استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على الرجال

الصنعاني

مقدمة المحقق

[مقدمة المحقق] بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد: فإن إسبال الثياب وجعلها أسفل من الكعبين قد صار شائعاً في الأزمان المتأخرة، ولا تجد من ينكر عليهم صنيعهم هذا إلا ما شاء الله. وهذه المسألة -أعني إسبال الإزار والقميص وما أشبه ذلك- تعد من الكبائر. ومن المؤسف جداً أن تجد بعضاً ممن ينتسب إلى العلم يسبل إزاره ويجره في الأرض، وخاصة من الأزهريين، ثم اقتدى بهم عامة المسلمين. وتجدهم يتعللون بعلل واهية هي أوهى من خيوط العنكبوت، تارة يستدلون بما ورد في بعض طرق الحديث ((من جر ثوبه خيلاء)) وتارة يستدلون بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جر ثوبه ... وهكذا. وهذا يدل على جهل منهم بالأصول التي وضعها العلماء للجمع بين الروايات. وهذه الرسالة التي بين يديك للإمام الصنعاني رحمه الله وهي ((استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على الرجال)) جمع فيها جملة طيبة من الأحاديث الدالة على تحريم إنزال الثياب تحت الكعبين، ورد قيها على الذين يجيزون ذلك لغير الخيلاء، وجمع بين الأدلة جمعاً طيباً، وأيد كلامه بكلام من سبقه من العلماء على أن الإسبال محرم سواء قصد الخيلاء أم لم يقصد. هذا وقد قمت بتحقيقها وتخريج أحاديثها رجاء أن ينفع بها كل

من وصلت إليه، وآثرت أن يكون تخريجي للأحاديث تخريجاً خفيفاً حتى لا أثقل الرسالة ولا أثقل على القارئ، وتكلمت على بعض الأحاديث التي بان لي ضعفها. أسأل الله عز وجل أن يرزقني الإخلاص في القول والعمل، وأن يجعل عملي خالصاً لوجهه الكريم، وأن يجزي مؤلف هذه الرسالة خير الجزاء إنه أكرم مسئول. ولا أنسى أن أتوجه بشكري الجزيل للأخ الفاضل الشيخ عبد الرقيب بن إسماعيل الصلوي على ما بذل معي من مجهود في المرحلة الأخيرة من تحقيق هذه الرسالة، وأسأل الله أن يرزقني وإياه العلم النافع. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. أبو عبد الرحمن عقيل بن محمد بن زيد المقطري تعز/اليمن

وصف المخطوطة

وصف المخطوطة 1 - اسم الرسالة: (استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على الرجال) هكذا سماها مؤلفها رحمه الله، وورد في فهرست مخطوطات الجامع الكبير وغلاف الرسالة* (استيفاء الاستدلال في بيان تحريم إسبال الثياب على الرجال) والمعتبر هو تسمية المؤلف. 2 - موضوعها: الكلام على تحريم إسبال الثياب على الرجال. 3 - مكان وجود الرسالة: توجد الرسالة في المجموع رقم (1) من مخطوطات مكتبة الجامع الكبير بصنعاء وهي ضمن رسائل الإمام الصنعاني رحمه الله. 4 - أول المخطوطة: الحمد لله الذي أسبل على الأنام ستره ... 5 - آخر المخطوطة: ولا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة، وأي حاجة أشد من مقام النهي والله أعلم. 6 - نوع خطها: نسخي معتدل 7 - تاريخ النسخ: نحو سنة 1175 هـ، كما في فهرست مخطوطات مكتبة الجامع الكبير بصنعاء. 8 - عدد أوراقها: من الورقة 53 - إلى الورقة 57. 9 - المسطرة:35 سطراً. 10 - المقاس:33*23

_ (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: وكذا ورد الاسم في عنوان الرسالة ونصها في المطبوع من (ب) ومخطوطتها

مقدمة وسبب التأليف

استيفاء الأقوال في تحريم الإسبال على الرجال* بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذى اسبل على الانام ستره، وعرفهم على لسان رسوله المختار صلى الله عليه وآله وسلم (1) نهيه وامره، والصلاة والسلام على الشفيع فى يوم يكشف عن ساق، وعلى آله الذين ليس بينهم وبين القرآن حتى يرد الحوض افتراق. وبعد: فقد ورد سؤال عن احاديث السدل والاسبال، اى اسبال الإزار وما ورد فيه من الوعيد بالنار، وكيف امر صلى الله عليه واله وسلم من صلى مسبلا باعادة وضوئه مرتين بالتكرار. فأجبت بجواب فيه كفاية واختصار، من غير مراجعة لما فى بطون الأسفار، لما قاله فى ذلك الائمة الكبار، ثم رأيت بسط الجواب واستيفاء الأقوال وتسميته: ((استيفاء الأقوال فى تحريم الاسبال على الرجال)) * فأقول: أخرج مسلم فى ((الصحيح)) والبيهقى فى ((السنن الكبرى)) من حديث عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال: مررت على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفى ازارى استرخاء فقال: ((يا عبد الله، ارفع ازارك)) فرفعته

_ (1) في المخطوطة اختصرت الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى اّله وسلم في بعض المواضع هكذا (صللم) (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في النسخة الأخرى (ب) جاء العنوان مختلف هكذا: "استيفاء الاستدلال في بيان تحريم إسبال الثياب على الرجال" وانظر الصفحة السابقة

حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه

فقال: ((زد)) فزدت فما زلت أتحرى بعد، وقال بعض القوم: أين؟ قال: نصف الساقين. وأخرج البيهقى فيها أيضا عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: سألت ابا سعيد عن الإزار فقال: اخبرك بعلم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((إزرة المؤمن إلى نصف الساقين، ولا جناح فيما بينه وبين الكعبين، فما أسفل من ذلك ففى النار، لا ينظر الله إلى من جر إزاره بطرا)) وقد دلت الاحاديث على ان ما تحت الكعبين فى النار، وهو يفيد التحريم. ودل على ان من جر إزاره خيلاء لا ينظر الله إليه، وهو دال على التحريم، وعلى ان عقوبة الخيلاء عقوبة خاصة هى عدم نظر الله إليه، وهو مما يبطل القول بأنه لا يحرم الا اذا كان للخيلاء كما يأتى بسطه ورده. وأخرج البيهقى فى السنن ايضا من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما كان اسفل من الكعبين من الإزار ففى النار)) وفى لفظ: ((ما تحت الكعبين من الإزار ففى النار)) رواه البخارى فى الصحيح. وأخرج أيضا من حديث يزيد بن ابى سمية قال سمعت ابن عمرو يقول

حديث أبى هريرة المسبل في الصلاة

ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الإزار فهو فى القميص. قلت: سيأتى رفعه بزيادة. وأخرج أبو داود والبيهقى أيضا من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال: بينما رجل يصلى مسبلا إزاره، فقال له النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((اذهب فتوضأ)) ثم جاء، فقال له: ((اذهب فتوضأ)) فقال له رجل: يا رسول الله، أمرته أن يتوضأ ثم سكت عنه، فقال: ((أنه كان يصلى وهو مسبل إزاره، وان الله لا يقبل صلاة رجل مسبل إزاره)) قال النووى: انه على شرط مسلم. قلت: وقال الحافظ المنذرى فى ((سنن ابى داوود)): فى اسناده أبو جعفر رجل من أهل المدينة لا يعرف اسمه. انتهى. [قلت: قال ابن رسلان فى ((شرح السنن)): اسم ابى جعفر هذا كثير بن جهمان السلمى أو راشد بن كيسان. انتهى.] * وفى التقريب ما لفظه: كثير بن جهمان السلمى ابو جعفر مقبول، وفيه: راشد بن كيسان العبسى بالموحدة أبو فرازة الكوفى: ثقة من الخامسة. انتهى.

_ (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين ليس في المطبوع من (ب) وهو في مخطوطته

وبه يعرف عدم صحة كلام الحافظ المنذرى فى أن أبا جعفر مجهول، بل قد تردد بين ثقتين، ولكن الذى أخرج له مسلم هو راشد بن كيسان، ولم يخرج مسلم لكثير بن جهمان، انما أخرج له أصحاب السنن الأربع. فقول النووى: (ان الحديث على شرط مسلم) دال على أنه راشد بن كيسان، لكن كنيته أبو فزارة لا أبو جعفر، فالمتعين أنه كثير بن جهمان، ولا وجه لقول ابن رسلان أو راشد بن كيسان. اذ ذلك كنيته أبو فرازة والمروى عنه فى السنن أبو جعفر. وأخرج أبو داود وغيره عن ابن مسعود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((من أسبل إزاره فى صلاته خيلاء فليس من الله فى حل ولا حرام)). قال النووى: معناه قد برئ من الله وفارق دينه. وأخرج أبو داود والبيهقى أيضا عن ابى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: نهى عن السدل فى الصلاة.

حديث أبى جحيفة

وأخرج البيهقى أيضا عن أبى عطية الوادعى: أن النبى صلى الله عليه وعلى اله وسلم مر برجل قد سدل ثوبه، فأخذ النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثوبه فعطفه فى الصلاة عليه. وهو ان كان منقطعا، فقد أخرجه البيهقى من حديث أبى جحيفة موصولا، قال: مر النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم برجل قد سدل ثوبه فى الصلاة [فقطعه] *. وهو وان كان فيه حفص بن ابى داود وقد ضعف فانه يعضده ما سلف. وأخرج البخارى وغيره من حديث ابن عمر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((بينما رجل ممن كان قبلكم يجر إزاره من الخيلاء خسف به، فهو يتجلجل فى الارض إلى يوم القيامة))؛ الجلجلة - بالجيمين واللامين -: صوت مع حركة، والمراد أنه يسوخ فى الأرض أى يغوص فيها. وفى لفظ الترمذى من حديث ابن عمرو بن العاص (يتلجلج) وهو من التلجلج: التردد، فكأنه قال: يتردد فة تخوم الأرض.

_ (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في (ب) والسنن الكبرى للبيهقي (243/ 2) (فعطفه) وقد ذكر الزيلعي في نصب الراية أن هناك رواية (فقطعه)

حديث ابن عمر رضى الله عنه

ولمسلم أن أبا هريرة رضى الله عنه رأى رجلا يجر إزاره فجعل يضرب برجله الأرض وهو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((ان الله لا ينظر إلى من جر إزاره بطرا)). وأخرج الشيخان وأبو داود والترمذى من حديث ابن عمر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة))، فقال أبو بكر: يا رسول الله ان ازارى يسترخى الا ان أتعاهده فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنك لست ممن يفعله خيلاء)). وأخرج مسلم عن ابن عمر رضى الله عنه أنه رأى رجلا يجر إزاره فقال له: ممن أنت؟ [فانتسب] * له، فاذا رجل من بنى ليث يعرفه ابن عمر، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأذنى هاتين يقول: ((من جر إزاره (3) -لا يريد بذلك الا المخيلة - فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة)). وفى رواية لأبى داود والنسائى عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الاسبال فى الإزار والقميص والعمامة، من جر شيئا فيها خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة)). وقد قدمنا بأقل من هذا

_ (3) في المخطوطة (من جرجر إزاره) (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في الأصل (فانشب) والتصويب من (ب) ومن صحيح مسلم (6/ 147)

موقوفا على ابن عمر، والذى رفعه عبد العزيز بن أبى رواد: مختلف فيه، قال فيه ابن حجر: إنه عابد صدوق ربما وهم ورمى بالارجاء. قلت: بعد الحكم بكونه صدوقا لا يضره ما رمى به. قال السيد محمد بن ابراهيم رحمه الله: الظاهر أن نافعا وقفه على ابن عمر ولا يضر، لأن الصحابى قد كان يفتى بالحديث غير مرفوع، خصوصا وقد رفعه الأكثرون، انتهى. وأخرج أبو داود والترمذى والنسائى من حديث ابن عمر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة))، فقالت أم سلمة رضى الله عنها: كيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: ((يرخين شبرا)) فقالت ام سلمة رضى الله عنها: اذا تنكشف أقدامهن. قال: ((فيرخين ذراعا لا يزدن عليه)). وفى رواية لأبى داود قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأمهات المؤمنين فى الذيل شبراً، [فاستزدنه] * فزادهن شبراً، فكن يرسلن [إلينا] ** (فنذرع لهن ذراعا) (2). واخرج مالك ... والنسائى عن أم سلمة رضى الله عنها قالت: حين ذكر الإزار-؛ فالمرأة يا رسول الله؟ قال: ((ترخيه شبرا)) قلت: إذا تنكشف عنها، قال: ((ذراعا لا [تزيد] **** عليه)).

_ (2) ما بين القوسين غير واضح في المخطوطة فأثبته من سنن أبي داود (4/ 365) (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في الأصل "فاستزدن" وفي (ب) فاستردفه والتصويب من مخطوطة (ب) وسنن أبي داود (4/ 65) رقم (4119) (**) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: زيادة من (ب) وسنن أبي داود (4119) ( ... ) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في الأصل العزو لأبي داود وليس العزو له في (ب) ولم أجده عند أبي داود ولم أجد من عزا الحديث له (****) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في الأصل (يزيد) والتصويب من (ب) والموطأ (2/ 915) وسنن النسائي الصغرى (5337)

تفسير الإسبال والسدل

وأخرج البخارى والنسائى عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: ان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ما أسفل من الكعبين من الإزار ففى النار)). قال ابن الأثير: معناه أن ما دون الكعبين من قدم صاحب الإزار المسبل ففى النار عقوبة له على فعله، وذكر معنى آخر غير ظاهر. وأخرج أحمد ومسلم وأهل السنن الأربع من حديث أبى ذر رضى الله عنه مرفوعا: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم: المسبل إزاره، والمنان الذى لا يعطى الا منة، والمنفق سلعته بالحلف والكذب)). وأخرج الطبرانى عن ابن عمر رضى الله عنه مرفوعا: ((ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: المنان [عطاءه] *، والمسبل إزاره خيلاء، ومدمن الخمر)). إذا عرفت هذا فهاهنا لفظان: الاسبال والسدل، قال فى ((النهاية)): السبل إزاره: هو الذى يطول ثوبه ويرسله إلى الأرض اذا مشى، وهانما يفعل ذلك كبرا واختيالا؛ قال: والسدل هو ان يلتحف بثوبه ويدخل يديه من داخل فيركع ويسجد وهو كذلك، وكانت اليهود تفعله فنهوا عن ذلك وهذا مطرد فى القميص وغيره من الثياب.

_ (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في الأصل ومخطوطة (ب) رسمت هكذا (المنان عطاه) وما أثبته من (ب) والمعجم الكبير للطبراني (12/ 390)

وقيل هو أن يضع وسط الإزار على رأسه ويرسل طرفيه عن يمينه وشماله من غير أن يجعلهما على كتفيه، وفيه حديث على رضى الله عنه أنه رأى قوما وهم يصلون وقد سدلوا ثيابهم فقال: كأنهم اليهود، انتهى. وبهذا يعرف أن تفسير ابن رسلان فى شرحه للسنن السدل والاسبال بأنه إرسال طرفي الرداء وما فى معناه من الطيلسان ونحوه حتى يصيب الارض بذيلها غير صحيح، لأنه بنى على أنهما مترادفان، وكلام ((النهاية)) يقضى بتغايرهما، وهو الذى دل عليه صنع* البيهقى فى ((السنن الكبرى))، فانه عقد لكل واحد بابا مستقلا. ويدل له ما فى سنن الترمذى فإنه قال: باب (2) ما جاء فى كراهية السدل فى الصلاة، قال: وفى الباب عن أبى جحيفة، قال: أبو عيسى: حديث أبى هريرة لا نعرفه من حديث عطاء الا من حديث عسل بن سفيان، انتهى. قلت: عِسْل بالمهملتين الأولى مكسورة والثانية ساكنة وقيل مفتوحة، هو: أبو قرة البصري ضعيف قاله فى ((التقريب)). ثم قال الترمذى: قال بعضهم انما كره السدل اذا لم يكن عليه الا ثوب واحد فأما اذا كان عليه قميص فلا بأس وهو قول أحمد وكره ابن المبارك السدل فى الصلاة، انتهى. ثم ذكر الترمذى بابا آخر فى جر الإزار وذكر فيه حديث ابن عمر، وهكذا أبو داود وجعل لكلٍ بابا. قال البيهقى: والسدل: إرسال الرجل ثوبه من غير أن يضم جانبيه بين يديه، فان ضمه فليس سدلا. قال: وروى عن ابن عمر فى إحدى الروايتين أنه كرهه، وكرهه مجاهد وإبراهيم النخعي.

_ (2) في المخطوطة (بارب)، والصحيح ما أثبتناه (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في (ب) (صنيع)

تحرير المقال فى الاسبال

ويذكر عن جابر بن عبد الله ثم عن الحسن وابن سيرين أنهم لم يروا به* بأسا، وكأنهم انما رخصوا فيه لمن فعله لغير مخيلة، وأما من يفعله بطرا فهو منهي عنه، انتهى. والخيلاء والمخيلة فسرها ابن الأثير بالعجب والكبر. * * * * * ولنعد إلى تحرير المقال فى الاسبال فنقول: هاهنا أربع صور: اسبال مع مخيلة، وبغيرها، فى الصلاة، وفى غيرها. الأول: الاسبال فى الصلاة، قال النووى: انه فى الصلاة وفى غيرها سواء، فان كان للخيلاء فهو حرام. وان كان لغير الخيلاء فهو مكروه، انتهى. ثم قال: فأما السدل فى غير الصلاة فهو [خفيف] ** لقوله صلى الله عليه وآله وسلم لأبى بكر رضى الله عنه-وقد قال له: إن ازارى يسترخى أى يسقط من أحد شقي -: ((إنك لست منهم)) انتهى. قلت: وكلامه مبنى على تسليم مقدمتين: الأولى: حمل المطلق على المقيد. والثانية: القول بمفهوم الصفة. وفى المقدمتين نزاع طويل بين أئمة الأصول يأتى الإشارة إليه. ولم يذكر النووى هل الصلاة صحيحة أو لا إذا أسبله فيها خيلاء، وكأنه يقول بصحتها وغايته أنه صلى وهو فاعل محرما، فيكون كالصلاة فى الدار المغصوبة وهى عنده صحيحة وان كان آثما. وقال أبو محمد بن حزم [مسألة] ... : ولا تجزئ صلاة من جر ثوبه خيلاء من

_ (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في (ب) (فيه) (**) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في الأصل (حقيق) والتصويب من (ب) والمجموع للنووي (**) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: زيادة من (ب)

الرجال، وأما المرأة فلها أن تسبل ذيل ما تلبسه ذراعا فان زادت على ذاك عالمة بالنهى بطلت صلاتها، وحق كل ثوب يلبسه الرجل أن يكون إلى الكعبين لا أسفل البتة، فان أسبله فزعا أو نسيانا، فلا شيء عليه. ثم ساق حديث مسلم عن ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر ثوبه خيلاء)) قال: فهذا عموم للسراويل والقميص وسائر ما يلبس، ثم ذكر حديث ابن مسعود: ((المسبل فى الصلاة ليس من الله فى حل ولا حرام)). وعن ابن عباس رضى الله عنه: ((لا ينظر الله إلى مسبل)) وعن مجاهد: كان يقال من مس إزاره كعبه لم يقبل الله له صلاة. قال: فهذا مجاهد يحكى ذلك يحكى ذلك عمن قبله وليسوا إلا الصحابة لأنه ليس من صغار التابعين بل من أوساطهم. وعن ذر بن عبد الله المرهبى (1) -وهو من كبار التابعين- قال: كان يقال: من جر ثوبه لم يقبل الله له صلاة. قال: ولا نعلم لمن ذكرنا مخالفا من أصحابه، ثم قال: قال على: يعنى ابن حزم نفسه المؤلف- فمن فعل فى صلاته ما حرم عليه فعله فلم يصل كما أمره الله فلا صلاة له، ثم ساق بعض ما قدمناه من احاديث الوعيد على من جر ثوبه وأسبله. قلت: وقوله: (فان أسبله فزعا أو نسيانا فلا شئ عليه)، هو إشارة إلى ما أخرجه البخارى والنسائى من حديث أبى بكرة رضى الله عنه: أنها لما كسفت الشمس خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فزعا يجر إزاره.

_ (1) وفي المخطوط (الموهبي) والصحيح ما أثبتنا

وأخرج مسلم وأبو داود والترمذى من حديث عمران بن حصين رضى الله عنه فى قصة سجود السهو وأنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم خرج غضباناً يجر إزاره، فدل على أنه عند الفزع ومثله الغضب والنسيان لا يأثم بجر إزاره، وذلك لأنه لا بد من قصد [الفعل] *، والفزع والغضبان والناسي لا قصد لهم أصلا بل لا يخطر ببالهم الاسبال، فلا يقال ان فعله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذلك دليل على أن النهى عن الإسبال للتنزيه وأن فعله لبيان الجواز، لأنه لم يكن منه صلى الله عليه وآله وسلم فعلاً مقصوداً، ولأنه تقدم فى أحاديث الوعيد بالنار الذي لا يكون إلا على فعل محرم. قال أبو محمد بن حزم: وأما المرأة فلها أن تسبل ذيل ما تلبس ذراعاً، واستدل بما قدمناه من أحاديث الترخيص لها. قلت: الا أنه لا يتم الاستثناء الذى قاله الا اذا صلت مع الرجال للعلة: وهى انكشاف القدم يراه من يحرم عليه رؤيتها، وأما اذا صلت خاليه فى منزلها أو مع النساء مثلها فالواجب تغطية القدم بلا زيادة وذلك يتم دون إسبال كما يدل له قوله صلى الله عليه وآله وسلم لما سئل عن المرأة تصلى بدرع وخمار من [غير] ** إزار قال ((لا بأس اذا كان الدرع سابغا يغطى ظهور قدميها))، انتهى.

_ (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في الأصل (القول) والتصويب من (ب) (**) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: سقطت من (ب)

فإن [قلت] *: فإن كان الثوب طويلا ولفه بحزام ونحوه وصلى فيه، أيذهب التحريم؟ قلت: نعم، لأنه يصدق عليه أنه لم يصل مسبلا، ويدل له ما تقدم من حديث ابن عمر رضى الله عنه وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ارفع إزارك)) فرفعته، فقال: ((زد)) فزدته. فإنه دليل أنه لفه عليه، وحديث عطفه صلى الله عليه وآله وسلم الثوب الذى الذى صلى عليه صاحبه مسبلا. إن قلت: قد ذكر الشافعية كراهة شد المصلى وسطه. قلت: إن تم لهم دليل ذلك فهذا الشد يدفع الإسبال المحرم فلا يبقى كراهة، بل هو واجب، على أن دليل ذلك هو حديث: ((ولا يكفت** ثوبا))، والمراد: لا يكفت ما أبيح له عدم كفته لا ما وجب عليه كفته. فإن قلت: إذا صلى من يرى تحريم الإسبال مطلقا خلف مسبل جاهلا للتحريم أو شافعي المذهب يرى أنه لا تحريم ... إلا للخيلاء، وأن معها لا تبطل به الصلاة، هل تصح صلاة القائل بتحريمه مطلقا خلفه؟ قلت: أما فى الصورة الأولى: فالجاهل غير آثم فتصح الصلاة، ويجب تعريفه بأنه منهي عنه. وأما فى الصورة الثانية: فالمسائل الخلافية الإمام فيها حاكم فتصح الصلاة، والدليل حديث: ((تصلون فما [صح] **** فلكم ولهم وما فسد فعليهم [دونكم] *****))، وفى معناه أحاديث الصلاة خلف الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها والأمر بالصلاة معهم.

_ (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: (*) في المطبوع من (ب) (قيل) وفي المخطوط كما في الأصل (**) في (ب) ولا تكفت ( ... ) في (ب) (يحرم) (****) في (ب) (صلح) (*****) في (ب) (ولكم)

صلاة العبد الآبق

واعلم انه لم يصرح ببطلان صلاة المسبل خيلاء إلا ابن حزم ودليله نفى القبول فى الأحاديث عن صلاة المسبل، وقد طرد ابن حزم قاعدة نفى القبول فى جعله دليلا على عدم الصحة، فجزم بعدم صحة العبد الآبق فقال: مسئلة: أيما عبد أبق عن مولاه فإنها لا تقبل له صلاة حتى يرجع إلا أن يكون أبق لضرر يحرم، ولا يجد من ينصره [عليه] * فليس آبقا حينئذ (1)، إذا نوى البعد عنه فقط. ثم استدل بحديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: ((إذا أبق العبد لا تقبل له** الصلاة)) [قال: وبهذا يقول أبو هريرة، ثم ساق بإسناد إليه أنه قال (إذا أبق العبد لا تقبل له صلاة)] ... قال: وهذا صاحب لا يعرف له فى الصحابة مخالف، انتهى. قلت: قد ذكر ابن دقيق العيد في ((شرح العمدة)) في حديث ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ))، أنه قد استدل جماعة من

_ (1) في المخطوطة مختصرة هكذا (ح-) (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: (*) في المطبوع من (ب) والمحلى (منه) وفي المخطوط كما في الأصل (**) في (ب) (لا يقبل الله له صلاة) وفي المحلى (لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ) ( ... ) ما بين المعكوفتين ليس الأصل وأثبتها من (ب) والمحلى

العلاقة بين انتفاء القبول وانتفاء الصحة

المتقدمين بانتفاء القبول على انتفاء الصحة، كما فعلوه في قوله صلى الله عليه واّله وسلم: ((لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)) قال: ولا يتم ذلك إلا بأن يكون انتفاء القبول دليلاً على انتفاء الصحة. قلتُ: وهذا هو الذي ذهب إليه أبو محمد بن حزم ثم قال ابن دقيق العيد، وقد حرَّر المتأخرون في هذا بحثاً لأن انتفاء القبول قد ورد في مواضع مع ثبوت الصحة، كالعبد إذا أبق لا يقبل الله له صلاة. وكما ورد فيمن أتى عرَّافاً وكشارب الخمر، ثم [قال] *: إنه إذا قيل قد دل الدليل على القبول من لوازم الصحة فإذا انتفى انتفت فيصح الاستدلال بنفي القبول على نفي الصحة، وتحتاج تلك الأحاديث التي نفى فيها القبول مع بقاء الصحة إلى تأويل [أو] ** تخريج جواب، انتهى. قلت: معلوم أن حديث أبي هريرة وهو ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) لم يسق إلا لبيان أن لا صحة لصلاة بلا وضوء، و [القول] ... بأنه قد علم عدم صحة الصلاة إلا [بوضوء له أدلة أخرى لا يدفع الاستدلال] **** بالحديث على نفي الصحة بنفي القبول، فإن الأدلة على الحكم الواحد قد تكون متعددة من الكتاب والسنة والإجماع وقد تكون متكررة من نوع من هذه الأنواع.

_ (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في المطبوع من (ب) (علل) وفي المخطوط كما في الأصل (**) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: سقطت من المطبوع من (ب) وثبتت في مخطوطته. ( ... ) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في الأصل (القبول) وما أثبته من (ب) (****) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في الأصل (بوصولٍ مرادٍ له آخر لا يدفع الاستدلال) وما أثبته من (ب) وفي مخطوطته (بوضوء له أدلة أخر لا تدفع الاستدلال).

ثم إنّا لا نسلم صحة صلاة الآبق ومن ذكر معه، وأين الدليل على صحتها؟ وقولهم الدليل عليه الإجماع بعدم لزوم الآبق ونحوه إعادة الصلاة بنوع وقوع الإجماع، وهذا ابن حزم وأبو هريرة يخالفان، على أن الإجماع نفسه ممنوع تحقيقه كما قرره الأئمة المحققون في الأصول وغيرها. فالملازمة بين نفي الصحة ونفي القبول هي الأصل، والدليل على من ادعى خلافهما وأي شيء أدل على ذلك من أمره صلى الله عليه وسلم للمسبل بإعادة وضوءه ثم قوله [تعللاً] * لذلك: (إن الله لا يقبل صلاة مسبل إزاره) فالأمر بالإعادة دليل على ملازمة عدم القبول لعدم الصحة، ومن ادعى عدم تلازمهما طولب بالدليل على دعواه، على أن الحديث دل على عدم صحة وضوء من صلى مسبلاً ولا عذر عن ذلك. هذا وقد ذكر ابن العربي المالكي فرقاً بين ما نفى [عنه] ** القبول مع بقاء الصحة، وما نفى عنه مع عدمها، وهى [فروق] ... مذهبية قد سقناها في حاشيتنا على ((شرح العمدة))، وذكرها صاحب ((طرح التثريب)) وهى مبنية على تسليم القول بالصحة مع عدم القبول وهو محل النزاع. وأخرج الترمذى من حديث أبى أمامة مرفوعا: ((ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة [بات زوجها عليها ساخط] ****، وإمام أم قوما وهم له كارهون)) قال الترمذى: حسن غريب من هذا الوجه. وهو يشعر بأنه لا صحة لهذه الصلاة لأنها لا ترفع بل هى باقية فى ذمته. وأخرج ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي من حديث جابر رضي الله عنه مرفوعا: ((ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة ولا ترفع إلى السماء حسنة؛ العبد الآبق حتى يرجع إلى مواليه ......... )) الحديث.

_ (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة (*) في المطبوع من (ب) (تعليلاً لذلك) وفي مخطوطته كما في الأصل (**) في الأصل (عند) وما أثبته من (ب) ( ... ) في الأصل: (عروق) وما أثبته من (ب) (****) في (ب) (بات عليها زوجها) وفي سنن الترمذي (وَامْرَأَةٌ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ)

الإسبال في غير الصلاة

فهذا الكلام فى الطرفين الأولين: الإسبال فى الصلاة لخيلاء، ولغيرها. وقد عرفت أنه عند النووى لا يضر بالصلاة * إذا كان للخيلاء بل يكون فاعل محرم فيها، وأنه يكره فيها إذا كان لغير خيلاء، وأنه يبطلها عند ابن حزم إذا كان للخيلاء. * * * وأما فى غير الصلاة: فقال الإمام المهدي عليه السلام (1) فى البحر: ويكره تطويل الثياب حتى يغطى الكعبين. قال عليه المحقق المقبلي ما لفظه: هذه المسألة (2) فى السنة نار على علم فى منع ما تحت الكعبين وأنه فى النار وأن الحد وسط الساقين فإن أبيت فإلى الكعبين، والعجب من الفقهاء فى تهوين أمرها وكان الواجب أن يهولوا ما هولت السنة ويهونوا ما هونته، وهم إنما يلتفتون إلى هذه المسألة أدنى التفات، فيما طولوا من المصنفات وقل من يزيدها على لفظ الكراهة الذى غلب استعمالهم لها فى التنزيه، دون الحظر وإن زعم الزاعمون أن إطلاقها أصل فى الحظر، فإن المعروف من استقرار كلامهم ما ذكرنا. وتقييد كثير من الرايات بالخيلاء بيان للحامل على ذلك فى الأغلب، وكذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم لأبى بكر رضى الله عنه-وقد قال

_ (1) في المخطوطة مختصرة هكذا (عليلَم) (2) في المخطوطة في جميع المواضع (المسئلة) والصحيح ما أثبتناه (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة في هذا الموضع من (ب) (إلا) وهي تحيل المعنى

حين سمع النهى: إني لم أتعاهد إزاري يسترخى-: ((لست ممن يفعل ذلك خيلاء)) أى لست ممن يتعمد ذلك، وهذا ما نختاره من العمل بالمطلق وحمل المقيد على زيادة فى موجب الحكم فيكون التحريم عاما، انتهى. قلت: ونعم ما قال، أى عاماً فى حال الخيلاء وغيرها، وهو يشير إلى ما [نختاره] * من أنه لا يحمل المطلق على المقيد، كما يقول بحمله عليه الجمهور، وهو مذهب الشافعي، وإليه يشير كلام النووى. وخالفهم الحنفية ووافقهم صاحب المنار. وقال فى ((نجاح الطالب)): المقيد إنما هو أحد الأفراد التي يصدق عليها المطلق، والنص على فرد من أفراد العام ليس بتخصيص مع [إتفاق] ** الحكمين فكذا هنا، انتهى. وقد بحث مع أئمة الأصول القائلين بالحمل بما يظهر به قوة ما جنح إليه [مع] ... أنه قد أشار هنا بقوله بيان الحامل على ذلك فى الأغلب إلى أن قيد الخيلاء مخرج الأغلب لم يعتبر له مفهوم عند جمهور الأصول، كما قاله الجمهور فى قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ} الآية، لأن قيد فى حجوركم فلا يعمل بمفهومه فلا تحل الريبة فى غير الحجر فكذلك الإسبال هنا لا يحل مع عدم الخيلاء، وفى كلام ابن الأثير ما يشعر بذلك حيث قال: وإنما يفعل ذلك للخيلاء ويؤيده أن فى بعض الأحاديث: ((وإياك والإسبال فإنه من المخيلة)) فجعل نفس الإسبال بعضاً من المخيلة. ثم وجدت بعد ثلاث سنين (من) (3) تأليف هذه الرسالة فى ((فتح الباري)) شرح صحيح البخارى، ما لفظه: قال ابن العربي: لا يجوز للرجل مجاوزة ثوبه كعبه ويقول لا أجره خيلاء لأن النهى قد تناوله لفظا ولا يجوز لمن تناوله اللفظ حكما أن يقول لا أمتثله لأن

_ (3) ما بين القوسين ليس في المخطوطة، فأثبتها لأن السياق يقتضيها (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: (*) في (ب) (يختاره) (**) في الأصل (إيقاف) وما أثبته من (ب) ونجاح الطالب لمختصر المنتهى لابن الحاجب (ص448) ( ... ) في (ب) (من)

حديث أبى بكر رضى الله عنه

تلك العلة ليست فِىَّ فإنها دعوى غير مسلمة بل إطالته ذيله دال على تكبره، انتهى ملخصا. ثم قال ابن حجر: وحاصله أن الإسبال يستلزم جر الثوب، وجر الثوب يستلزم الخيلاء، ولو لم يقصد اللابس الخيلاء ويؤيده ما أخرجه أحمد بن منيع من وجه آخر عن ابن عمر فى فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ [رَفَعَهُ] *: ((وإياك وجر الإزار فإن جر الإزار من المخيلة)). وأخرج النسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان من حديث المغيرة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آخذا برداء سفيان بن سهل وهو يقول: ((سفيان لا تسبل، إن الله لا يحب المسبلين)). وأما حديث أبى بكر رضى الله عنه، فالذي يظهر لي انه من باب نفى القيد والمقيد معا، وأن مراده صلى الله عليه وآله وسلم فى جوابه عليه: إنك لا تسبل ولا تفعله مخيلة وذلك أنه قال: إن إزاري يسترخى وهذا ليس بإسبال فإنه لا بد أن يكون من فعل المسبل نفسه، وهنا نسب الاسترخاء إلى الإزار من غير إرادته، فالجواب منه صلى الله عليه وآله وسلم من باب

_ (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في الأصل (خرجه) وفي (ب) (ربيعة) وما أثبته من فتح الباري (10/ 264)

نفى القيد والمقيد، ونظير ما قاله صاحب ((الكشاف)) رحمه الله فى قوله تعال: ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ)) إنه نفى للتوبة من القبول، أى لا توبة لهم ولا قبول وأنشد البيت المعروف: [[(وَلَا تَرَى الضَّبَّ بِهَا يَنْجَحِر) (1)]] *. [ويؤيده] ** أنه لا بد من القصد فى الإسبال أنه لا يحرم جره حال الفزع والغضب والنسيان كما قدمنا، ولعل هذا الذى أراده صاحب ((المنار)) وأشار إليه بقوله فى حديث أبى بكر-أى ليس ممن يتعمد ذلك- وحينئذ فحديث أبي بكر ليس من محل النزاع فى حد ولا صدر، إنما توهم أبو بكر فسأل فأجيب بأنه ليس من ذلك. ثم وجدت فى ((التمهيد)) لابن عبد البر بعد أيام من كتب هذه الرسالة ما لفظه: (أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لأبى بكر: إنك لست ممن يرضى ذلك ولا يتعمده ولا يظن بك ذلك). انتهى. وهو بحمد الله صريح فى ما قلناه ويدل له أنه صلى الله عليه وآله وسلم أذن لأمهات المؤمنين فى إسبال ذيولهن ذراعا، ولم يقل لأم سلمة رضى الله عنها -وقد سألته- أنه ليس من المخيلة لأنهن قاصدات لذلك فهو مخيلة أو مظنة لها، لكن عارض مفسدة الإسبال مفسدة أعظم منها وهى: انكشاف أقدام النساء وهى عورة، فأذن لهن وإن حصلت المخيلة دفعا لأعظم المفسدتين بأخفهما. وحينئذ يتوجه الوعيد على الإسبال لغير النساء ولكن تخص الإباحة بذيولهن لا بقميصهن وثياب البذلة التي تلبسها فى منزلها خالية عن الأجانب.

_ (1) راجعت في ((الكشاف)) عند الآية المذكورة من سورة آل عمران فلم أجد كلام الزمخشرى الذي أشار إليه الصنعاني رحمه الله، فلعله سقط من النسخة المطبوعة، ولهذا لم أتمكن من تصحيح البيت المستشهد به، وذلك لعدم استطاعتي على قراءتهم في المخطوطة فأثبتها رسماً كما في المخطوطة، والله المستعان (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة أثبت البيت الصحيح وهو في الكشاف في غير هذا الموضع في تفسير قول الله (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ) (آل عمران 151) (1/ 426). وفي (ب) (ولا يرى الضب بها ينجحر). (**) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة في الأصل (ويؤيد) وما أثبته من (ب)

القول بمفهوم الصفة

واعلم أن هذا الذى أشار إليه ((المنار)) فى خروج المفهوم على الأغلب تنزل منه على القول بالمفهوم، وإلا فهو ينفيه كما يأتى. ثم قال فى حاشية ((المنار)): (ومما وقع من اللطف أنه كان لي عباءة، وما يكون من هذا النوع فى زماننا غالبه الطول، فكنت فى اليمن لأنه يغلب على المتفقهة لُبس ذلك، [أنشغل] * بطولها، فقلت مرة: إني لست ممن يفعل ذلك خيلاء مشيرا إلى حديث أبى بكر رضى الله عنه، فقالت لي امرأة: أوما يكفيك أنه يراك الله متخلقا بأخلاقهم، فكأنما كشفت عن قلبي غشاوة واستغربت ذلك منها ورأيت أنها ملقنة). انتهى. هذا، وقد سبقت لنا الإشارة أنه لا يتم حمل المطلق على المقيد [كما قاله النووي والبيهقي إلا مع القول بمفهوم الصفة والقول بحمل المطلق على المقيد] **، وفيهما نزاع كما أشرنا إليه، فأما الحمل فقدمنا الكلام عليه، وأما القول بمفهوم الصفة فلنذكر كلام النفاة والمثبتين، ومن له ذوق سليم يعرف الصحيح من السقيم. فقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((خيلاء)) فى حديث: ((لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء))، مفهومه من مفهوم الصفة لاتفاقهم بأنه ليس المراد بها [التجويز بل كل ما تقيد بها من حال وعلة ونحوها] ... . فذهب إلى القول بمفهوم الصفة الشافعي وجماعة من الأئمة، وذهب إلى نفيه الحنفية وأئمة من الشافعية: كالقاضي (1) والغزالي، ونفاه المعتزلة والمهدي فى ((البحر)). واستدل المثبتون بدليلين كما فى مختصر ابن الحاجب وغيره من كتب الأصول: الأول: أنه نقل عن أبى عبيدة-وهو من أئمة اللغة- أنه قال فى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لي الواجد يحل عقوبته وعرضه)): أنه يدل

_ (1) في المخطوطة (لما لقاضي) وهو خطأ (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: (*) في (ب) (أسفل) وفي (المنار في المختار من جواهر البحر الزخار) (2/ 267) (أشتغل) (**) زيادة من (ب) ( ... ) في (ب) (التحريم بل كل ما يقيد بها من حاله وعلمه ونحوهما)

أن لي غير الواجد لا يحل عرضه وعقوبته، قال: وفى قوله صلى الله عليه وآله سلم: ((مطل الغنى ظلم)) مثل هذا: وأنه قيل له فى قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((لأن يمتلئ بطن أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا))، المراد بالشعر هنا الهجاء مطلقا أو هجاء النبى صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: لو كان كذلك لم يكن لذكر الامتلاء معنى لأن قليله وكثيره سواء فجعل الامتلاء من الشعر فى قوة الشعر الكثير، ففهم منه أن القليل ليس كذلك، واحتج به فقد ألزم من تقدير الصفة المفهوم فكيف مع التصريح بها؟ قالوا: ولأنه قال بمفهوم الصفة الشافعي، وهو وأبو عبيد من أئمة اللغة فظهر إفادتها لغة. انتهى. وأجيب عنه: بأن اللغة إنما ثبتت بالنقل لا بالفهم، والنقل يختص بالموضوعات للشخص أو للنوع وليس ذلك أحدهما إلا إذا قامت قرينة على

أنه من التعريض بغير المذكور، فمدلول [العربية] * منطوق لما عرف من أن التعريض من الكناية وهى موضوعة بالنوع ولا نزاع فى ذلك والحاصل أنهما لم يوردا ذلك عن اللغة، وإنما أخبرا عن فهمهما ورأيهما وهو كآرائهم الشرعية والعقلية، يوضحه أنه إذا اختلف عربيان سيلقيان فى معنى جعلنا كلامهما لغتين. وإذا اختلف إمامان لم نجعل كلامهما لغتين بل يجب الترجيح بين قوليهما، ولو كان قول الأئمة مقبولا مطلقا لساوى قول السليقيين. وأجيب أيضا بجواب آخر: وهو أنهما إنما حكما بذلك لموافقته الأصل لا بالمفهوم، والنقل من المخصصات-كما علم أما فى مطل الواجد فظاهر إذ لا عذر له بخلاف المعدم إذ التكليف إنما هو بالموجود. وأما الشعر فلأنه قد علم فى الجاهلية والٍإسلام أن الانشغال به مفخرة الناقص ومنقصة الكامل، وأنه يشغل عن الكمالات، ويستلزم الكذب والتخيلات التي لا أصل لها، وملأ الجوف منه لا يخلو عن ذلك، نعم ربما خلا القليل منه بلا كراهية فيه، فكيف وقد تمثل به النبى صلى الله عليه وآله وسلم؟. فهذه قرينة تعيد المفهوم منطوقا لما عرفت من أن ما قامت القرينة على اعتباره من مفهوم المخالفة فهو منطوق، وتأتي أدلة من قال بإثبات مفهوم الصفة أنه لو لم يدل على المخالفة لم يكن لتخصيص محل الذكر بالمنطوق به فائدة. وتخصيص آحاد البلغاء بغير فائدة ممتنع فالشارع أجدر وأجيب: بأن فائدته تشخيص مناط الحكم، فهو لتحصيل أصل المعنى كاللقب فإنك إذا قلت: أكرم زيدا التميمي فقد أمرت أن يوقع الإكرام على زيد المقيد بكونه تميميا، ففائدة ذكر الصفة تعيين من أمرت بإكرامه وأردته فكيف يقال لم يكن لتخصيص محل النطق بالذكر فائدة؟

_ (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في (ب) (القرينة)

الرد على ابن حجر الهيتمي في إدعائه إباحة الإسبال لأنه صار شعار العلماء

وكيف تطلب فائدة زائدة على فائدة الوضع؟. فعرفت من هذا التحرير مساواته لمفهوم اللقب، وأنه يختل الكلام عند إسقاط الصفة [لأن الكلام الذي اعتبر فيه زيد التميمي من شرط إفادة المراد وجود هذه الصفة] * وكذلك المنسوب إليه في قولك: جاءني زيد الطويل، ليس مسمى زيد فقط بل الموصوف بالصفة فهي داخلة في مفهوم المسند إليه لتحصيل معناه، ولا تدل العبارة أن زيدا (1) القصير لم يجيء -الذي هو معنى اعتبارا بمفهوم الصفة- بل حكمه مسكوت عنه، بحث لو قلت: جاءني زيد القصير، بعد قولك: جاءني زيد الطويل، لم يكن كلاما متناقضا ظاهرا. هذا قصارى ما عند الفريقين استدلالا وردا، فتأمل فإنه لا يخفى عليك الأقوى دليلا والأحسن قيلا. وإذا عرفت ما قررناه وأحطت علماً بما سقناه، عرفت قوة التحريم مطلقا للإسبال في كل حال. وأما ما نقل عن ابن حجر الهيتمي (2): أن الإسبال صار الآن شعار العلماء، وكأنه يريد علماء الحرمين لا غيرهم، قال: (فلا يحرم عليهم بل يباح لهم)، فهو كلام يكاد يضحك منه الحبر والورق، وكأنه يريد إذا صار شعارا لهم لم يبق فيه للخيلاء مجال. ولكنه يقال: وهل يجعل ما نهى عنه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم حلالا إذا صار شعارا معتادا لطائفة لا سيما أشرف الطوائف، وهم هداة الناس وقدوتهم وأعيانهم فيصير حلالا وينتفي عنه النهي؟ وهل قدوة العلماء والعباد وإمام المبدأ والمعاد، سوى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي أرسله معلماً للعباد كل ما يقربهم إلى ربهم ويبعدهم عن معصيته حتى قال بعض الصحابة: لقد علمنا نبينا كل شيء حتى الخراءة - أي آداب التخلي-

_ (1) في المخطوطة (زيد) وهو خطأ والصواب ما أثبتناه (2) في المخطوطة (الهيثمي) الصحيح بالتاء (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: زيادة من (ب)

فالشعار للعلماء هو شعاره صلى الله عليه وآله وسلم وشعار أصحابه، فهم القدوة لا ما جعله من ارتكب ما نهى عنه شعارا، فإن أول من خالف النهي واتخذه له لباسا قبل أن يسبقه إليه أحد مبتدع قطعا آتيا بما نهى عنه لا تتم فيه هذه المقدرة القبيحة لأنه لم يكن شعاراً إلا من بعده، فمن تبعه تبعه على: الابتداع وارتكاب المنهي عنه، ثم اعتذر لنفسه بأنه مار له شعارا. وسبحان الله تعالى ما أقبح بالعالم ان يروج فعله لما نهي عنه نهي تحريم أو كراهة شعارا مأذونا فيه، وكان خيرا منه الاعتراف بأنه خطيئة أقل الأحوال مكروهة ومحل ريبة، فإن هذه الأحاديث التي سمعتها من أول الرسالة تثير ريبة إذا لم يحصل التحريم، وقد شر حديث: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك))، وإذا لم تثر هذه الأحاديث ريبة توجب الترك للمنهي عنه وعدم حِلّهِ حلاً خالصاً فليس عند من سمعها أهلية (2) لفهم التكاليف الشرعية، كيف وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي أخبرت فيه امرأة بإرضاعها امرأة رجل فأمره صلى الله عليه وآله وسلم بفراقها وقال له: ((كيف وقد قيل)) وهذا كله منا تنزُّل وإلا مما قدمناه من الأدلة وبيان دلالتها ما ينادي على التحريم أعظم نداء، والاعتذار بكون النهي للخيلاء عرفت بطلانه وهل أوضح من قول الشارع: ((ما زاد على الكعبين ففى النار)) دلالة على إطلاق التحريم وشدة الوعيد، وهو كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ويل

_ (2) في المخطوطة (أهله) والصحيح ما أثبتناه

للعراقيب من النار)) في حديث الوضوء. ولم يستفصل صلى الله عليه وآله وسلم ابن عمر ولا الذي أمره بإعادة الوضوء ولا غيرهما ممن نهاه: هل كان إسباله للخيلاء أو لغيرها في حديث واحد، وقد عرفت القاعدة الأصولية وهي: أن ترك الاستفصال في موضع [الاحتمال] * ينزل منزلة العموم في المقال. ولا يروج جواز الإسبال إلا من جعل الشرع تبعا لهواه، وذلك ليس من شأن المؤمن وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حنى يكون هواه تبعا لما جثت به)). ومما يدل على عدم النظر إلى الخيلاء أمره صلى الله عليه وآله وسلم لابن عمر رضي الله عنه، وهل يظن بأن ابن عمر يخبل ذلك للخيلاء- مع شدة تأسيه به صلى الله عليه وآله وسلم-؟ وكيف يتأسى به في الفضائل ولا يتأسى به صلى الله عليه وآله وسلم في ترك الحرمات**؟ ما ذاك إلا أنه أرخى إزاره غير عالم بالتحريم قطعاً، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((إياك والإسبال، فإن الإسبال من المخيلة))، ولو جاز لغير المخيلة لما جاز أن يطلق صلى الله عليه وآله وسلم النهي فإن المقام

_ (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في (ب) الإجمال (**) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في (ب) المحرمات

خاتمة

مقام بيان ولا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة، وأي حاجة أشد من مقام النهي والله أعلم. * * * وإلى هنا انتهى [بنا] * ما أردنا تحريره وإبانة المقام وإيضاحه، والله يرزقنا إتباع رسوله صلى الله عليه وآله وسلم في كل حال صلى الله عليه وعلى آله خير آل. * * * قال ناسخ الرسالة في آخرها: فرغ من نسخ مسألة الإسبال، وله الحمد على كل حال.**

_ (*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: في (ب) (بيان) (**) في (ب) (قال في الأم: من نسخة قوبلت وصححت بخط المصنف البدر رحمه الله تعالى آمين)

§1/1