ أَبَى الصَّبْرَ إلَى أَنْ تَضَعَهْ أَوْقِفْ لَهُ الأكْثَرَ مِنْ إرْثٍ يُرَى لاثْنَيْنِ أَوْ اثْنَتَيْنِ حَتَّى يَظْهَرَا وَحَيْثُ يَسْتَحِقُّ دُونَ مَا وُقِفْ فَرُدَّ زَائِدًا لِذِي حَقٍّ عُرِفْ وَعَكْسُهَا بِعَكْسِهَا وَإِنْ مَنَعْ وَارِثًا الْحَمْلُ فَأَهْمِلْهُ وَدَعْ كَمَنْ يَمُوتُ عَنْ فَتَاةٍ حَامِلِ وَإِخْوَةٍ فَصُدَّهُمْ عَنْ نَائِلِ وإن أعوز شيء بأن ولدت أكثر من ذكرين، كأن ولدت ثلاثة أو أربعة، رجع على من هو في يده بباقي ميراثه، ومتى زادت الفروض على الثلث، فإرث الأنثيين أكثر، وإن نقص فميراث الذكرين أكثر، وإن استوت كأبوين وحمل استوى ميراث الذكرين والأنثيين. وربما لا يرث الحمل إلا إذا كان أنثى، كزوج وأخت لأبوين وامرأة أب حامل، وقف له سهم من سبعة، وربما لا يرث إلا إذا كان ذكرا، كبنت وعم وامرأة أخ لغير أم حامل، فيوقف له ما فضل عن فرض البنت وهو نصف، فإن ظهر ذكرًا أخذه وأنثى أخا، العم. ويرث الحمل ويورث عنه ما ملكه بإرث أو وصية إن استهل صارخًا بعد وضعفه كله، لحديث أبي هريرة مرفوعًا: «إِذا استهل المولود صارِخًا وُرِّثَ» رواه أحمد وأبو داود والاستهلال رفع الصوت بالبكاء قال الشاعر:

لما تؤذن الدنيا به من صروفها ... يكون بكاء الطفل ساعة يولد وقوله صارخًا حال مولده كقوله - سبحانه وتعالى - {وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} وقوله {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا} . ويرث إذا تنفس وطال زمن التنفس، أو عطس أو ارتضع أو تحرك حركة طويلة، وكسعال ونحوها، لدلالة هذه الأشياء على الحياة المستقرة، فيثبت له حكم الحي، كالمستهل بخلاف حركة يسيرة، كاضطراب يسير، لأنه لا يعلم استقرار حياته، لاحتمال كونها كحركة مذبوح. وإن ظهر بعض الجنين فاستهل بأن صوت ثم انفصل ميتًا فلا يرث. وإن اختلف ميراث توأمين بالذكورة والأنوثة، بأن كانا من غير ولد الأم، واستهل أحدهما دون الآخر، وأشكل المستهل منهما، فجهلت عينه أخرج وعين بقرعة، كما لو طلق إحدى نسائه ونسيها. ولو مات كافر بدارنا عن حمل منه، لم يرث لحكمنا بإسلامه قبل وضعه، وكذا لو مات كافر عن حمل من كافر غيره، كأن يخلف كافر أمه حاملاً من غير أبيه، فتسلم الأم أو أبو الحمل قبل وضع الحمل، فلا يرث أخاه لأمه الكافر لما تقدم. ويرث صغير حكم بإسلامه بموت أحد أبويه بدارنا من الذي حكم بإسلامه بموته، لأن المنع من الإرث المترتب على اختلاف الدين مسبوق بحصول الإرث مع الحكم بالإسلام عقب الموت. ومن خلف أمًا مزوجة بغير أبيه، وخلف ورثة لا تحجب ولد

الأم بأن لم يخلف ولدا، ولا ولد ابن، ولا أبا ولا جدا، لم توطأ الأم حتى تستبرأ ليعلم أحامل هي حين موت ولدها فيرث منه حملها أولا، وكذا حرة تحت عبد وطئها وله أخ حر فمات أخوه الحر، فيمنع أخوه من وطئ زوجته حتى يتبين أهي حامل أو لا ليرث الحمل من عمه، ويلغز بها فيقال امرأة مزوجة بنكاح صحيح، وهي غير حائض ولا نفساء، ولا مظاهر منها ولا مالك لأختها ومع ذلك يحرم على زوجها وطؤها. وإن وطئت من وجب استبراؤها. لذلك ولم تستبرأ فأتت بولد بعد نصف سنة من وطئه، لم يرث الميت لاحتمال حدوثه بعد موته. وإن أتت به لدون نصف سنة من موته، ورثه، وكذا إن كف عن وطئها وأتت به لأربع سنين فأقل، لأن الظاهر أنها كانت حاملاً به حال الموت. والقائلة إن ألد ذكر لم يرث ولم أرث، وإن لم ألد ذكرًا بل ولدت أنثى، هي أمة حامل من زوج حر، قال لها سيدها قبل موت زوجها أبي الحمل، إن لم يكن حملك ذكرًا فأنت وهو حران، فإن كان حلها أنثى فأكثر، تبين عتقها، فيرثان منه. ومن كانت حاملاً من ابن عمها ومات، ثم مات جدها، عن بنتين وعنها، فهي القائلة إن ولدت ذكرًا ورثنا لا أنثى. ومن خلفت زوجًا وأمًا وأخوة لأم، وامرأة أب حامل، فهي القائلة إن ألد أنثى ورثت، لأنها ذات فرض مع الورثة المذكورين، فيلغز بها، فإن كان الحمل ذكرًا فلا، لأنه عصبة فيسقط، لاستغراق الفروض التركة، وكذا لو كانت الأم في المثال هي الحامل، بناء على أن العصبة الشقيق يسقط في المشركة.

من النظم الفقهي: وإن كان في الوراث حمل فقف له ... نصيب غلامين انتظارًا لمولد إذا حاز حظ الأنثيين فإن يزد ... نصيب أنثيين اجعله وقفًا وأرصد وذا في أصول العول إن عز فهمه ... عليك اطلبن تصويره ثم ترشد وما ليس محجوبًا يقينك أعطه ... ولا تعط محجوبًا به بل ليطرد فإن يولد الحمل أعطه حظه وما ... تبقى من الموقوف في أهله اردد ومبدؤه أسباب الحياة مورث ... تنفس باك عطس مرتضع صدي وألغ اختلاجًا مع يسير تحرك ... كذا موته قبل انفصال بأوكد وبالقرعة اترك مستحقًا إذا توى ... كتوأمة إن أشكل الأمر ترشد ومن ألحقته قافة بجماعة ... بدعواهم أوقافة لا تزيد عن إرث أب للكل وامنحه حقه ... كميلاً ولا تنقصه من كل مفرد وليس لحمل من أب كافر متى ... يمت حصة في الإرث في نص أحمد كذاك وإن من غيره وارثًا له ... فتسلم قبل الوضع أم المولد

س49: من هو المفقود، وماذا يعمل نحوه، وإذا أتى بعد أن أيس منه، أو مات مورثه، فكيف العمل، وإذا كان له مال فهل يزكى، وهل يقضى منه دينه، وإذا بان أنه ميت لكن لم يتحقق أنه قبل موت مورثه، أو تعدد المفقود فما الحكم، وما حكم من أشكل نسبه، وما هي أحوال المفقود فما الحكم، وما حكم من أشكل نسبه، وما هي أحوال المفقود، وإذا قال عن ابني أمتيه أحدهما ابني، فهل يثبت نسبه، وكيف العمل، وهل تستعمل القرعة، وهل يرث من عتق بها، وضح ذلك ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر المحترزات والقيود، والأدلة والتعليلات، والخلاف والترجيح.

ميراث المفقود س49: من هو المفقود، وماذا يعمل نحوه، وإذا أتى بعد أن أيس منه، أو مات مورثه، فكيف العمل، وإذا كان له مال فهل يزكى، وهل يقضى منه دينه، وإذا بان أنه ميت لكن لم يتحقق أنه قبل موت مورثه، أو تعدد المفقود فما الحكم، وما حكم من أشكل نسبه، وما هي أحوال المفقود فما الحكم، وما حكم من أشكل نسبه، وما هي أحوال المفقود، وإذا قال عن ابني أمتيه أحدهما ابني، فهل يثبت نسبه، وكيف العمل، وهل تستعمل القرعة، وهل يرث من عتق بها، وضح ذلك ومثل لما لا يتضح إلا بالتمثيل، واذكر المحترزات والقيود، والأدلة والتعليلات، والخلاف والترجيح. ج: المفقود لغة من الفقد وهو من فقدت الشيء إذا طلبته فلم تجده، أو أضعته، قال الله - سبحانه وتعالى - {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ} واصطلاحًا هو الغائب الذي انقطع خبره وخفي أثره فلاتعلم له حياة ولا موت. ويترتب على ذلك أحكام منها أنها لا تزوج امرأته ولا يورث ماله ولا يتصرف في استحقاقه، إلى أن يعلم حاله ويظهر أمره من موت أو حياة أو تمضي مدة يغلب على الظن أنه مات فيها ويحكم القاضي بموته، فقد أثبتوا له الحياة باستصحاب الحال الذي هو الأصل، وهو بقاء ما كان على ما كان حتى يظهر خلافه قال علي - رضي الله عنه - في امرأة المفقود هي امرأة ابتليت فلتصبر لا تنكح حتى يأتيها يقين موته. من انقطع خبره لغيبة ظاهرها السلامة كأسر، فإن الأسير عند الكفار معلوم من حاله أنه غير متمكن من المجيء إلى أهله، وكمسافر لتجارة فإن التاجر قد يتعلق بمشاكل ويشتغل بالتجارة عن العود إلى أهله، وكسياحة، فإن السائح قد يختار المقام ببعض البلاد البعيدة عن بلده، وكمسافر

لطلب علم أو نحو ذلك، فهذا ينتظر به تتمة تسعين سنة منذ ولد، لأن الغالب أنه لا يعش أكثر من هذا. وقيل ينتظر به حتى يتيقن من موته فلا يقسم ماله ولا تتزوج امرأته حتى يعلم موته أو تمضي مدة لا يعيش مثلها، وذلك مردود إلى اجتهاد الحاكم وهذا قول الشافعي ومحمد بن الحسن وهو المشهور عن مالك وأبي حنيفة وأبي يوسف، لأن الأصل أنه حي والتقدير لا يصار إليه إلا بالتوقيف ولا توقيف ها هنا، فوجب التوقف عنه وهذا القول هو الذي تطمئن إليه نفسي والله - سبحانه وتعالى - أعلم. الحالة الثانية: من أحوال المفقود، أن يكون الغالب على فقده الهلاك كمن غرق في مركب فسلم قوم دون قوم، أو ركب في طائرة وسقطت، أو سيارة وانقلبت، أو حصل حريق فاحترق قسم منهم، وهو في محل الحريق، أو فقد في مفازة مهلكة، وكالذي يفقد بين الصفين حال الحرب، أو يفقد من بين أهله، أو يخرج إلى حاجة قريبة فلا يعود. انتظر به تمام أربع سنين منذ فقد، ثم يقسم ماله، لأنها مدة يتكرر فيها تردد الناس مسافرين وغير مسافرين، فانقطاع خبره عن أهله مع غيبته على هذا الوجه يغلب على الظن الهلاك، إذ لو كان باقيًا لم ينقطع خبره إلى انتهاء تلك المدة، ولاتفاق الصحابة - رضي الله عنهم - على اعتداد امرأته بعد تربصها هذه المدة، وحلها للأزواج بعد ذلك. ويزكى مال المفقود قبل قسمه لما مضى، لأن الزكاة حق واجب في المال، فيلزم أداؤه، ولا يرثه إلا لإحياء من ورثته وقت الحكم بموته، لأن من شروط الإرث تحقق حياة الوارث عند موت المورث، وهذا الوقت بمنزلة وقت موته. وإن قدم المفقود بعد قسم ماله، أخذ ما وجده من المال

بعينه بيد الوارث أو غيره، لأنه قد تبين عدم انتقال ملكه عنه، ورجع على من أخذ الباقي بعد الموجود بمثل مثلي، وقيمة متقوم، لتعذر رد بعينه، وإن حصل لأسير من وقف شيء تسلمه وحفظه وكيله، ومن ينتقل إليه بعده جميعًا ذكره الشيخ تقي الدين. فإن مات من يرثه المفقود في زمن التربص وهي المدة التي قلنا ينتظر به فيها، أخذ من تركة الميت كل وارث غير المفقود اليقين، وهو ما لا يمكن أن ينقص عنه مع حياة المفقود أو موته فإن بان المفقود حيا يوم موت مورثه، فله حقه، لأنه قد تبين أنها له، والباقي لمستحقه من الورثة، وإن بان المفقود ميتًا، ولم يتحقق أنه قبل موت مورثه، فالموقوف لورثة الميت الأول. وقيل إنه إذا لم يعلم موت المفقود حين موت مورثه، فالحكم فيما وقف له كبقية ماله، فيورث عنه، ويقضي منه دينه في مدة تربصه، وينفق منه على زوجته وبهيمته، لأنه لا يحكم بموته، إلا عند انقضاء زمن تربصه. والأول هو الذي تطمئن إليه النفس لأنه مشكوك في حياته حين موت مورثه فلا يرث بالشك كالجنين والله - سبحانه وتعالى - أعلم. وطريق العمل في معرفة اليقين أن تعمل المسألة على أن المفقود حي وتصححها، ثم تعل المسألة على أنه ميت وتصححها ثم تضرب أحداهما بالأخرى أن تباينتا، أو تضرب أحداهما في وفق الأخرى إن اتفقتا، وتجتزئ بأحداهما أن تماثلتا، وتجتزئ بأكثرهما إن تداخلتا. وفائدة هذا العمل: تحصيل أقل عدد ينقسم على المسألتين ليعلم اليقين، وتدفع لكل وارث اليقين، وهو أقل النصيبين، لأن ما زاد عليه مشكوك فيه في استحقاقه له.

ومن سقط في إحدى المسألتين لم يأخذ شيئًا لأن كلا من تقدير الحياة أو الموت معارض باحتمال ضده، فلم يكن له شيء متيقن. ومن أمثلة ذلك لو مات زيد وخلف ابنه خالد المفقود، وزوجة وأمًا وأخًا، فالمسألة على تقدير الحياة من أربعة وعشرين، للزوجة ثلاثة، وللأم أربعة وللمفقود سبعة عشر، ولا شيء للأخ. وعلى تقدير الموت من اثني عشر، للزوجة ثلاثة، وللأم أربعة، وللأخ خمسة، والمسألتان متناسبتان، فتجتزئ بأكثرهما، وهي أربعة وعشرين، للزوجة منها على تقدير الحياة ثلاثة، وهي الثمن من أربعة وعشرين. وعلى تقدير الموت لها الربع ثلاثة من اثني عشر، مضروبة في مخرج النسبة بين المسألتين وهي اثنان، لأن نسبة الاثني عشر إلى الأربعة والعشرين نصف، ومخرج النصف اثنان، والحاصل من ضرب اثنين في ثلاثة ستة، فتعطيها الثلاثة، لأنها أقل، وللأم على تقدير الحياة أربعة من أربعة وعشرين، وهي السدس، وعلى تقدير الموت أربعة من اثني عشر في اثنين بثمانية، فتعطيها الأربعة، وللأخ من مسألة الموت وحدها خمسة في اثنين بعشرة، ولا شيء له من مسألة الحياة، فلا تعطه شيئًا، وتقف السبعة عشر، وتقدم توضيح ذلك قريبًا. مثال آخر: زوج وأم وأختان لأب، وأخ لأب مفقود، مسألة الحياة من اثني عشر، للزوج ستة وللأم اثنان وللأخ لأب اثنان ولكل أخت واحد، ومسألة الموت أصلها من ستة، وتعول إلى ثمانية للزوج منها ثلاثة، وللأم واحد، وللأختين أربعة، فننظر بين المسألتين، فنجد بينهما موافقة بالربع، فنأخذ وفق الثمانية اثنين، ونضربه في الثانية اثني عشر، تبلغ أربعة وعشرين، وهي الجامعة.

فإذا قسمنا الجامعة على مسألة الحياة، يخرج جزء سهمها اثنان، فنضربه في سهام كل وارث منها، فللزوج ستة، نضربها في جزء سهمها اثنان، باثني عشر، وللأم اثنان، مضروب باثنين بأربعة، ولكل أخت اثنان. فإذا قسمنا الجامعة على مسألة الموت، خرج جزء سهمها ثلاثة، اضربه فيما لكل وارث، يحصل للزوج تسعة، وللأم ثلاثة، ولكل أخت ستة، فالأضر في حق الزوج والأم، موت المفقود، وفي حق الأختين حياته، فيدفع للزوج تسعة، وللأم ثلاثة، ولكل أخت اثنان. ويوقف ثمانية، حتى يتبين أمر المفقود، فإن ظهر حيًا، فله من الموقوف أربعة، ويدفع للزوج ثلاثة، وللأم واحد، وإن ظهر المفقود ميتًا، دفع الموقوف كله للأختين، لكل واحدة أربعة، ولا شيء للزوج والأم. ومثالها ما يلي: 12/2 8/3 ... 24 ... زوج ... زوج أم ... أم أخت لأب ... أخت لأب أخت لأب ... أخت لأب أخ لأب مفقود ... ... ... ... ... ... ... 8 مثال آخر غير ما قدم أولاً لتقدير حياة المفقود: بنتان، وبنت ابن، وابن ابن مفقود وعم، فللبنتين الثلثان بكل تقدير وأما بنت الابن فتسقط بتقدير موت ابن الابن لاستغراق البنتين الثلثين، وبتقدير حياته يعصبها في الباقي فلا يدفع لبنت الابن شيء، لأن الأضر في حقها موت ابن الابن فإن ظهر حيا فالثلث الموقوف بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين وإن ظهر

ميتًا فالباقي للعم ومثالها ما يلي: 9/1 3/3 9 ... بنت ... بنت بنت ... بنت بنت ابن ... بنت ابن ابن ابن مفقود عم ... عم ... ... ... ... ... ... ... 3 ففي هذا المثال جمع من لا يختلف ميراثه وهم البنات ومن يرث بتقدير، وهما بنت الابن والعم فبنت الابن ترث بتقدير حياة المفقود، والعم يرث بتقدير موته ومثال من لا يختلف نصيبه بحسب وجود المفقود وعدمه، زوج وعم وأخوان لأم وأخ لأب مفقود، مسألة الحياة من ستة للزوج النصف ثلاثة وللأخوة لأم الثلث اثنان والباقي للأخ لأب المفقود، ومسألة الموت كذلك من ستة فبين المسألتين تماثل نكتفي بأحدهما، فتصح من ستة، فنصيب الزوج والأخ لأم لم يختلف بحسب وجود المفقود وعدمه وصورتها ما يلي: 6/1 6/1 ... 6 ... زوج ... زوج أخ لأم ... أخ لأم أخ لأم ... أخ لأم أخ لأب مفقود عم ... عم ... ... ... ... ... ... 1 مثال آخر لمن يرث بتقدير دون تقدير: زوج وأم، وأخ لأب، وأخ شقيق مفقود، فمسألة الحياة من ستة، للزوج النصف ثلاثة وللأم السدس واحد والباقي للأخ الشقيق، ومسألة الموت من ستة، للزوج النصف ثلاثة وللأم الثلث اثنان والباقي للأخ للأب، ومثالها ما يلي:

6/1 6 ... 6 ... زوج ... زوج أم ... أم أخ شقيق مفقود أخ لأب ... أخ لأب 2 ولباقي الورثة إن يصطلحوا على ما زاد عن نصيب المفقود فيقتسموه، لأن الحق فيه لا يعدوهم، كأخ مفقود في الأكدرية بأن ماتت أخت المفقود زمن تربصه، عن زوج وأم وأخت وجد وأخيها المفقود، فمسألة الحياة من ثمانية عشر، للزوج تسعة وللأم ثلاثة وللجد ثلاثة وللأخت لغير أم واحد، وللمفقود اثنان. ومسألة الموت من سبعة وعشرين، للزوج تسعة وللأم ستة وللجد ثمانية وللأخت أربعة، وبين المسألتين موافقة بالاتساع، فنضرب تسع أحدهما في الأخرى تبلغ أربعة وخمسين، للزوج ثلث المال ثمانية عشر وللأم سدس المال، لأنه أقل ما ترثه من المسألتين وللجد تسعة، وهي السدس من مسألة الحياة، لأنه أقل ما يرثه في الحالين، وللأخت من مسألة الحياة ثلاثة، لأن لها من ثمانية عشر واحد في ثلاثة وفق السبعة والعشرين، لأنها اليقين. ويبقى خمسة عشر موقوفة حتى يتبين الحال، أو تمضي مدة التربص للمفقود، بتقدير حياته ستة، لأنه له مثلا ما للأخت، وتبقى تسعة زائدة عن نصيب المفقود بين الورثة لا حق له فيها، فلهم أن يصطلحوا عليها، لأنها لا تخرج عنهم. وللورثة أن يصطلحوا على كل الموقوف إذا لم يكن للمفقود فيه حق، بأن يكون المفقود ممن يحجب غيره من الورثة، ولا يرث كما لو خلف الميت أما وجدا وأختًا لأبوين وأختا لأب مفقودة، فعلى تقدير الحياة للأم السدس، والباقي بين الجد والأختين على أربعة.

وتصح من أربعة وعشرين، للأم السدس أربعة، وللجد عشرة، ولكل واحدة من الأختين خمسة، ثم تأخذ الأخت من الأبوين ما سمي لأختها، فيصير معها عشرة، لما تقدم في مسائل المعادة. وعلى تقدير الموت، للأم الثلث، ويبقى الثلثان بين الجد والأخت على ثلاثة، وتصح من تسعة للأم ثلاثة وللجد أربعة، وللأخت سهمان، وبين المسألتين توافق بالأثلاث، فاضرب ثلث إحداهما في الأخرى، يبلغ اثنين وسبعين، للأم اثنا عشر وللجد ثلاثون، وللأخت ستة عشر، يبقى أربعة عشر، موقوفة بينهم لا حق للمفقود فيها. وكذا إن كان المفقود أخًا لأب عصب أخته مع زوج وأخت لأبوين، فمسألة الحياة من اثنين، للزوج واحد وللشقيقة واحد. ومسألة الموت من ستة وتعول إلى سبعة، للزوج ثلاثة وللشقيقة ثلاثة وللأخت لأب واحد فتضرب اثنين في سبعة للتباين بأربعة عشر للزوج ستة وللشقيقة ستة يبقى اثنان موقوفان لا حق للمفقود فيها ومن أشكل نسبه فكمفقود ومفقودان فأكثر كخناثي في التنزيل بعدد أحوالهم لا غير دون العمل في الحالين. فزوج وأبوان وبنتان مفقودتان، فمسألة حياتهما من خمسة عشر وحياة إحداهما من ثلاثة عشر وموتهما من ستة، فاضرب ثلث الستة في خمسة عشر ثم الثلاثة عشر، تكن ثلاثمائة وتسعين، ثم تعطى الزوج والأبوين حقوقهم من مسألة الحياة مضروبًا في اثنين ثم في ثلاثة عشر وتقف الباقي.

وإن كان في المأسة ثلاثة مفقودون عملت لهم أربع مسائل وإن كان أربعة، عملت لهم خمس مسائل وعلى هذا فقس، وإن حصل لأسير شيء من ريع وقف عليه حفظه وكيله، ومن ينتقل الوقف إليه ولا ينفرد أحدهما بحفظه. باب: ميراث المفقود وفي مدة المفقود قولان واحد ... بتسعين عامًا فانتظر ذاك وارصد وأولها من وقت مولده احسبن ... وأجله في الثاني بدهر مؤبد يكون انقضا التأجيل بالمدة التي ... يشير إليها حاكم ذو تقلد وقد قيل عشر الألف مع خمس عشرة ... سنين ارقب المفقود من حين مولد وهذا لمرجو الحياة بأوكد ... كتاجرنا أو سائح متزهد وأما الذي بالفقد يخشى هلاكه ... كمختطف من بين أهل مفقد وفي لحجة والزحف أوبر حجة ... فأجل سنينًا أربعًا حمل نهد وأولها من حين تقدير فقده ... على كل تقدير بغير تردد وزوجته تعتد بعد انقضائها ... وتنكح والميراث قسم وأصفد وعن أحمد قسمه من قبل عدة ... وذي منتقى للحكم بالموت فاشهد وعن أحمد يحتاج تفريق حاكم ... إذا ما انقضى ما قدرا من معدد

وعن أحمد فيه التوقف وادفعن ... لشركته في إرث تاو ملحد يقينا وقف باق وما بان حاله ... لدى موت موروث له احكم به قد فيعمل عند القسم طورًا كميت ... وطورًا كحي ثم صحح كما بدي وتعطي الأقل افهم لذي الإرث منهما ... ومن يلغ في إحداهما امنعه واطرد وللباقي من وراثه اقسمه زائدًا ... على حظه أو كله أن يصدد وإلا فقسمه على مدعاهم ... جميعًا تزل ما بينهم من تنكد وقيل اقسمن واجعله حيا ولا تقف ... سوى حظه إن كان ذا حظه اشهد وخذ من فتى معه احتمال زيادة ... ضمينًا بها تحتط على المتجود فإن لم يبن في مدة الوقف حاله ... فقسم على وراثه في المؤطد وقيل على وارث موروثه فلا ... تنفق إذا في واجب عنه يعتد وإن بان حيًا يوم موت قريبه ... وميتًًا على ذاك اعملن لا تحيد وذو نسب قد ضاع قبل بيانه ... بقافته مثل الفقيد ليعدد

س50: تكلم بوضوح عن الخنثى لغة واصطلاحا وبين أقسامه، وبأي شيء يعتبر وبأي شيء يتبين حاله وإذا مات ولم يتبين أو بلغ ولم يتبين، فما الحكم وهل يكون أبا أو أما أو جدا أو جدة، وهل ينحصر أشكاله في الإرث وبماذا، وماذا يعطى إذا رجى انكشاف حاله، وهل يعطي من سقط بالخنثى شيئا، وضح ذلك ومثل له، وما هي حالاته إذا لم يرج انكشاف حاله؟

ميراث الخنثى س50: تكلم بوضوح عن الخنثى لغة واصطلاحًا وبين أقسامه، وبأي شيء يعتبر وبأي شيء يتبين حاله وإذا مات ولم يتبين أو بلغ ولم يتبين، فما الحكم وهل يكون أبًا أو أمًا أو جدًا أو جدة، وهل ينحصر أشكاله في الإرث وبماذا، وماذا يعطى إذا رجى انكشاف حاله، وهل يعطي من سقط بالخنثى شيئًا، وضح ذلك ومثل له، وما هي حالاته إذا لم يرج انكشاف حاله؟ ج: الخنثى مأخوذ من الانخناث وهو التثني والتكسر أو من قولهم خنث الطعام إذا اشتبه أمره فلم يخلص طعمه. والخنثى هو من له فرج ذكر وفرج أنثى أو له ثقب فقط، والمقصود إرث المشكل وارث من معه ولا يكون الخنثى أمًا ولا أبًا ولا جدًا ولا جدة. لأن كل واحد من هؤلاء متضح أمره ولا يكون زوجًا ولا زوجة، لأنه لا يصح تزويجه قبل وضوح أمره. وأقسام الخنثى اثنتان: مشكل وغير مشكل فغير المشكل من ظهرت فيه علامات الرجال أو النساء، وحكمه في الإرث وسائر أحكامه حكم ما ظهرت علاماته فيه، والذي لا علامة فيه مشكل. وللخنثى حالتان: حالة يرجى فيها اتضاحه من ذكورية أو أنوثية، والحالة الثانية لا يرجى اتضاحه، وذلك فيما إذا

مات صغيرًا أو بلغ علامة، والأمور التي تتضح بها حاله هي أولاً البول، وهو أعم العلامات لوجوده من الصغير والكبير وبقية العلامات إنما توجد بعد الكبر. فإن بال من آلة الذكر فغلام، وإن بال من آلة الأنثى فأنثى لأن البول دليل على أنه الأصلي الصحيح، والآلة الأخرى زائدة بمنزلة العيب، لأن من خواص ذلك العضو خروج البول منه، وذلك يبدؤه عند انفصاله من أمه وما سواه يحدث بعده فتبين بذلك أنه الأصلي. وإن بال منهما فالعبرة بالأسبق بخروج البول منه في كل مرة، لأن سبق البول إليه دليل على أنه الأصلي، فإن استويا في السبق، فيعتبر بالذي يخرج منه أكثر من الآخر، لأن الكثرة معتبرة في مسائل كثيرة، فإن استويا في السبق والكثرة، بقي مشكلاً إلى أن تظهر عليه العلامات الأخر عند البلوغ. ومنها ما يختص بالرجال، وهي نبات اللحية وخروج المني من ذكره، فإذا وجد فيه واحدة فه ذكر، ومنها ما يختص بالنساء وهي الحيض والحمل وتفلك الثديين، فإذا وجد فيه واحدة، فهو أنثى ويزول الإشكال. ففي حالة ترجى انكشاف حاله وهو الصغير، عومل هو ومن معه من الورثة بالأضر، فيعطى ما يرثه على كل تقدير ومن سقط به في إحدى الحالتين لم يعط شيئًا ويوقف الباقي حتى يبلغ، فتظهر فيه علامات الرجال أو النساء. الحالة الثانية: أن لا يرجى انكشاف حاله بأن يموت صغيرًا أو بلغ بلا أمارة، وله في ذلك حالات: الأولى: أن يرث بتقدير كونه ذكرًا فيعطى نصف ميراث

ذكر ومثاله، زوج وبنت وولد أخ خنثى، فتصح المسألة من ثمانية، لأن مسألة الذكورية من أربعة، ومسألة الأنوثية من أربعة أيضًا، للزوج الربع واحد، والباقي للبنت فرضًا وردًا والأربعة أيضًا، متماثلان، فنكتفي بأحدهما ونضربها في اثنين عدد حالتي الأخنثي، يحصل ما ذكر، للزوج سهمان وللبنت خمسة وللخنثى سهم. الحالة الثانية: أن يرث بكونه أنثى فقط فيعطى نصف ميراث أنثى مثاله، زوج وأخت شقيقة وولد أب خنثى، فمسألة الذكورية من اثنين، ومسألة الأنوثية من سبعة بالعول وهما متباينان وحاصل ضر اثنين في سبعة أربعة عشر تضربها في الحالتين وتصح من ثمانية وعشرين. للخنثى سهمان، لأن له من السبعة واحدًا في اثنين باثنين ولا شيء له من الاثنين، ولكل واحد من الآخرين ثلاثة عشر، لأن لكل واحد منهما واحدًا من اثنين في سبعة بسبعة، وثلاثة من سبعة في اثنين بستة ومجموعهما ما ذكر. وإن ورث بالذكورة والأنوثة متساويًا كولد أم، فله السدس بكل حال وإن ورث بهما الخنثى وهو معتق فعصبة مطلقًا، لأنه إما ذكر أو أنثى والمعتق لا يختلف ميراثه من عتيقه بذلك. وإن ورث الخنثى بالذكورة والأنوثة متفاضلاً، عملت المسألة على أن الخنثى ذكر ثم عملتها على أنه أنثى، ويسمى هذا المذهب مذهب المنزلين. ثم تضرب إحدى المسألتين في الأخرى إن تباينتا أو تضرب وفق إحدى المسألتين في الأخرى إن توافقتا، وتجتزئ بإحدى المسألتين إن تماثلتا أو تجتزئ بأكثرهما إن تناسبتا،

وتضرب الجامعة للمسألتين، وهو حاصل ضرب إحدى المسألتين في الأخرى في التباين، أو في وفقها عند التوافق وأحد المتماثلين وأكثر المتناسبين في اثنين، أي تضربها في اثنين عدد حالي الخنثى. ثم من له شيء من إحدى المسألتين، اضربه في الأخرى في التباين وفي التوافق وتجمع من له شيء من المسألتين إن تماثلتا أو تناسبت المسألتان، فمن له شيء من أقل العددين فهو مضروب في مخرج نسبة أقل المسألتين إلى الأخرى. فتنظر نسبة الصغرى للكبرى إن كانت ثلث الكبرى أو نصفها ونحوها، وتضرب ما له من الصغرى في مخرج هذا الكسر، فإن كان ثلثا تضربه في ثلاثة أو ربعًا في أربعة وهكذا. ثم تجمع حاصل الضرب مع ما له من الكبرى بلا ضرب وتضعفه، هكذا تفعل في نصيب كل وارث، ثم يضاف حاصل الضرب إلى ما له من أكثرهما إن تناسبتا، فما اجتمع فهو له. فإذا كان ابن وبنت وولد خنثى مشكل، فمسألة الذكورية من خمسة ومسألة الأنوثية من أربعة، والخمسة والأربعة بينهما تباين فنضرب إحداهما في الأخرى للتباين، تكن عشرين ثم نضرب العشرين في الحالتين، أي في اثنين عدد حال الذكورة والأنوثة تبلغ أربعين، ومنها تصح. للبنت سهم من أربعة في خمسة بخمسة، ولها سهم من خمسة في أربعة بأربعة، يحصل لها تسعة، وللذكر سهمان من أربعة في خمسة بعشرة وله سهمًا من خمسة في أربعة بثمانية، يجتمع له ثمانية عشر، وللخنثى من مسألة الأنوثية سهم في خمسة، وهي مسألة الذكورية وله سهمان من خمسة في أربعة بثمانية، يجتمع له ثلاثة عشر وهذا مثال التباين.

والمثال الآخر للمباينة فيما إذا كان يرجى اتضاح حاله: أن يموت شخص عن ثلاثة بنين وولد خنثى، فمسألة الذكورية من أربعة، ومسألة الأنوثية من سبعة وبينهما مباينة، فاضرب إحداهما في الأخرى، فتصح الجامعة من ثمانية وعشرين. ثم تقسم فالأضر في حق الواضحين أن يكون الخنثى ذكرًا فتعطيه من مسألة الذكورية واحدًا، مضروبًا في مسألة الأنوثية سبعة بسبعة، والأضر في حق الخنثى كونه أنثى فتعطيه من مسألة الأنوثية واحدًا مضروبًا في مسألة الذكورية أربعة بأربعة، ويبقى ثلاثة، فإن اتضح أنه ذكر أخذها، وإن اتضح أنه أنثى ردت الثلاثة على إخوانه، فيكون لكل واحد منهم ثمانية وله أربعة، وهذه صورتها: 4/7 7/4 الجامعة ... ذكورة أنوثة 28 ابن ابن ابن خنثى ... ... 3 ومثال التوافق: زوج وأم وولد أب خنثى مشكل، مسألة ذكوريته من ستة، للزوج ثلاثة وللأم اثنان ولولد الأب الباقي. ومسألة أنوثته من ستة، وتعول إلى ثمانية، للزوج ثلاثة وللأم سهمان وللخنثى ثلاثة، وبين المسألتين موافقة بالأنصاف فاضرب ستة في أربعة للتوافق تكن أربعة وعشرين. ثم اضربها في حالين اثنين تكن ثمانية وأربعين ثم اقسمها للزوج من الستة ثلاثة في أربعة وله من الثمانية ثلاثة في ثلاثة

س51: إذا تعدد الخناثي فما العمل، وإذا صالح الخنثى المشكل من معه من الورثة على ما وقف له فما الحكم، وما حكم من ليس له ذكر ولا فرج ولا فيه علامة ذكر ولا أنثى؟

فله أحد وعشرون، وللأم اثنان من ستة في أربعة، واثنان من ثمانية في ثلاثة أربعة عشر. وللخنثى واحد من ستة في أربعة وثلاثة من ثمانية في ثلاثة يحصل له ثلاثة عشر. ومثال التماثل: (زوجة وولد خنثى وعم) مسألة ذكورته من ثمانية، للزوجة واحد، وللخنثى بتقديره ذكر سبعة، ولا شيء للعم ومسألة تقديره أنثى من ثمانية أيضًا، للزوجة واحد، وللخنثى أربعة وللعم الباقي ثلاثة. فنجتزئ بأحدهما للتماثل وتضربها في حالين، تكن ستة عشر، للزوجة اثنان وللخنثى أحد عشر وللعم ثلاثة. ومثال التناسب: أم وبنت وولد خنثى وعم، مسألة الذكورية من ستة مخرج السدس، للأم واحد وللبنت والخنثى ما بقي على ثلاثة، لا ينقسم ولا يوافق، فاضرب ثلاثة في ستة تكن ثمانية عشر. للأم ثلاثة وللبنت خمسة وللخنثى عشرة، ومسألة أنوثته من ستة وتصح منها للأم واحد وللبنت اثنان وللخنثى اثنان، ويبقى للعم واحد، والستة داخلة في الثمانية عشر، فاجتزئ بالثمانية عشر للتناسب واضربها في حالين، تكن ستة وثلاثين ثم اقسمها، للأم من مسألة الذكورية ثلاثة، ومن مسألة الأنوثية واحد مضروب في ثلاثة وهي مخرج الثلث، فلها ستة وللبنت من مسألة الذكورية خمسة ومن مسألة الأنوثية اثنان في ثلاثة بستة، فلها أحد عشر وللخنثى من مسألة الذكورية عشرة، ومن مسألة الأنوثية اثنان في ثلاثة بستة فله ستة عشر وللعم من مسألة الأنوثية واحد في ثلاثة أهـ من المطالب. س51: إذا تعدد الخناثي فما العمل، وإذا صالح الخنثى المشكل من معه من الورثة على ما وقف له فما الحكم، وما حكم من ليس له ذكر ولا فرج ولا فيه علامة ذكر ولا أنثى؟

ج: إذا كان خنثيين فأكثر، نزلتهم بعدد أحوالهم فتجعل للأنثيين أربع أحوال، وللثلاثة ثمانية أحوال، وللأربعة ستة عشر حالاً، وللخمسة اثنين وثلاثين حالاً. وكلما زادوا واحدًا تضاعف عدد أحوالهم وجعل لكل حال مسألة، وانظر بينها وحصل أقل عدد ينقسم عليها، فما بلغ من ضرب المسائل بعضها في بعض مع اعتبار الموافقة والتناسب والتماثل، إن كان اضربه في عدد أحوالهم واجمع ما حصل لهم في الأحوال كلها، مما صحت من قبل الضرب في عدد الأحوال هذا إن كانوا من جهة واحدة، كابن وولدين خنثيين. فلها أربعة أحوال: حال ذكورية وهي من ثلاثة، وحال أنوثية وهي من أربعة، وحال ذكرين وأنثى، وحال ذكرين وأنثى أيضًا من خمسة خمسة، فنضرب ثلاثة في أربعة، والحاصل في خمسة تبلغ ستين، وتسقط الخمسة الثانية للتماثل، ثم تضرب الستين في عدد الأحوال أربعة، تبلغ مائتين وأربعين، للابن في الذكورية ثلث الستين عشرون. وفي مسألة الأنوثية نصفها ثلاثون، وفي مسألتي ذكرين وأنثى خمسان أربعة وعشرون وأربع وعشرون، يجتمع له ثمانية وتسعون، وللخنثيين في مسألة الذكورية الثلثان أربعون، وفي الأنوثة نصفها ثلاثون. وفي مسألة ذكرين وأنثى ثلاثة أخماس ستة وثلاثون، فيكون مجموع ما لهما مائة واثنان وأربعون، لكل خنثى أحد وسبعون. وإن كان الخناثي من جهات، كولد خنثى وولد أخ خنثى وعن خنثى، جمعت ما لكل واحد من الورثة في الأحوال وقسمته على عدد الأحوال، فما خرج بالقسم فهو نصيبه.

س52: تكلم بوضوح عن من خفي موتهم بسب حادث، كالهدم والغرق، أو في معارك القتال ومحلات الانفجار أو سقوط من الجو بطائرة أو نحوها أو حادث سيارة أو غاز أو اختناق أو كهرب أو نحو ذلك، واذكر ما تستحضره من مثال أو دليل أو تعليل أو تقسيم أو تفصيل أو نحو ذلك.

ففي المثال، إن كان الولد وولد الأخ ذكرين فالمال للولد، وإن كانا أنثيين فللولد النصف والباقي للعم، وإن كان الولد ذكرًا وولد الأخ أنثى، فالمال للولد. وإن كان ولد الأخ ذكرًا والولد أنثى، كان للولد النصف والباقي لولد الأخ، فالمسألة في حالين من واحد وفي حالين من اثنين، فنكتفي باثنين ونضربها في عدد الأحوال أربعة تبلغ ثمانية، ومنها تصح للولد المال كله وهو ثمانية في حالين. والنصف وهو أربعة في حالين، ومجموع ذلك أربعة وعشرون، اقسمها على أربعة عدد الأحوال، يخرج له ستة ولولد الأخ أربعة في حال فقط فاقسمها على أربعة، يخرج له واحد وكذلك العم. من خفي موتهم بسبب حادث س52: تكلم بوضوح عن من خفي موتهم بسب حادث، كالهدم والغرق، أو في معارك القتال ومحلات الانفجار أو سقوط من الجو بطائرة أو نحوها أو حادث سيارة أو غاز أو اختناق أو كهرب أو نحو ذلك، واذكر ما تستحضره من مثال أو دليل أو تعليل أو تقسيم أو تفصيل أو نحو ذلك. ج: اعلم أن للغرقى والهدمى ونحوهم خمس حالات: الأولى: أن يعلم موت الأول فيرثه المتأخر إجماعًا. الثانية: أن يعلم موتهم جميعًا في وقت واحد، فلا يرث بعضهم من بعض إجماعًا. الثالثة: أن لا يعلم تأخر ولا تقدم. الرابعة: أن يعلم ثم ينسى. الخامسة: أن يجهل عينه.

ففي الأحوال الثلاث الأخيرة مذهب الأئمة الثلاثة، أنه لا يرث بعضهم من بعض، وإن كل واحد منهم يستقل ورثته بميراثه دون من هلك معه، لفقد أحد شروط الإرث وهو تحقق حياة الوارث بعد موت المورث كما مر. قال الرحبي: وإنْ يَمُتْ قومٌ بهدمٍ أو غرَقْ ... أو حادِثٍ عمَّ الجمِيعَ كالحرَقْ ولم يكنْ يعلمُ عينُ السّابق ... فلا توَرِّثْ زَاهِقًا مِنْ زَاهِقِ واعدُدْهمُ كأنَّهم أجانبُ ... فَهَكذا القولُ السَّدِيدُ الصَّائِبُ وأما عند الحنابلة، فإن اختلف الورثة في تقدم بعضهم على بعض، فإن أثبت بعضهم بينة ثبت، وإن لم يثبت ذلك أو تعارضت بيناتهما تحالفًا ولم يتوارثا، وإن لم يختلفوا في المتقدم ورث كل واحد من الآخر من قديم ماله الذي مات وهو يملكه، ولا يرث من الجديد الذي ورثه من الذي مات معه لئلا يدخله الدور، وصفة ذلك أن يقدر أحدهما مات أولا ويورث الآخر منه. ثم يقسم ما ورثه على الأحياء من ورثته، ثم يصنع بالثاني كذلك، ثم بالثالث على هذه الطريقة هكذا حتى ينتهوا. ففي أخوين أحدهما مولى زيد، والآخر مولى عمر وماتا وجهل أسبقهما، أو علم ثم نسي، أو جهل عينه ولم يدع ورثة واحد سبق موت الآخر، يصير مال كل واحد لمولى الآخر، لأنه يفرض موت مولى زيد أولا فيرثه أخوه، ثم يكون لمولاه ثم يعكس. ففي زوج وزوجة وابنهما، غرقوا أو انهدم عليهم بيت أو

انقلبوا في سيارة أو سقطوا من طائرة أو مسكهم الكهرب جميعًا، أو ثار بهم غاز، فماتوا وجهل الحال ولا تداعي، وخلف الزوج امرأة أخرى غير التي ماتت معه في الحادث. وخلف أيضًا أما، وخلفت الزوجة التي ماتت معه في الغرق ونحوه ابنًا من غيره وأبًا، فتصح مسألة الزوج من ثمانية وأربعين (48) وأصلها أربعة وعشرون، للزوجتين الثمن ثلاثة تباينهما، فتضرب اثنين في أربعة وعشرين يحصل ما ذكر. لزوجته الميتة ثلاثة، وهي نصف الثمن لأبي الزوجة من سهامها الثلاثة سدس، ولابنها الحي ما بقي، فمسألتها من ستة وسهامها ثلاثة فترد مسألتها الستة إلى وفق سهام الزوجة بالثلث وهو اثنين، أي ترد الستة لاثنين ولابن الميت الذي مات معه أربعة وثلاثون من مسألة أبيه، تقسم على ورثة الابن الأحياء، لأم أبيه من ذلك سدس ولأخيه لأمه سدس والباقي وهو الثلثان لعصبة الابن. فمسألة الابن من ستة توافق سهامه الأربعة وثلاثين بالنصف فرد الستة لنصفها ثلاثة واضرب ثلاثة، وهي وفق مسألة الابن في وفق مسألة الأم اثنين بستة، فاضرب الستة في مسألة الزوج وهي ثمانية وأربعين، تكن الأعداد التي تبلغها بالضرب مائتين وثمانية. ومنها تصح لورثة الزوجة الأحياء وهم أبوها وابنها من ذلك نصف ثمنه ثمانية عشر، لأبيها ثلاثة ولابنها خمسة عشر، ولزوجته الحية نصف ثمنه ثمانية عشر، ولأمه السدس ثمانية وأربعون، ولورثة ابنه من ذلك ما بقي وهو مائتان وأربعة، لجدته أم أبيه من ذلك سدس أربعة وثلاثون ولأخيه لأمه كذلك، ولعصبته ما بقي ستة وثلاثون.

ومسألة الزوجة من اثني عشر، للزوج الربع ثلاثة وللأب السدس اثنان، وللابنين ما بقي سبعة لا تنقسم عليهما، فاضرب اثنين في اثني عشر تصح من أربعة وعشرين، لأن فيها زوجًا وأبًا وابنين، للزوج منها الربع ستة وللأب السدس أربعة ولكل ابن منهما سبعة. فمسألة الزوج من تركة زوجته تقسم على اثني عشر، لزوجته الحية الربع ثلاثة، ولأمه الثلث أربعة، وما بقي لعصبته. ومسألة الابن الميت من تركة أمه تقسم على ستة، لجدته أم أبيه السدس ولأخيه لأمه كذلك، والباقي لعصبته. ومسألة الزوج توافق سهامه بالسدس فترد لاثنين. ومسألة الابن تباين سهامه فتبقى بحالها فدخل وفق مسألة الزوج وهو اثنان في مسألة الابن وهي ستة، فاضرب ستة في أربعة وعشرين التي هي مسألة الزوجة، تكن مائة وأربع وأربعين. لورثة الزوج من ذلك الربع ستة وثلاثون، لزوجته ربعها تسعة ولأمه سدسها ستة، والباقي لعصبته ولأبي الزوجة سدس المائة وأربعة وأربعين وهو أربعة وعشرون، ولابنها الحي نصف الباقي وهو اثنان وأربعون، ولورثة ابنها الميت كذلك يقسم بينهم على ستة، لجدته لأبيه سدسه سبعة ولأخيه لأمه كذلك والباقي لعصبته. ومسألة الابن الميت من ثلاثة، لأمه الثلث واحد ولأبيه الباقي اثنان، فمسألة أمه من ستة لا ينقسم عليها الواحد ولا موافقة، ومسألة أبيه من اثني عشر توافق سهمه بالنصف فرد مسألته لنصفها ستة وهي مماثلة لمسألة الأم، فاجتزئ بضرب وفق عدد سهامه، وهي ستة في ثلاثة تكن ثمانية عشر

للأم ثلثها ستة تقسم على مسألتها، والباقي للأب اثنا عشر، تقسم على مسألته وإن جهل حال هدمي أو غرقى أو نحوهم. وادعى ورثة كل ميت السبق، ولا بينة لأحدهما بدعواه أو كان لكل واحد بينة وتعارضتا، حلف كل منهما على ما أنكره من دعوى صاحبه لعموم حديث: «البينة على من ادعى واليمين على من أنكر» ولم يتوارثا، وهو قول الصديق وزيد وابن عباس والحسن بن علي وأكثر العلماء، لأن كلا من الفريقين منكر لدعوى الآخر. فإذا تحالفا سقطت الدعويان فلم يثبت سبق لواحد منهما معلومًا معلومًا ولا مجهولاً، أشبه ما لو علم موتهما جميعًا بخلاف ما لو لم يدعوا ذلك. ففي امرأة وابنها ماتا، فقال زوجها ماتت فورثتها أنا وابني، ثم مات ابني فورثته، وقال أخو الزوجة، بل مات ابنها أولاً فورثت منه وماتت بعده فورثتها، أنا وزوجها حلف زوجها وأخوها على إبطال دعوى صاحبه وهو خصمه لاحتمال صدقه في دعواه. وصار مخلف الابن لأبيه وحده، ومخلف المرأة لزوجها وأخيها نصفين، للزوج نصف فرضًا والباقي لأخيها، ولو عين ورثة ميتين موت أحدهما بوقت اتفقا عليه وشكوا هل مات الآخر قبله أو بعده، ورث من شك في وقت موته من الآخر، لأن الأصل بقاؤه ولو مات متوارثان كأخوين عند الزوال أو شروق الشمس أو غروبها، أو طلوع من يوم واحد، وأحد المتوارثين بالمشرق لموته قبله بناء على اختلاف الزوال، لأنه يكون بالمشرق قبل كونه بالمغرب.

من النظم فيما يتعلق في باب الغرقى والهدمى ومن عمي موتهم إذا مات قوم مع توارثهم ولم ... يبن سابق كل يرث من متلد وليس له في إرثه منه حصة ... ولا مع علم بالمعية فاهتد فقل مات زيد ثم سعدي فما حوى ... من الزوج في أحياء وارثها اردد كذا إن تقدر زوجها مات بعدها ... كذا نسي سبق أو تعارض شهد وقد قيل ميز مستحقًا بقرعة ... عن ابن أبي موسى ومملي المجرد وقد جاءنا ما دل ألا تارث ... متى أشكل السباق من قول أحمد كزوجة شخص وابنها عه موتا ... فقال توت من قبل الابن لنعتدي بإرثها ثم ادعى صنوها إذا ... بعكس ادعاء الزوج مع فقد شه ليحلف كل منهما بت حلفة ... لإبطال دعوى الآخر المتقلد وللأب إرث الابن واقسم تراثها ... بنصفين بين الزوج والأخ تحمد وهذا عليه الأكثرون وما مضى ... به عن علي مع أبي حفص اقتد فصنوان كل مات عن زوجة له ... وبنت ومولى عن ثمانية جد فميراث كل عن أخيه ثلاثة ... لمولى وبنت ثم زوجته اعدد

س53: ما هي الملة، ومن هم أهل الملة، وضح ميراثهم وحكم ميراث المسلم معهم واذكر ما حول ذلك من مسائل وأدلة وتعليلا وخلاف وترجيح.

لفقدان قسم في ثمانية إذا ... إلى ضربها أخرى ثمانية عد ومن ثم قسم مال كل لأهله ... وقس كل ما يأتي على ذاك تهتد وإن عينوا وقت الوفاة لواحد ... وشكوا هل الآخر تأخر أو بدي فورث فتى قد شك في وقت موته ... بقاء على أصل الحياة بأوطد وليس الذي قدرت حيا بحاجب ... لإسقاط ما أيقنت بالمتردد ميراث أهل الملل س53: ما هي الملة، ومن هم أهل الملة، وضح ميراثهم وحكم ميراث المسلم معهم واذكر ما حول ذلك من مسائل وأدلة وتعليلاً وخلاف وترجيح. ج: الملل جمع ملة بكسر الميم إفرادًا وجمعًا وهي الدين والشريعة، قال الله جل وعلا {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} وقال - سبحانه وتعالى - {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ} وقال {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} . وأهل الملل مثل اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم، والمراد هنا بيان إرثهم وحكم ميراث المسلم معهم. إذا فهمت ذلك فاعلم أن من موانع الإرث اختلاف الدين، فلا يرث مباين في دين، لحديث أسامة بن زيد مرفوعًا: «لا يِرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم» ، متفق عليه ورواه الخمسة وغيرهم. وفي رواية قال يا رسول الله: أتنزل غدًا في دارك بمكة، قال: «وهل ترك لنا عقيل من رِباعٍ أو دورٍ» ، وكان عقيل ورث

أبا طالب هو وطالب، ولم يرث جعفر ولا علي شيئًا، لأنهما كانا مسلمين، وكان عقيل وطالب كافرين. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا، لا يتوارث أهل ملتين شتى، رواه أبو داود قال في المغني: أجمع أهل العلم، على أن الكافر لا يرث المسلم. وقال جمهور الصحابة والفقهاء، لا يرث المسلم الكافر، يروى هذا عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأسامة بن زيد وجابر بن عبد الله - رضي الله عنهم -. وبه قال عمرو بن عثمان وعروة والزهري وعطا وطاووس والحسن وعمر بن عبد العزيز وعمرو بن دينار والثوري وأبو حنيفة وأصحابه، ومالك والشافعي وعامة الفقهاء وعليه العمل. وروي عن عمر ومعاذ ومعاوية - رضي الله عنهم -، أنهم ورثوا المسلم من الكافر، ولم يورثوا الكافر من المسلم، وحكي ذلك عن محمد بن الحنفية وعلي بن الحسين وسعيد بن المسيب ومسروق وعبد الله بن معقل والشعبي والنخعي ويحى بن يعمر وإسحاق، وليس بموثوق به عنهم. وروي أن يحيى بن يعمر احتج لقوله، فقال حدثني أبو الأسود، أن معاذًا حدثه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الإسلام يزيد ولا ينقص، ولأننا ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا، فكذا نرثهم ولا يرثوننا» واختار هذا القول الشيخ تقي الدين، وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس والله سبحانه أعلم. وأما الولاء، فقيل يرث به المسلم من الكافر، ويرث به الكافر من المسلم، لحديث جابر مرفوعًا، لا يرث المسلم الكافر إلا أن يكون عبده أو أمته، رواه الدارقطني، ولأن ولاءه له وهو شعبة من الرق.

وقيل لا يرث به الكافر من المسلم، لأن اختلاف الدين مانع مع النسب، فبالولاء أولى ولو كان الأقرب من العصبة مخالفًا لدين الميت وإلا بعد على دينه ورثه الأبعد دون الأقرب وهذا القول هو الذي تميل إليه نفسي والله أعلم. وإذا أسلم كافر قبل قسم ميراث مورثه المسلم، فيرث منه روي عن عمر وعثمان والحسن بن علي وابن مسعود لحديث: «من أسلم على شيء فهو له» رواه سعيد من طريقين عن عروة وابن أبي مليكة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وعن ابن عباس مرفوعًا كل قسم في الجاهلية فهو على ما قسم وكل قسم أدركه الإسلام فإنه على قسم الإسلام، رواه أبو داود وابن ماجه. وروى ابن عبد البر في (التمهيد عن زيد بن قتادة) أن إنسانًا من أهله مات على غير دين الإسلام فورثته أختي دوني وكانت على دينه، ثم إن جدي أسلم وشهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حنينًا فتوفي فلبثت سنة وكان ترك ميراثًا ثم إن أخت أسلمت فخاصمتني في الميراث إلى عثمان. فحدث عبد الله بن أرقم أن عمر قضى أنه من أسلم على ميراث قبل أن يقسم، فله نصيبه، فقضى به عثمان فذهبت بذلك الأول وشاركتني في هذا، وهذه قضية انتشرت ولم تنكر، فكان الحكم كالمجمع عليه. والحكمة في ذلك الترغيب في الإسلام والحث عليه، فإن قسم البعض دون البعض، ورث مما بقي دون ما قسم، فإن كان الوارث واحدًا، فتصرف في التركة واحتازها، فهو بمنزلة قسمها. ولو كان الوارث مرتدًا حين موت مورثه المسلم، ثم أسلم قبل قسم التركة بتوبة صحيحة أو كانت زوجة فأسلمت في عدة قبل القسم للتركة للأدلة المتقدمة.

س54: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: هل يرث الكفار بعضهم بعضا مع اختلاف حالاتهم بأن كان أحدهما ذميا والآخر حربيا أو مستأمنا، والآخر ذميا أو حربيا، مخلف مكفر ببدعة، المجوسي ونحوه إذا أسلم أو حاكم إلينا، مثل لما يحتاج إلى تمثيل واذكر الأدلة والتعليلات والخلاف والترجيحات.

ولا يرث من أسلم قبل قسم الميراث إن كان زوجًا لانقطاع علق الزوجية عنه بموتها بخلافها، وكذا لا ترث هي منه إن أسلمت بعد عدتها. ولا يرث من عتق بعد موت قريبه من أب أو ابن أو أم وأخ ونحوهم قبل القسم لميراث أبيه ونحوه، لأن الإسلام أعظم الطاعات والقرب، وورد الشرع بالتأليف عليه فورث ترغيبًا له في الإسلام، والعتق لا صنع له فيه ولا يحمد عليه، فلا يصح قياسه عليه. ولولا ورود الأثر في توريث من أسلم، لكان النظر أن لا يرث من لم يكن من أهل الميراث حين الموت، لأن الملك ينتقل بالموت إلى الورثة فيستحقونه، فلا يبقى لمن حدث شيء، لكن خالفناه في الإسلام وليس في العتق أثر يجب التسليم له. وإن كان الوارث واحدًا فمتى تصرف في التركة وحازها، فهو كقسمتها بحيث لو أسلم قريبه بعد ذلك لم يشاركه، كما لو كان معه غيره فاقتسموا، وإن قال لقريبه أنت حر آخر حياتي عتق وورث، لأنه حين الموت كان حرًا. لا أن علق سيد عتق عبده على موت مورثه، بأن قال له سيده: إذا مات أبوك أو نحوه فأنت حر، فإذا مات أبوه عتق ولم يرث لحصول عتقه مع موت مورثه. وكذا لو دبر قريبه ثم مات، وخرج المدبر من الثلث عتق ولم يرث. س54: تكلم بوضوح عن أحكام ما يلي: هل يرث الكفار بعضهم بعضًا مع اختلاف حالاتهم بأن كان أحدهما ذميًا والآخر حربيًا أو مستأمنًا، والآخر ذميًا أو حربيًا، مخلف مكفر ببدعة، المجوسي ونحوه إذا أسلم أو حاكم إلينا، مثل لما يحتاج إلى تمثيل واذكر الأدلة والتعليلات والخلاف والترجيحات.

ج: يرث الكفار بعضهم بعضًا، ولو أن أحدهما ذمي والآخر حربي أو أن أحدهما مستأمن والآخر ذمي أو حربي إن اتفقت أديانهم، لأن العمومات تقتضي توريثهم، ولم يرد بتخصيصهم نص ولا إجماع، ولا يصح فيهم قياس فوجب العمل بعمومها. ومفهوم حديث لا يتوارث أهل ملتين شتى أن أهل الملة الواحدة يتوارثون، وإن اختلفت الدار، فيبعث مال ذمي لوارثه الحربي حيث علم. والكفار ملل شتى ولا يتوارثون مع اختلاف مللهم، روي عن علي لحديث: «لا يتوارث أهل ملتين شتَّى» وهو مخصص للعمومات. فاليهودية ملة والنصرانية ملة والمجوسية ملة، وعبدة الأوثان ملة وعبدة الشمس ملة، وهكذا فلا يرث بعضهم بعضًا. وقال القاضي: اليهودية ملة والنصرانية ملة ومن عداهما ملة ورد بافتراق حكمهم، فإن المجوس يقرون بالجزية وغيرهم لا يقرون بها وهم مختلفون في معبوداتهم ومعتقداتهم وآرائهم يستحل بعضهم دماء بعض ويكفر بعضهم بعضًا. ولا يرث الكفار بعضهم بعضًا بنكاح لا يقرون عليه لو أسلموا ولو اعتقدوه كالناكح لمطلقته ثلاثًا قبل أن تنكح زواجًا غيره، وكالمجوسي يتزوج ذوات محارمه، لأن وجود هذا التزويج كعدمه. فإن كانوا يقرون عليه لو أسلموا واعتقدوا صحته توارثوا به، وإن لم توجد فيه شروط أنكحتنا، كالتزويج بلا ولي ولا شهود أو في عدة انقضت ونحوه.

وما خلفه مكفر ببدعة بأن اعتقد أهل الشرع أنه كافر، كجهمي ورافضي ومشبه إذا لم يتب من بدعته التي كفر بها. وما خلفه مرتد لم يتب وما خلفه زنديق وهو المنافق الذي يظهر الإسلام ويخفي الكفر فيء، قال الشيخ تقي الدين لفظ الزندقة لم يوجد في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، كما لا يوجد في القرآن وهو لفظ عجمي معرب من كلام الفرس بعد ظهور الإسلام. وقد تكلم السلف والأئمة في توبة الزنديق ونحو ذلك قال والزنديق الذي تكلم الفقهاء في قبول توبته في الظاهر المراد به عندهم المنافق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر وإن كان مع ذلك يصلي ويصوم ويحج ويقرأ القرآن. وسواء كان في باطنه يهوديًا أو نصرانيًا أو مشركًا أو وثنيًا وسواء كان معطلاً للصانع أو للنبوة فقط أو لنبوة نبينا - صلى الله عليه وسلم - فقط، فهذا زنديق أهـ. وما خلفه فيء في مصالح المسلمين، لأنه لا يرثه أقاربه المسلمون، لأن المسلم لا يرث الكافر ولا يرثه أقاربه الكفار من يهودي أو نصراني أو غيرهما لأنه يخالفهم في حكمهم ولا يقر على ردته ولا توكل ذبيحته ولا تحل مناكحته لو كان امرأة ولا يرث المحكوم بكفرهم أحدًا مسلمًا أو كافرًا لأنهم لا يقرون على ما هم عليه فلا يثبت لهم حكم دين من الأديان. وقيل إن مال المرتد لورثته من المسلمين، وهو قول أبي بكر وعلي وابن مسعود والأوزاعي وغيرهم وأهل العراق، قال زيد بعثني أبو بكر عند رجوعه إلى أهل الردة أن أقسم مالهم بين ورثتهم المسلمين، وقال الشيخ المرتد إن قتل في ردته أو مات عليها فماله لوارثه المسلم، وهو رواية عن الإمام أحمد وهو المعروف عن الصحابة، ولأن ردته كمرض موته.

وقال ابن القيم: أما على القول الراجح، أنه لورثته من المسلمين، فلا تتم الحيلة بالردة وهذا القول هو الصواب. فإن ارتداده أعظم من مرض الموت المخوف، وهو في هذه الحال قد تعلق حق الورثة بماله فليس له أن يسقط هذا التعلق بتبرع، فهكذا المرتد بردته تعلق حق الورثة بماله إذ صار مستحقًا للقتل. وقال الشيخ - رحمه الله -: الزنديق منافق يرث ويورث، لأنه - عليه الصلاة والسلام - لم يأخذ من تركة منافق شيئًا ولا جعله فيئًا، فعلم أن التوارث مداره على النظرة الظاهرة واسم الإسلام يجري عليه في الظاهر إجماعًا أهـ. من النظم فيما يتعلق بأهل الملل باب: ميراث أهل الملل وما كافر يومًا بوارث مسلم ... ولا مسلم أيضًا بوارث ملحد سوى إرث مولى من عتيق بأوكد ... ولا إرث للمرتد من كل ملحد فإن فاء قبل القسم أو فاء كافر ... أصيل إذا ورثتهما في المؤكد ولا إرث بعد القسم فيهن مطلقًا ... وكالقسم حوز الوارث المتفرد وإن قتل المرتد في الفيء ماله ... وعنه لأهل الإرث من دين من هدي وعنه لوارث تخير دينهم ... إذا لم يكونوا مثله في التردد وإن لحق المرتد دار محارب ... فقف ماله للموت أو عود مهتد وعند اتفاق الدين فليتوارثن ... ذووا العهد لا عند اختلاف بأبعد

يهود ونصران ودين سواهما ... من الملل اعددها ثلاثًا بأجود ولا يتوارث أهل حرب وذمة ... لدى أكثر الأصحاب عند أحمد ويرث المجوسي ونحوه ممن يرى نكاح ذوات المحارم إذا أسلم أو حاكم إلينا بجميع قرباته إن أمكن ذلك وهو قول عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وزيد في الصحيح عنه، لأن الله فرض للأم الثلث وللأخت النصف. فإذا كانت الأم أختًا وجب إعطاؤها ما فرض الله لها في الآيتين كالشخصين، ولأنهما قرابتان ترث بكل واحدة منهما منفردة لا تحجب إحداهما الأخرى، ولا ترجح بها فترث بهما مجتمعين كزوج هو ابن عم. فلو خلف مجوسي ونحوه أمه وهي أخته من أبيه بأن تزوج الأب بنته فولدت له هذا الميت وخلف معها عمًا ورثت الثلث بكونها أمًا وورثت النصف بكونها أختًا، والباقي بعد الثلث والنصف للعم، لحديث: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر» . فإن كان مع الأم التي هي أخت أخت أخرى لم ترث الأم التي هي أخت بكونها أمًا إلا السدس، لأنها انحجبت بنفسها من حيث كونها أختًا وبالأخت الأخرى عن الثلث إلى السدس، لأنهما أختان. ولو أولد مجوسي أو نحوه بنته بنتًا بتزويج، فخلفهما وخلف معهما عما فلهما الثلثان، لأنهما بنتاه والبقية لعمه تعصيبًا، فإن ماتت الكبرى بعد الأب، فالمال الذي تخلفه

الكبرى للصغرى، لأنها بنت وأخت لأب فتصير من حيث أنها أخت عصبة معها من حيث أنها بنت. وإن ماتت الصغرى قبل الكبرى، فللكبرى من مال الصغرى ثلث ونصف بكونها أمًا وأختًا والبقية للعم تعصيبًا. ثم لو تزوج الأب الصغرى وهي بنته وبنت بنته فولدت بنتًا وخلفهن وخلف معهن عمًا، فلبنات الثلاث الثلثان، وما بقي للعم تعصيبًا. ولو ماتت بعد الأب بنته الكبرى عن بنتها وبنت بنتها، وهما أختاها فللوسطى التي هي بنتها النصف بكونها بنتا وما بقي فهو لها وللصغرى يشتركان فيه، لكونهما أختين مع بنت فتصح من أربعة للوسطى ثلاثة وللصغرى واحد فهذه بنت بنت ورثت مع بنت فوق السدس. ولو ماتت بعد الأب الوسطى من البنات فالكبرى بالنسبة إلى الوسطى أم وأخت لأب والصغرى بالنسبة إليها بنت وأخت لأب، فللأم السدس وللبنت النصف وما بقي لهما بالتعصيب لأنهما أختان مع بنت، فتصح من ستة، للكبرى اثنان وللصغرى أربعة. فلو ماتت الصغرى بعد الوسطى فأم أمها أخت لأب فلها الثلثان النصف؛ لأنها أخت لأب والسدس لأنها جدة وما بقي فللعم تعصيبا.

وتصح من ستة، للوسطى ثلاثة وللكبرى اثنان وللعم واحد ولا ترث الكبرى شيئًا بالجدودة، لأنها جدة مع أم فانحجبت بها عن فرض الجدات. وكذا لو أولد مسلم ذات محرم أو غيرها ممن يكون ولدها ذات قرابتين فأكثر بشبهة نكاح أو ملك يمين، فيرث بجميع قرابته لما تقدم ويثبت النسب بالشبهة، انتهى من المنتهى وشرحه وشرح الغاية. من النظم فيما يتعلق في ميراث المجوس: وورث مجوسيًا بكل قرابة ... إذا أسلموا أو في تحاكم قصد إلينا كذا عم وأم هي أخته ... من الأب فاعط الثلث أما وأرفد بنصف لها إذ قد حوته لحينها ... وباقيه للعم الشقيق فزود وتحجبها مع نفسها أخت لسدسها ... ففرع على هذا المثال وعدد كولد أم ابنة ثم بنت ابنة ... مع العم ثم إن مات بعد فقدي فثلثان للبنتين والسدس لأمه ... وبنت الفتى العليا من أم فاصدد وعلياهما إن تهلك الأم بعده ... لها النصف ثم السدس بعد به جد لهذا وللسفلى مع ابنتي ابنها ... فإن تهلك العليا بعيد أمها اصفد لبنت لها هي أختها من أبيها ... بشبهته من مال محرمه اعدد

س55: تكلم بوضوح عن من يرث من المطلقات ومن لايث، وما الذي يثبت به الإرث للزوج دون زوجته، وما الذي ينقطع به التوارث بين الزوجين، وإذا علق الطلاق على ما لابد منه شرعا أو عقلا أو على فعل أو ترك أو فعلت في مرض موتها المخوف ما يفسخ نكاحها أو أكره على ما يفسخ نكاحها، فما الحكم واذكر الأدلة والتعليلات والترجيح.

ومثل المجوس احكم لأولاد مسلم ... وتلك التي ما إن لها من مصدد وعن أحمد ورث بأقوى قرابة ... ومالاً نبقيه لمن منهم هدي وليس لهم إرث النكاح بمحرم ... عن الفرض مهما كان فضل ليرفد وثلث لها أمًا وللعم فاضل ... بما خلفت بالفرض والعصب تهتد ميراث المطلقة س55: تكلم بوضوح عن من يرث من المطلقات ومن لايث، وما الذي يثبت به الإرث للزوج دون زوجته، وما الذي ينقطع به التوارث بين الزوجين، وإذا علق الطلاق على ما لابد منه شرعًا أو عقلاً أو على فعل أو ترك أو فعلت في مرض موتها المخوف ما يفسخ نكاحها أو أكره على ما يفسخ نكاحها، فما الحكم واذكر الأدلة والتعليلات والترجيح. ج: يثبت الإرث لأحد الزوجين من الآخر في عدة رجعية سواء طلقها في الصحة أو في المرض، قال في المغني بغير خلاف نعلمه، وروي عن أبي بكر وعثمان وعلي وابن مسعود وذلك لأن الرجعية زوجة يلحقها طلاقه وظهاره وإيلاؤه ويملك إمساكها بالرجعة بغير رضاها ولا ولي ونحوه فإن انقضت فلا توارث. لكن إذا كان الطلاق بمرض موته المخوف أو انقضت عدتها ورثته مما لم تتزوج أو ترتد. ويثبت الميراث للمطلقة من مطلقها دونه لو ماتت هي مع

تهمة الروج بقصد حرمانها الميراث بأن ابناها في مرض موته المخوف مبتدأ به ولم تسأله هي ذلك. قال ابن القيم - رحمه الله - لم يرثها وترثه: أن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ورثوا المطلقة المبتوتة في مرض الموت حيث يتهم بقصد حرمانها الميراث بلا تردد وإن لم يقصد لأن الطلاق ذريعة. قال: وأما إذا لم يتهم ففيه خلاف معروف مأخذه أن المرض أوجب تعلق حقها بماله، فلا يمكن من قطعه أو سدًا للذريعة بالكلية. وإن سألته أقل من ثلاث فطلقها ثلاثًا، ورثته ما لم تتزوج أن ترتد لقرينة التهمة، وإن سألته الطلاق على عوض لم ترثه لأنها سألته الإبانة وقد أجابها إليها. وإن علق الطلاق البائن على ما لا بدلها منه شرعًا، كصلاة مفروضة أو صوم مفروض وكوضوء وغسل، وككلام أبويها أو أحدهما ورثته. وإن علقه على فعل ما لابد لها منه عقلا وعادة، كأكل وشرب ونوم ونحوه، ورثته لأنه فر من ميراثها. وإن علقه في صحته على مرضه أو على فعل له، كأن دخلت الدار فأنت طالق، ففعله في مرضه المخوف ورثته. أو علقه على ترك فعل له، بأن قال: إن لم أدخل الدار فأنت طالق ثلاثًا. وكقوله: أنت طالق لا تزوجن عليك، أو أنت طالق إن لم أتزوج عليك ونحوه، فمات قبل فعله ورثته، لأنه أوقع الطلاق بها في المرض.

أو علق المريض مرض الموت المخوف إبانة زوجة ذمية على إسلامها، أو علق إبانة أمة على عتقها فأسلمت الذمية وعتقت الأمة، ثم مات الزوج فإنهما ترثانه. وكذا لو علم الزوج المريض أن سيد زوجته الأمة علق عتقها بغد فإبناها اليوم. أو أقر في مرضه المخوف أنه ابناها في صحته أو وكل في إبانتها من يبينها متى شاء، فابناها الوكيل في مرضه المخوف أو قذفها في صحته ولاعنها في مرضه المخوف. أو وطئ الزوج عاقلاً ولو صبيًا لا مجنونًا أم زوجته بمرض موته المخوف، ولو لم يمت من مرضه ذلك، بل لسعه بعض القواتل أو أكله سبع ونحوه ورثته ولو كان ذلك قبل الدخول أو انقضت عدتها قبل موته فترثه، ما لم تتزوج أو ترتد. فإن ارتدت أو تزوجت لم ترثه، ولو أسلمت بعد أن ارتدت أو طلقت بعد أن تزوجت ولو قبل موته، لأنها فعلت باختيارها ما ينافي نكاح الأول. وقيل لا ترث بعد انقضاء العدة وهذا قول عروة وأبي حنيفة وأصحابه، وقول الشافعي في القديم، لأنها تباح لزوج آخر فلم ترثه، ولأن توريثها بعد انقضاء العدة يفضي إلى توريث أكثر من أربع نسوة، فلم يجزكما لو تزوجت، وهذا القول هو الذي تميل إليه نفسي والله - سبحانه وتعالى - أعلم. والأصل في إرث المطلقة ممن أبانها متهمًا بقصد حرمانها أن عثمان ورث بنت الأصبغ الكلبية من عبد الرحمن بن عوف وكان قد طلقها في مرضه فبتها واشتهر ذلك في الصحابة، ولم ينكر فكان كالإجماع.

وروى أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أباه طلق أمه وهو مريض، فمات فورثته بعد انقضاء عدتها، ولأن سبب توريثها فراره من إرثها له وهو لا يزول بانقضاء العدة. وروى عروة أن عثمان قال لعبد الرحمن: لئن مت لأورثنها منك، قال: قد علمت ذلك. وما روي عن الزبير أنه قال: لا ترث مبتوتة فمسبوق بالإجماع السكوتي زمن عثمان، ولأن المطلق قصد قصدًا فاسدًا في الميراث فعوقب بنقيض قصده كالقاتل القاصد استعجال الميراث، وهذا يتمشى على القاعدة المشهورة "من تعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه". ويثبت الإرث للزوج من زوجته فقط دونها إن فعلت بمرض موتها المخوف ما يفسخ نكاحها ما دامت معتدة إن اتهمت بقصد حرمانه. وذلك بأن ترضع امرأة ضرتها الصغيرة أو ترضع زوجها الصغير في الحولين خمس رضعات، أو تستدخل ذكر أبي زوجها أو ذكر ابن زوجها وهو نائم، ولو كان فعلها ما يفسخ نكاحها بردة حصلت منها في مرض موتها المخوف، فيثبت ميراث زوجها منها ما دامت في العدة، لأنها أحد الزوجين، فلم يسقط فعلها ميراث الآخر كالزوج. قال في الفروع وكذا خرج الشيخ أي الموفق في بقية الأقارب، أي إذا فعل ما يقطع ميراث قريبه في مرض موته المخوف بأن ارتد لئلا يرثه قريبه، فيعاقب بضد قصده بناء على أن ردة أحد الزوجين في المرض لا تقطع الميراث كما في الانتصار، قال الموفق: هو قياس المذهب. قال في الفروع: والأشهر لا، أي أن الردة ليست كفعل

ما يفسخ النكاح فتقطع الميراث، وهو مقتضى ما قطع به في الباب قبله، أن المرتد لا يرث ولا يورث. وكذا لا يسقط ميراثه بعد العدة، كما لو كان هو المطلق وجزم به في الفروع، فقال والزوج في إرثها إذا قطعت نكاحها منه كفعله انتهى. ومقتضاه أنه يرثها في العدة وبعدها، كما لو كان الزوج هو المطلق. وكذا أطلق في المقنع وتبعه في الشرح. وقال في الإنصاف: مراده ما دامت في العدة، وكذا قال في التنقيح ما دامت في العدة وتبعه في المنتهى، لكن يحتاج إلى الفرق بين المسألتين أهـ من الإقناع وشرحه. والذي تميل إليه نفسي، أنه لا فرق بينهما والله سبحانه أعلم. ومحل عدم سقوط ميراث زوجها بفسخها النكاح، إن كانت متهمة في فعلها في مرض موتها ما يفسخ نكاحها بقصد حرمانه الميراث. وإن لم تكن متهمة في ذلك سقط الميراث، كفسخ معتقة تحت عبد فعتق، ثم ماتت لأنه لدفع الضرر لا للفرار. وكما لو دب زوجها الصغير أو ضرتها الصغيرة فارتضع منها وهي نائمة سقط ميراثه منها لو ماتت قبله. وكذا لو فعلت مجنونة ما يفسخ نكاحها، فلا إرث لأنها لا قصد لها. وإن كان الزوج عنينًا فأجل سنة، فلم يصبها حتى مرضت مرض الموت المخوف في آخر الحول واختارت فرقته وفرق الحاكم بينها، لم يتوارثا لانقطاع العصمة على وجه لا فرار فيه، لأن الفسخ هنا لدفع الضرر.

ويقطع التوارث بين الزوجين إبانتها في غير مرض الموت المخوف بأن إبانها في الصحة، أو في مرض الموت غير المخوف أو في مرض الموت المخوف بلا تهمة. وذلك بأن سألته الخلع فأجابها إليه، ومثله الطلاق على عوض وتقدم فينقطع التوارث، لأن فعله ذلك كطلاق الصحيح ولا ينقطع التوارث إن سأل الزوج أجنبي الخلع، ففعل الزوج لأنها لا صنع لها فيه، فهو كطلاقها من غير سؤالها. وإن سألتها الطلاق الثلاث فأجابها إليه، فلا ترثه لأنه لا فرار منه. وينقطع التوارث بقتل أحد الزوجين الآخر، وكذا إذا علق الطلاق على فعل لها منه بد شرعًا وعقلاً، كخروجها من داره ونحوه، ففعلته عالمة بالتعليق لانتفاء التهمة منه، فإن جهلت التعليق، ورثت لأنها معذورة. وإن علق الثلاث في صحته على غير فعله، ككسوف الشمس أو قدوم فلان الغائب ونحو ذلك، فوجد المعلق عليه في مرضه فلا ترث لعدم التهمة. وكذا لو كانت المبانة في مرض الموت المخوف، لا ترث حين طلاقه لها لمانع من رق أو اختلاف دين كأمة وذمية طلقها مسلم. ولو عتقت الأمة وأسلمت الذمية قبل موته، فلا ترث لأنه حين الطلاق لم يكن فارًا. ومن أكره وهو عاقل وارث، ولو نقص إرثه أو انقطع إرثه لقيام مانع أو حجب كان، كان ابن ابن فحدث للمريض ابن حجبه امرأة مفعول أي أكره امرأة أبيه، أو أكره امرأة جده في مرض الأب أو الجد وكذا امرأة ابنه وابن ابنه على ما يفسخ نكاحها كوطئها لم يقطع ذلك إرثها، لأنه فسخ حصل في مرض الزوج بغير اختيار الزوجة فلم يقطع إرثها، كما لو أبانها زوجها. إلا أن يكون للأب أو الجد امرأة سواها، فينقطع إرث من

انفسخ نكاحها للتهمة إذًا، لأنه لم يتوفر على المكره لها بفسخ النكاح شيء من الإرث أو لم يتهم في قصد حرمانها الإرث حال الإكراه لها على الوطئ، بأن كان غير وارث ذاك. وإن طاوعت امرأة الأب أو الجد على وطء يفسخ نكاحها، لم ترث لأنها شاركته فيما يفسخ به النكاح، كما لو سألت زوجها البينونة، كذا لو كان المكره لها زائل العقل حين الإكراه، انقطع إرثها لأنه لا قصد له صحيح. وترث من تزوجها مريض مضارة لورثته أو بعضهم لنقص إرث غيرها، لأنه له أن يوصي بثلث ماله. وكذا لو تزوجت مريضة مضارة لورثتها، فيورث منها زوجها. ومن جحد إبانة امرأة ادعتها عليه إبانة تقطع التوارث ثم مات لم ترثه إن دامت على قولها أنه أبانها إلى موته لإقرارها أنها مقيمة تحته بغير نكاح. فإن كذبت نفسها قبل موته ورثته لتصادقهما على بقاء النكاح ولا أثر لتكذيب نفسها بعد موته، لأنها متهمة فيه إذًا وفيه رجوع عن إقرار لباقي الورثة. ومن قتل زوجته في مرض موته المخوف ثم مات لم ترثه لخروجها من حيز التملك والتمليك، ذكره بن عقيل وغيره وظاهره، ولو أقر أنه قتلها من أجل أن لا ترثه، قال في الفروع ويتوجه خلاف كمن وقع في شبكته صيد بعد ما مات. ومن خلف زوجات نكاح بعضهن فاسد أو نكاح إحداهن بائن أي منقطع قطعًا يمنع الميراث على ما تقدم تفصيله ولم يعلم عين من نكاحها صحيح ولم ينقطع بما يمنع الإرث، أخرج من لا يرث منهن بقرعة والميراث للباقي.

لأنه إزالة ملك عن آدمي فتستعمل فيه القرعة عند الاشتباه كالعتق، ولأن الحقوق تساوت على وجه تعذر فيه تعيين المستحق من غير قرعة فينبغي أن تستعمل فيه القرعة كالقسمة، فالقرعة تستعمل عند اشتباه المستحقين وعند تزاحمهم وليس أحدهم أولى من الآخر. وإن طلق واحدة من زوجتين مدخول بهما، غير معينة في صحته، ثم قال في مرض موته المخوف أردت فلانة ثم مات قبل انقضاء العدة، ففي المغني لم يقبل قوله، لأن الإقرار بالطلاق في المرض كالطلاق فيه، وإن كان للمريض امرأة أخرى سوى هاتين فلها نصف الميراث وللاثنتين نصفه. وإن طلق متهم بقصد حرمانه إرثه أربعًا كن معه وانقضت عدتهن منه وتزوج أربعًا سواهن ثم مات ورث منه الثمان الأربع الملقات والأربع المنكوحات ما لم تتزوج المطلقات أو يرتددن أهـ من المطالب. وقيل يرثه المطلقات واختار الموفق ترثه المنكوحات خاصة والقول الأول هو الذي تميل إليه نفسي والله - سبحانه وتعالى - أعلم. من النظم فيما يتعلق بالمطلقة تبارك من يقصي القريب بما يشاء ... ويدني كما يختار كل مبعد فليس لمن يقصي الإله مقرب ... وليس لمن يدني إذًا من مبعد وفي نصب أسباب التوارث حكمة ... تدل على الأحكام كل مرشد

فمن ذاك أسباب التوالف بينهم ... ومنه نكاح جالب للتودد يصح نكاح من مريض مريضة ... ويوجب إرثًا بينهم من مفقد ومن حكمه والعدل عامل كل من ... يروم انتقاض الحكم ضد التقصد فأبعد عن إرث قتولاً معجلاً ... وورث ذات البت مع خبث مقصد ومن طلقت رجعية فهي وارث ... وموروثة قبل انقضاء التعدد ويقطعه بت الصحيح ومسقم ... مع الأمن أو خوف به لم يفقد وما سألته أو أتت شرطه رضي ... وشرط أتى في السقم تعليق أجلد ولا صنع فيه للفتاة ولا له ... ومن منعها لكن لها منع عدد وإن فعلت في السقم شرطًا محتمًا ... بتعليق جلد ورثت في المؤكد وكن عالمًا واحكم بتوريث زوجة ... تبين بتطليق المريض المجهد بغير رضاها في سقام وفاته ... وتعليقه بالحتم فعلا كموجد وتعليقه بالسلم والعتق بتها ... وتطليقها سبقًا لإعتاق سيد وتعليق ذي بريء على السقم أو أتى ... بسقم بشرط البت أو ترك مقصد ووطء حماة أو يبت وكيله ... ببريء متى شاء ثم في السقم يعتد

س56: تكلم بوضوح عما يلي: ما المراد بهذا الباب، إذا أقر كل الورثة أو بعضهم بمشارك في الميراث أو بوارث مسقط فما الحكم، ومن الذي يعتبر إقراره، وكيف ثبوت نسبه، إذا صدق بعض الورثة، إذا وجد وارث غير المقر، مثل للإقرارات التي تتعلق بالأخوة، والأبناء والأخوات والزوجات وما حول هذا الموضوع، وضح ذلك بالأمثلة، إذا أقر بعض الورثة بزوجة للميت فما الحكم، اذكر أمثلة لثبوت النسب، وما شروط ثبوت النسب، وهل تعتبر الأهلية للشهادة بوارث مشارك، وهل يعتبر إقرار الزوج والمولى، اذكر الأدلة والتعليلات والخلاف والترجيح والقيود والمحترزات.

يرثن جميعًا دونه لاتهامه ... وقولان في الميراث بعد التعدد وإن تتزوج لم ترث وكذا التي ... يطلقها قبل الدخول بأوطد وإن يتزوج أربعًا بعد أربع ... فللبائنات الإرث في المتأكد وعن أحمد بين الثمان وعنه بل ... لزوجاته إذ كن بعد التعقد وما قلته في الزوج فاحكم لزوجة ... إذا ما أتت في سقم موت بمفسد وبالقرعة أخرج غير وارثه النسا ... متى أبهمت والإرث في غيره اعدد باب الإقرار بمشارك في الميراث س56: تكلم بوضوح عما يلي: ما المراد بهذا الباب، إذا أقر كل الورثة أو بعضهم بمشارك في الميراث أو بوارث مسقط فما الحكم، ومن الذي يعتبر إقراره، وكيف ثبوت نسبه، إذا صدق بعض الورثة، إذا وجد وارث غير المقر، مثل للإقرارات التي تتعلق بالأخوة، والأبناء والأخوات والزوجات وما حول هذا الموضوع، وضح ذلك بالأمثلة، إذا أقر بعض الورثة بزوجة للميت فما الحكم، اذكر أمثلة لثبوت النسب، وما شروط ثبوت النسب، وهل تعتبر الأهلية للشهادة بوارث مشارك، وهل يعتبر إقرار الزوج والمولى، اذكر الأدلة والتعليلات والخلاف والترجيح والقيود والمحترزات.

ج: المراد بهذا بيان العمل في تصحيح المسألة إذا أقر بعض الورثة دون بعض وبيان نفس الإقرار بوارث وشروطه فإذا أقر كل الورثة وهم كلهم مكلفون ولو أن المقر الوارث واحد يرث المال كله لو لم يقر تعصيبًا. كأخي الميت أو يرثه فرضًا، كأخي الميت لأمه إذا كان ابن عمه أو زوج الميتة، إذا كان ابن عمها وليس لنا وارث واحد يرث المال كله فرضًا أو كان الوارث يرث المال كله فرضًا وردًا كسائر أصحاب الفروض غير الزوجين. ولو كان الإقرار ممن انحصر فيهم، لولا الإقرار مع عدم أهلية الشهادة كالكافر والفاسق، إذا أقر بوارث للميت واحد أو أكثر سواء كان المقر به من حرة أو أمة للميت، فصدقهم المقربة إن كان مكلفًا ثبت نسبه أو لم يصدق وكان صغيرًا أو مجنونًا ثبت نسبه، لأن الوارث يقوم مقام مورثه في ميراثه، والدين الذي له وعليه وبيناته ودعاويه، والأيمان التي له وعليه كذلك في النسب. وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف وحكاه عن أبي حنيفة، لكن المشهور عن أبي حنيفة أنه لا يثبت نسبه إلا بإقرار رجلين أو رجل وامرأتين. وقال مالك: لا يثبت إلا بإقرار اثنين، لأنه يحمل النسب على غيره، فاعتبر فيه العدد كالشهادة واحتج للقول الأول، بأنه حق يثبت بالإقرار، فلم يعتبر فيه العدد كالدين، ولأنه قول لا يعتبر فيه اللفظ ولا العدالة، فلم يعتبر فيه العدد كإقرار الموروث، واعتباره بالشهادة لا يصح، لأنه لا يعتبر فيه اللفظ أهـ من الإقناع وشرحه. قلت: ولأنه - صلى الله عليه وسلم - قبل قول عبد بن زمعة، لما ادعى نسب ابن وليدة أبيه، وقال هذا أخي ولد على فراش

أبي فاثبت نسبه منه، وقال الولد للفراش وللعاهر الحجر، وهنا القول هو الذي تميل إليه نفسي والله سبحانه أعلم. وهذا فيما إذا كان المقر به مجهول النسب، فإن كان معروف النسب لم يصح، لأنه يقطع نسبه الثابت من غيره وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من انتسب إلى غير أبيه، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الولد لِلفراش وللعاهر الحجر» . وأمكن كونه من الميت ولم ينازع المقر في نسب المقر به، فإن نوزع فيه فليس إلحاقه بأحدهما أولى من الآخر ولو مع منكر لا يرث من الميت لمانع قام به من نحو رق أو قتل أو اختلاف دين، لأن وجود من قام به مانع كعدمه في الإرث والحجب فكذا هنا. وهنا شروط أربعة لابد منها، وهي إقرار الجميع وتصديق المقر به إن كان مكلفًا وإمكان كونه من الميت وعدم المنازع، فإن توفرت هذه الشروط ثبت النسب، وإن فقد شيء منها فلا ثبوت للنسب، ويثبت رقه أيضًا إن لم يقم به مانع من رق أو قتل، لأن الوارث يقوم مقام الميت في ميراثه والديون التي عليه والتي له ودعاويه وبيناته والإيمان التي له والتي عليه فكذا في النسب. ويعتبر إقرار زوج ومولى إن ورثا مثاله لو مات عن بنت ومولى وزوج، فأقرت البنت بأخ لها فيعتبر إقرار الزوج والمولى به ليثبت نسبه، لأنهما من جملة الورثة. وإن لم يوجد من ورثة الميت إلا زوجة أو زوج فأقر بولد للميت من غيره فصدقه إمام أو نائب إمام ثبت نسبه، لأن ما فضل عن الزوج أو الزوجة لبيت المال وهو المتولي لأمره، فقام مقام الوارث معه لو كان.

وإن لم يصدق الإمام أو نائبه المقر من الزوجين أخذ المقر به نصف ما مع مقر مؤاخذ له بإقراره، وإن لم يثبت نسب المقر به من الميت لعدم تصديق الإمام أو نائبه إذا تصديقه معتبر في ثبوت النسب وهو أهل لاستيفاء قود من وارث له ذكره الأزجي. تتمة فإن أقر أحد الزوجين بابن للآخر من نفسه، ثبت نسبه من المقر مطلقًا بشرطه ومن الميت إن كان زوجه وأمكن اجتماعه بها وولدته لستة أشهر من ذلك، وإن كان زوجًا وصدقه باقي الورثة أو نائب الإمام، ثبت أيضًا وإلا فلا قال في شرح الإقناع، هذا ما ظهر لي والله أعلم، انتهى من م ط ب. وإن أقر بالوارث المشارك أو المسقط للمقر بعض الورثة وأنكره الباقون، فشهد عدلان من الورثة أو من غيرهم أن المقر به ولد للميت أو شهد أن الميت أقر به أو شهدا أنه ولد على فراش الميت، ثبت نسبه وارثه لشهادة العدلين به، ولا تهمة فيهما أشبه سائر الحقوق. وقال بن نصر الله، يكفي في الولادة شاهد واحد رجلاً كان أو امرأة، ويثبت النسب تبعًا للولادة، وإن لم يثبت بشاهد واحد استقلالاً قاله في حاشية المحرر. وإن لم يشهد بالمقر به عدلان لم يثبت نسبه المطلق، لأنه إقرار على الغير فلم يعمل به ويثبت نسبه وارثه من المقر فقط لأنه إقرار على نفسه خاصة والقاعدة أن إقرار الإنسان على نفسه خاصة والقاعدة أن إقرار الإنسان على نفسه مقبول فلزمه كسائر الحقوق. فلو كان المقر به أخًا للمقر ومات المقر عنه وحده أو مات عنه وعن بني عم ورثه المقر به، لأن بني العم محجوبون بالأخ.

ويثبت نسب المقر به من ولد المنكر له تبعًا لثبوت نسبه من أبيه، فيغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع (كما هو معلوم من القاعدة الفقهية يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالاً) فثبتت العمومة تبعًا للأخوة المقر بها. ولو مات المقر بأخ له عن الأخ المقر به وعن أخ له آخر منكر لأخوة المقر به، فإرث المقر بين المنكر والمقر به بالسوية لاستوائهما بالقرب. والمراد حيث تساويا في كونهما شقيقين أو لأب بحسب إقرار الميت وإلا عمل بمقتضاه، قاله في شرح الإقناع وإن صدق بعض الورثة وكان صغيرًا أو مجنونًا، حال إقرار مكلف رشيد إذا بلغ وعقل على إقرار مكلف قبل ذلك، ثبت نسبه لاتفاق جميع الورثة عليه إذًا. وإن مات غير مكلف قبل تكليفه ولم يبق غير مقر مكلف ثبت نسب مقربه، لأن المقر صار جميع الورثة، وكذا لو كان الوارث ابنين، فأقر أحدهما بوارث وأنكر الآخر ثم مات المنكر فورثه المقر، ثبت نسب المقر به، لأن المقر صار جميع الورثة أشبه ما لو أقر به ابتدأ بعد موت أخيه. فلو مات المقر به وله وارث غير المقر، اعتبر تصديقه للمقر حتى يرث منه، لأن المقر إنما يعتبر إقراره على نفسه وإن لم يصدقه وارث منه. ومتى لم يثبت نسب المقر به من ميت بأن أقر به بعض الورثة، ولم يشهد بنسبه عدلان أخذ المقر به الفاضل بيد المقر عن نصيبه على مقتضى إقراره إن فضل بيده شيء عن نصيبه، أو أخذ ما بيده كله إن سقط المقر به لإقراره أنه له فلزم دفعه إليه.

س57: وضح طريقة العمل في باب الإقرار بمشارك في الميراث، واذكر أمثلة تبين ذلك.

فإذا أقر أحد ابني الميت بأخ لهما، فللمقر به ثلث ما بيده لتضمن إقراره أنه لا يستحق أكثر من ثلث التركة وفي يده نصفها، فيفضل في يده سدس للمقر به. وإن أقر أحد الابنين بأخت، فلها خمس ما بيد المقر، لأنه لا يدعي أكثر من خمسي المال وذلك أربعة أخماس النصف الذي بيده، فيفضل بيده خمس فلزمه دفعه إليها. وإن أقر ابن ابن الميت بابن للميت، فله كل ما في يد المقر لأنه أقر بإنحجابه عن الإرث. ومن خلف أخا من أب وأخا من أم، فأقرا بأخ لأبوين ثبت نسبه لإقرار الورثة كلهم به وأخذ المقر به ما بيد ذي الأب كله، لأنه تبين أن لا حق له لحجبه بذي الأبوين ولم يأخذ مما بيد الأخ للأم شيئًا، لأنه لا فضل له بيده. وإن أقر بالأخ للأبوين الأخ لأب وحده أخذ بيد الأخ لأب مؤاخذة للمقر بمقتضى إقراره، ولم يثبت نسبه المطلق من الميت، لأنه لم يقر به كله الورثة ولا شهد به عدلان. وإن أقر بالأخ للأبوين الأخ لأم وحده، فلا شيء له أو أقر بأخ سواه فلا شيء له، لأنه لا فضل له. بخلاف ما لو أقر بأخوين لأم، فإنه يدفع إليهما ثلث ما بيده لإقراره بأنه لا يستحق إلا التسع والذي في يده السدس أهـ من م ن هـ. س57: وضح طريقة العمل في باب الإقرار بمشارك في الميراث، واذكر أمثلة تبين ذلك. ج: طريقة العمل في مسائل هذا الباب أن تعمل مسألة الإقرار ومسألة الإنكار أن تباينتا وتراعي الموافقة إن كانت، فتضرب إحداهما في وفق الآخر إن كان بينهما موافقة.

وتكتفي بأحدهما إن تماثلتا، وبأكبرهما إن تداخلتا، الآن القصد أن تخرج المسألتان من عدد واحد، فمن له شيء من إحدى المسألتين أخذه مضروبًا في واحد إن تماثلتا. وفي التداخل من له شيء من الكبرى أخذه مضروبًا في واحد ومن له شيء من الصغرى أخذه مضروبًا في مخرج نسبتها إلى الكبرى. ويدفع للمقر سهمه من مسألة الإقرار مضروبًا في مسألة الإنكار عند المباينة أو وفقها عند الموافقة. ويدفع لمنكر سهمه من مسألة الإنكار مضروبًا في مسألة الإقرار أوفقها، وتجمع ما حصل للمقر والمنكر من الجامعة. ويدفع لمقر به ما فضل من الجامعة، فلو أقر أحد ابنين بأخوين غير توأمين فصدقه أخوه في أحدهما، ثبت نسب المتفق عليه لإقرار جميع الورثة به، فصاروا ثلاثة بنين. ومسألة الإقرار من أربعة، ومسألة الإنكار من ثلاثة، وهما متباينتان، فتضرب مسألة الإقرار في مسألة الإنكار، تكون اثني عشر، للمنكر سهم من مسألة الإنكار في مسألة الإقرار، وذلك أربعة. وللمقر سهم من مسألة الإقرار يضرب في مسألة الإنكار ثلاثة. وللمتفق عليه أن صدقه المقر مثل سهمه ثلاثة من اثني عشر، وإن أنكر فله مثل سهم المنكر أربعة من اثني عشر. ولمختلف فيه ما فضل من الاثني عشر، وهو سهمان حال التصديق من الثالث وسهم من حال الإنكار. ومن خلف ابنً فأقر بأخوين له بكلام متصل، بأن قال هذان أخواي، أو هذا أخي وهذا أخي، ولم يسكت بينهما

ونحوه، ولا وارث غيره، ثبت نسبهما ولو أكذب أحد المقر بهما الآخر بكلام متصل، لأن نسبهما ثبت بإقرار من هو كل الورثة قبلهما ولو لم يكونا توأمين. وإن أقر الابن بأحد الأخوين بعد الآخر، ثبت نسبهما إن كانا توأمين، ولا يلتفت لإنكار المنكر منهما، سواء تجاحدا معًا أو جحد أحدهما صاحبه، للعلم بكذبهما فإنهما لا يفترقان. وإن لم يكونا توأمين لم يثبت نسب الثاني أي المقر به ثانيًا، حتى يصدق على ذلك الأول، وهو المقر به أولا لصيرورته من الورثة، وللأول مع إنكار الثاني نصف ما بيد المقر من تركة أبيه. وللمقر به ثانيًا ثلث ما بقي بيد المقر، لأنه الفضل، لأنه يقول نحن ثلاثة أولاد، وثبت نسب الأول لانحصار الإرث حال الإقرار فيمن أقر به، ووقف ثبوت نسب الثاني على تصديق الأول، لأنه وارث حال إقرار أخيه به. وإن كذب الثاني بالأول، وصدق الأول بالثاني، ثبت نسب الثلاثة ولا أثر لتكذيب الثاني، لأنه لم يكن وارثًا حين إقرار الأول به. وإن أقر بعض الورثة بامرأة للميت، لزمه للزوجة من التركة ما يفضل في يده من حصته. فمن مات عن ابنين فأقر أحدهما بزوجة للميت دفع إليها ثمن ما بيده، وهو نصف ثمن التركة. ولو مات الابن المنكر للزوجة فأقر ابن المنكر بها كمل إرثها، لاعترافه بظلم أبيه لها حيث أنكرها. وإن أقر بها أحد الابنين، ومات الابن الآخر قبل إقراره، وقبل إنكاره، ثبت إرثها، ولو أنكرها ورثة هذا الابن الميت،

لأنه لا منكر لها من ورثة زوجها. وإن قال مكلف لمكلف فمات أبي وأنت أخي، أو كانوا أكثر من واحد، فقالوا لمكلف مات أبونا ونحن أبناؤه. فقال مقول له: الميت أبي، ولستم إخوتي، أو قال لمن قال له أنت أخي، لست بأخي، لم يقبل إنكاره، لأن القائل أولاً نسب الميت إليه بأنه أبوه، وأقر بمشاركة المقر له في ميراثه بطريق الأخوة. فلما أنكر أخوته لم يثبت إقراره به، وبقيت دعواه أنه أبوه دونه، وهي غير مقبولة. وإن قال مكلف لآخر مات أبوك، وأنا أخوك فقال مقول له لست أخي، فكل ما خلف الميت للمقر به، لأنه بدأ بالإقرار بأن هذا الميت أبوه، فثبت الإرث له ثم ادعى مشاركته بعد ثبوت الأبوة للأول، فلا يقبل بمجردها. وإن قال مكلف لآخر: ماتت زوجتي وأنت أخوها، فقال مجيبًا له: هي أختي، ولست أنت بزوجها قبل إنكار الأخ زوجية المقر بها، لأن من شرط الزوجية الأشهاد فلا تكاد تخفي، ويمكن إقامة البينة عليها أهـ م ط ب.

من النظم فيما يتعلق بالإقرار بمشارك في الميراث وإقرار وراث جميعًا بوارث ... ولو مسقط ورث وفي كسب اعدد ولو في سقام الموت في المتأكد ... فكن في طلاب العلم طلاع أنجد بتصديقهم أو كان غير مكلف ... ولو من مقر وارث متفرد كمثل أخ بابن يقر ولا تطد ... له نسبًا إن أنكر البعض تعتد وإن أشهد العدلان أن فقيدهم ... أقر به أو بالفراش فأطد وإن يتجاحد من أقر بهم ففي ... ثبوتهم وجهان في المذهب اقصد وفاضل ميراث المقر به له ... فإن لم يكن فضل لديه فأبعد ومن أحد ابنبن امنحن ثلث ما حوى ... أخا حرة والخمس أختًا فزود أخا من أب أسقط بإقراره بذي ... أبين ويعطي ما حوى ذو أب قد كذا الحكم في ابن الابن أثبت واحدًا ... لميتهم ابنا بما جاز أرف وكل أخ من أمه غير ساقط ... بأي أخ أثبته من كل مورد فمسألة الإقرار أو وفقها اضربن ... بمسألة الإنكار واقسم تسدد لكل الذي في ضرب حصته إذا ... من أصل اشتقاق الاسم في الثان أورد وفاضله أعط المقر به تصب ... والابنان إما أثبتا ثالثًا زد وفي رابع عند اختلافهما اضربن ... كما مر في عشر وخمس لها طد

لمنكرهم خذ أربعًا ولمثبت ... ثلاثا وفيمن أثبتاه تردد كسهم مقر إن أقر برابع ... وإن جحد امنحه كذا الجحد ترشد وللرابع اثنان يصدق ثالث ... به ومع الإنكار سهم ليفرد وقيل لمن أثبتما ربع الذي ... بأيديهما إن أثبت الرابع اعدد ورابعهم سهم له وثلاثة ... لمنكره واثنان للمثبت ارفد وهذا ضعيف حيث لم يبغ منكر ... على الثلث فرضًا فهو للرابع الصد وإن أثبت ابن دفعة أخوين مع ... توافقهما للكل بالنسب اشهد كذا في اختلاف التوأمين ثبوته ... وجهان في حلف سوى ذين مهد وإن رتب الإقرار أثبت أولاً ... ونصف الذي حان المقر له طد وثلث الذي يبقى لثان ولا تطد ... له نسبًا إلا بتصديق مبتدي وإن كذب الثاني بباد مصدق ... به بنين أنساب كل وأورد لهم بينهم مال الفقيد وقيل بل ... لتسقط أنساب المبدا وتورد وللثان ثلثا ما حوى أول ومن ... مقر به ثلث بغير تردد وزوجة موروث بإقرار وارث ... عليه له مقدار حصته قد وإن قلت قد أودى أبي البر يا أخي ... فقول الذي ينفي أخوتك اردد وإما تقل إني أخوك وقد توى ... أبوك فينكره اعطه المال واشرد

س58: تكلم بوضوح عما إذا أقر وارث في مسألة عول بمن يزيله، ومثل لذلك فيما يزيل الغموض والأشكال، واذكر التعليل فيما يحتاج إليه.

وإن قلت ماتت زوجتي أنت صنوها ... فينكره لم يقبلن في المجود س58: تكلم بوضوح عما إذا أقر وارث في مسألة عول بمن يزيله، ومثل لذلك فيما يزيل الغموض والأشكال، واذكر التعليل فيما يحتاج إليه. ج: إذا أقر وارث في مسألة عول بوارث يزيل العول، كزوج ثلاثة ولكل من الأختين سهمان أقرت إحدى الأختين بأخ مساو لهما فيعصبها ويزول العلو. وتصح من ثمانية للزوج أربعة، وللأخ سهمان، ولكل أخت سهم. والمسألتان متباينتان فاضرب مسألة الإقرار ثمانية في مسألة الإنكار سبعة، تبلغ ستة وخمسين. واعمل في القسمة على ما ذكر، وذلك بأن تضرب ما للمنكر من الإنكار في الإقرار، وما للمقر من مسألة الإقرار في مسألة الإنكار. فللزوج من الإنكار ثلاثة في مسألة الإقرار ثمانية أربعة وعشرون، وللمنكرة سهمان من سبعة ف ثمانية بستة عشر، وللمقرة سهم من الإقرار يضرب في مسألة الإنكار سبعة، وللأخ المقر به الباقي وهو تسعة.

وإن صدق المقره الزوج، فهو يدعي أربعة تتمه النصف على ما بيده وهو الأربعة والعشرون، والأخ يدعي أربعة عشر مثلي ما للأخت المقرة. فاقسم التسعة الفاضلة بيد المقر به على مدعاهما أي الزوج والأخ، وهو الثمانية عشر، والتسعة نصفها، فلكل منهما نصف مدعاه. فللزوج سهمان من التسعة لأن مدعاه أربعة، وللأخ منها سبعة، لأن مدعاه أربعة عشر. فإن أقرت الأختان بالأخ لأبوين أو لأب وكذبهما الزوج دفع إلى كل أخت سبعة، وللأخ أربعة عشر يبقى أربعة مقرون بها للزوج، وهو ينكرها وفيها ثلاثة أوجه. أحدها أن تقر بيد من هي بيده لبطلان الإقرار بإنكار المقر له. الثاني يعطي نصفها وللأختين نصفها، لأنها لا تخرج عنهم، ولا شيء منها للأخ لأنه لا يحتمل أن يكون له منها شيء. والثالث تؤخذ لبيت المال، لأنه مال لم يثبت له مالك أهـ م ن هـ، والقول الأول هو الذي تميل إليه النفس والله - سبحانه وتعالى - أعلم. فإذا كان زوج وأختان لغير أم وأختان لأم وأقرت إحدى الأختين لغير أم بأخ مساو لهما، فمسألة الإنكار من تسعة للزوج ثلاثة وللأختين للأم سهمان وللأختين لغير أم أربعة لكل واحدة سهمان. ومسألة الإقرار أصلها ستة. للزوج ثلاثة، وللأختين لأم سهمان، يبقى واحد للأخ والأختين لغير أم على أربعة، فتضربها في ستة تبلغ أربعة وعشرين وبينها وبين التسعة موافقة بالأثلاث.

فاذا أردت العمل فاضرب وفق مسالة الإقرار , وهو ثلثها ثمانية في مسألة الإنكار تسعة تبلغ اثنين وسبعين , وكذا لو ضربت ثلث التسعة ثلاثة في أربعة وعشرين. فللزوج ثلاثة من مسالة الإنكار تضربها في مسألة الإقرار وهو ثمانية تبلغ أربعة وعشرين. ولولدي الأم سهمان من مسألة الإنكار في وفق مسألة الإقرار ثمانية تبلغ ستة عشر. وللأخت المنكرة من الأختين لغير أم ستة عشر من ضرب اثنين في ثمانية. وللمقرة بالأخ ثلاثة لأن لها سهمًا من مسألة الإقرار في وفق مسألة الإنكار وهو ثلاثة. فيبقى معها ثلاثة عشر للأخ من الثلاثة عشر ستة مثلاً ما للمقرة به. فيبقى بيدها سبعة لا يدعيها أحد ففي هذه المسألة وشبهها مما يبقى بقية بيد المقر ما لا يدعيه أحد تقر بيد من أقر. وهو هنا الأخت فتقر السبعة بيدها إلى أن تصدق الورثة أو يصطلحوا، لأن الإقرار يبطل بإنكار من أقر له، هذا إذا كذبها الزوج. فإن صدق الزوج المقرة على إقرارها بالأخ فهو يدعي اثني عشر مضافة إلى الأربعة والعشرين ليكمل له بها مع الأربعة والعشرين نصف المال ستة وثلاثون. والأخ المقر به يدعي ستة مثلي أخته، فيكون مدعي الزوج ومدعي الأخ ثمانية عشر، ولا تنقسم عليها الثلاثة عشر الباقية بيد الأخت المقرة ولا توافقها.

فاضرب الثمانية عشر في أصل المسألة وهي اثنان وسبعون تبلغ المسألة ألفًا ومائتين وستة وتسعين (1296) . ثم كل من له شيء من اثنين وسبعين فهو مضروب في ثمانية عشر، ومن له شيء من ثمانية عشر فهو مضروب في ثلاثة عشر، ومن له شيء من ثمانية عشر فهو مضروب في ثلاثة عشر. فللزوج من اثنين وسبعين أربعة وعشرون في ثمانية عشر أربعمائة واثنان وثلاثون (432) . ومن الثمانية عشر اثنا عشر في ثلاثة عشر، مائة وستة وخمسون (156) ، يجتمع له خمسمائة وثمانية وثمانون (588) . وللأختين من الأم، ستة عشر من المسألة في ثمانية عشر مائتان وثمانية وثمانون (288) . وللمنكرة مائتان وثمان وثمانون (288) . وللمقرة أربعة وخمسون (54) . وللأخ من الثمانية عشر ستة في ثلاثة عشر ثمانية وسبعون (78) . والسهام متفقة في السدس، فترد المسألة إلى سدسها مائتان وستة عشر (216) ، وكل نصيب إلى سدسه. وعلى هذا المنوال يعمل كل ما ورد من مسئل هذا الباب أهـ م ط ب، ك ش ع، م ن هـ. من النظم فيما يتعلق في حكم من أقر في مسألة عول بمن يزيل العول ومن زوجها تبقى وأختين من أب ... وإحداهما تدني أخاها من أرقد فضربك إقرار في الإنكار بالغ ... إلى ستة بعد خمسين قيد لكلهم مضروب ما قد حواه من ... مسيئلة في أختها أعط تقصد

فعشرون حظ الزوج مع أصل خمسها ... كذا من أقرت سبعة لم تصرد وستة عشر خذ لمنكره تصب ... وللأخ من تسع بها لا تزيد فأربعة إن صدق الزوج يدعي ... وعشرا وخمسيها ادعى الأخ فاهتد فخذ تسعة فاقسم على مدعاهما ... فأعط لذي السهمين سهما وأرفد وصحح من السبعين واثنين إن يكن ... لها أختان من أم بغير تردد لمنكره والزوج ما كان أولا ... وأولاد أم مثل منكره جد وأعط ثلاثا للمقرة وانتزع ... إلى الأخ منها ستة غير معتد ويبقى لديها سبعة فتقرها ... وقيل لبيت المال بالسبعة اقصد وقيل لزوج والمقرة حسب ما ... يكون لهم مع ولدي أم فعدد فإن صدق الزوج المقرة يدعي ... بالاثني عشر والأخ ستة اعدد وفي اثنين مع سبعين فاضرب ما ادعى ... بما في يد الأخت المقرة تهتد وذلك عشر مع ثلاث مباين الث ... ثمان وعشر مدعي من به ابتدي فما نيل من سبعين واثنين فاضربن ... بعشر تمام مع ثمان وأورد ومن حاز شيئًا من ثمان وعشرهم ... ففي العشر فاضرب مع ثلاث وأرفد

س59: تكلم بوضوح عما يلي، ما المراد من هذا الباب، وهل المكلف وغيره سواء، وهل هنا فرق بين ما يكون مضمونا بقصاص أو دية أو كفارة، أو عمدا أو شبه عمد أو خطأ أو بسب جناية بهيمة أو حفر بئر أو نصب سكين أو إخراج روش، أو نحوه، أو بسحر أو دواء، وما القتل الذي لا يضمن في شيء مما ذكر، وضح ذلك ومثل له واذكر الأدلة والخلاف والترجيح.

باب ميراث القاتل س59: تكلم بوضوح عما يلي، ما المراد من هذا الباب، وهل المكلف وغيره سواء، وهل هنا فرق بين ما يكون مضمونًا بقصاص أو دية أو كفارة، أو عمدًا أو شبه عمد أو خطأ أو بسب جناية بهيمة أو حفر بئر أو نصب سكين أو إخراج روش، أو نحوه، أو بسحر أو دواء، وما القتل الذي لا يضمن في شيء مما ذكر، وضح ذلك ومثل له واذكر الأدلة والخلاف والترجيح. ج: المراد من هذا الباب بيان الحال التي يرث القاتل فيها والتي لا يرث فيها، فالقاتل بغير حق لا يرث من المقتول شيئًا لحديث عمر سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليس لقاتلٍ شيءٌ» رواه مالك في الموطأ وأحمد. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يرِث القاتل شيئاً» رواه أبو داود والدارقطني. وحديث ابن عباس قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل قتيلاً فإنه لا يرثه وإن لم يكن له وارث غيره وإن كان والده أو ولده فليس لقاتل ميراث» رواه أحمد. والحكمة في ذلك تهمة استعجال موته في الجملة، أخذ العلماء من الأحاديث قاعدة قالوا: (من تعجل شيء قبل أوانه عوقب بحرمانه) . والقتل بغير حق مثل أن يكون القتل مضمونًا بقصاص كالعمد المحض العدوان، أو يكون القتل مضمونًا بدية كقتل

الوالد لولده عمدًا عدوانًا، فإنه يضمنه بالدية ولا كفارة لأنه عمد ولا قصاص لما يأتي. أو يكون القتل مضمونًا بكفارة كرمي مسلم بين الصفين يظنه كافرًا، فالقتل بغير حق من موانع الإرث وسواء كان عمدًا وذلك بالإجماع إلا ما حكى عن سعيد بن المسيب وابن جبير، أنهما ورثاه منه ولا تعويل عليه. فإن عمر أعطى دية ابن قتادة المذحجي لأخيه دون أبيه وكان حذفه بسيف فقتله واشتهر ذلك في الصحابة ولم ينكر، فكان كالإجماع. وهذا القول هو الذي تطمئن إليه نفسي والله سبحانه أعلم. وسواء كان القتل خطأ، وهو قول جمهور العلماء، روى ذلك عن عمر وعلي وزيد وعبد الله بن مسعود وابن عباس، وروي نحوه عن أبي بكر، وبه قال شريح وعروة وطاووس وجابر بن زيد والنخعي والثوري والشعبي وشريك والحسن ابن صالح ووكيع ويحيى بن آدم والشافعي وأصحاب الرأي. وذهب قوم إلى أنه يرث من المال دون الدية، روي ذلك عن سعيد بن المسيب وعمرو بن شعيب وعطاء والحسن ومجاهد والزهري ومكحول والأوزاعي وابن أبي ذئب وأبي ثور وابن المنذر وداود، لأن ميراثه ثابت بالكتاب والسنة خصص قاتل العمل بالإجماع، فوجب البقاء على الظاهر فيما سواه. والذي يترجح عندي القول الأول للأحاديث المتقدمة، ولأن من لا يرث من الدية لا يرث من غيرها، كقاتل العمد والمخالف في الدين، سدًا للذريعة، وطلبًا للتحرز عنه، والله أعلم.

قال في الإقناع وشرحه وسواء كان بمباشرة، أو سبب مثل أن يحفر بئرًا في موضع لا يحل حفرها فيه فيموت بها مورثه، أو يضع حجرًا بطريق لا لنفع المارة في نجو طين أو غرق، أو ينصب سكينًا. أو يخرج روشنا أو ساباطا أو دكانا، أو نحوه إلى الطريق عدوانًا، أو يرش ماء لغير تسكين غبار، وكإلقاء قشر موز أو بطيخ بطريق، فيهلك به مورثه، فلا يرثه لأنه قاتل كالمباشر. أو يكون القتل بسبب جناية مضمونة من بهيمة لكونها ضارية أو لكون يده عليها كالراكب والقائد والسائق فيهلك بها مورثه، فلا يرث لأنه قاتل له. ولو شربت الحامل دواء فأسقطت جنينها، لم ترث من الغرة شيئًا بجنايتها المضمونة. وسواء انفرد بالقتل أو شارك فيه غيره، لأن شريك القاتل قاتل بدليل أنه يقتل به لو أوجب القصاص وكذا لو قتله بسحر فلا يرثه. وكل قتل لا يضمن بشيء من قود أو دية أو كفارة، كقتل لمورثه قصاصًا أو حدًا كترك زكاة ونحوها أو لزنا ونحوه أو القتل حرابًا، بأن قتل مورثه الحربي أو قتل بشهادة حق من وارثه أو زكي الشاهد عليه بحق أو حكم بقتله بحق ونحوه، أو قتله دفاعًا عن نفسه إن لم يندفع إلا بالقتل. وكقتل العادل الباغي وكقتل الباغي العادل في الحرب فلا يمنع الميراث، لأنه فعل مأذون فيه. ومن القتل الذي لا يمنع الميراث عند الموفق من قصد مصلحة موليه مما له فعله من سقي دواء أو ربط جراحة فمات فيرثه، لأنه ترتب عن فعل مأذون فيه.

قلت: ومثله في زمننا هذا الحبوب الدوائية والإبر الدوائية الطاهرة، أو أمره إنسان عاقل كبير بالغ ببط جراحة أو بقطع سلعة منه، ففعل فمات فيرثه. ومثله من أدب ولده أو صبيه في التعليم أو زوجته ولم يسرف، فإنه لا يضمنه بشيء مما تقدم فلا يكون ذلك مانعًا من الميراث، انتهى من الإقناع وشرحه بتصرف يسير جدًا. من النظم فيما يتعلق بميراث القاتل ومن قتل الموروث فامنعه إرثه ... على خطأ أرداه أو بالتعمد مباشرة أو بالتسبب إن يجب ... قصاص أو التكفير أو دية قد وسيان ذو التكليف فيه وغيره ... وذو شركة أو قاتل بتفرد وورث متى لم توجبن بعض ما مضى ... كحد قصاص رده دفع معتد وقتل أولى عدل بغاة وعكسه ... في الأولى وعنه الباغي لا العادل اصدد وعنه دليل المنع بالقتل مطلقًا ... ولو أدبًا أو طب وال بمبعد وورث كأموال القتيل دياته ... وغرة سقط من جناية معتد ومن لم يرث في كل باب لوصفه ال ... لذي فيه لم يحجب بغير تقيد

س60: تكلم بوضوح عن إرث الرقيق وتوريثه وعن المبعض وعن ميراث الولاء، واذكر أمثلة توضح المسائل واذكر الخلاف والترجيح.

س60: تكلم بوضوح عن إرث الرقيق وتوريثه وعن المبعض وعن ميراث الولاء، واذكر أمثلة توضح المسائل واذكر الخلاف والترجيح. ج: لا يرث الرقيق وهو العبد المملوك، لأن فيه نقصًا منع كونه موروثًا، فمنع كونه وارثًا كالمرتد، إلا ما روي عن ابن مسعود في رجل مات وترك أبا مملوكًا يشتري من ماله ويعتق ويرث وقاله الحسن. وعن أحمد يرث عبد عند عدم وارث، لا يورث وذلك بالإجماع، لأنه لا مال له فيورث عنه، المال لسيده. ولأنه لا يملك وإن قيل به، فملكه ناقص غير مستقر ينتقل إلى سيده. ولو كان مدبر أو مكاتبًا إذا لم يملك المكاتب قدر ما عليه فهو عبد لا يرث ولا يورث، وإن ملك قدر ما يؤدي، فقيل لا يرث ولا يورث. روي ذلك عن عمر وزيد بن ثابت وابن عمر وعائشة وأم سلمة وعمر بن عبد العزيز والشافعي وأبي ثور. لما روى عمر بن عبد العزيز والشافعي وأبي ثور. وقال القاضي وأبو الخطاب: إذا أدى المكاتب ثلاثة أرباع كتابته وعجز عن الربع عتق، لأن ذلك يجب إيتاؤه للمكاتب، فلا يجوز إبقاؤه على الرق لعجزه عما يجب رده إليه. وقيل إنه إذا ملك ما يؤدي، صار حرًا يرث ويورث، فإذا مات له من يرثه ورث، وإن مات فليسده بقية كتابته، والباقي لورثته.

لما روى أبو داود عن أم سلمة قالت: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان لأحداكن مكاتب فكان عنده ما يؤدي فتحتجب منه» . وروى الحكم عن علي وابن مسعود وشريح، يعطي سيده من تركته ما بقي من كتابته، فإن فضل شيء كان لورثة المكاتب، وروى نحوه عن الزهري. وبه قال سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن والنخعي والشعبي ومنصور ومالك وأبو حنيفة، إلا أن مالكًا جعل من كان معه في كتابته أحق ممن لم يكن معه. فإنه قال في مكاتب هلك وله أخ معه في الكتابة وله ابن قال، ما فضل من كتابته لأخيه دون ابنه، وجعله أبو حنيفة عبدًا ما دام حيًا، وأن مات أدى من تركته باقي كتابته، والباقي لورثته. وأما الأسير الذي عند الكفار فإنه يرث إذا علمت حياته في قول عامة الفقهاء إلا سعيد بن المسيب فإنه قال: لا يرث، لأنه عبد ولا يصح ما قاله، لأن الكفار لا يملكون الأحرار قهرًا. ويرث من بعضه حر وبعضه رقيق بقدر ما فيه من الحرية فإذا كسب المعتق بعضه مالاً ثم مات وخلفه، فإن كان قد كسب المال بجزئه الحر. مثل أن يكون قد هيأه سيده على منفعته فاكتسب في أيامه أو ورث شيئًا، فإن الميراث إنما يستحقه بجزئه الحر أو كان قد قاسمه سيده في حياته، فتركته كلها لورثته لا حق لمالك باقيه فيها. مثال: ابن نصفه حر ومعه أم وعم حران، فللابن مع نصف حريته نصف ماله لو كان حرًا كله وهو ربع وسدس، وللأم ربع، لأن الابن يحجبها عن سدس فنصفه الحر يحجبها عن نصف سدس.

فلها سدس ونصف سدس وهو ربع عندما تجمعها، والباقي وهو ثلث للعم تعصيبًا وتصح من اثني عشر، للأم ثلاثة وللمبعض خمسة وللعم أربعة، وكذا كل عصبة نصفه حر مع ذي فرض ينقص به. فإن لم ينقص ذو فرض بعصبة، كجدة وعم حرين مع ابن نصفه حر، فللابن نصف الباقي بعد إرث الجدة وهو ربع وسدس، والباقي للعم، وتصح من اثني عشر، للجدة اثنان وللابن خمسة وللعم خمسة. ولو كان مع المبعض من يسقطه المبعض بحريته التامة، كأخت للميت وعم حرين مع ابن مبعض، فللابن نصف التركة وللأخت نصف ما بقي بعد ما أخذه الابن فرضًا، وللعم ما بقي بعدهما تعصيبًا. وتصح من أربعة للمبعض سهمان، وللأخت سهم وللعم سهم، فإن كانت الأخت لأم فلها نصف السدس، وتصح من اثني عشر، للابن المبعض ستة، وللأخت لأم واحد، وللعم خمسة. وبنت وأم نصفهما حر ومعهما أب حر كله، للبنت نصف ما لها لو كانت حرة وهو ربع، لأنها ترث النصف لو كانت حرة، وللأم منع حريتها ورق البنت ثلث، ولها السدس مع حرية البنت، فقد حجبتها بحريتها عن السدس. فبنصف حرية البنت تحجبها أي الأم عن نصف السدس، يبقى للأم الربع لو كانت حرة فلها بنصف حريتها نصف الربع وهو ثمن والباقي وهو نصف وثمن للأب فرضًا وتعصيبًا وتصح من ثمانية للأم واحد وللبنت اثنان وللأب خمسة، وإن شئت نزلت المبعضين من الورثة أحوالاً كتنزيل الخناثي الوارثين ومن معهم أهـ ش غ ي هـ.

من النظم في باب ميراث المعتق بعضه وما يتعلق به وما العبد ذي إرث وليس بمالك ... فيورث ومع أساب عتق كذا اعدد وقيل متى أودى عتيق مكاتب ... فأدى يرثه بالولاء فقيد ومن كان بعض منه حل بقدره اجـ ... ـعل الحجب والميراث فيه تسدد فما نال من مال بجزء محرر ... لوارثه يعطي بغير تنكد وأم وبنت معتقًا النصف مع أب ... فللبنت ربع المال والأم زود بتقدير رق البنت والأم حرة ... بثلث وسدي عند عتق ابنة قد فتحجبها عن نصف سدس بنصفها ... فربع لها مع عتقها كلها اهتد فيبقى لها ثمن بإعتاق نصفها ... وللأب ما يبقى فقس وتعود وتنزيلهم مثل الخناثي مجوز ... وفي الضرب والتقسيم فاعمل كما بدي وتجمع بعد الضرب في كل حالة ... بمقدار ما يختص كلاً وأورد إليه من المجموع نسبة حاله ... إلى كل حالات ضربت بها طد وتجزي هنا عن كلها ضرب ستة ... بأربع أحوال ومن مرتق حد

وإن كان دون النصف أو فوق معتقًا ... فتعمل بالتنزيل فاعمل كما ابتدى وزد مثلها مع عتق خمس ونصفها ... وإن كان ربعًا ومثل مسألة زد وزد مثلها مع عتق خمس ونصفها ... وفي عتق ثلثين انقص الربع ترشد وفي جمع عتق العاصبين بواحد ... إذا لم يكن حجب فوجهين أسند وكابن مع ابن ابن فلا تجمعنها ... لما فيه من حجب على المتجود فلا بنين نصف الكل جزء تراثه ... جميعًا وفي وجه بنصف فقط جد ومع ثالث ثلثاه قن تعيلها ... وبينهم اقسم في ثمانية قد وقد قيل فضل من يزيد بقسطه ... فسدس هنا للحر نصفهما زد وثلثان ابن حر آخر عكسه ... على ما مضى في الأوجه اقسم وزيد فنصف ابنة حر وأم وعمه ... فربع لبنت هكذا الأم زود وسهمان حظ العم من أربعة وإن ... يكن موضع البنت ابنه فله جد بنصف جميع مال طرا وقيل بل ... به بعد ربع الأم صله وبعد وقيل بل انظر ماله مع كماله ... بجزأيه مع رب لفرض وقيد فخمسة أسداس الجميع هنا له ... له نصفها وهو الأصح لمقتد كذا خلفهم في العاصب الحر نصفه ... مصاحب فرض نقصوه به طد

فإن كان لم ينقص به مثل جده ... وعم مع ابن نصفه حرًا انقد على أول نصفا وفي الآخرين جد ... بنصف له من بعد فرض وجود ولو كان معه رب فرض يزيله ... تحرره كأخت وعم مودد مع ابن عتيق النصف فالنصف أعطه ... ونصف الذي يبقى إلى الأخت أورد بفرض بلا خلف وللعاصب الذي ... تبقى من الموروث فارشد وأرشد وإن يك حر عاصب معه مثله ... فبينهما أرباعًا المال أعتد ثلاثة أرباع لحر وربعه ... لمن نصفه حر بغير تنكد وقيل له ثلث وثلثان يا فتى ... نصيب أخيه الحر من غير مبعد وهذا على جمع التحرر فيهما ... وقسمة إرث القوم بالعدل فاشهد فإن كان نصف ابنين حر أنلهما ... ثلاثة أرباع سوية اعدد بتنزيل أحوال يرق وتارة ... بحرية مع جمعهم والتسدد وقيل اجعلن حالين رقا وعتقهم ... بحرية يحوون مال المفقد فمع نصفها نصف لهم والذي بقي اد ... فعنه لذي التعصيب غير منكد وباقيه فاردده ومع فقد عاصب ... للابنين في الوجهين لا تتردا وقيل جميع المال أعطهما تصب ... لجعلهما كابن لجمع المبدد

وللأم كل الثلث مع أخوين في ال ... وحيد رق ما على المتجود وقال أبو الخطاب من سدسها انقصن ... بمقدار ما في الأخ عتق تسدد ومن بعضه حر بفرض مورث ... فرد عليه قدر حرية قد وما زاد عما فيه رد لغيره ... وإلا لبيت المال فادفعا ترشد كذا رب تعصيب إذا لم يصبه من ... تراث بقدر العتق من نفسه اشهد فنصف ابنة حر لها نصف ماله ... بفرض ورد لا تزدها فتعتدي ونصف تراث الميت لابن مكانها ... وباقيهما في بيت مال ليردد وإن يك نصف ابنبن حر وأعطيا ال ... نصيفا وربعا مع عصيب مزيد فإن الذي يبقى يرد إليهما ... إذا لم يكونا مع عصيب هنا جد ونصف ابنة حر ونصف لجدة ... بفرض برد بالسوا ماله ارفد ولا ترددن في ذا بقدر فروضهم ... ينل نصف حر فوق نصف المعدد وإن عتقا فيما عدا الربع فيهما ... ثلاثة أرباع كفرضيهما اعدد لفقد ازدياد فوق ما فيهما إذا ... من العتق عد الأصل غير مفند وكل له ثلث لتحرير ثلثه ... وثلث لبيت المال غير مزهد وللأم وابن معتق نصف ماله ... بنصفين مع فقد العصيب المنكد

على ما ذكرنا من ثلاثة أوجه ... مع العصبات افهم وكن ذا تأيد وقال أبو بكر يرد عليهما ... على قدر الفرضين باقي المرصد فيقسم أخماسًا على قوله وفي ... مقدمها أثلاثًا اقسمه تهتد وفي ثالث أثمانًا اقسمه يا فتى ... وقول أبي بكر دليل لمن هدي على رد باق في المحر بعضه ... على قدر المفروض لا يتقيد وإن جاوز المبذول مقدار عتقه ... وإعطائه المجموع حال التفرد وتفريع هذا الباب شيء مطول ... فإن كنت ذالب ففرع وعدد

باب الولاء

باب الولاء س61: ما هو الولاء لغة وشرعًا، وما معنى الإرث بالولاء، ولماذا تأخر الولاء عن النسب، وما الأصل فيه، وما هي المسائل التي يحصل بها عتق الرقيق، وهل ينتقل الولاء، وما هي المسائل التي يكون له فيها الولاء، اذكرها بوضوح، وهل يثبت اشتراط الولاء على المشتري، وهل الأصل في الآدميين الحرية أو عدمها، ومتى يرث صاحب الولاء بالولاء، ولمن يكون ولاء من أعتقه الساعي في الزكاة، وهل للمعتق الولاء على من للعتيق ولاؤه، ومن الذي لا ولاء لأحد عليه، وبين حكم ما إذا أعتق إنسان رقيقًا عن حي بإذنه أو بغير إذنه أو عن ميت. ج: الولاء لغة الملك، وشرعًا ثبوت حكم شرعي بعتق أو تعاطي سببه كاستيلاد وتدبير، وقيل في تعريفه أنه عصوبة سببها نعمة المعتق على عتيقه بالمعتق، والولاء لا يورث وإنما يورث به. ومعناه أنه إذا أعتق رقيقًا ذكرًا كان أو أنثى صغيرًا أو كبيرًا صار له عصوبة في جميع أحكام التعصيب عند عدم العصبة من النسب كالميراث وولاية النكاح والعقل. والأصل فيه قول الله - سبحانه وتعالى - وتنزه وتقدس {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} وحديث: «لَعَنَ اللَّهُ من تولى غير مواليه» وحديث: «مولى القومِ منهم» وحديث: «الولاء لمن أعتق» وغيره. وإنما تأخر الولاء عن النسب لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبد الله بن أبي أوفى: «الولاء لحمة كلحمة النسب» رواه الخلال، ورواه الشافعي وابن حبان من حديث ابن عمر مرفوعًا وفيه لا يباع ولا يوهب.

شبهه بالنسب، والمشبه دون المشبه به، ولأن النسب أقوى من الولاء، لأنه تتعلق به المحرمية وترك الشهادة ونحوها، بخلاف الولاء. إذا تقرر هذا فكل من أعتق رقيقًا أو أعتق بعضه، فسري العتق إلى باقيه. أو عتق عليه قن برحم، كما لو ملك أباه أو ولده أو أخاه أو عمه ونحوه، فعتق عليه بسبب ما بينهما من القرابة. أو عتق عليه بتمثيل بأن مثل برقيقه فيعتق عليه وله ولاؤه. وكذا لو قال أنت حر على أن تخدمني سنة ونحه. أو عتق عليه بكتابة بأن كاتبه فأدى إليه أو عتق عليه بتدبير، بأن قال إذا مت فأنت حر ونحوه، ومات فخرج من ثلثه. أو عتق عليه بإيلاد كأم ولده. أو عتق عليه بوصية بأن أوصى بعتقه، فنفذت وصيته فله عليه الولاء لحديث الولاء لمن أعتق متفق عليه، وبتعليق عتقه بصفة فوجدت، فله عليه الولاء في جميع أحكام التعصيب. وله الولاء على أولاد العتيق من زوجة عتيقة لمعتقه أو غيره وعلى أولاده من سرية للعتيق تبعًا له. فإن كانوا من حرة الأصل فلا ولاء عليهم. وإن كانوا من أمة الغير فتبع لأمهم حيث لا شرط ولا غرور.

وله الولاء على من للعتيق ولاؤه، كعتقائه أو لأولاد العتيق ممن سبق وإن سفلوا ولاؤه، لأنه ولي نعمتهم، وبسببه عتقوا، ولأنهم فرعه والفرع يتبع الأصل، فأشبه ما لو باشر عتقهم. وسواء الحربي وغيره، لعموم حديث: «الولاء لمن أعتق» فإذا جاء المعتق مسلمًا فالولاء بحاله. وإن سبي المعتق لم يرث ما دام عبدًا، فإذا أعتق فعليه الولاء لمعتقه، وله الولاء على عتيقه. ويثبت الولاء للمعتق حتى لو كان أعتقه سائبة، كقوله (أعتقتك سائبة) . أو قال أعتقتك ولا ولاء لي عليك، لعموم حديث: «الولاء لحمة كلحمة النسب» فكما لا يزول نسب إنسان ولا ولد عن فراش بشرط لا يزول ولاء عتيق بذلك. وروى مسلم عن هذيل بن شرحبيل، قال جاء رجل إلى عبد الله، فقال إني أعتقت عبدًا لي فجعلته سائبة فمات وترك مالاً ولم يدع وارثًا. فقال عبد الله: إن أهل الإسلام لا يسيبون، وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون وأنت ولي نعمته، فإن تأثمت وتحرجت عن شيء فنحن نقبله ونجعله في بيت المال. ولذلك لما أراد أهل بريرة اشتراط ولاءها على عائشة قال - صلى الله عليه وسلم -: «اشترِيهاواشترِطي لهم الولاء فإِن الولاء لمن أعتق» . يريد أن اشتراط تحويل الولاء عن العتق لا يفيد شيئًا، وله ولاؤه فيما إذا أعتقه في زكاة أو كفارة أو في نذره لما تقدم. ولأنه معتق عن نفسه، بخلاف من أعتقه ساع من زكاة فولاؤه للمسلمين، لأن الساعي نائبهم، إلا إذا أعتق مكاتب بإذن سيده رقيقًا، فولاؤه لسيد المكاتب دون المعتق.

أو كاتب المكاتب رقيقا بإذن سيده فأدى الثاني ما كوتب عليه قبل الأول , لأن المكاتب كالآلة للعتق , لأنه لا يملكه بدون إذن سيدة , ولأنه باق على الرق , فليس أهلا للولاء , ولا يصح عتقه بدون إذن سيده , لأنه محجور عليه لحظه. ولا يصح أن يكاتب المكاتب بدون إذن سيد. ولا ينتقل الولاء ببيع لمكاتب مأذون له في العتق. ويرث صاحب الولاء بالولاء عند عدم العصبة من النسب وعند عدم ذوى فروض تستغرق فروضهم المال, لحديث: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر وحديث: «الولاء لحمة كلحمة النسب» رواه الشافعي وابن حبان. والولاء دون النسب , لأنه مشبه به , والمشبه دون المشبه به , وأيضا فالنسب أقوى من الولاء , لأنه يتعلق به المحرمية , وترك الشهادة وسقوط القصاص، ولا يتعلق ذلك بالولاء. ثم يرث بولاء عصبة المعتق من بعد موته الأقرب فالأقرب من المعتق سواء كان العصبة ولدًا أو أبًا أو أخًا أو عمًا أو غيرهم من العصبات. فإن لم يكن للمعتق عصبة من النسب، كان الميراث لمولى المعتق، ثم لعصبته الأقرب فالأقرب كذلك ثم لمولى المولى، ثم لعصبته كذلك أبدًا. لحديث عن زياد بن أبي مريم أن امرأة أعتقت عبدًا، ثم توفيت وتركت ابنا لها وأخًا ثم توفي مولاها فأتى أخوها وابنها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ميراثه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ميراثها لابن المرأة» فقال

أخوها: يا رسول الله لو جر جريرة كانت علي ويكون ميراثها لهذا، قال: نعم. ومن كان أحد أبويه الحرين حر الأصل، ولم يمسه رق، والآخر عتيق، فلا ولاء عليه لأحد، لأن الأم إن كانت حرة الأصل فالولد يتبعها فيما إذ كان الأب رقيقًا في انتفاء الرق والولاء، فلأن يتبعها في انتفاء الولاء وحده أولى. وإن كان الأب حر الأصل، فالولد يتبعه فيما إذا كان عليه ولاؤه بحيث يصير الولاء عليه لمولى أبيه، فلأن يتبعه في سقوط الولي عنه أولى. أو كان أبوه مجهول النسب وأمه عتيقه، أو كانت أمه مجهولة النسب وأبوه عتيقًا، فلا ولاء عليه لأحد، لأن مجهول النسب محكوم بحريته أشبه معروف النسب. ولأن الأصل في الآدميين الحرية وعدم الولاء، فلا يترك هذا الأصل في حق الولد بالوهم، كما لم يترك في حق الأب. ومن أعتق رقيقه عن مكلف رشيد حي بأمره، فولاؤه لمعتق عنه كما لو باشره. وإن أعتقه عن حي بدون أمره له أو أعتق رقيقه عن ميت فولاؤه لمعتق. لحديث الولاء لمن أعتق، ولأنه أعتق بغير أمر معتق عنه والثواب لمعتق عنه إلا من أعتقه وارث أو وصى عن ميت له تركة في واجب على الميت من كفارة ونذر، فولاؤه للميت لوقوع العتق عنه لمكان الحاجة إليه وهو احتياج الميت إلى براءة ذمته. ولأن الوارث كالنائب عن الميت في أداء ما عليه فكأن العتق منه، قال الشيخ تقي الدين: بناء على أن الكفارة ونحوها ليس من شروطها الدخول في ملك المفكر عنه أهـ.

س62: من الذي يرثه النساء بالولاء، ومن القائلة: إن ألد أنثى فلي النصف، وذكر فلي الثمن، وإن لم ألد شيئا فلي الجميع، ومن الذي يرث بالولاء من ذوي الفروض، وما هي مسألة القضاة، وما هو جر الولاء، وما هي شروط جر الولاء، واذكر أمثلة توضح ما تذكر.

س62: من الذي يرثه النساء بالولاء، ومن القائلة: إن ألد أنثى فلي النصف، وذكر فلي الثمن، وإن لم ألد شيئًا فلي الجميع، ومن الذي يرث بالولاء من ذوي الفروض، وما هي مسألة القضاة، وما هو جر الولاء، وما هي شروط جر الولاء، واذكر أمثلة توضح ما تذكر. ج: لا يرث النساء بالولاء إلا من أعتقن بأن باشرن عتقه أو عتيق من باشرن عتقه أو أولاد عتيقهن، ومن جر النساء وعتيقهن ولاؤه، أو كاتبن فأدى وعتق أو كاتب من كاتبن وهو مكاتب من كاتبه النساء إذا أدى وعتق. روى ذلك عن عمر وعثمان وعلي لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا قال (ميراث الولاء للكبر من الذكور) ولا يرث النساء من الولاء إلا ولاء من أعتقن. ولأن الولاء مشبه بالنسب والمولى العتيق من المولى المنعم بمنزلة أخيه أو عمه، فولده من العتيق بمنزلة ولد أخيه أو ولد عمه. ولا يرث منهم إلا الذكور خاصة. ومن نكحت عتيقها وحملت منه ثم مات، فهي القائلة: إن ألد أنثى فلي النصف من الميراث، لأن للبنت النصف وللزوجة الثمن والباقي لها تعصيبًا، وإن ألد ذكرًا فلي الثمن، لأنها زوجة مع ابن ولا ترث بالولاء مع العصبة من النسب وإن لم ألد شيئًا فلي الجميع، الربع بالزوجية، والباقي بالولاء. ولا يرث بالولاء ذو فرض غير أب لمعتق مع ابنه، وجد لمعتق مع ابن له أو ابن ابن وإن نزل، فيرث كل منهما سدسًا. وغير جد لمعتق وإن علا مع أخوة ذكورًا إذا اجتمعوا على ما تقدم في ميراث الجد والأخوة، والخلاف السابق في ذلك معلوم.

وترث عصبة ملاعنة عتيق ابنها، لأن عصبة ابن الملاعنة عصبة أمه. وعند ابن أبي موسى إن مات العتيق ولم يترك عصبة من النسب ولا ذو فرض ولم يكن للمعتق عصبة من النسب ولا من الولاء، ورثه الرجال ذووا أرحام معتقه دون نسائهم. فإن فقد الرجال من ذوي أرحام معتقه فيكون ميراثه لبيت المال يصرف في مصالح المسلمين العامة، كما لو خلف العتيق بنت معتقه وخلف معتق أبيه فقط، فماله لبيت المال. لأنه إذا ثبت عليه الولاء من جهة مباشر العتق لم يثبت عليه بإعتاق أبيه، وإذا لم يكن لمولاه إلا بنت لم ترث، لأنها ليست عصبة، وإنما يرث عصبات المولى، فإذا لم يكن له عصبة لم يرجع إلى معتق أبيه. وما إذا كانت حرية العتيق حصلت بإعتاق معتق أبيه أو بإعتاق أبي العتيق فميراثه لمعتق أبيه، لأنه إما معتقه أو ابن معتق أبيه. فإن لم يكن فلعصبته فإن لم تكن عصبة، فلمعتق أبيه. فإن لم يكن فلبيت المال، ولا يرجع الولاء لمعتق جده لأنه ليس معتقًا ولا معتق معتق ولا عصبة. وإذا تزوج عبد حرة الأصل فأولدها ولدا ثم أعتق العبد ومات ثم مات الولد، فلا ميراث لمعتق أبيه لأنه لا ولاء عليه. ولو كان ابنتان على هذه الصفة اشترت إحداهما أباها فعتق عليها فلها ولاؤه وليس لها ولاء على أختها، فإذا مات أبوهما فلهما الثلثان بالنسب ولها الباقي بالولاء. فإذا ماتت أختها فلها نصف ميراثها بالنسب وباقيه لعصبتها فإن لم يكن لها عصبة، فالباقي لأختها في الرد ولا ميراث لها منها بالولاء لأنها لا ولاء عليها قاله في المغني أهـ م ط ن.

فلو مات سيد معتق عن ابنين ثم مات أحد الابنين عن ابن ثم مات عتيقه فإرثه لابن سيده دون ابن أبيه، لأن الولاء للكبر ولأنه أقرب عصبته إليه. وإن مات أبناء السيد قبل العتيق وخلف أحد الابنين ابنا واحد وخلف الآخر أكثر من واحد ثم مات العتيق، فإرثه بينهم على عددهم كإرث جدهم بالنسب. قال أحمد: روي هذا عن عمر وعثمان وعلي وزيد بن حارثة وابن مسعود وبه قال، أكثر أهل العلم، إذ الولاء لا يورث، وإنما يورث به كما يرثون بالنسب لحديث الولاء لمن أعتق وحديث الولاء لحمة كلحمة النسب. وعصبة السيد إنما يرثون العتيق بولاء معتقه لا نفس الولاء. ولو اشترى أخ وأخته أباهما أو اشتريا أخاهما ونحوه عتق عليهما بالملك فملك الأب أو الأخ قنا فاعتقه ثم مات الأب أو الأخ ونحوه، ثم مات العتيق، ورثه الابن أو الأخ ونحوه بالنسب دون أخته فلا ترث منه بالولاء، لأن عصبة المعتق من النسب تقدم على مولى المعتق. ويروي عن مالك أنه قال: سألت عنها سبعين قاضيًا من قضاة العراق فأخطأوا فيها ذكره في الإنصاف. وصورها بعضهم بما لو اشترت امرأة أباها فعتق عليها ثم أعتق الأب عبدًا ومات عتيقه بعده وللمعتق عصبة بالنسب فميراث العتيق له دون البنت لأنها معتقة المعتق فتؤخر عن عصبة النسب. وصورها بعضهم بما لو اشترى ابن وابنة أباهما، فعتق عليهما ثم أعتق عبدًا ومات العتيق بعد موت الأب عنهما فميراثه للابن دون البنت لأنه عصبة المعتق بالنفس، وعلى هذا التصوير قول السبكي:

إذا ما اشترت بنت وابن أباهما ... وصار له بعد العتاق موالي وأعتقهم ثم المنية عجلت ... عليه وماتوا بعده بليالي وقد خلفوا مالا فما حكم مالهم ... هل الابن يحويه وليس يبالي أم الأخت تبقى مع أخيها شريكة ... وهذا من المذكور جل سؤالي وأجاب بقوله: للابن جميع المال إذا هو عاصب ... وليس لفرض البنت إرث موالي وإعتاقها تدلي به بعد عاصب ... لذا حجبت فافهم حديث سؤالي وقد غلطت فيها طوائف أربع ... مئين قضاة ما وعوه ببالي وقال بعضهم: إذا ما اشترت بنت أباها فعتقه ... بنفس الشرا شرعًا عليها تأصلا وميراثه إن مات من غير عاصب ... ومن غير ذي فرض لها قد تأثلا لها النصف بالميراث والنصف بالولا ... فإن وهب ابنًا أو شراه تفضلا فأعتق شرعًا ذلك الابن مالها ... سوى الثلث والثلثان للأخ أصلاً وميراثها فيه إذا مات قبلها ... كميراثها في الابن من قبل يجتلا ومولى أبيها مالها الدهر من ولا ... ولاء ولا إرث مع الأب فاعتلا

لغز آخر: رجل وبنته ورثا مالا نصفين. صورتها ماتت امرأة عن زوج هو ابن عم وبنت منه. ومن ذلك امرأة ورثت أربعة أخوة أشقاء واحدًا بعد واحد فحصل لها نصف أمواله. فكم مال كل واحد منهم؟ الجواب: هم أربعة للأول ثمانية، وللثاني ستة، وللثالث ثلاثة، وللرابع درهم واحد. فلما مات الأول، أصابها منه درهما، ولكل أخ درهمان فصار للثاني ثمانية، وللثالث خمسة، وللرابع ثلاثة. ثم مات الثاني عن ثمانية، فأصابها منه درهمان، فصار لها أربعة، والباقي لأخويه. فصار للثالث ثمانية، وللرابع ستة ثم مات الثالث عن ثمانية، فأصابها درهمان، فصار لها ستة والباقي لأخيه، فصار له اثنا عشر. فلما مات عنها أصابها منه ثلاثة، فصار لها تسعة، وهي مجموع أموالهم. ولقبت بالدفانة، لأن المرأة دفنت جميع أزواجها، ونظمها بعضهم فقال: ووارثة بعلا وبعلين بعده ... وبعلا أبوهم ذو الجناحين جعفر فكان لها من قسمة المال نصفه ... بذلك يقضي الحاكم المتفكر وما جاوزت في مال بعل سهامها ... إذا مات ربعًا في الوراثة يزهر

لغز: ومن ذلك امرأة تزوجت أربعة أزواج فورثت من مال كل منهم نصفه. الجواب: هذه امرأة ورثت هي وأخوها أربعة أعبد فأعتقهم ثم تزوجتهم واحدًا بعد واحد على التعاقب وماتوا جميعًا. فلها من مال كل واحد الربع بالنكاح وثلث الباقي بالولاء فيجتمع لها نصف المال وفيها يقول الشاعر: وما ذات صبر على النائبات ... توجها نفر أربعة فتحوز من مال كل امرئ ... لعمرك شطر الذي جمعا وما ظلمت أحدًا منهموا ... نقيرًا ولا ركبت مقطعه لغز: ومن ذلك صحيح قال لمريض أوص، قال إنما يرثني أنت وأخواك وأبواك وعماك. الجواب: أن صحيح أخو المريض لأمه وابن عمه وأخواه أخو المريض لأمه وأبواه عم المريض وأمه وعماه عما المريض، فالحاصل ثلاثة أخوة لأم وأم وثلاثة أعمام. ولو قال يرثني زوجتاك وبنتاك وأختاك وعمتاك وخالتاك فزجتا الصحيح أم المريض وأخته لأبيه. وبنتا الصحيح أختا المريض لأمه وأختا الصحيح لأمه أختا المريض لأبيه وعمتا الصحيح إحداهما لأب والأخرى لأم. وخالتاه كذلك وأربعهن زوجات المريض. فالحاصل أربع زوجات وأم وأختان لأم وثلاث أخوات لأب أهـ.

ولو مات الابن المذكور في المسألة السابقة ثم مات العتيق ورثت بنت معتق العتيق ومولاته ونحها من العتيق بالولاء بقدر عتقها من الأب المعتق للعتيق إن لم يكن للأب عصبة من النسب، والباقي من تركة عتيق عتيقها يكون بينها وبين معتق أمها إن كانت أمها عتيقة. ولو اشتريا أخاهما فعتق عليهما ثم اشترى عبدًا فأعتقه ومات الأخ المعتق قبل موت العبد وخلف ابنه ثم مات العبد، فميراثه لابن الأخ دون الأخت، لأنه ابن أخي المعتق فإن لم يخلف إلا بنته فنصف مال العبد للأخت، لأنها معتقة نصف معتقه، والباقي لبيت المال دون بنت الأخ. من النظم فيما يتعلق بباب أحكام الولاء والإرث به وما لنساء في الولاء وراثة ... لتأخيره عن رتبة لا لخرد سوى إرث من أعتقنه وعتيقه ... كذلك من كاتبن أو كاتب أشهد كذا حكم من يعتق عليهن والذي ... يدبرن أو يوصين بالعتق فاعدد كذا نسل مولى من عروس عتيقة ... وسرية من كل دان ومبعد وأولادهم من كان منهم بشرطه ... كذلك من جروا ولاءهم امهد كذلك فاحكم في الرجال وزدهم ... ولاء بإيلاد وتعصيب موجد وورث على قول ملاعنة به ... كذا البنت من مولى أبيها بأبعد

وورثه به مع فقد كل مناسب ... عصيب عتيق في التراث ملحد وقدم على رد وذي رحم الولا ... على قول جمهور وفي قول أحمد وذوي التعصيب من معتق توى الـ ... ولاء للأدنى يوم موت المعبد وعنه لمن أدى المكاتب ولاءه ... وإن لهما أدى فشرك وعدد ومن يشتبه في الرق مع كون أمه ... أو الأب حر الأصل عند الولا زد فمن ولدته دون ستة أشهر ... من العتق مس الرق ذلك فاهتد ومن ولدته ناكحًا فوق ستة ... فليس بممسوس لشك التردد وعنه ولا أولاد حرة أصلها ... من المعتق اجعله لسد مولد وليس على أولاد مجهول نسبة ... ولاء من المولاة في المتوطد وليس لمنشي العتق في واجب ولا ... بسائبة أيضًا ولاء بأبعد وما خلفوا في الثان أعتق به تصب ... وعنه لبيت المال فاصرفه تهتد وهل يلي الإعتاق سيدهم أو ال ... إمام على القولين مبنى التردد فلأبة مولى ماله ولمنعم ... وللبنت في الثاني بفرض وردد وفي ثالث نصف لها وقية ال ... مخلف في الإعتاق فاصرفه ترشد

وللمعتق احكم بالولاء عن امرئ ... بلا إذنه واخصص به أذنًا قد إذا قال عني أعتق العبد يا فتى ... وإن لم يقل أضمن لك القدر يا عد ويجزيه عنه واجب سابق ولا ... ضمان إذا لم يلتزم ويؤكد وعنه عليه الغرم إلا إذا نفى ... وعنه الولا والعتق خص بسيد متى لم يصرح بالتزام ضمانه ال ... لذي عنه ينوي المرء عتق المعبد وإن قال ذا ذو الكفر والعبد مسلم ... لتقدير ملك لم يصح بأجود وأما إذا أعتقت عن فرض ميت ... فإن الولا والعتق للمتلحد ومن لم يقل عني وقد ضمن الأذى ... ليغرم وللمولى الولا في المجود ويجزيه بل عن واجب في الموطد ... وقال أبو يعلى بعكس فبعد ومعتق عبد لا على دينه الولا ... له وامنعن إرثًا بأوكد وإن كان في دين المحرر عاصب ... لمعتقه فامنحه إرث المفقد وأما على الإسلام أن يتجمعا ... فللمعتق الميراث غير مصدد ولا تعط ذي فرض به إرثه سوى ... مع الابن جدًا والأب السدس أرفد ومع أخوة للجد ما فيه حظه ... من الثلث أو مثل الأخ المتودد

ولا فرض في وجه وبالابن يسقطا ... ومثل أخ جد ولو مع تعدد ولا ينفصل عنك الولاء بحالة ... وورث به لا منه في المتأكد وللكبر أدنى غاصب من محرر ... زمان ممات العبد كل الولا طد فمن مات عن مولى مع ابنين وابنة ... عن ابن فلابن الصلب إرث المعبد وإن خلف ابن ابن فريدًا وتسعة ... من ابن فأسهم كل عشر لمفرد وعن أحمد كالمال قد يورث الولا ... ولكنه لعاصبي معتق قد فأعط على ذا ابن ابنة النصف فيهما ... ومن معه نصفًا ولا تتردد وإن شرى ابن وابنة بالسوا أبا ... فيعتق من بعد الشرا ثم يفتد فحرر عبدًا ثم مات وبعده ... يموت عتيق إرثه لابن سيد وهذا على الأولى وفي الثاني ثلثه ... لبنت وثلثاه للابن فأعتد وبينهما أثلاثًا الإرث عن أب ... لتأخير إرث العتق عن إرث كيد وما لهما للبنت إن تك وحدها ... وإن تك مع أخرى فثلثا لها طد بعتق وثلثاه لها ولأختها ... من الأب ميراثًا من النسب اعدد وخص بعتق العبد عاصبة الأب ... ومع عاصبيه البنت والعقل فاردد

ون خلفت مولى وابنًا وعاصبًا ... سواه الولا للابن والعقل فاردد على عاصبيها ثم مع فقد ابنها ... لعاصبها في ذا الولاء فأتد وعنه عاصبيها ثم مع فقد ابنها ... لعاصبها في ذا الولاء فأتد وعنه لأعصاب البنين لفقدهم ... بناء على إرث الولاء بأبعد ومن خلفت ابنا وعصبة من أخوة وأعمام ولها عتيق، فولاء العتيق وارثه لابنها إن لم يحجبه نسيب للعتيق، لأنه أقرب عصبتها. وعقل العتيق على الابن وعلى عصبتها، فإذا باد وانقرض بنوها، وإن سفلوا فولاء عتيقها لعصبتها الأقرب فالأقرب دون عصبة بنيها، لأن الولاء لا يورث. لما روى إبراهيم قال: اختصم علي والزبير مولى صفية، فقال علي مولى عمتي وأنا أعقل عنه. وقال الزبير: مولى أمي وأنا أرثه فقضى عمر على علي بالعقل وقضى للزبير بالميراث، رواه سعيد واحتج به أحمد. وهذه قضية مشهورة وعن الشعبي قال: قضي بولاء صفية للزبير دون العباس، وقضي بولاء أم هانئ لجعدة ابن هبيرة دون علي. ولا يمتنع كون العقل على العصبة والميراث لغيرهم، كما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بميراث المرأة التي قتلت هي وجنينها لبنتها وعقلها على العصبة.

وأما جر الولاء ودوره فاعلم أولا كما تقدم أن من باشر عتقًا بأن قال للقن أنت حر أو عتق عليه بسبب كرحم أو كتابة أو إيلاد أو تدبير أو وصية بعتق لم يزل ولاؤه عنه بحال لحديث: «إنما الولاء لمن أعتق» . فأما أن تزوج عبد معتقة لغير سيده فأولدها، فولاء من تلد لمولى أمه التي هي زوجة العبد فيعقل عنه ويرثه إذا مات لكونه سبب الأنعام عليه، لأنهم صاروا أحرار بسبب عتق أمهم. فإن أعتق الأب الذي هو العبد أبو أولاد المعتقة سيده فله ولاؤه وجر ولاء ولده عن مولى أمه العتيقة إلى معتقه فيصير له الولاء على العتيق وأولاده، لأن الأب لما كان مملوكًا لم يكن يصلح وارثًا ولا وليًٍا في نكاح. فكان ابنه كولد الملاعنة ينقطع نسبه من أبيه فيثبت الولاء لمولى أمه وينتسب إليها فإذا عتق الأب صلح الانتساب إليه وعاد وارثًا وليًا فعادت النسبة إليه وإلى مواليه، وصار بمنزلة ما لو استحلق الملاعن ولده. وروى عبد الرحمن بن الزبير أنه لما قدم خيبر رأى فتية لعساء فأعجبه ظرفهم وجمالهم فسأل عنهم فقيل له إنهم موالي رافع بن خديج وأبوهم مملوك لأهل الحرقة، فاشترى الزبير أباهم فأعتقه، وقال لأولاده انتسبوا إلى، فإن ولاءكم لي. فقال رافع بن خديج: الولاء لي، لأنهم عتقوا بعتق أمهم فاحتكموا إلى عثمان فقضى بالولاء للزبير فاجتمع الصحابة عليه. ولا يعود الولاء الذي جره مولى الأب لمولى الأم بحال، فإذا انقرض موالي الأب، فالولاء لبيت المال، دون موالي الأم لجريان الولاء مجرى النسب.

وما ولدته بعد عتق العبد الذي هو الأب فولاؤه لموالي أبيه، إلا أن ينفيه بلعان فيعود لموالي الأم، فإن عاد الأب فاستحلقه لحقه عاد الولاء لوالي الأب. وشروط جر الولاء ثلاثة، الأول: كون الأب رقيقًا حين ولادة أولاده من زوجته التي هي عتيقة لغير سيده. الثاني: أن تكون الأم مولاة، فإن كانت الأم حرة الأصل فلا ولاء على ولدها بحال، وإن كانت أمة فولدها رقيق لسيدها فإن أعتقهم فولاؤهم له مطلقًا لا ينجر عنه بحال. والثالث: أن يعتق العبد سيده، فإن مات على الرق لم ينجر الولاء بحال، فإن اختلف سيد العبد ومولى الأم في العبد بعد موته، فقال سيده مات حرًا بعد جر الولاء وأنكر ذلك مولى الأم، فالقول قوله لأن الأصل بقاء الرق. وكذا لا يقبل قول سيد مكاتب ميت له أولاد من زوجة عتيقة أنه أدى وعتق ليجر إليه ولاء أولاده من مولى أمهم. وإن عتق جد أولاد العتيقة لم يجر ولاء أولاد ولده من مولى أمهم، لأن الأصل بقاء الولاء لمستحقه، وإنما خولف هذا الأصل، لما ورد في الأب، والجد لا يساويه، لأنه يدلي بغيره كالأخ. وقيل يجره إلى مولاه بكل حال، وهو قول أهل المدينة، فإن عتق الأب بعده جره عن موالي الجد إليه أهـ، وهذا القول هو الذي تميل إليه نفسي والله أعلم. ولو ملك ولد العبد والعتيقة أباه عتق عليه بالملك، وله ولاء أبيه، لأنه عتق عليه بملكه، وله ولاء أخوته من أمه العتيقة، لأنهم تبع لأبيهم، فينجر ولاؤهم إليه، ويبقى ولاء نفسه لمولى أمه، لأنه لا يجر ولاء نفسه كما لا يرث نفسه.

فلو أعتق هذا الولد الذي هو ولد عبد من عتيقة عبدا مع بقاء رق أبيه، ثم أعتق العتيق أبا معتقه بعد أن انتقل ملكه إليه، ثبت له ولاء أبي معتقه لمباشرته عتقه، وجر ولاء معتقه وأخوته بولائه على أبيهم، فصار كل من الولد المعتق للعتيق ومعتق أبي معتقه مولى الآخر، لأن الولد مولى معتق أبيه لأنه أعتقه والعتيق مولى معتقه، لأنه بعتقه أباه جر ولاء معتقه. ومثله في كون كل من الاثنين مولى الآخر لو أعتق حربي عبدًا كافرًا فأسلم وسبى سيده فأعتقه، فكل منهما له ولاء صاحبه، لأنه منعم عليه بالعتق ويرث كل واحد منهما الآخر بالولاء. وأما دور الولاء فمعناه أن يخرج من مال ميت قسط إلى ميت آخر بحكم الولاء، ثم يرجع من ذلك القسط جزء إلى الميت الآخر بحكم الولاء، فيكون هذا الجزء الراجع قد دار بينهما. واعلم أنه لا يقع الدور في مسألة حتى يجتمع فيها ثلاثة شروط: أن يكون المعتق اثنين فأكثر. وأن يكون في المسألة اثنان فأكثر. وأن يكون الباقي منهما يحوز إرث الميت قبله. إذا اشترى ابن معتقة وبنت معتقة أباهما نصفين عتق عليهما، وولاؤه لهما نصفين لكل منهما نصف، وجر كل منهما نصف ولاء صاحبه. لأن ولاء الولد تابع لولاء الوالد، ويبقى نصف ولاء كل منهما لموالي أمه، لأنه لا يجر ولاء نفسه كما لا يرث نفسه. فإن مات الأب ورثه ابنه وبنته أثلاثًا بالنسب، لأنه مقدم على الولاء.

وإن ماتت البنت بعد الأب ورثها أخوها بالنسب، فإذا مات أخوها بعدها، فلمولى أمه نصف تركته، ولمولى أخته نصف. لأن الولاء بينهما نصفين، وهم موالي الأخت الأخ وموالي الأم فيأخذ مولى أمه نصف النصف وهو ربع، لأن ولاء الأخت بين الأخ وموالي الأم نصفين، ثم يأخذ مولى الأم الربع الباقي من التركة. وهو الجزء الدائر سمي بذلك لأنه خرج من تركة الأخ وعاد إليه فيكون لمولى أمه، ومقتضى كونه دائرًا أنه يدور أبدًا في كل دورة يصير لموالي الأم نصفه ولا يزال كذلك حتى ينفذ كله إلى موالي الأم. فإن كان مكان الابن والبنت بنتان، فاشترت إحداهما أباها عتق عليها وجر إليها ولاء أختها، فإذا مات الأب فلبنتيه الثلثان بالنسب والباقي لمعتقته بالولاء. فإذا ماتت التي لم تشتره بعده، فمالها لأختها نصفه بالنسب ونصفه بالولاء لكونها مولاة أبيها. وإن ماتت التي اشترته فلأختها بالنسب النصف، والباقي لمولى أمها. ولو اشتريا أباهما نصفين عتق عليهما، وجر إلى كل واحدة نصف ولاء أختها، فإذا مات الأب فماله بينهما بالنسب والولاء. وإن ماتت إحداهما بعد، فأختها النصف بالنسب، ونصف الباقي بما جر الأب إليها من ولاء نصفها فصار لها ثلاثة أرباع مالها والربع الباقي لمولى أمها. فإن ماتت إحداهما قبل أبيها فمالها له. فإن مات الأب فللباقية نصف ميراثه بالنسب ونصف الباقي وهو الربع لأنها مولاة نصفه.

ويبقى الربع لموالي البنت الميتة قبله لهذه البنت نصفه، لأنها مولاة نصف أختها، فصار لها سبعة أثمان ميراثه ونصفه لمولى أختها الميتة. وهم أختها ومولى أمها فنصفه لمولى أمها وهو الربع والربع الباقي يرجع إلى هذه الميتة. فهذا الجزء الدائر، لأنه خرج من هذه الميتة وعاد إليها فيعطى لمولى الأم. ولا يرث المولى من أسفل أحدًا من مواليه من فوق من حيث كونه عتيقًا أهـ من ش م هـ. من النظم فيما يتعلق في جر الولاء وليس الولا عمن يلي العتق والذي ... تسبب فيه زائدًا عن تأبد ومن عبده زوجًا لمولاة غيره ... يجر بعتق الأب ولا المولد وليس لمولى الأم يرجع بعد ما ... ويشرط رق الأب أوان التولد وليس بمنجر بإعتاق جدهم ... بحال قبيل الأب على المتأكد وعنه بلى قد جر معتق جدهم ... على كل حال ثم يا ذا التأيد متى أعتق الأب بعد جد نجره ... من الأول الثاين بغير تردد عنه إذا أعتقت والأب ميت ... يجر الولاء وهو حي فأطد وعنه بلى إن مات قنا أبوهم ... من الموت ينجر الولاء فقيد

وما دام حيًا فالولاء جميعه ... يكون لمولى لأمهم فتقلد ومن صار حرًا باشترا بعض ولده ... له فلمبتاع الأب المتودد ولاء أب مع أخوة من عتيقه ... ويبقى ولاء المشتري ذا تأبد يخص مومالي أمه ليس زائلاً ... عن القوم في حال ولا بمبعد وإن يعتقن مولى امرئ أب منعم ... يجر ولاء المعتق المتحمد فكل له من ذين في الآخر الولا ... ولكنما من باشر العتق أكد كذا الحكم في جزء محرر عبده ... فيسبيه مولاه فيعتق فاهتد وإن سي العبد العتيق لكفره ... فأعتقه ساب من السلم مهتد فللمعتق المولى الأخير ولاؤه ... جميعًًا وأبعد أولا في المؤطد فليس بمنجر عن الأول الذي ... استحق له من بعد رق المعبد وقيل الولا للمعتق المبتدي فقط ... وقيل للاثنين اجعلنه تسدد فصل في دور الولاء وإن يشر ابن وابنه يعتق الأب ... لكل بنصف من ولا الآخر اشهد ويبقى لمولى الأم نصف ولاهما ... فورثهما أثلاثًا الأب ترشد

س63: ما هو العتق لغة وشرعا وما حكمه وما دليل الحكم وما هي الألفاظ التي يحصل بها العتق وأي الرقاب أفضل وأيما أفضل التعدد أم الإفراد، ومن الذي يسن عتقه ومن الذي تسن كتابته ومن الذي يكره عتقه، ومن الذي لا يكره عتقه والذي يحرم عتقه وبأي شيء يحصل العتق، وما هو الشرط الذي لابد منه في كل تصرف مالي، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح.

ومن بعده إن ماتت البنت يحتوي ال ... تراث أخوها بالقرابة في اليد ومال أخيها في مواليه إن ثوى ... فخذ لموالي أمه النصف تهتد وخذ لموالي الأخت نصفًا فصنوها ال ... فقيد ومولى أمها أسوة جد وما عاد وهو الربع من بعد إرثه ... عن الأخ مولى الأم يعطاه فاقصد وقيل لبيت المال ما دار كله ... وقيل لمولى الأم ثلثاه فارشد وثلث لمولى أم أخت الفتى وفي الـ ... لذي قد نظمناه كفاية مهتد ومن دون موت اثنين لا دور فاعلمن ... ومن دون أيضا منعمين فأزيد ويشرط أيضًا كون من مات آخرا ... يحوز تراث الأول المتفقد باب العتق س63: ما هو العتق لغة وشرعًا وما حكمه وما دليل الحكم وما هي الألفاظ التي يحصل بها العتق وأي الرقاب أفضل وأيما أفضل التعدد أم الإفراد، ومن الذي يسن عتقه ومن الذي تسن كتابته ومن الذي يكره عتقه، ومن الذي لا يكره عتقه والذي يحرم عتقه وبأي شيء يحصل العتق، وما هو الشرط الذي لابد منه في كل تصرف مالي، واذكر الدليل والتعليل والخلاف والترجيح. ج: العتق لغة الخلوص ومنه عتاق الخيل وعتاق الطير أي خالصها، وسمي البيت الحرام عتيقًا لخلوصه من أيدي

الجبابرة. وهو شرعًا تحرير الرقبة وتخليصها من الرق وخصت الرقبة مع وقوعه على جميع البدن، لأن ملك السيد له كالغل في رقبته المانع له من التصرف، فإذا أعتق فكأن رقبته أطلقت من ذلك الغل. وسنده من الكتاب قوله - سبحانه وتعالى - {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} وقوله - سبحانه وتعالى - {فَكُّ رَقَبَةٍ} ومن السنة حديث أبي هريرة مرفوعًا: «من أعتق رقبة مؤمنة أعتق اللَّه بِكل إِربٍ منها إِربًا منه من النَّارِ حتى إِنه ليعتق بِاليد اليد وبِالرِّجلِ الرِّجل وبِالفرجِ الفرج» متفق عليه. والعتق من أفضل القرب، لأن الله جل وعلا جعله كفارة للقتل وغيره، وجعله - عليه الصلاة والسلام - فكاكًا لمعتقه من النار لما فيه من تخليص الآدمي المعصوم من ضرر الرق وملكه نفسه ومنافعه وتكميل أحكامه وتمكينه من التصرف في نفسه ومنافعه على حسب اختياره. وأفضل الرقاب للعتق أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمنًا وعتق ذكر أفضل من عتق أنثى، سواء كان معتقه ذكر أو أنثى وهما سواء في الفكاك من النار. وتعدد أفضل من واحد ولو من إناث، فعتق امرأتين أفضل من عتق امرأة واحدة أو رجل واحد. أما من أراد أن يعتق رقبة واحدة فالأكثر قيمة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وأغلاها ثمناً» . وسن عتق من له كسب لا انتفاعه بملك كسبه بالعتق. ويستحب كتابة من له كسب ودين لقول الله - سبحانه وتعالى - {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} .

ويكره عتق من لا قوة له ولا كسب لسقوط نفقته بإعتاقه فيصير كلا على الناس ويحتاج إلى المسألة وكذا كتابته. وإن كان الرقيق ممن يخاف عليه الرجوع إلى دار الحرب وترك إسلامه أو يخاف عليه الفساد من قطع طريق وسرقة أو يخاف منه زنا كره عتقه. وإن غلب على الظن إفضاء إلى ما تقدم حرم، لأن التوسل إلى الحرام حرام، لأن الوسائل لها أحكام المقاصد فإن أعتقه صح العتق، لأن إعتاقه صدر من أهله في محله. ويحصل العتق بقول من جائز التصرف. وينقسم القول إلى صريح وكناية. وصريح لفظه عتق ولفظ حرية لورود الشرع بهما فوجب اعتبارهما كيف صرفا. كقوله لعبده: أنت حر، أو محرر، أو حررتك، أو أنت عتيق، أو معتق، أو أعتقتك، فيعتق. وكذا لو قال: أنت حر في هذا الزمان أو في هذا المكان أو في هذه البلدة، عتق. ولو قال: أعتقتك هازلاً، عتق ولو بلا نية. لا من نائم ونحوه، ولا بأمر ومضارع واسم فاعل. كقوله لرقيقه: حرره، أو أعتقه، أو أحرره، أو أعتقه، أو أحرره أو أعتقه، أو هذا محرر بكسر الراء، أو معتق بكسر التاء، فلا يعتق بذلك. لأنه طلب أو وعد أو خبر من غيره، وليس واحد منها صالحًا لإنشاء ولا إخبار عن نفسه فيؤاخذ به. كناية العتق التي يقع بها مع نية العتق، خليتك، والحق بأهلك، وأطلقتك، واذهب حيث شئت، ولا سبيل لي عليك

أو لا سلطان لي عليك، أو لا ملك لي عليك، أو لا رق لي عليك أو لا خدمة لي عليك. وفككت رقبتك ووهبتك لله، ورفعت يدي عنك إلى الله، وأنت الله، أو ملكتك نفسك، فلا يعتق بشيء من هذه الكنايات ما لم ينو عتقه. لأن هذه الألفاظ تحتمل العتق وغيره، فلا تحمل عليه إلا مع النية. وإن أعتق أمة حاملاً عتق جنينها إلا أن يستثنيه فلا يعتق لإخراجه إياه. وإن أعتق ما في بطنها، عتق حملها وحده، ولم يسر العتق إلى أمه، لأن الأصل لا يتبع الفرع. وشرط العتق بالقول كونه من مالك جائز التصرف، وهذا شرط في كل تصرف مالي ويحصل المعتق للرقيق بملك من مكلف رشيد وغيره لذي رحم محرم بنسب، كأبيه وجده وإن علا، وولده وإن سفل وأخيه وأخته، وولدهما وإن نزل، وعمه وعمته وخاله وخالته. وضابطه أنه لو قدر أحدهما ذكر والآخر أنثى حرم نكاحه عليه للنسب، وسواء وافقه في الدين أو خالفه. وسواء ملكه بميراث أو غيره من بيع أو هبة أو وصية أو جعالة ونحوها. ولو كان المملوك حملاً كمن اشترى زوجة ابنه الحامل من ابنه أو زوجة أبيه أو زوجة أخيه منه. لحديث الحسن عن سمرة مرفوعًا: «من ملك ذا رحمٍ محرم فهو حر» رواه الخمسة وحسنه الترمذي، وقال العمل على هذا عند أهل العلم. وأما حديث: «لا يجزِي ولد والدًا إِلا أن يجِده مملوكًا

فيشترِيه فيعتقه» رواه مسلم، فيحتمل أنه أراد فيشتريه فيعتقه بشرائه. كما يقال ضربه فقتله، والضرب هو القتل، وذلك لأن الشراء لما كان يحصل به العتق تارة دون أخرى، جاز عطف صفته عليه كما يقال ضربه فأطار رأسه. وذكر أبو يعلى الصغير أن العتق بالملك آكد من التعليق، فلو علق عتق ذي رحمه المحرم على ملكه له فملكه عتق بملكه لا بتعليقه. ولا يعتق بالملك ذو رحم غير محرم، كولد عمه وعمته وولد خاله وخالته. ولا يعتق بالملك ذو رحم غير محرم، كولد عمه وعمته وولد خاله وخالته. ولا يعتق بالملك ذو رحم غير محرم، كولد عمه وعمته وولد خاله وخالته. ولا يعتق محرم برضاع كأمه من الرضاع وأخته منه وعمته منه وخالته منه. أو محرم بمصاهرة كأم زوجته وبنتها وحلائل عمودي النسب، فلا يعتقون بالملك لمفهوم الحديث السابق، ولأنه لا نص في عتقهم، ولا هم في معنى المنصوص عليهم فيبقون على الأصل. ومن ملك جزأ ممن يعتق عليه بغير إرث كشراء هبة ووصية وغنيمة والمالك للجزء موسر يوم ملكه بقيمة باقيه فاضلة عن حاجته وحاجة من يمونه كفطرة عتق عليه كل الذي ملك جزأه، لأنه فعل سبب العتق اختيارًا منه فسرى عليه. وعليه ما يقابل جزء شريكه من قيمته كله، فيقوم كاملاً لا عتق فيه، وتؤخذ حصة الشريك منها، وإن لم يكن موسرًا بقيمة باقيه عتق منه ما يقابل ما هو موسر به، فإن لم يكن موسرًا بشيء منه عتق ما ملكه فقط.

وإن ملك جزءه بإرث لم يعتق عليه إلا ما ملك منه، ولو كان الوارث موسرًا، لأنه لم يتسبب إلى إعتاقه لحصول ملكه بدون قصده وفعله. ويعتق عليه بفعل محرم فمن مثل برقيقه فقطع أنفه أو أذنه أو قطع عضوًا من أعضائه كيده أو رجله أو قطع ذكره أو قطع خصيتيه. أو وطئ جاريته المباحة التي لا يوطؤ مثلها فخرق ما بين القبل والدبر. أو استكره السيد قنه على الفاحشة بأن لا لاط به عتق الرقيق بلا حكم حاكم. لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن زنباعا أبا روح وجد غلامًا له مع جاريته فقطع ذكر وجدع أنفه. فأتى العبد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكر له ذلك، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما حملك على ما فعلت» قَالَ: فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: «اذهب فأنت حر» رواه أحمد وغيره. والاستكراه على الفاحشة في معنى التمثيل، وحيث تقرر أنه يعتق بالتمثيل، فإنه يعتق ولو كان على السد أو العبد دين وللسيد ولاء عبده، وقيل ولاؤه لبيت المال. وهذا القول اهو الذي تطمئن إليه نفسي واله أعلم. ولو مثل بعبد مشترك بينه وبين غيره، سرى العتق من نصيب الممثل إلى باقيه، بشرط أن يكون الممثل موسرًا بقيمة باقيه فاضلة كفطرة. وضمن الممثل للشريك قيمة حصته يوم عتقه، ذكر ابن عقيل قياسًا على ما لو أعتق نصيبه بالقول. وقال جماعة من الأصحاب لا يعتق المكاتب بالمثلة، لأنه يستحق على سيده أرش الجناية فينجبر بذلك.

ولو أعتق عبده وبيده مال، فهو للسيد روي عن ابن مسعود وأبي أيوب وأنس. لما روى الأثرم بإسناده عن ابن مسعود أنه قال لغلامه عمير: يا عمير إني أريد أن أعتقك عتقًا هنيئًا فأخبرني بمالك فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «أيما رجل أعتق عبده أو غلامه فلم يخبره بماله، فماله لسيده» . ولأن العبد وماله كانا للسيد فأزال ملكه عن أحدهما، فبقي ملكه في الآخر، كما لو باعه، ويدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -، من باع عبدًا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع. أما لو أدى المكاتب ما عليه من دين الكتابة فإنه يعتق، وما بقي بيده من المال فله، وإذا أعتق جزأ من عبد معينًا أو مشاعًا عتق كله، هذا قول جمهور العلماء. روي ذلك عن عمر وابنه وبه قال الحسن والحكم والأوزاعي والثوري والشافعي. قال ابن عبد البر عامة العلماء بالحجاز والعراق قالوا: يعتق كله إذا أعتق نصفه. وقال حماد وأبو حنيفة: يعتق منه ما أعتق ويسعى في باقيه، وخالف أبا حنيفة أصحابه فلم يرو عليه سعاية. ودليل القول الأول قوله - عليه الصلاة والسلام -: «من أعتق شقصًا له في مملوك فهو حر من ماله» وفي الصحيحين معناه من حديث أبي هريرة. ولأنه إزالة ملك عن بعض رقيقة فزال جميعه كالطلاق. وإن أعتق شركًا له في عبد وهو موسر بقيمة باقيه عتق كله، وعليه قيمة باقيه يوم العتق لشريكه.

وبه قال ابن أبي ليلى ومالك وابن شبرمة الثوري والشافعي وأبو يوسف ومحمد وإسحاق. وقال البتي: لا يعتق إلا حصة المعتق، ونصيب الباقين باق على الرق، لما روى ابن التلب عن أبيه أن رجلاً أعتق شقصًا له في مملوك، فلم يضمنه النبي - صلى الله عليه وسلم -. واستدل أهل القول الأول بما روى ابن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعتق شركا له ففي عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم العبد عليه قيمة العدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق» متفق عليه. وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس والله أعلم. وقد نظم بعضهم ما يحصل به العتق للرقيق فقال: بعتق وملك للقريب وفعله ... ويلادها ثم السراية يعتق وإن أعتق شريك المعتق بعد ذلك، فقيل لم يثبت له فيه عتق لأنه صار حرًا بعتق الأول له، لأن عتقه حصل باللفظ لا بدفع القيمة، وصار جميعه حرًا واستقرت القيمة على المعتق الأول. وبهذا قال ابن شبرمة وابن أبي ليلى والثوري وأبو يوسف وابن المنذر والشافعي في قول له اختاره المزني. وقال الزهري وعمرو بن دينار ومالك والشافعي: لا يعتق إلا بدفع القيمة، ويكون قبل ذلك ملكًا لصاحبه ينفذ عتقه فيه، ولا ينفذ تصرفه فيه بغير العتق. واحتجوا بقوله - صلى الله عليه وسلم -، فإن كان موسرًا يقوم عليه قيمة عدل لا وكس ولا شطط ثم يعتق، رواه أبو داود فجعله عتيقًا بعد دفع القيمة.

واختار هذا القول الشيخ تقي الدين، وهذا القول هو الذي تميل إليه نفسي والله أعلم. وإن كان معسرًا لم يعتق إلا نصيبه ويبقى حق شريكه فيه. وقيل يعتق ويستسعى العبد في قيمة باقيه غير مشقوق عليه، وهو قول ابن شبرمة وابن أبي ليلى والأوزاعي وأبي يوسف ومحمد واختاره أبو محمد الجوزي الشيخ تقي الدين. لما روى أبو هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أعتق شقصًا لهُ في مملوك فعليه أن يعتقه إن كان له مال وإلا قوم عليه فاستسعى به غير مشقوق عليه» متفق عليه، فعلى هذا القول حصة الشريك في ذمة العبد وحكمه حكم الأحرار فلو مات وبيده مال كان لسيده ما بقي في السعاية والباقي إرث ولا يرجع العبد على أحد بشيء، وهذا القول هو الذي تميل إليه نفسي والله أعلم. من النظم فيما يتعلق بكتاب العتق حقيق بأن تسعى لعتق معبد ... لتعتق من نار الجحيم وتفتدي فمن أعظم المندوب عتق وخيره ... عبيد وعنه بل إماء لخرد وندب بلا خلف عتقاه دين ... قوي له كسب أمين التفرد ولا ندب في الأولى بل أكره كتابة ... وعتق عديم الكسب أو خفت يعتدي وإن يترجح ظن إفضاء عتقه ... للإفساد حرمه وإن أعتق اطد

وليس صحيحًا من سوى من يصح أن ... يصرف في أمواله في المؤكد وعنه بلى من مفلس حال حجره ... ومن متأني الحكم إن عقلا قد بألفاظ تحرير وعتق حصوله ... بكل نبأ أو بملك المعتد وفي أنت حر من توى مدح عفة ... فلا عتق في بادي مقالة أحمد ويعتق أيضًا من كتابة من نوى ... بخليتك أو طلقتك أو إن تشا اشرد وأشباهها أيضًا كذا لا سبيل لي ... عليك ولا رق ولا ملك فاشهد كذلك لا سلطان لي وفككت ما ... على عتق المملوك لي من تظهد كذا نفسه ملكته وهو سائب ... ومولاي أو لله في المتوكد وعن أحمد من سبيل صريحه ... وما كان في باب صريحًا لقصد ولا يعتق العبد الذي أنت دونه ... بقولك أنت ابني على المتوطد ووجهان مع إمكان كون الفتى ابنه ... إذا كان معروف انتساب بمحتد ويعتق مع إعتاق أنثى جنينها ... ولو أنه للغير ما لم يقيد إذا كان في ذا معتق الأم موسرا ... ويضمنه بل قيل يبقى لسيد ويعتق إن أعتقته دون أمه ... وعنه إذا ألقته حيا فقلد فيبقى كما علقت بالشرط عتقه ... فكن في اقتباس العلم حبر مقلد

فصل في العتق بالملك ومن يتملك من محارمه الذي ... حرام عليه يعتقوا في المؤكد وعن أحمد أعتق عمود الفتى فقط ... ولا يعتقن من من زنا في المؤطد ولا عتق في ملك المحارم من سوى الـ ... محارم بالأنساب دون تردد ومن حين ملك الحمل يجعل عتقه ... وعن أحمد أعتق عمود الفتى فقلد فولد الفتى من زوجة ملك جده ... عن الجد ارث أن تضع بعده اشهد وأما على الأولى فحر وذا الذي ... أبو طالب يرويه من نص أحمد فإعتاق بعض الملك أو ملك بعض من ... يجر بغير الإرث من موسر اليد يحرر باقيه بغرم لربه ... ولم يسر ملك بالتراث بأوكد وعن أحمد إن كان ذا الإرث موسرًا ... سرى في جميع العبد من مال مظهد ويسري كإعتاق كتابة جزئه ... بقبض الفدا طرا إلى شقص أبعد وسيان في عتق مشاع كثلثه ... وإعتاقه المحدود كالرأس واليد ويسرة ذا ملك لقيمة حصة الشـ ... شريك ومغني اليوم مع ليلة قد فلو كان معه دون ذلك قومن ... عليه بمقدار الذي معه ترشد

وسائر ما لابد منه ككسره ... ومقدار ما لم يبلغ أعتق تبدد وعتق شريك بعد ذا غير نافذ ... ويمنح قدر الحظ يوم التسرد وإن يك من قد باشر العتق معسرًا ... فحصته بالعتق لا غير أفرد وعن أحمد أخرى يحرر كله ... ويسعى لفك الباقي غير مجهد وتمثيله بالعبد يوجب عتقه ... بإتلاف جزء منه للأثر امهد ومال الذي أعتقته لك يا فتى ... وعن أحمد للعبد غير مبعد ويسري على عد الرؤوس كذا الولا ... وقيل بقدر الملك لا بالتعدد ويسري بعتق الكافرين نصيبهم ... من المسلمين افهم على المتجود والإعتاق والتدبير في سقم موته ... من الثلث يسري مطلقًا في المؤكد وعن أحمد لم يسر ذا العتق مطلقًا ... وعنه سرى التنجيز دون المقيد ووجهان هل يسري بإعتاق وارث ... لحصته افهم من مكاتب ملحد وكل فتى من موسرين إذا ادعى ... على آخر من حظه من معبد بعتق فكل العبد حر ولا ولا ... وكل لنفي الغرم أحلفه ترشد ويعتق حظ المعسر الفرد منهما ... وإن أعسرا لا عتق فيه فقلد وعدلان إن كانا فمع كل واحد ... إذا حلف المملوك حرًا ليعدد

ومع واحد أن يحلف أحكم لنصفه ... بحرية لا زلت أهل المقصد وإن يشتري على نصيب شريكه ... ليعتق ولم يسري إلى حقه اشهد وقال أبو الخطاب يعتق كله ... وليس بعيدًا قوله فتفقد ومن ذاك أن يعتق شريك ذوو الغنى ... فحظي عتيق بعده أن يسرد سرى العتق مضمونًا عليه وإن يقل ... فحظى حر مع نصيبك يفتدي نصيبك مجانًا بشرط كذا متى ... يكن مع فقير فيهما الحكم أطد وإن قال أن يعتق فحظي قبله ... عتيق قضى أصحابنا بتردد وفي قول قاضينا معًا أجر منهما ... ومن منجز لا شارط جر في ردي

من النظم بتعليق العتق بالشرط وتعليق عتق والطلاق بحادث ... يجوز ولم يلغه سوى موت سيد ولكن له بيع المعلق عتقها ... ووطء وإيقاف وبذل التجود وعن أحمد وطئ المعلق عتقها ... حرام ولكن لا يصح الذي ابتدي وإن قلت إن لم أضب العبد عشرة ... يحر وما عينت بالموت قيد ولا يوجد المشروط إلا بشرطه ... كميلا فلا تعبأ بما في المجرد وما كسب القن المعلق عتقه ... بشرط قبيل الشرط فهو لسيد وما زال عن ملك المعلق أن يعد ... فذاك على التعليق باقي التقيد وليس وجود الشرط حال فراقه ... مزيل يمين العتق في نص أحمد وعن أحمد ما إن يزيل فإن يعد ... فيوجد شرط جوزنه فتبرد ويخرج أيضًا في الطلاق كمثله ... وهذا اختيار للتميمي فامهد ويبطل مع موت المعلق شرطه ... فيورث آت الشرط بعد الملحد وتعليقه بالشرط من بعد موته ... متى مات لم يعتق به في المسدد

كأنت عتيق بعد موتي بشهر أو ... متى تدخلن الدار بعدي تشرد وقول متى شاحر إن شا بلفظه ... يحر ولو راجي كذا إن شا بأجود وفي نت حر كيف شئت يحر لا ... بشرط وقيل إن لم يشا لم يشرد وفي أنت حر بعد موتي يكن كذا ... بتدبيره اقض إن كان في عمر سيد وتعليقه قبل النكاح وملكها ... طلاقًا وعتقًا لا يصح بأوكد وتعليق شرًا العبد بالعتق باطل ... لوقف على شيئين في المتجود وإن قلت إن كلمت عبدك حر أن ... تكلمه بعد الملك لأعتق فارضد وآخر من قنيه حر متى يقل ... فصححت هذا الشرط فالآخر اعدد من الملك حرا ثم اكسا به له ... ويعلم ذا بالموت إن لم يقيد وفي أن تلد أو أول الولد عتق ... فإن ولدت ميتًا فحيا فأشهد بقولين في إعتاق حي كذا متى ... عكست لها قولا بعكس التولد وإن أشكل الباق في التوأمين أو ... نسي من توى أو ابهمن عتق مفرد ليعتق منهم قارع في استهامهم ... وليس له التعيين بل عتق أوحد وإن يتعين بعد عتق بقرعة ... من أنسيه فاعتقه بغير تردد ووجهان في رق العتيق بقرعة ... إذا علم المنسي يا ذا التأيد

فإن وقعت للميت من إرثه احسبن ... وقومه حين العتق يا صاح ترشد كذا اقض أن تقع للحي إن كان موت ذا ... بعيد اقتباض الإرث لا قبل تهتد ومعتقة بالوصف ليس بتابع ... لها ولد بالعتق في المتجود ولا يتبع الأنثى المعلق عتقها ... بشرطك فيه حملها في المجود بلى إن تكن حال القيافة حاملاً ... به أو لدى تعليق إعتاقها قد وفي بعته بالألف يا صاح نفسه ... أو أنت بها حر متى شاء يردد وعن أحمد أعتقه لغو وإن أبى ... كذا وعليك الألف في المتأكد وفي أنت حر قل على حفد عامه ... فيعتق وإن يأبى ويحفد بأوطد وقد قيل بل هذا كما مر قبله ... إذا هو لم يقبل فلا عتق فاشهد وفي كل قن لي إذا قال أو مما ... يلي من الأحرار فتى ذو تجود فقد عم من فيه لعتق تسبب ... وقنا وشقصا والذي لم يولد كذا قوله عبدي عتيق وزوجتي ... مطلقة مع فقد نية مفرد ومن قال عبدي حر إن تك ذي ظبا ... فقال امرؤ إن لم تكن ذي الظبا اشهد بتحرير عبدي ثم لم يتعينا ... حقيقتها لا عتق في كل أمهد ويعتق من يبتاعه كل واحد ... وقيل بهذا مع تكافيهما قد

وإلا فأعتق واحدًا مع قرعة ... وصحح ذا محفوظ والمجد فاقتد وإن بان بعد العتق في سقم موته ... ديون فعم الكل لا عتق فاهتد وعن أحمد إعتاق ثلث عتيقه ... وإن بان مال بعد الإرقاق شرد وحكم الذي حررته بتبين ... من العتق كالأحرار دون تقيد وإن مات مولاهم وكانت ديونه ... على موسر أو معسر متجرد وأمواله في العبد فالثلث معتق ... ومع قبض دين أو قدوم معبد من المال اعتق منهم قدر ثلث ما ... تحصل حتى يكمل العتق فاهتد وبين العبيد اقرع لتعيين واحد ... مع الضيق أو كالثلث في متفرد وإن علق المولى الصحيح عتاقه ... على صفة وافته مضنى يوسد من الثلث في الأقوى اعتبر قيمة وقد ... أتى في طلاق مثل ذا نص أحمد ومورث عبدين استوت قيمتاهما ... وليس سوى العبدين مال لسيد مع ابنين قال ابن أبي معتق لذا ... وناقضه في الآخر الأخ فاشهد بحق بعتق الثلث من كل واحد ... وكل له سدس الذي عين امهد ونصف الذي يا صاح ينكر عتقه ... وإن عين ابن معتقا منهما قد وقال أخوه أعتق الأب واحدا ... ولست إلى إثبات من هو اهتدي

فبينهما اقرع فإن وقعت لمن ... تعين أعتق منه ثلثيه ترشد وباقيه رق إن هما لم يكملا ... عتاقته فافهم مرادي ومقصدي وإن صادفت من لم يعين فثلثه ... عتيق ومنه السدس للمتمرد ونصف المعين ثم يبذل نصف ذا ... وسدس المسمى للمقر به زد فبين كلا الحيين أقرع وبينه ... فإن خرجت حرية الميت فاشهد برق كلا الحيين أو فاضل على ... تتمة ثلث منهما فوق ملحد وإن أحد الحيين يا صاح صادفت ... فقدرهما كل التراث تسدد وأعتق منه قدر ثلثهما معا ... حكاه أبو بكر مقالا لأحمد وقد قيل أقرع بين حييهم فقط ... وأسقط حكم الميت فاختر وجود وإن خلف المولى ثمانية فخذ ... لحرية سهمين غير مزيد وسهما لمن ثلثاه حر وخمسة ... لرق ومهما وافق افعل تسدد ومعتق عبديه وقيمة واحد ... ثلاث مئات كاملات التعدد وقيمة ثان مثل ثلثيه قدر ال ... ميع بثلث الإرث وافرغ لتهتدي فإن صادفت من قدره مائتين في ... ثلاثة اضربه كذا نحو ذا اعدد فيعتق منه مثل قدريهما معا ... إذا قيس بالست المئين فقيد

وخمسة اتساع من الآخر اعتقن ... إذا صادفته قرعة العتق تقصد وإن أعتق المولى لدى سقم موته ... أو أوصى كذا دبر ثلاثة أعبد فإن تستوي يا صاح قيمتهم ولا ... يفي ثلثه إلا بإعتاق مفرد فبينهم أقرع بسهم مجرد ... لحرية فرد وسهمي تعبد فمن وقع السهم الفريد بحقه ... فأعتقه دون الآخرين وشدد وإن قال منكم واحد حر احذه ... على ما ذكرنا حذو حبر مجود ومن يشترط عتقًا لعبد إلى غد ... فلا عتق للعبد الرقيق إلى الغد

س64: ما هو التدبير وما سنده وما مثاله، وما الذي يعتبر له، والذي يعتبر منه، وهل له صريح وكناية، مثل لذلك، وهل يصح مطلقا ومؤقتا، مثل لذلك، وهل يجوز بيع المدبر وهبته، وبأي شيء يبطل، وإذا أسلم مدبر أو قن أو مكاتب لكافر فما الحكم؟

س64: ما هو التدبير وما سنده وما مثاله، وما الذي يعتبر له، والذي يعتبر منه، وهل له صريح وكناية، مثل لذلك، وهل يصح مطلقًا ومؤقتًا، مثل لذلك، وهل يجوز بيع المدبر وهبته، وبأي شيء يبطل، وإذا أسلم مدبر أو قن أو مكاتب لكافر فما الحكم؟ ج: التدبير: هو تعليق العتق بالموت كقوله لرقيقه إن مت فأنت حر بعد موتي. سمي بذلك لأن الموت دبر الحياة، وقال ابن عقيل مشتق من إدباره من الدنيا، ولا يستعمل في شيء بعد الموت من وصية ووقف وغيرهما، فهو لفظ يختص به العتق بعد الموت. وأجمعوا على صحة التدبير في الجملة، وسنده حديث جابر أن رجلاً من الأنصار أعتق غلامًا له عن دبر لم يكن له غلام غيره فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: من يشتريه مني، فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمان مائة درهم فدفعها إليه متفق عليه وفي رواية وقال: أنت أحوج منه. ويعتبر لعتق المدبر خروج من الثلث بعد الديون ومؤن التجهيز يوم موت السيد، سواء دبره في الصحة أو في المرض، لأنه تبرع بعد الموت أشبه الوصية بخلاف العتق في الصحة فإنه لم يتعلق به حق الورثة، فنفذ في جميع المال كالهبة المنجزة.

ويعتبر كون التدبير ممن تصح وصيته، فيصح من محجور عليه لسفه وفلس ومن مميز يعقله. وصريحه وكنايته كالعتق لفظ عتق ولفظ حرية معلقين بموت السيد كأنت حر بعد موتي، وأنت عتيق بعد موتي ونحوه. ولفظ تدبير كانت مدبر، وما تصرف من العتق والحرية المعلقين بموته، غير أمر ومضارع واسم فاعل. ويصح مطلقًا غير مقيد ولا معلق كقوله: أنت مدبر، ويصح مقيدًا كقوله: إن مت في عامي هذا أو في مرضي هذا فأنت مدبر فيكون ذلك جائزًا على ما قال: إن مات على الصفة التي قالها وإلا فلا. ويصح التدبير معلقًا كقوله: إذا قدم زيد فأنت مدبر وإن شفى الله مريضي فأنت حر بعد موتي ونحوه، فإن وجد الشرط في حياة سيده عتق وإلا فلا. ويصح التدبير مؤقتًا كانت مدبر اليوم أو أنت مدبر سنة فيكون مدبر تلك المدة إن مات سيده فيها عتق وإلا فلا. وإن قال لقنه إن شئت فأنت مدبر أو متى شئت فأنت مدبر أو إذا شئت فأنت مدبر فشاء في حياة سيده صار مدبرصا لوجود شرطه، وإلا يشاء في حياة سيده، فلا يصير مدبرًا، لأنه لا يمكن حدوث التدبير بعد الموت. وإن قال إن قرأت القرآن فأنت حر بعد موتي، فقرأ جميعه في حياة سيده، صار مدبرًا وإن قرأ بعضه فلا خلاف إن قرأت قرآنًا فأنت ح بعد موتي، فيصير مدبرًا بقراءة بعضه.

لأنه في الأولى عرفه بالألف واللام المقتضية للاستغراق وقرينة الحال تقتضي جميعه إذا الظاهر أنه أراد ترغيبه في قراءته فعاد إلى جميعه. وفي الثانية نكرة فاقتضى بعضه وليس التدبير بوصية بل هو تعليق العتق بالموت، فلا يبطل التدبير بإبطال ولا رجوع كقول السيد رجعت فيه ولا يبطل بجحود. وتصح الدعوى من العبد على سيده بأنه دبره لأنه يدعي استحقاق العتق، فإن أنكر السيد ولم يكن للمدبر بينة قبل قول السيد مع يمينه، لأن الأصل عدم التدبير وجحده التدبير ليس رجوعًا. ولا يبطل التدبير بأسر للقن المدبر، ولا يبطل برهنه فإن مات سيد وهو رهن عتق إن خرج من الثلث وأخذ المرتهن قيمته من تركة السيد رهنًا مكانه إلى حلول الدين وإن كان حالاً وفي دينه. ويصح وقف مدبر، وهبته وبيعه، ولو كان أمة أو في غير دن، وروي مثله عن عائشة، قال أبو إسحاق الجوزجاني: صحت أحاديث بيع المدبر باستقامة الطرق. وإذا صح الخبر استغنى به عن غيره من رأي الناس ولأنه عتق معلق بصفة وثبت بقول المعتق فلم يمنع البيع ولأنه تبرع بالمال بعد الموت، فلم يمنع البيع في الحياة كالوصية. ومتى عاد المدبر إلى ملك من دبره عاد التدبير، لأنه علق عتقه بصفة، فإذا باعه أو هبه، ثم عاد إلى ملك من دبره عاد التدبير. ويبطل التدبير بثلاثة أشياء أحدها: وقفه لأن الوقف يجب أن يكون مستقرًا.

ثانيًا: بقتله لسيده لأنه استعجل ما أجل له فعوقب بنقيض قصده كحرمان القاتل الميراث، فمن تعجل شيئًا قبل أوانه، عوقب بحرمانه. ثالثًا: بإيلاد الأمة من سيدها لأن مقتضى التدبير العتق من الثلث، والإيلاد العتق من رأس المال ولم يملك غيرها فالإستيلاد أقوى، فيبطل به الأضعف. وولد الأمة الذي يولد بعد التدبير بمنزلتها سواء كانت حاملاً به حين التدبير أو حملت به بعده، لقول عمر وابنه وجابر ولد المدبرة بمنزلتها ولا يعلم لهم في الصحابة مخالف. ولأن الأم استحقت الحرية بموت سيدها فتبعها ولدها كأم الولد، بخلاف التعليق بصفة في الحياة والوصية، لأن التدبير آكد من كل منهما. وللسيد وطئ مدبرته وإن لم يشترطه حال تدبيرها سواء كان يطؤها قبل تدبيرها أو لا، روى عن ابن عمر أنه دبر أمتنين له وكان يطؤهما، قال أحمد لا أعلم أحدًا كره ذلك غير الزهري ولعموم قوله - سبحانه وتعالى - {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} وقياسًا على أم الولد. وللسيد وطئ بنت مدبرته المملوكة له إن لم يكن وطئ أمها لتمام ملكه فيها واستحقاقها الحرية لا يزيد على استحقاق أمها وأما بنت المكاتبة فألحقت بأمها وأمها يحرم وطؤها فكذلك بنتها. ولو أسلم مدبر أو قن أو مكاتب لكافر، ألزم بإزالة ملكه عنه، لئلا يبقى ملك كافر على مسلم مع إمكان بيعه بخلاف أم الولد، فإن أبى باعه الحاكم إزالة لملكه عنه لقوله - سبحانه وتعالى - {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} .

من النظم فيما يتعلق في باب التدبير وتعليق عتق القن بالموت يا فتى ... فذلك تدبير الإماء وأعبد وتدبير من صحت وصيته أجز ... بألفاظه أو لفظ عتق وأكد فكل صريح ثم صرح به هنا ... ولكن كنايات العتاق المعدد ومشترط تعليق لفظ كليهما ... بموت مسلم مطلق أو مقيد ومن علق التدبير والعتق أن يمت ... ولم يوجد الشرط المرصد يفسد وصححه من ثلث الصحيح بأوكد ... ومن ثلث ذي سقم السوي لا تردد وقدم على التدبير إعتاق مدنف ... والايصا بعتق مثل بل بعد ما ابتدي وقول الفتى إن شاء فهو مدبر ... فما مجلس الشرط اختيار بأوطد كذاك متى ما شئت دبرت أو متى ... تشأ فمتى شا في حياتك يفقد وإن قلت أنت الحر بعد منيتي ... بشهرين أو من بعد خدم معدد فقولان في تصحيح هذا وعتقه ... به ومتى أبري من الخدم شرد وإن عبد كفار هدي قبل خدمة ... لبيعهم شرط لإعتاقه اشهد

بتنجيزه في الحال لكن عليه لل ... موصي لأجر الخدمة افهم بأبعد وإن يبطل التدبير بالقول أو يبع ... متى عاد لم يبطل كعتق مقيد بوصف وعنه كالوصية أبطلن ... وبعه إن تشا أو هبه في المتوطد ووطء التي دبرتها لك جائز ... كذلك من ولدتها فتقلد ومن ولدته بعد أسباب عتقها ... له حكمها إن كان من غير سيد وقيل إذا لا يعتقون بعتقها ... كمن ولدته قبل ذا في المؤكد وعنه إن وجد من بعد تدبيرها فلا ... ولم يقف في الإبطال ما لم يقصد وما ولدته بعد تدبيرها فلا ... تدبره اتباعًا لها في المؤطد وكالأم أولاد المدبر وعنه من ... تسر بإذن يتبعوه بمعقد فإن لم يفي ثلث الفتى بهما معا ... فبالقرعة أخرج معتقًا كالمعدد وقول ذوي الميراث في سبر وصفها ... ليقبل وقيل اقرع ولا تتردد ويبطل إيلاد لقوة حكمها ... إذا ما طري تدبير الأنثى الذي ابتدي ومن لم يطأ إما له وطء بنتها ... من الغير حتى بعد تدبير اعضد وتدبير من كاتبت أو عكسه أجز ... وأعتقه إن أدي إليك وأورد وإكسابه إرث في الأولى وعنه بل ... له إن يمت من قبل تعجيز اشهد

وقيل من الثلث احسبن الأقل من ... قسمته أو باق دين المعبد كذا الحكم إن كاتبت أم تولد ... وبالعكس ولتعتق بموت المسود وتدبير شرك ليس يسري بأوكد ... وعنه بلى من موسر كالتولد فإن يجز العتق الشريك سري إلى ال ... مدبر في الأولى كعتق فقيد وذا الكفر ألزمه إزالة ملكه ... في الأقوى عن العبد المدبر إن هدي وقيل إن يدم تدبيره لم نزله بل ... إلى الموت يكفيه وبينهما اصدد يلي أمره عدل من الكسب منفق ... وما زاد للمولى وإن قل يرفد من الثلث جوزه أن يمت أو بقدره ... وباقيه إرث بع على غير مهتد وباقيه تدبير على السيد استمع ... في الأقوى ومع وراثه لا تردد فإن صح أثبته في الأولى بشاهد ... مع امرأتين أو مع يمين المعبد وما جحد تدبير رجوع بأجود ... ولم تلغ في الأولى بردة سيد ولو مات مرتدًا بأرض جناية ... عليه لمولاه بغير تردد

س65: تكلم عن الكتابة، وما الأصل فيها، وما حكمها وما الذي تصح به، والذي تصح منه، ومتى يعتق المكاتب، وما حكم ما فضل بيده، وإذا مات قبل وفائها، وما الذي يملكه المكاتب، والذي لا يملكه، وما حكم شرط وطء المكاتبة، ونقل الملك في المكاتب ومما تكون المكاتبة، ومن الذي تصح كتابته، وهل تصح الكتابة بغير القول، ومن الذي تصح له الكتابة، وما الذي تنعقد به المكاتبة، وبأي شيء تنفسخ الكتابة، وما حكم تعجيل الكتابة وهل يلزم السيد أخذها؟

س65: تكلم عن الكتابة، وما الأصل فيها، وما حكمها وما الذي تصح به، والذي تصح منه، ومتى يعتق المكاتب، وما حكم ما فضل بيده، وإذا مات قبل وفائها، وما الذي يملكه المكاتب، والذي لا يملكه، وما حكم شرط وطء المكاتبة، ونقل الملك في المكاتب ومما تكون المكاتبة، ومن الذي تصح كتابته، وهل تصح الكتابة بغير القول، ومن الذي تصح له الكتابة، وما الذي تنعقد به المكاتبة، وبأي شيء تنفسخ الكتابة، وما حكم تعجيل الكتابة وهل يلزم السيد أخذها؟ ج: الكتابة اسم مصدر بمعنى المكاتبة من الكتب بمعنى الجمع لأنها تجمع نجومًا، ومنه سمي الخراز كاتبًا. قال الحريري: وكاتبين وما خطت أناملهم ... حرفًا ولم يقرؤوا ما خط الكتب أو لأن السيد يكتب بينه وبين عبده كتابًا بما اتفقا عليه. وأما شرعًا فهو بيع سيد رقيقه نفسه بمال مباح في ذمته فلا تصح على خنزير ونحوه، ولا على آنية ذهب وفضة أو نحوها معلوم.

فلا تصح على مجهول، لأنها بيع ولا يصح مع جهالة الثمن منجم بنجمين فصاعدا يعلم قدر ما يؤدي في كل نجم بما عقد عليه من دراهم ودنانير أو غيرهما ومدته. لأن الكتابة مشتقة من الكتب، وهو الضم فوجب افتقارها إلى نجمين ليضم أحدهما إلى الآخر، واشترط العلم بما لكل نجم من القسط والمدة، لئلا يؤدي جهله إلى التنازع. ولا يشترط تساوي الأنجم فلو جعل نجم شهرًا وآخر سنة أوجعل قسط أحدهما مائة والآخر خمسين ونحوه، جاز لأن القصد العلم بقدر الأجل وقسطه وقد حصل بذلك والنجم هنا الوقت، فإن العرب كانت لا تعرف الحساب وإنما تعرف الأوقات بطلوع النجوم، قال بعضهم: إذا سهيل أول الليل طلع ... فابن اللبون الحق والحق جذع وقيل تصح على نجم واحد اختاره ابن أبي موسى وفي الشرح أنه قياس المذهب، لأنه عقد يشترط التأجيل، فجاز إلى أجل واحد كالسلم. واختار صاحب الفائق صحة الكتابة حالة وهذا القول هو الذي تميل إليه النفس والله أعلم. وحكمها أنها مستحبة لرقيق علم فيه الخير وهو الكسب والأمانة، قال أحمد: الخير صدق وصلاح ووفاء بمال الكتابة ونحوه قال إبراهيم النخعي وعمرو بن دينار وغيرهما. وإن اختلفت. عباراتهم في ذلك والآية محمولة على الندب لحديث: «لا يحل مال امرِئٍ مسلمٍ إِلا عن طيبِ نفسٍ منه» ولأنه دعا إلى إزالة ملك بعوض فلم يجبر السيد عليه كالبيع.

وقال الوزير: اتفقوا على أن كتابة العبد الذي له كسب مستحبة مندوب إليها، وقد بلغ بها أحمد في رواية عنه إلى وجوبها إذا دعا العبد سيده إليها على قدر قيمته أو أكثر. وقال ابن رشد: لا خلاف فيما أعلم بينهم أن من شرط الكتابة أن يكون قويًا على السعي، لقوله - سبحانه وتعالى - {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} . وتكره الكتابة لمن لا كسب له لئلا يصير كلا على الناس ويحتاج إلى المسألة. وتصح الكتابة على خدمة مفردة بأن يكاتبه على أن يخدمه في رجب وشعبان أو على خدمة معها مال إن كان المال مؤجلاً ولو إلى أثناء مدة الخدمة، كان يكاتبه على خدمة شهر ودينار، ويؤدي في أثنائه أو آخره، وإذا لم يسم الشهر كان عقب العقد كالإجارة وإن عين الشهر صح. وتصح الكتابة لمبعض بأن كاتب السيد بعض عبده الرقيق مع حرية بعضه. وتصيح كتابة رقيق مميز، لأنه يصح تصرفه وبيعه بإذن وليه فصحت كتابته كالمكلف، وإيجاب سيده الكتابة له إذن له في قبولها بخلاف الطفل والمجنون. ولا تصح الكتابة من المميز إلا بإذن وليه، لأنه تصرف في مال كالبيع. ولا تصح الكتابة من سيد غير جائز التصرف، لأنها عقد معاوضة كالبيع. ولا تصح الكتابة بغير قول. ولا تصح كتابة مرهون.

والكتابة في الصحة والمرض من رأس المال، لأنها معاوضة كالبيع والإجارة. وقيل إنها في المرض المخوف من الثلث، لأن ما يأخذه عوضًا كسب عبد، وهو مال له فصار كالعتق بغير عوض. وهذا القول هو الذي تطمئن له نفسي والله أعلم. وتنعقد الكتابة بقول سيد لرقيقه كاتبتك على كذا، لأنها إما بيع، وإما تعليق على الأداء، وكلاهما يشترط له القول. مع قبول الرقيق للكتابة، وإن لم يقل السيد لرقيقه فإذا أديت فأنت حر. لأن الحرية موجب عقد الكتابة، فثبت عند تمامه كسائر أحكامه. ولأن الكتابة عقد وضع للعتق بالأداء فلم يحتج إلى لفظ العتق ولا نيته كالتدبير، ومتى أدى مكاتب ما عليه من الكتابة وقبضه منه سيد أو ولي السد إن كان محجورًا عليه عتق. لمفهوم حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: «المكاتب عبد ما بقي عليه درهم» رواه أبو داود فدل بمفهومه على أنه إذا أدى جميع كتابته لا يبقى عبدًا، أو أبرأ المكاتب سيده من كتابته أو أبرأه وارث لسيد موسر من كتابته عتق. لأنه لم يبق عليه شيء منها فإن أدى البعض أو أبرأه منه بريء منه وهو على كتابته فيما بقي للخبر وإن كان الوارث معسرًا أو أبرأ من حقه نصيبه فقط بلا سراية. وما فضل بيد المكاتب بعد أداء ما عليه فله، لأنه كان له قبل عتقه فبقى على ما كان، وقيل إن المال للسيد.

وتنفسخ الكتابة بموت المكاتب قبل أدائه جميع كتابته سواء خلف وفاء أو لا، وما بيده لسيده لأنه مات وهو عبد، كما لو لم يخلف وفاء لأنها عقد معاوضة على المكاتب وقد تلف المعقود عليه قبل التسليم فبطل، وقتله كموته. ولا بأس بتعجيل الكتابة المؤجلة قبل حلولها لسيده، ويضع السيد عن المكاتب بعض الكتابة، فلو كان النجم مائة وعجل منه ستين أو صالح منه على ستين، وأبرأه السيد من الباقي صح. لأن مال الكتابة غير مستقر وليس بدين صحيح، لأنه لا يجبر على أدائه ولا تصح الكفالة به وما يؤديه إلى سيده كسب عبده، وإنما جعل الشرع هذا العقد وسيلة إلى العتق، وأوجب فيه التأجيل مبالغة في تحصيل العتق وتخفيفًا على المكاتب، فإذا عجل على وجه يسقط به بعض ما عليه كان أبلغ في حصول العتق وأخف على العبد. ولهذا فارق سائر الديون، ويفارق الأجانب من حيث أنه عبد، فهو أشبه بعبده القن، فإن اتفقا على الزيادة في الأجل والدين كان حل عليه نجم فقال: أخره إلى كذا وأزيدك كذا لم يجز، لأنه يشبه رياء الجاهلية المحرم. ويلزم السيد أخذ معجلة بلا ضرر على السيد بقبضها، فإن امتنع السيد من أخذها جعلها أمام في بيت المال، وحكم بعتق المكاتب في حال أخذ المعجل منه. لما روى الأثرم بإسناده عن أبي بكر بن حزم أن رجلاً أتى عمر فقال: يا أمير المؤمنين إني كوتبت على كذا وكذا وإني أيسرت بالمال وأتيته به فزعم أن لا يأخذها إلا نجومًا.

فقال عمر: يا سرق خذ هذا المال فاجعله في بيت المال وأد إليه نحو ما في كل عام وقد عتق هذا، فلما رأى ذلك سيده أخذ المال وعن عثمان نحوه. ومتى بان بعوض دفعه مكاتب لسيده عن الكتابة عيب، فللسيد أرشه إن أمسك، أو عوض العيب برده على المكاتب، لأن إطلاق الكتابة يقتضي سلامة العوض، وقد تعذر رد المكاتب رقيقًا. فوجب أرش العيب أو عوض المعيب، جبرًا لما اقتضى إطلاق العقد، ولم يرتفع عتقه لأنه إزالة ملك بعوض، فلا يبطله رد المعوض بالعيب كالخلع. وإذا أحضر المكاتب مال الكتابة، فقال السيد حرام أو غصب، فلا يصح أن أقبضه منك، فإن أقربه المكاتب أو ثبت ببينة أنه حرام أو غصب لم يلزم السيد قبوله، ولا يجوز له قبوله. وسمعت بينة السيد بذلك، لأنه له حقًا أن لا يقتضي دينه من حرام، ولا يأمن من أن يرجع صاحبه عليه. وكذلك نفقة الزوجة، وكذلك صداقها، وكذلك كل حق من قرض أو قيمة متلف أو أرش جناية أو نحوه، إذا حضر بها من هي عليه، وادعى من هي له أنها حرام أو غصب، لم يجز له قبولها، ولم يلزمه إن ثبت ذلك بإقرار المدين أو بينة. فإن أنكر المكاتب أنها غصب أو حرام ولم يكن للسيد بينة فقول العبد مع يمينه أنه ملكه لأنه الأصل. ثم يجب على السيد أخذه، ويعتق المكاتب بأخذه، لأن الأصل أنه ملكه.

س66: ما الذي يملكه العبد المكاتب والذي لا يملكه، ولمن الولاء على من أعتقه المكاتبة أو كاتبه بإذن سيده، ومن الذي يتبعه ولد المكاتبة وولد بنتها وولد ابنها؟

فإن نكل: أي امتنع عن الحلف أن ما بيد ملكه حلف سيده أنه حرام ولم يلزمه قبوله. وليد المكاتب إذا كان له عليه دينان، دين الكتابة ودين عن قرض وثمن مبيع ونحوه، قبض ما لا يفي بدينه ودين الكتابة من دين له على مكاتبه، بأن ينوي السيد بما قبضه أنه عن غير دين الكتابة. وله تعجيزه إذا قبض ما بيده عن غير دين الكتابة ولم يبق بيده ما يوفي كتابته منه، ولا يملك السد تعجيزه قبل أخذ ذلك الذي بيده بنية كونه عن جهة الدين، لأن ما بيده يمكن الوفاء منه في الجملة. والاعتبار بقصد سيد دون مكاتبه الدافع، وفائدة اعتبار قصد السيد يمينه عند الاختلاف في نيته لأنه أدرى بها. وقد تقدم في باب الرهن أن من قضى أو أسقط بعض دين وببعضه رهن أو كفيل وقع عما نواه الدافع أو المبري، والقول قوله في النية. قال في تصحيح الفروع فقياس هذا أن المرجع في ذلك إلى العبد المكاتب لا إلى سيده أهـ من ش م بتصرف يسير. س66: ما الذي يملكه العبد المكاتب والذي لا يملكه، ولمن الولاء على من أعتقه المكاتبة أو كاتبه بإذن سيده، ومن الذي يتبعه ولد المكاتبة وولد بنتها وولد ابنها؟ ج: يملك العبد كسبه ونفعه وكل تصرف يصلح ماله لتحصيل العتق، ولا يحصل إلا بأداء عوضه، ولا يمكنه الأداء إلا بالتكسب وهذا أقوى أسبابه.

وفي بعض الآثار أن تسعة أعشار الرزق في التجارة، ولأنه لما ملك الشراء بالنقد ملكه بالنسيئة، وتتعلق استدانته بذمته يتبع بها بعد عتقه، لأن ذمته قابلة للاشتغال، ولأنه في يد نفسه، فليس من سيده غرور بخلاف المأذون له. وفائدة تعلقها بالذمة أنه يتبع بها بعد العتق، لأن ذلك حال يساره والنفقة على نفسه، لأن هذا من أهم مصالحه، ومملوكه وزوجته وولده التابع له لأن فيه مصلحة. لكن ملكه غير تام لأنه في حكم المعسر، فلا يملك أن يكفر بمال إلا بإذن سيده، ولا أن يسافر لجهاد لتفويت حق سيده مع وجوبه عليه إلا بإذن سيده، فيدخل في عموم حديث أيما عبد نكح بغير إذن مواليه فهو عاهر. ولأن على السيد فيه ضرر لاحتياجه لأداء المهر والنفقة من كسبه، وربما عجز ورق فيرجع ناقص القيمة. ولا يملك أن يتسرى أو يتبرع أو يقرض أو يحابي أو يرهن أو يضارب أو يبيع موجلاً أو يزوج رقيقه أو يعتقه أو يكاتبه إلا بإذن سيده في الكل، لأن حق سيده لم ينقطع عنه، لأنه ربما عجز فعاد إليه كل ما في ملكه، فإن إذن السيد في شيء من ذلك جاز. والولاء على من أعتقه المكاتب أو كاتبه بإذن سيده فأدى ما عليه للسيد لأن المكاتب كوكيل في ذلك. وولد المكاتبة إذا وضعته بعد كتابتها يتبعها في عتق بأداء مال الكتابة لسيدها أو عتقها بإبراء من الكتابة، لأن الكتابة سبب للعتق، ولا يجوز إبطاله من قبل السيد بالاختيار. ولا يتبعها ما ولدته قبل الكتابة كأم الولد المدبرة ولا يتبعها بإعتاقها بدون أداء أو إبراء.

ولا يعتق ولد مكاتبة إن ماتت قبل أداء مال الكتابة أو إبراء منه لبطلان الكتابة بموتها. وولد بنت المكاتبة كولدها يعتق إذا عتقت بأداء أو إبراء تبعًا لأمه، ولا يتبع المكاتبة ولد ابنها ذكرا كان أو أنثى من غير أمته، لأن ولده تابع لأمه دون أبيه. ويصح شرط وطئ مكاتبته لبقاء الملك، ولأن بضعها من جملة منافعها فإذا استثنى نفعه صح، وجاز وطؤها لأنها أمته وهي في جواز وطئه لها كغير المكاتبة لاستثنائه. ولا يصح شرط وطء بنت المكاتبة لأن حكم الكتابة فيها بالتبعية ولم يكن وطؤها مباحًا حال العقد فيشترطه. فإن وطء مكاتبته بلا شرط عزر إن علم التحريم لفعله ما لا يجوز له ولا حد عليه لأنها مملوكته وربما عادت لملكه. ولها المهر ولو مطاوعة لأنه وطء شبهة ولأنه عوض منفعتها فوجب لها، ولأن عدم منعها من الوطء ليس إذنًا فيه. ولهذا لو رأى مالك مال من يتلفه فلم يمنعه لم يسقط عنه ضمانه، وتصير إن ولدت أم ولد لأنها أمته ما بقي عليها درهم. ثم إن أدت عتقت وكسبها لها وإلا بموته لكونها أم ولد، وما بيدها لوريته كما لو أعتقها قبل موته. ويصح نقل الملك في المكاتب لقول بريرة لعائشة: إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني على كتابتي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اشترِيها» ، متفق عليه وليس في القصة ما يدل على أنها عجزت بل استعانتها دليل على بقاء كتابتها.

ولمشتر جهل الكتابة الرد أو الأرش، لأنها عيب في الرقيق لنقص قيمته بملكه نفعه وكسبه، وهو كالبائع في أنه إذا أدى ما عليه يعتق للزوم الكتابة فلا تنفسخ بنقل الملك فيه. وله الولاء إذا أدى إليه وعتق لعتقه عليه في ملكه، ويعود قنا بعجزه عن الأداء لقيامه مقام البائع، ويصح وقفه فإذا أدى بطل الوقف لأن الكتابة لا تبطل به. والكتابة عقد لازم من الطرفين، لأنها بيع لا يدخلها خيار لأن القصد منها تحصيل العتق، فكأن السيد علق عتق المكاتب على أداء مال الكتابة، ولأن الخيار شرع لاستدراك ما يحصل للعاقدين من الغبن والسيد والمكاتب دخلا فيه راضيين بالغبن. ولا تنفسخ المكاتبة بموت السيد وجنونه ولا تحجر عليه، ويعتق بالأداء إلى من يقوم مقامه، والولاء للسد لا للوارث، وإذا حل نجم فلم يؤده فللسيد الفسخ، ويلزم أنظاره ثلاثًا إن استنظره لبيع عرض ولمال غائب دون مسافة قصر يرجو قدومه. ويجب على السيد أن يدفع للمكاتب ربع مال الكتابة لقوله - سبحانه وتعالى - {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} وظاهر الأمر الوجوب، وروى أبو بكر بإسناده عن علي مرفوعًا في قوله - سبحانه وتعالى - {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} قال ربع الكتابة. ويخير السيد بين دفعه إليه أو وضعه عنه، فإن مات السيد بعد العتق وقبل الإيتاء فذلك دين في تركته يحاص به الغرماء، لأنه حق لآدمي فلم يسقط بالموت كسائر الحقوق. مما يتعلق بباب الكتابة من النظم وإن كتاب العبد بيعك نفسه ... بمال له في ذمة مترصد

وذلك ندب للأمين وكاسب ... وعن أحمد إن باع احتم وأكد وتكره في الأولى لمن ليس كاسبا ... وقيل إن يئس من كافر متعهد وعن أحمد إن لم يخف مفسدا فلا ... وتصحيحها من جائز بيعه قد وإن كاتب المرء المميز عبده ... بإذن ولي صح في المتجود وإن كوتب العبد المميز جوزن ... من المال لا من ثلث مضنى بأوطد ولا تمضين إلا بكاتب في كذا ... وإن لم يقل إن تعطينه بسرد وقد قيل شرط قصد ذا أو مقاله ... ويفسد بتنجيز وشرط مبعد ولا تمضها إلا بمال مقدر ... مباح بتقسيط لوقت معدد من العلم بالمشروط من كل واحد ... وعنه اندب التخمين واحكم مفرد بما جوز الإسلام فيه يجوزن ... يكاتب به المولى وما لا فلا اردد وصححها القاضي بمطلق أعبد ... وقال من الذي هو من أوسطهم جد وتنفذ يا هذا بمال وخدمة ... كالإيجاب في علم بوقت محدد ولو ولي العقد إن تراخى وإن يحل ... به المال صححها على المتوطد ولا تبطلن من أصلها بسقامه ... زمان اشتراط الحق بل وقته قد

وحكم كتابات على خدمة فقط ... بوقت لنجم بل نجوم تردد ويعتق بالإبرا وإيفاء كل ما ... عليه في الأولى واعطه الفضل في اليد وعنه بملك المال يعتق مطلقًا ... وألزمه أن يأني إذا ذاك وامهد وينفسخ العقد إن يمت عن وفائه ... على القول لم يعتق بملك بأوكد وما مات عنه ملك مولاه كله ... وفي الثاني باقيه لوراثه اعتد ويلزم أن يؤتيه ربع الذي له ... عليه بوضع أو تبدل من اليد وإن يؤته ما فوق ربع ويعجزن ... عن الربع لم يعتق على المتوطد ويملك مولاه على النص فسخها ... إذا ولدي محفوظ لا ولتخلد وكالموت أن يرده ولو ميت فان ... يخلف وفاء ثم لم تفسخ امهد على سيد من ذي الذي الإرث قيمة ... ودون الوفا بالملك لا إرث سيد ويعتق بالتعجيل واجب مكاتبًا ... على قبضه ما لم يضر بأوكد ولا بأس في تعجيل مال كتابة ... ويوضع عنه بعضه وضع أجود

وفي الدين والتعجيل أن يتراصيا ... على أن يزيدا فيهما اردد بأوطد وإن بان في المقبوض عيب فعتقه ... صحيح في الأقوى واعط أرشا لسيد وإن شاء يعطي قيمة بعد رده ... محافظة شرعًا على عتق أعبد وإن بان ما أعطاه ملكًا لغيره ... بغير رضى منه فعن عتقه حد ويملك بالعقد الصحيح منافعًا ... وإكسابه مع كل فعل مجود لأمواله كالبيع أو كأجارة ... وبينهما حرم ربا في المؤطد وينفق في نفس وملك وولده الـ ... ذين هم أتباعه بالتعقد ومع عجزه إن لم يشا الفسخ سيد ... فألزمه بالإنفاق لا تتردد ويملك أسفارًا وأخذ تصدق ... ولو نفيا بالشرط في المتأكد ومحتمل ألا يسافر مدة ... يحل وقبل العود نجم كأبعد وليس له من غير إذن تبرع ... وعن قرضه أو إن يحابي فأصدد وتكفيره بالمال ثم تزوج ... كذاك تسريه بلا إذن سيد

ووجهين في بيع النسا وقراضه ... ورهن وتزويج الرقيق المعبد وإعتاقه بالمال في ذمة وفي ... كتابته من غير إذن المسود كذا في اقتصاص المرء من عبده إن جنى ... على عبده من دون إذن تردد وقيل كمأذون له أهدي الطعام والـ ... دعاء إليه وليعرف غير مفسد ولا يضمنن مالا ولا يتكلفن ... بشخص وإن يوصي بمال ليردد ووجهين إن يتبع محارم حرمت ... بلا إذن مولاه عن الصحب أسند ويملكهم إن لم يضروا بماله ... بلا عوض من باذل متجود وليس له من بعد إبطال ملكهم ... له حكمه في عتقه والتعبد وأن يجز المولى عتقا مكاتب ... يصح وهم مع ماله ملك سيد وقيل وذا الأقوى له ماله ويع ... تقون بالابرا خشية من تكيد وزوجته أن يشر المكاتب وعكسه ... يصح ولكن النكاح ليفسد ويتبعه أولاده من إمائه ... ويحكم في الأقوى له بالتولد

ومن أمة المولى له ليس تابعًا ... بنوه سوى بالشرط في عقده قد وما ولدته في الكتابة تابع ... لها من رقيق أو مكاتب أعتد وإن يجن مولاه عليه خذ إرشه ... وفي الحبس واستخدامه فتوحد له أجره فيه وقيل كمثله ... لينظر وقيل الأرفق افعل تجود وإن كاتب المولى فتاة فلا تبح ... له وطأها لكن بشرط بأوطد وأدبه في وطء بغير اشتراطه ... ومنه لها مهر كمولاتها جد إن طاوعت في الوطء مع علمها فلا ... تطالب لها بالمهر في المتجود فإن ولدت منه فحر وأن ترد ... عتاقة أولاد تدم في التعدد وأن تشتهي عتق الكتابة فلتجد ... بأنجمها طرا تحر وتشرد وإن عجزت تعتق عقيب مماته ... وإن مات قبل العجز تعتق كولد ويسقط عنها ما تبقى وكسبها ... لها اجعل وقيل اجعل لوارث سيد وحرم ولو مع شرطه وطء بنتها ... ولا حد بل مهر كإكسابها اعدد

وإن كان قد أوصى به بعد موته ... لها إن وفى الثلث بذلك تمدد وإن وطأ من كاتباها فخذ لها ... وعجل بمهر المثل من كل مفرد ومولدها غرمه حظ شريكه ... مكاتبة واحكم له بالتولد وأوجب عليه مهر أمثالها لها ... كقيمة قسط من وليد بأبعد ويغرم في الأولى من الولد حظه ... ومقداره في المهر في المتجود وقيل لرب الشرك في المهر قسطه ... وقيمته في الأم قنا لينقد ويضمن أيضًا للشريك نصيبه ... من الولد قنا في الأصح المؤكد ولم يسر إيلاد الفقير بل الغني ... متى عجزت يسري لدى ذي المجرد ومع عسره أن يعجز فحصة غيره ... رقيق وحرمها على كل مفرد وحلل لمن بعتق سواه نكاحها ... ومن لحق الطفل اجعلن ذا التولد وإن ألحقت أولادها بهما معا ... تكن لكلا الشخصين أم تولد ويعتق منها حظ كل بموته ... ولم يسر في وجه بإيلاد أوجد

ولكن متى يعجز فإن كان موسرًا ... فقوم عليه حظ ما حبه قد وبيع الذي كاتبته جائز على الـ ... أصح ويبقى عند ثان كمبتدي ويعتق إن أدى إلى الثاني والولا ... له ومتى يعجز له رقه طد ومع جهله عيب الكتابة إن يشا ... ليمسك بأرش أو يشاء ليردد ومع جهل ذي سبق فأبطلهما معا ... وإن كان في وارث تاو ملحد يعاد لمولاه المكاتب زوجة ... وهي عقدها من بعد عجز بأوطد وإن أسر الكفار عبدا مكاتبا ... فبادر فاستفداه من أرض جحد بمعلوم مال مشترى إن أراده ... مكاتبه يسمح بمال به فدي ويبقى على حال الكتابة عبده ... متى يؤته يعتق له بالولا اشهد ولو قال يعطي الربع بينهما معا ... ويلزمه كل الفدا لم أبعد

من النظم فيما يتعلق في جناية المكاتب ويلزمه أن يجن فدية نفسه ... بمال به قبل الكتابة يفتدي وعن أبي بكر يحاصص فيهما ... فإن يفتدي من قبل حجر مصدد تقرر عتق واستقر فداؤه ... عليه وأن يعتق ففي مال سيد ومع عجزه أن يجن في حق سيد ... فإن له تعجيزه لم يفند وإن كان ما يجنيه في حق غيره ... فإن يفد إلا بعه قنا وأورد ويفدي بما قد قل من أرش فعله ... وقيمته في الأظهر المتأكد وعنه إذا كان الفداء عليه أو ... على سيد للعتق حقًا وأبعد وأما على المولى إذا طلب الفدا ... فحينئذ بالأرض أجمع يفتدي وقيل بكل الأرش في كل حالة ... ومع عجزه عن دين من عامل اعهد به كله في ذمة دون نفسه ... وعنه بكل صحح المجد فاقتد وتلزم بالعقد الصحيح كتابة ... فليس لكل فسخها فتقلد ولو مات مولاه ولو جن لم تزل ... ولو صار محجورًا عليه فقيد

ويفسدها تعليق مستقبل ولا ... خيار لها لكن متى شرط افسد وبالعجز عن نجم له فسخها وعن ... أمامك بل نجمين يا ذا فأزيد وللعبد حتى ذا لتكسب فسخها ... سوى مع ملك لك وفاء بأوكد وعن أحمد لا عجز حتى يقول قد ... عجزت ومن مقصوده إنفاق سيد ويعتق بالابرا وإيفاء كل ما ... عليه وباقي ما حواه له اعدد وعنه بملك المال يعتق مطلقا ... وألزمه أن يأبى إذا ذاك فاطهد وينفسخ العقد أن يمت عن وفائه ... على القول لم يعتق بملك بأوكد إن كاتب المرء العبيد بصفقة ... على عوض فرد فصحح وجود وقسط على مقدار قيمة كلهم ... لدى العقد في كل المساوي المفرد وقال أبو بكر بل اقسم كعدهم ... ولا عتق إلا مع إذا الكل فاشهد ومن قال قد أديت فوق مقرري ... فقول الذي ينفيه فاقبل ترشد وإن يدعي من كاتبوه جماعة ... أداء فأبدي واحد جحد مورد

وصدقه الباقون شاركهم إذا ... بما قبضوه منكر ذو تجحد ويقبل قول اثنين في عتق حظه ... إذا عدلا مع قبضه في المؤطد وإما تكاتب بعض عبدك يا فتى ... وشركا بلا إذن الشريك فجود ويملك من أكسابه قدر جزئه الـ ... مكاتب والباقي لذي الملك أورد ويعتق إن كان المكاتب موسرا ... أو أدى إليه ضامنًا حظ أبعد ويسري إلى الجزء المدبر والذي ... يكاتب عتق من شريك بأوطد وقال أبو يعلى إذا بطلا سرى ... وإلا فلا يسري بغير تقيد ويضمن أن يسري نصيب شريكه ... بقيمته لا بالمبقى بأوكد وإن كاتب الاثنان عبدهما يجز ... وسيان عقد الاستوا والتزيد ويلزمه الايفا على قدر ملكهم ... ولا عتق أن يبدو بإيفاء مفرد وإن كان عن إذن الشريك أداؤه ... إليه مع اليسر اعتقنه بأجود ويعتق على من تم إيتاؤه بما ... شرطناه مع يسر بغير تردد

أحكام أمهات الأولاد

وقول الذي يبقي الكتابة فاقبلن ... وفي المال في الأقوى اقبلن قول سيد وعن أحمد بل مرهما يتحالفا ... ومن قوله المقبول بالحلف أكد ويعتق مولاه ببينة الأدا ... ولو شاهدا مع حلفه أو بخرد من النظم فيما يتعلق في الكتابة الفاسدة وشرطهم فيها الخيار لسيد ... وأن الولا للغير شرط المفسد كذا الجهل والتحريم في عوض بها ... ويبطل دون العقد في المتوطد وكل له إن قلت تفسد فسخها ... ولا عتق بالإبراء بل بالأدا قد ويملك من قبل الأدا أخذ ماله ... مكاتبه مع فاضل بعد مورد ووجهان في فسخ بموت مكاتب ... وحجر جنون أو سفاهة سيد كذلك في استتباع أولادهم بها ... كذلك في الإكساب وجهين أسند وألزم ذوي كفر إزالة ملكه ... عن المهتدي لا بالكتابة بأجود أحكام أمهات الأولاد س67: تكلم بوضوح عما يلي: من هي أم الولد، ومتى تكون أم ولد، ومتى تعتق، وهل عتقها من الثلث أو من جميع

المال، وهل حكم أم الولد حكم الأمة في كل شيء، وهل يجوز بيعها؟ ج: الأحكام جمع حكم وهو خطاب الله - سبحانه وتعالى - المفيد فائدة شرعية، وأصل أم أمهة، ولذلك جمعت على أمهات باعتبار الأصل، وقيل الأمهات للناس، والأمات للبهائم، والهاء في أمهة زائدة عند الجمهور، ويجوز التسري بالإجماع لقوله - سبحانه وتعالى - {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ*إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} . واشتهر أنه - صلى الله عليه وسلم - أولد مارية القبطية، وعملت الصحابة على ذلك منهم عمر وعلي. وأم الولد هي التي ولدت من سيدها في ملكه، وتعتق أم الولد بموت سيدها وإن لم يملك غيرها لحديث ابن عباس مرفوعًا: «من وطء أمته فولدت فهي معتقة عن دبر منه» رواه أحمد وابن ماجه. وعنه أيضًا قال: ذكرت أم إبراهيم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أعتقها ولدها» ، رواه ابن ماجه والدارقطني. ولأن الاستيلاد إتلاف حصل بسبب حاجة أصلية وهي الوطء فكان من رأس المال كالأكل ونحوه. فإذا أولد حر أمته أو أمة له ولغيره أو أمة لولده كلها أو بعضها ولم يكن الابن وطئها فإن كان الابن وطئها لم تصر أم ولد للأب، لأنها تحرم عليه أبد بوطء ابنه لها، فلا يملكها ولا تعتق بموته. لأنها صارت أم ولد له وهو مذهب الإمام أحمد وأبي حنيفة ومالك وأحد قولي الشافعي، لأنها حملت منه بحر لأجل

شبهة الملك تعتق بموته من كل ماله، ولو لم يملك غيرها لحديث ابن عباس يرفعه من وطء أمته فولدت فهي معتقة عن دبر منه، رواه أحمد وابن ماجه. وأحكام الولد كأحكام الأمة غير المستولدة من وطء وإجارة وملك لكسبها وتزويج وعتق وتكليفها وحد عورتها وإعارة وإيداع، لأنها مملوكة أشبهت القن لمفهوم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فهي معتقة عن دبر منه» أَوْ قَالَ: «معتقة من بعده» ، رواه أحمد، فدل على أنها باقية على الرق مدة حياته فكسبها له. إلا في التدبير فلا يصح تدبيرها، لأنه لا فائدة فيه إذ الاستيلاد أقوى منه حتى لو طرأ عليه إبطاله. وإلا فيما ينقل الملك في رقبتها كالبيع والهبة والوقف، أو ما يراد له كالرهن، لما روى ابن عمر مرفوعًا، نهى عن بيع أمهات الأولاد وقال: «لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن، يستمتع بها السيد ما دام حيا وإذا مات فهي حرة» رواه الدارقطني. ورواه مالك في الموطأ والدارقطني من طريق آخر عن ابن عمر عن عمر من قوله وهو أصح قاله المجد. وعن ابن عباس قال: ذكرت أم إبراهيم عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أَعتقها ولدها» ، رواه ابن ماجه والدارقطني. وهذا مذهب الجمهور وقد حكى الموفق إجماع الصحابة على ذلك ولا يقدح في صحة هذه الحكاية ما روى عن علي وابن عباس من الجواز، لأنه قد روي عنهم الرجوع كما حكي ذلك ابن رسلان في شرح السنن.

وأخرج عبد الرزاق بإسناد صحيح عن علي أنه رجع عن رأيه الآخر إلى قول الجمهور من الصحابة. وأخرج أيضًا عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة السلماني قال: سمعت عليًا يقول اجتمع رأيي ورأي عمر في أمهات الأولاد أن لا يبعن، ثم رأيت بعد أن يبعن، قال عبدية: فقلت له فرأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إلي من رأيك وحدك في الفرقة، وهذا الإسناد معدود في أصح الأسانيد. وعنه ما يدل على جواز بيعها مع الكراهة وهو قول ابن عباس وابن مسعود وابن الزبير والمزني وداود واختاره الشيخ تقي الدين قال في الفائق وهو أظهر فتعتق بوفاة سيدها من نصيب ولدها إن كان لها ولد أو بعضها مع عدم سعته ولو لم يكن لها ولد فكسائر رقيقه. لما روى أبو الزبير عن جابر أنه سمعه يقول كنا نبيع سرارينا أمهات أولادنا والنبي - صلى الله عليه وسلم - فينا حي لا نرى بذلك بأسًا رواه أحمد وابن ماجه وعن عطاء عن جابر قال: بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا فانتهينا رواه أبو داود. قال في الفنون ويجوز البيع لأنه قول علي وغيره وإجماع التابعين لا يرفعه. قال بعض العلماء: إنما وجه هذا أن يكون ذلك مباحًا ثم نهى عنه ولم يظهر النهي لمن باعها ولأعلم أبو بكر بمن باع في زمانه لقصر مدته واشتغاله بأهم أمور الدين ثم ظهر ذلك في زمن عمر فأظهر النهي والمنع وهذا مثل حديث جابر أيضًا في المتعة أهـ من حاشية المقنع.

وإن مات سيدها وهي حامل فنفقتها مدة حملها من ماله وإلا فعلى وارث الحمل لقوله - سبحانه وتعالى - {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} . وإن أسلمت أم ولد لكافر منع من غشيانها وحيل بينه وبينها لتحريمها عليه بالإسلام ولا تعتق به بل يبقى ملكه عليها على ما كان قبل إسلامها وأجبر على نفقتها إن عدم كسبها لأن نفقة المملوك على سيده فإن كان لها كسب فنفقتها فيه لئلا يبقى له ولاية عليها بأخذ كسبها والإنفاق عليها مما شاء فإن أسلم حلت له لزوال المانع وهو الكفر وإن مات كافرًا عتقت بموته لعموم الأخبار والله أعلم. من النظم فيما يتعلق في باب أمهات الأولاد وإن أمة تحمل من الحر مالكًا ... ولو بعضها أو من أبيه المولد متى ولدت من قد تبين خلقه ... أو البعض عادت للغني أم مولد وإن مات أعتقها من المال كله ... وعن نقل ملك والوسيلة فاصدد وأحكامها فيما سوى ذاك كالاما ... فأجر وزوجها وطأ ولتحفد وإن وضعت ما لم يبن فيه خلقة ... وقال قات من قوابل خرد له مبتدا خلق الأناسي لم تصر ... به أم ولد في الصحيح المؤكد وعنه بلى وعنه في غير عدة ... ولا حكم للموضوع غير المقيد

ومحبلها في غير ملك متى تصر ... له لم تصر أما لولد بأوكد وعنه بلى وعنه بالملك حاملا ... ووجهان مع إقراره بالمولد إذا احتمل استيلاده قبل ملكها ... على أول الثالث لخلق فقيد وذاك إذا ما مات غير مبين ... وكل مجوز بيعهن فما هدي وأولادها من غير سيدها له ... بأحكامها والعتق بالموت أشهد وإن من إمائي الكتابي أسلمت ... فيمنع منها المرء ما لم يكن هدي وإن حبلت قدم لأحرار ولده ... وقيمة حظ للشيك ليورد وعنه ومثل الحظ من مهرها وعن ... أمامك مع حظ الفتى من مولد وإن وطئ الثاني بجهل فمهرها ... ويفدي بنيه إن يلد يوم مولد وإن كان مع علم بأحكام سابق ... فأولاده منها رقيق لمبتد وإن كان ذا عسر وقيل بل احكمن ... بها لهما في العسر أم تولد ومن مات أعتق حظه ومبادر ... بإعتاقه يسري إلى حظ أبعد

إذا كان ذا يسر عليه مضمنا ... وقد قيل مجانا وقيل ليفرد وإن مات مولاها وهي منه حامل ... فأولى لها الإنفاق حتى التولد وبالأرش يفديها متى تجن كله ... وعنه متى عادت بذمتها طد وتعتق وإن تقتل ولو مع تعمد ... إلى قتل مولاها بغير تردد ويقتص منها إن أحب وليه ... ومع عفوه للمال والخطأ اشهد بإلزامها ما قل من قيمة لها ... ومن قيمة المقتول لا تتزيد وصلى الله على محمد وآله وسلم ... انتهى الجزء السابع يوم الخميس الموافق 5/ 9/ 1400 هـ، الساعة 1.30 نهارًا، ويليه - إن شاء الله - الجزء الثامن؛ وأوله: كتاب النكاح (*) ...

_ (*) قال منسق الكتاب للشاملة: انتهى المؤلف إلى هنا، ولم يكمل الكتاب، رحمه الله تعالى رحمة واسعة

§1/1