الأحكام الصغرى

عبد الحق الإشبيلي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الأحكام الشرعية الصغرى «الصحيحة»

حقوق الطبع محفوظة الطعبة الأولى 1413 هـ - 1993 م مطابع ابن تيميية بالقاهرة هاتف: 862792 - 864240

مقدمة [التحقيق]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله. أما بعد: فهذا كتابٌ سارتْ به الرُّكبان في سالف الزمان، وتعلقت به أنفس العلماء، فانكبوا عليه مطالعة وحفظاً ودرساً، فقنعوا به ولم يبتغوا سواه، وذلك لجودة تصنيفه، وبراعة تأليفه، وجودة اختياره، وصحة أحاديثه وحسنها، وجمال سياقها، وقوة أسانيدها. فلا غرابة -بعد ذلك- أن ينتظره على شوق الباحثون، كيف لا، وتِيك الكثرة الكاثرة من النقولات، والتي تسطّر في كثير من الأحايين على سبيل الرضا والتسليم، في الإحتجاج، تقابلهم -كالدُّر المنثور- في كتب التخرج والأحكام، ككتاب "نصب الراية" للزيعلي، و"التلخيص الحبير" لابن حجر العسقلاني، وغيرهما، عندما يقرأون مثلاً هذه الكلمة المتداولة: "صححه عبد الحق". ومن أجل قيمة الكتاب العلمية أوصى شيخ المحدثين العلّامة الألباني بتحقيق الكتاب ونشره، وسعِد عندما أنبأته بخبر العمل فيه، عندما أمتعنا الله بالحج في صحبته سنة عشر وأربع مئة وألف. والحق أن الكتاب قد بلغ الغاية في النفع والفائدة، ودلَّ من مصنفه (الحافظ عبد الحق) على سعة علم واطلاع، ودقة فهم، وشدة ذكاء، فلا عجب أن يذيع الكتاب وينتشر، ويتلقى بالقبول والثناء.

موضوع الكتاب

موضوع الكتاب المتبادر إلى الذهن عند قراءة عنوان كتاب عبد الحق أنه اقتصر على ذكر أحاديث الأحكام الشرعية، وما يلبث أن يذهب هذا الظن عند قراءة خطبة كتابه، إذ يقول عبد الحق مبيناً ما جمعه، مرغباً في حفظه، والعمل بما فيه: "أما بعد، وفقنا الله أجمعين لطاعته، وأمدنا بمعونته، وتوفانا على شريعته، فإني جمعت في هذا الكتاب مفترقاً من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في لوازم الشرع، وأحكامه وحلاله وحرامه، وفي ضروب من الترغيب والترهيب، وذكر الثواب والعقاب، إلى غير ذلك مما تُميز حافظها، وتُسعد العامل بها، وتخيرتها صحيحة الِإسناد معروفة عند النُّقَّاد، قد نقلها الإثبات، وتداولها الثقات ... ". ظاهر حكاية عبد الحقّ عن موضوع كتابه أنه يختلف قليلاً عن تلك الكتب التي تعني نجمع أحاديث الأحكام والحلال والحرام، وانتقائها دون غيرها، وترتيبها على الأبواب الفقهية، والتي منها على سبيل المثال: "عُمدة الأحكام عن سيد الآنام" للحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي المتوفى سنة (600) هـ، اقتصر فيه على ما اتفق عليه الشيخان من أحاديث الأحكام. "منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار" لأبي البركات مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني المتوفى سنة (652) هـ، انتقى أحاديثه من الكتب الستة ومسند الِإمام أحمد في الأعم الأغلب، وهو من أوسع الكتب في هذا الباب، وشرحه الشوكاني في كتابه "نيل الأوطار". "الِإلمام بأحاديث الأحكام" للحافظ تقي الدين دقيق العيد المتوفى سنة (702) هـ، وهو مختصر إلا أنه اشترط فيه الصحة، وقد شرحه غير واحد. "بلوغ المرام من أدلة الأحكام" الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة

(852) هـ جمع فيه مختصراً يشتمل على أصول الأدلة الحديثية، للأحكام الشرعية، من الكتب الستة ومسند أحمد وغيرها كصحيح ابن خزيمة وسنن البيهقي والدارقطني، وهو جيد في بابه، إذ تكلّم على الأحاديث تصحيحاً وتضعيفاً على وجه الدقة والإِيجاز، ومن شروحه النافعة "سبل السلام" لمحمد ابن إسماعيل الصنعاني المتوفى سنة (1182) هـ. غير أن كتاب أيى محمد ينفرد عن هذه الكتب -أو عن بعضها- ببعض الميزات كانت سبباً في اشتهاره في سالف الزمان، وحِمْلًا تسير به الركبان، منها: 1 - سهولة حفظه، وقرب تناوله، إذ جعله مختصر الإِسناد، مقتصراً في تخرج الحديث على مصدر واحد. 2 - جودة تصنيفه، وبراعة تأليفه، وحسن عرضه للأحاديث. 3 - دقة اختياره للأحاديث، وانتقائه لرواياته، وتتبعه لزياداته، فقد كان يختار من روايات الحديت، أحسنها مساقاً، وأبينها مقصوداً، مع قوة الرجال، وعلو الإِسناد. 4 - حكمه على عامة الأحاديث، والكلام على رواتها جرحاً وتعديلاً. 5 - عدم اكتفائه بأحاديث الأحكام والحلال والحرام. 6 - شموله لأدلة المذاهب جميعها، وعدم اقتصاره على أدلة مذهب بعينه. 7 - كل هذا مع التجرد والإِنصاف، ولزوم العدل وعدم الإِجحاف. وليس معنى أن كتاب عبد الحق لم يقتصر على أحاديث الأحكام، شموله لكل أبواب السُّنة وإحاطته بها، مثل كتير من الجوامع والمصنفات، المتضمنة من الحديث جميع الأنواع المحتاج إليها من العقائد والأحكام والرقائق والآداب والسير والمناقب وغير ذلك كان وجدنا إشارات إلى ذلك. شروطه في اختيار الأحاديث الباحث في كتاب عبد الحق يرى واضحاً اهتماماً كبيراً، باختيار

الأحاديث، وانتقاء الروايات، ويستطع أن يخرج بأسس اعتمدها في اختياره، وشروطا ارتكز عليها في انتقائه، وإن كان أشار إليها في المقدمة كما سيأتي: هذه الشروط هى: 1 - حسن السياق وتمامه: يُعنى عبد الحق عناية فائقة بحسن سياق ألفاظ أحاديثه، وكمالها وبيانها لما تدل عليه من أحكام، فيختار أحسن روايات الحديث مساقاً، وأتمها كلاماً، وأبينها للمقصود، والأمثلة على هذا من الكثرة بمكان: 1 - فهو يختار من روايات الحديث المتفق عليه رواية مسلم في الأعم الغالب، لأن مسلماً -رحمه الله- كان يتحرز في الألفاظ، ويتحرى في السياف، ويسوف المتون تامة محررة، لأن مسلماً صنف كتابه في بلده بحضوره أصوله، في حياته كثير من مشايخه، بخلاف البخاري فإنه صنف كتابه في طول رحلته، فروي عنه أنه قال: "رب حديث سمعته بالبصرة كتبته بالشام، ورب حديث سمعته بالشام كتبته في مصر" (¬1). فكان لأجل هذا ربما كتب الحديث من حفظه فلا يسوق ألفاظه برمتها، بل يتصرف فيه، ويسوقه بمعناه (¬2). والحق أن هذا صنيع كثير ممن صنف في الأحكام بحذف الأسانيد من المغاربة، فإنهم يعتمدون على كتاب مسلم في نقل المتون (2). دون البخاري، من أجل هذا السبب، وسبب آخر هو: أن مسلماً يسوق أحاديث الباب كلها سرداً عاطفاً بعضها على بعض في موضع واحد، ولو كان المتن مشتملا على عدة أحكام، فإنه يذكره في أمس المواضع وأكثرها دخلًا فيه، فيسهل ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد: (2/ 11). (¬2) النكت على كتاب ابن الصلاح: (1/ 283)

ذلك على الباحث، بخلاف البخاري فإنه استنبط فقه كتابه من أحاديثه فاحتاج أن يقطع المتن الواحد إذا اشتمل على عدة أحكام، ليورد كل قطعة منه في الباب الذي يستدل به على ذلك الحكم الذي استنبطه منه، ولو ساقه في المواضع كلها برمته لطال الكتاب (¬1). ومن أجل هذا فضل طائفة من المغاربة صحيح مسلم على صحيح البخاري، وليس هذا التفضيل راجعاً إلى الأصحية، بل إلى ما تقدم ذكره. يقول أبو محمد القاسم بن يوسف التجيبي في برنامجه (¬2): "وقد فضل طائفة من أهل المغرب صحيح مسلم على صحيح البخاري، منهم أبو محمد بن حزم الحافظ لأنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث الصحيح مسروداً غير ممزوج بمثل ما في كتاب البخاري في تراجم أبوابه من الأشياء التي لم يسندها أهل الوصف المشروط في الصحيح وأيضا فإن مسلماً قد اختص بجمع طرق الحديث في مكان واحد، وبالله التوفيق". وأما ما قاله الحافظ أبو علي النيسابوري أستاذ الحاكم أبي عبد الله الحافظ: "ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم بن الحجاج" ففي هذا الِإطلاق نظر، ردَّه غير واحد (¬3) 2 - على أن البخاري ومسلماً إذا اتفقا على لفظ حديث، فإن عبد الحق حينئذ يكتفي بعزو الحديث إلى البخاري، مثال ذلك: حديث أبي قتادة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُرَّ عليه بجنازة، فقال مستريح ومستراح منه" (¬4). ¬

_ (¬1) المصدر السابق: (1/ 283). (¬2) انظر: (ص:93). (¬3) انظر: هدي السارى: (ص 12 وما بعدها) والنكت: (1/ 284). (¬4) البخاري: (11/ 369) (81) كتاب الرقائق (42) باب سكرات الموت- رقم (6512)، ومسلم: (2/ 656) (11) كتاب الجنائز (21) باب ما جاء في مستَريحَ ومستراح منه - رقم (61) (95).

فهذا الحديث اتفق على إخراجه الشيخان، وعزاه عبد الحق للبخاري وحده. 3 - ومن باب أولى أن يعزو الحديث إلى البخاري دون مسلم إذا كان الحديث عند البخاري أتمّ مساقاً، أو أكمل بياناً، أو فيه زيادة،. مثال ذلك: حديث عقبة بن عامر "صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قتلى أُحد بعد ثماني سنين كالمودع للأحياء والأموات". فكلمة "بعد ثماني سنين". ليست عند مسلم. 4 - أخرج أحاديث من كتاب، وتركها في كتاب أشهر من الكتاب الذي أخرجها منه، ونبه -أحياناً- على كونها في ذلك الكتاب الأشهر، وإنما صنع ذلك- كما يقول هو في المقدمة- "لزيادة في حديث أو لبيانه، أو لكماله وحسن سياقه، أو لقوَّة سند في ذلك الحديث على غيره". مثال ذلك مما جاء في أول باب "ما جاء في النجو والبول والدم ... ": الطحاوي، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا تدافعوا الأخبثين: الغائط والبول في الصلاة" خرَّجه مسلم بن الحجاج (¬1). ولم يفسر الأخبثين .. ونأخذ هنا على عبد الحق أنه أوهم أن مسلماً أخرج الحديث من مسند أبي هريرة، وليس كذلك عنده، وإنما هو من مسند عائشة، رضي الله عنها. وذكر من طريق الترمذي (¬2)، عن عثمان بن عفان، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من شهد العشاء في جماعة كان له كقيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعة كان له كقيام ليلة" ثم قال: خرَّجه مسلم (¬3) وهذا أليق. اهـ. ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 393) (5) كتاب المساجد (16) باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام، رقم (560). من حديث عائشة. (¬2) الترمذى: (1/ 433) (2) أبواب الصلاة (165) باب ما جاء فى فضل العشاء والفجر فى جماعة، رقم (221). (¬3) مسلم: (1/ 454) (5) كتاب المساجد (46) باب فضل صلاة العشاء والصبح جماعة، رقم (656).

ولفظ الحديث في مسلم: "من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كلّه". 5 - ما قاله عبد الحق في مقدمة الأحكام الوسطى "وقد يكون حديثاً بإسناد صحيح، وله إسناد آخر أنزل منه في الصحة، لكن يكون لفظ الإِسناد النازل أحسن مساقاً، أو أبين، فآخذه لما فيه من البيان، وحسن المساق، إذ المعنى واحد، إذ هو صحيح صت أجل الإِسناد الآخر". وقد يصلح مثلاً على هذا ما ذكره عبد الحق من طريق أبي داود (¬1)، عن أبي سعيد الخدري "أن النبى - صلى الله عليه وسلم - كان يحب العراجين، ولا يزال في يده منها، فدخل المسجد فرأى نخامة في قبلة المسجد، فحكها، ثم أقبل على الناس مغْضباً، فقال: "أيسُرُّ أحدكم أن يُبصق في وجهه؟! إن أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبل ربه -عز وجل- والملك عن يمينه، فلا يتفل عن يمينه، ولا في قبلته، وليبصق عن يساره أو تحت قدمه، فإن عجل به أمر فليقل هكذا" ووصف ابن عجلان ذلك "أن يتفل في ثوبه، ثم يرد بعضه على بعض". ثم قال خرجه مسلم والبخاري إلا ذكر العرجون. اهـ. ولفظ الحديث في صحيح البخاري (¬2): "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أبصر نخامة في قبلة المسجد فحكها بحصاة، في ضى أن يبزق الرجلُ بين يديه أو عن يمينه، ولكن عن يساره أو تحت قدمه اليسرى". ونحوه لفظ مسلم (¬3). أخرجاه من طريق سفيان، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، عن أي سعيد، وأخرجه أبو داود من طريق خالد بن الحارث، عن محمد ابن عجلان، عن عياض بن عبد الله، عن أبي سعيد، ورجاله ثقات، غير ¬

_ (¬1) أبو داود (1/ 323) (2) كتاب الصلاة (22) باب كراهة البزاق في المسجد، رقم (480). (¬2) البخاري: (1/ 609) (8) كتاب الصلاة (36) باب ليبزق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى، رقم (413). (¬3) مسلم: (1/ 389) (5) كتاب المساجد (13)، باب النهي عن البصاق: في المسجد في الصلاة وغيرها، رقم (548).

محمد بن عجلان، لخص ابن حجر أمره، فقال: صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة (¬1)، وقال في تهذيب التهذيب: أخرج له مسلم في المتابعات ولم يحتج به، وذكره الذهبى في رسالته (¬2) "ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق. وقال: صدوق، قال الحاكم وغيره: سيئ الحفظ وخرج له مسلم في الشواهد". فظهر أن طريق الشيخين أعلى رتبة، وأشد صحة. ولكن عبد الحق اختار رواية أبي داود لأنها أكمل من حيث المعنى، ولا تخرج في متنها عن رواية الصحيحين. وقد يؤخذ هذا على عبد الحق، ولكن هذا هو منهجه الذي بينه وطبقه (ب) قوة الإِسناد: وفيما عدا ما رأيناه من ترك رواية الصحيحين إلى ما عداها فإنه في الأعم الأغلب يختار من روايات الحديث أقواها رجالاً، وأشدها اتصالاً، وأصحها إسنادا، وهذه أمثلة: 1 - حديث "من لم يأخذ من شاربه فليس منا" رواه الترمذي والنسائي، واختار عبد الحق ذكره من طريق النسائي لاتقان بعض رجاله. إسناد الترمذي: حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا عبيدة بن حميد، عن يوسف ابن صهيب عن حبيب بن يسار، عن زيد بن أرقم به. أما النسائي فقد رواه من طريق: إسناد النسائي: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا المعتمر، قال: سمعت يوسف بن صهيب به. فإن معتمر بن سليمان أوثق وأحفظ من عبيدة بن حميد، فإن معتمراً ¬

_ (¬1) تقريب التهذيب: (ص: 496)، رقم (6136). (¬2) انظر: (ص: 165)، رقم (306).

قال فيه ابن حجر: ثقة، ورمز له بأن روى عنه الجماعة (¬1)، وقال في عبيدة: صدوق نحوي ربما أخطأ (¬2)، ونقل في تهذيبه (¬3) أقوال أهل الجرح والتعديل فيه، فوثقه قومٌ، ولم يوثقه آخرون، منهم يعقوب بن شيبة قال فيه: كتب الناس عنه ولم يكن من الحفاظ المتقنين، ومنهم الساجي قال فيه: ليس بالقوي وهو من أهل الصدق. 2 - حديث " لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحلل والمحلل له"رواه سمع من أشهر المصنفين الذين أخرج عنهم عبد الحق، عن حديث جماعة من الصحابة منهم: 1 - ابن مسعود (¬4): أخرجه من حديثه: الترمذي، والنسائي، وعبد الرزاق. 2 - أبو هريرة (¬5): أخرجه من حديثه: ابن أيى شيبة، والترمذي في علله، وابن الجارود، والبزار. 3 - على بن أبي طالب (¬6): أخرجه من حديثه: أبو داود، والترمذي، وابن عدي. 4 - جابر بن عبد الله (¬7): أخرجه من حديثه: الترمذي، وابن أبي شيبة. واختار عبد الحق أن يخرجه من حديث أبن مسعود، من طريق الترمذي، وقال فيه: حسن صحيح، وقال ابن حجر: صححه ابن القطان وابن دقيق ¬

_ (¬1) تقريب التهذيب: (539)، رقم (6785). (¬2) المصدر السابق: (379)، رقم (4408). (¬3) انظر: (7/ 81). (¬4) الترمذي (3/ 428) (9) كتاب النكاح (27) باب ماجاء فى المحلل والمحلل له، رقم (1120). والنسائي: (27) كتاب الطلاق (13) باب إحلال الطلقة ثلاثاً وما فيه ص التغليظ وابن أبي شيبة: (190)، رقم (18036). (¬5) ابن أبي شيبة في المصنف: (14/ 195). (¬6) أبو داود: (2/ 562) (6) كتاب النكاح (16) باب في التحليل، رقم (2076)، (2077). والترمذي: نفس الكتاب والبابين السابقين، رقم (1119). (¬7) الترمذي، وابن أبي شيبة نفس الموضع السابق.

طريقته في عرض الأحاديث

العيد على شرط البخاري (¬1). اهـ. يرويه أبو قيس عبد الرحمن بن ثروان، عن هزيل بن شرحبيل، عنه به، وهزيل: ثقة، وأبو قيس، صدوق ربما خالف، قاله ابن حجر (¬2). وأما حديث أبي هريرة، فيرويه عبد الله بن جعفر الخرمي، عن عثمان ابن محمد الأخنسي، عن المقبري به، وابن جعفر، ليس به بأس، وعثمان صدوق له أوهام، قالهما ابن حجر (¬3)، وحسنه البخاري (¬4). وأما حديث علي وجابر، فقال الترمذي: حديث علي وجابر حديث معلول ... وهذا حديث ليس إسناده بقائم، لأن مجالد بن سعيد قد ضعفه بعض أهل العلم (¬5). فتبين أن عبد الحق كان موفقاً في اختياره من حديث ابن مسعود لأنه أقوى أحاديث الباب جميعاً. طريقته في عرض الأحاديث بين أبو محمد في مقدمة أحكامه طريقته في عرض الأحاديث، وهي طريقة فريدة ساهمت في اختصار الكتاب، وجودة تصنيفه، وتحتاج إلى شدة انتباه، ودقة مراعاة، ومن ثم أدت أيضا إلي قليل من الأوهام، تعقبها ابن القطان وردها إلى صوابها. وهاك تفصيل هذه الطريقة: 1 - يعمد عبد الحق إلي الحديث، فيخرجه من الكتاب الأشهر غالباً، ويذكره بلفظ واحد، وهو يكتب أولاً صاحب الكتاب الذي أخرج من طريقه ¬

_ (¬1) التلخيص الحبير: (3/ 170). (¬2) تقريب التهذيب: (ص: 572)، رقم (7283)، (ص: 237)، رقم (3823). (¬3) تقريب التهذيب: (ص: 298)، رقم (3252)، (ص: 386)، رقم (4515). (¬4) التلخيص الحبير: (3/ 170). (¬5) سنن الترمذي: (3/ 428).

الحديث، مع ذكر صحابيه، ثم يسرد المتن، فيقول مثلًا: مسلم، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال .... 2 - فإذا أراد أن يذكر بعده حديثاً آخر لمسلم، عن أبي هريرة، قال: وعنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: ... 3 - وإذا كان الحديث لمسلم، من رواية صحابي آخر، قال مثلاً: وعن أيى سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 4 - وإذا قال. في رواية أخرى، أو في طريق آخر، ولم يذكر الصاحب، فإنه من ذلك الكتاب الذي ذكره قبله، وعن نفس الصاحب. 5 - وإذا أردف الحديث بزيادة من نفس الكتاب، لكن عن صاحب آخر، ذكر ذلك الصاحب، وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -. 6 - وإذا كانت الزيادة عن نفس الصحابي، لكن من كتاب آخر، ذكر مصنفَ ذلك الكتاب فقط، كأن يقول مثلا: وقال أبو داود: ثم يسوق الزيادة، أو زاد أبو داود، أو عند أبي داود، ونحو ذلك. 7 - وأحياناً يذكر الزيادة ثم يقول: خرَّجها من حديث فلان، ولا يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكنها مرفوعة إليه - صلى الله عليه وسلم -، ومن نفس الكتاب السابق. كأن يسوق حديثا لمسلم عن أبي هريرة، ثم يردفه بقوله: قال أبو داود في هذا الحديث فيسوق الزيادة، ويقول بعدها خرَّجها من حديث ابن عباس مثلاً. 8 - وفي أحايين قليلة جداً يذكر الرواية التي فيا الزيادة كاملة، فيذكر صاحب الكتاب، والصحابي، والنبي - صلى الله عليه وسلم -. 9 - وربما تخال ذلك كلامٌ في رجل، أو شرح غريب، أو نحو ذلك، وراعى مع ذلك أسلوبه في العطف السابق. 10 - وفي أحايين نادرة جداً، يذكر الحديث بإسناده المتصل إلى

طريقته في التبويب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأحياناً أخرى لا يذكره ويحيل إلى ذكر الإِسناد في أحكامه الكبرى. 11 - وفي أحايين أخرى نادرة أيضا يذكرا الحديث بإسناد المصنف -الذي أخرج الحديث من طريقه- إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 12 - وكثيراً ما يذكر الأحاديث بقطع من أسانيدها ليبين الراوي المتكلم فيه، أو ليتبرأ من عهدته بإبراز إسناده، أو غير ذلك، والأغلب الكثير أن يذكر الإِسناد قبل المتن، وقد يعكس قليلًا. 13 - وقد أكثر عبد الحق من النقل من صحيح مسلم، وأشار إلى ذلك فى مقدمة أحكامه الوسطى بقوله: "وعلى كتاب مسلم فى الصحيح عولت، ومنه اكثر ما نقلت". طريقته في التبويب طريقة عرض الأحاديث وتبويبها لها أثر كبير في ارتفاع قيمة الكتاب العلمية، وتيسير الِإفادة منه، وطريقة التبويب تدل على مدى فقه المصنف وعميق فهمه. وقد قسم أبو محمد أحكامه إلى كتب، والكتب إلى أبواب: صُنعّ كثير من مصنفي كتب الحديث، غير أن هناك ملاحظات على هذا التقسيم والتبويب: أن بعض الموضوعات التي جعلها غيرُهُ كُتباً وقمسها إلي أبواب، جعلها هو أبواباً، إما مفردة، وإما مدرجة تحت كتب. فمن الأبواب المفردة: باب في السلام والإستئذان. باب في الطب. باب في الأدب. باب في ذكر الحشر والجنة والنار. باب في الرؤيا.

باب في الفتن والشروط. ولعل عبد الحق سماها أبواباً لعدم توسعه في إيراد المادة الحديثية. ومن الأبواب التي أدرجهما تحت كتب، وجعلها غيره كتباً وقسمها إلى أبواب: باب في المساجد. باب فِى العيدين. باب في الجمعة. هذه الأبواب مدرجة تحت كتاب الصلاة. وباب الاعتكاف جعله مدرجاً تحت كتاب الصيام. وباب الِإمارة يتعلق بها جعله مدرجاً تحت كتاب الجهاد. الملاحظة الثانية: أن بعض الكتب لم يقسمها إلى أبواب، وذلك مثل كتاب الجنائز، وكتاب الصيد والذبائح، وكتاب الأشربة. الملاحظة الثالثة: أن كثيراً من الموضوعات لم يُفرد لها أبواباً خاصة، بل جمع تحت ترجمة الباب الواحد عدة موضوعات، فمن ذلك: باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة، ونوم الجنب إذا توضأ، وأكله ومشيه، ومجالسته، وكم يكفي من الماء، واغتسال الرجل والمرأة في إناء واحد، وما نهي أن يغتسل فيه الجنب، وتأخير الغسل تعجيله، وصفته، والتستر. باب في صلاة الجماعة، وما يبيح التخلف عبها، وما يمنع من حضورها، وفضلها، وفضل المشي إليها، وانتظارها، وكيف يمشي إليها، ومن خرج إلى الصلاة فوجد أن الناس قد صلوا، أوصلى فى بيته ثم وجد صلاة جماعة، وفي خروج النساء إلى المسجد، وما يفعلن. باب في التعوذ من الجبن وذمه ووجوب الجهاد مع البر والفاجر، وفضل الجهاد والرباط والحراسة في سبيل الله، والنفقة فيه: وفيمن مات في الغزو،

وفيمن لم يغزُ، وفيمن منعه العذر، وفي عدد الشهداء. الملاحظة الرابعة: أنه اقتفى عادةَ كثير من المصنفين في ذكر كثير من الأبواب بغير عنوان أو ترجمة، والتي يكتفي فيها بلفظ "باب" دون إشارة إلي المضمون. الملاحظة الخامسة: أن عبد الحق أجاد التبويب أول الكتاب، وقصر في بقيته، فنرى في أوله كثرة الأبواب في الكتاب الواحد، ونرى كثيراً تحت كل باب موضوعاً واحداً، ونرى في وسط الكتاب وآخره، قلة الأبواب في الكتاب الواحد، وكثرة الموضوعات تحت الباب الواحد، وغزارة الأبواب غير المترجمة. الملاحظة السادسة: أن عبد الحق تأثر في تراجم أبواب ببعض من سبقه من أئمة المحدّثين المصنفين في الحديث، كالبخاري في صحيحه، بل يكاد يكون ليس إلا ناقلًا لكثير من تراجم أبوابه. مثال ذلك من كتاب العلم: - باب من رفع صوته بالعلم، ومن استحيا فأمر غيره بالسؤال، ومن أجاب بأكثر مما سئل، ومن سئل وهو في حديث فأتم حديثه ثم أجاب السائل، ومن أجاب بالإِشارة. - باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره، ومن برك على ركبته عند الإِمام أو العالم. - باب من خصَّ بالعلم قوماً دون آخرين، ومن سمع شيئاً فراجع وفيه، وطرح الإِمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم. - باب القراءة والعرض على المحدث، وروي عن الحسن والثوري ومالك القراءة جائزة. فهذه الأبواب الأربعة تجدها بألفاظها في تراجم أبواب كتاب العلم من صحيح البخاري، وها هي بأرقامها، بترتيب ورودها في أحكام عبد الحق.

طريقته في شرح غريب الحديث وبيان معانيه

3 - باب من رفع صوته بالعلم. 51 - باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال. 53 - باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله. 2 - باب من سئل علماً وهو مشتغل في حديثه فأتم حديثه، ثم أجاب السائل. 24 - باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس. 28 - باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره. 29 - باب من برك على ركبتيه عند الإِمام أو المحدث. 49 - باب من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لايفهموا. 35 - باب من سمع شيئا فراجع حتى يعرفه. 5 - باب طرح الإِمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم. 6 - باب القراءة والعرض على المحدث، ورأى الحسن والثوري ومالك القراءة جائزة. طريقته في شرح غريب الحديث وبيان معانيه لأبي محمد طريقان في شرح غريب الحديث، وبيان معانيه، ومقاصده. الأولى: تفسير روايات الحديث بعضها ببعض، وتلك أفضل طريقة لشرح الأحاديث وبيان مقاصدها، فما أجمل فى رواية، بُسط في رواية أخرى. والأمثلة على هذه كثيرة: ذكر من طريق مسلم عن ثوبان، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم، لم يزل في خُرْفة الجنة، حتى يرجع". ثم ذكر عبد الحق طريقاً آخر ليفسر "خرفة الجنة"، فقال وفي آخر:

قيل: يا رسول الله، وما خرفة الجنة؟ "قال جناها". وكان يمكن لعبد الحق أن يذكر الرواية المفسِّرة ابتداء، ولكنه اختار الرواية التي ذكرها لأنها أحسن الروايات مساقاً فِى هذا الباب من صحيح مسلم. الثانية: التفسير اللغوي، ويعتمد عبد الحق في هذا التفسير على عدة مصادر: 1 - كتب غريب الحديث، واعتمد عبد الحق منها كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام الهروي المتوفى سنة (224) هـ. وكتاب أبى سليمان الخطابي المتوفى سنة: (388) هـ. 2 - كتب اللغة، واعتمد منها كتاب "الجامع في اللغة" لأبي عبد الله محمد بن جعفر القزاز المتوفى سنة (412) هـ. 3 - كتب الحديث، وينقل عبد الحق منها ما ورد فيها من شرح غريب، أو بيان لمعنى، سواء كان هذا التفسير لصاحب الكتاب، أو لغيره من رواة الأحاديث ونحوهم. من هذه الكتب: جامع الترمذي، سنن أبي داود، ومصنفات أبى عمر بن عبد البر وغيرها. مثال ذلك ما ذكره أبو محمد من طريق مسلم، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: " نحرت هاهنا ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم، ووقفت هاهنا، وعرفة كلها موقف ووقفت ها هنا وجمع كلها موقف". ثم قال أبو محمد: جمع والمعشر والحرام والمزدلفة أسماء لموضع واحد، قاله أبو عمر. رواة الأحاديث:

مثال ذلك ما ذكره من طريق أبي داود (¬1) من حديث عمرو بن مرة عن عاصم العنزي، عن ابن جبير بن مطعم، عن أبيه أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاة، قال عمرو -يعني ابن مرة- لا أدري أي صلاة هي، فقال: "الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، والحمد لله كثيراً، والحمد لله كثيرا -ثلاث مرات- سبحان الله بكرة وأصيلاً -ثلاثاً- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من نفخه ونفثه وهمزه". ثم عقب ذلك بقوله: قال نفثه: الشعر، ونفخه: الكبر، وهمزه: الموتة وأراد عبد الحق أن يفسر أيضا قول عمرو: الموتة، فنقل عن الهروي قوله: "الموتة يعنى الجنون". ثم قال عبد الحق. وقال غيره: ليس الموتة بصمم الجنون وإنما هو شيء يأخذ الإِنسان شبه السبات. وليس معنى هذا أن عبد الحق قد فسَّر كلَّ غريب أحاديث كتابه، وبين معانبها ومقاصدها، فثمة شيء كثير لم يفسره، فانتدب إلى ذلك أبو عبد الله محمد بن علي بن حماد الصنهاجي، المعروف بابن كلانو المتوفى سنة (640) هـ فشرح غريب أحكام أبي محمد عبد الحقّ، كما أشار إلى ذلك أبو جعفر ابن الزبير (¬2). هذا عن الكتاب وبيان منهجه، وسنتكلم عن نسخه المخطوطة عند ذكر تصانيف المؤلف، فهذه ترجمة حافلة للإِمام الحافظ أبي محمد عبد الحق الإِشبيلي مصنف كتاب الأحكام: ¬

_ (¬1) أبو داود: (1/ 486) (2) كتاب الصلاة (121) باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء، رقم (764). (¬2) غرباء القسم الثاني من صلة الصلة المنشور في آخر السفر الثامن من الذيل والتكملة، رقم (15).

التعريف بمؤلف الكتاب

(التعريف بمؤلف الكتاب) 1 - اسمه ونسبه: هو أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسين بن سعيد الأزدي الأندلسي الإِشبيلي البجائي. الأزدي: نسبة إلى الأزد، قبيلته. الإِشبيلي: نسبة إلى إشبيلية، مدينة كبيرة بالأندلس موطن ولادته ونشأته. البجائي: نسبة إلى بجاية، مدينة مشهورة بالمغرب الأوسط،، تقع شرقي الجزائر على شاطئ البحر الأبيض التوسط، وهى موطن أبي محمد، وولي الخطابة فيها، وظهرت فيها تصانيفه. ويعرف أيضا بابن الخرَّاط، فلعلَّ أحد آبائه كان خراطاً، والخراط: هو الذي يخرط الخشب، ويعمل منه الأشياء المخروطة (¬1). 2 - مولده: ولد بإشبيلية، واختلف في تاريخ مولده على ثلاثة أقوال: الأول: سنة (510) هـ وهو قول الأكثرين، وحدده بعضهم اكثر فقال: في شهر ربيع الأول (¬2)، وعسى أن يكون هو الراجح من أجل هذا التحديد، فإنه يدل على زيادة تثبت وتوكيد. الثاني: سنة (514). وهو قول أبى جعفر ابن الزبير، ونقله عنه الذهبى (¬3). الثالث: سنة (516). وهو قول أبى العباس بن قنفذ (¬4). ¬

_ (¬1) الأنساب: (2/ 338). (¬2) عنوان الدراية: (44). تهذيب الأسماء واللغات: (1/ 293). (¬3) انظر صلة الصلة لابن الزبير: (6) وسير أعلام النبلاء: (21/ 198). (¬4) أنس الفقير: (34).

3 - نشأته ومعالم حياته

3 - نشأته ومعالم حياته: نشأ أبو محمد في إشبيلية، وليس لدينا تصور واضح عن نشأته المبكرة وأسرته، وتعدُّ هذه الفترة التي عاش فيها أبو محمد في إشبيلية، من أخصب الفترات بالنسبة لشيوع العلوم العربية والإِسلامية، ولا ريب أن ذلك كان له أبلغ الأثر في تكوين شخصية أبي محمد، فتلقى الحديث والفقه واللغة وغيرها من كبراء مشايخ إشبيلية، واجتهد في التحصيل والحفظ والإِتقان، وتلمذ لشيخ المقرئين والمحدثين وخطيبها أيى الحسن شريح بن محمد الرُّعيني (¬1)، وهو آخر من أجاز له مروياته وتواليفه أبو محمد بن حزم الظاهري. وفي سنة (541) هـ وقعت فتنة كبرى في إشبيلية، وذلك أن الموحدين قضوا على المرابطين في المغرب، ثم اتجهوا إلى الأندلس، ودخلوا إشبيلية في (12/ 8/ 541) هـ بعد حصار (¬2)، فاستحل الموحدون سفك الدماء فيها ونهب الأموال. فخرج منها أبو محمد إلى "لَبْلَة (¬3) " وقد ناهز الثلاثين من عمره المبارك، واستقر فيها بضبع سنين، سمع في غضونها أكابر علمائها، وأشاهر حفاظها، وتلمذ لهم، ولازم منهم أبا الحسن خليل بن إسماعيل السكوني (1)، وأبا جعفر أحمد بن أيى مروان (1)، مؤلف "المنتخب المنتقى" الذي بنى عليه عبدُ الحق أحكامه، ويبدو أن أبا محمد قد تأهل علمياً في لَبْلَة، إذ ألَّف كتابين كبيرين نُهبا منه فيما بعد في فتنة أخرى، عنيت بالكتابين: "الجامع الكبير في الحديث" و "جامع الكتب الستة". لكن الفتن والحروب لم تلبث أن عكرمة عليه صفوة هذا الهدوء، إذ اقتحم ¬

_ (¬1) ستأتي ترجمته محمد ذكر أشياخه. (¬2) انظر عصر المرابطين والموحدين: (1/ 325 - 326). (¬3) لبلة: قصبةُ كورة (أي وسط قرية) بالأندلس، يتصل عملها بعمل أكشونية شرقي اكشونية وغرب قرطبة، غزيرة التمر والشجر، كذا في مراصد الإطلاع: (3/ 1197).

لَبْلَة أحدُ الثوار على الموحدين، ثم أستردها منه والي الموحدين على قرطبة وإشبيلية، واعتبر أهل ليلة كلهم عصاةً، فأوقع فيهم بالسيف، وباع نساءهم وأولادهم، وقدرت القتلى بثمانية آلاف من بينهم أعيان العلماء (¬1)، كالفقيه المحدث أبي جعفر بن أبي مروان. وامتمت من نجا من القتل كالعلامة الفقيه أبي بكر محمد بن عبد الله بن يحيى بن فرج بن الجد الفِهري اللبلي، ثم الإِشبيلي المالكي، قال الذهبي: كان كبير الشأن، انتهت إليه رئاسة الحفظ في الفتيا، -إلى أن قال- امتحن في كائنة ليلة، وقيِّد وسجن، وكان فقيه عصره، تخرَّج به أئمة (¬2). أما عبد الحق فقد امتُحن في كتبه، فنُهب منه الكتابان المذكوران، وكانت هذه الفتنة في (14/ 8/ 549) هـ، فارتحل إلى بجاية، ويبدو أن رحيله إليها لم يكن مقصودا بادي الأمر، إذ يقول ابو جعفر بن الزبير: "وكان قد رحل عن الأندلس بنية الحج، فلم يقدر له ذلك، فأقام ببجاية (¬3) " التي كانت وقتذاك قابعة في أيدي الموحدين الذين أنهوا دولة الحماديين بها سنة (547) هـ. وكانت بجاية في هذا الوقت تعيش أزهى عصورها العلمية، فأضحت مثابة للعلماء، ومنارة لأنواع من العلوم والمعارف، وكانت طريقاً للحجيج بسبب موقعها الفريد، فكان طلحة العلم يمرون بأبي محمد، ويأخذون عنه، بل هو نفسه كان يسعى للقاء الطلبة الوافدين إلى بجاية، فقد كان حريصاً على تبليغ العلم، جاداً فِى نشره. قال أبو جعفر بن الزبير: "وكان -رحمه الله- من أهل العلم والعمل، زاهداً فاضلاً عاكفاً على الإشتغال بالعلم جاداً في نشره، وإذاعته، حسن النية ¬

_ (¬1) انظر عصر الرابطين والموحدين: (1/ 340) وعدَّ مؤلفه ممن قتل من العلماء أبو الحكم بن بطال وأبو عمار بن الجد، وتبعه الشيخ أبو محمد الرحمن فى الشروح والتعليقات: (1/ 28)، والحق أن ابن الجد، قد توفي بعد ذلك في شوال شة (586) هـ، انظر ما يأتي من مصادر. (¬2) التكملة لوفيات النقلة: (1/ 145) وسير أعلام البلاء: (21/ 177). (¬3) صلة الصلة: (5).

فيه، ولذلك اشتهر اسمه، وعُني الناس بتواليفه (¬1) " ومما يدل على أثر موقع بجاية في ارتفاع ذكر أبي محمد، وانتشار كتبه مبها ذكره ابن الزبير في ترجمته لأيى الحجاج يوسف بن محمد البلوي (604) قال: "ورحل إلى الحج عام (560) أو نحوه، فأخذ في طريقه ببجاية عن أبي محمد عبد الحق الأزدي الإِشبيلي، وعزم عليه في تأليف كتاب الأحكام، وقد فاوضه في ذلك، ولما قفل عن رحلته أقام معه ببجاية، وصحبه أشهرًا، وأخذ عنه أحكامه وغير ذلك (¬2) " وما يقول ابن الأبار في ترجمة أبي عبد الله محمد بن أحمد البلنسي: "خرج إلي الحج في شبيبته سنة ست أو سبع وستين وخمس مئة، فلقي ببجاية أبا محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الإِشبيلي وسمع منه، وأجاز له" (¬3) وقال في ترجمة ابن الحاج: ورحل حاجاً فلقى في طريقه أبا محمد عبد الحق ابن عبد الرحمن الإِشبيلي نزيل بجاية، وسمع منه (¬4). وتهيأت الظروف في بجاية ليصنف أبو محمد التصانيف الحافلة، التي أُغرم بها أهل الشرق والغرب معاً. قال الغبريني: رحل إلى بجاية، وتخيرها موطناً، وكمل بها خبرة، فألف التآليف، وصنف الدواوين، وولي الخطبة وصلاة الجماعة بجامعها الأعظم، وجلس للوثيقة والشهادة (¬5). وقال الذهبي: سكن مدينة بجاية ... فنشر بها علمه، وصنف التصانيف، ¬

_ (¬1) صلة الصلة (5). (¬2) المصدر السابق (217). (¬3) التكملة لكتاب الصلة: (2/ 614). (¬4) المصدر السابق: (2/ 585). (¬5) عنوان الدراية. (41).

واشتهر اسمه، وسارت بأحكامه الصغرى والوسطى الركبان (¬1). وقال ابن شاكر الكتبي: ونزل بجاية وقت فتنة الأندلس، فبث بها علمه، وصنف التصانيف، وولي الخطبة والصلاة بها (¬2). ويلقي الضوء على حياة عبد الحق ببجاية أبو جعفر الضبي (ت 599) صاحب بغية الملتمس وأحد تلاميذ عبد الحق الذين عرفوه عن كثب ويقول في ذلك "صحبته مدة مقامي ببجاية وسامرته" (¬3) ويوضح المقري في "نفح الطيب" (¬4) أن هذه الصحبة كانت أثناء رحلة حجه، يقول الضبي: "أبو محمد الخطيب ببجاية، فقيه، محدث مشهور، حافظ، زاهد، فاضل، أديب شاعر، له تواليف حسان، قرأت عليه بعضها، وناولني أكثرها، وكان -رحمه الله- متواضعاً، متقللا من الدنيا، قسم نهاره على أقسام: - كان إذا صلى الصبح في الجامع أقرأ إلى وقت الضحى ثم قام فركع ثماني ركعات. - ونهض إلى منزله، واشتغل بالتأليف إلى صلاة الظهر. - فإذا صلى الظهر أدى الشهادات، وقرئ عليه في أثناء ذلك إلى العصر. - فإذا صلى العصر مشى في حوائج الناس. - وكان لا يدخل بجايةَ أحدٌ من الطلبة إلا سأل عنه، ومشى إليه، وآنسه بما يقدر عليه (¬5). قال الغبريني: سمعت أنه -رحمه الله- كان يقسم ليله ثلاثاً، ثلثا للقراءة، وثلثا للعبادة، وثلثا للنوم، وكان مع ذلك متقللاً من الدنيا، مقتصراً على أقل ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء: (21/ 168). (¬2) فوات الوفيات: (2/ 256). (¬3) بغية الملتمس: (391). (¬4) انظر: (2/ 381). (¬5) بغية الملتمس: (391).

الكافي منها، وكان مصاحباً وموالياً للفقيه أبى علي المسيلي -رحمه الله- (¬1). ومما يُلقي الضوء أيضا على حياة أبى محمد ببجاية وعلاقته بعلمائها، ما ذكره الغبريني في ترجمة الفقيه أبي علي السيلي، قال: "وكان -رحمه الله- وللفقيه أبي محمد عبد الحق الإِشبيلي، وللفقيه العالم أبي عبد الله محمد بن عمر القرشي، المعروف بابن قرشية، مجلس، أظنه يجلسون فيه للحديث، وكثيراً ما كانوا يجلسون بالحانوت الذي هو بطرف حارة القدسي، وهو المقابل للطالع لحارة المذكورة، وكان الحانوت المذكور يسمى "مدينة العلم" لإجتماع هؤلاء الثلاثة فيه" (¬2). وقال في ترجمة عبد الحقّ: "وكان كثيراً ما يجلس مع الفقيه أبي علي المسيلي -رحمهما الله- فربما أتته الوصيفة من داره لقضاء بعض مآرب منزله، فإذا أتته تطلب منه ما يقضى بالشيء اليسير يخرج لها أضعاف ذلك ... فربما قال له بعض الحاضرين: هذا اكثر من المطلوب أو من المحتاج إليه، فيقول: لا أجمع على أهل المنزل ثلاث شينات، شيخ وإشبيلى وشحيح، يكفى ثنتان، وهذا من لوذعته وطيب طينته، مع ما هو عليه من جلالة العلم، وكمال الفهم (¬3) ". على أن هاتيك الحياة الوادعة لم تدم طويلاً، فقد هجم على بجاية عليُّ ابن إسحاق، المشهور بابن غانية المَيُورْقي اللَّمتُوني (¬4) ودخلها يوم الإثنين (6/ 8 /580) هـ في أول ولاية المنصور يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، وأقام بها اسبعة أيام صلى فيها الجمعة فخطب ودعا لبنى العباس، وتولى له أبو محمد الصلاة والخطابة والقضاء! ¬

_ (¬1) عنوان الدراية: (42). (¬2) المصدر السابق: (36). (¬3) عنوان الدارية: (44). (¬4) أمير جزائر مَيُورقة وما حولها: مَنورقة، وياسة، في شرقي الأندلس قال الذهبى: وميورقة هذه طيبة خصبة، نحو ثلاثين فرسخا، عديمة الهوام والوحوش. وقد أقام بميورقة محمد بن غانية جدّ علي، وأقام الدعوة لبني العباس على قاعدة المرابطين إلى أن مات سنة (546)، فخلفه ابنه إسحاق وأقبل على العزو في البحر، وبقى يداري الموحدين إلى أن توفي =

قال عبد الواحد المراكشى في "المعجب في تلخيص أخبار المغرب: "وكان خطيبه الفقيه الإِمام المحدّث أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي الإِشبيلي، مؤلف كتاب باب الأحكام وغيره من التآليف، فأحنق ذلك عليه أبا يوسف يعقوب أمير المومنين، ورام سفك دمه؛ فعصمه الله منه، وتوفَّاه حتف أنفه، وفوق فراشه (¬1) ". وقال الذهبي في ترجمة أبي يوسف المنصور: فما عتم أن خرج عليه عليُّ ابن غانية الملثم، فأخذ بجاية وخطب للناصر العباسي، فكان الخطيب بذلك عبد الحق مصنف "الأحكام" ولولا حضور أجله، لأهلكوا المنصور (¬2). وقال ابن الزبير: "ودُعى بها إلى خطَّتي القضاء والخطابة للموحدين، فامتنع عن ذلك وأبى، ودعى إلى ذلك حين دخلها الميورقي فأجاب، وكان ذلك سبب امتحانه عند خروج الميوروقي عنها، ورجوعها للموحدين، واستُغرب ذلك المرتكب من أبي محمد عبد الحق، وجهات الإعتذار في مثله متسعة (¬3) ". وكان رجوع بجاية للموحدين، في (19/ 2/ 581) هـ، ووفاة أبي محمد -رحمة الله عليه- في أواخر ربيع الآخر سنة (581) هـ وقيل سنة (582) هـ، والأول أقرب -وهو قول الأكثرين- لدنوه من تاريخ عودة بجاية- للموحدين وتوغر صدورهم عليه، وامتحانهم له، وهذا ما يدل عليه كلام ابن الأبار والذهبي وابن شاكر. قال الذهبي: وبها توفي بعد محنة لحقته من الدولة في ربيع الآخر، ¬

_ = سنة (579) استشهد في بلاد الفرنج، فولي المملكة بعده ابنه الأمير علي، انظر السير: (73/ 21). (¬1) انظر المعجب: (269 - 272). (¬2) سير أعلام النبلاء: (21/ 313). (¬3) صلة الصلة: (5).

عن إحدى وسبعين سنة (¬1). وقال ابن الأبار: وتوفي ببجاية بعد محنة نالته منبل الولاة في ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وخمس مئة (¬2) قال ابن شاكر: وتوفى بعد محنة نالته من قبل الولاية (¬3). وقال ابن الزبير: وأحسب وفاته كانت إثر امتحانه (¬4). وبعد ... فهذه معالم حياة الإِمام الحافظ أبي محمد عبد الحق الإِشبيلي -رحمه الله- وبقى فيها أن نناقش أمرين: الأول: ميله لابن غانية الميورقي اللمتوني وإعراضه عن الموحدين. الثاني: سبب وفاته. أما الأمر الأول فواضح إعراض عبد الحق عن الموحدين من خلال استعراض معالم حياته، فقد ودَّع إشبيلية مسقط رأسه حين دخلوها، ورحل عن ليلة بعد ما أوقعوا في أهلها السَّيف وعندما استوطن ببجاية أبى دعوتهم إلى خطتي القضاء والخطابة، والحقُّ أن أبا محمد يصدر في موقفه ذلك عن رأي يراه ويذهب إليه- وهذا أجمع ظني وعلى ما يليق بمثل عبد الحق- إذ إن الموحدين نازعوا المرابطين أمرهم، وخرجوا من الطاعة، وفارقوا الجماعة، وفرقوا أمر هذه الأمة، وأخذوا البلاد عنوة، وبزوال دولة المرابطين وأفول نجمهم انقطعت الدعوة العباسية، وانفصمت بلاد المغرب والأندلس عن تلك الخلافة الشرعية فلعل أبا محمد رأى أن الموحدين خارجون، وأن خلافتهم ليست شرعية، لا سيما وهم غير قرشيين بخلاف العباسين. ¬

_ (¬1) العبر: (3/ 82). (¬2) سير أعلام النبلاء: (21/ 199)، الديباج المذهب: (176). (¬3) فوات الوفيات: (2/ 257). (¬4) صلة الصلة: (ص 6).

والحق أن النصوص الشرعية تؤيد هذا القول جداً، فحدث عبد الله ابن مسعود، عن محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يزال هذا الأمر في قريش، ما بقى من الناس اثنان" رواه الشيخان (¬1)، وحدث عتبة بن عبد عنه - صلى الله عليه وسلم -، قال: "الخلافة في قريش" رواه أحمد (¬2) وغيره، وفي الباب أحاديث أخرى. قال النووي: هذه الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر أن الخلافة مختصة بقريش، لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم، وعلى هذا انعقد الإِحماع في زمن الصحابة، فكذلك بعدهم، ومن خالف فيه من أهل البدع أو عرض بخلاف من غيرهم فهو محجوج بإحماع الصحابة والتابعين، فمن بعدهم بالأحاديث الصحيحة -ثم نقل عن القاضى قوله- اشتراط كونه قرشياً هو مذهب العلماء كافة ... وقد احتج به أبو بكر وعمر - رضى الله عنهما - على الأنصار يوم السقيفة فلم ينكره أحد، ... وقد عدَّها العلماء في مسائل الإِجماع ولم ينقل عن أحد من السلف فيها قول ولا فعل يخالف ما ذكرنا، وكذلك من بعدهم في جميع الأعصار ... ولا اعتداد يقول النظام ومن وافقه من الخوارج وأهل البدع أنه يجوز كونه من غير قريش (¬3). ومن ثم مال أبو محمد لابن غانية، لأنه يدعو لبنى العباس، وتولى لهم الخطابة والقضاء وامتنع عن ذلك للموحدين. ينضاف إلى ذلك ما عاينه أبو محمد من ادعائهم العصمة لزعيمهم ابن تومرت، وزعمهم أنه المهدي المنتظر، وحملهم أهل المغرب على ما كتبه ابن تومرت في "المرشدة"، وقد ذكر شيخ الإِسلام ابن تيمية في "درء تعارض ¬

_ (¬1) البخاري: (13/ 112) (93) كتاب الأحكام (2) باب الأمراء من قريش، رقم (740). مسلم: (13/ 1452) (33) كتاب الإِمارة (1) باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش، رقم (1820). واللفظ له. (¬2) المسند: (4/ 185). (¬3) صحيح مسلم بشرح النووي: (12/ 200).

العقل والنقل (¬1) " أنه "لم يذكر في مرشدته شيئاً من إثبات الصفات وْلا إثبات الرؤية، ولا قال: إن كلام الله غير مخلوق، ونحو ذلك من المسائل التي جرت عادة مثبتة الصفات بذكرها ... " وقال الذهبي: "كان لهجا بعلم الكلام، خائضا في مزالّ الأقدام، ألف عقيدة لقَّبها بالمرشدة، فيها توحيد وخير بانحراف! فحمل عليه أتباعه وسماهم الموحدين، ونبذ من خالف المرشدة بالتجسيم، وأباح دمه، نعوذ بالله من الغي والهوى (¬2) ". قال اليسع بن حزم: سمَّى ابن تومرت المرابطين بالمجسمين، وما كان أهل المغرب يدينون إلا بتنزيه الله تعالى عما لا يجب وصفه بما يجب له، مع ترك خوضهم عما تقصر العقول عن فهمه ... إلى أن قال: فكفرهم ابن تومرت لجهلهم العرض والجوهر، وأن من لم يعرف ذلك لم يعرف المخلوق من الخالق وبأن من لم يهاجر إليه، ويقاتل معه، فإنه حلال الدم والحريم (¬3) ". هذا إلى جانب ما رآه من الموحدين من سفكهم الدماء ويكفي أن قتلى لَبْلَة على أيديهم قدروا بثمانية آلاف من بينهم أعيان العلماء، وأنهم لم يكتفوا بذلك، بل باعوا نساءهم وأولادهم! أما الأمر الثاني، وهو سبب موت عبد الحقّ فيبدو أنه إثر محنة نالته حقاً من الموحدين، على ما قرره ابن الزبير والأبار والذهبي وابن شاكر، فمن البعيد عن الموحدين، وقد قتلوا أعيان العلماء في لَبْلَة، أن يتركوا أبا محمد وقد تولى لأعدائهم الخطابة والقضاء، ولم يتولهما لهم، ولا ينافي هذا قول المراكشي "فأحنق ذلك عليه أبا يوسف يعقوب أمير المؤمنين، ورام سفك دمه، فعصمه الله منه وتوفاه حتف أنفه، وفوق فراشه" لأن فيه تقريراً أن أبا يوسف رام سفك دمه فعلاً، ولا يمنع أن يموت فوق فراشه بعد إيذائهم له ويبدو أن قول المراكشي "فعصمه الله منه" معناه عصمة من سفك دمه فقط، وليس معناه ¬

_ (¬1) انظر: (3/ 438) وما بعدها. (¬2) سير أعلام النبلاء: (19/ 540). (¬3) المصدر السابق: (19/ 550).

4 - علومه ومعارفه

نفى امتحانهم له، ولا ينافي ذلك أيضا قول الذهبي: "ولولا حضور أجله، لأهلكه المنصور". لأن الذهبي أثبت أنه مات إثر محنة لحقته من قبل الموحدين. 4 - علومه ومعارفه: تنوعُ مصنفاتِ أبي محمد وإتقانها يدلُّ على أنه كان نِحْريراً مجوِّداً لعدة علوم، متمكناً منها نهاية التمكين، مطلعاً على دقائقها وغوامضها غاية الإطلاع، مع حسن مشاركة في الأدب وقول الشعر. وهذه العلوم هى: علوم الحديث: وقد وُصف -رحمه الله- بأنه كان إماماً حافظاً عالماً بالحديث وعلله، عارفاً بالرجال، وتدل تواليفه على تبحره في أربعة علوم حديثية هى: أ - علم الحديث رواية، وكان فيه حافظاً مبرزاً، واسع الإطلاع، وقد ساعده ذلك على الجمع والإختصار والإنتقاء. فجمع أحاديث الصحيحين في كتاب أسماه "الجمع بين الصحيحين". - وجمع بين الصحيحين وسنن أبي داود والترمذي والنسائي، وكتاب سادس لعله الموطأ، وسماه "جامع الكتب الستة". - وجمع أحاديث الأحكام في أحكامه الثلاثة. - واختصر صحيح البخاري. - وانتقى أحاديث الأحكام الصحيحة في أحكامه الصغرى. ب - علم الجرح والتعديل ومعرفة الرجال، ويدل كلامه في الرجال في كتبه كالأحكام الوسطى مثلاً على سعة معرفته بهم، وقوة إدراكه لدرجاتهم وأحوالهم، ومن ثم عدَّه الذهبي ممن يُعتمد قولهم في الجرح والتعديل، وذكره في رسالته في الطبقة السابعة عشرة (¬1)، ونقل أقواله في الرجال في ميزان الإعتدال، وتبعه في ذلك الحافظ السَّخاوي، وذكره في رسالته "المتكلمون في الرجال" وصدَّر ¬

_ (¬1) ذكر من يعتمد قوله فى الجرح والتعديل: (205).

ج - علم نقد الحديث وعلله

به الطبقة الثالثة والعشرين (¬1)، ونقل أقواله في الرجال أيضا العراقي في ذيل الكاشف، والزيلعي في نصب الراية، وابن حجر في التهذيب وتقريبه ولسان الميزان وغير ذلك. ج - علم نقد الحديث وعلله: أبو محمد في هذا العلم جهبذ ناقد بصير، اعتمد العلماء حكمه على الأحاديث ونقلوا ذلك من أحكامه الوسطى، ولم يكتف أبو محمد بما دونه من العلل في أحكامه الوسطى، بل أفرد العلل بالتصنيف في كتاب "بيان الحديث المعتل" وُصف أنه في ست مجلدات، ووصف أيضا "أنه قدر صحيح مسلم". د - علم مصطلح الحديث: والذي يدل على تبحر أبي محمد في هذا العلم، ما كتبه في مقدمة أحكامه الوسطى من قواعد وقوانين، الأمر الذى دعا ابن دقيق العيد أن يملي على هذه القدمة شرحاً نفيساً (¬2)، وأيضا اختصار أبي محمد لكتاب الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي. ثانيا: الفقه: وتبدو قوة عبد الحق في الفقه، وإحاطته العامة بمسائله، من خلال ترتيبه لأحاديث الأحكام على أبواب الفقه في أحكامه الثلاثة، ويدل على تبحره في الفقه أيضا توليه القضاء في بجاية، ووصفه المترجمون له بأنه كان فقيهاً على مذهب مالك، بل من أعيانه، فضمنه ابن فرحون كتابه: "الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب (¬3) ". ولم يذكروا له كتاباً في الفقه، فندرسه ونعلم منهجه، غير أني لا أستبعد أن يكون عبد الحق من فقهاء المحدثين، أولئك الذين لا يتقيدون بمذهب معين، ويدورون مع النص حيث دار، ولا يلتفتون لما يعارضه من قياس ونحوه، ودليل عدم استبعادي ذلك أمران: ¬

_ (¬1) المتكلمون في الرجال: (115). (¬2) انظر مقدمة الإقتراح في بيان الإصطلاح (124) نقلًا عن الطالع السعيد: (576). (¬3) الديباج المذهب: (175).

ثالثا: اللغة

الأول: أنه لا يتقيد في أحكامه الثلاثة (الكبرى والوسطى والصغرى) بذكر أحاديث مذهب معين، بل يذكر أحاديث المذاهب كلها، مع بيان حكمها من الصحة أو الحسن، أو الضعف، بغاية الإِنصاف والإعتدال، مع الترجيح لما يدل عليه صحيحُ الحديث. الثاني: ما قاله أبو الحجاج البلوي: أنشدني الفقيه المحدث أبو محمد عبد الحقّ الأزدي لنفسه: يا طالبا العلم مسترشداً ... مستنصحاً إن قبل الناصحا إن كنت تبغي سنناً قاصداً ... وتسألني علماً واضحا فاركض إلى النص مطي السرى ... فإن فيه المتجر الرابحا واطرح الرأي وأصحابه ... ولا تكونن له لامحا (¬1) ثالثا: اللغة: وتأتي سعة معرفة عبد الحق باللغة وتضطلعه بها من إدراكه لأهميتها في فهم النصوص الشرعية والبعد بها عن اللحن والتحريف، وأثرهما السيئ في الفهم والإستنباط. يقول ابن الصلاح: فحق على طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللغة ما يتخلص به من شين اللحن والتحريف ومعرَّتهما، رُوِّينا عن شعبة قال: "من طلب الحديث ولم يبصر العربية فمثله مَثلُ رجلٍ عليه برنس ليس له رأس" أو كما قال، وعن حماد بن سلمة، قال: "مثل الذي يطلب الحديث ولا يعرف النحو مثل الحمار عليه مِخلاة لا شعير فيها (¬2) ". ويشهد لأبي محمد تفوقه في اللغة وإتقانه لها كتابه: "الواعى في اللغة" ¬

_ (¬1) ألف باء: (1/ 23). (¬2) علوم الحديث: (217 - 218).

رابعا: الأنساب

وهو كتاب حافل ضاهى به كتاب الغريبين للهروي أبي عبيد، كذا قال ابن الأبار. رابعاً: الأنساب: والشيخ عبد الحق على معرفة تامة بالأنساب، والبرهان على ذلك كتابه: "مختصر كتاب الرشاطي في الأنساب من القبائل والبلاد". اختصره من كتاب أبي محمد عبد الله بن علي بن عبد الله بن خلف الرشاطي (466 - 542 هـ) واسمه: "اقتباس الأنوار والتماس الأزهار في أنساب الصحابة ورواة الآثار". خامساً: الوعظ والرقائق: كانت عناية عبد الحق بالوعظ والرقائق عناية بالغة، فقام بتحصيله وتتبعه وجمع شتاته من مصنفات كثيرة، ودواوين عديدة متنوعة، حتى بلغ فيه مرتبة عالية، وقمة سامقة، بحيث أصبح مرجعاً لمن أتى بعده، كابن قيم الجوزية في "الروح" و" الجواب الكافي" وابن كثير في نهاية "البداية والنهاية" " الفتن والملاحم" وقد صنف أبو محمد في الوعظ والرقائق عدة كتب منها: - كتاب التوبة. - كتاب الزهد. - كتاب الرقائق. - مقالة الفقر والغنى. - كتاب الصلاة والتهجد. - كتاب العاقبة. وكلها مخطوطة إلا الأخير، ويعجب قارئه من سعة إطلاع عبد الحق على

وأخيرا: الأدب والشعر

مصادر هذا الموضوع وتتبعه لشوارده وغرائبه، ويعجب كذلك بجمال أسلوبه، ورشاقة ألفاظه، كان كان يغلب على أسلوبه الطابع الخطابي، ولا عجب فإنه واعظ وخطيب، وقد اقتصر عبد الحق في مادته على الأحاديث المرفوعة والأخبار الموقوفة والآثار المقطوعة وكلمات الصالحين وأقاصيصهم، وفي غضون ذلك أنشد أشعاراً مليحة لم يعز أغلبها إلى شاعر، وبالتتبع وُجد أن كثيراً منها من كيسه. وأخيراً: الأدب والشعر: وصف ابن الأبار أبا محمد أنه كان مشاركاً في الأدب وقول الشعر (¬1)، ووصفه ابن الزبير بأنه شاعر مطبوع يزاحم فحول الشعراء، قال: لكنه لم يطلق عنانه في نظمه. - الشعر: وغالب شعر أبي محمد وأجمعه في الزهد والوعظ والحكمة، ولا غرابة في ذلك من بعد ما وُصف بأنه كان "موصوفاً بالخير والصلاح والزهد والورع ولزوم السنة والتقلل من الدنيا" (¬2). قال الغبريني: ورأيت كتاباً مجموعاً من شعره كله في الزهد. وفي أمور الآخرة - رضي الله عنه - (¬3). وشعر عبد الحقّ مطبوع، ليس فيه تكلف، أو ألفاظ مصنوعة، بل توخى جَزْل الألفاظ ورقيقها، وتحامى غليظها وفظها، وجمع إلىْ ذلك محاسن الصور وأطرفها. وقد نقل العلماء الذين ترجموا لعبد الحق كثيراً من شعره وأبدوا استحسانهم وإعجابهم به، فهذا الذهبي يَقول: ما أحلى قوله وأوعظه إذ قال: إن في الموت والمعاد لشغلا ... وادكاراً لذي النهي وبلاغا ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء: (21/ 199). (¬2) سير أعلام النبلاء: (21/ 199)، والواصف: ابن الأبار. (¬3) عنوان الدراية: (43).

فاغتنم خطتين قبل المنايا ... صحة الجسم يا أخي - والفراغا (¬1) وقال أبو الحجاج البلوي: وأنشدني الفقيه المحدث أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي الإِشبيلي -رحمه الله- ببجاية -حماها الله- لنفسه قطعة حسنة أولها: - لا تبكِ خلَّا ولا انقطاعه ... ولا لأسرارك المذاعة وابكِ زماناً مضى وولَّى ... عنك وأيَّامك المضاعة وارجع إلى الله من قريب ... واخش تجليه واطلاعه إلى آخره (¬2). وذكر البلوي أيضا أن أبا محمد أنشده لنفسه: ضحك الشَّيبُ فوق رأسي وأغْرَب ... إذ رآني ذهبت في غير مذهب وهو ينعي إليَّ في الحال نفسي ... وأنا جانباً أخوض وألعب ونقل الغبريني عن أيى الفضل القيسي (¬3) أن أبا محمد أنشده لنفسه: قالوا: صف الموت يا هذا وشدته ... فقلت وامتد منِّي عندها الصوتُ ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء: (21/ 201). تذكره الحفاظ: (4/ 1352) وأورد هذين البيتين أيضا ابن شاكر فى فوات الوفيات: (2/ 257)، والمقري التلمساني في نفح الطيب (4/ 329)، وصديق بن حسن القنوجي في التاج المكلل: (116). وذكر البيتين أبو محمد عبد الحق في كتابه "العاقبة" (ص: 103)، فقال: قال القائل إن فى الموت العاد لشغلاً ... وإن كان الذي ألهاني وبلاغا فاغتنم نعمتين قبل المنايا ... صحة الجسم يا أخي والفراغا (¬2) ألف باء: (1/ 152). (¬3) انظر ترجمته: عنوان الدراية: (53).

النثر

يكفيكم منه أنَّ الناس لو وصفوا ... أمراً يرُوعُهُم قالوا: هو الموت (¬1). النثر: عبد الحق كاتب بليغ، وأديب أريب، متمكن من البلاغة، متين في الفصاحة، ونثره متميز بحلاوة الأسلوب، ورونق الكلمات، غير أنه لا يخلو أحياناً من تكلف في السَّجع، أو تصنع في اللفظ، قد غلب عليه الطابع الخطابي، فكأنه ارتقى منبر الوعظ والإِرشاد وأخذ يخطب وينادي، وما القارئ إلا آحاد المستمعين لهذا الخطيب المفوه المكين. يقول في مقدمة العاقبة: "الحمد لله الذي أذل بالموت رقاب الجبابرة، وكسر بصدمته ظهور الأكاسرة، وقصر ببغتته آمال القياصرة، الذي أدار عليهم حلقته الدائرة، وأخذهم بيده القاهرة، فقذفهم في ظلمات الحافرة، وصيرهم بها رهناً إلى وقعة الساهرة، فأصبحوا قد خسروا الدنيا ولن يحصلوا على شئ من الآخرة (¬2). ثم يقول: أما بعد، فإن الموت أمر كبار، أنجد وأغار، وكأس يدار، فيمن أقام أو سار، وباب تسوقك إليه يد الأقدار، ويزعجك فيه حكم الإِضطرار، ويخرج بك منه إما إلى الجنة وإما إلى النار، خبرٌ -علم الله- يُصِمُّ الأسماع، ويغير الطباع، ويكثر من الآلام والأوجاع" (¬3). وفي غضون كتابه يقول: "واعلم -رحمك الله- أن في الجنائز عبرة للمعتبرين، وفكرة للمتفكرين، وتنبيهاً للغافلين، وإيقاظاً للنائمين، بينما الإِنسان ¬

_ (¬1) عنوان الدراية: (55)، وانظر نفح الطبيب: (4/ 315)، وذكر البيتين أبو محمد في كتابه العاقبة، فقال: قال بعضهم: قالوا: صف الوت ياهذا وشدته ... فقلت وأثر مني عند ذا الصوت بكفيكم منه أن الناس إن عجزوا ... عن وصف أمرُهم قالوا: هو الموت (¬2) العاقبة: (20) (¬3) العاقبة: (22).

6 - ثناء العلماء عليه

في قيام وقعود، ونزول وصعود، وخذْ هذا، ودع هذا، وابنِ هذا، واهدمْ هذا، وقد كان ما كان، وأين ذهب فلان؟ ومن أين جاء فلان؟ إذ جاءه أمر إلهي، وحادث سماوي، وحكم رباني، فسكّن حركته، وأطفأ شعلته، رأذهب نضرته، وتركه كالخشبة الملقاة والحجر المرمي، إن صيح به لم يسمع، وإن دُعي لم يجب، وإن قطع إو حرق لم يتكلم، وإن ربك على ما يشاء قدير" (¬1). 6 - (*) ثناء العلماء عليه: اتفقت كلمةُ المترجمين لعبد الحق على تزكيته، ورفع ذكره، والثناء عليه، ولم أجد من غمزه أو لمزه، ولا ينقض دعوى الإتفاق على إمامته انتقاد الشيخ أبى الحسن في القطان لكتابه الأحكام، فإن هذا مما يسع فيه الخلاف، ولكل وجهةٌ ومثوبة، كيف وقد مدحه وأثنى عليه بزكاء مستطاب! يقول ابن القطان في مقدمة كتابه "بيان الوهم والإِيهام الواقعين في كتاب الأحكام": وبعد: فإن أبا محمد عبد الحقّ بن عبد الرحمن الأزدي ثم الإِشبيلي -رحمةُ الله عليه- قد خلَّد في كتابه الذي جمع فيه أحاديث أفعال المكلفين، علماً نافعاً، وأجراً قائما زكى به علمه، ونجح فيه سعيه، وظهر عليه ما صلح فيه من نيته، وصح من طويته، فلذلك شاع الكتاب المذكور وانتشر، وتلقي بالقبول، وحق له ذلك، لجودة تصنيفه، وبراعة تأليفه، واقتصاره، وجودة اختياره فلقد أحسن فيه ما شاء، وأبدع فوق ما أراد، وأربى على الغاية وزاد، ودلَّ منه على حفظ وإتقان، وعلم وفهم واطلاع واتساع ... ¬

_ (¬1) العاقبة: (264). (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: كذا بالمطبوع رقم (6)، وكان قبله رقم (4)

وهاتيك كلمات المترجمين له: - كان -رحمه الله- من أهل العلم والعمل زاهداً فاضلاً عاكفا على الإشتغال بالعلم جاداً في نشره وإذاعته حسن النية فيه، ولذلك اشتهر ذكره، وعنى الناس بتواليفه. (ابن الزبير) (¬1). - الشيخ الزاهد أبو محمد عبد الحق ... (المنذري) (¬2) - كان فقيها، حافظاً، عالماً بالحديث وعلله، عارفاً بالرجال، موصوفاً بالخير والصلاح. والزهد والورع ولزوم السُّنة والتقلل من الدنيا، مشاركاً في الأدب وقول الشعر، قد صنف في الأحكام نسختين كبرى وصغرى، وسبقه إلى مثل ذلك الفقيه أبو العباس بن أبي مروان الشهيد بلَبْلَة، فحظي الإِمام عبد الحق دونه. (ابن الأبار) (¬3). - هو الإِمام الحافظ الفقيه الخطيب أبو محمد عبد الحق. (النووي) (¬4) - الإِمام الشيخ الفقيه الجليل المحدث الحافظ المتقن المجيد، العابد الزاهد، القاضي، الخطيب أبو محمد عبد الحق ... - وله رضى الله عنه- تآليف جليلة، نبل قدرها، واشتهر أمرها، وتداولها الناس رواية وقراءة وشرحاً وتبييناً ... وكانت له أخلاق حسنة. (الغبريني) (¬5). - الإِمام الحافظ البارع المجوِّد العلامة أبو محمد ... المعروف في زمانه بابن الخراط، ... اشتهر اسمه، وسارت بأحكامه الصغرى والوسطى الركبان ... ¬

_ (¬1) صلة الصلة: (5). (¬2) التكملة لوفيات القلة: (1/ 61). (¬3) سير أعلام النبلاء: (21/ 199)، التاج الذهب: (176)، ونقله برمته ابن شاكر الكتبي في فوات الوافيات: (2/ 244) ولم يعزه لابن الأبار، وساقه كأنه كلامه. (¬4) تهذيب الأسماء واللغات: (1/ 292). (¬5) عنوان الدراية: (41 - 43).

شيوخه

وعمل "الجمع بين الصحيحين" بلا إسناد على ترتيب مسلم، وأتقنه، وجوده. (الذهبي) (¬1). - الحافظ العلامة الحجة ... صنف التصانيف واشتهر اسمه، وبعد صيته. (الذهبي) (¬2). - وعبد الحق ... أحد الأعلام ... وكان مع جلالته فِى العلم قانعاً، متعففاً، موصوفاً بالصلاح والورع ولزوم السنة. (الذهبي) (¬3). وباقي كلمات المترجمين ليس فيها من جديد ولا مزيد. شيوخه: لابن الخراط شيوخ كثيرون، روى عنهم، وتخرّج بهم وأجازوا له مروياتهم، وهذا سرد لأشاهرهم ومن تأثر بهم على نسق الحروف. 1 - أبو جعفر أحمد بن أبى مروان عبد الملك بن محمد، الأنصاري الإِشبيلي الإِمام الحافظ، سكن لَبْلَة، وكان متمكناً من الحديث ورجاله، حتى كان يقال له: ابن معين وقته وبخاري زمانه. قال ابن عبد الملك المراكشي: وألف في السنن كتابه الكبير السمى بالمنتخب المنتقى، جمع فيه مفترق الصحيح من الحديث الواقع في المصنفات والمسندات، وطريقه هذا حذا أبو محمد عبد الحق عبد الرحمن في كتابه الأحكام، إذ كان ملازماً له مستفيداً منه. وقال ابن الأبار: سمع من شرجِ بن محمد وأبي الحكم بن حجاج، ومفرج ابن سعادة، وكان حافظاً محدثاً فقيهاً ظاهرياً، له كتاب "المنتخب المنتقى" ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء: (21/ 198 - 199). (¬2) تذكرة الحفاظ: (4/ 1350 - 1351). (¬3) العبر: (3/ 82).

في الحديث، وعليه بنى عبد الحق "أحكامه" تلمذ له عبدُ الحق، استشهد في كائنة لَبْلَة في سنة تسع وأربعين وخمس مئة" (¬1). 2 - أبو الحسن خليل بن إسماعيل بن خلف السكوني. وسبق أن نقلنا بعض قول ابن الزبير عن عبد الحق: "انتقل في الفتنة إلى ليلة، ولازم بها أبا الحسن خليل بن إسماعيل، وقرأ عليه، وتفقه به، وتأدب وجرت له معه قصة ذكرتها في غير هذا الموضع، وروى معه عن أبي الحسن شريح، وأبي بكر عبد العزيز ابن خلف بن مدير" (¬2). وكان فقيها، حافظاً للفروع، ذا معرفة بالوثائق. 3 - أبو الحسن شرج بن محمد بن شرج الرُّعيني الإِشبيلي المالكي، شيخ المقرئين والمحدثين، خطيب إشبيلية، آخر من أجاز له مروياته أبو محمد بن حزم وعنه يروي أبو محمد، عن ابن حزم، ولد سنة (451) وتوفي سنة (539) هـ، وهو من شيوخ القاضي عياض أيضا (¬3) 4 - أبو الحسن طارق بن موسى بن يعيش الخزومى الأندلسي، عالم بالحديث، من أهل بلنسية، جاور بمكة، وتوفي بها سنة (549)، له برنامج في مشيخته (¬4). 5 - أبو محمد طاهر بن أحمد بن عطية الحجازي القاضي. 6 - أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد التوزري النفطي. التوزري: نسبة إلى توزر مدينة في أقصى أفريقية. والنفطي: نسبة إلي إفريقية بينها وبين توزر رحلة. قال ابن الأبار: "ويعرف بابن الصائغ، دخل الأندلس، وروى بها عن ¬

_ (¬1) الذيل والتكملة: (1/ 1/ 266)، سير أعلام النبلاء: (20/ 249). (¬2) انظر صلة الصلة: وترجمة خليل في التكملة لابن الأبار (1/ 310). (¬3) بغية الملتمس: (318)، الغنية: (213)، سير أعلام النبلاء: (20/ 142). (¬4) بغية الملتمس: (315)، فهرس الفهارس: (1/ 466). الأعلام: (3/ 218).

جاعة منهم أبو علي، وابن العربي وغيرهما، وحدّث أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الإِشبيلي عنه بالموطأ، ومصنف النسائي، ومسند البزار، وسنن الدارقطني، وكتاب العلل له، وتاريخ السنن أبي خيثمة، والسنن لسعين بن منصور، وتفسير عبد بن حميد، وكتاب الحاكم في علوم الحديث، وكتاب هناد ابن السري في الزهد، كلها عن أبي علي الصدفي، وله رحلة سمع فيها من أبي عبد الله بن منصور بن الحضرمي وأبي الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني وأبي بكر بن طرخان التركي وسواهم، وخرج من دمشق قاصداً نفطة بلده في سنة (518) فولي الصلاة والخطبة بتوزر" (¬1) وورد ذكره في إسناد حديث أبي سعيد "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياءً من العذراء في خدرها" ساقه الذهبي (¬2) من طريق عبد الحق عنه يصله إلى الترمذي بإسناده (¬3)، وقبل ذلك ورد ذكره شيخاً لعبد الحق في الأحكام الوسطى في حديث من طريق أبي نعيم (¬4) 7 - أبو الحكم عبد السلام بن عبد الرحمن بن أبي الرجال اللخمي الإِشبيلي. قال ابن الأبار: كان من أهل المعرفة بالقراءات والحديث، والتحقيق بعلم الكلام والتصوف، مع الزهد والإجتهاد في العبادة، وله تصانيف مفيدة، منها "تفسير القرآن" لم يكمله، وكتاب شرح أسماء الله الحسنى ... قال الذهبي: "سمع "صحيح البخاري" من أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن منظور صاحب أبي ذر الهروي، وحدث به" (¬5). توفي سنة (536). ¬

_ (¬1) المعجم في أصحاب الصدفي لابن الأبار: (238 - 239). (¬2) سير أعلام النبلاء: ((21/ 201) تذكرة الحفاظ: (1/ 1351). (¬3) هو في شمائل الترمذي: برقم (351). وأخرجه البخاريّ (6/ 654) (61) كتاب الماقب: (23) باب صفة النبى - صلى الله عليه وسلم -، رقم (3562). ومسلم:. (4/ 1809) (43) كتاب الفضائل (16) باب كثيره حيائه، رقم (3320). (¬4) الأحكام الوسطى: (39). (¬5) تكملة الصلة رقم (1797)، وسير أعلام النبلاء: (20/ 72).

8 - أبو بكر عبد العزيز بن خلف بن عبد الله بن سعيد بن العباس ابن مدير الأزدي كان من أهل المعرفة بالمسائل الفرعية، توفي بمراكش سنة (544) هـ (¬1) 9 - أبو الأصبع عبد العزيز بن علي بن الطحان، ولد بإشبيلية وتوفي بحلب، رحل من إشبيلية، وتوفي بحلب (¬2). 10 - أبو القاسم على بن الحسن بن هبة الله الدمشقي الشافعي صاحب تاريخ دمشق، المعروف بابن عساكر، الإمام العلامة والحافظ الكبير المتوفى سنة (571) هـ (¬3). كتب إلي أبي محمد عبد الحقّ بالاجازة (¬4). 11 - أبو الحسن على بن محمد بن على بن هذيل المقرئ ولد ببلنسية، وبها توفي، وأقرأ بها وأسمع أزيد من ستين سنة، توفي سنة (564) هـ (¬5). وهذا يدل على أن عبد الحق رحل إلى شرق الأندلس. 12 - أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبدالله، ابن العربي الأندلسي الإشبيلي المالكي، إمام حافظ علامة، كان أبوه من كبار أصحاب ابن حزم، بخلاف ابنه القاضي أبي بكر، فإنه منافر لابن حزم، محطّ عليه بنفس ثائرة بهما يقول الذهبي (5)، صنف في الحديث والفقه والأصول وعلوم القرآن والأدب والنحو والتاريخ توفي بفاس سنة (543) هـ (¬6). قال الحجاري: لو لم ينسب لإِشبيلية إلا هذا الإِمام الجليل لكان لها به من الفخر ما يرجع عنه الطرف وهو كليل (¬7). ¬

_ (¬1) معجم أصحاب الصدفي: (263)، الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام: (8/ 400). (¬2) نفح الطيب: (2/ 634). والإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام: (8/ 402). (¬3) سير أعلام النبلاء: (20/ 554). (¬4) تذكرة الحفاظ: (4/ 1350). (¬5) الذيل والتكملة: (5/ 1/ 270). (¬6) الشروح والتعليقات: (67)، وسير أعلام النبلاء: (20/ 198). (¬7) المغرب في حلي المغرب: (1/ 254).

تلاميذه

توفي ابن العربي بفاس سنة: (543) (¬1). تلاميذه: كثر أولئك الذين تلقوا عن ابن الخراط، وتخرجوا به، وحملوا عنه، وأجاز لهم مروياته، وهذا ما وقفت عليه منهم، مع الترجمة لأشاهرهم وكبرائهم: 1 - أبو جعفر أحمد بن علي بن يحيى بن عون الله الدَّاني ثم المرسى الحصار، مقرئ الوقت، قال ابن الأبار: لم يكن أحد يدانيه في الضبط والتجويد، أخذ عنه الآباء والأبناء، أضطرب بأَخَرَةٍ اهـ. مات سنة (609) وقد قارب الثمانين، أجاز له عبد الحق (¬2) 2 - أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد اللخمي ابن أيى عزفة، ورد تلميذا لعبد الحقَ في إسناد ذكره الذهبي لحديث "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من العذراء ... " الحديث من طريق الطبراني. قال الذهبي: قال أبو العباس بن فرتون، ثنا أبو العباس العزفي بسبتة، قال: أنبأنا عبد الحق، ثنا عبد العزيز بن خلفى بن مدير، ثنا أبو العباس بن ولهاث العذري، تنا محمد بن نوح بمكة، أنا أبو القاسم الطبراني، فذكره (¬3). توفي سنة (633) هـ (¬4). 3 - أبو جعفر أحمد بن يحيى بن أحمد بن عَمِيرة الضبي، المؤرخ الأندلسي صاحب "بغية الملتمس في تاريخ الأندلس" استوفى فيه ما كتبه الحميدي في "جذوة المقتبس" إلى حدود (450) هـ وزاد عليه إلى أيامه، كان يحترف الوراقة، ونال منها مالاً كبيراً، وكتب بخطه كتباً كثيره، وكان آية في سرعة الكتابة، ركب ¬

_ (¬1) وانظر ترجمته أيضا فى: وفيات الأعيان: (4/ 266)، ونفح الطيب: (2/ 25)، شذرات الذهب: (4/ 141) وغيرها. (¬2) التكملة: (1/ 100)، سير أعلام النبلاء: (22/ 16). (¬3) تذكرة الحفاظ: (4/ 1352). (¬4) انظر فى كناب الِإيراد: (46).

متن الأسفار في شمال إفريقية وطوف في بلادها فزار سبتة ومراكش وبجاية، وسمع فيها من عبد الحق، ثم جاء إلى الإِسكندرية، وتوفي بمرسية سنة (599) هـ (¬1). 4 - أبو أحمد جعفر بن أحمد بن أمية المجرى، أجاز له عبد الحق والسَّلَفي، وكان فقيهاً، بصيراً بالمسائل مشاركاً فى الأدب إخبارياً، وتوفى سنة (596) هـ (¬2). 5 - أبو الفضل جعفر بن محمد علي بن طاهر بن تميم القيسى، عالم فقيه، وأديب ورع، من أهل بجاية، وكان أبوه قاضياً بها، استدعاه الخليفة ابن عبد المؤمن إلى مراكش ليتولى منصب كتابة السر، له رواية عن السهيلي صاحب الروض الأنف، وعبد الحق الإِشبيلي، وأنشده لنفسه: قالوا: صف الموت يا هذا وشدته ... وقد مضى. توفي سنة (598) هـ (¬3). 6 - أبو جعفر الحسن بن محمد بن الحسن بن الرِّهْبيل الأنصاري. أجاز له عبد الحق في ربيع الأول سنة (577) هـ ببجاية. توفي سنة (585) هـ (¬4). 7 - أبو سليمان داود بن سليمان بن عبد الرحمن بن حَوْط الله الأنصاري الحارثي البلنسي الأُندي، وأنُدة: من عمل بلنسية - محدث حافظ. ألف في أسماء شيوخه وهم يزيدون على المئتين، وكانت الرواية أغلب عليه من الدراية، وكان هو وأخوه أوسع أهل الأندلس رواية في وقتهما مع الجلالة والعدالة (¬5). ¬

_ (¬1) الإعلام بمن حل مراكش: (1/ 236) نفح الطيب: (2/ 381). الأعلام للزركلي: (1/ 268). معجم المؤلفين: (2/ 200). (¬2) التكملة لكتاب الصلة: (1/ 243). (¬3) عنوان الدراية: (53). (¬4) التكملة لكتاب الصلة: (1/ 261). (¬5) المصدر السابق: (1/ 316) انظر: التكملة لوفيات النقلة: (3/ 119)، سير أعلام النبلاء: (22/ 184). شذرات الذهب: (5/ 94)، فهرس الفهارس: (1/ 488).

توفِى على قضاء مالقة في سادس ربيع الآخر سنة (621) هـ، ولم ير أكثر باكياً من جنازته. 8 - أبو الربيع سليمان بن موسى بن سالم بن حسان الحميري الكَلاعي البلنسي، كان إماماً في صناعة الحديث، عارفاً بالجرح والتعديل، مع الإستبحار في الأدب، والإشتهار بالبلاغة، والبراعة في علوم القرآن والتجويد، أجاز له عبد الحق، وتوفي سنة (634) (¬1). 9 - أبو الحسن سهل بن محمد بن سهل بن محمد بن مالك الأزدي الغرناطي، كان من جِلَّة العلماء، والأئمة البلغاء الخطباء، جمع التفنن في العلوم، أجازه عبد الحق بالأحكام الصغرى، وروى عنه الأحكام الكبرى، توفي سنة (640) هـ (¬2). 10 - أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن الحسن بن منتيال الوراق، رحل حاجاً فسمع من عبد الحق (¬3). 11 - أبو محمد عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن بن عثمان التميمي، شيخ فقيه، لقي أبا محمد عبد الحق الإِشبيلي، وأخذ عنه وسمع منه، وأجاز له أبو الطاهر السِّلفي، وولي قضاء سبتة وبلنسية، توفي بتونس سنة (620) هـ (¬4). 12 - أبو محمد عبد الله بن سليمان بن داود بن حوط الله الأنصاري الحارثي الأندلسي الأندي، حافظ محدث، خطيب بليغ، شاعر نحوي، تصدَّر للقراءات والعربية، وأدب أولاد المنصور بمراكش،، نال عزا ودنيا واسعة، وولي قضاء قرطبة وأماكن، روى عن أبن الخراط الأحكام الكبرى والصغرى، وتوفي سنة ¬

_ (¬1) التكملة لوفيات النقلة: (3/ 461)، سير أعلام النبلاء: (23/ 134). شذرات الذهب: (5/ 164). (¬2) الإحاطة: (4/ 278)، برنامج الوادى آشي: (209) سير أعلام النبلاء: (23/ 103). (¬3) الحلل السندسية: (3/ 42). (¬4) عنوان الدراية: (244).

(612) هـ (¬1). 13 - أبو بكر عتيق بن علي بن سعيد العيدري، كان عن أهل التجويد والقراءات، مع تحقق الفقه، ولي قضاء بلنسية وخطب بجامعها، أجازه ابن بشكوال والسِّلفي وعبد الحق، توفي سنة (600) هـ (¬2). 14 - أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن خيرة، خطيب بلنسية، حج سنة (578) ولقى عبد الحق ببجاية، ومات سنة (634) هـ (¬3). 15 - علي بن الحسين الصدفي الفاسي (¬4). 16 - أبو الحسن علي بن أبي نصر فتح أو فاتح بن عبد الله البجائي. روى الأحكام الصغرى عن عبد الحق، كان من المعمرين ولد سنة (506) وتوفي (652) هـ (¬5). 17 - أبو الحسن علي بن محمد بن الحصار الخزرجى، روى مؤلفات عبد الحق ورحل مشرقاً سنة (573)، وتوفي سنة (630) هـ (¬6). 18 - أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن إدريس الزناتي، سمع عن عبد الحق بعض تواليفه (¬7). 19 - أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن جميل العارفي، قرأ الأحكام الصغرى سماعاً علي مؤلفها عبد الحق من لفظه، توفي سنة (605) هـ (¬8). 20 - أبو علي عمر بن محمد بن عمر بن عبد الله الأزدي الإِشبيلي الملقب ¬

_ (¬1) تكملة الصلة: (2/ 883)، التكملة لوفيات النقلة: (3/ 357) سير أعلام النبلاء: (41/ 22). (¬2) نيل الإبتهاج: (215). (¬3) الذيل والتكملة: (5/ 1/ 161). (¬4) جذور الإقتباس: (2/ 409). (¬5) عنوان الدراية: (137). (¬6) الذيل والتكملة: (5/ 1/ 315). (¬7) المصدر السابق: (5/ 1/ 193). (¬8) المصدر السابق: (5/ 1/ 315).

بالشَّلَوبين -يعني الأبيض الأشقر في لغة الأندلسيين- روى الأحكام عن عبد الحق وكان أسند من بقي بالمغرب، وإماماً في العربية، توفي سنة (645) هـ (¬1). 21 - أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن حزب الله الفاسي يعرف بابن البقار، أجاز له عبد الحق (¬2). 22 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الهاشمي الأندلسي الصوفي، صحب بالمغرب جماعة من أعلام الزهاد، وروى الأحكام الكبرى عن عبد الحق. وخرج إلى مصر ثم نزل بيت القدس، وبه توفي سنة (599) هـ (¬3). 23 - أبو الخطاب محمد بن أحمد بن خليل السَّكوني الأندلسي الكاتب المنشئ شيخ البلاغة والإِنشاء، أخذ عنه أبو جعفر ابن الزبير ولازمه، وأثنى عليه، وقال كان روضة معارف، متقدماً في العلوم الأدبية، لم ألق مثله، كان يخطب على البدِية، ويكتب من غير تكلف ... وكر انتفاعي به، وكان من الأسخياء الأجواد. اهـ. وهو آخر من حدث عن عبد الحق، ولم يلقه، وإنما كتب إليه مجيزا له، وتوفي سنة (652) هـ (¬4). 24 - مجد الدين محمد بن أحمد بن غالب الأزدي، ذكره الذهبي فيمن روى عن عبد الحق، وورد راوياً عن عبد الحق في إسناد الذهبي إلى أبي عيسى الترمذي لحديث أبي سعيد "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من العذراء في خدرها" (¬5). ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء: (23/ 207)، والعبر. (3/ 252)، وفيات الأعان: (451/ 3). فهرس الفهارس: (2/ 1077). (¬2) التكملة لكتاب الصلة: (2/ 678). (¬3) التكملة لوفيات النقلة: (1/ 468) سير: (21/ 400) عبر: (3/ 126)، النجوم الزاهرة: (6/ 184). (¬4) الذيل والتكملة (5/ 631/2)، وسير أعلام النبلاء: (23/ 299). (¬5) سير أعلام النبلاء: (21/ 201) وتذكرة الحفاظ: (4/ 1351).

25 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله الأندلسي الأنصاري الأنْدَرَشيُّ، ويعرف أيضا بابن البلنسي، محدِّث جوَّال، وثقه جماعة وحملوا عنه وما هو بمتقن، وولي خطابة المَريّة، قاله الذهبي. توفي سنة (621) هـ على ظهر البحر قاصداً مالقة (¬1). 26 - أبو عبد الرحمن محمد بن جعفر بن أحمد بن محمد المخزومى، رحل حاجاً، فلقي في بجاية عبد الحق وسمع منه بعض تآليفه، منها كتاب التهجد. توفي سنة (632) هـ (¬2). 27 - أبو عبد الله محمد بن حسن بن محمد بن عبد الله بن خلف ابن الحاج الأنصاري المعروف بابن صاحب الصلاة، رحل حاجاً فلقى في طريقه أبا محمد وسمع منه، وأفاد عنه سرد تَواليفه، ونقلها عنه ابن فرحون في الديباج المذهب (¬3)، وورد تلميذا لعبد الحق في إسناد الغبريني إليه (¬4). توفي سنة: (609) هـ (¬5). 28 - أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن علي بن محمد بن سليمان التُّجيبي المُرسيُّ، الإِمام الحافظ محدث تلمسان، قال الذهبي (¬6): سمع بمكة من علي ابن عمار "صحيح البخاري" وسمع ببجاية من عبد الحق الحافظ. اهـ. توفي سنة: (610) وله نحو من سبعين سنة (¬7). 29 - أبو عبد الله محمد بن عثمان بن سعيد بن بقيميس، كان مفتيا أصولياً، لقي عبد الحق في رحلته سنة (575)، وحمل عنه الأحكام الصغرى وحدث ¬

_ (¬1) سير أعلام النلاء: (22/ 250)، النكملة لوفيات النقلة: (2/ 134). (¬2) التكملة لكتاب الصلة: (2/ 634). (¬3) انظر: (176). (¬4) التكملة لكتاب الصلة: (2/ 634). (¬5) عنوان الدراية: (44). (¬6) سير أعلام النبلاء: (32/ 25). (¬7) له ترجمة حافلة في التكملة لكتاب الصلة: (2/ 588).

به، مات سنة (608) هـ (¬1). 30 - أبو عبد الله محمد بن علي بن حماد بن عيسى بن أبي بكر الصنهاجي له حظ وافر، وعلم ماهر بعلوم القرآن والحديث والأصول والنحو والأدب والتاريخ، ولاه الوحدون قضاء المغوب والأندلس في عدة أماكن، روى عن عبد الحق كتاب الموطأ وغيره وذلك ببجاية، له تواليف، مبها كتاب الِإعلام بفوائد الأحكام لعبد الحق الإِشبيلي" توفي سنة (628) هـ وكان ينيف على الثمانين (¬2). 31 - أبو عبد الله محمد بن علي بن يخلف بن حسون (¬3)، توفي سنة (606) هـ 32 - أبو الحكم مروان بن عمار بن يحيى، من أهل بجاية، اكان من الأدباء النبهاء، مشاركا في أبواب من العلم، توفي سنة (610) هـ (¬4). وأنشده عبد الحق أبو محمد: لا يخدعنك عن دين الهدى نفر ... لم يرزقوا في التماس الحق تأييدا عمي القلوب عروا عن كل معرفة ... لكنهم كفروا بالله تقليدا (¬5) 33 - أبو ذر مصعب محمد بن مسعود بن عبد الله الخشني الأندلسي، العلامة اللغوي إمام النحو، العروف بابن أبي ركب، له مصنفات منها مصنف كبير لا شرح كتاب سيبويه، توفي بفاس سنة (604) هـ عن سبعين سنة (¬6). وإسماعه موجود لأحد تلامذته على طرة الأحكام الصغرى في العشر الأخيرة من شعبان سنة (608) هـ (¬7). ¬

_ (¬1) التكملة لكتاب الصلة: (2/ 589). (¬2) المصدر السابق: (2/ 627) - رقم (1637). عنوان الدراية: (218). فهرس الفهارس: (2/ 710). (¬3) التكملة لكتاب الصلة: (2/ 683). (¬4) عنوان الدراية: (321). (¬5) التكملة لكتاب الصلة: (2/ 698) ترجمة رقم (1782). (¬6) المصدر السابق: (2/ 700) رف (1785) سير أعلام النبلاء: (21/ 477). (¬7) الشروح والتعليقات: (76).

وروى ابن غازي الأحكام الصغرى بإسناده إلى أبي ذر (¬1). 34 - أبو زكريا يحيى بن عبد الرحمن بن عبد المنعم القيسي الواعظ المغربي، ولد بدمشق، ودخل أصبهان، وتفقه بها، ودخل بلاد المغرب، وأخذ ببجاية عن الحافظ عبد الحق، وجال في بلاد الأندلس، واستوطن غرناطة، وكان فقيها فاضلاً، زاهداً عابداً، توفي سنة (608) هـ (¬2). 35 - أبو زكريا يحيى بن علي بن حسن بن حبوس الحمداني، أحد فقهاء بجاية، له ترجمة في عنوان الدراية (¬3). 36 - أبو يعقوب يوسف بن عيسى روى الأحكام الصغرى عن عبد الحق (¬4). 37 - أبو الحجاج يوسف بن محمد بن عبد الله بن غالب البلوي المالقى المعروف بابن الشيخ (صاحب ألف باء). حمع من عبد الحق والسُّهيلي والسلفي، وكان إماماً صالحاً قدوة كثيرالغزو، تلا بالسبع وأقرأ وتولى الخطابة بمالقة، ورحل إلى الاسكندرية، فسمع بها من الحافظ أبي طأهر السِّلفى وغيره، وأفاد، وكان من أقعد الناس بعبد الحق وأخباره، أقام معه ببجاية قبل الحج وبعده وعزم عليه في تأليف الأحكام، وأخذه عنه. وكانت وفاته سنة (604) هـ (¬5). 38 - أبو محمد عبد الله بن الحسن بن أحمد بن يحيى الأنصاري الأندلسي، القرطبي الأصل، المالقى الدار، الفقيه النحوي بمالقة، المشهور بابن القرطبي، كان من أهل المعرفة التامة بصناعة الحديث، مع المعرفة بالقراءات، والمشاركة في العربية، روى عن عبد الحق بعض كتبه، ومات بمالقة خطباً بها ¬

_ (¬1) فهرس ابن غازي: (108). (¬2) نفح الطيب: (3/ 68)، طبقات الشافعية الكبرى: (8/ 400). (¬3) انظر: (254). (¬4) برنامج الوادي آشى: (209). (¬5) صلة الصلة لابن الزبير: (217)، التكملة لوفيات النقلة: (2/ 147). سير أعلام النبلاء: (21/ 479).

مصنفاته

سنة (611) (¬1). مصنفاته: اشتهر أبو محمد ببراعة التأليف، وجودة التصنيف، ومدح العلماء تواليفه، وأُغرموا بها، واعتمدوا عليها، وشاعت عند أهل المشرق والغرب معاً وانتفعوا بها، وشهدوا لعبد الحق بسببها بالحفظ والإتقان، وسعة العلم والإطلاع، ودقة الفهم، وشدة الذكاء. يقول الغبريني: "وله - رضي الله عنه - تآليف جليلة، نبل قدرها، واشتهر أمرها، وتداولها الناس رواية وقراءة وشرحاً وتبينا (¬2) ". وحتى كتابتي هاتيك السُّطور فإن تواليف عبد الحق -مع أنه بهذي الإِمامة وهى بهذي البراعة- لم يُنشر منها إلا تأليفٌ واحد، عنيتُ كتابه "العاقبة". وهذا سرد لأسماء كتبه وتعريفٌ ببعضها، وأماكن وجودها -إن وُجدتْ- (1، 3،2) الأحكام الشرعية الكبرى والوسطى والصغرى. وكان أول ما صنف منها "الأحكام الكبرى"، جمع فيه أحاديث الأحكام وغيرها من الآداب والرقائق ونحوها، وفيه يسوق أبو محمد الأحاديث بأسانيد المصنفين، مثال ذلك أول حديث ذكره، وهو حديث عمر في الإِسلام والإِيمان والإِحسان. مسلم بن الحجاج -رحمه الله- حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب، ثنا وكيع، عن كهمس, عن عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يَعمَر، قال: وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري -وهذا حديثه-: ثنا أبي، ثنا كهمس، عن ابن ¬

_ (¬1) التكملة لوفيات النقلة: (2/ 321) سير أعلام النبلاء: (22/ 69). (¬2) عنوان الدراية: (42).

بريدة، عن يحيى بن يعمر، قال: كان أول من قال بالقدر (¬1) ... الحدث ثم ساقه بإسناد آخر من عند مسلم، ثم ذكره من طريق أبي داود الطيالسي، وعقبه بذكر الكلام على بعض رواته، ثم ساقه من طريق الدارقطني، ثم من طريق أبي داود، ثم ساقه من طريق مسلم من حديث أبي هريرة، وبعده ذكر أسماء بعض أصحاب الكنى الذين وردوا في الإِسناد، وذكر منها الخلاف في اسم أبي هريرة، ثم ذكره من طريق آخر من عند مسلم من حديث أبي هريرة أيضا، ثم ذكره من طريق النسائي. ثم ذكر حديثاً آخر من طريق عبد بن حميد، وأردفه بحديث وفد عبد القيس من عند مسلم. وفي أحايين نادرة جداً يسوق بعض الأحاديث بأسانيده هو بسماعه من شيخه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولدي نسخة مصورة عن دار الكتب المصرية [(29) حديث] كتبت بقلم نسخى سنة (774)، وعليها ملكية في سنة (852) وتوقيع الحافظ ابن حجر العسقلاني بشهادته على وقف الكتاب، وذكر ابن حجر في شهادته أنها ستة أجزاء، والموجود عندي أربعة أجزاء، الأول وليس فيه خطبة أو مقدمة، والثاني والخامس والسادس، وذكر بروكلمان نسخاً منها وأجزاء في عدة مكتبات (¬2). وقد ذكر الأحكام الشرعية الكبرى كثير ممن ترجم لابن الخراط، غير أنه لم يشتهر اشتهار الوسطى والصغرى، ومما يدل على هذا قول الذهبي: "وسارت بأحكامه الصغرى والوسطى الركبان، وله "أحكام كبرى" قيل: هى بأسانيده، فالله أعلم" (¬3) اهـ. وكان ابن القطان يرجع إليها في أحايين كثيرة، ويذكر أنها بخط مؤلفه، ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 36) (1) كتاب الِإبمان (1) باب الإِيمان والإسلام والإِحسان، رقم (8). (¬2) تاريخ الأدب العربي: (6/ 279). (¬3) سير أعلام النبلاء: (21/ 199).

وذلك أثناء انتقاده للأحكام الوسطى في كتابه "بيان الوهم والإِيهام الواقعين في كتاب الأحكام". بل كان عبد الحق يذكرها في الأحكام الوسطى ويحيل عليها -كما سيأتي- ويسميها بالكتاب الكبير. الأحكام الشرعية الوسطى: وهذا الكتاب اختصره من الأحكام الشرعية الكبرى، وقد أشار أبو الحسن ابن القطان إلى هذا حيث يقول في مقدمة كتابه "بيان الوهم والإِيهام" "وعلمت ذلك، إما بأن رأيته قد كتبه في كتابه الكبير الذي يذكر فيه الأحاديث بأسانيدها، الذي منه اختصر هذا (¬1) " هذا مع إضافات قليلة وتقديم وتأخير طفيف. وأهم معالم هذا الإختصار: 1 - حذف الأسانيد، وأحياناً يذكر بعض رجال الإِسناد، ليتبرأ من ذمته. 2 - حذف بعض الأحاديث. 3 - حذف بعض روايات الحديث. 4 - الإكتفاء بذكر الزيادة في الرواية. 5 - حذف بعض كلامه وشرحه وبيانه. 6 - حذف بعض تراجم الأبواب. وعلى سبيل المثال كان أختصاره لا أوردناه من الكبرى كالتالي: - مسلم، عن يحيى بن يعمر، قال: كان أول من قال بالقدر ... الحديث ثم حذف طريقه الأخرى. - وحذف رواية أبي داود الطيالسي. ¬

_ (¬1) بيان الوهم والإيهام: (1/ 4) وقال ابن القطان أيضا (1/ 8): هكذا رأيتُهُ كتبه بخطه في كتابه الكبير حيث يذكر الأحاديث بأسانيدها .. ثم اختصره من هنالك.

- ورواية أبي داود السجستاني. - واكتفى بذكر الزيادة في حديث أبي هريرة. - وحذف بيانه لبعض أصحاب الكنى والإختلاف في اسم أبي هريرة. - واكتفي بذكر الزيادة في الرواية الثانية لحديث أبي هريرة. - ثم حذف رواية النسائي. - وحذف حديث عبد بن حميد. - ثم حذف إسناد حديث وفد عبد القيس، ولم يعزه، اكتفاء بعزو الحديث الذي قبله لمسلم فقال: وعن ابن عباس قال: إن وفد عبد القيس ... الحديث. وإذا كان الحديث مروياً بإسناده المتصل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأحياناً يذكر الإِسناد، وأحياناً أخرى يحذفه ويحيل إلى الكبرى، كما فعل في باب من أبواب العلم لم يذكر له ترجمة - قال: ومما رويته بالإِسناد المتصل إلي ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" ذكرت إسناده في الكتاب الكبير، وقد ذكره أبو بكر الأصيلى في الفوائد وابن المنذر في كتاب الإِجماع (¬1) اهـ. هذا، وقد عُرِفتْ الأحكام الوسطى بالأحكام الشرعية الكبرى، يقول الكتاني: "ولعبد الحق أيضا الأحكام الوسطى في مجلدين، قال في شفاء السَّقام (¬2)، وهى المشهورة اليوم بالكبرى، ذكر في خطبتها أن سكوته عن الحديث دليل على صحته فيما نعلم (¬3) " حتى اشتهر أن لأبي محمد نسختين كبرى وصغرى، ويقصد بالكبرى الوسطى، يقول ابن الأبار: "قد صنف في الأحكام نسختين كبرى وصغرى (¬4) " ويقول المنذري: "له من التصانيف: "الأحكام ¬

_ (¬1) الأحكام الوسطى (). (¬2) شفاء السَّقام في زيارة خير الأنام لنتقي السبكى: () (¬3) الرسالة المستطرفة: (179). (¬4) سير أعلام النبلاء: (21/ 201).

الكبرى" و "الأحكام الصغرى (¬1) " ويقول الذهبي في ترجمة عبد الحق: "أحد الأعلام ومؤلف "الأحكام الكبرى" و "الصغرى (¬2) ". ومما يؤكد أيضا أن الأحكام الوسطى شهرت بين العلماء بالأحكام الكبرى، أنه كتب اسم الأحكام الكبرى على طرة نسخ الأحكام الوسطى المخطوطة ونهايات أجزائها ومن له أدنى اطلاع على كتاب "بيان الوهم والإيهام" لابن القطان، ورأى الأحكام الوسطى وقلب أوراقها، يعلم علما يقينياً لا يخالجه شك أن كتاب "بيان الوهم والايهام" نقدٌ وتعقبٌ للأحكام الوسطى، وكلمة ابن القطان التى نقلناها قريباً تؤكد أيضا أن كتابه نقد للوسطى ليس للكبرى أبداً، ومن ثم يقول الذهبي في سيره (¬3) "وصنف الحافظ القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن عبد اللك الحميري الكتامي الفاسي المشهور بابن القطان كتاباً نفيساً في مجلدتين سماه "الوهم والإِيهام فيما وقع من الخلل في الأحكام الكبرى لعبد الحق" يناقشه فيه فيما يتعلق بالعلل وبالجرح والتعديل، طالعته، وعلَّقت منه فوائد جليلة"، ويقول في تذكرته (¬4) "طالعت كتابه السمى بالوهم والإِيهام الذي وضعه على الأحكام الكبرى لعبد الحق". فالذهبي هنا يعني بالكبرى الأحكام الوسطى، لأنه لم ير الكبرى ولا وقف عليها، إذ قال بعد سطور من كلمته هذه في سيره "وسارت بأحكامه الصغرى والوسطى الركبان، وله أحكام كبرى، قيل: هى بأسانيده، فالله أعلم (¬5) ". وقد نصَّ على أن كتاب الوهم والإِيهام لابن القطان موضوع على الأحكام الوسطى التجيبي في برنامجه (¬6)، فذكر كتاب الوهم، ثم قال: "وهذا الكتاب ¬

_ (¬1) التكملة لوفيات النقلة: (1/ 61). (¬2) العبر: (3/ 82). (¬3) سير أعلام النبلاء: (21/ 200). (¬4) تذكرة الحفاظ: (4/ 1407). (¬5) سير أعلام النبلاء. (21/ 199). (¬6) انظر: (ص: 152).

موضوع على النسخة الوسطى من الأحكام". صفوة القول: إن كتاب الوَهم والإِيهام لابن القطان موضوع على الأحكام الوسطى الذي اشهر باسم "الأحكام الكبرى"، وبذا يتبين خلط كثير من الباحثين ومفهربر الخطوطات بين الأحكام الكبرى والوسطى وموضوع كتاب الوهم والإِيهام (¬1). وعندي نسختان خطيتان من الأحكام الوسطى، كتب عليهما "الأحكام الكبرى": الأولى كتبت بقلم نسخي في ثلاثة أجزاء، وعليها، سماعات وقراءات في سنة (611) هـ، وهى من مصورات إستانبول، وعدد أوراقها (269)، منها نسخة مصورة محفوظة بجامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية بالرياض برقم (3944) ف. الثانية كتبت بقلم نسخي سنه (1125) هـ، وهى مجدولة، وعليها وقف باسم الوزير سليمان باشا على مدرسته سنة (1150) هـ، وعدد أوراقها (235)، وهى من مصورات المكتبة الظاهرية. وقد ذكر صاحب الشروح والتعليقات (¬2) أن قطعاً وأجزاء من الأحكام الوسطى بالخزانة العامة، والملكية، بالرباط، وبالقرويين، ومن قبله ذكر بروكلمان نسخة بالكتبخانة الخديوية وغوتا. ¬

_ (¬1) انظر على سبيل المثال صاحب الرسالة المستطرفة (ص: 178) إذ ظن أن أبا الحسن بن القطان وضع كتابه "بيان الوهم" على الأحكام الكبرى وليس الوسطى، وصاحب كتاب "رواة الحديث الذين سكت عليهم أئمة الجرح والتعديل" (ص: 93). حين وهم الذهبي فى قوله: "طالعت كتابه المسمى بالوهم بالايهام الذي وضعه على الأحكام الكبرى" والحق أنه لم يهم، وإنما عنى بالكبرى الوسطى، وانظر الشيخ أبا محمد الرحمن بن عقيل الظاهري -حفظه الله- في الشروح والتعليقات (130 - 133) يُغلط ما كتب على النسخ المخطوطة من الأحكام الوسطى، إذ كتب على الأحكام الكبرى، يقول: "إنها الوسطى لا الكبرى، والكبرى عرفت بالوسطى. ولم تعرف الوسطى بالكبرى قط" وهذا خلط عجب، فما نص أحد قط على أن الكبرى عرفت بالوسطى! (¬2) انظر: (130 - 133).

الأحكام الشرعية الصغرى: وهذا الكتاب -الذي نُعنى بتحقيقه- اختصار للأحكام الشرعية الوسطى، اقتصر فيها على ذكر الأحاديث الصحيحة، كما يقول في مقدمته "وتخيرتها صحيحة الإِسناد، معروفة عند النقاد، قد نقلها الأثبات، وتداولها الثقات". وطريقة اختصاره للوسطى تقوم فقط على حذف الأحاديث الضعيفة، مع المحافظة على أصل الوسطى وترتيب نصوصها، بحيث لو افترض وجود نسخة من الوسطى، وأخرى من الصغرى، ثم حذفت الأحاديث الضعيفة من الوسطى، ونُقلت إلى الصغرى، لأصبحت الوسطى صغرى، والصغرى وسطى، إلا في آخره، فقد أخر أبو محمد وقدم قليلا، وقام بحذف القليل من الصحيح. وظن بعضُ أهل العلم (¬1) أيضا أن كتاب أبن القطان المسمى بالوهم والإِيهام موضوع على الصغرى من الأحكام، وقد أبعد الإنتجاع عن الصواب من ذهب إلى هذا، ولا يذهب إليه -بحق- من طالع كتاب بيان الوهم، وتأمله أدنى تأمل، إذ إن مؤلفه قد عقد فيه عدة أبواب، لا ينطبق مضمونها على الأحكام الصغرى التى اقتصر فيها على الأحاديث الصحيحة، من هذه الأبواب: باب ذكر أحاديث أعلَّها. برجال، وفيها من هو مثلهم، أو أضعف، أو مجهول لا يعرف. باب ذكر أحاديث أعلَّها، ولم يبين من أسانيدها مواضع العلة. باب ذكر أحاديث ضعفها، وهي صحيحة أو حسنة، وما أعلها به ليست بعلة، ¬

_ (¬1) كالغبريني في عنوان الدراية (ص: 43) إذ يقول: "وقد كتب أبو عبد الله القطات مزوار بالمغرب على الأحكام الصغرى وتبعه الشع أبو عبد الرحمن بن عقيل في الشروح والتعيقات (ص:111) فقال: (فتيقنت المراد بالشرح انتقاد ابن القطان للأحكام الصغرى بكتابه الوهم بالإِيهام". ثم إنه رجع عن هذا في أواخر كتابه (ص 158).

على أن الممارس للبحث والإطلاع في الأحكام الشرعية الثلاثة وبيان الوهم، ليس في حاجة إلى برهان يؤكد أن بيان الوهم موضوع على الوسطى، وإنما وقع الخلط وعدم التمييز ممن لم يمارس البحث في تلك الكتب الأربعة والتفتيش فيها، ولم يدر الفروق بين أحكام عبد الحق الثلاثة، ولم يرجع أثناء قراءته لبيان الوهم إلى تلك الأحكام ويقابل بين ما ينقله أبو الحسن بن القطان عن أبي محمد بن الخراط وبين ما هو ثابت في تلك الأحكام. وممن روى الأحكام الصغرى بسنده إلى مصنفها: التجيبي في برنامجه (¬1) والذهبي في سيره (¬2) وتذكرته (¬3)، والرصاع في فهرسه (¬4)، والوادي اشي في برنامجه (¬5)، وابن غازى في فهرسه (¬6) والمنذري مناولة في تكملته (¬7). وقد ذكرنا في تلاميذ عبد الحقّ من روى منهم الأحكام الصغرى وحملها عنه بالسماع أو الإِجازة. وشرح الأحكام الصغرى غير واحد من العلماء. منهم: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مرزوق التلمساني المالكي، يعرف بحفيد ابن مرزوق، وقد يختصر بابن مرزوق، دخل القاهرة، وقرأ على البلقيني وابن الملقن والعراقي، وأخذ عنه ابن حجر، وتوفي سنة (842) هـ وترك مصنفات كثيرة منظومة ومنثورة، منها "المتجر الربيح شرح الجامع الصحيح" ولم يكمله و" أنواع الدراري في مكررات البخاري" وشرح التسهيل والألفية وغير ¬

_ (¬1) انظر: (ص:151) (¬2) انظر: (21/ 201) (¬3) انظر: (4/ 1352) (¬4) انظر: (ص: 105) (¬5) انظر: (ص: 209) (¬6) انظر: (ص: 208) (¬7) انظر: (1/ 61)

ذلك (¬1). أبو عبد الله صدر الدين محمد بن عمر بن علي المصري الشافعي، المعروف بابن المرحل وابن الوكيل، أفتى وهو ابن عشرين سنة، وكان لا يقوم لمناظرة شيخ الإسلام ابن تيمية أحدٌ سواه، قال ابن السبكى: كان إماماً كبيراً، بارعاً في المذهب والأصلين ... كان الوالد -رحمه الله- يعظم الشيخ صدر الدين ويحبه، ويثني عليه بالعلم وحسن العقيدة ومعرفة الكلام على مذهب الأشعري! وذكر الشوكاني أنه شرع فِى شرح الأحكام لعبد الحق فكتب منه ثلاث مجلدات، توفي سنة (716) هـ (¬2). أبو محمد عبد العزيز بن إبراهيم بن أحمد القرشي، التميمي، التونسي المعروف بابن بَزيزة، الصوفي، الفقيه، المفسر، المتوفى سنة (662) هـ (¬3). - أبو الأصبغ عبد العزيز بن خلف بن إدريس السلمي الشاطبي، المتوفى سنة (662) هـ (¬4). وعندي من الأحكام الصغرى أربع نسخ مخطوطة، اعتمدنا عليها في تحقيقها: 1 - نسخة بقلم معتاد يوسف بن عبد العزيز بن عبد الله سنة (691) هـ، وهي مصورة عن مكتبة تشستربيتي برقم (3944)، ويبلغ عدد ورقاتها (211)، ومنها نسخة مصورة في مكتبة جامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية برقم (3944) ف، وبها خروم في مواضع متفرقة، ولتقدُّمِ وصولها اعتمدناها أصلاً. ¬

_ (¬1) الضوء اللامع (7/ 50)، البدر الطالع: (2/ 119). (¬2) طبقات الشافعية الكبرى: (9/ 253)، الدرر الكامنة: (4/ 234)، النجوم الزاهرة: (9/ 233). الدر الطالع: (2/ 234)، مقدمة تحفة الأحوذي: (1/ 271). (¬3) نيل الإبتهاج: (178)، والحلل السندسية: (1/ 662)، معجم المؤلفين: (5/ 239). (¬4) الشروح والتعليقات: (120).

2 - نسخة تامة بقلم نسخى جيد مضبوط كتبها علي بن نصر بن عمر الحنفي في صفر سنة (680) هـ، وهي مصورة في مكتبة جامعة الإِمام، برقم (2652) ف، وهى (223) لوحة، وفي الفيلم بياض لوحتين من قبل آخره، ورمزنا لها بحرف: (ف). 3 - نسخة بقلم أندلسي جيد سنة (594) هـ، عليها مقابلة تمت سنة (600) هـ، بها أكل أرضة أتت على بعض الكلمات، وهى مصورة من خزانة جامعة القرويين بفاس (80/ 158)، وعدد ورقاتها (162) ورقة، وعليها سماع لأبي ذر الخشني .. ، ورمزنا لها بحرف (د). 4 - نسخة من السفر الأول، انتهى بتمام كتاب الحج، وهى مصورة عن المكتبة البلدية بالإِسكندرية برقم (1298/ ب). ورمزنا لها بحرف: (ب) وثمة نسخ أخرى من الأحكام الصغرى ذكرها بروكلمان منها في المتتحف البريطاني والكتبخانة الخديوية (¬1). وهذه بقية كتب عبد الحق: 4 - "الأنيس في الأمثال والمواعظ والحكم والآداب" من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - والصالحين، ذكره ابن الحاج الأنصاري (¬2). 5 - "كتاب البهجة" ذكره البلوي (¬3). 6 - "تلقين الولد"، طبع بالمغرب عام (1372) هـ تقريباً، عن نسخة بالخزانة الكنونية بطنجة، وهو كتاب صغير، تضمن أحاديث تلقن للأطفال من أبواب الفقه (¬4). ¬

_ (¬1) تاريخ الأدب العربي: (6/ 279). (¬2) الديباج المذهب: (177). (¬3) ألف باء: (2/ 415). (¬4) مقدمة نقد الإمام الذهبي لبيان الوهم والايهام: (ص: 19).

7 - "كتاب التوبة" ذكر ابن الحاج الأنصاري أنه في سفرين (¬1). 8 - "تهذيب المطالب" ذكره صاحب هدية العارفين (¬2). 9 - "الجامع الكبير في الحديث" ومقصوده فيه الكتب الستة، وأضاف إليه كثيراً من مسند البزار وغيره، منه صحيح، ومعتل. تكلم على علله، ونهب منه في دخلة البلد في الفتنة، قاله ابن الحاج الأنصاري (¬3)، وما أظن سنن ابن ماجه من مقصوده في الكتب الستة، فإنه لم يعتمد عليها في أحكامه الثلاثة ولا في "العاقبة" فلعله لم يصله! وأغلب ظني أن مقصوده بالكتاب السادس موطأ الإِمام مالك، لا سيما وقد ذكر في مقدمة الأحكام الوسطى -وهو يذكر مصادره- هذه الستة معه وجعلها أصل مصادره، ونبه أنه أضاف إليها من كتب أخرى. 10 - "جامع الكتب الستة" ذكره ابن الحاج الأنصاري، قال: ونهب منه أيضا في الدخلة المذكورة (¬4) اهـ. وقال أبن الأبار: له مصنف كبير جمع فيه بين الكتب الستة (¬5). 11 - "الجمع بين الصحيحين" ذكره كثير ممن ترجم له، وأثنى عليه الذهبي قائلاً: "وعمل "الجمع بين الصحيحين" بلا إسناد على ترتيب مسلم وأتقنه وجوَّده (¬6) "، بل فضله على سائر الجوامع بين الصحيحين ابنُ ناصر الدين القيسي فذكر أن عبد الحق أحسن من جمع بين الصحيحين (¬7) , وتوجد منه عدة نسخ خطية ذكرها بروكلمان (¬8) والشيخ ابن عقيل في الشروح ¬

_ (¬1) الديباج المذهب: (177). (¬2) انظر: (1/ 503). (¬3) الديباج المذهب: (177). (¬4) المصدر والموضع السابقين. (¬5) سير أعلام النبلاء: (28/ 199). (¬6) سير أعلام النبلاء: (21/ 119). (¬7) التبيان شرح بديع الزمان: ورقة (135/ب) نقلا عن الروح والتعليقات: (1/ 137). (¬8) تاريخ الأدب العربي: (6/ 279).

والتعليقات (¬1)، وقد تنامى إلى ذهني أن الكتاب حُقق فعسى أن ينشر قريباً. 12 - ديوان شعره في الزهد والوعظ، ذكره الغبريني، منه نسخة ناقصة في خزانة القرويين بفاس برقم (3161). 13 - "كتاب الرقائق" ذكره ابن الحاج الأنصاري (¬2)، وابن الزبير (¬3)، وابن الأبار (¬4)، والغبريني (¬5)، ابن شاكر (¬6)، والكتاني (¬7). 14 - "كتاب الزهد" ذكره ابن شاكر (¬8). 15 - "كتاب الصلاة والتهجد" ذكره كثير ممن ترجم لأبي محمد، ومنه نسختان بالكتبة الظاهرية، وأخريان بدار الكتب المصرية، وأعرف من يعمل فيه بالتحقيق وعسى أن ينشر قريباً. 16 - "كتاب العاقبة" وقد اشتهر هذا الكتاب جداً، ووقع النقل منه، وكان ابن كثير وابن القيم الجوزية ممن يعتمدان عليه، وذكره أكثر من ترجم لعبد الحق، وتوجد منه ثلاث نسخ خطية بالكتبة الظاهرية، وثلاث أُخر بدار الكتب المصرية، وواحدة بمعهد المخطوطات بالقاهرة، ولدى ابن عقيل الظاهري نسختان من تشستربتي (¬9)، وثمة أخريان بتركيا (¬10)، ومع ذلك نشر نشرتين (¬11) بلا مقابلة بين نسخه الكثيرة! ¬

_ (¬1) الشروح والتعليقات: (1/ 137). (¬2) الديباج المذهب: (177). (¬3) صلة الصلة: (5). (¬4) سير أعلام النبلاء: (21/ 199). (¬5) عنوان الدراية: (42). (¬6) فوات الوفيات: (2/ 257). (¬7) الرسالة المستطرفة: (180). (¬8) فوات الوفيات: (2/ 257). (¬9) الشروح والتعليقات: (1/ 143). (¬10) نوادر انحطوطات العربية في مكتبات تركيا (1/ 330)، وانظر تاريخ الأدب العربى: (6/ 279). (¬11) منهما نشرة دار الصحابة للتراث بطنطا.

17 - "فضل الحج والزيارة" ذكره ابن الحاج الأنصاري. 18 - مختصر صحيح البخاري، منه نسختان، واحدة ببطر سبرج، وأخرى بالمتحف الآسيوي - قوقاز (¬1). 19 - مختصر كتاب الرشاطي في الأنساب من القبائل والبلاد، ذكره ابن الحاج الأنصاري، وقال الغبريني: هو أحسن من الأصل (¬2). والرشاطي: هو أبو محمد عبد الله بن علي بن عبد الله بن أحمد اللخمي الحافظ النسَّابة، كان ضابطاً، محدثاً، متقناً، إماماً، ذاكراً للرجال، حافظًا للتاريخ والأنساب، فقبهاً بارعاً، أحد الجلة الشار إليهم، توفي سنة (542) هـ هوقد قارب التسعين (¬3). واسم كتابه: "اقتباس الأنوار والتماس الأزهار في أنساب رواة الآثار" قال ابن الأبار: "لم يسبق إلى مثله، واستعمله الناس (¬4) "ووصفه صاحب بغية الملتمس بأنه قريب كثير الفوائد جامع (¬5). وتوجد قطعة صغيرة من هذا الكتاب في خزانة جامع الزيتونة بتونس" (¬6). وثمة نسخة من مختصر كتاب الرُّشاطي لأبي محمد كائنة في المكتبة الأزهرية برقم (133). 20 - مختصر كتاب الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي، ذكره ابن الحاج الأنصاري. ¬

_ (¬1) تاريخ الأدب العربي. (1/ 371)، وتاريخ التراث: (1/ 244)، الشروح والتعليقات: (1/ 144). (¬2) عنوان الدراية: (42). (¬3) سير أعلام النبلاء: (20/ 258)، بغة الملتمس: (341)، طبقات الحفاط: (470). (¬4) المعجم في أصحاب الصدفي: (218). (¬5) بغية الملتمس: (349). (¬6) فهرس مخطوطات المكتبة الأحمدية بتونس، وانظر الشروح والتعليقات: (1/ 146 - 150) للتعريف بالكتاب.

21 - "المرشد" ذكره ابن الحاج الأنصاري وقال: "تضمن حديث مسلم كله، وما زاد البخاري على مسلم، وأضاف إلى ذلك أحاديث حساناً وصحاحاً من كتاب أيى داود وكتاب النسائي وكتاب الترمذي وغير ذلك، ومما وقع في الموطأ مما ليس في مسلم والبخاري، وهو أكبر من صحيح مسلم" اهـ. 22 - المستصفى من حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، ذكره المعلق على تهذيب الأسماء واللغات (¬1)، وأخشى أن يكون هو الذي قبله. 23 - "المعتل من الحديث" ذكره ابن الحاج الأنصاري، وابن الأبار، وابن شاكر، والكتاني، وذكر الأنصاري أنه قدر صحيح مسلم. وذكر المعلق على تهذيب الأسماء واللغات أنه في نحو ست مجلدات. 24 - "معجزات الرسول - صلى الله عليه وسلم - " ذكره ابن الحاج الأنصاري، وقال في سفر. 25 - "مقالة الفقر والغنى" ذكره الأنصاري أيضا. 26 - الواعي في اللغة، ذكره الأنصاري كذلك، وقال هو في نحو خمسة: عشرين سفراً (¬2)، ووصفه ابن الأبار بأنه: كتاب حافل ضاهى به "الغريبين" لأبي عبيد الهروي، وذكره الغبريني عن بعض طلحة العلم وسماه الحاوي- وقال هو في ثمانية عشر مجلداً. اهـ وقيل غير ذلك. هذه هى مصنفات الإِمام الحافظ عبد الحق الإِشبيلي، وثمة أسماء أخرى للتواليف التي ذكرتها، ربما يُظن أنها أسماء لتواليف أخرى غيرها، وليستْ كذلك، مثال ذلك ما قاله الغبريني: "سمعتُ من شيخنا أبي محمد بن عبادة -رحمه الله- أنه ألف كتاباً كبيراً في الأحكام في الحديث، وهو أضعاف الأحكام الكبرى، سمعت منه أن الكتانب المذكور اضمحل أمره بعد كمال تأليفه لكبيره" ¬

_ (¬1) انظر الحاشية: (1/ 292). (¬2) وذكر الغبريني أنه في ثمانية عشر.

فعده أبو عبد الرحمن ابن عقيل كتاباً آخر، وليس كذلك، فإن مقصود الغبريني بالأحكام الكبرى: الوسطى، ومقصوده بالكتاب الكبير في الأحكام: الأحكام الكبرى، وهي حقاً أضعاف الوسطى، وليست مشهورة كما أسلفنا القول في ذلك. وكذلك "المختصر في الحديث" الذي ذكره صاحب هدية العارفين (1)، فأغلب ظني أنه "المستصفى من حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - " الذي ذكرناه. رحم الله الإِمام الحافظ عبد الحق الإشبيلي، والله نسأل أن ينفع المسلمين اليوم بكتابه، كما انتفع به أسلافهم في الماضي. وجزى الله خير جزائه أُمَتَه التي قامت على تحقيقه ومقابلة نسخه، وعزو الحديث إلى مصدره الذي نقل منه عبد الحق ونسأل الله -جلَّ وعلا- أن يدخر لها أجر ذلك يوم المئاب، وأن يعجل لها بالشفاء التام، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وكتب أبو محمد خالد بن علي بن محمد العنبري الرياض، لأربع بقين من شهر الله المحرم، سنة اثنتي عشرة وأربع مئة وألف من هجرة سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم.

الأحكام الشرعية الصغرى «الصحيحة» تأليف الإمام الحافظ أبي محمد عبد الحق الإشبيلي المتوفى سنة 581 هـ أشرف عليه وراجعه وقدم له خالد بن علي بن محمد العنبري تحقيق أم محمد بنت أحمد الهليس [الجزء الأول]

[مقدمة المؤلف]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ربّ تمم بخير (¬1) [قال الشيخ الفقيه الحافظ المحدث أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي الإِشبيلي -رحمه الله-] (¬2). الحمد لله رب العالمين والصَّلاة والتسليم على محمد خاتم النبيين، وإمام المرسلين، وعلى صحابته الطاهرين، وجميع عباد الله الصَّالحين. أما بعدُ، وفقنا الله أجمعين لطاعته، وأمدنا بمعونته، وتوفانا على شريعته، فإني جمعت في هذا الكتاب مفترقاً (¬3) من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في لوازم الشرع وأحكامه، وحلاله وحرامه، وفي ضروب من الترغيب والترهيب، وذكر الثواب والعقاب، إلى غير ذلك مما تُميز حافظها، وتُسعد العاملَ بها. وتخيرتُها صحيحةَ الإِسناد، معروفةً عند النقاد، قد نقلها الأثبات، وتداولها الثقات، أخرجتها من كتب الأئمة، وهداة الأمة: - أبو عبد الله مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي. - وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري. - وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري. - وأبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني. - وأبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي. وفيه أحاديث من كتب أخر، أذكرها عند ذكر ما أُخرج منها. ¬

_ (¬1) (ب): وما توفيقي إلا بالله، (د): "وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم - تسليما". (¬2) ما بين المعكوفتين ليس في (ب)، وفي (د): قال أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله الأذري - رضي الله عنه -. (¬3) (د): متفرقاً.

وإذا ذكرت الحديث لواحد ممن أخرجتُ حديثه، فكل حديث أذكره بعد ذلك فهو له، ومن كتابه، وعن ذلك الصاحب المذكور فيه، حتى أذكر غيره، وأسمّى سواه، وربما تخللها كلامٌ في تفسير لغة، أو في شئ ما. وإذا ذكرتُ الحديث لأحدهم، وقلتُ: زاد فلان كذا وكذا، أو قال فلان كذا وكذا، فهو عن ذلك الصاحب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن لم أذكر الصاحب، ولا النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن كان من غيره سميته، وذكرتُ عمَّن أخرجته. وربما وقع في هذا الكتاب ما قد تُكلّم فيه من طريق الإِرسال: التوقيف، أو تكلم في بعض نقلته، وليس كل كلام يُقبل، ولا كل قولٍ به يعمل، ولو تُرك كل ما تُكلم فيه لم يبق بأيدي أهل هذا الشأن منه إلا القليل، وللكلام في هذا الموضوع موضعٌ آخر، وهذا النوعُ المعتذر عنه في هذا المجموع قليل، وربما نبهتُ على بعضه. وكتبتُ هذه الأحاديث مختصرة الأسانيد؛ لتسهل على من أراد حفظها، وتقرب على من أراد التفقه فيها، والنظر في معانيها، إذ التفقه في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المعنى القصود، والرأي المحمود، والعمل الموجود في المقام المحضور، واليوم المشهود. وإلى الله- عزَّ وجلَّ- أرغبُ في أن يجعلَ ذلك خالصاً لوجهه، مُدنياً من رحمته، مقرِّباً إلى جنَّته، مُعيناً على أداء ما أوجب، منهضاً إلى ما فيه رغَّب، وإليه نَدَب، برحمته، لا رب سواه، وهو المستعان وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا به، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

[أبواب]

باب في الإِيمان مسلم (¬1)، عن يَحيىَ بن يَعمَرَ قال: كان أوَّل من قال في القَدَرِ (¬2) بالبَصرِة مَغبَد الجُهنَي، فانطلقت أنا وحُميد بن عبد الرحمن الحِمْيَرِي حَاجَّين أو مُعتمِرين فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألنَاه عمَّا يقُولُ هؤلاءِ في القَدر. فَوُفَق لنا (¬3) عبد الله بن عمر بن الخطاب داخِلاً المسجد. فاكتنفتُه أنا وصاحبي (¬4). أحدُنا عن يمينه والآخر عن شماله فظننتُ أن صاحبي سَيَكلُ الكلامَ إليَّ. فقلتُ: أبا عبد الرحمن! إنه قد ظهر قِبَلَنا ناسٌ يقرؤن القرآن ويتقفرون العلمَ (¬5). وذكر من شأنِهم (¬6). وأنَّهم يزعُمُون ألاَّ قَدَرَ، وأنَّ الأمرَ أُنُفٌ (¬7). فقال: إذا لقيتَ أولئكَ فأخبرهُم أنِّي بريء منهما، وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر، لو أن لِأحدِهم مثل أُحُدٍ ذهباً فأنفقهُ (¬8)، ما قَبِلَ الله منه حتى يُؤمن بالَقدر. ¬

_ (¬1) مسلم. (1/ 36) (1) كتاب الإيمان (1) باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان -رقم- (1). (¬2) أول من قال با القدر: معناه أول من قال بنفسى القدر فابتدع خالف الصواب الذي عليه أهل الحق. ويقال القَدَر والقدْر، لغتان مشهورتان. (¬3) فوفق لنا: معناه جعل وفقاً لنا، وهو من الموافقة التي هي كالإلتئام، يقال أتانا لتيفاق الهلال ميفاقه، أي حين أهلَّ، لا قبله ولا بعده، وهي لفظة تدل على صدق الإجماع في الإلتئام. (¬4) فاكتنفته أنا، صاحبي: بعني صرنا في ناحيته،: وكنفا الطائر: جناحاه. (¬5) ويتقفرون العلم: يطبونه ويتتبعونه وقيل معناه: يجمعونه. (¬6) وذكر من شأنهم: هذا الكلام من كلام بعض الرواة الذين دون يحيى بن يعمر، يعني وذكر ابن يعمر من حال هؤلاء، ووصفهم بالفضيلة في العلم: الإجتهاد في تحصيله والإعتناء به. (¬7) وأن الأمر أنف: أي مستأنف لم يسبق به قدر ولا علم من الله تعالى، وإنما يعلمه بعد وقوعه. (¬8) (ب): فأنفقه في سبيل الله.

ثم قال: حدثني أبي عمر بن الخطاب، قال: "بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يومٍ، إذ طلع علينا رجُلٌ شديدُ بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثرُ السئَفر، ولا يَعرِفُه منَّا أحد، حتى جلسَ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. فأسند رُكبَتيهِ إلى رُكبتَيْهِ (¬1) وَوَضَعَ كفيه على فخذيه (¬2) وقال: يا مُحمد! أخبرني عن الإِسِلام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الإِسلام أنْ تشهدَ أنْ لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتُقيمَ الصلاة، وتُؤتيَ الزكاة، وتصُوم رَمضان، وتحُجَّ البيتَ إن استطعتَ إليه سبيلا. قال: صدقتَ. قال؛ فعجِبنا له (¬3)، يَسأَلُه ويُصدقه. قال: فأخبرني عن الإِيمان. قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإِحسان. قال: أن تعبد الله كأنَّك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك. قال: فأخبرني عن السَّاعِة؟. قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل. ¬

_ (¬1) (إلى ركبتيه): ليست في (ب). (¬2): ووضع كفيه على فخذيه: أي معناه أن الرجل الداخل وضع كفيه على فخذي نفسه وجلس على هيئة المتعلم. (¬3) فعجبنا له يسأله ويصدقه: سبب تعجبهم أن هذا خلاف عادة السائل الجاهل، إنما هذا كلام خبير بالمسئول عنه، ولم يكن ذلك الوقت من يعلم هذا غير النبي - صلى الله عليه سلم -.

قال: فأخبرني عن أَمَارتِهَا (¬1). قال: أن تلدَ الأمةُ ربتها (¬2)، وأن ترى الحُفَاةَ العُراةَ العَالَةَ، رعاءَ الشاءِ، يتطاولون في البُنيان (¬3). قَال: ثُمَّ انطلقَ، فلَبِثَ مَلِياً (¬4) ثمَّ قال لي: يا عُمَر! أتدري من السَّائل؟. قلتُ: الله ورسولُه أعلم. قال: فإنّه جبريلُ أتاكم يعلمُكُم دينَكم". معنى يتقفَّرُون: يتبعون ويجمعون. وفي حديث أبي هريرة (¬5): "ما المسئول عنها بأعلم من السائل، وسَأحدثُك عن أشراطِها، إذا رأيتَ المرأة تلدُ رَبَّها، فذاكَ من أشراطِها، وإذا رأيتَ الحُفاة العُراة، الصُّمَّ البُكم (¬6) , ملوكَ الأرض فذاك من أشراطِها، وإذا رأيتَ رِعَاءَ البَهْمِ يتطاولون في البُنيان فذاك من أشراطِها، في خَمس من الَغَيبِ لا يَعلمُهُنَّ إلا الله. ثم قرأً: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ ¬

_ (¬1) أمارتها: الأمارة والأمار، بإثبات الهاء وحذفها هي العلامة. (¬2) ربتها: سيدتها ومالكتها. (¬3) العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان: العالة: هم الفقراء، والرِّعاء: يقال فيهم: رُعاة، معناه أن أهل البادية وأشباهم من أهل الحاجة والفاقة تبسط لهم الدنيا حتى يتباهون في البينيان. (¬4) مليأ: أي وقتا طويلاً. (¬5): (1/ 40) (1) كَتاب الإيمان (1) باب بيان الإِيمان: الإسلام - رقم (7). (¬6) الصُّم البكم: المراد بهم الجهلة السفلة الرعاع، أي لما لم ينتفعوا بجوارحهم هذه فكأنهم عدموها، هذا هو الصحيح في معنى الحديث.

الله عليم خبير (¬1)} (¬2) إلى آخر السورة (¬3). ثم قامَ الرَّجل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: رُدُّوه عليَّ، فالْتُمِسَ فلم يَجدُوه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هذا جبريل أرادَ أن تعلَّموا (¬4) إِذْ لم تسألُوا". وفي طريق آخر عن أبي هريرة (¬5) أيضاً "وتقيمَ الصلاةَ المكتُوبة وتؤدِّي الزكاةَ المفرُوضة". وعن ابن عباس (¬6) قال: إنّ وفدَ عبدِ القيس أتَوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من الوفدُ؟ أو من القوم؟ ". قالوا: ربيعة. قال: مرحباً بالقوم أو بالوفد غيرَ خَزايا ولا النَّدامى. قال: فقالوا: يا رسول الله، إنّا نأتِيك من شُقَّة بعيدة (¬7)، وإنَّ بيننا وبينك هذا الحيُّ من كفًار مُضَر، وإنَّا لا نستطيعُ أن نأتيكَ إلا في شهر الحرام، فَمُزنا بأمرٍ فصل، نخبرُ به مَنْ وراءنا، نَدْخُلُ بهِ الجنَّة. ¬

_ (¬1) (إن الله عليم خبير): ليست في ب، د. (¬2) لقمان: (34) (¬3) (إلى أخر السورة): ليست في مسلم. (¬4) تعلَّموا: أي تتعلموا. (¬5) مسلم: (1/ 49) (1) كتاب الايمان (1) باب بيان الايمان والإسلام - رقم- (5). (¬6) مسلم: (1/ 47) (1) كتاب الإيمان (6) باب الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - رقم (24) (¬7) (من ثقة بعيدة): الشقة بضم الشين وكسرها: أشهرها وأفصحها الضم ومعناها: السفر البعيد.

قال: فأمرهم بأربع، ونهاهُم عن أربعٍ. قال: أمرهم بالإِيمان بالله وحده، وقال: هل تدرون ما الإيمان بالله وحده (¬1) قالوا: الله ورسولُه أعلم. قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقامُ الصلاة، وإيتاءُ الزكاة، وصومُ رمضان، وأن تُؤدُّوا خُمُسا من المَغْنَمِ، ونهاهم عن الدُّباء (¬2) والْحَنتَمْ (¬3) والُمزَفَّت (¬4)، والنَّقِير (¬5) وربما قال المُقَيَّرِ (¬6). وقال: احفظوه وأخبروا به من وَرَائكُمْ. وعن ابن عباس (¬7)، أن معاذاً قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنّك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فادعُهُم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خَمسَ صلواتٍ في كل يومٍ وليلةٍ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة، تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك، ¬

_ (¬1) (وحده): ليست في مسلم، وليست فى (د). (¬2) (الدّباء): هو القرع اليابس، أى الوعاء منه. (¬3) (الحنتم): اختلف فيها، فأصح الأقوال أنها جرار خضر، والثاني أنها الجرار كلها، والثالث أنها جرار يؤتى بها من مصر مُقَيَّرات، والرابع جرار حمر أعناقها في جنوبها يجلب فيها الخمر من مصر، والخاص: أفواهها فِى جنوبها مجلب فيها الخمر من الطائف، والسادس: جرار كانت تعمل من طين وشعر وأدم. (¬4) (المزفت): هو الإناء الذي طُلي بالزفت وهو نوع القَارِ ثم انتبذ فيه النهاية في غريب الحديث (2/ 304). (¬5) (النقير): جذع ينقر وسطه. (¬6) المقير والمزفت بمعنى واحد. (¬7) مسلم: (1/ 52) (1) كتاب الإيمان (7) باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الاسلام -رقم- (29).

فإياك وكرائم أموالهم (¬1) واتق دَعْوةَ المظلومِ، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب (¬2). وفي طريق أخرى (¬3): "إنك تقدم على قوم من أهل (¬4) الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله فأخبرهم ... الحديث" وفيها أنه عليه السلام بعثه إلى اليمن. وعن ابن عمر قال (¬5) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بني الإِسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان. وعن أبي هريرة (¬6)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أمِرْتُ أن أقاتل الناس، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي، وبما جئتُ به فإذا فعلوا ذلك، عَصَمُوا منى دِماءَهم وأموالهم، إلا بحقها وحسابُهم على الله". البخاري (¬7)، عن ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أمرتُ أنْ أقاتلَ الناسَ، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسولُ الله، ويقيموا الصَّلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم ¬

_ (¬1) كرائم أموالهم: جمع كريمة، قال صاحب المطالع: هى جامعة الكمال المكن في حقها، من غزارة لبن وجمال صورة، أو كثرة لحم، أو صوف. (¬2) ليس بينها وبين الله حجاب: أي أنها مسموعة لا ترد. (¬3) مسلم: (1/ 53) (1) كتاب الإيمان (7) باب الدعاء الى الشهادتين وشرائع الإسلام -رقم- (31). (¬4) في مسلم: (قوم أهل كتاب). (¬5) مسلم: (1/ 45) (1) كتاب الإيمان (5) باب بيان أركان الإِسلام ودعائمه العظام -رقم- (20) (¬6) مسلم: (1/ 52) (1) كتاب الإيمان (8) باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله -رقم- (34). (¬7) البخاري: (1/ 95) (2) كتاب الإيمان (17) باب "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم" -رقم- (25).

وأموالهم إلا بحق الإِسلام وحسابهم على الله". مسلم (¬1)، عن سعد بن أبي وقاص قال: قسمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَسْماً، فقلتُ يا رسول الله! أعطِ فلاناً فإنه مُؤمن، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَوْمُسِلمٌ؟ ". أقولها ثلاثاً، ويرددها عليَّ ثلاثاً "أوْ مسلم". ثُمَّ قال: إني لأعطي الرجلَ وغيرهُ أحَبُّ إلي مِنْهُ، مخافةَ أن يكُبَّهُ اللهُ في النارِ". وعن طلحة بن عبيد الله (¬2) قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل نجدٍ، ثائرُ الرأس (¬3)، نسمعُ دويَّ صوتِه (¬4)، ولا نفقَهُ ما يقول، حتى دَنَا من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا هو يسألُ عن الإسلام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خمسُ صلواتٍ في اليوم والليلة". فقال: هلْ عليَّ غيرهن؟ قال: لا إلا أن تطوَّع، وصيامُ شهر رمضان. قال: هل عليَّ غيره؟ قال: لا، إلا أن تطوَّع، وذكر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة. فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال (¬5): إلا أن تَّطوع. قال: فأدبرَ الرجل وهو يقول: والله، لا أزيدُ على هذا، ولا أنقصُ منه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أفلحَ إنْ صَدَقَ". ¬

_ (¬1) سلم: (1/ 132) (1) كتاب الإيمان (68) باب تأليف قلب من يخاف على إيمانه لضعفه - رقم (236). (¬2) مسلم: (1/ 40 - 41) (1) كتاب الايمان (2) باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام - رقم (8). (¬3) ثائر الرأس: قائم شعره، منتفشه. (¬4) دويّ صوته: هو بعده في الهواء، ومعناه شدة صوت لا يُفهم. (¬5) (ب، د): قات: لا إلا أنْ ....

رواه عن أنس (¬1) بن مالك بلفظ آخر "وذكر فيه حج البيت". وعن سفيان بن عبد الله الثقفي (¬2) قال: قلتُ يا رسول الله! قل لي فِى الإِسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك، "قال: قل آمنتُ بالله ثم استقمْ (¬3) (¬4) ". وعن أبي هريرة (¬5)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "والذي نفسُ محمدٍ بيده، لا يَسْمعُ بي أحدٌ من هذه الأمة يهوديٌ ولا نصرانيٌ، ثم يموتُ ولم يؤمِنْ بالذي أُرسِلتُ بهِ إلا كانَ من أصحابِ النَّار". البخاري (¬6)، عن أنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعاذٌ رَدِيفُه على الرحلِ "قال: يا معاذ بن جبل، قال: لبيكَ يا رسول الله وسعديكْ قال: يا معاذ! قال: لبيك يا رسول الله وسعديك (ثلاثا). قال: ما منْ أحد يشهدُ أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صِدقاً من قلبه إلا حرمَهُ الله على النَّار. قال: يا رسول الله، أفلا أُخبُر به النَّاسَ فيستبشِرون؟ قال: إذاً يتَّكِلوا" وأخبر بها معاذٌ عند موته تأثماً (¬7). مسلم (¬8)، عن عثمانَ بن عفان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 41 - 42) (1) كتاب الإيمان (3) باب السؤال عن أركان الإِسلام رقم (10). (¬2) مسلم: (1/ 65) (1) كتاب الإِيمان (13) جامع أوصاف الاسلام - رقم (62). (¬3) قل آمنت بالله في استقم: قال القاضى عياض -رحمه الله-: هذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، وهو مطابق لقوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} أي وحَّدوا الله وآمنوا به، ثم استقاموا فلم يحيدوا عن التوحيد، والتزموا طاعته سبحانه وتعالى إلى أن تُوفوا على ذلك. (¬4) (ثم استقم): في مسلم/ فاستقم. (¬5) مسلم: (1/ 134) (1) كتاب الإيمان (70) باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الناس رقم (240). (¬6) البخاري: (1/ 272) (3) كتاب العلم (49) باب من خصَّ بالعلم قوما دون قوم كراهية أن لا يفهموا - رقم (128). (¬7) تأثماً: أي تجنُّبا للإثم، يقال تأثَّم فلان إذا فَعَلَ فعْلاً خرج به من الإِثم - النهاية في غريب الحديث: (1/ 24). (¬8) مسلم: (1/ 55) (1) كتاب الإيمان (10) باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً - رقم (43).

وسلم -: "من ماتَ وهو يعلمُ أنه لا إله إلا الله، دخلَ الجنَّة". وعن أنس (¬1)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثٌ مَنْ كنَّ فيه، وجدَ بهنَّ حلاوةَ الإيمان (¬2)، من كانَ الله ورسولُه أحبَّ إليه مما سوأهما، وأَنْ يُحِبَّ المرءَ، لا يُحبه إلا لله، وأنْ يَكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقَذَه اللهُ منه، كما يَكرهُ أن يُقذَفَ في النار". وعن أنس (¬3) أيضاً قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُؤمِنُ عبد (¬4) حتى أكون أحبّ إليه من أهِلهِ ومالهِ والنّاسِ أجمعينَ". البخاري (¬5)، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يُؤمِنُ أحدكُم (¬6) حتى يُحِبَّ لأخِيه ما يُحِبُّ لنفسِهِ". الترمذي (¬7)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "الإِيمانُ بضعٌ وسبعونَ باباً، فأدنَاة إِمَاطَةُ الأذى عن الطريقِ، وأرفُعها قولُ لا إله إلا الله" قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ¬

_ (¬1) مسلم: (6611) (1) كتاب الإيمان (15) باب بيان خصال من اتصف بهن حلاوة الإيمان رقم (67). (¬2) وجد بهن حلاة الإيمان: قال العلماء رحمهما الله معنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات وتحمل المشقات في رضى الله والرسول: إيثار ذلك على عرض الدنيا. ومحبة العبد لله بفعل طاعته وترك مخالفته وكذلك محبة رسول الله (¬3) مسلم: (6711) (1) كتاب الإيمان (16) باب وجوب محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين - رقم (69). (¬4) لا يؤمن عبد: قال العلماء: لا يؤمن الإيمان التام، وإلا فأصل الإيمان يحصل لمن لم يكن بهذه الصفة. (¬5) البخاري: (1/ 73) (2) كتاب الإيمان (7) باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه رقم (13). (¬6) (ب): العبد. وفي (د): عبد. (¬7) الترمذي: (1215) (41) كتاب الإيمان (6) باب ما جاء فِى استكمال الإيمان وزيادته ونقصانه رقم (2614).

مسلم (¬1)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رجلاً سألَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: أيّ المسلمين خيرٌ؟ " قالَ: من سلِمَ المسلمون من لسانهِ ويدهِ" (¬2). الترمذي (¬3)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمُ من سلِمَ المسلمونَ من لِسَانِهِ وَيَدِهِ، والمؤمِنُ من أمِنَهُ النَّاسُ على دِماَئِهم وأموَالِهِم" قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. البخاري (¬4)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئلَ أيُّ العملِ أفضلُ؟ " قال: إيمانٌ باللهِ ورسولهِ. قِيل (¬5): ثمَّ ماذا، قال: الجهادُ في سبيلِ الله قال: ثمَّ ماذا، قال: حجٌ مبرورٌ". مسلم (¬6)، عن أسامةَ بن زيد قال: بَعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سريَّةٍ، فصبحَنَا الحُرُقَات من جُهينَة (¬7) فأدركتُ رجُلاً فَقَالَ: لا إله إلا الله، فطعنتُهُ فقتلتُه (¬8)، فَوَقَعَ فِي نفسي من ذلك، فذكرتُهُ للنبي - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 65) (1) كتاب الإيمان (14) باب بيان تفاصل الإِسلام وأي أموره أفضل - رقم (64) (¬2) (من سلم المسلمون من لسانه ويده): معناه لم يؤدِّ مسلماً يقول ولا فعل، وخص اليد بالذكر لأن معظم الأفعال بها. (¬3) الترمذي: (1/ 18) (41) كتاب الإِيمان (12) باب ما جاء في أن السلم من سلم السلمون من لسانه ويده - رقم (2627). (¬4) البخارى: (1/ 97) (2) كتاب الإيمان (18) باب من قال إن الإيمان هو العمل -رقم (26) - وقد ذكره في مواضِع أخرى. (¬5) في البخاري: "قال" بالبناء للمعلوم. (¬6) مسلم: (9611) (1) كتاب الإِيمان (41) باب تحريم قل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله رقم (158). (¬7) فصبحنا الحرقات: أي أتيناهم صباحاً، والحرقات موضع ببلاد جهينة والتسمية به كالتسمية بعرفات. (¬8) فقتلته: غير موجودة في مسلم.

وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أقال (¬1) لا إله إلا الله وقتَلتَه. قال: قلتُ: يا رسول الله، إنما قالها خوْفاً من السلاح، قال: أفلا شَقَقْتَ عن قَلْبِهِ (¬2) حتى تعلم أقالها أم لا، فمازالَ يُكرِّرها على حتَّى تمنَّيتُ أَنِّي أسلمت يَومَئِذٍ". وعرق العباس (¬3) بن عبد المطلب، أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ذَاقَ طعم الإِيمانِ، من رضيَ (¬4) بالله رَباً وبالإِسلامِ ديناً، وبِمحمدٍ رَسُولاً". وعن عبد الله بن مسعود (¬5) قال: قال أناسٌ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا رسولَ الله! أَنُؤَاخَذُ بما عَملناَ في الجاهليةِ؟ قال: "أَمَّا مَنْ أحسنَ مِنْكُم في الِإسلامِ فلا يُؤاخَذُ بِهَا، وَمَنْ أسَاءَ أُخِذَ بِعَمَلِهِ في الجاهليةِ والإِسلامَ". وعن حكيم بن حِزَام (¬6)، أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيْ رسول الله: أرأيتَ أموراً كنتُ أتحنَّثُ بها في الجاهليةِ من صَدَقةِ أو عَتَاقَةٍ أو صِلَةِ رَحِمٍ. أَفِيها أَجْرٌ؟ فقالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أسْلَمتَ على ما ¬

_ (¬1) (ب): قال. (¬2) أفلا شققت عن قلبه: معناه إنما كلفت بالعمل بالظاهر وما ينطق به اللسان، وأما القلب فليس لك طريق إلى معرفة ما فيه، فأنكر عله امتتاعه عن العمل مما ظهر باللسان، وقال: أفلا شققت عن قلبه لتنظر هل قالها القلب واعتقدها وكانت فيه أم لم تكن فيه، بل جرت على اللسان فحسب. (¬3) مسلم: (1/ 62) (1) كتاب الإيمان (11) باب الدليل على أن من رضى بالله ربا وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ رسولاً فهو مؤمن، وإن ارتكب المعاصي الكبائر - رقم (56). (¬4) (من رضى): معنى رضيت بالشيء قنعت به واكتفيت به. ولم أطلب معه غيرِه، فمعنى الحديث لم يطلب غير الله تعالى، ولم يسع في غير طريق الإِسلام، ولم يسلك إلا ما يوافق شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم -. (¬5) مسلم (1/ 111) (1) كتاب الإيمان (53) باب هل يؤاخذ بأعمال الجاهلية رقم (189). (¬6) مسلم: (1/ 114) (1) كتاب الإيمان (55) باب بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده - =

أسلَفْتَ من خيرٍ ". وعن أبي هريرة (¬1) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قال اللهُ عزَّ وَجَلَّ: إذا تحدَّثَ عبدِي، بأن يَعَملَ حَسَنَةً فأناَ أكتبُها لهُ حسنةً ما لم يَعمَل، فإذا عَمِلَها فأناَ أكتُبها (¬2) بعشرِ أمثالِها، وِاذَا تحدَّث بأن يعمل سيئةً فأنا أغفِرُها لَهُ (¬3) ما لم يَعملها، فإذا عمِلها فأنا أكتُبها له بمثلِها. وقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: قالتِ الملائكةُ: رَب ذاكَ عبدُك يريدُ أن يعملَ سيئةً -وهو أبصرُ به-. فقالَ: ارقُبُوهُ، فإنْ عمِلَها فاكتُبُوها له بمثلِهَا، وإن تركها فاكتبُوها له حسنةً، إنَّما تركها من جرَّايَ (¬4) ". وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا أحَسَنَ أحدُكُم إسلامَهُ فكل حسنةٍ يعملُها، تُكتَبُ بَعشْر أمثَالها إلى سَبْعِمِائةِ ضِعفٍ، وكلُّ سيئةٍ يعملُها تُكتَبُ بمثلها حتَّى يَلقى الله (¬5) " قوله جرّايَ: أي من أجلي. وعن أبي هويرة (¬6) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تجاوزَ لأمتي عمَّا حدَّثت به (¬7) أنفُسها، مالم تَعمَل أو تَتَكَلَّم (¬8) به". ¬

_ = رقم (195). (¬1) سلم: (1/ 117 - 118) (1) كتاب إلِإيمان (59) باب إذا هم العبد بحسنةٍ كتبت وإذا هم بسئيةٍ لم تكتب - رقم (205). (¬2) (ب) أكتبها له. (¬3) (له) ليست في (ب). (¬4) من جراى: بالمد والقصر، لغتان، معناه. من أجلي. (¬5) (د): الله -عز وجل-. (¬6) مسلم: (1/ 117) (1) كتاب الإِيمان (58) باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر - رقم (202). (¬7) ب د: بها. (¬8) مسلم: (تكلَّم).

وعنه (¬1) قال: جاءَ ناسٌ من أصحاب النَّبي، إلى النبي (¬2) - صلى الله عليه وسلم - فسألوه: إنا نَجِدُ في أنفُسِنَا ما يتَعَاظَمُ (¬3) أحدُنا أن يتكلَّمَ بِهِ، "قال: وقد وجدتُمُوه؟ قالوا: نَعَم قال: ذاكَ صريحُ الإِيمَانِ" (¬4). وعن عبد الله بن مسعود (¬5) قال: سُئِلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الوَسْوَسَةِ "فقال: تِلْكَ محضُ الإِيمَانِ". وعن أبي هريرة (¬6) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يأتي الشيطانُ أحدَكُم فيقُولُ: من خلقَ كذا وكذا، حتى يقولَ لهُ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ، فإذا بَلَغَ ذلك فليستعِذْ باللهِ ولينتهِ". وعن عائشة (¬7) قالتْ: قلتُ يا رسولَ الله! ابن جُدعَانَ كانَ في الجاهليةِ يصِلُ الرَّحِمَ، ويُطعمُ المِسكِينَ، فهل ذلك نَافعُهُ؟ قَالَ: "لا ينفعُه، إنَّه لم يقُل يوماً: ربّ اغفر لي خطِيئتِي يومَ الدِّينِ". وعن أنس (¬8) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله لا يظلمُ ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 119) (1) كتاب الإيمان (60) باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها - رقم (209). (¬2) (إلى النبي). ليست في مسلم. (¬3) إنا تجد في أنفسنا ما يتعاظم. أي يجد أحدنا التكلم به عظيماً لاستحالته في حقه سبحانه وتعالى. (¬4) ذاك صريح الإيمان أي استعظامكم الكلام به هو صريح الإِيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به، فضلاً عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالًا محققا، وانتفت عنه الريبة والشكوك. (¬5) مسلم: (1/ 119) (1) كتاب الإيمان (60) باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها - رقم (211). (¬6) مسلم: (1/ 120) (1) كتاب الإيمان (60) باب بيان الوسوسة في الإيمان وما يقوله من وجدها - رقم (214). (¬7) مسلم: (1/ 196) (1) كتاب الإيمان (62) باب الدليل على أن من مات على الكفر لا يّنفعه عمل - رقم (365). (¬8) مسلم: (4/ 2162) (50) كتاب صفات المنافقين وأحكامهم (13) باب جزاء المؤمن بحسناته فِى الدنيا والآخرة وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا - رقم (56).

مُؤمناً حَسَنَةً، يُعطى بها في الدُّنياَ، ويُجزَى بِها فى الآخِرَةِ، وأمَّا الكافِرُ فيُطعَمُ بِحَسنَاتِ مَا عَمِلَ لله بها في الدنيا، حتى إِذَا أَفضَى (¬1) إِلى الآخرة، لم يَكُنْ لَهُ حَسَنَة يُجزَى بِهَا". وعن سهل بن سعد (¬2)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - التقى هو والمشركُون فاقتَتَلُوا، فلما مالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عَسْكَرِه، ومالَ الآخرون إلى عسكَرهِمْ، وفي أصحاب رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ لا يدعُ لهُم شاذةً ولا فاذة إلا اتبعَها يَضرِبها بسيفه. فقالوا: ما أجزأ منَّا اليومَ أحدٌ كما أجزأَ فلان (¬3). فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمَا إنَّهُ من أهلِ النار، فقال رجلٌ من القوم: أنا صَاحِبُهُ (¬4) أبدا، قاَل فَخَرَجَ معه، كلَّما وقفَ وقفَ معه، وإذا أسرعَ أسرعَ معه. قال: فجُرِحَ الرجلُ جُرحاً شديداً، فاسْتعجَلَ الموتَ فوضَع نصل (¬5) سيفه بالأرض وذبابَه (¬6) بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه فَقَتَلَ نفسه، فخرج الرجُل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: أشهدُ أنك رسول الله، قال: وما ذاك؟ قال: الرجل الذي ذَكرتَ آنفا، أنه من أهلِ النارِ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذلك، فقلت: أنا لكم به، فخرجت في طلبه حتى جُرح جُرحاً شديداً، فاستعجل ¬

_ (¬1) أفضى إلى الآخرة: أي صار إليها. (¬2) مسلم: (1/ 106) (1) كتاب الإيمان (47) باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه - رقم (179). (¬3) ما أجزأ منا اليوم أحد ما أجزأ فلان: أي ما أغنى وكفى أحد غناءه وكفايته. (¬4) صاحبه: أي ألازمه لأنظر السبب الذي به يصير من أهل النار. (¬5) نصل: ليست في (د). (¬6) ذبابه: ذباب السيف هو طرفه الأسفل، وأما طرفه الأعلى فمقبضه.

الموتَ، فوضع نصل سيفه بالأرض وذُبَابَهُ بين ثدييه، ثم تحامل عليه فقتل نفسه. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: إن الرجلَ ليعمل عمل أهل الجنَّة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار (¬1) فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة" زاد البخاري (¬2) "إنما الأعمال بالخواتيم". مسلم (¬3)، عن أبي موسى، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثهٌ يُؤتَوْنَ أجْرَهم مرتين، رجُلٌ مِنْ أهْلِ الكتاب، آمَنَ بِنَبيه وَأدرَكَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فآمن بِه واتبَّعه وصَدَّقهُ فله أجرَانِ، وعبدٌ مملوكٌ أذَى حقَّ الله تعالَى وحقَّ سيِّده، فَلَهُ أجران، وَرَجُلٌ كانت له أمَةٌ فَغَذَاها فَأَحْسَنَ غِذَاءها، ثُمَّ أَدَّبَها فَأَحْسَنَ ادبَها ثمَّ أَعْتَقها وَتَزَوجَها-، فَلَهُ أَجْرَانِ" قال الشعبي وحدَّثَ بهذا الحديث (¬4): خُذْ هذا الحديث بغير شئٍ فقد كانَ الرجُل يرحلُ فيما دُونَ هذا إلى المدينَةِ. وعن أبي سعيد الخدري (¬5) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لَتَتَّبِعُنَّ سُنَنَ (¬6) الذين مِنْ قَبْلِكُم شِبْراً بِشِبْرٍ، وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ، حتَّى لو دَخَلُوا في جُحرِ ضَب لاتَّبعتُمُوهُم. قلنا: يَا رَسُولَ اللهِ! اليهُودُ والنَّصارى؟ قال: فمن؟. ¬

_ (¬1) في مسلم: (ليعمل عمل أهل النار). (¬2) البخاري؛ (11/ 507) (82) كتاب القدر (5) باب العمل بالخواتيم - رقم (1607). (¬3) مسلم: (1/ 134 - 135) (1) كتاب الإيمان (70) باب رجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع الناس ونسخ الملل بملته - رقم (241). (¬4) مسلم: قال الشعبي للخراساني. خذ هذا الحديث .... (¬5) مسلم. (4/ 2054) (47) كتاب العلم (2) باب في الألد الخصم - رقم (6). (¬6) سنن: هو الطريق، والمراد بالشبر والذراع وجحر الضب: التمثيل بشدة الموافقة لهم، والمراد الموافقة في المعاصي والمخالفات، لا في الكفر.

وعن عبادةَ بن الصَّامت (¬1) قال: كنَّا مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مَجلسِ فقال: "تُبَايِعُونِي على أَنْ لا تُشْركُوا بالله شَيئاً، ولا تَزْنُوا، ولا تسْرِقُوا ولا تَقْتُلُوا النَّفس التى حرَّم الله إلا بالحقِ، فمن وفى منكم فَأَجْرُه على الله، ومن أصَابَ شيئاً من ذلك فعُوقِبَ بِه، فهو كفَّارةٌ لَه، ومن أصَابَ شيئاً من ذلك فسَتَرَه اللهُ عليه، فَأمرُه إلى الله، إن شاءَ عَفَا عَنْهُ. وإن شَاءَ عَذَّبَهُ". وعن زيد بن خالدٍ (¬2) قال: صَلَّى بنَا رسُولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صَلاَة الصُبح بالحُدَيبِيَة في إِثْرِ سَمَاءٍ (¬3) كانتْ من اللَّيلِ، فلما انْصَرَفَ، أقبل على النَّاس (¬4) فقال: "هل تدرون ماذا قالَ ربُّكُمْ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال قال: أَصبَح من عبادي مُؤْمِنٌ لى وكَافِرٌ (¬5)، فأمَّا من قال: مُطِرْنَا بفضْلِ الله وَرَحمَتِهِ، فذلك مُؤمِنٌ بى كافرٌ بالكَوكَبِ وأمَّا من قال: مُطِرنَا بِنَوءِ (¬6) كذا وكذا فذلك كافرٌ بى مؤمنٌ بالكَوكَبِ". وعن أبي هريرة (¬7)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يَزْنِى الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وهو مِؤْمِن (¬8)، ولا يَسْرِقُ السَّارِقُ حين يَسْرِقُ وهو مؤمن، ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1333) (29) كتاب الحدود (10) باب الحدود كفارات لأهلها - رقم (41). (¬2) مسلم: (1/ 83 - 84) (1) كتاب الإيمان (32) باب يان كفر من قال مطرنا بالنوء - رقم (125). (¬3) إثر سماء: أي بعد المطر، والسماء: المطر. (¬4) على الناس: ليست في (د). (¬5) (وكافر): ليست في (د). (¬6) نوء: قال أبو عمرو بن الصلاح النوء في أصله ليس هو نفس الكوكب فإنه مصدر ناء النجم ينوء أي سقط وغاب وقيل أي نهض وطلع. (¬7) مسلم: (1/ 76 - 77) (1) كتاب الإِيمان (24) باب بيان نقصان الإِيمان بالعاصي - رقم (100 - 103 - 104). ورواية المصنف عبد الحق الإشبيلي قد جمعها من عدة روايات في الباب كما أشار هو إلى ذلك في آخر الرواية. (¬8) لا يزني الزاني وهو مؤمن: هذا الحديث مما اختلف العلماء في معناه، فالقول الصحيح الذي قاله المحققون أن معناه لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان.

ولا يَشْرَب الخمرَ حين يَشربُها وهو مؤمن، ولا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذات شرفٍ (¬1) يرفعُ النَّاسُ إليهِ فيها أبصارَهُمْ، حين يَنْتَهِبُها وهو مُؤْمِنٌ، ولا يَغُلُّ (¬2) أحَدُكُمْ حين يَغُلُ وهو مُؤْمِنٌ، فإيَّاكُم إيَّاكُم، والتوبَةُ (¬3) مَعرُوضةٌ بَعْدُ" (¬4) "ذكره بأسانيد إلى أبي هريرة". أبو داود (¬5)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا زنى الرجلُ خَرَجَ مِنَ (¬6) الإيمان، كَانَ عَليهِ كالظُلَّة، فإذا انْقَلع (¬7) رَجَعَ إِليه الإيمان". مسلما (¬8)، عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثةٌ (¬9) لا يُكلمُهُمُ اللهُ يومَ القيامَةِ، ولا يَنظُرُ إليهم، ولا يُزَكِّيِهم ولهم عذابٌ أليمٌ، رجُلٌ على فَضْل ماء بالفلاة، يمنَعُهُ من ابنِ السَّبيل، ورجُلٌ بَايعَ رجلاً بسلعةٍ بَعدَ العصرِ، فَحَلَفَ لَهُ باللهِ لَأخَذَها بِكَذا وَكَذَا، فَصَدَّقَهُ وَهُوَ على غَيرِ ذَلك، ورجْل باَيَعَ إِمَاماً لا يُبَايِعُهُ إلا لدُنْيَا، فَإِنْ أعطاُه مِنْها وَفَى، وِإنْ لَمْ يُعْطِهِ منْهَا لَمْ يَفِ". وعنه (¬10) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ ¬

_ (¬1) نهبة ذات شرف؛ أى ذات قَدر عظيم وقيل: استشراف يستشرف الناس لها، ناظرين إليها رافعين أبصارهم. (¬2) لا يغل: من الغلول وهو الخيانة. (¬3) (ب) والتوبة بعد. (¬4) والتوبه معروضه بعد: قد أجمع العلماء على قبول التوبة مالم يغرغر، وللتوبة ثلاثة أركان: أن يقلع المعصية، ويندم فعلها، ويعزم أن لا يعود إليها. (¬5) أبو داود: (4/ 222) كتاب السنة، باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه - رقم (4960). (¬6) (ب، د). منه. (¬7) فِى مسلم: (انقطع) (¬8) مسلم: (1/ 103) (1) كتاب الإيمان (46) باب غلظ تحريم إسبال الإزار: والمن، بالعطية وتنفيق السلعة بالحلف - رقم (173). (¬9) في مسلم: (ثلاث). (¬10) مسلم: (1/ 102 - 103) (1) كتاب الإيمان (46) باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار - رقم (172).

اللهُ يومَ القيامةِ ولا يُزَكيهمْ (¬1) وَلَهُم عَذَابٌ اليمٌ (¬2)، شيخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كذَّابٌ، وعَائِلٌ (¬3) مُسْتَكْبِرٌ". وعنه (¬4) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَات (¬5) قيلَ يَا رَسُولَ الله: وَمَا هُنَّ"؟ قَالَ: الشِّركُ بالله، وَالسِّحْرُ، وَقَتْل النَّفس التي حَرَّمَ اللهُ إلَّا بِالحَقِّ، وأَكْلُ مَال اليَتيم، وَأَكْلُ الرِّبَا، والتَّولِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَناتِ الغَافِلاَتِ (¬6) المُؤمِنَاتِ". وعنه (¬7) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بَحديدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ في يَدِهِ يَتوْجَّأْ بها (¬8) في بَطْنِهِ في نَاِر جَهَنَّمَ، خالِداً مُخلَّداً فِيَها أبداً، وَمَنْ شَرِبَ سُمّاً، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فهو يَتَحسَّاهُ (¬9) في نَار جهنَّم، خالداً مُخَلَداً فيها أبداً، وَمنْ تردَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فهو يتردَّى في نَارِ جهنَّم، خالداً مُخلداً فيها أبَدَاً". وعنه (¬10) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اثْنَتَانِ فِي ¬

_ (¬1) ولا يزكيهم: لا يطهرهم من دنس ذنوبهم. (¬2) ولهم عذاب أليم: قال الواحدي: هو العذاب الذي يخلص إلى قلوبهم وجعه. (¬3) عائل: هو الفقير. (¬4) مسلم: (1/ 92) (1) كتاب الإيمان (38) باب بيان الكبائر وأكبرها - رقم (145). (¬5) الموبقات: المهلكات. (¬6) المحصنات الغافلات: المحصنات بكسر الصاد وفتحها، قراءتان في السبع والمراد بالمحصنات هنا: العفائف، وبالغافلات: أي عن الفواحش وما قذفن به، وقد ورد الإِحصان في الشرع على خمسة أقسام: العفة والإسلام، والنكاح، والتزويج، والحرية. (¬7) مسلم: (1/ 103 - 104) (1) كتاب الإيمان (47) باب غلظ تحريم قتل الإِنسان نفسه - رقم (175). (¬8) يتوجأ: يطعن. (¬9) يتحساه: يشربه في تمهل ويتجرعه. (¬10) مسلم: (1/ 82) (1) كتاب الإيمان (30) باب إطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة - رقم (121).

النَّاسِ، هُمَا بِهم كُفْرٌ، الطَّعنُ في النَّسَبِ، والنِّيَاحَةُ على الَميِّتِ". وعن جابر بن عبد الله (¬1) قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّركِ والكُفْرِ، تَرْكُ الصَّلَاةِ". وعن عبد الله بن مسعود (¬2) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سِبَابُ المُسلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ". وعن أبي سعيد الخدري (¬3) قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عبيه وسلم - يقول: "من رَأَى مِنْكُم مُنكَرَاً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَم يَستَطع فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيَمانِ". وعن أبي هريرة (¬4) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لِكُلِّ نَبيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعوَتَهُ، وإنِّي اخْتَبَأْتُ دَعوَتِي شَفَاعَةً لأمَّتِي يَومَ القِيَامَةِ، فَهِيَ نَائِلةٌ إِن شَاءَ اللهُ (¬5)، مَن مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لا يُشْرِكُ بالله شيْئاً". الترمذي (¬6)، عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 88) (1) كتاب الإيمان (30) باب بيان إطلاق الكفر على من ترك الصلاة - رقم (134). (¬2) مسلم (1/ 81) (1) كتاب الإيمان (28) باب بيان قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر". (¬3) مسلم (1/ 69) (1) كتاب الإيمان (20) باب بيان كون النهي عن المنكر من الإِيمان - رقم (78). (¬4) مسلم: (1/ 189) (1) كتاب الإيمان (86) باب اختباء النبي دعوة الشفاعة لأمته - رقم (338) (¬5) إن شاء الله: هو على جهة التبرك والإمتثال لقول الله تعالى: ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله (¬6) الترمذي: (4/ 549) (38) كتاب صفة القيامة والرقائق والورع رقم (2435)

باب انقطاع النبوة بعد محمد - صلى الله عليه وسلم -

"شَفَاعَتَي لِأَهْلِ الكَبَائِر مَنْ أُمَّتيِ". البخاري (¬1)، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَخْرُجُ قومٌ منَ النَّارِ بَعدَمَا مَسَّهُم منها سفعٌ (¬2)، فيدخُلون الجنَّة، فيُسَمِيهم أهْلُ الجنةِ الجهنَّمِيين". مسلم (¬3)، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمَّا أهْلُ النَّار الَّذينَ هُمْ أهْلُهَا، فَإنَّهُم لاَ يَمُوتُونَ فيها ولا يَحْيَوْنَ، وَلكِنْ نَاسٌ أَصَاَبتهُمُ النَّارُ بذُنُوبِهم أَوْ قَالَ بخَطَاياهُم، فَأمَاتَهُم اللهُ (¬4) إمَاتَةً، حَتَّى إِذَا كَانُوا فحماً، أذِنَ في الشَفَاعَةِ، فجِيء بِهِم ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ (¬5)، فبُثُّوا على أنْهَارِ الجَنة، ثُمَّ قيلَ: ياَ أهْلَ الجنَّةِ أفيضُوا عَلَيْهمْ، فَيَنبُتوُن نَبَاتَ الحبَّة تَكوُنُ في حَمِيل السَّيل (¬6) فقال رجُلٌ من القومِ كَأَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قد كَانَ بِالبَادِيَة. بابُ انقطاعِ النبوةِ بعدَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - الترمذي (¬7)، عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الرِّسَالَةَ والنُّبوَّةَ ¬

_ (¬1) البخاري: (11/ 424) (81) كتاب الرقاق: (51) باب صفة الجنة والنار - رقم (6559). (¬2) سفع: أي علامة تغير ألوانهم، يقال سفعت الشيء إذا جعلت عليه علامة، يريد أثراً من النار - النهاية في غريب الحديث (2/ 374). (¬3) مسلم: (1/ 172 - 173) (1) كتاب الإيمان (82) باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار - رقم (306). (¬4) الإسم الكريم: ليس في مسلم. (¬5) ضبائر: في اللغة جماعات وتفرقة. (¬6) حميل السيل: أي الغثاء الذي مجتمله السيل. (¬7) الترمذي: (4/ 462) (35) كتاب الرؤيا (2) باب ذهبت النبوة وبقيت المبشرات - رقم (272).

باب طلب العلم وفضله

قَدِ انْقَطَعَتْ، فَلاَ رَسُولَ بَعدِي ولاَ نَبيَّ، قَالَ: فَشَقَّ ذَلِكَ عَلى النَّاسِ فَقَالَ: لَكِنِ المُبَشِّرَاتُ، قالوا: يَا رسُولَ اللهِ وما المُبَشَراتُ؟ قال: رُؤيا المُسْلِمِ، وَهِيَ جُزْءٌ من أجزاءِ النُّبُوَّةِ" قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ. بابُ طلبِ العلم وفضله مسلم (¬1)، عن معاوية هو ابن أبي سفيان قال: سَمعتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ وإنَّما أنا قَاسِمٌ وَيُعطِي اللهُ". مسلم (¬2)، عن أبي هريرةَ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِذَا مَاتَ الِإنْسَانُ، انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ (¬3) إلَّا مِنْ ثَلاَثَةٍ، إلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَاِلحٍ يدعُو لَهُ". وعن أبي موسى (¬4)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ مَثَلَ مَا بَعَثَنَي اللهُ بهِ مِنْ الهُدَي وَالعِلْم (¬5)، كَمَثَل غَيْث (¬6) أَصَابَ أرضاً، فكان (¬7) مِنهْا طَائِفَةٌ طَيِّبةٌ، قَبلتِ المَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الكَلَأ والعُشْبَ الكَثِيرَ، وكانت (¬8) منها أجَادِبُ أَمْسَكَتِ الماءَ، فنَفعَ الله بَها النّاسَ، فشَرِبوُا مِنْهَا، ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 719) (12) كتاب الزكاة (33) باب النهي عن المسألة - رقم (100). (¬2) مسلم (3/ 1254) (25) كتاب الوصية (2) باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت - رقم (14). (¬3) انقطع عنه عمله: قال العلماء: معنى الحديث: أن عمل الميت ينقَطع بموته وينقطع تجدد الثواب له، إلا في هده الأشياء الثلاثة، لكونه كان سببها، فإن الولد كسبه وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أو تصنيف وكذلك الصدقة الجارية، وهي الوقف. (¬4) مسلم. (4/ 1788) (43) كتاب الفضائل (5) باب بيان مثل ما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - من الهدي والعلم - رقم (15). (¬5) (ب): والحق. (¬6) غيث: أي مطر. (¬7) مسلم: (فكانت). (¬8) مسلم. كان.

وَسَقَوْا وَزَرَعُوا (¬1) وَرَعَوا وَأَصَابَ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى (¬2) إِنَّمَا هِي قيِعَانٌ (¬3). لا تُمْسِكُ مَاءً، وَلاَ تُنْبِتُ كَلَأ، فَذَلكَ مثلُ مَنْ فقة فيِ دِينِ اللهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللهُ بِه، فَعلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأساً، وَلَم يَقْبَلْ هُدَى اللهِ الذِي أُرْسِلْتُ بِهِ. مسلم (¬4)، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ أوَلَ النَّاسِ يُقْضَى عَلَيْه يَوْمَ القيَامةِ (¬5)، رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فأُتِيَ بِهِ فَعَرًفَهُ نَعَمهُ فعَرَفها، قَالَ: فمَا عَمِلْتَ فيها؟ قَالَ: قَاَتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهدتُ قال: كَذَبْتَ، وَلَكنَّكَ قاَتَلْتَ ليِقُاَلَ جريءٌ (¬6)، فَقَد قِيلَ، ثُمَّ أُمِر بهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِي فِي النَّار، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ القُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ، فَعرَّفَهُ نِعَمَهُ فعرَفَهَا، قال: فمَا عَملتَ فِيها؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الِعلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرأتُ فُيكَ القُرْآنَ. قَالَ: كَذَبْتَ وَلَكنِكَ تَعَلّمتَ العِلْمَ ليُقَالَ عَالِمٌ، وَقرَأتَ القُرآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ، فَقد قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْههِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّار، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ وَأعطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ المَال كُلِّهِ، فأُتِيَ بِهِ، فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قاَلَ: فمَا عَمِلْتَ فِيهِا (¬7)؟ قاَلَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيل تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيها، إلاَّ أنْفَقْتُ فِيَها لَكَ قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ، فَقَد قِيلَ، ثمّ أُمِرَ بِهِ فسُحِبَ عَلى وَجْهِهِ حتى أُلْقِيَ فيِ النَّار (¬8) ". ¬

_ (¬1) مسلم: لا يوجد (وزرعوا)، ولا في (ب). (¬2) مسلم: (وأصاب طائفة منها أخرى). (¬3) قيعاد: الأرض التي لا نبات فيها. (¬4) مسلم: (3/ 1514) (33) كتاب الإمارة (43) باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار - رقم (152). (¬5) في مسلم: (يقضى يوم القيامة عليه). (¬6) في مسلم: (لأن يقال جرئ). (¬7) في الأصل: فيه. (¬8) في مسلم: (ثم ألقى في النار).

البخاري (¬1) عَنْ عَبْدِ اللهِ بن عمرو، أَنَّ النَّبِيَ - صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قال: "بَلِّغُوا عني ولو آية، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً، فليتبوأ مقعده من النار". الترمذي (¬2)، عن زيد بن ثابت قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "نضَّر اللهُ امرأً سمع منًا حديثاً فحفظه حتى يُبَلغه غيرَه، فرُبَّ حاملِ فقهٍ إلى من هو أفقهُ منه، ورُبَّ حاملِ فقهٍ ليسَ بفقيهٍ". أبو داود (¬3)، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَسمعون ويُسمع منكم ويُسمع مِمَّنَ يَسمع (¬4) منكم". أبو داود (¬5)، عن معاوية بن أبي سفيان، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهي عن الغَلوطات" الغلوطات: شرار المسائل. وفي كتاب مسلم (¬6)، عن سهل بن سعد في حديث اللعان: "كَرِهَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسائِلَ وعابَها"، وسيأتي الحديثُ بكماله إن شاء الله -عَزَّ وَجَلَّ-. مسلم (¬7)، عن أبي هريرة، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتُكُم به فافعلوا منه ما استطعتم فإنما ¬

_ (¬1) البخاري: (6/ 572) (60) كتاب أحاديث الأنبياء (50) باب ما ذكر عن بنى إسرائيل - رقم (3461). (¬2) الترمذى: (5/ 33) (42) كتاب العلم (7) باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع - رقم (2656). (¬3) أبو داود: (4/ 68) (19) كتاب العلم (10) باب فضل نشر العلم - رقم (3659). (¬4) في أبي داود: (سمع). (¬5) أبو داود: (4/ 65) (19) كتاب العلم (8) باب التوقي في الفتيا - رقم (1356). (¬6) مسلم: (2/ 1129) (19) كَتاب اللعان - رقم (1). (¬7) مسلم: (4/ 1830) (43) كتاب الفضائل (37) باب توقيره - صلى الله عليه وسلم - رقم (130).

أهلك الذين من قبلكم، كثرةُ مسائلهم (¬1)، واختلافُهم على أنبيائهم". أبو داود (¬2)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أفتى بغير علم، كان إثمه على من أفتاه، ومن أشار على أخيه بأمر يعْلم أن الرشد في غيره، فقد خانه". الترمذي (¬3)، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما ضل قوم بعد هدىً كانوا عليه، إلا أوتوا الجدل (¬4) ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: {ما ضربوه لك إلا جدلاً، بل هم قوم خصمون} " قال: هذا حديث حسن صحيح. أبو داود (¬5)، عن معاوية بن أبي سفيان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا إنَ مَنْ قبلكم مِنْ أهل الكتاب، افترقوا على ثنتين وسبعين مِلَّة، وإن هذه الأمة ستفترت على ثلاث وسبعين: ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة، وإنه سيخرج من أمتي أقوام تَجَارَى بهم تلك الأهواء، كما يتَجَارَى الكَلَبُ بصاحبه لا يبقى منه عِرق ولا مفْصل إلا دخله". أبو داود (¬6)، عن نَمْلة أنصاري: أنه بينما هو جالس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده رجل من اليهود، مرّ بجنازة فقال: يا محمد هل تتكلم هذه الجنازة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الله أعلم، قال ¬

_ (¬1) (ب، د) سؤالهم. (¬2) أبو داود: (4/ 66) (19) كتاب العلم (8) باب التوقي في الفتيا - رقم (3657). (¬3) الترمذي: (5/ 353) (48) كتاب تفسير القرآن (44) باب "ومن سورة الزخرف" - رقم (3253). (¬4) الجدل: العناد المراء الخصومة بالباطل وطلب المعجزة من نبيهم عناداً أو جحوداً وقيل مقابلة الحجة بالحجة. (¬5) أبو داود: (4/ 198) - كتاب السنة باب شرح السنة - رقم (4597). (¬6) أبو داود: (4/ 59 - 60) (19) كتاب العلم (2) باب رواية حديث أهل الكتاب - رقم (3644).

اليهودي: إنها تتكلم. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما حدثكم (¬1) أهلُ الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنّا بالله ورسوله، فإن كان باطلاً، لم تصدقوه، وإن كان حقاً، لم تكذبوه". وذكر أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده (¬2)، عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّه تأتيني كتب من أناس لا أحب أن يقرأها كل أحد، فهل تستطيع أن تعلّم كتاب السريانية؟ " قال: قلت: نعم، قال: فتعلمتها في سبع عشرة. زاد أبو داود (¬3): "فكنت أكتب له إذا كتب، وأقرأ له إذا كُتب إليه" (¬4). البخاري (¬5)، عن أبي وائل، قال: كان عبد الله يُنكر الناس في كل خميس فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن! لوددتُ أنَّك ذكَّرتنا كلَّ يوم. قال: أما إنه يمنعني من ذلك، أني أكرهُ أن أُمِلَّكُم، وإني أتخولكم بالموعظة، كما "كان رسوأ الله - صلى الله عليه وسلم - يتخولنا: بها مخافة السآمة علينا". مسلم (¬6)، عن أبي سعيد الخدري قال: جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! ذهب الرجال بحديثك، فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه، تُعلمنا مما علَّمك الله. قال: "اجتمِعْن يوم كذا وكذا" قال: فاجتمعنَ، فأتاهنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلمهُنَّ مما علمه الله ثم قال: "ما منكن من امرأةٍ تقدم بين يديها من ولدها، ثلاثةً، إلا كانوا لها حجاباً من ¬

_ (¬1) (ب) ما حدثكم به. (¬2) رواه الطبراني في الكبير - رقم (4627). ومسند ابن أبي شيبة ليس منشوراً. (¬3) أبو داود: (4/ 60) (19) كتاب العلم (2) باب رواية حديث أهل الكتاب - رقم (3645). (¬4) (ب، د): له. (¬5) البخاري: (1/ 167) (3) كتاب العلم (12) باب من جعل لأهل العلم أياماً معلومة - رقم (70). (¬6) مسلم: (4/ 2028 - 2029) (45) كتاب البر والصلة والآداب (47) باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه - رقم (152).

النار" فقالت امرأة منهن: واثنين، واثنين، واثنين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلما: "واثنين، واثنين، واثنين". البخاري (¬1)، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه كان إذا تكلَّم بكلمة، أعادها ثلاثاً حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلَّم عليهم، سلَّم عليهم ثلاثا". مسلم (¬2)، عن عائشة قالت: "إنما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُحدت حديثا، لو عدّهُ العادُّ لأحصاه". أبو داود (¬3)، عن عائشة قالت: "كان كلامُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فضلا يفهمه كلُّ من سمعه". مسلما (¬4)، عن ابن عمر قال: نادى فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم انصرف عن الأحزاب "ألّا يُصَلِّيَنَّ أحدٌ الظهرَ إلا في بني قُريظة"، فتخوف ناس فَوْتَ الوقتِ، فصلوا دُون بني قريظة، وقال آخرون: لا نصلي إلا حيث أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن فاتنا الوقت، قال: "فما عنَّف واحداً من الفريقين". أبو داود (¬5)، عن أبي مالك الأشعري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله أجاركم من ثلاثِ خلالٍ، أن لا يدعو عليكم نبيُّكُم ¬

_ (¬1) البخاري: (1/ 227) (3) كتاب العلم (30) باب من أعاد الحديث ثلاثا ليُفهم عنه - رقم (95). (¬2) مسلم: (4/ 2268) (53) كتاب الزهد والرقائق (16) باب التثبت في الحديث - رقم (71). (¬3) أبو داود: (4/ 261) - كتاب الأدب - باب الهدي في الكلام - رقم (4839). (¬4) مسلم: (3/ 1391) (32) كتاب الجهاد والسير (23) باب المبادرة بالغزو - رقم (69). (¬5) أبو داود: (4/ 452) (49) كتاب الفتن والملاحم (1) باب ذكر الفتن ودلائلها - رقم (4253).

فتهلكوا (¬1)، وأن لا يظهر أهلُ الباطل عاد أهلِ الحَقّ، وأن لا تجتمعوا على ضلالة". هذا يرويه إسماعيل بن عياش من حديث الشامييّن، وحديثه عنهم صحيح، قاله ابن معين وغيره، رواه إسماعيل عن ضمضم بن زُرعة عن شريح ابن عبيدة عن أبي مالك، والمتفق على صحته في باب الإِجماع ما رواه: مسلم (¬2) من حديث جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقَول: "لا تزال طائفة من أمتى على الحقّ (¬3) ظاهرين إلى يوم القيامة". وحديث ثوبان (¬4) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفةٌ من أمتي طاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك". وفي الباب عن الغيرة بن شعبة ومعاوية وجابر بن سمرة. مِمّا رويته بالإسناد المتصل الصحيح إلى ابن عباس قال: قال رسول الله صا الله عليه وسلى: "إن الله تجاوز عن أمتىِ الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" ذكرت إسناده في الكتاب الكبير، وقد ذكره أبو بكر الأصيلي في الفوائد، وابن المنذر في كتاب الِإقناع (¬5). ¬

_ (¬1) أبو داود. (فتهلكوا جميعاً). (¬2) مسلم (3/ 1524) (33) كتاب الإمارة (53) باب قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم - رقم (173). (¬3) مسلم: (يُقاتلون على الحق). (¬4) مسلم: (3/ 1523) (33) كتاب الإمارة (53) باب قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق، لا يضرهم ص خالفهم رقم (170). (¬5) الإقناع (2/ 584) (196). وأخرجه ابن ماجه: (1/ 659) (10) كتاب الطلاق (16) باب طلاق المكره: والناسي - رقم (2045)، والدارقطني: (4/ 171)، والحاكم: (2/ 198)، والبيهقى: (7/ 356). وابن حبان: =

البخاري (¬1)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاكموه انتزاعاً، ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم، فيبقى ناس جهال، يستفتون، فيُفتون برأيهم، فيُضِلُّون ويَضِلون". مسلم (¬2) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يكون في آخر الزمان دجّالون، كذابون، يأتونكم من الأحاديث ما لم تسمعوا أنغ، ولا آباؤكم، فإيَّاكم وإيَّاهم لا يُضلونكم ولا يَفتِنُونكم". وعن المغيرة (¬3) بن شعبة وسمرة بن جندب قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حدَّث عني بحديث يُرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين". وعن حفص بن عاصم (¬4)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع". أكثر الناس يرسلونه ولا يذكرون أبا هريرة. مسلم (¬5)، عن المغيرة بن شعبة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ كذباً علي ليس ككذبٍ على أحد، من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعدَه من النارِ". ¬

_ = [الإحسان (9/ 174) (7175)]، والطحاوي في شرح معاني الآثار: (2/ 56)، وابن حزم في أصول الأحكام (5/ 149). وصححه العلامة الألباني في إرواء الغليل: (1/ 123) (82). (¬1) البخاري: (13/ 295) (96) كتاب الإعتصام بالكتاب والسنة (7) باب ما يذكر من ذم الرأي وتكلف القياس - رقم (7307). (¬2) مسلم: (1/ 12) المقدمة - (4) باب النهي عن الرواية عن الضعفاء والإحتياط في تحملها - رقم (6). (¬3) مسلم: (1/ 9) -المقدمة- (1) باب وجوب الرواية عن الثقات وترك الكذابين. (¬4) مسلم: (1/ 10) -المقدمة- (3) باب النهي عن الحديث بكل ما سمع - رقم (5). (¬5) مسلم: (1/ 10) -المقدمة- (2) باب تغليظ الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رقم (4).

كتاب الطهارة

كتاب الطهارة باب الإِبعاد عند قضاء الحاجة والتستر، وما يقول إذا دخل الخلاء، وذكر مواضع نهي أن يتخلى فيها وإليها، وما جاء في السلام على من كان على حاجته، والنهي عن مسِّ الذكر باليمين، وذكر الاستنجاء. مسلم (¬1)، عن المغيرة بن شعبة قال: "انطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتَّى توارى عني فقضى حاجته". وعن أنس (¬2) قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء قال: "اللهم افي أعوذ بك من الخبث والخبائث". وعن أبي هريرة (¬3)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اتقوا اللعانين قالوا: وما اللعانان يا رسول الله، قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم". وعن أبي هريرة (¬4) أيضًا قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ثم يغتسل منه". وقال البخاري (¬5): "ثم يغتسل فيه". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 229) (2) كتاب الطهارة (22) باب المسح على الخفين - رقم (77). (¬2) مسلم: (1/ 283) (3) كتاب الحيض (32) باب ما يقول إذا أراد دخول الخلاء - رقم (122). (¬3) مسلم: (1/ 226) (2) كتاب الطهارة (20) باب النهي التخلي في الطرق: والظلال - رقم (68). (¬4) مسلم: (1/ 235) (2) كتاب الطهارة (28) باب النهى عن البول في الماء الراكد - رقم (95). (¬5) البخاري: (1/ 412) (4) كتاب الوضوء (68) باب البول في الماء الدائم - رقم (239).

وقال النسائي (¬1): "ثم يتوضأ منه". وقال النسائي أيضًا (¬2)، عن عبد الله بن سَرْجس، أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبولن أحدكم في جُحر". مسلم، عن أبي أيوب، (¬3). أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أتيتم الغائط، فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط، ولكن شرقوا أو غربوا"، قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة فننحرف عنها، ونستغفر الله. وعن ابن عمر (¬4) قال: رقيت على بيت أختي حفصة، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "قاعدًا لحاجته، مستقبل الشام، مستدبر القبلة" وفي رواية (¬5) "مستقبلًا بيت القدس". الترمذي (¬6): عن جابر بن عبد الله، قال: "نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نستقبل القبلة ببولٍ فرأيته قبل أن يقبض (¬7) بعام يستقبلها" قال: هذا حديث حسن غريب. وقال في كتاب العلل: سألت محمدًا -يعني البخاري- عن هذا الحديث فقال: هذا حديث صحيح. ¬

_ (¬1) النسائي: (1/ 197) (4) كتاب الغسل والتيمم (1) باب ذكر نهي الجنب عن الإغتسال في الماء الدائم - ولفظ النسائي "ثم يغتسل منه أو يتوضأ". (¬2) النسائي: (1/ 33) (1) كتاب الطهارة (30) كراهية البول في الحُجْر. (¬3) مسلم: (1/ 224) (1) كتاب الطهارة (17) باب الإستطابة - رقم (59). (¬4) مسلم: (1/ 224 - 225) (2) كتاب الطهارة (17) باب الإستطابة - رقم (61). (¬5) مسلم: (1/ 225) (2) كتاب الطهارة (17) باب الإستطابة - رقم (61). (¬6) الترمذي: (1/ 15) (1) أبواب الطهارة (7) باب ما جاء من الرخصة في ذلك - رقم (9) وهذا الحديث ساقط ص نسخة (ب) و (ف). (¬7) (د): يموت.

مسلم (¬1): عن حذيفة، قال: لقد رأيتني أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - نتماشى فأتى سباطة (¬2) قوم (¬3) خلف حائط فقام كما يقومُ أحدكم فبال فانتبذتُ منه، فأشار إلي فجئت فقمتُ عند عقبه حتى فرغ". أبو داود (¬4)، عن المهاجر بن قنفذ، أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول فسلَّم عليه، فلم يرد عليه السلامَ، حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال "إني كرهت أن أذكر الله، إلا على طهر" أو قال "على طهارة". مسلم (¬5)، عن أبي قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإِناء". النسائي (¬6)، عن معاذة، عن عائشة أنها قالت: "مرن أزواجكن أن يستطيبوا (¬7) بالماء، فإني أستحييهم منه، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعله". أبو داود (¬8)، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 228) (2) كتاب الطهارة (22) باب المسح على الخفين - رقم (74). وهذا الحديث ساقط من الأصل ومن النسخة (ب) و (ف). (¬2) السباطة هي ملقى القمامة من التراب ونحوهما. (¬3) (قوم): ليست في مسلم. (¬4) أبو داود: (1/ 23) (1) كتاب الطهارة (8) أيرد السلام: هو يبول - رقم (17). (¬5) مسلم: (1/ 225) (2) كتاب الطهارة (18) باب النهى عن الإستنجاء باليمين - رقم (63). (¬6) النسائي (1/ 43) (1) كتاب الطهارة (41) الإستنجاء بالماء - رقم (2). (¬7) يستطيبوا: الإستطابة هو الإستنجاء وسمي بذلك لما فيه من إزالة النجاسة وتطهير موضعها من البدن، يقال: استطاب الرجل، إذا استنجى فهو مستطيب وأطاب فهو مطيب. (¬8) أبو داود: (1/ 49) (1) كتاب الطهارة (24)، باب الرجل يدلك يده بالأرص إذا استنجى رقم (45).

"إذا أتى الخلاء أتيته بماء في تور (¬1) أو ركوة (¬2)، فاستنجى، ثم مسح يده على الأرض، ثم أتيته بإناء آخر فتوضأ". ذكر مسلم (¬3) الإستنجاء بالماء، من حديث أنس وفي هذا زيادة مسح اليد على الأرض. أبو داود (¬4)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنما أنا لكم بمنزلة الوالد، أُعلّمكم، فإذا أتى أحدكم الغائط، فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولا يستطب بيمينه، وكان يأمر بثلاثة أحجار وينهى عن الرَّوث والرِّمَّة (¬5) ". مسلم (¬6)، عن سلمان الفارسي وقيل له قد علمكم نبيُّكم كلَّ شيء حتى الخراءة، فقال: "أجل لَقَدْ نهانا أن نستقبل القبلة بغائط (¬7) أو بول، أو أن نستنجي (¬8) باليمين أو نستنجي (¬9) بأقل من ثلاثة أحجار، أو نستنجي برجيع (¬10) أو عظم". مسلم (¬11)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من توضأ فلينتثر (¬12)، ومن استجمر فليوتر". ¬

_ (¬1) تور: إناء من صُفر أو حجارة كاللإجّانة، وقد يُتوضأ منه، النهاية في غريب الحديث (1/ 199). (¬2) ركوة: إناء صغير من جلد، يشرب فيه الماء والجمع رِكاء - المصدر السابق (2/ 261). (¬3) مسلم: (1/ 227) (2) كتاب الطهارة (21) باب الإستنجاء بالماء من التبرز. (¬4) أبو داود: (1/ 18 - 19) (1) كتاب الطهارة (4) باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة رقم (8). (¬5) الرِّمة: العظام البالية. (¬6) مسلم: (1/ 223) (2) كتاب الطهارة (17) باب الإستطابة - رقم (57). (¬7) بغائط: أصل الغائط: المطمئن من الأرض، من صار عبارة عن الخارج المعروف من دبر الآدمي. (¬8) (د): أو نستنجي. (¬9) (ب): أو أن نستنجي. (¬10) برجيع قال في المصباح: الرجيع: الروث والعَذِرَة، فعيل بمعنى فاعل، لأنه يرجع عن حاله الأولى، بعد أن كان طعامًا أو علفًا. (¬11) مسلم: (1/ 212) (2) كتاب الطهارة (8) باب الإيثار في الإستنثار: الإستجمار - رقم (22). (¬12) الإنتثار: إخراج الماء بعد الإستنشاق مع ما في الأنف من مخاط.

باب الوضوء للصلاة وما يوجبه

باب الوضوء للصلاة وما يوجبه مسلم (¬1)، عن ابن عباس قال: كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء من الغائط، فأتي بطعام فقيل له: ألا تَوَضَّأْ فقال: "لِمَ؟ أَأُصلِّي فأتوضَّأ". وعن ابن عمر (¬2) قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تُقْبَلُ صلاةٌ بغير طُهُور ولا صدقةٌ من غُلول (¬3) ". وعن أبي هريرة (¬4) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ". وعن أسامة (¬5) بن زيد قال: دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفة، حتى إذا كان بالشِّعْبِ نزل فبال، ثم توضأ ولم يُسبغ الوضوء، فقلت له: الصلاة فقال: "الصلاة أمامك" فركب، فلما جاء المزدلفة، نزل فتوضأ، فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة، فصلى وذكر الحديث. وعنْ عليٍّ - رضي اللهُ عَنْه - (¬6) قالَ: كنَتُ رجلًا مذَّاء، فكنت أستحيي أن أسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 283) (3) كتاب الحيض (31) باب جواز أكل المحدِث الطعام وأنه لا كراهة في ذلك، وأن الوضوء، ليس على الفور - رقم (119). (¬2) مسلم: (1/ 204) (2) كتاب الطهارة (2) باب وجوب الطهارة للصلاة - رقم (1). (¬3) الغلول: الخيانة، وأصله السرقة من مال القسمة. (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2). (¬5) مسلم: (2/ 934) (15) كتاب الحج (47) باب الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة - رقم (276). (¬6) مسلم: (1/ 247) (3) كتاب الحيض (4) باب المذي - رقم (17).

الأسود، فسأله فقال: "يغسل ذَكَرَهُ ويتوضأ". وعنه (¬1) قال: أرسلنا المقداد (¬2) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله عن المذي يخرج من الإِنسان كيف يفعل به، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "توضأ وانضح فرجك (¬3) ". مالك (¬4)، عن بُسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذ مسَّ أحدُكُم ذَكَرَهُ فليتوضأ وضوءَه للصلاة". هكذا في روايه يحيى بن بُكَير "وضوءه للصلاة" وقد صح سماع عروة من بُسرة هذا الحديث، بيّن ذلك أبو الحسن الدارقطني -رحمه الله-. وذكر عبد الرزاق (¬5) عن بُسرة أنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يأمر بالوضوء من مس الفرج". وذكر أبو عُمر بن عبد البّر (¬6) رحمه الله، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أفضى بيده إلى فرجه، ليس دونهما حجاب، فقد وجب عليه الوضوء"، قال أبو عُمر: قال ابن السكن: هذا الحديث من أجود ما رُوي في هذا الباب. قال أبو عُمر: كان حديث أبي هريرة هذا لا يُعرف إلا بيزيد بن عبد الملك النوفلي، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، ويزيد ضعيف حتى رواه أصبغ بن الفرج، عن ابن القاسم، عن نافع بن أبي نعيم ويزيد بن عبد الملك جميعا عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال: ¬

_ (¬1) المصدر السابق - رقم (19). (¬2) (د): المقداد بن الأسود. (¬3) (د): فرجك الماء. (¬4) الموطأ: (1/ 42) (2) كتاب الطهارة (15) باب الوضوء من مس الفرج - رقم (58). (¬5) المصنف: (1/ 113) كتاب الطهارة - باب الضوء من مس الذكر - رقم (411). (¬6) التمهيد: (17/ 195).

باب ما جاء في الوضوء من النوم ومما مست النار

فصح بنقل العدل عن العدل على ما قاله ابن السكن، إِلا أن أحمد بن حنبل كان لا يرضى نافع بن أبي نعيم وخالفه ابن معين، فقال هو ثقة. مسلم (¬1)، عن عاصم، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أَتى أحدُكُم أهله، ثم أراد أن يعاود فليتوضأ بينهما وضوءًا". باب ما جاء في الوضوء من النوم ومما مست النار النسائي (¬2)، عن صفوان بن عسال قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا إذا كنا مسافرين أن نمسح على خفافنا ولا ننزعها ثلاثة أيام من غائط، وبول، ونوم إلا من جنابة". مسلم (¬3)، عن أنسٍ قال: "أُقيمت الصَّلاة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يُناجي رجلًا فلما يزل يُناجيه حتى نام أصحابه، ثم جاء فصلى بهم". أبو داود (¬4)، عن أنس مالك قال: "كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤسهم، ثم يصلون ولا يتوضَّؤون". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 246) (3) كتاب الحيض (6) باب جواز نوم الجنب واستحباب الضوء له وغسل الفرج إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أو يجامع - رقم (27). (¬2) النسائي: (1/ 83 - 84) كتاب الطهارة (98) باب التوقيت في المسح على الخفين للمسافر رقم (127). (¬3) مسلم (1/ 284) (3) كتاب الحيض (33) باب الدليل على أن نوم الجالس لا ينقض الوضوءِ رقم (124). (¬4) أبو داود: (1/ 137 - 138) (1) كتاب الحيض (80) باب في الوضوء من النوم - رقم (200).

وعن أنس (¬1) قال: "أقيمت صلاة العشاء، فقام رجل فقال: يا رسول الله! إنَّ لي حاجة، فقام يناجيه حتى نعس القوم أو بعض القوم ثم صلى بهم ولم يذكر وضوءًا". مسلم (¬2)، عن أنس، قال: "كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينامون ثم يصلون ولا يتوضؤون". وعن عائشة (¬3) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يَذْهبُ يستغفرُ، فيسبُّ نفسه". وعنها قالت (¬4): سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه رسلم يقول: " توضئوا مما مست النار". وعن جابر بن سَمُرة (¬5)، أن رجلًا سأل رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: "إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا تَوضَأ" قال: أتوضأ من لحوم الإِبل؟ قال: "نعم، فتوضأ من لحوم الإِبل" قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: "نعم" قال: أصلى في مباركِ الإِبل قال: "لا". ¬

_ (¬1) أبو داود: (1/ 139) (1) كتاب الطهارة (80) باب في الوضوء - رقم (201). (¬2) مسلم: (1/ 284) (3) كتاب الحيض (33) باب الدليل على أن نوم الجالس لا ينقض الوضوء رقم (125). (¬3) مسلم: (1/ 543) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (31) باب أمر من نعس في صلاته أن يرقد حتى يذهب عنه ذلك - رقم (722). (¬4) مسلم: (1/ 273) (3) كتاب الحيض (23) باب الوضوء مما مست النار - رقم (90). (¬5) مسلم: (1/ 275) (3) كتاب الحيض (25) باب الوضوء من لحوء الإبل - رقم (97).

باب إذا توضأ ثم شك في الحديث

وعن عمرو بن أميّة الضَمْري (¬1) قال: "رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجتزُ من كتف شاة! فأكل منها، فدُعى إلى الصلاة، فقام وطرح السكين، وصلى ولم يتوضأ". أبو داود، عن جابر بن عبد الله (¬2) قال: "قُرب للنبي - صلى الله عليه وسلم - خبز ولحم، فأكل، ثم دعا بوضوء، فتو. ضأ، ثم صلى الظهر، ثم دعا بفضل طعامه، فأكل، ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ". وعن جابر (¬3) أيضًا قال: "كان آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما غيرت (¬4) النار". وقال النسائي (¬5) "مما مَسَّتِ النَّارُ" (¬6). باب إذا توضأ ثم شك في الحديث مسلم (¬7)، عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا، فأشكل عليه، أخَرَجَ منه شيءٌ، أم لا، فلا يخرُجنّ من المسجد، حتى يسمع صوتًا أو يجدَ ريحًا". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 274) (3) كتاب الحيض (24) باب نسخ الوضوء مما مست النار - رقم (93). (¬2) أبو داود: (1/ 133) (1) كتاب الطهارة (75) باب في ترك الوضوء مما مست النار - رقم (191). (¬3) المصدر السابق - رقم (192). (¬4) (ف): مست. (¬5) النسائي: (1/ 108) (1) كتاب الطهارة (123) باب ترك! الوضوء مما غيرت النار - رقم (185). (¬6) (وقال النسائي ... إلى آخره). ليس في الأصل. وليس في (ب، ف)، وأثبتناه من (د). (¬7) مسلم: (1/ 276) (3) كتاب الحيض (26) باب الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك في الحديث رقم (99).

باب الوضوء لكل صلاة ومن صلى الصلوات بوضوء واحد، والوضوء عند كل حدث، والصلاة عند كل وضوء

باب الوضوء لكل صلاة ومن صلى الصلوات بوضوء واحد، والوضوء عند كل حدث، والصلاة عند كل وضوء الترمذي (¬1)، عن أنس، "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ لكل صلاة طاهرًا أو غير طاهر" قال حميد: قلت لأنس: وكيف كنتم تصنعون أنتم؟ قال: كنا نتوضأ وضوءًا واحدًا" قال: هذا حديث حسن صحيح. مسلم (¬2)، عن بريدة (¬3)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، "صلَّى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على خفيه" فقال له عمر لقد صنعتَ اليوم شيئًا لم تكن (¬4) تصنعه، قال: "عمدًا صنعته يا عمر". الترمذي (¬5)، عن بريدة بن حُصَيب قال: أصبح رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا بلالًا فقال: "يا بلال! بما سبقتني إلى الجنَّة، فما دخلتُ الجنّة قط إلا سمعتُ خشخشتك أمامي، فأتيت على قصر مربع (¬6) مُشَرَّفٍ من ذهب، فقلت لن هذا القصر؟ فقالوا: لرجل عربي. فقلت: أنا عربي، لمن هذا القصر؟ قالوا: لرجل من قريش. قلت: أنا قرشي، لمن هذا القصر؟ قالوا: لرجل من أمة محمد. قلت: أنا محمد، لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر ابن الخطاب" فقال بلال: يا رسول الله، ما أذَّنت قط، إلا صليتُ ركعتين، وما أصابني حدث إلا توضأت عندها ورأيت أن لله عليّ ركعتين. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بهما" قال: هذا حديث حسن صحيح. ¬

_ (¬1) الترمذي: (1/ 86) أبواب الطهارة - ما جاء في الوضوء لكل صلاة - رقم (58). (¬2) مسلم: (1/ 232) (2) كتاب الطهارة (25) باب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد - رقم (86). (¬3) (د): بريدة بن حُصيب. (¬4) في الأصل: لم تصنعه. (¬5) الترمذي: (5/ 579) (50) كتاب المناقب (18) باب في مناقب عمر بن الخطاب - رقم (3689). (¬6) مربع ليست في (ف).

باب المضمضة من اللبن وغيره ومن ترك ذلك

باب المضمضة من اللبن وغيره ومن ترك ذلك مسلم (¬1)، عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب لبنًا، ثم دعا بماء فمضمض، وقال: "إنَّ له دسمًا (¬2) " البخاري (¬3)، عن سويد بن النعمان "أنَّه خرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر، حتى إذا كانوا بالصهباء وهي أدنى (¬4) خيبر، صلى العصر ثم دعا بالأزواد، فلم يؤتَ إلا بالسّويق (¬5)، فأمر به، فثُرِّي (¬6) فأكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والنائم قام إلى المغرب، فمضمض ومضمضنا ثم صلى ولم يتوضأ". أبو داود (¬7)، عن أنس بن مالك "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، شرب لبنًا ولم يمضمض ولم يتوضأ وصلَّى". مسلم (¬8)، عن ابن عباس رضي الله عنهما "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع عليه ثيابه ثم خرج إلى الصَّلاة فأتي بهدية خبز ولحم فأكل ثلاث لقم، ثم صلَّى بالنَّاس، وما مسَّ ماء" ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 274) (3) كتاب الحيض - (24) باب نسخ الوضوء مما مست النار - رقم (95). (¬2) الدسم: قال في المصباح: الدسم الودك من لحم وشحم. (¬3) البخاري: (1/ 373) (4) كتاب الوضوء (51) باب من مضمض من السويق ولم يتوضأ - رقم (209). (¬4) ب: من أدنى. (¬5) السويق: قال الداودي: هو دقيق الشعير أو السلت المقلي. (¬6) فثري: أي بل بالماء لما لحقه من اليبس. (¬7) أبو داود: (1/ 1350) (1) كتاب الطهارة (78) باب الرخصة في ذلك - رقم (197). (¬8) مسلم: (1/ 275) (3) كتاب الحيض (24) باب نسخ الوضوء مما مست النار - رقم (96).

باب في السواك لكل صلاة ولكل وضوء

باب في السِّوَاك لكل صلاة ولكل وضوء مسلم (¬1)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لولا أن أشق (¬2) على أمتى لأمرتهم بالسِّواك عند كلِّ صلاة". مسلم (¬3)، عن شريح بن هانئ قال: سألت عائشةَ، قلت: بأي شيء كان يبدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل بيته. قالت: "بالسواك". وعن حذيفة (¬4) قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذا قام ليتهجد، يَشُوصُ فاه (¬5) بالسواك". النسائي (¬6)، عن ابن عباس قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ركعتين ثم ينصرف فيستاك". وعن عائشة (¬7) قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب". البخاري (¬8)، عن أنس قال: قا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أكثرتُ عليكم في السواك". مسلم (¬9)، من أبي موسى قال: "دخلت على النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 220) (2) كتاب الطهارة (15) باب السواك - رقم (42). (¬2) (د، ف): يُشقّ. (¬3) مسلم: (1/ 220) (2) كتاب الطهارة (15) باب السواك - رقم (43). (¬4) مسلم: (1/ 220) - رقم (46). (¬5) يشوص فاه: الشوص دلك الأسنان بالسواك عرضًا. (¬6) النسائي في السنن الكبرى (1/ 424) (12) كتاب قيام الليل (27) ذكر الإختلاف على بن عباس في صلاة الليل - رقم (1343). (¬7) النسائي: (1/ 10) (1) كتاب الطهارة (في) باب الترغيب في السواك - رقم (5). (¬8) البخاري: (2/ 435) (11) كتاب الجمعة (8) السواك يوم الجمعة - رقم (888). (¬9) مسلم (1/ 220) (2) كتاب الطهارة (15) باب السواك - رقم (45).

باب ذكر المياه وبئر بضاعة

وطرف السواك على لسانه". وقال البخاري (¬1): عن أبي موسى، أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجدتُهُ يستن بسواك بيده يقول: "أعْ أعْ، والسواك في فيه كأنه يتهوَّع". باب ذكر المياه وبئر بضاعة أبو داود (¬2)، عن ابن عمر قال: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع فقال: "إذا كان الماء قُلَّتين لم يحمل الخبث". هذا صحيح لأنه قد صح أن الوليد بن كثير روى هذا الحديث عن محمد ابن جعفر بن الزبير وعن محمد بن عبّاد بن جعفر كلاهما عن عبد الله بن عبد الله بن عمر ذكر أبو الحسن الدارقطني (¬3) والمحمدان ثقتان، وروى لهما مسلم والبخارى. وفي طريق آخر "لا ينجس" (¬4). الترمذي (¬5)، عن أبي سعيد الخدري أنه قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنتوضأ من بئر بُضَاعَة (¬6)، وهي بئر تلُقى فيها الحِيَضُ (¬7) ولحوم الكلاب والنتن فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن الماء طهور لا يُنجِّسُهُ شيء". ¬

_ (¬1) البخاري: (1/ 423) (4) كتاب الوضوء (73) باب السواك رقم (244). (¬2) أبو داود: (1/ 51) (1) كتاب الطهارة (33) باب ما ينجس الماء - رقم (63). (¬3) سنن الدارقطني: (1/ 17). (¬4) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (65). (¬5) الترمذي: - رقم (1/ 95) - أبواب الطهارة - باب ما جاء أنَّ الماء لا يُنحسه شيء - رقم (66). (¬6) بئر بضاعة: هي دار بني ساعدة بالمدينة وبئرها معروفة. (¬7) هي الخرقة التي تستعمل في دم الحيض.

باب وضوء الرجل والمرأة معا من إناء واحد وما جاء في الوضوء بفضل المرأة، والوضوء في آنية الصفر والنية للوضوء والتسمية والتيمن

قال: هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجه عن أبي سعيد. أبو داود (¬1)، مثله وقال: سمعتُ قتيبةَ بن سعيد قال: سألتُ قيِّم بئر بضاعة عن عمقها فقلت: أكثر ما يكونُ فيها الماء، قال: إلى العانة، قلت: فإذا نقص الماء، قال: دون العورة، قال أبو داود: قدرت بئر ضاعة بردائي مددته عليها، ثم ذرعتُه فإذا عرضُها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه، هل غير بناؤها عما كان عليه؟ قال: لا، ورأيت فيها ماء متغير اللون. باب وضوء الرجل والمرأة معًا من إناء واحد وما جاء في الوضوء بفضل المرأة، والوضوء في آنية الصفر والنية للوضوء والتسمية والتيمن البخاري (¬2)، عن ابن عمر أنه قال: "كان الرجال والنساء يتوضؤون في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جميعًا". وذكر الترمذي (¬3)، عن الحكم بن عمرو الغفاري، "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة". قال: هذا حديث حسن، كذا قال أبو عيسى: حديث حسن. ولم يقل: صحيح، لأنه روي موقوفًا، وغير أبي عيسى يصححه لأن إسناده صحيح والتوقيف عنده لا يضره والذي يجعل التوقيف فيه عِلة أكثر وأشهر. البخاري (¬4)، عن عبد الله بن زيد قال: "أتى (¬5) رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) أبو داود: (1/ 53) (1) كتاب الطهارة (34) باب ما جاء في بئر بضاعة - رقم (66) (¬2) البخاري: (1/ 357) (4) كتاب الوضوء (43) باب وضوء الرجل مع امرأته - رقم (193). (¬3) الترمذي: (1/ 93) - أبواب الطهارة - ما جاء في كراهية فضل طهور المرأة - رقم (64). (¬4) البخاري: (1/ 361) (4) كتاب الوضوء (45) باب الغسل والوضوء في المِخْضَب، والقدح والخشب والحجارة - رقم (197). (¬5) (ب): أتانا.

باب غسل اليد عند القيام من النوم ثلاتا قبل إدخالها في الإناء، وصفة الوضوء والإسباغ، والمسح على العمامة والناصية والمسح على الخفين في السفر والحضر والتوقيت فيه

وسلم - فأخرجنا له ماءً في تور من صُفرٍ فتوضَّأ فغسل وجهه ثلاثًا ويديه مرتين (¬1) ومسح برأسه (¬2) فأقبل به وأدبر وغسل رجليه". مسلم (¬3)، عن عمر بن الخطاب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنما الأعمال بالنية، وإنما لامرئ مانوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه". النسائي (¬4)، عن أنس قال: "طلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5) وضوءًا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل مع أحدٍ منكم ماء؟ فوضع يده في الماء ويقول: توضئوا بسم الله فرأيت الماء يخرج من بين أصابعه، فتوضئوا (¬6) حتى توضئوا من عند آخرهم، قيل لأنس كم تُراهم؟ قال: نحوًا من سبعين". أبو داود (¬7)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا لبستم وإذا توضأتم، فابدأوا بأَيَامِنِكم". باب غسل اليد عند القيام من النوم ثلاتًا قبل إدخالها في الإِناء، وصفة الوضوء والإِسباغ، والمسح على العمامة والناصية والمسح على الخفين في السفر والحضر والتوقيت فيه ¬

_ (¬1) البخاري: (مرتين مرتين) وكذا (د). (¬2) (ب): رأسه. (¬3) مسلم: (3/ 1515 - 1516) (33) كتاب الإمارة (45) باب قوله - صلى الله عليه وسلم - إنما الأعمال بالنية - رقم (155). (¬4) النسائي: (1/ 61) (1) كتاب الطهارة (62) باب التسمية عند الوضوء - رقم (78). (¬5) النسائي: (طلب بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -). وكذا (ف). (¬6) النسائي: لا يوجد (فتوضؤا). (¬7) أبو داود: (4/ 379) (26) كتاب اللباس (44) باب في الإنتعال - رقم (4141).

مسلم (¬1)، من أبي هريرة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا استيقظ أحدكم من نومه، فلا يغمس يده في الإِناء حتى يغسلها ثلاثًا، فإنه لا يدري أين باتت يده". وقال أبو داود (¬2)، إذا قام أحدكم من الليل بمثله. مسلم (¬3)، عن أبي هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا استيقظ أحدكم من منامه، فليستنثر ثلاثًا (¬4)، فإن الشيطان يبيت على خياشيمه (¬5) ". وقال البخاري (¬6)، "إذا اسيتقظ من منامه فتوضأ" -زاد فتوضأ-. مسلم (¬7)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا توضا أحدكم فليستنشق بمنخريه من الماء ثم ليستنثر". النسائي (¬8)، عن لقيط بن صبرة قال: قلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء قال: "أسبغ الوضوء وبالغ في الإستنشاق إلا أن تكون صائمًا". أبو داود (¬9)، عن لقيط بن صبرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 233) (1) كتاب الطهارة (26) باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء قبل غسلها ثلاثًا - رقم (87). (¬2) أبو داود: (1/ 79) (2) كتاب الطهارة (46) باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها رقم (103). (¬3) مسلم: (1/ 212 - 213) (2) كتاب الطهارة (8) باب الإيثار في الإستنثار والإستجمار - رقم (23). (¬4) في مسلم: (ثلاث مرات). (¬5) خياشيمه: قال العلماء: الخيشوم أعلى الأنف، وقيل: هو الأنف كله: قيل: هي عظام رقاق لينة في أقصى الأنف، بينه وبين الدماغ، قيل: غير ذلك وهو اختلاف متقارب المعنى. (¬6) البخاري: (6/ 391) (59) كتاب بدء الخلق (11) باب صفة إبليس وجنوده - رقم (3295). (¬7) مسلم: (1/ 212) (2) كتاب الطهارة (8) باب الإيثار في الإستنثار من الإستجمار - رقم (21). (¬8) النسائي: (1/ 66) (1) كتاب الطهارة (71) المبالغة في الإستنثار - رقم (87). (¬9) أبو داود: (1/ 100) (1) كتاب الطهارة (55) باب في الإستنثار - رقم (144).

"إذا توضأت فمضمض". النسائي (¬1)، عن علي رضي الله عنه، "أنه دعا بوضوء فمضمض واستنشق ونثر بيده اليسرى، ففعل هذا ثلاثًا ثم قال: هذا طهور نبي الله - صلى الله عليه وسلم -". النسائي (¬2)، عن عبد الله بن زيد قال رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "توضأ ومسح برأسه مرتين". مسلم (¬3)، عن عبد الله بن زيد وقيل له: توضأ لنا وضوءَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، "فدعا بإناء فأكفى (¬4) منه على يديه فغسلهما ثلاثًا، ثم أدخل يده فاستخرجها فمضمض واستنشق من كفٍ واحدةٍ، ففعل ذلك ثلاثًا ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل وجهه ثلاثًا، ثم أدخل يده فاستخرجها فغسل يديه إلى الرفقين مرتين مرتين، ثم أدخل يده (¬5) فاستخرجها فمسح برأسه فأقبل بيديه وأدبر ثم غسل رجليه إلى الكعبين تم قال: هكذا كان وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". وفي رواية (¬6) بعد قوله "فأقبل بهما وأدبر": بدأ بمقدم رأسه، ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه. وفي آخر (¬7)، مسح برأسه مرة واحدة. ¬

_ (¬1) النسائي: (1/ 67) (1) كتاب الطهارة (74) بأي اليدين يستنثر - رقم (91). (¬2) النسائي: (1/ 72) (1) كتاب الطهارة (82) عدد مسح الرأس - رقم (99) وقد اختصره المؤلف. (¬3) مسلم: (1/ 210 - 211) (2) كتاب الطهارة (74) باب في وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (18). (¬4) أكفى: أي أمال وصبّ. (¬5) (د): يديه. (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين. (¬7) مسلم: (1/ 204) كتاب الضوء (3) باب صفه الوضوء وكماله - رقم (3).

وعن حمران مولى عثمان أن عثمان بن عفان (¬1)، دعا بماء فتوضأ، فغسل كفيه ثلاث مرات ثم مضمض واستنثر، ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات، ثم غسل يده اليسرى مثل ذلك، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمين إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم غسل اليسرى مثل ذلك، ثم قال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من توضأ نحو وضوئي. هذا، ثم قام فركع ركعتين لا يُحَدِّثُ فيهما نفسه، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه". قال ابن شهاب: وكان عُلماؤنا يقولون هذا الوضوء أسبغ ما يتوضأ به أحد للصلاة. وروى أبو داود (¬2)، من حديث عثمان رضي الله عنه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "مسح رأسه ثلاثًا" قال (¬3): وأحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على مسح الرأس أنه مرة، فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثًا، قالوا فيها: ومسح رأسه ولم يذكروا عددا كما ذكروا في غيره. النسائي (¬4)، عن شعبة عن حبيب وهو ابن زيد قال: سمعت عبَّاد بن تميم يحِدِّث عن جدته (¬5) وهي أمّ عمارة بنتُ كعب، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "توضأ فأُتِيَ بماء في إناءٍ قَدْرَ ثُلُثَي المُدِّ" قال شُعْبةُ فأحفظ أنَّه غسل ذراعيه وجعل يَدْلُكُهُمَا ومسح أذنيه باطنهما ولا أذكر أنه مسح ظاهرهما. ¬

_ (¬1) الأصل: عن حمران مولى عثمان دعا عفان دعا بماء ... وفي (د) حمران مولى عثمان بن عفان أن عثمان بن عفان. (¬2) أبو داود: (1/ 79) (1) كتاب الطهارة (50) باب صفة ضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (107). (¬3) أبو داود: (1/ 80). (¬4) النسائي: (1/ 58) (1) باب الطهارة (59) باب القدر الذي يكتفي به الرجل عن الماء للوضوء رقم (74). (¬5) النسائي: "جدتي": أم عمارة جدة عباد بن تميم.

وذكر النسائي (¬1)، عن ابن عباس قال: "رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ فغسل يديه، ثم مضمض وأستنشق من غرفةٍ واحدة، وغسل وجهه وغسل يديه مرةً مرةً ومسح برأسه وأذنيه مرة" وزاد في أخرى (¬2) "مسح باطنهما بالسبّاحتين وظاهرهما بإبهاميه". مسلم (¬3) عن عبد الله بن زيد أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "توضأ، فمضمض ثم استنثر، ثم غسل وجهه ثلاثًا ويده اليمنى ثلاثًا والأخرى ثلاثًا، ومسح برأسه بماءٍ غير فضل يديه (¬4) وغسل رجليه حتى أنقاهما". الترمذي (¬5)، صَ عمانَ بن عفان، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كان يخلل لحيته" قال: هذا حديث حسن صحيح. النسائي (¬6)، ص لقيط بن صبرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا توضأتَ فأسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع". مسلم (¬7)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: رجعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة، حتى إذا كنا بماء الطريق، تعجل قوم عند العصر فتوضؤا وهم عجال، فانتهينا إلى القوم، وأعقابهما تلوح لم يمسها الماء. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ويل للأعقاب من النار، أسبغوا ¬

_ (¬1) النسائي: (1/ 73) (1) باب الطهارة (84) مسح الأذنين - رقم (101). (¬2) النسائي. (1/ 74). (¬3) مسلم. (1/ 211) (2) كتاب الطهارة (7) باب في وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (19). (¬4) في مسلم: (ومسح برأسه بماء غير فضل يده) ومعناها أن مسح الرأس بماء جديد لا يبقيه ماء يديه. (¬5) الترمذي: (1/ 46) أبواب الطهارة - باب ما جاء في تخليل اللحية - رقم (31). (¬6) النسائي: (1/ 79) (1) كتاب الطهارة (92) الأمر بتخليل الأصابع - رقم (114). (¬7) مسلم (1/ 214) (2) كتاب الطهارة (9) باب وجوب غسل الرجلين بكمالهما - رقم (26).

الوضوء". وعنه قال (¬1): تخلف عنَّا النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر سفرناه، فأدركنا وقد حضرت الصلاة فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى "ويل للأعقاب من النار". وقال البخاري (¬2): " فنادى بأعلى صوته ويل للأعقاب من النار". مسلم (¬3)، من همام بن الحارث قال: بال جرير ثم توضأ، ومسح على خفيه، فقيل: تفعل هذا؟ قال: نعم، رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بال ثم توضأ ومسح على خفيه. قال إبراهيم النخعي: كان يعجبهم هذا الحديث لأن إسلَام جرير كان بعد نزول المائدة. قال النسائي (¬4): كان إسلام جرير قبل موت النبي - صلى الله عليه وسلم - بيسير. مسلم (¬5)، عن المغيرةَ بن شعبة قال: كنتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة في مسيرٍ فقال: "أمعك ماء"؟ قلت: نعم. فنزل من راحلته فمشى حتى توارى في سواد الليل، ثم جاء فأفرغت عليه من الإداوة (¬6)، فغسل وجهه وعليه جُبَّةٌ من صوف، فلم يستطع أن يُخرج ذراعيه منها حتى أخرجهما من أسفلِ الجُبَّة فغسل ذراعيه ومسح برأسه، ثم أهويت لأنزع خفيه، فقال: "دعْهما ¬

_ (¬1) مسلم - رقم (27). (¬2) البخاري: (1/ 319) (4) كتاب الوضوء (27) باب غسل الرجلين ولا يمسح على القدمين رقم (63). (¬3) مسلم: (1/ 228) (2) كتاب الطهارة (22) باب المسح على الخفين - رقم (72). (¬4) سنن النسائي (1/ 81). (¬5) مسلم: (1/ 230) - رقم (79). (¬6) الإداوة: هي الركوة والمطهرة: هو إناء الوضوء.

فإني أدخلتُهما طاهرتين" ومسح عليهما. وزاد في طريق أخرى (¬1) "ثم صلى بنا". وعنه أيضًا (¬2) في هذا الحديث قال "ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه". وعنه أيضًا (¬3)، "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين ومقدم رأسه وعلى عمامته". أبو داود (¬4)، عن أنس بن مالك قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ وعليه عمامة قَطْريَّة (¬5)، فأدخل يده من تحت العمامة، فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة". مسلم (¬6)، عن بلال " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين وعلى الخمار". الترمذي (¬7)، عن هُزيل، عن المغيرة قال: "توضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسح على الجوربين والنعلين" قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. وقال النسائي (¬8): لم يُتابَع هزيل على هذه الرواية، والصحيح عن المغيرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "مسح على الخفين، والله أعلم". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 229) - رقم: (78). (¬2) مسلم. (1/ 230) (2) كتاب الطهارة (23) باب المسح على الناصية والعمامة - رقم (81). (¬3) مسلم: (1/ 231) - رقم (82). (¬4) أبو داود: (1/ 102 - 103) (1) كتاب الطهارة (57) باب المسح على العمامة - رقم (147). (¬5) قطرية: القطر: نوع من البرود فيه حمرة والقطر: قيل قرية بالبحرين. (¬6) مسلم: (1/ 231) - رقم (84). (¬7) الترمذي (1/ 167) (أبواب الطهارة) - باب ما جاء في المسح على العمامة - رقم (99). (¬8) السنن الكبرى (1/ 92) (1) كتاب الطهارة (86) المسح على الجوربين والنعلين - رقم (130).

باب من توضأ مرة مرة أو أكثر، ومن ترك لمعة وفي تفريق الوضوء [وقدر ما يكفي من الماء، وما يحذر من الإسراف في الوضوء]، وما يقال بعده، وفضل الطهارة والوضوء.

مسلم (¬1) عن شريح بن هانئ قال: أتيت عائشةَ أسألها عن المسح على الخفين فقالت: عليك بابن أبي طالب، فإنه كان يسافر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألناه، فقال: "جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويومًا وليلة للمقيم". النسائي (¬2)، عن أسامة قال: "دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - الأسواف (¬3)، فذهب لحاجته ثم خرج فسألت بلالًا ما صنع قال: ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاجته ثم توضأ، فغسل وجهه ويديه، ومسح برأسه ومسح على الخفين" الأسواف: موضع بالمدينة. أبو داود (¬4)، عن علي بن أبي طالب قال: لو كان الدين بالرأي، لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يمسح على ظاهر خفيه". باب من توضأ مرَّة مرَّة أو أكثر، ومن ترك لمعة وفي تفريق الوضوء [وقدر ما يكفي من الماء، وما يحذر من الإسراف في الوضوء] (¬5)، وما يقال بعده، وفضل الطهارة والوضوء. البخاري (¬6)، عن ابن عباس، "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة". وعن عبد الله بن زيد (¬7): "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرتين مرتين". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 232) (2) كتاب الطهارة (24) باب التوقيت في المسح على الخفين - رقم (85). (¬2) النسائي: (1/ 81 - 82) (1) كتاب الطهارة (96) باب المسح على الخفين - رقم (120)، (¬3) النسائي: (الأسواق). (¬4) أبو داود: (1/ 115) (1) كتاب الطهارة (63) باب كيف المسح - رقم (164). (¬5) ما بين المعكوفتين - زيادة من (د). (¬6) البخاري: (1/ 311) (4) كتاب الوضوء (22) باب الوضوء مرة مرة - رقم (157). (¬7) البخاري: - رقم (1/ 311) (4) كتاب الوضوء (23) باب الوضوء مرتين مرتين - رقم (158).

مسلم (¬1)، عن أبي أنس، أن عثمان توضأ بالمقاعد (¬2) فقال: ألا أُريكم وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ثم توضأ ثلاثًا ثلاثًا". وعن جابر بن عبد الله (¬3) قال: أخبرني عمر بن الخطاب أن رجلًا توضأ، فترك موضع ظفر على قدمه فأبصره النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ارجع فأحسن وضوءك" فرجع ثم صلى. أبو داود (¬4)، عن أنس مثله. مسلم، عن ميمونة، ووصفت غُسل النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت "ثم تنحى من مقامه ذلك، فغسل رجليه "وسيأتي بكماله إن شاء الله تعالى. الترمذي (¬5)، عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ن توضأ فأحسن الوضوء، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عَبدُهُ ورسولُه، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين فُتحت له ثمانيةُ أبوابٍ من الجنّة يدخل من أيُّها شاء". مسلم (¬6)، عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "الطهور (¬7) شطر الإِيمان، والحمد الله تملأُ الميزان، وسبحان الله والحمد ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 207) (2) كتاب الطهارة (4) باب فضل الوضوء والصلاة عقبه - رقم (9). (¬2) المقاعد. قيل دكاكين عند دار عثمان بن عفان، وقل: درج، وقيل: موضع بقرب المسجد اتخذه للقعود فيه لقضاء حوائج الناس والوضوء ونحو ذلك. (¬3) مسلم: (1/ 215) (2) كتاب الوضوء (10) باب استيعاب جميع أجزاء محل الطهارة - رقم (31). (¬4) أبو داود: (1/ 130 - 131) (1) كتاب الطهارة (67) باب تفريق الوضوء - رقم (173). (¬5) الترمذي (1/ 78) أبواب الطهارة - باب فيما يُقال بعد الوضوء - رقم (55). (¬6) مسلم: (1/ 201) (2) كتاب الطهارة (1) باب فضل الوضوء - رقم (1). (¬7) الطهور: قال جمهور أهل اللغة: الوضوء.

لله تملآن أو تملأ ما بين السماواتِ والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، (¬1) والصبر ضياء، والقرآن حجه لك أو عليك، كلُّ النَّاس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها". مسلم (¬2)، عن حُمران، قال: أتيتُ عثمانَ بوَضوء، فتوضأ، ثم قال: إنَّ ناسًا يتحدثون (¬3) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحاديث، لا أدري ماهي، إلا أني رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ مثل وضوئي هذا، ثم قال: "من توضأ هكذا غفر له ما تقدم من ذنبه وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة". وعن عثمان (¬4) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من توضأ فأحسن الوضوءَ، خرجتْ خطاياه من جسده، حتى تخرج من تحت أظفاره". وعن أبي هريرة (¬5)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى المقبرةَ فقال: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنَّا إنْ شَاءَ الله بكم لاحقون، وددت أنَّا قد رأينا إخواننا، قالوا أو لسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد. قالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله فقال: أرأيت لو أن رجلًا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دُهم بُهْم (¬6)، ألا يعرف خيله، قالوا: بلى ¬

_ (¬1) الصدقة برهان: قال صاحب التحرير: معناها يفزع إليها كما يفزع إلى البراهين، كأن العبد إذا سئل يوم القيامة عن مصرف ماله كانت صدقاته براهين في جواب هذا السؤال فيقول: تصدقت به. (¬2) مسلم: (1/ 207) (2) كتاب الطهارة (4) باب فضل الوضوء والصلاة عقبه - رقم (8). (¬3) (ب، ف): يحدثون. (¬4) مسلم: (1/ 215) (2) كتاب الطهارة (11) باب خروج الخطايا مع ماء الوضوء - رقم (33). (¬5) مسلم: (1/ 218) (2) كتاب الطهارة (12) باب استحباب إطاله الغرة والتحجيل في الوضوء رقم (39). (¬6) دهم بهم. أي سود، لم يخالط لونها لونٌ آخر.

يا رسول الله قال: فإنهم يأتون غرًا محجلين (¬1) من الوضوء، وأنا فَرَطُهُمْ على الحوضِ (¬2)، ألا ليُذَادَنَّ رِجالٌ عن حوضي كما يُذَادُ البعير الضَّال. أُناديهم: ألا هلم! ألا هلم فيُقال: إنهم قد بدَّلوا بعدك، فأقول: سُحقًا سُحقًا" (¬3). وعن ونُعيم (¬4) بن عبد الله المُجْمِر قال: رأيت أبا هريرة يتوضأ، فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، تم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضُد، ثم يده اليسرى حتى أشرع في العضُد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليُمنى حتى أشرعَ في السَّاق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال: هكذا رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، وقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم فلْيطل غرته وتحجيله". وعن أبي هريرة (¬5) قال: سمعتُ خليلي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "تبلغُ الحِلْيَةُ (¬6) مِن المؤمن حيثُ يبلغ الوضوء". مالك (¬7)، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء عند المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكما ¬

_ (¬1) غرٌّ محجلون: قال أهل اللغة، الغرة. بياض في جبهة الفرس، والتحجيل: بياض في يديها ورجليها، قال العلماء: سمى النور الذي على مواضع الوضوء يوم القيامة، غرة وتحجيلا تشبيها بغُرَّة الفرس. (¬2) ألا ليذادنَ: أي يُطرد ويبُعد. (¬3) سحقًا سحقًا: أي بعدًا بعدًا، والمكان السحيق: البعيد. (¬4) مسلم: (1/ 216) (2) كتاب الطهارة (12) باب استحاب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء رقم (34). (¬5) مسلم: (1/ 219) (2) كتاب الطهارة (12) تبلغ الحلية حيث يبلغ الوضوء - رقم (40). (¬6) الحلية: أي النور يوم القيامة. (¬7) الموطأ: (1/ 161) (9) كتاب قصر الصلاة والسفر (8) باب انتطار الصلاة والمشى إليها - رقم (55).

باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة، ونوم الجنب إذا توضأ وأكله ومشيه ومجالسته، وكم يكفي من الماء واغتسال الرجل والمرأة في إناء واحد، وما نهي أن يغتسل فيه الجنب، وتأخير الغسل وتعجيله وصفته والتستر.

الرباط، فذلكم الرباط". باب ما يوجب الغسل على الرجل والمرأة، ونوم الجنب إذا توضأ وأكله ومشيه ومجالسته، وكم يكفي من الماء واغتسال الرجل والمرأة في إناء واحد، وما نُهي أن يغتسل فيه الجنب، وتأخير الغسل وتعجيله وصفته والتستر. مسلم (¬1)، عن أبي سعيد الخْدري قال: خرجتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الإِثنين إلى قُبَاء، حتى إذا كُنَّا في بني سالم، وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بابِ عتْبَان، فصرخ به، فخرج يَجُرُّ إزَارَهُ، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعْجلنا الرجل (¬2) "، فقال عِتْبَان: يا رسولَ الله! أرأيت الرجل يُعْجَلُ عن امرأتِهِ ولم يُمْنِ (¬3)، ماذا عليه؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الماءُ مِنَ الماءِ". وعنه (¬4)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّ على رجلٍ من الأنصار، فأرسل إليه، فَخَرجَ ورأسه يَقْطُرُ، فقالَ: "لعلَّنا أعجَلْنَاكَ"! قال: نعم يا رسول الله قال: إذا "أُعْجِلتَ أو أقْحَطْتَ (¬5)، فلا غُسل عليك، وعليك الوُضُوء". وعن أُبَيِّ بن كَعْبٍ (¬6)، عَنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في الرجل يأتي أهله، ثم لا يُنْزِلُ، قال: "يَغسِلُ ذَكَرَهُ ويتوضأَ". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 269) (3) كتاب الحيض (21) باب إنما الماء من الماء - رقم (80). (¬2) أعجلنا الرجل: أي حملناه طى أن يعجل من فوق امرأته. (¬3) لم يُمَن: أي لم ينزل، يقال: أمنى الرجل إمناء إذا أنزل، أي أراق منيه. (¬4) مسلم: (1/ 269) (3) كتاب الحيض (21) باب إنما الماء من الماء - رقم (83). (¬5) أقحطت: الإقحاط هنا عدم إنزال المنيّ، هو استعارة: من فحوط المطر، وهو انحباسه وقحوط الأرض وهو عدم إخراجها النبات. (¬6) مسلم: (1/ 270) (3) كتاب الحيض (21) باب إنما الماء من الماء - رقم (85).

وقال البخاري (¬1)، "يغسل ما مسَّ المرأة منه ثم يتوضأ ويصلي". وزاد عن زيد بن خالد (¬2)، فسألت عن ذلك عليّ بن أبي طالب والزبير ابن العوام وطلحة بن عبيد الله، وأُبي بن كعب "فأمروه بذلك". ولمسلم (¬3)، من حديث عثمان في هذا "يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره" قال عثمان: سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال الترمذي (¬4): إنما كان الماء من الماء في أول الإِسلام، ثم نُسِخَ بعد ذلك. أبو داود (¬5)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قعد بين شُعبها الأربع، وألزق الختان بالختان فقد وجب الغسل". مسلم (¬6)، عن أبي هُريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا جلس بين شُعَبِهَا الأربع، ثم جَهَدَهَا، فقد وجب عليه الغسل وإنْ لم يُنْزِل". وعن أم سلمة (¬7) قالت: جاءت أمُّ سُليم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحى من الحقّ، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم إذا رأت الماء" فقالت ¬

_ (¬1) البخارىِ: (1/ 473) (5) كتاب الغسل (29) باب غسل ما يصيب من فرج المرأة - رقم (293). (¬2) البخاري: (1/ 340) (4) كتاب الوضوء (34) باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر - رقم (179). (¬3) مسلم. (1/ 270) (3) كتاب الحيض (21) باب إنما الماء من الماء - رقم (86). (¬4) الترمذي: (1/ 185) - أبواب الطهارة - باب ما جاء: أن الماء من الماء. (¬5) أبو داود: (1/ 148) (1) كتاب الطهارة (84) باب في الإكسال - رقم (216). (¬6) مسلم: (1/ 271) (3) كتاب الحيض (22) باب نسخ "الماء من الماء" - رقم (87). (¬7) مسلم: (1/ 250) (3) كتاب الحيض (7)، باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها رقم (32).

أم سلمة: يا رسول الله، وتحتلم المرأة؟ فقال: "تربت يداك، فبم يشبهها ولدها". وفي طريق (¬1) آخر "إن ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فمن أيهما علا أو سبق، يكون منه الشبه". وعن ابن عمر (¬2)، أن عمر استفتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: هل ينامُ أحدنا وهو جنب؛ قال: "نعم، ليتوضأ، ثم ليَنمْ حتى يغتسل إذا شاء". وعنه (¬3) قال: ذكر عمر بن الخطاب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه تصيبه جنابة من الليل، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "توضأ واغسل ذكرك ثمَّ نم". ذكره الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يغسل ذكره ويتوضأ وضوءه للصلاة" ذكر ذلك أبو عمر بن عبد البر (¬4). البخاري (¬5)، عن عائشة، قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام وهو جنب، غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة". مسلم (¬6)، عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 250) (3) نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (30) من طريق قتادة عن أنس، عن أمِّ سُليم به. (¬2) مسلم: (1/ 249) (3) كتاب الحيض (6) باب جواز نوم الجنب - رقم (24). (¬3) نفس المصدر السابق - رقم (25). (¬4) التمهيد: (17/ 35). (¬5) البخاري: (1/ 468) (5) كتاب الغسل (27) باب الجنب يتوضأ ثم ينام - رقم (288). في البخاري لا يوجد (وضوءه). (¬6) مسلم: (1/ 248) (3) كتاب الحيض (6) باب جواز نوم الجنب - رقم (22).

كان جنبًا، فأراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءَه للصلاة". النسائي (¬1)، عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ينام وهو جنب "توضأ"، وإذا أراد أن يأكل أو يشرب قالت: "غسل يديه ثم يأكل ويشرب". مسلم (¬2)، عن أبي هريرة، أنه لقى النبي - صلى الله عليه وصلم في طريق من طرق المدينة وهو جنب، فانسل، فذهب فاغتسل، فتفقدهُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما جاء قال: "أين كنت يا أبا هريرة"؟ قال: يا رسول الله، لقيتنى وأنا جنب، فكرهتُ أنْ أجالسك حتى أغتسل فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سبحان الله إن المؤمن لا ينجس". وعن أنس (¬3) قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - (يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد). وعن عائشة (¬4) قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يغتسل من القَدَحِ وهو الفَرَقُ، وكنت أغتسل أنا وهو في الإِناء الواحد". قال سفيان: "الفَرَق ثلاثة آصُعٍ". وعنها قالت (¬5): كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد بينى وبينه "فيبادرني"، حتى أقول: دعْ لي دعْ لي قالتْ: وهما جنبان. ¬

_ (¬1) البخاري. (1/ 139) (1) كتاب - الطهارة (165) باب اقتصار الجنب على غسل يديه إذا أراد أن يأكل أو يشرب - رقم (257). (¬2) مسلم: (1/ 282) (3) كتاب الحيض (26) باب الدليل على أن المسلم لا ينجس - رقم (371). (¬3) مسلم: (1/ 258) (3) كتاب الحيض (10) باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة - رقم (51). (¬4) مسلم: (1/ 255) (3) كتاب الحيض (10) باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة - رقم (41). (¬5) مسلم: (1/ 257) (3) كتاب الحيص (10) باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة رقم (46).

الدارقطني (¬1)، عن عبد الله بن سَرْجس قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، ولكن يشرعان جميعًا" وخرجه النسائي (¬2) -رحمه الله-. مسلم (¬3)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنبٌ". وعن أنس (¬4)، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - "كان يطوف على نسائه بغسل واحد". النسائي (¬5)، عن أبي رافع "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف على نسائه ذات يوم فجعل يغتسل عند هذه وعند هذه" قلت: يا رسول الله! لو جعلتهَ غسلًا واحدًا، قال: "هذا أزكى، وأطيب، وأطهر". البخاري (¬6)، عن ميمونة زوج النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قالت "توضأ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وضوءه للصلاة غير رجليه، وغسل فرجه، وما أصابه من الأذى ثم أفاض عليه الماء، ثم نحّى رجليه فغسلهما - هذه غسله (¬7) من الجنابة. مسلم (¬8)، عن ميمونةَ قالت: أدنيت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) الدارقطني: (1/ 116 - 117). (¬2) لم أعثر عليه في السنن الصغرى (المجتبى) والمزي لم يعزه في تحفة الأشراف (4/ 350) (5325) إلا لابن ماجة، ولم يتعقبه أحد. (¬3) مسلم. (1/ 236) (2) كتاب الطهارة (21) باب النهي عن الإغتسال في الماء الراكد - رقم (97). (¬4) مسلم. (1/ 249) (3) كتاب الحيض (6) باب جواز نوم الجنب - رقم (28). (¬5) النسائي: كتاب عشرة النساء (37) باب طواف الرجل على نسائه والإغتسال عند كل واحدة - رقم (149). (¬6) البخاري: (1/ 431) (5) كتاب الغسل (1) باب الوضوء قبل الغسل - رقم (249). (¬7) الإشارة إلى الأفعال المذكورة، أو التقدير هذه صفة غسله. (¬8) مسلم: (1/ 254) (3) كتاب الحيض (6) باب صفة غسل الجنابة - رقم (37).

غسله من الجنابة فغسل كفيه مرتين أو ثلاثًا، - ثم أدخل يده في الإناء ثم أفرغ به على فرجه ق غسله بشماله ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكًا شديدًا، ثم توضأ وضوءه للصلاة. ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات، ملء كفيه، ثم غسل سائر جسده، ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل رجليه، ثم أتيته بالمنديل فردّه. زاد أبو داود (¬1) وجعل ينفض الماء عن جسده. مسلم (¬2)، عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يُفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة. ثم يأخذ الماء فيُدخل أصابعه في أُصول الشَّعَرِ حتى إذا رأى أنه قد استبرأ حَفَنَ على رأسِهِ ثلاث حفنات، ثم أفاض الماءَ (¬3) على سائر جسده، ثم غسل رجليه. وقال مالك (¬4) في الموطأ، عن عائشة: ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيديه. أبو داود (¬5)، عن عائشةَ، ووصفت غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: ثم يُدخل يده في الإناء، فيخلل شعره، حتى إذا رأى أنه قد أصاب البشرة، أو أنقى البشرة (¬6)، أفرغ على رأسه ثلاثًا، وإذا فضل فضلة صبها عليه. مسلم (¬7) عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ¬

_ (¬1) أبو داود: (1/ 169) (1) كتاب الطهارة (98) باب في الغسل من الجنابة - رقم (245). (¬2) مسلم: (1/ 253) (3) كتاب الحيض (9) باب صفه غسل الجنابة - رقم (35). (¬3) (الماء): ليس في مسلم. (¬4) الموطأ: (1/ 44) (2) كتاب الطهارة (17) باب العمل في غسل الجنابة - رقم (67). (¬5) أبو داود (1/ 167 - 168) (1) كتاب الطهارة (98) باب في الغسل من الجنابة - رقم (242). (¬6) (أو أنقى البشرة). ليست في (ب). (¬7) مسلم: (1/ 255) (3) كتاب الحيض (9) باب صفة غسل الجنابة - رقم (39).

اغتسل من الجنابة، دعا بشيء نحو الحِلاب، فأخذ بكفيه بدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر ثم أخذ بكفيه فقال بهما على رأسه وقال البخاري (¬1) على وسط رأسه. الحلاب: إناء ضخم يحلب فيه. مسلم (¬2)، عن جبير بن مطعم قال: تماروا (¬3) في الغسل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال بعض القوم: أما أنا فإني أغسل رأسي بكذا وكذا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما أنا فأفيض على رأسي ثلاث أكف" (¬4). [وقال البخاري (¬5): أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثًا] (¬6) وأشار بيديه كلتيهما. مسلم (¬7)، عن جابر بن عبد الله، أن وفد ثقيف سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن أرضنا أرض باردة فكيف بالغسل؟ فقال: أما أنا فأفرغ على رأسي ثلاثًا. الترمذي (¬8)، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتوضأ بعد الغسل. ¬

_ (¬1) البخاري: (1/ 439 - 440) (5) كتاب الغسل (6) باب من بدأ بالحلاب أو الطَّيب عند الغسل - رقم (258) إلا أن لفظ (وسط) ساقط، وذكره ابن حجر في الفتح (1/ 442). (¬2) مسلم: (1/ 258) (3) كتاب الحيض (11) باب استحباب إفاضته الماء على الرأس وغيره ثلاثًا رقم (54). (¬3) تماروا: أي تنازعوا في الغسل، أي في مقدار ماء الغسل. (¬4) أكف: جمع كف والمراد له الحفنة. (¬5) البخاري: (1/ 437) (5) كتاب الغسل (4) باب من أفاض على رأسه ثلاثًا - رقم (254). (¬6) ما بين المعكوفتين ساقط من (د). (¬7) مسلم: (1/ 259) (3) كتاب الحيض (11) باب استحباب إفاضته الماء على الرأس وغيره ثلاثًا رقم (56). (¬8) الترمذي: (1/ 179) - أبواب الطهارة - باب ما جاء في الوضوء بعد الغسل - رقم (107).

قال: هذا حديث حسن صحيح. أبو داود (¬1)، عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسل ويصلي ركعيتن، وصلاة الغداة ولا أراه يُحدث وضوءًا بعد الغسل. مسلم (¬2)، عن أم سلمة (¬3) قالت: قلتُ يا رسول الله، إني امرأة أشد ضفررأسى، أفأنقضه لغسل الجنابة؟ فقال: لا، إنما يكفيك أن تحثى على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماءَ فتطهرين. وفي رواية (¬4) أفأنقضه للحيضة والجنابة؟ فقال: "لا" أبو داودا/ (¬5)، عن ثوبان، أنهم استفتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: أمّا الرجل فلينشر رأسه فليغسله حتى يبلغ أصول الشعر، وأما المرأة فلا عليها ألا تنقضه لتغرف على رأسها ثلاث غُرفات بكفيها. رواه من حديث إسماعيل بن عياش، عن ضمضم بن زُرعة، عن شريح ابن عبيد، عن جبير بن نفير، عن ثوبان، وهذا إسناد شامي وأكثرهم يصحح حديث إسماعيل بن عياش عن الشاميين. مسلم (¬6)، عن عائشة أن أسماء وهي بنتُ شَكَلٍ، سألتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن غسل المحيض قالت فقال "تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها، فتطهر، فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكًا شديدًا، حتى تبلغ شؤون ¬

_ (¬1) أبو داود. (1/ 173) (1) كتاب الطهارة (96) باب في الوضوء بعد الغسل - رقم (250). (¬2) مسلم: (1/ 259 - 260) (3) كتاب الحيض (12) باب حكم ضفائر المغتسلة - (58). (¬3) في الأصل: (أم سليم). (¬4) مسلم: الموضع السابق. (¬5) أبو داود: (1/ 175 - 176) (1) كتاب الطهارة (99) باب في الوضوء بعد الغسل - رقم (250). (¬6) مسلم: (1/ 261) (3) كتاب الحيض (13) باب استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة من مسك وموضِع الدم - رقم (61).

باب في الجنب يذكر الله تعالى وهل يقرأ القرآن ويمس المصحف، والكافر يغتسل إذا أسلم

رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فِرْصةً مُمَسَّكة فَتَطَهَّر بها" فقالت أسماء: وكيف أتطهر بها؟ فقال: "سبحان الله تطهرين بها" فقالت عائشة: كأنها تخفي ذلك (¬1)، تتبعين (¬2) أثر الدم، وسألته عن غسل الجنابة، فقال: تأخذ ماء فتطهر، فتحسن الطُهور، أو تبلغ الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تُفيض عليها الماء فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار، لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين. وعن ميمونة (¬3) زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: وضعت للنبي - صلى الله عليه وسلم - ماء وسترته فاغتسل. بابٌ في الجنب يذكر الله تعالى وهل يقرأ القرآن ويمس المصحف، والكافر يغتسل إذا أسلم مسلم (¬4)، عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه". النسائي (¬5)، عن علي بن أو طالب قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج من الخلاء فيقرأ القرآن ويأكل معنا اللحم، ولم يكن يحجبه عن القرآن شئٌ ليس الجنابة. وذكر أبو الحسن الدارقطني (¬6) من حديث سليمان بن موسى، عن ¬

_ (¬1) أي قالت لهما كلامًا خفْية تسمعه المخاطبة ولا يسمعه الحاضرون. (¬2): (ب): تتبعين بها. (¬3) مسلم: (1/ 266) (3) كتاب الحيض (16) باب تستر المغتسل بثوب ونحوه - رقم (73). (¬4) مسلم: (1/ 283، (3) كتاب الحيض (30) باب ذكر الله تعالى في حال الجنابة وغيرها - رقم (117). (¬5) النسائي: (1/ 144) (1) كتاب الطهارة (171) باب حجب الجنب من قراءة القرآن - رقم (265). (¬6) الدارقطني: (1/ 121) - كتاب الطهارة - باب في نهي المحدث عن مس القرآن - رقم (3).

باب في الحائض وما يحل منها، وحكمها، وفي المستحاضة والنفساء.

سالم، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمس القرآن إلا طاهر". وسليمان بن موسى ضعّفه البخاري وحده، ويحيى بن معين وغيره يوثقه. قال الترمذي، وذكر سليمان بن موسى: ما سمعت أحدًا من المتقدمين تكلّم فيه بشيء، وسيأتى ذكره في النكاح بأكثر من هذا إن - شاء الله -. النسائي (¬1)، عن قيس بن عاصم، أنه أسلم، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يغتسل بماء وسدر. باب في الحائض وما يحل منها، وحكمها، وفي المستحاضة والنفساء. مسلم (¬2)، عن أنس، أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأةُ فيهم، لم يؤاكلوها ولم يجامعوها (¬3) في البيوت، فسأل أصحابُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} إلى آخر الآية فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اصنَعُوا كل شيء إلا النِّكاح" فَبلغ ذلك اليهود فقالوا: ما يُريد هذا الرجلُ أن يدعَ من أمرنا شيئًا (¬4) إلا خَالَفَنَا فيه، فجاء أُسَيدُ بن حضير وَعبَّاد بن بشر فقالا: يا رسول الله! إِنَّ اليهودَ تقولُ كذا وكذا، أفلا نُجَامِعُهُنْ، فتغيَّر وجهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ظَنَنَّا أنْ قد وَجَدَ عليهما (¬5)، فخرجا فاستقبلهما هدِيَّةٌ من لبن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأرسَلَ في آثارِهمِا، فَسَقَاهُمَا فَعَرفَا أنْ لم يَجدْ عليهِمَا". ¬

_ (¬1) النسائي: (1/ 109) (1) كتاب الطهارة (126) ذكر من ما يوجب الغسل ومالا يوجبه - رقم (188). (¬2) مسلم: (1/ 246) (3) كتاب الحيض (3) باب جواز غسل الحائض رأس زوجها رقم: (16). (¬3) مسلم: (يجامعوهن). وكذا في (د). (¬4) (د) يدع شيئًا من أمرنا. (¬5) وجد عليهما غضب عليهما.

وعن عائشة (¬1) قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائضًا، أمرها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن تَأْتَزرَ في فَوْرِ حَيْضَتِهَا، ثم يُبَاشِرُهَا قالت: وأيُّكم يَمِلكُ إِرْبَه (¬2) كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَملِكُ إِرْبَه. وعن ميمونة (¬3) قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُبَاشِرُ نساءهُ فوقَ الإِزَارِ وهنَّ حُيَّضٌ. وعن عائشة (¬4)، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُخْرِجُ إلىَّ رَأْسَهُ من المسجدِ وهو مُجاورٌ، فأغسِلُهُ وأنا حائضٌ. وعن أبي هريرة (¬5) قال: بينما رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد فقال "يا عائشة ناولينى الثوب"، فقلت: إني حائض، فقال: "إن حيضتك ليستْ في يدك" فَنَاوَلَتْهُ. وعن عائشة (¬6) أنها قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتكئُ في حِجْرِي وأنا حائض، فيقرأ القرآن". زاد النسائي (¬7): عن ميمونة "وتقوم إحدانا بخمرته (¬8) إلى المسجد فتبسطها". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 242) (3) كتاب الحيض (1) باب مباشرة الحائض فوق: الإزار - رقم (2). (¬2) إربه: بكسر الهمزة مع إسكان الراء، ومعناه عضوه الذي يستمتع به أي الفرج، أي حاجته من هي شهوة الجماع والقصود أملككم لنفسه، فيأمن مع هذه المباشرة الوقوع في المحرم، وهو مباشرة فرج الحائض. (¬3) مسلم: الموضع السابق - رقم (3). (¬4) مسلم: (1/ 244) (3) كتاب الحيض (3) باب جواز غسل الحائض رأس زوجها - رقم (8). (¬5) مسلم: (1/ 245) - رقم (13). (¬6) مسلم: (1/ 246) - رقم (15). (¬7) النسائي: (1/ 147) (1) كتاب الطهارة (174) باب بسط الحائض الخمرة في المسجد - رقم (273). (¬8) الخمرة: ما يصلى عليه الرجل من حصير ونحوه.

النسائي (¬1) أيضًا، عن عائشة قالت: كان رسرلُ الله - صلى الله عليه وسلم - يدعوني فآكل معه وأنا عاركٌ (¬2)، وكان يأخذ العَرْق (¬3) فيُقْسِمُ علىَّ فيه، فأعَترق منه (¬4) ثم أضَعُهُ، فيأخُذُه فَيعترق منه ويضع فمَه حيث وضعْت فَمى من العَرْقِ ويدعو بالشراب فيُقسم علىَّ فيه من قبل أن يشرب منه فآخذه فأشرب منه ثم أضعه، فيأخُذُه فيشرب منه، ويضع فَمَه حيث وضعتُ فمي من القدَحِ. البخاري (¬5)، عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أَضحى أو فِطرٍ إلى المصلَّى فقال: " يا معشَر النِّساء تصدَّقن فإني أُرِيتُكنَّ أَكثر أهل النار، قلن: وبم يا رسول الله؟ قال: تُكثِرنَ اللعن وتَكفُرن العَشيِرَ، ما رأيتُ من ناقِصاتِ عقلٍ ودينٍ أَذهَبَ لِلُبِّ الرجُل الحازم من إحداكنَّ قلن: وما نُقصان ديننا وعقلنا (¬6) يا رسول الله؟ قال: أليس شهادةُ المرأةِ مثلُ نِصفِ شهادة الرجل؟ قلن: بلى. قال: فذلك من نُقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تُصلِّ ولم تصم؟. قلن: بلى. قال: فذلك من نقصان دينها". ¬

_ (¬1) النسائي: (1/ 148 - 146) (1) كتاب الطهارة: (177) باب مؤاكلة الحائض والشرب من سؤرها - رقم (276). (¬2) عارك. أي حائض. (¬3) العرق: العظم الذي أُخد منه معظم اللحم وبقي عليه قليل. (¬4) أعترق منه: أي أخدت عنه اللحم بأسنانها. (¬5) البخاري: (1/ 483) (6) كتاب الحيض (6) باب ترك الحائض الصوم - رقم (304). (¬6) (د): عقلنا وديننا.

الترمذي (¬1)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث قال: تمكث الثلاث والأربع لا تصلي. وقال: حديث حسن صحيح غريب. مسلم (¬2)، عن معاذة العدوية قالت: سألت عائشة، فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة فقالت: أحرورية أنت (¬3)؟ قلت: لستُ بحرورية، ولكنى أسأل قالت: كان يُصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة. وعن أسماء (¬4) بنت أبي بكر قالت: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! إحدانا يصيبُ ثوبَها من دم الحيضة. كيف تصنع به؟ قال: "تَحُتّه ثم تَقْرُصُهُ بالماء (¬5) ثم تَنْضَحهُ (¬6) ثم تُصَلِّى فيه". وقال أبو داود (¬7): " فلتقرصُه بشيء من ماء، ولتنضح ما لم تر، ولتُصل فمه". ¬

_ (¬1) الترمذي: (5/ 11) (41) كتاب الإيمان (6) باب ما جاء في استكمال الإيمان وزيادته ونقصانه - رقم (2613). (¬2) مسلم: (1/ 265) (3) كتاب الحيض (15) باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة - رقم (69). (¬3) أحرورية أنت: نسبة إلى حروراء، وهى قرية بقرب الكوفة، قال السمعاني: هو موضع على ميلين من الكوفة، كان أول اجتماع الخوارج به، قال الهروي: تعاقدوا في هذه القرية فنسبوا إليها، فمعنى قول عائشة - رضي الله عنها -: إن طائفة من الخوارج يوجبون على الحائض قضاء الصلاة! الفائتة في زمن الحيض، وهو خلاف إجماع المسلمين، وهذا الإستفهام الذي استفهمته عائشة هو استفهام إنكارى. أي هذه طريقه الحرورية، وبئست الطريقة. (¬4) مسلم: (1/ 240) (2) كتاب الطهارة (33) باب نجاسة الدم وكيفية غسله (110). (¬5) (بالماء): ليست في (د، ف). (¬6) تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه: معنى تحته تقشره وتحكه وتنحته، ومعنى تقرصه: الدلك بأطراف الأصابع والأظافر مع صب الماء عليه حتى يذهب أثره، معنى تنضحه: تغسله. (¬7) أبو داود: (1/ 255) (1) كتاب الطهارة: (132) باب المرأة تغسل ثوبها الذى تلبسه في حيضها رقم (360).

البخاري، (¬1) عن محمد بن سيرين، عن أم عطية قالت: "كنَّا لا نَعُدُّ الكُدرة والصُّفرة (¬2) شيئًا". أبو داود (¬3)، عن أم الهذيل، عن أم عطية، وكانت بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: كنا لا نعد رؤية (¬4) الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئًا. أم الهذيل: هي حفصة بنت سيرين. قال البخاري (¬5): وكن نساءٌ يبعثن إلى عائشة بالدُّرْجة (¬6) فيها الكُرْسُفُ والصُّفرة (¬7)، فتقول: لا تعجلن حتى ترين القَصَّة البيضاء. الكرسف: القطن. مسلم (¬8)، عن عائشة قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! إني امرأة أُستحاضُ (¬9) فلا أطْهُر أفأدع الصلاة؟ فقال، لا، إنما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة، فدعى الصلاة، فإذا أدبرت، فاغسلي عنك الدم وصلي. زاد الترمذي. (¬10)، "وتوضئى لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت". ¬

_ (¬1) البخاري: (1/ 507) (6) كتاب الحيض (25) كتاب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض رقم (326). (¬2) الكدرة والصفرة: أي الماء الذي تراه المرأة كالصديد يعلوه اصفرار. (¬3) أبو داود: (1/ 215) (1) كتاب الطهارة: (119) باب في المرأة ترى الكدرة والصفرة بعد الطهر - رقم (307). (¬4) (رؤية): ليست في أبي داود. (¬5) البخاري: (1/ 500) (6) كتاب الحيض (19) باب إقبال المحيض وإدباره - رواه معلقًا وقد رماه مالك في الموطأ (1/ 59) (2) كتاب الطهارة: (27) باب طهر الحائض - (97). (¬6) الدّرْجة المراد به ما تحتشي به المرأة من قطنة وغيرها لتعرف هل بقي من أثر الحيض شيئًا أم لا. (¬7) البخاري: (وفيه الصفرة). (¬8) مسلم: (1/ 262) (3) كتاب الحيض (14) باب المستحاضة وغسلها وصلاتها، - رقم (62). (¬9) أستحاض: الإستحاضة جريان الدم من فرج المرأة في غير أوانه وإنه يخرج من عرق يقال له العذل. (¬10) الترمذي: (1/ 217) - أبواب الطهارة - باب ما جاء في المستحاضة - رقم (125).

أبو داود (¬1)، عن فاطمة بنت أبي حبيش، أنها كانت تُستحاض، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان دمُ الحيض، فإنه دم أسود (¬2) يعرف فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو عرق". وعنها (¬3) أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - فشكت إليه الدم، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما ذلك عرق فانظري إذا أتى قَرْؤك فلا تصلي، فإذا مرَّ قرؤك فتطهري، ثم صلي ما بين القرء إلى القرء". عن عكرمة (¬4)، أن أمَّ حبيبة بنت جحش، استحيضت فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - "أن تنتظر أيام إقرائها، ثم تغتسل وتصلي، فإن رأت شيئًا من ذلك توضأت وصلت". وعن زينب (¬5) بنت أم سلمة، أن امرأةً كانت تُهراق الدماء (¬6)، وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أمرها أن تغتسل عند كل صلاة وتصلي". وعن عائشة (¬7)، أن سهلة بنت سهيل استحيضت فأتت النبي - صلى الله ¬

_ (¬1) أبو داود: (1/ 197) (1) كتاب الطهارة (110) باب من قال إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة رقم (286). (¬2) في أبي داود: (فإنه دم أسود). (¬3) أبو داود: (1/ 191 - 192) (1) كتاب الطهارة (108) باب في المرأة تستحاض - رقم (280). (¬4) أبو داود: (1/ 250) (1) كتاب الطهارة (118) باب من لم يذكر الوضوء إلا عند الحدث رقم (305). (¬5) أبو داود: (1/ 205) (1) كتاب الطهارة (111) باب من روى أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة - رقم (263). (¬6) أبو داود: (تهرق الدم) وكذا (ف). (¬7) أبو داود: (1/ 207) (1) كتاب الطهارة (112) باب من قال تجمع بين الصلاتين وتغتسل =

باب التيمم

عليه وسلم - "فأمرها أن تغتسل عند كل صلاة، فلما جهدها ذلك، أمرها أن تجمع بين الظهر والعصر بغسل، والمغرب والعشاء بغسل، وتغتسل للصبح". وعن أسماء بنت عُمَيْس (¬1) قالت: قلت: يا رسول الله، إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت منذ كذا وكذا فلم تُصلِّ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سبحان الله، هذا من الشيطان، لتجلس في مركن (¬2) فإذا رأت صفرة فوق الماء، فلتغتسل للظهر والعصر غسلًا واحدًا، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلًا واحدًا، وتغتسل للفجر وتتوضأ فيما بين ذلك". باب التيمم مسلم (¬3)، عن حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فُضِّلْنَا على النَّاس بثلاث، جُعلت صُفوفنا كصفوف الملائكة، وجُعلت لنا الأرضُ كلها مسجِدًا، وجُعلت ترُبَتُها لنا طَهُورًا، إذا لم نجد الماء" وذكر خصلةً أُخرى. زاد ابن أبي شيبة في مسنده (¬4)، عن حذيفة "وأوتيت هؤلاء الآيات (¬5) من بيت كنز تحت العرش من آخر سورة البقرة، لم يعط أحد منه كان (¬6) قبلي ولا يعطى أحد منه كان بعدي" (¬7) وهي الخصلة التي لم يذكرها مسلم، والله أعلم. ¬

_ = لهما غسلًا - رقم (295). (¬1) أبو داود: نفس الموضع السابق - رقم (296). (¬2) مركن: إناء يغسل فيه الثياب. (¬3) مسلم: (371/ 1) "5) كتاب المساجد ومواضع الطهارة - رقم (4). (¬4) مصنف ابن أبي شيبة: (11/ 435) - كتاب الفضائل (2046) باب ما أعطى الله تعالى محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رقم (11695). (¬5) (ب): الكلمات. (¬6) (ب): لم يعط منه أحد. (د): لم يعط أحد كان منه. (¬7) المصنف: (لم يعط منه أحد قبلي ولا يعطينه أحد بعدي).

مسلم (¬1)، عن أبي الجهْم بن الحارث (¬2) قال: "أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نحو جَملٍ (¬3)، فلقيه رجل، فسلم عليه، فلم يرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل على الجدار، فمسح وجهه ويديه ثم ردَّ عليه السلام". وعن عمَّار بن ياسر (¬4) أنه قال لعمر بن الخطاب: أما تذكر يا أمير المؤمنين إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد الماء، فأما أنت فلم تُصل وأما أنا فتمعكت في التراب فصليت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض، ثم تنفخ وتمسح (¬5) بهما وجهك وكفيك" وعنه في هذا الحديث (¬6)، "إنما كان يكفيك أن تقول هكذا، وضرب بيديه إلى الأرض، فنفض يديه فمسح وجهه وكفيه" وقال البخاري (¬7): فضرب بكفيه الأرض ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه. وللبخاري أيضًا (¬8)، أدناهما من فيه، ثم مسح بهما (¬9) وجهه وكفيه. ولمسلم (¬10)، عن عمَّار في هذا الحديث فقال "إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا، ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين، وظاهر كفيه ووجهه" ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 281) (3) كتاب الحيض (28) باب التيمم - رقم (114). (¬2) (أبي الجهم): الصواب ما وقع في صحيح البخاري وغيره: أبو الجُهَيْم. (¬3) مسلم: (بئر جمل). هو موضع بقرب المدينة. (¬4) مسلم: (1/ 280 - 281) (3) كتاب الحيض (28) باب التيمم - رقم (112). (¬5) (د، ف): من تمسح. (¬6) مسلم: (1/ 280) (3) كتاب الحيض (28) باب التيمم - رقم (111). (¬7) البخاري: (1/ 528) (7) كتاب التيمم (4) باب المتيمم هل ينفخ فيهما؟. (¬8) البخاري: (1/ 529) (7) كتاب التيمم (5) باب التيمم للوجه والكفين - رقم (339). (¬9) (بهما): ليست في البخاري. (¬10) مسلم: (1/ 280) (3) كتاب الحيض (28) باب التيمم - رقم (110).

وقال أبو داود (¬1)، فضرب بيده على الأرض فنفضها، ثم ضرب شماله على يمينه وبيمينه على شماله على الكفين، ثم مسح وجهه. باب ما جاء في النجو، والبول والدم، والمذي والمني، والإِناء يلغ فيه الكلب والهر، والفأرة تقع في السمن، وفي جلود الميتة إذا دبغت وفي النعْل يصيبها الأذى. الطحاوي، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال، "لا تدافعوا الأخبثين، الغائط والبول في الصلاة" خرجه مسلم بن الحجاج (¬2) ولم يفسر الأخبثين وسيأتي لفظه إن شاء الله. مسلم (¬3)، عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُؤْتى بالصبيان فيُبَرِّكُ عليهم (¬4) ويُحَنِّكُهُمْ (¬5)، فأُتي بصبي، فَبَالَ عليه، فدعا بماءٍ فَأَتْبَعَهُ بَوْلَهُ ولم يَغْسِلْهُ. وفي رواية (¬6)، بصبي يرضع. وعن أم قيس (¬7) بنت محصن في هذا الحديث قالت: فدعا رسول الله ¬

_ (¬1) أبو داود (1/ 227) (1) كتاب الطهارة (123) باب التيمم - رقم (321). (¬2) مسلم: (1/ 393) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (16) باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام رقم (67). (¬3) مسلم: (1/ 237) (2) كتاب الطهارة (31) باب حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله - رقم (101). (¬4) فيبرك عليهم: أي يدعو لهم ويمسح عليهم، وأصل البركة تبوك الخير وكثرته. (¬5) فيحنكهم قال أهل اللغة: التحنيك أي يمضغ التمر أو نحوه ثم يدلك به حنك الصغير. (¬6) مسلم: الموضع السابق - رقم (102). (¬7) مسلم (1/ 238) (2) كتاب الطهارة (31) باب حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله رقم (104).

- صلى الله عليه وسلم - بماء، فنضحه على بوله (¬1)، ولم يغسل غسلًا. الترمذي (¬2)، عن علي بن أبي طالب، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في بول الغلام الرضيع: "يُنضح بول الغلام، ويغسل بول الجارية" قال: هذا حديث حسن صحيح. النسائي (¬3)، عن أبي السمح، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُغسَلُ من بولِ الجارية، ويُرَشُّ من بولَ الغلامِ" مسلم (¬4)، عن أنس بن مالك قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: مَهْ مَهْ (¬5). قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُزْرِمُوهُ، دعُوهُ" فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعاه فقال له: "إن هذه المساجد لا تصلُح لشيء من هذا البول، ولا القَذَرِ، إنما هِيَ لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن"، أو كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فأمر رجلًا من القوم فجاء بدلوٍ من ماء فشنَّه (¬6) عليه. وعن ابن عباس (¬7) قال: مرّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قبرين ¬

_ (¬1) مسلم: (فنضحه على ثوبه). (¬2) الترمذي: أبواب الطهارة - باب ما جاء في نضح بول الغلام قبل أن يطعم - رقم (71). (¬3) النسائي: (1/ 158) (1) كتاب الطهارة (190) باب بول الجارية - رقم (304). (¬4) مسلم: (1/ 236 - 237) (2) كتاب الطهارة (30) باب: وجوب غسل البول وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد - رقم (100). (¬5) مه مه: هي كلمة زجر، قال العلماء: هو اسم مبنى على السكون، معناه اسكت قال صاحب المطالع: هي كلمة زجر، قيل أصلها ما هذا ثم حذف تخفيفًا، قال: وتقال مكررة مه مه وتقال مفردة مه. (¬6) فشنه: أي صبه. (¬7) مسلم: (1/ 240 - 241) (2) كتاب الطهارة (34) باب الدليل على نجاسة البول - رقم (111).

فقال: "إنهما ليُعذبان وما يُعذَبَان في كبير، أما أحدهما فكان يمشى بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله" قال: "فدعا بِعَسيب (¬1) رطب، فَشَقَّه باثنين، ثم غرس على هذا واحدًا وعلى هذا واحدًا، ثم قالَ: "لعلَّه يخفف عنهما ما لم ييبسا". وفي رواية، وكان الآخر لا يستنزه عن البول أو من البول (¬2). وفي رواية لأبي داود (¬3)، كان لا يستنزه من بوله. وفي حديث هنَّاد بن السري (¬4) "لا يستبرئ من البول" (من الإستبراء). وقال البخاري (¬5): ما يعذبان في كبير (¬6)، وإنه لكبير (¬7). والدارقطني (¬8)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "استنزهوا من البول، فإنّ عامة عذاب القبر منه" وعن أنس (¬9)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله. ¬

_ (¬1) بعسيب: الجريدة والغصن من النخل. ويقال له: العنكال. (¬2) (أو من البول): ليست في الأصل. (¬3) أبوا داود: (1/ 125) (1) كتاب الطهارة (11) باب الإستبراء من البول (20). (¬4) الزهد لهناد: (1/ 218) - رقم (360). (¬5) البخاري: (10/ 487) (78) كتاب الأدب (49) باب النميمة من الكبائر - رقم (6055). (¬6) البخاري: (في كبيرة). (¬7) رواية البخاري ساقطة من (ب). (¬8) الدارقطني: (1/ 128) - رقم (7). (¬9) المصدر السابق - رقم (2).

أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده (¬1)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أكثر عذاب القبر في البول" (¬2). وفي مسند أبي داود الطيالسي (¬3)، عن علي بن أبي طالب قال: كنت رجلًا مذاء، وكانت عندي بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمرتُ رجلًا فسأله عن المذي فقال: "إذا رأيته فتوضأ واغسله". مسلم (¬4)، عن عمرو بن ميمون قال: سألت سليمان بن يسار، عن المنى يصيب ثوب الرجل يغسله، أم يغسل الثوب فقال: أخبرتني عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغسل المنيَّ ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب، وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه. زاد البخاري (¬5): بقع الماء (¬6). مسلم (¬7)، عن علقمة والأسود، أن رجلا نزل بعائشة، فأصبح يغسل ثوبه، فقالت عائشة: "إنما كان (¬8) يُجْزِئُكَ إِنْ رأيته أن تغسل مكانَهُ، فإن لم تَرَ، نَضَحْتَ حَوْلَهُ، لقد رَأيتُنِي أفرُكُهُ من ثوبِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَرْكًا، فيُصلِّي فيه". وعنها في هذا الحديث (¬9)، لقد رأيتنى وإني لأحكّه من ثوب رسول الله ¬

_ (¬1) المصنف (1/ 122) كتاب الطهارات - باب في التوقي من البول. (¬2) المصنف. (من البول). (¬3) الطيالسي: ص 21 - رقم (144). (¬4) مسلم: (1/ 239) (2) كتاب الطهارة (32) باب حكم المني - رقم (144). (¬5) البخاري. (1/ 366) (4) كتاب الوضوء (65) باب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره - رقم (231). (¬6) زيادة البخاري غير موجودة في: (ب، ف). (¬7) مسلم: (1/ 238) (2) كتاب الطهارة (32) باب حكم المنيّ - رقم (105). (¬8) ب: (إنما يجزئُك). (¬9) المصدر السابق - رقم (109).

- صلى الله عليه وسلم - يابسًا بظفري. وذكر عبد الرزاق (¬1) من حديث عائشة وأُرسَلَتْ إلى ضيف لها تدعوه فقالوا: هو يغسل جنابة في ثوبه، قالت: ولِمَ يغسله؟، لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. مسلم (¬2)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا وَلَغَ (¬3) الكلبُ في إناِء أحَدِكُمْ فليُرِقْهُ ثمَّ ليَغْسِلْهُ سَبْعَ مِرَارٍ". وعن عبد الله بن مغفل (¬4)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وَلَغَ الكلب في الإِناءِ فاغسلوه سبع مرار (¬5) وعَفِّرُوهُ الثامنة في الترُاب". وعن أبي هريرة (¬6)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "طَهُورُ إِناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب، أن يغسله سبع مَرَّاتٍ، أولاهُنَّ بالتُّرابِ". وقال أبو داود (¬7): السابعة بالتراب. الترمذي (¬8)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يُغْسَلُ الإِنَاءُ إذا ولغ فيه الكلبُ سبعَ مرَّاتٍ، أولاهُنَّ، أو قال: أولهُن بالترابِ، وإذا ولغتْ فيه الهِرَّةُ، غُسِل مَرَّةً (¬9) ". قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق: (1/ 368) رقم (1439). (¬2) مسلم: (1/ 234) (2) كتاب الطهارة (27) باب حكم ولوغ الكلب - رقم (89). (¬3) ولغ: أي شرب بطرف لسانه. (¬4) مسلم: (1/ 235) (2) كتاب الطهارة (27) باب حكم ولوغ الكلب - رقم (93). (¬5) مسلم: "مرات"، وكذا (ب). (¬6) المصدر السابق - رقم (91). (¬7) أبو داود: (1/ 59) (1) كتاب الطهارة (37) باب الوضوء بسؤر الكلب - رقم (73). (¬8) الترمذي: (15111) - أبواب الطهارة - ما جاء في سؤر الكلب - رقم (91). (¬9) (د): مرة واحدة.

وقال أبو الحسن الدارقطني: حديث غسل الإناء من ولوغ الهر يروى موقوفًا. مالك (¬1)، عن كبشة بنت كعب، أنَّ أبا قتادة دخل عليها قالت: فسكبت له وضوءًا قالت: فجاءت هرة تشرب، فأصغى لها الاناء حتى شربت، قالت كبشة: فرآني أنظر إليه فقال: أتعجبين يا ابنة أخي، قالت: فقلت: نعم، فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات". وذكره الترمذي (¬2) وقال: حديث حسن صحيح (¬3). البخاري (¬4)، عن ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - "أن فأرة وقعت في سمن، فماتت، فسئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها فقال: ألقوها وما حولها وكلوه". أبو داود (¬5)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا وقعت الفأرةُ في السمنِ، فإنْ كانَ جامدًا فألقوها وما حولَها، وإن كان مائعًا فلا تقرَبُوه". مسلم (¬6)، عن ابن عباس قال: تُصُدِّقَ على مولاة لميمُونَةَ بشاةٍ، ¬

_ (¬1) الموطأ: (1/ 22 - 23) (2) كتاب الطهارة (3) باب الطهور للوضوء - رقم (13). (¬2) وذكره الترمذي ... ليس في (ب). (¬3) الترمذي: (1/ 153 - 154) - أبواب الطهارة - باب ما جاء في سؤر الهرة - رقم (12). (¬4) البخاري: (1/ 585) (72) كتاب الذبائح والصيد (34) باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب - رقم (5538). (¬5) أبو داود: (4/ 181) (21) كتاب الأطعمة (48) باب في الفأرة تقع في السمن - رقم (3842). (¬6) مسلم: (1/ 276) (3) كتاب الحيض (27) باب طهارة جلود الميتة بالدباغ - رقم (100).

باب في قص الشارب، وإعفاء اللحية، والإستحداد، وتقليم الأظافر ونتف الإبط، والختان، ودخول الحمام، والنهي أن ينظر أحد إلى عورة أحد

فماتَتْ، فمرَّ بِهَا رسولُ الله - صلى الله فقالَ: "هَلَّا أخذتُم إهَابَهَا (¬1)، فدبغتُمُوهُ، فانتفعتُم بِهِ؟ فَقالُوا: إنها ميَتةٌ، فقَالَ: إنَّما حَرُمَ أكلُهَا". وعنه (¬2) قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا دُبغَ الإِهابُ فَقَدْ طَهُرَ". وقال الترمذي (¬3): " أيما إِهَابٍ دُبغَ فقد طَهُرَ" قال: هذا حديث حسن صحيح. أبو داود (¬4)، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر، فإن رأى في نعليه قذرًا أو أذى، فليمسحْهُ وليصلِّ فيهما". باب في قص الشارب، وإعفاء اللحية، والإستحداد، وتقليم الأظافر ونتف الإِبط، والختان، ودخول الحمام، والنهي أن ينظر أحدٌ إلى عورة أحد مسلم (¬5)، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خالفوا المشركين، أحفُوا الشَّوارِبَ وأَعفوا اللحى" (¬6) وفي خرى (¬7) "خالفوا المجوس" رواه من حديث أبي هريرة. ¬

_ (¬1) إهابها: اختلف أهل اللغة، فقيل: هو الجلد مطلقًا، وقيل هو الجلد قبل الدباع، فأما بعده فلا يسمى إهابًا، وجمعه أَهَب وأهُب. (¬2) المصدر السابق - رقم (105). (¬3) الترمذي: (4/ 193) (25) كتاب اللباس (7) باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت - رقم (1728). (¬4) أبو داود. (1/ 437) (2) كتاب الصلاة (89) باب الصلاة في النَّعل - رقم (650). (¬5) مسلم: (1/ 222) (2) كتاب الطهارة (16) باب خصال الفطرة - رقم (54). (¬6) مسلم: (وأوفوا اللحى). وكذا ب، د، ف. (¬7) المصدر السابق - رقم (55).

وعن أبي هريرة أيضًا (¬1): عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "الفِطْرةُ خمسٌ: الإخْتِتَان (¬2)، والإستحداد (¬3)، وقصُّ الشارب، وتقليمُ الأظفار ونتف الإِبط (¬4) ". النسائي (¬5)، عن زيد بن أرقم، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من لم يأخذ من شاربه فليس منّا". مسلم (¬6)، عن أنس قال: وُقِّتَ لَنَا في قَصِّ الشَّارِبِ وتقليم الأظفار (¬7) ونتْفِ الإبط، وحلقِ العانة ألا تَتْرُكَ أكثر من أربعينَ ليلة. البزار (¬8)، عن طاووس، من ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "احذروا بيتا يقال له الحمَّام، قالوا: يا رسول الله يُنقِي الوسخ قال: فاستترووا" هذا أصح إسناد حديث في هذا الباب، على أن الناس يرسلونه عن طاووس. وأما ما خرجه أبو داود في هذا من الحظر والإِباحة، فلا يصح منه شيء لضَعْفِ الأسانيد، وكذلك ما خرجه الترمذي. ¬

_ (¬1) المصدر السابق - رقم (50). (¬2) الإختتان الختان هو في الذكر فقطع جميع الجلدة التى تغطي الحشفة، حتى تنكشف جميع الحشفة، وفي الأنثى قطع أدنى جزء من الجلدة التى في أعلا الفرج. (¬3) الإستحداد: هو حلق العاانة: وسمي استحدادًا لاستعمات الحديدة، وهو الموسى والمراد بالعانة الشعر الذي فوق ذكر الرجل وحواليه، وكذلك الشعر الذي حوالي فرج المرأة. (¬4) (ونتف الإبط): ليست في (ب). (¬5) النسائي: (1/ 15) (1) كتاب الطهارة (13) باب قص الشارب - رقم (13). (¬6) مسلم: (1/ 222) (2) كتاب الطهارة (16) باب خصال الفطرة - رقم (51). (¬7) وتقليمُ الأظفار: ليست في الأصل، ب، د. (¬8) كشف الأستار: (1/ 161 - 162) - كتاب الطهارة - باب في الحمام - رقم (319).

مسلم (¬1)، عن أبي سعيد الخدري، أن رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَنْظُرٌ الرَّجُلُ إلى عورة الرَّجُلِ، ولا المرأةُ إلى عورة المرأة، ولا يُفْضِى الرَّجُلُ إلى الرجل في ثوبٍ واحدٍ (¬2)، ولا تُفْضىِ المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 266) (3) كتاب الحيض (17) باب تحريم النظر إلى العورات - رقم (74). (¬2) (ب): الواحد.

كتاب الصلاة

كتاب الصلاة مسلم (¬1)، عن طارق بن أشيم قال: "كان الرجل إذا أسلم علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاة، ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني". باب فرض الصلوات والمحافظة عليها وفضلها ومن صلاها في أول وقتها. أبو داود (¬2)، عن عبد الله الصُّنابحي قال: زعم أبو محمد أن الوتر واجب، فقال عبادةُ بنُ الصامت، كذب أبو محمد، أَشهدُ أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "خمسُ صلوات افترضَهُنَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- مَنْ أحسن وضوءَهنَّ، وصلَّاهنَّ لوقتهنَّ، وأتمَّ ركوعهنَّ وخُشُوعَهُنَّ كان له على الله عَهْدٌ أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه". أبو محمد هو مسعود بن أوس الأنصاري، شهد بدرًا، وما بعدهما، ذكر ذلك أبو عمر: ومعنى كذب هاهنا أخطأ. مسلم (¬3)، عن أبي هُريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصَّلوات الخمس، والجمعةُ إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مُكَفرِّاتٌ ما بينهن ما اجتُنب الكبائر". ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2073) (48) كتاب الذكر والدعاء والتوبة الإستغفار (10) باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء - رقم (35). (¬2) أبو داود: (1/ 295 - 296) (2) كتاب الطهارة (9) باب في المحافظة على وقت الصلوات رقم (425). (¬3) مسلم: (1/ 209) (2) كتاب الطهارة (5) باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة - رقم (16).

باب وقوت الصلاة وما يتعلق بها

الترمذي (¬1)، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من دَرَنه (¬2) شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله تبارك وتعالى بهن الخطايا". قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ، خرجه مسلم (¬3) أيضًا. مسلم (¬4)، عن عبد الله بن مسعود قال: سألتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أي الَأعْمَالِ أحبُّ إلى اللهِ؟ قال: "الصلاةُ (¬5) على وقتها" قلت؛ ثم أي؟ قال: "ثم (¬6) بر الوالدين" قلت: ثم أي؟ قال: "ثم الجهادُ في سبيل الله" قال (¬7): حدثني بهن، ولو استزدته لزادني. وقال الدارقطني (¬8) " الصَّلاة أول وقتها". بابُ وقوتِ الصَّلاةِ وما يتعلق بها النسائي (¬9)، عن جابر بن عبد الله، أن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) الترمذي: (5/ 139 - 140) (45) كتاب الأمثال (5) باب الصلوات الخمس - رقم (2868) (¬2) من درنه: الدرن: الوسخ. (¬3) مسلم: (4621 - 463) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (51) باب المشي إلى الصلاة تُمحى به الخطايا. وترفع به الدرجات - رقم (283). (¬4) مسلم. (1/ 90) (1) كتاب الإيمان (36) باب كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال - رقم (139). (¬5) فى الأصل: (الصلوات). (¬6) (ثم): ليست في (ب). (¬7) (قال): ليست في (ب) (¬8) الدارقطني: (1/ 246) - رقم (5). (¬9) النسائي (1/ 255 - 256) (6) كتاب المواقيت (10) باب آخر وقت العصر - رقم (513).

وسلم - ليُعَلمهُ مواقيتَ الصَّلاةِ، فتقدَّم جبريلُ ورسول الله - صلى الله عليه وسلَّم خَلْفَهُ، والنَّاسُ خَلْفَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فصلَّى الظُّهر حينَ زالتِ الشمْسُ، وأتَاهُ حينَ كان الظِّلُّ مثْلَ شَخصِهِ، فَصَنَعَ كما صَنَعَ، فتقدم جبريلُ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلفه، والناس خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلما، يعني فصلى صلاة العصر، ثم أتاه حين وجبت الشمس فتقدم جبريل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلفه، والناس خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى المغرب، ثم أتاه حين غاب الشفق، فتقدم جبريل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلفه، والناس خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يعني (¬1) فصلى صلاة العشاء، ثم أتاه حين انشق الفجر، فتقدم جبريل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلفه والناس خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى الغداة، ثم أتاه اليوم الثاني حين كان ظل الرجل مثل شخصه، فصنع مثل ما صنع بالأمس، صلى الظهر، ثم أتاه حين كان ظل الرجل مثل شخصيه، فصنع كما صنع بالأمس، فصلى العصر، ثم أتاه حين وجبت الشمس, فصنع كما صنع بالأمس، فصلى المغرب، فنمنا، ثم قمنا، ثم نمنا، ثم قمنا، فأتاه فصنع كما صنع بالأمس، فصلى العشاء [ثم أتاه حين امتد الفجر وأصبح والنجوم بادية مشتبكة، فصنع كما صنع بالأمس فصلى الغداة] (¬2) ثم قال: ما بين هاتين الصلاتين وقت. وله في طريق أخرى (¬3)، "ثم جاء للصبح حين أسفر جدا، يعني في اليوم الثاني". وفي أخرى، "ثم جاء للمغرب حين غابت الشمس، وقتا واحدًا لم يزل عنه"، يعني في اليوم الثاني. ¬

_ (¬1) (يعني): ليست في (ب). (¬2) ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل. (¬3) النسائي: (1/ 236) (6) كتاب المواقيت (17) باب أول قت العشاء - رقم (526).

وقال أبو داود (¬1)، في هذا الحديث "صلى بي الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك" وقال في آخره "ثم التفت إليَّ فقال: يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك، الوقت ما بين هذين". أخرجه من حديث ابن عباس، من النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديث جابر أصبح شيء في إمامة جبريل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - على ما ذكره البخاري. وخرَّج أبو داود (¬2)، عن أبي مسعود، وذكر صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وصلى الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس، حتى مات لم يعد إلى أن يُسفر". خرجه من حديث أسامة الليثي. مسلم (¬3)، عن أبي موسى الأشعري، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أتاهُ سائل يسأله عن مواقيت الصلاة، فلما يرد عليه شيئًا قال: فأقام الفجر حين انشق الفجر، والناس لا يكاد يَعرِف بعضهم بعضا، تم أمره فأقام بالظهر حين زالت الشمس والقائل يقول: قد انتصف النهار وهو كان أعلم منهم، ثم أمره فأقام بالعصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حتى انصرف منها والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت ثم أخر الظهر، حتى كان قريبًا من وقت العصر بالأمس، ثم أخر العصر حتى انصرف منها، والقائل يقول: ¬

_ (¬1) أبو داود: (1/ 274) (2) كتاب الصلاة (2) باب ما جاء في المواقيت - رقم (393). (¬2) المصدر السابق - رقم (364). (¬3) مسلم: (1/ 429) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (31) باب أوقات الصلاة الخمس رقم (178).

قد احمرت الشمس، ثم أخر المغرب عند سقوط الشفق ثم أخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل فقال: "الوقت ما بين (¬1) هذين". وفي حديث بريدة بن حصيب (¬2)، "ثم أمره بالعصر والشمس بيضاء نقية لم يخالطها صفرة"، "يعنى في اليوم الثاني". وعن عبد الله بن عمرو (¬3)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "وقت الظهر إذا زالت الشمس، وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر مالم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب مالم يغب الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت صلاة الفجر من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس، فإدا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة، فإنها تطلع ما بين (¬4) قرني الشيطان". وعن جابر بن سَمُرة (¬5) قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر إذا دحضت الشمس (¬6) ". وعن خباب (¬7) قال: أتينا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فشكونا إليه حر الرمضاء، "فلم يُشْكِنَا" (¬8) قال زهير: قلت لأبي إسحاق أفي الظهر؟ قال: نعم قلت: أفي تعجيلها؟ قال: نعم. ¬

_ (¬1) (ما): ليست في (ب). (¬2) المصدر السابق - رقم (177). (¬3) المصدر السابق - رقم (173). (¬4) (ما): ليست في (ب، د، ف). (¬5) مسلم: (1/ 432) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة - رقم (33) باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر - رقم (188). (¬6) دحضت الشمس: أي زالت. (¬7) المصدر السابق - رقم (190). (¬8) أي لم يجبهم إلى ذلك، ولم يُزل شكواهم، يقال: أشكيتُ الرجل إذا أزلت شكواه، وإذا حملته على الشكوى.

وعن أنس (¬1) قال: "كنا نصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكِّن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه". البخاري (¬2)، عن أبي ذر قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأراد المؤذن أن يؤذن للظهر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "أبرد" ثم أراد أن يؤذن فقال له: "أبرد"، حتى رأينا فَيْء التُّلولِ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن شدة الحر من فيح جِهنم، فإذا اشتد الحرُّ فأبردوا بالصلاة". مسلم (¬3)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم". النسائي (¬4)، عن أنس قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الحر أبرد بالصَّلاة، وإذا كان البرد عَجَّلَ". مسلم (¬5)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "قالت النار: ربِّ أكل بعضي بعضًا، فَأَذَن لي أتَنفَسْ فأذِنَ لها بنفسين، نفسٍ في الشتاء ونفس في الصيف، فما وجدتُم من بردٍ، أو زمهريرٍ (¬6)، فمن نَفَسِ جَهَنَّمَ، ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (191). (¬2) البخاري: (1/ 25) (6) كتاب مواقيت الصلاة (10) باب الإبراد بالظهر في السفر - رقم (539). (¬3) مسلم: (1/ 430) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة - رقم (32) باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر لمن يمضي إلى جماعة ويناله الحر في طريقه - رقم (180). (¬4) النسائي: (1/ 248) (6) كتاب المواقيت (4) تعجل الظهر في البرد - رقم (466). (¬5) مسلم: (1/ 432) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (32) باب استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر - رقم (186). (¬6) زمهرير: شدة البرد.

وما وجدتْم من حَرِّ أو حَروُرٍ (¬1) فمن نَفَسِ جَهَنَّمَ". وعن عائشة (¬2)، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلى العصر والشمس طالعة في حجرتي، لم يفئ الفيء بعد. وفي رواية (¬3) " لم يظهر الفيء بعد" عن أنس (¬4)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "كان يصلي العصر والشمس مرتفعة حية، فيذهب الذاهب إلى العوالي (¬5)، فيأتي العوالي والشمس مرتفعة". وعن شعبة (¬6)، عن أبي برزة وسأل عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "كان يُصلِّي الظُّهر حين تَزُولُ الشمس والعصر يذهب الذاهب (¬7) إلى أقصى المدينة والشمس حية، قال: والمغرب لا أدري أي حين ذكر، وكان يصلي الصبح، فينصرفُ الرجل، فينظر إلى وجه جليسه الذي يعرفه، فيعرفه" قال: "وكان يقرأ فيها بالستين إلى المائة". وعن العلاء بن عبد الرحمن (¬8) أنه دخل على أنس بن مالك في دارِهِ بالبصرة، حين انصرف من الظهر، ودارُهُ بجنب المسجدِ، فلما دخلنا عليه قال: ¬

_ (¬1) حرور: شدة الحر. (¬2) مسلم: (1/ 426) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (31) باب أوقات الصلوات الخمس رقم (168). (¬3) المصدر السابق. (¬4) مسلم: (1/ 433) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (34) باب استحباب التبكير بالصبح رقم (192). (¬5) العوالي: القُرى المجتمعة حول المدينة من جهة تجدها، وأما ما كان من جهة تهامتها فيقال لها السافلة. (¬6) مسلم: (1/ 447) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (40) باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها - رقم (235). (¬7) في مسلم: (يذهب الرجل). (¬8) مسلم: (1/ 434) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (34) باب استحباب التبكير بالعصر رقم (195).

أصليتم العصر؟ فقلنا لَهُ: إنما انصرفنا السَّاعة من الظهر قال: فصلُّوا العصر. فقُمْنَا، فصلَّينا، فلما انصرفنا قال: سَمعتُ رسولَ اللهِ صلى اللَه عليه وسلم - يقولُ: "تلك صلاةُ المنافقين (¬1)، يجلسُ يرقبُ الشمسَ، حتى إذا كانتْ بين قرني الشيطان قامَ، فنقر (¬2) أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا". وعن أنس (¬3) أيضا قال: صَلَّى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر، فلمَّا انصرف، أتاهُ رجلٌ من بنى سَلِمَةَ فقال: يا رسول الله؟ إنَّا نُريدُ أن ننْحَر جَزورًا لنا، ونحنُ نحب أن تحضُرَهَا. قال: "نعم"، فانْطَلَقَ وانطلقنا معه، فوجدنا الجَزُورَ ولم تُنْحَر فَنُحِرَتْ، ثُمَّ قُطِّعَتْ، ثُمَّ طُبِخَ مِنْها، ثُمَّ أكلنا قَبْلَ مغيبِ (¬4) الشمسِ. ورواه عن رافع بن خديج (¬5) وقال: لحماً نضيجاً. وعن أبي هريرة (¬6) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يتعاقبون فيكم ملائِكةٌ بالليل، وملائكةٌ بالنَّهارِ، ويجتمعونَ في صلاةِ الفجر وصلاة العصر، ثم يَعْرُجُ الذين بَاتُوا فِيكُم، فيسأْلَهُمْ رَبُّهُمْ وهو أعلم بهم كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يُصلون، وأتيناهم وهم يُصلون". وعن عمارة بن رُؤيْبَةَ (¬7) قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لن يَلِجَ النَّارَ أحدٌ صلَّى قَبْلَ طُلُوع الشمسِ، وقَبْلَ غروبها"، يعني الفجر والعصر. ¬

_ (¬1) مسلم: (المنافق). وكذا: (د). (¬2) مسلم: (فنقرها). (¬3) المصدر السابق - رقم (197). (¬4) مسلم: (قبل أن تغيب الشمس). (¬5) المصدر السابق - رقم (198). (¬6) مسلم: (1/ 439) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (37) باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما - رقم (210). (¬7) مسلم: (1/ 440) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (37) باب فضل صلاتي الصبح والعصر والمحافظة عليهما - رقم (213).

وعن ابن عمر (¬1)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (*) قال: "إن (¬2) الذي تفوتُهُ صلاةُ العَصْرِ، كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْله ومَاله". البخاري (¬3)، عن أبي المَليحِ قال: كنا مع بُرَيَدةَ في غزوة في يوم ذي غَيمٍ فقال: بكِّرُوا بصلاةِ العصرِ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من تركَ صلاةَ العصرِ فقد حبِطَ عَمَلُه". مسلم (¬4)، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أدرك ركعةً من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمسُ فقد أدرك العصر". البخاري (¬5)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أدْرك أحدُكم سجدةً من صلاة العصر (**) قبل أن تغربَ الشمسُ، فليُتِمَّ صَلَاتَه، وإذا أدركَ سجدةً من صلاةِ الصبحِ قبل أن تطلعَ الشمسُ فليُتِمَّ صَلَاتَه". مسلم (¬6)، عن عبد الله بن مسعود قال: حبس المشركون رسولَ الله ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 435) (د) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (35) باب التغليظ في تفويت صلاة العصر - رقم (200). (*) (أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -): ليست في (ب). (¬2) (إن): ليست في مسلم. (¬3) البخاري: (2/ 36) (6) كتاب مواقيت الصلاة (15) باب من ترك العصر - رقم (553). (¬4) مسلم: (1/ 424) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (30) باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة - رقم (163). (¬5) البخاري: (2/ 45 - 46) (6) كتاب مواقيت الصلاة (17) باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب - رقم (556). (**) العصر: ليست في (ب). (¬6) مسلم: (1/ 437) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (36) باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر - رقم (206).

- صلى الله عليه وسلم - من صلاةِ العصرِ، حتى احمرت الشمسُ أو اصفرَّتْ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "شغلونا عن الصَّلاةِ الوسطى، صلاةِ العصرِ مَلَأ اللهُ أجوافَهُمْ وقبورَهُم نارًا"، أو "حشا الله أجوافَهُمْ وقبورهُمْ نارًا". وعن علي - رضي الله عنه - (¬1) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب: "شغلونا عن الصلاةِ الوسطى، صلاة العصر، ملأ الله بيوتهما وقبورهم نارًا" ثم صَلَّاهَا العشائين المغرب والعشاء. وعن عمر بن الخطاب (¬2)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى الشمسُ، وبعد العصرِ حتى تغرُبَ الشمسُ". وعن أبي سعيد الخدري (¬3) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاةَ بعدَ العصرِ حتى تَغْرُبَ الشمسُ، ولا صلاةَ لعد صلاةِ الفجرِ حتى تطلُعَ الشمسُ". وقال البخاري (¬4): "حتى ترتفع الشمس". مسلم (¬5)، عن أبي بَصْرَةَ الغفاري قال: صَلَّى بِنَا رَسُولِ اللهِ - صلى اللهِ عليه وسلم - صلاة (¬6) العصر بالمُخَمَّصِ قال: "إن هذه الصلاةَ عُرِضَتْ على من كان قَبْلَكُمْ فضيَّعوها فمن حافظ عليها كان له أجْرُهُ مرتين، ولا صلاةَ بعدها يطلُعَ الشاهدُ" والشاهدُ: النجم. ¬

_ (¬1) مسلم: رقم (205). (¬2) مسلم: (1/ 566 - 567) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (51) باب الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها - رقم (286). (¬3) مسلم: رقم (288). (¬4) البخاري: (2/ 73) (9) كتاب مواقيت الصلاة (31) باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس رقم (586). (¬5) مسلم: (1/ 568) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (51) باب الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها - رقم (292). (¬6) (صلاة): ليست في مسلم.

وعن كُريبٍ (¬1) مولى ابنِ عبّاسٍ، أن عبدَ الله بن عباس وعبد الرحمن بن أزهر والمْسَورَ بن مَخْرمَةَ، أرسَلُوُه إلى عائشَةَ زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: أقَرأ عليْها السلام مِنَّا جميعًا، واسألها (¬2) عن الركعتين بعد العصر، وقل: إنَّا أُخْبِرْنَا أنَّكِ تُصَلينهما، وقد بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "نهى عنهما". قال ابن عباس: وكنتُ أصرف (¬3) مع عمر بن الخطاب النَّاس (¬4) عنهما. قال كُرَيْبٌ: فدخلتُ عليها وبلّغتُهَا ما أرسلوني به. فقالت: سَلْ أمَّ سلمةَ، فخرجتُ إليهم فأخبرتُهُمْ بقولِهَا (4)، فردُّوني إلى أم سلَمةَ بمثْلِ ما أرسلوني به إلى عائشة. فقالت أم سلمة: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى: عَنْهُمَا، ثم رأيتُهُ يُصليهما، أمَّا حِينَ صَلاهُمَا فإنَّهُ صَلَّى العَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ وعندي نِسْوَةٌ منْ الأنصار من بني حرام (¬5)، فصلاهُمَا، فأرسلتُ إليه الجاريَةَ فَقُلْتُ قومي بِجَنْبِهِ فقولِي لَهُ: تقول أم سلمةَ: يا رسول الله! إني سمعتك (¬6) تنَهى عن هاتين الركعتين، وأراك تصليهما، فإن أشارَ بيده فاستأخري عنه، قالت (¬7): ففعَلت (4) الجارية، فأشار بيده، فاستأخرتْ عنه، فلما انصرفَ قال: يا بِنْتَ أبي أُمَيَّةَ سألتِ عن الركعتين بعد العصر إنه أتاني ناسٌ من عبد القيسِ بالإِسلام من قومهم فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتانِ". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 571 - 572) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (54) باب معرفة الركعتين اللتين كان يصليهما النبي بعد العصر - رقم (297). (¬2) مسلم: (وسلها). (¬3) مسلم: (وكنت أضرب). (¬4) مسلم: في (ب). (¬5) مسلم: (من بني حرام من الأنصار). (¬6) مسلم: (إني أسمعك). (¬7) مسلم: (قال: ففعلت الجارية).

زادت عائشة (¬1)، "ثم أثبتهما وكان إذا صلى صلاة أثبتها". وعن عائشة (¬2) أيضًا قالت: "صلاتان ما تركهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي قط، سرًا ولاعلانية ركعتين، قبل الفجر وركعتين بعد العصر". البخاري (¬3)، عن عائشة قالتْ "والذي ذهب به ما تركهما حتى لقى الله، وما لقِيَ - صلى الله عليه وسلم - حتى ثَقُلَ عن الصلاةِ، وكان يُصَلِّي كثيرًا من صَلَاِتهِ قاعدًا - تعني الركعتين بعد العصر - وكانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصَليِّهمَا، ولا يُصَليهُمَا في المسجِدِ مَخَافَةَ أن يُثقِّلَ على أُمَّتهِ وكان يُحِبُّ ما خُفف (¬4) عنهم". أبو داود (¬5)، عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "كان يُصلي بعد العصر، وينهى عنها، ويواصل وينهى عن الوِصَال". مسلم (¬6)، من ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بَدَا حاجِبُ الشمسِ فَأخِّروا الصلاة حتى تبرُزَ، وإذا غابَ حاجبُ الشمسِ، فَأخِّروا الصلاة حتى تغيب". وعن عائشة (¬7) قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تتحروا ¬

_ (¬1) مسلم: رقم (298). (¬2) مسلم: رقم (300). (¬3) البخاري: (2/ 76) (9) كتاب مواقيت الصلاة (33) باب ما يُصلّى بعد العصر من الفوائت ونحوها - رقم (300). (¬4) البخارى: (ما يخفف). (¬5) أبو داود: (2/ 59) (2) كتاب الصلاة (299) باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة رقم (1280). (¬6) مسلم: (1/ 568) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (51) باب الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها - رقم (291). (¬7) مسلم: (1/ 571) (6) كتاب الصلاة المسافرين وقصرها (53) باب لا تنحروا بصلاتكما طلوع الشمس ولا غروبها - رقم (296).

بصلاتكم (¬1) طُلُوعَ الشمسِ، ولا غُرُوبَهَا فتُصَلُّوا عند ذلك". النسائي، عن علي أبي طالب، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تصلوا بعد العصر، إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة" مسلم (¬2)، عن سَلَمَةَ بِن الأكوعِ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كان يُصَلِّي المغربَ إذا غَرَبَتِ الشمس وتوارَتْ بالحِجَابِ". وقال أبو داود (¬3): "ساعةَ تغرُبُ الشمس، إذا غاب حاجبها". مسلم (¬4)، عن رافع بن خديج قال: "كنَّا نُصَلي المغرب مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينصرف أحدُنا، وإِنَّهُ ليُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ". أبو داود (¬5)، عن أبي أيوب وأخَّر عقبة بن عامر صلاة المغرب فقال له: أما سمعتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تزال أمتي بخير"، أو قال: "على الفطرة مالم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم". مسلم (¬6)، عن عائشة قالت: أعْتَمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ ليلةٍ بالعتمة (¬7)، حتى ذهب عامَّةُ الليل، وحتى نَامَ أهْلُ المَسْجِدِ، ثم خرج فصلى فقال: " إِنَّهُ لوقتها لولا أن أشُقَّ على أُمَّتِي". وفي رواية: "يشق". ¬

_ (¬1) (بصلاتكما): لا توجد في مسلم. (¬2) مسلم: (1/ 441) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (6) باب بيان أن أول وقت الغرب عند غروب الشمس - رقم (216). (¬3) أبو داود: (1/ 291) (2) كتاب الصلاة (6) باب في وقت المغرب - رقم (417). (¬4) مسلم: رقم (217). (¬5) أبو داود: رقم (418). (¬6) مسلم: (1/ 442) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (39) باب وقت العشاء وتأخيرها رقم (219). (¬7) (بالعتمة) ليست في مسلم.

وعن جابر بن عبد الله (¬1) قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلي الظُّهر بالهَاجِرَةِ (¬2)، والعَصْرَ والشمسُ مرتفعة (¬3)، والمَغْرِبَ إذا وجبت (¬4)، والعِشَاءَ أحيانا يُؤَخِّرُهَا، وأحيانًا يُعَجِّلُ، كان إذا رآهم قد اجتمعوا عَجَّلَ، وإذا رآهم قد أبطأوا أخر، والصبح كانوا، أو (قال) كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِيها بِغَلَسٍ". خرجَّه البخاري (¬5) ولم يقل "كانوا". مسلمِ (¬6)، عن أبي برزة قال: "كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُوخْرُ العِشَاءَ إلى ثُلُثِ اللَّيْلِ ويَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَها، والحديثَ بَعْدَهَا"، وذكر تمام الخبر. مسلم (¬7)، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تغلَبنَّكُمُ الأعرَابُ على اسْمِ صَلَاتِكُمْ العِشَاءَ، فإنها في كتابِ اللهِ العِشَاءُ، وإنها تعْتِمُ بِحِلَابِ الإِبِلِ". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 446 - 447) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (40) باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها - رقم (233). (¬2) الهاجرة. شدة الحر نصف النهار، عقب الزوال، قبل سميت هاجرة: من الهجرة وهو الترك، لأن الناس يتركون التصرف حينئذ لشدة الحر، ويقيلون. (¬3) مسلم: (والشمس نقية). (¬4) وجبت: أي غابت الشمس، والوجوب السقوط، وحذف ذكر الشمس للعلم بها كقوله تعالى: {حتى تَوارَتْ بِالحِجِابِ}. (¬5) البخاري: (2/ 56) (9) كتاب مواقيت الصلاة (21) باب وقت العشاء إذا اجتمع الناس أو تأخروا - رقم (565). (¬6) مسلم: (1/ 447) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (40) باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها - رقم (237). (¬7) مسلم: (1/ 445) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (36) باب وقت العشاء وتأخيرها - رقم (226).

البخاري (¬1)، عن عبد الله بن مغفل، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب قال: وتقول الأعراب هي العشاء (¬2) ". الترمذي (¬3)، عن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من شهد العشاء في جماعةٍ، كان له كقيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر في جماعةٍ، كان له كقيام ليلة". خرجه مسلم (¬4) وهذا أبين. مسلم (¬5)، من عائشة قالت: "إنْ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَيُصَلِّي الصُّبْحَ فينصرف النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بمُرُوطِهِنَّ، ما يُعْرَفْنَ من الغَلَسِ". وعن جندب بن عبد الله القسري (¬6) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلى صلاة الصبح فهو في ذمةِ الله (¬7)، فلا يَطْلُبَنَّكُمُ اللهُ من ذِمَّتِهِ بشيء فإنه من يطلبه من ذِمَّتِهِ بشيء يُدْركْهُ، ثم يكُبّهُ على وَجْهِهِ في نارِ جهنم". وعن عقبة بن عامر (¬8) ؤال: ثلاثُ ساعاتٍ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهانا أن نُصَلِّي فيهنَّ، أو أن نقبر فيهنَّ موتانا: حين تطلع الشمس ¬

_ (¬1) البخاري: (2/ 52) (9) كتاب مواقيت الصلاة (16) باب من كره أن يقال للمغرب العشاء رقم (563). (¬2) في البخاري: (قال الأعراب وتقول هي العشاء). (¬3) الترمذي: (1/ 433) - أبواب الصلاة - باب ما جاء في فضل العشاء والفجر في الجماعة - رقم (221). (¬4) مسلم: (1/ 454) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (46) باب فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة - رقم (260). (¬5) مسلم: (1/ 446) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (40) باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها،: هو التغليس - رقم (232). (¬6) مسلم: (1/ 454 - 455) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (46) باب فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة: (262). (¬7) في ذمهَ الله: قيل الذمة هنا الضمان، وقيل هي الأمان. (¬8) مسلم: (1/ 568 - 569) (6) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (51) باب الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها - رقم (293).

باب فيمن أدرك ركعة مع الإمام، وفيمن نام عن صلاة أو نسيها، ومن فاتته صلوات كيف يؤديها، وفي الإمام إذا أخر الصلاة عن وقتها.

بَازِغَةً حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغرب حتى تغُرب". باب فيمن أدرك ركعة مع الإِمام، وفيمن نام عن صلاة أو نسيها، ومن فاتته صلوات كيف يؤديها، وفي الإِمام إذا أخر الصلاة عن وقتها. مسلم (¬1)، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أدرك ركعة من الصلاة مع الإِمامِ، فقد أدرك الصلاة" وفي طريق أخرى (¬2) "فقد أدرك الصلاة كلها" ولم يقل مع الإِمام (¬3). وعن أنس بن مالك (¬4) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رَقدَ أحدم عن الصلاة أو غَفَلَ عنها، فليُصَلِّهَا إذا ذكرها، فإن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يقول: "أقم الصلاة لذكري"". وعن أبي هريرة (¬5)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قفل من غزوةِ خيبر سار ليلهُ، حنى إذا أدركه الكَرَى، عَرَّسَ (¬6) وقال لبلال: "اكْلأ لنا الليل (¬7) "، فصلى بلال ما قُدِّر له، ونَامَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه فلما تَقَارَبَ الفجر، استند بلال إلى راحلته مُوَاجِه الفجر، فغلبتْ ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 424) (5) باب المساجد ومواضع الصلاة (30) باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة - رقم (162). (¬2) مسلم: الموضع السابق. (¬3) (ولم يقل مع الإمام). ليست في (د، ف). (¬4) مسلم: (1/ 477) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة: (55) باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها - رقم (316). (¬5) مسلم: رقم (309). (¬6) أدركه الكرى عرس: الكرى: النعاس وقيل النوم، والتعريس. نزول المسافرين آخر الليل للنوم والإستراحة. (¬7) اكلأ لنا الليل: أي ارقبه واحفظه واحرسه.

بِلَالًا عيناه، وهو مستندٌ إلى راحلته، فلما يستيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا بلال ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهُم الشمس فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولهم استيقاظًا ففزِعَ رسولُ الله - صلى اللهُ عليه وسلم - فقال: "أيْ بلال"، فقال بلال: أخَذَ بنفسي الذي أخَذَ (بأبي أنت وأمي يا رسولَ الله) بنفسِكَ، قال: "اقتادُوا" (¬1) فاقتادُوا رَواحلهم شيئًا، ثمّ توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمر بلالًا فأقام الصَّلاة، فصلى بهم (¬2) الصبح، فلما قضى الصلاة قال: "من نسي الصَّلاة فليصلها إذا ذَكَرَهَا، فإن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يقول" {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذكْرِي}. وفي طريق آخر (¬3)، "فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ليأخذ كلُ رجل برأس راحلته، فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان" قال: ففعلنا، ثم دعا بالماء فتوضأ، ثم صلى سجدتين وأقيمت الصلاة، فصلى الغداة". وقال أبو داود (¬4) في هذا الخبر: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تحولوا عن مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة"، فأمر بلالًا فأذن وأقام (¬5) وصلى. وذكر مسلم (¬6) الأذان في حديث أبي قتادة، وركوع ركعتى الفجر أيضًا، وأنه عليه الصَّلاة والسلام صلى الصبح بعدما ارتفعت الشمس، قال فيه: وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وركبنا معه قال فجعل بعضنا يهمس إلى ¬

_ (¬1) (اقتادوا): أي قودوا رواحلكم لأنفسكم أخذين بمقاودها. (¬2) (د): فصلى بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح. (¬3) المصدر السابق - رقم (310). (¬4) أبو داود: (1/ 303) (2) كتاب الصلاة (1) باب في من نام عن الصلاة أو نسيها - رقم (436). (¬5) (د): وأقام الصلاة. (¬6) مسلم: رقم (311).

بعض ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا في صلاتنا ثم قال: "أمالكم فيَّ أُسوة" ثم قال: "إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصلِ الصَّلاة حتى يجئ وقت الأخرى، فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها، فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها". وقال أبو داود (¬1): "إنه لا تفريط في النوم إنما التفريط في اليقظة فإذا سهى أحدكم عن صلاة فليصلها حين يذكرها، ومن الغد للوقت". مسلم (¬2)، عن جابر بن عبد الله، أن عمر بن الخطاب يوم الخندق جعل يَسُبُّ كُفَّارَ قريش، وقال: يا رسول الله! والله ما كدت أن أُصَلِّىَ العصر، حتى كادت أن تغرُب الشمس. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فوالله إنْ صَلَّيْتُها، فنزلنا إلى بُطْحَانَ (¬3) فتوضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتوضأنا، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب". وعن أبي ذر (¬4) قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "كيف أنت إذا كانت عليك أُمَراءُ يُؤخرونَ الصلاةَ عن وقتها، أو يُمِيتِون الصلاة عن وقتها"، قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: "صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصلِّ فإنها لك نافلة". زاد في طريق آخر (¬5)، "ولا تقل إن قد صليت فلا أصلي". ¬

_ (¬1) أبو داود: رقم (437). (¬2) مسلم: (1/ 438) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (36) باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر - رقم (209). (¬3) بطحان: "وادٍ في المدينة. (¬4) مسلم: (1/ 448) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (41) باب كراهة تأحير الصلاة عن وقتها المختار - رقم (238). (¬5) المصدر السابق - رقم (242).

باب صلاة الجماعة وما يبيح التخلف عنها وما يمنع من إتيانها وفضلها وفضل المشي إليها وانتظارها وكيف يمشي إليها ومن خرج إلى الصلاة فوجد الناس وقد صلوا، أو صلى في بيته ثم وجد صلاة جماعة وفي خروج النساء إلى المسجد وما يفعلن.

باب صلاة الجماعة وما يبيحُ التخلف عنها وما يمنع من إتيانها وفضلها وفضل المشي إليها وانتظارها وكيف يمشي إليها ومن خرج إلى الصلاة فوجد الناس وقد صلّوا، أو صلى في بيته ثم وجد صلاة جماعة وفي خروج النساء إلى المسجد وما يفعلن. مسلم (¬1)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أثقل صلاةٍ على المنافقين صلاةُ العشاء وصلاة الفَجْرِ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، ولقد هممت أن آمرَ بالصَّلاة فتقام، ثم آمرَ رجلًا فُيصلي بالنَّاس، ثم أنْطَلِقَ معي برجال معهم حُزَمٌ من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فَأَحَرِّق عليهم بيوتهم بالنار". وقال البخاري (¬2): في آخر هذا الحديث "والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهما (¬3) أنه يجد عِرقًا سميِنا أو مِرْمَاتين (¬4) حَسَنَتَينِ لشَهِدَ العشاء" خرجه مسلم (¬5) لو يذكر المرماتين وفي حديث مسلم أيضًا زيادة. أبو داود (¬6)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقد هممتُ أن آمر فتيتي فيجمعوا حزمًا من حطب، ثم آتي قومًا يصلون في بيوتهم ليست بهم علة فأحرقها عليهم". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 451 - 452) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (42) باب فضل صلاة الجماعة رقم (252). (¬2) البخاري: (2/ 148) (10) كتاب الأذان (29) باب وجوب صلاة الجماعة - رقم (644). (¬3) (د): أحدكم. (¬4) (مرماتين) تثنية مرماة -بكسر الميم وحكى الفتح- قال الخليل: هي ما بين ظلفي الشاة وقيل غير ذلك. (¬5) مسلم: (1/ 451) - رقم (251). (¬6) أبو داود: (1/ 372) (2) كتاب الصلاة (47) باب في التشديد في ترك الجماعة - رقم (546).

مسلم (¬1)، عن عبد الله بن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لقومٍ يتخلفون عن الجمعة: "لقد هممتُ أن آمر رجلًا يُصلي بالناس، ثم أُحَرِّقَ على رجالٍ، يتخلفون عن الجمعة، بُيُوتَهُمْ". وعن أبي هريرة (¬2)، قال: أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ أعمى فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودُني إلى المسجد، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُرخِّص له فيُصلي في بيته فرخص له، فلمَّا وَلَّى دَعَاهُ فقال: "هل تسمع النِّداء بالصَّلاة، فقال: نعم قال. أجب". وقال أبو داود (¬3)، في هذا الحديث: (لا أجد لك رخصة) خرجه من حديث ابن أم مكتوم وذكر أنه هو كان السائل وقال: في حديث ابن أم مكتوم: إن المدينة كثيرة الهوام والسباع. وخرَّج عن أبي الدرداء (¬4)، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من ثلاثة في قرية ولا بدوِ لا تُقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئبُ القاصية". أبو داود (¬5)، عن ابن عبا اس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سمع النداء فلما يمنعه من أتباعه عذر" قالوا: وما العذر؟ قال: خوفٌ ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 452) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (42) باب فضل صلاة الجماعة - رقم (254). (¬2) مسلم: (1/ 452) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة: (43) باب يجب إتيان المسجد على سمع النداء - رقم (255). (¬3) أبو داود: (1/ 374) (2) كتاب الصلاة (47) باب في التشديد في ترك الجماعة - رقم (255). (¬4) أبو داود: (1/ 371) رقم (547). (¬5) أبو داود: (1/ 373 - 374) رقم (551). من طريق أبي جناب، عن مغَراء العبدي، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس به، والسند ضعيف ضعف أبي جناب.

أو مرضٌ، لم تُقبل منه الصَّلاة التي صلى (¬1). هذا يرويه مغراء العبدي، والصحيح موقوف على ابن عباس "من سمع النداء فلم يأت، فلا صلاة له". على أن قاسم بن أصبغ ذكره في كتابه فقال: ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، قال ثنا سليمان بن حرب، ثنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من سمع النداء فلم يُجب، فلا صلاة له، إلا من عذر". وحسبك بهذا الإِسناد صحة، أخرج هذا الحديثَ أبو محمد (¬2)، ومغراء العبدي روى عنه أبو إسحاق. مسلم (¬3)، عن عبد الله بن مسعود قال: "من سرَّهُ أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فليُحافظ على هؤلاء الصلوات، حيث يُنَادَى بهن، فإن الله -عَزَّ وَجَلَّ- شَرَعَ لنبيكم - صلى الله عليه وسلم - سُنَنَ الهدى (¬4)، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يُصلي هذا المتخلف في بيته، لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم ¬

_ (¬1) (د): صلاها. (¬2) المحلى: (4/ 190). (¬3) مسلم: (1/ 453) (د) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (44) باب صلاة الجماعة من سنن الهدى - رقم (257). (¬4) سنن الهدى: أي طرائق الهدى: والصواب.

لضللتم، وما من رجل يتطهر فيُحسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ يَعْمِدُ إلى مسجدٍ من هذه المساجد، إلا كَتَبَ الله - عَزَّ وَجَلَّ - له بِكل خَطوةٍ يخطوها حَسَنةً، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلا منافق معلومُ النِّفاقِ، ولقد كان الرجل يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بين الرَّجُلَينِ (¬1) حتى يُقامَ في الصَّفِّ". وعن محمود بن الرَّبيعِ (¬2)، أن عِتْبان بن مالكٍ، أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله: إني قَدْ أنكرتُ بَصَرِي. وأنا أُصلِّي لِقَومِي، وإذا كانَتِ الأمطار، سَالَ الوادي الذي بيني وبينهم، ولم أسْتَطِعْ أن آتِيَ مسجدَهُم. فأصلي لهم، ووددْتُ أنَّك يا رسولَ الله تأتي فتُصلي في مُصلَّى، أتخذه مُصَلَّى. قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "سأفعلُ إن شَاءَ اللهُ". قال عتبان: فغدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر الصديق حين ارتفع النَّهَارُ، فاستأْذَنَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فأذِنْتُ لَهُ، فلم يجلسْ حتى دخل البيتَ، ثم قال: "أين تُحِبُّ أن أصلي من بيتك؟ ". قال: فأشرت له إلى ناحيةٍ من البيت فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكبر، فَقُمْنَا وراءَهُ، فَصَلَّى ركعتين، ثم سلَّمَ. قال: وحَبَسْنَاهُ على خزِيرٍ صنعناه له (¬3). ¬

_ (¬1) يهادى بين الرجلين: أي يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما. (¬2) مسلم - (1/ 455) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (47) باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر - رقم (263) (33). (¬3) خزير: قال ابن قتيبة: الخزير: لحم يقطع صغارًا ثم يصب عليه ماء كثير، فإذا نضج ذُرَّ عليه دقيق، فإن لم يكن فيه لحم، فهي عصيدة.

قال: فَثَابَ رجال من أهل الدَّارِ حولنا، حتى اجتمع في البيتِ رجال ذَوُو عَدَدِ. فقال قائِلٌ منهُمْ: أين مالكُ بن الدُّخْشُن؟ فقال بعضُهُم: ذلك منافقٌ لا يُحِب اللهَ ورسولهَ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا تقل لَهُ ذلك، ألا تراه قد قال: لا إِله إلا اللهُ، يريدُ بذلك وجه الله؟ ". قالوا: الله ورسوله أعلم .. قال فإنما نرى وجهه ونصيحته للمنافقين. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "فإنَّ اللهَ قد حرَّمَ على النَّارِ من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجهَ اللهِ". الخزير: الحسو، من النخال ولا يكون إلا بدسم. وعن نافع (¬1)، أن ابن عمر أذَّنَ للصلاة في ليلة ذات برد وريح، فقال: ألا صلوا في الرحال (¬2) ثم قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر المؤذن إذا كانت ليلةٌ باردةٌ ذات مطر يقول: ألا صَلُّوا في الرِّحال". وفي طريق آخر (¬3)، وقال في آخر ندائه: "ألا صلوا في رحالكم" وزاد "في السفر". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 484) (6) كتاب صلاة المسافر وقصرها (3) باب الصلاة في الرحال في المطر - رقم (22). (¬2) الرحال: يعنى الدور والمنازل والمساكن. (¬3) مسلم: رقم (23).

أبو داود (¬1)، عن أسامة بن عمير الهذلي أنه قال: رأيتنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية ومطرنا مطرًا، فلم تبل السماء أسفل نعالنا، فنادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أن صلوا في رحالكم. مسلم (¬2)، عن جابر بن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أكل منِ هذه البَقْلَةِ الثوم، وقال مرة: من أكل البصل والثوم والكُرَّاث، فلا يَقرَبَنَّ مسجدنا، فإن الملائكة تَتَأذَّى مما يَتَأذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ". وعن أبي هريرة (¬3)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أكل من هذه الشجرة فلا يَقْرَبَنَّ مسجدنا، ولا يؤذينا بريح الثوم". وعن أبن عمر (¬4)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أكل من هذه البقلة، فلا يقربن مسجدنا (¬5) حتى يذهب ريحها" يعني الثوم. أبو داود (¬6)، عن أبن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أكل من هذه الشجرة فلا يَقْرَبَنَّ المساجد". مسلم (¬7)، عن أنس، وسُئلَ عن الثوم فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلما: "من أكل من هذه الشجرةِ فَلَا يَقْرَبَنَّا ولا يُصَلِّي مَعَنَا". ¬

_ (¬1) أبو داود: (1/ 641) (2) كتاب الصلاة (213) باب الجمعة في اليوم المطير - رقم (1059) - وقد ذكره المصنف بمعناه. (¬2) مسلم. (1/ 395) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (17) باب نهي من أكل ثومًا أو بصلًا أو كراثًا أو نحوها - رقم (74)، (¬3) مسلم: رقم (71). (¬4) مسلم: رقم (69). (¬5) مسلم: (مساجدنا). (¬6) أبو داود: (4/ 173) (2) كتاب الأطعمة (41) باب في أكل الثوم - رقم (3825). (¬7) مسلم: (1/ 394) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (17) باب نهى من أكل ثومًا أو بصلًا أو كراثًا أو نحوهما - رقم (70).

وعن أبي سعيد الخُدْري (¬1)، قال: لم نَعْدُ أن فُتِحَتْ خيبر، فوَقَعْنَا أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في تلك البَقْلةِ، الثُّومِ، والناس جياعٌ، فأكلنا منها أكلًا شديدًا، ثم رُحْنَا (¬2) إلى المسجد، فوجَدَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الرِّيحَ، فقال: "من أكل من هذه الشجرة الخبيثةِ (¬3) شيئًا، فلا يَغْشَنَا (¬4) في المسجد". فقال النَّاسُ: حُرِّمَتْ، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا أيها النَّاسُ، إنِّهُ ليس بي تحريمُ ما أحلَّ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لِي (¬5)، ولكنَّها شجرةٌ أكرَهُ رِيحَهَا". وعن أبي هريرة (¬6)، من النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من غدا إلى المسجد أو رَاحَ، أعَدَّ اللهُ لهُ في الجنّة نُزُلًا كُلَّمَا غدا أو رَاحَ". وعن ابن عُمر (¬7)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاةُ الجماعةِ أفْضَلُ من صَلَاةِ الفذِّ بسبعٍ وعشرين درجةً". وعن أبي هريرة (¬8)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاةُ ¬

_ (¬1) مسلم: رقم (76). (¬2) (ب): ثم خرجنا رحنا. (¬3) الخبيثة: قال أهل اللغة: الخبيث في كلام العرب: المكروه من قول أو فعل أو مال أو طعام أو شراب أو شخص. (¬4) مسلم: (فلا يقربنا). (¬5) (لي): ليست في (ب). (¬6) مسلم: (1/ 463) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (51) باب المشى إلى الصلاة تمحى به الخطايا وترفع به الدرجات - رقم (285). وهذا الحديث وقع بعد الحديث التالي في نسخة (د). (¬7) مسلم: (1/ 450) (د) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (42) باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها - رقم (249). (¬8) مسلم (1/ 459) (د) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (49) باب فضل صلاة الجماعة وانتظار الصلاة - رقم (272).

الرجل في جماعةٍ، تزيدُ عن صلاته في بيته، وصلاته في سُوقِهِ بِضعًا وعشرين درجة وذلك أن أحَدَهُم إذا توضأ فأحسنَ الوُضُوء، ثُمَّ أتى المسجِدَ، لا يَنْهَزُهُ إلا الصلاة، لا يُريد إلا الصلاة (¬1) فلم يَخْطُ خطوِةً إلا رُفع لهُ بها درجة، وحُط عنه بها خطيئة حتى يدخُلَ المسجد، فإذا دخل المسجد كان في الصلاة، ما كانت الصلاةُ هي تَحْبِسُهُ، والملائكةُ يُصلون على أحدم ما دام في مجلسِهِ الذي صلى فيه، يقولون: اللهم ارحمه، اللهم أغفر له، اللهم تب عليه ما لم يُؤْذِ فيه، ما لم يُحْدِث فيه". وعن أبي هريرة أيضًا (¬2)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، تقول الملائكة: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه حتى ينصرف أو يُحدث". وعن أبي هريرة (¬3)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ثُوِّبَ بالصلاةِ (¬4) فلا يسع إليها أحدُكم، ولكن ليمش (¬5) وعليه السكينة والوقار، صَلِّ ما أدركتَ واقضِ ما سبقك". وعن أبي قتادة (¬6) قال: بينما نحن نُصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَسَمع جلبةً فقال: "ما شأنكم؟ ". قالوا: استعجلنا إلى الصلاة. قال: "فلا تفعلوا، إذا أتيتم الصلاة (¬7) فعليكم السكينة فما أدركتم ¬

_ (¬1) (لايريد إلا الصلاة). ليست في (ب). (¬2) مسلم: الموضع السابق - رقم (274). (¬3) مسلم: (1/ 421) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (28) باب استحباب إتيان الصلاة بوقار وسكينة - رقم (154). (¬4) إذا ثوب بالصلاة: معناه أقيمت، وسميت الإقامة تثويبًا لأنها دعاء إلى الصلاة بعد الدعاء بالأذان، من قولهم ثاب إذا رجع. (¬5) (ب): يمشي. (¬6) مسلم: الموضع السابق - رقم (155). (¬7) (ب): إلى الصلاة.

فصلَّوا، وما سبقكم فأتموا". وعن أبي هريرة (¬1)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا ثُوِّب بالصلاة، فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وعليكم السكينةُ، فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتموا، فإن أحدكم إذا كان يَعمِدُ إلى الصلاة فهو في صلاة". وفي طريق أخرى (¬2)، "إذا أقيمت الصلاة". وقال البخاري (¬3): "إذا سمعتم الإِقامةَ فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تُسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا". أبو داود (¬4)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من توضأ فأحسن وضوءَهُ، ثم راح فوجد الناس قد صلوا، أعطاه الله جلَّ وعز مثل أجر من صلَّاها وحضرها لا ينقُص ذلك من أجورهم (¬5) شيئًا". مالك (¬6)، عن مِحْجن الدّيلي أنه كان (¬7) مع رسول الله - صلى الله عليه وسلما فأُذِّن بالصلاة، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى ثم رَجَعَ ومِحْجَنٌ في مجلسه (¬8). فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما منعك أن تُصليَ مع الناس؟ ألست برجُلٍ مسلم؟ ". ¬

_ (¬1) مسلم: الموضع السابق - رقم (152). (¬2) مسلم: الموضع السابق - رقم (151). (¬3) البخاري: (2/ 138) (10) كتاب الأذان (21) باب لا يسعى إلى الصلاة، وليأت إليها بالسكينة والوقار - رقم (636). (¬4) أبو داود: (1/ 381) (2) كتاب الصلاة (52) باب فيمن خرج يريد الصلاة فسبق إليها - رقم (564). (¬5) أبو داود: (من أجرهم). (¬6) الموطأ: (1/ 132) (8) كتاب صلاة الجماعة (3) باب إعادة الصلاة مع الإمام - رقم (8). (¬7) الموطأ: (في مجلسٍ). (¬8) الموطأ: (في مجلسه لم يصل معه).

قال: بلى يا رسول الله، ولكني قد صليت في أهلي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جِئْتَ فَصَل مع النَّاس، وإنْ كنتَ قد صليت". الترمذي (¬1)، عن يزيد بن الأسود قال: شهدتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حَجَّتَهُ، فصليتُ معه صلاةَ الصُّبح في مسجدِ الخَيْفِ، فلما قضى صلاتَهُ وانحرفَ إذا هو برجلين في أُخرَى القوم لم يُصَلِّيَا معه، فقال: عَلَيَّ بهما فأتي بهما (¬2)، ترعد فَرَائِصُهُمَا، فقال: "ما منعكما أن تصليا معنا؟ ". فقالا: يا رسول الله! إنَّا كُنَّا قد صلينا في رحالنا. قال: "فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتُما مسجد جماعةٍ، فصليا معهم، فإنما لكما نافلةٌ". قال: هذا حديث حسن صحيح. وقال الدارقطني (¬3): "فصلوا معهم واجعلوها سُبْحَة (¬4) ". النسائي (¬5)، عن سليمان بن يسار قال: رأيت ابن عمر جالسًا على البلاط والناس يُصلون، قلت: يا أبا عبد الرحمن! مالك لا تصلي؟ قال: إني قد صليت وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تعاد الصَّلاةُ في اليومِ مرتين". ¬

_ (¬1) الترمذي: (1/ 424 - 425) أبواب الصلاة - باب ما جاء في الرجل يصلى وحده ثم يدرك الجماعة - رقم (219). (¬2) الترمذي: (فجيء بهما). (¬3) سنن الدارقطني: (1/ 414) - رقم (4). (¬4) سبحة: أي نافلة. (¬5) النسائي (2/ 114) (10) كتاب الإمامة (56) سقوط الصلاة عمن صل مع الإمام في المسجد جماعة - رقم (860).

باب في المساجد

مسلم (¬1)، عن ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تمنعوا إِماءَ اللهِ مساجِدَ اللهِ". زاد أبو داود (¬2)، من حديث أبي هريرة مرفوعًا، "ولكن ليخرجن (¬3) وهن تَفِلات (¬4) ". ولمسلم ذ (¬5)، عن زينب الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تَمَسنَّ (¬6) طيبًا". وعن سهلٍ بن سعد (¬7) قال: "رأيتُ الرجال عاقدي أُزُرِهِمْ في أعناقهم مثل الصبيان من ضيقِ الأزُرِ، خَلْفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال قائل: "يا معشر النساء! لا ترفعن رُؤُسَكُنَّ حتى يرفعَ الرجالُ". وقال البخاري (¬8): "حتى يستوي الرجال جلوسًا". باب في المساجد مسلم (¬9)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَحَبُّ ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 327) (4) كتاب الصلاة (30) باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة - رقم (136). (¬2) أبو داود: (1/ 381) (2) كتاب الصلاة (53) باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد - رقم (565). (¬3) (ب): يخرجن. (¬4) تفلات: التفل: سوء الرائحة ويقال امرأة تفلة: إذا لم تتطيب ونساء تفلات. (¬5) مسلم: (1/ 328) (4) كتاب الصلاة (30) باب خروج النساء إلى المساجد إذا لم يترتب عليه فتنة - رقم (142). (¬6) مسلم: (فلا تمس). وكذا (ب). (¬7) مسلم: (1/ 326) (4) كتاب الصلاة (29) باب أمر المصليات وراء الرجال أن لا يرفعن رؤوسن من السجود - رقم (133). (¬8) البخاري: (1/ 563) (8) كتاب الغسل (6) باب إذا كان الثوب ضيقاً - رقم (362). (¬9) مسلم: (1/ 464) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (52) باب فضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح، وفضل المساجد - رقم (288).

البلاد إلى الله مساجدُها، وأبغضُ البلادِ إلى الله أسواقُها". وعن عثمان بن عفان (¬1)، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من بنى مسجدًا لله، بنى اللهُ لهُ بيتًا في الجنة". أبو داود (¬2)، عن عروة، عن عائشة قالت: "أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببناء المساجد في الدُّور وأن تُطيَّب وتُنظف". الدور هي القبائل والمحلات. النسائي (¬3)، عن أنس بن مالك قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلما نُخَامَةً في قبلة المسجد، فَغَضِبَ حتى احمرَّ وجهه،. فقامت امرأة من الأنصار فحكتها وجعلت مكانها خَلُوقًا" (¬4) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا أحْسَنَ هذا". أبو داود (¬5)، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أُمرت بتشييد المساجد". قال ابن عباس: لتزخرفُنَّها كما زخرفت اليهود والنصارى. وعن أنس (¬6)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد". مسلم (¬7)، ص أبي ذر قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 378) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (4) باب فضل بناء المساجد والحث عليها - رقم (24). (¬2) أبو داود: (1/ 314) (2) كتاب الصلاة (13) باب اتحاد المساجد في الدور رقم (455). (¬3) النسائي (2/ 52 - 53) (8) كتاب المساجد (35) باب بناء المساجد - رقم (728). (¬4) خلوقًا: أي طيبًا. (¬5): (1/ 310) (2) كتاب الصلاة (12) باب في بناء المسجد - رقم (448). (¬6) أبو داود: الموضع السابق - رقم (449). (¬7) مسلم: (1/ 370) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة - رقم (2).

أول مسجد وُضع في الأرض؟. قال: "المسجد الحرامُ". قلت: ثم أيٌّ. قال: "المسجد الأقصى". قلت: كم بينهما؟. قال: "أربعون عامًا، ثم لك الأرض مسجد (¬1) فحيث ما أدركتك الصلاةُ فصلِّ". وعن جابر بن عبد الله (¬2)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُعطيتُ خمسًا لم يُعطهنً أحد قبلي، كان كل نبي يُبعث إلى قومه خاصَّة، وبُعثت إلى كل أحمرَ وأسودَ وأُحلت لَيَ الغنائمُ، ولم تُحلَّ لأحد قبلي، وجُعلت لي الأرض طَيِّبَةً طَهُورًا، ومسجدًا، فأيما رجلٍ أدركته الصلاةُ صلَّى حيث كان، ونُصرتُ بالرُّعبِ بين يدي مسيرةِ شهرٍ وأعطيتُ الشفاعةَ". أبو داود (¬3)، عن البراء بن عازب قال: سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاةِ في مبارك الإِبل؟. فقال: "لا تصلوا في مبارك الإِبل، فإنها من الشياطين". وسُئل من الصلاة في مرابض الغنم؟. فقال: "صلوا فيها فإنها بركة". ¬

_ (¬1) مسلم: (ثم الأرص لك مسجد)، (د، ب): "مسجدًا". (¬2) مسلم: الموضع السابق - رقم (3). (¬3) أبو داود: (1/ 331 - 332) (2) كتاب الطهارة (25) باب النهى عن الصلاة في مبارك الإِبل - رقم (493).

مسلم (¬1)، عن جندب قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يموت بخمسٍ وهو يقول: "إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكُمِ خليل، فإن الله اتخذني خليلًا، كما اتخذ إبراهيم خليلًا، ولو كُنْتُ متخذًا خليلًا (¬2)، لاتخذت أبا بكر خليلًا، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهما مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك". وعن أنس (¬3)، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ المدينةَ فنزلَ في عُلْوٍ المدينة في حي يُقال له بنو عمرو بن عوف، فأقام فيهم أربع عشرةَ ليلة، ثم إنْهُ أرسل إلى ملإِ بني النجار، فجاءُوا متقلدين بسيوفِهِم، قال: وكأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على راحلته وأبو بكر رِدْفُهُ، وملأٌ بني النجار حولَهُ، حتى ألْقَى بفناء أبي أيوب، قال: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى حيثُ أدركتهُ الصلاةُ، ويُصَلِّي في مَرَابِضِ الغَنَمِ، ثم إِنهُ أمر باالمسجدِ فأرسل إلى ملإِ بني النجار، فجاؤا، فقال: "يا بني النجار ثامنوني بحائطكم هذا" قالوا: لا والله! ما نطلب ثمنَهُ إلا إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- قال أنس: فكان فيه ما أقولُ: كان فيه نخلٌ وقبورُ المشركين وخِرَبٌ (¬4)، فأمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالنخلِ فَقُطِعَ، وبقُبورِ الشركينَ فنُبِشَتْ، وبالخِرَبِ فَسُويَتْ. قال: فصفوا النخل (¬5)، وجعلوا عِضَادَتَيْهِ (¬6) حجارةً، قال: فكانوا يرتجزون (¬7) ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهما وهم يقولون: اللهم لا خير إلا خير الآخرهْ ... فانصر الأنصار والمهاجرهْ ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 377 - 378) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (3) باب عن بناء المساجد على القبور - رقم (23). (¬2) مسلم: (ولو كنت متخذًا من أمتي خليلًا). (¬3) مسلم: (1/ 373 - 374) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (1) باب ابتناء مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (9). (¬4) خرب: بكسر الخاء أو فتحها وكسر الراء أو فتحها كلاهما صحيح وهو ما تخرب من البناء. (¬5) مسلم: (فصفوا النخل قبلة). (¬6) عضادتيه: العضادة جانب الباب. (¬7) يرتجزون: أي ينشدون الأراجيز لنفوسهم.

النسائي (¬1)، عن طلق بن علي قال: خرجنا وفدًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعناهُ وصلينا معهُ، وأخبرناه أن بِأرضنا بيعةً (¬2) لنا، واستوهبناه من فضل طَهُورِهِ، فدعا بماء فتوضأ ومضمض، ثم صبَّهُ لنا في إداوةٍ وأَمَرَنَا فقال: "اخرجوا فإذا أتيتم أرضكم فاكسروا بيعتكم وانضحوا مكانها بهذا الماء واتخذوه مسجدا، فقلنا له: إن البلد بعيدٌ والحر شديدٌ والماء ينشفُ، قال: مُدُّوهُ من الماءِ فإنه لا في يزيده إلا طيبًا، فخرجنا حتى قدمنا بلدنا فكسرنا بيعتنا، ثم نضحنا مكانها واتخذناها مسجدًا، فنادينا فيه بالأذان، قال: والرَّاهبُ رجل من طيء فلما سمع الأذان قال: دعوةُ حقٍ، ثم استقبل تَلْعَةً (¬3) من تِلاعنا، فلم نرهُ بعدُ". مسلم (¬4)، عن ابن عمر قال: "كنت غلامًا شابًا عَزَبًا، وكنتُ أنامُ في المسجدِ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". وفي رواية: "أبيتُ في المسجد". وعن سهل بن سعد (¬5)، في حديث ذكرهُ قال: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت فاطمةَ فلما يجدْ عليًّا في البيتِ، فقال: "أين ابن عمكِ؟ " فقالت: كان بيني وبيْنَهُ شيء فَغَاضَبَني فخرج، فلما يَقِلْ (¬6) عندى. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإِنسان: "انظر أين هو؟ " فجاء فقال: يا رسول الله! هو في المسجد راقِدٌ. فجاءهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مضطجعٌ قد سَقَطَ رداؤُهُ عن ¬

_ (¬1) النسائي: (2/ 38 - 39) (8) كتاب المساجد (11) باب اتخاذ البيع مساجد - رقم (701). (¬2) بيعة: أي معبد النصارى أو اليهود. (¬3) تلعة: أي مسيل الماء من أعلى الوادي. (¬4) مسلم: (4/ 1927 - 1928) (44) كتاب فضائل الصحابة (31) باب فضائل عبد الله ابن عمر- رقم (140). (¬5) مسلم: (4/ 1874 - 1875) (44) كتاب فضائل الصحابة (4) باب فضائل عليّ بن أبي طالب - رقم (38). (¬6) لقيلولة: النوم نصف النهار.

شِقِّهِ فأصابهُ ترابٌ، فجعلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُهُ عنه ويقول: "قم أبا التُّرابِ، قم أبا التُّرابِ، قم أبا التراب (¬1) ". وعن عائشة (¬2)، قالت: أُصِيبَ سعدٌ يومَ الخندق، فضرب عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيمةً في المسجدِ يعودُهُ من قريب". زاد عنها في طريق أخرى (¬3) "فلم يَرُعْهُمْ (¬4) وفي المسجدِ خيمةٌ من بني غِفَارٍ، إلا والدم يسيلُ إليهم، فقالوا: يا أهل الخيمة! ما هذا الذي يأتينا من قِبَلكُمْ؟ فإذا سعدٌ جُرْحُهُ يَغِذُّ (¬5) فمات منها". البخاري (¬6)، عن أبي موسى، عن النبي صلي الله عليه وسلم - قال: "من مرَّ فيٍ شيءٍ من مَساجدِنا، أو أسواقِنا بنَبْلٍ، فليأَخُذ على نِصالها لا يَعقِرْ (¬7) بكفهِ مسلمًا". أبو داود (¬8)، عن عبد الرحمن أبي بكر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل منكم أحدٌ أطعم اليوم مسكينًا". فقال أبو بكر: دخلت المسجد فإذا سائل يسأل (¬9) فوجدت كسرةَ خبز في يد عبد الرحمن، فأخذتها (¬10) فدفعت إليه". ¬

_ (¬1) مسلم: (قم أبا تراب) مرتين فقط. (¬2) مسلم: (3/ 1386) (32) كتاب الجهاد والسير (22) باب جواز قتال من نقض العهد، وجواز إنزال أهل الحصن على حكم حاكم عدل أهَل الحكم - رقم (65). (¬3) مسلم: الموضع السابق - رقم (67). (¬4) يرعهم: أي يفاجئهم ويأتيهم بغتةً. (¬5) مسلم: (يغذ دمًا) ومعنى يغذ أي يسيل. (¬6) البخاري: (1/ 651) (8) كتاب الصلاة (67) باب المرور في المسجد - رقم (452). (¬7) لا يعقر: أي لا يذبح. (¬8) أبو داود: (2/ 309) (3) كتاب الزكاة (36) باب المسألة في المساجد - رقم (1670). (¬9) أبو داود: (فإذا أنا بسائل يسأل). (¬10) في أبي داود: (فأخذتها منه).

مسلم (¬1)، عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلًا قِبَلَ نَجدٍ، فجاءت برجُلٍ من بني حنيفةَ يُقال لهُ ثُمامةُ بن أَثالٍ، سيد أهل اليمامةِ، فربطوهُ بساريةٍ من سواري المسجدِ، فخرج إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ماذا عندك؟ يا ثمامة (¬2) " وذكر الحديث. عن أبي ذر (¬3)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عُرضت عليَّ أعمالُ أُمتي حَسَنُهَا، وسَيئُهَا، فوجدتُ في مَحَاسِنِ أعمالِهَا الأذى يُماطُ عن الطريق، ووجدتُ في مساوي أعمالِهَا النُّخَاغَةَ (¬4) تكونُ في المسجِدِ لا تُدفنُ". وعن أنس (¬5)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "البُزاقُ في المسجدِ خطيئةٌ، وكفَّارتُهَا دَفْنُها". أبو داود (¬6)، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "كان يحب العَراجين (¬7) ولا يزال في يده منها، فدخل المسجد فرأى نخامة (¬8) في قبلة المسجد فحكها، ثم أقبل على الناس مُغْضَبًا فقال: "أيسر أحدكم أن يبصق في وجهه؟، إن أحدكم إذا استقبل القبلة إنما يستقبل ربه -عَزَّ وَجَلَّ-، والمَلك عن يمينه فلا يتفل عن يمينه ولا في قبلته، وليبصق عن يساره وتحت قدمه، فإن عجل به أمرٌ فليفعل هكذا" (¬9)، ووصف ابن عجلان ذلك: أن يتفل في ثوبه ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1386) (32) كتاب الجهاد والسير (19) باب ربط الأسير وحبسه، وجواز المن عليه - رقم (59). (¬2) ماذا عندك؟ يا ثمامة: أي ما الظن بي أن أفعل بك. (¬3) مسلم: (1/ 390) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (13) باب النهى عن البصاق في المسجد - رقم (59). (¬4) النخاعة: أي البزاق الذي يخرج من أصل الفم. (¬5) مسلم: الموضع السابق - رقم (55). (¬6) أبو داود: (1/ 323 - 324) (2) كتاب الصلاة (22) باب في كراهية البزاق في المسجد - رقم (480). (¬7) العراجين: مفردها عرجون: هو: العذق اليابس أي أصل العنقود من الرطب إذا عتق ويبس وانحنى. (¬8) النخامة: أي البزقة تخرج من أقصى الحلق. (¬9) في أبي داود: (فليقل هكذا).

ثم يرد بعضه على بعض. خرجه مسلم (¬1)، والبخاري (¬2) إلا ذكر "العرجون". مسلم (¬3)، عن أبي هريرة، أن عمر مرَّ بحَسَّانٍ وهو يُنْشِدُ الشعر في المسجد فَلَحَظَ إليه فقال: قد كُنْتُ أُنْشِدُ، وفيه من هو خيرٌ منكم، ثمَّ التفتَ إلى أبي هريرة فقال: أَنْشِدُكَ بِالله! أسمِعتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أَجِبْ عنِّي اللهُمَّ أيدهُ بروحِ القدس" قال: اللهم نَعَمْ. وعن أبي هريرة (¬4)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سَمِع رجلًا يَنْشُدُ ضالةً (¬5) في المسجدِ فليَقُل: لا ردَّها الله عليك، فإن المساجد لم تُبْنَ لهذا". وعن بريدة (¬6)، أن رجلًا نَشَدَ في المسجدِ فقال: من دَعَا إلى الجملِ الأحمرِ (¬7)، فقال اننبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا وجدتَ إِنَّما بُنِيَتِ المساجد لما بُنِيَتْ له". وعنه قال (¬8): "جاء أعرابيٌ بعد ما صَلَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الفجرِ فأدخَلَ رأسَهُ من بابِ المسجدِ" بمثل ما تقدم. ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 389) (5) كتاب السماجد ومواضع الصلاة (13) باب النهي عن البصاق في المسجد - رقم (52). (¬2) البخاري: (1/ 605) (5) كتاب الصلاة (33) كتاب حك البزاق باليد من المسجد - رقم (405). (¬3) مسلم: (4/ 1632 - 1633) (44) كتاب فضائل الصحابة (34) كتاب فضائل حسان بن ثابت - رقم (151). (¬4) مسلم (1/ 367) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (18) باب النهى عن نشد الضالة في المسجد وما يقوله من سمع الناشد. (¬5) ضالة: هي الضائعة من كل ما يقتنى من الحيوان وغيره. (¬6) مسلم: الموضع السابق - رقم (80). (¬7) من دعا إلى الجمل الأحمر: أي من وجد ضالتي، وهو الجمل الأحمر فدعاني إليه. (¬8) مسلم: الموضع السابق رقم: (81).

باب في الأذان والإقامة

النسائي (¬1)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد ضالة في المسجد (¬2) فقولوا: لا ردَّها الله عليك". أبو داود (¬3)، عن أبي حميد، أو عن أبي أسيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دخل أحدكم المسجد فليُسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم ليُقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك". مسلم (¬4)، عن أبي قتادة قال: دخلتُ المسجدَ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ بين ظهراني النَّاس قال: فجلستُ فقالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما منعكَ أن تركَعَ ركعتين قبل أن تجلس؟ " فقلت: يا رسولَ الله! رأيتُكَ جالسًا والناسُ جلوسٌ. قال: "فإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين". باب في الأذان والإِقامةِ (¬5) مسلم (¬6)، عن أبي محذورَةَ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علَّمهُ هذا الأذان: "الله أكبر الله أكبر، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله" ثمِ يعود فيقول: "أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن ¬

_ (¬1) النسائي في عمل اليوم والليلة: (ص 219) - رقم (176). (¬2) في المسجد ليست في (ب). (¬3) أبو داود: (1/ 317 - 318) (2) كتاب الصلاة (18) باب فيما يقوله الرجل عند دخوله المسجد - رقم (465). (¬4) مسلم: (1/ 495) (6) كتاب صلاة المسافر وقصرها (11) باب استحباب تحيه المسجد بركعتين - رقم (70). (¬5) (الإِقامة): ليست في الأصل. (¬6) مسلم: (1/ 287) (4) كتاب الصلاة (3) باب صفة الأذان - رقم (6).

محمدًا رسول الله، حيَّ على الصلاة (مرتين)، حيَّ على الفلاح (مرتين)، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله". النسائي (¬1)، عن أبي محذورة قال: خرجت في نفر فكنَّا ببعض طريق حُنينِ مَقْفَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حنين، فَلَقِينَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببعض الطريق، فأَذَّنَ مُؤَذِّنُ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة عندَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَسَمِعْنَا صَوتَ المؤذِّنِ ونحنُ عنْهُ مُتَنَكِّبُونَ، فظللنا نَحْكِيهِ ونهزأ بهِ، فَسَمِعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الصَّوتَ، فأرسَلَ إلينا حتى وقفنا بنِ يديه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَيُّكُمُ الذي سمعتُ صوتَهُ قدِ ارتَفَعَ، فأشَارَ القومُ إليَّ وصَدَقُوا فأرسلَهُمْ كلَّهُمْ وحبسني قال: قُمْ فأَذِّنْ بالصلاة، فألقى عليّ (¬2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التأذين هو نَفْسه فقال: قُل: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن محمدًا رسول الله ثم قال: ارجع فامدد من صوتِكَ ثم قل: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله أشهد أن محمدًا رسول الله، حيّ على الصَّلاة، حيّ على الصّلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، ثم دعاني حين قضيتُ التأذين فأعطاني صُرَّةً فيها شئ من فِضَّةٍ" فقلت: يا رسول الله! مُرني بالتأذين بمكة. قال: "قد أمرتُكَ به، فَقَدِمْتُ على عَتَّابِ بن أسيد عامِلِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة فأذَّنْتُ مَعَهُ بالصلاةِ عن أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". الدارقطني (¬3)، عن أنس قال: "من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر ¬

_ (¬1) النسائي: (2/ 5 - 6) (7) كتاب الأذان (5) كيف الأذان رقم (632). (¬2) النسائي: (فقمت فألقى عليَّ). (¬3) الدارقطني (1/ 243) باب ذكر الإقامة واختلاف الروايات فيها - رقم (38).

حي على الفلاح قال: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم (¬1)، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله". وكيع، عن سفيان الثوري، عن عمران بن مسلم، عن سويد بن غفلة أنه أرسل إلى مؤذن له، لا تثوب في شيءٍ من الصلوات إلا في الفجر، فإذا بلغت حي على الفلاح فقل: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم فإنه أذان بلال. الترمذي (¬2) عن أبي جُحَيْفَةَ قال: "رأيتُ بلالاً يؤذَنُ ويدور ويُتْبعُ فاه (¬3) ها هنا وها هنا وإصْبَعَاهُ في أذنيه". وذكر الحديث وفي كتاب أبي داود (¬4)، رأيت بلالًا خرجِ إلى الأبطحِ فأَذَّنَ فلما بلغ "حيّ على الصَّلاة حيّ على الفلاح" لوى عُنُقه يمينًا وشمالًا ولم يستدر. وفيه عن عثمان بن أبي العاص (¬5) قال: قلت يا رسول الله! اجعلني إِمَامَ قومي قال: "أنت إمامهم واقتد بأضعفهم واتَّخذ مؤذِنًّا لا يأخذ على أذانه أجرًا". البخاري (¬6)، عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن بلالًا يؤذنُ بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذنَ ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر". قال القاسم: "ولم يكن بين أذانهما إلا أن يرقى ذا، وينزل ذا". ¬

_ (¬1) في الدارقطني: (الصلاة خير من النوم مرتين، الله أكبر). (¬2) الترمذي: (1/ 375) - أبواب الصلاة - باب ما جاء في إدخال الإِصبع في الأذن عند الأذان- رقم (197). (¬3) (ب): ويتبع فاه مرة هاهنا ... (¬4) أبو داود: (1/ 358) (3) كتاب الصلاة (34) باب في المؤذن يستدير في أذانه - رقم (520). (¬5) أبو داود: (1/ 363) (3) كتاب الصلاة (40) باب أخذ الأجر على التأذين - رقم (531). (¬6) البخاري: (4/ 162) (30) كتاب الصوم (17) باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال": (1919).

وعن ابن عمر (¬1)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن بلالًا يُؤذن بليلٍ، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم" قال: وكان رجلًا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحتَ أصبحتَ. مالك (¬2) عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري، ثم المازنِّي عن أبيه، أنه أخبره: أن أبا سعيد الخدري قال له: إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك، فأَذَّنْتَ بالصلاة فارْفَعْ صَوتَكَ بالندأء فإنه "لا يسمع مدى صوتِ المؤذن جنٌ ولا إنسٌ ولا شئٌ، إلا شَهِدَ له يوم القيامَةِ". قال أبو سعيد: سمعتُهُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. مسلم (¬3)، عن معاوية قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "المؤذنون أطولُ النَّاسِ أعناقًا يوم القيامةِ". النسائي (¬4)، عن علقمة بن وقاص (¬5) قال: إنَّا عند معاوية إذ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ فقال معاوية كما قال المؤذن، حتى إذا قال حيَّ على الصلاة، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، فلما قال (¬6) حيّ على الفلاح قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وقال بعد ذلك ما قال المؤذن، ثم قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ ذلك. ¬

_ (¬1) البخاري: (2/ 118) (10) كتاب الأذان (11) باب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره - رقم (617). (¬2) الموطأ: (1/ 69) (3) كتاب الصلاة (1) باب ما جاء في النداء للصلاة - رقم (5). (¬3) مسلم: (1/ 290) (4) كتاب الصلاة (8) باب فضل الأذان وهرب الشيطان عند سماعه - رقم (14). (¬4) النسائي: (2/ 25) (7) كتاب الأذان (36) إذا قال المؤذن حي على الصلاة حي على الفلاح - رقم (677). (¬5) د: أبي وقاص. (¬6) في الأصل: بلغ.

أبو داود (¬1)، عن عائشة - رضي الله عنه -ا، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سمع المؤذن يتشهد يقول: "وأنا وأنا" (¬2). مسلم (¬3)، عن عبد الله بن عمرو أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا سمعتُم المؤذِّنَ فقولوا مثلَ ما يقولُ ثُمَّ صَلَوا علىَّ، فإنِّهُ من صلَّى عليَّ صلاةً، صلى الله عليه بِهَا عشرًا ثم سَلُوا (¬4) الله لِى الوسيلةَ فإنها منزلةٌ في الجنّة لا تنْبغِي إلا لعَبْدٍ منْ عبادِ الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي (¬5) الوسيلة حلَّت عليه (¬6) الشفاعة". البخاري (¬7)، عن جابر بن عبد الله أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "منْ قالَ حِينَ يسمعُ النداءَ اللهُمَّ ربَّ هذه الدعوةِ التامَّةِ والصلاةِ القائمَةِ آتِ محمدًا الوسيلةَ والفضيلَة (¬8) وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته حلّت لهُ شَفاعتي يومَ القيامةِ". مسلم (¬9)، عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "منْ قالَ حين يسمعُ الأذان (¬10): أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله رضيتُ باللهِ ربًا وبمحمدٍ رسولًا وبالإِسلامِ دينًا غفر له ذنبه". ¬

_ (¬1) أبو داود: (1/ 360 - 361) (3) كتاب الصلاة (36) باب ما يقال إذا سمع المؤذن - رقم (526). (¬2) وأنا وأنا: التقدير أنا أشهد كما تشهد وكما تشهد والتكرير راجع للشهادتين. (¬3) مسلم: (1/ 288 - 289) (4) كتاب الصلاة (7) باب استحباب القول بمثل قول المؤذن لمن سمعه - رقم (11). (¬4) ب: اسألوا. (¬5) (ب، ف): سأل الله لي. (¬6) مسلم: (حلت له الشفاعة). (¬7) البخاري: (2/ 112) (10) كتاب الأذان (8) باب الدعاء عند النداء. (¬8): (د): والدرجة الرفيعة وابعثه .. (¬9) مسلم: (1/ 290) (4) كتاب الصلاة (7) باب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه - رقم (13). (¬10) في مسلم: (حين يسمع المؤذن).

وعن أبي هريرة (¬1)، ورأى رجلًا يجتاز المسجد خارجًا بعد الأذان، فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -. وعن أنس (¬2)، قال: ذَكَرُوا أنْ يُعْلِمُوا (¬3) وَقْتَ الصلاة بشيءٍ يعرفونَهُ، فذكروا أن يُنَوِّرُوا نارًا أو يَضربَوا ناقوسًا فأُمِرَ بلالٌ أن يشفَعَ الأذان ويُوتِرَ الإِقامَةَ". قال ابن علية (¬4): فحدثت به أيوب فقال: إلا الإِقامة (¬5). أبو داود (¬6)، عن ابن عمر قال: "إنما كان الأذان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرتين مرتين والإِقامة مرة مرة غير أنه كان يقول: "قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، فإذا سمعنا الإِقامة توضأنا ثم خرجنا إلى الصلاة". وقد ذكر أبو داود (¬7)، من حديث أبي محذورة، الإقامة كلها مرتين مرتين التشهد وغيره إلا قوله في آخر الأذان: "لا إله إلا الله فإنه مرة واحدة". وذكر من حديث أبي محذورة أيضًا في صفة الإِقامة "الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حيَّ على الصلاة حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح حيَّ على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 454) (5) كتاب المساحد ومواضع الصلاة (45) باب النهي عن الخروج من المسجد إذا أذن المؤذن - رقم (259). (¬2) مسلم: (1/ 286) (4) كتاب الصلاة (2) باب الأمر يشفع الأذان وإيتار الإقامة - رقم (3). (¬3) يعلموا: أن يجعلوا له علامة يعرف بها. (¬4) مسلم: الموضع السابق - رقم (2). (¬5) إلا الإقامة: أي إلا لفظ الإقامة وهي قوله: قد قامت الصلاة فإنه لا يوترها ولا يثنيها. (¬6) أبو داود: (1/ 350) (2) كتاب الصلاة (29) باب في الإقامة - رقم (510). (¬7) أبو داود: (1/ 340) (2) كتاب الصلاة (28) باب كيف الأذان - رقم (501).

باب فيما يصلي به وعليه وما يكره من ذلك

مسلم (¬1)، عن جابر بن سَمُرَةَ قال: "كان بلال يؤذن إذا دَحَضَتْ (¬2) فلا يُقيم حتى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا خَرَجَ أقام الصلاة حين يراهُ". باب فيما يصلي به وعليه وما يكره من ذلك مسلم (¬3)، عن أبي هريرة، أن سائلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في الثوب الواحد؟ فقال: "أو لِكُلَّكُمْ ثوبَانِ؟ ". وعن أبي هريرة (¬4)، أيَضًا، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يُصلي أحدكم في الثوب الواحد، ليس على عَاتِقهِ (¬5) منه شيء". البخاري (¬6)، عن سعيد بن الحارث قال: سألنا جابر بن عبد الله عن الصلاةِ في الثوبِ الواحدِ فقال: خرجتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعضِ أسفارِهِ، فجئتُ ليلةً لبعضِ أمري، فوجدتُه يُصلِّي وعليِّ ثوبٌ واحدٌ فاشتملتُ به وصليتُ إلى جانبه فلمَّا انصرفَ قال: ما السُّرَى (¬7) يا جابرُ؟ فأخبرتُه بحاجَتي. فلما فَرَغتُ قال: ما هذا الإشتمالُ الذي رأيتُ؛ قلت: كان ثوبًا، قال: "فإن كان واسعًا فالتحف بهِ وإن كان ضيقًا فأتزِرْ بهِ". خرجه مسلم (¬8)، في حديث طويل وقال: "إن كان واسعًا فخالف بين طرفيه". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 423) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (29) باب متى يقوم الناس للصلاة - رقم (160). (¬2) دحضت: أي زالت الشمس، فهو كقوله توارت. (¬3) مسلم: (1/ 367) (4) كتاب الصلاة (52) باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه - رقم (275). (¬4) مسلم: الموضع السابق - رقم (277). (¬5) في مسلم: (عاتقيه). (¬6) البخاري: (1/ 563) (8) كتاب الغسل (6) باب إذا كان الثوب ضيقًا - رقم (361). (¬7) ما السرى: أي ما سبب سراك أي سيرك في الليل. (¬8) مسلم: (4/ 2305 - 2306) (53) كتاب الزهد والرقائق - (18) باب حديث جابر الطويل، وقصة أبي اليسر - رقم (74).

أبو داود (¬1)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه رسلما: "إذا صلى أحدكم في ثوب فليخالف بطرفيه على عاتقيه". وخرجه البخاري (¬2)، أيضًا. مسلم (¬3)، عن عمر ابن أبي سلمة قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في ثوب واحد مشتملًا به، في بيت أم سلمةَ، واضعًا طرفيه على عاتقيه". وفي طريق أخرى (¬4) "مخالفًا بين طرفيه". النسائي (¬5)، عن عائشة قالت: "كنت أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو القاسم في الشِّعار الواحد وأنا حائضٌ طامثٌ، فإن أصابَهُ مني شيءٌ غَسَلَ ما أصابَهُ لم يَعْدُهُ إلى غيرِهِ وصلَّى فيه، في يعودُ معي فإن أصابه منى شيء فعل (¬6) ذلك لم يَعْدُهُ إلى غيره". مسلم (¬7)، عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلي من الليل وأنا إلى جنبهِ، وأنا حائِضٌ وعلىَّ مِرطٌ وعليه بعضُهُ إلى جنبهِ". وعن أبي مسلمة (¬8)، قال: قلتُ لأنس بن مالك: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلي في النعلين؟ ¬

_ (¬1) أبو داود: (1/ 414 - 415) (2) كتاب الصلاة (78) باب جمَاع أبواب ما يصلى فيه - رقم (627). (¬2) البخاري: (1/ 561) (8) كتاب الصلاة (5) باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه - رقم (359). (¬3) مسلم. (1/ 368) (4) كتاب الصلاة (52) باب الصلاة في ثوب واحد وصفة لبسه - (278). (¬4) مسلم: الموضع السابق - رقم (280). (¬5) النسائي: (2/ 73) (6) كتاب القبلة (22) الصلاة في الشعار. (¬6) النسائي: (فعل مثل ذلك). (¬7) مسلم: (1/ 367) (4) كتاب الصلاة (51) باب الإعتراض بين يدي المصلى - رقم (274). (¬8) مسلم: (1/ 391) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (14) باب جواز الصلاة في النعلين - رقم (60).

قال: نعم. أبو داود (¬1)، عن أبي سعيد الخدري قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى ذلك القوم خلعوا (¬2) نعالهما، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته قال: "ما حملكم على إلقائكم (¬3) نعالكم؟ ". قالوا: رأيناك ألقيت نعليك، فألقينا نعالنا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما قذرًا". وقال: "إذا جاء أحدكم المسجد (¬4) فلينظر: فإن رأى في نَعْليه قذرًا، أو أذىً فليمسحْهُ وليصلِّ فيهما". وعن محمد بن سيرين (¬5)، عن صفية بنت الحارث، عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تُقْبَلُ (¬6) صلاةُ حائض إلا بخمار" هكذا رواه حماد بن سلمة عن قتادة، عن محمد، ورواه شعبة وسعيد بن بشير عن قتادة موقوفًا. مالك (¬7)، عن محمد بن زيد بن قُنْفُذٍ، عن أُمِّهِ، أنها سألتْ أم سلمةَ ماذا تُصلي فيه المرأة من الثياب؟ فقالت: تُصَلِّي في الخِمارِ والدِّرع السَّابغِ الذي يُغَيَّبَ ظهورَ (¬8) ¬

_ (¬1) أبو داود: (1/ 426 - 427) (2) كتاب الصلاة (89) باب الصلاة في النعلين - رقم (650). (¬2) في أبي داود: (ألقوا نعالهم). (¬3) في أبي داود: (على إلقاء). (¬4) في أبي داود: (إلى المسجد). (¬5) أبو داود: (1/ 421) (2) كتاب الصلاة (85) باب المرأة تصلى بغير خمار - رقم (641) وخرجه الترمذي: (1/ 215) رقم (377). (¬6) في أبي داود: (لا يقبل الله). (¬7) الموطأ: (1/ 142) (8) كتاب صلاة الجماعة (10) باب الرخصة في صلاة المرأة في الدرع والخمار - رقم (36). (¬8) الموطأ: (إذا غَيَّبَ ظهور).

قدميها". هذا هو الصحيح من قول أم سلمةَ وقد ذكر بعضهم فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -. مسلم (¬1)، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بنِ مالك، أن جدَّته مُلَيكَةَ دَعَتْ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صنعتْهُ، فأكَلَ مِنْهُ ثمَّ قالَ: "قومُوا فأُصَلِّى لَكُم". فقمتُ إلى حصيرٍ لنا قد أسودَّ من طُول ما لُبِسَ، فنضحتُهُ بماءٍ، فقام عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصَفَفتُ أنا واليتيم (¬2) وراءَهُ والعجوز (¬3) من ورائنا، فصلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين ثم انصرف. الضمير في جدته هو عائد على إسحاق، ومليكة هي أم سليم. وعن أنس (¬4)، قال: كان رسول الله - صلى الله علبه وسلم - أحسن الناس خُلُقًا، فربما تَحضُرُ الصلاةُ وهو في بيتنا فيأمُرُ بالبِسَاطِ الذي تحته فيُكْنسُ ثم يُنْضَحُ ثم يقوم (¬5) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونقوم خلفه فيُصَلِّي بنا. قال: وكان بساطهم من جريدِ النَّخْلِ. مسلم (¬6)، عن عائشة قالت: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلي في خَمِيصَةٍ (¬7) ذَاتِ أعلامٍ فنظر إلى عَلَمِها فلما قضى صلاته قال: "اذهبوا بهذه الخِميصةِ إلى أبي جَهْمِ بن حذيفة وائتوني بأنبجانيه (¬8) فإنها ألهتني آنفا عن ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 457) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (48) باب جواز الجماعة في النافلة - رقم (266). (¬2) اليتيم: هو ضمير بن سعد الحميريّ. (¬3) العجوز: هي أم أنس، أم سليم. (¬4) مسلم: الموضع السابق رقم (267). (¬5) مسلم: (ثم يؤم). (¬6) مسلم (1/ 369) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (15) باب كراهة الصلاة في ثوب له أعلام - رقم (62). (¬7) خميصة: كساء مربع من صوف. (¬8) بأنبجايه: نسبة إلى أنبجاب وهو كساء يتخذ من الصوف وله خمل ولا علم له وهي من أدون الثياب الغليظة.

باب في الإمامة وما يتعلق بها

صلاتي". أبو داود (¬1)، عن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقبل الله صلاة رجلٍ وفي جسده شيء من خلُوق" (¬2). منهما من يرويه موقوفًا على أبي موسى (¬3)، وهو الأشهر وقد صح النهي عن التخلق. باب في الإِمامة وما يتعلق بها مسلم (¬4)، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كانوا ثلاثةً فليؤُمّهم أحدُهُمْ وأحقُّهُمْ بالإِمامةِ أقرؤهم". وعن أبي مسعودٍ (¬5)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَؤُمُ القومَ أقرؤُهُمْا لكتاب الله، فإن كانوا في القراءَةِ سواءً فأعلمهم بالسُّنَّة، فإن كانوا في السنةِ سواءً؛ فأَقدَمُهُمْ هجرةً، فإن كانوا في الهجرة سواءً فأَقدَمُهمْ سِلْمًا (¬6) ولا يَؤُمَّنَّ الرجل (¬7) في سُلطانِهِ ولا يقْعُدْ في بييهِ على تكْرِمَتِهِ (¬8) إلا بإذنه" وفي رواية "سِنًا" مكان "سلمًا" - مسلم (¬9)، عن مالك بن الحُويرِثِ قال: أتينا رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 403) (27) كتاب الترجل (8) باب في الخلوق للرجال - رقم (4178). (¬2) خلوق: هو طيب مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة، قال ابن الأثير: وقد ورد تارة بإباحته وتارة بالنهي عنه، والنهي أكثر وأثبت، وإنما نَهىَ عنه لأنه من طيب النساء، وكن أكثر استعمالًا له منهم والظاهر أن أحاديث النهي ناسخة. (¬3) (ب): أبي موسى الأشعري. (¬4) مسلم: (1/ 464) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (53) باب من أحق بالإمامة - رقم (289). (¬5) مسلم: الموضوع السابق - رقم (290). (¬6) سلمًا: أي إسلاما. (¬7) مسلم: (لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه). (¬8) تكرمته: التكرمة الفراش ونحوه مما يبسط لصاحب المنزل ويخص به. (¬9) مسلم: الموضع السابق - رقم (292).

ونحن شَبَبَةٌ (¬1) مُتقاربونَ، فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رَحيمًا رقيقًا، فظنَّ أنَّا قد أشتقنا أهلَنَا فَسَأَلَنَا عمن تركنا من أهلنا، فأخبرناه، فقال: "ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهما وعلِّموهم ومُرُوهم، فإذا حضرت الصلاةُ فليؤذِّن لكم أحدُكم، ثم ليَؤُمَّكم أكبرُكم". زاد البخاري (¬2) "وصلوا كما رأيتموني أصلي". مسلم (¬3)، عن مالك أيضًا قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا وصاحبٌ لِي، فلما أردنا الإِقْفَال من عِنْدِهِ، قال لنا: "إذا حضرت الصلاة فأذِّنَا ثم أقيما وليؤُمَّكُما أكبَرُكُمَا". الترمذي (¬4)، عن أبي أُمامةَ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثةٌ لا تُجاوِز صلاتُهما آذانَهما: العبدُ الآبق حتى يرجع، وامرأةٌ باتت وزوجها عليها ساخطٌ، وإمامُ قومٍ له كارهون" قال: هذا حديث حسنٌ غريبٌ. مسلم (¬5)، من جابر قال: اشتكى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فصلينا وَرَاءَهُ وهو قاعِدٌ وأبو بكر يُسْمِعُ النَّاسَ تكبيرَهُ، فالتفت إلينا فرآنا قيامًا فأشار إلينا فقعدنا، فصلينا بصلاته قعودًا، فلما سلَّم قال: "إن كِدْتُمْ آنفا تفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قُعودٌ، فلا تفعلوا أئتمُّوا بأئمتِكُم، إن صلى قائمًا فصلوا قيامًا وإن صلى قاعدًا فصلوا قعودًا". وفي حديث أنس (¬6) قال: سَقَطَ رسول الله - صلى اْلله عليه وسلم - عن ¬

_ (¬1) شببة: جمع شاب أي متقاربون في السن. (¬2) البخاري: (10/ 452) (78) كتاب الأدب (27) باب رحمة الناس والبهائم - رقم (6008). (¬3) مسلم: (1/ 466) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (53) باب من أحق بالإمامة - رقم (293). (¬4) الترمذي: (2/ 193) - أبواب الطهارة - باب ما جاء فيمن أم قومًا وهم له كارهون - رقم (360). (¬5) مسلم: (1/ 309) (4) كتاب الصلاة (19)، باب ائتمام المأموم بالإمام - رقم (84). (¬6) مسلم: الموضع السابق - رقم (77).

فَرَسٍ فجُحِشَ شِقُهُ الأيمن فدخلنا عليه نعودُهُ فحضرت الصلاة - فصلى بنا قاعدًا وصلينا وراءَهَ قعودًا، فلما قضى الصلاة قال: "إنما جُعِلَ الإِمامُ ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا رفِع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد وإذا صلى قاعدًا فصلوا قعودًا أجمعون". وفي حديث عائشة (¬1) "وإذا ركع فاركعوا". وفي حديث أبي هريرة (¬2)، "فقولوا اللهم ربنا لك الحمد". وعن عائشة (¬3) قالت: لما ثَقُلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاءَ بلالٌ يُؤْذِنُهُ بالصلاة، فقال: "مُرُوا أبا بكر فليُصلِّ بالنَّاس". قالت: فقلت يا رسولَ الله! إن أبا بكرٍ رجل أسِيفٌ (¬4) وإنه متى يَقُمْ "مقامك لا يُسمع الناس فلو أمرتَ عمر، قال: "مروا أبا بكر فليُصل بالناسِ" قالت: فقلت لحفصَةَ قولي له: إن أبا بكر رجل أسِيفٌ وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر. فقالت له، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنكن لأنتن صواحِبُ يوسُفَ، مروا أبا بكر فليصل بالناس". قالت: فأمروا أبا بكر يُصلي بالناس، قالت: فلما دخل في الصلاة وَجَدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نَفْسِهِ خِفَّةً فقام يُهادى بين رجُلين ورجلاهُ تَخُطَّانِ في الأرض. قالت: فلما دخل المسجد سمِعَ أبو بكرٍ حِسَّهُ ذَهَبَ يتأَخَّرُ فأومَأ إليه ¬

_ (¬1) المصدر السابق - رقم (82). (¬2) المصدر السابق - رقم (86). (¬3) مسلم: (1/ 313 - 314) (4) كتاب الصلاة (21) باب استخلاف الإمام إذا عرض له مرض وعذر - رقم (95). (¬4) أسيف: أي حزين وقيل: سريع البكاء والحزن.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقم مكانَكَ، قالت: فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جلس عن يَسَارِ أبي بكر - رضي الله عنه -، قالت: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلي بالناس جَالساً وأبو بكر قائماً، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر. وقي رواية (¬1): "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس، وأبو بكر يسمعهُم التكبير" (¬2). وفي أخرى (¬3)، "إن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ القرآن لا يملك دَمْعَهُ". أكثر الآثار الصحاح على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان المتقدم وأن أبا بكر كان يصلي بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر ذلك أبو عمر. النسائي (¬4)، عن أنس قال: "آخر صلاةٍ صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع القومِ، صلَّى في ثوبٍ واحد مُتَوشِّحَاً خَلْفَ أبي بكر". الترمذي (¬5)، عن عائشة (¬6) قالت: "صلَّى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في مرضهِ خلفَ أبي بكر قاعداً في ثوبه (¬7) متوشحاً به". قِال: هذا حديث حسن صحيح. وقال في طريق أخرى (¬8)، "في مرضه الذي مات فيه". ¬

_ (¬1) مسلم: الموضع السابق - رقم (96). (¬2) هذه الرواية ساقطة من (ب، د، ف) , وهي ثابتة في الأحكام الوسطى (ص 81 نسخة الظاهرية). (¬3) مسلم: رقم (94). (¬4) النسائي: (2/ 79) (10) كتاب الإمامة (8) صلاة الإمام خلف رجل من رعيته - رقم (785). (¬5) الترمذي: (2/ 197 - 198) - أبواب الصلاة - باب ما جاء إذا صلى الإمام قاعداً فصلوا قعوداً - رقم (362). (¬6) بل عن أنس وقد وهم المصنف. (¬7) في الترمذي: (في ثوب). (¬8) الترمذي: رقم (362).

مسلم (¬1)، عن الغيرة بن شعبة قال: تَخَلَّفَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتخلَّفْتُ مَعَهُ، فلما قضى حَاجَتَهُ قال: "أمَعَكَ ماءٌ"؟ فأتيتُهُ بِمَطْهَرَةٍ، فغسل كفيه ووجهَهُ، ثم ذهب يَحْسِرُ عَنْ ذِرَاعَيْهِ فَضَاقَ كُمُّ الجُبَّةِ فأخرج يده من تحتِ الجُبَّةِ، وألقى الجُبّةَ على منكبيه وغسل ذراعيه ومسح بناصيتهِ وعلى العِمَامَةِ، وعلى خفيه ثم ركب وركبتُ فانتهينا إلى القوم وقد قاموا إلى الصلاة يُصلي بهم عبد الرحمن بن عوف، وقد ركع بهم ركعةً، فلما أحس بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ذَهَبَ يتأخرُ، فأوْمأَ إليهِ فصلى بهم فلما سَلَّمَ، قام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقمتُ، فركعنا الركعةَ التي سبقتنا ". زاد في طريق آخر (¬2) ثم قال: "أحسنْتُمْ" أو "أصبتم" يغبطُهُمْ أن صلَّوا الصلاة لوقتها، وفيها: فأردت تأخير عبد الرحمن بن عوف فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دَعْهُ". أبو داود (¬3)، عن أنس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استخلف ابن أُم مكتوم وهو أعمى يؤُمُّ النَّاس (¬4) ". البخاري (¬5)، عن عبد الله بن عُمر، قال: " لما قَدِمَ المهاجرون الأولُونَ العصبةَ- موضعاً (¬6) بقُبَاءَ - قبل مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة وكان أكثَرَهُم قرآناً ". وعنه قال (¬7): "كان سالمُ مولى أبي حذيفة يؤُمُّ المهاجرينَ الأولين وأصحابَ النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسجد قُباءَ، فيهم أبو بكر وعُمرُ وزيدٌ ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 230 - 231) (2) كتاب الطهارة (23) باب المسح علي الناصية والعمامة (81). (¬2) مسلم: (1/ 317 - 318) (4) كتاب الصلاة (22) باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام - رقم (105). (¬3) أبو داود: (1/ 398) (2) كتاب الصلاة (65) باب إمامة الأعمى. (¬4) في أبي داود: (يؤم الناس وهو أعمى) (¬5) البخاري: (2/ 216) (10) كتاب الأذان (54) باب إمامة العبد والمولى - رقم (692). (¬6) (د، ف): موضع. (¬7) البخاري: (13/ 179) (93) كتاب الأحكام (25) باب استقضاء المولي واستعمالهم - رقم (7175).

وعامرُ بن ربيعة ". وعن أبي بكرةَ (¬1) قال: "لقد نفعني الله بكلمة سمعتُها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيامَ الجمل، بعدما كِدتُ أن ألحق بأصحاب الجمل، فأُقاتل معهم، قال: لما بلغَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أهلَ فارس قد ملّكوا عليهم بِنتَ كسرى، قال: لن يُفلحَ قومٌ ولوا أمرهم امرأة". مسلم (¬2)، عن ابن عباس قال: "بِتُ ليلةً عند خالتي ميمُونَة فقامَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصلي تطوعاً (¬3) من الليل فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى القِرْبَةِ فتوضأ، فقام فصلي، فقمت لما رأيتُهُ صنع ذلك فتوضَّأتُ من القِرْبَةِ ثم قمتُ إلى شِقهِ الأيسر، فأخذ بيدي من وراءِ ظهره يعدلُني كذلك من وراءِ ظهرِهِ إلى شقه الأيمن (¬4) ". مسلم (¬5)، عن جابر (¬6) قال: كنتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ، فانتهينا إلى مَشْرَعَةِ (¬7) فقال: "ألا تُشرعُ يا جابر". قلت: بلى، قال: فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأشرعتُ وذهب لحاجته ووضعتُ له وضوءاً، قال: فجاء فتوضأ ثم قام، فصلَّى في ثوبٍ واحد خَالف بين طرفيه فقمتُ خلفَهُ فأخَذَ بيدي (¬8) فجعلني عن يمينه". ¬

_ (¬1) البخاري: (7/ 732) (64) كتاب المغازي (82) باب كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كسرى وقيصر - رقم (4425). (¬2) مسلم: (1/ 531) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (26) باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه - رقم (192). (¬3) مسلم: (يصلي متطوعاً). (¬4) مسلم: (الي الشق الأيمن). (¬5) مسلم: (1/ 532) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (26) باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه - رقم (196). (¬6) د: جابر بن عبد اللَه. (¬7) مشرعة: المشرعة والشريعة هي الطريق الي عبور الماء من حافة نهر أو بحر وغيره. (¬8) مسلم: (فأخذ بأذني).

زاد في طريق أخرى (¬1)، "وجاء جبار بن صخر فقام عن يسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ بيدينا جميعاً فدفعنا حتى أقامنا خلفه" "كان هذا قي غزوة تبوك (¬2) ". مسلم (¬3)، عن ثابت، عن أنس قال: دخلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علينا، وما هو إلا أنا وأمَي وأمُّ حرام خالتي. فقال: "قوموا فلاُصلِّيَ لكمِ (¬4) " (في غيرِ وقتِ صلاة)، فصلى بنا فقال رجل لثابت: أين جعل أنسَاً منه؟ قال: جعله عن يمينه، ثم دعا لنا، أهل البيت بكل خيير من خير الدنيا والآخرة، فقالت أُمِّى: يا رسول الله خوُيْدِمُكَ، ادعُ الله له، قال: "فدعا لي بكلِّ خير" وكان آخر ما دعا لي به أن قال: "اللهم أكثِرْ ماله وولدَهُ وبارِكْ لهُ فيه". وعن أنس (¬5)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "صلَّي بهِ وبأمهِ أو خالتهِ قال: فأقامَنِى عن يمينه وأقامَ المرأةَ خلفنا". البخاري (¬6)، عن أنس أيضاً قال: صليتُ أنا ويتيمٌ في بيتنا خلفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأُمِّي -أُمُّ سُليم- خلفنا ". البخاري (¬7)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2305) (53) كتاب الزهد والرقائق (18) باب حدبث جابر الطويل وقصة أبي اليسر- رقم (74). (¬2) (كان هذا في غزوة تبوك): ليست في مسلم. (¬3) مسلم: (1/ 457 - 458) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (48) باب جواز الجماعة في النافلة - رقم (268). (¬4) مسلم: "بكم". (¬5) مسلم: الموضع السابق - رقم (269). (¬6) البخاري: (2/ 248) (1) كتاب الأذان (78) باب المرأة وحدها تكون صفاً - رقم (727). (¬7) البخاري: (2/ 219) (10) كتاب الأذان (55) باب إذا لم يتمَّ الإمامُ وأتمَّ من خلفه - رقم (694).

"يصلون (¬1) لكم، فإن أصابوا فلكم -يعني ولهم (¬2) - وإن أخطأوا فلكم وعليهم". مسلم (¬3) عن جابر بن عبد الله "أن مُعاذَ بن جبل كان يُصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشاء الآخرة (¬4)، ثم يرجع إلى قومِهِ فيُصلي بهم تلك الصلاة". وفي رواية (¬5) "المغرب" بدل من العشاء الآخرة. وعن أبي هريرة (¬6) "أن النبي - صلى الله عليه وسلم -" قال: "إذا أمّ أحدكم النَّاس فليُخفف فإن فيهم الصغيرَ والكبيرَ والضعيفَ والمريضَ وإذا صلَّى وحدهُ فليُصلِّ كيف شاء". وعن عثمَان بن أيى العاص (¬7)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "أُمَّ قومك"، قال: قلتُ: يا رسول الله! إني أجد في نفسي شيئاً، قال: "ادْنُهْ، فَجَلَّسَنِي بين يديه، ثم وضع كفه في صدري بين ثدييَّ. ثم قال: "تَحوَّل" فوضعها في ظهري بين كتفي ثم قال: "أُمَّ قومك، فمن أَمَّ قوماً فليخفف فإن فيهم الكبيرَ، وإن فيهم المريضَ، وإن فيهم الضعيفَ، وإن فيهم ذا الحاجة، وإذا صلى أحدكم وحده فليصلِّ كيف شاء ". وعن أبي مسعُود الأنصاري (¬8) قال: جَاءَ رجلٌ إلى رسول الله - صلى الله ¬

_ (¬1) أي الأئمة. (¬2) (يعنى ولهم): ليسِت فى البخاري. (¬3) مسلم: (1/ 340) (4) كتاب الصلاة (36) باب القراءة في العشاء - رقم (180). (¬4) في مسلم: (العشاء الآخرة). (¬5) لم أجد هذه الرواية في صحيح مسلم، وهى عند أبي عوانة والطحاوي وعبد الرزاق، أشار إلي ذلك ابن حجر في فتح الباري: (2/ 227). (¬6) مسلم: (1/ 341) (4) كتاب الصلاة (37) باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام - رقم (183). (¬7) مسلم: الموضع السابق - رقم (186). (¬8) المصدر السابق (182).

عليه وسلم - فقال: إني لَأتأخر عَنْ صَلاةِ الصبحِ من أجلِ فُلانٍ، مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فما رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - غِضِبَ في موعِظَةٍ قَطُّ أشَدَّ ممَّا غَضِبَ يَومئذٍ. فقال: "يا أيها الناس! إن منكم مُنَفِّرِينَ، فأيُّكُمْ أمّ النَّاس فليُوجِزْ، فإن مِنْ ورائِهِ الكبِيرَ والضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ". وعن أنس (¬1) قال: "ما صلّيتُ وَرَاءَ إِمَامٍ قَطُّ أخَفَّ صلاةً ولا أتمَّ لها (¬2) من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". البخاري (¬3)، عن أبي قتادة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إني لأدخل (¬4) في الصلاة أُريدُ أن أطوِّل فيها، فأسمعُ بكاءَ الصبي، فأتجوَّزُ في صلاتي كراهَيةَ أن أشُقَّ على أُمِّهِ". النسائي (¬5)، عن ابن عمر قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمُرُنا (¬6) بالتخفيف ويَؤُمُّنَا بالصَّافَّات". البخاري (¬7)، عن سهل بن سعد، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَلَغهُ أن بني عمرو بن عوفٍ كان بينهم شئٌ، فخرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصْلِحُ بينهم في أناسِ مَعَهُ فجلس رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وحانتِ الصلاةُ، فجاءَ بلالٌ إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حُبِسَ وقد حانت الصلاة، فهل لك أن تَؤُمَّ الناس؟ قال: نعم إن شئت، ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 342) (4) كتاب الصلاة (37) باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام - رقم (190). (¬2) مسلم: (ولا أتم صلاة). (¬3) البخاري: (2/ 236) (10) كتاب الأذان (65) باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي - رقم (707). (¬4) البخاري: (إني لأقوم). (¬5) النسائي: (2/ 95) (10) كتاب الإمامة (36) الرخصة للإمام في التطويل - رقم (826). (¬6) النسائي: (يأمر بالتخفيف). (¬7) البخاري: (3/ 128 - 129) (22) كتاب السهو (9) باب الإشارة في الصلاة - رقم (1234).

فأقام بلالٌ، وتقدَّم أبو بكر فكبَّرَ للناس وجاءَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشى في الصفوفِ حتى قامَ في الصفِ فأخذَ الناسُ في التصفيقِ، وكان أبو بكر لا يلتفتُ في صلاته، فلما أكثر النَّاس (¬1) التفَتَ فاذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأشار إليهِ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يأمُرهُ أن يصلِّيَ، فرفعَ أبو بكر يديه فحمِدَ الله ورجَعَ القَهْقَرَى، وراءَهُ حتىِ قامَ في الصفِّ، فتقدَّمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى للناس، فلما فرغَ أقبلَ على النَّاس فقال: أيها الناسُ (¬2)! ما لكم حين نابكم شئٌ في الصلاةِ أخذتم في التصفيقِ؟، إنما التصفيق للنساءِ، من نابَهُ شيءٌ في صلاتهِ فليقل: سبحان اللهِ فإنه لا يسمعُهُ أحدٌ يقول (¬3) سبحانَ اللهِ إلا التفتَ، يا أبا بكرٍ، ما منعك أن تُصَلِّي للناسِ حين أشرتُ إليك؟ فقال أبو بكرٍ: ما كان ينبغي لابن أبي قُحافة أن يُصلِّيَ بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". أبو داود (¬4)، عن سهل بن سعد أيضاً قال: كان قِتَالٌ بين بنى عمرو ابن عوف، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتاهم ليُصلح بينهم بعد الظهر، فقال لبلال: "إن حضرتِ الصلاة (¬5)، ولم آتك فمر أبا بكر فليُصلِّ بالناس" وذكر الحديث. أبو بكر بن أبي شيبة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أرقم بن شرحبيل، عن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث جاء أخذ القراءة من حيث بلغ أبو بكر". ¬

_ (¬1) د: فلما أكثر الناس من التصفيق. (¬2) البخاري: (يا أيها الناس). (¬3) البخاري: (حين يقول). (¬4) أبو داود: (1/ 580) (2) كتاب الصلاة (173) باب التصفيق في الصلاة - رقم (941). (¬5) في أبي داود: (صلاة العصر).

وذكره البزار عن العباس. قال البخاري: لم يذكر أبو إسحاق سماعاً من أرقم. وقال أبو عمر بن عبد البر: كان أرقم ثقة جليلاً. وقال عن أبي إسحاق: كان أرقم بن شرحبيل من أشراف (¬1) الناس ومن خيارهم، قال أبو عمر بن عبد البر: هم ثلاثة إخوة أرقم وعمرو وهزيل بنو شرحبيل، قال: والحديث صحيح. مسلم (¬2)، عن أبي حازمٍ، أن نفراً جاؤا إلى سهلِ بن سعْدٍ، قدْ تماروا في المِنْبَر (¬3)، من أي عُودٍ هُو؟ فقال: أما والله إني لأعرفُ من أي عودٍ هو، وَمَنْ عَمِلَهُ، ورأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أوَّلَ يومٍ جَلَسَ عَلَيْهِ، قال: فقلت له: يا أبا عباس فحدثنا قال: أرسَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى امرأة (قال أبو حازم: إنه ليسميها) أن مري (¬4) غلامك النجار يعملْ لي أعواداً أُكَلِّمُ النَّاسَ عليها، فعمل هذه الثلاث الدرجات ثم أمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوُضعتْ هذا الموضع، فهي من طَرْفَاءِ الغابة ولقد رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قامَ عليه فكبَّرَ وكبَّرَ الناسُ وراءَهُ وهو على المِنْبَرِ، ثم رجع (¬5) فنزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر، ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على النَّاس فقال: "يا أيها الناس! إنما (¬6) صنعت هذا لتأتموا بي ولِتَعَلَّمُوا صلاتي". ¬

_ (¬1) د: أشرف. (¬2) مسلم: (1/ 386 - 387) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (10) باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة - رقم (44). (¬3) تماروا في المنبر: أي اختلفوا وتنازعوا. (¬4) مسلم: (انظري غلامك). (¬5) مسلم: (ثم رفع). (¬6) مسلم: (إني).

وعن أنس (¬1) قال: "صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يومٍ، فلما قضى الصلاةَ أقبل علينا بوجهِهِ فقال: "أيها (¬2) الناس! إني إمامُكُم فلا تسبقُونِي بالرُّكُوعِ ولا بالسجودِ ولا بالانصراف (¬3)، فإني أراكم أمامي ومن خلفي ثم قال: والذي نفس محمد بيده لو رأيتم ما رأيتُ لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً" قالوا: يا رسول الله وما رأيتَ؟ قال: "رأيتُ الجنة والنار". أبو داود (¬4)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جُعل الإِمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون". وقال مسلم (¬5): "إنما جُعل (¬6) الإِمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه". أبو داود (¬7)، عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُبادروني بركوع ولا سجود فإنه مهما أسبقكم به، إذا ركعت تدركوني به إذا رفعت إني قد بدَّنْت (¬8) ". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 320) (4) كتاب الصلاة (25) باب تحريم سبق الإِمام بركوع أو سجود ونحوهما - رقم (112). (¬2) ب، د، ف: يا أيها. (¬3) مسلم: (ولا بالقيام ولا بالانصراف) والمراد بالإنصراف: السلام. (¬4) أبو داود: (1/ 404) (2) كتاب الصلاة (69) باب الإِمام يصلي من قعود - رقم (603). (¬5) مسلم: (1/ 309) (4) كتاب الصلاة (19) باب ائتمام المأموم بالإِمام - رقم (86). (¬6) جعل: ليست في مسلم وليست في (ب, ف). (¬7) أبو داود: (1/ 411) (2) كتاب الصلاة (75) باب ما يؤمر به المأموم من اتباع الإِمام - رقم (619). (¬8) بدنت: يروى علي وجهين أحدهما -بدنت- بتشديد الدال ومعناه كبر السن , والآخر بضم الدال ومعناه زيادة الجسم واحتمال اللحم، وروت عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما طعن في السن احتمل بدنه اللحم.

وزاد فيه الحميدي (¬1)، "ومهما أسْبِقْكُم به، إذا سجدتُ فإنكم تدركوني به إذا رفعت" خرجه في مسنده. مسلم (¬2)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يَأمَنُ الذي يرفعُ رأسَهُ في صلاتِهِ قَبْلَ الِإمامِ أن يُحوِّلَ اللهُ صورتهُ صورة (¬3) حمار". وفي طريق أخرى (¬4)، "رأسه رأس حمار". وفي أخرى (¬5) " وجهه وجه حمار ". وعن البراء بن عازب (¬6)، "أنهم كانوا يُصَلُّون خلفَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا رفع رأسَهُ من الركوعِ لم أرَ أحداً يحني ظهرهُ حتى يَضَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جبهتَهُ على الأرض ثم يَخِرُّ مَنْ وراءه (¬7) سجداً". وعن أبي سعيد الخدري (¬8)، أن رسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأى في أصحابه تأخراً فقال لهم: "تقدموا وأتموا بِي، وليأتمَ بكم مَنْ بعدكم، لا يزال قومٌ يتأخرون حتى يؤخرهُمُ اللهُ". وعن أبي هريرة (¬9) قال: "أقيمت الصلاة فقمنا فعَدّلْنَا الصفوفَ قَبْل أن يخرُجَ إلينا (¬10) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأْتَى رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسند الحميدي: (2/ 273 - 274) - رقم (602). (¬2) مسلم: (1/ 321) (4) كتاب الصلاة (25) باب تحريم سبق الإِمام بركوع أو سجود ونحوهما - رقم (115). (¬3) مسلم: (في صورة حمار). (¬4) المصدر السابق - رقم (114). (¬5) المصدر السابق - رقم (116) (¬6) مسلم: (1/ 345) (4) كتاب الصلاة (39) باب متابعة الإِمام والعمل بعده - رقم (197). (¬7) د، ف: نخر من ورائه. (¬8) مسلم: (1/ 325) (4) كتاب الصلاة (28) باب تسوية الصفوف - رقم (130). (¬9) مسلم: (1/ 422 - 423) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (29) باب متى يقوم الناس للصلاة - رقم (157). (¬10) إلينا: ليست في (ب).

وسلم - حتى إذا (¬1) قَامَ في مُصلاهُ قَبْلَ أن يُكبر ذَكَرَ فانصرفَ وقال لنا: "مكانكم"، فلم نزل قِياماً ننتظره حتى خرج إلينا وقد اغتسل ينْطِفُ رأسُهُ ماءً فكبَّر وصلَّى لنا". خرَّجه أبو داود (¬2) من حديث أبي بكرة. وقال في أوله: "فكبر" وقال في آخره فلما قضى الصلاة قال: "إنما أنا بشر وإفي كنت جنباً" وذكر أنها كانت صلاةَ الفجر. الترمذي (¬3)، عن أنس قال: "لقد رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ما تُقَامُ الصلاةُ يُكلِّمُهُ الرجلُ يقوم بينَه وبين القِبلة، فما يزالُ يكلمه، فلقد رأيتُ بعضنا ينعس من طول قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - له". مسلم (¬4)، عن أبي قتادة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أقيمت الصلاةُ فلا تقوموا حتى تروْنِي". الترمذي (¬5)، عن جابر بن سمُرة قال: كان مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُمْهِلُ فلا يُقِيمُ حتى إذا رأى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد خرج، أقام الصَّلاة حين يراهُ". مسلم (¬6)، عن أبي مسعود قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح مَنَاكبَنَا في الصلاةِ ويقول: "استَوُوا ولا تختَلِفُوا فتختَلِفَ قلوبكم، ولِيَلِني ¬

_ (¬1) إذا: ليست في (ب). (¬2) أبو داود: (1/ 159) (1) كتاب الطهارة (54) باب في الجنب يصلي بالقوم وهو ناس - رقم (234). (¬3) الترمذي: (2/ 396) - أبواب الطهارة - باب ما جاء في الكلام بعد نزول الامام من المنبر - رقم (518). (¬4) مسلم: (1/ 422) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (29) باب متى يقوم الناس للصلاة - رقم (156). (¬5) الترمذي: (1/ 391) - أبواب الصلاة - باب ما جاء: أن الإِمام أحق بالإقامة - رقم (202). (¬6) مسلم: (1/ 323) (4) كتاب الصلاة (28) باب تسوية الصفوف وإقامتها رقم (122).

منكم أُولو الأحلامِ والنُّهَى (¬1)، ثم الذين يَلُونَهُمُ ثم الذين يلونهم". قال أبو مسعود: فأنتم اليوم أشد اختلافاً. وعن عائِشةَ (¬2) قالتْ: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَلَّمَ، لَم يقعُدْ إلا مقدَارَ ما يقولُ: "اللهم أنتَ السلامُ ومنكَ السلامُ تباركتَ ذا الجلال والإِكرام". البخاري (¬3)، عن أم سلمة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سلَّم يمكثُ في مكانهِ يسيرا". قال ابن شهاب: فنرى -والله أعلم- لكي ينفذ من ينصرف من النساء. البخاري (¬4) عن سمُرَة بن جُندَب قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلَّى صلاةً أقبلَ علينا بوجههِ". أبو داود (¬5)، عن أبي سعيد الخدري، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أبصر رجلاً يُصلي وحده فقال: "ألا رجلٌ يتصدَّق على هذا فيُصلى معه". ذكر أبو عمر بن عبد البر هذا الحديث وقال فيه "فقام رجل ممن صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى معه". ¬

_ (¬1) الأحلام والنهى: الألباب والعقول. (¬2) مسلم: (1/ 414) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (26) باب استحباب الذكر بعد الصلاة - رقم (136). (¬3) البخاري: (2/ 389) (10) كتاب الأذان (157) باب مُكثِ الإِمام في مُصلاهُ بعد السلام - رقم (849). (¬4) البخاري: (2/ 388) (10) كتاب الأذان (156) باب يستقبِلُ الإِمام الناس إذا سلم - رقم (849). (¬5) أبو داود: (1/ 386) (2) كتاب الصلاة (56) باب في الجمع في المسجد مرتين - رقم (574).

باب في سترة المصلي وما يصلي إليه وما نهي عنه من ذلك

باب في سترة المصلي وما يصلي إليه وما نُهي عنه من ذلك أبو بكر بن أبي شيبة (¬1)، عن سَبْرة بن معبد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليستتر أحدكم لصلاته (¬2) ولو بسهم". أبو داود (¬3)، عن سفيان هو ابن عُيينة، عن صفوان بن سليم عن نافع بن جبير، عن سهل بن أبي حثْمة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدْنُ منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته". قال أبو عُمر: اختلف فى إسناد حديث سهل هذا، وهو حديث حسن. أبو داود (¬4)، عن المقداد بن الأسود قال: "ما رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلي إلى عود، ولا عمود، ولا شجرة إلا جعله على حاجبهِ (¬5) الأيمن أو الأيسر ولا يصمُد له صمْداً" ليس إسناده بقوى، ولكن عمل به جماعة العلماء على ما ذكره أبو عمر بن عبد البر. مسلم (¬6)، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قَامَ أحدكُم يُصلي فإنه يستُره إذا كان بين يديْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرًحْلِ، فإذا لم يكُنْ بين يديه مثل آخرة الرَّحْلِ، فإنه يَقْطَعُ صلاتَهُ الحِمَارُ، والمرأةُ والكلبُ الأسودُ". قلت يا أبا ذر: ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: يا ابن أخي! سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سألتني، ¬

_ (¬1) مصنف ابن أبي شيبة (1/ 278). (¬2) ابن أبي شيبة: فى صلاته. (¬3) أبو داود: (1/ 446) (2) كتاب الصلاة (107) باب الدُّنو من السترة - (695). (¬4) أبو داود: (1/ 445) (2) كتاب الصلاة (105) باب إذا صلي إلي سارية أو نحوها أين يجعلها منه؟ - رقم (693). (¬5) ب: جانبه. (¬6) مسلم: (1/ 365) (4) كتاب الصلاة (50) باب قدر ما يستر المصلي - رقم (265).

فقال: " الكلبُ الأسود شيطان ". وعن أبي هريرة (¬1)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يقطعُ الصلاةَ المرأةُ والحمارُ والكلبُ، ويقي ذلك مثل مؤخرة الرحْلِ". وعن أبي جُحَيْفَة (¬2) قال: أتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بالأبطح في قبة حمراء (¬3) من أَدَمٍ. قال: فَخرَج بلال بوضوء (¬4)، فمن نائل وناضحٍ. فَخرح النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه حُلةٌ حمراءُ كأني أنظر إلى بياض ساقيهِ، قال: فتوضَّأَ، وأذَّن بلال. قال: فجعلت أتتبَّعُ فإذا ها هنا وها هنا -يميناً وشمالاً- حيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح، قال: ثم رُكِزَتْ لَهُ عنْزةٌ فتقدم فصلى الظُّهر ركعتين يَمُرُّ بين يديه الحمارُ والكلبُ لا يُمْنَعُ، ثم صَلي العصر ركعتين ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلي المدينة". وفي طريق أخرى (¬5)، "ورأيت الناسَ والدوابَّ يمرون بين يديِ العَنْزَةِ". وفي أخرى (¬6)، "وكان يمر من ورائها المرأةُ والحِمَارُ". وعن سهل بن سعد (¬7) قال: "كان بين مُصلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين الجِدَارِ مَمَرُّ الشاةِ". البخاري (¬8)، عن ابن عمر، وذكر صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 365 - 266) (4) كتاب الصلاة (50) باب قدر ما يستر المصلي - رقم (266). (¬2) مسلم: (1/ 360) (4) كتاب الصلاة (47) باب سترة المصلي - رقم (249). (¬3) مسلم: (بمكة وهو بالأبطح في قبة له حمراء). (¬4) مسلم: (بوضوئه). (¬5) مسلم: الموضع السابق - رقم (250). (¬6) المصدر السابق - رقم (252). (¬7) مسلم: (1/ 364) (4) كتاب الصلاة (49) باب دنو المصلي من السترة - رقم (262). (¬8) البخاري: (1/ 690) (8) كتاب الصلاة (97) باب - رقم (506).

الكعبة، قال فيه: "بينَهُ وبين الجدارِ الذي قِبَلَ وَجههِ قريب من ثلاثة أذرعٍ". مسلم (¬1)، عن أبن عباس قال: "أقبلتُ راكباً على أتانٍ (¬2) وأنَا يومئذ قد ناهزتُ الاحتلامَ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس بمنىً فمررت بين يدي بعض (¬3) الصف، فنزلت فأرسلت الأتان ترتع، ودخلتُ في الصف، فلما ينكر ذلكَ علىَّ أحدٌ". وقال البخاري (¬4): "ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُصلِّي بالناس بمنىً إلى غير جدار". وفي بعض طرقه (¬5)، "فسارَ الحمارُ بين يدي بعض الصفِّ". وقال النسائي (¬6) في هذا الحديث: "فلمْ يقُل لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً". مسلم (¬7)، عن أبي سعيد الخدري قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا صلَّي أحدكم إلى شئٍ يسترهُ من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه , فليدفَعْ في نحرِهِ، فإن أبي فليُقاتِلهُ فإنما هو شيطانٌ". وفي لفظ (¬8) آخر، "إذا كان أحدُكم يُصلِّي فلا يَدَعْ أحداً يمر بين يديه، وليَدْرَأْهُ ما استطَاعَ، فإن أبي فليُقاتِلهُ فإِنَّما هو شيطانٌ". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 361) (4) كتاب الصلاة (47) باب سترة المصلي - رقم (254). (¬2) أتان: قال اهل اللغة: الأتان هي الأنثي من جنس الحمير. (¬3) (بعض): ليست في مسلم. (¬4) البخاري: (1/ 680) (8) كتاب الصلاة (90) باب سترة الإِمام سترة من خلفه - رقم (493). (¬5) البخاري: (7/ 713) (64) كتاب المغازي (77) باب حجة الوداع - رقم - (4412). (¬6) النسائي: (2/ 64 - 65) (9) كتاب القبلة (7) باب ذكر ما يقطع الصلاة وما لا يقطع - رقم (752). (¬7) مسلم: (1/ 363) (4) كتاب الصلاة (48) باب منع المار بين يدي المصلي - رقم (259). (¬8) مسلم: (1/ 362) - رقم (258).

وفي لفظ البخاري (¬1)، "إذا مرَّ بين يدي أحدكمُ شئ وهو في الصلاة فليمنَعْهُ فإن أبي فليمنعه فإن أبي فليُقَاتلهُ فإِنَّما هو شيطان". مسلم (¬2)، عن أبي جُهيم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو يعلَمُ المارُّ بين يدَيِ المصلي ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين، خيراً له من أن يمر بين يديه". قال أبو النضر: لا أدري أربعين يوماً، أو شهراً أو سنة. في مسند البزار: "أربعين خريفاً". مسلم (¬3)، عن نافع عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه كان يُعَرِّضُ راحلتهُ فيُصلي إليها، قلتُ: أفرأيت إذا هبَّت الركابُ؟، قال: كان يأخذ الرحلَ فيُعدِّلهُ فيُصلي إلى آخرته، أو قال:-مُؤَخِّره-". وكان ابن عمر يفعله. النسائي (¬4)، عن علي قال: لقد رأيتنا ليلة بدر، وما فينا إنسان إلا نائماً، إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "فإنه كان يصلي إلى شجرة ويدعو حتى أصبح". مسلم (¬5)، عن يزيد بن أبي عبيد قال: كان سلمة يعني ابن الأكوع يتحرى الصلاةَ عند الأُسطوانةِ التي عند المصحف فقلت له: يا أبا مسلمٍ! ¬

_ (¬1) البخاري: (6/ 386) (59) كتاب بدء الخلق (11) باب صفة إبليس وجنوده - رقم (3274). (¬2) مسلم: (1/ 363) (4) كتاب الصلاة (48) باب منع المار بين يدي المصلي - رقم (261). (¬3) هذا لفظ البخاري وقد رواه في: (1/ 691) (8) كتاب الصلاة (98) باب الصلاة الي الراحلة والبعير والشجر والرحل - رقم (507). وقد رواه مسلم في: (1/ 359) (4) كتاب الصلاة (47) باب سترة المصلي - رقم (247) مختصرا. (¬4) رواه النسائي في السنن الكبرى (1/ 270) كتاب الصلاة (3) الصلاة إلى الشجرة - رقم (823). (¬5) مسلم: (1/ 364 - 365) (4) كتاب الصلاة (49) باب دنو المصلي الي السترة - رقم (264).

أراكَ تتحرى الصلاة عند هذه الأُسطوانةِ، قال: "رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحرَّى الصلاة عندها". وعن عروة (¬1) قال: قالت عائشة: "ما يقطَعُ الصلاةَ؟ فقلتُ: المرأةُ والحمارُ فقالت: إنَ المرأةَ لدابةُ سَوْءٍ!، لقد رأيتُنِي بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معترضَةً كاعتراض الجنازة وهو يُصَلِّي". البخاري (¬2)، عن عروة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُصلي وعائشةُ معترِضةٌ بينَهُ وبين القِبلة على الفِراشِ الذي ينامان عليه". مسلم (¬3)، عن عائشة قالت: كنتُ أنامُ بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجلايَ في قبلتِهِ، فإذا سجد غَمَزنِي فقبضتُ رجلي وإذا قام بسطتُهُما، قالتْ: والبيوتُ يومئذ ليس فيها مصابيح". وعنها (¬4)، أنه كان لها ثوب فيه تصاوير ممدودٌ الى سهوةٍ فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصلي إليه فقال: "أخريه عني" قالت: فأخذتُه (¬5) فأخرتُه فجعلتُه وسائد. وقال البخاري (¬6): "أمِيطي (¬7) قرامك هذا، فإنه لا يزال (¬8) تصاويره تَعرِضُ في صلاتي". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 366) (4) كتاب الصلاة (51) باب الإعتراض بين يدي المصلي - رقم (269). (¬2) البخاري: (1/ 587) (8) كتاب الصلاة (22) باب الصلاة علي الفراش - رقم (384). (¬3) مسلم: (1/ 367) (4) كتاب الصلاة (51) باب الإعتراض بين يدي المصلي - رقم (272). (¬4) مسلم: (4/ 1668) (37) كتاب اللباس والزينة (26) باب تحريم تصوير صورة الحيوان - رقم (93). (¬5) فأخذته ليست في مسلم. (¬6) البخاري: (1/ 577) (8) كتاب الصلاة (15) باب إذا صلي في ثوب مصلب أو تصاوير هل تفسد صلاته - رقم (374). (¬7) البخاري: (أميطي عنا قرامك). (¬8) البخاري: (لا تزال).

مسلم (¬1)، عن أبي مَرْثَدٍ الغَنَوي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجلِسُوا على القبورِ ولا تصلوا إليها". ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 668) (11) كتاب الجنائز (33) باب النهي عن الجلوس علي القبر - رقم (97).

باب في الصفوف وما يتعلق بها

باب في الصفوف وما يتعلق بها مسلم (¬1) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "خير صُفوفِ الرجالِ أولُها وشرُّها آخرُها، وخيرُ صفوفِ النساءِ آخرها وشرها أولها". وعنه (¬2) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو يعلمُ النَّاسُ ما في النداءِ (¬3) والصف الأول، ثمَّ لم يجدوا إلا أن يستِهمُوا عليه لاستهموا عليه (¬4)، ولو يعلمون ما في التهجير (¬5) لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العَتَمَةِ (¬6) والصبح لأتوهما ولو حبواً". أبو داود (¬7)، عن البراء بن عازب قال: كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخلَّل الصفَّ من ناحية إلى ناحية، يمسح صدورنا ومناكبنا ويقول: "لا تختلفوا فتختلف قلوبكم"، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ الله وملائكته يُصلون على الصفوف الأُول". مسلم (¬8)، عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ فإن تسويةَ الصفِّ من تمامِ الصلاةِ". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 326) (4) كتاب الصلاة (28) باب تسوية الصفوف وإقامتها - رقم (132). (¬2) مسلم: (1/ 325) - رقم (129). (¬3) النداء: أي الأذان. (¬4) (عليه): ليست في مسلم. (¬5) التهجير: أي التبكير إلى الصلاة. (¬6) العتمة: أي العشاء. (¬7) أبو داود: (1/ 432) (2) كتاب الصلاة (94) باب تسوية الصفوف - رقم (664). (¬8) مسلم: (1/ 324) (4) كتاب الصلاة (28) باب تسوية الصفوف وإقامتها - رقم (124).

وفي لفظ آخر (¬1): "أقيموا الصفَّ في الصلاةِ فإنَّ إقامةَ الصفِّ من حُسْنِ الصلاةِ". وعن أنس (¬2) أيضاً قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتِمُّوا الصفوفَ فإنِّي أَراكمْ خلفَ ظهرِي". زاد البخاري (¬3)، "وكان أحدُنا يلزِقُ مَنكِبَه بمنكبِ صاحبهِ وقدَمهُ بقدَمِهِ". وله عن أنس (¬4) أيضاً قال: "أُقيمتِ الصلاةُ فأقبلَ علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بوجههِ فقال: "أقيموا صُفُوفَكم وتراصُّوا فإنِّي أراكم من وراءِ ظهري". وعن جابر بن سَمُرَة (¬5) قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "مالِي أراكُمْ رافِعي أيديكُمْ كأنها أذناَبُ خيل شُمُسٍ (¬6)؟ " "اسْكُنُوا في الصلاة" قال: ثم خرج علينا فرآنا حِلَقاً فقال: "مالي أراكم عِزِين؟ (¬7) قال: ثم خرج علينا فقال: "ألا تصفُون كما تصُفُّ الملائكةُ عند ربِّها؟ " فقلنا يارسول الله وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ فقال: "يتمون الصفوف الأول ويتراصُّون في الصف". النسائي (¬8)، عن أنسٍ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

_ (¬1) مسلم: الكتاب والباب السابقين - رقم (126). من حديث أبي هريرة. (¬2) مسلم: (1/ 324) (4) كتاب الصلاة (28) باب تسوية الصفوف - رقم (125). (¬3) البخاري: (2/ 247) (10) كتاب الأذان (76) باب إلزاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف - رقم (725). (¬4) البخاري: (2/ 243/ 10) كتاب الأذان (72) باب إقبال الإمام على الناس عند تسوية الصفوف - رقم (719). (¬5) مسلم: (1/ 322) (4) كتاب الصلاة (27) باب الأمر بالسكون في الصلاة - رقم (119). ولم أجده في البخاري ولعله وهمٌ من الناسخ. (¬6) خيل شمس: هي التي لا تستقر بل تضرب وتتحرك بأذنابها وأرجلها. (¬7) عزين: أي جماعات في تفرقة، جمع عِزَه. (¬8) النسائي: (2/ 93) (10) كتاب الإمامة (30) الصف المؤخر - رقم (818).

"أتموا الصف الأول ثم الذى يليهِ فإن كان نقصٌ فليكن في الصفَّ المُؤَخَّر". مسلم (¬1)، عن النعمان بن بشير قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسوِّى صُفُوفنا حتى كأنما يُسوى بها القِدَاحَ (¬2) حتى رأى أنَّا قد عقلْنَا عَنْهُ، ثم خرجَ يوماً فقامَ حتى كادَ يُكبِّرُ فرَأى رجُلاً بادياً صدرُهُ من الصفِّ، فقال: "عبادَ الله لَتُسَوُّن صفوفكم أو ليخالِفَنَّ اللهُ بين وجوهِكُمْ". أبو داود (¬3)، عن النعمان بن بشير قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسوي صفوفنا إذا قمنا إلى الصلاة (¬4) حتى (¬5) إذا اسْتَوَيْنَا كبّر". مسلم (¬6)، عن أبي هريرة. "أنَّ الصلاةَ كانت تُقامُ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فيأخُذُ الناسُ مَصَافَّهُم قَبْلَ أن يقومَ النبي - صلى الله عليه وسلم - مَقَامَهُ". أبو داود (¬7)، عن أبي بكرةَ "أنه جاءَ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - راكع، فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصَّف، فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم -، - صلاته قال: "أيكم الذي ركع دون الصَّف، ثم مشى إلى الصف " فقال أبو بكرة أنا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "زادك الله حرصاً ولا تعد". خرّجه البخاري (¬8)، وهذا أبين. وحديث أبي بكرة هذا أصح شيءٍ في الصلاة خلف الصف. ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 324) (4) كتاب الصلاة (28) باب تسوية الصفوف - رقم (128). (¬2) القداح: هي خشب السهام حين تنحت وتبرى، معناه يبالغ في تسويتها حتى تصير كأنما تقوم بها السهام لشدة استوائها واعتدالها. (¬3) أبو داود: (1/ 433) (2) كتاب الصلاة (94) باب تسوية الصفوف - رقم (665). (¬4) في أبي داود: (إذا قمنا للصلاة). (¬5) حتى: ليست في (د، ف). (¬6) مسلم: (1/ 423) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (29) باب متى يقوم الناس للصلاة - رقم (159). (¬7) أبو داود: (1/ 441) (2) كتاب الصلاة (101) باب الرجل يركع دون الصف - رقم (684). (¬8) البخاري: (2/ 312) (10) كتاب الأذان (114) باب إذا ركع دون الصف - رقم (783).

باب ما جاء لا نافلة إذا أقيمت المكتوبة وما جاء أن كل مصل فإنما يصلي لنفسه وفى الخشوع وحضور القلب وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إن فى الصلاة شغلا

باب ما جاء لا نافلة إذا أقيمت المكتوبةُ وما جاء أن كل مصلٍ فإنما يصلي لنفسه وفى الخشوع وحضور القلب وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - إن فى الصلاة شغلاً مسلم (¬1)، عن عبد الله بن سَرْجِسَ قال: دخل رجلٌ المسجدَ ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الغداةِ، فصلَّى ركعتين في جانب المسجد، ثم دخل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما صلَّى (¬2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا فلانُ! بأيِّ الصلاتين اعتدَدْتَ؟ بصلاِتك وحَدك أم بصلاتك معنا؟ ". وفي حديث ابن بُحَيْنَةَ (¬3): أقيمت صلاةُ الصبح فرأى - رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً يُصلِّي والمؤذنُ يُقيم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "أتصَلِّي الصبح أربَعاً". وعن أبي هريرة (¬4)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أقيمت الصلاةُ فلا صلاة إلا المكتوبة". وعن أبي هريرة (¬5) أيضاً، قال صلَّى (¬6) رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 494) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (9) باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن - رقم (67). (¬2) مسلم: (فلما سلَّم). (¬3) مسلم: رقم (66). (¬4) مسلم: رقم (63). (¬5) مسلم: (1/ 319) (4) كتاب الصلاة (24) باب الأمر بتحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها - رقم (108). (¬6) في مسلم: (صلى بنا).

باب فى القبلة

وسلم - يوماً ثم انصرف فقال: "يا فلانُ ألا تُحْسِنُ صلاتك؟ ألاَ ينظرُ المصلِّى إذا صلَّى، كيف يُصلّي؟ فإنما يُصلِّي لنفسه، إنِّي والله لأُبْصِرُ مِنْ ورائي (¬1) كما أُبصِرُ بين يديَّ". البخاري (¬2)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "هل تَرونَ قِبلتي هاهنا؟ والله لا يخفى على رُكوعُكم ولا خُشوعُكم، وإنِّي لأراكم من وراءِ ظَهري". مسلم (¬3)، عن عبد الله بن مسعود قال: كنَّا نسلِّم على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وهو فى الصلاة فيرُدُّ علينا، فلما رَجَعْناَ من عند النجاشي، سلَّمْنَا عليه فلم يرِدَّ علينا، فقلنا يا رسول الله! كنا نُسَلِّمُ عليك في الصلاة فترُدُّ علينَا فقال: "إن في الصلاة شُغْلاً". باب فى القبلة الترمذي (¬4)؛ عن أنس، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرتُ أن أقاتِلَ الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبدُهُ ورسولهُ، واْن يستقبِلُوا قبلتنَا، ويأكلوا ذبيحتَنَا، وأن يُصلوا صلاتنا، فإذا فعلوا ذلك حُرِّمَتْ علينا دماؤهُم وأموالهم إلا بحقّها، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين". قال: هذا حديث حسن صحيح. ¬

_ (¬1) لأبصر من ورائي: قال العلماء: معناه أن الله تعالى خلق له - صلى الله عليه وسلم - إدراكاً في قفاه يبصر به من ورائه، وقد انخرقت العادة له بأكثر من هذا. (¬2) البخاري: (2/ 263) (10) كتاب الأذان (88) باب الخشوع في الصلاة - رقم (741). (¬3) مسلم: (1/ 382) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (7) باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحة - رقم (34). (¬4) الترمذي: (5/ 6 - 7) (41) كتاب الإيمان (2) باب ما جاء في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرت بقتالهم حتى يقولوا لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة - رقم (2608).

مسلم (¬1)، عن البراء بن عازب قال: صليتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بيتِ المقدس ستَّةَ عشرَ شهراً. حتى نزلتِ الآيةُ التي في البقرة: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (¬2). فنزلت بعد ما صلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فانطق رجل من القوم فمرّ بناسٍ من الأنصار وهم يُصَلونَ فحدَّثهُمْ بالحديث (¬3)، فولوا وجوهم قِبل البيت وقال البخاري (¬4)؛ "وأنه صلى أول صلاةٍ - صَلَّاها العصر - وصلى معه قوم فخرج رجلٌ ممن صلى معه فمر على أهل مسجدٍ. فذكره". مسلم (¬5)؛ عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُصلي نحو بيت المقدِسِ فنزلتِ {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (2) فمر رجُلُ من بني سَلَمَةَ وهم رُكُوعٌ في صلاةِ الفجرِ وقد صلوا ركعَةً فنادى: ألاَ إنَّ القَبلَةَ قد حُوّلَت، فمَالوُا كما هم نحو القبلة". الترمذي (¬6)، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما بين المشرق والمغرب قبلة"، قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ. ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 374) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (2) باب تحويل القبلة من القدس إلي الكعبة - رقم (11). (¬2) البقرة: (144). (¬3) (بالحديث): ليست في صحيح مسلم. (¬4) البخاري: (1/ 118) (2) كتاب الإيمان (30) باب الصلاة من الإيمان - رقم (40). (¬5) مسلم: (1/ 375) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (2) باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة - رقم (15). (¬6) الترمذي: (2/ 173) - أبواب الصلاة - باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة - رقم (344).

باب تكبيرة الإحرام وهيئة الصلاة والقراءة والركوع والسجود والتشهد والتسليم وما يقال بعدها

باب تكبيرة الإِحرام وهيئةِ الصلاة والقراءة والركوع والسجود والتشهد والتسليم وما يقال بعدها (¬1) البخاري (¬2)، عن أبي هريرة، أن رجلاً دخل المسجد ورسول الله- صلى الله عليه وسلم - جالس في ناحية المسجِد فصلى، ثم جاء فسلَّم عليه. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"وعليك السلامُ، ارجعْ فصلِّ فإنك لم تُصل، فرجع فصلى، ثم جاء فسلم فقال: وعليك السلام فارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ، [فرجع فصلى ثم جاء فسلم فقال وعليك السلام. فارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ] (¬3) ". فقال في الثانية أو فى التي بعدَها علِّمني يا رسول الله، فقال: "إذا قمت إلى الصلاة فأسْبغ الوُضوء ثم استقبل القبلةَ فكبرِّ، ثم اقرأ ما تيسَّر مَعَكَ من القرآنِ، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً. ثم ارفع حتى تستوى قائماً، ثم اسجُدْ حتى تطمئن ساجداً، ثم أرفع حتى تطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها". وله في طريق أخرى (¬4). "ثم ارفع حتى تستوى قائماً" يعني في السجدة الثانية. ¬

_ (¬1) (د): بعد القراءة. (¬2) البخاري: (11/ 38، 39) (79) كتاب الإستئذان (18) باب من رد فقال عليك السلام - رقم (6251). (¬3) ما بين المعكوفتين ليس في (ب) وكذا البخاري. (¬4) البخاري: (11/ 557) (83) كتاب الأيمان والنذور (15) باب إذا حنث ناسيًا في الأيمان - رقم (6667).

وقال مسلم (¬1)،في حديثه"فقال الرجل (¬2): والذي بعثك بالحقِّ ما أُحْسِنُ غير هذا علِّمْني". "ولم يذكر غيرَ سجدةٍ واحدة". وذكر علي بن عبد العزيز، عن رفاعة بن رافع قال: كنت جالساً عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل فدخل المسجد فصلى ... فذكر الحديث قال فيه: " فقال الرجل: ما أدري (¬3) ما عبتَ عليَّ فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: لا تتمُ (¬4) صلاة أحدكم حتى يُسبغَ الوضوء كما أمره الله ويغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين ثم يكبِّر (¬5) ويحمدَهُ ويمُجّدَهُ ويقرأ من القرآن ما أذن الله. له فيه وتيسر ثم يُكبِّر فيركع، فيضع كفيه على ركبتيه حتى تطمئن مفاصله وتسترخي: ثم يقول: سمع الله لمن حمده. ويستوى قائماً حتى يأخذ كل عظم مأخذه ويقيم صلبه، ثم يكبِّر فيسجد ويمكِّن وجهه من الأرض حتى تطمئن مفاصله تسترخى ثم يكبر فيرفع رأسه ويستوي قاعداً على مقعدته. ويقيم صلبه، فوصف الصلاة هكذا حتى فرغ. ثم قال:"لا تتم صلاة أحد كم حتى يفعل ذلك". خرجه النسائي (¬6). وهذا أبين وقال النسائي: في طريق آخر (¬7) عن رفاعة -أيضاً- "فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك وإن أنقصت منها شيئاً انتقص من صلاتك ولم تذهب كلها". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 298) (4) كتاب الصلاة (11) باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة - رقم (45). (¬2) فقال الرجل: ليست في (د). (¬3) (د، ف): لا أدرى. (¬4) (د ,ف): إنه لا تتم. (¬5) (د، ف) يكبر الله. (¬6) النسائي: (2/ 225، 226) (12) كتاب التطبيق (77) باب الرخصة في ترك الذكر في السجود - رقم (1136). ورواه في مواضع أخرى. (¬7) النسائي: (3/ 60) (13) كتاب السهو (67) باب أقل ما يجزئ من عمل الصلاة - رقم (1314).

وقال في أوله: "إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله، ثم تشهَّدْ فأقم ثم كبِّر فقال أبو عمر بنُ عبد البرَّ: هذا حديث ثابت] (¬1). البخاري (¬2)، عن ابن عمر قال: رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - افتتح التكبير في الصلاة فرفع يديه حين يُكبر حتى جعلهما حذو منكبيه وإذا كبرّ للركوعِ فعل مثله، واذا قال سمع الله لمن حمده فعل مثله وقال ربنا ولك الحمد ولا يفعل ذلك حين يسجدُ ولا حين يرفع رأسه من السجود". زاد في آخر (¬3)، "وإذا قام من الركعتين رفع يديه". ورواه مالك بن الحويرث: وقال: "ورفع يديه حتى يُحاذِي بهما أُذُنَيْهِ" "ولم يذكر السجود"، خرَّجه مسلم (¬4). وروى وائل بن حُجْر: قال: "صليت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" فذكر الحديث قال فيه "وإذا رفع رأسه من السجود رفع يديه، فلم يزل يفعله كذلك حتى فرغ من صلاته". ذكره أبو عمر بن عبد البر في التمهيد، وقال: عارض هذا الحديث حديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرفع بين السجدتين ووائل صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أياماً قلائل - وابن عمر صحبه حتى توفي فحديثه أولى أن يؤخذ به ويتبع. البخاري (¬5): عن أبي سلمة بن عبد الرحمن "أن أبا هريرة كان يُكبَّرُ في ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفتين ليس في (د، ف). (¬2) البخاري: (2/ 259) (10) كتاب الأذان (85) باب إلى أين يرفع يديه - رقم (738). (¬3) البخاري: (2/ 259، 260) (10) كتاب الأذان (86) باب رفع اليدين إذا قام من الركعتين - رقم (739). (¬4) مسلم: (1/ 293) (4) كتاب الصلاة (9) باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين - رقم (25). (¬5) البخاري: (2/ 338 ,339) (10) كتاب الأذان (128) باب يهوي بالتكبير حين يسجد - رقم (308).

كل صلاةٍ من المكتوبةِ وغيرها في رمضانَ وغيرهِ، فيُكَبِّرُ حينَ يقومُ، ثم يُكبِّرُ حين يركعُ، ثم يقول "سمع الله لمن حمده"، ثم يقول: "ربنا ولك الحمد"، قبل أن يسُجد، ثم يقولُ اللهُ أكبرُ حين يهوي ساجداً، ثم يُكَبِّرُ حين يرفعُ رأسَهُ من السُّجُودِ، ثم يُكبِّرُ حينَ يسجُد، ثم يُكبِّر حين يرفعُ رأسَهُ من السجودِ، ثم يُكبِّر حين يقومُ منَ الجلوسِ في الإثنتين، ويفعل ذلكَ في كل ركعةِ حتى يُفرغَ من صلاته (¬1)، ثم يقولُ حين ينصرف "والذي نفسِي بيده، إني لأقرَبُكم شبهاً بصلاةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنْ كانت هذه لصلاته حتى فارق الدُّنيا". مسلم (¬2)؛ عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كبر في الصلاة سكت هُنَيَّةَ قبل أن يقرَأ فقلتُ: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي أرأيتَ سُكُوتَكَ بين التكبيرِ والقراءَةِ ما تقول؟ قال: "أقولُ اللهم باعدْ بيني وبينَ خطاياى كما باعدتَ بين المشرق والمغرب اللهم نقِّنِي من خطاياي كما يُنَقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنَس اللهم اغسِلْنِي من خطاياي بالثلج والماء والبرد". وعن أبي هريرة (¬3)، قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ئهَضَ من الركعة (¬4) في (¬5) الثانية اسْتَفْتَحَ القراءَةَ "بالحمد لله رب العالمين" ولم يَسْكُتْ. ¬

_ (¬1) البخاري: (من الصلاة). (¬2) مسلم: (1/ 419) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (27) باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة - رقم (147). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقبن - رقم (419). وهذا الحديث من الأحاديث المعلقة التي سقط أول إسنادها في صحيح مسلم، وقد تكلم عليها النووى في مقدمة شرحه لصحيح مسلم: (1/ 17 - 19). (¬4) (من الركعة) ليست فى (د، ف). (¬5) (في): ليست في مسلم.

لم يصله مسلم، ووصله أبو بكر البزار. مسلم (¬1)؛ عن أنس بن مالك؛ قال:"صليتُ مع رسول - صلى الله عليه وسلم - وأبى بكرٍ وعُمرَ وعثمانَ، فلم أسمع أحداً منهم يقرأُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ". زاد في طريق أخرى (¬2) " لا في أول قراءة ولا في آخرها". وعن أبي هريرة (¬3)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صلَّى صلاة ولم يقرأ فيها بأمِّ القرآن فهى خِدَاجٌ (¬4)، -ثلاثاً- غيرِ تَمَامٍ" فقيل لأبي هريرة: إنَّا نكونُ وراءَ الِإمَام، فقال: اقرأ بها في نفسك، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "قال اللهُ تبارك وتعالى: قسمت الصلاة (¬5) بينى وبين عبدي نصفينِ (¬6) ولعبديِ ما سأل، فإذا قال العبدُ الحمد لله رب العالمين. قال الله: حمدنى عبدي، فإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله: أثنى عليَّ عبدي، فإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي، وقال مرة: فَوَّض إليَّ عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعينُ، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضَالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل". الدارقطني (¬7)، عن نُعَيْم بنِ عبدِ اللهِ المُجْمِر قال: " صليتُ خلفَ أبي ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 299) (4) كتاب الصلاة (13) باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة - رقم (50). (¬2) مسلم: (1/ 299) - رقم (52). (¬3) مسلم: (1/ 296) (4) كتاب الصلاة (11) باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة - رقم (38). (¬4) خداج: أي ناقصة. (¬5) قسمت الصلاة بيني وبين عبدي: قال العلماء: المراد بالصلاة هنا الفاتحة، سميت بها لأنها لا تصح إلا بها. (¬6) د: فنصفها لي ونصفها لعبدي. (¬7) الدارقطني: (1/ 305، 306) كتاب الصلاة - باب وجوب قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فى الصلاة - رقم (14).

هريرة فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) حتى بلغ غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال: آمين وقال الناس: آمين. وذكر الحديث، ثم يقول في آخره: والذى نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -". وذكر الدارقطني أيضا (¬2)، من حديث أبي بكر عبد الحميد بن جعفر الحنفي، عن نوح بن أبي بلال، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قرأتم الحمد لله (¬3) فاقرأوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني، وبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أحد آياتها" (¬4) رفع هذا الحديث عبد الحميد بن جعفر وعبد الحميد هذا وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن سعيد ويحيى بن معين وأبو حاتم يقول فيه محله الصدق، وكان سفيان الثوري يضعِّفه ويحمل عليه، ونوح بن أبي بلالُ ثقة مشهور. مسلم (¬5)، عن أنس بن مالك قال: بَيْنَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ يوم بين أظهُرِنا (¬6)، إذْ أغفى إغفاءَةً (¬7)، ثم رَفَعَ رأسَهُ متبسِّماً، فقُلنَا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: "نزلت (¬8) عليّ آنفاً سورة": فقرأ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. إنا أعطناك الكوثر. فصلِ لربك وانحر إن شانئك (¬9) ¬

(¬1) في الدارقطني: (ثم قرأ بأم القرآن). (¬2) الدارقطني: (1/ 312) - كتاب الصلاة- باب ما يجزيه من الدعاء عند العجز عن قراءة فاتحة الكتاب - رقم (36). (¬3) د: الحمد لله رب العالمين. (¬4) فى الدارقطني: (إحداها). (¬5) مسلم: (1/ 300) (4) كتاب الصلاة (14) باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة - رقم (53) (¬6) بين أظهرنا: أي بيننا. (¬7) أغفى إغفاءة: أي نام نومة. (¬8) مسلم: (أُنزلت عليَّ). (¬9) شانئك: الشانئ المبغض.

هو الأبتر (¬1). ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟ فقلنا: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه نهر وعدنيه ربي عليه خيرٌ كثير، هو حوضٌ ترِدُ عليْهِ أُمَّتِى يَوْمَ القيامةِ، آنيتُهُ عددُ النجومِ. فيختلج (¬2) العبدُ منهم، فأقول: يارب إِنَّهُ من أمَّتِي، فيقول: ما تدرى ما أحْدَثَ (¬3) بعدك". [وفي رواية: بين أظهرنا في المسجد، وقال "ما أحدث بعدك" وفي رواية "عليه حوض"] (¬4). وعن عبادة بن الصامت (¬5) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا صلاةَ لمن لم يقَرا بأمّ القرآن". وزاد في رواية (¬6) "فصاعداً". وعن عمران بن حصين (¬7) قال: صلَّى بنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ الظهر أو العصرِ: فقال: "أيكُمْ قرأَ خلفي بِسبِّحِ اسم ربك الأعلى؟ " فقال رجل: أنا ولم أُرد بها إلا الخير، قال: "قد عَلِمْتُ أن بعضَكُمْ خالَجَنِيَها" (¬8). مسلم (¬9) عن حبيب المعلم، عن عطاء قال: قال أبو هريرة: "في كُلِّ ¬

_ (¬1) الأبتر: هو المنقطع العقب وقيل المنقطع عن كل خير. (¬2) يختلج: أي ينتزع ويقتطع. (¬3) مسلم: (ما أحدثت بعدك). (¬4) ما بين المعقوفتين ليس في الأصل وأثبتناه من (د). (¬5) مسلم: (1/ 295) (4) كتاب الصلاة (11) باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة - رقم (36). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (37). (¬7) مسلم: (1/ 298) (4) كتاب الصلاة (12) باب نهى المأموم عن جهره بالقراءة خلف إمامه - رقم (47). (¬8) خالجنيها: نازعنيها. (¬9) مسلم: (1/ 297) (4) كتاب الصلاة (11) باب وجوب قراءة الفاتحة من كل ركعة - رقم (44).

صلاة قِراءة، فما أسمعَنَا النبي - صلى الله عليه وسلم - أسمعْنَاكُمْ، وما أخْفَى مِنا أخفينَاهُ منكم فمن قرَأ بأُمِّ الكتاب فقد أجْزت (¬1) عنهُ، ومن زادَ فهُو أفضلُ". وعن حبيب بن الشهيد (¬2)، قال: سمعت عطاءً يُحدِّث عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا صلاة إلا بقراءةٍ". قال أبو هريرة: فما أَعلَنَ لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلنَّاهُ لكم، وما أخفاهُ منَّا (¬3) أخفيناه لكم. [قال أبو الحسن: حبيب بن الشهيد هو المعلم الأول] (¬4). أبو داود (¬5)، عن رفاعة بن رافع: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:-يعني لرجلٍ- "توضأ كما أمرك الله عزّ وجلِّ ثم تشهدْ - فأقم ثم كبر فإن كان معك قرآن فاقرأ به وإلّا فاحمد الله وكبره وهلِّله" وذكر باقي الحديث. مسلم (¬6)، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذَا أمَّنَ الإمامُ فأمِّنُوا فإنه من وَافَق تأمينُهُ تأمينَ الملائِكَةِ غُفَرِ لهُ ما تقدَّمَ من ذنبه". قال ابن شهاب: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول "آمين". ¬

_ (¬1) في مسلم: (أجزأت). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (42). (¬3) في مسلم لا يوجد: (منَّا). (¬4) ما بين المعكوفتين ليس فى (د). (¬5) أبو داود: (1/ 538) (2) كتاب الصلاة (148) باب الصلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود - رقم (861). (¬6) مسلم: (1/ 307) (4) كتاب الصلاة (18) باب التسميع والتحميد والتأمين - رقم (72).

النسائي (¬1): عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا قال الإِمام {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: "آمين " فإن الملائكة تقول آمين، وإن الامام يقول آمين، فمن وافق تأمينُهُ تأمين الملائكةِ غُفر له ما تقدم من ذنْبِهِ". أبو داود (¬2)، عن بلالٍ أنه قال: "يا رسول الله لا تسبقني بآمين". مسلم (¬3)، عن أبي سعيد الخدري قال: "كُنا نَحْزِرُ قيامَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الظهرِ والعصرِ، فحَزرنا في الركعتين الأوليين من الظهر قدر قراءة ألم تنزيل - السجدة - وحزرنا قيامَهُ في الأخريين قدر النصفِ من ذلك، وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الأُخريين من الظهر، وفي الأخريين من العصر على النصف من ذلك". وعن جابر بن سَمُرةَ (¬4) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "كان يقرأ في الظهر بسبِّح اسم ربِّكَ الأعلى، وفي الصُّبْحَ بأطوَلَ من ذلك". أبو داود (¬5)، عن جابر أيضاً قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دحضَت الشمس صلَّى الظهر وقرأ بنحو من: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} والعصر كذلك، والصلوات كذلك إلا الصبح، فإنه كان يطيلها". مسلم (¬6) عن أبي قتادة قال: "كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى بِنَا فيقرأُ في الظهرِ والعصرِ في الركعتينِ الأُولَيينِ بفاتَحِة الكتابِ ¬

_ (¬1) النسائي: (2/ 144) (11) كتاب الإفتتاح - (33) باب جهر الإِمام بآمين - رقم (927). (¬2) أبو داود: (1/ 576) (2) كتاب الصلاة (172) باب التأمين وراء الإِمام - رقم (937). (¬3) مسلم: (1/ 334) (4) كتاب الصلاة (34) باب القراءة في الظهر والعصر - رقم (156). (¬4) مسلم: (1/ 338) (4) كتاب الصلاة (35) باب القراءة في الصبح - رقم (171). (¬5) أبو داود: (1/ 506) (2) كتاب الصلاة (131) باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر - رقم (806). (¬6) مسلم: (1/ 333) (4) كتاب الصلاة (34) باب القراءة في الظهر والعصر - رقم (154).

وسورتين. ويسمعنا الآيَةَ أحياناً، وكان يُطوِّل الركعة الأولى من الظهر ويقصِّر الثانية - وكذلك في الصبح". زاد في رواية (¬1) "يقرأ (¬2) في الأخريين بفاتحة الكتاب". وقال البخاري (¬3): "ويطوِّل في الركعة الأولى مالا يطوِّل في الثانية، وهكذا في العصر، وهكذا في الصبح". مسلم (¬4)، عن ابن عباس قال: "إنَّ أُمَّ الفضلِ ابنة (¬5) الحارث سَمِعَتْهُ وهو يقرأ: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا}، فقالت يا بُني لقد ذكَّرتني بقراءتك هذه السورةَ، إنها لَآخِرُ ما سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بَها في المغربِ". أبو داود (¬6)، عن مروان بن الحكم قال: قال زيد بن ثابت: "مالَكَ تقرَا في صلاة المغرب بقصار المفصّل، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في صلاة المغرب بطولى الطوليين - قال قلت وما طولى الطوليين قال الأعراف". وقال ابن أبي مليْكَةَ - من قبل نفسه -: (المائدة والأعراف). النسائي (¬7)، عن عائشة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأَ في صلاةِ ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (155). (¬2) في مسلم: (ويقرأ في الركعتين الأخريين). (¬3) البخاري: (2/ 304) (10) كتاب الأذان (107) باب يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب - رقم (776). (¬4) مسلم: (1/ 338) (4) كتاب الصلاة (35) باب القراءة في الصبح - رقم (173). (¬5) مسلم: (بنت). (¬6) أبو داود: (1/ 509) (2) كتاب الصلاة (132) باب قدر القراءة في الصلاة - رقم (812). من طريق ابن أبي مليكة، عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم. هذا الحديث مكرور فى النسخه (أ). (¬7) النسائي: (2/ 170) (11) كتاب الإفتتاح (67) القراءة في المغرب بـ (المص) - رقم (991).

المغرِبِ بسورَةِ الأعرَافِ فرقَهَا في ركعتينِ". النسائي (¬1)، عن سُليمان بن يسارٍ عن أبي هريرةَ قال: "ما صليتُ وراءَ أحد أشبهَ صلاةً برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من فُلانٍ، فصلَّينْا وراء ذلك الإنسان فكان يطوِّل (¬2) الأُولييْن من الظهر، ويخفف في الأُخْرَيينِ، ويُخَفِّفُ في العصرِ، ويقرأُ في المغربِ بِقِصَارِ المُفَصَّلِ ويقرأ في العشاء بالشمس وضحاها وأشباهها ويقرأُ في الصُّبحِ بسورتَيْنِ طويلتين". مسلم (¬3)، عن جابر قال: صلى معاذ بن جبل العشاء (¬4) فطوَّل عليهم، فانصرف رجل مِنا فصلَّى، فأخبر معاذ عنه فقال: إنَّهُ منافِق، فلما بَلَغ ذلك الرَّجُلَ دخَلَ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخَبَرَهُ ما قال معاذٌ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - "أتريدُ أن تكونَ فتاناً يا معاذ؟، إذا أمَمْتَ النَّاس فاترأ بالشمس وضُحَاهَا وسبِّحِ اسم ربِّك الأعلى (¬5) والليل إذا يغشى". وعن عبد الله بن السَّائِبِ (¬6) قال: "صلى بِنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح بمكةَ فاستفتح سورةَ المؤمنين، حتى جاءَ ذِكْرُ موسى وهارون أو ذكر عيسى أخَذَتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - سَعْلَةٌ فَرَكَعَ". وفي رواية: "فَحَذَفَ فَرَكَعَ". ¬

_ (¬1) النسائي: (2/ 167، 168) (11) كتاب الإفتتاح (62) باب القراءة في المغرب بقصار المفصل - رقم (983). (¬2) النسائي: (يطيل). (¬3) مسلم: (1/ 340) (4) كتاب الصلاة (36) باب القراءة في العشاء - رقم (179). (¬4) مسلم: (لأصحابه العشاء). (¬5) مسلم: (واقرأ باسم ربك). (¬6) مسلم: (1/ 336) (4) كتاب الصلاة (35) باب القراءة في الصبح - رقم (163).

وعن البراء بن عازب (¬1) قال: "سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ في العشاءِ بالتين والزيتون فما سمعت أحداً أحَسنَ صوتاً منه". في طريق آخر (¬2): "أنه - صلى الله عليه وسلم - كان في سفر". وعن قطبة بن مالك (¬3) قال: صلَّيتُ وصلَّى بِنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} حتى قرأ {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ}، قال. فجعلت أُرددها ولا أدرى ما قال". وقال الترمذي (¬4): "في الركعة الأولى". مسلم (¬5)؛ عن جابر بن سَمُرَة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الفجر بقاف والقرآن المجيد - وكان صلاُتهُ بَعْدُ، تخفيفاً". وعن عمرو بن حُريث (¬6) أنَّه سمِعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يقرأُ في الفجر: والليل إذا عسعس". النسائي (¬7)، عن عقبة بن عامر أنَّهُ "سألَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المعوذتين قال عُقبةُ: فَأَمَّنَا بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الفجر (¬8) ". مسلم (¬9)؛ عن ابن عباس "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 339) (4) كتاب الصلاة (36) باب القرءة في العشاء - رقم (177). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (175). (¬3) مسلم: (1/ 336) (4) كتاب الصلاة (35) باب القراءه في الصبح - رقم (165). (¬4) الترمذي: (2/ 108، 109) (1) أبواب الصلاة (228) باب القراءة في الصبح - رقم (306). (¬5) مسلم: (1/ 337) (4)، كتاب الصلاة (35) باب القراءه في الصبح - رقم (168). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (164). (¬7) النسائي: (2/ 158) (11) كتاب الإفتتاح (45) باب القراءة في الصبح بالمعوذتين - رقم (952). (¬8) النسائي: (في صلاة الفجر). (¬9) مسلم (2/ 599) (7) كتاب الجمعة (17) باب ما يقرأ في يوم الجمعة - رقم (64).

يقرأُ في صلاة الفجرِ يوم الجمعة "ألم" السجدة و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ] وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في صلاةِ الجمعة سورَة الجمعة والمنافقين". مسلم (¬1)؛ عن حفصة أنَّها قالت: "ما رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلى (¬2) في سُبْحَتِهِ قاعداً، حتى كان قبل وفاته بعام، فكان يُصلِّي في سُبْحَتِهِ قاعداً، وكان يقرأُ السورة فيرتِّلُها حتى تكونَ أطولَ من أطولَ منْهَا". أبو داود (¬3)، عن عبد الله بن الشخير قال: "رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّى وفي صدره أزيزٌ كأزيز الرَّحى من البكاء" (¬4). أبو داود (¬5)، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال قنَت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرأ متتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح وفي دبر كل صلاة، إذا قال: "سمع الله لمن حمده" من الركعة الآخرة، يدعو على أحياء من سُلَيم (¬6) على رِعْلٍ وذكوان وعُصَيّة ويؤمِّنُ من خلفه". الدارقطني (¬7)، عن أنس قال: "مازال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا". مسلم (¬8)، عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 507) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (16) باب جواز النافلة قائما وقاعداً - رقم (118). (¬2) مسلم: (صلى). (¬3) أبو داود: (1/ 557) (2) كتاب الصلاة (161) باب البكاء في الصلاة - رقم (904). (¬4) أبو داود: (من البكاء، - صلى الله عليه وسلم -!). (¬5) أبو داود: (2/ 143) (2) كتاب الصلاة (345) باب القنوت في الصلوات - رقم (1443). (¬6) أبو داود: (من بني سليم). (¬7) الدارقطني: (2/ 39) - كتاب الوتر - باب صفة القنوت وبيان موضعه - رقم (11). (¬8) مسلم: (1/ 358،357) (4) كتاب الصلاة (46) باب ما يجمع صفة الصلاة وما يفتتح به - رقم (240).

وسلم - يستَفتُح الصلاةَ بالتكبير والقراءةَ بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} - وكان اذا ركع لم يُشْخِصْ رأسَهُ ولم يُصَوِّبْهُ. ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع رأسَهُ من الركوع لم يسجد حتى يستوى قائماً، وكان إذا رفع رأسَهُ من السجدة لم يسجد حتى يستوى جالساً، وكان يقولُ في كل ركعتين التَّحيَّةَ، وكان يَفْرُشُ رِجلَة اليُسرى ويَنْصِبُ رجله اليمنى، وكان ينهى عن عَقْبَة الشيطان، وينهى أن يفْترِشَ الرجلُ ذراعيه افتراش السَّبُعِ، وكان يختم الصلاة بالتسليم". قال الهروي عن أبي عُبيدة: عقب الشيطان: هو أن يضع إليتيه على عقبيه بين السجدتين وهو الذى يجعله بعض الناس الإقعاء. وعن أنس (¬1)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتمُّوا الركوعَ والسجود، فوالله إِني لأراكم من بعد ظهري، إذا ما ركعتم وإذا ما سجدتم". النسائي (¬2)، عن أبي مسعود البدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُجزئُ صلاة لا يُقيم الرجل فيها صُلبَهُ في الركوع، والسجود". البخاري (¬3)، عن زيد بن وهب قال: "رأى حذيفةُ رجلاً لا يُتمُّ الرُّكوع والسجود، قال: ما صفيتَ ولو مُتَّ مُتَّ على غير الفِطرةِ التي فطر الله محمداً- صلى الله عليه وسلم - (¬4) ". النسائي (¬5)، عن عبد الله بن مسعود قال: "علمنا رسول الله-. صلى الله عليه وسلم - الصلاة، فقام فكبر، فلما أراد أن يركع طبّق يديه بين ركبتيه وركع، فبلغ ذلك سعداً فقال: صدق أخي قدكُنا نفعل هذا ثم أُمِرنا بهذا يعني: ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 319، 320) (4) كتاب الصلاة (24) باب الأمر بتحسين الصلاة - رقم (111). (¬2) النسائي: (2/ 183) (11) كتاب الإفتتاح (88) باب إقامة الصلب في الركوع - رقم (1027). (¬3) البخاري: (2/ 321) (10) كتاب الأذان (119) باب إذا لم يتم الركوع - رقم (791). (¬4) (د) عليها وهى زيادة الكشميهني. (¬5) النسائي: (2/ 184، 185) (12) كتاب التطبيق - رقم (1031).

الإمساك على الرُكَب (¬1) ". خرجه مسلم (¬2) في خبرين - وهذا أخصر. أبو داود (¬3)، عن عقبة بن عامر قال: لما نزلت {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} قال رسول الله- صلي الله عليه وسلم - "اجعلوها في ركوعكم"، فلما نزلت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال: "اجعلوها في سجودكم". مسلم (¬4)؛ عن عائشة قالت: كان رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُكثِرُ ان يقولَ في رُكوعِهِ وسجودِهِ "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي" يتأول القرآن. وعن ابن عباس (¬5) قال: كشف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الستارة والناس صفوف خلف أبي بكرٍ فقال: "يا أيها (¬6) الناس! إنه لم ييق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة، يراها المسلم، أو تُرى لهُ، إلا - وإني نُهِيتُ أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأمَّا الركوع فعظموا فيه الرب (¬7)، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فَقَمِنٌ (¬8) أن يستجاب لكم". وعن عليِّ بن أبي طالب (¬9) قال: "نهاني رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) النسائي: (الإمساك بالركب). (¬2) مسلم: (1/ 378 - 380) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (5) باب الندب إلى وضع الأيدي على الركب - رقم (26)، (29). (¬3) أبو داود: (1/ 542) (2) كتاب الصلاة (151) باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده - رقم (869). (¬4) مسلم: (1/ 350) (4) كتاب الصلاة (42) باب ما يقال في الركوع والسجود - رقم (217). (¬5) مسلم: (1/ 348) (49) كتاب الصلاة (41) باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود - رقم (207). (¬6) مسلم: (أيها الناس). (¬7) مسلم: (الرب -عَزَّ وَجَلَّ-). (¬8) فقمن: أي حقيق وجدير. (¬9) مسلم: (1/ 349,348) (4) كتاب الصلاة (41) باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع =

وسلم - أن أقرأ القرآن (¬1) وأنا راكع أو ساجد". وعن عائشة (¬2) أن رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقولُ في ركُوعِهِ وسُجُوده "سُبُّوحٌ قدوس رب الملائكة والروح". وعنها (¬3) قالت: فقدتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ذات (¬4) ليلة من الفراش فالتمسته فوقعتْ يَدِي على بطن قدمه (¬5) وهو في المسجِد (¬6)، وهما منصوبتَانِ، وهو يقول: "اللهم إني (¬7) أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أُحْصِي ثناء عليكَ، أنت كما أثنيت على نفسك". النسائي (¬8)، عن حذيفة قال: "صليتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات (¬9) ليلة فافتتح البقرة (¬10)، فقلت يركعُ عند المائَةِ، فمضى، فقلتُ يركع عند المائتين، فمضى، فقلتُ يُصلِّى بها في ركعةٍ، فمضى، فافتتح النساء فقرأهَا، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرا مترسلاً، إذا مرّ بآية فيها تَسبيح سبَّح، واذا مرّ بسِؤالٍ سَألَ، واذا مر بتَعوُّذٍ تَعوذ، ثم ركع فقال سبحان ربي العظيم؛ فكان ركوعه نحواً من قيامه ثم رفع رأسه فقال: سمع الله لمن حمده، فكان قيامه ¬

_ = والسجود - رقم (210). (¬1) مسلم: (عن قراءة القرآن). (¬2) مسلم: (1/ 353) (4) كتاب الصلاة (42) باب ما يقال في الركوع والسجود - رقم (223). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (222). (¬4) (ذات): ليست في مسلم. (¬5) مسلم: (قدميه). (¬6) المسجد: أي الموضع الذى كان يصلي فيه، في حجرته. (¬7) (إني): ليست في مسلم. (¬8) النسائي: (3/ 225، 226) (20) كتاب قيام الليل وتطوع النهار (25) باب تسوية القيام والركوع والقيام بعد الركوع - رقم (1664). (¬9) (ذات): ليست في النسائي. (¬10) د: البقرة فقرأ.

قريباً من ركوعه ثم سجد فجعل يقول سبحان ربي الأعلى فكان سجوده قريباً من قيامه (¬1) ". خرّجه مسلم (¬2) أيضاً. مسلم (¬3)، عن حِطّان بن عبد الله الرقاشِيِّ، قال: صليُتُ خلف (¬4) أبي موسى الأشعري صلاةً، فلما كان عند القَعْدَةِ قال رجُلٌ من القوم: أُقرَّتِ الصَّلاةُ بالبرِّ والزكاةِ (¬5)؟ قال فلما قضى أبو مُوسى الصلاة انصرف فقال، أيُّكُمُ القائِلُ كلمَةَ كذا وكذا؟ قال: فأرَمَّ القومُ (¬6) ثم قال أيكم القائل كلمة كذا وكذا؟ قال: فأرمّ القوم، فقال: لعلك يا حِطّان قُلْتَهَا، قال: ما قُلْتُهَا ولقد رَهِبْتُ أن تبْكعَنى (¬7) بها، فقال رُجلٌ من القومِ: أنا قُلْتُها. ولم أُردْ بها إلا الخير. فقال أبو موسى: ما تعلمون (¬8) كيف تقولون في صلاتكم؟ إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبَنَا فبيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا، وعَلَّمَناَ صلاتنا فقال: "إذا صليتُم فأقيموا صفوفَكُمْ، ثم ليَؤُمَّكُم أحَدُكُم، فإذا كبَّر فكبرُوا، وإذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالِّينَ، فقولوا: آميِنَ، يُجبكُمُ الله (¬9)، فإذا كبَّر وركَعَ فكبِّروا واركعُوا فإن الامَامَ يركع قبلَكُمْ، ويرفع قبلكم"، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " فتلك بتلك (¬10)، وإذا قال: سَمِعَ الله لمن حمدِهُ، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمدُ يسَمعُ الله لكُمْ، فإن الله تَبَارَكَ وتعالى قال على لسان ¬

_ (¬1) النسائي: (من ركوعه). (¬2) مسلم: (1/ 536، 537) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (27) باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل - رقم (203). (¬3) مسلم: (1/ 303، 304) (4) كتاب الصلاة (16) باب التشهد في الصلاة - رقم (62). (¬4) مسلم: (صليت مع). (¬5) أقرت الصلاة بالبر والزكاة: قالوا: معناه قرنت بها وأقرت معهما وصار الجميع ماُموراً به. (¬6) فأرم القوم: أي سكنوا ولم يجيبوا. (¬7) أن تبكعني: قال ابن الأثير: البكع نحو التقريع، ومعناه: أي خفت أن تستقبلني، بما أكره. (¬8) في مسلم: (أما تعلمون). (¬9) يجبكم الله: أي يستجب دعاءكم وهذا حث عظيم على التأمين، فيتأكد الإهتمام به. (¬10) فتلك بتلك: أي أن اللحظة التى سبقكم الإمام بها في تقدمه إلى الركوع تنجبر لكم بتأخيركم في الركوع بعد رفعه لحظة، فتلك اللحظة بتلك اللحظة، وصار قدر ركوعكم كقدر ركوعه.

نبيِّه: سمِعَ الله لمن حمده، وإذا كبّر وسجد فكبروا واسجدوا، فإن الإِمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم"، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "فتلك بتلك، وإذا كان عند القَعدَةِ فليَكُن أوّل (¬1) قول أحدكم: التحياتُ الطيبات الصلوات لله - السلام عليك أيُّها النبيُّ ورحمة الله وبركاته السلامُ علينا وعلى عِبادِ الله الصالحين، أشهدُ أن لا اله الا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسولُهُ". زاد في طريق أخرى (¬2): "وإذا قرأ فأنصتوا". بَكعْتُ الرَّجُلَ بَكْعاً: إذا استقبلته بما يكره وهو نحو التبكيت، ذكره الهروي. مسلم (¬3): عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قال الإمامُ: سَمِعَ الله لمن حَمِدَهُ، فقولوا: اللهم ربَّنا لك الحمد، فإنَّ (¬4) من وافق قوله قول الملائكة غُفِرَ لَهُ ما تقدم من ذنبه". أبو داود (¬5): عن أبي سعيد الخدرى، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول حين يقول: سمع الله لمن حمده، "اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ماشئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحقُّ ما قال العبد، وكلنا لك عبدٌ، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد". خرجه مسلم (¬6)، أيضاً. ¬

_ (¬1) مسلم: (فليكن من أول). (¬2) مسلم: (1/ 304) (4) كتاب الصلاة (16) باب التشهد في الصلاة - رقم (63). (¬3) مسلم: (1/ 306) (4) كتاب الصلاة (18) باب التسميع والتحميد والتأمين - رقم (71). (¬4) مسلم: (فإنه). (¬5) أبو داود: (1/ 529) (2) كتاب الصلاة (144) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع - رقم (847). (¬6) مسلم: (1/ 347) (4) كتاب الصلاة (40) باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع - رقم (205).

البخاري (¬1): عن رفاعة بن رافع قال: كنَّا نصلي يوماً (¬2) وراءَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما رَفعَ رأْسَهُ من الرّكعةِ قال: "سَمِع الله لمن حَمِدَه". قال رجل (¬3) رَبَّنَا ولكَ الحمدُ حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، فلما انصرف قال: "مَنِ المتكِّلُم؟ " قال: أنا قال: "رأيتُ بِضعاً (¬4) وثلاثين ملكاً يبتدِرونَها أُيُّهم يكتبُها أوَّلُ". وذكر الترمذي (¬5)، عن أبي هريرة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُكبِّر وهُو يهوِي": قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وعن أبي حميد الساعديّ (¬6) "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سجدَ أمكَنَ جهته وأنفه (¬7) الأرض، ونَحَّى يديه عن جنبيهِ، ووضع كفيهِ حذو مَنْكِبَيْهِ" قال: حديث حسن صحيح. وعن عامر بن سعد بن أبي وقاصٍ (¬8) عن أبيه: "أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أمرَ بوضع اليدين ونَصْبِ القدمين". روي مرسلاً عن عامر. أبو داود (¬9)، عن أبي هريرة , قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا سجَد أحدُكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه" ¬

_ (¬1) البخاري: (2/ 332) (10) (كتاب الأذان (126) باب - رقم (799). (¬2) (يوما): ليست في البخاري. (¬3) البخاري: (رجل وراءه). (¬4) البخاري: (بضعة) (¬5) الترمذي: (2/ 34،35) (1) أبواب الصلاة (75) باب منه آخر - رقم (254). (¬6) الترمذي: (2/ 59) (1) أبواب الصلاة (86) باب ما جاء في السجود على الجبهة والأنف - رقم (270). (¬7) الترمذي: (أمكن أنفه وجبهته). (¬8) الترمذي: (2/ 67) (1) أبواب الصلاة (90) باب ما جاء في وضع اليدين ونصب القدمين في السجود - رقم (277). (¬9) أبو داود: (1/ 525) (2) كتاب الصلاة (141) باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه - رقم (840).

مسلم (¬1)، عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اعتدلُوا في السجود ولا يَيْسُطْ أحَدُكُم ذراعيهِ انبساط الكلب". وعن البراء (¬2) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا سَجَدْتَ فَضَعْ كفَّيْكَ وارْفَعْ مِرْفَقَيْكَ". وعن ميمونة (¬3) زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: "كان رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد خَوَّى بيديه: (يعْنيِ جنَّح) حتى يُرَى وَضَحُ إبطَيْهِ من ورائِهِ وإذا قعد اطمأنَّ على فخذه اليُسْرَى". مسلم (¬4)، عن عبد الله بن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُمرتُ أن أسجد على سبع، ولا أكْفِتَ الشَّعَر ولا الثياب؛ الجبهِة والأنفِ واليدين والركبتين والقدمين". وقال البخاري (¬5): "الجبهة أشار بيده على أنفه". الترمذي (¬6)، عن العباس بن عبد المطلب، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا سجد العبدُ سجد معه سبعةُ آرابٍ (¬7): وجهه وكفّاهُ وركبتاهُ وقدماهُ". قال: هذا حديث حسن صحيح. الدارقطني (¬8)، عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 355) (4) كتاب الصلاة (45) باب الإعتدال في السجود - رقم (233). (¬2) مسلم: (1/ 356) - رقم (234). (¬3) مسلم: (1/ 357) (4) كتاب الصلاة. (46) باب ما يجمع صفة الصلاة - رقم (238). (¬4) مسلم: (1/ 355) (4) كتاب الصلاة (44) باب أعضاء السجود والنهى عن كف الشعر والثوب - رقم (231). (¬5) البخاري: (2/ 347) (10) كتاب الأذان (34) باب السجود على الأنف - رقم (812). (¬6) الترمذي: (2/ 61) (1) أبواب الصلاة (87) باب ما جاء في السجود على سبعة أعضاء - رقم (272). (¬7) آراب: أي أعضاء، جمع" إرب" بكسر الهمزة وسكون الراء. (¬8) الدارقطني: (1/ 348) - باب وجوب وضع الجبهة والأنف - رقم (2).

"لا صلاة لمن لم يضع أنفه على الأرض". النسائي (¬1)، عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن اليدين تسجدُانِ كما يسجد الوجهُ، فإذا وَضَعَ أحدكم وجهَهُ فليضع يديه، وإذا رفَعَهُ فليرفعْهمَا". مسلم (¬2) كما عن, أنسٍ قال: "ما صلَّيْتُ خَلْفَ أحدٍ أوجَزَ صلاةً من رسول الله (¬3) - صلى الله عليه وسلم - في تمام، كانت صلاةُ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - مُتَقَارِبَةً، وكانت صلاة أبي بكر متقاربة، فلما كان عُمَرُ بن الخطابِ مدَّ في صلاة الفجر، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قَالَ "سمع الله لمن حمده" قَامَ حتى نقول: قد أوْهَمَ، ثم يسجُدُ ويقعدُ بين السجدتين، حتى نقول: قد أوْهَمَ". الترمذي (¬4)؛ عن ابن عباس أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول- بين السجدتين -: "اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني". البخاري (¬5)؛ عن البراء قال: "كان رُكوعُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسجوده وبين السجدتين وإذا رفع رأسه من الركوع ما خلا القيام والقعود قريباً من السواءِ". ¬

_ (¬1) النسائي: (2/ 207) (12) كتاب التطبيق (39) باب وضع اليدين مع الوجه في السجود - رقم (1092). (¬2) مسلم: (1/ 344) (4) كتاب الصلاة (38) باب اعتدال أركان الصلاة وتخفيفها في تمام - رقم (196). (¬3) في مسلم: (من صلاة رسول الله). (¬4) الترمذي: (2/ 76) - أبواب الصلاة - (95) باب ما يقول بين السجدتين - رقم (284). (¬5) البخاري: (2/ 322) (10)،كتاب الأذان (121) باب حد إتمام الركوع والإعتدال فيه - رقم (792).

مسلم (¬1)؛ عن البراء قال: "كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وركوعه وإذا رفع رأسَهُ من الركوع، وسجودُهُ وما بين السجدتين، قريباً من السواءِ". ومن مسند أبي بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبدة بن سليمان، عن عاصم، عن أبي العالية، قال: أخبرني من سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أعطوا كل سورة حظها من الركوع والسجود". مسلم (¬2)؛ عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا قَرأ ابنُ آدَم السجدة (¬3) فسجد، اعتزل الشيطان يبكي يقول: ياويلتا (¬4) أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأُمِرْتُ بالسجود فعصيت فلي النار". وعن ربيعة بن كعب (¬5) قال: كُنتُ أبيتُ مع رسُولِ الله - صلى الله عليه سلم- فآتيه (¬6) بوضوئه وحاجته. فقال لى: "سَلْ؟ " فقلتُ: أسألك مرافقتَكَ في الجنةِ. قال: "أو غير ذلك؟ " قلتُ: هو ذاك، قال: "فأعني على نفسكَ بكثرة السجود". وعن أبي هريرة (¬7)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أقَربُ ما يكون العبْدُ من ربِّهِ وهو ساجد، فأكثروا الدُّعاءَ". وعن ثوبان (¬8)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال له: "عليك ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 343 - 344) (4) كتاب الصلاة (38) باب اعتدال أركان الصلاة - رقم (194). (¬2) مسلم: (1/ 87، 88) (1) كتاب الإيمان (35) باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة - رقم (133). (¬3) السجدة: أي آية السجدة. (¬4) مسلم: (يا ويلي). (¬5) مسلم: (1/ 353) (4) كتاب الصلاة (43) باب فضل السجود والحث عليه - رقم (226). (¬6) مسلم: (فأتيته). (¬7) مسلم: (1/ 350) (4) كتاب الصلاة (42) باب ما يقال في الركوع والسجود - رقم (215). (¬8) مسلم: (1/ 353) (4) كتاب الصلاة (43) باب فضل السجود والحث عليه - رقم (225).

بكثرة السجود (¬1) فإنك لا تسجد لله سجدةً إلا رفعك الله بها درجةً، وحطّ عنك بها خطيئة". البخاري (¬2)، عن مالك بن الحويرث، "أنَّهُ رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصلَّي فإذا كان في وترِ من صلاته لم ينهض حتى يستوى قاعداً". أبو داود (¬3)، حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل، وأحمد بن محمد بن ثابت المروزي، ومحمد بن رافع، ومحمد بن عبد الملك الغزَّال، قالوا: ثنا عبد الرزَّاق، عن معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" قال: أحمد بن حنبل - "أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يَده". وقال أحمد بن محمد المروزى: "نهى أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة". وقال ابن رافع: "نهى أن يصلى الرجل وهو معتمد على يديه". وذكر في باب الرفع من السجدة (¬4). قال ابن عبد الملك: "نهى أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة". النسائي (¬5)؛ عن ابن عمر قال: "من سنة الصلاةِ أن ينصب القدم (¬6) اليمنى، واستقبالُهُ بأصابعِهَا القبلَةَ والجلُوسُ على اليُسْرَى". ¬

_ (¬1) مسلم: (السجود لله). (¬2) البخاري: (2/ 352) (10) كتاب الأذان (142) باب من استوى قاعداً في وتر من صلاته ثم نهض - رقم (823). (¬3) أبو داود: (1/ 604 - 605) (2) كتاب الصلاة - (187) باب كراهية الإعتماد على اليد في الصلاة - رقم (992). (¬4) أبو داود: (وذكره في باب الرفع من السجود). (¬5) النسائي: (2/ 236) (12) باب التطبيق (96) باب الإستقبال بأطراف أصابع القدم القبلة عند القعود للتشهد - رقم (1158). (¬6) النسائي: (أن تنصب القدم).

البخاري (¬1)، عن محمد بن عمرو بن عطاء، أنه كان جالساً مع نَفَر من أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرنا صلاةَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو حميد الساعدي: "أنا كنتُ أحفظَكُم لصلاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، رأيتهُ إذا كبر جعل يديه حِذو منكبيه (¬2) وإذا ركعَ أمكن يديه من ركبتَيِه، ثم هَصَرَ ظهَرهُ، فإذا رفعَ استوى (¬3) حتى يعود كل فقارٍ مكانَهُ، فإذا سجد وضع يديه غيرَ مُفتَرش ولا قابضِهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلَةَ، وإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليُسرى، ونصب الأخرى، وإذا جلس في الركعة الآخِرةِ، قدّمَ رِجلَهُ اليُسرى ونصب اليمنى (¬4) وقعد على مقعدته". مسلم (¬5)، عن عبد الله بن الزبير قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قَعَدَ في الصلاةِ، جعل قدمَهُ اليُسرى بين فَخِذه وساِقِه، وفَرَشَ قَدَمَهُ اليمنى، ووضَعَ يَدهُ اليُسرَى على ركبَتِهِ اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى وأشَارَ بأصبعِهِ". وعن ابن عمر (¬6)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا قال: "ورفع أصبعَهُ اليُمنى التي تلي الإبهامَ فدعا بِهَا، ويدُهُ اليسرى على ركبتهِ (¬7) باسَطُهَا عليها". ¬

_ (¬1) البخاري: (2/ 355، 356) (10) كتاب الأذان (145) باب سنة الجلوس في التشهد - رقم (828). (¬2) البخاري: (حِذاء منكبيه). (¬3) البخاري: (فإذا رفع رأسه استوى). (¬4) البخاري: (ونصب الأخرى). (¬5) مسلم: (1/ 408) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (21) باب صفة الجلوس في الصلاة - رقم (112). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (114). (¬7) مسلم: (ركبته اليسرى).

النسائي (¬1)، عن ابن عمر - في إشارة النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد - قال: "وأشار بأصبُعِهِ اليمني التي تلي الإبهام في القبلة ورمى ببصره إليها أو نحوها". أبو داودا (¬2)، عن عبد الله بن الزبير، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -"كان يُشير بأصبُعه إذا دعا، ولا يحركها". وعنه (¬3)، أنه "رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو كذلك ويتحامل بيده اليسرى على فخذه اليسرى". وعنه (¬4)، في هذا قال: "لا يُجاوز بصره إشارته". النسائي (¬5)، عن وائل بن حُجْر، ووصف جلوس النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد قال: "ثم قعد وافترش رجلَهُ اليسرى، ووضع كفَّهُ اليسرى على فخذهِ، وركبتِهِ اليسرى، وجعل حَدّ مِرفقِهِ الأيمن على فخذه اليمني، ثم قبض اثنتين من أصابعِهِ، وحلَّقَ حلقةً ثم رفَعَ أصبعهُ فرأيتهُ يُحركها يدعو بها". وقال عن نُمَيْر الخُزاعي (¬6): "أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قاعداً في الصلاةِ واضعاً يده (¬7) اليمني على فخذه اليمنى، رافعاً أُصبَعهُ السبّابةَ قد ¬

_ (¬1) النسائي: (2/ 236، 237) (12) كتاب التطبيق (98) باب موضع البصر في التشهد - رقم (1160) (¬2) أبو داود: (1/ 603) (2) كتاب الصلاة (186) باب الإشارة في التشهد - رقم (989)، راجع مشكاة المصابيح (912). (¬3) أبو داود: الموضع السابق. (¬4) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (990). (¬5) النسائي: (2/ 126، 127) (11) كتاب الإفتتاح (11) باب موضع اليمين من الشمال في الصلاة - رقم (889). (¬6) النسائي: (3/ 39) (13) كتاب السهو (38) باب إحناء السبابة في الإشارة - رقم (1274). (¬7) النسائي: (ذراعه).

أحناها شيئاً وهو يدعو". مسلم (¬1) - عن عبد الله بن مسعود قال: كُنَّا نقول في الصلاة خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلاُم على الله، السلام على فلان، فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يومٍ: "إن الله هو السلامُ، فإذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل: التحياتُ لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاتُهُ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإذا قالها. أصابت كل عبدٍ لله صالح, في السماء والأرض، أشهدُ أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ثم يَتَخَيَّرُ من المسألةِ ما شاء". النسائي (¬2)، عن عبد الله بن مسعود -أيضاً- قال: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قولوا في كُلِّ جلسةٍ: التحياتُ لله والصلواتُ والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمهَ الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله (¬3) وأن محمداً (¬4) عبده ورسوله". مسلم (¬5) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا تشهَّدَ أحدُكم فلْيستَعِذْ بالله من أربعٍ. يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذابِ جهنم، ومن عذاب القبر ومن فتنة المحياء والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال". وفي لفظ آخر (¬6): "إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ بالله من ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 301، 302) (4) كتاب الصلاة (16) باب التشهد في الصلاة - رقم (55). (¬2) النسائي: (2/ 239) (12) كتاب التطبيق (100) كيف التشهد الأول - رقم (1166). (¬3) د: وحده لا شريك له. (¬4) النسائي: (وأشهد أن محمداً). (¬5) مسلم: (1/ 412) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (25) باب ما يستعاذ منه في الصلاة - رقم (128). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (130).

أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر المسيح الدجال". مسلم (¬1)، عن عائشة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو في الصلاة "اللهم إنِّي أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم اني أعوذ بك من المأثم والمغرم (¬2) ". قالت: فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ يا رسول الله من المغرم (¬3)، قال: "إنَّ الرجل إذا غَرِمَ حدَّث فكذب ووعد فأخلف". الترمذي (¬4)، عن فَضَالَةَ بن عبيد قال: سمِعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - رجُلًا يدعو في صلاِتهِ فلم يُصلِ على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "عَجِلَ هذا" ثم دعاه فقال له ولغيره:- "إذا صلَّى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم لُيصَل على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم ليدعُ بَعْدُ ما (¬5) شاء". قال: هذا حديث حسن صحيح. مسلم (¬6)، عن أبي مسعود الأنصارى قال: أتانَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحنُ في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعدٍ: أَمرَنَا الله أن نصلى عليك يا رسول الله! فكيف نُصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى تمنينا أنه لم يسألهُ، ثم قال رسول الله - صلى الله ¬

_ (¬1) مسلم: نفى الكتاب والباب السابقين رقم (129). (¬2) المأثم والمغرم: أي من الإثم والغرم، وهو الدين؛ أي من الأمر الذي يوجب الإثم. (¬3) مسلم: (من المغرم يا رسول الله). (¬4) الترمذي: (5/ 482، 483) (11) كتاب الدعوات (65) باب - رقم (3477). (¬5) الترمذي: بما. (¬6) مسلم: (1/ 305) (4) كتاب الصلاة (17) باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد - رقم (65).

عليه وسلم - "قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمدٍ، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، في العالمين إنك حميدٌ مجيد، والسلام كما قد علمتُم". أبو داود (¬1)، عن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثٌ لا يحلُّ لأحد أن يفعلهُنَّ: لا يؤمُّ رجل (¬2) فيخُصُّ نفسه بالدعاء دونهم، فإن فعل فقد خانهُم، ولا ينظر في قعر بيت قبل أن يستأذن فإن فعل فقد دخل، ولا يُصلي وهو حقِنٌ (¬3) حتى يتخفَّف". وعن أنس (¬4)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "حضَّهُم على الصلاة ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة". الترمذي (¬5)، عن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مِفْتاحُ الصلاةِ الطُّهُورُ، وتحريمُها التكبير، وتحليلها التسليم". قال أبو عيسى: هذا أصح شيء في هذا الباب وأحسن. مسلم (¬6) عن جابر بن سَمُرَةَ قال: كنَّا إذا صلينا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وأشار بيده إلى الجانبين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عَلَامَ توُمئُونَ بأَيديكم كأنها أذنَابُ خيل شُمسٍ؟ وإِنما (¬7) يكفي أحدكم أن يضع يدهُ على فخذه ثم يسلِّم على أخيه من على يمينه وشماله". ¬

_ (¬1) أبو داود: (1/ 69، 70) (1) كتاب الطهارة (43) باب أيصلي الرجل وهو حاقن؟ - رقم (90). (¬2) أبو داود: (لا يؤم رجل قومًا). (¬3) حقن: الحاقن: هو الذي حبس بوله. (¬4) أبو داود: (1/ 413) (2) كتاب الصلاة (77) باب فيمن ينصرف قبل الإِمام - رقم (624). (¬5) الترمذي: (1/ 8، 9) (1) أبواب الطهارة (3) باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور - رقم (3). (¬6) مسلم: (1/ 322) (4) كتاب الصلاة (27) باب الأمر بالسكون في الصلاة - رقم (120). (¬7) مسلم: (إنما) بدون واو.

وفي طريق آخر (¬1) "إذا سلَّم أحَدُكم فَلْيَلْتَفِتْ إلى صاحِبهِ ولا يوُمِئْ بيدِهِ". أبو داود (¬2)، عن وائل بن حُجْر قال: صليتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - "فكان يُسلم عن يمينه (¬3)، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم ورحمة الله". النسائي (¬4)، عن عبد الله بن مسعود أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - "كان يُسلم عن يمينه، السلام عليكم ورحمَةُ الله وبركاته (¬5) حتى يُرى بياض خدِّه الأيمن، وعن يساره، السلام عليكم ورحمة الله حتى يُرى بياضُ خدِّه الأيسر". مسلم (¬6)، عن السّدي قال: سألتُ أنسًا: كيف أنصَرِف إذا صليتُ عن يميني أو عن يساري؟ قال: "أمَّا أنا فأكثرُ ما رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينصرفُ عن يمينه". وعن ابن عباس (¬7): "أنَّ رفع الصوت بالذكر حين ينصرفُ الناس من المكتوبة، كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كنتُ أعلمُ إذا انصرفوا بذلك إذا سمعتُهُ". ¬

_ (¬1) مسلم - رقم (121). (¬2) أبو داود: (1/ 606، 607) (2) كتاب الصلاة (189) باب في السلام - رقم (996). (¬3) في أبي داود: (وعن شماله حتى يرى بياض خده). (¬4) النسائي: (3/ 63، 64) (13) كتاب السهو (71) كيف السلام على الشمال - رقم (1325). (¬5) (وبركاته): ليست في النسائي. (¬6) مسلم: (1/ 492) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (7) باب جواز الإنصراف من الصلاة عن اليمين والشمال - رقم (60). (¬7) مسلم: (1/ 410) (5) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (23) باب الذكر بعد الصلاة - رقم (122).

وعن المغيرة بن شعبة (¬1)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فَرَغَ من الصلاة وسلَّم قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلِّ شيءٍ قدير، اللهم لا مانع لما أعطيتَ، ولا مُعطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ". وعن أبي هريرة (¬2)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من سبّح الله في دُبُرِ كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبّر الله ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسعةٌ وتسعون، وقال، تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على شيء قدير، غُفِرَت خطايَاهُ وإن كانت مثل زبد البحر". وعن سماك بن حرب (¬3)، قال: قلت لجابر بن سَمُرَةَ: أكُنت تُجالس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال نعم. كثيرًا، "كان لا يقُوم من مُصَلَّاهُ الذى صلى فيه (¬4) الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت الشمسُ قام، وكانوا يتحدثون، فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسَّمُ". أبو داود (¬5)، عن معاذ بن أنس الجهني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من قعد في مُصلاه حين ينصرف من الصبح (¬6)، حتى يُسبِّح ركعتي الضحى، لا يقول إلا خيرًا، غُفر له خطاياه، وإن كانت أكثر من زبَد البحر". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 414، 415) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (26) باب استحباب الذكر بعد الصلاة - رقم (137). (¬2) مسلم: (1/ 418) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (26) باب استحباب الذكر بعد الصلاة - رقم (146). (¬3) مسلم: (1/ 463) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (52) باب فضل الجلوس في مصلاه بعد الصبح - رقم (286). (¬4) مسلم: (الذى يصلى فيه). (¬5) أبو داود: (2/ 62) (2) كتاب الصلاة (301) باب صلاة الضحى - رقم (1287)، وسنده ضعيف. (¬6) أبو داود: (من صلاة الصبح).

باب النهي عن رفع البصر إلى السماء وعن الكلام فيها

باب النهي عن رفع البصر إلى السماء وعن الكلام فيها مسلم (¬1)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لينتهينَّ أقوام عن رفعهم أبصارَهُم، عند الدعاءِ في الصلاة، إلى السماءِ أو لتُخطفَنَّ أبصارُهُم". ورواه من حديث جابر بن سَمُرة (¬2) ولم يقل: "عند الدعاء". مسلم (¬3)، عن زيد بن أرقم قال: "كنَّا نتكلم في الصلاة، يُكلِّمُ الرجلُ صاحِبَهُ وهو إلى جنبه في الصلاة، حتى نزلت {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (¬4) فأُمرنا بالسكوت ونُهينا عن الكلام". بابٌ في مسح الحصباء في الصلاة وأين يبزق المصلي وفي الإِقعاء وفيمن صلى مُختصِرًا ومعقوص الشعر وفي الصلاة بحفرة الطعام وقول النبي صلى لله عليه وسلم - لا غِرَارَ في الصلاة وما يفعل من أحدث فيها مسلم (¬5)، عن مُعَيْقِيبٍ الدوسي، أنهم سألوا رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 321) (4) كتاب الصلاة (26) باب النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة - رقم (118). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (117). (¬3) مسلم: (1/ 383) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (7) باب تحريم الكلام في الصلاة - رقم (35). (¬4) البقرة: (238). (¬5) مسلم: (1/ 388) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (12) باب كراهة مسح الحصى - رقم (48).

وسلم - عن المسح في الصلاة؟ فقال: "واحدةٌ". وعنه (¬1)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال، في الرجل يُسوِّي التراب حيثُ يسجد، قال: "إن كنت فاعِلًا، فواحدة". البخاري (¬2)، عن أبي هريرة - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قامَ أحَدُ كم إلى الصلاةِ، فلا يبزق (¬3) أمامه، فإنَّما يُناجي الله -عَزَّ وَجَلَّ- مادام في مُصلاه، ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكًا، وليْبصُق (¬4) عن يسارِهِ أو تحتَ قدمِه فيدفنها". مسلم (¬5)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى نُخَامَةً في قبلةِ المسجد، فأقبلَ على الناس فقال: "ما بالُ أحدِكُم يقومُ مستقبل ربِّه فَيَتَنَخَّعُ أمامهُ؟ أيحبُّ أحدُكُمْ أن يُسْتَقْبلَ فَيُتَنَخَّعُ في وجهه؟. فإذا تنخعَّ أحدكم فليتنخعْ عن يساره، أو (¬6) تحت قدمه، فإن لم يجد فليقل هكذا". ووصف القاسم بن مهران فتفل في ثوبِه، ثم مَسَحَ بعضَهُ على بعضٍ. وعن عبد الله بن الشخير (¬7)، أنه صلَّى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "فتنخَّع فدلكها برجله اليسرى (¬8) ". ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (49). (¬2) البخاري: (1/ 610) (8) كتاب الصلاة (38) باب دفن النخامة في المسجد - رقم (416). (¬3) البخاري: (يبصق). (¬4) (د): وليبزق. (¬5) مسلم: (1/ 389) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (13) باب النهي عن البصاق في المسجد - رقم (53). (¬6) (ف): (و) بدل (أو) والحرف (أو) ليس في (د). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (59). (¬8) مسلم: (بنعله اليسرى).

وعن طاوس (¬1)، قال: قلنا لابن عباس في الإِقعاء (¬2)، على القدمين فقال: هي السُّنة، فقلنا: إنَّا لنراه جَفَاءً بالرَّجُلِ. فقال ابن عباس: بل هي سنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم -. وعن أبي هريرة (¬3)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه نهى أن يُصلِّي الرجل مختصرًا". وعن كُريْب (¬4)، عن ابن عباس، أنه رأى عبد الله بن الحارث يُصلِّى، ورأسُهُ معقوصٌ من ورائهِ (¬5)، فقام فجعل يَحُلُّهُ، فلما انصرف أقبلَ إلى ابن عباس فقال: مالك ورأسي؟ فقال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّما مثلُ هذا مثل الذى يُصلِّى وهو مكتوفٌ". وعن أنس بن مالك (¬6)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قُرِّب العشاءُ وحضرتِ الصلاةُ، فابدؤا به قبل أن تُصَلُّوا صلاة المغرب، ولا تعْجَلُوا عن عشائِكُمْ". وعن ابن أبي عتيق (¬7)، تحدَّثتُ أنا والقاسم عند عائشة حديثًا، وكان ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 380، 381) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (6) باب جواز الإقعاء على العقبين - رقم (32). (¬2) الإقعاء: هو نوعان، أحدهما أن يلصق إليتيه بالأرض وينصب ساقيه، ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب، هكذا فسره أبو عبيدة معمر بن المثنى وصاحبه أبو عبيد القاسم بن سلام وآخرون من أهل اللغة، وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي والنوع الثاني أن يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين، وهذا هو مراد ابن عباس بقوله سنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم -. (¬3) مسلم: (1/ 387) (3) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (11) باب كراهة الإختصار في الصلاة - رقم (46). (¬4) مسلم: (1/ 355) (4) كتاب الصلاة (44) باب أعضاء السجود النهي عن كف الشعر - رقم (232) (¬5) معقوص من ورائه: في النهاية: أراد أنه إذا كان شعره منشورًا سقط على الأرض عند السجود، فيعطى صاحبه ثواب السجود به، وإذا كان معقوصًا صار في معنى من لم يسجد، وشبه بالمكتوف وهو المشدود اليدين لأنهما لا يقعان على الأرض في السجود. (¬6) مسلم: (1/ 392) (4) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (6) باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام - رقم (64). (¬7) مسلم: (1/ 393) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (16) باب كراهة الصلاة بحضرة الطعام - رقم (67).

القاسم رجلًا لحَّانًا (¬1) 1، وكان لأمِّ ولدٍ، فقالت له عائشة. مالَكَ لا تحَدثُ كما يُحَدّثُ (¬2) ابنُ أخي (¬3) هذا؟ أما إني قد علمت من أين أُتِيتَ (¬4)، هذا أدَّبته أمهُ وأنت أدّبتكَ أمّك، قال: فغضب القاسمُ وأضبَّ عليها، فلما رأى مائدة عائشة قد أُتِيَ بها قامَ، قالت: أين، قال: أصلي. قالت: اجلس. قال: إني أُصلي، قالت: اجلس قال: إِنّي أصلي، قالث: اجلس غُدَرُ (¬5)، إني سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا صلاةَ بحضرةِ طعام، ولا هو يُدافِعُهُ الأخبثان (¬6) ". الضَّبُّ: الحقد، من كتاب القزّاز. أبو داود (¬7)، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا غِرار في الصلاة ولا تسليم". قال أحمد بن حنبل: يعني -فيما أرى- ألا تُسَلِّم ولا يُسَلَّم عليك - ويغرر الرجل في صلاته: ينصرف وهو فيها شاك. وعن عائشة قالت (¬8): قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أحدث أحدكم في صلاته، فليأخذ بأنفه (¬9) ثم لينصرف". ¬

_ (¬1) مسلم: (لحانة) ومعناها: أي كثير اللحن في كلامه. (¬2) مسلم: (يتحدث). (¬3) الأصل: ابن أبي أخي. (¬4) أُتيت: أي دُهيت. (¬5) اجلس غدر: قال أهل اللغة: الغدر ترك الوفاء، ويقال لمن غدر: غادر وغُدَر. وأكثر ما يستعمل في النداء بالشتم، وإنما قالت له: غدر؛ لأنه مأمور باحترامها لأنها أم المؤمنين وعمته وأكبر منه وناصحة له ومؤدبة، فكان حقها أن يحتملها ولا يغضب عليها. (¬6) الأخبثان: هما البول والغائط. (¬7) أبو داود: (1/ 569، 570) (2) كتاب الصلاة (170) باب رد السلام في الصلاة - رقم (928). (¬8) أبو داود: (1/ 66) (2) كتاب الصلاة (236) باب استئذان لمحدث الإِمام - رقم (1114). (¬9) فليأخذ بأنفه: أي أمره أن يأخذ بأنفه ليوهم القوم أن به رعافًا.

باب الإلتفات في الصلاة، وما يفعل المصلي إذا سلم عليه، ومن تفكر في شيء وهو في الصلاة، ومن صلى وهو حامل شيئا، وما يجوز من العمل فيها، وما يقتل فيها من الدواب وما جاء في العطاس فيها والتثاؤب، وفي صلاة الريض، وفي الصحيح يصلي قاعدا في النافلة، وفي الصلاة على الدابة

باب الإلتفات في الصلاة، وما يفعل المصلي إذا سُلِّم عليه، ومن تفكَّرَ في شيء وهو في الصلاة، ومن صلى وهو حامل شيئًا، وما يجوز من العمل فيها، وما يقتل فيها من الدواب وما جاء في العطاس فيها والتثاؤب، وفي صلاة الريض، وفي الصحيح يصلي قاعدًا في النافلة، وفي الصلاة على الدابة البخاري (¬1)، عن عائشة قالت: سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الإلتفِاتِ في الصلاة فقال: "هو اختلاسٌ يختلِسهُ الشيطانُ من صلاة العبدِ". مسلم (¬2)، عن جابر بن عبد الله، أنه قال: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثني لحاجة ثم أدركته وهو يصلي" - وفي رواية (¬3)، "يسيرُ" فسلمتُ عليه فأشار إليّ، فلما فرغَ دعانِى فقال: "إنك سلمتّ عليَّ آنفًا وأنا أُصلى" وهو موجَّهٌ (¬4)، حينئذٍ قِبَلَ المشرق. البخاري (¬5)، عن عُقبةَ بن الحارث قال: "صليتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العصر، فلما سلَّم قامَ سريعًا دخَلَ على بعضِ نسائهِ، ثم خرج ورأى ما في وُجُوهِ القوم من تعجُّبِهم لسرعته، فقال: "ذكرتُ وأنا في الصلاة تِبْرًا (¬6) عندنا فكرهت أن يُمِسىَ أو يَبيت عندنا فأمرتُ بقسمتهِ". ¬

_ (¬1) البخاري: (2/ 273) (10) كتاب الأذان (93) باب الإلتفات في الصلاة - رقم (751). (¬2) مسلم: (1/ 383) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (7) باب تحريم الكلام في الصلاة - رقم (36). (¬3) مسلم: الموضع السابق. (¬4) موجه: أي موجه وجهه وراحته. (¬5) البخاري: (3/ 107، 108) (21) كتاب العمل في الصلاة (18) باب يفكر الرجل في الشيء في الصلاة - رقم (1221). (¬6) تبر: الذهب الذي لم يصف ولم يضرب.

مسلم (¬1)، عن أبي قتادة الأنصاري قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يَؤُمُّ النَّاسَ وأُمَامةُ بنتُ أبي العاص، وهي ابنة زينب بِنْتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - على عاتِقِهِ، فإذا ركعَ وضعَهَا، وإذا رفع من السجودِ أعادَهَا". وفي رواية (¬2) "في المسجد". الترمذي (¬3)، عن عائشة قالت: "جئتُ ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلى في البيت، والباب عليه مُغلَق، فمشى حتى فتح لي، ثم رجَع إلى مكانه، ووصفَتِ البابَ في القبلة". قال: هذا حديث حسن غريب. مسلم (¬4)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنَّ عفريتا (¬5) من الجنِّ جعل يفتك (¬6) عليَّ البارحَة، ليقطع عليَّ الصلاة، وإن الله أمكنني منهُ فذعتُّهُ (¬7)، فلقد هممتُ أن أربطَهُ إلى ساريةٍ (¬8) من سواري المسجد، حتى تصبِحُوا فتنظروا (¬9) إليه أجمعون (أو كلكم) ثم ذَكرتُ قول أَخِي سليمانَ: ربِّ اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغى لأحدٍ من بعدي. فرده الله خاسئًا". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 385، 386) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (9) باب جواز حمل الصبيان في الصلاة - رقم (42). (¬2) مسلم: (1/ 386) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (9) باب جواز حمل الصبيان في الصلاة - رقم (43). (¬3) الترمذي: (2/ 497) (1) أبواب الصلاة (68) باب ذكر ما يجوز من المشى والعمل في صلاة التطوع - رقم (601). (¬4) مسلم: (1/ 384) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (8) باب جواز لعن الشيطان في أثناء الصلاة - رقم (39). (¬5) عفريتا: العفريت العاتي المارد من الجن. (¬6) يفتك: الفتك هو الأخذ في غفلة وخديعة. (¬7) فذعتّه: أي خنقته. (¬8) مسلم: (جنب سارية). (¬9) مسلم: (تنظرون).

وعن ابن عمر (¬1)، عن إحدى نسوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، "أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور والفارة والعقرب والحُدَيَّا والغراب والحية" قال وفي الصلاة أيضًا. النسائي (¬2)، عن رِفَاعَةَ بن رافع قال: صليتُ خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعطستُ فقلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، مباركًا عليه كما يُحبُّ رُّبنا ويرضى. فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرفَ فقال: "من المتكلمُ في الصلاة؟ فلم يكلمه أحد، ثم قالها الثانية من المتكلم في الصلاة؟ " فقال رفاعة: أنا يا رسول الله - قال: "كيف قلتَ". قال: قلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه مباركًا عليه كما يحب ربنا ويرضى. فقال: "والذى نفسي بيده لقد ابتدرَها بضعةٌ وثلاثون مَلَكًا أيهم يصَعدُ بها". الترمذي (¬3)، عن أبي هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "التثاؤب في الصلاة من الشيطان، فإذا تثاءَبَ أحدُكم فليكظِمْ ما استطاع". خرجه مسلم (¬4) ولم يقل في الصلاة. البخاري (¬5)، عن عمران بن حصين قال: كانت بي بواسيُر فسألتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاةِ فقال: "صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا فإن لم تستطع فعلى جنب". ¬

_ (¬1) سلم: (2/ 858) (15) كتاب الحج (9) باب ما يندب للمحرم وغيره قتله - رقم (75). (¬2) النسائي: (1/ 145) (11) كتاب الإفتتاح (36) باب قول المأموم إذا عطس خلف الإِمام - رقم (931). (¬3) الترمذي: (2/ 206) (1) أبواب الصلاة (156) باب ما جاء في كراهية التثاؤب في الصلاة - رقم (370). (¬4) مسلم: (2293/ 4) (53) كتاب الزهد والرقائق (9) باب تشميت العاطر وكراهة التثاؤب - رقم (56). (¬5) البخاري: (2/ 684) (18) كتاب تقصير الصلاة (19) باب إذا لم يُطِق قاعدًا صلى على جنب - رقم (1117).

وعنه" (¬1)، سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الرجُل وهو قاعد فقال: "من صلى قائمًا فهو أفضل، ومن صلى قاعدًا فله نصفُ أجر القائم، ومن صلى نائمًا فلهُ نصفُ أجرِ القاعدِ". مسلم (¬2)، عن عبد الله بن عمرو قال: حُدِّثت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاةُ الرجل قاعدًا نصف الصلاة"، قال: فأتيتُهُ فوجدتُهُ يصلى جالسًا. فوضعتُ يدي على رأسهِ. فقال: "مالك يا عبد الله بن عمرو؟ قال: حُدِّثتُ، يا رسول الله! أنك قلت "صلاةُ الرجل قاعدًا على نصفِ الصلاة" وأنت تصلي قاعدًا. قال: "أجل ولكني لست كأحدٍ منكم". وعن عبد الله بن شقيق (¬3) قال: سألنا عائشة عن صلاةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكثِرُ الصلاةَ قائمًا وقاعدًا، فإذا افتتح الصلاة قائمًا، ركع قائمًا، وإذا افتتح الصلاة قاعدًا ركع قاعدًا". وعن عائشة (¬4)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "كان يُصلى جالسًا، فيقرأ وهو جالس، فإذا بقى من قراءته قدرُ ما يكون ثلاثين آية (¬5) أو أربعين آية، قام فقرأ وهو قائمٌ، ثم ركعَ، ثم سجد، ثم يفعلُ في الركعةِ الثانية مثل ذلك". ¬

_ (¬1) البخاري: (2/ 683) (18) كتاب تقصير الصلاة (18) باب صلاة القاعد بالإيماء - رقم (1116). (¬2) مسلم: (1/ 507) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (16) باب جواز النافلة قائمًا وقاعدًا - رقم (120). (¬3) مسلم: (1/ 505) - رقم (110). (¬4) مسلم: رقم (112). (¬5) (آية): ليست في مسلم.

النسائي (¬1)، عن عائشة قالت: "رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّى متربعًا". مسلم (¬2)، عن ابن عمر قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسبَّحُ على الراحلةِ قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ توجَّهَ، ويوترُ عليها، غير أنهُ لا يُصلِّي عليها المكتوبة". زاد من حديث (¬3) جابر بن عبد الله: "يومئ برأسه". وزاد أبو داود (¬4)، "والسجود أخفض من الركوع". وقال أبو داود (¬5) أيضًا، عن أنس بن مالك، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "كان إذا سافر، فأراد أن يتطوّع استقبل بناقتِه القبلة، فكبر ثم صلَّى حيث وجَّهه رِكابُه". مسلم (¬6)، عن عمرو بن يحيى المازني عن سعيد بن يسار عن ابن عمر قال: "رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي على حمار، وهو موجِّه إلى خيبر". لم يتابع عمرو بن يحيى على قوله: على حمار، وإنما يقولون: على راحلتِهِ ذكر ¬

_ (¬1) النسائي: (3/ 224) (20) كتاب قيام الليل وتطوع النهار (22) باب كيف صلاة القاعد - رقم (1661). وقال: لا أعلم أحدًا روى هذا الحديث غير أبي دواد وهو ثقة ولا أحسب هذا الحديث والله تعالى أعلم. (¬2) مسلم: (1/ 487) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (4) باب جواز صلاة النافلة على الدابة حيث توجهت - رقم (39). (¬3) مسلم: (1/ 383) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (7) باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحة - رقم (37). (¬4) أبو داود: (2/ 22) (2) كتاب الصلاة (277) باب التطوع على الراحلة والوتر - رقم (1227). (¬5) أبو داود: (2/ 21) - رقم (1225). (¬6) مسلم: (1/ 487) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (4) باب جواز صلاة النافلة على الدابة حيث توجهت - رقم (35).

باب السهو في الصلاة

ذلك النسائي (¬1)، وغيره. باب السّهو في الصّلاة مسلم (¬2)، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ أحدَكُم إذا قام يُصَلِّى جاءَهُ الشيطانُ فَلَبس عليه (¬3)، حتى لا يدري كم صلى، فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجُدْ سجدتين وهو جالس". زاد أبو داود (¬4)، "قبل أن يسلم، ثم يسلم". مسلم (¬5)، عن عبد الله بن بُحَيْنَةَ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "قامَ في صلاة الظهر وعليه جُلُوسٌ (¬6)، فلما أتَمَّ صلاتهُ سجَدَ سجدتين، ويُكبِّر في كل سجدةٍ، وهو جالِسٌ قبل أن يُسلِّم وسجدهما الناسُ معه، مكانَ ما نِسيَ من الجلوسِ". زاد في أخرى (¬7) "ثم سلّم". أبو داود (¬8)، عن زياد بن علاقة، قال: صلَّى بنا المغيرةُ بن شعبة فنهض ¬

_ (¬1) النسائي: (2/ 60) (8) كتاب المساجد (46) الصلاة على الحمار - رقم (740). (¬2) مسلم: (1/ 398) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (19) باب السهو في الصلاة والسجود له - رقم (82). (¬3) فلبس عليه: أي خلط عليه صلاته، وهوَّشها عليه، وشككه فيها. (¬4) أبو داود: (1/ 625) (2) كتاب الصلاة (198) باب من قال: يتم على أكبر ظنه - رقم (1032). (¬5) مسلم: (1/ 399) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (19) باب السهو في الصلاة والسجود له - رقم (86). (¬6) أي قام إلى الثالثة والحال أن عليه قعدة سها عنها. (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (85). (¬8) أبو داود: (1/ 629) (2) كتاب الصلاة (201) باب ما نسي أن يتشهد وهو جالس - رقم (1037).

في الركعتين قلنا: سبحان الله، قال: سبحان الله، ومضى، فلما أتم صلاتهُ وسلّم، سجد سجدتي السهو، فلما انصرف قال: "رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع كما صنعتُ". قال أبو داود: فعل مثل فعل المغيرة: سعد بن أبي وقاص، وعمران بن حصين، والضحاك بن قيس، ومعاوية بن أبي سفيان، وابن عباس، أفتى بذلك، وعمر بن عبد العزيز (¬1) وكذلك سجدهما ابن الزبير وقام من اثنتين وهو قول الزهري. مسلم (¬2)، عن أبي هريرة، قال: "صلَّى بنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتي العشىِّ (¬3)، إمَّا الظهر وإما العصر، فسلّم في ركعتين ثم أتى جذعًا (¬4) في قبلة المسجد فاستند إليه (¬5) مُغضَبًا. وفي القوم أبو بكر وعمر. فهابا أن يتكلما، وخرج سَرَعَانُ النّاسِ: "قُصِرَت الصلاة" فقام ذو اليدين فقال: يا رسول الله! أقصرت الصلاة أم نسيت؟. فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - يمينًا وشمالًا فقال: "ما يقول ذو اليدين؟ " قالوا: صدقَ. لم تُصَلِّ إلا ركعتين، فصلى ركعتين وسلَّم ثم كبّر ثم سجد، ثم كبّر ورفع ثم كبر وسجد ثم كبّر فرفع". وقال (¬6): وأخبرت عن عمران بن حصين أنه قال: (وسلم). ولمسلم (¬7)، عن أبي هريرة -أيضًا- في هذا الحديث "أَقُصِرَتِ الصلاة ¬

_ (¬1) إلى هنا انتهى كلام أبي داود، وهو في السنن، نفس الموضع السابق. (¬2) مسلم: (1/ 403) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (19) باب السهو في الصلاة والسجود له - رقم (97). (¬3) العشيّ: قال الأزهري: العشى عند العرب ما بين زوال الشمس وغروبها. (¬4) جذعًا: أي خشبة. (¬5) مسلم: (إليها). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (102). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (99).

يا رسول الله أم نسيتَ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل ذلك لم يكن". فقال: قد كان بعضُ ذلك يا رسول الله! فأقبَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على النَّاسِ. . . الحديث. وذكر في هذا أنها كانت صلاة العصر". وله في طريق أخرى (¬1)، "أنها كانت صلاة الظهر". مسلم (¬2)، عن عمِرَانَ بن حُصين، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى العصْرَ فسلَّمَ في ثلاثِ ركعاتٍ. ثُمَّ دخل منزلَهُ. فقام إليه رجلٌ يُقَالُ له الخِرْبَاقُ، وكان في يديه طولٌ، فقال: يا رسول الله! وذكر له صنيعَهُ، وخرج غضبانَ يجُرُّ رِدَاءَهُ حتى انتهى إلى النَّاسِ. فقال: "أصدق هذا؟ " قالوا: نعم، فصلى ركعةً. ثم سلَّم. ثم سجد سجدتين. ثم سلم". وقال أبو داود (¬3)، "فسجد سجدتين، ثم تشهد، ثم سلم". وذكر عبد الرزاق (¬4)، عن معمر وابن عيينة، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عمران بن الحصين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "التسليم بعد سجدتي السهو". قال يحيى بن معين: سَمِعَ محمد بن سيرين من عمران. وذكر بعض الناس أن ذا اليدين قُتِلَ ببدر. قال أبو عمر: لا يصح هذا وإنما الصحيح أن المقتول كان ذا الشمالين رجل من خزاعة. ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (100). (¬2) مسلم: (1/ 404، 405) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (19) باب السهو في الصلاة والسجود له - رقم (101). (¬3) أبو داود: (1/ 630، 631) (2) كتاب الصلاة (202) باب سجدتي السهو فيهما تشهد وتسليم - رقم (1039). (¬4) المصنف: (2/ 301) - باب سهو الإِمام والتسليم في سجدتي السهو - رقم (3453).

مسلم (¬1)، عن عبد الله بن مسعود قال: "صلَّى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسًا. فقلنا: يا رسول الله! أَزِيَد في الصلاة؟ قال: "وما ذاك؟ " قالوا: صليتَ خمسًا، قال: "إنما أنا بشر (¬2) أذْكُرُ كما تذكرون، وأنسى كما تنسون" ثم سجد سجدتي السهو". وعن أبي سعيد الخدري (¬3) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا شكَّ أحدكُم في صلاله فلم يدرِم صلّى؟ أثلاثًا أم أربعًا؟ فليطرَحِ الشكَّ وليَبْن على ما أستيقن، ثم يسجدُ سجدتين قبل أن يُسلِّمَ، فإن كان صلى خمسًا، شفعنَ له صلاتَهُ، وإن كان صلى إِتمامًا لأربعٍ، كانتا ترَغيمًا للشيطان". وعن عبد الله بن مسعود (¬4) قال: "صلَّى بنا (¬5) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال إبراهيمُ: زاد أو نقص)، فلما سلَّم قيل لهُ: يا رسول الله! أحَدَثَ في الصلاةِ شيءٌ؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت كذا وكذا، قال: فثنى رجليهِ واستقبل القبلة، فسجد سجدتين ثم سلم، ثم أقبل علينا بوجهه فقال: إنَّهُ ولو حدثَ في الصلاة شيء أنبأتُكُمْ به، ولكن إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيتُ فذكروني وإذا شكَّ أحدكم في صلاته فليتحر الصَّواب. فليُتمَّ عليهِ، ثم ليسجد سجدتين". وقال البخاري (¬6)، "فسجد بهم سجدتين، ثم قال: هاتان السجدتان ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 402) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (19) باب السهو في الصلاة والسجود له - رقم (93). (¬2) مسلم: (بشر مثلكم). (¬3) مسلم: (1/ 400) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (19) باب السهو في الصلاة والسجود له - رقم (88). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (89). (¬5) (بنا): ليست في مسلم. (¬6) البخاري: (11/ 558) (83) كتاب الأيمان والنذور (15) باب إذا حنث ناسيًا في الأيمان - رقم (6671).

باب في الجمع والقصر

لمن لم يدْرِ زاد في صلاِتهِ أم نقصَ، فيتحرى الصوابَ فيتمُّ ما بَقي، ثم يسجد سجدتين". وذكر أنها كانت صلاة الظهر. وقال النسائي (¬1)، "فأيُّكُم ما شكَّ في صلاِتهِ فلينظرُ أَحرَى ذلك إلى الصوَابِ فليُتِمَّ عليه، وليسلِّمْ وليسجد سجدتين". أبو داود (¬2)، عن معاوية بن خُديج، "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى يومًا فسلَّم، وقد بقيَت من الصلاة ركعة. فأدركه رجل فقال: نسيتَ يا رسولَ الله (¬3) من الصلاة ركعة، فرجع فدخل المسجد، وأمر بلالًا، فأقام الصلاة: فصلى للناس ركعة، فأخبرتُ بذلك الناس. فقالوا لي: أتعرف الرجل؟ فقلت: لا، إلا أن أراه، فمر بي فقلت: هو ذا (¬4) فقالوا: هو طلحة ابن عُبيد الله". باب في الجمع والقصر النسائي (¬5)، عن نافع قال: خرجتُ مع عبد الله بن عمر في سَفَرٍ يريدُ أرضًا لَهُ فأتَاهُ آتٍ فقال: إنَّ صفيةَ بنْتَ أبي عبيدٍ لما بِهَا ولا تظن أن تدركها (¬6) فخرج مسرعًا ومعه رجلٌ من قرَيش يسايرُه، وغابت الشمسُ فلم يقل الصلاة (¬7)، وكان عهدى به وهو محافظ (¬8) على الصلاة، فلما أبطأ قلتُ الصلاةَ ¬

_ (¬1) النسائي: (3/ 28) (13) كتاب السهو (25) باب التحري - رقم (1242). (¬2) أبو داود: (1/ 621) (2) كتاب الصلاة (196) باب إذا صلى خمسًا - رقم (1023). (¬3) (يا رسول الله): ليست في أبي داود. (¬4) أبو داود: (هذا هو). (¬5) النسائي: (1/ 287، 288) (6) كتاب المواقيت (45) الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين المغرب والعشاء - رقم (595). (¬6) النسائي: (فانظر أن تدركها). (¬7) النسائي: (ولم يصلِّ الصلاة). (¬8) النسائي: (وهو يحافظ).

يرحُمك الله، فالتفت إليَّ ومضى حتى إذا كان في آخر الشفقِ، نزل فصلَّى المغرب ثم أقامَ العشاء وقد توارى الشفق فصلى بنا، ثم أقبل علينا، فقال: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا عَجِلَ به السيرُ صنع هكذا". مسلم (¬1)، عن أنسٍ قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا عجل به السفر (¬2) يؤخرُ الظهر إلى أول وقت العصر فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق". وعنه قال (¬3): "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ارتحَلَ قبل أن تزيغَ الشمسُ أخّر الظهر إلى أول وقت العصر، ثم ينزل فيجمع (¬4) بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحِلَ صلَّى الظهر ثم رَكِبَ". وعن ابن عباس (¬5) قال: "جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، بالمدينة في غير خوفٍ ولا مطرٍ، قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك قال: أرادَ ألا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ". وعنه قال (¬6): "صلّى لنا (¬7) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لظهر والعصر جميعًا، والمغرب والعشاء جميعًا، في غير خوفٍ ولا سفر". مسلم (¬8)، عن عائشة أنها قالت: فُرِضَتِ الصلاة ركعتين ركعتينِ، في ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 489) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (5) باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر - رقم (48). (¬2) مسلم: (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا عجل عليه السفر". (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (46). (¬4) مسلم: (ثم نزل فجمع). (¬5) مسلم: (1/ 490، 491) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (6) باب الجبع بين الصلاتين في الحضر - رقم (54). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (49). (¬7) (لنا): ليست في مسلم. (¬8) مسلم: (1/ 478) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (1) باب صلاة المسافرين وقصرها - رقم (1).

الحضَرِ والسَّفَرِ فأُقرَّت صلاةُ السفر وزِيدَ في صلاة الحضر". النسائي (¬1)، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال: قال عمر بن الخطاب: "صلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان، وصلاة المسافر ركعتان، تمام غير قَصْرٍ على لسان نبيكم - صلى الله عليه وسلم - وقد خاب من افترى". رواه جماعة من الثقات (¬2)، ولم يذكروا كعب بن عجرة، والذى ذكره أيضًا ثقة. مسلم (¬3)، عن يَعلَى بن أُمية قال: قلتُ لعمر بن الخطاب: "ليس عليكم جُناحٌ أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا" فقد أمِنَ الناس! فقال: عجبتُ مما عجبْت منه. فسألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: "صَدَقَةٌ تصدَّقَ اللهُ بها عليكم. فاقبلوا صدقته". وعن نافع، عن ابن عمر (¬4)، قال: "صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنَى ركعتين، وأبو بكر بعدَهُ، وعمر بعد أبي بكر، وعثمان صدرًا من خلافته، ثم إنَّ عثمان صلى، بَعْدُ أربعًا، فكان ابن عمر إذا صلى مع الإِمام صلى أربعًا وإذا صلى (¬5) وحَدهُ صلى ركعتين". ¬

_ (¬1) رواه النسائي في السنن الكبرى، في كتاب الصلاة في مواضع عدة. (¬2) النسائي: (3/ 118) (15) كتاب تقصير الصلاة في السفر - رقم (1440) برواية مختلفة. ابن ماجه: (1/ 338) (5) كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها (73) باب تقصير الصلاة في السفر - رقم (1063). وذكر كعب بن عجرة في (1064). (¬3) مسلم: (1/ 478) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (1) باب صلاة المسافرين وقصرها - رقم (4). (¬4) مسلم: (1/ 482) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (2) باب قصر الصلاة بمنى - رقم (17). (¬5) مسلم: صلاها.

وعن ابن عمر (¬1) أيضًا، قال: "صحبتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السفر. فما رأيتُهُ يَسبِّحُ ولو كنتُ مسبّحًا لأتممتُ. وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬2). وعن أنسٍ (¬3)، "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى الظهر بالمدينة أربعًا، وصلَّى العصر بذي الحُليفَةِ ركعتين". وعن يحيى أبي إسحاق (¬4)، عن أنس بن مالك. قال: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينةِ إلى مكة، فصلَّى ركعتين ركعتين. حتى رجع. قلت: كم أقام بمكة؟ قال: عشرًا". البخاري (¬5)، عن ابن عباس قال: "أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكةَ تسعةَ عشرَ يوما يصلي ركعتين". وعنه (¬6)، قال: "أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - تسعةَ عشر يقصُرُ، فنحنُ إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا، وإن زدنا أتممنا". مسلم (¬7)، عن شعبة، عن يحيى بن يزيد الهُنَائي، قال: سألتُ أنس ابن مالك عن قصر الصلاة؟ فقال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خَرجَ مسيرةَ ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ، - (شُعْبَةُ الشاكُّ) - صلى ركعتين". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 480) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (1) باب صلاة المسافرين وقصرها - رقم (8). (¬2) الأحزاب: (21). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (10). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (15). (¬5) البخاري: (7/ 615) (64) كتاب المغازي (52) باب مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة زمن الفتح - رقم (4298). (¬6) البخاري: (2/ 653) (18) كتاب تقصير الصلاة (1) باب ما جاء في التقصير - رقم (1080). (¬7) مسلم: (1/ 481) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (1) باب صلاة المسافرين وقصرها - رقم (12).

باب ذكر صلاة الخوف

باب ذكر صلاة الخوف مسلم (¬1)، عن ابن عباسٍ قال: "فرضَ الله الصلاة على لسان نبيكم - صلى الله عليه وسلم - في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعةً". أبو داود (¬2)، عن ثعلبة بن زَهْدَمٍ، قال كنَّا مع سعيد بن العاصى بَطَبْرَسْتَانَ فقال (¬3): أُيكم صلَّى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ الخوف؟ فقال حذيفة: "أنا، صلَّى (¬4) بهؤلاء ركعة، وبهؤلاء ركعة، ولم يقضوا". مسلم (¬5)، عن صالح بن خَوَّاتٍ، عمَّنْ صلَّى مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، صلاة الخوف يوم ذات الرِّقاع (¬6)، وهو سهل بن أبي حثمة (¬7). "أن طائفةً صفَّتْ صلَّت معه، وطائفة وُجَاهَ العدُوِّ، فصلى بالذين معهُ ركعةً، ثم ثَبَتَ قائمًا. وأتموا لأنفسهم، ثم انصرفوا فصفوا وُجَاهَ العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلَّى بهم الركعةَ التي بقيت، ثم ثبت جالسًا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 479) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (1) باب صلاة المسافرين وقصرها - رقم (5). (¬2) أبو داود: (2/ 38) (2) كتاب الصلاة (287) باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة ولا يقضون - رقم (1246). (¬3) أبو داود: (فقام فقال). (¬4) أبو داود: (فصلى). (¬5) مسلم: (1/ 575، 576) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (57) باب صلاة الخوف - رقم (310). (¬6) مسلم: (يوم ذات الرقاع، صلاة الخوف). (¬7) (وهو سهل بن أبي حثمة): ليست في مسلم.

باب في الوتر وصلاة الليل

أبو داود (¬1)، عن أبي بكْرة، قال: "صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خوفٍ الظهر، فصف (¬2) بعضهم خلفه، وبعضهم بإزاءِ العدو، فصلى ركعتين ثم سلَّم، فانطلق الذين صلوا فوقفوا (¬3) موقف أصحابهم، ثم جاء أولئك فصفوا خلفه (¬4) فصلى بهم ركعتين ثم سلم، فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعًا، ولأصحابه ركعتين ركعتين وبذلك كان يُفتى الحسن". باب في الوتر وصلاة الليل (¬5) مسلم (¬6)، عن ابن عمر، أنَّ رجلًا سأل رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا بينَهُ وبين السائِلِ. فقال: يا رسول الله! - كيف صلاةُ الليل؟ فقال: "مثنى مثنى، فإذا خشِيتَ الصُّبحَ فصلِّ ركعة، واجعل آخر صلاتِكَ وترًا". النسائي (¬7)، عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاة المغرب وتر النهار، فأوتروا صلاة الليل". الترمذي (¬8)، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

_ (¬1) أبو داود: (2/ 40/ 41) (2) كتاب الصلاة (288) باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعتين - رقم (1248). (¬2) (فصف): ليست في مسلم. (¬3) مسلم: (صلوا معه فوقفوا). (¬4) مسلم: (فصلوا خلفه). (¬5) (وصلاة الليل): ليست في ف. (¬6) مسلم: (1/ 517) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (20) باب صلاة الليل مثنى مثنى - رقم (148). (¬7) أخرجه النسائي في السنن الكبرى، (1/ 435) (13) كتاب الوتر (40) الأمر بالوتر - رقم (1382). (¬8) الترمذي: (2/ 332) - أبواب الصلاة - باب ما جاء في مبادرة الصبح بالوتر - رقم (469).

"إذا طلع الفجرُ فقد ذهبَ كلُّ صلاةِ الليلِ والوترُ، فأوتِروُا قبْلَ طلوع الفجرِ". تفرد بهذا سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر وسليمان هذا تكلم فيه البخاري (¬1)، من أجل أحاديث تفرد بها، هذا منها كما تقدم. قال الترمذي: لم أسمع أحدًا من المتقدمين تكلم في سليمان بن موسى، وسليمان بن موسى ثقة عند أهل الحديث. أبو داود (¬2)، عن طَلْقِ بن علي، قال: "سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا وِتران في ليلة". رواه الترمذي (¬3)، وقال: حديث حسن غريب، وغيره يُصَحِحُ الحديث. أبو داود (¬4)، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من نام عن وِتره أو نسيه فيلصله إذا ذكره". الدارقطني (¬5)، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُوتِروا بثلاثٍ، أوتروا بخْمسٍ أو بسبع، ولا تشبّهوا بصلاة المغرب". قال: كل رواتِه ثقات. النسائي (¬6)، عن أبي أيوب، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) التاريخ الكبير: (4/ 38) - رقم (1888). (¬2) أبو داود: (2/ 140، 141) (2) كتاب الصلاة (344) باب في نقض الوتر - رقم (1439). (¬3) الترمذي: (2/ 333، 334) -أبواب الصلاة - باب ما جاء لا وتران في ليلة - رقم (470). (¬4) أبو داود: (2/ 137) (2) كتاب الصلاة (341) باب في الدعاء بعد الوتر - رقم (1431). (¬5) الدارقطني: (2/ 24، 25). (¬6) النسائي: (3/ 238) (20) كتاب قيام الليل وتطوع النهار (40) باب ذكر الاختلاف على الزهري في حديث أبي أيوب في الوتر - رقم (1711).

قال: "الوتْرُ حقٌ، فمن شاءَ أوتر بخمسٍ، ومن شاء أوتر بثلاثٍ ومن شاء أوتر بواحدة"، وقد رواه موقوفًا على أبي أيوب. وهو أولى بالصواب، والله أعلم. وقال (¬1) النسائي (¬2) عن أُبّي بن كعب، أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُوتِرُ بثلاثِ ركعات يقرأ في الأولى "بسبحِ اسم ربك الأعلى" وفي الثانية "بقُل يا أيها الكافرون". وفي الثالثة "بقل هو الله أحد" ويقنُتُ قبل الركوع، فإذا فرغَ قال عند فراغِهِ: سُبحان الملك القدوس -ثلاث مرات- يطيل في آخرهن". مسلم (¬3)، عن عائشة. قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى من الليل ثَلاَثَ عشرَةَ ركعة يُوتِرُ من ذلكِ بخَمْسٍ. لا يجلِسُ في شيءٍ إلا في آخِرِهَا". أبو داود (¬4)، عن الحَسن بن علي قال: علَّمني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - كلمات أقولهن في قنوت الوتر: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافنى فيمن عافيت وتولَّنى فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقِني شر ما قضيت، إنك تقْضى ولا يُقضى عليك، إنه لا يذلّ من واليت، تباركت ربنا وتعاليت". زاد النسائي (¬5)، "وصلَّى الله على النبي". ¬

_ (¬1) (وقال): ليست في (د). (¬2) النسائي: (3/ 235) (20) كتاب قيام الليل وتطوع النهار (37) باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر أبي بن كعب في الوتر - رقم (1699). (¬3) مسلم: (1/ 508) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (17) باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي - صلى الله عليه وسلم - في الليل - رقم (123). (¬4) أبو داود: (2/ 133، 134) (2) كتاب الصلاة (340) باب القنوت في الوتر - رقم (1425). (¬5) النسائي: (3/ 248) (20) كتاب قيام الليل وتطوع النهار (51) باب الدعاء في الوتر - رقم =

مسلم (¬1)، عن عائشة قالت: "مِنْ كلِّ الليلِ قد أوترَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، من أول الليلِ وأوسطِهِ وآخرِهِ، فانتهى وِترُهُ إلى السَّحَرِ". وقال أبو داود (¬2): "ولكن انتهى وتره حين مات إلى السحر". مسلم (¬3)، عن أبي الزبير، عن جابر قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أيُّكم خافَ ألا يقومَ من آخر الليلِ فليوُتِرْ ثم ليَرْقُدْ، ومن وَثِقَ بقيامٍ من الليل فليُوتر من آخرهِ، فإنَّ قِرَاءةَ آخر اللَّيلِ محضُورَةٌ، وذلك أفضلُ". وعن عائشة (¬4) قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّى فيما بين أن يفرُغَ من صلاةِ العشاءِ، (وهي التي يدعُو الناسُ العتمةَ) إلى الفجر، إحدى عشرةَ ركعةً، يُسَلِّم بين كلَّ ركعتين. ويوتِرُ بواحدةٍ، فإذا سَكَتَ المؤذِّنُ من صلاةِ الفجرِ، وتبَّينَ لهُ الفجرُ، وجاءَهُ المؤَذِّنُ، قام فرَكَعَ ركعتين خفيفتين، ثم اضْطَجَعَ على شِقِّهِ الأيمنِ. حتى يأْتِيَهُ المؤذِّنُ للإِقَامَةَ". وعن أبي هريرة (¬5) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قامَ أحدُكُمْ من الليلِ، فليَفْتَتِحْ صَلاَتهُ بركعتين خفيفتين". أبو داودا (¬6)، عن ابن عباس، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ = (1746). (¬1) مسلم: (1/ 512) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي - صلى الله عليه وسلم - في الليل - رقم (137). (¬2) أبو داود: (2/ 139) (2) كتاب الصلاة (343) باب في وقت الوتر - رقم (1435). (¬3) مسلم: (1/ 520) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (21) باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله - رقم (163). (¬4) مسلم: (1/ 508) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (17) باب صلاة الليل - رقم (122). (¬5) مسلم: (1/ 532) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (26) باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه - رقم (198). (¬6) أبو داود: (2/ 98، 99) (2) كتاب الصلاة (316) باب في صلاة الليل - رقم (1364).

"أَنَّهُ قام -يعنى من الليل- فصلى ركعتين خفيفتين، قلتُ (¬1) قرأ فيهما بأم القرآن في كل ركعة ثم سلّم، ثم صلَّى (¬2) إحدى عشرة ركعة بالوتر"، وذكر الحديث. مسلم (¬3)، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أحبَّ الصيامِ إلى الله -صيامُ داوُدَ، وأحبّ الصلاةِ إلى الله- صلاةُ داوُدَ، كان ينامُ نصِفَ الليل، ويقومُ ثلُثَهُ، وينامُ سُدُسَهُ. وكان يصُومُ يومًا ويفُطر يومًا". وعن عبد الله بن عمرو (¬4) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عبد الله! لا تكُنْ مثل فُلانٍ (¬5). كان يقومُ الليلَ فترَكَ قيِامَ الليل". البخاري (¬6)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَعقدُ الشيطانُ على قافيةِ أحدكم (¬7) إذا هو نام ثلاثَ عُقدٍ، يضربُ على كلِّ عُقدةٍ: عَليك ليلٌ طويلٌ فارقد، فإن استيقظ فذكَر الله انحلّتْ عقدةٌ، فإن توضَّأ انحلت عقدةٌ، فإن صلَّى انحلَّت عقدةٌ فأصبحَ نشيطًا طيَّبَ النفس، وإلَّا أصبحَ خبيثَ النفس كسلان". ¬

_ (¬1) في أبي داود: (قد). (¬2) في أبي داود: (ثم صلى حتى صلى إحدى. . .). (¬3) مسلم: (2/ 816) (13) كتاب الصيام (35) باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به - رقم (189). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (185). (¬5) مسلم: (بمثل فلان). (¬6) البخاري: (3/ 30) (19) كتاب التهجد (12) باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصل رقم (1142). (¬7) البخاري: (رأس أحدكم).

النسائي (¬1)، قال: أخبرنا إبراهيم بن يعقوب (¬2)، ثنا عمر بن حفص بن غياثٍ ثنا أبي، ثنا الأعمش، ثنا أبو إسحاق، ثنا أبو مسلم الأغر، قال: سمعتُ أبا هريرة وأبا سعيد يقولان: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله عزّ وجلّ يُمهل حتى يمضى شطرُ الليل الأول، ثم يأمر مُناديًا يُنادى يقول: هل من داعٍ يستجاب له، هل من مُستغفر يغفر له؟ هل من سائل يعطى؟ ". مسلم (¬3)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ينزل رَبُّنَا تبارَكَ وتَعَالَى كُلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدُنْيا، حين يبْقَى ثُلُثُ الليلِ الآخِرُ. فيقول: "من يدعُونِي فأَسْتَجِيبَ لَهُ! ومن يسأَلُنِي فأُعْطِيَهُ، ومن يستغْفِرُني فأَغفِرَ لَهُ". وفي طريق أخرى (¬4)، "حتى ينفجِرَ الفجُر". وعن جابر بن عبد الله (¬5) قال: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إنَّ في الليل لساعةً لا يُوافِقُهَا رجُل مسلمٌ يسألُ الله -عزّ وجلّ- خيرًا من أمِر الدنيا والآخرة إلا أعطاهُ إيَّاهُ، وذلك كُلَّ ليلةٍ". النسائي (¬6)، عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من استيقظَ من الليلِ، وأيقَظَ امرأتهُ فصليا ركعتين جميعًا كُتِبَا من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات". ¬

_ (¬1) النسائي: عمل اليوم والليلة - رقم (482). (¬2) (الأصل، ف): يعقوب بن إبراهيم. (¬3) مسلم: (1/ 521) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (24) باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة فيه - رقم (168). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (172). (¬5) مسلم: (1/ 521) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (23) باب في الليل ساعة مستجاب فيها الدعاء - رقم (166). (¬6) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (1/ 413) (12) كتاب قيام الليل (11) ثواب من استيقظ وأيقظ امرأته فصليا - رقم (1310).

الترمذي (¬1)، عن عبادة بن الصامت، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من تَعَارَّ (¬2) من الليلِ فقال: لا إله إلا اللهُ وحدهُ لا شريك لهُ، لهُ الملك وله الحمد (¬3) وهو على كل شيء قدير، وسُبحانَ الله والحمدُ للهِ ولا إله إلا اللهُ والله أكبرُ، ولا حول ولا قوة إلا بالله (¬4)، ثم قال: ربِّ اغفر لي، أو قال: ثم دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ، فإنْ عَزَمَ فتوضأ، ثم صلَّى قُبلَتْ صلاتُهُ". قال: هذا حديث حسن صحيح غريب. مسلم (¬5)، عن مسروق قال: سألتُ عائشةَ عن عمل رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالت: "كان يُحِبُّ الدَّاِئمَ، قال: قلتُ: أَيَّ حينٍ كان يقوم إلى الصلاة (¬6)؟ فقالت: كان إذا سَمِعَ الصَّارِخَ (¬7) قام فصلَّى. أبو داود (¬8)، عن عائشة قالت: "إنْ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليوقظُه الله -عَزَّ وَجَلَّ-، من الليل (¬9) فما يجيء السَّحر حتى يفرُغ من جزءه (¬10) ". مسلم (¬11)، عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ¬

_ (¬1) الترمذي: (5/ 447 - 448) (49) كتاب الدعوات (26) باب ما جاء في الدعاء إذا انتبه من الليل - رقم (3414). (¬2) من تعار من الليل: أي هب من نومه واستيقظ. (¬3) (وله الحمد): ليست والترمذي. (¬4) د: (بالله العلى العظيم). (¬5) مسلم: (1/ 511) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (17) باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي - صلى الله عليه وسلم - في الليل - رقم (131). (¬6) مسلم: (أي حين كان يصلي؟). (¬7) الصارخ: قال النووي: الصارخ هنا هو الديك، باتفاق العلماء. قالوا: وسمي بذلك لكثرة صياحه. (¬8) أبو داود: (2/ 77) (2) كتاب الصلاة (312) باب وقت قيام النبي من الليل - رقم (1316). (¬9) (من الليل): ليست في أبي داود. (¬10) أبو داود: (من حزبه). (¬11) مسلم: (1/ 532، 533) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (26) باب الدعاء في صلاة الليل =

يقول، إذا قامَ إلى الصلاةِ من جوفِ الليل: "اللهمَّ لك الحمدُ أنت نورُ السماواتِ والأرضِ، ولك الحمدُ أنت قَيّامُ السموات والأرض، ولك الحمدُ أنت ربُّ السماواتِ والأرض ومن فيهنَّ، أنت الحقُّ، ووعدُكَ الحقُّ، وقولُك الحقُّ، ولقاؤُكَ حقٌّ، والجنَّةُ حقٌ، والنَّارُ حقٌّ، والسَّاعةُ حقٌ، اللهُم لك أسلمتُ، وبكَ آمنْتُ، وعليكَ توكلتُ، وإليكَ أنَبْتُ، وبكَ خاصَمْتُ، وإليك حاكمتُ فاغفر لي ما قدمتُ وأخرتُ، وأسررتُ وأعلنتُ، أنت إلهي لا إله إلا أنت". وعن علي بن أبي طالب (¬1)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا قام إلى الصلاةِ قال: "وجهتُ وجهِىِ للذي فطر السماواتِ والأرضَ حنيفًا، وما أنا مِنَ المشركين، إِنَّ صلاتِي ونُسُكُي ومحيَاي ومَمَاتِي للهِ ربّ العالمينَ لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملكُ لا إله إلا أنتَ، أنت ربي وأنا عبدُكَ ظلمتُ نفسِي، واعترفْتُ بذنْبُي، فاغفر لِي ذُنوِبي جميعًا، إنه لا يغفر الذنوبَ إلا أنت، واهدني لأحسنِ الأخلاقِ لا يهدي لأحسنِهاَ إلا أنتَ، واصرف عنِّي سَيِّئَهَا، لا يصرِفُ عنِّي سيِّئَهَا الا أنت، لبيكَ وسعدَيْكَ، والخيرُ كُلُّهُ في يديكَ، والشرُّ ليس إليك، أنا بكَ وإليكَ. تبارَكْتَ وتعاليْتَ أستغفرُكَ وأتوبُ إليكَ". وإذا ركع قال: "اللهُمُّ لك ركعْتُ، وبِكَ آمنتُ ولك أسلمتُ. خَشَعَ لَكَ سْمعِي وبَصَرِي، ومُخِّي وعظْمِي وعصبي". وإذا رفع قال: "اللهم ربَّنا لك الحمدُ ملءَ السماواتِ وملء الأرض (¬2) وملء ما شئت مِنْ شيء بعد". ¬

_ = وقيامه - رقم (199). (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (201). (¬2) مسلم: (وملء، ما بينهما).

وإذا سجد قال: "اللهم لكَ سجدتُ وبكَ آمنْتُ ولك أسلمتُ سجدَ وَجْهِى للذِى خَلقَهُ وصوَّرَهُ وشقَّ سمْعَهُ وبَصَرَهُ، تباركَ اللهُ أحسَنُ الخالقين". ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: "اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ وما أسرفْتُ، وما أنت أعلُم بِهِ منِّي. أنت المُقَدِّمُ وأنت المؤَخِّرُ لا إله إلا أنتَ". وعنه (¬1)، قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استفتح الصلاة كبّر ثم قال: وجهت وجهي" - وبينهما اختلاف. وذكر الدارقطني (¬2)، "أَنَّ هذا كان في الصلاة المكتوبة". مسلم (¬3)، عن ابن عباس قال: بِتُّ في بيت خالتي ميمونةَ، فبغيتُ (¬4) كيفَ يُصلِّي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فقامَ فبَالَ. ثم غَسَلَ وجْهَهُ وكفَّيْهِ، ثم نَامَ (¬5) ثم قَامَ إلى القِرْبَةِ فأطْلَقَ شِنَاقَهَا ثم صَبَّ في الجَفْنَةِ أو القَصْعَةِ فأكبّه بيدهِ عليها، ثم توضَّأ وضوءًا حَسَنًا بين الوضوءَينِ، ثم قام يُصلي. فجئتُ فقُمتُ إلى جَنْبِهِ، فقُمْتُ عن يَسارِهِ، قال: فأخذني فأقامني عن يمينِهِ، فتكامَلَتْ صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثَ عشرةَ ركعةً، ثم نام حتى نَفَخَ، وكُنَّا نَعْرِفُهُ إذ نام بنَفْخِهِ، ثم خرجَ إلى الصلاة فصلَّى فجَعَلَ يقول -في صلاته، أو في سجوده-: "اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي سمعي نورًا، وفي بصرى نورًا، وعن يميني نورًا، وعن شمالي نورًا، وأمَامِي نورًا، وخلفِي نورًا، وفوقِي نورًا، وتحتى نورًا، واجعل لي نورًا". أو قال: "واجعلني نورًا". ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (202). (¬2) الدارقطني: (1/ 217). (¬3) مسلم: (1/ 528، 529) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (26) باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه - رقم (187). (¬4) مسلم: (فبقيت) وكذا (ف). (¬5) (ثم نام): ليست في (د).

وفي رواية (¬1)،: "واجعلني نورًا" ولم يشك. وفي أخرى (¬2)،: "فصلى ولم يتوضأ يعني الصبح". وعنه (¬3)، أنه بات ليلةً عند ميمونة أم المؤمنين وهى خالته، قال: "فاضّجَعْتُ في عَرْضِ الوسادة واضجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأهلُهُ في طُولِها. فنامَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتَصَفَ الليلُ أو قَبْلَهُ بقليل أو بعدَهُ بقليل، استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل يمسحُ النَّومَ عن وجهِهِ بيدِهِ، ثم قرأ العشْرَ الآياتِ الخواتِيمَ من سورة آل عمران، ثم قام إلى شنٍّ معلقةٍ فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام يُصلي (¬4). قال ابنُ عباس: فقمتُ فصنعتُ مثل ما صَنَع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ذهبتُ (¬5) فقمتُ إلى جنبهِ، فوضعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدهُ اليُمنى على رأسِي وأخذ بأذُني اليُمْنَى يفتِلُهَا، فصلَّى ركعتيْنِ ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أوتَر، ثم اضجع حتى جاءَهُ المؤذِّنُ فقام، فصلى ركعتين خفيفتين ثم خرج فصلى الصبح". وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن (¬6)، أَنَّه سأل عائشة: كيف كانت صلاةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان؟ قالت: ما كان (¬7) يزيدُ في رمضانَ، ولا في غيرِهِ على إحدَى عشرةَ ركعةً. يُصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنِهن وطولِهن، ثم يُصِلِّي أربَعًا فلا تسأل عن حُسنِهِنَّ وطُولِهنَّ، ثم يُصَلِّي ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 529). (¬2) مسلم: (1/ 527) - رقم (184). (¬3) مسلم: (1/ 526) - رقم (182). (¬4) مسلم: فصلى. (¬5) الأصل: ثم قمت فذهبت. (¬6) مسلم: (1/ 506) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (17) باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي - صلى الله عليه وسلم - في الليل - رقم (125). (¬7) مسلم: (ما كان رسول الله).

ثلاثًا، قالت عائشة، فقلت: يا رسول الله! أتنام قبل أن توتر؟ قال: يا عائشةُ! إن عينى تنامانِ ولا يناُم قلبي". وعن سعد بن هشام (¬1)، قال: قلت: يا أم المؤمنين! -يعنى عائشة- انبِئِينى عن خُلُقِ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت: ألستَ تقرأ القرآن؟ قلتُ: بلى. قالتُ: فإن خُلقَ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان القران. قال: فهممت أن أقوم، ولا أسأل أحدًا عن شئٍ حتى أموت، ثم بدا لي فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: ألست تقرأُ: يا أيها المزمل؟ فقلت: بلى، قالت: فإن الله افترضَ قيام الليل في أَوَّلِ هذه السورةِ. فقام نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُهُ حولًا (¬2) وأمسك الله خاتمَتَهَا اثنى عشَرَ شهرًا في السماء، حتى أنزلَ الله -عزّ وجلّ- في آخر هذه السُّورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوُّعًا بعد فريضةٍ، قال: قلتُ: يا أمَّ المؤمنين أنبئينِى عن وِترِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: كُنَّا نُعِدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وطَهُورَهُ فيبعثُهُ اللهُ ما شاء أن يبعثَهُ من الليل فيتسوَّكَ ويتوضَّأَ ويُصَلِّى تِسْعَ ركعاتٍ، لا يَجْلِسُ فيها إلا في الثامنِة، فيذكرُ اللهَ ويحمدُهُ ويدعو (3)، ثم ينهضُ ولا يُسَلِّمُ، ثم يقومُ فيُصلِّي التاسعةَ ثم يقعُدُ فيذكُرُ اللهَ ويحمدُهُ ويدعو (¬3) ثم يُسلم تسليمًا يُسْمِعُنَا، ثم يُصلي ركعتين بعد ما يُسلِّمُ وهو قاعُدٌ فتلك إحدى عشرةَ ركعةً، يا بُنَيَّ، فلمَّا أسنَّ (¬4) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذ اللحم (¬5)، أوتر بسبعٍ، وصنَع في الركعتين مثل صنيعِهِ الأول فتلك تسعٌ يا بُنَيَّ. وكان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلَّى ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 512 - 514) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (18) باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض - رقم (139). (¬2) (د): حولا كاملا. (¬3) مسلم: (يدعوه). (¬4) مسلم: (سنَّ). (¬5) مسلم: (وأخذه اللحم).

صلاةً أحبَّ أن يُداوِمَ عليها. وكان إذا غَلَبَهُ نومٌ أو وَجَعٌ عن قيام الليل، صلَّى من النهارِ ثنْتَىْ عشرةَ ركعةً، ولا أعلمُ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ القرآنَ كُلَّهُ في ليلةٍ، ولا صلَّى ليلةً إلى الصبحِ، ولا صام شهرًا كاملًا غير رمَضَانَ قالَ: فانطلقتُ إلى ابن عبَّاس فحدَّثْتُهُ بحديثهَا، فقال: صدقتْ". وعند النسائي (¬1) في هذا الحديث، قالت: "إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما كَبِرَ وضعُفَ أوتَرَ بسبع ركعاتٍ لا يقعُدُ إلا في السَّادِسة، ثُمَّ ينهضُ ولا يُسلِّمُ فيُصلِّي السابِعةَ" الحديث. مسلم (¬2)، عن زيد بن خالدٍ الجُهَنِيِّ، أنه قال: "لَأرْمُقَنَّ صلاةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -لليلةَ. فصلَّى ركعتين خفيفتين، ثم صلى ركعتين طويلتين. طويلتين. طويلتين. ثم صلَّى ركعتين، وهما دون اللتين قبْلَهُمَا. ثم صلى ركعتين، وهما دون اللتين قبلَهُمَا، ثم صلَّى ركعتين، وهما دُونَ الليتن قبلهُمَا، ثم صلَّى ركعتين، وهما دُونَ اللتين قبلَهُهاَ ثم أوْتَرَ فذلِكَ ثلاث عشرةَ ركعةً". البخاري (¬3)، عن عائشة قالت: تهجَّدَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في بيَتى، فسمِعَ صوتَ عَبّادٍ يُصلِّي في المسجِد، فقال: "يا عاِئشَة! أصوتُ عبادٍ هذا؟ " قلت: نعم قال: "اللهم ارحم عبادًا" -هو عَبّاد بن بشير الأنصاري-. أبو داود (¬4)، عن أبي هريرة أنه قال: "كانت قِراءةُ رسول الله - صلى ¬

_ (¬1) النسائي: (1/ 240) (17) كتاب الإستسقاء (42) باب كيف الوتر بسبع - رقم (1719). (¬2) مسلم: (1/ 531، 532) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (26) باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه - رقم (195). (¬3) البخاري (5/ 312) (52) كتاب الشهادات (11) باب شهادة الأعمى وأمره ونكاحه وإنكاحه - رقم (3655). (¬4) أبو داود: (2/ 81) (2) كتاب الصلاة (315) باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل - رقم (1328).

الله عليه وسلم - بالليل يرفع طوْرًا ويخفض طوْرًا". وعن ابن عباس (¬1)، قال: "كانت قراءَةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قدر ما يسمعُه من في البيت وهو في الحجرة" (¬2). مالك (¬3)، عن البَياضِيِّ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرجَ علي الناس وهم يُصَلُّونَ، وقد عَلَتْ أصواتُهُمْ بالقراءةِ، فقال: "إِنَّ المُصلي يُناِجي رَبَّهُ فليَنْظرْ بما يُنَاجِيهِ به. ولا يَجْهَرْ بعضُكُم على بعضٍ بالقرآنِ". البياضيُّ: هو ودقة بن عمرو، وبنو بياضة فخذٌ من الخزرج قاله أبو عُمر. أبو داود (¬4)، عن علقمة والأسود، قالا: أتى ابنَ مسعودٍ رجلٌ فقال: إني أقرأُ المفصَّل في ركعة، فقال: أهذًّا كهذِّ الشعْر (¬5)، ونثرًا كنثر الدَّقَلِ (¬6)؟ لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأُ النظائر السورتين في ركعة. (الرحمن والنجم) (¬7)، في ركعة، (واقتربت والحاقة) في ركعة، (والطور (والذاريات) في ركعة، و (إذا وقعت ونون والقلم) (¬8) في ركعة، و (سأل سائل والنازعات) في ركعة و (ويل للمطففين وعبس) في ركعة [والمدثر والمزمل في ركعة] (¬9) و (هل أتى ولا أقسم بيوم القيامة) في ¬

_ (¬1) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (1327). (¬2) أبو داود: (من في الحجرة وهو في البيت). (¬3) الموطأ (1/ 80) (3) كتاب الصلاة (6) باب العمل في القراءة - رقم (29). (¬4) أبو داود: (2/ 117، 118) (2) كتاب الصلاة (326) باب تحزيب القرآن - رقم (1396). (¬5) قال الخطابي: الهذُّ سرعة القراءة، وإنما عاب عليه ذلك لأنه إذا أسرع القراءة ولم يرتلها، فاته فهم القرآن وإدراك معانيه. (¬6) الدقل: رديء التمر. (¬7) في أبي داود: (النجم والرحمن). (¬8) (والقلم): ليست في أبي داود. (¬9) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

ركعةٍ، و (عمَّ يتساءلون والمرسلات) في ركعة و (الدخان وإذا الشمس كوِّرت) في ركعة. قال أبو داود: هذا تأليف ابن مسعود. مسلم (¬1)، عن عائشة قالت: كان لِرسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حصير. وكان يُحَجِّرُهُ (¬2)، من الليل فيُصَلِّى فيه، فجعَلَ الناسُ يُصلُّونَ بصلاِتهِ، ويبسُطُهُ بالنهَارِ، فثابُوا (¬3)، ذات ليلةٍ، فقال: "يا أيُّها الناس! عليكم مِنَ الأعمالِ ما تُطِيقون، فإنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- لا يَمَلُّ حتى تَمُّلوا، وإن أَحَبَّ الأعمالِ إلى الله مادُووِمَ عليه وإن قلَّ" وكان آلُ محمدٍ إذا عملوا عملًا أثبتُوهُ. وعن عائشة (¬4) -أيضًا- أن رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى في المسجِدِ ذاتَ ليلةٍ فصلَّى بصلاِتهِ ناسٌ، ثم صلَّى من القابِلَةِ فَكَثروا فاجتمعوا (¬5) من الليلة الثالثةِ أو الرابعةِ. فلم يخرُجْ إلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا أصبَحَ قال: "قد رأيتُ الذى صنعتم. فلم يمنعني من الخُروجِ إليكم إلَّا أنَّي خشِيتُ أَنْ يُفرَضَ عليكُمْ". قال: وذلك في رمضان. زاد في طريق آخر: "ولو كتب عليكم ما قمتم به" (¬6). ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 540، 541) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (30) باب فضيلة العمل الدائم من قيام الليل وغيره - رقم (215). (¬2) يحجره: أي يتخذهُ حجرة. (¬3) فثابوا: أي اجتمعوا. وقيل: رجعوا للصلاة. (¬4) مسلم: (1/ 524) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (25) باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح - رقم (177). (¬5) في مسلم: (فكثر الناس ثم اجتمعوا). (¬6) لم أجد هذا اللفظ في مسلم.

وقال في حديث زيد بن ثابت (¬1)، "فعليكم بالصلاةِ في بُيوتِكُم. فإنَّ خير صلاةِ المرءِ في بيتهِ إلا الصلاةَ المكتوبةَ". وقال أبو داود (¬2)، من حديث زيد بن ثابت، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "صلاةُ المرءِ في بيتهِ أفضل من صلاته في مسجدي هذا، إلا المكتوبة". مسلم (¬3)، عن أنس قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجِدَ وحبل ممدودٌ بين ساريتيْنِ. فقال: "ما هذا؟ "، قالوا: لزينب تُصَلِّى فإذا كسِلَتْ أو فَتَرت أمْسَكَتْ بِهِ، فقال: "حُلُّوهُ - لِيصلِّ أحدكم نشاطَهُ، فإذا كَسِلَ أو فَتَرَ قعد". وعن هشام بن حسان (¬4)، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تختصُّوا ليلةَ الجمعةِ بقيامٍ من بين اللَّيَالِي، ولا تختصوا (¬5) يوم الجمعةِ بصيام من بينِ الأيَّامِ، إلَّا أنْ يكونَ في صومٍ يصومُهُ أحَدُكُمْ". قال الدارقطني (¬6)،: "لا يصح هذا عن أبي هريرة وإنما رواه ابن سيرين عن أبي الدرداء في قصة طويلة لسلمان وأبي الدرداء أخبر بها النبي - صلى الله عليه وسلم -". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 540) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (29) باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد - رقم (213). (¬2) أبو داود: (1/ 632، 633) (2) كتاب الصلاة (205) باب صلاة الرجل التطوع في بيته - رقم (1044). (¬3) مسلم: (1/ 541، 542) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (31) باب أمر من نص في صلاته - رقم (219). (¬4) مسلم: (2/ 801) (13) كتاب الصيام (23) باب تحريم صوم أيام التشريق - رقم (148). (¬5) مسلم: (ولا تخصوا). (¬6) الِإلزامات والتتبع: ص 145، 146.

باب في ركعتي الفجر وصلاة الضحى والتنفل في الظهر والعصر والمغرب والعشاء

مسلم (¬1)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أفضلُ الصلاةِ بعد الصلاةِ المكتوبةِ، الصلاةُ في جوفِ الليلِ، وأفضل الصيَامِ بِعْدَ شَهْرِ رمضَانَ، صِيَامُ شهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ". وعن عمر بن الخطاب (¬2)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من نامَ عن حزْبهِ أو عن شيء منه فقرأه فيما بيَن صلاةِ الفجر وصلاةِ الظهر، كُتِبَ لَهُ كأنَّما قرأَهُ من اللْيلِ". النسائي (¬3)، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أتى فراشَهُ وهو يَنْوِي أن يقُومَ يُصَلِّي من الليلِ فغلبَتْهُ عينه حتى رجع كان (¬4) له ما نوى وكان نومُهُ صدقَةً عليه من ربه". باب في ركعتي الفجر وصلاة الضحى والتنفل في الظهر والعصر والمغرب والعشاء مسلم (¬5)؛ عن عائشة، أنها كانت تقول: "كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي ركعَتَى الفجْرِ. فيُخفِّفُ حتى إنِّي أقولُ: هل قرأ فيهما بأم القرآن! ". ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 821) (13) كتاب الصيام (38) باب فضل صوم المحرم - رقم (203). (¬2) مسلم: (1/ 515) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (18) باب جامع صلاة الليل، ومن نام عنه أو مرض - رقم (142). (¬3) النسائي: (3/ 258) (17) كتاب الإستسقاء (63) باب من أتى فراشه وهو ينوي القيام فنام - رقم (1687). (¬4) في النسائي: (فغلبتهُ عيناه حتى أصبح كتِبَ له). (¬5) مسلم: (1/ 501) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (14) باب استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما وتخفيفهما والمحافظة عليهما - رقم (92).

وعن أبي هريرة (¬1)، "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في ركعتي الفجر: قل يا أَيُّها الكافرون، وقل هو الله أحد". وعن ابن عباس (¬2) قال: "كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في ركعتى الفجر: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}. والتي في آل عمران: {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ..} الآية (¬3) ". وعن عائشة (¬4)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها". وعنها (¬5) "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يَكُنْ على شيءٍ من النوافل أشَدَّ مُعَاهَدَةً منه على ركعتين قبل الصُّبح". الترمذي (¬6)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعدما تطلع الشمس". الترمذي (¬7) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا صلَّى أحدكم ركعتَي الفجِر فليَضْطجع على يمينه"، قال: هذا حديث حسن صحيح غريب. خرجه مسلم (¬8)، عن عائشة. من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (98). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (100). (¬3) كلمة الآيه ليست في مسلم وهى في [3/ آل عمران / الآية 64]. (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين رقم (96). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (94). (¬6) الترمذي: (2/ 287) أبواب الصلاة (314) باب ما جاء في إعادتهما بعد طلوع الشمس - رقم (423). (¬7) الترمذي: (2/ 281) أبواب الصلاة - باب ما جاء في الإضطجاع بعد ركعتي الفجر - رقم (420). (¬8) مسلم: (1/ 511) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (17) باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي - صلى الله عليه وسلم - في الليل - رقم (133).

النسائي (¬1)، عن نعيم بن هبارٍ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ربه عزّ وجلّ قال: "ابنَ آدم صَلّ أربع ركعات في أوّلِ النهار أكفك آخره". مسلم (¬2)، عن أبي هريرة، قال: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاثٍ: "بصيامِ ثلاثةِ أيامٍ من كل شهرٍ، وركعتي الضُّحى، وأَنْ أُوتِرِ قبلَ أن أرقدَ". وعن عائشة (¬3) قالت: "ما رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّى سُبْحَةَ الضُّحَى قطُّ وإنِّي لأسبِّحُهَا، وإِن كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليَدَعُ العَمَلَ، وهو يُحِبُّ أن يَعْمَلَ بهِ، خشيةَ أن يعمل به الناس فيُفرضَ عليهم". وعن عبد الله بن شقيق (¬4) قال: قلت لعائشة: هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى؟ قالت: لا. إلا أن يجئ من مغيبه" (¬5). وعن معاذة (¬6)، أنها سألت عائشة: كم كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي الضحى؟ قالتْ: أربَعَ ركعاتٍ ويزيدُ ما شاء. مسلم (¬7)، عن أم هانئ قالت: ذهبتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (1/ 175) كتاب الصلاة (60) الحث على الصلاة أول النهار (1) رقم (467). (¬2) مسلم: (1/ 499) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (13) باب استحباب صلاة الضحى - رقم (85). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (77). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (75). (¬5) من مغيبه: أي من سفره. (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (78). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (83).

وسلم - عامَ الفتحِ فوجدتُهُ يغتسلُ، وابنته تستُرُهُ بثوْب، قالت: فسلمتُ عليه (¬1)، فقال: "من هذه؟ " فقلتُ؟ أم هانئ بنت أبي طابٍ. قال: "مرحبًا بأم هانئ" فلما فرغَ من غُسلهِ قام فصلَّي ثمانِيَ ركعاتٍ، مُلتحلفًا في ثوب واحدٍ. فلما انصرف قلتُ: يا رسول الله! زعم ابُن أُميِّ علي بن أبي طالب أنه قاتِلٌ رجلًا أَجرْتُهُ، فلانُ ابنُ هبيرة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد أَجَرْنَا من أجَرْتِ يا أمَّ هانئ" - قالت أم هانئ: وذلك ضحى. في طريق أخرى (¬2)، من الزيادة، "لا أدري أقيامُهُ فيها أطولُ أم ركوعُهُ أم سجودُهُ كل ذلك مِنْهُ متقارِبٌ". النسائي (¬3)، عن علي بن أبي طالب قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا زالت الشمس يعني من مطلعها قيد رمحٍ أو رمحين، كقدر صلاةِ العصر من مغربها صلَّى ركعتين، ثم أمهل حتى إذا ارتفع الضحى، صلَّى أربع ركعات ثم أمهل، حتى إذا زالت الشمس صلَّى أربع ركعات قبل الظهر حتى تزول الشمس، فإذا صلَّى الظهر صلَّى بعدها ركعتين وقبل العصر أربع ركعات فذلك ست عشرة ركعة". هكذا رواه عبد الملك بن أبي سليمان العرْزَميُّ، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضُمرةَ، عن عليّ. ورواه حصين بن عبد الرحمن، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي، وقال: "يجعل التسليم في آخر ركعة يعنى من الأربع ركعات". ¬

_ (¬1) (عليه): ليست في مسلم. (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (81). (¬3) أخرجه النسائي في السنن الكبرى (1/ 147) (1) كتاب الصلاة (15) ذكر اختلاف الناقلين لخبر أبي إسحاق - رقم (337).

وخالفه شعبة، فرواه عن أو إسحاق، بهذا الإسناد وقال: "ويفصلُ بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين، والنبيين ومن تبعهم من المسلمين". أبو داود (¬1)، عن أبي أُمامة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاةٌ على أثر (¬2) صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليِّين". مسلم (¬3)، عن زيد بن أرقمَ قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهْلِ قُبَاء وهم يُصَلُّونَ. فقال: "صلاة الأوَّابِينَ إذا رَمِضَتِ الفِصَالُ" (¬4). وعن عبد الله بن شقيق (¬5) قال: سألتُ عائشة عن صلاةِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم- عن تطوُّعِهِ؟ فقالتْ: "كان يُصلِّي في بيتي قبْلَ الظُّهْرِ أربعًا. ثم يَخْرُجُ فيُصلِّي بالنَّاسِ. ثم يدخُلُ فيُصلِّي ركعتين، وكان يصلي بالنَّاسِ المغرِبَ ثم يدخل فيُصلِّي ركعتين، ويُصلِّي بالنَّاسِ العِشَاءَ. ويدخُلُ بيتي فيُصلِّي ركعتين، وكان يُصلِّي من الليل تِسْع ركعات، فيهنَّ الوِترُ، وكان يُصلِّي ليلًا طويلًا قائمًا، وليلًا طويلًا قاعدًا، وكان إذا قَرأَ وهو قائم ركَعَ وسَجَدَ وهو قائم، وإذا قرأ قاعدًا، ركَعَ وسجد وهو قاعد، وكان إذا طَلَعَ الفجرُ صلَّى ركعتين". ¬

_ (¬1) أبو داود: (2/ 62) (2) كتاب الصلاة (301) باب صلاة الضحى - رقم (1288). (¬2) أبو داود: (في أثر). (¬3) مسلم: (1/ 516) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (19) باب صلاة الأوابين حين ترمض الفصال - رقم (144). (¬4) رمضت الفصال: الرمضاء: الرمل الذي اشتدت حرارته بالشمس، أي حين تحترق أخفاف الفصال، وهي الصغار من أولاد الأبل. (¬5) مسلم: (1/ 504) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (16) باب جواز النافلة قائمًا وقاعدًا وفعل بعض الركعة قائمًا وبعضها قاعدًا - رقم (105).

النسائي (¬1)، عن أُمِّ حبيبةَ، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اثنتا عشرةَ ركعةً من صلّاهُنَّ بُني له (¬2) بيت في الجنَّةِ، أربعَ ركعاتٍ قبل الظهرِ، وركعتين بعد الظهر، وركعتين قبل العصر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين قبل صلاة الصُّبْحِ". الترمذي (¬3)، عن عبد الله بن السَّائب "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلِّي أربعًا بعد أن تزُولَ الشمس قبلَ الظهرِ، وقال: إنها ساعةٌ تُفْتَحُ فيها أبوابُ السماءِ وأُحِبُّ أن يَصْعَدَ لي فيها عملٌ صالح". وعن عائشةَ (¬4)، "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا لم يُصَلِّ قبل الظهر أربعًا (¬5) صلاهن بعد". أبو داود (¬6)، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رحم الله امرأً صلَّى قبْل العصر أربعًا". البخاري (¬7)، عن ابن عبَّاسٍ قال: بِتُّ في بيتِ خالتي ميمونةَ -قال فيه-: "فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم -لعِشَاءَ، ثمَّ جاءَ إلى منزلِهِ فصلَّى أربعَ ركعاتٍ، ثمَّ نامَ ثم قامَ"، وذكر الحديث. مسلم (¬8)، عن عبد الله بن بريدة، عن عبد الله بن مُغَفَّلٍ؛ قال: قال ¬

_ (¬1) النسائي: (3/ 262) (20) كتاب قيام الليل وتطوع النهار (66) باب ثواب من صلى في اليوم والليلة - رقم (1801). (¬2) النسائي: (بنى الله). (¬3) الترمذي: (2/ 342، 343) (1) أبواب الصلاة (347) باب ما جاء في الصلاة عند الزوال رقم (478). (¬4) الترمذي: (2/ 291) (1) أبواب الصلاة (317) باب منه آخر - رقم (426). (¬5) الترمذي: (أربعًا قبل الظهر). (¬6) أبو داود: (2/ 53) (2) كتاب الصلاة (297) باب الصلاة قبل الصلاة - رقم (1271). (¬7) البخاري: (1/ 256) (3) كتاب العلم (41) باب السمر في العلم - رقم (117). (¬8) مسلم: (1/ 573) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (56) باب بين كل أذانين صلاة - رقم (304).

باب في العيدين

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بين كُلِّ أذانين صلاةٌ" قالها ثلاثًا. قال في الثالثة: "لمن شاء". وفي رواية (¬1)، قال في الرابعة: "لمن شاء". مسلم (¬2)، عن مختار بن فُلْفلٍ، عن أنسٍ قال: كنَّا نصلِّي على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتيْنِ بعد غُرُوبِ الشمس. قبل صلاة المغربِ قلت له: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاهُمَا؟ قال: كان يرانا نُصلِّيهما فلم يأمُرْنَا ولم ينهنا. مسلم (¬3)، عن كعب بن مالك، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "كان لا يَقْدَمُ من سفرٍ إلا نهارًا، في الضحى. فإذا قَدِمَ بدأ بالمسجِدِ فصلى فيه ركعتين ثم جلس فيه". باب في العيدين البخاري (¬4)، عن أنس: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يَغدُو يوم الفطرِ حتى يأكَل تَمَرَات". زاد في طريقٍ منقطعة "ويأكلهن وترًا" وهذه الزيادة وصلها الدارقطني (¬5). ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 573) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (56) باب بين كل أذانين صلاة - رقم (304). (¬2) مسلم: (1/ 573) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (55) باب استحباب ركعتين قبل صلاة المغرب - رقم (302). وفيه مختار بن فلفل يسأل أنس بن مالك عن التطوع بعد العصر. (¬3) مسلم: (1/ 496) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (12) باب استحباب الركعتين في المسجد لمن قدم من سفر أول قدومه - رقم (74). (¬4) البخاري: (2/ 517) (13) كتاب العيدين (4) باب الأكل يوم الفطر قبل الخروج - رقم (953). (¬5) الدارقطني: (2/ 45) (7) كتاب العيدين - رقم (9).

مسلم (¬1)، عن أم عطية قالت: "أمَرَنَا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن نُخْرِجَهُنَّ في الفطر والأضْحَى - العواتق (¬2)، والحُيَّضَ وذواتِ الخدُورِ (¬3) فأمَّا الحُيَّضُ فيعتزِلْنَ الصلاةَ، ويشهدْنَ الخيْرَ ودعوةَ المسلمين". قلت: يا رسول الله! إحدانا لا يكونُ لها جلبابٌ. قال: "لِتُلْبِسْهَا أختها من جلبابها". وقال البخاري (¬4): "فيكُنَّ خلفَ الناسِ فَيُكبِّرنَ بتكبيرِهم، ويدْعونَ بدُعائهم، يَرجون بركة ذلك اليومَ وطُهرَتهُ". أبو داود (¬5)، عن يزيد بن خُمَير قال: خرج عبد الله بن بُسْر صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الناسِ يوم عيد فِطرٍ (¬6)، أو أضحى فأنكر إِبطاء الإِمام، فقال: إنا كنا فرغنا (¬7)، ساعتنا هذه، وذلك حين التسبيح. مسلم (¬8)، عن ابن عمر، "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكرٍ وعمر، كانوا يصلُّون العيدين قبل الخطبةِ". وعن جابر بن عبد الله (¬9) قال: شهدتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاةَ يوم العيدِ فبدأ بالصلاة قبل الخطبةِ، بغير أذانٍ ولا إقامةٍ، ثم ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 606) (8) كتاب صلاة العيدين (1) باب ذكر إباحة خروج النساء في العيدين إلى المصلى وشهود الخطبة - رقم (12). (¬2) العواتق: هي الجارية البالغة. (¬3) الخدور: البيوت. (¬4) البخاري: (2/ 535) (13) كتاب العيدين (12) باب التكبير أيام منى، وإذا غدا إلى عرفة - رقم (971). (¬5) أبو داود: (1/ 675) (2) كتاب الصلاة (246) باب وقت الخروج إلى العيد - رقم (1135). (¬6) في أبي داود: (في يوم عيد فطر). (¬7) في أبي داود: (قد فرغنا). (¬8) مسلم: (2/ 605) (8) كتاب صلاة العيدين - رقم (8). (¬9) مسلم: (2/ 603، 604) (8) كتاب صلاة العيدين - رقم (4).

قامَ مُتوكِّئًا على بلالٍ، فأمر بتقوى الله. وحث على طاعتِهِ، ووعظ الناس. وذكرّهمَ، ثم مضى حتى أتى النساء، فوعظهن وذكّرهُنَّ فقال: "تصدَّقْنَ فإن أكثركُنَّ حَطَبُ جهنَّمَ" فقامتِ امرأةٌ من سِطَةِ (¬1) النساء سفْعَاءُ الخدين (¬2) فقالت: لِمَ يا رسول الله؟ قال: "لأنكُنَّ تُكْثِرنَ الشَّكَاةَ، وتكفرنَ العشير"، قال: فجعلنَ يتصدَّقْنَ من حُليِّهنَّ يُلقِينَ في ثوب بلالٍ من أقراطهن (¬3) خواتيمهن". زاد أبو داود (¬4)، "فقسمه على فقراء المسلمين". مسلم (¬5)، عن ابن عباس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم أضْحَى أو فِطْر، فصلَّى ركعتين لم يُصَلِّ قبلهمَا ولا بعدهما (¬6) " - وذكر الحديث. مسلم (¬7)، عن عبد الله (¬8) بن عبد الله بن عُتبةَ، أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقدٍ الليثي: ما كان يقرأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأضحَى والفطر؟ فقال: "كان يقرأ فيهما بقا 4 ف والقرآن المجيد، واقتربت الساعُة وانشق القمر". النسائي (¬9)، عن سمُرة بن جندب "أن رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) سطة: أي من خيارهن. (¬2) سفعاء الخدين: السُّفْعَة سواد مشرب بحمرة. (¬3) مسلم: (أقرطتهن). (¬4) لم أجده في أبي داود. (¬5) مسلم: (2/ 606) (8) كتاب صلاة العيدين (2) باب ترك الصلاة قبل العيد وبعدها في المصلى - رقم (13). (¬6) مسلم: (قبلها ولا بعدها). (¬7) مسلم: (2/ 607) (8) كتاب صلاة العيدين (3) باب ما يقرأ به في صلاة العيدين - رقم (14). (¬8) الأصل: عبيد الله. (¬9) النسائي في الكبرى: (1/ 547) (18) كتاب صلاة العيدين - (12) القراءة في العيدين رقم (1774).

وسلم - كان يقرأ في العيدين بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية". الترمذي (¬1) عن عمرو بن عوف "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبَّر في العيدين: في الأولى سَبْعًا قبل القراءةِ، وفي الآخرة خمسًا قبلَ القراءةِ" صحح البخاري هذا الحديث. أبو داود (¬2)، عن عطاء، عن عبد الله بن السائب قال: شهدتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -لعيد، فلما قضى الصلاة قال: "إنا نخطب فمن أحبَّ أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحبَّ أن يذهب فليذهب". هذا يروى مرسلًا عن عطاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. أبو داود (¬3)، عن أبي عمير بن أنس، عن عُمُومةٍ له من أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ركبًا جاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يشهدون أنهم رأو الهلال بالأمس "فأمرهم أن يُفطروا، وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم". الترمذي (¬4)، عن أبي هريرة قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج يوم العيد في طريق رَجع في غيره". خرجه البخاري (¬5). ¬

_ (¬1) الترمذي: (2/ 416) (1) أبواب الصلاة (386) باب ما جاء في التكبير في العيدين - رقم (536). (¬2) أبو داود: (1/ 683) (2) كتاب الصلاة (253) باب الجلوس للخطبة - رقم (1155). (¬3) أبو داود: (1/ 684) (2) كتاب الصلاة (255) باب إذا لم يخرج الإِمام للعيد من يومه يخرج من الغد - رقم (1157). (¬4) الترمذي: (2/ 424) (1) أبواب الطهارة (389) باب ما جاء في خروج النبي إلى العيد ورجوعه من طريق آخر - رقم (541). (¬5) البخاري: (2/ 547) (13) كتاب العيدين (24) باب من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد - رقم (986). وقد رواه من حديت جابر عبد الله ولفظه "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم عيد خالف الطريق".

وأخرج البخاري (¬1)، أيضًا، عن سعيد بن جبُير قال: "كنتُ مع ابنِ عمرَ حين أَصابه سنانُ الرمح في أَخْمصِ قدمةِ، فلزِقَتْ قدمُه بالرِّكابِ، فنزَلْتُ فنزعتُها -وذلك بمنى- فبلغَ الحَجَّاجَ فجعل يَعودُهُ، فقال الحَجَّاجُ: لو نعلمُ مَن أصابك؟ فقال ابن عمر: أنت أصبتني. قال: وكيف؟ قال: حملتَ السلاح في يوم لم يَكنْ يُحملُ فيه، وأدخلت السلاحَ الحَرمَ، ولم يكنِ السلاحُ يُدْخلُ الحَرمَ". النسائي (¬2)، عن أنس قال: كان لاْهِل الجاهليَّةِ يومان في كُلٌ سَنَةٍ يلعُبون فيهما، فلما قدِمَ النبي - صلى الله عليه وسلم -لمدينَةَ قال: "كان لكم يومان تلعبُون فيهما وقد أبدلكُما اللهُ بهما خيرًا منهما، يوم الفطر ويوم الأضحى". مسلم (¬3)، عن عائشة قالت: دخلَ على أبو بكر وعندي جاريتانِ من جواري الأنصار، تغنِّيان بما تقاولت بِهِ الأنصارُ يوم بُعَاثٍ. قالت: وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكرٍ: أبمزمُوِر الشيطان في بيتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وذلك في يوم عيدٍ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا بكر! إنَّ لكلِّ قومٍ عيدًا وهذا عِيدُنا". وفي رواية (¬4) "جاريتان تعلبان بدفٍّ". وزاد في طريق آخر (¬5)، "دعهُمَا" فلما غَفَلَ غَمَزْتُهُما فخرجَتَا. وكان يوم عيدٍ يلعُب السودان بالدَّرَقِ (¬6) والحِرَابِ، فإمَّا سألتُ رسول الله - صلى ¬

_ (¬1) البخاري: (2/ 527) (13) كتاب العيدين (9) باب ما يكره من حمل السلاح في العيد والحرم - رقم (966). (¬2) النسائي: (3/ 179، 180) (19) كتاب صلاة العيدين - رقم (1556). (¬3) مسلم: (2/ 607، 608) (8) كتاب صلاة العيدين (4) باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد - رقم (16). (¬4) مسلم: نفس الموضع السابق. (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (11). (¬6) الدرق: الترس من جلود، ليس فيه خشب ولا عقب.

باب في صلاة الإستسقاء

الله عليه وسلم - وإما قال: "تشتهين تنظريَن؟ فقلت نعم؟ فأقامني وراءه خَدِّى على خَدِّهِ، وهو يقول: "دونكم يا بني أرفدة" (¬1) حتى إذا مللت قال: "حسبك" قلت: نعم، قال: "فاذهبي". وعنها (¬2) "أن لعبهم هذا كان في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". باب في صلاة الإستسقاء مسلم (¬3)، عن عبد الله بن زيد قال: خرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا يستسقِي فجعلَ إلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ، يدعُو الله، واستقبَلَ القِبْلَةَ، وحوَّلَ رِدَاءَهُ وصلى (¬4) ركعتين. زاد البخاري (¬5)، "جهر فيهما بالقِراءَةِ". وزاد عن المسعودي (¬6)، "وجعل اليمين على الشمال". وقال أبو داود (¬7): عن عمارة بن غزيّة، عن عباد بن تميم، عن عبد الله بن زيد قال: استسقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه خميصةٌ (¬8)، ¬

_ (¬1) دونكم يا بني أرفدة: أي عليكم باللعب الذي أنتم فيه وأرفدة: لقب للحبشة. (¬2) مسلم: (2/ 609) (8) كتاب صلاة العيدين (4) باب الرخصة في اللعب الذى لا معصية فيه في أيام العيد - رقم (18). (¬3) مسلم: (2/ 611) (9) كتاب صلاة الإستسقاء - رقم (4). (¬4) مساء: (ثم صلى). (¬5) البخاري: (2/ 597) (15) كتاب الإستسقاء (16) باب الجهر بالقراءة في الإستسقاء - رقم (1024). (¬6) البخاري: (2/ 598) (15) كتاب الإستسقاء (11) باب الإستسقاء في المصلى - رقم (1027). (¬7) أبو داود: (1/ 688) (2) كتاب الصلاة (258) باب جماع أبواب صلاة الإستسقاء وتفريعها - رقم (1164). (¬8) في أبي داود: (خميصة له).

سوداء فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ أسفلها (¬1) فيجعلهُ أعلاها، فلما ثَقُلَتْ عليه (¬2)، قلبها على عاتقيه. وقال أبو داود (¬3) أيضًا، عن عبد الله بن كنانة قال: أرسلني الوليد بن عتبة، وكان أمير المدينة إلى ابن عباس أسأله عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الإستسقاء، فقال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُتبذلًا متواضعًا متضرعًا حتى أتى المُصلى فرقى على المنبر، ولم يخطب خُطَبكُم هذه، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير، ثم صلَّى ركعتين كما يُصلي في العيد. مسلم (¬4)، عن أنسٍ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ لا يرفعُ يديه في شيء من دُعَائِهِ إلَّا في الإستسقاِء. حتى يُرَى بياضُ إبطَيْهِ. وعنه (¬5)، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - استسقى. فأشارَ بظَهْرِ كفَّيْهِ إلى السَّمَاءِ. أبو داود (¬6)، عن عبد ربه بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، قال: أخبرني من رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يدعو عند أحجار الزيت باسطًا كفيّه. مسلم (¬7)، عن أنس، أَنَّ رجُلًا دخل المسجدَ يوم الجُمُعة من بابٍ كان ¬

_ (¬1) في أبي داود: (بأسفلها). (¬2) (عليه): ليست في أبي داود. (¬3) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (1165). (¬4) مسلم: (2/ 612) (9) كتاب صلاة الإستسقاء (1) باب رفع الدين بالدعاء في الإستسقاء - رقم (6). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (7). (¬6) أبو داود: (1/ 692) (2) كتاب الصلاة (260) باب رفع اليدين في الإستسقاء - رقم (1172). (¬7) مسلم: (2/ 612 - 614) (9) كتاب صلاة الإستسقاء (2) باب الدعاء في الإستسقاء - رقم (8).

نحو دارِ القضاءِ (¬1)، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قائَمٌ يخطبُ الناس (¬2)، فاستقبلَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قائَمًا. ثُمَّ قال: يا رسول الله! هَلكَتِ الأموالُ وانقطعَتِ السُّبُلُ. فادع الله يُغِثْنَا، قال: فرفع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: "اللهم أَغِثْنَا، اللهم أَغثنا، اللهم أغثنا"، قال أنس: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قَزَعَةٍ (¬3)، وما بيننا وبين سَلْعٍ (¬4) من بيتٍ ولا دارٍ، قال: فطلعَتْ من ورائه سحابةٌ مِثلُ التُّرس فلما توسَّطَتِ السماء انتشرت. ثم أمطرتْ، قال: فلا والله ما رأينا الشمس سبتًا (¬5)، قال: ثم دخل رجلٌ من ذلك البابِ في الجمعَةِ المُقبلَهِ ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يخطبُ، فاستقبلَهُ قائمًا فقال: يا رسول الله! هلكت الأموالُ وانقطعت السبُلُ، فادعُ الله يُمْسِكْهَا عنَّا، قال: فرفَعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ ثمَّ قال: "اللهم حوالينا (¬6) ولا عليْنَا، اللهم على الآكامِ (¬7) والظَّرابِ (¬8)، وبطونِ الأوديةِ، ومنابتِ الشجر" قال: فانقلعَتْ، وخرجنا نمشِي في الشمس. وعنه (¬9)، قال: أصابَنَا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَطَرٌ فحَسرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوبَهُ، حتى أصابَهُ من المطِر. فقلنا: يا رسول الله! لِمَ صَنَعْتَ هذا؟ قال: "لِأنَّهُ حديثُ عهدٍ بربه -عَزَّ وَجَلَّ- (¬10) ". ¬

_ (¬1) دار القضاء: سميت بذلك لأنها بيعت لقضاء دين لعمر بن الخطاب. (¬2) (الناس): ليست في مسلم. (¬3) قزعة: هي القطعة من السحاب. (¬4) سلع: جبل بقرب المدينة. (¬5) (سبتًا) أي قطعة من الزمان، وأصل السبت القطع. (¬6) في مسلم: (حولنا) وفي بعض نسخه (حوالينا) وهما صحيحان. (¬7) الآكام: دون الجبل وأعلى من الرابية. (¬8) الظراب: هي الروابي الصغار. (¬9) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (13). (¬10) مسلم: (بربه تعالى).

باب في صلاة الكسوف

وعن عائشة (¬1) - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يومُ الرِّيحِ والغيْمِ، عُرِف في وجهه ذلك (¬2)، فأقبل وأدبَر، فإذا أمطرت (¬3)، سُرَّ بهِ، وذهبَ ذلك عنه (¬4)، قالت عائشة: فسألتُهُ فقال: "إنّي خشِيتُ أن يكُون عذابًا سُلِّط على أمَّتي"، ويقولُ إذا رأى المطر: "رَحْمَةٌ". باب في صلاة الكسوف مسلم (¬5)، عن عائشة قالت: خَسَفَتِ الشَّمْسُ في حَيَاةِ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجِد، فقامَ وكَبَّرَ وصَفَّ النَّاسُ وراءَهُ فاقْتَرَأَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قِرَاءةً طويلةً، ثمَّ كبَّر فرَكَعَ ركوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ رأسَهُ فقال: "سَمِعَ اللهُ لمن حمدهُ، ربنا ولك الحمدُ" ثم قام فاقترأ قراءة طويلَة، هي أدْنَى من القراءِةِ الأُولى. ثم كبَّر فركع ركوعًا طويلًا، هو أدني من الرُّكوعِ الأَوَّلِ. ثُمَّ قَالَ: "سَمِعَ اللهُ لمن حَمدَهُ، ربنا ولك الحمدُ" ثم سَجَدَ، ثمَّ فعل في الركعة الآخِرَةِ (¬6) مثلَ ذلك، حتى استكمل أربع ركعات، وأربع سَجَدَاتٍ. وانْجَلَتِ الشَّمْسُ قَبْل أن يَنْصَرِفَ، ثم قَامَ فَخطَبَ النَّاسَ، فَأَثْنَى على اللهِ بما هُوَ أهلُهُ، ثم قال: "إِنَّ الشَّمْسَ والقمر آيتان من آياتِ الله لا يَخْسِفَانِ لموتِ أحدٍ ولا ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 616) (9) كتاب صلاة الإستسقاء (3) باب التعوذ عند رؤية الريح والغيم والفرح بالمطر - رقم (14). (¬2) في مسلم: (عرف ذلك في وجهه). (¬3) في مسلم: (فإذا مطرت). وكذا (د، ف). (¬4) في مسلم: (ذهب عنه ذلك). (¬5) مسلم: (2/ 618، 619) (10) كتاب الكسوف (1) باب صلاة الكسوف - رقم (3). (¬6) مسلم: (الأخرى).

لحياتِهِ، فإذا رأيتموهما (¬1) فافزعوا إلى الصلاة"، وقال أيضًا: "فصلوا حتى يُفْرجَ عنكم". وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "رأيتُ في مقامى هذا كُلَّ شيء وُعِدتُم، لقد (¬2) رأيتُني أُريدُ أن آخذ قِطْفا من الجَنَّةِ حِينَ رأيتمونِى جعلت أتقدم، ولقد رأيتُ جهَّنم يَحْطِم بعضُها بعضًا، حين رأيتُمونِي تأخَّرتُ، ورأيتُ فيها ابن لُحَيٍّ وهو الذى سيَّبَ السَّوائِب". وعنها في هذا الحديث (¬3): " فإذا رأيتموها فكبروا وادعوا الله، وصلُّوا وتصدَّقُوا يا أُمَّةَ محمد! إنْ مِنْ أحدٍ أَغيرُ مِنَ اللهِ أن يَزني عبدُهُ أو تزنِيَ أمتُهُ، يا أُمَّهَ محمد! والله لو تعلمون ما أعلمُ لبكيتمُ كثيرًا ولضحكتم قليلًا، ألا هل بلغتُ؟ ". وعن فاطمة بنت (¬4) المنذر عن أسماء، وذكرت خطبة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في الكسوف قالت: "فحمِدَ الله وأثنى عليه. ثم قال: أما بعْدُ، ما مِنْ شيءٍ لم أكن رأيتُهُ إلا قد رأيتُهُ في مقامِى هذا، حتى الجنَّةَ والنَّار، وإنَّهُ قد اوحى إليَّ أَنَّكم تُفتنون في القبور قريبًا أو مثل فتنةِ المسيح الدَّجَّال - (لا أدرى أيّ ذلك قالت أسماء) - فيُؤتى أحدكم فيُقال: ما عِلْمُك بهذا الرَّجُلِ؟ فأمَّا المؤمنُ أو المُوقِنُ- (لا أدري أيّ ذلك قالت أسماءُ) - فيقول: هو محمدٌ، هو رسول الله، جاءنا بالبينات والهُدى، فأجَبْنَا وأطعنا، ثلاث مِرَارٍ. فيقال له: نَمْ قد كُنَّا نعلَمُ إنكَّ لتؤمِنُ به فنم صَاِلحًا وأمَّا المنافِقُ أو المرتاب - (لا أدري أي ذلك قالت أسماء) - فيقول: لا أدري. سمعت النَّاس يقولُونَ شيئًا فقلت". وعن ابن عباس (¬5)، في هذا وذكر خطبتَهُ - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) مسلم: (فإذا رأيتموها). (¬2) في مسلم: (حتى لقد). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (1). (¬4) مسلم: (2/ 624) (10) كتاب الكسوف (3) باب ما عرض على النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار - رقم (11). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (17).

قال: فقال: "إن الشمس والقمر آيتانِ من آيات الله، لا ينْكَسِفَانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِهِ فإذا رأيتم ذلك فاذكرُوا الله"، قالوا: يا رسول الله! رأيناك تناولتَ شيئًا في مقامك هذا، ثم رأيناك كففْتَ، فقال: "إني رأيت الجنَّة فتناولت منها عُنْقودًا ولو أخذتُهُ لَأكَلتُمْ منه ما بقيتِ الدنيا ورأيت النَّار. فلم أر كاليوم منظرًا قط، ورأيتُ أكثر أهلِهَا النساء"، قالوا: بِمَ يا رسول الله؟ قال: "بكفرهِنَّ"، قيل: أيكفُرنَ بالله؟ قال: "يكفرن (¬1) العشير ويكفرن (1) الإحسان، لو أحْسَنْتَ إلى إحداهنَّ الدهر، ثم رأت مِنْكَ شيئًا، قالت: ما رأيت خيرًا قط"، وذكر قراءتَهُ عليه السلام في أول ركعةٍ قدر سورة البقرة، وكل ركعةٍ فقراءتها دون قراءة التي قبلها- بمثل حديث عائشة. وعن جابر بن عبد الله (¬2) قال: انكسَفَتِ الشَّمسُ في عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم ماتَ إبراهيمُ بن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال النَّاس: إنَّمَا انكَسَفَتْ لموتِ إبراهيم، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلَّى بالنَّاس سِتَّ ركعَاتٍ بأربع سجَدَاتٍ، بدأ فكبّرَ ثم قرأ فأطال القراءَةَ، ثم ركعَ نحوًا ممَّا قام ثم رفع رأسَهُ من الركوعِ فقرأ قِراءَةً دون القراءَةِ الأُولى، ثم ركع نحوًا مما قام، ثم رفع رأسَهُ من الركوع فقرأ قراءَةً دون القراءة الثانية، ثم ركع نحوًا مما قام، ثم رفع رأسه من الرُّكوع، ثم انحدَرَ بالسجُودِ فسجد سجدتين، ثم قام فركع أيضًا ثلاث ركعات ليس فيها ركعة إلا التي قبلها أطولُ من التي بعدَهَا وركوعُهُ نحوا من سُجودِهِ، ثم تأخَّرَ وتأخَّرَت الصفوفُ حتى انتهى (¬3)، (وفي رواية، حتى انتهينا (¬4) إلى النسَاءِ)، ثمَّ تقدَّم وتقدَّم الناسُ معهُ، حتى قام في مقامِهِ، فانصرف حين انصرفَ وقد آضَتِ ¬

_ (¬1) في مسلم: (بكفر). (¬2) مسلم: (2/ 623، 624) (10) كتاب الكسوف (3) باب ما عرض على النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف من أمر الجنة والنار - رقم (10). (¬3) في مسلم: (انتهينا). (¬4) في مسلم: (النهي).

الشمسُ (¬1)، فقال: "أَيُّها النَّاسُ! إنما الشمسُ والقمر آيتان من آياتِ الله، وإنَّهُما لا ينكسفان لموتِ أحدٍ من الناس فإذا رأيتمُ شيئًا من ذلك فصلُّوا حتى تَنْجَلِى، ما مِنْ شئ تُوعَدُونَهُ إلا وقد رأيتُهُ في صلاتي هذه. لقد جِيءَ بالنَّارِ وذلِكُمْ حين رأيتُمُوني تأخرتُ مخافةَ أن يُصيبني من لَفْحِهَا، وحتى رأيتُ فيها صاحِبَ المِحْجَنِ ؤ (¬2) يُجرُّ قصْبَهُ في النار، كانَ يسرِقُ الحاجَّ بمحجنِهِ، فإن فُطِنَ لهُ قال: إنما تعلَّقَ بمحجَني وإن غُفِلَ عنه ذهبِ به، وحتى رأيتُ فيها صَاحبةَ الهرَّة التي ربطتْهَا فلما تُطْعِمها ولم تَدَعْهَا تأكُلُ من خشَاشِ الأرض حتى ماتت جُوعًا، ثم جِيءَ بالجنةِ، وذلكُمْ حين رأيتُموني تقدَّمْتُ، حتى قمتُ في مقَامِي ولقد مَدَدْتُ يدِي وأنا اريدُ أن أتناول من ثَمَرِهَا لتنظروا إليه، ثم بدا لي ألا أفعلَ- فَما مِنْ شيءٍ توعدونه إلا وقد رأيتُهُ في صلاتي هذِهِ". وعن ابن عباس (¬3)، قال: صلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين كَسَفَتِ الشمسُ، ثماني ركعاتٍ، في أربعِ سجداتِ". وعن علي، مثلُ ذلك. وذكر أبو داود (¬4)، عن أبي العالية، عن أُبيّ بن كعب قال: انكسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بهم فقرأ سورةً (¬5)، من الطُّوال (¬6)، وركع خمس- ركعات، وسجد سجدتين، ثم قام الثانية فقرأ سورة من الطوال 6)، ثم (¬7) ركع خمس ¬

_ (¬1) آضت الشمس: رجعت إلى حالها الأول قبل الكسوف. (¬2) المحجن: عصَا معقفة الطرف. (¬3) مسلم: (2/ 627) (10) كتاب الكسوف (4) باب ذكر من قال إنه ركع ثمان ركعات في أربع سجدات - رقم (18). (¬4) أبو داود: (1/ 699) (2) كتاب الصلاة (262) باب من قال. أربع ركعات - رقم (1182). (¬5) في أبي داود: (بسورة). (¬6) في أبي داود: (من الطُّوَلِ). (¬7) (ثم): ليست في أبي داود.

ركعات وسجد سجدتين، ثم جلس كما هو مُستقبل القبلة يدعو حتى تَجلَّى كسوفها. النسائي (¬1)، عن أبي بكرَةَ قال: "كُنَّا عنْدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانكسَفَتِ الشَّمْسُ فقامَ إلى المسجِدِ يجُرُّ رِدَاءهُ من العَجَلَةِ، فقام إليه النَّاسُ فصلَّى ركعتينِ كما تُصلون (¬2)، فلما انجلَتْ خَطَبَنَا" وذكر الحديث. أبو داود (¬3) عن النعمان بن بشيرٍ، قال: كُسفت الشمس على عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل يُصلِّي ركعتين، ركعتين، ويسأل عنها، حتى انجلتْ. مسلم (¬4)، عن عبد الرحمن بن سمرة، وكانَ من أصحابِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كنت أرْتَمِي بأسهم لي بالمدينةِ، حياةَ (¬5) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ كَسَفَتِ الشمسُ، فنبذْتُهَا، فقلت: والله! لأُنظُرَنَّ إلى ما حدَثَ لرسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في كُسُوفِ الشمسِ، فأتيتُهُ وهُو قائم في الصلاةِ، رافِع يديْه فجعَلَ يُسَبِّحُ ويحَمدُ ويُهَلِّلُ ويدعو ويكبّر (¬6)، حتى حُسِر عنها، فلما حُسِرَ عنها، قرأ سورتين، وصلى ركعتينِ. وقال النسائي (¬7): "ركعتين وأربع سجدات". ¬

_ (¬1) النسائي: (3/ 152، 153) (16) كتاب الكسوف (24) باب الأمر بالدعاء في الكسوف - رقم (1502). (¬2) في النسائي: (يصلون). (¬3) أبو داود: (1/ 704) (2) كتاب الصلاة (267) باب من قال: يركع ركعتين - رقم (1193). (¬4) مسلم: (2/ 629) (10) كتاب الكسوف (5) باب ذكر النداء بصلاة الكسوف "الصلاة جامعة" - رقم (26). (¬5) في مسلم: (في حياةِ). (¬6) في مسلم: (ويكبر ويدعو). (¬7) النسائي: (3/ 134، 125) (16) كتاب الكسوف (2) باب التسبيح والتكبير والدعاء عند كسوف الشمس - رقم (1460).

مسلم (¬1)، عن أبي موسى قال: خَسَفت الشمسُ في زمنِ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فقام فَزِعًا يخشى أن تكُونَ الساعَةُ، حتى أُتَى المسجدَ، فقامَ يُصلِّى بأطول قِيامٍ وركُوعٍ وسجودٍ رأيته يفعلُهُ (¬2) في صلاةٍ قطُّ، ثم قال: "إن هذه الآياتِ التي يُرسل اللهُ، لا تكونُ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِهِ ولكن الله يرسلُهَا، يخوّف بها عبادَهُ، فإذا رأيتم منها شيئًا، فافزعُوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره". وعن أبي مسعود (¬3) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الشمسَ والقمرَ آيتان من آياتَ الله، يخوَّف الله بهما عبادَهُ" وذكر الحديث. النسائي (¬4)، عن عائشة، قالت: كَسفَتِ الشمسُ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5) - فأمر (¬6) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجُلًا فنادى أنَّ الصلاة جامعةٌ، فاجتمع النَّاسُ، وذكرت صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: ثم تشهَّد ثم سَلَّمَ. مسلم (¬7)، عنها، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جهر في صلاةِ الخُسُوفِ بقراءَتِهِ، فصلَّى أربَعَ ركعات، في ركعتين، وأربع سجداتٍ. النسائي (¬8)، عن سَمُرَةَ بن جندُبٍ قال: بينما أنا يومًا وغُلامٌ من الأنْصَارِ ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 628، 629) (10) كتاب الكسوف (5) باب ذكر النداء بصلاة الكسوف - رقم (24). (¬2) في مسلم: (ما رأيتهُ يفعله). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (21). (¬4) النسائي: (3/ 151،150) (16) كتاب الكسوف (21) باب التشهد والتسليم في صلاة الكسوف - رقم (1467). (¬5) (على عهد رسول الله - صلى الله عليه رسلم): ليست في النسائي. (¬6) د: فبعث. (¬7) مسلم: (2/ 620) (10) كتاب الكسوف (1) باب صلاة الكسوف - رقم (5). (¬8) النسائي: (3/ 140، 141) (16) كتاب الكسوف (15) باب نوع آخر - رقم (1484).

باب

نَرمى غرضين لَنَا على عهدِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا كانت الشمسُ قيدَ رُمْحَيْنِ أو ثلاثةٍ في عيْنِ النَّاظِرِ من الأُفُقِ، اسودَّتْ، فقال أحدنا لصاحبهِ: انطلق بنا إلى المسجد فواللهِ لَيُحدِثَنَّ شأنُ هذه الشمس لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أُمَّتِهِ حديثًا (¬1)، قال: فدفَعْنَا إلى المسجِدِ قال: وافينا (¬2)، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين خَرَجَ إلى الصلاة (¬3)، قال: فاستقدَمَ فصلَّى فقام كأطوَلِ قيامٍ قامَ بِنَا في صلاةٍ قطُّ، ما نَسْمَعُ لهُ صوتًا، وذكر الحديث. أبو داود (¬4)، عن أسماء قالت: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر بالعتَاقةِ في صلاة الكسوف". وقال البخاري (¬5): "في كسوفِ الشمس". باب أبو داود (¬6)، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم آية فاسجدوا". ¬

_ (¬1) في النسائي: (حدثًا). (¬2) في النسائي: (فوافينا). (¬3) في النسائي: (خرج إلى الناس). (¬4) أبو داود: (1/ 703) (2) كتاب الصلاة (266) باب العتق فيها - رقم (1192). (¬5) البخاري: (2/ 632) (16) كتاب الكسوف (11) باب من أحب العتاقة في كسوف الشمس - رقم (1054). (¬6) أبو داود: (1/ 706) (2) كتاب الصلاة (269) باب السجود عند الآيات - رقم (1197).

باب سجود القرآن

باب سجود القرآن مسلم (¬1)، عن ابن عمر قال: رُبَّمَا قرأ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - القرآنَ، فيمُرُّ بالسَّجْدُةِ فيسجدُ بِنَا. حتى ازْدَحَمْنَا عِنْدَهُ، حتى ما يَجِدُ أحدُنَا مكانًا (¬2) يسجد (¬3) فيه في غيرِ صَلاةٍ. وقال أبو داود (¬4)، "كبّر وسجد". مسلم (¬5)، عن عبد الله، هو ابن مسعود، عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قَرَأ: والنَّجْمِ. فَسجَدَ فيهَا، وسَجَدَ من كان مَعَهُ، غير أن شَيْخًا أخذ كفًا من حَصىً أو تُراب فرفَعَهُ إلى جَبْهَتِهِ، فقال (¬6): يكفيني هذا، قال عبد الله: لقد رأيتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كافِرًا. وعن أبي رافع (¬7)، قال: صليتُ مع أبي هريرة العتمة (¬8): فقرأ: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، فسجد فيها. فقلت لهُ: ما هذه السجدةُ؟ فقال: سَجَدتُ فيها خلْفَ أبي القاسمِ - صلى الله عليه وسلم -، فلا أُزَالُ أسجد بها حتى أَلْقَاهُ. وعن أبي هريرة (¬9)، قال: سَجَدْنَا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 405) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (20) باب سجود التلاوة - رقم (104). (¬2) (د): موضعا. (¬3) في مسلم: (ليسجد). (¬4) أبو داود: (2/ 126) (2) كتاب الصلاة (333) باب السجود في (ص) - رقم (1413). (¬5) مسلم: (1/ 405) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (20) باب سجود التلاوة - رقم (105). (¬6) في مسلم: (وقال). وكذا (د). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (110). (¬8) في مسلم: (صلاة العتمة) وصلاة العتمة: هي صلاة العشاء. (¬9) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (108).

باب في الجمعة

في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (¬1)}. النسائي (¬2)، عن ابن عباسٍ، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سَجَدَ في (صَ) وقال: "سَجَدَهَا داوُدُ توبةً ونسجُدُهَا شكرًا". أبو داود (¬3)، عن أبي سعيد الخُدرِى قال: قرأ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر (صَ) فلما بلغ السَّجدة نزل فسجد وسجد النَّاسُ معهُ، فلما كان يومٌ آخر قرأها فلما بلغ السجدة تَشَزَّنَ (¬4) الناسُ للسجود فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما هي توبة نبيّ، ولكن رأيتكم تشزَّنتم للسجود"، فنزلَ فسجد وسَجدوا. مسلم (¬5)؛ عن عطاءِ بن يَسَارٍ، أنَّهُ سأل زَيْدَ بن ثابتٍ عن القراءَةِ مع الإِمام؟ فقالَ: لا قِرَاءَةَ مع الإمَام في شئٍ وزعمَ أنُّهُ قرَأ على رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: والنَّجم إَذا هَوىَ. فلم يَسْجُدْ. بابٌ في الجمعة مسلم (¬6) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نحنُ الآخِرُونَ الأوَّلُونَ يومَ القيامةِ، ونحنُ أوّل من يدخل الجَنَّةَ، بَيْدَ أنَّهُمْ أُوتُوا الكِتَاب مِنْ قبْلِنَا، وأُوتِنَاهُ من بَعْدِهِمْ، فاختلَفُوا فهَدَانَا اللهُ لما اختلَفُوا فِيهِ ¬

_ (¬1) (الذي خلق): ليست في مسلم. (¬2) النسائي: (2/ 159) (11) كتاب الإفتتاح (48) باب سجود القرآن - رقم (957). (¬3) أبو داود: (2/ 124) (2) كتاب الصلاة (332) باب السجود في (صَ) - رقم (1410). (¬4) تشزن: أي استوفزوا للسجود وتهيأوا له وأصله من الشزن: وهو القلق. (¬5) مسلم: (1/ 406) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (20) باب سجود التلاوة رقم (106). (¬6) مسلم: (2/ 585، 586) (7) كتاب الجمعة (6) باب هداية هذه الأمة ليوم الجمعة - رقم (20)

ئن الحَقِّ، فهذا يومُهُمُ الذى اختلَفُوا فيه. هدانا اللهُ لَهُ، (قال يومُ الجمعةِ) فاليومُ لَنَا، وغدًا لليهود وبعدَ غَدٍ للنَّصَارَى". أبو داود (¬1)، عن أبي هريرة، قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خيرُ يوم طلعت (¬2) فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أُهبط، وفيه تِيبَ عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي مصيخةٌ (¬3) يوم الجمعة، من حين تصبح حتى تطلُع الشمس شفقًا من الساعةِ، إلا الجن والانس، وفيه ساعة لا يوافقها (¬4) عبدٌ مسلم وهو يُصلِّي يسألُ الله -عَزَّ وَجَلَّ- شيئًا (¬5) إلا أعطاه إياه (¬6) ". وقال مسلم (¬7)،: "فيه خُلِقَ آدمُ، وفيه أُدْخِلَ الجنَّةَ، وفيه أُخْرِجَ مِنْهَا". وقال (¬8)، في شأن الساعة: "وهي ساعة خفيفة". وقال (¬9)،: "لا يوافقها مُسلم قائم يُصلِّى". مسلم (¬10)؛ عن عائشةَ؛ أَنَّها قالت: كانَ النَّاسُ ينتابون (¬11) الجُمُعَةَ ¬

_ (¬1) أبو داود: (1/ 634) (2) كتاب الصلاة (207) باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة - رقم (1046). (¬2) د: طلعت علينا. (¬3) في أبي داود: (مُسيخة) والاثنان بمعنى. (¬4) في أبي داود: (لايصادفها). (¬5) في أبي داود: (حاجة). (¬6) في أبي داود: (إياها). (¬7) مسلم: (2/ 585) (7) كتاب الجمعة (5) باب فضل يوم الجمعة - رقم (17). (¬8) مسلم: (2/ 584) (7) كتاب الجمعة (4) باب في الساعة التي في يوم الجمعة - رقم (15). (¬9) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين رقم (14). (¬10) مسلم: (2/ 581) (7) كتاب الجمعة (1) باب وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال - رقم (6). (¬11) ينتابون: أي يأتونها.

من منازلهم و (¬1) من العوالي، فيأتون في العَبَاءِ، ويُصيبُهُمُ الغُبَارُ، فتخرج منهم الرِّيحُ، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنسانٌ منهم وهو عندي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أنَّكم تطهرتُم لِيَومِكُم هذا". وعن أبي هريرة (¬2) قال: بينما عُمر بن الخطاب يخطُبُ النَّاس يوم الجُمعَةِ. إذ دَخَلَ عثمان بن عفان، فعرَّضَ به عمر، فقال: ما بالُ رِجَالٍ يتأخرُون بعد النِّداءِ، فقال عثمان: يا أميرَ المؤمنين! مازِدْتُ حُين سمعتُ النداءَ أن توضَّأْتُ ثم أقبلتُ، فقال عمر: والوُضوءَ أيضًا؟! ألم تسمعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إذا جاءَ أحَدُكُم الجُمعة فليغتسِلْ". وعن أبي هريرة (¬3)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "حَقُ الله (¬4) على كل مسلم، أن يغتَسِلَ في كُلِّ سبعة أيَّامٍ، يغسِلُ رأسَهُ وجسده". زاد أبو بكر البزار وهو يوم الجمعة. مسلم (¬5)، عن أبي سعيد الخدرى. أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الغسل يوم الجمعة واجب على كُلِّ محتَلِم". مسلم (¬6)، عن أبي سعيد الخُدرى أيضًا - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "غُسل يوم الجمعةِ على كل مُحْتَلِم وسواكٌ ويمسُّ من الطِّيبِ ما قَدَر عليه". ¬

_ (¬1) (و): ليست في مسلم. (¬2) مسلم: (2/ 580) (7) كتاب الجمعة - رقم (4). (¬3) مسلم: (1/ 582) (7) كتاب الجمعة (2) باب الطيب والسواك يوم الجمعة - رقم (9). (¬4) في مسلم: (لله). (¬5) مسلم: (2/ 580) (7) كتاب الجمعة (1) باب وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال - رقم (5). (¬6) مسلم: (2/ 581) (7) كتاب الجمعة (2) باب الطيب والسواك يوم الجمعة - رقم (7).

وفي رواية (¬1)، "ولو من طيب المرأة". أبو داود (¬2)، عن أوس بن أوسٍ قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من غسَّل يوم الجمعة واغتسل، ثمَّ بكَّر وابتَكَر، ومشى ولم يركب ودنا من الإِمام فاستمع ولم يلْغُ، كان له بكل خطوةٍ عملُ سنة أجر صيامها وقيامها". البخاري (¬3)، عن سلمان الفارسيّ قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يغتسِلُ رجلٌ يومَ الجمُعةِ ويتطهرُ ما استطاعَ من الطُهرِ (¬4) ويدَّهنُ (¬5)، أو يَمسُّ من طيبِ بيته، ثم يخرُجُ فلا يُفرِّقُ بين اثنينِ، ثم يصلِّى ما كُتِبَ له، ثم ينُصتُ إذا تكلَّمَ الإِمامُ، إلا غُفِرَ له ما بينَهُ وبين الجُمعِة الُأخرى". زاد أبو داود (¬6)، "ولبس من أحسن ثيابِه"، وقال: "فلم يتخطَّ أعناق الناس" خرّجه من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة. وذكر أبو عمر في التمهيد (¬7)، عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوبي مهنته لجمعة أو غيرها". ذكر في باب مالك عن يحيى. مسلم (¬8)، عن أبي هريرة - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

_ (¬1) مسلم: الموضع السابق. (¬2) أبو داود: (1/ 246) (1) كتاب االطهارة (126) باب فِي الغسل يوم الجمعة - رقم (345). (¬3) البخاري: (2/ 430، 431) (11) كتاب الجمعة (6) باب الدهن للجمعة رقم (883). (¬4) في البخاري: (من طهر). (¬5) في البخاري: (ويدهن من دُهنهِ). (¬6) أبو داود: (1/ 244، 245) (1) كتاب الطهارة (121) باب في الغسل يوم الجمعة - رقم (343). (¬7) الموطأ: (1/ 110) (5) كتاب الجمعة (8) باب الهيئة وتخطي الرقاب - رقم (18). من طريق مالك عن يحيى بن سعيد ولفظه. (ما على أحدكم لو اتخذ ثوبين لجمعته، سوى ثوبي مهنته). (¬8) مسلم: (2/ 587) (7) كتاب الجمعة (8) باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة - رقم (26).

"من اغتسلَ، ثم أتي الجُمعةَ فصلَّى ما قُدِّر لَهُ، ثم أنصتَ حتى يفرُغَ من خُطْبَتِهِ، ثممْ يُصَلِّي مَعَهُ، غُفِرَ له ما بينَهُ وبين الجُمعَةِ الأُخْرى، وفضلُ ثلاثةِ أيامٍ". وزاد في طريق أخرى (¬1): "ومن مسَّ الحصى فقد لَغَا". وعن أبي هريرة (¬2) أيضًا، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قُلتَ لصاحِبِكَ: أنْصِتْ يوم الجُمعَةِ، والإمَامُ يَخْطُبُ، فقد لغوتَ". وعنه (¬3)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اغتسَلَ يومَ الجمعةِ غُسْلَ الجنابةِ، ثمَّ راحَ. فكأنما قزب بَدَنَةَ، ومن راحَ في الساعةِ الثانيِة، فكأنَّمَا قرَّب بقرةً، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنَّما قرب - كبشًا أقرَنَ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنَّمَا قرب دجاجةً، ومن راح في الساعةِ الحْامسةِ فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإِمام حضَرَتِ الملائكةُ يستمعون الذِّكْرَ". وعنه (¬4)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "على كُل بابٍ من أبوابِ المسجِدِ ملكٌ يكتُبُ الَأوَّلَ، فالأول (مثلَ الجزُورَ ثم نزَّلهُمْ، حتى صَغَّر إلى مثَلِ البيضهِ). فإدا جلس الإمامَ طوِيتَ الصُّحُفُ وحضروُا الذَّكْرَ". النسائي (¬5)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المُهجِّرُ إلى الجمُعةِ كالمُهدِي بدنةً، ثم كالمُهدي بقرةً، ثم كالمُهدِي شاةً، ثم كالمُهْدِى بطةً، ثم كالمُهدِى دجاجةً، ثم كالمهدي بيضةً". ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (27). (¬2) مسلم: (2/ 583) (7) كتاب الجمعة (3) باب في الإنصات يوم الجمعة في الخطبة - رقم (11). (¬3) مسلم: (2/ 582) (7) كتاب الجمعة (2) باب الطيب والسواك يوم الجمعة - رقم (10). (¬4) مسلم: (2/ 587) (7) كتاب الجمعة (7) باب فضل التهجير يوم الجمعة - رقم (25). (¬5) النسائي: (3/ 97، 98) (14) كتاب الجمعة (13) باب التبكير إلى الجمعة - رقم (1385).

مسلم (¬1)، عن جابر بن عبد الله قال: "كنَّا نصلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثُم نرجع فنُرِيُح نَوَاضِحَنَا" (¬2). قال حسن بن عياش قلت لجعفر بن محمد في أيّ ساعةٍ تلك قال: زوال الشمس. البخاري (¬3)، عن أنسٍ: "كان النبي (¬4) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتدَّ البرد بكَّر بالصلاةِ وإذا اشتدَّ الحر أبردَ بالصلاة" - يعني الجُمعةَ. مسلم (¬5)، عن ابن عباس أنَّهُ قال، لمِؤَذِّنِهِ في يوم مَطِيرٍ: إذا قُلْتَ: أشْهَذ أنْ لا إله إلا اللهُ أشهدُ أن محمدًا رسُولُ الله، فلا تقلْ: حَيَّ على الصلاةِ قل: صَلَّوا في بيوتكُم، قال: وكأنَّ (¬6) الناس استنكروا ذلك (¬7)، فقال: أتعجبُون من ذا؟ قد فَعَل ذا من هو خَيْرٌ مِنَّي. إن الجُمعَةَ عَزْمَةٌ (¬8) وإنَّى كرهْتُ أن أُخْرجَكُمْ فتمشُوا في الطين والدَّحض (¬9). أبو داود (¬10) عن أسامة بن عمير، أنَّهُ شَهِدَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية في يوم الجمعة، فأصابهم (¬11) مطرٌ لم يبْتلّ أسفل نعالهم، ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 588) (7) كتاب الجمعة (9) باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس - رقم (28). (¬2) نواضحنا: جمع ناضح وهى البعير الذي يستقى به. (¬3) البخاري: (2/ 451، 452) (11) كتاب الحمعة (17) باب إذا اشتد الحر يوم الجمعة - رقم (906). (¬4) (د): رسول الله. (¬5) مسلم: (1/ 485) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (3) باب الصلاة في الرحال في المطر - رقم (26). (¬6) في مسلم: (فكأن). (¬7) في مسلم: (ذاك). (¬8) عزمة: أي واجبة متحتمة. (¬9) الدحض: الطين والوحل الكثير. (¬10) أبو داود: (1/ 641) (2) كتاب الصلاة (213) باب الجمعة في اليوم المطير - رقم (1059). (¬11) في أبي داود: (وأصابهم).

فأمرهم أن يصلوا في رحالهم. مسلم (¬1) عن جابر عبد الله؛ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يخطبُ قائمًا يومَ الجمُعة فجاءت عِيرٌ من الشَّام فانفتَلَ النَّاسُ إليها، حتى لم يبقَ إلا اثنا عشرَ رُجلًا، فأُنزلَت هذه الآية (¬2) {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}. البخاري (¬3)، وعن السائب بن يزيد قال: "إنَّ الأذان يوم الجُمعةِ كان أولهُ حين يجِلسُ الِإمامُ يومَ الجمعِة على المنبرِ، في عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمَر، فلمَّا كان في خلافة عثمان -وكثروا- أمَر عثمانُ يومَ الجمعةِ بالأذان الثالثِ، فاُّذِّنَ به على الزَّوراءِ فثبتَ الأمر على ذلك ". وفي طريق أخرى (¬4)، "الثاني" بدل "الثالث". وفي أخرى (¬5)، "لم يكن للنبي- صلى الله عليه وسلم - مؤْذِّنٌ غيرَ واحد". وقال أبو داود (¬6)، عن السائب أيضًا "كان يؤْذِّن بين يدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس على المنبر يوم الجمعة، على باب المسجد، وأبي بكر وعمر" وذكر الحديث. وقال النسائي (¬7)، "كان بلال يؤُذنُ إذا جَلَسَ رسولُ الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 590) (7) كتاب الجمعة (11) باب في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} - رقم (36). (¬2) في مسلم: (هذه الآية التي في الجمعة). (¬3) البخاري: (2/ 461) (11) كتاب الجمعة (25) باب التأذين عند الخطبة - رقم (916). (¬4) البخاري: (2/ 460) (11) كتاب الجمعة (24) باب الجلوس على المنبر عند التأذين - رقم (915). (¬5) البخاري: (2/ 459) (11) كتاب الجمعة (22) باب المؤذن الواحد يوم الجمعة - رقم (913). (¬6) أبو داود: (1/ 655، 656) (2) كتاب الصلاة (225) باب النداء يوم الجمعة - رقم (1088). (¬7) النسائي: (3/ 101) (14) كتاب الجمعة (15) باب الأذان للجمعة - رقم (1394).

وسلم - على المِنْبر يوم الجُمُعة، فإذا نَزَلَ أَقَامَ، ثم كان كذلك في زمن أو بكر وعُمر" (¬1). مسلم (¬2)، عن سَهْلِ بن سَعْدٍ، وذُكِرَ له المنبر، قال: أرسَلَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى امرأةٍ "أن مُرِي (¬3) غُلامَكِ النَّجَار، يعْمَلْ لِى أعوادًا أُكلِّمُ الناس عليها"، فعَمِلَ هذه الثَّلاَثَ الدرجات. وذكر الحديث. أبو داود (¬4)، عن الحكم بن حَزْنٍ الكُلَفِيّ. قال: وَفدْتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سَابِعَ سبعةٍ، أو تاسع تسعة، فدخلنا عليه فقلنا: يا رسول الله؛ زُرناك فادعُ الله لنا بخير، فأمر بنا، (أو مُرْ لنا) (¬5) بشيءٍ من التمر، والشَّانُ إذ ذاك دون (¬6) فأقمنا بها أيامًا، شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام متَوكِئًا على عصى أو قوسٍ، فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات، ثم قال: "أيها الناس، إنكم لن تطيقوا، أَوْ لَنْ تفعلوا كل ما أُمِرْتُم به ولكن سدِّدوا وأبشروا". مسلم (¬7)، عن جابر بن سَمُرَةَ، "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يَخْطُبُ قائمًا، ثم يجلِسُ، ثم يقومُ فيخطُبُ قائمًا، فمن نَبَّأك أنَّهُ كانَ يخطبُ جالسًا فَقَدْ كَذَبَ، فَقَدْ والله صلَّيْتُ مَعَهُ أكْثَرَ من ألفيْ صلاةٍ". وقال أبو داود (¬8)، من حديث جابر أيضًا. "يخطب قائمًا، ثم يقعد ¬

_ (¬1) في النسائي: (رضى الله عهما). (¬2) مسلم: (1/ 386، 387) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (10) باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة - رقم (44). (¬3) في مسلم: (انظري). (¬4) أبو داود: (1/ 658، 659) (2) كتاب الصلاة (229) باب الرجل يخطب على قرس رقم (1096). (¬5) (د، ف): أمر. (¬6) دون: أي الحال يومئذ كانت ضعيفة. (¬7) مسلم: (2/ 589) (7) كتاب الجمعة (10) باب ذكر الخطبتين قبل الصلاة - رقم (35). (¬8) أبو داود: (1/ 658) (2) كتاب الصلاة (228) باب الخطبة قائمًا - رقم (1095).

قعدةً فلا (¬1) يتكلم"، وساق الحديث. وكذا قال من حديث ابن عمر (¬2): "فيخطب ثم يجلس فلا يتكلم، ثم يقوم فيخطب". مسلم (¬3)، عن جابر بن عبد الله قال: "كانت خُطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - يومَ الجُمعَةِ يحَمدُ الله ويُثني عليهِ". وعنه قال (¬4)، "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خطبَ احمرَّتْ عينَاهُ، وعَلاَ صوتُه، واشتدَّ غَضَبُهُ حتى كَأَنَّهُ مُنْذِرُ جِيْشٍ، يقول: "صَّبَحكُمْ ومَسَّاكُمْ". ويقولُ: "بعثت أنَا والسَّاعةُ كهاتين" ويَقْرُنُ بين أصبعيهِ السَّبَّابَةِ والوسطى". ويقولُ: "أما بعدْ فإنَّ خيَر الحديثِ كتابُ الله. وخيُر الهدى هدى محمدٍ وشرُّ الأمور محدثاتها، وكل بدعةٍ ضلالةٌ"، ثم يقول: "أنا أوْلَى بكُلِّ مُؤمنٍ من نفسِهِ، من ئرَكَ مالًا فَلِأهْلِهِ، ومن تَرَكَ دَينْاً أو ضَيَاعًا فإليَّ وعليّ". مسلم (¬5)، عن عدِى بن حاتم، أنَّ رجلًا خَطَبَ عندَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: من يُطِع الله ورسُولَهُ فقد رَشَدَ، ومن يَعْصِهِمَا فقد غَوىَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "بئس الخطِيبُ أَنْتَ. قل: ومن يَعْصِ الله ورسُولَهُ فقد غَوى". ¬

_ (¬1) في أبي داود: (لا يتكلم). (¬2) أبو داود: (1/ 657) (2) كتاب الصلاة (227) باب الجلوس إِذا صعد إلى المنبر - رقم (1092). (¬3) مسلم: (2/ 592، 593) (7) كتاب الجمعة (13) باب تخفيف الصلاة والخطبة - رقم (44). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (43). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (48).

وعن أم هشام بنت حارثة (¬1) قالت: "ما أخذت {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} إِلَّا عن لسانِ رسوُلِ الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤهَا كلَّ يومِ جُمُعةٍ على المِنْبَرِ إذا خَطَبَ الناس". وعن أبي وائلٍ (¬2)، قال: خَطبَنَا عمَّارٌ، فأوْجَزَ وأَبْلَغَ، فلمَّا نَزَلَ قلنا: يا أبا اليَقْظَانِ! لقد أبلَغتَ وأوْجَزْتَ، فلو كُنْتَ تنفَّستَ (¬3)، فقال: إني سَمِعْتُ رسُولَ الله -- صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إنَّ طُولَ صلاةِ الرجُلِ وَقِصَرَ خُطبته مَئِنَّة (¬4) من فقهِهِ، فأطيلُوا الصَّلَاةَ واقصُرُوا الخُطَبةَ، فإنَّ (¬5) من البيان سحرًا". وعن جابر بن سمرة (¬6)، قال: "كُنْتُ أُصَلِّى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الصَّلَوَاتِ فكانَتْ صلاتُهُ قَصْدًا وخُطتُهُ قصدًا". زاد في طريق أخرى (¬7)، "يقرأُ آياتٍ (¬8) من القرآن ويُذكِّرُ النَّاسَ". النسائي (¬9)، عن بريدة، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطُبُ، فجَاءَ الحَسَنُ والحُسَيْنُ عليهما قميصَانِ أحْمَرَانِ يَعْثُرانِ فيهما، فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقطع كلامَهُ، فحَمَلَهمَا، ثم عاد إلى المنبر، ثم قال: "صَدَقَ الله {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ}، رأيت هذين يعْثُرانِ في ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 595) (7) كتاب الجمعة (13) باب تخفيف الصلاة والخطبة - رقم (52). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (47). (¬3) فلو كنت تنفست: أي أطلت قليلًا. (¬4) مئنة: أي علامة. (¬5) في مسلم: (وإنَّ). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (42). (¬7) مسلم: (2/ 589) (7) كتاب الجمعة (10) باب ذكر الخطبتين قبل الصلاة وما فيها من الجلسة - رقم (34). (¬8) (آيات): ليست في مسلم. (¬9) النسائي: (3/ 108) (14) كتاب الجمعة (20) باب نزول الإِمام عن المنبر قبل فراغه من الخطبة - رقم (1413).

قميصيهما فلم أصبر حتى قطعتُ كلامي فحملتُهُمَا". مسلم (¬1)، عن عُمارَة بن رُؤيْبَةَ، ورأى بِشْرَ بن مَرْوَانَ على المنبر رافعًا يديه، فقال: قبّح اللهُ هاتين اليَدين، لقد رأيتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ما يَزِيدُ أن يقول بيدهِ هكذا، وأشار بأصْبعِهِ المُسَبِّحَةِ. وعن ابن (¬2) أبي رافع (¬3) قال: استخلف مروان أَبَا هُريرة على المدينةِ، وخَرَجَ إلى مكة، فصلَّى لَنَا أبو هُريرةَ الجُمُعة. فقرَأ بعد سُوَرَةِ الجُمُعةِ في الرَّكعةِ الأخيرة (¬4) {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ}، قال: فأدركتُ أبا هُريرة حِيَن انصَرَفَ فقلتُ: (¬5) إنَّكَ قرأتَ بسُورتين كان عَليُّ بنُ أبي طالب يقرأُ بهَما. في الكوفة (¬6) فقال أبو هريرة: فإني (¬7)، سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقَرأُ بِهَما يومَ الجُمُعَةِ. وعن عبيد الله بن عبدِ الله (¬8) قال: كَتَبَ الضَّحَّاك بن قَيْسٍ إلى النُّعمانِ بن بشير (¬9): أيَّ شيءٍ قرأ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ الجُمعَة سِوَى سُوَرةِ الجُمُعةِ؟ فقال: كان يقَرأُ: هل أتَاكَ. وعن النعمان بن بشير (¬10)، قال: "كَانَ رسوُلُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقَرأُ في العيِدين وفي الجُمُعةِ. بسبحِ اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية". ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 595) (7) كتاب الجمعة (13) باب تخفيف الصلاة والخطبة - رقم (53). (¬2) (ابن) ليست في (د). (¬3) مسلم: (2/ 597، 598) (7) كتاب الجمعة (16) باب ما يقرأ في صلاة الجمعة - رقم (61). (¬4) في مسلم: (الآخرة). وكذا (د). (¬5) في مسلم: (فقلت له). (¬6) في مسلم: (بالكوفة). (¬7) في مسلم: (إني). (¬8) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (63). (¬9) في مسلم: (يسأله: أيَّ). (¬10) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (62).

قال: وإذا اجتمع العيد والجُمُعة في يوم واحد يقرأ بهما أيضًا في الصلاتين. النسائي (¬1)، عن وَهْبِ بن كَيْسَانَ، قال: اجتَمَع عِيدانِ على عهد ابن الزُّبَيْرِ فأخَّرَ الخُرُوجَ حتى تَعَالَى النَّهارُ، ثمَّ خَرَجَ فَخَطبَ فأطالَ الخُطبةَ، ثم نَزَلَ فصلَّى ركعتين (¬2)، ولم يصلِّ للناس يومئدٍ الجُمُعَةَ، فذُكِر ذلك لابن عباسٍ فقال: أصاب السُّنَّةَ. أبو داود (¬3)، عن إياس بن أبي رملة، قال: شهدتُ معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم. هل شهدت (¬4) مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عيدين اجتمعا في يوم واحد؟ قال: نعم. قال: فكيف صَنع؟ قال: "صَّلى العيد ثم رخَّص في الجمعة، فقال: من شاء أن يصلي فليُصَلِّ". وعن أبي هريرة (¬5)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "قد اجتمع في يومكم هذا عيدان: فمن شاءَ أجزأه من الجمعة، وإنا مُجمعون" قال علي بن المديني: في هذا الباب غير ما حديث بإسنادٍ جيدٍ. مسلم (¬6) عن عبد الله بن عمر، وأبي هريرة، أنهَّما سِمَعَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقُولُ، على أعوادِ مِنْبَرِهِ "لينتهينُّ أقوامٌ عن وَدْعِهِمُ (¬7) ¬

_ (¬1) النسائي: (3/ 194) (19) كتاب صلاة العيدين (32) الرخصه في التخلف عن الجمعة لمن شهد العيد - رقم (1592). (¬2) (ركعتين): ليست في النسائي. (¬3) أبو داود: (1/ 646) (2) كتاب الصلاة (217) باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد - رقم (1070). (¬4) في أبي داود: (أشهدت). (¬5) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (1073). (¬6) مسلم: (2/ 591) (7) كتاب الجمعة (12) باب التغليظ في ترك الجمعة رقم (40). (¬7) ودعهم: أي تركهم.

الجُمُعَاتِ، أو ليختِمَنَّ اللهُ على قلوبهم، ثمَّ ليكونُنَّ من الغَافِلِينَ". وعن جابر بن عبد الله (¬1) قال: جَاءَ سُلَيْكُ الغطفاني يومَ الجُمُعةِ، ورسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يخطُبُ فَجَلَس، فقال له: يا سليك! "قُمْ فْاركع ركعتين وتجوَّز فيهما"، ثم قال "إذا جاءَ أحدُكُمْ يوم الجمعةِ والإمامُ يخطُبُ فليَرْكَعْ ركعتين وليتجوّز فيهما". الترمذي (¬2)، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا نَعَسَ أحدُكم يوم الجمعة، فليتحَوَّلْ من مجلسه ذلك" قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ". مسلم (¬3)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا صلَّى أحدُكُمُ الجُمُعَةَ فليُصل بعدَهَا أربعًا". وعن أبي هريرة (¬4) أيضًا، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من كان مِنْكُمْ مصَلِّيًا بعْدَ الجُمُعةِ فليُصِلِّ أربعًا". وعن ابن عُمر (¬5) قال: "صليتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الظهر سجدتين، وبعدها سجدتين، وبعد المغربِ سجدتين، وبعد العشاء سجدنين، وبعد الجمُعُةِ سجدتين، فأما المَغْرِبُ والعِشَاءُ والجُمعةُ فصليتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيتِهِ". ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 597) (7) كتاب الجمعة (14) باب التحية والإمام يخطب رقم (59). (¬2) الترمذي: (2/ 404) (4) أبواب الجمعة (371) باب ما جاء فيمن نعس يوم الجمعة - رقم (526). (¬3) مسلم: (2/ 600) (7) كتاب الجمعة (18) باب الصلاة بعد الجمعة - رقم (67). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (69). (¬5) مسلم: (1/ 504) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (15) باب فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن - رقم (104).

وعن السائب بن يزيد (¬1) أن معاوية بن أي سفيان قال له: إذا صلَّيتَ الجمُعةَ فلا تَصِلْهَا بصلاةٍ حتى تَكلَّمَ أو تخرُجَ، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا بذلك. ألَّا تُوصَل بصلاة حتى نتكلم أو نخرج". ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 601) (7) كتاب الجمعة (18) باب الصلاة بعد الجمعة - (73).

كتاب الجنائز

كتاب الجنائز مسلم (¬1)، عن أنسٍ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا يتمَنَّينَّ أحدُكم الموتَ لِضُرٍّ نزل بهِ، فإن كان لابدَّ مُتمنيًا فليَقُلِ: اللهمَّ أحْينِي ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفَّنِي ما كانت الوفاة خيرًا لي". وعنه (¬2) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا يتمنَّى أحدُكُمُ الموتَ، ولا يدْعُ بِهِ من قَبْلِ أن يأتِيَهُ، إنَّهُ إذا ماتَ أحدُكُمُ انقطع عملُهُ وإنَّهُ لا يزيد المؤمنَ عُمُرهُ إلا خيرًا". وقال البخاري (¬3)، "لا يتمنى (¬4) أحدُكم الموتَ إما محسنًا فلعلّهُ أن يزداد خيرًا، وإما مسيئًا فلعلّه أن يُستعتِب". مسلم (¬5)، عن جابر بن عبد الله قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولُ قبل وفاته بثلاثٍ (¬6): "لا يمُوتَنَّ أحدُكُم إلا وهو يُحْسِنُ باللهِ الظنَّ." ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2064) (48) كتاب الذكر والدعاء والتوبة والإستغفار (4) باب تمنى كراهة الموت لضر نزل به - رقم (10). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (13). من حديث أبي هريرة. (¬3) البخاري: (10/ 132، 133) (75) كتاب المرضى (19) باب تمنى المريض الموت - رقم (5673). (¬4) في البخاري: (لا يتمنين). (¬5) مسلم: (4/ 2205) (51) كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (19) باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت - رقم (81). (¬6) في مسلم: (قبل وفاته بثلاث، يقول).

وعن أبي هريرة (¬1). قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لَقِّنُوا موتاكُمْ لا إله إلا اللهُ". وعن أم سلمة (¬2) قالت: دخَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على أَبي سَلمَةَ وقد شَقَّ بَصُرهُ فأغمضَهُ، ثم قال: "إن الرُّوح إذا قُبِضَ تَبِعَهُ البَصَرُ" فضجَّ ناسٌ من أهله. فقال: "لا تدْعُوا على أنفُسِكُم إلا بخيرٍ، فإن الملائكَةَ يؤمِّنُون على ماتقولون"، ثم قال "الَّلهُمَّ اغفر لأبي سَلَمَةَ وارفع درجَتهُ في المهديِّينَ، واخلُفْهُ في عَقِبِهِ في الغابِرِينَ، واغفر لَنَا وَلَهُ ياربَّ العالمَين، وافسَحْ له في قبرِهِ، ونوِّرْ لهُ فِيهِ". وعن عائشة (¬3) قالت: سُجِّيَ (¬4) رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين ماتَ بثوْبِ حِبَرَةٍ" (¬5). الترمذي (¬6)، عن جعفر بن خالد بن سارة، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر قال: لَمَّا جاء نَعْىُ جعفر، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "اصنَعُوا لأهل جَعْفَر طعامًا، فإنَّهُ قد جاءَهُمْ ما يَشْغَلُهُمْ". جعفر ثقة - قال: هذا حديث حسن (¬7). مسلم (¬8)، عن عبد الله بن عمر قال: اشْتَكَى سعدُ بن عُبَادَةَ شكوى لَهُ، فأتَى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يعُودُهُ مع عبد الرحمن بن عوفٍ، ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 631) (11) كتاب الجنائز (1) باب تلقين الموتى: لا إله إِلا الله - رقم (2). (¬2) مسلم: (2/ 634) (11) كتاب الجنائز (4) باب في إغماض الميت والدعاء له - رقم (7). (¬3) مسلم: (2/ 651) (11) كتاب الجنائز (14) باب تسجية الميت - رقم (48). (¬4) سجى: أي غطى جميع بدنه. (¬5) حبرة: ضرب من برود اليمن. (¬6) الترمذي: (3/ 323) (8) كتاب الجنائز (21) باب ما جاء في الطعام يصنع لأهل الميت - رقم (998). (¬7) في الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح). (¬8) مسلم: (2/ 636) (11) كتاب الجنائز (6) باب البكاء على الميت - رقم (12).

وسعد بن أبي وقَّاصٍ وعبد الله بن مسعود، فلما دخل عليه وجده في غشيَّةٍ. فقال "أقَدْ قَضَى؟ " قالوا: يا رسول الله! فبكى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَلمَّا رَأى القوْمُ بُكَاءَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بَكَوْا فقال: "ألا تسمَعُون؟ إن الله لا يعذِّبُ بدَمْع العين، ولا بحُزْنِ القلب، ولكن يُعذِّبُ بهذا، (وأشار إلى لسانِه) أو يَرْحَمُ". وعن أسامة بن زيد (¬1) قال: كُنَّا عِنْدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرْسَلَتْ إلَيْهِ إحدى بناتِهِ تدْعُوهُ وتُخْبِرُهُ أن صِبَيَّا لها، أو ابْنًا لها، في الموتِ. فقال للِرَّسُولِ: "ارجع إلَيْهَا. فأخْبِرْهَا: أنَّ للهِ ما أَخَذَ ولَهُ ما أعْطَى. وكُلُّ شئٍ عندَهُ بأجل مُسمًّى، فَمُرْهَا فلتصْبِرْ ولتحتسِبْ". فعَادَ الرسُولُ فقال: إنهَا قد أقسَمَتْ لتأتينَّهَا. قال فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقام مَعَهُ سعدُ بن عُبَادَةُ ومعاذُ بن جبل، وانطلقْتُ معهم فُرفِعَ إليه الصبيُّ ونفسُهُ تَقَعْقَعُ كأنها في شنَّةٍ، ففاضَتُ عينَاهُ فقال له سعدُ بن عبادة: ما هذا؟ يا رسول الله! قال: "هذِهِ رحمةٌ جَعَلَهَا اللهُ في قلوب عبادِهِ، وإنَّما يرحَمُ اللهُ من عبادِهِ الرُّحَمَاءَ". وعن أنس بن مالك (¬2) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "وُلِدَ لَىِ الليلةَ غلامٌ، فسميتُهُ باسم أَبي، إبراهيمَ "ثم دفعه إلى أُمِّ سَيْفٍ، امرأةِ قين يُقال لَهُ أبوُ سيف، فانطلق يأتيهِ واتَّبَعتُهُ، فانتهى إلى أبي سَيْفٍ، وهو ينفُخُ بكيره، قد امتلأ البيت دُخانًا، فأسرعتُ المشيَ بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: أمسك يا أبا سيف (¬3)، جاءَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فأمَسكَ فَدَعَا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالصَّبِيِّ ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (11). (¬2) مسلم: (4/ 1807، 1808) (43) كتاب الفضائل (15) باب رحمته - صلى الله عليه وسلم - الصبيان والعيال - رقم (62). (¬3) في مسلم: (يا أبا سيف أمسك). وكذا في (د، ف).

فضمَّهُ إليه وقال ما شاء الله أن يقول، فقال أنس لقد رأيتُهُ يكيدُ بنفسه بين يدىّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدمَعَتْ عينا رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: "تدمَعُ العينُ ويحزَنُ القلبُ ولا نقول إلا ما يَرْضَى ربُّنا. والله! يا إبراهيمُ، إنا بِكَ لمحزونُونَ". البخاري (¬1)، عن أنسٍ قال: مرّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بامرأةٍ تبكى عند قبْرٍ فقال: "اتَّقي الله واصبرِي"، فقالت: إليكَ عنِّي، فإنَّكَ لم تُصَبْ بمصيبتي، ولم تعرِفْهُ، فقيل لها: إنَّهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فأتت باب (¬2) النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم تجد عنده بَوّابينَ. فقالت: لم أعْرِفْكَ يا رسول الله فقال: "إنَّما الصبُر عند الصَّدْمَةِ الأُولى". النسائي (¬3)، عن أبي هريرة، قال: ماتَ ميتٌ من آلِ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فاجَتمَعَ النسَاءُ يبكِينَ عَلَيْهِ فَقَامَ عُمُر ينهاهنَّ، ويطرُدُهُنَّ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "دعْهُنَّ يا عمر، فإن العْينَ دامعةٌ والفؤاد (¬4) مصاب، والعهدَ قريبٌ". وعن قيس بن عاصم (¬5)، قال: "لا تَنُوحُوا عليَّ، فإنَّ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُنَحْ عليه". مسلم (¬6)، عن عائشة قالت: لَمَّا جاَءَ رَسُولَ اللهِ- صلى الله عليه وسلم - قَتْلُ ابنِ حَارِثَةَ وجَعْفَر بن أبي طالبٍ وعبدِ الله بن رواحةَ، جَلَسَ ¬

_ (¬1) البخاري: (3/ 177) (23) كتاب الجائز (31) باب زيارة القبور - رقم (1283). (¬2) (باب): ليست في البخاري. (¬3) النسائي: (4/ 19) (21) كتاب الجنائز (16) باب الرخصة والبكاء على الميت - رقم (1859). (¬4) في النسائي (والقلب). (¬5) النسائي: (4/ 16) (21) كتاب الجائز (15) باب النياحة على الميت - رقم (1851). (¬6) مسلم: (2/ 644، 645) (11) كتاب الجنائز (10) باب التشديد في النياحة - رقم (30).

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعْرَفُ فيه الحُزْنُ، قالت: وأنا أنظُرُ من صائِرِ البابِ (شَقِّ البَابِ)، فأتاهُ رجُلٌ فقال: يارسُول اللهِ! إنَّ نِسَاءَ جعفرٍ، وذكر بُكاءَهُنَّ، فأمره أن يذهَبَ فينهاهُنَّ، فذهب فأتاهُ فذكر أنَّهُنَّ لم يُطِعْنَهُ، فأمره الثانية أن ينهاهُنَّ (¬1)، فذهبَ، ثم اتُاهُ فقال: واللهِ لقد غَلَبْنَنَا يارسُولَ الله قال (¬2): فزعَمَتْ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:! اذهَبْ فاحْثُ في أفواهِهنَّ من التراب"، قالت عائشة: فقلتُ: أرْغَمَ اللهُ أَنْفَكَ. والله! ما تفعلُ ما أمَرَكَ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما تَرَكْتَ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - من العَنَاءِ". وعن أبي مالك الأشعري (¬3)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أربعٌ في أُمَّتي من أمرِ الجاهلية، لا يترُكونهن: الفخرُ في الأحسابِ، والطعْنُ في الأنسابِ، والإستِسْقَاءُ بالنجوم، والنياحةُ" وقال: "النائحةُ إذا لم تَتُبْ قَبْلَ موتِهَا تُقَامُ يوم القيامة وعليها سِرْبَالٌ من قَطِرَانٍ، ودِرْعٌ من جَرَبِ" (¬4). وعن عبد الله بن مسعود (¬5)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليْسَ مِنَّا من ضَرَبَ الخدُودَ أو شق الجيوب أو دَعَا بِدَعْوَى الجاهليَّةِ". وعن عمر بن الخطاب (¬6)، قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ المَيّتَ ليعذَّبُ ببُكَاءِ الحَي". وفي لفظ آخر (¬7): "إن الميت ليُعَذَّب ببعض بكاءِ أهلِهِ عليه". ¬

_ (¬1) في مسلم: (فأمره الثانية أن يذهب فينهاهن). (¬2) في مسلم: (قالت). (¬3) مسلم: (2/ 644) (11) كتاب الجنائز (10) باب التشديد في النياحة - رقم (29). (¬4) ودرع من جرب: يعني يسلط على أعضائها الجرب والحكة، خبيث يعطى بدنها تغطية الدرع، وهو القميص. (¬5) مسلم: (1/ 99) (1) كتاب الإيمان (44) باب تحريم ضرب الحدود وشق الجيوب - رقم (165). (¬6) مسلم: (2/ 639) (11) كتاب الجنائر (9) باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه - رقم (18). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (16).

وعن عمر (¬1) قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ المَيِّتَ يُعذَّب ببكاء أهله". وعن المُغيرة بن شعبة (¬2)، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقُولُ: "من نِيحَ عَلَيْهِ فإنه يُعَذَّبُ بما نيِحَ عليه يوم القيامةِ". البخاري (¬3)، عن النعمان بن بشير قال: أُغْمِيَ على عبد الله بن رواحة، فجعلَتْ أختُهُ عَمْرَةُ تبكى: واجَبَلاه وكذا وكذا تُعدّدُ عليه، فقال حين أفاق: ما قلتِ شيئًا إلا قيل لي: آنت كذلك؟. وفي طريق آخر، فلما مات لم يُبْكَ عليه. مسلم (¬4)، عن أُمَّ عطيَّةَ قالت: دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحنُ نَغسِلُ ابنته. فقال:! اغسلنها ثلاثًا، أو خمسًا، أو أكثر من ذلك، إن رأيتُنَّ ذلك، بماء وسدر، واجعلن في الآخرة (¬5) كافورا أو شيئًا من كافورٍ، فإذا فرغتن فآذننِي! فلما فرغنا آذنَّاهُ، فألقى إلينا حِقوَه (¬6) فقال: "أشعرنها إيَّاهُ" (¬7). وفي هذا الحديث في الغسل، قال: "ثلاثًا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن" (¬8). ¬

_ (¬1) مسلم: الموضع السابق، في الأصل: (ابن عمر) والصحيح ما أثبتناه. (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (28). (¬3) البخاري: (7/ 589) (64) كتاب المغازي (44) باب غزوة مؤتة من أرض الشام - رقم (4267). (¬4) مسلم: (2/ 646، 647) (11) كتاب الجنائز (12) باب في غسل الميت - رقم (36). (¬5) الآخرة: أي في الغسلة الآخرة. (¬6) حقوه: أي إزاره. (¬7) أشعرنها إياهُ: أي اجعلنه شعارًا لها، وهو الثوب الذي يلي الجسد، سمي بذلك لأنه يلي شعر الجلد. (¬8) في مسلم: (إن رأيتن ذلك).

روته حفصة عن أم عطية، ذكره مسلمًا (¬1) أيضًا. قال أبو عمر (¬2) بن عبد البر: لا أعلم أحدًا من العلماء قال بمجاوزة سبع غَسْلاتٍ في غسل الميت، ذكره في التمهيد في باب أيوب. مسلم (¬3) (¬4) عن أم عطية قالت: قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اغسلنها وترًا". البخاري. (¬5)، عن أم عطية في هذا الحديث "أنهنَّ جعلنَ رأسَ بنتِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثلاثةَ قُرون، نقضنَهُ ثمَّ غسلنَهُ ثم جعلنَه ثلاثةَ قرونٍ". وفي طريق آخر (¬6)، "وألقينها خلفها". مسلم (¬7)، عن أم عطية، أن رُسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، حيثُ أَمَرَهَا أن تغْسِلَ ابنَتَهُ قال (¬8): "ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا ومواضِع الوُضُوءِ منِهْا". مالك (¬9)، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غُسِّلَ في قميصٍ. هكذا رواه سائر رواةِ الموطأ مرسلًا. إلا سعيد بن عُفَيْر فإنه جعله عن مالك عن جعفر عن أبيه عن عائشة. ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (39). (¬2) التمهيد: (1/ 373). (¬3) مسلم: ليست في الأصل. (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (40). (¬5) البخاري: (3/ 158) (23) كتاب الجنائز (14) باب نقض شعر المرأة - رقم (1260). (¬6) البخاري: (3/ 160، 161) (23) كتاب الجنائز (17) باب يلقى شعر المرأة خلفها - رقم (1263). (¬7) مسلم: (2/ 648) (11) كتاب الجنائز (12) باب في غسل الميت - رقم (42). (¬8) في مسلم: (قال لها). (¬9) الموطأ: (1/ 222) (16) كتاب الجنائز (1) باب غسل الميت - رقم (1).

ذكر ذلك أبو عمر بن عبد البر (¬1) وقال: وقد رواه أبو داود بإسناد آخر متصل إلي عائشة. مسلم (¬2)، عن ابن عباس، أنَّ رجُلًا أوْقَصَتْهُ راحِلَتُهُ وهو مُحرمٌ، فماتَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اغسلوه بماءٍ وسِدْرٍ، وكفِّنُوهُ في ثَوْبَيْهِ، ولا تُخَمِّروا وجهه ولا رأسه، فإنهُ يبُعثُ يوم القيامة مُلبيِّاً". وفي طريق أخرى (¬3) من الزيادة: "ولا تمسوه بطيب". مسلم (¬4)، عن جابر بن عبد الله، أنَّ النبيّ- صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ يومًا، فذكر رجُلًا من أصحابه، قُبض فكفِّن في كفن غير طائل، وقُبرَ ليلًا، فزجَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم -أن يُقْبَرَ الرجُلُ بالليل- حتى يُصَلَّى عليه، إلا أن يُضْطَرَّ إنسانٌ إلي ذلك وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كفَّنَ أحَدُكُمْ أخَاُه فليُحَسِّنْ كفَنَهُ". الترمذي (¬5)، عن ابن عبَّاس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "البَسوا من ثِيَابِكُمُ البياضَ، فإِنهَا من خير ثيابِكُمْ، وكفِّنُوا فيها موتَاكُمْ". قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ. مسلم (¬6)، عن خبَّابِ بن الأَرت قال: هَاجَرْنَا مع رسُولِ الله - صلى ¬

_ (¬1) التمهيد: (2/ 158). (¬2) مسلم: (2/ 866) (15) كتاب الحج (14) باب ما يفعل بالمحرم إذا مات - رقم (98). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (99). (¬4) مسلم: (2/ 651) (11) كتاب الجنائز (13) باب في تحسين كفن الميت - رقم (49). (¬5) الترمذي: (3/ 319، 320) (8) كتاب الجنائز (18) باب ما يستحب من الأكفان - رقم (994). (¬6) مسلم: (2/ 649) (11) كتاب الجنائز (13) باب في كفن الميت - رقم (44).

الله عليه وسلم - في سَبيل الله نبتغي وجْهَ الله، فَوَجَبَ أجْرُنَا على الله (¬1)، فَمِنَّا من مضَى لم يأكُلْ من أجرِهِ شيئًا، منهم مصعَبُ بن عمير، قُتِلَ يوم أُحُدٍ، فلم يُوجَدْ لَهُ شيء يُكَفنُ فيه إِلا نَمِرةٌ، فكُنَّا إذا وضَعْنَاهَا على رأسِهُ، خرجت رِجْلَاهُ، وإذا وضعنَاهَا على رجليه، خَرَجَ رأْسُهُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ضَعُوهَا مما يلي رأسَهُ، واجعَلُوا على رجليهِ من (¬2) الأذخر"، ومِنَّا من أينعت له ثمرتُهُ فهو يَهْدُبُهاَ (¬3). وقال البخاري (¬4)،: "قُتِلَ يومَ أُحُدٍ وتركَ نَمِرةً". مسلم (¬5)، عن عائشة، قالت: كُفِّن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثةِ أثوابٍ بيضٍ سُحوليّةٍ من كُرْسُفٍ (¬6)، ليس فيها قَمِيصٌ، ولا عمامة، أمَّا الحُلَّةُ فإنَّمَا شُبِّهَ على الناس فيها، أنَّها اشتُرِيَتْ له ليُكفَّنَ فيها، فَتُرِكَت الحُلّة، وكُفِّن في ثلاثة أثوابٍ بيضٍ سُحوليةٍ، فأخذهَا عبد الله بن أبي بكر، فقال: لأحْبِسَنَّها حتى أُكفِّنَ فيها نَفْسِى، ثم قال: لو رضِيَها الله (¬7) لنبيّه - صلى الله عليه وسلم - لكفَّنَهُ فيها فباعَهَا وتَصَدَّقَ بثمنها. البخاري (¬8)، عن جابر بن عبد الله قال: كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمَعُ بين الرَّجُلَينِ من قَتلى أُحُدٍ في ثوبٍ واحدٍ، ثم يقولُ: "أيُّهم أكثرُ أخذًا للقرآن؟ فإذا أُشِيرَ إلى أحَدِهما قدَّمَهُ في اللَّحد، وقال: أنا شهيدٌ ¬

_ (¬1) أجرنا على الله: معناه وجوب إنجاز وعدٍ بالشرع لا وجوب العقل. (¬2) (من): ليست في مسلم. (¬3) أي يجتنيها. (¬4) البخاري: (7/ 267) (63) كتاب مناقب الأنصار (45) باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسله وأصحابه إلى المدينة - رقم (3897). (¬5) مسلم: (2/ 649، 650) (11) كتاب الجنائز (13) باب في كفن الميت - رقم (45). (¬6) سحولية من كرسف: أي ثياب بيض نقية، والكرسف: القطن. (¬7) في مسلم: (لو رضيها الله -عَزَّ وَجَلَّ-). (¬8) البخاري: (3/ 248) (23) كتاب الجنائز (72) باب الصلاة على الشهيد - رقم (1343).

على هؤلاءِ يومَ القيامة"، وأمر بدفنِهم في دِمائهم، ولم يُغسَّلوا ولم يُصلَّ عليهم. الترمذي (¬1)، عن عبد الله بن مُحمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَفَّنَ حَمزةَ (¬2) في نَمِرةٍ في ثوبٍ واحد. صحح أبو عيسى هذا الحديث. مسلم، عن البراء بن عازب، قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبعٍ ونهانا عن سبع، أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنازة وذكر الحديث وسيأتي إن شاء الله -عَزَّ وَجَلَّ-. وعن أم عطية (¬3)، قالت: كُنَّا نُنْهى عن اتباعِ الجنائزِ، ولم يُعْزَمْ علينَا. البخاري (¬4)، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اتبع جنازَةَ مُسْلم إيمانًا واحتسابًا، وكان مَعَها (¬5) حتى يُصَلّى عليها ويُفرَغَ من دفْنِهَا، فإنَّهُ يرجعُ من الأجْرِ بقيراطيْن، كُل قيراط مثلُ أُحُدٍ، ومن صلَّى عليها ثم رَجَعَ قبل أن تُدْفَنَ فإنَّهُ يرجِعُ بقيراط". مسلم (¬6)، عن أبي هريرة، أنَّهُ سَمِعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من خرج مع جنَازِةٍ من بَيْتِهَا وصلَّى عليها"، وذكر الحديث. ¬

_ (¬1) الترمذي: (3/ 322) (8) كتاب الجنائز (20) باب ما جاء في كفن النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (997). (¬2) في الترمذي: (حمزة بن عند المطلب). (¬3) مسلم: (2/ 646) (11) كتاب الجنائز (11) باب نهى النساء عن اتباع الجنائز - رقم (34). (¬4) البخاري: (1/ 133) (2) كتاب الإيمان (35) باب اتباع الجنائز من الإيمان - رقم (47). (¬5) في البخاري: (وكان معه). (¬6) مسلم: (2/ 653، 654) (11) كتاب الجنائز (17) باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها - رقم (56).

وعن أبي هريرة (¬1) أيضًا، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أسْرِعُوا بالجنازَةِ، فإن كانت صَالِحة قربتُمُوها إلى الخيرِ، وإن كانت غيْرَ ذلك كان شرًا تضعُونَهُ عن رِقَابِكُمْ". النسائي (¬2)، عن أبي بكرةَ قال: "لقد رأيتُنَا مع رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وإنَّا لنَكَادُ نَرْمُلُ بالجنازةِ رَمَلاً". وعن أبي سعيد الخدري (¬3)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا وُضعتِ الجنازَةُ فاحتَملَهَا الرجَالُ على أعناتِهِمْ، فإن كانت صالحةً قالتْ قَدِّموني قَدِّمُوني، وإن كانت غيرَ صالحه قالت: يا ويْلَهَا أين تذهَبُونَ بها يسَمعُ صوتَهَا كُلُّ شيء إلا الإنسان، ولو سَمِعَهَا إنسانٌ (¬4) لَصَعِق. مسلم (¬5)، عن أبي هريرة، قال: نَعَى لَنَا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - النًجَاشِيَّ صاحِبَ الحبشةِ في اليوم الذِى ماتَ فيه، وقال: "استغفروا لأخيكُمْ". وعنه في هذا، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صفَّ بِهِمْ بالمصلَّى فكبَّر عليهِ أربع تكبيراتٍ. وعن عبد الرحمن (¬6) بن أبي ليلى، قال: كان زيدٌ يُكبِّر على جنائزِنَا أربعًا، وإنَّهُ كَبَّر على جنازةٍ خَمْسًا، فسأَلتُهُ فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكبِّرُهَا. ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 651، 652) (11) كتاب الجنائز (16) باب الإسراع بالجنازة - رقم (51). (¬2) النسائي: (4/ 43) (21) كتاب الجنازة (44) السرعة بالجنازة - رقم (1913). (¬3) النسائي: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (1909). (¬4) في النسائي: (الإنسان). (¬5) مسلم: (2/ 657) (11) كتاب الجنائز (22) باب في التكبير على الجنازة - رقم (63). (¬6) مسلم: (2/ 659) (11) كتاب الجنائز (23) باب الصلاة على القبر - رقم (72).

البخاري (¬1)، عن طلحة بن عبد الله بن عوف، قال: صلَّيتُ خلف ابن عبَّاسٍ على جنازةٍ، فقرأ فاتحة الكتاب، فقال (¬2): لتَعلمُوا أنَّها سُنّة. زاد النسائي (¬3)، "وسورةً وجهر حتى أسمعنا". وعن أبي أمامة (¬4)، أن السُّنَّةَ في الصلاةٍ على الجنازةِ أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مُخَافَتَةً، ثم يُكبِّر ثلاثًا، والتسليم عند الآخرة. وذكر محمد بن نصرٍ المروزي في كتاب رفع الأيدى، عن أبي أمامة أيضًا، قال: السنة في الصلاة على الجنائز أن يكبِّر ثم يقرأ بأم القرآن، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يخلص الدعاء للميت ولا يقرأ إلا في التكبيرة الأولى ثم يُسَلِّم. وخرجه عبد الرزاق (¬5) أيضًا. وأبو أمامة أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -. الترمذي (¬6)، عن زِياد بن جبير بن حَيَّةَ، عن أبيهِ، عن المغيرَة بن شعبة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "الرَّاكِبُ خلف الجنازَةِ، والماشى حيثُ شاء منهَا، والطفلُ يُصَلَّى عليه"، قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ. ¬

_ (¬1) البخاري: (3/ 242) (23) كتاب الجنائز (65) باب قِراءة فاتحة الكتاب على الجنازة - رقم (1335). (¬2) في البخاري: (قال). (¬3) النسائي: (4/ 74، 75) (21) كتاب الجنائز (77) باب الدعاء - رقم (1987). (¬4) النسائي: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (1989). (¬5) المصنف: (3/ 489) كتاب الجنائز- باب القراءة والدعاء في الصلاة على الميت - رقم (6428). (¬6) الترمذي: (3/ 349، 350) (8) كتاب الجنائز (42) باب ما جاء في الصلاة على الأطفال - رقم (1031).

مسلم (¬1)، عن جابر بن سَمُرَةَ، قال: أُتَيَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بفرَسٍ مُعرَوْرٍ (¬2). فركب (¬3) حين انصرف من جنازَةٍ ابن الدَّحْداح، ونحنُ نمشي حولَهُ. أبو داود (¬4)، عن الزهري، عن سالم، عن أبيهِ قال: رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكرٍ وعمر، يمشونَ أمام الجنازة. كذا رواه ابن عيينة، ويحيى بن سعيد، وموسى بن عقبة، وزياد بن سعدٍ، ومنصور، وابن جريج، وغيرهم عن الزهري، عن سالم، عن أبيه. ورواه مالك (¬5)، عن الزهرى مرسلاً: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكرٍ وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة، والخلفاءُ، وهَلُمَّ جَرّا وعبدُ الله ابن عُمَرَ". وهكذا رواه يونس ومعمر عن الزهرى مرسلاً وهو عندهم أصح. مسلم (¬6)، عن جابر بن سَمُرةَ قال: أُتِيَ النبي - صلى الله عليه وسلم - برجُلٍ قَتَلَ نفسَهُ بمَشَاقِصَ (¬7) فلم يُصَل عليهِ. مسلم (¬8)، عن عبّاد بن عبد الله بن الزُّبَيْرِ، عن عائشة أنَّها قالت: لَمَّا تُوفِيَ سعدُ بن أبي وقَّاص، أرْسَلَ أزواجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أن ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 664) (11) كتاب الجنائز (28) باب ركوب المصلى على الجنازة إذا انصرف - رقم (89). (¬2) في مسلم: (معرورًى): أي فرس عري. (¬3) في مسلم: (فركبه). (¬4) أبو داود: (3/ 522) (15) كتاب الجنائز (49) باب المشي أمام الجنازة - رقم (3179). (¬5) الموطأ: (1/ 225) (19) كتاب الجنائز (3) باب المشي أمام الحنازة - رقم (8). (¬6) مسلم: (2/ 672) (11) كتاب الجنائز (37) باب ترك الصلاة على القاتل نفسه - رقم (107). (¬7) مشاقص: أي سهام عراض. (¬8) مسلم: (2/ 668) (11) كتاب الجنائز (34) باب الصلاة على الجنازة في المسجد - رقم (100).

يَمرُّوا بجنازتهٍ في المسجد، فيُصَلّيْنَ عليه، فَفَعلوا. فوقف به على حُجَرِهنَّ يُصَلّيْنِ عليه، أُخْرِجَ به من بابِ الجنائز الذى كان إلى المقاعدِ (¬1) فبلغهن أنَّ الناس عابُوا ذلك، وقالوا: ما كانت الجنائِزُ يُدْخَلُ بها المسجد، فبلغ ذلك عائشة فقالت: ما أسَرعَ الناسُ إلى أن يعيبوا ما لا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ! عابُوا عليْنَا أن يُمرَّ بجنازةٍ في المسجِد! وما صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على سُهَيْلِ بن بيضاءَ إلَّا في جوفِ المسجِدِ. وعن ابن عباس (¬2)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى على قبر بعدما دُفِنَ فكَبَّر عليهِ أربعًا. البخاري (¬3)، عن عُقبة بن عامر قال: صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قتلى أُحُدٍ بعد ثماني سنين كالمودِّع للأحياء والأموات، ثم طلعَ المنبر، فقال: "إنِّي بين أيديكم فَرطٌ، وأنا شهيد عليكم (¬4)، وإن موعِدَكم الحوض، وإني لأنظرُ إليه من مقامى هذا، وإني لستُ أخشى عليكم أن تُشركوا، ولكنى أخشى عليكم الدُّنيا أن تنافَسوها"، قال: فكانت آخر نظرةٍ نظرتُها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". مسلم (¬5)، عن ابن عباس قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقَولُ: "ما منْ رجُلٍ مسلمٍ يموتُ فيقوم على جنازتِهِ أربعون رجُلًا، لا يُشركون باللهِ شيئًا إلا شفعَهُمُ الله فيهِ". أبو داود (¬6)، عن أبي هريرة، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) المقاعد: أي كان منتيهًا إلى موضع يسمى مقاعد، بقرب المسجد الشريف. (¬2) مسلم: (2/ 658) (11) كتاب الجنائز (23) باب الصلاة على القبر - رقم (68). (¬3) البخاري: (7/ 404) (64) كتاب المغازي (17) باب غزوة أحد - رقم (4042). (¬4) في البخاري: (وأنا عليكم شهيد). (¬5) مسلم: (2/ 655) (11) كتاب الجنائز (19) باب من صلى عليه أربعون شفعوا فيه - رقم (59). (¬6) أبو داود: (3/ 538) (15) كتاب الجنائر (60) باب الدعاء للميت - رقم (3199).

وسلم - يقول: "إذا صليتُم على الميت فأَخلِصُوا له الدعاءَ". مسلم (¬1)، عن عوف بن مالك قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم -وهو يُصلي على جنازةٍ (¬2) يقولُ: "اللهم اغفر لَهُ وارحمهُ، واعفُ عنه وعافِهِ، وأكِرمْ نُزُلَهُ، ووسِّعْ مَدْخَلهُ، واغسله بماءٍ وثلجٍ وبَرَدٍ، ونَقِّهِ من الخطايا كما يُنَقى الثوْب الأبيض من الدَّنس، وأبْدِلْهُ دارًا خيرًا من دارِهِ، وأهلًا خيرًا من أهله، وزوجًا خيرًا من زوجه، وقِهِ فتنة القبر وعذَابَ النار". قال عوفٌ فتمنيّت أن لو كنتُ أنا الميِّتَ، لِدُعَاءِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك الميت. أبو داود (¬3)، عن أبي هريرة قال: صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جنازة فقال: "اللهم اغفر لحيِّنا وميِّتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكِرنا وأُنْثَانا، وشاهدِنا وغائِبِنَا، اللهم من أحيَيْتَه مِنَّا، فأحيِهِ على الإيمان، ومن توفيتهُ منَّا فتوفَّهُ على الإسلام، اللهم لا تحَرمْنا أجره، ولا تُضِلَّنا بعده". مسلم (¬4)، عن سَمُرة بن جندب قال: صلَّيتُ خلفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وَصلّى على أُمِّ كَعْب مَاتَتْ وهي نُفَسَاءَ، فقام رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - للصَّلَاةِ عليها وسَطهَا (¬5). أبو داود (¬6)، عن أبي غالب، عن أنس، وصلَّى على جنازةٍ فقال له ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 663) (11) كتاب الجنائز (26) باب الدعاء للميت في الصلاة - رقم (86). (¬2) في مسلم: (وصلى على جنازة). (¬3) أبو داود: (3/ 539) (15) كتاب الجنائز (60) باب الدعاء للميت - رقم (3201). (¬4) مسلم: (2/ 664) (11) كتاب الجنائز (27) باب أين يقوم الإِمام من الميت للصلاة عليه - رقم (87). (¬5) وسطها: أي حذاء وسطها. قال النووي: السنة أن يقف الإِمام عند عجيزة الميتة. (¬6) أبو داود: (3/ 533، 534) (15) كتاب الجنائر (57) باب أين يقوم الإِمام من الميت إذا صلى عليه - رقم (3194).

العلاء بن زياد: يا أبا حمزة! هكذا كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلى على الجنائز كصلاتك، يُكبِّر عليها أربعًا ويقوم عند رأس الرجل وعجيزة المرأة؟ فقال: نعم. النسائي (¬1)، عن عَمَّار مَوْلى بن هاشم قال: شهدتُ (¬2) جِنازَةَ امرأةٍ وصَبِيّ (¬3)، فَقُدِّمَ الصَّبِيُّ مما يلِي القومَ، ووُضعتِ المرأةُ وراءَهُ، فصَلَّى عَلَيْهمَا وفي القومِ أبو سعيدٍ وابن عباسٍ وأبو قتادَةَ وأبو هُريرةَ، فسألتُهُمْ عن ذلك، فقالوا: السُّنةُ. وعن هشام بن عامرٍ (¬4)، قال: شَكَوْنا إلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحُدٍ فقلنا: يا رسول الله! الحفْرُ عليْنَا لكُلِّ إنسانٍ شديدٌ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اخفِرُوا وأعْمِقُوا، وادفنوا الإثنينِ، والثلاَثةَ في قبرٍ واحد". فقالوا: فمن نقَدِّمُ يا رسول الله؟ فقال (¬5): "قَدِّموا أكثَرهُمْ قرآنًا" قال: وكان أبىِ ثِالثَ ثلاثةٍ في قبرٍ واحدٍ. وفي روايةٍ (¬6)، "فقَدَّموه" (¬7). وفي أخرى، "احفروا وأوسعوا وأحسِنوا". يعنى يقدّم مما يلي القبلة. ¬

_ (¬1) النسائي: (4/ 71) (21) كتاب الجنائز (74) باب اجتماع جنازة صبي وامرأة - رقم (1977). (¬2) في النسائي: (حضرت). (¬3) في النسائي: (صبي وامرأة). (¬4) النسائي: (4/ 80، 81) (21) كتاب الجنائز (86) باب ما يستحب من إعماق القبر - رقم (2010). (¬5) في النسائي: (قال). (¬6) النسائي: (4/ 84) (21) كتاب الجنائز (91) باب من يُقدم - رقم (2018). (¬7) في النسائي: (فكان أبي ثالث ثلاثة وكان أكثرهم قرآنًا فقُدِّمَ).

وذكر ذلك عبد الرزاق (¬1)، من حديث جابر بن عبد الله. مسلم (¬2)، عن سعد بن أبي وقَّاصٍ، أنَّهُ قال في مَرضِهِ الذى هلك فِيهِ: الحَدُوا لي لحدًا، وانصِبُوا عليّ اللَّبِنَ نصبًا، كما صُنِعَ برسُول الله - صلى الله عليه وسلم -. أبو داود (¬3)، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اللَّحدُ لنا والشق لغيرنا". النسائي (¬4)، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وضعتم موتاكم في القبر فقولوا: بسم الله وعلى سُنّة رسول الله". وقد روى موقوفًا على ابن عمر (¬5). البخاري (¬6)، عن أنس قال: شهِدْنَا بنتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ (¬7)، فرأيتُ عينَيهِ تدمَعانِ، فقال: "هل فيكم من أحد لم يُقارِف الليلة (¬8)؟ فقال أبو طلحةَ: أنا. قال: "فانزِلْ في قبرِها". رواه الطحاوى (¬9)، في بيان المشكل وقال: "لم يقارف أهله الليلة". الترمذي (¬10)، عن ابن عباس، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - دخَلَ ¬

_ (¬1) المصنف: (3/ 474) كتاب الجنائز - باب دفن الرجل والمرأة - رقم (6379). (¬2) مسلم: (2/ 665) (11) كتاب الجنائز (29) باب في اللَّحد ونصب اللبن على الميت - رقم (90). (¬3) أبو داود: (3/ 545) (15) كتاب الجنائز (65) باب في الَّلحد - رقم (3208). (¬4) النسائي: عمل اليوم والليلة - رقم (1088). (¬5) المصدر السابق - رقم (1089). (¬6) البخاري: (3/ 248) (23) كتاب الجنائز (71) باب من يدخل قير المرأة - رقم (1342) (¬7) في البخاري: (جالس على القبر). (¬8) يقارف: أي لم يجامع أهله. (¬9) مشكل الآثار: (3/ 204). (¬10) الترمذي: (3/ 372) (8) كتاب الجنائز (63) باب ما جاء في الدفن بالليل - رقم (1057).

قبرًا ليلًا، فَأُسرج لهُ بسراجٍ. فأخَذَ (¬1) من قِبَل القبلة، وقال: "رَحِمَكَ اللهُ إنْ كُنْتَ لأوَّاهًا تَلَّاءًا للقرآنِ". وكبَّر عليه أربعًا. قال: هذا حديث حسن. أبو داود (¬2)، عن أبي إسحاق قال: أوصى الحارث أن يُصلِّي عليه عبد الله بن يزيد، فصلَّى عليه، ثم أدخله القبر من قِبَلِ رِجْلي القبر وقال: هذا من السُنَّةِ. وذكر أبو عمر بن عبد البر، في التمهيد، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى على جنازةٍ فكبَّر عليها أربعًا، ثم أُتَى القبر من قِبَلِ رأسهِ فَحَثَى فيه ثلاثًا. النسائي (¬3)، عن جابر، هو ابن عبد الله، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ادفِنُوا القْتلَى في مصارِعِهِمْ". وعنه (¬4)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بَقتلَى أُحُدٍ أن يُرَدُّوا إلى مصارِعِهِمْ وكانوا قد نُقِلُوا إلى المدينةِ. مسلم (¬5)، عن أبي الهَيَّاجِ الأسديِّ قال: قال لي عليُّ بن أبي طالب: ألا أبعثُكَ على ما بعثني عليه رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ أنْ لا ¬

_ (¬1) في الترمذي: (فأخذه). (¬2) أبو داود: (3/ 545) (15) كتاب الجنائز (67) باب في الميت يدخل من قبل رجليه (3211). (¬3) النسائي: (4/ 79) (21) كتاب الجنائز (83) أين يدفن الشهيد - رقم (2005). (¬4) النسائي: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2004). (¬5) مسلم: (2/ 666) (11) كتاب الجنائز (31) باب الأمر بتسوية القبر - رقم (93).

أدَع (¬1) تمثالاً إلا طمَسْتُهُ، ولا قبْرًا مُشرِفًا إلا سوَّيُتهُ. أبو داود (¬2)، عن القاسم، قال: دخلتُ على عائشة فقلتُ: يا أمَّهْ! اكشفى لي عن قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه (¬3)، فكشفت لى عن ثلاثة قُبور لا مُشرِفةِ ولا لاطِئةٍ، مَبْطوحةٍ بِبَطْحاء العَرْصَةِ الحمراء. أبو داود (¬4)، عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا عَقْرَ في الإِسلام" قال عبد الرزّاق (¬5): كانوا يعقرون عند القبر يعني ببقرةٍ أو بشيء. النسائي (¬6)، عن بشير بن الخصَاصِيةِ قال: كُنْتُ أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمرَّ على قبور المسلمينَ فقال: "لقد سبق هؤُلاءِ شرًّا كثيرًا" ثم مَرَّ على قُبُور المشركينَ فقال: "لقد سَبَقَ هؤلاءِ خيرًا كثيرًا" فحانت مِنْهُ التفاتَةٌ فرأى رجُلا يمشي بين القُبُورِ في نعليه فقال: "يا صَاحِبَ السبتيتين ألقهما". وخَرَّجَ محمد بن عبد الملك بن أيمن عن بشير أيضًا قال: بينما أنا أمشي بين المقابر وعلي نعلان إذ ناداني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا صاحب السبتيّتين يا صاحب السبتيّتين إذا كنت في مثل هذا المكان فاخلع نعليك، قال فخلعتهما. ¬

_ (¬1) في مسلم: (أن لا تدع). (¬2) أبو داود: (3/ 549) (15) كتاب الجنائز (72) باب في تسوية القبر - رقم (3220). (¬3) في أبي داود: (رضى الله عنهما). (¬4) أبو داود: (3/ 550، 551) (15) كتاب الجنائز (74) باب كراهية الذبح عند القبر رقم (3222). (¬5) المصنف: (3/ 560) كتاب الجنائز - باب الصبر والبكاء، والنياحة - رقم (6690) ولم أجد قول عبد الرزاق في المصنف. (¬6) النسائي: (4/ 96) (21) كتاب الجنائز (107) كراهية المشي بين القبور في النعال السبتية - رقم (2048).

مسلم (¬1)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَأنْ يجلِسَ أحَدُكُمْ على جمَرةٍ فتُحرِقَ ثيابَهُ، فَتَخْلُصَ إلى جِلْدهِ، خيرٌ له من أن يجلس على قبرِ". عن جابر بن عبد الله (¬2)، قال: نَهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُجَصَّصَ القبرُ، وأن يُقْعَدَ عليهِ، وأن يُبْنَى عليهِ. وقال الترمذي (¬3)، عن جابر أيضًا - نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُجَصَّصَ القُبُورُ، وأن يُكْتَبَ عليها، وأن تُبنَى وأن تُوطَأَ". وقال: حديث حسن صحيح. أبو داود (¬4)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كَسْرُ عَظْمِ المَيِّتِ ككَسْرِهِ حيًا". مسلم (¬5)، عن علي بن أبي طالب، في القيام للجنازة أنه قال: قام رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَعَدَ. وعن أنسٍ (¬6)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تركَ قَتْلَى بدرٍ ثلاثًا، ثم أتَاهُمْ فقَامَ عليْهِمْ فَنَاداهُمْ، فقال: "يا أبا جَهْلِ بن هشامٍ، يا أُميَّة ابن خَلَفٍ! يا عُتْبَةَ بن ربيعة! يا شيبة بن ربيعة! أليس قد وجدْتُمْ ما وعدكم ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 667) (11) كتاب الجنائز (33) باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه - رقم (96). (¬2) مسلم: (1/ 667) (11) كتاب الجنائز (32) النهي عن تجصيص القبر والبناء عليه - رقم (94). (¬3) الترمذي: (3/ 368) (8) كتاب الجنائز (58) باب ما جاء في كراهية تجصيص القبور والكتابة عليها - رقم (1052). (¬4) أبو داود: (3/ 543، 544) (15) كتاب الحنائز (63) باب في الحفار يجد العظم - رقم (3207). (¬5) مسلم: (2/ 661، 662) (11) كتاب الجنائز (25) باب نسخ القيام للجنازة - رقم (82). (¬6) مسلم: (4/ 2203) (51) كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها (17) باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه - رقم (77).

ربُّكُمْ حقًا؟، فإنِّى قد وجْدتُ ما وعدني ربِّي حقًا"، فسمع عمرُ قولَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! كيف يَسمعون (¬1) وقد جَيَّفُوا؟ قال: "والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمَعَ لِمَا أقولُ منهم، ولكنَّهُمْ لا يقْدِرُونَ أن يجيبوا"، ثم أمرَ بهم فسُحبُوا فألقوا في قَلِيبِ بدرٍ. أبو داود (¬2)، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من غَسَّل الميت فليغتسل، ومن حَملهُ فليتوضأ". اخْتُلِفَ في إسناد هذا الحديث. مسلم (¬3)، عن أبي هريرة قال: زارَ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وأَبْكَى من حَوْلَهُ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬4): "استأذَنْتُ ربِّى في أنْ أستغِفَر لَهَا فلم يُؤْذَنْ لي، واستأذنْتُهُ في أن أزور قبرَهَا فأُذنَ لي، فزُورُوا القُبُورَ، فإنها تذكِّر المَوْتَ". النسائي (¬5)، عن بريدة، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذا أتَى على المقابرِ قال (¬6): "السلامُ عليكم أهل الدَّار (¬7) من المؤمنين والمسلمين، وإنّا إن شاءَ اللهُ بِكُمْ لاحقون، أنتم لنا فَرَطٌ ونحن لكم تَبَعٌ - أسألُ الله العافية لنا ولكم". وذكر أبو عمر بن عبد البر في الإستذكار (¬8) من حديث ابن عباس قال: ¬

_ (¬1) في مسلم: (يسمعوا وأَنَّي يُجِيبُوا). (¬2) أبو داود: (511، 512) (15) كتاب الجنائز (39) باب في الغسل من غسل الميت (¬3) مسلم: (2/ 671) (11) كتاب الجنائز (36) باب استئذان النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه -عَزَّ وَجَلَّ- في زيارة قبر أمه - رقم (108). (¬4) النبي - صلى الله عليه وسلم -): ليست في مسلم. (¬5) النسائي: (4/ 94) (21) كتاب الجنائز (13) باب الأمر بالإستغفار للمؤمنين - رقم (2040). (¬6) في النسائي: (فقال). (¬7) في النسائي: (أهل الديار). (¬8) الإستذكار: (1/ 234) وانظر تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (4031).

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما من أحدٍ يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه وردّ عليه السلام. إسناده صحيح. البخاري (¬1)، عن أبي قتادة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُرَّ عليه بجنازةٍ فقال: "مستريحٌ ومُستراحٌ منه"، قالوا: يا رسول الله! ما المستريحُ وما المستراح منه؟ قال: "العبدُ المؤمن يستريح من نصب الدنيا، وأذاها إلى رحمة الله -عَزَّ وَجَلَّ-، والعبد الفاجر يستريح منه العبادُ والبلادُ والشجرُ والدوابُّ". أبو داود (¬2)، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اذكروا محاسن موتاكم وكُفوا عن مساويهم". البخاري (¬3)، عن عائشة قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا تَسُبُّوا الأمواتَ، فإنَّهم قد أفضوا إلى ما قدَّموا". النسائي (¬4)، عن أبي هرُيرةَ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَا مِنْ مُسلِمَيْن يموتُ بينَهُمَا ثلاثةٌ من الولد (¬5) لم ييلغ الحِنْثَ، إلا أدخَلُهَما اللهُ بفضل رحمتهِ إيَّاهم الجنَّة قال: يُقال لهم ادخلوا الجنة، فيقولون: حتى يدخُل آباؤُنا، فيُقَال: ادخلوا الجنَّةَ أنتم وآباؤُكُم". أبو بكر بن أبي شيبة (¬6)، عن قُرة بن إياس، أنَّ رجلًا كان يأتي ¬

_ (¬1) البخاري: (11/ 369) (81) كتاب الرقاق (42) باب سكرات الموت - رقم (6512). (¬2) أبو داود: (4/ 275) - كتاب الأدب - باب في النهي عن سب الموتى - رقم (4900). (¬3) البخاري: (3/ 304) (23) كتاب الجنائز (97) باب ما يُنهى عن سب الأموات- رقم (1393). (¬4) النسائي: (4/ 25) (21) كتاب الجنائز (25) باب من يتوفى له ثلاثة - رقم (1876). (¬5) في النسائي: (ثلاثة أولاد). (¬6) المصنف: (3/ 354) - كتاب الجنائز - في ثواب الولد يقدمه الرجل.

النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه ابن له، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أتُّحبَّهُ" (¬1)، قال: "أحبّكَ الله كما أحبهُ". قال: ففقده النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "ما فعل ابنك؟ " قال أما شعرت أنه توفي؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أما يَسرُّكَ أن لا تأتي بابًا من أبواب الجنة إلا جاء يسعى حتى يفتح لك (¬2) " فقيل له (¬3)، يا رسول الله! أله خاصةً؟ أم للناس عامة؟ قال: "لهم عامةً". النسائي (¬4)، عن عبد الله عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنَّ الله لا يرَضى لعبِدهِ المؤمن إذا ذهب بصفيَّهِ من أهلِ الأرضِ فصبَرَ واحتسب وقال ما أمَره الله (¬5) بثوابٍ دُون الجنَّةِ". مسلم (¬6)، عن أُمِّ سَلَمَةَ قالت: سمعتُ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "ما من مُسْلِم تصيبُهُ مُصيَبةٌ فيقولُ ما أمره الله عزّ وجل (¬7): إنَّا للهِ وإنا إليه راجعون اللهُمَّ أجُرنى في مصيبتي، وأخْلف لي خيرًا منها إلا أخْلَفَ الله له خيرًا منها". قالت: فلما مات أبو سَلَمَةَ قلت: أيُّ المسلمين خير من أبي سلمة؟ أوَّلُ بيتٍ هاجر إلى رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم إنِّى قلتها، فأخَلَفَ الله لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاطِبَ بن أبي بلتعة يخطبني له. فقلت له (¬8): إن لي بنتا وأنا غيُورٌ ¬

_ (¬1) في المصنف: (أتحبه؟ قال: نعم). (¬2) في المصنف: (حتى يستفتحه لك). (¬3) في المصنف: (فقال). (¬4) النسائي: (4/ 23) (21) كتاب الجنائز (23) باب ثواب من صبر واحتسب - رقم (1871). (¬5) في النسائي: (وقال ما أُمر به). (¬6) مسلم: (2/ 631، 632) (11) كتاب الجنائز (2) باب ما يقال عند المصيبة - رقم (3). (¬7) (-عَزَّ وَجَلَّ-): ليست في مسلم. (¬8) (له): ليست في مسلم، وليست في (د، ف).

فقال: "أمَّا ابنتُها فندْعُوا الله أن يُغْنيِها عنها، وأدعو الله أن يَذْهَبَ بالغيرةِ". وفي طريق أخرى (¬1)، ثم عزم اللهُ لي فقلتُها. قالت: فتزوجتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وذكر الدارقطني، عن ابن عباس أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "موت الغريب شهادة" (¬2). ذكره في كتاب العلل في حديث ابن عمر وصححه. ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (5). (¬2) أخرجه ابن ماجه. (1613)،. أبو يعلى في مسنده: (4/ 269)، والطبراني (11/ 246)، وإسناده ضعيف من أجل الهذيل بن الحكم، فإنه منكر الحديث، بيد أن إسناد الدارقطني لم أقف عليه! فلينظر.

كتاب الزكاة

كتاب الزكاة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم - (¬1) بابُ زكاةِ الحبوب وما سقته السماء وما سقي بالنضح مسلم (¬2)، عن أبي سعيد الخدري، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس في حبٍ ولا تَمْرٍ (¬3) صدقَةٌ، حتى يَبْلُغ خمسةَ أوْسُقٍ، ولا فيما دُونَ خَمْسِة ذَوْدٍ صدقةٌ، ولا فيما دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ". وقال البخاري (¬4)، "خمس أواقٍ من الورق". وهو عند مسلم من حديث جابر بن عبد الله، والوسق ستون صاعًا، وصاع النبي - صلى الله عليه وسلم - خمسة أرطال وثلث، والأوقية أربعون درهمًا. هذا التفسير من كتاب الترمذي (¬5). ¬

_ (¬1) البسملة والصلاة: ليست في (ب، د). (¬2) مسلم: (2/ 674) (12) كتاب الزكاة - رقم (5). (¬3) د: تمر: ولا حب. (¬4) البخاري: (3/ 363) (24) كتاب الزكاة (32) باب زكاة الورق - رقم (1447). ولفظه: (وليس فيما دون خمس أواقٍ صدقة) (¬5) الترمذي: (3/ 22، 23) (5) كتاب الزكاة (7) باب ما جاء في صدقة الزرع والتمر والحبوب - رقم (626، 627).

باب زكاة الإبل والغنم

البخاري (¬1)، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "فيما سَقَت السماءُ والعيونُ أو كان عَثَريًا (¬2) العُشر، وما سُقِيَ بالنَّضحِ نصفُ العُشر". باب زكاة الإبل والغنم البخاري (¬3)، عن أنس بن مالك، أنَّ أبا بكر الصديق كتبَ لهُ هذا الكتِابَ لما وَجَّهَهُ إلى البحرينِ. بسم الله الرحمنِ الرحيم، هذه فريضةُ الصَدقةِ التي فرضَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين، والتى أمر اللهُ بها رسولَهُ، فمن سُئلِهَا من المسلمين على وَجهِهِا فليُعْطِها، ومن سُئلِ فوقَها فلا يُعْطِ: في أربع وعشريَن من الإبل فما دونهَا من الغَنَمِ من كل خمسٍ شاةٌ، فإذا بلغت خمسًا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاضٍ أُنثى، فإذا بلغت ستًا وثلاثينَ إلى خمسٍ وأربعينَ (¬4) ففيها بنتُ لَبونٍ أُنثى، فإذا بلَغتْ ستةً وأربعينَ إلى ستينَ ففيها حِقّةٌ طروقةُ الجمل فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمسٍ وسبعيَن ففيها جذعةٌ، فإذا بلغت -يعني ستًا وسبعينَ- إلى تسعينَ، ففيها بنتا لبونٍ، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرينَ ومائة ففيها حُقتانِ طَروقتا الجمل، فإذا زادَت على عِشرينَ ومائةٍ ففى كلِّ أربعين بنتُ لَبون، وفي كل خمسين حِقَّةٌ، ومَن لم يكن معَهُ إلا أربعٌ من الإبل، فليس فيها صدقة، إلا أن يَشاءَ ربُّها، فإذا بلغَتْ خمسًا من الابلِ ففيها شاةٌ (4)، ومن بَلغَتْ عنده من الإبل صدقةُ الجذَعَةِ وليست عنده جذعة وعندَهُ حِقَّة فإنها تُقَبلُ منه الحِقَّة ويجعل معها شاتَينِ ¬

_ (¬1) البخاري: (3/ 407) (24) كتاب الزكاة (55) باب العشر فيما يسقى من ماء السماء - رقم (1483). (¬2) هو من النخيل الذي يشرب بعروقه من ماء المطر يجتمع في حَفِيرِة - النهاية (3/ 182). (¬3) لقد جمع المصنف هذا الحديث من عدة روايات من البخاري. (¬4) البخاري: (3/ 371، 372) (24) كتاب الزكاة (38) باب زكاة الغنم - رقم (1454).

إن استيسَرت له أو عشرينَ دِرهمًا، ومَنْ بَلغتْ عندَهُ صدقةُ الحِقَّةِ وليست عندَهُ الحِقَّةُ وعندَهُ الجَذَعةُ فإنها تُقبَلُ منه الجَذعةُ، ويُعطهِ المصَّدِقُ عشرين درهمًا أو. شاتين، ومن بلغت عنده صدقةُ الحِقَّة وليستْ عندَهُ إلا بنتُ لبون فإنَّها تُقبل منه بنت لبون، ويُعطى شاتين أو عشرين درهمًا، ومن بَلَغَتْ صدقتُهُ بنتَ لبونٍ، وعنذهُ حِقَةٌ فإِنها تُقبَلُ منهُ (¬1) ويُعطهِ المصَّدِّقُ عشرينَ دِرهمًا أو شاتَينِ، ومن بَلغَتْ صدَقتهُ بنتَ لبونٍ وليستْ عندَهُ، وعنده بنت مخاض، فإنها تقبل منه بنت مخاض ويعطى معها عشرين درهمًا أو شاتين (¬2)، ومن بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده، وعندَهُ بنتُ لبونٍ فإنها تُقَبلُ منه، ويعطه المصدقُ عِشرينَ درهمًا أو شاتين، فإن لم تكن (¬3) عنده ابنة (¬4) مخاضٍ على وَجهِها، وعندَهُ ابنُ لبونٍ فإنهُ يقبَلُ منهُ وليس معَهُ شيء. وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعينَ إلى عشرينَ ومائةِ شاةٌ، فإذا زادَتْ على عشرين ومائة إلى مائتين شاتانِ، فإذا زادتْ على مائتينِ إلى ثلاثمائةٍ ففيها ثلاث فإذا زادَتْ على ثلاثمائة ففى كلِّ مائةٍ شاةٌ، فإذا كانت سائمةُ الرجل ناقصةً من أربعينَ شاةً واحدةً فليَس فيها صدقة إلا أن يشاء ربُّها. وفى الرَّق رُبعُ العُشر، فإن لم تكن إلاَّ تسعينَ ومائةً فليس فيها شيءٌ إلا أن يشاء ربُّها (¬5)، ولا يُجمع بين مفترق (¬6)، ولا يفرق بين مجتمع خشية ¬

_ (¬1) في البخاري: (فإنها تقبل منه الحقة). (¬2) البخاري: (3/ 370، 371) (24) كتاب الزكاة (37) باب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليست عنده - رقم (1453). (¬3) في البخاري: (يكن). (¬4) في البخاري: (بنت). وكذا (ب). (¬5) البخاري: (3/ 372) (24) كتاب الزكاة (38) باب زكاة الغنم - رقم (1454). (¬6) في البخاري: (متفرق).

الصدقة (¬1)، وما كان من. خليطْينِ فإنهما يرْاجَعانِ بينهما بالسُّوية" (¬2). أبو داود (¬3)، عن ابن شهاب قال: هذه نسخة كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كتب في الصدقة وهي عند آل عمر بن الخطاب. قال ابن شهاب: أَقْرَأنِيهَا. سالم بن عبد الله بن عمر فوعيْتُها على وجهها، وهي التي انتسخ عمر بن عبد العزيز من عبد الله بن عبد الله بن عمر، وسالم بن عبد الله". فذكر الحديث، وقال فيه: "فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون، حتى تبلغ تسعًا وعشرين ومائة، فإذا كانت ثلاثين ومائة ففيه ابنتا لبون وحقة، حتى تبلغ تسعًا وثلانين ومائة، فإذا كانت أربعين ومائة ففيها حقتان وابنة (¬4) لبون، حتى تبلغ تسعًا وأربعين ومائة، فإذا كانت خمسين ومائة ففيها ثلاث حقاقٍ، حتى تبلغ تسعًا وخمسين ومائة، فإذا كانت ستين ومائة ففيها أربع بنات لبون حتى تبلغ تسعًا وستين ومائة، فإذا كانت سبعين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون وحقة، حتى تبلغ تسعًا وسبعين ومائة، فإذا كانت ثمانين ومائة ففيها حقتان وبنتا لبون، حتى تبلغ تسعًا وثمانين ومائة فإذا كانت تسعين ومائة ففيها ثلاث حقاق وبنت لبون، حتى تبلغ تسعًا وتسعين ومائة، فإذا كانت مائتين ففيها أربع حقاق أو خمس بنات لبون، أُيُّ السِنينِ وجدت أخَذْت" وذكر الحديث. ¬

_ (¬1) البخاري: (12/ 346) (90) كتاب الحيل (3) باب في الزكاة - رقم (6955). وفي (3/ 368) (24) كتاب الزكاة (34) باب لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع - رقم (1450). (¬2) البخاري: (3/ 369) (24) كتاب الزكاة (35) باب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية - رقم (1451). (¬3) أبو داود: (2/ 226، 227) (3) كتاب الزكاة (4) باب في زكاة السائمة - رقم (1570). (¬4) في أبي داود: (بنت لبون).

[باب] تفسير أسنان الإبل

تفسير أسنان الإبل أبو داود (¬1)، قال: إذا وضعت الناقةُ، ومشى ولدُهَا فهو: جُوَارٌ إلى سنة، فإذا بلغ سنةً ففصل عن أمه ففطم، فهو فصيل، والفصال: هو الفطام. وهي بنت مخاض إلى تمام سنتين، وهو ابن مخاض لسنةٍ إلى تمام سنتين (¬2)، فإذا دخل في الثالثة: فهي ابنة لبون، فإذا تمت له ثلاث سنين فهو حِقٌّ وحِقةٌ، إلى تمام أربع سنين؛ لأنها استحقت أن تُركب ويحمل عليها الفحل وهي تُلْقَحُ، ولا يُلْقِحُ الذكر حتى يثنى، ويُقال للحقة طروقة الفحل؛ لأن الفحل يطرقها، إلى تمام أربع سنين، فإذا طعنت في الخامسة، فهي جذَعَة، حتى يتم لها خمس سنين، فإذا دخلت في السادسة وألقى ثنيَّته، فهو حنيئذٍ ثَنِيٌّ، حتى يستكمل ستاً، فإذا طعن في السابعة، سُمِى الذكر رُباعياً، والأنثى رباعية، إلى تمام السابعة، فإذا دخل في الثامنة وألقى السنَّ السَّديس الذي بعد الرباعية، فهو سديسٌ وسَدَسٌ إلى تمام الثامنة، فإذا دخل في التسع طلع نابه، فهو بازلٌ، أي بَزَل نابُه يعني طلع، حتى يدخل في العاشرة، فهو حينئذٍ مُخلفٌ، ثم ليس له اسمٌ ولكن يقال: بازل عام، وبازل عامين ومُخِلف عام، ومخلف عامين، ومخلف ثلاثة أعوام، إلى خمس سنين، والخُلِفَةُ: الحامل، والجُذُوعَةُ وقتٌ من الزمان ليس بسن، وفصول الأُسنان عند طلوع سهيل. قال أبو داود: أنشدَني (¬3) الرِيَّاشي. ¬

_ (¬1) أبو داود: (2/ 247 - 249) (3) كتاب الزكاة (7) باب تفسير أسنان الإبل. (¬2) في أبي داود: (قال: يسمى الجوار، ثم الفصيل، إذا فصل، ثم تكون بنت مخاض لسنة إلى تمام سنتين). (¬3) في أبي داود: (أنشدنا).

باب ما لا يؤخذ في الصدقة

إذا سُهَيْلٌ مَغْرِبَ الشمس (¬1) طلع ... فابنُ اللبونِ الحِقُّ والحِقُّ جَذَعْ لمْ يبق من أسنانها غيرُ الهُبَعْ والهبَعُ الذي يولد في غير حينه. الشعر من رواية أبي حفصٍ الخولاني. باب ما لا يؤخذ في الصدقة أبو داود (¬2)، عن ابن شهاب في نسخة كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد تقدم ذِكرُها، قال: "لا يُؤخذ في الصدقةِ هَرِمة، ولا ذاتُ عَوارٍ (¬3)، ولا قيس الغنم، إلا أن يشاء المُصّدِّقُ". وقد خرجه البخاري (¬4) أيضًا. أبو داود (¬5)، عن سهل بن حنيف قال: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجُعْروُر (¬6)، ولوْنِ الحُبيْق (¬7) أن يؤخذا في الصدقِة". وهما لونان من تمر ردئ. ¬

_ (¬1) في أبي داود: (إذا سهيل آخر الليل طلع). (¬2) أبو داود: (2/ 226، 227) (3) كتاب الزكاة (4) باب في زكاة السائمة - رقم (1570). (¬3) في أبي داود: (عوار من الغنم). (¬4) البخاري: (3/ 376) (24) كتاب الزكاة (39) باب لا تؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا ما شاء المصدق - رقم (1455). وفي البخاري: عن أنس عن أبي بكر. (¬5) أبو داود: (2/ 261) (3) كتاب الزكاة (16) وإن مالا يجوز من الثمرة في الصدقة - رقم (1607). (¬6) الجعرور: ضرب من الدقل وهو أرذل التمر. (¬7) لون الحبيق: منسوب إلى ابن حبيق، تمر أغبر صغير، مع طول فيه.

باب زكاة الذهب والورق

باب زكاة الذهب والورق البخاري (¬1) عن أنس بن مالك، (أن أبا بكرٍ الصديق كتب له هذا الكتاب لمّاَ وجّهَهُ إلى البحرين: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذه فريضة الصدقة التي فَرَضَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين" فذكر الحديث قال: وفي الرقة ربع العشر فإن لم تكن إلا تسعين ومائة فليس فيه شيء إلا أن يشاء ربها). أبو داود (¬2)، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كانت (¬3) لك مائتا درهم، وحال عليها الحول، ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء -يعني في الذهب- حتى يكون لك عشرون دينارًا، فإذا كانت (¬4) لك عشرون دينارًا، وحال عليها الحوْل ففيها نصف دينار، فما زاد فَبِحِسَاب ذلك". قال: فلا أدري أعليُّ يقول "بحساب (¬5) ذلك" أو رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ "وليس في مال زكاة حتى يحول عليها الحول". ¬

_ (¬1) البخاري: (3/ 371، 372) (24) كتاب الزكاة (38) باب زكاة الغنم - رقم (1454). (¬2) أبو داود: (2/ 230) (3) كتاب الزكاة (4) باب في زكاة السائمة - رقم (1573). (¬3) في أبي داود: (فإذا كانت). (¬4) في أبي داود: (فإذا كان). وكذا (د). (¬5) في أبي داود: (فبحساب ذلك).

[باب] زكاة الركاز

زكاة الركاز مسلم (¬1) عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "العَجْمَاءُ جَرْحُها جُبَارٌ (¬2)، والبئر جُبَارٌ (¬3)، والمعدن جُبَارٌ، وفي الرِّكَازِ الخُمْسُ" (¬4). ما لا صدقة فيه مسلم (¬5)، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة". وعنه (¬6)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر". الترمذي (¬7)، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد عفوت عن صدقة الخيلِ والرَّقيقِ، فهاتُوا صدقَةَ الرِّقّةِ، من كل أربعين درهمًا درهم، وليس في تسعين ومائة شيء، فإذا بلغ مائتين ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1334) (29) كتاب الحدود (11) باب جرح العجماء والعدن والبئر جبار - رقم (45). (¬2) العجماء جرحها جبار: العجماء؛ هي كل حيوان سوى الآدمي، والجبار: الهدر. (¬3) البئر جبار: معناه أن يحفرها في ملكه أو في موات، فيقع فيها إنسان وغيره ويتلف فلا ضمان. (¬4) وفي الركاز الخمس: الركاز هو دفين الجاهلية، أي فيه الخمس لبيت المال والباقي لواجده. (¬5) مسلم: (2/ 675، 676) (12) كتاب الزكاة (2) باب لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه - رقم (8). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (10). (¬7) الترمذي: (3/ 16) (5) كتاب الزكاة (3) باب ما جاء في زكاة الذهب والورق - رقم (620).

[باب] زكاة الفطر

ففيها خمسة الدَّراهم". صحح البخاري هذا الحديث. ذكر ذلك الترمذي -رحمه الله -. زكاة الفطر مسلم (¬1)، عن ابن عمر، أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَرضَ زكاة الفِطر من رمضان على كُلِّ نفس من المسلمين، حُرٍ أو عبدٍ، رجلٍ (¬2) أو امرأةٍ، صغيرٍ أو كبيرٍ، صاعًا من تمرٍ أو صاعًا من شَعيرٍ. وعن أبي سعيد الخدري (¬3) قال: كنا نُخْرِجُ إذ كان فينا رسُولُ الله - صلى لله عليه وسلم - زكاةَ الفطر عن كُلِّ صغير وكبير، حُرٍ أو مملوكٍ صاعًا من طعام، صاعًا (¬4) من أقط، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من زبيب. فَلَمْ نزل نخرجُهُ حتى قَدِمَ علينا مُعاويةُ بن أبي سفيان حاجًّا، أو معتمرًا. فكلَّم الناسَ على المنبر. فكان فيما كَلَّمَ به الناس أن قال: إنِّي أرى أنّ مُدَّيْنِ من بُرِّ الشام (¬5)، تعدِلُ صاعًا من تمرٍ، فأخذ الناسُ بذلك. قال أبو سعيد: فأما أنا فلا أزالُ أُخْرِجُهُ كما كُنْتُ أُخرجُهُ أبدًا، ما عِشْتُ. ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 678) (12) كتاب الزكاة (4) باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير - رقم (16). (¬2) في مسلم: (أو رجل). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (18). (¬4) في مسلم: (أو صاعًا). (¬5) في مسلم: (من سمراء الشام).

باب المكيال والميزان

مسلم (¬1)، عن ابن عمر، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بزكَاةِ الفِطْرِ، أن تُؤَدَّى قبل خروج النَّاس إلى الصلاةِ. باب المكيال والميزان النسائي (¬2)، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "المكيَالُ على مكيال أهل (¬3) المدينة، والوزنُ على وزنِ أهل مكة". قال أبو محمد علي بن أحمد (¬4): بحثتُ غاية البحث عند كل من وثقت بتمييزه، فكلٌ اتفق لي على أن دينار الذهب بمكة وزنه اثنتان وثمانون حبة. وثلاثة أعشار حبة، بالحب من الشعير المطلق، والدرهم سبعة أعشار المثقال، فوزن الدرهم المكي سبع وخمسون حبة وستة أعشار حبة وعشر عشر حبة، فالرطل مائة درهم واحدة وثمانية وعشرون درهمًا بالدرهم المذكور. قال: ووجدنا أهل المدينة لا يختلف منهم اثنان في أن مُدَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي به تؤدى الصدقات ليس أكثر من رطل ونصف ولا أقلّ من رطلٍ وربع. وقال بعضهم: رطل وثلث وليس هذا اختلافاً لكنه على حسب رزانة المكيل من البر والتمر والشعير وصاعُ ابن أو ذئب خمسة أرطال وثلث وهو صاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 679) (12) يهاب الزكاة (5) باب الأمر بإخراج زكاة الفطر قبل الصلاة - رقم (22). (¬2) النسائي: (28417) (44) كتاب البيوع (54) باب الرجحان في الوزن - رقم (4594). (¬3) (أهل): ليست في الأصل. (¬4) المحلى: (5/ 245، 246).

باب في الخرص وفيمن لم يؤد زكاة ماله

باب في الخرص وفيمن لم يُؤدِ زكاة ماله الترمذي (¬1)، عن سهل بن أبي حَثْمَةَ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "إذا خَرَصْتُمْ فخُذُوا ودَعُوا الثُّلُث فإنْ لم تَدَعُوا الثُّلُثَ فدعُوا الرُّبُعَ". مسلم (¬2)، عن أبي هريرة، قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - "ما في صَاحِبِ ذَهَبٍ ولا فِضَّةٍ، لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إلا إذا كان يوم القيامِة، صُفحَتْ له صَفَاَئَحَ من نارٍ، فأحْمِي عليها في نارِ جهنَّم فيُكْوَى بها جَنْبُهُ وجَبِينُهُ وظهرُهُ كُلَّمَا بَرَدَتْ أعيدَتْ لَهُ، في يَوم كان مقدَارُه خمسين ألف سَنَةٍ حتىَّ يُقْضَي بين العباد، فيُرَى سَبِيلُهُ، إما إلى الجنَّةِ وإما إلى النارِ"، قيل: يا رسُولَ اللهِ! فالإِبِلُ؟ قال: "ولا صاحب إبل لا يُؤَدِّي منها حَقَّها، ومِنْ حَقهَا حَلبُهَا يوم وِرْدِهَا، إلا إذا كان يومُ القيامَةِ بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قرْقرٍ (¬3)، أوْفَرَ ما كانَتْ لا يَفْقِدُ مِنَهَا فصيلاً واحِداً، تَطَؤُهُ بأخْفَافِهَا وَتَعَضُّهُ بأفواهِهَا، كُلَّمَا مَرَّ عليْهِ أولَاهَا ردّ عَلَيْهِ اخْراهَا في يوم كان مقدارُهُ خمسيَن ألفَ سنةٍ، حتى يُقْضَى بين العبادِ، فيُرى سبيلُهُ إما إلى الجنِّةِ وإما إلى النَّارِ" قيل: يا رسُولَ الله فالبقُر والغنُم؟ قال؛ "ولا صاحبُ بقير ولا غنم لا يُؤدِّى مِنْهَا حقهَا، إلَّا إذا كان يومُ القيامِة بُطِحَ لها بقاع قرقرٍ، لا يفقِدُ مِنْهَا شيئًا. ليس فيها عَقْصَاءُ، ولا جَلْحَاءُ ولا عَضْبَاءُ (¬4) تنطحُهُ بقرونِها وتَطَؤُهُ بأظلافِهَا. كلما مرَّ عليه أُولَاهَا ¬

_ (¬1) الترمذي. (3/ 35) (5) كتاب الزكاة (17) باب ما جاء في الخرص - رقم (643). (¬2) مسلم: (2/ 680 - 682) (12) كتاب الزكاة (6) باب إثم مانع الزكاة - رقم (24). (¬3) قرقر: هو الستوى من الأرض، الواسع. (¬4) عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء: قال أهل اللغة، العقصاء ملتوية القرنين والجلحاء التي لا قرن لها، والعضباء التي انكسر قرنها الداخل.

رُدّ عليه أخْرَاهَا. في يوم كان مقدارُهُ خمسين ألفَ سنةٍ. حتى يُقضَى بين العبادِ فَيُرى سبيلُهُ إِمَّا إلى الجَّنةِ وإمَّا إلى النَّارِ"، قيل: يا رسول الله! فالخيلُ؟ قالت "الخْيلُ ثلاثة: هي لِرَجِلٍ ستر، وهي لرجلٍ وزرٌ (¬1)، وهي لرجلٍ أجر، فأما التي هي لَهُ وزرٌ، فَرَجُل رَبَطَهَا رِياءً وفخرًا وَنِوَاءً لأهل الإِسلام (¬2) فهي له وزرٌ. وأما الَّتي هِي لَهُ سِتْرٌ فرجُلٌ رَبَطَهَا في سبيلِ اللهِ، ثُمَّ لم يَنْسَ حَقَّ اللهِ في ظهُورها ولا رِقَابِهَا، فهي له سترٌ. وأما التي هِى لَهُ أجرٌ فرجلٌ ربطها في سَبيلِ الله لِأهْلِ الِإسْلَامِ في مَرْج أو روضةٍ (¬3) فما أكلتْ من ذلك المَرْجِ أو الرَّوْضَةِ من شيءٍ إلا كُتِبَ لَهُ عَدَدَ ما أكلت حَسَنَاتٌ، وكُتِبَ له عدد أرواثِها وأبوالِها حَسنَاتٌ، ولا تَقْطع طوالها (¬4) فاستنت شرفاً أو شرفين (¬5)، إلا كتب الله له عدد أرواثها وآثارها (¬6) حسنات، ولا مرّ بها صاحبُها على نهرٍ فشِربَتْ منهُ، ولا يريد أن يسقيها، إلا كتب الله له عدد ما شربت حَسَنَاتٍ" قيل: يا رسُولَ الله فالحمُرُ؟ قال: "مَا أُنْزِلَ عَليَّ في الحُمُر شيء إلا هذه الآية الفاذةُ الجامعةُ" {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}. وفي طريق أخرى لمسلم (¬7) أيضًا: "وأما التي (¬8) هي لهُ سِترٌ، فالرَّجلُ يتخذها تكرُّماً وتجمُّلاً ولا يَنْسَى حَقَّ الله (¬9) في ظهورها وبطونها في عسرها ويسِرها". ¬

_ (¬1) في مسلم، (هي لرجل وزر وهي لرجل ستر). (¬2) في مسلم: (ونواء على أهل الإِسلام). وفي (د): السلام. (¬3) في مسلم: (مرج وروضة). (¬4) في مسلم: (ولا تقطع طولها). ومعناه أي حبلها الطويل الذي شد أحد طرفيه في يد الفرسِ والآخر في وتد أو غيره، لتدور فيه وترعى من جوانبها. (¬5) استنت شرفاً أو شرفين: أي جرت وعدت شرطًا أو شرطين. (¬6) في مسلم: (له عدد آثارها وأرْواثها). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين رقم (26). (¬8) في مسلم: (وأما الذي). (¬9) (الله): ليست في مسلم.

باب

باب أبو داود (¬1)، عن ابن عباسٍ قال: لما نزلت هذه الآية {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} قال: كبُر ذلك على المسلمين، فقالَ عمر: أنا أُفرج عنكم فانطلق، فقال: يا نبي الله إنه كبرُ على أصحابك هذه الآية، فقال: "إنَّ الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب ما بقي من أموالكم، وإنما فرضَ المواريث -وذكر كلمةً (¬2) - لتكون لمن بعدكم، لتطيب لمن بعدكم" (¬3) قال: فكبَّر عمر، ثم قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة، إذانظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته". مسلم (¬4)، عن أبي هريرةَ قال: بعثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عُمر عَلى الصدَقةِ فقيل: مَنَعَ ابن جميل وخالدُ بن الوليدِ والعباس عَمُّ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقاَل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - "ما يَنْقِمُ ابن جميل إلا انهُ كان فقيرًا فأغْنَاهُ اللهُ، وأما خَالِدٌ فأنكُمْ تظلمُون خالداً قد احتبس أذراعَهُ وأعتَاَدهُ في سبيل الله. وأما العَبَّاسُ فهي عَليَّ ومثُلها مَعَهَا". ثم قال: "يا عُمَرُ! أما شَعَرْتَ أن عَمَّ الرجل صِنْوُ أبيه". وقال البخاري (¬5)، "وأما العباسُ بن عبد المطلب عَمُّ (¬6) رسولِ الله فهي عليه صدقة ومثلُها معَها". ¬

_ (¬1) أبو داود: (2/ 305، 306) (3) كتاب الزكاة (32) باب في حقوق المال - رقم (1664). (¬2) (وذكر كلمة): ليست في أبي داود. (¬3) (لتطيب لمن بعدكم). ليست في أبي داود، وغير ثابتة في الأحكام الوسطى نسخة الظاهرية! (¬4) سلم: (2/ 676 و 677) (12) كتاب الزكاة (3) باب في تقديم الزكاة ومنعها - رقم (11). (¬5) البخاري: (3/ 388) (49) باب قول الله تعالى {وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} - رقم (1462). (¬6) في البخاري: (فعم).

أبو داود (¬1)، عن جريرٍ قال: جاء ناسٌ -يعني من الأعراب- إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إنَّ ناساً من المُصدقين يأتوننا، فيظلموننا (¬2)، قال: "أرضوا مصدِّقيكم" قالوا: يا رسول الله! وإن ظلمونا؟ قال: "أرضوا مُصدقيكم وإن ظلمتم". [خرَّجه مسلم (¬3) ولم يقل وإن ظُلِمتُمْ] (¬4). البزار، عن بريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من استعملناه على عمل فرزقناه عليه رزقاً، فما أصاب سوى رزقه فهو غلول". أبو داود (¬5)، عن أبي مسعود قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعياً ثم قال "انْطلق أبا مسعود لا ألْفِينَّك يوم القيامة تجيء على ظهرك بعيرٌ من إبل الصَّدقة، له رغاءُ، قد أغللتَهُ قال إذًا لا أَنْطَلِقُ، قال:-"إذًا لا أُكْرِهَك". مسلم (¬6)، عن جويرية بنت الحارث، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها فقال: "هل من طعام؟ " قالت: لا والله يا رسول الله ما عندنا طعَامٌ إلا عَظْم من شاةٍ أُعْطتْهُ مولاتي من الصَّدَقَةِ فقال: "قرّبِيِه فقد بلغَتْ مَحِلَّها" (¬7). ومن كتاب أبي داود (¬8)، عن عبيد الله بن عديّ بن الخيار، قال: ¬

_ (¬1) أبو داود: (2/ 246) (3) كتاب الزكاة (5) باب رضا المصدق - رقم (1589). (¬2) في أبي داود: (يأتونَّا، فيظلمونَّا). (¬3) مسلم: (2/ 685) (12) كسَاب الزكاة (7) باب إرضاء السعاة - رقم (231). (¬4) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل ومن (ب). (¬5) أبو داود: (3/ 356) (14) كتاب الخراج والإمارة والفيء (12) باب في غلول الصدقة - رقم (2947). (¬6) مسلم: (2/ 756،754) (12) كتاب الزكاة (52) باب إباحة الهدية للنبى - صلى الله عليه وسلم - رقم (1659). (¬7) فقد بلغت محلها: أي زال عنها حكم الصدقة وصارت حلالًا لنا. (¬8) أبو داود: (2/ 285) (3) كتاب الزكاة (23) باب من يعطى من الصدقة، وحد الغني - رقم =

أخبرني رجلان أنهما أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حَجَّةِ الوداع. وهو يُقسم الصدقة فسألاه منها، فرفع فينا النظر (¬1) وخفضَه، فرآنا جَلدَيْن فقال: "إن شئتما أعطتكما, ولا حظّ فيها لغنى ولا لقويّ مُكْتَسِبٍ". رواه الطحاوي، وقال: رجلان من قومي. مسلم (¬2)، عن قَبيصةَ بن مُخَارقٍ قال: تَحَمَّلْتُ حَمالةً (¬3) فأتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أسألهُ فيها، فقال: "أقم حتى تأتينا الصَّدقَةَ، فنأمُرَ لك بها"، قال: ثم قال "يا قَبيصةُ! إن الصدقة (¬4) لا تحل إلَّا لِأحَدِ ثلاثةٍ: رُجل تحمَّلَ حمالةً فحلَّتْ لَهُ المسْألةُ حتى يُصيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ، ورجُل أصابتهُ جائحَة اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحلّتْ لَهُ المَسْألةُ حتىْ يُصيِبَ قِوَاماً من -عيش- (أو قال: سِدَاداً من عيش) ورجلٌ أصابتهُ فاقَةٌ حتى يَقُومَ ثلاثةٌ من ذَوِي الحجا مِنْ قومِهِ: لقد أصَابَتْ فُلاناً فاقةٌ فحلت لَهُ المسأَلَةُ حتى يُصيبَ قِواماً من عيشِ (أو قال سِدادًا من عيش)، فما سِوَاهُنَّ من المَسْأَلَةِ يا قَبيصَةُ! سُحْتًا يأكُلُها صَاحِبُهَا سُحْتاً". خرَّجه أبو داود (¬5)، وقال: "يقول ثلاثة". مسلم (¬6)، عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث قال: اجتمع ربيعةُ بن الحارث والعباس بنُ عبْدِ المطلب، فقالا: والله! لو بَعَثْناَ هذين الغلامين (لي ¬

_ = (1633). (¬1) في أبي داود: (البصر). (¬2) مسلم: (2/ 722) (12) كتاب الزكاة (36) باب من تحل له المسألة - رقم (109). (¬3) تحملت حمالة: الحمالة هي المال الذي يتحمله الإنسان، أي يستدينهُ ويدفعه في إصلاح ذات البين، كالإصلاح بين قبيلتين ونحو ذلك. (¬4) مسلم: (إن المسألة). وكذا (د). (¬5) أبو داود: (29012، 291) (3) كتاب الزكاة (26) باب ما تجوز في المسألة - رقم (1640). (¬6) مسلم: (2/ 752، 753) (12) كتاب الزكاة (51) باب ترك استعمال آل النبي على الصدقة - رقم (167).

وللفضل بن عباس) (¬1) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمَاهُ، فأمرهُمَا على هذه الصَّدتَات، فأديا ما يِؤَدِّي النَّاسُ، أَصابا مما يُصيِبه (¬2) النَّاسُ، قال: فبينمَا هُمَا على ذلك (¬3)، جاء عليُّ بن أبي طالبٍ، فوقَفَ عليهما، فذكر لَهُ ذلك، فقال عليُّ: لا تَفْعَلَا، فواللهِ ما هُو بفاعِلٍ، فانتَحاهُ ربيعةُ بن الحارث، فقال: واللهِ ما تَصْنعُ هذا إلا نفاسَةً مِنْك علينا (¬4)، فوَالله لقد نِلْتَ صِهْرَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فما نَفِسْنَاهُ عليك، قال عليُّ: أرْسِلْوهُمَا. فانطلقا. واضطجع عليّ. قال: فلما صلَّى رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -لظُّهْرَ سبقنَاهُ إلى الحُجْرَةِ، فقُمْنَا عِنْدَهَا، حتى جاء فأخذَ بآذانِنَا ثم قال: "أخرجا ما تُصرِّرانِ (¬5) " ثم دخل ودخلنا عليه، وهو يومئذٍ عند زينب بنت جحش قال: فتواكلنا الكلام ثم تكلم أحدُنا فقال: يا رسول الله! أنت أُبرُّ النَّاس وأوصلُ النَّاس، وقد بلغنا النكاح فجئنا لِتأَمِّرنا على بعض هذه الصدقات فنُؤَدِّى إليكَ كما يُؤَدِّي الناسُ ونُصيب كما يُصيبُون، قال: فسكت طويلاً حتى أردنا أن نُكلِّمَهُ قال: وجعلت زينبُ تُلْمِعُ إلينا (¬6) من وَرَاءِ الحِجابِ. ألا تُكَلِّمَاهُ، قال: ثم قال: "إنَّ الصَّدقَةَ لا تنْبغِي لِآل محمَّدٍ إنَّما هي أوساخُ النَّاس ادُعوا لي محمِيَةَ (وكان على الخُمُسِ)، ونَوفْلَ بن الحارثِ بن عبد المطلب" قال: فجاءَاهُ فقال لِمَحْمِية "أَنكِح هذا الغُلامَ ابنتَكَ" (للفضل بن عباس)، فأنْكَحَهُ، وقال لِنَوْفَلِ بن الحارث "انكح هذا الغُلاَمَ ابنتَك" (لي) فأنْكَحَني، وقال لمحمية "أصدِقْ عنْهُمَا مِنَ الخُمُس كذا وكذا". ¬

_ (¬1) مسلم: (قالا لي وللفضل بن عباس). (¬2) مسلم: (وأصابا مما يصيب). (¬3) مسلم: (فبينما هما في ذلك). (¬4) إلا نفاسة منك علينا: معناه حسدًا منك علينا. (¬5) أي ما تجمعانه في صدوركما من الكلام. (¬6) في مسلم: (تلمع علينا).

وفي لفظ آخر (¬1)، "إنَّ هذه الصَّدقاتِ إنَّمَا هِيَ أوسَاخُ النَّاسِ وإنَّها لا تَحِل لمُحَمدٍ ولا لآلِ مُحَمَّدٍ". وعن أبي هريرة (¬2) قال: أخَذَ الحَسنُ تمرةً من تمر الصَّدقةِ، فجعلها في فِيهِ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "كَخْ كَخْ، ارْمِ بها أما علمت أنَّا لانأكُلُ الصَّدقَة". البخاري (¬3)، عن أبي هريرة، قال: كان رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتي بطَعَام سألَ عنه: أصدقة أم هديةٌ (¬4)؟ فإنْ قيل صدقَةٌ قالَ لأصحابه: كُلُوا ولم يأكل معهم، وإن قيل هدية ضَرَبَ بيده (¬5) فأكلَ معهم". النسائي (¬6)، عن أبي رافع أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استَعْمَلَ رجُلاً من بني مخروم على الصدقَةِ، فأراد أبو رافع أن يَتْبَعَهُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنَّ الصدقَةَ لا تَحلُّ لنَا، وإنَّ موالي (¬7) القومَ منهم". مسلم (¬8)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ماَ مِنْ يَوْم يصبح فيه العبادُ (¬9) إلا ملكان ينزلانِ، فيقُولُ أحَدُهُمَا: اللُهَّم! ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (168). (¬2) مسلم: (2/ 751) (12) كتاب الزكاة (50) باب تحريم الزكاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وهم بنو هاشم وبنو المطلب دون غيرهم - رقم (161). (¬3) البخاري: (5/ 240، 241) (51) كتاب الهبة (7) باب قبول الهدية - رقم (2576). (¬4) في البخاري: (أهدية أم صدقة). (¬5) في البخاري: (ضرب بيده - صلى الله عليه وسلم -). (¬6) النسائي: (5/ 107) (23) كتاب الزكاة (97) باب مولى القوم منهم - رقم (2612). (¬7) في النسائي: (وإن مولى). (¬8) مسلم: (2/ 700) (12) كتاب الزكاة (17) باب في المنفق والممسك رقم (57). (¬9) في مسلم: (ما من يوم يصبح العباد فيه).

أعطِ مُنْفِقاً خلفاً، ويقولُ الآخَرُ: اللُهمَّ! أعطِ مُمْسِكاً تلفاً". وعنه (¬1)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- (¬2) - قال لي: أَنْفِقْ أُنفِقْ عليك" وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يَمِينُ الله مَلْآى. لا يغيِضُها سَحَّاءُ الليلَ والنهارُ، أرأيتُمْ ما أنفق مُنذ (¬3) خلق السماوات والأرض، فإِنَّهُ لم يَغِضْ ما في يمييهِ" قال "وعرشُهُ على الماء، وبيدِهِ الأخرى القبضُ يخفض ويرفع (¬4) ". وعن حارثة بن وهب (¬5) قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "تصدَّقُوا فيوُشِكُ الرجُلُ يمشي بصدقَتِهِ، فيقولُ الَّذي أُعْطِيهَا: لو جئتنا بها بالأمس قَبِلْتُهَا، فأما الآن فلا حاجةِ لي بِها، فلا يجدُ من يقبَلُهَا". مسلم (¬6)، عن أبي موسى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَيأتِينَّ على النَّاس زمان يُطوف الرَّجُلُ فيهِ بالصَّدقَةِ من الذَّهَبِ، ثم لا يَجِدُ أحدًا يأخُذُهَا مِنْهُ، وترى (¬7) الرجلَ الواحدَ يتبعة أربعون امرأةً يَلُذْنَ بهِ من قِلَّةِ الرجالِ وكثرَةِ النِّساءِ". الترمذي (¬8)، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنَّ الصَّدقةَ لَتُطفئُ غضَب الرَّبِّ، وتدفَعُ عن ميْتَةِ السُّوءِ". ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 691) (12) كتاب الزكاة (11) باب الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف - رقم (37). (¬2) (عَزَّ وَجَلَّ): ليست في مسلم. (¬3) في مسلم. (مُذْ). (¬4) في مسلم: (يرفع ويخفض). (¬5) مسلم: (2/ 700) (13) كتاب الزكاة (18) باب الترغيب في الصدقة قبل أن لا يوجد من يقبلها رقم (58). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (59). (¬7) في مسلم: (ويرى). (¬8) الترمذي: (3/ 52) (5) كتاب الزكاة (28) باب ما جاء في فضل الصدقة - رقم (664).

قال: هذا حديث حسنٌ غريب. مسلم (¬1)، عن جرير بن عبد الله قال: كُنَّا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صَدْرِ النَّهَارِ، فجاءَهُ قومٌ حُفاة عراة مُجْتَابي النِمِّارِ (¬2) أو العبَاءِ، متقلدين (¬3) السيوف، عامَّتُهُمْ من مُضَرَ، بل كُلُّهُمْ من مُضَرَ، فتمعَّرَ وجْهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَمَا رأى بهم من الفَاقَةِ، فدخل ثمَّ خرجَ، فأمر بِلالاً فَأذَّنَ وأقامَ، فصلَّى بهم (¬4) ثم خطب، فقال {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} إلى آخر الآية {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} والآية التي في الحشر {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} (¬5) , تصدق رُجلٌ، من دينارِهِ، من دِرهمِهِ من ثوبِه، من صاع بُرِّهِ، من صَاعِ تَمْرِهِ، (حتى قال)، ولو بشق تمرةٍ"، قال: فجَاءَ رجلٌ من الأنصار بِصُرّةٍ كادت كفُّةُ تعْجِزُ عنها، بل قد عجزت. قال: ثم تتابع النَّاسُ حتى رأيتُ كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وَجْهَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتهلَّلُ كأنه مُذْهَبَةٌ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من سنَّ في الاسلاَمِ سُنَّةً حسنةً فَلَهُ أجرها وأجْرُ من عمل بها من (¬6) بعده، من غير أن ينتقص (¬7) من أجورهم شيء، ومن سنَّ في الإِسلام سُنَة سيئة كان عليه وزرها ووزْرُ من عَمِلَ بها من بعده، من غير أن ينتقص (7) من أوزارهم شيءٌ". وعن أبي هريرة (¬8)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 704 - 705) (12) كتاب الزكاة (20) باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة - رقم (69). (¬2) مجتابي الثمار: أي قوم لابسي أزر مخططة من صوف. (¬3) في مسلم: (متقلدي السيوف). (¬4) (بهم): ليست في مسلم. (¬5) في مسلم: {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ}. (¬6) (من): ليست في مسلم. (¬7) في مسلم: (أن ينقص). وكذاب. (¬8) مسلم: (2/ 692) (12) كتاب الزكاة (12) باب فضل النفقة على العيال والمملوك - رقم (39).

"دينارٌ أنفقتَهُ في سبيل الله، ودينارٌ أنفقتَهُ في رقبةٍ، ودينارٌ تصدَّقْتَ بِهِ على مِسْكين، ودينَار أنفقتَهُ على أهلِك، أعظَمُهَا أجراً الذي أنفقتَهُ على أهلِكَ". الترمذي (¬1)، عن سلمان بن عامر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصدقةُ على المسكين صدقة (¬2)، وعلى ذي الرَّحِم ثْنتَانِ: صَدَقَةٌ وصِلَةٌ". مسلم (¬3)، عن بلال، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وسأله عن صدقة المرأةِ على زوجها، وعلى أيتام في حجرها. فقال: "هي (¬4) أجران أجْرُ القرابَةِ وأجْرُ الصَّدقَةِ". هذا مختصر. وعن أم سلمة (¬5) قالت: قلتُ يا رسول الله - هل لي أجرٌ في بَني أبي سلمةَ؟ أنْفِقُ عليهم، ولستُ بتاركتِهِمْ هكذا وهكذا، إنما هُمْ بَنِيَّ، فقال: "نعم لك فيهم أجرٌ ما أنفقتِ عليهم". وعن أبي مسعود البدري (¬6)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ المسلِمَ إذا أنفق على أهله نفقةً، وهو يحتسِبُهَا، كانت له صدقة". وعن حذيفة (¬7)، قال: قال نبيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - "كُلُّ ¬

_ (¬1) الترمذي: (3/ 46، 47) (5) كتاب الزكاة (26) باب ما جاء في الصدقة على ذى القرابة - رقم (658). (¬2) (ب، د): صلة. وهو خطأ. (¬3) مسلم: (2/ 694 - 695) (12) كتاب الزكاة (14) باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين، ولو كانوا مشركين - رقم (45). (¬4) مسلم: (لهما). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (47). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (48). (¬7) مسلم: (2/ 617) (12) كتاب الزكاة (16) باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف رقم (52).

معروفٍ (¬1) صدقَةٌ". وعن ميمونة بنت الحارث (¬2)، انها أعتقت وليدةً في زمنِ (¬3) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لو أعْطيتِهَا أخوَالكِ كان أعظَمَ لأجرك". وعن عائشة (¬4)، أَنَّ رجلاً أَتَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إنَّ أمِّي افْتُلِتَتْ نفسُها (¬5)، ولم تُوصِ، وأظُنُّها لو تكلَّمَتْ تصدَّقَتْ، أَفَلَهَا أجْرٌ إن تصدَّقْتُ عنها؟ قال: "نعم". وفي طريق آخر (¬6): فَلِيَ أجرٌ إن تصدقتُ عنها (¬7)؟ قال: "نعم". وعن أنس (¬8) قال: كان أبو طلحَةَ أكثرَ أنصاريَّ بالمدينة مَالاً، وكان أحبَّ أمواله إليه بَيْرَحَى، وكانت مستقبلة المسجدِ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخُلُهَا ويشربُ من ماء فيها طيِّب، قال أنس: فلما نزلت هذه الآية: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قام أبو طلحَةَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- يقول في كتابهِ {لَنْ ¬

_ (¬1) كل معروف: أي ما عرضيه رضاء الله فثوابه كثواب الصدقة. (¬2) مسلم: (2/ 694) (12) كتاب الزكاة (14) باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين، ولو كانوا مشركين - رقم (44). (¬3) مسلم: (في زمان). (¬4) مسلم: (2/ 696) (12) كتاب الزكاة (15) باب وصول ثواب الصدقة على االميت إليه - رقم (51). (¬5) افتلتت نفسها: أي ماتت فجأة. (¬6) مسلم: (3/ 1254) (25) كتاب الوصية (2) باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت - رقم (12). (¬7) في مسلم: (فلي أجر أن أتصدق عنها). (¬8) مسلم: (2/ 693، 694) (12) كتاب الزكاة (14) باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج والأولاد والوالدين - رقم (42).

تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، وإنَّ أحبَّ أموالي إليّ بَيْرَحَى، وإنَّها صدقة لله أرجو بِرَّهَا وذخرها عند الله، فضعْها يا رسول الله حيث شئت، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "بَخ (¬1)، ذلك مالٌ رابِحٌ، ذلك مالٌ رابح، قد سمعتُ ما قلتَ فيها، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين" فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عَمِّهِ. زاد الترمذي (¬2)، "ولو اسْتَطَعْتُ أن أُسِرّهُ لم أعْلِنْهُ". البخاري (¬3)، عن أبي هريرة، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أنفقَ زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله، دُعِيَ من أبوابِ -يعني الجنة-، يا عبد الله هذا خيرٌ، فمن كان من أهل الصَّلاةِ دُعِيَ من بابِ الصَّلاةِ، ومن كان من أهل الجِهادِ، دُعِيَ من باب الجهادِ، ومن كان من أهل الصَّدقةِ دُعِيَ من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصَّيامِ دعى من باب الصَّيام باب الريان (¬4) " فقال أبو بكر: ما على هذا الذي يُدْعَى من تلك الأبواب من ضَرورَةٍ، وقال: هل يدُعى منها كُلِّها أحدٌ يا رسول الله؟ قال: "نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر". مسلم (¬5)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ما تصدَّقَ أحدٌ بصدقةٍ من طيِّبٍ، ولا يَقْبَلُ اللهُ إلا الطيبَ، إلَّا أخذهَا الرحمنُ ¬

_ (¬1) بخ: قال ابن دريد: معاه تعظيم الأمر وتفخيمه. (¬2) الترمذي: (5/ 209) (48) كتاب تفسير القرآن (4) باب "ومن سورة آل عمران - رقم (2997). (¬3) البخاري: (7/ 23) (62) كتاب فضائل الصحابة (5) باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لو كنت متخذاً خليلاً" - رقم (3666). (¬4) في البخاري: (وباب الريان). (¬5) مسلم: (2/ 702) (12) كتاب الزكاة (19) باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها - رقم (63).

بيمينِهِ، وانْ كان (¬1) تَمْرةً فتربُو في كف الرحمن حتى تكونَ أعظمَ من الجَبَلِ كما يُرَبِّي أحدُكُم فَلُوَّهُ أو فَصِيلَهُ". البخاري (¬2)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سبعة يظِلُّهُم الله (¬3) في ظله يوم لا ظِلّ إلا ظِلّهُ. إمامٌ عَدْلٌ، وشابٌ نشأ في عبادةِ الله -عَزَّ وَجَلَّ- ورجلٌ مُعلَّق قلبه بالمساجد (¬4)، ورجلان تحابَّا في اللهِ، اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجلٌ دعته امراة ذات منصبٍ وجمالٍ، فقال: إنِّي أخاف الله، ورجُلُ تصدَّقَ بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تَعلَم شمِالُه ما تُنفِقُ يمينهُ ورجُلٌ ذكر الله خاليًا ففاضَتْ عيناهُ". مسلم (¬5)، عن أبي هريرة، قال: جَاءَ رجُل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أيُّ الصدقة أعظم أجرًا؟ قال: "أمَا وأبيكَ لتنبأنهُ: أنْ تصدَّق وأنت صحيحٌ شَحِيحٌ، تخشى الفقر وتأمُل البَقَاءَ، ولا تُمْهل حتى إذا بلغتِ الحُلقومَ قُلتَ: لِفلانٍ كذا وكذا (¬6)، وقد كان لفُلانٍ". النسائي (¬7)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سبقَ دِرهمٌ مائَةَ ألف"، قالوا: يا رسول الله: وكيف؟ قال: "رجلٌ له دِرْهَمَانِ فأخذ أحَدَهُمَا فتصدَّقَ به، ورجُلٌ له مالٌ كثير، فأخذَ من عُرْضِ ماله مِائَةَ ألف فتصدَّق بها". ¬

_ (¬1) مسلم: (كانت) وكذا (ب، د، ف). (¬2) البخاري: (3/ 344) (24) كتاب الزكاة (16) باب الصدقة باليمين - رقم (1423). (¬3) في البخاري: (يظلهم الله تعالى). (¬4) في البخاري: (ورجل قلبه معلق في المساجد). (¬5) مسلم: (2/ 716) (12) كتاب الزكاة (31) باب بيان أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح - رقم (93). (¬6) في مسلم: (لفلان كذا ولفلان كذا). (¬7) النسائي: (4/ 59) (23) كتاب الزكاة (49) جهد المقل - رقم (2528).

البخاري (¬1)، عن كعب بن مالك، في حديثه قال: إنَّ من توبَتِي أن انخَلِع من مَالي صَدَقَةً إلى اللهِ ورسُولِهِ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "أمْسِك عليكَ بعض مالِكَ فهو خير لك". البخاري (¬2)، عن حكيم بن حِزام، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اليدُ العُليا خيرٌ من اليدِ إلسُّفلى وابدأ بمن تعولُ، وخَيرُ الصَدقةِ عن ظهرِ غنىً، ومن يستعِففْ يُعِفّه اللهُ، ومن يستغن يغنِهِ اللهُ". مسلم (¬3)، عن ابن عمر، أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "وهو على المنبرِ، وهو يذكُرُ الصدقَةَ والتَّعفُّفَ عن المسألَةِ: "اليدُ العليا خيرٌ من اليد السفلى: واليد العُليا المنفقَةُ، والسفلى السَّائِلَةُ". وفي بعض الروايات في هذا الحديث: اليد العليا المتعففة. ذكر هذا أبو داود قال (¬4): وقال أكثرهم "اليد العليا المنفقة". وذكر أبو داود أيضًا (¬5) عن مالك بن نضْلة: قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الأيدي ثلاثٌ: فيد الله العليا، ويد المعْطى التي تليها، ويد السائل السفلى، فأعط الفضْلَ، ولا تعجز عن نفسك". البخاري (¬6)، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "والذي نَفسي بيدهِ، لأَنْ يأْخُذَ أحدُكم حبلَهُ فيحتطِب على ظهره، خيرٌ ¬

_ (¬1) البخاري: (5/ 454) (55) كتاب الوصايا (16) باب إذا تصدق أو وقف بعض رقيقه أو دوابه فهو جائز - رقم 27571). (¬2) البخاري: (3/ 345) (24) كتاب الزكاة (18) باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى - رقم (1427). (¬3) مسلم: (2/ 717) (12) كتاب الزكاة (32) باب بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى رقم (94). (¬4) أبو داود: (2/ 297) (3) كتاب الزكاة (28) باب في الإستعفاف - رقم (1648). (¬5) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (1649). (¬6) البخاري: (3/ 392) (24) كتاب الزكاة (، 5) باب الإستعفاف عن المسألة - رقم (1470).

لهُ من أن يأْتي رجُلاً فيسأَله أعطاه أو منعَهُ". مسلم (¬1)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من سألَ النَّاسَ أموالَهُمْ تكَثُّراً (¬2)، فإنما يسْأَلُ جَمْراً، فليَسْتَقِلَّ أو ليسْتَكْثِرْ". النسائي (¬3)، عن عائذِ بن عمرو، أَنَّ رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬4) فأعطاهُ، فلما وضع رِجْلهُ في أسكُفَّةِ (¬5) الباب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو يعلمون (¬6) ما في المسألةِ، ما مشى أحدٌ إلى أحَدٍ يسأَلُهُ شيئًا". أبو داود (¬7)، عن سَمُرةَ بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المسائل كُدُوحٍ يَكْدَحُ بها الرجلُ وجهه، فمن شاءَ أبقى على وجهه ومن شاء ترك، إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان، أو في أمرٍ لا يجد منه بداً". مسلم (¬8)، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُعْطى عمر بن الخطَّاب العطاءَ، فيقول (¬9) أعطهِ يا رسول الله! أفْقَرَ إليه منِّي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خذه فَتَموَّلْهُ أو تصدَّقْ بهِ، ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 720) (12) كتاب الزكاة (35) باب كراهة المسألة للناس - رقم (105). (¬2) تكثراً: أي ليكثر ماله، لا للاحتياج. (¬3) النسائي: (5/ 94، 95) (23) كتاب الزكاة (83) المسألة - رقم (2586). (¬4) في النسائي: (أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه ويلم فسأله). (¬5) في النسائي: (على أسكفة الباب) ومعناها: عتبة الباب. (¬6) في النسائي: (لو تعدمون). (¬7) أبو داود: (2/ 289، 290) (3) كتاب الزكاة (26) باب ما تجوز فيه المسألة - رقم (1639). (¬8) مسلم: (2/ 723) (12) كتاب الزكاة (37) باب إباحة الأخذ لمن أعطى من غير مسألة ولا إشراف - رقم (111). (¬9) في مسلم: (فيقول له عمر).

وما جَاءَكَ من هذا المَالِ وأنت غيرُ مشرفٍ ولا سائلٍ فخُذْهُ، ومَالَا، فلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ"، قال سالِمٌ: فمن أجل ذلك كان ابن عمر لا يسألُ أحدًا شيئًا ولا يَرُدُّ شيئاً أعْطِيهُ. وروَيْتُ بالإِسناد المتصل الصحيح إلى خالد بن عَديّ الجهني قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من جاءه من أخيه معروفٌ من غير إشرافٍ ولا مسألةٍ فليقبله ولا يردَّهُ، فإنما هو رزقٌ ساقه الله إليه. ذكره أبو عمر بن عبد البر وغيره. مسلم (¬1)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس المسكينُ بهذا الطوَّافِ الذي يطُوفُ على النَّاس، فتُردُّه اللقمة واللقمتانِ، والتمرةُ والتمرتانِ" قالوا: وما (¬2) المسكين يا رسول الله؟ قال: "الذي لا يجد غِنىً يغنيهِ ولا يُفْطنُ له فيُتَصدَّقَ عليه، ولا يَسْأَلُ النَّاسَ شيئًا". وعنه (¬3)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا نِسَاءَ المؤمنات (¬4)، لا تَحْقِرَنَّ جارةٌ لجارتها ولو فِرْسِنَ شاةٍ" (¬5). وعن عائشة (¬6)، قالت، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أنفَقَتِ المرأة من طعام بيتها غْيرَ مُفْسِدَةٍ، كان لها أجرُها بما أنفقَتْ، ولزوجِهَا أجرُهُ بما كَسَبَ، وللخازِنِ مثلُ ذلك لا ينقُصُ بعضُهمْ أجْرَ بعضٍ شيئًا". ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 719) (12) كتاب الزكاة (34) باب المسكين الذي لا يجد غنىً - رقم (101). (¬2) في مسلم: (فما). (¬3) مسلم: (2/ 714) (12) كقال الزكاة (29) باب الحث على الصدقة ولو بالقليل - رقم (90). (¬4) في مسلم: (يانساء المسلمات). (¬5) فرسن شاة: أي لا تمتنع جارة من الصدقة والهدية لجارتها، بل تجود ولو كان قليلاً كظلف الإبل أو قدم شاة. (¬6) مسلم: (2/ 710) (12) كتاب الزكاة (25) باب أجر الخازن الأمين والمرأة إذا تصدقت من بيت زوجها غير مفسدة - رقم (80).

وفي رواية (¬1) "من بيت زوجها". وفي أخرى (¬2)، في حديث أبي هريرة "من غير أمْرِهِ فلها نصف أجره" (¬3) مسلم (¬4)، عن عُمْير مولى أبي الَّلحْمِ قال: أمَرَني مولَايَ أن أُقَدِّدَ لحمًا، فجاءني مسكين فأطعمتُهُ مِنْهُ، فعلم بذلك مولاي فضربَنِي، فأتيتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرتُ ذلك لهُ، فدعَاهُ فقال له: "لما ضَرَبْتَهُ؟ ". فقال: يُعْطِي طعامِى بغير أمري (¬5)، فقال: "الأجر بينكُمَا". وعن أبي هريرة (¬6) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- يقُولُ يوم القيامِة: يا ابن آدَمَ! مَرِضْتُ فلم تعُدْنِي، قال: يارَبِّ كيف أعُوُدكَ؟ وأنت ربُّ العالَمِينَ، قال: أما عَلِمْتَ أَنَّ عبْدِى فُلاناً مَرِضَ فلم تَعُدْهُ أما عَلِمْتَ أنَكَ لو عُدْتَهُ لوجدتَنِي عندهُ؟ يا ابن آدم! استطعمتُكَ فلم تُطْعِمْنِي، قال: يا ربِّ وكيفَ أُطْعِمُكَ؟ وأنت ربُّ العالمِينَ، قال أَمَا علمت أنه اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ (¬7) فلم تُطْعِمْهٌ، أما عَلِمْتَ أنك لو أطعمتَهُ لوجدْتَ ذلك عندي؟ يا ابن آدَمَ استسقيتُكَ فلم تسقِنِي، قال: يا رَبِّ كيف أسْقِيكَ؟ وأنت ربُّ العالمين. قال استسقاك عبْدِي فلانٌ فلم تسقِهِ، أمَا إِنَّكَ لو سقيتَهُ وجدْتَ ذلك عِنْدِي". ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (81). (¬2) مسلم: (2/ 711) (12) كتاب الزكاة (26) باب ما أنفق العبد من مال مولاه - رقم (84). (¬3) في مسلم: (فإن نصف أجره له). (¬4) مسلم: (2/ 711) (12) كتاب الزكاة (26) باب ما أنفق العبد من مال مولاه - رقم (83). (¬5) في مسلم: (بغير أن آمره). (¬6) مسلم: (4/ 1990) (45) كتاب البر والصلة والآداب (13) باب فضل عيادة المريض - رقم (43). (¬7) ب: أما علمت أن عبدي فلانًا استطعمك.

البخاري (¬1)، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فُكوا العَانِي -أي الأسير- وأطْعِمُوا الجائِع، وعُودُوا المَرِيضَ". وعن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق (¬2)، أنَّ أصحابَ الصُّفَةِ كانوا أُنَاساً فقراء، وأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كان عِنْدَهُ طعامُ اثنين فليذهب بثالثٍ، وإنْ أربعٌ فخامسٌ أو سادس" وأَنَّ أبا بكرٍ جاءَ بثلاثةٍ وذكر الحديث. مالك (¬3)، عن أم بُجَيْدٍ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رُدُّوا السائل ولو بظِلْفٍ مُحرِقٍ". مسلم (¬4)، عن أبي سعيد الخدْري قال: بينما نحنُ في سفر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- إذ جاءَ رجلٌ على ناقةٍ (¬5) له، فجعل يصرِفُ (¬6) يمينًا وشمالاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان مَعَهُ فَضْلُ ظهْير فليَعُدْ بهِ على منْ لا ظهر له، ومن كان مَعَهُ فضلُ زادٍ فليعُدْ به على من لا زادَ له" قال: فذكر من أصناف المَاِل ما ذكر حتى رأَيْنَا أنه لا حَقَّ لأحدٍ منا في فضلٍ. أبو داود (¬7)، عن عبد الله بن عمرو قال: خطبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إياكم والشُّحَّ، فإنما هلك من كان قبلكم بالشح: أمرهم بالبخل فَبَخِلوا، وأمرهم بالقطعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا". ¬

_ (¬1) البخاري: (6/ 193) (56) كتاب الجهاد والسير (171) باب فكاك الأسير - رقم (3046). (¬2) البخاري: (2/ 90) (9) كتاب مواتيت الصلاة (41) باب السمر بيع الضيف والأهل - رقم (602). (¬3) الموطأ: (2/ 923) (49) كتاب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - (5) باب ما جاء في المساكين - رقم (8). وانظر خربجه مفصلاً في شرح مجلس البطاقة صحيفة (136). (¬4) مسلم: (3/ 1354) (31) كتاب اللقطة (4) باب استحباب المواساة بفضول المال - رقم (18). (¬5) في مسلم: (على راحلة). (¬6) في مسلم: (يصرف بصره). (¬7) أبو داود: (2/ 324) (3) كتاب الزكاة (46) باب في الشح - رقم (1698).

كتاب الصيام

كتاب الصيام بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت (¬1) باب فضل الصيام، والنهي أن يقال قمت رمضان كله وصمته، وقول الله -عَزَّ وَجَلَّ- {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} - وفيمن له الفدية مسلم (¬2)، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا جاءَ رمضانُ فُتحَتْ أبوابُ الجنَّةِ، وغُلقَتْ أبوابُ النَّارِ، وصُفِّدت الشياطينُ". زاد النسائي (¬3)، "ويُنادي منادٍ كل ليلة يا طالبَ الخيرِ هَلُمَّ، ويا طالِبَ الشَّرِّ أمْسِكْ". رواه عرفَجةُ عن رجلٍ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. مسلم (¬4)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- " قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: كُلُّ عمل ابن آدم لهُ، إلا الصيامَ، فإنَّهُ لي وأنا أجْزي بِهِ، والصيامُ جُنّة، فإذا كان يومُ صوم أحدِكُمْ: فلا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ ولا يَسْخَبْ فإن سابّه أحدٌ أو قاتَلَهُ، فليَقُلْ: إني امرؤٌ صائمٌ، والذي نَفسُ مُحمد بيده! لَخُلُوفُ فم الصائمِ، أطيَبُ عند الله يوم القيامةِ، من رِيح ¬

_ (¬1) البسملة وما بعدها ليست في (ب، د، ف). (¬2) مسلم: (2/ 758) (13) كتاب الصيام (1) باب فضل شهر رمضان - رقم (1). (¬3) النسائي: (4/ 130) (22) كتاب الصيام (5) ذكر الإختلاف على معمر فيه - رقم (2108). (¬4) مسلم: (2/ 807) (13) كتاب الصيام (30) باب فضل الصيام - رقم (163).

المِسْكِ، وللصَّائم فرحتَانِ يفرحُهُمَا: إذا أفْطَرَ فَرِحَ بفطرِهِ، وإذا لَقِى ربَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- فَرِحَ بِصَوْمِهِ". النسائي (¬1)، عن أبي أمامةَ قال: أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقلتُ: مُرْني بأمرٍ آخذُهُ عَنْكَ، قال: عليكَ بالصَّوْمِ فإنَّهُ لا مِثْلَ لَهُ". مسلم (¬2) عن سهل بن سعدٍ قال، قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ في الجنَّةِ باباً، يقالُ له الريَّانُ يدخْلُ مِنْهُ الصَّائمون يوم القيامَةِ، لا يدخُلُ معهم أحدٌ غيرهم، يقالُ: أين الصَّائمونَ؟ فيدخُلُون مِنْهُ، فإذا دخل آخِرُهُمْ اغْلِقَ فلم يدخُلْ منه أحَدٌ". وعن أبي سعيد الخدري (¬3) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من عبدٍ يصومُ يومًا في سبيلِ اللهِ إلاَ باعَدَ الله بذلك اليوم وجهه عن النَّارِ سبعين خَرِيفاً". أبو داود (¬4)، عن أبي بكرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقولنَّ أحدكم إني قمت رمضان كله وصمته (¬5)، فلا أدرى أكره التزكية أو قال: لابُدّ من نومةٍ أو رقدَةٍ". مسلم (¬6)، عن سَلَمةَ بن الأكوع قال: كُنَّا في رمضانَ على عهدِ رسُولِ ¬

_ (¬1) النسائي: (4/ 165) (22) كتاب الصيام (43) باب ذكر الإختلاف على محمد بن أبي يعقوب في حديث أبي أمامة في فضل الصائم - رقم (2220). (¬2) مسلم: (2/ 808) (13) كتاب الصيام (30) باب فضل الصيام - رقم (166). (¬3) مسلم: (2/ 808) (13) كتاب الصيام (31) وإن فضل الصيام في سبيل الله لمن يطيقه - رقم (167). (¬4) أبو داود: (2/ 802) (8) كتاب الصوم (47) باب من يقول: صمت رمضان كله - رقم (2415). (¬5) في أبي داود: (إني صمت رمضان كله وقمته كله). (¬6) مسلم: (2/ 802) (13) كتاب الصيام (25) باب بيان نسخ قوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه فدية)، بقوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} - رقم (150).

باب الصوم والفطر للرؤية أو للعدة وفي الهلال يرى كبيرا أو الشهادة على الرؤية وقوله عليه السلام: شهران لا ينقصان

الله - صلى الله عليه وسلم - من شَاءَ صاَمَ، ومن شاء أفطر، فافْتَدَى بطَعَامِ مسكين، حتى نزلت (¬1) هذه الآية {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}. البخاري (¬2)، عن ابن عباس، {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}. قال ابن عباس: ليست بمنسوخة: هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان (¬3) كلَّ يوم مسكيناً. أبو داود (¬4)، عن ابن عباس قال: أثبتت للحُبلى والمرضع. الدارقطني (¬5)، عن ابن عباس في هذا، قال: يطعم عن كل يوم مسكيناً نصف صاعٍ من حنطة. باب الصوم والفطر للرؤية أو للعدة وفي الهلال يُرى كبيراً أو الشهادة على الرؤية وقوله عليه السلام: شهران لا ينقصان مسلم (¬6)، عن ابن عمر أَنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ذكَرَ رمضَانَ فضَربَ بيده (¬7) فقال: "الشهرُ هكذا، وهكذا، وهكذا، (ثم عَقَدَ ¬

_ (¬1) في مسلم: (أنزلت). (¬2) البخاري: (8/ 28) (65) كتاب النفسير (25) باب {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} - رقم (4505). (¬3) في البخاري: (فليطعمان). (¬4) أبو داود: (2/ 738) (8) كتاب الصوم (3) باب من قال: هي مثبتة للشيخ والحبلى - رقم (2317). (¬5) الدارقطني: (2/ 207)، وهذا الخبر ثابت في (د) فقط. (¬6) مسلم: (2/ 759) (13) كتاب الصيام (2) باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال- ر قم (4). (¬7) في مسلم: (بيديه).

أبهامَهُ في الثالثة)، صوموا (¬1) لِرؤْيَتِهِ وأفطرُوا لرؤْيَتِهِ فانْ أُغْمِيَ عليكمُ فاقدُرُوا (¬2) ثلاثين". وعنه (¬3)، عن - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّا أمَّة أُمِّيَّةً لا نكتُب ولا نَحْسُبُ، الشهر هكذا وهكذا وهكذا" فعقد الإِبهام في الثالثةِ، "والشهر هكذا وهكذا وهكذا" يعني تمام الثلاثين. وعن أبي البَخْتَرِي (¬4) قال: لقينَا ابن عباس فقُلْنَا: إِنَّا رأَيْنَا الهِلالَ، فقال بعضُ القَوْمِ هو ابنُ ثلاثٍ. وقالَ بعضُ القوْمِ: هو ابن لَيْلَتَيْنِ فقال: أيُّ ليلةٍ رأيتُمُوهُ؟ قال: قلنا: ليلَةَ كَذَا وكَذَا. فقال: إنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله مَدَّهُ للرؤيةِ، فهُو لِلَيْلَةٍ رأيتُمُوهُ". وعن كُريْب (¬5)، أنَّ أمَّ الفضل بِنْتَ الحارث، بَعَثَتْهُ إلى مُعاويَةَ بالشَّامِ قال: فقدِمْتُ الشامَ، فقضْيتُ حاجَتَهَا واسْتُهِلَّ عليَّ رمضانُ وأنا بالشامِ فرأيتُ الهلال ليلةَ الجمُعةِ، ثم قدمت المدينَةَ في آخر الشهر فسألني عبدُ الله بن عبَّاسٍ، ثمَّ ذكر الهِلالَ، فقال: متى رأيتُمُ الهِلالَ فقلت: رأينَاهُ ليلةَ الجمعة، فقال: أنت رأيتَهُ، فقلتُ: نعم. ورآهُ النَّاسُ وصَامُوا وصَامَ معاويةُ، فقال: لكِنَّا رأيْنَاه ليلَةَ السبتِ ولا نزال نصُومُ حتى نُكْمِلَ ثلاثين أو نَراهُ، فقلتُ: أولا تَكْتَفِي برؤية معاويةَ وصيامِهِ؟ فقال: لا. هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شَكَّ (¬6) في تكتفي أو نكتفي. ¬

_ (¬1) في مسلم: (فصوموا). (¬2) في مسلم: (فاقدروا له). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (15). (¬4) مسلم: (2/ 765) (13) كتاب الصيام (6) باب بيان أنه لا اعتبار بكبر الهلال وصغره - رقم (29). (¬5) مسلم: (2/ 765) (13) كتاب الصيام (5) باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم - رقم (28). (¬6) في مسلم: (شك يحيى بن يحيى) وهو من رجال الإسناد.

أبو داود (¬1)، عن ربعي بن حراش، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: اختلف الناس في آخر يوم من رمضان، فقدم أعرابيان فشهدا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهلَّا الهلال أمس عشيَّةً، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -لناس أن يُفطروا وأن يغدوا إلى مُصلَّاهم. وذكر أبو داود (¬2) - أيضًا، عن ابن عمر قال: ترآءَى الناس الهلالَ، فأخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم - أني رأيته، فصام (¬3)، وأمر الناس بصيامه. أبو داود (¬4)، عن الحسين بن الحارث، أن أمير مكة خطب ثم قال: عهد إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نَنْسُكَ للرؤية، فإن لم نره وشهد شاهدا عدلٍ نسكنا بشهادتهما، ثم قال: إنَّ فيكم من هو أعلم بالله ورسوله منِّي وشهد هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأومأ بيده إلى رجل، قال الحسين: فقلتُ لشيخ إلى جنبي: من هذا الذي أومأ إليه؟ فقال: هذا عبد الله بن عمر - وصدَق، كان أعلم بالله ورسوله منه فقال: بذلك أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أمير مكة: هو الحارث بن حاطب الجُمحيُّ. ¬

_ (¬1) أبو داود: (2/ 754) (8) كتاب الصوم (13) باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال - رقم (2339). (¬2) أبو داود: (2/ 756، 757) (8) كتاب الصوم (14) باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان- ر قم (2342). (¬3) في أبي داود: (فصامه). (¬4) أبو داود: (2/ 752، 753) (8) كتاب الصوم (13) باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال - رقم (2338).

باب متى يحرم الأكل وفي السحور وصفة الفجر، وتبييت الصيام ووقت الفطر وتعجيله والإفطار على التمر أو الماء.

البخاري (¬1)، عن أبي بكرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "شهران لا ينقُصَانِ شهرا عِيدٍ، رمضانُ وذو الحجَّة". باب متى يحرم الأكل وفي السحور وصفة الفجر، وتبييتِ الصيام ووقت الفطر وتعجيله والإفطار على التمر أو الماء. مسلم (¬2)، عن عَدِي بن حاتم، قال: لما نَزَلَتْ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} قال له عديُّ بن حاتم: يارسُولَ الله إني أجعلُ تحت وِسَاَدتِي عِقَالَيْنِ، عِقالاً أبيضَ، وعقالاً أسود، أعرف اللَّيْلَ من النَهَارِ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنَّ وسادك (¬3) لَعَرِيضٌ إِنَما هو سوادُ الليل وبياضُ النَّهَارِ". وعن سهل بن سعدٍ (¬4) قال: نَزَلَتْ هذه الآيةُ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} (¬5)، فكان الَّرجُلُ إذا أراد أن يصوم، ربَطَ أحدُهُمْ في رجْلَيْهِ الخيْطَ الأبيض والخيط الأسود (¬6)، فلا يزالُ يأكُلُ ويشربُ حتى يتبيَّنَ لَهُ رِئْيُهُمَا (¬7)، فأنزل الله بعد ذلك من الفجر، فعلِمُوا أنَّما يَعْنِي بذلك اللَّيلَ والنَّهَارَ. ¬

_ (¬1) البخاري: (4/ 148) (30) كتاب الصوم (12) باب شهرا عيد لا ينقصان - رقم (1912). (¬2) مسلم: (2/ 766، 767) (13) كتاب الصيام (8) باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع. الفجر - رقم (33). (¬3) في مسلم: (إن وسادتك). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (35). (¬5) في الأصل: (فكلوا). وكذا (ب، د). (¬6) في مسلم: (الخيط الأسود والخيط الأبيض). وكذا (د). (¬7) أي منظرهما.

وعن أنس (¬1) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تسَّحُروا فإنَّ في السَّحُورِ بَرَكَةً". وعن عمرو بن العاص (¬2)، أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "فَصْلُ ما بين صِيَامِنَا وصِيَامِ أهل الكتاب أكلةُ السَّحَرِ". النسائي (¬3)، عن العرباض بن سارية، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يدعُو إلى السحور في شهر رمضان فقال: "هَلُمُّوا إلى الغَدَاءِ المُبَارَكِ". وعن عبد الله بن الحارث (¬4)، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: دخلتُ على النبي - صلى الله عليه وسلم -وهو يَتَسحَّرُ، فقال: "إنها بركة أعطاكم اللهُ إيَّاهَا فلا تَدَعوه". مسلم (¬5)، عن ابن عمر قال: كانَ لرسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مُؤَذِّنَانِ: بلالٌ وابن أُمِّ مكتُوم الأعمى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنَّ بلالاً يُؤَذِّنُ بليلٍ، فكُلُوا واشربوا حتى يُؤَذِّنَ ابنُ أُمِّ مكتومٍ" قال: ولم يكُنْ بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا. زاد البخاري (¬6)، "فإنه لا يُؤذِّنُ حتى يطلُعَ الفجرُ". خرَّجه من حديث عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 770) (13) كتاب الصيام (9) باب فضل السحور وتأكيد استحبابه - رقم (45). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (46). (¬3) النسائي: (4/ 145) (22) كتاب الصيام (25) باب دعوة السحور - رقم (2163). (¬4) النسائي: (4/ 145) (22) كتاب الصيام (24) فضل السحور - رقم (2162). (¬5) مسلم: (2/ 768) (13) كتاب الصيام (8) باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر - رقم (38). (¬6) البخاري: (4/ 162) (30) كتاب الصوم (17) باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا يمنعنكم من سحوركم آذان بلال" - رقم (1918).

أبو داود (¬1)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه". والنسائي (¬2)، عن عاصم، عن زرِّ قال: قلنا لحذيفةَ: أي ساعةٍ تسحّرْتَ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: هو النَّهَارُ إلا أَنَّ الشمس لم تطلُعْ. مسلم (¬3)، عن أنس، عن زيد بن ثابت، قال: تَسَحَّرنَا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قُمنَا إلى الصلاة قلتُ: كم كان قدَرُ ما بينهما؟ قال: خمسين آيةً. وعن سمرة بن جندب (¬4)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَغُرَّنَّكُمْ من سَحُورِكُمْ أذانُ بلالٍ، ولا بَيَاضُ الأُفُقِ المُستطيلُ هكذا، حتى يستطيرَ هكذا وحكاهُ حمادٌ بيده (¬5)، قال: يعني مُعْتَرِضاً". وعن عبد الله بن مسعودٍ (¬6) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا يمنعَنَّ أحدًا منكُم أذانُ بلالٍ (أو قال: نداءُ بلالٍ) من سُحُورِهِ، فإنَّه يُؤَذن (أو قال: ينادي) ليرجع قائمَكُمْ، ويوقظ نائمكُمْ" وقال: "ليس أن يقُولَ هكذا وهكذا، (وصوَّب يدهُ (¬7) ورفعها) حتى يقولَ هكذا" ¬

_ (¬1) أبو داود: (2/ 761، 762) (8) كتاب الصوم (18) باب في الرجل يسمع النداء والإناء على يده - رقم (2350). (¬2) النسائي: (4/ 142) (22) كتاب الصيام (20) تأخير السحور - رقم (2152). (¬3) مسلم: (2/ 771) (13) كتاب الصيام (9) باب فضل السحور وتأكيد استحبابه - رقم (47). (¬4) مسلم: (2/ 770) (13) كتاب الصيام (8) باب بيان أن الدخول في الصيام بحصل بطلوع الفجر- رقم (43). (¬5) في مسلم: (يديه). (¬6) نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (39). (¬7) د: وضرب بيده.

(وفرّج بين أصبعيه). وفي لفظٍ آخر (¬1)، "إنَّ الفجر ليسَ الذي يقولُ هكذا (وجمع أصابِعَهُ ثم نَكسَهَا إلى الأرض) ولكن الذي يقولُ هكذا (ووضع المسِّبحةَ على المسبِّحَةِ ومدّ يديه) ". زاد البخاري (¬2)، "عن يمينه وشماله". النسائي (¬3)، عن حفصةَ أم المؤمنين -أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من لم يبيِّتِ الصيام من الليل فلا صيامَ لَهُ". رواه الجماعة فأوقفوه على حفصة. والذي أسنده ثقة. وخرَّجه الدارقطني (¬4)، من حديث عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال في روايته: كلهم ثقات. كذا قال. وقد رُوِيَ موقوفًا على عائشة. مسلم (¬5)، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: كُنَّا مع رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر في شهر رمضانَ، فلمَّا غَابَتِ ¬

_ (¬1) المصدر السابق. (¬2) البخاري: (2/ 123) (10) كتاب الأذان (13) باب الأذان قبل الفجر- رقم (621). (¬3) النسائي: (4/ 197) (22) كتاب الصيام (68) ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة في ذلك - رقم (2334). (¬4) الدارقطني: (2/ 171، 172) - باب الشهادة على رؤية الهلال - رقم (1). (¬5) مسلم: (2/ 772، 773) (13) كتاب الصيام (10) باب بيان وقت انقضاء الصوم وخروج النهار - رقم (52).

الشمس قال: "يا فُلانُ انْزِلْ فاجْدَحْ لنا (¬1) " قال: يا رسول الله! إن عليك نهارًا، قال: "أنزل فاجدح لنا"، قال: فَنَزلَ فجدَحَ فأتاهُ به، فَشَرِب النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال بيده "إذا غابت الشمسُ من ها هنا، وجاء الليلُ من ها هُنا، فقد أفْطرَ الصائم". وعن سهل بن سعدٍ (¬2)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يزَالُ الناسُ بخيرٍ ما عجَّلوا الفطْرَ". وعن أبي عطية (¬3) قال: دخلت أنا ومَسْروقٌ على عائِشَةَ، فقلنا: يا أمَّ المؤمنين! رجُلَانِ من أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - أحَدُهُمَا يُعَجِّلُ الفطر (¬4) ويُعَجِّلُ الصلاةَ، والآخر يُؤَخرُ الِإفْطَارَ ويُؤَخِّرُ الصَّلاةَ، قالت: أيُّهما الذي يُعجِّل الِإفطار، ويعجل الصلاة؟ قال: قلنا: عبدُ الله بن مسعود، قالت: كذِلكَ كان يصنَعُ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. الترمذي (¬5)، عن سلمان بن عامر الضبّي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أفطر أحدكم فليُفطر على تمرٍ، فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور". قال: هذا حديث حسن صحيح (¬6). أبو داود (¬7)، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) اجدح لنا: المراد هنا خلط السويق بالماء وتحريكه حتى يستوى. (¬2) مسلم: (2/ 771) (13) كتاب الصيام (9) باب فضل السحور وتأكيد استحبابه - رقم (48). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (49). (¬4) في مسلم: (يعجل الإفطار). (¬5) الترمذي: (3/ 46، 47) (5) كتاب الزكاة (26) باب ما جاء في الصدقة على ذى القرابة - رقم (658). وقد رواه عبد الحق بمعناه. (¬6) في الترمذي: (هذا حديث حسن). (¬7) أبو داود: (2/ 764، 765) (8) كتاب الصوم (21) باب ما يفطر عليه - رقم (2356).

باب في صيام يوم الشك والنهي أن يتقدم رمضان بصوم يوم أو يومين والنهي عن الوصال في الصوم وما جاء في القبلة والمباشرة للصائم، وفي الصائم يصبح جنبا

وسلم - يفطر على رطباتٍ قبل أن يصلى، فإن لم تكن رطبات فعلى تمرات، فإن لم تكن تمرات (¬1) حَسَى حسوات من ماء. باب في صيام يوم الشك والنهي أن يتقدم رمضان بصوم يوم أو يومين والنهي عن الوصال في الصوم وما جاء في القُبلة والمباشرة للصائم، وفي الصائم يصبح جنباً الترمذي (¬2)، عن عمار بن ياسر، قال: من صام اليوم الذي يُشَكُّ فيه (¬3)، فقد عَصَى أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم -. قال: هذا حديثٌ حسن صحيح. مسلم (¬4)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَقَدَّمُوا رمضانَ بصوم يوم ولا يومينِ، إلا رَجُلٌ كان يُصومُ صومًا فليصُمْهُ". وعن أبي هريرة (¬5) - أيضًا قال نَهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوِصَال فقال رجُلٌ من المسلمين: فإنَكَ يا رسولَ اللهِ تُواصِلُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وأيّكُمْ مِثْلِي، إني أبيت يُطعمُنِي ربي ويسقيني". ¬

_ (¬1) (تمرات): ليست في أبي داود. (¬2) الترمذي: (7013) (6) كتاب الصوم (3) باب ما جاء في كراهية صوم يوم الشك - رقم (686). (¬3) في الترمذي: (يشك فيه الناس). (¬4) مسلم: (2/ 762) (13) كتاب الصيام (3) باب لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين - رقم (21). (¬5) مسلم: (2/ 774) (13) كتاب الصيام (11) باب النهي عن الوصال في الصوم - رقم (57).

فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال، واصَل بهم يومًا، ثمَّ يومًا (¬1)، ثم رأوُا الهلال فقال: "لو تَأخرَ الشهر (¬2) لزدتكم" كالمُنَكِّل لهم حين أبَوْا أَنْ ينتهوا. وعن أنسٍ (¬3)، قال: واصَلَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر شهر (¬4) رمضان، فواصل ناسٌ من المسلمين، فبلَغَهُ ذلك، فقال: "لو مُدّ لنا الشَّهْرُ لواصلنا وِصالاً يدعُ الُمتَعَمِّقُونَ تعمُّقَهُمْ". وذكر الحديث. وعن عائشة (¬5) قالت: نَهاهُمْ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الوِصَال: رحمةً لهم، قالا: إنَّك تواصِلُ، قال: "إنَّى لست كهيئتكم، إنِّي أبيت (¬6) يطعمنى ربي ويسقيني". البخاري (¬7)، عن أبي سعيد الخدْري، أنَّهُ سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تُواصِلُوا، فأيكم أراد (¬8) أن يواصل فليواصل حتى السحَر"، قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله قال: "لست كهيئتكم إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقيني". مسلم (¬9)، عن عائشة قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُقبِّل وهو صائم، ويُباشِرُ وهو صائم، ولكنه أملكُكُم لأرْبِهِ. النسائي (¬10) عن عمر بن الخطاب، قال: هششت يومًا فقبّلت وأنا صائم، ¬

_ (¬1) د: (ثم يوماً) كررت ثلاث مرات. (¬2) في مسلم: (لو تأخر الهلال). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (60). (¬4) في مسلم: (أول شهر رمضان) وهو وهم من الراوى وصوابه (آخر شهر رمضان) كما رواه عبد الحق. (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (61). (¬6) (أبيت): ليست في مسلم. (¬7) البخاري: (4/ 238) (30) كتاب الصوم (48) باب الوصال - رقم (1963). (¬8) البخاري: (فأيكم إذا أراد أن يواصل). (¬9) مسلم: (2/ 717) (13) كتاب الصيام (12) باب بيان أن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته - رقم (65). (¬10) أخرجه النسائي في الكبرى في الصيام، كذا عزاه المزى في تحفة الأشراف (8/ 17).

باب الحجامة للصائم، وفيمن ذرعه القيء ومن نسي فأكل أو شرب وهو صائم، وفيمن جهده الصوم

فأتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: صنعتُ أمراً عظيمًا، قبلت وأنا صائم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرأيتَ لو تمضمضتَ بماء وانت صائم"، قلت: لا بأس بذلك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ففيم". مسلم (¬1)، عن عائشة، وأم سلمة زَوْجي النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهما قالتَا: إنْ كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليُصْبِحُ جُنباً من جِمَاعٍ، غير احتلام في رمضانَ ثم يَصُومُ". باب الحجامة للصائم، وفيمن ذرعه القيء ومن نسيَ فأكل أو شرب وهو صائم، وفيمن جهده الصوم البخاري (¬2)، عن ابن عباسٍ أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - "احتجمَ وهو مُحِرمٌ، واحتجم وهو صائم". أبو داود (¬3)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من ذرعه القيء (¬4) وهو صائم، فليس عليه القضاء (¬5)، وإن استقاء فليقض". مسلم (¬6)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 780، 781) (13) كتاب الصيام (13) باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب - رقم (78). (¬2) البخاري: (4/ 174) (30) كتاب الصوم (32) باب الحجامة والقيء للصائم - رقم (1938). (¬3) أبو داود: (2/ 776، 777) (8) كتاب الصوم (32) باب الصائم يستقيء عامدًا - رقم (2380). (¬4) في أبي داود: (قيء). (¬5) في أبي داود: (قضاء). (¬6) مسلم: (2/ 809) (13) كتاب الصيام (33) باب أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر - رقم (171).

وسلم -: "منْ نَسِيَ وهو صَائمٌ، فأكَلَ أو شرِبَ، فليُتمَّ صَوْمَهُ، فإنَّمَا أطعَمَهُ الله وسَقَاهُ". الدارقطني (¬1)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أكل الصائم ناسياً، أو شرب ناسياً، فإِنما هو رزقٌ ساقهُ الله إليه، ولا قضاء عليه". قال في إسناده: إسنادٌ صحيح وكلهم ثقات. وقال في طريق أخرى (¬2): "لا قضاء عليه، ولا كفارة" وهو صحيح أيضًا. ذكر الحديثين في كتاب السنن. النسائي (¬3)، عن عائشة، أنها صامت في رمضان فأجهدت، فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تفطر. زاد في أخرى (¬4)، وأن تقضى مكانه يومين. وفي أخرى (4)، يومًا أو يومين على الشك. وهذا أصح من الذي قبله. ¬

_ (¬1) الدارقطني: (2/ 178) - باب تبيت النية من الليل - رقم (27). (¬2) المصدر السابق - رقم (28). (¬3) خرجه النسائي في الكبرى في الصوم، كذا عزاه المزى في التحفة (12/ 337). (¬4) المصدر السابق.

باب حفظ اللسان وغيره في الصوم وذكر الأيام التي نهي عن صيامها

باب حفظ اللسان وغيره في الصوم وذكر الأيام التي نُهِيَ عن صيامها النسائي (¬1) عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من لم يدعْ قولَ الزور والعمل به، والجهل في الصوم، فليس لله حاجةً في ترك طعامه وشرابه". مسلم (¬2)، عن أبي هريرة -رِوَايةً- "إذا أصبح أحَدُكُمْ يومًا صائِماً، فلا يرفُثْ ولا يَجْهَلْ، فإن امرؤٌ شاتَمَهُ أو قاتَلُه، فليقُلْ: إنِّي صائم، إنِّي صائِمٌ". الترمذي (¬3)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بَقِيَ نِصفٌ من شعبان فأمسكوا عن الصوم (¬4) ". قال: هذا حديث حسن صحيح ومن طريق وكيع "فأمسكوا عن الصوم حتى يكونَ رمضان". مسلم (¬5)، عن أبي هريرة - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن صِيَامِ يومين: يوْمِ الأضحى ويوم الفطرِ. وعن نُبَيْشَة الهُذَلي (¬6) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في الكبرى في الصيام، كذا عزاه المزى في التحفة (10/ 307، 308). (¬2) مسلم: (2/ 806) (13) كتاب الصيام (29) باب حفظ اللسان للصائم - رقم (160). (¬3) الترمذي: (3/ 115) (3) كتاب الصوم (38) باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الثاني من شعبان لحال رمضان - رقم (738). (¬4) في الترمذي: (إذا بقى نصف من شعبان فلا تصوموا). (¬5) مسلم: (79912) (13) كتاب الصيام (22) باب النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى - رقم (139). (¬6) مسلم: (2/ 800) (13) كتاب الصيام (23) باب تحريم صوم أيام التشريق - رقم (144).

"أيَّامُ التشريقِ أيَّامُ أكلٍ وشُربٍ". زاد في روايةٍ (¬1) "وذكرٍ لله تعالى (¬2) ". الترمذي (¬3)، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يوم عرفة ويومُ النحر، وأيام التشريق عيدُنا، أهلَ الإِسلام، وهي أيامُ أكلٍ وشُرب". قال: حديث عقبة حديث حسن صحيحٌ. البخاري (¬4)، عن عائشة وابن عمر قالا: لم يُرَخصْ في أيَّام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن يجد الهَدْيَ. مسلم (¬5)، عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا يَصُمْ أحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ. إلا أنْ يُصومَ قبْلَهُ أو يَصُومَ بعدَهُ". البخاري (¬6)، عن جويرية بنت الحارث - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخَل عليها يوم الجمعة وهي صائمةٌ، فقال: "أصُمْتِ أمس؟ " قالت: لا، قال: "تُريديِنَ أن تصومي غدًا؟ " قالت: لا، قال: "فأفطرِي". ¬

_ (¬1) المصدر السابق. (¬2) (تعالى): ليست في مسلم. (¬3) الترمذي: (3/ 143) (6) كتاب الصوم (59) باب ما جاء في كراهية الصوم في أيام التشريق - رقم (773). (¬4) البخاري: (4/ 242) (30) كتاب الصوم (68) باب صيام أيام الشريف - رقم (1997). (¬5) مسلم: (2/ 801) (13) كتاب الصيام (24) باب كراهة صيام يوم الجمحة منفردًا - رقم (147). (¬6) البخاري: (4/ 232) (30) كتاب الصوم (63) باب صوم يوم الجمعة - رقم (1986).

باب فيمن دعي إلى طعام وهو صائم والصائم المتطوع يفطر، وفيمن ينوي الصيام من النهار.

باب فيمن دُعِيَ إلى طعام وهو صائم والصائم المتطوع يفطر، وفيمن ينوي الصيام من النهار. مسلم (¬1)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دُعِى أحدُكم إلى طعام وهو صائمٌ، فليقل إنِّي صائمٌ". وعنه (¬2)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دُعِيَ أحَدُكُم فليجُب، فإن كان صائمًا فَلْيُصَلِّ، وإن كان مفطِراً فَلْيطْعَمْ". البخاري (¬3)، عن أنسٍ قال: دخلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على أم سُليم فأتتهُ بتمرٍ وسمن، قال: أعِيدوا سمنَكم في سِقائِه، وتمرَكم في وِعائِه، فإني صائم، ثم قامَ إلى ناجةٍ من البيتِ، فصلَّى غيرَ المكتوبةِ فدعا لأم سُليم وأهلِ بيتها، فقالت أُمُّ سليم: يا رسولَ الله! إنَّ لي خُوَيْصَةً. قال: "ما هيَ؟ " قالت: خادمُك أنسٌ، قال: فما ترك خير آخرةٍ ولا دنيا إلا دعا لي به: اللهم ارزقْهُ مالاً وولداً وبارِك له. فإني لَمِنْ أكثر الأنصارِ مالًا". وحدثتنى ابنتي أمَيْنَةُ أنه دُفِنَ لِصُلْبي مَقْدَمَ حجاج البصرة بضعٌ وعشرون ومائة. مسلم (¬4)، عن وكيع، عن طلحة بن يحيى، عن عمتِهِ عائشةَ بنت ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 805، 806) (13) كتاب الصيام (28) باب الصائم يدعى لطعام فليقل: إني صائم - رقم (159). (¬2) مسلم: (2/ 1054) (16) كتاب النكاح (16) باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة - رقم (106). (¬3) البخاري: (4/ 268) (30) كتاب الصوم (61) باب من زار قومًا لم يفطر عندهم - رقم (1982). (¬4) مسلم: (2/ 809) (13) كتاب الصيام (32) باب جواز صوم النافلة بنية من النهار قبل الزوال- =

باب النبي أن تصوم المرأة متطوعة بغير إذن زوجها، وكفارة من وطئ في رمضان، وفي الصيام في السفر

طلحَةَ، عن عائشة قالت: دخل علىَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ يوم فقال: "هل عندكُمْ شيء؟ فقلنا: لا. قال: "إني إذن صائمٌ"، ثم أتى يومًا آخر فقلنا: يا رسول الله! أُهْدِي لنا حَيْسٌ، فقال: "أرينيهِ، فلقد أصْبَحْتُ صائمًا فأكل". زاد النسائي (¬1) "ولكن أصوم يومًا مكانه". باب النبي أن تصوم المرأة متطوعة بغير إذن زوجها، وكفارة من وطئ في رمضان، وفي الصيام في السفر مسلم (¬2)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا تَصُومُ المرأة وبعلُها شاهِدٌ إلا بإذنِهِ، ولا تأذَنْ في بيتهِ وهو شاهدٌ إلا بإذنِهِ، وما أنفقَتْ من كَسْبِهِ من غير أمرِهِ فانَّ نِصْفَ أجْرِهِ لَهُ". وقال أبو داود (¬3)، "غير رمضان". مسلم (¬4)، عن أبي هريرة قال: جاءَ رجُلٌ إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: هَلَكْتُ يا رسُولَ الله، قال: "وما أهلككَ؟ " قال: وقَعْتُ على امرأتِي في رَمضَانَ: قال: "هل تجد ما تُعْتِقُ رتبة؟ " قال: لا، قال: ¬

_ = رقم (170). (¬1) النسائي في الكبرى (2/ 249) (25) كتاب الصيام (209) ذكر الإختلاف على الزهري في هذا الحديث - رقم (3300). من رواية محمد بن منصور، عن سفيان، عن طلحة بن يحيى به، وقال: هذا خطأ، قد روى هذا الحديث جماعة عن طلحة فلم يذكر أحد منهم: "ولكن أصوم يومًا مكانه". (¬2) مسلم: (2/ 711) (12) كتاب الزكاة (26) باب ما أنفق العبد من مال مولا - رقم (84). (¬3) أبو داود: (2/ 826، 827) (8) كتاب الصوم (74) باب المرأة تصوم بغير إذن زوجها - رقم (2458). (¬4) مسلم: (2/ 781، 782) (13) كتاب الصيام (14) باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم - رقم (81).

"فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ " قال: لا. قال: "فهل تجدُ ما تُطْعِمُ ستين مسكيناً؟ " قال: لا، ثم جلس فأُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بَعَرقٍ فيه تمرٌ فقال: "تصدّقْ بهذا" قال: آفقر مِنَّا؟ فما بين لابتَيْهَا أهلُ بيتٍ أحوجُ إليه مِنَّا - فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتي بدت أنيابه ثم قال: "اذْهَبْ فأطعمْهُ أَهْلَكَ". وفي طريق أخرى (¬1)، قال: "كُلوْه". وفي حديث عائشة (¬2)، فجاءَهُ عرقان فيهما طعامٌ فأمَرهُ أن يتصدق بهِ. وقولهُ: "فكلوه" هو من حديثها أيضًا. وعن أنسٍ (¬3) قال: كنَّا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في السَّفر، فَمِنَّا الصائِمِ ومنَّا المفطُر، قال: فنزلنا منزلاً في يوم حارٍّ، أكْثَرُنَا ظِلاً صاحب الكِسَاءِ، ومِنَّا مَنْ يتَّقِي الشمس بيدِهِ. قال فسقط الصُّوَّامُ، وقام المفطرونَ، فضربوا الأبينة وسَقَوُا الرِّكابَ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ذهب المُفْطُرونَ اليومَ بالأجْرِ". وعن أبي سعيد (¬4) قال: سافرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى مَكَّةَ ونحنُ صيامٌ قال: فنزلنا منزلاً. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّكُم قد دنوتُمْ من عدُوكُم والفطر أقوى لكُمْ"، فكانت رُخْصَةً، فمنّا من صام، ومنَّا من أفطر ثم نزلنا منزلاً آخير، فقال: "إنكم مصبِّحُون (¬5) ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (87). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (85). (¬3) مسلم: (2/ 788) (13) كتاب الصيام (16) باب أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل - رقم (100). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (102). (¬5) في مسلم: (مصبحو عدوكم).

عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا" فكانت عزمةً، فأفطرنا، ثم لقد رأيتُنَا نصوم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك في السَّفَرِ. وعن أبي سعيدٍ (¬1) أيضًا - قال: غزونا مع رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لستَّ عشرةَ من رمضان، فمنَّا من صام، ومنا من أفطر، فلم يَعِبِ الصَّائِمُ على المفطر ولا المفطر على الصائم. النسائي (¬2)، عن عائشة، أنها اعتمرت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينةِ إلى مكة (¬3)، قالت: يا رسول الله بأبي أنت وأمِّي قصرتَ واتمَمْتُ وأفطرتَ وصُمتُ، قال: "أحسنتِ يا عائشةُ"، وما عابه (¬4) عليّ. مسلم (¬5)، عن حمزة بن عمرو الأسلمي، أنه قال: يا رسول الله! أجدُ بىِ قُوةً على الصيام في السَّفَرِ، فهل علىَّ جُناحٌ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "هي رُخْصَةٌ مِنَ الله، فمن أخَذَ بها فَحَسَنٌ ومن أحبّ أن يصوم فلا جناح عليه". البزار، عن أبي سعيد الخُدري قال: بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره والناس صيامٌ في يومٍ صائف والمشاة كثير فانتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى نِهْيٍ (¬6) من ماء السماء وهو على بغلة له فوقف عليه حتى تتامّ الناس فقال: يا أيها الناس اشربوا فجعلوا ينظرون ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 786) (13) كتاب الصيام (15) باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية - رقم (93). (¬2) النسائي: (3/ 122) (15) كتاب تقصير الصلاة في السفر (4) باب المقام الذي يقصر بمثله الصلاة - رقم (1456). (¬3) في النسائي: (حتى إذا قدمت مكة). (¬4) في النسائي: (وما عاب عليَّ). (¬5) مسلم: (2/ 790) (13) كتاب الصيام (17) باب التخيير في الصوم والفطر في السفر - رقم (107). (¬6) (النهي) بالكسر والفتح: الغدير, وكل موضع يجتمع فيه الماء.

إليه، فقال: إني لست مثلكم إني راكب وأنتم مشاة، فقالوا: لا نشرب حتى تشرب، فشرب وشرب الناس. مسلم (¬1)، عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَرجَ عَامَ الفتح في رمضانَ. فصامَ حتَّى بلغ الكَدِيدَ (¬2)، ثم أفطر، قال: وكان أصحاب (¬3) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره. وعن جابر بن عبد الله (¬4)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ عام الفتحِ إلى مكةَ في رمضانَ فصام حتى بلغ كُراعَ الغميم فصام النَّاسُ، ثمَّ دعا بقدحٍ من ماءٍ فرفعَهُ حتى نظر النَّاسُ إليهِ، ثم شَرِبَ، فقيلَ لَهُ بعد ذلك: إنَّ بعضَ النَّاس قد صام، فقال: "أولئك العُصاةُ أولئك العُصاةُ". وعنه (¬5)، قال: كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فرأى رجُلاً قد اجتمع النَّاسُ عليه، وقد ظُللَ عليه، فقال: "مَالهُ؟ "، قالوا رجُلٌ صائمٌ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس البر (¬6) أن تصوموا في السفر". وقال البخاري (¬7): "ليس من البر" بزيادة من. ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 784) (13) كتاب الصيام (15) باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية - رقم (88). (¬2) الكديد: عين جارية بينها وبين المدينة سبع مراحل أو نحوها. (¬3) في مسلم: (وكان صحابة). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (90). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (92). (¬6) في مسلم: (ليس من البر). (¬7) البخاري: (4/ 183) (30) كتاب الصوم (36) باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن ظلل عليه واشتد الحر "ليس من البر الصوم في السفر" - رقم (1946).

باب فيمن مات وعليه صيام

باب فيمن مات وعليه صيام مسلم (¬1)، عن عائشة: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ماتَ وعليهِ صيامٌ صامَ عنه وَلِيُّهُ". وعن ابن عباسٍ (¬2)، أنَّ امرأة أتت رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إِنَّ أمِّي ماتَتْ وعليها صَومُ شهرٍ، فقال: "أرأيت لو كان على أُمُّكِ دَيْنٌ (¬3) أكنُتِ تقضِينَهُ؟ " قالت. نعم. قال: "فَدَيْنُ اللهِ أحقُّ بالقَضَاءِ". وفي طريق أخرى (¬4)، "صومُ نذرٍ أفأصوم عنها؟ ". وفيها: "فصُومِي عن أُمِّكِ". بابٌ مسلم (¬5)، عن عائشة، قالت: إن كانت إحدانا لتفطر في زمن (¬6) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما تقدر على أن تقضيه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يأتي شعبان. في هذا الحديث، عن يحيى بن سعيد، الشغل (¬7) برسوت الله - صلى الله عليه وسلم - أو من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 803) (13) كتاب الصيام (27) باب قضاء الصيام عن الميت - رقم (153). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (154). (¬3) في مسلم: (أرأيت لو كان عليها دين). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والاب السابقين - رقم (156). (¬5) مسلم: (2/ 803) (13) كتاب الصيام (26) باب قضاء رمضان في شعبان - رقم (152). (¬6) سلم: (زمان). (¬7) أي يمنعني الشغل برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

باب

بابٌ مسلم (¬1)، عن معاذَةَ، أنها سألَتْ عائِشةَ: أكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصُومُ من كل شهرٍ ثلاثةً أيام؟ قالت: نعم، فقلتُ لها من أيِّ أيام الشْهرِ كان يصُومُ؟ قالت: لم يكن يُبَالي من أي أيام الشهر يصُومُ. وعن عبد الله بن شقيق (¬2)، قال: قلتُ لعائشةَ: أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصُومُ شهرًا كُلهُ؟ قالتْ: ما علِمْتُهُ صَامَ شهرًا كُلَّهُ إلا رمضَانَ، ولا أفْطَرَهُ كُلهُ، حتى يَصُومَ مِنْهُ، حتى مضىِ لسَبِيلِهِ - صلى الله عليه وسلم -. وعن أبي سلمة (¬3)، قال: سألتُ عائشةَ عن صيامِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالَتْ: كان يُصومُ حتى نَقُولَ: قَدْ صَامَ، ويُفْطِرُ حتى نقول: قد أفطَرَ، ولم أرَهْ صائمًا من شهر قط أكثر من صيامِهِ من شعبان، كان يصُوُم شعبان كُلَّهُ، كان يصوم شعبان إلَّا قليلاً. النسائي (¬4)، عن عبد الله بن مسعود، قال: كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومُ ثلاثةَ أيام من غرة كل شهر وقلّ ما يفطر يوم الجمعَةِ. وعن جرير بن عبد الله (¬5)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 818) (13) كتاب الصيام (36) باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والإثنين والخميس - رقم (194). (¬2) مسلم: (2/ 809، 810) (13) كتاب الصيام (34) باب صيام النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير رمضان - رقم (173). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (176). (¬4) النسائي: (4/ 204) (22) كتاب الصيام (70) صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - بأبي هو وأمي - رقم (2368). (¬5) النسائي: (4/ 221) (22) كتاب الصيام (83) كيف يصوم ثلاثة أيام من كل شهر - رقم (2420).

"صيامُ ثلاثة أيام من كل شهرٍ صيامُ الدَّهْرِ، أيام البيضِ - صبيحة ثلاث عشرةَ وأربع عشرة وخمس عشرةَ". مسلم (¬1)، عن أبي أيوب، أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صام رمضان ثم أتْبَعَهُ سِتاً من شوالٍ، كانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ". مسلم (¬2)، عن عبد الله بن عَمرو قال: كُنتُ أصُومُ الدَّهْرَ، وأقَرا القُرآنَ كُلَّ ليلةٍ، فإِمَّا ذُكِرْتُ للنبي- صلى الله عليه وسلم -، وِإمَّا أرْسَلَ إليّ فأتيتُهُ فقال: "ألم أخْبَرْ أَنَّكَ تصوم الدهر وتقرأ القرآن كلّ ليلةٍ؟ " فقلتُ: بلى يا نَبِي الله، ولم ارِدْ بذلك إلا الخيرَ، قال: "فإنَّ بحسبك أن تصُومَ كل شهرٍ ثلاثةَ أيامٍ" قلت: يا نبي الله! إنِّي أطيقُ أفضل من ذلك. قال: "فإن لزوجك عليك حقًا، ولِزَوْرِكَ (¬3) عليك حقًا، ولجسدك عليك حقًا، فصمُ صوم داود نبي الله، فإنه كان أعبَدَ النَّاسِ" قال: قلتُ: يا نبي الله وما صوم داوُدَ؟ قال: "كان يصومُ يومًا، ويفطر يومًا" قال: "واقرأ القرآن في كل شهر" قال: قلت: يا نبي الله إني أطيق أفضل من ذلك، قال: "فاقرأه في كل عشرين" قال: قلتُ: يا نبي الله إني أطيق أفضل من ذلك، قال: "فاقرأه في سبع (¬4) ولا تزد على ذلك. فإنَّ لزوجك عليك حقًا، ولزورك عليك حقًا، ولجسدك عليك حقًا"، قال: فشدَّدْتُ فشُدد عليّ، قال: وقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - "إنك لا تدري لعلك يطولُ بك عمر" قال: فَصِرْتُ إلى الذي قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما كَبِرْتُ وددت أني كنتُ قَبِلْتُ رُخصةَ نبي الله - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 822) (13) كتاب الصيام (39) باب استحباب صوم ستة أيام من شوال إتباعا لرمضان - رقم (204). (¬2) مسلم: (2/ 812) (13) كتاب الصيام (35) باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به أو فوت به حقا - رقم (181). (¬3) لزورك: أي لضيفك ولأصحابك الزائرين حق عليك. (¬4) في مسلم: (فاقرأه في كل سبع).

وعنه (¬1)، قال: أُخْبر النبي (¬2) - صلى الله عليه وسلم - أنه يَقُولُ: "لأقومَنَّ الليلَ، ولأصومنَّ النَّهَارَ، ما عشتُ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "آنت الذي تقولُ ذلك؟ " فقلتُ له: قد قلتُهُ يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنَّكَ لا تستطيعُ ذلك، فصُمْ وأَفطِرْ، ونَمْ وقُمْ، وصُمْ من الشهْرِ ثلاثةَ أيَام، فإنَّ الحسنةَ بِعشرِ أمثالِهَا، وذلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ" قال: قلتُ: إنِّي أطيقُ أفضَلَ من ذلِك، قال: "صُمْ يوماً وأفطِرْ يومين" قال: قلتُ: فإنِّي أطيقُ أفضل من ذلكِ، يا رسول الله، قال "صُمْ يوماَّ وَأفطر يومًا، وذلك صيام داود عليه السلام" (¬3)، قال: قلتُ: فإنِّي أطيقُ أفضل من ذلك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا أفضل من ذلك". قال عبد الله بن عمرو: لأنْ أكون قَبِلْتُ الثلاثة الأيَّاَم التي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحبُّ إلي من أهلي ومَالي. وعن عطاءٍ (¬4)، عن عبد الله بن عمرو، في هذا الحديث، قال: "فصُم صِيَامَ دَاوُدَ" قال: وكيف كان داود يصوم؟ يا نبي الله! قال: "كان يصُومُ يومًا ويُفْطِرُ يومًا، ولا يفِرُّ إذا لاقى" قال: من لي بهذه؟ يا نبي الله "قال عطاء: لا أدري كيف ذُكر صيام الأبدِ) فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - "لا صَامَ من صَامَ الأبدَ، لا صام من صام الأبد" (¬5). وعن عبد الله بن عمرو (¬6) أيضًا - قال: قال لي رسول الله - صلى الله ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (181). (¬2) د: رسول الله. (¬3) في مسلم: (وذلك صيام داود عليه السلام وهو أعدل الصيام). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (186). (¬5) في مسلم: (لا صام من صام الأبد، لا صام من صام الأبد، لا صام من صام الأبد). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (188).

عليه وسلم - "أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تقُومُ اللَّيْلَ وتصُومُ النَّهَارَ؟ " قال (¬1): إِنِّي أفعل ذلث، قال: "فإنَّكَ إذا فعلت ذلك هَجَمَتْ عيناك ونَفِهَتْ (¬2) نفسُك، لِعَيْنِكَ حَقٌ، ولنفسك حقٌ، ولأهلك حقٌ، قم ونم وصُمْ وأفطِرْ". وعن أبي قتادة (¬3)، قال: جاء رجلٌ إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (¬4) فقال: كيف تصُومُ؟ فغضبِ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله (¬5)، فلما رأى عُمر غضبَهُ - قال: رضينا بالله ربَّاً، وبالإِسلام ديناً، وبمحمدٍ نبياً، نعوذُ بالله من غضبَ الله وغضبِ رسولِهِ (¬6)، فجعل عُمَرُ يُردد هذا الكلامَ حتى سكَنَ غضبُه، فقال (¬7): يا رسولَ الله! كيف من (¬8) يصوُمُ الدهر كُلَّه؟ قال: "لا صام ولا أفطَرَ" (أو قال): "لم يصم ولم يُفطر"، قال: كيف من يصوم يومين ويفطر يوماً؟ قال: "ويطبق ذلك أحد؟ " قال: كيف من يصومُ يوماً ويفطر يوماً؟ قال: "ذلك صوم داود - صلى الله عليه وسلم - (¬9) " قال: كيف من يصُومُ يوماً ويفطر يومين؟ قال: "ودِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ ذلِكَ" ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ثلاثٌ من كل شهرٍ ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كُلِّه، صيامُ يوم عرفة أحتسبُ على الله أنه يكفر السنة التي قبلَهُ، والسنة التي بعدَهُ، وصيام يوم عاشوراء. ¬

_ (¬1) في مسلم: (قلت). (¬2) ونفهت النفس: أي أعيت وكلَّت. (¬3) مسلم: (2/ 818) (13) كتاب الصيام (36) باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والإثنين والخميس - رقم (196). (¬4) في مسلم: (رجل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -). قال النووى -رحمه الله -: هكذا هو في معظم النسخ: عن أبي قتادة رجل أتى، وعلى هذا يقرأ رجل بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف؟. أي الشأن والأمر رجل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال. (¬5) (من قوله): ليست في مسلم. (¬6) د: رسول الله. (¬7) في مسلم: (فقال عمر). (¬8) في مسلم: (كيف بمن). (¬9) د: عليه السلام.

أحتسبُ على الله أن يُكفر السنة التي قبلَهُ". وعن عبد الله بن عمر (¬1)، أَنَّ أهل الجاهليَّةِ كانوا يصومُونَ عاشوراء، وأَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صامَهُ والمسلمون، قبل أن يُفتَرَضَ رمضانُ، فلما افْتُرِضَ رمضانُ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ عاشوراء يومٌ من أيام الله، فمن شاء صامَهُ ومن شاء تركَهُ". وعن ابن عباس (¬2)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَ المدينة، فوجد اليهُودَ صِيَاماً يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما هذا اليومُ الذي تصومُونَهُ؟ " قالوا: هذا يوم عظيمٌ أنجى اللهُ فيه موسى وقومَهُ وغرَّقَ فِرعوْن وقوْمَهُ، فصامَهُ موسى عليه السلام شكراً، فنحنُ نصومُهُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فنحن أحقُّ وأولى بموسى منكم" فصامه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمَرَ بصيامِهِ. البخاري (¬3)، عن سلمة بن الأكوع، قال: أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رجلاً من أسلم أن أذن في الناس "أَنَّ من كان أكَلَ فليَصُم بقيَّةَ يومِهِ، ومن لم يكن أكل فليصُم، فإن اليوم يومُ عاشوراءَ". مسلم (¬4)، عن ابن عباس، قال: حين صامَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يارسول الله! إنه يومٌ تُعظِّمُهُ اليهودُ والنَّصَارَى فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا كان في (¬5) العام المقبل، إن شاءَ الله، صُمْنَا اليَوْمَ التاسع". ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 792، 793) (13) كتاب الصيام (19) باب صوم يوم عاشوراء - رقم (117). (¬2) مسلم: (2/ 796) (13) كتاب الصيام (19) باب صوم يوم عاشوراء - رقم (128). (¬3) البخاري: (4/ 288) (30) كتاب الصيام (69) باب صيام يوم عاشوراء - رقم (2007). (¬4) مسلم: (2/ 797، 798) (13) كتاب الصيام (20) باب أي يوم يصام في عاشوراء - رقم (133). (¬5) (في): ليست في مسلم.

فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وعن الحكم بن الأعرج (¬1) قال: انتهيتُ إلى ابن عباسٍ وهو متوسِّدٌ رداءَهُ في زمزم، فقلتُ له: أخبْرنِي عن صومَ عاشوراء، فقال: إذا رأيتَ هلال المحرَّم فاعدُدْ، وأَصْبِحْ يوم التاسع صائماً، قلت: هكذا كان محمد (¬2) - صلى الله عليه وسلم - يصومه؟ قال: نعم. وعن أم الفضل (¬3)، أنَّ ناساً تماروا (¬4)، عندها يوم عرفة - في صيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال بعضهم: هو صَائمٌ، وقال بعضهم: ليس بصائِمٍ، فأرسلْتُ إليه بقدح من لبن وهو واقِفٌ على بعيرِهِ فشرِبهُ. الترمذي (¬5)، عن زيد بن خالد الجُهنيِّ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من فطَّرَ صائماً كان له مثل أجرهِ، غير أنَّهُ لا ينقصُ من أجر الصَّائِمِ شيئاً". قال: هذا حديث حسن صحيح. مسلم (¬6)، عن عائشة قالت: ما رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صائَماً العَشْر قَطُّ. الترمذي (¬7)، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 797) (13) كتاب الصيام (20) باب أي يوم يصام في عاشوراء - رقم (132). (¬2) في مسلم: (هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). (¬3) مسلم: (2/ 791) (13) كتاب الصيام (18) باب استحباب الفطر للحاج يوم عرفة - رقم (110). (¬4) تماروا: أي شكوا وتباحثوا. (¬5) الترمذي: (3/ 171) (6) كتاب الصوم (82) باب ما جاء في فضل من فطر صائماً - رقم (807). (¬6) مسلم: (2/ 733) (14) كتاب الاعتكاف (4) باب صوم عشر ذي الحجة - رقم (9). (¬7) الترمذي: (3/ 120) (6) كتاب الصوم (52) باب ما جاء في العمل في أيام العشر - رقم (757).

باب في الاعتكاف وليلة القدر

وسلم -: "ما من أيَّامِ العملُ الصالحُ فهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيام العشر" فقالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا الجهادُ في سبيل اللهِ إلا رجِلٌ خرجَ بنفسهِ ومالهِ فلَمْ يرجع من ذلك بشيء". قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ. باب في الاعتكاف وليلة القدر مسلم (¬1)، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخِرَ من رمضان. قال نافع: وقد أراني عبدُ الله، المكان الذي كان يعتكفُ فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المسجد. زاد عن عائشة (¬2)، حتى توفَّاهُ الله، ثم اعتكف أزواجُهُ من بعده. ولم يَذْكُرِ المكان. النسائي (¬3) عن أبيّ بن كعب، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فسافر عاماً فلم يعتكف، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين. وفي رواية (¬4)، عشرين ليلة. ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 830، 831) (14) كتاب الاعتكاف (1) باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان - رقم (2). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (5). (¬3) خرجه النسائي في الاعتكاف في الكبرى، كذا عزاه المزي في (1/ 39). (¬4) النسائي في الكبرى (2/ 259) (26) كتاب الاعتكاف (2) الاعتكاف في العشر التي في وسط الشهر - رقم (3344).

مسلم (¬1)، عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يعتكِفَ صلَّى الفَجْرَ ثم دخل في مُعْتَكَفِهِ (¬2)، وِإنَّهُ أمر بخبائِهِ فضُرِب، أراد الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان، فأمَرَتْ زينبُ بخبائها فضُرِبَ، وأمر غيرُها من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - بخبائِها (¬3) فضُرِب فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفجر نظر فإذا الأخبيةُ، فقال: "آلبِر تُرِدْنَ؟ " فأمر بخبائه فقُوِّضَ وتَركَ الاعتكاف في شهر رمضان حتى اعتكف في العشر الأول من شوالٍ. وعنها قالت (¬4): كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اعتكف، يُدني إليَّ رأسَهُ فأُرَجِّلُهُ، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجِةِ الإِنسان. النسائي (¬5)، عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتينى وهو معتكف في المسجد فيتكئ على عتبةِ باب حجرتي فأغسل رأسه وأنا في حجرتي وسائره في المسجد. البخاري (¬6)، عن صفية زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَزُورُهُ في معتكفه (¬7)، في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدَّثت عندُه ساعةً، ثم قامت تنقلبُ، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - معها يِقلِبُها، حتى إذا بلغت بابَ المسجد عند ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 831) (14) كتاب الاعتكاف (2) باب متى يدخل من أراد الاعتكاف في معتكفه - رقم (6). (¬2) مسلم: دخل معتكفه. (¬3) مسلم: بخبائه. (¬4) مسلم: (1/ 244) (3) كتاب الحيض (3) باب جواز غسل الحائض رأس زوجها وترجيله - رقم (6). (¬5) خرجه النسائي في الكبرى (2/ 268) (26) كتاب الاعتكاف (14) ترجيل العتكف رأسه - رقم (3382). (¬6) البخاري: (4/ 326) (33) كتاب الاعتكاف (8) باب هل يخرج العتكف لحوائجه إلى باب المسجد - رقم (2035). (¬7) البخاري: (في اعتكافه).

بابِ أمِّ سلمةَ مَرَّ رجُلانِ من المسلمين (¬1)، فسلّما على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لهما النبي - صلى الله عليه وسلم -: "على رسلكما إنما هي صفية بنت حييّ" فقالا: سُبحانَ الله يا رسول الله! وكَبُرَ عليهما فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الشيطانَ يبلغُ من الإِنسان (¬2) مبلغ الدَّمِ، وإنَّي خشيتُ أن يقذِفَ في قلوِبكُما شيئاً". وعن عائشة (¬3)، قالت: اعتكفتْ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأةٌ مستحاضةٌ من أزواجِهِ، فكانت ترى الحُمْرَةَ والصُفْرَةَ، فربما وضعْنا الطَّسْتَ تحتها وهي تصلي. والمستحاضة هذه: هي أم حبيبة بنت جحش، أخت زينب بنت جحش، وهى خَتَنَةُ النبي - صلى الله عليه وسلم -. مسلم (¬4)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبِهِ، ومن قام ليلةً القدر إيماناً واحتساباً، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِنْ ذنبهِ". النسائي (¬5)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أتاكم شهر (¬6) رمضان شهر مبارك، فرض اللهُ عليكم فيه صيامَهُ (¬7)، وتفتح فيه أبواب السماء، وتُغْلَقُ فيه أبواب الجحيم، وتُغَلّ فيه مردةُ ¬

_ (¬1) البخاري: (رجلان من الأنصار). (¬2) البخاري: (ببلغ من ابن آدم). وكذا (د). (¬3) البخاري: (4/ 330) (33) كتاب الاعتكاف (10) باب اعتكاف المستحاضة - رقم (2037). (¬4) مسلم: (1/ 523، 524) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (25) باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح - رقم (175). (¬5) النسائي: (4/ 129) (22) كتاب الصيام (5) ذكر الإختلاف على معمر فيه - رقم (2106). (¬6) (شهر): ليست في النسائي. (¬7) في النسائي: (فرض الله -عَزَّ وَجَلَّ- عليكم صيامه).

الشياطين، لله فيه ليلةٌ هي (¬1) خيرٌ من ألف شهر من حُرِمَ خيرَهَا فقد حُرِم". مسلم (¬2)، عن أبي نضرَةَ، عن أبي سعيد، قال: اعْتكَفَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - العشْرَ الأوَسَطَ من رمضان، يلتمس ليلةَ القدر قبل أنْ تُبَانَ له، فلمَّا انقضين أمر بالبناء فقوِّض (¬3)، ثم أُبينت له أنها في العشْرِ الأواخر، فأمر بالبناء فأُعِيدَ، ثم خرج على النِّاسِ فقال: "أيها النَّاسُ! إنها كانت أُبينت لي ليلةُ القدرِ وإنِّى خَرَجْتُ لأخبركم بها، فجاء رجُلان يحْتقَّانِ (¬4) معهما الشيطانُ، فنُسِّيتُهَا، فالتمِسُوها في العشر الأواخر من رمضان، التمِسُوها في التاسعة والسابعة والخامسة" قلتُ: يا أبا سعيد! إنَّكم أعلمُ بالعدد مِنَّا، قال: أجل، نحن أحق بذلك منكم، قال: قلتُ: ما التاسعةُ والسابعةُ والخامسةُ؟ قال: إذا مَضَتْ واحِدَةٌ وعشرون، فالتي تليها ثنتان وعشرون، فهى التاسعة، فإذا مضت ثلاثٌ وعشرون فالتي تليها السابعةُ، فإذا مضت خمسٌ وعشرون فالتي تليها الخامسة. البخاري (¬5)، عن عبادة بن الصامت، قال: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليُخبرنَا بليلةِ القدر. فتلاحى رجُلان من المسلمينَ، فقال: "خرجتُ لأُخبركم بليلة القدر، فتلاحى فلانٌ وفلان فَرُفِعِتْ، وعسى أن يكونَ خيراً لكم، فالتمسوها في التاسعةِ والسابعةِ والخامسة". وعن ابن عباس (¬6)، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

_ (¬1) (هي): ليست في النسائي. (¬2) مسلم: (2/ 826، 827) (13) كتاب الصيام (40) باب فضل ليلة القدر - رقم (217). (¬3) فقرض: أي أزيل. (¬4) يحتقان: أي يطلب كل واحد حقه من الآخر. (¬5) البخاري: (4/ 267) (32) كتاب فضل ليلة القدر (4) باب رفع معرفةِ ليلة القدر لتلاحي الناس - رقم (2023). (¬6) البخاري: (4/ 260) (33) كتاب فضل ليلة القدر (3) باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر - رقم (2021).

"التَمسِوها في العشر الأواخر من رمَضانَ، ليلة القدر في تاسعةٍ تبقى، في سابعة تبقى، في خامسةٍ تبقى". النسائي (¬1)، عن أبي بكرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: سمعتهُ يقول: "التمسوها في سبعٍ يبقين أو خمسٍ يبقين، أو ثلاث يبقين، أو آخر ليلةٍ". مسلم (¬2)، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "التمسُوهَا في العشرِ الأواخرِ -يعني ليلة القدر- فإِنْ ضَعُفَ أحدُكُمْ أو عجَزَ فلا يُغلَبَنَّ على السَّبْعَ البَوَاقِي". وعنه (¬3)، قال: رأى رجلٌ، أنَّ ليلةَ القدر ليلةُ سبعٍ وعشرينَ. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أرى رُؤياكُم في العشْرِ الأواخر فاطلبُوهَا في الوِتْرِ منها". وعن عبد الله بن أنيسٍ (¬4)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُريتُ ليلةَ القَدْرِ ثم أُنْسِيتهُا، وأراني صُبْحَتُها (¬5) أسجد في ماءٍ وطين" قال: فمُطرنا ليلة ثلاثٍ وعشرين، فصلَّى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانصرف، وإنَّ أثر الماء والطين على جبهته. وعن أُبيّ بن كعب (¬6)، (وقيل له: إنَّ عبد اللهِ بن مسعود يقولُ: من ¬

_ (¬1) النسائي في الكبرى: (2/ 274) (26) كتاب الاعتكاف (23) التماس ليلة القدر لآخر ليلة - رقم (3404). الترمذي: (3/ 160) (6) كتاب الصوم (72) باب ما جاء في ليلة القدر - رقم (794) ولفظه: (التمسوها في تسع يبقين، أو في سبع يبقين، أو في خمس يبقين، أو في ثلاث أو آخر ليلة). (¬2) مسلم: (2/ 823) (13) كتاب الصيام (40) باب فضل ليلة القدر - رقم (209). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (207). (¬4) مسلم: (2/ 827) (13) كتاب الصيام (40) باب فضل ليلة القدر - رقم (218). (¬5) مسلم: صبحها. (¬6) مسلم: (1/ 525) (6) كتاب صلاة المسافرمن وقصرها (25) باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح - رقم (179).

قَامَ السَّنَةً أصابَ ليلةَ القَدْرِ)، فقال أُبيّ: واللهِ الذي لا إله إلا هو إنَّها لَفيِ رمضان، (يحْلِفُ ما يَسْتَثْنِى)، والله إنَّي لأعَلمُ أيُّ ليلةٍ هي، هي الليلةُ التي أَمَرَناَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقيَامِهَا هي ليلةُ صبيحةِ سبعٍ وعشرينَ، وأمارَتُها أن تطلُعَ الشمسُ في صبيحةِ يومها بيضاءَ لا شُعَاعَ لها. أسند هذه العلامة في طريق أخرى (¬1) إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. أبو داود (¬2)، عن ابن عمر، قال: سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أسمع - عن ليلة القدر، فقال -: "هي في كل رمضان". الترمذي (¬3)، عن أبي ذر، قال: صُمْنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يُصَلِّ بنا حتى بقى سبعٌ من الشهر. فقامَ بنا حتى ذهب ثلثُ ألليل، ثم لم يَقُمْ بنا، في السادسةِ، وقام بنا في الخامِسةِ حتى ذهب شطرٌ من الليل. فقلنا له: يا رسُول الله! لو نفَّلْتنا بقية ليلتنا هذه؟ فقال: "إِنَّهُ من قام مع الإِمام حتى ينصرف كُتِبَ له قيام ليلةٍ"، ثم لم يصل بِنا حتى بقي ثلاثٌ من الشهر، وصلَّى بنا في الثالثةِ، ودعا أهلَهُ، ونساءَهُ، فقام بنا حتى تخوَّفنا الفلاحَ، قيل: وما الفلاحُ؟ قال: السحور. قال: حديث حسنٌ صحيحٌ. مسلم (¬4)، عن عائشة قالت: كانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل العَشْرُ أحيا الليلَ، وأيقظَ أهلَهُ، وجَدَّ وشدَّ المِئزرَ. ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 828) (13) كتاب الصيام (40) باب فضل ليلة القدر - رقم (220). (¬2) أبو داود: (2/ 111) (2) كتاب الصلاة (324) باب من قال: هي في كل رمضان - رقم (1387). (¬3) الترمذي: (3/ 169) (6) كتاب الصوم (81) باب ما جاء في قيام شهر رمضان - رقم (806). (¬4) مسلم: (2/ 832) (14) كتاب الاعتكاف (3) باب الإجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان - رقم (7).

كتاب الحج

كتاب الحج بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1) مسلم (¬2)، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "العمرةُ إلى العمرةِ كفارةٌ لما بينهُما، والحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنة". النسائي (¬3)، عن عبد الله هو ابن مسعود، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تابِعُوا بين الحج والعُمرة فإنَّهما يَنْفِيَانِ الفْقَر والذُّنوبَ، كما ينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديد، والذهب والفضة، وليس للحَجِّ المبرور ثوابٌ دُونَ الجنةِ". مسلم (¬4)، عن أيى هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أتى هذا البيتَ فلم يرفُثْ ولم يفسُقْ رجَعَ كيوم ولدته أمُّهُ (¬5) ". وقال البخاري (¬6): من حج لله فلم يرفث ... الحديث. ¬

_ (¬1) البسملة ليست في (ب). (¬2) مسلم: (2/ 983) (15) كتاب الحج (79) باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة - رقم (437). (¬3) النسائي: (5/ 115) (24) كتاب مناسك الحج (6) باب فضل المتابعة بين الحج والعمرة - رقم (2631). (¬4) مسلم: (2/ 983) (15) كتاب الحج (79) باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة - رقم (438). (¬5) في مسلم: (كما ولدته أمُّهُ). (¬6) البخاري وهذه الرواية في نسخة (د) فقط.

وعن عائشة (¬1)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من يومٍ أكثر من أن يُعتِقَ اللهُ فيه عبداً من النارِ، من يوم عرفةَ، وإنَّهُ ليدنوُ ثمَّ يُبَاهِي بهمُ الملاِلكةَ فيقول: ما أَرادَ هؤلاءِ؟ ". وعن أبي هريرة (¬2) قال: خطنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا أيها (¬3) الناس! قدْ فرض اللهُ عليكم الحجَّ فَحُجُّوا" فقال رجل: أكُلَّ عامٍ يا رسولَ الله؟ فسكتَ، حتى قالها ثَلاثَاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو قُلْتُ: نعم. لوجَبَتْ ولَمَا استطعتُمْ" ثم قال: "ذرُوني ما تركْتُكُم، فإنِّما هلك من كان قبلكم بكثرة سُؤَالِهِمْ واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتُكم بشئ فأتوا منهُ ما استطعتمُ، وإذا نهيتُكُم عن شيءٍ فدعوهُ". وقال النسائي (¬4)، من حديث ابن عباس: "لو قلتُ: نعم، لوجَبتْ ثمَّ إذاً لا تسمعون ولا تُطعون، ولكنَّهُ حَجَّةٌ واحدةٌ". مسلم (¬5)، عن ابن عباس قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطُبُ يقولُ: "لا يخلُوَنَّ أحدٌ (¬6) بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تُسَافِر المرأة إلا مع ذِي محرم"، فقال رجل: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجَّةً وإنِّي اكْتُتِبْتُ في غزوةِ كذا وكذا قال: "انطلق فحُجَّ مع امرأتِكَ". وعن أبي هريرة (¬7) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَحِلُّ ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (436). (¬2) مسلم: (2/ 975) (15) كتاب الحج (73) باب فرض الحج مرة في العمر - رقم (412). (¬3) في مسلم: (أيها الناس). (¬4) النسائي: (5/ 111) (24) كتاب مناسك الحج (1) باب وجوب الحج - رقم (2620). (¬5) مسلم: (2/ 978) (15) كتاب الحج (74) باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره - رقم (424). (¬6) مسلم: (رجل) وكذا (د). (¬7) مسلم: (2/ 977) (15) كتاب الحج (74) باب سفر المرأة مع محرم إلى حج وغيره - رقم (419).

لامرأَةٍ مُسْلِمةٍ تُسَافِرُ مسيرةَ ليلةٍ، إلا ومَعَهَا رَجُل ذُو حُرْمَةٍ منها". وقال أبو داود (¬1): "بريداً". مسلم (¬2)، عن نافعٍ، أن ابن عمر كان لا يقدمُ مكةَّ إلا باتَ بِذِي طوًى، حتى يُصْبحَ ويغتسِلَ ثم يدخُلُ مكةَ نهاراً، ويذكُرُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ فَعَلَهُ. وعن عائشة (¬3) قالت: طيَّبْتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لحُرْمِهِ حينَ أحْرَمَ، ولِحِلِّهِ قَبْلَ أن يَطُوفَ بالبيتِ بطيب فيه مسك (¬4). وعنها (¬5) قالت: أنا طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسسلم عند إحرامه ثم طاف في نسائه ثم اضطجع محرماً. وعنها قالت (¬6): كأنَّي أنظر إلى وبيصِ الطِّيب (¬7) في مفرِق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مُحْرِمٌ. وقال النسائي (¬8): بعد ثلاث وهو محرم (¬9). وقال عن عائشة أيضاً (¬10)، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن ¬

_ (¬1) أبو داود: (2/ 347) (5) كتاب المناسك (2) باب في المرأة تحج بغير محرم - رقم (1725). (¬2) مسلم: (2/ 919) (15) كتاب الحج (38) باب استحباب المبيت بذي طوى عند إرادة دخول مكة - رقم (227). (¬3) مسلم: (2/ 846) (15) كتاب الحج (7) باب الطيب للمحرم عند الإحرام - رقم (31). (¬4) (بطيب فيه مسك): ليست في مسلم. (¬5) مسلم: وهذه الرواية في (د) فقط. (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (39). (¬7) وبيص الطيب: أي البريق واللمعان. (¬8) النسائي: (5/ 140، 141) (24) كتاب مناسك الحج (42) موضع الطيب - رقم (2703). (¬9) (وهو محرم): ليست في النسائي. (¬10) النسائي: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2700).

يُحْرِمَ ادَّهن بأطيبِ دهن يجده (¬1)، حتى أرى وبيصَهُ في رأسِهِ ولحيتهِ. البخاري (¬2)، عن ابن عباس قال: انطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - من المدينةِ بعد ما تَرَجَّلَ، وادَّهن ولَبِسَ إزارَهُ ورداءهُ هو وأصحابُه، فلم يَنْهَ عن شئٍ من الأرديةِ تُلبَسُ إلا المزَعْفرَةَ التي تَرْدَع (¬3) على الجلد (¬4)، فأصبحَ بذي الحُليفةِ، رَكِبَ راحلتَهُ حتى استوى على البيدآءِ أهلَّ هو وأصحابهُ، وقلَّد بدنَتَهُ، وذلك لخمس بَقِينَ من ذى القعدةِ، فقدِمَ مكةَ لأربع خلونَ (¬5) من ذى الحجَّةِ، فطافَ بالبيت وسعى بين الصَّفا والمروَةِ، ولمَ يحِلَّ من أجلِ بُدْنِه لأنه مُقلِّدها (¬6)، ثم نزل بأعلى مكة عند الحَجُونِ وهو مُهلٌّ بالحجِّ، ولم يقرَب الكعبةَ بعد طوافِه بها حتى رجع من عَرَفَةَ، وأمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت وبينَ الصفا والمروةِ، ثمَّ يُقصِّروا من رُؤسِهم ثم يَحِلَّوا، وذلك لمن لم يكن معهُ بَدَنة قلَّدَها ومن كانت معهُ امرأتُهُ فهيَ لهُ حَلالٌ والطِّيبُ والثيابُ. أبو داود (¬7)، عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لَبَّد رأسَهُ بالعَسَل. ولمسلم (¬8)، عن ابن عمر، أنَّ رجُلاً سألَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما يَلْبَسُ المحرمُ من الثيابِ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) في النسائي: (ادهن بأطيب ما يجده). (¬2) البخاري: (3/ 473، 474) (25) كتاب الحج (23) باب ما يلبس المحرم من الثياب والأردية والأزر - رقم (1545). (¬3) تردع أبي تلطخ. (¬4) في الأصل: بالجلد. (¬5) في البخاري: (لأربع ليال خلون من ذى الحجة). (¬6) في البخاري: (لأنه قلدها). وكذا (ب، ف). (¬7) أبو داود: (2/ 360) (5) كتاب المناسك (الحج) (12) باب التلبيد - رقم (1748). (¬8) مسلم: (2/ 834) (15) كتاب الحج (1) باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح - رقم (1).

"لا تلبَسُوا القُمُصَ ولا العَمَائِمَ، ولا السَّرَاويلَاتِ ولا البرانِسَ، ولا الخفافَ إلا أحَدٌ لا يجدُ النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهُمَا أسفل من الكعبين ولا تلبَسُوا من الثياب شيئاً مسَّهُ الزعفرانُ، ولا الوَرْسُ" (¬1). زاد الترمذي (¬2) "ولاَ تنتقب المرأة الحَرَامُ ولا تلبس القفازين". وقال: حديث حسنٌ صحيح. مسلم (¬3) عن ابن عباس قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطُبُ يقولُ: "السَّروايِلُ، لمن لم يجد الإِزارَ، والخفَّانِ لمن لم يجد النعلينِ" يعني المحرم. أبو داود (¬4)، عن سالم أن عبد الله يعني ابن عمر - كان يصنع ذلك -يعني قطع الخفين (¬5) للمرأة المحرمِة- ثم حَدَّثَتْهُ صفية بنت أبي عبيد أنَّ عائشة حدثتها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كان رخَّص للنساء في الخفين فترك ذلك. مسلم (¬6)، عن يعلي بن أمية، أنَّ رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بالجعْرَانة قد أهلَّ بالعمرةِ وهو مُصَفِّرٌ لحيَتهُ ورأسَهُ، وعليه جُبَّة، فقال: يا رسول الله! إِنِّي أحرمتُ بعمرةٍ، وأنا كما ترى، فقال: "انْزِعْ عنك الجُبَّةَ، واغسل عنك الصفرة، وما كُنتَ صانعاً في حجك فاصْنَعْهُ (¬7) في عُمرتِكَ". ¬

_ (¬1) الورس: نبت أصفر طيب الريح يصبغ به، وفي معناه العصفر. (¬2) الترمذي: (3/ 194) (7) كتاب الحج (18) باب ما جاء فيما لا يجوز للمحرم لبسه - رقم (833). (¬3) مسلم: (2/ 835) (15) كتاب الحج (1) باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح وبيان تحريم الطيب عليه - رقم (4). (¬4) أبو داود: (2/ 414، 415) (5) كتاب المناسك (32) باب ما يلبس المحرم - رقم (1831). (¬5) في أبي داود: (يعني يقطع الخفين). (¬6) مسلم: (2/ 837، 838) (15) كتاب الحج (1) باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة رقم (9). (¬7) ف: فافعله.

وفي طريق أخرى (¬1)، عليه (¬2) جبة مُتَضَمِّخٌ بطيب. وفي أخرى (¬3)، عليه جبة بها أثر من (¬4) خلوق. وفي أخرى (¬5)، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أما الطيب (¬6)، فاغسله ثلاث مرات". زاد النسائي (¬7)، "ثم أحْدِثْ إحراماً" قال: ولا أحسِبُهُ بمحفُوظٍ واللهُ أعلم، يعني هذه الزيادة. مسلم (¬8) عن ابن عباس قال: وقَّت رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينةِ، ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحُفةَ، ولأهل نجدٍ، قرناً (¬9)، ولأهل اليمن يَلَمْلَم. قال: "فهنَّ لهم (¬10)، ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهِنَّ ممن أراد الحج والعمرةَ، فمن كان دونهن فمن أهلِهِ، وكذا فكذلك (¬11) حتى أهل مكة يُهِلُّونَ منها". وفي طريق أخرى (¬12)، "ومن كان دون ذلك، فمن حيث أَنْشأَ حتى أهل مكةَ، من مكة". ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (8). (¬2) (أخرى عليه): ليست في (ف). (¬3) المصدر السابق - رقم (10). (¬4) (من): ليست في (د، ف). (¬5) المصدر السابق - رقم (8). (¬6) في مسلم: (أما الطيب الذي بك). (¬7) النسائي: (5/ 130، 131) (24) كتاب مناسك الحج (29) الجبة في الإحرام - رقم (2668). (¬8) مسلم: (3/ 838، 839) (15) كتاب الحج (2) باب مواقيت الحج والعمرة - رقم (11). (¬9) في مسلم: (قرن المنازل). (¬10) في مسلم: (فهنَّ لهنَّ). (¬11): (ب، و، ن) فكذاك. (¬12) مسلم: نفى الكتاب والباب السابقين - رقم (12).

زاد النسائي (¬1)، ولأهل العراقِ ذاتُ عرقٍ. خرجه من حديث عائشة، وقال فيه: ولأهل الشامِ ومِصْرَ جُحفةَ (¬2). وعند البخاري (¬3)، أن عمر بن الخطاب حدَّ لأهل العراق ذات عِرق. مسلم (¬4)، عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُهْلُّ مُلَبِّداً (¬5) (¬6) يقول: "لبيكَ اللهمَّ لبيك، لبَّيكَ لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" لا يزيد على هؤلاء الكلمات. وإن عبد الله بن عمر كان يقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يركَعُ بذى الحليفةِ ركعتين، ثم إذا استوتْ به الناقة قائِمةً عند مسجد ذي الحليفةِ، أهَلَّ بهؤلاءِ الكلماتِ. وكان عبد الله بن عمر يقول: كان عُمر بن الخطاب يُهِلُّ بإِهلال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -من هؤلاء الكلماتِ، ويقولُ: لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديْك، والخير في يديك، والرَّغبَاءُ (¬7) إليك والعملُ. النسائي (¬8)، عن السائب بن خلاد، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) النسائي: (5/ 125) (24) كتاب مناسك الحج (22) ميقات أهل العراق - رقم (2656). (¬2) في النسائي: (الجحفة). (¬3) البخاري: (3/ 455) (25) كتاب الحج (13) باب ذات عرق لأهل العراق - رقم (1531). (¬4) مسلم: (2/ 842، 843) (15) كتاب الحج (3) باب التلبية وصفتها ووقتها - رقم (21). (¬5) (ب): ملبياً. (¬6) ملبداً: أما التلبيد فقد قال العلماء: هو ضفر الرأس بالصمغ أو الخطمي وشبههما مما يضم الشعر. ويلزق بعضه ببعض. (¬7) في مسلم: (والخير في يديك لبيك والرغباء إليك والعمل). (¬8) النسائي: (5/ 162) (24) كتاب مناسك الحج (55) باب رفع الصوت بالإِهلال - رقم (2753).

باب

قال: "جاء في جبريل عليه السلام فقال: يا محمدُ مُرْ أصحابَكَ أن يرفعوا أصواتَهُم بالتلبيةِ". باب أبو داود (¬1)، عن سعد بن أبي وقاص قال: كان نبي الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذ طريق الفُرع أهلَّ إذا استقَلَّت به راحلتُه، وإذا أخذ طريق أُحد أهلّ إذا أشرف على جبل البيداء. مسلم (¬2)، عن سالم بن عبد الله، أَنَّهُ سمع أَباهُ يقول: بيداؤكم (¬3) هذه التي تَكذِبُون فيها (¬4) على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما أهَلَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من عند المسجدِ، يعني ذا الحليفةِ. باب القران والإِفراد النسائي (¬5)، عن أنس، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى الظهر بالبيداءِ ثم رَكِبَ وصعد جَبَلَ البيداءِ وأَهلّ بالحجِّ والعمرةِ حين صلَّى الظهر. البخاري (¬6)، عن أنس قال: صلَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ¬

_ (¬1) أبو داود: (2/ 375، 376) (5) كتاب المناسك (21) باب في وقت الإِحرام - رقم (1775). (¬2) مسلم: (2/ 843) (15) كتاب الحج (4) باب أمر أهل المدينة بالإحرام من عند مسجد ذي الحليفة - رقم (23). (¬3) بيداؤكم: هو مكان أمام ذي الحليفة إلى جهة مكة. (¬4) في مسلم: (تكذبون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها). (¬5) النسائي: (5/ 127) (24) كتاب مناسك الحج (25) البيداء - رقم (2662). (¬6) البخاري: (3/ 481) (25) كتاب الحج (27) باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإِهلال عند الركوب على الدابة - رقم (1551).

ونحن معه (¬1)، الظهرَ أربعاً والعصَر بذي الحليفةِ ركعتين، ثم بات بها حتى أصبح ثمَّ ركب حتى استوت به راحلته (¬2) على البيداءِ، حَمِدَ الله وسبَّح وكبَّر، ثم أهلَّ بحجٍّ وعُمرةٍ وأهلَّ الناسُ بهما، فلما قدِمْنا أمرَ الناس فحلُّوا، حتى إذا كان يوم التروية أهلُّوا بالحجِّ ونحر النبي - صلى الله عليه وسلم - بَدَنَاتٍ بيدهِ قياماً وذبح رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة كبشين أملحينِ. مسلم (¬3)، عن مُطَرِّفٍ قال: قال لي عِمْرَانُ بن حُصين: أُحدثُك حديثاً عسى الله أن ينفعك بِهِ: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين حج (¬4) وعُمرةٍ، ثمَّ إنه (¬5) لم يَنْهَ عنه حتى ماتَ، ولم ينزل فيه قرآن يُحَرِّمُهُ، وقد كان يُسَلمُ عليَّ حتى اكتويتُ، فتُرِكْتُ، ثم تركتُ الكيَّ فعادَ. وعن بكر بن عبد الله (¬6)، عن أَنس قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يُلبِّي بالحج والعمرةِ جميعاً. قال بكر: فحدثتُ بذلك ابن عمر فقال: لبَّى بالحج وحدَهُ، فلقيتُ أنساً فحدثتُهُ بقول ابن عمر، فقال: ما تَعدُونَنَا إلا صِبياناً! سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لبيك عمرةً وحجاً". وعن عبد الله (¬7) بن شقيق، قال: كان عثمان ينهى عن المتعة، وكان عليٌّ يأمر بها، فقال عثمان لعليٍّ كلمةً. ثم قال عليٌّ: لقدَ عِلمْتَ أَنَّا قد تمتعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أجل ولكنَّا كُنَّا خائِفين. ¬

_ (¬1) في البخاري: (ونحن معه بالمدينة). (¬2) (راحلته): ليست في البخاري. (¬3) مسلم: (2/ 899) (15) كتاب الحج (23) باب جواز التمتع - رقم (167). (¬4) في مسلم: (ببن حجة وعمرة). (¬5) (إنه): ليست في مسلم. (¬6) مسلم: (2/ 905) (15) كتاب الحج (27) باب في الإفراد والقران بالحج والعمرة - رقم (185). (¬7) مسلم: (2/ 896) (15) كتاب الحج (23) باب جواز التمتع - رقم (158).

النسائي (¬1)، عن البراءِ بن عازب قال: كنتُ مع علي بن أبي طالب حين أمَّرَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اليمنِ، فلمَّا قدِمَ على النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال عليٌّ: فأتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي (¬2)، "كيف صنعتَ؟ " قلتُ: أَهْلَلْتُ بإهلالك قال: "فإني سُقْتُ الهدي وقرنْتُ" قال: وقال (¬3) لأصحابه: "لو استقبلت من أمري كما (¬4) استدبرت لفعلتُ كما فعلتم ولكن (¬5) سقتُ الهدي وقرنْتُ". البخاري (¬6)، عن عمر بن الخضاب قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوادي العقيقِ يقول: "أتاني الليلةَ آتٍ من ربِّي فقال: صَلِّ في هذا الوادي المبارَكِ وقل: عُمرةٌ في حَجَّة". مسلم (¬7)، عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "من أَرادَ منكُم أن يُهلَّ بحجٍّ وعُمرةٍ فليفعل، ومن أراد أن يُهلَّ بحجٍّ فليُهل، ومن أراد أن يُهل بعمرةٍ فليُهل" قالت عائشة: فأهلَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحجٍّ وأهل به ناسٌ معُه، وأهلَّ ناس بالعمُرة والحجِّ وأهلَّ ناسٌ بعُمرةٍ وكنتُ فيمن أهلَّ بالعُمرةِ. زاد عنها في طريق أخرى (¬8) فأمَّا من أهلَّ بُعمرةٍ فحلَّ، وأَما من أهل بحجٍّ أو جمع الحج إلى العمرة (¬9) فلم يَحِلُّوا حتى كان يوم النَّحْرِ. ¬

_ (¬1) النسائي: (5/ 148، 149) (24) كتاب مناسك الحج (49) القران - رقم (2725). (¬2) في النسائي: (فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). (¬3) في النسائي: (وقال - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه). (¬4) في النسائي: (ما). (¬5) في النسائي: (ولكني). (¬6) البخاري: (3/ 458) (25) كتاب الحج (16) باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (العقيق واد مبارك) - رقم (1534). (¬7) مسلم: (2/ 871) (15) كتاب الحج (17) باب بيان وجوه الإِحرام - رقم (114). (¬8) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - (118). (¬9) في مسلم: (أو جمع الحج والعمرة).

وعن أبي موسي (¬1)، قال: قدمتُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بالبطحاء (¬2) فقال: "بم أهللت؟ " قال: قلتُ: أهللتُ بإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: "هل سُقتَ من هدي؟ " قلتُ: لا. قال: "فطف بالبيتِ وبالصفا والمروة ثم حِلَّ" فطفتُ بالبيتِ وبالصفا والمروة ثم أتيتُ امرأةً من قومى فمشطَتْنِى وغَسَلَتْ رأسِي، فكنتُ أُفتي النَّاس بذلك في إمارةِ أبي بكر وإمارة عمر. فإِني لَقَائمٌ بالموسم إذْ جاءني رجُلٌ فقال: إنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في شأن النُّسُكِ، فقلتُ: أيها الناس من كنَّا أَفتيناه بشيء فليتئِدْ (¬3)، فهذا أمير المؤمنين قادِمٌ عليكم فَبِهِ فائْتَمُّوا. فلمَّا قَدِمَ قلتُ: يا أمير المؤمنين! ما هذا الذي أحدثتَ في شأن النُّسك؟ قال إنْ نَأْخُذْ بكتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ- فإن الله قال: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} وِإن نأخُذْ بسُنَّةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يَحِلَّ حتى نَحَرَ الهدي. وفي طريق أخرى (¬4)، قال عمر: قد علمتُ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فعله (¬5) ولكني كرهِتُ أن يظلوا مُعْرِسين بهنَّ في الأَراكِ، ثم يَروحُونَ في الحَج تقطُرُ رؤوسهم. أبو داود (¬6)، عن قتادة، عن أبي شيخ الهُنائي أن معاوية بن أبي سفيان قال لأصحاب النبي - صلى الله عليه وصلم: هل تعلمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كذا (¬7)، وعن ركوب جلود النمور؟، قالوا: ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 895) (25) كتاب الحج (22) باب في نسخ التحلل من الإِحرام والأمر بالتمام - رقم (155). (¬2) في مسلم: (وهو مُنيخ بالبطحاء). (¬3) فليتئد: أبي فليتأن ولا يعجل. (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (157). (¬5) في مسلم: (قد فعله، وأصحابه). (¬6) أبو داود: (2/ 390) (5) كتاب المناسك (23) باب في إفراد الحج - رقم (1794). (¬7) أبو داود: نهى عن كذا وكذا.

باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -

نعم، قال: فتعلمون أنه نهى أن يقرن بين الحج والعمرة؟ فقالوا: أما هذه فلا، فقال: أما إنها معهن ولكنكم نسيتم. قال أبو داود: الهنائي اسمه خيوان بن خالد (¬1)، ممن قرأ على أبي موسى من أهل البصرة. خيوان بالخاء المنقوطة وفي باب الخاء المنقوطة (¬2)، ذكره أبو محمد بن أبي حاتم وقال: روى عنه قتادة ويحيى بن أبي كثير، وذكر أبو محمد علي بن أحمد أن أبا شيخ لم يسمع هذ الحديث من معاوية بن أبي سفيان وقد سمع منه غير ذلك. بين هذا في حجة الوداع. باب حجَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - مسلم (¬3) عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جابر ابن عبد الله قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكث تسع سنين لم يحج، ثم أذن في الناس في العاشرة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجٌ، فقدِمَ المدينةَ بشرٌ كثير، كلهم يلتمِسُ أن يأتَمَّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويعمل مثلَ عملِهِ، فخرجنا مَعَهُ، حتى أتينا ذا الحليفةِ فولَدَتْ أسماءُ بنت عُمَيسٍ محمد بن أبي بكرٍ، فأرسلَتْ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف أصْنَعُ؟ قال: "اغتسلي واستثفرى بثوبٍ وأحرمي" فصلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجدِ ثم رَكِبَ القصواءَ. حتى إذا استوت به ناقتُهُ على البيدَاءِ. نظرتُ إلى مَدِّ بصرِي بين يديهِ، من رَاكِبٍ وماشٍ، وعن يمينه مثل ذلك وعن يسارِهِ مثل ذلك ومن خلفِهِ مثلَ ذلك، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهُرِنَا وعليه ¬

_ (¬1) أبو داود: خيوان بن خلدة. (¬2) الجرح والتعديل: (3/ 401). (¬3) مسلم: (2/ 886 - 892) (15) كتاب الحج (19) باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (147).

ينزِل القرآن وهو يعرف تأويلَهُ، وما عَمِلَ (¬1) من شيء عَمِلْنَا بِهِ، فأهَلَّ بالتوحيد "لبيكَ اللهم لبيكَ، لبيك لا ثريك لك لبَّيك، إنَّ الحمدَ والنعمةَ لك والملك لا شريك لَكَ" وأهلَّ النَّاسُ بهذا الذي يُهلُّونَ بِهِ، فلم يرُدَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً منه (¬2)، ولزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلبيتَهُ. قال جابر: لسنا ننوي إلا الحجَّ لسنا نعرِفُ العُمْرَةَ، حتى إذا أتينا البيتَ معهُ استلم الرُّكْنَ فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً، ثم نَفَذَ إلى مقامِ إبراهيم فقرأ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} فجعل المقامَ بينَهُ وبين البيتِ فكان أَبِي يقولُ (ولا أعلَمُهُ ذكره إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -): كان يقرأ في الركعتينِ قل هو الله أحدٌ، وقل يا أيها الكافرون، ثم رَجَعَ إلى الرُّكْنِ فاستلَمَهُ ثم خرج من البابِ إلى الصفا، فلمّا دنا من الصفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} "أبدأ بما بدأ الله به" فبدأ بالصفا، فرقَى عليه حتى رأى البيتَ فاستقبلَ القبلة، فوحَّدَ اللهَ وكبَّرهُ وقال: "لا إله إلا الله وحده لا شريكَ لَهُ لَهُ الملكُ وله الحمد وهو على كل شئ قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعَدهُ، ونَصَرَ عبَدهُ، وهزم الأحزَابَ وَحْدَهُ " ثمَّ دعا بين ذلك. قال مثل هذا ثلاثَ مراتٍ. ثمَّ نَزَلَ إلى المروةِ حتى انصبَّتْ قدماهُ في بطن الوادي (¬3) حتى إذا صَعِدَتا مشى، حتى أتى المروةَ، ففعل على المروةِ, كما فعل على الصَّفَا، حتى إذا كان آخِرُ طواف (¬4) على المروةِ قال: "لو أَنِّي استقبلْتُ من أمري ما استدبرتُ لم أسُقِ الهَدْيَ، ولجعلتها (¬5) عُمْرَةً، فمن كان منكم ليس معهُ هدْيٌ فليَحِلَّ وليَجْعَلْهَا عُمْرةً" فقام سراقة بن جُعْشُمٍ فقال: يا رسول الله! ¬

_ (¬1) في مسلم: (وما عمل به من شئ). (¬2) في مسلم: (عليهم شيئاً منه). (¬3) في مسلم: (حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى). (¬4) في مسلم: (آخر طوافه). (¬5) في مسلم: (وجعلتها).

أَلِعامِنَا هذا أم لأبدٍ؟ فشبَّكَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابِعَهُ واحدةً في الأخرى وقال: "دخَلَتِ العمرةُ في الحج (¬1) لا بَلْ لأبِدٍ أبَدٍ" وقدِمَ عليٌّ من اليَمَنِ بِبُدْنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجَدَ فاطمةَ مِمَّنْ حَلَّ، ولبَسِتْ ثياباً صَبيغاً، واكتَحَلَتْ، فأَنكر ذلك عليها، فقالت: أبي أمرني بهذا (¬2)، قال: فكان عليٌّ يقُولُ، بالعراقِ: فذهبتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُحَرشاً على فاطمة للذي صنعَتْ مُستفْتياً رسول (¬3) الله - صلى الله عليه وسلم -، فيما ذكرَتْ عَنْهُ. فأخبرتُهُ أنِّي أنكرتُ ذلك عليها. فقال: "صَدَقَتْ صَدقت. ماذا قُلْتَ حين فَرضْتَ الحجَّ" قال: قلت: اللهم إِنِّي أُهِلُّ بما أَهَلَّ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬4)، قال: "فإنَّ مَعِي الهدي" قال (¬5): "فلا تَحِلُّ" قال: فكان جماعةُ الهَدْيِ الذي كان (¬6) قدم به علِيٌّ من اليمن والذي أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - مائَةً. قال: فحلَّ الناسُ كلُّهم وقصَّروا إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن كان معه هديٌ، فلما كانَ يوم التَّروية توجهوا إلى مِنىً، فأهَلُّوا بالحج، ورَكِبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلى بها الظهر والعصر والمغرِبَ والعشاء والفَجْرَ ومكث (¬7) قليلاً، حتى طلعَتِ الشمسُ فأمر بَقُبِّةٍ من شَعَرٍ تُضْرَبُ له بِنَمِرَةَ، فسارَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا تَشُكُّ قريشٌ إلا أنَّهُ واقِفٌ عند المشعَرِ الحرامِ, كانت قُريش تصنعُ في الجاهليةِ، فأجازَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى عرفَةَ فوجَدَ القُبَّةَ قد ضُرِبَتْ له بنَمِرَةَ، فنزل بها حتى إذا زاغتِ الشمسُ أمر بالقَصْواءِ فَرُحِلتْ لَهُ فأَتى بَطنَ الوادي ¬

_ (¬1) في مسلم: ("دخلت الحمرة في الحج" مرتين). (¬2) في مسلم: (إن أبي أمرني بهذا). (¬3) في مسلم: (مستفتياً لرسول الله). (¬4) في مسلم: (أهل به رسولك). (¬5) (قال): ليست في مسلم. (¬6) (كان): ليست في مسلم. وليست في (د، ف). (¬7) (د، ف) ثم مكث.

فَخَطَب الناس وقال: "إنَّ دِمَاءكُمْ وأموالَكُم حرامٌ عليكم، كحُرْمَةِ يومِكُمْ هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، أَلا كُلُّ شيءٍ من أمر الجاهلية تحتَ قَدَمي موضُوعٌ، ودمَاءُ الجاهليةِ موضوعةٌ وإن أوَّلَ دمٍ أضع من دِمائنا دَمُ ابن ربيعَةَ ابن الحارث كان مُسترضِعاً في بني سعدٍ فَقَتَلَتْهُ هذيلٌ، ورِبَا الجاهليَّةِ موضوعةٌ (¬1)، وأَوَّلُ ربًا أَضعه (¬2) رِبَانَا، رِبَا عبَّاسِ بن عبد المطلب فإِنَّهُ موضوعٌ كُلُّهُ. فاتقوُا الله في النِّساء فإنَّكُمْ أخذتُمُوهُنَّ بأَمانِ الله، واستحللتُمْ فروجَهُنَّ بكلمَةِ الله، ولكم عليهنَّ ألا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أحداً تكرَهُونَهُ. فإِنْ فَعلْنَ ذلك فاضربُوهُنَّ ضرباً غير مُبَرِّحٍ، ولهن عليكم رزقهُنَّ وكسوتهن بالمعروفِ، وقَدْ تركت فيكم ما لن تضلوا بعدهُ أن اعتصمتُمْ بِهِ كتِابَ الله، وأنْتم تسأْلُونَ عنِّي فما أنتمُ قائِلوُنَ؟ " قالوا: نشهدُ أنَّكَ قد بلَّغْتَ وأديْتَ ونصَحْتَ، فقال بإصبعِهِ السَّبَّابَةِ يرفَعُهَا إلى السماءِ، ويْنكتُهَا إلى النَّاسِ "اللهم اشهد، اللهم اشهد" ثلاث مرات ثم أذَّنَ، ثم أقام، فصلَّى الظهر، ثم أقام فصلّى العصر، ولم يُصَلِّ بينهُمَا شيئاً، ثم رَكِبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى الموقِفَ فجعل بطنَ ناقتِه القصواءِ إلى الصَّخَرَاتِ وجعل جَبْلَ المشاة بين يديه واستقَبل القبلَةَ فلم يزل واقفاً حتى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وذهبتِ الصُّفْرةُ قليلاً حتى غاب القُرْصُ واردَفَ أُسَامَة بن زيد خَلْفَهُ ودفع رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقد شَنقَ للقصْوَاءٍ الزِّمَامَ حتى إنَّ رأسَهَا ليُصِيبُ مورك رجْلِهِ ويقولُ بيده اليمنىِ: "أيها النَّاس! السكينَةَ السكينَةَ" كُلَّمَا أتى حَبْلاً من الحبَالِ أرخى لها قليلاً، حتى تصْعَدَ، حتى أتى المُزْدَلِفَةَ فصلى بها المغرِبَ والعشاءَ بأذانٍ واحدٍ وإقامتين، ولم يُسبح بينهما شيئاً، ثم اضطجَعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين لهُ الصبح بأذانٍ وإقامةٍ، ثم رَكِبَ القَصْواءَ حتى أتى المشعَرَ الحرامَ، فاستقبلَ القبلةَ فدعاهُ وكبرهُ وهلّلهُ ووحَّدَهُ فلم يزل واقفاً حتى أسفر ¬

_ (¬1) في مسلم: (وربا الجاهلية موضوع). (¬2) في مسلم: (وأول رباً أضع).

باب

جداً، فدفع قبْلَ أن تطلُعَ الشمسُ وأردف الفَضْلَ بن عباس وكان رجُلاً حَسَنَ الشَّعْرِ أبيض وسيماً، فلما دفع رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّتْ (¬1) ظُعُنٌ يَجْرِينَ، فطفِقَ الفضل ينظر إليهنَّ، فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده على وجهِ الفضل، فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظرٌ، فحوَّلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده من الشق الآخر على وجهِ الفضلِ، فصرف (¬2) وجهه من الشق الآخر (¬3) حتى أتى بطن مُحَسِّرٍ فحرَّكَ قليلاً ثم سلكَ الطريق الوُسطى التي تخْرجُ على الجمرةِ الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصياتٍ. يُكبِّرُ مع كل حصاةٍ منها. حصى الخزفِ رمى من بطن الوادِي، ثم انصرف إلى المَنْحَر، فنحر ثلاثَاً وستين بُدْنةً (¬4) ثم أعطى علياً فنحر ما غَبَر وأشركه في هديه ثم أَمَرَ من كل بدنةٍ ببضعةٍ فجُعلت في قِدْرٍ، فَطُبخت فأكلَا من لحمها وشربا من مرقِهَا، ثم ركب رسوُل الله - صلى الله عليه وسلم - فَأفَاضَ إلى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بني عبد المطلب يَسْقُون على زمزم فقال: "انزعوا بني عبد المطلب. فلولا أن يغلِبكم النَّاسُ على سِقايتكم لنزعتُ معكم" فناولُوه دلواً فشرب مِنْهُ. باب مسلم (¬5)، عن ابن عمر قال: تمتَّع رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حجَّةِ الودَاعِ بالعمرةِ إلى الحج. وأهْدَى. فَسَاقَ معهُ الهدي من ذي الحُليفةِ، ¬

_ (¬1) في مسلم: (مرت به). (¬2) في مسلم: (يصرف). (¬3) في مسلم: (من الشق الآخر ينظر). (¬4) في مسلم: (فنحر ثلاثاً وستين بيده). (¬5) مسلم: (2/ 901) (15) كتاب الحج (24) باب وجوب الدم على المتمتع - رقم (174).

وبدأَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فأهَلَّ بالعمرةِ. ثم أهلَّ بالحج، وتمتع النَّاس مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعمرةِ إلى الحجِّ. فكان من الناس من أَهدى فَسَاقَ الهدي، ومنهم من لم يُهْدِ. فلمَّا قَدِمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكةَ قال للناس: "من كان منكم أهدى، فإنَّه لا يَحِل من شيء. حَرُمَ منْهُ حتى يقضي حجَّهُ. ومن لم يكن منكم أَهدى، فليَطُفْ بالبيت وبالصَّفَا والمروةِ وليُقَصِّر ولْيَحْلِلْ. ثم ليُهلَّ بالحج وليُهدِ فمق لم يجد هديا فليَصُمْ ثلاثة أيَّامٍ في الحج وسبعةٍ إذا رجَعَ إلى أهله" وطافَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم مكةَ، فاستلم الرُّكْنَ أَوَّلَ شيءٍ ثم خبَّ (¬1)، ثلاثةَ أطواف من السبع، ومشى أربعةَ أطوافٍ، ثم ركع حين قضى طوافَهُ بالبيت عند المقامِ ركعتين. ثم سلَّم، فانصرَفَ. فأتى الصَّفا. فطافَ بالصفا والمروةِ سبعة أطوافٍ، ثم لم يَحْلِلْ من شيء حَرُمَ منهُ حتى قضى حجَّهُ، ونحر هديَهُ يوم النِّحْرِ، وأفاض فطاف بالبيتِ، ثم حلَّ من كل شيءٍ حَرُمَ منه. وفَعَلَ مثل ما فعل رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من أهدى فساق (¬2) الهدي من النَّاسِ. وعن عائشة (¬3)، أنَّها أهلَّت بُعمرةٍ فَقَدِمَتْ ولم تَطُفْ بالبيتِ حتى حاضَتْ. فَنَسَكَتِ المَنَاسِكَ كُلها، وقد أهلَّتْ بالحَجِّ فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النَّفْرِ "يَسَعُكِ طوافُكِ (¬4) لِحَجِّكِ وعُمْرَتِكِ" فأَبتْ فَبَعثَ بها مع عبدِ الرحمن إلى التَنْعيِم فاعتمرتْ بعد الحَجِّ. وعن جابر بن عبد الله (¬5) قال: لم يطُفِ النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابُهُ بين الصفا والمروةِ، إلا طوافاً واحداً، طوافَهُ الأول. ¬

_ (¬1) خب: الخبب ضرب من العدْو. والمراد هنا الرمل. (¬2) في مسلم: (وساق الهدى). (¬3) مسلم: (2/ 879) (15) كتاب الحج (17) باب بيان وجوه الإِحرام - رقم (132). (¬4) يسعك طوافك: كفيك. (¬5) مسلم: (2/ 931) (15) كتاب الحج (44) باب بيان أن السعي لا يكرر - رقم (265).

الترمذي (¬1)، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أحرم بالحجِّ والعمرةِ أجزأه طوافٌ واحِدٌ وسعىٌ واحدٌ (¬2)، حتى يَحلَّ منهما جميعاً". قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ غريبٌ. مسلم (¬3)، عن عروة بن الزبير قال: حجَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرتْنىِ عائشةُ أَنه (¬4) أول شيء بدأَ بِهِ حين قَدِمَ مكةَ أنهُ توضأ ثم طاف بالبيتِ. الحديث. وعن ابن عمر (¬5)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ إِذا طَافَ بالبيتِ الطَّواف الَأوَّلَ، خبَّ ثلاثاً ومشى أربعاً وكان يسعى ببطنِ المَسِيلِ إذا طاف بين الصفا والروةِ، وكان ابن عمر يفعلُ ذلك. وعن ابن عباس (¬6) قال: قَدِمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُهُ مكة، وقد وَهَنَتْهُمْ حُمّى يثرِبَ، قال المشركون: إنَّهُ يقدَمُ عليكم غداً قومٌ قد وهنتهُمُ الحُمّى. ولقوا منها شدةً. فجلسُوا مِمَّا يلي الحِجْرَ (¬7) وأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرمُلُوا ثلاثة أَشواطٍ، ويمشُوا ما بين الركنين. لِيرَى المشركونَ جَلَدَهُمْ، فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتُم أَنَّ الحمّى قد وهنتهم، ¬

_ (¬1) الترمذي: (3/ 284) (7) كتاب الحج (102) باب ما جاء أن القارن يطوف طوافاً واحداً - رقم (948). (¬2) في الترمذي: (واحد عنهما). (¬3) مسلم: (2/ 906، 907) (15) كتاب الحج (29) باب ما يلزم من طاف بالبيت وسعى - رقم (190). (¬4) مسلم: (أن). (¬5) مسلم: (2/ 920) (15) كتاب الحج (39) باب استحباب الرمل في الطراف والعمرة وفي الطواف الأول من الحج - رقم (230). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (240). (¬7) الحجر: هو داخل الحطيم. وهو الحائط المستدير إلى جانب الكعبة من جهة الميزاب.

هؤلاء أجلدُ من كذا وكذا. قال ابن عباس: فلم يمنعْهُ أن يأمُرهم أن يرملوا الأشواطَ كلها إلا الإِبقاءُ عليهم. النسائي (¬1)، عن نافع، أَنَّ عبد الله بن عمر كان يَخُبُّ في طوافِهِ حين يقدَمُ في حجٍّ أو عمرة ثلاثاً، ويمشي أربعاً. قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعلُ ذلكَ. مسلم (¬2)، عن جابر، قال: طافَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجَّةِ الوداع على راحلَته بالبيت. وبالصفا والمروةِ ليرَاهُ النَّاسُ وليشرف وليسألوه. فإَنَّ الناس غشُوهُ. وعن عائشة (¬3)، قالت: طافَ النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجَّةِ الوداع حول الكعبة على بعيرٍ (¬4)، يستلِمُ الرُّكْنَ كراهِيَةَ أن يُصرف (¬5) عنه الناس. قال أبو عمر بن عبد البر: الوجه في طواف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راكباً أنه كان في طواف الإِفاضة (¬6). مسلم (¬7)، عن أم سَلمة أنها قالت: شكوتُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أَنِّي اشتكِي. فقال: "طوفي من ورَاءِ النَّاسِ وأنت راكبَةٌ" قالت: ¬

_ (¬1) النسائي: (5/ 230) (24) كتاب مناسك الحج (153) باب الرمل في الحج والعمرة - رقم (2943). (¬2) مسلم: (2/ 927) (15) كتاب الحج (42) باب جواز الطواف على بعير وغيره - رقم (255). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (256). (¬4) في مسلم: (على بعيره). (¬5) في مسلم: (كراهية أن يُضْرَب عنه الناس). (¬6) التمهيد: (2/ 94). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (258).

فطفتُ، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حينئذٍ يُصَلِّي إلى جَنبِ البيتِ يقرأُ بالطور وكتاب مسطور. وعند البخاري (¬1)، أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2) أراد الخروج ولم تكن أُمُّ سلَمةَ طافتْ بالبيتِ وأرادتِ الخروجَ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أُقيمت الصلاة للصبح (¬3) فطُوفي على بعيرِكِ والناسُ يُصلونَ" ففعلت ذلك فلم تُصلِّ حتى خَرجَتْ. البخاري (¬4)، عن ابن عباس، أَن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرَّ وهو يطوف بالكعبة بإنسان رَبطَ يدَهُ إلى إنسان بِسَيْر -أو بخيط أو بشيء غيرِ ذلك- فقطعَهُ النبىُّ - صلى الله عليه وسلم - ثم قال "قُدْهُ بيدهِ". النسائي (¬5) عن جبير بن مطعم، أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا بَنِي عبدِ منافٍ لا تمنعنَّ أحداً طاف بهذا البيت، وصلَّى أَيَّ ساعةٍ شاء من ليل أو نهارٍ". الترمذي (¬6)، عن يعلي بن أمية، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف بالبيت مضطبعاً وعليه بُردٌ. قال: حديث حسنٌ صحيحٌ. ¬

_ (¬1) البخاري: (3/ 568) (25) كتاب الحج (71) باب من صلَّى ركعتي الطواف خارجاً من المسجد - رقم (1626). (¬2) في البخاري: (قال وهو بمكة وأراد الخروج). (¬3) في البخاري: (صلاة الصبح). (¬4) البخاري: (3/ 563) (25) كتاب الحج (65) باب الكلام في الطواف - رقم (1620). (¬5) النسائي: (5/ 223) (24) كتاب مناسك الحج (137) إباحة الطواف في كل الأوقات - رقم (2924). (¬6) الترمذي: (3/ 214) (7) كتاب الحج (36) باب ما جاء أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف مضطبعاً - رقم (859).

خرجه أبو داود (¬1)، من حديث عبد الله بن عثمان بن خُثَيم عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابهُ اعتمروا من الجعرانة ورملوا (¬2)، وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم وقذفوها (¬3) على عواتقهم اليسرى. مسلم (¬4)، عن سويد بن غَفَلَةَ، قال: رأيتُ عُمر قبَّلَ الحَجَرَ والتَزَمَهُ وقال: رأيتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بِكَ حَفِيّاً. وعن ابن عمر (¬5)، قال: قبَّلَ عُمَرُ بن الخطَّابِ الحَجَرَ ثم قال: أما والله لقد عَلِمتُ أَنَّكَ حَجَر ولولا أنِّي رأيتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُكَ ما قَبَّلْتُكَ. وقال النسائي (¬6)، قبَّلهُ ثلاثاً. مسلم (¬7)، عن جابر بن عبد الله، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لمّا قدِم مكة أتى الحجر فاستلمهُ، ثم مشى عن يمينِهِ، فرمل ثلاثا ومشى أربعاً. وعن ابن عباس (¬8)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحْجَنِ. زاد من حديث أبي الطفيل ويقبل المحجن (¬9). ¬

_ (¬1) أبو داود: (2/ 444) (5) كتاب المناسك (50) باب الإضطباع في الطواف - رقم (1884). (¬2) أبو داود: (فرملوا بالبيت). (¬3) أبو داود: (قد قذفوها). (¬4) مسلم: (2/ 926) (15) كتاب الحج (41) باب استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف - رقم (252). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (248). (¬6) النسائي: (5/ 227) (24) كتاب مناسك الحج (148) باب كيف يقبل - رقم (2938). (¬7) مسلم: (2/ 893) (15) كتاب الحج (20) باب ما جاء أن عرفة كلها موقف - رقم (150). (¬8) مسلم: (2/ 926) (15) كتاب الحج (42) باب جواز الطواف على بعير وغيره - رقم (253). (¬9) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (257).

البخاري (¬1)، عن ابن عباس، قال: طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬2) على بعيرٍ، كلما أتى على (¬3) الركن أشار إليه بشيء (¬4) عندَهُ وكبَّر. مسلم (¬5)، عن ابن عمر قال: لم أَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يمسَحَ من البيتِ، إلا الرُّكْنَيْنِ اليمانِيَيْنِ. النسائي (¬6)، عن جابر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا انتهى " إلى مقامِ إبراهيمَ قرأ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} فصلَّى ركعتين قرأ بفاتحةِ الكتاب و {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ثم عاد إلى الرُّكن فاستلمَهُ ثم خرج إلى الصَّفَا. وعن عبد الله بن السائب (¬7)، قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول بين الركن المجاني والحجر {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}. وعن سعيد بن جبير (¬8)، قال: رأيتُ ابن عمر يمشِي بين الصفا والمروة ثم قال: إن مشيت فلقد رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي، ولئن سعيتُ فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسعى. ¬

_ (¬1) البخاري: (3/ 557) (25) كتاب الحج (62) باب التكبير عند الركن - رقم (1613). (¬2) البخاري: طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبيت. (¬3) على: ليست في البخاري. (¬4) البخاري: أشار إليه بشيء كان عنده. (¬5) مسلم: (2/ 924) (15) كتاب الحج (40) باب استحباب استلام الركنين اليمانيين في الطواف - رقم (242). (¬6) النسائي: (5/ 236) (24) كتاب مناسك الحج (164) القراءة في ركعتي الطواف - رقم (2963). (¬7) النسائي: (5/ 241) (24) كتاب مناسك الحج (174) باب المشي بينهما - رقم (2976). (¬8) النسائي: (5/ 241) (24) كتاب مناسك الحج (14) باب المشي بينهما - رقم (2976). من رواية سفيان عن عطاء بن السائب عن كثير بن جُمهان، قال: رأيتُ ابن عمر يمشي.

وزاد في طريق آخر (¬1)، وأنا شيخ كبير. مسلم (¬2)، عن ابن عباس قال: صلَّى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ بذي الحُلْيفَةِ. ثمَّ دعا بِنَاقَتِهِ فأَشْعَرَهَا في صفحةِ سَنَامِهَا الأيمن وَسَلَتَ الدَّمَ. وقلَّدها نَعْلَيْنِ، ثم رَكِبَ راحلتَهُ فلمَّا استوَتْ بِهِ على البيدَاءِ أهلَّ بالحجِّ. وقال أبو داود (¬3)، ثم سَلتَ الدم بيده. مسلم (¬4)، عن عائشة قالت: فتلت قلائد بُدْنِ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بيديَّ، ثم أشعرها وقلَّدها، ثم بعث بها إلى البيت. وأقام بالمدينةِ فما حرُم عليه شيء كان له حلالاً (¬5). وفي رواية (¬6)، بعث بها مع أبي. وفي أخرى (¬7)، قلائد من عِهْن (¬8). وعنها قالت (¬9)، أهدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرةً إلى البيت غنماً، فقلَّدها. أبو داود (¬10)، عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف يوم ¬

_ (¬1) النسائي: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2977). (¬2) مسلم: (2/ 912) (15) كتاب الحج (32) باب تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام - رقم (205). (¬3) أبو داود: (2/ 364) (5) كتاب المناسك (15) باب في الإِشعار - رقم (1753). (¬4) مسلم: (2/ 957) (15) كتاب الحج (64) باب استحباب بعث الهدى إلى الحرم - رقم (362). (¬5) مسلم: حلًّا. (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (369). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (364). (¬8) العهن: هو الصوف. وقل: الصوف المصبوغ ألواناً. (¬9) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (367). (¬10) أبو داود: (2/ 483) (5) كتاب المناسك (67) باب يوم الحج الأكبر - رقم (1945).

النحر بين الجمرات في الحجة التي حج فيها (¬1). فقال: "أي يوم هذا؟ " فقالوا: هذا يوم النحر، فقال: "هذا يوم الحج الأكبر". وعن أبي هريرة (¬2)، قال: بعثني أبو بكر - رضي الله عنه - فيمن يؤذن يوم النحر بمنىً ألا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريانٌ، ويوم الحج الأكبر يوم النحر، والحج الأكبر الحج. مسلم (¬3)، عن جابر بن عبد الله، في حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فأمَرنا إذا أحللنا أن نُهديَ ويجتمع النَّفر منَّا في الهديَةِ. وعنه قال (¬4)، اشتركنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج والعمرة، كل سبعةٍ في بدنةٍ، فقال رجل لجابرٍ: أيشترك في البدنِة ما يُشْتَرَكُ في الجزُورِ؟ قال: ما هي إلا من البُدْنِ وحضر جابر الحديبية، قال: نحرنا يومئذ سبعين بدنةً اشتركنا كل سبعةٍ في بدنةٍ. وعنه (¬5) قال: كنَّا نتمتع مع رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬6) فنذبح البقرة عن سبعةٍ، نشتركُ فيها. وعنه (¬7)، قال: نَحَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نساِئهِ. بقرةً في حجتِه وفي رواية، عن عائشة بدل عن نسائه. وعن زياد بن جُبَيْر (¬8)، أن ابن عمر أتى على رجلٍ وهو يَنْحَرُ بدنتَهُ ¬

_ (¬1) فيها: ليست في أبي داود. (¬2) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (1946). (¬3) مسلم: (2/ 956) (15) كتاب الحج (62) باب الإشتراك في الهدي - رقم (354). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (353). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (355). (¬6) في مسلم: (كنا نتمتع مع رسول الله - صلى الله علبه وسلم - بالعمرة). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (357). (¬8) مسلم: (2/ 956) (5) كتاب الحج (63) باب نحر البدن قياماً مقيدة - رقم (358).

بارِكةً. فقال: ابعثها قياماً مقيَّدةً سنُةَ نبيِّكم - صلى الله عليه وسلم -. وعن علي بن أبي طالب (¬1)، قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بُدْنِهِ، وأّن أتصدق بلحمها وجلودها وأجِلَّتِها وأن لا أُعطي الجازر منها شيئا (¬2). قال: "نحن نُعطِيهِ من عندنا". وعن عطاء، عن جابر (¬3)، قال: كُنَّا لا نأكل من لحوم بُدْنِنَا فوق ثلاثِ منِىً (¬4). فأرخص لنا رسول الله - صلى الله عليه فقال "كلوا وتزودوا". قيل لعطاء: قال، جابر: حتى جئنا المدينة؟ قال: نعم. مسلم (¬5)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجُلاً يسُوقُ بدنةً. فقال "اركبها" فقال: يا رسول الله! إِنَّها بدنةٌ. فقال "اركبها ويلَكَ" في الثانية أو في الثالثة. وعن أبي الزبير (¬6)، قال: سمعتُ جابر بن عبد الله. وسُئِل عن ركوب الهدي؟ فقال: سمعَتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول "اركبها بالمعروفِ إذا أُلجِئْتَ إليها حتى تجد ظَهراً (¬7) ". ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 954) (5) كتاب الحج (61) باب في الصدقة بلحوم الهدي وجلودها وجلالها - رقم (348). (¬2) (شيئاً): ليست في مسلم. (¬3) مسلم: (3/ 1562) (35) كتاب الأضاحي (5) باب بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث في أول الإِسلام - رقم (30). (¬4) د: مني شيئا. (¬5) مسلم: (2/ 960) (15) كتاب الحج (65) باب جواز ركوب البدنة لمن احتاج إليها - رقم (371). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (375). (¬7) تجد ظهراً: أي مركباً.

وعن ابن عباس (¬1) قال بعث رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بستّ عشرةَ بدنةً مع رجُلٍ وأمَّرَهُ فيها. قال: فمضى ثُمَّ رجَعَ. فقال: يا رسول الله! كيف أصنع بما أُبدِعَ عليَّ منها؟ قال "انحرها ثم اصبغ نعلْيَها في دَمِهَا. ثم اجعلْهُ على صفحتِها. ولا تأكُلْ منها أنت ولا أحدٌ من أهل رُفْقَتِكَ". وعن جابر بن عبد الله (¬2) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "نحرتُ هاهنا ومِنًى كُلُّها منحر، فانحرُوا في رِحَالِكُمْ. ووقفتُ هاهنا وعرفَةُ كُلُّهَا موقِفٌ. ووقفتُ ها هنا وجَمْعٌ كلُّها موقِفٌ. جَمْعٌ والشعر الحرام والمزدلفة ثلاثة أسماء لموضع واحد قاله أبو عمر. أبو داود (¬3)، عن أَبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يَوْم تُضحُّون (¬4)، وكل منىً منْحر، وكل فجاج مكة منحر، وكل جَمْع موقف". الطحاوي (¬5)، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "عرفة كلها موقف وارتفعوا (¬6) عن بطن عرنة والمزدلفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن مُحسر، وشعاب منىً كلها منحر". الترمذي (¬7)، عن عروة بن مُضَرِّس قال: أتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمزدلفةِ، حين خرج إلى الصلاة، فقلتُ: يا رسول الله إني جئتُ من ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 962) (15) كتاب الحج (66) باب ما يفعل بالهدي إذا عطب في الطريق - رقم (377). (¬2) مسلم: (2/ 893) (15) كتاب الحج (20) باب ما جاء أن عرفة كلها موقف - رقم (149). (¬3) أبو داود: (2/ 743) (8) كتاب الصوم (5) باب إذا أخطأ القوم الهلال - رقم (2324). (¬4) في أبي داود: (وكل عرفة موقف). (¬5) مشكل الآثار (2/ 72). (¬6) في المشكل: (وارفعوا). (¬7) الترمذي: (3/ 238، 239) (7) كتاب الحج (57) باب ما جاء فيمن أدرك الإِمام بجمع فقد أدرك الحج - رقم (891).

جَبَلَىْ طَيِّيً. أكللتُ راحلتي وأتْعبتُ نفسي. والله! ما تركتُ من حبلٍ إلا وقفت (¬1) عليه. فهل لي من حجٍ؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - "من شهد صلَاتنَا هذِهِ، فوقف معنا حتى ندفع، وقد وقف بعرَفَةَ قبْلَ ذلك ليلاً أَو نهاراً فقد أتمَّ حَجَّهُ وقضى تفثهُ (¬2) ". قال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. زاد النسائي (¬3)، "ومن لم يدرك مع الإِمام والناس (¬4) فلم يدرك". وخرّج (¬5)، عن عبد الرحمن بن يَعْمُر قال: شهدتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - بِعَرشَةَ وأَتاهُ ناسٌ من نجد فأمَرُوا رجُلاً فَسَأَلَهُ عن الحجِّ، فقال "الحجُ عرفةُ من جاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قبل صلاةِ الصُّبْحِ فقد أدرك حَجَّهُ، أيامَ منىً ثَلاَثةُ أيَّامٍ، من تعجَّلَ في يومين فلا إثْمِ علْيهِ، ومن تأخَّر فلا إِثْمَ عليْه" ثم أردف رجُلاً فَجَعَلَ يُنَادي بها في النَّاسِ. وقال الترمذي (¬6)، من جاء ليلةَ جمْع قَبْلَ طُلُوعِ الفجر". وقال عن سفيان بن محمد بن عيينه (¬7) وهذا الحديث أجود حديث رواه سفيان الثوري. ¬

_ (¬1) ما تركت من حبل إلا وقفت عليه: قال أبو عيسى: إذا كان من رمل يقال: حبل. وإذا كان من حجارة يقال له: جبل، وكتب في هامش المخطوط الحبل: بالحاء المهملة وسكون الباء. هاهنا الرمل المجتمع المرتفع ذكره أبو عبيد في غريب الحديث. (¬2) قضى تقثهُ: قال أبو عيسى: أبي قضى نسُكَهُ. (¬3) النسائي: (5/ 263) (24) كتاب مناسك الحج (211) فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإِمام بالمزدلفة - رقم (3040). (¬4) النسائي: (مع الناس والإِمام). (¬5) النسائي: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (3044). (¬6) الترمذي: (3/ 237) (7) كتاب الحج (57) باب ما جاء فيمن أدرك الإِمام بجمع فقد أدرك الحج - رقم (889). (¬7) كذا في الأصول.

وقال عن وكيع (¬1): هذا الحديث أمُّ المناسك. وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ (¬2). مسلم (¬3) عن محمد بن أبي بكر الثقفى، أَنَّهُ سأَلَ أنس بن مالك وهما غاديان من منِيً إلى عَرَفَةَ: كيف كنتم تصنَعُونَ في هذا اليوم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: كان يُهِلُّ المُهِلُّ مِنَّا، فلا يُنْكَرُ عليه ويُكَبِّر المُكَبِّر مِنَّا فلا يُنْكَرُ عليه. البخاري (¬4)، عن عبد الرحمن بن يزيد قال: خرجتُ (¬5) مع عبد الله بن مسعود، إلى مكةَ، ثم قدِمْنا جَمْعاً فصلَّى الصلاتينِ: كلَّ صلاةٍ وحدَها بأذانٍ وإقامة، والعشاء بينهما. ثم صلَّى الفجَر حين طَلَعَ الفجر، قال: - قاِئل يقول طلع الفجرُ، وقائلٌ يقول لم يطْلُعِ الفجر -. ثم قال: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ هاتين الصلاتين حُوِّلتَا عن وقْتِهْمَا في هذا المكان: المغرب والعشاء (¬6) فلا يَقدَمُ الناسُ جمْعاً حتى يُعتموا، وصَلاةَ الفجر هذِهِ الساعة" ثم وقف حتى أسفر ثم قال: لو أنَّ أمير المؤمنينَ أفاض الآن أصابَ السنَّةَ فما أدرى أقَوْلُه كان أسرعَ أم دَفْعُ عُثمان، فلم يزل يُلبِّي حتى رمى جَمرة العقبةِ يَوْمَ النحر. وعن سالم (¬7)، بن عبد الله، قال: كتب عبدُ الملك بن مروان إلى ¬

_ (¬1) الترمذي: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (890). (¬2) قوله: (حديث حسن صحيح). ليس في الترمذي. (¬3) مسلم: (2/ 933) (15) كتاب الحج (46) باب التلبية والتكبير في الذهاب من منًى إلى عرفات في يوم عرفة - رقم (274). (¬4) البخاري: (3/ 619) (25) كتاب الحج (91) باب متى يصلي الفجر بجمع - رقم (1682). (¬5) البخاري: (خرجنا). (¬6) (والعشاء): غير موجودة في الأصل وليست في (د). (¬7) البخاري: (3/ 596، 597) (25) كتاب الحج (87) باب التهجير بالرواح يوم عرفة - رقم (1660).

الحجَّاج أن لا يُخِالف ابنَ عمر في الحجِّ. فجاء ابنُ عمر وأنا معهُ يومَ عرفة حينَ زالتِ الشمسُ، فصاحَ عندَ سُرادِقِ الحجَّاجِ، فخَرجَ وعليهِ مِلحفةٌ مُعصفَرةٌ فقال: مالكَ يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: الرَّواحَ إن كنتَ تُريدُ السُنَّةَ. قال: هذه الساعة؟ قال: نعم. قال: فأنِظرْني حتى أُفيضَ على رأسي ثم أخرُجُ. فنزل حتى خَرَجَ الحجَّاجُ. فسارَ بينى، وبين أبي، فقلت إن كنتَ تريدُ السُّنَّةَ فأقْصرِ الخُطبةَ وعجِّل الوقوفَ. فجعلَ ينظرُ إلى عبدِ الله فلمّا رأى ذلك عبدُ اللهِ قال: صَدَقَ. مسلم (¬1)، عن أُمِّ حَبِيبَةَ. أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث بها من جَمْعٍ بليلٍ. وعن ابن عباس (¬2)، قال: بعث بي نبّي الله - صلى الله عليه وسلم - بِسَحَرٍ من جمعٍ في ثَقَل (¬3) النبي - صلى الله عليه وسلم -. وفي طريق أخرى (¬4)، في ضَعَفَةِ أهلهِ. وعن عائشة (¬5)، قالت: كانت سودَةُ امرأةً ضخمةً ثَبِطَةً. فاستأذَنَتْ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُفِيضَ من جَمْعٍ بليلٍ. فأذِنَ لَهَا. فقالت عائشة: فليتني كُنتُ استأذنْتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كما استأَذنتهُ سودةُ. وكانت عائِشَةُ لا تفُيِضُ إلَّا مع الإِمَامِ. وقال النسائي (¬6): كما استأذَنَتْه سودة، فَصَلَّت الفجر بمنىً ورمت قبل أن ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 940) (15) كتاب الحج (49) باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن من مزدلفة إلى منًى في أواخر الليالي قبل زحمة الناس - رقم (298). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (303). (¬3) الثقل: المتاع. (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (302،301). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (294). (¬6) خرجه النسائي في الكبرى في المناسك، كذا عزاه المزي في التحفة.

يأتي النَّاس. البخاري (¬1)، عن عبد الله مولى أسماء، أنها نزلَتْ ليلةَ جَمْعٍ عند المُزدلفةِ فقامَتْ تُصلي، فصلَّت ساعةً، فقالت: يا بُنيَّ هل غابَ القمر؟ فقلت: لا. فصلَّت ساعةً، ثم قالت: هل غابَ القمر؟ قلتُ: نعم. قالت: فارتحِلوا، فارتحَلْنا فمضينا، حتى رمت الجمرة، ثم رجعَت فصلَّتِ الصبحَ في منزِلها. فلقت لها: ياهَنْتَاه! ما أُرانا إلا قد غلّسنَا. قالت: يا بُنَّي إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذِن للظُّعُن. وفي طريق من طُرقِ مسلم (¬2)، لِظُعَنِهِ. مسلم (¬3)، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "الإسْتجْمَارُ توُّ (¬4) ورمْيُ الجِمَار تَوٌّ (¬5)، والسَّعْيُ بين الصفا والمروة والطواف توٌّ" وذكر الحديث. الترمذي (¬6)، عن ابن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رَمَى الجِمارَ مشى إليها ذَاهباً وراجعاً. قال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ¬

_ (¬1) البخاري: (3/ 615) (25) كتاب الحج (98) باب من قدَّم ضعفة أهله بليلٍ، فيقفون بالمزدلفة ويدعون ويُقدِّم إذا غاب القمر - رقم (1679). (¬2) مسلم: (2/ 945) (15) كتاب الحج (49) باب استحباب تقديم دفع الضعفة من النساء وغيرهن من مزدلفة إلى منًى في أواخر الليالي - رقم (297). (¬3) مسلم: (2/ 945) (15) كتاب الحج (54) باب بيان أن حصى الجمار سبع - رقم (315). (¬4) الإستجمار تو: التو هو الوتر، والمراد بالتو في الجمار سبع، وفي الطواف سبع وفي السعي سبع، وفي الإستنجاء ثلاث فإن لم يحصل الإنقاء بثلاث وجبت الزيادة حتى ينقى. (¬5) (ورمي الجمار تو) لبس في (د). (¬6) الترمذي: (3/ 245) (7) كتاب الحج (63) باب ما جاء في رَمْيِ الجمار راكباً وماشياً - رقم (900).

وقال أبو داود (¬1)، عن ابن عمر، أنهُ كان يأتي الجمار، في الأيام الثلاثة بعد يوم النحر،- ماشياً ذاهباً، وراجعاً، ويُخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفعلُ ذلك. مسلم (¬2)، عن عبد الرحمن بن يزيد، أنَّهُ حجَّ مع عبدِ الله بن مسعود. قال: فَرَمَى الجمْرَةَ بسبْعِ حَصَيَاتٍ، وجعل البيت عن يسارِهِ، ومنىً عن يمينِهِ. وقال: هذا مقامُ الذي أُنزلَتْ عليه سورة البَقَرةِ. وفي طريق أُخرى (¬3)، يكبر مع كل حصاة. البخاري (¬4)، عن ابن عمر، أنَّهُ كان يرمي الجمرةَ الدُّنيا بسبع حصيات، يُكبرُ على إثر كل حصاة، ثمَّ يتقدَّمُ حتى يُسْهلَ، فيقوم مستقبل القبلةِ، فيقومُ طويلاً، ويدعو ويرفع يديه ثم يرمى الوسطى، ثم يأخذ بذات الشمال فيُسهل، ويقوم مستقبل القبلة، ثم يدعو ويرفع يديه ويقوم طويلاً، ثم يرمي جمرة ذاتِ العقبةِ من بطنِ الوادي، ولا يقف عندَها ثم ينصرف، ويقول: هكذا رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعلهُ. أبو داودا (¬5)، عن عائشة، قالت: أفاض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه، من آخر يوم حين صلَّى الظهر، ثم رجَع إلى مِنى، فمكث بها ليالي أيام التشريق، يرمي الجمرة إذا زالت الشمس، كل جمرة بسبع حَصيات يكبِّر مع كل حصاة ويقف عند الأولى والثانية، فيطل القيام ويتضرع، ويرمى الثالثة لا يقف عندها. ¬

_ (¬1) أبو داود: (2/ 495) (5) كتاب المناسك (78) باب في رمي الجمار - رقم (1969). (¬2) مسلم: (2/ 943) (15) كتاب الحج (50) باب رمي جمرة العقبة من بطن الوادي، - رقم (307). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (305). (¬4) البخاري: (3/ 681) (25) كتاب الحج (140) باب إذا رمى الجمرتين يقوم مستقبل القبلة ويسهل - رقم (1751). (¬5) أبو داود: (2/ 497) (5) كتاب المناسك (78) باب في رمي الجمار - رقم (1973).

هذا من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه، عن عائشة. النسائي (¬1)، عن ابن عباس، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قدَّم أهْلَهُ، وأمر (¬2) أن لا يرموا الجمرةَ حتى تطلُع الشَّمْسُ. مسلم (¬3)، عن جابر بن عبد الله، قال: رَمي رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - الجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحي، وأمَّا بَعْدُ، فإذا زالتِ الشَّمْسُ. وعنه (¬4)، قال: رأيتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يرمي على راحلتِهِ يوم النَّحْرِ: ويقولُ "لتأخذوا مناسِكَكُمْ. فإني لا أدري لعلي لا أَحُجُّ بَعْدَ حجتي هذِهِ"؟ وعن أم الحصين (¬5)، قالت: حَجَجْتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع. فرأيت أسامة وبلالاً، وأحدهما آخِذٌ بِخِطامِ ناقةِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، والآخر رافِعٌ ثوبَهُ يستُرُهُ من الحرِّ، حتى رمى جمْرَةَ العقبةِ. أبو داود (¬6)، عن قدامة بن عبد الله، قال: رأيتُ رسول الله - صلى الله ¬

_ (¬1) النسائي: (5/ 272) (24) كتاب المناسك (222) النهي عن رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس - رقم (3065). (¬2) النسائي: (وأمرهم). (¬3) مسلم: (2/ 945) (15) كتاب الحج (53) باب بيان وقت استحباب الرمي - رقم (314). (¬4) مسلم: (2/ 943) (15) كتاب الحج (51) باب استحباب رمي جمرة المقبة يوم النحر راكبا - رقم (310). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (312). (¬6) خرجه الترمذي في (3/ 247) (7) كتاب الحج (65) باب ما جاء في كراهية طرد الناس عند رمي الجمار - رقم (903). وأخرجه النسائي في (5/ 270) (24) كتاب المناسك (220) الركوب إلى الجمار واستظلال المحرم - رقم (3061). ولم أجده في أبي داود.

عليه وسلم - يرمى جمرة العقبة على ناقةٍ له صَهْبَاءَ، لا ضَرْبَ ولا طَرْدَ ولا إليْكَ إليْكَ. مسلم (¬1)، عن الفضل بن عباس، وكان رَديفَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، أنَّهُ قال، في عشيةِ عرفَةَ وغَدَاة جَمْعٍ، للنَّاسِ حين دَفَعُوا: "عليكم بالسكينةِ" وهو كافٌّ ناقَتَهُ (¬2)، حتى دخل مُحَسِّراً (وهو من مِنى) قال. "عليكم بحصى الخَذْفِ الذي يرُمى بِهِ الجمرة". وقال: لم يزل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُلبِّى حتى رمى الجمرة، جمرة العقبة (¬3). زاد في طريق أخرى (¬4)، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يُشيُر بيدِهِ كما يَخْذِفُ الإِنسان. النسائي (¬5)، عن ابن عباس، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداةَ العقبةِ وهو على راحلَتِه: "هَات التقط (¬6) لي" فلقَطْتُ لَهُ حصياتٍ هُنَّ حصى الخَذْفِ، فلما وضعتُهُنَّ في يَدِهِ قال: "بأمثال هؤلاء، بأمثال هؤلاء (¬7) وإيَّاكُمْ والغلُوَّ في الدِّين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغُلُو في الدِّينِ". الترمذي (¬8)، عن عاصم بن عدىّ، قال: رخَّصَ رسول الله - صلى الله ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 932) (15) كتاب الحج (45) باب استحباب إدامة الحاج التلبية حتى يشرع في رمي جمرة العقبة يوم النحر - رقم (268). (¬2) وهو كاف ناقته: من الكف: بمعنى المنع أي بمنعها الإِسراع. (¬3) جمرة العقبة: ليست في مسلم. (¬4) المصدر السابق. (¬5) النسائي: (5/ 268) (24) كتاب المناسك (217) التقاط الحصى - رقم (3057). (¬6) النسائي: (القط). (¬7) (بأمثال هؤلاء): ليست في النسائي. (¬8) الترمذي: (3/ 289، 290) كتاب الحج (108) باب ما جاء للرعاء أن يرموا يوماً، ويدعوا =

عليه وسلم - لِرِعاءِ الإِبل، في البيتُوتَةِ أن يرمُوا يوم النِّحِر، ثم يجمعُوا رمي يومين بعد يَوْمِ النَّحر، فيرمُونَهُ في أحدِهِما. قال مالكٌ: ظننتُ أَنَّهُ قال في الأوَّلِ منهما ثم يرمون يوم النفر. قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. مسلم (¬1)، عن أنس بن مالك، أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى مِنىً، ثم أتى (¬2) الجمرة فرمَاهَا، ثم أتى منزِلَهُ (¬3) ونحر، ثم قال للِحلاقِ "خذ" وأشار إلى جانبِهِ الأيمن، ثم الأيْسَرِ، ثُمَّ جعل يُعْطيِهِ النَّاسَ. وفي رواية (¬4)، بدأ بالشق الأيمن، فوزَّعَهُ الشَّعرَةَ والشعرتين بين النَّاسِ، ثم قال بالأيسر (¬5)، فدفعه إلى أبي طلحة. وعن أبي هريرة (¬6)، قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهُمَّ اغْفِرْ للمُحلِّقين" قالوا: يا رسول الله! وللمُقصِّرين؟ قال: "اللهُمَّ اغفر للمُحلِّقين" قالوا: يا رسول الله! وللمقصرين؟ قال: " اللهُمَّ اغفر للمُحلقين" قالوا: يا رسول الله! وللمقصِّرين؟ قال: "وللمقصِّرين". وعن ابن عباس (¬7)، قال: قال لي مُعَاويَةُ: أعلمتَ (¬8) أنِّي قصَّرْتُ من ¬

_ = يوماً - رقم (955). (¬1) مسلم: (2/ 947) (15) كتاب الحج (56) باب بيان أن السنة يوم النحر أن يرمى ثم ينحر ثم يحلق - رقم (323). (¬2) مسلم: (فأتى). (¬3) مسلم: (منزله بمنًى). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (324). (¬5) مسلم: (ثم قال بالأيسر فصنع به مثل ذلك، ثم قال: هاهنا أبو طلحة). (¬6) مسلم: (2/ 946) (15) كتاب الحج (55) باب تفضيل الحلق على التقصير وجواز التقصير - رقم (320). (¬7) مسلم: (2/ 913) (15) كتاب الحج (33) باب التقصير في العمرة - رقم (209). (¬8) د: أما علمت.

رأس رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بمشقصٍ؟ فقلتُ: لا أعلم [هذه إلا حجةً عليكَ. أبو داود (¬1)، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس على النساء الحلق، إنما (¬2) على النساء التقصير". أبو داود (¬3)، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني أبو عبيدة بن عبد الله ابن زمْعة، عن أبيه، وعن أُمِّهِ زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة، يحدثانه جميعاً ذلك عنها، قالت: كانت ليلتى التي يصير إليَّ فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مساء يوم النحر، فصار إليَّ فدخل (¬4) عليَّ وهب بن زمعة ودخل (¬5) معه رجل من آل أبي أُميةُ متقمِّصيْن، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لوهب: "هل أفضت أبا عبد الله؟ " قال: لا، والله يا رسول الله قال: "انزع عنك القميص"، قال: فنزعه من رأسِهِ ونزع صاحبه قميصه من رأسِهِ، ثم قال: ولِمَ يا رسول الله قال: "إن هذا يوم، رخص الله لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا من كل شيء حرمتم منه، إلا النساء (¬6)، فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت صرتم حرماً، كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة (¬7)، حتى تطوفوا به". مسلم (¬8)، عن كعب بن عجرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ ¬

_ (¬1) أبو داود: (2/ 502) (5) كتاب المناسك (79) باب الحلق والتقصير - رقم (1985). (¬2) د: وإنما. (¬3) أبو داود: (2/ 508، 509) (5) كتاب المناسك (83) باب الإفاضة في الحج - رقم (1999). (¬4) أبو داود: (ودخل). (¬5) (دخل): ليست في أبي داود. (¬6) (من كل شيء حرمتم منه، إلا النساء): ليست في أبي داود. (¬7) أبو داود: الجمرة العقبة. (¬8) مسلم: (2/ 861) (15) كتاب الحج (10) باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذىً، - رقم (84).

باب

به زَمَنَ الحُديبيةِ، فقال (¬1): "آذاك هوامُّ رأُسِكَ؟ " قال: نعم، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - "احْلقِ ثم (¬2) اذبح شاة نُسُكاً، أو صمْ ثلاثَةَ أيَّام، أو أطعِمْ ثلاثة آصُعٍ من تمرٍ، على ستَّةِ مساكِينَ". ولمسلم (¬3)، أيضاً في هذا، قال "انسك نَسيكَةً". مسلم (¬4)، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أفاض يوم النَّحْرِ ثم رَجعَ، فصلَّى الظهْرَ بِمنىً. أبو داود (¬5)، عن عائشة وابن عباس، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخَّر الطواف (¬6) يوم النحر إلى الليل. باب أبو داود (¬7)، عن ربيعة بن عبد الرحمن بن حُصين، قال: حدثتني جدتي سرَّاء بنت نَبْهان، وكانت رَبَّة بيت في الجاهلية، قالت: خَطنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الرؤوس فقال: "أي يوم هذا؟ " قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: "أليس أوسَط أيام التشريق؟ ". قال أبو داود: وكذا قال عمّ أبي حرَّة الرَّقاشي: خطب أوسط أيام التشريق. ¬

_ (¬1) مسلم: (فقال له). (¬2) مسلم: (احلق رأسك). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (83). (¬4) مسلم: (2/ 950) (15) كتاب الحج (58) باب استحباب طواف الإفاضة يوم النحر - (335). (¬5) أبو داود: (2/ 509) (5) كتاب المناسك (83) باب الإِفاضة في الحج - رقم (2000). (¬6) أبو داود: (أخر طواف يوم النحر). (¬7) أبو داود: (2/ 488، 489) (5) كتاب المناسك (71) باب، أي يوم يخطب بمنى؟. رقم (1953).

باب

أبو داود (¬1)، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، عن رجلين من بني بكر، قالا: رأينا رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يخطبُ بين أوسط أيام التشريق (¬2)، وهي خطبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي خطب بمنىً. وعن أبي أمامة (¬3)، قال: سمعتُ خطبة النبي - صلى الله جمليه وسلم - بمنىً يوم النحر. وعن رافع بن عمرو المزني (¬4)، قال: رأيتُ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب الناس بمنىً، حين ارتفع الضحى، على بغلة شهباء، وعليٌّ يعبر عنه، والنَّاس بين قائم وقاعد. باب النسائي (¬5)، عن أسامة بن زيد، قال: أفاض رَسُوِل الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفَة وأَنَا رديفُهُ، فجعل يكْبَحُ راحلتَهُ حتى أَنَّ ذِفْرَاهَا يكادُ يُصيبُ قَادِمَةَ الرَّحْلِ وهو يقول: "يا أيها الذين آمنوا (¬6) عليكم السكينة والوَقَار، فإن البِرَّ ليس في إِيضَاعِ الإِبل". أبو داود، عن عمرو بن الشريد، قال: أفضت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما مست قدماه الأرض حتى أتى جمعاً. ¬

_ (¬1) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (1952). (¬2) أبو داود: (ونحن عند راحلته). (¬3) أبو داود: (2/ 489) (5) كتاب المناسك (72) باب، من قال: خطب يوم النحر - رقم (1955). (¬4) أبو داود: (2/ 489) (5) كتاب المناسك (73) باب، أي وقت يخطب يوم النحر - رقم (1956). (¬5) النسائي: (5/ 257) (24) كتاب مناسك الحج (203) باب فرض الوقوف بعرفة - رقم (3018). (¬6) (آمنوا): ليست في النسائي.

باب

باب مسلم (¬1)، عن ابن عباس قال: كانَ النَّاسُ ينصرِفُونَ في كلِّ وَجْهٍ. فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَنْفِرَنَّ أحَدٌ حتى يكُونَ آخر عَهْدِهِ بالبيْتِ". وعن عائشهَ (¬2)، قالت: خَرَجْنَا مع رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا نرىَ إلا (¬3) الحج، فلما قدمنا مكَّةَ تطوَّفْنَا بالبيتِ. فأمَرَ رسوُلُ الله - صلى الله عليه وسلم -، من لم يكن سَاق الهَدْيَ أن يحِلَّ. قالت: فحلَّ مَنْ لم يَكُنْ سَاقَ الهدي، ونساؤهُ لم يَسُقْنُ الهَدْيَ، فَأحْلَلْنَ. قالت عائشَةُ: فحِضْتُ. فلم أطفْ بالبيتِ، فلما كانت ليلةُ الَحَصْبَةِ قالت، قلتُ: يا رسول الله! يرجِعُ النَّاسُ بعمرةٍ وحجَّة وأرُجعُ أنا بحجَّة؟، قال "أوما كُنْت طفْتَ ليالِي قَدِمْنَا مَكَّةَ؟ " قالت، قلتُ: لَا، قال: "فاذهَبِى مع أخِيكِ إلى التَّنْعِيمِ، فأهِلي بعُمرةٍ، ثمَّ مَوْعِدُكِ مكان كذا وكذا". قالت صفيَّةُ: ما أُراني إلاَّ حَابِسَتَكُمْ، قال: "عَقْرَى خَلْقَى، أو ما كُنْتِ طُفتِ يوم النَّحْرِ؟ "، قالت: بلى. قال: "لا بأس. انْفِرِي" وذكر الحديث. ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 963) (15) كتاب الحج (67) باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض - رقم (379). (¬2) مسلم: (2/ 877) (15) كتاب الحج (17) باب بيان وجوه الإِحرام - رقم (128). (¬3) مسلم: (ولا نرى إلا أنَّهُ).

النسائي (¬1)، عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه. مسلم (¬2)، عن عائشة، قالتْ: خَرَجْنَا مع رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في حجَّةِ الوَدَاعِ، مُوافِينَ لِهِلالِ ذي الحِجَّة. قالت: فقال رسوُل الله - صلى الله عليه وسلم - "من أراد منكم أن يُهِلَّ بعُمرةٍ، فليُهلَّ، فلولا أَنِّي أَهْدَيْتُ لأَهللتُ بعُمرةٍ" قالت: فكان من القوم من أهلَّ بعمرةٍ، ومنهم من أهلَّ بالحجِّ. قالت: فكنْتُ أنا مِمَّنْ أهلَّ بعُمرةٍ. فخرجْناَ حتى قدمنا مكَّةً، فأدركنِى يوْمُ عرفَةَ وأنا حائضِ، لم أَحِلَّ من عُمرتِي، فشكوتُ ذَلك إلى رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "دعى عمْرَتكِ وانْقُضِي رأْسَكِ. وامْتشِطِي وأهلِّي بالحجِّ" قالت: ففعَلتُ، فلمَا كانت ليلة الحَصْبَة (¬3)، وقد قضى الله حَجَّنَا، أرْسَلَ مَعِي عبْدَ الرَّحْمن بن أبي بكْرٍ، فأرْدَفني وخرجَ بي إلى التَّنْعِيم. فأهللتُ بعُمرة، فقضى الله حجَّنَا وعُمرتَنَا، ولَم يكن في ذلك هديٌ ولا صَدَقَةٌ ولا صَوْمٌ. وعنها (¬4) في هذا الحديث، قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامَ حجة الوَدَاعِ، فأهللنا بعُمْرَة، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) النسائي في الكبرى: (2/ 460) (28) كتاب الحج (270) ترك الرمل في طواف الإِفاضة - رقم (4170). (¬2) مسلم: (2/ 872) (15) كتاب الحج (17) باب بيان وجوه الإحرام - رقم (115). (¬3) ليلة الحصبة: هي ليلة نزول الحجاج بالمحصب حين نفروا من منًى بعد أيام التشريق. والمحصَّب: موضع بمكة على طريق منى. (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (111).

من كان مَعَهُ هديٌ فليُهلَّ بالحجِّ مع العُمْرَةِ، لا يَحِلَّ حتى يَحِلَّ منهما جميعاً"، قالت: فقدمتُ مكة وأنا حائُضٌ، فذكرت الحديث. وفيه، فلما قضينا الجج، أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التَنْعيِم، فاعتمرتُ. فقال: "هذه مكانُ عُمْرتِكِ" فطاف الذين أَهَلُّوا بالعمرَةِ بالبيتِ، وبالصَّفا والمروَةِ، ثم حَلُّوا، ثمَّ طافوا طوَافاً آخر، بَعْدَ أن رجعوا من منىً لِحَجِّهمْ، وأما الذين كانوا جمعوا الحجَّ والعُمرة، فإنَّمَا طافوا طوافاً واحِداً. وعنها (¬1) في هذا الحديث أيضًا، قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولانرى إلا الحج، حتى إذا كنا بِسَرف (¬2)، أو قريباً منها، حِضْتُ فدخَلَ عليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنا أبكي، قال "أنَفِسْتِ؟ " (يعني الحيضة - قالت)، قلتُ: نعم، قال "إنَّ هذا شئٌ كتبَهُ الله علي بناتِ آدَمَ، فاقضي ما يقضي الحاجُّ، غير أن لا تطوفي بالبيتِ حتى تغتسلي، قالت: وضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه بالبقر. وقال أبو داود: غير أن لا تطوفي بالبيت ولا تصلي. مسلم (¬3)، عن عائشة في هذا الحديث أيضاً، قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجَّةَ الوداع فمنَّا من أهل بعمرةٍ، ومنَّا من أهل ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (119). (¬2) بسرف: هو ما بين مكة والمدينة. (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (112).

بحجٍّ، حتى قدمنا مكة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من أحْرَمَ بعُمْرةٍ ولم يُهْدِ فلْيَحْلِلْ، ومن أَحْرَمَ بعمرةٍ، وأهدى، فلا يَحِلُّ حتى ينحَرَ هديَهُ، ومن أهلَّ بحجٍّ فليُتِمَّ حجَّهُ". قالت عائشة: فحضت، وذكر (¬1) الحديث. وقال جابر في حديثه (¬2)، فقال "إن هذا أمرٌ كَتَبَهُ الله تعالى علي بناتِ آدَمَ، فاغتسلي وأهلي بالحج (¬3) "، ففعلَتْ ووقفت المواقِفَ، وذكر الحديث. مسلم (¬4)، عن جابر بن عبد الله، أنَّهُ حجَّ مع رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَامَ سَاقَ الهَدْىَ مَعَهُ، وقد أهلُّوا بالحجِّ مُفَرداً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أحِلُّوا من إِحْرَامِكُمْ، فطوُفُوا بالبيتِ، وبين الصفا والروةِ، وقصَّرُوا، وأقيموا حَلالاً حتى إذا كَانَ يوم الترويةِ، فأهلُّوا بالحجِّ واجعلوا التي قدِمْتُم بها مُتعةً" قالوا: كيف نجعلُهَا متعة! وقد سمَّيْنا الحجَّ؟ قال: "افعلوا ما آمركم به فلولا أني سقت الهدى لفعلت مثل الذي أمُرتكْم بِهِ، ولكن لا يحلُّ منِّى حَرَامٌ حتى يبلغ الهدي محِلَّهُ" ففعلوا. وفي طريق أخرى (¬5)، "قد علمتم أَنَّي أتقاكُم لله، وأصْدَقُكُمْ وأبَرُّكُمْ (¬6)، ولولا هدْيي لَحَللْتُ كما تَحِلُّونَ، ولو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ، لم أسُقِ الهدي، فَحِلُّوا" فحللنا، وسمعنا وأطعنا. ¬

_ (¬1) د: وذكرت. (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين (136). (¬3) مسلم: (ثم أهلِّي بالحج). (¬4) مسلم: نفس الكناب والباب السابقين - رقم (143). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (141). (¬6) د: وأبركم وأصدقكم.

وفيه، فقال سُرَاقَةُ بن مالك: يا رسُولَ الله! ألِعَامِنَا هذا أم لأَبَدٍ؟ قال "لأبَدٍ". الترمذي (¬1)، عن أَبى رزينِ العقيليّ، أنَّهُ أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقَال: يا رسُولَ الله! إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ لا يستطيعُ الحجَّ ولا العُمْرَةَ، ولا الظَّعْنَ، قال "حُجَّ عن أبيكَ واعتمر". قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وأبو رزين: اسمُهُ لَقِيط بن عَامِرٍ. أبو داود (¬2)، عن عبد الرحمن بن أبي بكرٍ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له "يا عبد الرحمن، أردِفْ أُختك عائشة فأعمرها من التنعيم، فإذا هبطْت بها من الأكمة، فلتُحرم بها (¬3)، فإنها عمرةٌ متقبَّلة". وعن عروة، عن عائشة (¬4) قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح من كَدَاء (¬5)، من أعلى مكة، ودخل في العمرة من كُدي (¬6). قال: وكان عروة يدخل منهما جميعًا، وكان أكثر ما يدخل من كُداي (¬7)، وكان أقربهما إلى منزله. مسلم (¬8)، عن أنس، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمَرَ أرْبَعَ ¬

_ (¬1) الترمذي: (3/ 269) (7) كتاب الحج (87) باب مِنْهُ - رقم (930). (¬2) أبو داود: (2/ 507) (5) كتاب المناسك (81) باب المهلَّة بالعمرة تحيض فيدركها الحج فتنقض عمرتها وتُهل بالحج - رقم (1995). (¬3) (بها): ليست في أبي داود. (¬4) أبو داود: (2/ 436، 437) (5) كتاب المناسك (45) باب دخول مكة - رقم (1868). (¬5) د: كُدى. (¬6) د: كداء. (¬7) الأصل: كداء. (¬8) مسلم: (2/ 916) (15) كتاب الحج (35) باب بيان عدد عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (21).

عُمَر، كلُّهُنَّ في ذي القعدةِ، إلا التي مع حجتهِ، عُمرةً من الحديبيةِ، أو زمن الحديبية، في ذي القعدةِ، وعُمرة من العَامِ المقبل في ذي القعدة، وعُمرةً من جِعْرَانَةَ، حيثُ قسم غنائم حُنين في ذي القعدة، وعُمرةً معَ حجَّتِهِ. مسلم (¬1)، عن عبد الله بن عمرو قال: وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حَجَّةِ الوداع، بمنىً، للنَّاس يسألونه، فجاء رجُلٌ فقال: يا رسول الله! لم أَشْعُرْ، فحلقتُ قبل أن أنْحَرَ فقال "اذبح ولا حَرجَ" ثم جاءَهُ رجل (¬2) آخر فقال: يا رسول الله! لم أَشْعُرْ، فنحرت قبل أن أرْمِىَ، فقال "ارْم ولا حَرَجَ". قال: فما سُئِلَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيءٍ قُدِّمَ ولا أُخِّرَ إلا قال: افْعَلْ ولا حَرَجَ". البخاري (¬3)، عن ابن عباس في هذا الحديث قال: رَميتُ بعدَما أمسيتُ، فقال "لا حرَج". وقال الترمذي (¬4)، من حديث علي بن أبي طالب، أفضتُ قبل أنْ أحْلِقَ، قال: "احْلِقْ أو قصِّر ولا حَرَجَ". وقال: حديث حسن صحيح. زاد أبو داود (¬5)، "ولا حرج إلا على من اقترض (¬6) عِرْضَ رجل مسلم ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 948) (15) كتاب الحج (57) باب من حلق قبل النحر أو نحر قبل الرمي - رقم (327). (¬2) (رجل) ليست في الأصل. (¬3) البخاري: (3/ 664) (25) كتاب الحج (130) باب اذا رمى بعد ما أمسى - رقم (1735). (¬4) الترمذي.: (3/ 232، 233) (7) كتاب الحج (54) باب ما جاء أن عرفة كلها موقف - رقم (885). (¬5) أبو داود: (2/ 517) (5) كتاب المناسك (88) باب فيمن قدم شيئًا قبل شيء في حجه - رقم (2015). (¬6) في أبي داود: (إلا على رجل اقترض).

وهو ظالمٌ، فذلك الذي حَرِج وهلك". خرّجه من حديث أسامه بن شريك. مسلم (¬1)، عن ابن عمر، أَنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرجُ من طريقِ الشجرةِ، ويدخل من طريق المُعَرَّسِ، وإذا دخل مكة، دخل من الثنية العُليا، ويخرج من الثنيَّةِ السُّفلى. وعنه (¬2)، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبّا بَكْرٍ وعُمَرَ كانوا ينزلُون بالأبطح (¬3). وعن عائشة (¬4)، في هذا الحديث قالت: نُزُولُ الأبْطَح ليِس بسُنَّةٍ. إِنَّما نزلَهُ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأَنَّهُ كان أسمَحَ لخروجِهِ إذا خَرَجَ. وعن أَبى رافع (¬5)، قال: لم يأمُرْني رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن أْنزلَ الأبْطَحَ حين خرَجَ من منى، ولكنىِّ جِئْتُ فضربتُ قُبَّتهُ (¬6)، فجاء فنزَلَ. وعن عبد العزيز بن رفيع (¬7)، قال: سألتُ أنس بن مالكٍ: أخبرني بشيء عَقَلْتهُ، عن رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، أين صَلَّى الظهر يوم التروية؟. ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 918) (15) كتاب الحج (37) باب استحباب دخول مكة من الثنية العليا والخروج منها من الثنية السفلى - رقم (223). (¬2) مسلم: (2/ 951) (15) كتاب الحج (59) باب استحباب النزول بالمحصب - رقم (337). (¬3) مسلم: (ينزلون الأبطح). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين رقم (339). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين رقم (342). (¬6) في مسلم: (فضربت فيه قبته). (¬7) مسلم: (2/ 950) (15) كتاب الحج (58) باب استحباب طواف الإفاضة يوم النحر - رقم (336).

باب سقاية الحاج

قال: بمنًى، قلتُ: فأين صلَّى العصر يوم النَّفْرِ؟. قال: بالأبْطَحِ، ثم قال: افْعَلْ ما يفعَلُ أُمراؤك. أبو داود (¬1)، عن نافع، عن ابن عمر، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالبطحاء، ثم هجَع بها هجْعةً، ثم دخل مكة وكان ابن عمر يفعله. باب سقاية الحاج مسلم (¬2)، عن جابر في حديثه، رَكِبَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فأفاض إلى البيت (¬3)، فأَتَى بني عبدِ المطلبِ يسقُونَ على زمزم. فقال: "انزعوا بني عبد المطلبِ، فلولا أن يَغْلِبَكُمُ النَّاس على سِقايِتكُمْ لنزعتُ معكم" فناولُوهُ دَلوًا فشرب مِنْهُ. الذي نزع له الدلو هو العباس بن عبد المطلب. ذكره أبو علي ابن السَّكن. مسلم (¬4)، عن بَكْرِ بن عبد الله المُزَنِيِّ، قال: كُنتُ جالسًا مع ابن عبَّاسٍ عند الكعبةِ. فأتَاهُ أعرابيٌّ، فقال: مالِي أرى بني عمِّكُم يَسْقُونَ العسَلَ واللَّبَنَ، وأَنتُم تسقُونَ النَّبِيذَ؟ أمن حاجةٍ أم من بُخْلٍ؟ فقال ابن عبَّاسٍ: الحمدُ لله ما بِنَا حاجة ولا بُخْل. قَدِمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - على راحِلتِهِ وخَلْفَهُ أُسامَةُ فاستسقى فأتينَاهُ بإناء من نبيذ فشربَ وسقى فَضْلَهُ أُسامَةَ وقال: "أحسنْتُم وأجملتُم، كذا فاصنعُوا" فلا نُريد تغييرَ ما أمر به رسُولُ الله - صلى ¬

_ (¬1) أبو داود: (2/ 515) (5) كتاب المناسك (87) باب التحصيب - رقم (2013). (¬2) مسلم: (2/ 892) (15) كتاب الحج (19) باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (147). (¬3) في مسلم: (فصلى بمكة الظهر). (¬4) مسلم: (2/ 453) (15) كتاب الحج (60) كتاب وجوب المبيت بمنى ليالي أيام التشريق - رقم (347).

باب في الاشتراط في الحج وفي المحصر والمريض ومن فاته الحج

الله عليه وسلم -. وعن ابن عمر (¬1)، أنَّ العبَّاس بن عبد الطلب استأذنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيِتَ بمكَّةَ ليالِيَ منًى، من أجلِ سِقَايتهِ فأذِنَ لَهُ. باب في الاشتراط في الحج وفي المحصر والمريض ومن فاته الحج مسلم (¬2)، عن عائِشةَ قالت دَخَلَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على ضُبَاعَةَ بنتِ الزُّبَيْرِ (¬3) فقال لها: "أردتِ الحجَّ؟ " قالت: والله ما أَجِدُنِي إلا وَجِعَةً. فقال لها "حُجِّي واشْتَرِطِي، وقولي اللهم مَحلِي حيْثُ حَبَسْتَنِي"، وكانت تحتَ المِقدَادِ بن الأسود. زاد (¬4)، عن ابن عبَّاس فأَدْرَكَتْ. (¬5) وقال الترمذي (¬6)، قولي "لبَّيكَ اللهُمَّ لبَّيْكَ. محِلِّي (¬7) من الأرضِ حيثُ تَحْبِسُنِي". وزاد النسائي (¬8)، "فإِن لك على رَبّكِ ما اسْتَثْنَيْتِ". ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (346). (¬2) مسلم: (2/ 867، 868) (15) كتاب الحج (15) باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه - رقم (104). (¬3) ضباعة بنت الزبير: هي بنت عم النبي - صلى الله عليه وسلم -، صحابية هاشمية. (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (106). (¬5) فأدركت: معناه: أدركت الجج ولم تتحلل حتى فرغت منه. (¬6) الترمذي: (3/ 279) (7) كتاب الجج (97) باب ما جاء في الإشتراط في الحج - رقم (941). (¬7) في الترمذي: (لبيك محلي). (¬8) النسائي: (5/ 168) (24) كتاب مناسك الحج (60) كيف يقول إذا اشترط - رقم (2766).

مسلم (¬1)، عن نافع، أنَّ ابن عمر أراد الحجَّ عَامَ نَزَلَ الحجَّاجُ بابن الزبير فقيل له: إِنَّ النَّاس كائنٌ بينهم قِتَالٌ دإنَّا نخافُ أن يَصُدُّوكَ فقال: لقد كان لكُمْ في رسول الله أُسوَةٌ حَسنَة أصنعُ كما صَنَعَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، إنِّى أَشهد (¬2) أَنِّي قد أوجبتُ عمرة. ثم خَرَجَ حتى إذا كان بظهر (¬3) البيداء قال ما شأنُ الحجِّ والعمرةٍ إلا واحِدٌ، أشهد (¬4) أنِّي قد أوْجَبْتُ حجًّا مع عُمرتي، فأهدى هديًا اشتراه بقُدَيدٍ ثم انطلق يُهِلُّ بهما (¬5)، حتى قَدِمَ مكةَ، فطاف بالبيتِ وبالصَّفَا والمروَةِ. ولم يزد على ذلك. ولم ينْحَرْ ولم يَحْلِقْ ولم يُقصِّرْ، ولم يَحْلِلْ من شيءٍ حرمَ مِنْهُ حتى كان يومُ النَّحْرِ فَنحَرَ وحَلَقَ. ورأَى أن ذلك (¬6) قد قضى طواف الحجِّ والعُمرةِ بطوافِهِ الَأوَّلِ. وقال ابن عمر: كذا (¬7) فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. النسائي (¬8)، عن ناجية بن جندب الأسلمي، أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - حين صُدَّ الهدي، فقال: يا رسول الله! ابعث به معي فأنا أنجزه، قال: "وكيف" قال: آخذ بِهِ في أوديةٍ لا يقدر عليه، قال: فدفعَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه فانطلق به حتى نحره في الحرم. أبو داود (¬9)، عن ابن عباس، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 904) (15) كتاب الحج (26) باب بيان جواز التحلل بالإحصار وجواز القران - رقم (182). (¬2) مسلم: أشهدكم. (¬3) مسلم: (بظاهر البيداء). (¬4) مسلم: اشهدوا. (¬5) مسلم: (يهل بهما جميعًا). (¬6) ذلك: ليست في مسلم. (¬7) في مسلم: (كذلك). (¬8) النسائي: في الكبرى (2/ 453) (28) كتاب الحج (257) هدي المحصر - رقم (4135). (¬9) أبو داود: (2/ 434، 435) (5) كتاب المناسك (44) باب الإحصار - رقم (1864).

باب

أن يبُدلوا الهدي الذي نحروا عام الحديبية في عمرة القضاء. النسائي (¬1)، عن عكرمة، عن الحجَّاجِ بن عمرو، أنَّهُ سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول "من عَرِجَ أو كُسِر فقد حلَّ وعليه حَجَّةٌ أخرى" فسألتُ ابن عباس، وأبا هريرة عن ذلك فقالا: صَدَقَ. زاد أبو داود (¬2)، "أو مرض" وقال (¬3): "عليه الحج من قابلٍ". باب مسلم (¬4)، عن ابن عباس أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لَقِيَ رَكْبًا بالرَّوْحَاء (¬5) فقال: "من القومُ؟ " قالوا؛ المسلِمُونَ. قالوا: من أنتَ؟ قال "رسول الله" فَرَفَعَت إليه امرأةٌ صبيًّا فقالت: يا رسول الله (¬6) ألهذا حجُّ؟ قال "نعم. ولك أجْرٌ". وعن ابن عباس (¬7)، قال: كان الفَضْلُ بن عبَّاسٍ رَدِيفَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءَتْهُ أمرأةٌ من خثعم تستفتِيهِ، فجعل الفضلُ ينظُرُ إليها وتنظُرُ إليْه. فجعل رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصرِفُ وَجْهَ الفضْلِ إلى الشِّقِّ. الآخَرِ. فقالت: يا رسول الله! إنَّ فريضَةَ الله على عباد في الحجِّ أَدْرَكَتْ أبِي ¬

_ (¬1) النسائي: (5/ 198) (24) كتاب مناسك الحج (102) فيمن أحصر بعدو - رقم (2860). (¬2) أبو داود: (2/ 434) (5) كتاب المناسك (44) باب الإحصار - رقم (1863). (¬3) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (1862). (¬4) مسلم: (2/ 974) (15) كتاب الحج (72) باب صحة حج الصبيّ وأجر من حج به - رقم (409). (¬5) الروحاء: مكان على ستة وثلاثين ميلًا من المدينة. (¬6) (يا رسول الله): ليست في مسلم. (¬7) مسلم: (2/ 973) (15) كتاب الحج (71) باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما، أو للموت - رقم (407).

باب في لحم الصيد للمحرم وما يقتل من الدواب وفي الحجامة وغسله رأسه وما يفعل إذا اشتكى عينيه

شيخًا كبيرًا، لا يستطيعُ أنْ يثبُتَ على الرَّاحِلَةِ أفأحُجُّ عنهُ؟ قال "نعم" وذلك في حجَّةِ الوَدَاعَ. البخاري (¬1)، عن ابن عباس، أن امرَأَةً من جُهَينةَ جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالتْ: إنّ أمِّي نَذَرَتْ أن تحُجَّ، فلم تحُج حتى ماتت، أفأحُجُّ عنها؟ فقال: "حجِّي (¬2) عنها، أرَأيتِ لو كان على أُمِّكِ دينٌ، أكنتِ قاضِيتَهُ؟ اقْضُوا الله، فالله أحَقُّ بالوَفاء". باب في لحم الصيد للمحرم وما يقتل من الدواب وفي الحجامة وغسله رأسه وما يفعل إذا اشتكى عينيه مسلم (¬3)، عن الصَّعْبِ بن جَثَّامَةَ الليثي، أنَّهُ أهدى لِرسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حِمَارًا وحشيًا، وهو بالَأبواءِ (أَوْ بِودَّان) (¬4) فردَّهُ عليه رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فلما أنْ رأى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ما في وجهه، قال: "إنَّا لم نرُدَّه عليكَ، إلا أَنَّا حُرمٌ". وعن أَبى قتادة (¬5)، أنهُ كَانَ مع رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كانوا (¬6) ببعض طريقِ مكَّةَ تخلَّف معِ أصحابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ. وهُوَ غيرُ مُحرمٍ فرأى حِمَارًا وحشيًا، فاستوى على فرَسِهِ، فسأل أَصْحَابَهُ أن يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ. ¬

_ (¬1) البخاري: (4/ 77) (28) كتاب جزاء الصيد (22) باب الحج والنذور عن الميت - رقم (1852). (¬2) في البخاري: (نعم، حجي عنها). (¬3) مسلم: (2/ 850) (15) كتاب الحج (8) باب تحريم الصيد للمحرم - رقم (50). (¬4) بالأبواء، أو بودان: مكانان بين مكة والمدينة. (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (57). (¬6) في مسلم: (إذا كان).

فأبوا (¬1)، فسألهم رُمْحَهُ. فأبَوْا علْيهِ، فأخَذَهُ، ثم شَدَّ على الحِمَارِ فقتَلهُ، فأكل مِنْهُ بعضُ أصحابه (¬2)، وأبى بعضُهُم فأدركُوا رسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم -، فَسَأَلُوهُ عن ذِلكَ؟ فقال: "إنَّمَا هي طُعْمَةٌ أطعمكُمُوها الله". وعنه (¬3)، في هذا الحديث، قال: "هل أشارَ إلْيهِ إنسانٌ مِنْكُم أو أَمَرَهُ بشئٍ" قالوا: لا، يا رسُولَ الله! قال: "فكُلوه" (¬4). وعنه (¬5)، فيه أيضًا، فقال: "هل معكُمْ مِنْهُ شئٌ؟ " قالوا: مَعَنَا رجْلهُ، قال فأخَذَهَا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فأكَلَهَا. وعن عائشة (¬6)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قال: "خمسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ في الحِلِّ والحَرَمِ: الحيَّةُ، والغُرَابُ الأبْقَعُ (¬7) والفَأرةُ والكلْبُ العَقُورُ، والحُدَيَّا". وفي طريق أخرى (¬8)، "العقربُ، والفأرةُ والحُدَيَّا، والغرابُ، والكلْبُ العقُورُ". وعن ابن عباس (¬9)، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ وهُوَ مُحْرِمٌ. وعن إبراهيم (¬10) بن عبد الله بن حُنَيْنٍ، عن أَبى أيوب، وسَأَلَهُ كيف ¬

_ (¬1) في مسلم: (فأبوا عليه). (¬2) في مسلم: (بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (64). (¬4) في مسلم: (فكلوا). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (63). (¬6) مسلم: (2/ 856) (15) كتاب الحج (9) باب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحلّ والحرام - رقم (67). (¬7) الغراب الأبقع: هو الذي في ظهره وبطنه بياض. (¬8) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (68). (¬9) مسلم: (2/ 862) (15) كتاب الحج (11) باب جواز الحجامة للمحرم - رقم (87). (¬10) مسلم: (2/ 864) (15) كتاب الحج (13) باب جواز غسل المحرم بدنه ورأسه - رقم (91).

باب التعريس بذي الحليفة وكم حجة حج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي دخول الكعبه والصلاة فها، وفي تعجيل الرجعة لمن قضى حجه، وفي تحريم مكة وفضلها، وفي ذكر ماء زمزم.

كان رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَغْسِلُ رأْسَهُ وهو مُحْرِمٌ؟ وكان أبو أيوب يغسل رأسه، فوضع أبو أيُّوبَ يَدَهُ على الثَّوْبِ، فَطَأْطَأَهُ حتى بدا لي رأْسُهُ، ثم قال لِإنسان يَصُبُّ: (¬1) فصبَّ على رأسِهِ، فحرك (¬2) رأْسَهُ بيَدَيهِ. فأقبل بهما وأدْبَرَ، ثم قال: هكذا رأَيْتُهُ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُ. وعن عثمان بن عفان (¬3)، أنه حَدَّثَ عن رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في الرَّجُلِ إذا اشتكى عَيْنَيْهِ، وهو مُحْرِم، ضَمَّدَهُمَا بالصَّبرِ. باب التعريس بذي الحليفة وكم حجة حج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي دخول الكعبه والصلاة فها، وفي تعجيل الرجعة لمن قضى حجه، وفي تحريم مكة وفضلها، وفي ذكر (¬4) ماء زمزم. مسلم (¬5)، عن نافع، أنَّ عَبْدَ الله بن عمر كان إذا صَدَرَ من الحجِّ والعُمْرَةِ، أَنَاخَ بالبَطْحَاءِ التي بذي الحُلَيْفَةِ التي كان يُنِيخُ بِهَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. وعنه (¬6)، عن عبد الله، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أناخ بالبطحاءِ التي بذِي الحُليفةِ، فصلى بها، وكان عبدُ الله بن عُمَرَ يفعلُ ذلِكَ. وعن عبد الله بن عمر (¬7)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ وهو ¬

_ (¬1) في مسلم: (قال الانسان يصب: اصبب). (¬2) في مسلم: (ثم حرك رأسه). (¬3) مسلم: (2/ 863) (15) كتاب الحج (12) باب جواز مداواة المحرم عينيه - رقم (89). (¬4) ذكر: ليست في الأصل. (¬5) مسلم: (2/ 981) (15) كتاب الحج (77) باب التعريس بذي الحليفة - رقم (432). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (430). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (434).

في مُعَرَّسِهِ (¬1) من ذي الحُليفةِ من (¬2) بطن الوادي فقيل: إِنَّكَ ببطحَاءَ مُبَارَكةٍ. قال موُسى بن عُقْبَةَ: وقَدْ أَنَاخَ بِنَا سالِمٌ بالمُنَاخِ من المسجِدِ الذي كانَ عبدُ الله ينُيِخُ بِهِ. يتحرَّى مُعَرَّسَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وهُوَ أسْفَلُ من المسجدِ الذي بِبَطْنِ الوادي، بينَهُ وبينَ القِبْلَةِ، وَسَطًا من ذِلكَ. البخاري (¬3)، عن أبي إسحق السبيعى، عن زيد بن أرقم، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - غزا تسعَ عشرةَ غزوةً، وأنَّهُ حجَّ بعد ما هاجَر حجةً واحدة، لم يحج غيرها (¬4)، حجة الوداع. قال أبو إسحاق: وبمكة أُخرى. مسلم (¬5)، عن ابن عمر، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الكعبةَ، هو وأُسَامةُ (¬6) وبلالٌ وعثمانُ بنُ طلحَة الحجَبِيُّ، فأَغْلقهَا عليهِ ثم مَكَثَ فيها. قال ابن عُمر: فسأَلتُ بلالًا، حين خرج: ما صنع رسُولُ الله - صلى الله عيه وسلم -؟ قال: جَعَل عمودَيْنِ عن يَسَارِهِ وعُمودًا عن يمينِهِ وثَلاَثَةَ أعمِدَةٍ وَرَاءَهُ. وكَانَ البيتُ يومئذٍ على سِتَّةِ أعمدةٍ. ثُمَّ صَلَّى. وعنه في هذا الحديث (¬7)، ونسيتُ أن أسْأَلَهُ: كم صَلَّى. قال البخاري (¬8): واستقبل بوَجههِ الذي يستقبلكَ حين تَلجُ البيت وعندَ المكان الذي صلّى فيه مَرْمَرةٌ حمراء. ¬

_ (¬1) في معرسه: قال القاضى: المعرس موضع النزول. (¬2) مسلم: (في). (¬3) البخاري: (7/ 710) (64) كتاب المغازي (77) باب حجة الوداع - رقم (4404). (¬4) في البخاري: (لم يحج بعدها). (¬5) مسلم: (2/ 966) (15) كتاب الحج (68) باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره، والصلاة فيها - رقم (388). (¬6) د: أسامة بن زيد. (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (389). (¬8) البخاري: (7/ 709) (64) كتاب المغازي (77) باب حجَّة الوداع - رقم (4400).

وفي أخرى (¬1)، بينَهُ، وبين الجِدارِ الذي قِبَلَ وَجههِ قريبًا من ثلاثِ أذرُع. وذكر البخاري (¬2)، أيضًا هذا الحديث، في كتاب الصلاة، وقال فيه: فسألتُ بلالًا فقلتُ: صلى (¬3) النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة؟ قال: نعم، ركعتين. والمشهور أنه لم يسأله، ولم يخبره كم صلّى. وقال أبو داود (¬4): عن عبد الرحمن بن صفوان، قال: قلتُ لعمر بن الخطاب: كيف صنع رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين دخل البيت (¬5) قال: صلى ركعتين؟. مسلم (¬6)، عن أسامة بن زيد، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا دخل البيت دَعَا في نواحيه كُلِّهَا، ولم يُصَلِّ فيهِ حتى خرج، فلما خرج رَكَعَ في قُبُلِ البيت ركعتين، وقال: "هذِهِ القبلَةُ". وعن أبي هريرة (¬7)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "السَّفَرُ قِطَعَةٌ من العذابِ، يمْنعُ أحَدَكُمْ نَوْمَهُ وطَعَامَهُ وشرابَهُ، فإذا قضى أحَدُكُمْ نهمتهُ (¬8) مِنْ وجهِهِ فليُعَجِّل إلى أهِلهِ". ¬

_ (¬1) البخاري: (3/ 545) (25) كتاب الحج (52) باب الصلاة في الكعبة - رقم (1599). (¬2) البخاري: (1/ 596) (8) كتاب الصلاة (30) باب قول الله تعالى {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} - رقم (397). (¬3) البخاري: (أصلى). (¬4) أبو داود: (2/ 525) (5) كتاب المناسك (93) باب الصلاة في الكعبة - رقم (2026). (¬5) أبو داود: (حين دخل الكعبة). (¬6) مسلم: (2/ 968) (15) كتاب الحج (68) باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره، والصلاة فيها، والدعاء في نواحيها كلها - رقم (395). (¬7) مسلم: (9/ 1526) (33) كتاب الإمارة (55) باب السفر قطعة من العذاب، - رقم (179). (¬8) نهمته: النهمة هي الحاجة.

وعن أبي هريرة (¬1)، أنَّ خُزَاعةَ قتلت قتيلًا (¬2) من بني ليث، عام فتحِ مكةَ، بقتيلٍ منهم قتلُوهُ، فأُخْبِرَ بذلك رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فرِكبَ راحلَتَهُ فخطبَ فقال: "إِنَّ الله حبس عن مكَّةَ الفيلَ، وسلَّطَ عليها رسُولَهُ والمؤمنينَ، ألاَ وإِنَّهَا لم تحلَّ لأحدٍ قبلى ولن تحِلَّ لأحدٍ بعدي، ألا وِإنَّها أُحلّت لي ساعةً من النَّهارِ، ألا وإِنَّها، ساعتي هذِهِ، حَرَامٌ لا يُخْبَطُ شوكُهَا ولا يُعْضَدُ شجرُها ولا يلْتَقطُ ساقطتهَا إلا مُنشْدٌ، ومن قُتِل لهُ قتيل فهو بخيرِ النَّظرَيْنِ، إِمَّا أن يُعطي (يعني الدِّية)، وإمَّا أن يُقال (أهل القتيل) قال: فجاء رجُلٌ من أهل اليمن يُقالُ له أبو شاةٍ، فقال: اكتب لِي يا رسول الله: فقال "اكتُبُوا لأبي شاةٍ" فقال رجلٌ من قريش، إِلَّا الإِذْخِرَ، فإنّا نجعلُه في بيوتنا وقُبورِنَا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إلا الإِذخر". أراد بقوله اكتب لي يا رسول الله، الخطبة التي سمعها من رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ذكر ذلك مسلم (¬3) أيضًا". وقال مسلم (¬4)، عن أبي شريح، أنَّهُ قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: ائْذن لي أيّها الأميُر أُحَدِّثْكَ قولًا قام به رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الغَدَ من يومِ الفتحِ، سمِعَتْهُ أذنايَ ووعَاهُ قلبي وأبصرَتْهُ عينَايَ حين تكلَّمَ بِهِ، أنَّهُ حَمِدَ الله وأثنى عليه، ثم قال "إنَّ مكةَ حرَّمَهَا الله ولم يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فلا يِحلُّ لامرِيءٍ يؤمن بالله واليومِ الآخر أَنْ يَسْفِكَ بها دمًا ولا يَعْضِدَ بها شجرةً، فإنْ أَحَدٌ ترخَّصَ لقتال (¬5) رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فيها فقُولُوا: (¬6): إنَّ الله أذِنَ لرسُوله ولم يأذن لكُمْ، وِإنَّما أذن لي فيها ساعةً من ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 989) (15) كتاب الحج (82) باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها - رقم (448). (¬2) مسلم: (أن خزاعة قتلوا رجلًا). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (447). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (446). (¬5) مسلم: (بقتال). (¬6) مسلم: (فقولوا له).

نهارٍ، وقد عَادَتْ حُرْمَتهُاَ اليوْمَ كحُرْمَتِهَا بالأمْسِ، وليُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغائِبَ" فقيل: لأبي شريح: ما قاَلَ لَكَ عمرو؟ قال: قال (¬1): أنا أعلَمُ بذلك منك، يا أبا شرَيْحٍ، إنَّ الحَرَمَ لا يُعِيذُ عاصيًا ولا فارًا بدمً ولا فارًّا بِخَرْبَةٍ (¬2). وعن ابن عباس (¬3)، قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:. يوم الفتحِ فَتْح مكَّةَ "إنَّ هذا البَلَدَ حَرمَهُ الله يَوْمَ خَلَقَ السمواتِ والأرْضَ، فهو حَرَامٌ بِحُرْمِة الله إلى يوم القيامِة وإِنَّهُ لم يَحِلَّ القتالُ فيه لأحَدٍ قبلِي. ولم يَحِلَّ لي إلا ساعةً من نهارٍ، فهو حَرَامٌ بُحْرمَةِ الله -عَزَّ وَجَلَّ- إلى يوم القيامة" وذكر الحديث. النسائي (¬4)، عن عبد الله بن عدي بن الحمراء، أَنَّهُ سَمِعَ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو واقف على راحلتهِ بالحزورة (¬5) في مكةَ يقول لمكة: "والله إنَّكِ لخير أرضِ الله وأَحبُّ أَرض الله إلى الله، ولولا أَنِّي أُخرجتُ منك ما خرجتُ". أبو داود الطيالسي (¬6)، عن أبي ذر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في زمزم قال: "إنَّهَا مباركة وهي طعام طعم، وشفاء سقم". ¬

_ (¬1) قال: ليست في مسلم. (¬2) "الخربة: أصلها العيب، والمراد بها هاهنا الذي يفرُّ بشيء يريد أن ينفرد به ويغلب عليه مما لا تجيزه الشريعة" كذا في النهاية: (2/ 17). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (445). (¬4) النسائي في الكبرى (2/ 476) (28) كتاب الحج (303) فضل مكة - رقم (4252). (¬5) الحزورة: كانت سوق مكة،: قد دخلت في المسجد لما زيد فيه، كذا في معجم البلدان (2/ 255)، وفي الكبرى (بالجرول) وهو خطأ. (¬6) الطياليسي - رقم (457).

باب دخول مكة بغير إحرام، وفي بيع دورها وتوريثها، ونقض الكعبة وبنيانها وما جاء في مالها

باب دخول مكة بغير إحرام، وفي بيع دورها وتوريثها، ونقض الكعبة وبنيانها وما جاء في مالها مسلم (¬1)، عن جابِرِ بن عبدِ الله، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله دخَلَ يوم فتح مكَّةَ، وعليهِ عَمامَةٌ سَوْدَاءُ بغير إحْرَامٍ. وعن أنس (¬2)، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، دخل مكَّةَ عامَ الفتْحِ وعلى رأْسِهِ مِغْفَرٌ، فَلَمّا نزعهُ جَاءَهُ رجُلٌ فقال: ابنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بأسْتار الكعبةِ. فقال "اقتُلُوهُ". وعن أسامة بن زَيْد (¬3)، أَنَّهُ قال: يا رسُولَ الله! أَتنْزِلُ في دَارِكَ بمكَّةَ؟ فقال: "وهل تَرَكَ لنا عُقيل من ربَاعٍ أوْ دُورٍ؟ ". وكان عقيلٌ ورث أبا طالب هو وطَالِبٌ، ولم يرث جعفر ولا عليٌّ شيئًا لأنَّهُمَا كانا مُسْلِمَيْنِ، وكان عقيلٌ وطاِلبٌ كافرين. وعن عائشة (¬4)، قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "يا عائشةُ! لولا أنّ قَوْمَكِ حديثو عَهْدٍ بشرك، لَهَدمْتُ الكعبةَ فألْزَقْتُهَا بالأرضِ، ولجعلتُ لها ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 990) (15) كتاب الحج (84) باب جواز دخول مكة بغير إحرام - رقم (451). (¬2) مسلم، نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (450). (¬3) مسلم: (2/ 984) (15) كتاب الحج (80) باب النزول بمكة للحاج، وتوريث دورها - رقم (439). (¬4) مسلم: (2/ 969) (15) كتاب الحج (69) باب نقض الكعبة وبنائها - رقم (401).

بابًا شرقيًا وبابا غربيًا (¬1)، وزِدْتُ فيها ستَّةَ أذْرُعٍ من الحِجْرِ، فإِنَّ قُريْشًا اقْتَصرتْهَا حيثُ بَنَت الكَعْبَةَ". وعنها (¬2)، وفي هذا الحديث، فإِنْ بَدَا لقومِك، من بعدي، أنْ يبنُوهُ فَهَلُمَي لأُرِيكِ ما تركُوا مِنْهُ" فَأَرَاهَا قريبًا من سبع (¬3) أذْرُعٍ. وعنها (¬4)، قالت: سألتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، عن الجَدْرِ (¬5)؟ من البيت هُوَ؟ قال "نعم" قلتُ: فَلِمَ لم يُدْخِلُوهُ؟ (¬6) قال "إنَّ قومَك قصَّرتْ بهم النَّققةُ" فما شأْنُ بابهِ مرتفعًا؟ قال "فَعَل ذلك قومُكِ ليدخِلُوا من شاؤُا ويمنَعُوا من شاؤُا، ولولا أنَّ قَوْمَكِ حديثو عهدهم (¬7) في الجاهليةِ، فأخَافُ أن تُنْكِرَ قُلوبُهُمْ، لنظرتُ أن أُدْخِلَ الجدْرَ في البيتِ، وأن أُلزِق، بَابَهُ بالأرض. وعن ابن عمر (¬8)، وسَمِعَ الحديث في قصة الحجر، فقال: ما أرَى رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - تركَ استلام الرُّكنين اللذين يليان الحِجْرَ، إلا أنَ البيتَ لم يُتَمَّمْ على قواعِدِ إبراهيم. وعن عائشة (¬9)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث "لولا أن قومك حديثو عهدٍ بجاهليةٍ (أو قال بكفرٍ) لأنْفقتُ كنْزَ الكعبةِ في سبيل الله". ¬

_ (¬1) مسلم: (وجعلت لها بابين، بابا شرقيا وبابًا غربيًا). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (403). (¬3) مسلم: سبعة. (¬4) مسلم: (2/ 973) (15) كتاب الحج (70) باب جدر الكعبة وبابها - رقم (405). (¬5) الجدر هو حجر الكعبة. (¬6) مسلم: (فلم لم يدخلوه في البيت). (¬7) مسلم: (حديث عهدهم). (¬8) مسلم: (2/ 969) (15) كتاب الحج (69) باب نقض الكعبة وبنائها - رقم (399). (¬9) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (400).

باب زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي تحريم المدينة وفضلها وفضل مسجده وفي بيت المقدس وفي مسجد قباء

أبو داود (¬1)، عن شقيق، عن شيبة، يعني -ابن عثمان- قال: قعد عمر بن الخطاب في مقعَدِك الذي أنت فيهِ، فقال لا أخرج حتى أقسم مال الكعبة، قال: ما أنت بفاعل، قال: بلى لأفعلنَّ، قال: قلت: ما أنت بفاعل، قال: لم؟ قال لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد رأى مكانه وأبو بكر وهما أحوج منك إلى المال، فلم يخركاه (¬2) فقام فخرج. وعن موسى (¬3) بن باذان، عن يعلي بن أمية، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "احتكار الطعام في الحرم إلحادٌ فيه". باب زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي تحريم المدينة وفضلها وفضل مسجده وفي بيت المقدس وفي مسجد قباء الدارقطني (¬4)، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من زار قبري، وجبت له شفاعتي". وذكره أبو بكر البزار (¬5) أيضًا. وذكر الترمذي (¬6)، عن ابن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

_ (¬1) أبو داود: (2/ 527) (5) كتاب المناسك (96) باب في مال الكعبة - رقم (2031). (¬2) أبو داود: يخرجاه. (¬3) أبو داود: (2/ 522) (5) كتاب المناسك (90) باب تحريم حرم الكعبة - رقم (2020). (¬4) حديث ضعيف، أخرجه الدارقطني في السنن (278) - رقم (194)، وقد أنكر ابن القطان سكوت عبد الحق عن تضعيفه، وهذا هو الحق لأن كل طرقه ضعيفة، وليس هنا محل التفصيل. (¬5) كشف الأستار: (2/ 57) - رقم (1198). (¬6) الترمذي: (5/ 676) (50) كتاب المناقب (68) باب في فضل المدينة - رقم (3917).

"من استطاعَ أن يَمُوتَ بالمدينةِ فليمُتْ بها، فإنِّي أَشفع لمن مات (¬1) بها". هذا الحديث الذي ذكره الترمذي صحيح. مسلم (¬2)، عن سعد بن أَبى وقاصٍ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنَّي أُحَرِّمُ ما بين لابتى المدينة أن يُقطع عِضَاهُهَا. أو يُقْتَل صيدُهَا". وقال "المدينةُ خيرٌ لهم لو كانوا يعلمونَ، لا يَدَعُهَا أحدٌ رغبةً عنها إلا أَبْدَلَ الله فيها من هُو خيرٌ مِنْهُ، ولا يثبُتُ أحدٌ على لأْوَائهَا (¬3) وجهدِهَا إلا كُنْتُ لهُ شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامَةِ". وقال في حديث أبي سعيد الخدْرى (¬4) "لا يصبر أحدٌ على لأْوَاِئها فيموتَ، إلا كنتُ له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامِة إذا كان مُسلمًا". وعن أَبى هريرة (¬5) قال: حرَّم رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ما بين لابتَي المدينةِ. فلو وَجَدْتُ الظِّبَاء ما بين لابتيها ما ذَعَرْتُهَا وجَعل اثنى عَشَرَ مِيلًا حول المدينةِ حِمىً. وعن علي بن أبي طالب (¬6) قال: من زَعَمَ أَنّ عندنَا شيئًا نقرأُهُ إلا كِتَابَ الله وهذِهِ الصَّحيفةَ (قال: وصحيفةٌ مُعلَّقَةٌ في قراب سيفِهِ) فقد كَذَبَ (¬7)، فيها أَسنانُ الإِبِلِ وأشياُء من الجراحَاتِ. وفيها قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "المديُنة حرَمٌ (¬8) ما بين عَيْر إلى ثورٍ، فمن أحدث فيها حدثًا ¬

_ (¬1) الترمذي: (لمن يموت بها). (¬2) مسلم: (2/ 992) (15) كتاب الحج (85) باب فضل المدينة - رقم (459). (¬3) لأوائها: أي الشدة والجوع. (¬4) مسلم: (1000/ 2، 1003) (15) كتاب الحج (86) باب الترغيب في سكنى المدينة والصبر على لأوائها - رقم (477). (¬5) مسلم: (2/ 1000) (15) كتاب الحج (85) باب فضل المدينة - رقم (472). (¬6) مسلم: (2/ 994 - 998) (15) كتاب الحج (85) باب فضل المدينة - رقم (467). (¬7) فقد كذب: ليست في (د، ف). (¬8) د: حرام.

أو آوى مُحدثًا، فعليهِ لعنةُ الله والملائِكِة والناس أجمعين. لا يقَبلُ الله مِنْهُ يوم القيامَةِ صرْفًا ولا عدلًا" وذكر الحديث. أبو داود (¬1)، عن أَبى حسان، عن عليّ في هذه القصة، عن النبي صلّى الله عليه وسلم - "لا يختلى خَلَاها، ولا يُنفَّر صيْدُها، ولا تُلتقَط لُقطتُها إلا من أشاءها (¬2)، ولا يصلحُ لرجل أن يحمل فيها السلاح لقتال، ولا يصلحُ أن تقطع فيها (¬3) شجرة إلّا أن يعلف رجلٌ بعيره". وعن عبد الله بن أَبى سفيان (¬4)، عن عدي بن زيد قال: حمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل ناحية من المدينة بريدًا بريدًا: لا تخبط شجرهُ ولا يُعضد إلا ما يُساق به الجمل. وقال من حديث (¬5) خارجة بن الحارث الجهني، عن أبيه، عن جابر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "لا يُخبط ولا يُعضَد حمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن يُهش هشًّا رفيقًا. وذكر أبو داود (¬6) أيضًا، عن سليمان بن أبي عبد الله، قال: رأيتُ سعد بن أبي وقاص أخذ رجلًا يصيد في حرم المدينة الذي حرَّم رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فسلّبه ثيابه، فجاؤا يعني مواليه (¬7). فكلموه فيه فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرَّم هذا الحرم، وقال "من أخذ أحدًا يصيد فيه فليسلبْه" فلا أرد عليكم طُعمةً أطعمنيها رسول الله - صلى الله عليه، ولكن ¬

_ (¬1) أبو داود: (2/ 532) (5) كتاب المناسك (99) باب في تحريم المدينة - رقم (2035). (¬2) في أبي داود: (إلا لمن أشاد بها). (¬3) في أبي داود: (أن يقطع منها). (¬4) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2036). (¬5) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2039). (¬6) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2037). (¬7) في أبي داود: (فجاء مواليه).

إن شئتم دفعت إليكم ثمنه. مسلم (¬1)، عن جابر بن عبد الله، أنَّ أعرابيًا بايعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فأصَابَ الأعرابيَّ وَعكٌ بالمدينةِ. فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد! أقلني بيعتي. فأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم جاءَهُ فقال: أقلني بيعتي، فأبى. ثم جاءَهُ فقال: أقلني بيعتي فَأَبى، فخَرجَ الأعرابىُّ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنَّما المدينةُ كالكيِر تَنْفِي خبثها وينصَعُ طَيِّبُهَا". وعن أبي هريرة (¬2) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "على أَنْقَابِ المدينةِ ملائِكَةٌ لا يدخُلُهَا الدَّجَّالُ ولا الطَاعُونُ" (¬3). البخاري (¬4)، عن أبي بكرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يدخل المدينةَ رُعْبُ المسيحِ الدَّجَّالِ، لها يومئذٍ سبعةُ أبوابٍ لكل بابٍ ملكانِ". مسلم (¬5)، عن أَبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا تُشَّدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجِدَ: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى". ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 1006) (15) كتاب الحج (88) باب المدينة تنفى شرارها - رقم (489). (¬2) مسلم: (2/ 1005) (15) كتاب الحج (87) باب صيانة المدينة من دخول الطاعون والدجال إليها - رقم (485). (¬3) في مسلم: (لا يدخلها الطاعون ولا الدجال). (¬4) البخاري: (4/ 113) (29) كتاب فضائل المدينة (9) باب لا يدخل الدجال المدينة - رقم (1879). (¬5) مسلم: (2/ 1014) (15) كتاب الحج (95) باب لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد - رقم (511).

وعنه (¬1). قال: دخلتُ على رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتِ بعض نسائهِ فقلتُ: يا رسول الله! أَي المسجدَيْن الذي أُسِّسَ على التقوى؟ قال: فَأَخَذَ كفا من حَصْبَاء فضرب به الأرضَ. ثم قال "هو مسِجدُكُمْ هذا" (لمسجد المدينةِ). وعن أبي هريرة (¬2)، قال: قال رسوُل الله - صلى الله عليه وسلم - "إنِّي آخرُ الأنبياء ومسجدي (¬3) آخر المساجد". وعنه (¬4)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاةٌ في مسجِديِ هذا، أفضَلُ من أَلف صلاةٍ فيما سِوَاهُ إلا المسجِدَ الحَرَامَ". وقال عبد الله بن الزبير، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث وصلاة في المسجد الحرام أفضل من صلاة في مسجدي هذا بمائةٍ صلاة. ذكره قاسم بن أصبغ وغيره، وذكر أبو عمر عن سعد بن أبي وقاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "من قال: يثرب فليقل المدينة". مسلم (¬5)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ما بين بيتى ومِنْبَرِي روضةٌ من رِياضِ الجنة ومنبري على حوضي". وعن أنس (¬6) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إن أُحُدًا جبلٌ ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 1015) (15) كتاب الحج (96) باب بيان أن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (514). (¬2) مسلم: (2/ 1012 - 1013) (15) كتاب الحج (94) باب فضل الصلاة بمسجدى مكة والمدينة - رقم (507). (¬3) في مسلم: (وإن مسجدي). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (505). (¬5) مسلم: (2/ 1011) (15) كتاب الحج (92) باب ما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة - رقم (502). (¬6) مسلم: (2/ 1011) (15) كتاب الحج (93) باب أحد جبل يحبنا ونحبه - رقم (504).

يُحبُّناَ ونُحبُّهُ". النسائي (¬1)، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنَّ سليمانَ بن داود لَمَّاَ بَنىَ بيتَ المقدسِ سَأَلَ الله خلالًا ثلاثًا، سأَلَ الله حُكْمًا يصادِفُ حُكْمَهُ فَأُوتيِهُ، وسأَلَ الله مُلْكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعده، فَأْوتِيَهُ، وسأل الله حين فرغ من بناء المسجد أن لا يأتيهُ أحدٌ لا ينْهَزُهُ إلا الصلاةُ فيه أن يُخرجَهُ من خطيئتهِ كيوم وَلدَتْهُ أُمُّهُ". الترمذي (¬2)، عن أُسَيْدَ بن ظُهَيْرٍ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصلاةُ في مسجد قُبَاء كعُمْرَةٍ". قال: لا نعلم لأسيد بن ظُهَيْر شيئًا يَصِحُّ غيرَ هذا الحديثِ. مسلم (¬3)، عن ابن عمر قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأتي مسجِدَ قُبَاءٍ راكبًا وماشيًا. فيصَلِّي فيه ركعتين. وفي آخر (¬4)، يأتيهِ كُلَّ سبتٍ. آخر النصف الأول ولله الحمد والمنة وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم - تسليمًا كثيرًا وعلى جميع الأنبياء والمرسلين تسليمًا كثيرًا. * * * ¬

_ (¬1) النسائي: (2/ 34) (8) كتاب المساجد (6) باب فضل المسجد الأقصى والصلاة فيه - رقم (693). (¬2) الترمذي: (2/ 145 - 146) - أبواب الصلاة (125) باب ما جاء في الصلاة في مسجد قباء - رقم (324). (¬3) مسلم: (2/ 1016) (15) كتاب الحج (97) باب فضل مسجد قباء - رقم (516). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (520).

كتاب الجهاد

كتاب الجهاد بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على النبي محمد وآله وسلم - باب في "التعوّذ من الجبن، وفي ذمِّه، وفي وجوب الجهاد مع البَرِّ والفاجر، وفضل الجهاد، والرباط، والحراسة في سبيل الله، والنفقة فيه، وفيمن مات في الغزو، وفيمن لم يغْزُ، وفيمن منعه العذر، وعدد الشهداء". البخاري (¬1)، عن أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول "اللهُمَّ إني أعوذُ بك من الهمّ والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وضَلَعِ الدَّيْنِ (¬2) وغلبةِ الرِّجال". أبو داود (¬3)، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول "شرُّ ما في رجلٍ شُحٌ هالعٌ (¬4)، وجبنٌ خالعٌ (¬5) ". النسائي (¬6)، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم". مسلم (¬7)، عن عائشة، قالت: سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الهجرة؟ فقال: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهادٌ ونيِّةٌ وإذا استنفرتُم فانفروا". ¬

_ (¬1) البخاري: (11/ 177) (80) كتاب الدعوات (36) باب التعوذ من غلبة الرجال - رقم (6363). (¬2) أي ثقله. (¬3) أبو داود: (3/ 36) (9) كتاب الجهاد (22) باب في الجرأة والجبن - رقم (2511). (¬4) الهلع: أشد الجزع والضَّجر. (¬5) أي شديد، كأنه يخلع فؤاده من شدة خوفه. (¬6) النسائي: (6/ 7) (25) كتاب الجهاد (1) باب وجوب الجهاد - رقم (3096). (¬7) مسلم: (3/ 1488) (33) كتاب الإمارة (20) باب المبايعة بعد فتح مكة على الإسلام والجهاد والخير رقم (86).

وعن أَبى هريرة (¬1) قال: شهدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُنينًا. فقال لرجُلٍ مِمَّنْ يَدَّعي الإِسلام (¬2): "هذا من أهل النار" فلَّما حَضَرْنَا القِتَالَ قاتل الرَّجُلُ قِتالًا شدِيدًا فأصابَتْهُ جِرَاحَةٌ فقيل: يا رسُول الله! الرَّجلُ الذي قُلتَ له آنفًا: "إنه من أهل النارِ" فإنَّهُ قاتَلَ اليومَ قتالًا شديدًا. وقد ماتَ. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إلى النَّار" فكادَ بعضُ المسلمين أن يرتَابَ فبينما هم على ذلك إذ قيلَ: فإنه لم يَمُتْ. ولكنَّ بهِ جِرَاحًا شديدًا، فلما كان من الليل لم يصبر على الجرَاحِ فقتَلَ نَفَسَهُ. فأُخبرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3) فقال: "الله أكبرُ، وأشهد أنِّى عَبد الله ورسُولُهُ ثم أمَرَ بلالًا فنادى في النَّاسِ: "إنَّهُ لا يدخُلُ الجنَّةَ إلا نفسٌ مُسلمَة، وإنَّ الله يُؤيِّدُ هذا الدِّينَ بالرجُلِ الفاجِرِ". الصواب: خيبر بدل حُنين. مسلم (¬4)، عن أبي هريرة قال: قيل للنبَّى - صلى الله عليه وسلم -: ما يعدِلُ الجهادَ في سبيل الله؟ قال: "لا تستطيعونه" قال: فأعادوا عليه مرتين أو ثلاثًا كل ذلك يقول: "لا تستطيعونَهُ" قال في الثالثة: "مثل المجاهِدِ في سبيل الله كمثل الصَّائم القائِم القانِتِ بآيات الله لا يفتُرُ من صيامٍ ولا صلاةٍ حتى يرجع المجاهدُ في سبيل الله". وعنه (¬5)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَضَمَّنَ الله -عَزَّ وَجَلَّ- لمن خرج في سبيله لا يُخْرجُهُ إلا جهادٌ في سبيلي، وإيمانًا بي، وتصديقًا برسلي، فهو عليّ ضامِنٌ أن أُدخله الجنة، أو أُرجعهُ إلى مسكنهِ الذي ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 105 - 106) (1) كتاب الإِيمان (47) باب غلظ تحريم قتل الانسان - رقم (178). (¬2) مسلم: (ممن يُدْعى بالإسلام). (¬3) مسلم: (فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك). (¬4) مسلم: (3/ 1498) (33) كتاب الإِمارة (29) باب فضل الشهادة في سبيل الله - رقم (110). (¬5) مسلم: (3/ 1495 - 1496) (33) كتاب الإِمارة (28) باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله - رقم (103).

خرج منهُ، نائلًا ما نال من أجرٍ أو غنيمةٍ. والذي نفس محمدٍ بيده ما من كَلْمٍ يُكْلمُ في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئَتَهِ حين كُلِمِ، لونُهُ لَوْن دم وريحُهُ ريح (¬1) مسكٍ والذِي نفس محمدٍ بيدِهِ لولا أن أشق (¬2) على المسلمين ما قعدتُ خِلافَ سريةٍ تغزُو في سبيل الله أبدًا ولكن لا أجد سَعَة فأحمِلَهُمْ ولا يجدُون سعةً. ويَشُقَّ عليهم أن يتخلفوا عنيِّ. والذي نفس محمد بيدِهِ لودِدْتُ أني أغزو في سبيلِ اللهِ فأقتَلُ ثم أغزو فأقتل ثم أغزو فأْقْتَلُ". النسائي (¬3)، عن فضالة بن عبيد قال: سَمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أنا زعيمٌ والزعيم الحَمِيلُ، لمن آمن بي وأسلم [وهاجر، ببيت في ربض الجنة وببيت في وسط في الجنة، وأنا زعيم لمن آمن بي وأسلم] (¬4) وجاهد في سبيل الله، ببيت في ربض الجنة، وببيت في وسط الجنة، وببيت في أعلى غرف الجنة. من فعل ذلك، فلم يدع للخير مطلبًا، ولا من الشر مهربًا، يموتُ حيث شَاءَ أن يموتَ". البخار (¬5)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من آمَنَ بالله ورسوله، وأقامَ الصلاةَ، وصَامَ رمضانَ. فإن حقًا على الله أن يُدخله الجنةَ هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها" قالوا: يا رسول الله! أفلا نُنبيء الناس بذلك، قال: "إنّ في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل درجتين (¬6) كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تُفَجَّر أنهار الجنة". ¬

_ (¬1) (ريح) ليست في مسلم. (¬2) في مسلم: (لولا أن يشق). (¬3) النسائي: (6/ 17) (25) كتاب الجهاد: (19) باب ما لمن أسلم وهاجر وجاهد - رقم (3133). (¬4) ما بين المعكوفتين سقط من الأصل. (¬5) البخاري: (13/ 415) (17) كتاب التوحيد (22) باب "وكان عرشه على الماء" - رقم (7423). (¬6) البخاري: (كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض).

وعن عبد الله بن أبي أوفى (¬1)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "واعلموا أن الجنَّةَ تحت ظلال السيوف". أبو داود (¬2)، عن أبي أمامة أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله! ائذن لي في السياحة، قال "سياحة أُمتى (¬3) الجهاد في سبيل اللهِ". البخاري (¬4)، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من عبد يموتُ، لَهُ عند الله خيرٌ يسُرُّهُ أن يرجع إلى الدنيا وأنَّ لهُ الدنيا وما فيها، إلا الشهيدُ لما يَرَى من فضل الشهادةِ فإنه يسُرُّهُ أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرةً أخرى، ولروحة في سبيل الله أو غدوة خير من الدنيا وما فيها ولقابُ قوس أحدكم أو موضع قيد -يعني سوطه- خيرٌ من الدنيا وما فيها، ولو أنَّ امرأةً من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءتْ ما بينهما ولملَأتْهُ ريحًا، ولَنَصيفُهَا على رأسها خيرٌ من الدنيا وما فيها". وعن عَبايةَ بن رِفاعةَ (¬5)، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنِ اغبرَّت قدَماهُ في سبيلَ الله حرَّمه الله على النَّار". مسلم (¬6)، عن سهل بن حنيف، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من سَألَ الشهادة بصدقٍ، بَلغَّهُ اللهُ منازِلَ الشهداءِ وإن ماتَ على فراشِهِ". النسائي (¬7)، عن معاذ بن جبل، أنهُ سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) البحاي: (6/ 40) (56) كتاب الجهاد والسير (22) باب الجنة تحت بارقة السيوف - رقم (2818). (¬2) أبو داود: (3/ 12) (9) كتاب الجهاد (6) باب في النهي عن السياحة - رقم (2486). (¬3) أبو داود: (إن سياحة أمتي). (¬4) البخاري: (6/ 18) (56) كتاب الجهاد والسير (6) باب الحور العين وصفتهن رقم (2795). (¬5) البخاري: (2/ 453) (11) كتاب الجمعة (18) باب المشي إلى الجمعة - رقم (907) - في البخاري الحديث من رواية أبي عبس عبد الرحمن بن جبْر. (¬6) مسلم: (3/ 1517) (33) كتاب الإِمارة (46) باب استجاب طلب الشهادة في سبيل الله تعالى - رقم (157). (¬7) النسائي: (6/ 25 - 26) (25) كتاب الجهاد (25) ثواب من قاتل في سبيل الله فواق ناقة - رقم (1341).

يقول: "من قاتل في سبيل الله، من رَجُلٍ مسلمٍ فَوَاق ناقةٍ وجبت له الجنَّةُ، ومن سأل الله القتل من عند نفسِهِ صادقًا، ثم مات، أو قُتل فله أجر شهيد، ومن جُرِحَ جُرحًا في سبيل الله، أو نُكِبَ نكبَةً فإنّها تجيءُ يوم القيامةِ كأّغزر ما كانت لونُها كالزعفرانِ وريحُها كالمِسْكِ، ومن جُرح جرحًا في سبيل الله فعليه طاَبعُ الشُّهدَاءِ". مسلم (¬1)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "القتلُ في سبيل الله يُكفِّرُ كُلَّ شيءٍ إلا الدَّين". الترمذي (¬2)، عن كعب بن مالك، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أرواح الشهداء في طير خُضر تَعْلُقُ من ثمرةِ الجنة أو شجر الجنة". قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ. مسلم (¬3)، عن أبي موسى الأشعري، أن رجلًا سأل رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القتال في سبيل الله؟ فقال: الرجلُ يقاتل غَضَبًا، ويقاتل حَمِيَّةً قال: فرفع رأسه إليه -وما رفع رأسه إليه إلا أنه كان قائمًا- فقال: "من قاتل لتكون كلمةُ الله هي العليا فهو (¬4) في سبيل الله. وفي لفظ آخر (¬5)، الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل ليُذكر فمن في سبيل الله؟ الحديث. ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1502) (33) كتاب الإمارة (32) باب من قتل في سبيل الله كفرت خطاياه إلا الدين - رقم (120). (¬2) الترمذي: (4/ 151) (23) كتاب فضائل الجهاد (13) باب ما جاء في ثواب الشهداء - رقم (1641). (¬3) مسلم: (3/ 1513) (33) كتاب الإِمارة (42) باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله - رقم (151). (¬4) من هنا سقط كبير في الأصل أثبتناه من (د/ ف). (¬5) نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (149).

وعن أنس (¬1)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدخل على أم حرام بنت مِلْحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطعمته ثم جلست تفلي رأسه، فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: ما يضحكك؟ يا رسول الله! قال: "ناس من أمتي عرضوا عليَّ غُزاة في سبيل الله، يركبون ثبج (¬2) هذا البحر، ملوكًا على الأسرة أو مثل الملوك على الأسرة" قالت: فقلت: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها، ثم وضع رأسه فنام، ثم استيقظ وهو يضحك. قالت: فقلت: ما يضحكك؟ يا رسول الله! قال: "ناس من أمتي عرضوا عليَّ غزاة في سبيل الله" كما قال الأولى، فقالت: فقلت: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم، قال: "أنتِ من الأولين". فركبت أُمُّ حَرَامٍ بنت مِلْحَانَ البحر في زمن معاوية، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر، فهلكت. [كانت ركبَتْهُ غازية مع زوجها عبادة بن الصامت، وكان معاوية قد أغزاه إلى قُبْرس.] (¬3). مسلم (¬4)، عن أَبى هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من مات ولم يغزُ، ولم يحدث به نفسه، مات على شعبةٍ من نفاق". البخاري (¬5)، عن أنس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجعَ من ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1518 - 1519) (33) كتاب الإِمارة (49) باب فضل الغزو في البحر - رقم (160). (¬2) ثبج: ظهر البحر ووسطه. (¬3) ما بين المعكوفين ليس في مسلم. (¬4) مسلم: (3/ 1517) (33) كتاب الإِمارة (47) باب ذم من مات ولم يغز - رقم (158). (¬5) البخاري: (7/ 732) (64) كتاب المغازي (81) باب - رقم (4423).

غزوة تبوك فقال: "إن بالمدينةِ أقوامًا ما سرتم مَسيرًا، ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم" قالوا: يا رسول الله! وهم بالمدينة؟ قال: "وهم بالمدينة، حَبَسَهُم العذر" زاد أبو داود (¬1): "ولا أنفقتم من نفَقةٍ". مسلم (¬2)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يجتمع كافرٌ وقاتِلهُ في النَّارِ أبدًا". وعنه (¬3)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يضحَكُ اللهُ إلى رجُلَينِ، يَقْتُلُ أحَدُهُمَا الآخر، كِلاهُما يدخُلُ الجنَّةَ" (¬4) قال: "يقاتل هذا في سبيل الله فيُستَشْهَدُ ثم يتوبُ الله على القاتل فيُسْلِمُ، فيُقَاتِلُ في سبيلِ اللهِ فيُستشهَدُ". وعن زيد بن خالدٍ (¬5)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنَّهُ قال: "من جهز غازيًا في سبيل الله، فقد غزا، ومن خَلَفَهُ في أهله بخيرٍ، فقد غزا". وعن أبي مسعودٍ الأنصاري (¬6)، قال: جاء رجل بناقة مَخْطومَةٍ (¬7) فقال: هذه في سبيل الله، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لك بها يوم القيامة سبع مائة ناقة كلها مخطومةٌ". ¬

_ (¬1) أبو داود: (3/ 25) (1) كتاب الجهاد: (20) باب الرخصة في القعود من العذر - رقم (2508). (¬2) مسلم: (3/ 1505) (33) كتاب الإِمارة (36) باب من قتل كافرًا ثم سدد - رقم (130). (¬3) مسلم: (3/ 1504) (33) كتاب الإِمارة (35) باب بيان الرجلين، يقتل أحدهما الآخر، يدخلان الجنة - رقم (128). (¬4) مسلم: (قالوا: كيف يا رسول الله؟). (¬5) مسلم: (3/ 7، 15) (33) كتاب الإِمارة (38) باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله - رقم (135). (¬6) مسلم: (3/ 1505) (33) كتاب الإِمارة (37) باب فضل الصدقة في سبيل الله - رقم (132). (¬7) مخطومة: أي فيها خطام، وهو قرب من الزمام.

النسائي (¬1)، عن سلمان الفارسى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من رابط يومًا في سبيل الله أو ليلة (¬2)، كانت له كصيام شهرٍ وقِيَامِهِ، فإن مات، جرى عليه عملُهُ الذي كان يعمل، وأجري عليه رزقُهُ وأمن الفتَّانَ (¬3) ". خرَّجه مسلم (¬4)، وقال: "رباط يومٍ وليلةٍ خيرٌ من صيام شهرٍ وقيامه" الحديث. البخاري (¬5)، عن سهل بن سعد، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رباط يوم في سبيل الله، خير من الدنيا وما عليها". النسائي (¬6)، عن أبي ريحانة قال: سمعت رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "حرمت النار على عينٍ دمعت من خشية الله، حرمت النار على عين سهرت في سبيل الله" ونسيت الثالثة، وسمعت بعْدُ أنه قال: "حرمت النار على عين غضت عن محارم الله". أبو داود (¬7)، عن جابر بن عتيك، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء يعود عبد الله بن ثابت، فوجده قد غُلِبَ، فصاح به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يجبه، فاسترجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "غُلبنا عليك يا أبا الرَّبيع". فصاح النسوة وبكين، فجعل ابن عتيك يسكهن فقال ¬

_ (¬1) النسائي: (6/ 39) (25) كتاب الجهاد (39) فضل الرباط - رقم (3168). (¬2) النسائي: (من رابط في سبيل الله يومًا وليلة). (¬3) النسائي: (وأمن الفتان وأجرى عليه رزقه). (¬4) مسلم: (3/ 1520) (33) كتاب الإمارة (50) باب فضل الرباط في سبيل الله - رقم (163). (¬5) البخاري: (6/ 100) (56) كتاب الجهاد والسير (73) باب فضل رباط يوم في سبيل الله - رقم (2892). (¬6) النسائي: في الكبرى (5/ 273) (78) كتاب السير (178) فضل الحرس - رقم (8869). (¬7) أبو داود: (3/ 482) (15) كتاب الجنائز (15) باب في فضل من مات في الطاعون - رقم (3111).

باب في الإمارة وما يتعلق بها

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دَعْهُنَّ، فإذا وجب فلا تبكين بباكية" قالوا: وما الوجوب؟ يا رسول الله! قال: "الموت" قالت ابنته: والله إن كنت لأرجو أن تكون شهيدًا، فإنك كنت قد قضيت جهازك. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله قد أوقع أجره على قدر نيته، وما تعدون الشهادة؟ " قالوا: القتل في سبيل الله، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد، والغريقُ (¬1) شهيد، وصاحب ذات الجَنْبِ شهيد، والمبطُونُ شهيد، وصاحِبُ الحرف (¬2) شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجُمْعٍ شهيد (¬3). البزار (¬4)، عن عبادة بن الصامت، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذكر الشهداء قال: "والنُّفساء شهادة". الترمذي (¬5)، عن سعيد بن زيد قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد". باب في الِإمارة وما يتعلق بها أبو داود (¬6)، عن نافع، عن أَبى سلمة، عن أَبى هريرة، أن رسول الله ¬

_ (¬1) أبو داود: (والغرق). (¬2) أبو داود: (الحريق). (¬3) أبو داود: (شهيدة). (¬4) كشف الأستار: (2/ 285). (¬5) الترمذي: (4/ 22) (14) كتاب الديات (22) باب ما جاء فيمن قتل دون ماله فهو شهيد - رقم (1421). (¬6) أبو داود: (3/ 81) (9) كتاب الجهاد: (87) باب في القوم يسافرون يؤمرون أحدهم - رقم (2609).

- صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كانوا ثلاثة في سفر فلُيؤمِّروا أحدهم". قال نافع: فقلنا لأبي سلمة: أنت أميرنا. يُروى هذا مرسلًا عن أبي سلمة، والذي أرسله أحفظ. البخاري (¬1)، عن أنس، قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: "أخَذَ الرايةَ زيدٌ فأصيب، ثم أخذها جعفر، فأصيب ثم أخذها عبد الله ابن رواحة فأصيب ثم أخذها خالد بن الوليد عن غير إمرةٍ، فَفَتحَ الله عليه فما يسُرُّني" أو قال: "ما يسُرُّهم أنَّهم عندنا". قال: "إنَّ عينيْهِ لَتَذْرِفَان". النسائي (¬2)، عن أبي بكرة قال: عصمني الله بشيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا هلك كسرى، قال: "من استخلفوا؟ " قالوا: ابنتَهُ، قال: "لن يُفلح قومٌ ولوا أمرهم امرأةً". مسلم (¬3)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الناس تبع لقريش في هذا الشأن مُسْلِمُهُمْ لِمُسْلِمِهِمْ، وكافِرُهُمْ لِكَافِرِهِمْ". وعن جابر بن سمرة (¬4)، قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم جُمُعَةٍ عشيَّةَ رُجِمَ الأسلميُّ، قال: "لا يزال الدين قائمًا حتى تقوم الساعة، أو يكون عليكُمُ اثنا عَشَرَ خليفةً، كلهم من قريش". ¬

_ (¬1) البخاري: (3/ 208) (56) كتاب الجهاد والسير (183) باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو رقم (3063). (¬2) النسائي: (8/ 227) (49) كتاب آداب القضاة (8) النهي عن استعمال النساء في الحكم - رقم (5388). وهذا الحديث أخرجه البخاري- (4425). (¬3) مسلم: (3/ 1451) (33) كتاب الإِمارة (1) باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش - رقم (1). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (10).

وسمعته يقول: "عُصَيْبَةٌ من المسلمين يفتتحون البيت الأبيض، بيت كسرى، أو آل كسرى". وسمعتُهُ يقول: "إن بين يدى الساعة كذابين، فاحذروهم". وسمعتُهُ يقولُ: "إذا أعطى الله أحدكم خيرًا فليبدأ بنفسه وأهل بيته". وسمعته يقولُ: "أنا الفرط على الحوض". النسائي (¬1)، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الأئمة من قريش، إن لهم عليكم حقًا، ولكم عليه، م حقًا مثل ذلك، ما إن أسترحموا، فرحموا، وإن عاهدوا وفوا، وإن حكموا عدلوا، فمن لم يفعل ذلك منهم، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين". البخاري (¬2)، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنكم ستحرصُون على الإِمَارَةِ، وإنها (¬3) ستكون ندامَةً، وحسرة يوم القيامة، فنعم المرضعة، وبئس الفاطمة". مسلم (¬4)، عن أبي ذر قال: قالت: يا رسول الله! ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال "يا أبا ذر! إنَّكَ ضعيفٌ، وإنَّهَا أمانةٌ، وإنَّها يوم القيامةِ خزيٌ وندامةٌ، إلا من أخذها بحقِّهَا، وأدَّى الذي عليه فيها". ¬

_ (¬1) النسائي: أخرجه النسائي في الكبرى، في كتاب القضاء كذا عزاه المزي في التحفة: (1/ 102). - وأخرجه أحمد في مسنده: (3/ 129)، (3/ 183). (¬2) البخاري: (13/ 133 - 134) (93) كتاب الأحكام (7) باب ما يكره من الحرص على الإمارة - رقم (7148). (¬3) (إنها): ليست في البخاري. (¬4) مسلم: (3/ 1457) (33) كتاب الإِمارة (4) باب كراهة الإِمارة بغير ضرورة - رقم (16).

البزار (¬1)، عن عوف بن مالك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن شئتم أنبأتكم عن الإمارة وما هي" فقمت (¬2) فناديت بأعلى صوتي ثلاث مرات، وما هي يا رسول الله؟ قال: "أولها ملامةً، وثنياها ندامةً، وثالثها عذاب يوم القيامة، إلا من عدل، وكيف يعدل مع أقربيه". أبو داود الطيالسي (¬3)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه قال: "ويل للأمراء، ويل (¬4) للأمناء، ويل للعرفاء، ليتمنين أقوام يوم القيامة أن ذوائبهم كانت معلقة بالثريا وأنهم يتذبذبون بين السماء والأرض، وإنهم لم يلُوا عملًا". مسلم (¬5)، عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عبد الرحمن! لا تسأل الإِمارة فإنك إن أُعطيتها عن مسألةٍ وُكِلْتَ (¬6) إليها، وإن أُعطيتَهَا عن غير مسألة أُعنْتَ عليها". البخاري (¬7)، عن أبي موسى قال: دخلتُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا ورجلان من قومى، فقال أحد الرجُلين: أمِّرنا يا رسول الله، وقال الآخر مثله، فقال "إنا لا نُولِّي هذا من سأله، ولا من حرص عليه". ¬

_ (¬1) كشف الأستار: (2/ 236) - باب ذم الإمارة - رقم (1597). (¬2) (فقمت): ليست في كشف الأستار وأخرجه الطبراني في الكبير: (18/ 71)، وفي الأوسط (216 مجمع البحرين). ومسند الشاميين (1214). (¬3) الطيالسي: (10/ 329) - رقم (2524)، وأخرجه ابن حبان (1559)، والحاكم (4/ 91)، والبيهقى في الكبرى (10/ 59)، والبغوي في شرح السنة (10/ 59) والذهبى في ميزان الاعتدال (2/ 370)، وقال: هذا حديث منكر. (¬4) في المسند: (وويل). (¬5) مسلم: (3/ 1456) (33) كتاب الإِمارة (3) باب النهي عن طلب الإِمارة والحرض عليها - رقم (13). (¬6) مسلم: (أُكِلْتَ). وخرجه أيضًا: (3/ 1273 - 1274) (27) كتاب الأيمان (3) باب ندب من حلف يمينًا - رقم (19) وفي الحديث زيادة. (¬7) البخاري: (13/ 134) (93) كتاب الأحكام (7) باب ما يكره من الحرص على الإمارة - رقم (7149).

وقال النسائي (¬1)، في هذا الحديث: "إن أخونكم عندي من طلبه". قال فما استعان بهما على شيء. مسلم (¬2)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّما الإِمامُ جُنَّةٌ يُقَاَتلُ مِنْ ورائهِ، ويُتقى بهِ، فإن أمر بتقوى الله وَعَدَلَ، كان له بذلك أجر، وإن أمر بغيره كان عليه منه". وعن عبد الله بن عمرو (¬3) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن المُقسِطينَ عند (¬4) اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- (¬5) على منابرِ من نور عن يمين الرحمن (¬6)، وكلتا يديْهِ يمينٌ، الذينَ يعدِلُون في حكمِهِم وأهليهم وما وَلُوا". عن أبي هريرة (¬7)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سبعةٌ يُظلهم الله في ظلهِ (¬8) يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّهُ: الإِمام العادِلُ". وذكر الحديث، وقد تقدم في الزكاة من حديث البخاري. مسلم (¬9)، عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قال: "ألا كُلُّكُمْ راعٍ، وكلكم مسئولٌ عن رعيتهِ، فالإِمام (¬10) الذي على الناس راعٍ، ¬

_ (¬1) لم أجده في النسائي، وقد خرجه أبو داود: (3/ 344) (14) كتاب الخراج والإِمارة والفئ (2) باب ما جاء في طلب الإمارة - رقم (2930). (¬2) مسلم: (3/ 1471) (33) كتاب الإِمارة (9) باب الإِمام جنة يقاتل به - رقم (43). (¬3) مسلم: (3/ 1458) (33) كتاب الإمارة (5) باب فضيلة الإِمام العادل - رقم (18). (¬4) إلى هنا أنتهى السقط الذي كان في الأصل. (¬5) (-عَزَّ وَجَلَّ-): ليست في مسلم. (¬6) مسلم: (عن يمين الرحمن -عَزَّ وَجَلَّ-). (¬7) مسلم: (2/ 715) (12) كتاب الزكاة (2) باب فضل إخفاء الصدقة - رقم (91). (¬8) (د): (يوم القيامة). (¬9) مسلم: (3/ 1459) (33) كتاب الإِمارة (5) باب فضيلة الإِمام العادل - رقم (20). (¬10) مسلم: (فالأمير).

وهو مسئول عن رعَّيتهِ، والرجُلُ راعٍ على أهل بيتِهِ، وهو مسئول عنهم، والمرأةُ راعية على بيت بعلِهَا وولدهَا (¬1)، وهى مسئولة عنهم، والعبد راعٍ على مال سيِّدِهِ، وهو مسئولٌ عنهُ، ألا كلكم راعٍ وكُلُّكُم مسئولٌ عن رَعيَّتهِ". البّزار (¬2)، عنِ أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من أميرِ عَشَرةٍ إلا يُؤتى به مغلولًا يوم القيامةِ حتى يفكَّه العدل، أو يوبقه الجور". مسلم (¬3)، عن مَعْقِل بن يسار قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من عبدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رعيَّةً، يموتُ يوم يموتُ وهو غاشٌ لرعيَّتهِ إلا حرَّم الله عليهِ الجنَّة". وعن عبد الرحمن بن شُّمَاسَةَ (¬4)، هو المهريّ قال: أتيتُ عائشة أسألُها عن شيء. فقالت: ممن أنت؟ فقلتُ: رجل من أهل مِصْرَ. فقالت: كيف كان صاحِبُكم لكم في غَزَاتِكُمْ هذه؟ فقال: ما نَقَمْنَا شيئا، إنْ كان لَيموتُ للرجل منَّا البعيرُ، فيعطيه البعير، والعبْدُ فيعطيه العبد، ويحتاجُ إلى النفقةِ، فيعطيه النفقةَ، فقالت: أما إنَّهُ لا يمنعنيِ الذي فعل في أخي (¬5) محمد بن أبي بكر، أن أخبرك ما سمعتُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في بيتي هذا: "اللهم من وَلِىَ من أمْرِ أُمتى شيئًا فَشَقَّ عليهم، فاشْقُقْ عليه ومن ولي من أمر أُمَّتي شيئًا فَرفَقَ بهم فارفق به". أبو داود (¬6)، عن أبي مريم الأزدي قال: دخلتُ على معاوية فقال: ما ¬

_ (¬1) مسلم: (وولده). (¬2) كشف الأستار: (2/ 253 - 254). (¬3) مسلم: (3/ 1460) (33) كتاب الإِمارة: (5) باب فضيلة الإِمام العادل - رقم (21). (¬4) مسلم: رقم (19). (¬5) مسلم: (لا يمنعن الذي فعل في محمد بن أبي بكرٍ أخي). (¬6) أبو داود: (3/ 356 - 357) (14) كتاب الخراج والإِمارة والفئ (13) باب فيما يلزم الإِمام من أمر الرعية - رقم (2948).

أنعمَنَا بك أبا فلان، وهى كلمة تقولها العرب، فقلت: حديثًا سمعتُه أخبرك به، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ ولاه الله شيئًا من أمرِ المسلمين فاحتجب دون حاجتهمْ وخَلَّتهمْ وفقرهم احتجبَ الله دون حاجته وخَلَّتِهِ وفقره"، قال: فجعل رجلًا على حوائج الناس. أبو داود (¬1)، عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أراد الله بالأمير خيرًا، جَعَلَ لهُ وزير صِدْقٍ: إن نسي ذكَّره، وإن ذكر أعانَهُ، وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزيرَ سوءٍ: إِن نسي لم يذكره، وإن ذَكر لم يُعِنْهُ". النسائي (¬2)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من والٍ إِلا وَلَهُ بطانتان: بطانةٌ تأمُرُهُ بالمعروف، وتنهاهُ عن المنكر. وبطانةٌ لا تألُوهُ خَبَالًا، فمن وُقِيَ شرّهما (¬3) فقد وُقِىَ وهو من التي تغلبُ عليه مِنْهُمَا". البخاري (¬4)، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما بعثَ الله من نَبى ولا استخلف من خليفة إلا كانت له (¬5) بطانةٌ تأمره بالمعروف وتحضُهُ عليه، وبطانةٌ تأمرهُ بالشرِّ وتحُّضهُ عليه، فالمعصوم من عَصَم الله". ¬

_ (¬1) أبو داود: (3/ 345) (14) كتاب الخراج والإمارة والفيء (4) باب في اتخاذ الوزير - رقم (2932). (¬2) النسائي: (7/ 158) (39) كتاب الببعة (32) باب بطانة الإِمام - رقم (4201). (¬3) في النسائي: (وقي شرها). (¬4) البخاري: (13/ 201) (93) كتاب الأحكام (42) باب بطانة الإِمام وأهل مشورته - رقم (7198). (¬5) في البخاري: (إلا كانت له بطانتان).

مسلم (¬1)، عن تميم الدَّارِيِّ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الدين النصيحةُ" ثلاثًا (¬2) قلنا: لمن؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامَّتِهِمِ". الترمذي (¬3)، عن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِنما أخَافُ على أُمتي الأئمة المُضلِّين" وقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزالُ طايفةٌ من أمتي على الحقِّ لا يضرهم من يخذُلُهم حتى يأتيَ أمرُ الله". قال حديث حسنٌ صحيحٌ. مسلم (¬4)، عن مُجاشع بن مسعود قال: أتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - أبايعُهُ على الهجرةِ فقال: "إن الهجرة قد مضت لأهلها. ولكن على الإِسلام والجهاد والخيرِ". مسلم (¬5)، عن عبادة بن الصامت قال: "بَاَيعْنا رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - على السمع والطاعة، في العُسْرِ واليُسْرِ، والمَنْشَطِ والمَكْرَهِ، وعلى أثرة علينا. وأن لا ننازع (¬6) الأمرَ أهَلِهُ، وعلى أن نقول بالحق حيث ما كنَّا، لا نخاف في الله لومةَ لائمٍ". مسلم (¬7)، عن جرير بن عبد الله قال: بايعتُ رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 74) (1) كتاب الإِيمان (23) باب بيان أن الدين النصيحة - رقم (95). (¬2) (ثلاثة): ليست في مسلم. (¬3) الترمذي: (4/ 437) (34) كتاب الفتن (51) باب ما جاء في الأئمة المضلين - رقم (2229). (¬4) مسلم: (3/ 1487) (33) كتاب الإِمارة (20) باب المبايعة بعد فتح مكة على الإِسلام والجهاد والخير - رقم (83). (¬5) مسلم: (3/ 1470) (33) كتاب الإمارة (8) باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية - رقم (41). (¬6) في مسلم: (وعلى أن لا ننازع). (¬7) مسلم: (1/ 75) (1) كتاب الإِيمان (23) باب بيان أن الدين النصيحة - رقم (99).

وسلم - على السمع والطاعة، قال: فلقَّنني: "فِيمَا استطعْتَ والنصح لكل مسلم". وعن عمرو بن العاص (¬1)، في حديث ذكره قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: ابسط يمينك فلْأُبايِعْكَ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ. البخاري (¬2)، عن ابن عمر قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عُثمان، وكانت بيعة الرِّضوان بعد ما ذهب عُثمان إلى مكَّةَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيَده اليُمنى: "هذه يَد عثمان فضرَب بها على يدِه فقال: هَذِهِ لعثمَانَ". مسلم (¬3)، عن الشريد بن سويد قال: كان في وفدِ ثقيفٍ رجلٌ مجذوم. فأرسل إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّا قد بايعْنَاكَ فارجعْ". وعن عروة بن الزبير (¬4)، وفاطمة ابنة المنذر، قالا: خرجت أسماءُ ابنة أبي بكر، حين هاجرت، وهى حُبْلى بعبد الله بن الزبير فقدِمَتْ قُبَاءً فنُفِسَت بعبد الله بقباءٍ، ثم خرجت حين نُفِسَتْ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليُحَنِّكَهُ. فأخذه رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - منها فوضعَهُ في حَجْرِهِ، ثمَّ دعا بتمرةٍ. قالت عائِشةُ: فمكثنا ساعةً نلتَمِسُهَا قبل أن نجدَهَا، فمضغها، ثم وضعها في فِيهِ فإن أوَّل شيء دخَلَ بطنَهُ لريقُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت أسماءُ: ثم مَسَحَهُ وصلَّى عليه وسمَّاهُ عبدَ الله ثم جاء وهو ابنُ سَبْع سنينَ ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 112) (1) كتاب الإِيمان (54) باب كون الإِسلام يهدم ما قبله وكذا الهجرة والحج - رقم (192). (¬2) البخاري: (7/ 66 - 67) (62) كتاب فضائل الصحابة (7) باب مناقب عثمان بن عفان - رقم (3698). (¬3) مسلم: (4/ 1752) (39) كتاب السلام (36) باب اجتناب المجذوم ونحوه - رقم (126). (¬4) مسلم: (3/ 1690 - 1691) (38) كتاب الآداب (5) باب استحباب تحنيك المولود عد ولادته وحمله إلى صالح يحنكه - رقم (25).

أو ثمانٍ، ليُبَايعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأمَرَهُ بذلك الزبيرُ، فتبسم رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رآهُ مُقبلًا إليه، ثم بايَعَهُ. الترمذي (¬1)، عن أُميمة بنت رقيقة (¬2) قالت: بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نسوةٍ فقال لنا: "فيما استطعتُنّ وأطقتُنَّ" فقلت الله ورسولهُ أرحم بنا منَّا بأنفسنا، قلت: يا رسول الله بايعنا، -نعني صافحنا- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما قولي لمائة امرأةٍ كقوْلي لامرأةٍ واحدةٍ" وقال مالك في الموطأ (¬3) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّي لا أصافح النساء، إنما قولي لمائة امرأة" الحديث. مسلم (¬4)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كَانَتْ بنوُ إسرائِيلَ تسُوسُهُمُ الأنبياءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ. وإِنَّهُ لا نبي بعدي، وستكُون خلفاءُ فتكثر" قالوا: فما تأمُرُنا قال: "فواُ ببيعةِ الأوَّل فالأوَّلِ ثم (¬5) أعطوهم حقَّهُمْ، فإن الله سائِلُهُمْ. عما استرعاهُم". وعن أبي سعيد الخدري (¬6) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بُويَع لِخَليفتَيْنِ، فاقتُلُوا الآخَرَ مِنْهُمَا". وعن عبد الله بن عمرو (¬7) قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) الترمذي: (4/ 129) (22) كتاب السير (37) باب ما جاء في بيعة النساء - رقم (1597) (¬2) الأصل: أمية شتِ رقية. (¬3) الموطأ: (2/ 983) (55) كتاب البيعة (1) باب ما جاء في البيعة - رقم (2). (¬4) مسلم: (3/ 1471) (33) كتاب الإِمارة (10) باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء - رقم (44). (¬5) ثم: ليست في مسلم. (¬6) مسلم: (3/ 1480) (33) كتاب الإمارة (15) باب إذا بويع لخليفتين - رقم (61). (¬7) مسلم: (3/ 1472 - 1473) (33) كتاب الإمارة (10) باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء - رقم (46).

في سفر فنزلنا منزلًا. فمنَّا مِن يُصلِحُ خِبَاءَهُ، ومنَّا من ينتضِلُ (¬1)، ومنَّا من هو في جَشَرة (¬2)، إذ نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الصلاةَ جامعةً فاجتمعنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنَّهُ لم يكن نبي قبلى إلا كان عليه حقًاْ (¬3) أن يَدُلَّ أمتَّهَ على خير ما يعلمُهُ لهم، ويُنْذِرَهُم شرَّ ما يعلمه لهم. وإن أمتَّكُم هذه جُعِلَ عافيتُها في أولِهَا وسَيُصيبُ آخرها بلاءٌ وأُمُورٌ تُنكرونها. وتجِيءُ فِتنة فيرقق بعضها بعضًا. وتجيء الفتنةُ فيقولُ المؤمن: هذه مُهْلِكَتِي، ثم تنكشفُ. فتجيء الفتنةُ فيقول المؤمن: هذِهِ هذِهِ. فمن أحب أن يُزَحْزحَ عن النار ويدخل الجنَّةَ فَلتأتِهِ منَّيتُهُ وهو يؤمن بالله واليوم الأخر. وليأتِ إلى النَّاس الذي يُحبُّ أن يُؤتى إليه ومن بايع إمامًا فأعطاهُ صَفْقَةَ يدِهِ وثمَرةَ قلبِهِ، فليُطِعْهُ إنِ استطاعَ، فإنْ جاءَ آخرُ ينازِعُهُ فاضرِبُوا عُنْقَ الآخرِ". مسلم (¬4)، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أطاعنى فقد أطاعَ الله، ومن عصاني فقد عَصَى الله، ومن أطاع أمِيرِي فقد أطاعَنِي، ومن عصىَ أميري فقد عصانِي" وعن أبي ذر (¬5)، قال: إِنَّ خليلي أوصَانِي أن أسمع وأُطيعَ، وإنْ كان عبدًا مُجدَّعَ الأطرافِ (¬6). وعن أم الحصين (¬7)، أنها سمعتْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب ¬

_ (¬1) ينتضل هو من المناضلة، وهى المراماة بالنشاب. (¬2) جشرة: هي الدواب التي ترعى وتبيت مكانها. (¬3) في مسلم: (كان حقًا عليه). وكذا (د). (¬4) مسلم: (3/ 1466) (33) كتاب الإِمارة (8) باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية - رقم (33). (¬5) مسلم: (1/ 448) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (41) باب كراهية تأخير الصلاة عن وقتها المختار - رقم (240). (¬6) مجدع الأطراف: أي مقطع الأطراف. (¬7) مسلم: (3/ 1468) (33) كتاب الإمارة (8) باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية - رقم (37).

في حجة الوداع وهو يقول: "ولو استُعْمِلَ عليكم عبدٌ يقودُكُم بكتاب اللهِ، فاسمعُوا له وأطيعوا". وفي طريق أخرى (¬1): "عبدًا حبشيًّا مُجَدَّعًا". وعن ابن عمر (¬2)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "على المرء المسلم السمعُ والطاعةُ فيما أحبّ وكرِهِ. إلا أن يؤمر بمعصيةٍ فإنْ أُمر بمعصيةٍ فلا سمع ولا طاعة". وعن علي بن أَبى طالب (¬3) أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث جيشًا وأمرّ عليهم رجلًا فأوقَدَ نَارًا وقال: ادْخُلُوها. فأراد ناسٌ أن يدخُلُوهَا. وقال آخرون: إِنَّا قد فَرَرْنَا منها. فذُكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: للذين أرأدوا أن يدخلوهُا: "لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة" وقال للآخرين قولًا حسنا وقال: "لا طَاعَةَ في معصيَةِ اللهِ إنَّما الطَّاعَة في المعروف". وعن ابن عباس (¬4)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كَرِهَ من أميرِهِ شيئًا فليصبر عليه، فإِنه ليس أحَدٌ من الناس يخرج من السلطان شبرًا، فمات (¬5) إلا مات ميتةً جاهليَّةً". وعن عبد الله بن مسعود (¬6) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنَّها ستكونُ بعدي أَثرةٌ وأمورٌ تنكرونها" قالوا: يا رسول الله! كيف تأمرُ مَنْ أدرك ¬

_ (¬1) مسلم: الموضع السابق. (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (38). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (39). (¬4) مسلم: (3/ 1478) (33) كتاب الإمارة (13) باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن - رقم (56). (¬5) في مسلم: (فمات عليه). (¬6) مسلم: (3/ 1472) (33) كتاب الإمارة (10) باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء - رقم (45)

منّا ذلك؟ قال: "تُؤَدون الحق الذي عليكم وتسألون اللهَ الذي لكم". وعن وائل بن حجر (¬1) قال: سأل سلمةُ بن يزيد الجُعفيُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبي الله! أَرأيت إن قامت علينا أمراءُ يسألوننا حقهم، ويمنعوننا حقنا. فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثم سأَلَهُ فأعرض عنهُ. ثم سأله في الثانيةِ أو في الثالثةِ فجذَبَهُ الأشعث بن قيس. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حُمِّلُوا وعليكم ما حُملتُم". ذكره في سندين عن وائلٍ. مسلم (¬2)، عن ابن عمر قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من خلع يدًا من طاعةٍ، لَقِىَ الله يوم القيامةِ، لا حُجَّةَ لَهُ، ومن مات ليس في عُنُقِهِ بيعةٌ، مات ميِتَةً جاهليَّةً". وعن عرفجة بن شريح (¬3)، ويقال صريح قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إِنَّهُ ستكون هناتٌ وهنات فمن أراد أن يُفرِّقَ أمر هذه الأمة وهي جميعٌ، فاضرِبُوهُ بالسيفِ، كائِنًا من كان". النسائي (¬4) عن عرفجةَ أيضًا. قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر يخطب الناس فقال: "إنَها ستكون (¬5) بعدي هناتٌ وهناتٌ، فمن ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1474) (33) كتاب الإمارة (12) باب في طاعة الأمراء وإن منعوا الحقوق - رقم (49). (¬2) مسلم: (3/ 1478) (33) كتاب الإمارة (13) باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن - رقم (58). (¬3) مسلم: (3/ 1479) (33) كتاب الإمارة (14) باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع - رقم (59). (¬4) النسائي: (7/ 92 - 93) (37) كتاب تحريم الدم (6) باب قتل من فارق الجماعة - رقم (4020). (¬5) النسائي: (إنه سيكون).

رأيْتُمُوهُ فارَقَ الجماعَةَ أو يُريدُ تفريق (¬1) أمْرَ أُمَّةِ مُحمدٍ كائِنًا من كان، فاقتُلُوُه فإنَّ يد اللهِ على الجماعةِ، وإن الشيطانَ مع من فارق الجماعة يركُضُ". مسلم (¬2) عن عرفجة أيضًا، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أتاكُمْ وأمْركُم جميعٌ، على رجُلٍ واحدٍ، يُريدُ أنْ يشُقَّ عصاكُم أو يُفرِّقَ جماعتكُمْ فاقتلُوهُ". مسلم (¬3) عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من خرج من الطاعةِ، وفارقَ الجماعةَ، فماتَ، مات مِيتَةً جاهلية، ومن قاتل تحت رايةٍ عُمِّيةٍ يغضبُ لعصبةٍ أو يدعو إلى عَصَبةٍ (¬4) فقُتِلَ فَقِتْلتُهُ جاهليةٌ، ومن خرج على أمتي يضربُ بَرَّها وفاجِرهَا ولا يَتَحَاشَ من مؤمنها، ولا يفى لذي عهد عهدَهُ فليس مني ولستُ مِنهُ". وفي طريق أخرى (¬5): "ومن خرج من أمتي على أمتي". مسلم (¬6)، عن عوف بن مالك قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "خِيَارُ أَئِمتكُمُ الذين تحبونهُمْ ويحبونكم، وتُصلُّون عليهم ويُصلون عليكم. وشِرَارُ أئمتكم الذين تبغضونَهُمْ ويبغضونكم، وتلعَنُونهُمْ ويلعنونكم" قال: قلنا: يا رسول الله! أفلا نُنَابِذُهُم عند ذلك؟ قال "لا ¬

_ (¬1) النسائي: (أو يفرق أمر أمة). (¬2) مسلم: (3/ 1480) (33) كتاب الإمارة (14) باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع - رقم (60). (¬3) مسلم: (3/ 1476/1477) (33) كتاب الإِمارة (13) باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن - رقم (53). (¬4) مسلم: (أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (54). (¬6) مسلم: (3/ 1482) (33) كتاب الإِمارة (17) باب خيار الأئمة وشرارهم - رقم (66).

ما أقاموا فيكم الصلاة، لا (¬1) ما أقاموا فيكم الصلاة، ألا من وَلِيَ عليه والٍ، فرآهُ يأتي شيئًا من معصيةِ اللهِ، فَلْيَكْرَهْ ما يأتي من معصيةِ اللهِ، ولا ينزعَنَّ يدًا من طاعةٍ". وعن عبادة بن الصامت (¬2) قال: دعانا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فبايعنَا، فكان مما أخذ علينا أن بايعنا على السَّمع والطَّاعَةِ في منشطا ومكرهنا، وعُسْرِنَا ويُسْرِنَا وأثرةِ عليَنا، وألا نُنَازِعَ الأمر أهْلَهُ قال: "إلاَّ أن تروا كُفَرًا بواحًا عندكم من الله فيه بُرهان". وعن أمّ سلمة (¬3)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنه يُسْتَعمل عليكم أُمرآءٌ، فتعرفُون وتنكرون، فمن كَرِهَ فقد بَرئَ، ومن أنْكَرَ فقد سَلِمَ ولكن من رضىَ وتابَعَ" قالوا: يا رسول الله! ألا نُقاتلهم؟ قال: "لا ما صلَّوا" (أي من كره بقلبه وأنكر بقلبِهِ). الترمذي (¬4)، عن كعب بن عُجْرَة قال: خرج إلينا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ونحنُ تسْعَةٌ، خَمْسَةٌ وأربعةٌ، أحد العددين من العرب والآخر من العَجِمِ، فقال: "اسْمَعُوا، هل سمعتم أَنَّهُ سيكون بعدى أُمراءٌ فمن دَخَل عليهم فَصَدَّقَّهُمْ في كذبهم وأعانهم على ظُلْمِهِم فَلِيس منِّي، ولست منه، وليس بوارِدٍ عليَّ الحوضَ، ومن لَم يدخل عليهم ولم يُعِنْهُمْ على ظلمهم ولم يُصَدّقْهُم بكذبهم فهو منّي وأنا منهُ، وهو واردٌ عليّ الحوض". ¬

_ (¬1) في الأصل: (ألا) وهذه الجملة لم تكرر في (د). (¬2) مسلم: (3/ 1470) (33) كتاب الإمارة (8) باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية - رقم (42). (¬3) مسلم: (3/ 1481) (33) كتاب الإمارة (16) باب وجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع - رقم (63). (¬4) الترمذي: (4/ 455) (34) كتاب الفتن (72) باب - رقم (2259).

قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ غريبٌ ذكره في كتاب الفتن. أبو داود (¬1)، عن أنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اسْتَخْلَفَ ابنَ أُم مكتوم على المدينةِ مرتين. مسلم (¬2)، عن عائشة قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضِهِ: ادْعِى لي أبا بكرٍ أباك (¬3) وأخاك، حتى أكتُبَ كتابًا فإنِّي أخافُ أن يتمنَّى متمنٍّ ويقُول (¬4) أنا أوَلى، ويأبى الله والمؤمنون إلَّا أبا بكرٍ". وعن محمد بن جبير بن مطعم (¬5)، عن أبيه، أنَّ امرأةً سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا. فأمرها أن ترجِعَ إليهِ. فقالت: يا رسولَ الله! أرأيتَ إن جئتُ فلم أجدك؟ قال أبي: كأنها تعنى الموت قال: "فإن لم تجديني فأتي أبا بكرٍ". وعن ابن عمر (¬6)، قال: حَضَرْتُ أبي حين أُصيبَ، فأثْنَوْا عليه وقالوا: جزاك الله خيرًا. فقال: راغب وراهبٌ. فقالوا: اسْتَخْلِفْ. فقال أتحمَّل أَمْرَكُم حيًّا وميّتًا؟ لوددتُ أنّ حظي منها الكَفَافُ. لا عليَّ ولا لِي. فإنْ أسْتخلِفْ فقد استخلف من هو خيرٌ منِّي (يعني أبا بكرٍ) وإنْ اتْرُكْكُمْ فقد ترَككمْ من هو خير منِّي، رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال عبد الله: فعرفْتُ حين ذكر رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنه غير ¬

_ (¬1) أبو داود: (3/ 344 - 345) (14) كتاب الخراج والإمارة والفيء (3) باب في الضرير يُوَلى - رقم (2931). (¬2) مسلم: (4/ 1857) (44) كتاب فضائل الصحابة (1) باب من فضائل أبي بكر الصديق - رقم (11). (¬3) أباك ليست في مسلم. (¬4) في مسلم: (ويقول قائِلٌ). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (10). (¬6) مسلم: (3/ 1454) (33) كتاب الإمارة (2) باب الإستخلاف وتركه - رقم (11).

مستخلفٍ. وعن أبي هريرة (¬1)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقْتَسِمُ وَرَثَتِى دينارًا، ما تركْتُ بَعدَ نفقةِ نسائي ومَؤُنَةِ عامِلي، فهو صدقةٌ". أبو داود (¬2)، عن بُريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من استعملنَاهُ على عَمَلٍ فرزقْنَاهُ رزقًا فما أخذَ بعد ذلك فهو غلولٌ". وعن المستَوْرِدِ (¬3) قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من كان لنا عاملًا فليكتسب زوجةً، فإن لم يكن له خادمٌ فليكتسب خادمًا، فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنًا" قال: فقال أبو بكر: أُخبرتُ أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اتخذ غير ذلك فهو غالٌّ أو سارق". وعن أبي الطفيل (¬4)، قال: جاءت فاطمة إلى أبي بكر تطلب ميراثها من النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: فقال أبو بكر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا أطعم نبيًا طُعمةً فهى للذي يقومُ من بعده". وعن أبي موسى الأشعري (¬5) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنَّ من إِجلال الله إكرام ذي الشيبة المُسْلمِ، وحامل القرآن غير الغالي فيه، والجافي عنه، وإكرام ذي السُّلطان المقُسِطِ". ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1382) (32) كتاب الجهاد والسير (16) باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " "لا نورث ما تركنا فهو صدقة" - رقم (55). (¬2) أبو داود: (3/ 353) (14) كتاب الخراج والإمارة والفيء (10) باب في أرزاق العمال - رقم (2943). (¬3) أبو دارد: (3/ 354) - رقم (2945). (¬4) أبو داود: (3/ 379) (14) كتاب الخراج والإمارة والفيء (19) باب في صفايا رسول الله من الأموال - رقم (2973). (¬5) أبو داود: (4/ 261) كتاب الأدب - باب في تنزيل الناس منازلهم - رقم (4843).

باب نيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلف غازيا في أهله بخير أو شر، وفيمن كان له أبوان، وفي غزو النساء، وما جاء أن الغنيمة نقصان من الأجر، وفي الخيل وما يتعلق بذلك، وفي الرمي وفضيلته، وفي العدد.

البخاري (¬1)، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعث إلى سعد بن معاذ فجاء على حمار فلما دنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قوموا إلى سيِّدكم". باب نيابة الخارج عن القاعد وفيمن خلَّف غازيًا في أهله بخير أو شر، وفيمن كان له أبوان، وفي غزو النساء، وما جاء أن الغنيمة نقصان من الأجر، وفي الخيل وما يتعلق بذلك، وفي الرمي وفضيلته، وفي العدد. مسلم (¬2)، عن أبي سعيد الخدرى، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثَ بعثًا إلى بني لِحْيَانَ، من هُذَيل. فقال: "لِينْبَعِث من كُلِّ رجْلين أحَدُهُما والأجْرُ بينهُمَا". وعنه (¬3)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ إلى بني لِحْيَانَ: "ليخرج من كل رجْلين رجُلٌ" ثم قال للقاعِدِ: "أَيكُمْ خلف الخارِجَ في أهله ومالِهِ بخيرٍ كان له مثل نِصْف أجْرِ الخارِجِ". وعن بُرَيْدةَ (¬4)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حُرْمَةُ نساءِ المُجاهدين على القاعِدين، كحُرْمَةِ أُمَّهاتِهِم، وما من رجُلٍ من القاعدين يخلُفُ رجلًا من المجاهدين (¬5) في أهْلِهِ فيَخُونُهُ فيهم، إلا وُقِفَ لهُ يوم القيامةِ، فيأخذ ¬

_ (¬1) البخاري: (11/ 51) (79) كتاب الإستئذان (26) باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قوموا إلى سيدكم" - رقم (6262). (¬2) مسلم: (3/ 1507) (33) كتاب الإمارة (38) باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره - رقم (137). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (138). (¬4) مسلم: (3/ 1508) (33) كتاب الإِمارة (39) باب حرمة نساء المجاهدين - رقم (139). (¬5) (د): (المهاجرين).

من عملِهِ ما شاء فما ظَنُّكُمْ؟ ". وعن عبد الله بن عمرو (¬1)، قال: جاء رجُلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأذنه في الجهاد، فقال: "أحَيُّ والِدَاكَ؟ " قال: نعم قال: "ففيهما فجاهِدْ". أبو داود (¬2)، عن أبي سعيد الخدْري، أن رجلًا هاجر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اليمن، فقال: "هل لك أحدٌ باليمن" قال: أبواي، قال: "أذِنَا لكَ؟ " قال: لا، قال: "فارجع (¬3) فاستئذنهما، فإن أذِنَا لك فجاهد وإلا فبرَّهما". مسلم (¬4)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما منْ غازيةٍ تغزو في سبيل الله فيُصيبُون الغنيمةَ، إلَّا تعجَّلُوا بثُلَثَي (¬5) أجْرهِمْ مَن الآخرةِ ويبْقَى لهُمُ الثُلثُ وإنْ لم يُصيبُوا غنيمةً تم لهم أجْرُهُمْ". البخاري (¬6)، عن عائشة قالت: استأذنتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجهاد فقال: "جهادكن الحج". النسائي (¬7)، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "جهادُ الكَبير والضَّعِيفِ (¬8)، والمرأةِ، الحجُّ والعمرة". ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 1975) (45) كتاب البر والصلة والآداب (1) باب بر الوالدين وأنهما أحق به - رقم (5). (¬2) أبو داود: (3/ 39) (9) كتاب الجهاد (33) باب في الرجل يغزو وأبواه كارهان - رقم (2530). (¬3) في أبي داود: (ارجع إليهما). (¬4) مسلم: (4/ 1514 - 1515) (33) كتاب الإِمارة (44) باب بيان قدر ثواب من غزا فغنم ومن لم يغنم - رقم (153). (¬5) في مسلم: (ثلثي). (¬6) البخاري: (6/ 89) (56) كتاب الجهاد والسير (62) باب جهاد النساء - رقم (2875). (¬7) النسائي: (5/ 113 - 114) (24) كتاب مناسك الحج (4) فضل الحج - رقم (2626). (¬8) النسائي: (جهاد الكبير والصغير والضعيف).

البخاري (¬1)، عن الرُّبيع بنت مُعَوذ قالت: كُنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنسقي القومَ ونخدُمُهُم، ونَرُدُّ الجرحى والقتلى إلى المدينةِ. مسلم (¬2)، عن أم عطية قالت: غزوتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غزواتٍ أخلُفُهُم في رِحالِهم. فأصنعُ لهم الطَّعامَ، وأداوي الجرَحى (¬3). وعن أنس (¬4)، أنّ أُمَّ سُليم اتخذت يوم حنين خنجراً. فكان مَعَها. فَرَآها أبو طلحةَ. فقال: يا رسُول اللهِ! هذِهِ أمُّ سُلَيم مَعَها خِنْجَرٌ. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما هذا الخِنجَرُ؟ " قالت: اتخدتُهُ إنْ دَنَا مَنِّي أحدٌ من المشركين بقرتُ به بَطهُ، فجعَلَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يضحكُ. قالت: يا رسول الله! اقْتُلْ من بعدنا من الطُلقاءِ (¬5) انهزموا بك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أم سُليم! إنَّ الله قد كفى وأحَسَنَ". النسائي (¬6)، عن عمرو بن عَبَسَةَ قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من شَابَ شيبة في سبيل الله كانت له نوراً يوم القيامة، ومن رَمَى بسهم في سبيل الله فبلغ (¬7) العَدُوَّ، أو لم يبلُغ كان له كَعِتْقِ رقبة، ومن أعتَق رقبة فؤمنة كانت (¬8) فداءَه من النَّارِ عُضواً بعُضْوٍ". ¬

_ (¬1) البخاري: (94/ 6) (56) كتاب الجهاد والسير (68) باب رد النساء الجرحى والقتلى - رقم (2883). (¬2) مسلم: (3/ 1447) (32) كتاب الجهاد والسير (48) باب النساء الغازيات يرضخ لهن ولا بسهم - رقم (142). (¬3) في مسلم: (وأداوى الجرحى، وأقوم على المرضى). (¬4) مسلم: (3/ 1442) (32) كتاب الجهاد والسير (47) باب غزوة النساء مع الرجال - رقم (134). (¬5) الطلقاء: هم الذين أعلموا من أهل مكة يوم الفتح. (¬6) النسائي: (6/ 26) (25) كتاب الجهاد (26) ثواب من رمى بسهم في سبيل الله - رقم (3142). (¬7) النسائي: (بلغ). (¬8) النسائي: (كانت له فداء).

مسلم (¬1)، عن عُقبَة بن عامر قال: سمعتُ رسُولَ الله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر يقول: {وأعدُّوا لهم ما استطعتم من قوةٍ} ألا إِنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ، ألا إِنَ القُوَّةَ الرَّمْيُ، ألا إِنَّ القُوَةَ الرميُ". وعنه (¬2)، قال: سمعتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ستُفتح عليكم أرضُونَ، ويكفِيكُمُ اللهُ، فلا يعَجِزُ أحَدُكُم أن يَلْهُوَ بِأَسْهُمِهِ". البخاري (¬3)، عن سلمةَ بن الأكوع قال: مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على نفرٍ من أسلم وهم يَنْتَضِلُون، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ارْموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان رامياً، وأنا (¬4) مع بني فلان" قال: فأمسك أحدُ الفريقين بأيديهم، فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه ومطم: "ما لكم لا ترمُون؟ " قالوا: كيف نرمي وأنت معهُم؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ارموا وأنا معكم كُلِّكُمْ". النسائي (¬5)، عن أبي وهبٍ الجُشَمِي، وكانت له صُحبةٌ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تسمَّوا بأسمَاءِ الأنبيَاءِ وأحبُّ الأسماء إلى الله: عبد الله، وعبد الرحمن، وارتبطُوا الخيلَ وامسحوا بنوا صِيها، وأكْفالِها وقلِّدُوها ولاَ تُقَلدوها الأوتَارَ، وعليكم بكُلِّ كُمَيْتٍ (¬6) أغرّ مُحَجَّلٍ، أو أشقر أغر مُحَجَّل، أو أدهم أغرَّ محجل". الترمذي (¬7)، عن أبي قَتَادَةَ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1522) (33) كتاب الامارة (52) باب فضل الرمي والحث عليه - رقم (167). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (168). (¬3) البخاري: (6/ 107) (56) كتاب الجهاد والسير (78) باب التحريض على الرمي - رقم (2899). (¬4) في البخاري: (ارموا وأنا). (¬5) النسائي: (6/ 218) (28) كتاب الخيل (3) باب ما يستحب من شية الخيل - رقم (3565). (¬6) الكميت من الخيل يستوي فيه المذكر والمؤنث، والمصدر الكميتة وهى حمرة يدخلها قترة. (¬7) الترمذي: (4/ 176) (24) كتاب الجهاد (20) باب ما جاء ما يستحب من الخيل - رقم (1696)

"خيرُ الخيل الَأدهمُ (¬1) الأقرحُ (¬2)، الأرثَمُ (¬3) ثم الأقرحُ المحجّلُ (¬4) طلقُ اليمين (¬5)، فإنْ لم يكُنْ أدهمَ فَكُمَيْتٌ على هذه الشِّيَةِ". قال هذا حديث حسنٌ صحيحٌ (¬6). البزار (¬7)، عن سلمة بن نفيل قال: قال رجل: يا رسول الله! بُوهِيَ بالخيل (¬8) وألقِىَ السلاح، وزعموا ألا قتال، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كذبوا، الآن جاَء القتال، ولا يزال من أمتي (¬9)، أمة قائمةٌ على الحق ظاهرة" وقال وهو مولٍّ ظهره إلى اليمن: "إني أجِدُ نفس الرحمن من (¬10) هاهنا، ولقد أوحى إليّ أني مكفوت (¬11)، غيرُ ملبث (¬12) ولتتبعني أفناداً (¬13)، والخيل معقود في نواصها الخير إلى يوم القيامة وأهلها معانون عليها". وقال النسائي في هذا الحديث: أفنادا أي فِرقاً مختلفين، ذكره الهروي. مسلم (¬14)، عن جرير بن عبد الله، قال: رأيتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) الأدهم: الأسود. (¬2) الأقرح: ما كان في جبهته بياض قليل دون الغرّة. (¬3) الأرثم: هو ما كان شفته العليا وأنفه أبيض. (¬4) المحجل: ما كانت قوائمه بيضاء. (¬5) طلق اليمين: لا تحجيل فها. (¬6) في الترمذي: (حدث حسن غريب صحيح). (¬7) كشف الاستار: (2/ 273 - 274) كتاب الجهاد - باب ما جاء في الخيل - رقم (189). (¬8) في كشف الأستار: (أُذيلت الخيل). (¬9) في كشف الأستار: (لا تزال أمتي). (¬10) (من): ليست في كشف الأستار. (¬11) مكفوت: أي مضموم الى القبر، غير باق فيكم. (¬12) في كشف الأستار: (غير لابث). (¬13) أفناداً: أي تتبعوني قوماً بعد قوم جماعات متفرقين. (¬14) مسلم: (3/ 1493) (33) كتاب الإمارة (26) باب الخيل في نواصيها الخير الى يوم القيامة - رقم (97)

وسلم - يَلْوِي ناصيَةَ فرسِه (¬1) بإضبَعِهِ، وهو يقول "الخيلُ معقُودٌ في نواصيها (¬2) الخير إلى يوم القيامةِ: الأجْرُ والغنيمةُ". وعن أنس (¬3) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " "البَرَكَةُ في نواصي الخَيْلِ". وعن أبي هريرة (¬4) قال: كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكرَهُ الشِّكَالَ من الخيل. فسرَهُ في طريق أخرى (¬5)، والشِّكالُ أن يكون الفرس في رجله اليُمنى بياضٌ وفي يده اليسرى، أو يد اليُمنى ورجلِهِ اليُسْرى. البخاري (¬6)، عن سهل بن سعد قال: كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - في حائطنَا فرسٌ، يقال لَهُ اللُّحَيفُ. قال أبو عبد الله: وقال بعضهم: "اللُّخَيْفُ". وعن أنس (¬7) قال: كان بالمدينة فزعٌ (¬8)، فاسْتَعَارَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فرساً لأقوله طلحة (¬9) يُقال لهُ مندوبٌ فركبه (¬10)، قال: ما رأينَا من فزعٍ وإِنْ وجَدْنَاهُ لَبحرَاً. ¬

_ (¬1) مسلم: (ناصية فرس). (¬2) في مسلم: (بنواصيها). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم 100. (¬4) مسلم: (3/ 1494) (33) كتاب الامارة (27) باب ما يكره من صفات الخيل - رقم (101). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (102). (¬6) البخاري: (6/ 68 - 69) (56) كتاب الجهاد والسير (46) باب اسم الفرس والحمار - رقم (2855) (¬7) البخاري: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2857). (¬8) في البخاري: (كان فزع بالمدينة). (¬9) في البخاري: (فاستعار النبي - صلى الله عليه وسلم - فرساً لنا). (¬10) (فركبه) ليست في البخاري.

وعنه (¬1)، قال: فَزِعَ النّاسُ، فركِبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرساً لأبي طلحة بطيئاً ثم خرج يركُضُ (¬2)، فركب النَّاسُ يركُضُون خلفه فقال لم تراعوا: إنهُ لبحرٌ. قال: فما سُبِق بعد ذلِكَ اليوم. وعنه (¬3) استقبلَهُمُ النبي - صلى الله عليه وسلم - على فرسِ عُرِي ما عليْهِ سرجٌ، وفي عُنُقِهِ سيْف". مسلم (¬4)، عن أبي هريرة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الجرَسُ من (¬5) مزامير الشيطانِ". وعنه (¬6)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَصحَبُ الملائِكةُ رُفْقَةً فيهما كلبٌ ولا جَرَسٌ". أبو داود (¬7)، عن أبي بشير، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبْقينّ في رقبة بعيرٍ قلادةٌ من وتر ولا قِلادة إلا قُطِعَت" قال مالك: أرى ذلك من العين. وقال مسلم (¬8) في حديثه: "قِلادَة من وَتَرٍ، أو قِلادَةٌ". أبو داود (¬9)، عن ابن عمر قال نَهى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ¬

_ (¬1) البخاري: (6/ 143) (56) كتاب الجهاد والسير (117) باب السرعة والركض في الفزع - رقم (2969) (¬2) في البخاري: (وركض وحده). (¬3) البخاري: (6/ 82) (56) كتاب الجهاد والسير (54) باب ركوب الفرس العرى - رقم (2866). (¬4) مسلم: (3/ 1672) (37) كتاب اللباس والزينة (27) باب كراهة الكلب والجرس في السفر - رقم (104) (¬5) من: ليست في مسلم. (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (103). (¬7) أبو داود: (3/ 52) (9) كتاب الجهاد (49) باب في تقليد الخيل بالأوتار - رقم (2552). (¬8) مسلم: (3/ 1672) (37) كتاب اللباس والزينه (28) باب كراهة زيادة الوتر في رقبة البعير - رقم (105) (¬9) أبو داود: (4/ 149) (21) كتاب الأطعمة (25) باب النهي عن أكل الجلالة رقم (3787).

الجَلّالةِ (¬1) في الِإبل: أن يُركب عليها (¬2). البزار عن ابن عمر قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل لحوم الجلالة، وأن تشرب ألبانها، وأن يحمل عليها. أبو داود (¬3)، عن سهل بن الحنظلية قال: مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببعير وقد لحق ظهره بطنه فقال: "اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة وكلوها صالحة". وعن بُريدة (¬4) قال: بينما رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشى، جاء رجل ومعه حمار، فقال: يا رسول الله! اركب وتأخَّر الرجل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنت (¬5) أحقُّ بصدر دابتك مني، إلا أن تجعله لي" قال: فإني قد جعلته لك، فركب. البخاري (¬6)، عن ابن عباس قال: لما قَدِمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - مكةَ استقبله أُغَيلمة بني عبد المطلب، فحملَ واحداً بين يديه وآخر خلفه. النسائي (¬7) عن عبد الله بن مسعود قال: كانوا يوم بدر ثلاثة على بعير، وكان زميلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليُّ بن أبي طالب وأبو لبابة -يعني ابن عبد المنذر-، فكان إذا كان عُقبته قالا: اركبْ حتى نمشي، فيقول: ما أنتما بأقوى منِّي، وما أنا بأغنى عن الأجر منكما". ¬

_ (¬1) الجلالة: هي الإبل التي تأكل الجلة وهي العذرة. (¬2) في أبي داود: (أن يركب عليها، أو يشرب من ألبانها). (¬3) أبو داود: (3/ 49) (9) كتاب الجهاد (47) باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم - رقم (2548). (¬4) أبو داود: (3/ 62) (9) كتاب الجهاد (65) باب رب الدابة أحق بصدرها - رقم (2572). (¬5) في أبي داود: (لا، أنت). (¬6) البخاري: (10/ 410) (77) كتاب اللباس (99) باب الثلاثة على الدابة - رقم (5965). (¬7) رراه النسائي في الكبرى (5/ 250) (78) كتاب السير (135) الإعتقاب في الدابة - رقم (8807). وأخرجه أحمد (1/ 412، 418، 4221 وابن سعد والبزار.

مسلم (¬1)، عن جابر بن عبد الله، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضرب في الوجهِ، وعن الوَشْمِ في الوَجْهِ. أبو داود (¬2)، عن ابن عباس قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عن التحريش (¬3) بين البهائِم. مسلم (¬4)، عن عمران بن حصين قال: بينما رِسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعضِ أسفارِهِ، وامرأة من الَأنْصَارِ على ناقةٍ، فضَجِرَتْ فَلَعَنتها؛ فسمع ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "خذوا ما عليها ودعُوها، فإنّها مَلْعونَةٌ". قال عِمَرانُ: فكأنِّي أراها الأن تمشي في الناسِ، ما يَعرضُ لها أحدٌ. وفي طريق أخرى (¬5) "لا تُصَاحِبُنَا ناقةٌ عليها لعنةٌ". الترمذي (¬6)، عن ابن عباس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبداً مأمُوراً ما اختَصَّنا دُونَ الناس بشئٍ إلا بثلاث: أمَرَنَا أن نُسْبغَ الوُضُوءَ، وأن لا نأكُلَ الصدقة، وأن لا نُنْزيَ حماراً على فرس. قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ. أبو داود (¬7)، عن علي بن أبي طالب قال أُهديتْ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغلة فركبها، فقال عليّ: لو حملنا الحمير (¬8) على الخيل، فكانت لنا مثل ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1673) (37) كتاب اللباس والزينه (29) باب النهي عن ضرب الحيوان في وجهه ووسمه فيه - رقم (106). (¬2) أبو داود: (3/ 56) (9) كتاب الجهاد (56) باب في التحريش ين البهائم - رقم (2562). (¬3) التحريش: الإغراء وتحريض بعضها على بعض. (¬4) مسلم: (4/ 2004) (45) كتاب البر والصلة والآداب (24) باب النهي عن لعن الدواب وغيرها - رقم (80). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (82). (¬6) الترمذي: (4/ 178) (24) كتاب الجهاد (23) باب ما جاء في كراهية أن تنزى الحمر على الخيل - رقم (1701). (¬7) أبو داود: (3/ 58) (9) كتاب الجهاد (59) باب في كراهية الحمر تنزى على الخيل - رقم (2565). (¬8) في أصول الأحكام الصغرى "البغال" وهو خطأ، وقد نُبه عليه في الحواشي، والحديث في الوسطى =

هذه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون". وعن ابن عمر (¬1)، أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان يُضمر الخيل يسابق بها. وعنه (¬2)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سبق (¬3) بين الخيل، وفضَّل القُرَّحَ (¬4) في الغاية. مسلم (¬5)، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابَقَ بالخيل التي قد اضِمِرَتْ (¬6) من الحَفْيَاءِ، وكان أمَدُها ثنيّةَ الرداع وسَابَقَ بين الخيلِ يعني التي لم تضْمر، من الثَّنيَّة إلى مسجد بني زُرَيْقٍ. فكان ابن عمر فيمن سابق بها، بين الحفياء وثنية الوداع ستة أميال أو سبعة، وبين ثنية الوداع ومسجد بني زريق ميل أو نحوه ذكره البخاري البخاري (¬7)، عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من احْتَبَسَ فرساً في سبيل الله، إيماناً بالله وتصديقاً بوعدهِ: فإنَّ شِبعَهُ وريَّهُ وَروْثَهُ وبوْلَهُ في مِيزانِهِ يوم القيامةِ". مسلم (¬8)، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الشُؤْمُ في الدَّارِ والمرأةِ والفَرَسِ". ¬

_ = على الصواب. (¬1) أبو داود: (3/ 65) (9) كتاب الجهاد (67) باب في السبق - (2576). (¬2) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2577). (¬3) (د): (سابق). (¬4) القرح: وهو من الخيل الذي دخل في السنة الخامسة. (¬5) مسلم: (3/ 1491) (33) كتاب الامارة (25) باب المسابقة بين الخيل - رقم (95). (¬6) أضمرت: هو أن يقلل علفها مدة وتدخل بيتا كنيناً وتجلل في لتعرق ويجف عرتها، فيجف لحمها وتقوى على الجرى. (¬7) البخاري: (6/ 67) (56) كتاب الجهاد والسير (45) باب من احتبس فرساً في سبيل الله - رقم (2853). (¬8) مسلم: (4/ 1746 - 1747) (39) كتاب السلام (34) باب الطيرة والفأل، وما يكون في من الشؤم - رقم (115).

وفي لفظ آخر (¬1).: "إن يكن من الشؤمِ شيءٌ حقٌ ففى الفرسِ والمرأةِ والدَّار". الترمذي (¬2)، عن ابن عباس قال: كانت رايةُ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - سوداءَ ولِوَاؤهُ أبيض. وذكر النسائي (¬3)، عن البراء بن عازب، أنها كانت سوداء مربعة من نمرة. الترمذي (¬4) (¬5)، عن الزبير بن العوَّام قال: "كان على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحد دِرْعان (¬6)، فنهضَ إلى الصَّخرة فلم يستطع، فأقعد طلحة تحته حتى استوى على الصخرة، فقال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أوْجَبَ طلحةُ". مسلم (¬7)، عن سهل بن سعد؛ قال: جُرِحَ وجهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وهُشِمَتِ البيضةُ على رأْسِهِ فكانت فاطمةُ بنتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَغْسِلُ الدَّمَ، وكان عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه- يَسْكُبُ (¬8) عليها بالمِجَنِّ (¬9)، فلما رأت فاطِمةُ أنَّ الماء لا يزيدُ الدَّمَ إلا ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (117). (¬2) الترمذي: (4/ 169 - 170) (24) كتاب الجهاد (10) باب ما جاء في الرايات - رقم (1681). (¬3) أخرجه النسائي في الكبرى في السير، هكذا عزاه المزي في تحفة الأشراف (2/ 66). ورواه أبو داود في الجهاد: باب في الرايات والألوية. (¬4) في الأصل: (أبو داود). (¬5) الترمذي: (4/ 174) (24) كتاب الجهاد (17) ما جاء في الدرع - رقم (1692). وفيه عنعنة ابن اسحاق وهو بدلس، لكنه صرح بالتحدث عند أحمد: (1/ 165) فالحمد لله. (¬6) الترمذي: (درعان هوم أحد). (¬7) مسلم: (3/ 1416) (32) كتاب الجهاد والسير (37) باب غزوة أحد - رقم (101). (¬8) (د): (يسكب الماء). (¬9) بالمجن: أي الترس.

باب في التحصن وحفر الخنادق، وكتب الناس، ومن كم يجوز الصبي في القتال، وترك الإستعانة بالمشركين، ومشاورة الإمام أصحابه، وما يحذر من مخالفة أمره، والإسراع في طلب العدو، وتوخي الطرق الخالية، والتورية بالغزو، والإعلام به إذا كان السفر بعيدا أو العدو كثيرا.

كثرةً، أخذت قِطعةَ حصيرٍ فَاحرقتْهُ حتى صار رماداً، ثم ألصقتهُ بالجُرحِ حتى (¬1) استمسك الدَّمُ. زاد النسائي (¬2)، في هذا الحديث: "أنَّ فاطمة اعتنقت النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يعني لما أبصرته جريحاً - صلى الله عليه وسلم - ". النسائي (¬3)، عن قتادة عن أنس قال: "كانت (¬4) نعلُ سيفِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِضَّةً (¬5) وقبيعة سيفيه فضةً وما بين ذلك حِلَقُ فضَّة. الذي أَسند هذا الحديث ثقة وهو جرير بن حازم وكذلك أسنده عمرو ابن عاصم عن همام عن قتادة. أبو بكر بن أبي شيبة، عن أيى بكرة قال: أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قوم يتعاطون سيفاً مسلولاً فقال: "لعن الله من فعل هذا، أو ليس قد نَهيتُ عن هذا"، وقال: "إذا أحدكم سلَّ سيفه فنظر إليه، فأراد أن يناوله أخاه فليغمده، ثم ليناوله إياه". باب في التحصن وحفر الخنادق، وكتب الناس، ومِنْ كم يُجوِّز الصبي في القتال، وترك الإستعانة بالمشركين، ومشاورة الإِمام أصحابه، وما يحذر من مخالفة أمره، والإسراع في طلب العدو، وتوخي الطرق الخالية، والتورية بالغزو، والإعلام به إذا كان السفر بعيداً أو العدو كثيراً. ¬

_ (¬1) في مسلم: (فاستمسك الدم). (¬2) لعله في الكبرى!. (¬3) النسائي: (8/ 219) (48) كتاب الزينة (120) حلية السيف - رقم (5374). (¬4) النسائي: (كان). (¬5) النسائي: (من فضة).

النسائي (¬1)، عن البراء بن عازب قال: لما أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحفر (¬2) الخندق عرض لنا حجر لا تأخذ فيه المعاول، فاشتكينا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فألقى ثوبه وأخذ المعول، وقال: بسم الله، فضرب ضربة فكسر ثلث الصخرة، ثم قال الله أكبر أعطت مفاتيح الشام والله إلي لأبصر إلى قصورها الحمراء الآن من مكاني هذا، قال: ثم ضرب أخرى وقال: بسم الله وكسر ثلثاً آخر، وقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصر المداين الأبيض، ثم ضرب الثالثة، وقال. بسم الله فقطع الحجر، وقال: الله أكبر اُعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر باب صنعاء. البخاري (¬3)، عن الراء بن عازب قال: لما كان يوم الأحزابِ وخندق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رأيته ينقل من تراب الخندق، حتى وارى عني الغبار (¬4) جلدةَ بطنه -وكان كثير الشعر- فسمعتُهُ يرتجِزُ بكلماتِ ابن رواحة ويقول (¬5): اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزلنْ سكينةً علينا ... وثبِّت الأقدام إن لاقينا وذكر باقي الحديث. وعن حذيفة (¬6)، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اكتبوا لي من تلفَّظ ¬

_ (¬1) النسائي: في الكبرى في الشر، هكذا عزاه المزي في تحفة الأشراف (2/ 65). (¬2) (د): (نحفر). (¬3) البخاري: (7/ 461 - 462) (64) كتاب المغازى (29) باب غزوة الخندق والأحزاب - رقم (4106) (¬4) في البخاري: (التراب). (¬5) في البخاري: (وهو ينقل من التراب يقول). (¬6) البخاري: (6/ 205 - 206) (56) كتاب الجهاد (181) باب كتابة الإِمام الناس - رقم (3060).

بالِإسلام، فكتبنا (¬1) ألفاً وخمسِمَائَةِ رجل، فقلنا: نخاف ونحن ألفٌ وخمسمائةٍ؟ فلقد رأيتُنا ابتُلينا حتَّى إن الرجُل ليُصلي وحده وهو خائِفٌ". مسلم (¬2)، عن ابن عمر قال: عَرَضَني رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ أحُدٍ في القتال، وأنا ابن أربَعَ عشرةَ سنةً فلم يُجزْني، وعرضَنِي يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرةَ سنة فأجازني. قال نافِع: فقدمتُ على عُمر بن عبد العزيز، وهو يومئِذٍ خليفة. فحدثتُهُ هذا الحديث فقال: إِنَّ هذا الحَدَّ بين الصغير والكبير، فكتب إلى عُمَّالِهِ أن يفرِضُوا لمن كان ابن خمس عشرةَ سنة، فما دون ذلك فاجعلوه في العِيَالِ. وعن عائشة (¬3)، قالت: خرجَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل بدر، فلما كان بِحَرَّةِ الوبرة، أدركَهُ رجُلٌ قد كان يُذكر منه جُرأة ونجدةٌ. ففرح أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآهُ (¬4)، فلما أدركه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: جِئْت لأتبِعَكَ وأصيب معك، قال لَهُ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "تُؤمن بالله ورسوله" قال: لا. قال: "ارجع (¬5) فلن أستعينَ بمشرِكٍ" قالت: ثمَّ مضى حتى إذا كُنا بالشجرة أدركه الرجل، فقال له كما قال أول مرة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - كا قال أولَ مرة. قال: لا. قال: "فارجع فلن أستعين بمشركٍ" قالت: ثمَّ رجع فأدركَهُ بالبيداءِ فقال له كما قال له أول مرةٍ: "تؤمن بالله ورسوله؟. قال: نعم. فقال لهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فانطلق". ¬

_ (¬1) في البخاري: (بالإسلام من الناس، فكتبنا له). (¬2) مسلم: (3/ 1490) (33) كتاب الإمارة (23) باب بيان سن البلوغ - رقم (91). (¬3) مسلم: (3/ 1449) (32) كتاب الجهاد (51) باب كراهة الإستعانة في الفزو بكافر - رقم (150) (¬4) في مسلم: (حين رأوه). (¬5) في مسلم: (فارجع).

النسائي (¬1) عن المسور بن مخرمَةَ، ومروان بن الحكم قالا: خَرَجَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية في بضعِ عشرة ماثةٍ من أصحابِهِ حتى إذا كانوا بذي الحليفة، قفَد النبي - صلى الله عليه وسلم - الهدي وأشْعَرَ وأحرم بالعمرة وبعث بين يديه عيناً له من خزاعة يُخبره عن قريش وسار النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى اذا كان بغدير الأشطاط قريب من عسفان أتاه عينه الخزاعيَّ فقال: إلي تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي مَد جمعوا لك الأحابيش وجمعوا لك جموعاً وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أشيروا عليّ أترون أن أميل على ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم فإن قعدوا قعدوا موتورين كان نجوا يكونوا عنقا قطعها الله. أم ترون أن أأمّ البيت فمن صدَّنا عنه قاتلناه" فقال أبو بكر: الله ورسوله أعلم يا رسول الله إنما جئنا معتمرين ولم نأت لقتال أحد ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فروحوا إذاً" خرجه البخاري (¬2) وقال في آخره "امضوا على اسم الله". مسلم (¬3)، عن أنس، أنَّ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - شَاوَرَ، حين بلَغَهُ إقبال أبي سفيان، قال: فتكلَّم أبو بكر فأعرَضَ عنه، ثم تكلمَّ عمر فأعرض عنهُ. فقامَ سعد بن عُبادَةَ فقال: إِيَّانا تُريدُ؟ يا رسول الله! والذي نفسي بِيده! لو أمَرْتَنَا أن نُخِيضَهَا البحر لأخضنَاهَا، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغِمَاد (¬4)، لفعلنا. قال: فندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس فانطلقُوا حتى (¬5) نزلوا بدراً وورَدتْ عليهم رَوَايَا قريش (¬6)، وفيهم غُلامٌ أسْوَدُ لِبني ¬

_ (¬1) السائي في الكبرى: (5/ 263) (78) كتاب السير (160) باب توجيه عين واحدة رقم (8840) (¬2) البخاري (7/ 519) (64) كتاب المغازى (35) غزوة الحديبية - رقم (4178). (¬3) مسلم: (3/ 1403 - 1404) (32) كتاب الجهاد (30) باب غزوة بدر - رقم (83). (¬4) برك الغماد: مرضع من وراء مكة بخمس ليال بناحية الساحل. (¬5) (د): (حتى إذا نزلوا). (¬6) روايا قريش: أي إبلهم النبي كانوا يستقون عليها.

الحَجَّاج. فأخذُوهُ، فكان أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألونَهُ عن أبي سفيان وأصحابِهِ؟ فيقولُ: ما لي عِلمٌ بأبى سفيان، ولكن هذا أبو جهل وعُتْبَةُ وشَيْبَةُ وأميةُ بن خلفٍ، فإذا قال ذلِكَ، ضربُوهُ. فقال: نعم، أنا أخْبِرُكُم، هذا أبو سفيان، فإذا تركُوهُ فسألُوهُ قال: مالى بأبي سفيان عِلمٌ ولكن هذا أبو جهل وعتبةُ وشيبةُ وأميَّةُ بنُ خلف في النَّاسِ، فإذا قال: هذا أيضاً ضربُوهُ، ورسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قائِمٌ يصلي فلما رأى ذلك انصرف قال: "والذي نفسِي بيدِهِ لتضرِبُونه إذا صَدَقَكُمْ وتتركونه إذا كَذَبَكُمْ". قال: فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا مصرع فلان" ويضع يدَهُ على الأرض، ها هنا وها هنا قال فما مَاطَ أحَدُهُم عن موضع يدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. زاد أبو داود (¬1)، في هذا الحديث، فأمر بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ بأرجلهم (¬2) فسحبوا فألقوا في قليب بدر". هذه الزيادة ذكرها مسلم (¬3)، من حديث عبد الله بن مسعود في قصة أخرى. قال: "غير أن أمية أو أُبيَّا، تقطعت أوصاله فلم يُلْقَ في البئر". البخاري (¬4)، عن البراء بن عازب قال: جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الرَّجَّالةِ يوم أحدٍ -وكانوا خمسين رجلا- عبد الله بن جبير، فقال: إن ¬

_ (¬1) أبو داود: (3/ 130) (9) كتاب الجهاد (125) باب في الأسير يُنال منه ويضرب ويقرر - رقم (2681). (¬2) من هنا سقط كبير جداً في الأصل، سننبه إن شاء الله - إلى نهايته، وما أثبتناه من (د، ف). (¬3) مسلم: (3/ 1419) (32) كتاب الجهاد والسير (39) باب ما لقى النبي - صلى الله عليه وسلم - من أذى الشركين والمنافقين - رقم (108). (¬4) البخاري: (6/ 188) (56) كتاب الجهاد والسير (164) باب ما يكره من التنازع - رقم (3039).

رأيتمونا تخطفنا الطير، فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزَفنا القوم وأوطأناهم، فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم. فهزمهم الله. (¬1) قال: وأنا (¬2) والله رأيت النساء يشدُدنَ. قد بدت خَلاخِلُهنَّ وأسُوقُهنَّ، رافعاتٍ ثَيابَهُنَّ، فقال أصحاب عبد الله بن جبير (¬3) الغنيمةَ أيْ قوْم الغنيمةَ،. ظَهرَ أصحابُكُم فما تنتظرون؟ فقال عبد الله بن جبيرٍ: أنسيتم ما قال لكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالوا والله لنأتين النَّاس، فلنصيبنَّ من الغنيمة، فلما أتوْهُمْ صرفت وجوههم، فأقبلوا منهزمين، فذاك إذ يدعوهُم الرسول في أخراهم، فلم ييق مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غير اثني عشر رَجُلاً، فأصابوا منا سبعين رجلاً، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أصابوا (¬4) من المشركين يوم بدرٍ أربعين ومائةً: سبعين أسيراً وسبعين قتيلاً، فقال أبو سفيان: أفي القوم مُحمد؟ ثلاثَ مراتٍ. فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجيبوه، ثم قال: أفي القوم ابن أبي قُحافة؟ ثلاث مراتٍ. ثم قال: أفي القوم ابنُ الخطاب؟ ثلاث مراتٍ، ثم رجع إلى أصحابه فقال: أما هؤلاء فقد قتلوا، فما ملك عمر نفسَهُ فقال: كذبت والله يا عدُو الله، إن (¬5) الْذين عَدَدْت لأحْياءٌ كلهم، وقد بقي لك ما يسوؤك، قال: يوم بيوم بدر، والحرب سِجالٌ. إنكم ستجدون في القوم مُثْلَةً، لم آمر بها ولم تسُؤني. ثم أخذ يرتجز: أُعْلُ هُبَل، أُعْلُ هُبَل، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تجيبُوه (¬6)؟ " فقالوا: يا رسول الله ما نقول؟ قال: "قولوا: الله أعلى وأجَل. قال: لنا (¬7) العزى ولا عُزى لكم. فقال النبي ¬

_ (¬1) البخاري: (فهزموهم). (¬2) البخاري: (فأنا). (¬3) البخاري: (ابن جبير). (¬4) البخاري: (أصاب). (¬5): (والله إن ...). (¬6) البخاري: (ألا تجيبونه). (¬7) البخاري: (إن لنا).

- صلى الله عليه وسلم - "ألا تجيبوه (¬1)؟ " قالوا يا رسول الله! ما نقول؟ قال: "قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم". مسلم (¬2)، عن أنس قال: بَعَثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بُسَيْسَةَ عيناً، ينظر ما صنعتْ عِيرُ أيي سُفيانَ، فجاء وما في البيت أحدٌ غيري وغيرُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لا أدري استثنى (¬3) بعض نسائِهِ - قال: فحدثَهُ الحديثَ. قال فخرج رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَكَلَّمَ فقال: "إن لنا طَلِبَةٍ (¬4)، فمن كان ظهرهُ (¬5) حاضراً، فليركبْ معنا" فجعل رجالاً يستأذنونَهُ في ظُهْرَانِهمْ (¬6) في عُلو المدينهِ. فقال: "لا، إلا من كان ظهرُهُ حاضراً" فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُهُ، حتى سبقوا المشركين إلى بدر، وجاء المشركون فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتقدَّمَنَّ (¬7) أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دُونَه" فدنا المشركون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قوموا إلى جنَّةٍ عرضُها السمواتُ والأرضُ" قال: يقول عُميرُ بن الحُمَامِ الأنصاريُّ: يا رسول الله! جنة عرضها السمواتُ والأرضُ؟ قال: "نعم" قال بخٍ بخٍ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يحملُكَ على قولك: بخٍ بخٍ" قال: لا والله! يا رسول الله! إلا رجاءَ (¬8) أن اكون من أهْلِها، قال "فإنَّكَ من أهلها" قال فأخرج تَمَرَات من قرَنِهِ (¬9)، فجعل يأكُلُ مِنْهُنَّ، ثم قال: لئن أنا حَيِيتُ حتى ¬

_ (¬1) البخاري: (ألا تجيبونه). (¬2) مسلم: (3/ 1509 - 1511) (33) كتاب الإمارة (41) باب ثبوت الجنة للشهيد - رقم (145). (¬3) مسلم (ما استتنى). (¬4) طلبة: أي شيئاً نطلبه. (¬5) ظهره: أي الدواب التي تركب. (¬6) ظهرانهم: أي مركوباتهم. (¬7) مسلم: (لا يُقَدِّمَنَّ). (¬8) مسلم: (رجاءة). (¬9) قرنه: أي جعبة النشأب.

اكُلَ تمَرَاتِي هذ، إنها لحياةٌ طويلةٌ، قال: فرمى بما كان مَعَهُ من التَّمْرِ ثم قاتَلَهُم حتى قُتِلَ -رحمه الله- (¬1). البزار (¬2)، عن أبي سعيد الخدْري قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كنا بعسفان، قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن عيون قريشْ (¬3) الآن على ضجنان وعلى الظهران (¬4)، فأيكم يعرف طريق ذات الحنظل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أمسى: من رجل ينزل فيسعى بين يدي الركاب، فقال رجل: أنا يا رسول الله فنزل، فجعلت الحجارة تنكبه (¬5) والشجر يتعلق بثيابه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اركب" ثم نزل آخر، فجعلت الحجارة تنكبه والشجر يتعلق بثيابه، فقال رسول الله ضلى الله عليه وسلم -: "اركب" ثم وقعنا على الطريق، حتى سرنا في ثنية يقال لها: الحنظل فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما مثل هذه الثّنية إلا مثل (¬6) الباب الذي دخل فيه بنو إسرائيل، قيل لهم {ادخلوا الباب سجداً وقولوا حظية يغفر (¬7) لكم} لا يجوز أحد الليلة هذه الثنية إلا غفر له" فجعل الناس يسرعون ويجوزون، وكان آخر من جاز قتادة بن النعمان في آخر القوم، قال: فجعل الناس يركب بعضهم بعضا حتى تلاحقنا، فنزل رسول الله - صلى عليه وسلم - ونزلنا. البخاري (¬8)، عن كعب بن مالك، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) -رحمه الله-: ليست في مسلم. (¬2) كف الأستار: (2/ 337) - رقم (1812). (¬3) كشف الأستار: (المشركين). (¬4) (وعلى الظهران) ليست في كشف الأستار. (¬5) (ف): (تنكته). (¬6) كشف الأستار: (كمثل). (¬7) البقرة: (58)، كذا قرأه نافع بالياء، وقرأ ابن عامر بالتاء، وقرأ الباقون بالنون، وكذا هو في كشف الأستار (نغفر). (¬8) البخاري: (6/ 132) (56) كتاب الجهاد والسير (103) باب من أراد غزوة فورّى بغيرها - رقم =

وسلم - قل ما يُريدُ غزوةً يغزوها إلا ورَّى بغيرها، حتى كانت غزوةُ تبُوك، فغزاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، في حرٍّ شديد، واستقبلَ سفراً بعيداً وَمفازاً، واستقبل غزْوَ عدُوٍّ كثير، فجلى للمسلمين أمرهم (¬1) ليتأهبوا أُهْبةَ عدوِّهم وأخبرَهُم بوجههِ الذي يُريد. ¬

_ = (2948). (¬1) البخاري: (أمرَه).

باب

باب الترمذي (¬1)، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خير الصحابةِ أربعةٌ، وخيرُ السَّرايَا أربعُ مِائَةٍ، وخيرُ الجيُوشِ أربعةُ آلافٍ، ولا يُغْلَبُ اثنا عَشَرَ ألفاً من قِلَّةٍ". قال: حديثْ حسنٌ غريب، لا يسنده كبر أحدٍ (¬2). وعن ابن عمر (¬3)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو أن النَّاسَ يعلمونَ ما أعلمُ من الوِحْدَةِ، ما سرى راكِبٌ بلَيْل" -يعني وحده-. خرجه البخاري (¬4) أيضاً، وقال فيه أبو عيسى: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. قاسم بن أصبغ، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الشيطان يهُمُّ بالواحد وبالإثنين فإذا كانوا ثلاثة، لم يهمّ بهم". ذكره أبو عمر في التمهيد وذكره أبو بكر البزار (¬5). مسلم (¬6)، عن ابن عمر قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ¬

_ (¬1) الترمذي: (4/ 106) (22) كتاب السير (7) باب ما جاء في السرايا رقم (1555). (¬2) قال الترمذي: (لا يسنده كبيراً غير جرير بن حازم). (¬3) الترمذي: (4/ 166) (24) كتاب الجهاد (4) باب ما جاء في كراهة أن يسافر الرجل وحده - رقم (1673). واللفظ له. (¬4) البخاري: (6/ 160) (56) كتاب الجهاد والسير (135) باب السير وحدَهُ - رقم (2998). (¬5) كشف الأستار: (2/ 277) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه البزار، وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو ضعيف، وقد وثق وضعفه ابن القطان لأن فيه من لا يُعرف، وذكره الذهبي في الميزان: (2/ 630) وابن حجر في اللسان (4/ 32) في ترجمة عبد العزيز بن عبد الله، وهو مجهول، وذكره البيهقي في السنن مرسلاً (5/ 257). (¬6) مسلم: (3/ 1490) (33) كتاب الإمارة (24) باب الى أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار - رقم (92).

باب في استحباب السفر يوم الخميس والتبكير ومن خرج في غير ذلك من الأوقات بالليل والنهار، والخروج في آخر الشهر، والخروج في رمضان.

يُسافَرَ بالقرآن إلي أرضِ العدُوِّ. وزاد في طريق آخر (¬1): "فإنى لا آمَنُ أن يَنَالَهُ العَدُوُّ". باب في استحباب السفر يوم الخميس والتبكير (¬2) ومن خرج في غير ذلك من الأوقات بالليل والنهار، والخروج في آخر الشهر، والخروج في رمضان. البخاري (¬3)، عن كعب بن مالك، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَج يوم الخميس في غَزوة تبُوكَ، وكان يُحبُّ أن يخرُج يوم الخميس. البخاري (¬4)، عن أنس، أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى الظهر بالمدينةِ أربعاً، وصلَّى العصر بذي الحليفةِ ركعتين، وسمعتهم يصرخون بهما جميعاً. النسائي (¬5)، عن أبي هريرة قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسرية تخرج، فقالوا يا رسول الله! أنخرج الليلة أم نمكث حتى نصبح؟ قال: "أولا تحبون يعني أن تبيتوا في خراف من خرافِ الجنةِ"، والخراف: الحديقة. البخاري (¬6)، عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لخمس بقين من ذِي القعدةِ ولا نرى إلا الحج، فلمَّا دنونا من مكة أمر ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (94). (¬2) (والتبكيير): ليس في (ف). (¬3) البخاري: (6/ 132) (56) كتاب الجبهاد والسير (103) باب من أراد غزوة فورى بغيرها - رقم (2950) (¬4) البخاري: (6/ 114) (56) كتاب الجهاد (104) باب الخروج بعد الظهر رقم (295). (¬5) خرجه النسائي في الكبرى (5/ 259) (78) كتاب السير (155) خروج السرايا بالليل - رقم (8834). وخرجه الحاكم في المستدرك: (2/ 74). (¬6) البخاري: (3/ 643 - 644) (25) كتاب الحج (115) باب ذبح الرجل البقر عن نسائِهِ من غير أمرهن - رقم (1709).

باب في الفأل والطيرة والكهانة والخط -وعلم النجوم-

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة أن يحل وذكر الحديث. وعن ابن عباس (¬1)، قال: غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2) غزوة الفتح في رمضان ... وذكر الحديث. باب في الفأل والطِيَرَةِ والكهانة والخط -وعلم النجوم- مسلم (¬3)، عن أبي هريرة قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا طِيَرَة وخيرها الفأل، قالوا (¬4): يا رسول الله! وما الفأل؟ قال: "الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم". الترمذي (¬5)، عن أنس أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج لحاجة (¬6) يعجبه أن يسمع: يا راشدُ، يا نجيحُ". قال: هذا حديث حسنٌ صحيح غريب. أبو داود (¬7)، عن بُريدة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتطير من شيء وكان إذا بعث عاملاً، سأل عن اسمه، فإذا أعجبَهُ اسمه فرح به، ورؤىَ بِشْر ذلك في وجهه، وإن كره اسمه، رُؤي كراهية ذلك في وجهه. وإذا دخل قرية سأل عن اسمها، فإذا أعجبه اسمها فرح بها وروى بشر ذلك في ¬

_ (¬1) البخاري: (7/ 595) (64) كتاب المغازي (47) باب غزوة الفتح في رمضان - رقم (4275). (¬2) البخاري: (أن رسول الله - صلى الله؛ عليه وسلم - غزا غزوة الفتح). (¬3) مسلم: (4/ 1745) (39) كتاب السلام (34) باب الطيرة والفأل - رقم (110). (¬4) مسلم: (قيل). (¬5) الترمذي: (4/ 138) (22) كتاب السير (47) ما جاء في الطيرة - رقم (1616). (¬6) (لحاجة): ليست في سنن الترمذي. (¬7) أبو داود: (4/ 236) (22) كتاب الطب (34) باب في الطيرة - رقم (3920).

وجهه، وإن كره اسمها رُؤي كراهية ذلك في وجهه. وعن النسائي (¬1)، في هذا الحديث، ولكن إذا سأل عن اسم الرجل فكان حسناً، وإذا سأل عن اسم الأرض فكان حسناً بمثله فيهما. أبو داود (¬2)، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الطيرةُ شِرْك، الطيرة شرك" ثلاثاً وما منا إلا، ولكنَّ الله يُذْهبه بالتوكل. يقال: إن هذا الكلام، وما منا إلى آخره: إنه قول عبد الله بن مسعود. مسلم (¬3)، عن معاوية بن الحكم، قال: بينما أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذْ عَطَسَ رجُلٌ من القْومِ، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارِهِم، فقلتُ: واثكْل أُمِّيَاهْ (¬4)! ما شأنُكُم؟ تنظرون إليَّ، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذِهِم، فلمَّا رأيتُهُم يُصَمِّتُونَنِي (¬5)، لكنِّي سَكَتُّ، فلما صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبأبي هُو وأُمِّي، ما رأيتُ مُعلماً قبْلَهُ ولا بعْدَهُ أحسَنَ تعليماً مِنْهُ. فواللهِ ما كهرَنِي (¬6)، ولا ضربني، ولا شَتَمَني. قال: "إن هذه الصَّلاَةَ لا يصْلُحُ فيها شيء من كَلاَمِ النَّاسِ، إنِّما هُوَ التكبير والتسبيح (¬7)، وقراءةُ القرآن". أو كما قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) أخرجه النسائي في السير في الكبرى، كذا عزاه المزي في التحفة: (2/ 541). (¬2) أبو داود: (230/ 4) (22) كتاب الطب (24) باب في الطيرة - رقم (3910). (¬3) مسلم: (1/ 381 - 382) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (7) باب تحريم الكلام في الصلاة - رقم (33). (¬4) واثكل أمياه: أي وافقد أمي إياى فإني هلكت. (¬5) يصمتونني: أي يسكتونني. (¬6) ما كهرني: أي ما قهرني ولا نهرني. (¬7) مسلم: (التسبيح والتكبير).

قلتُ: يا رسول الله! إنِّي حديثُ عهدٍ بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام، وإنَّ منَّا رجالاً يأتون الكُهَّانَ، قال: "فلا تأتِهِم". قال: ومنا رجالٌ يتطيرُون، قال: "ذلك (¬1) شئٌ يجدونَهُ في صُدُورِهِم، فلا يَصُدّهم (¬2) ". قال: قلتُ: ومنَّا رجالٌ يخطُّون، قال: "كان نبيٌّ من الأنبياء يخطٌّ (¬3)، فمن وافق خطَّهُ فذاك". قال: وكانت لي جاريةٌ ترعى في غنماً قِبَلَ أُحُدٍ والجوَّانِيَّةِ (¬4)، فاطَّلعْتُ ذاتَ يوم، فإذا الذِّئبُ قد ذهب بشاةٍ من غنمِها، وأنا رجل من بني آدم، آسَفُ كما يَأسَفُونَ لكنِّي صككْتُها صَكَّةً، فأتيتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فعظَّم ذلك عليَّ، قلتُ: يا رسول الله! أفلا أُعتِقُها؟ قال: "ائتني بها" فأتيتُهُ بها، فقال لها: "أينَ الله؟ " قالت: في السَّماءِ، قال: "من أنا؟ " قالت: أنت رسول الله قال: "أعتقها فإنها مؤمنةٌ" وعن عائشة (¬5)، قالت: قلتُ: يا رسول الله! إن الكُهَّانَ كانوا يُحَاثوننا بالشيء، فنجده حقاً، قال: "تلك الكلمةُ الحق يخطفُها الجِنِّيُّ، فيقذِفُها في أُذُنِ وَلِيهِ ويزيدُ فيها مِائةَ كَذْبَةٍ". البخاري (¬6)، عن عائشة، أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَ الملائكة تنزِلُ في العَنَانِ وهو السحاب فتذكُرُ الأمر قضِيَ في السَّماءِ، ¬

_ (¬1) مسلم: (ذاك). (¬2) مسلم: (فلا يصدنهم، وفي رواية: "فلا يصدنكم"). (¬3) يخط: إشارة إلى علم الرمل. (¬4) الجوانية: مكان بقرب أُحد. (¬5) مسلم: (4/ 175) (39) كتاب السلام (35) باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان - رقم (122). (¬6) البخاري: (6/ 350 - 351) (59) كتاب بدء الخلق (6) باب ذكر الملائكة - رقم (3210).

باب وصية الإمام أمراءه وجنده، وفضل دل الناس الطريق والحض على سير الليل ولزوم الأمير الساقة والحدو في السير واجتناب الطريق عند التعريس، وانضمام العسكر عند النزول وبعث الطلائع والجواسيس وجمع الأزواد إذا قلت واقتسامها والمواساة

فتستَرِقُ الشياطينُ السَّمعَ، فتسمَعُهُ فتوحِيهِ إلى الكُهَّانِ، فيكذبون معها (¬1) مَائَةَ كذبة من عند أنفسهم". مسلم (¬2)، عن صفية بنت أبي عبيدة (¬3) عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬4) قال: "من أتى عَرَّافاً فسألهُ عن شيءٍ، لم تُقْبَلْ لَهُ صلاة أربعين ليلة". خرجه أبو مسعود الدمشقي، في مسند حفصة - رضي الله عنها - ذكر ذلك محمد بن نصر الحميدي (¬5). أبو داود (¬6) عن ابن عباس قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اقتبس عِلْماً من النجُوم، اقتبس شُعبَة من السحر زاد ما زاد". باب وصية الإِمام أمراءه وجنده (¬7)، وفضل دل الناس الطريق والحض على سير الليل ولزوم الأمير الساقة والحدو في السير واجتناب الطريق عند التعريس، وانضمام العسكر عند النزول وبعث الطلائع والجواسيس وجمع الأزواد إذا قلت واقتسامها والمواساةِ مسلم (¬8)، عن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه ومعاذاً إلى اليمن، فقال: "يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا". ¬

_ (¬1) البخاري: (منها). (¬2) مسلم: (4/ 1751) (39) كتاب السلام (35) باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان - رقم (125). (¬3) (بنت أبي عبيد): ليست في مسلم. (¬4) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ساقطة من (ف). (¬5) الحميدي صاحب "الجمع بين الصحيحين" المتوفى سنة (488)، والدمشقى مصنف كتاب "أطراف الصحيحين" المتوفى سنة (401). (¬6) أبو داود: (4/ 226 - 227) (22) كتاب الطب (22) باب في النجوم - رقم (3905). (¬7) (ق): (وجنوده) (¬8) مسلم: (3/ 1359) (32) كتاب الجهاد والسير (3) باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير - رقم (7).

وعن أنس (¬1)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يسروا ولا تعسروا، سكنوا ولا تنفروا". وعن بريدة (¬2) بن حصيب. قال: كان رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمَّر أمراً على جيش أو سريَّةٍ أوصَاهُ في خاصتِهِ بتقوى الله. ومن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: "اغْزُوا باسْمِ الله في سبيل الله، قاتِلُوا من كَفَرَ بالله، اغْزُوا ولا تَغُلُّوا ولا تَغْدِرُوا، ولا تَمثِّلُوا ولا تقتُلُوا وَليداً وإذا لَقِيتَ عَدُوَّكَ من المُشركِينَ فادعُهُم إلى ثلاثِ خِلاِل (أو خصال) (¬3)، فأيَّتُهُنَّ ما أجابوكَ، فاقْبَلْ منهُف وَكُفَّ عنُهم، [ثمَّ انعُهم إلى الإسْلاَمِ، فإن أجابُوك فاقْبَلْ منهُم وكُفَّ عنهُم] (¬4)، ثمَّ ادعهُم إلى التَّحوُّل من دارهم إلى دَارِ المُهاجرينَ. وأخبرهُم أنَّهُمْ إن فعلُوا ذلك فلهم ما لِلمُهاجرينَ. وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبَوْا أن يتحوَّلوا عنها (¬5) فأخبرهم أنهم يكونون كأعْرَابِ المسلمين، يجزي عليهم حُكْمُ اللهِ الَّذِي يَجْرِي على المؤمنين، ولا يكُون لهم في الغنيمةِ والفىْءِ شئٌ. إلَّا أن يُجَاهِدُوا مع المُسلمين، فإن هم أبوُا فَسَلْهُمُ الجِزْيَةَ، فإن أجابوك فأقبل مِنْهُم وكُفَ عَنْهُم فإن هم أبوْا فاستعن بالله وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك، أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله، ولاذكره؛ نبيه، ولكن اجعل لهم ذِمَّتَك وذِمَّةَ أصحابِكَ، فإنَّكُمْ إن- تُخْفِرُوا ذمتكم وذمة أصحابِكُم (¬6)، أهْوَنُ مِنْ أن تُخْفِرُوا ذِمَّةَ الله وذِمَّةَ رسُولِهِ، وإذا حاصرتَ أهل حِصْنٍ، فأرادُوكَ أن تُنْزِلَهم على حُكْمِ اللهِ، فلا ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (8). (¬2) مسله: (3/ 1357) (32) كتاب الجهاد والسير (2) باب تأمير الإِمام الأمراء على البعوث - رقم (3). (¬3) مسلم: (ثلاث خصال أو خلال). (¬4) ما بين المعقوفتين ساقط في (ف). (¬5) مسلم: (منها) وكذا (ف). (¬6) مسلم: (ذممكم وذمم أصحابكم).

تُنْزِلْهُم على حُكْمِ الله (¬1)، فإنك لا تدري أتُصِيبُ فيهم حكم الله (¬2) أم لا". قال هذا أو نحوه، وأسنده مسلم أيضاً من حديث النعمان بن مُقَرن. البخاري (¬3)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر حديثاً قال: "ودَلّ الطريق صدَقَةٌ". أبو داود (¬4)، عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بالدُلجة، فإن الأرض تطوى بالليل". وعن جابر (¬5)، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخلف في المسير فيُزْجىِ الضعيف (¬6) ويرْدِفُ ويَدعُو لهم". مسلم (¬7)، عن أنس قال: كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حادٍ حَسَنُ الصَّوْتِ، فقال لَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رُويْداً يا أنْجَشَةُ، لا تَكْسِرِ القوارِيرَ -يعني ضَعَفَةَ النساءِ-". وعن سلمة بن الأكوع (¬8) قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خَيْبَرَ، فسَرينا (¬9) ليلاً، فقال رَجُل من القومِ لعامر بن الأكوع: ألا تُسْمِعُنا من هُنَيَّاتِكَ؟، وكان عامر رجُلاً شاعراً، فنزل يَحْدو بالقوم يقول: ¬

_ (¬1) مسلم: (فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك). (¬2) مسلم: (أتصيب حكم الله فيهم). (¬3) البخاري: (6/ 100) (56) كتاب الجهاد (72) باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر - رقم (2891) (¬4) أبو داود: (3/ 61) (9) كتاب الجهاد (64) باب في الدلجة - رقم (2571). (¬5) أبو داود: (3/ 100 - 101) (9) كتاب الجهاد (103) باب في لزوم الساقة - رقم (263). (¬6) أي يسوقه ليلحقه بالرّفاق. (¬7) مسلم: (1/ 4181) (43) كتاب الفضائل (18) باب رحمة النبي - لى الله عليه ومسلم النساء - رقم (73). (¬8) مسلم: (3/ 1427 - 1428) (32) كتاب الجهاد والسير (43) باب غزوة خيبر - رقم (123). (¬9) مسلم (فتسيرنا) أي فسرنا، أي فسرنا سيراً بعد سير، أو جماعة إثر جماعة.

اللهم لولا أنتَ ما اهتدينا ... ولا تصدَّقنا ولا صلَينا فاغْفر، فِداءً لك، ما اقْتَفَيْنَا ... وثبِّتِ الأقْدَامَ إنْ لاقينا وأَلْقِينْ سكينةً علينا ... إنَّا إذا صِيح بنا أتينا وبالصُّيَاح عوَّلوا علينا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من هذا السَّائِقُ؟ " قالوا: عامرٌ، قال: "يرحمُهُ الله" وذكر الحديث. مسلم (¬1)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا سافرتُم في الخِضبِ (¬2) فأعطُوا الابِلَ حظَّها من الأرضِ، وإذا سافرتُم في السَنّةَ (¬3)، فبادِرُوا بها نِقيَها (¬4)، وإذا عَرَّسْتُم فاجتنِبُوا الطريق، فإنَّها طُرُقُ الدَّوَابِّ، ومأوى الَهوامِّ بالليل". أبو داود (¬5)، عن سهل بن معاذ الجهنى، عن أبيه قال: غَزَوت مع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - غزوةَ كذا وكذا، فضيَّق الناس المنازل وقطعوا الطريق، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُنادياً، يُنادي في الناس: أن من ضيق منزلاً، أو قطع طريقاً فلا جهاد له. وعن أبي ثعلبة الخُشني (¬6)، قال: كان الناس إذا نزلوا منزلاً تفرقوا في الشَّعَابِ والأوْدِية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ تفرقكم في (¬7) ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1525) (33) كتاب الإمارة (54) باب مراعاة مصلحة الدواب في السير - رقم (178). (¬2) الخصب: كثرة العشب والمرعى. (¬3) السنة: القحط. (¬4) النقى هو المخ، والمعنى إذا سافرتم في القحط عجلوا السير لتصلوا المقصد، وفيها بقية من قوتها، ولا نقللوا السير فيلحقها الضرر، لأنها لا تجد ما ترعى فتضعف ويذهب نقيها وربما كلَّت ووقفت. (¬5) أبو داود: (3/ 95) (9) كتاب الجهاد (97) باب ما يؤمر من انضمام العسكر - رقم (2629). (¬6) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2628). (¬7) أبو داود: (في هذه الشعاب).

الشعابِ والأودية إنما ذلكم من الشيطان" فلم ينزلوا (¬1) بعد ذلك منزلاً إلا انضمَّ بعضهم إلى بعض حتى يقال: لو بسط عليهم ثوب لعمَّهُمْ. مسلم (¬2)، عن يزيد بن شريك التيمي، قال: كُنَّا عند حُذَيفَةَ، فقال رجُلٌ: لو أدركْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاتلتُ معه فأبليتُ (¬3)، فقال حذيفة: أنت كُنتَ تفعَلُ ذلك؟، لقد رأيتُنَا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلَةَ الأحزَابِ، وأخذتنا ريخ شديدة ومُرُّ (¬4) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا رجل يأتيني بخبر القوم جَعَلَهُ الله مَعي يوم القيامة؟ " فسكتنا فلم يُجِبْهُ منَّا أحدٌ ثم قال: "ألا رجل يأَتينا بخبر القوم، جعله الله مَعِي يوم القيامة؟ " فسكتنا (¬5) فلم يُجِبْهُ مِنَّا أحَدٌ، ثم قال: "ألارجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة" فسكتنا، فلم يجبه منا أحد، فقال: "يا حذيفة! قم (¬6) فأتنا بخبر القوم" فلم أجِدْ بُدَّا إذْ دعاني باسمي أن أقوم، قال "اذْهبْ فأتِنِي بخَبَرِ القوم ولا تذعرهم عليَّ" فلما ولَّيتُ من عندِهِ كأنما (¬7) أمشى في حَمَّام (¬8) حتى أتيتُهم، فرأيت أبا سُفْيانَ يَصْلي ظهرَه بالنَّارِ، فوضعتُ سَهْماً في كَبِدِ القَوْسِ، فأردتُ أن أرميَهُ، فذكرتُ قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُذْعرْهم عليَّ" ولو رميتُهُ لأصبْتُهُ، فرجعتُ وأنا أمشي في مثل الحَمَّامِ، فلما أتيتُهُ فأخبرتُهُ خبر (¬9) ¬

_ (¬1) أبو داود: (فلم ينزل). (¬2) مسلم: (3/ 1414) (32) كتاب الجهاد السير (36) باب غزوة الأحزاب - رقم (99). (¬3) مسلم: (وأبليت): أي بالغت في نصرته، كأنه أراد الزيادة على نصرة الصحابة. (¬4) هو البرد. (¬5) (فسكتنا): ليست في (ف). (¬6) مسلم: (قم يا حذيفة). (¬7) مسلم؛ (جَعَلت كأنما أمشي). (¬8) حمام: أي لم يجد البرد الذي يجده الناس (¬9) مسلم: (خبر القوم).

القوم وفرغتُ (¬1) قُرِرْتُ (¬2)، فأليَسَني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من فضلِ عَبَاءَةٍ كانت عليه يُصلِّي فيها، فلم أزل نائماً حتى أصبحتُ، فقال: "قم يا نومَانُ". وعن سلمة بن الأكوع (¬3)، قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوةٍ فأصابنا جهدٌ حتى هممنا أن ننحَرَ بعضَ ظَهْرِناَ، فأمر نبي الله صلي الله عليه وسلم - فجمعنا أزوادنا (¬4) فبسَطْنَا له نطعاً (¬5)، فاجتمع زاد القوف على النطَعِ فتطاولتُ لأخزُرَه (¬6) كم هو فَحَزَزتُهُ كَرَ بْضِةِ العَنْزِ (¬7)، ونحن أربع عشرةَ مائة قال: فأكلنا حتى شبعنا وحشونا (¬8) جُرُبَنَا، فقال نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -: "فهل من وَضوء" قال: فجاء رجل بإداوة فيها نطفة؛، فأفرغها في قدح فتوضأنا كلنا نُدَغْفِقُهُ دَغْفَقَةً (¬9) أربع عشرة مائة. قال: ثمَّ جاء بعد ثمانيةٌ، فقالوا: هل من طَهُورٍ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "فرِغَ الوضوءُ". وعن أبي موسى (¬10)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الأشعريِّين إذا أرملوا (¬11) في الغزو أو قلَّ طعام عيالهم بالمدينةِ جمعُوا ما كان عندهم في ثوبٍ واحدٍ ثم اقتسمُوهُ بينهم في اناء واحد بالسَّويَّةِ فهم منِّي وأنا منهم". ¬

_ (¬1) (وفرغت): ليست في (ف). (¬2) أي بردته، وهو جواب فلما أتيته. (¬3) مسلم: (3/ 1354) (31) كتاب اللقطة (5) باب استحباب خلط الأزواد إذا قلت - رقم (19). (¬4) (مزاودنا). (¬5) أي سفرة من أديم أو بساط. (¬6) أي لأقدره وأخمنه. (¬7) أي كمبركها، أو كقدرها وهي رابضة. (¬8) مسلم: (حتى شبعنا جميعاً ثم حشونا). (¬9) ندَغْفِقة دَغْفَقَةً: أي نصبه صباً شديداً. (¬10) مسلم: (4/ 1944 - 1945) (44) كتاب فضائل الصحابة (39) باب من فضائل الأشعريين - رقم (167) (¬11) أرملوا في الغزو: أي فني طعامهم.

باب النهي عن تمني لقاء العدو والدعوة قبل القتال، والكتاب إلى العدو، وطلب غرتهم، والوقت المستحب للقاء وقطع الثمار وتحريقها. والنهي عن قتل النساء والصبيان.

باب النهي عن تمني لقاء العدو والدعوة قبل القتال، والكتاب إلى العدو، وطلب غِرَّتهم، والوقت المستحب للقاء وقطع الثمار وتحريقها. والنهي عن قتل النساء والصبيان. مسلم (¬1)، عن عبد الله بن أبي أوْفى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أيامه التي لقى فيها العدُوَّ ينتظرُ حتى إذا مالتِ الشَّمسُ قام فيهم فقال: "يا أيها الناسُ لا تتمنَّوا لِقاءَ العدوِّ واسألوا الله العافيةَ، فإذا لقيتموهم فاصبرُوا، واعلموا أن الجنَّةَ تحت ظِلال السُّيُوفِ" ثم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "اللهم مُنْزِلَ الكِتَابِ ومُجرِيَ السحاب وهازِمَ الأحزاب اهزمهُم وانصرنا عليهم". وعن سهل بن سعد (¬2) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لأعطين هذه الراية رجلاً يفتحُ الله على يديه يُحبُّ الله ورسوله ويحبُّهُ الله ورسولُهُ" قال: فبات الناس يدُوكُون (¬3) ليلتهم إيهُم يُعطاها، فلما أصبحوا (¬4)، غدَوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كُلهُم يرجو (¬5) أن يُعطَاها، فقال: "أين عليُّ بن أبي طالب؟ " فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيهِ، قال: "فأرسلوا إليهِ" فأُتِيَ بِهِ، فبصق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عينيهِ ودَعَا لَهُ فبرأ حتى كأن لم يكن به وجعٌ فأعطَاهُ الرَّايةَ، فقال عليٌّ: يا رسُول الله! أقاتِلُهُم حتى يكونوا مِثْلَنَا قال: "انْفُذْ على رِسْلِكَ حتى تنزل بساحَتِهم، ثمَّ ادعُهُم إلى الإسلامِ وأخبِرْهُم بما يجبُ عليهم من حقِّ الله (¬6)، فواللهِ لأن يهديَ ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1362) (32) كتاب الحهاد (6) باب كراهية تمني لقاء العدو - رقم (20). (¬2) مسلم: (4/ 1872) (44) كتاب فضائل الصحابة (4) باب من فضائل عليّ بن أبي طالب - رقم (34). (¬3) يدوكون: أي يتحدثون ويخوضون في ذلك. (¬4) مسلم: (فلما أصبح الناس). (¬5) مسلم: (يرجون). (¬6) مسلم: (حق الله فيه).

اللهُ بك رجُلاً" (¬1) خير من أن يكون لك حُمرُ النعَمِ". وقال النسائي (¬2): فنفث في عينيه وهزَّ الراية ثلاثاً فدفعها إليه. مسلم (¬3)، عن أنس، أن نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى كسرى وقيصر والنَّجاشِي (¬4)، وإلى كُل جَبَّارٍ يدعوهم إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- (¬5) ليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -. البخاري (¬6)، عن أيى سفيان بن حرب، أن هِرَقْل أرسلَ إليه في ركبٍ من قريش، وكانوا تِجاراً بالشَّام في المُدَّةِ التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مادَّ فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأتوه وهم بإيلياء، فدعاهم في مجلِسهِ وحولَهُ عظماءُ الرُّوم، ثم دعاهم ودعا بالترجمان (¬7) فقال: أيُّكُم أقربُ نَسَباً بهذا الرجل الذي يزعُمُ أنه نبيٌّ؟، فقال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربُهُم نسباً، قال: أدنوهُ منَي وقرِّبوا أصحابَهُ واجعلوهُم عند ظَهْرِهِ، ثم قال لترجمانِهِ: قل لهم: إني سائِلُ هذا عن هذا الرجل (¬8) فإن كذبني فكذبوه فوالله لولا الحياءُ من أن يَأثِرُوا على كذباً لكذبت عنهُ، ثم كان أوَّلَ ما سألني عنهُ، قال: كيف نسبُهُ فيكم؟ قلتُ: هو فينا ذو نسب، قال: فهل قال هذا القول منكم أحدٌ قط مثله (¬9)، قلتُ: لا، قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا قال فأشراف النَّاسِ ¬

_ (¬1) مسلم: (رجلاً واحداً). (¬2) خرجه النسائي في المناقب والسير في الكبرى كذا عزاه المزي في التحفة: (4/ 125). (¬3) مسلم: (3/ 1397) (32) كتاب الجهاد والسير (27) باب كتب النبي - صلى الله؛ عليه وسلم - إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله - رقم (75). (¬4) ف: (وإلى النجاشي). (¬5) مسلم: (يدعوهم إلى الله تعالى). (¬6) البخاري: (1/ 42 - 44) (1) كتاب بدء الوحى (6) باب - رقم (7). (¬7) البخاري: (بترجمانه). (¬8) البخاري: (إلي سائل هذا الرجل). (¬9) البخاري: (قبله).

اتبعوه (¬1)، أم ضعفاؤهم؟ قلتُ (¬2): بل ضعفاوهُم. قال: أيزيدون أم ينقُصُون؟ قلتُ: بل يَزِيدون. قال فهل يرتد أحد منهم سُخْطة لدينهِ بعد أن يدخُلَ فيه؟ قلت: لاَ، قال: فهل كنتم تتَّهِمُونهُ بالكذبِ قيل أن يقول ما قال؟ قلتُ: لا، قال: فهل يَغْدِرُ؟ قلت: لا ونحن منهُ في مُدَّةٍ، لا ندري ما هو فاعلٌ فيها. قال: ولم تُمكِنِّي كلمةْ أُدخِلُ فيها شيئاً غيرُ هذِهِ الكلمة، قال: فهل قاتلتُمُوهُ؟ قلتُ: نعم، قال فكيف كان قتالكم إياه؟ قلتُ: الحربُ بيننا وبينَهُ سِجَالٌ، ينالُ منا وننال مِنْهُ. قال: ماذا يأمُرُكُم؟ قلتُ: يقول: "اعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئاً واتركوا ما يقولُ آباؤكم" ويأمرنا بالصلاة والصِّدْقِ والعفافِ والصِّلَة، فقال للتُّرجمان: قل له: سألتُكَ عن نسبه، فذكرتَ أنه ذو نسب وكذلك الرسلُ تبعث في نَسببِ قومها، وسألتُكَ هل قال أحدٌ منكم هذا القول؟ فذكرتَ أنْ لا، فقلتُ: لو كان أحدٌ قال هذا القولَ قبلَهُ لقلتُ رجلٌ يأْتَسي بقول قِيل قبلِهُ، وسألتكَ هل كان من آبائِهِ من مَلِكٍ؟ فذكرتَ أنْ لا قلتُ: فلو كان من آبائِهِ من مَلكٍ قلت: رجُلٌ يطلُبُ مُلكَ أبيه، وسألتُك: هل كنتم تتَّهمونَهُ بالكَذِبِ قبل أن يقولَ ما قال؟ فذكرتَ: أن لا؛ فقد أعرف أنَّهُ لم يكن لِيَذرَ الكَذبَ على النَّاس ويكذب على الله، وسألتُك: أشراف الناس اتَّبعُوهُ أم ضُعَفاوهُم؟ فَذَكرتَ: أن ضعَفاءهم اتبعوه وهم أتباعُ الرُّسُل، وسألتُكَ (¬3): أيرتد أحدٌ سُخْطة لدينهِ بغدَ أن يدخُلَ فيه، فذكرتَ: أنْ لا وكذلِكَ الايمانُ حينَ يخالط بشاشة (¬4) القلوب، وسألتك: أيزيدون أم ينقصون؟، فذكرتَ أنهم يزيدون، وكذلك أمرُ الايمان حتى يتِمَّ، وسألتك: هل يغدِرُ؟، فذكرتَ: أن لا وكذلك الرُّسُل لا تغدِرُ، وسألتك: بم يأمُركم؟ فذكرتَ: أنه يأمُرُكم أن تعبُدوا ¬

_ (¬1) البخاري: (يتبعونه). (¬2) البخاري: (فقلت). (¬3) في البخاري تقديم وتأخير في هدا السؤال والذي يليه. (¬4) البخاري: (بشاشته).

الله ولا تُشرِكوا به شيئاً، وينهاكُمْ عن عِبَادةِ الأوثانِ، ويأمُرُكم بالصلاةِ والصِّدقِ والعَفَافِ، فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدميَّ هاتين، وقد كنتُ أعلمُ أنه خارِجٌ ولم اكن أظنُّ أنه منكم، فلو أنِّي أعلم أنِّي أخلُصُ إليه لتجشَّمْتُ لقاءه، ولو كنتُ عنده لَغَسَلْتُ عن قدمه. ثم دعا بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بعث بِهِ مع (¬1) دحية إلى عظيم بُصرى فدفعَهُ إلى هِرَقْلَ عظيم الروم (¬2) فقرأهُ، فإذا فيه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من محمَّدٍ عبد اللهِ ورسولهِ إلى هرِقْل (¬3) سلامٌ على من اتَّبع الهدى، أما بعدُ فإني أدعوك بِدِعايةِ الإِسلام، أسْلِم تسلَم، يؤتك (¬4) الله أجرَكَ مَرّتينِ، فإن توَلَّيتَ فإنَّ عليك إثمَ الأريسِّيين و {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}. قال أبو سفيان: فلمَّا قال ما قال، وفرغ من قراءَةِ الكِتَابِ كَثُرَ عندَهُ الصَّخَبُ وارتفعَتِ الأصواتُ، وأُخرِجْنَا، فقلتُ لأصحابي حين أخرِجنَا. لقد أمِرَ أمْرُ ابن أبي كبشَةَ إنَّه يخافه ملِكُ بني الأصفر فما زلتُ مُوقناً أنه سيظهر حتى أدخل الله عليَّ الإِسلام. وكان ابن الناطُورِ -صاحب إيلياءَ وهرَقلَ- سُقُفاً على نصارى الشام يُحَدِّثُ أن هرقل حين قدم إيْليَاءَ أصبح يوماً خبيث النَّفْسِ، فقال له بعض بطارِقَتِه: قد استنكزنا هيئتكَ، قال ابن الناطُور: وكان هِرقْلُ حذَّاءً ينظرٌ في النُّجُومِ، فقال لهم حين سألوه: إلي رأيتُ الَّليلةَ حين نظرت في النجوم مَلِكَ الخِتَانِ قد ظهر، فمن يختتن من هذِهِ الأمَّةِ، قالوا: ليس يختتِنُ إلَّا اليهودُ؛ فلا ¬

_ (¬1) (مع): ليست في البخاري. (¬2) (عظيم الروم): ليست في البخاري. (¬3) البخاري: (إلى هرقل عظيم الروم). (¬4) البخاري: (أسلم يؤتك)،

يهمك (¬1) شأنُهُم، واكُتب إلى مدائنِ مُلْكِكَ فليقتلوا (¬2) من فيهم من اليهود، فبينما هم على أمرهم أُتِيَ هرقل برجُلٍ أَرْسَل بِهِ ملك غَسَّانَ يخبرُ عن خبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما استخبَرهُ هرقل قال: اذهبوا فانظروا أمختتن هُوَ أمْ لا؟ فنظروا إليه فحدَّثُوهُ أنَّهُ مخْتَتِنٌ وسألهُ عن العربِ: أيختتنون (¬3)؟، فقال: نعم (¬4) يختتنون (¬5) فقال هِرقل: هذا ملكُ هذِهِ الأمة قد ظهر، ثم كتب هرقل إلى صاحب له بِرُومية وكان نظيره في العلم، وسار هرقل إلى حِمصَ، فلم يرِم حمص حتى أتاهُ كِتَاب من صاحِبِهِ يُوافِقُ رَاي هرقْلَ على خُروجِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنَّهُ نبيٌّ فأذِنَ هرقلُ لعظماءِ الروم في دَسْكَرَةٍ له بِحِمص، ثم أمر بأبوابها فغُّلَقَتْ، ثم اطَّلَعَ فقال: يا مَعشَرَ الرُّوم، هل لكم في الفلاحِ والرُّشْدِ وأن يَثبُتَ مُلكُكُم فتبايعوا هذا النَّبي؟ فحاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوحش إلى الأبوابِ، فوجدوها قد غُلِّقَتْ، فلما رأى هرقل نَفْرَتَهم وأيس من الإيمان قال: رُدُّوهُم عليَّ وقال: إنِّي قلت مقالتي آنِفا، أختَبرُ بها شِدَّتَكُم (¬6)، فقد رأيتُ، فسجدوا له ورضُوا عنه، فكان ذلك آخِر شَأْنِ هِرقْلَ. مسلم (¬7)، عن ابن عون قال: كتضتُ إلى نافع أسألُهُ عن الدُّعَاءِ قبل القتال؟ فكتب إليَّ: إنَّما كان ذلك في أول الإِسلام، قد أغار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بني المصطلق وهم غارُونَ (¬8)، وأنعامهم تُسْقى على الماءِ، فقتل مُقاتِلتَهم وسبى سبيَهُمْ، وأصاب يومئذٍ. (قال يحيى: أحسبُهُ قال) جويريةَ ¬

_ (¬1) البخاري: (يهمنك). (¬2) البخاري: (فيقتلوا). (¬3) البخاري: (وسأله عن العرب فقال: هم بختتنون). (¬4) ف: هما يختتنون. (¬5) (فقال: نعم يختتنون): ليست في البخاري. (¬6) البخاري: (شدتكم على دينكم). (¬7) مسلم: (3/ 1356) (32) كتاب الجهاد والسير (1) باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام - رقم (1). (¬8) غارون: أي غافلون.

(أو البَتَّةَ) ابنة الحارث. وحدثني هذا الحديث عبد الله بن عمر، وكان في ذلك الجيش. الصحيح جويرية، وهى زوجة - صلى الله عليه وسلم -. مسلم (¬1)، عن أيى هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "الحَرْبُ خُدعةٌ" أبو داود (¬2)، عن أم كلثوم بنت عقبة، قالت: ما سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُرخِصُ في شيء من الكذب إلا في ثلاث: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا أعدُّهُ كذاباً (¬3) الرجل يُصلح بين النّاس، و (¬4) يقول القول لا يريد به إلا الإِصلاح، والرجل يقول في الحرب، والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها". خرجه مسلم (¬5) أيضاً. مسلم (¬6)، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُغِيرُ إذا طَلَعَ الفَجْرُ، وكان يستَمِعُ الَأذَانَ، فإنْ سمع أذاناً أمسك وإلا أغَارَ، وذكر الحديث. وعن ابن عمر (¬7)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع نخل بَني ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1362) (32) كتاب الجهاد والسير (5) باب جواز الخداع في الحرب - رقم (18). (¬2) أبو داود: (4/ 281) - كتاب الأدب - باب في إصلاح ذات البين - رقم (4921). (¬3) أبو داود: كاذباً. (¬4) (و): ليست في أبي داود. (¬5) مسلم: (4/ 2011) (45) كتاب البر والصلة والآداب (27) باب تحريم الكذب وبيان المباح منه - رقم (101). (¬6) مسلم: (1/ 288) (4) كتاب الصلاة (6) باب الإمساك عن الإغارة على قوم في دار الكفر إذا سهع فيهم الأذان - رقم (9). (¬7) مسلم: (3/ 1365) (32) كتاب الجهاد والسير (10) باب جواز قطع أشجار الكفار - رقم (30).

باب الوقت المستحب للقتال والصفوف والتعبئة عند اللقاء والسيماء والشعار والدعاء والإستنصار بالله -عز وجل- وبالضعفاء والصالحين وفي المبارزة والإنتماء عند الحرب.

النضير وحرقَ، وَلَها (¬1) يقول حسَّانُ: لهان (¬2) على سَرَاةِ بني لُؤَيٍّ ... حريقٌ بالبُويرَةِ مستطيرُ وفي ذلك نزل (¬3) {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّه (¬4) ...} الآية. مسلم (¬5)، عن ابن عمر قال: وُجِدَت امرأةٌ مَقْتُولة في بعضِ تلك المغازي، فنهى النبي (¬6) - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النِّساءِ والصبيانِ. وعن الصَّعْبِ بن جَثامَةَ (¬7)، قال: سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الدار (¬8) من المشركين؟ يُيَيتونَ، فيُصِيبُونَ من نسائِهم وَذرَارِيهم، فقال: "هُمْ مِنْهُمْ". باب الوقت المستحب للقتال والصفوف والتعبئة عند اللقاء والسيماء والشعار والدعاء والإستنصار بالله -عَزَّ وَجَلَّ- وبالضعفاء والصالحين وفي المبارزة والإنتماء عند الحرب. أبو داود (¬9) عن النعمان بن مُقرّن قال: شهدتُ رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) ولها: أي لهذه الحادثة. (¬2) مسلم: (وَهان). ومعناها: أي جاء هيناً لا يبالى به. (¬3) ف: (نزلت) .. (¬4) (فبإذن الله): ليست في مسلم. (¬5) مسلم: (3/ 1364) (32) كتاب الجهاد والسير (8) باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب - رقم (25). (¬6) مسلم (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). (¬7) مسلم: (3/ 1364) (32) كتاب الجهاد والسير (9) باب جواز قتل النساء والصبيان في البيات من غير تعمد - رقم (26). (¬8) مسلم: (الذَّرَارِيِّ) وفي بعض النسخ لمسلم عن أهل الدار. (¬9) أبو داود: (3/ 113) (9) كتاب الجهاد (111) باب في أي وقت يستحب اللقاء - رقم (2655).

وسلم - إذا لم يقاتل من أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس، وتهب الرياح، وينزل النصر. البخاري (¬1)، عن أو أسيدٍ قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر، حين صَفَفْنَا لِقُريش وصفُّوا لنا: "إذا أكثبوكم فعليكم بالنَّبْلِ". البزار، عن عبد الرحمن بن عوف قال: "عبأنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ بدر ليوم بدر". مسلم (¬2)، عن أبي هريرة قال: "أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قَدِمَ مكَّةَ، فبعث الزبير على احدى المُجَنِّبَتَيْنِ وبعث خالداً على المُجَنَّبَةِ الأخرى، وبعث أبا عُبَيْدَة على الحُسَّرِ (¬3)، فأخذوا بطن الوادى، وذكر الحديث. النسائي (¬4) عن علي بن أبي طالب قال: "كان سيمانا يوم بدر الصوف الأبيض". وعن البراء (¬5)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنكم تلقون عدوكم غداً، فليكن شعارا حمَ لا ينصرون دعوة نبيهم (¬6) ". النسائي (¬7)، عن صهيب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحرك شفتيه بشيء يوم حُنَيْن بعد صلاة الفجر، فقالوا: يا رسول الله! إنك تحرك ¬

_ (¬1) البخاري: (6/ 107) (56) كتاب الجهاد والسير (78) باب التحريض على الرمي - رقم (2900). (¬2) مسلم (3/ 1405) (32) كتاب الجهاد والسير (31) باب فتح مكة - رقم (84). (¬3) الحسر: أي الذين لا دروع لهم. (¬4) النسائي في السنن الكبرى، عزاه المزي في تحفة الأشراف: (7/ 357). (¬5) خرجه في عمل اليوم والليلة - رقم (615). (¬6) النسائي: (نبيكم). (¬7) خرجه النسائي في السير في الكبرى، كذا عزاه المزي في التحفة: (4/ 199)، وقد رواه بنحوه في عمل اليوم والليلة - رقم (614).

شفتيك بشيء، قال: "إن نبياً ممن كان قبلكم"، ثم ذكر كلمة معناها أعجبته كثرة أمته فقال: "لن يروم أحد هؤلاء بشيء" فأوحى الله إليه أن خَيِّر أمتك بين إحدى ثلاث: أن أسلط عليهم عدوأ من غيرهم فيستبيحهم، وإما أن أسلط عليهم الجوع، وإما أن أرسل الموت، فقالوا: أما الجوع والعدو فلا طاقة لنا بهما ولكن الموت، فأرسل الله عليهم الموت، فمات منهم في ليلة سبعون ألفاً، فأنا أقول: اللهم بك أحاول (¬1)، وبك أصاول (¬2)، وبك أقاتل". أبو داود (¬3)، عن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا غَزَا قال: "اللهم أنت عَضُدِي ونصيري، بك أحاول، وبك أُصاول (¬4)، وبك أقاتل". مسلم (¬5)، عن عمر بن الخطاب قال: لمَّا كان يومُ بدرٍ، نَظرَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركينَ وهم ألفٌ وأصحابُهُ ثلاثُ مِئةٍ وتسعةَ عشر رجُلاً، فاستقبَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القِبْلَةَ ثم مدَّ يديهِ، فجعل يهتِفُ بربه: "اللهم أنجِزْ في ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتَني" وذكر الحديث. وسيأتي في باب تحليل الغنائم إن شاء الله. أبو داود (¬6)، عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) (أحاول) هو من المفاعلة، وقيل: المحاوالة طلب الشيء بحيلة، وفي حديث أبي داود الآتي (أحول) أي أتحرك، وقل: أحتال، وقيل: أدفع وأمنع. (¬2) (أصاول) وفي رواية: (أصول) يعني أسطو وأقهر، والصولة: الحملة والوثبة. (¬3) أبو داود: (3/ 96) (9) كتاب الجهاد (99) باب ما يُدْعى عند اللقاء - رقم (2623). (¬4) أبو داود: (بك أحُول وبك أصُول). (¬5) مسلم: (3/ 1383 - 1384) (32) كتاب الجهاد والسير (18) باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر - رقم (58). (¬6) أبو داود؛ (3/ 45) (9) كتاب الجهاد (41) باب الدعاء عند اللقاء رقم (2540).

وْسلم: "ثنتان لا تُردَّانِ (أو قال: ما تردان) (¬1) الدعاء عند الأذان (¬2) وعند البأس حين يُلحِمُ بعضه (¬3) بعضاً". زاد في أخرى (¬4): "وتحت (¬5) المطر". النسائي (¬6)، عن سعد بن أبي وقاص أنه ظنَّ أنَّ لهُ فضلاً على من دونه من أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِّنما نصر (¬7) الله هذه الأمة بضعيفِها، بدعوتِهِم وصلاتِهِم وِإخلاصِهِم". أبو داودا (¬8)، عن أبي الدرداء قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أبغوني الضعفاء، فإنَّما تُرزقون وتُنصرون بضعفائكم". مسلم (¬9)، عن أبي سعيد الخدريِّ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَأتِي على النَّاسِ زمانٌ يغزو فِئَامٌ من النَّاسِ" فيقال لهم: هلْ (¬10) فيكم من رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فيقولون نعم. فيُفتَحُ لهم، ثم يغزو فثامٌ من النًاسِ، فيقال لهم: هل (10) فيكم من رأى من صَحِبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟، فيقولون: نعم، فيُفتَحُ لهم، ثم يغزو فِئَامٌ من النَّاس، فيقال لهم: ¬

_ (¬1) أبو داود: (أو قلما تردان). (¬2) أبو داود: (النداء). (¬3) أبو داود: (بعضهم). (¬4) المصدر السابق. (¬5) أبو داود: (ووقت). (¬6) النسائي: (6/ 45) (25) كتاب الجهاد (43) الإستنصار بالضعيف - رقم (3178). (¬7) النسائي: (إنما ينصر). (¬8) أبو داود: (3/ 73) (9) كتاب الجهاد (77) باب في الإنتصار برُذُل الخيل والضَّعفة - رقم (2594). (¬9) مسلم: (4/ 1962) (44) كتاب فضائل الصحابة (52) باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم - رقم (208). (¬10) (هل): ليست في مسلم.

هل فيكم من رأى من صَحِبَ من صَحِبَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقولون: نعم فيُفتح لهم". البزار (¬1)، عن على رضى الله عنه، وذكر غزوة بدرٍ قال: وبات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلته يدعو ويقول: "اللهم إن تُهْلِكْ هذه العصابة لا تُعبد في الأرض" فلما طلع الفجر قال: "الصلاة عباد الله" فأقبلنا من تحت الشجرة. والجحف، فحثَّ أو حضَّ (¬2) على القتال، وقال: "كأني أنظر إلى صرعاهم" قال: فلما دنا القوم إذا فيم (¬3) رجل يسير في القوم على جمل أحمر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للزبير: "نادِ بعض أصحابك، فَسَلْه من صاحب الجمل الأحمر؟ فإن يكُ في القوم أحدٌ يأمر بخير فهو" فسأل الزبير: من صاحب الجمل الأحمر؟ فقالوا: عتبة بن ربيعة، وهو ينهى عن القتال وهو يقول: إني (¬4) أرى قَوْماً مستميتين، والله ما أظن أن تصلوا إليهم حتى تهلكوا، قال: فلما بلغ أبا جهل ما يقول، أقبل إليه فقال: مُلِئَتْ رئتك رُعباً حين رأيت محمداً وأصحابه، فقال له عتبة: إيَّاي تعير يا مصفّر استه (¬5)، ستعلم أينا أجبن، فنزل عن جمله واتّبعه أخوه شيبة وابنه الوليد، فدَعَوْا للبراز (¬6)، فانتدب (¬7) لهم شباب من الأنصار، فقال: من أنتم؟ فأخبروه فقال: لا حاجة لنا فيكم، إنما أردنا بني عمِّنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قم (¬8) يا حمزة! قم يا علي! قم يا عبيدة بن الحارث" قال فأقبل حمزة إلى (6) عتبة وأقبلت إلى (¬9) شيبة وأقبل ¬

_ (¬1) كشف الأستار: (2/ 311 - 312). (¬2) كشف الأستار: (حط)!. (¬3) (فيهم): ليست في كشف الأستار. (¬4) كشف الأستار: (يا قوم إني) وكذا (ف). وكذا الأحكام الوسطى (الظاهرية). (¬5) مصفر استه: أي يا مضرط نفسه، وقيل غير ذلك!. (¬6) كشف الأستار: (فدعوا إلى البراز). (¬7) كشف الأستار: (فابتدرت). (¬8) قم: ليست في (د). (¬9) كشف الأستار: (على).

عبيدة إلى (¬1) الوليد، قال: فلم يُلْبِث حمزة صاحبه أن فرغ منه، قال: ولم ألبِث صاحبى، قال واختلفت بين الوليد وبين عبيدة (¬2) ضربتان، وأثخن كلّ واحدٍ منهما صاحبه، قال: فأقبلت أنا وحمزة إليهما ففرغنا من الوليد، واحتملنا عبيدة. خرجه مسلم مختصراً. مسلم (¬3)، عن أبي إِسحاق قال: جاء رجل إلى البراءِ فقال: أكنتم ولَيتُم يوم حُنَيْن؟ يا أبا عُمَارَةَ! فقال: أشهدُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ما ولى: ولكنه انطلق أخِفَّاءُ من الناس وحسر (¬4) الى هذا الحي من هوازِنَ، وهم توم رُمَاةٌ، فرموهم بِرِشْقٍ من نَبْلٍ كأنَّها رِجْلٌ من جَرَادٍ، فانكشفوا فأقبل القومُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو سُفيان بن الحارث يقودُ به بغلَتَهُ فنزل، ودعا واستنصر، وهو يقول: أنا النَّبيُّ لا كذب ... أنا ابن عبد المطَّلِبْ اللهم نزِّلْ نصرك". قال البراء: كنَّا والله إذا احمْرَّ البأسُ نتَّقي بِهِ، وإن الشجاع منَّا للذي يُحاذِي بِهِ - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -. وعن العباس بن عبد المطلب (¬5)، قال: شهدتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حُنين، فلزمتُ أنا وأبو سفيان (¬6) رسول (¬7) الله - صلى الله عليه وسلم - فلم نفارقه. ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بغلةٍ لَهُ بيضاءَ، أهداها له ¬

_ (¬1) كشف الأستار: (على). (¬2) د: عتبة (¬3) مسلم: (3/ 1401) (32) كتاب الجهاد والسير (28) باب غزوة حنين - رقم (79). (¬4) حسر: جمع حاسر، والحاسر: من لا درع له ولا مغفر. (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (76). (¬6) مسلم: أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب. (¬7) (د، ف): بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

فروةُ بن نُفاثَةَ الجُذَامّي، فلما التقى المسلمون والكفَّارُ ولَّى المسلمون مدبرين. فطفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَركُضُ بغلتَهُ قبل الكفار، قال العباس: وأنا آخِذٌ بخطام (¬1) بغلةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكفّها إرادةَ ألا تسرع وأبو سفيان آخِذ بركَابِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقَال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أي عَباسُ! نادِ أصحاب السَّمُرةِ" فقال عباس: (وكان رجلًا صيتاً): فقلتُ بأعلى صوتي: أين أصحابُ السَّمُرةِ، قال: والله لكأن عَطْفَتَهُم حين سمعوا صوتي عطفةُ البقر على أولادِهَا، فقالوا: يا لبَّيْك يا لبَّيْك! قال: فاقتتلُوا والكُفَّار والدَّعوَةُ في الأنصارِ يقولون: يا معشر الأنصار (¬2)! ثم قُصِرَتِ الدعوةُ علي بني الحارث بن الخزرَجِ (¬3)، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على (¬4) بغلته كالمُتَطَاوِلِ عليها، إلى قتالِهِم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا حِينَ حَمِيَ الوَطِيسُ"، قال: ثم أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حصياتٍ فرمى بهن وجوه الكُفار، ثم قال: "انهزَمُوا ورب محمدٍ"، قال: فذهبتُ أنظر، فإذا القتالُ على هيئتِهِ فيما أرى، قال: فوالله ما هو إلا أن رماهم بحصياتِهِ فما زِلتُ أرى حدَّهم كلِيلاً وأمرهم مُدْبِراً. وعن سلمة بن الأكوع (¬5)، في هذا الحديث قال: فلما غَشُوا (¬6) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل عن البغلةِ ثم قبض قبضةً من تُرابِ الأرض (¬7)، ثم استقبل بها (¬8) وجوههم فقال: "شاهتِ الوُجُوهُ" فما خلق الله منهم إنساناً ¬

_ (¬1) مسلم: (بلجام). (¬2) في مسلم مكررة. (¬3) مسلم: (فقالوا: يا بن الحارث بن الخزرج! يا بني الحارث بن الخزرج). (¬4) مسلم: (وهو على). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (81) (¬6) غشوا: أي أتوه من كل جانب. (¬7) مسلم: (من تراب من الأرض). والأرض ليست في (ف). (¬8) مسلم: (به). وكذا (ف).

باب

إلا ملأ الله (¬1) عينيه تراباً بتلك القبضةِ، فولَّوا مدبرين وهزمهم (¬2) الله، وقسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنائِمَهُم بيَن المسلمين. باب مسلم (¬3)، عن بريدة قال: غَزَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسْعَ عشرَةَ غزوة، قاتلَ في ثمانٍ مِنْهُنَّ. البخاري (¬4) عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس وأشجَعَ النَّاس، ولقد فَزِعَ أهْلُ المدينة (¬5)؛ فخرجرا نحو الصوت فاستقبلَهُم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد استبرأَ الخَبَرَ وهُو على فرس لأبي طلحة عُرى، وفي عُنُقِهِ السيفُ وهو يقولُ: "لَمْ تُراعُوا لم تُرَاعُوا" ثم قال: وَجَدْنَاهُ بحرا، أو قال إنَّه لبحرٌ. أبو داود (¬6)، عن قيس بن عُبَاد قال: كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهم (¬7) يكرهون الصوت عند القتال. وعن أقوله موسى (¬8)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك. ¬

_ (¬1) لفظ الجلالة: ليس في مسلم. وكذا (ف). (¬2) مسله: (فهزمهم الله -عَزَّ وَجَلَّ-). (¬3) مسلم: (3/ 1448) (32) كتاب الجهاد والسير (49) باب عدد غزوات النبي - صلى الله؛ عليه وسلم - رقم (146) (¬4) البخاري (6/ 112) (56) كتاب الجهاد والسير (82) باب الحمائل وتعليق السيف بالعنق - رقم (2908). (¬5) البخاري: (فزع أهل المدينة ليلاً). (¬6) أبو داود: (3/ 114) (9) كتاب الجهاد (112) باب فيما يؤمر به من الصمت عند اللقاء - رقم (2656). (¬7) (ورضي عنهم): ليست في أبي داود. (¬8) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين (2657).

وعن سمرة بن جندب (¬1)، أما بعدُ فإنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سمَّى خيلنا خيل الله إذا فزعنا، وكان رسول الله ضلى الله عليه وسلم - يأمر (¬2) بالجماعة والصبر والسكينة، وإذا قاتلنا. وعن أبي أسيد (¬3) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: "إذا أكثبوكم فارموهم بالنبل، ولا تسلُّوا السيوف حتى يغشوكم". مسلم (¬4) عن أنس بن مالك، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُفرد يوم أحُدٍ في سبعةٍ من الأنصار ورجلين من قريش، فلما رَهِقُوهُ قال: "من يُردُّهُم عنَّا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة؟ " فتقه مَ رجل من الأنصار فقاتل حتى قُتل، ثم رَهِقُوه أيضاً (¬5)، فلم يزل كذلك حتى قتل السبعةُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬6): "ما أنصَفْنَا أصحابَنا". البخاري (¬7)، عن أبي هريرة قال: بَعَثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرةَ رهطٍ سَرِئةً عينا (¬8) وأمَّر عليهم عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح (¬9) الأنصاري - جد عاصم بن عمر بن الخطاب - فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدَأةِ- وهو بين عُسْفَانَ ومكة- ذُكِرُوا لِحيٍّ من هُذيل، يُقَالُ لهم بنو لَحْيَانَ، فنفروا ¬

_ (¬1) أبو داود: (3/ 55) (9) كتاب الجهاد (54) باب في النداء محمد النفير - رقم (2560). (¬2) أبو داود: (يأمرنا إذا فزعنا بالجماعة). (¬3) أبو داود: (3/ 118) (9) كتاب الجهاد (118) باب في سل السيوف عند اللقاء - رقم (2664). (¬4) مسلم: (3/ 1415) (32) كتاب الجهاد (37) باب غزوة أحد - رقم (100). (¬5) مسلم: (فقال: من يردهم عنا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة؟ فتقدم رجل من الأنصار، فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك). (¬6) مسلم: (فقال رسول الله - صلى الله عليه ومسلم لصاحبيه)، (¬7) البخاري: (6/ 191) (56) كتاب الجهاد والسير (170) باب هل يستأسر الرجل؟ - رقم (3045). (¬8) عنها ليست في (د). (¬9) (ابن أبي الأقلح): ليست في البخاري.

لهم قربها من مائتي رجُل، كلهم رامٍ، فاقْتَصُّوا آثارَهُمْ حتى وَجَدُوا مَأكَلَهُم تمراً تزوَّدُوهُ من المدينةِ، فقالوا: هذا تمرُ يثْرِبَ، فاقتَصُّوا آثارَهم، فلما رآهم عاصِمٌ وأصحابه لجأوا الى فَدْفَدٍ (¬1) وأحاط بهم القومُ، فقالوا لهم: انْزِلوا فأعطونا (¬2) بأيدِيكُمُ ولكُمُ العَهدُ والمِيثاقُ ولا نقتُلُ منكُمْ أحداً، فقال عاصِمُ ابن ثابت أميرُ السَّريَة: أمَّا أنا فواللهِ لا أنْزِلُ اليومَ في ذِمَّةِ كَافِر، اللهُمَّ أخْبِر عنَّا نَبِيَّكَ، فَرَمَوهُم بالنَّبْلِ فقتلُوا عاصماً في سَبْعَة فنزلَ اليهم ثلاثةُ رَهْطٍ بالعهدِ والميثاقِ، منهم خُبَيْبٌ الأنصاريُّ، وابنُ دَثِنَةَ ورجُلٌ آخر، فلمَّا استمكنُوا منهم أطلقوا أوتار قِسِيهم فأوثقوهُم فقال الرجل الثالث: هذا أوَّلُ الغَدْرِ، والله لا أصْحَبُكُمْ، إنَّ (¬3) في هؤلاء لأُسوةً -يُريدُ القَتْلَى- فجررُّوه (¬4) وعالجوه على أن يصحَبَهُمْ (¬5)؛ فَقَتَلُوهُ فانطلَقُوا بخُبَيْبٍ وابن دَثِنَةَ حتى باعُوهُما بمكَّةَ بَعدَ وَقِيعةِ بدر، فابتاع خُبيباً بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، وكان خُبَيْبٌ هُوَ قَتلَ الحَارِثَ بن عامِر يوم بديى، فَلَبثَ- خُبيبٌ عندهم أسيراً، فأخبرني عبيد الله (¬6) بن عياض، أن بنت الحارثِ أخَبرتهُ: أنهم حين اجتمعُوا استعارَ منها مُوسى يستحدُّ بِها فأعارتْهُ فأخذَ ابناً لي وأنا غافلة حتى أتاهُ، فَفَزِغتُ فَزْعَةً عَرَفَها خُبيبٌ في وَجْهِي، فقال تَخشيْن: أن أقتُلَهُ؟ ما كُنتُ والله (¬7) لأفْعَلَ ذلِكَ، واللهِ ما رأيتُ أسِيراً قطُّ خيراً من خُبَيْب والله لقد وجدتُهُ يوماً يأكل من قِطفِ عِنَبٍ في يديه وإنهُ لَمُوثَقٌ في الحَدِيدِ (¬8) وما بمَكَةَ من ثَمَرٍ، وكانت ¬

_ (¬1) فَنفَد: هي الرابية المشرفة، وقال ابن الأثير: هو الموضع المرتفع. (¬2) البخاري: (وأعطونا). (¬3) البخاري: (إن لي في هؤلاء). (¬4) البخاري: (وجَرَّروهُ) وفي (د): وجرُّوه. (¬5) البخاري: (أن يصحبهم فأبى). (¬6) (د): (عبد الله). (¬7) لفظ الجلالة: ليس في البخاري. (¬8) (ف): (بالحديد).

تقولُ: إنَّهُ لَرِزْق من الله رَزَقَهُ خُبَيْباً، فلمَّا خرجوا من الحَرَمَ ليقتلُوهُ في الحِل، قال لهم خُبيبٌ: ذرُوني أركع ركعتين، فتركوه فركع ركعتين (¬1) ثم قال: لولا أن تظنوا أنَّ مَا بي جزع (¬2)، اللهم أحصهم عداً (¬3). وما (¬4) أبالي حين أقتل مسلماً ... على أي شق كان لله مصرعِي وذلك في ذات الِإله، وإن يشأْ ... يبارك على أوصالِ شلْوٍ مُمَزَّع (¬5) فَقَتَلَهُ ابنُ الحارثِ، فكان خُبيبٌ هو الذي (¬6) سنَّ الركعتين لكل امرئٍ مسلم، قُتِلَ صبْراً واستجاب الله (¬7) لعاصم بن ثابت يوم أُصِيبَ، فأخْبَرَ النبيُّ - صلى الله وسلم - أصحابَهُ خبرَهُم وما أُصيبوا، وبعث ناسٌ من كفار قريش إلى عاصم حين حُدّثُوا أنه قُتِلَ ليُؤْتوا بشئٍ منه يُعرَفُ، وكان قد قَتَلَ رجلًا من عظمائِهِم يوم بدرٍ فبُعِثَ على عاصِمٍ مِثْلُ الظُّلَةِ من الدَّبْر (¬8) فَحَمَتْهُ من رسُولِهم، فلم يقدِروا على أن يُقطع (¬9) من لحمه شيء. وذكره في المغازي (¬10) قال فيه: فَنَفروا لهم بقريبٍ من مائة رجلٍ رام، وقال فيه: والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جَزَعٌ لَزدْت، اللهم أحصِهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تُبِق منهم أحداً. ¬

_ (¬1) (فتركوه، فركع ركعتين): ليست في البخاري. (¬2) البخاري: (أن ما بي جذع، لطولتُها). (¬3) البخاري: (عددا)، وكذا: (ف). (¬4) البخاري: (ولست أبالي). وهو أوزن. (¬5) الأوصال جمع وصل وهو العضو، والشّلو: الجسد، والممزع: المقطع. (¬6) (الذي): ليست في البخاري، وكذا ليست في (ف). (¬7) البخاري: (فاستجاب). (¬8) (مثل الظُّلَّة من الدَّبْر): الظُّلَّة: السحابة، والدَّبر: الزنانير. وقيل ذكور النحل، ولا واحد له من لفظه. (¬9) البخاري: (يقطعوا). (¬10) البخاري: (7/ 359 - 360) (64) كتاب المغازي (10) باب - رقم (3989).

فلست أبالي حين أقتل مسلماً البيتين .. ثم قام إليه أبو سِرْوَعة عُقبةُ بن الحارث فقتله. مسلم (¬1) عن يزيد بن أبي عبيدٍ قال: قلتُ لِسَلَمَةَ: على أيِّ شيءٍ بايعتُمْ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ الحُدييِيَة؟ قال: بايعناه (¬2) على الموت. وعن جابر بن عبد الله (¬3) قال: كنَّا يَوْمَ الحُدَيبية ألفاً وأربع مائةٍ فبايعنَاهُ، وعُمَرُ آخِذ بيدِهِ تحت الشَّجرةِ وهى سمُرةٌ. وقال: بَايعنَاهُ عن أنْ لا نفِر ولم نُبايعْهُ على الموتِ. أبو داود (¬4)، عن جابر بن عَتيك، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "إن من الغيرة ما يحبهُ (¬5) الله، ونها ما يبغض الله، فأما التي يحبها الله فالغيرةُ في ريية (¬6)، وأما التي ييغضها الله فالغيرة في غير ريبة، كان من الخيلاء ما يبغض الله -عَزَّ وَجَلَّ- ومنها ما يحب الله -عَزَّ وَجَلَّ- فأما الخيلاء التي يحب الله -عَزَّ وَجَلَّ- فاختيال الرجل بنفسه (¬7) عند القتال، واختياله عند الصدقة وأما التي ييغض الله فاختياله في البغي والفخر". النسائي (¬8)، عن أبي أيوب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وسألوه عن ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1486) (33) كتاب الإمارة (18) باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال - رقم (80). (¬2) (بايعناه) ليست في مسلم. (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (67). (¬4) أبو داود: (3/ 114 - 115) (9) كتاب الجهاد (114) باب في الخيلاء في الحرب - رقم (2659). (¬5) أبو داود: (ما يحب). (¬6) أبو داود: (الريبة). (¬7) أبو داود: (نفسه). (¬8) النسائي: (7/ 88) (37) كتاب تحريم الدم (3) ذكر الكبائر - رقم (4009).

الكبائِر فقال: "الشرك (¬1) باللهِ وقَتْلُ النفس المُسْلِمَة والتولي (¬2) يوم الزحف". البخاري (¬3)، عن أنس قال: صلَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصبح قريباً من خيبر بغلسِ ثم قال: "الله أكبرُ خَرِبت خيبرُ، إنَّا إذا نزلنا بساحةِ قوم فساء صباح المنذرين" فخرجوا يسَعَون في السِّكك، فقتل النبي - صلى الله عليه وسلم - المقاتلة، وسبى الذُّرِّية، وكان في السبي صفيةُ بنت حيي (¬4)، فصارت إلى دِحيةَ الكلبيّ، ثم صارت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل عِتقها صداقَها. مسلم (¬5)، عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلاً قِبَلَ نجدٍ، فجاءت بِرَجُلٍ من بني حنيفةَ يُقالُ له ثُمامَةُ بن أُثَالٍ، سيدُ أهلِ اليمْامةِ فربطُوهُ بسارية من سواري المسجد، فخرج إليهِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ماذا عندكَ يا ثُمامةُ؟ " فقال: عندي يا محمد خيرُ إنْ تَقْتُلْ تقتل ذا دمٍ، وإن تُنعِم تُنعِم على شاكرٍ وإن كُنتَ تُريد المال فَسْلْ تُعْطَ مِنْهُ ما شِئتَ، فتركَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا كان من (¬6) الغد، فقال: "ما عندك يا ثمامة" " قال: ما قُلتُ لك: إن تنعِم تُنْعِم على شاكر وإن تَقتُل تقتُل ذا دم (¬7) فتركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان بعد (¬8) الغد، قال: "ما عندك ثُمَامَةُ" قال ما قلتُ (¬9) لك، إن تُنْعِم تنعِم على شاكر وإذ تَقتُل تَقتُل ذا دم وإن كُنتَ تريدُ المال فَسَلْ تُعْطَ مِنْهُ ما شِئْتَ، فقال له رسول الله - صلى الله ¬

_ (¬1) النسائي (الإِشراك). (¬2) النسائي: (الفرار). (¬3) البخاري: (536/ 7) (64) كتاب المغازي (38) باب غزوة خيبر - رقم (4200). (¬4) (بنت حيي): ليست في البخاري. (¬5) مسلم: (3/ 1386) (32) كتاب الجهاد والسير (19) باب ربط الأسير وحبسه - رقم (59). (¬6) مسلم: (بعد الغد). (¬7) مسلم: (وأن كنت تريد المال، فسل تعط منه). (¬8) مسلم: (من الغد). (¬9) مسلم: (عندي ما قلت).

عليه وسلم -: "أَطلِقُوا ثُمَامَةَ" فانطلق إلى نخلٍ قريب من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد، فقال: أشهدُ أن لا إِلَهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسُولُهُ. يا محمد! واللهِ ما كان على الأرض وجهٌ أبغضَ إليَّ من وجهك، فقد أصْبَحَ وجهُكَ أحَبَّ الوُجوُهِ كُلّها إليَّ، واللهِ ما كان من دِين أَبغَضَ إليَّ من دينِكَ، فأصبَحَ دينُك أحبَّ الدِّين كُله إليَّ، والله ما كان من بلدٍ أَبغَضَ إليَّ من بلَدِكَ فأصبَحَ بلدُك أحبً البلاد كُلّها إليَّ، كان خَيْلَكَ أخذتْني وأنا اريدُ العُمرةَ، فَمَاذَا ترى؟ فبشَرهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمَرَهُ أن يَعتَمِر، فلمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قال له قائِلٌ: أصَبَوتَ؟ قال: لاَ، ولكني أسلمتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وَلاَ والله لا تأتيكم (¬1) من اليْمامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حتى يأذَنَ فِيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. البخاري (¬2)، عن جابر بن عبد الله قال. لما كَانَ يوم بَدر أُتي بأساري (¬3) وأتى بالعباس ولم يكن عليهِ ثوث فَنَظرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَهُ (¬4) قَمِيصاً فَوَجَدُوا قَمِيص عَبْدِ اللهِ بن أُبيِّ يَقْدُرُ عَلَيْهِ (¬5)، فَكَسَاهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - إِيَّاهُ، فَلِذلِكَ نَزَعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَمِيصَهُ الذي أَلَبَسَهُ". قال ابنُ عُيَيْنَةَ: كانت له يَدٌ (¬6) عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأحبَّ أن يُكافِئَهُ. النسائي (¬7)، عن علي بن أبي طالب قال: جاء جبريل إلى النبي - صلى الله ¬

_ (¬1) مسلم: (يأتيكم). (¬2) البخاري: (6/ 167) (56) كتاب الجهاد والسير (142) باب الكسوةِ للأسارى - رقم (3008). (¬3) (أتى بأسارى) ليست في البخاري. (¬4) (له): ليست في (ف). (¬5) يَقْدُر عليه: بضم الدال، وإنما ذلك لأن العباس كان بين الطول، وكذلك كان محمد الله بن أُبي. (¬6) البخاري: (كانت له عند النبي - صلى الله عليه وسلم - يدٌ). (¬7) خرجه النسائي في السير في الكبرى، كذا عزاه المزي في التحفة - (7/ 430).

عليه وسلم - يوم بدر، فقال: خيِّر أصحابك في الأسارى، إن شاءوا في القتل، وإن شاءوا في الفداء على أن يُقتل منهم عاماً مقبلاً مثلهم، فقالوا الفداء، ويُقتل منا. وعن عطية القُرظي (¬1) قال: عُرضنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم قريظة فكان من أنبت قُتِل ومن لم يَنْبُت خُلِّيَ، فكنت فيمن لم ينبت فخلى سبيلي. النسائي (¬2)، عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم فتحِ مكةَ أمَّنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس إلا أربعةَ نفر وامرأتين، وقال: "اقتُلُوهُم وإنْ وجدتموهم مُتَعلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الكعبة" عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خَطَلٍ ومَقيسُ بن صبابةَ وعبد الله بن أبي السَّرح (¬3)، فأما عبد الله بن خَطَلٍ فأدركَ وهو مُتَعَلِّقٌ بأستارِ الكَغبَهِ فاستبق إليه سعيدُ بن حُرَيث وعمارُ بن ياسرٍ، فسبقَ سعيدٌ عماراً وكان أشبَّ الرجُلَينِ فَقَتَلَهُ، وأما مقيسُ بن صُبَابةَ فأدركَهُ النَّاسُ في السُّوق فقتلُوهُ، وأما عِكْرِمَةُ فركب البحر فأصابتهم عاصفٌ فقال أصحاب السفينة أخلصوا فإن آلهتكم لا تغنى عنكم ها هنا شيئاً (¬4) فقال عكرمة: واللهِ لئن لم ينْجني في (¬5) البحر إلا الإِخلاَصُ فما (¬6) ينجيني في البَرِّ غيرُهُ اللهم إنَّ لَكَ على عهداً إنْ أنتَ عافيتني ممَّا أنا فيه أن آتى محمداً حتى أضع يدِي في يَدِهِ فلأجدنَّهُ عَفُواً ¬

_ (¬1) لعله بلفظه هذا والكبرى: في السير كما عزاه المزي في التحفة: (7/ 298)، ورواه النسائي بلفظ آخر في المجتبى: (155/ 6) (27) كتاب الطلاق (20) باب متى يقع طلاق الصبي - رقم (3430). و (9218) (46) كتاب القطع (17) حد البلوغ .. - رقم (4981). (¬2) النسائي: (7/ 105 - 106) (37) كتاب تحريم الدم (14) الحكم في المرتد - رقم (4067). (¬3) (د): (ابن أبي سرح). (¬4) النسائي: (شيئاً ههُنَا). (¬5) النسائي: (من). (¬6) النسائي: (لا يجني).

كَرِيمًا، فجاء فأسلم، وأما عبد الله بن أبي سرح (¬1)، فإنَّه اختبأ عند عثمان بن عفان فلمَّا دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النَّاس إلى البيعةِ جَاءَ به حتى أوقَفَهُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، بايع عبد الله، فنظر (¬2) إليه ثلاثًا. كُل ذلك يأبى، فبايَعهُ بعد ثلاثٍ ثم أقبل على أصحابِهِ فقال: أما كان فيكم رجُلٌ رشيدٌ يَقُومُ إلى هذا حين (¬3) رآني كَفَفْتُ يَدي عن بيعتِهِ فيقتُلَهُ" فقالوا: وما يدرينا ما في نفسك يا رسول الله (¬4)، هلا أومأْتَ إلينا بعينك. قال: "إنه لا ينبغى لنبيٍّ أن تكون له خائنةُ الأعين". أبو داود (¬5)، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعَفُّ النَّاسِ قِتلَةً أهل الإِيمان". البخاري (¬6)، عن عبد الله بن يزيد قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن النُّهْبى والمَثُلَة. النسائي (¬7)، عن أبي هريرة قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعثٍ وقال: "إن وجدتم فلانًا وفلانًا -لرجلين من قريش- فأحرقوهما بالنّار" ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أردنا الخروج: "إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانًا، وإن النَّارَ لا يُعذِّب بها إلا الله فإن وجدتموهما فاقتلوهما". ¬

_ (¬1) النسائي: (عبد الله بن سعد بن أبي السرح). (¬2) النسائي: (قال فرفع رأسه فنظر). (¬3) النسائي: (حيث). (¬4) النسائي: (وما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك). (¬5) أبو داود: (3/ 120) (9) كتاب الجهاد (120) باب في النهي عن المثلة - رقم (2666). (¬6) البخاري: (5/ 142 - 143) (46) كتاب المظالم (30) باب النُّهْبى بغير إذن صاحبه - رقم (2474). (¬7) خرجه في السير في الكبرى، كذا عزاه المزي في التحفة - (10/ 106).

أبو داود (¬1) عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل فداء أهل (¬2) الجاهليةِ يوم بدر أربع مئة". البخاري (¬3)، عن أنس أنَّ رِجَالًا من الأنصار استأذنوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: "ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لابن أُخْتِنَا عَبَّاس فِدَاءَهُ"، فقال: "لا تَدَعُون مِنْهُ دِرْهَمًا". وعن أبي جُحيفة (¬4)، قال: قلتُ لعليٍّ - رضي الله عنه -: هل عِندَكم شيءٌ من الوَحْي إلا ما في كِتابِ الله؟، قال: لا والَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرأ النسَمَةَ، ما أعلَمهُ إلا فهمًا يُعْطيه الله رجُلًا في القرآنِ، وَمَا في هذِهِ الصَّحيفةِ، قلتُ: وما في الصحيفةِ؟ قال: العقلُ، وفَكَاكُ الأسِير، وأن لا يُقْتَلُ مُسْلمٌ بكَافر". مسلم (¬5)، عن سلمة بن الأكوع، قال: غَزَوْنَا فَزَارَةَ وعلينا أبو بكر أمَّرهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علينا، فلما كان بيننا وبين الماء ساعة أمرنا أبو بكر فعرسنا، ثم شن الغارة، فورد المَاءَ فَقَتَلَ من قَتَلَ عَلَيْهِ وسَبَى، وأنظرُ إلى عُنُقٍ من النَّاسِ فيهم الذَّرَاريُّ، فخشِيتُ أن يَسْبِقوني إلى الجَبَلِ، فَرَمَيْتُ بِسَهْمٍ بَينهُمْ وبين الجَبَلِ، فلمَّا رأوا السَّهْمَ وقَفُوا فجِئتُ بِهِم أسُوقُهُمْ، وفِيهِمُ امرأةٌ من بَني فَزَارَةَ، عليها قِشْعٌ من جلد (¬6) (قال: القشع: النِّطعُ)، معها ابنةٌ لها من أحْسَنِ العَرَبِ فسُقتُهم حتى أتيتُ بِهم أبا بكر، فنفَّلَنِي أبو بكر ¬

_ (¬1) أبو داود: (3/ 139) (9) كتاب الجهاد (131) باب في فداء الأسير بالمال - رقم (6291) (¬2) (أهل): ليست في (ف). (¬3) البخاري: (5/ 199) (49) كتاب العتق (11) باب إذا أُسر أخو الرجل أو عمُّه هل يفادى إذا كان مشركًا - رقم (2537). (¬4) البخاري: (6/ 193) (56) كتاب الجهاد والسير (171) باب فكاك الأسير - رقم (3047). (¬5) مسلم: (3/ 1375) (32) كتاب الجهاد والسير (14) باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى - رقم (46). (¬6) مسلم: (من أدَمٍ)، وكذا (ف).

ابْنَتَهَا فقدِمت (¬1) المدينة وما كشفتُ لها ثوبًا. فَلَقِيَني (¬2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السُّوقِ، فقال: "يا سَلَمَةُ هَبْ لي المرأةَ"، فقلتُ: يا رسُولَ الله! لقد أعجبتْني وما كشفتُ لها ثَوبًا، ثم لَقِيَني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغَدِ في السُّوقِ، فقال (¬3) "يا سلمةُ هَبْ لي المرْأة لله أبوكَ"، قلتُ: هِيَ لَكَ يا رَسُولَ اللهِ! فوالله مِا كَشَفْتُ لَهَا ثوبًا، فبعثَ بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهْلِ مكة، ففدى بِها ناسًا من المسلمين كانُوا أُسِرُوا بِمَكَّةَ. البخاري (¬4)، عن أنس بن مالك عن أبي طلحة (¬5)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ كان إذا ظَهَرَ على قومٍ أقَامَ بالعَرْصَةِ ثَلاثَ ليال. مسلم (¬6)، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من ينظُرُ لَنَا ما صَنَعَ أبو جَهْل؟ " فانطلق ابن مسعود فوجدَهُ قد ضَرَبَهُ ابنا عفراء حتى برد (¬7)، قال: فأخذ بلحيتهِ فقال: آنت أبو جهل؟ فقال: وهل فوق رجُل قتلتموهُ (أو قال) قتلهُ قومُهُ؟. وفي رواية، فلو غير أكَّارٍ (¬8) قَتَلَني. زاد النسائي في هذا الحديث، أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخبره فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "انطلق فأرني مكانه" قال: فانطلقتُ معه فأريته إياه فلما وقف عليه حمد الله ثم قال: "هذا فرعون هذه الأمة". ¬

_ (¬1) مسلم: (فقدمنا). (¬2) (ف): (ثم لقيني). (¬3) مسلم: (فقال لِي). (¬4) البخاري: (6/ 209) (56) كتاب الجهاد والسير (185) باب من غلب العدو؛ فأقام على عرصتهم ثلاثًا رقم (3065). (¬5) عن أبي طلحة ساقطة من الأصول - وكذا ساقطة من الأحكام الوسطى. (¬6) مسلم: (3/ 1424) (32) كتاب الجهاد والسير (41) باب قتل أبي جهل - رقم 118). (¬7) برد: أي مات، وفي مسلم: برك أي سقط على الأرض وقال القاضي رواية الجمهور: برد. (¬8) الأكار: الزراع والفلاح.

مسلم (¬1)، عن جرير بن عبد الله قال: قال لي رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا جرير ألا تُريحني من ذِى الخَلْصَةِ" بيت لخثعم. كان يُدعى الكعبَةَ اليَمَانِيَةِ (¬2)، قال فنفرت في خمس ومائَةِ فارسٍ، وكنتُ لا أثبُتُ على الخيلِ، فذكرتُ ذلك لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَضَرَبَ بيده (¬3) في صدري فقال: "اللهم ثبِّتْهُ واجعلْهُ هاديًا مهديًا". فانطلق فحَرَّقهَا بالنَّارِ، ثم بَعَثَ جريرٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يُبَشِّرُهُ يكنى أبا أرطَاةَ مِنَّا، فأتى النبي (¬4) - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما جِئْتُكَ حتى تركنَاهَا كأنَّها جملٌ أجرَبُ فبرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على خيلِ أحْمَسَ ورِجالها (¬5) خمس مرَّاتٍ. البزار (¬6)، عن بريدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أبردتم (¬7) إلي بريدًا فأبردوه حسن الوجه، حسن الإسم". الترمذي (¬8)، عن السائب بن يزيد، قال: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تبوك، خرج الناس يتلقونَهُ إلى ثنيةِ الوداع، قال السائب: فخرجتُ مع الناس وأنا غلام. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 1926) (44) كتاب فضائل الصحابة (29) باب من فضائل جرير بن عبد الله - رقم (137). (¬2) مسلم: (الكعبة اليمانية) ومعناها كعبة الجهة اليمانية. (¬3) مسلم: (يده). (¬4) (ف): (رسول الله). (¬5) (ف): (ورجالهم). (¬6) كشف الأستار: (2/ 412) - رقم (1985). (¬7) كشف الأستار: بردتم. (¬8) الترمدي: (4/ 188) (24) كتاب الجهاد (38) باب ما جاء في تلقى الغائب إذا قدم - رقم (1718) ورواه البخاري وأبو داود بنحوه.

باب

مسلم (¬1)، عن جابر بن عبد الله وقفل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزاة، قال: فلما قدم صِرارًا (¬2) أمر ببقرة فذُبحت، فأكلوا منها، فلما قَدِم المدينة أمرني أن آتي المسجد فأصلي ركعتين. باب البخاري (¬3)، عن ابن عمر قال، بعثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالدَ بن الوليد إلى بني جَذَيمة فدعاهم إلى الإِسلام، فلم يُحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعلوا يقولون: صبأنا. صبأنا، فجعل خالدٌ يقتُلُ، ويأسِرُ، ودفع (¬4) إلى كلِّ رجل منا أسيرَهُ حتى إذا كان يوم، أمر خالدٌ أن يَقتُل كلّ واحد (¬5) منا أسيرَهُ، فقلت: واللهِ لا أقُتلُ أسيري ولا يقتُل أحد (5) من أصحابي أسيرَه حتى قدمنا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرناه، فرفع النبي - صلى الله عليه رسلم يَدَيه (¬6) فقال: "اللهمَّ إني أبرأ إليك مما صنعَ خالد" مرتين. النسائي (¬7)، عن عبد الله بن جعفر، قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشًا واستعمل عليهم زيد بن حارثة وقال: "إن قُتِل زيد أو استشهد فأميركم جعفر بن أبي طالب، فإن قتل جعفر أو استشهد فأميركم عبد الله بن رواحة" فلقوا العدو فأخذ ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1223) (22) كتاب المساقاة (21) باب بيع البعير واستثناء ركوبه - رقم (115). (¬2) صرار: موضع بظاهر المدينة على ثلاثة أميال منها من جهة المشرق. (¬3) البخاري: (7/ 653 - 654) (64) كتاب المغازى (58) باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد ابن الوليد إلى بني جذيمة - رقم (4339). (¬4) ف: ويدفع. (¬5) البخاري: (رجل)، وكذا (ف). (¬6) ف: فرفع يديه. (¬7) خرجه في (المناقب والزينة والسير) في الكبرى، كما عزاه المزي في التحفة: (4/ 300).

الراية زيدٌ فقاتل حتى قُتِل، ثم أخذ الراية جعفرٌ فقاتل حتى قُتِل، ثم أخذ الرايةَ عبدُ الله ابنُ رواحة فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية خالد بن الوليد ففتح الله على يديه، فأتى خبرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فخرج إلى النَّاس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "إن إخوانكم لقوا العدوَّ، فأخذ الرايةَ زيدٌ فقاتل حتى قُتِل أو استشهد، فأخذ الرايةَ جعفرٌ فقاتل حتى قُتِل أو استشهد، ثم أخذ الراية عبدُ الله ابنُ رواحة، فقاتل حتى قتل أو استشهد، ثم أخذ الرايةَ سيفٌ من سيوف الله: خالدُ بن الوليد، ففتح الله عليه"، ثمَّ أمهل آل جعفر ثلاثًا أن يأتيهم، ثم أتاهم فقال: "لا تبكوا على أخي بعد اليوم" ثم قال: "ادعوا لي بني أخي" فجيء بنا كأنا أفرخ فقال: "ادعوا لي الحلاق" فجيء به (¬1) فأمره فحلق رؤوسنا ثم قال: "أما محمد فشبيه عمنا أبي طالب، وأما عبد الله فشبيه خَلْقى وخُلقى" ثم أخذ بيدي فأشالها، فقال: "اللهم اخلف جعفرًا في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه" ثلاثًا. وعن أبي قتادة في هذا الحديث، قال: "فوثب جعفر فقال: يا رسول الله! ما كنت أرهب أن تستعمل علي زيدًا، فقال: امضِ فإنك لا تدري أي ذلك خير". ذكره علي بن المديني في كتاب العلل (¬2). البخاري (¬3)، عن عروة بن الزبير، قال: لما سَار رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عامَ الفتح، فبلغ ذلك قُريشًا، خرج أبو سفيان بن حرب، وحكيمُ بن حِزام، وبُدَيلُ بن ورقاء يلتمسون الخبرَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقبلوا يسيرون حتى أتوا مرَّ الظهرانِ، فإذا هم بنيران كأنها نيرانُ عرفة، فقال أبو سفيان: ما هذه؟ لكأنها نيرانُ عرفة، فقال بُدَيلُ بن ورقاء: نيرانُ بني عمرو، فقال أبو سفيان: عمرٌو ¬

_ (¬1) فجيء به: ليست في (ف). (¬2) العلل: (). (¬3) البخاري: (7/ 597 - 598) (64) كتاب المغازي (48) باب أين ركز النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح - رقم (4280).

أقل من ذلك، فرآهم ناسٌ من حَرَس رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فأدْركوهم، فأخذوهم فأتوا بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم أبو سفيان، فلما سار قال للعباس: "احبس أبا سفيان عند خطم الجَبل حتى ينظرُ إلى المسلمين" فحبسه (¬1) فجعلتِ القبائل تمرُّ (¬2) مع النبي - صلى الله عليه وسلم - تمرُّ كتيبةً كتيبةً على أبي سفيانَ، فمرَّت كتيبة فقال: يا عبَّاس من هذه؟ فقال: هذه غِفار، فقال: مالي ولغِفار، ثم مرت جُهَينةُ، فقال مثل ذلك، ثم مرَّت سعدُ بن هُذَيم، فقال مثل ذلك، ثم (¬3) مرَّت سُلَيم، فقال مثل ذلك حتى أقبلَت كتيبةٌ لم يرَ مثلها، قال: من هذه؟ قال: هؤلاء الأنصار عليهم سعدُ بن عبادة معهُ الراية، فقال سعدٌ (¬4): يا أبا سفيان! اليومَ يومُ الملحمة، اليومَ تُستحَل الكعبة، فقال أبو سفيان: يا عباس حبذا يوم الذِّمار، ثم جاءت كَتيبة وهي أقلُّ الكتائب، فيهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وراية النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الزبير (¬5) فلما مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بأبي سفيان قال: ألم تعلم ما قال سعدُ بن عبادة؟، قال: "ما قال؟ " قال: قال كذا وكذا، فقال: "كذبَ سعد، ولكن هذا يومٌ يُعظمُ الله فيه الكعبة ويومٌ تُكسى فيه الكعبة" قال: وأمرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن تُركزَ رايته بالحَجون. قال عروة: فأخبرَني نافع بن جُبير بن مُطعم قال: سمعتُ العباس يقول للزبير: يا أبا عبد الله هاهنا أمرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ترَكزَ الراية. قال: وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ خالد بن الوليد أن يَدخلَ من أعلى مكة من كَدَاء، ودخل النبي - صلى الله عليه وسلم - من كَدا، فقُتِلَ من خيل خالد ابن الوليد يومئذ رجلان حُبَيْشُ بن الأشعَر وكُرز بن جابر الفهريّ. ¬

_ (¬1) البخاري: (فحبسه العباس). (¬2) ف: تمر عليه. (¬3) البخاري: (ومرت سليم). (¬4) البخاري: (سعد بن عُبادة). (¬5) البخاري: (الزبير بن العوام).

مسلم (¬1)، عن أبي هريرة، قال: أقْبَلَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قدِمَ مكَّةَ، فَبَعثَ الزبير على إحدى المُجَنبتَيْنِ (¬2) وبعث خالدًا على المجنبةِ الأخرى، وبعث أبا عبيدةَ على الحُسَّرِ (¬3)، فأخذوا بطنَ الوادي، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في كتيبةٍ قال: فَنَظرَ فرآني فقال: "أبو هريرةَ " فقلتُ: نعم (¬4)، لبيك رسول الله (¬5)، لبيك رسول الله، فقال: "لا يأتينى إلا أنصاريٌّ" قال: فأطافُوا بِهِ ووبَّشَتْ (¬6) قريش أوبَاشًا لها وأتباعًا، فقالُوا: نُقَدِّمُ هؤلاءِ، فإن كان لهم شيءٌ كُنا معهم، فإن أصيبوا أعْطَيْنَا الذي سُئِلْنَا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَرَوْنَ إلى أوْبَاشِ قريش وأتباعِهِمْ" ثم قال بيديه (¬7): إحداهُما على الأخرى ثم قال: "حتى تُوافُوني بالصَّفَا" قال: فانطلقنا فما شَاءَ أحدٌ منّا أن يَقْتُلَ أحدًا إلا قَتَلَهُ، وما أحدٌ منهم يُوَجِّهُ إلينا شيئًا، قال: فجاء أبو سُفيانَ فقأل: يا رسولَ اللهِ أُبيحَتْ خَضْرَاءُ قريشٍ، لا قرَيْشَ بَعْدَ اليومِ، ثم قال: "من دخل دَارَ أبي سُفيانَ فهو آمِنٌ" فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أمَّا الرجُلُ فأدركَتْهُ رغْبَةٌ في قَرْيَيهِ ورافَة بعشيرَتِهِ، قال أبو هريرة: وجاء الوَحْيُ وكان إذا جاءَ (¬8) لا يَخْفَى علينا، فإذا جَاءَ فَلَيْسَ أحد يرفَعُ طرفَهُ إلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ينقضى الوحيُ، فلما قضى (¬9) الوحيُ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الأنصَارِ" قالوا: لبَّيْكَ يا رسُولَ اللهِ، قال: "قلتم: أمَّا الرجُلُ فأدركَتْهُ رغبةٌ في قريتهِ" قالوا: قد كان ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1405) (32) كتاب الجهاد والسير (31) باب فتح مكة - رقم (84). (¬2) المجنتين: اليمنة والميسرة. (¬3) الحسر: أي الذين لا دروع لهم. (¬4) (نعم): ليست في مسلم. (¬5) مسلم: (لبيك يا رسول الله)، ولم تكرر، وكذا (ف). (¬6) أي جمعت جموعًا من قبائل شتى. (¬7) (د): (بيده). (¬8) مسلم: (وكان إذا جاء الوحى). (¬9) مسلم: (انقضى).

ذلك (¬1)، قال: "كلَّا إنِّي عبد الله ورسُولُهُ هاجرتُ إلى الله وإليكم، المحيا محياكُمْ والمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ" فأقبلوا إليه يبكُونَ ويقولون: والله ما قُلنا الذي قُلنا إلا الضِّنَّ (¬2) باللهِ وبرسولِهِ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله ورسوله يُصَدِّقانِكُمْ ويَعْذِرَانِكُمْ" قال: فأقبَلَ النَّاسُ إلى دارِ أبي سُفيان وأغلقَ النَّاس أبوابَهُمْ، قال: وأقبل رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل إلى الحَجَرِ، فاستَلَمهُ، ثم (¬3) طاف بالبيتِ، قال: فأتى على صنمٍ إلى جنبِ البيتِ كانوا يعبدُونهُ، قال: وفي يَدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوسٌ، وهو آخِذٌ بِسِيَةِ القَوْسِ (¬4) فلما أتى على الصنم جعل يطعن (¬5) في عينيه ويقول: "جاء الحقُّ وزَهَقَ الباطِلُ"، فلما فَرَغَ من طَوَافِهِ أتى الصفا (¬6) فعلا عليه حتى نظر إلى البيتِ فرفع يديه فجعل يحمد الله ويدعُو ما شَاءَ أن يَدعُوَ. وفي أخرى (¬7): "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السِّلاحَ فهو آمِنٌ، ومن أغْلَقَ بَابَهُ فهو آمِنٌ". وفيها: "قلتم أمَّا الرَّجُلُ قد أخذته (¬8) رأفةٌ بعشيرتِهِ ورغبةٌ في قريتهِ ألا فما (¬9) اسمى إذًا! (ثلاث مرات)، أنا محمد عبد الله ورسوله". وقال النسائي (¬10) في هذا الحديث: ولجأت صناديد قريش وعظماؤها إلى الكعبة، يعني دخلوا فيها، قال: فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى طاف ¬

_ (¬1) مسلم: (ذاك). (¬2) (ف): (الظن) ومعنى الضن: الشح. (¬3) (د): قال ثم. (¬4) أي بطرفها المنحني. (¬5) مسلم: (يطعنه). (¬6) (د) أتى على الصفا. (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (86). (¬8) مسلم: (فقد أخذته). (¬9) ف: ألا بما. (¬10) تفسير النسائي: (1/ 668) - رقم (318).

بالبيت فجعل يمر بتلك الأصنام ويطعنها بسية القوس (¬1) ويقول: "جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا" حتى إذا فرغ وصلى جاء فأخذ بعضادتي الباب، ثم قال: "يا معشَر قريش ما تقولون؟ " قالوا: نقول: ابن أخ وابن عم رحيم كريم. ثم أعاد عليهم القول: "ما تقولون؟ " قالوا مثل ذلك قال: "فإني أقول كما قال أخى يوسف: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} "، فخرجوا فبايعوه على الإسلام. ذكر النسائي هذا الحديث في التفسير. أبو داود (¬2)، عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامَ الفتح جاءَه العباسُ بن عبد المطلب بأبي سفيان بن حرب، فأسلم بِمَرّ الظهران، فقال له العباس: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل يُحِبُّ هذا الفخر فلو جعلتَ لَهُ شيئا، فقال: "نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلقَ بابَهُ فهو آمن". وعن وهب بن مُنبه (¬3)، قال: سألتُ جابرًا: هل غنموا يوم الفتح شيئًا؟ قال: لا. مسلم (¬4)، عن ابن عمر أن يَهُودَ بني النضير وقُريظةَ حاربُوا رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأجْلَى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بني النَّضِيرِ وأقر قُرَيْظةَ ومنَّ عليهم حتى حَارَبَتْ قُريظَةُ بعد ذلك، فَقَتَلَ رجالهم وقَسمَ نساءَهُمْ وأولادَهُمْ وأموالَهُمْ بين المسلمين إلا أنَّ بعضهُمْ لَحِقُوا برَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فآمَنَهُمْ وأسلموا، وأجْلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهُودَ المدينةِ ¬

_ (¬1) "بسية القوس": ما عطف من طرفيها، وللقوس سيتان. (¬2) أبو داود: (3/ 416) (14) كتاب الخراج والإمارة (25) باب ما جاء في خبر مكة - رقم (3021). (¬3) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (3023). (¬4) مسلم: (3/ 1387 - 1388) (32) كتاب الجهاد والسير (20) باب إجلاء اليهود من الحجاز - رقم (62).

كُلهم: بني قَيْنُقَاعَ (وهم قوم عبد الله بن سلامٍ) ويهُودَ بني حَارِثَةَ، وكُلَّ يهوديٍّ كان بالمدينةِ. وعن أبي سعيد الخدري (¬1)، قال: نَزَلَ أهلُ قُرَيظَةَ على حُكْمِ سعد بن معاذٍ، فأرْسَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سعدٍ فأتَاه على حمارٍ، فلما دنا قريبًا من المسجِدِ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2): "قوموا إلى سيِّدِكُمْ" (أو خيركم) ثم قال: "إنَ هؤلاءِ نزلُوا على حُكْمِكَ" قال: تَقْتُلُ مُقاتِلَتَهُمْ وتَسْبِى ذُريتهم، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قضيتَ بحكمِ الله" وربما قال: "قضيت بحكم الملك" وفي حديث عائشة (¬3)، فنزلُوا على حُكْمِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فردَّ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الحُكْمَ إلى سعد بن معاذ (¬4). وزاد، وتُقْسَم أموالهم. أبو داود (¬5)، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن كُفارَ قريش كتبوا إلى ابن أُبيٍّ ومن كان معه يعبد (¬6) الأوثان من الأوس والخزرج، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بالمدينة قبل وقعة بدر: إِنكم آوَيْتُمْ صاحبنا، وإِنا نقسم بالله لتُقاتلنهُ أو لتخرجُنَّه أو لنسيرَنَّ إليكم بأجمعنا حتى نقتل مقاتلتكم ونستبيح نساءكم فلما بلغ ذلك عبد الله بن أُبي ومن كان معه من عبدة الأوثان، أجمعوا لقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما بلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - لقيهم فقال: "لقد بلغ وعيدُ قُريشٍ منكم المبالغ، ما كانت تكيدُكم بأكثر مما تريدُون أن تكيدُوا ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1388 - 1389) (32) كتاب الجهاد والسير (22) باب جواز قتال من نقض العهد - رقم (64). (¬2) مسلم: (للأنصار). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (65). (¬4) (ابن معاذ): ليست في مسلم. (¬5) أبو داود: (3/ 404) (14) كتاب الخراج والفيء (23) باب في خبر النضير - رقم (3004). (¬6) أبو داود: (ومن كان يعبد معه).

بِهِ أنْفُسَكم، تريدُون أن تُقَاتلوا أبنَاءَكم وإِخوَانكُم" فلما سمعوا ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - تفرقوا، فبلغ ذلك كفار قريش، فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: إِنكم أهل الحَلْقَةِ والحُصُونِ وإنكم لتُقاتلُنَّ صاحبنا أو لنفعلنَّ كذا وكذا ولا يحول بيننا وبين خَدَمِ نسائكم شيء - وهي (¬1) الخلاخيل-، فلما بلغ كتابهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أجمعت بنو النضير بالغَدرِ: فأرسلوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - اخرج إلينا في ثلاثين رجلًا من أصحابك وليخرج منا ثلاثون حبرًا، حتى نلتقي في مكان المَنْصَف فيسمعوا منك، فإن صدقوك وآمنوا بك، آمنا بك فقصَّ خبرهم فلما كان الغدُ غدا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالكتائب فحاصرهم (¬2)، فقال: "إنكم لا تأمنون عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه"، فأبوا أن يعطوه عهدًا فقاتلهم يومَهم ذلك، ثم غدا الغد علي بني قريظة بالكتائب (¬3)، وترك بني النضير ودعاهم أن يعاهدوه، فعاهدوه فانصرف عنهم وغدا إلى بني النضير بالكتائب، فقاتلهم حتى نزلوا على الجَلَاءِ، فَجلَتْ بنو النضير واحتملوا ما أقلَّتِ الِإبلُ من أمتعتهم، وأبواب بيوتهم وخشبها، فكان نخل بني النضرِ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة، أعطاه الله إياها وخصَّه بها، فقال: {ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب}، يقول بِغَيْرِ قتال، فأعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثرها للمهاجرين وقسَمها بينهم، وقسم منها لرجلين من الأنصار كانا ذوي حاجة لم يقسم لأحد من الأنصار غيرهما، وبقي منها صدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي بيد (¬4) بني فاطمة. مسلم (¬5)، عن سلمة بن الأكوع قال: قدمنا الحديبيةَ مع رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ونحنُ أربعَ عشرةَ مائةً وعليها خمسُونَ شاةً، لا ترويها، ¬

_ (¬1) (ف): (وهو). (¬2) أبو داود: (فحصرهم). (¬3) (بالكتائب): ليست في (ف). (¬4) أبو داود: (التي في أيدي). (¬5) مسلم: (3/ 1433) (32) كتاب الجهاد والسير (45) باب غزوة ذي قرد وغيرها - رقم (132).

قال: فقعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جبا الرَّكيَّةِ (¬1)، فإما دعا، وإمَّا بصق (¬2) فيها فجاشَتْ فسقينا واستقينا، ثم إنَّ رسول الله دعا (¬3) للبيعة في أصل الشجرة، قال: فبايعتُهُ أوَّلَ الناسِ، ثم بايع وبايع حتى إذا كان في وسطٍ من النَّاسِ قال: "بايع. يا سلمةُ" قال: قلتُ: قد بايعتُكَ يا رسُولَ اللهِ في أولِ النَّاس، قال: "وأيضًا" ورآني رسُولُ الله عَزِلًا (يعني ليس مَعَه سلاح) قال: فأعطاني رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَجَفَةً أو دَرَقَةً (¬4) ثم بايع حتى إذا كان في آخِر الناس، قال: "ألا تبايعُني يا سلمة؟ " قال: قلت: قد بايعتُكَ يا رسُولَ الله في أوَّلِ النَّاس، وأوسَطِ الناس، قال: "وأيضًا" فبايعتهُ الثالثة، ثم قال لي: "يا سلمةُ أين حجفتُك أو دَرَقَتُك التي أعطيتُك؟ " قال: قلتُ: يا رسُولَ الله! لقيني عَمِّي عامِرٌ عَزِلًا، فأعطيتُهُ إيَّاهَا، قال فضحِكَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "إنك كالذي قال الأوَّلُ: اللهم أبغنِي حبيبًا هو أحبُّ إليّ من نفسي"، ثم إنَّ المشركين راسَلُونا الصُّلْحَ حتى مشى بعضُنا في بعض، واصطلحنا، قال: وكنت تَبِيعًا لِطَلْحةَ بن عبيد الله أسْقي فَرَسَهُ وأحُسُّهُ وأخدُمُهُ وآكل طعامه، وتركتُ أهلي ومالي مهاجرًا إلى الله ورسولهِ قال: فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة، واختلط بعضنا ببعضٍ أتيت شجرة فكسحتُ شوكها، فاضجعتُ في أصلها قال: فأتاني أربعةٌ من المشركين من أهلِ مكة، فجعلوا يقعون في رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأبغضتُهُم، وتحولتُ إلى شجرةٍ أخرى وعلَّقوا سلاحَهُم واضطجعوا. فبينما هم كذلك إذ نادى منادٍ من أسفل الوادي: يا للمُهاجرين قُتِلَ ابن زُنَيْمٍ، فاخترطتُ سيفىٍ ثمَّ شددتُ على أولئك الأربعةِ وهم رُقودٌ وأخذتُ سلاحهم وجعلتها (¬5) ضغثًا في يَدِي، ثم قلتُ: والذيِ كرَّم وجْهَ محمدٍ - صلى الله ¬

_ (¬1) جبا الركية: الجبا ما حول البئر، والركى: البئر. (¬2) مسلم: (بسق). (¬3) مسلم: (دعانا). وكذا ف. (¬4) حجفة أو درقة: هما شبيهتان بالترس. (¬5) مسلم: (فجعلته).

عليه وسلم - لاَ يرفَعُ أحدٌ منكم رأسَهُ إلا ضربْتُ الذي فيهِ عَيْنَاهُ قال: ثم جئْتُ بهم أسوقُهُم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: وجاء عمِّي عامر برجل من العَبَلَاتِ يُقال له مِكْرَزٌ يقودُهُ إلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - على فرس مجقف (¬1) في تسعين (¬2) من المشركين فنظر إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "دعوهُمْ ليكون (¬3) لهم بدءُ الفجور وثنَاهُ" فعفا عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- {وهو الذي كفَّ أيديهم عنكم وأيديَكُم عنهم ببطنِ مكة من بعد أن أظفركُمْ عليهم}. الآية كلها. قال: ثم خرجنا راجعين إلى المدينةِ، فنزلنا منزلا بيننا وبين بني لَحْيانَ جَبَلٌ، وهم المشركون فاستغفر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن رقى هذا الجبَلَ الليلةَ، كأنَّهُ طليعةٌ للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِهِ قال سلمةُ: فرقيتُ تلك الليلةَ مرتين أو ثلاثًا، ثم قدمنا المدينة فبعَثَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بظهرِهِ مع رباحٍ غُلامِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا معهُ وخرجتُ بفرسِ طلحة (¬4) أندِّيهِ مع الظهر فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على سرح (¬5) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستَاقَهُ أجْمَعَ وقتلَ راعِيهُ قال: فقلت: يا ربَاحُ خُذْ هذا الفرس فأبلِغْهُ طلحةَ بن عَبيدِ الله وأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن المشركين قد أغاروا على سَرْحِهِ، قال: ثم قمتْ على أكمةٍ فاستقبلتُ المدينةَ فناديتُ ثلاثًا: يا صَبَاحاهْ، ثم خرجت في أثر (¬6) القوم أرْميهِمْ بالنَّبْلِ وأرتجز أقولُ: أنا ابن الأكوع ... واليوم يومُ الرُّضَّعِ ¬

_ (¬1) مجفف: أي عليه تجفاف وهو ثوب كالجل يلبسه الفرس ليقيه السلاح. (¬2) مسلم: سبعين. (¬3) مسلم: (يكن). (¬4) د: أبي طلحة. (¬5) مسلم: (على ظهر). (¬6) مسلم: (آثار).

فألحقُ رجُلًا منهم فَأصُكه (¬1) سهمًا في رَحْلِهِ حتى خَلَصَ نصْلُ السهْم إِلى كَتِفِهِ، قال: قلتُ: خذها و: أنا ابن الأكوع ... واليوم يومُ الرُّضَّعِ قال: فواللهِ مازلت أرميهم وأعْقِرُ بهم فإذا رجع إليَّ فَارِسٌ أتيتُ شجرةً فجلست في أصلها ثم رميتُهُ فعقرتُ بِهِ حتى إذا تضايق الجبَلُ فدخلوا في تضايُقِهِ علوتُ الجبل فجعلتُ أرميهم (¬2) بالحجارةِ قال: فما زلتُ كذلك أتبعُهُمْ حتى ما خلق الله -عَزَّ وَجَلَّ- من بعير من ظَهرِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا خلفته وراء ظهري، وخلوا بينى وبينَهُ ثم اتبعتهم أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بُرْدَةً وثلاثين رُمحًا يستخِفُّونَ ولا يطرَحُونَ شيئًا إلا جعلتُ عليه آرامًا (¬3) من حجارة يعرِفُها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حتى أتوا متضايقًا من ثنيةٍ فإذا هم قد أتاهم فلان بن بدرٍ الفزاري فجعلوا (¬4) يَتضحَّونَ (يعني يتغَدَّوْنَ) وحبست (¬5) على رأس قرنٍ، قال الفزاريُّ: ما هذا الذي أرى؟ قالوا: لقينا من هذا البرح واللهِ! ما فارقنا منذ غَلَسٍ، يرمينا حتى انتزع كلَّ شيءٍ من أيدينا، قال: فليَقُمْ إليه نفرٌ منكم أربعةٌ، قال: فَصَعِدَ إليَّ منهم أربعة في الجَبلِ، قال. فلما أمكنُوني من الكَلامِ، قال: قلت: هل تعرِفُونني (¬6) قالوا: لا، ومن أنت؟، قلتُ: أنا سلمة بن الأكوعِ والذي كرَّم وجْهَ محمد صلى الله عليه وسلم - لا أطلُبُ رجلًا منكم إلا أدركتُهُ يطلبُنى (¬7) فيدركني، قال أحدهم: أنا أظنُّ، قال: فرجعوا قال: فما برحتُ مكاني حتى رأيتُ فوارِسَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخلَّلُون الشجر، قال: فإذا أولهم الأخْرمُ الأسديُّ على إثْرِهِ ¬

_ (¬1) مسلم: (فأصكُّ). (¬2) مسلم: (أُرديهم). (¬3) آرامًا: أي أعلامًا. (¬4) مسلم: (فجلسوا). (¬5) مسلم: (وجلست). (¬6) مسلم: (تعرفونِي). (¬7) مسلم: (ولا يطلبني رجل منكم).

أبو قَتَادةَ الأنصاريُّ وعلى إثرهِ المقدَادُ بن الأسودِ الكِنديُّ، قال: فأخذتُ بِعِنَانِ الأخْرَمِ قال: فولَّوا مُدبرين، قلت: يا أخرمُ احذَرْهُم لا يقتطِعُونك (¬1) حتى يلحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُهُ. قال: يا سلمةُ إن كنت تؤمِنُ بالله واليوم الآخر وتعلَمُ أن الجنَّةَ حقٌّ والنَّارَ حقٌّ فلا تَحُلْ بيني وبين الشهادة، قال: فخلَّيْتهُ فالتقى هو وعبد الرحمن، قال: فَعَقَر بعبد الرحمن فَرَسَهُ وطعنَهُ عبد الرحمن فَقَتَلهُ وتحَوّلَ على فرسِهِ ولَحِقَ أبو قتادة فارِسُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بعبدِ الرحمن فطعنه فقتَلَهُ فوالذي كَرّمَ وجْهَ محمد - صلى الله عليه وسلم - لتبعتُهُمْ أعْدو على رجِلَيَّ حتى ما أرى ورائي من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ولا غُبَارِهم شيئًا حتى يعدِلُوا قبل غُرُوب الشمس إلى شِعبِ فيهِ ماءٌ يقالُ لَهُ ذُو قَرَدٍ (¬2) ليشرَبُوا منه وهم عِطَاشٌ، قال: فنظرُوا إليَّ أَعدُو وراءَهم فحلأتهم عنهُ (يعني أجليتهم) (¬3) فما ذاقوا منه قطرةً، قال: ويخرجون فيشتدُّون في ثنيةٍ قال: فَأعْدُو فألَحقُ رجلًا منهم، فأصكُّهُ بسهمٍ في نُغُضِ كَتِفِهِ، قلتُ: خُذْهَا وأنا ابن أكوع، واليوم يوم الرضع قال: يا ثكِلَتْهُ أُمُّهُ! أكوَعُهُ بُكْرَةَ (¬4)، قال: قلت: نعم يا عدوَّ نفسِهِ! أكوعُكَ بُكْرةَ، وأردوا فرسين على ثنيةٍ، قال: فجئت بهما أسوقهما إلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ولَحِقَنِي عامر بسطِيحةٍ فيها مَذْقة من لبن وسطيحةٍ فيها ماءٌ، فتوضأتُ وشربتُ، ثم أتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على الماء الذي حَلأتُهُمْ عنه (¬5)، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أخذ تلك الِإبل وكل شيء استنقذْتُهُ من المشركين وكلَّ رُمْحٍ وبُرْدَة، وإذا بلال ¬

_ (¬1) مسلم: (لا يقتطعوك). (¬2) مسلم: (ذا قرد) -، في بعض نسخه (ذو قرد) وهو الوجه. (¬3) مسلم: فحليتهم عه (يعني أجليتهم عنه). (¬4) قوله (أكوعه) برفع العين: أي أنت الأكوع الذي كنت بكرة هذا النهار، ولهذا. قال: نعم، وبكرة: منصوب غير منون. (¬5) (د): (عنده).

قد نَحَرَ ناقةً من تلك (¬1) الإبل التي (¬2) استنَقذْتُ من القوم، وإذا هو يشوي لرسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - من كَبِدِها وسَنَامها، قلتُ: يا رسول الله! خَلِّنِى فأنتخِبُ من القوم مِائَةَ رجُلٍ فأتبعُ القومَ، فلا يبقى منهم مُخبِرٌ إلا قتلتُهُ، قال: فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بَدَتْ نواجِذُهُ في ضوءِ النار ققال: "يا سلمةُ! أتراكَ كنت فاعِلًا؟ " قلتُ: نعم والذي أكرمَكَ. قال: "إنَهُمُ الآن ليُقْرَوْنَ في أرض غَطَفَانَ" فجاء رجلٌ من غطفان فقال: نَحَرَ لهمُ فلانٌ جَزُورا، فلمَّا كشفُوا جِلْدَهَا رأوا غُبارًا، فقالوا: أتاكُمُ القومُ، فخرجُوا هاربين، فلما أصبحنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كان خير فُرسَانِنَا (¬3) أبو قتادة، وخيرَ رَجَّالَتِنَا سلمةُ" ثم أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهمينِ: سهمُ الفارس وسهمُ الرَّاجِلِ، فجمعهُما لِى جميعًا، ثُمَّ أردفني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وراءَهُ على العَضْبَاءِ راجِعينَ إلى المدينةِ. قال: فبينما نحنُ نسِيرُ، قال: وكان رجُل من الأنصارِ لا يُسْبَقُ شَدًّا (¬4)، قال: فجعل يقولُ: ألا مُسَابِقٌ إلى المدينةِ؟ هل من مسابقٍ؟ فجعل يُعِيدُ ذلك، فلمَّا سمعتُ كَلاَمَهُ قلتُ: أما تُكْرِمُ كريمًا، ولا تَهَابُ شَرِيفًا؟ قال: لاَ. إلَّا أنْ يكُونَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلتُ: يا رسول اللهِ بأبي أنت (¬5) وأميِّ، ذرني فَلأسْبِقَ (¬6) الرجل، قال: "إِنْ شِئْتَ" قلتُ: اذْهَبْ إلَيْكَ، وِثنيتُ رِجليَّ فظفرتُ فَعَدَوتُ قال: فربطتُ عليهِ شَرَفًا أو شرفينِ أسْتَبْقِي نَفسِي (¬7) ثمَّ إني (¬8) عدوت في إِثْرِهِ فَرَبَطتُ عليهِ شَرَفًا أو شرفين، ثمَّ إنِّي دفعتُ ¬

_ (¬1) (تلك): ليست في مسلم. (¬2) مسلم: (الذي). (¬3) مسلم: (كان خير فرساننا اليوم) وكذا (ف). (¬4) أي عدوا على الرجلين. (¬5) (أنت): ليست في مسلم. (¬6) مسلم: (فلأسابق). (¬7) معنى ربطت حبست نفسي عن الجري الشديد، والشرف ما ارتفع من الأرض، وقوله: أستبقي نَفَسي، أي لئلا يقطعني البهر. (¬8) (إني): ليست في مسلم. وكذا (ف).

حتى ألْحَقَهُ، قال: فَأصكُّهُ بين كَتِفَيْهِ قال: قلتُ: قد سُبِقْتَ واللهِ، قال: أنا أظُنُ. قال: فسبقتُهُ إلى المدينهِ، قال: فواللهِ ما لبثنا ثلاثَ ليالٍ حتى خرجنا إلى خيبرَ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فجعل عمِّي يرتجز بالقوم: تاللهِ لولا اللهُ ما اهتدينا ... ولا تصدَّقنا ولا صلينا ونحنُ عن فضلكِ ما استغنينَا ... فثبِّت الأقدامَ إن لاقينا وأنزلَنْ سكينةً علينا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من هذا؟ " قال: أنا عامِرٌ، قال: "غَفَرَ لَكَ ربُّك" قال: وما استغفر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لِإنْسَانٍ يخصُّه إلا استُشْهِدَ. قال: فنادَى عمَرُ بن الخطاب وهو على جملٍ لَهُ: يا نَبِيَّ اللهِ! لولا (¬1) متعتنا بعامرٍ، قال: فلمَّا قَدِمنا خيبر خرج مَلِكُهُمْ مَرْحَبٌ يخطِرُ بسيفِهِ يقولُ: قد عَلِمَتْ خيبرُ أنِّي مَرْحَبُ ... شاكي السِّلاَحِ بطل مُجَرَّبُ إذا الحرُوبُ أقبَلَتْ تَلَهّبُ قال: وبَرَزَ لَهُ عمِّي عامرٌ فقال: قد علمت خيبرُ أنِّي عَامِرٌ ... شاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُغَامِرٌ قال: فاختلفا ضَرْبَتَيْنِ فَوَقَعَ سيفُ مَرْحَب في تُرْسِ عَامِرٍ وذهب عامِرٌ يَسْفُلُ لَهُ فرجع سيفُهُ على نفسِهِ فَقَطَعَ أكْحَلَهُ وكانت فيها نفسُهُ. قال سلمةُ: فخرجتُ فإذا نفرٌ من أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولُون: بطَلَ عَمَلُ عامرٍ فقتل نَفْسَهُ، فأتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكِي فقلتُ: يا رسُول الله! بَطَلَ عمَلُ عامِرٍ؟، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال ذاك (¬2)؟ " قلتُ: ناسٌ من أصحابِكَ قال: ¬

_ (¬1) مسلم: (لولا ما متعتنا). (¬2) مسلم: (ذلك)، وكذا (ف).

"كَذَبَ من قال ذلِكَ، بل لَهُ أجرُهُ مرتينِ" ثم أرسلَنى إلى عَلي وهو أرْمَدُ، فقال: "لأعطينَّ الرايةَ رجُلًا يحبُّ اللهَ ورسولَهُ، ويحبهُ (¬1) اللهُ ورسولُهُ" قال: فأتيتُ عليًّا فجئتُ به أقودُهُ وهو أرْمَدُ حتى أتيتُ بِهِ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فبصق (¬2) في عينيه فَبَرَأ وأعطاه الرَّايةَ وخرج مَرْحَبٌ فقال: قد علمت خيبرُ أنِّي مَرْحَبُ ... شاكِي السِّلاَحِ بطلٌ مُجرَّبُ إذا الحروبُ أقبلتْ تلهَّبُ قال عليٌّ رضى الله عنه: أنا الذي سمتني أمى حَيدَرَهْ ... كليثِ غابات كريه المنظره أوفِيهِمُ بالصَّاعِ كيل السَّنْدَرَهْ قال: فَضَرَبَ رأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ وكان الفتح على يديهِ. وعند البخاري (¬3) في هذا الحديث - ولم يذكره بكماله - قلت: يا نبي الله! قد حميتُ القومَ الماء وهم عطاش، فابعث إليهم الساعة، قال: فقال: "يا ابن الأكوع ملكت فأسْجح (¬4) ". مسلم (¬5)، عن عَبد الله بن عمرو قال: حَاصَرَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم - أهْلَ الطَّائِفِ فَلَمْ ينل منهم شيئًا، فقال: "إنَّا قَافِلُونَ إن شاء الله" قال أصحابُهُ: نَرْجِعُ ولم نفتَتِحْهُ فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اغْدُوا على القِتَالِ" فغَدَوْا عليهِ فأصابتهم (¬6) جِرَاحٌ، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّا قَافِلُون غدًا" فأعجَبَهُم ذلك، فضحك رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) مسلم: (أو يحبه). (¬2) مسلم: (فبسق). (¬3) البحاري: (7/ 526) (64) كتاب المغازى (37) باب غزوة ذات القَرَد - رقم (4194). (¬4) فأسجح: أي فَسهّل وهو مثل سائر. (¬5) مسلم: (3/ 1402 - 1403) (32) كتاب الجهاد والسير (29) باب غزوة الطائف - رقم (82). (¬6) مسلم: (فأصابهم). وكذا (ف).

باب قتل كعب بن الأشرف

-باب قتل كعب بن الأشرف- مسلم (¬1)، عن سفيان بن عُيينة، عن عمرو بن دينار قال: سمعتُ جابرًا يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من لِكَعْبِ بن الأشرفِ؟ فإنَّهُ قد آذى اللهَ ورسولَهُ" قال محمد بن مسلمة: يا رَسولَ اللهِ! أتُحِبُّ أن أقتُلَهُ؟ قال: "نعم" قال: ائْذَنْ لي فلأقلْ. قال: "قُل" فأتَاهُ فقال لَهُ، وذكر ما بينهم (¬2)، وقال: إنَّ هذا الرجل قد أراد صدقة وقد عَنَّانَا، فلمَّا سَمِعَهُ قال: وأيضًا، واللهِ لتملُنَّهُ، قال: إنَّا قد اتَبّعْنَاهُ الآنَ ونكرَهُ أن نَدَعَهُ حتى ننظر إلى أي شيءٍ يصير أمرُهُ وقد أردْتُ أن تُسْلِفَني سلفًا، قال: فما ترهن؟ ترهن نساءكم (¬3)؟ قال: أنتَ أجملُ العربِ، أنرهَنُك (¬4) نساءَنَا؟ قال: أترهنوني (¬5) أولادكم قال: يُسَبُّ ابنُ أحَدِنَا فيُقَالُ: رُهِنَ في وَسْقَينِ من تمرٍ ولكن نرهَنُك اللأمَةَ (يعني السِّلاح) قال: فنعمْ، وواعَدَه أن يأتِيَهُ بالحارث وأبي عَبْسِ بن جَبْرٍ وعبَّاد بن بشرٍ، قال: فجاءوا فدعوْه ليلًا، فنزلَ إليهم، قال سفيان: قال غيرُ عمرو: قالَتِ (¬6) امرأتُهُ: إني لأسمع صوتًا كأنَّهُ صوتُ دمٍ قال: إنمَّا هذا محمَّد (¬7) ورضيعُهُ وأبو نائِلَةَ إنَّ الكريم لو دُعِيَ إلى طعنةٍ ليلًا لأجَابَ، قال محمد: إنِّي إذا جاء فسوفَ أمدُّ يَدِي إلى رَأسِهِ فإذا استمكَنْتُ مِنْهُ فَدُونَكمْ، قال: فلما نَزَلَ، نَزَلَ وهو مُتَوشِّحٌ فقالوا: نجِدُ منْكَ ريحَ الطيبِ، قال: نعم، تحتى فُلاَنَةُ هي أعطرُ نساءِ العربِ قال: فَتَأذْنُ لِي أن أشُمَّ منهُ، قال: نعم، فشُم، فتناولَ فشمَّ، تم قال: أتأذن لِي أن أعُودَ؟ قال: فاستمْكَنَ من رأسِهِ، ثم قال: دُونَكُم، قال: فقتلُوهُ. ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1425) (32) كتاب الجهاد والسير (42) باب قتل كعب بن الأشرف - 119). (¬2) مسلم: (ما بينهما). (¬3) مسلم: (فما ترهنني؟ قال: ما تريد؟ قال: ترهنني نساءكم). (¬4) ف: (أفنرهنك). (¬5) مسلم: (قال له: ترهنوني). (¬6) مسلم: (قالت له امرأته). (¬7) مسلم: (محمد بن مسلمة).

باب في الغنائم وقسمتها

-باب في الغنائم وقسمتها- مسلم (¬1)، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "فُضِّلْتُ على الأنبياء بست: أعِطيتُ جوامع الكَلِمِ، ونصرت بالرُّعْبِ، وأُحِلَّتْ لِيَ الغنائِم، وجعلت لي الأرضُ مسجدًا وطهورًا (¬2)، وأُرسلتُ إلى الخلق كافةَ، وخُتِمَ بِيَ النَّبيُّونَ". وعن ابن عباس (¬3) قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: لمَّا كان يومُ بدرٍ نَظَرَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين وهم ألفٌ وأصحابُهُ ثلاث مئة وتسعةَ عشرَ رجلًا، فاستقبلَ نبِيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - القبلة، ثم مَدَّ يديه فجعل يهتِفُ بربِّهِ: "اللهم أنجِزْ لي ما وعدتنى، اللهم آت ما وعدتني (¬4)، اللهم إن تهللث هذه العصابَةُ من أهلِ الِإسلامِ لا تُعْبَدُ في الأرضِ" فما زالَ يهتف بربه، مادًّا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداوهُ عن منكبيهِ، فأتَاهُ أبو بكرٍ فأخذ رداءَهُ فألقَاهُ على منكَبيهِ، ثم التزمَهُ من ورائِهِ وقال: يا نَبِيَّ الله كفاك (¬5) مُناشدتَك ربكَ فإنَّهُ سينجزُ لَكَ ما وَعَدَكَ، فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكَم أني ممدكم بألفٍ من الملاِئكَةِ مُردِفِين} فأمدَّه اللهُ بالملائكةِ. قال ابن عباس: بينما رجُلٌ من المسلمين يومئذٍ يشتَدُّ في أثرِ رجُل من المشركين أمامَهُ إذ سَمِعَ ضربةً بالسَّوطِ فوقَهُ وصوتَ الفارِسِ أقْدِمْ حيزُون (¬6)، فنظر إلى المشرِكِ أمَامَهُ فخرَّ مستلقيًا، فنظر إليه، فإذ هو قد خُطِمَ أنفهُ (¬7)، ¬

_ (¬1) مسلم:: (1/ 371) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة - رقم (5). (¬2) مسلم: (وجعلت لي الأرض طهورًا ومسجدًا). (¬3) مسلم: (3/ 1383) (32) كتاب الجهاد والسير (18) باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر - رقم (58). (¬4) هذه الجملة ليست في (ف). (¬5) مسلم: (كذاك). وفي بعض نسخه كفاك، وكلِّ بمعنى. (¬6) مسلم: (حيزوم). وهو اسم فرس الملك، وهو نادى بحذف حرف النداء، أي يا حيزوم. (¬7) الخطم: الأثر على الأنف.

وشُقَّ وجهُهُ كضربةِ السَّوطِ، فاخضرَّ ذلك أجمعُ فجاء الأنصاري، فحدَّثَ ذلك (¬1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "صَدَقْتَ، ذلك من مَدَدِ السماءِ الثالثةِ". فقتَلُوا يومئذٍ سبعين وأسروا سبعينَ. قال ابن عباس: فلما أسَرُوا الأسرى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكرٍ وعمر: "ما ترون في هؤلاءِ الأسرى (¬2)؟ " قال أبو بكر: يا رسول الله! هم بنُو العمِّ والعشيرةِ أرى أن تأخُذ منهم فِديةً فتكونُ لنا قوةً على الكفار فعسى الله أن يَهديَهُم للإِسلامِ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما ترى؟ يا ابنَ الخطاب؟ " قلتُ: لا واللهِ يا رسُولَ اللهِ، ما أرى الذي رأى أبو بكرٍ ولكني أرى أنْ تُمَكِّنَّا فنضرِبَ أعناقَهُمْ فتُمكن عليًا من عقيل فيضرب عُنُقَهُ، وتمكِّنِّي (¬3) من فلانٍ (نسيب لعمر) فأضرب عنقَهُ، فإن هؤلاء أئمَّةُ الكفرِ وصناديدُهَا فَهَوِيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال أبو بكرٍ، ولم يهو ما قلتُ فلمَّا كان من الغد جِئْتُ فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكرٍ قاعدين يبكيَانِ، قلتُ: يا رسول الله! أخبرني من أي شيءٍ تبكي أنت وصاحبُك، فإن وجدتُ بُكاءً بكيتُ، وإن لم أجد بُكاءً تباكيتُ (¬4)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أبكي للذي عَرَضَ عليَّ أصحابُكَ من أخذِهِمُ الفِدَاءَ، لقد عُرِضَ عليَّ عذابُهُم أدنى من هذِهِ الشجرةِ" (شجرة قريبة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يُتخِنَ في الأرض} إلى قوله {فكلُوا مما غنمتم حلالا طيبًا} فأحل اللهُ الغنيمةَ لَهُمْ. ¬

_ (¬1) مسلم: (بذلك). (¬2) مسلم: (الأُسارى). (¬3) ف: تمكنني. (¬4) مسلم: (تباكيت لبكائكما).

وعن أبي هريرة (¬1)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "غَزَا نبيٌّ من الأنبياءِ، فقال لقومِهِ: لا يَتْبَعْنِي رجُلٌ قد ملك بُضْعَ امرأةٍ وهو يريد أن يبني بها، ولمَّا يَبْنِ، ولا أحَد (¬2) قد بني بُنيانًا، ولم (¬3) يرفع سُقُفَهَا، ولا أحد (¬4) قد اشترى غنمًا أو خَلِفَاتٍ (¬5) وهو مُنتظِرٌ وَلَادَهَا، قال فغزا فأدنى للقرية حين صلاةِ العصْرِ أو قريبًا من ذلك، فقال للشَّمس: أنتِ مأمورةٌ وأنا مأمور، اللهم احبِسْهَا عليَّ شيئًا، فحُبسَتْ عليْهِ حتى فَتَح اللهُ عليه، قال فجمعوا ما غَنِمُوا، فأقبَلَتِ النَّارُ لتأكله فَأبَتْ أن تطعَمَهُ، فقال: فيكم غُلُولٌ فليبايِعنى من كُلِّ قَبيلةٍ رجُلٌ فبايعُوهُ، فَلَصِقَتْ يدُ رجلٍ بيدِهِ، فقال: فيكم الغُلُولُ، فلتُبايِعْني قبيلتُكَ، فبايعَتْهُ قبيلته (¬6)، قال: فَلَصق (¬7) بيد رجُلينِ أو ثلاثةٍ، فقال: فيكم الغُلُولُ، أنتم غللتُمْ فأخرجوا لَهُ مِثْلَ رأسِ بقرةٍ من ذهبٍ، قال: فوضعُوهُ في المَالِ وهو بالصعيد، فأقبلَتِ النَّارُ فأكلتْهُ، فلم تحِلَّ الغنائِمُ لأحدٍ من قبلِنا، ذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجْزنَا فطيَّبَهَا لَنَا". وعنه (¬8) قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر فَفَتَحَ اللهُ علينا، فلم نَغْنَم ذهبًا ولا وَرِقًا، غنمنا المتاع والطَّعَامَ والثياب، ثم انطلقنا إلى الوادِي، ومع رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عبدٌ لَهُ وَهَبَهُ لَهُ رجلٌ من جُذَام يُدعى رفاعةَ بن زيدٍ من بني الضُّبيْبِ، فلما نزلنا الوادِي قام عبدُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَحُلُّ رَحْلَهُ، فرُمِيَ بسهمٍ فكان فيه حتفُهُ فقلنا: هنيئًا لَهُ ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1366) (32) كتاب الجهاد والسير (11) باب تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة - رقم (32). (¬2) مسلم: (ولا آخر). (¬3) مسلم: (ولما). (¬4) مسلم: (ولا آخر). (¬5) خلفات: هي الحامل من الإِبل. (¬6) (قبيلته): ليست في مسلم. (¬7) مسلم: (فلصقت). (¬8) مسلم: (1/ 108) (1) كتاب الإيمان (48) باب غلظ تحريم الغلول وأنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون - رقم (183).

الشهادَةُ يا رسول الله، قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلا والذي نفسُ محمد بيدِهِ، إن الشَّمْلَةَ لتلتَهِبُ عليه نارًا أخذها من الغنائِمِ يوم خيْبَر لم تُصِبْهَا المقاسِمُ" قال: ففزعَ الناس، فجاء رجل بِشِرَاكٍ أو شِراكَيْنِ فقال: يا رسُولَ الله أصبتُ يوم خيبَرَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "شراكٌ من نارٍ أو شراكَانِ من نارٍ". اسم الغلام: مِدْعَمٌ. وعنه (¬1) قال: فبينا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2) فذكَرَ الغُلُول فعظَّمَهُ وعظَّمَ أمْرَهُ ثم قال: "لا أُلْفِيَنَّ أحَدَكُمْ يَجِيءُ يومَ القيامةِ على رقبتِهِ بعيرٌ له رُغَاءٌ (¬3) يقولُ: يا رسول الله أغثنِي فأقولُ: لا أملِكُ لَكَ شيئًا قد أبلغتُكَ، لا ألْفِيَن أحَدَكُمْ يَجِيءُ يومَ القيامَةِ على رقبتِهِ فرسٌ لهُ حمحمةٌ (¬4) فيقولُ: يا رسول الله! أغثنِي، فأقولُ: لا أملكُ لَكَ شيئًا قد أبلغتُكَ، لا أُلْفِيَنَّ أحَدَكُمْ يجيءُ يوم القيامةِ على رقبتِهِ شاةٌ لها ثُغَاءٌ (¬5) يقولُ: يا رسول الله! أغثنِي، فأقول: لا أملِكُ لَكَ شيئًا قد أبلغتُكَ، لا أُلْفِيَنَّ أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبتِهِ لَفْسٌ لها صياحٌ (¬6) فيقول: يا رسول الله! أغثنِى، فأقول: لا أملك لك شيئًا قد أبلغتك، لا أُلفِيَنَّ أحدَكم يجيء يوم القيامةِ على رقبته رقاعٌ (¬7) تخفِق، فيقولُ: يا رسُول الله! أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئًا قد أبلغتُكَ، لا أُلْفِيَنَّ أحدَكم يجئُ (¬8) يوم القيامةِ على رقبته صامِتٌ (¬9)، فيقول: يا رسول الله! أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئًا قد أبلغتُكَ". ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1461) (33) كتاب الإمارة (6) باب غلظ تحريم الغلول - رقم (24). (¬2) مسلم: (فبينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم). (¬3) رغاء: هو صوت البعير. (¬4) حمحمة: هي صوت، الفرس دون الصهيل. (¬5) ثغاء: هو صوت الشاة. (¬6) صياح: هو صوت الإِنسان. (¬7) رقاع: هي الثياب. (¬8) (ف): يجيء أحدكم. (¬9) صامت: هو المال: الذهب والفضة.

البخاري (¬1)، عن ابن عمر أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جَعَلَ للفرَسِ سهمين ولصاحِبِهِ سهمًا. أبو داود (¬2)، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسْهَمَ لرجل ولفرسه، ثلاثة أسهم، سهمًا له ولفرسه سهمين (¬3). مسلم (¬4)، عن أبي موسى الأشعري، وذكر هجرته وقدومه مع جعفر من أرض الحبشة، قال: فَوَافَقْنَا رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حين افتَتَحَ خيبرَ، فأسْهَمَ لَنَا، أو قال: أعطَانَا منها وما قَسَمَ لأحَدٍ غَابَ عن فتحِ خيبر منها شيئًا، إلا لِمَنْ شَهِدَ معه إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفرٍ وأصحابه قسم لهم معهم. وذكر في هذا الحديث، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -لله عليه وسلم - قال: "لكم (¬5) أهل السفينة هجرتَانِ". البخاري (¬6)، عن ابن عمر وذكر تغيُّبَ عثمان عن بدرٍ قال: كانت تحتهُ بنتُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت مريضةً فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لَكَ أجر رجُل ممن شهدَ بدرًا وسهمَهُ". مسلم (¬7)، عن يزيد بن هرمز، عن ابن عباس أنه كتب إلى نجدة بن عامر الحروري: كتبتَ تسلني (¬8) هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزُو ¬

_ (¬1) البخاري: (6/ 79) (56) كتاب الجهاد والسير (51) باب سهام الفرس - رقم (2863). (¬2) أبو داود: (3/ 172 - 173) (9) كتاب الجهاد (154) باب في سهمان الخيل - رقم (2733). (¬3) أبو داود: (وسهمين لفرسه). (¬4) مسلم: (4/ 1946) (44) كتاب فضائل الصحابة (41) باب من فضائل جعفر بن أبي طالب - رقم (169). (¬5) مسلم: (لكم أنتم). (¬6) البخاري: (6/ 271) (57) كتاب فرض الخمس (14) باب إذا بعث الإِمام رسولًا في حاجة أو أمره بالمقام، هل يسهم له - رقم (3130). (¬7) مسلم: (3/ 1444) (32) كتاب الجهاد والسير (48) باب النساء الغازيات يرضخ لهن ولا يسهم - رقم (137). (¬8) مسلم: (تسألني)، وكذا (ف).

بالنساء؟ وقد كان يغزُو بهنَّ، فيُداوين الجرحى ويُحْذَيْنَ من الغنيمةِ، وأمَّا بسهم فلم يضربْ لهُن وإن رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يقتُلُ الصبيَانَ، فلا تقتُلِ الصبْيَانَ، وكتبتَ تسلني (¬1) متى ينقضي يُتْمُ اليَتيم؟، فلعمري إن الرَّجل لتنبُتُ لحيتُهُ وإنهُ لضعيفُ الأخذ بنفسهِ، ضعيفُ العطاءِ منها، فإذا أخذ لِنَفْسِهِ من صالح ما يأخُذُه (¬2) الناس، فقد ذهب عنه اليُتمُ، وكتبت تسلني عن الخمس لمن هو؟ وإنا نقولُ: هو لنا، فأبى ذلك علينا قومنا (¬3). وفي أخرى (¬4)، وسألتَ عن المرأةِ والعَبْدِ هل كان لهما سهمٌ معلوم؟ بمثل ما قال في المرأة. الترمذي (¬5)، عن عمير مولى آبي اللحم قال: شهدتُ خَيْبَرَ مع ساداتِي (¬6) فكلَّمُوا فيَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكَلَّمُوهُ أنَي مملوكٌ، فأمرني فقُلِّدْتُ السيف فإذا أنا أجُرُّهُ فأمر لِي بشيء من خُرْتِيِّ المَتَاعِ (¬7). قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ. مسلم (¬8)، عن عبد الله بن مغفل قال: أصبتُ جِرَابًا من شحْمٍ يوم خيبرَ قال: فالتزمتُهُ فقلتُ: لا أُعْطِي اليومَ أحدًا من هذا شيئًا، فالتفتُّ فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُتَبَسِّمًا. البخاري (¬9)، عن ابن عمر قال: كنَّا نُصِيبُ في مغازينا العَسَلَ والعِنَبَ ¬

_ (¬1) مسلم: تسألني وكذا (ف). (¬2) مسلم: (ما يأخذ) وكذا (ف). (¬3) مسلم: (فأبى علينا قومنا ذاك). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (140). (¬5) الترمذي: (4/ 107) (22) كتاب السير (9) باب هل يسهم للعبد - رقم (1557). (¬6) الترمذي: سادتي. (¬7) خرتي المتاع: أي رديئه. (¬8) مسلم: (3/ 1393) (32) كتاب الجهاد والسير (25) باب جواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب - رقم (72). (¬9) البخاري (6/ 294) (57) كتاب فرض الخمس (20) باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب - =

فنأكُلُهُ ولا نرفَعُهُ. أبو داود (¬1)، عن محمد بن أبي مجالد، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قلتُ: هل كنتم تخمسون -الطعام- في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أصبنا طعامًا يوم خيبر فكان الرجلُ يجيءُ فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينصرف. مسلم (¬2)، عن رافع بن خديج قال: كُنَّا مع رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بذِي الحُليفَةِ من تِهَامةَ، فأصبنا غنمًا وإبلًا فعجل القومُ فأغلوا بها القدور فأمر بها فكُفِئَتْ ثم عَدَلَ عشرًا من الغنم بجزورٍ. وعن أبي هريرة (¬3)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إيُّمَا قريةٍ أتيتُموها، وأقمتُمْ فيها فسهْمُكُمْ- فيها، وأيُّما قريةٍ عصتِ اللهَ ورسولَهُ فإن خُمُسَهَا للهِ ولرسولهِ ثم هِيَ لَكُمْ". البخاري (¬4)، عن أسلمَ مولى عمر قال: قال عمر: لولا آخِرُ المسلمين ما فُتِحت قرية إلا قسمتُها بين أهلها (¬5)، كما قسمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبرَ. زاد النسائي، سهْمانا. ¬

_ = رقم (3154). (¬1) أبو داود: (3/ 151) (9) كتاب الجهاد، (138) باب في النهي عن النُّهبى إذا كان في الطعام قلة، رقم (2704). (¬2) مسلم: (3/ 1558) (35) كتاب الأضاحى (4) باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم - رقم (21). (¬3) مسلم: (3/ 1376) (32) كتاب الجهاد والسير (15) باب حكم الفئ - رقم (47). (¬4) البخاري (7/ 490) (64) كتاب المغازي (38) غزوة خيبر - رقم (4236). (¬5) (بين أهلها): ليست في البخاري.

أبو داود (¬1)، عن بشير بن يسار مولى الأنصار (¬2)، عن رجل (¬3) من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ظهر على خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهمًا، جمع كلّ سَهْم مائةَ سهم، فكان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وللمسلمين النصف من ذلك وعزل النصف الباقي لمن نزل به من الوفود والأمور ونوائب الناس. وعن ابن عمر (¬4) قال: لما افتتحت خيبر سألت يهودُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُقِرّهُمْ على أن يعملوا على النصف مما خرج منها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نقركم (¬5) فيها على ذلك ما شئنا" فكانوا على ذلك، وكان التمر يقسم على السُّهْمان من نصف خيبر، ويأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخمس، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطعم كل امرأة من أزواجه من الخمس مائة وسق تمرًا، وعشرين وسقًا شعيرًا، وذكر الحديث. وقد ذكره مسلم (¬6) , إلا الخمس في الموضعين، وقسمته التمر على السهمان، فإنه لم يذكره. وذكر أبو داود (¬7) أيضًا، عن عمر قال: كانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاث صفايا: بنو النضير، وخيبر، وفَدَك، فأما بنو النضير: فإنها كانت حُبُسًا لنوائبهِ، وأما فدك: فكانت حبسًا لأبناء السبيل، وأما خيبر: فجزأها ¬

_ (¬1) أبو داود: (3/ 412) (14) كتاب الخراج والإمارة والفيء (24) باب ما جاء في حكم أرض خيبر - رقم (3012). (¬2) د: (الأنصاري). (¬3) أبو داود: رجال (¬4) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (3008). (¬5) أبو داود: (أقركم). (¬6) مسلم: (118713) (22) كتاب المساقاة (1) باب المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع - رقم (6). (¬7) أبو داود: (3/ 375) (14) كتاب الخراج والإمارة رقم (2967).

رسول الله - صلى الله عليهْ وسلم - ثلاثة أجزاء: جزأين بين المسلمين، وجزءًا أنفقه لأهله، فما فَضَلَ عن نفقةِ أهلهِ جعلهُ بين الفقراء المهاجرين. مسلم (¬1)، عن عبد الرحمن بن عوف أنَّهُ قال: بينا أنا واقِفٌ في الصَّفِّ يوم بدر، إذ (¬2) نظرت عن (¬3) يميني وشِمَالي فإذا أنا بين غُلامينِ من الأنصارِ، حديثةٍ أسنانُهُما تمنيتُ لو كنتُ بين أضلَع مِنْهُمَا، فغمزَني أحدُهُما فقال: يا عمِّ! هل تعرِفُ أبا جهل قال: قلتُ: نعم، وما حاجَتُكَ إليهِ يا ابن أخي؟ قال: أُخْبِرْتُ أنَّهُ يسبُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - والذي نفسي بيدِهِ لَئِنْ رأيتُهُ لا يُفَارِقُ سوادِى سوادَهُ حتى يموتَ الأعْجَلُ مِنَّا، قال: فتعجَّبْتُ لذلك، قال: فغمزني الآخر فقال مثلها، فلم أنْشَبْ أن نظرتُ إلى أبي جهل يزُولُ في النًاسِ فقلتُ: ألا تريَانِ؟ هذا صاحِبُكُمَا الذي تسألانِ عَنْهُ، قال: فابتدَرَاهُ فضربَاهُ بسيفيهما، حتى قَتَلاهُ، ثم انصرفا إلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخْبَرَاهُ فقال: "إيُّكما قَتَلَهُ؟ " فقال كلّ واحدٍ منهما: أنا قتلتهُ (¬4)، فقال: "هل مسحتُما سيفيكُمَا؟ " قالا: لا، فنظر في السيفَيْنِ فقال: "كِلاكُمَا قَتَلَهُ" وقضى بسَلَبِهِ لِمُعاذِ بن عمرو بن الجموح (والرجلان: معاذ بن عمرو ابن الجموح ومعاذُ بن عفراء). وعن عوف بن مالك (¬5)، قال: قتل رجلٌ من حِمْيَرَ رجُلًا من العدو، فأرَادَ سَلَبَهُ، فمنَعَهُ خالد بن الوليد وكان واليًا عليهم، فأتى رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عوفُ بن مالكٍ فأخبرَهُ، فقال لخالد: "ما منعك أن تُعْطِيَهُ سَلَبَهُ؟ " ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1372) (32) كتاب الجهاد والسير (13) باب استحقاق القاتل سلب القتيل - رقم (42). (¬2) (إذ): ليست في مسلم. (¬3) (ف): (عيني). (¬4) مسلم: (قتلت). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (43).

قال: استكثرتُهُ يا رسُولَ الله، قال: "ادفعه إليه" فمرَّ خالدٌ بعوفٍ فجرَّ بردائِهِ ثم قال: هل أنجزتُ لك ما ذكرتُ لَكَ من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فسمِعَهُ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فاستُغْضبَ، فقال: "لا تُعْطِهِ يا خالِدُ (¬1)، هل أنتم تاركو (¬2) لي أُمراتي؟ إنَّما مثلُكُم ومثلُهُم كمثلِ رجُل استُرِعِيَ إِبلًا وغنمًا فرعاها ثم تحيَّنَ سقيَهَا، فأوردها حوضًا، فَشَرَعَتْ (¬3) فشربت صفوَه، وتركتْ، كدرهُ فصفوُهُ لكم وكدرُهُ عليهِم". وفي رواية (¬4) أخرى، قال عوف: فقلت يا خالد: أما علمتَ أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسَّلَب للقاتِلِ؟ قال: بلى ولكنيِّ استكثرتُهُ. أبو داود (¬5)، عن عوف بن مالك وخالد بن الوليد، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب. مسلم (¬6)، عن سلمة بن الأكوع قال: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هَوَازِنَ، فبينا نحن نتضحَّى (¬7) مع رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجلٌ على جملٍ أحمَرَ، فأناخَهُ في انتزَعَ طلقًا من حَقَبهِ فقيد بِهِ الجمل، ثم تقدَّمَ يتغدَّى مع القومِ وجعل ينظرٌ وفينا ضعفةٌ ورِقَّةٌ في الظَّهْرِ، وبعضُنَا مشاةٌ إذ خرج يشتدُّ (¬8) فأتى جملَهُ فأطلق قيدَهُ ثم أناخَهُ وقَعَد عليْهِ فأثَارَهُ فاشتدَّ بِهِ ¬

_ (¬1) هذه الجملة مكررة في مسلم. (¬2) مسلم: (تاركون). (¬3) مسلم: (فشرعت فيه). (¬4) نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (44). (¬5) أبو داود: (3/ 165) (9) كتاب الجهاد (149) باب في السلب لا يخمس - رقم (2721). (¬6) مسلم: (3/ 1374) (32) كتاب الجهاد والسير (13) باب استحقاق القاتل سلب القتيل - رقم (45). (¬7) نتضحى: أي نتغدى. (¬8) يشتد: أي يعدو.

الجملُ فاتَّبعَهُ رجلٌ على ناقةٍ ورقَاءَ. قال سلمةُ: وخرجتُ أشتدُّ فكنت عند وَرِكِ الناقةِ ثم تقدمتُ حتى كنتُ عندْ وَرِكِ الجمل ثم تقدمتُ حتى أخذتُ بِخِطَامِ الجمل فأنختُهُ فلما وَضَعَ ركبته في الأرض، اخترطتُ سَيْفِي فضربتُ رأسَ الرجُلِ فَنَدَرَ (¬1) ثم جئتُ بالجملِ أقودُهُ، عليه رَحْلُهُ وسِلاَحُهُ فاستقبلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والنَّاسُ مَعَهُ فقال: "من قتل الرجل؟ " فقالوا: ابن الأكوعِ قال: "لَهُ سَلَبُهُ أجْمَعُ". وعن أبي قتادة (¬2)، قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حُنينِ، فلما التقينَا كانت للمسلمين جولةٌ، قال: فرأيت رجُلًا من المشركين قد علا رجُلًا من المسلمينَ فاستدرتُ إليه حتى أتيتُهُ من ورائِهِ، فضربتُهُ على حَبْلِ عاتِقِهِ وأقبَل عليَّ فضمَّني ضمةً وجدتُ منها ريح الموتِ، ثم أدركَهُ الموتُ، فأرسلَني فلحقتُ عمر بن الخطاب فقال: ما للناس؟، فقلتُ: أمرُ اللهِ، ثمَّ إنَّ الناسَ رجعُوا، وجَلَسَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "من قتل قتيلًا، لَهُ عليه بَيَنةٌ فله سَلَبُهُ" قال: فقمتُ فقلت: من يشهدُ لي؟، ثم جلستُ، ثم قال مثل ذلك، قال: فقمتُ فقلتُ: من يشهد لي؟، ثم جلستُ، ثم قال ذلك الثالثةَ. فقمتُ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مالك؟ يا أبا قتادَةَ" فقصصُت عليه القصَّةَ، فقال رجل من القوم: صَدَقَ يا رسول الله و (¬3) سلب ذلك القتيل عندي، فأرضِهِ من حقِّهِ، فقال أبو بكر: لاهَا الله إذًا لا يعمِدُ إلى أسدٍ من أُسْدِ الله، يُقاتِلُ عن الله وعن (¬4) ¬

_ (¬1) فندر: أي سقط. (¬2) مسلم: (3/ 1370) (32) كتاب الجهاد والسير (13) باب استحقاق القاتل سلب القتيل - رقم (41). (¬3) (و): ليست في مسلم، وكذا (ف). (¬4) (عن) ليست في (د).

رسُولِهِ فيُعطيك سَلَبَهُ، فقال رسول الله (¬1) - صلى الله عليه وسلم -: "صدق فأعطهِ إيّاه" فأعطانِي إياه (¬2) فبعتُ الدِّرع فابتعتُ به مَخرَفًا (¬3) في بني سلمةَ فإنَّه لَأوَّلُ مالٍ تأثَّلْتُهُ في الإِسلام. أبو داود (¬4)، عن أنس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يومئذ- يعني يوم حنين-: "من قتل كافرًا فله سَلبه" فقتل أبو طلحة يومئذٍ عشرين رجلًا وأخذ أسْلابَهُمْ. وعن ابن عمر (¬5)، قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جيش قِبلَ نجد، وانْبَعثتْ سرية من الجيش، فكان سُهْمَان الجيش اثنا عشر بعيرًا اثنا عشر بعيرًا، ونُفِّل أهل السرية بعيرًا بعيرًا، فكانت سُهْمانهُم ثلاثة عشر، ثلاثة عشر. زاد في أخرى (¬6)، بعد الخمس. وفي أخرى (¬7)، فلم يغره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذكر أن أمير السرية نفلهم. مسلم (¬8)، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُنَفِّلُ بعضَ من يبعث من السَّرايَا لِأنْفُسِهِمْ خاصَّةً، سِوَى قَسْمِ عَامَّةِ الجيشِ، ¬

_ (¬1) هنا انتهى السقط الكبير الذي كان في الأصل. (¬2) (إياه): ليست في مسلم، وكذا في (ف). (¬3) المخرف: البستان. (¬4) أبو داود: (3/ 162) (9) كتاب الجهاد (147) باب في السلب يعطى للقاتل - رقم (2718). (¬5) أبو داود: (3/ 177 - 178) (19) كتاب الجهاد (157) باب في نفل السرية تخرج من العسكر - رقم (2741). (¬6) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2743). (¬7) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2744). (¬8) مسلم: (3/ 1369) (32) كتاب الجهاد (12) باب الأنفال - رقم (40).

والخمُس في ذلِكَ كُلهِ واجِبٌ (¬1). أبو داود (¬2)، عن حبيب بن مسلمة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُنَفِّلُ الربع بعد الخمس، والثلث بعد الخمس، إذا قَفَلَ (¬3). وعن أبي الجويرية الجَرْسي (¬4)، قال: أصبت بأرض الروم جَرَّةً حمراء، فيها دنانير في إِمْرَةِ معاوية وعلينا يومئذٍ رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من بني سُليم يقال لَهُ: معْنُ بن يزيد، فأتيتُهُ بها، فقسّمها بين المسلمين فأعطاني منها مثل ما أعطى رجلًا منهم، ثم قال: لولا أني سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا نَفَلَ إلا بعد الخمس" لأعطيتك ثم أخذ يعرض عليَّ من نصِيبه فأبيت. وعن جبير بن مطعم (¬5)، قال: لما كان يوم خيبر وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهم ذي القربي في بني هاشم، وبنى المطلب، وترك بني نَوْفَلٍ، وبني عبد شمس، فانطلقتُ أنا وعثمان بن عفان حتى أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلنا: يا رسول الله! هؤلاء بنو هاشم، لا نُنْكِرُ فضلهم للموضع الذي وضعك الله به منهم، فما بال إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا، وقرابتنا واحدة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّا وبَنُو المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام، وإنما نحن وهم شيءٌ واحدٌ" وشبَّك بين أصابعه. ¬

_ (¬1) مسلم: (في ذلك واجب كله). (¬2) أبو داود: (3/ 182) (9) كتاب الجهاد (158) باب فيمن قال الخمس قبل النقل - رقم (2749). (¬3) قفل: رجع من الغزو. (¬4) أبو داود: (3/ 187) (9) كتاب الجهاد (160) باب في النفل من الذهب والفضة ومن أول مغنم - رقم (2753). (¬5) أبو داود: (3/ 383) (14) كتاب الخراج والإمارة والفيء (20) باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى - رقم (2980).

زاد البخاري (¬1)، قال ابن إسحق: وعبدُ شمسِ وهاشمٌ والمطَّلبُ إخوةٌ لِأمٍّ، أُمُّهُم عاتكَةُ بنتُ مُرَّةَ. وكان نوفَلٌ أخاهم لأبيهم. أبو داود (¬2)، عن علي بن أبي طالب، قال: ولَّاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خُمُسَ الخمس، فوضعتُه مَواضعهُ حياةَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وحياة أبي بكر، وحياة عمر، فأتى بمال، فدعاني، فقال: خذه، فقلتُ: لا أريدُهُ، قال: خذه فأنتم أحق به، قلت: قد استغنينا عنه فجعلهُ في بيت المال. وذكر ابن أبي خيثمة، عن عبد الله بن بريدة، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بعث عليًا إلى خالد ليقسم بينهم الخمس فاصطفى علىٌّ منها سبية فأصبح يقطر رأسه فقال خالد لبريدة: ألا ترى ما صنع هذا الرجل؟ قال بريدة: وكنتُ أبغض عليًا فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما أخبرته قال: "أتبغض عليًا" قلت: نعم قال: "فأحبه فإن له في الخمس أكثر من ذلك". خرّجه البخاري (¬3)، وهذا أبين والإِسناد صحيح. أبو داود (¬4)، عن عمرو بن عبسة، قال: صلَّى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بعير من المغنم، فلما سلَّما أخذ وَبَرَةً من جَنْبِ البعير، قال: "ولا يَحِل لي من غنائِمِكم مثلُ هذا، إلا الخمس، والخمس مردودة فيكم". ¬

_ (¬1) البخاري: (6/ 281) (57) كتاب فرض الخمس (17) باب ومن الدليل على أن الخمس للإمام - رقم (3140). (¬2) أبو داود: (3/ 384) (14) كتاب الخراج والإمارة والفيء (20) باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى - رقم (2983). (¬3) البخاري: (7/ 664) (64) كتاب المغازي (61) باب بعث علي بن أبي طالب عليه السلام وخالد ابن الوليد إلى اليمن - رقم (4350). (¬4) أبو داود: (3/ 188) (9) كتاب الجهاد (161) باب في الإِمام يستأثر بشيء من الفئ لنفسه - رقم (2755).

البخاري (¬1) عن مروان بن الحكم، والمسوَر بن مخرمة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (¬2) حين جاءَهُ وفد هوازِن مسلمينَ، فسألوه أن يَرُدَّ إليهم أموالهم وسبيَهُم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أحبُّ الحديث إليَّ أصْدَقُهُ فَاختَاروا إحدى الطائفتينِ: إما السَّبيَ وإمَّا المالَ. وقد كنتُ استأنيتُ بهم" - وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتظر آخرهم (¬3) بضع عشرة ليلة حين قَفَلَ من الطَّائِفِ - فلمَّا تبيَّنَ لهم أنَّ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - غيرُ رادٍّ إليهم إلا إحْدَى الطَّائِفتين، قالوا: فإنا نختارُ سبْيَنَا، فَقَامَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسلمين فأثنى على الله بما هُو أهْلُهُ ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ فإنَّ إخوانَكُم هؤلاء جَاءونَا تَائِبينَ، وإنِّي قد رأيتُ أن أرُد إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فمن أحَبَّ مِنْكُم أنْ يُطيبَ ذلك فَلْيَفْعَلْ، ومن أحبَّ مِنْكُم أن يكون على حَظِّه حتى نُعْطِيهُ إيَّاهُ من أول ما يفئ الله علينا فليفعل. فقال الناس: قد طيّبنا ذلك لِرَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنا لا ندري من أذِنَ منكم في ذلك ممن لم يَأذَنْ، فارجِعوُا حتى يرفَعُوا إلينا عُرفَاؤكم أمرَكم" فَرَجَعَ الناس، فكلَّمَهُمَ عُرفاؤهم، ثم رَجَعوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَأخْبَروهُ أنهُمْ قد طيبوا وأذِنُوا. مسلم (¬4)، عن سعد بن أبي وقاص، قال: أعْطى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رهطًا وأنا جالس فيهم، فترَكَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - منهم (¬5) من لم يُعطِهِ، وهو أعْجَبهُم إليَّ (¬6)، فقمت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) البخاري: (4/ 564 - 565) (40) كتاب الوكالة (7) باب إذا وهب شيئًا لوكيل أو شفيع قوم جاز - رقم (2307، 2308). (¬2) في البخاري: (قام). (¬3) في البخاري: (انتظرهم). (¬4) مسلم: (2/ 732 - 733) (12) كتاب الزكاة (45) باب إعطاء من يخاف على إيمانه - رقم (131). (¬5) في مسلم: (رجلًا لم يعطه). (¬6) أعجبهم إلي: أي أفضلهم عندي.

فسارَرْتُهُ فقلتُ: يا رسول الله! مالك عن فُلاَنٍ؟ فو الله! إني لأرَاهُ مؤمنًا. قال: "أو مسلمًا؟ " فسكت قليلا ثم غلبني ما أعلم منه فقلت يا رسول الله! مالك عن فلانٍ فوالله إني لأراه مؤمنا، قال: "أو مسلمًا" قال: "إني لأعطي الرجُلَ وغيرُهُ أحبُ إليَّ مِنْهُ خشيةَ أن يُكَبَّ (¬1) في النَّارِ على وجهِهِ". وعن أنس بن مالك (¬2)، أن نَاسًا من الَأنصار قالُوا، يومَ حُنَيْن، حين أفاءَ اللهُ على رسُولِهِ من أمْوالِ هَوَازِنَ ما أفَاءَ. فَطَفِقَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِي رجالًا من قريشٍ، المِائَةَ من الِإبل فقالوا: يَغْفِرُ الله لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يعطي قريشًا ويَترُكُنَا وسُيُوفُنَا تقطُرُ من دمَائِهم. قال أنس بن مالك: فحُدِّث ذلك رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من قولهم، فأرْسَلَ إلى الَأنصارِ فَجمعهم في قُبَّةِ من أدَمٍ، فلما اجتَمعُوا جَاءَهُمْ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما حديثٌ بلغني عَنْكُمْ؟ " فقال لَهُ فُقَهَاءُ الَأنْصَار: أمَّا ذَوُو رأينا، يا رَسُولَ الله! فلم يقُولُوا شيْئًا. وأمَّا أُنَاسٌ (¬3) حديثةٌ أسْنَانُهمْ، قالُوا: يغفرُ الله لِرَسوله. يعطي قريشًا ويترُكُنَا، وسيوفُنَا تقطر من دمائهم! فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنيَ أعْطِي رجالًا حديثى عهدٍ بكُفْرٍ. أتألَّفُهُم (¬4). أفلا ترضون أن يذهبَ الناس بالأموال. وترجعون إلى رحالكم برسول الله؟ فو الله! لَمَا تنقلبُونَ بهِ خيرٌ مما ينقلبُونَ بِهِ" فقالوا: بلى. يا رسُولَ اللهِ! قد رضينا. قال: "فإنكم سَتَجِدُونَ أُثْرَةً شديدةً فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله. فإنيِّ على الحوضِ" قالوا: سنصبِرُ. وفي بعض طرق هذا الحديث (¬5)، عن عبد الله بن زيد، أن النبي ¬

_ (¬1) (ف): (يكبه). (¬2) مسلم: (2/ 733 - 734) (12) كتاب الزكاة (46) باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام وتصبر من قوى إيمانه - رقم (132). (¬3) في مسلم: (وأما أناس منَّا حديثة). (¬4) أتألفهم: أي أستميل قلوبهم بالإحسان ليثبتوا على الإِسلام. (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (139).

- صلى الله عليه وسلم - قال إذ جمعهم: "يا معشر الأنصارِ! ألم أجدكم ضُلاَّلًا، فهداكُمُ الله بِي؟ وعالةً، فأغناكُمُ الله بي؟ ومتفرِّقِينَ فجمعكم الله بي؟ " ويقُولُونَ: اللهُ ورسُولُهُ أمَنُّ. فقال: "ألا تُجيبُونِي؟ "فقالُوا: اللهُ ورسُولُهُ أمَنُّ. فقال: "أمَا إنّكُمْ لو شِئْتُمْ أن تقُولُوا كَذَا وكَذَا. وكان من الأمْر كَذَا وكَذَا "لِأشياءَ عدَّدَهَا -زعم عمروُ بن يحيى أنْ لاَ يَحْفَظُها- فقال: "ألا تَرْضَوْنَ أن يَذْهَبَ النَّاسُ بالشَّاءِ والِإبِل، وتذهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ إِلىَ رِحَالِكُمْ؟ الأنْصَارُ شِعَارٌ والنَّاسُ دِثَارٌ، ولولا الهجرَةُ لكنت امْرَأً مِنَ الَأنْصَارِ". وفي طريق آخر (¬1)، "ولو سلك النَّاسُ وادِيًا، وسلكَتِ الأنصارُ شعبًا، لسلكتُ شعب الأنصار". وعن أبي سعيد الخدري في هذا الحديث قال: "ألا تجيبون يا معشر الأنصار" قالوا: بماذا نجيب يا رسول الله، ولله ولرسوله المنّ والفضل، فقال: "أما والله، لو شئتم لقلتم ولصدقتم ولقلتم: أتيتنا مكذَّبًا فصدقناك، وطريدًا فآويناك، ومخذولًا فنصرناك، وعائلًا فأغنيناك" وقال في آخر الحديث: فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا: رضينا برسول الله قسما وحظا. ذكر هذا الحديث ابنُ إسحاق وسفيان بن عيينة وغيرهما، وهى الأشياء التي لم يذكرها مسلمُ بن الحجاج، والله أعلم. البخاري (¬2) عن عمرو بن تغلب، قال: أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - قومًا ومنع قومًا (¬3) آخرين، وكأنهم عتبوا عليهم، فقال: "إني أعطي قومًا ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (133). (¬2) البخاري: (6/ 288) (57) كتاب فرض الخمس (19) باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم - رقم (3145). (¬3) (قومًا): ليست في البخاري.

أخاف ظَلَعَهُمْ وجَزَعَهُم وأكِلُ قومًا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير (¬1) منهم عمرو بن تغلب" قال عمرو بن تغلب (¬2): ما أحب أن لي بكلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُمُر النَّعم. البخاري (¬3)، عن المسور بن مخرمة قال: قَدِمَتْ على النبي - صلى الله عليه وسلم - أقْبِيةٌ، فقال (¬4) أبي مخرَمَةُ: انطلق بِنَا إليه عسى أن يُعْطينا (¬5) منها شيئًا، فقامَ أبي على البابِ فتكلَّمَ، فعَرَفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - صوتَهُ، فخرج النبي - صلى الله عليه ولكل وَمَعَهُ قَباءٌ وهو يُريه محاسنه ويقول: "خبأتُ هذا لكَ، خبأت هذا لك". زاد في طريق أخرى (¬6)، وكان في خُلُقِه شيء. أبو داود (¬7)، عن عوف بن مالك، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أتاهُ الفيء قَسَمَهُ من يومه، فأعطى الآهِلَ حظَّين، وأعطى الأعزب حظًا، فدُعِينا وكنت أُدعى قبل عمّار، فدُعيت فأعطاني حظين، وكان لي أهل، ثم دعي بعدُ عمار بن ياسر فأُعطي حظًا واحدًا. أبو داود (¬8)، عن عمرو بن حريث، قال: خطَّ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دارًا بالمدينةِ لقوس وقال: "أزيدك، أزيدُكَ" (¬9). ¬

_ (¬1) البخاري: الخير والغنى. (¬2) (قال عمرو بن تغلب): ساقطة من (ف). (¬3) البخاري: (5/ 313) (52) كتاب الشهادات (11) باب شهادة الأعمى - رقم (2657). (¬4) البخاري: (فقال لي أبي). (¬5) (ف): (عسى يعطينا). (¬6) البخاري: (6/ 216) (57) كتاب فرص الخمس (11) باب قسمة الإِمام ما يقدم عليه - رقم (3127). (¬7) أبو داود: (3/ 359) (14) -كتاب الخراج والإمارة والفيء (14) باب في قسم الفيء - رقم (2953). (¬8) أبو داود. (3/ 443) (14) كتاب الخراج والإمارة والفيء (36) باب في إقطاع الأرضين - رقم (3060). (¬9) أي أعطيك وأمنحك.

باب في الصلح والجزية

وعن وائِل بن حُجْر (¬1)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أقطعه أرضًا بحضرموت. وعن ابن عمر (¬2)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أقطعَ الزبير حُضْرَ فَرَسِهِ (¬3) فأجرى فرسه حتى قام، ثم رمى بسوطه، فقال: "أعطوهُ من حيث بلغ السوط". باب في الصلح والجزية البخاري (¬4)، عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم، قالا: "خرج رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ حتى إذا كانوا ببعضِ الطرَّيقِ (¬5)، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَ خالد بن الوليد بالغَميمِ، في خيل لِقُريش طَلِيعةً، فخُذُوا ذاتَ اليَمينِ"، فواللهِ ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بِقَتَرَةِ (¬6) الجيش، فانطلق يركُضُ نذيرًا لِقُريْشٍ، وسارَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا كان بالثنِيَّةِ التي يُهْبِطُ عليهم (¬7) منها، بَرَكَتْ به راحِلتُهُ. فقالَ الناسُ: حَلْ حَلْ. فألحَّتْ (¬8). فقالوا: خَلأتِ القَصْواءُ. خلأت القصواء (¬9)، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما خَلأَتِ القَصواءُ وما ذاكَ لها بِخُلُقٍ، ولكن حَبَسَهَا ¬

_ (¬1) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (3058). (¬2) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (3072). (¬3) أراد قدر ما تعدو عدوة واحدة. (¬4) البخاري: (5/ 388) (54) كتاب الشروط (15) باب الشروط في الجهاد - رقم (2731). (¬5) في الأصل: الطرق. (¬6) القترة: الغبار الأسود. (¬7) عليهم: ليست في الأصل. (¬8) (حَلْ حَلْ): كلمة تقال للبعير إذا تركت المسير، ومعنى (فألحت) أي تمادت على عدم القيام، وهو من الإلحاح. (¬9) (خلأت القصواء): لم تكرر في البخاري.

ْحَابسُ الفيلِ (¬1) "، ثم قال: "والذي نفسي بيدهِ، لا يسألوني (¬2) خُطَةً يُعَظِّمُونَ فيها حُرُماتِ الله إلا أعطيتهم إياها". ثم زَجَرَهَا فوَثبَتْ. قال: فَعَدَل عنهم حتى نزل بأقْصى الحُدَيبيَةِ على ثَمَدٍ (¬3) قليل الماءِ يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرضًا (¬4) فلم يلبث (¬5) الناس حتى نَزَحُوهُ، وشُكِيَ إلى رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - العَطشُ، فانتَزَعَ سهمًا من كِنانَتهِ ثم أمَرَهُم أن يجعلوهُ فيها (¬6)، فواللهِ ما زالَ يَجِيشُ لهم بالرَّيِّ حتى صدروا عنه (¬7) , فبينما هم كذلك، إذْ جاءهم (¬8) بُدَيْلُ ابن وَرْقاءَ الخُزاعِيُّ في نفرٍ من قومِهِ من خُزاعَةَ- وكانوا عَيْبَةَ (¬9) نُصْح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل تِهَامَةَ - فقال: إنيِّ تركتُ كعب بن لُؤَي وعامر بن لؤي نزلوا أعدادَ (¬10) ميِاهِ الحديبيةِ معهم العُوذُ المطَافِيلُ (¬11) وهم مُقاتلِوكَ وصادُّوك عن البيتِ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَا لم نجئ لِقِتال أحدٍ، ولكنَّا جِئنا مُعتمرين، وإِنَّ قريشًا قد نهِكَتْهُمُ الحربُ وأضرَّت بهم، فإن شاءُوا مادَدْتهم مُدَّةً ويُخلّوا بيني وبين الناسِ (¬12)، فإن أظهر إن شاءُوا أن يدخلوا فيما دخل فيه النَّاسُ فَعَلوا، وإلا فقد جَمُّوا (¬13). وإن هم ¬

_ (¬1) أي حبسها الله -عَزَّ وَجَلَّ- عن دخول مكة حبس الفيل عن دخولها. (¬2) في البخاري: (لا يسألونني)، والخطة: الخصلة. (¬3) (ثمد) يعني خُفيرة فيها ماء مثمود أي قليل. (¬4) التربض: هو الأخذ قليلًا قليلًا. (¬5) في البخاري: (فلم يلبثهُ). (¬6) في البخاري: (فيه). (¬7) (صدروا عنه) أي رجعوا. (¬8) في البخاري: (جاء). (¬9) (العيبة): ما توضع فيه الثياب لحفظها، أي أنهم موضع النصح له والأمانة على سره. (¬10) (الأعداد): جمع عدٍّ وهو الماء الذي لا انقطاع له. (¬11) (العوذ المطافيل): العوذ: جمع عائذ، وهي الناقة ذات اللبن، والمطافيل الأمهات اللاتي معها أطفالها، يريد أنهم خرجوا معهم بذوات الألبان من الإبل ليتزودوا بألبانها ولا ورجحوا حتى يمنعوه، أو كنى بذلك عن النساء معهن الأطفال، والمراد أنهم خرجوا معهم بنسائهم وأولادهم لإرادة طول المقام وليكون أدعى إلى عدم الفرار. (¬12) د: (البيت). (¬13) (جمُّوا): أي قووا.

أبوا فوالذي نفسي بيدِهِ لأقاتلنهم على أمْري هذا حتى تَنْفَردَ سالِفَتي، وليُنفِذَنَّ اللهُ أمْرَهُ" فقال بُدَيْلْ: سأبلغُهُم ما تقولُ. فانطَلَقَ حتى أتى قُريشًا قال: إِنَّا قد (¬1) جِئْناكم مِن هذا الرَّجُل، وسمعناهُ يقولُ قولًا فإن شِئْتُم أنْ نَعْرِضَهُ عليكُمْ فعَلْنا. فقال سُفَهاؤهُم: لا حاجَةَ لَنَا أنْ تُخْبِرنا (¬2) عنه بشيءٍ. وقالَ ذوو الرَّأي منهم: هاتِ ما سَمِعْتَهُ يقولُ. قال: سمِعْتُهُ يقولُ: كذا وكذا. فَحَدَّثَهُم بما قال النبر - صلى الله عليه وسلم -. فقام عُرْوةُ بن مسعودٍ فقال: أي قَوْمِ، ألسْتُم بالوالِدِ؟ قالوا: بلى. قال: أو لَسْتُ بالوَلَدِ؟ قالوا: بلى. قال: هل تتهموني؟ قالوا: لا. قال: ألستُم تعلمون أني استنفرت أهلَ عُكاظَ، فلمّا بَلَّحُوا (¬3) على جئتُكُم بأهلى وولدي ومَن أطاعني؟ قالوا: بلى. قال: فإنَ هذا قد عَرَضَ عليكم خُطَّةَ رُشْدٍ اقبلوها ودعوني آتهِ. قالوا: ائتِهِ. فأتاه فجعل يُكَلِّم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوًا من قولهِ لبُديل. فقالَ عُرْوَةُ عند ذلك: أي مُحمَّدُ، أرايتَ إِنِ استأصَلْتَ أمرَ قومِكَ، هل سَمِعْتَ بأحَدٍ من العَرَبِ اجْتاحَ أهْلَهُ قَبلكَ؟ وإن تَكُن الأخرى، فإنى واللهِ لا أرى وُجوها، وإنيِّ لَأرى أشوابًا (¬4) من الناسِ خَلِيقًا (¬5) أن يفروا عنك (¬6) ويدَعوكُ. فقال له أبو بكرٍ الصديق: امْصُصْ بَظر (¬7) اللاتِ، أنحنُ نَفِرُّ (¬8) ونَدعُهُ؟ فقال: من ذا؟ فقالوا: أبو بكر الصديق (¬9)، فقال: أما والذي نفسي بيد، لولا يَدٌ كانت لك عندي لم أجْزكَ بها لَأجَبْتُكَ. قال: وجعل يُكَلمُ النبي - صلى الله ¬

_ (¬1) (قد): ليست في البخاري وليست في (د). (¬2) في البخاري: (تخبرونا). (¬3) بلحوا: أي امتنعوا، والتبلح: التمنع من الإجابة. (¬4) الأشواب: الأخلاط من أنواع شتى. (¬5) خليقًا: أي حقيقًا وزنًا ومعنى. (¬6) (عنك): ليست في البخاري. (¬7) البظر: قطعة تبقى بعد الختان في فرج المرأة وكانت عادة العرب الشتم بذلك. (¬8) في البخاري: (نفر عنه). (¬9) الصديق: ليست في (د).

عليه وسلم - فكلما تكلم، أخذ (¬1) بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - ومَعَهُ السَّيفُ وعليهِ المِغْفَرُ، فكُلَّما أهْوَى عُرْوةُ بِيدِهِ إِلى لِحْيَةِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ضَرَبَ يَدَهُ بنعْلِ السيفِ وقال (¬2): أخّر يَدَكَ عن لِحْيَةِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رأسَهُ فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرةُ بن شعبة. فقال: أيْ غُدَر، ألستُ أسعى في غَدْرَتِكَ؟ وكان المُغيرَةُ صَحِبَ قومًا في الجاهِليَّةِ فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسْلَمَ. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أمَّا الإِسلام فَأقبَلُ وأما المال فلسْتُ مِنهُ في شيء" (¬3). ثم إِنَّ عُروةَ جعل يَرْمُقُ أصحابَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعينَيْهِ. قال: فواللهِ ما تنخَّمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نُخامَةً إلا وَقَعَت في كفِّ رَجُل مِنهُم فدَلكَ بها وَجْهَهُ وَجِلْدهُ, وإذا أمرهم ابْتَدَرُوا أمْرَه، وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وضوئِهِ، وإذا تكلم خَفَضوا أصْواتَهُما عِنْدَهُ، وما يُحدُّون النظر إليه (¬4) تعظيمًا لَهُ. فرجعَ عُرْوةُ إلى أصحابِهِ فقال: أي قَوْمِ، واللهِ لقد وَفَدتُ على المُلوك، ووَفَدتُ على كسرى وقيصر (¬5) والنجاشيِّ، واللهِ إِنْ رأيتُ مَليكًا قطُّ يُعَظِّمُهُ أصحابُهُ ما يعَظِّمُ أصحابُ مُحمد مُحمَّدًا، واللهِ إِنْ تنخَّمْ نخامةً إلا وَقَعَتْ في كفِّ رَجُل منهُم فَدَلَكَ بها وجههُ وجِلْدَهُ، وإذا أمَرَهم ابتَدَروا أمْرَهُ، وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وضوئِهِ، وإذا تكلم خفضوا أصواتَهُمُ عِنْدَهُ، وما يُحِدُّونَ النظر إليه تعظيمًا له، وإنّهُ قد عَرَضَ عليكم خُطةَ رُشدٍ، فاقبلوها (¬6) , فقال رجل من بني كنانَةَ: دعوتي آتيِهِ، قالوا: ائتِهِ، فلما أشْرَفَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِهِ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا فلانٌ، ¬

_ (¬1) في البخاري: (فكلما تكلم كلمة أحذ). (¬2) في البخاري: (وقال له). (¬3) (د): فلست في شيء منه. (¬4) في البخاري: (إليه النظر). (¬5) في البخاري: (على قيصر وكسرى). (¬6) د: فاقبلوها منه.

وهو من قوم يُعَظِّمونَ البُدْنَ. فابعثوها لَهُ". فبُعِثَتْ لَهُ، واستقبلَهُ الناسُ يُلَبّونَ. فلمَّا رأى ذلِكَ قال: سبحان اللهِ، ما ينبغى لِهؤلاءِ أن يُصَدُّوا عن البيتِ. فلما رَجَعَ إلى أصحابِهِ قال: رأيتُ البُدْنَ قد قُلدَتْ وأشْعِرَتْ، فما أرى أن يُصدُّوا عن البيتِ. فقام رجُلٌ منهم يُقالُ لَهُ مِكْرَزُ بنُ حَفْص فقال: دَعوني آتيهِ. فقالوا: ائتِهِ. فلمَّا أشرف عليهم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هذا مِكْرَز ابن حفص (¬1) وهو رجُلٌ فاجِرٌ". فجعل يُكَلِّمُ النبي - صلى الله عليه وسلم -. فَبَيْنَمَا هو يُكَلمُهُ إذ جاءَ سُهيل بن عمرو، قال عكرمة (¬2): لما جاء سُهيل قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سَهُل لكم من أمركُم". رجع إلى الحديث (¬3). قال: فجاء سُهيل بن عمرٍو فقال: اكتب (¬4) بيننا وبينكُمْ كتابًا. فَدعَا النبي - صلى الله عليه وسلم - الكاتِبَ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اكتب (¬5) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، فقال: سهيلٌ: أمَّا الرحمنُ فواللهِ ما أدْري ما هو، ولكن اكتُبْ باسمك اللهم, كما كُنتَ تكتُبُ، فقال المسلمون: واللهِ لا نكتُبُها إلا "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اكتب باسمِكَ اللهم"، ثم قال: "هذا ما قاضى عليه محمد رسولُ اللهِ"، فقال سهيلٌ: لو كنا (¬6) نعلمُ أنَّكَ رسُول اللهِ ما صَدَدْناكَ عن البيتِ ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "واللهِ إني لَرَسُولُ الله وإن كذَّبتُمُوني، اكتب محمَّدُ بنُ عبد اللهِ". قال (¬7): وذلك لقولِهِ لا يسألوني خُطَّةً يُعَظِّمون فيها حُرُماتِ اللهِ إلَّا أعطيتُهُم ¬

_ (¬1) (ابن حفص): ليست في البخاري. (¬2) في البخاري: (فأخبرني أيوب عن عكرمة). (¬3) في البخاري: (قال معمر قال الزهري في حديثه). (¬4) في البخاري: (هات اكتب). (¬5) (اكتب): ليست في البخاري. (¬6) في البخاري: (والله لو كنا نعلم). (¬7) في البخاري: (قال الزهري).

إيَّاها. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "على أن تُخلّوا بيننا وبين البيتِ فَنَطوفَ بِهِ". قال سُهيلٌ: والله لا تتحدَّثُ العربُ أنَّا أخذنا ضُغْطَةً، ولكن ذلك من العامِ المُقبِلِ (¬1)، فقال سُهيلٌ: وعلى أنه لا يأتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ -وإن كان على دينك- إلا رددتَهُ إلينا. قال المسلمون: سبحان اللهِ، كيف يُرَدُّ إلى المشركين وقد جاءَ مُسلمًا؟ فبينما هم كذلك، إذ دخل أبو جندل بن سُهيل بن عمرو يَرْسُفُ في قُيود، قد خرج من أسفل مكةَ حتى رمى بنفسه بين أظهُر المسلمين، فقال سهيل: هذا يا محمد أوَّلُ ما أقاضيك عليه أن ترُدَّهُ إليَّ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنا لم نقضِ الكتاب بعد". قال: فوالله إذًا لم أصالحك على شيء أبدًا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فأجِزْهُ لي"، قال: ما أنا بمُجِيز ذلك (¬2) لك. قال: "بلى فافعَلْ"، قال: ما أنا بِفاعِل. قال مِكْرَزٌ: بلى قد أجزنَاهُ لك. قال أبو جندلٍ: أيْ معشر المُسلمينَ، أُرَدُّ إلى المشركين وقد جِئتُ مسلمًا؟ ألا ترون ما قد لقيتُ؟ وكان قد عُذِّبَ عذابًا شديدًا في اللهِ. قال عمر بن الخطاب: فأتيتُ نَبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقلتُ: ألَسْتَ نَبىَّ الله حقًا؟ قال: "بلى". قلت: ألسنا على الحقِّ وعدونا على الباطل؟ قال: "بلى" قُلتُ: فَلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في ديننا إذًا؟ قال: "إني رسول الله ولستُ أعْصِيهِ، وهو ناصِرِي"، قلت: أو ليس كُنتَ تُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ فنطوفُ بِهِ؟ قالَ: "بلى"، قال: "فأخْبَرتُكَ أنَّا نأتيه العامَ؟ " قلتُ: لا. قالَ: " فإتكَ آتِيهِ ومُطَوِّفٌ بهِ ". قال: فأتيتُ أبا بكرٍ فقلتُ: يا أبا بكرٍ، أليس هذا نبي الله حقًا؟ قال: بلى. قلتُ: ألسنا على الحقِّ وعدونا على الباطل؟ قال: بلى، قلتُ: فلم نعطي الدَّنيَّة في ديننا إذا؟ قال: أيها الرجُلُ، إنَهُ رسُولُ الله وليس يَعْصِي رَبَّه، وهو ناصِرُه فاستمسِكْ بغرزِهِ فوالله إِنَهُ على الحَقِّ. قلتُ: أوليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به، قال: بلى. ¬

_ (¬1) في البخاري: (فكتب). (¬2) (ذلك): ليست في البخاري.

قال: فأخبرَكَ أنك تأتيهِ العام؟ قلتُ: لا. قال: فإنَّكَ آتيهِ ومُطوِّف بِهِ. قال عمر (¬1): فعملتُ لذلك أعْمالًا. قال: فلما فرغَ من قضيَّةِ الكتابِ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: "قوموا فانحَرُوا ثُمَّ احْلِقوا". قال: فوالله ما قام منهم رجُلٌ حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلمَّا لم يقم منهم أحد دخل على أمِّ سَلَمَةَ فذكر لها ما لقى من النَّاس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحبُّ ذلك؟ اخرُج، ثم لا تُكَلِّم منهم أحدًا حتى تنحر بُدْنَكَ، وتدعو حالِقَك فيحلقك. فخرج فلم يُكَلِّم أحدًا منهم (¬2) حتى فعل ذلك: نحر بُدْنَهُ ودعا حالِقَهُ (¬3). فلما رأوا ذلك قاموا فَنَحروا، وجَعَلَ بعضهُم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًّا. ثم جاءَهُ نِسوة مؤمناتٌ، فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءَكم المؤمنات مُهاجِراتٍ} حتى بلغ {بعصم الكوافِرِ} فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشِّرك، فتزوَّجَ إحداهما مُعاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أُميَّة، ثم رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينةِ، فجاءه أبو بَصيرٍ رجُلٌ من قريشِ وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجُلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا، فدفَعَهُ إلى الرجلينِ، فَخَرجَا بِهِ حتى بلغا ذا الحُليفة، فنزلوا يأكلون من تَمْرٍ لَهُم، فقال أبو بصيرٍ لأحد الرجلين: إني لأرى سيفك هذا جيدًا (¬4)، فاستلَّهُ الآخر فقال: أجل والله إنهُ لجيِّدٌ، لقد جرَّبت بِهِ ثم جربتُ (¬5) فقال أبو بصير: أرني أنظر إليهِ، فأمْكَنَهُ منه فَضَربَهُ به حتى بَرَدَ، وفرَّ الآخر حتى أتى المدينةَ، فدخَلَ المسجدَ يعدو، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآه: "لقد رأى هذا ذُعْرًا"، فلما انتهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) في البخاري: (قال الزهري: قال عمر). (¬2) د: منهم أحدًا. (¬3) في البخاري: (ودعا حالقه فحلقه). (¬4) في البخاري: (والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدًا). (¬5) في البخاري: (لقد جربت به ثم جربت به ثم جربت).

قال: قُتِلَ والله صاحبي وإني لمقتول. فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله، قَدْ والله. أوْفى الله ذِمَّتك قد رددتنى إليهم، ثم أنجاني الله منهم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ويلُ أمِّه مسعَرَ حَرْبٍ لو كان لَه أحَدٌ"، فلما سَمِعَ ذلك عرف أنه سيردُّهُ. إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر. قال وينفلت منهم أبو جندل فلحق بأبي بصير فجعل لا يخرُج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصيرٍ حتى اجتمعت معه منهم عِصابَة، فوالله ما يسمعون بعير خرجت لِقُريش إلى الشام إلا اعترضوا لها، فقتلوهم، وأخذوا أموالههم، فأرسلت قريش إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تُناشِدُهُ الله والرَّحِم لما أرسل فمن أتاهُ فهو آمِنٌ فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وهو الذي كفَّ أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة} حتى بلغ {حَمِيَّةَ الجاهلية} وكانت حَمِيتهُم أنهم لم يُقرُّوا أنه نبي الله، ولم يقروا ببِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وحالوا بينه وبين البيت". ذكر أبو داود (¬1) في هذا الحديث، ولم يذكره بكماله "أنهم أصطلحوا على وضع الحرب عشرة سنين يأمَنُ فيهن الناس وعلى أن بيننا عَيْبَة مكفوفة وأنه لا إسلال ولا إغلال (¬2) ". مسلم (¬3)، عن أنس، في هذا الحديث قال: اشترطوا على النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ من جاء مِنْكُمْ لم نرُدهُ عليكم، ومن جاءَكُمْ منَّا رَدَدْتُمُوهُ علينا. فقالوا: يا رسول الله! أنكتُبُ هذا؟ قال: "نَعَمْ. إنَّهُ من ذهب منَّا إليهم، فأبْعَدَهْ الله. ومن جاءنا منهم سيجعل اللهُ له فرجًا ومَخْرَجًا". ¬

_ (¬1) أبو داود: (3/ 210) (9) كتاب الجهاد (168) باب في صلح العدو - رقم (2766). من رواية المسور بن مخرمة. (¬2) الإسلال: السرقة، الإغلال: الخيانة. (¬3) مسلم: (3/ 1411) (32) كتاب الجهاد والسير (34) باب صلح الحديبية في الحديبية - رقم (93).

وعن البراء بن عازب (¬1) قال: لما حسر (¬2) النبي - صلى الله عليه وسلم - عند البيتِ، صَالَحَهُ أهلُ مكَة على أن يدخُلَهَا فيُقِيمَ بها ثَلاَثًا ولا يدخُلَهَا إلا بجُلُبَّانِ (¬3) السِّلاَحِ، السَّيْف وقِرَابهِ، ولا يخرُج بأحدٍ معهُ من أهلها. ولا يمَنَع أحدًا يمكثُ بها ممن كان مَعَهُ. قال لعلي: "اكتب الشرطَ بيننا. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هذا ما قاضى عليهِ مُحمَّدٌ رسُولُ الله"، فقال المشركون: لو نَعْلَمُا أنَّك رسول الله تابعناك. لكن اكتُبْ محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ فَأمَرَ عليًا أن يَمْحَاهَا. فقال علي: لا والله! ما أمحَاهَا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرِنِىِ مكانها" فأراه مكانها فمحَاهَا. فكتب "ابن عبد الله" فأقام بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أيام: فلمَّا كان اليومُ الثالث، قالوا لعلي: هذا آخر يوم من شرطِ صاحِبِكَ فأمُرهُ فليخرج، فأخبره بذلك فقال: "نعم" فخرج. أبو داود (¬4)، عن نعيم بن مسعود قال: سمعتُ (¬5) رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لهما يعني- لرسُوليَ مُسَيْلمة- حين قرأ كتاب مُسَيْلمة: "ما تقُولاَنِ أنتما؟ " قالا: نقول كما قال، قال: "أمَا واللهِ لولا أنَّ الرُّسل لا تُقتل لضربتُ أعناقكما". البخاري (¬6)، عن بَجَالة بن عبدة قال: أتَانَا كِتَابُ عمر بن الخطاب قبل موتِهِ بِسَنَةٍ، فَرِّقُوا بين كُل ذِي مَحْرَم من المجُوسِ، ولم يكن عمر أخذ الجِزْيَةَ من المجُوسِ حتى شهد عبد الرحمن بن عوف "أنَ رسُولَ الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (92). (¬2) في مسلم: (لما أُحْصِرَ) وقال النووي في شرحه: هكذا هو في جميع نسخ بلادنا: أحصر عند البيت. (¬3) (جلبان السلاح): هو ألطف من الجراب يكون من الأدم، يوضع فيه السيف مغمدًا، ويطرح فيه الراكب سوطه وأداته، ويعلقه في الرحل. (¬4) أبو داود: (3/ 192) (9) كتاب الجهاد (166) باب في الرسل - رقم (2761). (¬5) د: قال. (¬6) البخاري: (6/ 297) (58) كتاب الجزية والموادعة (1) باب الجزية والموادعة، مع أهل الذمة والحرب - رقم (3156).

وسلم - أخَذَهَا من مَجُوس هَجَر". وعن عمرو بن عوف (¬1)، أنَّ سول الله - صلى الله عليه وسلم - بَعثَ أبا عُبيدَةَ إلى البحرين يأتي بجزْيتِهَا، وكان رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - هُوَ صَاَلح أهْلَ البحرين وأمَّر عليهم العَلاءَ بن الحَضْرَميِّ، فَقَدِمَ أبو عُبَيْدَةَ بمَال من البحرين، فسمعت الأنصارُ بقُدُوم أبي عبيدة فوافوا (¬2) صَلاةَ الصّبحِ مَعَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا صلَّى بِهمُ الفجر انصَرَفَ، فتعرَّضُوا لَهُ، فتبسَّم رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآهُمْا وقال: "أظنُّكُمْا قدَ سَمعتُم أنَّ أبَا عبيدَةَ قَدْ جَاءَ بشيءٍ" قالوا: أجَلْ يا رسُول الله، قال: "فأبشِرُوا وأمِّلُوا ما يسُرُّكُمْ، فَواللهِ لا الفقر أخشى عليكُمْ، ولَكِنْ أخشى عليكُما أنَ تُبْسَطَ الدنيا عليكم (¬3) كما بُسِطَتْ على من كان قَبلَكُمْ-، فتنافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وتُهْلِكَكم كَمَا أهْلَكَتْهُمْا". النسائي (¬4)، عن قيس بن عُبادٍ قال: انطلقتُ أنا والأشتر إلى عليّ، فقُلْنَا: هل عهد إليك نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا لم يعهده إلى الناس عامَّةً؟ قال: إلا ما في كتابي هذا (¬5)، فأخرج كتابًا من قِرَابِ سَيْفِهِ، فإذا فيه "المؤمنُونَ تتكافؤ (¬6) دماؤُهُم، وهما يَدٌ على من سِوَاهُمْ. ويسعى بذمتهم أدْنَاهُمْ، ألا لا يُقْتَلُ مُؤمِنٌ بكافرٍ، ولا ذو عهدٍ في عهده، من أحْدَثَ حَدَثًا فعلى نفسه، أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين". ¬

_ (¬1) البخاري: (6/ 297 - 298) (58) كتاب الجزية والموادعة (1) باب الجزية والموادعة، مع أهل الذمة والحرب - رقم (3158). (¬2) في البخاري: (فوافقت). (¬3) في البخاري: (عليكم الدنيا). (¬4) النسائي: (8/ 19) (45) كتاب القسامة (9) باب القود بين الأحرار والماليك في النفس - رقم (4734). (¬5) في النسائي: (قال: لا، إلا ما في كتابي هذا). (¬6) في النسائي: (تكافؤ).

وقال البخاري (¬1) في هذأ الحديث: "ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدنا فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل". البخاري (¬2)، عن أم هانيءٍ بنت أبي طالب، قالت: قلتُ يا رَسُول الله زعم ابنُ أُمِّي عليٌ أنَّهُ قاتلٌ رجلًا قد أجَرْتُهُ، فلان هُبيرةَ. فقال رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد أجَرنَا من أجَرتِ يا أُمَّ هانئٍ". مسلم (¬3) , عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أربعٌ من كُن فِيهِ كان مُنَافِقًا خالصًا، ومن كانت فِيهِ خلَّةٌ منهُنَّ كانت فيه خَلَّةٌ من نِفاق حتى يَدَعَهَا: إذا حَدَّثَ كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعَدَ أخْلَفَ، وإذا خَاصَمَ فَجَرَ". وعن أبي سعيد الخدري (¬4)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لكل غادر لِواءٌ يومَ القيامةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدرِ غَدرَته (¬5)، ألا وَلا غادِرَ أعظَمُ غدرًا من أمير عامَّةٍ". وفي حديث ابن عمر (¬6)، "فيقال هذه غدرةُ فلان". الترمذي (¬7)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألاَ ¬

_ (¬1) البخاري: (6/ 322 - 323) (58) كتاب الجزية والموادعة (17) باب إثم من عاهد ثم غدر - رقم (3179). (¬2) البخاري: (6/ 315) (58) كتاب الجزية والموادعة (9) باب أمان النساء وجوارهن - رقم (3171). (¬3) مسلم: (1/ 78) (1) كتاب الإيمان (25) باب بيان خصال المنافق - رقم (106). (¬4) مسلم: (3/ 1361) (32) كتاب الجهاد والسير (4) باب تحريم الغدر - رقم (16). (¬5) في مسلم: (بقدر غدره). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (13). (¬7) الترمذي: (4/ 13) (14) كتاب الديات (11) باب ما جاء فيمن يقتل نفسًا معاهدةً - رقم (1403).

من قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهدةً (¬1) لَهُ ذمَّةُ الله وذِمَّة رسُولهِ فقدْ أخْفَرَ بِذِمَّةِ اللهِ، فلا يُرَيح ريح (¬2) الجَنَّةِ وإِنَّ ريحها ليوجد من مسيرةِ سبعين خريفًا". قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. مسلم (¬3)، عن حُذيفةَ بن اليمان، قال: ما منعني أن أشْهدَ بدرًا إلا أنّي خرجتُ وأبي حُسَيْلٌ (¬4)، فَأخَذَنا كُفَّارُ قُريشٍ. فقالوا: إنَّكُمْ تريدون محمّدًا؟ فقُلنا: ما نريدُهُ، ما نريدُ إلا المدينَةَ، فأخذوا مِنَّا عهد الله وميثَاقَهُ لننصرِفَنَّ إلى المدينةِ، ولا نقاتِلُ مَعَهُ فأتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرْنَاهُ الخبر فقال: "انصرفا نَفِي لهم بعهدِهِمْ ونستعِينُ الله عليهِم". أبو داود (¬5) , عن أبي رافع قال: بَعَثتْنِي قريش إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُلْقي في قلبي الإِسلام، فقلت: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني والله لا أرجع إليهم أبدًا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لا أخِيسُ بالعهْدِ (¬6)، ولا أحبس البُرُدَ ولكن ارجع فإن كان في نفسك الذي في نفسك الآن فارجع" قال: فذهبت، ثم أتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأسلمتُ. قال أبو داود: كان هذا في الزمان الأول، وأما اليومَ فلا يصلح. وعن سليم بن عامر (¬7)، قال: كان بين معاوية والروم عهدٌ، وكان يسير ¬

_ (¬1) الترمذي: معاهدًا. (¬2) الترمذي: (فَلا يُرَحْ رائحة)، (د): رائحة. (¬3) مسلم: (3/ 1414) (32) كتاب الجهاد والسير (35) باب الوفاء بالعهد - رقم (98). (¬4) في مسلم: (أنا وأبي حسيل). (¬5) أبو داود: (3/ 189 - 190) (9) كتاب الجهاد (163) باب في الإِمام يستجن به في العهود - رقم (2758). (¬6) أخيس بالعهد: أنقض العهد وأفسدهُ. (¬7) أبو داود: (3/ 190) (9) كتاب الجهاد (164) باب في الإِمام يكون بينه وبين العدو عهد فيسير إليه - رقم (2759).

نحو بلادهم، حتى إذا انقضى العهد غزاهم، فجاء رجلٌ على فرس أو برْذَوْنٍ (¬1) وهو يقول: الله أكبر، الله أكبر، وفاءٌ لا غدر، فنظروا فإذا عمرو بن عَبَسَةَ، فأرسل إليه معاوية فسأله، فقال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من كان بينَهُ وبين قومٍ عهد فلا يَشُدُّ عُقدةً ولا يحلها حتى يَنْقضِى أمدُها أو يَنْبِذَ إليهم على سَوَاء" فرجع معاوية -رحمه الله-. وعن سفيان الثوري، عن مسروق، عن عبد الرحمن بن غُنْمٍ، قال: كتبت لعمر بن الخطاب حين صالح نصارى الشام وشرط عليهم فيه ألا يحدثوا في مدينتهم ولا حولها (¬2) ديرًا ولا كنيسة ولا قلية (¬3) ولا صومعة راهب ولا يجددوا ما خرب منها، ولا يمنعوا كنائسهم أن ينزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال يطعمونهم، ولا يأووا جاسوسًا، ولا يكتموا غشًا للمسلمين، ولا يعلّموا أولادهم القرآن، ولا يظهروا شِركًا، ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإِسلام إن أرادوه، وأن يوقِّروا المسلمين، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس، ولا يتشبهوا بالمسلمين في شيءٍ من لباسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين، ولا فرق شعر ولا يتسمّوا بأسماء المسلمين، ولا يتكنوا بكناهم، ولا يركبوا سرجًا، ولا يتقلدوا سيفًا، ولا يتخذوا شيئًا من سلاح ولا ينقشوا خواتمهم بالعربية، ولا يبيعوا الخمور، وأن يجزّوا مقادم رؤوسهم، وأن يلزموا زيّهم حيث ما كانوا وأن يشدوا الزنانير على أوساطهم، ولا يظهروا صليبًا، ولا شيئًا من كتبهم في شيء من طرق المسلمين، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم ولا يضربوا بالناقوس إلا ضربًا خفيفًا، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة في كنائسهم في شيء من حضرة ¬

_ (¬1) برذون: ضرب من الدواب، يخالف الخيل العراب عظيم الخلقة، غليظ الأعضاء، جمع براذين. (¬2) (د، ف) ولا ما حولها. (¬3) القَلِيَّة: كالصومعة، من بيوت عباداتهم، واسمها عندهم القلَّاية.

المسلمين، ولا يخرجوا شعانين (¬1)، ولا يرفعوا مواتهم أصواتهم، ولا يظهروا النيران معهم، ولا يشتروا من الرقيق ما جرت عليه سهام المسلمين، فإن خالفوا شيئًا مما شرطوه فلا ذمة لهم، وقد حلّ للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاف. البخاري (¬2)، عن عمر بن الخطاب، قال: وأوصِيهِ بذِمَّةِ الله وذمة رسُولِه - صلى الله عليه وسلم - أن يُوَفَّى لَهُمْا بِعَهْدِهم، وأن يُقَاتلَ مِنْ ورائهم، ولا يُكلَّفُوا إلا طاقتهم. أبو داود (¬3)، عن عقبة بن عامر، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يدخل الجنة صاحبُ مَكْسٍ" يعني الذي يَعْشُرُ الناس. مسلم (¬4)، عن عمر بن الخطاب، أنَّهُ سَمِعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لأُخرجَنَّ اليَهُودَ والنَّصارى من جزيرةِ العربِ، حتَّي لا أدَعَ إلا مُسْلِمًا". وعن أبي هريرة (¬5)، - رضي الله عنه - قال: بينما نحن في المسجِدِ، إذ خرج إلينا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "انطلِقُوا إلى يهُودَ" فخرجنا مَعَهُ حتى جِئْنَاهُم، فقامَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فنادَاهُم: "يا معشر يهود! ¬

_ (¬1) شعانين: عيد من أعياد النصارى يقع يوء الأحد السابق لعيد الفصح، بيت المَقدس- المعجم الوسيط ص 485. (¬2) البخاري: (6/ 196) (56) كتاب الجهاد والسير (174) باب يقاتل عن أهل الذمة ولا يُسترقون - رقم (3052). (¬3) أبو داود: (3/ 349) (14) كتاب الخراج والإمارة والفيء (7) باب في السعاية على الصدقة - رقم (2937). (¬4) مسلم: (3/ 1388) (32) كتاب الجهاد والسير (21) باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب - رقم (63). (¬5) مسلم: (3/ 1387) (23) كتاب الجهاد والسير (20) باب إجلاء اليهود من الحجاز - رقم (61).

أسلمُوا تَسلمُوا" فقالوا: قد بلَّغْتَ يا أبا القاسم، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذاك (¬1) أريد أسلموا تسلموا" فقالوا: قد بلَّغْتَ يا أبا القاسم، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذاك (1) أريد فقال لهم الثالثة، فقال: "اعلَمُوا أنَّما الأرضُ لله ورسُولِهِ وأنيِّ أريد أن أُجْلِيكُمْ من هذه الأرض فمن وَجَدَ منكم بمالِهِ شيئًا (¬2)، وإلا فاعلمُوا أن الأرض لله ورسُولِهِ". البخاري (¬3)، عن ابن عمر، قال: لمَّا فَدَعَ أهْلُ خيبر عبد الله بن عُمَرَ قامَ عمرُ خطيبًا فقال إنَّ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - كان (¬4)، عَامَلَ يَهودَ (¬5) على أموالِهِم وقال: "نُقِرُّكُم ما (¬6) أقرَّكُم اللهُ" وإنَّ عبدَ الله بن عمر خرجَ إلى مالِهِ هناكَ فَعُدِيَ عَلَيهِ من الفَيلِ فَفُدِعَتْ يدَاهُ ورِجْلاهُ، وليس له هناك عدُوٌّ غيرهم، هم عَدُؤُنا وتُهمَتُنا، وقد رأيتُ إِجْلاءَهُم. فلمَّا أجْمَعَ عمر على ذلك أتاهُ أحدُ بَني أبي الحُقَيْقِ فقال: يا أمير المؤمنين، أتُخرِجُنا وقد أقَرنا مُحمدٌ وعاملنا على الأموالِ وشرط ذلك لنا؟ فقال له عُمرُ: أظننتَ أنيِّ نسِيتُ قَوْلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف بك إذا أُخرِجْتَ من خيبر تعدو بِكَ قَلوصُكَ ليلةً بعد ليلةٍ فقال: كان ذلك هُزَيْلةً من أبي القاسِمِ. فقال: كَذَبْتَ يا عَدُوَّ الله، فأجلاهم عُمَرُ وأعطاهم قيمة ما لهم من الثمرِ مالًا وإبلًا وعُروضًا من أقتابٍ وحبالٍ وغَيْر ذلِكَ. ¬

_ (¬1) في مسلم: (ذلك)، وكذا (د). (¬2) في مسلم: (فمن وجد بماله شيئًا فليبعه). (¬3) البخاري: (5/ 385) (54) كتاب الشروط (14) باب إذا اشترط في المزارعة (إذا شئتُ أخرجتك) - رقم (2730). (¬4) كان: ليست في البخاري. (¬5) في البخاري: (عامل يهود خيبر) وكذا: (د). (¬6) (د): على ما.

وعن سُليمَانَ (¬1) بن أبي مسلم، عن سَعيد بن جُبَيْر، سَمِعَ ابن عبَّاس يقولُ: يومُ الخميسِ وما يومُ الخميسِ، ثمَّ بكى حتى فَي دمْعهُ الحصى. قلت: يا أبا عباس (¬2) وما يوم الخميس؟ قال: اشتدَّ برَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وسلم - وجَعُهُ فقال: "ائْتُوني بكَتفٍ أكتُبُ لكُمْ كتابًا لا تضلوا بعدَهُ فتنازَعُوا، ولا ينْبغي عند نبيٍّ تنازع". فقالوا: مالَه؟ أهَجَرَ؟ استفهموه. فقال: "ذروني، الذي أنا فيه خيرٌ مما تدعوني إليْه" فأمرهم بثلاث قال: "أخْرجُوا المشركينَ من جزيرةِ العَرَبِ، وأجيزُوا الوفدَ بنحو ما كنتُ أجيزهم" والثالثة إمَّا سَكَتَ عَنْهَا، وإما قالها فنسيتُهَا. النسيان هو من سليمان بن أبي مسلم، كذا قال البخاري: عن سفيان بن عُيينة. الترمذي (¬3) عن قيس بن ألى حازم، عن جرير بن عبد الله (¬4)، قال: بعثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية إلى خَثْعَمٍ، فاعتصم ناسٌ بالسجود، فأسرع فيهم القتلُ، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر لهم بنصف العَقلِ، وقال: "أنا بريءٌ من كل مسلم يُقيمُ بين أظهُرِ المشركِينَ" قالوا: يا رسول الله! ولِمَ؟ قال: "لا ترايا (¬5) ناراهُمَا". هذا يروى مرسلًا عن قيس بن أبي حازم. تم كتاب الجهاد (¬6). ¬

_ (¬1) البخاري: (6/ 312) (58) كتاب الجزية والموادعة (6) باب إخراج اليهود من جزيرة العرب - رقم (3168). (¬2) البخاري: يا ابن عباس. (¬3) الترمذي: (4/ 132 - 133) (22) كتاب السِّير (42) باب ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين - رقم (1604). وأخرجه أبو داود: (3/ 104) (9) كتاب الجهاد (105) باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود - رقم (2645). (¬4) الأصل: أبي عبد الله. (¬5) كذا في الترمذي (وفي الأصل، ف) ترآأى أما في (د): ترآءى. (¬6) ليس في (د، ف).

كتاب النكاح

كتاب النكاح بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على محمد (¬1) باب في الأمر بالنكاح والترغيب في نكاح ذات الدين مسلم (¬2) عن علقَمَةَ بن قيس قال: كنتُ أمشي مع عبد الله بمنىً فلقيَهُ عثمان، فقام مَعَهُ يُحدِّثُهُ فقال لهُ عثمان: يا أبا عبد الرحمن! ألا نُزوجُكَ جاريةً شابةً لعلَّهَا تذكرك بعض ما مضى من زمانِكَ، قال (¬3): فقال عبد اللهِ: لَئن قُلتَ ذلك، لقد قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشر الشبابِ من استطاع منكم الباءَةَ فليتزوج، فإنَّهُ أغضُّ للبصر وأحصنُ للفَرجِ ومن لم يستطع فعليْهِ بالصَّومِ فإنَّهُ لَهُ وِجاءٌ". البخاري (¬4) عن أنس قال: جاء ثلاثةُ رَهطٍ إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادةِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أُخْبِروا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قد غَفر الله لهُ ما تقدَّم من ذنبهِ وما تأخرَّ!، فقال أحدهم: أما أنا فإني أصلِّي الليل أبدًا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر فلا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوَّجُ أبدًا. فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم (¬5) فقال: أنتم الذين قلتم كذا ¬

_ (¬1) البسملة والصلاة ليست في (د)، والصلاة فقط ليست في (ف). (¬2) مسلم: (2/ 1018 - 1019) (16) كتاب النكاح (1) باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة - رقم (1). (¬3) (قال): ليست في: (ف)، وفي (د، ف): فقال له: عبد الله. (¬4) البخاري: (9/ 5 - 6) (67) كتاب النكاح (1) باب الترغيب في النكاح - رقم (5063). (¬5) إليهم: ليست في البخاري.

باب الترغيب في نكاح العذارى والحض على طلب الولد وإباحة النظر إلى المخطوبة

وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنى أصوم وأفطر، وأصلى وأرقدُ، وأتزوجُ النساء، فمن رغِبَ عن سنتي فليس مني". مسلم (¬1)، عن سعد بن أبي وقاص، قال: أراد عثمانُ بن مظْعُونٍ أن يتبَتَّلَ، فنهاهُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو أجَازَ لَهُ ذلك لاختصَيْنا. وعن أبي هريرة (¬2)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "تُنكَحُ المرأةُ لأربعٍ: لمالها، ولحسبهَا، ولجمالها، ولدينها. فاظفر بذات الدين ترِبَتْ يداك". وعن عبد الله بن عمرو (¬3)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الدنيا مَتَاعٌ وخيرُ متاع الدنيا المرأةُ الصالِحَةُ". أبو داود (¬4)، عن أبي هريرة، أن أبا هند حَجَم النبي - صلى الله عليه وسلم - في اليافوخ (¬5)، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا بني بياضة، أنكحوا أبا هند، وأنكحوا إليه" وقال: "وإن كان في شيء مما تداويتم به خير فالحجامة". أبو هند كان مولى بني بياضة. باب الترغيب في نكاح العذارى والحض على طلب الولد وإباحة النظر إلى المخطوبة مسلم (¬6) عن جابر بن عبد الله، قال: تزوَّجتُ امرأةً. فقال لي ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 1021) (16) كتاب النكاح (1) باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة - رقم (8). (¬2) مسلم: (2/ 1086) (17) كتاب الرضاع (15) باب استحباب نكاح ذات الدين - رقم (53). (¬3) مسلم: (2/ 1090) (17) كتاب الرضاع (17) باب خير متاع الدنيا المرأة الصالحة - رقم (64). (¬4) أبو داود: (2/ 579) (6) كتاب النكاح (27) باب في الأكفاء - رقم (2102). (¬5) اليافوخ: الموضع الذي يتحرك من وسط الرأس. (¬6) مسلم: (2/ 1087) (17) كتاب الرضاع (16) باب استحباب نكاح البكر - رقم (55).

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " تزوجت؟ (¬1) " قلتُ: نعم، قال: "أبكرًا أم ثيِّبًا؟ " قلتُ: ثيبًا، قال: "فأين أنت من العذارى ولِعَابهَا؟ " وفي طريق أخرى (¬2): "فهلا جاريةً تلاعبها وتلاعبُك" قلت: إن لي أخوات فأحببتُ أن أتزوَّجَ امرأةً تجمَعُهنَّ وتمشطُهُن وتقُومُ عليهِنَّ. قال: "أما إنَّك قادِمٌ، فإذا قدمت فالكَيْسَ الكَيْسَ". أبو داود (¬3)، عن مَعْقِل بن يسار، قال جاءَ رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إني أصبتُ امرأة ذات حسب وجمال، وإنها لا تلد، أفأتزوجها؟ قال: "لا" ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاهُ الثالثة فنهاه (¬4) فقال: "تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم (¬5) ". مسلم (¬6) عن أبي هريرة قال: كنتُ عِند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتَاهُ رجُلٌ فأخبرَهُ أنَّهُ تزوَّجُ امرأة من الأنصار. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنظرتَ إليها؟ " قال: لا. قال: "فاذهب فانظر إليها، فإنَ في أعيُنِ الأنصارِ شيئًا". أبو داود (¬7)، عن جابر بن عبد الله، قال: قال- قال الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل" فخطبتُ جارية من بني سلمة (¬8)، فكنتُ أتخبأ لها حتى رأيتُ ¬

_ (¬1) في مسلم: (هل تزوجت) وكذا (د،، ف). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين: رقم (57). (¬3) أبو داود: (2/ 552) (6) كتاب النكاح (4) باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء - رقم (2050). (¬4) (فنهاه): ليست في (د، ف). (¬5) الأمم: ليست في الأصل. (¬6) مسلم: (2/ 1040) (16) كتاب النكاح (12) باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها - رقم (74). (¬7) أبو داود: (2/ 565 - 566) (6) كتاب النكاح (19) باب في الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها - رقم (2082). (¬8) من بني سلمة: ليست في أبي داود.

باب النهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيه

منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها. باب النهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيه مسلم (¬1)، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَبعْ (¬2) الرَّجُلُ على بيعِ أخِيهِ، ولا يخطبْ على خِطْبةِ أخِيهِ، إلا أن يأذنَ لَهُ". وقال البخاري (¬3): "لا يخطب الخاطب (¬4) على خِطبة أخيه حتى يترُك الخاطبُ قبله أو يأذَنَ له (¬5) ". مسلم (¬6)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يخطُبُ الرجل على خِطبةِ أخيه، ولا يسُومُ على سوم أخيهِ ولا تُنكح المرأةُ على عمَّتِهَا ولا على خالتهَا ولا تسْأل المرأةُ طلاق أختها لتكتفئ صحفتها، ولْتَنْكِحْ، فإنَّما لَهَا ما كَتَبَ اللهُ لَهَا". باب ما نهي أن يجمع بينهن من النساء الترمذي (¬7) عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 1032) (16) كتاب النكاح (6) باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه حتى يأذن أو يترك - رقم (50). (¬2) في الأصل و (د): لا يبيع. (¬3) البخاري: (5/ 109) (67) كتاب النكاح (45) باب لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع - رقم (5142). (¬4) في البخاري: (الرجل). (¬5) في البخاري: (أو يأذن له الخاطب). (¬6) - مسلم: (2/ 1029) (16) كتاب النكاح (4) باب تحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح - رقم (38). (¬7) الترمذي: (3/ 433) (9) كتاب النكاح (30) باب ما جاء لا تنكح المرأة على عمتها ولا على =

باب في المتعة وتحريمها وفي نكاح المحرم وإنكاحه وفي الشغار

تنكح المرأة على عمتها أو العمة على ابنة أخيها أو المرأة على خالتها، أو الخالة على ابنة أختها، ولا تُنكح الصغرى على الكبرى، ولا الكبرى على الصغرى. قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ. وذكر أبو محمد الأصيلي في فوائده عن ابن عباس قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تتزوج المرأة على العمة أو على الخالة وقال: إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم. وذكره أبو عمر في التمهيد. باب في المتعة وتحريمها وفي نكاح المحرم وإنكاحه وفي الشغار مسلم (¬1)، عن ابن مسعود، قال: كنَّا نغْزُو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس لنا نِسَاءٌ. فقلنا: ألا نختصي (¬2)؟ فنهانا عن ذلك، ثمَّ رَخَّص لنا أن نَنْكِحَ المرأةَ بالثَّوبِ إلى أجَلٍ. ثم قرأ علينا (¬3) عبدُ الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}. وعن جابر بن عبد الله (¬4)، وسلمة بن الأكوع، قالا: خرج علينا مُنَادِي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنَ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد أذِنَ لكم أن تستمْتِعُوا. يعني مُتْعَةَ النِّساءِ. ¬

_ = خالتها - رقم (1126). أبو داود: (2/ 553) (6) كتاب النكاح (13) باب ما يكره أن يجمع بينهن من النساء - رقم (2065). (¬1) مسلم: (2/ 1022) (16) كتاب النكاح (3) باب نكاح المتعة - رقم (11). (¬2) في مسلم: (ألا نستخصي). (¬3) (علينا): ليست في مسلم. (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (13).

وعن جابر بن عبد الله (¬1)، قال: كنَّا نستمتِعُ بالقُبْضَةِ من التَّمْرِ والدقيق، الأيَّامَ، على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكرٍ، حتى نهى (¬2) عنه عمر في شأنِ عمرو بن حُرَيْثٍ. وعن سلمة بن الأكوع (¬3)، قال: رخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَامَ أوْطَاسٍ (¬4) في المُتعَةِ ثلاثًا ثمَّ نهي (2) عنها. وعن سَبْرَةَ بن معبد (¬5)، أنَّهُ غزا مع رسُولِ الله صلي الله عليه وسلم - عام فتح مكة. قال: فأقمنا بها خمسَ عشرة (ثلاثين بين ليلة ويوم) فأذن لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في متعة النساء. وذكر أنَّهُ تزوج امرأة قال: ثم استمتعت منهَا فلم أخْرُجْ حتى حرَّمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وعنه (¬6)، أنَّهُ كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا أيها الناس! إني قد كنت أذنتُ لكم في الإستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة،- فمن كان عنْدَة شيء منهن (¬7) فليُخَلً سبيلها ولا تأخذوا مما آتيتموهُن شيئًا". وعن علي بن أبي طالب (¬8)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن متعةِ النساءِ، يوم خيبر وعن أكْلِ لُحُومِ الحُمُرِ الأَنَسِيَّةِ. ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (16) (¬2) (د): نهانا. (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (18) (¬4) عام أوطاس: أي عام الفتح، وأوطاس: وادٍ بالطائف. (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (20). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (21). (¬7) في مسلم: (فمن كان عنده منهن شيء). (¬8) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (29).

في بعض طرق هذا الحديث (¬1)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن نكاح المُتعةِ وعن لحوم الحُمر الأهليَّةِ يوم خيبر (¬2). ذكره قاسم بن أصبغ، وقا أ: قال سفيان بن عيينة: يعني أنه نهى عن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر لا عن نكاح المتعة. قال أبو عمر: على هذا أكثر الناس والله أعلم. مسلم (¬3) عن عثمان بن عفان، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينْكِحُ المُحْرِمُ ولا يُنْكَحُ ولا يَخْطُبُ". وعن ابن عباس (¬4)، أنَّهُ قال: تزوَّجَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميمُونَة وهو مُحْرِمٌ. زاد البخاري (¬5)، وبنى بها وهو حلال، وماتت بسرف. مسلم (¬6)، عن يزيد بن الأصم، قال: حدثتني ميمونةُ أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - تزوَّجَهَا وهو حلالٌ. قال: وكانت خالَتِي وخالَةَ ابن عبَّاسٍ. النسائي (¬7) عن سليمان بن يسار عن أبي رافع أن رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (30). (¬2) في مسلم: (نهى. عن نكاح المتعة يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأهلية). (¬3) مسلم: (2/ 1030) (16) كتاب النكاح (5) باب تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته - رقم (41) ورقم (43). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (46). (¬5) البخاري: (7/ 581) (64) كتاب المغازى (43) باب عمرة القضاء - رقم (4258). (¬6) مسلم: (2/ 1032) (16) كتاب النكاح (5) باب تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته - رقم (48). (¬7) أخرجه الترمذي: (3/ 200) (7) كتاب النكاح (23) باب ما جاء في كراهية تزويج المحرم - رقم (841). ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب السنة، سوى الترمذي.

باب

وسلم - تزوج ميمونة وهو حلال، وبنى بها وهو حلال وكنت أنا الرسول بينهما. رواه مالك (¬1)، عن سليمان بن يسار مرسلًا. مسلم (¬2)، عن ابن عمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا شِغَارَ في الإِسلام". والشغار أن يُزوِّج الرجل ابنتهُ، على أن يزوجَه (¬3) ابنَتهُ وليس بينهما صَدَاقٌ. التفسير لنافع مولى ابن عمر (¬4). - باب- ابن أيمن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استأذنه رجل من المهاجرين في امرأة يقال لها: أم مهزول، أو ذكر له أمرها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، فأنزلت {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} (¬5) ". ذكرهُ أبو داود، والنسائي (¬6) بمعناه. ¬

_ (¬1) الموطأ: (1/ 348) (20) كتاب الحج (22) باب نكاح المحرم - رقم (69). ولفظه: (أن رسول الله بعث أبا رافع ورجلًا من الأنصار، فزوجاه ميمونة بنت الحارث ورسول الله بالمدينة قبل أن يخرج). (¬2) مسلم: (2/ 1035) (16) كتاب النكاح (7) باب تحريم نكاح الشغار وبطلانه - رقم (60). (¬3) د: يزوجه الآخر. (¬4) مسلم: (2/ 1034). (¬5) النور: (3). (¬6) أبو داود: (2/ 542) (6) كتاب النكاح (5) باب في قوله تعالى {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً} رقم (2051). والنسائي: (6/ 66) (26) كتاب النكاح (12) تزوج الزانية - رقم (3228). ذكراه بمعناه من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده.

وقال أبو داود (¬1)، عن أبي هريرة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله". وعن أبي موسى (¬2) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا نكاح إلا بولي". وعن عائشة (¬3)، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما امرأةٍ نكَحتْ بغير إذن مواليها، فنِكاحهُا باطلٌ (ثلاث مرات) فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها، فإن تشاجروا فالسلطان وليُّ من لا وليَّ له". هذا يرويه سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة. قال الترمذي وذكر سليمان بن موسى هذا: سليمان بن موسى ثقة عند أهل الحديث، لم يتكلم فيه أحد من المتقدمين إلا البخاري وحده، فإنه تكلم فيه من أجل أحاديث انفرد بها، وذكره دُحيم فقال: في حديثه بعض الإضطراب قال: ولم يكن في أصحاب مكحول أثبت منه. وقال النسائي: في حديثه شيء. وقال أبو بكر البزار: سليمان بن موسى أجلّ من ابن جُريج. وقال الزهري: سليمان بن موسى أحفظ من مكحول. وفي بعض طرق هذا الحديث "أيُّما امرأةٍ نكحت بغير إذن وليها وشاهدي عدل فنكاحها باطل". ¬

_ (¬1) أبو داود: (2/ 543) (6) كتاب النكاح (5) باب في قوله تعالى {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً} - رقم (2052). (¬2) أبو داود: (2/ 568) (6) محاب النكاح (20) باب في الولي - رقم (2085). (¬3) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين (2083).

باب في المرأة تزوج نفسها، والنهي عن عضل النساء، والرجل يزوج ابنته الصغيرة بغير أمرها، واستئمار البكر، وما جاء أن الثيب أحق بنفسها

ذكره الدارقطني عن عيسى بن يونس عن ابن جرج عن سليمان عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك رواه حفص بن غياث وخالد بن الحارث عن ابن جرج، ورواه يحيى بن سعيد وسفيان الثوري وغيرهما من الحفاظ ولم يذكروا الشاهدين ذكر ذلك الدارقطني في كتاب العلل. باب في المرأة تزوج نفسها، والنهي عن عضل النساء، والرجل يزوج ابنته الصغيرة بغير أمرها، واستئمار البكر، وما جاء أن الثيب أحق بنفسها الترمذي (¬1)، عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "البغَايَا اللاتي يُنْكِحْنَ أنفسهُنَّ بغير بينةٍ". روي موقوفًا. الدارقطني (¬2) عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسَها، فإن الزانية هي التي تُزوج نفسها". قال: هذا حديث صحيح (¬3)، كذا قال صحيح وقد روي موقوفًا. البخاري (¬4)، عن الحسن قال: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} قال: حدثني معقل ابنُ يسار أنها نزلت فيه، قال: زوجتُ أُختا لي من رَجل فطلَّقها، حتى انقضت عدتُها جاءَ يخْطبها، فقلتُ له: زوجتك وفرشْتُك، وأكرمتك فطلقتها، ثم ¬

_ (¬1) الترمذي: (3/ 411) (9) كتاب النكاح (15) باب لا نكاح إلا ببينة - رقم (1103). (¬2) الدارقطني: (3/ 227) رقم (25). ورواه ابن ماجه: (1882)، والبيهقي (7/ 110). (¬3) قوله: (هذا حديث صحيح) لم أجده في السنن. (¬4) البخاري: (9/ 89) (67) كتاب النكاح (36) باب من قال: لا نكاح إلا بوَلي - رقم (5130).

جئت تخطبها، لا واللهِ لا تعودُ إليك أبدًا، وكان رجلًا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله عز جل هذه الآية {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} فقلت: الآن أفعلُ يا رسول الله، قال: فَزوّجها إياه. البزار، عن معقل في هذا الحديث، قال: فأمرني أن أكفر يميني وأزوجها. البخاري (¬1)، عن عروة، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - خطبَ عائشة إلى أبي بكر، فقال أبو بكر: إِنما أنا أخوكَ، فقال: "أنت أخي في دين الله وكتابه، وهي لي حَلال". مسلم (¬2)، عن عائشة قالت: تزوَّجني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لستِّ سنين وبنى بي وأنا بنت تسع سنين، قالت: فقدمنا المدينة فوُعكْتُ شهرًا فَوَفَى شَعْري جُمَيْمَة (¬3) فأتتني أم رومان (¬4)، وأنا على أُرْجُوحة، ومعي صواحبي، فصرختْ بي فأتيتُها، وما أدري ما تريد بي، فأخذتْ بيدي فأوقفتْني على الباب، فقلتُ: هَهْ هَهْ (¬5) حتى ذهب نَفَسِي (¬6)، فأدخلتْني بيتًا فإذا نسوةٌ من الأنصار، فقُلن: على الخير والبركة، وعلى خير طائرٍ (¬7)، فأسلمتني إليهن فغسلن رأسي وأصلحنني فلم يرُعْني إلا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ضحىً فأسلمنني إليه. ¬

_ (¬1) البخاري: (9/ 26) (67) كتاب النكاح (11) باب تزوج الصغار من الكبار - رقم (5081). (¬2) مسلم: (2/ 1038) (16) محاب النكاح (10) باب تزويج الأب البكر الصغيرة - رقم (69) (1422). (¬3) (جُميمة): تصغير جمة، وهي الشعر النازل إلى الأذنين ونحوها، أي صار إلى هذا الحد بعد أن كان قد ذهب المرض. (¬4) (أم رومان): هي أمها. (¬5) (هَهْ هَهْ): كلمة يقولها المبهور حتى يتراجع إلى حال سكونه. (¬6) (حتى ذهب نَفَسِي): أي زال عني ذلك النفس الحالي الحاصل من الإعياء. (¬7) (طائر) الطائر: الحظ، يطلق عل الحظ من الخير والشر، والمراد هنا: على أفضل حظ وبركة.

وعنها (¬1)، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهي بنتُ سَبْع سنين، وزفت إليه وهي بنتُ تِسْع سنينَ، ولُعَبُهَا معها، ومات عنها وهي بنتُ ثمانِ عشرة سنة. مسلم (¬2)، عن ابن عباس، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الثَّيبُ أحقُ بنفسها من وليِّها والبكْرُ تُسْتَأمَرُ وإذنُها سُكُوتُهَا". وفي رواية (¬3) "ليستأمرها (¬4) أبوها في نفسها". قال أبو داود (¬5) - وذكر هذا الحديث "أبوها" ليس بمحفوظ. قال أبو داود (¬6): أيضا عن أبي هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها وإن أبت فلا جواز عليها" وقال (¬7) في رواية (¬8) "فإن بكت أو سكتت" زاد "بكت" وقال: وليس بمحفوظ هو وهم في الحديث. قاسم بن أصبغ عن ابن عمر "أن رجلًا زوج ابنته بكرًا فكرهتْ فأتت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فردَّ نكاحه (¬9) "، ذكره أبو محمد (¬10). وذكر الدارقطني في الحديث "أن عمّها زوّجها بعد وفاة أبيها وزوجها من ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 1039) (16) كتاب النكاح (10) باب تزوج الأب البكر الصغيرة - رقم (71). (¬2) مسلم: (2/ 1037) (16) كتاب النكاح (9) باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت - رقم (67). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - (68). (¬4) مسلم. (يستأذنها). (¬5) أبو داود: (2/ 577) (6) كتاب النكاح (26) باب في الثيب - رقم (2099). (¬6) أبو داود: (2/ 573) (6) كتاب النكاح (24) باب في الإستثمار - رقم (2093). (¬7) هذه الرواية ليست في الأصل. (¬8) أبو داود: (2/ 575) - رقم (2094). (¬9) في المحلى: (نكاحها). (¬10) المحلى: (9/ 461).

باب في الرجل يعقد نكاح الرجل بأمره وفي الصداق والشروط

عبد الله بن عمر وهي بنت عثمان بن مظعون وعمّها قدامة فكرهته ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما فتزوجها المغيرة بن شعبة". قال: وهذا أصح من قول من قال زوجها أبوها ذكر هذا الحديث في كتاب العلل وفي كتاب السنن (¬1). البخاري (¬2): عن خنساء بنت خِدَام، أنَّ أباها زوجها وهي ثيب (¬3) فكرهت، فأتَتْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فردَ نكاحهُ (¬4). روى أنها كانت بكرًا، وقع ذلك في كتاب أبي داود، والنسائي (¬5)، والصحيح أنها كانت ثيبًا. باب في الرجل يعقد نكاح الرجل بأمره وفي الصداق والشروط أبو داود (¬6)، عن أم حبيبة، أنَّها كانت تحت عبيد الله بن جحش، فمات بأرض الحبشة، فزوَّجها النجاشى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمهرها عنه أربعة آلاف درهم (¬7)، وبعث بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع ¬

_ (¬1) السنن: (3/ 229 - 230). (¬2) البخاري: (9/ 101) (67) كتاب النكاح (42) باب إذا زوَّج الرجل ابنته وهي كارهة، فنكاحه مردود - رقم (5138). (¬3) الأصل: (بنت). (¬4) في البخاري: (فرد نكاحها). (¬5) عزاه المزي في تحفة الأشراف (2/ 227) إلى النسائي في الكبرى، وعزاه ابن حجر في الفتح (9/ 103) للنسائي فقط، وقال: "وهذا سند ظاهره الصحة، ولكن له علة أخرجه النسائي من وجه آخر عن الأوزاعي فأدخل بينه وبين عطاء إبراهيم بن مرة وفيه مقال، وأرسله فلم يذكر في إسناده جابرًا). (¬6) أبو داود: (2/ 583) (6) كتاب النكاح (29) باب الصداق - رقم (2107). (¬7) (درهم): ليست في أبي داود.

زاد النسائي (¬1)، "وجهزها من عنده". مسلم (¬2)، عن أبي سَلَمةَ بن عبد الرحمن، قال: سألتُ عائشةَ زوجَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: كم كان صداقُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: كان صداقُهُ لَأزواجِهِ ثنتى عشرةَ أُوقيةً ونشًّا. قالت: أتدري ما النَّشُّ؟ قلتُ: لا. قالت: نصف أُوقيةٍ قالت: فتلك خمس مائة درهم. وعن أبي هريرة (¬3)، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنىِّ تزوجتُ امرأةً من الأنصار، فقال لهُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل نظرت إليها؟ فإنَّ في عيونِ الأنصار شيئًا" قال: قد نظرتُ إليها. قال: "على كم تزوجتها؟ " قال: على أربع أوَاقٍ. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "على أربع أوَاقٍ؟ كأنما تنحِتُون الفضة من عُرض هذا الجبلِ. ما عندنا ما نُعطيك ولكن عسى أن نبعَثكَ في بعثٍ فتصيبُ (¬4) منهُ". قال: فبعث بعثا إلى بني عبس بعث ذلك الرجل فيهم. مسلم (¬5)، عن سهل بن سعد، قال: جاءتِ امرأةٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! جئتُ أهَبُ لك نفسي فنظر إليها رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فصعَّدَ النَّظر منها وصوَّبَهُ، ثم طَأطَأ رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) النسائي: (6/ 119) (26) كتاب النكاح (66) القسط في الأصدقة - رقم (3350). (¬2) مسلم: (2/ 1042) (16) كتاب النكاح (13) باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد - رقم (78). (¬3) مسلم: (2/ 1040) (16) كتاب النكاح (12) باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها - رقم (75). (¬4) في مسلم: (تصيب). (¬5) مسلم: (2/ 1041) (16) كتاب النكاح (13) باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد - رقم (76).

وسلم - رأسهُ. فلمَّا رأت المرأة أنَّهُ لم يقض فيها شيئًا جلستْ. فقام رجُلٌ من أصحابِهِ فقال: يا رسول الله! إنْ لم يكن لكَ بها حاجة فزوِّجنيها. قال: "هل معك (¬1) من شيء؟ " فقال: لا. واللهِ يا رسول الله. قال: "اذهب إلى أهلِكَ فانظر هل تجد شيئًا؟ " فذهب ثم رجع، فقال: لا والله ما وجدتُ شيئًا. ففال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "انظر ولو خاتمًا (2) من حديد" فذهب ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتمًا (¬2) من حديد ولكن هذا إزاري (قال سهل: ماله رداءٌ) فلها نصفُهُ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما تصنع بإزارِكَ؟ إن لبستَهُ لم يكن عليها منهُ شيءٌ وإن لَبِسَتْهُ لم يكن عليك منه شيء "فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسُهُ قام. فرآهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُوَليا. فأمر به فدُعى. فلما جاء قال: "ماذا معك من القرآن؟ " قال: معي سورة كذا وسورة كذا (عدّدها) فقال: "تقْرَوهن عن ظهر قلبك؟ " قال: نعم. قال: "فاذهب فقد مُلِّكْتَها بما معك من القرآن". وفي طريق أخرى (¬3) "انطلق فقد زوجتُكَها فعلِّمْهَا من القرآنِ". وعن عقبة بن عامر (¬4)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أحق الشرط أن يُوفَى (¬5) ما استحللتم به الفروج". البخاري (¬6)، عن أبي هريرة، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تشترط المرأةُ طلاقَ أُخْتِها. ¬

_ (¬1) في مسلم: (فهل عندك من شيء). (¬2) مسلم: خاتمٌ. (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين (77). (¬4) مسلم: (2/ 1035) (16) كتاب النكاح (8) باب الوفاء بالشروط في النكاح - رقم (63). (¬5) مسلم: (أن يوفى به). (¬6) البخاري: (5/ 382) (54) كتاب الشروط (11) باب الشروط في الطلاق - رقم (2727) وهو جزء من حديث طويل.

باب في الرجل يعتق الأمة فيتزوجها

باب في الرجل يعتق الأمة فيتزوجها مسلم (¬1)، عن أنس، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا خيبر. قال: فصلَّينا عندها صلاةَ الغَدَاةِ بغلَس، فركب نَبِىُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ورَكِبَ أبو طلحَةَ وأنا ردِيفُ أبي طلحةَ، فأجرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في زُقَاقِ خيبر، وإِنَّ ركبتي لتمسُّ فخِذَ نبي الله - صلى الله عليه وسلم -. وانحسر الازارُ عن فخِذ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فإنِّى لأرى بياض فَخِذ نبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما دخل القريةَ قال: "الله أكبر خَرِبَتْ خيبر، إنَّاِ إذا نزلنا بساحةِ قوم فساء صباحُ المُنذَرِينَ "قالها ثلاث مراتٍ، قال: وقد خرج القومُ إلى أعمالهم. فقالوا: محمدٌ (¬2) قال: وأصبناها عَنْوَةً، وجُمع السبيُ فجاءَهُ دِحْيةُ (¬3) فقال: يا رسول الله! أعطنى جاريةً من السبي. قال: "اذهب فخذ جارية" فأخذ صفية بنت حييٍّ. فجاء رجُل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا نبي الله! أعطيت دحيةَ صفيَّةَ بنت حمس، سيِّدة قريظَةَ والنَّضِيرِ؟ ما تصلُحُ إلا لك. قال: "ادعُوهُ بها" فجاء بها فلما نظر إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "خذ جاريةً من السبي غيرها" قال: وأعتقها وتزوجها. فقال له ثابتٌ يا أبا حمزَةَ ما أصدَقَهَا؟ قال: نَفْسَهَا أعتقها وتزوَّجها. حتى اذا كان بالطريق جَهَّزَتها له أم سُليمِ، فأهدتها لَهُ من الليل، فأصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - عرُوسًا. فقال: "من كان عنده شيء فليجئ بِهِ" قال: وبَسَطَ نِطَعًا. قال: فجعل الرجل يجيء بالَأقِطِ. قال: وجعل الرجل يجيءُ بالتمرِ، وجعل الرجل يجيءُ بالسَّمْنِ فحاسُوا حيسًا، فكانت وليمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) (2/ 1043) (16) كتاب النكاح (14) باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها - رقم (84). (¬2) في مسلم، (محمد والله). (¬3) (د): دحية بن خليفهَ.

باب هل يعطى الصداق قبل الدخول، ومن دخل ولم يقدم من الصداق شيئا ومن تزوج ولم يسم صداقا

وفي أخرى (¬1)، فقالوا: محمد والخميسُ، وفيها وقال النَاسُ: لا ندري أتزوجها أم اتخذها أم وَلَدٍ. قالوا: إن حجبها فهي امرأتُهُ وإن لم يحجُبْهَا فهي أُمُّ ولدٍ، فلما أراد أن يركَبَ حجبها. وذكر الحديث. وفي أخرى (¬2)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشتراها من دِحية بسبعة أرْوُّسٍ. باب هل يعطى الصداق قبل الدخول، ومن دخل ولم يقدم من الصداق شيئا ومن تزوج ولم يسم صداقًا النسائي (¬3)، عن علي - رضي الله عنه -، قال: تزوجتُ فاطمةَ، فقلتُ: يا رسول الله! ابن لي (¬4) فقال: "أعطها شيئًا" فقلت: ما عندى شيءٌ قال: "فأين دِرْعُكَ الحُطَمِيةُ؟ " قلت: هو عندي، قال: "فأعطها إياهُ". أبو داود (¬5)، عن عقبة بن عامر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: "أترضى أن أزوجك فلانة" قال: نعم. وقال للمرأة: "أترضين أن أزوجك فلانًا" قالت: نعم. فزوج أحدهما صاحبه، فدخل الرجل بها ولم يفرض لها صداقًا، ولم يعطها شيئًا، وكان ممن شهد الحديبية، وكان من شهد الحديبية له سهم بخيبر، فلما حضرته الوفاة قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوجني فلانة ولم أفرض لها صداقًا، ولم أعطها شيئًا وإني أُشهدكم أني أعطيتُها من صداقها سهمي بخيبر، فأخذت سهمَهُ فباعته بمائة ألف. ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (87). (¬2) مسلم: نفر الموضع السابق. (¬3) النسائي: (6/ 129) (26) كتاب النكاح (76) تحلة الخلوة - رقم (3375). (¬4) في النسائي: (ابن بي). (¬5) أبو داود: (2/ 590) (6) كتاب النكاح (32) باب فيمن تزوج ولم يسم صداقا حتى مات - رقم (2117).

باب في المحلل

وفي هذا الحديث، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خير النكاح أيسرُه". قال أبو داود: أخاف أن يكون هذا الحديث ملصقًا (¬1) لأن الأمر على خلاف هذا. وعن عبد الله بن مسعود (¬2)، في رجل تزوج امرأة فمات عنها، ولم يدخل بها ولم يفرض لها فقال: لها الصداق كاملًا وعليها العدة، ولها الميراث. فقال مَعْقِل بنُ سنان (¬3): سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى به في بَرْوَعَ بنت واشِق. وهذا الحديث أيضًا، خرّجه الترمذي (¬4)، وقال: حديث حسنٌ صحيح. ويروى أن الشافعي رجع إلى حديث بروع. باب في المحلل الترمذي (¬5) عن عبد الله بن مسعود قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحلل والمحلل له. قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ¬

_ (¬1) د: (ملزقا) وفي الأصل. (مطلقا) وما أثبته من (د، ف). (¬2) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2114). (¬3) في الأصول. (معقل بن يسار) وهو خطأ. (¬4) الترمذي: (3/ 450) (9) كتاب النكاح (43) باب ما جاء في الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها قبل أن يفرض لها - رقم (1145). (¬5) الترمذي: (3/ 428) (9) كتاب النكاح (27) باب ما جاء في المحلل والمحلل له - رقم (1120)

باب في الوليمة

باب في الوليمة مسلم (¬1) عن أنس بن مالك، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى على عبد الرحمن أثَرَ صُفرَةٍ، قال: "ما هذاَ؟ " فقال: يا رسول الله! إنِّي تزوجتُ امرأةً عل وزْنِ نواةٍ من ذهبٍ، قال: "فبارك اللهُ لكَ أولِمْ ولو بشاةٍ". وعنه (¬2)، قال: ما رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه- وسلم - أوْلَم على امرأةٍ (¬3) ما أو لم على زينب، فإنَّهُ ذبح شاة. البخاري (¬4)، عن صفية بنت شيبة قالت: أوْلَم النبي - صلى الله عليه وسلم - على بعض نسائِهِ بمُا من شعير. مسلم (¬5)، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دُعِي أحَدُكُمْ إلى الوليمَةِ فليَأتِهَا". وفي لفظ آخر (¬6) "إذا دعا أحَدُكُمْ أخَاهُ، فليُجِبْ، عُرْسًا كان أو نحوَه". وعنه (¬7) أيضًا، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن دُعِيتُم إلى كُرَاعٍ (¬8) فأجِيبُوا". ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 1042) (16) كتاب النكاح (13) باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد - رقم (79). (¬2) مسلم: (2/ 1049) (16) كَتاب النكاح (15) باب زواج زينب بنت جحش رقم (90). (¬3) مسلم: (امرأة من نسائه). (¬4) البخاري: (9/ 146) (67) كتاب النكاح (70) باب من أولم بأقل من شاة - رقم (5172). (¬5) مسلم: (2/ 1052) (16) كتاب النكاح (16) باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة - رقم (96). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (100). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (104). (¬8) كراع: المراد به كراع الشاة وهو مستدقّ الساق.

وعن جابر بن عبد الله (¬1)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دُعِي أحدكم إلى طعام فليُجِبْ، فإن شاء طَعِمَ، وإن شاء تَرَكَ". وفي حديث أبي هريرة (¬2) "فإن كان صائما فليُصَلِّ (¬3)، وإن كان مُفْطِرًا فلْيَطْعَمْ (¬4) ". وقد تقدم في كتاب الصيام. وعن أبي هريرة (¬5) أيضًا، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "شرُّ الطعام، طعام الوليمَةِ، يُمْنَعُهَا من يَأتِيهَا ويُدْعَى إليها من يأبَاهَا، ومن لم يُجِبِ الدَّعْوَةَ فقد عصى اللهَ ورسُولَهُ". وقد روى هذا موقوفًا (¬6). البخاري (¬7)، عن خالد بن ذكوان قال: قالت الرُّبيع بنت مُعَوِّذ: جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل حين بُنِيَ عليَّ، فجلس فراشى كمجلسكَ منِّي، فجعلتْ جُوَيرياتٌ (¬8) يضربن بالدُفِّ ويَندُبنَ من قُتل من آبائي يوم بدر، إذ قالت إحداهنَّ: وفينا نبي يَعلمُ ما في غدِ، فقال: "دعي هذا (¬9) وقولي: بالذي كنتِ تقولين". ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (105). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (106). (¬3) الصلاة في اللغة: الدعاء، والمعى: (فليدعُ لأهل الطعام بالمغفرة والبركة). (¬4) هذا الحديث ساقط من (ف). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (110). (¬6): نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (109). (¬7) البخاري: (9/ 109) (67) كتاب النكاح (48) باب ضرب الدف في النكاح والوليمة - رقم (5147). (¬8) البخاري: (جويريات لنا). (¬9) البخاري: (هذه).

باب ما جاء في نكاح الحوامل وذوات الأزواج من الكفار بملك اليمين، وما يقول إذا أتى أهله وكم يقيم عند البكر والثيب، وأجر المباضعة وفي أحد الزوجين ينشر سر الآخر وقول الله -عز وجل-: {نساؤكم حرث لكم} وما نهى عنه من ذلك.

وعن عائشة (¬1)، أنها زفت امرأةً إلى رجُلٍ من الأنصار فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عائشة، ما كان معهم (¬2) لهوٌ، فإن الأنصار يعجبُهمُ اللهو". وعن أنس (¬3)، قال: أبصر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - نِساء وصبيانًا مُقبلين من عُرس فقام مُمتَنًا فقال: "اللهم أنتم مِن أحب الناس إليَّ". باب ما جاء في نكاح الحوامل وذوات الأزواج من الكفار بملك اليمين، وما يقول إذا أتى أهله وكم يقيم عند البكر والثيب، وأجر المباضعة وفي أحد الزوجين ينشر سر الآخر وقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} وما نهى عنه من ذلك. مسلم (¬4)، عن أبي الدرداء، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ أُتي بامرأةٍ مُجحٍ على باب فُسْطَاطٍ، فقال: "لعلهُ يُرِيدُ أنْ يُلِمَّ بها؟ " فقالوا: نعم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقد هممتُ أنْ ألعنهُ لعنًا، يدخل مَعَهُ قَبْرَهُ، كيف يُوَرثُهُ وهو لا يَحِل لَهُ؟ كيف يستخدِمُهُ وهو لا يحَلُّ لَهُ؟ ". المجح: الحامل التي دنا ولادها. أبو داود (¬5)، عن أبي الوَدَّاك جبر بن نوف، عن أو سعيد الخدْري رفعه، أنه قال في سبايا أوْطاس: "لا تُوطأ حامل حتى تضَع، ولا غير ¬

_ (¬1) البخاري: (9/ 133) (67) كتاب النكاح (63) باب النسوة التي يهدين المرأة إلى زوجها - رقم (5162). (¬2) البخاري: (معكم). (¬3) البخاري: (9/ 156) (67) كتاب النكاح (75) باب ذهاب النساء والصبيان إلى العرس - رقم (5180). (¬4) مسلم: (2/ 1065) (16) كتاب النكاح (23) باب تحريم وطء الحامل المسبية - رقم (139). (¬5) أبو داود: (2/ 614) (6) كتاب النكاح (45) باب في وطء السبايا - رقم (2157).

حامل (¬1) حتى تحيض حيضةً". تفرد أبو الوداك بقوله: "حتى تحيض (¬2) حيضة". وأبو الوداك: وثقه يحيى بن مَعين، وهو دون ذلك عند غيره. مسلم (¬3)، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حُنَيْن، بعث جيشًا إلى أوْطَاس، فَلَقُوا عدُوًّا فقاتلُوهُمْ، فظهروا عليهم، وأصابوا لَهُمْ سبَايَا، فكأن ناسًا من أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - تحرَّجُوا من غشيانهن من أجل أزواجِهنَّ من المشركين، فأنزل الله تعالى في ذلك {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} أي فَهُنَّ لكم حلالٌ إذا انقضتْ عِدَّتهنَّ. وعن ابن عباس (¬4)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أنَّ أحدهم إذا أراد أن يأتي أهلَهُ قال: بسم الله اللهم جنِّبْنَا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقْتَنَا، فإنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بينهما وَلَدٌ في ذلك، لم يضرهُ شيطان. (¬5) أبدًا". وعن أنس (¬6)، قال: إذا تزوَّج البِكْرَ على الثَّيِّبِ، أقام عندها سبعًا، وإذا تزوَّجَ الثَّيِّبَ على البكر، أقام عندها ثلاثًا. ¬

_ (¬1) أبو داود: (ولا غير ذات حمل). (¬2) (حتى تحيض): ليست في (ف)، (¬3) مسلم: (2/ 1079) (17) كتاب الرضاع (9) باب جواز: وطء المسبية بعد الإستبراء - رقم (33). (¬4) مسلم: (2/ 1058) (16) كتاب النكاح (18) باب ما يستحب أن يقوله عند الجماع - رقم (116). (¬5) مسلم: (الشيطان). (¬6) مسلم: (2/ 1084) (17) كتاب الرضاع (12) باب قدر ما تستحقه البكر والثيب من إقامة الزوج عندها - رقم (44).

قال خالد الحذاء: ولو قلتُ: رفعه لصدقْتُ، ولكنَّهُ قال: السُّنَّةُ كذلك. مسلم (¬1)، عن أبي ذر، أنَّ ناسًا من أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رَسُولَ الله (¬2) ذهب أهل الدُّثُورِ (¬3) بالأجور، يُصَلُّون كما نُصَلِّي، ويصُومُونَ نصوم، ويتصدَّقُونَ بفضول أموالهم. قال: "أو ليس قد جعل الله لكم ما تَصَّدَّقُونَ؟ إنَّ بِكُلِّ تسبيحةٍ صدقةً وكُلُّ تكبيرةٍ صدقَة، وكلُّ تحميدةٍ صدقة (¬4)، وأمرٌ. بالمعروف صدقةٌ، ونهيٌ عن مُنْكرٍ صدقَةٌ، وفي بُضْع أحدكم صدقَةٌ" قالوا: يا رسول الله! يأتي (¬5) أحدُنا شهوتَهُ، ويكونُ لَهُ فيها أجرٌ؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرامٍ أكان عليه فيها وِزْرٌ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلالِ كَانَ لَهُ أجرٌ". وعن أبي سعيد الخدري (¬6) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من شر (¬7) الناس عند الله منزلةً يوم القيامةِ، الرجل يُفْضِي إلى امرأتِهِ وتُفْضِي إليه، ثم يَنْشُرُ سِرَّهَا". وعن جابر (¬8)، قال: كانت اليهود تقول إذا أتى الرَّجُلُ امرأتَهُ، من دُبُرِهَا في قُبُلِهَا، كان الولد أحول، فنزلت {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}. ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 697) (12) كتاب الزكاة (16) باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف - رقم (53). (¬2) الإسم الكريم: سقط من الأصل. (¬3) جمع دثر وهو المال الكثير. (¬4) مسلم: (وكل تهليلة صدقة). (¬5) مسلم: (أياتي). (¬6) مسلم: (2/ 1060) (16) كتاب النكاح (21) باب تحريم إفشاء سر المرأة - رقم (123). (¬7) مسلم: (أشر). (¬8) مسلم: (2/ 1058) (16) كتاب النكاح (19) باب جواز جماعه امرأته في قبلها - رقم (117).

باب في العزل

قال جابر (¬1): إن شاء مُجَبِّيَةً (¬2)، وإن شاء غير مُجَبِّيَةٍ، غير أن ذلك في صِمَامٍ واحدٍ. النسائي (¬3)، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينظر اللهُ إلى رجل أتى رجلًا، أو امرأةً في الدبر (¬4) ". باب في العزل مسلم (¬5)، عن سعد بن أبي وقاص، أنَّ رجلًا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنَّي أعزل عن امرأتي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لِمَ تفعلُ ذلِكَ؟ " فقال- الرَّجُلُ: أُشْفِقُ على ولدِها، أو على أولادِها (¬6) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو كان ذلك ضارًا، ضرَّ فارِسَ والرُّومَ". عن أبي سعيد الخدري (¬7)، قال: غزونا مع رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - غزوةَ بالمصطلق (¬8)، فسبينا كرائِم العربِ، فَطَالَتْ علينا العزوبة (¬9)، ورغبنا في الفِدَاءِ، فأردنا أن نستمتَع ونعزل فقلنا: نفعَلُ ورسولُ الله - صلى الله ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابق - رقم (119). (¬2) أي مكبوبهَ على وجهها. (¬3) خرجه النسائي في كتاب عَشرة النساء - رقم (115). (¬4) النسائي: (دبر). (¬5) مسلم: (2/ 1061) (16) كتاب النكاح (22) باب جواز الغيلة وهي وطء المرضع، وكراهة العزل - رقم (143). (¬6) (أو على أولادها): ليس في (ف). (¬7) مسلم: (2/ 1061) (16) كتاب النكاح (22) باب حكم العزل - رقم (125). (¬8) مسلم: (بلمصطلق) وكذا (ف) وفي (د): بمصطلق. ومعنى بلمصطلق: أي بني مصطلق. (¬9) د، ف: (العزبة) وكذا مسلم.

عليه وسلم - بين أظهرنا لا نسأُلُهُ، فسألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا عليكم ألا (¬1) تفعلوا، ما كتب الله خلق نَسَمَةٍ كائنة (¬2) إلى يوم القيامة إلا ستكون". وعنه (¬3)، في هذا الحديث فقال لنا: "وإنكم لتفعلون؟ وإنكم لتفعلون؟ وإنكم لتفعلون، ما من نَسَمَةٍ كائنةٍ إلى يوم القيامةِ إلا هي كائنةٌ". النَّسائي (¬4)، عن جابر بن عبد الله قال: كانت لنا جوارٍ، وكنا نعزل عنهن، فقال اليهود: إنَّ تلك المَوْؤُدَةُ الصُّغْرَى، سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك؟ فقال: "كذبتْ يهودُ، لو أراد الله خلقهُ لم تستطع رَدهُ". مسلم (¬5) (¬6)، عن جُدَامَةَ بنت وهب، قالت: حضرتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أناس، وهو يقول: "لقد هَمَمْتُ أن أنهى عن الغِيلَةِ (¬7)، فنظرت في الروم، وفارس فإذا هم يُغِيلُونَ أولادَهُمْ، ولا (¬8) يضر أولادهم ذلك شيئًا" ثم سألُوهُ عن العزلِ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذلك الوَأْدُ الخفِيُّ". إسلام جُدَامة كان عام الفتح، ويروى أن إسلامها كان قبل ذلك. ¬

_ (¬1) مسلم: (أن لا). (¬2) مسلم: (هي كائنة). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (127). (¬4) خرجه النسائي في كتاب عشرة النساء - رقم (193). (¬5) مسلم: (2/ 1067) (16) كتاب النكاح (24) باب جواز الغيلة وهي وطء المرضع - رقم (141). (¬6) هذا الحديث ليس في (ف). (¬7) والمراد بها: أن يجامع الرجل امرأته وهي مرضع. (¬8) مسلم: (فلا).

باب القسمة بين النساء وحسن العشرة وحق كل واحد من الزوجين على صاحبه وأحاديث تتعلق بالنكاح

باب القسمة بين النساء وحسن العشرة وحق كل واحد من الزوجين على صاحبه وأحاديث تتعلق بالنكاح مسلم (¬1)، عن عطاء، عن ابن عباس قال: كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - تسع نسوة (¬2)، فكان يقسم لثمان، ولا يقسِمُ لواحدةٍ. قال عطاء: التي لا يقسِمُ لها صفيَّةُ بنتُ حُيَيٍّ. الصحيح أن النبي كان يقسم لها إنما كانت سودة بنت زمعة كانت وهبت نصيبها من النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة (¬3). وعن عائشة (¬4)، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج سفرًا، أقرع بين نسائِهِ، فأيتهن خرج سَهْمُهَا خرج بها مَعَهُ. وذكر الحديث. وعنها (¬5)، قالت: ما رأيتُ امرأةً أحبَّ إليَّ أن أكون في مِسْلاخِهَا (¬6) من سودةَ بنت زَمْعَةَ، من امرأةٍ فيها حِدةٌ، فلما كبرت جعلت يومها من رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لعائشةَ، قالت: يا رسول الله! قد جعلتُ يومي منك لعائشة، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقسِمُ لعائشة يومينِ، يومها ويوم سَوْدَةَ. ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 1086) (17) كتاب الرضاع (14) باب جواز هبهَا نوبتها لضرتها - رقم (51). (¬2) (نسوة): ليست في مسلم. (¬3) هذا الكلام في (ف) فقط. (¬4) مسلم: (4/ 2129) (49) كتاب التوبة (10) باب في حديث الإفك - رقم (56). (¬5) مسلم: (2/ 1085) (17) كتاب الرضاع باب جواز هبتها نوبتها لضرتها - رقم (47). (¬6) المسلاخ: هو الجلد ومعناه أن أكون أنا هي.

وعن أنس (¬1)، قال: كان للنبى - صلى الله عليه وسلم - تسع نسوةٍ، فكان إذا قسم بَيْنَهُنَّ، لا ينتهى إلى المرأةِ الأولى في (¬2) تسع، فكُنَّ يجتمعن كل ليلةٍ في بيت التي يأتيها، فكان في بيتِ عائشةَ، فجاءت زينَبُ فمدَّ يَدَهُ إليها، فقالت: هذه زينَبُ، فكفَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - يده. وذكر الحديث. وعن عائشة (¬3)، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى العصر دار على نسائهِ، فيدنو منهنَّ، وذكر الحديث. أبو داود (¬4)، عن عروة قال: قالت لي (¬5) عائشة: يا ابن أُختي، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يُفضِّلُ بعضنا على بعض في القَسم، من مُكثه عندنا، فكان قلَّ يومٌ إلا وهو يطوف علينا جميعًا، فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ التي (¬6) هو يومها فيبيت عندها. وذكر هبة سودة يومها لعائشة، قالت في ذلك: أنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- وفي أشباهها {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}. وعن عائشة (¬7)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى النساء تعنى في مرضه فاجتمعن، فقال: "إني لا أستطيع أن أدور بينكن، فإن رأيتن أن تأذنَ لي أن أكون (¬8) عند عائشة، فعلتُنَّ" فأذِنَّ له. ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 1084) (17) كتاب الرضاع (13) باب القسم بين الزوجات - رقم (46). (¬2) مسلم: (إلا في تسع). (¬3) مسلم: (2/ 1101) (18) كتاب الطلاق (3) باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق - رقم (21). (¬4) أبو داود: (2/ 601) (6) كتاب النكاح (39) باب في القسم بين النساء - رقم (2135). (¬5) (لي) ليست في الأصل و (ف). (¬6) أبو داود: (إلى التي). (¬7) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2137). (¬8) أبو داود: (فأكون).

الترمذي (¬1)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كانت (¬2) عند الرجل امرأتانِ، فلم يعدل بينهما، جاء يوم القيامةِ وشقه ساقِطٌ". قال: إنما أسنده همَّام، وهمام ثقةٌ حافِظٌ. وعن عائشة (¬3)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقسم بين نسائِهِ فيعدِلُ، ويقول: "اللهم هذِهِ قسمتي فيما أمْلِك، فلا تلمنى فيما تملك، ولا أملك" روي مرسلًا. مسلم (¬4)، عن أسماء قالت: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن لي ضرةً فهل على جناح أن أتشبع من مال زوجي بما لم يعطني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المتشبِّعُ بما لم يُعطَ، كلابس ثوبَي زورٍ" الترمذي (¬5)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو كنتُ آمرًا أحدًا أن يسجد لأحدٍ، لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ صحيح. عن عمرو بن الأحوص (¬6)، أنَّهُ شهد حجة الوداع مع رسول الله ¬

_ (¬1) الترمذي: (3/ 447) (9) كتاب النكاح (41) باب ما جاء في التسوية بين الضرائر - رقم (1141). (¬2) الترمذي: (كان). (¬3) الترمذي: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (1140). (¬4) مسلم: (3/ 1681) (37) كتاب اللباس والزينة (35) باب النهي عن التزوير في اللباس وغيره - رقم (127). (¬5) الترمذي: (3/ 465) (10) كتاب الرضاع (10) باب ما جاء في حق الزوج على المرأة - رقم (1159). (¬6) الترمذي: (3/ 467) (10) كتاب الرضاع (11) باب ما جاء في حق المرأة على زوجها - رقم (1163).

- صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليهِ، وذكَّر ووعظ، فقال: "ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنما هُنَّ عوانٌ عندكم، ليس تملكون منهن شيئًا غيرَ ذلك، إلا أنْ يأتين بفاحشةٍ مُبَيِّنة، فإن فعلْنَ فاهجروهن في المضاجع واضربوهُنَّ ضربًا غير مُبَرِّح، فإن أطعنكم فلا تبغُوا عليهنَّ سبيلا، ألا إنَّ لكم على نسائكم حقًّا، ولنسائِكم عليكم حقًّا، فأمَّا حقُّكُم على نسائكم فلا يُوطِئنَ فرشكم من (¬1) تكرهون، ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهنَ عليكم أن تُحْسِنُوا إليهنَ في كسوتهنَّ وطعامهِنَّ". قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. النسائي (¬2)، عن أبي شُرَيْح الخُزَاعي قالْ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إني أُحَرِّج (¬3) حق الضعفين: اليتيم والمرأة (¬4) ". مسلم (¬5)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا باتَتِ المرأةُ هاجرةً فراش زوجهَا، لعنها الملائكةُ حتى تُصْبِحَ". النسائي (¬6)، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ينظر الله تبارك وتعالى (¬7) إلى (¬8) امرأة لا تشكر لزوجها، وهي لا تستغني عنه". ¬

_ (¬1) د: (لمن). (¬2) خرجه النسائي في عشرة النساء - رقم (268). (¬3) أي أضيقه، وأحرمه على من ظلمهما. (¬4) النسائي: (حق اليتيم وحق المرأة). (¬5) مسلم: (2/ 1059) (16) كتاب النكاح (20) باب تحريم امتناعها من فراش زوجها - رقم (120). (¬6) خرجه النسائي في عشرة النساء - رقم (249). (¬7) (تبارك وتعالى): ليس في النسائي. (¬8) (إلى): ليست في الأصل.

وعن ابن عباس (¬1)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود، الولود، العَؤُود على زوجها التي إذا آذت أو أُوذيت، جاءت حتى تأخذ بيد زوجها ثم تقول: والله لا أذوقُ غُمْضًا حتى ترضى". مسلم (¬2)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَ المرأةَ خُلِقَتْ من ضِلَع، لن تستقيمَ على طريقةٍ، فإن استمتعتَ بها استمتعت بها، وبها عِوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقُها". وعنه (¬3)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَفْرَكْ مؤمِنٌ مؤمنةً، إن كَرِهَ منها خلقًا رضِيَ منها آخر" أو قال: "غيرَهُ". الترمذي (¬4)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أكمَلُ المؤمنينَ إيمانًا أحَسَنُهُمْ خلقًا، وخيارُكُمْ خِيارُكُمْ لنسائهم (¬5) ". قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ. البخاري (¬6)، عن عائشة قالت: كنتُ ألعَبُ بالبنات عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان لي صوَاحبُ يَلعبنَ معى، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل يَتَقَمَّعنَ منه، فيُسَرِّبهُنَ إليَّ فيلعبنَ معي. مسلم (¬7)، عن جابر بن عبد الله قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) خرجه النسائي في كتاب عشرة النساء - رقم (257)، وفيه خلف بن خليفة، ثقة قد اختلط. (¬2) مسلم: (2/ 1091) (17) كتاب الرضاع (18) باب الوصية بالنساء - رقم (59). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (61). (¬4) الترمذي: (3/ 466) (10) كتاب الرضاع (11) باب ما جاء في حق المرأة على زوجها - رقم (1162). (¬5) الترمذي: (لنسائهم خلقًا). (¬6) البخاري: (10/ 543) (78) كتاب الأدب (81) باب الإنبساط إلى الناس - رقم (6130). (¬7) مسلم: (3/ 1528) (33) كتاب الإمارة (56) باب كراهة الطروق - رقم (184).

وسلم - أن يطرُقَ الرجل أهلَهُ ليلًا، يتخونُهُم، أو يطلب (¬1) عثراتهم. زاد في أخرى (¬2)، "حتى تستحدّ المغيبة، وتمتشط الشَّعِثَةُ". النسائي (¬3)، عن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يطرُق أهله ليلًا، يقدم غُدْوَةً أو عشية. مسلم (¬4)، عن عائشة قالت: قال لِي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لَأعْلَمُ إذا كنتِ عنِّي راضيةً، وإذا كنتِ عَلَيَّ غضبى" قالت (¬5)، فقلت: ومن أين تعرف ذلك؟ قال: "أمَّا إذا كنت عني راضيةً، فإنك تقولين: لا، وربِّ محمد، وإذا كنت عليَّ (¬6) غضبى قلت: لا، ورب إبراهيم" قالت، قلتُ: أجل، والله يا رسول اللهِ ما أهجر إلا اسْمَكَ. وعن عمر بن الخطاب (¬7)، قال: دخلتُ على حفصةَ فقلت: أتراجعين رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: نعم، قلت: أتهجُرهُ إحداكُنَّ اليوم إلى الليلِ؟ قالت: نعم، قلتُ: قد خاب من فعل ذلك منكنَّ وخَسِرَ. وعن أبي هريرة (¬8)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله تعالى (¬9) يغارُ، وإنَّ المؤمن يغارُ، وغيرَةُ اللهِ أنْ يأتِيَ المؤمنُ ما حرَّم عليه". الدارقطني، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: (يلتمس). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (182). (¬3) خرجه النسائي في كتاب عشرة النساء - رقم (264). (¬4) مسلم: (4/ 1890) (44) كتاب فضائل الصحابة (13) باب في فضل عائشة (80). (¬5) (قالت): ليست في (د). (¬6) (عليَّ) ليست في مسلم. (¬7) مسلم: (2/ 1111) كتاب الطلاق (5) باب في الإيلاء واعتزال النساء - رقم (34). (¬8) مسلم (3/ 2114) (49) كتاب التوبه (6) باب غيرة الله تعالى - رقم (36). (¬9) (تعالي): ليست في مسلم.

وسلم -: "إن الله ليغار لعبده المسلم فليغر لنفسه". قال: هذا حديث صحيح، خرَّجه في كتاب العلل. البزار (¬1)، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الغيرة من الإِيمان، والمِذاء من النفاق (¬2) ". البخاري (¬3)، عن عبد الله هو ابن مسعود قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُبَاشِرُ المرأةُ المرأةَ (¬4) فَتنعَتها لزوجها، كأنه ينظر إليها". مسلم (¬5)، عن جابر بن عبد الله في حديثه الطويل، قال: فلما دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّتْ (¬6) ظُعُنٌ يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهنَّ، فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ على وجهِ الفضل، فحوَّلَ الفضل وجهه إلى الشِّقِّ الآخر، ينظُرُ، فحول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده من الشِّقِّ الآخر على وجهِ الفضلِ، فصرف (¬7) وجهه من الشق الآخر ينظرُ. زاد الترمذي (¬8) في هذا الحديث،، خرَّجه من حديث علي، فقال العباس: يا رسول الله! لويت عنق ابن عمك! قال: "رأيتُ شابًا وشابَّةً فلم آمن الشيطانَ عليهما". قال: هذا حديثٌ صحيحٌ (¬9). ¬

_ (¬1) كشف الأستار: (2/ 188). (¬2) في كشف الأستار زيادة: (قال، قلت ما المذاء؟ قال: الذي لا يغار). (¬3) البخاري: (9/ 250) (67) كتاب النكاح (118) باب لا تباشر المرأة فتنعتها لزوجها - رقم (5240). (¬4) المرأة ليست في البخاري نسخة فتح الباري (المكتبة السلفية) وثابتة في عمدة القاري: (16/ 423). (¬5) مسلم: (2/ 891) (15) كتاب الحج (19) باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (147). (¬6) مسلم: (مرت به). (¬7) مسلم: (يصرف). (¬8) الترمذي: (3/ 233) (7) كتاب الحج (54) باب ما جاء أن عرفة كلها موقف - رقم (885). (¬9) الترمذي: (حسن صحيح).

باب إخراج المخنثين من البيوت

مسلم (¬1)، عن جرير بن عبد الله، قال: سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نَظْرة الفَجأة (¬2)؟ فأمرني أن أصرف بَصَرِي. وعن عُقبَةَ بن عامرٍ (¬3)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إيَّاكُم والدخول على النساء" فقال رجلٌ من الأنصار: يا رسول الله! أفرأيت الحمو؟ قال: "الحَمْوُ الموتُ". قال الليث: الحمو: أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج ابن العم ونحوه. مسلم (¬4)، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الدنيا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وإنَّ الله مُسْتَخْلِفُكُمْ فيها، فينظرٌ كيف تعملون فاتقوا الدُّنْيَا واتقوا النساءَ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النِّسَاءِ". وعن أسامة بن زيد، وسعيد بن عمرو بن نفيل (¬5)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما تركت بعدى في النَّاس فتنةً أضرَّ على الرجال من النساء". باب إخراج المخنثين من البيوت مسلم (¬6)، عن عائشة قالت: كان يدخل على أزواج النبي - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1699) (38) كتاب الآداب (10) باب نظر الفجأة - رقم (45). (¬2) مسلم: (نظر الفُجاءَةِ). (¬3) مسلم: (4/ 1711) (39) كتاب السلام (8) باب تحريم الخلوة بالأجنبية - رقم (20). (¬4) مسلم: (4/ 2098) (48) كتاب الذكر والدعاء (26) باب أكثر أهل الجنة الفقراء - رقم (99). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (98). (¬6) مسلم: (4/ 1716) (39) كتاب السلام (13) باب منع المخنث من الدخول على النساء الأجانب - رقم (33).

باب النفقة على العيال

وسلم - مُخَنَّث فكانوا يَعُدُّونَهُ من غير أُولي الإِرْبَةِ، قالت: فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا، وهو عند بعض نسائِهِ، وهو ينعَتُ امرأةً، قال: إذا أقْبَلَتْ أقبلت بأربعٍ، وإذا أدبرت أدبرت بثمانٍ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أرى هذا يعرِفُ ما هاهنا، لا يدخلنَّ عليكنَّ" قالت: فَحَجبُوهُ. زاد أبو داود (¬1) وأخرجه فكان بالبيداء يدخل كل جمعة فيستطعم. وخرَّج، عن أبي هريرة (¬2)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي بمخنث قد خضب يديه ورجليه (¬3)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بال هذا؟ " فقيل: يا رسول الله يتشبه بالنساء، فأمر به فنفى إلى النقيع، فقيل يا رسول الله! ألا نقتله؟ فقال: "إنِّي نهيت عن قتل المصلين". البخاري (¬4)، عن ابن عباس قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال. وعنه (¬5)، قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المخنثين من الرجال، والمترجِّلات من النساء، وقال: "أخرجوهم من بيوتكم" فأخرج فلانًا وأخرج (¬6) فلانًا. باب النفقة على العيال البخاري (¬7)، عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 360) (26) كتاب اللباس (36) باب في قوله {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} - رقم (4109). (¬2) أبو داود: (4/ 282) -كتاب الأدب - باب في الحكم في المخنثين - رقم (4928). (¬3) أبو داود: (بالحناء). (¬4) البخاري: (10/ 345) (77) كتاب اللباس (61) باب المتشبهون بالنساء - رقم (5885). (¬5) البخاري: (10/ 346) (77) كتاب اللباس (62) باب إخراج المتشبهين بالنساء من البيوت - رقم (5886). (¬6) البخاري: (وأخرج عمر فلانة). (¬7) البخاري: (9/ 410) (69) كتاب النفقات (2) باب وجوب النفقة على الأهل والعيال - =

"أفضل الصدقةِ ما ترَك غنىً، واليدُ العليا خيرٌ من اليدِ السفلى، وابدأ بمن تَعول، تقول المرأة: إما أن تُطعمَني وإما أن تُطلِّقَني، ويقول العبدُ: أطعمني واستعملني، ويقول الابن (¬1): أطعمني إلى من تدعني؟ " قالوا: يا أبا هريرة! هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعت (¬2)؟ قال: لا، هذا من كيس أبي هريرة. وقال النسائي (¬3) في هذا الحديث، وابدأ بمن تعول. فقيل: من أعول يا رسول الله (¬4)؟ قال: " امرأتك تعول، تقول: أطعمني وإلا فارقني، خادمك يقول: أطعمني واستعملني، ولدك يقول: إلى من تتركني". وذكر الدارقطي (¬5)، قال: ثنا عثمان بن أحمد بن السماك، وعبد الباقي ابن نافع وإسماعيل بن علي، قالوا: أنا أحمد بن علي الخزاز، ثنا إسحاق بن إبراهيم الباوردي، ثنا إسحاق بن منصور، ثنا حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب في الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته قال: يفرق بينهما. وبهذا الإسناد إلى حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله (¬6). ¬

_ = رقم (5355). (¬1) (د): (الولد). (¬2) البخاري: (سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). (¬3) رواه النسائي في كتاب عشرة النساء - رقم (329). (¬4) قال ابن حجر: هو وهم والصواب ما أخرجه هو (يعني النسائي) من وجه آخر، عن ابن عجلان به وفيه: فسئل أبو هريرة: من تحول يا أبا هريرة. اهـ، وهذا الحديث رواه النسائي في كتاب عشرة النساء - رقم (328). وهو معنى قوله في آخر الحديث السابق: لا هذا من كيس أبي هريرة. (¬5) سنن الدارقطني: (3/ 297) - رقم (193). (¬6) نفس المصدر والموضع السابقين - رقم (194).

باب في الرضاع

مسلم (¬1) عن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كَفَىَ بالمرء إثمًا أن يُضَيِّعَ مَنْ يقوت". وعن عائشة (¬2)، قالت: دخلتْ هند بنتُ عتبة امرأةُ أبي سفيان على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إنَّ أبا سفيان رجل شحيح، ما يعطيني من النفقة ما يكفينى ويكفي بنيَّ إلا ما أخذتُ من ماله بغير علمه، فهل عليَّ في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بَنيكِ". البخاري (¬3)، عن عمر بن الخطاب "أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبيع نخل بني النضير ويحبس لأهله قوتَ سنتهم". النسائي (¬4)، عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أعظمُ النساءِ بركةً أيسرهنَّ مَؤُنة". باب في الرّضاع مسلم (¬5) عن عائشة قالت: "جاء عمِّي من الرَّضاعة يستأذنُ عليّ، فأبيْتُ أنْ آذَنَ له حتى أستأمرَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما جاءَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، قلتُ: إنَّ عمى من الرضاعة استأذن عليّ فَأبيتُ ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 692) (12) كتاب الزكاة (12) باب فضل النفقة على العيال - رقم (40). ولفظه: "كفى بالمرء إثما أن يحبس عمَّن يملك قوته". وأما لفظ المصنف فهو لفظ رواية أبي داود وغيره. (¬2) مسلم: (3/ 1338) (30) كتاب الأقضية (4) باب قضية هند - رقم (7). (¬3) البخاري: (9/ 412) (69) كتاب النفقات (3) باب حبس الرجل قوت سنة على أهله - رقم (5357). (¬4) النسائي في كتاب عشرة النساء: (ص 328) - رقم (392) وإسناده ضعيف لضعف ابن سخبرةَ، انظر "رفع الجناح" للقاري بتحقيق خالد العنبري (ص 40). (¬5) مسلم: (2/ 1070) (17) كتاب الرضاع (2) باب تحريم الرضاعة من ماء الفحل - رقم (7).

أنْ آذَنَ له، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فَلْيلجْ عليكِ عَمُّك" قالت (¬1): إنما أرضعتني المرْأةُ ولم يُرضعني الرجُلُ قال: "إنه عَمُّكِ فليلج عليك". وعنها (¬2) في هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إن الرضاعة تحرم ما تحرّم الولادة". وعن أم حبيبة (¬3) قالت: "دخل علَّي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقلتُ (¬4): هل لك في أختى ابنة (¬5) أبي سفيان؟ فقال: "أفعل ماذا؟ " قلتُ: تنكِحها. قال: "أوتحبين ذلك" قالت: لستُ لك بمْخِليَةٍ": (¬6) وأحبُّ مَنْ شَركني في الخير أختي. قال: "فإنها لا تحلُّ لي" قلتُ: فإني أُخبِرت أنك تخطب دُرّة ابنة أبي سلمة قال: "ابنة أم سلمة" قلتُ: نعم قال: "لو أنها لم تكن ربيبتي في حجْري ما حلّت لط، إنها ابنة أخي من الرَّضاعة أرضعتني وإياها ثُويبَةُ فلا تعرضنَ علَّي بَنَاتكنَّ ولا أخواتِكُنَّ". وعن عائشة (¬7) قالت: جاءت سَهْلَةُ بنتُ سُهَيل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إني أرى في وجه أبي حذيفةَ مِن دُخول سالم (وهو حليفه) فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أرضعيه" قالت: وكيف أرضعهُ وهو رجل كبير فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "قد علمت أنه رجلٌ كبير". ¬

_ (¬1) ف (قلت). (¬2) مسلم: (2/ 1068) أول كتاب الرضاع - رقم (1). (¬3) مسلم: (2/ 1072) (17) كتاب الرضاع (4) باب تحريم الربيبة وأخت المرأة - رقم (15). (¬4) مسلم: فقلت له. (¬5) مسلم: بنت. (¬6) بمخيلة اسم فاعل من الإخلاء، أي لست بمنفردة بك ولا خالية من ضرة. (¬7) مسلم: (2/ 1076) (17) كتاب الرضاع (7) باب رضاعة الكبير - رقم (26).

وفي أخرى (¬1) "أرضعيه تَحْرُمي عليه، ويَذْهَب الذي في نفس أبي حُذيفة" فرجعتْ، فقالت: إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة. وفي أخرى (¬2)، فقالت: إنَّه ذُو لحية، فقال: "أرضعيه يذهبُ ما في وَجْهِ أبي حذيفة". وعن زينب (¬3) ابنة أبي سلمة أن أم سلمة (¬4) كانت تقول أَبَي سائِرُ أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُدخلن عليهنَّ أحدًا بتلك الرَّضاعةِ، وقلن لعائشة: والله، ما نرى هذه إلا رخصةً أرخصها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لسالم خاصةً، فما هو بداخل علينا أحدٌ بهذه الرَّضاعة ولا رَائِينَا. ذكر أبو داود (¬5) في هذا الحديث أنَّها أرضعته خمسَ رضعاتٍ وأن عائشة "كانتْ تأمر بناتِ أخواتها وبنات إخوتها أن يرضعن من أحبَّتْ عائشة أنْ يراها ويدخل عليها، وإن كان كبيرًا خمس رضعاتٍ، ثم يدخل عليها". مسلم (¬6) عن عائشة قالت: "دخل عليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وعندى رجل قاعدٌ فاشتدَّ ذلك عليه، ورأيتُ الغضبَ في وجهه. قالت: فقلت: يا رسول الله، إنه أخي من الرَّضاعة، قالت: فقال: "انْظرنَ إخوانكنَّ من الرضاعة فإنما الرَّضاعة من (¬7) المجاعة". وعن أم الفضل بنت الحارث (¬8) قالت: "دخل أعرابي على نبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيتى، فقال: يا نبي الله إني كانت لي امرأةٌ فتزوجتُ ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (27). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (30). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (31). (¬4) مسلم: أن أمَّها أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت. (¬5) أبو داود: (2/ 550) (6) كتاب النكاح (10) باب من حرم به - رقم (2061). (¬6) مسلم: (2/ 1078) (17) كتاب الرضاع (8) باب إنما الرضاعة من المجاعة - رقم (32). (¬7) في الأصل، و (د): (عن). (¬8) مسلم: (2/ 1074) (17) كتاب الرضاع (5) باب في المصة والمصتين - رقم (18).

عليها أخرى، فزعمتْ امرأتي الأولى أنها أرضعتْ امرأتي الحُدْثى (¬1) رضعةَ أو رضعتين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُحرم الإ ملاجة (¬2) والإملاجتان". البخاري (¬3) عن عُقْبَةَ بن الحارِثِ: أنه تزوَّج بنتًا (¬4) لأبي إهابِ بن عَزيز، فأتته امرأةٌ، فقالتْ: إني أرضعتُ عقبةَ والتي تزوج، فقال لها عقبةُ: ما أعلم أنَّكِ أرْضَعْتِنى ولا أخبَرْتِني. فأرسل إلى آل أبي إهاب فسألهم (¬5)، فقالوا: ما علمنا أرضعتْ صاحِبتَنَا. فركِبَ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة فسألهُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيف وقد قيل؟ " ففارقها ونكحتْ زوجًا غيره. وفي طريق أخرى (¬6): قلتُ: إنها كاذبةٌ. فقال: كيف بها وقد زعمتْ أنها قد أرضعتْكُما، دعْها عنك. أبو داود (¬7)، عن حجاج بن حجاج الأسلمي، عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله ما يُذهب عني مذمَّة (¬8) الرضاع قال: "الغُرَّةُ: العبدُ أو الأمَة". ¬

_ (¬1) (الحُدثي): أي الجديدة، وهو تأنيث أحدث. (¬2) (الإملاجة): هي المصة، يقال: ملج الصبى أمه وأملجته. (¬3) البخاري: (5/ 297) (52) كتاب الشهادات (4) باب إذا شهد شاهد أو شهود بشيءٍ ... - رقم (2640). (¬4) البخاري: ابنة. (¬5) البخاري: يسألهم. (¬6) البخاري: (9/ 56) (67) كتاب النكاح (23) باب شهادة المرضعة - رقم (5104). (¬7) أبو داود: (2/ 553) (6) كتاب النكاح (12) باب في الرَّضْخ عند الفصال - رقم (2064). (¬8) (مذمة الرضاع): يعني ذمام الرضاع وحقه، وفيه لغتان: مَذَمَّة، ومَذِمَة -بكسر الذَّال المعجمة وفتحها- والمعنى: أنها قد خدمتك وأنت طفل وحضنتك وأنت صغير فكافئها بخادم يخدمها، تكفيها المهنة قضاء لذمامها وجزاءً لها على إحسانها. قاله الخطابي. وثمة حاشية مفيدة في هامش الأصل: معنى قوله: "ما ينفي عني مذمة الرضاع" أنهم كانوا يستحبون عند فصال الصبى أن يؤتوا بشيء سوى الأُجرة، فكأنه قال: أي شيء يُسقط عني حق التي أرضعتني حتى أكون قد أديته كاملاً؟ فقال: الغرة العبد أو الأمة.

كتاب الطلاق

كتاب الطلاق بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم (¬1). باب كراهية الطلاق أبو داود (¬2)، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أبغضُ الحلال إلى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- الطلاق". وهذا يروَى مرسلًا من حديث محارب. وذكر وكيعٌ عن ابن أبي ذئب عن محمد بن المنكدر وعطاء بن أبي رباح كلاهما عن جابر بن عبد الله يرفعه: "لا طلاق قبل نكاح" خرَّجه أبو محمد (¬3). باب ذكر طلاق السُّنَّة مسلم (¬4) عن ابن عمر أنَّه طلَّق امرأته وهي حائض تطليقةً واحدةً، فأمره رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ يراجعها ثم يُمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ¬

(¬1) البسملة ليست في (د)، وليس في (ف) البسملة ولا الصلاة. (¬2) حديث ضعيف. والراجح أنه مرسل. أخرجه أبو داود: (2/ 631) (7) كتاب الطلاق (3) باب في كراهية الطلاق - رقم (2178). (¬3) المحلَّى لابن حزم: (10/ 205). وأخرجه ابن أبي شيبة (5/ 16) عن وكيع به. وأخرجه الحاكم في المستدرك: (2/ 204) من طريق أبي بكر الحنفي، عن ابن أبي ذئب، عن عطاء، عن جابر ولفظه: "لا طلاق لمن لم يملك، ولا عتاق لمن لم يملك" وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال شاهده أشهر منه. (¬4) مسلم: (2/ 1093) (17) كتاب الطلاق (1) باب تحريم طلاق الحائض - رقم (1471).

عنده حيضةً أُخرى، ثم يمهلها حتى تَطْهُرَ من حيضتها، فإنْ أرادَ أنْ يطلِّقها فليطلقها حين تطهُرُ مِنْ قبلِ أن يجامعها. فتلك العِدَّةُ التي أَمَرَ اللهُ أن يُطَلَّق (¬1) لها النساء. وفي بعض طرق هذا الحديث (¬2)، قال ابن عمر: وقرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - (يا أيها النبي أذا طلقتم النساء فطلقوهن في قُبُلِ عدتهن) (¬3). وعن ابن عمر أيضًا (¬4) أنه طلَّق امرأته وهي حائضٌ، فذكر ذلك عُمَرُ للنبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال: "مُرْهُ فليراجعْها ثمَّ ليطلِّقها طاهرًا أو حاملًا". وعنه في هذا (¬5) قال. "فراجعتُها وحَسَبْتُ لها التطليقة التي طلقتها. وفي بعض طرق هذا الحديث (¬6): "مُرْهُ فليراجعها. ثم إذا طهرت فَلْيُطلِّقْها". قال أبو داود (¬7): رَوَى هذا الحديثَ عن ابن عمر: يونس بن جبير، وسعيد بن جبير، وأنس بن سيرين، وزيد بن أسلم، وأبو الزبير، ومنصور عن أبي وائل بمعناهم كلهم: "أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يُراجعها حتى تطهر، [ثم إن شاء طلَّق وإن شاء أمسك. وكذلك رواية (¬8) محمد بن عبد الرحمن عن سالم عن ابن عمر ورواية ¬

_ (¬1) ف: تطلق. (¬2) مسلم: (2/ 1098) نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (14). (¬3) قال النووي: هذه قراءة ابن عباس وابن عمر، وهي شاذة لا تثبت قرآنا بالإجماع، ولكن يكون لها حكم خبر الواحد عندنا وعند محققي الأصوليين. (¬4) مسلم: (2/ 1095) نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (5). (¬5) مسلم: نفس الموضع السابق - رقم (4). (¬6) مسلم: (2/ 1097) - رقم (12). (¬7) سنن أبي داود: (2/ 637) (7) كتاب الطلاق (4) باب طلاق السُّنة. (¬8) في سنن أبي داود: (وكذلك رواه).

باب في الخلع

الزهري عن سالم ونافع عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يُراجعها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر] (¬1)، ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك. مسلم (¬2) عن ابن عباس قال: "كان الطلاق على عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وسنتين من خلافةِ عُمر، طلاقُ الثلاثِ واحدةً، فقال عُمر بن الخطاب: إنَّ الناس قد استعجلُوا في أمْر كانت لهم فيه أناةٌ فلو أمضيناه عليهم فأمضاهُ (¬3) عليهم". بابٌ في الخلع مالكٌ (¬4) عن حبيبةَ بنتِ سَهْلٍ (¬5) أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شَمَّاس وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى الصُّبح فوجد حبيبةَ بنتَ سَهْلٍ عند بابه (¬6) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من هذه؟ " فقالت: أنا حبيبة بنتُ سَهْلٍ يا رسول الله، قال: "ما شأنُكِ؟ " قالت: لا أنا وثابت (¬7) بن قيس لزوجها. فلما جاءَ زوجُها ثابتُ بن قيس قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذه حبيبةُ بنتُ سَهْلٍ قد ذكرتْ ما شاء الله أن تذكر" فقالت (¬8): يا رسول الله كل ما أعطاني عندي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لثابت بن قيس: "خذ منها" فأخذ منها، وجلست في أهلها (¬9). ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ف). (¬2) مسلم: (2/ 1099) (18) كتاب الطلاق (2) باب طلاق الثلاث - رقم (15) (1472). (¬3) (ف): فأمضيناه. (¬4) الموطأ: (2/ 564) (29) كتاب الطلاق (11) باب ما جاء في الخلع - رقم (31). (¬5) في الأصل في هذا الموضع والذي بعده: سهيل. (¬6) في الموطأ: (عند بابه في الغلس). (¬7) الموطأ: (ولا ثابت) وكذا (ف). (¬8) الموطأ: فقالت حبيبة:. (¬9) الموطأ: بيت أهلها.

باب الحقي بأهلك

البخاري (¬1) عن عكرمة، عن ابن عباس أنَّ امرأةَ ثابت بن قيس أتتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس لا (¬2) أعتب عليه في خلق ولا دين ولكنِّي أكرهُ الكفر في الإسلام، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتَرُدِّينَ عليه حديقته؟ " قالت: نعم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقبل الحديقة وطلِّقها تطليقةً". قال (¬3): لا يتابع فيه عن ابن عباس (¬4). النسائيَّ (¬5)، عن الرُّبيع بنت معوّذ، أن ثابتَ بن قيس بن شَمَّاسٍ ضرب امرأتهُ فكَسَرَ يدها، وهي جميلةُ بنتُ عبدِ الله بن أبِّي فأتى أخوها يَشْتَكِيهِ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ثابت فقال: "خُذْ الذي لَهَا عليْكَ وخَلِّ سَبيلَهَا" قال: نعم، فأَمَرَهَا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن تتربَّصَ حيضةً واحدةً وتلحقَ بأهلِهِا. باب الحقي بأهلك البخاري (¬6)، عن عائشةَ، أنَّ ابنةَ الجَونِ لما دخلت (¬7) على رسول الله ¬

_ (¬1) البخاري: (9/ 306) (68) كتاب الطلاق (12) باب الخلع - رقم (5273). (¬2) البخاري: ما. (¬3) يعني البخاري. (¬4) أي لا يتَابَع أزهر بن جميل (شيخ البخاري) على ذكر ابن عباس في هذا الحديث، بل أرسله غيره، ومراده بذلك خصوص طريق خالد الحذاء عن عكرمة، ولهذا عقبه برواية خالد -وهو ابن عبد الله الطحان- عن خالد -وهو الحذاء- عن عكرمة مرسلا، ثم برواية إبراهيم بن طهمان، عن خالد الحذاء مرسلا، وعن أيوب مرصولًا، ورواية إبراهيم بن طهمان، عن أيوب الموصولة وصلها الإسماعيلى. انظر: فتع الباري: (9/ 312). (¬5) النسائي: (6/ 186) (27) كتاب الطلاق (53) باب عدة المختلعة - رقم (3497). (¬6) البخاري: (9/ 268) (68) كتاب الطلاق (3) باب من طلق، وهل يواجهُ الرجل امرأته بالطلاق - رقم (5254). (¬7) البخاري: (لما أُدخلت).

- صلى الله عليه وسلم - ودنا منها قالت: أعوذُ بالله منك، فقال لها: "لقد عُذتِ بعظيم، الحَقي بأهلكِ". وعن أبي أُسَيد (¬1)، في هذا الحديث، قال: خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى انطلقنا إلى حائطٍ يقال لهُ: الشَّوطُ، حتى انتهينا إلى حائطين جلَسنا بينهما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اجلِسوا ها هنا، ودخل، وقد أُتي بالجَوْنِيَّةِ، فأُنزِلَتْ في بيتٍ (¬2) في نخلٍ في بيتِ أميمةَ بنت النُّعمانِ بن شَراحِيل، ومعها داَيتُها حاضِنةٌ لها، فلما دخلَ عليها رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "هَبي نفسَكِ لي" قالت: وهلْ تَهَبُ الملكة نفسها لسُّوقة؟ فأهوى بيدهِ يضع يدهُ عليها لتَسكُنَ، فقالت: أعوذُ بالله منك. قال: "قد عُذتِ بمَعَاذٍ" ثم خرج علينا (¬3) فقال: "يا أبا أُسَيد، اكسُها رازقيين (¬4) وألْحِقها بأهلِها". وقال مسلم (¬5) عن سهل بن سعد: ذُكِرَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأَةٌ من العَرَب، فأمر أبا أُسَيدٍ أَنَّ يُرسِلَ إليها، فأرسَل إليها، فقدمَتْ فنزلت في أجُم (¬6) بني سَاعِدَة، فخرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جاءها، فدخَل عليها، فإذا امرأة مُنَكِّسَة رأسَها، فلما كلَّمها رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قالتْ: أعوذُ بالله منك، قال: "قد أعذتُكِ مني" فقالوا لها: أتدرين من هذا؟ فقالت: لا، فقالوا: هذا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جاءَ (¬7) ليخْطُبَكِ، قالت: أنا كنت أشقى من ذلك. ¬

_ (¬1) البخاري: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (5255). (¬2) في بيت: ليست في (د). (¬3) د: علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (¬4) رازقيين: الرازقية ثياب من كتان بيض طوال -قاله أبو عبيدة-. (¬5) مسلم: (3/ 1591) (36) كتاب الأشربة (30) باب إباحة النبيذ الذي لم يشتد ولم يصر مسكرًا - رقم (88) (2007). وأخرجه البخاري: (10/ 101) (74) كتاب الأشربة (30) باب الشرب من قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - وآنيته - رقم (5637). (¬6) (أُجُم): هو الحصن، وجممه آجام. (¬7) مسلم: (جاءك).

باب ما يحل المطلقة ثلاثا

باب ما يحل المطلقة ثلاثا مسلم (¬1)، عن عائِشةَ، أنَّ رِفَاعَةَ القُرظِيَّ طلَّق امرأتَهُ فَبَتَّ طَلَاقَهَا، فتزوجتْ بعدَهُ عبد (¬2) الرحمنِ بن الزبِيرِ، فجاءَتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالَتْ: يا رسول اللهِ! إنها كانتْ تحت رِفَاعَةَ فطلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تطليقاتٍ فتزوَّجتُ بعدَهُ عبدَ الرَّحْمَن بن الزبير، وإنَّهُ واللهِ! ما مَعَهُ إلا مثْلُ الهُدبَةِ. وأخَذَتْ هدبة (¬3) من جلبابِهَا، قال: فتبسَّم رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ضاحِكًا وقال: "لعَلَّكِ تُريدين أن ترجِعِي إلى رِفَاعَةَ. لَا. حتى يذوق عُسَيْلتَكِ وتذُوقي عُسيْلَتهُ" وأبو بكرٍ الصديق جالس عند رسول الله" (¬4) صلى الله عليه وسلم -، وخالد بن سعيد بن العاص بباب (¬5) الحُجْرَةِ لم يُؤْذَن لَهُ. قال: فَطفقَ خالد ينادى، يا أبا بكيرٍ: ألا تزجُرُ هذِهِ عما تجهَرُ بِهِ عند رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم -؟. البخاري (¬6)، عن عكرمَةَ، أنَّ رِفاعة طلَّقَ امرأتهُ، فتزوجَها عبد الرحمن ابن الزَبير القُرَظى (¬7)، قالت عائشةُ: وعليها خِمارٌ أخضر، فشكَتْ إليها، وأرَتْهَا خُضرة بجلدها. فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والنساء ينظرُ (¬8) بعضهن بعضًا- قالت عائشة: ما رأيتُ مثلَ ما يلقى المؤمِنات لَجِلدُها أشدُّ خُضرةً من ثَوبها، قال: وسمِعَ أنَّهَا قد أتتْ رسَولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 1056) (16) كتاب النكاح (17) باب لا تحل المطلقة ثلاثًا لمطلقها حتى تنكح زوجًا غيره ويطأها - رقم (112). (¬2) (ف): (بعيد). (¬3) مسلم: (بهدبة). (¬4) (ف): (النبي). (¬5) مسلم: (جالس بباب الحجرة). (¬6) البخاري: (10/ 293) (77) كتاب اللباس (23) باب الثياب الخضر - رقم (5825). (¬7) القرظي: ليست في (ف). (¬8) البخاري: (ينصر). وهي جملة معترضة من كلام عكرمة.

باب المراجعة

فجاء ومعهُ ابنان له من غيرها، قالت: ما لي (¬1) إليه من ذنب، إلا أنَّ ما معهُ ليس بأغنى عنّى من هذه - وأخذت هُدبة من ثوبها- فقال: كذَبَت والله يا رسول الله، إنّي لأنفضُها نفضَ الأديم، ولكنها ناشزُ تريدُ رفاعة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنْ كان ذلك لم تحلين لهُ، أو لم تصلحين (¬2) له، حتى يَذوقَ عُسَيْلَتَكِ (¬3) " قال: فأبصر معهُ ابنين له فقال: "بنوك هؤلاء؟ " قال: نعم، قال: "هذا الذي تزعُمين ما تزعمين؟ فو الله لهم أشبهُ به من الغُراب بالغراب". مسلم (¬4)، عن عائشة قالت: طلق رجُل امراتهُ ثلاثًا، فتزوجَهَا رجلٌ، ثُم طلقَهَا قبل أن يَدْخُلَ بها. فأرَادَ زوجُها الَأوَّلُ أن يرتجعها (¬5)، فسُئِلَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلِكَ. فقال: "لا. حتى يذُوق الآخِرُ من عُسْيلَتِهَا، ما ذاق الأوَّلُ". باب المراجعة أبو داود (¬6)، عن عمر بن الخطاب، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - طلَّق حفصةَ، ثم راجعها. وعن مُطرف بن عبد الله (¬7)، أنَّ عِمران بن حصين، سُئِلَ عن رجل ¬

_ (¬1) البخاري: (والله مالي اليه من ذنب). (¬2) البخاري: (لم تحلي له، أو لم تصلحي له). (¬3) (عُسيْلتك): تصغير عسلة وهي كناية عن الجماع، شبه لذته بلذة العسل وحلاوته ... وهذه استعارة لطفةُ شبهت لذة المجامعة بحلاوة العسل، أو سمي الجماع عسلًا، لأن العرب تسمي كلَّ ما تستحليه عسلاً. (¬4) مسلم: (2/ 1057) (16) كتاب النكاح (17) باب لا تحل المطلقة ثلاثًا لمطقها حتى تنكح زوجًا غيره ويطأها - رقم (115). (¬5) مسلم: (أن يتزوجها). (¬6) أبو داود: (2/ 712) (7) كتاب، الطلاق (38) باب في المراجعة - رقم (2283). (¬7) أبو داود: (2/ 637) (7) كتاب الطلاق (5) باب الرجل يراجع ولا يُشهد - رقم (2186).

باب التخيير

طلَّق امرأتَهُ، ثم يقع بها، ولم يشهد على طلاقِهَا ولا على رجعتها، فقال: طلَّقْتَ لِغير سنة، وراجعت لغير سنة أشهِدْ على طلاقها وعلى رجعتها، ولا تعُد. باب التخيير مسلم (¬1)، عن عائِشةَ، قالت: لمَّا أُمِرَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِتَخْيِيرِ أزواجِهِ بَدَأَ بي، فقال: "إنِّي ذاكِرٌ لَكِ أمْرًا، فلا عليكِ ألا تعْجَلِي، حتى تستأمري أبويك" قالت: قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لم يكونا ليأْمُرَاني بِفِرَاقِهِ، قالت: ثم قال: "إنَّ الله قال لي (¬2): {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29)} " قالت: فقلتُ: أفي هذا أستأمر (¬3) أَبَوَيَّ؟ فإِنيِّ أُرِيدُ اللهَ ورسُولَهُ والدَّارَ الآخِرَةَ. قالت: ثُمَّ فَعَلَ أزواجُ النبي - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ مَا فَعَلْتُ. وعنها (¬4)، قالت: خيَّرَنَا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فاخْتَرْنَاهُ فلم يَعْدُدْهُ (¬5) علينا شيئًا. وعنها (¬6)، قالت: كانت (¬7) في بَرِيرَةَ ثلاثُ قضِيَّاتِ أرَادَ أَهلُهَا أن يَبيعُوهاَ ويشترِطُوا وَلَاءَهَا، فذكرتُ ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اشتريها وأَعتِقِيها، فإنَّ الوَلَاءَ لِمَنْ أَعتَقَ" وعَتَقَتْ، فخيَّرَهَا رسُولُ الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 1103) (18) كتاب الطلاق (4) باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقًا إلا بالنية - رقم (22). (¬2) (لي): ليست في مسلم. (¬3) مسلم: (في أيِّ هذا أستأمر). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (28). (¬5) مسلم: (فلم يعدُدها). (¬6) مسلم: (2/ 1143) (20) كتاب العتق (2) باب إنما الولاء لمن أعتق - رقم (10). (¬7) مسلم: (كان).

وسلم -، فاختَارَتْ نَفْسَهَا، قالت: وكان النَّاسُ يتصدقون عليها وتُهْدِى لَنَا، فذكرتُ ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "هو عليها صدقةٌ ولكم (¬1) هديةٌ فكُلُوهُ". أبو داود (¬2)، عن ابن عباس، أنَّ زوج بَرِيرَةَ كان عبدًا أسود، يُسمى مُغيثًا فخيَّرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمرها أَنْ تعتدَّ. زاد أبو الحسن (¬3)، الدارقطني (¬4)، عِدَّة الحرَّة. البخاري (¬5)، عن ابن عباس، أنَّ زوجَ بَرِيرَةَ، كان عبدًا يقال له مُغيِثَ، كأني أنظرُ إليه خلْفَها يطوف (¬6) يبكي، ودُموعه تسيل على لِحيَتهِ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو راجعتِهِ" قالت: يا رسول الله! تأمرني، قال: "إنما أشفع (¬7) " قالت: فلا حاجة لي فيه. أبو داود (¬8)، عن عائشةَ، أنَّ بريرة عتقتْ (¬9) وهى عند مغيث - عبدٍ (¬10) لآل أبي أحمد - فخيَّرها رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "إنْ قَرُبَكِ (¬11) فلا خيار لك". ¬

_ (¬1) مسلم: (وهو لكم هدية). (¬2) أبو داود: (2/ 671) (7) كتاب الطلاق (19) باب في المملوكة تعتق وهى تحت حر أو عبد - رقم (2232). (¬3) (أبو الحسن): ليست في (ف). (¬4) سنن الدارقطني: (3/ 294). (¬5) البخاري: (9/ 319) (68) كتاب الطلاق (16) باب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في زوج بريرة - رقم (5283). (¬6) (يطوف): ليست في البخاري. (¬7) البخاري: إنما أنا أشفع. (¬8) أبو داود: (2/ 673) (7) كتاب الطلاق (21) باب حتى متى يكون لها الخيار - رقم (2236). (¬9) أبو داود: أُعتقت. (¬10) (د، ف): عبد كان وليس في (ف): لآل. (¬11) قربك: أي جامعك.

باب في الظهار

باب في الظهار الترمذي (¬1)، عن ابن عباس، أنَّ رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ظَاهَرَ من امرَأَتِهِ فوقع علها، فقال: يا رسول الله! إنِّي ظاهرتُ من امرأتي (¬2)، فوقعتُ علها قبل أن أُكفِّر، قال: "وما حملك على ذلك يرحمُكَ الله؟ " قال: رأيتُ خُلْخَالهَا في ضوءِ القمر، قال: "فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله (¬3) ". قال: هذا حديث حسنٌ غريبٌ صحيحٌ. باب في الإِيلاء والتحريم البخاري (¬4)، عن أنس، قال: آلى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائِهِ شهرًا (¬5) وكان انفكتْ رِجلهُ، فأقام في مَشرُبَةٍ تِسْعًا وعشرين ليلةً، ثم نزل، فقالوا: يا رَسُول الله! آليْتَ شهرًا، فقال: "إنَّ الشهر يكون تسعًا وعشرين". النسائي (¬6)، عن أنس، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان له أَمَةٌ يَطَؤُهَا، فلم تزل بِهِ عائشةُ وحفصةُ حتّى حَرَّمَهَا (¬7)، فأنْزلَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (¬8). ¬

_ (¬1) الترمذي: (3/ 503) (11) كتاب الطلاق (19) باب ما جاء في المظاهر يواقع قبل أن يكفر- رقم (1199). (¬2) الترمذي: (إني قد ظاهرت من زوجتي). (¬3) الترمذي: (ما أمرك الله به). (¬4) البخاري: (4/ 143) (30) كتاب الصوم (11) باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا" - رقم (1911). (¬5) (شهرًا): ليس في البخاري وليس في (د، ف). (¬6) النسائي: (7/ 71) (36) كتاب عشرة النساء (4) باب الغيرة - رقم (3959). (¬7) النسائي: (حتى حرَّمها على نفسه). (¬8) التحريم: (1).

باب في اللعان

مسلم (¬1)، عن ابن عباس، قال: إذا حرَّم الرَّجُلُ عليهِ امرَأتَهُ فِهِي يمينٌ يُكَفِّرُهَا، وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (¬2) ". باب في اللعان مسلم (¬3)، عن سعيد بن جبير، أَنَّهُ سَأَلَ ابن عمر، قال: قلتُ: يا أبا عبد الرحمنِ! المُلاعِنانِ، يُفرقُ (¬4) بينهما؟ قال: سُبحانَ اللهِ! نعم. إنَّ أَوَّلَ من سَأَلَ عن ذلك فُلانُ بن فُلانٍ. قال: يا رسُولَ الله أرأيتَ أَنْ (¬5) لو وَجَدَ أَحَدُنَا امرأَتَهُ على فاحِشَةٍ كيف يصنَعُ؟ إنْ تكَلَّمَ تكَلَّمَ بأمْرٍ عظيمٍ. وإنْ سَكَتَ سَكَتَ على مثل ذلك، قال: فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يجبه، قال: فلمَّا كان بعد ذلك أَتَاهُ فقال: إنَّ الَّذى سألتُكَ عنْهُ قد ابتُلِيتُ بِهِ. فأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ هؤلاءِ الآيَاتِ في سُورَةِ النُّورِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} فتلاهن عليه ووعَظَهُ وذكَّرَهُ وأخبرَهُ أنَّ عذابَ الدنيا أهوَنُ من عَذَابِ الآخِرَةِ، قال: لَا، والذي بعثَكَ بالحقِّ ما كذبتُ عليها، ثُمَّ دَعَاهَا وَوَعَظهَا وذكَّرَهَا وأخبرَهَا أنَّ عَذَابَ الدُّنيا أهوَنُ من عَذَابِ الآخِرَةِ. قالت: لَا، والذي بَعَثَكَ بالحق إنَّهُ لكاذِبٌ، فبَدَأ بالرجل فشهد أَرْبَعَ شهاداتٍ بالله إنَّهُ لمن الصادقين، والخامسة أنَّ لعَنَه الله عليه إنْ كان من الكاذبين. ثم ثَنَّى بالمرأةِ فشهدَتْ أَرْبَعَ شهادَاتٍ بالله إِنَّهُ لَمِنَ الكاذبِينَ. والخامِسَةُ أَنَّ غَضَبَ الله عليها إن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ثُمَّ فَرَّقَ بينهُمَا. ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 1100) (18) كتاب الطلاق (3) باب وجوب الكفارة على من حرَّم امرأته ولم ينو الطلاق - رقم (19). (¬2) الأحزاب: (21). (¬3) مسلم: (2/ 1130 - 1131) (19) كتاب اللعان - رقم (4). (¬4) مسلم: (أيفرق). (¬5) أن: ليست في (د).

البخاري (¬1)، عن ابن عبَّاس، أنَّ هِلال بن أُميَّةَ قَذَفَ امرأتَهُ عندَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بشَريكِ بن سحماء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "البيِّنة أو حدٌّ (¬2) في ظَهرك" قال: يا رسول الله! إذا رأى أحدُنا على امرأتِهِ رجلًا يَنطلقُ يَلتمس البيّنة؟ فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "البينةُ وإلَّا حَدٌّ (2) في ظهرك " فقال هلالٌ: والذي بعَثَكَ بالحقِّ إنِّي لَصادق، فَليُنزلنَّ الله ما يُبرِّئُ ظهري من الحدِّ، فنزل جبريلُ عليه السلام وأنزل الله (¬3) عليه {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} فقرأ حتى بلغ {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (¬4) وانصرف النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسلَ إليها فجاء هلالٌ فشَهِدَ، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: إنَّ الله يعلمُ أنَّ أحدَكما كاذِب، فهل منكما تائِب؟ ثم قامت المرأة (¬5) فشهَدت، فلما كانت عند الخامسة وقفُوها وقالوا: إنَّها مَوجِبة. قال ابن عباس: فتلكَّأت ونكصَت حتى ظننَّا أنها ترجِع، ثم قالت: لا أَفضحُ قومي سائِرَ اليوم، فمضت. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أبصِروها، فإنْ جاءت به أكحلَ العَينين، سابغَ الإليتين خَدَلَّج السّاقين فهو لشَريكِ بن سحماء" فجاءت به كذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لولا ما مَضى من كتاب الله لكان لي ولها شَأن". أبو داود (¬6)، عن ابن عباس، قال: جَاءَ هِلالُ بن أُميَّة - وهُوَ أحدُ الثلاثة الذين تابَ الله عليهم- إلى أهله عشاء (¬7)، فوجد عند أهلِهِ رجُلًا، فرأى ¬

_ (¬1) البخاري: (8/ 303 - 304) (65) كتاب التفسير (3) باب {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} - رقم (4747). (¬2) (ف، د): حدًا بالنصب. (¬3) الاسم الكريم: ليس في الأصل. (¬4) النور: (6). (¬5) (المرأة): ليست في البخاري. (¬6) أبو داود: (2/ 688 - 689) (7) كتاب الطلاق (27) باب في اللعان - رقم (2256). (¬7) أبو داود: (فجاء من أرضهِ عشيًا).

بعينيهِ وسَمِعَ بأذنيه (¬1)، فلم يهجْهُ (¬2)، حتى أصبح، ثم غَدَا على رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! إنيِّ جئْتُ أهلي عِشاءً فوجدتُ عندهم رجلًا، فرأَيتُ بعينيَّ وسمعتُ بأذنيَّ، فكَرِهَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ما جاء به، واشتدَّ عليه، فنزلت {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} وذكر الحديث. وفي آخره، فَفَرَّقَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما، وقضى ألا يُدعى ولدُها لأَب، ولا يُرمى ولا تُرمى (¬3)، ومن رماها أو رمى ولدَها فعليه الحدّ، وقضى ألا بيت لها عليه ولا قُوت من أجل أنهما يفترقان من غير طلاق، ولا مُتوفَى عنها. وقال: "إنْ جاءتْ بهِ أُصيْهب أَريْصِح أُثيْبجٍ حَمْشَ الساقين فهو لهلال ابن أُمية، وإن جاءت به أوْرَق جعدًا جُماليًا خدَلَّج السّاقين سابغ الإِليتين، فهو للذي رُمِيَت به" فجاءت به أورق جعدًا جُماليا خدلَّجَ الساقين سابغ الإليتين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا الأيمان لكان لي ولها شأن". قال عرمة: فكان بعد ذلك أميرًا على مصر، وما يُدعى لأب. مسلم (¬4)، عن سَهْل بن سعْدٍ، أنَّ عُويمرًا العجلاني، جَاءَ إلى عَاصِمِ ابن عَدِيٍّ الأنصَارِيِّ، فقال لَهُ: أرأيتَ يا عاصمُ لو أنَّ رجلًا وجَدَ مع امْرَأتِهِ رَجُلًا، أيقتُلُهُ، فتقتُلُونَهُ؟ أم كيف يفعلُ؟ فَسَلْ لي عَنْ ذلِكَ يا عَاصِمُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. فسأل عاصمٌ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَكَرِهَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -لمسائِلَ وعَابَهَا، حتى كَبُرَ على عاصم ما سَمِعَ من رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا رَجَعَ عاصِمٌ إلى أهْلِهِ جَاءَهُ عويمرٌ، فقال: يا عاصم! ماذا قال لك رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال عاصِمٌ ¬

_ (¬1) أبو داود: (فرأى بعينه، وسمع بأذنه)، وفي نسخة بالتثنية. (¬2) فلم يهجْهُ: أي لم يزعج هلال ذلك الرجل ولم ينفره. (¬3) أبو داود: (ولا تُرمى ولا يُرمى ولدها). (¬4) مسلم: (2/ 1129) (19) كتاب اللعان - رقم (1).

لعُويمرٍ: لم تأْتِني بخير، قَدْ كَرِهَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المسْأَلةُ التي سألْتُهُ عنها. قال عويمر: والله! لا أنتهى حتى أسألُهُ عنها. فأقْبَلَ عُويمر حتى أَتَى رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَسَطَ النَّاسَ. فقال: يا رسُولَ الله! أرأيتَ رجُلًا وجد مع امرأتهِ رَجُلًا أيقتُلُهُ فتقتُلُونَهُ؟ أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد أُنزل (¬1) فيك وفي صاحِبَتِكَ، فاذهب فَأْتِ بها". قال سهل: فَتَلَاعَنَا وأَنَا مع النَّاس، عند رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا فَرَغَا قال عويمرٌ: كَذَبْتُ عليها، يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ أمْسَكْتُهَا، فطلَّقها ثلاثًا، قبل أنْ يأمُرَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفي طريق آخر (¬2)، فتلاعنا في المسجد (¬3)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذلكم (¬4) التفريق بين كُلِّ مُتَلَاعِنَيْنِ". وفي آخر (¬5)، قال سهل: فكان ابنُهَا (¬6) الى أُمَّهِ، ثم جَرَتِ السُّنَّةُ أنَّهُ يرث منها (¬7) وتَرِثُ مِنْهُ ما فرض الله (¬8) لها. الدارقطني (¬9)، عن سهل وذكر هذا الحديث، قال: فتلاعنا، ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما، وقال: "لا يجتمعان أبدًا". وقال أبو داود (¬10)، عن سهل: مضتِ السُّنَّة بعدُ في المتلاعِنَيْن أن يفرّق بينهما ثم لا (¬11) يجتمعان أبدًا. ¬

_ (¬1) مسلم: (نزل). (¬2) مسلم: نفس الكتاب السابق - رقم (3). (¬3) مسلم: (فتلاعنا في المسجد، وأنا شاهد). (¬4) مسلم: (ذاكم). (¬5) مسلم: نفس الكتاب السابق - رقم (2). (¬6) مسلم: (فكان ابنها يدعى). (¬7) مسلم: (أنه ورثها وترث منه). (¬8) الإسم الكريم: ليس في (د). (¬9) السنن: (3/ 275) - رقم (115). (¬10) أبو داود: (2/ 683) (7) كتاب الطلاق (27) باب في اللعان - رقم (2250). (¬11) ف: (فما) مكان (ثم لا).

وعن سهل (¬1)، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال لعاصم بن عدى: "أمْسِك المرأة عندك حتى تلد". مسلم (¬2)، عن ابن عباس، في هذا قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهُمَ بَيِّنْ" فَوَضَعتْ (¬3) شَبِيهًا بالذي (¬4) ذكر زَوْجُهَا أنَّهُ وجَد عِنْدَهَا. فقال رجل لِابنِ عبَّاسٍ في المجلس: أهِيَ التي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ رَجَمْتُ أحدًا بغيرِ بيِّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ؟ " فقال ابنُ عبَّاسٍ: لاَ. تِلْكَ امْرَأَةٌ كانت تُظْهِرُ في الإسْلَامِ السُّوءَ. وعن ابن عمر (¬5)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للمُتَلَاعِنَيْنِ: "حِسَابُكُمَا على اللهِ. أحَدُكُما كَاذِبٌ. لا سَبِيلَ لَكَ عليْهَا" قال: يا رسُولَ اللهِ! مالِي؟ قال: "لا مَالَ لَكَ، إنْ كُنْتَ صَدَقتَ عليها فَهُوَ بِمَا اسْتَحْلَلْت مِنْ فَرْجِهَا وإنْ كُنْتَ كَذَبْتَ عليها فَذَلك (¬6) أَبْعَدُ لَكَ مِنْهَا". النسائي (¬7)، عن ابن عبَّاسٍ، أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ رَجُلًا حينَ أَمَرَ المُتلاعنَيْنِ أَنْ يَتَلاعَنَا أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عند الخَامِسَةِ على فِيهِ وقال: "إنَّها مُوجِبَةٌ". مسلم (¬8)، عن عبد الله بن مسعود، وذكر حديث المتلاعنيْن، قال: فذهَبَتْ لِتَلْعَنَ، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَه" فَأبَتْ فَلَعَنَتْ. ¬

_ (¬1) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2246). (¬2) مسلم: (2/ 1134) (19) كتاب اللعان - رقم (12). (¬3) (ف): (فوضعته). (¬4) مسلم: (بالرجل الذي. . .). (¬5) مسلم: نفس الكتاب السابق - رقم (5). (¬6) مسلم: (فذاك). (¬7) النسائي: (6/ 175) (27) كتاب الطلاق (40) باب الأمر بوضع اليد على في المتلاعنين عند الخامسة - رقم (3472). (¬8) مسلم: (2/ 1133) (19) كتاب اللعان - رقم (10).

باب فيمن عرض بنفي الولد

وعن ابنِ عمر (¬1)، أنَّ رجُلًا لَاعَنَ امراتُهُ على عَهْدِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَفرَّقَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بينَهُما وأَلْحَقَ الوَلَدَ بِأُمِّهِ. أبو داود (¬2)، عن أبي هريرة، أنَّهُ سَمِعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول حين نزلت آية الملاعنة (¬3) (¬4): "أيّما امرأة أُدْخَلَتْ على قوم من ليس منهم، فليست من الله في شيءٍ، ولن يُدخلها الله جنَّتهُ، وأيما رجل جحَد ولده وهو ينظر إليهِ احتجب الله منه وفضَحَهُ على رؤوسِ الأولين والآخرين". باب فيمن عرَّض بنفي الولد مسلم (¬5)، عن أبي هريرة، أنَّ أعرابيًا أتى رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يَا رسُولَ الله! إنَّ امْرَأتِي وَلَدَتْ غُلامًا أَسْوَدَ. وإنِّي أَنْكَرْتُهُ، فقال لَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل لَكَ من إبل؟ " قال: نَعَمْ، قال: مَا أَلْوانُهَا؟ " قال: حُمْرٌ، قال: "فَهَلْ فِيهَا من أَوْرَقَ؟ " قال: نعم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فأنِّى هُوَ؟ " قال: لَعَلَّهُ يا رسُولَ اللهِ! يَكُونُ نَزَعَهُ عِرْقْ لَهُ. فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وهذا لعلَّهُ يكون نَزَعَهُ عِرْقٌ لَهُ". زاد البخاري (¬6)، ولم يُرَخِّصْ له في الانتفاء منهُ. ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب السابق - رقم (8). (¬2) أبو داود: (2/ 695 - 696) (7) كتاب الطلاق: (26) باب التغليظ في الانتفاء - رقم (2263)، وسنده ضعيف. (¬3) هذه الجملة ليست في (ف). (¬4) أبو داود: (المتلاعنين). (¬5) مسلم: (1137/ 2) (19) كتاب اللعان - رقم (20). (¬6) البخاري: (13/ 309) (96) كتاب الإعتصام بالكتاب والسنة (12) باب من شبَّة أصلًا معلومًا بأصلٍ مبين - رقم (7314).

باب الولد للفراش

باب الولد للفراش مسلم (¬1)، عن عائِشةَ أنَّهَا قالت: اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أبِي وَقَّاص وعَبْدُ بنُ زَمْعَةَ فِي غُلام، فقال سعدٌ: هَذا يا رسُولَ اللهِ! ابنُ أَخِي، عُتْبَة بن أبي وقَّاصٍ، عَهِدَ إليَّ أنَّهُ ابْنُهُ. انظر إلى شَبَهِهِ وقال عبد الله بنُ زَمْعَةَ: هَذَا أَخِي، يا رَسُولَ اللهِ! وُلِدَ عَلى فِرَاشِ أبي، من وَلِيدتِهِ. فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلى شَبَهِه، فرأى شَبَهًا بَيِّنًا بعُتْبَةَ. فقال: "هُوَ لَكَ يا عَبْدُ، الولد للفراشِ وللعاهِرِ الحجَرُ، واحتجبي مِنَهُ يا سودَةُ بنت زَمْعَةَ" فلم يَرَ سودة قطُّ. وقال البخاري (¬2): "هو لك، هو أخوك، يا عبدُ بن زمعة". اسم هذا الغلام عبد الرحمن، وأمُّه امرأة يمانية، وله عقب بالمدينة. باب البخاري (¬3)، عن البراء بن عازب، في قصة ابنة حمزة، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بها لخالَتِها، وقال: "الخالةُ بمنزلة الأم". باب مسلم (¬4)، عن عائشة، قالت: دخل عليَّ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم مسرورًا، فقال: "يا عائشةُ، ألم ترى أنَّ مُجزَزًا المُدْلجيَّ ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 1080) (17) كتاب الرضاع (10) باب الولد للفراش وتوقي الشبهات - رقم (36). (¬2) البخاري: (7/ 618) (64) كتاب المغازى (53) باب. - رقم (4303). (¬3) البخاري: (5/ 357 - 358) (53) كتاب الصلح (6) باب كيف يكتب (هذا ما صالح فلان ابن فلان، فلان بن فلان" - رقم (2699). (¬4) مسلم: (2/ 1082) (17) كتاب الرضاع (11) باب العمل بإلحاق القائف الولد رقم (39).

باب في عدة المتوفى عنها والإحداد ونفقة المطلقة

دخلَ عليَّ فرأى أسَامَةَ وزيدًا و (¬1) عليهما قطيفةٌ، قد غطَّيَا رُؤُسَهُما وبدتْ أقدامُهُما، فقال: إنَّ هذِهِ الأقدامَ بعضُهَا من بعْضٍ". قال أبو داود (¬2)، وكان أسامة أسود شديد السواد وكان زيد أبيض شديد البياض (¬3). باب في عدة المتوفّى عنها والإحداد ونفقة المطلقة مسلم (¬4)، عن سُبيعه الأسلمية، أنها نفست بعد وفاة زوجها بليال، وأنها ذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمرها أن تزوّج (¬5). مسلم (¬6)، عن حميد بن نافع، عن زينب بنتِ أبي سلمةَ، قالت: دخلتُ على أُمِّ حبيبةَ زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين توُفِّيَ أبوها أبو سفيانَ. فدعت أُمُّ حبيبةَ بطيبٍ فيه صُفْرَةٌ خَلُوقٌ (¬7) أو غيرهُ، فدهَنَتْ منهُ جاريةً، ثم مسَّتْ بعارضيها (¬8). ثم قالت: والله مالي بالطِّيب من حاجةٍ، غير أنيِّ سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول على المنبر: "لا يحِلُّ لامرأةٍ تُؤمنُ بالله واليومِ الآخر تُحِدُّ على ميِّتٍ فوق ثلاثٍ، إلَّا على زوجٍ، أربعة أشهر وعشرًا" قالت زينب: ثم دخلتُ على زينبَ بنت جحش حين تُوفي أخوها، فدعت بطيب فمست منه، ثم قالت: والله مالي بالطبب من حاجةٍ غير أني سمعت رسول الله ¬

_ (¬1) (و) ليست في (د). (¬2) أبو داود: (2/ 699) (7) كتاب الطلاق (31) باب في القافة - رقم (2267). (¬3) (شديد البياض): ليست في أبي داود. (¬4) مسلم: (2/ 1122) (18) كتاب الطلاق (8) باب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها بوضع الحمل - رقم (56). (¬5) (د): تتزوج. (¬6) مسلم: (2/ 1123 - 1125) (18) كتاب الطلاق (9) باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك، إلا ثلاثة أيام - رقم (58). (¬7) (خلوق): طيب مخلوط. (¬8) (بعارضيها): أي جانبا وجهها، فوق الذقن إلى ما دون الأذن وإنما فعلت هذا لدفع صورة الإحداد.

- صلى الله عليه وسلم - يقول، على المنبر: "لا يحل لامرأةٍ تُؤمِنُ بالله واليومِ الآخر، تُحِدُّ على ميِّتٍ فوق ثلاثٍ، إلَّا على زوجٍ، أربعةَ أشهُرٍ وعشرًا" قالت زينب: سمعتُ أمي (¬1) أم سلمة تقول: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إنَّ ابنتي توفّى عنها زوجها، وقد اشتكت عينها، أفنكحُلُهَا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا"- مرتين أو ثلاثًا، كلُّ ذلك يقول: "لا"- ثم قال: "إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمى بالبعرةِ على رأس الحول". قال حميد: فقلت لزينب: وما ترمي بالبعرةِ على رأس الحول؟ فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي زوجها (¬2)، دخلت حِفشًا (¬3)، ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيبًا ولا شيئًا، حتى تمُرَّ بها سنة، ثم تُؤْتى بدابةٍ، حمار أو شاةٍ أو طيرٍ، فتفتض به (¬4)، فقلما تفتض بشيءٍ إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرةً فترمى بها، ثم تراجع بعدُ، ما شاءتْ من طيب وغيره (¬5). وعن أم عطية (¬6)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تحِدُّ امرأةٌ على ميتٍ فوق ثلاثٍ، إلا على زوج، أربعة أشهرٍ وعشرًا، ولا تلبَسُ ثوبًا مصبوغًا إلَّا ثوبَ عصْبٍ (¬7)، ولا تكتحِلُ، ولا تمسُّ طيبًا، إلَّا إذا طَهُرَتْ، نُبْذَةً من قُسْطٍ أو أظفارٍ (¬8) ". ¬

_ (¬1) أمي: ليست في الأصل. (¬2) مسلم: (إذا توفي عنها زوجها). (¬3) (حفشًا): بيتًا صغيرًا حقيرًا قريب السمك. (¬4) (فتفتض به): قال مالك: أي تمسح به جلدها. (¬5) (د): أو غيرهِ. (¬6) مسلم: (2/ 1127) نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (66). (¬7) (إلا ثوب عَصْبٍ): العصب من الثياب ما عصب غزله قبل أن ينسج كالبرود، قاله الخطابي، وقال النووي: هو برود اليمن يحصب غزلها، ثم يصبغ معصوبًا، ثم تنسج، ومعنى الحديث النهي عن جميع الثياب المصبوغة للزينة، إلا ثوب العصب. (¬8) (نبذة من قسط أو أظفار) النبذة: القطعة والشيء اليسير، وأما القسط والأظفار: نوعان معروفان من البخور، وليا من مقصود الطيب، رخص فيه للمغتسلة من الحيض لإزالة الرائحة الكريهة، تتبع به أثر الدم، لا للتطيب.

زاد النسائي (¬1): "ولا تمتَشِطُ". وفي بعض روايات أبي داود (¬2)، بدل عصب "إلا مغسولًا". وذكر أبو داود (¬3)، عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المتوفى عنها زوجها لا تلبس المُعَصْفر من الثياب، ولا المُمشَّقَة (¬4) ولا الحلي، ولا تختضب ولا تكتحل". مسلم (¬5)، عن فاطمة بنت قيس، أن زوجها طلقها ثلاثًا فلم يجعل لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكنى ولا نفقة. قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا حللتِ فآذنيني" فآذنتهُ، فخطبها معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمَّا معاوية فرجل تربٌ (¬6) لا مال له، وأما أبو جهم، فرجل ضرَّاب للنساء. ولكن أسامة (¬7) " فقالت بيدها هكذا: أسامَةُ! أسامَةُ! فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "طاعة اللهِ وطاعةُ رسوله خير لكِ" فتزوجتُهُ فاغتبَطْتُ. أبو داود (¬8)، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال. أرسل مروان إلى فاطمةَ، فسألها، فأخبرته، وذكر هذا الخبر، قالت: فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملًا". الدارقطني (¬9)، عن فاطمة بنت قيس، في هذا الخبر قالت: فأتيت ¬

_ (¬1) النسائي: (6/ 203) (27) كتاب الطلاق (64) ما تجتنب الحادة من الثياب المصبغة - رقم (3534). (¬2) أبو داود: (2/ 726) (7) كتاب الطلاق (46) باب فيما تجتنبه المعتدة في عدتها - رقم (2302). (¬3) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2304). (¬4) (الممشقة): ما صبغ بالمشق وهو يشبه المغرة. (¬5) مسلم: (2/ 1119) (18) كتاب الطلاق (6) باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها - رقم (47). (¬6) (ترب): أي فقير. (¬7) مسلم: (ولكن أسامة بن زيد). (¬8) أبو داود: (2/ 716) (7) كتاب الطلاق (39) باب في نفقة المبتوتة - رقم (2290). (¬9) سنن الدارقطني: (4/ 22).

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت ذلك له قالت: فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة، وقال: "إنما السكنى والنفقة لمن ملك (¬1) الرجعة". وخرجه النسائي (¬2) أيضًا. مسلم (¬3)، عن الأسود بن يزيد، قال: قال عمر: لا نترك كتاب الله -عز وجل- وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - لقول امرأةٍ. لا ندري أحفظت أم نسيت (¬4)، لها السكنى والنفقةُ. قال الله -عَزَّ وَجَلَّ- {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (¬5). وعن عائشة (¬6)، قالت: ما لِفَاطمةَ (¬7) خير، أن تذكر هذا الحديث. وعن فاطمة (¬8) أيضًا، قالت: قلتُ: يا رسول الله! زوجي طلَّقَني ثلاثًا، وأخافُ أن يُقْتَحَمَ عليَّ، فأمرها فتحوَّلَتْ. أبو داود (¬9)، عن ميمون بن مِهْران، قال: قدمتُ المدينة فدُفعتُ (¬10) إلى سعيد بن المسيب، فقلت: فاطمةُ بنت قيس طُلِّقت فخرجت من بيتها، فقال سعيد: تلك امرأةٌ فتنت الناس، إنها كانت لسنة، فوضعت على يد ابن أم مكتوم الأعمى. ¬

_ (¬1) (د): يملك، وكذا (ف). (¬2) النسائي: (6/ 210) (27) كتاب الطلاق (73) نفقة الحامل المبتوتة - رقم (3552). (¬3) مسلم: (2/ 1118 - 1119) (18) كتاب الطلاق (6) باب المطلقة ثلاثًا لا نفقة لها - رقم (46). (¬4) مسلم: (لعلها حفظت أو نسيت). (¬5) الطلاق: (1). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (52). (¬7) مسلم: (ما لفاطمة بنت قيس). (¬8) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (53). (¬9) أبو داود: (2/ 719 - 720) (7) كتاب الطلاق (40) باب من أنكر ذلك على فاطمة - رقم (2296). (¬10) (فَدُفعتُ إليه) بالبناء للمجهول: أي انتهيتُ إليه.

مسلم (¬1)، عن جابر بن عبد الله قال: طُلقَتْ خالتي، فأرادت أن تَجُدَّ (¬2) نخلها، فزجرها رجل أن تخرُجَ، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "بلى، فَجُدِّي نخلَكِ، فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معرُوفًا". أبو داود (¬3)، عن زينب بنت كعب بن عُجْرَةَ، عن الفُرَيْعَةِ بنت مالك -أخت أبي سعيد الخدري - أنها جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسأله أنْ ترجع إلى أهلها في بني خُدرة، فإنَّ زوجها خرج في طلب أعبُدٍ له أَبَقوا، حتى إذا كانوا بطرف القَدُوم لحقهم فقتلُوُهُ، فسألتُ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أرجع إلى أهلي، فإنِّى لم يتركني في مسكن يملكهُ ولا نفقة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم" فخرجتُ حتى إذا كنت في الحجرةِ، أو في المسجد، دعاني، أو أمر بي فدُعيت لهُ، قال: "كيف قلتِ؟ " فرددتُ عليه القِصَّة التي ذكرت من شأن زوجي، فقال: "امكثى في بيتك حتى يبلغ الكتابُ أجلهُ" قالت: فاعتددت فيهِ أربعة أشهر وعشرًا، قالت: فلما كان عثمان (¬4) أرسل إليّ فسألني عن ذلك، فأخبرتُهُ فقضى به واتبعهُ (¬5). ذكره الترمذي (¬6) وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وقال عليّ بن أحمد (¬7): زينب هذه مجهولة ولم يرو حديثها غيرُ سعد بن إسحاق بن كعب وهو غير مشهور بالعدالة (¬8)، مالك وغيره يقول فيه: ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 1121) (18) كتاب الطلاق (7) باب جواز خروج المعتدة البائن - رقم (55). (¬2) (الجداد): صرام النخل، وهو قطع ثمرها. (¬3) أبو داود: (2/ 723 - 724) (7) كتاب الطلاق (44) باب في المتوفى عنها تنتقل - رقم (2300). (¬4) أبو داود: (عثمان بن عفان). (¬5) أبو داود: (فاتبعه وقضى به). (¬6) الترمذي: (3/ 508 - 509) (11) كتاب الطلاق (23) باب ما جاء أين تعتد المتوفى عنها زوجها - رقم (1204). (¬7) المحلى لابن حزم: (10/ 302). (¬8) كيف وقد وثقه ابن معين والنسائي والدارقطني وصالح جزرة وابن حبان والعجلي وغيرهم. انظر: تهذيب التهذيب: (3/ 466).

إسحاق بن سعد، وسفيان يقول: سعيد (¬1). وقال أبو عمر في هذا الحديث: حديثٌ مشهور معروف عند علماء الحجاز والعراق. وليس في كلام أبي عمر ما يضاد القول الأول، فقد قال أبو عمر في حديث: "إذا اختلف المتبايعان" أنه حديث محفوظ، عن ابن مسعود مشهور أصل عند جماعة العلماء وهو ذكر أنه منقطع وتكلم في إسناد حديث: "هو الطهور ماؤه" وذكر أن العلماء تلقوه بالقبول وقد قال في غيرهما مثل هذا. أبو داود (¬2)، عن ابن عباس، قال: نُسِخَتْ هذه الآية "عدتها عند أهلها" فتعتدُّ حيث شاءت، وهو قول الله -عَزَّ وَجَلَّ- {غَيْرَ إِخْرَاجٍ}. ¬

_ (¬1) في المحلى: فسفيان يقول: سعيد، ومالك وغيره يقولون: سعد، والزهرى يقول عن ابن لكعب ابن عجرة، فبطل الإحتجاج به إذ لا يحل أن يؤخذ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ما ليس في إسناده مجهول ولا ضعيف. (¬2) أبو داود: (2/ 725) (7) كتاب الطلاق (45) باب من رأى التحول - رقم (2301).

كتاب البيوع

كتاب البيوع بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم - (¬1). باب كراهية ملازمة الأسواق وما يؤمر به التجار وما يحذرون منه وما يرغبون فيه. البزار (¬2)، عن سلمان الفارسي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تكونَنَّ إن استطعتَ، أَوَّلَ مَنْ يدخُلُ السُّوقَ، ولا آخر من يخرجُ منها، فإنها معركةُ الشيطان، وبها ينصب رايتَهُ". الترمذي (¬3)، عن رِفَاعَةَ بن رافع، أَنَّهُ خرج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المُصَلَّى، فرأى النَّاسَ يتبايَعُون، فقال: "يا معشر التُّجارِ" فاستجابُوا لِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ورفعوا أعناقَهُمْ وأبصارهُمْ إليهِ. فقال: "إنَّ التُّجَّار يُبعَثُونَ يوم القيامةِ فُجَّارًا إلا من اتقى اللهَ وبرَّ وصَدَقَ". قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. الدارقطني (¬4)، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "التاجر الصدوق المسلم (¬5)، مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامةِ". مسلم (¬6)، عن أبي هريرة، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الحَلِفُ منفقةٌ للسِّلْعَةِ، مَمْحَقَةٌ للرِّبْحِ". ¬

_ (¬1) البسملة والصلاة ليست في (د، ف). (¬2) رواه البزار، والطبراني نحوه كما في مجمع الزوائد (4/ 77)، وقد أخرجه موقوفا مسلمٌ في (4/ 1906) (44) كتاب فضائل الصحابة (16) باب من فضائل أم سلمة - رقم (100) (2451). (¬3) الترمذي: (3/ 515) (12) كتاب البيوع (4) باب ما جاء في التجار وتسمية النبي - صلى الله عليه وسلم - إياهم - رقم (1210). (¬4) الدارقطني: (3/ 7). (¬5) الدارقطني: (الصدوق الأمين المسلم). (¬6) مسلم: (3/ 1228) (22) كتاب المساقاة (27) باب النهي عن الحلف في البيع - رقم (131).

وعن النعمان بن بشير (¬1)، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ الحلال بيِّنٌ وإنَّ الحرام بَيِّنٌ، وبينَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لا يَعْلَمُهُنَّ كثيرٌ من النَّاسِ، فَمَنِ اتَقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبرَأَ لِدِينهِ وعِرْضِهِ، ومن وقع في الشُّبُهَاتِ وقع في الحرام، كالرَّاعي حول الحمى (¬2) يُوشِكُ أنْ يَرْتَعَ فيهِ، ألَا وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حَمىً، ألَا وِإنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ. ألا وِإنَّ في الجَسَدِ مُضغةً، إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجسَدُ كُلُّهُ وإذا فَسَدَتْ، فسد الجسَدُ كُلُّهُ. أَلَا وهي القَلْبُ". وعن أبي هريرة (¬3)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على صُبْرَةِ (¬4) طَعَامٍ، فأدخل يده فيها، فنالت أصابِعُهُ بلَلًا، فقال: "ما هذا يا صَاحِبَ الطَّعامِ" قال: أصابَتْهُ السَّمَاءُ يا رسول اللهِ، قال: "أفلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كى يَرَاهُ النَّاسُ؟ من غشَّ فليس مِنِّي". وعن جابر بن عبد الله (¬5)، قال: لَعَنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكِلَ الرِّبَا، ومُوكِلَهُ وكاتِبَهُ وشَاهِدَيْهِ، وقال: "هُمْ سَوَاءٌ". الترمذي (¬6)، عن قيس بن أبي غَرَزَةَ، قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا مَعْشَرَ التُّجَّارِ! إنَّ الشيطان والِإثْمَ يحضُرَانِ البيعَ، فشُوبوُا بَيْعَكُمْ بالصَّدَقَةِ". قال: هذا حديث حَسَنٌ صحيحٌ. ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1219) (22) كتاب المساقاة (20) باب أخذ الحلال وترك الشبهات - رقم (107). (¬2) مسلم: (كالراعي يرعى حول الحمى). (¬3) مسلم: (1/ 99) (1) كتاب الإيمان (43) باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من غشنا فليس منا" - رقم (164). (¬4) صبرة طعام: قال الأزهرى: الصبرة: الكومة المجموعة من الطعام، سميت صبرة لإفراغ بعضها على بعض. (¬5) مسلم: (3/ 1219) (22) كتاب المساقاة (19) باب لعن آكل الربا ومؤكله - رقم (106). (¬6) الترمذي: (3/ 514) (12) كتاب البيوع (4) باب ما جاء في التجار وتسمية النبي - صلى الله عليه وسلم - إياهم - رقم (1208).

باب في التسعير وبيع المزايدة

البخاري (¬1)، عن جابر بن عبد الله، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رَحِمَ الله رجلًا سَمْحًا إذا بَاعَ، وإذا اشْترى، وإذا اقْتَضَى (¬2) ". زاد أبو بكر البزار: "وإذا اقتضى (¬3) ". وقال عن ابن عباس (¬4)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اسمح يُسمح لك". باب في التسعير وبيع المزايدة أبو داود (¬5)، عن أنس قال: قال الناس: يا رسول الله! غلا السِّعْرُ فَسَعَر لنا، قال: "إن الله هُوَ المُسَعِّرُ، القابِضُ الباسِطُ الرازق، إني لأرجو أنْ ألقى الله وليس أحد منكم يُطالبني (¬6)، بمظلمة في دم ولا مال". النسائي (¬7)، عن ابن عمر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبيعُ الرَّجُلُ على بيْع أخيه حتى يَبْتَاعَ أو يَذَرَ". زاد الدارَقطني (¬8)، "إلا الغنائم والمواريث". ¬

_ (¬1) البخاري: (4/ 359) (34) كتاب البيوع (16) باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع - رقم (2076). (¬2) أي طلب حقه بسهولة وعدم إلحاف. (¬3) كذا في أصول الأحكام الصغرى والوسطى، ولعل الصواب: "وإذا قضى": أي أعطى الذي عليه بسهولة بغير مطل، كما في بعض الروايات. (¬4) ورواه أحمد في المسند (1/ 248)، والعجيب أن العلامة أحمد شاكر صححه في شرحه (2233) وفيه عنعنة الوليد بن مسلم وابن جُريج وهما مدلسان!. (¬5) أبو داود: (3/ 731) (17) كتاب البيوع والإجارات (51) باب في التسعير - رقم (3451). (¬6) (د): (يطالبني منكم). (¬7) النسائي: (7/ 258) (44) كتاب البيوع (20) باب بيع الرجل على بيع أخيه - رقم (4504). (¬8) الدارقطني: (3/ 11).

باب النهي عن بيع الملامسة، والمنابذة، وبيع الغرر، وتلقي الركبان، والتصرية، وأن يبيع حاضر لباد.

باب النهي عن بيع الملامسة، والمنابذة، وبيع الغرر، وتلقي الركبان، والتصرية، وأن يبيع حاضرٌ لبادٍ. مسلم (¬1)، عن أبي سعيد الخدري، قال نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين ولِبْسَتَيْنِ،: نهى عَنِ المُلامَسَةِ والمُنَابَذَةِ في البيع، والمُلامَسَةُ لَمْسُ الرجُلِ ثوب الآخَرِ بيدِهِ بالليل أو بالنَّهَارِ، ولا يَقْلِبُهُ إلا بذلك، والمُنابَذَةُ: أَنْ ينبِذَ الرَّجُلُ إلى الرَّجُلِ بثوبِهِ وينبِذَ الآخَرُ إِليْه ثوْبَهُ، ويكون ذلك بيْعَهُمَا عن غير نظرٍ ولا تراضٍ. وعن أبي هريرة (¬2)، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعِ الحَصَاةِ، وعن بيع الغَرَرِ. وعن ابن عمر (¬3)، قال: كان أَهْلُ الجاهليَّةِ يتبايَعُونَ لَحْمَ الجَزُور إلى حَبَلِ الحَبَلَةِ. وحبل الحَبَلَةِ أن تُنْتجَ النَّاقَةُ ثم تَحْمِلَ التي نُتِجَتْ، فنهاهُمْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلِكَ. وعن أبي هريرة (¬4)، أنَّ الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يُتَلَقَى الرُّكْبَانُ للبيع (¬5)، ولا يَبعْ بعضُكُمْ على بيع بعضٍ ولا تناجَشْوا ولا يَبعْ حاضِرٌ لبادٍ، ولا تُصرُّوا الِإبِل والغَنَمَ، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخيرِ النَّظَرَيْنِ، بعد أنْ يَحْلُبَهَا فإن رضيها أَمْسَكَهَا وِإنْ سَخِطهَا رَدَّهَا وصَاعًا من تَمْرٍ". ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1152) (21) كتاب البيوع (1) باب إبطال بيع الملامسة والمنابذة - رقم (3). (¬2) مسلم: (3/ 1153) (21) كتاب البيوع (2) باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر - رقم (4). (¬3) مسلم: (3/ 1154) (21) كتاب البيوع (3) باب تحريم بيع حبل الحبلة - رقم (6). (¬4) مسلم: (3/ 1154) (21) كتاب البيوع (4) باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه - رقم (11). (¬5) مسلم: (لبيعٍ).

باب الكيل، والنهي أن يبيع أحد طعاما اشتراه حتى يستوفيه وينقله

وعنه (¬1)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اشترى شاةً (¬2) مُصَرَّاةً فهو بالخيار ثلاثَةَ أيامٍ، فإن رَدَّهَا، ردّ مَعَهَا صاعًا من طعام، لا سَمْرَاءَ". وفي آخر (¬3)، "من تمر لا سمراء (¬4) ". مسلم (¬5)، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَلَقَوُا الجَلَبَ (¬6) فمن تلقَّى (¬7) فاشترى (¬8) مِنْهُ، فإذا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ، فهو بالخيار". النسائي (¬9)، عن أنس، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ يَبِيعَ حاضرٌ لبادٍ، وإن كان أَبَاهُ أوْ أَخَاهُ. باب الكيل، والنهي أن يبيع أحدٌ طعامًا اشتراه حتى يستوفيه وينقله البخاري (¬10)، عن المِقْدَامِ بنِ مَعْدِي كَرِبَ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كِيلُوا طَعَامَكمْ يُبَارَكْ لَكُمْ فيه (¬11) ". مسلم (¬12)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

_ (¬1) (مسلم: (3/ 1158) (21) كتاب البيوع (7) باب حكم بيع المصراة - رقم (25). (¬2) (شاة) ليست في (ف). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (26). (¬4) سمراء: أي الحنطة، ومحنى قوله "لا سمراء" أي لا تتعين السمراء بعينها للرد، بل الصاع من الطعام الذي هو غالب قوت البلد، يكفي. (¬5) مسلم: (3/ 1157) (21) كتاب البيوع (5) باب تحريم تلقي الجلب - رقم (17). (¬6) الجلب: هو كل ما يجلب للبيع. (¬7) مسلم: (فمن تلقاه). (¬8) (ف): (واشترى). (¬9) النسائي: (7/ 256) (44) كتاب البيوع (17) بيع الحاضر للبادي - رقم (4492). (¬10) البخاري: (5/ 404) (34) كتاب البيوع (52) باب ما يستحب من الكيل - رقم (2128). (¬11) (فيه): ليست في البخاري. (¬12) مسلم: (3/ 1162) (21) كتاب البيوع (8) باب بطلان بيع المبيع قبل القبض - رقم (39).

"مَنِ اشترى طعامًا فلا يَبِعْهُ حتى يَكتَالَهُ". أبو داود (¬1)، عن ابن عمر، أنَّ الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يبيع أحدٌ طعامًا اشتراهُ بكيلٍ حتى يستوفيه. مسلم (¬2)، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اشترى طعامًا، فلا يبِعْهُ حتى يستوفِيهُ ويقبضه". وعنه (¬3)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اشترى طعامًا فلا يبِعْهُ حتى يستوفيه". قال: وكُنَّا نشتري الطعام من الرُّكْبَانِ جزافًا، فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ نبِيعَهُ حتى ننقُلَهُ من مكانِهِ. وعنه (¬4)، أنَّهم كانوا يُضْرَبُونَ على عَهْدِ الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتروا الطعام (¬5) جزافًا، أن يبيعُوهُ في مكَانِهِ حتى يُحَوِّلُوهُ. زاد (¬6) في رواية، إلى رِحَالِهِمْ. وقال البخاري (¬7)، عن ابن عمر، أنَّهُمْ كانوا يشترون الطَّعَامَ من الرُّكْبَانِ على عَهْدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيبعثُ عليهم من يمنَعُهُمْ أنْ يبيعُوهُ حيثُ اشْتَرَوْه حتى يُنْقَل (¬8) حيث يُبَاعُ الطَّعَامُ. ¬

_ (¬1) أبو داود: (3/ 762) (17) كتاب البيوع والإجارات (67) باب في بيع الطعام قبل أن يستوفي - رقم (3495). (¬2) مسلم: (3/ 1161) (21) كتاب البيوع (8) باب بطلان بيع المبيع قبل القبض - رقم (35). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (34). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (37). (¬5) مسلم: (طعامًا). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (38). (¬7) البخاري: (4/ 398) (34) كتاب البيوع (49) باب ما ذكر في الأسواق - رقم (2123). (¬8) البخاري: (ينقلوه).

باب ذكر بيوع نهي عنها، وفيه ذكر الصرف والربا والعرايا.

باب ذكر بيوع نُهي عنها، وفيه ذكر الصرف والربا والعرايا. النسائي (¬1)، عن ابن عباس، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بَيعِ المغانِم حتى تُقْسَمَ، وعن الحَبَالَى أَنْ يُوطَأْنَ حتى يضعْنَ ما في بطونِهِنَّ، وعن لَحْمِ كُلِّ ذي نابٍ من السِّبَاعِ. مسلم (¬2)، عن أبي الزبير، قال: سألتُ جابرًا عن ثمَنِ الكَلْبِ والسِّنَّورِ؟ فقال: زَجَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلِكَ. الترمذي (¬3)، عن عبد الله بن عمر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَحِلُّ سَلَفٌ وبيعٌ، ولا شَرْطَان في بيعٍ، ولا رِبْحُ ما لَمْ يُضْمَنُ، ولا بَيْعُ ما ليس عِنْدَكَ". قال: هذا حديثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. أبو داود (¬4)، عن أبي الزناد، قال: كان عروة بن الزبير يحدِّثُ عن سهل ابن أبي حَثْمَة (¬5)، عن زيد بن ثابت، قال: كان الناسُ يتبايعون الثمار قبل أَنْ يبدو صلاحها، فإذا جَدَّ الناسُ (¬6)، وحضر تقاضيهم قال المبتاع: أصاب (¬7) ¬

_ (¬1) النسائي: (7/ 301) (44) كتاب البيوع (79) بيع المغانم قبل أن تقسم - رقم (4645). (¬2) مسلم: (3/ 1199) (22) كتاب المساقاة (9) باب تحريم ثمن الكلب، وحلوان الكاهن ومهر البغي والنهي عن بيع السنور - رقم (42). (¬3) الترمذي: (3/ 535 - 536) (12) كتاب البيوع (19) باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك - رقم (1234). (¬4) أبو داود: (3/ 668 - 669) (17) كتاب البيوع والإجارات (23) باب في بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها - رقم (3372). وأخرجه البخاري: (4/ 460) - رقم (2193). (¬5) (أبي): ليست في الأصل. (¬6) جد الناس: أي قطعوا الثمار. (¬7) أبو داود: (قد أصاب).

الثمر الدُّمَانُ، وأَصابَةُ قُشام، وأصابهُ مُرَاض (¬1)، عاهات يحتجُّون بها، فلما كثرت خصومتُهم عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "كالمشورة يُشير بها": "فإِمَّا لا، فلا تبتاعوا الثَّمرةَ حتى يبدُو صلاحها" لكثرة خصومتهم واختلافهم. مسلم (¬2)، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن بيْعِ الثَّمَرِ حتى يبدُو صَلَاحُهَا، نهي البائع والمشتري (¬3). وعنه (¬4)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبتَاعُوا الثَّمَرَ حتى يبدُو صَلَاحها وتذهب عنها الآفةُ" قال: بدوّ صلاحُهُ حُمْرَتُهُ وصُفْرَتهُ. وعنه (¬5) أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع النَّخْلِ حتى يَزْهُوَ وعن السُّنْبُلِ حتى تَبْيَضَّ، ويأْمَنَ العَاهَة، نهى البائِع وَالمُشترى. البخاري (¬6)، عن جابر قال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تبَاع الثَّمَرَةُ حتى تُشْقَحَ، قال: وما تُشْقَح؟ قال: تحمَارُّ وتصْفَارُّ ويُؤْكَلُ منها. زاد النسائي (¬7)، وأن تباع إلا بالدينار والدرهم (¬8) ورخَّصَ في العَرَايَا. أبو داود (¬9)، عن أنس، أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع العنبِ حتى يَسْوَدَّ وعن بيع الحبّ حتى يشتد. ¬

_ (¬1) الدمان: فساد الثمر وعفنه قبل إدراكه، والقشام: هو أن ينتقص ثمر النخل قبل أن يصر بلحًا، والمِراض: داء يقع في الثمرة فتهلك. (¬2) مسلم: (3/ 1165) (21) كتاب البيوع (13) باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بغير شرط القطع - رقم (49). (¬3) مسلم: (نهى البائع والمبتاع). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (51). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (50). (¬6) البخاري: (4/ 460) (34) كتاب البيوع (85) باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها - رقم (2196). (¬7) النسائي: (7/ 263) (44) كتاب البيوع (28) بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه - رقم (4523). (¬8) النسائي: (بالدنانير والدراهم)، وفي (ف): (بالدينار والدراهم). (¬9) أبو داود: (3/ 668) (17) كتاب البيوع والإجارات (23) باب في بيع الثمار قبل أن يبدو =

مسلم (¬1)، عن ابن عمر، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المُزَابَنَةَ. والمزابنَةُ بَيْعُ ثَمَرِ النَّخْلِ بالتَّمْرِ، وبيع الزَّبِيبِ بالعِنَبِ كَيْلًا، وكُلِّ ثَمَرٍ بِخَرْصَهِ. زاد في أخرى (¬2)، وبيع الزَّرْعَ بالحنطَةِ كَيلًا. البخاري (¬3)، عن أنس، قال: نهى رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن المخاضرة (¬4). مسلم (¬5)، عن جابر، قال: نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن بيع تمر السِّنين (¬6). البخاري (¬7)، عن ابن عمر، قال: نهى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن عَسْبِ الفَحْل (¬8). الدارقطني (¬9)، عن أبي سعيد الخدري، قال: نهى رسُولُ الله - صلى الله ¬

_ = صلاحها - رقم (3371). (¬1) مسلم: (3/ 1171) (21) كتاب البيوع (14) باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا - رقم (74). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (73). (¬3) البخاري: (4/ 472) (34) كتاب البيوع (93) باب بيع المخاضرةِ. - رقم (2207)، ولفظه: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة والمخاضرة والملامسة والمنابذة والمزابنة" وقد ذكره عبد الحق في الوسطى عن ابن عباس!. (¬4) (المخاضرة): المراد بيع الثمار والحبوب قبل أن يبدو صلاحها. (¬5) مسلم: (3/ 1178) (21) كتاب البيوع (17) باب كراء الأرض - رقم (101). (¬6) (بيع السنين): هو أن ييع ثمرة نخله لأكثر من سنة، نهى عنه لأنه غرر، وبيع ما لم يُخلق. (¬7) البخاري: (4/ 539) (37) كتاب الإجارة (21) باب عسب الفحل - رقم (2284). (¬8) (عسْب الفحل): ماؤه فرسًا كان أو بعيرًا، أو غيرهما، وأراد النهي عن الكراء الذي يؤخذ عليه، وبيعه وإجارته حرام؛ لأنه غير متقوم ولا معلوم ولا مقدور على تسليمه. (¬9) الدارقطني: (3/ 47) رقم (195).

عليه وسلم - عن عسْب الفحل (¬1)، وعن قَفِيزِ الطِّحَّان (¬2). الترمذي (¬3)، عن أنس بن مالك، أن رَجُلًا من كِلَابٍ سَأَل رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن عَسْبِ الفَحْلِ، فَنَهَاهُ عن ذلك (¬4). قال: يا رسول الله! إنَّا نُطرِقُ الفَحْلَ فَنُكْرَمُ (¬5)، فرَخَّص له في الكرامةِ. قال: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ. مسلم (¬6)، عن جابر بن عبد الله، قال: نهى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعَ ضِرَابِ الجمل (¬7)، وعن بيع المَاءِ والأَرضِ لِتُحْرَثَ. فعن ذلك نهى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. وعن أبي هريرة (¬8)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُباع فضلُ المَاءِ لِيُبَاعَ بِهِ الكَلَأُ (¬9) ". ¬

_ (¬1) الدارقطني: (نُهى عن عسيب الفحل). والعسب والعسيب لغتان، وقد تعقبه ابن القطان، وقال: إني تتبعته في كتاب الدارقطني من كل الروايات فلم أجده إلا هكذا: "نُهى عن عسب الفحل وقفيز الطحان" مبنيًا للمفعول، فإن قيل: لعله يعتقد ما يقوله الصحابي مرفوعًا، قلنا: إنما عليه أن يقل لنا روايته لا رأيه، ولعل من يبلغه يرى غير ما يراه من ذلك فإنما يقبل فعله لا قوله. (¬2) (قفيز الطحان): هو أن يستأجر رجلًا ليطحن له حنطة معلومة بقفيز من دقيقها، والقفيز مكيال يتواضع الناس عليه. (¬3) الترمذي: (3/ 573) (12) كتاب البيوع (45) باب ما جاء في كراهية عسب الفحل - رقم (1274). (¬4) (عن ذلك): ليس في الترمذي. (¬5) (فنكرم): بصيغة المتكلم المجهول أي يعطينا صاحب الأنثى شيئًا بطريق الهدية والكرامة لا على سبيل المعارضة (فرخص له في الكرامة) أي في قبول الهدية دون الكراء. (¬6) مسلم: (3/ 1197) (22) كتاب المساقاة (8) باب تحريم بيع فضل الماء الذي يكون بالفلاة - رقم (35). (¬7) هو نزوه على الأنثى، والمراد بالنهي ما يؤخذ عليه من الأجرة، لا عن نفس الضراب. (¬8) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (38). (¬9) المعنى: أن تكون لإِنسان بئر مملوكة له بالفلاة، وفيها ماء فاضل عن حاجته، ويكون هناك كلأ ليس عنده ماء إلا هذا، فلا يمكن أصحاب المواشي رعيه إلا إذا حصل لهم السقي من هذه البئر، فيحرم عليه منع فضل هذا الماء للماشية، ويجب بذله بلا عوض؛ لأنه إذا منع بذله امتنع الناس من رعي ذلك الكلأ خوفًا على مواشيهم من العطش، ويكون منحه الماء مانعًا من رعي الكلأ.

البخاري (¬1)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2): "ثلاثة أنا خَصْمهُم يوم القيامة: رجلٌ أعطى بي ثُمَّ غَدَر (¬3)، ورجلٌ باع حرًّا ثم أكل (¬4) ثمنه، ورجلٌ اسْتأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يُعطِهِ أَجْرَه". البزار (¬5)، عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهي عن بيع الحيوان بالحيوان، نسيئة. الترمذي (¬6)، عن أبي هريرة، قال: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين في بيعة. قال: حديثٌ حسن صحيح. أبو داود (¬7)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من باع بيعتين في بيعةٍ فله أو كسهما أو الربا". قال الترمذي (¬8)، في تفسير هذا الحديث عن بعض أهل العلم، قالوا: ¬

_ (¬1) البخاري: (4/ 487) (34) كتاب البيوع (106) باب إثم من باع حرًا - رقم (7227). ورواه في الإِجارة برقم (2270). (¬2) كذا في أصول الأحكام الصغرى والوسطى، أما في البخاري، فمرفوع إلى الله جلَّ وعلا، قال الله: ثلاثة. . . .. (¬3) أي عاهد عهدًا، وحلف عليه بالله، ثم نقضه. (¬4) البخاري: (حرًا فأكل). (¬5) رواه البزار والطحاوي وابن حبان والدارقطني، وقال ابن حجر: رجاله ثقات إلا أنه اختلف في وصله وإرساله، فرجح البخاري وغير واحد إرساله. انتهى ورواه أبو داود: (3356) الترمذي: (1237) والنسائي: (4620) وابن ماجة: (2270) من حديث سمُرة، وفي الباب عن جابر وابن عمر - رضي الله عنهما -. (¬6) الترمذي: (3/ 533) (12) كتاب البيوع (18) باب ما جاء في النهي عن بيعتين في بيعة - رقم (1231). (¬7) أبو داود: (3/ 738 - 739) (17) كتاب البيوع والإجارات (55) باب فيمن باع بيعتين - رقم (3461). (¬8) هذا التفسير جاء بعد الحديث - رقم (1231).

بَيعتين في بيعةٍ، أَنْ يقول: أبِيعُكَ هذا الثوب بنقدٍ بعشرةٍ وبنسيئَة بعشرينَ، ولا يُفارقُهُ على إحدى (¬1) البيعتين فإذا فارقَهُ على إحداهما (¬2)، فلا بأس إذا كانت العُقدةُ على واحدة منهُما، وقال عن الشافعي -رحمه الله-: هو أنْ يقول أبيعكَ دَارِي (¬3) بكذا على أن تبيعني غُلَامَكَ بكذا، فإذا وجب لي غُلَامُكَ وَجَبَ لك داري، وهذا تفارق (¬4) عن بيعٍ بغير ثمن معلوم ولا يدري كلُّ واحدٍ منهما على ما وقعت صَفقَتُهُ. النسائي (¬5) عن أبي الزبير، سمع جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُباع الصُّبْرَةُ (¬6) من الطعامِ بالصُّبرَةِ من الطعامِ ولا الصُّبرة من الطعام بالكيلِ من الطَّعام المسمى (¬7) ". مسلم (¬8)، عن جابر، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بْيعِ الصُّبْرَةِ من التَّمْرِ، لا يُعْلَمُ مَكِيلَتُها بالكَيْلِ المُسَمَّى من التَّمْرِ. وعنه (¬9)، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المُحَاقَلَةِ والمُزابَنَةِ والمُعَاوَمَةِ والمُخَابَرَةِ، وعن الثُّنْيَا، ورخَّصَ في العَرَايَا (¬10). ¬

_ (¬1) الترمذي: (أحد). (¬2) الترمذي: (أحدهما). (¬3) الترمذي: (داري هذه بكذا). (¬4) الترمذي: (يُفارق). (¬5) النسائي: (7/ 270) (44) كتاب البيوع (38) بيع الصبرة من الطعام بالصبرة من الطعام - رقم (4548). (¬6) الصبرة: هي الطعام المجتمع كالكومة وجمعها صبر. (¬7) النسائي: (بالكيل المسمى من الطعام). (¬8) مسلم: (3/ 1162) (21) كتاب البيوع (9) باب تحريم بيع صبرة التمر المجهولة القدر بتمر - رقم (42). (¬9) مسلم: (3/ 1175) (21) كتاب البيوع (16) النهي عن المحاقلة والمزابنة - رقم (85). (¬10) (المحاقلة): بيع الحنطة في سنبلها بحنطة. (المزابنة): بيع الرطب على رؤوس الأشجار بالتمر. (المخابرة): كراء الأرض ببعض الخارج منها من الزرع. (الثنيا): هو أن يستثنى في عقد البيع شيء مجهول كقوله: بعتك هذه الصبرة إلا بعضها. =

وقال النسائي (¬1)، وعن الثُّنْيَا إلَّا أَنْ تُعْلَم. والمعاومة: هي بيع السنين. مسلم (¬2)، عن جابر بن عبد الله، أنَّهُ سَمِعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عام الفتح وهو بمكة: "إِنَّ اللهَ ورَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الخمر والميتةِ، والخنزير والأصنَام" فقيل: يا رسول الله! أرايتَ شُحُومَ الميتَةِ فإنَّهُ يُطْلَى بها السُّفُنُ ويُدهن بها الجُلُوُد ويَسْتَصْبِحُ بها النَّاسُ؟ فقال: "لا. هو حرام" ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: "قَاتَلَ اللهُ اليَهُودَ، إنَّ الله لما حرَّمَ عليهم شُحُومَهَا أَجْملُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فأَكلُوا ثَمَنَهُ". زاد أبو داود (¬3)، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وإنَّ الله إذا حرم على قوم أكل شيءٍ حرَّم عليهم ثمنَه". وخرج أبو داود (¬4) أيضًا عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله حرّم الخمر وثمنها، وحرَّم الميتة وثمنها، وحرَّم الخنزير وثمنه". مسلم (¬5)، عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله ¬

_ = (العرايا): لما نهى عن المزابة وهو بيع الثمر في رؤوس النخل بالتمر رخص في جلة المزابنة في العرايا، وهو أن من لا نخل له من ذوي الحاجة يدْرك الرطب ولا نقد بيده يشتري به الرطب لعياله، ولا نخل له يطعمهم منه ويكون قد فضل له من قوته تمر، فيجيء إلى صاحب النخل فيقول له: بعني ثمر نخلة أو نخلتين بخرصها من التمر، فيحطه ذلك الفاضل من التمر بثمر تلك النخلات ليصيب من رُطبها مع الناس، فرخص فيه إذا كان دون خمسة أوسق. (¬1) النسائي: (7/ 296) (44) كتاب البيوع (74) النهي عن بيع الثنيا حتى تعلم - رقم (4633). (¬2) مسلم: (3/ 1207) (22) كتاب المساقاة (13) باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزور والأصنام - رقم (71). (¬3) أبو داود: (3/ 758) (17) كتاب البيوع والإجارات (66) باب في ثمن الخمر والميتة - رقم (3488). (¬4) نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (3485). (¬5) مسلم: (3/ 1205) (22) كتاب المساقاة (12) باب تحريم بيع الخمر - رقم (67).

عليه وسلم - يَخْطبُ بالمدينَةِ يقول: "يا أيُّهَا النَّاسُ! إنَّ اللهَ يُعَرِّضُ بالخَمْرِ، ولعلَّ اللهَ سَيُنْزِلُ فيها أمرًا. فمن كان عِنْدَهُ منها شيءٌ فَلْيَبِعْهُ وَلْيَنْتَفِعْ بِهِ" قال: فما لبثنا إلا يسيرًا حتى قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حرَّمَ الخَمْر فمن أدركتْهُ هذِهِ الآيَةُ وعنْدَهُ منها شيءٌ فلا يَشْرَبٌ ولا يَبعْ" فاستقَبَلَ الناس بما كان عندهم منها، في طريق المدينَةِ، فَسَفَكُوهَا. وعن ابن عباس (¬1)، أنَّ رجُلًا أهدى لِرَسُولِ (¬2) الله - صلى الله عليه وسلم - رَاويةَ خمر، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل علمتَ أنَّ الله قد حرّمها؟ قال: لا. فَسَارَّ إنسانًا، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بما سَارَرْتَهُ؟ " فقال: أمرتُهُ ببيعها (¬3). فقال: "إنَّ الذي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيعهَا" قال: ففتح الرجل المزَادة (¬4) حتى ذهب ما فيها. البخاري (¬5)، عن أبي جحيفة، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثَمَنِ الدَّم، وثمنِ الكَلْبِ، وكَسْبِ الأَمَةِ، ولَعَنَ الواشِمَةَ والمُسْتَوْشِمَةَ، وآكل الَرِّباَ ومُوكِلَهُ ولَعَنَ المُصَوِّرَ. مسلم (¬6)، عن أبي مسعود، أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثَمَنِ الكَلْبِ، ومَهْرِ البَغِيِّ وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ (¬7). أبو داود (¬8)، عن ابن عباس، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (68). (¬2) (ف): (إلى رسول الله). (¬3) (ف): (أن يبيعها). (¬4) مسلم: (المزاد). (¬5) البخاري: (4/ 497) (34) كتاب البيوع (113) باب ثمن الكلب - رقم (2238). (¬6) مسلم: (3/ 1198) (22) كتاب المساقاة (9) باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن - رقم (39). (¬7) (حلوان الكاهن): ما يعطاه على كهانته. (¬8) أبو داود: (3/ 754) (17) كتاب البيوع والإجارات (65) باب في أثمان الكلاب - رقم (3482).

عن ثمن الكلبِ، وإن جاء يطلب ثمن الكلب، فاملأ كفّهُ ترابًا. مسلم (¬1)، عن عمر بن الخطاب أَنَّهُّ حَمَلَ على فَرَسٍ في سبيل اللهِ فَوَجَدَهُ عند صاحِبهِ، وقد أَضاعَهُ، وكان قليِلَ المَالِ فأرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك لَهُ فقال: "لا تَشْتَرِهِ وإنْ أُعْطِيتَهُ بدرهم، وإن مثل (¬2) العائِدِ في صدقتهِ كمثَلِ الكَلْبِ يَعُودُ في قَيْئهِ. رواه سفيان بن عيينة وقال: "لا تشتره ولا شيئًا من نتاجه" هكذا في المسند. رواه المزني، عن الشافعي، عن سفيان بن عيينة، وقال: "دعها حتى توافيك وأولادها جميعًا". مسلم (¬3)، عن سهل بن أبي حَثْمَةَ، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع التَّمْرِ بالتَّمْرِ، وقال: "ذلِكَ الرِّبَا، تلك المُزابَنَةُ" إلا إنَّهُ رَخَّصَ في بيع العَرِيَّةِ، النَّخْلَةِ والنَّخْلَتين يَأْخُذُهَا أَهْلُ البيتِ بِخَرْصِهَا تَمرًا يأكُلُونَهَا رُطَبًا. وعن أبي هريرة (¬4)، أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، رخَّصَ في بيع العَرَايَا بِخَرْصِهَا فيما دُونَ خمسةِ أوسقٍ أو في خمسة. وعن جابر (¬5) (¬6)، قال: جَاءَ عَبْدٌ فبايَعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - على ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1170) (21) كتاب البيوع (14) باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا - رقم (67). (¬2) مسلم: (فإنَّ مثل). (¬3) مسلم: (3/ 1239) (24) كتاب الهبات (1) باب كراهة شراء الإنسان ما تصدق به ممن تصدق - رقم (2). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (71). (¬5) (ف): (باب، مسلم، عن جابر بن عبد الله. . . .). (¬6) مسلم: (3/ 1225) (22) كتاب المساقاة (23) باب جواز بيع الحيوان بالحيوان - رقم (123).

الهِجْرَةِ، ولم يَشْعُرْ أَنَّهُ عَبْدٌ. فجاء سيِّدُهُ يُرِيدُهُ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بِعْنِيهِ" فاشترَاهُ بِعَبْديْنِ أَسْوَدَيْنِ، ثم لم يُبَايع أحدًا بَعْدُ حتى يَسْأَلهُ: "أعَبْدٌ هُوَ؟ ". وعن عبادة بن الصامت (¬1)، قال: سمعتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عن بَيْعِ الذَّهَبِ بالذهب، والفِضَّةِ بالفضة، والبُرِّ بالبُرِّ، والشَّعِيرِ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرِ بالتَّمْرِ، والمِلْحِ بالمِلْحِ إلا سَوَاءً بسواءٍ، عَيْنًا بعينِ، فمن زاد أو ازْدَادَ فَقَد أرْبى. وعنه (¬2)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الذّهَبُ بِالذّهَبِ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والملحِ بالملحِ، مِثْلًا بمثلٍ، سَوَاءً بسواءٍ، يدًا بيدٍ، فإذا اختلفت هذه الأصْنَافُ، فَبِيعُوا كيف شِئْتُم إذا كان يَدًا بيدٍ". أبو داود (¬3)، عن عبادة بن الصامت، أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الذهبُ بالذهبِ، تِبْرُهَا وعَيْنها، والفضة بالفضةِ تبْرُها وعينها، والبر بالبر مُدْيٌ بمُدْيٍ (¬4)، والشعير بالشعير مُدْيٌ بُمْدي، والتمر بالتمر مُدْيٌ بمُدْي، والملح بالملح مُدْيٌ بمُدْيٍ فمن زاد أو ازْداد فقد أَرْبى، ولا بأس ببيع الذهب بالفضة والفضة أكثرهما يدًا بيد، وأما النسيئة فلا، ولا بأس ببيع البر بالشعير والشعير أكثرهُما يدًا بيد، وأما نسيئة فلا". قوله: "لا بأس ببيع البر بالشعير والشعير أكثرهم" يروى موقوفًا. مسلم (¬5)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1210) (22) كتاب المساقاة (5) باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا - رقم (80). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (81). (¬3) أبو داود: (3/ 643) (17) كتاب البيوع والإجارات (12) باب في الصرف - رقم (3349). (¬4) المدي: مكيال كان معروفًا ببلاد الشام ومصر. (¬5) مسلم: (3/ 1212) (22) كتاب المساقاة (15) باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا - رقم (84).

"الذهب بالذهب، وزنًا بوزن، مِثْلًا بمثلِ، والفضة بالفضةِ، وزنًا بوزنٍ مِثْلًا بمثلٍ، فمن زاد أو استزاد فهو ربا". زاد، عن أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث: "سواء بسواء (¬1) "، "ولا تبيعوا منها شيئًا (¬2) غائِبًا بناجزٍ (¬3) ". وعن أبي هريرة (¬4)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "التَّمْرُ بالتَّمْرِ، والحنطَةُ بالحِنْطَةِ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والملحُ بالملْحِ، مِثْلًا بمثل يَدًا بيدٍ، فمن زَادَ أو اسْتَزَادَ فقد أرْبى إلا ما اخْتَلَفَتْ أَلْوَانُهُ". وعن أبي سعيد الخدري (¬5)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الذَّهَبُ بالذّهَبِ والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرُّ بالبُر، والشَّعِيرُ بالشَّعِير، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والمِلحُ بالمِلحِ مثْلًا بمثْلٍ، يدًا بيدٍ، فمن زَادَ أوِ استزاد فقد أَرْبى، الآخِذُ والمُعطي فيه سَوَاءٌ". مسلم (¬6)، عن معمر بن عبد الله أنَّهُ أرسل غلامَهُ بصَاعِ قَمْحٍ قال: بِعْهُ ثمَّ اشْتَرِ بِهِ شَعيرًا، فَذَهَبَ الغُلَامُ فأَخَذَ صَاعًا وزِيادَةَ بَعْضِ صَاع، فلمَّا جاء مَعْمرًا أَخْبَرَهْ بذلك، فقال له معمر: لِمَ فعلْتَ ذلك؟ انْطَلِقْ فَرُدَّهُ، ولا تأخذنَّ إلَّا مثلًا بمثلٍ، فإني كنتُ أسمَعُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الطَّعَامُ مثلًا بمثلٍ (¬7) " وكان طَعَامُنَا يومِئذٍ الشَّعِيرَ، قِيلَ: فإنَّهُ ليس بِمثِلِه، قال: إنِّي أَخافُ أَنْ يُضَارعَ (¬8). ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1209) (22) كتاب المساقاة (14) باب الربا - رقم (77). (¬2) (شيئًا): ليست في مسلم. (¬3) نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (75). (¬4) مسلم: (3/ 1211) (22) كتاب المساقاة (15) باب صرف وبيع الذهب بالورق نقدًا - رقم (83). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (82). (¬6) مسلم: (3/ 1214) (22) كتاب المساقاة (18) باب بيع الطعام مثلًا بمثل - رقم (93). (¬7) مسلم: (الطعام بالطعام). (¬8) يضارع: أي يشابه ويشارك.

وعن فضالة بن عبيد (¬1)، قال: أُتِيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهُوَ بخيبَرَ بقلادَةٍ فيها خَرَزٌ وذهبٌ وهي من المغانم (¬2)، فَأَمَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذهب الذي في القِلَادَةِ فنُزِعَ وَحْدَهُ، ثم قال لهم رسول الله: "الذَّهب بالذهب وزنا بوزنٍ". وعنه (¬3)، قال: اشتريتُ يوم خيبرَ قلادَةً باثْنَيْ عَشَرَ دينَارًا فيها ذَهَبٌ وخَرَزٌ فَفَصَّلْتُهَا، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارًا فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا تُبَاعُ حتى تُفَصَّلَ". زاد الدارقطني (¬4)، إنما أردتُ الحجارةَ، قال: "لا، حتى تميز بينهما". وكذا عند أبي داود (¬5)، الحجارة. في رواية (¬6). وفي رواية أخرى (¬7)، التجارة. وزاد، قال: فردَّه حتى ميز بينهما. مسلم (¬8)، عن أبي سعيد الخدري، قال: جاء بلال بتمر بَرْنِّي فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أين هذا؟ " فقال بلال: تَمْرٌ كان عندنا رَدِيءٌ فَبِعْتُ مِنْهُ صاعين بصاعٍ، لِمَطعَمِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: "أَوَّه عينُ الرِّبَا، لا تفعل ولكن إذا أردت أنْ تشْتَرِيَ التَّمْرَ، فبِعْهُ ببيع آخر، ثم اشْتَرِ بِه". ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1213) (22) كتاب المساقاة (17) باب بيع القلادة فيها خرز وذهب - رقم (89). (¬2) (د، ف): (الغنائم). وفي مسلم: (من المغانم تباع). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (90). (¬4) الدارقطني: (3/ 3). (¬5) أبو داود: (3/ 647) (17) كتاب البيوع والإجارات (13) باب في حلية السيف تباع بالدراهم - رقم (3351). (¬6) (في رواية): ليست في (ف). (¬7) المصدر السابق. (¬8) مسلم: (3/ 1215) (22) كتاب المساقاة (18) باب بيع الطعام مثلًا بمثل - رقم (96).

باب البيع الخيار

وقال في أخرى (¬1)، "لا تفعلُوا ولَكِنْ مِثْلًا بمثْلٍ، وبيعُوا هذا، واشتروا بِثَمَنِهِ من هذا، وكذلك المِيزانُ" خرجه من حديث أبي هريرة وأبي سعيد. البزار، عن بلال في هذا الحديث، قال: فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدثته بما صنعت، فقال: "انطلق فرده على صاحبه وخذ تمرك، التمر بالتمر مثلًا بمثل". وكذلك خرّجهُ، عن أنس، قال: أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمر، وفي آخره "ردوه على صاحبه". باب البيع الخيار مسلم (¬2)، عن حكيم بن حِزَامٍ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "البَيِّعَانِ بالخيارِ ما لم يتفرَّقَا، فإن صَدَقَا وبيَّنَا بُورِركَ لَهُما في بيعِهمَا، وإن كَذَبَا وكَتَما مُحِقَ (¬3) بركة بيعهما". وقال البخاري (¬4)، وذكر هذا الحديث من رواية همّام بن يحيى، قال همام: جدتُ في كتابي (¬5)، يختار ثلاثَ مِرَارٍ - "فإن صَدَقَا وبَيَّنَا بورك لهما في بيعهِمَا، وإن كَذَبَا وكَتَماَ فعسى أنْ يَرْبَحَا رِبحًا، ويُمْحِقَا بركَةَ بيعهما". مسلم (¬6)، عن ابن عمر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا تَبَايَعَ الرَّجُلانِ فكُلُّ واحِدٍ منهما بالخيار ما لم يتفرَّقَا، وكانا جميعًا، أو يخيِّرُ ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (94). (¬2) مسلم: (3/ 1164) (21) كتاب البيوع (11) باب الصدق في البيع والبيان - رقم (47). (¬3) مسلم: (محقت). (¬4) البخاري: (4/ 391) (34) كتاب البيوع (46) باب إذا كان البائع بالخيار هل يجوز البيع - رقم (2114). (¬5) (ف): (كتاب). (¬6) مسلم: (3/ 1163) (21) كتاب البيوع (10) باب ثبوت خيار المجلس للمتابيعين - رقم (44).

باب

أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايَعَا (¬1) على ذلك، فقد وجب البيعُ، وإنْ تفرَّقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحدٌ منهما البيع، فقد وجب (¬2) ". قال نافع (¬3): فكان -يعني ابن عمر- إذا بايع (¬4)، رجلًا فأراد ألا يُقِيلَهُ قام فمشى هُنَيْهةً ثم رجع إليه. باب مسلم (¬5)، عن جابر بن عبد الله قال: جاء عبدٌ فبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - على الهجرةِ، ولم يشعر أنَّهُ عبد فجاء سيده يريده، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بعنيه" فاشتراه بعبدين أسودين، ثم لم يبايع أحدًا بعدُ حتى يسأله: "أعبد هو؟ ". باب التجارة مع المشركين وأهل الكتاب مسلم (¬6)، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثين ومئة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل مع أحد منكم طعام؟ " فإذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه، فعُجِنَ، ثم جاء رجل مشركٌ مُشْعَانِّ (¬7)، طويل بغنم يسوقها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أبيعٌ أم عطيَّةٌ -أو قال-: أم هبةٌ؟ ". ¬

_ (¬1) (د، ف): (وتبايعا). (¬2) مسلم: (فقد وجب البيع). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (45). (¬4) (ف): (باع). (¬5) مسلم: سبق تخريجهُ. هذا الحديث ساقط من نسخة (د). (¬6) مسلم: (3/ 1627) (36) كتاب الأشربة (32) باب إكرام الضيف وفضل إيثاره - رقم (175). (¬7) مشعان: منتفش الشعر ومتفرقه.

باب في الحكرة ووضع الجوائح

قال: لا، بل بيعٌ، فاشترى منه شاةً، فصُنِعَتْ وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِسَوَاد البطنِ (¬1) أن يُشوى. قال: وأيمُ الله، ما من الثَّلَاثِينَ ومِائَةٍ إلَّا حزَّ لَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُزَّة (¬2) من سواد بطنها، إن كان شاهدًا أعطاهُ، وإن كان غائبًا خَبَأَ لَهُ. قال: وجعل قصعتين، فأكلنا منهما أجمعون، وشبعنا وفضل في القصعتين، فخملتُهُ على البعير أو كما قال. وعن عائشة (¬3)، قالت: اشترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من يهوديٍّ طعامًا بنسيئةٍ فَأَعطَاهُ دِرْعًا لَهُ، رَهْنًا. باب في الحكرة ووضع الجوائِح مسلم (¬4)، عن سعيد بن المسيب، عن معمر بن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من احْتَكَرَ فَهُوَ خاطِئٌ" فقيل لسعيد: فإِنَّك تَحْتَكِرُ؟ قال سعيدٌ: إنَّ مَعْمَرًا الذي كان يُحَدِّثُ هذا الحديث كان يِحْتكِرُ. وعن جابر بن عبد الله (¬5)، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بوضع الجوائِح. وعنه (¬6)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو بِعْتَ من أخِيكَ ثَمَرًا فأصابَتْهُ جائِحَةٌ فلا يَحِلُّ لك أنْ تأخذ مِنْهُ شيئًا، بم تَأْخُذُ مال أخِيكَ بغير حقٍّ؟ ". ¬

_ (¬1) سواد البطن: الكبد. (¬2) حزة: القطعة من اللحم، وفي مسلم: (حز له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حزة، حزة من سواد بطها). (¬3) مسلم: (3/ 1226) (22) كتاب المساقاة (24) باب الرهن وجوازه في الحضر والسفر - رقم (124). (¬4) مسلم: (3/ 1227) (22) كتاب المساقاة (26) باب تحريم الإحتكار في الأقوات - رقم (129). (¬5) مسلم: (3/ 1191) (22) كتاب المساقاة (3) باب وضع الجوائح - رقم (10). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (14).

باب

باب أبو داود (¬1)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أقال مسلمًا أقاله الله عثرتَهُ". باب في الشركة والمضاربة أبو داود (¬2)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ الله يقول: أنا ثالثُ الشريكين ما لم يَخُنْ أحدهما صاحبه، فإذا خانَهُ خرجت من بينهم (¬3) ". الترمذي (¬4)، عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مثلُ القائِم على حُدُودِ اللهِ والمُدْهِنِ فيها كمثلِ قومٍ استهموا على سفينةٍ في البحرِ فأصابَ بعضهم أعلاها وأصابَ بعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها يصعدون فيستقُون الماء فيصبُّونَ على الذين في أَعْلَاهَا، فقال الذين في أَعلَاهَا: لا ندَعُكُمْ تصعَدون فتؤذوننا، فقال الذين في أسفلها: نَنْقُبُهَا في (¬5) أسفلها فنستقِي فإن أخذُوا على أيديهم فمنعُوهُم نجوا جميعًا وإنْ تركوهم غرِقوا جميعًا". قال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وعن أبي لَبيدٍ (¬6)، لِمَازَةَ بن زَبَّار، عن عروة بن أبي الجعد، قال: دَفَعَ ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 738) (17) كتاب البيوع والإجارات (54) باب في فضل الإقالة - رقم (3460). (¬2) أبو داود: (4/ 677) (17) كتاب البيوع والإجارات (27) باب في الشركة - رقم (3383). (¬3) أبو داود: (بينهما)، وكذا (ف). (¬4) الترمذي: (4/ 408) (34) كتاب الفتن (12) باب منه - رقم (2173). (¬5) الترمذي: (من). (¬6) الترمذي: (3/ 559) (12) كتاب البيوع (34) باب - رقم (1258).

باب في الشروط

النبي - صلى الله عليه وسلم - دينارًا لأشتري لَهُ شاةً، فاشتريتُ له شاتين، فبعت إحدَاهُما بدينارٍ، وجَئْت بالشَّاةِ والدينار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَ (¬1) لهُ ما كان من أَمره فقال: "بَارَكَ اللهُ لك في صفقة يمينِكَ". فكان بعد ذلك يخرجُ إلى كُنَاسَةِ الكُوفَة فيربَحُ الرِّبْحَ العَظِيم (¬2) فكان من أكثر أهْلِ الكُوفةِ مالًا. أبو لَبيد أثنى عليه أحمد بن حنبل ثناء حسنًا. أخرجه البخاري (¬3)، عن شبيبِ بن غَرْقَدَةَ، قال: سمعتُ الحيَّ يتحدثون عن عروةَ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاهُ دينارًا. فذكر الحديث. باب في الشروط مسلم (¬4)، عن ابن عمر، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من ابْتَاعَ نخلًا بعد أنْ تُؤبَّر فثمرتُهَا لِلَّذي بَاعَهَا إلَّا أن يشترِطَ المُبْتَاعُ، ومن ابتاع عبدًا فمالُهُ للذي بَاعَهُ إلا أن يشترِطَ المُبتَاعُ". وعن جابر (¬5)، قال: أتى عَلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أعْيَا بعيري، فَنَخَسَهُ فَوَثَبَ، فَكُنْتُ بعد ذلك أمسك (¬6) خِطَامَهُ لِأسْمَعَ حديثَهُ، فما أقْدِرُ عليْهِ، فلحقني النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "بعنيه"، فبعتُهُ منه بخَمْسِ أواقٍ، قال: قلتُ: على أنَّ لي ظَهْرَهُ إلى المدينةِ، قال: "ولك ظَهْرُهُ (¬7) إلى المدينة" فلما قدمت المدينة أَتيتُهُ بِهِ، فزادَنِي أوقيةً (¬8)، ثم وهَبَهُ لِي. ¬

_ (¬1) (ف): (فذكرت). (¬2) الترمذي: (العَظِم). (¬3) البخاري: (6/ 731) (61) كتاب المناقب (28) باب - رقم (3642). (¬4) مسلم: (3/ 1173) (21) كتاب البيوع (15) باب من باع نخلًا عليها ثمر - رقم (80). (¬5) مسلم: (3/ 1223) (22) كتاب المساقاة (21) باب بيع البعير واستثناء ركوبه - رقم (113). (¬6) مسلم: (أحبس). (¬7) (ف): (ظهره لي). (¬8) مسلم: (فزادني وُقِيَّةً).

باب في السلم

باب في السَّلَم البخاري (¬1)، عن ابن عباس، قال: قَدِمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينَةَ وهم يُسْلِفون بالثمر السنتينِ والثلاثَ، فقال: "من أَسْلَفَ في شيءٍ ففِي كَيْل معلُومٍ ووزن معلُوم إلى أجل مَعْلُومٍ". وعن محمد بن أبي المُجالِد (¬2)، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: كنا نُسْلِفُ نبيطَ أهل الشَّامِ في الحنطةِ والشعير والزَّيتِ في كيلٍ معلُوم إلى أجلٍ معلوم. قلتُ: إلى من كان أصْلُهُ عِنْدهُ؟ قال: ما كُنَّا نسألهم عن ذلك. وقال أبو داود (¬3)، إلى قوم ما هو عندهم. ولم يقل ما كنَّا نسألهم. باب مسلم (¬4)، عن أبي رافع، أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -سْتَسْلَفَ من رجُلٍ بَكْرًا (¬5)، فَقَدِمَتْ عليه إِبِلٌ من إِبِل الصَّدَقَةِ، فأمر أبا رافِعٍ أنْ يقضي الرجل بَكْرَهُ، فَرَجَعَ إليهِ أبو رافع، فقال: لم أجد فيها إلا خِيَارًا رَبَاعيًا، فقال: "أعْطِهِ إيَّاهُ إنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً". ¬

_ (¬1) البخاري: (4/ 501) (35) كتاب السلم (2) باب السلم في وزن معلوم - رقم (2240). (¬2) البخاري: (4/ 502 - 503) (35) كتاب السلم (3) باب السلم إلى من ليس عنده أصل - رقم (2244، 2245). (¬3) أبو داود: (3/ 742 - 743) (17) كتاب البيوع والإجارات (57) باب في السلف - رقم (3464). (¬4) مسلم: (3/ 1224) (22) كتاب المساقاة (22) باب من استسلف شيئًا فقضى خيرًا منه - رقم (118). (¬5) بكرا: الفتى من الإبل.

باب في الرهن

النسائي (¬1)، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "السَّلَفُ في حَبَلِ الحَبَلَة رِبًا". باب في الرهن البخاري (¬2)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الظَّهْرُ يركَبُ بنفقتِهِ إذا كان مَرْهُونًا، ولَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بنفقتِهِ إذا كان مَرْهُونًا، وعلى الذي يَرْكَبُ ويشرَبُ النفقةُ". قاسم بن أصبغ (¬3)، عن سعيد بن المسيّب وأبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُغْلَقُ الرهنُ (¬4)، الرهنُ لمن رهنَهُ، له غُنْمُهُ وعليه غُرْمُهُ". رُوي مرسلًا عن سعيد، ورُفِع عنه في هذا الإِسناد وفي غيره، ورفعه صحيح. باب في الحوالة مسلم (¬5)، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَطْلُ الغَنِي ظُلْمٌ، وإذا أُتْبعَ أحدكم على مَلِيءٍ فَليَتْبَعْ (¬6) ". البخاري (¬7)، عن سلمة بن الأكوع، قال: كنا جلوسًا عند النبي ¬

_ (¬1) النسائي: (7/ 293) (44) كتاب البيوع (67) بيع حبل الحبلة - رقم (4622). (¬2) البخاري: (5/ 170) (48) كتاب الرهن (4) باب الرهن مركوب ومحلوب - رقم (2512). (¬3) أخرجه من طريق قاسم بن أصبغ أبو عمر بن عبد البر في التمهيد (6/ 430). وأخرجه الدارقطني (3/ 33) والحاكم (2/ 51) وغيرهما. (¬4) يعني لا يستحقه المرتهن إذا يستفكه صاحبه، وكان هذا من فعل الجاهلية، أن الراهن إذا يؤد ما عليه في الوقت المعين ملك المرتهن الرهن، فأبطله الإسلام. (¬5) مسلم: (3/ 1197) (22) كتاب المساقاة (7) باب تحريم مطل الغني وصحة الحوالة - رقم (33). (¬6) معناه إذا أحيل بالدين الذي له على موسر فليحتل. (¬7) البخاري: (4/ 545) (38) كتاب الحوالة (3) باب إن أحال دين الميت على رجل جاز - رقم (2289).

باب

- صلى الله عليه وسلم - إذ أُتِي بجنازَةٍ، قالوا: صلِّ عليها، فقال: "هل عليه دَينٌ؟ " قالوا: لا، قال: "فهل ترك شيئًا؟ "! قالوا: لا فصلَّى عليهِ، ثم أُتي بجنازةٍ أخرى فقالوا: يا رسُول الله صلِّ عليها، قال: "هل عليه دينٌ؟ " قيل: نعم، قال: "فهل ترك شيئًا؟ " قالوا: ثلاثةَ دنانير، فصلَّى عليها (¬1)، ثم أُتيَ بالثالثة فقالوا؟ صلِّ عليها قال: "هل تركَ شيئًا؟ " قالوا: لا، قال: "هل (¬2) عليه دينٌ؟ " قالوا: ثلاثةَ دنانير، قال: "صلُّوا على صاحِبِكُمْ". قال أبو قتادة: صلِّ عليه يا رسول الله وعليَّ دَيْنُهُ فصلَّى عليْهِ. باب الترمذي (¬3)، عن إسماعيل بن عيَّاش، عن شُرَحبِيل بن مسلم، عن أَبي أُمامةَ قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول (¬4) في خُطْبَتِهِ عام حجة الوداع: "إِنَّ الله قد أعطى لكُلِّ ذي حق حقَّهُ، فلا وصيَّةَ لوارث، الولد للفراش وللعاهر الحَجَرُ، وحسابُهُم على الله، ومن ادَّعَى إلى غير أبيهِ أو انتمى إلى غير مواليهِ، فعليه لعنةُ الله التابعة (¬5) إلى يوم القيامةِ، لا تُنْفِقُ المرأة (¬6) من بيت زوجِها إلَّا بإذن زوجها" قيل: يا رسول الله ولا الطعام؟ قال: "ذلك أفضلُ أَموالِنَا" ثم قال: "العاريةُ مُؤَدَّاةٌ والمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ والدَّين مقضيٌّ والزَّعِيمُ غَارِمٌ". قال: وفي الباب، عن عمرو بن خارجة وهو حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ¬

_ (¬1) (ف): (عليه). (¬2) البخاري: (فهل). (¬3) الترمذي: (4/ 376 - 377) (31) كتاب الوصايا (5) باب ما جاء لا وصية لوارث - رقم (2120). (¬4) (يقول): ليست في الترمذي. (¬5) (التابعة): ليست في (ف). (¬6) الترمذي: (امرأة).

أبو داود (¬1)، عن أنس بن مالك، أن رجلًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبتاع وفي عُقدتِهِ (¬2) ضَعفٌ، فأتى أهلُهُ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا نبيَّ الله احْجُرْ على فلان فإنَّهُ يبتاع وفي عُقدته ضعف، فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فنهاه عن البيع، فقال: يا نبي الله إنِّي لا أصبر عن البيع، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنْ كنت غير تارك للبيع فقل: هاءَ وهاءَ (¬3) ولا خِلَابَة (¬4) ". اسم هذا الرجل: مُنقذ بن عمرو أصابته آمةٌ في رأْسهِ فكسرت لسانَهُ، ونزعت عقلَهُ. ذكره البخاري في التاريخ (¬5)، وذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "إذا بايعت فقل: لا خِلابة وأنت فِي كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال". أبو داود (¬6)، عن أبي هريرة، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كسب الِإماء. زاد في طريق أخرى (¬7)، حتى يُعْلم من أين هو. خرّجه (¬8) عن رافع بن خدج عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) أبو داود: (3/ 767) (17) كتاب البيوع والإجارات (68) باب في الرجل يقول في البيع "لا خِلابة" - رقم (3501). (¬2) عقدته ضعف: أي في رأيه ونظره في مصالح نفسه. (¬3) (ف): (هاء هاء). (¬4) (هاء وهاء): بالمد والقصر بمعنى خذ، والمد أفصح وأشهر، (ولا خلابة): يعني لا خداع. (¬5) التاريخ الكبير: (8/ 17). (¬6) أبو داود: (3/ 709) (17) كتاب البيوع والإجارات (40) باب في كسب الإماء - رقم (3425). (¬7) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (3427). (¬8) (ف): (خرجه البخاري)، وقد أخرجه البخاري (4/ 538) (2283) من حديث أبي هريرة.

باب في الديون والإستقراض

مسلم (¬1)، عن ابن عباس، قال: حَجَمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عبدٌ لبني بَيَاضَةَ، فأعطاهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - أَجْرَهُ وكلَّم سَيِّدَهُ فخفَّفَ عنه من ضَرِيبَتِهِ، ولو كان سُحتًا لم يُعْطِهِ النبي - صلى الله عليه وسلم -. اسم هذا العبد: أبو طَيْبَةَ، أمر لَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصاعين من طعامٍ، وكانت ضريبته ثلاثة آصع فخفف عنه صاعٌ. البخاري (¬2)، عن عائشة، قالت: استأجَرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكرٍ رجُلًا من بني الدِّيل، هاديًا خِرِّيتًا (¬3) وهو على دينِ كفّار قريش، فدَفعا إليه راحلتَيهما وواعدَاهُ غارَ ثورٍ بعد ثلاثٍ (¬4) فأتاهُما براحِلتيهما صُبْحَ ثلاثٍ. باب في الديون والإستقراض البخاري (¬5)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬6) قال: "من أخذ أموال الناس يُريدُ أداءهَا، أدى الله عنْهُ، ومن أخذها (¬7) يريد إتلافها أتلفَهُ الله". أبو جعفر الطبري عن عقبة بن عامر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُخِيفوا الأنفُس بَعدَ أمْنِهَا" قالوا: يا رسول الله! وما ذاك؟ قال: "الدين". خرجه أبو جعفر الطحاوي أيضًا، والحارث بن أبي أسامة في مسنده (¬8). ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1205) (22) كتاب المساقاة (11) باب حل أجرة الحجامة - رقم (66). (¬2) البخاري: (4/ 518) (37) كتاب الإجارة (4) باب إذا استأجر أجيرا - رقم (2264). (¬3) هاديا خريتا: أي ماهرًا بالهداية. (¬4) البخاري: (بعد ثلاث ليال). (¬5) البخاري: (5/ 66) (43) كتاب الإستقراض (2) باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها - رقم (2387). (¬6) (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) سقطت من (ف). (¬7) البخاري: (ومن أخذ يريد). (¬8) وأخرجه أحمد في مسنده: (4/ 146) والبيهقي في السنن: (5/ 355). والطبراني في الكبير: =

النسائي (¬1)، عن عبد الله بن أبي ربيعة المخزوميّ، قال: استسلف (¬2) منى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أربعين ألفًا فجاءَهُ مَالٌ فدفعه إليَّ وقال: "بارك اللهُ لك في أهلِكَ ومالِكَ، إنما جزاءُ السَّلَفِ الحمدُ والأداء". مسلم (¬3)، عن حُذيفةَ قال: "أُتِيَ اللهُ بعبدٍ من عباده آتاهُ الله مالًا، فقال له (¬4): ماذا عَمِلتَ في الدنيا؟ (قال: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} قال: يا رب! آتيتنِى مالك فكُنْتُ إباجُ النَّاسَ وكان من خُلُقى الجوَازُ (¬5)، فكنتُ أتيسَّرُ على المُوسِرِ وأُنْظِرُ المُعْسِرَ، فقال الله تعالى: أنا أحقُّ بذلك (¬6) مِنْكَ، تجاوزوا عن عبدي" فقال عُقْبَةُ بن عَامِرٍ، وأبو مسعودٍ الأنصارِيُّ: هكذا سمعنَاهُ من فِي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. مسلم (¬7)، عن أبي قتادة، قال: إنِّي سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من سرَّهُ أن ينجِيهُ اللهُ من كُرَبِ يوْمِ القيامَةِ فلُينَفِّسْ عن مُعْسِرٍ أو يضع عَنْهُ. وعن كعب بن مالك (¬8)، أنَّهُ تقاضى ابن أبي حَدْرَدٍ دَيْنًا كان لَهُ عليْهِ في عَهْدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجِدِ، فارتفعت أصواتُهُمَا حتى سَمِعَهَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيتِهِ، فخرج إليْهِمَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كَشَفَ سِجْفَ (¬9) حُجْرتِهِ، ونادى كعب بن مالك ¬

_ = (17/ 328) (906). وأبو يعلى وغيرهم. (¬1) النسائي: (4/ 317) (44) كتاب البيوع (97) الإستقراض - رقم (4683). (¬2) النسائي: (استقرض). (¬3) مسلم: (3/ 1195) (22) كتاب المساقاة (6) باب فضل إنظار المعسر - رقم (29). (¬4) (له): ليست في (ف). (¬5) الجواز: أي التسامح والتساهل في البيع والاقتضاء. (¬6) مسلم: (بذا). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (32). (¬8) مسلم: (3/ 1192) (22) كتاب المساقاة (4) باب استحباب الوضع من الدين - رقم (20). (¬9) سجف: أي سترها.

فقال: "يا كعبُ! " فقال: لَبَّيْكَ! يا رسُولَ الله فأَشارَ إِليْهِ (¬1) أنْ ضَعِ الشَّطْرَ من دَيْنِكَ، قال كعبٌ: قد فعلتُ، يا رسول الله قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قم فاقْضِه". البخاري (¬2)، عن عائِشةَ قالت: سَمِعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوتَ خُصوم بالبابِ، عاليةٍ أصواتُهُما (¬3) وإذا أحدهما يَسْتَوضِعُ الآخر ويستَرفِقُهُ في شيءٍ، وهو يقول: واللهِ لا أَفعَلُ، فخرج عليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أين المُتَأَلَّى على الله لا يَفْعلُ المعروفَ؟ " فقال: أنا يا رسول الله فلهُ أيُّ ذلك أحبَّ. مسلم (¬4)، عن أبي سعيد الخدري قال: أُصِيبَ رجُلٌ في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا، فكثر دَيْنُهُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تصدَّقُوا عليه" فتصدَّقَ النَّاسُ عليْهِ فلم يبلُغْ ذلك وَفَاءَ دَيْنِهِ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِغُرَمَائه (¬5): "خذُوا ما وجدتُم وليس لكم إلا ذلك". البخاري (¬6)، عن جابر بن عبد الله أنَّ أباهُ قُتِل يوم أحدٍ شهيدًا وعليهِ دَينٌ (¬7)، فاشتد الغُرَمَاءُ في حقُوقِهِم فأتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألهم (¬8) أَنْ يقبَلُوا ثَمَرَ حائِطِي، ويُحَلِّلوا أبي، فَأَبَوأ، فلم يُعْطِهم النبي - صلى الله عليه وسلم - حائِطِي وقال: "سنغدُو عليك" فغدا علينا حين أَصَبَحَ فطاف في النخلِ وَدَعَا في ثمرها بالبركة فَجَدَدْتُها فقضيْتُهم وَبَقِي لنا من تَمْرِهَا. ¬

_ (¬1) مسلم: (إليه بيده). (¬2) البخاري: (5/ 362) (53) كتاب الصلح (10) باب هل يشير الإِمام بالصلح - رقم (2705). (¬3) البخاري: (أصواتُهم). (¬4) مسلم: (3/ 1191) (22) كتاب المساقاة (4) باب استحباب الوضع من الدين - رقم (18). (¬5) (لغرمائه): ليست في (د، ف). (¬6) البخاري: (5/ 72) (43) كتاب الإستقراض (8) باب إذا قضى دون حقه أو حلله فهو جائز - رقم (2395). (¬7) (وعليه دين): ليست في (ف). (¬8) (فسألهم): ساقطة من الأصل وكذا (ف، د).

باب

وعن أبي هريرة (¬1)، أَنَّ رجلًا تقاضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَغلَظَ لَهُ، فهمَّ أصحابُهُ به (¬2)، فقالَ: "دَعوُهُ فإنَ لصاحِبِ الحقِّ مَقَالًا، واشترُوا لَهُ بعيرًا فأَعْطُوهُ إيَّاهُ"، قالوا: لا نجدُ إلَّا أفْضَلَ من سِنِّهِ، قال: "اشتروه (¬3) فَأعْطُوهُ إيَّاهُ، فإِنَّ خيرَكُمْ أحسنُكُم قضاءً". مسلم (¬4)، عن أبي هريرة، أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كان يُؤْتَى بالرَّجُلِ الميِّتِ، عليهِ الدَّينُ (¬5) فيَسْألُ: "هل تَرَكَ لِدَيْنِهِ قضاءً (¬6)؟ " فإن حُدِّث أنَّهُ ترك وفاءً، صلى عليْه وإلا قال: "صلوا على صاحبكِم" فلمَّا فَتَحَ اللهُ عَليْهِ الفُتُوحَ قال: "أَنَا أَوْلَى بالمُؤمِنينَ من أَنْفُسِهِمْ فمن تُوُفِّى وعليهِ دَيْنٌ فعليَّ قضاؤُهُ، ومن ترك مالًا فَلورثَتِهِ (¬7) ". باب مسلم (¬8)، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الشُّفْعَةُ في كُلِّ شِرْكٍ في أرْضٍ أوْ رَبْع (¬9) أو حائِطٍ لا يصلُح أن يبِيعَ حتى يَعرضَ على شريكهِ فيأْخُذَ أو يدع، فإنْ أبي فشريكُهُ أحَقُّ بِهِ حتى يُؤْذِنَهُ". الترمذي (¬10)، عن جابر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الجارُ أَحقُّ بشُفْعَتِهِ، و (¬11) يُنتَظرُ بِهِ إنْ كان غائبًا، إذا كان طريقُهُما واحدًا". ¬

_ (¬1) البخاري: (5/ 69) (43) كتاب الإستقراض (4) باب استقراض الإبل - رقم (2390). (¬2) البخاري: (فهم به أصحابه). (¬3) (ف): (اشتروا). (¬4) مسلم: (3/ 1237) (23) كتاب القضاء (4) باب من ترك مالًا فلورثته - رقم (14). (¬5) (ف): (دين). (¬6) مسلم: (من قضاء). (¬7) مسلم: (فهو لورثتهِ). (¬8) مسلم: (3/ 1229) (22) كتاب المساقاة (28) باب الشفعة - رقم (135). (¬9) (ف): (ربع أو أرض). (¬10) الترمذي: (3/ 651) (13) كتاب الأحكام (32) باب ما جاء في الشفعة للغائب - رقم (1369). (¬11) (و): ليست في الترمذي.

باب

البخاري (¬1)، عن أبي رافع، قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الجار أحق بصقبه (¬2) ". وعن أبي هريرة (¬3)، قال: جَعَل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشُّفْعَةَ في كل ما لم يُقْسَمْ، فإذا وقعت الحدُودُ وصُرِّفت الطُرُق فلا شُفعَةَ. مسلم (¬4)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اختلَفْتُم في الطرق (¬5)، جُعِل عَرْضُهُ سَبْعَ أذْرُعٍ". البخاري (¬6)، عن عائشة قالتْ: قلتُ يا رسول الله! إنَّ لِي جَارَيْنِ، فإلى أَيِّهما أُهْدِي؟ قال: "إلى أَقَرِبهما منْكِ بابًا". باب مسلم (¬7)، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَمْنَعُ أحَدُكُمْ جَارَهُ أن يَغْرِزَ خشَبة في جِدَارِهِ". ثم يقولُ أبو هريرة: مالي أراكُمْ عنها مُعْرِضين؟ والله لأرمِيَنَّ بها بين أكتافِكُمْ (¬8). وقال أبو داود (¬9)، "إذا استأذن أحدُكم أخاه أَن يَغْرز خشبةً في جداره فلا يمنَعْهُ". ¬

_ (¬1) البخاري: (12/ 365) (90) كتاب الحيل (15) باب احتيال العامل ليهدى له - رقم (6980). (¬2) البخاري: (بسقبه) وكذا (ف)، لغتان ومعناه: القرب والمقصود هنا أن الجار أحق بالشفعة ممن ليس بجار. (¬3) البخاري: (5/ 158) (47) كتاب الشركة (8) باب الشركة في الأرضين وغيرها - رقم (2495) من حديث جابر بن عبد الله وليس من حديث أبي هريرة. (¬4) مسلم: (3/ 1232) (22) كتاب المساقاة (31) باب قدر الطريق إذا اختلفوا فيه - رقم (143). (¬5) مسلم: (في الطريق) وكذا (د، ف). (¬6) البخاري: (5/ 260) (51) كتاب الهبة (16) باب بمن يبدأ بالهدية - رقم (2595). (¬7) مسلم: (3/ 1230) (22) كتاب المساقاة (29) باب غرز الخشب في جدار الجار - رقم (136). (¬8) لأرمين بها أكتافكم: أي أصرح بها بينكم، وأوجعكم بالتقريع بها. (¬9) أبو داود: (4/ 49) (18) كتاب الأقضية (31) أبواب من القضاء - رقم (3634).

باب فيمن غصب أرضا وفي إحياء الموات والغراسة والمزارعة وكراء الأرض وما يتعلق بذلك

باب فيمن غَصَبَ أرضًا وفي إحياء الموات والغِراسَة والمزارعة وكراء الأرض وما يتعلق بذلك مسلم (¬1)، عن سعيد بن زيد، أنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اقتطع شبرًا من الأرض ظلمًا، طوَّقَهُ (¬2) الله إيَّاهُ يوم القيامةِ من سَبع أرَضِينَ". البخاري (¬3)، عن عائِشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أعْمَرَ أَرْضًا ميتة (¬4) ليست لأحد فهو أحق بها (¬5). النسائي (¬6)، عن سعيد بن زيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من أحيا أرضًا ميتةً فهى له وليْسَ لعِرقٍ ظالمٍ حق". مسلم (¬7)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمنعوا فَضْلَ الماءِ لتمنَعُوا بِهِ الكَلَأ". مسلم (¬8)، عن عبد الله بن الزبير، أنَّ رجلًا خاصم الزبيرَ (¬9) في شِرَاجِ الحرةِ التي يَسْقُونَ بها النخل، فقال الأنصاريُّ: سَرِّح الماء يَمرُّ، فأبى ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 1230) (32) كتاب المساقاة (30) باب تحريم الظلم وغصب الأرض - رقم (137). (¬2) طوّقه: أب جمله طوقًا في عنقه. (¬3) البخاري: (5/ 23) (41) كتاب الحرث والمزارعة (15) باب من أحيا أرضًا مواتًا - رقم (2335). (¬4) (ميتة): ليست في البخاري. (¬5) (بها): ليست في البخاري. (¬6) خرجه في الكبرى، كتاب إحياء الموات كذا عزاه المزي في التحفة: (4/ 9). (¬7) مسلم: (3/ 1198) (22) كتاب المساقاة (8) باب تحريم بيع فضل الماء الذي يكون بالفلاة - رقم (37). (¬8) مسلم: (4/ 1829 - 1830) (43) كتاب الفضائل (36) باب وجوب اتباعه - صلى الله عليه وسلم - رقم (129). (¬9) مسلم: (أن رجلًا من الأنصار خاصم الزبير عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -).

عليهم (¬1)، فاختصمُوا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير (¬2): "اسق يا زُبير ثم أَرْسِلِ الماء إلى جَارِكَ" فغضب الأنصاريُّ، فقال: يا رسول الله! أنْ كان ابن عمَّتِكَ، فتلوَّن وجْهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: "يا زبير اسق ثُمَّ احبس الماء حتى يطلع (¬3) إلى الجِدْرِ" قال الزبير: والله إنِّي لأحسِبُ أن (¬4) هذِهِ الآية نزلت في ذلك {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ}. أبو داود (¬5)، عن الصَّعب بن جَثَّامَة، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - جَمَى النَّقِيعَ (¬6) (¬7)، وقال: "لا حِمَى، إلا لله ولرسُولهِ (¬8) ". وقال علي بن عبد العزيز في المنتخب: حَمَى النقيع لخيل المسلمين ترعى فيه. مسلم (¬9)، عن جابر بن عبد الله، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا يَغْرِسُ مسلمٌ غَرْسًا، ولا يزرعُ زرعًا، فيأكل مِنْهُ إنسانٌ ولا دابةٌ ولا شيءٌ، إلا كانت لَهُ صَدَقةٌ". وعن أبي هريرة (¬10)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقولَنَّ ¬

_ (¬1) (عليهم): ليست في (ف). (¬2) (للزبير): ليست في (ف). (¬3) مسلم: (حتى يرجع). (¬4) (أن): ليست في مسلم، وليست في الأحكام الوسطى. (¬5) أبو داود: (3/ 461) (14) كتاب الخراج والإمارة (39) باب في الأرض يحميها الإِمام أو الرجل - رقم (3084). (¬6) النقيع: موضع حماه لنعم الفيء وخيل المجاهدين فلا يرعاه غيرها، وهو موضع قرب من المدينة، كان يستنقع فيه الماء، أي يجتمع. (¬7) (ف): (البقيع). (¬8) أبو داود: (إلا الله -عَزَّ وَجَلَّ-) وكلمة (لرسوله): ليست في أبي داود. (¬9) مسلم: (3/ 1188) (22) كتاب المساقاة (2) باب فضل الغرس والزرع - رقم (8). (¬10) مسلم: (4/ 1763) (40) كتاب الألفاظ من الأدب (2) باب كراهة تسمية العنب كرمًا - رقم (9).

أحدُكم الكَرْمُ (¬1) فإنَّ (¬2) الكرم قلبُ المؤمِن". زاد أبو داود (¬3)، "ولكن قولوا حَدَائق الأعناب". مسلم (¬4)، عن وائِل بن حُجر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقولوا: الكَرْمُ ولكن قولوا: الحبْلَة" (يعني: العنب). وعن أبي هريرة (¬5)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اقتنى كلبًا ليس بكلبِ صيدٍ ولا ماشيةٍ ولا أرض، فإنَّهُ يَنْقُصُ من أجْرِهِ كل يوم (¬6) قيراطَانِ". وعن ابن المُغَفَّل (¬7)، قال: أَمرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتْلِ الكِلَابِ، ثم قال: "ما بالُهُم وبَالُ الكِلَابِ؟ " ثم رخَص في كَلْبِ الغنم والصيد والزرع. النسائي (¬8)، عن ابن المُغَفَّل أيضًا، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا أنَّ الكِلَابِ أُمَّةٌ من الأُممِ لأَمرتُ بقتلها فاقتلوا منها الأسودَ البهيم، وأيما قوم اتخذوا كلبًا ليس بكلبِ حَرْثٍ أو صيدٍ أو ماشيةٍ فإنَّهُ يَنْقُص من أجورهم (¬9) كلَّ يوم (¬10) قِيرَاطٌ". ¬

_ (¬1) قيل: سُمي الكَرْم كَرْمًا، لأن الخمر المتخذة منه تحث على السخاء والكرَم، فاشتقوا له منه اسمًا، فكره أن يسمى باسم مأخوذ من الكرَم، وجعل المؤمن أولى به، يُقال رجل كَرَم أي كريم. (¬2) مسلم: (فإنما). (¬3) أبو داود: (4/ 294) -كتاب السنة - باب في الكرم - رقم (4974). (¬4) مسلم: (4/ 1764) (40) كتاب الألفاظ من الأدب (2) باب كراهة تسمية العنب كرمًا - رقم (11). (¬5) مسلم: (3/ 1203) (22) كتاب المساقاة (10) باب الأمر بقتل الكلاب - رقم (57). (¬6) مسلم: (قيراطان، كل يوم). (¬7) مسلم: (1/ 235) (2) كتاب الطهارة (27) باب حكم ولوغ الكلب - رقم (93). (¬8) النسائي: (7/ 185) (42) كتاب الصيد والذبائح (10) صفة الكلاب التي أمر بقتلها - رقم (4280). (¬9) النسائي: (من أجره). (¬10) (كلَّ يوم): ليس في (ف).

مسلم (¬1)، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفع إلى يهود خيبر نخل خيبر وأرضها، على أنْ يَعْتَمِلُوهَا من أموالِهِمْ وأن (¬2) لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شطر ثمرها. وعن ابن عمر (¬3) أيضًا، أنَّ عمر بن الخطاب أجْلَى اليهود والنَّصَارَى من أرض الحجازِ، وأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا ظهر على خيبر أرأدَ إخراج اليهُود منها، وكانت الأرْضُ حين ظُهِرَ عليها لِلَّهِ ولرسُولِهِ وللمسلمين، فأراد إخراج اليهُود منها فسألتِ اليهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُقرَّهُمْ بها، على أنْ يكفوا نخلها (¬4) ولهم نصف الثَّمَرِ، [فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نقرُّكم (¬5) على ذلك ما شِئْنَا"] (¬6) فقرّو (¬7) حتى (¬8) أجلاهم عمر إلى تَيْمَاءَ وأريحاء. وعن جابر بن عبد الله (¬9)، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كانت لَهُ أرض فليزرَعْهَا أو ليُزرِعْهَا أخَاهُ ولا يُكْرِهَا". وعن أبي هريرة (¬10)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت لَهُ أرض فليزْرَعهَا أو ليُزْرِعْهَا أخَاهُ، فإن أبي فليُمْسِكْ أَرْضَهُ". ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1187) (22) كتاب المساقاة (1) باب المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع - رقم (5). (¬2) (أن): ليست في مسلم. (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (6). (¬4) مسلم: (أن يكفوا عملها). (¬5) مسلم: نقركم بها. (¬6) المعكوفين ليس في (ف). (¬7) مسلم: فقروا بها. (¬8) (ف): (فقرونا على ذلك). (¬9) مسلم: (3/ 1177) (21) كتاب البيوع (17) باب كراء الأرض - رقم (92). (¬10) نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (102).

وعن رافع بن خديج (¬1)، أَنَّهُ قال لعبد الله بن عمر: سمعتُ عمِّيِّ (وكانا شهدا! (¬2) بدرًا) يُحدِّثَان أهلَ الدَّارِ، أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم - فهي عن كِرَاءِ الأرض، قال عبد الله: لقد كُنتُ أعلمُ في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الأرض تُكْرَى ثم خشيَ عبد الله أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدث في ذلك شيئًا لم يكن عَلِمَهُ فترك كِرَاءَ الأرضِ. وعنه (¬3)، قال: أتاني ظُهَيْر بن رافع (وهو عمُّه) فقال: لقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمر كان بنا رَافِقًا، فقلتُ: وما ذاك؟ ما (¬4) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو حقٌّ، قال: سألني: "كيف تصنعُون بمحاقِلِكُم؟ " قلتُ: نؤْاجرُهَا على الرّبيع والأوساق من التمر والشعير (¬5)، قال: "فلا تفعلُوا، ازرَعُوهَا أَو أزْرِعُوهَا أو أمْسِكُوها". أبو داود (¬6)، عن رافع بن خديج، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى بني حارثةَ، فرأى زرْعًا في أرض ظُهَيرٍ، فقال: "ما أحسن زرعَ ظُهير" فقالوا: ليس لظُهير، قال: "أليس أرض ظُهير؟ " قالوا: بلى، ولكنَّهُ زرْع فلان، قال: " فخذوا زرعكم وردّوا عليه النَّفَقَة" قال رافع: فأخذنا زرعنا ورددْنا إليه النفقة. وفي أخرى (¬7)، "أربيتما فرُدَّ الأرض على أهلها وخذ نفقتك". البخاري (¬8)، عن رافع بن خديج، قال: كنَّا أكثر أهْلِ المدينةِ حقلًا، ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (112). (¬2) (ف): (وكان شهد). (¬3) مسلم: (3/ 1182) (21) كتاب البيوع (18) باب كراء الأرض بالطعام - رقم (114). (¬4) (ف): (قال: ما قال). (¬5) مسلم: (نؤاجرها يا رسول الله على الربيع أو الأوسق من التمر أو الشعير). (¬6) أبو داود: (3/ 690 - 691) (17) كتاب البيوع والإجارات (32) باب في التشديد في ذلك - رقم (3399). (¬7) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (3402). (¬8) البخاري: (5/ 19 - 20) (41) كتاب الحرث والمزارعة (12) باب ما يكره من الشروط في المزارعة - رقم (2332).

وكان أحَدنَا يُكْرِي أرضَهُ، ويقول: هذِهِ القِطْعَةُ لي وهذِهِ لك، فرُبما أخرجت ذِهِ ولم تُخرْجْ ذِهِ، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال مسلم (¬1)، أمَّا بالوَرِق (¬2) فلم ينهنا. وقال (¬3): عن جابر، "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُؤخَذَ للأرض حظٌ أو أجرٌ (¬4) ". البخاري (¬5)، عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى أرض تهتَزُّ زَرْعًا، فقال: "لمن هذه؟ " فقالوا: اكتراها فلانٌ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أما إنَّهُ لو منحها إيَّاهُ، كان خيرًا لَهُ من أن يأخُذَ عليها أجرًا معلومًا". مسلم (¬6)، عن حنظلة بن قيس أنَّهُ سأل رافع بن خَدِيجٍ عن كِرَاء الأرض؟ فقال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كِرَاءِ الأرض؟، قال: فقلتُ: أبالذهب والوَرِقِ (¬7)؟ قال: أمَّا بالذهب والوَرِق فلا بَأس (¬8). وعن ابن عمر (¬9)، قال: أعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر بشطر ما تُخرج (¬10) من ثَمرٍ أو زرع، وكان يُعطى أزواجَهُ كل سنةٍ مائَةَ وسق، ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1183) (21) كتاب البيوع (19) باب كراء الأرض بالذهب والورق - رقم (117). (¬2) مسلم: (أما الورق). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (90). (¬4) مسلم: (أجر أو حظ). (¬5) البخاري: (5/ 288) (51) كتاب الهبة (35) باب فضل المنيحة - رقم (2634). (¬6) مسلم: (3/ 1183) (21) كتاب البيوع (19) باب كراء الأرض بالذهب والورق - رقم (115). (¬7) (ف): (بالذهب أو الورق). (¬8) مسلم: (فلا بأس به). (¬9) مسلم: (3/ 1186) (22) كتاب المساقاة (1) باب المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع - رقم (2). (¬10) مسلم: (يخرج) وفي (د، ف): (يخرج منها من).

ثمانين وسقًا من تمر وعشرين وسقًا من شعيرٍ، فلمَّا وَلِىَ عمر قسم خيبر، خَيَّر أزواجَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُقْطِعَ لَهُنَّ الأرضَ والماء، أو يضمن لهن الأوْصَاقَ (¬1)، فاختلفن فمنهن من اختار الأرض والماء ومنهن من اختار الأوساق، وكانت عائشة وحفصةُ ممن اختارتا الأرض والماء. البخاري (¬2)، عن أبي هريرة، قال: قالت الأنصار للنبى - صلى الله عليه وسلم -: اقسم بيننا وبينَ إخوانِنَا، النَّخيل قال: " لا " فقالُوا: تكْفونا المؤونة ونُشْركُكمْ في الثَّمَرَةِ، قالُوا: سَمِعْنَا وأَطَعْنَا. البزار، عن عروة بن أبي الجعد (¬3)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، الأجر والمغنم (¬4)، والغنم بركة". زاد الطحاوي، "والإبل عز أهلها". البخاري (¬5)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما بعث الله نبيًّا إلا رَعَى الغنم" فقال أصحابه: وأنتَ؟، قال: "نعم كُنتُ أرعاها على قَرَارِيطَ لأهل مكة". ¬

_ (¬1) مسلم: (كل عام). (¬2) البخاري: (5/ 11) (41) كتاب الحرث والمزارعة (5) باب إذا قال اكفني مؤونة النخل وغيره وتشركني في الثمر - رقم (2325). (¬3) عروة بن أبي الجعد -أو عروة بن الجعد-؛ في (د، ف) وصوب الأول ابن المديني، وهو الذي أرسله النبي - صلى الله عليه وسلم - ليشترى الشاة بدينار، فاشترى به شاتين، والحديث شهور في البخاري وغيره، وكان فيمن حضر فتوح الشام ونزلها، ثم سيره عثمان إلى الكوفة، وحديثه عند أهلها. انظر الإصابة: (2/ 469). (¬4) (والأجر والمغنم): ليست في (د، ف). (¬5) البخاري: (4/ 516) (37) كتاب الإجارة (2) باب رعى الغنم على قراريط - رقم (2262).

باب في الحبس. والعمرى والهبة والهدية والضيافة والعارية

باب في الحبس. والعُمْرَى والهبة والهدية والضيافة والعارية مسلم (¬1)، عن ابن عمر قال: أصَابَ عُمر أرضًا بخيبر، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستأْمِرُهُ فيها، فقال: يا رسول الله! إنِّي أصبتُ أرضًا بخيبر، لم أُصِبْ مالًا قطُّ هو أنفسُ عندي منهُ فما تأمرني (¬2)؟ قال: "إن شئتَ حَبَسْتَ أصْلَهَا وتصدقْتَ بها". قال فتصدَّق بها عمر أنها لا تباع ولا توهب ولا تورث (¬3). قال فتصدَّقَ عمر في الفُقراءِ وفي القُرْبى وفي الرِّقَابِ وفي سبيلِ اللهِ وابن السبيل، والضَّيف لا جُنَاحَ على من وَلِيَها أَن يأكُلَ منها بالمعروفِ أو يُطْعِمَ صديقًا، غيْرَ متموِّلٍ فيه. وعن جابر بن عبد الله (¬4)، أن رسول الله - صلى الله عليه - وسلم - قال: "أيُّما رجُل أعمَرَ رَجُلًا عُمْرَى (¬5) لهُ ولِعَقِبِهِ فقال: أعطيتُكَهَا وعَقِبَكَ ما بَقِيَ منكم أحَدٌ، فإنَّهَا لِمَنْ أُعْطِيَهَا وعقبه (¬6)، وأنها لا تَرْجِعُ إلى صَاحِبَها من أَجْلِ أنَّهُ أعطى عطاءً وقَعَتْ فِيهِ المَوَارِيثُ". وعنه (¬7)، قال إِنَّما العُمْرَى التي أجَازَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يَقُولَ: هِى لَكَ ولِعَقِبِكَ، فأمَّا إذا قال: هي لَكَ ما عِشْتَ، فإنها تَرْجِعُ إلى صَاحِبِهَا. ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1255) (25) كتاب الوصية (4) باب الوقف - رقم (15). (¬2) مسلم: (فما تأمرني به). (¬3) مسلم: (أنه لا يياع أصلها ولا بيتاع ولا يورث ولا يوهب). (¬4) مسلم: (3/ 1245) (24) كتاب الهبات (4) باب العمرى - رقم (22). (¬5) (العمرى) يقال: أعمرته الدار عُمرى: أي جعلتها له يسكنها مدة عمرى، فإذا مات عادت إليَّ، وكذا كانوا يفعلون في الجاهلية، فأبطل ذلك، وأعلمهم أن من أعمر شيئًا أو أرتبه في حياته فهر لورثته من بعده، وقد تعاضدت الروايات على ذلك ... قاله ابن الأثير. (¬6) (وعقبه): ليست في مسلم. (¬7) مسلم: نفس الموضع السابق - رقم (23).

قال معمرٌ: وبذلك كان الزهري يُفْتِي. وعن الشعب (¬1)، قال حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بنُ بشيرٍ، إنَّ أُمَّهُ ابنة (¬2) رَوَاحَةَ سألَتْ أبَاهُ بعض المَوْهِبة (¬3) من مَالِهِ لابنها، فالتوى (¬4) بها سنةً ثم بدا لَهُ، فقالت: لا أرضى حتى تُشْهِدَ (¬5) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما وَهَبْتَ لابني، فأخذ أبي بيدي وأنا يومئذٍ غُلَامٌ، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إنَّ أُمَّ هذا ابنة (¬6) رواحة أعجَبَها أنْ أُشهدك على الذي وَهَبْتُ لابنها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا بشير ألك وَلَدٌ سِوى هذا؟ " قال: نعم، قال: "كلهم (¬7) وَهَبْتَ لَهُ مثل هذا؟ " قال: لا، قال: "فلا تُشْهِدْنِي إذًا، فإني (¬8) لا أشْهَدُ على جَوْرٍ". وفي طريق آخر (¬9)، "فكُلَّهُمْ أَعطَيْتَ مثل ما أعطيتَهُ؟ " قال: لا، قال: "فليس يَصْلُح هذا، وإنِّي لا أشهَدُ إلَّا على حقٍّ". وفي طريق أخرى (¬10)، "أشهد على هذا غيري" ثم قال: "أيسُرُّكَ أن يكونوا إليك ي البِرِّ سَوَاءٌ؟ " قال: بلى, قال: "فلا إذًا". وفي آخر (¬11)، "فعلت (¬12) هذا بولَدِكَ كُلُّهِمْ؟ " قال: لا، قال: "اتقُوا ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1243) (24) كتاب الهبات (3) باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة - رقم (14). (¬2) مسلم: (بنت). (¬3) مسلم: (الموهوبة). (¬4) أي مطلها سنة. (¬5) (ف): (يشهد). (¬6) مسلم: (بنت). (¬7) مسلم: (أكلهم) وفي (ف): (فكلهم). (¬8) (ف): فلا تشهدين، إني. (¬9) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (19). وهو من رواية جابر. (¬10) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (17). (¬11) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (13). (¬12) مسلم: (أفعلت).

الله واعدِلُوا بين (¬1) أولادكم" فَرَجَعَ أبي فردَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ. وفي أخرى (¬2)، أنه عليه السلام أمره بردِّها. البخاري (¬3)، عن ميمونة أنَّها أعتقتْ وليدةً ولم تستأذِنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فلمَّا كان يوْمُهَا الذي يَدُورُ عليها فِيهِ، قالتْ: أشعَرْتَ يا رسول الله أنِّي اعتقْتُ وَلِيدَتي؟، قال: "أو فَعَلتِ؟ " قالت: نعم، قال: "أما إنك لو أعطيْتِهَا أخْوالكِ، كان أعْظَمَ لِأَجرِكَ". وعن ابن عباس (¬4)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ لَنا مَثَلُ السَّوْءِ، العائد (¬5) في هبته كالكلب يعود (¬6) في قيئِهِ. النسائي (¬7)، عن ابن عمر وابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَحِلُّ لرجلٍ يُعْطِى عطيَّةً ثم يرجع فيها، إلَّا الوالِدَ فيما يُعْطِي وَلَدَهُ، ومثلُ الذي يُعطي عطيَّةً ثم يرجِعُ فيها، كَمَثَلِ الكلب أَكَلَ حتى إذا شَبعَ قَاءَ ثمَّ عاد في قَيئِهِ. البخاري (¬8)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو دُعيتُ إلى ذِرَاعٍ أو كُرَاعٍ لأجبت، ولو أهْدِيَ إلى ذِراعٌ أو كُراعٌ لَقَبلْتُ". ¬

_ (¬1) مسلم: (في). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (12). (¬3) البخاري: (5/ 257) (51) كتاب الهبة (15) باب هبة المرأة لغير زوجها - رقم (2592). (¬4) البخاري: (5/ 277 - 278) (51) كتاب الهبة (30) لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته - رقم (2622). (¬5) البخاري: (الذي يعود). (¬6) البخاري: (يرجع). (¬7) النسائي: (6/ 265) (32) كتاب الهبة (2) رجوع الوالد فيما يعطي ولده - رقم (3690). (¬8) البخاري: (5/ 236) (51) كتاب الهبة (2) باب القليل من الهبة - رقم (2568).

وعن عائشة (¬1)، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[(¬2) "يَقْبَلُ الهدِيَّةَ ويُثِيب عليها". وعن ابن عمر (¬3)، أنه كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬4) وكان على بَكْرٍ (¬5) صَعْبٍ، وكان يتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقُولُ أَبُوهُ: يا عبد الله لا يتقدَّمُ النبي - صلى الله عليه وسلم - أَحَدٌ (¬6)، فقال لَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بعْنِيهِ" قال: هو لك، فاشترَاهُ، ثم قال: "هو لك يا عبدَ الله فاصنع بِهِ ما شِئتَ". أبوٍ داود (¬7)، عن عياض بن حمار، قال: أهديتُ للنبي - صلى الله عليه وسلم - ناقة، فقال: "أسلمتَ؟ "فقلت: لا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني نُهِيتُ عن زَبْدِ (¬8) المشركين" هذا كان قبل غزوة تبوك. وذكر البخاري (¬9)، عن أبي حُمَيد السَّاعدي، قال: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبوُكَ، وأهدى مَلِكُ أَيْلَةَ للنبي - صلى الله عليه وسلم - بَغْلَةً (¬10) فكساه بُرْدًا وكتب له بِبحْرهِم (¬11). ¬

_ (¬1) البخاري: (5/ 249) (51) كتاب الهبة (11) باب المكافأة في الهبة - رقم (2585). (¬2) من هنا سقط في الأصل وينتهي حين تغليق المعقوفتين. (¬3) البخاري: (5/ 269) (51) كتاب الهبة (25) باب من أهدى له هدية وعنده جلساؤه فهو أحق - رقم (2610). (¬4) البخاري: (في سفر). (¬5) البخاري: (لعمر صعب). (¬6) (أحد): ليست في (ف). (¬7) أبو داود: (3/ 442) (14) كتاب الخراج والإمارة والفيء (35) باب في الإِمام يقبل هدايا من المشركين - رقم (3057). (¬8) الزبد: العطاء. (¬9) البخاري: (6/ 308) (58) كتاب الجزية والموادعة (2) باب إذا وادع الإِمام ملك القرية - رقم (3161). (¬10) البخاري: (بغلة بيضاء) وكذا (ف). (¬11) أي بقريتهم.

أبو داود (¬1)، عن المقدام بن معدي كرب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليلةُ الضيف حق على كل مسلم فمن أصبح بفنائه فهو عليه دين، إن شاء اقتضاه (¬2) وإن شاء ترك". وعنه (¬3)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيما رجل أضاف قومًا فأصبح الضيف محرومًا فإن نصره حق على كل مسلم حتى يأخذوا (¬4) بِقِرى ليلته (¬5) من زرعِهِ ومالِهِ". مسلم (¬6)، عن عقبة بن عامر، قال: قلنا يا رسول الله إنك تبعثنا فننزل بقوم فلا يَقرُونَنَا فما ترى؟ فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن نَزَلْتُمْ بقوم فَأَمرُوا لكم بما ينبغي لِلضَّيف، فاقبَلوا، فإن لم يفعَلُوا (¬7) فخذوا منهم حقَّ الضيف الذي ينبغي لَهُمْ". وعن أبي (¬8) شريحٍ العدوي (¬9)، أنه قال: سَمِعَتْ أُذُنَايَ وأبْصَرَتْ عينايَ حين تكلَّمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "من كان يُؤمِنُ باللهِ واليوم الآخر فليُكْرِم ضيفَهُ جائزتهُ" قالوا: وما جائزَتُهُ يا رسول الله؟ قال: "يومُهُ وليلتُهُ والضيافة ثلاثة أيام، فمن كان وراء ذلك فهو صدقة عليه" وقال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليَقُل خيرًا أو لِيصْمُتْ. وعنه (¬10)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الضيافَةُ ثلاثةُ ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 129) (21) كتاب الأطعمة (5) باب ما جاء في الضيافة - رقم (3750). (¬2) أبو داود: (اقتضى). (¬3) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (3751). (¬4) (ف) (يأخذ). (¬5) أبو داود: (يأخذ بقرى ليلة). (¬6) مسلم: (3/ 1353) (31) كتاب اللقطة (3) باب الضيافة ونحوها - رقم (17). (¬7) (ف) (يقبلوا). (¬8) سقطت من (ف). (¬9) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (14). (¬10) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (15).

أيام وجائزتُهُ يوم وليلة، ولا يحلُّ لرجل مسلم أن يقيم عند أخِيهِ حتى يُؤْثمَهُ" قالوا: يا رسول الله! وكيف يُؤْثِمُهُ؟ قال: "يُقيمُ عندَهُ ولا شيءَ لَهُ يَقْرِيهِ بِهِ". الترمذي (¬1)، عن مالك بن نضلة، قال: قلتُ: يا رسول الله الرجل أَمُرُّ بِهِ فلا يَقْرِينى ولا يُضيِّفُنِى فيَمُرُّ بِى أفأجزيه (¬2)؟ قال: " لا، أَقْرهِ" قال: ورآني رَثَّ الثياب، قال: "هل لك من مالٍ؟ " قلت: من كُلِّ المال قد أعطاني الله من الإِبل والغنم، قال: "فليُرَ عليك". قال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. مسلم (¬3)، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَحْلُبَنَّ أحَدٌ (¬4) ماشيةَ أحَدٍ إلَّا بِإِذنِهِ، أيحِبُّ أحَدُكُمْ أن تؤتى مشربَتُهُ فتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ، فيُنْتَقَلَ طعامُهُ؟ فإنما تَخْزُنُ لهم ضُرُوعُ مواشيهم أطعِمَتَهُمْ فلا يحلبَنَّ أحدٌ ماشيةَ أحدٍ إلا بإذنِهِ". البخاري (¬5)، عن أيمن الحبشي، قال: دخلتُ على عائِشَةَ وعليها دِرْعُ قِطر ثمنه خمسة الدراهم (¬6)، فقالت: ارفع بصرك إلى جارِيَتِي، انظر إليها، فإنه (¬7) تزْهى أن تَلْبَسَهُ في البيت، وقد كان لي منهن دِرْعٌ على عهد رسول الله ¬

_ (¬1) الترمذي: (4/ 320) (28) كتاب البر والصلة (63) باب ما جاء في الإحسان والعفو - رقم (2006). (¬2) الترمذي: (أفأقريه). وفي (ف): (أفأجازيه). (¬3) مسلم: (3/ 1352). (31) كتاب اللقطة (2) باب تحريم حلب الماشية بغير إذن مالكها - رقم (13). (¬4) (ف): (أحدكم). (¬5) البخاري: (5/ 286) (51) كتاب الهبة (34) باب الإستعارة للعروس عند البناء - رقم (2628). (¬6) البخاري: (دراهم). (¬7) (ف): إلى جاريتي فإنها تزهى.

باب في الوصايا والفرائض

- صلى الله عليه وسلم - فما كانت امرأةٌ تُقَيَّنُ (¬1) بالمدينةِ إلا أرسلتْ إليَّ تستعيرُه (¬2). أبو داود (¬3)، عن يعلي بن أُمية، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتتْك رسلي فادفع إليهم (¬4) ثلاثين درعًا وثلاثين بعيرًا" فقلتُ: يا رسول الله، أعارية مضمونة أو عارية مؤداة قال: "بل مؤداة". باب في الوصايا والفرائض مسلم (¬5)، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما حق امريءٍ مُسْلِمٍ لَهُ شيءٌ يُرِيدُ أن يوصِيَ فِيهِ، يَبِيتُ ليلَتَين إلا ووصِيِّتُهُ مكتوبَةٌ عندهُ". وعن سعد بن أبي وقاص (¬6)، قال: عادَني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجَّةِ الودَاعِ من وجعٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ على الموتِ فقلت: يا رسول الله بلغ منى (¬7) ما ترى من الوجَع، وأنا ذُو مالَ ولا يَرِثُني إلا ابنةٌ لِي واحدَة، أفأتصدَّقُ بثلثي (¬8) مالِي؟ قال: "لا" قلتُ: أفأتصدق بشطرِهِ؟ قال: "لا، الثُلُثُ والثُّلُثُ كثير، إنك إن تَذَرْ ورثتَكَ أغنياء خيرٌ من أن تذرَهُمْ عَالَةً يتكفَّفُونَ النَّاسَ، ولستَ تُنْفِقُ نفقةً فتبتغي (¬9) بها وجْهَ اللهِ، إلَّا أُجِرْتَ بها، ¬

_ (¬1) تقين: أي تزين. (¬2) (ف): لتستعيره. (¬3) أبو داود: (3/ 826) (17) كتاب البيوع والإجارات (90) باب في تضمين العارية - رقم (3566). (¬4) أبو داود: (فأعطهم). (¬5) مسلم: (3/ 1249) (25) كتاب الوصية - رقم (1). (¬6) مسلم: (3/ 1250) (25) كتاب الوصية (1) باب الوصية بالثلث - رقم (5). (¬7) مسلم: (بلغني ما)، وفي (ف): (بلغ بي). (¬8) (ف): (بمالي). (¬9) مسلم: (تبتغي) وكذا (ف).

حتى اللقمة تجعلها (¬1) في فِي امرأتِكَ" قال: قلت: يا رسول الله! أُخَلَّفُ بعد أصحابي؟، قال: "إنك لن تُخَلَّفَ فتعمل عملًا تبتغى به وجه الله إلا ازددتَ به درجةً ورفعةً، ولعلَّكَ تُخَلَّفُ حتى يُنتفع (¬2) بك أقوامٌ ويُضَرَّ بك آخرون، اللهم أمْضِ لأصحابي هجرتَهُمْ ولا تَرُدَّهُمْ على أعقابهم، لكنِ البائس سعدُ بن خَوْلَةَ". قال: رثى لَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أن تُوفِّيَ بمكَّةَ. وعن أبي ذر (¬3)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا أبَا ذَرٍّ إنِّي أراك ضعيفًا وإنِّي أحِبُّ لك ما أحب لِنَفْسِي، لا تَأَمَّرَنَ على اثنين ولا تَوَلَّيَنَّ مال يَتِيمٍ". البخاري (¬4)، عن عمرو بن الحارث، قال: ما تَرَكَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند موتِهِ دينارًا ولا درهماً (¬5)، ولا عبدًا ولا أمَةً، ولا شيئًا، إلا بغلَتَهُ البيضاء وسِلاحَهُ وأرضًا جَعَلَها صَدَقَةً. وعن أبي هريرة (¬6)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقتَسِمُ (¬7) ورثتِى دينارًا ولا درهمًا، ما تركتُ بعد نفقةِ نسائي ومؤنةِ عاملي فهو صدقةٌ". مسلم (¬8)، عن عائشة - رضي الله عنها -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) (ف): (التي. تجعلها). (¬2) مسلم: (ينفع). (¬3) مسلم: (3/ 1457 - 1458) (33) كتاب الإمارة (4) باب كراهة الإمارة بغير ضرورة - رقم (17). (¬4) البخاري: (5/ 419) (55) كتاب الوصايا (1) باب الوصايا - رقم (2739). (¬5) البخاري: (درهمًا ولا دينارًا). (¬6) البخاري: (5/ 476) (55) كتاب الوصايا (32) باب نفقة القيم للوقف - رقم (2776). (¬7) البخاري: (تقتسم). (¬8) مسلم: (3/ 1381) (32) كتاب الجهاد والسير (16) باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لا نورث ما تركنا صدقة" - رقم (54).

قال: "لا نُورَثُ ما تركنا فهو (¬1) صدقة". وعن أسامة بن زيد (¬2)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتوارث أهل ملتين". وعنه (¬3)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَرِثُ المسلمُ الكافِرَ، ولا الكافر (¬4) المسلم". البخاري (¬5)، عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من مؤمنٍ إلا أنا (¬6) أولى بهِ في الدنيا والآخرة، اقرءُوا إن شئتم {الْنَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِيْنَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} فأَيُّما مؤمن مات وترك مالًا فليرِثْهُ عصبَتُهُ من كانوا، ومن ترك دينًا أو ضَيَاعًا فليأتِنِي فأنا مَوْلَاهُ". مسلم (¬7)، عن ابن عباس، قال - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألْحِقُوا الفَرَائِضَ بأهلها، فما بقى لِأُولَى (¬8) رجل ذَكَرٍ". وعن شعبة (¬9)، قال: حدثني محمد بن المنكدر، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا مريضٌ لا أَعْقِلُ، فتوضأ فصبُّوا علَيَّ من وَضُوئه فعقلتُ، فقلت: يا رسول الله! إنما يرثني كلالةٌ فنزلت آيةُ الميراثِ (¬10). ¬

_ (¬1) (فهو): ليست في مسلم. (¬2) رواه بهذ اللفظ النسائي في الكبرى. (¬3) مسلم: (3/ 1233) (23) كتاب الفرائض - رقم (1). (¬4) مسلم: (ولا يرث الكافر). (¬5) البخاري: (5/ 75) (43) كتاب الإستقراض (11) باب الصلاة على من ترك دينًا - رقم (2399). (¬6) البخاري: (وأنا). (¬7) مسلم: (3/ 1233) (23) كتاب الفرائض (1) باب ألحقوا الفرائض بأهلها - رقم (2). (¬8) مسلم: (فهو لأولى) وكذا (ف). (¬9) مسلم: (3/ 1235) (23) كتاب الفرائض (2) باب ميراث الكلالة - رقم (8). (¬10) (ف): (آية الكلالة).

فقلتُ لمحمد بن المنكدر: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} قال: هكذا أُنزلت. وعن ابن جرج (¬1)، عن محمد بن المنكدر، عن جابر في هذا الحديث، قال: فنزلت {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}. وعن معدان بن أبي طلحة اليعمري (¬2)، أن عمر بن الخطاب خطبَ يوم الجمعة، فذكر نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر أبا بكر ثم قال: إنِّي لا أدعُ بعدي شيئًا أهَمَّ عندي من الكَلَالَةِ، ما راجعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شيء ما راجعتُهُ في الكلالةِ، وما أغلظ لي في شيءٍ ما أغلظ لي فِيهِ، حتى طعن بإِصْبَعِهِ في صدري وقال: "يا عُمر! ألا تكْفِيك آيةُ الصَّيْفِ التي في آخر سورة النساء؟ " وإن أعِشْ أَقْضِ فيها بقضيةٍ يقضى بها من يقرأ القرآن، ومن لا يقرأ القرآن. وعن البراء بن عازب (¬3)، قال: آخر آيةٍ أُنزلت، آيةُ الكلالَةِ وَآخر سُورَةٍ أُنزلت براءَةُ. الترمذي (¬4)، عن جابر بن عبد الله قال: جاءت امرأَةُ سعد بن الرَّبيع بابنتيها من سعدٍ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله! هاتان ابنتا سعد بن الربيع، قُتِلَ أبوهما معك (¬5)، وإنَّ عمَّهُما أخذ مالهما (¬6) ولا تُنْكَحَانِ! (¬7) إلَّا وَلَهُمَا مال، قال: "يقضي الله في ذلك"] فنزلت آية الميراثِ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عمِّهما فقال: "أَعْطِ ابنتي سعدٍ الثلثين وأعْطِ أمهما الثُّمن وما بقي فهو لك". ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (6). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (9). (¬3) مسلم: (3/ 1236) (23) كتاب الفرائض (3) باب آخر آية أنزلت - رقم (11). (¬4) الترمذي: (4/ 361) (30) كتاب الفرائض (3) باب ما جاء في ميراث البنات - رقم (2092). (¬5) الترمذي: (معك يوم أحد شهيدًا). (¬6) الترمذي: (ما لهما فلم يدع لهما مالًا). (¬7) (ف): (ينكحان).

قال: هذا حديث صحيح. البخاري (¬1)، عن هُزَيل بن شرحبيل قال: سُئل أبو موسى عن بنت (¬2) وابنةِ ابن وأختٍ؟، فقال: للبنت النصف وللأخت النصف، وائت ابن مسعودٍ فسيتابعنى، فسئل ابن مسعود وأُخبِر بقول أبي موسى، فقال: لقد ضللتُ إذًا، وما أنا من المهتدين، أقضى فيها بما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - للبنت النصف ولابنةِ الابن (¬3) السدس تكملةَ الثلثين، وما بقيَ فللأختِ، فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال: لا تسألوني مادام هذا الحَبْرُ فيكم. الترمذي (¬4)، عن الضحاك بن سفيان الكلابى (¬5)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتب إليه أن يُورِّث (¬6) امراة أَشَيْمٍ (¬7) من دِيةِ زوجها. قال: هذا حديث حسنٌ صحيح. قال أبو عمر وذكر حديث الضحاك: هو حديث صحيح عند جماعة العلماء معمولٌ به. مسلم (¬8)، عن بُريدة بن حصيب قال: بينا أنا جالسٌ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أتتهُ امرأةٌ فقالت: إنِّي تصدَّقْتُ على أُمِّي بجاريةٍ: وِإنَّها ماتت قال: فقال: "وجب أجرُكِ، وردَّها عليكِ الميراثُ" فقالت: يا رسول الله إنه كان عليها صومُ شهرٍ، أفأصوم عنها؟ قال: "صُومى عنها" قالت: إنِّها لم تحج قطُّ، أفأحُجُّ عنها؟ قال: "حُجِّي عنها". ¬

_ (¬1) البخاري: (12/ 18) (85) كتاب الفرائض (8) باب ميراث ابنة ابن مع ابنة - رقم (6736). (¬2) البخاري: (ابنة). (¬3) (ف): (لبنت الابن). (¬4) الترمذي: (4/ 371) (30) كتاب الفرائض (18) باب ما جاء في ميراث المرأة من دية زوجها - رقم (2110). (¬5) (الكلابي): ليست في (د، ف) وفي (د): (الضحاك بن قيس). (¬6) الترمذي: (ورث). وكذا (ف). (¬7) الترمذي: (أشيم الضبابي). (¬8) مسلم: (2/ 805) (13) كتاب الصيام (27) باب قضاء الصيام عن الميت - رقم (157).

باب في الأقضية والشهادات

باب في الأقضية والشهادات أبو داود (¬1)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من جُعِلَ قاضيًا بين النَّاسِ فقد ذُبح بغير سكين". النسائي (¬2)، عن بريدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "القضاةُ ثلاثة: اثنان في النار وواحدٌ في الجنّة، رجلٌ عرف الحقّ فقضى به فهو في الجنّة، ورجل عرف الحقّ فلم يقض به، وجار في الحكم فهو في النار، ورجل لم يعرف الحق فقضى للناس على جهل فهو في النار". الترمذي (¬3)، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الله (¬4) مع القاضي ما لم يَجُرْ، فإذا جَارَ تخلَّى عنهُ ولَزِمَهُ الشيطانُ". وعن عبد الله بن عمرو (¬5)، قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرَّاشِي والمرتشي. قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ. أبو داود (¬6)، عن أبي أمامة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من شفع لأخيه شفاعة (¬7) فأهدى له هدية عليها، فقبلها فقد أتى بابًا عظيمًا ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 5) (18) أول كتاب الأقضية (1) باب في طلب القضاء - رقم (3572). (¬2) النسائي في الكبرى: (3/ 461) (51) كتاب القضاء (4) ذكر ما أعد الله تعالى للحاكم الجاهل - رقم (5922). (¬3) الترمذي: (3/ 618) (13) كتاب الأحكام (4) باب ما جاء في الإِمام العادل - رقم (1330). (¬4) الترمذي: (إن الله). (¬5) الترمذي: (3/ 623) (13) باب الأحكام (9) باب ما جاء في الراشي والمرتشي في الحكم - رقم (1337). (¬6) أبو داود: (3/ 810) (17) كتاب البيوع والإجارات (84) باب في الهدية لقضاء الحاجة - رقم (3541). (¬7) أبو داود: (بشفاعة).

من أبواب الرِّبا". مسلم (¬1)، عن عمرو بن العاص، أَنَّهُ سَمِعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا حَكَم الحاكِمُ فاجتهد ثم أصابَ (¬2) فلهُ أجران، وإذا حكم (¬3) فأخطأ فله أجر". وعن سعد بن إبراهيم (¬4)، قال: سألتُ القاسم بن محمد عن رجُلٍ لَهُ مساكن فأوصى بثُلث كلِّ مسكن منها؟ قال: يُجمَعُ ذلك كُلُّهُ في مسكن واحد، ثمَّ قال: أخبرتنى عائشةُ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (¬5): "من عمل عملًا ليس عليهِ (¬6) أمرُنَا فهو رَدٌّ". وعن أبي بكرة (¬7)، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يحكم أحَدٌ بين اثنين وهو غَضْبَانُ". زاد النسائي (¬8)، "ولا يقضينَّ أحدٌ في قَضاءٍ بقضاءين". مسلم (¬9)، عن أم سلمة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنكم تختصمون إليَّ ولعلَّ بعضكم أن يكونَ ألْحَن بحجتهِ من بعضٍ، فأقضى لَهُ على نحوٍ ممَّا أسمعُ منهُ فمن قطَعْتُ لَهُ من حق أخيهِ شيئًا فلا يأخذه، فإنَّما أقطعُ لَهُ (¬10) قطعة من النار". ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1342) (30) كتاب الأقضية (6) باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد - رقم (15). (¬2) (ف): (ثم اجتهد فأصاب). (¬3) مسلم: (حكم فاجتهد ثم أخطأ). (¬4) مسلم: (3/ 1343) (30) كتاب الأقضية (8) باب نقض الأحكام الباطلة - رقم (18). (¬5) (ف): (يقول). (¬6) (ف): (فيه). (¬7) مسلم: (3/ 1342)، (30) كتاب الأقضية (7) باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان - رقم (16). (¬8) النسائي: (8/ 247) (49) كتاب آداب القضاه (32) النهي عن أن يقضى في قضاء بقضائين - رقم (5421). (¬9) مسلم: (3/ 1337) (30) كتاب الأقضية (3) باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة - رقم (4). (¬10) مسلم: (له به).

وعن أبي هريرة (¬1)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينما امرأتَانِ معهُما ابناهُما، جاء الذئبُ فذهب بابنِ إحْدَاهُمَا، فقالت هذه لصاحِبَتِها: إنَّما ذهب بابنك أنت، وقالت الأخرى: إنَّما ذهب بابنك، فتحَاكمَتَا إلى داود - عليه السلام (¬2) - فقضى به للكبرى، فخرجتَا على سُليمان بن داود (¬3) فأخبرتَاهُ فقال: ائتوني بالسكِّين أشقُّهُ بينكما، فقالت الصغرى: لا، يرحمك (¬4) الله إنما (¬5) هو ابنها فقضى به للصغرى". وعنه (¬6)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اشترى رجلٌ من رجُلٍ عقارًا (¬7)، فوجد الرجلُ الذي اشترى العقارَ في عَقَارِهِ جرَّةً فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك منِّى إنما اشتريتُ منك الأرض ولم أَبْتَعْ منك الذهب، وقال (¬8) الذي شرى الأرض: إنَّما بعتُكَ الأرض وما فيها، قال: فتحاكما إلى رجُلٍ، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولدٌ؟ فقال أحدهما لي غلامٌ، وقال الآخر: لي جاريةٌ، قال: أنكحا (¬9) الغُلامَ الجاريةَ وأنفقا (¬10) على أنفسكما منهُ وتصدَّقا". الدارقطني (¬11)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصلح جائز بين المسلمين". وهذا صحيح الإِسناد. ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1344) (30) كتاب الأقضية (10) باب بيان اختلاف المجتهدين - رقم (20). (¬2) (عليه السلام): ليس في مسلم. (¬3) مسلم: (عليهما السلام). (¬4) (ف): (ويرحمك). (¬5) (إنما): ليست في مسلم. (¬6) مسلم: (3/ 1345) (30) كتاب الأقضية (11) باب استحباب إصلاح الحاكم بين الخصمين - رقم (21). (¬7) مسلم: (عقارًا له). (¬8) مسلم: (فقال). (¬9) مسلم: (أنكحوا)، وفي (ف): (أنكح). (¬10) مسلم: (أنفقوا). (¬11) الدارقطني: (3/ 27) - رقم (97).

أبو داود (¬1)، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2): "من حَالتْ شفاعتُهُ دون حدٍ من حدود الله، فقد ضادٌ الله، ومن خاصَمَ في باطل وهو يعلم (¬3)، لم يزل في سخطِ الله (¬4)، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه، أسكنهُ الله ردغة (¬5) الخبال حتى يخرج مما قال". مسلم (¬6)، عن عائشة تالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أبغض الرجال إلى الله الألَدُّ الخَصِمُ". مالك (¬7)، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَيُّما رَجُلى بَاعَ متاعا (¬8) فأفلس الذي ابْتَاعَهُ ولم يقبضِ الذي بَاعَهُ من ثمنِهِ شيئًا، فوجَدَهُ بعينِهِ فهُو أحقُّ بِهِ، وِإن مات الشتري (¬9) فصاحِبُ المتاعِ أسْوَة (¬10) الغُرَمَاءِ. هكذا رواه مالك مرسلًا، ووصله أبو داود (¬11)، من طريق إسماعيل بن عياش، عن الزبيدي، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه، قال: "فإن كان قضى (¬12) من ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 23) (18) كتاب الأقضية (14) باب فيمن يعين على خصومة من غير أن يعلم أمرها - رقم (3597). (¬2) (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -): سقطت من (ف). (¬3) أبو داود: (وهو يعلمه). (¬4) أبو داود: (حتى ينزع عنه). (¬5) (ردغة): الوحل الشديد ومعناها هنا أنها عصارة أهل النار. (¬6) مسلم: (4/ 2054) (47) كتاب العلم (2) باب في الألد الخصم - رقم (5). (¬7) الموطأ: (2/ 678) (31) كتاب البيوع (42) باب ما جاء في إفلاس الغريم - رقم (87). (¬8) (ف): (باع رجلًا متاعًا). (¬9) الموطأ: (وإن مات الذي ابتاعه). (¬10) الموطأ: (فيه أسوة). (¬11) أبو داود: (3/ 792 - 793) (17) كتاب البيوع والإجارات (76) باب في الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه - رقم (3522). (¬12) أبو داود: (قضاه).

ثمنها شيئًا فما بقي فهو (¬1) أسوة الغرماء، وأيما امريء هلك وعنده متاع امريء بعينه اقتضى منه شيئًا أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء". وإسماعيل بن عياش حديثه عن الشاميين صحيح، ذكره يحيى بن معين وغيره. والزبيدي: هو محمد بن الوليد شاميٌّ حمصيٌّ. مسلم (¬2)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أدرك مَالَهُ بعينِهِ عند رجُلٍ قد أفلس (أو إنسان قد أفلس) فهو أحق بِهِ من غيرِهِ". النسائي (¬3)، عن أنس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عند إحْدَى أمهات المؤمنين، فأرسلتْ: بقصْعَةٍ فيها طعام فضربتْ يَدَ الرسولِ فسقطَتِ القصعةُ فانْكَسرت، فأخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - الكسرتين فضمَّ إحدَاهُما إلى الأخرى فجعل يجمع فيها الطعام ويقولُ: "غارتْ أُمُّكُم فكلوا (¬4) " فأكلوا فأمر حتى جاء (¬5) بقصعتها التي في بيتها، فدفع القصعة الصحيحة إلى الرسول وترك المكسورة في بيت التي كسرتها. خرجه البخاري (¬6) أيضًا. وقال الترمذي (¬7) في هذا الحديث، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "طعامٌ بطعامٍ، وإناءٌ بإناءٍ". وقال: حديث حسنٌ صحيحٌ. ¬

_ (¬1) أبو داود: (هو). (¬2) مسلم (3/ 1193) (22) كتاب المساقاة (5) باب من أدرك ما باعه عد المشترى - رقم (22). (¬3) النسائي: (7/ 70) (36) كتاب عشرة النساء (4) باب الغيرة - رقم (3155). (¬4) النسائي: (كلوا). (¬5) النسائي: (فأمسك حتى جاءت)، وفي (د، ف): (فأمر حتى جاءت). (¬6) البخاري: (9/ 230) (67) كتاب الأحكام (107) باب الغيرة - رقم (5225). (¬7) الترمذي: (3/ 640) (13) كتاب الأحكام (23) باب ما جاء فيمن يكسر له الشيء - رقم (1359).

مسلم (¬1)، عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بيمينٍ وشاهدٍ. وعن ابن عباس (¬2)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو يُعطى الناس بدعواهُم، لادَّعى أناس (¬3) دِمَاءَ رجالٍ وأموالَهُمْ، ولكنَّ اليمين على المُدَّعَى عليهِ". وعن وائل بن حُجر (¬4)، قال: كُنْتُ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتاه رجُلان يختصمان في أرضٍ، فقال أحدهما: إنَّ هذا انتزى على أرضي يا رسُول الله في الجاهليَّةِ (وهو امرؤُ القيس بن عابس (¬5) الكندي، وخصمُهُ ربيعة بن عبدان). قال: "بيِّنتُكَ" قال: ليس لي بيِّنةٌ، قال: "يمينُهُ" قال: إذًا يذهبُ بها يعني بمالي (¬6)، قال: "ليس لك إِلَّا ذلك (¬7) ". قال: فلمَّا قام ليَحْلِفَ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من اقتطع أرضًا ظالِمًا لَقِيَ الله وهُو عليه غضبان". وفي روايةَ (¬8)، ربيعة بن عَيْدَانَ. وقال أبو داود (¬9) في هذا الحديث، قال: يا رسول الله إنَّهُ فاجر، ليس ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1337) (30) كتاب الأقضية (2) باب القضاء باليمين والشاهد - رقم (3). (¬2) مسلم: (3/ 1336) (30) كتاب الأقضية (1) باب اليمين على المدعى عليه - رقم (1). (¬3) مسلم: (ناس). (¬4) مسلم: (1/ 124) (1) كتاب الإيمان (61) باب وعيد من اقتطع حق مسلم يمين فاجرة بالنار - رقم (224). (¬5) (ف): (ابن عياش). (¬6) (يعني بمالي): ليست في مسلم. (¬7) مسلم. (ذاك). (¬8) المصدر السابق. (¬9) أبو داود: (4/ 42 - 43) (18) كتاب الأقضية (26) باب الرجل يحلف على علمه فيما غاب عنه - رقم (3623).

يُبالي ما حَلَفَ عليه (¬1)، ليسَ يتورع من شيء قال: "ليس لك منه إلا ذلك" وذكر الحديث. وزاد من حديث الأشعث بن قيس (¬2)، فقال الكندي: "هي أرضُه". مسلم (¬3)، عن عبد الله بن مسعود قال: سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيُّ النَّاسِ خيرٌ؟ قال: "قرنِي، ثم الذين يلونَهُم، ثم الذين يلونهم، ثم يجيءُ قومٌ تَبْدُرُ شهادَةُ أحدِهِم يمينَهُ، وتبدُرُ يمينُه (¬4) شهادتَهُ". قال إبراهيم النخعي: كانوا ينهوننا ونحن غلمان عن العَهْدِ والشهادات. وعن عمران بن حصين (¬5)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ خيركم قرني ثم الذين يلُونَهم ثم الذين يلونَهم (¬6) ". قال عوانُ: فلا أدري أقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد قرنِهِ مرتين أو ثلائًا: "ثم يكون قوم يشهَدُونَ ولا يُستشهَدُون ويخُونُون ولا يُؤتمنون، ويَنْذِرُون ولا يُوفُون ويظهر فيهمُ السِّمَنُ". وعن زيد بن خالد الجُهني (¬7)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ألا أُخْبِرُكُمْ بخيرِ الشُّهدَاءِ، الذي يأتي بشهادتِهِ قبل أن يُسْأْلُهَا". أبو داود (¬8)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

_ (¬1) (عليه): ليس في أبي داود. (¬2) أبو داود: (3/ 566) (16) كتاب الأيمان والنذور (2) باب فيمن حلف يمينًا ليقتطع بها مالًا لأحد - رقم (3244). (¬3) مسلم: (4/ 1963) (44) كتاب فضائل الصحابة (52) باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم - رقم (211). (¬4) (ف): (وتبدر شهاد شهادته). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (214). (¬6) مسلم: (ثم الذين يلونهم). (¬7) مسلم: (3/ 1344) (30) كتاب الأقضية (9) باب بيان خير الشهود - رقم (19). (¬8) أبو داود: (4/ 26) (18) كتاب الأقضية (17) باب شهادة البدوي على أهل الأمصار - رقم (3602).

"لا تجوز (¬1) شهادة بَدَوي على صاحب قريةٍ". البخاري (¬2)، عن أنس قال: سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الكَبَائِر فقال: "الإِشراكُ باللهِ، وعقوقُ الوالِدَيْنِ وقَتْلُ النَّفْس وشهادةُ الزُّور". أبو داود (¬3)، عن ابن عباس قال: خرج رجل من بني سَهْمٍ مع تميم الداري وعدي بن بَدَّاء، فمات السهمى بأرض ليس بها مسلم، فلما قدموا (¬4) بتركتِهِ فقدُوا جامَ فِضَّةٍ مُخوَّصًا بالذهب، فأحلفهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم وُجِدَ الجام بمكة، فقال (¬5): اشتريناه من تميم وعدي فقام رجلان جمن أولياء السَّهمى فحلفا لَشَهَادتنا أحقُ من شهادتهما وأنَّ الجام لصاحبهم، قال: فنزلت فيهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ (¬6) ...} الآية. خرجه البخاري (¬7) أيضًا. أبو داود (¬8)، عن الشعبي، أنَّ رجلًا من المسلمين حضرتْهُ الوفاةُ بدَقُوقاء (¬9) هذه ولم يجد أحدًا من المسلمين حضر يَشْهَد (¬10) على وصيته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب، فقدما الكوفة فأتيا (¬11) الأشعري فأخبراه وقدما بتركته ¬

_ (¬1) (ف): (لا تُقبلُ). (¬2) البخاري: (5/ 309) (52) كتاب الشهادات (10) ما قيل في شهادة الزور - رقم (2653). (¬3) أبو داود: (4/ 30) (18) كتاب الأقضية (19) باب شهادة أهل الذمة في الوصيف بالسفر - رقم (3606). (¬4) أبو داود: (قدما). (¬5) أبو داود: (فقالوا)، وكذا (ف). (¬6) (ف): (إذا حضر أحدكم الموت). (¬7) البخاري: (5/ 480) (55) كتاب الوصايا (35) باب قول الله -عَزَّ وَجَلَّ- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ ...} رقم (2780). (¬8) أبو داود: (4/ 28) (18) كتاب الأقضية (19) باب شهادة أهل الذمة وفي الوصية في السفر - رقم (3605). (¬9) بدقوقاء: بلد بين بغداد وإربل. (¬10) أبو داود: (يُشهده). (¬11) أبو داود: (أبو موسى الأشعري).

ووصيته. فقال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأحلَفَهُما بعد العصر، والله (¬1) ما خانا ولا كذبا، فأمضى شهادتهما. النسائي (¬2)، قال: نا عمرو بن عليّ، قال: نا عبدُ الأعلى، نا سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة، عن سعيد بن أبي بُردة (¬3)، عن أبيه، عن أبي موسى، أنَّ رجلين اختصما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دابَّةٍ ليس لواحدٍ منهما بيِّنةٌ، فقضى به (¬4) بينهُما بِنصفين. قال: إسناد جيد. أبو داود (¬5)، عن أبي هريرة، أن رجلين اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في متاع ليس لواحد منهما بينة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "استهما على اليمبن ما كانا (¬6) أحبا ذاك أو كرها (¬7) ". وعن أبي هريرة (¬8)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كره الإثنان اليمينَ أو استحباها فليستهما عليها (¬9) ". ¬

_ (¬1) أبو داود: (بالله ما خانا ولا كذبا ولا بدلا ولا كتما ولا غيرا وإنها لوصية الرجل وتركته)، وفي (ف): (بالله ما خانا). (¬2) النسائي: (8/ 248) (49) كتاب آداب القضاة (35) القضاء فيمن لم تكن له بينة - رقم (5424). هو معمول عند أهل الحديث. (¬3) (ف): (بريدة). (¬4) النسائي: فقضى بها بينهما نصفين. (¬5) أبو داود: (4/ 39) (18) كتاب الأقضية (22) باب الرجلين يدَّعيان شيئًا وليست لهما بينه - رقم (3616). (¬6) أبو داود: (كان). (¬7) (ف): (أو كرهاه). (¬8) أبو داود: (4/ 39) (18) كتاب الأقضية (22) باب الرجلين يدعيان شيئا وليست لهما بينة - رقم (3617). (¬9) (عليها): ليست في (ف).

باب في اللقطة والضوال

البخاري (¬1)، عن أبي هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرض على قومٍ اليمين فأسرعوا، فَأَمَرَ أنْ يُسهَمَ بَيْنَهم في اليَمينِ أيهم يَحْلِفُ. مسلم (¬2)، عن أبي أمامة الحارثي، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اقتطع حق امرئٍ مُسلِمٍ بيمينِهِ فقد أوجب اللهُ لَهُ النَّارَ وحرَّم عليه الجنَّةَ" فاقال لَهُ رجلٌ: وِإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله، قال: "وإنْ قَضِيبًا من أراك". باب في اللقطة والضوال مسلم (¬3)، عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي (¬4)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لُقَطَةِ الحاجِّ. وعن زيد بن خالد (¬5)، عن رسول أدته - صلى الله عليه وسلم - قال: "من آوى ضَالَّةً فهو ضالٌّ (¬6) ما لم يُعَرِّفْهَا". وعنه (¬7)، أنَّ رجلًا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اللُّقَطَةِ فقال: "عَرِّفْهَا سنةً، ثم اعرف وِكَاءَهَا وعِفَاصَهَا ثم استنفق (¬8) بها فإن جاءَ ربُّها فأدِّهَا إليه" فقال: يا رسول الله فضالَّةُ الغنم؟، فقال: "خُذْهَا فإنما هي لك أو لأخيك أو للذِّئب" قال: يا رسول الله فضالَّةُ الإِبل؟ قال: فغضِبَ ¬

_ (¬1) البخاري: (5/ 337) (52) كتاب الشهادات (24) باب إذا تسارع قوم في اليمين - رقم (2674). (¬2) مسلم: (1/ 122) (1) كتاب الإيمان (61) باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين - رقم (218). (¬3) مسلم: (3/ 135) (31) كتاب اللقطة (1) باب في لقطة الحاج رقم (11). (¬4) (ف، د): (التميمي). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (12). (¬6) المراد بالضال هنا: المفارق للصواب. (¬7) مسلم: (3/ 1348) (31) كتاب اللقطة - رقم (2). (¬8) أي تملكها ثم أنفقها على نفسك.

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى احمرَّتْ وجنتاهُ (أو احمر وجهه) ثم قال: "مالك ولها؟ معها حِذَاؤُهَا وسِقَاؤُهَا حتى يلقاها ربُّها". وعنه (¬1)، قال: سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اللُّقَطَةِ (¬2)، الذهب أو الوَرِقِ؟ فقال: "اعرف وِكَاءَهَا وعِفَاصَهَا ثم عرِّفْهَا سنةً فإن لم تُعْرَفْ فاستنفقها ولتكن وديعةً عندك، فإن جاء طالِبُها يومًا من الدَّهْرِ فأدِّهَا إليهِ". وسأله عن ضالة الإِبل؟ فقال: "مالك ولها؟ دعها معها حِذَاؤها وسقاؤها تَرِدُ الماء وتأكُلُ الشجر حتى يجدها ربُّها". وسألَهُ عن الشاة؟ فقال: "خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب". وفي أخرى (¬3)، "فإن جاء صاحبها فَعَرَفَ عِفَاصَهَا وعَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا فأعطها إيَّاهُ وإلا فَهِيَ لَكَ". البخاري (¬4)، عن شعبة، عن سلمَةَ بن كُهَيْل، قال: سمعتُ سُويد بن غَفْلَةَ قال: كُنْتُ مع سلمان بن ربيعةَ وزيد بن صُوحانَ في غزاةٍ، فوجدت سَوطًا، قالا لي: أَلقِهِ، فقلت: لا ولكنِّى إنْ وَجَدْتُ صَاحِبَهُ وإلَّا استَمتعتُ به، فلمَّا رجعنا حَجَجْنَا، فمررتُ بالمدينةِ، فسألتُ أُبيَّ بن كعب قال: وجدتُ صُرَّةً فيها مائةُ دينارٍ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5) فأتيْتُ بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "عَرفْهَا حولًا" فعرَّفْتُها حوْلًا ثم أتيتُه (¬6)، فقال: "عرفْهَا حولًا" فعرفتها حولًا ثم أتيتُهُ فقال: "عرِّفْهَا حولًا (¬7) " ثم أتيته الرابعة فقال: "اعرف عِدَّتَهَا وَوِكَاءَهَا ووعَاءَهَا فإن جاءَ صاحِبُها وإلَّا استمتع بها". ¬

_ (¬1) المصدر السابق: (5). (¬2) (ف): (لقطة). (¬3) المصدر السابق: (6). (¬4) البخاري: (5/ 110) (45) كتاب اللقطة (10) باب هل يأخذ اللقطة - رقم (2437). (¬5) البخاري: (على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها مائة دينار). (¬6) البخاري: (أتيت). (¬7) البخاري: (فعرفتها حولًا).

باب في العتق وصحبة المماليك

وفي طريق أخرى، عن شعبة قال: فلقيتُه بعدُ بمكةَ فقال: لا أدري ثلاثةُ (¬1) أحوال أو حولًا واحدًا. يعني لقي سلمة. وقال مسلم في بعض طرقه (¬2)، قال شسعبة: فسمعتُهُ بَعْدَ عشر سنين يقُولُ: عرِّفْهَا عامًا واحِدًا. وفي بعض طرقه أيضًا (¬3)، "وإلا فهي كسبيل مالك". النسائي (¬4)، عن عياض بن حمار المجاشعي (¬5)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أخذ لقطة فليُشهد ذوي عدل وليحفظ عفاصها، ووكاءها، ولا يكتم ولا يغيب، فإن جاء صاحبها فهو أحق بها، وإن لم يجيء صاحبها (¬6) وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء". البخاري (¬7)، عن أنس بن مالك، قال: مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمرَة في الطريق فقال: "لَوْلا أنِّى أخافُ أن تكون من الصَّدَقَةِ لأكلتُهَا". باب في العتق وصحبة المماليك مسلم (¬8)، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من أعتق رقبةً أعتقَ اللهُ منها (¬9) بكلِّ عُضْوٍ منه (¬10) عُضوًا من أعضائِهِ من النَّارِ، حتى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ". ¬

_ (¬1) البخاري: (أثلاثة). (¬2) مسلم: (3/ 1350) (31) كتاب اللقطة - رقم (9). (¬3) المصدر السابق - رقم (10). (¬4) رواه النسائي في الكبرى كذا عزاه المزىِ في التحفة (8/ 250). (¬5) (المجاشعي): ليست في (ف). (¬6) (صاحبها): ليست في (ف). (¬7) البخاري: (5/ 103) (45) كتاب اللقطة (6) باب إذا وجد تمرة في الطريق - رقم (2431). (¬8) مسلم: (2/ 1147) (20) كتاب العتق (5) كتاب فضل العتق - رقم (21). (¬9) (منها): ليست في مسلم، وكذا (ف، د). (¬10) مسلم: (منها).

وعن أبي ذر (¬1)، قال: قلتُ: يا رسُولَ اللهِ! أيُّ الأعمالِ أفضَلُ؟ قال: "الإِيمان بالله والجهاد في سبييهِ " قال: قلت: أيُّ الرقَابِ أَفْضَلُ؟ قال: "انفَسُهَا عِنْدَ أَهلِهَا وأَكثرُهَا ثمنًا" قال: قلت: فإنْ لم أفعلْ؛ قال: "تُعِينُ صَانِعًا أو تَصْنَعُ لأَخْرَقَ" قال: قلت: يا رسول الله أرايتَ إنْ ضَعُفْتُ عن بعضِ العَملِ؟ قال: "تَكُفُّ شرَّك عن النَّاسِ فإنها صدقةٌ منك على نَفْسِكَ". وعن أبي هريرة (¬2)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجزى وَلَدٌ والِدًا إلَّا أن يجده مملوكًا فيشتريَهُ فيعتقه". وعن ابن عمر (¬3)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أعتق شِرْكًا لَهُ في عبدٍ، فكانَ لَهُ مالٌ يبلغ ثمن العبدِ، قُومَ عليه قِيمَةَ العَدْلِ فَأَعْطَي شُركاءَهُ حِصَصَهُمْ وعَتَقَ عليه العبدُ، وِإلَّا فقد عتق منهُ ما عتقَ". وعن أبي هريرة! (¬4)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (¬5): "من أعتق شَقِصًا (¬6) لَهُ في عبْدٍ فخلاصُهُ في مَالِهِ، إنْ كان لَهُ مَالٌ، فإنْ لم يَكُنْ لَهُ مالٌ، اسْتُسْعِيَ (¬7) العَبْدُ غير مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ". ذِكْرُ الإستسعاء في هذا الحديث يُروى من قول قتادةَ ذكر ذلِكَ شعبةُ وهشامُ وهمامٌ عن قتادة. وأما البخاري (¬8) ومسلم فإنهما أخرجاه مسندًا عن أبي عَرُوبة وجرير عن ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 89) (1) كتاب الإيمان (36) بيان كون الإيمان بالله أفضل الأعمال - رقم (136). (¬2) مسلم: (2/ 1148) (20) كتاب العتق (6) باب فضل عتق الوالد - (25). (¬3) مسلم: (2/ 1139) (20) كتاب العتق - رقم (1). (¬4) مسلم: (3/ 1287 - 1288) (27) كتاب الأيمان (12) باب من أعتق شركا له في عبد - رقم (54). (¬5) (قال): سقطت من (ف). (¬6) مسلم: (شقيصًا)، هي لغتان وهو النصيب. (¬7) أي أن يُكلَّف العبد الإكتساب حتى يحصل قيمة نصيب الشريك فإذا دفعها إليه عتق. (¬8) البخاري: (5/ 185 - 186) (49) كتاب العتق (5) باب إذا أعتق نصيبًا في عبدٍ، وليس له مال استسِعى العبد غيرَ مشقوق عليه، على نحو الكتابة - رقم (2526)، (2527).

قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، تابع جريرًا وابن أبي عَرُوبة حجاج بن حجاج، وأبان، وموسى بن خلفٍ (¬1). النسائي (¬2)، عن ضمرة، عن سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من ملك ذا رحمٍ محرم فقد عتق "عللوا هذا الحديث بأن ضمرة تفرّد به ولم يتابع عليه. وقال بعض المتأخرين: ليس انفراد ضمرة لهذا (¬3) الحديث علّة فيه، لأن ضمرة ثقة، والحديث صحيح إذا أسنده ثقة، ولا يضرُّهُ انفراده به، ولا إرسالُ من أرسله، ولا توقيف من وقفَهُ. مسلم (¬4)، عن عمران بن حُصين أنَّ رجلًا أعتق سِتَّةَ مملوكين (¬5) عند موتِهِ لم يكن لَهُ مالٌ غيرُهُم، فدعا بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَجَزَّأَهُمْ ثم أقرع بينَهُم، فأعتق اثنين، وأرَقَّ أَرْبَعَةً، وقال لَهُ قولًا شديدًا. النسائي (¬6)، عن القاسمِ بن محمد، قال: كان لعائِشَةَ غُلامٌ وجاريةٌ زوجٌ قالت: فأردتُ أن أُعتقهِما فذكرتُ ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنْ أعتقتهما فابدأي بالرجل قبل المرأة". البخاري (¬7)، عن عروة بن الزبير، أنَّ حكيم بن حِزَام أعتق في الجاهلية ¬

_ (¬1) أراد عبد الحق بهذا أن يرد على من زعم أن الإستسعاء في هذا الحديث غير محفوظ، وأن سعيد ابن أبي عروبه تفرد به. (¬2) رواه النسائي في العتق في الكبرى، كذا عزاه المزي في التحفة: (5/ 2323). (¬3) (ف، د): (بهذا). (¬4) مسلم: (3/ 1288) (27) كتاب الأيمان (12) باب من أعتق شركا له في عبد - رقم (56). (¬5) مسلم: (مملوكين له). (¬6) رواه النسائي بنحوه في الصغرى: (27) كتاب الطلاق (28) خيار المملوكين يعتقان - رقم (3446) , وهو في الكبرى (3/ 363) برقم (5639). (¬7) البخاري: (5/ 200) (49) كتاب العتق (12) باب عتق المشرك - رقم (2538).

مائة رقبةٍ، وحَمَلَ علي مائة بعير، فلما أسلم حَمَلَ على مائةِ بعير وأعتق مائَةَ رقبة، قال: فسألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلتُ: يا رسول الله! أرايتُ أشياءَ كُنْتُ أصنعُهَا في الجاهلية، كنت أتحنَّثُ بها -يعني أتَبَرَّرُ بها- فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أسلمت على ما أسلفت (¬1) من خير". وعن عائشة (¬2)، قالت: جاءت بريرة فقالت: إني كاتبت (¬3) على تسع أواقٍ في كل عام أُوقِية فأعينينِى، قالت عائشة: إنْ أَحَبَّ أهلُكِ أن أعُدَّهَا لهم عَدَّةً (¬4) وأعتِقَكِ فعلتُ، ويكون ولاؤكِ لِي، فذهبت إلى أهلها فأبوا ذلك عليها، فقالت: إنِّي قد عرضتُ ذلك! (¬5) عليهم، فأبَوا إلَّا أَنَّ يكون لهم الولاءُ (¬6) فسمع بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألني فأخبرتُهُ فقال: "خُذيها وأعتقيها (¬7) واشترطي لَهُمُ الولاءَ، فإنَ الولاء لمن أعتق" قالت عائشة: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النَّاس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أمَّا بعدُ، فما بالُ رجالٍ منكم يشترطون شُروطًا ليست (¬8) في كِتَابِ اللهِ؟ -عَزَّ وَجَلَّ- فأيُّما شرطٍ كان ليس في كتاب اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- (¬9) - فهو باطلٌ، وإنْ كان مِائَةَ شرط، فقضاءُ الله أَحقُّ وشَرْطُ اللهَ أِوثَقُ، ما بَالُ رجالٍ منكم يقولُ أحدهم: أَعتِقْ يا فُلان والولاء لي (¬10)، إنَّما الولاءُ لمن أَعتَقَ". ¬

_ (¬1) البخاري: (على ما سلف لك)، وكذا (د). (¬2) البخاري: (5/ 225) (50) كتاب المكاتب (3) باب استعانة وسؤال الناس - رقم (2563). (¬3) البخاري: (كاتبت أهلى). (¬4) البخاري: (عدة واحدة)، وفي (ف): (عدًا فأعتقك). (¬5) (ذلك): ليست في (د، ف)، (¬6) البخاري: (الولاء لهم). (¬7) البخاري: (فأعتقيها). (¬8) وفي (ف): (ليس). (¬9) (-عَزَّ وَجَلَّ-): ليست في البخاري وكذا (ف). (¬10) البخاري: (ولِي الولاء).

زاد في آخر (¬1) (¬2)، ففعلت عائشة. وعنها في هذا الحديث (¬3)، أنَّ بريرة لم تكن قضت من كتابتها شيئًا. مسلم (¬4)، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيعِ الوَلَاءِ وعن هِبَتِهِ. الترمذي (¬5)، عن أم سلمة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان عِنْدَ مُكاتَبِ إحداكُنَّ مَا يُؤدِّي، فلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ". قال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. النسائي (¬6)، عن علي بن أبي طالب، وابن عباس، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "المُكَاتَبُ يَعْتِقُ منه (¬7) بقدر ما أَدَّى، ويُقَامُ عليه الحدُّ بِقَدْرِ ما عَتَقَ مِنْهُ، ويَرِثُ بِقَدْرِ ما عَتَقَ مِنْهُ". مسلم (¬8)، عن جابر بن عبد الله، قال: أَعْتَقَ رَجُلٌ من بني عُذْرَةَ عبدًا لَهُ عن دُبُرٍ (¬9)، فبلغ ذلِكَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لك (¬10) مالٌ غيرُهُ" فقال: لَا، فقال: "من يشتريهِ منِّي؟ " فاشتراه نُعيمُ بن عبد الله العدويُّ بثمان ¬

_ (¬1) البخاري: (5/ 384) (54) كتاب الشروط (13) باب الشروط في الولاء - رقم (2729). (¬2) (زاد في آخر): ليست في (ف). (¬3) البخاري: (5/ 222) (50) كتاب المكاتب (2) باب ما يجوز من شروط المكاتب - رقم (2561). (¬4) مسلم: (2/ 1145) (20) كتاب العتق (3) باب النهي عن بيع الولاء وهبته - رقم (16). (¬5) الترمذي: (3/ 562) (12) كتاب البيوع (35) باب ما جاء في المكاتب إذا كاد عنده ما يؤدي - رقم (1261). (¬6) النسائي: (8/ 46) (45) كتاب القسامة (38، 39) دية المكاتب - رقم (4811). (¬7) (منه): ليست في النسائي. (¬8) مسلم: (2/ 692 - 693) (12) كتاب الزكاة (13) باب الابتداء في النفقة بالنفس ... - رقم (41). (¬9) أي علق عتقه بموته. (¬10) مسلم: (ألك) وكذا (د، ف).

مئة دِرْهَمٍ، فجاء بها إلى (¬1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَدفَعها إليهِ، ثم قال: "ابْدَأْ بنفْسِكَ فتصدَّقْ عليها، فإن فَضَلَ شيءٌ فَلِأهْلِكَ، فإنْ (¬2) فَضَلَ عن أَهلِكَ شيءٌ فَلِذِي قَرابَتِكَ، فإنْ (2) فَضَلَ عن ذِي قرابَتِكَ شيءٌ فهكَذَا وهكذا" يقولُ: فَبَيْنَ يَدَيْكَ وعن يمينِكَ وعن شِمَالِكَ. وعن المَعْرُورِ بن سُوَيْدٍ (¬3)، قال: مَرَرْنَا بأبي ذَرٍّ بالرَّبَذَةِ، وعليه بُرْدٌ وعلى غُلَامِهِ مِثْلُهُ، فقلت (¬4): يا أبا ذرٍّ، لو جَمَعْتَ بينهما لكانت حُلَّةً (¬5)، فقال: إِنَّهُ كان بينى وبين رَجُلي من إخْوَانِي كَلَامٌ، وكانت أُمُّهُ أعجميَّةً، فعيَّرْتُهُ بِأُمِّهِ فشكانِي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلقِيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا أبا ذَرٍّ إنِّكَ امرؤ فِيكَ جاهِلِيَّةٌ (¬6)، هم إخوانكم جعلهم الله تحت أَيْدِيكُمْ، فأطْعِمُوهُمْ مِمَّا تأْكُلُونَ، وأَلبِسُوهُمْ ممَّا تَلْبَسُونَ، ولا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإن كلَّفْتُمُوهُمْ فَأعِينُوهُمْ". أبو داود (¬7)، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله - صلى الله من عليه وسلم -: "من لاءَمَكُمْ من مملُوكِيكُمْ فأطْعِمُوهُ مما تأكلون، واكْسُوهُ مِمَّا تكتسون ومَن لم يلائِمْكُمْ (¬8) منهم فبيعُوهُ ولا تُعَذِّبُوا خَلْقَ الله". مسلم (¬9)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صنع لأحدكم خَادِمُهُ طَعَامَة ثم جاءَهُ بِهِ وقد وَلِيَ حَرَّهُ ودُخَانَهُ فليُقْعِدْهُ مَعَهُ، فليأكل، ¬

_ (¬1) (إلى): ليست في مسلم. (¬2) (ف): (وإن). (¬3) مسلم: (3/ 1282) (27) كتاب الأيمان (10) باب إطعام المملوك مما يأكل رقم (38). (¬4) مسلم: (فقلنا). (¬5) إنما قال ذلك لأن الحلة عند العرب ثوبان، ولا تطلق على ثوب واحد. (¬6) زاد مسلم: (قلت: يا رمول اللهِ! من سَبَّ الرِّجَالَ سبُّوا أباه وأمَّهُ، قال: يا أبا ذر، إنك امرؤ فيك جاهلية). (¬7) أبو داود: (4/ 341) - كتاب الأدب - باب في حق المملوك - رقم (5161). (¬8) في الأصل: (ومن لاءمكم) وفي (د، ف): (لا يلائمكم). (¬9) مسلم: (3/ 1284) (27) كتاب الأيمان (10) باب إطعام المملوك مما يأكل - رقم (42).

فإن كان الطَّعَامُ مَشْفُوهًا قليلًا (¬1) فليضع مِنْهُ في يده (¬2) أَكْلَةً أو أَكْلَتَينِ". قال: يعني لقمةً أو لقمتين. وعن زاذان أبي عمر (¬3)، أنَّ ابن عمر دَعَا بغلامٍ لَهُ فرأى بظهرِهِ أثرًا، فقال لَهُ: أوجعْتُكَ؟ قال: لا، قال: فأنت عتيقٌ، قال: ثم أخذ شيئًا من الأرض فقال: مالي فيه من الأجر ما يزنُ هذا إِنِّي سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من ضرب غُلامه (¬4) حدًّا (¬5) لم يأتِهِ فإن كفارته أنْ يعتقه". وفي رواية (¬6): "من لطم عبده" لم يذكر الحدّ. لي عن معاوية بن سويد (¬7)، قال: لطمتُ مَوْلىً لنا فَهَرَبْت، ثم جئتُ (¬8) قبيل الظُّهْرِ فصلَّيْتُ خلف أبي فدعَاهُ ودعاني، ثمَّ قال: امتثل (¬9) منْهُ فَعَفَا ثم قال: كنَّا بني مُقَرِّنٍ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس لنا خادمٌ إلا (¬10) واحدةٌ فلطمها أحدُنا فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أعتقوها" قالوا: ليس لهم خادِمٌ غيرُها قال: "فليستخدِمُوها فإن (¬11) استغنوا عنها فليُخَلُّوا سبيلها". ¬

_ (¬1) (قليلًا): ليست في (ف). (¬2) مسلم: (في يده منه) وكذا (د). (¬3) مسلم: (3/ 1378) (27) كتاب الأيمان (8) باب صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده - رقم (30). (¬4) مسلم: (غلامًا له). (¬5) مسلم: (أو لطمه). (¬6) المصدر السابق. (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (31). (¬8) (ف): (فهربت، فجئت). (¬9) أي عاقبه قصاصًا. (¬10) مسلم: (إلا خادم). (¬11) مسلم: (فإذا).

وعن أبي هريرة (¬1)، قال: قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: "من قذف مملوكَهُ بالزِّنى أقام (¬2) عليه الحدِّ يوم القيامةِ إلَّا أن يكونَ كما قال". أبو داود (¬3)، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُجَّاجًا حتى إذا كنا بالعَرْج نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزلنا، فجلستْ عائشة إلى جنب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجلستُ إلى جنب أبي (¬4) وكانت زِمَالَة (¬5) أبي بكر وزِمَالَةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدة مع غلام أبي بكر (¬6) فجلس أبو بكر ينتظر أن يطلُع عليه، فطلع وليس معه بعيره، قال: أين بعيرك؟ قال: أضللته البارحة فقال أبو بكر: بعيرٌ واحدٌ تُضِلُّه؟ فطَفِق يضربه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبسَّم (¬7) يقول: "انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع" فلم يزد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يقول: "انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع" ويتبسَّم. مسلم (¬8)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقولن أحدُكُمْ: عبدي، أمتي (¬9)، كلكُمْ عبيدُ الله وكلُّ نسائِكُمْ إِمَاءُ اللهِ ولكن ليَقُلْ: غلامي وجَارِيَتِي وفتَايَ وفتاتِي". ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1282) (27) كتاب الأيمان (9) باب التغليظ على من قذف مملوكه بالزني - رقم (37). (¬2) مسلم: (يُقام) وفي (ف): (أقيم). (¬3) أبو داود (2/ 407) (5) كتاب المناسك (30) باب المحرم يؤدب غلامه - رقم (1818). (¬4) أبو داود: (أبي بكر). (¬5) الزاملة: هي البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع. (¬6) أبو داود: (لأبي بكر). (¬7) أبو داود: (يبتسم). (¬8) مسلم: (4/ 1764) (40) كتاب الألفاظ من الأدب (3) باب حكم إطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد - رقم (13). (¬9) مسلم: (وأمتي).

باب في الأيمان والنذور

وعن ابن عمر (¬1)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "العبدُ (¬2) إذا نصح لسيِّدهِ وأحسن عِبادَةَ اللهِ، فله أجرُهُ مرتين". وعن جرير (¬3)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أَيُّما عَبْدٍ أَبَقَ فقد بَرِئَتْ منهُ الذِّمَّةُ". باب في الأيمان والنذور مسلم (¬4)، عن ابن عمر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنَّهُ أَدْرَكَ عُمر بن الخطاب في رَكْبٍ وعمر يحلِفُ بأبيه فنادَاهُمْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ألا إنَّ الله (¬5) ينهاكُمْ أَنْ تحْلِفُوا بآبائِكُمْ فمن كان حالِفًا فليحلِفْ بالله أو لِيَصْمُتْ". النسائي (¬6)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحلفوا بآبائِكُمْ ولا بأُمَّهَاتِكُمْ ولا بالأنْدَادِ، ولا تحلِفُوا (¬7) بالله إلَّا وأنتم صادقون". أبو داود (¬8)، عن سعد (¬9) بن عبيدة، قال: سمع ابنُ عمر رجلًا يحلف: لا والكعبةِ، فقال له ابن عمر: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ حَلفَ بغير اللهِ فقد أشرك". ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1284) (27) كتاب الأيمان (11) باب ثواب العبد وأجره إذا نصح لسيده - رقم (43). (¬2) مسلم: (إن العبد). (¬3) مسلم: (1/ 83) (1) كتاب الإيمان (31) باب تسمية - العبد الآبق كافرا - رقم (123). (¬4) (3/ 1267) (27) كتاب الأيمان (1) باب التي عن الحلف بغير الله تعالى - رقم (3). (¬5) مسلم: (الله -عَزَّ وَجَلَّ-). (¬6) النسائي: (7/ 5) (35) كتاب الأيمان والنذور (6) الحلف بالأمهات - رقم (3769). (¬7) النسائي: (ولا تحلفوا إلا بالله ولا تحلفوا). (¬8) أبو داود: (3/ 570) (16) كتاب الأيمان والنذور (5) باب في كراهية الحلف بالآباء - رقم (3251). (¬9) (ف): (سعيد).

وعن بُريدة (¬1)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف فقال إنِّي بريءٌ من الإسلام فإنْ كان كاذبًا فهو كما قال، وإن كان صادقًا فلن يرجع إلى الإِسلام سالمًا". وعنه (¬2)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف بالأمانة فليس منّا". مسلم (¬3)، عن ثابت بن الضَّحَّاكِ، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف بملَّةٍ سِوى الإِسلام كَاذِبًا متعمدًا، فهو كما قال، ومن قتل نفسَهُ بشيءٍ عَذَّبَهُ اللهُ بِهِ في نَارِ جهنَّم". وعن أبي هريرة (¬4)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف منكم، فقال في حلفِهِ: باللَّاتِ فليقل: لا إِلَهَ إلا اللهُ ومن قال لصاحِبِهِ: تعَالَ أُقَامِرْكَ فليَتَصَدَّقْ". وفي رواية (¬5): "فليتصدق بشيءٌ". وفى أخرى (5): "من حلف باللات والعزى". البخاري (¬6)، عن عاشة {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} (¬7) ¬

_ (¬1) أبو داود: (3/ 574) (16) كتاب الأيمان والنذور (9) باب ما جاء في الحلف بالبراءة وبملة غير الإسلام - رقم (3258). (¬2) أبو داود: (3/ 571) (16) كتاب الأيمان والنذور (6) باب في كراهة الحلف بالأمانة - رقم (3253). (¬3) مسلم: (1/ 105) (1) كتاب الإيمان (47) باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه بشيء عذب به في النار - رقم (177). (¬4) مسلم: (3/ 1267 - 1268) (27) كتاب الأيمان (2) باب من حلف باللات والعزى - رقم (5). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين. (¬6) البخاري: (11/ 556) (83) كتاب الأيمان والنذور (14) باب {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ...} - رقم (6663). (¬7) (في أيمانكم): ليست في البخاري، والآية من سورة البقرة (225).

قالت: أُنزلت في قوله: لا والله، بلى (¬1) والله. أبو داود (¬2)، عن عائشة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "هو قول (¬3) الرجل في بيتهِ، كَلا والله، وبَلَى واللهِ". رواه الجماعة عن عائشة قولها. النسائي (¬4)، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حلف على يمين فقال إن شاءَ اللهُ، فهو بالخِيَارِ إِنْ شاء مضى (¬5) وإن شاء تَرَكَ (¬6) ". [في آخر (¬7): "وإن شاء ترك غير حنث"] (¬8). مسلم (¬9)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "قال سُليمان بن داوُدَ: لأطوفَنَّ الليلَةَ على تِسْعِينَ امرأةً، كُلَّها تأتي بفارسٍ يُقَاتِلُ في سبيل اللهِ، فقال لَهُ صَاحبُهُ: قل: إنْ شاء اللهُ، فلم يقل: إن شاء الله، فطاف عليهِنَّ جميعًا، فلم تحمل مهن إلا امرأةٌ واحِدَةٌ فجاءَتْ بشق رجُلٍ، وايْمُ الذي نفس محمد بيده لو قال: إن شاء الله لجاهَدُوا في سبيل الله فُرْسَانًا أجْمَعُونَ". وفي أخرى (¬10)، "لو قال: إنْ شاء اللهُ، لم يَحْنَثْ، وكان دَرَكًا لحاجَتِهِ". ¬

_ (¬1) البخاري: (وبلى). (¬2) أبو داود: (3/ 571) (16) كتاب الأيمان والنذور (7) باب لغو اليمين - رقم (3254). (¬3) أبو داود: (كلام). (¬4) النسائي: (7/ 25) (35) كتاب الأيمان والنذور (39) الإستثناء - رقم (3830). (¬5) النسائي: (أمضى) وكذا (د). (¬6) (ف): (ترك غير حنث). (¬7) النسائي: (7/ 12) (35) كتاب الأيمان والنذور (18) من حلف فاستثنى - رقم (3793). (¬8) ما بين المعقوفتين ليس في (ف). (¬9) مسلم: (3/ 1276) (27) كتاب الأيمان (5) باب الإستثناء - رقم (25). (¬10) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (24).

وعن أبي موسى (¬1)، قال: أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - في رهطٍ من الأشعريِّين نستَحْمِلُهُ، فقال: "والله ما (¬2) أحملكم ولا عندي ما أحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ" قال: فلبثنا ما شاء اللهُ، ثم أُتي بإبلٍ، فأمر لنا بثلاث ذَودٍ غُرِّ الذُّرَى (¬3)، فلما انطلقنا قلنا (أو قال بعضنا لبعضٍ): لا يُبارك اللهُ لَنَا، أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نستحمله، فحلف ألا يحملنا، ثم حَمَلنا، فأتوه فأخبرُوهُ، فقال (¬4): "ما أنا حَمَلْتُكمْ ولكنَ اللهَ حَمَلَكُمْ، وإنِّي، واللهِ! إن شاءَ اللهُ، لا أحْلِفُ على يمينٍ ثم أرى خيرًا منها، إلَّا كفَّرتُ يميني وأتيتُ الذي هو خيرٌ". وعن عديٍّ بن حاتم (¬5)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا حلف أحدُكُمْ على اليمين، فرأى (¬6) خيرًا مِنْهَا، فليكفِّرْهَا ولْيَأتِ الذي هو خيرٌ". وعن أبي هريرة (¬7)، قال: أَعْتَمَ رجلٌ عِندَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم رجَعَ إلى أَهْلِهِ فَوَجَدَ الصِّبيَةَ قد نامُوا، فأتى (¬8) أهْلُهُ بطعَامِهِ، فحَلفَ ألَّا يأكل من أجل الصِّبية (¬9)، ثم بدا لَهُ فأكَلَ، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك لهُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حَلَفَ على يمين فَرَأى غيرها خيرًا منها، فليأتِهَا وليُكَفِّرْ يمينه" (¬10). ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1268) (27) كتاب الأيمان (3) باب ندب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها أن يأتي الذي هو خير - رقم (7). (¬2) مسلم: (لا). (¬3) الذود من الإبل: ما بين الثلاث إلى العشر والمراد ثلاث إبل من الذود والغر: البيض جمع الأغر وهو الأبيض، والذرى جمع ذروة وهو أعلى الشيء أي السنام. (¬4) (فقال): سقطت من الأصل. (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (17). (¬6) (ف): (فرأى غيرها خيرًا منها). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (11). (¬8) مسلم: (فأتاه). (¬9) مسلم: (صبيته). (¬10) (ف): (عن يمينه).

وعن أبي هريرة (¬1)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والله لأن يَلَجَّ أحدُكُمْ بيمِينِهِ في أهْلِهِ، آثَمُ لَهُ عند الله من أن يُعْطِيَ كفَّارَتَهُ الَّتِي فرض اللهُ لَهُ (¬2) ". وعنه (¬3)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اليمينُ على نِيَّة المُسْتَحْلِفِ". البخاري (¬4)، عن الشعبي، عن عبد الله بن عمرو (¬5)، قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ قال: "الإِشراك بالله" قال: ثم ماذا؟ قال: "ثم عقوق الوالدين" قال: ثم مَاذا؟ قال: "اليمين الغَموس" قلتُ: وما اليمينُ الغَموس؟ قال: "الذي يقتطعُ بها (¬6) مال أمرئ مسلم هو فيها كاذب". عن البراء بن عازب (¬7)، قال: أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بإبرار المُقسِم. مسلم (¬8)، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنَّهُ نهى عن النَّذْرِ وقال: " إنَّهُ لا يأْتِى بخير، وإنَّما يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِن البَخِيلِ". وعن عمران بن حصين (¬9)، قال: كانت ثَقِيفُ حُلفَاءَ لبني عُقَيْلٍ، ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1276) (27) كتاب الأيمان (6) باب النهي عن الإِصرار على اليمين - رقم (26). (¬2) (له): ليست في مسلم. (¬3) مسلم: (3/ 1274) (27) كتاب الأيمان (4) باب يمين الحالف على نية المستحلف - رقم (21). (¬4) البخاري: (12/ 276) (88) كتاب استتابة المرتدين (1) باب إثم من أشرك بالله وعقوبته - رقم (6920). (¬5) (ف): (عبد الله بن عمر). (¬6) (بها): ليست في البخاري. (¬7) البخاري: (11/ 549) (83) كتاب الأيمان والنذر (9) باب قول الله تعالى {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} رقم (6654). (¬8) مسلم: (3/ 1261) (26) كتاب النذر (2) باب النهي عن النذر - رقم (4). (¬9) مسلم: (3/ 1262 - 1263) (26) كتاب النذور (3) باب لا وفاء لنذر في معصية الله - رقم (8).

فأسَرَتْ ثقيفُ رجُلَيْنِ من أصْحَابِ رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأسَرَ أصحابُ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - رجُلًا من بني عُقَيْلٍ، وأصابُوا مَعَهُ العَضْبَاءَ (¬1)، فأتى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الوَثَاقِ، فقال: يا محمد! فأتاه فقال: "ما شأنك؟ " فقال: بِمَ أخَذْتَنِي؟ وبِمَ أَخَذْتَ سَابِقَةَ الحاجِّ (¬2)؟ فقال (إعظامًا لذلك): "أخذتك بجرِيرَةِ حُلَفَائِكَ ثقِيفَ" ثمَّ انصرف عنه فنادَاهُ، فقال (¬3): يا محمد! يا محمد! وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحيمًا رَقِيقًا. فَرَجَعَ إليهِ فقال: "ما شأنُكَ؟ " قال: إنِّي مُسْلِمٌ فقال: "لو قُلْتَهَا وانتَ تمْلِكُ أمْركَ، أفْلَحْتَ كُلَّ الفَلاحِ" ثم انصرف فنادَاهُ فقال: يا محمد! يا محمد! فأتَاهُ فقال: "ما شأنُكَ؟ " قال: إنِّي جائِعٌ فأطعِمْنِى، وظمآنُ فاسقِنِي، قال: "هذه حاجَتُك" فَفُدِيَ بالرَّجلين. قال: وأُسِرَت امرأةٌ من الأنصارِ، وأُصيبت العَضْبَاءُ، فكانت المرأة في الوثَاقِ، وكان القومُ يُريحُونَ نَعَمَهُم بين يدي بُيُوتِهِمْ، فانطلقت (¬4) ذاتَ ليلةٍ مِنَ الوثاق فأتت الإِبِلَ فجعلت إذا دَنَتْ من البعير رَغَا فَتَركَتْهُ حتى تنتهِي إلى العَضْبَاءِ، فلم ترغ وناقةٌ مُنَوَّقَةٌ (¬5)، فقعدتْ في عَجُزِهَا ثم زجرتها وانطلقت (¬6)، فنذروا بها، فطلبُوها فأعجزتْهُمْ، قال: ونَذَرَتْ لِلِهِ -عَزَّ وَجَلَّ- (¬7) - إن نَّجاها اللهُ عليها لَتَنْحَرنَّهَا فلما قدمت المدينة رآها النَّاسُ فقالوا: العضباءُ، ناقةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: إنَّهَا نذرت إن نجَّاها الله -عَزَّ وَجَلَّ- (7) عليها لتنحرنَّها، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا ذلك لَهُ، فقال: "سبحان اللهِ! بئسما جَزَتْهَا نَذَرَتْ لِلَّه إنْ نَّجاهَا اللهُ عليها لَتَنْحَرَنَّهَا، لا وفَاءَ لنذر في معصيةٍ ولا فيما لا يملِكُ العَبْدُ". ¬

_ (¬1) وهي ناقة نجيبة كانت لرجل من بني عقيل، ثم انتقلت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (¬2) أراد بها العضباء، فإنها كانت لا تسبق. (¬3) (فقال): ليست في (ف). (¬4) مسلم: (فانفلتت). (¬5) أي مذللة. (¬6) مسلم: (فانطلقت) وكذا (د). (¬7) (-عَزَّ وَجَلَّ-): ليست في مسلم.

أبو داود (¬1)، عن ثابت بن الضحاك، قال: نذر رجل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ ينحر إِبلًا بِبُوانة (¬2)، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله (¬3) إنِّي نذرت أن أنحَر إِبلًا ببوَانَةَ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل كان فيها وتن من أوثان الجاهلية يُعْبَدُ؟ " قالوا: لا، قال: "فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ " قالوا: لا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَوفِ بنَذْرِكَ، فإنَّه لا وفاء لنذر في معصيةِ الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم". البخاري (¬4)، عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من نذرَ أن يطيع الله فليُطعه، ومن نذر أن يَعصي الله (¬5) فلا يعصه". أبو داود (¬6)، عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من نذر نذرًا لم يُسمّه فكفارتُهُ كفَّارة يمين (¬7) ومن نذر نذرًا لا يطيقُه فكفارتُهُ كفارة يمين، ومن نذر نذرًا أطاقه فليفِ به". مسلم (¬8)، عن عُقبَةَ بن عامر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كفَّارَةُ النَّذْرِ كفارَةُ يَمينٍ (¬9) ". ¬

_ (¬1) أبو داود: (3/ 607) (16) كتاب الأيمان والنذور (27) باب ما يؤمر به من الوفاء بالنذر رقم (3313). (¬2) بوانة: هي هضبة من وراء ينبع قريبة من ساحل البحر، وقيل بفتح الباء. (¬3) (يا رسول الله): ليست في أبي داود. (¬4) البخاري: (11/ 589) (83) كتاب الأيمان والنذور (27) باب إثم من لا يفى بالنذر - رقم (6696). (¬5) البخاري: (يعصيه). (¬6) أبو داود: (3/ 614) (16) كتاب الأيمان والنذور (30) باب من نذر نذرًا لا يطيقه - رقم (3322). (¬7) أبو داود: (ومن نذر نذرًا في معصية فكفارته كفارة يمين). (¬8) مسلم: (3/ 1265) (26) كتاب النذر (5) باب كفارة النذر - رقم (13). (¬9) مسلم: (اليمين).

وعن عقبة أيضًا (¬1)، قال: نذرَتْ أُخْتِي أنْ تمشي إلى بيتِ اللهِ حافيةً فأمرتني أن أسْتَفْتِي لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستفتَيْتُهُ فقال: "لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ". وقال أبو داود (¬2)، عن ابن عباس في هذا الحديث، أن أخت عقبة بن عامر، نذرت أن تحج ماشية وأنَّها لا تطيق ذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله لغنيٌّ عن مشي أختك فلتركب، ولتُهْدِ بَدَنة". وفي لفظ اخر (¬3)، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئًا، فلتحُجَّ راكبةً وتكفر (¬4) عن يمينها". وعند أبي داود (¬5)، والنسائي (¬6)، في هذا الحديث أيضًا: "ولتصم ثلاثة أيام" وليس فيه ذِكرُ الهَدْي. مسلم (¬7)، عن أنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى شيخًا يُهاديَ (¬8) بين ابْنَيْهِ، فقال: "ما بالُ هذا؟ " قالُوا: نذر أنْ يمشي، قال: "إنَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- عن تعذيب هذا نَفْسَهُ لغَنِيٌّ" وأمَرَهُ أن يَرْكَبَ. أبو داود (¬9)، عن جابر بن عبد الله، أن رجلًا قام يوم الفتح، فقال: يا رسول الله! إني نذرت لله إنْ فتح الله عليك مكة، أن أصلي في بيت المقدس ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1264) (26) كتاب النذر (4) باب من نذر أن يمشي إلى الكعبة - رقم (11). (¬2) أبو دازد: (3/ 601) (16) كتاب الأيمان والنذور (23) باب من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية - رقم (3303). (¬3) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (3295). (¬4) أبو داود: (ولتكفر). (¬5) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (3293). (¬6) النسائي: (7/ 20) (35) كتاب الأيمان والنذور (33) إذا حلفت المرأة لتمشي حافية غير مختمرة - رقم (3815). (¬7) مسلم: (3/ 1263) (26) كتاب النذر (4) باب من نذر أن يمشى إلى الكعبة - رقم (9). (¬8) معناه يمشى بينهما، متوكئًا عليهما، من ضعف به. (¬9) أبو داود: (3/ 602) (16) كتاب الأيمان والنذور (24) باب من نذر أن يصلى في بيت المقدس - رقم (3305).

ركعتين، قال: "صلِّ هاهنا" ثم أعاد عليه فقال: "صلَ هاهنا" ثم أعاد عليه، فقال: "فشأنك إذًا (¬1) ". البخاري (¬2)، عن ابن عباس، قال: بَينَا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب إذا هو برجلٍ قائم فسأل عنه، فقالوا: أبو إسرائيل نَذَرَ أن يقوم ولا يقعُدَ، ولا يستَظلَّ، ولا يتكلمَ، ويصومَ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مُروه (¬3) فليتكلم وليستظل وليقعد وليتمَّ صومَهُ". النسائي (¬4)، عن ابن عباس، قال: مرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ يقود رجلاً (¬5) في نذرٍ فتناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فقطعَهُ قال: إنه نَذرٌ. وله في أخرى (¬6)، عن ابن عباس، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - مرّ -يعني برجل- (¬7) وهو يطوفُ بالكعبةِ يقود (¬8) انسانًا بخِزَامَةٍ (¬9) في أنفِهِ فقطعهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ ثم أَمَرَهُ أن يقودَه بيدهِ. خرجه البخاري (¬10) أيضًا. مسلم (¬11)، عن ابن عمر، أن عمر قال: يا رسُول الله! إنِّي نذرتُ في الجاهليَّةِ أن أعتكف ليلةً في المسجد الحرام، قال: "فأوف بنذرِكَ". ¬

_ (¬1) أبو داود: (شأنك إذن). (¬2) البخاري: (11/ 594) (83) كتاب الأيمان والنذور (31) باب النذر فيما لا يملك وفي معصية - رقم (6704). (¬3) البخاري: (مره). (¬4) النسائي: (5/ 222) (24) كتاب مناسك الحج (135) الكلام في الطواف - رقم (2921). (¬5) النسائي: (يقوده الرجل بشيء ذكره). (¬6) النسائي: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2920). (¬7) (يعني برجل): ليست في النسائي. (¬8) النسائي: (بإنسان يقوده). (¬9) الخِزامة: هي حلقة من شعر تجعل في أحد جانبي منخري البعير. (¬10) البخاري: (11/ 594) (83) كتاب الأيمان والنذور (31) باب النذر فيما لا يملك وفي معصية - رقم (6703). (¬11) مسلم: (3/ 1277) (27) كتاب الأيمان (7) باب نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم - رقم (27).

كتاب الديات والحدود

كتاب الديات والحدود [بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلى الله على سيدنا محمد وكل آله وصحبه وسلم -] (¬1) مسلم (¬2)، عن أبي بكرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنهُ قال: "إنَّ الزمان قدِ استدار كهيئتِهِ يوم خلق الله السموات والأرضَ. السَّنَةُ اثنا عَشَرَ شهرًا، منها أَربعَةٌ حُرُمٌ، ثلاثٌ (¬3) متوالياتٌ: ذُو القعدة وذُو الحجة، والمحرَّمُ، ورَجَبٌ شهرُ مُضَر، الذي بين جُمادى وشعبان" ثم قال: "أيّ شهر هذا؟ " قلنا: الله ورسوله أعلَمُ. قال: فسكتَ حتى ظَنَنَّا أَنَّهُ سيسمِّيهِ بغير اسمِهِ، قال: "أليس ذَا الحِجَّةِ؟ " قلنا: بلى، قال: "فأي بلدٍ هذا؟ " قلنا: الله ورسولُهُ أعلم. قال: فسكَتَ حتى ظننا أنه سيسميهِ بغير اسمِهِ، قال: "أليس البلدةَ (¬4)؟ " قلنا: بلى، قال: "فأيُّ يوم هذا؟ " قلنا: الله ورسولُهُ أعلم. قال: فسكَتَ حتى ظننَّا أَنَّهُ سيسميهِ بغير اسمِهِ، قال: "أليس يوم النحر؟ " قلنا: بلى يا رسُولَ الله، قال: "فإنّ دِمَاءَكُمْ وأَموالَكُمْ (قال: وأحسبُهُ قال) وأعراضَكُمْ عليكم حرام (¬5) كحرمة يومِكُمْ هذا، في بلَدِكُمْ هذا، في شهركم هذا وستلْقَوْنَ ربَّكُمْ فيسْأَلُكُمْ عن أعمالِكُمْ فلا ترجِعُنَّ (¬6) بعدِي كُفَّارًا (¬7) يضرب بعضكم رِقَابَ بعضٍ، ألا لِيُبَلِّغِ الشاهِدُ الغائب، فلعل بَعْضَ من يُبَلّغُهُ يكون أوعى لَه (¬8) من بعض من سَمِعَهُ" ثم قال: "ألا هل بلغتُ؟ ". ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفين ليس في (د، ف). (¬2) مسلم: (3/ 1305) (28) كتاب القسامة (9) باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال - رقم (29). (¬3) مسلم: (ثلاثة). (¬4) (ف): (البلدة الحرام). (¬5) مسلم: (حرام عليكم). (¬6) (ف): (ترجعوا). (¬7) مسلم: (أو ضلالًا). (¬8) (له): ليست في (ف).

وفى أخرى (¬1)، "وأعراضكم" من غير شك. وعن سليمان بن يسار (¬2)، وأبى سلمة بن عبد الرحمن، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأنصارِ، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقرَّ القَسَامَةَ (¬3) على ما كانت (¬4) في الجاهليَّةِ. وعن سهل بن أبي حثمة (¬5)، عن رجال من كُبَرَاء قومِهِ، أن عبد الله بن سهل ومُحَيِّصةَ خرجا إلى خيبر، من جهدٍ أصابهم، فَأَتى مُحيَّصة فأَخبر أنَّ عبد الله ابن سهل قد قُتِلَ وطُرِحَ في عينٍ أو فقيرٍ (¬6)، فأتى يَهُودَ فقال: أنتم واللهِ قتلتُموهُ، قالوا: واللهِ ما قتلنَاهُ، ثم أقْبَلَ حتى قدِمَ على قومه، فذكرَ لهم ذلك، ثم أقبل هو وأخوُهُ حُوَيِّصَةُ، وهو أَكْبَرُ منهُ، وعبد الرحمن بن سهلٍ، فذهب مُحيِّصَة ليتكلَّمَ، وهو الذي كان بخيبر. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِمُحَيِّصَةَ: "كَبِّرْ. كَبِّرْ (¬7) " (يريد السِّنَّ) فتكلَّم حُويِّصَةُ، ثم تكلم مُحيِّصَةُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إمًا أن يَدُوا (¬8) صَاحِبكُم، وإمَّا أن يأذنوا (¬9) بحربٍ؟ " فكتب إليهم (¬10) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك فكتَبُوا: إنَّا والله ما قتلنَاهُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِحُويِّصَةَ ومُحيِّصَةَ وعبد الرحمن: ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (30). (¬2) مسلم: (3/ 1295) (28) كتاب القسامة (1) باب القسامة - رقم (7). (¬3) القَسامة: اليمين كالقسم، وحقيقها أن يقسم من أولياء الدم خمسون نفرًا على استحقاقهم دم صاحبهم إذا وجدوه قتيلًا بين قوم ولم يعرف قاتله. (¬4) مسلم: (على ما كانت عليه). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (6). (¬6) الفقير هنا: البئر القريب القعر، الواسعة الفم. (¬7) (ف): (فقال له رسول الله - صلى الله علبه وسلم - محيصة كبر محيصة). (¬8) أي يدفعوا إليكم ديته. (¬9) مسلم: (يُؤْذِنُوا) وكذا (د، ف). (¬10) مسلم: (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم).

"أتحلفون وتستحقون دَمَ صاحبكم؟ " قالوا: لا، قال: "فتحلِفُ (¬1) لكم يهود؟ " قالوا: ليسُوا بمسلمين، فَوَادَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عنده، فبعث إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة ناقةٍ حتى أُدخلت عليهم الدَّار. فقال سهل: فلقد رَكَضَتْنِي منها ناقةٌ حمراءُ. وعن سهل (¬2)، ورافع بن خديج، أن مُحَيِّصَةَ وعبد اللهِ بن سهلٍ انطلقا قِبَلَ خيبرَ، فذكرا الحديث وفيه: فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم -: "يُقْسِمُ خمسُونَ مِنْكُمْ على رَجُلٍ مِنْهُمْ فيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ" قالوا: أَمْرٌ لم نشهدْه كيف نحلِفُ عليه (¬3)؟ قال: "فتُبْرِئُكُم يَهُودُ بأيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ؟ " وذكر الحديث. وعن جابر بن عبد الله (¬4)، قال: كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - على كُلِّ بَطنٍ عُقُولَهُ (¬5)، ثم كتب: "أنَّهُ لا يحلُّ (¬6) أنْ يتوالَى (¬7) مَوْلَى رَجُلٍ مُسْلِمٍ بغيرِ إذنِهِ" ثمَّ أُخبرتُ أنه لعَنَ في صحيفَتِهِ مَنْ فعل ذلك. وعن وائل بن حُجْر (¬8)، قال: إنِّي لقاعِدٌ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جَاءَ رجُلٌ يقُودُ آخَرَ بِنِسْعَةٍ! (¬9) فقال: يا رسُولَ اللهِ! هذا قتل أخي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أقتلْتَهُ؟ " فقال: إنَّهُ لو لم يَعْترف أقمتُ عليه ¬

_ (¬1) (ف): (تحلف). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2). (¬3) (عليه): ليست في مسلم. (¬4) مسلم: (2/ 1146) (20) كتاب العتق (4) باب تحريم تولي العتيق غير مواليه - رقم (17). (¬5) العقول: هي الديات. (¬6) مسلم: (لا يحل لمسلم). (¬7) يتوالى: أي أن ينسب إلي نفسه مولى رجل مسلم أي معتقه. (¬8) مسلم: (3/ 1307) (28) كتاب القسامة (10) باب صحة الإقرار بالقتل وتمكين وليّ القتيل من القصاص - رقم (32). (¬9) (بنسعة): هي حبل من جلود مضفورة، جعلها كالزمام له، يقوده بها.

البينة) قال: نعم قتلتُه، قال: "كيف قتلتَهُ؟ " قال: كنت (¬1) أنا وهو نَخْتَبِطُ شجَرة (¬2) فسبَّنِى فأغضَبَنِى فضربتُهُ بالفأسِ على قرنِهِ (¬3) فقتلتُهُ، فقال لَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل لك من شيء تؤدِّيهِ عن نفْسِكَ؟ " قال: مَا لِي مَالٌ (¬4) إلا كِسَائي وفأسِي، قال: "فَتَرى قَوْمَكَ يشتروُنَكَ؟ " قال: أنا أهونُ على قومى من ذَلك (¬5)، فرمى إليه بنسعتِهِ وقال: "دُونك صَاحِبَكَ (¬6) " فانطلق به الرَّجُلُ، فلمَّا ولّى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنْ قتلَهُ فهو مِثْلُهُ " فرجع فقال: يا رسول الله إنَّهُ بلغني أَنَّكَ قلت: "إنْ قتلَهُ فهو مثلُهُ" وأخذتُهُ بأمْرِكَ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما تريد أن يَبُوءَ بإثمك وإثمِ صاحِبكَ؟ " قال: يا رسول الله! (لعلّه قال) بلى. قال: "فإنَّ ذلك كذلك" (¬7) قال: فرمى بِنسْعَتِهِ وخلَّى سبيلَهُ. وعنه (¬8)،في هذا الحديث، قال: فانطلق به وفي عنقِهِ نِسْعَةٌ يَجُرّهَا فلما أدبر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "القاتِلُ والمقتُولُ في النَّارِ" فأتى رجلٌ الرجُلَ فقال له مقالةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخلَّى عنهُ. أبو داود (¬9)، عن وائل أيضًا، قال: كُنْتُ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جئ برجل قاتل في عنقه نسعة (¬10) قال: فدعا وليَّ المقتول فقال: "أتعفو؟ " فقال: لا، قال: "أفتأخذ الدية؟ " قال: لا، قال: "أفتقتل؟ " ¬

_ (¬1) (كنت): سقطت من (ف). (¬2) مسلم: (من شجرة)، وكذا (د). (¬3) (على قرنه): أي على جانب رأسه، وهي غير موجودة في (ف). (¬4) (مال). ليست في (ف). (¬5) مسلم: (ذاك). (¬6) (ف): (وصاحبك). (¬7) مسلم: (ذاك كذاك). (¬8) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (33). (¬9) أبو داود: (4/ 638) (33) كتاب الديات (3) باب الإِمام يأمر بالحفر في الدم - رقم (4499). (¬10) أبو داود: (النسعة).

قال: نعم، قال: "اذهب به" فلما ولى، قال: "أتعفو؟ " قال: لا، قال: "أفتأخذ الدية؟ " قال: لا، قال: "أفتقتل؟ " قال: نعم، قال: "اذهب به" فلما كان في الرابعة قال: "أما إنك إن عفوت عنه يبوء بإثمه وإثم صاحبه" قال: فعفا عنه، قال: فأنا رأيتُهُ يجر النسعة. وعن أبي داود أيضًا (¬1) في هذا الحديث، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "أفرأيت إن أرسلتك تسأل الناس تجمع ديته (¬2)؟ " قال: لا. وعن أبي هريرة (¬3)، قال: قُتل رَجلٌ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرُفِع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فدفعه (¬4) إلى وليِّ المقتول، فقال القاتل: يا رسول الله! والله ما أردتُ قتلهُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للوَلي: "أما إنَّهُ إن كان صادقًا ثم قتلتَهُ دخلتَ النَّار" قال: فخلَّى سبيلَهُ، قال: وكان مكتوفًا بِنسْعَةٍ، فخرج يجر نِسْعَتَهُ فسمي ذا (¬5) النَّسعة. وعن أبي شريح (¬6)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا إِنَّكم يا معشر خُزَاعَةَ قتلتُمْ هذا القتيلَ من هُذيل، وإنِّي عاقِلُهُ فمن قُتل لَهُ بعد مقالتي هذِهِ قتيلٌ فأهلُهُ بين خِيرَتَيْنِ: بين أن يأخذوا العقلَ وبين أن يقتلوا" (¬7). تقدم لمسلم في كتاب الحج، التخيير بين القود والدية. ¬

_ (¬1) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (4501). (¬2) (ف): (ديتك). (¬3) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (4498). (¬4) فدفعه: ليست في (ف). (¬5) في الأصل: (ذي). (¬6) أبو داود: (4/ 643) (33) كتاب الديات (4) باب ولي العمد يرضى بالدية - رقم (4504). (¬7) أبو داود: خيرتين (أن يأخذوا العقل أو يقتلوا).

أبو داود (¬1)، عن عائشة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "على المُقتَتلِين أن يَنْحَجِزُوا الأول فالأول (¬2)، وإن كانت امرأة". قال أبو داود: يعني أنَّ عفو النساء في القتل جائز إذا كانت إحدى الأولياء، وبلغنى عن أبي عبيد (¬3) قال: (ينحجزوا) يكفُّوا عن القود. مسلم (¬4)، عن أنس، أنَّ امرأة يهودِيَّةً أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاةٍ مسموُمَةٍ، فأكل منها، فجِئَ بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألها عن ذلك؟ فقالت: أردْتُ لأَقْتُلَكَ، قال: "ما كان اللهُ ليُسَلِّطَكِ على ذلك (¬5) " أو قال: "عليَّ" قال: قالُوا: ألا نقتلهَا (¬6)؟ قال: "لا" قال: فما زلتُ أعرِفُها في لَهَواتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وعن المغيرة (¬7) بن شعبة قال: ضربت امرأة ضَرَّتَهَا بعمودِ فُسْطَاطٍ وهي حُبْلَى" (¬8) فقتلتها، قال: وإحداهُما لَحْيَانِيَّة، قال: فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دِيَةَ المقتُولَةِ على عَصَبَةِ القاتِلَة، وغُرَّةً لما في بطنها، فقال رجُلٌ من عَصَبَةِ القاتلةِ: أنغرم دية من لا أكل ولا شرب ولا استهَلَّ؟ فَمِثْلُ ذلك يُطَّلُّ (¬9)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أسَجْعٌ كَسَجْع الأعرابِ" وجعل عليهم الدِّيَةَ. ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 675) (33) كتاب الديات (16) باب عفو النساء عن الدم - رقم (4538). (¬2) (ف): الأولى فالأولى. (¬3) في الأصول: (أبي داود). (¬4) مسلم: (4/ 1721) (39) كتاب السلام (18) باب السم - رقم (45). (¬5) مسلم: (ذاك). (¬6) (ف): (تقتلها). (¬7) مسلم: (3/ 1310) (28) كتاب القسامة (11) باب دية الجنين - رقم (37). (¬8) (وهي حبلى): ليست في (ف). (¬9) (لا: يُطَلُّ) أي يهدر ولا يضمن.

وفي حديث أبي هريرة (¬1)، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن دِيَةَ جنينها غُرَّةٌ: عبدٌ أو ولِيدَةٌ، وقضى بِدِيةِ المرأة على عاقِلَتِها وورَّثها ولدها ومَنْ معهُمْ. وذكر الحديث وفي آخره، "إنَّمَا هذا من إخْوَانِ الكُهَّانِ" من أجل سجعِهِ الذي سَجَعَ. وقال النسائي (¬2)، فقضَى النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنينها بغُرَّةٍ وأن تُقْتَلَ بها (¬3). خرَجه من حديث حَمَل بن مالك. النسائي (¬4)، عن سليمان بن كثير، قال: حدثنا عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عباس، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قُتِلَ في عِمِّيَا (¬5) أو رمِّيا تكونُ بينهم بحجير أو بِسَوْطٍ (¬6) أو بِعَصاً فعقلُهُ عَقْلُ خطأ، ومن قُتِلَ عمداً فهو قَوْدُ يديه، ومن (¬7) حال بينَهُ وبينَهُ فعلَيْهِ لعنةُ اللهِ والملائكة والنَاسِ اجمعين، لا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ ولا عَدْلٌ". أبو داودا (¬8)، عن أبي موسى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأصابع سَواءٌ عَشْرٌ عَشْرٌ من الِإبل". ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (36). (¬2) النسائي: (8/ 47) (45) كتاب القسامة (39، 40) باب دية جنين المرأة - رقم (4816). (¬3) (وأن تقتل بها): ليست في النسائي. (¬4) النسائي: (8/ 39) (45) كتاب القسامة (31، 32) باب من قتل بحجر أو سوط - رقم (4789). (¬5) أي في حالة غير مبينة لا يدرى فيه القاتل ولا حال قتله. (¬6) النسائي: (سوط). (¬7) النسائي: (فقود يده، فمن). (¬8) أبو داود: (4/ 688) (33) كتاب الديات (20) باب ديات الأعضاء - رقم (4556).

وعن ابن عباس (¬1)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأصابعُ سَوَاءٌ والأسنان سَوَاءٌ، الثَّنِيَّة (¬2) والضِّرسُ سواء، هذه وهذه سواء". البخاري (¬3)، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "هذهِ وهذهِ سواء، يعني الخنصرَ والإِبهام". النسائي (¬4)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: لماّ افْتَتح النبي - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ قال في خطبته: "وفي المَوَاضِحِ (¬5) خمسٌ خمسٌ". أبو داود (¬6)، عن ابن عباس رضى الله عنهما، قال: قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في (¬7) المكاتب يُقْتَلُ: يُودِّي ما أدَّى كتابتَهُ (¬8) دِية الحر وما بقى دِيَةَ الملوك. مسلم (¬9)، عن عمران بن حُصين، قال: قاتل يعلي بن مُنْيَةَ أو ابنْ (¬10) أميَّةَ رجُلاً، فعضَّ أحدُهُما صَاحِبَهُ فانتزع يدَهُ من فيهِ (¬11) فَنَزَعَ ثنيتَهُ (وفي رواية: ثَنِيَتّيْهِ) فاختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أيعَضُّ أحدُكُم كما يعض الفَحْلُ؟، لا دِيَةَ لَهُ". ¬

_ (¬1) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (4559). (¬2) (ف): (والثنية). (¬3) البخاري: (12/ 235) (87) كتاب الديات (20) باب دية الأصابع - رقم (6895). (¬4) النسائي: (8/ 57) (45) كتاب القسامة (45، 46) المواضح - رقم (4852). (¬5) أي بياض العظم مثل الجرح وغيره. (¬6) أبو داود: (4/ 706) (33) كتاب الديات (22) باب في دية المكاتب - رقم (4581). (¬7) أبو داود: (في دية المكاتب). (¬8) أبو داود: (من مكاتبته). (¬9) مسلم: (3/ 1300) (28) كتاب القسامة (4) باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه - رقم (18). (¬10) في الأصل: (أو أمية) وكذا (د، ف). (¬11) مسلم: (فمه).

زاد أبو داود (¬1)، ثم قال: "إنْ شئت أن تمكنه من يدك فيعضَها ثم تنزعها من فيه". مسلم (¬2)، عن أنس أنَّ أُخْتُ الربَيِّعِ أمَّ حَارِثَةَ جرحت إنساناً، فاختصَمُوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3): "القِصَاصَ (¬4) " فقالت أمُّ الربيعِ: يا رسول اللهِ أيقتَصُّ (¬5) من فُلانَة؟ واللهِ لا يُقْتَصُّ مَنْهَا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سُبْحَانَ اللهِ يا أمَّ الربِيعِ القِصَاصُ كتابُ اللهِ" قالت: لَا. واللهِ لا يقتَصُّ منها أبداً، قال فما زالت حتى قَبِلُوا الديَةَ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من عِبَادِ الله من لو أقْسَمَ على اللهِ لَأبَرَّهُ". أبو بكر بن أبي شيبة، عن إسماعيل بن عُليَّة، عن أيوب، عن عمرو ابن دينار، عن جابر بن عبد الله أنَّ رجلاً طعن رجلاً بقرنٍ في ركبته، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستقيد، فقيل له: حتى تبرأ، فأبي وعَجِلَ واستقاد فعنتت (¬6) رجله، وبرئتْ رجل المستقاد منه، فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقيل له: ليس لك شيء، إنَّك أبيتَ. هذا يرويه أبان وسفيان، عن عمرو بن دينار عن محمد بن طلحة عن يزيد بن رُكانَةَ، مرْسَلاً، أنَ رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو عندهم أصحُّ، على أنَّ الذي أسندَهُ ثقةٌ جليلٌ وهو ابنُ عُليَّةَ. ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 709) (33) كتاب الديات (24) باب في الرجل يقاتل الرجل فيدفعه عن نفسه - رقم (4585). (¬2) مسلم: (2/ 1303) (28) كتاب القسامة (5) باب إثبات القصاص في الأسنان وما في معناها - رقم (24). (¬3) (فقال رسول الله - صلى الله عميه وسلم -): سقطت من (ف). (¬4) مسلم: (القصاص القصاص). (¬5) في (ف) في الموضعين بالتاء (تقتص). (¬6) (ف): (فغثت). ومعنى (عنتت): عرجت.

أبو داود (¬1)، عن أنس، قال: ما رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رُفِعَ إليه شيءٌ فيه قصاص إلا أمر فيه بالعفوِ. مسلم (¬2)، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَحِل دمُ امرئ مُسلم يشهدُ أنْ لا إله إلا الله وأنِّي رسُولُ اللهِ، إلا بِإِحْدَى ثلاثٍ: الثيبُ الزانِ (¬3) والنفسُ بالنفْسِ، والتَّارِكُ لدينهِ المُفَارقُ للجماعةِ" أبو داود (¬4)، عن عبيد بن عُمير، عن عائشة، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحلُ دم امرئٍ مسلم يشهد أنْ لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: زناً (¬5) بعد إحصان، فإنه يُرجم، ورجلٌ خرج محارباً للَه ورسوله فإنه يُقتل أو يُصلَب، أو يُنفى من الأرض، أو يقتل نفساً فيُقْتَلَ بها". البخاري (¬6)، عن علي بن أبي طالب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يُقْتَلُ مسلمٌ بكافر". وعن عكرمة (¬7)، قال: أتى علي بزنادقة فأحرقهم، فبلغ ذلك ابن عباس فقال: لو كنتُ أنا لم أحرقهم لنهى النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تعذِّبوا بعذاب الله" ولقتلتهم لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من بدّل دينه فاقتلوه". ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 637) (33) كتاب الديات (3) باب الإمام يأمر بالعفو في الدم - رقم (4497). (¬2) مسلم: (3/ 1302) (28) كتاب القسامة (6) باب ما يباح به دم المسلم - رقم (25). (¬3) قال النووى: هكذا هو في النسخ: الزان من غير ياء بعد النون وهي لغة صحيحة قرئ بها في السبع كما في قوله تعالى: {الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ}، والأشهر في اللغة أثبات الياء في كل ذلك. (¬4) أبو داود: (4/ 522 - 523) (32) كتاب الحدود (1) باب الحكم فيمن ارتد - رقم (4353). (¬5) أبو داود: (رجل زنى). (¬6) البخاري: (12/ 272) (87) كتاب الديات (31) باب لا يقتل الملم بالكافر - رقم (6915). (¬7) البخاري: (12/ 279) (88) كتاب استابة المرتدين والمعاندين وقتالهم - رقم (6922).

مسلم (¬1)، عن أنس، أنَّ نَاساً من عُرَيْنَةَ (¬2) قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ، فاجتووها (¬3)، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنْ شِئتُمْ أن تخرُجُوا إلى إبلِ الصَّدقَةِ فتشرَبُوا من ألبانِها وأبوَالِها" ففعَلُوا فصحُّوا، ثم مَالُوا على الرعَاءِ (¬4) فقتلُوهُم، وارتَدُّوا عن الإِسلام وسَاقُوا ذَوْدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبعث (¬5) في اثرهِمْ فاتِى بهم فَقَطَعَ أيديهم وأرجلهم، وسَمَلَ أعْيُنَهُمْ وتركَهُم في الحرَّةِ حتى ماتُوا. وقال أبو داود (¬6)، في هذا الحديث: فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلبهم قَافة، فأتي بهم، قال: فأنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- (¬7) {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} (¬8). الآية. وزاد في أخرى (¬9)، ثم نهى عن المُثْلة. وقال مسلم (¬10)، عن أنس، إِنَّما سَمَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعيُن أولئك لأنَّهُم سَمَلُوا أعيُن الرِّعَاءِ. كان هذا الفعل من هؤلاء المرتدين سنة ستٍ من الهجرةِ، واسم الراعي: يسار وكان نُوبِياً قطّعوا يديه ورجليه، وغرزوا الشوك في لسانه وعينيه حتى مات، وأدخِلَ المدينة ميتاً، ففعل بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل ما فعلوا به. ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1296) (28) كتاب القسامة (2) باب حكم المحاربين والمرتدين - رقم (9). (¬2) (عرينة): وهو حي من بجيلة من قحطان. (¬3) أي لم تواففهم وكرهوها لسقم أصابهم. (¬4) مسلم: (الرعاة). (¬5) مسلم: (فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعث). (¬6) أبو داود: (4/ 532) (31) كتاب الملاحم (3) باب ما جاء في المحاربة - رقم (4366). (¬7) أبو داود: (تبارك وتعالي). (¬8) (فساداً): ليست في (ف). (¬9) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقبن - رقم (4368). (¬10) مسلم: (3/ 1298) (28) كتاب القسامة (2) باب حكم المحاربين والمرتدين - رقم (14).

مسلم (¬1)، عن أنس أنَّ جاريةً وُجد رأسُهَا قد رُضَّ بين حجرين فسألوها: من صنع هذا بك؟ فلانٌ؟ فلانٌ؟ حتى ذكروا يهُودِياً فأوْمأت (¬2) برأسها فأخِذَ اليهودِيُّ فأقَرَّ، فأمر بِهِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُرَضَّ رأسُهُ بالحجارةِ. النسائي (¬3)، عن أبي بَرْزًةَ (¬4) قال: مررتُ على أبي بكر وهو متغيظٌ على رجُلٍ من أصحابِهِ، فقلتُ: يا خليفة (¬5) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هذا الذي تغيَّظُ عليه؟ قال: ولِمَ تسألُ؟ قلت: أضرِبُ عُنُقَهُ، قال: فو الله يعني (¬6) لأذهب عظم (¬7) كلمتي غضبهُ ثم قال: ما كانت تلك (¬8) لأحد بعد محمد صلى الله عليه وسلم -. مسلم (¬9)، عن علي أبي طالب، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "سيخرُجُ في آخر الزَّمانِ قومٌ أحداثُ الأسنَانِ، سُفهَاءُ الأحلَامِ، يقولون من خير قول البريَّة، يقرأُون القرآنَ لا يُجاوِزُ حناجرَهُمْ، يَمْرُقُونَ من الدِّين كما يَمْرُقُ السَّهْمُ من الرَّمِيَّةِ، فإذا لقيتمُوهُهْا فاقتلوهُمْ فإن في قَتْلِهِمْ أجراً، لمن قتلهم عند الله يوم القيامةِ". روى خبر الخوارج، علىٌّ، وجابرٌّ، وأبو سعيد، وسهل بن حُنَيف وغيرهم. ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1300) (28) كتاب القسامة (3) باب ثبوت القصاص في القتل بالحجر وغيره - رقم (17). (¬2) مسلم: (فأومت). (¬3) النسائي: (9/ 107) (37) كتاب تحريم الدم (17) ذكر الإختلاف على الأعمش في هذا الحديث - رقم (4073). (¬4) (ف): (أسلمي). (¬5) في الأصل: (يا خلفة). (¬6) (يعني): ليست في النسائي. (¬7) (ف): (عظيم). (¬8) (تلك): ليست في النسائي. (¬9) مسلم: (2/ 746) (12) كتاب الزكاة (48) باب التحريض على قتل الخوارج - رقم (154).

باب حد الزاني

أبو داود (¬1)، عن أبي رِمْثَة، قال: انطلقتُ مع أبي نحو النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم إنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي: "ابنُكَ هذا؟ " قال: إي وربّ الكعبة حقاً أشهد (¬2) به، قالْ. فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - ضاحكاً من ثبت شبهي في أبي، ومن حَلِفِ أبي عَلي، ثم قال: "أما إنه لا يجنى عليك ولا تجنى عليه" وقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {ولا تزرُ وازوَةٌ وِزْرَ أخرى} (¬3) ". باب حدّ الزاني مسلم (¬4)، عن أبي هريرة، قال: قال سعدُ بن عُبَادَةَ: يا رسول الله! لو وجدتُ مع أهلى رجلاً، لم أمسه حتى آتىِ بأربعةِ شُهَدَاءَ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم" قال: كلا، والذي بعثك بالحقَ إنْ كُنتُ لأعَالجه (¬5) بالسيفِ قبل ذلك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اسمَعُوا إلى ما يقولُ سيّدُكم إنَّهُ لغيورٌ وأنا أغير منهُ، واللهُ أغيِرُ مِنِّي". مسلم (¬6)، عن أبي هريرة، وزَيْد بن خالدٍ الجُهنى، أنَّ رجُلاً من الأعرابِ أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم -، فقال (¬7): يا رسُولَ اللهِ! انشُدُكَ الله إلا قضيْتَ لِي بكتاب اللهِ، فقال الخصمُ الآخر، وهو أفقَهُ منه: نعم، فاقض بيننا بكتاب اللهِ، وائذَنْ لي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قل" قال: إن ابني كان عَسِيفاً (¬8) على هذا فزني بامرأتِهِ وِإنِّي أخْبِرْتُ أنَّ على ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 635) (33) أول كتاب الديات (2) باب لا يؤخذ أحد بجريرة أخيه أو أبيه - رقم (4495). (¬2) أبو داود: إى ورب الكعبة، قال: "حقاً"؟ قال: "أشهد به". (¬3) الأنعام: (164)، الإسراء: (15)، فاطر: (18). (¬4) مسلم: (2/ 1135) (19) كتاب اللعان - رقم (16). (¬5) مسلم: (لأعاجله). (¬6) مسلم: (3/ 1324) (29) كتاب الحدود (5) باب من اعترف على نفسه بالزني - رقم (25). (¬7) (ف): (قال). (¬8) أي أجيراً.

ابنى الرَّجْمَ فافتديْتُ مِنْهُ بمائَةِ شاةٍ وَوَليدَةٍ، فسألتُ أهل العلم فأخبرُوني، أنما على ابنى جَلْدُ مِائَةٍ وتغريبُ عام، وأنَّ على امرأةِ هذا الرَّجْمَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيد لأقضين بينكما بكتابِ الله، الوليدَةُ والغَنَمُ رَدٌّ عليك (¬1)، وعلى ابْنِكَ جلدُ مِائَةٍ وتغريبُ عامِ، واغدُ يا أنَيْس على امرأةِ هذا، فإن اعترفَتْ فارجُمها" قال: فغدا عليها فاعترفتْ فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم - فرُجِمَتْ. وعن عبادة بن الصامت (¬2)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خُذُوا عنَى خُذُوا عَنِّي (¬3)، قد جعل اللهُ لَهُنَّ سبيلاً، البِكْرُ بالبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ ونفىُ سنةٍ، والثَّيِّبُ بالثَّيِّبَ، جلْدُ مِائَةٍ والرَّجْمُ. وعن بريدة (¬4)، قال: جاء مَاعِزُ بنُ مالكٍ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! طهِّرْنِى، فقال: "ويْحَكَ ارجع فاستغْفِرِ (¬5) اللهَ وتب إِليه" قال: فرجع غير بعيدٍ ثم جَاءَ، فقال:- يا رسول الله! طهِّرْنِي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ويحك ارجع فاستغفر الله وتُب إِليهِ" قال: فرجع غير بعيدٍ، ثم جاء فقال: يا رسول الله! طهِّرْنِي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثلَ ذَلِكَ، حتى إذا كانت الرَّابعَةُ، قال (¬6) رسول الله صلى الله عليه وسلم -: "فِيم اطَهِّرُكَ؟ " قال: من الزَنى، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أبِهِ جنونٌ؟ " فأخبر أنَّهُ ليس بمجنونٍ، فقال: "أشَرِبَ خمراً؟ " فقام رجلٌ فاسْتنكَهَهُ فلم يجد منه ريحَ خمرٍ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أزَنَيْتَ؟ " قال: نعم، فأمر به فرُجم فكان (¬7) الناس فيهِ فرقتينِ: قائِلٌ ¬

_ (¬1) (عليك): ليست في مسلم. (¬2) مسلم: (3/ 1316) (29) كتاب الحدود (3) باب حد الزني - رقم (12). (¬3) (ف): (خذوا خذوا عني). (¬4) مسلم: (3/ 1321) (29) كتاب الحدود (5) باب من اعترف على نفسه بالزني - رقم (22). (¬5) (ف): (استغفر) بغير الإسم الكريم. (¬6) مسلم: (قال له). (¬7) (ف): (وكان).

يقول: لقد هَلَكَ، لقد أحاطت بِهِ خطيئَتُهُ، وقائِلٌ يقول: ما تَوْبَة أفضل من توبةِ ماعز أنَّهُ جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضع يَدَهُ في يَده ثمَّ قال: اقتلني بالحجارةِ، قال: فلبثُوا بذلك يومين أو ثلاثةً، ثم جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم جُلُوسٌ فسلَّم ثُمَّ جَلَسَ، فقال: "استغفروا لماعِزِ بن مالك" فقالوا: غَفَر الله لماعِزِ بن مالك فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقد تاب توبَةً لو قُسِمَتْ بين (¬1) أمَّةٍ لوسِعَتْهُمْ". قال: ثم جاءَتْهُ امرأةٌ من غامِدٍ من الأزدِ (¬2)، فقالت: يا رسول الله طهِّرْنِي، فقال: "ويحك ارجعى فاستغفري الله وتُويى إليهِ" فقالت: أراك تريدُ انْ تَرُدَّنِي (¬3) كما رَدَدْتَ ماعِزَ بن مالكٍ، قال: "وما ذاك؟ " قالت: إنَّها حُبْلَى من الزنَى، فقال: "آنتِ؟ " قالت: نعم، فقال لها: "حتى تضعي ما في بطنكِ" قال فكفَلَهَا رجلٌ من الأنصارِ حتى وضَعَتْ، قال: فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - حين وضعت (¬4) فقال: قد وضَعَتِ الغامِدِيَّةُ قال: "إذاً لا نَرْجُمُهَا ونَدَعُ ولَدَها صغيراً ليس له من يُرْضِعُهُ" فقام رجُل من الأنصار فقال: إليَّ رَضَاعُهُ يا رسول الله، فرجمها. وعنه (¬5)، أنَّ ماعز بن مالكٍ، أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إنِّي قد ظلمتُ نفسي وزنيتُ وإنِّي أريدُ أَنَّ تُطهرَنِي فردَّهُ، فلما كان الغد اتاهُ فقال: يا رسول الله إنِّي قد زنيتُ، فردَّهُ الثانية، فأرسَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم - إلى قومِهِ، فقال: "أتعلمون (¬6) بعقلِهِ بأساً تنكِروُنَ منه شيئاً؟ " قالوا: ما نعلَمُهُ إلَّا وفِىَّ العقلِ، من صالِحِينَا فيما نُرى فأتاهُ الثالثة، ¬

_ (¬1) (د، ف): (على). (¬2) (ف): (الأسد). (¬3) مسلم: (ترددني). (¬4) (حين وضعت): ليست في مسلم. (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (23) (¬6) (ف): تعلمون.

فأرسل إليهم أيضاً، فسألهم (¬1) عنه، فأخبروهُ أنَّهُ لا بأس به ولا بعقلِهِ، فلما كان الرَّابِعَةَ حَفر لَهُ (¬2) ثم أمَرَ بِهِ فَرُجِمَ. فجاءت الغامدِيَّةُ فقالت: يا رسول الله! قد (¬3) زنيتُ فطهِّرنِي وإنَّهُ رَدهَا فلما كان الغَدُ قالت: يا رسول الله لِمَ ترُدَني؟ لعلك أن تُردنِي كما ردَدْت ماعِزاً، فواللهِ إني لحُبْلى، قال: "إمَّا لا، فاذهبي حتى تلِدِي" فلما ولَدَت، أتت (¬4) بالصبى في خِرْقَةٍ، قالت: هذا قد ولدْتُهُ، قال: "فاذهبي (¬5) فأرضِعِيهِ حتى تَفْطِمِيهِ" فلما فطمْتهُ أتت (4) بالصَّبيَّ في يدِهِ كِسْرَةَ خُبْزٍ، قالت: هذا يا نبيَّ الله قذ فطمتُهُ وأكل (¬6) الطعام فدفع الصَّبيَّ إلى رجل من المسلمين، ثمَّ أمر بها فحُفِرَ لها إلى صَدْرِهَا وأمر النَّاسَ فرجَمُوها فَيُقبِل خالد بن الوليد بِحَجَرٍ فرمى رأسَهَا فَتَنَضَّحَ الدَّمُ على وَجْهِ خالدٍ فسبَّهَا فَسَمِعَ نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - سَبَّهُ إيَّاهَا فقال: "مهلاً يا خالِدُ فوالذي نفسي بيدِهِ لقد تابَتْ توبةً لو تابها صاحِبُ مَكْس (¬7) لغُفِر له" ثم أمَرَ بها فصلَّى عليها ودُفِنَت. وعن أبي سعيد الخدري (¬8)، وذكر حديث ماعز قال: فانطلقنا بِهِ إلى بَقيعِ الغَرْقَدِ، قال: فما أوثَقنَاهُ ولا حَفَرْنَا لَهُ، قال: فرمينَاهُ بالعَظام (¬9) والمَدَرِ والخَزَفِ، فاشتدَّ واشتدَدْنَا (¬10) خَلفَهُ، حتى أتى عُرْضَ الحرَّةِ فانتصب ¬

_ (¬1) مسلم: (فسأل). (¬2) مسلم: (حفر له حفرة). (¬3) مسلم: (إني قد). (¬4) مسلم: (أتته). (¬5) مسلم: (اذهبي) وكذا (د). (¬6) مسلم: (وقد أكل). (¬7) المكس: الجباية. (¬8) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (20). (¬9) مسلم: (بالعظم). (¬10) في الأصل: (واشتدَّنا) وكذا (د).

لَنَا فرمينَاهُ بجلَامِيدِ (¬1) الحرَّةِ حتى سَكتَ، قال: ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيباً من العَشِىّ (¬2) قال: "أو كُلمَا انطلقنا غُزَاةً في سبيلِ الله تخلفَ رجل في عِيالِنَا، لَهُ نبِيب كنبيب التَّيْسِ، عَلَي أنْ لا أُوتيَ برَجُلٍ قد فعل ذلك إلا نكَّلْتُ بِهِ" قال: فما استغفر له ولا سبَّهُ. النسائي (¬3)، عن أبي هريرة، وذكر قصّة ماعزٍ، قال: فذُكِر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرِارُه حين مسته الحجارة قال: "فهلا تركتموه". وقال أبو داود (¬4)، من حديث جابر، "فهلا تركتموه وجئتموني به". أبو داود (¬5)، عن أبي هريرة في حديث ماعز، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "أنِكْتَها؟ (¬6) " قال: نعم، قال: "حتى غَابَ ذلك منك في ذلك منها؟ " قال: نعم، قال: "كما يغيب المِرْوَدُ (¬7) في المُكْحلة والرشاءُ في البئر؟ " قال: نعم، قال: "هل تدري ما الزني؟ " قال: نعم أتيت منها حراماً ما يأتي الرجل من أهله (¬8) حلالاً، قال: فأُمِر بِهِ فرجم. البخاري (¬9)، عن ابن عباس، قال: لما أتى ماعز بن مالكٍ (¬10) النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لعلكَ قبَّلتَ أو غَمزْتَ أو نظرت؟ " قال. لا، يا ¬

_ (¬1) أي الحجارة. (¬2) (ف): (العشاء). (¬3) رواه النسائي في الرجم في الكبرى، وكذا عزاه المزي في التحفة: (11/ 28). (¬4) أبو داود: (4/ 576) (32) كتاب الحدود (24) باب رجم ماعز بن مالك - رقم (4420). (¬5) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (4428).وفيه ضعف. (¬6) (ف): (أنكت). (¬7) (ف): (المِيل). (¬8) أبو داود: (امرأته). (¬9) البخاري: (12/ 138) (86) كتاب الحدود (28) باب هل يقول الإِمام للمقرِّ: لعلك لمست أو غمزت - رقم (6824). (¬10) (ابن مالك): ليست في (ف).

رسول الله، قال: "أنِكْتَها؟ " - لا يكني- قال: نعم (¬1) قال: فعند ذلك أمر برجمهِ. وقال من حديث جابر (¬2)، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له خيراً، وصلَّى عليه. مسلم (¬3)، عن أبي هريرة، قال: أتى رجل من المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم - في المسجد فنادَاهُ، فقال: يا رسول الله! إنِّي زنيتُ، وذكر الحديث. وفيه، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "أحصنت (¬4)؟ " قال: نعم. وعن عمران بن حصين (¬5)، أنَّ امرأة من جُهينة أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهى حُبْلَى من الزِّنى فقالت: يا نبىّ الله! أصبتُ حداً فأقمْهُ عليَّ، فدعا نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم - وَلِيَّها فقال (¬6): "أحسن إليها فإذا وضعت فأتنى بها" ففعل، فأمَرَ بها نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم - فشُكَّتْ عليها ثيابُها، ثم أمر بها فَرُجمَتْ ثم صلّى عليها فقال له عُمر: تصلِّى عليها؟ يا رسول الله! وزَنَتْ (¬7) فقال: " لقد تابت توبةً لو قُسِمتْ بين سبعين من أهلِ المدينةِ لوسِعَتْهُمْ، وهل وجدتَ توبةً أفضل من أن جادَتْ بنفسها للهِ -عَزَّ وَجَلَّ- (¬8) ". ¬

______ (¬1) (قال: نعم): ليست في البخاري. (¬2) البخاري: (12/ 132) (86) كتاب الحدود (25) باب الرجم بالمصلى - رقم (6820). (¬3) مسلم: (3/ 1318) (29) كتاب الحدود (5) باب من اعترف على نفسه بالزني - رقم (16). (¬4) مسلم: (هل أحصنت). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (24). (¬6) (ف): (قال). (¬7) مسلم: (وقد زنت) وكذا (د، ف). (¬8) مسلم: (لله تعالى).

وعن ابن عمر (¬1)، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتيَ بيهُودِي ويهودِية قد زنيا، فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى جاء يهُودَ، فقال: "ما تجدون في التوراةِ على من زَنَى؟ " قالوا: نسوِّدُ وُجُوهَهُما ونُحَممهُما (¬2) ونُخَالِفُ بين وجوههما، ويُطاف بهما، قال: "فأتوا بالتوراةِ إن كنتم صاقين" فجاؤا بها فقرأوها، حتى إذا مَرُّوا بآية الرجْمِ، وَضَعَ الفتى الذي يقرأ يدَه على آيةِ الرَّجْمِ وقرأ ما بين يديْهَا وما وَرَاءَهَا، فقال له عبدُ الله بن سلام وهو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مُرْهُ فليرفع يَدَهُ، فَرَفَعَها، فإذا تحتها آية الرجْمِ، فأمر بهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرُجِمَا. قال عبد الله: فكُنتُ فيمن رجمهُمَا، فلقد رأيتُهُ يَقِيهَا من الحجارةِ بنفسِهِ. النسائي (¬3)، عن البراء بن عازب، قال: أصبتُ عمى ومعَهُ رايةٌ فقلتُ: أين تريد؟ فقال: بعثنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رَجُل نَكَحَ امرأةَ أبِيهِ فأمرني أن أضْرِبَ عُنُقَهُ وآخُذَ مالهُ. مسلم (¬4)، عن علي بن أبي طالب قالْ: يَا أيها الناسُ أقِيمُوا عَلَى أرقَّائِكُم الحَدَّ، من أحصَن منهم ومن لم يُحْصِنْ، فإنَ أمَةً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - زَنَتْ، فأمرَنِى أَنَّ أجْلِدَهَا فإذا هي حديثة (¬5) عهدٍ بنفاسِ، فخشيتُ إن أنا جَلَدْتُهَا أن أقْتُلَهَا فَذَكَرْتُ ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أحسَنْتَ". وقال النسائي (¬6): " فإذا هي جَفّت (¬7) من دمائِها فاجلِدْها" ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم". ¬

________ (¬1) مسلم: (3/ 1326) (29) كتاب الحدود (6) باب رجم اليهود، أهل الذمة، في الزنى - رقم (26). (¬2) مسلم: (نحملهما). ومعنى نحممهما: أي نسودها، من الحُمَمَة: الفحمة، وجمعها حُمم. (¬3) النسائي: (6/ 109) (26) كتاب النكاح (58) نكاح ما نكح الآباء - رقم (3332). (¬4) مسلم: (3/ 1330) (29) كتاب الحدود (7) باب تأخير الحد عن النفساء - رقم (34). (¬5) مسلم: (حديث). (¬6) رواه النسائي في الرجم في الكبرى، كذا عزاه المزي في التحفة - (7/ 448). (¬7) (ف): (جَفّةٌ).

باب في القطع

النسائي (¬1)، عن عليّ قال: زنت جاريةٌ لي فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لا تضربها حتى تضع". مسلم (¬2)، عن أبي هريرة، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا زَنَت أمةُ أحدكم فتبيَّن زِنَاها، فليجلِدْهَا الحدَّ ولا يُثَرِّبْ عليها (¬3)، ثمَّ إِنْ زنتْ فليجلِدهَا الحدَّ، ولا يُثرِّبْ عليها ثم، إن زَنتْ الثالثة، فتبيَّن زِنَاهَا فليبعها ولو بحبل من شَعَرٍ". باب في القطع مسلم (¬4)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله السارِقَ يسرق البيضَةَ فتُقْطَعُ يَدُهُ، ويسرق الحبل فتقطَعُ يَدُهُ". وفي أخرى (¬5): "إنْ سرق حبلاً، وإنْ سرق بيضةً". وقال البخاري (¬6)، قال الأعمش: كانوا يرون أنه بيضُ الحديد، والحبل كانوا يرون أنه منها ما يساوي دراهم. مسلم (¬7)، عن عائشة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إلا في رُبْعِ دينارٍ فصاعِداً". ¬

_ (¬1) الموضع السابق. (¬2) مسلم: (3/ 1328) (29) كتاب الحدود (6) باب رجم اليهود، أهل الذمة، في الزنى - رقم (30). (¬3) التريب: هو التوبيخ واللوم على الذنب. (¬4) مسلم: (3/ 1314) (29) كتاب الحدود (1) باب حد السرقة ونصابها - رقم (7). (¬5) الموضع السابق. (¬6) البخاري: (12/ 83) (86) كتاب الحدود (7) باب لعن السارق إذا لم يُسمِّ، عقب حديث رقم (6783). (¬7) مسلم: (3/ 1312) (29) كتاب الحدود (1) باب حد السرقة ونصابها - رقم (2).

وعن ابن عمر (¬1)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قَطَعَ سارِقاً في مِجَن قيمتُهُ ثلاثةُ دراهم. أبو داود (¬2)، عن إسماعيل بن أمية، أنَّ نافعاً حدثه، أن عبد الله بن عمر حدثهم، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ يَدَ رجُل سَرَقَ ترساً من صُفَّةِ النساء ثمنُهُ ثلاثةُ دراهم. البخاري (¬3)، عن عائشة قالت: لَم تكن (¬4) تُقطعُ يدُ السارق في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أدني من ثمن المجنّ: ترس أو حَجْفةٍ وكان كل واحدٍ منهما ذا ثمن. زاد أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده عنها: وإنَّ يد السارق لم تكن تقطع في (¬5) عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الشيء التافِهِ. مسلم (¬6)، عن عائشة قالت: كانت امرأةٌ مخزوميَّةٌ تستعِيرُ المتاعَ وتجحَدُهُ، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تُقْطَعَ يَدُهَا. وعنها (¬7)، أنَّ قريشاً أهمَّهُمْ شأنُ الخزوميَّةِ (¬8) التي سَرَقت في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوةِ الفتحِ، فقالوا: من يُكَلِّمُ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم -؟ قالوا: من يجترئ عليه إلا أسامة حِبُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟، فكلَّمَهُ فيها أُسامَةُ بن زيدٍ، فتلوَّنَ وجهُ رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (6). (¬2) أبو داود: (4/ 548) (32) كتاب الحدود (11) باب ما يقطع فيه السارق - رقم (4386). (¬3) البخاري: (12/ 99) (86) كتاب الحدود (13) باب قول الله تعالى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} - رقم (6794). (¬4) (تكن): ليست في البخاري. (¬5) (ف): (على). (¬6) مسلم: (3/ 1316) (29) كتاب الحدود (2) باب قطع السارق الشريف وغيره - رقم (10). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (9). (¬8) مسلم: (المرأة).

باب الحد في الخمر

وسلم - فقال: "أتشفع في حدّ من حدودِ اللهِ؟ "فقال أسامةُ: استغفر لي يا رسول الله، فلما كان العشِىُّ، قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاختطب فأثنى على الله بما هو أهلُهُ، ثم قال: "أما بَعْدُ، فإنما هلك (¬1) الذين من قبلكم انَهم كانوا إذا سرق فيهم الشريفُ تركُوهُ، وإذا سرق فيهمُ الضَّعِيفُ أقاموا عليه الحد، وإنِّي والذي نفسي بيدِهِ لو أنَّ فاطمة بنتَ محمدٍ سرقت لقطعتُ يدها" ثم أمر بتلك المرأةِ التي سرقت فقُطِعَتْ يدها. قالت عائشة: فحسُنَتْ تَوبتُهَا بَعْدُ، وتزوَّجت، وكانت تأتي بعد ذلك فأرفع حاجَتَها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. اختلفت الروايات في قصة هذه المرأة، فالذي قال: سرقت، أكثر ممن قال: استعارت. باب الحد في الخمر مسلم (¬2)، عن حضين بن المنذر أبي سَاسَان، قال: شهدتُ عثمان أتِىَ بالوليدِ قد صلَّى الصبح ركعتين، ثم قال: أزيدُكُم؟ فشهد عليه رجلان: أحدُهما حُمْرَانُ، أنهُ شَرِبَ الخمر، وشهِدَ آخر، أنَّهُ رآه يتقيَّأ (¬3) فقال عثمان: إنَّهُ لم يتقيأ حتى شَرِبَهَا، فقال (¬4): يا عليُّ قم فاجْلِدْهُ فقال عليّ: يا حسن قم (¬5) فاجلِدْه، فقال الحسن: وَلِّ حارهَا من تولَّى قارَّهَا (فكأنّهُ وجد عليه) فقال: يا عبد الله بن جعفر قُمْ فاجْلده، فجلَدَهُ وعلى يَعُدُّ حتى بلغ أربعين فقال: أمْسِكْ ثم قال: جَلَدَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعين، وأبو بكر (¬6) أربعين، وعُمر ثمانين، وكُلٌّ سُنَّةٌ وهذا أحبُّ إِليَّ. ¬

_ (¬1) مسلم: (أهلك) وكذا (ف). (¬2) مسلم: (3/ 1331) (29) كتاب الحدود (8) باب حد الخمر - رقم (38). (¬3) (ف): (تقيأ). (¬4) (ف): (فقال عثمان). (¬5) مسلم: (قم يا حسن). (¬6) مسلم: (وجلد أبو بكر).

وعن أنس (¬1)، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضرِبُ في الخمرِ بالنِّعالِ والجريد أربعين. وعنه (¬2)، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم - جَلَدَ في الخمر بالنعال والجريد (¬3)، ثم جَلَدَ أبو بكر أربعين، فلما كان عُمَر، ودَنَا النَّاسُ من الريفِ والقُرى قال: ما ترون في جلد الخمرِ؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: أرى أن تجعلها كأخفِّ الحدود، قال: فجلد عمر ثمانين. وعن علي بن أبي طالب (¬4) - رضي الله عنه -، قال: ما كُنتُ لأقِيمَ (¬5) على أحدٍ حداً فيمُوتَ فيهِ (¬6)، فأجِدَ مِنْهُ في نفسي، إلا صَاحِبَ الخمر لأنهُ إنْ مات وَدَيْتُهُ، لأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يَسُنَّهُ. أبو داود (¬7)، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتىَ برجل قد شربَ، فقال: "اضرِبُوهُ" قال أبو هريرة: فمنَّا الضارب بيد، والضّارب بنعلِهِ والضارب بثوبِهِ، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزَاكَ الله! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَقُولوا هكذا، لا تُعينوا عليه الشيطان". زاد في أخرى (¬8)، بعد ذِكْرِ (¬9) الضَربِ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: " بَكتُوهُ" فأقبلوا عليه يقولون (¬10): ما اتقَيْتَ الله! ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (37). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (36). (¬3) مسلم: (بالجريد والنعال) وكذا (د)، وفي (ف): (بالنعال والجريد أربعين). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (39). (¬5) مسلم: (أقيم). (¬6) (فيه): ليست في (ف). (¬7) أبو داود: (4/ 620) (32) كتاب الحدود (36) باب الحد في الخمر - رقم (4477). (¬8) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (4478). (¬9) (ذكر): ليست في (ف). (¬10) (د، ف): (أما).

باب

أما (¬1) خشيت الله! أما (¬2) استحييت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أرسلوه. وقال في آخره: "ولكنْ قولوا: اللَّهم اغفر له، اللهم ارحمه". البخاري (¬3)، عن عمر بن الخطاب، أنَّ رجلاً على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان اسمه عبد الله، وكان يُلقبُ حِماراً، وكان يُضحِكُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جَلَدَهُ في الشراب، فأتىَ به يوماً فأمَرَ به فجُلِدَ، فقال رجلٌ من القوم: اللهمَّ العنهُ، ما أكثر ما يُؤتى به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تلعنوهُ فوالله ما علمتُ أنَّهُ يحبُ الله ورسولَهُ". باب مسلم (¬4)، عن أبي بُردَة الأنصاري، أنهُ سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يُجْلد أحدٌ فوق عشرةِ أسْوَاطٍ، إلا في حدٍّ من حدودِ الله". أبو داود (¬5)، عن عائشة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النائِم حتى يستيقظ، وعن المُبتَلى حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر". وقال في حديث عليّ (¬6): "عن المجنون المغلوب على عقلِهِ" ولم يقل المُبتلى وقال "عن الصبي حتى يحتلم". ¬

_ (¬1) أبو داود: (ما). (¬2) أبو داود: (وما). (¬3) البخاري: (12/ 77) (86) كتاب الحدود (5) باب ما يكره من لعن شارب الخمر وأنه ليس بخارج من الملة - رقم (6780). (¬4) مسلم: (3/ 1332) (29) كتاب الحدود (9) باب قدر أسواط التعزير - رقم (40). (¬5) أبو داود: (4/ 558) (32) كتاب الحدود (16) باب في المجنون يسرق أو يصيب حداً - رقم (4398). (¬6) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (4401).

باب في الصيد والذبائح

وقال الدارقطني (¬1)، وذكر حديث عليّ - رضي الله عنه -. روايةُ من رَوَىَ هذا الحديث موقوفاً على عمر وعليّ بن أبي طالب هي أشبَهُ بالصَّوَابِ. باب في الصيد والذبائح مسلم (¬2)، عن عديِّ بن حاتم، قال: قال لي (¬3) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أرسلتَ كَلْبَكَ فاذكر اسْمَ اللهِ (¬4)، فإنْ أمْسَكَ عَلَيْكَ فأدركتَهُ حَياً فَاذْبَحْهُ، وإنْ أدْرَكْتَهُ قد قتل ولَمْ يَأكُلْ مِنْهُ فكُلْهُ، فإن وَجَدْتَ مع كَلْبِكَ كلباً غَيْرهُ وقد قَتَلَ فَلَا تَأكُله (¬5) فإنَّكَ لا تدري ايهما قَتَلَهُ، فإن (¬6) رَمَيْتَ بسهمك (¬7) فاذكر اسم اللهِ، فإن غاب عَنْكَ يوماً فلم تجد (¬8) إلا أثَرَ سَهْمِكَ، فكُلْ إنْ شِئْتَ وإنْ وجدتَهُ غرِيقاً في المَاءِ، فلا تأكل (6). وفي أخرى (¬9): "فإنَّك فلا تدري الماء قتلَهُ أم (¬10) سهمُك". وقال النسائي (¬11) في هذا الحديث: "فإن أدركتَهُ لم يقتل فاذبح (¬12) واذكر اسم الله". ¬

_ (¬1) الدارقطني: (3/ 138 - 139). (¬2) مسلم: (3/ 1531) (34) كتاب الصيد والذبائح (1) باب الصيد بالكلاب المعلمة - رقم (6). (¬3) ليست في (ف). (¬4) (ف): (اسم الله عليه). (¬5) مسلم: (فلا تأكل). (¬6) مسلم: (إن) وكذا (ف). (¬7) مسلم: (سهمك) وكذا (ف). (¬8) مسلم: (تجد فيه) وكذا (د). (¬9) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (7). (¬10) مسلم: (أو). (¬11) النسائي: (7/ 179) (1) كتاب الصيد والذبائح (1) الأمر بالتسمية عند الصيد - رقم (4263). (¬12) (ف): (فاذبحه).

مسلم (¬1)، عن عديِّ بن حاتم، قال: سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المِعْرَاضِ (¬2)؟ فقال: "إذا أصاب بحدِّهِ فكُلْ وإذا (¬3) أصاب بعرضِهِ فَقَتَلَ فإنهُ وَقِيذٌ (¬4) فلا تأكل" وسألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الكلب؟ فقال: "إذا أرسلت كلبَكَ وذكرت اسم الله فكُلْ، فإنْ أكل منه (¬5) فلا تأكُلْ، فإنه إنما أمسك على نفسِهِ "قلتُ: فإن وَجَدْتُ مع كلبي كلباً آخر فلا أدري أيهما أخذهُ؟ قال: "فلا تأكل فإنما (¬6) سمَّيْتَ على كلبك ولم تُسَمِّ على غيرِهِ". وفي أخرى (¬7)، وسألتُهُ عن صيد الكلب؟ فقال: "ما أمسك عليك ولم يأكُلْ مِنْهُ فكُلْهُ فإنَّ ذكاتَهُ أخْذُهُ". وفي آخر (¬8): "إذا أرسلت كلبَكَ المُعَلَّم وذكرت اسم اللهِ عليهِ فكُلْ". النسائي (¬9)، عن عدي أيضاً، قال: قلتُ يا رسول اللهِ! إنَّا أَهْلُ صيدٍ (¬10)، وإنَّ أحَدَنَا يرمي الصيدَ فيغِيبُ عَنْهُ الليلةَ والليلتين، فَيَتْبَعُ (¬11) الأثر ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1529 - 1530) (34) كتاب الصيد والذبائح (1) باب الصيد بالكلاب المعلمة - رقم (3). (¬2) المعراض: خشبة ثقيلة، أو عصا في طرفيها حديدة وقد تكون بغير حديدة. (¬3) (ف): (وإن أصابه). (¬4) الوقيذ: هو الذي يقتل بغير محدد، من عصا أو حجر وغيرهما. (¬5) (منه): ليست في (ف). (¬6) (ف): (فإنك إنما). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (4). (¬8) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (1). (¬9) النسائي: (7/ 193) (42) كتاب الصيد والذبائح (19) في الذي يرمي الصيد فيغيب عنه - رقم (4300). (¬10) النسائي: (الصيد). (¬11) النسائي: (فيبتغي) وفي (ف): (فنتبع).

فيجدُهُ مَيِّتاً (¬1) قال: "إذا وجدت السهم فيهِ (¬2) ولم تجد فيهِ أثر سَبُعٍ وعلمت أن سهمك قَتَلَهُ فكُله (¬3) ". مسلم (¬4)، عن أبي ثعلبة الخُشَنيّ، قال: أتيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلتُ: يا رسُولَ الله! إنَّا بأرض قوم من أهَل الكتابِ، نأكل في آنيتهم، وأرض صيدٍ أصيدُ بقوسِى، وأصيدُ بكلبي المُعَلَّمِ، أو بكلْبِيَ الذي ليس معلّماً (¬5)، فأخبرني ما الذي يحل لنا من ذلك؟ قال: "أمّا ما ذكرت أنكم بأرْض قوم أهل كتاب (¬6)، تأكُلُون في آنِيَيهِمْ، فإن وجدتُمْ غير آنيتهم فلا تأكلوا فِيها، فإن (¬7) لم تجدوا فاغْسِلُوهَا ثم كُلوا فيها، وأما مَا ذكرتَ أنك بأرْض صيدٍ، فما أصَبْتَ بقوسِكَ فاذكر اسم اللهِ ثمَّ كُلْ، وما أصبتَ بكلبِكَ المُعَلَّمِ فاذكر اسم اللهِ ثمَّ كُلْ، وما أصبتَ بكلبِكَ الذي ليس بمُعَلم، فأدركت ذكاتَهُ فكُلْ". وعنه (¬8)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذي يُدْرِكُ صيدَهُ بعد ثلاثٍ: "فكله ما لم يُنْتِنْ". وعن سعيد بن جبير (¬9)، أنَّ قريباٍ لعبد اللهِ بن مُغفَل خَذَفَ، قال: فنهَاهُ وقال: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الخَذْفِ، وقال: "إنها لا تصيدُ صيداً، ولا تَنْكَا عدُواً ولكنها تكْسِرُ السِّنَّ وتفقَأُ العَيْنَ" قال: فعاد فقال: ¬

_ (¬1) النسائي: (وسهمه فيه). (¬2) (فيه): ليست في (ف). (¬3) النسائي: (فكل) وكذا (د). (¬4) مسلم: (3/ 1532) (34) كتاب الصيد والذبائح (1) باب الصيد بالكلاب المعلمة - رقم (8). (¬5) مسلم: (بمعلم) وكذا (د). (¬6) مسلم: (من أهل الكتاب) وفي (د): (من أهل كتاب). (¬7) مسلم: (وإن) وكذا (ف). (¬8) مسلم: (3/ 1532) (34) كتاب الصيد والذبائح (2) باب إذاغاب عنه الصيد ثم وجده - رقم (10). (¬9) مسلم: (3/ 1548) (34) كتاب الصيد والذبائح (10) باب إباحة ما يستعان به على الإصطياد والعدو وكراهة الخذف - رقم (56).

أحدِّثُكَ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه ثُمَّ تخْذِفُ لا أُكَلِّمُك أبداً. عن رافع بن خَدِيج (¬1)، قال: قلتُ: يا رسول الله! إنا لَاقو العَدُوِّ غداً وليست مَعَنَا مُدًى، قال: "أعجل أو أَرنِي (¬2) ما أنهَرَ الدَّمَ، وذُكِرَ اسم اللهِ (¬3)، فكُلْ، ليس السِّنَّ والظّفُرَ، وسأحدثك أمَّا السِّنُّ فعظمٌ، وأما الظُّفُرُ فمُدَى الحَبَشِ (¬4) " قال: وأصبنا نَهْبَ إبلٍ وغنمٍ فَنَدَّ (¬5) منها (¬6) بعيرٌ، فرمَاهُ رجلٌ بسهم فحبَسَهُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ لهذه الِإبِلِ أوابِدَا (¬7) كأوابد الوَحْشِ فإذا غلبكُم منها شيءٌ فاصنعُوا به هكذا". زاد الحميديُّ (¬8): "وكُلُوهُ". مالك (¬9)، عن البَهْزيِّ (واسمه زيد بن كعب) أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج يُرِيدُ مكَةَ وهو محرِمٌ، حتى إذا كان بالرَّوْحَاءِ، فإذا حمارٌ وحشىّ عَقِيرٌ، فذُكِرَ ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "دعُوهُ فإنَّهُ يوشِكُ أنْ يأتيَ صاحبُهُ" فجاء البَهْزِيُّ وهو صاحِبُهُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسُولَ الله! شأنك (¬10) بهذا الحِمَارِ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر فَقَسَمَهُ بين الرفَاقِ، ثم مضى حتى إذا كان بالأثاية (¬11) بين ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1558) (35) كتاب الأضاحي (4) باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم - رقم (20). (¬2) أرني: أي أعجل لئلا تقتلها خنقاً. (¬3) (ف): (اسم الله عليه). (¬4) مسلم: (الحبشة). (¬5) أي شرد وهرب نافراً. (¬6) (ف): (منا). (¬7) هي النفرة والفرار والشرود. (¬8) مسند الحميدى: (411). (¬9) الموطأ: (1/ 351) (20) كتاب الحج (24) باب ما يجوز للمحرم أكله من الصيد - رقم (79). (¬10) الموطأ: (شأنكم) وكذا (د، ف). (¬11) موضع أو بئر.

الرُّويْثَةِ (¬1) والعَرْجِ (¬2)، إذا ظبيٌ حَاقِفٌ (¬3) في ظل وفيه سَهْم، فَزَعَمَ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ رجُلاً يقِفَ عندَهُ لا يَرِيبُهُ (¬4) أحد من النَّاسِ حتى يُجَاوِزوه (¬5). مسلم (¬6)، عن ابن عباس قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كُلْ ذِي نابٍ من السَبَاعِ، وعن كلِّ ذي مِخْلَبٍ من الطير. وعن أبي هريرة (¬7)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كُلُّ ذِي نَابٍ من السَبَاعِ فأكلُهُ حَرَامٌ". وعن أبي ثعلية (¬8)، قال: حرَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحُومَ الحُمُرِ الأهليَّةِ. وعن أنس (¬9)، قال: لما فَتَحَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبَرَ، أصبنَا حُمُراً خارجا من القَرْيَة فطبخنا منها، فنادى مُنَادِي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا إنّ اللهَ ورسولَهُ يَنْهَيَانِكُم عنها، فإنِّها رجْسٌ من عمل الشيطانِ، فأُكفِئَتِ القدور بما فيها، وإنَّهَا لتفُورُ بما فِيها. الترمذي (¬10)، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرَّمَ ¬

_ (¬1) موضع. (¬2) موضع بين الحرمين. (¬3) أي واقف منحن، رأسه بين يديه إلى رجليه. (¬4) أي لا يمسه ولا يحركه ولا يهيجه. (¬5) الموطأ: (يجاوزه). (¬6) مسلم: (3/ 1534) (34) كتاب الصيد والذبائح (3) باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب - رقم (16). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (15). (¬8) مسلم: (3/ 1538) (34) كتاب الصيد والذبائح (5) باب تحريم أكل لحوم الإنسية - رقم (23). (¬9) مسلم: (3/ 1540) نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (34). (¬10) الترمذي: (4/ 224) (26) كتاب الأطعمة (6) باب ما جاء في لحوم الحمر الأهلية - رقم (1795).

يوم خيبر كُلَّ ذي نابٍ من السِّبَاعِ والمُجَثَمةِ (¬1) والحمار الِإنْسِيَّ. قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ. البخاري (¬2)، عن جابر بن عبد الله، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر عن لحوم الحُمر ورخًصَ في لحوم الخيل. وقال أبو داود (¬3)، وأذِنَ في لحوم الخيلِ. مسلم (¬4)، عن ابن عُمر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مَعَهُ ناسٌ من أصحابِهِ فيهم سَعْدٌ، فأتُوا بلَحْمِ ضبٍّ، فنادت امرأَةٌ من نساءِ النبي - صلى الله عليه وسلم - إنَه ضبٌّ (¬5)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُوا، فإنَّهُ حَلَالٌ، ولكنَّهُ ليس مِنْ طَعَامِي". وعن أنس (¬6)، قال: مررنا فاسْتَنْفَجْنَا (¬7) أرنباً بِمَرِّ الظهْرَانِ (¬8)، فَسَعَوْا عليْهِ فَلَغَبُوا (¬9) قال (¬10): فسعيْتُ حتّى أدركْتُهَا فأتيتُ بها أبا طلحة فذبحها فَبَعثَ بوركِهَا وفخذيْهَا إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيتُ بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقَبِلَهُ. ¬

_ (¬1) (المجثمة): هي كل حيوان ينصب ويرمى ليقتل، إلا أنها تكثر في الطير والأرانب وأشباه ذلك مما يجثم في الأرض: أي يلزمها ويلتصق بها. (¬2) البخاري: (9/ 565) (72) كتاب الذبائج والصيد (27) باب لحوم الخيل - رقم (5520). (¬3) أبو داود: (4/ 149 - 150) (21) كتاب الأطعمة (26) باب في أكل لحوم الخيل - رقم (3788). (¬4) مسلم: (3/ 1542 - 1543) (34) كتاب الصيد والذبائح (7) باب إباحة الضب - رقم (1). (¬5) مسلم: (إنه لحم ضب). (¬6) مسلم: (3/ 1547) (34) كتاب الصيد والذبائح (9) باب إباحة الأرنب - رقم (53). (¬7) أي أثرنا ونفّرنا. (¬8) موضع قريب من مكة. (¬9) أي أعيوا أشد الإعياء وتحبوا وعجزوا عن أخذها. (¬10) (قال): ليست في (د، ف).

وعن عبد الله بن أبي أوفى (¬1)، قال: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غزواتٍ نأكُلُ الجَرادَ. وعن زَهْدَم الجَرْمِيِّ (¬2)، قال: كُنَّا عند أبي موسى فدعا بمائِدتِهِ وعليها لَحْمُ دجاج، فدخل رجُلٌ من بَنِي تَيْمِ اللهِ (¬3)، أحمرُ شبِيهٌ بالمَوَالِى، فقال لِهُ: هَلُمَ فتلكَأ، فقال: هَلُمَ فإِنِّي قد رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ مِنْهُ. النسائي (¬4)، عن عبد الله هو ابن عمرو بن العاص يرفَعُهُ قال: "من قتل عُصْفُوراً فما فوقها (¬5) بغير حقِّهَا سأله (¬6) الله -عَزَّ وَجَلَّ- عنها يوم القيامةِ" قيل: يا رسول الله (¬7) وما حقها؟ قال (¬8): "حقهَا أن يذبحها (¬9) فيأكلها ولا يقطع (¬10) رأسها فَيَرْميَ بها". مسلم (¬11)، عن جابر بن عبد الله، قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمَّرَ علينا أبَا عُبيدَةَ بن الجراح، نتفَقى عيرَاً لقريش، وزودَنَا جِرَاباً من تمرٍ لم يجد (¬12) لنا غيرَهُ، فكان أبو عبيدة يُعطنا تمرةً تمرةً قال فقلتُ: كيف كُنْتُم تصنعون بها؟ قال: نمصُّها كما يمصُّ الصَّبِيُّ، ثم نشرَبُ عليها من الماءِ، فتكْفِينَا ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1546) (34) كتاب الصيد والذبائح (8) باب إباحة الجراد - رقم (52). (¬2) مسلم: (3/ 1270) (27) كتاب الأيمان (3) باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها - رقم (9). (¬3) (ف): (اللات). (¬4) النسائي: (7/ 239) (43) كتاب الضحايا (42) من قتل عصفوراً بغير حقها - رقم (4445). (¬5) (ف): (فوقعها). (¬6) النسائي: (سأل). (¬7) لفظ الجلالة: سقط من الأصل. (¬8) (وما حقها؟ قال): سقطت من (ف). (¬9) النسائي: (تذبحها). (¬10) النسائي: (تقطع). (¬11) مسلم: (3/ 1535) (34) كتاب الصيد والذبائح (4) باب إباحة ميتات البحر - رقم (17). (¬12) (ف): (نجد).

يومنا إلى اللَّيلِ، وكُنَّا نَضْرِبُ بعصينا الخَبَطَ، ثم نَبُلُّهُ بالماءِ فنأكُلُهُ، قال (¬1): وانطلقنا على ساحِل البحر، فرفِعَ لنا على ساحل البحر كهيئةِ الكَثِيبِ الضَّخْمِ، فأتينَاهُ فإذا هي (¬2) دابَّةٌ تُدْعى العنبر، قال: قال أبو عبيدَة: ميتةٌ، ثم قال: لا بل نحن رُسُلُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي سبيل الله، وقد أضطُرِرْتُم فكُلُوا، قال: فأقمنا عليها شهراً ونحن ثلاثُ مائةٍ حتى سَمِنَّا، قال: ولقد رأيتُنَا نغترِفُ من وَقْبِ عَيْنهِ بالقِلَالِ الدُّهْنَ ونقتَطِعُ مِنُهُ الفِدَر كالثَّوْرِ (أو كَقِدَر الثَّوْرِ) ولقد أخَذَ منَّا أبو عبيدةَ ثلاثَةَ عشر رجُلاً فأقْعَدَهُمْ في وقب عيْنه، وأخذ ضلعاً من أضلاعِهِ فأقامه (¬3) ثم رَحَلَ أعظم بعيرٍ معنا، فمرَّ من تحتها، ثم تزوَّدْنَا من لَحْمِهِ وشائِقَ (¬4)، فلمَّا قدمنا المدينة أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرنا ذلك لَهُ (¬5) فقال: "هو رزقٌ أخرجَهُ الله لكم فهل معكُم من لحمِهِ شيءٌ فَتُطْعِمُونَا (¬6)؟ " قال: فأرسلنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه فأكَلَهُ. قوله: فأكلَهُ ذكره البخاري (¬7) أيضاً. مسلم (¬8)، عن أم سلمة أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دَخَلَ (¬9) العَشرُ وأراد أحدكم أنْ يضحيِّ فلا يَمس من شعرِهِ ولا بَشَرِهِ شيئاً". وفي لفظ آخر (¬10)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من ¬

_ (¬1) (قال): ليست في (ف). (¬2) (ف): (هو). (¬3) مسلم: (فأقامها). (¬4) هو اللحم يؤخذ فيغلى إغلاء ولا ينضج ويحمل في الأسفار. (¬5) (ف): (له ذلك). (¬6) (ف): (فتطعموننا). (¬7) البخاري: (7/ 678) (64) كتاب المغازى (65) باب غزوة سيف البحر - رقم (4362). (¬8) مسلم: (3/ 1565) (35) كتاب الأضاحي (7) باب نهى من دخل عليه عشر ذي الحجة - رقم (39). (¬9) مسلم: (دخلت). (¬10) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (42).

كان لَهُ ذِبْحٌ يذبحُهُ فإذا أهِل هِلَالُ ذِي الحِجةِ فلا يأخُذنَ من شعرِهِ ولا من أظفَارِهِ شيئاً حتى يُضَحىَ". النسائي (¬1)، عن عُبيد (¬2) بن فيْروزٍ قال: قلتُ للبراء بن عازب: حدثني ما كَرِهَ أو نهى عنهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأضاحي؟ قال: قال (¬3) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هكذا بيدِهِ، وَيَدِى أقصر من يدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أربع (¬4) لا تجزئ في الأضاحي: العوراءُ البيِّنُ عَوَرُهَا والمريضَةُ البينُ مرضُهَا، والعَرْجَاُء البينُ ضلَعُها، والكَسير (¬5) التي لا تُنْقِى (¬6) " قال: "فإني أكرهُ أن يكون نقصٌ في القرن والأذنِ". قال: "ماكرهت (¬7) فَدَعْهُ ولا تُحَرِّمْهُ على أحَدٍ" وفي طريق أخرى (¬8): "والعجفاء (¬9) التي لا تُنقِي" بدل الكسير. وعن علي بن أبي طالب (¬10)، قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نَسْتشرِفَ العين والأذُنَ وأن لا (¬11) نُضَحِّيَ بِعَوراءَ ولا مقابَلَةٍ (¬12) ولا مُدَابَرَةٍ (¬13) ولا شَرْقَاءَ (¬14) ولا خَرْقَاءَ (¬15). ¬

_ (¬1) النسائي: (7/ 215) (43) كتاب الضحايا (6) العرجاء - رقم (4370). (¬2) (ف): (عقيل). (¬3) النسائي: (فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال). (¬4) النسائي: (أربعة). (¬5) النسائي: (كسيرة). (¬6) (لا تنقي): من أنقى إذا صار ذا نقى أي مخ، فالمعنى التي ما بقى لها مخ من غاية العجف. (¬7) النسائي: (فما كرهت منه). (¬8) النسائي: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (4371). (¬9) (ف): (ولا العجفاء)، والعجفاء: المهزولة. (¬10) النسائي: (7/ 216) (43) كتاب الضحايا (9) المدابرة - رقم (4373). (¬11) (ف): ولا نضحي. (¬12) هي التي قطع من طرف أذنها شيء ثم ترك معلقاً. (¬13) هي التي قطع من مؤخرة أذنها شيء ثم ترك معلقاً. (¬14) هي مشقوقة الأذن. (¬15) هي التي في أذنها ثقب مستدير.

وفي أخرى (¬1)، ولا بتراء (¬2). وعنه (¬3)، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُضَحَّى (¬4) بمقَابَلة أو مدابَرَة أو شرقاء، أو خرقاء، أو جدعاء (¬5). أبو داود (¬6)، عن عليّ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يُضَحَّى بعضْبَاء الأذن والقرن. الأعضب: ما بلغ النصف فما فوقه، والمدابرة: التي قطع من مؤخرِّ أذنها، والمقابلة: ما قطع طرف أذنِهَا، والشرقاء: التي شُقَّ أذنها، والخرقاء: التي تخرق أذنها السمة. مسلم (¬7)، عن عُقبة بن عامِر، قال: قَسَمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فِينَا ضَحَايَا، فأصابني جَذَعٌ فقلت: يا رسولَ اللهِ! إنهُ أصابَنِي جَذَعٌ فقال: "ضحّ بِهِ". وفي طريق أخرى (¬8)، فبقى عَتُودٌ فذكرَهُ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ضَحّ به (¬9) ". والعتود: الجذَع من المعَزِ. مسلم (¬10) عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) النسائي: (7/ 216) (43) كتاب الضحايا (8) المقابلة - رقم (4372). (¬2) هي مقطوعة الذنب. (¬3) النسائي: (7/ 217) (43) كتاب الضحايا (10) الخرقاء - رقم (4374). (¬4) النسائي: (نضحى) وكذا (د، ف). (¬5) النسائي: (جدعاء، وهي المقطوعة الأنف). (¬6) أبو داود: (3/ 238) (10) كتاب الضحايا (6) باب ما يكره من الضحايا - رقم (2805). (¬7) مسلم: (3/ 1556) (35) كتاب الأضاحي (2) باب سن الأضحية - رقم (16). (¬8) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (15). (¬9) مسلم: (ضح به أنت). (¬10) مسلم: (3/ 1553) (35) كتاب الأضاحي (1) باب وقتها - رقم (7).

وسلم -: "إنَّ أوَّلَ ما نبْدَأْ بِهِ في يومِنَا هذا، أن (¬1) نُصَلِّي ثم نَرْجِعُ فَنَنْحَرُ، فمن فعل ذلِكَ فقد أصاب سُنَتّنًا، ومن ذَبَحَ، فإنَّمَا هو لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأهْلِهِ ليس من النُّسُكِ في شيءٍ" وكان أبو بُرْدَةَ بن نِيَارٍ قد ذبح، فقال: عندي جَذَعةٌ خير من مُسِنَّةٍ فقال: "اذبحها ولن تَجْزِي جذعة (¬2) عن أحدٍ بعدك". وعنه (¬3)، أنَّ خالَهُ أبا بردةَ ذبح قبل أن يذبح النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسُولَ اللهِ إنَّ هذا يوم اللحم فيه مقروم (¬4)، وإني عجلْتُ نسيكتِي لأطْعِمَ أهلي وجيراني، وأهْلَ دَارِي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعِدْ نُسُكاً" فقال: يا رسول الله إن عندى عَنَاقَ لبن، هي خيرٌ من شاتي لحم، فقال: "هي خير نَسِيكَتَيْكَ (¬5)، ولا تُجزي جذعةٌ عن أحدٍ بعدك". وفي طريق آخر (¬6)، إن عندي جَذَعَةً من المَعْزِ. وعن جُنْدَب بن سفيان (¬7)، قال: شهِدتُ الأضحىِ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - فلمَّا قضى صلاتَهُ بالناس، نَظرً إلى غنَم قد ذُبِحَتْ، فقال: "من ذَبَحَ قبل الصلَاةِ، فليذبح شاةً مَكَانَهَا، ومن لم يَكُنْ ذبح فليَذْبَحْ على اسمَ اللهِ". وعن شدَّاد بن أوسٍ (¬8)، قال: ثِنْتَانِ (¬9) حفظتُهُمَا عن رسول الله ¬

_ (¬1) (أن): ليس في مسلم. (¬2) (جذعة): ليس في مسلم، (والجذعة): ولد الشاة في السنة الثانية. (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (5). (¬4) كذا في أصول الأحكام الصغرى والوسطى، وفي مسلم: (مكروه)، ورواية (مقروم) ذكرها ابن الأثير في النهاية (4/ 49) وقال: هكذا جاء في رواية، وقيل: تقديره مقروم اليه، فحذف الجار. اهـ. وهو من القرم: شدة شهوة اللحم حتى لا يصبر عنه. (¬5) (ف): (نسيكتنا). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (4). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2). (¬8) مسلم: (3/ 1548) (34) كتاب الصيد والذبائح (11) باب الأمر بإحسان الذبح والقتل - رقم (57). (¬9) (ف): (اثنتان).

صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ الله كتب الِإحْسَانَ على كُلِّ شيءٍ، فإذا قتلتُمْ فأحسِنُوا القِتْلَةَ، وإذا ذبحتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ وليُحِدَّ أحدُكُم شفرتَهُ وليرح (¬1) ذَبيحتَهُ". وعن عائشة (¬2)، أَنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بكبش أقرَنَ، يَطَأ في سَوَادٍ ويَبرُكُ في سوادٍ، وينظُرُ في سوادٍ (¬3)، فَأتِيَ بِهِ ليُضَحِّي بِهِ، فقال: "يا عائشة! هلُمِّى المُديَةَ" ثم قال: "اشْحَذِيهَا بِحَجَر" ففعلَتْ، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجَعهُ (¬4)، ثمَّ قال: "بسم اللهِ، اللهُمَّ تقبَّلْ من محمَّدٍ وآل مُحَمَدٍ ومن أمَّةِ مُحَمَّدٍ" (¬5) ثم ضحَّى بِهِ. زاد النسائي (¬6)، ويأكل في سوادٍ. مسلم (¬7)، عن أنس قال: ضحَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكبْشَيْنِ أمْلَحَيْنِ أقرَنَيْنِ (¬8) ذبحهما بيدِهِ وسمى وكَبَّرَ، ووضَعَ رِجْلَهُ على صِفَاحِهِمَا. البخاري (¬9)، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ينحر ويذبح (¬10) بالمصلى. ¬

_ (¬1) مسلم: (فليرح). (¬2) مسلم: (3/ 1557) (35) كتاب الأضاحي (3) باب استحباب الضحية - رقم (19). (¬3) (ف): (وينظر في سواد ويبرك في سواد). (¬4) مسلم: (ثم ذبحه). (¬5) (ومن أمة محمد): ليست في (ف). (¬6) لم أجدها في النسائي وهى عند أبي داود ولعلها في الكبرى أبو داود: (3/ 231) (10) كتاب الضحايا (4) باب ما يستحب من الضحايا - رقم (2796). (¬7) مسلم: (3/ 1556) (35) كتاب الأضاحي (6) باب استحباب الضحية - رقم (17). (¬8) (أقرنين): ليست في (ف). (¬9) البخاري: (10/ 11) (73) كتاب الأضاحي (6) باب الأضحى والنحر بالمصلى - رقم (5552). (¬10) البخاري: (يذبح وينحر).

وعن كعب بن مالك (¬1)، أن امرأة ذبحت شاة بحجَر، فسُئِلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فأمر بأكلِها. أبو داود (¬2)، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أنهم قالوا: يا رسول الله، إن هنا أقواما حديثو عهدهم بشرك يأتونا (¬3) بلُحْمَانٍ لا ندري أذكروا (¬4) اسم الله عليها أم لا؟ " قال: "اذكروا أنتم اسم الله وكلوا". رواه مالك (¬5)، ولم يذكر عائشة. مسلم (¬6)، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬7) قال: "لعَنَ الله من لعن والِدَهُ، ولعن الله من ذبح لغيرِ الله، ولعن الله من آوى مُحْدِثاً ولعن الله من غير مَنَارَ الأرْض". أبو داود (¬8)، عن عكرمة، عن ابن عباس أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن طعام المُتَبَاريين (¬9) أنْ يؤكل. أكثر من رواه لم يذكر ابن عباس. ¬

_______ (¬1) البخاري: (9/ 547) (72) كتاب الذبائح والصيد (19) باب ذبيحة المرأة والأمة - رقم (5504). (¬2) رواه البخاري: (13/ 391) (97) كتاب التوحيد (13) باب السؤال بأسماء الله تعالى والإستعاذة بها - رقم (7398). وهو بنحوه في أبي داود: (3/ 254) (10) كتاب الأضاحي (19) باب ما جاء في أكل اللحم لايدرى أذكر اسم الله عليه أم لا - رقم (2729). (¬3) (ف): (يأتوننا). (¬4) البخاري: (يذكرون) وفي (ف): (أذُكِرَ). (¬5) الموطأ: (2/ 488) (24) كتاب الذبائح (1) باب ما جاء في التسمية على الذبيحة - رقم (1). (¬6) مسلم: (3/ 1567) (35) كتاب الأضاحي (8) باب تحريم الذبح لغير الله تعالى - رقم (43). (¬7) (رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -): ليست في (ف). (¬8) أبو داود: (4/ 132) (21) كتاب الأطعمة (7) باب في طعام المتباريين - رقم (3754). (¬9) قال الخطابي: المتباريان: المتعارضان بفعلهما، يقال: تبارى الرجلان إذا فعل كل واحد منهما مثل فعل صاحبه ليرى أيهما يغلب صاحبه، وإنما كره ذلك لما فيه من الرياء والمباهاة، ولأنه داخل في جملة ما نهي عنه من أكل المال بالباطل.

أبو داود (¬1) عن ابن عباس، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن مُعَاقَرَةِ الأعراب. مسلم (¬2)، عن عائشة قالت: دَفَّ أهلُ أبياتٍ من أهل الباديةِ حَضْرَةَ الأضحى زمنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ادَّخِرُوا ثلاثاً، وتصدَّقوا (¬3) بما بقى" فلمَّا كان (¬4) بعد ذلك قالوا: يا رسُولَ الله إنَّ النَّاسَ يتخذون الأسْقِيَةَ من ضحايَاهُمْ، ويحملون فيها الوَدَكَ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وما ذاك (¬5)؟ " قالوا: نَهْيتَ أنْ تُؤكَلَ لحومُ الأضاحي (¬6) بعد ثلاثٍ، فقال: "إنَّمَا نهيتُكُمْ من أجْلِ الدَّافَّةِ (¬7) فكُلُوا وادخروا وتصدَّقُوا". وعن سعيد بن جبير (¬8)، قال: مرّ ابنُ عمر بفتيانٍ من قريش قد نَصَبُوا طيراً، وهم يرمونَهُ، وقد جعلوا لِصَاحِب الطيرِ كُلَّ خاطئةٍ من نَبْلِهِمْ فلمَّا رأوا ابن عمر تفرَّقوا، فقال ابن عمر: من فعل هذا؟ لَعَن الله من فعل هذا، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَعَن من اتَّخَذَ شيئاً فِيهِ الرُّوحُ غَرَضاً. وعن جابر بن عبد الله (¬9)، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُقْتَل شيءٌ من الدَّوَاب صَبْراً. ¬

______ (¬1) أبو داود: (3/ 246) (10) كتاب الأضاحي (14) باب ما جاء في أكل معاقرة الأعراب - رقم (2820). (¬2) مسلم: (3/ 1561) (35) كتاب الأضاحي (5) باب بيان ما كان من النبي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث - في أول الإسلام - رقم (28). (¬3) مسلم: (ثم تصدقوا). (¬4) (فلما كان): ليست في (ف). (¬5) (ف): (ذلك). (¬6) مسلم: (الضحايا). (¬7) مسلم: (الدافة التي دفت)، والدافة قوم يسيرون جميعاً سيراً خفيفاً، ودافة الأعراب من يرد منهم المصر، والمراد هنا من ضعفاء الأعراب للمواساة. (¬8) مسلم: (3/ 1549 - 1550) (34) كتاب الصيد والذبائح (12) باب النهي عن صبر البهائم - رقم (59). (¬9) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين.

الترمذيّ (¬1)، عن أبي واقد قال: قدِمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ وهم يَجُبُّون أسنمَةَ الِإبل ويقطعُون ألْيَاتِ الغَنَم فقال: "ما قُطِعَ من البهيمةِ وهى حيَّةٌ فهى ميتَةٌ". قال: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ. البزار، عن ابن عباس، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فهى عن صبر الرُّوح وعن إخصاء البهائِم نهياً شديداً. مسلم (¬2)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا فَرَعَ ولا عَتِيرَةَ (¬3) ". الفَرَعُ: أوَّل النتاجِ كان يُنتج لهم فيذبحونَهُ. يعني يذبحونه لألهتهم. النسائي (¬4)، عن نُبَيْشَةَ الخير (¬5) رجُلِ من هُذَيل، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إنِّي كُنتُ نهيتُكُمْ عن لُحُومِ الأضاحي فوق ثلاثٍ، كي نشبعكم (¬6) فقد جاء الله بالخير، فكلوا (¬7) وادخروا، وإنَ هذه الأيام أيامُ أكل وشُرْبٍ وذكر لله (¬8) "فقال رجل: إنَا كنا نعْتِرُ عتيرةً في الجاهليَّةِ، في رجب فما تأمُرُنا؟ فقال: "اذبحوا للهِ في أي شهر ما (¬9) كان، وبَرُّوا لله وأطعموا" فقال رجل: يا رسُولَ الله إنَّا كنَّا نُفرعُ فرعاً في الجاهليَّة فما تأمرنا؟ فقال ¬

_ (¬1) الترمذي: (4/ 62) (18) كتاب الأطعمة (4) باب ما قطع من الحي فهو ميت - رقم (1480). (¬2) مسلم: (3/ 1564) (35) كتاب الأضاحي (6) باب الفرع والعتيرة - رقم (38). (¬3) العتيرة: ذبيحة كانوا يذبحونها في الحشر الأول من رجب، ويسمونها الرجبية أيضاً، واتفق العلماء على تفسيرالعتيرة بهذا، ومعنى الحديث: لا فرع واجب ولا عتيرة واجبة. (¬4) النسائي: (7/ 170) (41) كتاب الفرع والعتيرة (2) تفسير العتيرة - رقم (4230). (¬5) (ف): (الخيري). (¬6) النسائي: (كيما تسعكم). (¬7) النسائي: (فكلوا، وادخروا). (¬8) النسائي: (وذكر الله -عَزَّ وَجَلَّ-) وفي (ف): (وذكر الله). (¬9) (ما): ليست في (ف).

باب في العقيقة

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "في كلِّ سائِمَةٍ من الغنم فرعٌ تغذُوِهُ (¬1) غنَمُكَ حتى إذا استحْمَلَ ذبَحْتَهُ، وتصدَّقْتَ بلحمِهِ على ابن السَّبيلِ فإن ذلك هو خيرٌ". باب في العقيقة الترمذي (¬2)، عن يوسف بن مَاهَكَ، أنهم دخلُوا على حفصةَ بنت عبد الرحمن فسألوها عن العقيقةِ؟ فأخبرتهم أن عائشة أخبرتها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم - أمرهُمْ عن الغُلَامِ شاتان مُكَافِئتان (¬3) وعن الجاريةِ شاةٌ. قال: حديث حسنٌ صحيحٌ. زاد النسائي (¬4): "لا يضركم ذكراناً كانت (¬5) أم (¬6) إناثاً". خرَّجه عن أم كُرْز، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال عن سلمان بن عامر الضَّبيِّ (¬7)،أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "في الغلام عقيقةٌ فأهْرِيقُوا عنْهُ دَماً وأميطُوا عنْهُ الأَذَى". وعن ابن أبي عَرُوبة (¬8)، عن قتادةَ، عن الحسَن، عن سَمُرةَ بن جُنْدُب، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كُل غُلَام رهينٌ بعقيقتِهِ يُذبح (¬9) عنه يوم سابِعِهِ، ويُحْلَقُ رأسُهُ ويُسَمَّى". ¬

_ (¬1) (ف): (يغدوا). (¬2) الترمذي: (4/ 81) (20) كتاب الأضاحي (16) باب ما جاء في العقيقة - رقم (1513). (¬3) (ف): (شاتين مكافئتين). (¬4) النسائي: (7/ 165) (40) كتاب العقيقة (4) كم يعق عن الجارية - رقم (4217 - 4218). (¬5) النسائي: (كنّ). (¬6) (د): (أو). (¬7) النسائي: (7/ 164) (40) كتاب العقيقة (2) العقيقة عن الغلام - رقم (4214). (¬8) النسائي: (7/ 166) (40) كتاب العقيقة (5) متى يعق - رقم (4220). (¬9) النسائي: (تذبح) وكذا (ف).

باب في الختان

سماع الحسن من سمرة حديث العقيقة صحيح. ابن أيمن، عن أنس "أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عقّ عن نفسه بعد ما جاءته النبوة". باب في الختان وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خمس من الفطرة" فذكر فيهن الختان وقد تقدّم في الطهارة. البخاري (¬1)، عن سعيد بن جبير قال: سُئِلَ ابن عباس: مِثلُ من أنت حين قُبضَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أنا يومئذٍ مختُون. قال (¬2): وكانوا يختِنون الرّجل حتى يدرك. مسلم (¬3)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اخْتَتَنَ إبراهيمُ النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬4) وهو ابن ثمانِينَ سنةً بالقَدُومَ" (¬5). باب في الأطعمة مسلم (¬6)، عن جابر بن عبد الله، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) البخاري: (11/ 91) (79) كتاب الإستئذان (51) باب الختان بعد الكبر ونتف الابط - رقم (6299). (¬2) (قال): ليست في (ف). (¬3) مسلم: (4/ 1839) (43) كتاب الفضائل (41) باب من فضائل إبراهيم الخليل - صلى الله عليه وسلم - رقم (151). (¬4) مسلم: (عليه السلام). (¬5) (القدوم): بالتخفيف آلة النجار، وبالتشديد قرية بالشام. (¬6) مسلم: (3/ 1630) (36) كتاب الأشربة (33) باب فضيلة المواساة في الطعام القليل - رقم (180).

وسلم - يقول: "طعامُ الواحِد يكفي الاثنين، وطعامُ الاثنين يكفي الأربعَةً، وطعامُ الأربعةِ يَكْفى الثمانية". وعن ابن عمر (¬1)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (¬2): "الكافر يأكل في سبْعةِ أمعاء، والمؤمن يأكلُ في معاءٍ (¬3) واحدٍ". النسائي (¬4)، عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أنس إنِّي أريدُ الصيام أطعمني شيئاً" فأتيتُهُ بتمْرٍ، وإناءٍ فيهِ ماءٌ وذلك بعدما أذَّنَ بلال قال: "يا أنس انظر رجْلاً يأكُلُ معى" فدعَوْتُ زيْد بن ثابت فجاءَ، وذكَرَ الحديث. مسلم (¬5)، عن عُمر بن أبي سلمة قال: كنتُ في حِجْر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت يدي تطيش في الصّحفَةِ فقال: "يا غُلَامُ، سَمّ اللهَ وكُلْ بيمنِكَ، وكُلْ ممَّا يَليكَ". وعن جابر بن عبد الله (¬6)، أنهُ سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا دخل الرجل بيتَهُ، فذكَرَ اللهَ عند دخُولِهِ وعند طعامِهِ قال الشَّيطَانُ: لا مبيْت لكم ولا عشاء، وإذا دخلَ فلم (¬7) يذكر الله عند دخُولِهِ، قال الشيطان: أدركتُمُ المبيت وإذا لم يذكُرِ الله عند طَعَامِهِ، قال: أدركتم المبيت والعشاء". الترمذي (¬8)، عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1631) (36) كتاب الأشربة (34) باب المؤمن يأكل في معي واحد - رقم (182). (¬2) (قال): ليست في (ف). (¬3) مسلم: (معى). (¬4) النسائي: (4/ 147) (22) كتاب الصيام (28) السحور بالتسويق والتمر - رقم (2167). (¬5) مسلم: (3/ 1599) (36) كتاب الأشربة (13) باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما - رقم (108). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (103). (¬7) (د، ف): (ولم). (¬8) الترمذي: (4/ 254) (26) كتاب الأطعمة (47) باب ما جاء في التسمية علي الطعام - رقم (1858).

"إذا أكل أحَدكم طعاماً فلَيقُلْ بسم الله، فإن نَسِىَ في أوَّلهِ فليقُلْ بسم الله في أوله وآخِرِه". قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. مسلم (¬1)، عن ابن عمر، أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أكل أحدكم فليأكل بيمنِهِ، وإذا شرِب فليَشْرَبْ بِيَمنِهِ، فإنَّ الشيطانَ يأكل بشمالِهِ ويشربُ بشمالِهِ". البخاري (¬2)، عن أبي جحيفة، قال: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لرجل عنده: "لا آكل وأنا مُتَّكِئ". الترمذي (¬3)، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر حديثاً. قال: "ليتحلَّقْ عشرةٌ عشرةٌ وليأكل كلُّ إنسانٍ ممَّا يَليهِ". قال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. أبو داود (¬4)، عن ابن عبّاس، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أكل أحدكم طعاماً فلا يأكل من أعلى الصَّحْفَةِ ولكن ليأكل من أسفلها، فإنّ البركة تنزل من أعلاها". مسلم (¬5)، عن كعب بن مالكٍ قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل بثلاثِ أصابع، ويلعَقُ يدَهُ قبْل أن يمسَحَهَا". ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1598) (36) كتاب الأشربة (13) باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما - رقم (105). (¬2) البخاري: (9/ 451) (70) كتاب الأطعمة (13) باب الأ كل متكئاً - رقم (5399). (¬3) الترمذي: (5/ 333) (48) كتاب تفسر القرآن (34) ومن سورة الأحزاب - رقم (3218). (¬4) أبو داود: (4/ 142) (21) كتاب الأطعمة (18) باب ما جاء في الأكل من أعلى الصحفة - رقم (3772). (¬5) مسلم: (3/ 1605) (36) كتاب الأشربة (18) باب استحباب لعق الأصابع والقصعة - رقم (131).

وعن أنس (¬1)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أكل طعاماً لَعَقَ أصابعَهُ الثلاث، قال: وقال: "إذا سقطت لُقْمَةُ أحَدِكم فلْيُمِطْ عنها الأذى، وليأكُلْهَا، ولا يدعها للشيطانِ" وأمرنا أن نَسْلُتَ القصعَةَ قال: "فإنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة". النسائي (¬2)، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أكل أحَدُكُم الطعام فلا يمسح يده حتى يَلعقها أو يُلعِقَها، ولا يرفع الصحفة حتى يلعقها أو يُلعِقها فإن آخِر الطعام فيه البركة". مسلم (¬3)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أكل أحَدُكُمْ طعاماً (¬4) فليلعق أصابِعَه فإنَّهُ (¬5) لا يدري في أَيَّيهِنَّ البَرَكَةُ". أبو داود (¬6)، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أكل أحَدُكُم فلا يَمْسَحَنَّ يدهُ بالمنديل حتى يلعقها أو يُلْعِقَها". الترمذي (¬7)، عن مِقدَامِ بن مَعْدِي كَرِب قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما مَلأ آدمى وعاءً شراً من بطن، بحسب ابن آدم أكَلَاتٌ يُقِمْنَ صُلبَهُ، فإنْ كان لا محالَةَ فثُلُثٌ لطعامِهِ وثُلُثٌ لشرابِهِ وثُلُثٌ لِنَفَسِهِ". قال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (136). (¬2) رواه النسائي في الوليمة في الكبرى، كذا عزاه المزي في التحفة - (2/ 330). (¬3) مسلم: (3/ 1607) (36) كتاب الأشربة (18) باب اسحباب لعق الأصابع والقصعة وأكل اللقصة الساقطة - رقم (137). (¬4) (طعاماً): ليست في مسلم. (¬5) (ف): (لأنه). (¬6) أبو داود: (4/ 185) (21) كتاب الأطعمة باب في المنديل - رقم (3847). (¬7) الترمذي: (4/ 509 - 510) (37) كتاب الزهد (47) باب ما جاء في كراهية كثرة الأكل - رقم (2380).

أبو داود (¬1)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من نام وفي يده غَمَرٌ (¬2) ولم يغسلِهُ فأصابَهُ شيء، فلا يَلُومَنَ إلا نفسه". مسلم (¬3)، عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله ليرضى عن العبدِ يأكُلَ الأكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْها، أو يشرب الشربة فيحمدَهُ عليها". أبو داود (¬4)، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فرَغ من طعامِهِ قال: "الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين". وعن أنس (¬5)، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى سعد بن عُبَادَة، فجاء بخبز وزيت، فأكل، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أفْطرً عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرارُ، وصلَّتْ عليكم الملائِكةُ". مسلم (¬6)، عن أبي هريرة قال: "ما عَابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعاماً قَط، كان إذا اشْتَهَى شيئاً أكلَهُ، وإنْ كَرِهَهُ تركَهُ". البخاري (¬7)، عن حذيفة قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تَلبسوا الحرير، ولا الديباجَ، ولا تشربوا في آنية الذهب والفِضة ولا تأكلوا في صِحافِها، فإنها لهم في الدُّنيا وهي (¬8) لكم (¬9) في الآخرة". ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 188) (21) كتاب الأطعمة (54) باب في غسل اليد من الطعام - رقم (3852). (¬2) الدسم والزهومة من اللحم. (¬3) مسلم: (4/ 2095) (48) كتاب الذكر والدعاء (24) باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب - رقم (89). (¬4) أبو داود: (4/ 187) (21) كتاب الأطعمة (53) باب ما يقول الرجل إذا طعم - رقم (3850). (¬5) أبو داود: (4/ 189) (21) كتاب الأطعمة (55) باب ما جاء في الدعاء لرب الطعام - رقم (3854). (¬6) مسلم: (3/ 1632) (36) كتاب الأشربة (35) باب لا يعيب الطعام - رقم (187). (¬7) البخاري: (9/ 465) (70) كتاب الأطعمة (29) باب الأكل في إناء مفضض - رقم (5426). (¬8) (هي): ليست في (ف). (¬9) البخاري: (ولنا في الآخرة).

النسائي (¬1)، عن عبد الله، هو ابن مسعود، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا دُعي أحدُم فليجب، فإن كان مفطراً فليأكل، وإنْ كان صائِماً دعا بالبركة". أبو داود (¬2)، عن حُميد بن عبد الرحمن الحميري، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا اجتمع داعيان (¬3) فأجب أقربهما باباً، فإن أقربهما باباً أقربهما جِواراَ، وإنْ سبق أحدهما فأجب الذي سبق". مسلم (¬4)، عن أبي مسعود الأنصاري، قاق: كان رجُلٌ من الأنصارِ يُقالُ له أبو شُعيب، وكان له غُلام لَحَّامٌ، فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعرف في وجهِهِ الجوع، فقال لغُلَامِهِ: ويْحَكَ اصنع لنا طعاماً لخمسةِ نفر، فإنِّى أريد أن أدعُوَ النبي - صلى الله عليه وسلم - خَامِسَ خمسةٍ، قال: فصنع ثُمَّ أتَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَاهُ خَامِسَ خمسةٍ، واتَبّعهُمْ رجُلٌ فلما بلغ البابَ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ هذا اتبعنا فإن شئت أنْ تأذن لَهُ وإن شئت رجع" قال: لا، بل آذن لَهُ يا رسُولَ اللهِ. وعن أنس (¬5)، أن جَاراً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارِسِيَّاً كان طيِّبَ المَرَقِ فصنع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم جاء يدعُوهُ فقال: "وهَذِهِ؟ " لعائِشَةَ، فقال: لا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا" فعاد يدعُوهُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وهذِهِ؟ " قال: لا، قال ¬

_ (¬1) رواه النسائي في عمل اليوم والليلة - رقم (30). (¬2) أبو داود: (4/ 133) (21) كتاب الأطعمة (9) باب إذا اجتمع داعيان أيهما أحق - رقم (3756). (¬3) أبو داود: (الداعيان). (¬4) مسلم: (3/ 1608) (36) كتاب الأشربة (19) باب ما يفعل الضيف إذا تبعه غير من دعاه صاحب الطعام - رقم (138). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (139).

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا" ثم عاد يدعُوهُ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وهذِهِ؟ " قال: نعم في الثالثةِ، فقاما يتدافعَانِ حتى أتيا منزلَهُ. وعن أبي هريرة (¬1)، قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم أو ليلةٍ، فإذا هو بأبي بكر وعمر فقال: "ما أخرجكُمَا من بيوتِكُما هذه الساعة؟ " قالا: الجُوعُ. يا رسول الله، قال: "وأنا والذي نفسي بيدِه، لأخْرَجَني الذي أخرجكما، قومُوا" فقاموا معه فأتي رجلاً من الأنصار، فإذا هو ليس في بيتهِ فلما رأتهُ المرأةُ قالت: مرحباً وأهلاً، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أين (¬2) فلان؟ " قالت: ذهب يستعذب لنا من الماءِ، إذْ جاءَ الأنصاريُّ فنظرً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيْهِ ثم قال: الحمدُ لِلِهِ، ما أحدٌ اليوم أكْرَمَ أضيافاً منى قال: فانطلق فجاءَهُمْ بِعِذْقٍ فيه بُسْرٌ ورُطَبٌ وتمر (¬3)، فقال: كُلُوا من هذه، وأخد المُدْيَةَ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إيَّاكَ والحلُوب" فذبح لهم فأكلُوا من الشاةِ ومن ذلك العِذْقِ (¬4)، فلما أنْ شبعوا ورَوُوا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬5): "لتُسألُنَّ عن هذا النعيمِ يوم القيامةِ، أخرجَكُمْ من بُيُوتِكُمْ الجُوعُ، ثمَّ لم ترجعوا حتى أصابَكُمْ هذا النعيم". البخاري (¬6)، عن أنس قال: كنتُ غلاماً أمشى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على غلام لَهُ خيّاط، فأتاه بقصعةٍ فيها طعام وعليه دُبَّاء (¬7) فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتتبَّعُ ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1609) (36) كتاب الأشربة (20) باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك - رقم (140). (¬2) (د، ف): (وأين). (¬3) مسلم: (وتمر ورطب). (¬4) مسلم: (العذق وشربوا). (¬5) مسلم: (لأبي بكر وعمر). (¬6) البخاري: (9/ 473) (70) كتاب الأطعمة (35) باب من أضاف رجلاً إلى طعام - رقم (5435). (¬7) الدباء: هو القرع.

الدُّباء، قال: فلما رأيتُ ذلك جعلتُ أجمعهُ بين يديه، قال: فأقبل الغلامُ على عمله قال أنس: لا أزال أحبُّ الدُّباء بعد ما رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صَنَعَ ما صَنع. وقال مسلم (¬1)، فرأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتتبَّعُ الدُّبَّاءَ من حول القصعة (¬2)، قال (¬3): فلم أزل أحب الدباء مذ (¬4) يومئذ. وقال (¬5)، عن أبي ذر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا ذر إذا طبخت مرقةً، فأكثر ماءَهَا وتعاهد جيرانك". وعن أبي هريرة (¬6)، قال: وُضِعَتْ بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قصعةٌ من ثريدٍ ولحم، فتناول الذراع وكانت أحبَّ الشاةِ إلَيْهِ. البخاري (¬7)، عن أبي موسى الأشعري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كملَ من الرِّجالِ كثيرٌ، ولم يكمُلْ من النِّسَاءِ إلَّا مريم بنت عمران وآسِية امرأة فِرعون، وفضلُ عائشة على النساء كفضل الثَّرِيدِ على سائِر الطعام". مسلم (¬8)، عن جابر بن عبد الله، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل أهله الِإدام (¬9) فقالوا (¬10): ما عندنا إلا خَلٌّ فدعا بِهِ، فجعل يأكل بِهِ ويقول: "نعم الِإدام (9) الخل، نعم الِإدام (9) الخل". ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1615) (36) كتاب الأشربة (21) باب جواز أكل المرق - رقم (144). (¬2) مسلم: (من حوالي الصحفة) وفي (د): (من حول الصحفة). (¬3) (قال): ليست في (د). (¬4) مسلم: (منذ). (¬5) مسلم: (4/ 2025) (45) كتاب البر والصلة والآداب (42) باب الوصية بالجارة - رقم (142). (¬6) مسلم: (1/ 186) (1) كتاب الايمان (84) باب أدق أهل الجنة منزلة فيها - رقم (328) وللحديث بقية. (¬7) البخاري: (7/ 133) (62) كتاب فضائل الصحابة (30) باب فضل عائشة - رضي الله عنها - رقم (3769). (¬8) مسلم: (3/ 1622) (36) كتاب الأشربة (30) باب فضيلة الخل والتأدم به - رقم (166). (¬9) مسلم: (الأدم). (¬10) (د): (قالوا).

وعن أنس (¬1)، قال: رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - مُقْعِياً (¬2) يأكُلُ تمراً. وعنه (¬3)، أتِىَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمرٍ فجعل يقسِمُهُ وهو مُحْتَفِزٌ (¬4)، فأكل (¬5) منهُ أكلاً ذريعاً. وفى رواية (¬6)، أكلاً حثيثاً. وعن عبد الله بن جعفر (¬7)، قال: رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل القِثَّاءَ بالرُّطَبِ. أبو داود (¬8)، عن عائشة قالت: رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل (¬9) الطَّبيخْ (¬10) بالرطب ويقول: "نكْسِرُ حَرّ هذا ببرد هذا، وبرد هذا بحرِّ هذا". وعن ابني بسُر السُّلَميَيْن (¬11)، قالا: دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقدمنا تمراً وزُبداً (12)، وكان يُحِبُّ التمر والزبد (¬12). ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1616) (36) كتاب الأشربة (24) باب استحباب تواضع الآكل وصفة قعوده - رقم (148). (¬2) أي جالساً على أليتيه، ناصباً ساقيه. (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (149). (¬4) أي مستعجل غير متمكن في جلوسه وهو بمعنى قوله (مقعياً). (¬5) مسلم: (يأكل). (¬6) المصدر السابق. (¬7) مسلم: (3/ 1616) (36) كتاب الأشربة (23) باب أكل القثاء بالرطب - رقم (147). (¬8) أبو داود: (4/ 176) (21) كتاب الأطعمة (45) باب في الجمع بين لونين في الأكل - رقم (3836). (¬9) (يأكل): (سقطت من الأصل). (¬10) أبو داود: (البطيخ) وكذا في (د، ف). (¬11) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (7338). (¬12) أبو داود: (زبداً وتمراً).

وعن إسحق (¬1) بن عبد الله بن أبي (¬2) طلحة، عن أنس بن مالك قال: أُتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتمر عتيق، فجعل يفتشُهُ يُخْرج السوس منه. الذين رووا هذا الحديث مرسلاً عن إسحاق أكثر ممن أسنده. أبو داودا (¬3)، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضع تمرة على كسْرَةٍ (¬4) وقال: "هذه إدامُ هذِهِ". مسلم (¬5)، عن سعيد بن زيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الكَمْأةُ (¬6) من المَنّ، الذي أنزل الله -عَزَّ وَجَلَّ- علي بني إسرائِيل وماؤها شِفَاءُ العَيْنِ (¬7) ". وعن عائشة (¬8)، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحِب الحلواءَ (¬9). والعَسَلَ. البخاري (¬10)، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وقع الذبَابُ في إناء أحدكم فليغْمِسْهُ كلَّه، ثم ليَطرحهُ فإنَّ في أحد (¬11) ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 174) (21) كتاب الأطعمة (43) باب في تفتيش التمر المسوس عند الأكل - رقم (3832). (¬2) أبو داود: (بن طلحة)، وهو خطأ. (¬3) أبو داود: (4/ 173) (21) كتاب الأطعمة (42) باب التمر - رقم (3830). (¬4) أبو داود: (رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ أخذ كسرة من خبز شعير فوضع عليها تمرة). (¬5) مسلم: (3/ 1621) (36) كتاب الأشربة (28) باب فضل الكمأة ومداواة العين بها - رقم (161). (¬6) (الكمأة): نبات يقال له أيضاً: شحم الأرض، يوجد في الربيع تحت الأرض، وهو أصل مستدير كالقلقاس، لا ساق له ولا عرق، لونه يميل إلى الغبرة. (¬7) (د، ف): (للعين). (¬8) مسلم: (2/ 1101) (18) كتاب الطلاق (3) باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته ولم ينو الطلاق - رقم (21) وللحديث بقية. (¬9) (ف): (الحلوى). (¬10) البخاري: (10/ 260) (76) كتاب الطب (58) باب إذا وقع الذباب في الإناء - رقم (5782). (¬11) البخاري: (إحدى).

باب في الأشربة

جناحيهِ شفاء وفي الآخر داء (¬1) ". زاد أبو داود (¬2)، "وِإنَهُ يتقي بجناحه الذي فيه الداء". رواه من حديث ابن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. باب في الأشربة مسلم (¬3)، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من شرب منكم النبِيذ (¬4) فليشرَبْهُ زبيباً فرداً، أو تمراً فرداً، أو بُسْراً فرداً". وعن أبي قتادة (¬5)، أنَّ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن خليط التَّمْر والبُسر، وعن خَلِيطِ التمر والزبيب (¬6)، وعن خليط الزَّهْوِ والرُّطَبِ، وقال: "انتبذوا كُلَّ واحِدٍ على حِدَتِهِ". وعن بريدة بن حصيب (¬7)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كنتُ نهيتُكُم عن الأشرِبَةِ إلا (¬8) في ظروف الأدَمِ، فاشربوا في كُلِّ وِعَاءٍ، غير أنْ لا تشرَبُوا مُسْكِراً". ¬

_ (¬1) البخاري: (داء وفي الآخر شفاء). (¬2) أبو داود: (4/ 182) (21) محناب الأطعمة (49) باب في الذباب يقع في الطعام - رقم (3844). (¬3) مسلم: (3/ 1575) (36) كتاب الأشربة (5) باب كراهة انتباذ التمر والذبيب مخلوطين - رقم (22). (¬4) مسلم: (النبيذ منكم) وكذا (ف). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (26). (¬6) مسلم: (الزبيب والتمر). (¬7) مسلم: (3/ 1585) (36) كتاب الأشربة (6) باب النهي عن الإنتباذ في المزفت - رقم (65). (¬8) (إلا): ليست في مسلم.

وعن ابن عباس (¬1)، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُنْبَذُ (¬2) لَهُ أوَّلَ الليل، فيشرَبُهُ، إذا أصْبَحَ، يومَهُ ذلك، واللَّيلَةَ التي تجى، والغَدَ والليلة الأخرى، والغَدَ إلى العَصْرِ، فَإِنْ بقي شيءٌ، سقَاهُ الخَادِمَ أو أَمَرَ بِهِ فَصبَّ. أبو داود (¬3)، عن أبي هريرة، قال: علمتُ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصومُ، فتحينتُ فِطرهُ بنبيذ صنعتُهُ في دُبَّاء، ثم أتيته به فإذا هو يَنِشُّ فقال: "اضرب بهذا الحائط، فإنَّ هذا شرابُ من لا يؤمن بالله واليوم الآخر". مسلم (¬4)، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ مُسْكِرٍ خمْرٌ، وكلُّ مسكرٍ حَرَامٌ، ومن شرِبَ الخمر في الدُّنْيَا فمات وهو يُدْمِنُهَا، لم يَتُبْ، لم يشرَبْهَا في الآخِرةِ". وعن جابر بن عبد الله (¬5)، أنَّ رجُلاً قَدِمَ من جَيْشَانَ (وجيشان من اليمن) فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شراب يشربُونَهُ بأرْضِهِمْ من الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ المِزْرُ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أوَ مُسْكِرٌ هُوَ؟ " قال: نعم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل مُسْكِرٍ حرامٌ، إنَّ على اللهِ عهداً لمن شرب (¬6) السكر أن يسقِيَهُ من طينَةِ الخَبَالِ" قالوا: يا رسُولَ الله! وما طِينَةُ الخَبَالِ؟ قال: "عَرَقُ أهْلِ النَّارِ أو عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ". أبو داود (¬7)، عن عائشة قالت: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كل مسكر حرامٌ، وما أسكر منه الفَرَقُ (¬8) فملءُ الكف منه حرام". ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1589) (36) كتاب الأشربة (9) باب إباحة النبيذ الذي لم يشتد مسكراً - رقم (79). (¬2) مسلم: (ينتبذ) وكذا (د). (¬3) أبو داود: (4/ 107) (20) كتاب الأشربة (12) باب في النبيذ إذا غلي - رقم (3716). (¬4) مسلم: (3/ 1587) (36) كتاب الأشربة (7) باب بيان أن كل مسكر خمر - رقم (73). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (72). (¬6) مسلم: (يشرب). (¬7) أبو داود: (4/ 91) (20) كتاب الأشربة (5) باب النهي عن المسكر - رقم (3687). (¬8) هو مكيلة تسَعُ ستةَ عشر رطلاً.

وعن دَيْلَم بن الهرْسع الحميري (¬1) قال: قلت: يا رسول الله! إنَّا بأرض باردةٍ نُعابم فيها عملاً شديداً، وإنَّا نتَّخِذُ شراباً من هذا القَمْحِ نتقوَّى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا فقال: "هل يسكر؟ " قلت: نعم، قال: "فاجتنبوه" قلت: فإن النَّاس عندنا (¬2) غير تاركيه، قال: "فإن لم يتركوه قاتلوهم". مسلم (¬3)، عن أنس: كنتُ سَاقِيَ القومِ، يومَ حُرِّمَتِ الخمْرُ، في بيتِ أبي طلحَةَ وما شرابُهُمْ إلَّا الفَضِيخُ: البُسْرُ والتَّمْرُ، فإذا مُنَادٍ يُنَادِي فقال: اخرج فانظرُ، فخرجتُ فإذا المنادي يُنَادِي: ألَا إنَّ الخمر قد حُرمَتْ، قال: فَجَرَتْ في سِكَكِ المدينَةِ، فقال لي أبو طلحة: اخرج (¬4) فأهْرِقْهَا، فهرقْتُها، فذكر الحديث. وعن أنس أيضاً (¬5)، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن الخمر تُتَّخَذُ خلاً؟ فقال: "لا". الترمذي (¬6)، عن كَبْشَةَ قالت: دخَلَ عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشَربَ من قِرْبَةٍ مُعَلَّقَةٍ قائِماً، فقصتُ إلى فِيهَا فقطعتُهُ. قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ. مسلم (¬7)، عن قتادَةَ: عن أنم، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - زَجَرَ عن الشُّرْبِ قائِماً. ¬

_ (¬1) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (3683). (¬2) (عندنا): ليست في أبي داود. (¬3) مسلم: (3/ 1570) (36) كتاب الأشربة (1) باب، تحريم الخمر - رقم (3). (¬4) (ف): (فاخرج). (¬5) مسلم: (1/ 1573) (36) كتاب الأشربة (2) باب تحريم تخليل الخمر - رقم (11). (¬6) الترمذي: (27014) (27) كتاب الأشربة (18) باب ما جاء في الرخصة في ذلك - رقم (1892). (¬7) مسلم: (3/ 1600) (36) كتاب الأشربة (14) باب كراهية الشرب قائماً - رقم (112).

قال قتادة (¬1)، قلنا: فالأكْلُ؟ قال: ذلك شرٌّ وأخبثٌّ (¬2). وعن أبي سعيد الخدري (¬3)، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن اختناث (¬4) الأسقِيَةِ أنْ يُشرب من أفواهِهَا. وعن أنس (¬5)، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتنفس في الشراب (¬6) ثلاثاً ويقول: "إنَّهُ أروى وأبرُأُ وأمْرأُ". قال أنس: وأنا أتنفس في الشرابِ (6) ثلاثاً. النسائي (¬7)، عن أنس، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا شرب أحدكم فليتنفس ثلاث مرات، فإنَّهُ أهنأ وأمرأ". مسلم (¬8)، عن أبي قتادة أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يُتَنَفَّس في الإِنَاءِ. مالك (¬9)، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ نهى عن الئفْخِ في الشرابِ، فقال لَهُ رجل: يا رسُولَ الله إنِّي لا أرْوَيْ من نَفَس واحد واحد، فقال لَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فأبِنِ القدح عن فِيكَ و (¬10) تنفَّسْ "قال: فإنِّي أَرى القَذَاةَ فِيهِ قال: "فاهْرِقْهَا". ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (113). (¬2) مسلم: (ذاك أشر أو أخبث). (¬3) مسلم: (3/ 1600) (36) كتاب الأشربة (13) باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما - رقم (111). (¬4) وفي رواية لمسلم: "واختناثها أن يقلب رأسها حتى يشرب منه". (¬5) مسلم: (3/ 1602) (36) كتاب الأشربة (16) باب كراهة الننفس في نفس الإناء واستحباب التنفس ثلاثاً خارج الإناء - رقم (123). (¬6) (ف): (الإناء). (¬7) رواه النسائي في الوليمة في الكرى، كذا عزاه المزي في التحفة: (1/ 446). (¬8) مسلم: (2/ 1603) (36) كتاب الأشربة (16) باب كراهة التنفس في نفس الإناء - رقم (121). (¬9) الموطأ: (2/ 925) (49) كتاب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - (7) باب النهي عن الشراب في آنية الفضة والنفخ في الشراب - رقم (12). (¬10) الموطأ: (ثم).

البخاري (¬1)، عن أنس قال: أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دارِنا هذ فاستسقى، فحلَبْنَا (¬2) شاة لنا، ثمَّ شُبْتُهُ مني ماء بِئرِنَا هذه فأعطيتُهُ، وأبو بكرٍ عن يسارِهِ، وعمر تُجَاهَهُ، وأعرابيٌّ عن يمشِهِ، فلما فرغَ قال عمر: هذا أبو بكرٍ فأعطى الأعرابيَّ فَضْلَهُ ثم قال: الأيمنُونَ الأَيْمَنُونَ ألا فَيَمِّنُوا. قال أنس: فهي سُنَّةٌ فهي سُنَّةٌ (¬3). مسلم (¬4)، عن سهل بن سعد أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بشرابٍ فشرِبَ مِنْهُ، وعن يمينهِ غُلَام، وعن يَسَارِهِ أشيَاخ فقال للغلام: "أَتأْذَنُ لي أن أعْطِى هَؤلَاء؟ فقال: الغُلَامُ: لا واللهِ لا أُوثرُ بنصيبي مِنْكَ أحداً. قال: فَتلَّهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يَدِهِ. وعن أبي قتادة (¬5)، عن النبي - صلى- الله عليه وسلم - قال: "إنَّ ساقي القوم آخرهم -يعني (¬6) - شرباً". أبو داود (¬7)، عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُستَعْذَبُ لَهُ الماءُ من بُيُوتِ السقيا. قال قتيبة: هي عين بينها وبين المدينة يومان. النسائي (¬8)، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أنزل الله داءً إلا أنزل له دواء، فعليكم بألبان البقر فإنها ترُمُّ من كل الشجر". ¬

_ (¬1) البخاري: (5/ 238) (51) كتاب الهبة (4) باب من استسقى - رقم (2571). (¬2) البخاري: (فحلبنا له). (¬3) البخاري: (ثلاث مرات). (¬4) مسلم: (4/ 1603) (36) كتاب الأشربة (17) باب استحباب إدارة الماء واللبن - رقم (127). (¬5) مسلم: (1/ 472 - 474) (5) كتاب المساجد ومواضع الصلاة (55) باب قضاء الصلاة الفائتة - رقم (311). (¬6) (يعني): ليست في مسلم وكذا (ف). (¬7) أبو داود: (9/ 114) (20) كتاب الأشربة (22) باب في إيكاء الآنية - رقم (3735). (¬8) رواه النسائي: في الوليمة في الكبرى، كذا عزاه المزي في التحفة: (7/ 62).

الترمذي (¬1)، عن ابن عباس، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المُجَثَّمَةِ ولبنِ الجَلَّالَةِ، والشرب (¬2) من في السِّقاءِ. قال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. البخاري (¬3)، عن جابر بن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "خمَرُوا (¬4) الآنيةَ، وأوْكئوا (¬5) الأسْقِيَةَ، وأجِيفُوا الأبوابَ، واكْفِتُوا (¬6) صبيانَكُم عند المساءِ، فإنَّ للجنّ انتشاراً وخَطْفَة، وأطفئُوا الصابيح عند الرُّقَادِ فإنَّ الفُوَيْسقةَ (¬7) رُبَّما اجترَّت الفتيلَةَ فأحرقت أهل البيت". مسلم (¬8)، عن جابر (¬9) أيضاً، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا كان جُنْحُ الليل - و (¬10) أمسيم - فكُفُّوا صبْيَانَكُمْ، فإنَّ الشيطان ينتشِرُ حينئذٍ، فإذا ذهب ساعةٌ من الليل فحلُّوهُمْ، واغلِقُوا الأبوابَ واذكُرُوا اسم الله، فإنَّ الشيطان لا يفتَحُ باباً مُغْلقاً، وأوْكُوا قرَبَكُم، واذكُرُوا اسم الله، وخَمرُوا آنِيَتَكُمْ، واذكروا اسم اللهِ، ولو أن تَعْرُضُوا عليها شيئاً، وأطْفئوا مصابِيحَكُم". ¬

_ (¬1) الترمذي: (4/ 238) (16) كتاب الأطعمة (24) باب ما جاء في أكل لحوم الجلالة وألبانها - رقم (1825). (¬2) الترمذي: (وعن الشرب). (¬3) البخاري: (6/ 409) (59) كتاب بدء الخلق (16) باب إذا وقع الذباب في ضراب أحدكم - رقم (3316). (¬4) (خمروا الآنية): (أي غطوها). (¬5) (وأوكئوا): أي اربطوها وشدوها، والوكاء اسم ما يسد به فم القربة. (¬6) (وأكفتوا): (أي ضموهم إليكم، والمعنى: (امنعوهم من الحركة في ذلك الوقت. (¬7) (الفويسقة): هي الفأرة. (¬8) مسلم: (3/ 1595) (36) كتاب الأشربة (12) باب الأمر بتغطية الإناء - رقم (97). (¬9) (ف): (جابر بن عبد الله). (¬10) مسلم: (أو).

باب في اللباس والزينة.

وعنه (¬1)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُرْسِلُوا فَوَاشِيكُمْ (¬2) إذا غابت الشمس، حتى تذهب فَحْمَةُ العِشَاءِ (¬3)، فإنَّ الشيطان ينبعث (¬4) إذا غابت الشمس حتّى تذهَبَ فحمَةُ العِشَاءِ". وعنه (¬5)، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "غطُّوا الإناء، وأوْكُوا السِّقَاءَ، فإنَّ في السَّنَةِ ليلةً ينزل فيها وَبَاءٌ لا يمُرُّ بإناء ليس عليه غِطاءٌ، أو سِقَاءٍ ليس عليه وِكَاءٌ إلا نزل فيه من ذلِكَ الوَبَاءِ". قال الليث بن سعد: الأعاجم عندنا يتَّقُون ذلك في كانُونَ الأوَّلَ -كانون (¬6) الأول هو: دُجَنْبَرُ -. مسلم (¬7)، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تترُكُوا النَّارَ في بيوتِكُمْ حين تنامُونَ". باب في اللباس والزينة. مسلم (¬8)، عن المسور بن مَخْرَمَةَ قال: أقبلْتُ بحجرٍ أحمِلُهُ ثقيل، وعليَّ إزار خفِيفٌ، قال: فانْحَلَّ إزاري ومعى الحجرُ، ولم أستطع أنْ أضعَهُ حتى بلغتُ بِهِ إلى موضِعِهِ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ارجع إلى ثوبك فخُذْهُ ولا تمْشُوا عُرَاةً". ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (98). (¬2) الفواشي: كل شيء منتشر من المال مثل الإبل والغنم وغيرها. (¬3) (فحمة العشاء): ظلمتها وسوادها، وفسرها بعضهم هنا بإقباله وأول ظلامه، ويقال للظلمة التي بين المغرب والعشاء الفحمة. (¬4) مسلم: (الشياطين تنبعث). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (99). (¬6) (د، ف): (وكانون). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (100). (¬8) مسلم: (1/ 268) (3) كتاب الحيض (19) باب الإعتناء لحفظ العورة - رقم (78).

وعن عبد الله بن مسعود (¬1)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرَّةٍ من كِبْرٍ" قال رجل: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أنْ يكُونَ ثوبُهُ حسنًا ونعلُهُ حسنةً، قال: " إن الله جميل يحب الجمال، الكِبْرُ بَطَرُ الحقَّ (¬2)، وغَمْطُ النَّاسِ (¬3) ". النَّسائيُّ (¬4) عن مالك بن نَضْلة الجُشمي، قال: كنت (¬5) عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسًا رثَّ (¬6) الثيابِ، فقال: "ألك مالٌ؟ " قلت: نعم يا رسول الله، من كُلِّ المال، قال: " إذا آتاك الله مالًا فليُرَ أثرُهُ عليك ". البخاري (¬7)، عن البراء بن عازب، قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبعٍ: بعيادة المريض، واتِّباع الجنائز، وتشميتِ العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار المقسم، ونهى عن الشرب في الفضَّةِ، ونهى عن تختم الذهب، وعن ركوب المياثر (¬8)، وعن لبس الحرير والديباج، والقِسَّيِّ (¬9) والإِستبرق. ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 93) (1) كتاب الايمان (39) باب تحريم الكبر وبيانه - رقم (147). (¬2) (بطر الحق): معناه دفعه وإنكاره ترفعًا وتجبرًا. (¬3) (غمط الناس): احتقارهم. (¬4) النسائي: (8/ 180) (48) كتاب الزينة (54) الجلاجل - رقم (5223). (¬5) النسائي: (كنت جالسًا). (¬6) النسائي: (فرآني رث). (¬7) رواه البخاري في مواضع كثيرة في صحيحه، غير أني لم أجده بالترتيب الذي أورده أبو محمد عبد الحق وها هي مواضعه [1239، 2445، 5175 , 5635, 5650، 5838، 5849، 5863، 6222، 6654]. (¬8) (المياثر): جمع مئثرة، وهو وطاء كانت النساء يضعنه لأزواجهن على السروج، وكان من مراكب العجم، ويكون من الحرير، ويكون من الصوف وغيره، وقيل: أغشية للسروج تتخذ من الحرير وغيره. (¬9) (القَسِّي): هي ثياب مضلعة بالحرير تعمل بالقَس: موضع من بلاد مصر، وهي قرية على ساحل البحر قريية من تنيس و (الإستبرق): غليظ الديباج.

وقال في حديث حذيفة (¬1)، وعن لبس الحرير والديباج وأن يجلس عليه. زاد مسلم (¬2)، من حديث البراء في ذكر الفضة، فإنه من شرب فيها في الدنيا لم يشرَبْ فيها (¬3) في الآخرة. وقال: عن ابن عمر (¬4)، رأى عمر عُطارِدًا التيميَّ يقيمُ في السُّوقِ حُلَّةً (¬5)، وكان رجلًا يَغْشَى الملوك ويُصيُبُ منهم، فقال (¬6): يارسول الله إنِّي (¬7) رأيتُ عُطَارِدًا يقيم في السوق حُلَّة سِيَرَاءَ، فلو اشتريتها فلبِسْتَهَا لِوَفْدِ (¬8) العرب، إذا قدموا عليك، وأظنُّهُ قال: ولبستها يوم الجُمعةِ، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرةِ" فلما كان بعد ذلك أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحُلَلٍ سِيَرَاءَ، فبعث إلى عمر بحُلَّةٍ، وبعث إلى أُسامةَ بْنِ زيدٍ بحلةٍ، وأعطى علي بن أبي طالب حُلَّةً، وقال: " شقِّقْهَا خُمُرًا بين نسائِكَ" قال: فجاء عمر بحلتِهِ يحملُها، فقال: يا رسول الله! بعثتَ إليَّ بهذِهِ الحلة (¬9) وقد قلتَ بالأمس في حُلَّةِ عُطَارِدٍ ما قلتَ، فقال: "إني لم أبعث بها إليك لتلبَسَهَا، ولكنى بعثتُ بها إليك لتُصيب بها" وأمَّا أسَامَةُ فراح في حلَّتِهِ، فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نظرًا عَرَفَ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنكرَ مَا صنع، فقال: يا ¬

_ (¬1) البخاري: (10/ 304) (77) كتاب اللباس (27) باب افتراش الحرير - رقم (5837)، ولفظه: "نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل بها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه". (¬2) مسلم: (3/ 636) (37) كتاب اللباس والزينة (2) باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة - رقم (3). (¬3) (فيها): ليست في مسلم. (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (7). (¬5) مسلم: (بالسوق حلة سيراء). (¬6) مسلم: (فقال عمر). (¬7) (إني): ليست في (ف). (¬8) مسلم: (لوفود) وكذا (د). (¬9) (الحلة): ليست في مسلم وكذا (د).

رسول الله! ما تنظُرُ إليَّ؟ فأنت بعثت بها إليَّ (¬1)، فقال: "إنِّي لم أبعث بها (¬2) إليك لتلبسها، ولكني بعثت بها إليك لتشقِّقَهَا خمرًا بين نسائِكَ". وفي طريق أخرى (¬3)، فلبستها (¬4) يوم الجمعة وللوَفْدِ (¬5). السيراء: المضلع بالقز (¬6). وعن عمر بن الخطاب (¬7)، قال: في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبس الحرير، إلا موضِعَ إِصبعينِ، أو ثلاثٍ، أو أربع. وعن أنس (¬8) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من لَبِسَ الحرير في الدُّنيا، لم يلبَسْهُ في الآخِرَةِ". مسلم (¬9)، عن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر، عن أسماء قالت: هذه جُبَّةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخَرَجَتْ إليَّ جُبَّةَ طيالِسَةٍ، خسروانية (¬10)، لها لِبْنَةٌ (¬11) من (¬12) ديباج، وفرجيها مكفوفين (¬13) بالديباج، فقالت: هذِهِ كانت عند عائشة حتى قُبضت، فلمَّا قُبضت قبضْتُها وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبسها، فنحن نَغْسِلُها للمرضى نستشفي (¬14) بها. ¬

_ (¬1) مسلم: (إليَّ بها). (¬2) (بها):: ليست في مسلم. (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (6). (¬4) مسلم: (فلبستها للناس). (¬5) (ف): (وللوفدة). (¬6) (بالقز):ليست في (ف) (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (15). (¬8) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (21). (¬9) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (10). (¬10) مسلم: (كسروانية)، وهو نسبة إلى كسرى صاحب العراق ملك الفرس. (¬11) (لبنة): وهي رقعة في جيب القميص. (¬12) (من): ليست في مسلم وكذا (د). (¬13) (د , ف): (فرجاها مكفوفان). (¬14) مسلم: (يستشفي).

وعن أنس (¬1)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخَّص لعبد الرحمن ابن عوف، وللزبير (¬2) بن العوَّام في القُمُصِ الحرير في السَّفَرِ، من حِكَّةٍ كانت بهما [أو وجَعٍ كان بهما. وفي رواية (¬3)، من حكة كانت بهما] (¬4) من غير شك. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص (¬5)، قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليَّ ثوبين معصفرين (¬6)، فقال: "إنَّ هذِهِ من لباس (¬7) الكفار فلا تلْبَسْها". النسائي (¬8)، عن عمرو بن شُرَحْبِيل، عن قيس بن سعد، قال: جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى سعدٍ فذكر الحديث، وفيه فوضع له ماءً في جَفْنَةٍ فاغتسل، ثم أمر بملحفةٍ مصبوغةٍ بوَرْسٍ فالتحف بها، كأني أنظر إلى أثر (¬9) الوَرْسِ في عُكْنَةِ جنبهِ. اختُلِفَ في إسناد هذا الحديث والذي قبلَهُ أصَحُّ. البخاري (¬10)، عن البراء بن عازب، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى عن المياثر الحمر. النسائي (¬11) عن أبي أفلح الهمدَانيِّ، عن ابن زرير، أنَّه سمع عليَّ بن أبي ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1646) (37) كتاب اللباس والزينة (3) باب إباحة لبس الحرير للرجل - رقم (24). (¬2) مسلم: (الزبير) وكذا (ف). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (25). (¬4) ما بين المعكوفين ليس في (ف). (¬5) مسلم: (3/ 1647) (37) كتاب اللباس والزينة (4) باب النهي عن لبس الرجل الثوب المعصفر - رقم (27). (¬6) (معصفرين): أي مصبوغين بعصفر، والعصفر: صبغ أصفر اللون. (¬7) مسلم: (ثياب). (¬8) عمل اليوم والليلة: - رقم (324). (¬9) (أثر): ليست في النسائي. (¬10) البخاري: (10/ 319) (77) كتاب اللباس (36) باب الميثرة الحمراء - رقم (5849). (¬11) النسائي: (8/ 160) (48) كتاب الزينة (40) تحريم الذهب على الرجال - رقم (5144).

طالب قال: إنَّ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ حريرًا في يمينهِ، وأخذ ذهبًا فجعلَهُ في شِمَالِهِ، ثم قال: "إنَّ هذين حرامٌ على ذُكُورِ أُمَّتِي". أبو داود (¬1)، عن ابن سيرين، عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تركبوا الخزَّ (¬2)، ولا النَّمار (¬3) ". قال (¬4): وكان معاوية لا يُتَّهم في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو داود (¬5)، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَصْحَبُ الملائِكةُ رُفقةً فيها جلدُ نَمِير". وعن أبي المليح (¬6)، عن أبيه أسامة بن عُمير، أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم - نهى عن جلود السُبَاع. يروى عن أبي المليح مرسلاً. النَّسائيُّ (¬7)، عن عليّ قال: نهانى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لباس المُفَدَّمَ (¬8). مسلم (¬9)، عن البراء بن عازب قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا مربوعًا، بعيد ما بين المنكبين، عظيم الجُمَّةِ إلى شحمة أُذنيه، عليه حلَّةٌ حمراء، ما رأيتُ شيئًا قطُّ أحْسَنَ منه - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 372) (26) كتاب اللباس (43) باب في جلود النمور - رقم (4129). (¬2) ثياب تنسج من الإبريسم. (¬3) وهي جلود النمور. (¬4) (قال): ليست في (ف). (¬5) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (4130). (¬6) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (4132). (¬7) النسائي: (8/ 167) (48) كتاب الزينة (43) خاتم الذهب - رقم (5173). (¬8) أي المشبع حمرة. (¬9) مسلم: (4/ 1818) (43) كتاب الفضائل (25) باب في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (91).

وعن عمرو بن حريث (¬1)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ الناس وعليه عمامةٌ سوداء، قد أرخى طرفيها بين كتفيْهِ. وعن أنس (¬2)، قال: كان أحبّ الثياب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحِبَرَةُ (¬3). وعن جابر بن عبد الله (¬4)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "فِراشٌ لِلرَّجُلِ، وفراش لِامرأتِهِ، والثالِثُ للضَّيْفِ، والرَّابعُ لِلشَّيْطَانِ". وعن عائشة (¬5) قالت: كان وِسَادُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي يتكِيءُ عليه، من أدَمٍ حشْوُهُ (¬6) لِيفٌ. أبو داود (¬7)، عن جابر بن سَمُرَةَ قال: دخلتُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتهِ فرأيتُهُ متكئًا على وسادةٍ على يسارِهِ. مسلم (¬8)، عن جابر بن عبد الله قال: لما تزوجتُ، قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتَّخَذْتَ أنماطاً (¬9)؟ " قلتُ: وأَنَّى لنا (¬10) أنماطٌ؟ قال: " أما إنَّها ستكونُ". قال جابر: وعند امرأتي نمَطٌ فأنا أقول: نَحِّيْهِ عنِّي، وتقول: قد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنها ستكون". ¬

_ (¬1) مسلم: (2/ 990) (15) كتاب الحج (84) باب جواز دخول مكة بغير إحرام - رقم (452، 453). (¬2) مسلم: (3/ 1648) (37) كتاب اللباس والزينة (5) باب فضل لباس ثياب الحبرة - رقم (33). (¬3) هي الثياب من الكتان أو القطن المزينة. (¬4) مسلم: (1/ 1653) (37) كتاب اللباس والزينة (8) باب كراهة ما زاد على الحاجة من الفراش واللباس - رقم (41). (¬5) مسلم: (3/ 1650) (37) كتاب اللباس والزينة (6) باب التواضع في اللباس - رقم (37). (¬6) مسلم: كان وسادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي يتكئ عليها من أدم حشوها ليف. (¬7) أبو داود: (4/ 380) (26) كتاب اللباس (45) باب في الفرش - رقم (4134). (¬8) مسلم: (3/ 1650) (37) كتاب اللباس والزينة (7) باب جواز اتخاذ الأنماط - رقم (40). (¬9) جمع نمط وهو البساط. (¬10) (ف): (لي).

أبو داود (¬1)، عن عبد الله بن عكيم قال: قرئ علينا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأرض (¬2) جُهينة وأنا غلامٌ شابٌ: "أن لا تستمتعوا من الميتَةِ بإهابٍ ولا عَصبٍ". قد صح الخبر بالإنتفاع بجلود الميتة إذا دُبغت وقد تقدَّم في الطهارَةِ. البخاري (¬3)، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من جرَّ ثوبَهُ خُيلاءَ، لم ينظرِ الله إليه يوم القيامةِ". فقال أبو بكر: يا رسول الله! إن أحَدَ شِقَّي إزاري يسترخي، إلا أن أتعاهَدَ ذلك منه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لستَ ممن يصنَعهُ خُيَلاء". النَّسائيُّ (¬4)، عن أبي سعيد الخدري، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " إِزْرَةُ المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين، وما أسفل من ذلك ففي النار، لا ينظر الله -عَزَّ وَجَلَّ- إلى من جرّ ثوبه بَطَرًا". مسلم (¬5)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينما رجل يتبختر، يمشِى في بُرْدَيْهِ، قد أعجبته نفسُهُ فَخَسَفَ الله بِهِ الأرض فهو يتجَلْجَلُ فيها إلى يومَ القيامةِ". الترمذي (¬6)، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 370) (26) كتاب اللباس (42) باب من روى أن لا ينتفع بإهاب الميتة - رقم (4127). (¬2) (ف): (في أرض). (¬3) البخاري: (10/ 266) (77) كتاب اللباس (2) باب من جر إزاره من غير خيلاء - رقم (5784). (¬4) رواه النسائي في الكبرى كذا عزاه المزي في التحفة: (3/ 391). ورواه بنحوه أبو داود: (4/ 353) (26) كتاب اللباس (30) باب في قدر موضع الإزار - رقم (4093). (¬5) مسلم: (4/ 1653) (37) كتاب اللباس والزينة (10) باب تحريم التبختر في المشي - رقم (50). (¬6) الترمذي: (4/ 195) (25) كتاب اللباس (9) باب ما جاء في جر ذيول النساء - رقم (1731).

جرَّ ثوبَهُ خُيَلَاءَ لم ينظرُ اللهُ إليه يومَ القيامةِ" فقالت أُم سَلَمَةَ: فكيف يصنَعْنَ (¬1) النساءُ بذُيُولِهنَّ؟ قال: "يُرْخِينَ شبرًا" قالت: إذًا تنكشِفُ أقدامُهُنَّ، قال: "فيُرْخِينَهُ ذراعًا، لا يزدن عليه". قال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. أبو داود (¬2)، عن ابن عمر قال: ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الِإزار فهو في القميص. وعن عكرمة (¬3)، أنه رأى ابن عباس يأْتزر، فيضع حاشية إزاره من مُقدَّمِهِ على ظهر قدمِهِ (¬4)، ويرفع من مُؤّخَّره، قلت: لِمَ تأتزر هذه الِإزرة؟ قال: رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتزرها. وعن أبي هريرة (¬5)، قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل يلبَسُ لِبْسَةَ المرأةِ، والمرأة تلبَسُ لبسَةَ الرجُلِ. مسلم (¬6)، عن جابر بن عبد الله، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن اشتمال الصَّمَّاء، والإحْتِبَاءِ في ثوبٍ واحدٍ، وأن يرفع الرجل إحدى رجلَيْهِ على الأخرى، وهو مُسْتَلْقٍ على ظهرِهِ. الصماء: أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه فيبدو أحد شقيه ليس عليه ثوب، والإحتباء: احتباء الرجل بثوبه وهو جالِس ليس على فرجه منه شيء. ¬

_ (¬1) (ف): (يصنع). (¬2) أبو داود: (4/ 354) (26) كتاب اللباس (30) باب في قدر موضع الإزار - رقم (4095). (¬3) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (4096). (¬4) أبو داود: (قدميه). (¬5) أبو داود: (4/ 355) (26) كتاب اللباس (31) باب في لباس النساء - رقم (4098). (¬6) مسلم: (3/ 661) (37) كتاب اللباس والزينة (21) باب في صنع الإستلقاء على الظهر - رقم (72).

وعن ابن عباس (¬1) قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تدخل الملائِكَةُ بيتًا فيهِ كلب ولا صُورةٌ". وقال البخاري (¬2): "ولا صُورَةُ ثماثيلَ". مسلم (¬3)، عن عائشة قالت: كان لنا سِتْرٌ، فيه تِمْثَالُ طائرٍ، وكان الدَّاخِلُ إذا دخل استقبَلَهُ، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حوّلي هذا عنى (¬4)، فإني كُلَّما دخلتُ فرأيتُهُ ذكَرْتُ الدنيا" قالتْ: وكانت لنا قَطِيفَةٌ كُنَا نقولُ: عَلَمهُا حَرِيرٌ، فكنا نلبَسُهَا. وعنها (¬5)، قالت: رأيتُهُ - تعني النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في غَزَاتِهِ، فأخذتُ نَمَطًا (¬6) فسترتُهُ على الباب، فلمَّا قَدِمَ فرأى النمط، عرفتُ الكراهِيَةَ في وجهِهِ، فجذبَهُ حتى هتكَهُ أو قَطَعَهُ وقال: إنَّ اللهَ لم يأمُرْنَا أن نكسُوَ الحِجَارَةَ والطِّينَ" قالت: فقطعنا مِنْهُ وسادتينِ وحشوتهما ليفًا، فلم يَعبْ ذلك عليَّ. وعنها (¬7)، في النُّمْرُقَةِ التي فيها التصاوير، قالت: فأخذتُهُ فجعلتُهُ مِرفقينِ فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرتفِقُ بهما في البيتِ. وعن بُسر بن سعيد (¬8)، أنَّ زيد بن خالد الجهني حدَّثَهُ، ومع بُسْرٍ ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1665) (37) كتاب اللباس والزينة (26) باب تحريم صورة الحيوان - رقم (84)، وهو في مسلم من رواية ابن عباس عن أبي طلحة. (¬2) البخاري: (6/ 359) (59) محناب بدء الخلق (7) باب إذا قال أحدكم (آمين) - رقم (3225). (¬3) مسلم: (3/ 1666) (37) كتاب الباس والزينة (26) باب تحريم تصوير صورة الحيوان - رقم (88). (¬4) (في): ليست في مسلم. (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (87). (¬6) (نمطًا): المراد بالنمط هنا: بساط ليف له خمل. (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (96). (¬8) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (86).

عبيدُ اللهِ الخولاني، أنَّ أبا طلحة حدثَهُ، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تدخل الملائِكَةُ بيتًا فيه صُورَةٌ". قال بُسر: فمرض زيد بن خالد فعُدْنَاهُ، فإذا نحن في بيته بسترٍ فيه تصاوير، فقال لعبيد الله (¬1): ألم تُحَدِّثنا في التَّصَاوير؟ قال: إنه قال: إلَّا رقمًا في ثوب، ألم تسمعهُ؟ قلت: لا، قال: بلى قد ذكر ذلك. وعن ابن عباس (¬2)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى خاتمًا من ذهبٍ يزيد رجل، فنزعَهُ فطرحَهُ، وقال: "يعمد أحدُكم إلى جمرةٍ من نار فيجعلها يزيدِهِ" فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خذ خاتمك فانتفع بِهِ، قال: لا والله لا آخذه أبدًا، وقد طرحَهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. مسلم (¬3)، عن ابن عمر قال: اتخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتمًا من وَرِقٍ فكان في يَدِهِ، ثم كان يزيد أبي بكر، ثم كان في يَدِ عمر، ثمَّ (¬4) في يد عثمان حتّى وقع منه في بئر أريسٍ (¬5)، نقشُه - محمد رسُولُ الله -. زاد في طريق آخر (¬6)، وكان إذا لبسه جعل فصَّهُ مما يلي بطن كفِّهِ. قال أبو داود (¬7)، ولم يختلف الناس على عثمان حتى سقط الخاتم من يده. ¬

_ (¬1) (ف): (لعبد الله الخولاني). (¬2) مسلم: (3/ 1655) (37) كتاب اللباس والزينة (11) باب تحريم خاتم الذهب على الرجال - رقم (52). (¬3) مسلم: (3/ 1656) (37) كتاب اللباس والزينة (12) باب لبس النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتمًا من ورق - رقم (54). (¬4) مسلم: (ثم كان) وكذا (د، ف). (¬5) بئر أريس: حديقة قرب قباء. (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (55). (¬7) أبو داود: (4/ 425) (28) كتاب الخاتم (28) أول كتاب الخاتم، عقب حديث رقم (4218).

مسلم (¬1)، عن أنس أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -تخذ خاتِمًا من فضةٍ، ونقش فيه - محمد رسولُ الله - وقال للناس: "إنِّي اتخذتُ خاتمًا من فضةٍ، ونقشتُ فيه - محمد رسول الله - فلا ينْقُشْ أحدٌ على نقشِهِ". وعن أنس (¬2) أيضًا، قال: كان خاتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذِهِ، وأشار إلى الخِنْصرِ من يدِهِ اليُسْرَى. الترمذي (¬3)، عن عبد الله بن جعفر قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتختم في يمينهِ. قال البخاري: هذا أصح شيء رُوي في هذا الباب. النَّسائيُّ (¬4)، عن علي بن ألا طالب قال: نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الخاتم في السَبَابَةِ والوُسْطى. البخاري (¬5)، عن عائشة قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُحبُّ التَّيمُّنَ ما استطاع في شأنِهِ كله، في طُهورِه، وترجُّلِهِ وتنعُّلِهِ. مسلم (¬6)، عن ابن عمر قال: رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَلبْسُ النعال التي ليْس فيها شَعَرٌ ويتوضأ فيها. ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1656) (37) كتاب اللباس والزينة (12) باب لبس النبي - صلى الله عليه وسلم - خاتمًا من ورق - رقم (55). (¬2) مسلم: (3/ 1659) (37) كتاب اللباس والزينة (16) باب في لبس الحاتم في الخنصر من اليد - رقم (63). (¬3) الترمذي: (4/ 200) (20) كتاب اللباس (16) باب ما جاء في لبس الخاتم في اليمين - رقم (1744). (¬4) النسائي: (8/ 194) (48) كتاب الزينة (79) موضع الخاتم - رقم (5286). (¬5) البخاري: (1/ 623) (8) كتاب الصلاة (47) باب التيمن في دخول المسجد وغيره - رقم (426). (¬6) مسلم: (2/ 844) (15) كتاب الحج (5) باب الإهلال من حيث تنبعث الراحلة - رقم (25).

البخاري (¬1)، عن أنس، أن فعل (¬2) النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لها قِبالانِ (¬3). مسلم (¬4)، عن جابر، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تمشِ في نعلٍ واحدة (¬5)، ولا تَحْتَبِ في إزارٍ واحدٍ" الحديث. وعن أبي هريرة (¬6)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا انتعل أحدكُمْ فليبدأ باليُمنى، وإذا خَلَعَ فليبدأ بالشِّمَالِ، وليُنْعِلْهُما جميعًا (¬7) أو ليخلَعْهُمَا جميعًا". وعن أبي هريرة أيضًا (¬8)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ اليهود والنصارى لا يصْبُغُونَ فخالِفُوهُمْ". البخاري (¬9)، عن عبد الله (¬10) بن موهب، قال: دخلتُ على أم سلمة فأخرجت إلينا شعرات (¬11) من شعر النبي - صلى الله عليه وسلم - مخضوبًا. زاد ابن أبي خيثمة، بالحناء والكَتَم (¬12)، والِإسناد واحد. ¬

_ (¬1) البخاري: (10/ 324) (77) كتاب الزينة (41) باب قبالان في فعل - رقم (5857). (¬2) البخاري: (نعلَي)، ووقع في رواية الكشمهني بالإفراد كما في الأحكام. (¬3) القبال: هو الزمام وهو السير الذي يعقد فيه الشسع الذي يكون بين إصبعي الرجل. (¬4) مسلم: (3/ 662) (37) كتاب اللباس والزينة (21) باب في منع الإستلقاء على الظهر - رقم (73). (¬5) مسلم: (واحد). (¬6) مسلم: (3/ 1660) (37) كتاب اللباس والزينة (159) باب استحباب لبس النعل في اليمنى أولًا - رقم (67). (¬7) (جميعًا): ليست في (ف). (¬8) مسلم: (3/ 663) (37) كتاب اللباس والزينة (25) باب في مخالفة اليهود في الصبغ - رقم (80). (¬9) البخاري: (10/ 364) (77) كتاب اللباس (66) باب ما يذكر في الشيب - رقم (5897). (¬10) البخاري: (عن عثمان بن عبد الله). (¬11) للبخارى: (شعرًا). (¬12) (الكَتَم): نبات يصبغ به الشعر، يكسر بياضه أو حمرته إلى الدهمة.

أبو داود (¬1)، عن أبي رَمْثَةَ قال: انطلقتُ مع أبي نحو النبي -صلى الله عليه وسلم - فإذا هو ذو وَفْرَةٍ، وبها رَدْعٌ من (¬2) حِنَّاءٍ، وعليه بُرْدان أخضران. مسلم (¬3)، عن ابن سيرين قال: سألتُ أنسًا هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خضَب؟ فقال: لم يبلُغِ الخِضَابَ كان في لحييهِ شعراتٌ بِيضٌ، قال: فقلت لَهُ: فكان أبو بكرٍ يخضِبُ؟ قال: فقال: نعم بالحنَّاء والكَتَمَ. زاد في طريق أخرى (¬4)، واختضب عمر بالحناء بَحْتًا (¬5). رواه من حديث ثابت عن أنس، وذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يخضب. أبو داود (¬6)، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قوم (¬7) يَخْضبونَ في آخر الزمانِ بالسَّواد، كحواصِلِ الحمام لا يَريحون رائحةَ الجنةِ". مسلم (¬8)، عن ابن عباس قال: كان أهلُ الكتاب يسدلُونَ أشعارَهُمْ (¬9)، وكان المشركون يفْرُقُونَ رؤسَهُمْ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحبُّ ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 416) (27) كتاب الترجل (18) باب في الخضاب - رقم (4206). (¬2) أبو داود: (ردعُ حناء): أي لطخ من حناء. (¬3) مسلم: (4/ 1821) (43) كتاب الفضائل (29) باب شيبه - صلى الله عليه وسلم - رقم (101). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (103). (¬5) (بحتا): أي خالصا لم يخلط بغيره. (¬6) أبو داود: (4/ 418) (27) كتاب الترجل (20) باب ما جاء في خضاب السواد - رقم (4212). (¬7) أبو داود: (يكون قوم). (¬8) مسلم: (4/ 1817) (43) كتاب الفضائل (24) باب في سدل النبي - صلى الله عليه وسلم - شعره، وفرقه - رقم (90). (¬9) (ف): (شعورهم).

موافَقَةَ أهْلِ الكتاب فيما لم يُؤْمَرْ بِهِ، فسدَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناصيتَهُ ثم فرق بعْدُ. وذكر أبو عمر بن عبد البر - في التمهيد -، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " اخضبوا وفرقوا وخالفوا اليهود". وقال في إسناده: إسناد حسن كلهم ثقات. مسلم (¬1)، عن جابر بن سمرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد شَمِطَ مُقَدَّمُ رأْسِهِ ولحْيَيهِ، فكان إذا ادهن لم يتبيَّنْ، وإذا شَعِثَ رأْسُهُ تبيِّنَ، وكان كثير شعر اللِّحْيَةِ، فقال رجل: وجهُهُ مثل السَّيْفِ؟ قال: لا، بل مثل الشَّمْسِ والقَمَرِ، وكان مُسْتَدِيرًا، ورأيتُ الخاتم عند كتفيه مثل بيضةِ الحمامَةِ يُشْبِهُ جَسَدَهُ. وعن أسماء بنت أبي بكر (¬2)، قالت: جاءت امرأةٌ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم - فقالتْ: يا رسول الله! إنَّ لِى ابنةً عروسًا (¬3) أصابَتْهَا حَصْبَةٌ فتمزَّقَ شعرُها، أفأصِلُهُ؟ قال: " لعنَ الله الواصِلَةَ والمستوصِلَةَ". زاد البخاري (¬4)، أن زوجها أمرني أن أصل في شعرها، قال: "لا". النسائي (¬5)، عن علي بن أبي طالب قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تحلق المرأة شعرها (¬6). ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 1823) (43) كتاب الفضائل (29) باب شيبه - صلى الله عليه وسلم - رقم (109). (¬2) مسلم: (3/ 1676) (37) كتاب اللباس والزينة (33) باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة - رقم (115). (¬3) مسلم: (عُرَيسًا). (¬4) البخاري: (10/ 387) (77) كتاب اللباس (83) باب وصل الشعر - رقم (5935)، ولعل عبد الحق ذكره بمعناه!. (¬5) النسائي: (8/ 130) (48) كتاب الزينة (4) النهي عن حلق المرأة رأسها - رقم (5049). (¬6) النسائي: (رأسها).

هذا يرويه: همام بن يحيى، عن قتادة، عن خلاس بن عمرو، عن علي، وخالفه هشام الدستوائي وحماد بن سلمة، فروياه عن قتادة مرسلاً، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. النَّسائيُّ (¬1)، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى صبيًا حلق بعضَ شعره (¬2)، وترك بعضه (¬3)، فنهى عن ذلك وقال: "اتركوه كله، أو احلقوه كله (¬4) ". مسلم (¬5)، عن ابن عمر أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله الواصِلَةَ والمستوصِلَةَ، والواشِمَةَ والمُسْتَوْشِمَةَ". البخاري (¬6)، عن عبد الله بن مسعود، لعن الله الواشِماتِ والمستوشمات، والمتَنَمصات، والمتفلِّجات للحُسْن، المغيراتِ خَلقَ الله، مالي لا ألعن من لعنه (¬7) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في كتاب الله. أبو داود (¬8)، عن جابر بن عبد الله قال: أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى رجلًا شعَثًا قد تفرَّقَ شعره، فقال: "أمَا كان يجِدُ هذا ما يسكِّنُ به شعره؟ " ورأى رجلًا آخر عليه ثيابٌ وسِخَة، فقال: "ما (¬9) كان يجد هذا (¬10) ماءً يغسل به ثَوْبَهُ". ¬

_ (¬1) النسائي: (8/ 130) (48) كتاب الزينة (3) الرخصة في حلق الرأس - رقم (5048). (¬2) النسائي: (رأسه). (¬3) النسائي: (بعض). (¬4) النسائي: (احلقوا كله أو اتركوه كله). (¬5) مسلم: (3/ 1677) (37) كتاب اللباس والزينه (33) باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة - رقم (119). (¬6) البخاري: (10/ 393) (77) كتاب اللباس (87) باب المستوشمة - رقم (5948). (¬7) البخاري: (لعن). (¬8) أبو داود: (4/ 332) (26) كتاب اللباس (17) باب في غسل الثوب - رقم (4062). (¬9) أبو داود: (أما). (¬10) أبو داود: (هذا يجد).

وعن أبي هريرة (¬1)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من عُرضَ عليه طِيبٌ فلا يَرُدَّهُ فإنهُ طَيِّبُ الريح خَفيفُ المحْمَل". وقال مسلم (¬2): "من عُرضَ عليه ريحان" ولم يذكر الطيب. البخاري (¬3)، عن أنس أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يَرُدُّ الطيبَ. أبو داود (¬4)، عن أنس أيضًا، قال: كانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - سُكَّة (¬5) يتطيَّبُ مِنْهَا. مسلم (¬6)، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "المسك أطيبُ الطيب". وعن نافِع (¬7)، أن ابن عمر كان إذا استجْمَرَ، يستجمر بألوّة غير مُطراةٍ (¬8)، وكافور وكان (¬9) يطرحُهُ مع الأَلُوَّةِ (¬10) , قال: هكذا كان يستجِمرُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والألوّة: العود الهندي الذي يُتبخّر به. ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 400) (27) كتاب الترجل (6) باب في رد الطيب - رقم (4172). (¬2) مسلم: (4/ 1766) (40) كتاب الألفاظ من الأدب (5) باب استعمال المسك - رقم (20). (¬3) البخاري: (10/ 383) (77) كتاب اللباس (80) باب من لم يرد الطيب - رقم (5929). (¬4) أبو داود: (4/ 394) (27) كتاب الترجل (2) باب ما جاء في استحباب الطيب - رقم (4162). (¬5) هو نوع عزيز من الطيب، وقيل: إنه وعاء فيه طيب مجتمع من أخلاط شتى. (¬6) مسلم: (4/ 1766) (40) كتاب الألفاظ من الأدب (5) باب استعمال المسك - رقم (19). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (21). (¬8) أي غير مخلوطة بغيرها من الطيب. (¬9) (كان): ليست في (د، ف). (¬10) (ف): (ألوة).

النَّسائيُّ (¬1)، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما امرأةٍ استعطرَتْ فمرَّتْ على قوم ليجدوا ريحها (¬2) فهى زَانِيَةٌ". مسلم (¬3)، عن أنس قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتزعْفَرَ الرَّجُلُ. ¬

_ (¬1) النَّسائيُّ: (8/ 153) (48) كتاب الزينة (35) ما يكره للنساء من الطيب - رقم (5126). (¬2) النسائي: (من ريحها) وفي (ف): (رائحتها). (¬3) مسلم: (3/ 1663) (37) كتاب اللباس والزينة (23) باب نهى الرجل عن التزعفر - رقم (77).

باب في الأسماء والكنى

باب في الأسماء والكنى مسلم (¬1)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (¬2): "إنَّ أخْنَع (¬3) اسم عند اللهِ رجل تسمَّى مَلِكَ الأملاك، لا مالك إلا الله". أبو داود (¬4)، عن وهب الجشمي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تسمَّوا بأسماء الأنبياء، وأحبُّ الأسماء إلى الله عبد الله، وعبد الرحمن، وأصدَقُهَا حارثٌ، وْهمَّامٌ، وأقبحها: حَرْبٌ، ومُرَّةُ". مسلم (¬5) عن سمُرةَ بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أحبُّ الكلام إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ-، أربعٌ: سُبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبرُ، لا يضرُك بأيهنَّ بدأْتَ، لا تُسمِّين غُلامك يسارًا، ولا رَبَاحًا ولا نجيحًا ولا أفْلَحَ فإنك تقول: أثَمَّ هو؟ فلا يكون، "فيقولُ: لا". إنَّما هنَّ أربع، فلا تزيدن عليَّ. وعن ابن- عمر (¬6) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غيّر اسم عاصِيَةَ وقال: "أنتِ جميلَةُ". وعن ابن عباس (¬7)، قال: كانت جُويرية اسمها برَّةُ فحوَّل رسول الله - صلى عليه وسلم - اسمها جويرية، وكان يكرَهُ أن يُقال: خرج من عند بَرَّةَ. ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1688) (38) كتاب الآداب (4) باب تحريم التسمي بملك الأملاك - رقم (20). (¬2) (قال): سقطت من (ف). (¬3) بمعنى أفجر. (¬4) أبو داود: (4/ 288،287) - كتاب الأدب - باب في تغيير الأسماء - رقم (4950). (¬5) مسلم: (3/ 1685) (38) كتاب الأدب (2) باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة - رقم (12). (¬6) مسلم: (3/ 686) (38) كتاب الأدب (3) باب استحباب تغيبر الإسم القبيح - رقم (14). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (16).

وعن محمد بن عمرو بن عطاء (¬1)، قال: سمَّيْتُ ابنتي برَّة، فقالت لي زينب بنت أبي سلمة: إنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن هذا الإسم. وسُمِّيتُ برَّةَ: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزكُّوا أنفسَكُم، الله أعلم بأهلِ البِرِّ منكم"، فقالوا: بما نسميها؟ قال: "زينب" (¬2). وعن أنس (¬3)، قال: نادى رجلٌ رجلًا بالبقيع: يا أبا القاسم! - فالتفتَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله! إنِّي لم أعْنِكَ، إنَّما دعوتُ فلانًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تسموا باسمي ولا تكنَّوا بكُنيتي". أبو داود (¬4)، عن أنس بن مالك: قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل علينا، ولي أخ صغير يكنى أبا عمير، وكان له نُغَرٌ (¬5) يلعب به، فمات، فدخل (¬6) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فرآه حزينًا، فقال: "ما شأنه؟ "، فقالوا له (¬7): مات نُغَرُه فقال: "يَا أبا عُمير ما فعل النُّغَير". وعن عائشة (¬8)، أنها قالت: يا رسول الله، كُلُّ صواحبي لهنَّ كُنَى قال: "فاكْتَنِي بابنك عبدِ الله" يعنىِ ابن أختها عبد الله بن الزبير فكانت تُكنى أمّ عبد الله. وعن هاني بن يزيد (¬9) أنه لمَّا وفد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (19). (¬2) مسلم: (سموها زينب). (¬3) مسلم: (3/ 1682) (38) كتاب الأدب (1) باب النهي عن التكنى بأبي القاسم - رقم (1). (¬4) أبو داود: (4/ 293) - كتاب الأدب - باب ما جاء في الرجل يتكنى وليس له ولد - رقم (4969). (¬5) قيل: هو العصفور، وقيل: حيوان يشبهه أحمر المنقار وقيل: هو البلبل. (¬6) أبو داود: (فدخل عليه). (¬7): ليست في أبي داود. (¬8) أبو داود: (4/ 293) - كتاب الأدب - باب في المرأة تكنى - رقم (4970). (¬9) أبو داود: (4/ 289) - كتاب الأدب - باب في تغيير الإسم القبيح - رقم (4955).

مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم (¬1)، فدعاهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "إنَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- هو الحكم وإليه الحكم، فلم تُكنى أبا الحكم؟ "، قال: إنَّ قومى إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كِلاَ الفريقين، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أحسن هذا"، قال (¬2) "فما لك من الوَلَدِ؟ " فقال: لي شُريح ومسلم وعبد الله، قال: "فمن أكبرهم؟ " قال: قلت شريح، قال: "فأنت أبو شُريح". مسلم (¬3)، عن أسامة بن زيد، في حديثٍ ذكره أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على سعد بن عُبَادة فقال: "أيْ سعدُ، ألم تسمع ما قال أبو حُبَاب؟ (يريد عبد الله بن أُبيّ) قال كذا وكذا". قال: اعفُ عنه يا رسول الله واصْفَح. هو عبد الله بن أبي بن سلول عظيم المنافقين. وعن أنسٍ (¬4)، قال: قال لِي (¬5) رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا بُنَيَّ". النسائي (¬6)، عن بُريدةَ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقولوا للمنافق (¬7) سيدنا، فإنه إن يَكُ (¬8) سيدكم فقد أسخَطتُم ربكم". ¬

_ (¬1) (ف): (يا أبا الحكم). (¬2) (قال): ليست في أبي داود. (¬3) مسلم: (3/ 1422) (32) كتاب الجهاد والسير (40) باب في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصبره على أذى المنافقين - رقم (116). (¬4) مسلم: (3/ 1693) (38) كتاب الأدب (6) باب جواز قوله لغير ابنه: يا بنيَّ - رقم (31). (¬5) (لي): ليست في (ف). (¬6) عمل اليوم والليلة - رقم (244). (¬7) (ف): (المنافقين). (¬8) (ف): (يكن).

باب في السلام والإستئذان

باب في السلام والإستئذان مسلم (¬1)، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تدخُلُنّ (¬2) الجنة حتى تُؤْمِنُوا، ولا تْؤمِنُوا (¬3) حتى تحابُّوا، أوَ لَا أدُتُكُمْ على شيء إذا فعلتمُوهُ تحاببتم؟ , أفشوا السلام بينكم". وعن أبي سعيد الخدري (¬4) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إيَّاكم والجلوسَ في الطُّرقاتِ" قالوا: يا رسول الله، ما لنا بُدُّ من مجالسنَا. نتحدثُ فيها، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا أبيتُم إلا المجالس (¬5) فأعطوا الطريق حقَهُ"، قالوا: وماحقهُ؟ قال: "غضُّ البصر، وكفُّ الأذى، وردُّ السلام، والأمر بالعروف والنهى عن المنكر". وعن أبي هريرة (¬6)، أنَّ رجلًا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلم عليه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وعليك السلام" وذكره الحديث. النَّسائيُّ (¬7) عن جابر بن سُلَيم، قال: لقيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلتُ: عليك (¬8) السلام يا رسول الله. قال: "عليك السلام تحية الميت، السلامُ عليكم ثلاثًا، أي هكذا فقل". ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 74) (1) كتاب الإيمان (22) باب بيان أن لا يدخل الجنة إلا المؤمنون - رقم (93). (¬2) مسلم: (تدخلون) وكذا (د، ف). (¬3) (ف) (تؤمنون). (¬4) مسلم (3/ 1675) (37) كتاب اللباس والزينة (32) باب النهي عن الجلوس في الطرقات - رقم (114). (¬5) مسلم: (المجلس). (¬6) مسلم: (1/ 298) (4) كتاب الصلاة (11) باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة - رقم (45). (¬7) عمل اليوم واليلة - رقم (317). (¬8) النسائي: (عليكم).

البخاري (¬1): عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالْ: "يُسَلِّم الصغيرُ على الكبير، والمارُّ على القاعِدِ، والقليلُ على الكثير". وفي طريق آخر (¬2): "يُسَلِّمُ الراكب على الماشي". الترمذي (¬3)، عن فَضَالة بن عُبيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يسلم الماشي على القائم". البزار (¬4)، عن جابر بن عبد الله - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يُسلِّم الراكب على الماشي، والماشى على القاعد - والماشيان أيهما بدأ فهو أفضل". مسلم (¬5) عن أنسٍ، أنَّهُ كان يمشي مع رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فمرَّ بصبيانٍ فسَلَّم عليهم. أبو داود (¬6)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا انتهى أحدُكُم إلى المجلس فليسلِّم، وإذا (¬7) أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة". وعن علي بن أبي طالب (¬8)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يجزيء عن الجماعة إذا مَرُّوا أن يُسلِّم أحدهم، ويجزيء عن الجلوس أن يرُدَّ أحَدُهم". ¬

_ (¬1) البخاري: (11/ 16) (79) كتاب الإستئذان (4) باب تسليم القليل على الكثير - رقم (6231). (¬2) البخاري: (11/ 17) (79) كتاب الإستئذان (5) باب يسلم الراكب على الماشي - رقم (6232). (¬3) الترمذي: (5/ 59) (43) كتاب الإستئذان (14) باب ما جاء في تسليم الراكب على الماشي - رقم (2705). (¬4) كشف الأستار: (2/ 420) - رقم (2006). (¬5) مسلم: (4/ 1708) (39) كتاب السلام (5) باب استحباب السلام على الصبيان - رقم (15). (¬6) أبو داود: (4/ 353) - كتاب الأدب - باب في السلام إذا قام من المجلس - رقم (5208). (¬7) أبو داود: (فإذا). (¬8) أبو داود (4/ 353) - كتاب الأدب - باب ما جاء في رد الواحد عن الجماعة - رقم (5210).

الترمذي (¬1)، عن المقداد بن الأسود - في حديثٍ - قال: فيجيء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الليل فيُسَلِّم تسليمًا لا يُوقِظ النائِم، ويُسْمِعُ اليقظانَ. وذكره مسلم (¬2)، أيضًا. وقال أبو عيسى فيه حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. أبو داودا (¬3)، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أُسيد بن حضير (¬4) قال: بينما هو يحدث القوم، وكان فيه مزَاحٌ، بَيْنما (¬5) يُضْحِكُهُمْ فطعن (¬6) النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في خاصرَتِهِ بعودٍ، فقال: أصْبِرْنِي (¬7) قال "اصْطَبِر" (¬8)، قال إنَّ عليك قميصًا وليس عليَّ قميص، فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قميصه فاحتضَنَهُ وجعل يُقَبِّل كَشْحَهُ. قال: إنما أردت هذا يا رسول الله. (أصْبِرْنِي: أقِدْني)، (واصطَبِر: اسْتَقِد). الترمذي (¬9)، عن صفوان بن عسَّالٍ قال: قال يهوديٌ لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبي، فقال صاحبه: لا تقُلْ نبي إنهُ لو سمعك كان له أربعة أعينٍ فأتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله (¬10) تسع آياتٍ بينات. فقال لهم: ¬

_ (¬1) الترمذي: (5/ 66) (43) كتاب الإستئذان (26) باب كيف السلام - رقم (2719). (¬2) مسلم: (3/ 1625) (36) كتاب الأشربة (32) باب إكرام الضيف وفضل إيثاره - رقم (174). (¬3) أبو داود: (4/ 356) - كتاب الأدب - باب في قبلة الجسد - رقم (5224). (¬4) أبو داود: أسيد بن حضير رجل من الأنصار. (¬5) أبو داود: (بينا) وكذا (د) وفي (ف): (بيما هو). (¬6) أبو داود: (فطعنه) وكذا (د). (¬7) (أصبرني) أي أقدني من نفسك. (¬8) (اصطبر) استقد. (¬9) الترمذي: (5/ 72 - 73) (43) كتاب الإستئذان (33) باب ما جاء في قبلة اليد والرجل - رقم (2733). (¬10) الترمذي: (فسألاه) وكذا (د، ف).

"لا تشركوا بالله شيئًا، ولا تَسْرِقوا ولا تَزْنوا ولا تقتلوا النفس التي حَرَّمَ الله إلا بالحقِّ. ولا تمْشُوا ببرئ إلى ذي سلطان ليقْتلَة، ولا تسْحَروا ولا تأكلوا الرِّبَا، ولا تقذِفوا مُحْصَنَة، ولا تولُّوا الفِرَار يوم الزحف، وعليكم خاصَّةً اليهودَ ألا تعتدُوا (¬1) في السبت". قال: فقبَّلُوا (¬2) يَدَهُ ورجلَهُ، وقالا: نشهد أنك نبيٌّ قال: " فما يمنعكم (¬3) أن تتبعوني؟ " قالوا (¬4): إنّ داودَ دعا ربه أن لا يزال في ذريتهِ نبي، وإنَّا نخاف إن اتبَّعْنَاكَ (¬5) أن تقتُلنا اليهود. قال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. البخاري (¬6)، عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عائشة! هذا جبريل يقرأ عليك السلام"، قالت: قلتُ: وعليه السلام ورحمة الله وبركاتُه، ترى ما لا نرى (¬7)، تريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. النَّسائيُّ (¬8)، عن عمران بن حصين قال: كنَّا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء رجلٌ فسلَّم. فقال: السلام عليكم، فردَّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "عشر"، [ثم جلس، ثم جاء آخر فسلم (¬9) فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فردَّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: "عشرون"] (¬10) ثم جلس، وجاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته - ¬

_ (¬1) (د، ف): (تعدوا). (¬2) (ف): (فقبلا). (¬3) (ف): (ما منعكم). (¬4) (ف) (فقالا). (¬5) الترمذي: (تبعناك). (¬6) البخاري: (6/ 352) (59) كتاب بدء الخلق (6) باب ذكر الملائكة -رقم (352). (¬7) البخاري: (أرى). (¬8) عمل اليوم والليلة - رقم (337). (¬9) (فسلم): ليست في النسائي. (¬10) ما بين المعكوفتين ليس في (ف).

فَرَدَّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وقال: " ثلاثون ". البخاري (¬1) عن كعب بن مالك وذكر حديثه قال: ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كلامِنا وآتِي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأُسَلِّم عليه فأقول في نفسي: هل حَرَّك شفتيْه بِرَد السلام أم لا؟، حتى كَملت خمسون ليلة، وآذَنَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الناسَ (¬2) بتوبةِ الله علينا حين صلى الفجر. الترمذي (¬3) عن أُسَامَةَ بن زيد، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - مَرّ بمجلسٍ فيه أخلاطٌ من المسلمين واليهود فسَلَّمَ عليهم. قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. مسلم (¬4) عن أبي هريرة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تبدؤا اليهود والنصارى (¬5) بالسَّلامِ، وإذا (¬6) لقيتُم أحدَهم في طريقٍ، فاضْطرُّوهُ إلى أضيقِهِ". وعن ابن عمر (¬7)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ اليهود إذا سلَّموا عليكم يقول أحَدُهُم: السَّامُ (¬8) عليكم - فقل: و (¬9) عليك". ¬

_ (¬1) البخاري: (11/ 42) (79) كتاب الإستئذان (21) باب من لم يسلم على من اقترف ذنبًا - رقم (6255). (¬2) (الناس): ليست في البخاري. (¬3) الترمذي: (5/ 58) (43) كتاب الإستئذان (13) باب ما جاء في السلام على مجلس فيه المسلمون وغيرهم - رقم (2702). (¬4) سلم: (4/ 1707) (39) كتاب السلام (4) باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام - رقم (13). (¬5) مسلم: (ولا النصارى). (¬6) مسلم: (فإذا). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (8). (¬8) في الحاشية: (السام: هو الموت). (¬9) (و): ليست في مسلم.

وعن عروة، عن عائشة (¬1)، قالت استأذنَ رهطٌ من اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: السَّامُ عليكُم فقالت عائشة: بلْ وعليكم السَّامُ واللعنةُ فقال: (¬2) "يا عائشة إنَّ الله يحب الرفق في الأمرِ كلِهِ" قالت: أو لم تسمع ما قالوا؟ قال: "قد قلتُ: وعليكم". وفي رواية (¬3)، "قد قلتُ: عليكم" بغير واو. وعن أبي سعيد الخدري (¬4)، قال: كنَّا في مجلسٍ عند أُبيِّ بن كعب فأتى أبو موسى الأشعري مُغْضَبًا. حتى وقف. فقال: أنشدكم بالله هل سمع أحدٌ منكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يقول "الإستئذان ثلاث، فإن أُذن لَكَ وإلا فارجع"؟ قال أُبى وما ذاكَ؟، قال: استأذنتُ على عمر بن الخطاب أمْسِ ثلاثَ مراتٍ، فلم يُؤذن لي فرجعتُ، ثم جئتُهُ اليومَ فدخلتُ عليه، فأخبرتُهُ أنىِّ جئتُه (¬5) أمس، فأستأذنت (¬6) ثلاثًا، ثم انصرفتُ - فقال: قد (¬7) سمعناك ونحنُ حينئذٍ على شغلٍ - فلو ما استأذنت حتى يُؤذَنَ لك؟ قال: استأذنت كما سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فو اللهِ لأوجعنَّ ظهرك وبَطْنَكَ، أو لتأتيني بمن يشهدُ لك على هذا. قال أُبيُّ: فو الله لا يقوم معك إلا أحدثُنَا سِنَّاً. قم يا أبا سعيدٍ، فقمت حتى أتيتُ عمر فقلتُ: قد سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ هذا. الترمذي (¬8) عن كَلَدَةَ بن حنبل، أن صفوان بن أمية بعثَهُ بلبنٍ ولَبَأٍ ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (10). (¬2) مسلم: (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -). (¬3) مسلم: الموضع السابق. (¬4) مسلم: (3/ 1694) (38) كتاب الآداب (7) باب الإستئذان - رقم (34). (¬5) مسلم: (جئت) وكذا (ف). (¬6) مسلم: (فسلتُ). (¬7) (قد): ليست في (ف). (¬8) الترمذي (5/ 61، 62) (43) كتاب الإستئذان (18) باب ما جاء في التسليم قبل الإستئذان - رقم (2710).

وِضغابيس (¬1) إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والنبي - صلى الله عليه وسلم - بأعلى الوادي - قال: فدخلُت (¬2) ولم أسلم ولم أستأذن فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " ارجع فقل: السلام عليكم أأدْخُلُ" وذلك بعدما أسلم صفوان. قال: هذا حديث حسنٌ غريبٌ. أبو داود (¬3)، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رسولُ الرجل إلى الرجل إذْنُهُ". البخاري (¬4)، عن أبي هريرة قال: دخلتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد لَبَنَاً في قدح. فقال: "أبا هريرة (¬5) ألْحق أهلَ الصُّفَّةِ فادعهم إليّ" فأتيتُهم، فدعوتهم فأقبلوا، فاستأذنوا، فأُذنَ لهم فدخلوا. مسلم (¬6) عن جابر (¬7) قال: أتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعوته (¬8) فقال: "من هذا! " قلت: أنا قال: فخرج وهو يقول: "أنا، أنا". وفي رواية (¬9)، كأنه كَرِهَ ذلك. وعن سهل بن سعد (¬10)، أن رجلاً اطلع في جُحْرٍ في باب النبي - صلى الله. عليه وسلم - ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مِدْرى يحُكُّ بها رأسَهُ، فلما ¬

_ (¬1) في حاشية الأصل: الضغابيس: صغار القثاءة، وقال أبو عيسى: الضغابيس؛ هو حشيش يؤْكل. (¬2) الترمذي: (فدخلت عليه) وكذا (د). (¬3) أبو داود: (4/ 348) - كتاب الأدب باب في الرجل يُدْعَى أيكون ذلك إذنه - رقم (5189). (¬4) البخاري: (11/ 33) (79) كتاب الإستئذان (14) باب إذا دعى الرجل فجاء هل يستأذن - رقم (6246). (¬5) البخاري: (أبا هر). (¬6) مسلم: (3/ 1697) (38) كتاب الآداب (8) باب كراهة قول المستأذن أنا - رقم (38). (¬7) (د): (جابر بن عبد الله). (¬8) مسلم: (فدعوت) وكذا (د). (¬9) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين رقم (39). (¬10) مسلم: (3/ 1698) (38) كتاب الآداب (9) باب تحريم النظر في بيت غيره - رقم (40).

باب في العطاس والتثاؤب

رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو أعلمُ أنك تنظُرُني (¬1) لطعنتُ به في عينِك". وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جُعل الإذن من أجلِ البَصَرِ". وعن أنسِ بن مالك (¬2)، أنَّ رجلاً اطَّلَعَ في بعض حُجَرِ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام إليه بمشقص (¬3) أو مشاقص - و (¬4) كأني أنظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يَخْتِلُة (¬5) ليطعنَهُ. وعن أبي هريرة (¬6) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من اطلع في بيتِ قوم بغير إذنهم، فقد حَلَّ لهم أن يفقؤُا عينَهُ". باب في العطاس والتثاؤب مسلم (¬7)، عن أبي موسى قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا عطس أحدكم فَحَمِدَ الله فشمِّتُوه، فإن (¬8) لم يحمَدِ الله فلا تُشمتُوهُ". البخاري (¬9)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله يحبُّ العُطاس، ويكره التَثَاؤبَ، فإذا عطس أحدكم فحمِد (¬10) الله كان حقًا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله، وأما التثاؤبُ، فإنما هو ¬

_ (¬1) مسلم: (تنتظرني). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (42). (¬3) وهو نصل عريض السهم. (¬4) (و): ليست في (ف). (¬5) (يختله) يراوغه ويستغفله. (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (43). (¬7) مسلم: (4/ 2292) (53) كتاب الزهد والرقائق (9) باب تشميت العاطس - رقم (54). (¬8) (ف): (وإن). (¬9) البخاري: (10/ 626) (78) كتاب الأدب (128) باب إذا تثاءب فليضع يده على فيه رقم (6226). (¬10) البخاري: (وحمد).

من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا تثاءب ضحك منه الشيطان". وقال في طريق آخر (¬1): "فإذا قال له: يرحمك الله فليقل: يَهدِيكُم الله ويُصلحُ بالَكُم". وقال النسائي (¬2): "يغفر الله لنا ولكم". مسلم (¬3)، عن سلمة بن الأكوع، أَنَّهُ سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعطس رجلٌ عندَهُ - فقال له: "يرحَمُكَ الله" ثم عطس أخرى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الرجل مَزْكُومٌ". وقال الترمذي (¬4)، قال في الثالثة: "أنت مزكوم". أبو داود (¬5)، عن أبي هريرة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عطس وضع يَدَهُ أو ثوبَهُ على فيه، وخفضَ، أو غضَّ بها صوتَهُ. وقال الترمذي (¬6): غطَّى وجهَهُ. وقال: حديث حسنٌ صحيحٌ. وقال: عن (¬7) أبي موسى (¬8)، كان اليهود يتعاطسون عند النبي - صلى الله ¬

_ (¬1) البخاري (10/ 623) (78) كتاب الأدب (126) باب إذا عطس كيف يشمت - رقم (6224). (¬2) عمل اليوم والليلة - رقم (212). (¬3) مسلم: (4/ 2293,2292) (53) كتاب الزهد والرقائق (9) باب تشميت العاطس - رقم (55). (¬4) الترمذي: (5/ 79) (44) كتاب الأدب (5) ما جاءكم يشمت العاطس - رقم (2773). (¬5) أبو داود: (4/ 307) - كتاب الأدب - باب في العطاس - رقم (5029). (¬6) الترمذي: (5/ 80) (44) كتاب الأدب (6) باب ما جاء في خفض الصوت وتخمير الوجه عند العطاس - رقم (2745). (¬7) (ف): (وقال علي بن أبي موسى). (¬8) الترمذي: (5/ 76) (44) كتاب الأدب (3) باب ما جاء كيف تشميت العاطس - رقم (2739).

باب

عليه وسلم - يرجو أن يقول لهم: "يرحمكم الله" فيقول: "يهديكم الله ويصلح بالكم". قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ. باب الترمذي (¬1)، عن أبي هريرة قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا (¬2) مُضْطَجِعًا على بطنِهِ، فقال: "إنَّ هذه ضَجْعَةٌ لا يُحبُّها الله". أبو داود (¬3)، عن الشريد بن سويد قال: مَرَّ بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وأنا جالس هكذا، وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت على ألْيَةِ يدي - قال: أتقعُدُ قِعْدَةَ المغضوب عليهم؟ ". مسلم (¬4)، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقيمنَّ (¬5) الرَّجُلُ الرَّجُلَ من مجلسه (¬6)، ثم يجلس فيه، ولكن تفسَّحوا وتوسَّعُوا (¬7) ". وعن أبي هريرة (¬8) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قام من مجلسِهِ، ثم رجع إليه فهو أحقُّ به". ¬

_ (¬1) الترمذي: (5/ 90) (44) كتاب الأدب (21) باب ما جاء في كراهية الإضطجاع على البطن - رقم (2768). (¬2) (رجلاً): ليست في الترمذي. (¬3) أبو داود: (4/ 263) - كتاب الأدب - باب في الجلسة المكروهة - رقم (4848). (¬4) مسلم: (4/ 1714) (39) كتاب السلام (11) باب تحريم إقامة الإنسان من موضعه المباح - رقم (28). (¬5) مسلم: (يقيم). (¬6) مسلم: (مقعده). (¬7) (ف): (ووسعوا). (¬8) مسلم: (4/ 1715) (39) كتاب السلام (12) باب إذا قام من مجلسه ثم عاد - رقم (31).

وعن أبي واقد الليثي (¬1)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هو جالسٌ في المسجدِ والنَّاسُ مَعَهُ، إذ أقبل نفرٌ ثلاثةٌ فأقبل اثنان إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذهب واحِدٌ. قال: فوقفا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمَّا أحدهما فرأى فُرْجَةً في الحلقةِ فجلس فيها، وأما الآخر فجلس خلفهُمْ وأما الثالث، فأدبر ذاهِبًا. فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ألا اخْبِرُكُمْ عن النَّفَرِ الثلاَثَةِ، أمَّا أحَدُهُمْ فآوى إلى الله فآوَاهُ الله وأمَّا الآخر فاستحيا، فاستحيا اللهُ مِنْهُ، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عَنْهُ". أبو داود (¬2)، عن حذيفة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَعَن من جس في وسط الحلقة (¬3). وعن أبي مجلز (¬4)، قال: خرج معاوية إلى ابن الزبير وابن عامر، فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير، فقال معاوية لابن عامر: اجلس، فإني سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " مَنْ أحبَّ أن يتمثل (¬5) لَهُ الرِّجالُ قِياماً فليتبوَّأ مقعدَهُ من النَّارِ". ولمسلم (¬6) من حديث أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال، وقد جاء سعد بن معاذ: "قوموا إلى سيدكم" وقد تقدم الحديث بكامله في الجهاد. مسلم (¬7)، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 173) (39) كتاب السلام (10) باب من أتى مجلسًا فوجد فرجة فجلس فيها - رقم (26). (¬2) أبو داود: (4/ 258) - كتاب الأدب - باب الجلوس وسط الحلقة رقم (4826). (¬3) قال: لأنه يستدبر بعضهم بظهره فيؤذيه فيستحق السب واللعن، وأيضًا يخطى رقابهم فيؤذيهم. انظر بذل المجهود: (19/ 75). (¬4) أبو داود: (4/ 358) - كتاب الأدب - باب في قيام الرجل للرجل - رقم (5229). (¬5) أبو داود: (يُمثل). (¬6) مسلم: (3/ 1388) (32) كتاب الجهاد والسير (22) باب جواز قتال من نقض العهد - رقم (64). (¬7) مسلم: (4/ 1718) (39) كتاب السلام (15) باب تحريم مناجاة الإثنين دون الثالث - رقم (37).

باب في ثواب الأمراض وما يصيب المسلم

وسلم -: "إذا كنتم ثلاثة فلا يَتناجَى اثنان دُون الآخَر (¬1)، حتى تختلطوا بالنَّاس من أجل أن يَحْزِنَهُ". باب في ثواب الأمراض وما يُصيب المسلم البخاري قوله (¬2) عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يتمنَّينَّ أحدكُم الموتَ من ضُرٍ أصابه، فإنْ كان لا بدَّ فاعلاً فلْيَقل: اللهم أحيني ما كانت الحياةُ خيرًا لي، وتوفَّني إذا كانت الوفاةُ خيرًا لي". وعن عائشة (¬3)، قالت: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من مسلم يُشَاكُ بشوكةٍ (¬4) فما فوقها، إلا كُتبتْ (¬5) له بها درجة ومُحيت عنه بها خَطيئَةٌ". وفي حديث أبي هريرة (¬6)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "حتى الهمَّ يُهِمُّهُ". الترمذي (¬7) عن سعد بن أبي وقاص. قال: قلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الناس أشدُّ بلاءً؟ قال: "الأنبياء، ثم الأمثلُ فالأمثلُ، فيُبْتَلَى الرجل ¬

_ (¬1) (ف): (دون أحد). (¬2) البخاري: (10/ 132) (75) كتاب المرضى (19) باب تمني المريض الموت - رقم (5671). (¬3) رواه البخاري بنحوه: (10/ 107) (75) كتاب المرضى (1) باب ما جاء في كفارة المرض - رقم (5640). ورواه مسلم بهذا اللفظ: (4/ 1991) (45) كتاب البر والصلة والآداب (14) باب ثواب المؤمن فيما يصيبه - رقم (46). (¬4) مسلم: (شوكة). (¬5) مسلم: (كتبت) وكذا (ف). (¬6) رواه مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (52). ولعله وهم من المصنف في نسبته إلى البخاري. (¬7) الترمذي: (4/ 520) (37) كتاب الزهد (56) باب ما جاء في الصبر على البلاء - رقم (2398).

على حسب دِينهِ، فإن كان دينُهُ صُلبًا اشتد بلاؤُهُ، وإن كان في دينه رِقَّة ابتُلِيَ على حسب دينه، فما يبرحُ البلاءُ بالعبدحتى يترُكَهُ يمشي على الأرض و (¬1) ما عليه خطيئةٌ". قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ. وعن أبي هريرة (¬2)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يزال البلاءُ بالمؤمن والمؤمِنَة في نفسِهِ، وولده، ومالِهِ، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة". قال هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. البخاري (¬3)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من يُردِ الله به خيرًا يُصِبْ منْهُ". وعن أنسٍ (¬4)، قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ الله قال: إذا ابتليتُ عبدي بحبيبتيهِ ثم صبر (¬5) عوضْتُهُ منهما الجنة" يريد - عَينيْهِ. مسلم (¬6)، عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الطاعونُ رجز (¬7)، أُرسِلَ علي بني إسرائيل، أو على من كان قبلكم، فإذا سمعتُم بِه في أرضٍ (¬8)، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرضٍ، وأنتم بها فلا تخرجوا فِرَاراً مِنْهُ". ¬

_ (¬1) (و): ليست في الترمذي. (¬2) الترمذي: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (2399). (¬3) البخاري: (10/ 108) (75) كتاب المرضى (1) باب ما جاء في كفارة المرض - رقم (5645). (¬4) البخاري: (10/ 120) (75) كتاب المرضى (7) باب فضل من ذهب بصره - رقم (5653). (¬5) البخاري: (فصبر). (¬6) مسلم: (4/ 1737) (39) كتاب السلام (32) باب الطاعون والطيرة والكهانة ونحوها - رقم (92). (¬7) مسلم: (رجز أو عذاب). (¬8) مسلم: (بأرض).

وعن أنسٍ (¬1) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الطَّاعُونُ شهادةٌ لِكُلِّ مسلمٍ". الترمذي (¬2)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أعمارُ أمتي ما بين ستين إلى سبعين، وأقلهم من يجُوزُ ذلك". مسلم (¬3)، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "حقُّ المسلم على المسلم ستٌّ" قيل: وما هنَّ يا رسول الله؟ قال: "إذا لقيته فسلِّم عليهِ، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحَكَ فانصحْ له، وإذا عطس فَحَمِد الله فشمِّتهُ، وإذا مرض فعُدْه، وإذا مات فاتَّبِعْهُ". وعن ثوبان (¬4)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خُرْفَةِ الجنَّةِ، حتى يرجع". وفي آخر (¬5)، قيل: يا رسول الله! وما خرفة الجنة؟ قال: "جَنَاهَا". أبو داود (¬6)، عن زيد بن أرقم قال: عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وجعٍ كان بعينيَّ. البخاري (¬7)، عن أنس بن مالك قال: كان غُلامٌ يهوديٌّ يخدُمُ النبي ¬

_ (¬1) مسلم: (3/ 1522) (33) كتاب الإمارة (51) باب بيان الشهداء - رقم (166). (¬2) الترمذي: (5/ 517) (49) كتاب الدعوات (102) باب في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (3550). (¬3) مسلم: (5/ 1704) (39) كتاب السلام (3) باب من حق المسلم للمسلم رد السلام - رقم (5). (¬4) مسلم: (4/ 1989) (45) كتاب البر والصلة والآداب (13) باب فضل عيادة المريض - رقم (41). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (42). (¬6) أبو داود: (3/ 477) (15) كتاب الجنائز (9) باب في العيادة من الرمد - رقم (3102). (¬7) البخاري: (3/ 259) (23) كتاب الجنائز (79) باب إذا أسلم الصبيّ فمات هل يصلى عليه؟ - رقم (1356).

باب في الطب

- صلى الله عليه وسلم - فمرِضَ، فأتاهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يعودُهُ، فقعدَ عند رأسهِ، فقال لَهُ: "أسلم" فنظر إلى أبيه وهو عندَهُ فقال: أطِعْ أبا القاسم (¬1)، فأسلمَ، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -وهو يقول: "الحمد لله الذي أنقذَهُ من النار". باب في الطب مسلم (¬2)، عن جابر في عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لكلِّ داءٍ دواءٌ، فإذا أُصيبَ دواءُ الدَّاءِ، برأ بإذن الله". وعن أسماء (¬3)، أنَّهَا كانت تُؤتى بالمرأةِ الموعُوكَةِ، فتدعو بالماءِ، فتصبُّهُ في جيبها (¬4)، وتقول: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أبردوها بالماء"، وقال: " إنَّها من فيحِ جهنم". الطحاوي (¬5) (¬6)، عن أنس أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا حُمَّ أحدكم فَلْيَشُنَّ (¬7) عليه الماء البارد، من السَّحَرِ ثلاثًا". وعن ابن عباس (¬8)، قال: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحُمَّى من فيح جهنم، فأبردوها بماءِ زمزم". ¬

_ (¬1) البخاري: (- صلى الله عليه وسلم -). (¬2) مسلم: (4/ 1729) (39) كتاب السلام (26) باب لكل داء دواء - رقم (69). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (82). (¬4) جيب القميص: ما ينفتح على النحر. (¬5) في الأصل: (البخاري). (¬6) رواه الطحاوي في مشكل الآثار: (2/ 346). ورواه النَّسائيُّ في الطب في الكبرى - كذا عزاه المزي في التحفة: (1/ 183). (¬7) الطحاوي: (فليصب). (¬8) الطحاوي في مشكل الآثار: (2/ 346). والبخارى: (6/ 380) (59) كتاب بدء الخلق (10) باب صفة النار - رقم (3261).

رواه أبو بكر بن أبي شيبة (¬1) أيضًا. وذكر قاسم بن أصبغ عن أم خالد (¬2) بنت سعيد قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا إذا حُمّ الزبير أن نُبرِّد له الماء ثم نصبَّهُ عليهِ. مسلم (¬3)، عن أبي سعيد الخدري قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلمِ- فقال: إنَّ أخي استطلِقَ بطُهُ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "اسقِهِ عسلًا" فسقاه، ثم جاء (¬4)، فقال: إلي سقيته فلم يزده إلا استطلاقا، فقال له ثلاث مراتٍ، فجاء الرابعة فقال: "اسقه عسلاً"، فقال: لقد سقيتُهُ، فلم يزده إلا استطلاقاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صدقَ اللهُ، وكذب بطنُ أخيكْ"، اسقه عسلاً" (¬5) فسقاه فَبَرَأَ. وعن أبي هريرة (¬6)، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ في الحبة السوداء شفاءً من كل داءٍ إلا السَّامَ"، والسَّامُ: الموت. وعن عائشة (¬7)، قالت سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "التلبينَةُ (¬8) مَجَمَّةْ (¬9) لفؤاد المريض، تُذْهِبُ بعض الحُزْنِ". أبو داود (¬10)، عن سعد بن أبي وقاص قال: مرضتُ مرضًا أتاني ¬

_ (¬1) رواه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنف: (7/ 439) - كتاب الطب (679) في الماء للمحموم - رقم (3724). (¬2) (ف): (أم خامد). (¬3) مسلم: (4/ 1736) (39) كتاب السلام (31) باب التداوي بسقي العسل - رقم (91). (¬4) مسلم: (جاءه). (¬5) (اسقه عسلًا): ليست في مسلم. (¬6) مسلم: (4/ 1735) (39) كتاب السلام (29) باب التداوي بالحبة السوداء - رقم (88). (¬7) مسلم: (4/ 1736) (39) كتاب السلام (30) باب التلبينة مجمة لفؤاد المريض - رقم (90). (¬8) هي حساء من دقيق أو نخالة وسميت بذلك تشبيهًا باللبن لبياضها ورقتها. (¬9) أي تريح الفؤاد وتزيل عنه الهم. (¬10) أبو داود: (4/ 207) (22) كتاب الطب (12) باب في تمرة العجوة - رقم (3875).

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعُودُني، فوضع يَدَهُ بين ثديَيَّ حتى وجدت بَرْدَها على فؤادي، فقال: "إنك رجل مفؤود (¬1)، ائت الحارث بن كَلَدَة أخا ثقيفٍ (¬2) فإنه رجل يتطبَّبُ، فليأخذ سبع تمراتٍ من عجوةِ المدينة فليجأهُنَّ بِنَوَاهُنَّ ثم لِيَلُدَّكَ بِهنَّ". مسلم (¬3)، عن عائشةَ قالت: لَدَدْنا (¬4) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضِهِ فأشار أنَّ لا تلُدُّوني. فقلنا كراهَيةُ المريض للدواء، فلما أفاق، قال: "لا يبقى أحد منكم إلا لُدَّ، غيرُ العباس، فإنَّهُ لم يشهدكم". وعن أم قيس (¬5)، قالت: دخلتُ بابن في على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد أعلقْتُ (¬6) عليه من العُذْرَةِ" (¬7)، فقال: " علاَمِ (¬8) تَدْغَرْنَ (¬9) أولادكُنَّ [بهذا العلائي؟، عليكن] (¬10) بهذا العُودِ الهنديِّ، فإن فيه سبعةَ أشفيةٍ، منها ذاتُ الجنب، ويُسْعطُ (¬11) من العُذرةِ، ويُلَدُّ من ذات الجنبِ". وعن وائل بن حُجر (¬12)، أن طارق بن سويد الجُعفِيَّ، سأل النبي ¬

_ (¬1) وهو الذي أصيب فؤاده. (¬2) (ف): (بني ثقيف). (¬3) مسلم: (4/ 1733) (39) كتاب السلام (27) باب كراهة التداوي باللدود - رقم (85). (¬4) اللدود هو الدواء الذكره يصب في أحد جانبي فم المريض ويسقاه، أو يدخل بإصبع وغيرها ويحنك به. (¬5) مسلم: (4/ 1734) (39) كتاب السلام (28) باب التداوي بالعود الهندي - رقم (86). (¬6) أي عالجت وجع لهاته بإصبعي وفي (د، ف): (أعقلت). (¬7) (العُذرة) وجع في الحلق يهيج من الدم، يقال في علاجها: عذرته فهو معذور. (¬8) مسلم: (علامَهْ). (¬9) من الدَّغر وهو غمز الحلق بالأصبع، وذلك أن الصبيّ تأخذه العذرة فتدخل المرأة فيه أصبعها فترفع بها ذلك الموضع وتكبسه. (¬10) ما بين المعكوفين سقط من (ف). (¬11) مسلم: (منها ذات الجنب يسْعط من العذرة) يقال. سعط وأسعطته فاستعَط، والإسم السَّعوط، وهو ما يجعل من الدواء في الأنف. و (ذات الجنب) هو التهاب غلاف الرئة، فيحدث منه سعال وحمى ونخس في الجنب يزداد عند التنفس. (¬12) مسلم: (3/ 1573) (36) كتاب الأشربة (3) باب تحريم التداوي بالخمر - رقم (12).

- صلى الله عليه وسلم - عن الخمر؟ فنهاهُ أو كره أن يصنعها- فقال: إنَّما أصنعُها للدواءِ، فقال: "إنَّهُ ليس بدواءٍ ولكنه داءٌ". أبو داودا (¬1) عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الدواء الخبيث. الترمذي (¬2)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "العجوةُ من الجنَّةِ، وفيها. شفاءٌ من السُّمِّ، والكمأةُ من المنِّ وماؤُهَا شفاءٌ للعَيْنِ". البخاريّ (¬3)، عن عائشة قالت: لما ثقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واشتدَّ به وجعُهُ قال: "هَرِيقوا عَلىَّ من سبع قَربٍ لم تُحَللْ أوْكيَتُهنَّ، لَعَلِّي أعهد إلى النَّاس" فأُجْلِسَ (¬4) في مِخْضبٍ (¬5) لحفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم طفقنا نَصُبُّ عليه حتى طَفِقَ يُشيرُ إلينا أن قد فعلتُنَّ، ثم خرج إلى الصلاةِ (¬6). الترمذي (¬7) عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ خير ما تداويتُمْ بِهِ الحِجَامةُ، والسَّعُوطُ، واللَّدُود (¬8) والمَشيُّ". وذكر الحديث. ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 203) (22) كتاب الطب (11) باب في الأدوية المكروهة - رقم (3870). (¬2) الترمذي: (4/ 350) (29) كتاب الطب (22) باب ما جاء في الكمأة والعجوة - رقم (2066). (¬3) البخاري: (1/ 362) (4) كتاب الوضوء (45) باب الغسل والوضوء في المخضب - رقم (198). (¬4) البخاري: (وأجلس) وكذا (د). (¬5) (مخضب): المخضب: شبه المِركن، وهي إجانة تغسل فيها الثياب. (¬6) البخاري: (الناس). (¬7) الترمذي: (4/ 340) (29) كتاب الطب (9) باب ما جاء في السعوط وغيره - رقم (2048). (¬8) الترمذي: (اللدود والسعوط والحجامة والمشي). والسعوط: كل ما يوضع في الأنف من الدواء، واللدود: الدواء المسقى في أحد لديدي الفم وهما شقاه، والمشي: كل دواء مطلق للبطن كنى به عنه لكثرة المشي إلى الغائط.

مسلم (¬1)، عن جابر بن عبد الله - قال: رُمِيَ أربيُّ يوم الأحزاب على أَكحَلِهِ فكوَاهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. البخاري (¬2)، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الشفاء في ثلاثة: في شُرْطةِ معجم أو شَربةِ عسل، أو كَيّةٍ بنار، وأنا (¬3) أنهى أمَّتي عن الكيّ". وفي حديث جابر بن عبد الله (¬4): "وما أحبُّ أنْ أكتوي". خرجه مسلم (¬5). أبو داود (¬6)، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "البِسُوا من ثيابكم البياض فإنها مِنْ خير ثيابكم، وكفِّنُوا فيها موتاكم، وإن خير أكحالِكُم الإثمِدُ، يُنْبِتُ الشعر ويجلو البصر" (¬7). زاد الترمذي (¬8) - وكان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُكْحُلَة يكتحل بها عند النوم ثلاثًا في كل عين (¬9). مسلم (¬10)، عن عوف بن مالك، قال: كنَّا نَرْقى في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله! كيف ترى في ذلك؟، فقال: " اعرِضُوا عليَّ رُقَاكُم، لا ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 1730) (39) كتاب السلام (26) باب لكل داء دواء - رقم (74). (¬2) البخاري: (10/ 143) (76) كتاب الطب (3) باب الشفاء في ثلاث - رقم (5681). (¬3) (وأنا): ليست في البخاري. (¬4) البخاري: (10/ 163) (76) كتاب الطب (17) باب من اكتوى أو كوى غيره - رقم (5704). (¬5) مسلم: (4/ 1729) (39) كتاب السلام (26) باب لكل داء دواء - رقم (71). (¬6) أبو داود: (4/ 209) (22) كتاب الطب (14) باب في الأمر بالكحل - رقم (3878). ورواه أيضًا: (4/ 332) (26) كتاب اللباس (16) باب في البياض - رقم (4061). (¬7) أبو داود: (يجلو البصر وينبت الشعر). (¬8) الترمذي: (4/ 206) (25) كتاب اللباس (23) باب ما جاء في الإكتحال - رقم (1757). (¬9) الترمذي: (يكتحل بها كل ليلة ثلاتة في هذه وثلاثة في هذه). (¬10) مسلم: (4/ 1727) (39) كتاب السلام (22) لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك - رقم (64).

بأس بالرُّقَى ما لم يكن فيه شركٌ". وعن أبي سعيد الخدري (¬1)، أنَّ ناساً من أصحابِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -كانوا في سفرٍ، فمروا بِحَي من أحياءِ العرب، فاستضافوهم فلم يُضِيفُوهم، فقالوا (¬2) لهم: هل فيكم راقٍ؟، فإن سيد الحىِّ لديغٌ أو مصابٌ، فقال رجلٌ منهم: نعم، فأتاه فرقاه بفاتِحةِ الكتاب فَبَرَأ الرجل، فأعطِيَ قطيعًا من غنم، فأبى أن يقبلها، وقال حتى أذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: يا رسُولَ الله - والله ما رَقَيْتُ إلا بفاتحة الكتاب، فتبسَّم وقال: "ما (¬3) أدراك أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ "، ثم قال: "خذوا منهم واضربوا لي بسهمٍ معكم". وقال فيه البخاري (¬4)، من حديث ابن عباس. فقالوا: يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجرًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أحقَّ ما أخذتم عليه أجرًا كتابُ الله". مسلم (¬5)، عن عائشة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اشتكى يقرأ على نفسِهِ بالمعوذات وينفث، فلمَّا اشتد وجَعُهُ كنتُ أقرأ عليه، وأمسح بيده رجاء بركَتِهَا. وعنها (¬6) قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اشتكى منَّا إنسانٌ مسحَهُ بيمييهِ، ثم قال: " أذهِبِ البَاسَ، ربَّ الناسِ، واشفِ أنت ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 1727) (39) كتاب السلام (23) باب جواز أخذ الأجرة على الرقية - رقم (65). (¬2) (ف): (قالوا). (¬3) مسلم: (وما). (¬4) البخاري: (10/ 209) (76) كتاب الطب (34) باب الشروط في الرقية بفاتحة الكتاب - رقم (5737). (¬5) مسلم: (4/ 1723) (39) كتاب السلام (20) باب رقية المريض بالمعوذات والنفث - رقم (51). (¬6) مسلم: (4/ 1721) (39) كتاب السلام (19) باب استحباب رقية المريض - رقم (46).

الشافى، لا شِفاء إلا شفاوك، شفاءً لا يغادر سَقَمًا". فلما مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثَقُلَ، أخذتُ يَدَهُ (¬1) لأصنع به نحو ما كان يصنعُ، فانتزع يَدهُ من يدي ثم قال: "اللهم اغفر لي واجعلنى مع الرَّفِيقِ الأعلى" قالت فذهبت أنظر، فإذا هو قد قضي. وعن عثمان بن أبي العاصي (¬2)، أنه شكا إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعًا، يَجِدُهُ في جَسَد منذ أسلم، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ضَعْ يدلّ على الذي يأَلَمُ (¬3) من جسَدِكَ، وقل بسم الله ثلاثًا، وقل سَبْعَ مراتٍ: أعوذ بالله وقُدرته من شِّر ما أجدُ وأحاذِرُ". البخاري (¬4) - عن ابن عباس قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُعَوِّذُ الحسن والحسين ويقول: "إنَّ أباكما كان يعوذُ بهما إسماعيل وإسحاق: أعوذُ بكلمات الله التَّامَّة، من كل شيطانٍ وهامّةٍ (¬5)، ومن كل عينٍ لامّةٍ (¬6) ". الترمذي (¬7)، عن أبي خزامَةَ بن يعمر، عن أبيه قال: سألتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلتُ: يا رسول الله؛ أرأيت رُقىً نَسْتَرْقيها، ودواءً نتداوى به، وتُقىً (¬8) نَتَّقِيها، هل ترُدُّ من قدَرِ الله شيئًا؟ قال: "هي من قدر الله". قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ¬

_ (¬1) مسلم: (بيده). (¬2) مسلم: (4/ 1728) (39) كتاب السلام (24) باب استحباب وضع يده على موضع الألم. (¬3) مسلم: (تألم). (¬4) البخاري: (6/ 470) (60) كتاب أحاديث الأنبياء (10) باب - رقم (3371). (¬5) (الهامَّة) واحدة الهوام ذوات السموم، وقيل: كل ما له سم يقتل، فأما ما لا يقتل سمه فيقال له: السوام، وقيل: المراد كل نسمة تهم بسوء. (¬6) (لامة) المراد كل داء وآفة تلم بالانسان من جنون وخبل. (¬7) الترمنذي: (4/ 349) (29) كتاب الطب (21) باب ما جاء في الرقى والأدوية - رقم (2065). (¬8) الترمذي: (وتقاة).

مسلم (¬1)، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عُرِضت عَليَّ الأمم، فرأيت النبيَّ ومَعَهُ الرُّهَيْطُ، والنبيّ ومعه الرجل والرجلان، والنبيَّ ليس مَعَهُ أحدٌ، إذ رُفع في سوادٌ عظيم فظنتُ أنهم أُمّتِي، فقيل في: هذا موسى وقومُهُ، ولكنِ انظر إلى الأفُقِ، فنظرتُ فإذا سواد عظيم، فقيل لي: انظر إلى الأفق الآخر فنظرت (¬2) فإذا سوادٌ عظيم، فقيل لي هذه أُمَّتُكَ، ومعهم سبعون ألفًا يدخلون الجنة بغير حسابٍ ولا. عذاب". ثم نهض فدخل منزلَهُ، فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. فقال بعضهم: فلعلَّهُمْ الذين صَحِبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال بعضهم: فلعلهم الذين وُلِدوا في الإسلام، فلم (¬3) يشركوا بالله، وذكروا أشياءَ. فخرج عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما الذي تخوضون فيه؟ ". فأخبروه؛ فقال: "هم الذين لا يَرْقُون ولا يَسْتَرقُونَ ولا يتطيَّرونَ، وعلي ربهم يتوكلون"، فقام عكاشة بن محصنٍ فقال: ادعُ الله أن يجعلني فهم، فقال: "أنت منهم"، ثم قام رجل آخر فقال ادع الله أن يجعلني فهم، فقال: "سبقك بها عكاشة". في بعض طرق الحديث (¬4) من الزيادة، "ولا يكتوون". البخاري (¬5)، عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُحِرَ، حتى يَرى (¬6) أنه كان يأتي النساء ولا يأتيهنَّ - قال سُفيان: وهذا أشد ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 199) (1) كتاب الايمان (94) باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة .... رقم (374). (¬2) (فنظرت): ليست في مسلم. (¬3) مسلم: (ولم) وكذا (ف). (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (372) وهو من رواية عمران بن حصين. (¬5) البخاري: (10/ 243) (76) كتاب الطب (49) باب هل يستخرج السحر - رقم (5765). (¬6) البخاري (كان يرى) وكذا (د، ف).

ما يكون من السحر إذا كان كذلك (¬1). فقال: "يا عائشة! أعلمتِ أنَّ الله قد أفتاني فيما استفتَيتهُ (¬2)؟، أتاني رجلان، فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجليَّ، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال: مَطبوب (¬3)، قال: ومن طبَّه، قال: لبيدُ بن الأعصم (¬4)، قال: في أي شيء (¬5)؛ قال: في مُشطٍ ومشاقة (¬6)، قال: وأين؟ قال: في جُف طلْعةٍ (¬7) ذكر تحت رَاعوفةٍ (¬8)، في بئر ذَرْوان". قالت فأتى (¬9) البئر حتى استخرجه، فقال: "هذه البئر التي أُريتها، كأن (¬10) ماءَها نُقاعة الحِناء (¬11)، وكأن نخلَها رؤس الشياطين"، قال: فاستُخِرجَ، قالت، قلت: أفلا تنشرت (¬12)؟ قال: "أمَّا الله (¬13) فقد شفاني، وأكره أن أثير (¬14) على أحدٍ من الناس شرًا". ¬

_ (¬1) البخاري: (كذا). (¬2) البخاري: (استفتيته به). (¬3) (مطبوب) أي مسحور. (¬4) البخاري: (لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف ليهود كان منافقًا). (¬5) البخاري: (وفيم). (¬6) البخاري: (مشاطة). والمشاطة ما يخرج من الشعر الذي سقط من الرأس إذا سرح بالمشط، وكذا من اللحية، والمشط معروف، ورواية المشاقة أشبه كما قال ابن حجر، وقيل المشاقة: هي المشاطة بعينها. (¬7) (جف طلع) الجف الغشاء الذي يكون على الطلع ويطلق على الذكر والأنثى، فلهذا يده بالذكر. (¬8) البخاري: (رعوفة)، وفي رواية الكشميهني "راعوفة" بزيادة ألف بعد الراء والراعوفة: حجر يوضع على رأس البئر لا يستطاع قلعه يقوم عليه المستقي. (¬9) البخاري: (فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - البئر). (¬10) البخاري: (وكأن). (¬11) المراد الماء الذي يكون من غسالة الإناء الذي تعجن فيه الحناء. (¬12) من النشرة ويحتمل أن يكون من النشر بمعنى الإخراج فيوافق رواية من رواه بلفظ "فهلا أخرجته". (¬13) البخاري: (أما والله). (¬14) قال النووي: خشي من إخراجه وإضاعته ضررًا على المسلمين من تذكر السحر وتعلمه ونحو ذلك، وهو من باب ترك المصلحة خوف المفسدة.

وقال مسلم (¬1) بن الحجاج، فقلت: يا رسول الله أفلا أحرقْتَهُ؟ قال: "لا، أمَّا أنا فقدْ عافاني الله -عَزَّ وَجَلَّ-، وكرهت أن أثير على الناس شرًا، فأمرتُ بها فدفنت". وعن ابن عباسٍ (¬2)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "العين حقٌّ، ولو كان شيء سابَقَ القَدَرَ سبقْتهُ العينُ، وإذا استُغْسِلْتُم فاغْسِلوا". مالك (¬3)، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حُنيفٍ، أنَّهُ قال: رأى عامرُ بن ربيعةَ سهلَ بن حُنيف يغتسل، فقال: ما رأيتُ كاليومِ ولا جِلْدَ مُخْبأةٍ (¬4)، فلُبِط بسهلٍ (¬5)، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقيل: يا رسول الله! هل لك في سهل بن حنيف؟ والله ما يرفع رأسَهُ، فقال: "هل تتَّهِمُونَ لَهُ أحدًا؟ " قالوا: نتَّهِمُ عامر بن ربيعة، قال: فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامرًا فتغيَّظ عليه. وقال: "علامَ يقتُلُ أحدكم أخاهُ؟، ألَّا بَرَّكتَ. اغتسل لَهُ "، فغسل عامر وجهه، ويديه، ومرفقيه، وركبتيه وأطراف رجليه وداخِلَةَ إزاره في قدحٍ، ثم صُبَّ عليه، فراح سهلٌ مع النَّاس، ليس به بأسٌ. ورواه معمر، عن الزهري، عن أبي أمامة، قال فيه: ثم (¬6) أمره يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - فغسَّل وجهه وظهور عقبيه وغسَّل صدره وداخلة إزاره وركبتيه وأطراف قدميه، ظاهِرَهُما في الإناء، ثم أمره فصبَّهُ على رأسه، وكفأ الإناء من خلفه، قال: وأمره فحسا منه حسوات؛ فقام مع الركب. ذكره أبو عمر في التمهيد في حديث ابن شهاب عن أبي أمامة. ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 1719 - 1721) (39) كتاب السلام (17) باب السحر - رقم (43). (¬2) مسلم: (4/ 1719) (39) كتاب السلام (16) باب الطب والمرض والرقى - رقم (42). (¬3) الموطأ: (2/ 939) (50) كتاب العين (1) باب الوضوء من العين - رقم (2). (¬4) المخبأة هي المخدرة المكنونة التي لا تراها العيون، ولا تبرز للشمس فتغيرها. (¬5) الموطأ: (فلبط سهل) والمعنى صرع وسقط على الأرض. (¬6) (ثم) ليست في (ف).

باب

مسلم (¬1)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يُورِدُ مُمْرضٌ علي مصح" (¬2). وعنه (¬3)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا عدوى، ولا صَفَرَ (¬4)، ولا هامةَ"، فقال أعرابى: يا رسول الله! فما بالُ الإبل تكون في الرَّمْلِ كأنها الظِّبَاءُ، فيجيء البعيرُ الأجربُ، فيدخُلها (¬5)، فيُجْرِبُها كلها؟. قال: "فمن أعدى الأوَّلَ؟ ". باب مسلم (¬6)، عن بُريَدَة بن حُصَيب، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من لعب بالنَّردَشِير (¬7)، فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمِهِ". مالك (¬8) (¬9)، عن أبي موسى الأشعري، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من لعب بالنردِ فقد عصى الله ورسوله". الترمذي (¬10)، عن بريدة بن حُصيب، قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض مغازيهِ، فلما انصرف جاءت جارية سوداء، فقالت: يا رسول الله! إنِّي كنت نذرتُ إن رَدَّكَ الله صالحًا، أنْ أضرب بين يديك بالدُّفِّ ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 1744) (39) كتاب السلام (33) باب لا عدوى ولا طيرة ... - رقم (105). (¬2) مسلم: (المصح). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (101). (¬4) هو دود في البطن وكانوا يعتقدون، أن في البطن دابة تهيج عند الجوع، وربما قتلت صاحبها. (¬5) مسلم: (فيدخل فيها). (¬6) مسلم: (4/ 1770) (41) كتاب الشعر (1) باب تحريم اللعب بالنردشير - رقم (10). (¬7) أي النرد، وهو اسم عجمي معرّب، وشير معناه: حلو. (¬8) في الأصل: (مسلم). (¬9) الموطأ: (2/ 958) (52) كتاب الرؤيا (2) باب ما جاء في النرد - رقم (6). رواه أبو داود: (4/ 285) - كتاب الأدب - باب في النهي عن اللعب بالنرد - رقم (4938). (¬10) الترمذي: (5/ 580) (50) كتاب المناقب (18) باب في مناقب عمر بن الخطاب - رقم (3690).

وأتغنَّى. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن كنتِ نذرتِ فاضربي، وإلا فلا" قال فجعلت تضربُ، فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل (¬1) علي وهي تضرِبُ ثم دخل عثمان وهي تضرِبُ، ثم دخل عمر، فألقَتِ الدُّفَّ تحت استها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الشيطان ليخاف منك يا عمر، كنت (¬2) جالسًا وهي تضربُ، فدخل أبو بكر وهي تضرب (¬3)، فلما دخَلْتَ أنت يا عمر، ألقَتِ الدُّفَّ". قال: حديث حسنٌ صحيحٌ غريبٌ من حديث بُريدَةَ. النسائي (¬4)، عن السائب بن يزيد، أنَّ امرأةً جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا عائشة! تعرفين هذه؟ " قالت: لا، يا نبيّ الله قال: "هذه قينةُ بني فلان تحبِّينَ أن تُغنِّيكِ؟ " فغنتها، [فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نفخ الشيطان في منخريها"] (¬5). أبو داود (¬6)؛ عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يتَّبع حمامةً فقال: "شيطانٌ يَتبع شيطانة". مسلم (¬7)، عن عائشة أنها كانت تلدني بالبنات عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: وكان (¬8) يأتينى صواحبي، فكنَّ ينقمِعْنَ (¬9) من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُسَربُهُنَ إليَّ. ¬

_ (¬1) (دخل): ليست في (ف). (¬2) الترمذي: (إني كنت). (¬3) الترمذي: (ثم دخل على وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب). (¬4) رواه النسائي في كتاب عشرة النساء (19) باب إطلاق الرجل لزوجته استماع الغناء - رقم (74). (¬5) ما بين المعكوفين ليس في النسائي. (¬6) أبو داود: (4/ 285) - كتاب الأدب - باب في اللعب بالحمام - رقم (4940). (¬7) ممسلم: (4/ 1890) (44) كتاب فضائل الصحابة (13) باب في فضل عائشة - رقم (81). (¬8) مسلم: (وكانت) وفي (ف): (كُنَّ). (¬9) (ف، د): (يتقمعن).

باب

مسلم (¬1)؛ عن سهل بن حنيف، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقل أحدكم: خَبُثَتْ نفسِي، وليقل لَقِسَتْ (¬2) نفسي". باب النَّسائيُّ (¬3)؛ عن حذيفة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله، ثم شاء فلان". باب أبو داود (¬4)، عن عبد الله بن مسعودٍ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقتُلوا الحيَّات كلهن فمن خاف ثأرَهُنَّ فليس مني". مسلم (¬5)، عن أبي لُبابة الأنصاري. قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن قتل الجِنَّانِ (¬6) التي (¬7) في البيوت، إلا الأبتر وذا الطُّفْيَتَيْنِ (¬8)، فإنهما اللذان يخطِفَان البصر، ويتبعان (¬9) ما في بطون النساء. وعن أبي سعيد الخدري (¬10) - في حديثٍ ذكره وفيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ بالمدينة جنَّاً قد أسلموا، فإذا رأيتم منها (¬11) شيئًا فآذِنوه ثلاثة أيامٍ، ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 1765) (40) كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها (4) كراهة قول الإنسان: خبثت نفسي - رقم (17). (¬2) أي ضاقت. (¬3) عمل اليوم والليلة - رقم (985). (¬4) أبو داود: (4/ 363) - كتاب الأدب - باب في قتل الحيات - رقم (5249). (¬5) مسلم: (4/ 1754) (39) كتاب السلام (37) باب قتل الحيات - رقم (136). (¬6) (ف): (الحيات). (¬7) مسلم: (الجنان التي تكون في). والجنان هي الحيات، جمع جان، وهي الحية الصغيرة، وقيل: الدقيقة الخفيفة، وقيل: الدقيقة البيضاء. (¬8) (وذو الطُّفْيتين) هما الخطان الأبيضان على ظهر الحية. (¬9) مسلم: (يتتبعان) أي يسقطانه. (¬10) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (139). (¬11) مسلم: (منهم) وفي (ف): (منه).

فإن بدالكم (¬1) فاقتلُوهُ، فإنما هو شيطان. وعن سعد بن أبي وقاص (¬2) أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بقتل الوزغ، وسمَّاه فُويسقًا. وعن أبي هريرة (¬3)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قتل وزغةً (¬4) في أول ضربةٍ، كُتبت له مائة حسنة، وفي الثانية، دون ذلك، وفي الثالثة دون ذلك". وعنه (¬5) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ نملةً قرصت نبيًا من الأنبياء، فأمر بقرية النمل فأُحرقت، فأوحى الله إليه: أَفِي أنْ قرصتك نملةٌ أهلكتَ (¬6) أُمَّةً من الأم تسبحُ؟ ". وفي طريق آخر (¬7)، "فهلاّ (¬8) نملةً واحدة". أبو داود (¬9)، عن ابن عباس، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهي عن قتل أربع من الدواب: النملة، والنحلة، والهدهد، والصُّرَدِ (¬10). النسائي (¬11)، عن عبد الرحمن بن عثمان، أنَّ طبيباً ذكر ضِفْدَعًا في دواءٍ ¬

_ (¬1) مسلم: (لكم بعد ذلك). (¬2) مسلم: (4/ 1758) (39) كتاب السلام (38) باب استحباب قتل الوزغ - رقم (144). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (147). (¬4) مسلم: (وَزَغًا). (¬5) مسلم: (4/ 1759) (39) كتاب السلام (39) باب النهي عن قتل النمل - رقم (148). (¬6) (ف): (حرقت). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (149). (¬8) (ف) (هذا). (¬9) أبو داود: (4/ 367) - كتاب الأدب - باب في قتل الذر - رقم (5267). (¬10) (الصُّرد) (طائر ضخم الرأس والمنقار، له ريش عظيم، نصفه أبيض ونصفه أسود. (¬11) النسائي: (7/ 210) (42) كتاب الصيد والذبائح (36) الضفدع - رقم (4355).

باب

عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فنهاه (¬1) النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتله. باب البخاري (¬2)، عن عائشة، أنَّ رجلاً استأذن على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما رآه، قال: "بئس أخو العشيرة، وبئس ابن العشيرة". فلما جلس، تَطَلق النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجههِ وانبسط إليه، فلما انطلق الرجل، قالت عائشة: يا رسول الله - حين رأيت الرجل قلت له كذا وكذا، ثم تطلقتَ في وجههِ، وانبسطت إليه- فقال: "يا عائشة! متى عهِدْتِني فحّاشًا (¬3) إن شرَّ الناس منزلة يوم القيامة، من تركه الناسُ اتقاء شرِّه". باب مسلم (¬4)؛ عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يشير أحدكم إلي أخيه بالسلاح، فإنَّهُ لا يدري أحدكم لَعَلَّ الشيطانَ ينزِعُ (¬5) في يده، فيقع في حفرةٍ من النار". وعنه (¬6)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قاتل أحدكم أخاهُ، فليجتنب الوجه، فإن الله -عَزَّ وَجَلَّ- خلق آدم على صُورتِهِ". باب مسلم (¬7)؛ عن المقداد بن عمرو قال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) النسائي: (فنهى). (¬2) البخاري: (10/ 467) (78) كتاب الأدب (38) باب لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاحشًا - رقم (6032). (¬3) البخاري: (فاحشًا). (¬4) مسلم: (4/ 2020) (45) كتاب البر والصلة (35) باب النهي عن الاشارة بالسلاح إلى مسلم - رقم (126). (¬5) (ف): (ينزغ). (¬6) مسلم: (4/ 2017) (45) كتاب البر والصلة (32) باب النهي عن ضرب الوجه - رقم (115). (¬7) مسلم: (4/ 2297) (53) كتاب الزهد والرقائق - رقم (69).

باب

وسلم - أن نَحْثى التُّراب في وجوه المداحين (¬1). وعن أبي بكرة (¬2)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ذُكِرَ عندَهُ رجلٌ، فقال رجلٌ: يا رسول الله! ما من رجل بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضلُ مِنهُ في كذا وكذا، فقال النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "ويحك قطعت عنق صاحِبك" مراراً يقولُ ذلك، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنْ كان أحدكم مادحاً أخاهُ لا محالةَ، فليقل: أحْسِبُ فلاناً إن كان يُرى أنه كذلك، ولا أُزكِّي على الله أحداً". باب مسلم (¬3)، عن أبي هريرة قال: قال رجلٌ: يا رسول الله! - من أحق الناسٍ (¬4) بحسن الصحبة؟ قال: "أُمّك، ثم أُمّك، ثم أباك (¬5)، ثم أدناك أدناك". البزار (¬6)؛ عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثةٌ لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاقُّ لوالديه، والدَّيُّوث، والمرأة المترجلة تَشَبَّهُ بالرجال، وثلاثة لا يدخلن الجنة: العاق لوالديه، والمنَّانُ عطاءه، ومدمن الخمر" (¬7). خرجه النسائي (¬8) أيضاً. ¬

_ (¬1) مسلم: (نحثي في وجوه المداحين التراب). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (66). (¬3) مسلم: (4/ 1974) (45) كتاب البر والصلة (1) باب بر الوالدين - رقم (2). (¬4) (الناس): ليست في مسلم. (¬5) مسلم: (أبوك). (¬6) كشف الأستار: (2/ 372) - رقم (1875). (¬7) البزار: (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه ومدمن الخمر والمنان عطاءه، وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه والديوث والرجلة). (¬8) النسائي: (5/ 80) (23) كتاب الزكاة (69) المنان بما أعطى - رقم (2562).

مسلم (¬1)، عن سعد بن أبي وقاص، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ادَّعى أباً في الإِسلام غير أبيه، يعلَمُ أنَّهُ غير أبيهِ، فالجنة عليه حرامٌ". مسلم (¬2)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقاطعوا ولا تدابروا، ولا تباغضُوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخواناً، كما أمركم الله". وعن أبي هريرة (¬3) أيضاً، أنَّ الأقرع بن حابس أبصر النبي - صلى الله عليه وسلم - يُقبِّل الحسنَ، فقال: إنَّ لِي عشرة من الولد ما قَبَّلْتُ واحداً منهم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّهُ من لا يَرْحَم لا يُرْحَم". الترمذي (¬4)؛ عن أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أُعطِيَ حظَّهُ من الرفق، فقد (¬5) أُعْطِيَ حظَّهُ من الخير، [ومن حُرِم حظَّه من الرِّفْقِ، فقد حُرِم حظّه من الخير"] (¬6). قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. مسلم (¬7)، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأشجِّ، أشجِّ عَبدِ القيس: "إنَّ فيك لخصلتين يحبهما اللهُ: الحلمُ، والأناةُ". البخاري (¬8)؛ عن أبي مسعود (¬9) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 80) (1) كتاب الإيمان (27) باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه - رقم (114). (¬2) مسلم: (4/ 1986) (45) كتاب البر والصلة (9) باب تحريم الظن والتجسس - رقم (30). (¬3) مسلم: (4/ 1808) (43) كتاب الفضائل (15) باب رحمته - صلى الله عليه وسلم - الصبيان والعيال - رقم (65). (¬4) الترمذي: (4/ 323) (28) كتاب البر والصلة (67) باب ما جاء في الرفق - رقم (2013). (¬5) (فقد): ليست في (ف). (¬6) ما بين العكوفين ليس في (ف). (¬7) مسلم: (1/ 49) (1) كتاب الإيمان (6) باب الأمر بالإيمان بالله تعالى - رقم (25). (¬8) البخاري: (10/ 539) (78) كتاب الأدب (78) باب إذا لم تستحي فاصنع ما شئت - رقم (6120). (¬9) (ف): (ابن مسعود) وهو خطأ.

وسلم -: "إِنَّ مما أدرك الناسُ من كلامَ النبوة الأولى؛ إذا لم تستحي فاصنع ما شئت". الترمذي (¬1)؛ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الحياءُ من الإِيمان، والإيمانُ في الجنة، والبَذَاءُ (¬2) من الجفاء، والجفاء في النار". قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ. وعن أبي الدرداء (¬3)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من (¬4) شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامةِ، من خلق حسن، وإنَّ الله ليبغضُ (¬5) الفاحشَ البذيءَ". قال: حديث حسنٌ صحيحٌ. البزار (¬6)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنكم لن تسعوا الناسَ بأموالكم، ولكن يسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق". مسلم (¬7)، عن أبي هريرة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس الشديدُ بالصُّرعةِ (¬8)، إنَّمَا الشديدُ الذي يملكُ نفسَهُ عند الغضب". ¬

_ (¬1) الترمذي: (4/ 321) (28) كتاب البر والصلة (65) باب ما جاء في الحياء - رقم (2009). (¬2) (البذاء) الفحش في القول. (¬3) الترمذي: (4/ 319) (28) كتاب البر والصلة (62) ما جاء في حسن الخلق - رقم (2002). (¬4) (من): ليست في الترمذي. (¬5) (ف): (يبغض). (¬6) كشف الأستار: (2/ 408) - رقم (1978). (¬7) مسلم: (4/ 2014) (45) كتاب البر والصلة والآداب (30) باب فضل من يملك نفسه عند الغضب - رقم (107). (¬8) (الصرعة): المبالغ في الصراع الذي لا يغلب، فنقله إلى الذي يغلب نفسه عند الغضب ويقهرها، فإنه إذا ملكها كان قد قهر أقوى أعدائه، وشرّ خصومه.

أبو بكر بن أبي شيبة، عن أنسٍ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من خزن لسانه، ستر الله عورتَهُ، ومن كف غضبه، كفَّ الله عنه عذابَهُ؛ ومن اعتذر إلى الله، قَبِلَ الله عُذرَهُ". مسلم (¬1)؛ عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما نقصَتْ صدقةٌ من مالٍ، ولا زاد اللهُ عبداً بعفوٍ إلا عِزاً، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفَعَهُ اللهُ". البخاري (¬2) عن جابر بن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كلّ معروفٍ صدقة". مسلم (¬3)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله يقول يوم القيامةِ: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أُظِلُّهم في ظِلِّي، يوم لا ظِلَّ إلا ظلِّي". مالك (¬4) عن معاذ بن جبل قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "قال الله تبارك وتعالي: وجبت محبَّتِى للمتحابِّين فِيَّ، والمتجالسين فِيَّ، والمتباذلين فِيَّ، والمتزاورين فِيَّ" (¬5). مسلم (¬6)، عن أبي موسى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما مثل الجليس الصالح وجليس (¬7) السوء؛ كحامل السك ونافخ الكيرِ، فحامِلُ ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2001) (45) كتاب البر والصلة والآداب (19) باب استحباب العفو والتواضع - رقم (69). (¬2) البخاري: (10/ 462) (78) كتاب الأدب (33) باب كل معروف صدقة - رقم (6021). (¬3) مسلم: (4/ 1988) (45) كتاب البر والصلة (12) باب في فضل الحب في الله - رقم (37). (¬4) الموطأ: (2/ 953) (51) كتاب الشعر (5) باب ما جاء في المتحابين في الله - رقم (16). (¬5) الموطأ: (والمتزاورين في والمتباذلين في). (¬6) مسلم: (4/ 2026) (45) كتاب البر والصلة (45) باب استحباب مجالسة الصالحين - رقم (146). (¬7) مسلم: (والجليس) وفي (د): (جلساء).

المِسْكِ إمّا أنْ يُحْذِيَكَ (¬1)، وإما أن تبتاع منه، وإمَّا أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إمَّا أن يُحرق ثيابك وإمَّا أن تجد منه ريحاً خبيثةً". وعن أبي هريرة (¬2)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ العبد ليتكلم بالكلمة، ما يتبيَّنُ ما فيها، يَهْوِي بها في النَّارِ، أبعد ما بين المشرِقِ والمغرب". البخاري (¬3) عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "سبابُ المسلم فسوق، وقتاله كفر". مسلم (¬4)، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "المُسْتَبَّان ما قالا، فعَلى البادئ منهما (¬5)، ما لم يَعْتَدِ المظلُوم". وعن أبي هريرة (¬6) أيضاً، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ينبغي لصِدِّيقٍ أن يكون لعَّاناً (¬7) ". البخاري (¬8)، عن عائشة قالت قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَسُبَّوا الأمواتَ، فإنهم قد أفضوا إلي ما قَدَّموا". مسلم (¬9)، عن أبي أيوب، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل ¬

_ (¬1) (يحذيك): أي يعطيك. (¬2) مسلم: (4/ 2290) (53) كتاب الزهد والرقائق (6) باب المتكلم بالكلمة يهوي بها في النار - رقم (50). (¬3) البخاري: (10/ 479) (78) كتاب الأدب (44) ما ينهى عن السباب واللعن - رقم (6044). (¬4) مسلم: (4/ 2005) (45) كتاب البر والصلة (18) باب النهي عن السباب - رقم (68). (¬5) (منهما): ليست في مسلم، والمعنى أن إثم السباب الواقع من اثنين مختص بالبادئ منهما، إلا أن يتحاوز الثاني قدر الإنتصار فيقول للبادئ أكثر مما قال له. (¬6) مسلم: (4/ 2005) (45) كتاب البر والصلة (24) باب النهي عن لعن الدواب وغيرها - رقم (84). (¬7) (ف): (لاعناً). (¬8) البخاري: (11/ 369) (81) كتاب الرقاق (42) باب سكرات الموت - رقم (6516). (¬9) مسلم: (4/ 1984) (45) كتاب البر والصلة (8) باب تحريم الهجر فوق ثلاث - رقم (25).

لمسلم أن يهجُر أخاهُ فوق ثلاثِ ليالٍ، يلتقيانِ فيُعْرِض هذا، ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأُ بالسلام". وعن أبي هريرة (¬1)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تُفْتَحُ أبواب الجنَّةِ يومَ الإِثنينِ، ويوم الخميس، فيُغْفَرُ لكل عبدٍ لا يُشرك بالله شيئا إلا رجلاً كانت بينَهُ وبين أخيهِ شَحْنَاءُ، فيقول: أنْظرُوا هذين حتى يصطَلِحَا، أنظروا هذين حتى يصطلحا (¬2) ". وعنه (¬3)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتدرون ما الغِيبة؟ " قالوا: الله ورسوله أعلمُ، قال: "ذكرُكَ أخاك بما يكرهُ"، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقولُ؟ قال: "إن كان فيه ما تقولُ فقد اغتبتَهُ، وإن لم يكن فيه فقد بَهَتَّهُ". أبو داود (¬4)، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لمَّا عُرِج بِى مررت بقوم لهم أظفارٌ، من نحاسٍ يخمِشون وجوههم وصُدُورهم، فقلتُ: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: الذين (¬5) يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم". مسلم (¬6)؛ عن حذيفة، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يدخُلُ الجنَّةَ نمَّامٌ". وعن عبد الله بن مسعود (¬7) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 1987) (45) كتاب البر والصلة (11) باب النهي عن الشحناء والتهاجر - رقم (35). (¬2) لم تكرر في (ف). (¬3) مسلم: (4/ 2001) (45) كتاب البر والصلة والآداب (20) باب تحريم الغيبة - رقم (70). (¬4) أبو داود: (4/ 269) - كتاب الأدب - باب في الغيبة - رقم (4878). (¬5) أبو داود: (هؤلاء الذين). (¬6) مسلم: (1/ 101) (1) كتاب الإيمان (45) باب بيان غلظ تحريم النميمة - رقم (168). (¬7) مسلم: (4/ 2013) (45) كتاب البر والصلة (29) باب قبح الكذب - رقم (105).

"عليكم بالصدقِ، فإن الصِّدقَ يهدي إلى البرِّ، وإن البرَّ يهدي إلى الجنة، وما يزالُ الرجل يصدُقُ ويتحرَّى الصدقَ حتى يُكتب عند الله صِدِّيقاً، وإياكم والكذِبَ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإنَّ الفجور يهدي إلى النَّارِ، وما يزال الرجلُ يكذب ويتحرَّى الكَذِبَ، حتى يُكْتَبَ عند الله كذّاباً ". وعن أبي هريرة (¬1)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "آية المنافق ثلاثٌ: إذا حدَّث كذب، وإذا وَعَدَ أخلف، وإذا ائْتُمِنَ خان". زاد في طريق آخر (¬2) "وإن صام وصلَّى، وزعم أنَّهُ مسلم". الترمذي (¬3)؛ عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا أخبركم بأفضل من درجةِ الصيام، والصلاة (¬4)، والصدقة؟ " قالوا: بلى. قال: "صلاحُ ذات البَيْن، فإن فسادَ ذات البين هي الحالِقَةُ". قال: هذا حديثٌ صحيحٌ. مسلم (¬5)، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "المؤمنُ للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضُهُ بعضاً". مسلم (¬6) عن أسامة بن زيد قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يُؤْتَى بالرجلِ يوم القيامة، فيُلقى في النَّارِ، فتندَلِقُ أقتَابُ (¬7) بطنِهِ، فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمِعُ إليهِ أهلُ النَّارِ، فيقولون: يا فلان ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 78) (1) كتاب الإيمان (25) باب بيان خصال المنافق - رقم (107). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (109). (¬3) الترمذي: (4/ 572) (38) كتاب صفة القيامة (56) باب - رقم (2509). (¬4) (والصلاة): ليست في (ف). (¬5) مسلم: (4/ 1999) (45) كتاب البر والصلة (17) باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم - رقم (65). (¬6) مسلم: (4/ 2290) (53) كتاب الزهد والرقائق (7) باب عقوبة من يأمر بالمعروف ولا يفعله - رقم (51). (¬7) (فتندلق أقتاب بطنه) الإندلاق: خروج الشيء من مكانه، والأقتاب الأمعاء.

مالك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟. فيقول: بلى قد كنت آمُرُ بالمعروف ولا آتِيهِ وأنهى عن المنكر وآتيِهِ". وعن أبي هريرة (¬1) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما زال جبريل يُوصيني بالجار حتى ظننتُ أنَّهُ سَيُورِّثُهُ". وعنه (¬2) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كافل اليتيم له أو لغيرِهِ، أنا وهو كهاتين في الجنة "؛ وأشار مالِكٌ بالسَّبَّابة والوُسْطى. البخاري (¬3)؛ عن صفوان بن سُلَيْم، يرفَعُهُ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "السَّاعى علي الأرملة، والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله. أو كالذي يصومُ النهار، ويقوم الليل" .. وعن أبي هريرة (¬4)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: مثله. مسلم (¬5)، عن عائشة قالت: جاءت (¬6) امرأةٌ ومعها ابنتان لها، فسألتني فلم تجد عندِى شيئاً غير تمرةٍ واحدةٍ، فأعطيتُها إيَّاها، فَأخَذَتْهَا فقسمتها بين ابنتيها، ولم تأكل منها شيئاً. ثم قامت فخرجت وابنتاها، فدخل عليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدثتُهُ حديثها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "من ابتُلِيَ من البنات بشيء، فأحسن إليهنَّ، كُنَّ له سِتراً من النار". وعن أبي هريرة (¬7) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مرَّ رجلٌ ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2025) (45) كتاب البر والصلة (42) باب الوصية بالجار - رقم (141) وهو في مسلم من رواية ابن عمر. (¬2) مسلم: (4/ 2287) (53) كتاب الزهد والرقائق (2) باب الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم - رقم (42). (¬3) البخاري: (10/ 451) (78) كتاب الأدب (25) باب الساعي على الأرملة رقم (6006). (¬4) البخاري: نفس الموضع السابق. (¬5) مسلم: (4/ 2027) (45) كتاب البر والصلة (46) باب فضل الإحسان إلى البنات - رقم (147). (¬6) مسلم: (جاءتني). (¬7) مسلم: (4/ 2021) (45) كتاب البر والصلة (36) باب فضل إزالة الأذى عن الطريق - رقم (128).

باب

بغصن شجرةٍ على ظهر طريقٍ فقال: والله لأُنَحِّيَنَّ هذا عن المسلمين، لا يؤذيهم، فأُدْخِل الجنَّة". وعن أبي هريرة (¬1)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ، اشتدَّ عليه العطشُ، فوجَدَ بئراً فنزل فيها فشرِبَ، ثم خرج، فإذا كلبٌ يلهث يأكُلُ الثَّرَى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا الكلب من العطشِ مثلُ الذي كان بلغ منِّي، فنزل البئر فملأ خُفَّهُ ثم أمسكَهُ بفِيهِ حتى رَقِيَ، فسقى الكلبَ، فشكرَ اللهُ له، فغفر لَهُ". قالوا: يا رسول الله وإن لنا في هذه البهائم لأجراً؟ فقال: "في كل كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ" (¬2). باب مسلم (¬3)، عن الأَغَرِّ المُزَنيَّ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أيها الناس توبوا إلى اللهِ فإنِّي أتوبُ في اليوم (¬4) مائة مرة ". البخاري (¬5)، عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنَّ العبد إذا اعترف بذنبه، ثم تاب إلى الله، تاب الله عليه". مسلم (¬6) عن أبي موسى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ- يبسُط يدَهُ بالليل، ليتُوب مُسِيءُ النهار، ويبسط يده بالنهار، ليتوب ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 1761) (39) كتاب السلام (41) باب فضل ساقي البهائم المحرمة وإطعامها - رقم (153). (¬2) معناه في الإحسان إلى كل حيوان حي يسقيه ونحوه أجر، وسمّى الحيَ ذا كبد رطبة، لأن الميت يجف جسمه وكبده. (¬3) مسلم: (4/ 2075) (48) كتاب الذكر والدعاء (12) باب استحباب الإستغفار - رقم (42). (¬4) مسلم: (في اليوم إليه). (¬5) البخاري: (8/ 308) (65) كتاب التفسير (24) سورة النور - (6) باب"لولا إذ سمعتموه ... " - رقم (4750). (¬6) مسلم: (4/ 2113) (49) كتاب التوبة (5) باب قبول التوبة من الذنوب - رقم (31).

مُسِيء الليلِ، حتى تطلع الشمس من مغربها". وعن عبد الله بن مسعود (¬1)، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "للهُ أشد فرحاً بتوبة عبدِهِ المؤمن، من رجلٍ في أرض دوِّيَّةٍ (¬2) مهلكةٍ، معه راحلتُهُ عليها طعامُهُ وشرابُهُ، فنام فاستيقظ وقد ذهبت، فطلبها حتى أدركَهُ العطشُ، ثم قال: أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه، فأنامُ فيه (¬3) حتى أموتَ، فوضع رأسه على ساعِدِهِ ليموت، فاستيقظ وعنده راحلته عليها (¬4) زادُهُ وطعامُهُ وشرابُهُ. فالله أشدُّ فرحاً بتوبةِ العبد المؤمن من هذا براحلتِهِ وزادِهِ". وعن أبي هريرة (¬5)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يحكى عن ربه -عَزَّ وَجَلَّ- قال " أذنب عبدٌ ذنباً فقال: اللهم اغفر لي ذنبى، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنباً، علم (¬6) أنَّ له رباً يغفرُ الذنب، ويأخذ بالذَّنب، ثم عاد فأذنب (¬7) فقال: أي ربِّ اغفر لي ذنبى، فقال تبارك وتعالي: عبدي أذنب (¬8) ذنباً فعلم أنَّ له رباً يغفِرُ الذنب، ويأخذ بالذنب [ثم عاد فأذنب، فقال أي ربيِّ اغفر لي ذنبى، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنباً فعلم- أنَّ له رباً يغفر الذنب ويأخذ بالذنب] (¬9)، اعمل ما شئت فقد غفرتُ لك" لا أدري أقال في الثالثة أو (¬10) الرابعة "اعمل ما شئت". ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2103) (49) كتاب التوبة (1) باب في الحض على التوبة - رقم (3). (¬2) (دوية) قال أهل اللغة: الأرض القفر والفلاة الخالية، وقال الخليل: هي المفازة. (¬3) (فيه): ليست في مسلم. (¬4) مسلم: (وعليها) (¬5) مسلم: (4/ 2112) (49) كتاب التوبة (5) باب قبول التوبة من الذنوب - رقم (29) (¬6) مسلم: (فعلم) (¬7) (ف): (فأذنب ذنبا). (¬8) مسلم: (أذنب عبدي ذنباً) وكذا (د). (¬9) ما بين المعكوفين ليس في مسلم. (¬10) (ف): (أوفي).

وعن أو سعيدٍ الخدري (¬1) أنَّ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال "كان فيمن كان قبلكم رجلٌ قتل تسعةً وتسعين نفساً، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ علي راهبٍ، فأتاه فقال: إنَّهُ قتل تسعةً وتسعين نفساً فهل له من توبةٍ؟، فقال: لا، فقتلَهُ فكمَّل به مائةً، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلّ على رجُل عالمٍ، فقال: إنَّهُ قتل مائَةَ نفسٍ، فهل له من توبةٍ؟ قال: نعم، ومن يحول بينَهُ وبين التوَبةِ؟، انطلق إلى أرضِ كذا وكذا فإنَّ بها أُناساً يعبُدُون الله فاعبُدِ الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك، فإنَّها أرضُ سوءٍ، فانْطَلَق حتى إذا نصَفَ الطريقُ أتاهُ الموت، فاختصمت فيه ملائكةُ الرَّحْمَةِ وملائكةُ العذابِ، فقالت ملائكة الرحمةِ: جاء تائباً مُقبلاً بقلِبِه إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ- (¬2)، وقالت ملائكة العذابِ: إنَّهُ لم يعمل خيراً قطُّ، فأتاهُمْ مَلَكٌ في صورةِ آدميّ فجعلُوه بينهم، فقال: قيسُوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدْنى، فهو لَهُ، فقاسُوا فوجدوُه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضَتْهُ ملائكة الرحمة". قال قتادة: فقال الحسن: ذُكِرَ لنا أنَّهُ لمّا أتاه الموت نأى بصدره. البخاري (¬3)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله - تبارك وتعالي (¬4) -قال: من عادَى لي وَلياً فقد آذنتهُ بالحرب، وما تقرَّب إلىّ عبدِى بشيءٍ أحبّ إليَّ مما افترضتُ (¬5) عليه، وما زال (¬6) عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى [أحبه، فإذا] (¬7) أحببتُهُ كنت (¬8) سمعه الذي يَسمع ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2118) (49) كتاب التوبة (8) باب قبول توبة القاتل - رقم (46). (¬2) (-عَزَّ وَجَلَّ-): ليست في مسلم. (¬3) البخاري: (11/ 348) (81) كتاب الرقاق (38) باب التواضع - رقم (6502). (¬4) (تبارك وتعالى): ليست في البخاري. (¬5) البخاري: (افترضته) وكذا (ف). (¬6) البخاري: (وما يزال). (¬7) ما بين المعكوفين ليس في (د، ف). (¬8) (د، ف): (فكنت).

به، وبَصرَهُ الذي يُبصر به، ويدَهُ التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها (¬1)، ولئن (¬2) سألني لأعطينَّهُ، ولئن استعاذني لأعيذنَّهُ، وما ترددتُ عن شيءٍ أنا فاعله تردُّدي عن نفس المؤمن يكره الموتَ وأنا أكرَهُ مساءَتَهُ". مسلم (¬3)، عن عائشة قالت: دخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي امرأةٌ فقال "من هذه؟ "قلت: امرأةٌ لا تنامُ تصلّي، قال: "عليكم من العمل ما تُطِيقُون، فوالله لا يملُّ الله حتى تملُّوا "وكان أحبَّ الدِّين إليه ما داوم عليه صاحبُهُ. البخاري (¬4)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لن يُنْجِيَ أحداً منكم عمله"، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: "ولا أنا، إلّا أن يتغمدني الله برحمتِهِ، سَدِّدُوا وقاربوا، واغدُوا (¬5) وروحوا، وشيءٌ من الدُّلْجةِ، والقصْدَ القصدَ تَبْلُغُوا ". مسلم (¬6)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاءِ عن الشِّرك، من عمل عملا أشرك فيه معى غيري، تركتُهُ وشريكه (¬7) ". وعن أبي هريرة (¬8) أيضاً، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لو ¬

_ (¬1) (ف): (عليها)، (د): (به). (¬2) البخاري: (وإن). (¬3) مسلم: (1/ 542) (6) كتاب صلاة المسافرين (31) باب أمر من نعس في صلاته أو استعجم عليه القرآن أو الذكر بأن يرقد ... - رقم (221). (¬4) البخاري: (11/ 300) (81) كتاب الرقاق (18) باب القصد والمداومة على العمل - رقم (6463). (¬5) (واغدوا): ليست في (ف). (¬6) مسلم: (4/ 2289) (53) كتاب الزهد والرقائق (5) باب من أشرك في عمله. غير الله - رقم (46). (¬7) مسلم: (وشركه). (¬8) مسلم: (4/ 2109) (49) كتاب التوبة (4) باب في سعة رحمة الله تعالى - رقم (23).

يعلمُ المؤمن ما عند اللهِ من العقوبَةِ، ما طمع بجنَّتِهِ أحدٌ، ولو يعلَمُ الكافر ما عند الله من الرَّحمة ما قنط من جنتِهِ أحد". الترمذي (¬1)، عن عقبة بن عامر قال: قلتُ يا رسول الله! ما النجاةُ؟ قال: "أمسك عليك لسانَكَ وليسعك بيتُكَ، وابك على خطيئتِكَ". البزار (¬2)، عن أبي خلاد، وكانت له صحبة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا رأيتم الرجل قد أعطى زهداً في الدنيا، وقلة مَنْطِقٍ، فاقتربوا (¬3) منه فإنَّهُ يلْقى الحكمة". وعن أنس (¬4) قال: "لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا ذرٍّ، فقال: "يا أبا ذر! ألا أدلك على خصلتين؟ هما خفيفتان على الظهر، وأثقل في الميزان من غيرهما"، قال بلى يا رسول الله، قال: " عليك بحسن الخلق، وطول الصمت؛ فوالذي نفسي بيدِهِ ما عمل الخلائق بمثلها". مسلم (¬5) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله لا ينظُرُ إلى صُوَرِكُمْ وأموالِكُمْ، ولكن ينظُرُ إلى قلوبِكُمْ وأعمالِكُمْ". الترمذي (¬6)، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله - صلى الله: عليه وسلم - " إنَّ للشيطان لَمَّةً (¬7) بابن آدم، وللمَلَكِ لَمَّةً، فأمَّا لَمّةُ الشيطانِ فإيعادٌ بالشرِّ وتكذيبٌ بالحق، وأمَّا لمةُ المَلَكِ فإيعادٌ بالخير وتصديقٌ بالحقِّ، فمن ¬

_ (¬1) الترمذي: (4/ 523) (37) كتاب الزهد (60) باب ما جاء في حفظ اللسان - رقم (2406). (¬2) وأخرجه ابن ماجه: (2/ 1373) (37) كتاب الزهد (1) باب الزهد في الدنيا - رقم (4101)، وهو ضعيف. (¬3) (ف): (فاقربوا). (¬4) كشف الأستار: (4/ 220) - رقم (3573). (¬5) مسلم: (4/ 1987) (45) كتاب البر والصلة والآداب (10) باب تحريم ظلم المسلم - رقم (34). (¬6) الترمذي: (5/ 204) (48) كتاب تفسير القرآن (3) باب ومن سورة البقرة - رقم (2988). (¬7) (اللمَّةُ): الهمة والخطرة تقع في القلب، أراد إلمام الملك أو الشيطان به، والقرب منه، فما كان من خطرات الخير، فهو من الملك، وما كان من خطرات الشر، فهو من الشيطان. قاله ابن الأثير.

باب

وجد ذلك فليعلم أنَّهُ من الله فليحمد اللهَ، ومن وجد الأُخرى فليتعوَّذْ بالله من الشيطان (¬1) " ثم قال (¬2): "الشيطانُ يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء". قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ غريبٌ. مسلم (¬3)، عن أبي ذرٍّ، قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرأيتَ الرجل يعملُ العملَ من الخير ويحمدُهُ الناس عليهِ؟، قال: "تلك عاجِلُ بُشرى المؤمن". وعن أبي هريرة (¬4)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رُبَّ أشعث مدفُوعٍ بالأبواب، لو أقسم على الله لأبَّرهُ". وعنه (¬5)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "المسلم أخو (¬6) المسلم، لا يظلمُهُ ولا يخذلُهُ ولا يحقرُهُ، التقوى ها هنا" ويشير إلى صدره ثلاث مراتٍ "بحسب امرئٍ من الشر أن يَحْقِرَ (¬7) أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرامٌ دمُهُ ومالُهُ وعرضُهُ". باب مسلم (¬8)، عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قُمتُ على بابِ الجنة، فإذا عامَّةُ من دخلها المساكين، وإذا أصحاب الجَدِّ (¬9) ¬

_ (¬1) الترمذي: (الرجيم). (¬2) الترمذي: (قرأ). (¬3) مسلم: (4/ 2034) (45) كتاب البر والصلة (51) باب إذا أثني على الصالح فهى بشرى - رقم (166). (¬4) مسلم: (4/ 2024) (45) كتاب البر والصلة (40) باب فضل الضعفاء والخاملين - رقم (138). (¬5) مسلم: (4/ 1986) (45) كتاب البر والصلة (10) باب تحريم ظلم المسلم - رقم (32). (¬6) في الأصل: (أخ). (¬7) (ف): (يخذل). (¬8) مسلم: (4/ 2096) (48) كتاب الذكر والدعاء (26) باب اكثر أهل الجنة الفقراء - رقم (93). (¬9) أي أصحاب البخت والحظ في الدنيا والغنى والوجاهة بها.

محبُوسُون، إلا أصحابَ النَّارِ فقد أُمِرَ بهم إلي النار، وقمتُ علي باب النَّارِ فإذا عامَّةُ من دخلها النِّساءُ". الترمذي (¬1)، عن خولة بنت قيس قالت: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ هذا المال خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، من أصابَهُ بحقِّهِ بُورِكَ لَهُ فيه، ورُبَّ مُتَخَوِّضٍ فيما شاءت به نفسُهُ، من مال الله ورسولِهِ، ليس لَهُ يوم القيامة إلا النَّار". قال: حديث حسنٌ صحيحٌ. مسلم (¬2)؛ عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قلبُ الشيخِ شابٌ على حُبِّ اثنتين: طُولِ الحياةِ، وحبُّ المَالِ (¬3) " (¬4). وعن أبي ذر (¬5)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ المُكْثرين هُمُ المُقِلُّونَ يوم القيامةِ (¬6)، إلا من أعطاهُ الله خيراً (¬7) فنَفَخَ فيه يمينَهُ (¬8) وشِمَالَهُ، وبين يديه ووراءَهُ وعمِلَ فيه خيراً". عبد بن حميد، عن زيد بن ثابت، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من كانت نيته الآخرة جع الله أمرَهُ، وجعل غناهُ في قلبهِ، وأتته الدنيا وهي راغمةٌ، ومن كانت نيتُهُ الدنيا فرَّقَ الله أمرَهُ وجعل فقرَهُ بين عينيه، ولم ¬

_ (¬1) الترمذي: (4/ 507) (37) كتاب الزهد (41) باب ما جاء في أخذ المال - رقم (2374). (¬2) مسلم: (2/ 724) (12) كتاب الزكاة (38) باب كراهة الحرص على الدنيا - رقم (114). (¬3) (ف) (طول الحياة وطول الأمل). (¬4) هذا مجاز واستعارة، ومعناه أن قلب الشيخ كامل الحب للمال محتكم في ذلك كاحتكام قوة الشباب في شبابه. (¬5) مسلم: (2/ 688) (12) كتاب الزكاة (9) باب الترغيب في الصدقة - رقم (33). (¬6) (يوم القيامة): ليست في (ف). (¬7) أي مالاً. (¬8) (د، ف): (بيمينه).

يأتِه من الدنيا إلا ما قد (¬1) كُتِبَ لَهُ ". مسلم (¬2)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال"قد أفلح من أسلم، ورُزِقَ كَفَافَاً (¬3)، وقنَّعَهُ الله بما آتاهُ". البزار، عن خباب بن الأرت قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ المؤمن ليؤجر في كل شيء إلا البناء في هذا التراب". الترمذي (¬4)؛ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يدخل فقراء المسلمين الجنة، قبل أغنيائِهِم بنصف يوم وهو خمسمائَةِ عامٍ". قال: هذا حديثٌ حسنٌ (¬5) صحيحٌ. مسلم (¬6)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "انظروا إلى مَنْ أسْفَل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقَكُمْ، فهو أجدَرُ ألا تزدَرُوا نعمةَ الله عليكم". وعنه (¬7)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "يقولُ العبدُ: مالي، مالي إنَّما لَهُ من مالِهِ ثلاثٌ: ما أكل فأَفْنَى، أو لبس فأبلى، أو أعطى، فاقتنى (¬8)، ما (¬9) سوى ذلك فهو ذاهِبٌ وتارِكُهُ للناس". ¬

_ (¬1) (قد): ليست في (ف). (¬2) مسلم: (2/ 730) (12) كتاب الزكاة (43) باب في الكفاف والقناعة - رقم (125). (¬3) الكفاف هو الذي لا يفضل عن الشئ، ويكون بقدر الحاجة إليه. (¬4) الترمذي: (4/ 449) (37) كتاب الزهد (37) باب ما جاء أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم - رقم (2354). (¬5) الترمذي: حديث صحيح. (¬6) مسلم: (4/ 2275) (53) كتاب الزهد والرقاق - رقم (9). (¬7) مسلم: نفس الكتاب السابق - رقم (4). (¬8) (فاقتنى) أي ادخر لآخرته، أي ادخر ثوابه. (¬9) مسلم: (وما) وكذا (ف).

وعن صهيب (¬1)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "عجباً لأمر المؤمنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ له (¬2) خير، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابتْهُ سرَّاءُ شكر، فكان خيراً لَهُ، وإن أصابتْهُ ضرَّاءُ صبر فكان خيراً له". البخاري (¬3)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أعْذَرَ الله إلى امرئٍ، أخَّرَ أجله حتى بَلَّغَهُ ستين سنة" (¬4). الترمذي (¬5)، عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لو أنكم كنتم تَوكَّلُونَ (¬6) على الله حق توكُّلِهِ، لرُزِقْتُم كما ترزق (¬7) الطير، تغدو خِمَاصاً وتروح بطاناً". قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. مسلم (¬8)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أيها الناس إنَّ الله طيب لا يقبلُ إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر بِهِ المرسلين. قال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (¬9). وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} (¬10) ثم ذكر ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2295) (53) كتاب الزهد والرقائق (13) باب المؤمن أمره كله خير - رقم (64). (¬2) (له): ليست في مسلم. (¬3) البخاري: (11/ 243) (81) كتاب الرقاق (5) باب من بلغ ستين سنة - رقم (6419). (¬4) أي لم يبق فيه موضعاً للاعتذار حيث أمهله طول هذه المدة ولم يعتذر، يقال: أعذر الرّجُل إذا بلغ أقصى الغاية من الحذر، وقد يكون أعذر بمعنى عذر. (¬5) الترمذي: (4/ 495) (37) كتاب الزهد (33) باب في التوكل على الله - رقم (3344). (¬6) (ف): (تتوكلون). (¬7) الترمذي: (يرزق) وكذا (ف). (¬8) مسلم: (2/ 703) (12) كتاب الزكاة (19) باب قبول الصدقة من الكسب الطيب - رقم (65). (¬9) المؤمنون: (51). (¬10) البقرة: (172).

الرَّجُلُ يُطِيلُ السفر، أشعث أغبر، يمد يديهِ إلى السماء، يا ربِّ يا ربِّ. ومطعمُهُ حرام، ومشربُهُ حرام، وملبسُهُ حرام، وغُذِيَ بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك؟ ". وعن أنس بن مالك (¬1)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حُفَّتِ الجنةُ بالمكارِهِ، وحُفَّتِ النَّارُ بالشَّهَوَاتِ". وعن أبي هريرة (¬2)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الدنيا سجن المؤمن وجنَّةُ الكافر". البخاري (¬3)، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نِعمَتَان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفراغُ". النسائي (¬4)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أكثروا ذكر هادِم اللذات: الموتِ" (¬5). مسلم (¬6) عن أبي هريرة أيضا قال: "إذا خرجت رُوحُ المؤمن تلقَّاها مَلَكان يصعدان بها (¬7) ". قال حمّاد: فذكر من طيب ريحها وذكر المسك. قال: "ويقول أهل السماء: رُوحٌ طيبةٌ جاءت من قبل الأرضِ، صلى الله عليكِ وعلى جسدٍ كنت تعمرينَهُ فيُنْطَلَقُ به إلى رَبِّهِ ثم يقول: انطلقوا به ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2174) (51) كتاب الجنة وصفة نعيمها - رقم (1). (¬2) مسلم: (4/ 2272) (53) كتاب الزهد والرقائق - رقم (1). (¬3) البخاري: (11/ 233) (81) كتاب الرقاق (1) باب ما جاء في الرقاق - رقم (6412). (¬4) النسائي: (4/ 4) (21) كتاب الجائز (3) كثرة ذكر الموت - رقم (1824). (¬5) (الموت): ليست في النسائي. (¬6) مسلم: (4/ 2202) (51) كتاب الجنة (17) باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه - رقم (75). (¬7) مسلم: (يصعدانها).

باب

إلى آخر الأجل". قال: "وإنَّ الكافر إذا خرجت رُوحُهُ - قال حماد وذكر من نتنها وذكر لعْناً- ويقول (¬1) أهل السماء: رُوحٌ خبيثةٌ جاءت من قبل الأرضِ، قال: فيقول (¬2): انطلقوا به إلى آخر الأجل". فردَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رَيْطةً (¬3) كانت عليه على أنفه هكذا. وعن ابن عمر (¬4)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أحدكم إذا مات عُرِض على (¬5) مقعَدِهِ بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنةِ، فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النارِ، فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدُكَ حتى ييعثك الله إليهِ يوم القيامة". مالك (¬6)، عن كعب بن مالك، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنِّما نَسَمَةُ (¬7) المؤمن طائر (¬8) يَعْلَقُ في شجر الجنة، حتى يرجعَهُ الله إلى جسدِهِ يوم يبعثُهُ". باب النسائي (¬9)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

_ (¬1) (ف): (فيقول). (¬2) مسلم: (فيقال). (¬3) هو الثوب الرقيق. (¬4) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (65). (¬5) مسلم: (عليه). (¬6) الموطأ: (1/ 240) (16) كتاب الجنائز (16) باب جامع الجنائز - رقم (49). (¬7) النسمة: النفس والروح. (¬8) الموطأ: (طير). (¬9) النسائي: (4/ 112) (21) كتاب الجنائز (117) أرواح المؤمنين - رقم (2078).

"قال الله تبارك وتعالى (¬1): كذَّبني ابنُ آدم، ولم يكن ينبغي (¬2) لَهُ أن يُكَذِّبَنِي، وشتمني ابن آدم، ولم يكن ينبغى لَهُ أن يشتمني، أمَّا تكذيبُهُ إيّاي، فقولُه: إني لا أُعِيدُهُ كما بدأتُهُ، وليس آخر الخلق بأعزّ عليَّ من أولِهِ. وأما شتمُهُ إيّايَّ فقولُهُ: اتخذ الله ولداً، وأنا الله أحدٌ (¬3) الصمدُ، لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفواً أحد". خرجه البخاري (¬4) أيضا. مسلم (¬5) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بين النفختين أربَعُونَ"، قالوا: يا أبا هريرة! أربعون يوماً؟ قال: أَبَيْتُ (¬6)، قالوا: أربعون شهراً؟ قال أُبَيْتُ، قالوا: أربعون سنة؟، قال: أَبَيْتُ. "ثم ينزل (¬7) من السماء ماء فينبُتُون كما ينبتُ البقلُ". قال: "وليس من الإنسان شيء إلا يبلى، إلا عظماً واحِدا وهو عَجْبُ الذَّنَب (¬8)، وفيه (¬9) يُرَكَّبُ الخلق يوم القيامة". وفي طريق آخر (¬10): "منه خُلِقَ وفيه يُرَكَّبُ". وعن جابر بن عبد الله (¬11)، قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) النسائي: (-عَزَّ وَجَلَّ-). (¬2) (ينبغي): ليست في (ف). (¬3) النسائي: (الأحد) وكذا (د). (¬4) البخاري: (8/ 611) (65) كتاب التفسير (112) سورة قل هو الله أحد .. - رقم (4974). (¬5) مسلم: (4/ 2270) (52) كتاب الفتن (28) باب ما بين النفختين - رقم (141). (¬6) أي أبيت أن أجزم بأن المراد أربعون يوماً أو شهراً أو سنة. (¬7) مسلم: (يُنْزِل الله). (¬8) (عجب الذنب) أي العظم اللطيف الذي في أسفل الصلب، وهو رأس العصعص، ويقال له: عجم، بالميم، وهو أول ما يخلق من الآدمي، وهو الذي يبقى منه ليعاد تركيب الخلق عليه. (¬9) مسلم: (منه). (¬10) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (142). (¬11) مسلم: (4/ 2206) (51) كتاب الجنة (19) باب الأمر بحسن الظن بالله - رقم (83).

يقول: "يُبْعَثُ كلُّ عبدٍ على ما مات عليهِ". وعن سهل بن سعد (¬1)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يُحْشَرُ الناس يوم القيامة على أرضٍ بيضاءَ، عفراءَ، كقُرْصَةِ النَّقيِّ، ليس فيها عَلَمٌ لأحد". وعن عائشة (¬2)، قالت: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يُحْشَرُ النَّاسُ يوم القيامةِ، حفاةً عُراةً غُرْلاً" قلت: يا رسول الله! الرجال والنساء (¬3) جميعاً، ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: "يا عائشة! الأمْرُ أشدُّ من أن ينظر بعضهم إلى بعضٍ". وعن سليم بن عامر (¬4)، قال: حدثني المقدادُ بن عمرو قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "تُدْنى الشمس، يوم القيامة، من الخلقِ، حتى تكون منهم كمقدار ميلٍ". قال سليم بن عامر: فواللهِ ما أدري ما يعني بالميل؟ أمسافة الأرض، أو الميل الذي تُكْتَحَلُ بِه العينُ. قال: "فيكون الناس على قدر أعمالهم في العَرَق، فمنهم من يكون إلى كعبيهِ، ومنهم من يكون إلى رُكبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يُلْجِمُهُ العرقُ إلجاماً"، وأشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده إلى فيهِ. قاسم بن أصبغ، عن أبي برزَةَ الأسلمي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة، حتى يُسأل عن أربع، عن عمره ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2150) (50) كتاب صفات المنافقين (2) باب في البعث والنشور - رقم (28). (¬2) مسلم: (4/ 2194) (51) كتاب الجنة (14) باب فناء الدنيا - رقم (56). (¬3) مسلم: (النساء والرجال). (¬4) مسلم: (4/ 2196) (51) كتاب الجنة (15) باب في صفة يوم القيامة - رقم (62).

فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن علمه ما عمل فيه، وعن ماله من أين كَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ". خرجه الترمذي أيضاً (¬1). وقال: حديث حسنٌ صحيحٌ. مسلم (¬2)، عن صفوان بن محرز قال: قال رجلٌ لابن عمر: كيف سمعتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ في النجوى؟ قال سمعته يقول "يُدْنَى المؤمن من ربه يومَ القيامة (¬3) حتى يَضَعَ عليه كَنَفَهُ (¬4)، فيقرِّرُهُ بذنوبه، فيقول: هل تعرف؟ فيقول: رب (¬5) أعرف، قال فإنِّى قد سترتُهَا عليك في الدنيا، وإنِّي أغفرها لك اليوم، فَيُعْطى صحيفة حسناتِهِ. وأمَّا الكفار والمنافقون فيُنَادى بهم على رؤوس الخلائِقِ: هؤلاء الذين كذبوا على الله". وعن أبي ذرٍّ (¬6)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي لأعلم آخر أهل الجنة دُخولاً الجنة، وآخر أهل النَّار خُرُوجاً منها، رجلٌ يُؤْتَى به يوم القيامةِ، فيقال: اعرضوا عليه صغار ذُنُوبه، وارفعوا عنه كِبَارَهَا، فتُعْرَضُ عليه صِغارُ ذنوبِهِ، فيُقال: عملت يوم كذا وكذا، كذا وكذا، وعملت يوم كذا وكذا، كذا وكذا، فيقول: نعم، لا يستطع أن يُنْكِرَ، وهو مشفقٌ من كبار ذنوبه أن تُعْرَضَ عليهِ، فيُقَالُ (¬7): إنَّ لك مكان كل سيئةٍ حسنةً، فيقول ربِّ قد عملت أشياء لا أراها ها هنا". ¬

_ (¬1) الترمذي: (4/ 529) (38) كتاب صفة القيامة (1) باب في القيامة رقم (2417). (¬2) مسلم: (4/ 2120) (49) كتاب التوبة (8) باب قبول توبة القاتل - رقم (52). (¬3) مسلم: (يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه -عَزَّ وَجَلَّ-). (¬4) هو ستره وعفوه. (¬5) مسلم: (أي رب) وفي (د): (رب اغفر) و (رب): ليست في (ف). (¬6) مسلم: (1/ 177) (1) كتاب الإيمان (84) باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها - رقم (314). (¬7) مسلم: (فيقال له).

فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحك حتي بدت نواجِذُهُ. وعن أبي هريرة (¬1) قال، قالوا يا رسُولَ الله - هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال "هل تُضَارُّون في رؤيةِ الشمس في الظهيرة، ليست (¬2) في سحابةٍ؟ " قالوا": لا. قال "فهل تُضَارُّون في رؤيةِ القمر ليلة البدر، ليس في سحابةٍ؟ " قالوا لا. قال "فوالذي (¬3) نفسي بيدِهِ لا تضارُّونَ في رؤية ربكم، إلا كما تضارُّون في رؤيةِ أحدهما. قال: فيلقى العبدَ فيقول: أي فُلْ (¬4)، ألم أُكرمك وأُسوِّدْكَ، وأُزوِّجك، وأُسخِّر لك الخيل والإِبل، وأذَرْكَ ترأَس وتربَعُ (¬5)؟ فيقول (¬6) بلى. قال: فيقول: أفظننت أنك مُلاَقِيَّ؟ فيقول: لا. فيقول: فإني أنساك كا نسيتني. ثم يلقى الثاني فيقول أي فُلْ، ألم أكرمك، وأُسوِّدْكَ، وأزوجك، وأسخر لك الخيل والإِبل، وأذَرْكَ ترأسُ وتَرْبَعُ؟ فيقول: بلى (¬7). قال: فيقول: أفظننتَ أنك مُلَاقِىَّ؟ فيقول: لا. فيقول: فإنّي (¬8) أنساك كما نسيتني. ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك، فيقول: يا رب آمنت بك وبكتابِكَ وبرسلك وصلَّيْتُ وصُمْتُ وتصدَّقْتُ ويثني بخيرٍ ما استطاع فيقول: ها هنا إذاً. قال: ثم يقال لَهُ: الآن نبعث شاهداً عليك، ويتفكَّرُ في نفسِهِ مَنْ ذا الذي يشهدُ عليَّ؟ فيُخْتَمُ على فِيهِ، ويقال لفخذه (¬9): انطِقِي، فتنطق فخِذُه ولحمه وعظامه بِعَملِهِ، وذلك لِيُعْذِرَ من نفسه، وذلك المنافق؛ وذلك الذي ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2279) (53) كتاب الزهد - رقم (16). (¬2) (ف): (وليست). (¬3) (ف): (والذي). (¬4) معناه: يا فلان، وهو ترخيم على خلاف القياس. (¬5) أي تأخذ المرباع الذي كانت ملوك الجاهلية تأخذه من الغنيمة وهو ربعها ومعناه: ألم أجعلك رئيساً مطاعاً. (¬6) (ف): (قال: فيقول). (¬7) مسلم: (بلى، أي رب). (¬8) (ف): (إني). (¬9) مسلم (لفخذه ولحمه وعظامه).

سخط (¬1) الله عليه". وعن أبي هريرة (¬2) - أيضاً، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "أتدرون ما المُفْلِسُ؟ " قالوا: المفلس فينا من لا درهم لَهُ ولا متاع، قال: "إنَّ المفلس من أُمَّتي: يأتي يوم القيامةِ بصلاة وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دَمَ هذا، وضرب هذا، فَيُعْطَى هذا من حسناتِهِ وهذا من حسناتِهِ، فإنْ فَنِيَتْ حسناتُهُ قبل أن يُقْضَى ما عليه أُخِذَ من خطاياهم فَطُرِحَتْ عليهِ ثم طُرِح في النارِ". البخاري (¬3)، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "يخلُصُ المؤمنون من النار، فيُحبسون على قنطرةٍ بين الجنة والنار، فَيُقصُّ لبعضهم من بعض، مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هُذِّبوا ونُقوا، أُذن لهم في دخول الجنة، فو الذي نفس محمدٍ بيده لأحدُهم أهدَى بمنزلِهِ في الجنة منه بمنزلِهِ كان في الدنيا". مسلم (¬4) عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَتؤَدُّنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يُقادَ للشاة الجلْحاء من الشاة القرْناء". وعن عائشة (¬5)، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "من حُوسِبَ، يوم القيامةِ، عُذِّبَ". فقلت: أليس قد قال الله: {يُحَاسَبُ (¬6) حِسَابًا يَسِيرًا}؟ فقال: "ليس ذلك الحساب وإنما ذلك (¬7) ¬

_ (¬1) مسلم: (يسخط). (¬2) مسلم: (4/ 1997) (45) كتاب البر والصلة (15) باب تحريم الظلم - رقم (59). (¬3) البخاري: (11/ 403) (81) كتاب الرقاق (48) باب القصاص يوم القيامة - رقم (6535). (¬4) مسلم: (4/ 1997) (45) كتاب البر والصلة (15) باب تحريم الظلم - رقم (60). (¬5) مسلم: (4/ 2204) (51) كتاب الجنة (8) باب إثبات الحساب - رقم (71). (¬6) مسلم: (قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: فسوف يحاسب) والآية من سورة الإنشقاق: (8). (¬7) مسلم: (ليس ذاك الحساب، إنما ذاك العرض).

العرضُ، من نُوقِشَ (¬1) الحساب يوم القيامةِ عُذِّب". وعن ابن أبي مُلَيْكة (¬2) قال؟ قال عبد الله بن عمرو بن العاصي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "حوضى مسيرةُ شهرٍ، وزوايَاهُ سواءٌ، وماؤه أبيض من الورق، وريحُهُ أطيب من المسكِ، كِيزانه (¬3) كنجوم السماءِ؛ فمن (¬4) شرب منه فلا يظمأ بعدَهُ أبداً" قال: وقالت أسماء ابنة أبي بكر: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي على الحوض حتى أنظر من يَرِدُ عليَّ منكم، وسَيُؤخَذُ أُناسٌ دُوني، فأقولُ: يا ربِّ، مِنِّي ومن أمَّتي، فيقالُ: أما شعرت ما عملوا بعدَكَ؟ واللهِ ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم". قال: فكان ابن أبي مُليكة يقول: اللهم إنَّا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو أن (¬5) نفتن عن ديننا. وعن أبي سعيدٍ الخدري (¬6)، أنَّ ناساً في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسول الله - هل نرى ربنا يوم القيامةِ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم. هل تضارُّون في رؤية الشمس بالظهيرة صحواً ليس معها سحاب؟ وهل تضارُّون في رؤية القمر اليلة البدر صحواً ليس فيها سحاب؟ " قالوا: لا يا رسول اللهِ، قال"ما تضارُّون في رؤية اللهِ تبارك وتعالى يوم القيامةِ، إلَّا كما تضارون في رؤية أحدهما. إذا كان يوم القيامةِ، أذَّنَ مؤذنٌ: لتتبعَ (¬7) كلُّ أُمةٍ ما كانت تعبُدُ، فلا ¬

_ (¬1) (نوقش) أي استقْصِيَ عليه. (¬2) مسلم: (4/ 1794) (43) كتاب الفضائل (9) باب إثبات حوض نبينا - صلى الله عليه وسلم - وصفاته - رقم (27). (¬3) مسلم: (وكيزانهم). (¬4) (ف): (من). (¬5) (ف): (وأن). (¬6) مسلم: (1/ 167) (1) كتاب الإيمان (81) باب معرفة طريق الرؤية - رقم (302). (¬7) مسلم: (ليتبع).

يبقى أحدٌ، كان يعبُدُ غير اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- (¬1) - من الأصنام والأنصابِ، إلا يتساقَطُونَ في النَّارِ، حتى إذا لم يبقَ إلا من كان يعبُدُ اللهَ مَنْ بَرٍّ وفاجرٍ، وغُبَّرِ (¬2) أهل الكتاب. فيُدعى اليهود فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنَّا نعبدُ عُزَير بن اللهِ. فيقالُ لهم (¬3) كذبتم ما اتَّخَذَ اللهُ من صاحبةٍ ولا ولدٍ. فماذا تبغون؟ قالوا: عَطِشْنَا يا رب (¬4) فاسقِنَا. فيُشار إليهم: ألا تَرِدُونَ؟ فيحشرون إلي النار كأنَّها سرابٌ يحطِمُ بعضها بعضاً، فيتساقطون في النَّارِ، ثم يُدْعَى (¬5) النَّصَارَى، فيقالُ لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنَّا نعبُدُ المسيحَ بن اللهِ، فيقال لهم: كذبتُم، ما اتخذ الله من صاحبةٍ ولا ولدٍ؛ فيقال لهم: ماذا تبغون؟ قالوا عطشنا، يا رب (¬6) فاسْقِنَا. قال: فيشار إليهم: ألا ترِدُون؟ فيحشرون إلى جهنم كأنَّها سرابٌ يحطِمُ بعضُها بعضاً، فيتساقطُون في النّارِ، حتى إذا لم ييق إلا من كان يعبُدُ الله من بَرٍّ وفاجرٍ، أتاهُم رب العالمين -تبارك وتعالى- (¬7) في أدنى صورةٍ من التي رَأّوهُ فيها، قال فما تنتظرون؟ تَتْبَعُ (¬8) كلُّ أمةٍ ما كانت تعبُدُ. قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاجهم. فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، لا نُشْرِكُ بالله شيئاً (مرتين أو ثلاث) حتى إنَّ بعضهم ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آيةٌ فتعرفونَهُ بها؟؛ فيقولون: نعم، فَيُكْشَفُ عن ساقٍ، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاءِ نفسِهِ إلا أَذِنَ الله له بالسجود (¬9)؛ ولا يبقى من كان يسجد ¬

_ (¬1) مسلم: (سبحانه). (¬2) أي بقاياهم، جمع غابر. (¬3) (لهم): ليست في مسلم وكذا (د). (¬4) مسلم: (يا ربنا). (¬5) (ف): (فيدعي). (¬6) مسلم: (يا ربنا). (¬7) مسلم: (سبحانه وتعالى). (¬8) (ف): (لتتبع). (¬9) (ف): (في السجود).

اتَّقاءً ورياءً إلا جعل اللهُ ظهره طبقةً واحدةً كلما أراد أن يسجُدَ خرَّ على قفاهُ، ثم يرفعون رؤوسَهُمْ وقد تحوَّل في صورتهِ التي رَأَوْهُ فيها أول مرةٍ، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربُّنا، ثم يُضرب الجسْرُ على جهنم، وتحِلُّ الشفاعَةُ، ويقولون: اللهم سَلِّمْ سَلِّمْ". قيل: يا رسول الله! وما الجسْرُ؟ قال: "دحضٌ مَزَلَّةٌ (¬1) فيها خطاطِيفُ وكلاليبُ وحَسَكَة (¬2)، تكون بنجْدٍ فيها شُوَيْكَةٌ يقال لها السَّعْدَانُ، فيمر المؤمنون كطرف العينِ، وكالبرقِ، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الخيلِ، والرَّكاب (¬3)، فناجٍ مُسلَّمٌ، ومخدوشٌ مُرْسَلٌ، ومُكَردس (¬4) في نار جهنم، حتى إذا خلص المؤمنون من النَّارِ، فوالذي نفسي بيدِهِ ما من أحدٍ منكم (¬5) بأشدَّ مُنَاشَدَةً لله في استقصاء (¬6) الحقِّ، من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهمُ الذين في النار، يقولون: ربَّنا كانوا يصُومُون معنا ويُصلُّون (¬7) ويحُجُّونَ، فيقال لهم: أخرجوا من عرفتُم، فتُحَرَّمُ صورُهُم على النَّار، فيخرجون خلقاً كثيراً قد أخذتِ النارُ إلى نصف ساقيهِ وإلى ركبتيهِ، فيقولون (¬8): ربنا ما بقى فيها أحدٌ ممن أمرتنا بِهِ، فيقول: ارجعوا فمن وجدتُم في قلبِهِ مثقال دِينارٍ من خيرٍ، فأخرجُوهُ، فَيُخْرِجُونَ خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها أحداً ممن أمرتنا.، ثم يقول: ارجعوا في وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خيير فأخرجُوه، فيُخْرجُون ¬

_ (¬1) الدحض والمزلة بمعنى واحد، وهو الموضع الذي تزل فيه الأقدام ولا تستقر، ومنه دحضت الشمس أي مالت، وحجة داحضة أي لا ثبات لها. (¬2) مسلم: (حسك). والحسك شوك صلب من حديد. (¬3) (الركاب) الإبل. (¬4) مسلم: (مكدوس). والمعنى أنهم ثلاثة أقسام: قسم يسلم فلا يناله شيء أصلاً،:وقسم يخدش ثم يرسل فيخلص وقسم يكردس ويلقى فيسقط في جهنم. (¬5) مسلم: (ما منكم من أحدٍ). (¬6) (د، ف) (استيفاء). (¬7) (د): (يصلون معنا ويصومون). (¬8) مسلم: (ثم يقولون) وكذا (د).

خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربنا لم نذر أحداً. مِمَّنْ أمرْتَنَا (¬1). ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقالَ ذرةٍ من خيرٍ فأخرجُوهُ، فيُخْرِجُوَن خلقاً كثيراً، ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها خيراً". وكان أبو سعيد الخدري (¬2) يقول: إنْ لم تُصدِّقُوني بهذا الحديث فاقرأُوا إنْ شئتم: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} (¬3). "فيقولُ اللهُ عَزّ وجلَّ: شفعتِ الملائكةُ وشَفَعَ النبيِّون وشفع المؤمنون، ولم ييق إلا أرحم الراحمين، فيقبضُ قبضةً من النَّار، فيُخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط قد عادُوا حُمَماً فيلقيهم في نهرٍ في أفواهِ الجنة يقالُ لَهُ نهر الحياةِ، فيخرُجُونَ كما تخرج الحبَّةُ في حَمِيل السَّيْلِ (¬4)، ألا ترونها تكون إلى الحَجَرِ و (¬5) إلى الشجر، ما يكونَ إلى الشمس يكون (¬6) أُصَيْفِر وأُخيضر، وما يكون منها (¬7) إلي الظل يكون أبيض؟ " فقالوا: يا رسول الله! كأنك كنت ترعى بالبادية (¬8) - "فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتيم (¬9) يعرفهم أهلُ الجنةِ- هؤلاء عُتَقَاءُ اللهِ الذين أدخلهُم الجنة (¬10) بغير عمل عَمِلُوُه ولا خيرٍ قدَّموهُ، ثم ¬

_ (¬1) (د، ف): (لم نذر ممن أمرتنا أحداً). (¬2) (الخدري). ليست في (ف). (¬3) النساء: (4). (¬4) الحبهَ في حميل السيل: الحبة بالكسر، بذور البقول وحب الرياحين، وقيل: هو نبت صغير ينبت في الحشيش. وحميل السيل: هو ما يجيء به السيل من طين أو غثاء وغيره فإذا اتفقت فيه حبة واستقرت على شط مجرى السيل فإنها تنبت في يوم وليلة، فشبه بها سرعة عود أبدانهم وأجسامهم إليهم بعد إحراق النار لها. (¬5) مسلم: (أو). (¬6) (يكون): ليست في (ف). (¬7) (منها): ليست في (ف). (¬8) (ف): (في البادية). (¬9) مسلم: (الخواتم). (¬10) مسلم: (أدخلهم الله الجنة) وكذا (د).

يقول: ادخلوا الجنَّة فما رأيتمُوهُ فهو لكم، فيقولون: ربنا أعطيتنا ما لم تُعْطِ أحداً من العالمين، فيقول: لِكُمْ عِنْدي أَفْضَلُ مِنْ هَذَا، فيقولون: يا ربنا أيُّ شيءٍ أفضل من هذا (¬1)؟ فيقول: رِضَايَ فلا أسخط عليكم بعدَهُ أبداً". مسلم (¬2)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- لمَّا قضى الخلق كتب عنده فوق عرشهِ، إنَّ رحمتي سبقت غضبي". وفي طريق آخر (¬3): "إنّ رحمتي تغلِبُ غضبي". وعن أبي سعيد (¬4)، أنَّ ابن صيَّاد سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تُربة الجنة؟ فقال: "دَرْمَكَةٌ (¬5) بيضاءُ، مسك خالص". وعن أبي موسى (¬6)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "جنَّتان من ذهب (¬7) آنيتُهُما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتُهُما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم، إلَّا رِدَاءُ الكبرياءِ على وجهه في جنَّةِ عدنٍ". الترمذي (¬8)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "قال الله -عَزَّ وَجَلَّ- (¬9): أعددتُ لعبادى الصالحين مالا عينٌ رأتْ ولا أُذُنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، اقرأوا (¬10) إنْ شئتم {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِي ¬

_ (¬1) (د): (منها). (¬2) لم أجد هذا اللفظ في مسلم وقد روى نحوه في: (4/ 2108) (49) كتاب التوبة (4) باب في سعة رحمة الله تعالى. (¬3) نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (16). (¬4) مسلم: (4/ 2243) (52) كتاب الفتن (19) باب ذكر ابن صياد - رقم (93). (¬5) الدرمك: هو الدقيق الحواري الخالص البياض. (¬6) مسلم: (1/ 163) (1) كتاب الإيمان (80) باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة - رقم (296). (¬7) مسلم: (من فضة .... ، وجنتان من ذهب ....). (¬8) الترمذي: (5/ 373) (48) كتاب تفسير القرآن. (56) باب ومن سورة الواقعة رقم (3292). (¬9) الترمذي: (يقول الله). (¬10) الترمذي: (واقرأوا).

لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (¬1). وفي الجنة شجرة يسير الراكِبُ في ظلّها مائة عامٍ لا يقطَعُها، واقرأُوا إن شئتم: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} (¬2) وموضِعُ سَوْطٍ في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها, واقرأوا إن شئتم: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} " (¬3). وقال أبو عيسى: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ. البخاري (¬4)، عن أنسٍ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو أنَّ امرأةً من أهل الجنة اطَّلَعَت إلى أهل الأرض لأضاءَتْ مابينهما ولملأتْهُ ريحاً، ولنَصِيفُها (¬5) على رأسها خيرٌ من الدنيا وما فيها". الترمذي (¬6)، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لمَّا خلق الله الجنَّة والنَّار، أرسلَ جبريلَ إلى الجنة فقال: انظر إليها وإلى ما أعْدَدْتُ لأهلِهَا فيها، قال: فجاءَهَا ونظر إليها، وإلى ما أعدَّ الله لأهلها فيها، قال: فَرَجَعَ إليهِ، قال: فَوَعِزَّتِكَ لا يسمعُ بها أحدٌ إلَّا دخلها، فأمر بها فحُفَّتْ بالمكارِهِ، فقال: ارجع إليها فانظر إلى ما أعددت لأهلها فيها، فقال: فرجع إليها فإذا هي قد حُفَّتْ بالمكاره، فرجع إليه فقال: وعزتك لقد خِفْتُ ألَّا يدخلها أحد. فقال: اذهب إلى النَّارِ، فانظر إليها وإلى ما أعددتُ لأهلها فيها، فإذا هي يَرْكَبُ بعضها بعضاً، فرجع إليه فقال: وعزَّتِكَ لا يسمع بها أحدٌ فيدخلها، فأمر بها فحُفَّتْ ¬

_ (¬1) السجدة: (17). (¬2) الواقعة: (30). (¬3) آل عمران: (185). (¬4) البخاري: (6/ 19) (56) كتاب الجهاد والسير (6) باب الحور العين وصفتهن - رقم (2796). (¬5) النصيف: الخمار. (¬6) الترمذي: (4/ 598) (39) كتاب صفة الحنة (21) باب ما جاء حفت الجنة بالمكاره - رقم (2560).

بالشهواتِ، فقال: ارجع إليها، فرجع إليها فقال: وعزَّتِكَ لقد خشيتُ أن لا ينجو منها أحد إلَّا دخلها". قال: حديث حسنٌ صحيحٌ. مسلم (¬1)، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُؤتَى بجهنَّمَ يومئذٍ لها سبْعُون ألف زِمَامٍ، مع كل زمامٍ سبعون ألف مَلَكٍ يجُرُّونها". وعن أبي هريرة (¬2)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "نارُكُمْ هذِهِ التي يُوقِدُ ابن آدم، جُزءٌ من سبعين جُزءاً من نار (¬3) جهنم" قالوا: والله إنْ كانت لكافيةً، يارسول الله. قال: "فإنها (¬4) فُضِّلت علها بتسعةٍ وستين جزءًا، كُلُّها مِثل حَرِّها". وعن أنس بن مالك (¬5)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار، يوم القيامةِ، فيصبغُ في النار صَبْغة ثم يقال: يا ابن آدم! هل رأيت خيراً قط؟ هل مَرَّ بك نعيمٌ قط؟ فيقولُ: لا، والله ياربِّ؛ ويُؤتَى بأشدِّ الناس بُؤساً في الدنيا، من أهل الجنةِ، فيُصْبَغُ صَبْغةً في الجنةِ، فيقال له: يا ابن آدَمَ هل رأيتَ بُؤسا قط؟ هل مَرَّ بك شِدَّةٌ قطُّ؟ فيقول: لا واللهِ يارب، ما مَرَّ بي بُؤْسٌ، ولا رأيتُ شِدَّةً قطٌّ". ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2184) (51) كتاب الجنة وصفة نعيمها (12) باب في شدة حر نار جهنم - رقم (29). (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (30). (¬3) مسلم: (حرّ). (¬4) (ف): (إنها). (¬5) مسلم: (4/ 2162) (50) كتاب صفات المنافقين (12) باب صبغ أنعم أهل الدنيا في النار - رقم (55).

الترمذي (¬1)، عن ابن عباس، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه الآية: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (¬2). قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أنَّ قطرةً من الزقوم قُطِرتْ في الدنيا لأفسدتْ على أهل الدنيا معايِشَهُمْ، فكيف بمن تكون (¬3) طعامه". قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. مسلم (¬4)، عن النعمان بن بشير، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أهون أهلِ النَّارِ عذاباً من لَهُ نعلانِ وشِراكان من نارٍ، يغلى منهما (¬5) دِمَاغُهُ كما يغلي المِرْجلُ، ما يرى أن أحداً أشدُّ مِنْهُ عذاباً، وإنَّهُ لأهونُهُمْ عذاباً". وعن أبي سعيد الخدري (¬6) قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يقول الله -عَزَّ وجل: يا آدم! فيقول: لبّيك وسعْدَيْكَ، والخيرُ في يديْكَ، قال: يقولُ: أخْرِجْ بعث النار، قال ة وما بعثُ النار؟ قال: من كل ألفٍ تسعمائةٍ وتسعةً وتسعين. قال: فذاك حين يشيبُ الصغير {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} (¬7) قال: فاشتدَّ ذلك عليهم، فقالوا يا رسُولَ الله! أيُّنا ذلك الرجل؟ فقال (¬8): "أبشروا، فإنَّ من يأجُوجَ ومأجوج ألفٌ ومنكما رجلٌ". ¬

_ (¬1) الترمذي: (4/ 609) (40) كتاب صفة جهنم (4) باب ما جاء في صفة شراب أهل النار - رقم (2585). (¬2) آل عمران: (102). (¬3) الترمذي: (يكون) وكذا (د). (¬4) مسلم: (1/ 196) (1) كتاب الإيمان (91) باب أهون أهل النار عذاباً - رقم (364). (¬5) (ف): (منها). (¬6) مسلم: (1/ 201) (1) كتاب الإيمان (96) باب قوله "يقول الله لآدم أخرج بعث النار - رقم (379). (¬7) الحج: (2). (¬8) (ف). (قال).

قال: [قال: "والذي نفسي بيدِهِ إنِّي لأطمعُ أن تكونوا رُبْعَ أهلِ الجنة"، فحمدنا الله -عَزَّ وجل وكبَّرنا] (¬1) ثم قال: "والذي نفسي بيده، إنَّي لأطمعُ (¬2) أن تكونوا ثلث أهل الجنة"، فحمدنا الله --عَزَّ وجل- وكبرنا، ثم قال: "والذي نفسي، بيده، إنِّي لأطمع أن تكونوا شَطْرَ أهل الجنةِ. إن مَثَلَكُمْ في الأمم كمثل الشعرةِ البيضاء في جلد الثَّوْرِ الأسودِ، وكالرَّقَمةِ (¬3) في ذراع الحمار". وعن أبي سعيد الخدري (¬4) أيضاً، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُجَاءُ بالموْت يومَ القيامةِ كأنه كبشٌ أمَلحُ فيُوقف بين الجنةِ والنار، فيُقال: يا أهل الجنةِ! هل تعرفون هذا؟ قال: فيشرئِبُّونَ وينظرون، ويقولون: نعم، هذا الموت. قال: ثم يقال: يا أهل النَّار هل تعرفون هذا؟ قال: فيشرئِبُّون وينظرون ويقولون: نعم، هذا الموت. قال: فيُؤمر بِهِ فيُذْبَح. قال: ثم يقال: يا أهل الجنة! خُلُودٌ فلا (¬5) موتَ، ويا أهل النار خُلُودٌ فلا (1) موت". ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} (¬6). وأشار بيدِهِ إلى الدُّنْيَا. ¬

_ (¬1) ما بين المعكوفتين سقط من (ف). (¬2) (ف): (لأرجو). (¬3) الرقمتان في الحمار هما الأثران في باطن عضديه وقيل الرقمة هي الدائرة في ذراعيه، وقيل: هي الهنة الناتئة في ذراع الدابة من داخل. (¬4) مسلم: (4/ 2188) (51) كتاب الجنة (13) باب النار يدخلها الجبارون - رقم (40). (¬5) (ف): (بلا). (¬6) مريم (39).

باب في السعادة والشقاوة والمقادير

باب في السعادة والشقاوة والمقادير مسلم (¬1)، عن عبد الله بن مسعود قال: حدَّثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصَّادِقُ المصدوق: "إنَّ أحدَكُم يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بطن أُمِّهِ (¬2) أربعين يوماً، ثم يكون في ذلك علقهً مثلَ ذلك، ثم يكون في ذلك مُضغةً مثلَ ذلك، ثم يرسِلُ الله (¬3) المَلَكَ فينفُخُ فيه الرُّوحَ، ويُؤمَرُ بأربعِ كلماتٍ: فيكتَبُ ا (¬4) رزقهُ، وأجَلهُ وعَمَلُهُ، وشقىٌّ أو سعيدٌّ. فو الذي لا إله غيره إنَّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكونُ بينَهُ وبينها إلا ذراعٌ فيسبِقُ عليه الكتابُ فيعملُ بعملِ أهل النار، فيدخلها؛ وإن أحدَكم ليعملُ بعملِ أهل النَّارِ حتى ما يكون بينَهُ وبينها إلا ذراعٌ فيسبقُ عليه الكتابُ، فيعملُ بعملِ أهل الجنة فيدخلُهَا". وعن علي بن أبي طالب (¬5)، قال: كُنَّا في جنازةٍ في بقيع الغَرْقَدِ؛ فأتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقعدَ وقعدنا حولَهُ، ومعه مِخْصَرَةٌ (¬6)، فنكسَ، ثم جعل (¬7) ينكُتُ بِمِخْصَرتِهِ ثم قال: "ما منكم من أحدٍ، ما من نفسٍ منفوسَةٍ، إلَا وقد كُتِبَ (¬8) مكانها من الجنة والنَّار، وإلَّا وقد كُتِبَتْ شقيةً أو سعيدةً" قال: فقال: رجلٌ: يا رسول الله! أفلا نمكث على كتابنا ونَدَعُ العملَ؟ فقال: "من كان من أهل السعادةِ، فسيصير إلى عَمَلِ أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة". فقال: "اعملوا ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2036) (46) كتاب القدر (1) باب كيفية الخلق الآدمي - رقم (1). (¬2) (في بطن أمه): ليست في (ف). (¬3) مسلم: (ثم يُرْسَلُ الملكُ). (¬4) مسلم: (بكتب). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (6). (¬6) هو كل ما أخذه الإنسان بيده واختصره من عصا لطيفة وعكاز لطيف وغيرهما. (¬7) (ف): (فنكس وجعل). (¬8) مسلم: (كتب الله).

فكلٌ ميسَّرٌ أما أهل السعادة فيُيَسرَّون (¬1) لعمل أهل السعادة وأما أهل الشقاوة فيُيَسَّرون (1) لعمل أهل الشقاوةِ" ثم قرأ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} (¬2). وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي (¬3) سمعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول "إنَّ قلوبَ بني آدم كُلَّها بين إِصْبَعَيْنِ من أصابع الرحمن، كَقَلْبٍ واحدٍ، يُصَرِّفهُ حيث يشاءُ". ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم مُصرِّفَ القُلُوبِ، صَرِّف قلوبنا على طاعتك". وعن أبي هريرة (¬4)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "المؤمن القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمن الضعيف، وفي كل خيرٌ. احرص على ما ينفعُكَ، واستعن بالله ولا تَعْجَزْ، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل: لولا أَنِّي فعلتُ لكان (¬5) كذا وكذا، ولكن قل: قَدَرُ اللهِ وما شاء فعل، فإنَّ لو تفتحُ عمل الشيطان". وعن طاوُسٍ (¬6)، قال: أدركتُ ناساً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقولون: كُلُّ شيءٍ بقَدَرٍ. وقال: وسمعتُ عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) (ف): (فسييسرون). (¬2) الليل: (5 - 10). (¬3) مسلم: (4/ 2045) (46) كتاب القدر (3) باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء - رقم (17). (¬4) مسلم: (4/ 2052) (46) كتاب القدر (8) باب في الأمر بالقوة وترك العجز - رقم (34). (¬5) مسلم: (كان ...). (¬6) مسلم: (4/ 2045) (46) كتاب القدر (4) باب كل شيء بقدر - رقم (18).

وسلم -: "كُلُّ شيء بقدرٍ حتى العَجْز والكَيْسُ، أو الكَيْسُ والعَجْزُ" (¬1). وعن أبي هريرة (¬2)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تحاجَّ آدم وموسى، فحجَّ آدمُ موسى، فقال له موسى: أنت آدمُ الذي أغويت النَّاسَ وأخرجتَهُمْ من الجنة؟، فقال آدم: أنت (¬3) الذي أعطاهُ اللهُ عِلْم كل شيءٍ، واصطفَاهُ علي الناسٍ برسالَتِهِ؟ قال: نعم، قال: أتلومني (¬4) على أمرٍ قُدِّر عَليَّ قبل أن أُخْلَق". وعن أبي هريرة (¬5) - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كُتِبَ على ابن آدَمَ نصيبُهُ من الزنى، مُدْرِكٌ ذلك لا محالةَ؛ العينان زِنَاهُمَا النظر، والأذنان زِنَاهُمَا الإستمَاعُ، واللسان زنَاهُ الكلامُ واليدُ زناها البطشُ، والرجل زناها الخُطَا، والقلب يَهْوَى ويتمنَّى، ويُصَدِّقُ ذلك الفرج ويُكذِّبُهُ". وعن أبي هريرة (¬6) أيضا، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ما من مولُودٍ إلًا و (¬7) يولد على الفطرَةِ، أبواه (¬8) يُهوِّدَانِهِ وينصِّرانِهِ ويمجِّسَانِهِ، كما تُنْتَجُ البهيمةُ بهيمةً جمعاء (¬9)، هل تُحِسُّونَ فيها من جَدْعَاءَ؟ ". ثم يقول أبو هريرة: اقرأوا إن شئتم: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ¬

_ (¬1) الكيس ضد العجز، وهو النشاط والحذق بالأمور. (¬2) مسلم: (4/ 2043) (46) كتاب القدر (2) باب حجاج آدم وموسى عليهما السلام - رقم (14). (¬3) (د، ف): (أنت موسى). (¬4) مسلم: (فتلومني) و (د، ف): (أفتلومني). (¬5) مسلم: (4/ 2047) (46) كتاب القدر (5) باب قدَر على ابن آدم حظه من الزنى - رقم (21). (¬6) مسلم: (4/ 2047) (46) كتاب القدر (6) باب معنى كل مولود يولد على الفطرة - رقم (22). (¬7) (و): ليست في مسلم. (¬8) مسلم: (فأبواه). (¬9) أي مجتمعة الأعضاء، سليمة من نقص، لا توجد فيها جدعاء، وهي مقطوعة الأذن أو غيرها من الأعضاء، ومعناه أن البهيمة تلد بهيمة كاملة الأعضاء لا نقص فيها، وإنما يحدث فيها الجدع والنقص بعد ولادتها.

لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ...} الآية (¬1). وفي طريقٍ أخرى (¬2): "حتى تكونوا أنتم تجدعونها". وفي آخر (¬3)، فقال رجل: يا رسولَ الله! أرأيت لو مات قبل ذلك؟ قال: "الله أعلَمُ بما كانوا عاملين". وفي آخر (¬4)، "ليس من مولُودٍ إلَّا على الملَّة (¬5) حتى يُبَيِّنَ عنهُ لِسَانُهُ". وعن ابن عباس (¬6)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الغلام الذي قتَلهُ الخضِرُ طُبعَ كافراً، ولو عاش لأَرهَقَ أبويهِ طُغياناً وكُفْراً". وعن عائشة (¬7)، قالت: دُعِيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى: جنازةٍ صبى من الأنصار، فقلتُ: يا رسول الله! - طوبى لهذا عُصفورٌ من عصافير الجنَّةِ، لم يعمل السُّوءَ (¬8) ولم يُدْرِكْهُ، قال: "أو غَيْرَ ذلك يا عائشة، إنَّ الله خلق للجنةِ أهلاً خلقهُمْ لها وهم في أصلاب آبائهم؛ وخلق للنار أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم". البخاري (¬9)؛ عن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الرؤيا- قال: "وأما الرجل الطويلُ الذي في الروضة فإنَّهُ إبراهيم ¬

_ (¬1) الروم: (30) (¬2) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (24). (¬3) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (23). (¬4) مسلم: الموضع السابق. (¬5) مسلم: (على هذه الملة) وكذا (د). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (29). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (31). (¬8) (ف): (سوءاً). (¬9) البخاري: (12/ 457) (91) كتاب التعبير (48) باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح - رقم (7047).

باب

عليه السلام، وأما الوِلْدَانُ الذين حولَهُ، فكل مولودٍ مات على الفطرة"، فقال بعض المسلمين: يا رسول الله! وأولاد المشركين؟، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "وأولاد المشركين". باب مسلم (¬1)، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس أحدٌ أحبَّ إليه المدحُ من اللهِ تعالى (¬2)، من أجلِ ذلك مدح نفسَهُ، وليس أحدٌ أغْيَرَ من اللهِ، من أجل ذلك حرَّمَ الفواحِشَ، وليس أحدٌ أحب إليه العُذْرُ من اللهِ، من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرُّسُلَ". وعن أبي هريرة (¬3)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يقول الله -عَزَّ وَجَلَّ-: أنا عند ظن عبدي بى، وأنا مَعَهُ إذا ذكرني فإن (¬4) ذكرني في نفسِهِ ذكرتُهُ في نفسي وإن ذكرني في ملأٍ ذكرتُهُ في ملأٍ، هم خيرٌ منهم، وإنْ تقرَّب إليّ (¬5) شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرَّب إليّ ذراعاً تقربت منه باعاً، وإنْ أتاني يمشي أتيتُهُ هرولَةً". وعن أبي موسى (¬6)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَثَلُ البيت الذي يُذكَرُ الله فيه، والبيتِ الذي لا يُذْكَرُ الله فيهِ، مثل الحيِّ والميِّتِ". النسائي (¬7)، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2114) (49) كتاب التوبة (6) باب غيرِة الله تعالى - رقم (35). (¬2) مسلم: (من الله -عَزَّ وَجَلَّ-). (¬3) مسلم: (4/ 2061) (48) كتاب الذكر والدعاء (1) باب الحث على ذكر الله تعالى - رقم (2). (¬4) مسلم: (وأنا معه حين يذكرني، إن ذكرني ....). (¬5) مسلم: (منِّي). (¬6) مسلم: (1/ 539) (6) كتاب صلاة المسافرين وقصرها (29) باب استحباب صلاة النافلة في بيته - رقم (211). (¬7) عمل اليوم والليلة - رقم (409).

وسلم -: "ما من قومٍ يجلسون مجلساً، لا يذكرون الله فيه إلَّا كان عليهم حسرةً يوم القيامة، وإن دخلوا الجنة". مسلم (¬1)؛ عن عبد الله بن مسعود -، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمسى قال: "أمسينا وأمسى الملكُ لله، والحمد للهِ، لا إله إلا الله " وحدَهُ لا شريك له"؛ أراه قال فيهنَّ: "له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، ربِّ أسألُكَ خير ما في هذه الليلةِ، وخير ما بعدَهَا، وأعوذ بك من شرِّ هذ الليلَةِ، وشرِّ ما بعدها، رب أعوذ بك من الكَسَلِ، وسُوء الكبر، ربِّ أعوذ بك من عذابٍ في النار، وعذابٍ في القبر" وإذا أصبح قال ذلك (¬2) أيضاً: "أصبحنا وأصبح الملكُ للهِ". أبو داود (¬3)، عن أنس بن مالك، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا خرج الرجل من بيتِهِ فقال: بسم الله، توكلتُ على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله" قال: "يُقال حينئذٍ: هُديتَ وكُفيتَ ووُقيت، فتنحَّى له الشيطان (¬4) "، قال: "فيقول (¬5) شيطان آخر: كيف لك برجلٍ قد هُدِيَ وكُفِيَ وَوُقِيَ؟ ". مسلم (¬6)، عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال: أشهدُ أن لا إله إلا الله وحده (¬7)، وأن محمداً عبده ورسولُهُ، وأنَّ عيسى عبدُ الله وابن أَمَتِهِ، وكلمتُهُ ألقاها إلى مريم وروح منه، ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2089) (48) كتاب الذكر والدعاء (18) باب التعوذ من شر ما عمل- رقم (75). (¬2) (ذلك): ليست في (ف). (¬3) أبو داود: (4/ 325) - كتاب الأدب - باب ما جاء فيمن دخل بيته ما يقول - رقم (5095). (¬4) أبو داود: (فتتنحى له الشياطين) وكذا (د). (¬5) أبو داود: (فيقول له) وكذا (د). (¬6) مسلم: (1/ 57) (1) كتاب الإِيمان (10) باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة - رقم (46). (¬7) كذا في أصول الأحكام الصغرى والوسطى في مسلم زيادة (وحده لا شريك له).

وأنَّ الجنَّة حق، وأنَّ النَّار حق؛ أدخلَهُ الله من أيِّ أبواب الجنة الثَّمانيَةِ شَاءَ". وفي روايةٍ (¬1)، "أدخلهُ اللهُ الجنة على ما كان من عملٍ". وعن أبي هريرة (¬2)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قال لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريك لَهُ له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، في يومٍ مائَةَ مرةٍ، كانت له عِدْلَ عشرِ رقابٍ، وكُتِبَتْ لَهُ مائةُ حسنةٍ، ومُحِيَتْ عنه مائة سيئةٍ (¬3)، وكانت لَهُ حِرْزاً من الشيطانِ، يوْمَهُ ذلك، حتى يُمْسِيَ، ولم يَأْتِ أحدٌ بأفضل (¬4) مما جاءَ بِهِ، إلَّا أحدٌ عَمِلَ أكثر من ذلك. ومن قال سبحان اللهِ وبحمده، في يومٍ مائة مرة، حُطَّت خطاياهُ ولو كانت مثل زَبَدِ البحر". وعن أبي هريرة (¬5) أيضاً، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كلمتانِ خفيفتانِ على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمدِهِ، سبحان الله العظيم". وعنه (¬6)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأن أقول: سبحان اللهِ، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحبُّ إليَّ ممَّا طلعت عليه الشمس". وعن سعد بن أبي وقاص (¬7)، قال:: كنَّا جلوساً (¬8) عندَ رسول الله ¬

_ (¬1) مسلم: الموضع السابق. (¬2) مسلم: (4/ 2071) (48) كتاب الذكر والدعاء (10) باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء - رقم (28). (¬3) (ومحيت عنه مائة سيئة): ليست في (ف). (¬4) مسلم: (أفضل). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (31). (¬6) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (32). (¬7) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (37). (¬8) (جلوساً): ليست في مسلم.

- صلى الله عليه وسلم -: فقال: "أيعجز أحدُكم أن يكسب كلَّ يوم ألف حسنةٍ؟ " فسأله سائل من جلسائِهِ، كيف يكْسِبُ أحدُنا ألفَ حسنةٍ؟، قال: "يسبِّح مائة تسبيحةٍ، فتكتب (¬1) له ألفُ حسنةٍ، أو تحطُّ (¬2) عنه ألفُ خطيئةٍ". الترمذي (¬3)، عن جُويرية بنت الحارث، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -: مَرَّ عليها وهي في مسجدٍ، ثم مَرَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بها قريباً من نصف النهار، فقال لها: "ما زلتِ على ذلك (¬4)؟ " فقالت: نعم، فقال لها: "ألا أعلمك كلمات تقولينها: سبحان الله عَدَدَ خلقِهِ، سبحان الله عدد خلقِهِ، سبحان الله عدد خلقِهِ. سبحان الله رضا نفسِهِ، سبحان الله رضا نفسِهِ، سبحان الله رضا نفسِهِ. سبحان الله زِنَةَ عرشِهِ، سبحان الله زنَةَ عرشِهِ، سبحان الله زنَةَ عرشِهِ. سبحان الله مِدَادَ كلماته، سبحان الله مداد كلماته، سبحان الله مداد كلماتِهِ". قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. قال مسلم (¬5) في هذا الحديث: "ما زلتِ على الحال التي فارقْتُكِ عليها؟ " قالت: نعم، قال: "لقد قلتُ بعدك أربع كلماتٍ، ثلاثَ مرات، لو وُزِنَتْ بما قُلْتِ منذ اليوم لوزنتهنَّ" وذكر الحديث. وعن سَمُرَة بن جندب (¬6)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) مسلم: (فيكتب) وكذا (ف). (¬2) مسلم: (يحط) وكذا (ف). (¬3) الترمذي: (5/ 519) (49) كتاب الدعوات (104) باب - رقم (3555). (¬4) الترمذي: (على حالك). (¬5) مسلم: (4/ 2090) (48) كتاب الذكر والدعاء (19) باب التسبيح أول النهار - رقم (79). (¬6) مسلم: (3/ 1685) (38) كتاب الآداب (2) باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة - رقم (12).

"أحبُّ الكلام إلى الله أربع: سبحان اللهِ، والحمد لله، والله أكبر، ولا إله إلا الله (¬1)؛ لا يضُرُّكَ بأيهنَّ بدأت". النسائي (¬2)، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أحبَّ الكلام إلى الله أن يقولَ العبدُ: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وإنَّ أبغض الكلام إلى الله، أن يقولَ الرجلُ للرجلِ: اتقِ الله فيقول: عليكَ نفسك". وعن أبي سعيد الخدري (¬3) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال: "استكثروا من الباقيات الصالحات"، قيل: وما هي يا رسولَ الله؟ قال: "الملة" قيل يا رسولَ الله وما هي؟ قال: "التكبير، والتهليل، والتسبيح، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله". الترمذي (¬4)، عن جابر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قال: سبحان الله العظيمِ وبحمدِهِ، غُرِستْ له نخلةٌ في الجنَّةِ". قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ (¬5). النسائي (¬6)، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال: "ألا أعلِّمك كلمةً من كَنْزٍ من تحت العرش (¬7) لا حول ولا قوة إلا بالله ¬

_ (¬1) مسلم: (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر). (¬2) عمل اليوم والليلة - رقم (849). (¬3) عزاه المزي في تحفة الأشراف (3/ 362) إلى النسائي في اليوم والليلة، ولم أجده، وعزاه المنذري أيضاً للنسائي وأحمد وأبى يعلى وابن حبان والحاكم، من حديث درَّاج، عن أبي الهيثم سليمان بن عمرو، عن أبي سعيد، ودراج: صدوق، في حديثه عن أبي الهيثم ضعف، وللحديث شاهد من حديث عثمان والنعمان بن بشير عند أحمد. (¬4) الترمذي: (5/ 477) (49) كتاب الدعوات (60) باب - رقم (3464). (¬5) الترمذي: (حديث حسنٌ صحيحٌ غريبٌ). (¬6) عمل اليوم والليلة - رقم (13). (¬7) النسائي: (الجنَّة) وقال محقق الكتاب: في هامش المخطوط (أ) العرش بدل كلمة الجنة.

باب

يقول الله (¬1): أسلَمَ عبدي واستسلم". أبو داود (¬2)، عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من لزم الاستغفار، جعل الله له من كل ضيقٍ مخرجاً، ومن كل همٍّ فرجاً، ورزقَهُ من حيث لا يحتسب". النسائي (¬3)، عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال: سبحان الله وبحمده، سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، فقالها في مجلسِ ذكرٍ، كانت كالطابع يُطْبَعُ عليه، ومن قالها في مجلس لغير كانت كفارته (¬4) ". باب أبو داود (¬5)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجعلوا بيوتكم قبوراً (¬6)، وصلوا عليَّ فإنَّ صلاتكم تبلغني حيث كنتم". - صلى الله عليه وسلم -. النسائي (¬7)، عن أنس بن مالك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ذُكِرتُ عنده فليصلِّ عليَّ، ومن صلى عليّ مرة، صلى الله عليه عشراً". وعن أبي طلحة (¬8)، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: جاء ذات يومٍ ¬

_ (¬1) لفظ الجلالة: ليس في النسائي. (¬2) أبو داود: (2/ 178) (2) كتاب الصلاة (361) باب في الإستغفار - رقم (1518). (¬3) عمل اليوم والليلة - رقم (424). (¬4) (ف): (كفارة له). (¬5) أبو داود: (2/ 534) (5) كتاب المناسك (100) باب زيارة القبور - رقم (2042). (¬6) في أبي داود زيادة: (ولا تجعلوا قبري عيداً). (¬7) عمل اليوم والليلة - رقم (61). (¬8) النسائي: (3/ 44) (13) كتاب السهو (47) فضل التسليم على النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (1283).

باب

والبُشْرى في وجهه، فقلنا: إنا لنرى البُشرى في وجهك، قال: "إنَّهُ أتاني الملَكُ، فقال: يا محمد! إنَّ ربك -عَزَّ وَجَلَّ- يقول أَمَا يُرْضيك أنَّهُ لا يُصلَّى عليك أحدٌ، إلا صلَّيْتُ عليه عشراً، ولا يسُلِّم عليك أحدٌ إلا سلَّمْتُ عليه عشراً". باب مسلم (¬1)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ اللهَ يقول: أنا عند ظنِّ عبدي بي، وأنا مَعَهُ إذا دَعَانِي". وعن أبي هريرة (¬2)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، ولكن لِيَعْزِمِ المسألة، ولْيُعْظم الرغبة، فإنَّ الله لا يتعاظمه شيءٌ" (¬3). وعن أبي هريرة (¬4)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا يزالُ يستجاب للعبد ما لم يَدْعُ بإثمٍ، أو قطيعةِ رحمٍ، ما لم يستعجل" قيل: يا رسول الله! وما الاستعجال؟. قال: "يقولُ: قد دعوتُ، وقد دعوتُ، فلم أَرَ يستجاب لِي، فيستَحْسِرُ عند ذلك ويَدَعُ الدعاء". أبو بكر بن أو شيبة (¬5)، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيع رحم، إلا أعطاهُ الله بها إحدى ثلاث: إمّا أن يُعجِّل له دعوته، وإمَّا أنْ يدخرها له ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2067) (48) كتاب الذكر والدعاء (6) باب فضل الذكر والدعاء - رقم (19). (¬2) مسلم: (4/ 2063) (48) كتاب الذكر والدعاء (3) باب العزم بالدعاء - رقم (8). (¬3) مسلم: (شيء أعطاهُ). (¬4) مسلم: (4/ 2096) (48) كتاب الذكر والدعاء (25) باب بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل رقم (92). (¬5) ورواه أحمد (3/ 18) والحاكم (1/ 493) والطبراني (2/ 92) والبخاري في الأدب (710).

في الآخرة، وإمَّا اْن يكفَّ عنه من السوءِ بمثلها"، قالوا: إذاً نُكثر يا رسول الله قال: "الله أكثر". مسلم (¬1)، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من عبدٍ مسلمٍ يدعو لأخيهِ بظهر الغيبِ إلّا قال الملكُ: ولك بمثلٍ". البخاري (¬2)، عن عكرمة عن ابن عباسٍ قال: انْظُرِ السجعَ من الدعاء فاجتنبه، فإنِّي عهدت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابَهُ لا يفعلون إلا ذلك (¬3). مسلم (¬4)، عن ابن عمر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استوى على بعيرِهِ خارجاً إلى سفيرٍ كبرَّ ثلاثاً، ثم قال: "سبحان الذي سخَّر لنا هذا وما كُنَّا له مقرنين، وإنَّا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إنَّا نسألك في سفرِنَا هذا البِرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِّن علينا سفرنا واطوِ عَنَّا (¬5). بعدَهُ، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفةُ في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وَعْثَاءِ السفر (¬6)، وكآبَةِ المنظر (¬7)، وسوء المنقلبِ (¬8)، في الأهل والمال (¬9) ". ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2094) (48) كتاب الذكر والدعاء (23) باب فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب - رقم (86). (¬2) البخاري: (11/ 142) (80) كتاب الدعوات (20) باب ما يكره من السجع في الدعاء - رقم (6337). (¬3) البخاري: (إلا ذلك الإجتناب). (¬4) مسلم: (2/ 978) (15) كتاب الحج (75) باب ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره - رقم (425). (¬5) (ف): (واطو لنا بعده). (¬6) (وعثاء) المشقة والشدة. (¬7) (وكآبة) هي تغير النفس من حزن ونحوه. (¬8) (المنقلب) المرجع. (¬9) مسلم: (في المال والأهل).

وإذا رجع قالَهُنَّ وزاد فيهنَّ "آيبون تائِبُون عابدون، لرَبِّنا حامدونَ". وفي رواية (¬1): "وكآبةِ المنقلبِ، والحَوْرِ بعد الكَوْرِ (¬2)، ودعوةِ المظلوم". الترمذي (¬3)، عن سالم، أنَّ ابن عمر كان يقول للرجل إذا أراد سفراً": ادْنُ مني أُودِّعكَ كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُوَدِّعُنَاْ. فيقول: "أستَوْدِعُ الله دينك وأمانتك وخواتيم عَمَلِكَ". قال: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ (¬4). وعن أنسٍ (¬5)، قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ فقال: يا رسول الله! إنِّي أُريد سفراً فزوِّدْني. قال: "زوَّدَكَ الله التقوى" قال: زدني (6). قال: "وغفر ذنبك". قال: زدني (¬6) بأبي أنت وأمي، قال: "ويسَّرَ لك الخير حيث (¬7) كنت". قال: هذا حديث حسنٌ غريبٌ. مسلم (¬8)، عن خولة بنت حكيم، أنَّها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا نزل أحدكم منزِلاً فليقل: أعوذُ بكلمات اللهِ التامات من ¬

_ (¬1) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (426) وهو من رواية عبد الله بن سرجس. (¬2) مسلم: (الكون). وهر هكذا في معظم النسخ من صحيح مسلم، والكون والكور: روايتان، ومعناه بالنون: الرجوع من الإستقامة أو الزيادة إلى النقص، ورواية الراء مأخوذة من تكوير العمامة قيل: معناه: أعوذ بك من فساد الأمرر بعد صلاحها، كفساد العمامة بعد استقامتها. (¬3) الترمذي: (5/ 466) (49) كتاب الدعوات (44) باب ما يقول إذا ودع إنساناً - رقم (3443). (¬4) الترمذي: حسن صحيح غريب. (¬5) الترمذي: (5/ 466) (49) كتاب الدعوات (45) باب - رقم (3444). (¬6) (ف) (زودني). (¬7) الترمذي، (حيثما). (¬8) مسلم: (4/ 2081) (48) كتاب الذكر والدعاء والتوبة (16) باب التعوذ من سوء القضاء - رقم (55).

شرِّ ما خَلَقَ، فإنَّهُ لا يضرُّهُ شيءٌ حتى يرتَحِلَ مِنْهُ". وعن البراء بن عازب (¬1)، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أخذت مَضْجَعَك فتوضَّأْ وُضُوءَكَ للصلاة. ثم اضجع على شِقِّكَ الأيمنِ ثم قل: اللهم إني أسلمتُ وجهي إلَيْكَ، وفوضُتُ أمري إليك، وألجأتُ ظهرى إليكَ، رغبةً ورهبةً إليك (¬2)، لا مَلَجَأَ ولا منجا منك إلَّا إليك، آمنتُ بكتابِكَ الذي أنزلت، وبنبيِّك (¬3) الذي أرسلْتَ. واجعلهن من آخر كلامِكَ، فإنك (¬4) إنْ مُتَّ من ليلتك، مُتَّ وأنت على الفطرة". قال: فردَّدْتُهُنَّ لأستذكِرَهُنَّ، فقلتُ: آمنْتُ برسولِكَ الذي أرسلتَ، قال: "قُلْ: آمنت بنبيِّك الذي أرسلت". وعنه (¬5)، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان، إذا أخذ مضجَعهُ، قال: "اللهم باسمك أحيا وباسمك أموتُ"؛ وإذا استيقظ قال: "الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتَنَا، وإليه النُّشُورُ". وعن عائشة (¬6)، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عصفت الرِّيحُ قال: "اللهم إني أسألكَ خيرها وخير ما فيها، وخير ما أُرْسلَتْ به، وأعوذ بك من شرِّها وشرِّ ما فيها، وشَرِّ ما أُرْسِلَتْ بِهِ" قالت: وإذا تخيَّلتِ السماءُ، تغيَّر لَونُهُ، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا أمطرت (¬7)، سُرِّيَ عنه. فعَرَفتْ ذلك عائشة (¬8)، فَسَأَلتْهُ. فقال "لَعَلَّهُ يا عائشة كا قال قوم عادٍ ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 2081) (48) كتاب الذكر والدعاء (17) باب ما يقول عند النوم - رقم (56). (¬2) (د): (رهبة: رغبة إليك): هذه الجملة ليست في (ف). (¬3) (ف): (ورسولك). (¬4) مسلم: (فإن مت). (¬5) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (59). (¬6) مسلم: (2/ 616) (9) كتاب صلاة الإستسقاء (3) باب التعوذ عند رؤية الريح والنعيم - رقم (15). (¬7) مسلم: (مطرت) وكذا (د). (¬8) مسلم: (فعرفت ذلك في وجهه).

{فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} (¬1). النسائي (¬2)، عن ابن عمر قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: في دعائه حين يمسي وحين يصبح: "اللهم إنِّي أسالك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إنِّي أسألك العفو والعافية، في دينى ودنياى وأهلى ومالي؛ اللهم استر عورتي (¬3)، وآمن روعاتي، اللهم احفظي من بين يَدَيَّ ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أُغتَال من تحتي". قال جبير: هو: الخسف. أبو داود (¬4)؛ عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سمعتم نُبَاح الكلاب، ونهِيق الحمير (¬5) بالليل، فتعوذوا بالله فإنَّهُنَّ يَرَيْنَ ما لا ترون". مسلم (¬6) عن أبي هريرة، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا سَمِعْتُم صياح الدِّيَكَةِ، فاسألوا اللهَ من فضلِهِ، فإنَّها رأتْ مَلَكاً، وإذا سمعتم نهيق (¬7) الحمير (¬8)، فتعوذوا بالله من شرِّ (¬9) الشيطان، فإنَّها رأت شيطَاناً". وعن جابر بن عبد الله (¬10)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ¬

_ (¬1) الأحقاف: (24). (¬2) عمل اليوم والليلة - رقم (566). (¬3) (ف): (عوراتي). (¬4) أبو داود: (4/ 327) - كتاب الأدب - باب ما جاء في الديك والبهائم - رقم (5103). (¬5) أبو داود: (الحمر) وفي (ف): (الحمار). (¬6) مسلم: (4/ 2092) (48) كتاب الذكر والدعاء والتوبة (20) باب استحباب الدعاء عند صياح الديك - رقم (82). (¬7) (ف): (نهاق). (¬8) مسلم: (الحمار). (¬9) (شر): ليست في مسلم. (¬10) مسلم (4/ 2304) (53) كتاب الزهد والرقائق (18) باب حديث جابر الطويل - رقم (74).

تدعوا علي أنفسكم، ولا تدعوا علي أولادِكُم، ولا تدعوا على أموالِكُمْ، لا تُوَافِقُوا من الله ساعةً يُسْأل فيها عطاءٌ فيَسْتَجِيبُ لكم". أبو بكر بن أبي شيبة (¬1)، عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله علمِه وسلم - يعلمنا الاستخارة، في الأمور (¬2)؛ يعلمنا السورة من القرآن، قال: "إذا هَمَّ أحدكم بأمر فليُصلِّ ركعتين من (¬3) غير الفريضة، ويُسمِّ (¬4)، الأمر، ويقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألُكَ من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علاّم الغيوب، اللهم إن كان هذا الأمرُ خيراً لما في ديني وعاقبة أمرى فاقدره لي، ويسرِّه لي، ثم بارك (¬5) لي فيه، وإن كان شراً لي في دينى وعاقبة أمرى، فاصرفه عنِّي واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثُمَّ رضني به". خرجه البخاري (¬6) أيضاً. مسلم (¬7)، عن ابن عباس، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقولُ عند الكرب: "لا إله إلا اللهُ العظيم الحليمُ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله ربُّ السموات والأرض، ربُّ (¬8) العرش الكريم". النسائي (¬9)، عن أبي بكرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) المصنف: (10/ 285) (1573) كتاب الدعاء (1614) ما كان يدعو به النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (9452). (¬2) (في الأمور): ليست في المصنف. (¬3) (من): ليست في المصنف. (¬4) المصنف: (ثم يسم). (¬5) المصنف (وبارك). (¬6) البخاري: (11/ 187) (80) كتاب الدعوات (48) باب الدعاء عند الإستخارة - رقم (6382). (¬7) مسلم: (4/ 2092) (48) كتاب الذكر والدعاء (21) باب دعاء الكرب - رقم (83). (¬8) مسلم: (ورب). (¬9) عمل اليوم والليلة - رقم (651).

"دعوات المكروب: اللهمَّ رحمتك أرجو فلا تكلني إلي نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كلَّه لا إله إلا أنت". وعن سعد بن أبي وقاص (¬1)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "دعوةُ ذي النون إذ دعا بها في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إنِّي كنتُ من الظالمين، فإنَّهُ لن يدعوَ بها مسلم في شيءٍ (¬2) إلا استجاب له". وفي طريق آخر (¬3): "إذا نزل بأحدٍ (¬4) منكم كربٌ أو بلاءٌ من بلاءِ الدنيا و (¬5) دعا به فُرِّج عنه". الترمذي (¬6)، عن عمر بن الخطاب، قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رفع يديهِ في الدُّعاء، لم يَحُطّهُمَا حتي يمسح بهما وجْهَهُ. قال: هذا حديثٌ صحيحٌ غريبٌ (¬7). مسلم (¬8) عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اللهم أصْلِحْ لي ديني الذي هو عِصْمَةُ أمري، وأصلح لي دُنْيَايَ التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها مَعَادِي، واجعل الحياةَ زيادةً لي في كُلِّ خيرٍ، واجعلِ الموت راحةً لَي من كل شرٍّ". ¬

_ (¬1) عمل اليوم والليلة - رقم (656). (¬2) النسائي: (في شيء قط). (¬3) عمل اليوم والليلة - رقم (655). (¬4) النسائي: (برجل). وفي (ف): (بأحدكم). (¬5) (و): ليست في النسائي وفي (د): (فدعا). (¬6) الترمذي: (5/ 432) (46) كتاب الدعوات (11) باب ما جاء في رفع الأيدي عند الدعاء - رقم (3386). وهو حديث ضعيف. (¬7) (د): حسن صحيح غريب. (¬8) مسلم: (4/ 2087) (48) كتاب الذكر والدعاء (18) باب التعوذ من شر ما عمل - رقم (71).

باب

باب مسلم (¬1)، عن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلُ المؤمن الذي يقرأُ القرآن، مَثَلُ الأُتْرُجةِ، ريحها طيِّبٌ وطعمها طيب، ومَثَلُ المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مَثَلُ التَّمْرَةِ لا ريح لها وطعمها حُلْوٌ، ومثل المُنَافق الذي يقرأُ القرآن مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، ريحُهَا طيِّبٌ وطعمها مُرُّ، [ومثلُ المنافق الذي لا يقرأ القرآن، مثل (¬2) الحنظلةِ، ليس لها ريح وطعمها مُرُّ] (¬3) ". وفي رواية (¬4)،"مثل الفاجر" بدل المنافق. وقال البخاري (¬5): "مثل (¬6) المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به، كالأُتْرُجَةِ طعمها طيِّبٌ وريحها طيِّب، ومثل (¬7) المؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة". وذكر الحديث. مسلم (¬8)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من نَفَّسَ عن مُؤْمِن كُرْبة من كُرَب الدنيا، نَفَّسَ اللهُ عنه كُرْبةً من كُرَب يوم القيامةِ، ومن يَسَّرَ علي مُعْسِر، يَسَّرَ اللهُ عليه في الدنيا والآخرةِ، ومن ستر ¬

_ (¬1) مسلم: (1/ 549) (6) كتاب صلاة المسافرين (37) باب فضيلة حافظ القرآن - رقم (243). (¬2) مسلم: (كمثل). (¬3) ما بين المعكوفتين ليس في (ف). (¬4) مسلم: (الموضع السابق). (¬5) البخاري: (8/ 718) (66) كتاب فضائل القرآن (36) باب إثم من راءى بقراءة القرآن - رقم (5059). (¬6) (ف): (مثل الأترجة). (¬7) (مثل): ليست في البخاري وكذا (ف). (¬8) مسلم: (4/ 2074) (48) كتاب الذكر والدعاء (11) باب فضل الإجتماع علي تلاوة القرآن - رقم (38).

مُسْلِماً، ستره الله في الدنيا والآخرةِ، واللهُ في عونِ العبدِ ما كان العبدُ في عونِ أخِيهِ ومن سَلَكَ طريقاً يلْتَمِسُ فيه عِلْماً، سَهَّلَ الله لَهُ بِهِ طريقاً إلى الجنَّةِ، وما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللهِ، يتلُون كتاب اللهِ، ويتدارسُونَهُ بينهم، إلا نزلت عليهم السكينَةُ وغشيتهُمُ الرحمةُ، وحفتهُم الملائكَةُ وذكرهم الله فيمن عندَهُ، ومن بطَّأَ به عملُهُ لم يُسْرِعْ به نَسَبُهُ". الترمذي (¬1)، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ حرفاً من كتاب الله فَلهُ (¬2) حسنةٌ، والحسنةُ بَعَشْرِ أمثالِهَا، لا أقولُ المَ حَرْفٌ، ألف (¬3) حرف، ولام حرف، وميم حرف". قال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ. وعن أبي هريرة (¬4)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يجيءُ صاحب (¬5) القرآن يوم القيامة فيقول: ياربِّ حَلِّهِ فَيَلْبسُ تاجَ الكرامَةِ، ثم يقول: ياربِّ زِدْهُ فَيَلْبَسُ حُلَّةَ الكرامَةِ، ثم يقول يا رب ارضَ عنه، فيرضى عَنْهُ، فيقالُ له اقرأ وارقَ، ويُزاد بكُلِّ آيةٍ حسنة". قال: هذا حديث صحيح (¬6). أبو داود (¬7)، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُقال لصاحب القرآن: اقرأ وارْتَقِ، ورتِّل كما كنت ترتِّل في الدنيا، فإنَّ منزلك عند آخر آيةٍ تقرؤها". ¬

_ (¬1) الترمذي: (5/ 161) (46) كتاب فضائل القرآن (16) باب ما جاء فيمن قرأ حرفاً من القرآن رقم (2910). (¬2) الترمذي: (فله به). (¬3) الترمذي: (ولكن ألِفٌ). (¬4) الترمذي: (5/ 163) (46) كتاب فضائل القرآن (18) باب - رقم (2915). (¬5) (صاحب): ليست في الترمذي. (¬6) الترمذي: (حسن صحيح) وكذا (د). (¬7) أبو داود: (2/ 153) (2) كتاب الصلاة (355) باب استحباب الترتيل في القرآن - رقم (1464).

باب في الرؤيا

باب في الرؤيا البخاري (¬1)، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا اقترب الزمان لم تكد تكذب رؤيا المؤمن (¬2)، ورؤيا المؤمن جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءاً من النبوة، وما كان من النبوة فإنه لا يكذب". وقال مسلم (¬3) في هذا الحديث: "وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً". وفيه: "الرؤيا ثلاثٌ: فالرؤيا (¬4) الصالحة بُشْرى من الله، ورؤيا تحزينٌ من الشيطانِ، ورؤيا ممَّا يُحَدِّثُ المرءُ نفسَهُ، فإن رأى أحدُكُمْ ما يكرَهُ، فليَقُمْ وليُصَلِّ (¬5) ولا يُحَدِّثُ بها أحداً (¬6) " وذكر الحديث. مسلم (¬7)، عن أبي قتادة قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الرؤيا الصالحةُ من الله، فإذا رأي أحدكم ما يُحِبُّ فلا يُحَدِّثُ بها إلا من يُحِبُّ، وإذا (¬8) رأى ما يكرَهُ فليتفل عن يَسَارِهِ ثلاثاً، وليتعوَّذْ باللهِ من شَرِّ الشيطانِ وشرِّهَا، ولا يُحَدِّثُ بها أحداً، فإنَّها لا تَضُرُّهُ". وعن جابر بن عبد الله (¬9)، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرَهُهَا، فليَبْصُقْ عن يسارِهِ، وليستعذ باللهِ من الشيطانِ ثلاثاً، وليتحَوَّلْ عن جَنْبِهِ الذي كان عليه". ¬

_ (¬1) البخاري: (12/ 422) (91) كتاب التعبير (26) باب القيد في المنام - رقم (7017) (¬2) البخاري: (لم تكد رؤيا المؤمن تكذب). (¬3) مسلم: (4/ 1773) (42) كتاب الرؤيا - رقم (6). (¬4) مسلم: (الرؤيا ثلاثة، فرؤيا). (¬5) مسلم: (فليصل). (¬6) مسلم. (الناس). (¬7) مسلم: نفس الكتاب السابق - رقم (4). (¬8) مسلم: (وإن). (¬9) مسلم: نفس الكتاب السابق - رقم (5).

باب

البخاري (¬1)، عن أبي سعيد الخدري، سَمِعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من رآني فقد رأى الحقَّ، فإنَّ الشيطان لا يَتَكوَّنُنِي". وعن أبي هريرة (¬2)، قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من رآني في المنام فَسَيَراني في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بي". وعن ابن عباس (¬3) أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صوّر صورة عذّبه الله بها يوم القيامة حتى ينفخ فيها وليس بنافخ، ومن تحلَّم كُلِّفَ أن يعقد شَعيرة، ومن استمع إلى حديثِ قومٍ يفرون به منه، صُبَّ في أذنه الآنك يوم القيامة". وفي طريق آخر (¬4): "ومن تَحلَّمَ بحلمٍ لم يره، كُلِّفَ أن يعقد بين شعيرتين". باب مسلم (¬5) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا سيِّدُ ولد آدم يوم القيامةِ، وأنا (¬6) أوَّلُ من ينشقُّ عنه القبر، وأنا أول شافِعٍ وأوَّل مُشَفَّعٍ". وعن جابر بن سَمُرَة (¬7)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) البخاري: (12/ 400) (91) كتاب التعبير (10) من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام - رقم (6997). (¬2) البخاري: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (6993). (¬3) رواه البخارىِ: بنحوه (12/ 446) (91) كتاب التعبير (45) باب من كذب في حلمه رقم (7042). وهو بهذا اللفظ في أبي داود: (4/ 306) - كتاب الأدب - باب ما جاء في الرؤيا - رقم (5024). (¬4) البخاري: نفس الكتاب والباب السابقين. (¬5) مسلم: (4/ 1782) (43) كتاب الفضائل (2) باب تفضيل نبينا صلي الله عليه وسلم - على جميع الخلائق - ر قم (3). (¬6) (أنا): ليست في مسلم. (¬7) مسلم: (4/ 1782) (43) كتاب الفضائل (1) باب فضل نسب النبي - صلى الله عيه وسلم - رقم (2).

"إنِّي لأعرف حجراً بمكَّةَ كان يُسَلِّمُ عَليَّ، قبل أن أُبعث، إنِّي لأعرفه الآن". الترمذي (¬1)، عن عبد الله مسعود قال: إنَّكُم تعدُّون الآياتِ عذاباً، وإنَّا كنَّا نعدُّها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَرَكَةً، لقد كنا نأكل الطعامَ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن نسمع تسببحَ الطعام، قال: فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بإناءٍ، فوضع يده فيه، فجعل الماءُ ينبع من بين أصابعِهِ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "حَيَّ على الوضوء المبارك، والبركةِ من السماء" حتى توضأنا كُلُّنا. قال أبو عيسي: هذا حديث حسنٌ صحيحٌ. مسلم (¬2)، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لو كنتُ متخذاً خليلاً، لاتَّخَذْتُ أبا بكرٍ خليلاً، ولكنَّهُ أخي وصاحبي، وقد اثخَذَ اللهُ صاحبكم خليلاً". الترمذي (¬3)، عن سعيد بن زيد، أنَّه قال: أشهدُ على التسعة أنهم في الجنة، ولو شهدتُ علي العاشر لم آثم، قيل: فكيف ذلك؟ قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِحِرَاءَ، فقال: "اثبت حِرَاءُ، فإنَّهُ ليس عليك إلا نبيٌّ، أو صديقٌّ، أو شهيدٌ" قيل: ومن هم؟ قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو بكرٍ، وعمرُ، وعثمانُ، وعليٌّ، وطلحةُ، والزبيرُ، وسعدٌ، وعبد الرحمن بن عوف، قيل: فمن العاشر؟ قال: أنا. مسلم (¬4)، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه ¬

_ (¬1) الترمذي: (5/ 557) (50) كتاب المناقب (6) باب - رقم (3633). (¬2) مسلم: (4/ 1855) (44) كتاب فضائا الصحابة (1) باب من فضائل أبي بكر الصديق - رقم (3). (¬3) الترمذي. (5/ 609) (50) كتاب المناقب (28) باب مناقب سعيد بن زيد - رقم (3757). (¬4) مسلم: (4/ 1881) (44) كتاب فضائل الصحابة - رقم (53).

باب

وسلم -: "إنَّ لكلِّ أُمَّةٍ أميناً، وإنَّ أمِينَنَا، أيتُهَا الأُمَّةُ: أبو عبيدةَ بن الجراح". وعن أبي هريرة (¬1)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسُبُّوا أصحابي، لا تسُبُّوا أصحابِي، فوالَّذِي نفسِي بيدِهِ لو أنَّ أحدَكم أنفق مثل أُحدٍ ذهباً، ما أدرك مُدَّ أحدهم، ولا نصِيفهُ (¬2) ". البزار (¬3)، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله اختار أصحابى على العالمين، سِوَى النبيِّين والمرسَلين، واختار لي من أصحابي أربعة -يعني أبا بكير، وعصرَ، وعثمانَ، وعلياً- (¬4) فجعلهم أصحابي، وقال في أصحابي: كلهم خير، واختار أمتي على الأمم، واختار أمتي أربع قرون، الأول (¬5)، والثاني، والثالث، والرابع". ذكره موسى بن سَهْلٍ وغيرهُ ولم يقل يعني. مسلم (¬6)، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أشدِّ أُمَّتِى لِى حُبّاً، ناسٌ يكونون بعدِي، يَوَدُّ أحدُهُمْ لو رآنِي بأهله ومَالِهِ". باب مسلم (¬7)، عن أبي هريرة؛ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "بادِرُوا ¬

_ (¬1) مسلم: (4/ 1967) (44) كتاب فضائل الصحابهَ (54) باب تحريم سب الصحابة - رقم (221). (¬2) (النصيف): النصف. (¬3) كشف الأستار: (3/ 288) - رقم (2763). (¬4) البزار: (رحمهم الله). (¬5) البزار: (القرن الأول). (¬6) مسلم: (4/ 2178) (51) كتاب الجنة وصفة نعيمها (4) باب فيمن يود رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (12). (¬7) مسلم: (1/ 110) (1) كتاب الإيمان (51) باب الحث على المبادرة بالأعمال قبل تظاهر الفتن - رقم (186).

بالأعمالِ فتناً كقطع الليل المظلم، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مؤمناً ويُمسي كافراً، أو يُمْسِي مؤمناً ويصبح كافِراً، يَبِيعُ دينَهُ بِعَرَضٍ من الدُّنْيَا". أبو داود (¬1)، عن ثوبان، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله زَوَى لي الأرض"؛ أو قال: "إنَّ ربي زوى لي الأرض، فرأيتُ مشارقها ومغاربها، وإِنّ مُلْك أمتي سيبلغ ما زُوِىَ لي منها، وأعطيتُ الكنزين الأحمرَ والأبيض، وإِنِّى سألتُ ربي لأمتي، ألا يهلكهم (¬2) بسنةٍ بعامةٍ، ولا يُسلط عليهم عدواً، من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، وإِنّ ربي قال (¬3): يا محمد، إنِّي إذا قضيتُ قضاءً فإنه لا يُرَدّ، ولا أهلكهم بسنةٍ بعامةٍ، ولا أسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم، فيستبيحَ بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها، أو قال: بأقطارها، حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً، وحتى يكون بعضهم يَسْبي بعضاً، وإنما أخاف على أمتي الأئمة المُضلين، وإذا وضع السيف في أُمتي لم يرفع عنها (¬4) إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أُمتي (¬5) بالمشركين، وحتى تعبد قبائل من أُمتي الأوثان، وإنَّهُ سيكون في أُمتي كذّابون ثلاثون، كلهم يزعم أنه نبيّ، وأنا خاتم النبيين لا نَبيّ بعدى، ولا تزال طائفة من أُمتي ظاهرين على الحق لا يضرُّهم من خالفهم، حتى يأتي أمر الله". مسلم (¬6)، عن أبي بكرة قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا تواجَهَ المسلمان بسيفيهما، فالقاتِلُ والمقتول في النَّارِ" فقلت، أَو ¬

_ (¬1) أبو داود: (4/ 450) (29) كتاب الفتن والملاحم (1) باب ذكر الفتن ودلائلها - رقم (4252). (¬2) أبو داود: (أن لا يهلكها). (¬3) أبو داود: (قال لي). (¬4) (عنها): ليست في (د). (¬5). (من أمتي): ليست في (د). (¬6) مسلم: (3/ 2214) (52) كتاب الفتن وأشراط الساعة (4) باب إذا تواجه المسلمان بسيفهما - رقم (14).

قيل (¬1): هذا القاتِلُ، فما بال المقتولِ؟ قال: "إنَّهُ قد أراد قتل صاحِبِه". البخاري (¬2)؛ عن ابن عمر، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من حَمَلَ علينا السلاَح فليسَ مِنا". النسائي (¬3)، عن معاوية بن أبي سفيان قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كُلُّ ذَنْبٍ عسى اللهُ أنْ يَغْفِرَهُ إلَّا الرجُلُ يقتُلُ المؤمن متعمِّداً، أوِ الرَّجُلُ يَمُوتُ كافِراً". وعن بريدة (¬4)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قتلُ المؤمن أعظَمُ عند الله من زوَالِ الدُّنْيَا". البخاري (¬5)، عن أبي هريرة، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان، تكون بينهما مقتلةٌ عظيمة، دعواهما (¬6) واحدة. وحتى يُبعَث دَجَّالون كذّابون (¬7)، كلهم يزعُمُ أنهم رسول الله، وحتي يُقبض العِلمُ، وتكثر الزلازلُ، ويتقارَبَ الزمانُ، وتظهرَ الفتَنُ، ويَكثرَ الهرْجُ وهو القتلُ، وحتى يكثرَ فيكم المالُ، فيَفِيضَ، حتى يُهَمَّ ربَّ المال من يَقبلُ منه صدَقتَهُ، وحتى يعرضه فيقول الذي يَعِرضُه عليه: لا أَربَ لِي فيه (¬8)، وحتى يتطاول الناسُ في البنيان، وحتى يمرَّ الرجلُ بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه، وحتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها ¬

_ (¬1) مسلم: (في النار قيل: يا رسول الله) وكذا (د). (¬2) البخاري: (13/ 26) (92) كتاب الفتن (7) باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - رقم (7070). (¬3) النسائي: (81/ 7) (37) كتاب تحريم الدماء - رقم (3984). (¬4) النسائي: (7/ 83) (37) كتاب تحريم الدماء (2) تعظيم الدم - رقم (3990). (¬5) البخاري: (88/ 13) (92) كتاب الفتن (25) باب - رقم (7121). (¬6) البخاري: (دعوتهما). (¬7) البخاري: (دجالون كذابون قريب من ثلاثين). (¬8) البخاري: (به).

الناسُ أجمعون (¬1) فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها لم تكنْ آمنت من قبل، أو كسبت في إيمانها خيراً؛ ولتقومنّ الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتقومن الساعة، وقد انصرف الرجل بلبن لَقحته فلا يطعمه، ولتقومن الساعة، وهو يُليطُ (¬2) حوضه فلا يسقى فيه، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها". مسلم (¬3)، عن أبي بكرةَ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّها ستكون فتنٌ، [ألا ثُمّ تكون فتنٌ] (¬4)، ألا ثُمّ تكون فتنٌ القاعد فيها، خيرٌ من الماشي فيها، والماشي فيها خيرٌ من الساعي إليها؛ ألا فإذا نزلت أو وقعت، فمن كان له إبلٌ فليلْحَقْ بإبلِهِ، ومن كانت له غَنَمٌ فليلحق بغنمِهِ، ومن كانت له أرضٌ فليلْحَقْ بأرضِهِ" قال: فقال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ أرأيت من لم تكن (¬5) له إبلٌ ولا غنم ولا أرضٌ؟، قال: "يعمد إلي سيفِهِ فيدُق. على حَدِّهِ بحجرٍ، ثُمّ لينْجُ إن استطاع النجاءَ (¬6)، اللهم هل بلغتُ؟، اللهم هل بلغتُ؟ اللهم هل بلغتُ؟ " قال: قال رجلٌ: يا رسول الله! أرأيت إن أُكرهت حتى يُنْطَلَقَ بِى إلى أحد الصَّفَّيْنِ، أو أحد (¬7) الفئتين، فضربني رجلٌ بسيفِهِ أو يجئُ سَهْمٌ فيقتُلُنِي (¬8)؟ قال: "يَبُوء بإثمِهِ وإِثْمِكَ ويكونُ من أصحابِ النَّار". وعن أبي هريرة (¬9)، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) البخاري: (آمنوا أجمعون). (¬2) (يليط حوضه) أي يصلحه بالطين والمدر فيسد شقوقه ليملأه ويسقي منه دوابه. (¬3) مسلم: (4/ 2212) (52) كتاب الفتن (3) باب نزول الفتن كمواقع القطر - رقم (13). (¬4) ما بين المعكوفتين ليس في مسلم. (¬5) مسلم: (لم يكن). (¬6) (د): (النجاة). (¬7) مسلم: (إحدى). (¬8) في الأصل: (فيقتلوني). (¬9) مسلم: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (10).

"ستكوذ فتنٌ، القاعد فيها خيرٌ من القائِمِ، والقائِمُ فيها خيرٌ من الماشِي، والماشِى فيها خيرٌ من السَّاعِي، من تشرَّف لها تَسْتَشْرِفْهُ (¬1)، ومن وَجَدَ فيها ملجئاً فليَعُذْ بِهِ". أبو داود (¬2)، عن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ بين يَدَي الساعةِ فِتَناً كقِطَع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً، ويمسى كافراً، ويُمسي مؤمناً، ويصبح كافراً، القاعد فيها خيرٌ من القائم، والماشى فيها خيرٌ من الساعى، فَكسِّرِوا قِسِيَّكم، وقطِّعُوا أوتاركم، واضربوا سيوفَكم بالحجارة، فإن دُخِلَ على (¬3) أحدٍ منكم (¬4) فليكن كخيْرِ ابني آدم". وعن أبي ذرٍ (¬5)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر الفتن، قال أبو ذر: قلت: يا رسولَ الله! أفلا آخُذُ سيفي فأضعه على عاتقي؟ قال "شاركْتَ القومَ إذَنْ" قال، قلت: فما تأمرني؟ قال: "تلزَمُ بيتَكَ". قال: فإن دُخِلَ عَلَيَّ بيتى؟ قال: "فإنْ خَشيت أن يبهرك شعاعُ السيف فألقِ ثوبَكَ على وجهِكَ يبوءُ بإثمك وإثمه". النسائي (¬6)، عن عبد الله بن عمرو بن العاصي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتَ النَّاسَ مرجت عهودهم، وخانت أمانتهم، وكانوا هكذا" وشبَّكَ بين أصابعِهِ، فقمتُ إليه، فقلتُ له: كيف أصنع عند ذلك يا رسول الله؟ جعلني الله فداك، قال: "الزم بيتك، واملك عليك ¬

_ (¬1) أي تقلبه وتصرعه (¬2) أبو داود: (4/ 457) (29) كتاب الفتن والملاحم (2) باب في النهي عن السعي في الفتنة - رقم (4259). (¬3) أبو داود: (يعني على ...). (¬4) (د): (أحدكم). (¬5) أبو داود: نفس الكتاب والباب السابقين - رقم (4261). (¬6) عمل اليوم والليلة - رقم (205).

لسانَكَ، وخذ ما تعرف، ودع ما تُنْكِر، وعليلث بأمر خاصةِ نفسك، ودع عنك أمرَ العامة". مالك (¬1)، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُوشِكُ أنْ يكون خيرُ مَالِ المسلمِ غنماً يَتْبَعُ بِها شَعَفَ (¬2) الجبال ومواقِعَ القَطْرِ (¬3)، يَفِرُّ بِدِينِهِ من الفتن". مسلم (¬4)، عن معقل بن يسار، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "العِبَادَةُ في الهرْجِ (¬5)، كَهِجْرَةٍ إليَّ". تم الكتاب بحمد الله وعونه وصلى الله على محمد نبيه. ¬

_ (¬1) الموطأ: (2/ 970) (54) كتاب الإستئذان (6) باب ما جاء في أمر الغنم - رقم (16). (¬2) أي رؤوسها. (¬3) هو المطر. (¬4) مسلم: (4/ 2268) (52) كتاب الفتن وأشراط الساعة (26) باب فضل العبادة في الهرج - رقم (130). (¬5) الهرج: الفتنة واختلاط أمور الناس، وسبب كثرة فضل العبادة فيه أن الناس يغفلون عنا ويشتغلون بها، ولا يتفرغ لها إلا الأفراد. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه أجمعين.

§1/1