اقتطاف الأزاهر والتقاط الجواهر

الرعيني، أبو جعفر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَا يَقُولُ كَاتِبُهُ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ مَالِكٍ الرُّعَيْنِيُّ الْمَالكِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ الْغَرْنَاطِيُّ: نَحْمَدُ اللَّهَ خَالِقَ الأَفْعَالِ، وَمُصَوّر الأَنَام، وَمُنْطِقَ الأَلْسِنَةِ بِالأَقْوَالِ الدَّالَّةِ عَلَى تَفَارِيعِ الْكَلاَمِ، جَعَلَ الأَلْفَاظَ عَلاَمَةً عَلَى مَا يُتَصَوَّرُ فِي الأَفْهَامِ، وَخَلَقَهَا مُخْتَلِفَةَ الْجِهَاتِ، مُتَنَوِّعَةَ الأَقْسَام، لِيَبْتَسِمَ ثَغْرُهَا عَنِ الْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَةِ أَوْضَحَ الابْتِسَامِ، وَتَجْلُوَ مَدْلُولاَتُهَا عَنِ الأسْمَاعِ أَبْلَجَ مِنَ الْوُجُوهِ الْوِسَامِ، فَمِنْهَا مَا تَخْتَلِفُ وَلاَ يَخْتَلِفُ مَعْنَاهَا عِنْدَ إِرَادَةِ الإِفْهَامِ، وَمِنْهَا مَا تَخْتَلفُ الْمَعَانِي بِاخْتِلاَفِ جِهَاتِهَا لِلأَوْهَامِ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَوْسَعَ ذَاكَ الْمَجَالَ فِي هَذَا الْمَرَامِ، وأَطْلَعَ لَنَا بدور "الظُّلَمِ" ظَاهِرَةَ التَّمَامِ، وَجَعَلَ أَفْلاَكَ الأَيَّامِ دَائِرَةً عَلَى تَصَارِيفِ الأَقْلاَمِ، وَزَيَّنَ الدُّوَلَ الشَّرِيفَةَ بِمَنِ اشْتَمَلَتْ عَلَيهِ مِنَ الْعُلَمَاءِ الأَعْلامِ، وَصَرَفَ إِلَى اسْتِجْلاَبِهِمْ هِمَمَ الْمُلُوكِ مِنْ ذَوِي الاِهْتِمَامِ،

وَنُصَلِّي عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ المَبْعُوثِ بِجَوَامِعِ الكَلِمِ وَالمَخْصُوصِ بِالْوَحْيِ وَالإِلْهَامِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْقَائِمِينَ بِنُصْرَةِ الإِسْلاَمِ، أَمَّا بَعْدُ. فَإِنَّهُ لَمَّا قَلَّبَتْنِي يَدُ النَّوَى بَيْنَ نَشْرِهَا وَطَيَّهَا، وَأَخْرَجَتْنِي عَنِ الأَوْطَانِ إِخْرَاجَ السِّهَامِ عَنْ قِسِيِّهَا، وَحَمَّلَتْنِي الأَيَّامُ مَا يُثْقِلُ مِنْ أَعْبَاءِ نَأْيِهَا، وَسَعَتْ بِي فِي طَلَبِ الْفَوَائِدِ غَايَةَ [سَعْيِهَا]، وَسَهَّلَتْ لِي مِنْ الرّحْلَةِ فِي طَلَبِ العِلْمِ مَا لَمْ أَزَلْ حَامِداً فِي ذَلِكَ حُسْنَ رَأْيِهَا، وَجَعَلْتُ أَضْرِبُ أَعْدَادَ البِلاَدِ بَعْضاً فِي بَعْضٍ، وَأَخُطُّ أَدِيمَ الأَرْضِ تَارَةً عَنْ طُولٍ وَآوِنَةٍ عَنْ عَرْضٍ، وَأَنَا فِي طَيّ ذلِكَ أَسْتَخْرِجُ الْدُّرَرَ مِنْ أَصْدَافِهَا وَأَجْمَعُ الفَوَائِدَ عَلَى اخْتِلاَفِ أَصْنَافِهَا، إِلَى أَنْ جَمَعْتُ مِنْ ذَلِكَ مَا مُلِئَ مِنْهُ الوِطَابُ، وَذُقْتُ مِنْ حَلاَوَةِ الرّحْلَةِ مَا يُسْتَعْذَبُ وَيُسْتَطَابُ، فَلَمْ أَزَلْ أَقِفُ عَلَى تَنَوُّعَاتِ الْبُلْدَانِ مَوْقِفَ الاسْتِحْقَاقِ وَأَتَبَيَّنُ مَدْلُولَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ} [فصلت: 53]. وَلاَ غَرَضَ فِي ذَلِكَ كُلّهِ إِلاَّ مَسْأَلَةٌ أفيدُها أَوْ أسْتَفِيدُهَا، أَوْ كَلِمَةٌ أُجِيدُهَا أَوْ أسْتَجِيدُهَا، أَوْ عَالِمٌ أَعُودُ مِنْ رُؤْيَاهُ [مُمْتَلِئَ] الْفُؤَادِ، أَوْ مُتَعَلّمٌ أَظْفِرُهُ بِالْعِلْمِ الْمُسْتَفَادِ. وَمَا بَرِحْتُ فِي طَلَبِ هَذَا الْمَقْصَدِ، وَتَوَرُّدِ هَذَا الْمَوْرِدِ، أَحُلُّ مِنْ كُلّ مَدِينَةٍ مَحَلَّ الْمُنْتَقِدِ، وَأَحُلُّ بِهَا مِنْ عُقَدِ الْعِلْمِ مَا أُبْرِمَ وَعُقِدَ،

إِلَى أَنْ أَلحقْتُ الْفُرَاتَ بِالنّيلِ، وَبَلَغْتُ فِيمَا بَيْنَهُمَا غَايَةَ الْمُسْتَنِيلِ، وَجَعَلْتُ مَا بَيْنَ الأَنْدَلُسِ وَالشَّامِ كَمَرْحَلَةِ يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ، وَمَا حَجَزَنِي عَنِ الْحِجَازِ قَطْعُ حَزْنِ وَلاَ سَهْلٍ، وَلاَ تَشَاغَلْتُ عَنْ ذَلِكَ بِوَطَنٍ وَلاَ أَهْلٍ، إِلَى أَنْ جَمَعْتُ بَيْنَ زِيَارَةِ الْحَرَمَيْنِ، وَحَصَلْتُ مِنَ الرّحْلَةِ عَلَى غُنْمَيْنِ. وَلَمْ يَرُعْنِي أَنَّ بِغَرْنَاطَةَ دِيَارِي، وَبِالشَّامِ مَزَارِي. وَلَمَّا أَوْدَعْتُ طَرْفِي مِنْ مُشاهَدَةِ أَهْلِ الفَضْلِ مَا أَوْدَعْتُ، وَحَجَجْتُ بَيْنَ [إِفَادَتِهِمْ] وَاسْتِفَادَتِهِمْ فَتَمَتَّعْتُ، وَشَاهَدْتُ مِنْ مُلُوكِ الزَّمَانِ مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ الأَمْصَارُ، وَشَهِدْتُ مِنْهُمْ مَنْ تَزَيَّنَتْ بِهِمُ الأَقْطَارُ، رَأَيْتُ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ فِيمَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ أَلْسُنُ الأَيَّامِ، وَشَهِدَتْ بِهِ مَعَارِفُ الأَنَامِ، كَمَنْ حَفِظَ النَّفْلَ وَضَيَّعَ الْوُجُوبَ، وَقَنِعَ مِنَ الْغَنِيمَةِ بِأَنْ يَئُوبَ، إِذْ فَاتَنِي الأَمْرُ النَّادِرُ، وَالْمَوْرِدُ الَّذِي يَحْمَدُهُ الْوَارِدُ وَالصَّادِرُ، وَالْمَقَامُ الَّذِي تَنْفُقُ فِيهِ الْعُلُومُ، وَتَسْتَهِلُّ فَوَائِدُهُ كَمَا تَسْتَهِلُّ الْغُيُومُ، وَتُعْرَفُ لأهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ حُقُوقهمْ، وَتُجْتَنَبُ إِضَاعَتُهُمْ وَعُقُوقُهُمْ، شِنْشِنَةٌ تَوَارَثَهَا كَابِرٌ عَنْ كَابِرٍ، وَمَزِيَّةٌ خَلَّفَهَا أَوَّلٌ لآخِرٍ، حَرَمٌ لاَ يَضِيعُ نَزِيلُهُ، وَكَرَمٌ لاَ يُخَافُ أَنَّ الزَّمَانَ مُزِيلُهُ، وَمُلْكٌ تَتَهَلَّلُ لَهُ وُجُوهُ الخُطُوبِ وَتَنْفَرِجُ عِنْدَهُ مَضَايِقُ الكُرُوبِ، وَتَدُورُ بِأَنْهَارِ تَدْبِيرِهِ رَحَى الحُرُوبِ، وَيَشْتَمِلُ مِنَ المَجْدِ الأَصِيلِ عَلَى مَا اشْتَهَرَ وَشَذَّ مِنَ الضُّرُوبِ، فَلَمَّا رَأَيْتُ مَا فَتَنِي مِنْ هَذَا الحَظّ الَّذِي لاَ يُثْمِرُ غَرْسَ ارْتِحَالِي إِنْ لَمْ أَنَلْ مِنْهُ نَصِيباً، وَلاَ أَجِدُنِي مَعَ فَوْتِهِ لِأَدَاءِ الوَاجِبِ مُصِيباً، أقْسَمْتُ لأَزُورَنَّ دِيَارَ بَكْرٍ، مَدَّ

الزَّمَانُ فِي ذَلِكَ أَوْ قَصُرَ، وَقُلْتُ: لاَ بُدَّ مِنْ صَنْعَا وَإِنْ طَالَ السَّفَرْ فَعَزَمْتُ أَنْ أُطْلِعَ فِي أُفُقِ شَهْبَائِهَا شِهَابِي وَأُسَهّلَ بِرُؤْيَةِ مَلِكِهَا الْجَلِيلِ أَسْبَابَ إِيَابِي، فَكَمْ رَدَّ مِنْ غَرِيبٍ إِلَى أَوْطَانِهِ، وَأَعَانَ عَلَى الزَّمَانِ بِعُمُومِ إحسانه. مَلِكٌ بِهِ تُرْسَى المَنَازِلْ ... وَيَنَالُ طِيبَ الْعَيْشِ نَازِلْ وَيَجِدُّ فِي الْجُودِ الْجَزِيـ ... لِ لِمَنْ رَجَا وَالدَّهْرُ هَازِلْ وَيَقُولُ دَاعِيَ جُودِهِ ... سَهُلَ الغِنَى مِنَّا لِآمِلْ فَاعْمَلْ عَلَى رُؤْيَاهُ تَظْ ... فَرْ بِالْمُنَى إِنْ كُنْتَ عَامِلْ وَارْحَلْ لَهُ وَدَعِ الدِّيَا ... رَ فَعِنْدَهُ كَمْ سُرَّ رَاحِلْ وَاقْطَعْ إِلَيْهِ مَدَى البلا ... دِ وَلَوْ تَبَاعَدَتِ الْمَرَاحِلْ هَذَا هُوَ الْبَحْرُ المُحيـ ... طُ وَعَاجِلُ الإِحْسَانِ سَاحِلْ هَذَا هُوَ الْغَيْثُ الَّذِي ... مَا فِي حِمَاهُ الْيَوْمَ مَاحِلْ هَذَا هُوَ المَجْدُ الأَصِيـ ... لُ وَهَكَذَا تُحْكَى الفَضَائِلْ هَذَا هُوَ الفِعْلُ الحَمِيـ ... دُ كَذَاكَ فَلْتَكُنِ الفَعَائِلْ لِلَّهِ مِنْ مَلِكٍ كَرِيـ ... مِ الأَصْلِ مَرْضِيِّ الشَّمَائِلْ مَا هَمُّهُ إِلاَّ مَنَا لٌ فِي الـ ... عِِدَا أَوْ بَذْلُ نَائِلْ لاَ فِي سِوَى الْعَلْيَاءِ مَشْـ ... غُولٌ وَلاَ لِلْمَالِ مَائِلْ

فَنِهَايَةُ الدُّنْيَا لَهُ ... فِي صَارِمٍ لَدْنٍ وَذَابِلْ وَالْجَيْشُ يُنْظَمُ حَوْلَهُ ... مِنْ رَامِحٍ مِنْهُمْ وَنَابِلْ وَالْخَيْلُ إِثْرَ الْخَيْلِ جَا ... وَبَ صَاهِلٌ مِنْهَا لِصَاهِلْ وَالْرُّمْحُ مِنْ دَمِ مَنْ عَصَا ... عَنْ أَمْرِهِ فِي الْحَرْبِ نَاهِلْ وَخَوَافِقُ الرَّايَاتِ تَخْـ ... فِقُ فَوْقَ كَرَّاتِ الْجَحَافِلْ هَذَا مُنَاهُ وَغَيْرُ هَـ ... ذَا لِلْمَوَاهِبِ وَالنَّوَافِلْ شِيَمٌ تَوَارَثَهَا فَوَا ... فَقَ شَاهِدٌ فِيهَا وَنَاقِلْ قُسٌّ إِذَا مَا رَامَ يُحْـ ... صِي عَدَّهَا، أَضْحَى كَبَاقِلْ وَلَقَدْ سَمِعْتُ بِمَجْدِهِ ... فَأَتَيْتُ أَسْرِي غَيْرَ مَاهِلْ وَأَتَيْتُ عَنْ عِلْمٍ بِهِ ... مَا عَالِمٌ يَوْماً كَجَاهِلْ فَرَأَيْتُ مَا قَالُوا وَأَكْـ ... ثَرَ وَهْوَ لَيْسَ لَهُ مُمَاثِلْ فَلِيَ الْهَنَاءُ بِأَنَّنِي ... أَصْبَحْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ مَاثِلْ فَرَأَيْتُ أَكْرَمَ مَنْ لِقَصْـ ... دِ جَنَابِهِ تُزْجَى الرَّوَاحِلْ وَخَلَصْتُ حِينَ لَقِيتُهُ ... مِنْ ضُرِّ أَيَّامِي المَوَاحِلْ وَرَجَوْتُ عَوْدِي كَيْفَ شِئْـ ... تُ إِلَى الأَحِبَّةِ وَالْمَنَازِلْ فَوْقَ الْجِيَادِ الضُّمْرِ مِنْ ... جَدْوَاهُ وَالْخُوصِ الْبَوَازِلْ كَمْ رَدَّ لِلأَوْطَانِ مِنْ ... مُتَغَرّبٍ جَزْلِ النَّوَائِلْ هَذَا هُوَ المَلِكُ الَّذِي ... فِي بَابِهِ مَا خَابَ سَائِلْ هَذَا الَّذِي مَنْ لَمْ يُقَبْـ ... بِّلْ كَفَّهُ مَا نَالَ طَائِلْ

هَذَا الَّذِي أَحْيَا مَكَا ... رِمَ قَدْ سُمِعْنَ عَنِ الأَوَائِلْ قد حاز أوصافاً يحَا ... رُ لوصْفِها سحبان وَائِلْ هَذَا ابن أُرْتُقَ خَيْرُ مَنْ ... فِي مَدْحِهِ قَدْ قَالَ قَائِلْ هَذَا الَّذِي لِجُدُودِهِ ... فِي النَّاسِ ذِكْرٌ غَيْرُ زَائِلْ أَمْدَاحُهُمْ تَبْقَى عَلَى ... طُولِ اللَّيَالي وَالأَصَائِلْ هَذَا الزَّمَانُ وَأَهْلُهُ ... فَاسْمَعْ ثَنَاءَهُمُ وَسَائِلْ فَهُمُ المُلُوكُ بَنُو المُلُو ... كِ فَعِنْدَهُمْ تُغْنِي الوَسَائِلْ وَعَلَى وُجُوهِهِمُ مِنَ الْـ ... بُشْرَى لِمَنْ وَافَى دَلاَئِلْ أَخْلاَقُهُمْ مِثْلُ الرِّيَا ... ضِ إِذَا تَبَسَّمَتِ الخَمَائِلْ كَالْسّلْكِ نُظِّمَ دُرُّهُ ... فَزَهَتْ بِهِ الغِيدُ العَقَائِلْ سِلْكُ بِأُرْتُقَ بَدْوُهُ ... وَإِلَى السَّعِيدِ النَّظْمُ وَاصِلْ وَإِلَى المُظَفَّرِ بَعْدَهُ ... وَالنَّظْمُ لِلْمَنْصُورِ حَاصِلْ وَكَمَالُهُ بِالصَّالِحِ الْـ ... أَعْلَى فَهَذَا السَّلْكُ كَامِلْ وَلَسَوْفَ يَبْقَى بَعْدَهُ ... لِبَنِيهِ هَذَا المُلْكُ شَامِلْ فَبُدُورُ عِزِّهِمُ المُنِيـ ... رَةُ لَمْ يُخَفْ مِنْهُنَّ آفِلْ وَسَمَاحُهُمْ عَنْ جَبْرِ مَنْ ... يَأْوِي إِلَيْهِمْ غَيْرُ غَافِلْ وَنَدَاهُمُ بِغِنَى المُقِلّ ... وَحَاجَةِ الرَّاجِينَ كَافِلْ

وَعُلاَهُمُ مَا زَالَ فِي ... حُلَلِ الثَّنَاءِ الجَزْلِ رَافِلْ وَإِذَا أَتَى وَفْدُ العُفَا ... ةِ مُدَبِّراً بِمَ ذَا يُقَابِلْ هَبَّتْ قَبُولُ سَمَاحِهِمْ ... فَتَقُولُ إِنَّ الوَقْتَ قَابِلْ أَعْطَاهُ حَتَّى قَالَ حَسْـ ... بِي وَانْثَنَى فِي الشُّكْرِ جَائِلْ لاَ زَالَ يَنْشُرُهَا مَكا ... رِمَ لَمْ تَكُنْ يَوْماً زَوَائِلْ وَيَنَالُ مِنْ مِنَحِ الرِّضَى ... وَالسَّعْدِ غَايةَ كُلِ نَائِلْ وَلَمَّا عَرَفْتُ مِنْ صِفَاتِهِ هَذِهِ الْجَوَاهِرَ الَّتِي نَظَمْتُهَا فِي سَلْكِ الكَلاَمِ، وَزَيَّنْتُ بِنَظْمِهَا أَجْيَادَ المُلْكِ فِي الأَنَامِ، قُلْتُ: لاَ بُدَّ مِنْ تُحْفَةِ قَادِمٍ أُقَدِمُهَا بَيْنَ يَدْيَهِ، وَوَسِيلَةِ وَاصِلٍ أَتَوَصَّلُ بِهَا إِلَيْهِ، فَرَأَيْتُ أَنَّ العِلْمَ أَشْرَفُ مَا عُنِيَتْ بِهِ أَكَابِرُ المُلُوكِ، وَأَنْفَسُ الجَوَاهِرِ الَّتِي تَتَضَمَّنُهَا ذَخَائِرُ السُّلُوكِ، وَتَحَقَّقْتُ أَنَّهُ مِمَّنْ يَرَى لِلْعِلْمِ حَقَّهُ، وَيجِبُ أَنْ تُزَيِّنَ بُدُورُهُ أُفْقَهُ، وَحِينَ قد رَأَيْتُهُ قَدْ عُنِيَ بِتَحْسِينِ الأَفْعَالِ، أَلَّفْتُ لَهُ كِتَاباً فِي تَصَارِيفِ الأَفْعَالِ، وَحين أَلْفَيْتُ أَفْعَالَهُ تَتَصَّرَفُ فِي فَتْحِ [الآمَالِ] الَّتِي تُقِرُّ الْعَيْنِ، اقْتَصَرْتُ مِنَ الأَفْعَالِ عَلَى (فَعَلَ) الَّذِي هُوَ مَفْتُوحُ العَيْنِ، مَعَ أَنّي رَأَيْتُ تَصَارِيفَ الأَفْعَالِ مُتَّسِعَةَ المَجَالِ مُلْتَبِسَةً عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الرِّجَالِ، وعِلْمَ ذَلِكَ فِي هَذَا الزَّمَانِ مَأْخُوذاً بِيَدِ الإِهْمَالِ،

وَرَأَيْتُ أَنَّ أَكْثَرَ مَا يَدُورُ عَلَى الأَلْسِنَةِ (فَعَلَ) المَفْتُوحُ العَيْنِ، وَأَنَّهُ فِي هَذَا البَابِ كَالسَّوَادِ مِنَ العَيْنِ، فَصَنَّفْتُ هَذَا الكِتَابَ، [وَ] جَمَعْتُ فِيهِ مَا جَاءَ مِنْ (فَعَلَ) بِفَتْحِ العَيْنِ، وَالمُضَارِعُ مِنْهُ بِالضَّمّ وَالكَسْرِ، مَعَ اخْتِلاَفِ المَعْنَى وَاتّفَاقِهِ، وَبَوَّبْتُهُ عَلَى حُرُوفِ المُعْجَمِ، فَجَاءَ كَالسِلْكِ المُحْكَمِ. وَأَبْدَأُ كُلَّ بَابٍ بِمَا هُوَ مُتَّفِقُ المَعْنَى، لِيَكُونَ أَسْهَلَ لِلنَّاظِرِ وَأَهْنَى، وَبَدَأْتُهُ بِمُقَدِمَةٍ فِي أَحْكَامِ (فَعَلَ)، وَنَقْلِهِ، وَصَحِيحِهِ، وَمُعْتَلِّهِ، وَخَتَمْتَهُ بِفَصْلٍ فِيمَا يَتَعَدَّى مِنَ الأَفْعَالِ مَرَّةً دُونَ مَرَّةٍ، فَكَمُلَ تَأْلِيفُهُ بِأَنْفَسِ دُرّة، إِذْ هَذَا النَّوْعُ مِنَ الأَفْعَالِ مِنْ قَبِيلَ النَّادِرِ الَّذِي لاَ يُدْرِكُهُ إِلاَّ الحُفَّاظُ، وَلاَ يُمَيّزُهُ إِلاَّ مَنْ تَدَاوَلَتْ عَلَى سَمْعِهِ الأَلْفَاظُ. وَقَدْ جَمَعَ النَّاسُ فِي الأَفْعَالِ تَصَانِيفَ حَصَلَ لَهُمْ بِهَا السَّبْقُ، وَوَجَبَ أَنْ لاَ يُشَامَ إِلاَّ ذَلِكَ البَرْقُ، وَلَكِنْ رَأَيْتُ إِفْرَادَ هَذَا الصّنْفِ مِمَّا تَكْثُرُ فَوَائِدُهُ، وَيُحْمَدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَائِدُهُ، وَهَذَا شَيْءٌ اقْتَضَبْنَاهُ بِيَدِ الاسْتِعْجَالِ، وَوَقَعَ مِنَّا مَوْقِعَ الشِعْرِ عِنْدَ الارْتِجَالِ. وَعَلَى كُلِّ وَجْهٍ، فَإِنَّ مَنْ جَمَعَ وَلَوْ مَسْأَلَتَيْنِ نَفَعَ عِلْمُ ذَلِكَ وَضَرَّ جَهْلُهُ، وَحَرَصَ عَلَى تَحْصِيلِهِ أَهْلُهُ، وَسَمَّيْتُهُ: بِـ (اقْتِطَافِ الأَزَاهِرِ، وَالتِقَاطِ الجَوَاهِرِ)، وَرَفَعْتُهُ إِلَى الخِزَانَةِ الشَّرِيفَةِ خِدْمَةً مُخَلَّدَةً فِي دَوَاوِينِهَا وَقَطْرَةً أَضَفْتُهَا إِلَى مَعِينِ عُيُونِهَا.

وَاللَّهَ أسألُ أَنْ يَكْفِيَنَا أَلْسِنَةَ الْحُسَّادِ، وَيَصْرِفَ هَذِهِ البِضَاعَةَ عَنْ سُوقِ الكَسَادِ، وَيُلْهِمَنَا إِلَى مَا يَعْصِمُ مِنَ الهُجْرِ، وَلاَ يَجْعَلَنَا مِمَّنْ قُوبِلَ بِالهَجْرِ، وَعَلَى اللَّهِ أَتَوَكَّلُ، وَبِهِ أَتَوَسَّلُ.

ذكر المقدمة في أحكام (فَعَلَ) المفتوح العين اعْلَمْ أَنَّ المَفْتُوحَ العَيْنِ، أَخَفُّ أَبْنِيَةِ الأَفْعَالِ، لأَنَّهُ ثُلاَثِيٌ، وَالثُلاَثِيُّ أَخَفُّ مِمَّا زَادَ عَلَيْهِ، وَلأَنَّهُ مَفْتُوحُ العَيْنِ، والفَتْحَةُ أَخَفُّ الحَرَكَاتِ. تَنْبِيهٌ: وَاعْلَمْ أَنَّ الفِعْلَ الثُّلاَثِيَّ المُجَرَّدَ، لاَ يَكُونُ أَوَّلُهُ إِلاَّ مَفْتُوحاً لِخِفَّةِ الفَتْحَةِ، فَأَمَّا ضُرِبَ المبْنِيُّ لِلْمَفْعُولِ فَلَيْسَ بِأَصْلِ بِنَاءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ فَرْعٌ عَنْ بِنْيَةِ الفَاعِلِ، دَلِيلُهُ، قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا وُورِيَ عَنْهُمَا} [الأعراف: 20] بِضَمّ الوَاوِ مِنَ غَيْرِ هَمْزٍ، وَلَوْ كَانَ اجْتِمَاعُ الوَاوَيْنِ أَصْلاً، لَكَانَ مِنْ بَابِ (أَوَاصِلَ)، لاَ يَجُوزُ فِي الوَاوِ إِلاَّ الهَمْزُ، لأَنَّ القَاعِدَةَ: مَهْمَا اجْتَمَعَ فِي أَوَّلِ الكَلِمَةِ وَاوَانِ كَانَ هَمْزُ الأَوَّلِ مِنْهُمَا لُزُوماً، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الاجْتِمَاعُ لاَزِماً كَـ (أَوَاصِلَ) وَنَحْوِهِ، وَالأَصْلُ فِيهِ: وَوَاصِلُ، جَمْعُ وَاصِلٍ،

وَأَمَّا إِذَا كَانَ الاجْتِمَاعُ عَارِضاً فَلاَ يَلْزَمُ الهَمْزُ، بَلْ يجُوزُ كَـ (وُوِريَ) فَـ (وُوِريَ) عَلَى هَذَا مِنْ بَابِ (وُقِتَتْ) لاَ مِنْ بَابِ (أَوَاصِلَ)، فَجَوَازُ الأَمْرَيْنِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بِنَاءَهُ عَارِضٌ، وَأَنَّ اجْتِمَاعَ الوَاوَيْنِ فِيهِ لَيْسَ بِأَصْلِ، وَإِنَّمَا جَعَلُوا الضَّمَّ مَعَ الفَعْلِ المَبْنِيّ لِلْمَفْعُولِ لِأَنَّهُ قَلِيلٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى فِعْلِ الفَاعِلِ، وَجَعَلُوا الفَتْحَ مَعَ الفَاعِلِ لأَنَّهُ كَثِيرٌ، فَجَعَلُوا الخَفِيفَ مَعَ الكَثِيرِ وَالثَّقِيلَ مَعَ القَليلِ. وَأَمَّا (شِهِدَ)، بِكَسْرِ الشّينِ، فَكَذَلِكَ أَيْضاً لَيْسَ بِأَصْلِ بِنَاءٍ، وَإِنَّمَا الأَصْلُ: شَهِدَ بِفَتْحِ الشِينِ، وَإِنَّمَا كُسِرَ إِتْبَاعاً. ثُمَّ إِنَّ هَذَا الفِعْلَ الَّذِي نَحْنُ بِصَدَدِهِ، يَنْقَسِمُ أَقْسَاماً: القِسْمُ الأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ صَحِيحَ الفَاءِ وَالعَيْنِ وَاللاَّمِ، غَيْرَ مُضَاعَفٍ، نَحْوُ: ضَرَب، فَهَذَا القِسْمُ يَأتِي المُضَارِعُ مِنْهُ عَلَى (يَفْعُلُ) بِضَمّ العَيْنِ وَعَلَى (يَفْعِلُ) بِكَسْرِهَا سَوَاءٌ كَانَ مُتَعَدِياً أَوْ غَيْرَ مُتَعَدٍّ نَحْوَ: خَرَجَ يَخْرُجُ وَضَرَبَ يَضْرِبُ،

وَقَدْ يَجِيءُ ذَلِكَ فِي الفَعْل الواحِدِ نَحْوُ: عَرَشَ يَعْرُشُ وَيَعْرِشُ، وَهُوَ كَثِيرٌ جِدّاً، وَبِسَبِبِهِ وَضَعْتُ هَذَا الكِتَابَ. وَقَدْ عَقَدَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ بْنُ دُرَيْدٍ بَاباً فِي كِتَابِ الأَبْنِيَةِ مِنْ كِتَابِ "الجَمْهَرَةِ". فَإِذَا التَبَسَ عَلَيْكَ مُضَارِعُ فِعْلٍ، وَلاَ تَعْلَمُ أَمَضْمُومٌ هُوَ أَمْ مَكْسُورٌ، فَتَتَبَّع السَّمَاعَ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ مَسْمُوعاً، فَأَنْتَ بِالخِيَارِ فِي الضَّمّ والكَسْرِ، إِلاَّ أَنَّ الكَسْرَ أَوْلَى لخِفَّتِهِ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: طُفْتُ فِي سَافِلَةِ قَيْسٍ وَعَلْيَاءَ تَمِيمٍ فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً فَصَلَ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ أَجِدْ لِذَلِكَ حَصْراً، وَكُلٌّ يَتَكَلَّمُ بِهِ عَلَى مَا يُرِيدُ؛ يَعْنِي: مِنْ ضَمّ المُضَارِعِ أَوْ كَسْرِهِ. قُلْتُ: هَذَا إِذَا لَمْ يَثْبُتِ السَّمَاعُ، فَأَمَّا إِذَا ثَبَتَ السَّمَاعُ فَلاَ يُعْدَلُ إِلَى غَيْرِهِ. وَقَدْ يَأْتِي المُضَارِعُ بالضَّمّ وَلاَ يَجُوزُ غَيْرُهُ، وَذَلِكَ فِي بَابِ المُغَالَبَةِ نَحْوُ أنْ تَقُولَ: ضَارَبْتُهُ فَضَرَبْتُهُ أَضْرُبُهُ، أَيْ: غَلَبْتُهُ فِي الضَّرْبِ، وَخَاصَمْتُهُ فَخَصَمْتُهُ أَخْصُمُهُ، أَيْ: غَلَبْتُهُ فِي

الخُصُومَةِ؛ هذَا مَا لَمْ يَكُنْ مُعْتَلَّ العَيْنِ أَوِ اللاَّمِ بِالْيَاءِ، أَوْ مُعْتَلَّ الفَاءِ بِالْوَاوِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَ المُضَارِعُ (يَفْعِلُ) بِكَسْرِ العَيْنِ، نَحْوَ قَوْلِكَ: رَامَانِي فَرَمَيْتُهُ أَرْمِيهِ، وَسَايَرَنِي فَسِرْتُهُ أَسِيرُهُ، وَوَاعَدَنِي فَوَعَدْتُهُ أَعِدُهُ، إِذَا غَلَبْتَهُ فِي الرَّمْيِ وَالسَّيْرِ والوَعْدِ. وَإِنَّمَا التُزِمَ فِي هَذَا المُعْتَلّ أَنْ يَكُونَ مُضَارِعُهُ بِكَسْرِ العَيْنِ لِأَنَّهُ لَوْ جَاءَ بِالضَّمّ لَخَرَجُوا عَنْ لُغَتِهِمْ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلاَمِهِمْ مِثْلُ وَعَدَ يَوْعُدُ وَلاَ بَاعَ يَبُوع مِنَ البَيْعِ وَلاَ رَمَى يَرْمُو، فَلِذَلِكَ جَاؤُوا بِالمُضَارِعِ عَلَى الكَسْرِ مُوَافَقَةً لِلْقِيَاسِ، وَزَعَمَ الكِسَائِيُّ أَنَّهُ يَجِيءُ عَلَى (يَفْعَلُ) بِفَتْحِ العَيْنِ إِذَا كَانَ العَيْنُ حَرْفَ حَلْقٍ نَحْوُ: فَاخَرَنِي فَفَخَرْتُهُ أَفْخَرُهُ،

وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ فِيهِ الضَّمَّ، قَالَ: يُقَالُ: شَاعَرَنِي وَشَعَرْتُهُ أَشْعُرُهُ، وَفَاخَرَنِي فَفَخَرْتُهُ أَفْخُرُهُ بِالضَّمّ. تَنْبِيهٌ: اعْلَمْ أَنَّ بَابَ المُغَالَبَةِ المُرَادُ بِهِ: أَنْ يَقْصِدَ كُلُّ وَاحِدِ مِنَ الاثْنَيْنِ غَلَبَةَ الآخَرِ فِي الفِعْلِ المَقْصُودِ لَهُمَا، فَيُسْنَدُ الفِعْلُ إِلَى الغَالِبِ مِنْهُمَا، فَإِذَا قِيلَ: خَاصَمَ زَيْدٌ عَمْراً فَتعَلَمُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَصَدَ أَنْ يَغْلِبَ صَاحِبَهُ فِي الخُصُومَةِ. وَشَذَّ عَنْ هَذَا القِسْمِ: رَكَنَ يَرْكَنُ بِفَتْحِ العَيْنِ فِي المُضَارِعِ وَلَوْ جَاءَ عَلَى مَا أَصَّلْنَاهُ، لَكَانَ إِمَّا بِالضَّمّ أَوْ بِالْكَسْرِ، وَهَذَا عِنْدَهُمْ مِنْ تَدَاخُلِ اللُّغَاتِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُقَالُ: رَكَنَ بِالفَتْحِ يَرْكُنُ بالضم (فِي المُضَارِعِ) نَحْوَ: خَرَجَ يَخْرُجُ، وَرَكِنَ بِالْكَسْرِ يَرْكَنُ (بِالفَتْحِ) (فِي المُضَارِع) مِثْلُ: عَلِمَ يَعْلَمُ، فَأَخَذُوا يَركَنُ (بِالْفَتْحِ) الَّذِي هُوَ مُضَارِعُ رَكِنَ بِالكَسْرِ، وَرَكَّبُوهُ عَلَى رَكَنَ بِالفَتْحِ، وَهِيَ لُغَةٌ؛

وَقَدْ مَهَّدْنَاهُ فِي كِتَابِنَا: "رَدّ الشَّوَارِدِ إِلَى حُكْمِ القَوَاعِدَ". وَكَذَلِكَ شَذَّ قَنَطَ يَقْنَطُ بِفَتْحِ العَيْنِ فِي المَاضِي والمُضَارِعِ. فَإِذَا كَانَتْ العَيْنُ أَوِ اللاَّمُ مِنْ هَذَا القِسْمِ حَرْفَ حَلْقٍ، جَاءَ المُضَارِعُ عَلَى (يَفْعَلُ) بِفَتْحِ العَيْنِ فِي الأَكْثَرِ، وَحُرُوفُ الحَلْقِ سِتَّةٌ: الهَمْزَةُ، والهَاءُ، والعَيْنُ، وَالحَاءُ، والخَاءُ، والغَيْنُ؛ وَإِنَّمَا سُمّيَتْ هَذِهِ الحُرُوفُ حُرُوفَ حَلْقٍ، لأنَّهَا تَخْرُجُ مِنَ الحَلْقِ، فَالهَمْزَةُ وَالهَاءُ مِنْ أَقْصَى الحَلْقِ، وَالعَيْنُ وَالحَاءُ مِنْ وَسَطِهِ، والغَيْنُ وَالخَاءُ مِنْ أَدْنَاهُ. وَلاَ أَثَرَ لِهَذِهِ الحُرُوفِ إِذَا وَقَعَتْ فَاءً. مِثَالُ الْهَمْزَةِ عَيْناً: سَأَلَ يَسْأَلُ، جَاءَ المُضَارِعُ بالفَتْحَ لأنَّ عَيْنَهُ مِنْ حُرُوفِ الحَلْقِ، وَمِثَالُهُ لاَماً: قَرَأَ يَقْرَأُ، وَأَمَّا أَكَلَ يَأْكُلُ، فَجَاءَ المُضَارِعُ بِالضَّمّ، وَلَمْ يُؤَثِّرْ حَرْفُ الحَلْقِ، لأنَّهُ وَقَعَ فَاءً.

ومِثَالُ الهَاءِ عَيْناً: ذَهَبَ يَذْهَبُ، وَمِثَالُهُ لاَماً: جَبَهَ يَجْبَهُ، وَأَمَّا هَرَبَ، فَلاَ أَثَرَ فِيهِ لِحَرْفِ الحلْقِ، لأَنَّهُ وَقَعَ فَاءً. وَمِثَالُ العَيْنِ عَيْناً: جَعَلَ يَجْعَلُ، وَمِثَالُهُ لاَماً: جَمَعَ يَجْمَعُ، وَأَمَّا عَجَمَ يَعْجُمُ، فَلاَ أَثَرَ لِحَرْفِ الحَلْقِ، لِأَنَّهُ فَاءٌ. وَمِثَالُ الحَاءِ عَيْناً: لَحَم يَلْحَمُ، وَمِثَالُهُ لاَماً: لَمَحَ يَلْمَحُ، وَأَمَّا حَكَمَ يَحْكُمُ، فَلاَ أَثَرَ لِحَرْفِ الحَلْقِ، لِأَنَّهُ فَاءٌ. وَمِثَالُ الخَاءِ عَيْناً: شَخَصَ يَشْخَصُ، وَمِثَالُهُ لاَماً شَدَخ يَشْدَخُ، وَأَمَّا خَرَجَ يَخْرُجُ، فَلاَ أَثَرَ لِحَرْفِ الحَلْقِ، لِأَنَّهُ فَاءٌ. وَمِثَالُ الغَيْنِ عَيْناً: شَغَبَ يَشْغَبُ وَمِثَالُهُ لاَماً: لَدَغَ يَلْدَغُ، وَأَمَّا غَلَبَ يَغْلِبُ، فَلاَ أَثَرَ لِحَرْفِ الحَلْقِ، لِأَنَّهُ فَاءٌ. فَإِنْ قُلْتَ: فَلأَيِّ شَيْءٍ فَتَحُوا مَعَ حَرْفِ الحَلْقِ إِذَا كَانَ عَيْناً أَوْ لاَماً، وَلَمْ يَفْتَحُوا مَعَهُ إِذَا كَانَ فَاءً؟ قُلْتُ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِلتَّنَاسُبِ الَّذِي بَيْنَ الفَتْحِ وَحَرْفِ

الحَلْقِ فِي المَخْرَجِ، فَفَتَحُوا لِأَجْلِ العَيْنِ لِأَنَّهُمْ رَاعَوْا مَا فِي اليَدِ، أَعْنِي: أَنَّ الفَتْحَ يَكُونُ عَلَى حَرْفِ الحَلْقِ، وَفَتَحُوا لِأَجْلِ اللاَّمِ لِأَنَّهُمْ رَاعَوْا مَا يَأتِي، وَلَمْ يَفْتَحُوا لِأَجْلِ الفَاءِ إِذَا كَانَتْ حَرْفَ حَلْقٍ، لِأَنَّهُمْ قَدِ انْصَرَفُوا عَنْهُ، وَمَا انْصَرَفُوا عَنْهُ لاَ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ؛ أَلاَ تَرَاهُمْ لاَ يُتْبِعُونَ فِي الصِفَةِ بَعْدَ القَطْعِ، وَمِنْ كَلاَمِهِمْ: إِذَا انْصَرَفَتْ نَفْسِي عَنِ الشَّيْءِ لَمْ تَكَدْ ... إِلَيْهِ بِوَجْهِ آخِرَ الدَّهْرِ تَرْجِعُ وَقَدْ جَاءَ مُضَارِعُ (فَعَلَ) - مَعَ كَوْنِهِ فِيهِ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الحَلْقِ - عَلَى الأَصْلِ، وَيُعَدُّ ذَلِكَ مِنَ الشُّذُوذِ،

وَذَلِكَ نَحْوُ: رَجَعَ يَرْجِعُ، وَنَزَعَ يَنْزِعُ، وَنَكَحَ يَنْكِحُ، وَنَحَتَ يَنْحِتُ، وَشَخَبَ يَشْخُبُ، وَلَغَبَ يَلْغُبُ، وَصَلَحَ يَصْلُحُ، وَزَأَرَ يَزْئِرُ، وَسَهَمَ يَسْهُمُ، وَنَعَقَ الغُرَابُ يَنْعِقُ، وَنَزَغَ يَنْزِغُ، وَنَهَقَ يَنْهِقُ، وَنَفَخَ يَنْفُخُ. وَجَاءَتْ أَحْرُفٌ عَلَى القِيَاسِ مَرَّةً وَعَلَى السَّمَاعِ أُخْرَى، نَحْوُ؛ بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ يَبْرَأُ بِالفَتْحِ قِيَاساً، وَيَبْرُؤُ بِالضَّمّ سَمَاعاً، وَصَبَغَ الشَّيْءَ يَصْبَغُ بِالفَتْحِ قِيَاساً، وَيَصْبُغُ سَمَاعاً، وَفَرَغَ يَفْرَغُ بِالفَتْحِ قِيَاساً، وَيَفْرُغُ بِالضَّمّ سَمَاعاً، وَقَدْ كَانَ غَرَضِي أَنْ أَتَتَبَّعَ هَذَا الفَصْلَ وَأَجْمَعَهُ وَلَكِنْ لَمْ يُقْضَ ذَلِكَ، وَالأُمُورُ مَرْهُونَةٌ بِأَوْقَاتِهَا. القِسْمُ الثَّانِي مَا كَانَ مُعْتَلَّ الفَاءِ، فَإِنَّ المُضَارِعَ مِنْهُ يَأتِي عَلَى (يَفْعِلُ) بِالكَسْرِ نَحْوُ: وَقَرَ الشَّيْءُ فِي صَدْرِي يَقِرُ، وَوَعَدَ يَعِدُ، وَيَسَرَ يَيْسِرُ، وَكَانَ الأَصْلُ فِي يَعِدُ: يَوْعِدُ فَحُذِفَتْ الوَاوُ لِوُقُوعِهَا بَيْنَ يَاءٍ وَكَسْرَةٍ.

فَإِنْ قُلْتَ: فَمَا بَالُهُمْ حَذَفُوا الوَاوَ مَعَ بَاقِي حُرُوفِ المُضَارَعَةِ فَقَالُوا: نَعِدُ، وَتَعِدُ، وَأَعِدُ، وَلَمْ تَقَعِ الوَاوُ بَيْنَ يَاءٍ وَكَسْرَةٍ؟. فَالجَوَابُ: أَنَّهُمْ حَذَفُوا الوَاوَ فِي هَذِهِ المَوَاضِعِ لِغَيْرِ مُوجِبِ بِالْحَمْلِ عَلَى مَا فِيهِ المُوجِبُ، لِتَجْرِيَ حُرُوفُ المُضَارَعَةِ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ، وَنَظِيرُهُ: أُكْرِمُ، أَصْلَهُ أُأَكْرِمُ، فَحَذَفُوا إِحْدَى الهَمْزَتَيْنِ فِرَاراً مِن اجْتِمَاعِهِمَا، وَحَمَلُوا بَاقِيَ حُرُوفِ المُضَارَعَةِ فِي الحَذْفِ دُونَ مُوجِبٍ، بِالحَمْلِ عَلَى مَا فِيهِ المُوجِبُ، وَالحَمْلُ فِي كَلاَمِ العَرَبِ بَابٌ مُتَّسِعٌ، وَقَدْ خَطَرَ بِخَاطِرِي أَنْ أَجْمَعَ فِيهِ كِتَاباً لِمَا رَأَيْتُ مِنْ سَعَتِهِ. فَإِنْ قُلْتُ: فَلَوْ كَانَ وُقُوعُ الوَاوِ بَيْنَ يَاءٍ وَكَسْرَةٍ مُوجِباً لِحَذْفِ الوَاوِ، لَوَجَبَ حَذْفُهَا فِي يُوعِدُ مُضَارِعُ أَوْعَدَ؟ فالجَوَابُ: أَنَّهُمْ رَاعَوْا الأَصْلَ، وَذَلِكَ أَنَّ أَصْلَهُ: يُأَوْعِدُ، فَلَمْ تَقَعِ الوَاوُ فِي الأَصْلِ بَيْنَ يَاءٍ وَكَسْرَةٍ، بَلْ بَيْنَ هَمْزَةٍ وَكَسْرَةٍ فَأَهْمَلُوا مَا فِي اليَدِ، وَهِيَ الصُّورَةُ اللَّفْظِيَّةُ، وَرعَوْا الأَصْلَ. وَشَذَّ عَنْ هَذَا القِسْمِ: وَجَدَ يَجُدُ بِضَمّ العَيْنِ فِي المُضَارِعِ. وَلَوْ جَاءَ عَلَى مَا أَصَّلْنَاهُ، لَكَانَ: يَجِدُ بِالكَسْرِ،

وَلَمْ تَرْجِعِ الوَاوُ، مَعَ أَنَّ مُوجِبَ حَذْفِهَا قَدْ زَالَ، مَعَ أَنَّ الضَّمَّ هُنَا شَاذٌّ، فَلَمْ يَعْتَدُّوا بِهِ، وَرَاعَوِا الأَصْلَ، وَهُوَ الكَسْرُ. فَإِنْ كَانَتِ العَيْنُ أَوِ اللاَّمُ حَرْفاً مِنْ حُرُوفِ الحَلْقِ فَتَحْتَ، نَحْوُ: وَهَبَ يَهَبُ، وَوَضَعَ يَضَعُ، وَلَمْ تَرْجِع الوَاوُ فِي المُضَارِعِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ زَالَ مُوجِبُ حَذْفِهَا، أَلاَ تَرَى أَنَّهَا لَمْ تَقَعْ فِي (يَضَعُ) بَيْنَ يَاءٍ وَكَسْرَةٍ، بَلْ بَيْنَ يَاءٍ وَفَتْحَةٍ، لِأَنَّهُمْ رَاعَوِا الأَصْلَ، وَهُوَ الكَسْرُ، لأَنَّ الفَتْحَ لِأَجْلِ حَرْف الحَلْقِ عَارِضٌ، وَالعَارِضُ لاَ يُعْتَدُّ بِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الصَّنْعَةِ. حاشِيَة: يَرِدُ عَلَى الأَصْلِ الْمَذْكُورِ والاِعْتِذارِ فِي وَهَبَ يَهَبُ فِعْلانِ، وَهُما: وَسِعَ يَسَعُ وَوَطِئَ يَطَأُ؛ فَإنَّ مُقتَضَى الأَصْلِ الْمَذْكُورِ ثُبُوتُ الوَاوِ فِيهِما، لِعَدَمِ وُقوعِهِما بَيْنَ يَاءٍ وَكَسْرَةٍ.

ولاَ يُعْتَذَرُ بِأنّ الفَتْحَ عَارِضٌ، وَالأَصْلُ الْكَسْرُ، كَما فِي وَهَبَ يَهَبُ، لأَنَّ (فَعَلَ يَفْعِلُ)، بِكَسْرِ العَيْنِ، فِيهِما شَاذٌّ، وَفَتْحُ العَيْنِ فِي مُضارِعِهما هُوَ الأَصْلُ، لاَ فِي مَاضِيهِما بِكَسْرِ العَيْنِ. وَأَجَابَ الجَوْهَرِيُّ عَنْهُما بِأَنّ الوَاوَ سَقَطَتْ مِنْهُما لِتَعَدِّيهِما، لأَنَّ (فَعِلَ يَفْعَلُ) مِمَّا اعْتَلَّ فاؤُهُ لاَ يَكُونُ إِلاّ لاَزِمًا، فَلَمّا جَاءَا مِنْ بَيْنِ أَخَوَاتِهِما مُتَعَدِّيَيْنِ خُولِفَ فِيهِما نَظَائِرُهُما.

القِسْمُ الثَّالِثُ مَا كَانَ مُعْتَلَّ العَيْنِ أَوِ اللاَّمِ، وَهَذَا الاعْتلَالُ لاَ يَخْلُو أَنْ يَكُونَ بِالوَاوِ أَوْ بِاليَاءِ، فَإِنْ كَانَ بِالوَاوِ، جَاءَ المُضَارِعُ عَلَى (يَفْعُلُ) بِالضَّمّ نَحْوُ: قَامَ يَقُومُ، وَغَزَا يَغْزُو. وَإِنْ كَانَ بِاليَاءِ، جَاءَ المُضَارِعُ عَلَى (يَفْعِلُ) بِالكَسْرِ، نَحْوُ: بَاعَ يَبِيعُ، وَرَمَى يَرْمِي، فَإِنْ كَانَتِ العَيْنُ حَرْفَ حَلْقِ جَاءَ عَلَى (يَفْعَلُ) بِالفَتْحِ نَحْوُ: سَعَى يَسْعَى، وَمَحَا يَمْحَى، وَشَأَى يَشْأَى، وَرَأَى يَرَى، وَقَدْ جَاءَ عَلَى الأَصْلِ نَحْوُ: مَحَا يَمْحُو. وَشَذَّ عَنْ هَذا القِسْمِ: أَبَى يَأْبَى، وَقَلَى يَقْلَى، وَجَبَا يَجْبَى، وَغَزَا يَغْزَى، وَغَسَا اللَّيْلُ يَغْسَى. وَوَجْهُ الشُّذُوذِ فِي أَبَى يَأْبَى: أَنَّهُمْ شَبَّهُوا الأَلِفَ بِالْهَمْزَةِ، فَكَأَنَّ لاَمَ أَبَى وَقَعَتْ هَمْزَةً، فَكَمَا قَالُوا: قَرَأَ يَقْرَأُ بِالفَتْحِ فِي المُضَارِعِ، قَالُوا: أَبَى يَأْبَى لِلشَّبَهِ الَّذِي بَيْنَ الأَلِفِ والهَمْزَةِ.

وَأَمَّا قَلَى يَقْلَى بِالْفَتْحِ فِيهِمَا، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ تَدَاخُلِ اللُّغَتَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ حَكَى بَعْضُهُمْ: قَلِيَ يَقْلَى مِثْلُ: عَلِمَ يَعْلَمُ، وَقَلَى يَقْلِي مِثْلُ ضَربَ يَضْرِبُ، فَأَخَذُوا مُضَارِعَ قَلِيَ بِالكَسْرِ وَرَكَّبُوهُ عَلَى قَلَى بِالفَتْحِ فَقَالُوا: قَلَى يَقْلَى بالفَتْحِ فِيهِمَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَلَى يَقْلَى بِالفَتْحَ جَاءَ عَلَى لُغَةِ طَيّءِ الَّذِين يَقُولُونَ فِي مِثْلِ بَقِيَ يَبْقَى: بَقَى يَبْقَى، وَفِي مِثْلِ دُعِيَ وَبُنِيَ: دُعَى وَبُنَى، قَالَ الشَّاعِرُ: نَسْتَوْقِدُ النَّبْلَ بالحَضِيضِ وَنَصْـ ... طَادُ نُفُوساً بُنَتْ عَلَى الكَرَمِ وَهُوَ قِيَاسٌ عِنْدَهُمْ فِي كُلّ يَاءٍ مَفْتُوحَة فَتْحَةَ بِنَاءٍ وَقَبْلَهَا كَسْرَةٌ، وَصَنَعُوا ذَلِكَ تَخْفِيفاً.

القِسْمُ الرَّابِعُ مَا كَانَ مُضَاعَفاً، وَهُوَ لاَ يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مُتَعَدّياً أَوْ غَيْرَ مُتَعَدّ، فَإِنْ كَانَ مُتَعَدّياً، فَإِنَّ مُضَارِعَهُ جَاءَ عَلَى (يَفْعُلُ) بِالضَّمّ نَحْوُ: رَدَّ يَرُدُّ. قَالَ الجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ شَذَّ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةُ أَفْعَالٍ جَاءَ المُضَارِعُ مِنْهَا بِالضَّمّ عَلَى القِيَاسِ، وَبالكَسْرِ عَلَى السَّمَاعِ، وَذَلِك نَحْوُ: شَدَّهُ يَشُدُّهُ وَيَشِدُّهُ، وَعَلَّهُ ويَعُلُّهُ وَيَعِلُّهُ، وَبَتَّ الشَّيْءَ يَبُتُّه وَيَبِتُّهُ، وَنَمَّ الحَدِيثَ يَنُمُّهُ وَيَنِمُّهُ وَرَمَّ الشَّيْءَ يَرُمُّهُ وَيَرِمُّهُ، وَحَبَّهُ يَحِبُّهُ بالكَسْرِ لاَ غَيْرُ. مَسْأَلَةٌ: اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الشَّاعِرِ: أُحِبُّ لِحُبِهَا السُّودَانَ حَتَّى ... أُحِبَّ لِحُبِّهَا سُودَ الكِلاَبِ

يُرْوَى: إِحِبُّ بِكَسْرِ الهَمْزَةِ، وَلَيْسَ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَكْسِرُ حَرْفَ المُضَارَعَةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ فِي المُضَارِعِ مِنْ (فَعِلَ) بِكَسْرِ العَيْنِ نَحْوُ: نِعْلَمُ وَإِنَّمَا الكَسْرُ هُنَا إِتْبَاعٌ لِكَسْرَةِ الحَاءِ؛ وَاخْتَلَفُوا فِي هَذَا الإتْبَاعِ، فَذَهَبَ سِيبَوَيْهِ إِلَى أَنَّ هَذَا الإتْبَاعَ مِنْ أَحِبُّه بِفَتْحِ الهَمْزَةِ مُضَارِعُ حَبَّ، وَذَهَبَ غَيْرُهُ إِلَى أَنَّهُ مِنْ أُحِبُّه بِضَمِّ الهَمْزَةِ مُضَارِعُ أَحَبَّ، وَمَذْهَبُ سِيبَويْهِ أَوْلَى، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ فَصْلٌ بَيْنَ كَسْرِ الهَمْزَةِ وَكَسْرِ الحَاءِ، وَمَذْهَبُ غَيْرِهِ يَلْزَمُ فِيهِ الفَصْلُ، وَإِنْ كَانَ فِي التَقْدِيرِ، لِأَنَّ التَّقْدِيرَ فِيهِ: أُأَحِبُّ فَلَمَّا اجْتَمَعَتِ الهَمْزَتَانِ حُذِفَتِ الثَّانِيَةُ ثُمَّ كُسِرَتِ الأُولَى إتْبَاعاً لِحَرَكَةِ الحَاءِ، فَوَقَعَ الفَصْلُ بَيْنَ التَّابِعِ والمَتْبُوعِ فِي التَّقْدِيرِ بالهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ المَحْذُوفَةِ.

وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَ الفَصْلُ فِي الإتْبَاعِ نَحْوُ: مِنْتِنٌ إِلاَّ أَنَّ الأَوْلَى عَدَمُ الفَصْلِ. وَقَدْ زَادَ غَيْرُ الجَوْهَرِيّ فِيمَا شَذَّ: هَرَّ الشَّيْءَ يَهُرُّهُ وَيَهِرُّهُ: إِذَا كَرِهِهُ وَغَدَّ العِرْقُ الدَّمَ يَغُدُّهُ، وَيَغِدُّهُ، وَهَشَّ يَهُشُّ وَيَهِشُّ: إِذَا كَسَّرَ. فَإِنْ كَانَ غَيرَ مُتَعَدٍّ، جَاءَ المُضَارِعُ [عَلَى (يَفْعِلُ)] بِالكَسْرِ نَحْوُ: فَرَّ يَفِرُّ. وَقَدْ شَذَّ مِنْ ذَلِكَ أَفْعَالٌ جَاءَ المُضَارِعُ مِنْهَا بالضَّمّ والكَسْرِ نَحْوُ: [طَلَّ يَطُلُّ وَيَطِلُّ]، وَشَحَّ يَشُحُّ وَيَشِحُّ، وَجَدَّ فِي الأَمْرِ يَجُدُّ وَيَجِدُ، وَصَدَّ: إِذَا ضَجَّ، يَصُدُّ وَيَصِدُّ، وَجَمَّ مِنَ الجِمَامِ يَجُمُّ وَيَجِمُّ، وَفَحَّتِ الأَفْعَى تَفُحُّ وَتَفِحُّ، وَشَبَّ الفَرَسُ يَشُبُّ وَيَشِبّ. وَلاَ أَثَرَ لِحَرْفِ الحَلْقِ، فِي هَذَا القِسْمِ، أَعْني: فِي المُضَاعَفِ،

وَلاَ فِي المُعْتَلّ، وَإِنَّمَا يُفْتَحُ لِحَرْفِ الحَلْقِ بِشَرْطَيْنِ: أَنْ لاَ يَكُونَ مُضَاعَفاً وَلاَ مُعْتَلَّ العَيْن نَحْوُ: سَحَّ المَطَرُ يَسُحُّ، وَكَعَّ يَكِعُّ، وَشَحَّ بِدِينَارِهِ يَشُحُّ، وَجَاءَ يَجِيءُ، وَبَاعَ يَبِيعُ. فَإِنْ قُلْتَ: فَلِأَيِ شَيْءٍ لَمْ تَقُلْ بِثَلاَثَةِ شُرُوطٍ، وَتَذْكُرُ المُعْتَلَّ الفَاءِ، لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ مُضَارِعَهُ عَلَى (يَفْعِلُ) بالكَسْرِ نَحْوُ: وَعَدَ يَعِدُ؟ فالجَوَابُ عَنْ هَذَا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ المُعْتَلَّ الفَاءِ لاَ يُضْبَطُ لِقِلَّتِهِ، وَأَيْضاً فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ فِيمَا كَانَتِ العَيْنُ مِنْهُ حَرْفَ حَلْقٍ عَلَى (يَفْعِلُ) بِالكَسْرِ، وَ (يَفْعَلُ) بِالفَتْحِ نَحْوُ: وَعَدَ يَعِدُ، وَوَغَرَ يَوْغَرُ، وَقَدْ جَاءَ فِيمَا لَيْسَتِ العَيْنُ فِيهِ حَرْفَ حَلْقٍ عَلَى (يَفْعُلُ) بِالضَّمّ نَحْوُ: وَجَدَ يَجُدُ، وَهُوَ شَاذٌّ لاَ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، والفَصِيحُ: يَجِدُ بالكَسْرِ، وَهُوَ الأَصْلُ، لِأَنَّ الفَاءَ

لاَ تُحْذَفُ إِلاَّ لِوُقُوعِهَا بَيْنَ ياءٍ وَكَسْرَةٍ. وَقَدْ شَذَّ مِنَ المُضَاعَفِ: كَعَّ يَكَعُّ، وَأَشَذُّ مِنْهُ: عَضَضْتَ تَعَضُّ، وَأَشَذُّ مِنْهُ: دَرَّ وَجْهُ الرَّجُلِ يَدَرُّ بِفَتْحِ الدَّالِ، وَذَرَّ الرَّجُلُ يَذَرُّ إِذَا شَابَ مُقَدَّمُ رَأْسِهِ بِفَتْحِ الذَّالِ المُعْجَمَةِ، وَجَرَّ: إِذَا جَنَى يَجَرُّ بِفَتْحِ الجِيمِ، وَعَزَّ يَعَزُّ: إِذَا اشْتَدَّ وَغَلَبَ، وَمِنْهُ: مَنْ عَزَّ بَزَّ، وَغَرَّ بِالغَيْنِ المُعْجَمَةِ يَغَرُّ، إِذَا تَصَابَا بَعْدَ حُنْكَةٍ. تَتْمِيمٌ: وَاعْلَمْ أَنَّ الذِي قَرَّرْنَاهُ فِي مُضَارِعِ (فَعَلَ) الصَّحِيحِ مِنْ كَوْنِهِ يَأتِي عَلَى (يَفْعُلُ) وَ (يَفْعِلُ)، وَلَيْسَ أحَدُهُمَا أَفْصَحَ مِنَ الآخَرِ، هُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي عَلِيّ، لِأَنَّهُ قَالَ: هَذَانِ المِثَالاَنِ، يَعْنِي: (يَفْعُلُ) وَ (يَفْعِلُ)، جَارِيَانِ عَلَى السَّوَاءِ فِي الغَلَبَةِ والكَثْرَةِ.

وَإِلَى هَذَا المَذْهَبِ ذَهَبَ المُبَرّدُ وَثَعْلَب. وَلِلنَّحْوِيِينَ فِي ذَلِكَ أَنْحَاءٌ: فَمَذْهَبُ أَبِي الفَتْحِ بنِ جِنّي على ما نَصَّهُ في "خَصَائِصِهِ" "وَمُنْصِفِهِ"، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ تَوَالِيفِهِ، أَنَّ (فَعَلَ) مِنْ غَيْر المُتَعَدّي (يَفْعُلُ) بِالضَّمّ فِيهِ أَقْيَسُ مِنْ (يَفْعِلُ) بِالكَسْرِ، وَأَنَّ (فَعَلَ) المُتَعَدِي (يَفْعِلُ) بِالكَسْرِ فِيهِ أَقْيَسُ مِنْ (يَفْعُلُ) بِالضَّمِ؛ فَضَرَبَ يَضْرِبُ عَلَى هَذَا المَذْهَبِ، أَقْيَسُ مِنْ قَتَلَ يَقْتُلُ، وَقَعَدَ يَقْعُدُ أَقْيَسُ مِنْ جَلَسَ يَجْلِسُ؛ وَحُجَّتُهُ أَنَّ (يَفْعُلُ) بِالضَّمّ، قَدِ اسْتَقَرَّ فِيمَا لاَ يَتَعَدَّى نَحْوُ: كَرُمَ يَكْرُمُ، وَظَرُفَ يَظْرُفُ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمَجِيئُهُ عَلَى (فَعَلَ) غَيْرِ المُتَعَدّي أَولَى. وَمَذْهَبُ أَبِي الحَسََنِ وَجَمَاعَةٍ أَنَّ (يَفْعِلُ) بِالكَسْرِ أَغْلَبُ عَلَى (فَعَلَ) مِنْ (يَفْعُلُ) بِالضَّمّ؛ قَالَ أَبُو عَلِيّ: وَلاَ سَبِيلَ إِلَى حَصْرِ ذَلِكَ، فَيُعْلَمَ أَيُّهُمَا أَغْلَبُ وَأَكْثَرُ.

وَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ أَبُو زَيْدٍ اللُّغَوِيّ، أَنَّ مَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى (يَفْعِلُ) بِالكَسْرِ، وَاشْتَهَرَ فِيهِ ذَلِكَ، لَمْ يَجُزْ فيه غَيْرُ ذَلِكَ، وَأَنَّ مَا كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى (يَفْعُلُ) بِالضمّ، وَاشْتَهَرَ فِيهِ ذَلِكَ، لَمْ يَجُزْ فِيهِ غَيْرُهُ، نَحْوُ: ضَرَبَ يَضْرِبُ وَقَتَلَ يَقْتُلُ، وَمَا لَمْ يَشْتَهِرْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ جَازَ فِيهِ وَجْهانِ. فَهَذَا مَا حَضَرَنِي مِنْ مَذَاهِبِ النُّحَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. [مصادر فعَل يفعُل ويفعِل] تَكْمِلَةٌ: أَذْكُرُ فِيهَا مَصْدَرَ هَذَا الفِعْلِ الذِي وَضَعْنَا هَذَا الكِتَابَ مِنْ أَجْلِهِ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَصَادِرَ هَذَا الفِعْلِ مُتَشَعِّبَةٌ، مِنْهَا قِيَاسِيٌّ وَمِنْهَا أَكْثَرِيٌّ؛ وَضَابِطُ ذَلِكَ عَلَى مَا انْتَهَى إِلَيْهِ الوُسْعُ أَنْ تَقولَ: (فَعَلَ) المَفْتُوحُ العَيْنِ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُضَارِعُهُ عَلَى (يَفْعِلُ) بِالكسْرِ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَلَى (يَفْعُلُ) بِالضَّمّ.

فَإِنْ كَانَ مُضَارِعُهُ عَلَى (يَفْعِلُ) بِالكَسْرِ، فَلاَ يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مُتَعَدّياً أَوْ غَيْرَ مُتَعَدٍّ. [قِيَاسُ مَصْدَرِ (فَعَلَ يَفْعِلُ) المُتَعَدّي] أَمَّا المُتَعَدّي، فَقِيَاسُ مَصْدَرِهِ: (فَعْلٌ) نَحْوُ: ضَرْبٍ، وَيَأْتِي عَلَى فِعْلِ، نَحْوُ: حَرَمَهُ حِرْماً، وَعَلَى فَعَلِ نَحْوُ: سَرَقَ يَسْرِقُ سَرَقاً، وَيَأْتِي عَلَى فَعِلٍ نَحْوُ: سَرَقَ سَرِقاً، وَكَذَبَ كَذِباً، وَيَأْتِي عَلَى فُعْلَةٍ نَحْوُ: رَقَيْتُ الصَّبِيَّ رُقْيَةً، وَعَلَى فِعَالٍ نَحْوُ: نَكَحَ نِكَاحاً، وَ [كَذَبَ] كِذَاباً، وَعَلَى فَعِلَةٍ نَحْوُ: سَرَقَ سَرِقَةً، وَعَلَى فُعُولٍ نَحْوُ: وَرَدَ وُرُوداً، وَعَلَى فَعَلَةٍ نَحْوُ: غَلَبَهُ غَلَبَةً، وَعَلَى فُعُلَّةِ نَحْوُ: غَلَبَهُ غُلُبَّةً، وَعَلَى فُعُلَّى نحو: غَلَبَهُ غُلُبَّى، وَعَلَى فُعْلَى نَحْو: رَجَعَ زَيْدٌ عَمْراً رُجْعَى، وَعَلَى فِعْلَةٍ نَحْوُ: حَمَيْتُ المَكَانَ حِمْيَةً، وَعَلَى فِعَالَةٍ نَحْوُ: حَمَيْتُ المَكَانَ حِمَايَةً، وَعَلَى فَعِيلَةٍ نَحْوُ: حَرَمَهُ حَرِيمَةً،

وَعَلَى فِعَلٍ، نَحْوُ: قَرَيْتُ الضَّيْفَ قِرَىً وَعَلَى فَعَالٍ نَحْوُ: قَرَيْتُ الضَّيْفَ قَرَاءً، وَعَلَى فَعِيلِ نَحْوُ: حَرَمَهُ حَرِيماً، وَعَلَى فُعْلاَنٍ نَحْوُ: غَفَرَ غُفْرَاناً، وَعَلَى فَعْلاَنٍ نَحْوُ: لَوَى زَيْدٌ عَمْراً حَقَّهُ لَيَّانَا، وَعَلَى فِعْلاَنٍ نَحْوُ: حَرَمَهُ حِرْمَاناً، وَلَوَيْتُهُ حَقَّهُ لِيَّاناً، وَعَلَى فَعَلاَنٍ نَحْوُ: نَفَتِ الرّيحُ التّرَابَ نَفَيَاناً، وَعَلَى فُعَلٍ نَحْوُ: هَدَيْتُهُ هُدًى، وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالمُعْتَلِ اللاَّمِ، سَوَاءٌ كَانَ مُتَعَدِّياً كَهَدَيْتُهُ هُدًى، أَوْ غَيْرَ مُتَعَدٍّ كَسَرَى يَسْرِي سُرىً، وَعَلَى فِعِّيلَى نَحْوُ: الرّمِّيَا لِكَثْرَةِ الرَّمْيِ، وَعَلَى مَفْعِلٍ نَحْوُ: المَرْجِع، وَعَلَى مَفْعِلَةٍ كَالمَعْرِفَةِ. انتَهَتْ مَصَادِرُ (فَعَلَ يَفْعِلُ) المُتَعَدِّي عَلَى قَدْرِ الاسْتِطَاعَةِ. [مَصَادِرُ (فَعَلَ يَفْعِلُ) غَيْرِ المُتَعَدِّي] وَأَمَّا غَيْرُ المُتَعَدِي مِنْ (فَعَلَ يَفْعِلُ)، فَالأَكْثَرُ فِي مَصْدَرِهِ أَنْ يَأْتِي عَلَى (فُعُولٍ)، نَحْوُ: جَلَسَ جُلُوساً، وَمَضَى مُضِيّاً. وَيَأْتِي عَلَى فَعْلٍ نَحْوُ: عَجَزَ عَجْزاً، وَعَلَى فُعْلٍ نَحْوُ: ذَلَّ يَذِلُّ ذُلاً، وَعَلَى فِعْلَةِ "نَحْوُ" ذَلَّ ذِلَّةً،

وَعَلَى فِعْلٍ نَحْوُ: ذَلَّتِ الدَّابَّةُ ذِلاًّ، وَعَلَى فَعِلٍ نَحْوُ: حَلَفَ حَلِفاً وَعَلَى فُعَالٍ نَحْوُ: عَطَسَ يَعْطِسُ عُطَاساً، وَعَلَى فَعَلاَن نَحْوُ: غَلَتِ القِدْرُ غَلَيَاناً، وَعَلَى فَعُولٍ نَحْوُ: وَقَدَتِ النَّارُ وَقُوداً، وَعَلَى فِعَالٍ نَحْوُ: صَاحَ يَصِيحُ صِيَاحاً، وَعَلَى فَعَالٍ وَفَعِيلَةٍ نَحْوُ: شَبَّ الصَّبِيُّ شَبَاباً وَشَبِيبَةً، وَعَلَى فَعِيلٍ نَحْوُ: وَجَبَ القَلْبُ وَجِيباً، وَعَلَى فَعْلَةٍ نَحْوُ: وَجَبَ الحَائِطُ، وَجْبَةً، وَعَلَى فِعَلٍ نَحْوُ: زَنَى يَزْنِي زِنىً، وَعَلَى فُعَلِ نَحْوُ: سَرَى يَسْرِي سُرىً. وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَعَلَى مَفْعَلَةٍ نَحْوُ: عَدَلَ عَلَيْهِمْ مَعْدَلَةً، وَقَدَرْتُ عَلَى الشَّيْءِ مَقْدَرَةً، وَعَلَى مَفْعُلَةٍ وَفُعْلَةٍ وَفِعْلاَنٍ نَحْوُ: قَدَرْتُ عَلَى الشَّيْءِ مَقْدُرَةً وَقُدْرَةً وَقِدْرَاناً، وَعَلَى مَفْعِلَةٍ نَحْوُ: عَدَلَ عليهم مَعْدِلَةً، وَعَجَزَ مَعْجِزَةً، وَعَلَى فِعَالَةٍ نَحْوُ: نَكَيْتُ فِي العَدُوِ نِكَايَةً وَعَلَى مَفْعِلٍ نَحْوُ: عَجَزَ مَعْجِزاً. انْتَهَتْ مَصَادِرُ (فَعَلَ يَفْعِلُ) المُتَعَدِّي وَغَيْرُ المُتَعَدِّي.

[قِيَاسُ مَصْدَرِ (فَعَلَ يَفْعُلُ)] فَإِنْ كَانَ مُضَارِعُ (فَعَلَ) عَلَى (يَفْعُلُ) بِالضَّمِ، فَلاَ يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّياً أَوْ غَيْرَ مُتَعَدٍّ: [قِيَاسُ مَصْدَرِ (فَعَلَ يَفْعُلُ) المُتَعَدِّي] فَأَمَّا المُتَعَدِّي، فَقِيَاسُ مَصْدَرِهِ (فَعْلٌ) نَحْوُ: قَتَلَ يَقْتُلُ قَتْلاً، وَيَأْتِي عَلَى فُعْلٍ نَحْوُ: شَكَرَ يَشْكُرُ شُكْراً، وَعَلَى فِعْلٍ نَحْوُ: ذَكَرَ ذِكْراً، وَعَلَى فَعَلٍ نَحْوُ: حَلَبَ يَحْلُبُ حَلَباً، وَعَلَى فَعِلٍ نَحْوُ: خَنَقَهُ خَنِقاً، وَعَلَى فُعُولٍ نَحْوُ: شَكَرَ شُكُوراً، وَعَلَى فِعْلَةٍ نَحْوُ: نَشَدَهُ نِشْدَةً وَعَلَى فُعْلَةٍ نَحْوِ: نَدَبَهُ يَنْدُبُهُ نُدْبَةً، وَعَلَى فِعَالَةٍ نَحْوُ: نَجَرَ نِجَارَةً، وَعَلَى فُعْلاَنٍ نَحْوُ: شَكَرَ شُكْرَاناً، وَعَلَى فِعْلَى نَحْوُ: ذَكَرَ ذِكْرَى، وَعَلَى فَعْلَى نَحْوُ: دَعَا يَدْعُو دَعْوَى، وَعَلَى فُعْلَى نَحْوُ: بَشَرْتُهُ أَبْشُرُهُ بُشْرَى، وَعَلَى فِعَالٍ نَحْوُ: كَتَبَ يَكْتُبُ كِتَاباً، وَعَلَى مَفْعَلٍ نَحْوُ: قَتَلَ مَقْتَلاً، وَقَالُوا: أَكْرَهُ مَقَالَ النَّاسِ، وَقَالُوا: المَرَدُّ والمَكَرُّ والمَفَرُّ،

وَعَلَى مَفْعَلَةٍ نَحْوُ: دَعَاهُ مَدْعَاةً وَعَلَى تِفْعَالٍ نَحْوُ: التِقْتَالُ. انْتَهَتْ مَصَادِرُ (فَعَلَ يَفْعُلُ) المُتَعَدّي. [قِيَاسُ مَصَادِرِ (فَعَلَ يَفْعُلُ) غَيْرِ المُتَعَدّي] وَأَمَّا غَيْرُ المُتَعَدِي مِنْ (فَعَلَ يَفْعُلُ)، فَالأَكْثَرُ فِي مَصْدَرِهِ: (فُعُولٌ) نَحْوُ: خَرَجَ يَخْرُجُ خُرُوجاً، وَيَأْتِي عَلَى فَعْلٍ نَحْوُ: سَكَتَ يَسْكُتُ سَكْتاً، وَعَلَى فُعْلٍ نَحْوُ: مَكَثَ يَمْكُثُ مُكْثاً، وَعَلَى فِعْلٍ نَحْوُ: فَسَقَ يَفْسُقُ فِسْقاً، وَعَلَى فَعَلٍ نَحْوُ: رَقَصَ رَقَصاً، وَعَلَى فَعَالٍ نَحْوُ: ثَبَتَ يَثْبُتُ ثَبَاتاً، وَعَلَى فِعَالٍ نَحْوُ: قَامَ قِيَاماً، وَعَلَى فِعَالَةٍ نَحْوُ: قَافَ يَقُوفُ قِيَافَةً، وَعَلَى فُعَالٍ نَحْوُ: صَرَخَ يَصْرُخُ صُرَاخاً، وَعَلَى فَعَلاَنٍ نَحْوُ: نَزَا يَنْزُو نَزَواناً، وَعَلَى فَعِيلٍ نَحْوُ: خَبَّ يَخُبُّ خَبِيباً، وَعَلَى مَفْعَلٍ نَحْوُ: رَامَ يَرُومُ مَرَاماً، وَعَلَى مَفْعِلٍ نَحْوُ: المَطْلِع، وَهِيَ تَمِيمَيَّةٌ، وَيُقَالُ: المَطْلَعُ وَهِيَ حِجَازِيَّةٌ. انْتَهَتْ مَصَادِرُ (فَعَلَ) المُتَعَدِّي وَغَيْرِ المُتَعَدِّي.

[قياس اسم المرة من مصادر (فَعَلَ يَفْعِلُ وَيَفْعُلُ وَيَفْعَلُ)] فَإِنْ أَرَدْتَ المَرَّةَ الوَاحِدَةَ مِنْ مَصْدَرِ هَذَا الفِعْلِ، قُلْتَ: (فَعْلَةٌ) بِفَتْحِ الفَاءِ وَسُكُونِ العَيْنِ نَحْوُ: ضَرَبَ ضَرْبَةً، وَقَتَلَ قَتْلَةً، وَقَعَدَ قَعْدَةً، وَنَامَ نَوْمَةً، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ (فَعْلاً) هُوَ الأَصْلُ فِي المَصَادِرِ لِلرُّجُوعِ إِلَيْهِ فِي المَرَّةِ الوَاحِدَةِ، هَذَا مَا لَمْ يَكُنِ المَصْدَرُ خَالِياً مِنَ التَّاءِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ التَّاءُ تَرَكْتَهُ عَلَى حَالِهِ، فَتَقُولُ: كَدَرَ المَاءُ يَكْدُرُ كُدْرَةً إِذَا أَرَدْتَ مُطْلَقَ المَصْدَرِ، وَكُدْرَةً: إِذَا أَرَدْتَ المرَّةَ الوَاحِدَةَ، وَيَقَعُ الفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِالصِفَةِ نَحْوُ: كُدْرَةً وَاحِدَةً، أَوْ بِقَرِينَةٍ غَيْرِ ذَلِكَ. وَشَذَّ عَمَّا أَصَّلْنَاهُ: أَتَيْتُهُ إِتْيَانَةً وَقَامَ قِيَامَةً وَاحِدَةً، وَلَوْ جَاءَ عَلَى مَا قُلْنَاهُ لَكَانَ: أَتْيَةً وَقَوْمَةً. [قِيَاسُ اسْمِ الهَيْئَةِ مِنْ مَصَادِرِ هَذَا الفِعْلِ] فَإِنْ أَرَدْتَ الهَيْئَةَ مِنْ هَذَا المَصْدَرِ قُلْتَ: (فِعْلَةٌ) بِكَسْرِ الفَاءِ نَحْوُ: الجِلْسَة والمِشْيَة. [وَضْعُ اسْمِ الفَاعِلِ وَاسْمِ المَفْعُولِ مَوْضِعَ المَصْدَرِ] وَقَدْ يَضَعُونَ اسْمَ الفَاعِلِ وَاسْمَ المَفْعُولِ مَوْضِعَ المَصْدَرِ كَقَوْلِهِ: [عَلَى قَسَمٍٍ لاَ أَشْتُمُ الدَّهْرَ مُسْلِمًا] وَلاَ خَارِجاً مِنْ فِيَّ زُورُ كَلاَمِ

يُرِيدُ: وَلاَ أخْرُجُ خُرُوجاً. وَقَالَ الآخَرُ: كَفَا بِالنَّأْيِ مِنْ أَسْمَاءَ كافِ ... وَلَيْسَ لِحُبِّهَا إِذْ طالَ شَافِ فَأوْقَعَ اسْم الفَاعِلِ وَهُوَ كَافٍ مَوْقِعَ كِفَايَةٍ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ كَافِياً، وَلَكِنَّ الشَّاعِرَ حَذَفَ الفَتْحَةَ كَمَا تُحْذَفُ الضَّمَّةُ وَالكَسْرَةُ مِنَ المَنْقُوصِ وَهُوَ شَاذٌّ. وَمِثَالُ وَضْعِ اسْمِ المَفْعُولِ مَوْضِعَ المَصْدَرِ، مَا حَكَاهُ الجَوْهَرِيُّ فِي "الصِّحَاحِ"، فَقَالَ: يُقَالُ: حَلَفَ حَلْفاً، بِفَتْحِ الحَاءِ وَسُكُونِ اللاَّمِ، وَحَلِفاً، بِفَتْحِ الحَاءِ وَكَسْرِ اللاَّم، وَمَحْلُوفاً، وَهُوَ مِمَّا جَاءَ مِنَ المَصَادِرِ عَلَى (مَفْعُولٍ)،

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} [القلم: 6] فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ المَفْتُونَ يُرَادُ بِهِ: المَصْدَرُ، أَيْ: الفِتْنَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ عَلَى بَابِهِ، وَجَعَلَ البَاءَ فِي: (بِأَيِِّكُمْ) زَائِدَةً، وَالتَقْدِيرُ: أَيُّكُمُ المَفْتُونُ. وَاعْلَمْ أَنَّ سِيبَوَيْهِ لَمْ يُثْبِتْ وَضْعَ اسْمِ المَفْعُولِ مَوْضِعَ المَصْدَرِ، وَأَثْبَتَهُ غَيْرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَاعْلَمْ أَنَّ الفِعْلَ يَأْتِي لَهُ مَصْدَرَانِ وَثَلاَثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ نَحْوُ: كَذَبَ كَذِباً وَكِذَاباً، وَغَلَبَهُ غَلَبَةً وَغُلُبَّةً وَغُلُبَّى، وَحَرَمَهُ حَرِماً وَحَرِيمَةً وَحَرِيماً وَحِرْمَاناً. وَأَغْرَبُ مِنْ هَذَا أَنَّ ابْنَ القَطَّاعِ نَقَلَ لِشَنِئْتُهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَصْدَراً، وَهِيَ:

شَنْءٌ، وَشُنْءٌ، وَشِنْءٌٌ، كَضَرْبٍ وَشُغْلٍ وَفِسْقٍ، وَشَنَأٌ كَنَدَمٍ، وَشَنَأَةٌ كَغَلَبَةٍ، وَشَنَاءَةٌ كَنَدَامَةٍ، وَمَشْنَأٌ كَمَدْخَلِ، وَمَشْنَاةٌ كَمَسْعَاةٍ، أَصْلُهُ: مَسْعَيَةٌ، وَمَشْنِئَةٌ، كَمَحْمِدَةٍ، وَشَنْأَةٌ كَرَحْمَةٍ، وَشَنْآنٌ كَلَيَّانٍ، وَشُنْآنٌ كَغُفْرَانٍ، وَشِنْآنٌ كَحِرْمانٍ وَشَنَآنٌ كَخَفَقَانٍ. [قِيَاسُ اسْمِ اسْم الزَّمان والمكَان مِن هَذَا الفِعْلِ] فَإِنْ أَرَدْتَ اسْمَ الزَّمَانِ والمَكَانِ والمَصْدَرِ، فَلاَ يَخْلُو أَنْ يَكُونَ المُضَارِعُ عَلَى (يَفْعُلُ) بِضَمِ العَيْنِ، أَوْ عَلَى (يَفْعَلُ) بِفَتْحِهَا أَوْ عَلَى (يَفْعِلُ) بِكَسْرِهَا، فَإِنْ كَانَ عَلَى (يَفْعُلُ) بِالضَّم أَوْ عَلَى (يَفْعَلُ) بالفَتْحِ، فَالمَصْدَرُ وَالزَّمَانُ وَالمَكَانُ مِنْهُ: (مَفْعَلٌ) بِفَتَحْ العَيْنِ نَحْوُ: المَقْعَد والمَذْهَب، فَإِنْ كَانَ عَلَى (يَفْعِلُ) بِالكَسْرِ، فَإِنَّهُ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ: الأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ اللام مِنْهُ مُعْتَلَّةً نَحْوُ: يَرْمِي، فَالمَصْدَرُ وَالزَّمَانُ وَالمَكَانُ مِنْهُ عَلَى (مَفْعَل) بِفَتْحِ العَيْنِ أَيْضاً، سَوَاءٌ كَانَتِ الفَاءُ وَاواً أَوْ غَيْرَ وَاوٍ، نَحْوُ: مَرْمًى وَمَرْقَى. الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ اللاَّمَ صَحِيحَةً وَالفَاءُ وَاواً، فالمَصْدَرُ وَالزَّمَانُ والمَكَانُ مِنْهُ عَلَى (مَفْعِل) بِكَسْرِ العَيْنِ نَحْوُ: المَوْعِدُ.

الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ اللاَّمُ صَحِيحَةً وَالفَاءُ غَيْرَ وَاوٍ نَحْوُ: يَضْرِبُ، فَالمَصْدَرُ مِنْهُ: (مَفْعَلٌ) بِفَتْحِ العَيْنِ، وَالزَّمَانُ وَالمَكَانُ (مَفْعِلٌ) بِالكَسْرِ. وَقَدْ شَذَّ مِمَّا مُضَارِعُهُ (يَفْعُلُ) بِالضَّمْ فِي الزَّمَانِ وَالمَكَانِ إِحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً جَاءَتْ عَلَى (مَفْعِل) بِكَسْرِ العَيْنِ وَهِيَ: المَنْسِكُ، وَالمَجْزِرُ والمَنْبِتُ والمَطْلِعُ والمَشْرِقُ والمَغْرِبُ وَالمَفْرِقُ والمَسْقِطُ والمَرْفِقُ، وَالمَسْجِدُ والمَنْخِرُ، مِنْ نَسَكَ يَنْسُكُ، وَجَزَرَ يَجْزُرُ، وَنَبَتَ يَنْبُتُ، وَطَلَعَ يَطْلُعُ، وَشَرَقَ يَشْرُقُ وَغَرَب يَغْرُبُ، وَفَرَقَ يَفْرُقُ، وَسَقَطَ يَسْقُطُ، وَسَجَدَ يَسْجُدُ، وَنَخَرَ يَنْخُرُ مِنَ النَّخِير وَهُوَ الصَّوْتُ مِنَ الأَنْفِ. وَجَاءَ مِنْهَا عَلَى القِيَاسِ: المَنْسَكُ، والمَطْلَعُ وَالمَفْرَقُ بِالفَتْحِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا كُلِّهَا الفَتْحُ -وَإِنْ لَمْ يُسْمَعْ- بِالقِيَاسِ عَلَى مَا سُمِعَ. وَاعْلَمْ أَنَّ المَسْجِدَ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ اسْمٌ، وَلَيْسَ مَوْضِعاً لِلسُّجُودِ.

وَقَدْ يُرَادُ بِالمَطْلِعِ: المَصْدَرُ، فَيَشِذُّ فِي المَصْدَرِ كَمَا شَذَّ فِي المَكَانِ. مَسْأَلَةٌ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]. أَمَّا الأَوَّلُ: فَيَنْتَفِي أَنْ يَكُونَ المُرَادُ بِهِ الزَّمَانَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (قُلْ هُوَ أَذًى) لِأَنَّ الزَّمَانَ لاَ يَكُونُ أَذَىً، فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ يُرَادُ بِهِ المَصْدَرُ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ شَاذّاً، أَوْ يُرَادُ بِهِ المَكَانُ، لِأنَّ المَكَانَ يُوصَفُ بِالأَذى، فَلاَ يَكُونُ عَلَى هَذَا شَاذّاً، لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَا كَانَ مُضَارِعُهُ عَلَى (يَفْعِلُ) بِالْكَسْرِ، فَإِنَّ الزَّمَانَ وَالمَكَانَ مِنْهُ عَلَى (مَفْعِل) بِالْكَسْرِ. وَأَمَّا الثَّانِي: فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَراً، فَيَكُونُ مِنَ الشَّاذِ،

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الزَّمَانُ، أَيْ فِي زَمَنِ الحَيْضِ، فَلاَ يَكُونُ شَاذّاً، وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ المَكانُ لِفَسَادِ المَعْنَى. وشَذَّ مِنَ المُعْتَلِ اللاَّمِ: مَأْوِي الإِبِلِ، وَمَأْقِي العَيْنِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي مَأْقِي العَيْنِ: أَنَّهُ اسْمٌ وُضِعَ لِذَلِكَ المَكَانِ. وَإِذَا جاء هَذَا الفِعْلُ وَلَمْ يُسْمَعْ لَهُ مَصْدَرٌ، فَقَالَ الفَرَّاءُ: يَكُونُ (فَعْلاً) مِثْلُ ضَرْبٍ لِلْحِجَازِ وَ (فُعُولاً) مِثْلُ قُعُود لِنَجْدٍ. تَنْبِيهٌ: هَذَا الفِعْلُ يَنْقَسِمُ أَقْسَاماً: صَحِيحٌ، وَمُعْتَلٌّ، وَمُضَاعفٌ فَالصَحِيحُ: مَا لَيْسَ فِي أُصُولِهِ حَرْفُ عِلَّةِ نَحْوُ ضَرَبَ وَقُلْنَا "فِي أُصُولِهِ" تَحَرُّزًا مِنْ نَحْوِ يَضْرِبُ وَضَارِبٌ. وَالمُعْتَلّ: مَا فِي أُصُولِهِ حَرْفُ عِلَّةٍ؛

فَمَا كَانَ مِنْهُ مِثْلُ (وَعَدَ) وَ (يَسَرَ)، يُقَالُ لَهُ: مِثَالٌ، لِمُمَاثَلَتِهِ الصَّحِيحَ فِي صِحَّتِهِ وَعَدَمِ إِعْلاَلِهِ، بِخِلاَفِ المُعْتَلِّ العَيْنِ وَاللاَّمِ. وَمَا كَانَ مِنْهُ مِثْلَ (نَامَ) يُقَالُ لَهُ: الأَجْوَفُ، لِكَوْنِ حَرْفِ العِلَّةِ وَسَطَهُ الذِي هُوَ كَالجَوْفِ، وَيُقَالُ لَهُ: ذُو الثَّلاثَةِ، لِكَوْنِهِ يَصِيرُ مَعَ ضَمِيرِ الفَاعِلِ المُتَحَرِّكِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَحْرُفٍ نَحْوُ: بِعْتُ. فَإِنْ كَانَ مِثْلَ (دَعَا)، فَيُقَالُ لَهُ: المَنْقُوصُ، لِنُقْصَانِ الحَرَكَةِ فِيهِ فِي حَالِةِ الرَّفْعِ، واللاَّمِ فِي حَالَةِ الجَزْمِ، وَيُقَالُ لَهُ: ذُو الأَرْبَعَةِ، لِكَوْنِهِ يَصِيرُ مَعَ ضَمِيرِ الفَاعِلِ المُتَحَرِّكِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ نَحْوُ: دَعَوْتُ. فَإِنْ كَانَ مِثْلَ (طَوَى)، فَيُقَالُ لَهُ: لَفِيفٌ مَقْرُونٌ، لالْتِفَافِ أَحَدِ حَرْفَيِ العِلَّةِ بِالآخَرِ، وَاقْتِرَانِهِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ. فَإِنْ كَانَ مِثْلَ (وَعَى)، فَيُقَالُ لَهُ: لَفِيفٌ مَفْرُوقٌ، لالْتِفَافِ أَحَدِ حَرْفَيِ العِلَّةِ بِالآخَرِ، وَالتَّفَرُّقِ بَيْنَهُمَا. وَالمُضَاعَفُ نَحْوُ: شَدَّ. تَتْمِيمٌ: اعْلَمْ أن الأَجْوَفَ إِذَا كَانَتْ أَلِفُهُ مُنْقَلِبَةً عَنْ وَاوٍ، فَإِنَّ

المُضَارِعَ (يَفْعُلُ) بِالضَّمّ نَحْوُ: قَامَ يَقُومُ. وَإِنْ كَانَتْ أَلِفُهُ مُنْقَلِبَةً عَنْ يَاءٍ، فَإِنَّ المُضَارِعَ مِنْهُ عَلَى (يَفْعِلُ) بِالكَسْرِ نَحْوُ: بَاعَ يَبِيعُ؛ وَإِنَّمَا جَعَلُوا (يَفْعُلُ) بِالضَّمِ مُضَارِعَ فَعَلَ مِنْ ذَوَاتِ الوَاوِ، وَجَعَلُوا (يَفْعِلُ) بِالكَسْرِ مُضَارِعَ فَعَلَ مِنْ ذَوَاتِ اليَاءِ، إِشْعَاراً بِالأَصْلِ، لِأنَّ الضَّمَّةَ تُشْعِرُ بِالوَاوِ وَالكَسْرَة تُشْعِرُ بِاليَاءِ. وَهَذَا اللحْظُ فَعَلُوهُ بِعَيْنِهِ فِي المُعْتَلِ اللاَّمِ: الْتَزَمُوا فِي (فَعَلَ) مِنْ ذَوَاتِ الوَاوِ، (يَفْعِلُ) بِضَمِ العَيْنِ نَحْوُ: غَزَا يَغْزُوا، وَمِنْ ذَوَاتِ اليَاءِ (يَفْعِلُ) نَحْوُ: يَرْمِي، إِشْعَاراً بِالأَصْلِ. وَلَمْ يَشِذَّ مِنْ هَذِهِ القَاعِدَةِ إِلاَّ فِعْلاَنِ: طَاحَ يَطِيحُ، وَتَاهَ يَتِيهُ؛ وَلَوْ جَاءَا عَلَى القَاعِدَةِ لَقَالُوا: يَطُوحُ وَيَتُوهُ، لِأنَّ الأَلِفَ مُنْقَلِبَةٌ فِيهِمَا عَنْ وَاوٍ، لِقَوْلِهِمْ: مَا أَطْوَحَهُ وَمَا أَتْوَهَهُ؛

وَلاَ يُمْكِنُ أَنْ يُدَّعَى أَنَّ طَاحَ وَتَاهَ، (فَعِلَ) بِكَسْرِ العَيْنِ، لِأَنَّ (فَعِلَ يَفْعِلُ)، بِكَسْرِ العَيْنِ فِيهِمَا، شَاذٌّ مِنَ الصَّحِيحِ وَالمُعْتَلِّ. وَ (فَعَلَ) بِالفَتْحِ (يَفْعِلُ) بِالكَسْرِ، وَإِنْ كَانَ شَاذّاً فِيمَا عَيْنُهُ وَاوٌ، فَلَيْسَ بِشَاذّ فِي الصَّحِيحِ؛ فَحَمْلُهُمَا عَلَى مَا يَكُونُ مَقِيساً فِي حَالٍ أَوْلَى. قُلْتُ: وَقَدْ قِيلَ: مَا أَتْيَهَهُ! فَيَكُونُ (يَتِيهُ) عَلَى هَذَا قِيَاساً لاَ شَاذّاً. وَالدَّلِيلُ أَيْضاً عَلَى أَنَّ (تَاهَ) قد يَكُونُ مِنْ ذَوَاتِ اليَاءِ قَوْلُهُمْ: وَقَع فِي التِيهِ، وَكَذَلِكَ أَيْضاً: تَيَّهَ. فَإِنْ قِيلَ: إِنَّ (تَيَّهَ) لاَ دَلِيلَ فِيهِ، لإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ وَزْنُهُ (فَيْعَلَ)، وَالأَصْلُ تَيْوَهَ مِنْ ذَوَاتِ الوَاوِ، فَقُلِبَتْ الوَاوُ يَاءً، وَأُدْغِمَتِ اليَاءُ فِي اليَاءِ. فَالجَوَابُ: أَنَّ (فَعَّلَ) أَكْثَرُ مِنْ (فَيْعَلَ)، فَيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ (تَيَّهَ) عَلَى (فَعَّلَ) لِلْكَثْرَةِ، وَشَيْءٌ آخَرُ: أَنَّ (تَيَّهَ) لِلتَّكْثِيرِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى (فَعَّلَ)، لِأَنَّ (فَعَّلَ) مِنَ الأَبْنِيَةِ الَّتِي وُضِعَتْ لِلتَّكْثِيرِ نَحْوُ: قَطَّعَ وَكَسَّرَ.

فَإِذَا لَحِقَ هَذَا الفِعْلَ الأَجْوَفَ ضَمِيرُ المُتَكَلِّمِ أَوِ المُخَاطَبِ فَإِنَّهُ لاَ يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَوَاتِ الوَاوِ أَوْ مِنْ ذَوَاتِ اليَاءِ؛ فَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الوَاوِ حَوَّلْتَهُ إِلَى (فَعُلَ) بِضَمِ العَيْنِ، ثُمَّ تَنْقُلُ حَرَكَةَ العَيْنِ إِلَى الفَاءِ، فَتَقُولُ: قُلْتُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ اليَاءِ، حَوَّلْتَهُ إِلَى (فَعِلَ) بِكَسْرِ العَيْنِ، ثُمَّ تَنْقُلُ حَرَكَةَ العَيْنِ إِلَى الفَاءِ فَتَقُولُ: بِعْتُ. فَإِنْ قُلْتَ: لِأَي شَيْءٍ حَوَّلْتَ (فَعَلَ) إِلَى (فَعُلَ) فِي ذَوَاتِ الوَاوِ، وَإِلَى (فَعِلَ) فِي ذَوَاتِ اليَاءِ؟. فَالجَوَابُ: أَنَّهُ لَوْ نَقَلْتَ الفَتْحَةَ مِنَ العَيْنِ إِلَى الفَاءِ، وَلَمْ تُحَوِّلْهَا كَسْرَةً وَلاَ ضَمَّةً، لَمْ يُدْرَ هَل الفَتْحَةُ التِي فِي الفَاءِ هِيَ الأَصْلِيَّةُ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا قَبْلَ النَّقْلِ، أَوْ فَتْحَةُ العَيْنِ، بِخِلاَفِ (فَعِلَ) وَ (فَعُلَ)، لِأَنَّهُ إِذَا انْضَمَّتِ الفَاءُ وَانْكَسَرَتْ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مَفْتُوحَةً عُلِمَ أَنَّ الحَرَكَةَ التِي فِي الفَاءِ هِيَ حَرَكَةُ العَيْنِ، فَقُلِبَتْ وَحُوّلَتْ حَرَكَةُ العَيْنِ فِي ذَوَاتِ الوَاوِ إِلَى الضَّمَّةِ، وَفِي ذَوَاتِ اليَاءِ إِلَى الكَسْرَةِ، لِيَحْصُلَ بِذَلِكَ الفَرْقُ بَيْنَ ذَوَاتِ اليَاءِ وَذَوَاتِ الوَاوِ.

فَإِنْ قِيلَ: لِأَيِّ شَيْءٍ نَقَلُوا حَرَكَةَ العَيْنِ إِلَى الفَاءِ مَعَ ضَمِيرِ المُتَكَلِمِ والمُخَاطَبِ وَلَمْ يَنْقُلُوا مَعَ الظَّاهِرِ؟. فَالجَوَابُ: أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَنْقُلُوا مَعَ المُضْمَرِ لَلَزِمَ مِنْهُ ذَهَابُ العَيْن وَحَرَكَتِهَا، فَأَرَادُوا أَنْ يُبْقُوا الحَرَكَةَ بِنَقْلِهَا إِلَى الفَاءِ، وَشَيْءٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّهُمْ لَوْ نَقَلُوا مَعَ الظَّاهِرِ لَحَصَلَ اللَّبْسُ بَيْنَ الفِعْلِ المَبْنِيّ لِلْفَاعِلِ وَبَيْنَ الفِعْلِ المَبْنِي لِلْمَفْعُولِ فِي نَحْوِ بِيعَ زَيْدٌ، وَقُولَ [القَوْلُ]. فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ وَقَعَ اللَّبْسُ بَيْنَ الفَاعِلِ وَالمَفْعُولِ مَعَ الضَّمِيرِ نَحْوُ: بِعْتَ يَا عَبْدُ، يُقَالُ لِلْفَاعِلِ وَالمَفْعُولِ، وَنَحْوُ: سُقْتَ، عَلَى مَنْ قَالَ: قُولَ القَوْلُ؟. فالجَوَابُ: أَنَّ ذَلِكَ قَلِيلٌ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُعْتَدَّ بِاللَّبْسِ مَعَ قِلَّتِهِ. فَإِنْ قُلْتَ: قَدْ جَاءَ: كِيدَ زَيْدٌ يَفْعَلُ، وَمَا زِيلَ زَيْدٌ يَفْعَلُ فَنَقَلُوا مَعَ الظَّاهِرِ؟. فَالجَوَابُ: أَنَّهُ جَاءَ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَمِنُوا اللَّبْسَ، لِأَنَّ هَذَيْنِ الفِعْلَيْنِ لاَ يُبْنَيَانِ لِلْمَفْعُولِ.

وَقَدْ ضَعَّفَ ابْنُ الحَاجِبِ نَقْلَ (فَعَلَ) مِنْ ذَوَاتِ اليَاءِ إِلَى (فَعِلَ)، وَمِنْ ذَوَاتِ الوَاوِ إِلَى (فَعُلَ)، قَالَ: لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ نَقْل وَزْنٍ أَصْلِيّ إِلَى وَزْنٍ يُخَالِفُهُ لَفْظاً وَمَعْنىً وَهُوَ بَعِيدٌ؛ أَمَّا مُخَالَفَتُهُ إِيَّاهُ لَفْظاً فَبَيِّنٌ، وَأَمَّا مُخَالَفَتُهُ إِيَّاهُ مَعْنًى فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ (فَعَُِلَ)، بِفَتْحِ العَيْنِ وَكَسْرِهَا وَضَمّهَا، جِيءَ بِهِ لِمَعْنَى غَيْرِ مَعْنَى الآخَرِ. وَالَّذِي ارْتَضَاهُ أَنَّ الضَّمَّ فِي (قُلْتُ)، وَالكَسْرَ فِي (بِعْتُ)، لِبَيَانِ الوَاوِ وَاليَاءِ المَحْذُوفَتَيْنِ، لاَ لِلْنَقْلِ. وَفِيهِ نَظَرٌ، لِتَخَلُّفِ هَذَا الفَرْقِ فِي (خِفْتُ) وَ (نِمْتُ). ... وَقَدْ آنَ أَنْ أَشْرَعَ فِيمَا قَصَدْنَاهُ، وَأَنْ نَأْتِيَ بِمَا شَرَطْنَاهُ.

باب الهمزة

الباب الأول باب الهمزة فصل الصحيح المتفق المعنى: أَبَدَتِ البَهِيمَةُ تَأْبُدُ وَتَأْبِدُ: إِذَا تَوَحَّشَتْ. أَبَقَ العَبْدُ يَأْبُقُ وَيَأْبِقُ: إِذَا هَرَبَ. أَبَنَهُ بِشَيْءٍ يَأْبُنُهُ وَيَأْبِنُهُ: إِذَا اتَّهَمَهُ بِهِ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الشَّرِ، وقَالَ بَعْضُهم: لا يُقَالُ إِلاّ فِي الشَّرِ، وقِيلَ: يُقَالُ فِي الشَّرِ وَفِي الخَيْرِ؛ وَفِي الحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي الخَيْرِ وَهُوَ قَوْلُهُ: "نَأْبُنُهُ بِرُقْيَةٍ" أَيْ: نَتَّهِمُهُ. أَثَمَهُ اللَّهُ فِي كَذَا يَأْثُمُهُ وَيَأْثِمُهُ: إِذَا عَدَّهُ عَلَيهِ إِثْماً، وَأَنْشَدَ الفَرَّاءُ [لنصيب الأسود]: وَهَلْ يَأْثُمَنِّي اللَّهُ فِي أَنْ ذَكَرْتُهَا ... وَعَلَّلْتُ أَصْحَابِي بِهَا لَيْلَةَ النَّفْرِ

أَجَرَهُ اللَّهُ يَأْجُرُهُ وَيَأْجِرُهُ: إِذَا جَزَاهُ عَلَى العَمَلِ. أَجَرَ العَظْمُ يَأْجُرُ وَيَأْجِرُ أَجْراً وَأُجُوراً: إِذَا بَرِئَ عَلَى عَثَمِ؛ قَالَهُ الأَصْمَعِيُّ. أَجَنَ المَاءُ يَأْجُنُ وَيَأْجِنُ أَجْناً وَأُجُوناً: إِذَا تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَرِيحُهُ وَطَعْمُهُ لِتَقَادُمِ عَهْدِهِ فِي المَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ فِيه، إِلاَّ أَنَّهُ يُمْكِنُ شُرْبُهُ، قَالَ الرَّاجِزُ [العجاج]: وَمَنْهَلٍ فِيهِ الغُرَابُ المَيْتُ كَأَنَّهُ مِنَ الأُجُونِ زَيْتُ أَيْ: كَأَنَّهُ مِنَ التَّغَيُّرِ. أَسَنَ الماءُ يَأْسُنُ وَيَأْسِنُ أُسُوناً: إِذَا تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ وَرِيحُهُ وَفَسَدَ، فَلاَ يُشْرَبُ مِنْ نَتْنِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ} [محمد: 15] أَيْ غَيْرِ مُتَغَيِّرٍ،

وَأَمَّا أَسِنَ الرَّجُلُ. بِكَسْرِ السِّينِ يَأْسَنُ بِالفَتْحِ فَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ مَاتَ مِنْ رِيحِ الحَمْأَةِ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: غُشِيَ عَلَيْهِ مِنْ رِيحِ البِئْرِ المُنْتِنَةِ الماءِ أَوِ الفَاسِدَةِ الهَوَاءِ. أَشَبَ الرَّجُلُ يَأْشُبُ وَيَأْشِبُ: إِذَا لاَمَ أَحَداً وَعَاتَبَهُ، قَالَ الشَّاعِرُ [أبو ذؤيب الهذلي]: وَيَأْشُبُنِي فِيهَا الذِين يَلُونَهَا ... وَلَوْ عَلِمُوا لَمْ يَأْشُبُونِي بِبَاطِلِ أَلَبَ الإِبِلَ يَأْلُبُهَا وَيَأْلِبُهَا: إِذَا جَمَعَهَا وَسَاقَهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَلَبْتُ الجَيْشَ: إِذَا جَمَعْتَهُ،

وَتَأَلَّبُوا: تَجمَّعُوا، وَهُمْ أَلْبٌ وَإِلْبٌ: إِذَا كَانُوا مُجْتَمِعِينَ. قَالَ رُؤْبَةُ: قَد أَصبَحَ النَّاسُ عَلَينَا أَلبَا فَالنَّاسُ فِي جَنبٍ وَكُنَّا جَنبَا وَقَالَ حَسَانُ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ قَصِيدَةٍ يُخَاطِبُ بِهَا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا أَعْطَى قُرَيْشاً وَقَبَائِلَ مِنَ العَرَبِ، وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئاً: وَالنَّاسُ أَلْبٌ عَلَيْنَا فِيكَ لَيْسَ لَنَا ... إِلاَّ السُّيُوفَ وَأَطْرَافَ القَنَا وَزَرُ وأَلَبَ يَأْلُبُ وَيَأْلِبُ: إِذَا أسْرَعَ، أَنْشَدَ ابْنُ الأَعْرَابِي لِمُدْرِكَ بنِ حِصْنٍ: أَلَمْ تَرَيَا أَنَّ الأَحَادِيثَ فِي غَدٍ ... وَبَعْدَ غَدٍ يَأْلُبْنَ أَلْبَ الطَّرَائِدِ أَيْ: يُسْرِعْنَ إِسْرَاعَ الطَّرَائِدِ.

فصل في المعتل المتفق المعنى:

أَهَلَ الرَّجُلُ يَأْهُلُ وَيَأْهِلُ أُهُولاً: إِذَا تَزَوَّجَ. فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُتَّفَقِ المَعْنَى: أَثَا يَأْثُو وَيَأْثِي إِثَاوَةً وَإِثَايَةً: إِذَا وَشِيتَ بِهِ.

باب الباء

الباب الثاني باب الباء فَصْلُ الصَّحِيح المُتَفِقِ المَعْنَى: بَتَكَ يَبْتُكُ وَيَبْتِكُ بَتْكاً: إِذَا قَطَعَ. بَذَلَ الشَّيْءَ يَبْذُلُهُ وَيْبْذِلُهُ: إِذَا سَمَحَ بِهِ. بَرَضَ لِي مِنْ مَالِهِ يَبْرُضُ وَيَبْرِضُ بَرْضاً أَيْ: أَعْطَانِي مِنْهُ شَيْئاً قَلِيلاً. بَزَمَ عَلَيْهِ يَبْزُمُ وَيْبْزِمُ أَيْ: عَضَّ بِمَقُدَّمِ أَسْنَانِهِ، وَمِنْهُ الإِبْزِيمُ لِلْحَلَقَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي طَرَفِ الحِزَامِ. بَطَشَ بِهِ يَبْطُشُ وَيَبْطِشُ بَطْشاً: إِذَا أَخَذَهُ بِعُنْفٍ وَسَطْوَةٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} [الشعراء: 130]، وَلَمْ يُقْرَأْ فِي السَّبْعِ إِلاَّ بِالكَسْرِ، قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ نَبْطِشُ} [الدخان: 16].

فصل في الأجوف المتفق المعنى:

فصلٌ في الأجوف المتفق المعنى: بَانَهُ يَبِينُهُ وَيَبُونُهُ: إِذَا طَالَهُ فِي الفَضْلِ والمَزِيَّةِ، وَيُقَالُ مِنْهُ: بَيْنَهُمَا بَوْنٌ بَعِيدٌ، وَبُونٌ بَعِيدٌ، وبَيْنٌ بَعِيدٌ، وَالوَاوُ أَفْصَحُ، وَلاَ يُقَالُ فِي البُعْدِ إِلاَّ: بَيْنَهُمَا بَيْنٌ، لاَ غَيْرُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنُكُمْ} [الأنعام: 94] عَلَى قِرَاءَةِ الرَّفْعِ، فَالمُرَادُ بِهِ الوَصْلُ، أَيْ: لَقَدْ تَقَطَّعَ وَصْلُكُمْ، وَهُوَ مِنَ الأَضْدَادِ، يُقَالُ: بَانَ: إِذَا بَعُدَ، وَبَانَ: إِذَا قَرُبَ؛ وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ صَاحِبِنَا أَبِي عَبْدِ اللَّهِ حَيْثُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا: وكُنَّا على بَيْن يؤلِّف شملَنا ... فأعْقبَه البين الذي شتَّتَ الشملا فيا عجباً ضدان واللفظ واحد! ... فلله لفظ ما أمرَّ وما أحْلى!

وَمَنْ قَرَأَ: (بَيْنَكُمْ) بِالنَّصْبِ جَعَلَهُ ظَرْفاً، أَيْ: لَقَدْ تَقَطَّعَ مَا كُنْتُمْ فِيهِ مِنَ الشَّرِكَةِ بَيْنَكُمْ، كَمَا يُقَالُ: أَصْبَحْتُ بَيْنَكُمْ: أَيْ: فِيمَا بَيْنَكُمْ. مَسْأَلَةٌ: قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي التَّفْسِيرِ: (بَيْنَ) تَخْرُجُ عَنِ الظَّرْفِيَّةِ فَتُرْفَعُ وَتُنْصَبُ عَلَى المَفْعُولِ، وَتُخْفَضُ بِالإِضَافَةِ، فَرَفْعُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنُكُمْ} [الأنعام: 94]، وَنَصْبُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ} [الكهف: 93]، وَخَفْضُهَا: {قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} [الكهف: 78].

وَيُقَالُ: بَانَ يَبِينُ: إِذَا أَخَذَ عَنْ يَمِينِهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاد: وَمِنْهُ: البَائِنُ الذِي يَحْلُبُ النَّاقَةَ مِنْ شِقِّهَا الأَيْمَنِ، فَيَدْخُلُ فِي بَابِ المُخْتَلِفِ مَعَ (بَانَهُ يَبُونُهُ): إِذَا طَالَهُ فِي الفَضْلِ.

فصل في الأجوف المختلف:

فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ: بَاعَتِ الإِبِلُ تَبُوعُ: إِذَا مَدَّتْ بَاعَهَا فِي السَّيْرِ، قَالَ الشَّاعِرُ: دَعَتْهُ بِغَيْرِ اسْمٍ هَلُمَّ إِلَى القِرَى ... فَأَسْرَى يَبُوعُ الأَرْضَ وَالنَّارُ تَزْهَرُ وَمَعْنَى هَذَا البَيْتِ أَنَّهُ يَقُولُ: دَعَتْهُ النَّارُ بِغَيْرِ كَلاَمٍ، فَلَمْ تَقُلْ لَهُ يَا فُلاَنُ، وَكَانَ الأَوْلَى أَنْ تَقُولَ بِغَيْرِ اسْمِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ: بِغَيْرِ اسْمٍ، لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِغَيْرِ اسْمِهِ، لَجَازَ أَنْ يُظَنَّ أَنَّهَا دَعَتْهُ بِاسْمٍ آخَرَ غَيْرِ اسْمِهِ، وَهْيَ لَمْ تَدْعُهُ بِاسْمٍ أَصْلاً، لِأَنَّهَا غَيْرُ نَاطِقَةٍ، وَإِنَّمَا مَعْنَى دَعَتْهُ: أَنَّهُ رَآهَا فَقَصَدَهَا كَمَا يَقْصِدُهَا مَنْ تَسْتَدْعِيهِ بِاسْمِهِ، فَلِذَلِكِ نَكَّرَ الاسْمَ وَلَمْ يُعَرِّفْهُ لِيَصِحَّ لَهُ هَذَا المَعْنَى فِيهِ، وَبَاعَ يَبِيعُ: مِنَ البَيْعِ.

فصل في المضاعف:

فَصْلٌ في المُضَاعَفِ: بَتَّ الشَّيْءَ يَبُتُّهُ وَيَبِتُّهُ: إِذَا قَطَعَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ صِيَامَ لِمَنْ لاَ يَبُتّ الصِيَامَ مِنَ اللَّيْلِ"، أَيْ: لاَ يَعْزِمُ وَلاَ يَقْطَعُ بِالنّيَةِ. وَرَجُلٌ مُنْبَتٌّ أَيْ: مُنْقَطِعٌ، وَيُقَالُ مِنْهُ: بَتَّ وَأَبَتَّ، حَكَاهُ الفَرَّاءُ. وَالكَسْرُ فِي مُضَارِعِ (بَتَّ) شَاذٌّ، لأَنَّ بَابَ المُضَاعَفِ إِذَا كَانَ مُتَعَدِّياً جَاءَ المُضَارِعُ مِنْهُ بِالضَّمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.

باب التاء

فَصْلٌ فِي المعْتلّ المُتَّفِقِ: بَقَيْتُ الشَّيْءَ أَبْقِيهِ وَأَبْقُوهُ: إِذَا تَرَكْتَ مِنْهُ بَقِيَّةً، وَاليَاءُ أَكْثَرُ. قَالَهُ ابْنُ جِني رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. الباب الثالث باب التاء فَصْلُ الصَّحِيحِ المُتَفِقِ: تَفَلَ يَتْفُلُ وَيَتْفِلُ تَفْلاً، وَالتُّفْلُ شَبِيهٌ بِالبَزْقِ، وَيُقَالُ: بَزْقٌ، ثُمَّ تَفْلٌ، ثُمَّ نَفْثٌ، ثُمَّ نَفْخٌ. تَلَدَ المَالَ يَتْلُدُ وَيَتْلِدُ: إِذَا وَرِثَهُ عَنْ آبَائِهِ.

فصل في المضاعف المختلف:

فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُخْتَلِفِ: تَلَّ الشَّيْءَ يَتُلُّهُ بِالضَّمِ: إِذَا أَلْقَاهُ، وَمِنْهُ الحَدِيثُ: "أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ فَتُلَّتْ فِي يَدِي" أَيْ: أُلْقِيَتْ، وَمِنْهُ حَدِيثُ الغُلاَمِ الَّذِي كَانَ عَنْ يَمِينِ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، قَالَ فِي آخِرِ الحَدِيثِ: "فَتَلَّهُ فِي يَدِهِ" أَيْ: أَلْقَاهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} [الصافات: 103] أَيْ أَلْقَاهُ. وَتَلَّ يَتِلُّ بالكَسْرِ: سَقَطَ.

باب الثاء

الباب الرابع باب الثاء فَصْلُ الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: ثَمَلْتُ شَرَابِي أَثْمُلُهُ وَأَثْمِلُهُ ثَمْلاً. فَصْلُ الصَّحِيحِ المُخْتَلِفِ المَعْنَى: ثَلَثْتُ القَوْمَ أَثْلُثُهُمْ بِالضَّمِ، إِذَا أَخَذْتَ ثُلُثَ أَمْوَالِهِمْ. وَأَثْلِثُهُمْ بِالكَسْرِ: إِذَا كُنْتَ ثَالِثَهُمْ أَوْ كَمَّلْتَهُمْ ثَلاثَةً بِنَفْسِكَ. قَالَ الشَّاعِرُ [عبد الله بن الزبير الأسدي]: فَإِنْ تَثْلِثُوا نَرْبَعْ وَإِنْ يَكُ خَامِسٌ ... يَكُنْ سَادِسٌ حَتَّى يُبِيدَكُمُ القَتْلُ

فصل المضاعف المتفق:

ثَمَلَ الرَّجُلُ يَثْمُلُ بِالضَّمِ: إِذَا أَطْعَمَ غَيْرَهُ. وَثَمَلَ يَثْمِلُ بِالكَسْرِ: إِذَا أَكَلَ هُوَ، ثَمْلاً. ثَمَنْتُ القَوْمَ أَثْمُنُهُمْ بِالضَّمِ، إِذَا أَخَذْتَ ثُمُنَ أَمْوَالِهِمْ. وَأَثْمِنُهُمْ بِالكَسْرِ: إِذَا كُنْتَ ثَامِنَهُمْ. فَصْلُ المُضَاعَفِ المُتَّفِقِ: ثَرَّتِ النَّاقَةُ تَثُرُّ وَتَثِرُّ: إِذَا كَثُرَ لَبَنُهَا، وَنَاقَةٌ ثَرُورٌ، أَيْ: غَزِيرَةُ اللَّبَنِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي صِفَةِ الكَثِيرِ الكَلاَمِ: "الثَّرْثَارُونَ المُتَفَيْهِقُونَ"، أَيْ: الذِينَ يُكْثِرُونَ الكَلاَمَ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ.

باب الجيم

فَصْلٌ فِي المُعْتَلِ المُتَفِقِ: ثَأَى السِقَاءَ يَثْئُوهُ وَيَثْئِيهِ: إِذَا مَدَّهُ لِيَتَّسِعَ. ثَفَاهُ يَثْفُوهُ وَيَثْفِيهِ: إِذَا تَبِعَهُ. الباب الخامس باب الجيم فَصْلُ الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: جَثَمَ الطَّيْرُ: إِذَا تَلَبَّدَ بِالأَرْضِ، يَجْثُمُ وَيَجْثِمُ جُثُوماً، وَكَذَلِكَ الإِنْسَانُ. قَالَ الرَّاجِزُ: إِذَا الكُمَاةُ جَثَمُوا عَلَى الرُّكَبْ ثَبَجْتَ يَا عَمْرُو ثُبُوجَ المُحْتَطِبْ وَثَبَجَ مَعْنَاهُ: أَقْعَى عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ. جَدَبَ الرَّجُلُ: إِذَا عَابَ، يَجْدُبُ وَيَجْدِبُ.

جَزَرَ المَاءُ يَجْزُرُ وَيَجْزِرُ جَزْراً: إِذَا نَضَبَ، وَالجَزْرُ خِلاَفُ المَدِّ. جَلَبَ الشَّيْءَ يَجْلُبُهُ وَيَجْلِبُهُ جَلْباً وَجَلَباً. وَجَلَبَ الجُرْحُ يَجْلُبُ وَيَجْلِبُ أَيْضاً: إِذَا عَلاَ عَلَيْهِ جُلَيْدَةٌ عِنْدَ البُرْءِ، وَيُقَالَ لِتِلْكَ الجُلَيْدَةِ: الجُلْبَةُ. وَأَمَّا جَلَبَ عَلَى فَرَسِهِ، إِذَا صَاحَ بِهِ مِنْ خَلْفِهِ وَاسْتَحَثَّهُ لِلسَّبْقِ، فَمُضَارِعُهُ يَجْلُبُ بِالضَّمّ، وَالمَصْدَرُ جَلَباً بِالفَتْحِ، قُلْتُ: وَعَلَيْهِ حُمِلَ النَّهْيُ فِي قَوْلِه - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ جَنَبَ وَلاَ جَلَبَ"، أَيْ: لا يَصِيحُ عَلَى أَحَدِ خَيْلِ السَّبْقِ لِيَسْتَحِثَّهُ وَيُنْهِضَهُ.

فصل في الأجوف المتفق:

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الجَلَبُ: رَكْضُ الفَارِسِ الفَرَسَ المِرِّيحَ الَّذِي فِي الرِهَانَ. جَنَحَ يَجْنُحُ وَيَجْنِحُ: إِذَا مَالَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ} [الأنفال: 61]. فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُتَفِقِ: جَابَ القَمِيصَ يَجُوبُهُ وَيَجِيبُهُ: إِذَا قَوَّرَ جَيْبَهُ، قَالَ الرَّاجِزُ: بَاتَتْ تَجِيبُ أَدْعَجَ الظَّلاَمِ جَيْبَ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمَامِ وَجَابَ البِلاَدَ يَجُوبُهَا وَيَجِيبُهَا: إِذَا قَطَعَهَا. وَأَمَّا جابَ: إِذَا خَرَقَ، فَمُضَارِعُهُ يَجُوبُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} [الفجر: 9].

فصل في المضاعف المتفق:

فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُتَّفِقِ: جَمَّ الفَرَسُ يَجُمُّ وَيَجِمُّ جَمّاً وَجَمَاماً: إِذَا ذَهَبَ إِعْيَاؤُهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا تَرَكَ الضِّرَابَ. فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُخْتَلِفِ: جَدَّ الشَّيءَ يَجُدُّه بالضَّم، جدَّا: قَطَعَهُ. وَجَدَّ الشَّيْءُ يَجِدُّ بِالكَسْرِ جِدَّةً، أَيْ: صَارَ جَدِيداً، وَهُوَ نَقِيضُ الخَلَقِ. وَأَمَّا جَدَّ النَّخْلَ فَمُضَارِعُهُ يَجُدُّ بِالضَّمِ. جَلَّ القَوْمُ مِنَ البَلَدِ يَجُلُّونَ بِالضَّمِ جُلُولاً إِذَا جَلَوْا إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، وَيُقَالُ: جَلَّ البَعَرَ يَجُلُّهُ بِالضَّمِ أَيْضاً: إِذَا التَقَطَهُ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الدَّابَّةُ الَّتِي تَأْكُلُ العَذِرَةَ: الجَلاَّلَةَ. وَجَلَّ فُلاَنٌ يَجِلُّ بالكَسْرِ جَلاَلَةً: إِذَا عَظُمَ قَدْرَهُ.

فصل في المعتل المتفق:

فصل في المعتل المتفق: جَبَا الخَرَاجَ يَجْبُوهُ وَيَجْبِيهِ جِبَايَةً وجِبَاوَةً: إِذَا أَخَذَهُ. جَثَا الرَّجُلُ الغَنَمَ يَجْثُوهَا وَيَجْثِيهَا: إِذَا جَمَعَهَا. جَلاَ الرَّجُلُ الفِضَّةَ يَجْلُوهَا وَيَجْلِيهَا: إِذَا أَزَالَ دَرَنَهَا.

فصل في المعتل المختلف:

فَصْلُ فِي المُعْتَلِ المُخْتَلِفِ: جَفَا الرَّجُلُ صَدِيقَهُ يَجْفُوهُ جَفَاءً - مَمْدُودُ - فَهُوَ مَجْفُوٌّ: إِذَا لَمْ يُبِرَّهُ وَلَمْ يَحْتَفِلْ بِهِ؛ قَالَ الجَوْهَرِيّ: وَلاَ تَقُلْ جَفَيْتُ. وَأَمَّا قَوْلُ الرَّاجِزِ: فَلَسْتُ بِالجَافِي وَلاَ المَجْفِيِّ فَإِنَّمَا بَنَاهُ عَلَى جُفِيَ، فَلَّمَا انْقَلَبَتِ الوَاوُ يَاءً فِيمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ بُنِيَ المَفْعُولُ عَلَيْهِ. قُلْتُ: يُرِيدُ بِقَوْلِهِ "وَلاَ تَقُلْ جَفَيْتُ": مِنَ الجَفَاءِ خلاف البِرِّ والاحْتِفَالِ. وَجَفَا الرَّجُلُ صَاحِبَهُ يَجْفِيهِ: إِذَا صَرَعَهُ.

باب الحاء

الباب السادس باب الحاء فصل الصحيح المتفق: حَرَقَ نَابَهُ يَحْرُقُهُ وَيَحْرِقُهُ: إِذَا سَحَقَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ حَتَّى يُسْمَعَ صَرِيرُهُ. حَجَلَ الطائِرُ يَحْجُلُ وَيَحْجِلُ حَجَلانَاً: إِذَا مَشَى مِشْيَةَ المُقَيَّدِ. حَدَرْتُ الشَّيْءَ أَحْدُرُهُ وَأَحْدِرُهُ: إِذَا تَرَكْتَهُ يَنْزِلُ مِنْ عُلْوٍ إِلَى سُفْلٍ. حَرَنَ الفَرَسُ يَحْرُنُ وَيَحْرِنُ فَهُوَ حَرُونٌ: إِذَا كَانَ لاَ يَنْقَادُ، وَإِذَا اشْتَدَّ بِهِ الجَرْيُ وَقَفَ. حَزَرْتُ الشَّيْءَ: إِذَا قَدَّرْتُهُ، أَحْزُرُهُ وَأَحْزِرُهُ، حَزْراً. حَسَدَ الرَّجُلُ: إِذَا تَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَةِ المَحْسُودِ، يَحْسُدُ بِالضَّمِ حُسُوداً، قَالَ الأخْفَشُ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: يَحْسِدُ بِالكَسْرِ. حَشَرَ يَحْشُرُ وَيَحْشِرُ: إِذَا حَشَدَ وَجَمَعَ.

حَصَدْتُ الزَّرْعَ وَغَيْرَهُ أَحْصُدُهُ وَأَحْصِدُهُ حَصْداً: إِذَا قَطَعْتُهُ. حَظَبَ يَحْظُبُ وَيَحْظِبُ حِظَابَةً وَحُظُوباً: إِذَا سَمِنَ، يُقَالُ اعْلُلْ تَحْظُبْ، أَيْ: اشْرَبْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةَ تَسْمَنْ. حَلَبَ النَّاقَةَ يَحْلُبُهَا وَيَحْلِبُهَا، قَالَهُ الأَصْمَعِيّ. حَلَجَ القُطْنَ يَحْلُجُهُ وَيَحْلِجُهُ فَهُوَ حَلاَّجٌ، والقُطْنُ حَلِيجٌ وَمَحْلُوجٌ، وَذَلِكَ إِذَا نَزَعَ مِنْهُ حَبَّهُ. حَنَكْتُ الفَرَسَ أَحْنُكُهُ وَأَحْنِكُهُ: إِذَا جَعَلْتَ فِي فَمِهِ الرَّسَنَ.

فصل في الأجوف المختلف:

فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ: حَارَ يَحُورُ: إِذَا رَجَعَ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ} [الانشقاق: 14] مَعْنَاهُ: أَنْ لَنْ يَرْجِعَ إِلَى الآخِرَةِ، وَمِنْهُ قَوْلَهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَدِيثِ الاسْتِعَاذَةِ: "وَمِنَ الحَوْرِ بَعْدَ الكَوْرِ"، يَعْنِي: مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى خَلْفٍ، والكَوْرُ: بِالرَّاءِ مَأْخُوذٌ مِنْ كَوْرِ العِمَامَةِ، وَيُرْوَى: "بَعْدَ الكَوْنِ" بِالنُّونِ، مَصْدَرُ كَانَ، يُقَالُ: حَارَ بَعْدَ مَا كَانَ، مَعْنَاهُ: بَعْدَمَا كَانَ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقِيمٍ. وَحَارَ الرَّجُلُ يَحِيرُ: إِذَا دَخَلَ الحِيرَةَ، عَلَى مَنْ جَعَلَ يَاءَهَا أَصْلِيَّةً. حَاكَ الثَّوْبَ يَحوكُهُ حَوْكاً وَحِيَاكَةً: نَسَجَهُ. وَحَاكَ فِي مِشْيَتِهِ يَحِيكُ حَيَكَاناً: إِذَا حَرَّكَ مَنْكَبَيْهِ.

فصل في المضاعف المتفق:

فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُتَّفِقِ: حَدَّتِ المَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا تَحُدُّ وَتَحِدُّ حِدَاداً: امْتَنَعَتْ مِنْ الزِّينَةِ وَالخِضَابِ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا. فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُخْتَلِفِ: حَسَّ الدَّابَّةَ يَحُسُّهَا بِالضَّمِ: إِذَا أَزَالَ شَعَثَهَا، وَمِنْهُ قَوْلُ زَيْدٍ بْنِ صُوحَانَ حِينَ ارْتُثَّ يَوْمَ الجَمَلِ: "ادْفِنُونِي فِي ثِيَابِي وَلاَ تَحُسُّوا تُرابَا" أَيْ: لاَ تَنْفُضُوهُ، وَارْتُثَّ: افْتُعِلَ مِنْ أَرَثَّ الثَّوْبُ، أَي: أَخْلَقَ؛ يُقَالُ ارْتُثَّ فُلاَنٌ، - عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ - أَيْ: حُمِلَ مِنَ المَعْرَكَة رَثِيثاً، أَيْ: جَرِيحاً وَبِهِ رَمَقٌ. وَحَسَّ الشيْءَ يَحُسُّهُ بِالضَّمّ: إِذَا اسْتَأْصَلَهُ وَلَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئاً، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ} [آل عمران: 152] أَيْ: تَسْتَأْصِلُونَهُمْ بِالقَتْلِ.

وَحَسَّ لَهُ يَحِسُّ بِالكَسْرِ، أَيْ: رَفَقَ لَهُ. قَالَ الكُمَيْتُ: هَلْ بَكَى الدَّارَ رَاجٍ أَنْ تُحِسَّ بِهِ ... أَوْ يَبْكِيَ الدَّارَ مَاءُ العَبْرَةِ الخَضِلُ حَفَّهُ بِالشَّيْءِ يُحُفُّهُ بِالضَّمّ كَمَا يُحَفُّ الهَوْدَجُ بِالثِيَابِ. وَكَذَلِكَ حَفَّ شَارِبَهُ يَحُفُّهُ حَفّاً، أَيْ: أَحْفَاهُ. وَحَفَّ رَأْسُهُ يَحِفُّ بِالكَسْرِ حُفُوفاً: إِذَا بَعُدَ عَهْدُهُ بِالدَّهْنِ. قَالَ الكُمَيْتُ يَصِفُ وَتداً: وَأَشْعَثَ فِي الدَّارِ ذَا لِمَّةٍ ... يُطِيلُ الحُفَوفَ فَلاَ يَقْمَلُ مَعْنَاهُ: أَنَّهُ لاَ يَدْهُنُ رَأْسَهُ، وَمَعَ هَذَا فَلاَ يَقْمَلُ، وَأَخْرَجَهُ مَخْرَجَ اللُّغْزِ. وَمِنْهُ فِي وَصْفِ الوَتِدِ، قَوْلُ الأَخْطَلِ: بِنَزْوَةِ لِصٍّ بَعْدَمَا مَرَّ مُصْعَبٌ ... بِأَشْعَثَ لاَ يُفْلَى وَلاَ هُوَ يَقْمَلُ ومُصْعَبٌ فِي البَيْتِ هُوَ: الأَشْعَثُ، كَرَّرَهُ بِلَفْظٍ آخَرَ، وَهَذَا النَّوْعُ يُقَالُ لَهُ: الاسْتِخْلاَصُ وَالتَّجرِيدُ، وَقَدْ بَوَّبَ عَلَيْهِ ابْنُ جِنِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي "الخَصَائِصِ" وَذَكَرَ مِنْهُ أَشْيَاءَ غَرِيبَةً.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ} [فصلت: 28]، أَيْ: لَهُمْ فِي الجَنَّةِ دَارُ الخُلْدِ، وَهِيَ بِنَفْسِهَا دَارُ الخُلْدِ، فَكَأَنَّهُ جَرَّدَ مِنَ الدَّارِ داراً. حَلَّ العَذَابُ يَحُلُّ بِالضَّمِ، أَيْ: يَنْزِلُ، وَمِنْهُ قِرَاءَةُ الكَسَائِيّ {فَيَحُلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي} [طه: 81] بِالضَّمِ أَيْ: يَنْزِلُ. وحَلَّ لك الشّيْءُ يحِلُّ بالكسر حِلاًّ وحَلاَلاً ضد حَرُم. وَحَلَّ الهَدْيُ: يَحِلُّ أَيْضاً حِلَّةً وَحُلُولاً: إِذَا بَلَغَ المَوْضِعَ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ نَحْرُهُ. وَحَلَّ العَذَابُ يَحِلُّ، أَيْ: وَجَبَ، وَمِنْهُ قِرَاءَةُ بَاقِي السَّبْعَةِ: (فَيَحِلُّ). أَيْ: يَجِبُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ} [الرعد: 31] فَبِالضَّمِ.

حَنَّ إِلَى وَطَنِهِ يَحِنُّ بِالكَسْرِ حَنِيناً، فَهُوَ حَانٌّ: إِذَا تَشَوَّقَ. وَحَنَّ عَلَيْهِ يَحِنُّ أَيْضاً حَنَاناً: إِذَا رَحِمَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا} [مريم: 13]، وَحَنَّ عَنّي يَحُنُّ بالضَّمِ، أَيْ: صَدَّ عَنِّي، قُلْتُ: وَقَدْ جَمَعْتُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِي: يَحِنُّ المَشُوقُ إِلَى قُرْبِكُمْ ... وَأَنْتَ تَحُنُّ وَلاَ تُشْفِقُ فَجُدْ بِالوِصَالِ فَدَتْكَ النُّفُوسُ ... فَإِنِّي إِلَى وَصْلِكُمْ شَيِّقُ أيْ: أَنَا أَتَشَوَّقُ إلِيْكَ وأَنْتَ تَصِدُّ عَنِّي.

فصل في المعتل المتفق:

فَصْلٌ فِي المُعْتَلِ المُتَّفِقِ: حَثَا فِي وَجْهِهِ التُّرَابَ يَحْثُوهُ وَيَحْثِيهِ حَثْياً وَتَحْثَاءً، إِذَا رَمَاهُ بِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "اُحْثُوا فِي وَجْهِ المَدَّاحِينَ التّرَابَ". حَزَا الشَّيْءَ يَحْزُوهُ وَيَحْزِيهِ: إِذَا قَدَّرَهُ وَخَرَصهُ، يُقَالُ: حَزَيْتُ النَّخْلَ. وَكَذَلِكَ: حَزَا السَّرَابُ الشَّخْصَ: إِذَا رَفَعَهُ، يَحْزِي وَيَحْزُو. حَكَى عَنْهُ الكَلاَمَ يَحْكِيهِ وَيَحْكُوهُ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ. حَلاَ المَرْأَةَ يَحْلُوهَا وَيَحْلِيهَا: إِذَا جَعَلَ لَهَا حَلْياً. حَنَا العُودَ يَحْنُوهُ وَيَحْنِيه: إِذَا عطَفَه، وَاليَاءُ أَكْثَرُ. وَأَنْشَدَ الكِسَائِيّ: يَدُقُّ حِنْوَ القَتَبِ المَحْنِيَّا دَقَّ الوَلِيدِ جَوْزَهُ الهِنْدِيَّا وَمِنْهُ الحَدَيِثُ: "وَأَحْنَاهُنَّ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ".

فصل في المعتل المختلف:

فَصْلٌ فِي المُعْتَلِ المُخْتَلِفِ: حَتَا هُدْبَ الكِسَاءِ يَحْتُوهُ حَتْواً، إِذَا كَفَّهُ مُلْزَقاً بِهِ، قَالَهُ الجوْهَرِيّ، وَحَتَى الشَّيْءَ يَحْتِيهِ حَتْيَا: إِذَا أَحْكَمَهُ، قَالَهُ الصَّغَانِيّ. حَذَا النَّعْلَ بِالنَّعْلِ يَحْذُو حَذْواً، وَالحَذْوُ: القَطْعُ والتَّقْدِيرُ، وَمِنْهُ فِي حَدِيثِ الإِسْرَاءِ "يَعْمِدُونَ إِلَى عُرْضِ جَنْبِ أَحَدِهِمْ فَيِحْذُونَ مِنْهُ الحُذْوَةَ مِنَ اللَّحْمِ"، أَيْ: يَقْطَعُونَ مِنْهُ القِطْعَةَ. وَحَذَاه: جَلَس بِحِذَائِهِ، يَحْذُو أَيْضاً. وَحَذَى النَّبِيذُ اللَّسَانَ يَحْذِي حَذْياً. وَحَذَى الزُّجَاجَ يَحْذِي: إِذَا قَطَعَهُ بِالحِذْيَةِ، وَهُوَ حَجَرٌ يُؤَثِّرُ

فِي الزُّجَاجِ فَيَشُقُّهُ شَقّاً مُسْتَوِياً، وَيُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى ثَقْبِ الجَوْهَرِ. وَفِي حَدِيثِ نَوْفٍ: "إِنَّ الهُدْهُدَ ذَهَبَ إِلَى البَحْرِ فَاسْتَعَارَ مِنْهُ الحِذْيَةَ، فَجَاءَ بِهَا فَأَلْقَاهَا عَلَى الزُّجَاجَةِ فَفَلَقَهَا". حَسَا المَرَقَ يَحْسُوهُ حَسْواً، إِذَا شَرِبَهُ، وَفِي المَثَلِ: "نَوْمٌ كَحَسْوِ الطَّيْرِ". وَحَسَى البَطْحَاءَ يَحْسِيهَا حَسْياً: إِذَا فَحَصَ الرَّمْلَ عَنْهَا حَتَى يَظْهَرَ الماءُ. حَفَا الرَّجُلُ الرَّجُلَ يَحْفُوهُ حَفْواً: إِذَا مَنَعَهُ مِنْ كُلّ خَيْرٍ. وَحَفَى يَحْفِي إِلَيْهِ بالوصية: إِذا بالغ.

باب الخاء

الباب السابع باب الخاء فَصْلُ الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: خَتَنَ الحَجَّامُ الصَّبِيَّ يَخْتُنُهُ وَيَخْتِنُهُ: إِذَا قَطَعَ لَهُ الجِلْدَ الَّذِي فِي رَأْسِ الذَّكَرِ، وَيُقَالُ لِذَلِكَ الجِلْدِ: الغُرْلَة، قَالَ الشَّاعِرُ [الفرزدق]: فَمَا سُبِقَ القَيْسِيُّ مِنْ سُوءٍ سِيرَةٍ ... وَلَكِنْ طَفَتْ عَلْمَاءِ غُرْلَةُ خَالِدِ خَرَزَ الخُفَّ وَغَيْرَهُ يَخْرُزُهُ خَرْزاً، والخُرْزَةُ: الكُتْبَةُ الوَاحِدَةُ، وَالعَرَبُ تَقُولُ لِخَرْزِ القِرْبَةِ: كَتْباً، تَقُولُ: كَتَبْتُ القِرْبَةَ، أَيْ: خَرَزْتُهَا. خَفَرْتُ القَوْمَ أَخْفُرُهُمْ، بِالضَّمِ: إِذَا مَنَعْتَهُمْ عَمَّنْ يُرِيدُ

طَلَبَهُمْ، حَكَاهُ الصَّغَانِيّ عَنِ الكِسَائِيّ، وَأَخْفِرُهُمْ بِالكَسْرِ حَكَاهُ الجَوْهَرِيّ عَنِ الأَصْمَعِيّ. خَفَقَتِ الرَّايَةُ تَخْفُقُ وَتَخْفِقُ خَفْقاً وَخَفَقَاناً، وَكَذَلِكَ القَلْبُ وَالسَّرَابُ إِذَا اضْطَرَبَا، وَكَذَلِكَ خَفَقَهُ بِالسَّيْفِ يَخْفِقُهُ وَيَخْفُقُهُ: إِذَا ضَرَبَهُ بِهِ ضَرْبَةً خَفِيفَةً. خَلَجَتْ عَيْنُهُ تَخْلُجُ وَتَخْلِجُ خُلُوجاً: إِذَا اضْطَرَبَتْ. خَمَرْتُ العَجِينَ أَخْمُرُهُ وَأَخْمِرُهُ: إِذَا جَعَلْتَ فِيهِ الخَمِيرَةَ. خَمَشَ وَجْهَهُ يَخْمُشُهُ وَيَخْمِشُهُ: إِذَا خَدَشَهُ.

فصل في الصحيح المختلف:

فَصْلٌ فِي الصَّحِيحِ المُخْتَلِفِ: خَشَفَ يَخْشُفُ بِالضَّم خُشُوفاً: إِذَا ذَهَبَ فِي الأَرْضِ. وَخَشَفَ يَخْشِفُ بِالكَسْرِ خَشْفاً: إِذَا سُمِعَ حَرَكَتُهُ فِي المَشْيِ وَغَيْرِهِ، وَمِنْهُ الحَدِيثُ، حَيْثُ قَالَ - صلى الله عليه وسلم - لِبِلاَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "سَمِعْتُ خَشْفَ نَعْلَيْكَ فِي الجَنَّةِ". خَمَسَ القَوْمَ يَخْمُسُهُمْ، بِالضَّمِ: إِذَا أَخَذَ مِنْهُمْ خُمُسَ أَمْوَالِهِمْ، وَخَمَسَهُمْ يَخْمِسُهُمْ، بِالكَسْرِ: إِذَا كَانَ خَامِسَهُمْ، أَو كمَّلهم خَمْسَةً بِنَفْسِهِ.

فصل في الأجوف المتفق:

فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُتَّفِقِ: خَابَ الرَّجُلُ يَخُوبُ وَيَخِيبُ: إِذَا حُرِمَ، وَقَالَ الهَرَوِيّ: الخَوْبَةُ: الفَقْرُ، وَالخَيْبَةُ: الحِرْمَانُ، حَكَاهُ صَاحِبُ "المَطَالِعِ". قلت: فإذا كان على ما ذكره صاحب المطالع عن الهرويّ فيكون من باب الأجوف المختلف، فيقال منه: خاب يخُوب: إذا افتقر، وخاب يخيب: إذا حُرِم. خَاتَ مَالَهُ يَخُوتُهُ وَيَخِيتُهُ: إِذَا تَنَقَّصَهُ، وَيُقَالُ فِيهِ: اخْتَاتَهُ. خَاسَ الرَّجُلُ يَخُوسُ وَيَخِيسُ: إِذَا نَكَثَ العَهْدَ.

فصل في المعتل المختلف:

فَصْلٌ فِي المُعْتَلِ المُخْتَلِفِ: خَنَا يَخْنُو: إِذَا عَمِلَ الفَاحِشَةَ، قَالَ الشَّاعِرُ [عمرو بن الإطنابة]: المَانِعِينَ مِنَ الخَنَا جَارَاتِهِمْ ... وَالحَاشِدِينَ عَلَى طَعَامِ النَّازِلِ وَيُقَالُ فِيهِ: خَنَا يَخْنَى. وَخَنَا الرَّجُلُ الجِذْعَ يَخْنِيهِ: إِذَا قَطَعَهُ، وَيُقَالُ فِيهِ: خَنَأْتُهُ.

باب الدال

الباب الثامن باب الدال فَصْلٌ فِي الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: دَبَرَهُ يَدْبُرُهُ وَيَدْبِرُهُ: إِذَا بَقِيَ خَلْفَهُ، أَوْ جَاءَ بَعْدَهُ، وَمِنْهُ القِرَاءَة: {وَاللَّيْلِ إِذَا دَبَرَ} [المدثر: 33]. دَمَسَ الظَّلاَمُ يَدْمُسُ وَيَدْمِسُ: إِذَا اشْتَدَّ، وَلَيْلٌ دَامِسٌ وَأُدْمُوسٌ، أَيْ: مُظْلِمٌ. دَنَقَ يَدْنُقُ وَيَدْنِقُ: إِذَا أَسَفَّ لِدَنَايَا الأُمُورِ.

فصل في المضاعف المتفق:

فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُتَّفِقِ: دَمَمْتَ يَا فُلاَنُ تَدُمُّ وَتَدِمُّ دَمَامَةً. وَالدَّمِيمُ: القَبِيحُ. فصل في الأجوف المختلف: دَاقَ الفَصِيلُ عَنِ اللَّبَنِ يَدُوقُ: عَدَلَ عَنْهُ. وَدَاقَهُ يَدِيقُهُ دَيْقاً: إِذَا أَرَاغَهُ لِيَنْتَزِعَه. دَانَ الرَّجُلُ يَدُونُ: إِذَا كَانَ حَقِيراً خَسِيساً، قَالَ الشَّاعِرُ: إِذَا مَا عَلاَ المَرْءُ رَامَ العَلاَءَ ... وَيَقْنَعُ بِالدُّونِ مَنْ كَانَ دُونَا أَيْ: إِنَّمَا يَقْنَعُ بِالشَّيْءِ الحَقِيرِ مَنْ كَانَ حَقِيراً؛ وَمِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَنْ أَنْكَرَ هَذَا، وَقَالَ: لاَ يُشْتَقُّ مِنَ الدُّونِ فِعْلُ.

وَدَانَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ يَدِينُهُ: إِذَا أَقْرَضَهُ، فَهُوَ مَدِينٌ وَمَدْيُونٌ. وَدَانَ فُلاَنٌ يَدِينُ دَيْناً: اسْتَقْرَضَ وَصَارَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَهُوَ دَائِنٌ. وَدَانَهُ يَدِينُهُ: إِذَا أَذَلَّهُ وَاسْتَعْبَدَهُ، تَقُولُ: دِنْتُهُ فَدَانَ. وَفِي الحَدِيثِ: "الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ"، أَيْ: مَنْ أَذَلَّ نَفْسَهُ، وَدَانَهُ يَدِينُهُ دِيناً أَيْ: جَازَاهُ. وَدَانَ لَهُ يَدِينُ: إِذَا أَطَاعَهُ.

باب الذال

الباب التاسع باب الذال فَصْلُ الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: ذَبَرْتُ الكِتَابَ أَذْبُرُهُ وَأَذْبِرُهُ ذَبْراً: إِذَا كَتَبْتَهُ. أَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ لِأَبِي ذُؤَيْبٍ: عَرَفْتُ الديار كَرَقْمِ الدَّوَا ... ةِ يَذْبُرُهَا الكَاتِبُ الحِمْيَرِي ذَرَتِ الرِيحُ التُّرَابَ وَغَيْرَهُ تَذْرُوهُ وَتَذْرِيهِ ذَرْواً وَذَرْياً أَيْ: سَقَتْهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} [الذاريات: 1] ذَرَقَ الطَّائِرُ خُرْوَهُ يَذْرُقُ وَيَذْرِقُ: إِذَا زَرَقَهُ،

فصل في الأجوف المتفق:

وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا سَأَلَهُ الزِّبْرِقَانُ عَنْ هِجَاءِ الحُطَيْئَةِ بِقَوْلِهِ: دَعِ المَكَارِمَ لاَ تَرْحَلْ لِبُغْيَتِهَا ... وَاقْعُدْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الكَاسِي فَقَالَ: مَا هَجَاهُ، بَلْ ذَرَقَ عَلَيْهِ. ذَمَلَتِ النَّاقَةُ تَذْمُلُ وَتَذْمِلُ، ذَمِيلاً، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ. فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُتَّفِقِ: ذَانَهُ يَذِينُهُ وَيَذُونُهُ: إِذَا عَابَهُ، وَالذَّانُ: العَيْبُ. قَالَ ابْنُ السِكّيت: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو يَقُولُ: الذَّامُ وَالذَّيْمُ وَالذَّانُ وَالذَّابُ وَاحِدٌ.

باب الراء

الباب العاشر باب الراء فَصْلُ الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: رَبَطَ الشَّيْءَ يَرْبُطُهُ وَيَرْبِطُهُ: إِذَا شَدَّهُ. رَبَضْتُهُ أَرْبُضُهُ وَأَرْبِضُهُ: إِذَا أَوَيْتُ إِلَيْهِ. رَبَقَ الجَدْيَ يَرْبُقُهُ رَبَقاً بِالفَتْحِ: إِذَا جَعَلَ رَأْسَهُ فِي الرَّبْقَةِ، وَهْيَ عُرْوَةٌ تَكُونُ فِي حَبْل يُشَدُّ بهِ البُهْمُ، وَجَمْعُهَا رُبْقٌ، نَحْوُ: خَشَبَةٍ وَخُشْبٍ، وَبَدَنَةٍ وَبُدْنٍ. رَجَسَهُ عَنِ الأَمْرِ يَرْجُسُهُ وَيَرْجِسُهُ: إِذَا عَاقَهُ. رَزَمَتِ النَّاقَةُ تَرْزُمُ وَتَرْزِمُ رُزُوماً: قَامَتْ مِنَ الهُزَالِ وَالإِعْيَاءِ، فَهِيَ رَازِمٌ.

رَسَفَ يَرْسُفُ وَيَرْسِف رَسْفاً وَرَسَفَاناً: إِذَا مَشَى مُقَيَّداً، وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَنْدَلٍ: "أنَّهُ جَاءَ وَهُوَ يَرْسُِفُ فِي قُيُودِهِ". رَعَفَ الرَّجُلُ يَرْعُفُ وَيَرْعِفُ: إِذَا سَالَ مِنْ أَنْفِهِ الدَّمُ. رَفَضَ الشَّيْءَ يَرْفُضُهُ وَيَرْفِضُهُ رَفْضاً وَرَفَضاً: إِذَا تَرَكَهُ رَمَدَ الرَّجُلُ القَوْمَ يَرْمُدُهُمْ وَيَرْمِدُهُمْ رَمْداً: أَتَى عَلَيْهِمْ.

فصل في الأجوف المختلف:

فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ: رَامَ الشَّيْءَ يَرُومُهُ رَوْماً: إِذَا حَاوَلَهُ؛ وَرَوْمُ الحَرَكَةِ مِنْهُ، أَيْ: يُحَاوِلُ أَنْ يَنْطِقَ بِبَعْضِ الحَرَكَةِ. وَرَامَ يَرِيمُ: إِذَا بَرِحَ، قَالَ الشَّاعِرُ [الأعشى]: أَبَانَا فَلاَ رِمْتَ مِنْ عِنْدِنَا ... فَإِنَّا بِخَيْرٍ إِذَا لَمْ تَرِمْ وَمِنْهُ فِي حَدِيثِ هِرَقْلَ: "فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ"، أَيْ: لَمْ يَبْرَحْ مِنْهَا. وَقَالَ لَبِيدُ بْنُ عُقْبَةَ: قَطَعْتُ الدَّهْرَ كَالسَّدِمِ المُعْنَّى ... تَهَدَّرُ فِي دِمِشْقَ فَمَا تَرِيمُ أَيْ: فَمَا تَبْرَحُ، وَالسَّدِمُ فِي هَذَا البَيْتِ: الفَحْلُ الهَائِجُ،

وَالمُعَنَّى: الفَحْلُ إِذَا هَاجَ حُبِسَ فِي العُنَّةِ، لِأَنَّهُ لاَ يَرْغَبُ فِي فُحْلَتِهِ. وَحَضَرْتُ يَوْماً مَجْلِسَ بَعْضِ النُّحَاةِ بِمِصْرَ، فَسَأَلَهُ بَعْضُ الحَاضِرِينَ عَنْ قَوْلِ بْنِ مُعْطِ فِي الأَلْفِيَةِ: وَالجَزْمُ مِنْ أَلْقَابِهِ كَلَمْ يَرِمْ فَقَالَ لَهُ: يُرِيدُ المُؤَلِفُ بِقَوْلِهِ: كَلَمْ يَرِمْ: كَلَمْ يَرْمِ، وَلَكِنْ لَمْ يُسَاعِدْهُ النَّظْمُ، فَصَنَعَ بِهِ مَا صَنَعَ الشَّاعِرُ بِـ (لَمْ أَضْرِبْهُ) حَيْثُ قَالَ [زياد الأعجم]: عَجِبْتُ وَالدَّهْرُ كَثِيرٌ عَجَبُهْ ... مِنْ عَنَزِيٍّ سَبَّنِي لَمْ أَضْرِبُهْ قُلْتُ: فَعَجِبْتُ وَاللَّهِ -وَالدَّهْرُ كَثِيرٌ عَجَبُهُ- مِنْ جُرْأَتِهِ عَلَى المُؤَلّفِ، وَحَمْلِ كَلاَمِهِ عَلَى هَذَا المَرْكَبِ الصَّعْبِ الَّذِي يَأْبَاهُ الطَّبْعُ، وَمَا أَوْقَعَهُ فِي هَذَا إلاَّ جَهْلُهُ بِرَامَ يَرِيمُ. رَاقَ الشَّيْءُ يَرُوقُ: إِذَا أَعْجَبَ. وَرَاقَ السَّرَابُ يَرِيقُ رَيْقاً: إِذَا لَمَعَ فَوْقَ الأَرْضِ، وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا صَاحِبُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: يَرُوقُنِي مَوْعِدُ هَذَا الرَّشَا ... وَإِنَّهُ مِثْلُ سَرَابٍ يَرِيقْ خَدَّاهُ نَعْمَانُ، وَمِنْ بَارِقٍ ... مَبْسَمُهُ، وَالشَّفَتَانِ العَقِيقْ

فصل في المضاعف المتفق:

فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُتَّفِقِ: رَمَّ الشَّيْءَ يَرُمُّهُ وَيَرِمُّهُ رَمّاً وَمَرَمَّةً: إِذَا أَصْلَحَهُ. فَصْلٌ فِي المُعْتَلِ المُتَّفِقِ: رَبَا الرَّجُلُ فِي بَنِي فُلاَنٍ يَرْبُو وَيَرْبِي: إِذَا نَشَأَ فِيهِمْ. قَالَ الشَّاعِرُ [مسكين الدارمي]: ثَلاَثَةُ أَمْلاَكٍ رَبَوْا فِي حُجُورِنَا [فهل قائلٌ حقاً كمن هو كاذبُ] رَثَا الرَّجُلُ المَيِّتَ يَرْثِيهِ وَيَرْثُوهُ مَرْثِيَةً، إِذَا بَكَاهُ وَعَدَّدَ مَحَاسِنَهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا نَظَمَ فِيهِ شِعْراً. رَحَا الرَّجُلُ الرَّحَى يَرْحُوهَا وَيَرْحِيهَا: إِذَا أَدَارَهَا.

رَدَاهُ يَرْدُوهُ وَيَرْدِيهِ: إِذَا ضَرَبَهُ بِحَجَرٍ. وَرَدَى الفَرَسُ يَرْدُو وَيَرْدِي، قَالَ ابْنُ السِكِيت: وَذَلِكَ إِذَا رَجَمَ الأَرْضَ رَجْماً بَيْنَ العَدْوِ وَالمَشْيِ الشَّدِيدِ.

باب الزاي

الباب الحادي عشر باب الزاي فَصْلُ الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: زَبَرِ: إِذَا كَتَبَ، يَزْبُرُ وَيَزْبِرُ. قَالَ الأَصْمَعِيّ: سَمِعْتُ أَعْرَابِياً يَقُولُ: أَنَا أَعْرِفُ تَزْبِيرَتي، أَيْ: خَطِّي وكِتَابَتِي. وَكَذَلِكَ: زَبَرْتُ الرَّجُل أَزْبُرُهُ وَأَزْبِرُهُ: إِذَا مَنَعْتُهُ، قَالَهُ الصَّغَانِيّ. زَرَقَ الطَّيْرُ يَزْرُقُ وَيَزْرِقُ: إِذَا ذَرَقَ. زَمَرَ الرَّجُلُ يَزْمُرُ وَيَزْمِرُ زَمْراً: إِذَا ضَرَبَ المزمار، فَهُوَ زَمَّارٌ، وَلَمْ يَكَدْ يُسْمَعُ زَامِرٌ. وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ: زَامِرَةٌ، وَلاَ يُقَالُ: زَمَّارَةٌ. وَفِي الحَدِيثِ: "نَهَى عَنْ كَسْبِ الزَّمَّارَة" قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَتَفْسِيرُهُ فِي الحَدِيثِ: أَنَّهَا الزَّانِيَةُ؛ قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ هَذَا الحَرْفَ إِلاَّ فِيهِ، وَلاَ أَدْرِي مِنْ أَيّ شَيْءٍ أُخِذَ.

فصل في الصحيح المختلف:

فَصْلٌ فِي الصَّحِيحِ المُخْتَلِفِ: زَبَدَهُ يَزْبُدُهُ بِالضَّمّ: إِذَا أَطْعَمَهُ. وَزَبَدَهُ يَزْبِدُهُ بِالكَسْرِ زَبْداً: إِذَا أَعْطَاهُ. فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُخْتَلِفِ: زَرَرْتُ القَمِيصَ أَزُرُّهُ بِالضَّمّ زَرّاً: إِذَا شَدَدْتَ أَزْرَارَهُ. يُقَالُ مِنْهُ: ازْرُرْ عَلَيْكَ قَمِيصَكَ، وَزُرَّ وَزُرِّ وَزُرُّ، وَذَلِكَ عَلَى لُغَةِ الفَاتِحِينَ وَالكَاسِرِينَ وَالمُتْبِعِين. وَزَرَّتْ عَيْنُهُ تَزِرُّ بِالكَسْرِ زَرِيراً: إِذَا تَوَقَّدَتْ.

فصل في المعتل المتفق:

فَصْلٌ فِي المُعْتَلّ المُتَّفِقِ: زَقَى الصَّدَى يَزْقُو وَيَزْقِي زُقاً: إِذَا صَاحَ؛ قَالَ تَوْبَةُ بْنُ الحُمَيِّرِ مِنْ شُعَرَاءِ الحَمَاسَةِ: وَلَوْ أَنَّ لَيْلَى [الأخْيَلِيَّةَ] سَلَّمَتْ ... عَلَيَّ وَدُونِي تُرْبَةٌ وَصَفَائِحُ لَسَلَّمْتُ تَسْلِيمَ البَشَاشَةِ أَوْ زَقَا ... إِلَيْهَا صَدًى مِنْ [جَانِبِ] القَبْرِ صَائِحُ وَمِنْ غَرِيبِ مَا يُحْكَى: أَنَّ كُلَّ مَا قَالَهُ تَوْبَةُ فِي هَذَيْنِ البَيْتَيْنِ وَقَعَ كَمَا قَالَ، وَذَلِكَ أَنَّ لَيْلَى مَرَّتْ عَلَى قَبْرِ تَوْبَةَ لَيْلاً،

فَقَالَ لَهَا صَاحِبُهَا: يَا لَيْلَى! هَذَا قَبْرُ تَوْبَةَ الذِي يَقُولُ: وَلَوْ أَنَّ لَيْلَى [الأخْيَلِيَّةَ] سَلَّمَتْ ... ... ... ... فَهَلْ لَكِ أَنْ تُسَلِّمِي عَلَيْهِ؟ فَنَزَلَتْ عَنْ هَوْدَجِهَا وَأَتَتْ إِلَى القَبْرِ لِتُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَكَانَ إِذْ ذَاكَ دَاخِلَ القَبْرِ بَيْنَ صَفَائِحِهِ بُومٌ، فَلَمَّا سَلَّمَتْ لَيْلَى صَاحَ ذَلِكَ البُومُ صَيْحَةً شَدِيدَةً، فَتَذَكَّرَتْ لَيْلَى البَيْتَيْنِ، فَغُشِيَ عَلَيْهَا، فَمَاتَتْ وَدُفِنَتْ مَعَهُ. وَقَوْلُهُمْ: "هُوَ أَثْقَلُ عَلَيَّ مِنَ الزَّوَاقِي"، يُرِيدُونَ بِهِ: الدُّيُوكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْمَرُونَ لِلْحَدِيث وَالمُوَانَسَةِ، فَإِذَا صَاحَتِ الدِّيَكَةُ تَفَرَّقُوا، فَكَانَ صِيَاحُهَا ثَقِيلاً عَلَيْهِمْ. وَنَقَلَ ابْنُ جَنِي فِي "المُحْتَسَبِ"، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ قَرَءَا: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا زَقْيَةً وَاحِدَةً} [يس: 29، 53]؛ المَعْنَى: صَيْحَةٌ وَاحِدَةٌ. وَذَكَرَ أَبُو حَاتِمٍ أَنَّ زَقَا، إِنَّمَا هُوَ مِنَ الوَاوِ، وَجَعَلَ الزّقْيَةَ مِنْ بَابِ (أَرْضٌ مَسْنِيَّةٌ)، وَقَوْلِهِ: [وَقَد عَلِمَت عَرسي مُلَيكَةُ أَنَّني] أَنَا الليْثُ مَعْدِيّاً عَلَيْهِ وَعَادِيَا فَجَعَلَ اليَاءَ فِي (زَقْيَةٍ) بَدَلاً مِنَ الوَاوِ، كَمَا أَنَّ (مَسْنِيَّةً) أَصْلُهُ: مَسْنُوّةٌ، وَ (مَعْدِيّاً) أَصْلُهُ: مَعْدُوّاً؛ وَغَيْرُ أَبِي حَاتِمٍ مِنَ اللُّغَوِيّينَ أَثْبَتَ: زَقَا يَزْقُو وَيَزْقِي، وَلَيْسَتِ اليَاءُ بَدَلاً مِنَ الوَاوِ.

باب السين

الباب الثاني عشر باب السين فَصْلُ الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: سَفَكَ الدَّمَ يَسْفُكُ وَيَسْفِكُ سَفْكاً: إِذَا أَرَاقَهُ. سَمَطَ الجَدْي يَسْمُطُهُ وَيَسْمِطُهُ سَمْطاً: إِذَا نَظَّفَهُ مِنَ الشَّعَرِ بِالمَاءِ الحَارِّ، لِيَشْوِيَهُ، فَهُوَ سَمِيطٌ وَمَسْمُوطٌ؛ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ الله عَنْهُ، يُخْبِرُ عَنْ حَالِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ فِيهِ: "وَلاَ رَأَى شاةً سَمِيطاً بِعَيْنِهِ قَطُّ". وَأَمَّا سَمَطَ اللَّبَنُ، إِذَا ذَهَبَتْ عَنْهُ حَلاَوَةُ الحَلِيبِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، فَمُضَارِعُهُ بِالضَّم. سَنَفَ البَعِيرَ يَسْنُفُهُ وَيَسْنِفُهُ: إِذَا شَددَّ عَلَيْهِ السِّنَافَ، وَهُوَ فِي قَوْلِ الأَصْمَعِيّ: حَبْلٌ يُشَدُّ مِنَ التَّصْدير حَتَّى يُجْعَلَ وَرَاءَ الكِرْكِرَةِ، فَيَثْبُتُ التصدير فِي مَوْضِعِهِ. قَال الخَلِيلُ: السِّنَافُ لِلْبَعِيرِ بِمَنْزِلَةِ اللَّبَبِ لِلدَّابَّةِ. قَالَ الأَصْمَعِيّ: وَلاَ يُقَالُ إِلاَّ: أَسْنَفْتُ.

فصل في الصحيح المختلف:

فَصْلٌ فِي الصَّحِيحِ المُخْتَلِفِ: سَبَتَ يَسْبُتُ بِالضَّم سُبَاتاً: نَامَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} [النبأ: 9]. وَسَبَتَ اليَهُودُ يَسْبِتُونَ، بِالكَسْرِ، سَبْتاً: إِذَا قَامُوا بأمر سبتهم قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ} [الأعراف: 163]. سَدَسَ القَوْمَ يَسْدُسُهُمُ بِالضَّمّ: إِذَا أَخَذَ سُدُسَ أَمْوَالِهِمْ. وَسَدَسَهُمْ يَسْدِسُهُمْ، بِالكَسْرِ: إِذَا كَانَ لَهُمْ سَادِساً. فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُتَّفِقِ: سَاخَتْ قَوَائِمُهُ بِالأَرْضِ تَسُوخُ وَتَسِيخُ: إِذَا دَخَلَتْ فِيهَا وَغَابَتْ، وَيُقَالُ: صَاخَتْ بِالصَّادِ،

قَالَ الصَّغَانِي: الصَّادُ وَالسينُ يَتَعَاقَبَانِ فِي كُل كَلِمَةٍ فِيهَا خَاءٌ. وَكَذَلِكَ سَاخَ وَيَسِيخُ: إِذَا بَنَى بِالطينِ، وَالسِّيَاخُ: بِنَاءُ الطينِ. سَاغَ الرَّجُلُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ يسُوغُهُ وَيَسِيغُهُ: إِذَا شَرِبَهُ سَهْلاً مِنْ غَيْرِ كَرَاهِيَةٍ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَالجَيّدُ: أَسَاغَ يُسِيغُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم: 17]. وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ} [فاطر: 12] فَهُوَ مِنْ سَاغَ الشَّرَابُ: إِذَا سَهُلَ، فَهُوَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ.

فصل في الأجوف المختلف:

فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ: سَارَ الرَّجُلُ الحَائِطَ يَسُورُ سَوْراً، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ} [ص: 21] وَسَارَ يَسِيرُ سَيْراً وَمَسِيراً وَتَسْيَاراً، يُقَالُ: بَارَكَ اللَّهُ فِي مَسِيرِكَ، أَيْ: سَيْرِكَ وَهُوَ شَاذٌّ، لأَنَّ قِيَاسَ اسْمِ المَصْدَرِ مِنْ (فَعَلَ يَفْعِلُ): (مَفْعَلٌ)، بِالفَتْحِ. سَافَ يَسُوفُ: إِذَا هَلَكَ، وَيُقَالُ فِيهِ: يَسَافُ. وَسَافَ الدَّلِيلُ التُّرَابَ يَسُوفُهُ: إِذَا شَمَّهُ لِيَعْلَمَ أَيْنَ هُوَ، وَقَدْ أَحْسَنَ أَبُو العَلاَء المَعَرِيّ حَيْثُ قَالَ: وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ يَا أُمَامَةَ بَعْدَمَا ... نَزَلَ الدَّلِيلُ إِلَى التُّرَابِ يَسُوفُهُ

وَيُقَالُ فِيهِ: اسْتَافَ، قَالَ الشَّاعِرُ [رؤبة]: إِذَا الدَّلِيلُ اسْتَافَ أَخْلاَقَ الطُّرُقْ [كَأَنَّها حَقْباءُ بَلْقاءُ الزَلَقْ] وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْلُ المَعَرّي أَيْضاً: أَوْدَى فَلَيْتَ الحَادِثَاتِ كَفَافِ ... مَالُ المُسِيفِ وَعَنْبَرُ المُسْتَافِ فَالمُسِيفُ: الَّذِي قَدْ ذَهَبَ مَالُهُ، وَالمُسْتَافُ: الَّذِي يَشُم الشَّيْءَ. وَسَافَتْ يَدُهُ تَسُوفُ.

فصل في المعتل المتفق:

فَصْلٌ في المُعْتَل المُتَّفِقِ: سَحَا الرَّجُلُ الطينَ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ يَسْحُو وَيَسْحِي: إِذَا جَرَفَهُ؛ وَالآلَةُ الَّتِي يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى ذَلِكَ يُقَالُ لَهَا: المِسْحَاة، وَهِيَ المُسْتَعْمَلَةُ اليَوْمَ عِنْدَ أَهْلِ الغَرْبِ، وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الحِجَازِ اليَوْمَ، وجعمها [الـ] مَسَاحِي، وَفِي قِصَّةِ خَيْبَرَ: أَنَّهُمْ خَرَجُوا بِمَسَاحِيهِمْ، وَيُقَالُ لَهَا: المِجْرَفَة، وَهِيَ المُسْتَعْمَلَةُ عِنْدَ أَهْلِ الشَّامِ. سَخَا الرَّجُلُ النَّارَ يَسْخُوهَا وَيَسْخِيهَا: إِذَا أَوْقَدَهَا فَاجْتَمَعَ الجَمْرُ وَالرَّمَادُ فَفَرَّجََهُ. وَسَخَا بِمَاله يَسْخُو سخاً وَسَخَاوَةً وَسَخَاءً: إِذَا جَادَ وَتَكَرَّمَ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ المُعْتَلّ المُخْتَلِفِ. سَرَى الرَّجُلُ الثَّوْبَ عَنْهُ: إِذَا ألْقَاهُ، يَسْرُو وَيَسْرِي سَرْواً. سَلاَ الرَّجُلُ عَنه الحُبِّ يَسْلُو وَيَسْلِي: إِذَا تَخَلَّى عَنْهُ.

فصل في المعتل المختلف:

فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُخْتَلِفِ: سَرَتِ التَّلْبِينَةُ فُؤَادَ السَّقِيمِ: إِذَا كَشَفَتْ عَنْهُ مَا بِهِ، وَسَرَتِ الجَرَادَةُ: إِذَا بَاضَتْ، تَسْرُو، فِي ذَلِكَ. وَسَرَى يَسْرِي: إِذَا مَشَى لَيْلاً، وَالاسْمُ: السُّرَى، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا السُّرَى يَا جَابِرُ؟ ".

باب الشين

الباب الثالث عشر باب الشين فَصْلُ الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: شَبَرْتُ الثَّوْبَ أَشْبُرُهُ وَأَشْبِرُهُ: إِذَا قِسْتَهُ بِالشِّبْرِ. شَتَمَ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ يَشْتُمُ وَيَشْتِمُ: إِذَا سَبَّهُ. شَرَطَ الحَجَّامُ يَشْرُطُ وَيَشْرِطُ. وَشَرَطَ عَلَيَّ فِي البَيْعِ وَغَيْرِهِ يَشْرُطُ وَيَشْرِطُ. شَمَسَ يَوْمُنَا يَشْمُسُ وَيَشْمِسُ: إِذَا كَانَ ذَا شَمْسٍ، وَيُقَالُ: شَمِسَ بِالكَسْرِ وَأْشَمَسَ. فَصْل فِي الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ: شَابَ يَشُوبُ: إِذَا خَلَطَ. يُقَالُ: هَذَا مَاءٌ شَابَهُ شَيْءٌ، أَيْ: خَالَطَهُ شَيْءٌ. وَشَابَ يَشِيبُ: إِذَا كَانَ ذَا شَيْبٍ. مَسْأَلَةٌ: قَوْلُهُمْ: بَنُو شَيْبَانَ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَعْلاَن مِنْ شَابَ يَشِيبُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ شَابَ يَشُوبُ: إِذَا خَلَطَ، فَإِنْ قُلْتَ: لَوْ كَانَ مِنْهُ لَكَانَ شَوْبَانُ كَخَوْلاَنَ وَحَوْرَانَ.

فصل في المضاعف المتفق:

فَالجَوَابُ: أَنَّهُ يَكُونُ أَصْلُهُ فَيْعِلاَناً كَهَيِّنَانٍ، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ فِي الأَصْلِ: شَيْوِبانَ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتِ الوَاوِ وَاليَاءُ قُلِبَتِ الوَاو يَاءً، وَأُدْغِمَتْ فِيهَا اليَاءُ، فَصَارَ: شَيِّبَان، ثُمَّ إِنَّ العَيْنِ حُذِفَتْ تَخْفِيفاً كَمَا حَذَفُوهَا مِنْ (هَيْنٍ) وَ (مَيْتٍ)، فَبَقِيَ شَيْبَانُ، فَتَأَمَّلْهُ فَهُوَ تَدْرِيجٌ حَسَنٌ، وَهِيَ طَريقةُ أَبِي الفَتْحِ بنِ جِنِّي. فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُتَّفِقِ: شَبَّ الفَرَسُ يَشُبُّ وَيَشِبُّ شَباباً وَشَبِيباً: إِذَا قَمَصَ وَلَعِبَ، وَأَشْبَبْتُهُ أَنَا: إِذَا هَيَّجْتُهُ. شَجَّ رَأسهُ يَشُجُّ وَيَشِجُّ شَجّاً: إِذَا ضَرَبَهُ. شَحَّ يَشُحُّ وَيَشِحُّ: إِذَا بَخِلَ وَاشْتَدَّ حِرْصُهُ. شَدَّهُ يَشُدُّهُ وَيَشِدُّهُ: إِذَا أَوْثَقَهُ، وَالكَسْرُ فِيهِ نَادِرٌ، لأَنَّ (فَعَلَ) المُضَاعَفُ المُتَعَدِّي، يَكُونُ مُضَارِعُهُ (يَفْعُلُ) بِالضَّمِّ. شَذَّ الشَّيْءُ يَشُذُّ وَيَشِذُّ شُذُوذاً: إِذَا خَرَجَ عَنْ نَظَائِرِهِ، وَالضَّمُّ نَادِرٌ، لأَنَّ غَيْرَ المُتَعَدِّي مِنْ (فَعَلَ) المُضَاعَفِ، يَأتِي مُضارِعُهُ عَلَى (يَفْعِلُ) بِالكَسْرِ، وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ.

فصل في المضاعف المختلف:

شَطَّ يَشِطُّ وَيَشُطُّ: إِذَا بَعُدَ، وَالضَّمُّ نَادِرٌ، قَرَأَ أَبُو رَجَاءٍ وَقَتَادَةُ {فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تَشْطُطْ} [ص: 22] بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الطَّاءِ، وَهُوَ مِنْ شَطَّ: إِذَا بَعُدَ، وَقَرَأَ السَّبْعَةُ (تُشْطِطْ) بِضَمّ التَّاءِ وَكَسْرِ الطَّاءِ، مِنْ: أَشَطَّ: إِذَا بَعُدَ. فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُخْتَلِفِ: شَبَّ الرَّجُلُ الحَرْبَ، وَالنَّارَ، يَشُبُّ بِالضَّمِّ، شُبُوباً وَشَبّاً: إِذَا أَشْعَلَهُمَا. وَشَبَّ الصَّبِيُّ يَشِبُّ بِالكَسْرِ، شَبَاباً بِفَتْحِ الشِّينِ، وَشَبِيبَةً: إِذَا طَالَ وَنَمَا جِسْمُهُ. وَشَبَّ الفَرَسُ يَشِبُّ بِالكَسْرِ، شِبَاباً بِكَسْرِ الشِّينِ، وَشَبِيباً: إِذَا وَقَفَ عَلَى رِجْلَيْهِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ جَمِيعاً.

فصل في المعتل المتفق:

شَفَّهُ الهَمُّ يَشُفُّهُ بِالضَّمِّ شَفًّا. وَشَفَّ الشَّيْءُ شَفًًّا: إِذَا كَانَ فِيهِ فَضْلٌ وَرِبْحٌ. وَشَفَّ عَلَيْهِ ثَوْبُهُ شُفُوفاً وَشَفِيفاً: إِذَا كَانَ رَقِيقاً حَتَّى يُرَى مَا تَحْتَهُ. وَشَفَّ جِسْمُهُ شُفُوفاً، أَيْ: نَحَلَ، يَشِفُّ بِالكَسْرِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُتَّفِقِ: شَأَى الرَّجُلُ القَوْمَ يَشؤُوهم وَيَشْئِيهِمْ: إِذَا سَبَقَهُمُ، قَالَ امْرؤُ القَيْسِ: [فَكانَ تَنادينا وَعَقْدَ عِذارِهِ] وَقالَ صِحَابي قَد شَأَوْنَكَ فَاطْلُبِ

فصل في المعتل المختلف:

فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُخْتَلِفِ: شَحَا بَصَرُهُ يَشْحُو شَحْواً: إِذَا شَخَصَ. وَشَحَا السَّحَابُ يَشْحِي شَحْياً: ارْتَفَعَ؛ قَالَ الكِسَائِي: يُقَالُ لِلْمَيِّتِ إِذَا انْتَفَخَ فَارْتَفَعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلاَهُ: قَدْ شَحَا.

باب الصاد

الباب الرابع عشر باب الصاد فَصْلُ الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: صَلَبَتْهُ الشَّمْسُ تَصْلُبُهُ وَتَصْلِبُهُ صَلْباً: إِذَا أَحْرَقَتْهُ، فَهُوَ مَصْلُوبٌ، أَيْ: مُحْرَقٌ، قَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ: مُسْتَوْقِدٌ فِي حَصَاهُ الشَّمْسُ تَصْلُبُهُ ... كَأَنَّهُ عَجَمٌ بِالبِيدِ مَرْضُوخُ صَمَتَ يَصْمُتُ بِالضَّمِّ: إِذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ، وَهُوَ الكَثِيرُ، وَيَصْمِتُ بِالكَسْرِ، وَهُوَ نَادِرٌ. وَعَلَيْهِ حَمَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: (إصْمِتْ)، بِكَسْرِ الأَلِفِ فِي اسْم فَلاَةِ، لِأَنَّهُ لَمَّا التَجَأَ إِلَى قَطْعِ الأَلِفِ كَسَرَهَا، وَالقَاعِدَةُ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ ثَالِثُ المُضَارِعِ مَكْسُوراً، كُسِرَتْ هَمْزَةُ الوَصْلِ فِي الأَمْرِ. فَـ (إِصْمِتْ) جَاءَ عَلَى يَصْمِتُ بِالكَسْرِ، وَلَوْ جَاءَ عَلَى يَصْمُتُ لَقَالَ: (أُصْمُتْ) بِضَّمِّ الهَمْزَةِ.

فصل في الأجوف المتفق:

فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُتَّفِقِ: صَارَ عُنُقَهُ يَصُورُهَا وَيَصِيرُهَا: إِذَا أَمَالَهَا، وَقُرِئَ: {فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} [البقرة: 260] بِضمِّ الصَّادِ وَكَسْرِهَا. وَصَارَ يَصُورُ وَيَصِيرُ: إِذَا قَطَّعَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلَهُ تَعَالَى: (فَصُرْهُنَّ) مِنْ هَذَا، أَيْ قَطِّعْهُنَّ، إِلاَّ أَنَّ (إِلَى) تَتَعَلَّقُ بِـ (صُرْهُنَّ) إِذَا كَانَ بِمَعْنَى: أَمِلْهُنَّ، وَيَكُونُ فِي الكَلاَمِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ قَطِّعْهُنَّ، وَإِذَا كَانَ (صُرْهُنَّ) بِمَعْنى قَطِّعْهُنَّ، فَـ (إِلَى) تَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفِ، لاَ بِـ (صُرْهُنَّ)، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: فَصُرْهُنَّ، أَي: قَطِّعْهُنَّ بَعْدَ أَنْ تُمِيلَهُنَّ إِلَيْكَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ (إِلَيْكَ) حَالاً مِنَ المَفْعُولِ المُضْمَرِ، أَيْ: قَطِّعْهُنَّ مُمَالَةً، أَوْ مُقَرَّبَةً إِلَيْكَ. صَافَ السَّهْمُ عَنِ الهَدَفِ يَصُوفُ وَيَصِيفُ: إِذَا عَدَلَ عَنْهُ، وَالمَصْدَرُ: صَيْفاً وَصَيْفُوفَةً. صَالَ عَلَيْهِ يَصُولُ وَيَصِيلُ: إِذَا جَارَ عَلَيْهِ.

فصل في الأجوف المختلف:

فَصْلٌ في الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ: صَابَ المَطَرُ يَصُوبُ: إِذَا نَزَلَ. قَالَ الشَّاعِرُ [علقمة الفحل]: فَلَسْتُ لإنْسِي وَلَكِنْ لِمَأْلَكٍ ... تَنَزَّلُ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ يَصُوبُ وَصَابَ السَّهْمُ يَصُوبُ صَيْبُوبَةً: إِذَا قَصَدَ وَلَمْ يَجُرْ. وَصَابَ السَّهْمُ القِرْطَاسَ صَيْباً، لُغَةٌ فِي أَصَابَهُ،

وَأَمَّا قَوْلُ حُرَيْثِ بن عَنَّاب: هَلاَّ نَهَيْتُمْ عُوَِيْجاً عَنْ مُقَاذَعَتِي ... عَبْدَ المَقَذِّ دَعِيًّا غَيْرَ صُيَّابِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ (صُيَّاب) مِنْ صَابَ يَصُوبُ، فَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ صُوَّاباً، وَلَكِنَّهُمْ آثروا اليَاءَ اسْتِحْسَاناً لاَ وُجُوباً؛ قَالَهُ ابْنُ جِنِّي،

فصل في المضاعف المتفق:

كَمَا قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: أَلاَ طَرَقَتْنَا مَيَّةُ ابْنَةُ مُنْذرِ ... فَمَا أَرَّقَ النُّيَّامَ إِلاَّ سَلاَمُهَا وَالأَصْلُ: النُّوَّامُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ صَابَ يَصِيبُ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ المُخْتَلِفِ. فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُتَّفِقِ: صَدَّ يَصُدُّ وَيَصِدُّ: إِذَا ضَجَّ، وَالمَصْدَرُ: صَدِيداً. وَقُرِئَ قَوْلُهُ تَعَالَى {مِنْهُ يَصِدُّونَ} [الزخرف: 57] بِالوَجْهَيْنِ، فَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَالكِسَائِيّ بِالضَّمِّ، وَالبَاقُونَ بِالكَسْرِ.

فصل في المعتل المتفق:

فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُتَّفِقِ: صَغَا يَصْغُو وَيَصْغِي صَغْواً: إِذَا مَالَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ [تَعَالى]: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] مَعْنَاهُ: مَالَتْ قُلُوبُكُمَا. صَلَتِ الفَرَسُ تَصْلُو: إِذَا اسْتَرْخَى صَلَوَاهَا، وَهُمَا عِرْقَانِ، وَقِيلَ: هُمَا الجَانِبَان مِنَ أَصْلِ ذَنَبِ الدَّايَّةِ. وَصَلاَ الرَّجُلَ: إِذَا دَارَاهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا خَدَعَهُ.

باب الضاد

الباب الخامس عشر باب الضاد فَصْلُ الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: ضَزَنَهُ يَضْزُنُهُ وَيَضْزِنُهُ: إِذَا أَخَذَ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ دُونَ مَا يُرِيدُ. ضَمَزَ البَعِيرُ يَضْمُزُ وَيَضْمِزُ. فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُتَّفِقِ: ضَارَ يَضُورُ وَيَضِيرُ ضَوْراً وَضَيْراً، قَالَ تَوْبَةُ: يَقُولُ أُنَاسٌ لاَ يَضِيرُكَ نَأْيُهَا ... بَلَى كُلُّ مَا شَفَّ النُّفُوسَ يَضِيرُهَا أَلَيْسَ يَضِيرُ العَيْنَ أَنْ تُكْثِرَ البُكَا ... وَيُمْنَعَ مِنْهَا نَوْمُهَا وَسُرُورُهَا

وَهَذَانِ البَيْتَانِ فِي "الحَمَاسَةِ"، وَفِيهَا أَيْضاً [لجميل بثينة]: يَطُولُ اليَوْمُ لاَ ألْقاكَ فِيهِ ... وَعَامٌ نَلْتَقِي فِيهِ قَصِيرُ وَقَالُوا لاَ يَضِيرُكَ نَأْيُ شَهْرٍ ... فَقُلْتُ لِصَاحِبَيَّ فَمَا يَضِيرُ؟ وَهُوَ بِاليَاءِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَأْت فِي القُرْآنِ إِلاَّ بِاليَاءِ، قَالَ تَعَالَى: {لَا يَضِرْكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: 120]. قَالَ الكِسَائِي: سَمِعْتُ بَعْضَهُمْ يَقُولُ: لاَ يَنْفَعُنِي ذَاكَ وَلاَ يَضُورُنِي. ضَازَهُ حَقّهُ يَضُوزُهُ وَيَضِيزُهُ: إِذَا مَنَعَهُ حَقَّهُ. ضَامَ يَضُومُ وَيَضِيمُ: إِذَا امْتَهَنَهُ.

فصل في الأجوف المختلف:

فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ: ضَاعَ المِسْكُ يَضُوعُ: إِذَا انْتَشَرَتْ رَائِحَتُهُ، قَالَ امْرُؤُ القَيْسِ: إِذَا التَفَتتْ نَحْوِي تَضَوَّعَ رِيحُهَا ... نَسِيمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ وَضَاعَ يَضِيعُ: إِذَا ضَلَّ، وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ: وَمَا أَنَا إِلاَّ المِسْكُ ضَاعَ، فَعِنْدَكُمْ ... يَضِيعُ وَفِي كُلِّ البِلاَدِ يَضُوعُ وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا أَيْضاً صَاحِبُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فِي قَوْلِهِ: رَأَيْتُ العِلْمَ ضَاعَ لَدَى أُنَاسٍ ... هُمُ بِالجَهْلِ أَمْثَالُ النَّعَامِ وَإِنَّ العِلْمَ مِثْلُ المِسْكِ حَالاً ... يَضِيعُ إِذَا يَضُوعُ لِذِي زُكَامِ

فصل في المضاعف المتفق:

فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُتَّفِقِ: ضَلَّ عَنِ الطَّرِيقِ يَضِلُّ وَيَضُلُّ: إِذَا تَاهَ عَنْهُ، وَالضَّمُّ نَادِرٌ. فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُخْتَلِفِ: ضَبَّ الرَّجُلُ نَاقَتَهُ يَضُبُّ بِالضَّمِّ: إِذَا حَلَبَهَا بِخَمْسِ أَصَابِع؛ قَالَ الفَرَّاءُ: هُوَ أَنْ يَجْعَلَ إِبْهَامَهُ عَلَى الخِلْفِ، ثُمَّ يَرُدَّ أَصَابِعَهُ عَلَى الإِبْهَامِ وَالخِلْفِ جَمِيعاً. وَضَبَّ المَاءُ وَالدَّمُ يَضِبُّ بِالكَسْرِ ضَبِيباً: إِذَا سَال.

باب الطاء

الباب السادس عشر باب الطاء فَصْلُ الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: طَمَثَ الرَّجُلُ المَرْأَةَ يَطْمُثُهَا وَيَطْمِثُهَا طَمْثاً: إِذَا افْتَضَّهَا. وَأَمَّا طَمَثَتِ المَرْأَةُ: إِذَا حَاضَتْ فَالمُضَارِعُ: تَطْمُثُ بِالضَّمِّ. طَمَسَ الطَّرِيقُ يَطْمُسُ وَيَطْمِسُ، وَطَمَسْتُهُ طَمْساً، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى، وَذَلِكَ إِذَا انْمَحَى وَدَرَس. فَصْلٌ فِي الأجْوَفِ المُتَّفِقِ: طَاحَ الشَّيْءُ يَطُوحُ وَيَطِيحُ: إِذَا هَلَكَ وَسَقَطَ، [وَ] جَوَّزَ السِّيرَافِي فِيهِ الوَجْهَيْنِ، وَحَكَى سِيبَوَيْهُ عَنِ الخَلِيلِ أَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الوَاوِ بِدَلِيلِ (طَوَّحْتُهُ).

فصل في الأجوف المختلف:

فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ: طَافَ الشَّيْءُ يَطُوفُ طَوْفاً وَطَوَفَاناً. وَطَافَ الخَيَالُ يَطِيفُ طَيْفاً. مَسْأَلَةٌ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَيْفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ} [الأعراف: 201]؛ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو والكِسَائِيّ: (طَيْفٌ)، بِفَتْحِ الطَّاءِ وَسُكُونِ اليَاءِ، وَقَرَأَ البَاقُونَ: (طَائِفٌ)، عَلَى اسْمِ الفَاعِلِ. فَمَنْ قَرَأَ (طَيْفٌ) فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ طَافَ يَطِيفُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُخَفَّفاً كَـ (مَيْتٍ)، وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّخْفِيفِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ طَافَ يَطِيفُ كَـ (لَيْنٍ)، مِنْ لاَنَ يَلِينُ، أَوْ مِنْ طَافَ يَطُوفُ، كَـ (هَيْنٍ)، مِنْ هَانَ يَهُونُ. وَمَنْ قَرَأَ: (طَائِفٌ)، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الوَاوِ كَـ (قَائِمٍ)، أَوْ مِنَ اليَاءِ، كَـ (بَائِعٍ).

فصل في المعتل المتفق:

فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُتَّفِقِ: طَبَاهُ يَطْبُوهُ وَيَطِبِيهِ: إِذَا دَعَاهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: لَيَالِي اللَّهْوُ يَطْبِينِي فَأَتْبَعُهُ ... كَأَنَنَّي ضَارِبٌ فِي غَمْرَةٍ لَعِبُ طَغَا يَطْغُو وَيَطْغِي طُغْيَاناً، أَيْ: جَاوَزَ الحَدَّ. طَلاَ الرَّجُلُ الطَّلاَ يَطْلُوهُ وَيَطْلِيهِ: إِذَا رَبَطَهُ بِرِجْلِهِ، وَالطَّلاَ: الوَلَدُ مِنْ ذَوَاتِ الظِّلْفِ، وَالجَمْعُ أَطْلاَءٌ. طَمَا المَاءُ يَطْمُو طُمُوًّا، وَيَطْمِي طُمِياًّ، فَهُوَ طَامٍ: إِذَا ارْتَفَعَ وَمَلأَ النَّهْرَ. وَأَهْمَلْتُ بَابَ الظَّاءِ لِكَوْنِي لَمْ أَعْثُرْ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ.

باب العين

الباب السابع عشر باب العين فَصْلُ الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: عَتَبَ عَلَيْهِ يَعْتُبُ وَيَعْتِبُ عَتْباً وَعِتَاباً وَمَعْتَبَةً بِفَتْحِ التَّاءِ وَالمِيمِ، وَقَدْ تُكْسَرُ المِيمُ، وَذَلِكَ إِذَا وَجَدَ عَلَيْهِ. قَالَ الخَلِيلُ: العِتَابُ مُخَاطَبَةُ الإذْلاَلِ وَمُذَاكَرَةُ المَوْجِدَةِ، وَفِي الحَدِيثِ فِي قِصَّةِ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: "عَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ". وَعَتَبَ البَعِيرُ يَعْتُبُ وَيَعْتِبُ عَتَبَاناً، أَيْ: مَشَى عَلَى ثَلاثِ قَوَائِمَ، وَكَذَلِكَ إِذَا وَثَبَ الرَّجُلُ عَلَى رِجْلٍ وَاحِدَةٍ.

عَتَلَهُ يَعْتُلُهُ وَيَعْتِلُهُ: إِذَا قَادَهُ بِعُنْفِ وَشِدَّةٍ، قَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ طَيِّءٍ: فَيَا ضَيْعَةَ الفِتْيانِ إِذْ يَعْتُلُونَهُ ... بِبَطْنِ الشَّرَا مِثْلَ الفَنِيقِ المُسَدَّمِ وَقُرِئَ {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ} [الدخان: 47] بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِهَا، فَالضَّمُّ لِنَافِعٍ وَابْنِ كَثِيرٍ وَابْنِ عَامِرٍ وَمَعَهُمْ يَعْقُوبُ، وَالكَسْرُ لِبَاقِي السَّبْعَةِ. عَثَرَ يَعْثُرُ وَيَعْثِرُ إِذَا أَصَابَ رِجْلَهُ حَجَرٌ وَغَيْرُهُ فَسَقَطَ أَوْ كَادَ يَسْقُطُ، عَثْرً وَعِثَاراً وَعُثُوراً.

عَذَرْتُ الفَرَسَ بِالعِذَارِ، أَعْذُرُهُ وَأَعْذِرُهُ: إِذَا شَدَدْتَ عِذَارَهُ، وَكَذَلِكَ أَعْذَرْتُهُ بِالأَلِفِ. عَذَلَ يَعْذُلُ وَيَعْذِلُ: إِذَا لاَمَ. عَرَشَ يَعْرُشُ وَيَعْرِشُ: إِذَا بَنَى بِنَاءً مِنْ خَشَبٍ، قالَ اللَّه تَعالَى: {وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} [الأعراف: 137]؛ قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ بِالضَّمِّ، وَالبَاقُونَ بِالكَسْرِ. عَرَضَ العُودَ عَلَى الإِنَاءِ، وَالسَّيْفَ عَلَى فَخِذِهِ يَعْرُضُهُ وَيَعْرِضُهُ. وَعَرَضَ لَهُ أَمْرُ كَذَا، أَيْ: ظَهَرَ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِ أَمْرَ كَذَا، وَعَرَضْتُ لَهُ الشَّيْءَ، أَيْ: أَظْهَرْتُهُ لَهُ وَأَبْرَزْتُهُ. وَعَرَضَتِ النَّاقَةُ: إِذَا أَصَابَهَا كَسْرٌ أَوْ آفَةٌ. وَعَرَضْتُ البَعِيرَ عَلَى الحَوْضِ، وَهَذَا مِنَ المَقْلُوبِ، وَمَعْنَاهُ: عَرَضْتُ الحَوضَ عَلَى البَعِيرِ.

وَعَرَضْتُ الجَارِيَةَ عَلَى البَيْعِ، وَعَرَضْتُ الكِتَابَ، وَعَرَضْتُ الجُنْدَ عَرْضَ العَيْنِ: إِذَا أَمْرَرْتَهُمْ عَلَيْكَ وَنَظَرْتَ مَا حَالُهُمْ. وَعَرَضَ الرَّجُلُ: أَتَى العَرُوضَ، وَهِيَ مَكَّةُ وَالمَدِينَةُ وَمَا حَوْلَهَا، قَالَ الشَّاعِرُ [عبد يغوث الحارثي]: فَيَا رَاكِباً إِمَّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ ... نَدَامَايَ مِن نَجْرَانَ أَلاَّ تَلاَقِيَا المُضَارِعُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ بِالكَسْرِ، وقَالَ ابنُ خُرَوفٍ: مَعْنَى عَرَضْتَ فِي البَيْتِ: تَعَرَّضْتَ. عَرَمْتُ العَظْمَ أَعْرُمُهُ وَأَعرِمُهُ: إِذَا عَرَقْتُهُ. وَعَرَمَ الغُلاَمُ يَعْرُمُ وَيَعْرِمُ: إِذَا اشْتَدَّ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلسَّيْلِ: العَرِم، لِشِدَّتِهِ، قَالَ تَعَالَى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ} [سبأ: 16]. عَرَنْتُ البَعِيرَ أَعْرُنُهُ وَأَعْرِنُهُ عَنِ الكِسَائِي.

عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الشَّيْءِ تَعْزُفُ وَتَعْزِفُ عُزُوفاً: إِذَا زَهِدَتْ فِيهِ. عَسَرْتُ الغَرِيمَ أَعْسُرُهُ وَأَعْسِرُهُ عَسْراً: إِذَا طَلَبْتَهُ بِالدِّينِ عَلَى عُسْرَتِهِ. عَسَلَ الطَّعَامَ يَعْسُلُهُ وَيَعْسِلُهُ: إِذَا عَمِلَهُ بِالعَسَلِ، وَزَنْجَبِيلٌ مُعَسَّلٌ، أَيْ: مَعْمُولٌ بِالْعَسَلِ. عَضَلَ الرَّجُلُ أَيِّمَهُ يَعْضُلُ وَيَعْضِلُ: إِذَا مَنَعَهَا مِنَ التَّزْوِيج وَلَمْ يَأتِ فِي القُرْآنِ إِلاَّ بِالضَّمِّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232]، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُعْضِلَةٌ، أَيْ: ضَيِّقَةُ المَخْرَجِ، وَالدَّاءُ العُضَالُ، قَالَ مَالِكٌ: هُوَ الهَلاَكُ فِي الدِّينِ، وَأَصْلُهُ: الشِّدَّةُ. عَطَسَ الرَّجُلُ يَعْطُسُ وَيَعْطِسُ: إِذَا انْحَدَرَ مِنْ رَأْسِهِ بُخَارٌ مُسْتَكِنٌ فَخَرَجَ مِنْ مِنْخَرَيْهِ بَصَوْتٍ.

عَطَنَتِ الإِبِلُ تَعْطُنُ وَتَعْطِنُ عُطوناً: إِذَا رَوِيَتْ ثُمَّ بَرَكَتْ، فهيَ إِبِلٌ عَاطِنَةٌ وَعَواطِنُ، وَقَدْ ضَرَبَتْ بِعَطَنٍ، أَيْ: بَرَكَتْ، وَمِنْهُ حَدِيثُ رُؤْيَا النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي شَأْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَيْثُ قَالَ فِيهِ: "حَتَى ضَرَب النَّاسُ بِعَطَنٍ". عَكَفَ الرَّجُلُ يَعْكُفُ وَيَعْكِفُ عَكْفاً: إِذَا حَبَسَ وَوَقَفَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا} [الفتح: 25].

وَعَكَفَ عَلَى الشَّيْءِ يَعْكُفُ وَيَعْكِفُ عُكُوفاً: إِذَا أَقْبَلَ عَلَيْهِ مُوَاظِباً، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {[عَلَى قَوْمٍ] يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138]، وَقَدْ قُرِئَ بِالوَجْهَيْنِ. عَلَمْتُ شَفَتَهُ أَعْلُمُهَا وَأَعْلِمُهَا: إِذَا شَقَقْتُهَا مِنْ فَوْقُ.

فصل في الصحيح المختلف:

فَصْلٌ فِي الصَّحِيحِ المُخْتَلِفِ: عَتَقَ الشيْءُ يَعْتُقُ بِالضَّمِّ فَهْوَ عَاتِقٌ: إِذَا قَدُمَ. وَعَتَقَ العَبْدَ يَعْتِقُ عَتْقاً وَعَتَاقاً وَعَتَاقَةً، فَهُوَ عَتِيقٌ وَعَاتِقٌ. مَسْأَلَةٌ: فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 29]، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33]، فَاخْتَلَفَ فِيهِ المُفَسِّرُونَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا سُمِّيَ عَتِيقاً لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْتَقَهُ مِنَ الجَبَابِرَةِ، فَلَنْ يَصِلُوا إِلَى تَخْرِيبِهِ، وَيُعْزَى هَذَا القَوْلُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابنِ الزُّبَيْر وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ. وَنَقَلَهُ البُخَارِي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي صَحِيحِهِ. وَقَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: سُمِّي بِذَلِكَ لأَنَّهُ لَمْ يُمْلَكْ قَطَّ. وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقِدَمِهِ، لأَنَّهُ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ، يُقَالُ: سَيْفٌ عَتِيقٌ، أَيْ: قَدِيمٌ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَرَمِهِ عَلَى اللَّهِ، يُقَالُ مِنْهُ: فَرَسٌ عَتِيقٌ.

قُلْتُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ سَمَّوْا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَتِيقاً مِنْ هَذَا، لِكَوْنِهِ كَرِيماً. وَقِيلَ: إِنَّمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ، لعتَاقَةِ وَجْهِهِ، أَيْ: لِحُسْنِهِ. وَقِيلَ: لأَنَّهُ عُتِقَ مِنَ النَّارِ، وَقِيلَ: سُمي عَتِيقاً لِقِدَمِهِ فِي الخَيْرِ. وَقِيلَ: لأَنَّ أُمَّهُ كَانَتْ لاَ يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ، فَلَمَّا وَلَدَتْهُ قَالَتْ: اللَّهُمَّ هَذَا عَتِيقُكَ مِنَ المَوْتِ فَهَبْهُ لِي، وَقِيلَ: لِشَرَفِهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي نَسَبِهِ عَيْبٌ، وَيُقَالُ لِلشَّرِيفِ: العَتِيقُ، وَقِيلَ: لأَنَّ أُمَّهُ نَذَرَتْهُ لِلْكَعْبَةِ، كَمَا قَالَتْ حَنَّةُ: {نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35] أَيْ: مُعْتَقاً. وَقَدْ حَضَرْتُ يَوْماً بِدِمَشْقَ مَعَ بَعْضِ مَنْ يَدَّعِي العِلْمَ، مَعَ أَنَّهُ لاَ يَفِي بِدَعْوَاهُ، فَقِيلَ فِي المَجْلِسِ: لأَيِّ شَيْءٍ سُمِّي البَيْتُ العَتِيقُ عَتِيقاً؟ فَنَقَلْتُ مع جُمْلَة الأَقْوَالِ أَنَّهُ إِنَّمَا سُمِّيَ عَتِيقاً لِقِدَمِهِ، فَأَنْكَرَ هَذَا المُدَّعِي هَذَا القَوْلَ وَقَالَ: إِنَّمَا هَذِهِ لُغَةُ العَوَامِّ، وَلَيْسَتْ بِعَرَبِيَّةٍ. فَاعْجَبْ لِجُرْأَةِ هَذَا الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِ العِلْمِ، وَقُبْحِ هَذِهِ الدَّعْوَى، مَعَ شُهْرَةِ هَذَا القَوْلِ، ثُمَّ العَجَبُ مِنْهُ أَنَّهُ يَدَّعِي الاطِّلاَعَ عَلَى كِتَابِ الجَوْهَرِيّ، مَعَ أَنَّ الجَوْهَرِيَّ قَدْ نَصَّ عَلَى هَذَا القَوْلِ فِي كِتَابِهِ.

عَجَزَتِ المَرْأَةُ تَعْجُزُ بِالضَّمِّ عُجُوزاً: صَارَتْ عَجُوزاً. وَعَجَزَ عَنْ كَذَا يَعْجِزُ بِالكَسْرِ عَجْزاً وَمَعْجِزَةً وَمَعْجَزَةً، وَفِي الحَدِيثِ: "لاَ تُلِثُّوا بِدَارِ مَعْجِزَةٍ" أَيْ: لاَ تُقِيمُوا بِبَلْدَةٍ تَعْجِزُونَ فِيهَا عَنِ الاكْتِسَابِ وَالتَّعَيُّشِ. عَرَقْتُ العَظْمَ أَعْرُقُهُ بِالضَّمِّ عَرْقاً وَمَعْرَقاً: إِذَا أَكَلَتْ مَا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ. وَعَرَقَ فُلاَنٌ يَعْرِقُ بِالكَسْرِ عُروقاً: إِذَا ذَهَبَ. عَشَرْتُ القَوْمَ أَعْشُرُهُمْ بِالضَّمِّ، عُشْراً، مَضْمُومَةً، إِذَا أَخَذْتَ مِنْهُمْ عُشُرَ أَمْوَالِهِمْ، وَمِنْهُ: العَشَّارُ وَالعَاشِرُ. وَعَشَرْتُ القَوْمَ أعْشِرُهُمْ بِالكَسْر، عَشْراً، بِالفَتْحِ: إِذَا صِرْتَ عَاشِرَهُمْ. عَنَدَ عَنِ الطَّرِيقِ: إِذَا مَالَ عَنْهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} [إبراهيم: 15] أَيْ: مَائِلٍ عَنِ الحَقِّ. وَعَنَدَ العِرْقُ: إِذَا اشْتَدَّ وَارْتَفَعَ، يَعْنُدُ وَيَعْنِدُ فِيهِمَا، فَيَدْخُلاَنِ فِي بَابِ المُتَّفِقِ وَالمُخْتَلِفِ.

فصل في الأجوف المتفق:

فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُتَّفِقِ: عَارَهُ يَعُورُهُ وَيَعِيرُهُ: إِذَا أَخَذَهُ وَذَهَبَ بِهِ، يُقَالُ: مَا أَدْرِي أَيُّ الجَرَادِ عَارَهُ، أَيْ: أَيُّ النَّاسِ ذَهَبَ بِهِ. فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ: عَاجَ الرَّجُلُ إِلَى كَذَا يَعُوجُ: إِذَا مَالَ إِلَيْهِ. وَمَا عَاجَ بِكَلاَمِهِ، يَعِيجُ، أَيْ: مَا بَالَى بِهِ، وَقِيلَ: مَا رَضِيَ بِهِ، وَلاَ يُسْتَعْمَلُ إِلاَّ فِي النَّفْيِ. وَيُقَالُ: شَرِبْتُ دَوَاءً فَمَا عِجْتُ بِهِ، بِكَسْرِ العَيْنِ أَيْضاً، أَيْ: مَا انْتَفَعْتُ بِهِ. عَالَ إِذَا مَالَ، وَمِنْهُ رِوَايَةُ ابْنِ السَّكَنِ وَالنَّسَفِي فِي البُخَارِي: "وَعَالَ قَلَمُ زَكَرِيَّا الجِرْيَةَ"، أَيْ: مَالَ عَنْهَا وَلَمْ يَجْرِ مَعَ المَاءِ.

وَعَالَ: غَلَب، وَعَالَ: إِذَا ارْتَفَعَ، وَمِنْهُ: العَوْلُ فِي الفَرَائِضِ. وَعَالَ: إِذَا مَانَ وَأَنْفَقَ، وَأَصْلُهُ مِنَ العَوْلِ، وَهُوَ القُوتُ، وَمِنْهُ الحَدِيثُ: "وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ"، أَيْ: بِمَنْ تَقُوتُ يَعُولُ فِي ذَلِكَ. وَعَالَ الفَرَسُ يَعِيلُ عَيْلاً: إِذَا مَالَ فِي مِشْيَتِهِ، فَهُوَ فَرَسٌ عَيَّالٌ. وَعَالَ يَعِيلُ عَيْلَةً وَعُيُولاً: إِذَا افْتَقَرَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} [التوبة: 28] قَالَ أُحَيْحَةُ: وَمَا يَدْرِي الفَقِيرُ مَتَى غِنَاهُ ... وَمَا يَدْرِي الغَنِيُّ مَتَى يَعِيلُ

فصل في المضاعف المتفق:

عَامَ يَعُومُ عَوْماً: إِذَا سَبَحَ، وَيُقَالُ: إِنَّ العَوْمَ لاَ يُنْسَبُ. وَعَامَ يَعِيمُ عَيْمَةً، فَهُوَ عَيْمَانُ: إِذَا اشْتَهَى اللَّبَنَ، قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: إِذَا مَا اشْتَهَى الرَّجُلُ اللَّبَنَ قِيلَ: قَدِ اشْتَهَى اللَّبَنَ، فَإِذَا أَفْرَطَتْ شَهْوَتُهُ جدًّا قِيلَ: قَدْ عَامَ. فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُتَّفِقِ: عَلَّهُ يَعُلُّهُ وَيَعِلُّهُ: إِذَا سَقَاهُ السَّقْيَةَ الثَّانِيَةَ، وَالكَسْرُ شَاذٌّ. عَنَّ لِي كَذَا يَعُنُّ وَيَعِنُّ عَنَناً، أَيْ: عَرَضَ، يُقَالُ: لاَ أَفْعَلُهُ مَا عَنَّ فِي السَّمَاءِ نَجْمٌ، أَيْ عَرَض.

فصل في المضاعف المختلف:

فَصْلٌ في المُضَاعَفِ المُخْتَلِفِ: عَزَّتِ النَّاقَةُ تَعُزُّ بِالضَّمِّ عُزُواً وَعِزَازاً: إِذَا ضَاقَ إِحْلِيلُهَا. وَعَزَّهُ يَعُزُّهُ بِالضَّمِّ عَزًّا: غَلَبَهُ، وَفِي المَثَلِ: مَنْ عَزَّ بَزَّ، أَيْ: مَنْ غَلَبَ سَلَبَ. وَعَزَّ فُلانٌ عِزًّا وَعِزَّةً وَعَزَازَةً، أَيْ: قَوِيَ بَعْدَ ذِلَّةَ. وَعَزَّ الشَّيْءُ عِزّاً وَعَزَازَةً: إِذَا قَلَّ وَلَمْ يَكَدْ يُوجَدُ. وَعَزَّ عَلَيَّ أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ، وَعَزَّ عَلَيَّ ذَلِكَ، أَيْ: اشْتَدَّ، يَعِزُّ، بِالكَسْرِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُتَّفِقِ: عَرَا الرَّجُلَ يَعْرُوهُ وَيَعْرِيهِ: إِذَا طَلَبَ مَعْرُوفَهُ. عَزَا الرَّجُلُ الشَّيْءَ يَعْزُوهُ وَيَعْزِيهِ: إِذَا نَسَبَهُ إِلَى أَصْلِهِ. عَفَتِ الأَضْيَافُ تَعْفُو وَتَعْفِي: إِذَا طَلَبُوا المَعْرُوفَ. عَنَتِ الأَرْضُ بِالنَبَاتِ تَعْنُو عُنُوّاً، عَنْ ابْنِ السِّكِّيتِ، وَتَعْنِي، عَنِ الكِسَائِي: إِذَا ظَهَرَ نَبْتُهَا؛ يُقَالُ: لَمْ تَعْنُ بِلاَدُنَا بِشَيْءٍ وَلَمْ تَعْنِ: إِذَا لَمْ تُنْبِتْ شَيْئاً،

فصل في المعتل المختلف:

قَالَ ذُو الرِّمَّةِ: وَلَمْ يَبْقَ بِالخَلْصَاءِ مِمَّا عَنَتْ بِهِ ... مِنَ الرُّطْبِ إِلاَّ يُبْسُهَا وَهَجِيرُهَا فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُخْتَلِفِ: عَصَا يَعْصُو: إِذَا ضَرَبَ بِالعَصَا، وَعَصَا الرَّجُلُ الجُرْحَ: إِذَا شَدَّهُ. وَعَصَا يَعْصِي: إِذَا لَمْ يُطِعْ. عَقَاهُ يَعْقُوهُ، أَيْ: عَاقَهُ، وَهِيَ عَلَى القَلْبِ،

أَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدٍ [لذي الخرق الطهوي]: وَلَوْ أَنِّي رَمَيْتُكَ مِنْ بَعِيدٍ ... لَعَاقَكَ مِنْ دُعَاءِ الذِّئْبِ عَاقِ وَعَقَى الصَّبِيُّ يَعْقِي عَقْياً: إِذَا أَحْدَثَ أَوَّلَ مَا يُحْدِثُ، وَبَعْدَ ذَلِكَ مَا دَامَ صَغِيراً، وَفِي المَثَلِ: أَحرص مِنْ كَلْبٍ عَلَى عِقْيِ صَبِيٍّ. عَنَا يَعْنُو: إِذَا خَضَعَ وَذَلَّ، قَالَ [تَعالَى]: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ} [طه: 111] أَيْ: خَضَعَتْ، وَمِنْهُ العَانِي، وَهُوَ الأَسِيرُ، أَيْ: الذَّلِيلُ الخَاضِعُ، وَمِنْهُ: قَوْلُهُمْ: أَخَذَ البِلاَدَ عَنْوَةً، أَيْ: قَهْراً. وَعَنَى يَعْنِي، أَيْ: خَصَّ، وَمِنْهُ الحَدِيثُ: "مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ" أَيْ: مَا لاَ يَخُصُّهُ وَيَلْزَمُهُ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ فِي الحَدِيث: "أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ يَعْنِيكَ"، أَيْ: يَشْغَلُكَ.

باب الغين

الباب الثامن عشر باب الغين فَصْلُ الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: غَرَسْتُ الشَّجَرَ أَغْرُسُهُ وَأَغْرِسُهُ غَرْساً. غَمَدْتُ السَّيْفَ أَغْمُدُهُ وَأَغْمِدُهُ: إِذَا جَعَلْتَهُ فِي غِمْدِهِ. فَصْلٌ في الصَّحِيحِ المُخْتَلِفِ: غَرَزَتِ النَّاقَةُ تَغْرُزُ، بَالضَّمِّ: إِذَا قَلَّ لَبَنُهَا. وَغَرَزْتُ الإِبْرَةَ أَغْرِزُهَا، بِالكَسْرِ، وَكَذَلِكَ غَرَزْتُ رِجْلِي فِي الغَرْزِ أَغْرِزُهَا بِالكَسْرِ.

فصل في الأجوف المتفق:

فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُتَّفِقِ: غَارَهُ بِخَيْرٍ يَغُورُهُ وَيَغِيرُهُ، أَيْ: نَفَعَهُ. وَغَارَ يَغُورُ وَيَغِيرُ: إِذَا وَدَاكَ مِنَ الدِّيَةِ، وَالاسْمُ الغِيرَةُ قَالَ الشَّاعِرُ: لَنَجْدَعَنَّ بِأَيْدِينَا أُنُوفَكُمُ ... بَنِي أُمَيْمَةَ إِنْ لَمْ تَقْبَلُوا الغِيَرَا قَالَ الهَرَوِي فِي "الغَرَيبَيْنِ": الغِيرُ: وَاحِدٌ، وَجَمْعُهُ أغْيَارٌ، وَفِي الحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ لِوَلِيِّ دَمٍ طَلَبَ القَوَدَ: "إِلاَّ الغِيَرَ"، يُرِيدُ الدِّيَةَ؛ قَالُوا: وَإِنَّمَا سُمِّيَتِ الدِّيَةُ غِيراً لأنَّهَا غُيِّرَتْ مِنَ القَوَدِ إِلَى غَيْرِهِ. وَغَارَهُمْ اللَّهُ يَغُورُهُمْ وَيَغِيِرُهُمْ إِذَا سَقَاهُمُ اللَّهُ، يُقَالُ: اللَّهُمَّ غُرْنَا بِخَيْرٍ وَغِرْنَا. غَاطَ فِي الشَّيْءِ يَغُوطُ وَيَغِيطُ: دَخَلَ فِيهِ وَوَارَاهُ، يُقَالُ: هَذَا رَمْلٌ تَغُوطُ فِيهِ الأَقْدَامُ،

وَمِنْهُ لِلْمُطْمَيَنِّ مِنَ الأَرْضِ: غَائِطٌ لأَنَّهُ يَسْتُرُ، وَبِهِ سُمِّيَتْ غُوطَةُ دِمِشْقَ، وَفِي الحَدِيثِ: "قِلْ لِأَهْلِ الغَائِطِ يُحْسِنُوا مُخَاطَبَتِي"؛ أَرَادَ: أَهْلَ الوَادِي الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ فِيهِ.

فصل في الأجوف المختلف:

فَصْلٌ فِي الأجْوَفِ المُخْتَلِفِ: غَاثَهُ يَغُوثُهُ، مِنَ الإغَاثَةِ؛ يُقَالُ: تَدَارَكْنَا مِنْكَ بِغَوْثٍ. وَغَاثَهُ اللَّهُ يَغِيثُهُ، مِنَ الغَيْثِ: وَهُوَ المَطَرُ. فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُتَّفِقِ: غَدَّ العِرْقُ الدَّمَ يَغُدُّهُ وَيَغِدُّهُ، وَالكَسْرُ شَاذٌّ. فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُخْتَلِفِ: غَطَّهُ يَغُطُّهُ بِالضَّمِّ: إِذَا غَوَّصَهُ فِي المَاءِ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -، فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ فِي مبدأ الوَحْيِ: "فَغَطَّنِي" وَالمَصْدَرُ: غَطّاً.

فصل في المعتل المتفق:

وَغَطَّ البَعِيرُ يَغِطُّ بِالكَسْرِ غَطِيطاً: إِذَا هَدَرَ فِي الشِّقْشِقَةِ، فإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الشِّقْشِقَةِ فَهُوَ هَدِيرٌ. غَلَّ يَغُلُّ بِالضَّمِّ: مِنَ الغُلُولِ، وَغَلَّ يَغِلُّ بِالكَسْرِ: مِنَ الحِقْدِ. فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُتَّفِقِ: غَطَا اللَّيْلُ يَغْطُو وَيَغْطِي: إِذَا أَظْلَمَ. غَفَا الرَّجُلُ: إِذَا نَامَ نَوْمَةً خَفِيفَةً، يَغْفُو غَفْواً، وَيَغْفِي غَفْيَةً، وَيُقَالُ: أغْفَى. وَأنْكَرَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِيهِ غَفَا، وَقَالَ الصَّغَانِي: غَفَا، لُغَةٌ [فِي أَغْفَى].

فصل في المعتل المختلف:

فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُخْتَلِفِ: غَثَا السَّيْلُ المَرْتَعَ يَغْثُوهُ غَثْوا: إِذَا جَمَعَ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ. وَغَثَتْ نَفْسُهُ تَغْثِي غَثْياً وَغَثَيَاناً: إِذَا تَحَرَّكَتْ لِقَيْءٍ. غَلاَ فِي الأمْرِ يَغْلُو غُلُوّاً، أيْ: جَاوَزَ فِيهِ الحَدَّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} [النساء: 171] أيْ: لاَ تَخْرُجُوا فِيهِ عَن الحدِّ وَلاَ تُجَاوِزُوهُ. وَغَلَتِ القِدْرُ تَغْلِي غَلْياً وَغَلَيَاناً، وَلاَ يُقَالُ: غَلِيَتْ، قَالَ أبُو الأسْوَدِ الدُّؤَلِي: وَلاَ أَقُولُ لِقِدْرِ القَوْمِ قَدْ غَلِيَتْ ... وَلاَ أَقُولُ لِبَابِ الدَّارِ مَغْلُوقُ أيْ: أنَا فَصِيحٌ لاَ ألحَنُ؛ فَلاَ أَقُولُ: غَلِيَتْ، وَإِنَّمَا أقُولُ: غَلَتْ، وَلاَ أَقُولُ مَغْلُوقُ، وَإِنَّمَا أقُولُ: مُغْلَقٌ.

باب الفاء

الباب التاسع عشر باب الفاء فَصْلٌ الصحيح المُتَّفِقِ: فَتَكَ الرَّجُلُ يَفْتُكُ وَيَفْتِكُ فَتْكاً، والفَتْكُ: القَتْلُ مُجَاهَرَةً، وَقِيلَ: كُلُّ مَنْ جَاهَرَ بِقَبِيحَةٍ فَهْوَ فَاتِكٌ، وَقَالَ الفَرَّاءُ: الفَتْكُ والفِتْكُ والفُتْكُ، بِتَثْلِيثِ الفَاءِ. فَرَثْتُ لِلْقَوْمِ جُلَّةً فَأنَا أفْرُثُهَا وَأفْرِثُهَا: إِذَا شَقَقْتَهَا ثُمَّ نَثَرْتَ مَا فِيهَا، وَالفَرْثُ: مَا يَخْرُجُ مِنَ الكَرِشِ إِذَا شُقَّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ} [النحل: 66]. فَطَرْتُ النَّاقَةَ أفْطُرُهَا وَأَفْطِرُهَا فَطْراً: إذَا حَلبْتُهَا بِأطْرَافِ الأصَابِعِ، فَلاَ يَخْرُجُ اللَّبَنُ إلاَّ قَلِيلاً، يُقَالُ: مَا زِلْتُ أفْطُرُ النَّاقَةَ حَتَّى اشْتَكَيْتُ سَاعِدِي، وَمِنْهُ الحَدِيثُ: أنَّهُ سُئِلَ عَنِ المَذْيِ فَقَالَ: "ذَلِكَ الفَطْرُ"، رَوَاهُ أبُو عُبَيْدٍ بِالفَتْحِ، وَرَوَاهُ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ بِضَمِّ الفَاءِ،

قالَ أبُو عُبَيْدٍ: سُمّي فَطْراً، تَشْبِيهاً بِالفَطْرِ فِي الحَلْبِ، لأنَّهُ يَخْرُجُ قَلِيلاً قَلِيلاً. فَسَقَ يَفْسِقُ فِسْقاً وَفُسُوقاً: إذَا فَجَرَ، وَأصْلُهُ الخُرُوجُ، يُقَالُ: فَسَقَتِ الثَّمَرَةُ: إذَا خَرَجَتْ عَنْ قِشْرِهَا، وَسُمِّيَتِ الفَارَةُ والحِدَأَةُ والعَقْرَبُ وَالغُرَابُ وَالكَلْبُ العَقُورُ، وَهُوَ الأسَدُ: فَوَاسِقَ، لِخُرُوجِهَا عَنِ الحُرْمَةِ وَالأمْرِ بِقَتْلِهَا، وَقِيلَ: لِخُرُوجِهَا من السلامة إلى الضرر، وقيل: لتحريم أصلها، وفيه نظر، وقيل: سمي الغراب فاسقاً، لتخلفه عن نوح عليه السلام، وقيل: سميت الفارة فاسقةً لخروجها على الناس من جحرها. قال ابن الأعرابي: لم يسمع قط في كلام الجاهلية ولا في شعرهم: فاسق، قال: وهذا عجيب، وهو كلام عربي.

فصل في الأجوف المتفق:

فَصْلٌ فِي الأجْوَفُ المُتَّفِقِ: فَاحَ رِيحُ المِسْكِ يَفُوحُ وَيَفِيحُ، فَوْحاً، وَفَيْحاً، وَفُئُوحاً وَفَوَحَاناً. فَاخَ الشَّيْءُ بِالخَاءِ بِوَاحِدَةٍ مِنْ فَوْق، يَفُوخُ وَيَفِيخُ: إذَا جَاءَتْ مِنْهُ رِيحٌ طَيِّبَةٌ؛ قَالَهُ الأصْمَعِيّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَقَالَ أبُو زَيْدٍ: فَاخَتِ الرِّيحُ تَفُوخُ: إذَا كَانَ لَهَا صَوْتٌ. فَادَ الرَّجُلُ: إذَا مَاتَ، يَفُودُ وَيَفِيدُ، قَالَ الشَّاعِرُ [لبيد]: رَعَى خَرَزَاتِ المُلْكِ سِتِّينَ حِجَّةً ... وَعِشْرِينَ حَتَّى فَادَ وَالشَّيْبُ شَامِلُ

ومعنى البيت أن الملك إذا ملك عاماً، زيدت في تاجه خرزة ليعلم عدد سَنِي مُلْكِهِ، وأما فَادَ بمعنى تبختر فمضارعه يَفِيد. فَاضَ الرَّجُلُ يَفِيضُ فَيْضاً وَفُيُوضاً وَفَيَضَاناً: إذَا مَاتَ، وَرُبَّمَا قَالُوا: فَاضَ يَفُوضُ فَوْضَا وَفَوَاضاً. قُلْتُ: وَاخْتَلَفَ أهْلُ اللُّغَةِ في قَوْلِكَ: فَاضَتْ نَفْسُ الرَّجُلِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهُ بِالظَّاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْتُبُهُ بِالضَّادِ، وَذَكَرَهُ الجَوْهَرِيّ فِي بَابِ الظَّاءِ وَالضَّادِ. وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ فَقَالَ: مَتَى ذُكِرَتِ النَّفْسُ، فَبِالضَّادِ، وَمَتَى قِيلَ فَاضَ وَلَمْ تُذْكَرِ النَّفْسُ فَبِالظَّاءِ، وَهَذَا قَوْلُ أبِي عَمْرِو بْنِ العَلاَءِ.

فصل في الأجوف المختلف:

فَصْلٌ فِي الأجْوَفِ المُخْتَلِفِ: فَادَهُ يَفُودُهُ: إذَا أَصَابَهُ بِرَمْيَةٍ فِي فُؤَادِهِ. وَفَادَ المَلَّةَ عَنِ الخُبْزَةِ يَفِيدُهَا فَيْداً. فَاقَتِ النَّاقَةُ تَفُوقُ، وَفَاقَ الرَّجُلُ أصْحَابَهُ يَفُوقُهُمْ: إِذَا غَلَبَهُمْ. وَفَاقَ بِنَفْسِهِ يَفِيقُ: إذَا جَادَ بِهَا. فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُتَّفِقِ: فَحَّتِ الأفْعَى تَفُحُّ وَتَفِحُّ فَحِيحاً: إذَا صَوَّتَتْ، وَالضَّمُّ نَادِرٌ.

فصل في المعتل المتفق:

فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُتَّفِقِ: فَأَى رَأْسَهُ: يَفْئُوهُ وَيَفْئِيهِ: إذَا شَقَقْتَهُ، فَانْفأَى، أيْ: انْشَقَّ فَصَارَ فِرْقَتَيْنِ، وَمِنْهُ الفِئَةُ، وَهِيَ الفِرْقَةُ. مَسْأَلَةٌ: انْتِصَابُ فِئَتَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} [النساء: 88]، عَلَى الحَالِ، وَذَلِكَ أنَّهُ كَانَتْ طَائِفَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ تُكَفِّرُهُمْ، وَطَائِفَةٌ لاَ تُكَفِّرُهُمْ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (فَمَا لَكُمْ) أيْ: أيُّ شَيْءٍ لَكُمْ فِي الاخْتِلاَفِ فِي أمْرِهِمْ فِي حَالِ كَوْنِهِمْ فِئَتَيْنِ. فَلا رَأْسَهُ بِالسَّيْفِ يَفْلُوهُ وَيَفْلِيه: إذَا ضَرَبَهُ. فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُخْتَلِفِ: فَرَوْتُ الهَامَةَ أَفْرُوهَا: إذَا جَعَلْتَهَا كَالْفَرْوَةِ، وَهِيَ قِطْعَةٌ مِنْ نَبَاتٍ مُجْتَمِعَة يَابِسَة. وَفَرَيْتُ الشَّيْءَ أَفْرِيهِ فَرْياً: قَطَعْتُهُ لإصْلاَحِهِ. وَفَرَيْتُ المَزَادَةِ: صَنَعْتُهَا، وَفَرَيْتُ الأرْضَ: سِرْتُهَا وَقَطَعْتُهَا. فَلَوْتُ رَأْسَهُ أَفْلُوهُ، وَفَلَيْتُ الشِّعْرَ أفْلِيهِ: إذَا تَدَبَّرْتُهُ.

باب القاف

الباب العشرون باب القاف فَصْلٌ فِي الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: قَبَرْتُ الرَّجُل فِي القَبْرِ أَقْبُرُهُ وَأَقْبِرُهُ قَبْراً، أَيْ: أَمَرْتُ بِأَنْ يُقْبَرَ، قَالَتْ تَمِيمٌ لِلْحَجَّاجِ: أَقْبِرْنَا صَالِحاً، وَكَانَ قَدْ قَتَلَهُ وصَلَبَهُ، أَيْ: اِيذَنْ لَنَا فِي أَنْ نَقْبُرَهُ، فَقَالَ لَهُمْ: دُونَكُمُوهُ. قَبَلَ الكَفِيلُ يَقْبُلُ وَيَقْبِلُ قَبَالَةً، وَنَحْنُ فِي قِبَالَتِهِ، أَيْ: فِي عِرَافَتِهِ. قَتَرَ عَلَى عِيَالِهِ يَقْتُرُ وَيَقْتِرُ قَتْراً وَقُتُوراً، أَيْ: ضَيَّقَ عَلَيْهِمْ فِي النَّفَقَةِ. وَقَتَرَ اللَّحْمُ يَقْتِرُ بِالكَسْرِ: إِذَا ارْتَفَعَ قُتَارُهُ؛ فيكون من باب المختلف. قَدَرْتُ الشَّيْءَ، أَقْدُرُهُ وَأَقْدِرُهُ قَدْراً، مِنَ التَّقْدِيرِ، وَفِي الحَدِيثِ: "إِذَا غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ"، أَيْ: أَتِمُّوا ثَلاَثِينَ،

وَأَمَّا قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي حَدِيثِ الاسْتِخَارَةِ: "وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ"، فَضَبَطَهُ الأصِيلِيّ -أَحَدُ رُوَاةِ البُخَارِي- بِالكَسْرِ، وَضَبَطَهُ غَيْرُهُ بالكَسْرِ وَالضَّمِّ. قَرَتِ النَّاقَةُ تَقْرُو وَتَقِري: إِذَا أَصَابَهَا وَجَعُ الأَسْنَانِ وَتَوَرَّمَ شِدْقَاهَا. قَشَرْتُ العُودَ وَغَيْرَهُ أَقْشُرُهُ وَأَقْشِرُهُ قَشْراً: نَزَعْتُ عَنْهُ قِشْرَهُ. قَنَطَ يَقْنُطُ وَيَقْنِطُ: إِذَا يَئِسَ، قُنُوطاً، وَأَمَّا (لاَ تَقْنَطُوا) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53] فَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَالكِسَائِيّ مِن السَّبْعَةِ، وَيَعْقُوبُ مَعَهُمَا: (لاَ تَقْنِطُوا)، بِكَسْرِ النُّونِ، والبَاقُونَ بِالفَتْحِ، وَلَمْ يُقْرَأْ بِالضَّمِّ. قَمَصَ الفَرَسُ يَقْمُصُ وَيَقْمِصُ قَمْصاً وَقِمَاصاً: إِذَا اسْتَنَّ، وَهُوَ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ وَيَطْرَحَهُمَا مَعَاً، وَيَعْجِنَ بِرِجْلَيْهِ؛ يُقَالُ: هَذِهِ دَابَّةٌ فِيهَا قِمَاصٌ، وَلاَ تَقُلْ: قُمَاصٌ.

فصل في الأجوف المتفق:

فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُتَّفِقِ: قَاحَ الجُرْحُ يَقِيحُ وَيَقُوحُ: إِذَا كَانَ فِيهِ القَيْحُ. فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ: قَاعَ الرَّجُلُ: إِذَا خَنَسَ وَنَكَسَ، يَقُوعُ. وَقَاعَ الخِنْزِيرُ يَقِيعُ: إِذَا صَوَّتَ؛ قَالَهُ الأَصْمَعِيّ. قَالَ يَقُولُ قَوْلاً وَقَالاَ وَقِيلاً، واخْتَلَفُوا فِي القَوْلِ، فَذَهَبِ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ: "عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ مَا نَطَقَ بِهِ اللِّسَانُ تَامّاً كَانَ أَوْ نَاقِصاً، مُفِيداً أَوْ غَيْرَ مُفِيدٍ"، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ: "لاَ فَرْقَ بَيْنَ الكَلاَمِ وَالقَوْلِ". وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ القَوْلَ يَنْطَلِقُ عَلَى المُرَكَّبِ خَاصَّةً، مُفِيداً كَانَ أَوْ غَيْرَ مُفِيدٍ.

مَسْأَلَةٌ: قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَقِيلَهُِ يَا رَبِّ} [الزخرف: 88] يُقْرَأُ بَنَصْبِ اللاَمِ وَرَفْعِهَا وَجَرِّهَا، فَمَنْ قَرَأَ بِالنَّصْبِ، فَفِيهِ أَوْجُهٌ: أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفاً عَلَى (سِرَّهِمْ)، أَيْ: يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَقِيلَهُ. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفاً عَلَى مَوْضِعِ (السَّاعَةِ)، أَيْ: وَعِنْدَهُ أَنْ يَعْلَمَ السَّاعَةَ وَقِيلَهُ. الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَنْصُوباً عَلَى المَصْدَرِ، أَيْ: وَقَالَ قِيلَهُ.

وَمَنْ قَرَأَ بِالرَّفْعِ فَيَكُونُ مُبْتَدَأً، وَ (يَا رَبِّ) خَبَرُهُ، أَيْ: وَقِيلُهُ هَذَا القَوْلَ، وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: وَقَوْلُهُ هُوَ قِيلُ (يَا رَبِّ)، وَقيل: الخَبَرُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: (يَا رَبِّ) مَسْمُوعٌ أَوْ مُجَابٌ. وَمَنْ قَرَأَ بِالجَرِّ، فَيَكُونُ مَعْطُوفاً عَلَى لَفْظِ (السَّاعَةِ). وَقِيلَ: هُوَ قَسَمٌ، أَيْ: وَحَقِّ قِيلِهِ. وَقَالَ يَقِيلُ: إِذَا نَامَ بِالقَائِلَةِ، وَمِنْهُ الحَدِيثُ: "وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا". أَيْ: نَازِلٌ لِلْقَائِلَةِ بِالسّقْيَا، وَالمَصْدَرُ: قَائِلَةً وَقَيْلُولَةً وَقِيلاً.

فصل في المضاعف المختلف:

فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُخْتَلِفِ: قَبَّ الشَّيْءَ يَقُبُّهُ بِالضَّمِّ: إِذَا قَطَعَهُ. وَقَبَّ الجِلْدُ وَالتَّمْرُ وَالجُرْحُ يَقِبُّ بِالكَسْرِ: إِذَا يَبِسَ وَذَهَبَ مَاؤُهُ. فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُتَّفِقِ: قَدَا اللَّحْمُ يَقْدُو وَيَقْدِي قَدْواً وَقَدْياً: إِذَا شَمِمْتَ لَهُ رَائِحَةً طَيِّبَةً. قَرَا الرَّجُلُ الأَرْضَ يَقْرُوهَا وَيَقْرِيهَا: إِذَا تَتَبَّعَهَا، يَخْرُجُ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْض. قَفَا الرَّجُلُ الأَثَرَ يَقْفُوهُ وَيَقْفِيهِ: إِذَا تَتَبَّعَهُ. قَلاَ السَّوِيقَ وَاللَّحْمَ يَقْلُوهُ وَيَقْلِيهِ. قَنَا الرَّجُلُ الغَنَمَ وَغَيْرَهَا يَقْنُوهَا وَيَقْنِيهَا: إِذَا اقْتَنَاهَا لِنَفْسِهِ لاَ لِلتَّجَارَةِ.

فصل في المعتل المختلف:

فَصْلٌ فِي المُعْتَلٌ المُخْتَلِفِ: قَفَا أَثَرَهُ يَقْفُوهُ قَفْواً: إِذَا تَبِعَهُ. وَقَفَا الرَّجُلُ الرجلَ يَقْفِيهِ قَفْياً: إِذَا ضَرَبَ قَفَاهُ، ويُقَالُ: شَاةٌ قَفِيَّةٌ: مَذْبُوحَةٌ مِنْ قَفَاهَا، وَمَنْ قَالَ: قَفِينَةٌ، فَالنُّونُ زَائدَةٌ.

باب الكاف

الباب الواحد والعشرون باب الكاف فَصْلٌ فِي الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: كَتَبْتُ البَغْلَةَ: إِذَا جَمَعْتَ بَيْنَ شُفْرَيْهَا بَحَلَقَةٍ أَوْ سَيْرٍ، أَكْتُبُ وَأَكْتِبُ كَتْباً، قَالَ بَعْضُهُمْ [سالم بن دارة] يُعَرِّضُ بِالفَزَارِيِّينَ: لاَ تَأْمَنَنَّ فَزَارِياًّ خَلَوْتَ بِهِ ... عَلَى قَلُوصِكَ وَاكْتُبْهَا بِأَسْيَارِ وَكَذَلِكَ: كَتَبْتُ القِرْبَةَ كَتْباً: إِذَا خَرَزْتَهَا، وَقَدْ لَغَز فِي ذَلِكَ الحَرِيرَيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ: وَكَاتَبِينَ وَمَا خَطَّتْ أَنَامِلُهُمْ ... يَوْماً وَلاَ قَرَأُوا مَا خُطَّ فِي الكُتُبِ كَدَمَهُ يَكْدُمُهُ وَيَكْدِمُهُ: إِذَا عَضَّهُ أَوْ أَثَّرَ فِيهِ بِحَدِيدَةٍ، قَالَ الشَّاعِرُ [طرفة بن العبد]:

سَقَتْهُ إِيَاةُ الشَّمْسِ إِلاَّ لِثَاتِهَا ... أُسِفَّ وَلَمْ تَكْدِمْ عَلَيْهِ بِإِثْمِدِ كَفَلَ يَكْفُلُ وَيَكْفِلُ: إِذَا ضَمِنَ، وَفِيهِ لُغَةٌ: كَفِلَ يَكْفَلُ، بِكَسْره الفَاءِ فِي المَاضِي، وَفَتْحِهَا فِي المُضَارِعِ، مِثْلُ عَلِمَ يَعْلَمُ، وَقُرِئَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَفَلَهَا زَكَرِيَّا} [آل عمران: 37] بِفَتْحِ الفَاءِ وَكَسْرِهَا فَالفَتْحُ لِلسَّبْعَةِ، والكَسْرُ في الشَّاذِّ. كَنَفَ الرَّجُلُ الإِبِلَ يَكْنُفُهَا وَيَكْنِفُهَا: إِذَا جَعَلَ لَهَا كَنِيفاً مِنْ شَجَرٍ يَسْتُرُهَا.

فصل في الصحيح المختلف:

فَصْلٌ فِي الصَّحِيحِ المُخْتَلِفِ: كَنَسَ البَيْتَ يَكْنُسُهُ بِالضَّمِّ كَنْساً، والمِكْنَسَةُ: مَا يُكْنَسُ بِهِ، وَيُقَالُ لَهَا: المِسْفَرَةُ، لأَنَّهَا تَكْشِفُ التُّرَابَ عَنِ المَوْضِعِ، يُقَالُ: سَفَرَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ يَسْفُرُهُ: إِذَا كَنَسَهُ، وَفِي الحَدِيثِ: "دَخَلَ عُمَرُ رضي اللَّهُ عَنْهُ عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ: "يَا رَسُولَ الله، لَوْ أَمَرْتَ بِهَذَا البَيْتِ فَسُفِرَ"، وَكَانَ فِي بَيْتٍ فِيهِ أُهُبٌ وَغَيْرُهَا، أَرَادَ بِـ (سُفِرَ): كُنِسَ. وَكَنَسَ الظَّبْيُ يَكْنِسُ بِالكَسْرِ، فَهُوَ كَانِسٌ: إِذَا دَخَلَ فِي كِنَاسِهِ وَهُوَ مَوْضِعُهُ في الشَّجَرِ الَّذِي يَكْتَنُّ بِهِ وَيَسْتَتِرُ. كَنَظَ الرَّجُلَ يَكْنُظُ وَيَكْنِظُ: إِذَا ضَغَطَ وَشَقَّ عَلَيْهِ.

فصل في الأجوف المتفق:

فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُتَّفِقِ: كَادَ الرَّجُلُ يَكُودُ وَيَكِيدُ: إِذَا قَارَبَ المَوْتَ، قَالَهُ الخَلِيلُ، وَقَالَ غَيْرَهُ: هُوَ مِنَ الكَيْدِ، وَهُوَ القَيْءُ، لأنَّ المَرِيضَ إِذَا قَارَبَ المَوْتَ كَأَنَّهُ يَتَقَيَّأُ. فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ: كَاسَ يَكُوسُ: إِذَا انْقَلَبَ فَجَعَلَ رَأْسَهُ مِنْ أَسْفَلَ، وَرِجْلَيْهِ مِنْ أَعْلاَ، وَمِنْهُ: كَوَّسْتَهُ عَلَى رَأْسِهِ تَكْوِيساً، أَيْ: قَلَبْتَهُ، وَفِي الحَدِيثِ: "وَاللَّه لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَكَوَّسكَ اللَّهُ فِي النَّارِ، رَأْسَكَ أَسْفَلَكَ". وَكَذَلِكَ تَقُولُ: كَاسَ البَعِيرُ يَكُوسُ: إِذَا مَشَى عَلَى ثَلاَثِ قَوَائِمَ، وَهُوَ مُعَرْقَبٌ،

فصل في المعتل المتفق:

قَالَتْ عَمْرَةُ أُخْتُ العَبَّاسِ بْنِ مِردَاسَ - وَأُمُّهَا الخَنْسَاءُ - تَرْثِي أَخَاهَا: فَظَلَّتْ تَكُوسُ عَلَى أَكْرُعٍ ... ثَلاَثٍ وَغَادَرْتَ أُخْرَى خَضِيبَا تَعْنِي: القَائِمَةَ الَّتِي عَرْقَبَ [ـهَا]، [فَـ] هِيَ مُخَضَّبَةٌ بِالدَّمِ. وَكَاسَ الوَلِيدُ يَكِيسُ كَيْساً وَكِيَاسَةً. كَانَ يَكُونُ، فِي النَّاقِصَةِ وَالتَّامَّةِ. وَكَانَ يَكِينُ: إِذَا خَضَعَ وَذَلَّ. فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُتَّفِقِ: كَرَا بِالكُرَةِ يَكْرُو وَيَكْرِي: إِذَا لَعِبَ بِهَا، قَالَ الشَّاعِرُ [المسيب بن علس]:

فصل في المعتل المختلف:

مَرِحَتْ يَدَاهَا لِلنَّجَاءِ كَأَنَّمَا ... تَكْرُو بِكَفَّيْ لاَعِبٍ فِي صَاعِ وَالصَّاعُ هُنَا: المُطْمَئِنُّ مِنَ الأَرْضِ. كَنَا الرَّجُلُ عَنِ الشَّيْءِ يَكْنُو وَيَكْنِي: إِذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِاللفْظِ الذِي وُضِعَ لَهُ، وَعَدَلَ عَنْهُ إِلَى لَفْظٍ يُعْطِي ذَلِكَ المَعْنَى، وَأَنْشَدَ أَبُو زَيْدٍ: وَإِنِّي لأَكْنو عَنْ قَذُورَ بِغَيْرِهَا ... وَ [أُعْرِبُ] أَحْيَاناً بِهَا فَأُصَارِحُ فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُخْتَلِفِ: كَرَا البِئْرَ يَكْرُوهَا: إِذَا طَوَاهَا. وَكَرَا الفَرَسُ يَكْرُو كَرْواً: إِذَا خَبَطَ بِيَدِهِ فِي اسْتِقَامَةٍ لاَ يَقْلِبُهَا نَحْوَ بَطْنِهِ، وَكَرَتِ المَرْأَةُ في مِشْيَتِهَا تَكْرُو كَرْواً. وَكَرَا يَكْرِي: إِذَا عَدَا.

باب اللام

الباب الثاني والعشرون باب اللام فَصْلٌ فِي الصحيح المُتَّفِقِ: لَبَنْتُ الرَّجُلُ ألبُنَهُ وَأَلْبِنُهُ: إِذَا سَقَيْتَهُ اللَّبَنَ، فَأَنَا لاَبِنٌ، يُقَالُ مِنْهُ: نَحْنُ نَلْبُنُ جِيرَانَنَا، أَيْ: نَسْقِيهمُ اللَّبنَ. وَأَمَّا لَبَنَهُ لَبْناً، إِذَا ضَرَبَهُ بِالعَصَا، فَالمُضَارِعُ مِنْهُ بِالكَسْرِ. لَمَزَهُ يَلْمُزُهُ وَيَلْمِزُهُ: إِذَا عَابَهُ، وَقُرِئَ بِهِمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 58]، فَقَرَأَ يَعْقُوبُ: (مَنْ يَلْمُزُكَ)، بِالضَّمِّ وَقَرَأَ السَّبْعَةُ بِالكَسْرِ، وَالأَصْلُ فِي اللَّمْزِ: الإِشَارَةُ بِالعَيْنِ. فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُتَّفِقِ: لاَتَهُ عَنْ وَجْهِهِ يَلُوتُهُ وَيَلِيتُهُ، أَيْ: حَبَسَهُ عَنْ وَجْهِهِ وَصَرَفَهُ، قَالَ الرَّاجِزُ [أبو محمد الفقعسي]: وَلَيْلَةٍ ذَاتِ دُجًى سَرَيْتُ وَلَمْ يَلِتْنِي عَنْ سُرَاهَا لَيْتُ أَيْ: لَمْ يَمْنَعْنِي عَنْ سُرَاهَا مَانِعٌ.

فصل في الأجوف المختلف:

لاَزَ مِنْهُ يَلُوزُ مَلاَزاً، وَلاَزَ يَلِيزُ مَلِيزاً: إِذَا تَخَلَّصَ مِنْهُ. لاَفَ الطَّعَامَ يَلُوفُهُ وَيَلِيفُهُ لَوْفاً وَلَيْفاً: إِذَا أَكَلَهُ. فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ: لاَعَ الرَّجُلُ يَلُوعُ: إِذَا حَرَصَ، وَاللاَّعُ: الحَرِيصُ. وَلاَعَ يَلِيعُ: إِذَا ضَجِرَ. لاَطَ الشَّيْءُ بِقَلْبِي يَلُوطُ وَيَلِيطُ لَوْطاً وَلَيْطاً: إِذَا أَحْبَبْتُهُ. وَلاَطَ الرَّجُلُ: إِذَا عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ، يَلُوطُ.

فصل في المعتل المتفق:

فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُتَّفِقِ: لَحَا العَصَا يَلْحُوهَا وَيَلْحِيهَا: إِذَا قَشَرَهَا. فَأَمَّا لَحَيْتُ الرَّجُلَ، إِذَا لُمْتُهُ، فَبِاليَاءِ، قَالَهُ فِي "أَدَبِ الكَاتِبِ". لَخَا الرَّجُل يَلْخُوهُ وَيَلْخِيهِ: إِذَا أسْعَطَهُ، وَاللَّخَا: المُسْعُطُ. فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُخْتَلِفِ: لَظَا الرَّجُلُ يَلْظُو: التَجَأ إِلَى صَخْرَةٍ أَوْ غَارٍ. وَلَظَاهُ يَلْظِيهِ بِالمَالِ: إِذَا اتَّهَمَهُ بِهِ.

باب الميم

الباب الثالث والعشرون باب الميم فَصْلٌ فِي الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: مَخَضَ اللَّبَنَ يَمْخُضُهُ وَيَمْخِضُهُ مَخْضاً: إِذَا أَخْرَجَ زُبْدَهُ. فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُتَّفِقِ: مَاثَ الشَّيْءَ يَمُوثُهُ وَيَمِيثُهُ مَوَثَاناً: إِذَا دَافَهُ. مَاهَتِ الرَّكِيَّةُ تَمُوهُ وَتَمِيهُ مَوْهاً مُؤُوهاً: إِذَا ظَهَرَ مَاؤُهَا وَكَثُرَ، وَكَذَلِكَ السَّفِينَةُ إِذَا دَخَلَ فِيهَا المَاءُ. فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ: مَارَ الشيْءُ يَمُورُ مَوْراً: إِذَا تَحَرَّكَ وَجَاءَ وَذَهَبَ، كَمَا تَكَفَّأُ النَّخْلَةُ العَيْدَانَةُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا} [الطور: 9]. قَالَ الضَّحَّاكُ: تَمُوجُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: تَكَفَّأُ،

وَأَنْشَدَ الأَخْفَشُ لِلأَعْشَى: كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جَارَتِهَا ... مَوْرُ السَّحائِبِ لا رَيْثٌ وَلاَ عَجَلُ وَمَارَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ يَمُورُ. وَمَارَتْ عَضُدا البَعِيرِ: إِذَا تَرَدَّدَا في عُرْضِ جَنْبِهِ، يُقَالُ: لاَ أَدْرِي أَغَارَ أَمْ مَارَ، أََيْ: أَتَى غَوْراً أَمْ دَارَ فَرَجَعَ إِلَى نَجْدٍ؛ كُلُّ ذَلِكَ بِالوَاوِ. وَمَارَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ يَمِيرُهُمْ مَيْراً، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: "مَا عِنْدَهُ خَيْرٌ وَلاَ مَيْرٌ". مَالَ الرَّجُلُ يَمُولُ مَوْلاً وَمُئُولاً: إِذَا صَارَ ذا مَالٍ. وَمَالَ الشَّيْءُ يَمِيلُ مَمَالاً وَمَمِيلاً، مِثْلُ مَعَابٍ وَمَعِيبٍ فِي الاسْم وَالمَصْدَرِ،

فصل في المعتل المتفق:

وَمَالَ عَنِ الحَقِّ، وَمَالَ عَلَيْهِ فِي الظُّلْمِ. مَانَ يَمُونُ: إِذَا قَامَ بِأَمْرِ عِيَالِهِ. وَمَانَ يَمِينُ مَيْناً: إِذَا كَذَبَ. فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُتَّفِقِ: مَأَى الرَّجُلُ الجِلْدَ يَمْؤُوهُ مَأْواً: إِذَا مَدَّهُ حَتَّى يَتَّسِعَ، وَمَآهُ يَمْئِيهِ مَأْياً. مَحَا لَوْحَهُ يَمْحُوهُ وَيَمْحِيهِ مَحْواً وَمَحْياً: إِذَا أَزَالَ مَا فِيهِ. مَضَا عَلَى الأَمْرِ يَمْضِي مُضِيّاً وَيَمْضُو مُضُوّاً. مَقَا الطَّسْتَ، وَالأَسْنَانَ يَمْقُوهَا وَيَمْقِيهَا: إِذَا جَلاَهَا. مَنَا الرَّجُلُ الشَّيْءَ يَمْنُوهُ وَيَمْنِيهِ: إِذَا اخْتَبَرَهُ.

باب النون

الباب الرابع والعشرون باب النون فَصْلٌ فِي الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: نَبَطَ المَاءُ يَنْبُطُ وَيَنْبِطُ نُبُوطاً: إِذَا نَبَعَ، وَالنَّبِيطُ: المَاءُ الَّذِي يَنْبِطُ مِنْ قَعْرِ البِئْرِ إِذَا حُفِرَتْ. نَجَبَ الشَّجَرَةَ يَنْجُبُهَا وَيَنْجِبُهَا: إِذَا أَخَذَ قِشْرَةَ سَاقِهَا، وَالمَصْدَرُ: نَجْباً بِالإِسْكَانِ، وَالنَّجَبُ بِالتَّحْريكِ: [لِحَاءُ] الشَّجَرِ، وَمِنْهُ الحَدِيثُ: "فَلْيُفْطِرْ عَلَى [لِحَاءِ] شَجَرَةٍ". نَخَرَ يَنْخُرُ وَيَنْخِرُ نَخِيراً: إِذَا صَوَّتَ بِأَنْفِهِ. نَذَرَ لِلَّهِ كَذَا يَنْذُرُ وَيَنْذِرُ نَذْراً. نَزَقَ الفَرَسُ يَنْزُقُ وَيَنْزِقُ نَزْقاً وَنُزُوقاً: إِذَا تَقَدَّمَ وَسَبَقَ. نَسَجَ الثَّوْبَ يَنْسُجُ وَيَنْسِجُ نَسْجاً، وَالصَّنْعَةُ: النِّسَاجَةُ. نَسَلَ الوَبَرُ يَنْسُلُ وَيَنْسِلُ: إِذَا سَقَطَ، وَيُقَالُ لِمَا سَقَطَ مِنْهُ: النَّسِيلُ وَالنَّسَالُ،

وَنَسَلَ فِي العَدْوِ يَنْسِلُ نَسَلاَناً بِالكَسْرِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ} [يس: 51]. نَشَرَ الحَدِيثَ يَنْشُرُهُ وَيَنْشِرُهُ: إِذَا أَذَاعَهُ. نَشَزَ الرَّجُلُ يَنْشُزُ وَيَنْشِزُ نَشْزاً: ارْتَفَعَ فِي المَكانِ، وَمِنْهُ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا} [المجادلة: 11]. وَنَشَزَتِ المَرْأَةُ تَنْشُزُ وَتَنْشِزُ: إِذَا اسْتَصْعَبَتْ عَلَى بَعْلِهَا، وَنَشَزَ بَعْلُهَا عَلَيْهَا: إِذَا ضَرَبَهَا وَجَفَاهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} [النساء: 128]. نَشَصَ يَنْشُصُ وَيَنْشِصُ نُشُوصاً: ارْتَفَعَ، يُقَالُ: نَشَصَتْ ثَنِيَّةُ الرَّجُلِ: إِذَا ارْتَفَعَتْ عَنْ مَوْضِعِهَا؛ حَكَاهُ يَعْقُوبُ. نَشَطَتِ الحَيَّةُ تَنْشُطُ وَتَنْشِطُ نَشْطاً: إِذَا عَضَّتْ بِنَابِهَا. وَنَشَطْتُ الحَبْلُ أَنْشِطُهُ بِالكَسْرِ نَشْطاً: عَقَدْتُهُ أُنْشُوطَةً، أَيْ: عُقَدَةً يَسْهُلُ انْحِلاَلُهَا.

نَطَفَ المَاءُ يَنْطُفُ وَيَنْطِفُ: إِذَا سَالَ، وَلَيْلَةٌ نَطُوفُ: تُمْطِرُ إِلَى الصَّبَاحِ، وَمِنْهُ الحَدِيثُ: "يَنْطِفُ سَمْناً وَعَسَلاً"، وَفِيهِ: يَنْطِفُ رَأْسُهُ مَاءً. نَعَبَ الغُرَابُ يَنْعُبُ وَيَنْعِبُ نَعْباً وَنَعِيباً، وَنَعَبَاناً وَتَنْعَاباً: إِذَا صَاحَ. نَغَضَ رَأْسُهُ يَنْغُضُ وَيَنْغِضُ: إِذَا تَحَرَّكَ، وَالمَصْدَر: نَغْضٌ وَنُغُوضٌ، وَيُقَالُ: نَغَضَ فُلاَنٌ رَأْسَهُ، أَي: حَرَّكَهُ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى؛ حكاه الأَخْفَشُ. وَيُقَالُ: أَنْغَضَ رَأْسَهُ، أَيْ: حَرَّكَهُ،

وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ} [الإسراء: 51]. وَنَغَضَتِ الثَّنِيَّةُ تَنْغُضُ وَتَنْغِضُ؛ قَالَهُ الكِسَائِي. نَفَثَ الرَّاقِي يَنْفُثُ وَيَنْفِثُ، وَالنَّفْثُ: شَبِيهُ النَّفْخِ، وَهُوَ أَقَلُّ مِنَ التَّفْلِ، وَالنَّفَّاثَاتُ فِي العُقَدِ: السَّوَاحِرُ. نَفَرَتِ الدَّابَّةُ تَنْفُرُ وَتَنْفِرُ نِفَاراً وَنُفُوراً، يُقَالُ فِي الدَّابَّةِ: نِفَارٌ، وَهُوَ اسْمٌ، مِثْلُ الحِرَان. نَفَشَتِ الإِبْلُ وَالغَنَمُ تَنْفُشُ وَتَنْفِشُ نُفُوشاً: إِذَا رَعَتْ لَيْلاً بِلا رَاعٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} [الأنبياء: 78]. وَنَفَشْتُ الصُّوفَ وَالقُطْنَ أَنْفُشُ، بِالضَّمِّ، نَفْشاً. نَقَزَ يَنْقُزُ وَيَنْقِزُ: إِذَا حَرِدَ.

فصل في الصحيح المختلف:

نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْه يَنْكُصُ وَيَنْكِصُ: إِذَا رَجَعَ. نَهَقَ الحِمَارُ يَنْهُقُ وَيَنْهِقُ: إِذَا صَوَّتَ. فَصْلٌ فِي الصَّحِيحِ المُخْتَلِفِ: نَحَبَ يَنْحُبُ بِالضَّمِّ نَحْباً: إِذَا نَظَرَ. وَنَحَبَ يَنْحِبُ بِالكَسْرِ نَحِيباً: إِذَا رَفَعَ صَوْتَهُ بِالبُكَاءِ، وَكَذَلِكَ البَعِيرُ أَيْضاً يَنْحِبُ نُحاباً: إِذَا أَخَذَهُ السُّعَالُ. نَسَبْتُ الرَّجُلَ أَنْسُبُهُ بِالضَّمِّ نِسْبَةً: إِذَا ذَكَرْتَ نَسَبَهُ، أَيْ: عَدَّدْتَ أَسْمَاءَ آبَائِهِ. وَنَسَبَ الشَّاعِرُ بِالمَرْأَةِ يَنْسِبُ بِالكَسْرِ: إِذَا شَبَّبَ بِهَاـ فَذَكَرَها فِي شِعْرِهِ بِالجَمَال وَالصِّبَا وَالمَوَدَّةِ وَأَشْبَاهِهِ، وَمِنْهُ بَابُ النَّسِيبِ عِنْدَ الأُدَبَاءِ.

فصل في الأجوف المختلف:

فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ: نَابَ عَنِّي فُلاَنٌ يَنُوبُ مَنَاباً، أَيْ: قَامَ مَقَامِي. وَنَابَ يَنِيبُ: إِذَا أَصَابَ نَابَهُ. نَالَ: إِذَا جَعَلَ جُعْلاً، وَمِنْهُ فِي حَدِيثِ مُوسَى وَالخَضِرِ: "مِنْ غَيْرِ نَوْلٍ". وَنَالَ: إِذَا أَصَابَ، وَمِنْهُ الحَدِيثُ: "مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ". وَنَالَ: حَانَ، وَمِنْهُ فِي الحَدِيثِ: "مَا نَالَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْرِفَ مَنْزِلَهُ". يُقَالُ: مِنْهُ: نَالَ الرَّحِيلُ، أَيْ: حَانَ. وَنَالَ، أَيْ حَقَّ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَا نَوْلُكَ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا، أَيْ: مَا حَقُّكَ، وَالمُضَارِعُ منْ هَذَا كُلِّهِ: يَنُولُ. وَنَالَ مِنَ المَعْدِنِ يَنِيلُ نَيْلاً إِذَا وَجَدَ ذَهَباً أَوْ فِضَّةً.

فصل في المضاعف المتفق:

فَصْلُ فِي المُضَاعَفِ المُتَّفِقِ: نَسَّ الشَّيْءُ يَنُسُّ وَيَنِسُّ نَسّاً: إِذَا يَبِسَ، يُقَالُ: جَاءَنَا بِخُبْزَةٍ نَاسَّةٍ، قَالَ العَجَّاجُ: وَبَلَدٍ يُمْسِي قَطَاهُ نُسَّسَا. أَيْ: يَابِسَةً مِنَ العَطَشِ، وَيُقَالُ لِمَكَّةَ النَّاسَّةُ، لِقِلَّةِ مَائِهَا. نَمَّ الحَدِيثَ يَنُمُّهُ: إِذَا أَفْشَاهُ، وَالكَسْرُ شَاذٌّ. فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُخْتَلِفِ: نَثَّ الحَدِيثَ يَنُثُّهُ بِالضَّمِّ نَثَّا: إِذَا أَفْشَاهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ قَيْسِ بْنِ الخَطِيمِ الأَنْصَارِي: إِذَا جَاوَزَ الاثْنَيْنِ سِرٌّ فَإِنَّهُ ... بِنَثٍّ وَإِفْشَاءِ الحَدِيثِ قَمِينُ وَيُرْوَى بِبَثٍّ، وَالمَعْنَى وَاحِدٌ.

فصل في المعتل المتفق:

وَنَثَّ الزِّقُّ يَنِثُّ بِالكَسْرِ نَثِيثاً، أَيْ: رَشَحَ، وَفِي الحَدِيثِ "وَأَنْتَ تَنِثُّ نَثِيثَ الحَمِيتِ"، والحَمِيتُ: الزِّقُّ لاَ شَعَرَ عَلَيْهِ، وَهُوَ لِلسَّمْنِ. فَصْلٌ فِي المُعْتَلِ المُتَّفِقِ: نَأَى يَنْئُو وَيَنْئِي. نَثَا الحَدِيثَ يَنْثُوهُ وَيَنْثِيه: إِذَا أَذَاعَهُ، وَيُسْتَعْمَلُ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ، وَفِي إِسْلاَمِ أَبِي ذَرِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: "فَنَثَا عَلَيْنَا الَّذِي قِيلَ"، أَيْ: أَخْبَرَ بِهِ.

نَجَا لَهُ يَنْجُو وَيَنْجِي: إِذَا تَشَوَّهَ لَهُ لِيُصِيبَهُ بِالعَيْنِ، وَأَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ فَبِالْوَاوِ، نَحْو: نَجَا مِنْ كَذَا يَنْجُو نَجَاءً، مَمْدُودٌ وَنَجَاةً. وَنَجَا يَنْجُو نَجَاءً، مَمْدُودٌ: إِذَا أَسْرَعَ وَسَبَقَ، وَمِنْهُ: النَّاجِيَةُ وَالنَّجَاةُ، لِلنَّاقَةِ السَّرِيعَةِ. يُقَالُ: نَجَتِ النَّاقَةُ تَنْجُو بِرَاكِبِهَا: إِذَا أَسْرَعَتْ، وَيُقَالُ لِلْبَعِيرِ: نَاجٍ، قَالَ الشَّاعِرُ: نَاجِيَةً وَنَاجِياً أَبَاهَا وَنَجَا الشيْءَ يَنْجُوهُ: إِذَا اسْتَنْكَهَهُ،

قَالَ الشَّاعِرُ [الحكم بن عبدل الأسدي]: نَجَوْتُ مُجَالِدَا فَوَجَدْتُ مِنْهُ ... كَرِيحِ الكَلْبِ مَاتَ حَدِيثَ عَهْدِ وَنَجَا جِلْدَ البَعِيرِ يَنْجُوهُ: إِذَا سَلَخَهُ. وَنَجَا غُضُونَ الشَّجَرِ يَنْجُوهَا: إِذَا قَطَعَهَا، وَالنَّجَاةُ: الغُصْنُ وَالجَمْعُ: نَجاً. وَنَجَا الرَّجُلُ صَاحِبَهُ يَنْجُوهُ: إِذَا [سَارَّهُ]. نَضَا السَّيْفَ يَنْضُوهُ وَيَنْضِيهِ: إِذَا جَرَّدَهُ. نَقَا الرَّجُلُ العَظْمَ يَنْقُوهُ وَيَنْقِيهِ: إِذَا اسْتَخْرَجَ نِقْيَهُ، وَهُوَ مُخُّهُ.

فصل في المعتل المختلف:

نَمَا المَالُ وَغَيْرُهُ يَنْمِي نَمَاءً: وَرُبَّمَا قَالُوا: يَنْمُو نُمُوّاً. وَنَمَا فِي الحَسَبِ يَنْمُو وَيَنْمِي. فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُخْتَلِفِ: نَضَا البِلاَدَ يَنْضُوهَا: إِذَا قَطَعَهَا، قَالَ تَأَبَّطَ شَرّاً: [وَلَكِنَّني أَروي مِنَ الخَمرِ هامَتي] وَأَنضو الفَلا بِالشاحِبِ المُتَشَلشِلِ وَنَضَا الثَّوْبَ يَنْضِيهِ: إِذَا أَبْلاَهُ، مِثْلُ أَنْضَاهُ وَانْتَضَاهُ.

باب الهاء

الباب الخامس والعشرون باب الهاء فَصْلُ الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: هَجَنَتِ البَهَائِمُ تَهْجُنُ وَتَهْجِنُ. هَدَبَ الثَّمَرَةَ يَهْدُبُهَا وَيَهْدِبُهَا: إِذَا جَنَاهَا، وَمِنْهُ الحَدِيثُ: "أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهْوَ يَهْدِبُهَا" أَيْ: يَجْتَنِيهَا. هَذَرَ فِي مَنْطِقِهِ يَهْذُرُ وَيَهْذِرُ هَذْراً، وَالاسْمُ: الهَذَرُ، بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ الهَذَيَانُ. هَرَجَ يَهْرُجُ وَيَهْرِجُ: إِذَا نَكَحَ، وَيُقَالُ: يَهْرَجُ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَهُوَ غَرِيبٌ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ مَا فِي الحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ: "يَتَهَارَجُونَ تَهَارُجَ الحُمُرِ"؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ يَتَخَالَطُونَ رِجَالاً وَنِسَاءً، وَيَتَنَاكَحُونَ مُزَانَاةً، ذَكَرَهُ صَاحِبُ "المَطَالِعِ".

فصل في الأجوف المتفق:

هَمَجَتِ الإِبِلُ المَاءَ تَهْمُجُ وَتَهْمِجُ: إِذَا شَرِبَتْ مِنْهُ. هَمَلَتْ عَيْنُهُ تَهْمُلُ وَتَهْمِلُ هَمْلاً وَهَمَلاَناً، أَيْ: فَاضَتْ. فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُتَّفِقِ: هَادَ يَهُودُ وَيَهِيدُ: إِذَا تَابَ، وَأَصْلُهُ: المَيْلُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الأعراف: 156] بِضَمِّ الهَاءِ، جَاءَ عَلَى هَادَ يَهُودُ. هَاشَ القَوْمُ يَهُوشُونَ وَيَهِيشُونَ هَيْشاً: إِذَا تَحَرَّكُوا وَهَاجُوا، وَقَالَ الفَرَّاءُ: هَاشَ يَهِيشُ: إِذَا حَوَى وَجَمَعَ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ المُخْتَلِفِ.

فصل في الأجوف المختلف:

فَصْلٌ فِي الأَجْوَفِ المُخْتَلِفِ: هَاعَ الرَّجُلُ يَهُوعُ: إِذَا تَكَلَّفَ القَيْءَ، وَيُقَالُ: هَاعَ يَهَاعُ: إِذَا غَلَبَهُ القَيْءُ، وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ، وَفِي "الجَمْهَرَةِ": هَاعَ يَهُوعُ وَيَهَاعُ: إِذَا قَاءَ، والاسْمُ الهُوَاعُ. وَهَاعَ يَهِيعُ: إِذَا ضَجِرَ. فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُتَّفِقِ: هَرَّ الشَّيْءَ يَهُرُّهُ وَيَهِرُّهُ: إِذَا كَرِهَهُ، وَالكَسْرُ شَاذٌّ،

وَهُنَا تَنْبِيهٌ، وَهْوَ أَنَّ بَيْتَ قَيْسِ بْنِ ذَرِيحٍ المشهور: نَهَارِي نَهَارُ النَّاسِ حَتَّى إِذَا بَدَا ... لِيَ اللَّيْلُ هَرَّتْنِي إِلَيْكَ المَضَاجِعُ وَقَعَ فِيهِ تَصْحِيفٌ، فَيَقُولُونَ: هَزَّتْنِي بِالزَّايِ، وَالصَّوَابُ هَرَّتْنِي بِالرَّاءِ، وَالمَعْنَى: كَرِهَتْنِي فَنَبَتْ بِي؛ ذَكَرَهُ ابْنُ جِنِّي فِي "المُحْتَسَبِ" هَشَّ الشَّيْءَ يَهُشُّهُ وَيَهِشُّهُ: إِذَا كَسَرَهُ، وَالكَسْرُ شَاذٌّ، وَلِذَلِكَ لَمْ يُقْرَأْ بِهِ فِي السَّبْعِ، وَإِنَّمَا قُرِئَ بِهِ الشَّاذِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَهِشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي} [طه: 18].

فصل في المضاعف المختلف:

فَصْلٌ فِي المُضَاعَفِ المُخْتَلِفِ: هَبَّ مِنْ نَوْمِهِ يَهُبُّ بِالضَّمِّ هُبُوباً، أَيْ: اسْتَيْقَظَ. وَهَبَّ التَّيْسُ يَهِبُّ بِالكَسْرِ هَبَباً، وَهِبَاباً: إِذَا نَبَّ لِلسِّفَادِ، وَقَالَ الفَرَّاءُ: يَهُبُّ بالضم لَغَةٌ فِي يَهِبُّ بِالكَسْرِ. هَمَمْتُ بِالشَّيْءِ أَهُمُّ، بِالضَّمِّ، هَمّاً: إِذَا أَرَدْتُهُ. وَهَمَمْتُ أَهِمُّ بِالكَسْرِ، هَمِيماً: إذا دَبَبْتَ، قالَ الشَّاعِرُ [ساعدة بن جؤيّة] يَصِفُ سَيْفاً: تَرَى أَثْرَهُ فِي صَفْحَتَيْهِ كَأَنَّهُ ... مَدَارِجُ شِبْثَانٍ لَهُنَّ هَمِيمُ وَشِبْثَانٌ: جَمْعُ شَبَثٍ بِالتَّحْرِيكِ، وَهِيَ دُوَيْبَّةٌ كَثِيرَةُ الأَرْجُلِ مِنْ أَحْنَاشِ الأَرْضِ.

فصل في المعتل المتفق:

فَصْلٌ فِي المُعْتَلِّ المُتَّفِقِ: هَذَا فِي مَنْطِقِهِ يَهْذُو وَيَهْذِي هَذْياً وَهَذَيَاناً. هَمَا المَاءُ وَالدَّمْعُ يَهْمُو هَمْواً، وَيَهْمِي هَمْياً وَهَمَيَاناً إِذَا سَالَ.

باب الواو

الباب السادس والعشرون باب الوَاوِ فَصْلُ الصَّحِيحِ المُتَّفِقِ: وَجَدَ مَطْلُوبَهُ يَجِدُهُ بِالكَسْرِ وُجُوداً، وَيَجُدُهُ بِالضَّمِّ أَيْضاً، لُغة عَامِرِيَّةٌ. قَالَ الجَوْهَري: لا نَظِيرَ لهُ فِي بَابِ المِثَالِ؛ يَعْنِي: فِي بَابِ مَا فَاؤُهُ وَاوٌ، وَأَنْشَدَ لِلَبِيد، وَهُوَ عَامِرِيّ: لَوْ شِئْتِ قَدْ نَقَعَ الفُؤَادُ بِشَرْبَةٍ ... تَدَعُ الصَّوَادِيَ لاَ يَجُدْنَ غَلِيلاً وَلَمْ يَحْضُرْنِي في لاَمِ الأَلِفِ وَلاَ فِي اليَاءِ شَيْءٌ.

فصل

فَصْلٌ فِيمَا جَاءَ المُضَارِعُ مِنْهُ مُثَلَّثاً بِالضَّمَ والفَتْحِ والكَسْرِ فَالضَّمُّ وَالكَسْرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، والفَتْحُ إِمَّا لأَجْلِ حَرْفِ الحَلْقِ، وَإِمَّا عَلَى أَنَّهُمْ تَوَهَّمُوا أَنَّ المَاضِي يَأتِي عَلَى فَعِلَ بِكسْرِ العَيْنِ، وَتَتَبَّعْ ذَلِكَ تَجِدْهُ. فَمِنْ ذَلِكَ: أَبَدَ الرَّجُلُ يَأْبُدُ وَيَأْبِدُ وَيَأْبَدُ: إِذَا تَوَحَّشَ. أَجَنَ المَاءُ يَأْجُنُ وَيَأْجِنُ وَيَأْجَنُ: إِذَا تَغَيَّرَ. بَغَمَ الظَّبْيُ يَبْغُمُ وَيَبْغِمُ وَيبغَمُ: إذا صَوَّتَ. جَبَا الرَّجُلُ المَالَ يَجْبُو وَيَجْبِي وَيَجْبَى: إِذَا جَمَعَهُ. جَنَحَ يَجْنُحُ وَيَجْنِحُ وَيَجْنَحُ: إِذَا مَالَ. حَرَّ اليَوْمُ يَحُرُّ وَيَحِرُّ وَيَحَرُّ: إِذَا اشْتَدَّ فِيهِ الحَرُّ. حَرَصَ الرَّجُلُ عَلَى الأَمْرِ يَحْرُصُ، وَيَحْرِصُ، وَيَحْرَصُ: إِذَا رَغِبَ فِي تَحْصِيلِهِ.

دَبَرَ الرَّجُلُ أَصْحَابَهُ يَدْبُرُهُمْ وَيَدْبِرُهُمْ وَيَدْبَرُهُمْ: إِذَا تَأَخَّرَ عَنْهُمْ. دَبَغَ الجِلْدَ يَدْبُغُ وَيَدْبِغُ وَيَدْبِغُ. رَجَحَ الشيْءُ يَرجُحُ وَيَرْجِحُ وَيَرْجَحُ: إِذَا زَادَ عَلَى وَزْنِهِ. سَحَا الرَّجُلُ الطِّينَ يَسْحُو وَيَسْحِي وَيَسْحَى: إِذَا أَزَالَهُ بِالمِسْحَاةِ وهي المِجْرَفَةُ. شَحَّ الرَّجُلُ بِالمَالِ يَشُحُّ وَيَشِحُّ وَيَشَحُّ: إِذَا بَخِلَ بِهِ. صَبَغَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ يَصْبُغُهُ وَيَصْبِغُهُ وَيَصْبَغُهُ. قَرَّ اليَوْمُ يَقُرُّ وَيَقِرُّ وَيَقَرُّ: إِذَا زَادَ بَرْدُهُ. قَنَطَ يَقْنُطُ وَيَقْنِطُ وَيَقْنَطُ: إِذَا يَئِسَ مِنَ الخَيْرِ وَيُقَالُ: قَنِطَ يَقْنَطُ لاَ غَيْرُ. لاَعَ الرَّجُلُ يَلُوعُ وَيَلِيعُ وَيَلاَعُ: إِذَا خَافَ وَجَبُنَ. لَغَا الرَّجُلُ يَلْغُو وَيَلْغِي وَيَلْغَى: إِذَا أَكْثَرَ الكَلاَمَ. مَحَّ الثَّوْبُ يَمُحّ وَيَمِحُّ وَيَمَحُّ: إِذَا بَلِيَ. مَحَا الكِتَابُ، يَمْحُو وَيَمْحِي وَيَمْحَى: إِذَا دَرَسَ. مَخَضَ اللَّبَنَ يَمْخُضُ وَيَمْخِضُ وَيَمْخَضُ: إِذَا أَخْرَجَ زُبْدَهُ.

فصل

مَهَا الفُلْكَ يَمْهُو وَيَمْهِي وَيَمْهَى: إِذَا دَخَلَ فِيهِ المَاءُ. نَبَعَ المَاءُ يَنْبُعُ وَيَنْبِعُ وَيَنْبَعُ: إِذَا خَرَجَ. نَبَغَ الرَّجُلُ فِي الكَلاَمِ يَنْبُغُ وَيَنْبِغُ وَيَنْبَغُ: إِذَا أَجَادَ فِي كَلاَمِهِ. نَحَتَ العُودَ يَنْحُتُهُ وَيَنْحِتُهُ وَيَنْحَتُهُ: إِذَا قَشَّرَهُ. نَحَلَ الجِسْمُ يَنْحُلُ وَيَنْحِلُ وَيَنْحَلُ: إِذَا سَقُِمَ وَتَغَيَّرَ. نَخَسَ الدَّابَّةَ يَنْخِسُ وَيَنْخَسُ. نَعَمَ المَنْزِلُ يَنْعُمُ وَيَنْعِمُ وَيَنْعَمُ: إِذَا كَانَ وَفْقَهُمْ. نَكَلَ الرَّجُلُ يَنْكُلُ وَيَنْكِلُ وَيَنْكَلُ: إِذَا رَجَعَ فِيمَا أَخَذَ. نَهَقَ الحِمَارُ يَنْهُقُ وَيَنْهِقُ وَيَنْهَقُ: إِذَا صَوَّتَ. هَنَأَ الإِبِلَ يَهْنُؤُ وَيَهْنِئُ وَيَهْنَأُ: إِذَا طَلاَهَا بِالهِنَاءِ، وَهُوَ: القَطِرَانُ. فَصْلٌ فِيمَا يتَعَدَّى مِنَ الأَفْعَالِ بِنَفْسِهِ وَمَا لا يَتَعَدَّى أَبَانَ الشَّيْءُ فَهُوَ مُبِينٌ، وَأَبَنْتُهُ أَنَا: أَوْضَحْتُهُ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. اسْتَبَانَ الشَّيْءُ: ظَهَرَ، وَاسْتَبَنْتُهُ أَنَا: عَرَفْتُهُ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. أَبَلَ الآبِلُ الإِبِلَ يَأْبُلُهَا أُبُولاً: سَرَّحَهَا فِي الكَلأ، وَأَبَلَتْ هِيَ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى.

أَخْلَيْتُ، أَيْ: خَلَوْتُ، وَأَخْلَيْتُ غَيْرِي، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. أَدْنَفَ المَرِيضُ، إِذَا ثَقُلَ، وَأَدْنَفَهُ المَرَضُ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. أَدَاءَ الرَّجُلُ: إِذَا مَرِضَ، فَهُوَ مُدِيءٌ وَأَدَأْتُهُ أَنَا، أَيْ: أَصَبْتُهُ بِدَاءٍ. أَشْنَقْتُ البَعِيرَ وَأَشْنَقَ هُوَ بِنَفْسِهِ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. أَضَاءَتِ النَّارُ وَأَضَأْتُهَا: قَالَ الجَعْدِي: أَضَاءَتْ لَهُ النَّارُ وَجْهاً أَغَرْ ... رَ مُلْتَبِساً بِالفُؤَادِ التِبَاسَا وَأَضَاءَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمَّا أَضَاءَتْ} [البقرة: 17]، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّياً، فَيَكُونُ (مَا)، مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى (مَا حَوْلَهُ) مَفْعُولاً، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُتَعَدٍّ، فَيَكُون (حَوْلَهُ) ظَرْفاً وَ (مَا) زَائِدَةٌ.

أَمْلَقَ الرَّجُلُ: إِذَا افْتَقَرَ، وَأَمْلَقَ مَالَهُ الحَوَادِثُ. أَغْضَيْتُ الجُفُونَ عَلَى القَذَى، قَالَ يَحْيَى بْنُ مَنْصُورٍ الحَنَفِي: فَمَا أَسْلَمَتْنَا عِنْدَ يَوْمِ كَرِيهِةٍ ... وَلاَ نَحْنُ أَغْضَيْنَا الجُفُونَ عَلَى وِتْرِ وَمِنْهُ مَا يُحْكَى عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "فَكَمْ أُغْضِي الجُفُونَ عَلَى القَذَى، وَأَسْحَبُ ذَيْلِي عَلَى الأَذَى، وَأَقُولُ لَعَلَّ وَعَسَى". وَأَغْضَى زَيْدٌ يُغْضِي، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. بَجَسَ المَاءُ بِنَفْسِهِ يَبْجِسُ: إِذَا تَفَجَّرَ، وبَجَسْتُ المَاءَ فَانْبَجَسَ، أَيْ فَجَّرْتُهُ فَانْفَجَرَ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. تَبَيَّنَ الشَّيْءُ: ظَهَرَ، وَتَبَيَّنْتُهُ أَنَا، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. تَرَدَّمَ الثَّوْبُ: أَخْلَقَ وَاسْتَرْقَعَ، فَهُوَ مُتَرَدِّمٌ، وَالمُتَرَدَّمُ: المَوْضِعُ الَّذِي يُرْقَعُ.

قَالَ عَنْتَرَةُ: هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ مِن مُتَرَدَّمِ وَيُقَالُ: تَرَدَّمَ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ، أَيْ: رَقَّعَهُ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. تَلَدَّمَ الثَّوْبُ، أَيْ: أَخْلَقَ وَاسْتَرْقَعَ، وَتَلَدَّمَ الرَّجُلُ ثَوْبَهُ أَيْ: رَقَّعَهُ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. جَفَا السَّرْجُ عَلَى ظَهْرِ الفَرَسِ، وَجَفَيْتُهُ أَنَا: إِذَا رَفَعْتُهُ عَنْهُ، قَالَ الرَّاجِزُ: تَمُدُّ بِالأَعْنَاقِ أَوْ تَلْوِيهَا وَتَشْتَكِي لَوْ أَنَّنَا نُشْكِيهَا مَسَّ حَوَايَا قَلَّ مَا نَجْفِيهَا أَيْ: قَلَّ مَا نَرْفَعُ الحَوِيَّةَ عَنْ ظَهْرِهَا. جَلَوْا عَنْ أَوْطَانِهِمْ وَجَلَوْتُهُمْ أَنَا، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى.

حَبَسْتُ الشَّيْءَ وَاحْتَبَسْتُهُ بِمَعْنَى، وَاحْتَبَسَ بِنَفْسِهِ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. حَدَرَ جِلْدُهُ حُدُوراً، أَيْ: وَرِمَ مِنَ الضَّرْبِ، وَحَدَرْتُهُ حَدْراً، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. وَفِي حَدِيث عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "أَنَّهُ ضَرَبَ رَجُلاً ثَلاثَينَ سَوْطاً كُلَّهَا تَبْضَعُ وَتَحْدُِرُ" أَيْ: تَشُقُّ اللَّحْمَ وَتُوَرِّمُهُ، وَمِنْهُ: حَدَرَ فِي قَرَاءَتِهِ يَحْدُِرُ، وَهُوَ مِنَ الحُدُورِ ضِدّ الصُّعُودِ. حَسَرَ البَعِيرُ يَحْسُرُ حُسُوراً: إِذَا أَعْيَا، وَاسْتَحْسَرَ وَتَحَسَّرَ مِثْلُهُ، وَحَسْرَتُهُ أَنَا حَسْراً، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. خَسَأْتُ الكَلْبَ خَسْأً: طَرَدْتُهُ، وَخَسَأَ هُوَ بِنَفْسِهِ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. دُخْتُ الرَّجُلَ: أَذْلَلْتُهُ، وَدَاخَ هُوَ: إِذَا ذَلَّ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى.

دَرَسَ الرَّسْمُ يَدْرُسُ دُرُوساً: إِذَا عَفَا، وَدَرَسَتْهُ الرِّيحُ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. دَلَعَ الرَّجُلُ لِسَانَهُ: إِذَا أَخْرَجَهُ، وَدَلَعَ لِسَانُهُ، أَيْ: خَرَجَ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. رَجَنَ فُلاَنٌ دَابَّتَهُ رَجْناً: حَبَسَهَا وَأسَاءَ عَلَفَهَا حَتَّى تَهْزُلَ، وَرَجَنَتْ هِيَ بِنَفْسِهَا، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. رَفَعَ البَعِيرُ فِي السَّيْرِ، وَرَفَعْتُهُ أَنَا، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. رَكَضَ الجَوَادُ وَرَكَضْتُهُ أَنَا، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. زَهَتِ الإِبِلُ زَهْواً: إِذَا سَارَتْ بَعْدَ الوِرْدِ لَيْلَةً أَوْ أَكْثَرَ، حَكَاهَا أَبُو عُبَيْدٍ، وقال: زَهَوْتُهَا أَنَا، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. سَارَتِ الدَّابَّةُ، وَسَارَهَا صَاحِبُهَا، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتعَدَّى. سَاغَ الشَّرَابُ يَسُوغُ سَوْغاً، أَيْ: سَهُلَ مَدْخَلُهُ فِي الحَلْقِ، وَسُغُتُهُ أَنَا، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. سَكَبْتُ المَاءَ سَكْباً: إِذَا صَبَبْتُهُ، وَمَاءٌ مَسْكُوبٌ: يَجْرِي عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِنْ غَيْرِ حَفْرٍ، وَسَكَبَ المَاءُ بِنَفْسِهِ سُكُوباً

وَتَسْكاباً، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. شَجَبَ يَشْجُبُ بِالضَّمِّ شُجُوباً، فَهُوَ شَاجِبٌ: أَيْ هَالِكٌ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. شَخَا فَاهُ يَشْخُوهُ شَخْواً، أَيْ: فَتَحَ، وَشَخَا فُوهُ: انْفَتَحَ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. طَاخَ يَطِيخُ: إِذَا تَلَطَّخَ بِالقَبِيحِ، وَطَاخَهُ غَيْرُهُ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. ضَأَزْتُ النَّاقَةَ ضَأْزاً، وَهِيَ نَاقَةٌ مَضْئُوزَةٌ: إِذَا عَطَفْتُهَا عَنْ وَلَدِ غَيْرِهَا، وَضَأَزَتِ النَّاقَةُ: إِذَا عَطَفَتْ عَلَى البَوِّ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى.

عَثَمَ العَظْمُ المَكْسُورُ: إِذَا انْجَبَرَ عَلَى غَيْرِ اسْتِوَاءٍ، وَعَثَمْتُهُ أَنَا، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. عَلَّه: إِذَا سَقَاهُ السَّقْيَةَ الثَّانِيَةِ، وَعَلَّ بِنَفْسِهِ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. عَفَتِ الرِّيحُ المَنْزِلَ: دَرَسَتْهُ، وَعَفَا المَنْزِلُ: دَرَس، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. غَلَّهُ فَانْغَلَّ، أَيْ: أَدْخَلَهُ فَدَخَلَ، وَغَلَّ: دَخَلَ بِنَفْسِهِ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. فَغَرَ فَاهُ، وَفَغَرَ فُوهُ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. قَطَرَ المَاءُ وَغَيْرُهُ قَطْراً، وَقَطَرْتُهُ أَنَا، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. كَرَّهُ غَيْرُهُ، وَكَرَّ بِنَفْسِهِ: إِذَا رَجَعَ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. كَسَفَتِ الشَّمْسُ تَكْسُفُ كُسُوفاً، وَكَسَفَهَا اللَّهُ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. كَفَّ بَصَرُهُ، عَنِ ابْنِ الأَعْرَابِي، وَكَفَفْتُ الرَّجُلَ عَنِ الشَّيْءِ فَكَفَّ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى.

لاَقَتِ الدَّوَاةُ تَلِيقُ، أَيْ: لَصِقَتْ، وَلِقْتُهَا أَنَا، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. نَزَفْتُ مَاءَ البِئْرِ نَزْفاً: إِذَا نَزَحْتُهُ كُلَّهُ، وَنَزَفَتْ هِيَ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. نَزَحْتُ مَاءَ البِئْرِ، وَنَزَحَ هُوَ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. نَضَرَ وَجْهُهُ يَنْضُرُ نَضْرَةً، أَيْ: حَسُنَ، وَنَضَرهُ اللَّهُ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى، وَمِنْهُ الحَدِيثُ: "نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي". نَفَا الرَّجُلُ الرَّجُلَ: إِذَا طَرَدَهُ، وَنَفَا بِنَفْسِهِ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. هَاجَ الشَّيْءُ يَهِيجُ هَيْجاً وَهِيَاجاً، وَهَاجَهُ غَيْرُهُ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. هَدَنَ يَهْدُنُ هُدُوناً: سَكَنَ، وَهَدَنَهُ، أَيْ: سَكَّنَهُ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى.

وَضَعَتِ النَّاقَةُ تَضَعُ وَضِيعَةً فَهِيَ وَاضِعَةٌ: إِذَا رَعَتِ الحَمْضَ حَوْلَ المَاءِ وَلَمْ تَبْرَحْ، وَوَضَعْتُهَا أَنَا، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. وَقَفَت الدَّابَّةُ تَقِفُ وُقُوفاً، وَوَقَفْتُهَا وَقْفاً، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. وَهَنَ الإِنْسَانُ: ضَعُفَ، وَوَهَنَهُ غَيْرُهُ، يَتَعَدَّى وَلاَ يَتَعَدَّى. ***** فَهَذَا آخِرُ مَا اسْتَحْضَرَتْهُ يَدُ الاسْتِعْجَالِ، وَوَسِعَتْهُ الفِكْرَةُ عَلَى ضِيقِ المَجَالِ، إِذْ أَنَا تَحْتَ حَجَرِ الارْتِحَالِ، وَمُنتَقِلٌ فِي تَصَارِيفِ الغُرْبَةِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَقَدْ أبْعَدَتِ الأَسْفَارُ عَنِّي الأَسْفَارَ، وَامْتَنَعَ صُبْحُ المُطَالَعَةِ عَنِ الإِسْفَارِ، مَعَ أَنَّ هَذَا المَجْمُوعَ قَدْ وَفَّى بِكَثِيرٍ مِنْ هَذَا النَّوْعِ، وَجَرَى عَلَى أَحْسَنِ مَسَاقٍ فِي تَرْتِيبِ الجَمْعِ، وَأَمَّا اسْتِيفَاءُ هَذَا البَابِ فَلاَ سَبِيلَ إِلَى ادِّعَائِهِ، وَقُوَّةُ الحُفَّاظِ عَاجِزَةٌ عَنْ حَمْلِ أَعْبَائِهِ، فَإِنَّ لُغَةَ العَرَبِ بَحْرٌ لاَ يُمْكِنُ حَصْرُهُ، وَلاَ يَدْخَلُ تَحْتَ القِيَاسِ مَدُّهُ وَجَزْرُهُ، عَلَى أَنِّي لَمَ أَرَ أَحَداً سَلَكَ هَذَا المَنْزَعَ وَلاَ ارْتَبَعَ هَذَا المَرْبَعَ، وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ النَّاسُ عَلَى عُمُومِ الأَفْعَالِ. وَالاعْتِنَاءُ بِفَنٍّ وَاحِدٍ مِنْهَا أَوْفَى لِلْمَقَالِ، وَقَدْ خَدَمْتُ الخِزَانَةَ الشَّرِيفَةَ مِنْ ذَلِكَ بِمَا هُوَ مُنَاسِبٌ لِصِفَاتِهَا، وَجَارٍ فِي الغَرَابَةِ عَلَى صَافِي صِفَاتِهَا،

فَمَنْ نَظَرَ فِي هَذَا المَجْمُوعِ فَلْيُوسِعِ العُذْرَ، وَلَيَجْتَزِئْ بِالصَّدَفِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الدُّرَّ، فَاللَّهُ يَجْعَلُهُ سَبِيلاً مُوصِلاً إِلَى الثَّوَابِ، وَقَصْداً نَافِعاً يَوْمَ المَآبِ، "فَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَاتِ"، وَتَرْتِيبُ الحَسَنَاتِ عَلَى حُسْنِ الطوِيَّاتِ، فَقَدْ بَذَلْتُ فِي ذَلِكَ الوُسْعَ، وَلَمْ أُرِدْ بِهِ إِلاَّ النَّفْعَ، فَمَنْ وَجَدَ حُسْنَى فَلْيَعْتَرِفْ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلْيَقِفْ. فَالحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَلْهَمَنَا لِمَا يُحْمَدُ سَبِيلُهُ، وَيُرْشِدُ إِلَى اللَّهُ دَلِيلُهُ. وَالصَّلاَةُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ المُبَعُوثِ بِاللُّغَةِ الفَصْيحَةِ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الذِينَ طَوَوِا الصُّدُورَ عَلَى صِدْقِ النَّصِيحَةِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ أَوَّلاً وَآخِراً.

§1/1