اعتقاد أئمة الحديث

أبو بكر الإسماعيلي

اعتقاد أئمة الحديث - أبو بكر الإسماعيلي قال ابن قدامة أخبرنا الشريف أبو العباس مسعود بن عبد الواحد بن مطر الهاشمي، قال أنبأ أبو الحسن على بن محمد الجرجاني، أنبأ أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي، أنبأ أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي (¬1) قال: ¬

(¬1) قال الحاكم عن الإمام الإسماعيلي: (كان الإسماعيلي واحد عصره وشيخ المحدثين والفقهاء وأجلهم في الرئاسة والمروءة والسخاء) (سير أعلام النبلاء 16 / 294) . وقال عنه السمعاني: (إمام أهل جرجان والمرجوع إليه في الحديث والفقه. . وهو أشهر من أن يذكر) (الأنساب 1 / 139) . وقال عنه الذهبي: (الإمام الحافظ الفقيه شيخ الإسلام) (سير أعلام النبلاء 16 / 292) وقال في موضع آخر: (الإمام الحافظ الثبت شيخ الإسلام) (تذكرة الحفاظ 3 / 947) . وقال عنه الصفدي: (الإمام. . الفقيه الشافعي الحافظ) (الوافي بالوفيات 6 / 213) . وقال عنه الأناباكي: (الحافظ. . كان إماما طاف البلاد ولقي الشيوخ) (النجوم الزاهرة 4 / 140) . وقال عنه ابن كثير: (الحافظ الكبير الرحال الجوال سمع الكثير وحدث وخرج وصنف فأفاد وأجاد وأحسن الانتقاد والاعتقاد) (البداية والنهاية 11 / 317) . وقال عنه ابن عبد الهادي: (الإمام الحافظ الكبير أحد الأئمة الأعلام. . كبير الشافعية بناحيته) (طبقات علماء الحديث 3 / 140) . وقال عنه ابن ناصر الدين: (الإمام. . أحد الحفاظ الأعيان كان شيخ المحدثين والفقهاء وأجلهم في المروءة والسخاء) (شذرات الذهب 3 / 72) .

أصول الاعتقاد عند أهل الحديث

[أصول الاعتقاد عند أهل الحديث] اعلموا رحمنا الله وإياكم أن مذهب أهل الحديث أهل السنة والجماعة الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله، وقبول ما نطق به كتاب الله تعالى، وصحت به الرواية عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا معدل عن ما ورد به ولا سبيل إلى رده، إذ كانوا مأمورين باتباع الكتاب والسنة، مضمونا لهم الهدى فيهما، مشهودا لهم بأن نبيهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يهدي إلى صراط مستقيم، محذرين في مخالفته الفتنة والعذاب الأليم. [القول في الأسماء والصفات] ويعتقدون أن الله تعالى مدعو بأسمائه الحسنى وموصوف

ذكر بعض خصائص الربوبية

بصفاته التي سمى ووصف بها نفسه ووصفه بها نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خلق آدم بيده، ويداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء، بلا اعتقاد كيف، وأنه عز وجل استوى على العرش، بلا كيف، فإن الله تعالى انتهى من ذلك إلى أنه استوى على العرش ولم يذكر كيف كان استواؤه. [ذكر بعض خصائص الربوبية] وأنه مالك خلقه وأنشأهم لا عن حاجة إلى ما خلق ولا معنى دعاه إلى أن خلقهم، لكنه فعال لما يشاء

إثبات أسماء الله الحسنى وصفاته العلا

ويحكم ما يريد، لا يسأل عما يفعل، والخلق مسؤولون عما يفعلون. [إثبات أسماء الله الحسنى وصفاته العلا] وأنه مدعو بأسمائه، موصوف بصفاته التي سمى ووصف بها نفسه، وسماه ووصفه بها نبيه عليه الصلاة والسلام، لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، ولا يوصف بنقص أو عيب أو آفة، فإنه عز وجل تعالى عن ذلك. [إثبات صفة اليدين] وخلق آدم عليه السلام بيده، ويداه مبسوطتان ينفق كيف شاء، بلا اعتقاد كيف يداه، إذ لم ينطق كتاب الله تعالى فيه بكيف. ولا يعتقد فيه الأعضاء، (¬1) والجوارح، ولا الطول والعرض، والغلظ، والدقة، ونحو هذا مما يكون ¬

(¬1) هذه الكلمات ليست من الألفاظ المعروفة عند أهل السنة والجماعة من سلف هذه الأمة، بل هي من الكلمات المبتدعة المخترعة، والتعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية هو سبيل أهل السنة والجماعة، فلا ينبغي لطالب الحق الالتفات إلى مثل هذه الألفاظ والتعويل عليها، وما كان أغنى الإمام المصنف رحمه الله عن مثل هذه الكلمات فإن الله سبحانه موصوف بصفات الكمال منعوت بنعوت الجلال، وعلى كل حال فالباطل مردود على قائله كائنا من كان، والقاعدة السلفية في مثل هذه الكلمات أنه لا يجوز نفيها ولا إثباتها إلا بعد التفصيل وتبيين مراد قائلها، وكان على المؤلف أن يجمل في النفي غير أنه أراد بهذا النفي أن يسد الطريق على المعطلة لئلا يكون لهم مدخل في رمي أهل الحديث بالتشبيه، لكنه لو امسك رحمه الله عن مثل هذه العبارات لكان أجدى.

مثله في الخلق، وأنه ليس كمثله شيء تبارك وجه ربنا ذو الجلال والإكرام. ولا يقولون إن أسماء الله عز وجل كما تقوله المعتزلة (¬1) ¬

(¬1) المعتزلة: فرقة كلامية ظهرت في أول القرن الثاني الهجري، وبلغت شانها في العصر العباسي الأول، يرجع اسمها إلى اعتزال إمامها واصل بن عطاء مجلس الحسن البصري لقول واصل بان مرتكب الكبيرة ليس كافرا ولا مؤمنا بل هو في منزلة بين المنزلتين، ولما اعتزل واصل مجلس الحسن وجلس عمرو بن عبيد إلى واصل وتبعهما أنصارهما قيل لهم معتزلة، وهذه الفرقة تعتد بالعقل وتغلو فيه وتقدمه على النقل.

والخوارج (¬1) وطوائف من أهل الأهواء ¬

(¬1) الخوارج: جمع خارجة، أي فرقة خارجة، واشتهر بهذا اللقب جماعة خرجوا على علي رضي الله عنه ممن كان معه في حرب صفين، وقد افترق الخوارج إلى عدة فرق يجمعهم القول بتكفير عثمان وعلي وأصحاب الجمل ومن رضي بالتحكيم وصوب الحكمين أو أحدهما، وتكفير صاحب الكبيرة، انظر الملل والنحل 1 / 114 والفرق بين الفرق 72 / 73 ومقالات الإسلاميين 1 / 167 ومجموع الفتاوى 3 / 279.

مخلوقة. (¬1) . ¬

(¬1) هذه من حماقات الجهمية والمعتزلة ومن تابعهم، وهي مبنية على قولهم بخلق القرآن، قال الدارمي في الرد على المريسي: (وقد كان للمريسي في أسماء الله مذهب كمذهبه في القرآن، كان القرآن عنده مخلوقا من قول البشر لم يتكلم الله بحرف منه في دعواه، وكذلك أسماء الله عنده من ابتداع البشر) إلى أن قال: (فهذا الذي ادّعوا في أسماء الله أصل كبير من أصول الجهمية التي بنوا عليها محنتهم وأسسوا عليها ضلالاتهم، غالطوا بها الأغمار والسفهاء) وشبهتهم: (أنهم لو أثبتوا لله تسعة وتسعين اسما لأثبتوا تسعة وتسعين إلها) انظر شرح أصول الاعتقاد 2 / 215، وقد كفرهم جماعة من السلف، يقول إسحاق بن راهويه: (أفضوا -الجهمية- إلى أن قالوا أسماء الله مخلوقة. . وهذا الكفر المحض) ، وقال الإمام أحمد بن حنبل: (من زعم أن أسماء الله مخلوقة فهو كافر) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 2 / 214. وقال خلف بن هشام المقري: (من قال إن أسماء الله مخلوقة فكفره عندي أوضح من هذه الشمس) شرح أصول اعتقاد أهل السنة 2 / 207.

قولهم في صفة الوجه والسمع والبصر والعلم والقدرة والكلام

[قولهم في صفة الوجه والسمع والبصر والعلم والقدرة والكلام] ويثبتون أن له وجها، وسمعا، وبصرا، وعلما، وقدرة، وقوة، وكلاما، لا على ما يقوله أهل الزيغ من المعتزلة وغيرهم، ولكن كما قال تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] وقال: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166] وقال: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ} [البقرة: 255]

وقال: {فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر: 10] وقال: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات: 47] وقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت: 15] وقال: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58] فهو تعالى ذو العلم، والقوة، والقدرة، والسمع، والبصر، والكلام، كما قال تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39] {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} [هود: 37] وقال: {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: 6] وقال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164] وقال: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82]

إثبات المشيئة

[إثبات المشيئة] ويقولون ما يقوله المسلمون بأسرهم: (ما شاء الله كان، وما لا يشاء لا يكون) ، كما قال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30] [علم الله] ويقولون لا سبيل لأحد أن يخرج عن علم الله ولا أن يغلب فعله وإرادته مشيئة الله ولا أن يبدل علم الله، فإنه العالم لا يجهل ولا يسهو، والقادر لا يغلب. [القرآن كلام الله] ويقولون: القرآن كلام الله غير مخلوق، وإنما كيفما يصرف بقراءة القارئ له، وبلفظه، ومحفوظا في الصدور، متلوًا بالألسن، مكتوبًا في المصاحف، غير مخلوق، ومن قال بخلق (¬1) ¬

(¬1) زعم كثير من أهل الأهواء أن الإمام البخاري قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ولكن بعد التحقيق تبين أن نسبة هذا القول للإمام البخاري رحمه الله من قبل شهادة الزور عليه وانه براء من هذه المقالة، قال نصر بن محمد: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: (من زعم أني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب، فإني لم أقله) طبقات الحنابلة 1 / 277، سير أعلام النبلاء 12 / 457. وقال أبو عمر والخفاف: (أتيت البخاري فناظرته في الأحاديث حتى طابت نفسي، فقلت: يا أبا عبد الله هاهنا أحد يحكي عنك أنك قلت هذه المقالة. فقال: يا أبا عمرو أحفظ ما أقول لك: من زعم من أهل نيسابور وقومس والري وهمذان وحلوان وبغداد والكوفة والبصرة ومكة والمدينة أني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب، فإني لم أقله، إلا أني قلت أفعال العباد مخلوقة) تاريخ بغداد 2 / 32 مقدمة فتح الباري 492، سير أعلام النبلاء 12 / 457-458.

أفعال العباد مخلوقة لله

اللفظ بالقرآن يريد به القرآن، فهو قد قال بخلق القرآن. [أفعال العباد مخلوقة لله] ويقولون إنه لا خالق على الحقيقة إلا الله عز وجل، وأن أكساب العباد كلها مخلوقة لله، وأن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء، لا حجة لمن أضله الله عز وجل، ولا عذر، كما قاله الله عز وجل: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: 149] وقال: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ - فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ} [الأعراف: 29 - 30]

الخير والشر بقضاء الله

وقال: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: 179] وقال: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22] ومعنى "نبرأها" أي نخلقها وبلا خلاف في اللغة، وقال مخبرًا عن أهل الجنة: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43] وقال: {أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا} [الرعد: 31] وقال: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ - إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: 118 - 119] [الخير والشر بقضاء الله] ويقولون إن الخير والشر والحلو والمر، بقضاء من الله عز وجل، أمضاه وقدره، لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا

النزول إلى السماء الدنيا

نفعا إلا ما شاء الله، وإنهم فقراء إلى الله عز وجل، لا غنى لهم عنه في كل وقت. [النزول إلى السماء الدنيا] وأنه عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا على ما صح به الخبر (¬1) عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بلا اعتقاد كيف فيه (¬2) . [رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة] ويعتقدون جواز الرؤية من العباد المتقين لله عز وجل ¬

(¬1) في عقيدة السلف أصحاب الحديث: (على ما صح به الخبر عن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد قال عز وجل: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام وقال: وجاء ربك والملك صفا صفا ونؤمن بذلك كله على ما جاء) . (¬2) في عقيدة السلف أصحاب الحديث: (بلا كيف، فلو شاء سبحانه أن يبين لنا كيفية ذلك فعل، فانتهينا إلى ما أحكم وكففنا عن الذي يتشابه، إذ كنا قد أمرنا به في قوله تعالى: هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب) .

حقيقة الإيمان

في القيامة، دون الدنيا، ووجوبها لمن جعل الله ذلك ثوابًا له في الآخرة، كما قال: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ - إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 22 - 23] وقال في الكفار: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] فلو كان المؤمنون كلهم والكافرون كلهم لا يرونه، كانوا جميعا عنه محجوبين، وذلك من غير اعتقاد التجسيم (¬1) في الله عز وجل ولا التحديد له، ولكن يرونه جل وعز بأعينهم على ما يشاء هو بلا كيف. [حقيقة الإيمان] ويقولون إن الإيمان قول وعمل (¬2) ومعرفة، يزيد ¬

(¬1) التجسيم من الألفاظ المجملة المحدثة التي أحدثها أهل الكلام، فلم ترد في الكتاب والسنة ولم تعرف عن أحد من الصحابة والتابعين وأئمة الدين، فلذلك لا يجوز إطلاقها نفيا ولا إثباتا، فإن الله لا يوصف إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفيا أو إثباتا. (¬2) العمل قسمان: عمل القلب وهو الإخلاص والنية، وعمل الجوارح وهي الأعضاء ويدخل في ذلك اللسان.

قولهم في مرتكب الكبيرة

بالطاعة وينقص بالمعصية، من كثرت طاعته أزيد إيمانًا ممن هو دونه في الطاعة. [قولهم في مرتكب الكبيرة] ويقولون إن أحدًا من أهل التوحيد ومن يصلي إلى قبلة المسلمين، لو ارتكب ذنبًا، أو ذنوبًا كثيرة، صغائر، أو كبائر، مع الإقامة على التوحيد لله والإقرار بما التزمه وقبله الله، فإنه لا يكفر به، ويرجون له المغفرة، قال تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] [حكم تارك الصلاة عمدًا] واختلفوا في متعمدي ترك الصلاة المفروضة حتى يذهب وقتها من غير عذر، فكفره جماعة (¬1) لما روي ¬

(¬1) منهم عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وابن مسعود وابن عباس وجابر بن عبد الله وأبو الدرداء رضي الله عنهم، ومن التابعين إبراهيم النخعي وعبد الله بن المبارك وأيوب السختياني وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل وأبو بكر بن أبي شيبة وغيرهم رحمهم الله، انظر المحلى لابن حزم 2 / 242، ومعالم السنن للخطابي 5 / 58، وكتب الصلاة لابن القيم ص 37.

عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: « (بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة) » وقوله: « (من ترك الصلاة فقد كفر) » و: « (من ترك الصلاة فقد برأت منه ذمة الله) » وتأول

جماعة منهم. . . بذلك من تركها جاحدًا لها، كما قال يوسف عليه السلام: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [يوسف: 37] ترك (¬1) جحود الكفر. ¬

(¬1) معلوم أن النبي يوسف عليه السلام لم يكن تلبس بملة الكفر، ولكن أعرض عن الكفر جاحدا له، ومعلوم أن ترك الشيء لا يستلزم الوقوع فيه أولا.

أقوال أهل العلم في الفرق بين الإسلام والإيمان

[أقوال أهل العلم في الفرق بين الإسلام والإيمان] وقال منهم: إن الإيمان قول وعمل، والإسلام فعل ما فرض على الإنسان أن يفعله، إذا ذكر كل اسم مضمومًا إلى الآخر، فقيل: المؤمنون والمسلمون جميعا مفردين أريد بأحدهما معنى لم يرد بالآخر، وإن ذكر أحد الاسمين شمل الكل وعمهم. وكثير منهم (¬1) قالوا: الإسلام والإيمان واحد، قال عز وجل: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] فلو أن الإيمان غيره لم يقبل منه، وقال: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ - فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: 35 - 36] ¬

(¬1) منهم محمد بن نصر المروزي وسفيان الثوري والبخاري والمزني وابن عبد البر، انظر جامع العلوم والحكم ص170، وروي عن الشافعي، انظر فتح الباري 1 / 114-115.

الشفاعة والحوض والمعاد والحساب

ومنهم من ذهب إلى أن الإسلام مختص بالاستسلام لله والخضوع له والانقياد لحكمه فيما هو مؤمن به، كما قال: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} [الحجرات: 14] وقال: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [الحجرات: 17] وهذا أيضًا دليل لمن قال هما واحد. [الشفاعة والحوض والمعاد والحساب] ويقولون إن الله يخرج من النار قوما من أهل التوحيد بشفاعة الشافعين، وأن الشفاعة حق، والحوض حق، والمعاد حق، والحساب حق. [ترك الشهادة لأحد من الموحدين بالجنة أو النار] ولا يقطعون على أحد من أهل الملة أنه من أهل الجنة أو من أهل النار، لأن علم ذلك يغيب عنهم، لا

عذاب القبر

يدرون على ماذا الموت؟ أعلى الإسلام؟ أم على الكفر؟ ولكن يقولون إن من مات على الإسلام مجتنبا للكبائر والأهواء والآثام، فهو من أهل الجنة، لقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [البينة: 7] ولم يذكر عنهم ذنبا {أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ - جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} [البينة: 7 - 8] ومن شهد له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعينه وصح له ذلك عنه، فإنهم يشهدون له بذلك، اتباعا لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتصديقا لقوله. [عذاب القبر] ويقولون إن عذاب القبر حق، يعذب الله من استحقه إن شاء، وإن شاء عفى عنه، لقوله تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: 46] فأثبت لهم ما بقيت الدنيا عذابا بالغدو والعشي دون ما بينهما، حتى إذا قامت القيامة عذبوا أشد

سؤال منكر ونكير

العذاب، بلا تخفيف عنهم كما كان في الدنيا، وقال: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124] يعني قبل فناء الدنيا، لقوله بعد ذلك: {وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124] بين أن المعيشة الضنك قبل يوم القيامة، وفي معاينتنا اليهود والنصارى والمشركين في العيش الرغد والرفاهية في المعيشة ما يعلم به أنه لم يرد به ضيق الرزق في الحياة الدنيا لوجود مشركين في سعة من أرزاقهم، وإنما أراد به بعد الموت، قبل الحشر. [سؤال منكر ونكير] ويؤمنون بمسألة منكر ونكير على ما ثبت به الخبر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مع قول الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27] وما ورد

ترك الخصومات والمراء في الدين

تفسيره عن النبي (¬1) . [ترك الخصومات والمراء في الدين] ويرون ترك الخصومات والمراء في القرآن وغيره، لقول الله عز وجل: {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} [غافر: 4] يعني يجادل فيها تكذيبا بها والله أعلم. [خلافة الخلفاء الراشدين] ويثبتون خلافة أبي بكر رضي الله عنه بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، باختيار الصحابة إياه، ثم خلافة عمر بعد أبي بكر رضي الله عنه باستخلاف أبي بكر إياه، ثم خلافة عثمان رضي الله عنه باجتماع أهل الشورى ¬

(¬1) قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تفسير هذه الآية: (المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فذلك قول الله تعالى: يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.) ، أخرجه البخاري.

المفاضلة بين الصحابة

وسائر المسلمين عليه عن أمر عمر ثم خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن بيعة من بايع من البدريين عمّار بن ياسر وسهل بن حنيف ومن تبعهما من سائر الصحابة مع سابقه وفضله. [المفاضلة بين الصحابة] ويقولون بتفضيل الصحابة رضي الله عنهم، لقوله: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] وقوله: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ} [التوبة: 100] ومن أثبت الله رضاه عنه لم يكن منهم بعد ذلك ما يوجب سخط الله عز وجل، ولم يوجب ذلك للتابعين إلا بشرط الإحسان، فمن كان من التابعين من بعدهم يتنقصهم لم يأت بالإحسان، فلا مدخل له في ذلك.

قولهم فيمن يبغض الصحابة

[قولهم فيمن يبغض الصحابة] ومن غاظه مكانهم من الله فهو مخوف عليه ما لا شيء أعظم منه، لقوله عز وجل: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الفتح: 29] إلى قوله {وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} [الفتح: 29] فأخبر أنه جعلهم غيظا للكافرين. وقالوا بخلافتهم، لقول الله عز وجل: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [النور: 55] فخاطب بقوله منكم من ولد الآن وهو مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على دينه، فقال بعد ذلك: {لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور: 55] فمكن الله بأبي بكر وعمر وعثمان

الدين، وعد الله آمنين يغزون ولا يغزون، ويخيفون العدو ولا يخيفهم العدو. وقال عز وجل للذين تخلفوا عن نبيه في الغزوة التي ندبهم الله عز وجل بقوله: {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} [التوبة: 83] فلما لقوا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسألونه الإذن في الخروج للعدو فلم يأذن لهم، أنزل الله عز وجل: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [الفتح: 15] وقال لهم: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا

الجمعة خلف كل إمام مسلم برا كان أو فاجرا

أَلِيمًا} [الفتح: 16] والذين كانوا في عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحياء خوطبوا بذلك لما تخلفوا عنه، وبقي منهم في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ما أوجب لهم بطاعتهم إياهم الأجر وبترك طاعتهم العذاب الأليم، إيذانا من الله عز وجل بخلافتهم رضي الله عنهم ولا جعل في قلوبنا غلا لأحد منهم، فإذا أثبتت خلافة واحد منهم انتظم منها خلافة الأربعة. [الجمعة خلف كل إمام مسلم برا كان أو فاجرا] ويرون الصلاة -الجمعة وغيرها- خلف كل إمام مسلم برا كان أو فاجرا، فإن الله عز وجل فرض الجمعة وأمر بإتيانها فرضا مطلقا، مع علمه تعالى بأن القائمين يكون منهم الفاجر والفاسق، ولم يستثن وقتا دون وقت، ولا أمرا بالنداء للجمعة دون أمر. [الجهاد مع الأئمة وإن كانوا جورة] ويرون جهاد الكفار معهم، وإن كانوا جورة، ويرون الدعاء لهم بالصلاح والعطف إلى العدل، ولا يرون

دار الإسلام

الخروج بالسيف عليهم، ولا قتال الفتنة، ويرون قتال الفئة الباغية مع الإمام العادل، إذا كان ووجد على شرطهم في ذلك. [دار الإسلام] ويرون الدار دار الإسلام لا دار الكفر كما رأته المعتزلة، ما دام النداء بالصلاة والإقامة ظاهرين وأهلها ممكنين منها آمنين. [أعمال العباد لا توجب لهم الجنة إلا بفضل الله] ويرون أن أحدا لا تخلص له الجنة، وإن عمل أي عمل، إلا بفضل الله ورحمته التي يخص بهما من يشاء، فإن عمله للخير وتناوله الطاعات إنما عن فضل الله الذي لو لم يتفضل به عليه لم يكن لأحد على الله حجة ولا عذر، كما قال الله: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} [النور: 21] {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 83] وقال:

تقدير الآجال

{يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 105] [تقدير الآجال] ويقولون إن الله عز وجل أجل لكل حي مخلوق أجلا هو بالغه فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون وإن مات أو قتل فهو عند انتهاء أجله المسمى له كما قال الله عز وجل {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم} [الرازق الله] وإن الله تعالى يرزق كل حي مخلوق رزق الغذاء الذي به قوام الحياة، وهو يضمنه الله لمن أبقاه من خلقه، وهو الذي رزقه من حلال أو من حرام، وكذلك رزق الزينة الفاضل عما يحيا به. [الله خالق الشياطين ووساوسهم] ويؤمنون بأن الله تعالى خلق الشياطين توسوس

السحر والسحرة

للآدميين ويخدعونهم ويغرونهم، وأن الشيطان يتخبط الإنسان (¬1) . [السحر والسحرة] وأن في الدنيا سحرا وسحرة، وأن السحر واستعماله كفر من فاعله، معتقدا له، نافعا ضارا بغير إذن الله. [مجانبة البدعة] ويرون مجانبة البدعة والآثام، والفخر، والتكبر، والعجب، والخيانة، والدغل، (¬2) والسعاية، (¬3) ويرون كف الأذى وترك الغيبة إلا لمن أظهر بدعة وهو يدعو إليها، فالقول فيه ليس بغيبة عندهم. [تعلم العلم] ويرون تعلم العلم وطلبه من مظانه، والجد في تعلم القرآن وعلومه وتفسيره، وسماع سنن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجمعها والتفقه فيها، وطلب آثار الصحابة. ¬

(¬1) كما قال تعالى: الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس البقرة 275. (¬2) الدغل: هو الذي يبغي الشر، انظر تهذيب اللغة 8 / 71. (¬3) الوشاية والنميمة بين الناس.

الكف عن الصحابة

[الكف عن الصحابة] والكف عن الوقيعة فيهم، وتأول القبيح عليهم، ويكلونهم فيما جرى بينهم على التأويل إلى الله عزّ وجل. [لزوم الجماعة] مع لزوم الجماعة، والتعفف في المأكل والمشرب والملبس، والسعي في عمل الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإعراض عن الجاهلين حتى يعلموهم ويبينوا لهم الحق، ثم الإنكار والعقوبة من بعد البيان وإقامة العذر بينهم ومنهم. [وجوب لزوم مذهب أهل الحديث الفرقة الناجية] هذا أصل الدين والمذهب، اعتقاد أئمة أهل الحديث، الذين لم تشنهم بدعة، ولم تلبسهم فتنة، ولم يخفوا إلى مكروه في دين، ولا تفرقوا عنه. واعلموا أن الله تعالى أوجب في كتابه محبته ومغفرته لمتبعي رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كتابه، وجعلهم الفرقة الناجية والجماعة المتبعة، فقال عزّ وجلّ لمن ادعى أنه يحب الله عز وجل: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31]

نفعنا الله وإياكم بالعلم، وعصمنا بالتقوى من الزيغ والضلالة بمنه ورحمته.

§1/1