الأربعون الودعانية لابن ودعان - مخطوط (ن)

ابن وَدْعَان

الكتاب: الأربعون الودعانية - مخطوط المؤلف: أبو نصر محمد بن علي بن ودعان القاضي المتوفى: 494 هـ ملاحظات: 1- هذه هي النسخة المسندة من الكتاب، والمطبوع محذوف الأسانيد. 2- قال الذهبي في كتابه المغني في الضعفاء، عن ابن ودعان مؤلف هذا الكتاب: صاحب تلك الأربعين الموضوعة، حط عليه السلفي، هالك متهم بالكذب.

الأربعون الودعانية لابن ودعان 494 - مخطوط

(ق 1) أربعين حديثاً للنبي ومئة حكمة علي ووصية النبي له وألف ومائة حديث وفي ذم الدنيا ومدح الآخرة. أخبرنا أبو سعيد الآمدي قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد القاضي عن أبيه قال: حدثنا أبو علي الحسن بن الصباح البزار قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن عبد دينار عن عبد الله بن عمر قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (من نقل عني إلى من لم يلحقني من أمتي أربعين حديثاً كتب في زمرة العلماء , وحشر في جملة الشهداء) وقد خرجت أسانيد لهذه الأحاديث وقعت لي , وجمعتها حتى كملت أربعين حديثاً , وتبعت السماعات إلى أن صحت رجاء المثوبة من الله تعالى بموضع الانتفاع بها والتأدب بآداب الله تعالى ونبيه - صلى الله عليه وسلم -. (ق 2) والمعين عليه والمخلص من بيعاته والمتجاوز عما وقع في ذلك من زلل أو خطأ وبه أستعين وهو حسبي ونعم الوكيل.

الحديث الأول حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الصيرفي البغدادي قال: حدثنا الحسين بن عصمة الأهوازي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن بشار الأهوازي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو سلمة موسى بن أبي إسماعيل قال: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ناقته الجدعاء فقال: أيها الناس كان الموت على غيرنا كتب وكان الحق فيها على غيرنا وجب , وكان الذين نشيع من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون (ق 3) تبؤ بهم أحداثهم , ونأكل تراثهم كأنا مخلدون بعدهم , نسينا كل واعظة وأمنا كل جانحة , طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس , طوبى لمن أنفق مالاً اكتسبه من غير معصية , وجالس أهل الفقه والحكمة وخالط أهل الذلة والمسكنة , طوبى لمن ذلت نفسه , وحسنت خلقه , وطابت سريرته , وعزل عن الناس شره , طوبى لمن أنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله ووسعته السنة , ولم تشبهوه البدعة.

الحديث الثاني أخبرنا أبو الحسين بن احمد الصواف رحمه الله قال: حدثنا علي بن قاسم قال: حدثنا علي بن غسان البصري الشيباني , أبو المعمر قال: (ق 4) حدثنا احمد بن زهير قال: حدثنا موسى بن معاذ قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال: حدثنا قيس بن الربيع عن الحسن بن الصباح عن خليفة بن الحصين , قال: سمعت قيس بن عاصم المنقري يقول: قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - في وفد بني تميم فقال: لي: اغتسل بماء وسدر , ففعلت ثم عدت إليه فقلت يا رسول الله عظنا عظة ننتفع بها فقال:ل: يا قيس إن مع العز ذلاً وإن مع الحياة موتاً وإن مع الدنيا آخرة وإن لكل شيء حسيبا وعلى كل شيء رقيباً , وإن لكل حسنة ثواباً , ولكل سيئة عذاباً , ولكل اجل كتاباً , إنه لابد ياقيس من قرين يدفن معك وهو حي وتدفن معه وأنت ميت فإن كان كريماً أكرمك وإن كان لئيماً أسلمك (ق 5) ثم لا يحشر إلا معك ولا تبعث إلا معه ولا تسل إلا عنه , ولا تجعله إلا صالحاً , فإنه إن كان صالحاً لم تأنس إلا به وإن كان فاحشاً لم تستوحش إلا منه , وهو فعلك.

الحديث الثالث حدثنا أبو بكر بن أحمد بن النحاس رحمه الله قال: حدثنا أحمد بن الحسين الواعظ قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درسيوه قال: حدثنا عليب بن عبد العزيز قال: حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قال: حدثنا محمد بن أبي عون عن عبد الله بن مره عن أبي الدرداء قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم جمعه فقال: (أيها الناس توبوا قبل أن تموتوا وبادروا بالأعمال (ق 6) الصالحة قبل أن تشغلوا , وصلوا الذي بينكم وبين ربكم تسعدوا , وأكثروا الصدقة ترزقوا , وأمروا بالمعروف تحصنوا , وانهوا عن المنكر تنصروا. أيها الناس إن أكيسكم أكثركم للموت ذكراً وأحزمكم أحسنكم له استعداداً , ألا وإن من علامات العقل , التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والتزود لسكنى القبور , والتأهب ليوم النشور.

الحديث الرابع حدثنا أبو بكر النحاس رحمه الله قال: حدثنا علي بن وسيم قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: حدثنا العباس بن محمد قال: حدثنا عثمان بن عمرو بن فارس قال: حدثنا شعبة عن (ق 7) عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبته: (أيها الناس إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم , وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم , غن المؤمن بين مخافتين بين أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه , وبن أجل قدر لا يدري ما اله قاض فيه فيأخذ العبد لنفسه من نفسه ومن دنياه لآخرته ومن الشيبة قبل الكبر , ومن الحياة قبل الموت فوالذي نفس محمد بيده ما بعد الموت من مستعتب , ولا بعد الدنيا دار إلا الجنة والنار.

الحديث الخامس حدثنا أبو الحسن علي بن محمد المؤدب رحمه الله قال: حدثنا علي بن الطيب قال: حدثنا أبو موسى (ق 8) جعفر بن أدهم بن الهادي قال: حدثنا احمد بن سلام بن عم صالح الدقاق قال: حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سعيد الخدري قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خطبته: (إنه لا خير في العيش إلا لعالم ناطق أو مستمع واع أيها الناس إنكم في زمان هدنة وإن السير بكم سريع وقد رأيتم الليل والنهار كيف يبليان كل حديد , ويقربان كل بعيد , ويأتيان بكب موعود فقال: له المقداد بن الأسود: يا نبي الله وما الهدنة قال: دار بلاء وانقطاع فإذا التبست عليكم الأمور كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه شافع مشفع وشاهد مصدق فمن جعله إماماً قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار , وهو أوضح دليل إلى خير سبيل من قال: به صدق (ق 9) ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل.

الحديث السادس حدثنا أبو بكر محمد بن احمد النحاس رحمه الله قال: حدثنا ابن الخارجي قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الله ابن المغيرة قال: حدثنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا يكمل عبد الإيمان بالله حتى يكون فيه خمس خصال التوكل على الله , والتفويض إلى الله , والتسليم لأمر الله , والرضا بقضاء الله , والصبر على بلاء الله , إنه من أحب لله وأبغض لله , وأعطى لله فقد استكمل الإيمان.

الحديث السابع حدثنا الشيخ الإمام رحمه الله قال: قال: حدثنا نصر بن احمد قال: حدثنا أبو يعلى قال: حدثنا القاضي (ق10) أحمد بن كامل قال: حدثنا أبو قلامة قال: حدثنا الحسين بن حفص الأصفهاني قال: حدثنا سفيان الثوري عن سهل بن صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبته (أيها الناس إن العبد لا يكتب في المسلمين حتى يسلم الناس من يده ولسانه ولا ينال درجة المؤمنين حتى يأمن جاره برائقه , وجاره برادره , ولا يعد من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذاري مما به الناس. أيها الناس أنه من خاف البيان أدلج ومن أدلج في المسير وصل وإنما تعرفون عواقب أعمالكم , أو قد طويت صحائف آجالكم , أيها الناس إن نية المؤمن خير من عمله , ونية الفاسق شر من عمله.

الحديث الثامن (ق11) حدثنا محمد بن صدقة البزار رحمه الله , قال: حدثنا عبد الله بن القاسم الصواف , قال: حدثنا محمد بن القاسم قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن حرب , قال: حدثنا أسباط بن محمد عن هشام بن حسان عن عكرم عن ابن عباس قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من انقطع إلى الله كفاه الله كل مؤونة فيها , ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها , ومن جاول أمراً بمعصية كان أبعد له مما جاول , وأقرب مما اتقى , ومن طلب محامد الناس بمعاصي الله عاد حامده منهم دان , ومن أرضى الناس بسخط الله وكله الله إليهم , ومن أرضى الله بسخط الناس كفاه شرهم , ومن أخلص فيما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس ومن أحسن سريرته أصلح الله علاء نيته. (ق12) ومن عمل لآخرته كفاه الله.

الحديث التاسع حدثنا طاهر بن محمد بن سيف رحمه الله , قال: حدثنا عبد الله بن القاسم قال: حدثنا أحمد بن كامل بن خلف قال: حدثنا أبو قلامة قال: حدثنا بشر بن عمر الهراني قال: حدثنا شعبة عن الحكم عن نافع عن ابن عمر قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (رحم الله عبداً تكلم فعلم أو سكت فسلم إن اللسان أملك شيء للإنسان , ألا وإن كلام العبد كله عليه لا له إلا ذكر الله أو أمر بمعروف أو نهي عن منكراً أو إصلاح بين مؤمنين فقال: معاذ بن جبل: يا رسول الله أفنؤاخذ بما نتكلم به قال: وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد (ق 13) ألسنتهم , فمن أراد السلامة فليحفظ ما جرى به لسانه , وليحرس ما انطوى عليه جنانه , وليحسن عمله , وليقصر أمله , ثم لم تمض أيام حتى نزلت هذه الآية {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس.

الحديث العاشر حدثنا أبو الحسين أحمد بن الحسين الواعظ رحمه الله قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا سليمان الثوري , عن أبي إسحاق عن أبي برده عن أبي موسى قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا تسبق الدنيا فنعمت مطية المؤمن عليها يبلغ الخير وبها ينجو من الشر , أنه إذا قال: العبد (ق 14) لعن الله الدنيا، قالت الدنيا لعن الله أعصانا لربه) .

الحديث الحادي عشر حدثنا محمد بن صدقة البزاز رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن القاسم , قال: حدثنا محمد بن إسماعيل المكتب , قال: حدثنا أحمد بن إسماعيل الوزان قال: حدثنا محمد بن حميد , قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن ابن عباس قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أكثروا ذكر هادم اللذات , فإنكم إن ذكرتموه في ضيق وسعه عليكم ورضيتم به فأجرتم , وإن ذكرتموه في غنى بغضه إليكم فجذيتم به , فأثبتم أن المنايا قاطعات للآمال والليالي مدنيات الآجال , وإن المؤمن بين يومين يوم قد مضى وأحصى فيه عمله , (ق 15) فختم عليه , ويوم قد بقي لا يدري لعله لا يصل إليه , وإن العبد عند خروج نفسه وحلول رمسه يرى جزاء ما أسلف وقلة عناً ما خلف , ولعله من باطل جمعه , ومن حق منعه.

الحديث الثاني عشر أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المؤدب رحمه الله قال: حدثنا علي بن وسيم قال: حدثنا محمد بن القاسم قال: حدثنا عبيد بن عبد الواحد قال: حدثنا ابن أبي مريم عن ابن فروخ عن أسامة عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أيها الناس إن الرزق مقسوم , لن يعدو امرؤ ما كتب له , فاحملوا في الطلب وإن العمر محدود لن يجاوز احد ما قدر له فبادروا قبل نفاذ الأجل , (ق 16) والأعمال محصية لن تهمل منها صغيرة ولا كبيرة فأكثروا من صالح العمل (أيها الناس إن في القنوع لهيعة , وإن في الاقتصاد لبلغة , وإن في الزهد لراحة , ولكل عمل جزاء , وكل آت قريب.

الحديث الثالث عشر حدثنا الشيخ الغمام رحمه الله قال: حدثنا عبد الله بن القاسم , قال: حدثنا أبو العباس العمري قال: حدثنا أبو خليفة الفضل ابن الحباب قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا جرير بن حازم قال: حدثنا قتادة عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في بعض خطبه ومواعظه , أما رأيت المأخوذين على الغرة والمزعجين بعد الطمأنينة , (ق 17) الذين أقاموا على الشبهات , وجنحوا إلى الشهوات , حتى اتتهم رسل ربهم , ولا ما كانوا أملوا أدركوا , ولا إلى ما وانهم رجعوا قدموا على ما عملوا , وندموا على ما خلفوا ولم يغن الندم , وقد جف القلم , فرحم الله امرءاً قدم خيراً وانفق قصداً , وقال: صدقاً , وملك دواعي شهواته , ولم تملكه وعصى أمره نفسه فلم تهلكه.

الحديث الرابع عشر أخبرنا أبو نصر احمد بن المظفر..... رحمه الله قال: حدثنا السليل.... قال: حدثنا أبو عبيد الله إبراهيم بن..... حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال: حدثنا أبو اليمان قال: حدثنا شعيب (ق 18) عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيها الناس لا تعطوا غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم , ولا تعاقبوا ظالماً فيبطل فضلكم ولا تراؤا الناس فيحبط أعمالكم ولا تمنعوا الموجود فيقل خيركم , أيها الناس إن الأشياء ثلاثة أمر استبان رشده فاتبعوه , وأمر استبان غيه فاجتنبوه , وأمر اختلف عليكم فردوه إلى الله , أيها الناس ألا أنبئكم بأمرين خفيفين مؤنتهما عظيم أجرهما لم يلق الله بمثلها لصمت , وحسن الخلق.

الحديث الخامس عشر ......... بن علي بن بخشل رحمه الله........... عثمان بن سعدان (ق 19) الدقاق قال: أخبرنا إسماعيل بن حماد بن زيد عن أيوب بن درهم القاضي قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبة ذرفت منها العيون ووجلت لها القلوب فكان ما ضبطت منه أن أفضل الناس من تواضع عن رفعة , وزهد عن غيبة , وأنصف عن قوة , وحلم عن قدرة , وإن أفضل الناس عبد أخذ من الدنيا الكفاف , وصاحب فيها العفاف , وتزود للرحيل , وتأهب المسير , ألا وإن أعقل الناس عبد عرف ربه فأطاعه , وعرف عدوه فعصاه , وعرف دار إقامته فأصلحها , وعلم سرعة رحلته (ق 20) فتزود لها ألا وإن خير الزاد ما صحبته التقوى , وخير العمل ما تقدمته النية , وأعلى الناس منزلة عند الله تعالى أخوفهم منه.

الحديث السادس عشر أخبرنا طاهر بن محمد بن سيف رحمه الله قال: حدثنا علي بن وسيم قال: حدثنا جعفر بن إبراهيم قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال: حدثنا أبو اليمان عن شعيب عن أبي الزناد عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنما يؤتى الناس سوم القيامة من إحدى ثلاث أما من شبهة في الدين ارتكبوها او شهوة لذة أثروها أو غضبة لحمية اعملوها , فإذا لاحت لكم شبهة (ق 21) فأجلوها باليقين , وإذا عرضت لكم شهوة فأقمعوها بالزهد , وإذا عنت لكم غضبة فادرؤوها بالعفو , غنه ينادي مناد يوم القيامة من له على الله أجر فليقم فيقوم العافون عن الناس ألم تر إلى قوله تعالى {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} .

الحديث السابع عشر أخبر أبو الموفق محمد بن محمد بن الحسن النيسابوري الشامي رحمه الله , قال: حدثنا سلمة بن خلف , قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاري قال: حدثنا وكيع بن الجراح عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال: قال: عبد الله بن مسعود قال: قال: رسول (ق 22) الله - صلى الله عليه وسلم - يقول الله تعالى " يا بن آدم يؤتى كل يوم برزقك وانت تحزن وينقص كل يوم من عمرك وأنت تفرح , أنت فيما يكفيك وأنت تطلب ما يطغيك لا بقليل تقنع ولا من كثير تشبع ".

الحديث الثامن عشر اخبرنا أبو الحسين بن السماك الواعظ - رحمه الله - قال: حدثنا ابن عرفة قال: حدثنا العباس بن محمد قال: حدثنا محمد بن كثير قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا ثابت بن أبي رافع عن أبي هريرة قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم جالساً إذ رأيته ضحك حتى بدت ثناياه فقيل له مم تضحك يا رسول الله قال: رجلان من أمتي جثيا بين يدي ربي عز وجل قال: (ق 23) احدهما: يا رب خذ لي مظلمتي من أخي فقال: الله تعالى: أعط أخاك مظلمته فقال: يا رب ما بقي من حسناتي شيء فقال: يا رب فليحمل من أوزاري فاضت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: إن ذلك اليوم يوم يحتاج الناس إلى أن يحمل عنهم أوزارهم ثم قال: قال: اله تعالى للطالب بحقه ارفع بصرك فانظر إلى الجنان فرفع رأسه فرأى ما أعجبه من الخير والنعمة فقال: لم هذا يا رب فقال: لم أعطاني ثمنه قال: ومن يملك ذلك يا رب قال: أنت قال: بماذا قال: بعفوك عن أخيك قال: يا رب فإني قد عفوت عنه , قال: خذ بيد أخيك فأدخله الجنة ثم قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فاتقوا الله وأصلحوا ذات (ق 24) بينكم) .

الحديث التاسع عشر حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الواحد الشاهد رحمه الله قال: حدثنا أبو التفح العكبري الحافظ قال: حدثنا العباس بن محمد قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا الغلابي قال: حدثنا عبد الله ابن مسلمة بن قعنب قال: حدثنا مالك بن أنس قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فقال: الذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر الناس إلى ظاهر هات منها ما خشيوا أن بميتهم وتركوا منها وعلموا أن سيتركهم فما أعرضهم من نايلها عارض إلا رفضوه , ولا خادعهم (ق 25) من رفعتها خادع إلا وضعوه , خلقت الدنيا عندهم فما يجددونها يهدمونها فيبنون بها آخرون , ويبعونها فيشترون بها ما بقي لهم نظروا إلى أهلها صرعى فدخلت بهم المثلات , ولا يرون أماناً دون ما يرجون ولا خوفاً دون ما يجدون.

الحديث العشرون أخبرنا أبو الحسن عن بن محمد المؤدب رحمه الله قال: حدثنا علي بن القاسم قال: حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار قال: حدثنا عبد الله بن روح المدائني قال: حدثنا شبانة بن سوار قال: حدثنا أبو زيد عبد الله بن العلاء قال: حدثنا القاسم بن عبد الرحمن (ق 26) إنما أنتم خلف ماضين وبقية متقدين كانوا أكثر منكم بسطة وأعظم سطوة أزعجوا عنها اسكن ما كانوا إليها وغدرت بهم أوثق ما كانوا بها فلم تغن عنهم قوة عشيرة ولا قبل منهم بذل فدية فارحلوا أنفسكم براد مبلغ قبل أن تؤخذ وأعلى فجأة , وفد غفلتم عن الاستعداد.

الحديث الحادي والعشرون حدثنا أبو الحسين السماك قال: حدثنا اليرافي قال: حدثنا يحيى بن صالح قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن يحيى عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل واعدد نفسك في الموتى (ق 27) وإذا أصبحت نفسك فلا تحدثها بالمساء , وإذا أمست فلا تحدثها بالصباح , وخذ من صحتك لسقمك , ومن شبابك لهرمك , ومن فراغك لشغلك , ومن حياتك لوفاتك فعنك لا تدري ما اسمك غداً.

الحديث الثاني والعشرون أخبرنا محمد بن علي بن بخشل رحمه الله قال: حدثنا الحسن بن محمد بن علي الصلحي بواسط قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا العباس بن محمد قال: حدثنا عيسى بن يزيد قال: حدثنا صالح بن كيسان , وموسى بن عقبه جميعاً عن كريب عن ابن عباس مواعظة (أيها الناس (ق 28) لا تشغلنكم دنياكم عن آخرتكم , ولا تؤثروا أهواؤكم على طاعة ربكم , ولا تجعلوا أيمانكم ذريعة إلى معافيكم , وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا , ومهدوا لها تسعدوا وتزودوا للرحيل قبل أن تزعجوا وإنما هو موقف عدل واقتضاء حق وسؤال عن واجب , ولقد أبلغ في الأعذار من تقدم الأنذار.

الحديث الثالث والعشرون حدثنا أبو نصر بن دامش بن عبد الله بن زيد النيسابوري - رحمه الله - قال: حدثنا الدارقطني قال: حدثنا محمد بن علي بن حبيش قال: حدثنا أبي , قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا يزيد بن مروان قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي نعيم عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت (ق 29) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عند منصرفه من أحد والناس محدقون به , وقد استند إلى طلحة يعني شجرة (أيها الناس اقبلوا على ما كلفتموه من إصلاح آخرتكم , وأعرضوا عما ضمن لكم من أمر دينكم , ولا تستعملوا جوارح غذيت بنعمته في التعريض لسخطه بمعصيته , واجعلوا شغلكم بالتماس مغفرته واصرفوا هممكم إلى التقريب إليه بطاعته , إنه من بدأ بنصيبه من الدنيا فإنه نصيبه من الآخرة , ولا يدرك منها ما يريد , ومن بدأ بنصيبه من الآخرة وصل إليه نصيبه من الدنيا وأدرك من الآخرة ما يريد) .

الحديث الرابع والعشرون (ق 30) أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي بن بخشل - رحمه الله - قال: حدثنا أبو أيوب بن يزيد قال: حدثنا محمد بن القاسم , قال: حدثنا نصر بن عبد الملك قال: حدثنا زيد بن يحيى العروي قال: حدثنا عمرو بن جرير البلخي قال: حدثنا محمد بن عمر (إياكم وفضول المطعم فإن فضول المطعم يأسم القلب بالقسوة ويبطئ بالجوارح عن الطاعة , ويصمم الهمم عن استماع الموعظة , وإياكم وفضول النظر فإنه يبذر الهوى , ويولد الغفلة , ويختم على القلوب بطابع حب الدنيا وهو مفتاح كل سيئة , وسبب إحباط كل (ق 31) حسنة.

الحديث الخامس والعشرون حدثنا أبو الحسين ابن السماك الواعظ - رحمه الله - قال: حدثنا جعفر الخلدي قال: حدثنا انس بن مالك من ولد أنس بن مالك خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: حدثنا أبو رجاء قتيبة بن سعيد قال: حدثنا أبو عوانة عن السماك بن حرب عن مصعب بن سعد عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (إنما هو خير يرجى أو شر يتقى , وباطل عرف فاجتنب , وحق تيقن فطلب , وآخرة أظل أقبالها فسعى لها ودنيا أرف نفادها فاعرض عنها وكيف يعمل للآخرة من لا ينقطع عن الدنيا رغبته ولا تنقضي منها شهوته , إن العجب كل العجب (ق 32) بمن صدق بدار البقاء وهو يسغي لدار الفناء وعرف أن رضا الله في طاعته وهو يسعى في مخالفته.

الحديث السادس والعشرون اخبرنا أبو الحسن بن شهاب العكبي إجازة - رحمه الله - قال: حدثنا علي بن عيسى الجرحاني البصري قال: حدثنا سليمان بن أيوب الهاشمي قال: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصاري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (حلوا أنفسكم بالطاعة وألبسوها قناع المخافة واجعلوا آخرتكم لأنفسكم وسعيكم لمستقركم واعلموا (ق 33) إنكم عن قليل راحلون وإلى الله مائرون ولا يغني عنكم هنالك إلا صالح عمل قدمتموه او حسن ثواب جزتموه , إنكم غنما تقدمون على ما تقدمون على ما قدمتم وتجازون على ما أسلفتم ولا تخدعنكم زخارف دنيا دنية عن مراتب جنات علية وكأن قد كشف القناع فارتفع الارتياب ولا في كل امرء مستقره وعرف كل مثواه ومنقلبه.

الحديث السابع والعشرون أخبرنا أبو سعيد المنقري الملي - رحمه الله - قال: حدثنا شيخي أبو سعيد قال: حدثنا إبراهيم بن شريك قال: حدثنا احمد عبد الله بن يونس اليربوعي قال: حدثنا ابن أبي ذئب عن (ق 34) المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خطبة خطبها (لا تكونوا ممن اختدعته العاجلة وغرته الأماني واستهوته الخدعة فركن إلى دار سريعة الزوال وشبكة الانتقال: أنه لم يبق من دنياكم هذه في جنب ما مضى إلا كإناخة راكب أو صرة حالب فعلى ما تعرجون , وماذا تنتظرون فكأنكم والله قد أصبحتم فيه من الدنيا كأن لم يكن وما تصيرون إليه من الآخرة كان لم يزل , فخذوا الأهبة لأزوف النقلة , وأعدوا الزاد لقرب الرحلة , واعلموا أن كل امرئ على ما قدم قادم , وعلى ما خلف نادم) .

الحديث الثامن والعشرون (ق 35) حدثنا الشيخ الإمام - رحمه الله - قال: حدثنا سليمان بن محمد التيمي قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا العباس بن محمد عن محمد بن زياد عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أيها الناس يبسط الأمل متقدم حلول الأجل والمعاد مضمار العمل فمغتبط بما قد احتقب غانم , ومبلس بما فاته من العمل نادم , أيها الناس إن الطمع فقر , واليأس غنى , والقناعة راحة , والعزلة عبادة , والعمل كنز , والدنيا معدن , والله ما يسوي ما مضى من دنياكم هذه بأهداب بردي هذا , ولما بفي منها أشبه بما مضى من الماء بالماء وكل إلى (ق 36) نفاد وشيك وزوال قريب فبادروا وانتم في مهل الأنفاس وجدة الإخلاص قبل أن يؤخذ بالكظم ولا يغني الندم) .

الحديث التاسع والعشرون أخبرنا أبو بكر بن معدي النحاس - رحمه الله - قال: قال: حدثنا ثواب قال: حدثنا الحسين بن عبد الله الزاهد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا موسى بن إسماعيل المنقري قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا عمرو بن دينار عن صهيب الحذاء عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (تكون أمتي في الدنيا على ثلاثة أطباق , أما الطبق الأول فلا يرغبون في جمع المال وادخاره , ولا يسعون في اقتنائه (ق 37) واحتكاره , وإنما رضاهم من الدنيا ما سد جوعه وستر عورة , وغناهم فيها ما بلغ بهم إلى الآخرة أولئك الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون , وأما الطبق الثاني فيحبون جمع المال من أطيب سبيله وصرفه في أحسن وجه يصلون له أرحامهم ويبرون به إخوانهم ويواسون به فقرائهم ويعض أحدهم على الرضف أسهل عليه من أن يكسب درهماً من غير حله وأن يضعه في غير وجهه أو أن يمنعه من حقه أو أن يكون خال ناله إلى حين موته فأولئك أن نوقشوا عذبوا وغن عفي عنهم سلموا , وأما الطبق الثالث فيحبون جمع المال مما حل وحرم ومنعه مما افترض أو وجب (ق 38) أن أنفقوه أنفقوا إسرافا وبذراً وإن امسكوه أمسكوه بخلاً واحتكاراً , أولئك الذين ملكت الدنيا أزمة قلوبهم حتى أوردتهم النار بذنوبهم.

الحديث الثلاثون أخبرنا أبو نصر احمد بن الخليل - رحمه الله - قال: حدثنا علي بن القاسم قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا محمد بن الحسن العبدي عن أبيه قال: حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل المنقري قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا حميد ثابت جميعاً عن أنس ابن مالك قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله وأن تحمدهم على رزق الله وأن (ق 39) تذمهم على ما لم يؤتك الله إن رزق الله لا يجره حرص حريص ولا يرده كراهة كاره , إن الله تبارك اسمه بحكمته جعل الروح والفرج في الرضا واليقين , وجعل الهم والحزن في الشك والسخط , إنك لن تدع شيئاً تقرباً إلى الله إلا أجزل الله لك الثواب عنه , فاجعل همك وسعيد لآخرة لا ينفد فيها ثواب المرضى عنه , ولا ينقطع فيها عقاب المسخوط عليه.

الحديث الحادي والثلاثون أخبرنا أبو علي الحسن بن شهاب العكبري - رحمه الله - إجارزة قال: حدثنا بن الهادي قال: حدثنا أبو سليمان محمد بن منصور قال: حدثنا موسى بن إسماعيل المنقري , قال: حدثنا حماد بن (ق 40) سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ليس شيء يباعدكم عن النار إلا وقد ذكرته لكم , ولا شيء يقربكم من الجنة غلا وقد دللتكم عليه , عن الروح القدس نفث في روعي انه لن يمت عبد حتى يستكمل رزقه فأجملوا في الطلب , ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوا شيئاً من فضل الله بمعصيته فإنه لا ينال ما عند الله إلا بطاعته إلا وان لكل عندي رزقاً هو يأتيه لا محالة فمن رضي به بورك له فيه فوسعه ومن لم يرض به لم يبارك له فيه ولم يسعه , عن الرزق ليطلب الرجل كما يطلبه أجله) .

الحديث الثاني والثلاثون حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن طروش (ق 41) الصيرفي - رحمه الله - قال: حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم قال: حدثنا إسماعيل بن اسحاق قال: حدثنا نصر بن علي الجهني عن الأصمعي عن أبي عمرو عن عيسى بم عمر عن معاوية أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبة أحد العيدين (الدنيا دار بلاء ومنزل قلعه وعناء قد نزعت عنها نفوس السعداء أو انتزعت بالكره من أيدي الأشقياء , فأسعد الناس بها أرغبهم عنها وأشقاهم بها أرغبهم فيها , وهي الغاشة لمن انتصحها والمغوبة لمن أطاعها والخانئة لمن انقاد لها فالفائز من أعرض عنها وألهاك من سمه هوى منها , والشقي من رغب فيها طوبى لعبد اتقى فيها ربه , ونصح نفسه وقدم توبته وأخر شهوته من قبل أن تلفظه (ق 42) الدنيا إلى الآخرة فيصبح في بطن ارض موحشة مزعجة غبراء مدلهمة طالما لا يستطيع أن يزيد في حسنة ولا ينقص من سيئة ثم ينشر فيحر إما إلى جنة يدوم نعيمها أو نار لا ينفد عذابها.

الحديث الثالث والثلاثون حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الصيرفي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم قال: حدثنا منصور محمد بن حاتم المؤدب قال: حدثنا محمد بن سلام الجمحي قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: حدثنا حميد عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (يا معشر المسلمين شمروا إن الأمر جد وتأهبوا فإن الرحيل قريب وتزودوا (ق 43) فإن السفر بعيد , وخففوا أثقال:كم فإن ورائكم عقبة كؤود لا يقطعها غلا المخفون , أيها الناس إن بين الساعة أموراً شداداً وأهوالاً عظاماً وزماناً صعباً يتملك فيه الظلمة وتتصدر فيه الفسقة , فيضطهد الآمرون بالمعروف , ويضام الناهون عن المنكر فاعدوا لذلك الإيمان وعضوا عليها بالنواجذ والجئوا إلى العمل الصالح واكرهوا عليها النفوس واصبروا على الضراء ,. انفضوا إلى النعيم الدائم.

الحديث الرابع والثلاثون حدثنا أبو سعيد الطبري ... الملي المنقري قال: حدثنا شيخي أبو سعيد قال: حدثنا هبة الله بن عاصم الفارقي بميا فارقين قال: حدثنا محمد بن عبد الله (ق 44) الخزاعي قال: / حدثنا حماد بن سلمة عن أبي هارون عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لرجل يعظه أرغب فيما عند الله يحبك الله وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس إن الزاهد في الدنيا يريح قليه وبدنه في الدنيا والآخرة , وإن الراغب فيها يتعب قلبه وبدنه في الدنيا والآخرة , ليجيثن أقوام يوم القيامة لهم حسنات كأمثال فيؤمر بهم إلى النار، فقيل يا نبي الله:أومصلون قال كانوا يصلون ويصومون ويأخذون وهنا من الليل لكنهم كانوا إذا لاح لهم شيئا من الدنيا وثبوا عليه.

الحديث الخامس والثلاثون حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن بخشل - رحمه الله - //ق45// قال:حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة،قال:حدثنا عبد الله بن حسن بن رخيلة،قال:حدثنا معاذ بن أسد عن عبد الله بن المبارك،عن إسماعيل بن عياش، عن يحيى الطويل، عن نافع،عن إبن عمر،قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:أيها الناس إن هذه الدنيا دار إلتواء لادار إستواء، ومنزل نزح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء ولم يحزن لشقاء، الا وأن الله خلق الدنيا دار بلوى،والآخرة دار عقبى، فجعل بلوي الدنيا لثواب الآخرة سببا وثواب الآخرة من بلوى الدنيا عوضا، فيأخذ ليعطي ويبتلي ليجزي،وإنها لسريعة الذهاب وشيكة الإنقلاب،فأخذ رواء حلاوة رضاعها لمرارة فطامها، واهجروا //ق46// لذيذ عاجلها لكريه آجلها ولا تسعوا في عمران دار قد قضى الله خرابها،ولا تواصلوها وقد أراد الله منكم إجتنابها فتكونوا لسخطه متعرضين ولعقوبته مستحقين.

الحديث السادس والثلاثون حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن بخشل -رحمه الله - قال:حدثنا علي بن شعيب البزاز بالرقة،قال:حدثنا محمد بن منصور،قال:حدثنا أبو سلمة المنقري، قال:حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن زيد عن أنس عن جده أنس بن مالك صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:أيها الناس، إتقوا الله حق تقاته،واسعوا في مرضاته،وأيقنوا من الدنيا بالفناء،ومن الآخرة //47// بالبقاء،واعملوا لما بعد الموت، فكأنكم بالدنيا لم تكن،وبالآخرة لم تزل،أيها الناس إن من الدنيا ضيف وما في يده عارية،وإن الضيف مرتحل والعارية مردودة،ألا وإن الدنيا عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر،والآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قادر فرحم الله إمرءا نظر لنفسه ومهد لرسنه، ما دام رسنه مرخى، وحبله على غاربه ملقى،قبل أن ينفد أجله فينقطع عمله.

الحديث السابع والثلاثون حدثنامنصور بن تزامش،قال:حدثنا الكناني،قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو عبيد، قال حدثنا عبد الله بن المبارك عن سفيان عن الأعمش //48// عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرجل وهو يوصيه أقلل من الشهوات يسهل عليك الفقر، وأقلل من الذنوب يسهل عليك المرار، وقدم مالك أمامك يسرك اللحوق به، واقنع بما أوتيته يخف عليك الحساب، ولا تتشاغل عما فرض عليك بما ضمن لك، إنه ليس بفايتك ما قسم لك،ولست بلاحق ما زوى عنك فلا تك جاهد فيما يصح نافذا،وأسع لملك لا زوال له في منزل لا إنتقال عنه.

الحديث الثامن والثلاثون حدثنا أبو الموفق - رحمه الله - حدثنا سليمان بن أحمد،قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي، قال حدثنا محمد بن بكار، قال: حدثنا سعيد بن بشير عن قتادة //ق 49// عن أبي العالية عن ابن عباس قال: قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إنه ما سكن حب الدنيا قلب عبد إلا إلتاط منها بثلاث،شغل لا ينفك منه عناوة وفقر لا يدرك غناوة وأمل لا بنال منتهاه، إن الدنيا والآخرة طالبتان ومطلوبتان، فطالب الآخرة تطلبه الدنيا حتى يستكمل رزقه،وطالب الدنيا تطلبه الآخرة حتى يأخذ الموت بعنقه،ألا وإن السعيد من إختار باقية يدوم نعيمها، على فانية لا ينفك عذابها،وقدم لما يقدم عليه مما هو الآن في يده قبل أن يخلفه لمن يسعد بإنفاقه وقد شفي هو بجمعه وإحتكاره.

الحديث التاسع والثلاثون //ق50// أخبرنا طاهر بن محمد بن سيف - رحمه الله - قال: حدثنا عبد الله بن القاسم قال: حدثنا الحسن بن محمد السكوني،قال: حدثنا نصر بن عبد الملك،قال:حدثنا زيد بن يحيى الهروي،قال: حدثنا عمرو بن جرير، قال:حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا إن الدنيا قد إرتحلت مدبرة،والآخرة قد تحملت مقبلة ألاوإنكم في يوم عمل ليس فيه حساب،ويوشك أن تكونوا في يوم حساب ليس فيه عمل،وإن الله يعطي الدنيا من يحب ويبغض،ولا يعطي الآخرة إلا من يحب،إن الدنيا والآخرة أبناء فكونوا من أبناء الآخرة،ولاتكونوا من أبناء الدنيا،إن شر ما أتخوف عليكم إتباع الهوى //51// وطول الأمل فإتباع الهوى يصدق قلوبكم، وطول الأمل يصرف هممكم إلى الدنيا وما بعدهما لأحد خير من دنيا ولاآخرة.

الحديث الأربعون حدثنا الحسن بن محمد بن جعفر الصوفي البغدادي -رحمه الله - قال: حدثنا القاضي أبو جعفر أحمد بن عبد الله قال:حدثنا أبي قال: حدثنا عبد الله بن مسلم بن قتيبة قال: حدثنا يحيى بن أيوب قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -ما من بيت إلا وملك الموت يقف على بابه في اليوم خمس مرات فإذا وجد الإنسان قد نفد أكله //52// وانقطع أجله ألقى عليه الموت فغشيه كرباته وعمرته علزاته فمن أهل بيته الناشرة شعرها والضاربة وجهها والباكية لشجوها والصارخة قولها، فيقول ملك الموت - عليه السلام - ويلكم مم الفزع ومم الجزع فما أذهبت لواحد منكم رزقا ولا قربت له أجلا ولا أتيته حتى أمرت ولا قبضت روحه حتى إستأذنت وإن لي فيكم عودة ثم عودة حتى لا يبقى منكم أحدا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فوالذي نفس محمد بيده لو يرون مكانه ويسمعون كلامه لذهلوا عن ميتهم ولبكوا على أنفسهم حتى إذا أحمل الميت على نعشه رفرفت روحه فوق النعش وهو يناجي أهله //53// ويا ولدي لا تلعبن بكم الدنيا كما لعبت بي، جمعت المال من حله ومن غير حله ثم خلفته لغيري،فالهناة له والتبعة على فا حذروا مثل ما حل بي. تمت الأربعين حديث بحمد الله ومنه، وافق الفرغ عنه في يوم الإثنين في العشر الآخير من شوال من شهور سنة تسع وستين وخمس مئة كتبه العبد الفقير إلى رحمة الله تعالى أبو تمام أحمد بن علي بن هذاب الناسخ البغدادي وحسبنا الله ونعم الوكيل،وصلواته على خير خلقه محمد وآله أجمعين0 قوبل الأصل الذي كتب منه

§1/1