ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيان الأندلسي

أبو حيّان الأندلسي

ارتشاف الضرب من لسان العرب لأبي حيان الأندلسي (المتوفى: 745 هـ) تحقيق وشرح ودراسة: رجب عثمان محمد مراجعة: رمضان عبد التواب الناشر: مكتبة الخانجي بالقاهرة

الطبعة: الأولى 1418 هـ - 1998 م

[الجزء الأول]

[الجزء الأول] بسم الله الرحمن الرحيم قال سيدنا الشيخ العالم العلامة المحقق الصدر القدوة أثير الدين أبو حيان ابن سيدنا الشيخ أبي الحجاج محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الأندلسي النفزي غفر الله له. الحمد لله رب العالمين، وصلاته وسلامه على سيدنا محمد خاتم النبيين. أما بعد: فإن علم النحو صعب المرام، مستعص على الأفهام، لا ينفذ في معرفته إلا الذهن السليم، والفكر المرتاض المستقيم، وكان من تقدمنا قد انتزع من الكتاب تآليف قليلة الأحكام، عادمة الإتقان والإحكام، يحلها النقد، وينحل منها العقد، وربما أهملوا كثيرًا من الأبواب وأغفلوا ما فيه من الصواب، فتآليفهم تحتاج إلى تثقيف، وتصانيفهم مضطرة إلى تصنيف. ولما كان كتابي المسمى بالتذييل والتكميل في شرح التسهيل قد جمع من هذا

العلم ما لا يوجد في كتاب، وفرع بما حازه تآليف الأصحاب، رأيت أن أجرد أحكامه، عارية إلا في النادر من الاستدلال والتعليل، وحاوية لسلامة اللفظ، وبيان التمثيل؛ إذ كان الحكم إذا برز في صورة المثال، أغنى الناظر عن التطلب والتسآل. ونفضت عليه بقية كتبي، لأستدرك ما أغفلته من فوائده، وليكون هذا المجرد مختصًا عن ذلك بزوائده، وقربت ما كان منه قاصيًا، وذللت ما كان عاصيا، حتى صارت معانيه تدرك بلمح البصر، لا تحتاج إلى إعمال فكر، ولا إكداد نظر، وحصرته في جملتين: الأولى: في أحكام الكلم قبل التركيب. الثانية: في أحكامها حالة التركيب. وربما انجر بعض من أحكام هذه من أحكام الأخرى لضرورة التصنيف، وتناسب التأليف، وقصدت بذلك - يعلم الله - تسهيل ما عسر إدراكه على الطلاب، وتحصيل ما أرجوه في ذلك من الأجر والثواب. ولما كمل هذا الكتاب خلوا مبانيه من التثبيج والتعقيد، حلوًا معانيه للمفيد والمستفيد، سميته «ارتشاف الضرب من لسان العرب»، ومن الله أستمد الإعانة، وأستعد من إحسانه لصواب المقال والإبانة

الجملة الأولى في الأحكام الإفرادية ونقدم القول في مواد الكلم: وهي حروف الهجاء وتسمى حروف المعجم، وحروف العربية عددًا، ومخرجًا، وصفة فعددها سبعة وعشرون حرفًا، خلافًا للمبرد في زعمه أن الهمزة ليست منها، والمخارج ستة عشر، خلافًا لقطرب، والجرمي، والفراء، وابن دريد، في زعمهم أنها أربعة عشر.

ومحل الخلاف هو: مخرج اللام، والنون، والراء: فمذهب هؤلاء أنه مخرج واحد، ومذهب الجمهور أنها ثلاثة مخارج، وهو الصحيح لتباينها عند الاختبار. فالمخرج الأول أقصى الحلق وهو: الهمزة، والهاء، والألف على رتبة واحدة، خلافًا لأبي الحسن في زعمه أن الهمزة أول، وأن الهاء والألف في رتبة واحدة، وخلافًا لأبي العباس أحمد بن عمار المهدي، وغيره في زعمهم أن الهمزة أول وهي: من أول الصدر وآخر الحلق، وهي أبعد الحروف مخرجًا، ثم الألف تليها، وهي صوت لا يعتمد [له]، ثم الهاء بعدها، وخلافًا لمن زعم أن الهاء قبل الهمزة في المرتبة، وأنها أدخل إلى

الصدر، وخلافًا لأبي الحسن شريح في زعمه أن الألف هوائية لا مخرج لها، فحروف الحلق عنده ستة، وقد روى هذا عن الخليل. المخرج الثاني: وسط الحلق وهو: العين والحاء، وظاهر كلام سيبويه أن الحاء بعد العين، وهو نص كلام مكي بن أبي طالب، ويظهر من كلام المهدوي أن العين بعد الحاء، وهو نص أبي الحسن شريح. المخرج الثالث: أدنى الحلق إلى الفم، وهو للغين والخاء ويظهر من كلام سيبويه أن الغين قبل الخاء، وهو قول أبي الحسن، ونص مكي على تقدم الخاء فيه

على الغين، وزعم ابن خروف أن سيبويه لم يقصد ترتيبًا فيما هو من مخرج واحد. المخرج الرابع: أول أقصى اللسان وهو للقاف، وهو مما يلي الحلق، وما فوقه من الحنك، وقال شريح: القاف مخرجها من أول اللهاة مما يلي الحلق، ومخرج الخاء. المخرج الخامس: ثاني أقصى اللسان، وهو للكاف من أسفل مخرج القاف، من اللسان قليلاً، وما يليه من الحنك. المخرج السادس: وهو للجيم والشين والياء، وهي من وسط اللسان بينه وبين وسط الحنك، خلافًا للخليل في الياء، إذ زعم أنها هوائية لا مخرج لها كالألف، ويظهر أن الجيم قبلها، خلافًا للمهدوي في زعمه أن الشين تلي الكاف، والجيم والياء يليان الشين.

المخرج السابع: وهو للضاد، وهي من أول حافة اللسان وما يليه من الأضراس من الجانب الأيسر عند الأكثر، أو الأيمن عند الأقل، وكلام سيبويه يدل على أنها تكون من الجانبين، خلافًا لمن ذهب إلى أنها تختص بالجانب الأيمن، وخلافًا للخليل، في زعمه أنها شجرية من مخرج الجيم والشين. المخرج الثامن: وهو للام وهي من حافة اللسان من أدناها إلى منتهى طرفه ما بينها وبين ما يليها من الحنك الأعلى مما فوق الضاحك، والناب، والرباعية والثنية.

المخرج التاسع: وهو للنون، وهي من طرف اللسان بينه وبين ما فويق الثنايا متصلاً بالخيشوم تحت اللام قليلاً. المخرج العاشر: هو للراء، وهي من مخرج النون من طرف اللسان بينه وبين ما فويق الثنايا العليا، غير أنها أدخل في ظهر اللسان قليلاً من النون، وتقدم مذهب الجرمي. ومن وافقه، وهو الظاهر من كلام الخليل. المخرج الحادي عشر: وهو للدال والطاء والتاء، وثلاثتها تخرج مما بين طرف اللسان وأصول الثنايا العليا مصعدا إلى جهة الحنك. المخرج الثاني عشر: وهو للزاي والسين والصاد، وثلاثتها ما بين طرف اللسان وفويق الثنايا السفلى ويقال في الزاي: زاء وزى. المخرج الثالث عشر: وهو للظاء والذال والثاء، وثلاثتها من بين طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا. المخرج الرابع عشر: وهو للفاء، وهي من باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العليا. المخرج الخامس عشر: وهو للباء والميم والواو، وثلاثتها ما بين الشفتين،

فتنطبقان في الباء والميم لا في الواو خلافًا للخليل في الواو، إذ هي عنده هوائية لا مخرج لها، وخلافًا للمهدوي فيها، إذ فصلها من الباء والميم، وجعل لها على حدتها مخرجًا؛ وهي عنده السادس عشر مخرجًا. المخرج السادس عشر: مخرج الخيشوم، وهو للنون الساكنة الخفيفة المخفاة التي لم يبق منها إلا الغنة. وأما الساكنة سكونًا خالصًا كالنون في نحو: يضربن، فسيبويه بين أن مخرجها من مخرج النون المتحركة. واختبار المخرج وتحققه يكون بابتداء همزة الوصل جائيًا بعدها بالحرف ساكنًا، ملحوظًا به صفة ذلك الحرف.

ولبعض الحروف فروع تستحسن، فمن ذلك الهمزة المسهلة، وهي فرع عن الهمزة المحققة، وهي عند سيبويه حرف واحد نظرًا إلى مطلق التسهيل، وعند السيرافي ثلاثة أحرف نظرًا إلى التقييد بالألف أو الواو أو الياء، والغنة فرع عن النون. وألفا الإمالة والتفخيم، وهما فرعان عن الألف المنتصبة، والإمالة بين اللفظين، لم يعتدها سيبويه، وإنما اعتد الإمالة المحضة وقال: «التي تمال إمالة شديدة كأنها حرف آخر قريب من الياء». والشين التي كالجيم فرع عن الجيم الخالصة، وذلك قولهم في «أشدق:

أجدق»، والصاد والجيم والسين اللواتي كالزاي فروع عن الزاي الخالصة، وذلك نحو: مزدر في مصدر بين الصاد والزاي، وفي زهير: سهير بين السين والزاي، وفي جابر: زابر بين الجيم والزاي. واللام المفخمة فرع عن اللام المتوسطة بين الترقيق والتفخيم، وذلك في اسم الله تعالى، إذا كان قبلها مفتوح أو مضموم، وفيما قرأ به القراء، وأتت به الرواية الصحيحة من تفخيمها على ما نقله أهل الأداء. وفروع تستقبح وهي: كاف كجيم فرع عن الكاف الخالصة، وهي لغة في اليمن كثيرة، وفي أهل بغداد يقولون في كمل: جمل، وجيم ككاف فرع عن

الجيم الخالصة يقولون في رجل: ركل، يقربونها من الكاف، وعد سيبويه هذا حرفًا واحدًا، لأن النطق لا يختلف، وراعى ابن جني الأصل، فعد ذلك حرفين، وتبعه ابن عصفور، وابن مالك، وجيم كشين فرع عن [الجيم الخالصة، وأكثر ذلك إذا سكنت وبعدها دال نحو: قولهم في الأجدر: الأشدر، وقالوا في اجتمعوا: اشتمعوا، وصاد كسين فرع عن] الصاد الخالصة نحو: سابر في صابر، وطاء كتاء فرع عن الطاء الخالصة نحو: تال في طال؛ وهي تسمع من عجم أهل المشرق، ظاء كثاء فرع عن الظاء الخالصة نحو: ثالم

في ظالم، وباء كـ «فاء» فرع عن الباء الخالصة وهي كثيرة في لغة الفرس، وتارة يغلب لفظ الباء، وتارة يغلب لفظ الفاء، وذلك نحو: «بلخ» و «أصبهان». وضاد ضعيفة قال الفارسي: إذا قلت: ضرب ولم تشبع مخرجها، ولا اعتمدت عليه، ولكن تخفف وتختلس، فيضعف إطباقها، وقال ابن خروف: هي المحرفة من مخرجها يمينًا أو شمالاً كما ذكر سيبويه. وقال مبرمان: يقربون الثاء من الضاد، وذلك في لغة قوم ليس في أصل حروفهم الضاد، فإذا تكلفوها ضعف نطقهم بها، وكذا قال ابن عصفور، ومثل بقولهم: في أثر ذلك: في أضر ذلك.

وفي تفسير الضاد الضعيفة بهذا، وفي تمثيله نظر، والذي يظهر أن الضاد الضعيفة التي هي تقترب من الثاء، عكس ما قال مبرمان، وابن عصفور فتقول في اضرب زيدًا: اثرب زيدًا بين الضاد والثاء، وأما القاف المعقودة فقال السيرافي: رأينا من يتكلم بالقاف بينها وبين الكاف انتهى، وهي الآن غالبة على لسان من يوجد في البوادي من العرب، حتى لا يكاد عربي ينطق إلا بالقاف المعقودة، لا بالقاف الخالصة الموصوفة في كتب النحويين، والمنقولة عن وصفها الخالص على ألسنة أهل الأداء من أهل القرآن. وقد بلغت الحروف بفروعها المستحسنة والمستقبحة سبعة وأربعين حرفًا، وفي التمهيد: زاد بعضهم أحرفًا لم يذكرها سيبويه، وهي الشين كالزاي كقولهم في اشرب: ازرب، والجيم كالزاي كقولهم في اخرج، اخرز، والقاف كالكاف كقولهم في القمح: الكمح، فقد بلغت هذه الأحرف خمسين حرفًا. القول في صفات الحروف: المهموسة يجمعها «سكت فحثه شخص» والهمس: الصوت الخفي، فإذا جرى مع الحرف النفس لضعف الاعتماد عليه كان مهموسًا، والضاد والخاء أقوى مما عداهما.

والمجهورة ما عداها ويجمعها «ظل قند يضغم زر طاو إذ يعج» والجهر ضد الهمس، فإذا منع النفس أن يجرى معه حتى ينقضي الاعتماد عليه كان مجهورًا، قال سيبويه: إلا أن النون والميم قد يعتمد لهما في الفم والخياشيم فتصير فيهما غنة، والشديدة يجمعها: «أجدك تطبق» والشدة امتناع الصوت أن يجرى في الحرف، والرخوة يجمعها: «خس حظ شص هز ضغث قذ»، ومتوسطة بين الشدة والرخاوة ويجمعها «ولينا عمر»، والمهموسة كلها غير التاء والكاف رخوة ويجمعها «سفه شخص حث». والمجهورة الرخوة يجمعها (غض طزذن)، والمجهورة الشديدة «طبق أجد»، وتسمى هذه حروف القلقلة، وما بين الشدة والرخاوة مجهور، والمطبقة الصاد والضاد والطاء والظاء، والمستعلية هذه والغين والخاء والقاف ويجمعها «قظ خص ضغط»، وما عداها منخفضة وبعضهم يقول: مستفلة، والمتقلقلة

يجمعها «قطب جد»، والجمهور على أن الباء متقلقلة دون التاء، وذهب بعض أهل النحو والأداء إلى أنها التاء دون الباء، وقد ذكر سيبويه التاء في المتقلقلة، وهي من المهموسة، وقد ذكر لها نفخًا. والمشربة الزاي والظاء والذال والضاد والراء، واللينة: الألف والواو المضموم ما قبلها، والياء المكسور ما قبلها يجمعها «واي»، وأمكنهن عند الجمهور في المد الألف، خلافًا لأبي بكر الصقلي في زعمه أن أمكنهن في المد الواو ثم الياء ثم الألف. والجمهور على أن الفتحة من الألف، والضمة من الواو، والكسرة من الياء، فالحروف قبل الحركات، وقيل عكس هذا وقيل ليست الحركات مأخوذة من الحروف، ولا الحروف مأخوذة من الحركات، وصححه بعضهم.

والهمزة حرف صحيح، وقال الفارسي: حرف علة، وقيل شبيهة بحرف العلة، والمنحرف اللام وزاد الكوفيون، وتبعهم مكي: الراء، والمكرر الراء قال سيبويه وغيره «وهو حرف شديد جرى فيه الصوت لتكريره وانحرافه إلى اللام فصار كالرخوة ولو لم يكرر لم يجر الصوت فيه». وقال الصيمري وشريح: هو بين الشدة والرخاوة، وظاهر كلام سيبويه أن التكرير صفة ذاتية للراء، وإلى ذلك ذهب شريح قال: وقد ذهب قوم من أهل الأداء إلى أن الراء لا تكرير فيها مع تشديدها، ولا نعلم وجهه، ولا أن أحدًا من المحققين بالعربية ذكر أن تكريرها يسقط عنها جملة انتهى. وبالتكرير قرأنا على من قرأ بشرق الأندلس، وبعدم التكرير البتة قرأنا على شيوخ غرناطة، وهو مذهب مكي وأبي عبد الله المقامي. والهاوي الألف، والمهتوت الهمزة والهت عصر الصوت، والهت أيضًا

الحطم والكسر، وبعضهم يقول فيها المهتوف بالفاء، والهتف الصوت بقوة. والذلقية قال مكي ثلاثة: الراء واللام والنون، وفي بعض نسخ العين للخليل حروف الذلق: ر، ل، ن، ف، ب، م يجمعها «مل فنبر»، والذلق: الطرف من كل شيء، والفاء والباء والميم في حين خروجها من الشفة لا عمل للسان فيها، وثلاثة في حيز اللام والراء والنون من طرف اللسان على مقدم الغار الأعلى، ولا توجد كلمة خماسية، ولا رباعية بناؤها من الحروف المصمتة إلا ما ندر من ذلك نحو: عسجد، وعسطوس، والدهدقة، والزهزقة، فلا يحسن بناء الرباعي الأصول ولا الخماسيها إلا ويكون بعض حروف الذلاقة فيها، وذلك نحو: جعفر وسفرجل.

وما سوى حروف الذلاقة مصمت، وهو عند الخليل تسعة عشر حرفًا أخرج منها الهمزة وحرفي العلة، فلم يقسم إلى الذلاقة والإصمات إلا الحروف الصحاح. والصفيرية: الصاد والسين والزاي، والمستطيل الضاد، المتفشي الشين باتفاق، والفاء والصاد باختلاف، وقد فرغنا من ذكر حروف المعجم عددًا ومخرجًا وصفة. وهذه الحروف مواد الكلم العربية كما ذكرنا، والكلم اسم جنس بينه وبين واحده التاء، والواحد كلمة وهي قول أو منوي معه دال على معنى مفرد. وأقسامها اسم وفعل وحرف، وزاد بعضهم: وخالفه، وهي التي يسميها البصريون: اسم فعل، ويسميها الكوفيون فعلاً. فالاسم معرب ومبني: المبني سيأتي القول فيه؛ وأقل ما يكون عليه المعرب من اسم وفعل عند البصريين ثلاثة حروف أصول، وما وجد منه على حرفين محذوف منه، والمحذوف قد يكون فاءً، أو عينًا، أو لامًا، فيبقى على حرفين، وما حذف منه حرفان، وبقى على حرف نادر، وذلك قولهم في الاسم: «شربت ما» أي: ماء، و (م)، في قولهم: م الله، على قول من قال: إنه بقية «أيمن»، وفي الفعل نحو: (ق) زيدًا. وذهب الكوفيون إلى أن أقل ما يكون عليه حرفان حرف يبدأ به، وحرف يوقف عليه.

القول في أحكام الكلم العربية (حالة الإفراد) وهي على ثلاثة أقسام: الأول: ما يكون لها في أنفسها، الثاني: ما يلحقها من أولها، الثالث: ما يلحقها من آخرها. القسم الأول: هو المسمى بعلم التصريف: وينقسم قسمين: أحدهما: جعل الكلمة على صيغ مختلفة لضروب من المعاني وسيأتي، والآخر تغيير الكلمة لغير معنى طارئ عليها، وينحصر في الزيادة، والحذف، والإبدال، والقلب، والنقل، والإدغام، فحروف الزيادة يحتاج إلى معرفتها ولا سيما في ذكر الأبنية ويجمعها «أمان وتسهيل». والذي يعرف به الزائد من الأصلي أحد تسعة أشياء. أحدها: الاشتقاق وهو أكبر وأصغر، فالأكبر هو عقد تقاليب تركيب الكلمة كيفما قلبتها على معنى واحد نحو: القول، والقلو، والولق، والوقل، واللقو، واللوق على معنى الخفة والسرعة. والكلم، والكمل، واللكم، والمكل، والملك، واللمك على معنى الشدة والقوة

ولم يقل بهذا الاشتقاق الأكبر إلا أبو الفتح، وكان أبو علي يأنس به في بعض المواضع. والاشتقاق الأصغر: إنشاء مركب من مادة يدل عليها، وعلى معناه كأحمر والحمرة، وهذا الاشتقاق أثبته الجمهور في أن بعض الكلم قد تشتق من بعض، وذهب طائفة إلى أنه لا يشتق شيء من شيء، بل كل أصل. وذهبت طائفة أخرى إلى أن كل كلمة مشتقة من الأخرى، ونسب للزجاج، وأن سيبويه كان يراه. والتفريع على قول الجمهور فنقول: يعرض في اللفظ المشتق مع المشتق منه تغييرات: زيادة حركة كعلم مع علم، وحرف كجاذع مع جذع، وزيادتهما

كضارب مع ضرب، ونقصان حركة كفرس مع فرس، وحرف كبنيت مع بنات، ونقصها كنزا مع نزوان، ونقص حركة وزيادة حرف كغضبى مع غضب، وكسه كحرم مع حرمان وزيادتهما ونقصهما كاستنوق مع ناقة، وزاد رضي الدين بن جعفر البغدادي نقصان حركة مع زيادة حركة كسرق مع السرق، ونقصان حركة مع زيادة حركة، وحرف كاضرب مع ضرب، ونقصان حرف، وزيادة حرف كراضع مع الرضاعة، ونقصان حرف وزيادة حركة وحرف: كخاف مع الخوف، ونقصان حركة وحرف وزيادة حركة كعد مع وعد، ونقصان حركة وحرف، وزيادة حرف: كفاخر مع فخار، ولا بد من اتحاد في الحروف الأصلية على ترتيب واحد في المعنى. ويدل على أنه فرع: دلالته على معنى زائد على ما اشتق منه نحو: ضارب وضرب، فلو أمكن أن يكون هذا أصلاً لهذا أو هذا أصلاً لهذا، فلا بد من مرجح، والمرجح أحد تسعة أشياء: كون أحدهما أمكن من الآخر كالسقى والسقاء، أو أشرف كالمالك اشتق من الملك بمعنى القدرة لا من الملك بمعنى الربط، أو أظهر، والآخر أغمض كالإقبال والقبل، أو أخص، والأخر أعم كالفضل

والفضيلة، أو أحسن تصرفا كالعرض والعرض، أو أقرب، والآخر أبعد كالعقار ترده إلى عقر الفهم لا إلى أنها تسكر فتعقر صاحبها. أو أليق كالهداية بمعنى الدلالة، لا بمعنى التقدم من الهوادي، أو جوهرًا والآخر عرضًا كاستحجر الطين من الحجر، أو مطلقًا والآخر مضمنًا كالقرب، و «المقاربة»، والترجيح إنما يكون بين المستويين في شيء، فيكون بأحد ما ذكر. والأصل في الاشتقاق أن يكون المصادر، وأصدق ما يكون في الأفعال المزيدة، والصفات منها، وأسماء المصادر، والزمان، والمكان، ويغلب في العلم، ويقبل في أسماء الأجناس كغراب يمكن أن يشتق من الاغتراب وجرادة من الجرد. الثاني: التصريف: وهو تغيير صيغة إلى صيغة، يسقط من الفرع، ويثبت في الأصل، وهو شبيه بالاشتقاق، والفرق بينهما: أن في الاشتقاق يستدل على الزيادة، بسقوطه في الأصل، وثبوته في الفرع، والتصريف بعكسه نحو: قذال وقذل، وعجوز وعجز، وكتاب وكتب. وتسمية هذا فرعًا وأصلاً فيه تجوز، وإنما تتحقق الفرعية والأصلية في المشتق منه والمشتق. الثالث: سقوط الحرف من النظير نحو: أيطل وإطل، فسقوط الياء من إطل

وهو مرادف لأيطل دلي لعلى زيادتها، فلو سقط من فرع كسقوط الواو من يعد، أو من نظير كسقوطه من عدة، فلعلة فلا يكون دليلاً على الزيادة. الرابع: كون الحرف مع عدم الاشتقاق في موضع تلزم فيه زيادته: وهو النون الساكنة غير المدغمة تقع ثالثة وبعدها حرفان نحو: عبنقس، فإن كانت مدغمة نحو: عجنس، فقيل زائدة، ووزنه: فعنل، وقيل أصل، ووزنه فعلل من مزيد المضعف. وقال ابن سيده: هو من مزيد الرباعي ووزنه فعنلل. الخامس: الكثرة نحو: همزة أفكل يحكم عليها بالزيادة لكثرة ما وجدت زائدة، فيما عرف اشتقاقه نحو: همزة أحمر وأفضل. السادس: اختصاصه ببنية لا يقع موقع الحرف فيها ما لا يصلح للزيادة نحو: حنطأو فلا يوجد في مثل هذا التركيب مثل: سردأو.

السابع: لزوم عدم النظير بتقدير الأصالة في الكلمة التي ذلك الحرف منها نحو: تنفل ووزنه تفعل نحو: تنضب، وسمع فيه ضم التاء، فاحتمل أن يكون أصلاً، واحتمل، أن يكون زائدًا، فحمل على الزيادة لثبوتها في المفتوحة التاء وكذا نون نرجس المكسورة، لثبوت زيادتها في المفتوحة النون. الثامن: لزوم عدم النظير بتقدير الأصالة في نظير الكلمة التي ذلك الحرف منها، وذلك نحو: ملوط الميم أصلية والواو زائدة، إذ لو عكسنا لكان وزنه معفلاً، وهو بناء مفقود، وفعول موجود نحو: عسود، وقد عبر عن هذا، وعن الذي قبله بالنظير، والخروج عن النظير، وشرح بمسألة تنفل، ومسألة عزويت. التاسع: كون الحرف المعنى: كحروف المضارعة، وألف ضارب، وتاء افتعل، وقد كان يستغنى عن هذا الدليل بمعرفة ذلك الاشتقاق وبالتصريف، فيغنيان عنه. وزاد بعضهم في الدلائل عاشرًا، وهو الدخول في أوسع البابين نحو:

كنهبل على تقدير أصالة النون، فوزنه فعلل، وعلى تقدير زيادتها، فوزنه فنعلل، وكلا الوزنين مفقود، فيحمل على الزيادة؛ إذ باب المزيد أوسع من باب الأصلي، ألا ترى إلى كثرة أبنية المزيد، وقلة أبنية المجرد. ولا يدخل الاشتقاق والتصريف المصطلح عليهما في علم النحو في الاسم الأعجمي، ولا اسم الصوت، ولا الحرف، ولا ما شبه به من متوغل في البناء، وجاء بعض هذا فيه التصرف كأسماء الإشارة وبعضه جاء في الاشتقاق كقط، ولا يدخل الاشتقاق أيضًا الأسماء النادرة ك «طوبالة»، ولا المتداخلة كـ «الجو» للأسود والأبيض ولا الأسماء الخماسية الأصول. وقد اصطلح النحاة على أن يزنوا بلفظ الفعل، فقابلوا أول الأصول بالفاء، وثانيها بالعين، وثالثها باللام؛ فإن زادت الأصول كررت اللام عند البصريين، ومذهب الكوفيين أن نهاية الأصول ثلاثة، وما زاد على الثلاثة حكموا بزيادتها، واختلفوا فقائل لا يزن، وقائل يزن، وينطق في الوزن بلفظ الزائد، وقائل يزن، وتجعل الزائد ما قبل الآخر، فيجعل وزن «جعفر»: فعللاً، وقائل يزن كوزن البصريين مع اعتقاد ما زاد على ثلاثة، ولذلك كرر اللام، وقال الفراء: إن بقى حرف تركه بلفظه، فوزن جعفر: فعلر إن جعلت الثلاثة في مقابلة الفاء والعين واللام؛ وإن جعلت الثلاثة الأخيرة

في مقابلتها قلت: جعفل، أو في مقابلة الأولين والأخيرين قلت فعفل. والمعتمد في الأوزان في هذا الكتاب مذهب البصريين. فنقول: الاسم ثلاثي ورباعي وخماسي، الثلاثي: مجرد ومزيد، المجرد: مضعف وغير مضعف. المضعف: ما اتحدت فاؤه وعينه، أو فاؤه ولامه، أو عينه ولامه وأكثر النحاة لا يفرد هذا النوع بالذكر، بل يدخله في مطلق الثلاثي، ومنهم من يسميه ثنايئًا، ونحن اخترنا إفراده بالذكر. فهو يجيء اسمًا على فعل نحو: ببر وحظ، ودعد؛ وصفه، نحو: خب، [وعلى فعل: اسمًا نحو طيب، وعمة؛ وصفة، نحو: خب وعلى فعل: اسمًا نحو: دب وجرجة؛ وصفة نحو: مر]، وعلى فعل: اسمًا نحو: صمم، وددن؛ وصفة نحو: غمم، وعلى فعل: اسمًا

نحو: خزر؛ وصفة نحو: عقق، وعلى فعل: اسمًا نحو علل؛ وصفة نحو: قدد، وعلى فعل اسمًا نحو: غصص وصفة نحو: شلل، وعلى فعل - ولا يحفظ إلا صفة - نحو: درد. ولا يحفظ منه شيء جاء على فعل ولا على فعل. وغير المضعف يجيء على فعل: اسمًا نحو: فهد؛ وصفة نحو: صعب، وعلى فعل: اسمًا نحو قفل، وصفة نحو: خلو، وعلى فعل: اسمًا نحو: جذع؛ وصفة نحو: نكس. وعلى فعل: اسمًا نحو جمل؛ وصفة نحو: بطل، وعلى فعل: اسمًا نحو: كب، وصفة نحو: حذر، وعلى فعل: اسمًا نحو: سبع؛ وصفة نحو: ندس، وعلى فعل اسمًا نحو: ضلع، وصفة نحو:

زيم، وعدى (اسم جمع)؛ فأما «قيم» و «سوى» من قوله تعالى: {دينًا قيمًا}، و {مكانا سوى} ورضى، وماء روى، وماء صرى و «سبى طيبة»، فمن النحاة من استدركها، ومنهم من تأولها. وعلى فعل: اسمًا نحو: صرد، وصفة نحو: حطم. وعلى فعل: اسمًا نحو: طنب، وصفة نحو: جنب، وعلى فعل: اسمًا نحو: إبل، ولم

يحفظ سيبويه غيره، وزاد غيره حبرة، ولا أفعل ذلك أبد الإبد، و «عبل» اسم بلد، و «بلص» ووتد، وإطل، ومشط، ودبس، وإثر، لغة في الوتد، والإطل، والمشط، والدبس، والإثر، وصفة أتان إبد و (امرأة إبد).

والمعز إبد، فأما امرأة بلز، فحكاه الأخفش (مخفف الزاي) فأثبته بعضهم. وحكاه سيبويه (بالتشديد)، فاحتمل ما حكاه الأخفش أن يكون مخففًا من المشدد. وعلى فعل، نحو: دئل، ورئم، ووعل؛ لغة في الوعل. ودئل ورئم، اسما جنس: دئل: دويية سميت بها قبيلة من كنانة، ورئم: الاست، وقد رام بعضهم أن يجعلهما منقولين من الفعل. وقال أبو الفتوح نصر بن أبي الفنون: أما «دئل ورئم» فقد عده قوم من النحويين قسمًا حادي عشر لأوزان الثلاثي، وإنما هي عند المحققين عشرة. انتهى.

فأما «فعل» فمفقود ومن قرأ {ذات الحبك} (بكسر الحاء وضم الباء) فمتأول قراءته. المزيد من الثلاثي المضعف: ما تكرر فيه حرف واحد، وما تكرر فيه حرفان: الأول ما فيه زيادة واحدة، أو ثنتان، أو ثلاث، أو أربع. فالواحدة قبل الفاء: على مفعل مكر، ومفعل مدب، ومفعل مدق، ومفعلة مجثة، وتفعلة تئية، وأفعل أصرط، وإفعل: إوز،

وإفعلة إوزة، وأفعلة أئمة، ويفعل يأجج، ويفعل يأجج، وقيل: وزنهما فعلل وفعلل. وقبل العين على فيعل فيقم وفاعل آم، وفاعل ساسم، وفوعل ذو ذخ، وفوعل سوسن، وفيعل ميمس وقيل وزنه فعمل مشتقًا من ماس. وقبل اللام: فعيل: جليل اسمًا نبات، وصفة: جليل. وفعال أساس، وفعال

مداد، وفعال اسمًا قصاص، وصفة جلال، وفعول: أصوص. وفعول: سرور، وفعل: عمم، وفعلة شربة، وجربة. وهو مثال غريب. وبعد اللام على: فعلى: ضججى، وفعلى عوى، وفعلى عوى، وقيل وزنهما فعل وفعل.

والثنتان مجتمعتان: على فعلاء عواء؛ وفعلاء عواء؛ وقيل وزنهما فعال وفعال. وفعال: خشاء، وفعلاء خششاء، وفعلاء قيقاء، وفعول عكوك، وقيل وزنه فعلع، وفونعل زونزك؛ وقيل وزنه فعنعل من زاك، وفعميل: غطميط، وفعامل غطامط إن كان من الغط؛ وإن كن من الغطم كان فعالعا،

وفعائل: حطائط، وفعلان حسان، وفعلان خلان، وفعلان زمان، وفعلوس قربوس، وفعوال عنوان، وفعوال عنوان، وفعيال عنيان، وفعيال عنيان، وفعفول: دردور، وفعلية عبية، وفعلية عبية (وفعلية عبية) وفعلولية شيخوخية وفعليت: بريت، وفعلوت حويت، ومفترقان على فعيلى: المطيطي،

وفعالى ذنابي، وفعالي خزازي، وفعولى: شجوجي، وقيل وزنهما: فعوعل وفعلعل وفعولى: دقوقي، وفعنلى حنططي، وفعلى دممي، وفعال: بزاز، وفعيل: عنين وفعال جداد، وفعال: جنان، وفاعيل: ياليل، وفاعول جاسوس، وفاعيل

زازيه، وفيعيل: سنين، وفيعيل: كزكيز، ويفعول: يأفوف، ويفنعل: يلنجج، وتفعال: ترداد، وتفعيل: تتميم، وتفعال: تجفاف، وتفعول: تعضوض. ومفعال: مقداد، وإفعيل: إكليل، وأفعول: أفنون؛

وقيل وزنه فعلون، وأفعلى: أصرى وأفنعل: اسمًا: ألنجج، وصفة ألندد، وفنعال: سنداد، وفعنعال: سنداد، وأفعال: أسباب، وفاعل: قاقل، وفعميل: صهميم، وفنعيل: صنديد، ويفعول: يأجوج فيمن همز: فأما مأجوج فيمن همز فمفعول من أج، ومن لم يهمز ففاعول من مج، أو فعلول من مآج، وأبدل من الواو ألفًا، أو من مأج فترك الهمز.

والثلاث مفترقات على فعيلى: رديد، وفوعلى: دودرى وفاعلي: قاقلي، وأفاعيل: أفانين، ويفنعول: يلنجوج، ويفنعيل: يلنجيج، وأفنعول ألنجوج، وأفنعيل: ألنجيج. وتجتمع زيادتان من الثلاث على فعولاء: شجوجاء؛ وقيل وزنه فعوعال، وفعلعال، وفعالان ثلاثان، وفيعلون: ديدبون، وفيعلان ديدبان؛ ومنفعول: منجنون، وقيل وزنه فعللو، ومنفعيل:

منجنين؛ وقيل وزنه فنعليل، وقيل فعلليل، وفعيلاء: حثيثاء، وفعولاء: حروراء، وفعالاء ثلاثاء، وفعالاء: قصاصاء، وفعيلاء مطيطاء، وفاعولاء قاقولاء، وأفعلاء: أرباء. والأربع على فعولان عكوكان، وقيل وزنه فعلعان، وفعيلياء

مطيطياء، وفاعولاء ضاروراء، وفعيلاء خصيصاء، وفاعولاء قاقولاء، وإفعيلاء إحليلاء. القسم الثاني ما تكرر فيه الحرفان: مجرد ومزيد: المجرد على فعفل ربرب، وفعفل: سمسم، وفعفل بلبل، والمشهور عند البصريين أن وزن هذه فعلل وفعلل وفعلل، وعزى إلى سيبويه وأصحابه أن وزن ربرب، ونحوه: فعل فأصله ربب أبدل الوسط حرفًا من جنس الأول؛ وعزى إلى الخليل ومن تابعه من البصريين والكوفيين أن وزنه فعفل كما قدمناه أولاً، وهو قول قطرب

والزجاج وابن كيسان في أحد قوليه. وقال الفراء، وجماعة وزنه فعفع تكررت فاؤه وعينه، وعزى إلى الخليل أيضًا. والمزيد فيه قد تلحقه واحدة قبل الفاء على: إفعفل: إزلزل، وأفعفل: ألملم، ويفعفل يلملم. أو بعد الفاء يليها على فعفل: حمحم، وبعد العين على فعيفل بغيبغ، وفعفل زوزى، وفعنفل

كعنكع، وفعنفل دحندح، وفعافل قباقب، وفعافل: زعازع، وفعافلة سواسوة. وقبل اللام على فعفال جرجار، وفعفال زلزال، وفعفيل همهيم، وفعفيل جرجير، وفعفول قرقور، وفعفل كلكل، إن كان سمع مشددًا في نثر، وفعفل قمقم.

وبعد اللام على فعفلى قرقرى. وقد يلحقه زيادتان: مجتمعتان على فعفلان: رحرحان، وفعفلان: جلجلان، وفعفعيل: قرقرير؛ ومفترقتان على فعفلى قرقرى، وقد يلحقه ثلاث فيكون على فعيفلان: قعيقعان. والمزيد من الثلاثي غير المضعف، منه ما تلحقه زيادة واحدة قبل الفاء على وزن أفعل اسمًا أفكل وأصبع.

وصفة أرمل، وإفعيل إثمد، وأفعل أصبع، ولم يجيئا إلا اسمًا؛ فأما أفعل في الصفة فعزيز جدًا، على خلاف في إثباته، والصحيح إثباته؛ حكى أبو زيد: لبن أمهج، وإفعل اسمًا إصبع ولم يأت على إفعل إلا هذا، وعدن إبين؛ وإشفى،

وإنفحة ولم يأت صفة، وأفعل أصبع على خلاف فيه، وأفعلة أنملة لغة وأصبع، وأفعل مكسرًا: اسمًا أكلب، وصفة أعبد، وأثبت بعضهم أفعلاً في المفردات، وذكر منها أعلامًا لرجال ومواضع، والصحيح وجوده فيها لثبوت أبهل نباتًا، وأصبع لغة في إصبع، وأنملة لغة في أنملة، وأفرة لغة في ألإرة وعلى إفعلة إلعنة، وأفعله ألوقه، وقيل وزنه أفعلة، فأعل وقيل فعولة، وأفعل أصبع، ولم يأت سواه، وإفعل إصبع، وأفعل أصبع، وهذان رديئان.

وعلى تفعل وهو قليل: اسمًا نحو: تنفل، وما أدري أي ترخم هو، وصفة تحلبة، وتفعل اسمًا وهو قليل تنفل وتحلئ، فإذا أدخلت التاء لم يجيء إلا صفة نحو: تحلبة، وحكى صفة تفرج بغير تاء، وعلى تفعل تنفل، وتفعل تنفل، وتنضب اسمًا. وتحلبة صفة، وتفعلة تنفلة بالتاء، وتحلبة وترعية، وتفعل تنفل، وتنفلة وتحلبة ولا يحفظ غيرهما. وتفعل اسمًا تنفل؛ وما أدرى أي ترخم هو (بفتح الخاء)، وصفة تحلبة، وأمر ترتب، وجعل بعضهم ترتبًا اسمًا.

وعلى يفعل اسمًا فقط يلمق؛ فأما جمل يعمل وناقة يعملة، ورجل يلمع فمن الوصف بالاسم. وأما ما زاد بعضهم من نحو: يزيد ويشكر ويوسف (ويوسف) ويحمد (بطن من كلب)، فلا يثبت به أصل بناء؛ لأنه منقول من فعل، أو أعجمي، إلا أنه ذكر وزن يفعلة يثبرة (اسم ماء). وعلى نفعل نرجس ولا يعلم غيره؛ قال بعضهم: وأظنه أعجميًا، ونفعل: نرجس، ونفرج [و] قيل نفرج فعلل، وتعاقب التاء والنون يدل على الزيادة.

وعلى مفعل اسمًا محلب وصفة مقنع، ومفعل اسمًا فقط منخر، وقيل حركة الميم إتباع والأصل الفتح، وقد أجاز سيبويه الوجهين، ومفعل اسمًا فقط منخل، ومفعل اسمًا منبر وصفة مطعن، ومفعل كثير في الاسم مسجد، قليل في الصفة: رجل منكب، ومفعل قليل في الاسم مصحف، كثير في الصفة مكرم، ومفعل وتلزمه الهاء [نحو]: مزرعة، وأثبته بعضهم بغير هاء نحو: مكرم ومعون، ومألك، ومقبر، وميسر، ومهلك؛ ولم يأت غيرها، وقيل هو جمع لما فيه التاء؛ وقال السيرافي: مفرد أصله الهاء رخم ضرورة إذ لم يحفظ

إلا في الشعر، وعلى مفعل صفة فقط مكرم؛ فأما مؤق فاسم، فقيل الميم أصلية ووزنه فعلى خفيفة الياء وصار منقوصًا، وقال أبو الفتح: فعلى والياء مشددة، فخفف، ورفض الأصل، وقال الفراء، وابن السكيت: الميم زائدة ووزنه مفعل، وفي المؤق اثنتا عشرة لغة تدل على أصالة الميم. فأما زيادة الهاء قبل الفاء، فنفاه بعضهم، وجعل ما ورد مما يوهم ذلك أصلاً، وأثبته بعضهم فقال يجيء على هفعل:

هزبر، وهفعل هجرع، وهفعل همتع، وهفعل هركلة، وهفعل هبلع. وقبل العين على فاعل: اسمًا غارب، وصفة ضارب، وفاعل آجر وكابل؛ وزعم بعضهم أن كابلاً أعجمي، وفوعل: اسمًا عوسج وصفة

هوزب، وذكر سيبويه حوملا في الصفات، وهو اسم موضع، وإذا كان صفة كان من الحمل، وفوعل: صوبج لا غير، ,جاء بالتاء روزنة لغة، وفيعل: اسمًا غيلم، وصفة صيرف، ولم يجيء معتلاً إلا «العين»، وفيعل معتلاً فقط نحو: سيد وفي وزنه خلاف سيأتي إن شاء الله تعالى، ولم يجيء في الصحيح إلا صيقل اسم امرأة: وفيعل خيزبة

ونيدل، وفيعل نيلج، وبيزرة، وفيعلة بيزرة لغة، وفيعل صفة فقط حيفس، وفيعل في الحديث أقدم حيزم، وعلى فأعل اسمًا فقط شأمل، قيل وجاء صفة قالوا: رجل زأبل: أي قصير، وفأعل زابل لغة، وفئعل نئطل، وفنعل صفة فقط عنبس؛ فأما (حنتف) اسم رجل فمرتجل، ووزنه فعلل،

وفنعل اسمًا فقط جندب لغة؛ وأما لحية كنثأة، فنقله أبو عبيدة، وأثبته الزبيدي في الصفات، وقيل النون أصلية، وفنعل: اسمًا فقط قنبر، وفنعل عنصل، وفنعل حندس، وفنعل اسمًا فقط قنطر، وصفة

عنفص، وفنعلة حنطئة، وفنعلة كنعرة، وفنعلة عنصوة، وعلى فهعل: رجل صهتم، وفهعل زهلق، وقيل وزنه فعلل، وعلى فلعل: ضرب طلخف؛ قاله ابن القطاع، وفعلل عكلد، وفلعل دلعث، وفلعل دلعث، وفلعل قلفع، وفمعل

قمعل، وفمعل سمحج، وفمعل صمرد، وفمعل دملص، ويجوز أن يكون محذوفًا من دمالص، وفسعلة حسجلة. وجاء مزيدًا بأحد مثلين مدغمًا؛ فعل: اسمًا سلم وصفة زمل، وفعل: اسمًا قنب، وصفة دنم، وفعل اسمًا حمص، وصفة حلزة، وفعل اسمًا

وهو قليل: تبع، وفعل في الأعلام شلم، وعثر، وبذر، ونطح: مواضع، وخرد، وشمر: فرسان، وخضم اسم رجل أو لقبه، وسدر لعبة للصبيان، وبقم اسم خشب صبغ أحمر يجلب من البحر؛ والظاهر أنه ليس بعربي، لأنه ليس في العربية شيء من تركيبه على تقاليبه، وفعل أيل، وفعل أيل، وقيل وزنه فعيل من آل يئول. وقبل اللام على فعال: اسمًا غزال وصفة جبان، وفعال: اسمًا عصام، وصفة: ضناك، وفعال: اسمًا غراب وصفة شجاع، وفعول: اسمًا جدول وصفة

حشور، وفعول: اسمًا فقط خروع، وعتود، وذرود لا غير، وفعول جرول، وفعول: اسمًا عتود، وصفة صدوق، وفعول: اسمًا أتى وهو قليل؛ إلا أن يكون مصدرًا كالجلوس أو جمعًا كالفلوس، وفعيل: اسمًا عثير، وصفة: طريم، وفعيل اسمًا فقط عليب، وفعيل:

ضهيد وعثير. وقال ابن جني: هما مصنوعان، وفعيل غريف، وفعيل: اسمًا بعير، وصفة شهيد، وإثبات فعيل بكسر الفاء بناء خطأ، وفعيلة قالوا: قدر وئية، وفعأل: اسمًا فقط شمأل، وفعأل ضنأك لغة في ضناك، وقيل وزنه فنعل كعنظب، وفعئل جرئض، وفعنل: اسمًا ترنج، وصفة عرند،

وفعنل برنس، وقيل وزنه فعلل، وفعنل: خرنق، وفعنل فرند، وفعنل: اسمًا فقط بلنط، وفعنل قعنب، وفعمل جعمظ، وفعميل دلمص وفعملة ثرمطة، وفعملة ثرمطة، وفعملة سلمقة، وفعهل سمهج وفعلل سملح، وفعللة حدلقة. وما جاء مزيدًا بأحد مثلين:

مدغمًا، يجيء على فعل. اسمًا جبن، وصفة هدب، وفعل: اسمًا جدب وصفة خدب، وفعل اسمًا، كمر وصفة دقم، وفعل اسمًا معد وصفة عبن، وفعلة: اسمًا فقط تئفة. وفعلة اسمًا فقط تلنة، وهما قليل، وفعلة درجة. ومفكوكًا على فعل:

اسمًا شربب، وصفة دخلل، وفعلل: اسمًا فقط مهدد، وفعلل صفة فقط رماد رمدد، وفعلل اسمًا عندد، وصفة قعدد، وفعفل سمسق، وفعفل كركم، وفعفل، فرفخ، وبعد اللام على فعلى علقى ولم يجيء صفة إلا

بالهاء، ناقة حلباة ركباة. وبألف التأنيث: اسمًا رضوى وصفة سكرى، وفعلى: اسمًا معزى ولم يجيء صفة إلا بالهاء: رجل عزهاة، وذكره ابن القطاع بغير هاء، فأما رجل كيصى، فنقله ثعلب منونًا؛ فقيل هو صفة، وقيل اسم وصف به، وقيل هو فعلى كضئزى غير منون، وفعلى: اسمًا بهمى وصفة حبلى وألفه للتأنيث،

وقالوا: بهماة واحدة، وليس بالمعروف. وروى ابن الأعرابي: دنيا منونا، شبهوه بفعلل. فأما موسى الحديد، فمصروفة وغير مصروفة، وفعلى اسمًا: دقرى، وصفة جمزى، وفعلى اسمًا فقط أدمى، وفعلى: خيمى، قاله ابن القطاع، وقال أبو عبيد البكري: خيمى بسكون الياء على وزن فعلى.

وقال الزبيدي: ليس في الكلام فعلى، وفعلوة عرقوة، وفعلوة: اسمًا عنصوة، وفعلوة خنذوة، وفعلوة حنذوة، ولا يكون إلا اسمًا، وفعلية: اسمًا حذرية، وصفة زينية، وفعلته اسمًا فقط سنبتة، وقيل وزنها فنعلة، وعلى فعلن: صفة فقط رعشن، وفعلن: اسمًا فقط فرسن وفعلن قليلاً اسمًا، وصفة خلفن، وفعلم: اسمًا جلهمة

وزرقم (كذا ذكر ابن عصفور) وصفة: ستهم، وفعلم: اسمًا دقعم، وصفة: سرطم، وفعلم صفة فقط شجعم، وفعلم: قلعم، وفعلل عبدل على خلاف في بعض هذا الموزون، [و] سيأتي إن شاء الله تعالى في فصل زيادة اللام، وفعلس دفنس، وفعلسة خلبسة، وفعلئ غرقئ، وفعلؤة ثندؤة، وقيل من ثدن،

فقدمت النون فوزنها فلعوة، وما تكررت فيه العين واقتضى الاشتقاق أن الثاني هو الزائد جاء على فعلعة سكركة وفعلعة سكركة. وما يلحقه زيادتان مجتمعان قبل الفاء على إنفعل: صفة فقط إنقحل، وأنفعل أنقلس، وإنفعل إنقلس لغة، وميفعل وميفعل ميرنئ وميرنأ، ومنفعل ومنفعل منطلق، ومنطلق به، وينفعل كـ «الينجلب» وذكروا أنه منقول من الفعل وإن كان اسم جنس. وقبل العين على فواعل: اسمًا سوابط، وصفة كواسر، وفواعل: اسمًا صواعق، وصفة دواسر، وفياعل: اسمًا غيالم، وصفة

عيالم، وفناعل اسمًا جادب، وصفة عنابس، وفناعل: اسمًا خناصرة، وصفة كنادر وقيل هو فعالل، وفعوعل: صفة عثوثل، وفعيعل: صفة فقط خفيفد، وفعنفل: زونزك، وفعاعل: سلالم، ولا يبعد في الصفات إذا جمع زرق، فالقياس يقتضي زرارق، وفعلعل: اسمًا ذرحرح، وفعلعل

اسمًا: حبربر، وصفة: صمحمح وفعلعل: كذبذب لا غير، وفعلعل: كذبذب وفعاعيل صفة فقط طعام سخاخين وفياعل: عياهم وفنيعل: قنيبر، وفنوعل: قنوطر، وفوفعل: دودمس، وقيل وزنه فوعلل، وفماعل قماعل، وفمعل هملع، وقيل وزنه فعلل، وفماعل: دمالص،

وفمعل همقع، وزملق، وفيفعل فيفغر، وفيعل حيفس، وفيهل: حيهل، وفيهل: حيهل، وفنعل هنبر وشنخف، وفنعل: صنبر، وقيل الكسر لالتقاء الساكنين في الوقف، وفلعل قلمس؛ وقيل وزنه فعمل، وفلاعل علاكد. وقبل اللام على فعالل عكالد، وفعفل: قهقر، وفعفل:

قسقب، وفعفل قهقر وفعفل صفصل، وفعفل صفصل، وفعمل قلمس، وفعلل حقلد، وفعلل صعرر، وفعافل دوادم وقيل وزنه فواعل، وفعلل قطنن، وفعلل قطنن، وقيل وزنهما فعلن وفعلن، وفعويل سرويل، وفعويل سمويل وفعاول: اسمًا جداول، وصفة حشاور، وفعاول سراوع؛ وقيل وزنه فعالل، وفعلول: اسمًا بلصوص، وصفة

حلكوك، وفعلول: امسًا طخرور، وصفة بهلول، وفعليل: رعديد، وفعولل: حبونن، وفعولل حبونن لغة؛ قيل: وهما اسمان قليلان، وقيل جاء صفة: حزولق، وفعول كروس، (بضم الواو)، وفعول: صفة فقط عطود، وكروس، وفعول علود، وفعول: اسمًا

عسود وصفة: عثول، وفعيل قسيب؛ وقيل أصله التخفيف فشدد على حد جعفر، وفعليل اسمًا حمصيص، وصفة صمكيك، وفعونل غرونق، وفعليل: حمقيق، وفعنيل غرنيق، وفعنيل غرنيق، وفعنيل: غرنيق، وفعليل: اسمًا حلتيت، وصفة:

صهميم، وفعيول: اسمًا كديون، وصفة عذيوط، وفعيلل اسمًا حفيلل، وصفة خفيدد، وفعمول جعموس، وفعمال: هرماس، وفعميل قطمير، وفعنل قهنب، وفعنل زونك، وفعنل زونك لغة، وقيل: زونك فعلل كـ «عدبس» وفعنول: غرنوق، وفعنول

درنوح، وقيل: وزنه فعلول، وفعنلل: صفة فقط عفنجج، وفعانل: فرانس، وفعانل فرانس وفعنال: فرناس، وفعايل، عثاير، وقد يجيء صفة بالقياس في جمع طريم، وفعايل: اسمًا غرائر وصفة عرائر، وفعفول: قرقوف، وفعفول قرقوف، وفعفول بنبوك،

وفعايل، نبايع، وفعنال: قرناس، وفعيال عنيان، وفعيال: اسمًا فقط كرياس وفعوال جحوان، وفعوال: اسمًا قليلاً عصواد، وفعوال: اسمًا سروال، وصفة جلواخ، وفعالة زعارة، وفعائل قليل اسمًا جرائض، وصفة حطائط، وفعليل الحبليل، وفعالل

اسمًا: قرادد، وصفة رعابب، وفعلال: اسمًا قليلاً قرطاط، وفعلال: اسمًا جلباب، وصفة شملال، وفعيل صفة هيبغ. وبعد اللام على فعلاء اسمًا حلفاء، وصفة حمراء، وفعلاء، اسمًا قوباء، وفعلاء: اسمًا علباء، وفعلاء: اسمًا رحضاء، وصفة

عشراء، وهو كثير في الجمع، وفعلاء: اسمًا فقط قرماء، وفعلاء: اسمًا، قليلاً عنباء، وفعلاء: ظرباء، وفعلان: اسمًا سعدان، وصفة سكران، وفعلان: اسمًا عثمان وصفة خمصان، وفعلان: اسمًا فقط سرحان، وهو كثير في الجمع، فأما رجل عليان فقيل: هو من قبيل الوصف بالاسم، وفعلاية، درجاية وفعلان اسمًا:

كروان، وصفة: قطوان، وفعلان: اسمًا فقط قطران، وفعلان: اسمًا قليلاً سبعان، وفعلان اسمًا قليلاً: سلطان، وقال سيبويه، ليس في الكلام اسم على فعلان إلا سلطان. انتهى. وقرأ عيسى بن عمر، {يقربان}، (بضمتين)، وفعلنى صفة فقط عفرني، وفعلني: اسمًا قليلاً عرضني، وفعلنى عرضني لغة، وفعلني كفرني

وفعلوت: اسمًا رغبوت، وصفة خلبوت، وفعلوت خلبوت، وفعليت عفريت، وفعلوت سلكوت، وفعلاة ضهياة، وفعلين: اسمًا قليلاً غسلين، وفعلنية: اسمًا والهاء لازمة بلهنية، وفعلوه جبروة لا غير، وفعلوس عبدوس، وفعلاس عرفاس، وفعليًا تبليا، وفعلوى: هرنوى، وقيل: وزنه فعنلى،

وفعلهو: قنرهو؛ والنون بدل من زاي؛ فيئول باعتبار أصله إلى الثنائي، وفعلم دلظم، وفعلم قرطم، وفعلم قرطم، وفعلامة: ضرسامة وفعلوم جرسوم، وفعلين: وهبين، وفعلين: زرقين لغة في زرقين، وفعلون عربون، وفعلون عرجون، وفعلون فرجون، وفعلون عربون، وفعلون سرجون لغة في سرجين، وفعلن

قشون، وفعلن قرطن، وفعلن قرطن، وفعلين هلكين، وفعليت صوليت؛ وكون الفاء أصلها الكسر دعوى، وفعلناة خلفناة؛ وكون الألف إشباعًا دعوى، وفعليل وهبيل. أو مفترقان، فرقت بينهما الفاء؛ فعلى أفاعل: اسمًا أجارد، وصفة أباتر، وأخائل؛ فأما «أدابر» فذكره ابن سيده في الصفات،

والزبيدي، وتبعه ابن عصفور في الأسماء وعلى أفاعل أجالد للجسم، وأفانية: نبت؛ ويكون جمعًا: اسمًا أفاكل وصفة أفاضل، وأفنعل أرندج، وإفنعل إرندج لغة، ويفنعل: يرندج، ويفنعل يرندج لغة، ويفعل يوصى، ويرنأ، ويفعل: يرنأ، ويفاعل ينابع، ويفاعل يجابر (اسم امرأة)، ويكون في جمع الاسم: يرامع، وأما «جمال يعامل» فقيل

من الوصف بالاسم، وتفاعل ترامز وقيل وزنه فعامل، وقيل فعالل، وتفعل: اسمًا فقط تنوط، وهو في المصدر كثير، وتفاعل: تضارع، وتفاعل تبشر، وتفعل تبشر، وتفعل تهبط، وتفاعل: تفاوت، وكثر في الجمع اسمًا تناضب، وصفة بالقياس تحالب جمع تحلبة، وتفاعل: تفاوت، وتفاعل تفاوت، وتفاعل بالقياس نراجس جمع نرجس، ونفوعل نخورش، وقيل وزنه فعلل، ومفاعل،

ولا يكون إلا جمعًا: اسمًا منابر وصفة مداعس، ومفهعل: كمهمل، ومفوعل، ومفيعل، ومفاعل ومفعل ومفتعل، ومفنعل أسماء فاعل، وبالفتح أسماء مفعول، مجوهر ومبيطر، ومضارب، ومكرم، ومقتدر ومسنبل. أو العين على فاعول اسمًا طاؤوس وصفة جاروف، وفاعال اسمًا قليلاً: ساباط، وفاعيل خاميز، وفيعول: اسمًا قيصوم، وصفة عيثوم، وفوعال اسمًا قليلاً: طومار، وفوعال اسمًا قليلا: توراب، وفوعيلة:

دوطيرة، وفوعلة حوصلة، وفيعال: اسما خيتام، وصفة: غيداق، وفيعال، اسمًا فقط: ديماس في أحد احتماليه، وفيعيلة قيليطة، وفنعال: قيل: لم يجيء إلا صفة قنعاس، وذكر بعضهم عنقاد، وطنبار؛ فينظر: أهما اسمان أم وصفان؟ وفنعال عنظاب، وفوعلل كوألل، وقيل وزنه فوأعل

فيكون ثنائيًا، وفعال: اسمًا قليلاً: دراج، وصفة علام، وفعال: اسما خطاف، وصفة حسان، وفعال: اسما فقط: قثاء؛ فأما رجل دنابة فقيل من الوصف بالاسم، وفعول: صفة فقط سبوح، وأثبت بعضهم فيه ذروحًا، فيكون اسمًا، وفعول، اسمًا سفود، وصفة: سبوح، وفعول، اسما عجول، وصفة: سروط، وفعيل، اسمًا بطيخ؛ وصفة: سكير، وفعيل صفة قليلاً مريق هكذا قال بعضهم، وقال آخر: وعلى فعيل مريق للعصفر، ومريخ للذي هو داخل الأذن اليابس، وفعيل: اسما عليق

وصفة زميل، وفنعأل: رجل قنتأل، وقال الفراء وزنه «فنعل»، أبدل من أحد المشددين همزة، وفنعألة عندأوة، وقيل وزنها فعلأوة من عند، وفيعلة ريحنة، وفيعنل نيلنج لغة، وفمعول: قمعوط، وفمعيل: عمليق، وقيل وزنه فعليل، وفعيل درئ، وفئعيل: زئنجيل، وفوعل: كوثل، وفنعول: عنقود، وفنعول طنبور لغة، وفعلول زلقوم، وقيل وزنه فعلوم. وفوعنل

فوذنج، وفنعالة، شنذارة، وفنعيل: شنظير، وفوعنل: خورنق، وفنعولة: حندورة، وقيل هو من باب قرطعب، وفنعولة، عنجورة. أو اللام على فعنلى: اسمًا قرنبى، وصفة حبنطى، وجاء غير مصروف [نحو] بلنصى وقيل لا يجيء إلا اسمًا، وجاء صفة بالهاء قالوا: عقاب، عقنباة،

وفعنلى: بلنصى وخلفناة، وفعنلى اسمًا فقط جلندى، وهو قليل، كذا قيل وجاء بالهاء: جلنباة، وفعلناة: جلنباة، وفعنلى: جلندى مصروفًا، وفعنلى: صعنبي، وفعيلى: اسمًا قصيرى، وفعالى: اسمًا حبارى، وصفة جمع تكسير فقط عجالى، وفعالى: اسمًا صحارى، وصفة حبالى، وفعالى: الصحارى، وفعالى ذفارى، وفعلى: اسمًا زمكى، وصفة كمرى، وفعلى: اسمًأ قليلاً جيضى، وفعلى: اسمًا قليلاً عرضى، وفعلى: اسمًا قليلا: حذرى، وفعلى: جفرى، وفعولى

قعولى، وفعولى: سوطى، وفعولى: عشورى، وفعولى: عدولى، وقيل وزنه فعولل، وفعالس: خلابس، وفعالن: اسمًأ فراسن، وصفة: رعاشن، وفعالم زراقم، وفعنلأ: حبنطأ، وقيل: الهمزة بدل من ألف حبنطى، وفعنلاء: حبنطاء، وفعيلأ: حفيسأ، وفعيلى حفيسى،

وفعالم: ضبارم، وفعالية، اسمًا: كراهية، وصفة عباقية وحزابية، وفعالوة سواسوة، وفعنلوة: اسمًا لزمته الهاء: قلنسوة، وفعنلية والهاء لازمة قلنسية، وفعلعلة: شعلعة، وفعولاة: قهوباة. أو الفاء والعين على أفعال: اسمًا ولا يكون إلا مكسرًا: أحمال وصفة: أبطال، وجاء منه مفردًا بالهاء أظفارة للظفر وهو نادر، وقالوا: أرعاوية للنعم التي عليها وسوم، وجاء صفة للمفرد: برد أخلاق وصف بالجمع، وإفعال اسمًا

إعصار، وصفة إسكاف، وإفعيل اسمًا إكليل، وصفة: إصليت، وأفعيل: أنجيل، وأفعول اسمًأ أسلوب، وصفة أملود، وأفعول: أسروع، وإفعول: اسمًا إدرون، وصفة: إزمول، وأفعال: أدمان، وإفعل اسما إزفلة، وصفة: إرزب، وإفعل: إردب، وأفعل: اسمًا فقط أردن، وأفعلة: أكبرة

قومه، وإفعنل إسفنج، وإفعنل: إفرند، وأفعنل أسفنط، ويفعول: اسمًا يعفور، وصفة يحموم، ويفعول: يسروع، وقيل: ضمة الياء إتباع لضمة الراء، ويفعيل: اسمًا فقط يقطين، ويفعل: يهير، وقيل الأصل تخفيف الراء ثم شدد، وتفعال: اسمًا تمثال، وصفة: تفراج؛ وقيل: لا يثبت

تفعال صفة والصحيح إثباته، وتفعال وقيل لم يجيء إلا مصدرًا كتطواف والصحيح مجيئه غير مصدر، قالوا رجل تيتاء، ومضى تهواء من الليل، وتفعيل: اسمًا فقط ترعيب، وتفعيل: اسمًا ترعيب لغة، وصفة: ترعيد، وتفعلة وتلزمها الهاء ترعية، وكسر بعضهم التاء، وجعله بعضهم أصلاً، وتفعلة ترعية لغة، وتفعول اسمًا فقط تذنوب، فأما تيهورة، فمقلوب أصله تهوورة فوزنها قبل القلب تفعولة، وبعده تعفولة، وتفعول:

اسمًا قليلاً تؤثور، ونفعول: نخروب ونفعال: نفراج، وقيل وزنه فعلال ومفعال اسمًا منقار، وصفة مفساد، ومفعال: مرجان، ومرجانة فقط من رجن، وقال الأكثرون: فعلان من مرج، ومفعول: صفة مضروب، ومفعول معلوق، فأما مغرود، فقيل مفعول، وقيل فعلول: ومفعيل: اسمًا منديل، وصفة: مسكين، ومفعيل: منديل، ومفعل: مرعز، ومفعل: مرعز، ومفعل مكور

قيل: لم يجيء غيره، ومفعل: مكور، ومفعل مكور لغة، ومفعلل محذلق، ومفعهل: معلهج، ومفعيل: مطشيئ، ومفعيل مطشيأ عند من أثبت طشيأ، ومفعمل: مطرمح، وهفعال: هلقام. أو العين واللام على فيعلى: خيزلى، وفوعلى: خوزلى، وفنعلا خنفسا، وفنعلى سندرى، وفنعلى: شنفرى، وفنعلى: هديى، وفنعلى هنديى،

وفعلى: لبدى، وفيعلى: حيفسى، وفعلى: نظرى، وفنعلو: حنطأو، وفمعلوه: قمحدوه؛ وقيل وزنه فعلوة. أو الفاء والعين واللام على أفعلى أجفلى، قيل: ولا يحفظ غيره، وزاد بعضهم: أوجلى، قال: ولا يعلم غيرهما، وإفعلى: اسمًا إيجلى، وإفعلى: إيجلى لغة، قيل: وأفعلا: أطرقا، والجمهور على أنه حكاية، قيل: وعلى مفعلى، ومفعلى، مصطى، ومصطكى، والصحيح أن الميم فيهما

أصل، ومفعلى: مندبى، ومفعلى: مقلسى، ومفعلى مقلسى. أو ثلاث زوائد مجتمعة قبل الفاء على: إستفعل: إستبرق، أو قبل العين: فعلعل: كذبذب، وفعلعل: ذرحرح، وفعلعل: ذرحرح، وفعلعل: كذبذب. أو قبل اللام [على] فعاويل: صفة فقط قراويح واسمًا بالقياس عصاويد، جمع عصواد، وفعاييل: اسمًا فقط: كرايس وفعاليل:

اسمًا ظنابيب، وصفة: بهاليل، وفعنلال اسمًا فرنداد، وفعمال طرماح، وفعنال جهنام، وفعنال: جهنام لغة، وفعأليلة: شرأبيبة، وفعالولة: حزالوقة، وفعيليل: قعيسيس. أو بعد اللام على فعلوان (اسمًا) عنفوان، وفعليان: (اسمًا) صليان، وقيل (وزنه) فعلان، وصفة: عنظيان، وفعلايا برحايا لا غير، وفعلياء:

اسمًا مرحياء، وفعلياء: اسمًا كبرياء، وصفة جربياء، وفعلوتا: اسمًا قليلا رهبوتا، وفعلايا مرحايا، وفعلايا حولايا، وفعلياء تيمياء، وفعلوان: نهروان، وفعلوان نهروان، وفعلمان قشعمان، وفعلمان قشعمان، وفعلينا صرعينا. أو مفترقة على إفعيلي، إهجيري، وإجريا، ولا يحفظ غيرهما. وأفاعيل، قيل: ولا يكون إلا جمع تكسير: أساليب، وحكى رجل أقاطيع، والظاهر

أنه من الوصف بالجمع، وأسانين، اسم جبل منقول من الجمع، ويفاعيل اسمًا يعاسيب، وصفة: يخاضر، ويفتعول: يستعور، ووزنه عند سيبويه فعللول، ويفعال: يرناء، وتفعال: اسمًا فقط تحمال، فأما رجل تلقامة ونحوه فمن الوصف بالمصدر، والهاء للمبالغة، وتفاعيل: اسمًا فقط تجافيف، ونفاعيل: نخابير، ومفوعل: مهوأن، وقال السيرافي: وزنه

مفعلل، ومفاعيل: اسمًا مناديل، وصفة مكاسيب، ومفمعل: مشمعل، ومفلعل: مطلخم ومفتعال {متكاء} كما في قراءة الحسن، ومفوعل: مكوهد، وهفعال: هلقام، وفعيلى: مصدرًا فقط: هجيرى، وفعيلى: لغيزى، وفاعلي: باقلي، وفاعلي: شاصلي وفاعولي: بادولي، وقيل: ولم يجيء غيره، وفعولى: هيولى، وبخط ابن القطاع هي فيعولى، وفنعولى: قنطورى، ومفعلى:

[مرعزى اسمًا، فأما رجل مرقدي فقيل من الوصف بالاسم، ومفعلى]: مرقدي، ولم يجيء إلا صفة، ومفعلي صفة فقط مكورى، ومفعلى مكوري لغة، ومفعلي مكوري، ويفعلى يهيري، وقيل وزنه فعفلى، وفعالى: اسمًا فقط شقارى. أو ثنتان مجتمعتان على أفعلان، قيل: صفة فقط أنبجان، والصحيح أنه يكون اسمًا أيضًا قالوا: أخطبان للشقراق، وإفعلان: اسمًا قليلاً إسحمان

وصفة: إضحيان، وأفعلان صفة أضحيان لغة، وأفعلان: اسمًا أقحوان وصفة أسحلان، وأفعال أسحار، وإفعال: إسحار ولا يحفظ غيره، وأنفعيل: أنقليس، وإنفعيل إنقليس. وقال الخليل: أنقليس، وإنقليس وزنهما: أنفعيل، وإنفعيل، وأفعليل: ألبسيس، وقيل وزنه أفعليس، وفاعلوس آبنوس، وأفعلاء: أربعاء، وأفعلاء: أربعاء قيل: ولا يعلم غيرهما في المفردات إلا أن يكسر للجمع على أفعلاء نحو: أصدقاء. انتهى.

وجاء أجفلاء، وأرمداء، وأفعلاء أربعاء، وأفعلاء أربعاء، وأفعلاء أربعاء، ويفعلان يأدمان، ويفعلى: يرفئى، وتفعلان: ترجمان، وتفعلان: ترجمان، وتفعلاء: تركضاء، [وتفعلاء: تفرجاء، وتفعلوت اسمًا قليلاً: ترنموت، وتفعلان تئفان ونفعلاء: نفرجاء]، وقيل: وزنه فعللاء،

وتفعلوت: تخربوت، وقال الجرمي: وزنه فعللوت ومفعلان: مهرقان: ومفعلاء: مرعزاء، (ومفعلاء مرعزاء)، ومفعلان: مكرمان: ومفعلان مسحلان، وقيل وزنه فعللان، ومفعلان: مهرجان، ومفعلين: مقتوين، في قول من جعل الميم زائدة، ومن جعلها أصلية فوزنه فعلوين، فيكون مما زيد بعد لامه ثلاث زوائد، قيل هو جمع على حذف ياء النسب، ومنفعيل: منجنيق،

ومنفعول: منجنون وكسر الميم فيها لغة، ويأتي الخلاف في وزنهما، (إن شاء الله تعالى): وفاعلاء: خازباء، وفاعلاء: خازباء، وفاعلاء: خازباء، وفوعلال لوبياج، وفوعلاء: لوبياء، وفعولاء: عشوراء، وفعولاء: دبوقاء، وفاعلون: كازرون، وفاعيل: خاتيام وفعالان: حماطان، وفعاعيل: سخاخين. ولا يعلم غيره. وفعاعيل: اسمًا سلاليم وصفة عواوير، وهو من أبنية الجمع، إلا أنه قد جاء عكاكيس، لذكر العنكبوت وهو اسم مفرد وزنه فعاعيل، وفنعلوت: عنكبوت، وقيل وزنه فعللوت، وفنعلوه: عنكبوه بالهاء وفنعلاه: عنكباه

بالهاء، وفنعليت: حنبريت، وفاعلوت: طاغوت، أصله طاغيوت، وقيل وزنه فلعوت مقلوب من طغى، وقيل: فاعول جعلوا التاء عوضًا من الياء المحذوفة، وفنعليس: خندرس، وفنعلاء: خنفساء، وفنعلاء: خنفساءن وفنعلاء: عنكباء، وفعنلاء: كرنباء، وفعنلى: جلندي وفعنلاء: جلنداء؛ وقيل: مدة ضرورة فلا يثبت به بناء، وفعلاء: زمكاء، وفعلاء: مغلاء،

وفنعلاء: هندباء، وفنعلاء: هندباء، وفعالاء: اسمًا قليلاً ثلاثاء، وصفة: طباقاء، وفعيلاء صفة: كثيراء، واسمًا قليلاً قال ابن سيده: عجيساء وقريثاء جعلهما سيبويه اسمين، وجعلهما غيره صفتين، فعجيساء عند سيبويه الظلمة، وعند غيره العظيم من الإبل. انتهى. وفعلولى: فيضوضى، وفوضوضى، وفعليلى: فيضيضى، وقيل: وزنهما فيعولى وفوعولى، وفيعيلى، وتكون ثنائية، وفعلياء زكرياء، وفياعول: ديابوذ

وفعلعال: حلبلاب، وفعلعال: سرطراط، وفعفلى: صفصلى، وفعفلى: صفصلى، وفيفعول: زيزفون، وفاقًا للسيرافي، وخلافًا لابن جني؛ إذ زعم أن (وزنه) فيعلول، وفنعلول: حندقوق وفنعلول: حندقوق وفنعليل: قنسطيط، وفنعليل: خنفقيق. فأما خنشليل فقيل وزنه

فنعليل. وذكر سيبويه في باب التصغير أن نونه أصل، والكلمة فيه رباعية على فعلليل، وفنعال سنمار، وفيعليل: خيفقيق (بالياء)، وفعالماء: قراشماء، وفاعيلما: (ساتيدما)، وقيل هو مركب من ساتي، ووزنه فاعل، ودما، وفيعلاء: ديسكاء، وفيعلاء: ديسكاء وقيل وزنهما فعللاء وفعللاء، وفعنفول: سقنقور، [وفعفعيل: سلسبيل، من سلب، وقيل وزنه فعفليع من سبل] وفعفعيل: مرمريت، وفوعليل: صوقرير، وقيل وزنه فعلليل، وفيتعول:

شيتعور، وفعلعيل: حمقميق، وفعلعيل: سلطليط، وفعلعول: حبربور، وفوعنيل: شوذنيق، وفوعنيل: سوذنيق وفوعانل: شواذنق، وفيعنول: سيذنوق، وفعاليت صفة فقط قليلاً سباريت، واسمًا بالقياس في جمع ملكوت تقول ملاكيت، وفعلعلى: حدبدبي، وفهعفال: سهنساه من سنه إذا تغير، وقيل وزنه فعنفال، وأصوله سهه، وفيعفول: فيلفوس،

[وفيعلان: ضيمران وفوعلان ضومران، وفيعلان: طيلسان] وفئعلان: نئدلان، وفاعلان: طالمان، وفيعلان: نيدلان، وفيعلان: نيدلان وقيل وزنه فعللان، وفيعلان: تيحان، وفاعلون: آجرون، وفعلان: حومان، [وفعلان اسمًا عرفان، وصفة صفتان، وفعلان: قمحان، وفوعلان:

حوفزان]، وفعلان قمدان، وفعلان: كوفان، وفعلين: عفرين وقيل هو جمع لعفر كطمر، وفيعلون: حيزبون، وفعتلان: كلتبان من الكلب، وفعنلان: قهنبان، وفعالاء: حلاواء، وفنعلانية: قنبرانية، وفنعلانية: عنجهانية، وفاعلاء: كارباء، وفعالون: رساطون، وفعلان:

حرمان، وفعلانة: جلبانة، وفعلانة: جلبانة، وفوعلاء: اسمًا قليلاً حوصلاء، وفعالى: اسمًا بخاتي وصفة: دراري. أو أربع زوائد على افعيلال: مصدرًا فقط اشهيباب وفاعولاء: اسمًا فقط عاشوراء، وفعلعلان كذبذبان فقط، ومفعولاء: اسمًا معيوراء، وصفة: مشيوخاء، وأفعلاوى أربعاوي، وفعيلاء

دخيلاء قيل ولم يجيء غيره وزاد بعضهم غميضاء وكميلاء، وأفعالون: أسآرون، وإفعيلاء: إهجيراء، وأفعولاء: أكشوثاء، ويفاعلات: ينابعات، ويفاعلات: ينابعات، وقيل هو جمع ينابيع كـ (يرامع) سمى به، ويفاعلاء: ينابعاء، ويفاعلاء: ينابعاء، ويفعالى: يرفائي، ومفعالين: مرغابين: اسم موضع ويمكن أن يكون مثنى سمي به، وفعلعايا: بردرايا، وفنعلولى: حندقوقي، وفنعلولي: حندقوقي، وفنعلولي: حندقوقي

وقيل وزنها فعللولي (بفتح الفاء وكسرها) وفعللولي، وفعيلاء: مكيثاء، وفعلانين: سلمانين ويجوز أن يكون جمعًا سمى به، و (المفرد) سلمان كـ (عثمان) وفنعلون: قنسرون، وقيل، وزنه فعلون وفعالاء: زماراء، وفنعولاء قنطورءا، وفعلولاء: بعكوكاء، وقيل وزنه مفعولاء أبدلت فيه من الميم الباءن وفوعولاء: فوضوضاء، وفيعيلاء: فيضيضاء وقيل وزنهما فعلولاء، وفعليلاء، وفعالين: حوارين، ويحتمل أن يكون جمعًا سمي به. أو خمس زوائد ولم يحفظ منه إلا ما جاء على فعلعلان كذبذبان (بتشديد الذال لا غير)، وفعفيلياء: بربيطياء، وقرقيسياء، لا غيرهما.

الرباعي: مجرد، ومزيد: المجرد على فعلل: اسمًا جعفر، وصفة شجعم، وسلهب، هكذا مثلوا، وقيل: الميم في شجعم، والهاء في سلهب زائدتان، وجاء بالتاء شهربة، وفعلل: اسمًا زبرج، وصفة خرمل، وفعلل: اسمًا برثن، وصفة: جرشع، وفعلل: اسمًا درهم، وصفة: هجرع، وقيل الهاء زائدة،

[وفعل: اسمًا صقعل، وصفة: سبطر، وفعل: خبعث، ودلمز، خلافًا لمن نفاه] وفعلل وفاقًا للأخفش ولاكوفيين: اسمًا جخدب، وصفة جرشع؛ لوجود سودد، وعوطط، وعندد، وفعلل: زعبر، وخرفع، وفعلل: طحربة، خلافًا لمن نفاهما.

ولا يثبت فعلل بـ (حرمز)، وفعلل بـ (عرتن)، وفعلل بـ (عرتن) ودهنج، وفعلل: عجلط، وفعلل بـ «جندل» خلافًا لزاعمي ذلك؛ وفرع البصريون فعللاً على فعالل، والفراء والفارسي على فعليل. المزيد ما فيه زيادة واحدة: فقبل الفاء لا يكون إلا في اسم فاعل ومفعول، مدحرج، ومدحرج، وقبل العين فنعل: اسمًا خنبعث، وصفة: قنفخر، وفنعلل: أسمًا قليلاً، كنهبل، وفنعلل: جنعدل، وفنعلل: خنضرف؛ وقيل وزنه فعلل، ويقال بالظاء وبالضاد،

وفنعلل: كنهبل؛ فأما جنعدل فأثبته الزبيدي خماسيًا في الصفات؛ لفقدان فنعلل، وأما «عجوز شنهربة» فقيل: هي كـ (سفرجلة)، والظاهر أنها «فنعللة»، وعلى فنعلعل: هندلع لا غير، وقيل هو خماسي الأصل ووزنه فعلل، وفوعلل: دودمس ويظهر لي أنه من مزيد الثلاثي تكررت فيه الفاء، وأما هيدكر فالظاهر أنه فيعلل، وقيل: هو مقصود من هيدكور كـ «خيفسوج»، ولم يسمع هيدكور، وفعل: شمخر، وقيل: ولم يجيء إلا صفة وقالوا كمهرة للحشفة، وفعل، قيل: ولم يجئ إلا صفة نحو: علكد وقد جاء اسمًا

صنبر، وهنبر، وفعلل: همرش وزعم أبو الحسن أن أصله هنمرش وحروفه كلها أصول ووزنه فعلل، وفعلل: (همرش) لغة، فأما «صنبر» فأثبته الزبيدي، وابن القطاع في مزيد الرباعي، ونفاه بعضهم، وفعلعل: زبعبق، وفعلعل: شقرقع، وقال الخليل: هو بفتح القاف الأخير فهو على فعلعل، وفعلل: زمرذة وفعلل اسمًا: همقع، وصفة: زملق،

ودملص، ويظهر لي أنه من مزيد الثلاثي فأصله زلق ودلص، لوضوح المعنى. وقبل اللام الأولى فعلل: اسمًا برائل، وصفة: فرافص وفعالل: اسمًا حبارج، وصفة: قراشب، وفعيلل: صفة فقط سميدع، وفعيلل: عبيقر، وفعولل: فدوكس، وصفة: عشوزن، وفعنلل: اسمًا

قرنفل؛ وهو قليل: وفعنلل: قيل في الاسم قليل جحنفل، وفي الصفة كثير حرنبل. وقال الزبيدي: لم يأت اسمًا، وقال (جحنفل) العظيم الشفة، وفعنلل: عرنتن، وقال الزبيدي ليس في الكلام فعنلل، فأما دحندح، فقيل، هو مركب من صوتين: دح دح، وفعنلل: عرنفطة، وفعلل: اسمًا شفلح، وصفة: عدبس، وفعلل: اسمًا قليلاً صعرر، وفعلل: زمرذ لغة

في زمرذ، وفعفلل: اسمًأ شهشذق، وصفة: شفشلق، وفعيللة: جعيدبة. وقبل اللام الأخيرة على فعليل: اسمًا برطيل، وصفة: حربيش، وفعليل قيل: صفة قليلاً غرنيق، وتقدم أنه من مزيد الثلاثي، وهو الشاب من الرجال. وقال الزبيدي: إنه طائر؛ فعلى هذا يكون اسمًا وصفة، وفعلول: اسمًا عصفور، وصفة قرضوب، وفعلول: حرذون، وصفة: علطوس، وفعلول: علطوس لا غير. وفعلول: اسمًا قربوس وصفة: بلعوس، وفعلول، قيل صفة فقط:

كنهور للمطر الدائم، وقال الزبيدي: قطع من السحاب كالجبال واحدها: كنهورة؛ فعلى هذا يكون اسمًا لا صفة، كـ «بلهور» اسم ملك، وفعلال اسمًا: قرطاس لغة في قرطاس وفعلال: ولم يجيء منه إلا قولهم: ناقة بها خزعال؛ فأما القسطال فقيل: الألف إشباع، وقيل: هو على فعلال، وزاد بعضهم بغداد وقشعام: للعنكبوت، وفعلال: اسمًا حملاق وصفة: هلباج، وفعلل: صفة فقط سبهلل، وفعلل اسمًا: عربد، وصفة: هرشف، وفعلل

قيل: صفة قسقب، وجاء عرطبة لعود الغناء، فيكون اسمًا، وفعلل ولم يجيء منه إلا صفصل، وفعلل: شفصل، وفعلل: حبقر، وفعلل: صمخدد، وفعنلال: جلنفاظ، لغة في جلفاظ، وفعلنل: خرفنج، وفعليل: خرديق، وفعلول: بنو صعفوق.

وبعد اللام الأخيرة على فعلى صفة. حبركى وجلعبى. قال ابن سيده: ولا نعلم هذا البناء جاء للاسم انتهى. وجاء غير مصروف: ضبعطى، وزبعرى، وقد يصرف زبرعى، وفعلى سقطرى، وفعلى: اسمًا قليلاً سبطرى، وفعللى: اسمًا فقط: قهمزى، وفعللى: اسمًا فقط هربذى، وفعللى، قيل: هندبى، وتقدم أنه على وزن فنعلى، وفعللى: سلحفا (بإسكان اللام وفتح الحاء) لغة،

وفعلية: سلحفية، فأما رجل سحفنية أي محلوق الرأس، يقال: سحفة إذا حلقه فوزنه على هذا فعلنية، وقد ذكره سيبويه في فعلية، وفعلوة: اسمًا فقط والهاء لازمة، قمحدوة، وفعلى: سلحفى، وفعلاة: سلحفاة، أثبته الزبيدي، وقيل: أصله سلحفية فقلبت الياء ألفا على لغة رضا في رضى، وفعلم: صلخدم، وفعلن: خبعثن، فأما همرجل فقيل: حروفه كلها أصول فهو خماسي، وقيل: اللام زائدة

فيكون من مزيد الرباعي، ووزنه فعلل، وقيل: اللام والميم زائدتان من هرج ووزنه فمعلل، وقيل اللام والهاء زائدتان من مرج ووزنه هفعلل. أو زيادتان مجتمعتان فيه حشوًا على فعلويل: قندويل وفعلليل: صفة مضاعفًا: حربصيص، وقد جاء اسمًأ قفشليل، وفعللون: اسمًا منجنون وصفة حندقوق كذا ذكره سيبويه. وقال غيره: هي بقلة فتكون اسمًا، وفعليل: قشعريرة بالتاء، وسمهجيج لا غيرهما وفعاولل: زماورد، وفيعفالل: فيشفارج: وفيعفالل: فيشفارج وفيهعلل: خيهفعي، وقيل وزنه فيهعلى من الثلاثي.

أو آخرًا على فعللوت: حذرفوت، [وفعللان قليلاً اسمًا زعفران، وصفة شعشعان] وفعللان: اسمًا عقربان، وصفة: دحمسان، وفعللان: اسمًا حنذمان وصفة: حدرجان، وفعللاء: اسمًا فقط: برنساء، وفعللاء اسمًا قليلاً: قرفصاء: وفعللاء صفة فقط: طرمساء، وفعلاة: جلعباة، وفعلاة: سلحفاة، (ويقال بفتح السين وبالمد وبالقصر)، وفعلاة: سقطراة، وفعللاء: مصطكاء، وفعللاء: هندباء، وتقدم وزنها فنعلاء فيكون من مزيد الثلاثي،

وفعللان: عرقصان، وفعللان: عرقصان، أو مفترقتان على فعوللي حبوكرى اسمًا، وقد وصف به والألف للتكثير لا للإلحاق، وقيل: للتأنيث وينظر أصرفته العرب أم لم تصرفه، وفيعلول: اسمًا خيتعور وصفة: عيضموز، وفنعليل: اسمًا فنطليس وصفة: عنتريس، وفنعيللة: زنفيلجة وفنعاللة: زنفالجة، وفعاليل: جمعًا فقط اسمًا قناديل وصفة: غرانيق في قول من جعل النون أصلية، وفعاليل: اسمًا قليلاً كنابيل، وفعاللاء: اسمًا قليلاً جخادباء، وفعنلال (صفة فقط): جعنبار، وفعلال

اسمًا: سجلاط وصفة: طرماح، في قول من جعل إحدى الميمين أصلية، وفعنليل: شمنصير وقيل: هو خماسي الأصول، وفعلان: جلنار، وفعنللى: حنفظرى، وشفنترى؛ وقيل: شفنترى: فعللى خماسي الأصول كـ (قبعثرى)، وفعللى: شفصلى وفعللى: شفصلى، وفعللى: قرطبى، وفعلى: كمثرى وفنعليل: منجنيق. وقال سيبويه: هو من الخماسي، وقال ابن دريد: هو ثلاثي وزنه

منفعيل، وفعنلال: خرنباش، وقيل: يمكن أن تكون الألف إشباعًا، وفعنلال: خرنباش، وفعنلول: قرنفول، وقيل يمكن أن تكون الواو إشباعًا، ومفعلل: مجلعب، وفعفليل: دردبيس، وفعليل: قنبيط، وفيعلل: هيدكر، وفعلول: حنبوش، وفاعولل: فالوذج، وفنعلال: سنجلاط، وفعلعول: عقرقوف، وفيعلال: فيشجاة.

أو ثلاث زوائد على فعوللان: عبوثران، وفعلالاء قليلاً: برناساء، وتقدم أن النون زائدة فيكون من مزيد الثلاثي، وفعاللاء قليلاً: جخادباء، وفعنللان: هزنبران، وقيل: الهاء زائدة، وفعللان: عفزران، وقيل: هما تثنية هزنبر كجحنفل، وعفرز كـ (عدبس)، ثم سمى بهما، وفعيللان: عبيثران، وفعيللان: عبيثران، وفعنللان: عرنقصان، وفعللان: عقربان، وقيل: أصل الباء التخفيف فشدد كما تشدد في الوقف، وأجرى الوصل مجرى الوقف. وإفعلينه: إصطفلينه، وقيل هو من مزيد الخماسي، الخماسي: مجرد ومزيد. المجرد على فعلل اسمًأ: سفرجل، وصفة: شمردل، وفعلل اسمًا:

خزعبل، وصفة: قذعمل، وفعلل: اسمًا قرطعب، وصفة: جردحل، وفعللل، قالوا: صفة فقط: جحمرش. وقيل: قهبلس، للمرأة العظيمة، ولحشفة الذكر، فتكون اسمًا، وفعلل: قرعطب، وفعلل: عقرطل، وفعلل سبعطر، وقيل: وفعللة قسبندة، وفعلل: زنمردة، ولا يجوز إدغام النون حينئذ، لأن الكلمة خماسية، فيلبس

بت (فعلة)، وفعلل: هندلع، أثبته ابن السراج في الخماسي، ولم يذكره سيبويه. الخماسي المزيد، المزيد لا يلحقه إلا زيادة واحدة فيأتي على فعلليل: اسمًا عندليب، وصفة: علطميس، وفعليل: اسمًا خزعبيل، وصفة: قذعميل، وفعللول اسمًا فقط: عضرفوط، وفعللول: صفة قليلاً قرطبوس، وفعللى: صفة قليلاً قبعثرى، وفعللى: قبعثرى لغة، وفعلالل: خزرانق قيل أصله فارسي، ودرداقس، قال الأصمعي: أظنها رومية،

وزرمانقة، وفعلليل: منجنيق، وتقدم الخلاف في حروفه الأصلية، وفعلول: سمرطول، [وقيل: يمكن أن يكون محرفًا من سمرطول كعضرفوط وفعلال قرصطال]، وفعلليل: مغنطيس، وفعللانة: قرعبلانة، قيل: ولم تسمع إلا في كتاب العين، فلا يلتفت إليها، وفعللالة: طرجهارة، وفعللالة: طرجهارة، ونقل ابن القطاع مغناطيس على وزن فعلاليل، فإن صح وكان عربيًا كان ناقصًا لقولهم: الخماسي لا يلحقه إلا زيادة واحدة، أو يكون شاذًا فلا ينقض. القول في جملة من الأسماء ألحق بها في الوزن ومثل مما ألحق فعلل نحو: جعفر ألحق بزيادة ثانية مثل: جوهر، وضيغم، وثالثة: جدول وعين، ورابعة:

رعشن، وبالتضعيف مهدد، وفعلل نحو: برثن ألحق به دخلل، ولم يجيء إلا بالتضعيف، أو بزيادة في الآخر حلكم، فعلل نحو: زبرج ألحق به رمدد، ودلقم، عند من جعل الميم زائدة. فعلل نحو: درهم ألحق به عثير، وخزوع، فعل نحو: قمطر، ألحق به خدب، فعلل: عند من أثبته نحو: جرشع: ألحق به عندد وسودد، وعوطط، فهذه ثلاثية الأصول ألحقت بالرباعي، فعلل نحو: فرزدق ألحق به عثوثل، وعقنقل وحبربر، وفعلل نحو: قهبلس ألحق به نخورش على الصحيح. وفعلل نحو: قرطعب ألحق به إزمول، وإردب، وإنقحل، وإدرون، فهذه ثلاثية الأصول ألحقت بالخماسي. ومن المزيد الرابعي الأصل فعولل نحو: حبوكر ألحق به حبونن، فعلول نحو: عصفور ألحق به بهلول، فعلول نحو: قربوس ألحق به حلكوك، فعلول نحو: فردوس ألحق به عذيوط، فعلوة: نحو قمحدوة ألحق به على قول من جعل ذلك وزنها

قلنسوة، وفعللوت نحو: عنكبوت على قول من جعل ذلك وزنها ألحق به نخربوت، فعليل نحو: برطيل ألحق به إحليل، فعلية نحو: سلحفية ألحق به بلهنية، فعالل نحو: جخادب ألحق به دواسر، ودلامص، فعلال نحو: سرداح ألحق به جلباب، وجريال، وجلواخ، وعلباء. فعلال نحو: قرطاس ألحق به قرطاط، فعلى نحو: حبركى ألحق به حبنطى، فعنلال نحو: جعنبار ألحق به فرنداد. فعلال نحو: جنبار، ألحق به جلباب، فعللاء، نحو: جلحطاء ألحق به جربياء، فعللى نحو: جحجبى ألحق به خيزلي، وخوزلي.

فعنلل: نحو عبنقس ألحق به عفنجج، فعلل نحو: عدبس ألحق به زونك على خلاف في وزنه قد تقدم، فعلل نحو: عربد ألحق به علود؛ فهذه ثلاثية الأصول ألحقت بمزيد الرباعي. ومن المزيد الخماسي الأصل فعلليل نحو: علطميس ألحق به عرطليل، فعليل نحو: خزعبيل ألحق به [قشعريرة، فعللى نحو: قبعثري ألحق به] شفنترى، فعللول نحو: عضرفوط ألحق به خيسفوج، وعنكبوت، وحندقوق، على تقدير أصالة النون: فهذه ربايعة الأصول ألحقت بمزيد الخماسي.

فصل الأسماء الأعجمية

فصل الأسماء الأعجمية صنف أبو منصور الجواليقي فيها كتابًا حسنًا، ودلائل العجمة مذكورة في باب ما لا ينصرف، والأسماء الأعجمية على ثلاثة أقسام: قسم غيرته العرب وألحقته بكلامها، فحكم أبنيته في اعتبار الأصلي والزائد، والوزن حكم أبنية الأسماء العربية الوضع نحو: درهم وبهرج. وقسم غيرته ولم تلحقه بأبنية كلامها، ولا يعتبر فيه ما يعتبر في القسم الذي قبله نحو: آجر، وإبريسم. وقسم تركوه على حاله غير مغير، فما لم يلحقوه بأبنية كلامها لم يعد منها، وما ألحق عد منها مثال الأول خراسان لا يثبت به فعلان، ومثال الثاني: خرم ألحق بسلم، وكركم ألحق بقمقم.

باب ذكر معاني أبنية من أبنية الأسماء

باب ذكر معاني أبنية من أبنية الأسماء فعل: اسم ذات: صقر، ونعت: جلد، ومصدر: ضرب، ونعت يستوي فيه [المذكر ولامؤنث] عدل، وبمعنى المفعول: رجل حرب، واسم جمع صحب واسم جنس قمح، وتخفيف فعل: فخذ، وفعل عضد، وجمع فعيل رعف، وفعلة اسم صخرة، ونعت صعبة، ومصدر: رحمة، ومرة من الفعل: ضربة، وفي تأويل فعول لقحة. وفعل: اسم ذات: جسم، ونعت: جلف، ومصدر: سحر، وصفة لمقدار: ملء، وشبع، وبمعنى المفعول طحن، ومخفف من فعل إبل. فعلة: اسم جنس: حنطة، وهيئة للفعل: ركبة، وقطعة من شيء كسرة، وفلذة، ولأنثى في معنى فعول: لقحة، وحلبة، ونعت مستوى فيه كبرة، وعجزة، وجمع صبية، وتخفيف فعلة: كلمة ومصدر: عشرة وهجرة. فعل: اسم ذات: قفل، ونعت: حر، ومصدر: شرب، وتخفيف فعل: عنق وجمع: حمر. فعلة: اسم: بسرة، ونعت: حرة، ومصدر: أدمة وتخفيف فعلة: جمعة، وبمعنى المفعول: لعبة، واسم جمع: صحبة، واسم لماله أول وآخر: خطبة.

فعل: اسم: قتب وصفة: عزب، ومصدر: طلب، واسم جمع غيب، واسم جنس: شجر، وبمعنى المفعول: نفض. فعلة: اسم: أصلة، ونعت: حسنة، ومصدر: غلبة، ونعت مستوى فيه: يفعة وجمع: كتبة. [فعل: اسم ذات: أذن، ونعت قذف، وبمعنى المفعول: باب غلق ومصدر شغل وجمع: صحف. فعلة: اسم: خلبة للبقة، ونعت: عربة] فعل: اسم ذات: كرش، ونعت: فرح. فعلة: اسم ذات: سلمة، ونعت: بهجة، ومصدر: شركة. فعل: اسم: رجل، ونعت: حذر. فعلة: اسم: مثلة، ونعت: أشرة، ومصدر: غلبة. فعل: اسم جمع: عنب وصفة: زيم، وجمع: كسر، ومصدر: قصر. فعلة: اسم: حبرة ونعت: سبى طيبة، ومصدر: طيرة، وجمع جحشة. فعل: اسم ذات: صرد ونعت: حطم، ومصدر: هدى، وجمع: رطب. فعلة: اسم جنس: رطبة ونعت: حطمة، ومصدر: تخمة، وجمع: رعاة. فاعل: اسم: جابر، وصفة ضارب، وبمعنى مفعول: قالوا: ماء دافق، واسم جمع: باقر.

فاعلة: اسمًا عاتكة، ونعت: ضاربة، ومصدر قالوا: العافية، وبمعنى الجمع: السابلة، وبمعنى مفعولة قالوا: راضية. [وفاعل: بمعنى مفعول، وفاعلة بمعنى مفعولة] قال الفارسي: لا يثبته أصحابنا ولا البغداديون، وإنما جاء به أهل اللغة، وعلى هذا، فالضمير الذي فيه ارتفاعه يكون كالذي في اسم المفعول لا في اسم الفاعل. انتهى. فعال: أسم: أثاث، ونعت: جواد، ومصدر: جلال، واسم لوقت بعينه: جزاز، واسم جنس: جراد. فعالة: اسم صلابة، ومصدر جهالة ونعت: جخابة. فعال: اسم: عذار، ونعت: حصان، ومصدر: حران، وجمع: كلاب، وبمعنى مفعول: إمام. فعالة: اسم ذنابة ومصدر: رماية، وجمع حجارة. فعال: اسم: غراب، ونعت: طوال، ومصدر: سكات، واسم جمع: ظؤار. فعالة: اسم لذات: ذؤالة، وبمعنى ما يسقط: نخالة، أو يفصل فضالة، أو ينتقي: خلاصة، أو يطرح نفاية، أو يقدم عجالة الراكب، أو يرزق عمالة، ومصدر: خفارة.

فعال: اسم: قثاء، ونعت: تيتاء، ومصدر: كذاب، وجمع، جنان، كذا قال ابن القطاع وإنما وزنه: فعلان، وفعال ليس من أبنية الجموع. فعالة: اسم إجانة ونعت بالتاء لمذكر ومؤنث: دنابة. مفعل: اسم: مركب، ونعت: مقنع، ومصدر: مضرب. مفعلة: اسم: مأكمة، ونعت: طعام متخمة، وبمعنى المفعول مصنعة، واسم زمان ومكان: مرمى. مفعل: اسم: محتد، واسم زمان: أتت الناقة على مضربها، ومكان مجلس، ونعت: مودق، ومصدر: مجييئ. مفعل: اسم مجنب للترس ونعت: مسيح وآلة: مخرز، واسم موضع: مربد. مفعال: وصف للمذكر والمؤنث: مذكار، وجاءت أحرف منها بالهاء: مجذامة. أفعل: اسم: أفكل، ونعت: أحمر وأفضل. فعول: اسم خروف، وصفة: ضروب، ومصدر: ولوع. فعولة: اسم: مؤونة، ونعت: حلوبة، ومستوى فيه: فروقة وبمعنى مفعولة: ركوبة، واسم جمع: حمولة.

فعيل: اسم: قميص، ونعت: كريم، ونعت مستوى فيه: جريح، ومصدر: صهيل، واسم جمع: خنين. فعيلة: اسم: بهيمة، ومصدر: أفيكة، وبمعنى مفعولة: طبيعة وذبيحة، ونعت: خريدة. فعلى: اسم: علقى، ومصدر: شتوي، ونعت عطشى، وجمع: هلكى. فعلى: اسم: بهمى، ونعت: الجلى، ومصدر: رجعى. فعلى: اسم: ذفرى، ومصدر: ذكرى، وجمع: حجلى. فعلاء: اسم: حوباء، ونعت: بيضاء، ومصدر: بغضاء. فعلاء: اسم: قوباء، ونعت: مزاء. فعلاء: اسم: سيماء، ونعت: زيزاء. فعلاء: اسم: رحضاء، ونعت: عشراء، وجمع كرماء. فعلان: اسم: شعبان، ومصدر ليان، ونعت: سكران. فعلان: اسم: رمضان، ونعت: صلتان، ومصدر: غليان.

فعلان: اسم: سرحان، ومصدر: هجران، ونعت غليان، وجمع: ظلمان. فعلان: اسم حطبان، ونعت: قربان، ومصدر: غفران، وجمع: شبان. فعال: اسم: كلاب، ونعت: ضراب. فعالة: اسم سبابة، ونعت: حياك وعلامة، واسم جمع: خطابة. فعال: اسم تفلح، ونعت وضاء، وجمع: كتاب، فعالة: اسم دوامة، ونعت للمبالغة: حسابة وواحد، اسم الجنس: عنابة، وقد انتهى الذي اخترناه من معاني هذه الأبنية، وقد تضمن الشرح أكثر مما كتبناه هاهنا فلينظر هناك.

باب أبنية الأفعال، وما جاءت له من المعاني

باب أبنية الأفعال، وما جاءت له من المعاني الفعل ثلاثي ورباعي: الثلاثي مجرد ومزيد، المجرد على: فعل وفعل وفعل وفي فعل المبني للمفعول وما أشبهه خلاف مذكور في بابه. أما (فعل) فيأتي لمعنى مطبوع عليه ممن هو قائم به نحو: كرم، ولؤم، أو كمطبوع نحو: خطب، وفقه أو شبهه نحو: جنب شبه بنجس، ولم يرد يائي العين إلا ما شذ من قولهم: هيؤ؛ وأما نهو فالواو فيه بدل من ياء لضمة ما قبلها، ولا مضعفًا إلا لبيت تلب، وشررت: تشر، وحببت، وخففت، ودممت تدم دمامة؛ ولا متعديًا إلا بتضمين نحو: «أرحبكم» الدخول في طاعة [ابن]

الكرماني؟ أي: أوسعكم؟ «وإن بشرا قد طلع اليمن» أي: بلغ ووصل. وقال ابن مالك أو بتحويل نحو: صنت زيدًا، ولا غير مضموم عين مضارعه إلا في قول بعض العرب كدت تكاد حكاه سيبويه [والقياس] تكود، وليست التي للمقاربة، وحكى غيره: دمت تدام، ومت تمات، وجدت تجاد، ولببت تلب، ودممت تدم. ومضارع فعل إنما يأتي على يفعل. وأما «فعل» فقياس مضارعه يفعل (بفتح العين)، وجاء بكسرها وجوبًا في مضارع، ومق، ووثق، ووفق، وولى، وورث، وورع، وورم، وورى المخ، ووعم،

وبكسرها جوازًا مع الفتح في مضارع حسب، ونعم، وبئس، ويئس، ووغر، ووحر، ووله، ووهل، وولع، ووزع، ووبق، وولغ، ووصب، وورع، وقالوا ضللت (بكسر اللام) لغة لتميم، وورى الزند (بكسر الراء)، ومضارعهما: تضل ويرى، وكذا مضارع فضل، وقنط، وعرضت له الغول وقدر (بكسر عينه) وقالوا: ضللت، وورى الزند بفتح العين، وقالوا: فضل ونعم وحضر، ونكل، وشمل، ونجد، وقنط، وركن ولببت (بكسرها في الماضي، وضمها في المضارع) وفي المعتل مت، ودمت، وجدت، وكدت

كذلك، وقالوا: تدام وتمات على القياس، وهذا من تركيب اللغات. وما بنته جماهير العرب على فعل، مما لامه واو: كشقى، أو ياء كفنى فطيئ تبنيه على فعل (بفتح العين) يقولون: شقى يشقى، وفنى يفنى. ولزوم (فعل) أكثر من تعديته، ولذلك غلب في النعوت اللازمة: كشنب وعمى. و [والأعراض: كمرض، وفرح، والألوان كشهب ودعج]، وكبر الأعضاء: كجبه، وعين. وقد شارك (فعل) كفقر، وفقر، ويغنى عنه لزومًا في اليائي اللام نحو: حيى، وسماعًا في واويها: كـ (شقى) وغيره كـ (سمن)، ويطاوع فعل كثيرًا جدعه فجدع، والوصف من هذا (أفعل). وتسكين عين فعل، وفعل اسمًا وفعلاً، وفعل المبني للمفعول نقله ابن هشام عن بكر بن وائل، وكثير من بني تميم، وابن مالك عن تميم، ولم يذكر فعل.

باب فعل

باب فعل وأما (فعل) فصحيح، ومهموز، ومثال، وأجوف، ولفيف، ومنقوص، وأصم. الصحيح: ويقال له السالم وهو: ما لم يكن أحد الأقسام بعده؛ فإن كان لمغالبة، فمذهب البصريين أن مضارعه يكون بضم العين، وذلك في كل فعل ثلاثي متصرف تام، ويكون مضارعه على (يفعل) سواء كان أصله فعل أم فعل أم فعل، وسواء كان متعديًا أم لازمًا؛ لأن اللازم إذ ذاك يصير متعديًا نحو: كاتبني فكتبته أكتبه، وعالمني فعلمته أعلمه، وأوضأني فوضأته أوضؤه، وفي كلام ابن عصفور ما يقتضي قصر ذلك على ما أصله فعل (بفتح العين)، وليس بصحيح، وسواء كان حلقي عين، أم لا خلافًا للكسائي؛ فإنه يجيز أن يكون مضارعه على يفعل (بفتح العين)، كحاله إذا لم يكن لغير مغالبة، وسمع شاعرني فشعرته أشعره، وفاخرني ففخرته أفخره، وأوصاني (فوضأته) أوضؤه (بفتح العين والخاء والضاد)، ورواية أبي زيد أشعره وأفخره بضم العين والخاء. وفي كلام ابن عصفور ما يقتضي أن مذهب الكسائي أنه يجيء (بفتح العين) إذا كانت حرف حلق، ولم يتعرض للام إذا كانت حرف حلق، وفي كلام بعض أصحابنا أن الكسائي يجعل المضارع بالفتح إلا ما سمع فيه الضم، وقد شذ الكسر في قولهم: خاصمني فخصمته أخصمه (بكسر الصاد)، ولا يجيز البصريون فيه إلا الضم على الأصل في (فعل) المغالبة فيقولون: أخصمه (بضم الصاد).

هذا ما لم يكن المضارع وجب فيه الكسر نحو: سار يسير، ووعد يعد، ورمى يرمى؛ فإن مضارعه يبقى على حاله في المغالبة تقول: سايرني فسرته أسيره، وواعدني فوعدته أعده، وراماني فرميته أرميه. وإن كان لغير مغالبة حلقى عين، أو لام، فقياس مضارعه الفتح وإليه يرجع عند عدم السماع هذا قول أئمة اللغة. وعند أكثر النحويين لا يتلقى الفتح، أو الضم، أو الكسر، أو لغتان منها، أو ثلاثة إلا من السماع، وربما لزم الضم نحو: يدخل ويقعد، أو الكسر نحو: يرجع، أو الفتح والضم نحو: فرغ يفرغ (ويفرغ) أو جاء بالثلاث يرجع، أو غير حلقيهما، فيأتي على يفعل كيضرب، أو يفعل كيقتل، وقد يكون في الواحد نحو يفسق؛ فإن أشكل، فقيل يتوقف حتى يسمع. وقال الفراء: يكسر، وقال ابن جني: هو الوجه. وقال ابن عصفور: يجوز الأمران سمعًا أو لم يسمعا، والذي نختاره إن سمع وقف مع السماع؛ وإن لم يسمع فأشكل جاز يفعل ويفعل، وقد شذ ركن يركن، وقنط يقنط، وهلك يهلك (بفتح عين المضارع). المهموز الفاء كالصحيح نحو: أرز يأرز، وأمر يأمر، وجاء حلقى عين: يأخذ، أو العين واللام؛ فكالصحيح الحلقيهما تقول: زأر يزأر، وقرأ يقرأ، وجاء يزير.

المثال ما فاؤه واو، أو ياء، فمضارعه مكسور العين نحو: وعد يعد، ويسر ييسر، إلا إن كانت عينه أو لامه حلقيتين، فالقياس الفتح نحو: وهب يهب، ووقع يقع، ويعرت الشاة تيعر، وحمل يذر على يدع، ويجد، من الموجدة، والوجدان (بضم الجيم شاذ)، وقيل: لغة عامرية في هذا الحرف خاصة، وجعل ابن مالك ذلك قانونًا كليًا لغة لبني عامر في كل ما فاؤه واو من فعل ليس بصحيح. الأجوف ما عينه ياء فيفعل نحو يسير، أو واو فيفعل نحو: يقوم. [وقال ابن عصفور: وشذ من الواوي العين حلقى اللام «طاح يطيح»

و «تاه يتيه» في لغة من قال «ما أطوحه» و «ما أتوهه»، وقال الخليل: هي فعل يفعل نحو: حسب يحسب]. اللفيف إن كان مفروقًا، وهو واوى الفاء يائي اللام نحو: وقى، أو مقرونًا، وهو واوي العين يائي اللام نحو: طوى، فمضارعهما يفعل نحو: يقى ويطوى. المنقوص ما لامه ياء فيفعل نحو: يرمى، أو واو فيفعل نحو: يغزو، والفتح في حلقي العين يائي اللام محفوظ نحو ينهى ويسعى، وينأى ويطغى ويمحى، وشذ: يقلى ويغشى، ويخشى، ويجثى، ويعثى، ويسلى، ويحظى، ويعلى، ويأبى، والمختار: يقلى، وحكى قلى، يقلى، ويغشو ويعثو، وعثى يعثى، ويجثو، ويجثى، ويحظو، وحظى يحظى، ويعلو، ويسلو، وخشى يخشى وأبى يأبى. وفي كلام ابن مالك ما يد لعلى أن طيئا تأتي في مضارعه ما لامه ياء، وليست عينه حلقية بفتح العين نحو: مشى يمشي ورمى يرمي، ويحتاج ذلك إلى صحة نقل؛ فإن ما جاء من هذا النوع إنما أورده أئمة العربية على جهة الشذوذ، وجاءت أفعال منه

مضارعها بالكسر والضم وهي: أتى، وأثى، وأسا، وأذا [وساء، وناء وباء] وبغا وبقى، وبرا، وثنا، وحبا، وجلا، وجأى، وحلا، وحزا، وقثا، وحثا وحشا، وحكى،

وحنا، وجفا، وحذا، وحمى، وخفا، وخذا، ودأى، ودحا، ودنا، وذرا، ودرا، ورثا، ورطا، وربا، ورعا، وزقا،

وطلا، وطبا، وطحا، وطما، وطها، وكنى، وكرا، ولحا، ولصا، ومحا، (ومأى) ومتا، ومسا، ومقا، ومغا، ومضا، ونقا، ونما، ونحا، ونأى،

ونشا، ونغى، وصغى، وصخا، وضبا، وعزا، وعثا، وعنا، وعجا، وعرا، وغطا، وغما، وغفا، وغدا، وذأى، وسنا، وثرا، وفلا، وقتا، وسحا، وشأى، وشما، وشكا، وهدا، وهما، ولم يأت من ذلك شيء أوله تاء أو ظاء أو واو أو ياء.

الأصم ويقال المضعف، وهو ما عينه ولامه من جنس واحد فمضارع المتعدى منه (بضم العين) وشذ من ذلك ما كسر وجوبًا، وذلك مضارع حب، وجوازًا مضارع: هر، وعل، وشد، وبت؛ وشذ فيه الفتح قالوا: عضضت تعض، ومضارع اللازم بكسرها، وشذ من ذلك ما ضم وجوبًا:

وذلك مضارع: مر، وكر، وذر، وهب، وخب، وأب، وحل، ومل، وأل، وعل، وطل، وتل، وهم، وزم، وكم، وعم وعس، وقس، وطش، ورش، وقش، وخش،

وأج، وسح، وشك، وشق، وجن، وما ضم جوازًا مع الكسر: صد، وجد، وحد، وتر، وثر، وخر، وطر، ودر، وجر، وشب، ودب، وأث، وشح، وفح، وشط، ونس وعن، وجم. * * * فعل وبناء (فعل) يكون متعديًا ولازمًا، ومن معانيه غلبة المقابل كما تقدم، والنيابة عن «فعل» في المضاعف نحو: جللت فأنت جليل، وفي اليائي العين نحو: طاب فهو طيب وأصله أن يكون على فعل، ويطرد صوغ «فعل» من أسماء الأعيان لإصابتها نحو: جلده، ورأسه، وإنالتها نحو: شحمه، ولحمه: أطعمه ذلك،

أو عمل بها نحو: رمحه وسهمه أصابه بالرمح ولاسهم، وقد يصاغ لعملها نحو: جدر [الجدار]. وبأر [البئر] أي: عمل الجدار والبئر، أو عمل لها نحو: أصلته الأصلة، وسبعة السبع، أو أخذ منها نحو: ثلث المال وربعه، أخذ ثلثه وربعه إلى العشر. ومن معاني (فعل) الجمع كحشر وحشد، يتصل به ما دل على وصل كمزج ومشج، والتفريق كفصل وقسم، ويتصل به ما دل على قطع كـ (قصم) أو كسر كقصف، أو خرق كنقب، والإعطاء كمنح، ونحل، والمنع كخطل، وحظر، والامتناع: كعاذ ولجأ، والإيذاء كـ (لسع) ولدغ، والغلبة كقهر وقسر، والدفع كدرأ، ودع، والتحويل كقلب وصرف، والتحول كرحل وزحل، والاستقرار كسكن وقطن، والسير كرمل وذمل، والستر كخبأ وحجب، ويلحق به ما دل على غمس وشبهه كمقل وغمر، والتجريد: كسلخ وقشر، والرمى كقذف وحذف، والإصلاح كنسج وردن، والتصويب كصرخ وصهل، ويلحق به ما دل على قول (كنطق) ووعظ. المزيد من الثلاثي الأصل ملحق بالرباعي الأصل، أو بمزيده وغير ملحق، الملحق: منه ما يكون حرف

الإلحاق قبل الفاء فيكون على وزن يفعل نحو: يرنأ، أو تفعل نحو: ترمس بمعنى رمس، وترفل بمعنى: رفل، وعلى نفعل نرجس الدواء، هفعل: هلقم إذا أكثر اللقم، وسفعل: سنبس؛ بمعنى نبس، ومفعل: مرحب. وقب العين على فيعل: بيطر، وفوعل حوقل، وفأعل: تأبل القدر بمعنى تبلها، وفنعل: قنرص بمعنى قرص، وفهعل: دهبل اللقمة عظمها، وفعمل: طرمح، وقبل اللام على فعنل: قلنس، وهو قليل، وفعهل

غلهصه بمعنى غلصه، وفعيل: طشيأ، (وفنعل سنبل). وبعد اللام على فعلى: قلسى وهو قليل، وعلى فعلم: غلصمه أي غلصه وفعلن: قطرن البعير، وفعلس: خلبس أي خلق (وفعفل زهزق)، بمعنى أزهق، وفعلل ذو الزيادة: جلبب، وهذا، وفوعل، وفيعل، وفعول، وفعلى مشهور مما ألحق بالرباعي وما سواها نادر وفي بعضها خلاف كمفعل، وفنعل، وفيعل، وفعيل. والملحق بمزيد الرباعي: ملحق باحر نجم، وجاء على افعنلى: اسلنقى،

ومذهب سيبويه، أن هذا البناء لا يتعدى، وذهب أبو عبيد، وأبو الفتح، إلى أنه قد يتعدى، وذلك اعرندى، واسرندى، وافعنلل الزائد الآخر اقعنسس، قيل: وافعنلى، والمحفوظ: احبنطى، كـ (احرنبى)، وافونعل كـ (احونصل)، وهي من كتاب العين. وملحق بتدحرج، وجاء على تفعلى: تقلسى، وتفعلت: تعفرت، وتفعنل: تقلنس، وتفعلل: تجلبب، وتفيعل: تشيطن، وتفوعل: تجورب، وتفعول: ترهوك، وتمفعل: تمسكن.

وتفعل: فيكون للمطاوعة نحو: أدبت الصبي فتأدب، وللتكلف: ـحلم، وللتجنب: تأثم، وللصيرورة: تأيمت، وللتلبس بالمسمى: تقمص، وللعمل: تغذى، وللاتخذا: تبنيت الصبي، ولمواصلة العمل: تجرع، ولموافقة استفعل: تكبر، والمجرد تعداه وعداه، والإغناء عنه: تكلم، وعن (تفعل) توبل، ولموافقته: تولى وولى، وللختل تغفلة، وللتوقع تخوفه، وللطلب: تنجز حوائجه، وللتكثير: تغطينا. و (تفعل): فيكون للاشتراك في الفاعلية لفظًا، وفيها وفي المفعولية معنى (نحو): تضارب زيد وعمرو، وللتخيل: ـغافل، وللروم: تقاربت، ولمطاوعة (فاعل) الموافق، أفعل: باعدته فتباعد، ولموافقة المجرد: تعالى وعلا، وللإغناء عنه: تثاوب، وإذا تعدى: تفعل وتفاعل دون التاء إلى مفعولين تعدى بها إلى واحد: علمته الحساب فتعلمه، ونازعته الحديث، وتنازعناه، فلو كان تفاعل دون التاء مما يتعدى إلى واحد، وهو لأقسام الفاعلية والمفعولية لفظًا، وقد اشتركا فيها معنى صار لازمًا بها نحو: تضارب زيد وعمرو، وملحق بـ (افعلل) وهو نادر: ابيضض ألحق باقشعر، ويأتي الكلام على هذا البناء. وغير الملحق مماثل للرباعي وغير مماثل: المماثل يأتي على أفعل: أكرم، وفاعل: ضارب، وفعل: ضرب، فأفعل للتعدية أخرجت زيدًا، وللكثرة: أضب المكان،

وللصيرورة: أغد البعير، وللإعانة أحلبت فلانًا، وللتعريض أقتلته، وللسلب: أشكيته وقد يكون فيه للتعدية، ولإلغاء الشيء بمعنى ما صيغ منه أحمدته، قيل: وقد تكون الصفة في معنى الفاعل نحو: أبخلته أي وجدته بخيلاً، وفي معنى المفعول نحو: أحمدته، أي وجدته محمودًا، أو لجعله صاحب الشيء بوجه ما: أشفيته أعطيته دواء يستشفى به، أو لبلوغ عدد: أعشرت الدراهم، أو زمان أمسنا، أو مكان أعرقنا، أو موافقة ثلاثي أحزنته وحزته، أو إغنائه عنه أرمل، أو مطاوعة فعل: قشعت الريح السحاب فأقشع، أي تفرق، أو مضاده فعل: أنشط العقدة حلها ونشطها عقدها وقيل يكون للجعل، فعلى أنه جعله يفعل كذا أخرجته، أو على الصفة: أطردته أي: جعلته طريدًا، أو صاحب شيء: أقبرته جعلت له قبرًا، وللهجوم: (أطلعت عليهم) أي: هجمت، فأما (طلعت عليهم) فظهرت، وللضياء (أشرقت الشمس) فأما (شرقت) فطلعت، ولنفي الغريزة (أسرع) و (أبطأ) أي: (عجل) (واحتبس) وللتسمية: أكفرته، وأخطأته أي سميته كافرًا، ومخطئًا، وللدعاء: أسقيته دعوت له بالسقيا، وللاستحقاق (أقطع النخل) و (أحصد الزرع)، وللوجود: (أبصره) دله على وجود المبصر، وللوصول: (أغفلته) أي: وصلت غفلتي إليه، وقيل يكون مطاوع فعل: فطرته فأفطر،

وللتكثير أغلقت الأبواب أي: غلقتها، وللمجيء: أكثر وأقل أي جاء بالقليل، والكثير، وللتفرقة: أشرقت الشمس: أضاءت وشرقت: طلعت، وقيل أغفلته وجدته غافلاً. فاعل: لأقسام الفاعلية والمفعولية لفظًا، ولاشتراك فيهما معنى ضارب زيد عمرًا، ولموافقة (أفعل) باعدت الشيء وأبعدته هذا في المتعدي، ويكون لازمًا شارفت على البلد وأشرفت عليه، ولموافقة فعل: ضاعفت الشيء وضعفته، وللإغناء عن (أفعل) واريت الشيء أي: (أخفيته) ولموافقة المجرد: جاوزت الشيء وجزته، وسافرت وسفرت، وللإغناء عنه قاسيت. فعل: للتعدية: أدبت الصبي، وللتكثير: فتحت الأبواب، وللسلب: قردت البعير أزلت قراده، وللتوجه: شرق، وللجعل بمعنى ما صيغ منه عدلته، ولاختصار الحكاية أمن قال (آمين) ولموافقة تفعل: ولى وتولى، وللإغناء عنه: عجزت المرأة، ولموافقة فعل: قدر الله له، وقدر. وللإغناء عنه: جربت الشيء، ولضد (فعل) نما الحديث: نقله على جهة الفساد، ونماه نقله على جهة الصلاح، وقيل للجعل: فطرته، وللتسمية: فسقته: سميته فاسقًا، وللدعاء للشيء: سقيته، قلت: سقاك الله، أو عليه: جدعته دعوت عليه بالجدع، وللقيام على الشيء مرضته: قمت عليه، وللرمى بالشيء: جبتنته رميته بالجبن.

غير المماثل: ما في أوله همزة الوصل وهو خماسي وسداسي، الخماسي يأتي على افتعل: «اقتدر»، وانفعل: «انطلق»، وافعل: احمر، وافعل ادمج وافعلى: اجأوى، وهما خطأ؛ لأن ادمج افتعل، واجأوى افعلل و «افتعل» للاتخاذ قيل ومعنى الكثرة: ادمج، وللتسبب اعتمل تسبب في العمل، وعبر بعضهم، عن هذا بالتصرف والاجتهاد، ولفعل الفاعل بنفسه: اضطرب، وللتخيير: انتخب، ولمطاوعة أفعل أنصفته فانتصف، ولموافقة تفاعل: اجتوروا بمعنى: تجاوروا، وتفعل ابتسم (بمعنى تبسم)، واستفعل ارتاح بمعنى استراح، ولموافقة المجرد: اقتدر، وقدر فيه معنى الكثرة، وللإغناء عنه: استلم (الحجر)، وللمطاوعة قليلاً: اعتم مطاوع عممته، وللخطفة: استلبه أخذه بسرعة، وأكثر بناء افتعل من المتعدي. (انفعل)، لمطاوعة (فعل) علاجًا: انصرف، ولا يبنى إلا من ثلاثي يدل على علاج وتأثير، ولا يبنى من نحو: عرف، ولا من نحو: أحكمت الشيء وكذا افتعل الذي بمعنى انفعل للمطاوعة، وقد يطاوع أفعل: أفحمته فانفحم، والمطاوعة حقيقة في الذي يصح منه الفعل نحو: صرفته فانصرف، ومجاز في الذي لا يصح منه الفعل نحو: قطعت الحبل فانقطع، وانفعل أصله في الثلاثي، ولا يكون إلا متعديًا خلافًا للفارسي؛ فإنه قد زعم أنه قد جاء من اللازم نحو: منهو، ومنغو،

وخرج على أنه يكون مطاوع أهويته وأغويته وقولهم لا ينبصر وانعدم خطأ وقيل: قد بني من غير فعل مستعمل له نحو: انطلق وانقض، وقد يشارك المجرد: انطفأت النار وطفئت، وقد يغني عن المجرد: نحو: انطلق بمعنى ذهب، وعن أفعل: انحجز أتى الحجاز، وفي الغرة: انفعل يأتي في المطاوعة، ولا يكون إلا من ثلاثي، وأدخلته فاندخل شاذ، وقد جاء في المطاوعة، أشياء ظريفة قالوا: أطردته فذهب، وأنخته فبرك، ولم يقولوا: فانطرد، ولا فأناخ، وقالوا: جبرته فجبر بلفظه، وقال أبو محمد عبد الله محمد بن الخشاب: أفعال المطاوعة لا تنقاس: لا تقول: أخرجته فانخرج، ووجدت من الرباعي: أكمشته فانكمش وأزعجته فانزعج، وأطلقته فانطلق.

ويغنى عن انفعل (افتعل) فيما فاؤه لام: لويته فالتوى، أو (راء) ردعته فارتدع، أو نون: نقلته فانتقل، أو ميم: مددته فامتد، وميزته فانماز، ومحوته فانمحى، وقد يتشاركان فيما ليس كذلك نحو: شويته فاشتوى، وفانشوى، وقد يغني عنه سترته فاستتر، وافعل للألوان احمر، ولا يبنى من مضعف نحو: أجم وقالوا احووى واحواوى من الحوة، وقد يدل على عيب ظاهر نحو: احول، وقد يلي عينه ألف: احمار، واحوال، وقلما جيء بالألف: إلا في لون أو عيب، ومذهب الخليل: أن «افعل» مقصور من افعال، وقد يجيئان لغير لون أو عيب ظاهر كاشعال الرأس، واشعل، واقطر النبت واقطار، وارعوى، وفيه شذوذ لاعتلال في اللام وكونه لغير لون أو عيب، وكونه مطاوعًا «ارعويته». السداسي: يأتي على افعنلل: اسحنكك، واستفعل: استخرج، وافعال:

ادهام، وافعوعل: اعشوشب، وافعول: اعلوط وافعنلى: اسلنقى، وافعال وافعل اللذان أصلهما تفاعل وتفعل: اطاير واطير، وزاد بعضهم: افعيل: اهبيخ، وافونعل: احونصل، وافعولل: اعثوثج، وهذان الوزنان أغفلهما سيبويه انتهى، قيل لأنهما من كتاب العين، فلا يلتفت إليهما، وافاعل: ادرس اديراسًا، وافعل: ازمل ازمالاً، وافوعل: اكوهد الفرخ، وقيل: وزنه: افعلل كاقشعر، وافعنلأ: احبنطأ، وافعال: اشعال، وافعألل:

اسمأدد، وافلعل: ازلغب، وانفعل: انقهل، وافعأل: اكلأز، وافمعل: اسمقر، وافتعأل: استلأم، وافعمل: اهرمع، وافمهل: اقمهد. (افعنلل) للمبالغة، وكثرة الفعل: اسحنكك. (استفعل) للطلب: استغفر، وللتحول، مجازًا: استنسر، وللاتخاذ: استعمل، ولإبقاء الشيء بمعنى ما صيغ منه: استعظمه، ولمطاوعة أفعل: أحكمته فاستحكم، ولموافقة أفعل: استبل بمعنى أبل، وتفعل: استكبر، وافتعل:

استعصم، وللمجرد: استغنى وللإغناء عن فعل: استرجع، وليس استحيا من الحياء مغنيًا عن المجرد: إذ سمع فيه: حيى خلافًا لزاعم ذلك، وافعال وتقدم الكلام عليه قالوا: وهو مقيس في كل «أفعل». افعول بناء مقتضب، وهو ما وضع على مثال غير مسبوق بآخر هو له أصل، أو كأصل مع خلوه من حرف مزيد لمعنى أو لإلحاق: كـ «اجلوذ» واعلوط، وفي البديع: اعلوط للتقحم على الشيء والدخول فيه، نحو: اعلوط المهر: ركبه عريا وأصله من علط والواوان زائدتان وقيل افعول للمبالغة وكثرة الفعل كافعوعل. الرباعي: مجرد ومزيد: المجرد على وزن فعلل، ويأتي لازمًا ومتعديًا لمعان كثيرة، وقدي صاغ من اسم رباعي لعمل بمسماه نحو: قرمص: حفر القرموص ومحاكاته: عقرب الشيء لواه كالعقرب، أو لجعله في شيء عصفر الثوب، أو لإصابته: عرقبه، أو إصابة به: [عرجنه أصابه بعرجون، أو إظهاره: عسلجت الشجرة أخرجت عساليجها]، ولاختصار حكايته بسمل.

المزيد يأتي على تفعلل لمطاوعة تحقيقًا: تسربل، أو تقديرًا: تبختر، وافعنلل للمطاوعة تحقيقًا: احرنجم أو تقديرًا: ابرنشق، وأهمل: بختر وبرشق، وافعلل: كـ (اقشعر)، فقيل هو بناء مقتضب، وقيل ملحق بـ (احرنجم)، زادوا فيه الهمزة، وأدغموا الأخير، فوزنه الآن: افعلل فلا يمتنع أن يجعل بناء ثالثًا في مزيد الرباعي، ويدل على إلحاقه «باحرنجم» مجيء مصدره كمصدره، ويأتي أيضًا للمطاوعة: اطمأن طاوع طأمن، ولكنه قلب: هذا مذهب سيبويه وقال الجرمي: الأصل تقديم الميم، وزاد بعضهم من مزيد الرباعي بناءً رابعًا، وهو ما جاء على افعلل نحو: اخرمس، واجرمز، وادرمج، ويظهر لي أنه من مزيد الثلاثي غير الملحق، وغير المماثل وقد شذ من الفعل بناء جاء سداسيًا على غير وزن السداسي، وليس أوله همزة وصل، ولا ياء وهو قولهم: جحلنجع، ذكره الأزهري.

فصل في المضارع: تقدم القول في حركة ما قبل الآخر من مضارع الثلاثي، وأما المزيد فيكسر ما قبل الآخر، إلا إن كان أول ماضيه تاء زائدة نحو: تكبر، وتبختر، فيفتح نحو: يتكبر ويتبختر، ويفتح حرف المضارعة وشذ ما روى «الثمانيني»، من ضم الياء في قولك: يستخرج، وهو مبني للفاعل انتهى.

فصل في المضارع: تقدم القول في حركة ما قبل الآخر من مضارع الثلاثي، وأما المزيد فيكسر ما قبل الآخر، إلا إن كان أول ماضيه تاء زائدة نحو: تكبر، وتبختر، فيفتح نحو: يتكبر ويتبختر، ويفتح حرف المضارعة وشذ ما روى «الثمانيني»، من ضم الياء في قولك: يستخرج، وهو مبني للفاعل انتهى. ويضم من رباعي أصلاً، أو بزائد لإلحاق أو لغيره، فيضم نحو: يدحرج ويعقرب ويكرم، وإلا من ثلاثي على وزن فعل، ومضارعه يفعل «بفتح العين» أو أوله تاء معتادة، أو همزة وصل فالحجاز، تفتح نحو: تعلم، وتنشأ، ويتغافل، وتنقاد، وتسخرج وغيرهم من العرب: قيس وتميم وربيعة ومن جاورهم بكسر إلا في الياء، فيفتح، إلا في بعض كلب فيكسر فيها، وفي غيرها من الثلاثة؛ فإن كان مثل (وجل) مما هو مكسور العين، وفاؤه واو، فمضارعه على (يفعل) «بفتح العين» وهي لغة قريش وكنانة، فأهل الكسر مختلفون، فمنهم من يكسر مطلقًا وهي لغة تميم، فتنقلب تلك الواو ياءً، ومنهم من يكسر إلا في الياء فيفتح، وهي لغة بني عامر وقوم من هؤلاء يقلبون الواو ألفًا فيقول: ياجل، وتاجل، وناجل، وآجل، ومنهم من يقلبها ياءٌ فيقول:

فصل في فعل الأمر العاري عن اللام

ييجل وتيجل ونيجل وإيجل، وشذ ما سمعه الكسائي، من بعض بني دبير: أنت تلحن وتذهب، وأشذ من هذا قراءة من قرأ {نعبد} بكسر النون، فأما مضارع «أبى» فالذين يكسرون حرف المضارعة إلا الياء يكسرونه مطلقًا في الياء، وغيرها، وإن لم يكن على وزن (فعل) بكسر العين، وقد سمع ذلك فيه، فيمكن أن يكون من باب الاستغناء بمضارعه عن مضارع المفتوح العين في الماضي. فصل في فعل الأمر العاري عن اللام إن كان على وزن أفعل، افتتح بهمزة قطع أو أول ماضيه همزة وصل افتتح بها أو من غيرها افتتح بالحرف الذي يلي حرف المضارعة إن كان متحركًا نحو يود ويعد فتقول: ود وعد أو ساكنًا اجتلبت له همزة وصل وأما ما قبل الآخر فحركته حركة المضارع. القول في نوادر من التأليف تماثل أصلين في ثلاثي فاء وعينا نحو: ددن، وفاء ولاما نحو: سلسل مستثقل؛ فإن كان عينا ولاما نحو: طلل فلا، ويقل ذلك في حرفي لين وحلقيين نحو: حوه، وحيى، ولححت العين، وصخ، وبخ،

وشع، وعز، وفي هاءين نحو: قهه، ومهه، وهمزتين نحو: جأأ، وقل نحو قلق، وفي حلقين أقل نحو: حرج، وأجأ، وأقل من باب أجأ تماثل الفاء واللام من الرباعي نحو: قرقف، وأقل من باب قرقف تماثل الفاء والعين نحو: ببر، وددن، وبين، وبابوس، وققس، وأقل منه باب بب، وهو ما تماثلت فاؤه وعينه ولامه، والمحفوظ من ذلك: غلام ببة، والفعل منه بب يبب ببا وببا، وزز

ززا، وققق، وصصص، وههه، ويقال: قق يقق ققا، وكذا صص، وهه، وقالوا: (دد)، مشددا، و (ددد) (مفكوكًا)، و (ددد). و «الياء» حرف الهجاء من باب بب، فقيل: باتفاق، وقيل ابختلاف، فإن صح «بييت الياء» فهي من باب يي، وإلا فالظاهر أن الهمزة أصل والعين منقلبة عن ياء، فيكون من باب يين، أو عن واو، فيكون من باب يوم، وباب بين أوسع، وأما «الواو» فزعموا أنه لا توجد كلمة اعتلت حروفها إلا هي، ومذهب الأخفش، أن ألفه منقلبة عن واو، ومذهب الفارسي وغيره أنها منقلبة عن ياء. ولم يأت مما فاؤه ياء، وعينه واو إلا «يوح»، وعن الفارسي إنكاره وإثباته، وقيل: هو تصحيف بوح (بالباء)، وإلا «يوم» وما تصرف منه يوم أيوم، وياومه يوائمه مياومة، ويواما.

وأما (حيوان): فالأكثر على أن واوه بدل من ياء، وكذلك (حيوة) ومذهب المازني أن لام (حيى) واو، و «الحيوان وحيوة» جاءا على الأصل، وقل باب «ويح» ولم يسمع فعل منه، وسمع (تويل)، وهو نادر فأما قوله: فما وال ولا واح … ولا واس أبو هند فمصنوع، وكثر باب طويت، والحمل عليه أولى من الحمل على باب [قوة، وكذا باب أتيت، فالحمل عليه أولى من الحمل على باب أجأ، واستغنى في باب قوة]، عن فعل، وفعل يفعل، وكثر مثل: سجسج، وزلزل، وأهمل ذلك مع الهمزة فاء نحو: أجأج؛ فإن كانت عينًا فهو مسموع نحو: بأبأ ورأرأ، وضأضأ، وقل مع الياء فاء

نحو: يؤيؤ، أو عينًا نحو: صيصية، ومع الواو عينًا نحو: قوقى، وضوضى بالألف أصلها الواو، ولم يجيء منه غير هذين قاله الأخفش، [ولا تبدل الواو ألفًا فتقول: ضاضى، فأما حاحيت، وعاعيت (وهاييت)، ولم يجئ منه إلا هذه الثلاثة قاله الأخفش] فالألف أصلها الياء انقلبت عنها خلافًا للمازني؛ إذ زعم أنها منقلبة عن واو، والمهمل مما يمكن تركيبه، أكثر من أن يعد، وقد تعرض بعض النحاة لتراكيب فقال: يزاد قبل فاء ثلاثي الفعل إلى ثلاثة نحو: استخرج، وقبل فاء رباعية إلى اثنين نحو: يتدحرج، ومنع الاسم مع ذلك ما لم يشاركه لمناسبة في الاشتقاق نحو: مستخرج ومتدحرج. وشذ مما زيد فيه قبل فاء ثلاثي حرفان: إنقحل، وإنزهو، ويقال: إنزعو،

وأنقلس، وإنقلس. وذكر ابن مالك: ينجلب، وقال النحاة: هو منقول من الفعل، وإن كان اسم جنس، فعلى هذا لا يورد فيما شذ من الاسم الثلاثي الأصل مما زيد قبل فائه حرفان، وذكر أيضًا استبرق، وهو منقول من لسان العجم (ومدلوله) غليظ الديباج، فلا يورد فيما شذ من الثلاثي الأصل مما قبل فائه ثلاثة أحرف زوائد؛ إذ ليس عربي الوضع، ولا جاء على أوزانها المعروفة في الاسم، وقد يجتمع في آخر الاسم الثلاثي الأصل ثلاث زوائد: كـ (عنفوان)، وأربعاوي، وأربعة كـ (سلمانين). وفي آخر الرباعي الأصل ثلاثة كـ «قردماني»، وعقربان، وقد رد على من زعم أنه لا يزاد في الخماسي نحو: عضرفوط إلا حرف واحد «بمغناطيس»، وعلى من زعم أنه يلي الآخر بمغناطيس، وندر: «قرعبلانه» في مجي الزائدين بعد لام الكلمة، وأما (إصطفلينه)، فقيل من الخماسي المزيد فوزنها فعللينة، وأصلها فعلل، وشذوذها مجيء الزائدين بعد لام الكلمة، وقيل من

الرباعي المزيد فوزنها: «إفعلينة»، وإصفعند، في مجيء الزائد غير حرف مد وهو النون، وقال ابن مالك، وغيره أهمل من المزيد فعويل، وقد ذكرنا [وروده في الأبنية نحو: سرويل، وفعولى إلا عدولى وقهوباة، وقد ذكرنا] الخلاف في هذا الوزن، فنفاه سيبويه، وأثبته غيره، ووزنهما عند من نفاه فعولل كفدوكس، ونقل أبو عبيدة قهوباة وهو ثقة، وقال الفارسي: لم يعرف مخرجها من حيث يسكن إليه، فأما (حبونى) فسمى بالجملة، أو وزنه فعلنى، أو أصله: حبونن فأبدل احتمالات. وفعلال غير المضاعف إلا الخزعال، نقله الفراء ولا يثبته أكثر النحاة،

وزاد بعضهم القسطال، والقشعام، قال: وفيعال غير مصدر نحو: ميلاع، قال: فعلال غير مضاعف، نحو الديداء، قال وفوعال وأفعلة وفعلى أوصافًا: ففوعال اسمًا نحو: توراب، وحكى بعضهم أنه جاء صفة قالوا: رجل هوهاة، ويحتمل أن يكون فعلالاً من المضاعف نحو: «غوغاء» قلبت واوه همزة قال: إلا ما ندر كضيزى، وعزهى، وزاد ثعلب: رجل كيصى، وغيره: رجل عزهاة، وامرأة سعلاة، فأما «ضيزى»، فمذهب أبي الحسن أن وزنها «فعلى» بكسر الفاء، ومذهب سيبويه، أن «فعلى» لا يكون صفة إلا بالتاء، فوزن ضيزى عنده فعلى «بضم الفاء» وحكى الجرمي في

الفرخ: امرأة حيكى، ومن قرأ {ضئزى}، بالهمزة من ضأزه يدل على وجود فعلى صفة، وألف كيصى للإلحاق، وهو دليل على وجود فعلى، وألفه للإلحاق خلافًا لسيبويه، والفراء؛ إذ ذهبا إلى أن ذلك لا يكون إلا بهاء التأنيث قال: وفيعل في المعتل العين دون ألف، ونو، فلو بنى منالقول فيعل تنقلب إلى فيعل فنقول: قيل: كسيد، وندر: عين، فلو كان من معتل الفاء أو اللام بنيناه فقلنا: ويعد، ويسر، وغيزى، وريمى، فإن كان بألف ونون فمسموع كـ «هيبان»، و «تيحان»، وأهمل فيعل في الصحيح إلا ما ندر من ييئس، وصيقل اسم امرأة، وإلا طيلسان «بكسر اللام»، فقيل روايته

ضعيفة، وقد أنكره الأصمعي وعمل عليه أبو الحسن، والمازني المسائل، قال: وندر (فعيل) مثاله ضهيد، وعثير، وقال ابن جني: هما مصنوعان، وفعيل نحو: عليب.

باب محال حروف الزيادة

باب محال حروف الزيادة تقدم أن حروفها «أمان وتسهيل»، والزائد في الموزون يذكر بلفظه في الزنة، وإن كان قد أبدل منه حرف، وما قلب وزن على القلب، والزائد في الكلمة لا بد أن يكون كجزء منها، فلا يقال في كاف «ذلك»، وكاف «هندكي» في النسبة إلى هند، وشين «أكرمتكش»، أنهما من حروف الزوائد. ولا يزاد حرف من العشرة إلا إن كان لمعنى نحو: حرف المضارعة وهو أقوى الزوائد، أو للمد ككتاب، وعجوز، ونصيب، أو للإلحاق ككوثر، وصيتم، أو للإمكان كهمزة الوصل، أو لتكثير الكلمة: كقبعثرى، وكونها لغير التكثير أولى منها له، وما زيد من غير العشرة، فلتكرير عين نحو: زرق، وقطع، أو لام نحو: مهدد وجلبب، أو فاء وعين مع مباينة اللام نحو: مرمريت، ومرمريس، أو عين ولام مع مباينة الفاء نحو: صمحمح، ومذهب البصريين، أن وزنه فعلعل، تكررت العين واللام فهما زائدتان من باب المضعف المختلف التضعيف، ومذهب الكوفيين أنه فعلل وأصله: صمحح، أبدلوا الوسطى ميمًا نحو: كبكب، ويقابل الزائد من غير تلك الحروف بما يقابل في الأصل فتقول في «مرمريس» فعفعيل، وفي جلبب: فعلل، وفي إسحنكك: افعنلل. الهمزة: تزاد أولاً كأحمر، وثانية: كشأمل. وثالثة: كشمأل، ورابعة: كجرائض، وخامسة: كحمراء، وسادسة: كحروراء، وسابعة: كعاشوراء، وثامنة: كبربيطياء. فإذا وقعت أولاً وبعدها حرفان أو ثالث مقطوع بزيادته فهي أصل: نحو أمر وآمر، أو بأصالته نحو أحمر، أو محتمل نحو: إشفى، وأبين،

وأفعى، فزائدة إلا ما شذ، نحو: إمعة، وإمرة، وأيصر، وأيطل، وأرطى، في لغة مأروط، وأولق في مذهب سيبويه، وصححه ابن عصفور، ووزنه فوعل، ومذهب الكسائي أنه أفعل، وأجاز الفارسي الوجهين، وفي

همزة «أرنب»، قيل أصلية، ووزنه فعلل، وقيل زائدة ووزنه أفعل، والجمهور على زيادة همزة أفكل، وقيل: يحتمل الوجهين والحمل على الزيادة أولى. أو أربعة أصول فهي أصل: كـ «إصطبل»، وهمزة إبراهيم، وإسماعيل عند البغداديين زائدة، وقد أسقطها سيبويه في التصغير، ورد عليه المبرد فقال: القياس: أبيريه، وأسيميع، وإن وقعت غير أول، ولم تكن آخرًا، فأصل، إلا إن دل دليل على الزيادة وذلك في ألفاظ يسيرة منها: شأمل، وشمأل، وجرائض، وحطائط، وقدائم، واحبنطأ، وحبنطأ، ورئبال، وجرشى، وغرقئ عند الزجاج والصحيح أصالتها فيه، لقولهم غرقأت الدجاجة بيضها، وشندأرة، والنئدلان، وضهيأ عند

سيبويه، وهي عند الزجاج أصل وإن كانت آخرًا، وصحبت أكثر من أصلين فزائدة نحو: علباء، أو أصلين فأصل نحو: نبأ، أو بدل من أصل نحو: ماء، وكساء، ورداء. الميم: تزاد أولاً نحو: منسج، ومرحب، وثانية كدملص، وتمدرع، وثالثة كدلمص، ورابعة: كزرقم، وخامسة كضبارم، فإذا وقعت أولاً وبعدها حرفان أو ثالث مقطوع بزيادته، فأصل كملك ومالك، أو هو محتمل فزائدة إلا في معزى، ومعد، ومأجج ومهدد فأصل، وأجاز السيرافي في مأجج ومهدد أن تكون الميم زائدة وفكهما شاذ. وفي «مجن» عن سيبويه، القولان، والأكثر على أصالة الميم في [منجنيق ومنجنون، والوزن فنعليل، وفعللول، خلافًا للفراء في منجنيق] إذ الميم والنون عنده زائدتان وخلافًا لمن قال: وزن «منجنون» فنعلول من مجن، أو منفعول من جن.

أو ثلاثة مقطوع بأصالتها فزائدة نحو: مضرب، فيحمل عليه منبج ومأسل، وإن لم يعرف اشتقاقهما، ومرعزى، إلا في ألفاظ يحفظ فيها خلاف، فعن سيبويه في «مغفور، ومغرود»، قولان، أو وزنهما مفعول أو فعلول. وفي «مراجل» الأكثر على الأصالة، وقال أبو العلاء المعري: الميم زائدة، أو أربعة مقطوع بأصالتها فأصل نحو: مرزجوش، إلا في نحو: مدحرج ومتدحرج. وقال ابن عصفور: ميم محفيظ أصل وهو خطأ بل هي زائدة؛ وإن وقعت غير أول، فالأصالة إلا في ألفاظ تحفظ فحشوًا في الاسم نحو: دلامص، ودمالص،

ودلمص، ودملص على مذهب الخليل، وزعم أبو الحسن، والمازني، أن ميمهن أصلية، وقمارص قال الفارسي: من القرص، وغطمش، وغملج، وهملع، وعمليق، وغطميط، على خلاف في ثلاتها. وهرماس في قول الأصمعي، ولم يذكر سيبويه هرماسًا ولا قمارصًا في زيادة الميم، وضمارطًا من الضرط، قيل: والهزامج، من الهزج، والصمارخ من الصريخ، والصمرد من التصريد، والجذمار، من الجذر،

والسمادير، من السدر، ومسمقر، ومصمقر من سقرته الشمس. وحشوًا في الفعل: تمسكن، وتمدرع، وتمندل، وتمنطق، وتمولى، وتمسلم، وحكى تمخرق وضعفه ابن كيسان، وأكثر كلام العرب: تسكن، وتدرع وتندل، وحكى ابن القطاع: طرمح، وصلمع، قال والميم فيهما زائدة. وآخرًا في أنتما، وأنتم، وقمتم، وقمتما، وضربكما، وضربكم، وهما، وهم، وستهم، وزرقم، وفسحم، ودخشم، وحلكم، وخشعم، وجلهم،

وضرزم، وضمرز، ودردم، ودلقم، ودقعم، وخضرم، وشدقم، وشجعم، وسرطم، وصلقم، وضيثم، وقلهم، وجحرم، وجذعم وجذعمة، وصلخدم، وحلقوم، وبلعوم، ولابن عصفور خلاف في بعضها بلا دليل واضح. الألف: تلحق ثانية نحو: ضارب، وضارب، وثالثة كعذافر، وتغافل

ورابعة كحبلى وسلقى، وخامسة كانطلاق، وأجأوى، وسادسة كقبعثرى، واغرندى. ولا تكون أصلاً في فعل، ولا في اسم متمكن، بل زائدة، أو منقلبة عن واو أو ياء؛ فإن كان معها ثلاثة فصاعدًا مقطوع بأصالتها فزائدة، إلا في مضاعف بنات الأربعة، فمنقلة عن ياء أو واو نحو: عاعى، وضوضى أو اثنان مقطوع بأصالتهما وما عداهما مقطوع بزيادته، فمنقلبة عن أصل كأرطى، فيمن قال: مرطى. أو محتمل، وأول الكلمة همزة، أو ميم أو ثالثها نون ساكنة، فمنقلبة عن أصل، والثلاثة زوائد نحو أفعى، وموسى ومثل: عقنقى، إن وجد. أو محتمل غير واحد منها فهي زائدة، وذلك الحرف أصل، إلا إن قام دليل على أنها منقلبة عن أصل، فذلك وما عداها زائد نحو: شجوجى، وقطوطى، ووزنه عند سيبويه فعوعل، ولم يجز غيره السيرافي، والأعلم، واختاره

الأستاذ أبو علي. وعن سيبويه أيضًا فعلعل، واختاره ابن عصفور، وابن أبي الربيع، وعن الجرمي القولان، ومن أثبت فعولى، وهو الزبيدي، وابن القوطية، يجوز أن يكون قطوطى فعولى. النون: تزاد أولاً نحو: نرجس، ونضرب، وثانية نحو: عنصر، وسنبل، عند من أثبته، وثالثة كألندد، وقلنس، ورابعة كفرسن، وقطرن، واحرنجم، وخامسة نحو: سرحان، وسادسة نحو: سلامان وسابعة نحو: عبوثران. والنون إن وقعت أولاً لم تطرد زيادتها إلا في المضارع، فإن كانت في اسم لم يحكم بزيادتها نحو نهشل، إلا بدليل، وكذا في غير مضارع، إلا بدليل،

فمما قيل فيه ذلك نرجس، ونرجس، ونفاطير، ونباذير، ونخاريب، قاله ابن الأعرابي في الثلاثة، ونخربوت، ونهاوش، ونهابر، ونبراس، قاله أبو الفتح في نبراس، ونفرجه، ونفرج، ونفرجاء، ونخورش، ونبهرج، ونون نرجس بفتحها أو كسرها عندي أصلية. ونون نبراس، والثلاثة بعده عند ابن عصفور أصلية وجوزهما في نحو نخورش، فعلى أصالتهما وزنه فعلل، والواو أيضًا أصل، وعلى زيادتها فوزنه نفوعل والواو زائدة، وقيل: وزن «نبهرج» فعلل، فالنون أصل. ونهابر من الهبر واحده نهبر، ولم يلفظ به، وقيل: نونه أصلية واحدة: نهبور، وقيل نخربوت فعللوت فالنون أصلية، وأنكر اللغويون نهاوش وقالوا: هو مهاوش بالميم، ويروى تهاوش بالتاء مكسورة ومضمومة من الهوش.

وإن وقعت غير أول زيدت ثانية متحركة في كنهبل، «بضم الباء وفتحها» وجنعدل بضم الجيم وكسر الدال وشنهبرة، وقنطر، وعنفص، وحنطئ، وقنوطر، وسنمار، وكنعرة، وسندرى، وخناس. وساكنة في الانفعال وفروعه بإطراد نحو: الانطلاق، وسماعًا في نحو: قنعاس، وقنفخر، وعنبس، وعنتريس، وخنفقيق، وجنعيظ، وجنعاظة، وجندب، وعنصر، وعنصل، وخنفس، وعنظب، وقنبر، وكنثأو، بالثاء، وحنطأو وسندأو، وقندأو، وكندأو، بلغاته الثلاث، وحنبريت، وزنبيل،

وحنظير، وقنسطيط، وفنطليس، وقنتأل، وكنتأل، وصنبر، وهنبر، وفنخر، وشنخف، وقنطوراء، وعنقود، وطنبور، وشنذير، وشنظير، وحنصأو، وعندأو، وخنضرف، وسنبله، وصنديد، وصنتيت، وأنقليس بلغاته، وهندباء، وإنقحل، وإنزهو، وسندارة، وحندارة، وخنزوانية، وعنجهانية، وعنجهة، وخنعبة، وقنبرانية، وكنعرة، وعنجرد،

وخنثعبة بكسر الخاء وضمها وزنفالجة، وحنظل، وشنفرى، وحندس، وخنسرى. وفي نون، عنسل، وخنزير، وعنصوة، وخنضرف، وعنكبوت، ومنجنيق ومنجنين، وبالواو فيهما خلاف أزائدة أم أصل. أو ثالثة متحركة فزيدت في فرناس، وبضم الفاء، وقرناس، وذرنوح، وبفتح الذال، وهرنوع، وبرنيق، وغرنيق بلغاته، وخرنق، وقعنب، وخرنوب، ودرنوف، وقهنب، وقهنبان، وكرنافة، وبرنس، وكرنبا، وصعنبى.

وساكنة في الانفعال وحروفه كالاحرنجام، وفيما قبله حرفان أولهما مفتوح، كجحنفل، وشرنبث، وغضنفر، ما لم تكن مدغمة في مثله: كعجنس فقالوا: هو من باب التضعيف، كعدبس، والذي أذهب إليه أن النونين زائدتان ووزنه فعنل، وكذا نظيره كهجنف، وسفنج. أو كانت الكلمة مما لا يمكن فيها التضعيف نحو: خزنون، فنونه عند ابن جني، محتملة للأصالة والزيادة فلا يحكم عليها إلا بدليل، ومذهب غيره أنها زائدة، فإن انضم أول ثانيهما أو انكسر كعرنتن فزائدة. وزيدت سماعًا في شفنترى، ويلنجوج، ويلنجيج، وبالهمزة فيهما بدل الياء، وعرند، وترنج، وبلنط، وقلنس، وجهنام (وبضم الجيم والهاء)، وسقنقور، وجلندى بلغاته، وبلنصى، وقرنبى، وعكنبى، وسرندى، وسبنتى، وعلندى، وجحنبارة، وعرنفطة، وجعنظار، وقرنفول، وشمنصير، وخرنباش بلغاته،

وعرنقصان، وجرنبه، وعقنباه، وبعنقاه، وقعنباه، وعبنقاه، وجلنباه، بفتح اللام. ورابعة متحركة في غرونق، وشوذنيق بلغاته، وخورنق، وبلهنية، وسخفنية، وخلفناة، وعفرنى، وعرضنى، وقسطناس، «بفتح الطاء» وساكنة في نيلنج، وإسفنج، وإفرند، وإسفنط. وإن وقعت آخرًا، وليس قبلها حرف مد، فزيدت في: بلغن، وعرضنة، وخلفن، وخلفنة، وفرسن، ورعشن، وعلجن، ومذهب سيبويه في «ضيفن» أنها زائدة، ومذهب أبي زيد أصلية.

وزيدت أيضًا مشددة في: وشحن، وقسون، وقرطن، و «بفتح الطاء»، وقرقفنة؛ فإن كان قبلها حرف علة (ياء)، فزيدت في هلكين، وحواريين، وغسلين، وزرفين، ووهبين، وعفرين، وطبرزين، وسرجين. أو (واو) فزيدت قياسًا في آخر جمع المذكر السالم، وسماعًا في سرحون، وفرجون، والرساطون، وعربون، وعرجون، وزيتون، وحيزبون، وفيلكون، وفي عربون، وزيتون خلاف. أو (ألف زائدة وقبلها أكثر من أصلين) فزائدة، أو من باب «جنجان»

فأصلية وشرط بعضهم، في زيادتها أن لا يكون ما قبل الألف مضعفًا، وقبلها ثلاثة أحرف نحو: مران، وضم بعضهم إلى هذا أن لا يكون مضموم الأول اسمًا لنبات نحو: رمان. وقال السيرافي: إن كانت النون يؤدي جعلها أصلية إلى بناء مفقود فزائدة نحو: كروان، وزعفران، أو موجود فأصلية: كدهقان، وشيطان لوجود فعلال وفيعال. والصحيح أنه لا يشترط في القضاء بزيادتها ألا يكون ما قبل الألف أكثر من أصلين، وأن لا يكون من باب (جنجان)، ولا يقضي عليها بالأصالة إلا بدليل نحو: نون رمان لقولهم: أرض رمنة، ونون «دهقان» وشيطان لقولهم: تدهقن، وتشيطن. الواو: تزاد ثانية ككوثر، وحوقل، وثالثة كجدول، وجمهور ورابعة كعرقوة واغدودن، وخامسة كقلنسوة، وسادسة كأربعاوى، وذهب الجمهور إلى أنها لا تزاد

أولاً، فواو (ورنتل) أصلية، وقيل زائدة. والواو إن كا معها أكثر من أصلين فزائدة إلا في المضعف، كضوضيت، وقوقيت، وزوزيت، أو أصلان وما عداهما مقطوع بزيادته فأصل كواقد. أو محتمل ميم، أو همزة، أولاً فأصل، والمحتمل زائد كموهب، و «أوجل» عرف اشتقاقه أو لا «كالأوتكى» إلا إن قام دليل على الأصالة كأولق فيمن قال ألق أو غيرهما فزائدة، والمحتمل أصل إلا أن قام دليل على الأصالة كغزويت. التاء: زيدت بإطراد في التفعل، والتفعلل والملحق به، والافتعال وفروعهما، وفي التفعال، والتفعيل مصدرًا وغيره، ومع السين في الاستفعال وفروعه، وفي تفعلة قياسًا في فعل المعتل اللام وجوبًا، وفي المهموز جوازًا وفي غيرهما شذوذًا،

وفي (تفعال) مصدر تفعل، وللمضارعة كتقوم، وللتأنيث كقامت وقائمة، وفي أنت وفروعه على المشهور. ويحكم عليها في غير ما ذكر، بالأصالة، ولا تزاد إلا بسماع فمنه أولاً: تلان في حسبك تلان، وتحين، في قول: .. .... تحين ما من عاطف … ... ... ... ... ... وتنضب، وتنفل، وتألب، وترتب، وتدرأ، وتعضوض، وترعيه بلغاته،

وتذنوب، وتحموت، وترغيب، وبكسر التاء اتباعًا، وتنبيت، وتمتين لخيط يشد به الفسطاط والخيم، جمعه التماتين، وزعم الجرمي، أنه مصدر تمتن. وتيتاء، وتهواء، وبكسر تائهما، وتضارع، بضم التاء والراء عن ابن حبيب، وتركضاء، وتفرجاء، وتركضاء، وتحلبة بلغاته، وتحلئ وتقدمة، وتمثال، وتبيان، وتفراج، وتلقام، وتمساح، وتضراب، وتمراد،

وتجفاف، وتلقاء، وتهواء، وتعشار، وتبراك، وتلعاب، وتقصار، وترباع، وتكذاب، وترعاب، وتلفاق، وتسخان، وتيمار، وتنبال. وزعم سيبويه أن تنبالة فعلالة، وفي تربيق، وترفيل، وتنهية، وتؤثور، وتدورة، وترعيد، وتهلوك، و «بضم التاء»، وتهلكة، وترميثة، وترميث، وتنوط، وعن السيرافي: تنوط، وتهبط، وعن السيرافي

بكسر التاء والهاء، وتبشر، وقد تضم الباء، وتعاجيب، وتباشير، وتفاطير، وتجاليد، وترخم غير مصروف، وترنى، وتئفان، وتئفة، وتفاوت، وتفاوت، وتقولة، وتلقامة، وتلعابة، وتلقاعة، وتيهورة. وتوراة، وتولج عند الكوفيين، فالوزن عندهم تفعلة وتفعل، وعند البصرييين فوعلة، وفوعل، والتاء بدل من واو، ومذهب سيبويه أن التاء أصل في «ترقوة»، ووزنها «فعلوة» كقرنوة، ومذهب غيره أنها زائدة مشتقة من رقى. وفي «ترجمان»، و «ترامز» خلاف، فقيل من «رمز» فوزنه «تفاعل»، وقيل من «أترز» فوزنه فعامل.

وحشوًا فزيدت قليلاً ثانية في ختلعة، وثالثة في همتع، ولقلة زيادتها حشوًا، ذهب الأكثر إلى أصالتها في «يستعور»، وإلى كونها بدلاً في كلتا. وأخيرًا في رغبوت، ورحموت، ورهبوت، وبألف بعد التاء فيهما، وخلبوت، وملكوت، وجبروت، وطاغوت، وسلكوت، وصفريت، وعفريت، وعزويت، وحنبريت، وعنكبوت، وكفرتى، وأبت، وأمت في النداء، وتربوت، وفي تائه الأولى خلاف أهي أصل مشتق من التراب، أو بدل من دال مشتق من الدربة. وسبروت، عند سيبويه فعلول، وعند غيره فعلوت من السبر، وفي تاء التلبوت، وسنبتة خلاف؛ فإن كان من السبت، فالنون زائدة والتاء

أصل، وإن كان من السنب، فالنون أصل والتاء زائدة، والصحيح أن التاء في «سنبتة» زائدة للإلحاق تقول: مضى سنب من الدهر، وسنبة أي برهة، وسنبتة أيضًا بتاء التأنيث بعد تاء الإلحاق، وهذه التاء تثبت في [ملكوت وجبروت، وطاغوت، وسلكوت، وصفريت، وعفريت، وعزويت، وحنبريت، وفي]، التصغير قالوا: سنيبتة: كقولهم في الجمع سنابت وفرس سنب «بكسر النون» كثير الجرى والجمع سنوب، وزيدت أولاً وأخيرًا في: ترنموت وزنة تفعولت، وحكاه ابن دريد، بفتح الراء وشد النون. السين: تزاد قياسًا مع التاء في الاستفعال وفروعه، قيل: وبعد كاف المؤنث نحو: أكرمتكس، وليس بجيد؛ لأنها لم تزد في بنية الكلمة، فهي كالشين في أكرمتكش، وقيل للإلحاق في قدموس، وضغبوس،

وعبدوس، ألحق بعصفور، والحسبلة، والعسقفة بدحرجة، والدفنس بزبرج، والعرناس بسرداح، والخلابس بعذافر. قيل وفي خندريس، لاشتقاقه من الخدر، وأسطاع يروى بوصل الهمزة، وفتح حرف المضارعة، وحذفت منه التاء، وأستاع، والتاء بدل من الطاء، وليست ألفها محذوفة؛ إنما المحذوف التاء، وبقطع الهمزة، وضم حرف المضارعة، فالسين زائدة، وأصله أطوع، وكذا استاع التاء بدل من الطاء، هذا مذهب سيبويه، والبصريين، ومذهب الكوفيين أن أصله استطاع، وقطعت همزته، وضم حرف المضارعة تشبيهًا بأفعل. الهاء: قيل تزاد في الوقف، وليس بجيد؛ لأنها لم تزد في بنية الكلمة، وليست عند المبرد، من حروف الزيادة، قيل والصحيح أنها منها فزيدت في (أمهة)

وأمهات، وأجاز ابن السراج أن تكون فيها أصلاً، وقال الخليل: هي زائدة، في: «هركولة»، ووزنه هفعولة، والأخفش في هبلع، وهجرع، قيل وزيدت في هلقم، فتكون الفاء مضعفة من غير تضعيف العين كـ (مرمريس)، وفي هلقام، وهلقام، وهزبر، وهزنبر، وهمتع، على أحد القولين.

وثانية في: صهتم، وزهلق على أحد القولين، وثالثة في: اقمهد عند الجوهري، وسمهج، وسلهب، ورابعة في: معلهج، وخامسة في: ملكوه ومن الفعل في: أهراق، وأهراج. الياء: تزاد أولاً في نحو: يرمع، ويرنأ، وثانية في ضيغم، وبيطر، وثالثة في نحو: عثير، وطشيأ في قول [ورابعة في نحو: حذرية، وجعبيت، وخامسة في: سلحفية، وتقلسيت، قيل: وسادسة في نحول ألهانية] وسابعة في نحو: خنزوانية، والياء إن كان معها ثلاثة أصول فزائدة. ولا تكون أصلاً في بنات الأربعة إلا في المضعف نحو: حيحى، وصيصية، ولا في بنات الخمسة إلا ما شذ، وهو يستعور، فالياء أصل على الصحيح. و «شيراز» عند أبي الحسن، ياؤه بدل من واو، وهي أصل وزنه

فعلال، وعند غيره «فعال» أصله «شراز»، أو أصلان، وما عداهما زائد فأصل نحو: ياسر، أو محتمل، وأول الكلمة همزة، أو ميم فأصل نحو: أيفق، وميسار، ولا يحكم عليهما بالأصالة، وعليها بالزيادة إلا بدليل نحو: أيصر، وميرد، فيعل من «مرد»، أو غير الهمزة والميم فزائدة نحو: يرمع إلا إن قام دليل على الأصالة نحو: يأجج، وضهياء، وعند سيبويه، «يهبر» يفعل الأولى زائدة، والثانية أصل، وعند الزبيدي وغيره، فعلل: كـ «قهقر». اللام: قيل تزاد في اسم الإشارة، وليس بجيد، لأنها ليست في بنية الكلمة، وزيدت ثانية في: قلفع، وثالثة قيل في: هملع، ورابعة في: زيدل بمعنى زيد، وهدمل بمعنى هدم، وخامسة في نحو: خفنجل، قاله ابن القطاع، وفي «ورنتل» قاله الفارسي قال فلو بنيت من (آءة) مثل ورنتل قلت: أونأل، وسادسة في: شراحيل، قاله ابن القطاع، وزيدت أخيرًا في «عقرطل» وفي «عبدل»، وزعم أبو الحسن: أن لامه أصل، وهو مركب من عبد الله كما

قالوا: عبشمى، وفي الأوسط: ما يخالف هذا قال فيه: واللام تزاد في عبدل وحده، وجمعه عبادله، فيكون للأخفش في «عبدل» قولان. وفي «فيشلة»، و «هيقل» قالوا: فيش، وهيق، وأجاز ابن جني، أن يكونا مادتين، وذهب الخليل إلى أصالتها في «هيقل» وأبو عبيدة إلى زيادتها، (وطيسل)، قالوا فيه طيس، قيل، ويجوز أن يكونا مادتين، و «عنسل» ذهب سيبويه، إلى أصالة اللام، ومحمد بن حبيب إلى زيادتها،

و «نهشل» ذهب ابن القطاع إلى زيادتها مشتقًا من النهش، وظاهر كلام سيبويه، أصالتها وأصالة النون. وعثول عند المبرد، زائدة من قولهم: ضبعان أعثى، وضبع عثواء، و «هملع» قيل مشتق من «همع» فاللام زائدة، وقيل من هلع فأصلية، قال ابن القطاع: وزيدت في الفعل نحو (ازلغب)، و (ادلهم)، و (جحفل)، أي قلب، وغيره يقول: بأصالة ثلاثتها، قال محمد بن حبيب يقال: رجل هندي هندكي، وهندكير، فيظهر أن الكاف زائدة، وكذلك الباء وحكى أحمد بن يحيى زيادتها في (زعدب) من قوله: يمد قلخًا وهديرًا زغدبا لأنه عنده من زغد في هديره، وزعم أبو الحسين بن فارس أن الباء زائدة

في قول الأغلب: فلك ثدياها مع النتوب قال: أراد مع النتو، فزاد الباء، ونقول: لم تثبت زيادة الكاف ولا الباء، والجيد أن يجعلا من باب سبط، وسبطر [وأما رجل هندكي، فمن لسان الحبش يزيدون في آخر الاسم كافًا مشوبة، مسكورة بعدها ياء، وقد ذكرنا ذلك في كتابنا، المسمى «جلاء الغبش عن لسان الحبش»].

فصل

فصل إن تضمنت كلمة متباينين أصلين، أو متماثلين، فأحد المتماثلين زائد نحو: قردد، وجلبب، فإن ثبتت زيادة أحد المتباينين، كمحبب، ومفر، فالمتماثلان أصل، وكذا إن ماثل الفاء نحو: كوكب، فيما وقع الفصل بين الفاء ومماثلها بزائد ونحو: سمسق، مما وقع الفصل بينهما بأصل. أو لم يقع فصل كـ (هركلة) عند من يقول بزيادة الهاء، أو ماثل العين المفصولة بأصل كـ (حدرد): فإن فصل بينهما بزائد نحو: عصنصر، وعقنقل، وخنفقيق، أو لم يفصل كـ (شمخر) فأحد المتماثلين زائد. فإن تماثل حرفان، وحرفان نحو: سجسج، وصلصل، ولا أصل للكلمة غيرها نحو: ممر فالأربعة أصول على ما نختاره، ووزنه فعلل، واختلف النقل

عن النحاة، فعن البصريين في نقل ما اخترناه، وعن الخليل، ومن تابعه من بصري وكوفي أن وزنه «فعفل» في نقل، وكذا عن قطرب، والزجاج في نقل، وعن سيبويه وأصحابه، وبعض الكوفيين وزنه فعل في نقل. فأصل ربرب: ربب استثقلت الأمثال، فأبدلوا من الثالث، حرفًا من جنس الأول، وعن الفراء، قولان أحدهما أن وزنه «فعفع» والثاني: «فعل» فأصل «حثحث»: حثث وبه قال أبو عبيدة، وابن قتيبة، والزبيدي، وعن الزجاج في نقل أنه فصل بين ما يفهم المعنى بسقوط ثالثة نحو: كبكبه تقول: كبه فهو ثلاثي الأصل، وبين ما لا يفهم فرباعي الأصل وعن الكوفيين، في نقل أنه ثلاثي الأصل، والفعل كالاسم. قال السيرافي: منه ثلاثي يبنى منه فعلل، نحو: كبكب، وما أصله صوت نحو: قرقر، وقعقع وغيرهما عسعس، فعلى هذا يكون هذا المضاعف ثنائيًا، وثلاثيًا،

ورباعيًا، فإن كان للكلمة أصل غير الأربعة، فثاني المتماثلين، وثالثهما في نحو: صمحمح، والثالث والرابع في نحو: مرمريس زوائد، فالوزن فعلعل، وفعفعيل، وتقدم مذهب الكوفيين، في أن «صمحمحا» «فعلل» أصله صمحح، وفي كتاب الإنصاف، أن وزن دمكمك، وصمحمح فعلعل. ومذهب الخليل في الحرفين من المضاعف أن الأول هو الزائد [وصححه ابن عصفور، ومذهب يونس، أن الثاني هو الزائد]، وصححه الفارسي،

وقال سيبويه: كلاهما صواب، وفصل ابن مالك، فقال: «وثاني المثلين أولى بالزيادة في «اقعنسس» وأولهما أولى في «علم»، وهو إحداث قول ثالث. وإن دار حرف بين أن يكون زائدًا أو من المضعف، رجح إلحاقه بأحدهما بكثرة النظير كشملل، جاز أن تكون اللام زائدة كهي في زيدل، وجاز أن يكون من المضعف كدال «قردد» فيحمل على التضعيف لكثرة النظير، في نحو: شملل، وقردد، وقلة زيادة اللام، وكجبن، جاز أن تكون النون زائدة كهي في «عرند»، و «ترنج». ومن باب التضعيف كقمد، فيحمل على المضعف لقلة فعنل، وكثرة فعل، وكهجنف، جاز أن يكون من باب المضعف كباء عدبس، وجاز أن تكون زائدة، كهي في: زونك، فيحمل على الزيادة لكثرة النظير في نحو: سفنج، وعجنس، مما النون فيه مشددة زائدة، وقلة «فعلل» المضعف، وهذا إن لم يمنع اشتقاق دال على الزيادة، كزونك قالوا: زاك يزوك، أو على التضعيف كعتل.

[قالوا: عتل، أو جار مجرى الاشتقاق كـ «إمعة»، الزائد أحد المضعفين لفقدان إفعلة في الصفات، ووجود فعلة فيها]، وكـ «امحى» الميم الأولى زائدة من حروف الزيادة بدل من نون «أنمحى»، لوجود «انفعل»، وفقد «افعل» فيكون من المضعف. وإذا كان في آخر الكلمة همزة أو نون بينها وبين الفاء حرف مشدد نحو: سلاء، وقثاء، ورمان، وزمان، أو حرفان أحدهما لين نحو: زيزاء، وقوباء، وعقيان، وعنوان، وشيطان، وحوذان، احتمل أن يكون الآخر من الهمزة والنون أصلاً، وأحد المضعفين أو اللين زائدًا واحتمل العكس. فعلى الاحتمال الأول يكون وزن سلاء، ورمان فعالا، ووزن عقيان، فعيالاً، كجريال، وعنوان، فعوالاً، كعصوان، ووزن «شيطان»، فيعالاً نحو

بيطار، ووزن «حوذان» فوعالا «كتوراب» وأما العكس فيكون وزن سلاء: فعلاء نحو: قوباء، ووزن رمان، وعنوان فعلانًا كسلطان، ووزن «عقيان» فعلانًأ كسرحان، ووزن «شيطان» و «حوذان» فعلانًا كندمان، فإن أهملت المادة كمزاء، وسقاء، ولوذان، وفينان، اتبعت الزيادة، أو الأصالة، فهمزة «مزاء» زائدة وسقاء منقلبة عن أصل، ونون «لوذان»، زائدة، و «فينان» أصل؛ وإن أهمل الوزن ووجدت المادة اتبع الوزن الموجود لا المهمل نحو: حواء للذي يعاني الحيات، و «خزيان» فوزن «حواء» فعال لا فعلاء، ووزن «خزيان» فعلان لا فعيال. وإن قل نظير أحد المثلين، أو كثر حمل على النظير كقثاء إن كان فعلاء، فهو قليل، أو فعالاً كان كثيرًا، فيحمل على أن أحد المضعفين زائد، والهمزة منقلبة عن أصل. وكرمان، إن كان فعلانًا فهو كثير، أو كان فعالاً فقليل، فيحمل على أصالة أحد المضعفين وزيادة النون.

واعتبار حال النون للزيادة والأصالة إذا وقعت بعد ألف، بينها وبين الفاء حرف مشدد، أو حرفان أحدهما لين كما ذكرنا، قول لبعض المتقدمين، واتبعه ابن مالك، وتقدم لنا في زيادة النون بعد ألف أنه لا يشترط في زيادتها إلا أن يكون قبل الألف حرفان، وأن لا يكون من باب جنجان، وهذا مذهب الجمهور إلا إن دل دليل على الأصل، فيعتبر. ويتعين الحمل على قلة النظير في نحو: غوغاء، غير مصروف إذ صار من باب سلس، فلو جعلناه مثل: غوغاء المصروف، لرتبنا منع الصرف على غير سبب، فهما مادتان ثنائية، ورباعية من باب المضعف كقمقام، فوزن الممنوع من الصرف: فعلاء، والمصروف فعلال حروفه كلها أصول، خلافًا لابن طاهر؛ إذ

زعم أنه ملحق بقلقال، فهو عنده ثلاثي الأصل، وقد رجع عن هذا وقال: لا يلحق بالمضاعف شيء، وقال ابن خروف: إلحاق غوغاء بخزعال سديد. وإذا تصدرت ياء بعدها حرف لين كيحيى، اسم النبي عليه السلام، أو مضعف كيلنجج، أو همزة بعدها ذلك كإشفى، وإجاص، أو ميم كذلك كمرود، وموسى، ومجن، ترجحت زيادة الياء، والهمزة، والميم. فإن أدى جعلها زوائد إلى شذوذ فك كمهدد، أو إعلال كمدين، أو عدم نظير كإمعة، حكم بأصالة الميم والهمزة، إلا إن أدى إلى إهمال تأليف كمحبب أو وزن كيأجج، فيحتمل الفك، ويحكم بزيادة الميم والياء.

فصل في الإلحاق

فصل في الإلحاق الإلحاق وتقدم لنا مثل فيه، ويوازن ما ألحق به حركة، وسكونًا، وصحة، وإعلالاً، وزيادة، ومقابلة أصل، فإذا بنيت من «فحل» مثل برثن قلت: فحلل، ومن «قال» مثل «ضيون» قلت: قيول، ومن «القول» مثل (صيال) قلت: قيال: وربما خالف، نحو: قرأى من قرأ وزن درهم، فتسهل الهمزة بإبدالها ألفًا. ولا تلحق الألف إلا آخرة نحو: علقى، ورأى ابن عصفور، وابن مالك أنها مبدلة من ياء، وقال ابن هشام: لم يقل أحد إن ألف افلحاق منقلبة؛ فإن وقعت الألف حشوًا، فقد ذهب الزمخشري، وابن عصفور، في أحد قوليه إلى أنها في نحو: تغافل للإلحاق، والصحيح أنها لا تكون للإلحاق. ولا تلحق الهمزة أولاً إلا ومعها حرف آخر للإلحاق نحو: ألندد من اللدد، و «إدرون» من الدرن ألحق بسفرجل، وجردحل، وتلحق إن وقعت حشوًا، أو طرفًا بغير حرف آخر للإلحاق نحو: شأمل، وجرشأ، وقد يكون معها زائدة كخطائط.

وما ألحقته العرب فمن كلامها، وما ألحقناه نحن فالمختار أنه لا يكون من كلامها، بل فعلنا ذلك على سبيل التمرن وهذا ظاهر من قول الخليل، وذهب الفارسي إلى أنه يصير من كلام العرب، وذهب المازني، على التفصيل، فما فعلته العرب كثيرًا اطرد لنا أن نفعل مثله، وما قل فلا يطرد. قال المازني: الإلحاق المطرد من موضع اللام نحو: قعدد، ورمدد، وشملل، وفي الفعل كذلك نحو شملل، وصعرر، والإلحاق في غير اللام شاذ لا يقاس عليه نحو: جوهر، وبيطر، وجدول، وحذيم، وزهوك، وعلى قوله: يجوز البناء على فعنلل من كل رباعي، أو ثلاثي، وعلى «افعنلل» لكثرة إلحاق العرب بهما. والذين قالوا بالقياس في هذه الأشياء من البناء اختلفوا في المعتل والصحيح أهما باب واحد، فما سمع في أحدهما، قيس عليه الآخر، وهذا مذهب سيبويه، وجماعة، أم هما بابان متباينان، يجرى في أحدهما ما لا يجرى في الآخر، وهذا مذهب الجرمي، والمبرد فلا يبنى من المعتل مثل «إبل» فنقول فيه من القول: قول، ولا من الصحيح: فيعل فتقول من الضرب: ضيرب، ولا من المعتل مثل: افعوعلت، وتبنى منه افعللت. وما كان من المهموز مثل: «جاء» يبنى منه فعللاً، وفعللاً، وفعللاً فتقول

جيأى، وجوء، وجيء، وقال الجرمي: ذلك خطأ، وقال سيبويه: افعللت من الصدأ: اصدأيت، وقال الجرمي [هذا لا يقال؛ لأن العرب لم تقله ولم ينسبه سيبويه إلى العرب]، وقال أيضًا: لا أبنى من المدغم إلا ما سمع، فلا أبنى من الرد مثل فعلان، ولا فعلان، وقال سيبويه، في فعلان، وفعلان بالإدغام، وقال أبو الحسن، بالفك. واعلم أن الزائد للإلحاق قسمان: أحدهما أن يكون من غير حروف الزيادة كالدال من قردد. والثاني: أن يكون منها، ولا شرط فيه فيقع أولاً، وحشوًا، وطرفًا كالنون، والميم في نفرج، ومرحبك الله، ودلامص، وعقنقل، ورعشن، وفسحم. وذهب بعضهم إلى أن الزائد إذا كان أول كلمة للإلحاق لا بد معه من زائد آخر، أو يكون منها، ولا بد فيه من شرط، وهو أن يكون معه زائد

آخر، وهذا الزائد إن كان حرف مد ولين حشوًا أو غيره، فالأكثر، منهم الفارسي على أنه يجوز الإلحاق، فتجفاف، وسرحان، وإخريط، وأملود ملحقة بسرداح، وقرطاس، وبرطيل، وعصفور، وذهب أو الفتح، إلى أن الإلحاق في مثل هذا لا يجوز. وإن لم يكن حرف مد، ولين، وكان حشوًا فالكلمة ملحقة نحو: ألنجج، ألحق سفرجل، وتشيطن، وتجورب، وترهوك، ملحق بتدحرج. ومما شرطوا فيه الألف والهمزة، وتقدم، وحرف علة؛ فإن كان ألفًا فتقدم الكلام عليها، أو ياء، أو واوًا وما قبلهما متحرك بحركة تناسبهما نحو: قضيب، وعجوز فلا إلحاق، وقالوا في «طومار» ونحوه إنه ملحق بقرطاس، أو لا تناسبهما فالإلحاق نحو: جوهر، وحوقل وضيغم، وبيطر، قالوا: ومن حروف الزيادة ما لم يلحقوا به وهو السين، وتقدم لنا في زيادة لاسين ما يدل على خلاف ما قالوا، وأنها زيدت للإلحاق فينظر هناك. ولا يلحق بتضعيف الهمزة إلا وتسهل نحو: قرأى في افلحاق بجعفر من قرأ، ولا بتضعيفين متصلين لا يبنى من «كم» اسمًا على وزن «جردحل» فيقول: كمم؛ فإن فصل بينهما في كلامهم نحو: دمكمك ساغ

الإلحاق، ولا يلحق بأعجمي نحو: صجقن وهو الفأر، بالتركي، ولا يبنى منقوص نحو: ابن، وفل، وأجاز ذلك أبو الحسن فيقول: ضربب من ضرب إلحاقًا بصجقن، وبن من ابن مثل: يد، وبن مثل: فل، وشرط اجتناب ما اجتنبت العرب من تأليف فلا يبنى من «جلس» اسمًا على وزن «جنلق» وهو الشختور بالتركي فتقول جنلس، أو وزن. فلا يبنى من ضرب اسمًا على وزن ديكج وهو المهماز بالتركي، ولا من رمى على مفعل فتقول: مرم؛ وإن كانت المادة عربية. وإذا ألحق ثلاثي بخماسي فيما كان بعد تمام الأصول «كصمحمح» أو فيما فيه فاصل بين حرفي الإلحاق، وليسا من جنس واحد كنون حبنطى، كان أولى مما لم تتم كغدودن، ومما كان الإلحاق فيه بحرف مماثل للأصل والزيادتان متصلتان على مذهب من يرى أن أول المثلين هو الزائد نحو: عفنجج، وعقنقل، وخفيفد، وخفيدد، وفيها ما في: «عفنجج». وللفرق أن النون في «عفنجج» تطرد زيادتها، والياء في خفيفد، وخفيدد لا تطرد زيادتها، مما كان بناء غريبًأ «كاعثوجج»، عند من أثبته، أو مدغمًا أحدهما في الآخر كانا صحيحين كضربب، أو حرفي علة كقنور، وهبيخ. وإذا بنيت من الثلاثي الذي عينه ولامه من جنس واحد صحيحين على مثال

«سفرجل» قلت من الرد مثلاً رددى أصله: «رددد» أبدلت الأخيرة ياء، وتحركت وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، وعلى مثال: خبعثنة رددية أبدلت الأخيرة ياء وتحركت، وقال أبو الحسن من قال: امييى، فجمع بين أربع ياءات قال: رددة وقياس قوله هذا أن يقول في المثال قبله: رددد.

باب محال الحذف

باب محال الحذف من مطرد الحذف، حذف فاء مضارع مكسور العين واويها كـ «يعد» أو مقيس الكسر فيهما كـ «يضع»، و «يدع»، وحمل عليه «يذر» أو غير مقيس كيسع، ويطأ، ويمق في ألفاظ تحفظ؛ فإن كانت مفتوحة كوجل يوجل، وود يود أصله يودد، أو مضمومة كـ «وضؤ»، أو بنى ما حذف منه للمفعول كيوعد، فلا حذف، وشذ «يدع» و «يذر». ويحذف أيضًا في الأمر مما سبق نحو: عد، وفي مصدره الذي على فعله قالوا: عدة، ومقة، وسعة، ودعة، وقالوا: ضعة، وزعة، وإتمام فعلة شاذ قالوا: وترته أتره وترًا، ووترة بكسر الواو.

وقال الجرمي: ومن العرب من يخرجه على الأصل فيقول: وعدة، ووثبة. فأما «وجهة»، فالظاهر من كلام سيبويه أنه مصدر جاء شاذًا كالقصوى، ونسب هذا إلى المازني، وعنه، وعن المبرد، والفارسي، أنه اسم المكان المتوجه إليه، والهاء في نحو: «عدة» عوض من الواو المحذوفة فلا يجوز [حذفها إلا برد الواو نحو: وعد، وذهب الفراء إلى أنه يجوز] حذفها لأجل الإضافة وأنشد: .................. … وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا أي: عدة، وخرجه خالد بن كلثوم على أن ذلك جمع «عدوة» أي ناحية أي: وأخلفوك نواحي الأمر الذي وعدوا.

وقد سمع حذف الواو في مصدر: فعل (بضم العين) قالوا: وضع الرجل ضعة، ووقح قحة، وشذ في الصلة صلة بالضم، ومما شذ فيه رقة حذفوا الواو، وهو اسم لا مصدر، أما (لدة) فمصدر عند سيبويه وصف به على جهة المبالغة. وزعم ابن مالك: أنه صفة لا مصدر، وكان قياسه «ولدة»، وإذا كانت الفاء ياء لم تحذف تقول: ييسر، وييعر، وييدى مضارع يسر، ويعر، ويدى، وشذ يئس، وييس بحذف الياء. وإذا بنيت من «الوعد» مثل: يقطين، قلت: «يوعيد» ولا تحذف واوه، وإن وقعت بين ياء وكسرة. ومن مطرد الحذف حذف همزة (أفعل) من مضارعه، واسم فاعله، واسم مفعوله تقول: يكرم، ومكرم، ومكرم، وأصله: يؤكرم، وثبت في الضرورة كما قال:

فإنه أهل لأن يؤكرما [وقال]: وصاليات ككما يؤثفين على لغة من قال: أثفيت، وفي كلمة نادرة، وهو «مؤرنب» في قول من جعل الهمزةف ي «أرنب» زائدة. قال ابن سيده: قوله: ............... … ....... من كساء مؤرنب على قوله: ككما يؤثفين.

وأما التصحيح الآتي على السعة والاختيار: كساء مرنب كما قال: ................... … .......... في ثياب المرانب انتهى. فلو أبدلت همزة (أفعل) هاء كهرقت في أرقت، أو عينا كعيهل في أيهل لم تحذف تقول: يهريق، ومهريق، ومهراق، ويهيهل، ومهيهل، ومعيهل. وحذف الفاء من «مر» و «خذ»، و «كل»، هو الكثير، وإن ولى (مر) فاء، أو واو فالإثبات أجود، والإثبات دون ذلك في (مر) فصيح كثير، وفي (خذ) و (كل) قليل، وتقول: أؤخذ، وأؤكل وقوله:

(ت لي) آل زيد يريد (ائت لي) ضرورة، وغير تلك الثلاث لا يجوز حذف فائه، بل إذا اجتمعت همزة الوصل، وفاء الكلمة فالثانية على حسب حركة الأولى كأجر، وأسر تقول: أوجر، وايسر. وكذلك المضاعف في لغة الحجاز تقول في الأمر من: أن، وإن: أونن، وإينن فلو كررت الأمر على حد: أدخل بضم اللام وكسرها قلت: أوزز: وزز، وأوزز يزز. وقال ابن درستويه، وابن كيسان: أهل الحجاز يرجعون هنا إلى لغة بني تميم، وقال الفارسي: من أهل الحجاز من يحقق الهمزة كبني تميم فلا يفك المضعف فيقول: إن. ويحفظ حذف العين في فيعلان نحو: ريحان أصله: ريوحان أدغم، ثم حذفت الواو فصار: ريحان وزنه فيلان، ولا ينقاس، فلا يقال في تيحان: تيحان. وقد أجاز أبو الفتح في (شيبان) اسم القبيلة أن يكون من باب «ريحان» وأصله: شيوبان من الشوب، وأن يكون فعلان من الشيب.

وزعم ابن مالك أنه يحفظ ذلك في فيعل، وفيعلة نحو: سيد، وسيدة، وليس كما زعم، بل هو مقيس في ذوات الواو قولاً واحدًا، مختلف فيه في ذوات الياء قاسه الجماعة إلا الفارسي، وذلك نحو: «لين» نقل فيه «لين»، وفي محفوظي أن الأصمعي حكى: أن تخفيف النوعين عن العرب، وأورد مثلاً منها قال: إلا جيدًا، فلم أسمع أحدًا من العرب يخففه. فأما هار، وشاك، ولاث، فعن العرب فيه وجهان أحدهما القلب، فيصير منقوصًا، فالأصل: هاور فقلب فصار: هارو فعمل به ما عمل بغاز، وكذلك شاك اشتق من الشوكة، ولاث من اللوث.

والثاني: حذف العين، وهو الأكثر فيها، فيصير الإعراب في الآخر فنقول: هار، وهارا، وبهار، ولا ينقاس هذان الوجهان فلا يقال في: قائم، قام منقوصًا، ولا قام محذوف العين. وقيل في «شاك» إذا كان محذوفًا منه أن المحذوف اللام، وصار الإعراب في الكاف وأصله: شاكك من الشكك، وذهب ابن مالك إلى أنه يمكن في «هار» ونحوه إذا أعرب في آخره أن يكون مما حذف منه ألف فاعل، كما حذفت في بر وسر من المضعف أصلهما: بار، وسار، فالألف الموجودة هي عين الكلمة انقلبت ألفًا، ولو ذهب ذاهب – إذا كان الإعراب في الراء، والكاف، والثاء – إلى أن الكلمة بنيت على فعل، فالأصل: هور، وشوك، ولوث، فقلبوا كما قلبوا في «رجل مال» وأصله مول لكان وجهًا وهو أسهل من ادعاء الحذف، والفرق بينه وبين قول ابن مالك أنه في قوله: يبنى على فاعل، فحذفت الألف، وفي قولنا: يبنى على «فعل» فاعتلت العين، ولا حذف. ويحفظ حذف ألف «فاعل» في المضعف نحو: رب في راب، وبر في بار، وقر في «قار» ولا ينقاس، فيقال في عاد، وراد: عد، ورد، وإذا كان «هار» و «شاك» و «لاث» من قبيل المنقوص، فلا يمكن فيها إلا القلب وإذا دار الأمر إلى حذف، أو إلى الرد إلى أصلين كان الرد أولى من الحذف نحو: دمث، ودمثر،

فلا تقول: حذفت الراء من «دمث» بل تقول: هما أصلان ثلاثي، ورباعي اتفقا على المعنى واختلفا في المادة. ومما حذفت عينه من مضعف الفعل أحست، وظلت، ومست أصله: أحسست، وظللت، ومسست، وذلك إذا بنيت لام الكلمة على السكون كـ «أحست» وأحست، وأحستم، وأحستما، وأحستن، فوزن «أحست»: أفلت، وقيل: المحذوف اللام فوزنه: أفعت ويجوز كسر الظاء من «ظلت» والميم من مست، وفتحهما، ونص سيبويه على أن هذا الحذف شاذ، ولا يطرد في نظائر هذه الكلم الثلاث، وزعم الأستاذ أبو علي: أن ذلك مطرد في أمثال هذه الأفعال من المضعف، وذكر ابن مالك أنه يجوز في لغة سليم حذف عين الفعل الماضي المضعف المتصل بتاء الضمير نحو: ظلت، أو نونيه نحو: ظلنا، وظلن. والماضي المضعف [المتصل بتاء الضمير نحو: ظللت] أعم من أن يكون ثلاثيًا كما مثلنا أو أزيد نحو: أحب، وأحس، وانحط وربما فعل ذلك بالأمر كقوله تعالى: [وقرن في بيوتكن]، والمضارع، سمع الفراء: ينحطن في ينحططن، و «قرن» بفتح القاف أمر من «قررت بالمكان» «بكسر الراء» لغة،

حكاها البغداديون، فلا وجه لإنكارها، والمضارع أقر، فلما أمر منه فعل به ما فعل بمسست من حذف عينه، ومن كسر القاف احتمل أن يكون أمرًا من قررت بالمكان اقر «بفتح العين في الماضي» والكسر في المضارع، وحذفت العين شذوذًا، أو أن يكون أمرًا من وقر يقر كما تقول: عدن من وعد يعد. وحكى في «هممت»: همت بحذف أحد الميمين وأما «حسست» فقال أبو الطيب عبد الواحد اللغوي: الحجازي يقول: في حسست: حسيت يعوض من السين ياء، والتميمي لا يعوض فيقول: حست، ومما شذ فيه بعض العرب حذف همزة جاء، وساء من المضارع قالوا: يجي، ويسو، أجروهما مجرى يفي في الإعراب يقولون في النصب: لن يجي، ويسو، وف يالجزم: لم يج، ولم يس، وفي البناء إذا اتصل بهما نون التوكيد، أو نون الإناث تقول: لا تجين، ولا تسون، ويجين، ويسون، وفي التثنية: يجيان، ويسوان وفي جمع المذكر يجون، ويسون. وحذفت تميم إحدى الياءين من استحيا وفروعه فقيل العين، وعلى ذلك

نصوص الأئمة، فوزنه: استفال، وقيل اللام فوزنه: استفاع، فقالوا: استحى يستحي مستح، ومستحى استح، وقرأ ابن محيصن [إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا]، ورويت عن ابن كثير. وغيرهم من أهل الحجاز. وغيرهم يأتي به على ألصل يقول: استحيا وعليه فروعه. و (ما) إذا كانت استفهامًا في موضع رفع، أو نصب لا يجوز حذف ألفها إلا في الضرورة، أو في موضع جر بإضافة نحو: مجيء م جئت، أو حرف جر نحو: [عم يتساءلون]، فالمشهور الكثير حذف ألفها، وأما إثباتها فقيل ضرورة، وقيل: لغة وممن قال ذلك أبو علي الدينوري، والزمخشري.

وإذا حذفت ألفها بقيت على حركتها إلا في الشعر، فيجوز إسكانها إن جرت بحرف، لا بإضافة، وإذا كان بعدها «ذا» لم يجز حذف ألفها، وإن جرت بحرف نحو: عن ماذا تسأل؟، وإذا كانت موصولة، أو شرطية، ودخل عليها حرف الجر، أو أضيف إليها لم يجز حذف ألفها، وإن جرت بحرف نحو: عن ماذا تسأل؟، وإذا كانت موصولة، أو شرطية، ودخل عليها حرف الجر، أو أضيف إليها لم يجز حذف ألفها. وزعم أبو زيد أن كثيرًا من العرب يقول: سل عم شئت، حذفوا ألفها، وهي موصولة لكثرة الاستعمال، وقال المبرد هي لغة. وكثر حذف اللام واوًا قالوا: أب، وأخ، وحم، وهن، وابن، وغد، وكرة، وقلة، وعزة، وعضون، وعضة، وسنة على أحد لغتيها، وثبة، وظبة، وبرة، وكبة، واسم على مذهب البصريين، وزعم الكوفيون أنه مما حذفت منه الفاء، ومن قال: سم «بكسر السين» فزعم المهاباذي: أنه عند من قال ذلك

أنه من سمى يسمى سميًا، كسرت السين ليدل على أن المحذوف ياء، وزعم غيره أن ذلك لغة في الاسم، راجع إلى أنه مشتق من السمو، ومع كثرته لا ينقاس لا تقول في دلو: دل. فإن كانت اللام ياء، أو هاء فالحذف قليل، ومن ذلك يد، ومائة، واثنان، ودم عند من قال: دميان، وفم، وشفة، واست، وست، وسنة، وعضة، على إحدى لغتيهما، و «شاة» وزنها «فعلة» وقيل: فعلة، وقيل في اسم الجمع، شاء، فقيل أصله «شؤة»، قلبت الواو ألفًا والهاء همزة، كما قالوا: ماء، وقيل هو أصل آخر مادته «شوء»، وقالوا (أشاوى) [وهو أصل ثالث لا واحد له من لفظه مادته (شو). وأقل من هذا حذف اللام همزة نحو]: سؤته سواية أصله «سوائية»، وبراء في برآء، وأشياء على مذهب الأخفش أصله: أشيئاء، كأهوناء، وروس في رءوس، قال الشاعر:

خرجنا جميعًا من مساقط روسنا … على ثقة منا بجود ابن عامر أو نونًا، فمثل أصحابنا، حذفها بـ «دد» وفل، وقالوا الأصل: ددن، وفلان، أما «دد» فله أصول ثلاثة: ددن، وددد، وددًا، فلا يتعين في (دد) أن يكون المحذوف النون، وأما (فل)؛ فإن كان المختص بالنداء، فالمحذوف منه ياء على الصحيح، فإن كان المقابل فلانًا في قوله: . .... أمسك فلانًأ عن فل فالمحذوف نون، أو حاء في حر أصله: حرح ولا يحفظ غيره، وحذفوا الآخر أيضًا مما يجانس الوسط في «رب» قالوا: رب ورب، وفي أف قالوا: أف، وفي «قط» قالوا: ما فعلته قط، وبالضم. وقد سمع الحذف في العين خاء قالوا: بخ منونًا، وبخ مسكنًا.

ونونًا مثلوا بمذ أصله منذ، وذلك لا يكون إلا على مذهب من ادعى فيها البساطة، وبعد ذلك فتسميتها عينًا تجوز. وتاء قالوا: سه، والأصل «سته». أو واوًا في فم وأصله: فوه. أو همزة مضارع رأى البصرية، أو العلمية في لغة غير تيم اللات. والفاء واوًا في «لدة، ورقة» أصله، الورق، والولد. والواو همزة في اسم الله تعالى على أحد قولي سيبويه أصله (الإلاه)، والقول الآخر مادته (ل وه) وفي «ناس» على قول سيبويه والفراء أصله: أناس، وذهب الكسائي إلى أنه من ناس ينوس فلا حذف، وفي قولهم: لا بالك، ويابا زيد أصله: لا أبالك، ويا أبا زيد، وندر حذف همزة (أب) بعد غير (لا) و (يا) نحو قول الشاعر:

تعلمت باجاد وآل مرامر … وسودت أثوابي ولست بكاتب وشذ في الفعل حذف الياء في: لا أدر، وما أدر، ولا أبال، وكثير حذف «لا أبال» إذا دخل عليه الجازم نحو: لم أبل والأصل: لم أبال وحذف الألف في قولهم: خافوا ولو ترما الصبيان، وقول من زعم في عم صباحًا أن أصله: أنعم فاسد.

باب محال البدل والقلب والنقل

باب محال البدل والقلب والنقل البدل لأجل الإدغام لا ينظر فيه في هذا الباب، وجميع حروف المعجم جاء فيها البدل على ما سنذكره إلا الخاء، والحاء، والذال، والظاء، والضاد، والعين، والقاف، فالضروري في التصريف جمعت في قولك: (طال يوم أنجدته) وجمعها ابن مالك، في قولك: «طويت دائمًا» أسقط منها الهاء، واللام، والنون، والجيم، ويعرف الأصلي من المبدل بالرجوع إليه في بعض التصاريف وجوبًأ كجدث قالوا: جدف حين جمعوا قالوا: أجداث فقط أو غلبة كأفلت، وأفلط، وإلا فهما أصلان كجذب، وجبذ. الهمزة: أبدلت وجوبًا من حرف لين لام، أو ملحق يلي ألفًا زائدة - متطرف نحو: كساء، ورداء، واسلنقاء، أو متصل بهاء تأنيث عارضة كعطاءة، وصلاءة، وقيل هي بدل من ألف منقلبة عن حرف؛ فإن بنيت الكلمة على الهاء لم تبدل كهداية، وعلاوة، وربما صححت مع العارضة كصلاية، وشقاوة، وأبدلت مع اللازمة كقولهم في المثل: «اسم [رقاش] فإنها سقاية» ومنهم من يقول في هذا سقاءة بالهمزة على ما كان له قبل المثل.

ومن ياء وواو عين في اسم فاعل، أو فاعلة اعتلت في فعله بانقلابها ألفًا نحو: قائم وبائع أو اسم لا فعل له: «كحائر»، وجائزة، وقيل: البدل فيهما من ألف منقلبة عن الحرف، ومن أول واوين تصدرتا لم يبدل من ثانيهما، ولا كانت الثانية مدة عارضة وذلك في نحو: أواصل جمع واصلة، و «أوعد بناء مثل كوكب من الوعد»؛ إذ أصله ووعد، وأويصل تصغير واصل، والأول جمع الأولى، (والأولى) تأنيث الأول، وإن أبدل من ثانيهما «كالوولى» تأنيث الأوأل، أبدل من همزتها واوًا صار «الؤولى» جاز إبدال الواو الأولى همزة، ولا يجوز همزهما معًا، وهذا جار على مذهب المازني قال: إذا بنيت من الوأى اسمًا على وزن فعل قلت: وؤى فإذا سهلت الهمزة بإبدالها واوًا، فقلت ووى، جاز إبدال الأولى همزة. وقال الخليل، وسيبويه: يجب الإبدال همزة، وقال المبرد: يمتنع الإدغام، وقال من تقدم غير الخليل وى أو أى، وإن كانت الثانية مدة عارضة،

لكونها في الأصل ألف فاعل نحو: وارى، أو واو فوعل كبنائه من الوعد، أو ياء (فيعل) كبنائه من ويس: وورى، ووعد، وويس جاز الإبدال؛ إن كانت الثانية زائدة، والأولى مضمومة في أصل البناء كالبناء من الوعد مثل طومار فتقول: ووعاد فتقول: أو عاد على وجوب البدل وهو اختيار ابن عصفور، وقيل على الجواز، وهو اختيار ابن هشام وابن مالك. فإن عرض اتصال الواوين بحذف همزة كانت فاصلة بينهما كبناء افعوعل من وأيت فتقول: إيأوأى بنقل حركة الهمزة الأولى إلى الياء، فتزول ألف الوصل، وتعود الياء واوًا لزوال موجب قلبها فتصير: ووأى، فإن نقلت حركة الثانية إلى الواو والحالة هذه قلت: ووى، فالفارسي يجيز إبدال الواو الأولى في المثالين همزة، وتبعه ابن مالك، وغير الفارسي يوجبه وفي غير ما تقدم يجوز إبدال الواو المضمومة ضمة لازمة همزة نحو: أجوه، وأعد، وأنؤر، وغؤور، وفؤوج، وقؤول، في وجوه، ووعد، وأنور، وغوور، وفوج، وقوول.

وجاء شيء من هذا لازم البدل قالوا: أجنة ولم يقولوا: وجنة، وهو من الوجنة، وأثن جمع (وثن) ولم يقولوا: وثن قاله أبو حاتم. وزعم المازني: أن همز «أدؤر» أكثر، وقال المبرد: تركه أحسن، قيل: واتفقوا على أن همز (وجوه) أحسن وأكثر، ولا يصح هذا الاتفاق؛ لأن لغة القرآن الواو من غير إبدال؛ فإن عرضت الضمة نحو: اخشوا الله، و [لنبلون] وهذا غزو أو كانت الضمة يمكن تخفيفها بالإسكان كـ «نور وسور» جمع نوار، وسوار أو زائدة كهي في «الترهوك» مصدر «ترهوك» أو مشددة كتعوذ فلا يجوز البدل، خلافًا لأبي الفتح في الزائدة نحو: الترهوك، وخلافًا لابن طاهر في المشددة، فإنهما يجيزان الهمزـ فتقول: ترهؤك وتعؤذ. وقراءة من قرأ [يلؤون] بالهمز شاذة، وهمز واوا «ورقاؤون» جمع

«ورقاء» مسمى به مذكر، ظاهر مذهب سيبويه أنه لا يجوز، وجوزه بعضهم، ويجوز إبدال الياء المسكورة الواقعة بين ألف وياء مشددة همزة، فتقول في النسب إلى نحو: راية: رائى، وراوى، ورايى، فمن أبدل فرمن اجتماع الياءات، ويجوز إبدال الواو المكسورة المصدرة همزة فتقول: «إشاح» في «وشاح» وقال ابن مالك: هو مطرد على لغة، ولا أعلم أحدًا نص على أن ذلك لغة، وظاهر كلام سيبويه أن ذلك مقيس، وهو مذهب الجمهور، وقال المبرد: لا يطرد، والقولان عن الجرمي، والمازني، ولو عرض كسر الواو، فقيل: وى على قول من أبدل، وأدغم، وكسر كما كسر في رية الذي أصله: رؤية فأبدل، وأدغم، وكسر، فمذهب سيبويه، جواز إبدال هذه الواو، العارض كسرها همزة فتقول: إي، وقال بعض أصحابنا: لا يجوز إبدالها همزة. وإذا اكتنف ألف الجمع واوان، ووليت الثانية الطرف، وجب قلبها همزة نحو: أوائل، وحوائل، أصلهما أواول، وحواول جمع «أول» و «حول»، فلو اكتنفها

ياءان، أو ياء، وواو فكذلك نحو: عيائل، وخيائر، وسيائد، وصوائد في جمع عيل، وخير، وسيد، وصائدة، خلافًا للأخفش، في إقرار الياء، والواو، فلو فصل بين الحرف، والطرف ضرورة فكما لو لم يفصل، فلو اكتنفا غير ألف الجمع كالبناء من القول مثل: عوارض قلت: قوائل، خلافًا للأخفش، والزجاج في إقرار الواو، وندر «ضياون» جمع (ضيون)، ولا يقاس عليه لو بنيت من القول اسمًا على وزن «ضيغم» وصححته فقلت: «قيول» ثم جمعته، وهمزته فقلت قيائل، خلافًا لمن قال: إذا صح في المفرد صح في الجمع، فإن لم يل الحرف الطرف، فالتصحيح نحو: عواوير، وطواويس جمع عوار، وطاووس فلو كان مما يلي الألف بدلاً من همزة لم تقلب همزة نحو: حوايا، وزوايا، وخبايا جمع حوية، أو حاوية، أو حاوياء، وجمع زاوية، وخبية، فإذا كان في المفرد مدة ثالثة نحو: رسالة، وكتيبة، وحلوبة، أبدلت في الجمع همزة فقيل: رسائل، وكتائب، وحلائب، وفي الترشيح، عجائز، وقبائل، ورسائل بالهمزة ولا تحرك الياء؛ لأنه لا أصل لها

في الحركة، وقد يجوز تخفيف الهمزة في هذا كله، وقلبها ياء، أجازه أبو إسحاق الزجاج، وتخفيف الهمزة قياس ماض في هذا وشبهه انتهى. وقرأ ابن كثير في رواية [شعاير]، بالياء، فلو كانت المدة عينًا أو صحت في المفرد، لم تهمز نحو: معاون، ومعايش، ومثاوب، ومطايب جمع معونة، ومعيشة، ومثوبة، ومطيبة، وشذ الهمز في معائش، ومنائر، ومصائب، شبهوها بصحائف، وسمع التصحيح فقيل: مصاوب على القياس، وهو قول أكثر العرب، وحكى الزجاج عن الأخفش أن الهمزة في «مصائب» بدل من الواو التي اعتلت في «مصيبة» قال: وهذا رديء، ويلزمه أن يقول: مقائم في جمع المقام، ومعائن في جمع المعونة انتهى.

فأما «مسائل» جمع «مسيل»، فذهب الزبيدي إلى أن الميم أصلية، فهمزها قياس، وذهب الأعلم، وغيره إلى أن «مسيلا» مفعل من سال، فالهمز في جمعه شاذ، وفي الترشيح: مسيل الماء جمعه «مسايل» بلا همزة؛ لأنه من سال يسيل قال زهير: .............. … بمستأسد القريان حو مسايلة وإن شئت همزت تجعل الميم أصلية؛ لأن الجمع مسل، وحكى يعقوب في مسيل الماء أن جمعه: أمسله، ومسل، ومسلان، ومسايل قال، ويقال للمسيل: مسل، وقوله يدل على أن الميم أصلية كأنه من مسل يمسل، انتهى. فلو كان بعد ألف الجمع ياء، أو واو أصليتان، وليستا بمدة، ولا من باب أول، وعيل لم تبدلا همزة نحو: أقاويل، وأباييت جمع أقوال، وأبيات، وشذ أقائم جمع أقوام، وقالوا في جمع

«هراوة» مما صحت لامه، وهي واو «هراوى» قالوا فأصله: هرائو، فتحت الهمزة، وقلبت الواو ألفًا لتحركها، وانفتاح ما قبلها أجروه مجرى رسالة، فإن اعتلت كـ (مطية)، أو كانت ياء كهدية، أو همزة كخطيئة، أبدلت ياءً قالوا: مطايا، وهدايا، وخطايا، وشذ «مطاوى» وهداوى، وخطاء، ومناء، وخطاءى وقالوا: في «مرآة» مراء على القياس، و «مرايا» عاملوا الهمزة الأصلية معاملة العارضة للجمع، وقياس الأخفش على «هراوى» ضعيف؛ إذ لم يسمع إلا هذه اللفظة، ولو ذهب ذاهب إلى أن وزن هذه كلها فعالى لكان مذهبًا، فـ «علاوى» صحت فيه الواو كما صحت في مفرده، ومطايا اعتلت كما اعتلت في مفرده، وهدايا جاء على الأصل، وخطايا جاء على خطية، بإبدال الهمزة ياء، وإدغام ياء المد فيها، والمعتل، والصحيح تختلف أوزانهما وأحكامهما كثيرًا. وفي كتاب الإنصاف: «أن خطايا عند الكوفيين وزنها: «فعالى»: وإليه ذهب الخليل، وقال البصريون وزنها «فعائل»، وأبدلت الهمزة من الهاء في «ماء وأماواء» والأصل: «ماه، وأمواه»، وفي «آذا» وأصله هذا وفي «آل»

عند الجمهور، وأصله «أهل»، فأبدلوا من الهاء همزة ثم منها ألفًا، وذهب الكسائي، وتبعه ابن الباذش إلى أن أصله «أول» تحركت الواو وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفًا، ونقل الكسائي أن تصغير «آل» أويل، ووافقه يونس على تصغيره، ولم يذكر سيبويه أن الهاء تبدل همزة، و «تدرأ» و «تدره» أصلان جاءت التصاريف عليهما قال ابن عصفور، والأولى جعل الهمزة أصلاً، لفقد الهاء في بعض التصاريف، وأبدلت الهاء من الهمزة في إياك (بفتح الهمزة وكسرها)، وفي «أرحت»، و «أرقت»، و «أنرت»، و «أثرت» «وأردت» قالوا: هياك، وهياك، وهرحت، وهرقت، وهنرت، وهثرت، وهردت.

وأثبتوا الهاء ف يالمضارع، واسم الفاعل، واسم المفعول قالوا: يهريق، ومهريق، ومهراق، ومن همزة الاستفهام قالوا: هزيد منطلق؟ أي أزيد منطلق، وفي النداء قالوا: هيا في «أيا»، وأبدلت العين من الهمزة في «عباب» قالوا: أباب، وقال أبو الفتح: الهمزة أصل من (أب) [إذا] تهيأ. وقالوا: لهنك أي «لإنك» على أحد القولين، وقرئ {طه} أي طأ الأرض قدميك، وعند طيئ (هن) في إن الشرطية، وأبدلت العين من الهمزة في «مؤثل»، وفي «أما» قالوا «معثل»، و «عما». وعند تميم قال أبو الطيب الحلبي: وقبائل من قيس أبدلوا من همزة إن، وأن عينا. قالوا: عن، وعن، وقال الخليل: تميم تبدل الهمزة من العين، والعين من الهمزة يقولون: عنى، وخبع، وعدر بمعنى: أنى، وخبأ، وأدر، ويقولون: نزأ بمعنى (نزع)،

وقالوا: أثكول أي: (عثكول)، ولم يذكر سيبويه إبدال العين من الهمزة لقلته، وذكر ابن مالك أنه كثير، ولا يحفظ منه إلا ما ذكرناه، أو ما شذ عنه إن كان شذ.

فصل

فصل تبدل الهمزة الساكنة بعد همزة متصلة مدة تجانس الحركة: كآدم، وآمن وأومن، وإيمان. أصله: أأدم، وأأمن، وأؤمن، وإإمان، وندر قراءة من قرأ في الابتداء [اتمن أمانته]، فإن لم يتصل كقمطر من الهمزة قلت: إيأى أصله (إأأأ) أبدلت الثانية ياء لكسرة ما قبلها والرابعة ياء، لاستثقال الهمزتين، أو اتصلتا متحركتين، والأولى لمضارع، فتقدم حكم الثانية من الحذف، أو لغير مضارع أبدلت ياء إن كسرت مطلقًا نحو: أيمة، وأيم، وإيم أصله «أأممه» جمع إمام، وأأمم مثل أصبع، وإأمم مثل إثمد، نقلت حركة الميم إلى الهمزة قبلها، فأبدلت ياء، وأدغمت الميم في الميم، وقرئ، في السبعة: [أإمة] بالتحقيق، وبالتسهيل، فوجب قبوله، وإن كان القياس الإبدال ياء. وفي التسهيل لابن مالك أن ذلك لغة، وفي إيجاز التعريف له أيضًا أن التحقيق شاذ، وخالف الأخفش في أأمم، فنقل وأبدلها واوًا من جنس حركة ما قبلها فقال: أومم. فإن أزال الكسرة تصغير، أو حركها تكسير، أو انفتحت فاء بعد مفتوحة فالمازني، يقرها ياءً فيقول أييمة في تصغير «أيمة»، و «أيادم» في

تكسير «أيدم» من الأدمة «كأصبع» وهذا أيم من كذا في «أفعل» من أم، والأخفش، والجماعة يبدلونها واوًا، فيقولون «أويمة» وأوادم، وأوم من كذا؛ فإن انفتحت بعد مكسورة أبدلت ياء نحو: إيم كإصبع أصله: إأمم نقل، وأدغم، فأبدلت ياء للكسرة قبلها، أو بعد مفتوحة، أو مضمومة، قلبت واوًا كـ «أوادم» جمع «آدم» وأويدم تصغيره أصله: أأادم، وأأيدم، وقال المازني: هو من قلب الألف واوًا، لا من قلب الهمزة واوًا، ووافقه صاحب المهذب: فإن انضمت أبدلت واوًا مطلقًا نحو: أبلم، وأصبع، وإصبع من أم تقول: أوم، وأوم، وإوم، فإن بنيت من أددت، وأللت ونحوهما على قياس قول أبي عثمان «أفعل من» فقال الفارسي تقول: أيد، وأيل، وقال أبو الفتح: أود، وأول، وإلى هذا رجع الفارسي أخيرًا؛ فإن وقعت الهمزة لامًا كبنائك في مثل: جعفر، ودحرج، وبرثن، وزبرج، ودرهم من قرأ أبدلت الثانية ياء فقلت: قرأى، وقرأى مثل: سلقى، وقرئ، وقرءى، وقرأى على ما اقتضاه التصريف. وحكى أبو زيد: «اللهم اغفر لي خطائئي ودرائئي» جمع خطيئة ودريئة، وابن جني جائئ، وقطرب كفيئة وكفائئى، بتحقيق الهمزتين، والقياس جاء،

وخطايا؛ فإن سكنت الأولى، والثانية في موضع اللام قلبت ياء تقول: قرأى من قرأ على وزن: قمطر، أو كانت عينًا صححت، وأدغمت نحو: سآل، ولآل، والمذأب؛ فإن فصل بين الهمزتين فلا تأثير نحو: أاء، فلو بنيت من أاء مثل: فلفل قلت: أوء أصله: أوأأ، أبدلت الأخيرة ياء، ودخل في باب «أدل» فإن سهلت بالنقل قلت: (أو) ولا ترد الهمزة الأخيرة لزوال الهمزة قبلها بالتسهيل، ولو صغرت (أوء) لقلت: أويئ، ولم ترد أيضًا إلا في نحو: «ذآئب» جمع ذؤابة، فالهمزة تقلب واوًا فتقول: ذوائب؛ فإن كان مفردًا كبنائك على وزن «فعاعل» من السؤال قلت: سوائل وجمعًا ليس مفرده على فعالة نحو: سآئم جمع سائمة على حد سحابة، وسحائب، فـ «أبو الحسن»، يقيس هذا على ذوائب، ويبدل من الهمزة واوًا فيقول: سوائل، وسوائم، وغيره يقرها همزة؛ فإن أبدلت في «سآئل» واوًا لضمة ما قبلها فقلت: سوائل جاز على المذهبين. وإذا بنيت من الهمزة مثل (أترجة) قلت: (أأأأأة)، فتبدل من

الهمزتين واوًا فتقول: أوأوأة، فلو سهلت الثانية المحققة نقلت حركتها إلى الواو فقلت: أووءة أو الثالثة المحققة قلت: أوءوة، أو كليهما قلت أووة، ولا يختص هذا الإبدال بالثانية، والرابعة بل لو بنيت من الهمزة مثل «قمطر» لقلت: إأأأ تبدل الثانية ياء من جنس حركة ما قبلها والرابعة ياء فتقول إيأى، وهل يجوز إبدال الثالثة ألفًا فتقول «إياى» كإبدالها في «كاس» فيه نظر؛ لأن الإبدال يؤدي إلى اعتلال معظم الكلمة. وإن سكنت الهمزة بعد غير همزة، جاز أن تخفف بإبدالها مدة من جنس حركة ما قبلها كانت فاءً نحو: يامن، ويومن، وييبى في: يأمن، ويؤمن، ويئبى من كلمة كهذا، أو متصلة بأخرى كالذي اؤتمن، وإن ايتمن، وأحمد وتمن أي: الذي اؤتمن، وأحمد ئتمن، وإن ئتمن، أو عينًا نحو: كاس، وبير، وبوس، في كأس، وبئر وبؤس، أو لامًا نحو: بدات، ولم أقرا، وبديت، ولم أقرى، ووضوت، ولم أوضا في: بدأت، وأقرأ، وبدئت، وأقرئ، ووضؤت، وأوضأ، ويلزم البدل إذا وقعت الألف المبدلة من الهمزة الساكنة ردفًا نحو: كاس مع ناس، وبير مع منير، وبوس مع ملبوس.

وإن تحركت الهمزة فإما أن يكون ما قبلها متحركًا، أو ساكنًا، إن كان متحركًا، واختلفا في الحركة نحو جؤن، وسئل، وسئم، ولؤم، ومئر، ويستهزئون، أو اتفقا نحو: سأل، ومؤون جمع مائة، ومئين، جاز تخفيفها، بإبدالها واوًا في نحو: جون، وياء في نحو: مير، وتسهيلها بجعلها بينها وبين الحرف الذي هو محرك بحركتها في البواقى، خلافًا للأخفش في إبدالها واوًا في نحو: سؤل فتقول: سول، وياء في نحو: يستهزئون فتقول: يستهزيون، وخلافًا لأبي الحسن شريح في تسهيل نحو: «سئل» بينها وبين الحرف الذي منه حركة ما قبلها، وهو الواو [و] في نحو: يستهزيون بينها وبين الحرف الذي منه حركة ما قبلها، وهو الياء، والمضمومة المكسور ما قبلها نحو: من عند أخته، عن أبي الحسن إخلاصها ياءً كالمتصلة، وعنه في

المكسورة المضموم ما قبلها من كلمة أخرى التسهيل بين بين نحو: عند إبلك. وإن كان ساكنًا، وهي أول خففت، أو غير أول، والساكن صحيح كـ «نون» انفعل نحو: انأطر، وانأدر، فالأكثر على أنه لا يجوز النقل، والحذف فنقول: نطر، وندر، وقد يقال: يجوز، وتقر همزة الوصل، ولا ينظر لهذا العارض فتقول: انظر، واندر، أو غير نون انفعل جاز النقل والحذف [نحو: هذا العارض فتقول]: هذا خبك، ورأيت خبك، ومررت بخبك، وقالوا في «كمأة» كماة، بإبدالها ألفًا، وهو شاذ لا يطرد، وقاس عليه الكوفيون، وحكاه سيبويه، وقال: هو قليل، وحركة الساكن بالفتح في هذا، ونحوه: هي حركة الهمزة، وأبدلت الهمزة ألفًا، وقيل أبدلوها ألفًا، فلزم انفتاح ما قبلها. وروى أبو زيد، والكوفيون أن من العرب من يبدل الهمزة على حسب إبدالها في الفعل يقول: في «رفء» مصدر «رفأ»: رفو؛ لأنه يقول رفوت، وفي

«خبء» مصدر خبأ: خبى؛ لأنه يقول: خبيت، وهذا عند سيبويه، وسائر البصريين رديء، لا يطرد. أو معتل حرف لين زائد للإلحاق نحو: حوأب، وجبأل، فالحذف، والنقل، أو لغير إلحاق ياء التصغير نحو: أفيئس مصغرًا، فتبدل، وتدغم، فتقول: أفيس، أو غير زائد كشيء، وضوء، فالحذف والنقل كالصحيح فتقول: شى، وضو، وكذا في المنفصل تقول: أبويوب، وأبو سحاق، وأبي سحاق، ويرمومه، ويغزومه، ويعطي سحاق، وأجاز الكوفيون، أن تقع همزة بين بين بعد كل ساكن كما تقع بعد المتحرك، وهذا مخالف لكلام العرب. وتقول في فعلل من «جاء»، جوء، وأصله «جيؤؤ» أبدلت الياء واوًا لضمة ما قبلها، والهمزة الأخيرة ياء، فصار من باب أظب، فإذا خففت قلت: جى ترد الواو إلى الياء، وقد حكى القلب، والإدغام في نحو: شيء، وضوء، وسوءة فقالوا: شى، وضو، وسوة، ولم يقسه سيبويه ولا غيره ممن تقدم، ولا يدغمون في

(أبو أمك)، ولا في (صاحبي إبل)، وحكى أبو عمر في (الفرخ)، أن منهم من يدغم أبومك، وأبى بيك، وشبهه. أو حرف مد، ولين ألف كالبناه، فبين بين، أو ياء كخطيئة، أو واو كمقروء، فالإدغام بعد القلب يقول خطية، ومقرو، فإن كان المنقول إليه لام تعريف، وراعيت السكون، ولم تعتد بالحركة ثبت همزة الوصل، فقلت الأرض، الاولى، الارق؛ فإن تقدم اللام ساكن مماثل، أو مقارب مما يجوز الإدغام فيه، فلا يدغم في اللام تقول: بل الإنسان، ومن الألقاء؛ وإن لم تراع السكون، واعتددت بالحركة، سقطت الهمزة فقلت: لحمر في (الأحمر) وأدغمت فقلت: من لان في (من الآن)، و (بلنسان)، و (علرض) في «على الأرض» في غاية لاشذوذ، وقال السيرافي، وبعض البصريين هو مطرد القياس تقول في جلا الأمر: جلمر، وقد بينا الفرق في الشرح بين هذا وبين سلقامة، في سل الإقامة. وقال بعض شيوخنا: يمكن الإدغام مع لام المعرفة، وأما أن يقال في اضرب أباه إذا نقلت: «اضرب باه» فلا يجوز إلا أن ينقلوه عن العرب، وربما استغنوا عن النقل إلى الواو، والياء المتحرك ما قبلهما بمناسبهما، وحذفوا الهمزة فقالوا: يغزودد، ويرمى

خوانه «أي يغزو أدد ويرمى إخوانه» والأجود الإقرار، أو النقل والحذف، فتقول يغزو حمد ويرمى حمد إذا كانت حركة الهمزة فتحة، ولم يستغن كما مثلنا وقد يستغنى فتقول: يغز حمد، ويرم حمد. فإن كانت الهمزة بعد ألف نحو: هذا أحمد، وهذا إبراهيم، وهذا أحيمر تعين التسهيل بين بين؛ إذ لا يمكن النقل، ولا الإدغام. ولو بنيت «فوعل» من (سأل) فقلت: (سوءل) سهلت الهمزة بين بين بلا خلاف، ومفعل من «أيس» موئس قاسه الخليل على هذا، وأجروا الواو مجرى الياء في منع الإدغام، ومجرى الواو في «يونس» في منع التحريك قيل والنحويون على خلافها؛ فينقلون الحركة من الهمزة إلى ما قبلها؛ إذ هو حرف أصلي، وليس بألف، فتعود الواو إلى أصلها من الياء وكذا تقول في مفعل من «وأل» مول أصله: موأل، قلبت الواو ياء على حد ميزان، فقلت: ميئل، فلما نقلت عادت الياء إلى أصلها من الواو فقلت: مول، وإذا خففت «شئت» فحذفت ونقلت أقررتها ياء فقلت: شيت، قال أبو الحسن: والفرق بينه وبين مول يعسر. والتزم معظم العرب النقل في فروع الرؤية، والرؤيا، والرأي غير مصدر رأيته أي أصبته رئته فجميع فروع هذا جاء مهموزًا لا حذف ولا نقل، والرؤية معنى

الإبصار في اليقظة، والرؤيا بمعناه في النوم، والرأى بمعنى الاعتقاد، فقالوا: أرى، وترى، ونرى، ويرى، وفي الأمر: ره، وقالوا في اسم المفعول: مرأى، وفي الآلة: مرآة، وفي أفعل التفضيل: هو أرأى من زيد، فلم ينقلوا: ونقلوا إذا دخلت همزة التعدية على الماضي، والمضارع والأمر، واسم الفاعل، واسم المفعول والمصدر تقول: أريته كذا، وأريه كذا، وأرى، ومرى، ومرى، وإراة إلا في فعل التعجب فلم ينقلوا تقول: ما آرآه، (وأرءبه) وليست الهمزة في «أرءبه» للتعدية على مذهب البصريين؛ بل للصيرورة ومما لم يسمع من الفعل لم ينقل فيه قالوا: استرأى، وأما (مرأى) فاستثناه ابن مالك، فيما لم ينقلوا فيه، وقد قالت العرب «مرى» بالنقل والحذف وقال الحادرة: محمرة عقب الصبوح عيونهم … بمرى هناك من الحياة ومسمع

فصل

فصل تبدل الياء بعد كسرة من واو هي عين مصدر لفعل معتل العين نحو: قام قيامًا؛ فإن كانت بعد ضمة كعواء، أو فتحة كرواح، أو عين غير مصدر كـ «سواك» أو لفعل صحيح العين كـ «لواذ» مصدر لاوذ صحت الواو، وكذا تقلب عين جمع واحدة، معتلها مطلقًا سواء كان قبل آخره ألف كـ «رياح» وديار، أم لم يكن كـ «تارة» ويبر، وديمة وديم؛ فإن صحت العين في الواحد صحت في جمعه كـ «زوج وزوجة»؛ فإن سكنت العين في المفرد، ووليها في الجمع ألف، وصحت اللام قلبت ياء كـ «سوط» وسياط؛ فإن لم يلها ألف، أو وليها، واعتلت اللام صحت نحو: عود وعودة، وجو وجواء، وريان ورواء، وقد يصحح ما حقه الإعلال من فعل مصدرًا نحو: حول، وجمعًا نحو: حوج جمع حاجة، وفعال مصدرًا: نأرت نوارًا، كما أعلوا ما حقه التصحيح من فعال جمعًا

كطيال، ومصدرًا كصيانة، وفعله جمعًا كـ «ثور» وثيرة وعود، وعيدة. وقال المبرد، وابن السراج: ثيرة مقصور من ثيارة، وعن المبرد أيضًا قالوا ذلك للفرق بين ثور الحيوان، وبين ثور القطعة من الأقط، فقالوا في ذلك: ثيرة، وفي هذا ثورة، وقيل: جمعوه على فعلة، فقلبت الواو ياءً لسكونها، ثم حركت وبقيت الياء، وقيل قالت العرب: ثيرة، وثيران، فقلوا الواو فيها، فأجروا الجمع كله على الياء فقالوا: ثيرة. وتبدل الألف ياء لوقوعها إثر كسرة: كمحاريب، أو ياء تصغير كـ «غزيل» والواو الواقعة إثر كسرة متطرفة كـ «الغازي»، أو قبل علم تأنيث كـ «عريقية وأكسية» أو زيادتي فعلان كـ «شجيان»، أو واو ساكنة مفردة لفظًا كـ «ميزان»، أو تقديرًا «كحياء» مصدر احووى أصله حواء كما قيل في اقتتل قتالاً، قلبت الأولى الساكنة ياءً، فاجتمع ياء، وواو، فقلبت الواو ياء،

وأدغمت فيها الياء فهي مفردة لم توضع أولاً على الإدغام، إذ الأصل «احوواء» بخلاف اعلواط، فإنها ليست مفردة، بل وضعت أولاً على الإدغام، وكذا: «أواب» مصدر «أوب» على وزن أفعل، وزعم أبو الحسن أن مصدر احووى على لغة من قال: اقتتل قتالا: «حواء». فلو كانت الواو أول كلمة، وآخر ما قبلها مكسورة، وجب قلبها ياء نحو: يا غلام يجل أمرًا من الوجل، ولم يقولوا: يا غلام وجل، ولو بنيت من «القوة» مثل: جردحل فقال الزجاج تقول: قوى، وقال أبو بكر الخياط: قيو ولو بنيت منه مثل عثول فاتفقا على أنك تقول: قيوو؛ فإن وقعت الواو رابعة فصاعدًا طرفًا قلبت ياء في فعل كـ «أغريت، واستغزيت»، أو اسم كـ «معطى، ومستدعى»، أو بعدها هاء التأنيث كـ «معطاة»، وشذ «مقاتوة» جمع مقتو اسم فاعل من اقتو، و «سواسوة» وسمع فيه الأصل، وأقروة جمع قرو، و «ديوان»

وأصله: دوان، فهي واو غير مفردة، ولم يسمع دوان، واجليواذ، وقياسه الإدغام؛ لأنها وضعت مدغمة غير مفردة. وتبدل الألف واوًا لوقوعها إثر ضمة كـ (ضويرب، وبويع)، والياء الساكنة المفردة في غير جمع، كـ (موقن، ويوقن)؛ فإن تحركت لفظًا وتقديرًا كهيام أو لفظًا لا تقديرًا نحو: يبل في المكان مضارع يل لم تبدل، وإن كانت أول كلمة، وآخر ما قبلها مضموم نحو: يا زيد وأس أمرًا من اليأس، وقال سيبويه: وقد قال بعضهم يا زيد يئس، وقرأ أبو عمرو [يا صالحيتنا]؛ فإن كانت غير مفردة كبنائك من البيع: فعالا كحسان، أو في جمع لم تبدل فتقول بياع وبيض بإبدال الضمة في بيض كسرة، وكذا لو بنيت اسمًا من البياض على وزن فعل، أو من البيع على وزن مسعط لقلت: بيض، ومبيع على مذهب الخليل وسيبويه ويقول الأخفش فيه: بوض، وسمع «عيط» جمع عائط، وهو القياس كبيض جمعًا، و «عوط» جمعًا بإبدال الواو

ياء لضمة ما قبلها، وهو شاذ، وتبدل واوًا آخر الفعل نحو: لقضو، وقبل زيادتي فعلان كرموان، أو تأنيث بنيت الكلمة عليها كبنائك من «الرمى» مثل: أبلمة فتقول: أرموة، ومثل «سمرة»: «رموة»؛ فإن لم تبن عليها قلت أرمية، ورمية، وإذا كان فعلى يائي العين، فذهب سيبويه إلى أنه إذا كان صفة، قلبت الضمة كسرة لتصح الياء، واوًا لضمة ما قبلها قالوا: الطوبى، والكوسى، والخوزى، وهي مؤنث «الأفعل» في التفضيل، وهما عنده حكمهما حكم الأسماء، وكذا قال أهل التصريف. وقال ابن مالك الصفة في فعلى كثيرة، وذكر من ذلك الطوبى وما بعده، وظاهر كلام سيبويه أنه لا يجوز فيه إلا إقرار الضمة، وإبدال الياء واوًا، وأنهم لم يقلبوا إلا في الصفة، ونص ابن مالك على أن القلب، والإقرار مع كسرفاء الكلمة مسموعان من العرب فتقول: الطوبى، والطيبى، والكوسى، والكيسى؛ فإن كانت الياء بعيدة من الطرف قلبت واوًا لضمة ما قبلها، قالوا: عاطت الناقة تعيط عوططًا وأصله عيطط، وبنى سيبويه على هذا فقال: لو بنيت من البيع «فعللا» قلت: بوعع قيل: ولا حجة في عوطط؛ لأنهم قالوا: عاطت تعوط.

فإن كانت «فعلى» مصدرًا قل إقرار الياء قالوا: الطيبى مصدر طاب، والأجود القلب، فتقول: الطوبى، وقال الأستاذ أبو علي: لم يجيء من هذا مقلوبًا إلا «فعلى» أفعل لا اسمًا ولا صفة دونها، وهذا كله قياس من النحويين جعلوه نظير فعلى، وهو عكسه، انتهى قول الأستاذ، وكأنه لم يعتد بطوبى، أو لعله يذهب إلى أنه تأنيث الأطيب، وأما «ريا» فالصل: رؤيا سهلوا الهمزة فصار: «رؤيا» فشبهوه «بطوبى» فكما قالوا: طيبى قالوا ريا. وتبدل كسرة كل ضمة تليها ياء، أو واو آخر اسم متمكن لا يتقيد بالإضافة نحو: أظب وأدل أصله: أظبى، وأدلو؛ فإن لم تكن آخر اسم «كعنفوان» أو كانت آخر فعل كيغزو، أو آخر اسم غير متمكن نحو: منهو، وذو الطائية في أشهر لغاتها، أو لا يتقيد بالإضافة نحو: «ذو» بمعنى صاحب فلا تبدل؛ فإن سميت بنحو «يغزو» فالبصريون يقلبون فيقولون: هذا يغز، ومررت بيغز جعلوه منقوصًا، ورأيت يغزى منعوه من الصرف، والكوفيون يقرونه على ما كان عليه قبل التسمية، يسكنونه حالة الرفع ويفتحونه حالة النصب والجر. ولو كانت الضمة عارضة نحو: «سوء» إذًا نقلت الضمة إلى الواو، وحذفت الهمزة فقلت: سو، أو بنيت اسمًا على «فعل» من «جاء» فقلت: جيء، أو نقلت، وحذفت، فقلت: جى، فلا تبدل الضمة كسرة، وأما قراءة أبي السمال

[من الربوا] بضم الباء بعدها واو، فأولت على المبالغة في تفخيم الألف، والانتحاء بها إلى الواو على حد تفخيمهم الصلاة؛ فإن كانت الياء، والواو آخر اسم مدغمة في ياء قلبت الضمة كسرة في جمع نحو: عصى وجثى، فإن كان ذلك في مفرد، والساكن قبل الآخر موافق، فالإدغام نحو: عدو، وولى، ولا تغيير، وقد جاء القلب في الواو؛ فإن كان في مفرد فهو قليل نحو: مرضى، ومسبى، ومعدى، وعتى فإن كان في جمع، فالقلب مطرد نحو: عصى، والتصحيح شاذ نحو: قتو، وزعم ابن عصفور أنه شذ من الجمع لفظان جاءا على الأصل وهم: «فتو»، و «نحو»، وقد سمع: «بهو» جمع (بهو) وقالوا أيضًا «بهى» على القلب، و «أبو» جمع «أب» «وأخو» و «بنو» جمع أخ وابن، و «نجو» جمع «نجو» للسحاب الذي هريق ماؤه.

وإن كانت الياء المدغمة آخر فعل نحو: حى مبنيًا للمفعول جاز تحويل الضمة كسرة، وإن كان الساكن قبل اللام مخالفًا لها قالوا: وتقلب ياء تقدمت، أو تأخرت وتدغم، وتقلب الضمة كسرة لتصح الياء نحو: مرمى، وسرى أصلهما، مرموى، وسريو سواء المفرد كهذا، والجمع كنهى جمع «نهى»، وشذ من المفرد: نهو عن المنكر، وأمر ممضو عليه، وزعم أبو الفتح: أن «نهوا» أصل، وقاس عليه، وشذ في المصدر: الفتوة، وفي الجمع: فتو على قول من جعله من ذوات الواو، وبناء فعلان من القوة منعه الزجاج، وأجازه الجمهور فقال سيبويه تقول: قووان تصحح ولا تدغم، ولا تقلب وقال أبو الحسن، والجرمي، والمبرد، والأكثرون تقول: «قويان» تقلب الواو ياء، وتكسر ما قبلها، وقال أبو الفتح: تدغم فتقول: قوان.

وبناء «فعلان» من «شوى» تقول: شويان، فتقلب الياء واوًا لضمة ما قبلها، فإن صحت في عينه، فتصير «شووان» ويظهر أنه يجيء فيه المذاهب التي في «قووان» لكني لا أنقلها في هذا بخصوصية فلو سكنت، واعتددت بالعارض قلت: «شويان» فتدغم فتقول: شيان وإن لم تعتد قلت: «شويان» ولا تدغم، وبناء «فعلة» من القوة «قووة» ومن «شوى»: «شووة»، فتبدل لأجل الضمة، فتصير «شووة» ويجب القلب فيهما، فتقول: قوية وشوية، ولو بنيت «فعله» قلت: قوية، والضمة في العين، أو في اللام كبنائك من الغزو مثل: عرقوة فتقول غزووة، فسيبويه يقول: غزوية، فإن اعتبرت التاء قلت: غزووة كقلنسوة، وسيبويه لا يقول: غزووة. وإذا بنيت من الغزو مثل «سمرة» وبنيت على التاء قلت: غزوة أو قدرت طرآنها قلت: غزية، وكذا من الرمى: رموة، و «رمية» ومما لا يقدر فيه الطرآن بناء مفعلة، أو فعلوة من الرمى فتقول: «مرموة» «ورميوة» ويجوز في نحو: صيم، ولى جمع ألوى وفي مثل: عصى ودلى كسر الفاء، ويجوز في

«سوؤأة» من «السوء» على وزن «عرقوة» إذا نقلت حركة الهمزة إلى الواو وحذفتها، أن تعتد بالضمة العارضة فقتول: سوية، وأن لا تعتد فتقول «سووة» وإذا بنيت من الغزو «فعلان» قلت: غزيان، ومن الرمى «فعلان» قلت رموان، فلو سكنت قلت: غزيان، ورموان فيبقى الأثر دون المؤثر، وقد يقع التأثير بالإعلال. وإن حال ساكن نحو: فتية، ودنيا، وصبية من ذوات الواو، و «غزو» من ذوات الياء، وقد نطقوا في هذا بالأصل قالوا: غزى، وكذا إن حال مفتوح نحو: رضيان تثنية «رضى» ولا يقاس عليه خلافًا للكسائي، وربما جعلت الياء واوًأ لزوال الخفاء نحو: أوفع الغلام في «أيفع»، والواو ياء لرفع لبس نحو: أعياد في جمع «عيد»، وأرياح في جمع ريح، وخيائن في جمع خائنة، ونسيان للخير، أو تقليل ثقل نحو: صيم، وعدم القلب هو الوجه؛ فإن بعدت الواو من الطرف لم تقلب نحو: «صوام» وشذ صيام، وقيام؛ فإن كان فعل مفردًا أو جمعًا معتل اللام لم تقلب نحو: حول، وشوى جمع شاو.

فصل

فصل إذا كانت ضمة غير عارضة في واو قبل واو، نقلوها إلى ما قبلها نحو: مجود في «مجوود»؛ فإن عرضت الضمة فلا نقل نحو: يهوون أصله يهويون؛ فإن عرض اجتماع ثلاث واوات، كأن تبنى من «القول» فعلاً على وزن «افعوعل» فتقول: «اقوول» تقلب الثالثة أو الثانية ياء، فيلزم قلب الأخرى ياء، وتدغم فتقول: «اقويل» هذا مذهب أبي الحسن، وأبي بكر، ومذهب سيبويه التصحيح فتقول: «اقوول»، إذا بنى للمفعول قلت «اقوول» كما قالوا: «احووى» على مذهب سيبويه، وعن الأخفش مثله، وقول آخر: «اقوويل»؛ لأنه فرع عن «اقويل». فإن اجتمعت في اسم المفعول من «قوى» فتقلب الثانية أو الثالثة فتدغم فتقول: «مقوى»؛ فإن عرض اجتماع أربع كأن تبنى من (القوة) مثل «جحمرش» فتقول: قوي أصله «قووو» تدغم الأولى لسكونها في الثانية، وتقلب الواو ياء، والرابعة ياء، قيل: وهذا أولى من التصحيح فتقول: «قوو»، والإعلال على

مذهب أبي الحسن، وإعلال الرابعة متفق عليه، ومثل «عثول» فسيبويه يقول: «قيوو»، وأبو الحسن يقول: «قيوى»، فيعل، والقياس ما قاله سيبويه، وقد تعل مع الثالثة، والرابعة. الثانية كـ (بناؤك) من «القوة» مثل «اغدودن» فتقول: «اقويا» أعلت الأ×يرة بقلبها ألفًا وما يليها لاجتماع ثلاث واوات، فانقلبت ياء، فأدغم فيها ما قبلها قيل: وهذا أولى من التصحيح فتقول: اقووى، والإعلال مذهب أبي الحسن، وإعلال الرابع متفق عليه، وإن بنيت مثل «جحمرش» من «حييى» فتقول على رأي من جعل اللام ياءً «حييى»، تدغم الأولى في الثانية، وتبدل الثالثة واوًا، وتحذف الرابعة، فتصير: «حيو» منقوصًا، أو بعد الإدغام، والحذف تحركت الياء، وانفتح ما قبلها فصار «حيا» مقصورًا، أو لما تحركت الثالثة، وانفتح ما قبلها قلبت ألفًا، وسلمت الأخيرة. وإذا كانت الياء والواو في كلمة منها غير لام، وتأخر الساكن منهما صحا كـ «طويل»، و «غيور»، أو لامًا ساكنًا ما قبلها صح كـ «غزويت» أو متحركًا اعتل بالحذف كبنائك من «رمى» مثل: «ملكوت» فتقول: «رميوت» تحركت الياء، وانفتح ما قبلها، قلبت ألفًا فالتقى ساكنان، فحذفت الألف فقيل: «رموت» وزنه «فعوت»؛ فإن كانا من كلمتين، فلا إبدال ولا إدغام نحو:

«قويزيد»، و «قى يسوف»، و «ويدى واصل»، و «مصطفو يزيد». فإن تقدم الساكن، وكان سكونه أصليًا، ولم يكن بدلاً غير لازم تعين الإدغام نحو: كي مصدر «كوى»؛ فإن كان السكون عارضًا، فلا إدغام نحو: «قاضيون» استثقلت الضمة على الياء، فحذفت وعرض للياء السكون، فتحذف، ولا تدغم في الواو، وأما «قوى» مخفف «قوى» فلا إدغام فيه، وقاس بعضهم على «رية» وهو شاذ فقال: قى وأدغم. وإن كان الساكن بدلاً، فإما واجبًا، وإما جائزًا، فالواجب نحو: بنائك من «الأئمة» مثل: «أبلم» فتقول «أأيم» فتبدل الساكنة واوًا فتصير «أويم» ثم تدغم، فتقول: «أيم»، وكبنائك من «أوب» مثل «انقحة» فتقول «إأوبة»، [تبدل الثانية ياءً، وتدغم في الياء التي كانت واوًا فتقول: إيبة] والجائز نحو: واو «سوير» فلا إبدال، ولا إدغام، وحكى الكسائي الإدغام في «رؤيا» إذا خفف، وسمع من يقرأ: [إن كنتم للرءيا تعبرون].

ومما شذ فلم يدغم: «حيوة»، و «ضيون»، ويوم أيوم، وعوية، أو أدغم على غير قياس: «عوة» نقله ثعلب، ونهو عن المنكر، وقياسه: «نهى» و «العوى» للنجم أصله: عويا، فقياسه: عيا ومن قال «العوى» فالظاهر أنه (فعلا) قيل؛ ويحتمل أن يكون «فعالا». وتبدل ياء الواو المتطرفة لفظًا بعد واوين كـ «مقوى» في «مقوو» أو بنائك من «الغزو» مثل «عصفور» فتقول: «غزوى»: على مذهب سيبويه، ولا يعل الفراء بل يقول: «غزووو»، أو تقديرًا كمقوية، وغزوية سكنت ثانيتهما كما مثلنا؛ فإن تحركت كبنائك من «الغزو» مثل: «قمحدوة» قلت «غزوية» أصله «غزوووة» قلبت الثالثة ياء، وأدغمت الواو الأولى في الثانية، ولم تبدل، وكسرت لأجل الياء. فإن كانت لام «فعول» في جمع، فالإبدال كـ «دلى» وجاء في الجمع «أبو» بالتصحيح وقاسه الفراء؛ فإن وقعت لامًا في غير ما ذكر صحت كـ «عدو» وكبنائك «فوعلة» من «الغزو» فتقول: غوزوة، أو أفعلة «اغزوة»

ولا تعل فتقول: غوزية، ولا أغزية إلا إن كانت لام مفعول ليست عينه واوًا، ولا هو من فعل كمعدو، أو لام «أفعول» كـ «أدحو» و «أفعولة» «كأدعوة» أو (فعول) مصدرًا كـ «عتو» فالتصحيح، وأما القلب والإعلال فشاذ، وفي كلام ابن مالك ما يدل على إطراده، وإن كان التصحيح عنده أكثر، فتقول في الإعلال معدى، وإدحى، وأدعية، وعتى. أو عين (فعل)، فيطرد الإعلال، والأجود التصحيح، فإن كان مفعولاً من «فعل» فالذي ذكر أصحابنا أن الإعلال شاذ، وأن التصحيح هو القياس فتقول: «مرضو»، والإعلال عند ابن مالك أرجح، فتقول: «مرضى»؛ وإن كان من (فعل) ولامه همزة كشنئه فهو «مشنوء»، وقالوا: مشنى شذوذًا بنوه على «شنى» بإبدال الهمزة ياء، وتخيل إطراده، وإطراد ما فيه همزة على وزن (فعل) إذا بني للمفعول نحو: قوى فيعل ليس بشيء. وتبدل الياء من الواو لامًا لفعلى صفة محضة كـ «القصيا»، أو جارية مجرى

الأسماء كالدنيا «والعليا»، وشذ (الحلوى) تأنيث الأحلى، وهو من الواو بإجماع، و «القصوى» في لغة الحجاز؛ فإن كان اسمًا صح كـ «حزوى» هذا مذهب الفراء، وابن السكيت، والفارسي عن ناس من اللغويين، واختاره ابن مالك، وشيخنا بهاء الدين بن النحاس، وذهب الأكثرون إلى أن تصحيح «حزوى» شاذ، وأن القياس في الاسم الإعلال ثم لا يمثلون إلا بالدنيا، وأما قول ابن الحاجب (الغزوى) صفة تأنيث الأغزى، فتمثيل من عنده لا نقل، والقياس: «الغزيا» وقال ابن السراج: الدنيا مؤنثة مقصورة تكتب بالألف،

هذه لغة الحجاز، وتميم خاصة، وبنو تميم يلحقونها، ونظائرها بالمصادر ذوات الواو ويقولون: دنوى مثل: شروى، وكذلك يفعلون بكل «فعلى» لامها واو يفتحون أولها، ويقلبون ياءها واوًا، وأما أهل اللغة الأخرى، فيضمون، ويقلبون الواو ياء، لأنهم يستثقلون الضمة والواو، وفعلى من ذوات الياء، كبنائك من «الرمى»: «رميا» لا يغير كان اسمًا أو صفة. وتبدل الواو من الياء لامًا لفعلى اسمًا «كتقوى» و «بقوى» قياسًا مطردًا خلافًا لمن قال هو شاذ، ويقربا في الصفة كـ «خزيا» و «صديا» قيل: وشذ من الاسم «طغيا» لولد البقرة الوحشية، وقياسه «طغوى» كما قالوا في مصدر طغى طغيا، و «سعيا» اسم موضع، وأما «ريا» فادعى ابن مالك شذوذه؛ لأنه عنده اسم، وقد خالف في ذلك سيبويه والنحويين، فإنه عندهم صفة الأصل: رائحة مملوءة طيبًا؛ فإن كانت اللام واوًا فلا تغيير كان اسمًا كـ «دعوى» أو صفة كـ «شهوى» وأما (فعلى) فقال أبو الحسن: إن بنيتها من ذوات الواو والياء فلا تغيير

كان اسمًا، أو صفة فتقول: قصيا، وغزوى، وقيل أبدلوا الواو من الياء اسمًا في «فعلاء»، فقالوا: (العواء) للنجم كما أبدلوا الياء من الواو، وقالوا: «العليا» وأصله العلوى: كـ (قصوى).

فصل

فصل تبدل الألف بعد فتحة متصلة اتصالاً أصليًا من كل ياء، أو واو تحركت في الأصل، وهي لام، أو بإزاء لام غير متلوة بالألف، ولا ياء مدغمة في مثلها مثال اللام: غزا، ورمى، وعصى، ورحى، ومثال بإزاء لام أن تبنى من الغزو، والرمى مثل «درهم» فتقول: رمييى، وغزوو، فيبدلان ألفًا فتقول: رميا وغزوا، فإن لم يكونا بعد فتحة، وكانا بعد ساكن كـ «غزو»، و «رمى»، أو بعد كسرة كـ «شج» و «عم»، أو بعد ضمة كـ «أدل» و «أظب» و «سرو»، فلا إبدال إلا فعل التعجب، فتبدل ياؤه واوًا نحو: لقضو. وإن لم يتصلا نحو: ياء وواو، أو اتصلا اتصالاً عارضًا كبنائك مثل «عكمس» من الغزو، والرمى فتقول: غزو، ورمي، الأصل: غزاوو، ورمايى، وأصل عكمس: عكامس، أو لم يتحركا، كبنائك من الغزو، والرمى مثل: «قمطر» تقول: غزو، ورمى، أو تحركا لا في الأصل نحو:

يرعوى، ويرعيى حركتهما عارضة، والأصل السكون، إذ مثالهما من الصحيح: يحمر أو تليا بألف نحو: النزوان، والغليان، أو ياء مدغمة في مثلها كـ «عصوى» فلا إبدال؛ فإن صحت أو كسرت، ووليها مدة مجانسة لحركتها قلبت، ثم حذفت نحو: يغزون، ويرمون، وتغزين، وترمين مبنيًا للمفعول أصله: يغزوون، ويرميون، وتغزوين، وترميين، ونحو: فتى، وعصا مسمى بهما مذكرًا عاقلاً تقول: فتون، وعصون الأصل: فتيون، وعصوون، فيقلبان، ثم يحذفان، ولا يصحح لكون ما هي فيه واحدًا خلافًا لبعضهم مثل بناؤك من «الغزو، والرمى» مثل ملكوت، ومثل عنكبوت تقول: رموت وغزوت، [ورميوت، وغزووت أصله: رميوت، وغزووت، ورمييوت، وغزوووت [قلبتا، ثم حذفتا.

ولو بنيت من «الغزو» والرمى مثل: «عضرفوط» لقلت: غزووى، ورمييى أصله: غزوووو، ورمييوى، عمل به ما عمل في مقوى. وتعل العين المتحركة بفتحة نحو: ناب و «باب» وباع، وقام، أو كسرة نحو: رجل مال أي مول، وخاف، وهاب، أو ضمة نحو: طال، وكذا إن جاء «فعل» اسمًا بعد الفتحة بالشروط في الفعل قبله، تقلبها ألفًا إذا كانت ياء أو واوًا، فلو كانت بعد غير فتحة كضمة نحو: عيبة، ونومة، أو كسرة كـ «طيبة» و «حول» أو لم يتصلا كباين، وقاول. أو اتصل اتصالاً عارضًا كبناء [«دودم» من «القول» فتقول: قوول أصله: قواول كـ «عوارض» حذفت منه الألف كما حذفت من دودم] أو سكن ما بعدهما كـ «طويل»، «وغيور»، والخورنق والباين أو أعل نحو: «هوى» أو كان بدلاً من حرف لا يعل كـ «شيرة» أصله: شجرة،

أو كان فعلاً واويًا لا يائيًا نحو ابتاعوا، واستافوا على افتعل بمعنى تفاعل نحو: اجتوروا، واعتونوا بمعنى: تجاوروا، وتعاونوا، أو «فعل» بمعنى «افعل» كـ «عور»، و «صيد»، و «سود»، وبيض، وكذا «غيد». أو متصرفًا منهما كـ «مجتور»، و «أعور» أو اسمًا ختم بزيادة تخرجه عن صورة فعل خال من علامة تثنية أو موصول بها نحو: الجولان، والسيلان، لم تعل الواو والياء، خلافًا للمبرد، في هذا الاسم، فزعم أن الإعلال هو القياس، وعليه جاء: داران، وحادان، وهامان وذهب سيبويه،

والمازني إلى أن الإعلال لا يطرد، والتصحيح أكثر؛ فإن لم تخرجه أعل نحو: قالة، وحاكة، لحقت تاء التأنيث كما لحقت الفعل في قالت، وباعت، بخلاف الألف والنون فلا يلحقان الفعل. وإن أخرجته عن صورة «فعل» موصول بعلامة التثنية كأن تبنى من «القول والبيع» اسمًا على (وزن) فعلى كـ «صورى»، و «حيدى»، فمذهب سيبويه أنه يصح فتقول: قولي، وبيعى قياسًأ على «صورى، وحيدى»، ومذهب الأخفش أن تصحيح هذين شاذ، ويعل فتقول: قالى، وباعى، ولو بنيت مثل «قربوس» لم تعل، فتقول: قولول، وبيعوع؛ إذ هو أشد مباينة للفعل من «فعلان» و «فعلى». وأما إعلال «عور» وقولهم فيه عار، فقال السيرافي: لم يذهب به مذهب أفعل، وقيل هو شذوذ، كما شذوا في تصحيح «روح»، وغيب، وخونة، وحوكة

وحول، وشول، وصوف الكبش، وسوقت المرأة، وجوف الرجل، وفوق السهم، وهيؤ، وعفوة جمع عفو، وهو الجحش نقله أبو زيد، وأوو جمع «أوة» وهو الداهية نقله الشيباني. فأما «آية» فذهب الكسائي، إلى أن وزنها: فاعلة، فأصلها «آيية» حذفت العين فصارت «آية» وذهب الخليل إلى أن أصلها: «أيية» أعلت العين، وكان القياس صحتها، وإعلال اللام، فعكسوا فوزنها: «فعلة» وألفها منقلبة عن ياء، وكذا غاية، وراية كقولهم: أييت، وتأبى، وآيية،

وغييت وأغييت، وريينا ترية كتحية، وذهب ابن جني إلى أن ألفها منقلبة عن واو من رويته ومن «غوى». وذهب الفراء إلى أن وزنها «فعلة» أبدلوا من الياء الساكنة ألفًا كما قالوا: صابة، وثابة في «صوبة وثوبة»، ويظهر أنه قول سيبويه، وقيل وزنها «فعلة» أصلها: أيية كسمرة تحركت وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفًا، وصحت الياء بعدها، وقيل وزنها «فعلة» كـ «نبقة»، وقيل أصلها «أياة» وهو من المقلوب على واجب القياس كـ «حياة»، ثم قلبت لامه في موضع عينه كأنيق. ويطرد إبدال فاء افتعل مما هي فيه واوًا، أو ياء على حسب الحركة قبلها، فتقول: «ايتعد»، و «ايتسر»، و «ايتعدوا»، و «ايتسروا»، و «ايتعادًا»، و «ايتسارًا»، و «ياتعد»، و «ياتسر»، و «موتعد»، و «موتسر»، فأبهم ابن عصفور من هذه لغته، ونص ابن مالك على أنها لغة لبعض الحجازيين، وابن الخشاب أنها للحجاز، قال: وعلى أنها للحجاز، جاء القرآن على لغة غيرهم، وفي كلام الشافعي: ياتطها.

واطرد إبدال (الواو) ألفًا في جمع فاؤه (واو) على وزن أفعال عند بني تميم يقولون: آلاد، وآثان في «أولاد، وأوثان»، وتقلب طييئ الياء (الكائنة) لامًا المكسور ما قبلها ألفًا، فيفتح ما قبلهما وذلك على الجواز في أصلين، أحدهما: الفعل الماضي الثلاثي المجرد نحو: بقى، ورضى فيقولون: «بقا، ورضا» وحكمه إن بني للمفعول حكمه إن بني للفاعل في الحذف كما قال: ................... «..... ززبنت على الكرم [وفي العود إلى الأصل تقول: المنزلان بنيا وزهيا] كما قال: بنيا، وزهوا. الأصل الثاني: ما كان على فاعلة نحو: الجارية، والناصية، وكاسية، وبادية، قالوا: الجاراة، والناصاة، والكاساة، والباداة، وقالوا في الأودية جمع واد: الأوداة، وينبغي أن لا يقاس عليه نظيره في الوزن كالأدهية، والأكسية؛ لأنه لم يكثر كما

كثر في فاعلة، وغير طيئ لا يجيز ذلك إلا في ما كان من المجموع على مثال «مفاعل» نحو: «معايى» جمع «معيية»، و «مدارى» جمع «مدرى» يقولون: معايا، ومدارى وقول ابن مالك في رأيت الراضي: الراضا عن طيئ ليس بمنقول عنهم، ولا عن غيرهم، ولا مقول لنحوى، بل نصوا على منع ذلك، ولا يجوز ذلك في «لن يرمى» فتقول لن يرما، فأما مثل «استدنى» فلا أحفظ القلب فيه بل في الثلاثي المجرد.

فصل

فصل إذا كانت الياء، والواو عينى «فعل تعجب» نحو: ما أطول، وما أبين، أو «فعل» بمعنى «أفعل» كـ «عور»، و «صيد»، و «أود» العود، وإن لم يسمع إيود، أو مصرف عنهما نحو: يعور، ويصيد، واعوار، أو عين اسم لا يوافق المضارع في وزنه الشائع دون زيادته نحو: مقيل؛ أو جاء على «فعل» مصحح نحو مقاول، ومعاين: صحتا. فإن وافق حركة، وسكونًا، وزيادة كـ «يزيد» فهو منقول من الفعل، أو وافق فيهما لا في الزيادة كـ «مقيم» و «مبين» و «مقام» و «منال» و «مبيعة» مفعلة من البيع، وكذا «مفعلة» على مذهب سيبويه، ويقول الأخفش: «مبوعة» أعل. وسيبويه يقول في مثل: «مسعط» «مبيع» والأخفش: «مبوع» ويعنون بالموافقة في الحركات جنسها لا خصوصية كل حركة حركة. وإذا وافق الاسم المضارع في الزيادة والحركات والوزن نحو: أسود

وأبيض، أو بنى على «يفعل»، و «يفعل» من «القول» و «البيع» قلت: يقول ويبيع، وكذا تقول، وتبيع، أو ألحقت التاء كتدورة، وتقولة، وتبيعة، أو ياء النسب كـ «أحيلى»، أو ألفى التأنيث كـ «أهوناء» و «أبيناء»، أو الألف والنون المشبهين بهما كـ «أبيضان» و «أرويان»، لم يعل شيء منها. وشذ قول بعضهم: «أفيقة» وقياس «أفوقة» جمع «فواق»، وقياسه التصحيح كـ «أسودة» وأبيناء، فأعل، وإن خالفه في الوزن أعل، خلافًا للمبرد كأن تبنى من القول والبيع مثل: «تحلئ» فتقول: «تقيل، وتبيع» ومنهما مثل: تنفل: تقول، وتبيع على مذهب سيبويه، وتبوع على مذهب أبي الحسن ويصحح المبرد في هذا فيقول: تقول وكذا في الباقي. والثلاثي المجرد من الزيادة إذا لم يكن على وزن الفعل يصح حرف العلة فيه باتفقا نحو: بيع، وصور، وصيد، و «قول» بناء مثل: «إبل» من القول، وشذ مقودة، ومصيدة، ومبولة، ومطيبة

ومثوبة، وكذا مدين، ومزيد، ومريم، ومكوزة عند الجماعة، خلافًا للمبرد، فإنها عنده جارية على القياس. وإذا كانا عينى «فعل» غير ما ذكر أولاً؛ وكان الساكن حرف لين كـ «بايع» وطاوع، وقوم، وصير، أو همزة كـ «يأيس» مضارع «أيس»، أو اعتلت لامًا كـ «أعيا، وأغوى، واستحيا، واستفوى»، أو مضاعفًا: كـ «ابيض واسود»، واسواد، وابياض، فلا إعلال، وكذا مضارعها، واسم فاعلها، واسم مفعولها، ومصادرها أو غير ذلك كـ «أقام» وأبان، واستقام، واستبان، ومضارعها واسم فاعلها، واسم مفعولها ومصادرها، ويقوم، ويبيع، ويقام، ويباع ويهاب، ويخاف أعل. ونقلت حركته إلى ما قبله وأبدل من العين مدة تجانس الحركة: إن لم تكنها؛ فإن كانتها فالنقل نحو: يقوم ويبيع، وصح في «مخيط» و «مقول» لأنهما مقصوران من «مخياط» و «مقوال»، وقال ابن مالك لشبهها بمغوار، ومهياب. وتحذف الواو من مفعول ما اعتلت عينه، وينقل إلى ما يليه الحركة نحو: مقول، ومبيع. ومذهب أبي الحسن: أن المحذوف عين الكلمة نقلت الضمة، وقلبت كسرة لتصح الياء، فالتقى ساكنان الياء والواو فحذفت الياء، وقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها.

ومذهب الخليل، وسيبويه: أن المحذوف واو المدة فأصل نحو: مبيع مبيوع نقلت الحركة، فالتقت الياء والواو ساكنين، فحذفت الواو، فبقى: مبيع، فكسر ما قبل الياء لتصح: وصمرة الخلاف أنه إذا خففت «مسوء» على مذهبهما قيل «مسو» بالتخفيف كما تقول: خب، وعلى مذهب أبي الحسن: مسو بالتشديد كما تقول مقرو. والإتمام في ذوات الواو يحفظ عن البصريين، وعن الكسائي أن بني يربوع، وبني عقيل يقولون: حلى مصووغ، وعنبر مدووف، وثوب مصوون، وفرس مقوود، وقول مقوول، فالظاهر أنها لغة لهؤلاء، وقاس عليه الكسائي، والمبرد في نقل أبي الفتح عنه. وقال المبرد في تصريفه: البصريون لا يقيسون إتمام ذوات الواو في الضرورة ويجوز ذلك عندي في الضرورة، وحكى الجوهري أن بعض النحويين يقيسه، وأن ذلك لغة لبعض العرب.

وأما الإتمام في ذوات الياء فنحو قولهم: مغيوم، ومعيون، وتفاحة مطيوبة، وهي لغة لتميم، وقال سيبويه: «وبعض العرب يخرجه على الأصل فيقول: مخيوط، ومبيوع» ونص الجوهري على أنها لغة لبعض العرب مقيسة، وزعم المبرد أنهم إنما ردوه إلى الأصل في الضرورة ولم يجعله قياسًا، فألف إفعال في نحو أقام، واستقام وأصلهما إقوام، واستقوام هي المحذوفة عند الخليل وسيبويه، وعين الكلمة هي المحذوفة عند الأخفش. ويعوض من المحذوف هاء التأنيث في الأكثر فيقال: إقامة، واستقامة، وإبانة، واستبانة، وجاء مصححًا ومعلا: أجود إجوادًا، وأغيمت السماء إغيامًا وأغيلت المرأة إغيالاً، وأطيب، وأطول، وأخيلت، واستغول الصبي،

واستروح الريح، ومحصصًا: أعول إعوالاً، واستحوذ، واستنوق الجمل استنواقًا، واستصوب رأيه، واستتيست الشاة، ومذهب الجمهور أنه لا ينقاس ما جاء مصححًا، وقاس عليه أبو زيد، وحكى عنه الجوهري أنه حكى عنهم تصحيح «أفعل» و «استفعل» تصحيحًا مطردًا في الباب كله، وقال الجوهري أيضًا: تصحيح هذه الأشياء لغة صحيحة فصيحة، وأحدث ابن مالك قولاً ثالثًا وهو أنه يقيس إذا أهمل الثلاثي. وتبدل التاء: من فاء الافتعال، وفروعه إن كانت واوًا، أو ياء غير بدل من همزة فتقول: اتعد يتعد متعد متعد اتعادًا، وكذلك اتسر يتسر متسر متسر اتسارًا، قالوا: والبدل في «اتعد» إنما هو من الياء، لأن الواو لا تثبت مع الكسرة في «اتعاد» وفي «اتعد» وحمل المضارع، واسم الفاعل واسم المفعول منها على الماضي والمصدر، وتقدمت لغة الحجاز في مثل هذا.

وحكى الجرمي: أن العرب من يقول: ائتسر، وائتعد بالهمز، وهو غريب. فإن كانت الياء بدلاً من همزة «كافتعل» من «الأزر» فلا تبدل تاء بل تقرها على ما يقتضيه التصريف فتقول: إيتزر، وأاتز، ومؤتزر، ومؤتزربه، وأجاز البغداديون إبدالها تاء فتقول: «اتزر» ومنه عندهم «اتخذ»، وحكوا: اتمن، وتصاريفه بالتاء من الأمانة، و «اتهل» من الأهل. وقال الفارسي: هو خطأ في الرواية: فإن صحت فإنما سمع من قوم غير فصحاء لا يؤخذ بلغتهم، ولم يحكه سيبويه، ولا الأئمة المتقدمون العارفون بالصنعة. وتبدل تاء الافتعال وفروعه ثاءً بعد الثاء كـ «اثرد»، أو تدغم الثاء فيها كـ «اترد»، أو تظهر كـ «اثترد» ودالاً بعد الدال كـ «ادلج» والذال كـ «اذدكر»، فيظهران، أو تدغم الذال في الدال كـ «ادكر»، والزاي كـ «ازدجر»، أو تدغم كـ «ازجر»، وطاء بعد الطاء كـ «اطلب»، والظاء كـ «اظلم»، وتقلب إلى الظاء، أو تظهر كـ «اظطلم»، أو الصاد كـ «اصطبر»، أو تدغم

وتقلب كـ «اصبر» أو الضاد كـ «اضطجع» أو تقلب إلى الضاد، وتدغم كـ «اضجع» أو الضاد غليها كـ «اطجع». قال سيبويه: وقد قال بعضهم: «مطجع» في «مضطجع» و «مضجع» أكثر، قال ابن هشام: حكى «اطجع» وهو نادر شاذ، والقياس: التبيين أو «اضجع» برد الطاء إلى الضاد، وقد استثقل بعضهم اجتماع الضاد والطاء، فأبدل من الضاد لامًا، كما أبدل بعضهم الضاد من اللام فقال: اضتقطت النوى يريد التقطت، وقالوا أيضًا: استقطته بالسين، وقالوا: اسمع في استمع قلبوا التاء سينًا وأدغموا، وقد تجعل دالاً بعد الجيم قالوا: اجدمعوا في اجتمعوا، واجز في اجتز فلا يقال عليه، فيقال في اجترح اجدرح، وفي بعض تصانيف ابن مالك ما يدل على أنه لغة لبعض العرب.

فصل

فصل في الإبدال من الحروف الصحيحة غير الهمزة إذ تقدم حكمها، وحكم حروف العلة، فمن المسموع الإبدال من ثالث الأمثال نحو: تقصيت من القصة وأصله: تقصصت. تقضي البازي أصله: تقضض قاله أبو عبيدة، والأصمعي، وقال أبو الفتح، ويجوز أن يكون من قضى بمعنى عمل، وقصيت أظفاري أصله قصصت، وقال ابن جني، وابن السيد: فعلت من أقاصي الشيء [فالياء منقلبة عن واو، لظهروها في القصوى] فوزنه: فعلت. (وتكموا) أصله تكمموا أبدلت ياء وانحذفت، وقال أبو الفتح: يحتمل أن يكون من كميت الشيء إذا سترته

ومنه الكمي، ولم يتسن هو من قولهم مسنون، وتلعيت من اللعاع، ومعمية قال ابن الأعرابي أي معممة أبدل من الميم ياء، وقال أبو الفتح: يجوز أن يكون من العمى ولبب قيل: الباء بدل من الياء قيل أصله: لبيت، وقال ابن جني: وغيره هو مبني من لبيك جاءوا به بحروفه فالياء ياء التثنية على مذهب سيبويه. وصدى أصله صدد ومكاكي الأصل مكاكيك جمع مكوك، و «دساها» قال ابن السيد الأصل: دسها، وتسريت من السرية، واشتقاقها من السرور، فعلى هذا أصل الفعل: تسررت وقيل لام

الفعل واو أبدلت منها الياء وأصله من السرو وقيل: ياء من السرى ووزنه على هذه الأقوال: تفعل. وقيل: يحتمل أن يكون تفعلى فالألف ليست بدلاً من راء، ولا واو، ولا ياء بل تكون انقلبت ياء كهى في تجعبى. وتظنيت قال الجمهور: أصله تظننت من الظن، ويحتمل أن يكون: تفعليت مثل: تقلسيت الألف فيها للإلحاق لا بدل من نون، والإبدال من ثاني المثلين كـ «انتميت» أي: انتممت، ويظهر من كلام ابن عصفور أن ذلك في الشعر، ومن كلام ابن مالك أن ذلك في الكلام، وقالوا: لا وربيك أي وربك، و «أمليت»، أي أمللت، ولا يبعد أن يكونا أصلين، و: ................ «.......... تنسلى في قول امرئ القيس قالوا: أصله تنسلل.

[وتصدية] ذهب الجمهور، وأبو عبيدة إلى أن أصله: تصددة، وأبو جعر الرستمي إلى أنه من الصدى، والدياجي أصله الدياجيج جمع ديجوج، والإبدال من أول المثلين: «أيما» في أما وإيما في إما وفي رز: رنز في لغة عبد القيس، أجاز بعضهم أن تكون النون بدلاً من الزاي كما أبدلوها من الجيم في إجاص قالوا: إنجاص انتهى. وفي كتاب التصريف، لأبي العلاء المعري: «قال قوم: أن من العرب من يبدل من أول المدغم المضعف نونًا، فيقولون في حظ: حنظ انتهى»، و «ديماس» أصله دماس في قول من جمع دماميس كذا قال

سيبويه، وقال غيره من قال ديماس: قال ديامس، ومن قال: دماس قال: دماميس، و «ديباج» أبدلت على اللزوم والأصل: دباج، والجمع دبابيج و «قيراط» كذلك قالوا: قراريط وأصله: قراط و «شيراز» جمع شراريز، حكاه أبو الحسن، فالياء بدل من راء، و «شواريز»، فالياء في المفرد بدل من واو، فوزنه «فوعال»، وهو بناء لم يثبته سيبويه وزعم أبو الحسن أن وزنه «فعلال» من بنات الأربعة، والياء بدل من واو. و «دينار» أصله دنار وجمعه دنانير و «ايتصلت في اتصلت» ودهديت

أصله دهدهت، وصهصيت أصله: صهصهت، أي «قلت له صه صه، ويحتمل أن يكون صهصى مثل سلقى، وأناسى أصله أناسين، وزعم ابن عصفور أن البدل في أناسى لازم، وقد قالوا: أناسين فليس بلازم، ولو قيل أناسى جمع إنسى، و «أناسين» جمع إنسان لكان قولاً سالمًا من إدعاء البدل، وقالوا: أناسية كما قالوا: زنادقة، وقالوا: إيسان وأياسين بإبدال النون الأولى ياء، وهي لغة طيئ قاله الفراء». و «ظرابى» جمع ظربان، أبدلوا من النون ياء على جهة اللزوم، ويجوز أن يكون جمع ظربى لغة في ظربان كما قالوا صحرى، وصحارى، فيكون بدلاً من همزة التأنيث، وقالوا: ضفادى في ضفادع، والقرى في القرع. قال ابن الأعرابي: قال بعض العرب: اشتهى آكل من القرى ما يكفيني،

و «أراني» في أرانب وثعالى، وقال أبو الفتح: يجوز أن يكون جمع ثعالة وقلبت، والسادي، والخامي، والثالي في: السادس، والخامس، والثالث والحروف التي أبدلت منها الياء في هذا الفصل، وفيما تقدم من الواو والألف والهمزة ثمانية عشر حرفًا.

وأبدلت الياء، أيضًا من الهمزة بغير إطراد في، قرأت، وتوضأت، وأعصر، وواجئ، وهادئ، قالوا: قريت، وتوضيت، ويعصر، وواجى، وهادي في الشعر. وربما أبدل من حروف اللين تضعيف ما قبله قالوا: أب، وأخ، ودم، والأصل: أبو، وأخو، ودمو، وبعض تميم تبدل من تاء لمتكلم، أو مخاطب طاء بعد طاء، وظاء أو صاد، وضاد نحو: خبط، وحفظط، وفحصط، وخضط وبعد الزاي، والدال دالاً: فزد، وجلد في «فزت، وجلدت». وأبدلت التاء من الواو في تراث، وتجاه، وتقية، وتقوى، وتقاة، وتهمة،

وتخمة، وتكأة، وتكلة، وتكلان، وتيقور، وتالد، وتليد، وتلاد، وتترى، وأتلجه، وأتكأه، وما تصرف منها من الوراثة، والوجه، والوقاية، والوهم، والوخم، والتوكى، والتوكل، والوقار، والولد، والمواترة، والولوج، فلو بنيت من «الوعد» مثل فعلة فقال الزجاج تقول: تعدة كتخمة، وقال الأخفش: وعدة، وهو القياس. فأما توراة فعند البصريين التاء بدل من الواو، ووزنها فوعلة، من «ورى الزند» وعند الفراء وزنها تفعلة كـ «توصية» أبدلت كسرة العين فتحة، والياء ألفًا كما قالوا في ناصية ناصاة قال الزجاج: كأنه يجيز في توصية: توصاة، وهذا غير مسموع، وذهب بعض الكوفيين إلى أن وزنها «تفعلة» بفتح العين من وريت بك زنادى، و «تولج» التاء عندنا بدل من الواو، وأصله: «وولج» ووزنه فوعل عند البصريين، وتفعل عند الكوفيين، و «توأم» عند الخليل أصله الواو، والتاء بدل

منها، وأصله ووأم من الوئام وهو الوفاق، وغيره جعله مركبًا من تأم، فالتاء أصل كهى فيما انقلب من هذه المادة والمأتم، والأمت وكله يئول إلى معنى الاجتماع. فأما تاء القسم نحو: تالله، فقيل بدل من الواو، وهو قول الجمهور، وقال قطرب وغيره: هو حرف مستقل غير بدل، وأبدلت التاء من الواو لامًا في: «أخت»، و «بنت»، و «هنت»، من الأخوة والبنوة والهنوات، و «كلتا» التاء عندنا بدل من الواو، و «است» التاء بدل من ياء، والياء بدل من الواو، وأبدلت التاء من الياء في ثنتين من ثنيت، وفي كيت وكيت، و «ذيت وذيت»، وقد نطقوا

بالأصل فقالوا: كية، وذية ومن السين لزومًا في ست أصله: سدس، وجوازًا في النات، والأست، والأكيات، والطست، والأصل: الناس، والأس، والأكياس، والطس. وحكى أبو يعلى المنقري في كتابه الأصمعي قال: قال أبو عمرو: ولغة قضاعة تجعل مكان السين تاء تقول: أعوذ برب النات ملك النات، لأن مخرج السين والتاء واحد، ومن الصاد في لصت ولصوت والأصل: لص ولصوص،

وتبدل الهاء من تاء التأنيث في الوقف في نحو: طلحة، ومن تاء الجمع في لغة طيئ وقفًا نحو: الأخواه، والبناة في «الأخوات والبنات». [قيل: قد تبدل التاء منها في نعمت في الوقف] قيل: وقد تبدل الميم من النون الساكنة وجوبًا في نحو: «عنبر»، و [أن بورك]، وعن الفراء يخفى عندها، ومنها جوازًا في حنظل، وأنغرت الشاة، والبنان، [قيل]، وفي «طانه الله على الخير» فقالوا:

حمظل، وأمغرت الشاة، والبنام، وطامه، ودعوة من جعل «طانه» أصلا، وأنهم قالوا «يطين» ولم يقولوا: «يطيم» خطأ، وقد حكاه يعقوب، وكلاهما أصل. وأبدلت النون من الميم قالوا في أيم: أين، وأصل: أيم: أيم فخفف، وقد نطق به مشددًا، (فأما أسود) قاتم فحكى الشيباني فيه (قاتن) بالنون بدلاً من الميم، وقال ابن جني: يجوز أن يكون فاعلاً من قوله: ................. «بدرتها قرى حجن قتين أي ضئيل وتبدل الصاد من السين جوازًا على لغة بني العنبر إن وليها غين، أو خاء، أو قاف أو طاء تقول في سغب، وسخر، وسقر، وسطع: صغب، وصخر، وصقر، وصطع؛ فإن فصل حرف نحو: «أسبغ» أو حرفان نحو السراط، أو ثلاثة نحو:

«مساليخ» فكذلك تقول: أصبغ، والصراط، و «مصاليخ» وإن سكنت السين ووليتها دال نحو أسدل، ويسدل فقيل يجوز أن تبدل زايا محضة، وقيل: يضارع بها الزاي، ولا تخلص زايًا، والقولان مستخرجان من كتاب سيبويه على حسب اختلاف ما ثبت في الرباعية، وما ثبت عند السيرافي. فلو تحركت السين ووليها قاف، فلغة كلب إبدالها زايًا يقولون في «سقر»: «زقر»، وربما أبدلت زايًا بعد جيم، أو راء نحو: جزت، ورزت، في «جست ورست»؛ وإن سكن قبل دال صاد أو جيم أو شين نحو: يصدر وأجدر، وأشدق، جاز أن يضارع بالصاد، والجيم والشين والزاي، ويجوز إخلاصها في الصاد فتقول: مزدر في «مصدر» وهي لغة كلب، وكعب، وعذرة، وبني القيس، وقال سيبويه: سمعت العرب الفصحاء يجعلونها زايًا خالصًا وذلك قولك في التصدير: التزدير، وفي الفصد: الفزد، وفي «أصدرت: أزدرت»، فإن تحركت الصاد قبل الذال جازت المضارعة، قال سيبويه: ربما ضارعوا بها،

وهي بعيدة نحو: مصادر والصراط، انتهى، وقيل: ولا يجوز الإبدال إلا فيما سمع حكى: زراط في «صراط»، ولا يجوز في فصد: فزد؛ فإن سكنت الصاد جاز قالوا: (لم يحرم من فصد له).

فصل

فصل وقع التكافؤ في الإبدال بين الطاء، والدال، والتاء نحو: الإبعاط في الإبعاد، و «فحصط» في «فحصت»، والمريدي في «المريطى»، واجدمعوا في «اجتمعوا»، و «فستاط»، في «فسطاط»، و «تربوت» في قولهم: «ناقة دربوت» من الدربة، وتقدم مذهب سيبويه فيه. وبين الباء والميم «ما زال راتمًا على كذا» أي: راتبًا، وجعله ابن جني من الرتيمة، ورد عليه.

وباسمك أي «ما اسمك». وبين الثاء والفاء: فم في «ثم»، ومغثور في «مغفور». وبين اللام، والراء: «الشلخ» في «الشرخ»، و «نثرة في نثلة». وبين النون، واللام: «لعن» في «لعل»، و «أصيلال» في «أصيلان». وبين العين، والحاء: «صبع» في «صبح»، و «ريع» في «ريح». وبين الغين والخاء: «غطر» بيديه بمعنى «خطر»، و «الأخن» في «الأغن».

وبين الضاد، واللام: رجل «جضد» في «جلد» و «الطجع» في «اضطجع». وبين الذال والثاء: «الجثوة» في «الجذوة»، و «تلعذم» في «تلعثم». وبين الباء والفاء: خذه بإفانه أي «بإبانه» و «البسكل» في «الفسكل». وبين الجيم والياء: «لا أفعل ذلك جدا الدهر» أي: «يدا الدهر»، و «الدياجي» في «الدياجيج»، وتميم تقول: صهري في صهريج، وصهارى في صهاريج، والياء إن كانت مشددة وطيئ تبدلها جيمًا أو مخففة في (بنو دبير)

فقط يبدلونها جيما فتقول: هذا غلامج، وهذه دارج، قيل: والإبدال من المشددة مطرد ومن المخففة لا يطرد انتهى. وقد كثر في المشددة قالوا: كندج، وعلج، وعشج، وبرنج، ومرج، وصيصج، وفقيمج، وصمج، وصهابج، والإجل، وقالوا في الخفيفة

حجتج، وبج، وفرتج، وأمسجت، وشيرة. وقال سيبويه «وأما ناس من بني سعد، فإنهم يبدلون الجيم مكان الياء في الوقف» وقال أبو زيد، والفراء: من العرب من يبدلها في الوقف جيمًا، وقال الجوهري: قضاعة يحولون الياء جيمًا مع العين فيقولون: هذا راعج معج أي راع معي. قيل وربما أبدلت الميم من الواو، وقالوا: فم والأصل: فوة، وقيل:

الميم بدل من الهاء الموجودة في أفواه وقلب من فوه إلى فهو، وحذفوا اللام، وأبدلوا الميم من الهاء قاله أبو الحسن، وقيل بدل من الهاء، وعين الكلمة محذوفة، وقيل: عوض من الهاء والواو معًا، وقد تبدل من الهاء الحاء بعد حاء، أو عين نحو: «امدح حلالاً»، و «ذهب محم» أي «هلالاً ومعهم»، والشين من الجيم قالوا: في «مدمج»: «مدمش»، ومن كاف المؤنثة قالوا: «أكرمتكش» في «أكرمتك» ومن السين قالوا جعشوش في: «جعسوس». وإذا سكنت الجيم قبل دال نحو: «أجدر» جاز أن تشاب بالشين وقيل بل بالزاي لا بالشين، وأبدلت الهاء وقفًا من ألف «أنا» «وحيهلا» وهنا قالوا: أنه، وحيهلة، وهنه، ويجوز أن تكون هاء السكت وألف ما الاستفهامية في قوله:

إن لم أروها فمه وزعم أبو الفتح أنه يجوز أن تكون «مه» هنا اسم فعل، ومن ياء «هذى» قالوا: هذه، وقد تبدل منها في الوصل، وياء «هنية» قالوا: هنيهة وقد عوضت الهاء، والسين، من سلامة العين في «أهراق» وفيما أبدل من همزة هاء، واسطاع وتقدم ذلك.

فصل

فصل القلب يقال باصطلاحين: أحدهما: تصيير حرف العلة إلى حرف علة آخر وتقدم ذلك، والثاني تصيير حرف مكان حرف بالتقديم والتأخير، وهذا هو الذي نتكلم فيه في هذا الفصل، وهو على قسمين: قسم قلب للضرورة وقسم قلب توسعًا، وهذا كثير وضعت فيه كتب، وهو في المعتل والمهموز كثير وفي غيرهما قليل نحو «رعملى» في «لعمرى» وفي الواو أكثر منه في الياء نحو: «شاك» وأينق، فمن تقديم الآخر لامًا، والمتلو عينًأ «راء» في «رأي»، و «ناء» في «نأى» ومصدرة: النأى على الأصل و «هار» و «شاك»، و «الأولى» في «الأوايل» وشواع في «شوائع»، و «أيامى» في «أيائم». أو حرفًا زائدًا «ترايق» في «ترقوة» وأصله تراقى، وهذا أكثر من تقديم متلو الآخر على العين نحو «حوباء» أصله «حبواء»، و «ميدان» فيمن جعله مأخوذًا من المدى، وتقديم العين على الفاء نحو «أيس» في «يئس»، و «جاه»، و «قاه» وأصله: وجه، ويقه و «آبار» في «أبار»، و «آرام»،

وأرآم، و «آدر» في «أدؤر»، و «أينق» فيه قلب وإبدال، وفيه قولان: أحدهما: أن وزنه «أعفل» والآخر: حذفت الواو، وعوض منها الياء، فوزنه «أيفل»، وقيل فيه قلب ثم إبدال ثم قلب صار: «أنقو» ثم «أنقى» ثم «أينق»، وحكى ابن السكيت: «أونق» عن بعض طيئ. وجاء بتقديم اللام على الفاء في «أشياء» في مذهب سيبويه أصله «شيئاء» كطرفاء، وبتأخير الفاء عن العين واللام في «حادى»، و «طاوى» والأصل «واحد» و «واطد»، فأما: «جاء وشاء» ونحوهما من اسم الفاعل، فمذهب سيبويه أن أصله جايئ ثم جائئ أبدلت الأخيرة ياء فصار «جائى» ثم جاء [ومذهب الخليل أن أصله «جائى» ثم قلب، فصار «جايئ» ثم جاء] وكلا القولين حسن، ورجح الفارسي مذهب الخليل، وجمع «جائية»:

(جواء) والعمل فيه على المذهبين، وكذا جمع «مجئ» وفي جمع «فعالى» من المجيء جيايا. وأما «خطايا» فمذهب الفراء أنه جاء على «فعالى» ولا قلب فيه، ولا هو على وزن فعائل، وهو مذهب الخليل وبعض الكوفيين وقلب، ومذهب البصريين غير الخليل أنه فعائل، ولا قلب فيه. وقالت العرب في «حشية»: حشايا، و «هراوة» وهراوى، وزعم النحاة: أنه جمع على فعائل، والذي نختاره فيهما ما قاله الفراء في «خطايا». ويعرف القلب والأصالة بكون أحد اللفظين أكثر استعمالاً نحو: لعمري ورعملي، ويكون التصريف على نظم واحد دون الآخر، كشوائع وشواع، قالوا: شاع ولم يقولوا: شعًا ويكون أحدهما مجردًا من الزوائد، والآخر مزيدًا كطأمن، اطمأن والهمزة قبل الميم في مذهب سيبويه، وبعدها في مذهب الجرمي، وفي كتاب القاسم الصفار: الخلاف بين سيبويه والجرمي بعكس ما ذكرنا وهو وهم، ويكون أحدهما فيه حكم يشهد بقلب الآخر كأيس ويئس؛ فإن انتفى ما يعرف به القلب فيهما فهما أصلان كجبذ وجذب.

باب الإدغام

باب الإدغام هو لغة الإدخال، واصطلاحًا: رفع اللسان بالحرفين دفعة واحدة، والوضع بهما موضعًا واحدًا، إذا التقى المثلان في كلمة، والأول ساكن وكانا همزتين، والأولى تلي الفاء، فالإدغام نحو: سأال، أو غيرهما كقمطر من «قرأ» فلا إدغام، بل تبدل الثانية ياء، فتقول: قرأى، أو غير همزتين، والأولى مدة في غير آخر كـ «مغزوو» فالإدغام تقول: مغزو؛ إلا إن كانت مبدلة من غيرها دون لزوم كـ «فوعل» من «قاول» ومن فعول وفوعل، فالإظهار وجوبًا نحو: «قوول» لإلباسه لو أدغم «بفعل» فإن لم يلبس جاز نحو: «وربيا» في الوقف لحمزة، فيدغم فيقول: «وريا» أو تفك فتقول: (وربيا). فإن لزم البدل فالإدغام، كأن تبنى من (الأوب) اسمًا على وزن «أبلم» فتقول: أوب، أو متحرك بفتحة في اسم، فالإظهار نحو: «طلل» أو في

«فعل» فالإدغام كانت حركة الثاني فتحة كرد، أو كسرة «كسف» أو ضمة كـ «لب» وكذا «فعل» و «فعل» اسمان تقول فيهما رد، خلافًا لابن كيسان، فإنه يوجب الفك، فيقول: «ردد» و «وردد»، وشذ الفك في «صكك» ولحح و «قطط»، وألل، و «ضبب» و «مشش»، ومن الاسم: «ضفف»، وقصص، و «محبب»، و «شملل»، وفي الشعر: «الأجلل»، و «أظلل».

فإن تصدر المثلان أصلين أول كلمة، ففي الاسم نحو: «ددن» لا في الفعل، أو الثاني زائد نحو «تتذكر» فلا إدغام، ويجوز حذف الثانية على مذهب البصريين والأولى على مذهب الكوفيين، أو أصل، وأدى إلى اجتلاب همزة الوصل في المضارع نحو: «تتابع» فلا يجوز الإدغام، والمحذوف الثانية أي تتابع وتتبع، جاز الإظهار وجاز الإدغام، باجتلاب همزة الوصل فتقول: اتابع واتبع. أو كان مضارعًا لا يحتاج إلى همزة الوصل جاز الإدغام كقراءة [ولا تناجوا] قال سيبويه «إن شئت أسكنت الأولى للمد، وإن شئت أخفيت وكان بزنته متحركًا انتهى» ويعني بالإخفاء اختلاس الحركة، وقال غيره بعد مدة نحو: [ولا تيمموا] أو حركة نحو: [تكاد تميز] ويمنع من الإدغام أن يسبقهما مزيد للإلحاق نحو: «ألندد»، أو يعرض التحريك في ثانيهما: نحو: لن يحيى، واردد القوم، أو يدغم في أولهما نحو

مردد، أو يكون أحدهما للإلحاق نحو: قردد. وتقول في (فعلول) من «الرد»: «رددود»، وفي «فعليل»: «ردديد»، وفي «افعللت» من «الرد» ارددت، تجعل حكم الدالين الأولين حكم تاء افتعل في جواز الإظهار والإدغام، وإذا بنيت من «الرد» على وزن «اقشعر» على قول أبي الحسن قلت: «اردددت»، وبغير الضمير: «ارددد» وعلى قول المازني «ارددد»، وإن بنيت منه مثل «اغدودن» قلت: «اردود» وتقدم قول المعري: أنه يفك فتقول: «اردودد» ومثل «دمكمك»: «رددد» ومثل «دحرج»: رددد. ويمنع من الإدغام أيضًا أن يوازن ما هما فيه بجملته فعلا: كـ «طلل»، و «فعل» كـ «درر» وفعل كـ «درر» و «فعل» كـ «شلل»، أو مصدره كـ «شجن»، وخششاء، والدججان؛ فتاء التأنيث وعلامة التثنية،

وجمع السلامة، وياء النسب، والألف والنون المزيدتان، وألف التأنيث زيادة كلا زيادة، فلو بنيت من الرد فعلان قلت: رددان هذا مذهب الخليل وسيبويه، وذهب الأخفش إلى الإدغام فتقول ردان، وفعلان كظربان وفعلان كسبعان، فمذهبه الفك والإدغام، ومثل: إبل قلت: ردد، أو مثل دئل قلت: ردد بالفك، ومن رأى فعل أصلاً في الفعل ينبغي أن يدغم فيقول: رد، وفي مذهب ابن كيسان حيث أظهر في فعل وفعل يكون هذا أولى بالإظهار. وإذا كان ما قبل المدغم ساكنًا، نقلت حركة المدغم إليه نحو: يرد ويقر، ومقر أصله: يردد، ويقرر، ومقرر، إلا إن كان حرف مد نحو: راد و «تمود» و «تميدا»، أو ياء تصغير نحو: أصيم، و «مديق»، ودويبة، فلا نقل. ويجوز كسره إن كان المدغم تاء الافتعال، فيسكن الثاني وينقل حركتها إلى

الساكن قبلها، فتذهب همزة الوصل فتقول: قتل، ومضارعه يقتل واسم الفاعل: مقتل و «مقتل»، واسم المفعول: مقتل و «مقتل» ومن هذه اللغة من يكسر حرف المضارعة اتباعًا لحركة القاف، وعلى لغة من يقول في «يفتعل» «يفتعل» ويجوز كسر القاف لالتقاء الساكنين فتقول: قتل يقتل واسم الفاعل: مقتل واسم المفعول مقتل ويجوز اتباع حركة التاء لحركة القاف، فتقول: قتل وقياس مضارعه يقتل ويقتل واسم الفاعل واسم المفعول مقتل ومقتل، لا فرق، والقرينة تبين. وقياس مصدر: قتل: قتالاً، وقتل: قتالاً، وقد قيل: قتيلاً، والمسموع في

المصدر: فعالا فقط، وقياس فعل، وفعل فعالا، وفعل فعيل. وإذا سكن ثاني المدغمين في أفعل للتعجب، فالفك نحو: احبب بزيد، وأجاز الكسائي، والإدغام، أو لاتصاله بضمير مرفوع نحو: رددت، ورددت، ورددت، ورددنا، وارددن، فالفك، وناس من بكر بن وائل يدغمون فيقولون: ردت وكذا باقيها. وحكى بعض الكوفيين في ردن في هذه اللغة: ردن، يزيد نونًا ساكنة قبل نون الإناث، ويدغمها فيها، وحكى بعضهم في ردت: ردات أو جزمًا، أو بناء نحو: لم يردد، واردد فالحجاز يظهرون، وتميم، قيل وغير الحجاز تدغم، فتنقل الحركة إلى الساكن، فتقول: رد واطمأن، وتحذف همزة الوصل إن جيء بها للابتداء بالساكن، ولم يحك أحد من البصريين بإقرارها.

وحكى الكسائي أنه سمع من عبد القيس: أرد، وأعض، وأقر في أردد، وأغضض، واقرر، وهذا نظير ما حكى أبو الحسن في إسأل: اسل وإذا أدغم فالتقى ساكنان، حرك الثاني، فحكى سيبويه أربع لغات. الأولى: تحريكه بأقرب الحركات إليه فتقول: «رد» و «غض» و «فر» إلا فيما اتصل بضمير المؤنث، أو المذكر من الغائبين، فبحركة الضمير: رده، غضه، فره، وغضها، وردها، وفرها، وإلا ما بعد ساكن من كلمة أخرى لام تعريف، أو غيرها، فيكسرون نحو: فغض الطرف ورد ابنك. الثانية: الفتح مطلقًا إلا إذا لقيه ساكن بعده وهي لغة أسدية.

الثالثة: الفتح مطلقًا من غير استثناء شيء. الرابعة: الكسر على أصل التقاء الساكنين؛ وهي لغة كعب وعنبر. ومن ألحق الضمائر هلم؛ فقال: هلما وهلموا؛ فجعلها فعلا أجمعوا على فتح الميم من هذه في «هلم» مدغمة، وحكى الفارسي في الإيضاح: هذه اللغات كما حكى سيبويه، فقال: منهم من يتبع ومنهم من يفتح، ومنهم من يكسر، ثم قال: «وإذا اتصل به ضمير المؤنث فتحوا جميعًا، وإذا اتصل به ضمير المذكر ضموا جميعًا». وقال الزجاجي: «فإن ثنيت أو جمعت لم يكن إلا الإدغام يعني في اللغات كلها، فلا يجوز امددا، ولا «امددوا» وكذلك أيضًا علامة المؤنث لا يجوز نحو: «ارددى» وكذلك لم يردا، ولم يردوا ولم تردى، وكذلك إذا لحقته نون التوكيد نحو: «ردن» لا يظهره الحجازيون بخلاف «اردد الرجل» ولم يردد الرجل، فإنهم يظهرونه» وإن كانت العين واللام ياءين، والثانية ساكنة لم يجز الإدغام نحو: عييت،

وحييت. أو متحركة وما قبلها مفتوح قلبت ألفًا نحو: «أحيا» واستحيا. أو غير مفتوح، وحركتها حركة إعراب فلا إدغام نحو: رأيت محييًا، ولن يحيى، وأجاز الفراء لن يعي. أو حركة بناء والياء متطرفة نحو: عيى، وحيى، فالإظهار أكثر ويجوز الإدغام. فإن اتصل به الواو فمن أدغم قال: حيوا، واستقبحه الفراء، وهو عند البصريين حسن ومن أظهره قال: حييوا، أو غير متطرفة بعدها علامة تثنية نحو: محييان، وحييان، ومعييان.

أو علامة جمع نحو: محييات فالإظهار فقط، أو ألف ممدودة نحو: أعيياء أو ألف ونون زائدتان نحو محييان على وزن مسجلان، أو تاء تأنيث لاحقة للجمع نحو: «أحيية، وأعيية»، فالفك والإدغام. أو لاحقة لمفرد غير عوض من محذوف، فالإظهار فقط نحو: أعيية، ومعيية أو عوضًا، فالإدغام نحو: تحية، خلافًا للمازني، فإنه يجيز فيه الإظهار، وهو ظاهر قول سيبويه، وفي الإيضاح أكثر النحويين على أنه لم يجز التضعيف فيها، ولا فيما هو بمنزلتها، وقال أبو عثمان: يجوز ذلك، ويعني بالتضعيف: إظهار الياءين، وإخفاء الحركة من الياء الأولى إذا ظهرتا أفصح من إشباعها. وإذا ولى المثلان فاء الافتعال نحو: «اقتتل» جاز الإظهار والإدغام، أو فاء افعلان نحو: «احوواء» مصدر «احووى» فمن أدغم وقال: «قتالا» قال: «حواء»؛ وهو «قول أبي الحسن»، وقال غيره «حياء» وتقدم ذلك. وإذا بنيت من «غزى» و «رمى» مثل: «احمر واحمار» قلت: «ارميا»، و «ارمايا»، و «اغزوى» و «اغزاوى» أصلهما «ارميى» وارمايى،

والمضارع: يرميى ويرمايى، وقال الكوفيون تقول: ارمى، واغزو، و «ارماى»، و «اغزاو». المتقاربان إن اجتمعا في كلمة، وألبس الإدغام، فالإ؟ هار نحو: «أنملة» وصنوان، وبنيان، ودنيا، وزنماء، وزنم، أو لم يلبس جاز الإدغام والإظهار نحو: «انمحى» و «اهرنمع»، فيجوز: امحى، واهرمع. وقد قال الخليل في «انفعل» من «الوجل»: «اوجل»، وقياسه من «يئس»: «إيأس». وأجاز سيبويه في «همرش» أن يكون فنعللاً، ولو بنيت من «كسر» أو «عسل» فعلا، على وزن «افعنلل»، فمنهم من منع، ومنهم من أجاز، وأدغم

النون، فقال: «اكسرر» و «اعسلل»، ولا يجوز إدغام الراء في الراء، ولا اللام في اللام لئلا يلتبس بوزن اقشعر. وإذا اجتمعا في «افتعل» نحو: «اختصم» فيجوز الإظهار، ويجوز الإدغام، وفيه اللغات الثلاث التي في «افتعل»، أو في تفاعل وتفعل نحو: تطاير، وتطير، فالإظهار، ويجوز الإدغام، فتجتلب همزة الوصل في الماضي، والمضارع والمصدر، والأمر فتقول: «اطير»، واطاير، واطيروا واطايرا، وتقول في المضارع تطاير، وتطير. ويقارب تاء تفعل، وتفاعل الدال والطاء، والذال والثاء، والظاء والصاد والسين والزاي والجيم الشين والضاد نحو: قوله تعالى: [فادارءتم]، و [فاطهروا] و [لعلهم يذكرون]، و [اثاقلتم] و [يظهرون] [أن يصلحا]، [لا يسمعون] و [وازينت] «واجمعوا» و «اشايعوا»، و «اضاربوا» الأصل: تدرأتم ويتطهرون، ويتذكرون، وتثاقلتم، ويتظهرون، ويتصالحا، ويتسمعون، وتزينت، وتجمعوا، وتشايعوا، وتضاربوا.

ومن المتقاربين قولهم: «ست» أصله سدس، ولم ينطق به في العدد، وأبدلوا من السين تاء، وأدغموا فيها الدال، و «ود» أصله «ويد»، وقد نطق فيه بالأصل، وهو أكثر من الإدغام والإظهار لغة الحجازيين، وبعض تميم، والإدغام لغة بعض تميم، وبعضهم قال: «وت» قلب الثاني إلى الأول، ويقال: وتد بالسكون في «الوتد» قاله أبو بكر بن ميمون، فأما «وتد ووطد» فلا يدغم، وهما مصدر وتد ووطد، وبعض العرب التزم بناءه على «فعله» فقال: وتده ووطده، وعتدان جمع عتود، ويجوز فيه الإظهار والإدغام.

باب التصغير

القسم الثاني من قسمي علم التصريف وينحصر في التصغير، والتكسير، وفي المصدر، واسمي الزمان والمكان واسم الفاعل، واسم المفعول، والمقصور والممدود. باب التصغير ويقال: التحقير، ويأتي لتحقير شأن الشيء نحو: زييد، ورجيل تضع من شأنه، ولتقليل ذاته نحو: كليب، أو كميته نحو: دريهمات، أو لتقريب زمانه نحو: قبيل وبعيد، أو مسافته نحو: فويق، وتحيت، أو منزلته كأخي وصديقي، وزاد الكوفيون لتعظيم الشيء نحو: «دويهية» للمنية، وزعموا أن من ذلك أخي أو صديقي. ولا تصغر الأسماء المتوغلة في البناء نحو: من وكم وأين، والمصغرة

و «غير»، و «سوى»، و «البارحة»، و «غد»، و «أمس»، و «قصر» بمعنى عشية وحسبك»، و «عند» والمختص بالنفي، والواقع على ما يعظم شرعا. وفي أسماء شهور السنة قولان: فمن أجاز، ومنهم الجرمي والكوفيون يقولون: محيرم، وصفير، وربيع، وجميد أو جميد، ورجيب، وشعيبان، ورميضان، وشويويل، وذوي القعدة، وذوي الحجة، والمنع مذهب سيبويه. وكذا الخلاف في البارحة. ويصغر اليوم، والليلة، والسنة، والشهر، ولا يصغر «كل» و «بعض» و «أي»، الظرف غير المتمكن، والمحكى، وما يعمل عمل الفعل، وفي «اسم الفاعل» على خلاف، الكسائي يجيزه مع عمله، والجمهور على المنع، وأسماء الأسبوع في مذهب سيبويه، واختاره ابن كيسان، وجوز الكوفيون، والجرمي، والمازني تصغيرها تقول: أحيد، وثنيان، وثليثاء،

وأربيعاء، وخميس، وجميعة، وسبيت، وقيل إذا قلت: اليوم الجمعة، واليوم السبت، فرفعت «اليوم»، جاز تصغير الجمعة والسبت، وإن نصبت فلا، وقيل: يجوز التصغير في النصب، ويبطل في الرفع، وأجاز المازني: تصغيرهما في الرفع والنصب. وقال الفراء: لا تصغر «غدوة»، ولو قلت: أتيتك غدوة مبهمة لم يجز تصغيرها فأما قوله: طلع النجم غدية فبع لراعي كسية فلأن المراد طلوعه في أول الغداة، فلما نوى صغر وقت صغره. ولا جموع الكثرة مطلقًا، وأجاز الكوفيون تصغير ماله منها نظير في الآحاد كـ «رغفان» صغروه على رغيفان كـ «عثيمان»، ولا ما ينافي معناه معنى التصغير كـ «جسيم» وجميع، وكبير، ولا ما يشابه المصغر نحو: قليل كذا قالوه، وقد صغرته العرب قال الشاعر:

إن ترينا قليلين كما ذيد عن المجربين ذود صحاح ويقولون: صغير بالنسبة إلى من دونه. ولا تصغر الحروف ولا الأفعال إلا فعل التعجب الذي على وزن أفعل في مذهب سيبويه؛ فإنه يطرد تصغيره، وقد منع اطراده قوم. وأما (أفعل) نحو: أحسن في التعجب، فأجاز ابن كيسان تصغيره، ومنعه الجمهور، فإذا قلت: ما أحيسن زيدًا؛ ففيه تعظيم الحسن مع دلالته على تصغير سن صاحبه، فلا يقال لكبير السن ما أحيسنه ولا ما أكيبرة. وإذا بنيت أفعل للتعجب من حيى قلت: ما أحي زيدًا. وفي المصدر ثلاثة أقوال ذكرها الفراء يفرق في الثالث بين ما يقبل التقليل والتكثير، فيجوز نحو: ضرب وبين ما لا يقبله نحو: موت فلا يجوز، وكيفية التصغير في المعرب، و «أفعل التعجب» بضم أول الكلمة، وفتح ثانيها، وزيادة ياء ساكنة بعده. وزعم بعض الكوفيين وصاحب الغرة: أن الألف قد تجعل علامة للتصغير مكان الياء، قالوا: من ذلك هداهد تصغير «هدهد»، ودوابة، وشوابة تصغير دابة، وشابة. فإن ولى الياء ياءان حذف لها أولاهما نحو: علي تقول فيه: علي بحذف ياء المد؛ فإن وليها واو ساكنة نحو عجوز، وقوول بناء مثل: سبطر بتكرير عينه،

أو معتلة نحو: مقام، ومنقاد، أو لام الكلمة نحو: غزو، وغزوة، وعشواء، قلبت ياء وجوبًا، وأدغمت فيها ياء التصغير نحو: عجيز، وقويل، ومقيم، ومقيد، وغزى، وغزية، وعشياء. واختيارًا إن تحركت لفظًا في إفراد، وتكسير، ولم تكن لامًا، ولا لإلحاق في كلمة خماسية مثال ذلك: أسيد، وأسود، وجديل، وجديول، في تصغير أسود، وجدول. فإن كان ذلك من باب (أحوى) وألوى؛ فإن صغرت على قول من أظهر فقال: أسيود قلت: «أحيو» رفعًا وجرًا، و «أحيوى» نصبًا، أو على قول من قال: «أسيد»، فأدغم، فأبو عمرو: أحى رفعًا وجرًا، وأحيى نصبًا جعله كـ (أعيم)، وعيسى بن عمر: أحي محذوف الياء مصروفًا جعله

كعطى، ويونس يحذف الأخيرة ويجعل فيما يليها الإعراب، ويمنع الصرف، وهو اختيار سيبويه، والمبرد. فإن كانت لامًا نحو: كروان، فالقلب والإدغام ليس إلا، فتقول: كريان، وقيل: كريوين، وعن الفارسي: كريين، لا تظهر الواو كما تظهر في «أسيود» وعنه أيضًا كريان، وسبب الخلاف قولهم: كراوين أهو فصيح أو شاذ؟ وإن كانت الواو للإلحاق في كلمة خماسية نحو: «عطود» جمع عطاويد، و «عثول» جمع عثاويل، وعثاول، فتقول على مذهب سيبويه: عطيد، وعلى مذهب المبرد: عطيد، وقد أجاز سيبويه هذا أيضًا، فسيبويه يسقط الواو الأولى، كإسقاطه واو فدوكس، كأنه ألحق أولاً ببنات الأربعة، فقيل: «عطود» ثم زيد عليه واو ساكنة، فصار كـ «عدبس»، والمبرد يدغم ياء التصغير في الواو الأولى بعد قلبها ياء، وتنقلب الثانية ياء لسكونها رابعة، فصارت كواو «مسرول» وسيبويه يقول فيه: مسيريل، وتقول في «عثول» على مذهب سيبويه: عثيل

وعثييل والمازني، والمبرد يقولان: عثيل، وهو مخالف لقول العرب، وروى عن المبرد إجازة ما قاله سيبويه، لكنه اختار حذف الواو، وفي حواشي مبرمان: حذف الواو أجود وهذا قول أبي إسحاق عثيل مثل تصغير أصيم. وقال أبو إسحاق: أقول في «ألبب»: أليب، وأحمله على أصله؛ لأن التصغير من شأنه أن يرد الأشياء إلى أصولها، وقال: والجيد عندي «ألبيب» كما تقول: ضياون على قياسه. وقال المبرد: وأنا لا أجيز «أليب» ضرورة، انتهى. وتقول في تصغير «معاوية» على من قال: «أسيود»: معيوية، ومن

قال: أسيد: معية، ووزنه مفيعة، وإذا صغرة «أروية» على أن وزنها «أفعولة» في قول من قال: وزن «أروى» أفعل على قول المبرد قلت: «أريوية» وزنها «أفيعيلة» وعلى قول «أسيد»: «أرية» ووزنها: أفيعة، وعلى أن وزنها «فعلية»، ووزن «أروى» فعلى، قيل: يصغر على «أرية» لا غير، ومذهب المبرد: «أرية». وتقول في تصغير «غاو» و «مرو» فيمن قال: أسيود: غويو، ومريو، ومن قال أسيد: «غوى»، «ومرى». وما صح ثانيًا لأجل التصغير إن كان منقلبًا عن واو نحو: ديمة

وباب، [أو ألفًا زائدة نحو ضارب، أو مجهولة الأصل كـ «صاب» و «آي»، و «عاج»، أو أبدلت همزة تلي همزة] كـ «آدم»، وجب صيرورتها واوًا نحو: دويمة، وبويب، وضويرب، وصويب، و «أوئ»، وعويج، وأويدم فإن كان ياء نحو: «شيخ» فمذهب البصريين: شييخ ويجوز ضم ما قبل الياء وكسره، ومذهب الكوفيين جواز هذا، وجواز قلب الياء واوًا، لضمة ما قبلها نحو: شويخ، وسمع بيضة «بويضة» بالواو، وهو شاذ عند البصريين؛ وإن كانت زائدة نحو: «ميت» قلت: مييت، وقياس مذهب الكوفيين جواز: مويت، بإبدال الياء

واوًا، لكن النقل جاء عنهم في إبدال الياء واوًا، إذا كانت عينًا؛ فإذا كانت ألفًا منقلبة عن ياء نحو: «ناب» قلت: نييب، وفيه الخلاف الذي في شيخ وقالوا: في: «ناب» المسن من الإبل: «نويب» شذوا في قلب الياء واوًا، وفي كونهم لم يلحقوا تاء التأنيث، وهي كـ «عين». ويكسر ما ولى ياء التصغير نحو: «جعيفر» وحكى الفراء: جعيفير، وكذا يقول في: معمر: معيمير وهذا شاذ. وما كان مكسورًا نحو: زبرج، فيبقى على كسره، أو يقال هذه الكسرة هي التي تحدث بعدها ياء التصغير غير آخر نحو: فليس ومتصل بهاء التأنيث نحو: طليحة، ومركب تركيب مزج نحو: بعبلبك، وألف تأنيث نحو: سكيرى، وحميرى بخلاف ألف الإلحاق فتقول:

عليق وعليبى تصغير علقى، وعلباء، وقد وهم بعضهم فقال: عليباء كـ (حميراء)، أو ألف أفعال نحو: أجيمال، ولو سمى به، أو ألف ونون مزيدتين لم يجمع ما هما فيه على فعالين نحو: عثمان، وسكران تقول: عثيمان، وسكيران؛ فإن جمع فصيحًا على فعالين نحو: سرحان وسراحين قلت: سريحين، أو شذوذًا نحو: غراثين في جمع «غرثان» لم يلتفت إلى هذا الجمع، بل تقول في تصغيره: غريثان.

فأما «ظربان» فقيل تصغيره: ظربيان لقولهم: ظرابى، وحكى في جمعه «ظرابين»، فعلى هذا يجوز: ظريبين. قال ابن هشام الخضراوي: وينبغي لمن جمعه على ظرابى أن يصغره على: ظريبين؛ لأن الياء بدل من النون، انتهى. و «إنسان» قياسه قياس «ظربان»؛ لأنهم قالوا: أناسى، وأناسين، فلو كان الذي تريد تصغيره جمع كثرة نحو: عقبان فلا تصغره على لفظه فتقول: عقيبان، وإن كان قد سمع فيه عقابين، بل ترده إلى جمع القلة، وهو «أعقب» فتصغره فتقول: أعيقب، وتقدم مذهب الكوفيين في جواز تصغير جمع الكثرة، إذا كان له نظير في الآحاد. وإذا ورد ما آخره ألف ونون مزيدتان، ولم يعرف هل تقلب العرب ألفه ياء أو لا، في التصغير حمل على باب غضبان، وعثمان لأنه الأكثر. ويتوصل إلى مثل «فعيل» في الثنائي محذوفًا، أو وضعًا بزيادة حرف، فالمحذوف ترد فاؤه نحو: وعيدة، ووشية، وأخيذة في: عدة، وشية، وخذ،

وعينه في نحو: ستيهة، ومنيذ في: است، ومذ مسمى به، ولامه نحو: يدية وشفيهة في يد، وشفة، وسنية، وسنيهة باعتبار تقدير المحذوف في «سنة». والثنائي وضعًا ذكر أصحابنا أنه يجعل لامه حرف علة واوًا أو ياء وقيل: ياء فتقول: عني في تصغير (عن) مسمى به. وزاد ابن مالك: أنه يجوز أن يضعف الحرف الثنائي من جنسه فتقول في (أف) مسمى به: أفيف. وفي الواضح، قالوا: هل وبل، ومذ في التسمية؛ فقيل في التصغير: قام هلى، وبلى ومذى، وقام هليل وبليل، ومذيذ، وقام هلية، وبلية، ومذية، فمن قال

هلي أجراه مجرى دم ومن قال هليل فـ (هل)، عنده أصله التشديد، والتخفيف. منتقل منه، ومن قال: هلية فهو كجريح، انتهى. ولا يعتد بما فيه التاء للتأنيث فتقول هو (ثنائي لا ثلاثي) بل تقول: في بنت وأخت، وهنت، وكيت، وذيت، ومنت: بنية، وأخية، وهنية، وهنيهة، وكيية، وذيية، ومنية. وتزال ألف الوصل مما هي فيه: فتقول في ابن: بني، وفي استضراب: تضيريب، وافتقار فتيقير، وسواء أبقى على مثال في الأسماء أو لا إلا إن اعترض بعد التصغير وزنان أحدهما له مثال في الأسماء فيعتمد، والآخر لا مثال له، فيطرح نحو: أن تصغر «استخراجًا» فتقول: تخيريج لا سخيرج، وذهب المازني إلى أنه لا بد في المصغر مما فيه همزة الوصل أن يكون على مثال

الأسماء فتقول في تصغير «انطلاق» وافتقار: طليق، وفقير بالحذف، حتى يصير على مثال كليب، وذهب ثعلب إلى أنه يقول في اضطراب: أضيريب، بإبقاء الهمزة وحذف الطاء؛ لأنها بدل من تاء الافتعال، والتاء زائدة، ومذهب الجمهور: ضتيريب، برد التاء. وإن تأتي فعيل بما بقى من منقوص لم يرد إلى أصله، فتقول في «هار، وشاك» وميت، وخير، وشر، وناس، فيمن جعله محذوفًا من أناس: هوير، وشويك، ومييت، وخيير، وشرير، ونويس، وشذ هويئر، وذهب أبو عمرو، ويونس إلى جواز رده في ذلك، فتقول: هويئر، ومييت، وأخير، وكذا باقيها وفيما أشبهه، وقد أجاز أبو عمرو في «يرى» علما: يرئ، والمازني في «يضع» علمًا: يويضع، يرد في هذا، وفي ما أشبهه، وفي هار، ولا يرد في خير منك، ولا شر منك، ومذهب سيبويه: أنه لا يرد

ويقول: يرى ويضيع، والمازني يقول في «يرى» علمًا: يريئ على مذهب الخليل، ويونس، فيرد، ولكنه يصرف، ويونس يرد، ولكنه لا يصرف على أصل مذهبه في جواز مسمى به وقياس قول سيبويه ألا يرد، فتقول يرى، وإذا لم يرد «هوير»، فقال الجرمي: هوير. والمبرد في ناس: أنيس، وفي «أبناء»: أبينون، وفي «أدؤر»: أدير، وفي جمعه أداور، وقال أبو إسحاق من قال: «أدؤر» فهمز قال: أديئر، فهمز ليفرق بين تصغير أدور، وأدؤر، ويقول الجرمي في تصغير قسي: قسيى، وكذا يحقر سائر هذه إذا سميت به رجلاً؛ فإن صغرى القسي جمع القوس قلت: أقياس؛ لأنك إنما تصغر أقواسًا أدنى العدد، ولم تقع الياء بعد كسرة فلا يصرف كما لا يصرف أحييى، فقول المازني مركب من قول يونس في الرد، ومن قول سيبويه في منع الصرف؛ فإن خففت الهمزة بالبدل قلت: يريى يجمع بين ثلاث ياءات [الوسطى مكسورة، ولا تحذف المتطرفة كما تحذفها إذا اجتمعت ثلاث ياءات] إذ إحداهما أصلها همزة. والتصغير، والتكسير من واد واحد فيما يئول في التصغير إلى فعيعل أو فعيعيل، وفي الجمع على مفاعل، أو مفاعيل أو شبههما في الحركات والسكنات، فما ترجح هنا حذفه ترجح في التكسير، وما تكافأ هنا، فكان في التخيير، تكافأ فيه مثال الأول: عطيميس، ومثال الثاني: حبينط،

وحبيط، فأما ما حكى الأخفش من «سفيرجل» تصغير «سفرجل»، بإثبات اللام، وفتح الجيم، فقال به بعضهم، وهو شاذ لا يقاس عليه، ويأتي الكلام إن شاء الله تعالى على هذا كله في التكسير. ومما اختلف فيه التصغير، والتكسير أنه لا يحذف في التصغير هاء التأنيث تقول في دحرجة: دحيرجة، ولا الألف الممدودة تقول: قويصعاء، ولا ياء النسب تقول: لويذعى، ولا الألف والنون المزيدتين بعد أربعة أحرف فصاعدًا نحو: زعيفران في زعفران وهزيبران، و «عبيثران» في هزبران، وعبوثران، ولا يعتد بشيء من هذه الزوائد، وتسقط في الجمع على ما يأتي إن شاء الله تعالى.

فأما (أسطوانة) فالصحيح أن النون أصلية، فوزنه أفعوالة، فتصغيره «أسيطنة» ويجمع أساطين، وقيل أفعلانة كـ (أسحمانة)، وقيل فعلوانة كـ (عنفوان). فإن كانت ألف التأنيث مقصورة بعد أربعة فصاعدًا حذفت في التصغير تقول: عريضن، وقريقر، وشقيقر في قرقرى، وشقارى، وعرضنى، وألفه للتأنيث فحذفها أبو عمرو كما حذف ألف (جحجبى)، فقال جحيجب، وقال المازني: عريض، فحذف النون، لأنه قد سمع عرضناه، وحكاه عن أبي زيد، فالألف عنده لغير التأنيث، كألف السلحفاة كما تحذف في الجمع. ولو سميت رجلاً بمهارى، وصحارى، وصغرته، فالأحسن مهير وصحير، وتقول في قطوطى: قطيطى بحذف الواو فقط؛ لأنه فعوعل، والمبرد يجعله فعلعلاً وقياسه: قطيط؛ لأنهما لامان، وآخرهما أولى بالحذف،

وفي «عفرنى»، بحذف أيهما شئت تقول: عفير، وعفيرن، لأنهما زيدا للإلحاق بدليل تنوينه وأما جلولاء، وبراكاء، وقريثاء، فمذهب سيبويه حذف الواو والألف، والياء فتقول: جليلاء، وبريكاء، وقريثاء، ومذهب المبرد أن لا حذف، فتقلب الواو، والألف والياء ياء، ويدغم فيها ياء التصغير فتقول جليلاء، وبريكاء، وقريثاء، ولو جاء اسم على وزن فعولاء، فالواو للإلحاق، فلا تحذف بل تقول: فعيولاء، ولو كانت الواو رابعة لم تحذف تقول: في معلوجاء: معيليجاء، وأما «ثلاثون» مطلقًا، وظريفون علمًا، وجداران علمًا فمذهب سيبويه حذف ألف ثلاثين، وياء ظريفين،

وألف جداران، ومذهب المبرد: الإبقاء كقوله في جلولاء، وقال الفارسي: وثلينون قول جميع العرب يعني بحذف الألف في التصغير. ويرد إلى أصله ما كان جمعه على مثال مفاعل، أو مفاعيل، أو أفعال، أو أفعلة، أو فعال مزيدًا آخرًا مطلقًا، سواء أكان حرف لين أم غيره تقول: في ملهى: مليه، وفي ماء: مويه، وفي سقاء: سقى، وفي صحراء: صحير، فإن كان البدل غير آخر فلرجوعه إلى أصله شرطان: أحدهما أن يكون حرف لين كان بدلاً من حرف لين، أو من حرف صحيح، والثاني: أن يكون بدلاً من حرف غير همزة تلي أخرى تقول في مال، وقيل، وريان، وميزان، وموقن، مويل، وقويل، ورويان، ومويزين،

ومييقن، وفي قيراط دينار، وديباج، وذيب: قريريط، ودنينير، ودييبيج، وذؤيب، وفي (آل) عند من يقول أصله: أهل: أهيل، ولو انخرم الشرط الأول بأن يكون بدلاً من حرف صحيح كـ «أباب» في عباب، أو من حرف لين كـ «تخمة»، و «تراث»، أصلهما: وخمة، ووراث، لم يعد إلى أصله في التصغير تقول: أبيب وتخيمة وتريث. ولو انخرط الشرط الثاني بأن يكون همزة تلي أخرى نحو: آدم، وأيمة. لم ترد الألف، ولا الياء إلى أصلهما من الهمز، بل تقلب الألف واوًا، وتقر الياء على حالها تقول: أويدم، وأييمة، وأما نحو: «ذوائب» اسم رجل، فترد الهمزة فتقول: ذؤيئب،

وقال ابن الطراوة: لا ترد بل تقول: ذويئب. فلو كان البدل من حرف لين حرفًا صحيحًا لم يرد إلى أصله نحو: قائم تقول: قويئم على مذهب سيبويه، وقال الجرمي: «قويم» أصله «قويوم»، قلبت الواو ياء، وأدغمت فيها ياء التصغير، وسيبويه، يقول: في «أوائل» اسمًا علمًا: «أويئل» بالهمزة كـ (قويئم) قلبت من الواو ياء، وقياس قول الجرمي في تصغير (قائم) أن يخالف في أوائل وبخلاف قول سيبويه، قال ابن الطراوة فيها «واتفقوا في جمع قائمة على قوائم بالهمزة». وتقول في تصغير «أدؤر» بالهمز: أديئر مهموزًا هذا مذهب سيبويه، والمبرد، والجرمي يقولان: أدير بغير همز، وما ورد بخلاف ما تقدم، فمن مادة أخرى أو شاذ: مثال ما اختلفت فيه المادتان: فستاط، وفسطاط تقول في التصغير: فسييط لا تقول التاء بدل من الطاء، بل هما مادتان قالوا في

الجمع فساتيط، وفساطيط، والشاذ في قولهم في عيد: عييد كما قالوا في الجمع «أعياد»، وفي متعد ومتسر: متيعد، ومتيسر، [ولا ترد والزجاج يرد يقول: مويعد ومييسر] وقال سيبويه في «أدؤر» المهموز: أديئر بالهمز، ووافقه الزجاج وقياس قول سيبويه في الجمع: أدائر بالهمز، وخالف المبرد فقال: أدير وأداير، وقالوا في أينق: أيينق، وأيانق، وكذا سائر ما يقلب يصغر، ويكسر على لفظه لا على أصله تقول في قسى: قسيى وفي جاه: جويه، وفي أشياء على مذهب سيبويه: أشياء، وفي «لاث وشاك:

لويث وشويك»، وهذا بخلاف ما شذ في مكبره، فإنه يصغر على أصله تقول في تصغير حيوة: حيية لا حييوة.

فصل

فصل الاسم المؤنث، إن كان ثلاثيًا مصدرًا في الأصل نحو: حرب، أو اسم جنس مذكر الأصل نحو: ناب، لم تدخله التاء في التصغير كذا قال ابن مالك، وعد الناس ذلك من الشاذ الذي لم تدخله التاء، وهو ثلاثي مؤنث وذلك نحو: ذود، وشول، وناب للمسن من الإبل، وحرب، وفرس، وقوس،

ودرع الحديد، ونخل، وعرس، وغرس، وضحى، ونعل، ونصف، وبعض العرب يذكر الحرب، والدرع، والفرس فلا يكون من هذا الفصل، وبعضهم ألحق الهاء في عرس، وقوس فقال: عريسة وقويسة. وزعم الفارسي أن (ضحية) تصغير «ضحى» لا تصغير ضحوة فتصغيره على القايس؛ إذ هو مذكر وغير ذلك يصغر بالتاء نحو: دويرة، ونويرة في دار، ونار، وهنيدة في هند، ومما يصغر بغير تاء «بضع وعشر وخمس وما دونها من عدد المؤنث الثلاثي تقول: بضيع، وعشير، وخميس.

وما رخم ترخيم التصغير من صفات المؤنث فحذفت زوائده، فصار ثلاثيًا نحو: حييض وطميث، وعلم مؤنث منقول من مذكر نحو: رمح اسم امرأة، فمذهب ابن الأنباري: اعتبار أصله فتقول: رميح ومذهب غيره أنه لما صار اسمًا لمؤنث خاصًا به صغر بالتاء فتقول: رميحة كما لو سمينا بنار قلنا: نويرة، وإذا سميت امرأة بحرب، أو ناب؛ وإن كان يصغران بغير تاء ثم صغرت لقلت: حريبة، ونويبة. وقال الكسائي: العرب تصغر ما كان من أسماء النساء ثلاثيًا مثل: برق، ولهو، وخود، وجمل، وريم بالهاء وبغير الهاء، فمن صغر بالهاء لم يجز، ومن صغر بغيرها لم يجر فأجرى، وأما الأسماء التي ليست للأناسى، فأكثر ما جاءت بالهاء لأنها لمؤنثات وقعت. وقال ابن الأنباري: إذا سميت امرأة باسم مذكر كـ «لهو» و «برق» و «طل» و «طرب» فلك في تصغيره وجهان: إن نويت أنك سميته بجزء من اللهو صغرتها بالهاء، فتقول: لهية قد جاءت وهذه بريقة؛ وإن شئت قلت هذه لهى قد جاءت بغير الهاء، وإن نويت أن تسمى باللهو الذي يقع على الكثير لم يكن تصغيره إلا بطرح الهاء، وكان بمنزلة امرأة سميتها بزيد. وقال الفراء: يصغر بغير هاء إن سميت امرأة باسم مذكر من أسماء

الرجال كحسن، وزيد، وعمرو، وتيم فقال الفراء: يصغر بغير هاء؛ وإن سميت مذكرًا بمؤنث، فالجمهور على أنه لا تلحقه التاء نحو: أذن تقول «أذين» وذهب يونس إلى أنه تلحقه التاء فتقول: أذينة، وإذا صغرت «أروس» علمًا لمؤنث بعد حذف همزته؛ إذ أصله أرؤس فصار ثلاثيًا لم تلحقه بالتاء و «جيل» عندنا من «جيأل» كذلك لا تلحقه التاء، فإن كان المؤنث رباعيًا فأزيد لم تلحقه التاء تقول في زينب: زيينب، وفي عناق: عنيق، وشذ إلحاقها في أمام، ووراء، وقدام، قالوا: أميمة، ووريئة، وورية بلا همز وقديديمة.

فإن صغرت «زينبا» أو «عناقًا» أو «سعاد» تصغير ترخيم قلت: زينبة، وعنيقة، وسعيدة، وإن صغرت فعيلاً بمعنى مفعول صفة لمؤنث ظاهر قلت: كف خضيب، وعين كحيل، فلا تلحقه التاء؛ فإذا أفردت أو أضفت قلت: قتيلة، وقبيلة بني فلان، قاله في المخصص، وقال أبو القاسم بن جودي: في امرأة مصب وكلبة مجر، تثبت الهاء؛ لأنه مؤنث على ثلاثة أحرف، ولم يعتد بما حذف من آخره مع أنه قد تدخله الهاء في مكبره، وفي «امرأة معطار»: معيطيرة، وفي تصغير «طالق» و «طامث»: طويلق، وطويمث، انتهى. وما آخره ألف تأنيث مقصورة خامسة نحو: حبارى أو سادسة نحو: لغيزى، فإذا حذفت ألف «حبارى» الأخيرة، فيقول أبو عمرو: حبيرة بإلحاق التاء،

وغيره يقول: حبير بغير تاء، ومنهم من يقر ألف التأنيث، ويحذف الأولى فيقول: حبيرى، و «لغيزى» يقول فيه أبو عمرو: «لغيغيزة» وغيره: لغيغيز. وفي تصغير «حولايا»، و «جرجرايا» ثلاثة أوجه: أول: حويلايا، وجريجرايا. والثاني: حويليا، وجريجريا. والثالث: حويليا، وجريجيا. وفي المرعزي والباقلي: مريعزة، وبويقلة على قول من قال كميثرة، و «بويقلة ومريعزة» على قول من قال: كميثرية تصغير كمثراة، وذكروا في تصغير «كمثراة» أيضًا كمييثراة فيكون في تصغيرها ثلاثة أوجه.

أو ممدودة خامسة نحو: «باقلاء» أو سادسة نحو: برناساء ولا حذف، ولا تاء فتقول: بويقلاء، وبرينساء، خلافًا لابن الأنباري؛ إذ يجيز حذفها، ويعوض منها التاء فيقول: بويقلة، وبرنسة وإذا سميت مذكرًا ببنت، وأخت حذفت ولم تعوض تاء تأنيث فقلت: بني، وأخي، أو مؤنثًا حذفت وعوضت فقلت: بنية، وأخية. وإذا صغرت «بعلبك» وأنت تجعلها اسمًا واحدًا قلت: بعيلب وقال الفراء: ربما حذفوا فقالوا: بعيلة، وقال بعضهم: بكيكة فيحذف بعلاً، ومن قال: هذه بعلبك فلم يحذف قال في التصغير: هذه بعيلة بك؛ وإن شاء قال: بعل بكيك، فجعل «بكا» مذكرًا، ومن قال: هذا حضرموت قال في التصغير: حضيرم، وحضيرة مؤنثة ومن قال: هذه حضرموت قال في التصغير: حضيرموت، وقال الفراء: أحب إلي أن يقال: حضرمويتة.

ويصغر اسم الجمع على لفظه تقول: في قوم، ورهط، ونوم: قويم، ورهيط، ونويم، وسواء كان له واحد من لفظه كـ «ركب، وسفر، وصحب، وطير» أم لم يكن، خلافًا لأبي الحسن فيما له واحد من لفظه برده إليه تقول: رويكب، ومسيفر، وصويحب، وطويئر. ويصغر اسم الجنس على لفظه نحو: «تمير» في «تمر»، وجمع القلة على قياس نظائره المفردة تقول في أكلب: أكيلب، وفي صبية: صبية وقالوا أيضًا: أصيبية في تصغير صبية، وأغيلمة في تصغير غلمة، وتقول في أرغفة: أريغفة إلا ما كان منها على أفعال، فتبقى الألف نحو: أجيمال في «أجمال» بخلاف نظيره نحو: إجمال مصدر أجمل تقول فيه: أجيميل، وتقدم مذهب الكوفيين في تصغير جمع الكثرة الذي على زنة المفرد. وجمع الكثرة إن كان له واحد مستعل ليس على القياس نحو: ملامح

واحده: لمحة، رد إلى واحده المستعمل تقول: لميحات، وقياس «ملاميح» أن يكون المفرد: ملمحة خلافًا لأبي زيد؛ إذ يصغر على المهمل القياسي فيقول: مليمحات، وإن لم يكن له رد إلى واحده القياسي نحو «عباديد» تقول: عبيديد، فإن كان مذكرًا عاقلاً، فقيل في جمعه: عبيديون، أو غير ذلك فقيل في جمعه عبيديدات، والصحيح أن «سراويل» وإن كان على زنة الجمع مفرد، فتقول فيه: «سرييل» نظير «دناير» علمًا تقول فيه: «دنينير»، ومن زم أنها جمع (سروالة) ردة إلهي وصغره مجموعًا بالألف، والتاء فقال: سرييلات. وفي الغرة: سراويل يصغرها يونس: (سرييلات)، و (سريويلات)

لأن لفظها جمع [الجمع كـ «دخاريص» وقيل هو جمع سروالة، وبعضهم يصغر على لفظها، فيقول: سرييل، وسريويل]، انتهى. وإن كان لما جمع جمع كثرة جمع قلة، وأردت تصغير جمع الكثرة وكان جمع الكثرة لمذكر عاقل، جاز أن ترده إلى المفرد، وتصغره، وتجمعه بالواو والنون فتقول: فتيون، وصبيون، وسواءً كان مفرده المذكر يجمع بالواو والنون كزيد، أم لم يكن كغلام، وفتى، وجاز أن ترده إلى جمع القلة، وتصغره فتقول: فتية، وصبية؛ وإن كان لمذكر لا يعقل نحو: جبل، وأجبل، وجبال، أو لمؤنث كعناق وأعنق وعنوق، وصغرت جبالاً، وعنوقًا، رددته إلى جمع القلة فقلت: أجيبل، وأعينق أو إلى مفرده فقلت: جبيلات، وعنيقات. وإن لم يكن له جمع قلة بل جمع كثرة، وكان لمذكر عاقل، كرجال و «سكارى» رددته إلى مفرده، وجمعته بالواو والنون فقلت: «رجيلون»

وسكيرانون كان مكبهر يجمع بالواو، والنون أو لم يكن، أو لمذكر غير عاقل كـ (دراهم)، أو لمؤنث كـ «جوار» و «سكارى» و «حمر»، رد أيضًا إلى مفرده؛ فقيل: دريهمات، وجويريات، وسكيريات، وحميراوات، وسواء كان مفرده يجوز فيه الجمع بالألف والتاء أم لم يكن. وإذا صغرت «أراهط» وهو جمع أرهط جمع «رهط» فعند سيبويه يرده إلى مفرده «رهط» فيقول «رهيطون»، وغيره يجيز رده إلى «أرهط» فيقول: «أريهط». وهذه مسائل متفرقة من هذا الباب، قال الأخفش: ولو صغرت «من» اسم رجل قلت على قول الشاعر: منا أن ذر قرن الشمس حتى (مني)، وقال الفراء: إذا صغرت معطاء ومسخاء، امرأة، شددت الياء

فقلت: معيطى، ومسيخى؛ فإن حذفت إحدى الياءين، فقلت: معيطية، ومسيخية تلحق التاء، وقال: إن صغرت «علويا» قلت: «عليوى» ولم تدغم، أو «عليا» قلت: علي، وإن شئت عليي للفرق، وقال: ولو صغرت «يمان»، و «شآم» قلت: يميني، وشؤيمي تحذف الألف، وتزيد ياء النسبة؛ لأن الصيغة كانت تدل على النسب، فلما حدث التصغير، وأزال تلك الصيغة رددت ياء النسب وقالوا في الإبل: أبيلة، وفي الغنم: غنيمة، وسمع الكسائي غنيم، وفي المعز: معيز. وقال الفراء: المؤنث الرباعي إن كان في العرب من يذكره لا يصغر بالتاء؛ فإن كان مما يذكره بعض فلا يلحق التاء نحو: كراع، وذراع فتقول: كريع، وذريع ويؤنثه بعض كيفما ألحقتها فتقول: كريعة، وذريعة، ولا يعرف البصري إلا ذريعًا، وكريعًا مؤنثًا ومذكرًا، وقالوا: لسان ولسينة فيمن أنث، و «لسين» فيمن ذكر حملوه على التكسير حيث قالوا: ألسنة في المذكر، وألسن في المؤنث، فرقوا في التصغير كما فرقوا في التكسير. ومنع الفراء من تصغير: مثل، وشبه وأجازه سيبويه «وقال: قول العرب: وهو مثيل هذا وأميثال هذا فلما أرادوا أن يبينوا أن المشبه به محقر حقر».

وقال الفراء: فعلاء أفعل إن عنيت الرجال قلت: «أحيمرون» أو النساء قلت: أحيمراوات، أو غيرهما من الذكور قلت: أشيقرات أو الإناث قلت: أشقراوات، «حذام» إذا صغر أعرب لزوال اللفظ الذي أوجب له البناء، وشذت العرب، فجمعت ما لا يعقل جمع المذكر العاقل قال: قد شربت إلا دهيدهينا قليصات وأبيكرينا جمع «دهداة»، وجمع بكر على أبكر، ثم صغروهما، وجمعوهما هذا الجمع، والقياس: دهيدهات، وأبيكرات. وإذا صغرت «سنين» معربًا بالواو والياء قلت: سنيات، لا سنيون،

و «أرضين» قلت: أريضات لا أريضون، أو «سنينا» معربًا بالحركات في النون قلت في مذهب الفارسي: سنين، وسنيين. ومذهب الزجاج ردها إلى الأصل فتقول: سنيات، أو سميت «بأرضون» معربًا بالواو، والياء رجلاً، أو امرأة قلت: أريضون، أو سميتهما بـ «سنين» معربًا بالحرفين قلت: سنيون، ومن جعل المحذوف هاء قال سنيهون، أو «سنين» معربًا بالحركات رجلاً قلت: سنين وصرفت، ولم ترد المحذوف عند سيبويه.

ويقول يونس: سنيين ويرد، أو امرأة قلت: سنين، وسنين على الخلاف ولم تصرف. ولو سميت «بجربان» وصغرت قلت: جربيان، قاله سيبويه، كما قلت: في خراسان: خريسان، ولو سميت بـ «دراهم» ثم صغرته قلت: دريهم، وقبل التسمية ترد الواحد وتجمعه بالألف والتاء، فتقول: دريهمات. ونطقت العرب بأسماء مصغرة، ولم تنطق بها مكبرة من ذلك: كميت، وكعيت، وجميل، والقصيرى، والحميا، والثريا، والقطيعاء، والبريطاء، وسكيت مخففًا الكاف، وبأسماء فاعلين على صورة المصغر نحو: مبيطر، ومسيطر، ومبيقر، ومهيمن فتصغيرها يكون

بالتقدير، وكثر مجيء المصغر دون المكبر في الأعلام كـ «قريطة» و «جهينة» و «طهية» و «هذيل» و «سليم». واستغنت بتصغير مهمل عن تصغير مستعمل قالوا: مغيربان، وعشيشية، وعشيان، ولييلية، ورويجل، وأبينون في مغرب، وعشية، ورجل، وليلة، وبنين، وقالوا في: إنسان: (أنيسان)، فمعظم الكوفيين على أنه مشتق من النسيان، ووزنه إفعلان، ومذهب البصريين، والشيباني أن وزنه فعلان قال البصريون: مشتق من الإنس وقال الشيباني: مشتق من الإيناس بمعنى الإبصار. وبتصغير أحد المترادفين عن تصغير الآخر قالت العرب: أتانا قصرًا أي عشيًا، ولم يصغروا «قصرًا» استغناء عنه بتصغير عشي، وقال

ابن مالك: ويطرد الاستغناء بتصغير أحد المترادفين إن جمعهما أصل واحد مثال ذلك: جليس بمعنى مجالس قال: فيجوز في تصغير جليس: مجيلس، وفي تصغير مجالس: جليس، وهذا الذي ذكره لم أره لغيره، فينبغي التوقف فيه حتى ينقله أئمة العربية المستقريون للسان العربي. وقد يكون للاسم تصغيران قياسي، وشاذ قالوا في تصغير: صبية: صبية وهو القياس؛ لأنه جمع قلة، وجمع القلة يصغر على لفظه، وقالوا في الشعر: أصيبية، وليس بالقياس، قال الفراء: رجعوا إلى جمع أصيبية، وإن لم ينطق به في الكلام. وقال ابن هشام: وإنما قالوا في الجمع غلمة كـ «صبية» وقد قالوا: أصيبية ولم يقولوا: أغيلمة، واستغنوا بصبية وغلمة عن أصبية وأغلمة، وصغروا صبية، ولم يصغروا أغلمة، والرجوع في هذا كله إلى السماع، انتهى.

ولا يصغر من الأسماء المتوغلة في البناء إلا أسماء الإشارة غير المكانية و «الذي»، و «التي» من الموصولات، وتثنيتها وجمعها وعمرويه، فإن الصحيح أنه لم تعرب قط، وتقدم كيفية تصغيره فتقول: في ذا: ذيا، وفي تا: تيا، وفي التثنية: ذيان، وتيان، وفي الجمع بالياء في الألى: أليا، وألياء في ألاء، ولها من الأحكام ما لها حالة التكبير. ومذهب المبرد: أن أصل همزة «ألاء» (ياء)، قلبت همزة، وعند الزجاج أصلها ألف قلبت همزة، وعند الفارسي الهمزة أصل ليست منقلبة من ياء، ولا ألف، بل ذلك مما فاؤه ولامه همزة كأشياء قيل: وهو الصحيح، وتقول في الذي والتي: اللذيا واللتيا بفتح لامهما وقد تضم.

وقال ابن خالويه: أجمع النحويون على فتح اللام في اللتيا إلا الأخفش؛ فإنه أجاز اللتيا بالضم، وفي التثنية: اللذيان، واللتيان وفي جمع اللذيا على مذهب سيبويه: اللذيون، واللذين، وعلى مذهب الأخفش، والمبرد، اللذيون، واللذيين كالمقصور ومنشأ الخلاف من خلافهما في التثنية، فسيبويه يقول: حذفت ألف «اللذيا» حين ثنوا حذفًا للتخفيف، وللفرق بين تثنية غير المتمكن، والمتمكن، فالحذف ليس لالتقاء الساكنين، والأخفش يقدرها ثم يحذفها لالتقاء الساكنين، ولم ينقل عن العرب شيء يستند إليه في جمع اللذيا، وقالوا في جمع اللتيا: اللتيات. وأما «اللاتي» فمذهب سيبويه وظاهر كلامه: أن العرب لا تصغر اللاتي. قال سيبويه: استغنوا بجمع الواحد المحقر السالم إذا قلت: اللتيات،

وأجاز الأخفش تحقير اللاتي فقال: اللويتا، واللائي فقال: اللويا، وأجاز غيره تحقير اللائي فقال: اللويا، واللائين فقال: اللويون، وهذا جار على مذهب الأخفش، إذ أجاز تصغير اللائي غير مهموز، وزعم المازني أن تصغير اللاتي: اللتيا، واللائي: اللييا، والصحيح أنه لا يجوز تصغير اللائي، ولا اللاى، واللاتي، ولا اللواتي استغناءً بجمع اللتيا عن ذلك، وهذا مذهب سيبويه، وتصغير هذه الأسماء لا يقتضيه قياس، فينبغي أن لا يتعدى فيه مورد السماع. وما حكاه الأخفش في الأوسط: من أنهم قالوا في تصغير اللاتي: اللويتيا، فلعل هذا مما جاء قليلاً كـ «وذر» و «ودع». وفي الغرة: قال الفراء: لم يسمع في تصغير الذين: اللذيين بالياء وقال الكسائي من قال اللذ، واللت، وصغر، فوجه الكلام أن تسكن الذال، والتاء تقول: الليذ والليت، أدخل ياء مشددة بين اللام والذال والتاء، وقال الفراء: يلزمه أن يقول: في الاثنين: الليذان قال: ولم يفعله. وقال الفراء: إذا صغرت اللواتي رددتها إلى الأصل، فقلت: اللتياتي، فإذا صغرتها على جهتها قلت: اللوياتي، ولو صغرتها على همزتها قلت: اللويائي قال بعضهم: وأحب إلي من هذين أن أقول: اللوياوات، انتهى.

وإذا صغرت «مهوأنا» فالقياس حذف الميم وأحد المضعفين فتقول: «هويئن» كما تقول في مطمئن، ومقشعر، وقيل «مهين» بحذف الهمزة، وإحدى النونين، وانقلاب الواو ياء، وإدغام ياء التصغير فيها، وإن شئت قلت: «مهيون» كما قلت في أسود (أسود). وتقول في «هندلع» في قول ابن السراج: هنيدل حذفت العين؛ لأنها آخر الكلمة، وهي عنده خماسية، وغيره يقول: هديلع بحذف النون، ولا يثبت هذا الوزن في الأصول. وفي «عفرية»: «عفيرية» وحكى بعض العرب: عفيرة شبهها بألف التأنيث التي في حبارى، وتقول إذا بنيت من الرمى اسمًا على وزن: سرداح: رمياء، وإذا صغرته فقال المبرد: تقول: رميى ولا يجوز أن تحذف منه شيئًا، ومثل هذا في كتاب سيبويه تقول في تصغير «عدوى»: «عديى»، ولا يجئ الحذف، لأنك لو حذفت لصار تصغيرًا بلا تصغير، وتقول في بردرايا: «بريدر» بحذف ثلاث الزوائد، وفي حولايا: حويلى، وتقدم الخلاف في

تصغير «حولاى» وجرجرايا. وفي «أموى» منسوب إلى أمية: أميى، وفي «ألندد»، في مذهب سيبويه: «أليد» بتشديد الدال، وفي مذهب المبرد «أليدد» بفك الدالين كحال تكبيره. وفي «مطايا» علم مذكر «مطى» على تقديرين مختلفين هما في قبائل علمًا: الخليل يقول: قبيئل، ولك أن تعوض فتقول قبيئيل، ويونس: قبيل، فعلى قول الخليل تحذف الألف التي قبل الياء، وعلى قول يونس تحذف الياء التي بين الألفين، لأنهما كالهمزة من قبائل، وجوز الفارسي الوجهين. وفي «مصران» علمًا لمذكر في مذهب أبي الحسن: مصيرين، والصحيح:

مصيران وقبل أن يكون علمًا لا تصغره على لفظه، بل ترده إلى جمع قلته الذي هو أفعله، فتقول: أميصره، واختلف في وزنه فمذهب أبي الحسن أنه «مفعل» من صار يصير وأن جمعه: مصران على سبيل الشذوذ، ومذهب الفارسي أنه فعيل وجمعه مصران مقيس. وفي «روية» مسهلاً من الهمز: رؤية مهموزًا، أو الواو أصل: روية. وفي «خطايا» علمًا لمذكر «خطيئ» ترد الهمزة كما تقول في «منسأة»: «منيسئة» بالهمز، وفي آجرة: آجيرة، بتشديد الراء، ولا تعوض، ولو حذفت الراء الواحدة وقلبت الألف واوًا قلت: أويجرة، وجاز التعويض فتقول أويجيرة، وفي «أسكرجة» وهي فارسية عربت قال الفارسي: «أسيكرة» بحذف الجيم، وعلى التعويض «أسيكيرة»، وكذا قياس التكسير إن اضطر إليه، وقياس ما ذكره سيبويه في «إبراهيم» سكيرجة. انتهى.

وتقول في «قوصرة» و «دوخلة»: دويخلة، وقويصرة، وقويصيرة، ودويخيلة، وفي «سفرجلة» «سفرلة» و «سفيرجلة» قال الفراء: و «سفيرجلة» بسكون الجيم أشبه بمذاهب العرب من تحريكها. وتقول في بناء اسم من المطي على فعائل: «مطاء» وتكسيره على مطايا وتصغيره: مطي هذا مذهب الخليل، ويونس، وقال المازني: تهمز فيهما فتقول: مطيء ومطاء، وفي «حمارة»: «حميرة» بتشديد الراء ولا يفك، وفي «طمر» خلاف مذهب لا يفك، ومذهب الفراء يفك، فتقول: طميرر. وفي «ثمانية» «ثمينية» تحذف ألفه، وتبقى الياء، و «ثمينة» تحذف الياء، وتبقى الألف، وهو رديء.

وإذا صغرت ثلاثون، وثمانون، وجداران اسم رجل قلت في مذهب سيبويه: ثليثون، وثمينون، وجديران، وفي مذهب المبرد: ثليثون، وثمينون بقلب الألف ياء، وإدغام ياء التصغير فيها. وإذا صغرت: أبا بكر، وأم بكر، وهما كنيتان، فمذهب الفراء تصغير الثاني فتقول: أبو بكير، وأم بكير، وسواء كانت الكنية لعاقل أم غير عاقل، وقياس البصريين تصغير الأب والأم فتقول: أبي بكر، وأميمة بكر؛ لأن الأول هو الذي يجمع، ويثني ويوصف، وإن لم يكونا كنيتين، فلا خلاف أنه لا يصغر إلا الأول، ومما شذوا في تصغيره: مغرب، وعشية، وعشى، وأصلان وليلة، وإنسان، وغلمة، وصبية، ورجل قالوا: مغيربان، وعشيشية، وعشيان، وأصيلان، وأصيلال، ولييلية وأنيسيان، وأغيلمة، وأصيبية، ورويجل. وتصغير الترخيم بحذف الزوائد كانت لإلحاق أو لغيره، فالثلاثي الأصول يرد إلى فعيل، فتقول في المزيد للإلحاق نحو: ضفندد، وخفيدد: ضفيد، وخفيد، وفي المزيد لغير إلحاق نحو: منطلق: طليق، ومستخرج، خريج، والرباعي الأصول يرد إلى «فعيعل» فتقول في نحل: زعفران: «زعيفر»

وهو جائز عندنا في العلم وغيره خلافًا للفراء، وثعلب، وقيل خلافًا للكوفيين؛ فإنه مختص عندهم بالعلم. ويشهد لمجيز ذلك في غير العلم قولهم: «جاء بأم الربيق على أريق» هو تصغير أورق، زعمت العرب أنه من قول رجل رأى الغول على جمل أورق، ولما صغره أبدل من واوه همزة، وقولهم: (يجرى بليق ويذم) هو تصغير أبلق، وقد استدلوا أيضًا بقولهم في مثل: «عرف حميق جمله» قالوا تصغير أحمق. وإذا صغرت هذا التصغير مؤنثًا نحو: غلاب، وسعاد، وزينب ألحقت التاء، أو مذكرًا بها فلا، أو صغرت صفة مؤنث نحو: طالق، وحائض، وناقة ضامر، لم تلحقه التاء، وإبراهيم، وإسماعيل، تقول فيهما: بريه، وسميع اتفاقًا، وإن وقع الخلاف في تصغيرهما غير الترخيم فقال المبرد: أبيره، وأسيمع، إذ الهمزة عنده محكوم بأصالتها، وقال سيبويه بريهيم، وسميعيل؛ إذ الهمزة عنده زائدة، وهو صحيح الذي سمعه أبو زيد، وغيره من العرب.

باب جمع التكسير

باب جمع التكسير الاسم الذي يدل على أكثر من اثنين، إما أن يكون له واحد من لفظه أو لا إذا لم يكن له واحد من لفظه، فإما أن يكون على أوزان الجموع الخاصة بها أو لا، إن كان فهو جمع واحده مقدر، نحو: عباديد، فأما (معافير) فمسمى بالجمع، و «حضاجر» جمع حضجر، و «سروايل» أعجمي، وقيل جمع سروالة، و «أعراب» جمع لمفرد لم ينطق به وقيل: هو وزن غالب في الجمع لا يختص به لقولهم: برمة أعشار وإن لم يكن على أوزان الجموع، فهو اسم جمع نحو: قوم، وإبل، وذود، ورهط؛ وإن كان له واحد من لفظه، فإما أن يوافقه في أصل اللفظ، والهيئة، أو في أصل اللفظ دون الهيئة: إن وافقه فيهما، فإما أن يجوز تثنيتهما قياسًا مطردًا أولا إن لا فليس بجمع كالمصدر إذا وصف به أو أخبر به، أو وقع حالاً، وكجنب؛ فإن الفصيح فيهما ألا يثنيا؛

فإن ثنى نحو: فلك، وهجان، ودلاص، فجمع عند أكثر النحويين، واسم جمع عند بعضهم وقيل: مفرد يذكر ويؤنث. وإن وافقه في أصل اللفظ دون الهيئة، فإما أن يصغر تصغير المفرد، أو يخبر عنه إخبار الواحد، أو يوصف بوصف المفرد أولاً: إن كان أحد ذلك، ولم يميز بتاء التأنيث، ولا ياء النسب مفرده فهو اسم جمع نحو: ركب، وصحب [ويجوز أن يعود الضمير ضمير جمع، والمنقول عن الأخفش: أنه جمع]، وذكر

الأخفش في الأوسط: أن قول الجمهور في ركب، أنه من هذا الباب، ثم قال: وما أراه في القياس إلا مطردًا قد قالوا: صائم، وصوم، ونائم، ونوم، وشاهد، وشهد، وزائر، وزور، وأنه يصغر على لفظه ثم قال: وإن صغرت شيئًا من هذا على واحده، فهو جائز على قبحه. انتهى. وهذا مخالف لما نقل السيرافي، وغيره عن الأخفش، أنه لا يجيز تصغيره على لفظه، وأنه يرده إلى الواحد، ويجرى مجرى الجموع المكسرة. وإن امتاز بتاء التأنيث، وجاء تذكيره وتأنيثه نحو: نخلة ونخل، أو غلب عليه التذكير نحو: تخمة وتخم، فهو اسم جنس خلافًا للفراء؛ إذ زعم أن بسرًا، وغمامًا، وعمامة جمع تكسير، وكذا عنده كل ماله واحد موافق في أصل اللفظ، أو التزم فيه التأنيث نحو: تخمة، وتخم، وبهم وبهم فهو جمع، والغالب على ما امتاز واحده بتاء التأنيث من اسم الجنس التذكير قاله أبو حاتم قال: وعليه أكثر العرب قال: وربما أنت أهل الحجاز، وغيرهم بعض هذا، ولا يقيسونه في كل شيء، لكن من خواص يقولون: هي البقر. و «البقر» في القرآن مذكر، وما علمنا أحدًا يؤنث الرمان، ولا الموز، ولا العنب.

وقال ابن سيده: التذكير والتأنيث سواء في الاستعمال والكثرة، وإن امتاز بياء النسبة نحو: رومى، وروم، وزنجي وزنج فهو اسم جنس. قال الفارسي: وقياس هذا أن يجرى فيه التذكير والتأنيث على معنى الجمع، وعلى معنى الجماعة، وليس ما قاله على إطلاقه للروم، والزنج وما أشبههما أهم عقلاء فهم كـ (رجال)، وعبيد تقول: غلبت الروم، وذل اليهود، وتقول: قامت الرجال، وهي الرجال، ولا تقول: هو الرجال إلا نادرًا، وتقول: الثمر أزهى، والرطب طاب، ولا تقول: الروم كفر، ولا اليهود ذل، كما لا تقول: الرجال قام. وقد منع سيبويه من هذا، وقلل ما جاء منه، ومنع القياس عليه، وكذلك الروم، واليهود، تقول: كفروا، وذلوا وقد تقول: الروم كفرت كما تقول: الرجال قامت، وهو قليل، وهو في اليهود، والمجوس يجوز جوازًا حسنًا كثيرًا، وإن عرى عن هذا كله، فإما أن يصح عطف أمثاله عليه أولا، إن لم يصح نحو: قريش فليس بجمع، إذ ليس مدلوله جماعة منسوبين لقريش، فهو مخالف لقرشي إذا عطف أمثاله عليه، وإن صح فإما أن يكون على وزن الجموع المتفق عليها أو لا إن لم يكن نحو: ظؤار، وتؤام، وضين، فاسم جمع

على الصحيح، ويجوز أن تقول: ظئر، وظؤار، وتوأم، وتؤام فتعطف، وإن كان على وزن الجموع المتفق عليها نحو: رجال فهو جمع تكسير. وما بين واحده وجمعه تاء التأنيث فتكسيره محفوظ لا ينقاس نحو: رطبة، وأرطاب، وتجريده من التاء يدل على الكثرة إلا في كمء، وكمأة، في إحدى اللغتين، وجمعه بالألف والتاء يدل على القلة نحو: «تمرات» وكذا جمع التصحيح في المذكر والمؤنث، إلا أن تدخل عليهما (أل) والإضافة إلى الكثرة، فخرج بذلك عن أصل موضوعه الذي كان له قبل (أل) والإضافة. وأماثلة القلة: «أفعل»، و «أفعال»، و «أفعلة»، وجمعا التصحيح العاريان مما ذكرنا، و «فعلة» خلافًا لابن السراج في زعمه أنه اسم جمع

لا جمع، وليس من جموع القلة «فعل» نحو: ظلم، ولا «فعل» نحو «سدر»، ولا «فعلة» نحو: قردة خلافًا للفراء، بل هن جموع كثرة. وقد يكون للاسم جمع قلة، وجمع كثرة نحو: كلب، وأكلب، وكلاب، وقد يختص الاسم ببنية القليل كـ (رجل) وأرجل، وبنية الكثير: كرجل، ورجال، فيستعمل إذ ذاك للقليل، والكثير، وقد يستغنى بجمع القليل عن جمع الكثير، وهما مستعملان نحو: قوله تعالى: [ثلثة قروء] (وهو جمع قرء) وقد جمع في القلة على «أقراء» فاستغنى بقروء عنه. وما حذف في الإفراد من الأصول رد في التكسير نحو: شفة وشفاه، وستة، وأستاه؛ فإن بقى في الإفراد بعد الحذف على ثلاثة أحرف كسر عليها نحو: (باز) وأبواز، والخماسي الأصول، وموازن مفعول وغيره، والثلاثي المضعف العين، والمزيد أوله ميم مضمومة يغني غالبًا تصحيحه عن تكسيره مثال

ذلك، فرزدقون، ومضروبون ومضروبات، وشرابون وشريبون، وحسانون، وزملون، وجيئون، وقالوا على استكراه: فرازد، وسفارج. وقالوا: مشائيم، ومكاسير، وملاعين، ومساليخ، وقالوا: جبابرة، ودجاجلة، وأنشد سيبويه لابن مقبل: إلا الإفادة فاستولت ركائبنا * عند الجبابير بالبأساء والنعم فإن كان الثلاثي مضعف العين واللام نحو: مر جاز تكسيره قالوا: أمرار،

فإن كان المضموم ميمه لمؤنث على مفعل نحو: مطفل في ألفاظ كثيرة، أو على مفعل كـ (امرأة مكعب) في ألفاظ يسيرة، أو على مفعل نحو: امرأة ملذ، وناقة منعب، أو على مفعل نحو: خادم متبع، أو على مفعل نحو: أرض مجهل، جمع هذا كله جمع التكسير لا التصحيح، إلا ما كان فيه تاء التأنيث نحو: مكرمة فيجمع تصحيحًا. وقد يستغنى عن التكسير في بعض صفات المذكر العاقل بالتصحيح قالوا: حلوون، وجدون، وندسون فهذه لم تكسر، وقالوا: مر ومرون وأمرار فجمعوه الجمعين معًا. وجرت عادة أكثر النحويين سيبويه وغيره أن يتكلموا في جمع

التكسير على بنية الموزون فيقولون: مثلاً فعل يجمع على كذا وتكلم بعضهم فيه على أبنية الجمع كما نفعل نحن، ونبدأ بأبنية جموع القلة فنقول: يطرد «أفعل» في شيئين: أحدهما في جمع اسم ثلاثي صحيح العين على «فعل» نحو: كلب وأكلب، وسواء في ذلك المضعف نحو: صك وأصك، والمعتل اللام نحو: دلو، وأدل، وظبى وأظب، إلا إن جمعته العرب على غير ذلك، فيتبع المسموع. و «أفعال» في الواوي الفاء، والمضعف نحو: وهم، وأوهام، وعم وأعمام أكثر من «أفعل»، وقالوا: وجه، وأوجه، وكف، وأكف شذوذًا وربما خصوا «بفعول» المضعف فلم يجمعوا على غيره قالوا: جد وجدود، وحظ وحظوظ، وشذ «أفعل» في معتل العين نحو: سيف و «أسيف»، و «ثوب» وأثوب، والثاني في جمع مؤنث بلا علامة رباعي بمدة ثالثة مثاله:

عناق، وذراع، وكراع، ويمين تقول: أعنق، وأذرع، وأكرع، وأيمن؛ فإن كان مذكرًا كـ (طحال)، أو مؤنثًا بالتاء كـ (سحابة)، أو رباعيًا بلا مدة لم يجمع هذا الجمع إلا ما شذ من قولهم: طحال وأطحل، وهو مذكر، وكذا عنان، وأعن، وجنان وأجن، وجاء أجنن مفكوكًا في الشعر، ومكان وأمكن على قول سيبويه جعل وزن «مكان» فعالاً. ويحفظ «أفعل» في اسم، وفي صفة على فعل نحو: ذئب وأذؤب وجلف، وأجلف وفي اسم على فعل كجبل وأجبل، و «فعل» كقفل

وأقفل، و «فعل» كـ «قرط» أقرط، و «فعل» كـ «ضبع»، وأضبع و «فعل» كـ «ضلع» وأضلع، و «فعلة» كأكمة وآكم، و «فعلة» كنعمة وأنعم، ونحو: [عبد ورسول مما استعمل من الصفات استعمال الأسماء جمع جمعها قالوا: أعبد، وأرسل]؛ فإن كان الاسم مؤنثًا على فعل نحو: قدم، فزعم يونس، والفراء أنه يطرد فيه أفعل نحو: أقدم، أو على فعل نحو: قدر، أو فعل نحو: غول أو فعل نحو: عجز، أو فعل نحو: عنق، فزعم الفراء أنه يطرد فيها أفعل، ولا يطرد عند الجمهور لا فيهن ولا في فعل. ويطرد «أفعال» في جمع اسم ثلاثي لم يطرد فيه «أفعل» مما كان على

«فعل» نحو: بيت وأبيات، وحوض وأحواض، وعلى «فعل» نحو: حزب وأحزاب، وفعل جمل وأجمال، وغلب في نحو لبب قالوا: ألباب، وفي نحو: صدى قالوا: أصداء، وظبي وأظباء، وفي «فعل» عضد وأعضاد، و «فعل»: عنب وأعناب، و «فعل» نمر وأنمار، و «فعل»: طنب، وأطناب وفعول معتل اللام بالواو، فلو وأفلاء، وعدو وأعداء وقل في

فعل معتل العين: خال وأخوال، وحال وأحوال، وندر في فعل: رطب وأرطاب وفعل: صلب وأصلاب، ويحفظ في «فعل» صحيح العين: زند وأزناد، وورد منه ما لا يكاد يحصى، فلو ذهب ذاهب إلى اقتياس ذلك لذهب مذهبًا حسنًا. وذهب الفراء إلى أنه ينقاس فيما فاؤه همزة نحو: ألف وآلاف، أو واو نحو: وهم وأوهام، ومذهب الجمهور أنه لا ينقاس فيهما، ويحفظ أيضًا في فعيل بمعنى فاعل نحو: شريف، وأشراف، وكمى وأكماء. وقال ابن يسعون، وجماعة: كمى فعول لا فعيل، وروى ذلك عن الفارسي، وفي فعال نحو: جبان وأجبان وفعلة بركة وأبراك، وفي نحو: شعفة،

وقصرة: أشعاف وأقصار [ونضو وأنضاء، ولقوة وألقاء، وحر وأحرار، ومر وأمارار، وخلق وأخلاق] وفيقة وأفواق، ونمرة وأنمار، وجلف وأجلاف، وعرب وأعراب، وسمل وأسمال، وجنب وأجناب،

ويقظ وأيقاظ، ونجد وأنجاد، ونكد وأنكاد، وفرخ وأفراخ، وكئود وأكواد، وقماط وأقماط، وغثاء وأغثاء، وخريدة وأخراد، وميت وميتة وأموات، وجاهل وأجهال، وواد، وأوداء، وذوطة وأذواط،

وأغيد وأغياد، وأعزل وأعزال، وقحطان وأقحاط. ويطرد (أفعلة) في اسم مذكر رباعي بمدة ثالثة نحو: طعام وأطعمة، وحمار وأحمرة، وغراب وأغربة، ورغيف وأرغفة، وعمود وأعمدة، وشذ في كتاب: كتب، ولم يقولوا: أكتبة، وغير أفعلة من الجموع فيما المدة فيه ألف شاذ، إن كان على فعال وفعال نحو: عنان وعنن وحجاج وحجج، أو معتل لام نحو: سماء المذكر بمعنى المطر قالوا: أسماء وسمي وقياسه: أسمية. وهو مسموع فيه ويحفظ في نحو: شحيح، ونجى، ونجد، ووهى، وسد، وقدح، وقن، وخال، وقفا، وجائز، وناحية، وظنين، ونضيضة، وعيى، وجزة، وعيل، وعقاب، وأدحى، ورمضان، وخوان قالوا: أشحة،

وأنجية، وأنجدة، وأوهية، وأسدة، وأقدحة، وأقنة، وأخولة، وأقفية، وأجوزة، وأنحية، وأظنة، وأنضة، وأعية،

وأجزة، وأعيلة، وأعقبة، وأدحية، وأرمضة، وأخونة وقالوا واد وأودية، وطيئ تقول: أوداة، ورحى وأرحية، وباب وأبوبة، وندى، وأندية على خلاف فيه، ولا تطرد «فعلة» بل تحفظ في فعيل كـ «صبي» وصبية، وجليل، وجلة، وفي فعل كفتى وفتية، وولد،

وولدة، وفعال كغلام وغلمة، وشجاع وشجعة، وفعال كغزال وغزلة، وفعل كثنى وثنية قاله الفارسي.

جموع الكثرة منها: (فعل) لأفعل، وفعلاء أحمر، وحمراء تقول في جمعها: حمر، فإن كان «أفعل» لا مقابل له من حيث الخلقة كآدر، وأعزل، وأقلف، وأكمر، وفعلاء لا مقابل لها كعذراء، ورتقاء وعفلاء، وكذلك تقول: أدر، وعزل، وعفل، ولو اشتركا في الوصف، واشتهر كل منهما باستعمال لفظ يدل على المعنى كرجل آلي، و «امرأة عجزاء» في أشهر اللغات، ففي اقتياس جمعه على «فعل» خلاف. أو لم يشتهر وصار مختصًا به لم يذكر له مقابل، لا من لفظه، ولا من معناه

نحو قولهم: في الفرس الذكر الخفيفة الناصية: أسفى، ولم يقولوا للمؤنثة «سفواء». وقالوا: ديمة هطلاء، ولم يقولوا مطر أهطل، فالقياس: سفو وهطل؛ فإن كان مضعفًا نحو: أغر، وغراء، أو معتل اللام كـ (أعمى)، وعمياء، وأعشى، وعشواء، أو معتل العين كـ (أسود وسوداء)، وأبيض، وبيضاء تعين سكون عين «فعل» تقول: غر، وعمى، وعشو، وسود، وبيض، ويكسر ما قبل الياء في (نحو) بيض لتصح؛ فإن كان صحيح العين، واللام جاز في الشعر ضم عينه فتقول: (حمر) بضم الميم. ويحفظ في فعول، وفعيل معتلى اللام نحو: عفو، وثنى، وفي نحو:

ورد صفة، وخوار، وخوارة، ونميمة، وعميمة، وبازل، وعائذ، وحاج وأسد، وأظل، وبدنة قالوا: عفو، وثنى، وورد وخور، ونم، وعم، وبزل، وعوذ، وحج، وأسد، وظل، وبدن. فأما «سقف»، فذكر ابن مالك أنه جمع سقف. وذكر النحاة أن سقفًا جمع على «سقف» بضم القاف، ويخفف فيقال: سقف، وزعم بعضهم

أن من قرأ و [سقفًا] بالضم؛ فإنه جمع «سقيفًا» على سقف، وقيل: لم يوجد له نظير فحمل على ماله نظير، وليس كذلك، بل قد نقل: سخل وسخل بإسكان الخاء وقالوا: ذباب وذب، ولذيذ، ولذ، ونقوق، ونق، وكثر «فعل» في نحو: دار ودور، ونار ونور، وفارة، وفورة، وندر «فعل» في زغبوب قالوا: زغب، وقياسه زغابيب كزغبوب وزعابيب، والباء فيه للإلحاق بعصفور فقياسها ألا تحذف. (فعل): يطرد في فعول صفة لا بمعنى مفعول نحو: صبور وصبر،

وفي اسم مذكر على فعول عمود وعمد، وفعيل قضيب وقضب، وفي اسم لمذكر ومؤنث على فعال: قذال وقذل، وأتان وأتن، وفعال حمار وحمر، وذراع وذرع، لا مضعفين نحو: جنان، ومداد، وندر «وطط» وعنن جمع عنان ويحفظ مطلقًا في: فعل: رهن ورهن، وفعل: نمر، ونمر وخشن وخشن، وفعيلة: صحيفة وصحف، وخريدة وخرد، وفي صفة على فعيل لا بمعنى مفعول: نذير، ونذر، ولذيذ ولذذ، وفاعل: شارف وشرف، وفعلة: فرحة، وفرح، وفعال: ثقال، وفعال كناز

وكنز، وقيل ينقاس في فعال وفعال: فعل، فتقول: صناع وصنع، ودلاث ودلث، لأنهما بمنزلة فعول في كونهما لا يجمعان بالواو والنون، ولا على فعائل، وفي اسم على فعال: قراد، وقرد، وقيل هو مقيس، والصحيح قصرة على السماع، وفعلة: ثمرة وثمر، وفعل: حدج وحدج، وهذا الجمع إن كانت عينه واوًا فلا تحرك عينه بالضم عند البصريين إلا في الشعر نحو: سواك وسوك، وسوار وسور. وقال الفراء: ربما قالوا: عون كرسل فرقوا بين جمعى العانة والعوان، أو ياء نحو: سيال وعيان جاز تحريكهما بالضم فتقول: سيل، وعين، وتسكينهما

بكسر ما قبلهما لتسلم الياء، فتقول: عين، وسيل كبيض، أو مضعفًا على فعيل اسمًا نحو: سرير، وسرر، فلم يحك سيبويه في عينه إلا الضم. وحكى أبو عبيدة وغيره في الفتح، وأنه قياس فتقول: سرر، وهو منقول عن بعض تميم وكلب، فإن كان صفة لا بمعنى مفعول نحو: ذليل وذلل، وجديد وجدد، فأجاز الفتح فيه أبو الفتح، والأستاذ أبو علي، وابن مالك، ومنع من ذلك ابن قتيبة، وغيره من اللغويين، وهو اختيار شيخنا أبي الحسن بن الضائع، وإن كان غير ما ذكر جاز سكون عينه تقول: حمر وقذل، وربما سكن في المضاعف قالوا: ذباب وذب. فعل يطرد في اسم على فعلة صحيح اللام غرفة وغرف، ومضعف (عدة) وعدد ومعتل اللام عروة وعرى، ونهية

ونهى وفعلة: جمعه وجمع، والفعلى أنثى الأفعل: الكبرى والكبر والعليا والعلى، والقصوى والقصى؛ فإن كان مضاعفًا كالأجل والجلى. وقاسه المبرد في فعل مؤنثًا بغير تاء نحو: جمل وجمل، والفراء في نحو: الرؤيا فيقول في رجعى المصدر: رجع كما قالوا: الرأى، وفي نحو: نوبة مما ثانيه واو ساكنة على فعلة فتقول: جوزة وجوز، كما قالوا: نوبة ونوب، والصحيح أنه لا ينقاس إلا في فعل، ولا الفعلى، ولا الفعلة المذكورات، ويحفظ أيضًا فيما كان على فعلة وصفًا نحو: بهمة، وفي نحو: تخمة، ونفساء، وظبة، ولغة، وبرة،

وعجاية، وقرية، ونزوة، وشهوة، وكوة، وحلية، ولحية، وعدو، قالوا: بهم، وتخم، ونفس، وبعضهم شدد الفاء وظبي، ولغى، وبرى، وعجى، وقرى، ونزى، وشهى، وكوى، وزعم الفراء أنه جمع كوة بضم الكاف، فيكون مقيسًا، وحلى، ولحى، وكسر بعضهم الفاء فقال: لحى وحلى، فيكون مقيسًا، وعدى، والمشهور لزوم التاء فيه قالوا: عداة. فعل يطرد لاسم تام على فعلة فرقة وفرق، وحجة وحجج، ومرية ومرى، وديمة، وديم، وزعم بعض أصحابنا أنه لم يجيء «فعلة» صفة بالتاء وليس كما زعم، ففي المخصص: صغرة، وكبرة، وعجزة وفرقة في ألفاظ هي صفات هكذا للمفرد والمثنى والمجموع، فإن كان غير تام لم يجمع على فعل نحو: رقة ورقة. ويحفظ في فعلى اسمًا ذكرى وذكر، وفي فعله يائي العين: ضيعة، وضيع، وقاس عليهما الفراء ويحفظ في فعلة واحد فعل نحو: سدرة وسدر، وفي

المعوض من لامه تاء عزة وعزى، لثة ولثى وفي معدة: معد، ونقمة ونقم وقشعة: قشع، وهضبة وهضب، وقصعة: قصع، وجفنة وجفن، وحلقة وحلق، وقامة: قيم، ولبنة: لبن، وحاجة: حوج، وهدم وهدم، وذربة وذرب، وصمة وصمم، وصورة: صور، وقوة: قوى. فأما «عدو» وعدى، فذكر ابن مالك أن «عدى» جمع على فعل، وذكره التصريفيون في أبنية الأسماء المفردة، وأما (حدأة) وحدأ فذكر

ابن مالك أن «حدأ» جمع، والذي يظهر أنه اسم جنس؛ إذ بينه وبين واحده تاء التأنيث، وذكر أيضًا أن «فعلا» يكون جمعًأ لفعيلة نحو: بنيقة وبنق، وشكيكة وشكك، وقاس المبرد فعلاً في جمع فعل المؤنث بغير تاء نحو: هند وهند كما قاس في (فعل) فعلا، والصحيح أن جاء قصرهما على السماع. (فعال) يطرد في اسم، ووصف على فعل غير يائي العين نحو: كلب وكلاب، وصعب، وصعاب، وفي اسم وصفة على فعلة، ولو يائي العين جفنة، وجفان، وصعبة وصعاب، وغيضة وغياض وفي اسم على فعل: جبل وجبال، والأكثر استغناؤهم بأقلام عن قلام، والمضعف نحو: طلل، والمعتل اللام نحو: فتى لا يجمع على فعال بل قياسهما على أفعال، وعلى فعلة: رقبة ورقاب،

وحسنة وحسان، وفعل: ذئب وذئاب، وبئر، وبئار، [وفعل رمح ورماح لا يائي اللام نحو: مدى، ولا واوي العين نحو: حوت]. وفي وصف صحيح اللام على فعيل بمعنى فاعل، وفعيلة بمعنى فاعلة نحو: ظريف وظريفة وظراف، وطويل وطويلة وطوال، ولم يجاوز في الواوي العين إلا التصحيح نحو: طويلون، وطويلات. وزعم العبدي: أن «فعالا» يختص بجمع فعيلة المؤنث، وهو خطأ بل المذكر والمؤنث يجمعان على فعال يشتركان فيه، وعلى فعلان وفعلانة ندمان، وندمانة وندام، أو فعلان أو فعلى أنثاه غضبان وغضبى، وريان وريا: غضاب، ورواء.

ويحفظ في وصف على فاعل وفاعلة صائم وصائمة، وصيام، راع، وراعية ورعاء، وآم، وآمة وإمام، وعلى فعل أنثى، وإناث، وربى ورباب، وفعال: جواد، وجواد، وفعال: هجان، ودلاص للواحد، والجمع والتقدير في الحركات مختلف. وكثير من أهل اللغة يجعلون «هجانًا ودلاصًا» من باب «جنب»، قال أبو عبيد: هجان لفظ مفرد يقع للواحد والجمع، ولم يذكر سيبويه هذا، ولا يطلق هجان، ودلاص على المثنى لا يقال: ناقتان هجان، ولا درعان دلاص. وحكى الجرمي: أنه يقال ذلك، وقد جمع هجان ودلاص على فعل قالوا: نياق هجن، ودروع دلص. وفيعل: خير وخيار، وأفعل فعلاء: أعجف وعجفاء وعجاف، وأجرب، وجرباء وجراب، وأبطح وبطحاء وبطاح، وفعيل: بمعنى مفعول: ربيط

ورباط، وفعل: ثط وثطاط، وكث وكثاث، وورد ووراد، ويحفظ في اسم على فعول: خروف، وخراف، وقلوص وقلاص، وفعلة: لقحة ولقاح، وفعل، وفعلة نمر ونمرة ومار، وفعالة عباءة وعباء، وفعلة: برمة وبرام، ونقرة ونقار: وجفرة وجفار، وبرقة وبراق، وفعل ربع

ورباع، وفعل: جمد، وجماد، وقرط وقراط، وخف وخفاف، وعش وعشاش، وخص وخصاص، وقف وقفاف وهو في المضاعف كثير، وفعل: رجل ورجال، وسبع وسباع، وضبع وضباع، وفعل: رخل ورخال، وفعيل اسمًا فصيل وفصال، وأفيل وإفال، ووصفًا مضعفًا: شديد وشداد، وصحيح وصحاح، وفعلان: سرحان وسراح، وضبعان وضباع، وندر في فعل يائي العين: ضيف وضياف أو الفاء يعر، ويعار، وفي أيصر، وحدأة

وقنينة قالوا إصار، وحداء وقنان. فعول: يطرد في اسم على فعل: كعب وكعوب، ولا يطرد في واوي العين نحو: يوح ويوح، بل في يائيه بيت وبيوت، وليث وليوث، وغيث وغيوث، وعين وعيون، وفعال وفعول كثرا في جمع فعل الصحيح العين فعلى أيهما جمعته العرب اتبع؛ فإن لم يحفظ واحد نظر في باقي أبنية الجموع، فإن جمع على واحد منها أو أكثر اتبع؛ فإن لم يوجد جمع على واحد منهما على التخيير، وعلى (فعل) جسم وجسوم، وفعل غير مضعف ولا معتل نحو: برد وبرود؛ فإن ضوعف نحو: خف، أو أعل بالواو عينًا كحوت، أو بالياء لامًا كثدي، وظبى لم يجمع على فعول إلا ما شذ في المضعف نحو: حص

وحصوص، وفي المعل لامًا بالياء نحو: نؤى، ونؤى، وعلى فعل أسد وأسود، وقيل يتصر فيه على السماح، وعلى فعل كبد وكبود، ولبد ولبود، وكرش وكروش، ويحفظ على فاعل وصفًا: شاهد وشهود، وباك وبكى؛ فإن ضوعف كراد أو أعلت عينه كقائم فلا يحفظ، وفاعله: آنسة، وأنوس، وفعل: كهل وكهول، وفسل وفسول، وضيف وضيوف، وفعل المضعف: طلل وطلول ومعتل العين: ساق وسوق،

وفعال عناق وعنوق، وسماء وسمى، وفعالة: هراوة، وهرى، وفوعل: قونس وقنوس، وفعول شصوص وشصوص وقال: شصائص على القياس. وفعل واوي العين: فوج وفوج، وفعلة: بدرة وبدور، ومأنة ومئون، وصخرة وصخور، وفعلة صحيحًا ومضعفًا: شعبة وشعوب،

وقنة وقنون، وفعيل ظريف وظروف، وخبيث وخبوث، كسروهما على حذف الزيادة قاله: الجرمي، والفارسي، ويرى المبرد هذا في كل ما فيه زيادة من الثلاثي الأصل، وتسمية تصغير الترخيم فقال: هو جمع ترخيم، وهو عند الخليل وسيبويه مما جمع على غير واحده المستعمل؛ لأنه مخالف لما يجب فيه تسكين فهو تكسير ما لم ينطق به كالمذاكير، وأجاز السيرافي أن يكون اسم جمع، وأجاز أن يكون جمع تكسير شذوذًا. وعلى «فعيلة» أسينة وأسون، وفعول، وفعال يشتركان كثيرًا، وقد تلحقهما التاء كحجارة، وفحالة، وفحولة، وعمومة، وذلك قليل ولا يطرد، وقد يستغنى عنهما بفعيل قالوا: ضأن وضئين، ومعز ومعيز، وقالوا: أمعاز، وكلب، وكليب، وعبد، وعبيد، وبفعال قالوا: ظئر،

وظؤار، ويد، ويدى، ولم يأت من فعل على فعيل غير هذا. وقال أبو حاتم: كليب جمع لكلاب وكلاب جمع لكلب، وكليب جمع الجمع، ورخل ورخال، وقيل فعيل، وفعال اسم جمع، وقيل جمعًا تكسير، وقيل: فعيل جمع تكسير، وفعال اسم جمع؛ فإن عاد الضمير على فعيل مذكرًا كان اسم جمع. فعل: يطرد في وصف على فاعل، وفاعلة نحو: ضارب وضاربة وضرب فيهما، ونقل في المعتل اللام نحو: ساق وسقى، وعاف وعفى، وغاز وغزى، وجان وجنى، وندر في سخل ونفساء وسرو وخريدة، وأخرس وأعزل: سخل، ونفس، وسرأ، وخرد، وقالوا: خرائد على القياس: وخرس، وعزل وأنكر لكذة الأصبهاني: جمع أعزل على عزل وهو ثابت في كلام العرب.

فعال: يطرد في وصف مذكر على فاعل نحو: ضارب وضراب، وصائم وصوام، وقيل ينظر ما سمع من فعل، وفعال، فيتبع؛ فإن لم يسمع، فالرجوع في المذكر العاقل إلى الواو والنون، وفي المؤنث إلى الألف والتاء؛ فإن اختل بعض شروطهما جمع بأيهما شئت ما لم يرد سماع بخلافه، وفعال سماع في المؤنث ولا ينعكس، ويقلان في المعتل اللام قالوا: غاز وغزاء، وسار، وسراء وجان، وجناء، وقالوا في: سخل، ونفساء: سخال، ونفاس وقالوا في: حكيم وحفيظ: حكام، وحفاظ، ويجوز أن يكونا جمع حاكم وحافظ استغنى بهما عن جمع حكيم، وحفيظ. فعلة: لفاعل وصفًا لمذكر صحيح اللام عاقل نحو: كافر وكفرة، وبار وبررة، ويقال فيما لا يعقل نحو ناعق ونعقة، وندر في خبيث، وسيد، وخير، وأجوق، ودنغ، قالوا: خبثة، وسادة، وخارة الأصل سودة

وخيرة، وجوقة، ودنغة قيل: وقالوا: بر وبررة، يجوز أن يكون من باب الاستغناء عن جمع بر بجمع بار. فعلة: لفاعل معتل اللام وصفًا لمذكر عاقل نحو: قاض وقضاة، وهو عند الجمهور فعلة، والفراء يقول أصله فعل بتضعيف العين، والهاء فيه عوض مما ذهب من التضعيف، وقيل وزنه فعلة «بفتح الفاء» وضمت فرقًا بين المعتل الآخر، ولاصحيح، وشذ فيه: غاز، وغزى، وعاق، وعقى، وقد قرأ الحسن والزهري [غزى] بتخفيف الزاي، وندر في هادر، وكمى، ورذى وباز قالوا: هدرة، وكمأة، ورذاة، وبزاة وقيل في «غوى وعريان وعدو» قالوا: غواة، وعداه، وعراه، ويجوز أن يكون جمع «غاو» وعار، وعاد استغنى به عن جمع ذلك.

فعلة: لاسم صحيح اللام على فعل كثيرًا نحو: درج ودرجة، وقرط وقرطة، وكوز وكوزة، وعلى فعل وفعل قليلاً نحو: زوج وزوجة، وغرد وغردة، وجبء وجبأة، وفقع وفقعة، وقرد وقردة، وحسل وحسلة، وندر في علج صفة وفي وقعة، وهادر، وكتف، وذكر ضد أنثى، وخطرة، قالوا: علجة ووقعة، وهدرة، وكتفة، وذكرة، وخطرة. فعلى: لفعيل بمعنى مات نحو: قتيل وقتلى، وصريع وصرعى أو موجع: جريح وجرحى، وأسير وأسرى، ويحمل عليه ما دل على ذلك من فعيل نحو: مريض ومرضى، وفعل نحو: زمن،

وزمنى، وفعلان نحو: سكران وسكرى، وفيعل ميت وموتى، وأفعل نحو: أنوك ونوكى، وأحمق وحمقى، وفاعل هالك وهلكى، وندر في كيس، وذرب، وجلد قالوا: كيسى، وذريى، وجلدى. فعلى: لظربان، وحجل قالوا: ظربى وحجلى، وقال الأصمعي: الحجلى لغة في الحجل، وقال الفارسي: حجلى جمع حجل قال: وهو الذكر والأنثى حجلة وقيل: الحجلة تقع على الذكر والأنثى. فعلاء لفعيل وصفًا لمذكر عاقل بمعنى فاعل نحو: ظريف وظرفاء واستغنوا في صغير، وصبيح، وسمين بفعال عن فعلاء قالوا: صغار وصباح وسمان، أو بمعنى مفعل قالوا: سميع وسمعاء وهذا فيه نظر، أو بمعنى مفاعل جليس وجلساء، وحمل عليه خليفة وخلفاء، وهذا مذهب سيبويه.

وجعل الفارسي: خلفاء جمع خليف، وخلائف جمع خليفة، وسمع خليفة وخليف، فناسب كل منهما أن يجمع على ما يقتضيه القياس، وحكى غير سيبويه فقيرة وفقراء، ولم يقولوا: فقائر، وقالوا: سفيه، وسفهاء وسفائه، والذي يظهر أن سفهاء جمع سفيه، وسفائه جمع سفيهة. ويحمل على فعيل ما دل على حمد، أو ذم من فعال نحو: شجاع وشجعاء وبعاد وبعداء، وفاعل على نحو: صالح وصلحاء، وجاهل وجهلاء، [وندر في المعتل اللام سرى وسرواء، وتقى وتقواء، وسخى وسخواء] وندر فعلاء في رسول، وودود، وحدث قالوا: رسلاء، وودداء، وحدثاء، وفي «فعيل» بمعنى مفعول في أسير، وقتيل، وسجين، ودفين، وجليب، وستير

قالوا: أسراء، وقتلاء، وسجناء، ودفناء، وجلباء، وستراء، وقالوا: في سمح، وخلم بالخاء المعجمة سمحاء، وخلماء. أفعلاء: لوصف صحيح على فعيل مضاعف أو معتل اللام نحو: شديد وأشداء، وصحيح وأصحاء، وغني وأغنياء، وولي وأولياء، ويحفظ في نحو: نصيب، وصديق، وكريم، وهين، وقز. قالوا: نصيب وأنصباءن وخميس وأخمساء، وربيع وأربعاء، وأصدقاء وأهوناء، وأقزاء، قيل ونذر في صديقة قالوا أصدقاء، وفي الحديث «أرسلوا إلي أصدقاء خديجة»، جمع صديقة، ويجوز أن يكون جمعًا لصديق؛ إذ يطلق على المذكر والمؤنث تقول هي صديق. فعلان: لاسم على فعل نحو: صرد وصردان، وفعل:

خرب وخربان، وخال وخيلان، وفتى وفتيان، وأخ وإخوان، وفعال: غراب وغربان، وغلام وغلمان، وفعل واوي العين، حوت وحيتان، ويحفظ في اسم على فعل: قنو وقنوان، وفعال صوار وصيران، وفعال: غزال وغزلان، وفعول: خروف وخرفان، وفعيل:

ظليم وظلمان، وفاعل: حائط وحيطان، وفعلة: نسوة ونسوان، وفعل: عبد وعبدان، وفعلة: قضفة وقضفان، وفعلة: بركة وبركان، وفعلة: أمة وإموان وأصل أمة أموة، وفي وصف على فعل: شيخ وشيخان، وضيف وضيفان، وفعال: شجاع وشجعان، وندر في كروان، وفلتان، وصميان، وضفن قالوا: كروان، وفلتان، وصميان، وضفنان،

فعلان: لاسم على فعيل رغيف ورغفان، وفعل الصحيح العين ذكر وذكران، وفعل: بطن وبطنان، وفعل ذئب وذؤبان، وقيل: هو قليل في فعل: ويحفظ في فاعل: حاجز وحجزان، وراع ورعيان، وأفعل فعلاء: أسود وسودان. وزعم الفراء: أن فعلانًا في هذا ونحوه جمع لفعل جمع أفعل، وقال أبو زيد أحمد بن سهل: بيض، وسود، وحمر في الجمع الأدنى، فإن جمع منه شيء في الجمع الأقصى كان على فعلان، وهو جمع الجمع وهو بيض وبيضان، وسود، وسودان، وعمى وعميان، وبرص وبرصان، وكذلك القياس في كله. انتهى. ودل كلامه على أنه مقيس، ويحفظ في نحو: حوار (قالوا) حوران،

وزقاق وزقان، ونحو: ثنى وثنيان، وقعيد، وقعدان، ونحو رخل ورخلان، وجذع وجذعان، وشذوذه أنه صفة. فواعل: لفاعل غير موصوف به مذكر عاقل مما ثانيه ألف زائدة نحو: حائط وحوائط، وعال وعوال، وسال وسوال، وشذ واد، فلم يجمعوه على فواعل، ونحو: حاتم علمًا حواتم، وطابع وطوابع، ونافق ونوافق، وحائض وحوائض، وشامخ وشوامخ، وهو مطرد في صفة ما لا يعقل بنص سيبويه، وغلط من قال بشذوذه، أو ثانيه واو غير ملحقة بخماسي نحو: جوهر وجواهر؛ فإن ألحقت به لم يجمع على فواعل، بل تسقط الواو نحو: خورنق، وكوألل تقول: خرانق، وكآلل.

فإن انفصلت العين في الإفراد نحو: ساباط، وجاموس، وطومار، وتوراب، وعاشوراء، فصل بياء نحو: سوابيط، وجواميس، وطوامير، وتواريب، وعواشير، وشذ نحو: دخان ودواخن، وقال النحاس: هو جمع «داخنة». ويجمع «دخان» على «دخان» و «أدخنة» وهو القياس كأغربة وعثان، وعواثن، وشجن، وشواجن، وهي أعالي الأودية، وحاجة وحوائج، وسمع حائجة، فجاز أن يكون «حوائج» جمعًا لها استغنى به عن جمع «حاجة» على هذا الوزن، بل قالوا: حاجة وحاج، وفوارس،

وهوالك، ونواكس، وغوائب، وشواهد، ونواشي في جمع فارس، وهالك، وناكس، وغائب، وشاهد، وناشئ من الغلماء، وذلك في صفات المذكر العاقل. وذكر المبرد أنه الأصل، وأنه جائز شائع في الشعر، وتجيء هذه الألفاظ ببعد تأويل من تأول أن المراد طائفة «هوالك» وطائفة فوارس، وأجاز الأصمعي أن تجمع هذه الصفة جمع الاسم بالحمل عليه. فعالى: لاسم على فعلاء نحو: صحراء وصحارى، وفعلى: ذفرى وذفارى، وفعلى: علقى وعلاقى، ولوصف على فعلى لا أنثى الأفعل:

حبلى وحبالى، وعلى فعلان: سكران وسكارى وندمان وندامى، وفعلى: سكرى وسكارى. وقال ابن خالويه: سكارى، وكسالى لغة بني تميم، وشاة حرمى، وشياه حرامى، ويحفظ في نحو: حبط وحباطى، ويتيم ويتامى، وطاهر وطهارى، وعذراء وعذارى، ومهرى ومهارى، وشاة رئيس، وشياه رآسى، وأيم وأيامى على مذهب سيبويه، ويقول أبو الحسن: هو مقلوب وأصله

«أيائم»، أبدل من الهمزة ياء، فصار «أيامى» كـ (الحبالى)، ثم قلبت الكسرة فتحة، والياء ألفًا؛ فصار أيامى كحبالى، ووزنه على (هذا)، فيالع، وإن شئت قلت: لما صار إلى أيائم قلب قبل أن تصير الياء إلى القلب همزة، فكان القلب عوضًا من الإعلال، ومنجيًا منه، وهذا هو المرتضى عن أبي الحسن. فعالى: لوصف على فعلان وفعلى: سكران، وسكرى تقول فيهما سكارى، ويرجح على فعالى (بفتح الفاء) وقالوا: في قديم: قدامى وأسير: أسارى. الفعالى: في عذرى، ومهرى، قالوا: العذارى، والمهارى، وفي حبلى، وذفرى، وعلقى، وصحرى ونحوهن، الحبالى، والذفارى، والعلاقى، والصحارى وتقدم جميع هذه على فعالى، وتلزم الفعالى في نحو: حذرية، وسعلاة، وعرقوة، ومأقى العين، فتقول: الحذارى، والسعالى، والعراقى، والماقى، ويجوز في نحو حبنطى، وعفرنى، وعدولى،

وقهوباء، وبلهنية، وقلنسوة (والهباري جمع هبرية)، وحبارى، جمعان أحدهما الفعالى إذا حذف أول زائدي الاسم فتقول: الحباطى، والعفارى، والعدالى، والقهابي، والبلاهي، والقلاسي، والحبارى، والآخر أن تحذف الزائد الأخير فتقول: الحبائط، والعفارن، والعداول، والقهاوب، والبلاهن، والقلانس، والحبائر. فعالى: لثلاثي ساكن العين زائد آخره ياء مشددة لا لتجديد نسب نحو: كرسي، وبردي تقول كراسي، وبرادي، ولنحو: علباء، وحرباء، وقوباء مما الهمزة فيه للإلحاق بسرداح، وقسطاس تقول: علايى، وحرابى، وقوايى، وفي حولايا: حوالى، ويحفظ في نحو: صحراء، وعذراء، وإنسان، وظربان قالوا: صحارى، وعذارى، وأناسى، وظرابي. فعائل: لفعيلة اسمًا نحو: صحيفة، وصحائف، وصفة لا بمعنى مفعولة

ظريفة وظرائف؛ فإن كانت بمعنى مفعولة نحو: قتيلة بنى فلان لم تجمع على فعائل، ولاسم نحو: شمال وشمائل، وجرائض وجرائض، وقريثاء، وقرائث، وبراكاء، وبرائك، وجلولاء، وجلائل، ولنحو: حبارى، وحزابية إن حذفت ما بعد لاميهما فتقول: الحبائر والحزائب، وإن حذفت الزائد الأول قلت: الحبارى، والحزابى، وقد تقدم هذا في حبارى، ولاسم على فعولة: حمولة وحمائل، وفعالة: سحابة، وسحائب، وفعالة: رسالة ورسائل، وفعالة ذؤابة وذوائب. ويحفظ فعائل لمؤنث على فعول: قلوص وقلائص، وعجوز

وعجائز، وصعود، وصعائد، وسلوب وسلائب قيل: وهكذا القياس ما لم يمنعهم استغناؤهم ببعض المثل عن بعض، وفعال كـ (شمال وشمائل) (وناقة هجان ونوق هجائن) وفعال كعقاب وعقائب، ولمذكر على فعول: جزور وجزائر، وفعال سماء وسمائى، في قول من ذكر السماء، ولذلك جمع على أسمية، نحو: قذال وأقذلة وعلى فعيل كـ (وصيد، ووصائد)، وسليل وهو الوادي الذي ينبت الطلح والسدر قالوا فيه: سلائل، ولفعيل بمعنى مفعول وفعيلة بمعنى مفعولة رهين ورهينة قالوا فيهما: رهائن وقالوا: لطيمة ولطائم، وذبيحة وذبائح،

ولنحو: ضرة، وحرة، وظنة، وحقة: ضرائر، وحرائر، وظنائن، وحقائق.

فصل

فصل ما زاد على ثلاثة أحرف من غير ما سبق جمعه على فواعل وفعائل، جمع على مماثلهما في الحركات، والسكنات، إن كان ثانيه غير مدة، ولا أفعل فعلاء، ولو بالتقدير، ولا أنث بعلامة رابعة، ولا بألف ونون، يضارعان ألفى فعلاء؛ فإن كان مضعف اللام مفكوكًا في الإفراد فك في الجمع نحو: قردد، وقرادد، أو غير مفكوك فيه لم يفك نحو: طمر، ومعد، وخدب تقول: معاد، وطمار، وخداب، وذهب بعض النحاة إلى أنه إذا كان ملحقًا فأدغم في الإفراد نحو: خدب ألحق بسبطر فك في الجمع فيقال: خدابب. وما رابعه حرف لين، فإما أن يكون منقلبًا عن أصل أو زائدًا؛ إن كان منقلبًا عن أصل نحو: مختار، ومنقاد قلت: مخاير، ومقاود، وإن كان زائدًا مدغمًا فيه إدغامًا أصليًا نحو: عطود، وهبيخ، أو عارضًا نحو: جديل تصغير جدول وعثير تصغير عثير قلت في الجمع: عطاود، وهبايخ، وجداول

وعثاير فلا يفصل، بل تحذف الواو والياء، أو غير مدغم فيه نحو: بهلول وسربال، وقنديل، وفردوس، وغرنيق، فصلت ثالثه من آخره بياء ساكنة فقلت: بهاليل، وكذا باقيها، وربما عاقبت الهاء الياء نحو: جبابرة، ودجاجلة إذ قياسه: جبابير، دجاجيل. وإذا تعذر مثال فعالل أو فعاليل لوجود زوائد حذفت ما تعذر ببقائه أحد المثالين نحو: عيطموس تقول عطاميس، لأنك لو أقررت الياء قلت: عياطميس، فتعذر ببقائها أحد المثالين: فإن تأتي بحذف بعض وإبقاء بعض، حذفت ماله مزية في اللفظ نحو: استخراج تقول: تخاريج لا سخاريج، وذرحرح: ذرارح لا ذحارح، ولا ذراحح، ومرمريس: مراريس لا مرامر، وخفيدد:

خفادد لا خفائد، أو مزية في المعنى: كـ (منطلق ومغتلم ومستعد، ومستخرج) تقول: مطالق، ومغالم، ومعاد، ومخارج، وكذا عبدى وعبادد، وقبائل مسمى به تحذف الألف، وتقر الهمزة وكذا «حطائط» تقر الهمزة وتحذف الألف، ويونس يبقى الألف ويحذف الهمزة، فتنقلب الألف همزة، وكذا «ألندد» تقول: ألاد، و «ثمانية» تحذف الألف، وتبقى الياء، فأشبه (ياء) «عفرية» فتقول: الثماني كما تقول العفارى، وتبقى الزائد الذي لا يغنى حذفه لو حذف عن حذف غيره نحو «لغيزى» أحد المضعفين

زائد، والألف زائدة فتبقى المضاعف فتقول: «لغاغيز»؛ فإن ثبت التكافؤ بأن لا مزية لأحدة الزائدين على الآخر، لا في اللفظ، ولا في المعنى، ولا تأدية إلى حذف الزائد الآخر، فالخيار في حذف أي الزائدين شئت نحو: حبنطى، وعفرنى، وقلنسوة تقول: حبانط، وعفارن، وقلانس، والحباطى والعفارى، والقلاسى، ورجح المبرد حذف الواو في قلنسوة. وأما «قندأو» فحاله كحال «قلنوسة» ولم يذكر سيبويه في تحقيره إلا حذف الواو، وفي بعض نسخ سيبويه: «وإن شئت حذفت النون من قندأو» انتهى. وهذا هو القياس وقاله الفارسي لأنه ملحق بجردحل؛ فإن كان أحد الزائدين يضاهي أصلاً، والآخر لا يضاهيه نحو: مقعنسس، فسيبويه يقول مقاعس، والمبرد قعاسس. والمصادر التي أولها همزة وصل يلزم حذف همزتها في التصغير والتكسير؛ فإذا كان المصدر على وزن انفعال كانطلاق، أو افتعال كافتقار، فمذهب

سيبويه أتم تقول: نطاليق، وفتاقير، وترد تاء الافتعال إلى أصلها فتقول في اضطراب: ضتاريب، ومذب المازني أنك تجريها مجرى فعال فتقول: طلايق وفقاير. وإن تعذر أحد المثالين ببعض الأصول حذف خامسها، ويحذف زائده حيث كان فتقول: في سفرجل سفارج، وفي عضرفوط: عضارف، وخزعبيل: خزاعب، وفي قبعثرى: قباعث، فإن كان رابع الخماسي يوافق زائدًا لفظًا كنون خدرنق، أو مخرجًا كدال فرزدق، جاز حذف الخامس فتقول: خدارن، وفرازد، وحذف الرابع وإبقاء الخامس فتقول: خدارق، وفرازق وكذا شمردل تقول: شمارد وشمارل هذا مذهب سيبويه. وذهب المبرد إلى: أنه في مثل فرزدق، وخدرنق لا يحذف منه إلا الخامس وفرازق غلط.

وذهب الكوفيون، والأخفش إلى: جواز حذف الحرف الذي قبل الرابع في مثل: فرزدق، وخدرنق، فيجيزون في الجمع فرادق، وخدانق بحذف الزاي والراء، وأما «همرش» فيكسر على همارش، وقيل هنامر، وسبب الاختلاف في وزنه فقيل: فعلل، والميم الأولى زائدة، وقيل نونه أصلية أدغمت في الميم ووزنه «فعلل»، وقيل: زائدة للإلحاق فوزنه: فنعلل. وأي زيادة كانت في رباعي الأصول، وجمع هذا الجمع حذفت كانت أولى كمدحرج، أو ثانية كقنفخر، أو ثالثة كفدوكس، أو رابعة كصفصل، أو خامسة كسبطرى، وعنكبوت، وعقربان، وبرناساء، وبرنساء فتقول دحارج، وقفاخر، وفداكس وصفاصل، وسباطر، وعناكب،

وعقارب، وبرانس، ولا يوجد زيادة رابعة إلا حرف لين نحو بهلول، أو مدغمة: صفصل لا سادسة في رباعي الأصول إلا مع زيادة أخرى نحو عنكبوت، وعقربان؛ فإن كان الزائد حرف لين فلا يحذف، فإن كان ياء حركة ما قبلها من جنسها نحو: قنديل، أو من غير جنسها نحو: غرنيق أقرت فقيل: قناديل، وغرانيق، وإن كانت واوًا نحو: بهلول، وفردوس، أو ألفًا نحو: سربال قلبت ياء نحو: بهاليل، وفراديس، وسرابيل؛ فإن تحرك حرف العلة نحو: كنهور لم يقلب ياء تقول: كناهر بحذف حرف العلة فلو كان حرف العلة اللين غير رابع نحو: خيسفوج حذف تقول: خسافج، ويجوز أن تعوض مما حذف ياء كان ثلاثي الأصول نحو: منطلق أو رباعيها نحو: فدوكس أو خماسيها نحو: سفرجل تقول: مطاليق، وفداكس، وسفاريج، وتغني عنها الياء التي هي مستحقة لغير تعويض المحذوف نحو لغيزى تقول: لغاغيز، فهذه الياء هي التي كانت في المفرد، وق تعوض هاء التأنيث من ألفه الخامسة تقول: في حبنطي، وعفرنى: حبانط، وعفارن في أحد تكسيريهما، فإذا عوضت فلك أن تقول: حبانيط، وعفارين، ولك أن تقول: حبانطة، وعفارنة. وتلحق الهاء بما حذف منه ياء النسب نحو: أشعثى وأشاعثه، ولغير

تعويض في العجمي كـ (موزج وموازجة)، وغيره قليلاً كـ «حجر» وحجارة. وإذا ماثل الجمع مفاعل أو مفاعيل، وانقلبت في مفرده الواو ياء لكسرة الميم نحو: ميلغة الكلب، وميزان فإنها تصير واوًا في الجمع تقول: موالغ وموازين لزوال موجب قلب الواو ياء، وشذ إقرارها ياء في الجمع نحو: قال الشاعر: حمى لا يحل الدهر إلا بإذننا ««ولا نسأل الأقوام عقد المياثق يريد المواثق، ومذهب البصريين أنه لا يجوز حذف الياء من مماثل مفاعيل، ولا زيادتها في مثال مفاعل إلا في الضرورة، وأجاز الكوفيون ذلك في الكلام، وعليه جاء عندهم قوله تعالى: [وعنده مفاتح الغيب] جمع مفتاح، ومعاذير جمع معذرة، ويجيزون في عصافير: عصافر، وفي دراهم: دراهيم، ووافقهم ابن مالك، وأجاز الجرمي الياء في نحو: طابق وطوابيق وخاتم وخواتيم، وكل ما يجمع على فعالل وجعله قياسًا مطردًا.

واستثنى ابن مالك ما كان على فواعل، فلا تلحقه الياء لا يقال في ضوارب: ضواريب إلا ما شذ ومثل بالصفة كسوابيغ، ونص سيبويه على أن من العرب من يقول: دوانيق، وطوابيق، وخواتيم وهي فواعيل، وحكى أيضًا خاتام وسمع في الشعر منادح في جمع مندوحة. وقد يفتتح الجمع بما لم يفتتح المفرد فمن ذلك ملامح، ومحاسن، ومشابه، ومذاكير، كأنها جمع ملمحة، ومحسنة، ومشبهة، ومذكار فهذه المفردات مهملة الوضع، وجاء جمعها على واحدها القياسي المهمل،

والمسموع في مفردها لمحة، وحسنة، وشبه، وذكر، ومن ذلك قولهم في جمع استخراج، وافتقار: تخاريج، وفتاقير، كأنها جمع تخراج، وفتقار، فهما جمع واحد قياسي مهمل، وكذا كل ما حذف في الجمع أوله مما يثبت في مفرده نحو دحارج في مثل متدحرج، أو زيد في الجمع ما لا يكون في الواحد كأراهط في جمع رهط على قول سيبويه، ويقول المبرد: جمعه أرهط كأكرع وأكارع، وأباطيل في جمع باطل، ويقول المبرد: هو جمع إبطال من قولك أبطل إبطالاً فهو تكسير المصدر، واستغنى به عن تكسير الاسم، وأقاطع وأقاطيع في جمع قطيع، وملاقح في لقحة، وأعاريض في عروض، ويقول المبرد: تكسير «إعراض» مصدر أعرض، وأطايب الجزور ومطايبه، وأحاديث في حديث على ما زعم سيبويه، ويراه الفراء، وتبعه السهيلي جمع أحدوثة

بمعنى حديث فهو جمع على القياس، وزعم ابن خروف أن أحدوثة إنما تستعمل في المصائب والدواهي لا في معنى الحديث الذي يتحدث به، وهذا الذي ذهب إليه سيبويه من أن هذه جموع لما لم ينطق به لا للفظه المنطوق به [هو قول الجمهور، وذهب بعض النحاة إلى أنها جموع للمنطوق به] على غير قياس، كما ينسب إلى الاسم على تغيير خارج، وزعم ابن جني أن الاسم بعينه يغير إلى هيئة أخرى، وحينئذ يكسر فيرى في «أباطيل» أن الاسم غير إلى إبطيل، أو أبطول، ثم كسر، وكذلك سائر الباب، فأما الليالي والأظافير، فالمستعمل المشهور ليلة وظفر وسمع ليلاه وأظفور، وكأن هذين الجمعين جاءا على القليل غير المشهور.

فصل

فصل يجمع العلم المرتجل نحو: أدد، والمنقول من غير اسم جامد مستقر له جمع كالمنقول من صفة نحو حامد، أو من فعل نحو: ضرب جمع موازنة أو مقاربة من جوامد أسماء الأجناس الموافقة له في التذكير والتأنيث فيجمع أدد على إدان كنغر، ونغران، وحامد على حوامد كحائط وحوائط، وضرب على أضراب كحجر وأحجار. ومثال المقارب زينب على زيانب كأرنب وأرانب، وسعاد على أسعد ككراع وأكرع، فلو ارتجلت اسمًا من السعد على فعلة فقلت سعدة جمعته على سعد كظلمة وظلم، ولو سميت امرأة بخالد جمعت على خوالد كطالق وطوالق، ولو سميت بقال: قلت: قوول كساق وسووق، وبضربب وهو لا نظير له في الأسماء جمع جمع ما قاربه كساق وسووق، وبضربب وهو لا نظير له في الأسماء جمع جمع ما قاربه في الوزن فقلت: ضرابب، كبرثن وبراثن، أو بأقتل مضارع مبني للمفعول، وهو لا نظير له في أوزان الأسماء قلت أقاتل كما قلت في: أفكل: أفاكل؛ فإن كان المنقول من جامد مستقر له جمع [لم يتجاوز نحو مسمى بغراب فيجمع على أغربه وغربان؛ فإن لم يستقر له جمع] بأن كان لم يجمع البتة كالمنقول من أكثر المصادر نحو: ضرب (مسمى به) فتجمعه في القلة على أضرب كـ (كلب وأكلب)، وفي الكثرة على فعول

كـ (كعب) وكعوب، أو جمع لكن لم يستقر له جمع، بل اضطربت الجموع فيه، فإن كان فيها مقيس اتبع كأعزل جمع مقيسا على عزل، وشاذًا على عزل وعزال وأعزال، فإذا سمي بأعزل جمع على عزل، فإن كانت كلها شاذة مضطربة نحو: غزال جمع على غزلان وعلى غزلة، فلو سمى بغزال كنت بالخيار في جمعه على ما شاء منهما. وما امتنع جمعه كالمسمى بجملة، وما أشبهها أو بمجموع بالياء والواو والنون يتوصل إلى جمعه، إن كان يعقل (بذي) تقول: جاءني «ذوو تأبط شرا»، و «ذوو إنما» لرجل يسمى إنما، وذوو زيدين، وذوا زيدين، ونذر جمع اثنين على أثانين، ومن منع جمع سيبويه، والمسمى بالمركب تركيب مزج قالوا: ذوو سيبويه، وذوو معدى كرب. وما أوهم الجمع، وليس بجمع كـ (الفتكرين)، فعلى رواية ضم الفاء وبالياء قبل النون فوزنه: فعليل كـ «قذعميل»، وعلى رواية فتحها وبالياء جاز أن يكون أصلها الضم، وفتحت اتباعًا لحركة التاء، وعلى رواية كسر الفاء، وبالواو جاز أن يكون جمعًأ لفتكر، إذ وزن موجود كـ (قمطر)، وأما «الماطرون»، فذهب أبو الحسن، إلى أن وزنه فاعلون، فالنون أصلية،

وذهب غيره إلى أنه جمع سمي به، وحكيت حالة الرفع فيه في أحوالها الثلاث، وقد سمع مفتوح النون. وإن كان لا يعقل قبل في جمعه بنات كذا، وأخوات كذا، وذوات كذا يعامل في ذلك معاملة المؤنث، وسواء كان اسم الجنس الذي لا يعقل نكرة كابن لبون، وبنت مخاض، أو علم جنس كابن آوى، وابن مقرض تقول: بنات لبون، وأخوات ابن مقرض، وذوات أم حبين والكني بأم وأب إن كان تحته معنى كجماعة كل منهم ولده اسمه بكر، فيجمع الآباء، والمضاف إليهم فتقول: آباء البكرين، وإن لم يكن تحته معنى، بل كني كل واحد منهم أبا بكر، وليس لهم أولاد يسمون ببكر، فمذهب سيبويه أنه يجمع الآباء ويفرد ما بعدهم فتقول: آباء بكر، وأجاز الكوفيون جمعها فتقول: آباء البكرين،

والمثنى يجرى مجرى الجمع في هذا الفصل امتناعًا وجوازًا وإذا كان المضاف (إليهم) أبًا أو أمًا استغنى بجمعه غالبًا عن أن يلفظ بالمضاف على مثال مفاعل كالدياسم، والمعاول، والساكسك [والقوافل أو مفاعلة كالمهالبة والمسامعة]، والجهاضمة، والأشاعثة، والأزارقة وبالواو والنون

كالأشعرون في بني أشعر، وكذا في أسماء الأم كالبواهل، والخنادق في أبناء باهلة وخندق، وقد يجمع بالألف والتاء كالعبلات أولاد أمية الأصغر، والحبطات أولاد الحبط بن عمرو بن تميم واسمه الحارث. واسم الجمع لا ينقاس جمعه هذا ظاهر كلام سيبويه، ويظهر من كلام سيبويه وغيره جواز جمعه، ولا خلاف في جموع الكثرة أنها لا تجمع قياسًا، ولا أسماء المصادر، ولا أسماء الأجناس إذا لم تختلف أنواعها، فإن اختلفت فقيل لا ينقاس جمعها على ما جاء منه وعليه جماعة أصحابنا وذهب المبرد،

والرماني وغيرهما إلى اقتباس ذلك، واختلفوا في جموع القلة وهي أفعلا، وأفعلة، وأفعل، وفعلة، فذهب الأكثرون إلى أنه ينقاس جمعها، ولا خلاف أن سمع من جمع القلة أكثر مما سمع من جمع جمع الكثرة. وأجاز ابن مالك جمع جمع التكسير، إلا ما وازن مفاعل أو مفاعيل، أو فعلة أو فعلة، فدل ذلك على أنه يجيز جمع سائر أبنية الكثرة غير ما ذكر، وقد ذكرنا أن جموع الكثرة لا خلاف في أنها لا تجمع قياسًا، ومذهب الجرمي أنه لا ينقاس جمع الجمع مطلقًا لا جمع القلة، ولا جمع الكثرة، ولا يجمع من الجموع إلا ما جمعوا، وبهذا فسر السيرافي كلام سيبويه: وهو اختيار ابن عصفور. وقد جمعوا بعض ما وازن مفاعل، وأفعل، وفعال بالألف والتاء فقالوا في حدايد: حدايدات، وفي صواحب صواحبات، وناقة مفاتيح، وأنيق

مفاتيحات، وسراويل وسراويلات، وضبع حضاجر، وضباع حضارجرات. وقالوا في الشعر: أعينات، وبالواو والنون قالوا: أعممون مفكوكًا جمع «أعم» جمع «عم»، و «أبيكرون» جمع أبكر مصغرًأ جمع بكر، وقالوا أبناء سعد وأبناوات، وأسماء جمع اسم وأسماوات، وأسقية وأعطية

وأشربة قالوا: أسقيات، وأعطيات، وأشربات، وحبالات، وحبالات، ورجالات، وكلابات، وسخالات، ومما ورد في الكلام من جمع الجمع أوطب وأواطب وأكلب وأكالب، وأينق وأيانق، وأسقية وأساق

وأصحاب وأصاحيب، وأسماء وأسام، وأسورة وأساورة، وأبيات وأبايت، وأنعام وأناعيم، وأقوال وأقاويل، وأعراب وأعاريب، ومعن ومعنات، ومصران ومصارين، وحشان وحشاشين وبيوت وبيوتات، وموال ومواليات بني هاشم، ودور ودورات، وعوذ

وعوذات، وحمر وحمرات، وطرق وطرقات، وجزر وجزرات وأنضاء وأناض، وأيد وياد في قول، وجمال وجمائل، وقال الجوهري: جمائل جمع جمالة كرسالة ورسائل، ومما جاء في الشعر أكيرعات، وأيامنون،

ونواكسون، وعقابين، وغرابين. وأما «أصائل» فقيل هو جمع جمع الجمع فأصائل جمع آصال، وآصال جمع أصل وأصل جمع أصيل قاله ابن الشجري، ورد عليه ابن الخشاب، وقال: إذا كان ما بابه الجمع قد أضل الاستعمال بجمعه نحو: حرض وسرج وباب فتح إلا أن يقيسه قائس، فما ظنك بجمع الجمع الذي قد حظر القياس عليه، ووقف على السمع فقط، وبهذا تنطق كتبهم نص عليه سيبويه، والجرمي، والفراء وغيرهم انتهى. ويعني ابن الخشاب أن جمع جمع الجمع أبعد بكثير من جمع الجمع الذي منعه الأئمة، وقيل هو جمع فأصل المفرد، وآصال جمعه، وأصائل جمع آصال. وذكر ابن الباذش: أن «آصالاً» جمع أصيل كيمين، وأيمان وأن

«أصائل» جمع أصيلة كسفينة وسفائن فليس من باب جمع جمع الجمع، ولا من باب جمع الجمع، والذي ذكره ابن الباذش قاله أبو الحسين بن الفارس، وقال ابن الخشاب: أصائل مفرده أصيل، حكى سيبويه: أفيل وأفائل، و «الأفيل»: الصغير من أولاد الإبل. واسم الجمع قسمان: قسم ليس له واحد من لفظه كـ (قوم، ورهط، ونفر)، وقسم له واحد من لفظه، وجاء على فعل نحو: صحب وسبق ذكر الخلاف فيه، وأن الأخفش يذهب إلى أنه جمع تكسير، فمن مفرد فعل طائر، وراحل، وراكب، وعائد، ونائحة وعلى فعلة لنحو: راجل قالوا: رجلة وفعل لنحو: خادم، ورائح، وعمود، وغائب، وناشئة، وأديم، وبعيد، وإهاب و (أفيق) قالوا: خدم وروح، وغيب بصحة حرف العلة وكذا

باقيها، وفعلة لنحو: صاحب، وفاره، وأخر، وفعل لنحو: ظربان قالوا: ظرب وفعيل المذكر لنحو ضأن، ومعز، وغاز، ويد، وفعلاء لنحو: قصبة، وحلقة، وطرفة، وشيء على مذهب سيبويه، ومفعولاء لنحو: بغل، وشيخ، وعلج، وكبير، وأتان، وفعل لنحو: عبد، ومفعلة لنحو: عبد، وسيف، وشيخ، وأسد، وفعلان لنحو: صنو قالوا: صنوان «بفتح الصاد»، وفاعل لنحو: جمل، وبقر، وفعال لنحو: ربى، ظئر، ورخل، وفرير، وعروة، وثنى، ونفساء، وسبط، وتؤم، وفعلة كسرى قالوا: سراة وجمعوه سراوات، وليس جمع جمع بل جمع اسم جمع.

فأما: أروى، فقيل: اسم جمع واحده أروية، وقيل جمع وقيل مفرد مرادف لأروية، وأما «البلنصى» فقيل اسم جمع واحده بلصوص وهو نص سيبويه، وقال بعض أصحابنا الذي نقله الناس أن البلنصى واحد والجمع البلصوص انتهى. وقال أبو حاتم في كتاب الطير التام: قال وهو طائر قصير المنقار والرجلين كثير الصياح صليب الصوت، وهو مفرد وجماعة البلصوص، وقيل: البلنصى الأنثى والبصوص الذكر، وقيل بالعكس، ونونه زائدة، والصاد في بلصوص للإلحاق بقربوس، وأما (عراعر) فقال أبو زيد: جمع جمع عرعرة قال الفارسي: يعني اسم الجمع. وقد أورد ابن مالك رحمه الله تعالى في أسماء الجموع جملة مما بينه وبين المفرد تاء التأنيث، وياء النسب، وأصحابنا لا يسمون هذا النوع اسم جمع بل يسمونه اسم جنس.

[الجزء الثاني]

[الجزء الثاني] باب أبنية المصادر الفعل ثلاثي ورباعي، وكلاهما مجرد ومزيد، الثلاثي المجرد إن كان على وزن فعل: متعديًا فمصدره يجيء على فعول كجحود، وفعل كسرق، وفعل كخنق، وفعل كشغل، وفعل كذكر، وفعلان: كليان، وروى فيه كسر اللام، وزعم المبرد أنه الأصل، وفتح استثقالاً للكسر مع اجتماع يائين، وفعلان كحرمان، وفعلان كشكران، وفعلان كعرفان، وفعال كسؤال، وفعال كقضاء، وفعال ككذاب، وفعالة كنصاحة وفعالة

كعبادة، وفعلة: كرحمة، وفعلة: حمية، وفعلة: كغلبة، وفعلى: كشكوى، وفعلى: كذكرى، وفعلى: كرجعى، وفعيلة: كخديعة، وفعيلية: كوليدية، وفعولية: كخصوصية، وفعلية: كحقرية، وفعلنية: كسحفنية، وفعلوت: كملوكت، وفوعل: كسودد، وفعيلى: كحثيثى، وفعلى: كغلبى. وجاء في معتل اللام على فعل كقرى، وعلى فعل كهدى، وفي

المعتل العين كقيدودة، وصيرورة وإن كان قاصرًا فمصدره على فعل كعجز، وفعل كفسق، وفعل: كمكث وفعل كحلم، وفعل: كخبث، وفعل: كخلف، وفعلة: كخيبة، وفعلة: كشعرة، وفعلة: كقدرة، مصدر قدر على الشيء وفعال: كذهاب، وفعال: كفراغ مصدر فرغ، وهي لغة تميمية وفعال: كمزاح، وفعيل: كوجيب، وفعالة: كعزازة، وفعالة: كعمارة، مصدر عمرت الدار، وفعالة: كدعابة، وفعول: كحلول، وفعول: كصيور، وفعولة: كفسوحة فسح الشيء صلب، وفعيلة: كنميمة، وفعلان:

كرجحان، وفعلان: كعدوان، وفعلان: كنسمان، وفعلان: كنسلان وفعلى: كجمزى، وفعلاء: كهلكاء، وفعلاء: كغلواء، وفعلاء: كخيلاء، وفعالة: كزعارة، وتفعلة: كتحلة، وتفعلة: كتهلكة، وفعلية: كزهوية، وفعيلاء: كهجيراء وافعيلاء: كاهجيراء، ومفعولاء: كمحلوفاء، ومفعلة: كمأوية مصدر أوى إذا رحمه، ومفعلة: مثلث العين مقدرة، ومفعل مثلثها: كمهلك، وجاء في المعتل اللام بكى وعلى فعل:

رنا، وفي المعتل العين على فيعولة: كبينونة. وإن كان على وزن فعل متعديًا، فمصدره على فعل كعمل، وفعل: كرضى، وفعل: كلقى، وفعل: كشرب، وفعل: كحفظ، وفعلان: كلقيان، وفعلان: كشنآن، وفعلان: كشنآن، وفعال: كضمان، وفعال: كسفاد وفعالة: كسآمة، وفعالة: كوراثة، وفعالة: كفجاءة، وفعلة: كلقية، وفعلة: كخيلة، وفعلة: كرحبة، وفعول: كقبول، وفعول: كلزوم، وفعالية: كفهامية، وفعلوت: كرغبوت، وفعلوتا: كرحموتا.

وإن كان قاصرًا فمصدره على فعل: كسقم، وفعل: كجذب، وفعل: كرى، وفعل: كشبع، وفعلة: كشهوة، وفعلة: كحمسة، وفعلة: كقوة، وفعال: كنشاط، وفعول: كلدون، وفعلة: كبسطة، وفعالة: كضمانة، مصدر ضمن إذا لزمته العلة، وإن كان على وزن فعل فمصدره على فعل: كقبح، وفعال: كجمال، وفعولة: كقبوحة، وفعل: كعظم، وفعلة: ككثرة، وفعلة: كقحة، وفعلة: كجرأة، وفعل: كضعف وفعل: كشرف، وفعل: كحلم، وفعل: كجرم، وفعال: كصيال، وفعالية: كرفاهية، وفعلياء: ككبرياء ... ، فجميع هذه الأبنية التي ذكرناها لا تنقاس في أبوابها. وأما المصدر على زنة مفعول فأثبته الأخفش والفراء، وأنكره سيبويه، وأما على وزن فاعل وفاعلة، فقيل منه الفالج، ولاغية، والفاصلة،

والقافية، والكاذبة، والدالة، وقم قائمًا قيل بمعنى اللغو، والفصل، والقفو والكذب، والدلالة، والقيام. والغالب أن يعني بفعالة وفعولة المعاني الثابتة كالفطانة، والسهولة، كان الفعل من فعل كالبراعة أو فعل كالجهالة أو فعل كالجزالة، وكونها من فعل وفعل يحفظ وليس بمقيس. وأما من فعل فهو المصدر المقيس فيه بنص سيبويه، وجاءت منه ألفاظ كثيرة جدًا، وغلط ابن عصفور، فزعم أن المقيس في فعل هو فعل نحو: قبح وحسن، أما (فعول) فجاءت منه ألفاظ في المعاني الثابتة فلا ينقاس، والغالب أيضًا أن يعني بفعالة الحرف وشبهها كالتجارة، ومنها الولايات كالخلافة. وزعم ابن عصفور، أن «فعالة» ينقاس في الولايات والصنائع، ونص غيره على كثرة ذلك، ويعني بفعال ما فيه امتناع كالشراد، والجماح، وزعم ابن عصفور، أنه ينقاس في الهياج وما يجرى مجراه كالنكاح، والوداق، وفي الأصوات كالصياح، وفي انقضاء أوان الشيء كالجذاذ فإذا أرادوا الفعل بنوا على فعل قالوا حصد وجد. وقال سيبويه: وأما الوسم فجاء على فعال إذا أرادوا الأثر نحو: العلاط

والكشاح، والعمل يكون فعلاً نحو وسمت وسمًا، وذكر ابن عصفور «أن فعالاً مقيس في الأصوات نحو: الصراخ وشذ الغواث «بفتح الغين»، وفي الأدواء كالسكات قال: ويطرد أيضًا في مفترق الأجزاء كالحطام، فإن لحقته التاء اطرد في الفضلات كالنخامة، وأن فعيلاً يطرد في الأصوات نحو: النبيح والهدير» انتهى. وكثر في ضروب السير كالذميل، والرسيم، ويعني بفعلان ما فيه تقلب وزعزعة، ونص أصحابنا على أنه مقيس في ذلك قال سيبويه: وأكثر ما يجيء الفعلان في هذا الضرب ولا يجيء فعله يتعدى الفاعل إلا أن يشذ شيء منه نحو: شنئته شنآنًا ولا يعلم غيره، فأما الحيدان، والميلان فحملهما سيبويه على غير القياس، ويعني بفعل الأعراض، كفرح وترح وبفعلة الألوان كحمرة. وقد تخرج هذه المعاني عن بعض هذه الأوزان كما قد تكون هذه الأوزان لغير هذه المعاني والمقيس من فعل وفعل المتعديين فعل، هذا مذهب سيبويه والأخفش، وذلك فيما لم يسمع فيه غيره.

وشرط ابن مالك في فعل المتعدي كونه يفهم عملاً بالفم نحو: لقم وزرد، ولم يشترطه سيبويه، وذهب الفراء إلى أنه يجوز القياس على فعل مع ورود السماع بغيره، وذهب أبو زيد أحمد بن سهل إلى أنه لا يجوز القياس على فعل، مع عدم السماع، وقال أبو القاسم بن جودي: فعل وفعل وفعل إنما يؤخذ سماعًا، وكذا مصادرها؛ لأنها جاءت سمة لهذه الأوزان انتهى. ومصدر فعل اللازم ينقاس على فعول كقعد قعودًا ما لم يغلب فيه فعالة أو فعال، أو فعال أو فعيل أو فعلان، أو يندر فيه فعول كسكوت، وكون القياس فيه فعول هو مذهب سيبويه، والأخفش والجمهور والخلاف فيه كالخلاف في (فعل) هل هو مقيس فيما سمع وما لم يسمع، أو مقيس فيما لم يسمع أو يقتصر فيه على مورد السماع، وقال أبو العباس بن الحاج: والمعتل العين من هذا الباب يقل فيه فعول لثقله نحو: قام قيامًا، ويستثقلونه أيضًا في المعتل اللام نحو: دنا دنوا، فيفرون إلى فعال نحو: بنى بناءً، وإلى فعل مشى مشيًا، ففعول في هذين النوعين معتل العين والمعتل اللام قليل، والأكثر فيها ما مثلت، وهو الذي ينبغي أن يقاس عليه عند عدم السماع، وفعل فيهما عندي أقل من فعال، وفعال.

والقياس في فعل فعل كفرح وترح وهكذا أطلق أكثر النحاة وينبغي أن يقيد بما قاله ابن الحاج. غير المتعدي من فعل قسمان: أحدهما: ما كان علاجًا وعملاً وكان اسم الفاعل منه فاعلاً فمصدره الفعول كفعل اللازم نحو: قدم قدومًا، ولصق به لصوقًا. القسم الثاني: ما لم يكن عملاً، ولا علاجًا واسم الفاعل منه أحد هذه الأوزان: فعل، وأفعل، وفعلان، وهو يتسع اتساعًا كثيرًا في باب الأدواء وما أشبهها، وفي باب الجوع، والعطش، وما شابه ذلك، وما ناسبه بوجه ما، وقد يجرون أضداد هذه الأشياء مجراها لما بين الطرفين من التقابل، ويكون أيضًا في باب الألوان وفي باب الخصال، والأحوال الثابتة، وجملة ذلك مما لم يكن عملاً ولا علاجًا مصدره فعل نحو: عمى عمى، وحبط حبطًا. والمرة من الفعل الثلاثي التام تبنى على فعلة نحو: ضربة وجلسة قياسًا مطردًا وشذ إتيانه، ولقاءة، ويجوز أتية، ولقية على القياس.

وفي البسيط: ليس لحوق هذه الهاء قياسًا فلا يقال فهمة ولا غلمة، انتهى. والمزيد تدخل الهاء على مصدره القياسي فتقول: انطلقت انطلاقة واستخرجت استخراجة؛ فإن كان المصدر قد وضع على الهاء نحو: رحمة، وتغرية، ومضاربة، فتبين الوحدة بالصفة فتقول: مضاربة واحدة. والهيئة من الثلاثي المجرد المتصرف التام تبنى على فعلة تقول: هو حسن الركبة والجلسة قياسًا مطردًا، وشذ فعلة من غيره قالوا: هو حسن العمة والخمرة من اعتم واختمرت أي لبست الخمار. الرباعي المجرد جاء على وزن واحد وهو فعلل نحو: دحرج ومصدره المقيس فعللة نحو: دحرجة وسمع فيه فعلال قالوا سرهاف، وكثر في المضاعف قالوا: زلزال، وشذ في فعلل فعللى قالوا: قهقر القهقري، وقرطب القرطبي، وفعللاء قالوا: قرفص القرفصاء، وتقدم ذكر الملحق بفعلل ومصدره كمصدره المقيس قالوا: جلبب جلببة، وشذ في

مصدر حوقل: حيقال، ومصدر زلزل، زلزال، وزلزلة، وزلزيل، وزلزليل وكلها بمعنى زلزال، وفي مصدر قرقر قرقرير، ويجوز فتح أول مصدر فعلل المضاعف فتقول: زلزال، ويكثر إن يراد بفعلال اسم فاعل كصلصال بمعنى مصلصل. ومصدر ما زاد على أربعة إن كان في أول ماضيه همزة وصل وهو ستة وعشرون بناءً بالمتفق عليه والمختلف فيه؛ فإنه يزاد قبل آخر المصدر ألف، ويكسر ثالثه فتقول: انطلاق، واقتدار، واستخراج؛ فإن كان استفعل عينه حرف علة وصح في المصدر نحو: استحوذ استحواذًا، أو أعل نحو: استقام واستبان حذف هو، أو ألف إفعال على الخلاف ولزمته التاء، فقيل الاستقامة والاستبانة، وشذ استقاء وهو مصدر استقى فجاء بغير هاء. وراحة مصدر استراح، وشذ في «افتعل» صحيح العين مصدرًأ «تؤدة»، وتؤبة، وخلفة مصدر اتأد، واتأب، واختلف.

فإن كانت عين افتعل، وانفعل حرف علة، واعتل فيه اعتل في المصدر نحو: انقاد انقيادًا، واختار اختيارًا، وتحرك قبل الألف وشذ حوطة، وحيطة، وغيبة، وخيرة في احتاط، واغتاب، واختار، وإن صح فيه صح فيه نحو: اجتور اجتوارًا وانطوى انطواءً. وإن كان آخر الفعل مدغمًا فك نحو: ارتد ارتدادًا واقشعر اقشعرارًا. فإن كان قبل المدغم ألف نحو: احمار قلبت ياء نحو: احميرار، وإن كان قبل الآخر مدغم صحيح فعلى حاله نحو: ازمل ازمالاً، أو معتل نحو: اعلوط فتقول: اعلواطًا، وأجاز فيه بعضهم اعليواطًا، بقلب الأولى ياء. وإن كان على افعوعل نحو: اغدودن انقلبت ياء فقلت اغديدانًا، أو افعولل عند من أثبته نحو: اعثوجج قلبت أيضًا ياء وقيل لا تقلب. وافتعل إذا كان بعد تائه حرف صحيح أدغمت فيه نحو: قتل، وخصم في اقتتل واختصم فالمستعمل في مصدره، إذا أدغم ففتحت فاؤه أو كسرت، أو اتبعت عينه كسرة ما قبلها قتال، وخصام وشذ الحسن فقرأ [إلا من خطف] بتشديد الطاء، الخطفة بكسر الخاء، وفتح الطاء مشددة، وزعم ابن كيسان أن مصدر ما أدغم فعل كقراءة الحسن.

ومصدر أفاعل وافعل اللذين أصلهما تفعل وتفاعل نحو: اطاير في تطاير، واطير في تطير بضم ما قبل الآخر فتقول: اطايرا، واطيرا، وشذ في اقشعر، واطمأن، واشرأب: طمأنينة، وقشعريرة، وشرأبيبة وقيل هي أسماء وضعت موضع المصدر. ومصدر ما في أوله تاء مثل: تدحرج والملحق به إن صح آخره ضم ما قبله نحو: تدحرج، وتكسل، وتغافل، أو اعتلت قلبت الضمة كسرة، وصار من باب المنقوص نحو: تعد، وترام، وشذ تكلام، وتجمال، وتملاق في تكلم، وتجمل، وتملق، وكبرياء، وجبروت، ووضوء، وطهور وتقدمة، وطيرة، وأناة مصدر: تكبر، وتجبر، وتوضأ، وتطهر، وتقدم، وتطير، وتأنى، ولم يجيء من المصادر على وزن فعلة إلا تخير خيرة وتطير طيرة. وزعم الأخفش، وابن السراج أن (فعولاً) في المصادر صفة للمصدر المقيس حذف وأقيمت الصفة مقامه، وشذ تفاوت بفتح الواو وكسرها في مصدر تفاوت، وطعنان في مصدر تطاعن.

ومصدر أفعل إفعال نحو: أكرم إكرام، فإن أعلت عين فعله نحو: أقام وأبان لزمته الهاء فقيل إقامة، وإبانة، والخلاف في المحذوف كهو في استقامة واستبانة، وجاء في سورة الأنبياء: [وإقام الصلاة] وحسنه مقارنته لما بعده من قوله تعالى: [وإيتاء الزكاة]، وقالوا: أريته إراءً وأصله: إرءاءً، فنقلت حركة الهمزة وحذفت وقالوا: إراة وكان قياسه إراية بالياء وقيل: إراة مصدر راء كقوله: جاء إجاة، وشذ تقرة وتقرارة في مصدر أقررت، وقرض، وغلق في مصدر أقرض، وأغلق، ونبات، وعطاء، وفتيا، وفتوى، وتقيا وتقوى، ورعيا ورعوى، وعدوى، وألية، وطاقة، وجابة وطاعة

وغارة ورزمة، وجلبة في مصدر أفعل نحو: أنبت وكذا باقيها، ووزن طاقة ونظيرها من المعتل عند الخليل فعلة، وعند الأخفش فالة، وشذ الحصر، والقبل، والدبر، والفحش، واليسر، والفخر وهي مصادر لأفعل. ومصدر فعل: إن كان معتل اللام تفعلة نحو: زكى تزكية، وشذ تنزى (أي تحرك)، وقياسه «تنزية»، والتحيى جمع تحية لا مصدر حيا،

أو صحيحة غير مهموز تفعيل نحو: كرم تكريمًا، وشذ فيه تفعلة نحو: جرب تجربة في ألفاظ، وفعال قالوا: كلمته كلامًا، وحملته حمالاً وقد خرج عليه قوله تعالى: [وكذبوا بآياتنا كذابا] في قراءة من خفف من المشدد، وقيل هو مصدر على غير المصدر. أو مهموزًا على تفعيل نحو: تنبئ وعلى تفعلة نحو: تنبئة قياسًا مطردًا فيهما: وتفعيل فيه أكثر وأجود قاله أبو زيد. ومصدر فاعل المنقاس مفاعلة نحو: خاصم مخاصمة وباشر مباشرة وسمع فعال وفيعال قيل وهو أصل فعال وشذ يوام، وهذه المصادر التي شذت عن القياس أكثرها يسميها معظم النحاة أسماء مصادر لا مصادر، ويسميها بعض اللغويين مصادر لفعل لم تجر عليه ولا مشاحة في الاصطلاح. ومن المصادر ما يجيء على تفعال كالتكرار، والترداد، وهي كثيرة،

وذكر بعضهم أن ذلك مقيس، ومذهب البصريين أنه مصدر يدل على الكثرة، وليس مبنيًا على فعل المشدد العين الذي يراد به التكثير. وذهب الفراء وغيره من الكوفيين إلى أن التفعال بمنزلة التفعيل، والألف عوض من الياء، وهذه المصادر بفتح التاء، فأما التسيار، والتلقاء، فاسمان وضعا موضع المصدر، وزعم الأعلم، أنهما مصدران، وشذ في كسرتيهما ومعناهما التكثير، وهو مخالف لنص سيبويه، وإنما جاء كسر التاء في هذا الوزن في أسماء تحفظ نحو تمساح، ومن المصادر ما جاء على فعيلى نحو: الهزيمى، والدليلى، وهو بناء يدل على التكثير، وجاءت منه ألفاظ، ولا يطرد خلافًا لمن زعم أنه يطرد، وأكثره مقصورًا وجاء بعضه ممدودًا، وقاس عليه الكسائي فأجاز المد في جميع ما ورد من ذلك. ويجيء المصدر مما زاد على ثلاثة أحرف على صفة اسم المفعول منه فتقول: منطلق، ومستخرج، ومدحرج قياسًا مطردًا في اسم المفعول والمصدر والزمان والمكان، والثلاثي يأتي مصدره والزمان والمكان على مفعل بفتح العين إلا مصدر

يفعل بكسر العين، فيأتي مفتوحًا نحو: مضرب في معنى ضرب، ومفر في معنى فرار، وما عينه ياء نحو: محيض، ومبيت كالصحيح العين، فالمصدر بالفتح، والزمان والمكان بالكسر نحو: المقيل والمغيب، أو يخير في بناء المصدر على مفعل أو مفعل أو يقتصر فيه على السماع ثلاثة مذاهب، والثالث أحوط فلا تقول في المعاش، المعيش إلا إن سمع، ولا في المحيض: المحاض، إلا إن سمع، وأجاز بعض النحاة الكسر والفتح مصادر كانت أو أسماء مكان أو زمان، وأجاز الممال والمميل، والمغالب، والمغيب. وما فاؤه واو صحت لامه، وكان على فعل يفعل نحو: وعد ويعد فثلاثتها على مفعل بكسر العين نحو موعد. وفي التسهيل: أن طيئًا لا تلتزم ذلك، ولم يبين حالهم في المصدر والزمان والمكان، وإن كان على فعل يفعل، ولم تتحرك فاؤه في المضارع نحو: وجل يوجل، وأكثر العرب على الكسر في المفعل تقول: موجل

كموعد، وبعضهم يفتح في المصدر، ويكسر في الزمان والمكان، وزعم الجوهري، أن الكسر والفتح في يوجل وبابه في المفعل منه قياس مطرد قال: ولم يأت في ولي: يلي وبابه إلا الكسر، وظاهر كلام سيبويه أنه لا ينقاس، وإن تحركت فاؤه، والفتح في المفعل قولاً واحدًا نحو: وددت أود مودة، وحكى الفراء في المفعل من وضع يضع موضع بالفتح. وكل مفعل مما فاؤه واو وصحت لامه؛ فإنه بكسر العين إلا موكل، وموطن، وموهب، وموحد، ومورد، وموهبة، وموألة، ومورق؛ فإنه بفتح العين، وشذ من هذا الذي أصلنا في المفعل أشياء للمكان مشرق، ومغرب ومرفق، ومنبت، ومجزر، ومسقط، ومظنة ومذمة، ومحل، ومفرق الرأس، ومفرق

الطريق، ومسكن، ومطلع، ومنسك بالكسر وقياسها الفتح لأن مضارعها بضم العين، فأما (المسجد) فذهب أبو عبيد إلى أنه من باب مشرق وهو موضع السجود، وذهب سيبويه إلى أنه اسم للبيت، ولا يراد به موضع السجود، ولو أردت ذلك لقلت مسجد بفتح الجيم، ومن كلام الحجاج «ليلزم كل رجل مسجدنا» بفتح الجيم أراد موضع سجوده. وقال الفراء: سمعنا المسجد، والمسكن، والمطلع بالفتح يعني في المكان، وأجاز هو وأبو عبيد، وابن قتيبة في مشرق، وما بعده الفتح قياسًا، وإن لم يسمع؛ قال أبو عبيد: والمصادر نصب على كل حال، وأشياء للمصدر مكبر، ومرزئة، ومشيئة، وقياسها الفتح، لأن مضارعها مفتوح العين، ومرجع، ومعرفة، ومغفرة، ومأوية، ومعصية، ومحمية، وقياسها بالفتح؛ لأن عين مضارعها مكسورة، ومما جاء بالفتح والكسر وعين مضارعها مضمومة، مفرق ومحشر، ومسكن، ومعتبة، ومنسك، ومحل، ومناص، وأما «المطلع» فالفتح فيه القياس، والكسر هو الشاذ، وعلى أنه مصدر بالكسر ذكره سيبويه وقال غيره: المصدر بالفتح، والمكان بالكسر.

وأما «مدب» فمضارعه بالضم وليس بقياس، وروى: مدب بالكسر، وهو القياس؛ لأنه مضعف لازم، ومما جاء فيه الفتح والكسر أيضًا، وعين مضارعه مكسورة: مأوى الإبل، ومعجز، ومعجزة ومظلمة، ومزلة، ومضربة السيف، وما عين مضارعه مفتوحة: موضع، وموجل، وموقعة الطائر، ومحمدة، ومحسبة، وعلق مظنة، وجاء مثلثًا مهلك، ومقدرة، ومأربة، ومقبرة، ومزرعة، ومشرقة، ومعذرة. وقال سيبويه: ليس في الكلام مفعل، وأثبته بعض الكوفيين، وقال قد جاء على مفعل كمكرم ومعون، وجاء أيضًا مالك، وقرئ [إلى ميسرة]، وقيل حذفت منه التاء، وسمع مهلكة،

ومكرمة، ومعونة، ومألكة، وجاءت بغير تاء في الشعر أو في شاذ من القراءة، فاحتمل أن يكون أصلهما التاء فحذفت، واحتمل أنه حذفت التاء «من ميسرة» لأجل الإضافة على مذهب الفراء. وتبنى مفعلة من الاسم الثلاثي اللفظ أو الأصل، لسبب كثرتها أو محلها، فمن الأول: الولد مبخلة مجبنة، والولد مجهلة، وكفر المنعم مخبثة، والشراب مطيبة النفس، والطعام محسنة للجسم، والحرب مأتمة وميتمة، وكثرة

الشرب مبولة، وهذا الأمر مخلفة لذلك ومجدرة، ومقمنة، ومحركة، وطعام متخمة، ومن الثاني: مأسدة، ومسبعة، ومذأبة، ومثعلة، ومظبأة ومفعاة، ومقثاة والهاء لازمة له، ولا يقال مأسد ولا مسبع، وقال سيبويه: وليس في كل شيء يقال إلا أن تقيس أي إن قست على ما تكلمت به العرب فهذا لفظه، وقال سيبويه: أرض محياة: كثير حياتها وقال بعضهم هي واو. وقال في العين: أرض محواة، وقد جاء في المحل: مفعلة بضم العين، وحكى أبو عبيد عن الأحمر مزبلة، ومطبخة، ومقثأة بالضم والفتح، وقيل: ومفعل لمكان مطبخ لمكان الطبخ، ومرفق لبيت الخلاء، وقال الأخفش

في الأوسط: مربد اسم لم يرد بكسر الميم معنى وكذلك مطبخ؛ لأن المكان قياسه أن يكون مطبخ، وقال الأصمعي والكسائي: مربد الإبل بالكسر، لأنه يربدها أي يحبسها، وقد ربدتها، وميلغة الكلب أي التي يلغ فيها، فإن كان الاسم غير ثلاثي لم يبن منه ما يدل على الكثرة، إلا ما شذ. حكى سيبويه: أرض مثعلبة ومعقربة أي كثرة الثعالب والعقارب ولا يقاس عليهما، فلا يقال: أرض مضفدعة، والذي حكاه سيبويه بفتح اللام والراء على زنة المفعول، وحكى أبو زيد عن العرب أنهم يجعلونه بزنة اسم الفاعل بكسر اللام، والراء يريدون الكثرة، وحكى بعض اللغويين: مكان معقرب وأرض معقربة بكسر الراء فيهما، وصدغ معقرب بفتح الراء لا غير، ومن النادر في قولهم: أرض معقرة على وزن مفعلة أي كثير العقارب، كأنه رد الرباعي إلى الثلاثي ثم بنى منه مفعلة بفتح الميم والقاف، وسكون العين كأنهم لاحظوا في العقرب معنى العقر. ويصاغ من مصدر لفعل ثلاثي لآلة، وعلاج اسم فاعل على مفعل نحو: مخرز، ومصفى، ومكسر بكسر الميم، وندر الفتح نحو: منقل والتثليث نحو: معزل والكسر أشهر، ومفعل في بعضها مقصور من مفعال، ولذلك صح

مخيط ولا ينقاس هذا القصر إلا في الشعر لا يقال في مصباح: مصبح، وقد يصاغ أيضًا على مفعال نحو: مصباح، ومقراض، ومحراث، ومنقاش، وقد تلحقه التاء نحو: مكسحة، ومسلة، ومطهرة، ومرآة، فأما (منارة) فليس بآلة، وإنما هي للمكان الذي ترفع عليه المسرجة، و «المسرجة» هي الآلة، وهي التي توضع فيها الفتيلة والذهن، ويصاغ أيضًا على فعال نحو: إراث، وسراد، ولا يطرد «فعال» في الآلة وجاء بالضم في الميم وعين الكلمة: مسعط ومنخل ومدهن ومدق ومكحلة ومخرصة ومنصل لم يذهب بها مذهب ما صيغ من المصدر، ولكنهم جعلوها أسماء لهذه الأوعية [وقال بعض العرب: مدق جاء به على القياس حكاه الأخفش في الأوسط وقال فيه: قال] بعضهم: مرفق للذي في اليد جعله مما يرتفق به فكسر الميم.

باب اسم الفاعل واسم المفعول

باب اسم الفاعل واسم المفعول هما من مزيد على ثلاثة كمضارعه عددًا وحركة إلا أن أولها ميم مضمومة، وما قبل الآخر في اسم الفاعل مكسور، وفي اسم المفعول مفتوح لفظًا أو تقديرًا فيهما، وشذ في اسم الفاعل: وارس، ويافع من أورس، وأيفع، وملقح، ومسهب، بصيغة اسم المفعول من: ألقح، وأسهب، وحكى الأصمعي: أنتجت الناقة إذا استبان حملها، فهي بنتوج، انتهى. وفي الكلام محصن وأحصن، ومجرأشة بفتح الهمزة من قولهم: اجرأشت الإبل إذا سمنت.

واسم المفعول من الثلاثي على زنة مفعول قياسًا مطردًا، واسم الفاعل منه إن كان على زنة فعل بزنة فاعل قياسًا مطردًا، وجاء على فعول نحو: لعوس، وقئول، وعلى فعيل نحو: عريف، وعريج، وفعل نحو عوق، وقطع، وفيعل نحو: سيد، وفيعلان نحو: تيحان، وفعلان في المذكر، وفعلى في المؤنث نحو: نعسان، ونعسى، وفعال نحو: جواد، وفوعل نحو: خوتع، ومفعل: ملم، ومعم، ومفجع، أو فعل متعديًا كان بزنة فاعل نحو: عالم، أو لازمًا كان على فعل نحو: فرح، وأفعل: أحور، وأحول، وبابه أن يكون في لون، أو آفة، أو عاهة ظاهرة أو جار مجراها. وفعلان: عطشان، وريان، وبابه أن يكون في الامتلاء وضده، وفاعل سالم، وباك، وفعيل: حزين ومريض، ويلزم فعيل في المعنى عن فعل نحو: كبير، وسمين، وقد يشرك فعل فعلاً قالوا: طمع وطمع، وعجل وعجل، ويقظ، ويقظ، وأفعل سود وأسود، وخضر وأخضر، وعور وأعور، وفعلان، فرح وفرحان، وجذل وجذلان، وسكر وسكران، وقد تشترك الثلاثة شعث

وأشعث وشعثان، أو كان على فعل كان بزنة فعيل قياسًا نحو: شرف فهو شريف، وقال ابن مالك: كثر فعيل وفعل في فعل، ومن استعمل القياس فيهما عند عدم السماع فهو مصيب، وخالف النحاة في كونه جعل (فعلاً) مقيسًا عند عدم السماع. وجاء اسم الفاعل على فعل: كـ (حسن)، وفعل: كـ (خشن)، وفعال كـ (جبان) وفعال: فرات، وأفعل: أحمق، وفعل: عفر، وفعل: غمر، وفعال: وضاء، أي وضئ، وفعول: حصور أي ضيقة مجرى اللبن، وفعل: جنب أي ذو جنابة، وفاعل: قال ابن خالويه: يقال فره فهو فاره شذ هذا الحرف فقط، وسائر ما ورد على فاعل فيه لغتان نحو: كمل وكمل، فيؤخذ الفاعل من كمل لا من كمل، انتهى. وقالوا حمض ومثل وطهر وفضل بضم العين وفتحها وجاء اسم الفاعل منها على فاعل فهو من تداخل اللغتين وجاء على فعلان قالوا: صرع فهو صرعان، وعلى فعل نحو: ندس ونطس، وجاء بصيغة مفعول قالوا: ودع الرجل فهو مودع، وإذا ذهب باسم الفاعل مذهب الزمان جاء على فاعل سواء كان على وزن فعل أم فعل أم فعل تقول سامر، وظارف، وحاسن، وثاقل.

باب المقصور والممدود

باب المقصور والممدود المقصور هو الاسم الذي حرف إعرابه ألف لازمة، والممدود هو الاسم الذي حرف إعرابه همزة تلي ألفًا زائدة، ونذكر جملة من المقصور، والممدود عند ذكر ألفي التأنيث، والقصر مقيس في كل معتل الآخر فتح ما قبل آخره نظيره من الصحيح إما لزومًا وإما غلبة، فاللزوم اسم مفعول ما زاد على الثلاثة نحو معطى، ومنتمى، ومقتدى، ومستدعى، ونظير ذلك: مكرم ومنطلق ومقتدر ومستخرج. ومفعل نحو: مرمى ومعزى لمصدر وزمان ومكان ونظيره مذهب، ومفعل لآلة نحو: مرمى، ومهدى للوعاء الذي يهدي فيه، ونظيره مخصف وقد جاء الصحيح من هذا على مفعال نحو: محراث ولا يوجد في المعتل. وجمع فعلة نحو: دمى وعرى ونظيره: ظلم، وجمع فعلة نحو: مرى، ونظيره: قرب، وكذا لو تعاكسا فجمعت فعلة على فعل، نحو: لحية

ولحى وحلية وحلى. وفعلة على فعل نحو: كسوة وكسى بضم الكاف في المفرد، وبضمها وكسرها في الجمع، ومفرد لأفعل الذي مؤنثه الفعلى نحو: الأعلى والأدنى. ونظيره: الأكبر ومؤنثة نحو العليا، وجمع المؤنث نحو: العلى ونظيره الكبر، ومؤنث لأفعل التفضيل نحو الكبرى والصغرى، وكل اسم جنس لمفرد ثلاثي في آخره ألف بعدها هاء التأنيث نحو: حصاة وحصى. وقناة وقنى، ونظيره: شجرة وشجر. وأما الغالب فمصدره ما كان على فعل اللازم؛ إذ الغالب فيه أن يكون على فعل نحو: هوى هوى، وجوى جوى. ونظيره: أشر أشرًا، وقد جاء على

غير فعل في الصحيح نحو: شكس شكاسة، وصهب صهوبة، وسكر سكرًا. وجاء منه في المعتل على غير فعل قالوا: روى روى. فأما مصدر غرى فحكى أبو زيد، والأصمعي فيه: غرى بالقصر على القياس في إخوته ونقله سيبويه والفراء غراء بالمد على وزن فعال. والمد مقيس في كل معتل الآخر قبل آخر نظيره من الصحيح ألف إما لزومًا وإما غلبة، فاللزوم مصدر ما أوله همزة وصل نحو: انطوى انطواء، واقتدى، واستدعى، ونظيره انطلاق، واقتدار، واستخراج؛ فإن كان الأصل تفعل نحو: تدلى أو تفاعل نحو: تدانى وأدغمت التاء في الدال، واجتلبت همزة الوصل لم يكن مصدرهما ممدودًا تقول: ادلى تدليًا، وادانى تدانيًا، ونظيره اطير

واطير إلا أنك تكسر ما قبل الآخر في تدلى وتدانى لأجل الياء، وموازن فعال نحو عداء وهداء. ونظيرهما قتال، وموازن تفعال نحو: تعداء وترماء، ونظيره تكرار، وتطواف. وواحد ما اطرد في جمعه أفعلة نحو: كساء وأكسية، ونظيره: حمار وأحمرة، ومصدر لفاعل على فعال نحو: عادى عداء ووالى ولاء، ونظيره ضارب ضرابا، وفعال جمعًا لفعل نحو: ظبى وظباء، ونظيره: كعب وكعاب، وأفعال جمعًا لفعل وفعل نحو: نضو وأنضاء، وصدى وأصداء، ونظيره: حزب وأحزاب، وحجر وأحجار، وفعال في الأصوات، والأمراض الصعبة نحو: الدعاء، والبكاء، ونظيره: الصراخ، والهيام، وفعلاء جمعا نحو: شعراء،

واسم جنس لاسم في آخره تاء التأنيث وقبلها واو أو ياء بعد ألف زائدة نحو: سماوة وسماء وعظاية وعظاء، ونظيره: سحابة وسحاب، وجمع على فعال مفرده فعلة نحو: ركوة وركاء، ظبية وظباء، وشذ منه قرية وقرى، ونزوة ونزى وشهوة وشهى، فجاءت على غير فعال والغالب مفعال صفة نحو: معطاء ومهداء، ونظيره: مهذار وشذ منه شيء فجاء مقصورًا قالوا: معطى. وما سوى هذا الذي ذكرناه من مقيس المقصور والممدود، وسوى ما يأتي في ألفي التأنيث مدركه السماع. وقد غلط الزجاجي في الجمل، وابن الدهان في الغرة، فذكرا أشياء من المقيس في المسموع، وذكر ابن عصفور في المقصور كل فعل آخره حرف علة قبله فتحة نحو: أعطى ورامى، ومحققو النحاة لا يسمون شيئًا من الأفعال والحروف مقصورًا، لأن

المقصور هو الذي يوجد من جنسه ممدود، وذلك فيهما مفقود لا يقال رمى ورماء ولاما وماء. وفي مد المقصور في الضرورة خلاف منعه البصريون، وأجازه جمهور الكوفيين مطلقًا، والفراء إن لم يكن له ما يوجب قصره نحو: الغنى، فإن كان له ما يوجب قصره نحو: سكرى فلا. وقال الجمهور: يجوز قصر الممدود في الضرورة مطلقًا، والفراء إن لم يكن له ما يوجب مده نحو: الهواء الشاغل بين السماء والأرض، فإن كان له ما يوجب مده نحو: فعلاء أفعل علا. وقد انتهى بنا القول في القسم الأول من الجملة الأولى، ويعرض لبعض الحروف تغيير صفة، وتقدم منه شيء في ذكر حروف المعجم ونذكر هنا ما بقى علينا من ذلك وهو الإمالة وتغليظ اللام وترقيق الراء.

باب الإمالة

باب الإمالة الإمالة أن ينحى بالألف نحو الياء، فيلزم من ذلك: أن ينحى بالفتحة قبلها نحو الكسرة، وأصحاب الإمالة تميم، وقيس، وأسد، وعامة أهل نجد، وأصحاب الفتح الحجازيون إلا في مواضع قليلة، ومحل الإمالة غالبًا الأسماء المتمكنة والأفعال. وأسبابها: الكسرة، والياء، وانقلاب الألف عن الياء، أو مآلها إليها في حال ما، وتشبيه بالألف المنقلبة عن الياء، وشبه بالألف المشبهة بالألف المنقلبة، وفرق بين الاسم والحرف، وكثرة الاستعمال، وإمالة لإمالة. ونحن نرتب الكلام على هذه الأسباب: السبب الأول: الكسرة: ذهب الأكثرون إلى أنها في باب الإمالة أقوى من الياء، وهو ظاهر كلام سيبويه، وذهب ابن السراج إلى أن الياء أقوى من الكسرة، فالكسرة إن

تقدمت الألف، ووليتها الكسرة نحو مساجد، وبابك، فالإمالة وإن تأخرت الألف بحرف نحو: عماد، أو حرفين أولهما ساكن نحو: شملال أميل، أو متحرك نحو: أكلت عنبًا، أو ثلاثة نحو: فتلت قنبًا فلا إمالة، وشذ له درهمان بالإمالة، فإن كان بين الكسرة، والألف حرفان ثانيهما الهاء، وما قبلها مفتوح أميل نحو: لن ينزعها، ولا يمال نحو: لن يضربنا، ولا هو يضربها.

وحكم الكسرة في وسط الاسم حكمها في أوله، فالاسوداد مثل عماد، وكلما كانت الكسرة أقرب إلى الألف كانت الإمالة أولى، فكتاب أولى من جلباب، وكلما كثرت الكسرات كانت الإمالة أولى، فجلبلاب أولى من جلباب. وإذا تأخر عن الألف حرف استعلاء متصل نحو: ناقد، وعاطس، وعاصب، وعاضد، وناخل، وواغل، وعاظل، أو بينهما حرف نحو: نافخ، ونابغ، ونافق، وسامط، وناهض، وواعظ، وداحص، غلب المستعلي الكسرة

فلا يميلها أحد إلا من لا يؤخذ بلغته فإن كان الفصل بحرفين نحو مناشيط، ومعاليق، ومعاريض، ومواعيظ، ومباليغ ومنافيخ، ومساليخ فالنصب هو الكثير، وحكى سيبويه: أن قومًا أمالوا حين تراخت هذه الحروف عن الألف وهي قليلة، وذهب المبرد إلى منع الإمالة في مناشيط وأخواتها. فإن كانت الكسرة منوية نحو: هذا ماض في الوقف أو هذا ماض أصله ماضض لم تمل الألف إلا في شذوذ، وإن تقدم حرف الاستعلاء، ووليته الألف غلبت الكسرة، ومنعت الإمالة. نحو: قاعد، وغائب، وخامل، وصاعد، وطائف، وضامن، وظالم.

فإن تقدم حرف الاستعلاء مكسورًا نحو: صعاب، وغلاب، وخباث، وقفاف، وضباب، وطعان، وظلام مصدر ظالم للمغالبة، أو ساكنًا نحو: مصباح، ومطعان، ومضراب، ومقلات، جازت الإمالة. وبعض العرب جعل حرف الاستعلاء غالبًا، وقال سيبويه: وبعض من يميل قفاف، ويميل ألف مفعال وليس فيه شيء من هذه الحروف يعني – حروف الاستعلاء – ينصب الألف في مصباح ونحوه يفرق بين ما كان مكسورًا وما كان ساكنًا، ورأيت صرفًا بمنزلة صعاد، كما أن رأيت عرقًا، ورأيت ملغًا، ينصب كما ينصب في قائم وغانم. فإن فصل بين الألف وحرف الاستعلاء بثلاثة حروف نحو: يريد أن يضربها بسوط أو أربعة نحو: أن يضربها بسملق، لم يغلب الحرف الكسرة فيمال، وبعض العرب غلبه فنصب. وقد لا يعتد بحرف الاستعلاء إذا ولى الألف من كلمة غير كلمة الألف نحو: يريد أن يضربها قبل، وكذلك صاحب مال ملق، لبعد القاف عن الألف، وانفصال الكلمة فرق هؤلاء بين المتصل والمنفصل، ومن أجرى المنفصل مجرى المتصل فأمال.

والإمالة في المتصل أقوى، وشذ عدم الاعتداد بحرف الاستعلاء في رأيت عرقًا فأميل، وقياسه أن لا يمال، لأنه مثل قاسم، وعدم الاعتداد بالحركة في رأيت عنبًا فأميل، وقياسه أن لا يمال، والكسرة المنوبة في الموقوف عليه نحو: ماش قد تؤثر فتمال، وفي مدغم نحو: حاج، وحواج، فالأكثر أنها لا تؤثر مطلقًا، ومنهم من فصل فأمال حالة الجر، ونصب حالة الرفع، والنصب، فإن كان الإدغام من كلمتين نحو قراءة أبي عمرو: [مع الأبرار ربنا]، [والنهار لآيات] فقال النحاة من أهل البصرة لا تمال أصلاً، وقال الأكثرون تمال، وهو مذهب ثعلب، وهو الصحيح. والإمالة لكسرة بناء نحو: نزال أقوى منها لكسرة إعراب نحو: بابك مجرورًا. والمتصلة كائنة ما كانت أقوى منها المنفصلة نحو: ثلثا درهم، والظاهرة أقوى منها المقدرة نحو: حاد، والاعتداد بالكسرة في الراء أقوى من الاعتداد بها

في غير الراء وكذلك يميل بجوار في الوقف من يفتح (بمال) في الوقف. وتغلب الكسرة الراء المفتوحة تليها الألف نحو: راشد، وفراش، أو تلي الألف مفتوحة نحو: رأيت حمارًا، أو مضمومة نحو: هذا حمار، فلو كان بينهما حرف نحو: هذا كافر أو حرفان نحو: هذه دنانير، فكذلك عند بعضهم، وبعض العرب لا يلتفت إلى الراء فيميل، فإن كانت الراء التي تلي

الألف مكسورة كفت ما يمنع من الإمالة سواء كان حرف استعلاء نحو: غارم أو راء نحو: من غرارك، فإن فصل بينهما بحرف لم يغلب. قال سيبويه: ومن يقول: قارب فيميل، ينصب مررت بقادر حيث بعدت. قال: وقد أمال قوم ترتضى عربيتهم. وتقول: هذا قادر، فتفتح، ومن العرب من يجعل المكسورة إذا فصل بين الألف وبينها بحرف كالمفتوحة: والمضمومة فتقول: مررت بكافر وتفتح، وقال الفارسي: فاعل إن سلم من حرف استعلاء وراء أميل نحو: عابد، أو فيه الراء وحدها فاء نحو: راشد لم تمل، أو عينا بعدها راء مضمومة أو مفتوحة

نحو: بار لم تمل ومنع سيبويه أن يمال بار على حد إمالتهم جاد أو مكسورة نحو: بمار أميل، أو ليس بعدها راء أميل نحو: بار أو لامًا فمذاهب الإمالة والمنع والثالث: تمال في الجر لا في الرفع والنصب نحو: كافر. أو حرف استعلاء وحده فاء نحو: طالب أو عينًا نحو: عاطل، أو لامًا نحو: ناشط فلا إمالة، أو اجتمعا فيه مفردين، والمستعلى فاء والعين راء نحو: طارد أو عين والفاء راء نحو: راقد أو لام والعين راء نحو: مارق

أو المستعلى عين واللام راء نحو: باقر، أو فاء واللام راء نحو: قادر، أو لام والفاء راء نحو: رامق، فراقد ورامق ومارق لا يجوز فيه الإمالة. وطارد يجوز، وباقر يمتنع رفعًا ونصبًا، وأما في الجر، فالإمالة مذهب والمنع مذهب، وقادر يمتنع رفعًا ونصبًا ويجوز جرًا. وإن كان مع الراء حرفا استعلاء والراء أول نحو: راقط، أو ثانية نحو: قارط، وطارق، أو ثالثة نحو: قاطر فالإمالة ممتنعة، وإن كان مع المستعلى

ررراءان نحو: قار، وطار امتنعت رفعًا ونصبًا، وأماله قوم جرًا كما أمالوا: صغار، وقوارير لانكسار الراء، وفيه المستعلي. وفي الغرة: للراء في هذا الباب مواضع خمسة: منع الإمالة إذا كانت مفتوحة بعد ألف أو قبلها أو مضمومة نحو: راشد، ودار، ورعاف، وجابر، وجالبة الإمالة مكسورة كالركاب، والشارب، وغالبة إذا تقدمها حرف استعلاء مفتوح، وتأخرت مكسورة نحو: غارب ومغلوبة كأن يتقدم ويتأخر نحو: فارق، وغالبة أختها إذا اجتمعتا والراء مفتوحة، والثانية مكسورة نحو: الأبرار، ومن قرارك، فإن بعدت عن الألف متأخرة مكسورة ومعها المستعلي نحو: قادر فأقوى القولين منع الإمالة، انتهى. السبب الثاني: الياء ذكر سيبويه أن أهل الحجاز، وكثيرًا من العرب لا يميلون للياء، وأن أهل الحجاز يميلون الكسرة، فالياء تمال الألف لأجلها إذا اتصلت متقدمة نحو: سيال، وضياح، ويباع وهي في المشددة أقوى منها في

المخففة، أو انفصلت عن الألف بحرف نحو: شيبان والحيوان، ورأيت يدا في الوقف، والإمالة مع الساكنة أقوى منها مع المتحركة، أو حرفين ثانيهما هاء، بشرط فتح ما قبلها نحو: بينها، ورأيت يدها، أمالوا بينها كما أمالوا: لن ينزعها، وزيدا في الوقف من أمال علما في الوقف حكموا للياء بما حكموا للكسرة؛ فإن اتصلت الياء متأخرة بالألف، فإن سيبويه لم يذكر ذلك في كتابه، وذكر ذلك بعض أصحابنا، وابن الدهان ومثل ذلك بآية، ومع كون الياء من أقوى أسباب الإمالة لم يأخذ بها القراء فيما علمناه إلا في قراءة ورش: [الخيرات]، [وحيران]

بالإمالة، وإلا في قراءة قتيبة (المال). السبب الثالث: انقلاب الألف عن الياء وهو سبب تقديري، ضعيف ليس في قوة الكسرة والياء، وذلك نحو: فتى، ورمى، ومرمى، وملهى، سواء في ذلك الاسم والفعل وما كانت منقلبة عن ياء أصلية أو غيرها نحو: ملهى، وأعطى، ومن العرب من لا يميل ما انقلبت فيه الألف عن ياء، وقاله سيبويه، وقال وهم أكثر الفريقين إمالة – يعني بالفريقين الحجازيين وغيرهم – وأمالا الألف إلى الياء في حال ما أجرى مجرى ما انقلبت فيه الألف عن الياء نحو: حبلى؛ فإنها تئول إلى الياء في حال التثنية والجمع فتقول: حبليان، وحبليات، وغزا تئول إلى الياء إذا بني للمفعول نحو: غزى؛ فإن آلت إلى الياء وأصلها الواو بممازجة زيادتي

التصغير، والتكسير نحو: القطا، والقفا؛ فإنك تقول: قفى، وقفى، فظاهر مذهب سيبويه أنه يسوي في الثلاثي بين بنات الواو وبنات الياء، فيجيز الإمالة، وفرق غيره كالفارسي، فطردوا الإمالة في الفعل نحو: غزى وجعلوها شاذة في الاسم نحو: القطا. وانقلاب الألف عن عين ياء أو واو في فعل ثلاثي، إذا أسند إلى ضمير متكلم أو مخاطب ذهبت عينه وانكسرت فاؤه، وذلك نحو: طاب وجاء وشاء مما هو على فعل (بفتح العين) وهاب وخاف مما هو على فعل بكسرها، فالإمالة لبعض الحجازيين يوافقون بني تميم، وعامتهم فرق بين ذوات الواو نحو: خاف فلم يمل، وبين ذوات الياء نحو: طاب، وهاب، فأمال، وبعض النحاة يعبر عن هذا بالإمالة لكسرة تعرض في بعض الأحوال. وقال الفارسي: وأمالوا خاف وطاب مع المستعلي طلبًا للكسرة في خفت، وقال ابن هشام الخضراوي: الأولى أن «طاب» الإمالة فيه، لأن الألف فيه منقلبة عن ياء، وفي خاف؛ لأن العين مكسورة أرادوا أن يدلوا على الياء والكسرة، انتهى.

وشذت إمالة ما انقلبت فيه الألف عن ياء عينًا في اسم ثلاثي قالوا: هذا عاب وناب، وشبهوا بهذا ما انقلبت فيه عن واو فقالوا: هذا مال وناب، فأمالوا شذوذًا، ولم يشبهوا الفعل من ذوات الواو على فعل بفتح العين نحو: قال، وبضمها نحو: طال بطاب، كما شبهوا غزا برمى ففتحوا: قال وطاب ونحوهما. السبب الرابع: تشبيه الألف بالألف المنقلبة عن الياء، ومن ذلك فعلى، وتكون الألف فيه للإلحاق نحو علقى، وللتأنيث نحو: رضوى هذا في الاسم، وفي الصفة: سكرى، وفعلى يكون فيه للإلحاق نحو: ذفرى وللتأنيث نحو: ذكرى ولا يوجد في الصفة إلا ما رواه أحمد بن يحيى من قولهم رجل كيصى

منونًا، وفعلى ولا يكون ألفه إلا للتأنيث، وتكون اسمًا نحو: بهمى وصفة نحو: حبلى، وفعالى وألفه للتأنيث، ويكون اسمًا نحو: حبارى، وصفة جمع تكسير نحو: سكارى. السبب الخامس: شبه بالألف المشبهة بالألف المنقلبة، وذلك هاء التأنيث قال سيبويه: سمعنا العرب تقول: ضربت ضربه، وأخذت أخذه، شبه الهاء بالألف، فأمال ما قبلها كما يميل ما قبل الألف. ولم يبين سيبويه بأي ألف شبهت، والظاهر أنها شبهت بألف التأنيث وكل هاء تأنيث فالإمالة جائزة في الفتحة التي تليها، ولا تمال الألف قبلها نحو: الحياة، وسواء كانت الهاء للمبالغة نحو: علامة أم لغيرها، فإن كانت هاء سكت نحو: كتابيه، فذهب ثعلب، وابن الأنباري إلى جواز الإمالة فيما قبلها، وقد قرأ به أبو مزاحم الخاقاني في قراءة الكسائي، والصحيح المنع.

السبب السادس: الفرق بين الاسم والحرف، وهذا من الأسباب الشاذة قال سيبويه: وقالوا: با وتا يعني بالإمالة، لأنها أسماء ما يلفظ به. فليست كإلى ولا وما، وغيرها من الحروف المبنية على السكون إنما جاءت كسائر الأسماء، وحروف التهجي التي في أوائل السور إن كان في آخرها ألف، فمنهم من يفتح ومنهم من يميل؛ فإن كان في وسطها ألف: نحو: كاف وصاد فلا خلاف في الفتح. السبب السابع: كثرة الاستعمال، وذلك إمالتهم «الحجاج» علمًا في الرفع والنصب، وكذلك «العجاج» في الرفع والنصب، نص عليه المهاباذي، وصاحب

البديع، وإمالتهم «الناس» في الرفع والنصب، ورويت الإمالة فيه مطلقًا عن أبي عمرو والكسائي. السبب الثامن: الإمالة للإمالة، ويسميه بعضهم مجاورة الممال، وقد عده أبو جعر بن الباذش في أسباب الإمالة قال سيبويه: رأيت عمادا، فأمالوا للإمالة، كما أمالوا لكسرة قال: وقالوا: معزانا في قول من قال: «عمادا» فأمالهم جميعًا، وذا قياس، انتهى. وقد تتقدم الإمالة على الذي أميل لأجلها، وقد تتأخر، كإمالة تاء اليتامى، وسين أسارى، وكسالى وكاف سكارى، وصاد النصارى، لإمالة ما بعدها، وقرأ بذلك بعض القراء. وهذه المجاورة جاءت فيما هو كلمة أو كالكلمة نحو: مغزانا لاتصال الضمير فيه، وقد تبعد المجاورة وفصل كلم كما أمالوا «والضحى» لإمالة «وما قلى».

والاسم غير المتمكن إن كان البناء عرض له أميل نحو: يا فتى ويا حبلى، وإن كان لم يعرض له نحو إذا، و «ما» الاستفهامية والشرطية ونحوهما مما لا يستقل فلا يمال وقد أمالوا من هذا النوع (نا) وألف، ها نحو: مر بنا، ونظر إلينا، ومر بها، ونظر إليها، ويريد أن يضربها وبينها، وأميلت أسماء الهجاء مقطعة غير معربة، لأنها قد تتمكن، وتعرب. وأمالوا من الأسماء «ذا» للإشارة، ومتى في كلتا حالتيها من الشرط والاستفهام، و «أنى» ووزنها أفعل. واختاره أبو الحسن بن الباذش وقيل فعلى، واختاره ابن مجاهد،

والأهوازي وأمالوا من الحروف (بلى)، و (يا) في النداء، «ولا» في إمالا وعن قطرب إمالة (لا) في الجواب من الغرة أمال (لا) من العرب من لا ترتضى عربيته وحكى ذلك قوم من الكوفيين، انتهى. وأما «حتى» فالعامة فيها على الفتح، وحكى ابن مقسم: الإمالة

فيها عن بعض أهل نجد، وأكثر أهل اليمن، وأمالها حمزة، والكسائي إمالة لطيفة، وذهب سيبويه، وابن الأنباري وناس إلى منع إمالة (حتى) قال سيبويه: «ومما لا يميلون ألفه (حتى) و (أما) و (إلا) فرقوا بينها وبين ألفات الأسماء نحو: حبلى وعطشى. وقال الخليل: لو سميت بها رجلاً أو امرأة جازت الإمالة، وأمال الفراء ألف (لكن) تشبيهًا بألف فاعل، ومنعه الجمهور. وإذا تلت الراء المكسورة فتحة جاز إمالة الفتحة بشرط أن لا تكون الفتحة في ياء نحو: من الغير، ويشترط أن لا يكون بعد الراء المكسورة حرف استعلاء نحو: السرق، والصراط، وسواء كانت الفتحة في حرف استعلاء نحو: [من البقر] أو في راء نحو [بشرر] أو في غيرهما نحو: من النغر ومن الكبر، أو فصل بين الفتحة والراء مكسور نحو: ناشر، أو ساكن غير الياء نحو: من عمرو، فمن الغير، وخير لا تمال فيهما الفتحة، كان ذلك في كلمة كما مثلنا، أو في كلمتين نحو: رأيت خبط رياح، ولو فصل بين الفتحة

والراء المكسورة حرف مكسور جازت الإمالة نحو: خبط فرند، وهذا من المحاذر، فتيمل فتحة الذال لأجل الراء المكسورة، ولا يجوز أن تميل الألف لأجل إمالة فتحة الذال فتكون إمالة لإمالة نص على ذلك سيبويه. وزعم ابن خروف أن من أمال ألف «عماد» لأجل إمالة الألف قبلها أمال ههنا ألف المحاذر لإمالة فتحة الذال. ويجوز أن تمال الفتحة للإمالة في ألف بعدها، إذا كانت الإمالة في حرف حلق نحو: رأى، ونأى، ونعى، فإن ذهبت الإمالة لالتقاء الساكنين نحو: [رأى القمر] لم تمل، ومنهم من يميل الفتحة، وإن ذهب موجب الإمالة لها، فإن كان ما قبل الألف غير حرف حلق نحو: رمى فإمالة فتحة الراء قبيحة وقد حكيت الإمالة لغية.

وتمال الفتحة أيضًا لأجل الكسرة التي تليها كانت في راء أو غيرها كإمالة فتحة الفاء في: [فإنهم لا يكذبونك] لأجل كسرة الهمزة، قال ابن خالويه: حكى الأخفش أن بعض بني أسد يقولون [فإنهم لا يكذبونك] [وأنا ظننا] بكسر الفاء والواو، انتهى. إلا إن كانت الفتحة من حروف المضارعة نحو: تعدا وفي (يا) نحو: يزيد اسم رجل، فلا تمال. فإن فصل بين الفتحة والكسرة في الراء وغيرها ساكن، وهو «يا» نحو: بعير، أو بنيت فلا إمالة، أو غيرهما فتميل نحو: يحذر، ويجذب، فإن ذهبت الكسرة بالتخفيف، نحو: رحمة الله في رحمة الله لم تمل الفتحة، ومنهم من يميل. وينحى بالضمة إذا كان بعدها راء مكسورة منحى الفتحة، فتمال نحو: من السمر، ومن المنقر وخبط رياح، فيشمونها الكسر والمتصلة أقوى من ذلك من المنفصلة، فإن كان بعد الضمة واو، كمذعور، وابن نور فأقوال أحدها: تميل الواو والضمة قبلها. والثاني: تميل الضمة لا الواو. والثالث: تشم الكسرة في الواو، وتخلص الضمة قبلها. الرابع: تروم الكسرة فيما قبل الواو، وتبقى الضمة على حالها، وعبارة سيبويه

الروم، وعبارة الأخفش الإمالة وكان ابن خروف والأستاذ أبو علي يزعمان أن مذهب سيبويه والأخفش واحد، وسيبويه يسميه روما، والأخفش يسميه إمالة، فإن كان الروم والإمالة واحدًا فثلاثة مذاهب أحدها: روم الكسرة في الضمة والواو. والثاني: روم الكسرة في الضمة وإخلاص الواو. والثالث: روم الكسرة في الواو وإخلاص الضمة والذي يتأتى في النطق الأول والآخران يعسر النطق بهما. أصل اللام: الفتح المستعمل فيما وسطه ألف من حروف الهجاء غير المستعلية والراء نحو كاف ودال وياء وواو، ويجب تفخيمها في اسم الله إذا تقدمتها فتحة نحو: سمع الله أو ضمة نحو: يعلم الله وإن انكسر ما قبلها نحو: لله الحمد فالفتح، أو أميل ما قبلها نحو: نرى الله جاز فتحها أو تفخيمها، ويجوز أيضًا تفخيمها إذا انفتحت، ووليت صادًا ساكنة نحو: إصلاح، ويصلب، والأصلاب، أو مفتوحة نحو: الصلاة، ومصلى، أو طاء مفتوحة أو ساكنة نحو: الطلاق، وطلقت، ومطلع، أو فصل بين الصاد والطاء نحو: صالح وطال

أو تأخرت الصاد والطاء والظاء عنها نحو: خلص، وخلط، واختلط، واستغلظ، وكذا إن انضمت وقبلها صاد نحو: فصل أو بعدها ظاء نحو: أغلظ وشذ تفخيمها فيما جاء من لفظ (ثلاثة) والفصيح الفتح المستعمل فيها. أصل الراء: التفخيم؛ فإن كانت مكسورة كسرًا لازمًا كالحريق، أو عارضًا نحو: وانحر ان، أو ساكنا قبلها كسرة لازمة نحو: شرعة رققت إلا إن كان بعدها حرف استعلاء نحو: إرصاد أو كانت الكسرة عارضة نحو: [ارجع البصر] و [أم ارتابوا] فالتفخيم. فإن كان بعدها ياء نحو: قرية، ومريم أو حرف استعلاء مكسور نحو: فرق [ومرفقا]، أو كانت مفتوحة نحو: جيران أو مضمومة تلي ياء نحو:

خبير، وقدير، أو كسرة لازمة نحو: خسر، وخسروا، أو تليها راء مكسورة نحو: بشرر أو بين المفتوحة والكسرة قبلها فاصل، وليست بعد الراء راء مكسورة ولا حرف استعلاء، والكلمة عربية نحو: الذكر جاز الترقيق والتفخيم. فإن كانت الكسرة عارضة نحو: برسول أو بروح، أو كان بعدها راء نحو: مدرارًا، أو حرف استعلاء نحو: إعراض، أو الكلمة أعجمية نحو: إبراهيم، وإسرائيل، فالتفخيم. القسم الثاني: من الجملة الأولى وهو قسمان: قسم يلحق الكلمة من أولها، وقسم يلحقها في آخرها. القسم الأول: همزة الوصل هي التي تثبت في الابتداء بالكلمة التي فيها، وتنحذف منها في الوصل إلا في الضرورة فتثبت وكثر ذلك في أوائل أنصاف الأبيات في (أل)، وغيرها نحو: ............. وليدنا … القدر ..................

.......... ولا خلة … إتسع .............. وأضيفت إلى الوصل اتساعًا واختلف فيها، فقيل وضعت أولا همزة وهو قول ابن جني، وقيل يحتمل أن يكون أصلها الألف ألا ترى ثبوتها في الاستفهام في (آالرجل) ألفا لما لم يضطر إلى الحركة وقيل: اجتلبت همزة ساكنة وهو قول الفارسي واختاره الأستاذ أبو علي وقيل اجتلبت متحركة، وهو قول سيبويه، ويكون من الأفعال في الفعل الماضي الخماسي، والسداسي ومصدره، والأمر منه، وفي الأمر من ثلاثيها الساكن ثاني مضارعه لفظًا نحو:

اضرب واقتل واذهب؛ فإن سكن تقديرًا نحو: يقوم ويود، ويسل، ويرى، أو حذفت فاؤه نحو: يعد، ويسع، فلا تدخله تقول: قم، ورد، وود، وسل، وره، وعد، وسع. وتقدم الكلام على خذ، وكل، ومر. ويكون من الأسماء غير مصادر الأفعال التي أولها همزة وصل في: ابن، وابنة وابنم، وامرئ، وامرأة، واسم واست، وتثنيتهما، واثنين، واثنتين، ومن تثنية ابنم قول الشاعر:

ومنا ضرار وابنماه وحاجب … مؤجج نار للمكارم لا المخبى و «أيمن» المخصوص بالقسم على خلاف فيه، أهو مفرد وهمزته همزة وصل أو جمع يمين، وهمزته همزة قطع. ومن الحروف في (أل) وفي (أم) بمعنى (أل) في لغة حمير، خلافًا لابن كيسان، فهمزة (أل) عنده همزة قطع حذفت تخفيفًا، وتفتح في

أيمن، وفي (أل) وفي (أيم) المذكورة، وتضم مع غيرهما قبل ضمة أصلية موجودة نحو: اخرج أو مقدرة نحو: أغزى أمر من الثلاثي، وانطلق واستخرج مما بني ماضيًا للمفعول من المفتتح بها، وإذا أشممت الضمة في التاء والقاف من نحو: اختير وانقيد أشممت الهمزة الضم، وإذا أخلصت الكسرة كسرت الهمزة، وفي الإفصاح: اغزى يا امرأة بضم الهمزة أشمت أم لم تشم، وحكى ابن جني: كسر الهمزة في نحو: اخرج، ولا يتبع الضمة وهي لغة شاذة، وتكسر فيما سوى ما ذكر من فعل ماض خماسي أو سداسي، وفي الأمر منه، ومن نحو: يضرب، ويذهب، ويعلم ومن الأسماء المذكورة. وإذا وليت وهي مفتوحة وذلك في (أل) و (أيم) و (أيمن) همزة استفهام، فقال ابن الباذش: الذي يوجبه قول سيبويه في باب الهمزة، أنها تخفف بين بين.

وذكر الفارسي أنها تبدل ألفًا، وقرأ باقي السبعة [قل آلذكرين] بالإبدال والتسهيل، وزعم أبو عمرو بن عظيمة أن إثبات ألف الوصل في ذلك خطأ، وإنما هذه المدة ألف زائدة، ليست بدلاً من همزة، وإنما زيدت للفرق بين الاستفهام والخبر انتهى، وترجح ثبوتها قبل حرف التعريف المنقول إليه حركة ما بعده فتقول: الحمر في (الأحمر)، وبه قرأ القراء في الأشهر، ومن العرب من يعتد بالعارض فيقول: لحمر، وقد تقدم الكلام على ذلك مشبعًا في باب محال البدل والقلب والنقل. وإذا اتصل بالمضمومة ساكن صحيح نحو: [ولقد استهزئ] و [خبيثة اجتثت] أو جار مجراه نحو: [أو انقص منه] جاز كسره وضمه. القسم الثاني: وهو ما يلحق بالكلمة من آخرها وهو علامة التثنية وعلامة الجمع على حده، وياء النسب، وعلامة التأنيث ونون التوكيد ونون التنوين.

باب التثنية

باب التثنية قال أبو سعد علي بن مسعود، صاحب المستوفى: قد يمكن أن يتفق معنيان في اسم واحد، يدل على كل واحد منهما دلالة على حيالها، كما قالوا: رجل ورجل، وزيد وزيد، كـ (ارتجالهم) الصيغة التي يدل بها عليهما معًا من حيث هما اثنان كقولهم: رجلان، والزيدان هو التثنية، ولا يكاد يوجد إلا في اللغة العربية انتهى. وعلامتها في الرفع ألف ونون، وفي الجر والنصب ياء ونون يلحقان آخر الاسم المفرد القابل لذلك المتفق مع ما ضم إليه في اللفظ والمعنى فإن كان غير مفرد، كأن يكون جمع تكسير فلا يجوز تثنيته إلا نادرًا قالوا: لقاحان سوداوان، أو ضرورة نحو قوله: .............. … عند التفرق في الهيجا جمالين

أو اسم جمع فلا يثنى إلا ضرورة نحو: .............. … ............ قوماهما أخوان أو اسم جنس مما دام على جنسيته لا يثنى، فإن تجوز فيه، أو أطلق على بعض الجنس فقد يثنى نحو: لبنين، وظاهر كلام ابن مالك اقتياس تثنية جمع التكسير، واسم الجنس، واسمع الجمع، ولا تثنى أسماء العدد إلا مائة وألفًا أو ضرورة نحو قوله:

.............. … ......... فوق سبعين دائم وأجاز أبو الحسن تثنية أسماء العدد. ولا يثنى كل، وبعض (وأفعل من) وأسماء الأفعال، وثواني الكنى نحو: أبي بكر، وأم بكر والأسماء المحكية التي هي جمل في الأصل نحو: تأبط شرًا، والمختص بالنفي نحو عريب، واسم الشرط، وإن كان معربًا، والمبني نحو: من، وكم، وحذام وبابه في لغة من بني، ومالا ثاني له في الوجود نحو: شمس، وقمر للكوكبين النيرين، والكنى عن العلم نحو: فلان وفلانة، وأجمع، وجمعاء وأخواتها.

والمركب تركيب مزج إذا أعرب خلافًا للكوفيين في إجازتهم تثنيتهما، ولا ما ختم (بوبه) خلافًا لبعضهم. وفي الترشيح: إن ثنيت على من جعل الإعراب في الآخر قلت: هذان معدى كربان، وحضرموتان، وفي النصب والجر بالياء، وكذا بلال أباذان وفي الجمع بالواو والنون والياء والنون، وإن ثنيت على من أعرب إعراب المتضايفين قلت رفعًا: حضراموت ونصبًا وجرًا حضرى موت، وكذا ما أشبه هذا. واسم الإشارة والموصول خلافًا لمن ادعى أن هذان واللذان تثنية حقيقية، ولا الاسم الجاري مجرى الفعل إذا رفع الظاهر نحو: مررت برجل قائم أبواه، ومضروب غلمانه، إلا في لغة (أكلوني البراغيث) فتقول: قائمين أبواه ومضروبين غلمانه، ولا المصدر المزال عن المصدرية وأريد به الشخص نحو: زور، وخصم في الأفصح، والأفصح في (أي) في باب الحكاية أن تثنى، وفي غيره تضعف تثنيته، وإن بقى العلم على علميته، وأريدت تثنيته ضم إليه علم آخر، وعطف عليه فتقول: جاءني زيد وزيد، فإن تنكر جازت تثنيته فتقول: زيدان وقال الأكثرون: إذا ثنيت العلم بعد التنكير، وأردت التعريف أتيت (بأل) عوضًا عما سلب من تعريف العلمية فقلت: الزيدان، وكذا في الجمع تقول: الزيدون، وقول من قال لا تدخل (أل) ويبقى على حاله فنقول: زيدان وزيدون قول غير صحيح، وكلام العرب على خلافه.

وإذا ثنيت ما فيه (أل) كالرجل، فقيل تبقى فيه (أل) فتقول الرجلان، وقيل تحذف ويعوض منها مثلها وعلامة التثنية تدل على اثنين، وقد تأتي فيما لا يشفع الواحد إذا قصد التكثير نحو حنانيك، أو أريد بها الواحد نحو: الجلمان، أو الواحد على القلب كما قال: كما دحست الثوب في الوعاءين يريد الثوب في الوعاء، والذي يراد به التكثير من المثنى يجوز أن يجرد منها ويعطف عليه مثله، والمعنى على التكثير نحو قوله:

لو عد قبر وقبر كنت أكرمهم … ميتًا ......... وقد يغني في هذا النوع التكرير عن العطف نحو قوله تعالى: [دكا دكا] و [صفا صفا] أي دكا بعد دك، وصفا بعد صف. وقد يأتي في المثنى ما لا يصلح للتجريد، وهو ضربان: اسم جنس: كلبتي الحداد، وعلم كالبحرين. والدونكين، وكتابين. ومما اعتيد فيه التجريد والتثنية فيه مستعارة قولهم: حواليك، والأبهران، والأخرمان، وعاقلان، وتجريد ذلك: حوال، والأبهر لعرق، والأخرم موضع، وعاقل جبل. ومما أعرب إعراب المثنى وليس مثنى لعدم صلاحية التجريد: اثنان واثنتان، وجاء فلان يضرب أصدريه، والجونان لعمرو ومعاوية ابنا شرحبيل بن عمرو، وقول أعرابي: (جنبك الله الأمرين)، (أي الفقر والعرى) وكفاك أمر الأجوفين

(أي البطن والفرج)، وأذاقك البردين (أي العافية والغنى)، ومنه قولهم، لما هو في وسط شيء هو وظهريه، وظهرانيه. وإذا كان المثنى على أصل وضعه، جاز فيه العطف إذا فصل بين المتعاطفين بظاهر، أو مقدر إلا إن اضطر أو شذ، فقد يعطف بغير وصل، ولا بد من اتفاق المثنيين لفظًا ومعنى، فإن اختلفا لفظًا ومعنى، لم يجز إلا فيما سمع على سبيل التغليب كالقمرين للشمس والقمر، والعمرين لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، والأبوين للأب، والخال، والأمين للأم والجدة، والعجاجين للعجاج ورؤبة، والعمرين لعمرو بن حارثة وزيد بن عمرو، والأحوصين للأحوص بن جعفر وعمرو بن الأحوص، والمصعبين لمصعب بن الزبير وابنه، والبجيرين للبجير، وفراس ابني عبد الله بن مسلمة، والحرين للحر وأخيه، والزهدمين، لزهدم وكردم ابني قيس. وفي البسيط: لزهدم وقيس ابني حزن. وإن اختلفا معنى المشتركين إما بتضاد: كالجونين للأسود والأبيض، أو بغير

تضاد كـ (العينين) للينبوع والباصرة، والعلمين كالزيدين اسم إنسان واسم كلب، فأكثر المتأخرين على أنه لا يجوز تثنيتهما، وهو مختار أصحابنا ولحنوا الحريري في قوله: ................. ز … ....... فانثنى بلا عينين وصحح ابن مالك الجواز، وإن اتفقا في اللفظ والجنس، فلا خلاف في جواز التثنية، وإن كان لكل واحد منهما خصوصيات ليست للآخر. ومذهب البصريين أنه لا يجوز في النون إلا الكسر مطلقًا، وأجاز الكسائي والفراء فتحها مع الياء. وقال الكسائي: هي لغة لبني زياد بن فقعس. وقال الفراء: لغة لبني أسد، ونصا على أن الفتح لا يجوز مع الألف وأجاز ذلك بعضهم. وحكى الشيباني وغيره أن ضمها مع الألف لغة، وأما مع الياء فلا

يجوز. وقيل من العرب من يجعل الإعراب في النون، فعلى هذا يفتح مع الياء نصبًا، ويكسر معها جرًا، وحذفها للإضافة كثير، ولشبه الإضافة في اثنى عشر واثنتى عشرة، وفي لا غلامي لك على مذهب من يرى ذلك، ولتقدير الإضافة نحو: رأيت يدي ورجلي زيد ذكره ابن هشام اللخمي، وفي لبيك وأخواته على مذهب الأعلم، وتحذف لتقصير الصلة مطلقًا على مذهب سيبويه والفراء خلافًا للمبرد؛ إذ قصر ذلك على قولك: اللذا واللتا، ولا يجيز الضاربا. وحذفها من تثنية (الذي) و (التي) لغة لبني الحارث وبعض ربيعة، والإثبات لغة الحجاز، وأسد، وحذفها من نحو: ضارباك للإضافة على مذهب سيبويه والجمهور خلافًا للأخفش، وهشام، فحذفها عندهما لإضافة الضمير، وما سوى ما ذكر، فحذفها فيه ضرورة على مذهب البصريين، خلافًا للكسائي؛ فإنه أجاز ذلك في الكلام نحو: قام الزيدا، وينبغي لمن أجاز حذفها في الضرورة أو في الكلام أن لا يؤدي حذفها إلى اللبس نحو: هذان، وهاتان فلا يجوز قام هذا وأنت تريد: هذان.

وجعل المثنى كالمقصور، فتلزم ألفه رفعًا ونصبًا وجرًا، لغة منقولة عن طوائف من العرب: بنو الحارث بن كعب، وزبيد، وخثعم، وهمدان، وكنانة، وبنو العنبر، وبنو الهجيم، وبكر بن وائل، وبطون من ربيعة، وإنكار المبرد ما نقله الأئمة عن هؤلاء القبائل مكابرة لا تليق بعالم. وأما (كلا) و (كلتا) فذهب البصريون إلى أنهما مفردان لفظًا، مثنيان معنى، فإذا أضيفا إلى ظاهر كانا بالألف مطلقًا، أو إلى مضمر انقلبت ألفهما ياء نصبًا وجرًا وتثبت رفعًا، ولا يجيز البصريون غير هذا، وذهب الكوفيون إلى أنهما مثنيان حقيقة. وحكى الكسائي والفراء ودريود، وجماعة أن بعض العرب يجريهما مع الظاهر مجراهما مع المضمر، وحكى رأيت كلى أخويك، وعزاها الفراء إلى كنانة وأنهما قد تضافان إلى المضمر، ويكونان بالألف في كل حال، وقال أبو بكر بن طاهر، وتلميذه ابن خروف، وأبو ذر لغة قوم يجعلون (كلا) مثنى ولا يقولون كلاهما قام.

فصل

فصل الاسم صحيح ومعتل. الصحيح مهموز، وغير مهموز، غير المهموز تلحقه العلامة من غير تغيير إلا في ألية، وخصية فتقول: أليان، وخصيان بغير تاء، وأليتان وخصيتان بالتاء، وقالوا: ألى وخصى، فجاز أن يكون أليان وخصيان على هذه اللغة. وتقول: في قائم وقائمة: قائمان فتغلب المذكر، وقالوا: ضبعان للمذكر وضبع للمؤنث، فلما ثنوا غلبوا المؤنث فقالوا: ضبعان وقيل، ضبعانان، فيهما على الأصل، حكاه أبو زيد، وإذا جمعوا قالوا: ضباع فغلبوا جمع المؤنث ولم يقولوا: ضباعين، وقيل: ضبع ينطلق على الذكر والأنثى فلا تغليب في قولهم: ضبعان. والمهموز إن كان قبل الهمزة ألف زائدة والهمزة أصل نحو: قراء أقرت فقيل: قراءان، وقل إبدالها واوًا، ولم يذكره

سيبويه وفي كتاب بغية الآمل خطأ النحويون الفارسي في جواز قلبها واوًا قياسًا على النسب. أو مبدلة من أصل نحو: كساء، فإقرارها أولى من قلبها فتقول: كساءان وكساوان، فأما «سواء» فأشهر اللغات أن لا يثنى فتقول: هما سواء استغنوا بقولهم «سيان». وحكى أبو زيد تثنيته فتقول: هما سواءان، وقالوا: ثنايان فلم يهمزوا. أو ملحقة بأصل نحو: علباء فقلبها واوًا أولى من إقرارها فتقول: علباوان

وعلباءان، وهذه الأولوية في كساء وعلباء ذهب إليها بعض أصحابنا ومنهم ابن مالك، وذهب الجزولي إلى أن إقرار الهمزة فيها أحسن من القلب، وهكذا نص عليه سيبويه، والأخفش، وإنما فاوت سيبويه في الأولوية بين القلب في علباء، والقلب في كساء، فذكر أن القلب في علباء أكثر منه في كساء، وهاتان اللغتان من القلب والإقرار يتكلم بهما جميع العرب، وحكى أبو زيد في كتاب الهمز لغة ثالثة لبني فزارة وهي قلب الهمزة ياء فيقولون: كسايان، وسقايان. أو للتأنيث نحو: حمراء وهي بدل من الألف الموضوعة للتأنيث عند البصريين خلافًا للأخفش، والكوفيين، ولم

يذكر سيبويه فيها إلا القلب واوًا نحو: حمراوان. وأجاز الكوفيون على ما نقله النحاس فيها القلب والإقرار. وحكى أبو حاتم، وابن الأنباري إقرارها همزة عن العرب، وقلبهاي اء لغة لفزارة. وقال السيرافي: مما يستثقل وقوع الألف بين واوين فعدلوا به عن القياس، قولهم في تثنية (لأواء)، و «عشواء» لأواءان، وعشواءان وكرهوا لأواوان لأجل الواوين فهمزوا. وقال صاحب المخصص: واستحسنوا يعني الكوفيين في الممدود إذا كان قبل الألف واو أن يثنوا بالهمزة وبالواو فقالوا في: لأواء: لأواءان، ولأواوان، وأجازوا في «سوآء» وهي المرأة القبيحة: سوآءان، وسوآوان. وقال بعض العرب: خنفسان، وعاشوران، وقرفصان، وباقلان، في تثنية خنفساء، وعاشوراء، وقرفصاء، وباقلاء، فحذف ولا يقاس على ذلك خلافًا للكوفيين أجازوا حذف الحرفين فيما طال من ممدود هذا النوع. والمعتل منقوص ومقصور: المنقوص بقياس نحو: قاض، وبغير قياس: أخ وأب وحم في أكثر اللغات وهن في بعض اللغات برد لامه فتقول: قاضيان وأخوان، وأبوان، وحموان، وهنوان وأما ذو مال، فقوال: ذو

مال، والظاهر أن المحذوف من «ذي» اللام فتكون اللام لم ترد في التثنية ومذهب نحاة قرطبة: أن المحذوف من ذي مال: العين، قالوا: وفي ذوا مال هي: اللام. وقالوا ذاتا جمال على اللفظ، وذواتا جمال على الرد ولا يرد في غير ذلك من المنقوص بل تقول حران وسنتان في تثنية حر، وسنة، وقالوا في تثنية أب: أبان، فقال الفراء على لغة من قال: أبك، وأخان، وقالوا: يديان، ودميان، ودموان، وفميان، وفموان. وهذا على لغة من قصر فقال: اليدا والدما والفما. والمقصور ثلاثي وأزيد، والأزيد تقلب ألفه ياء مطلقًا فتقول: حبليان وملهيان، وجماديان، وشذ مذروان والمشهور أنهما طرفا الإلية. وقال أبو علي

القالي لا يفرد البتة. وحكى أبو عبيد عن أبي عمرو: مذرى مفردًا. وحكى عن أبي عبيدة: مذرى ومذريان، وشذ: قهقران، وخوزلان، وضبغطران، وهندبان في القهقري، والخوزلي، وضبغطري، وهندبي في لغة من قصر هندبي، فحذف الألف ليهن. وقاس على ذلك الكوفيون، فيما نقل ابن مالك، فأجازوا حذفها خامسة فصاعدًا. وقال بعض أصحابنا في المقصور الزائد على ثلاثة أحرف لا خلاف بين النحويين في أنه لا يثنى إلا بالياء، ثم ذكر تلك الألفاظ التي شذت. والثلاثي: إن كانت ألفه منقلبة عن واو أو ياء انقلبت لأصلها نحو: عصوان ورحيان هذا مذهب البصريين لم يفرقوا بين كون الاسم على فعل أو فعل

أو فعل. ونقل ابن مالك عن الكسائي أنه يجيز في نحو: رضى وعلى أن يثنى بالياء قياسًا على ما سمع من قول العرب في رضى رضيان، ونقل أصحابنا عن الكوفيين: أن المقصور الثلاثي إذا كان مضموم الأول أو مكسوره يثنى بالياء، كان من ذوات الياء أو من ذوات الواو، إلا لفظتين شذتا وهما: حمى ورضى، فإن العرب تثنيهما بالياء والواو. وحكى سيبويه: ربوان وهي خلاف ما ذهبوا إليه، وحموان بالواو، شاذ عند البصريين، أو أصلاً (كألا) مسمى به أو مجهولة (كالددا) فقيل تقلب واوًا وقيل ياء، وقيل: إن أميلت قلبت ياء نحو: متى وبلى، وإلا فواوًا نحو: إلى وعلى وهو مذهب سيبويه، وأحد قولي الأخفش، وقيل: إن أميلت أو انقلبت إلى الياء في حال نحو: لدى وإلى. قلبت ياء وإلا قلبت واوًا، وهذا أحد قولي الأخفش، وإن كانت بدلا من نون (إذن) في الوقف عليها فقيل إذا سمي بها، فالنص على أنها تقلب ياء فتقول: إذيان، وما آخره ألف من حروف المعجم نحو: باو تا وخا ففيه القصر كما مثلنا، والمد نحو: باء، وتاء، وخاء، فيثنى بايان رفعًا وبيين نصبًا وجرًا، وكذا ما هو مثله، ويثنى (باء) المهموز باءان رفعًا، وباءين نصبًا وجرًا.

(باب جمعي التصحيح) (جمع المذكر السالم) علامة جمع التصحيح في المذكر واو رفعًا، وياء نصبًا وجرًا، ونون في الأحوال الثلاثة، ولا يجمع جمع سلامة، ولا يكسر اسم لا ثاني له في الوجود، ومعرفة لا يمكن تنكيرها، ومثنى ومجموع إلا ما شذ، ولا مختلف الألفاظ إلا بتغليب نحو: الخبيبين، ولا مركب ومختص بنفي، وصالح لوقوعه على جمع نحو: (كل) ولا عامل عمل الفعل إلا في لغة أكلوني البراغيث، ولا مشترك، والخلاف فيه كالخلاف في تثنية المشترك ولا اسم عدد إلا مائة وألفًا. ونون هذا الجمع مفتوحة وقد تكسر ضرورة، وقيل من العرب من يكسرها على الأصل، وهذه النون تسقط للإضافة نحو قوله تعالى: [حاضري المسجد الحرام] وفي صلة كقراءة الحسن [والمقيمي الصلاة] بنصب التاء وفي الذي نحو:

إن الذي حانت بفلج دماؤهم … .......... أي وإن الذي، وقبل لام ساكنة كقراءة من قرأ: [غير معجزي الله] و [لذآئقوا العذاب الأليم] بنصب الهاء والباء، وفي شذوذ كقراءة الأعمش [وما هم بضآرين به من أحد إلا بإذن الله] وفي ضرورة نحو قوله:

لو كنتم منجدي حين استغثت بكم … ............. وكون هذا الجمع علامته واو وياء هو المحفوظ المشهور في لسان العرب. وقال أبو جعفر بن الباذش: للعرب في المجموع بالعلامة مذهبان أحدهما هذا الذي ذكر من الإعراب بالحروف، والآخر نقله من الإعراب بالحروف إلى نقله بالحركات. وقال بعض أصحابنا: ومن العرب من يجعل الإعراب في النون من جمع المذكر السالم إلا أن ذلك لا يحفظ إلا في الشعر، وأنشدوا على الإعراب في النون أبياتًا، حملها المبرد، على أن ذلك مذهب للعرب لا يختص بالشعر. وفي البسيط هو ضربان حقيقي: كزيدون وعمرون، فهو هكذا، وغير حقيقي نحو: بنون وأرضون، وآخرون، وأوزون، وهذا قد يجعل الإعراب في النون، وقبل النون الياء، فأما من أجاز إثبات الواو هنا قياسًا على زيتون فبعيد انتهى. والمثنى وهذا الجمع معربان خلافًا للزجاج في المثنى؛ فإنه عنده مبني، وقياس دليله في المثنى يقتضي أن يكون هذا الجمع مثله. وذهب الخليل، وسيبويه إلى أن حركات الإعراب مقدرة في الألف والواو

والياء، واختاره الأعلم، والسهيلي، وإليه أذهب. وذهب الجرمي إلى أنهما معربان بالتغيير والانقلاب حالة النصب والجر، وبعدم ذلك حالة الرفع، نسبه ابن عصفور إلى سيبويه، واختاره، ونسبه السهيلي إلى المازني. وذهب الأخفش، والمبرد، والزيادي قيل: والمازني إلى أن حركات الإعراب مقدرة فيما قبل الألف والواو والياء، وهذه الحروف دلائل على الإعراب، ومنع من ظهور الإعراب شغل ما قبل هذه الحروف بالحركات التي اقتضتها الحروف. وذهب الكوفيون، وقطرب، والزجاجي، وطائفة من المتأخرين: إلى أن هذه الحروف هي الإعراب نفسه، ونسب هذا إلى الزجاج، وذهب بعض أصحابنا المغاربة إلى أنها لهجات إعراب، فمن حيث الحرف حرف علة هو حرف الإعراب، ومن حيث كونه ألفًا، أو واوًا، أو ياءً هو دليل على الإعراب، أو هو من تلك الحيثية الإعراب نفسه. وقال أبو القاسم خلف بن فتح بن جودى: سيبويه، والكسائي،

والفراء، يقولون في ألف المثنى ويائه: إنهما حرفا إعراب بمنزلة الدال من زيد، وحركة الإعراب مقدرة فيهما، والأخفش والمبرد: دليل الإعراب وهي العلامة، وقطرب والزيادي وثعلب الألف إعراب، وقد روى عن الكسائي انتهى. وأما النون فذهب الزجاج إلى أنها عوض من حركة الواحد، وابن كيسان عوض من تنوينه، وروى هذا عن الزجاج، وابن ولاد، والفارسي عوض منهما، وهو اختيار ابن طاهر، وأبي موسى، وأبو الفتح عوض من الحركة والتنوين، اللذين في المفرد الكائنين هما فيه، وعوض من الحركة فقط في تثنية أحمر وشبهه إذ لا تنوين فيه، وعوض من التنوين فقط في نحو: عصا وقاض؛ إذ لا حركة فيه ولا عوض من واحد منهما في تثنية حبلى وهذا والذي. وذهب الفراء إلى أنها نفس التنوين، لا نون غيرها، وذهب ابن مالك إلى أنها ليرفع توهم الإضافة في نحو: رأيت بني كرماء، وعجبت من ناصري باغين، أو الإفراد في نحو: هذان، ومررت بالمهتدين، وذهب الفراء

أيضًا إلى أنها فارقة بين رفع الاثنين ونصب الواحد ثم حمل سائر التثنية والجمع على ذلك. وذهب سيبويه إلى أنها زيادة في الآخر، ليظهر فيها حكم الحركة التي كانت ينبغي أن تكون في التثنية والجمع تارة، وحكم التنوين أحرى من غير أن تكون عوضًا منهما، وهذا الخلاف الذي في هذه الحروف وهذه النون ليس تحته طائل ولا ينبني عليه حكم. وشرط هذا الجمع أن يكون المفرد مذكرًا، ولو كان مسمى بمؤنث، كزينب وسلمى، وأسماء، عاقلاً علمًا مطلقًا، خلافًا للمازني في منعه جمع عمرو وشبهه من العلم المعدول، وتثنيته خاليًا من إعرابه بحرفين نحو: زيدين وزيدين مسمى بهما، وفي حواشي مبرمان قال: سألت أبا إسحاق عن مسلمين في من قال: مسلمين، هل يجوز أن يجمعه بالواو والنون قال لا، لأني لا أدخل علامتي جمع، ولو كان ذلك لكان مسلمينين فكان يكون إلى ما لا نهاية له. ومن تركيب إسناد نحو: تأبط شرًا، أو مزج نحو: معدى كرب، وسيبويه، خلافًا لمن أجاز جمع سيبويه فيقرون، ويقولون: سيبويهون، أو بحذف فيقولون: سيبون.

والخلاف في تثنية ما ختم (بويه) كالخلاف في الجمع، ومن تاء تأنيث لا يكون عوضًا نحو طلحة خلافًا للكوفيين وتبعهم دريود، فإنهم يجيزون جمعه بحذف التاء فيقولون: طلحون، وابن كيسان بفتح العين، فيقول: طلحون. فإن كانت التاء عوضًا من فاء الكلمة نحو: عدة أو لامها ولم تكسر نحو: ثبة، وسميت به رجلاً أو بربة مخففًا قلت: عدون، وثبون، وربون، وعدات وثبات وربات هذا مذهب سيبويه، وخالف المبرد في عدون، فقال: لا يجوز إلا عدات ولا يجوز عدون، انتهى. ولا ينبغي أن يجوز ربون إلا إن سمع، ولو سميت بسنة قلت: سنون وسنوات أو بشية، وظبة قلت شيات، وظبات فقط خلافًا لأبي الحسن، فإنه

أجاز ظبون، وشيون، أو بنت وأخت، وذيت وكيت، قلت: بنات وأخوات وذيات، وكيات، خلافًا للفراء، فإنه أجاز حذف التاء وجمعها بالواو والنون وهذا حكم جمع الاسم. وأما الصفة فشرطها أن تكون لمذكر عاقل خال من تاء التأنيث لا يمتنع مؤنثه من الجمع بالألف والتاء نحو: ضاحك، والأفضل تقول: ضاحكون، والأفضلون، لأنك تقول في المؤنث: ضاحكات، والفضليات. فإن كان الوصف لا يقبل تاء التأنيث، ولا كان من باب الأفعل والفعلى لم يجز أن يجمع بالواو والنون، خلافًا للكوفيين، فإنهم أجازوا جمع عانس ونحوه مما يشترك فيه المذكر والمؤنث إذا وصف به المذكر، وجمع أفعل الذي مؤنثه فعلاء

نحو: أسود، بالواو والنون قالوا: عانسون، وأسودون وجاء ذلك في الشعر. وحكى يعقوب عن العرب: رجل نصف ورجال أنصاف ونصفون، وامرأة نصف ونساء أنصاف وعند البصريين أن ما ورد من ذلك، ففي الشعر، وإن جاء في الكلام فشاذ. وأجاز الفراء أسودون، وسوداوات وحكاه مسموعًا، وكان ابن كيسان لا يرى بذلك بأسًا. فإن قبل التاء لا لمعنى التأنيث نحو: فروقة فلا يجمع بالواو والنون، ومما

لا يقبل التاء ما كان على مفعل نحو: مدعس ومفعال نحو: مهذار، وفعال نحو: جواد، وفعول نحو: غفور، وفعيل نحو: جريح ومفعيل نحو: محضير، وشذوذًا في مسكين فقالوا: مسكينة وقالوا في الجمع مسكينون. وإذا صغروا الاسم، وكان مكبره لا يجمع بالواو والنون نحو: رجل وغلام جاز أن تجمع المصغر بهما فتقول: رجيلون، وغليمون كأنه التحق بالصفة، وفي أحيمر، وسكيران: أحيمرون، وسكيرانون، ونصيفون، وقد جمعت صفات بالواو والنون لما لا يعقل تشبيهًا بالعاقل كقوله تعالى: [رأيتهم لي ساجدين] وقول الشاعر: قنية ماضون يعني السهام. ومن أسماء الدواهي: الإمرون، والفتكرون، والأقورون، والبرحون، وعيل بهم العيلون، وبلغ بهم البلغين،

وقالوا في دهداة: دهيدهون، وفي أبكر جمع بكر: أبيكرون وعليون لأعلى الجنة ومن الأماكن صريفون، وصفون، ونصيبون، وقنسرون، ويبرون، وفلسطون، ودارون، وقالوا: عالمون وأهلون، ومرءون، وأرضون، وعشرون، والعقود إلى تسعين، وأولو، ومئون، وربون، وعزون، وعضون،

وسنون، وثبون، وظبون، وبرون، ورقون، ولدون، وإضون، وفنون، وإوزون، وآخرون، وحرون، وتدون،

وفوون، وعزهون، والوارثون، والقادرون، والمجيئون في صفات الله تعالى، وكل هذا مسموع لا يطرد، وقذفات فيه شرط الجمع بالواو والنون. ولا يجيز سيبويه في ظبة ونحوها في جمعها إلا ظبي وظبات والنحويون يجيزون ظبون جمعًا بالواو والنون رفعًا وبالياء والنون نصبًا وجرًا، وهو مسموع في الشعر. وقال المبرد: النحويون يجيزون أمون وإمون، وشفون وشفون في أمة وشفة، وقال المبرد: النحويون يجيزون أمون وإمون، وشفون وشفون في أمة وشفة، وقال المبرد: سيبويه يذهب إلى أنه يجريه كما أجرته العرب فإذا جاء أنثى يجوز فيه الواو والنون والألف والتاء؛ فإن كانت العرب قد جمعته على أحدهما اتبعت العرب. والنحويون يقولون: كلاهما جائز، وكذلك إن جاء شيء قد كسرته العرب كسرته أنت، ولم تجمعه بالألف والتاء انتهى. وذكر ابن مالك: إنما أعرب من المعتل اللام المعوض منها هاء تأنيث بالواو والنون، وهي لغة الحجاز وعليا قيس. وفي سنين يجوز أن يجعل الإعراب في النون وتلزم الياء، وذلك عند بعض تميم في سنين قاله الفراء وقال: تنونها بنو عامر

ولا تنونها تميم يقولون: مضت عليه سنون كثيرة، وأقمت عنده سنين يا هذا، قال الفراء عن تميم إذا طرحوا الألف واللام من السنين لم يجروا انتهى. وإذا كان الإعراب في نون سنين لم تسقط للإضافة وعلى هذه اللغة وزن سنين: فعين أصله: فعلين وأجاز الأخفش أن يكون فعيلا كالكليب وكسروا الفاء لكسرة ما بعدها، وأجاز ابن مالك في نحو رقين، وعشرين أن يجعل الإعراب في النون وتلزم الياء، وذكرنا في الشرح أنه لا يجوز ورددنا عليه ما استدل به. وحكم الاسم المجموع بالواو والنون حكم المثنى في التغيير وعدمه، فكما تقول قراء تقول قراءون، وفي كساء وعلباء مسمى بهما: كساءون وعلباءون وكساوون وعلباوون، وفي حمراء مسمى به مذكرًا حمراوون، وأجاز المازني همز هذه الواو، فيقول: حمراءون كما قالوا: أدؤر إلا المنقوص فتحذف لامه ويضم ما قبل الواو، فتقول القاضون وإلا المقصور فتحذف ألفه وتفتح ما كان يليها فتقول المصطفون. وأجاز الكوفيون ضم ما قبل الواو، وكسر ما قبل الياء مطلقًا، فتقول: موسون

وموسين وحكاه ابن ولاّد عن العرب، وقال سيبويه: الضم خطأ، ونقل ابن مالك عن الكوفيين التفصيل، فإن كان أعجميًا أو ذا ألف زائدة أجازوا فيه الوجهين نحو: موسى وحبلى مسمى بهما، وقال بعض أصحابنا: شذ من هذا الحكم من المقصور مقتوين في قول الشاعر: ............ … متى كنا لأمك مقتوينا وكان القياس مقتين، فيجمع مقتى لكن جاءوا به على الأصل قال: ويحتمل أن يكون حذفت منه ياء النسب، وكان الأصل مقتويين كما حذفت في

الأشعرين. وفي البسيط قالوا: رجل مقتوى، وفي الجمع مقتوون. وحكى أبو زيد: الفتح والكسر في الواو قبل الياء، وحكى هو وأبو عبيدة جعل الإعراب في النون، ولزوم الياء حكى: رجل مقتوين، ورجال مقتوين، ورجلان مقتوين قال أبو زيد وكذلك المرأة والنساء تقول امرأة مقتوين، ونساء مقتوين.

فصل

فصل الأصل في اللفظ المفرد والمثنى والمجموع أن يدل على ما وضع له، فأما المفرد فقد يوضع موضع المثنى كقوله: حمامة بطن الواديين ترنمى … * .............. يريد: بطنى الواديين، وموضع الجمع كقوله: كلوا في بعض بطنكم تعفوا … * ............... أي: في بطونكم، وقاسه الكوفيون في الموضعين، وتبعهم ابن مالك وأما التثنية فجاءت، ويراد بها المفرد نحو: إذا ما الغلام الأحمق الأم شافني … بأطراف أنفيه ...

يريد بأنفه، وقد يؤول على أنه أراد النجشين، فأطلق على كل نجش منهما أنفًا وثناه، وجاءت ويراد بها أكثر من اثنين كقوله تعالى: [ثم ارجع البصر كرتين]، أي كرات، وأما الجمع فجاء منه في الواحد قولهم: شابت مفارقه، وفي التثنية: فلان عظيم المناكب، وينقاس منه نوع واحد: وهو أن يكون في كل شيء عضو واحد، فيعبر عنهما بلفظ الجمع، وهي أولى من لفظ التثنية، وذلك بشرط إضافة الجمع إلى مثنى ضمير أو ظاهر. وأما إفراد مثل هذا المثنى، فقد تقدم خلاف الكوفيين والبصريين فيه، وقد يغني عما أضيف إليه هذا الجمع بنية التثنية لا لفظها نحو قوله: رأيت ابنى البكري في حومة الوغى … كفاغرى الأفواه عند عرين يريد كفاغرى أفواههما، فإن كان الاثنان ليسا جزءي ما أضيفا إليه نحو: وضعا رحالهما يريد: رحليهما فأجاز ذلك الفراء، إذا لم يلبس وتبعه ابن مالك، وهو عند غيرهما شاذ لا ينقاس.

فإن فرق المتضمنان نحو: جدعت أنف زيد وعمرو، فأجاز بعضهم ذلك قياسًا، وحمله بعضهم على الشذوذ، ويقول فيما كان اثنين كشيء واحد نحو: العينين، والأذنين، والفخذين، إذا أخبرت عنهما، فالفصيح المطابقة تقول: عيناه حسنتان، وجاء في الشعر: عيناه حسنة، وعينه حسنتان وقاسه بعضهم، والأجود قصر ذلك على المسموع.

فصل (جمع المؤنث السالم)

فصل (جمع المؤنث السالم) علامة جمع التصحيح في المؤنث ألف وتاء زائدتان في آخره، والذي يجمع بهما أنواع أحدها: ما فيه تاء التأنيث المبدلة هاء في الوقف علمًا ما كانت فيه، أو اسم جنس، أو مدلولاً بها على تأنيث، أو مبالغة، وتاء بنت وأخت مسمى بهما مذكر أو مؤنث أو لم يسم، وكيت وذيت مسمى بهما مذكر أو مؤنث تقول: فاطمات، وسنبلات، ورجال نسابات، وبنات، وأخوات، وكيات، وذيات. ولا يجوز جمع شفة، وشاة، وامرأة، وأمة، وفلانة، وفلة بالألف والتاء، وإن كان فيهما تاء التأنيث؛ فإن سميت بامرأة قلت:

امرآت، أو امرأة بأم قلت: أمات وأمهات وقياس فلانة وفلة مسمى بهما كهذا ونقل ابن خالويه عن ابن الأنباري أنه يقال: في جمع أمة: أميات وأموات، ويحتاج ذلك إلى نقل عن العرب. ونص الزجاجي: أنه لا يقال أموات، وفي حواشي مبرمان قال المبرد: النحويون يجيزون شاهات قال المبرد: هذا خطأ، ويجيز النحويون شفات وأمات. انتهى والصحيح أن هذا لا يجوز ولم يسمع منه شيء. النوع الثاني: علم المؤنث نحو: زينبات، وسعديات، وعفراوات، ولا يجوز في قطام ونحوه على لغة من بني، وإن كان علما أن يجمع بالألف والتاء وأما على لغة من أعربه إعراب ما لا ينصرف فيجوز فتقول: قطامات، ورقاشات وذكر ابن أبي الربيع شرطًا آخر في العلم وهو أن يكون لعاقل، فلو سميت ناقة بعناق أو شاة بعقرب لم يجز جمعه بالألف والتاء. النوع الثالث: صفة ما لا يعقل مذكرًا تقول: جبال راسيات، وأيام معلومات؛ فإن كانت صفة مؤنث نحو: حائض فلا تقول: نساء حائضات، أو صفة مذكر يعقل فلا تقول: رجال علامات.

النوع الرابع: مصغر ما لا يعقل مذكرًا نحو: دريهمات، ودنينيرات، فإن كان مصغر مؤنث نحو: أرينب، وخنيصر، فلا تقل: أرينبات، ولا خنيصرات. النوع الخامس: اسم الجنس المؤنث بالألف ويشمل الاسم نحو: بهمى وبهميات، وصحراء وصحراوات، والصفة نحو: حلة سيراء، تقول: حلل سيراوات، وامرأة حبلى ونساء حبليات؛ فإن كان مؤنثًا بغير ألف نحو: قدر، وشمس، وناقة سرج فلا يجمع بالألف والتاء. فإن كان المؤنث فعلى فعلان نحو: سكرى وسكران، أو فعلاء أفعل فلا يجمع بالألف والتاء، لا يقال نساء سكريات ولا نساء سوداوات وتقدمت إجازة الفراء سوداوات وهو قياس قول الكوفيين في جمع أسود بالواو والنون. فإن كان فعلاء الصفة لا أفعل لها من حيث الوضع نحو: امرأة عجزاء، أو من حيت الخلقة كامرأة عذراء، فنص أصحابنا على أنه لا يجوز عجزاوات ولا عذراوات. وقال ابن مالك: لا مانع من جمع عجزاء، وهطلاء، وشوكاء بالألف والتاء، وقد سمع ذلك في خيفاء، وهي الناقة التي اتسع ضرعها وفي دكاء

وهي الأكمة المنبسطة، وكلاهما نظير عجزاء، وهطلاء، وشوكاء في أنهن صفات على فعلى لا مقابل لهن على أفعل؛ فإن سمى: بسكرى وبحمراء مؤنث جاز أن يجمعا بالألف والتاء؛ إذ قد انتقلا إلى الاسمية حقيقة، وإن انتقلا إليها حكما فكذلك نحو: بطحاء، وبطحاوات. فأما سوى ما تقدم فقد قيل هو مقصور على السماع من مؤنث ومذكر. قالوا: سماء وسماوات، وأرض وأرضات، وعرس وعرسات، وشمال وشمالات، وعير وعيرات، وخود وخودات، وثيب وثيبات، وحسام وحسامات، وحمام وحمامات، وكذلك ساباط وسرادق وإيوان وهاون،

وجبال، وخيام، ومقام، وأوان وهي حديدة تكون للرايض، و (بوان) بكسر الباء وضمها وهو عمود في الخياء، وشعبان، ورمضان، وشوال، ومحرم. وفي الترشيح: ومن قال الاثنان لليوم فجعل الرفع والنصب والخفض في النون جمعه الاثنانات كما تقول: رمضانات، وشعبانات، وأجاز ابن قتيبة الأثانين كما تقول: الدهاقين، وتكسير هذا على فعالين لا ينقاس، وإنما هو يؤخذ سماعًا عن العرب، وإلا فهو مجموع على السلامة. ومنهم من فصل فقال: إن كان المذكر والمؤنث المكبران غير علم، ولا فيه تاء التأنيث جمعا جمع تكسير فلا يجوز أن يجمعا بالألف والتاء نحو: جولق وأرنب، وخنصر قالوا: جوالق، وأرانب وخناصر فلا يقال جوالقات ولا أرنبات، ولا خنصرات وشذ مما قد كسر، وقد جمع بالألف والتاء قالوا: بون وبونات، وعرس قالوا: أعراس وعرسات وضفدع قالوا: ضفادع وضفدعات ولحنوا أبا الطيب في قوله: ....................... … ............ بوقات

جمع بوق وقد كسرته العرب فقالوا: أبواق، وإن لم تكسرهما العرب جاز أن يجمعا بالألف والتاء قياسًا مطردًا، وهذا ظاهر كلام سيبويه. وسواء في ذلك مكبر الاسم الذي لا يعقل، وصفته قالوا: جمل سبحل، وجمال سبحلات إذا لم يكسروا سبحلا، وكذلك ربحل، وسبطر.

فصل

فصل إذا كان في الاسم تاء التأنيث حذفتها، فإن كان قبلها ألف، قلبتها إلى أصلها فتقول في فتاة وقناة: فتيات وقنوات، وإن كانت همزة أصلية أو مبدلة أو ملحقة، فكحالها في التثنية، وقالوا في بنت: بنات فلم يردوا المحذوف، وفي أخت: أخوات فردوا، وفي هنة: هنات فلم يردوا، وهنوات فردوا وفي سنة: سنوات فردوا، وقالوا: لثات جمع لثة فلم يردوا وفي ذات: ذوات فلم يردوا، ولو ردوا لقالوا: ذويات أو ذايات على رأي من رأى أن اللام المحذوفة أصلها ياء، وقالوا: أمهات وأمات في أم، وقد سمع أمهة، وقال الفراء: تقول هذه أم وهذه أمة وإنما يقول: أمهات من يقول أمة وأمات للذين يقولون أم. وما آخره ألف مما زاد على ثلاثة قلبت في هذا الجمع ياء فتقول في سعدى: سعديات، وربما حذفت الألف الزائدة، خامسة كقولهم في جمع هراوى جمع هراوة: هراوات، وفيما زاد على خمسة قولك في: قبعثرى: قبعثرات. وإذا كان المؤنث بالهاء أو مجردًا عنها ثلاثيًا، فإن كان مضعفا أو معتلا اعتلالا ميتا جمع على حاله، فتقول في جمع: درة ودرة ودرة وقامة وسورة وقيمة، ودر، ودر، ودر، ونار، ونور، وريم مسمى بها درات، وكذا باقيها، وذكر ابن الخباز في سورة: السكون والفتح في الواو، والفتح وهم أو اعتلالاً حيًا كبيضة

وجوزة، فهذيل بن مدركة تفتح الياء والواو، وقرأ ابن أبي إسحاق والأعمش [ثلاث عورات لكم] بفتح الواو. وقال شاعرهم: أخو بيضات .......... … ................ بفتح الياء وغيرهم يسكن الياء والواو، وقال ابن الأنباري: بنو تميم يقولون: روضات، وجوزات، وعورات، وسائر العرب بالإسكان. واتفقت العرب على عيرات بفتح الياء. وفي المصباح: هذيل تقول: ديمات بالفتح في جميع هذا الباب، والعرب كلهم تقول: عيرات جمع عير بالفتح، انتهى. والصحيح أن عيرات بكسر العين جمع عير، والعير مؤنث، وأصل العير: الإبل التي يحمل عليها الأحمال وقيل: قافلة الحمير ثم كثر فقيل لكل قافلة، وذهب المبرد

والزجاج إلى أنه عيرات بفتح العين قال المبرد: جمع عير وهو الحمار. وقال الزجاج: جمع عير الذي في الكتف أو القدم وهو مؤنث. فإن كان الاسم الساكن العين الثلاثي في صفة غير مضعف ولا معتل نحو: ضخمة، وجلفة، وضحكة، وجونة، وغيلة فليس إلا السكون في جميع لغات العرب هذيل وغيرهم خلافًا لقطرب؛ فإنه أجاز الفتح في جمع فعلة نحو: صعبات قياسا على ما سمع من كهلة وكهلات بالفتح، وكهلات بالسكون أشهر وقالت العرب: شاة لجبة بسكون الجيم، وفتح اللام وكسرها وضمها وهي التي قل لبنها، وقالوا: ربعة، وقالوا: لجبة وربعة بفتح الجيم والباء، وقالوا في الجمع: لجبات وربعات بالفتح، فزعم ابن مالك: أن لجبات جمع لجبة الساكنة الجيم، وأنه التزم في جمعه فعلات وأنه غلب في ربعة الساكنة الباء ربعات بفتحها، والذي أذهب إليه أنه استغنى بجمع لجبة وربعة المفتوحى العين عن جمع لجبة وربعة الساكنيها.

وقال أصحابنا: لجبة وربعة الساكنة العين: يجوز في جمعها التسكين لأنهما صفتان، والفتح لأنهما استعملا استعمال الأسماء فوليتا العوامل تقول: جاءني ربعة، وحلبت لجبة، قال ابن مالك: ويجوز في لجبة القياس وفاقًا لأبي العباس يعني أنك تقول: لجبات بالسكون كما تقول ضخمات، وظاهر قوله: والتزم فعلات في لجبة أنه لم يسمع من العرب في لجبة الساكنة الجيم إلا الفتح في الجمع، وقد ذكرنا أنه يجوز أن يكون من باب الاستغناء فلا يكون جمعا للجبة. وإن كان اسما غير مضعف ولا معتل على وزن فعل نحو: دعد، أو فعلة نحو: جفنة فتفتح العين في الجمع تقول: دعدات، وجفنات، وكثر التسكين في الشعر. فإن كان معتل اللام نحو: ظبية، وغلوة، فذكر ابن جني أن قومًا من العرب يسكنون العين من المعتل اللام اختيارًا.

وقال ابن مالك: وربما عدل من الفتح إلى السكون لشبه الصفة كقولهم: أهل وأهلات، وبالفتح أشهر، وحكى الفراء: أهلة وقد تسكن فعلات المصدر (كحشرات) تشبيهًا بالصفة؛ لأنه قد يوصف به قال أبو الفتح: ظبيات أسهل من رفضات لاعتلال اللام، ورفضات أسهل من ثمرات؛ لأن المصدر يشبه الصفة فإذا قيل امرأة كلبة؛ ففي جمعها الفتح اعتبارًا بالأصل، والتسكين اعتبارًا بالعارض انتهى. وأصحابنا لا يستثنون من فعلة الاسم شيئًا سواء كان اسمًا صحيح اللام أم معتله مصدرًا أم غيره. وإن كان على فعل، أو فعلة، أو فعل، أو فعلة نحو: جمل، وغرفة، وهند، وسدرة، ففيها التسكين على الأصل فتقول: جملات، وغرفات، وهندات وسدرات، ويجوز الاتباع لحركة الفاء فتقول: غرفات وهي لغة الحجاز وأسد، والتسكين لغة تميم وناس من قيس. وتقول: سدرات، وهندات، تتبع العين الفاء، وهي لغة نص عليها الأخفش، ونص سيبويه على جواز ذلك وإطراده، وقصره الفراء على المسموع. وفي كتاب أبي الحسن الهيثم: لا يجيز الكوفيون كسرات: يعني بكسر السين

في جمع كسرة. ويجوز الفتح فتقول: غرفات، وهندات وهي: لغة حكاها الأخفش وغيره، وزعم قوم: أن الفتح في غرفات إنما هو على أنه جمع غرف الذي هو جمع غرفة فهو جمع الجمع. وإن كان معتل اللام بالواو نحو: خطوة ففيه اللغات الثلاث ونحو: كلية، ورشوة، ولحية فالسكون والفتح، وشذ: جروات بكسر الراء جمع جروة، وفي الاتباع في (لحية)، خلاف بين البصريين منهم [من منع وهو اختيار ابن عصفور، ومنهم] من أجاز، وهو اختيار أبي الحسن بن الضائع أحد شيوخنا، وكل جمع لما لا يعقل يقال فيه: بنات كذا، وإن كان مذكره ابن، وسواء كان علمًا نحو: ابن آوى أو نكرة نحو: ابن لبون تقول: بنات

عرس، وبنات آوي، وبنات نعش، وبنات قترة في ابن آوى، وابن نعش، وابن قترة: ضرب من الحيات كذا حكى سيبويه، وقال أبو مهدية: هو ذكر الأفعى، وجاء في الشعر بنون نعش قال: .................. … إذا ما بنو نعش دنوا فتصوبوا وقال: وجاءت جيأل وبنو أبيها … ...................... وهذه ضرورة، والقياس بنات نعش، وبنات أبيها، ويونس يقول: بنات الدايات، وبنات الأطباق، وأمهات

العوامر، وآباء الضبيرات، وآباء براقشات، وسيبويه لا يجمع ما أضيف إليه تقول: بنات داية، وبنات طبق، وأمات عامر، وآباء ضبيرة وهو الصحيح، والمسموع من العرب، قالت العرب بنات بعرة للمعز، وبنات خودة للضأن، والتثنية والجمع في الكنى في الاسم الأول دون الثاني تقول: أبوا بكر وآباء بكر. قال سيبويه: هذا قول يونس، وهذا أحسن من آباء الزيدين، وقاله بعضهم. وقال الكوفيون تقول: أبوا زيدين، وتأنيث حروف المعجم أكثر من التذكير، ويجمع بالألف والتاء تقول: ألفات وجيمات وما على حرفين ثانيهما ألف فيه القصر والمد تقول: هذه با وهذه يا فإذا جمعت قلت: في الأول بيات وفي الثاني: ياءات.

باب النسب

باب النسب يحدث بيائه ثلاث تغييرات لفظي وهو: كسر ما قبل الياء، وانتقال الإعراب إليها، ومعنوي وهو: صيرورته اسمًا لما لم يكن له، وحكمى: وهو رفعه لما بعده على الفاعلية كالصفة المشبهة، إما ظاهرًا نحو: مررت برجل قرشي أبوه، أو مضمرًا نحو: مررت برجل قرشي. والمنسوب إليه مركب تركيب إسناد، وشبيه به [وتركيب مزج، وتركيب

إضافة ومفرد، فمركب الإسناد والشبيه به] يحذف له الجزء الثاني، فتقول في تأبط شرًا: تأبطي، وفي كنت: كوي وقالوا شذوذًا: كنتي فنسبوا إلى الجملة، وكنتني فزادوا نونًا، وأجاز الجرمي: النسب إلى الثاني فتقول شرى، وحبى في تأبط شرًا وذرًا حبًا، وتقول في شبيه الإسناد إذا نسبت إلى لولا وحيثما: لوى بتخفيف الواو، وحيثى.

وتركيب المزج يحذف الجزء الثاني منه، فتقول في بعلبك: بعلي. وأجاز الجرمي: النسب إلى الجزء الثاني مقتصرًا عليه فتقول: بكى. وغير الجرمي كأبي حاتم لا يجيز ذلك إلا منسوبًا إليها قياسًا على رامية هرمزية فتقول: بعلى بكى أو تقصير على الأول. وقال أبو الحسن في الأوسط: في بلال أباذ: بلالي أباذي، فظاهره التخيير كما يقول الجرمي. وقال في الأوسط وإن خفت الالتباس قلت: رامي هرمزي. وشبيه تركيب المزج النسب إلى أحد عشر فقال أبو حاتم: أحدى عشري وإحدوي عشري في إحدي عشرة، وجعل هذا قياسًا في المركب، كما أجاز بعلي بكى، والصحيح النسب إلى الجزء الأول، فتقول: أحدى وإحدوي.

وتركيب الإضافة إن كان تعرف الأول بالثاني تحقيقًا كابن كراع، أو تقديرًا: كأبي بكر، ولم يلبس، نسبت إلى الثاني فقلت: كراعي، وبكرى، أو ألبس، فإلى الثاني أيضًا، فمنافي ومطلبي في النسب إلى عبد مناف، وعبد المطلب. ونسبوا إلى أبي عبد الله بن دارم: دارمي، وإلى أبي عبد الله ابن الدئل: دئلي خوف اللبس. وإن لم يتعرف به لا تحقيقًا، ولا تقديرًا ولم يلبس نسبت إلى الأول فتقول: امرئي أو مرئي في النسب إلى «امرئ القيس»، وعبدي في النسب إلى عبد القيس، فإذا سميت باثنى عشر، ونسبت قلت: ثنوى واثنى بحذف الألف وعشر نص عليه سيبويه، وشذ النسب إلى مجموع المركب

قالوا: بعلبكي كما شذ بناء فعلل من المركب، والمضاف ونسب إليه، والمحفوظ حضرمي، وتيملي، وعبدري، ومرقسي، وعبقسي، وعبشمي، في النسب إلى حضرموت، وتيم اللات، وعبد الدار، وامرئ القيس الشاعر ابن حجر، وعبد القيس، وعبد شمس. والمفرد إن كان في آخره تاء التأنيث كـ (فاطمة)، أو علامة تثنية، أو جمع سلامة كـ «زيدين» وزيدين ومسلمات أو شبيهيها كـ (اثنين، وعشرين، وأولات) فالحذف تقول: فاطمي، وقولهم: درهم خليفتي لحن، وزيدي، ومسلمي، واثنوي، أو اثنى، وعشري، وأولى. وإذا نسبت إلى أرضين وسنين غير مسمى بهما نسبت إلى مفردهما فتقول: أرضي [وسنوي أو سنهي أو مسمى بهما فتقول: أرضي] بفتح الراء، وسني بكسر السين.

وذو الألف والتاء إن لحقه تغيير وجوبًا كـ (جفنات) أو جوازًا كـ (غرفات) و (سدرات) إن لم يكن علمًا رد إلى مفرده أو علمًا أبقيت الحركة التابعة إلا في سدرات، فتفتح الدال فتقول: سدرى. ومما أقرت فيه الحركة: العبلى نسبة إلى العبلات حي من قيس، وهم أمية الأصغر، وعبد أمية ونوفل أمهم عبلة بنت عبيد بن تميم. وقال أبو عبيدة: قد قالوا في الإضافة إلى العبلات وهي حي من قيس: عبلى أوقع الإضافة على الواحد انتهى. وإذا أوقعوها على الواحد كانت الباء ساكنة، وإذا نسبت إلى ظريفات علمًا قلت: ظريفي ولا يتوهم رده إلى ظريفة، فيجرى فيه ما يجرى في حنيفة من حذف الياء. وإن كان منقوصًا ثنائيًا رد المحذوف، وانقلبت الياء إن كانت فيه واوًا، فقيل: شجوى، وعموى، وإن كان رباعيًا جاز حذف الياء وقلبها واوًا، فقيل: قاضي وقاضوي، ويغزى ويغزوي، والقياس فيه عند

سيبويه الحذف، وأما القلب فمن شواذ تغيير النسب، وكذا قال أبو عمرو حانوي عنده شاذ. لم يسمع هذا إلا في بيت واحد وهو قول أبي الحسن ذكره في الأوسط، وشذ علوي في العالية وبدوي في البادية. وإن كان أزيد حذفت الياء، فقلت: معتلى ومستدعي، فأما محيي فقال أبو بكر مبرمان سألت أبا العباس هل يجوز أن يحذف من محيي ياء لاجتماع الياءات قال: لا، لأن محيي جاء على فعله، واللام تعتل كما تعتل في الفعل قال

الاختيار عندي محيي لأني لا أجمع حذفًا بعد حذف. ومن قال محوي يجب عليه مهيمي وهذا هو الذي ذكره سيبويه، انتهى. وإن كان مقصورًا ثلاثيًا قلبت ألفه واوًا فقيل: عصوى، ورحوى أو رباعيًا متحرك العين نحو: جمزى أو زائدًا على أربعة للتأنيث نحو: فوضوضى أو لامًا نحو: مشترى، أو زائدًا للتكثير نحو: قبعثرى حذفت الألف، أو رباعيًا ساكن الثاني، وألفه للتأنيث، فتحذف تقول في حبلى: حبلى أو تقلب واوًا حبلوى، أو تفصل حبلاوى، وحكى دنياوى، والأفصح الحذف

وشذوذًا في بني الحبلى من الأنصار فقالوا: الحبلى بفتح الباء، أو للإلحاق فالحذف والقلب ذكرهما سيبويه، وزاد أبو زيد: الفصل فتقول: علقى وعلقوى وعلقاوى وحكى أرطاوى. أو منقلبة عن أصل نحو: ملهى فالحذف والقلب، وأجاز السيرافي الفصل فتقول: ملهى، وملهوى، وملهاوى. فإن كانت خامسة وقبلها مشدد نحو: معلى؛ فسيبويه والجمهور يحذفون ويقولون: معلى، ويونس يقلب فيقول: معلوى، فقيل وجوبًا وقيل جوازًا، والوجه الآخر الحذف كقول سيبويه. وإذا نسبت إلى كلتا قلت في مذهب سيبويه: كلوى، وفي مذهب يونس: كلتى ويجوز في مذهبه كلتوى.

وإن كان مهموزًا والهمزة بعد ألف غير زائدة، والهمزة أصل نسبت إليه على لفظه، فتقول في آاء: آئى، أو بدل من أصل: كماء، وشاء فالسموع ماوى وشاوى بإبدال الهمزة واوًا، فلو سميت بهما نسبت إليهما مهموزًا فقلت: مائي وشائي. أو بعد ألف زائدة، والهمزة أصل أو مبدلة من أصل، أو ملحقة بأصل، فالإقرار والقلب كالتثنية. أو للتأنيث فتقلب واوًا، تقول: الحمراوى. وذكر أبو حاتم: أن قوما من

العرب يقرونها همزة يقولون: الحمرائى، وذكر ابن سيده أنهم نسبوا إلى أريحاء: أريحى، قال: وهو من شاذ معدول النسب. وإن كان آخره ياء مشددة بعد حرف نحو: حي وحية، قلت: حيوى، وشذ حيى، وهو عند أبي عمرو جائز مختار، أو بعد حرفين كعلي، وأمية، وتحية وثنية، ورمية حذفت أولى اليائين، وقلبت الثانية واوًا فقلت: علوي وأموي، وتحوي، ورموي، وشذ فتح الهمزة في أموي، وإقرار الياءين نحو: أميي، وشذوا في طهية فقالوا: طهوى بإسكان الهاء مع ضم الطاء، وفتحها، فأما كسي تصغير كساء، فينسب إليه كسيي بيائين مشددتين ولا يجوز غيره، وأجاز

بعض النحويين كسوى، والمحذوف هي الياء المنقلبة عن ألف كساء، وفي كتاب سيبويه: المحذوف هي الياء الأخيرة وهي لام الكلمة. أو بعد أكثر من حرفين نحو: كرسي، وشافعي، ومرمى حذفت الياء المشددة، وجيء بياء النسب، وشذ في مرمى: مرموى. وإن كان في آخره واو مضموم ما قبلها قبل حرف نحو: (فوزيد) مسمى به أو حرفين كرموة مبنيًا على الهاء قيل: فوى ورموى. أو ثلاثة فصاعدًا نحو: عرقوة وقمحدوة حذفت الواو، فقيل: عرقي وقمحدي. وقال أبو إسحاق: من قال مرموي قال في عرقوة: عرقوي، لأنه يقلب الواو ياء لأنها طرف، ويكسر ما قبلها ثم تبدل من الكسرة فتحة للتخفيف، فتقلب الياء ألفًا ثم تقلب واوًا.

وإن كان قبل آخره ياء مفردة متحركة بالكسر نحو: مغيل، أو ساكنة للتعويض نحو: مهيم تصغير مهوم، أو مهيم، أو مهيام، أو مدغمة مفتوحة نحو: هبيخ فلا تغيير تقول: مغيلى، ومهييمى، وهيبخى. أو مكسورة نحو: سيد وأسيد تحذف الياء الثانية فتقول: سيدي، وأسيدي، وشذ طائي في طيئ، وقال أبو سعيد في كتابه المستوفي: كتيب، وغليم، وأسيد، وأبيض: كتيبي، وغليمي، وأسيدي، وأبيضي، بحذف

الياء المتحركة لئلا تلتقي الياءان والكسرة، وتقول في أيم: أيمي، لأنك لو حذفت الياء المتحركة، لم يبق ما يدل عليها انتهى، وليس بتعليل واضح، ولو علل بالإلباس بالنسب إلى أيم، لكان تعليلاً حسنًا، وإطلاق النحاة وسيبويه يدل على أنه لا فرق بين سيد، وأيم. وإن كان على وزن فعيلة، أو فعولة، أو فعيلة؛ فإن كان مضاعفًا أو معتل العين صحيح اللام نحو: شديدة، وضرورة، وقديدة، وطويلة، وقوولة، ونويرة نسبت إليه على لفظه، وقال ابن مالك: إن عدمت الشهرة نسبت إليه على لفظه، وهذا الشرط لا نعلم أحدًا ذكره غيره، وإن كان معتلها حذفت، فقلت في طوية وحيية: طووى، وحيوى، وإن كان غير مضعف ولا معتل نحو: حنيفة وجهينة فلا خلاف في حذف الياء فتقول: حنفي، وجهني، إلا ما شذ، فأقروه

على لفظه قالوا: عميري في عميرة كلب، وسليقي في السليقة، وسليمي في سليمة، ورديني في ردينة، وخريبي في خريبة اسم من أسماء البصرة. أو غيروه تغييرًا غير قياس قالوا: في بني زبينة: زباني وفي بني عبيدة حي من تميم: عبدي، وفي بني جذيمة: جذمي بضم العين والجيم، ولو سميت باسم شذت العرب في النسب إليه، نسبت إليه على ما يقتضيه القياء، فتقول في زبينة اسم رجل إذا نسبت إليه: زبني على القياس.

وأما فعولة كـ (ركوبة، وحمولة)، فمذهب سيبويه حذف الواو فتقول: ركبي إذ قد سمع من كلامهم شنئى في شنوءة، ومذهب الأخفش، والجرمي والمبرد النسب إليه على لفظه فتقول: ركوبي، ومذهب ابن الطراوة: أنك تحذف الواو، وتقر ما قبلها على ضمه فتقول: ركبى بضم الكاف، ووقع في الغرة: نسبة هذا المذهب إلى سيبويه والأخفش وهو وهم. والمعتل اللام من فعولة كالصحيح تقول في النسب إلى عدوة: عدوى، والمبرد لا يحذف الواو كمذهبه في شنوءة، وإن كان على وزن فعيل أو فعيل معتلي اللام، كعدي وقصي، فلم يذكر سيبويه في عدي إلا الحذف فتقول:

عدوي، وذكر الفارسي فيه وجهي قصي، ونقل يونس الإثبات في مثل عدي فتقول: عديي، وهو قول إبراهيم بن سيار النظام، ورد عليه الجرمي في حكاية جرت بينهما. وإن كانا صحيحي اللام، فمذهب سيبويه إثبات الياء، فتقول: قريشي، وثقيفي، وشذ حذفها ومذهب المبرد جواز حذفها قياسًا على ما سمع من ذلك وهو: قرشي، وهذلي، وصبري، وفقمي في: قريش وهذيل وبني صبير، وفقيم كنانة، وملحي في مليح خزاعة، وقرمي في قريم، وسلمي في سليم، وقالوا: في ثقيف: ثقفي بحذف الياء ووافق السيرافي المبرد وقال: الحذف في

هذا خارج عن الشذوذ وهو كثير جدًا في لغة أهل الحجاز، وقال المهابذاي: إن كانت الياء ثالثة ولم يكن في الاسم علامة تأنيث حذفت الياء، فقلت في قريش: قرشي، وفي هذيل: هذلي. وظاهر كلامه مخالف لمذهب سيبويه، ولمذهب المبرد، وتسوية المبرد بين فعيل وفعيل، ليست جيدة إذ سمع الحذف من فعيل كثيرًا، ولم يسمع من فعيل إلا في بني ثقيف فلو فرق بينهما لكان أسعد في النظر. وشذوا في الخريف والربيع فقالوا: خرفي، وربعي، وإن كان على فعل أو فعل، أو فل نحو نمر، وشقرة، وإبل، وحبرة، ودئل، فتحت عينه وجوبًا فتقول: نمري، وكذا باقيها، وفي مقدمة طاهر القزويني: جوازًا، قال: كتغلب، ولو سميت بيعد فالقياس: يعدي بفتح العين، أو يبرز الذي أصله يزئر ونقلت الحركة وحذفت الهمزة فوجهان، أو ببلز المخفف من بلز المشدد الزاي، فالأخفش يلحقه بنمر وغيره يجيز فيه الوجهين.

ولو اتبعت حركة الفاء لحركة العين كالصعق فاستصحاب الكسرتين في النسب شذوذ وقيل لا بد من فتح العين، وإن شئت أقررت حركة الفاء على ما هي عليه من حركة الاتباع فقلت: صعقي كإبلي، وإن شئت رددتها إلى حركتها الأصلية فقتل: صعقي. فإن كان ما قبل الآخر مكسورًا في أزيد على أربعة أحرف كـ (جحمرش)، فلا تغيير وقالوا في أرميينية: أرمني، قال ابن مالك في معاملة دهليز ونحوه في معاملته نظر. والذي يقتضيه النظر أن ينسب إلى دهليز على لفظه من غير تغيير. أو على أربع متحركات نحو: جندل، وعجلط، وضلضلة فعلى لفظه أو ساكنًا ثانيًا كتغلب، ومغرب، ويثرب، فالكسر. وسمع الفتح مع الكسر في تغلبي، ويحصبي، ويثربي، والفتح عند الخليل، وسيبويه شاذ وعند

المبرد، وابن السراج، والفارسي، والرماني، والصيمري جائز مطرد، وقال الجزولي: المختار أن لا يفتح. وفي الشرح المنسوب للصفار: أن الجمهور قالوا بجواز الوجهين وأن أبا عمرو قال: الفتح شاذ.

فصل الثلاثي المحذوف أحد أصوله

فصل الثلاثي المحذوف أحد أصوله إن كان ثلاثيًا محذوف الفاء صحيح اللام نحو: عدة قلت: عدي، ولم ترد أو معتلها نحو: شية ردت، فسيبويه بفتح العين، ويقلب العين واوًا فيقول: وشوى، والأخفش يسكنها، ويقر الياء؛ فيقول: وشيي، أو محذوف العين صحيح اللام غير مضعف نحو: سه مسمى به فتقول سهي، وكذا مد مسمى به تقول: مذي إذ الأصل: ستة ومنذ

أو كان مضعفا نحو: رب المخفف من رب المشدد الباء، وقرة خفيفة الراء قوم من عبد القيس، أو معتل اللام نحو: يرى، والمرى رد المحذوف فتقول: ربى نص عليه سيبويه، ووافقه الأخفش وقرى، واليرئي، والمرئي. أو محذوف اللام صحيح العين مجبورًا في التثنية في النثر برد لامه كأخ وأب، أو في الجمع بالألف والتاء كـ (عضة) و (سنة) و (هنة) فترد في النسب اللام فتقول [أخوي]، وأبوي، وعضوي، وسنوي، وهنوي وإن شئت سنهي، وعضهي.

أو لم يجبر بردها نحو: حر، وشفة، وغد، وثبة، ومذهب سيبويه أن ثبة محذوفة اللام وهي من تثبيت أي: جمعت، والزجاج يذهب إلى أنها محذوفة العين من ثاب فيجوز الرد وعدمه تقول: حرحي، وشفهي، وغدوي، وثبوي، وتفتح عين الكلمة في مذهب سيبويه، وإن كان أصلها السكون كغد وحر أصلهما غدو، وحرح، ودم أصله عند سيبويه فعل بسكون العين، وعند

المبرد فعل بفتحها، وذهب الأخفش إلى تسكين ما أصله السكون فتقول: غدوي، وحرحي، ويدي، ثم رجع في الأوسط إلى مذهب سيبويه وذكره سماعًا عن العرب، وأما عدم الرد فتقول: حري وغدي، ويدي، وثبي. ولم يذكر أبو البقاء العكبري في شفة إلا الرد قال، فتقول: شفهي، وذكر خطاب الماردي فيها الوجهين. وإن كان المحذوف اللام معتل العين وذلك: ذو مال أصله ذوي عند سيبويه، وذو عند الخليل، وشاة أصله شوهة، وفوك، واللات، فأما «ذو» فاتفقوا على ذووي، الخيل وإن كان يرى أن أصله ذو، وسيبويه، وأبو الحسن، والجرمي لأنه عندهم فعل بتحريك العين.

وأما «شاة» فعلى مذهب سيبويه: شاهي، وعلى المشهور عن الأخفش شوهي ثم رجع إلى مذهب سيبويه في الأوسط، وأما «فوك» فذكر ابن مالك: أنك تقول فمي وفموي، وذكر ذلك سيبويه في النسب إلى فم، وقال المبرد: الصواب فمي، أو فوهي. وأما (اللات) فقالوا: لائي وقياسه لووي: لأنه من لويت، قاله الفارسي في الأغفال وجمعها لواء، وقال سيبويه فعل به ما فعل (بلا) مسمى به ولا يعرف له لام معلومة، لا من جمع ولا من تصغير، ولا اشتقاق فهو اسم غير متمكن على حرفين، والنسب إليه على قول سيبويه، والخليل: لائي، ومن زعم أن أصله لاهة، وحذفت اللام ردها إلى النسبي فقال: لاهي.

وإن كان في أوله همزة وصل، وذلك في ابن، واسم، واست، واثنان، فيجوز حذف الهمزة ورد المحذوف فتقول: بنوي، وستهي، وسموي، وثنوي، بضم سين سيموي وكسرها، ومقتضى مذهب الأخفش فيما كان ثانيه ساكنًا الرد إلى الأصل فتقول: سموي بإسكان الميم، ومذهب سيبويه كما تقدم الفتح ويجوز إقرار الهمزة ولا ترد اللام فتقول: ابني، واسمي، واستي، واثني. فأما «ابنم» فذكروا فيه حذف الميم، فينسب إليه كالنسب إلى ابن: بنوي، وابنمي وإقرارها فينسب إليه على لفظه، فإن كانت النون تابعة لحركة الإعراب قبل النسبة كسرت في النسب لكسرة الميم وصار مثل: زبرجي، ومن فتح في تغلبي قال: ابنمي، وزبرجي ففتح، ومن جعل النون مفتوحة ليست حركتها تابعة لحركة الميم في الإعراب أقرها مفتوحة في النسب فقال: ابنمي بفتح النون. ومما أوله همزة وصل، وليس من قبيل ما تقدم، لأن لامه حرف صحيح غير محذوف نحو: امرؤ، وامرأة فإذا نسبت إليها أقرت الهمزة فقيل: امرئي

أو حذفت فقيل: مرئي بفتح الراء، هكذا قالت العرب، ولم يقولوا: مرئي بسكون الراء، وقال محمد بن حبيب: ينسب إلى من اسمه: امرؤ القيس: مرئي إلا امرأ القيس من كندة فينسب إليه: مرقسي. وإذا نسبت إلى ما هو على حرفين وضعًا وهو صحيح الثاني جاز في النسب تضعيفه فتقول: كمي وكمي في النسب إلى كم، أو معتل وجب تضعيفه إن كان ياءً أو واوًا بنظير ذلك فتقول في (كي): كوى وفي (لو): لوى، أو ألفًا فتهمز فتقول في (لا): لاء، وتنسب إليه لائي، ولا وى. وإلى سقاية، ودرحاية، وحولايا ونحوها بإبدال الياء همزة، أو إبدال الهمزة واوًا فتقول سقائي وسقاوى، ولا يجوز إقرار الياء في النسب. فإن كانت الياء بعد ألف ثالثة، فيجوز إقرارها وقلبها همزة، وقلب الهمزة واوًا

فتقول: رايى ورائى وراوى وأجودها الهمزة؛ فإن كان آخر الاسم واوًا أو ياء على وزن فعلة كـ (غزوة وظبية) أو فعلة كـ (غدوة) و (دمية)، أو فعلة كرشوة وزنية، فمذهب سيبويه لا يغير شيئًا منها في النسب إلا ما ورد تغييره قالوا: قروى في قرية، وزنوي في بني زنية: حي من العرب، وبطوى في البطية، ونسب هذا المذهب إلى الخليل وهو اختيار ابن أبي الربيع، ومذهب يونس واختاره الزجاج أنه يفتح الساكن من ذوات الواو والياء فتقول: غزوى، وظبوى، وعدوى، ودموى، ورشوى، وزنوى، وقيل عن الخليل أنه يجيز الوجهين في ذوات الياء، ويختار الإقرار على الأصل، وذهب قوم إلى التفرقة بين ذوات الياء، فيفتح ما قبلها ويقلبها واوًا وبين ذوات الواو فيقرها على حالها، وهو اختيار ابن عصفور. والنسب إلى (فعلة) صحيح اللام على لفظه من غير تغيير تقول في النسب إلى الخضرة: خضرى وذكر الهجرى: أن فصحاء الحجاز يقولون في عتبة وفي

كل اسم على فعلة: فعلى غير زنمة وحمرة، فإنهما على حالهم ساكنتا الثاني، وفي بني شمخ بن فزارة بن عتبة تنسب إليه: عتبى. والنسب إلى بنت، وأخت، وثنتين، وكلتا، وذيت، وكيت، في مذهب سيبويه بحذف التاء، ورد المحذوف فتقول: أخوى، وبنوآ، وثنوى، وكلوى، وذيوى، وكيوى، ومذهب يونس أنه ينسب إليها على لفظها فتقول: أختى، وبنتى، وثنتى، وكلتى، وذيتى، وكيتى، واتفق هو والخليل على حذف التاء من هنت، ومنت إذا نسبت إليهما، ومذهب الأخفش أنه يقر ما قبل التاء المحذوفة على سكونه وما قبله على حركته، ويرد المحذوف فيقول: أخوى، وبنوى، وكلوى، وثنيى وقياس مذهبه في كيت وذيت أنه إذا حذف التاء رد المحذوف، فصار كيا وذيا، فينسب إليه كما ينسب إلى حى فيقول: كيوى، وذيوى ويجوز كيى. والجمع المكسر الذي لا واحد له من لفظه نحو: عباديد، وشماطيط،

وتباذير، وأبابيل في قول ينسب إليه على لفظه فتقول: شماطيطى أوله واحد من لفظه شاذ، كملاميح واحده لمحة نسبت إلى المفرد. فتقول: لمحى خلافًا لأبي زيد؛ فإنه ينسب إلى لفظ الجمع فيقول: ملاميحى. وقال أبو زيد قالوا في النسب إلى محاسن: محاسنى، وصرح بقول ذلك عن العرب. أو غير شاذ وكان النسب إلى المفرد يوهم تغيير المعنى نحو: أعراب واحده عرب، فينسب إلى الجمع، وجعل السيرافي، وتبعه ابن مالك أعرابًا جمعًا أهمل واحده، فلذلك نسب إليه، فقيل: أعرابي، أو كان لا يوهم تغيير المعنى نسبت إلى مفرده فتقول في النسب إلى الفرائض: فرضى، وقول الناس فرائضى، وكتبى، وقلانسى خطأ، وقد أجازه قوم وذهبوا في قمرى إلى أنه منسوب إلى الجمع من قولهم: طيور قمر، وفي دبسى إلى طيور دبس، وهو عندنا منسوب إلى القمرة، والدبسة، ويحتمل أن يكون مثل كرسي مما بني على الياء التي تشبه ياء النسب. وقول أبي علي القالي في قولهم: ما بها دورى أنه منسوب إلى الدور غلط بل دورى مثل كرسي، وأما الصفرية فمنسوب إلى الصفرة وهم قوم من الخوارج، وقيل إلى الصفر وهو النحاس، وقيل إلى رجل قديم منهم يكنى أبا صفرة، وشذ كربي الخلق. فإذا سمي بالجمع نسب إليه على لفظه قالوا: معافري

وأنماري، وكلابي، وضبابي، وأكلبي، ومدائني، وفراهيدي من أزد اليمن سموا بالجمع: فرهود وهو الجمل، ومعافر هو ابن مر أخو تميم بن مر، وأكلب حي من خثعم، وقال بعضهم: فرهودي ينسب إلى المفرد لعدم التباسه إذ ليس له قبيلة تسمى بفرهود، فلو كان الجمع غالبًا على ناس بأعيانهم فكذلك نحو: الأنصار تقول: أنصاري والأبناء: قوم من الفرس ارتهنتهم العرب وغلب عليهم هذا الاسم كغلبة الأنصار، والنسبة إليهم على ذلك: أبناوي في لغة بني سعد، كذلك حكاه سيبويه عنهم، وقال السيرافي: هم قبائل من بني سعد بن زيد مناة من تميم، وقال أبو عبيد: أبناء سعد إلا كعبًا وعمرًا، وقال سيبويه: حدثني أبو الخطاب: أن ناسًا من العرب يقولون في الإضافة إليهم: بنوي يردونه إلى الواحد فهذا على أن لا يكون اسمًا غالبًا على هذا الحي من أبناء فارس، وحكى أبو الحسن أنه قيل في النسب إليهم: بناوي، قال: وهذا شاذ كما قالوا في أبو بكر: بكراوي. واسم الجنس نحو: تمر واسم الجمع الذي لا واحد له من لفظه نحو: قوم ينسب إليهما على اللفظ فتقول: قومي، وتمري، أوله واحد من لفظه نحو:

ركب وأناس فعلى لفظه تقول: ركبى وأناسى، ومن زعم أن ركبًا وسفرًا جمع راكب، ومسافر، وأن أناسا جمع نسب إلى مفرده فقال: راكبي، ومسافري، وإنساني. وقال سيبويه في الإضافة إلى أناس: إنساني، وأناسي، وهو أجود القولين ومما لا يطرد بناء بعض أعضاء الجسد على فعال، وإلحاق ياء النسب قالوا: أنافي، ورآسي، وعضادي، وفخاذي، للعظيم ذلك العضو منه، وبعض الأعداد لطول في الشيء أو عرض بشيء أو أزيد قالوا: وثنائي إلى العشرة المذكر والمؤنث فيه سواء فرقوا بينه وبين من ينسب إلى ثلاثة فقالوا: ثلاثي، كما فرقوا في النسبة إلى الرجل القديم الدهر قالوا: دهري، وإلى من كان من بني دهر من بني عامر دهري، ذلك بضم الدال، وهذا بفتحها لا غير. وكذلك لا يطرد ما زيد في آخره ألف ونون بعدهما ياء النسب مشعرة بعظيم ذلك قالوا رقباني، وشعراني، وروحاني، لمن له روح ولا يدرك شخصه

بالبصر، ولا ما الياء فيه فارقة بين المفرد وجنسه نحو: زنجي، وزنج، ولا دالة على المبالغة كأعجمي، وأشعري، وأحمري، وزائدة لازمة نحو: كرسي، وحواري وبردي، وكلب زيني، وغير لازمة نحو: دواري، ودوار، والصلتاني والفراتي في: الصلتان والفرات وهما علمان. وهذه أشياء شذوا فيها في النسب مما لم يتقدم ذكره، فمن ذلك في السهل: سهلي، وفي الدهر: دهري لمن مر عليه زمان طويل، وللقائل بالدهر: دهري بلا تغيير، وفي الطلح: طلاحي بضم الطاء وكسرها، وفي الأفق: أفقي، وفي الحمض: حمضي، وفي خراسان: خرسي، وخراسي وفي الجرم

جرمي، وفي القفا: قفي، وفي وبار: أباري، وفي الري: رازي، وفي الحيرة للثوب: حاري، وللإنسان: حيرى بلا تغيير، وفي المدينة حمار مديني، وللرجل مدني على القياس، وفي مرو للإنسان: مروزي ولغيره: مروي بلا تغيير، وفي القبا: قبي، وفي درا بجرد، دراوردي، وفي سوق مازن: سقزني، وسوق يحيى: سقحي، وسوق الليل: سقلي، وفي دار البطيخ: دربخي وفي البصرة: بصري وقيل: ليس بشذوذ لأن فيها لغة بصرة فسكن الصاد، ونقل كسرتها إلى الباء، وفي الشتاء: شتوي خلافًا للزبيدي،

فإنه يزعم أن الشتاء جمع واحده شتوة فلما نسب إليه رد إلى واحده وهو: شتوة وهكذا هو في حواشي مبرمان قال: شتاء جمع شتوة كصحفة وصحاف. واستغنوا غالبًا عن ياء النسب بالبناء على فعال من لفظ المنسوب إليه في الحرف والصنائع قالوا: خباز، وقزاز وبناء، وزجاج، وعواج، ولآل وقالوا: زجاجي، وعاجي، ولؤلؤي، وبزار، وبقال، وخياط، ونجار، وجمال لمزاول العمل بالجمال، وعطار، وبتات لبائع البتوت، وهي الأكسية، وقالوا: عطري، وبتي. وبالبناء على فاعل لصاحب الشيء وإن لم يعالجه قالوا: لابن، ولاحم، وتامر، وكاس، ورامح، ونابل، ودارع، وفارس، وسائف، وناشب،

وناعل وحاذ: وقد يقوم مقام فاعل فعال قالوا: نبال، وكلاب، وسياف، وتراس وبقال لصاحب ما اشتق ذلك منه كما يقوم مقام فعال فاعل قالوا: حائك في معنى حواك، وقد يقوم غير فاعل وفعال مقامهما قالوا: امرأة معطار أي ذات عطر، وناقة محضير أي ذات حضر، ومذهب سيبويه أن هذا وإن كثر لا ينقاس قال: لا تقول لصاحب الدقيق دقاق، ولا لصاحب الفاكهة: فكاه، ولا لصاحب البر: برار، ولا لصاحب الشعير: شعار، والمبرد يقيس هذا. واستغنوا أيضًا عن ياء النسب بالبناء اسما على وزن فعل من المنسوب إليه قالوا: رجل طعم ولبس وعمل، ونهر المعنى ذو كذا، وقالوا: رجل حري وحرح إذا كان يألف ذلك، وهذا كله موقوف على السماع. وقالت العرب في النسب إلى اليمن والشام يمني، وشامي على اللفظ ثم

حذفوا إحدى ياءي النسب وزادوا ألفًا قبل اللام عوضًا منها، وصار منقوصًا فقالوا: اليماني والشآمي ورجل يمان وشآم، ورأيت رجلا يمانيا وشآميا، وشذ الجمع بين ياءي النسب والألف وقالوا: تهام فتحوا التاء وجعلوه منقوصًا قالوا: تهامون نجديون كيدًا ونجدة … ................... كما تقول: قاضون، وقالوا: تهامي بكسر التاء وإلحاق ياءي النسب على الأصل كما قالوا: يمني وشامي.

باب علامة التأنيث

باب علامة التأنيث علامة التأنيث في الاسم المتمكن التاء المبدلة هاء في الوقف، خلافًا لمن زعم أن التأنيث بالهاء وأنها تبدل تاء في الوصل. والألف المقصورة والهمزة التي قبلها مدة، وهي عند البصريين بدل من الألف المقصورة، ومذهب الكوفيين والزجاجي: أن الهمزة ليست مبدلة من الألف، وإنما هي علامة التأنيث، ومذهب الأخفش أن الألف والهمزة معا هما علامة التأنيث، وزاد الكوفيون في علامات التأنيث تاء أخت وبنت والألف والتاء في مسلمات ونحوه.

باب التاء

باب التاء أصل دخولها في فصل وصف المؤنث من وصف المذكر نحو: ضاربة، وضارب وفي فصل الآحاد المخلوقة من أجناسها نحو: درة ودر، وتمرة، وتمر، وبقرة وبقر، وكون الأنثى من نحو: بقرة بالهاء، والمذكر بطرحها ذهب إليه الكوفيون: وحكوا: رأيت نعامًا على نعامة وحمامًا على حمامة وهو عند البصريين شاذ لا يقاس عليه، وقالوا: كمأة وكمء على القياس. وقال بعض العرب: كمء للواحد وكمأة للجنس. وقد تأتي لفصل الأسماء الجامدة نحو: امرؤ وامرأة، ورجل ورجلة، وغلام وغلامة، وأسد وأسدة، وإنسان وإنسانة، وحمار وحمارة، وبرذون وبرذونة وهو قليل لا ينقاس. ولفصل الآحاد المصنوعة قالوا: عمامة وعمام، وسفينة وسفين، وجرة وجر، ولبنة ولبن، وقلنسوة وقلنس. وللفرق بين الواحد والجمع في الصفات نحو: حمار، وحمارة، وبغال

وبغالة، وجمال وجمالة، ووارد وواردة، وشارب وشاربة ومنه البصرية، والكوفية والزبيرية، والمروانية، والمسودة، والمبيضة الواحد: بصري، وكوفي، وزبيري، ومرواني، ومسود، ومبيض، وزعم أبو زيد أحمد بن سهل: أن هذا مطرد في باب الجمع الذي يؤخذ من لفظ الفعل، وأورد ألفاظًا كثيرة، وقال: العلة في ذلك أن كل جمع مؤنث فصار مثال المؤنث والجمع في هذا واحدًا انتهى. وللفرق بين المقيد والمطلق نحو: ضربة وضرب؛ وللفرق بين الاسم والصفة نحو: رمية ورمى، وشاة ذبيحة، وشاة ذبيح، فرمية وذبيحة اسم لما يرمى ولما يذبح، ورمى وذبيح صفتان، وقالوا: أكيلة الأسد وفريسته أرادوا به الاسم، وكذلك حلوبة وركوبة اسم لما يحلب ويركب، وحلوب وركوب صفتان، وجاءت صفات للمؤنث بغير تاء وليست من باب مفعول قالوا: شاة سديس، وريح خريق، وكتيبة خصيف. وللفرق بين المذكر والمؤنث في العدد نحو: ثلاثة رجال وثلاث جوار وتأتي أيضًا في صفات مشتركة بين المذكر والمؤنث لغير مبالغة نحو: ربعة، ويفعة ولمبالغة نحو: علامة، ومطرابة

وفروقة، وملولة، وحجابة، وفقاقة، وخاصة بالمذكر نحو: رجل بهمة أي شجاع، وفي اسم مشترك نحو شاة يطلق على الذكر والأنثى، ولتأكيد التأنيث نحو: ناقة ونعجة. والأصل في الأسماء المختصة بالتأنيث أن لا تدخلها التاء نحو: عجوز وعناق، إذ مذكرهما شيخ وجدي، ولتأكيد الجمع نحو: حجارة وفحولة، وقال الأستاذ أبو علي: هي فيهما كالتاء في ناقة ونعجة لتأكيد التأنيث ولتأكيد الواحدة نحو: عرفة وظلمة ومدينة وعبر بعضهم عن هذا بتأنيث اللفظ إذ ليس تحته تأنيث معنى، ولبيان النسب نحو: المهالبة، والمسامعة والمناذرة، والأشاعثة أي المنسوبون إلى المهلب بن أبي صفرة، وإلى مسمع، وإلى المنذر بن ماء السماء، وإلى الأشعث بن قيس، وإن اختلفت أسماؤهم، ولو حذفت التاء كان جمعًا لمن اسم كل واحد مهلب وكذا باقيها، وقيل: التاء في هذا النوع عوض من ياء النسب، ولذلك لا يجتمعان، وإنما يقال: المهلبيون أو المهالبة. وللعجمة نحو: موازجة جمع موزج وهي الخف، وقيل: الجورب، وكيالجة جمع كيلجة جمع كيلج وهو المكيال يكتال به، وعبر ابن مالك عن هذا بالتعريب. وللنسب والعجمة نحو: البرابرة، والسيابجة المعنى: البربريون

والسيبجيون واحدهم بربري، وسيبجي، وهو خادم الفيلة وقيل: قوم من السند، وللعوض من محذوف لام الحذف نحو: لدة حذف فاؤها، وثبتة حذف لامها، ونحو تاء تزكية عوض من مدة تفعيل، وفي إمامة واستقامة عوض من عين الكلمة على خلاف في ذلك، أو معاقب نحو: زنادقة، وجحاجحة التاء عوض من ياء زناديق وجحاجيح وهما متعاقبان، والأصل إقرار الياء كبهاليل، ولعوض من ياء إضافة كتاء أبت وأمت.

باب الألف المقصورة

باب الألف المقصورة فعلى وصفا نحو: حبلى، وربى، وخنثى، ومصدرًا: بشرى، ورجعى، وشورى واسمًا بهمى. وقولهم: بهماة شاذ، وصرف دنيا شاذ، وكذا موسى منونًا لموسى الحديد، وقيل وزنها مفعل من أوسيت: حلقت، وقيل: الألف للإلحاق فلذلك نون، وقال الجرمي: سمعت أبا زيد يروي هذه موسى خدمة فهو مفعل ولو كانت الميم أصلية لم تنصرف، وأما موسى اسم لرجل فهو أعجمي لا ينصرف، وقال أبو العلاء المعري: لا أعلمه سمي به في الجاهلية إنما حدث في الإسلام يعنون اسم موسى عليه السلام. وفعالى نحو: حبارى، وجمادى، وسمانى، ونعامى، ولبادى، وحلاوى القفا، ورغامى، وشنارى، وذنابى، ولم يجيء صفة إلا جمعًا

نحو: سكارى، وزعم الزبيدي أنه جاء صفة مفردًا وحكى: قولهم: جمل علادى، وفعالى نحو: شقارى، وخضارى، وحواري، وفعلى نحو: سمهى، وبدرى، ولبدى، وفعلولى: فيضوضى من فاض، وقيل وزنها: فيعولى من فض، ويقال: فوضوضى وفيضيضى، والظاهر أنهما فعلولى وفعليلى، وقيل وزنهما: فوعولى، وفيعيلى، وفي الغرة: فيضوضاء ممدود فعلى هذا لا يكون مختصًا بالألف المقصورة بل يكون من المشترك. وفعلايا برحايا، ولم يجيء غيره، وأفعلى: أربعى، وأفعلاوى: أربعاوى، وفعلوى: هرنوى. وفي كتاب الزبيدي: قرنوى بالقاف، وقيل وزن الهرنوى: فعللى وقعولى بالقاف وهو إقبال إحدى القدمين على الأخرى في المشي، وفعلى:

سبطرى، وجفرى، وحكى: عبنى، وحبركى منونين، فيكون هذا الوزن مشتركًا بين التأني ثوغيره، وفعلى: دفقى، وسبطرى، وضبغطى، ودممى، وجيضى، وذكر بعضهم فعلاء ممدودًا ومنه إوراء: مشية يعتمد فيها على أحد الجانبين فعلى هذا يكون الوزن مشتركًا بين ألفي التأنيث المقصورة والممدودة، وفعلى حذرى وبذرى وكفرى، وفعلى: عرضى، وكفرى، ونقل الفراء: السلحفى، والسلحفاة، ودخول التاء دليل على أن الألف في السلحفاة ليست للتأنيث إلا أن يجعل نادرًا كبهمى وبهماة، ونقل بعضهم فعلاء ممدودًا لموضع بالحجاز، فيكون الوزن مشتركًا وفعلنى: عرضني، وفعلني: عرضني، وفعلوتى: رغبوتى، ورحموتى وهو اسم قليل: وفيعلولى: حندقوقى، وقيل وزنه فعللولى نبت، ويقال بكسر الحاء والدال، ويقال بفتح الدال والقاف مع كسر الحاء وفتحها، وذكر سيبويه حندقوقا على وزن فيعلولى، وأنه صفة، وبغير ألف ذكره التصريفيون، وبألف ذكره ابن القطاع وفوعلى

دودرى، وقوصرى، وفعيلى هبيخى، ذكره ابن القطاع وذكره التصريفيون: سيبويه وغيره بغير ألف على وزن فعيل وهو الغلام، والهبيخة: الجارية، ويفعلى: يهيرى، ولم يجيء إلا اسمًا، وهو قليل، وبالألف ذكره ابن السراج، وابن القطاع، وقال: وزنه فعفلى، والمحفوظ فيه يهير بغير ألف، وزنه يفعلى، ولم يثبت سيبويه هذا الوزن وأثبته الزبيدي، ومفعلى مكورى مثلث الميم، ومفعلى مرعزى، ولم يجيء إلا اسمًا، وزعم الزبيدي أنه جاء صفة قالوا: رجل مرقدي للكثير الرقاد، وقد تفتح ميمه، وفعللى شفصلى ولم يثبت سيبويه هذا البناء، وأثبته الزبيدي مستدركًا على سيبويه، وابن القطاع، وأن شينه تفتح وتكسر. وذكر ابن القوطية: شفصلى على وزن فعللى منونًا، وألفه للإلحاق بسفرجل، وفعليا مرحيا، وبرديا

وقلهيا وفعللايا: بردرايا، وذكر ابن القطاع أن وزنه فعلعايا، وفعلايا حولايا، وفعيلى: حضيضى، وفعنلى: بلنصى، وفعيلى: قصيرى، ومفعلى ولم يجيء إلا صفة قالوا: مرعزى، وفيعلى: خيسرى، وسنقرى، وفعللى: قرقرى، وأفعلى: أجفلى، ومفعلى: مندبي، وفنعلى: سندرى، وفعنلى: صعنبى، وفعلى: نظرى، وفيعولى: هيولى، وفعالما قراشما، وفعيلى: حفيسى وفعلعلى: حدبدبى، وفعوللى: حبوكرى، وفعللى: قرطبى وفعلى: كمثرى، وفعلى: أنثى فعلان: سكرى، ومصدرًا: دعوى وجمعا: جرحى، وفعلى مصدرًا: ذكرى، وهو مني صرى أي غريمة وجمعا حجلى وظربى.

باب الألف الممدودة

باب الألف الممدودة فعلاء مصدرًا: كـ (سراء، وضراء)، واسما مفردًا: صحراء، وهضباء، والجماء، والحرباء، واسم جمع: طرفاء، وحلفاء، وقصباء، وصفة لها مذكر على أفعل: حمراء أو لا مذكر لها: ديمة هطلاء، وامرأة حسناء، وداهية دهياء، وعرب عرباء، وحلة شوكاء، وامرأة عجزاء، وفعالاء اسما: ثلاثاء، وعجاساء، وعباساء، وبراكاء، وقصاصاء، وصفة: عياياء وطباقاء، وقد أثبت ابن القطاع فعالى مقصورا: خزازى، وزبادى، وخلافى، وأدامى، فيكون مشتركًا بين الألف المقصورة والألف الممدودة. وفعلاء: سيراء وخيلاء، ولم يجيء إلا اسمًا وهو قليل، وجاء خيماء، وهو اسم ماء فهو وزن مشترك إلا إن كان منعه الصرف للتأنيث والعلمية فيكون فعلاء وزنًا مختصًا، وفعلاء نحو: زيزاء أثبته الكوفيون والألف عندهم للتأنيث، وقال البصريون:

هي للإلحاق، وفعالاء: قصاصاء، وفاعلاء قاصعاء ونافقاء، وسابياء، وقاطعاء، وفعولاء: عشوراء وليس في الأبنية نظيره، وقد ذكر بعض التصريفيين فيه القصر، فيكون وزنًا مشتركًا، وفعولاء حروراء وجلولاء ودبوقاء، وبروكاء وهو وزن مختص بالألف الممدودة عند ابن مالك، وابن عصفور، وذهب ابن القوطية، وابن القطاع إلى إثبات فعولى مقصورًا، وأوردوا من ذلك عبيد سنوطى وحظورى، ودبوقى، وقطورى، وبخط شيخنا الرضي الشاطبي اللغوي قدوماء، وفي شعر امرئ القيس تنوفى: والصحيح أنه وزن مشترك، وفيعلاء الديكساء استدركه الزبيدي على سيبويه وقيل وزنه فعللاء نحو: طرمساء، ويفاعلاء: ينابعاء لم يذكره إلا ابن القطاع، وذكر في الياء الضم والفتح.

وتفعلاء تركضاء ويقال أيضا بكسر التاء والكاف كتفرحاء، وتفعلاء تفرجاء استدركه الزبيدي، وقيل وزنه فعللاء، وفعلياء، اسمًا كبرياء، وسيمياء، وصفة جربياء، وفعنلاء برنساء ذكره ابن مالك وعده الزبيدي، وابن القطاع وصاحب الممتع مما جاء على فعللاء، وفعنالاء برناساء ذكره ابن مالك وهو الصحيح لقولهم في معناه: براساء، وذكر التصريفيون أنه فعلالاء، وفعللاء قرفصاء ذكره ابن مالك ولم يثبته غيره إذ سمع فيه ضم الفاء فيكون الفتح تخفيفًا نحو: برقع في برقع؛ وفعللاء قرفصاء، ولم يجيء إلا اسمًا وهو قليل وذكر ابن القطاع أنه يقصر فيكون على هذا وزنًا مشتركًا، وفنعلاء عنصلاء، وخنفساء بضم الصاد والفاء والفتح، وخنظباء بفتح الظاء وذكر ابن القطاع خنفسا مقصورا بضم الفاء وفتحها، فيكون وزنًا مشتركًا، ومفعولاء: مشيوخاء، ومعلوجاء صفة، ومعيوراء ومأتوناء اسما، ومفعلاء هو قليل قالوا: مرعزاء، ومشيخاء بالخاء المعجمة، وقال السعدي:

القوم في مشيحاء بالحاء المهملة أي في جد وعزم. وفي شرح الشافية الكافية بالجيم من قوله [من نطفة أمشاج] فعلى هذا يكون فعيلاء لا مفعلاء، وفعيلاء وزن مشترك. ومفعلاء: مرعزاء بتشديد الزاي، وفي الممتع بتخفيف الزاي وفتح الميم مع مشيخاء، وذكره السعدي بكسر الميم وتخفيف الزاي ممدودًا، وذكر فيه القصر أيضًا فلا يكون مختصًا بل مشتركًا، وأفعلاء وجاء جمع تكسير أصدقاء ومفردا أربعاء لليوم المعروف، فأما أرمداء، فذكر ابن القطاع أنه للرماد فهو مفرد، وذكر أبو زيد أرمداء كثيرة فهو جمع رماد، وأفعلاء: أربعاء لليوم، وجلس الأربعاء، وقال الزبيي عود من أعواد الخيمة، وقيل يمكن أن يكون فعللاء: كـ ـ (عقرباء)، وأفعلاء بضم الهمزة والعين وبكسرهما: يوم من أيام العرب وهو يوم ذي خيم، واسم موضع أيضًا، وقيل بضمها هو فعللاء: كـ (قرفصاء)، وأفعلاء قالوا: يمشي الأربعاء ويجلس الأربعاء لضرب من المشي والجلوس، وفعيلياء مزيقياء ذكره

ابن القطاع وابن مالك في هذه الأبنية وزاد ابن القطاع المطيطياء، ولم يذكره التصريفيون لأنه على هيئة المصغر فلا يثبت بناء، وفعلاء: سلحفاء ذكره ابن القطاع، وابن مالك وإفعلاء: إرمداء، وفعللاء: هندباء وفاعلاء: قالوا: قاقلاء، وشاصلاء، وفاعلاء خازباء، وفوعلاء: ولبياء وسوبياء، وفنعلاء: عنكباء، وأفعولاء: أكشوشاء، وفعليلياء: بربيطياء، وفنعولاء: قنطوراء، وفعلاء: ظرباء، وفعلياء: تيمياء لنجوم في الجوزاء.

باب الأوزان التي يشترك فيها الألفان

باب الأوزان التي يشترك فيها الألفان فعلى اسما: أجلى، وقلهى، والخطفى، وصفوى، وبردى، وصفة كجمزى، وبشكى، وناقة زلجى، وفرس وثبى، وفعلاء قرماء، وجنفاء وابن دأثاء وفعلى شعبى، وأدمى، وأربى، وفعلاء اسما الخششاء والصعداء، وصفة ناقة عشراء، وفعللى قهمزى، وقهقرى، وفعللاء، عقرباء، وحرملاء، وفعللى: الهربذى، وفعللاء: الجلحظاء، وفوعلى: الخوزلى وفوعلاء: حوصلاء، وفيعلى الخيزلى، وفيعلاء: أثبته الزبيدي، وابن القطاع ومنه الديكساء وقيل هو فعللاء، وفعيلاء: قريثاء، وفعيلى: هجيرى، وفعيلاء: فخيراء، وفاعولى بادولى، وفاعولاء: عاشوراء، وإفعيلى:

إهجيرى وإفعيلاء: إهجيراء، وفعلاء: زمجاء، وزمكاء، وذكر ابن مالك في الشافية الكافية وفي شرحها أن فعلى من الأبنية المختصة بألف التأنيث المقصورة وأن الممدودة الهمزة فيه للإلحاق بطرماح، وسنمار، وذكر في التسهيل أنه من الأبنية المشتركة، وفعلولى: فوضوضى، وفعلولاء أثبته الزبيدي ومنه عنده: بعكوكاء وقيل وزنه مفعولاء، والباء بدل من الميم وفعلياء زكرياء، وفعيلى لغيزى، وفعيلاء: دخيلاء، وفعنلى: جلندى، وفعنلاء: جلنداء، وأفعلى: الأجفلى وأفعلا: الأربعا، ويفاعلاء: ينابعاء، وقد تقدم نقل ابن القطاع فيه فتح الياء، وفعاللاء: جخادباء، وفعاللى: جخادبى، وفعولى: شرورى، وظرورى، وفعولاء: شجوجاء، وفاعلاء: قاقلاء، وفاعلى: قاقلى، ومفعلاء: مصطكاء، ومفعلى: مصطكى، ومفعلاء: مصطكاء، وقيل الميم أصلية فوزنه فعللي: وفعللاء، وكذا في ضم الميم، والقولان عن ابن القطاع، وفعنلى: كرنبى وفعنلاء: كرنباء.

باب نوني التوكيد

باب نوني التوكيد هما خفيفة وثقيلة، والتأكيد بها أشد، قاله الخليل، وليست الخفيفة، مخففة منها، بل هي نون على حدتها خلافًا للكوفيين؛ إذ زعموا أنها مخففة منها، ومحلهما صيغة الأمر مبنيًا ومعربًا متصرفًا نحو اضربن، وليقومن زيد، وغير متصرف نحو: تعلمن بمعنى اعلم في المشهور، وهلمن في لغة من جعلها فعلا، ودخولها في أفعل التعجب، وفي الماضي شذوذًا نحو: أحسنن بزيد، وإما أدركن ذلك وصيغة النهي نحو: لا تضربن، والتحضيض نحو:

هلا تمنن بوعد غير مخلفة … ............ والعرض: ألا تنزلن، والتمني نحو: فليتك يوم الملتقى ترينني … ................. والاستفهام بالحرف نحو: هل تقومن، وأتقومن، وبعد أم المنطقعة نحو: «تخرج أم تقعدن» لتضمنها معنى الهمزة، وبالاسم نحو: ألا ليت شعري ما يقولن فوارس … ..........

وكيف تقومن خلافا لمن منع ذلك إذا كان الاستفهام بالاسم، وهو مذهب ابن الطراوة، والمضارع المثبت المستقبل الواقع جواب قسم فتلتزم هي، واللام نحو: والله لتخرجن، فإن تعاقبا فشذوذ عند البصريين، وجائز عند الكوفيين، فإن فصل بين اللام والمضارع معموله، أو حرف تنفيس أو قد لم تدخل النون. وبعد أداة الشرط، فإن كان بعدها (ما) مما هي شرط في الجزم بالأداة نحو: حيثما، أو زائدة، أو لم تكن نحو: من يثقفن منهم فليس بآيب … .......

فإن كان مما يجوز زيادتها كهي بعد إن وأي، أو نحوهما، فمذهب المبرد، والزجاج أنها إذ ذاك تلزم النون نحو قوله تعالى: [وإما ينسينك] ومذهب سيبويه أنك إن شئت جمعت بين (ما) والنون، وإن شئت اكتفيت بأحدهما فقلت إما تقم أقم، وإن تقومن أقم، فأما دخولها في الجزاء فقليل في الشعر نحو: ............ … متى ما يأتك الخير ينفعا وأما النفي بلا، أو بما، فمذهب الجمهور أنه لا يجوز أن تدخل في المضارع

المنفي بهما، وأجاز ابن جني ذلك، وأثبته ابن مالك، ومثل بقوله تعالى: [واتقوا فتنة لا تصيبن الذين]، وجاء في الشعر: قليلاً به ما يحمدنك وارث … والآية متأولة عند الجمهور، والذي في الشعر نادر أو ضرورة، وقد جاء في الشعر لحاقها، وقد فصل بين (لا) والفعل معمول نحو: فلا ذا نعيم يرتكن لنعيمه … أو بمفسر الفعل نحو: فلا الجارة الدنيا بها تلحينها … .........

وأما دخولها على المضارع المنفي بلم، فنص سيبويه على أن ذلك ضرورة وقال سيبويه: قد يقولون أقسمت لما لم تفعلن لأن ذا طلب، فصار كقولك: لا تفعلن كما أن قولك: أتخبرني فيه معنى افعل. وأما التقليل المكفوف (بما) فقال سيبويه: زعم يونس أنهم يقولون: ربما تقولن ذلك وكثر ما تقولن ذلك، وإن شئت لم تقحم النون في هذا النحو فهو أكثر وأجود، انتهى، وأما: ......... … ترفعن ثوبي شمالات

فبعيد جدًا، ومن مواضع دخولها قولهم في مثل: (بجهد ما تبلغن) يقال على معنيين أحدهما أن تحمل شخصًا فعلاً ما فيأباه، فتقول له ذلك أي لا بد لك من فعله بمشقة. والثاني أن تخبر بما يلقاه من المشقة في ذلك. وقولهم: (بألم ما تختننه)، هو خطاب لامرأة أصله تختنين، ثم جيء بالنون الشديدة، ودخلت هاء السكت، والختن: القطع، وهو أيضًا الخفاض، ويقال هذا لمن يتألم بالفعل ويكرهه، ولا بد له منه وقولهم: في عضة ما ينبتن شكيرها … .........

العضة: شجر، وشكيرها: شوكها، وقيل: ورقها الصغار، ومعناه أن كبير الورق لا ينبت إلا من صغارها، يقال لمن يبتغي شيئًا، ويظهر أنه لا يريده أي ما ظهر من الصغار يدل على الكبار. وقولهم: «بعين ما أرينك»، يقال لمن يخفى عنك أمرًا، أو حيلة أنت بصير بها، فنقول له ذلك: أي أنا أراك بعين بصيرة، وما الزائدة في هذه الأمثال على تأويل النفي أي: (ما تبلغن إلا بجهد) (وما تختنه إلا بألم) (وما ينبتن في عضة إلا شكيرها)، (وما أراك إلا بعين) و (ما) زائدة لازمة، ولا يقاس على هذه الأمثال، ولا تغير لو قلت: بألم تختنين بغير (ما)، والنون لم يجز أن تقوله إلا والختن حقيقة، ولا يجوز حذف (ما) من هذه الأمثال، وقال ابن مالك: يجوز، ومن غريب دخول النون وأشكاله، ما ذكره الفراء في المعاني: أنه يجب دخولها إذا كان المقسم عليه (لو) وجوابها، وقبلها إن رابطة مغنية عن اللام نحو: والله إن لو تكرمن عمرا لأكرمتك وتدخل أيضًا ضرورة في الواجب الخالي مما تقدم نحو: أنت تفعلن وفي اسم الفاعل نحو: أقائلن أحضروا الشهودا

لما كان في معنى: أتقول.

فصل

فصل الذي تدخله النون وكان متفقا على إعرابه قبل دخولها فيه ثلاثة مذاهب: أحدها: أنه مبني مطلقًا، فتحذف نون الرفع للبناء كما تحذف الضمة عند التجريد، وهو مذهب الأخفش، والزجاج، وأبي علي في الإيضاح. والثاني: أنه معرب كحاله قبل أن تدخل عليه النون. والثالث: التفصيل بين ما اتصل به ألف الاثنين أو واو الجمع أو ياء المخاطبة، فهو باق على إعرابه، وبين ما لم يتصل به شيء من ذلك فهو مبني نحو: هل تخرجن، والحركة التي قبل النون، ذهب قوم إلى أنها حركة بناء وقوم إلى أنها حركة عارضة لالتقاء الساكنين وهو نص سيبويه. وفي الغرة: «فتحة ما قبل نون التوكيد في مثل: هل تضربن عند سيبويه، والمبرد، وابن السراج، والفارسي، فتحة بناء، وقيل فتحة التقاء الساكنين، وهو مقتضى قول السيرافي، ونسبه الزجاج إلى سيبويه، والصحيح القول الأول بدليل هل تضربن، ولم يلتق ساكنان، انتهى. وإذا لقيت النون الساكنة همزة بعدها نحو: هل تكرمن من أباك وخففت الهمزة التخفيف القياسي بحذفها وإلقاء حركتها على الساكن قبلها، فقيل لا يجوز. وقال الفارسي: تحذف النون، وتجعل الهمزة بين بين، فيكون جعلها كذلك، كأنه سكون، فتحذف النون لذلك. وإن كان قبل النون ياء تلي كسرة، وواو تلي ضمة نحو: يغزو، ونحو: ارمين، وابكين، فلغة لبعض العرف حذف هذه الياء فتقول: ارمن، وابكن،

ونسبها ابن مالك لفزارة، أو واو تلي ضمة نحو: يغزو، قلت: هل يغزون، فإن كان قبل ياء الضمير فتحة نحو: اخشين، فالجمهور على أنه لا يجوز حذف هذه الياء وأجاز ذلك الكوفيون، وحكى الفراء أنها لغة طيئ. وإذا كان مضعفا نحو: رد لم تفكه تقول: ردن، ولا تقول: ارددن وإذا كان في آخر الفعل واو الجمع، أو ياء المخاطبة، فإن كان ما قبلهما من الحركة غير مجانس لهما ثبتت الواو والياء، وحركت الواو بالضم نحو اخشون زيدًا، والياء بالكسرة نحو: اخشين بكرًا. وإن جانست حذفت الواو والياء نحو: لتخرجن يا رجال، ولتخرجن

يا هند ولا تقع بعد ألف الاثنين، ونون الإناث إلا الثقيلة وتكسر، وتفصل بين النون بألف نحو: اضربان، وقولهم: اخسأنان عني، وأجاز يونس، والكوفيون وقوع الخفيفة بعدهما فتقول: اضربان زيدًا، واضربنان عمرًا. ولو كان بعد النون ما تدغم فيه نحو: إن تزوران نزركما، فلا يجوز الجمع بين الألف والنون الساكنة، نص على ذلك بعض النحاة، ويمكن أن يقال: يجوز إذا لقيت النون الخفيفة ساكنًا مطلقًا حذفت نحو: اضربا الرجل، واضربوا الرجل، واضربي الرجل وندر حذفها لغير ساكن نحو قوله: ............ … كما قيل قبل اليوم خالف تذكرا وإذا وقف عليها، وهي تلي فتحة أبدلت ألفا نحو: [لنسفعا] أو ضمة

أو كسرة، رد ما حذف بسببها من الواو والياء نحو: اضربوا، واضربي، ولتخرجون، ولتخرجين أصله: اضربن واضربن، ولتخرجن ولتخرجن، وأجاز يونس إبدالها بعد الضمة واوًا، وبعد الكسرة ياءً، كما أبدلوا بعد الفتحة ألفا فتقول في هل تدعن يا رجال: هل تدعوا، وفي هل تخرجن يا هند: هل تخرجي ولا ترد النون، وليست الواو والياء عنده ضميرين، بل هما بدلان من النون. فإن وليت النون الخفيفة ألفًا، وجاء بعد النون ساكن، فلا يتصور ذلك إلا على مذهب يونس والكوفيين نحو: اضربان الغلام يا رجلان، واضربنان الغلام يا نسوة، فزعم يونس أنه تبدل النون همزة وتفتحها فتقول اضرباء الغلام يا رجلان، واضربناء الغلام يا نسوة. قال سيبويه: وهذا لم تقله العرب قال: والقياس اضرب الغلام، واضربن الغلام بحذف النون لالتقاء الساكنين والألف لالتقائها مع الساكن الذي حذفت له النون، فيصير في اللفظ بغير ألف، وقال الزجاج: ينبغي أن تبدل الألف الثانية همزة ثم تسهل بين الألف والهمزة فيكون ذلك إشعارًا بأنها كانت ألفًا في الأصل فتقول على هذا: اضربا الغلام بإثبات الألف، وهمزة مسهلة بعدها يكون ذلك دالاً على إرادة النون الخفيفة، وقال سيبويه: وفتحوها يعني الهمزة ولم يكسروها للخفة. وإذا وقفت على النون الخفيفة بعد ألف نحو: اضربان أو الألف التي بعد نون

الإناث نحو: اضربنان على مذهب يونس، ففي الغرة: تبدل من النون ألفًا؛ فاجتمع ألفان فهمزة الثانية فقلت: اضربناء، انتهى. وقياسه في اضربنان: اضربناء، وقيل: تبدل من النون ألفا، وتمد مقدار ألفين، وكان ظهر لنا أن تبدل النون الخفيفة ألفا فيهما فتلتقي ألفان تقديرًا، فتحذف الأولى لالتقاء الساكنين فتقول: اضربا واضربنا، ونعتقد أن الألف فيهما هي المبدلة من نون التأكيد لا ألف الضمير في اضربان ولا الألف الفاصلة في (اضربنان).

باب التنوين

باب التنوين وهي نون ساكنة زائدة تلحق آخر الكلمة وهو أقسام: تنوين التمكين وفائدته بقاء الاسم على أصالته؛ إذ لم يشبه المبني فيبنى، ولا الفعل فيمنع الصرف، ويسمى تنوين الصرف قاله سيبويه، وقيل: دخل فرقًا بين ما ينصرف وبين ما لا ينصرف، وحكى عن سيبويه، وخص به المنصرف لخفته، وقال الكسائي والفراء فرقًا بين الاسم والفعل، وقال قطرب، وبعض الكوفيين، والسهيلي فرقًا بين المفرد والمضاف. وتنوين التنكير: وهو ما يلحق بعض الأسماء المبنية فرقًا بين معرفتها ونكرتها نحو: مررت بسيبويه، وسيبويه آخر، وصه إذا أردت السكوت، وصه إذا أردت سكوتًا، وإيه إذا استزدته من حديث معلوم، وإيه إذا استزدته من حديث مجهول، ويطرد فيما آخره (ويه) ولا يطرد في أسماء الأفعال، وسيأتي ما استعمل منها معرفة فقط، وما استعمل منها نكرة فقط، وما استعمل معرفة ونكرة، إن شاء الله تعالى.

وتنوين العوض: وهو يلحق (إذ) عوضًا من الجمل المحذوفة المضاف إليها (إذ) ولذلك لا يجتمعان، ويأتي الكلام عليها في الظروف إن شاء الله تعالى. ومثاله: [وأنتم حينئذ تنظروني] أي حين إذ بلغت الحلقوم، ويلحق أيضًا الجمع المتناهي المعتل اللام الذي لا ينصرف رفعًا وخفضًا نحو: قام جوار، ومررت بجوار، ونحو: يرم علمًا، ويعيل تصغير يعلى، وهو عوض من الياء المحذوفة لحركتها هذا مذهب سيبويه، خلافًا للمبرد، والزجاجي، زعمًا أنه عوض من الحركة فقط، وزعم بعض النحاة أنه تنوين صرف. وأما كل وبعض؛ فقيل: التنوين فيها عوض عما أضيفا إليه، وقيل تنوين تمكين، وأما: ولات أوان، فذهب الجمهور إلى أن الكسرة إعراب، وتنوينه تنوين

تمكين، وذهب المبرد إلى أنها ليست إعرابًا، وهو تنوين عوض من الجملة المحذوفة، تقول: جئتك أوان قام زيد، وأوان الحجاج أمير، حذفت الجملة، وعوض منها التنوين. وتنوين المقابلة: وهو اللاحق ما جمع بالألف والتاء المزيدتين نحو: مسلمات قابل نون مسلمين، ولذلك ثبت مسمى به كما ثبتت النون إذا سمي بما هي فيه، وزعم الربعي: أنه تنوين صرف، ونقل لي عن بعضهم أنه تنوين عوض من الفتحة التي كان يستحقها.

وتنوين يلحق الروى المطلق وحروفه الياء والواو والألف، يعوضون التنوين من هذه الحروف، وذلك في لغة كثير من بني تميم، وقيس، إذا أنشدوا. وأهل الحجاز لا يعوضون؛ بل يبقون حروف الإطلاق إذا أنشدوا، ويسميه أصحابنا تنوين الترنم، وقال ابن مالك: هو يشعر بترك الترنم،

وهذا التنوين يلحق الاسم المتمكن مصحوبًا بأل، وغير مصحوب، والاسم المبني، والفعل ماضيًا ومضارعًا، والحرف. وتنوين يلحق الروى المقيد، وأنكره الزجاج، والسيرافي، وتأولا ما ورد من ذلك، وأثبته الأخفش، وسماه التنوين الغالي، وسمي الحركة قبلها بالغلو، وتدخل فيما دخل فيه التنوين، الذي قبله من الاسم المتمكن ذي أل وغيره، والمبني من الاسم والحرف وفي الفعل، والمشهور أنه قسم برأسه مغاير لتنوين الترنم، وذهب بعضهم إلى أنه ضرب من تنوين الترنم، واختار هذا القول: أبو البقاء بن يعيش، وانقسام التنوين إلى هذه الأقسام هو مذهب الجمهور، وذهب أبو الحجاج يوسف بن معزوز إلى أن الأربعة الأول هو: تنوين التمكين وهو تنوين الصرف قال: وهو مذهب سيبويه وقال: وظاهر قول سيبويه في الذي يسمونه: تنوين الترنم أنه ليس بتنوين، إنما هو: نون بدل من المدة لا تنوين، فعلى هذا لا يكون التنوين إلا قسمًا واحدًا، وهو تنوين التمكين والمسمى تنوين الصرف، وقد انقضى الكلام في الجملة الأولى.

الجملة الثانية في أحكام الكلمة حال التركيب وهي إعرابية، وغير إعرابية، وغير الإعرابية: البناء والحكاية والإدغام من كلمتين والتقاء الساكنين من كلمتين، والتقاء الهمزتين من كلمتين، ولحاق علامة التأنيث لأجل مرفوعه والعدد والكناية عن والوقف.

باب البناء

باب البناء البناء: لزوم آخر الكلمة سكونًا أو حركة لغير عامل، والسكون أصل والحركة فرع في المبني، لكونه معربًا قبل البناء نحو: يا زيد، ومن قبل، وهل تضربن، أو لشبه المبني بالمعرب نحو: ضرب، أو لكونه حرفًا تحرك ما قبله نحو (ذية)، أو لكونه على حرف كواو العطف، أو لالتقاء الساكنين نحو: أمس. وأصل حركة التقاء الساكنين الكسر، وأصل حركة غير التقائهما الفتح، ولا يعدل عنها إلا لإتباع نحو مذ، أو لكونها في كلمة كالواو في نظيرتها نحو: نحن ونظيرتها همو، أو لشبه بما هي فيه نحو: اخشوا القوم، أو لكونها لم تكن لها حالة الإعراب نحو: من قبل، أو لشبهها بذلك نحو: يا زيد،

أو نطلب تخفيف نحو: أين، أو لفرق بين أداتين نحو: لموسى غلام، ولموسى غلام، أو الفرق بين معنى أداة نحو: يا لزيد لعمرو، أو لمجانسة عمل نحو: باء الجر ولامه أو مقابل المجانس نحو: لام الأمر في نحو: ليقم زيد، أو لكون الحركة للحرف في الأصل نحو: مذ اليوم؛ أو لشبه محلها بما في كنف هاء التأنيث، وما خرج عن هذا فشاذ. والحروف كلها مبنية، والفعل الماضي مبني على الفتح، والأمر بغير لام مذهب البصريين أنه مبني على السكون نحو: اضرب إلا إن كان مضاعفًا، فيجوز ضمه، وفتحه، وكسره. ومذهب الكوفيين أنه معرب. والمضارع معرب، إلا إن اتصلت به نون الإناث، فالجمهور على أنه مبني خلافًا لقوم منهم ابن درستويه، فإنه زعم أنه معرب، وتبعهم السهيلي. وإن اتصلت به نون التوكيد، فثلاثة مذاهب يفصل في الثالث بين ما رفع بالنون فيكون معربًا، وما لم يرفع بها فيكون مبنيًا.

والأسماء أكثرها معرب، والموجب للبناء عند الفارسي شبه الحرف كالمضمرات أو تضمن معناه كأسماء الشروط تضمنت معنى (إن)، وأسماء الاستفهام تضمنت معنى الهمزة، وزاد غير الفارسي: أو وقع موقع المبني نحو: نزال، ويا زيد، والبناء واجب في هذه الأقسام الثلاثة، وجائز فيما ضارع ما وقع موقع المبني وهو العلم المؤنث المعدول الكائن على فعال في لغة الحجاز، أو خرج عن نظائره وهو (أي) الموصولة إذا حذف صدر صلتها، أو كانت مضافة، وذلك في مذهب سيبويه نحو: اضرب أيهم قائم، وامرر بأيهم خارج، أو أضيف إلى مبني، وليس محل مبني، ومنه أن يضاف الزمان إلى جملة مصدرة بماض، فإعرابه أحسن؛ فإن صدرت بمضارع وجب الإعراب عند البصريين، وجاز عند الكوفيين نحو: أجيء في يوم يقدم زيد، وإلى جملة اسمية جاز فيه الإعراب والبناء نحو: صحبتك من يوم زيد أمير، والمبني على حركة إن كان حرفًا، أو فعلاً ماضيًا سئل لم بني على حركة، ولم خص بتلك الحركة، وإن كان اسمًا سئل عن ذينك، ولأي شيء بني، وشخصيات المبني يأتي ذكرها مفرقًا في الأبواب.

فأما الأسماء المسكنة قبل التركيب، كحروف الهجاء: ألف، باء، تا، ثا، جيم، وكأسماء العدد: واحد، اثنان، ثلاثة، فلا توصف ببناء، ولا إعراب خلافًا لمن زعم أنها معربة في الحكم لا في اللفظ، وخلافًا لمن ذهب إلى أنها مبنية، وهو اختيار ابن مالك. والمبني مفرد ومركب، المفرد: اسم وبني منه على الفتح نحو: أين، وعلى الكسر نحو: أمس، وعلى الضم قبل إذا كان غاية، وفعل بني منه الماضي على فتحة، وأمر، وفيه الخلاف أهو مبني أو معرب، وحرف؛ منه ما يبني على ضمة وذلك منذ إذا جرت على أجود القولين، ورب في لغة، وم في قول من لم يجعلها بقية «أيم»، ومن الثلاثة ما يبني على السكون نحو: كم، واضرب، ومن. والمركب منه ما ذكر في الظروف، وما ذكر في آخر باب الحال، وما ذكر في

العدد وما ركب تركيب مزج على أحد الوجوه التي فيه، ومن المركب (حيص بيض)، (الخازباز). فأما (حيص بيض) فتقول العرب: (وقعوا في حيص بيص) أي في اختلاط من أمرهم لا مخرج لهم منه جعلا اسمًا واحدًا، وبنيا على الفتح حكاه أبو عمرو، وحكى (في حيص بيص) بكسر الحاء والباء والبناء، وحكى (في حيص بيص) بكسر أولهما، وآخرهما، والتنوين، وحكى إنك لتحسب على الأرض (حيصا بيصًا) ويقال: حاص باص لغة في حيص بيص ويقال: حيص بيص قال: صارت عليه الأرض حيص بيص حتى يلف عيصه بعيصى وأنشد الأصمعي: قد كانت خراجًا ولوجًا صيرفًا … لم تلتحصنى حيص بيص لحاص

قال الفراء: حاص عنه وانحاص عدل، وقال بعضهم: هما اسمان من حيص وبوص جعلا واحدًا، وأخرج البوص على لفظ الحيص، ليزدوجا، والحيص: الرواغ والتخلف، والبوص: السبق والفرار، ومعناه كل شيء يتخلف عنه، ويفر منه. وأما «الخازباز» فهما اسمان جعلا اسمًا واحدًا، وبنيا على الكسر، ويطلق على الذباب وعلى صوته، وعلى نبت، وعلى داء، وعلى السنور، وهو مبني على الكسر رفعًا ونصبًا وجرًا. وقال الشاعر: ............. … وجن الخازباز به جنونا وقال الآخر: والخازباز السنم المجودا

وقال آخر: يا خازباز أرسل اللهازما فالأول: الذباب، والثاني: نبت، والثالث: داء، وذكروا فيه سبع لغات خازباز، وخازباز، وخازباء، وخزباز، وهذه إعرابها في الآخر، (وخازباز) إعراب المتضايفين، وخازباز مبنيان على الفتح، والخازباز مبنيان على الكسر.

باب الحكاية

باب الحكاية الحكاية: إيراد لفظ المتكلم على حسب ما أورده في الكلام، والمحكي قسمان: مفرد وجملة، ويأتي الكلام في ذلك، إن شاء الله تعالى، والكلام هنا في الاستعلام بأي، وبمن، فإذا استفهمت بأي استفهام استثبات عن مذكور في كلام غيرك، وكان نكرة عاقلاً أو غير عاقل، أو معرفة جهل الاسم الدال عليها الذي ذكره من خاطبك، فلم تدر ما هو، ففي ذلك وجهان أحدهما وهو المختار الأفصح: أن يطابق المحكي إعرابًا وتذكيرًا، وإفرادًا، وفروعها فتقول لمن قال: قام رجل: (أي)، ورجلان: (أيان)، ورجال: أيون وامرأة: (أية)، وامرأتان: (أيتان)، ,نساء: (أيات)، ويفتح في الجر والنصب كمسلمات، وذلك في الوصل والوقف، ولا يكون أيون، وأيين إلا لما جمع بالواو والياء والنون مما العقل له، أو لما صلح أن يوصف بذلك نحو: رجال، فإنك تقول: رجال مسلمون، والوجه الثاني: أن يطابق في الإعراب، وفي الإفراد أو التأنيث فقط فتقول: (أي) في قام رجل، أو رجلان أو رجال، وأية في قامت امرأة أو امرأتان، ونساء. وهذان الوجهان بخلاف حالة (أي) في الاستفهام غير الاستثبات، فإن الأفصح أن تكون مفردة بغير تاء للمذكر والمؤنث في جميع الأحوال، ومن العرب من يثني ويجمع ويؤنث وهو قليل، لا يكاد يوجد إلا في الشعر.

والحركات الحلاقة (لأي) حركات إعراب نشأت من عوامله وقيل: ليست لإعراب، وإنما هي اتباع للفظ المتكلم؛ فهي بمنزلة (من) في موضع رفع بالابتداء، أو الخبر، ولا يبعد أن يكون مفعوله محلاً، وقد ذكر بعضهم إدخال حرف الجر، فيقول (بأي) وقياس مذهب البصريين أنك إذا قلت (أي) ارتفع على الابتداء وخبره الفعل المحذوف الدال عليه قول المخاطب: قام رجل؛ فالتقدير (أي قام)، وأجاز الكوفيون، رفعه بفعل مضمر قبله ولو أظهر لجاز، وإظهاره عندهم المختار في مثل: (اشترى أي أيا) حكاية لمن قال: اشترى رجل فرسًا، وإذا كانت، (أي)، منصوبة أو مجرورة حملت على فعل مضمر، ويجوز أن تأتي به على طريقة التأكيد، فتذكره متأخرًا، فتقول، أيا ضربت؟ وبأي مررت؟ وأجاز بعض أصحابنا أن تأتي به متقدمًا، ولا يقدمون العامل في الاستثبات إلا مع (أي) و (من) و (ما) من سائر أسماء الاستفهام، يقولون لمن قال: أكلت خبزًا: أكلت ما، ولمن قال: لقيت زيدًا: لقيت من، ولمن قال: ضربت رجلاً: ضربت أيا، ولا يقولون لمن قال: خرجت يوم الجمعة: خرجت متى؟ ولا لمن قال: سرت ضاحكًا: سرت كيف. وسمعت الحكاية في (أين) في الاستثبات، قال بعضهم: وقد قيل له: إن في موضع كذا وكذا العشب والماء: أين إن العشب والماء، وفي كم معطوفة على غيرها حكى من كلامهم: قبضت عشرين، وكم استثباتًا لمن قال: قبضت عشرين وكذا وكذا، وشرط الاستثبات (بأي) ألا تكون مضافة، وأجاز بعضهم ترك الحكاية في (أي) ورفعها في جميع الأحوال على الابتداء والخبر، قال: لأنك لو أظهرت لقلت (أي) من ذكرت.

وإذا استثبت (بمن) في الوقف على الذي اسثبت عنه (بأي) ففيه وجهان أحدهما: ما عليه أكثر العرب من أنك تشبع الحركات في حالة الإفراد للمذكر فتقول: (منو) لمن قال: قام رجل (ومنا) لمن قال: لقيت رجلاً، و (منى) لمن قال: مررت برجل، وفي المؤنث الأفصح أن تقول (منه) بفتح النون وإسكان الهاء المبدلة من تاء التأنيث، وحكى منت بسكون النون والتاء، وقيل: الهاء في (منه) ليست للتأنيث، وإنما هي صورتها، ليحكى بها التأنيث، وفي التثنية: منان ومنين ومنتان ومنتين، وفي الجمع: منون ومنين ومنات، ففي التثنية حكيت الإعراب، والتثنية والتذكير والتأنيث وفي جمع من يعقل: حكيت الجمع والإعراب وفي جمع المؤنث حكيت التأنيث والجمع لا الإعراب، وأجاز يونسك الحكاية بمن في الوصل، وهو مذهب لبعض العرب، يثبت الزيادة في الوصل تقول: منو يا هذا، ومنا يا هذا، ومني يا هذا ولا ينون، وتقول في المؤنث في الرفع: منت يا فتى، وفي الجر والنصب منت يا فتى يشير إلى الحركة، ولا ينون وفي التثنية: منان ومنتان يا فتى؟ فيكسر النون ومنين ومنتين يا فتى، فتفتح النون، ومنات يا فتى، فتضم التاء في الرفع وتكسر التاء وتنون نصبًا وجرًا.

فأما: (منون أنتم) فوجه على هذه اللغة التي حكاها يونس عن بعض العرب، ويكون استثباتًا عن المعارف إذا جهلت كالاستثبات عن النكرات وهو قليل، ولشذوذ هذه اللغة، قال يونس لا يصدق بها كل أحد، وقال سيبويه: هو شاذ لا يعرف في كلام ولا شعر إنما سمع في هذا البيت وحده، ولم يسمع في غيره، ووجهه على ما حكاه يونس، والكسائي من أن بعض العرب، قال: ضرب من منا، فأعربه (فمنون) جمع من المعرب، وصار بمنزلة (أي) و (أي) لا يحذف منه العلامات وصلاً فكذلك (من) ووجه الكسائي على أنه من إجراء الوصل مجرى الوقف، ووجه أيضًا على أنه من لغة من يجعل الزيادة في مستأنف الاستفهام فيقول: منو أنت، ومنان أنتما، ومنون أنتم ... وحكى الكسائي: ضرب غلام من منا، بإعراب (من) المضاف إليها بالجر، وتنوينها، وبترك الإعراب فيها وتسكينها فتقول: ضرب غلام من منا ... وقال بعضهم: ضرب من منا حذفت من الأول الزيادة، وأثبتها في الثاني، ومن قال: من يا فتى، فالظهر أنه اتباع وقيل: هو معرب، فيجرى مجرى (أي) في الإعراب، ومن التزم دخول الباء في (أي) التزامها فيمن يقول: بمن.

والوجه الثاني: أن تلحق من واوًا رفعًا، وألفًا نصبًا، وياء جرًا، سواء كان الاستثبات عن مذكر، أم مؤنث مفرد، أم مثنى، أو مجموع فتقول: منو ومنا ومنى وأهل هذه اللغة كأنهم أرادوا أن يحكوا إعراب الاسم السابق فقط، فألحقوا هذه الواو والألف والياء دالة على الحالات، ولا يكون الاسم بها معربًا، ولا يوجد اسم مبني في الوصل، معرب في الوقف. وقد ذهب بعض من صنف إلى أن عد فيما رفع بالواو، ونصب بالألف، وجر بالياء في الحكاية، ويحمل ذلك على التسامح، لأنها معربة بذلك حقيقة. واختلفوا في هذه الحروف اللاحقة فذهب المبرد، وأبو علي، إلى أنها حروف زيدت أولاً، ولزمت عنها الحركات، وذهب السيرافي إلى أن الحكاية وقعت بالحركات، ثم اتسعت، فتولدت عنها الحروف، وذهب بعضهم إلى أنها عوض من لام العهد، إذ النكرة إذا أعيدت كانت باللام، وذهب بعضهم إلى أن الحروف بدل من التنوين، ولا يجدي هذا الخلاف كبير فائدة وقال بعضهم: هذه الحروف في النصب والجر غير موافقة للعامل (فمن) مبتدأ على كل حال، والتقدير من الذي تكلمت به، والصحيح أنها موافقة فالتقدير في (منو) من قام، وفي (منا) من ضربت، وفي (منى) من مررت، وأجاز ابن خروف هذين التخريجين، وقوى قول من يقدر عامل النصب والجر وفيه إضمار حرف الجر، ومن التزم إظهاره في (أي)، التزمه في (منى) فتقول: بمنى. ومن فروع هذا الباب، أنه إذا اجتمع مذكر ومؤنث، ألحقت في الآخر فتقول: لمن قال: رأيت رجلاً وامرأة: من ومنه تسكن الأول لأنه وصل ولمن قال: رأيت امرأة ورجلاً: من ومنًا. اتفق الإعراب لهذا أو اختلف، فتقول لمن

قال: ضرب رجل امرأة: من منه، وفي عكسه: من منا، وكذا لو اتفقا في الوحدة كما ذكرنا، أو اختلفا فتقول لمن قال: رأيت رجلاً وامرأتين: من ومنتين، ورجلاً ونساء: من ومنات، ولمن قال: رأيت امرأة ورجلين: من ومنين، ونساء ورجلاً: من ومنا. وهل يجوز أن يغلب الذكر على الأنثى؛ فيثنى بصيغة المذكر فتقول لمن قال رأيت رجلاً وامرأة: منين كما تقول: ضربت أحمرين في رجل أحمر، وامرأة حمراء؛ فيه نظر. وإذا سألت (بأي) يجرى على هذا القياس، فتقول لمن قال: رأيت رجلاً وامرأة: أيا وأية، ولمن قال: رأيت امرأةً ورجلاً: أيةً وأيًا تجرى كل واحد منهما على ما يقتضيه إعرابه، وقياسه؛ إذ الزوائد تثبت في الوصل بخلاف (من) اتفقا في الإعراب، أو الوحدة أو العقل، أو اختلفا. تقول لمن قال: رأيت رجلاً وحمارًا: أيًا وأيًا، وهل يجوز فيه تغليب المذكر على المؤنث فيه الاحتمال السابق. ولو خلطت سؤال (من) مع (أي)، وذلك في العاقل وغيره قلت في قول من قال: رأيت رجلاً وحمارًا (من) و (أيا)، وفي قول من قال: رأيت حمارًا ورجلاً: (أيا)، و (من) فتأتي بكل واحد منهما على القياس مفردًا كان أو مثنى. وإن استفهمت (بأي) عن معرفة قلت في مررت بأخيك: (أي)

أخوك؟ وفي رأيت الرجلين: أي الرجلان؟ وفي رأيت الرجال: أي الرجال؟ بالرفع على الابتداء وخبره ولو قلت: أيان الرجلان، وأيون الرجال؟ وأية المرأة؟ وأيتان المرأتان؟ وأيات النساء؟ جاز، وكان حسنًا، والإفراد والتذكير في هذا كله أحسن من الجمع.

فصل: العلم العاقل

فصل: العلم العاقل العلم العاقل إن تيقن نفي الاشتراك فيه لم يحك، فمن قال: جاء الفرزدق، لا يقال له من الفرزدق؟ لانتفاء الاشتراك فيه وإن لم يتيقن؛ فتميم لا تحكى، بل ترفع (من) بالابتداء، وما بعده الخبر أكان ما قبله في كلام المخاطب مرفوعًا أو منصوبًا أو مجرورًا تقول لمن قال: قام زيد: من زيد؟، ولمن قال: رأيت زيدًا، من زيد؟ ولمن قال مررت بزيد: من زيد؟ ... وأهل الحجاز منهم من يوافق بني تميم، ومنهم من يحكى بعد (من) حركة الاسم في كلام المخاطب فيقول في من قال: قام زيد: من زيد؟ ولمن قال: رأيت زيدًا: من زيدًا؟ وفي مررت بزيد: من زيد؟ ... ومذهب الجمهور أن (من) مبتدأ، وزيد خبره كانت حركته ضمة أو فتحة أو كسرة ... واختلفوا في حالة الرفع؛ فقيل: الحركة في من زيد؟ حركة إعراب وقيل حركة حكاية وهو الصحيح. وذهب الفارسي إلى أنك إذا قلت: من زيدًا، ومن زيد كانت من مرفوعة بالابتداء، وخبره جملة محذوفة، و (زيدًا) بعض تلك الجملة، والتقدير عنده: (من) ذكرته زيدًا، ولم يفصح بإعراب زيد، والظاهر أنه يريد أنه بدل من الضمير المنصوب الذي قدره في الجملة؛ إذ قدر (من) ذكرته زيدًا، وكذا في الجر: من مررت به زيد، غلا أن زيدًا لا يكون بعض تلك الجملة إلا إذا قدر أن العامل في البدل هو العامل في المبدل منه، لا أنه على تكرار العامل، أو يتجوز في

جعله بعضًا؛ إن كان العامل هو المكرر، وذهب كثير من الكوفيين إلى أن (من) محمولة على عامل مضمر يدل عليه العامل في الاسم المستفهم عنه، والواقع بعد (من) بدل منها فالتقدير: قام (من) وزيد بدل منه، وضربت (من) وزيدًا بدل منه، وبمن مررت وزيد بدل منه؛ فيقدر العامل قبل من في الحكاية على حد قول العرب: ضرب من منا. ونقل عن الكوفيين طريقة أخرى زعموا: أن لا حكاية أصلاً فإذا قيل: رأيت زيدًا فقلت: من زيدا، فالأصل زيدًا من؟ لأن السؤال عن صفته أي رأيت زيدًا من، كما قلت المني حين قال: رأيت زيدًا القرشي، وكذلك من زيدًا، وكذلك من زيد؛ أي مررت بزيد من، وكذلك من زيد لمن قال: جاءني زيد، أي: جاءك زيد من؛ فالاسم محمول على فعل في كلام المستثبت من لفظ المخبر المتقدم، وزعموا أن العرب تقول: من زيدًا أبا القاسم وخرجوه على ما خرجوا عليه من زيدًا من أنهم حكوا الأول، لكن هو معرب على حسب العامل؛ كما قدمنا فقالوا: الأصل أبا القاسم زيدًا من كما سمع رأيت أبا القاسم، وقال أبو إسحاق: إذا قلت من زيدًا فإنما تريد من الذي تقول في خبره رأيت زيدًا ... انتهى. فإذا دخل حرف العطف على (من)، وحكيت اثنين أو أكثر مما يحكى على حدته، وكررت (من) جازت الحكاية فتقول لمن قال: ضربت زيدًا وعمرًا: من زيدًا ومن عمرًا، ولا يبطل دخول الواو على (من) الحكاية، فإن لم

تعطف على (من) وأدخلت عليها حرف العطف بطلت الحكاية فتقول: ومن زيد لمن قال: قام زيد، وضربت زيدًا، ومررت بزيد.

فصل

فصل غير العلم من المعارف، إن كان مضمرًا فلا يحكى؛ إلا على قبح قاله سيبويه، وهو شاذ جدًا ليس مما يعمل عليه، ومنه قولهم: مع منين استثباتًا لمن قال: ذهب معهم، وقال الزجاجي: لو قال رأيته، ومررت به لم يجز، إلا أن يقول في الاستثبات: من هو، ولا يجوز غير ذلك، وإن كان غير مضمر، فإما أن يكون وصفًا منصوبًا أو غيره: إن كان غيره، لم تجز فيه الحكاية بل تقول: من صاحبك ومن هذا، ومن الرجال، ومن الزيدان؟ وأجاز يونس: فيه الحكاية؛ فتقول: من أخاك، ومن أخيك، لمن قال: رأيت أخاك، ومررت بأخيك، والمجمع عليه من الرواة حكاية العلم اسمًا وكنية ولقبًا في لغة الحجاز، وحكى الأخفش أن منهم من يحكي الاسم مطلقًا اسمًا كان أو وصفًا أو ما كان، من تمرتان جوابًا لمن قال: ما عندنا تمرتان. وإن كان وصفًا منصوبًا أدخلت على (من) أل، وألحقت ياء النسب؛ فقلت المني؟، لمن قال: قام زيد القرشي، إذا لم يفهم القرشي، فاستثبت عنه

ويعرب، ويؤنث، ويثنى، ويجمع بالواو والنون، والألف والتاء، وتثبت هذه الزيادات في الوصل والوقف؛ فإن فهمت الصفة المنسوبة، ولم تفهم الموصوف به لم تحك بل تقول: من زيد القرشي إلا على لغة من يحكي العلم المتبع، وهو قليل، وسيأتي، وقيل إذا قيل: ضربت زيدًا قلت: المني تحمله على كلامه مرفوعًا ومنصوبًا، ومجرورًا، يصير هنا بمنزلة (أي) ويجري فيه الخلاف أهو إعراب أم لا، وكأنك قلت أهو القرشي، فنابت (من) عن حرف الاستفهام، وأدخلت عليها لام التعريف، وحرف النسب حكاية بما يوصف به ويضاف إليه، ويطابق في الإفراد والتذكير وفروعهما، إلا أن التثنية والجمع لم يتمكنا هنا، فأجرى العطف مجراهما، والظاهر أنه مخصوص بنسب من يعقل؛ لأن (من) لا تكون إلا له، ولم يذكر سيبويه خصوصًا ولا عمومًا ... وقال المبرد: هو مختص بمن يعقل، وأما نسبة ما لا يعقل فالقياس بما لأنها له، فإذا قيل: رأيت الحمار، وأردت نسبته قلت: آلمائي؟ وآلماوي؟. وقال مبرمان: إذا سألت عن نسب ما لا يعقل نحو: أعوج، ولا حق، وضمران قلت: آلمائي وآلماوي؛ لأنه لا يعقل، والسؤال عنه بما، وقال وإن نسبت الفرس إلى من يعقل نحو: التميمي قلت: آلمني. وقال السيرافي: (من) إنما تقع على المنسوب، فإذا قال: رأيت الحمار فقال: آلمني فمعناه من الذي نسبت إليه قال: فإن نسبت إلى ما لا يعقل كالوحشي والبكي قلت: آلمائي وآلماوي، وقال أبو العلا إدريس: الظاهر عموم النسب

بآلمني العاقل، وغيره: لأن الأكثر في (من) أن يكون لمن يعقل، فغلبوا العاقل، وصار آلمني يحتمل النسب لمن يعقل، ولما لا يعقل، وقيل الأقيس: أن يدخل فيه (أي) لا (ما)، لأنها لغير العاقل، ولها حظ في الحكاية، فتقول: لمن قال: رأيت الحمار، الأيوى نسبت إلى (أي) انتهى. ولم يسمع آلمائي وآلماوي، إنما قاله المبرد، ومبرمان بالقياس، وأطلق سيبويه القول: آلمني في النسب إلى بلد أو صفة، أو قبيلة أو أب، وخص السيرافي ذلك بالنسب إلى الأب والأم والقبيلة، وقال: لم يسمع ذلك في النسب إلى الصنعة والبلد. ومن قال: عندي عشرون فقلت له: عشرون ماذا؟ فماذا استفهام مستأنف عن التمييز، وليس من باب الاستثبات عن التمييز؛ إذ لم يجز ذكره في كلام المخاطب، كما توهمه بعضهم، ولو صرح بالتمييز فقال: عشرون رجلاً لم يجز أن يقول: عشرون منا، فلو قلت: عشرون ما أو عشرون ماذا؟ جاز. ولو قال: كان زيد منطلقًا، فاستفهمت عن منطلق لقلت: كان زيد أي شيء، ترفع (أيا) بالابتداء، وتضم خبره فالتقدير: (أي شيء هو) ولو قال: رأيت زيدًا، وأنت تعرف زيودًا كثيرة استفهمت عنه بالصفات فقلت: آلطويل أم القصير، آلقرشي أم الثقفي تحكيه على لفظه، كما نطق به، فإن أجابك عنه

كان الجواب على قدر السؤال، فيكون الطويل بالنصب، كما سألت: عن منصوب والمعنى رأيت الطويل، ويجوز الرفع (ومن) كأي لا تحكى في باب أي ومن قطع هنا فقال: ألقرشي أم الثقفي على خبر ابتداء أي: أهو القرشي، هذا إذا عرفت زيودًا بصفات مختلفة أو من أنساب شتى. فإذا أتبع العلم بتأكيد، أو بدل، أو عطف بيان، أو بوصف لم يجعل مع الموصوف كشيء واحد فلا حكاية فمن قال: رأيت زيدًا نفسه، أو رأيت زيدًا أخاك، أو رأيت أبا حفص عمر، أو رأيت زيدًا الطويل؛ فتقول في الاستثبات من زيد نفسه، ومن زيدًا أخوك، ومن أبو حفص عمر، ومن زيدًا الطويل. أو بوصف مجعول مع موصوفه كشيء واحد وذلك ابن مضاف إلى العلم فتحكى تقول: من زيد بن عمرو لمن قال: رأيت زيد بن عمرو وكذلك في الرفع والجر. وذهب أبو علي إلى الحكاية في الوصف والموصوف مطلقًا، أو بعطف؛ فذهب يونس وجماعة إلى أن العطف مبطل للحكاية كغيره من التوابع، وذهب غيرهم إلى جواز ذلك، فإذا كانا من قبيل ما يحكى حكيت تقول لمن قال: رأيت زيدًا وعمرًا: من زيدًا وعمرًا؟؛ فإن كان أحدهما من قبيل ما يحكى،

والآخر ليس كذلك بنيت على المتقدم منهما، وأتبعته الآخر في الحكاية أو إبطالها، تقول لمن قال: رأيت زيدًا، وصاحب عمرو: من صاحب عمرو وزيد؟ بالرفع، ولمن قال: رأيت زيدًا ورجلاً: من زيدًا ورجلاً؟ ولمن قال: رأيت رجلا وزيدًا: من رجل وزيد؟ وقيل تقول: من زيدًا ومنًا؟ إذا أخرت النكرة؛ فإن قدمتها قلت: ومن ومن زيدًا، ولا يمنع هنا من منع في من زيدًا، ومن أخو عمرو لأنه اختلط بما يحكى، وقيل: إن كان أحدهما مما لا يحكى؛ فإن أعدت من حكيت العلم دون الثاني، وإن لم تعد لم تحك، وقيل تجوز الحكاية. وقال سيبويه: وأما ناس فقاسوا فقالوا: تقول من أخو زيد وعمرو، ومن عمرًا وأخا زيد، فتتبع الكلام بعضه بعضًا. قال سيبويه: وهذا حسن. وإذا كان الاسم مفردًا مجردًا من التركيب لفظًا وتقديرًا، وليس اسمًا لجملة، ودخل عليه القول، فقيل: يجوز أن يحكي ومنه [يقال له إبراهيم] فإبراهيم مفعول صريح بيقال، وقيل لا يجوز وهو الصحيح، وتأولوا هذا فقيل: على حذف حرف النداء أي يقال له: يا إبراهيم، وقيل: خبر مبتدأ محذوف أي

هذا إبراهيم أو هو إبراهيم وزعم الأعلم: أنه يرتفع على الإهمال إذا لم يتقدمه عامل يؤثر فيه؛ إذ القول لا يعمل في المفرد إلا إن تضمن معنى الجملة نحو: حق وباطل فتقول: قلت حقًا وقلت باطلاً. ويحكى اللفظ المفرد المنسوب إليه حكم هو للفظه أو يجري بوجه الإعراب اسمًا للكلمة أو للفظ إن كان مما يعرف فإذا قال: ضربت زيدًا جاز أن تقول: زيدًا مفعول بالنصب حكاية وأن تقول زيدًا مفعول بالرفع، ولك أن تؤنث ما يعود على الكلمة باعتبارها، وأن يذكر باعتبار اللفظ والمعنى إن قال: قام من في الدار، فتقول: من موصول أو موصولة، وفي من زيد (من) جار أو جارة، وتقول: زيد ثلاثي واضرب فعل أمر، فيسند للفظ وتعرف زيدًا، ويبقى اضرب على بنائه وهذا الإسناد اللفظي يشترك فيه الاسم والفعل والحرف.

فصل

فصل الاستفهام على ضروب: طلب المعرفة، وهو الاستفهام الذي لا يشوبه شيء، واستفهام على طريق التسوية نحو: سواء على أقمت أم قعدت، واستفهام على سبيل التقرير نحو: ألم أحسن إليك، ولا يكون إلا بالهمزة، واستفهام على سبيل الإنكار وهو الذي يتكلم فيه هذا الفصل، فنقول: لا يكون من أدوات الاستفهام إلا بالهمزة متقدمة ثابتة في المشهور من اللغات، وحكى أبو زيد عن الكلابين أنهم قالوا لمن قال: رأيت زيدًا: زيد إنيه، بحذف الهمزة لدلالة علامة الإنكار عليها، وقال أبو المضاء منهم أزيدًا إنيه، فأتى بالهمزة، وهذا الإنكار الذي تلحقه العلامة لا يكون إلا عن مذكور في كلام المخاطب، فلو أنكرت ابتداءً لم تأت بالعلامة قيل: وربما لحقت الاستفهام الذي لا يشوبه شيء من الإنكار، سئل أعرابي عن إخوته وعن نفسه؛ فقيل له أخبرني عن أخيك زيد فقال: «أزيد إنيه فوالله ما رأيت أحدًا أسكن فورًا، ولا أبعد غورًا، ولا آخذًا بدين حجة قد تقدم رأسها من زيد»، قال: فهذا استفهام محض ليس فيه إنكار البتة، ويحتمل عندي التأويل على الإنكار؛ فإنه من شهرة الأوصاف الجميلة بحيث لا ينبغي أن يسأل عنه؛ إذ هو معلوم الأوصاف، وهذا الإنكار على ضربين: أحدهما أن ينكر أن يكون الأمر على ما ذكره المتكلم، فإذا قال: قام زيد فقلت: أزيدنيه كنت منكرًا لصدور القيام من زيد، ومكذبًا له في الإخبار عن زيد بالقيام، ولا يكون إلا في الخبر.

والضرب الآخر: أن ينكر المخاطب كون رأيه على خلاف ما ذكر من مخاطبته؛ فهو يسفهه في الرأي الذي ذكره، ويتعين بحسب القرينة، ويكون في الخبر نحو: اضرب زيدًا إن أساء، فتقول: أزيدنيه أي كيف لا تضربه وهذه حاله، وفي غير الخبر نحو: أأضرب زيدًا، فتقول: أزيدنيه أي كيف لا تضربه، وصورة الإنكار واحدة. وقال ابن أبي الربيع: الإنكار إما لبعد وقوع ذلك أو لأنه معلوم أو لكون الأمر في نفسك بعيدًا قبل الإخبار، وهذا شبيه بالإنكار، انتهى. وإلحاق علامة الإنكار ليس بحتم بل غالبًا، فيجوز لمن قيل له: قام زيد أن يقول: أزيدنيه، وأن يقول: أقائم زيد، ونحوه مما يؤدي المعنى، ويكون إنكارًا عاريًا من حكاية لفظ المتكلم، ولا يلحق علامة إلا في الوقف: وهي مدة تجانس حركة ما تقف عليه فتقول في قام عمر: أعمروه؟ وفي ضربت عمرا: أعمراه؟ وفي مررت بحذام والحارث: أحذاميه، أو ألحارثيه. فإن كان الآخر ساكنًا نحو: موسى والقاضي رفعًا وجرًا، فقيل يلحق موسى ألفًا والقاضي ياءً، وهما علامة الإنكار، فيلتقي ساكنان؛ فتحذف ألف موسى وياء القاضي، وقيل: وهو الصحيح إذا كان مثل موسى والقاضي فلا تلحق إلا إن، وتلحق الياء لإن، وهاء السكت فتقول: أموسى إنيه، والقاضي إنيه، وقالوا: أنا إنيه، ولو كان على القول الأول لقالوا: أأناه؟ وإن كان الساكن ياء إضافة في لغة من سكنها حذفت الياء، كما حذفت في

الندبة؛ فتقول في: قام غلامي: أغلاماه على قول من لا يلحق إن، ومن ألحق قال: أغلامي إنيه. وإن كان الساكن تنوينًا، كانت العلامة ياء ساكنة يكسر لها التنوين فتقول في قام زيد: أزيدنيه، وفي أرأيت زيدًا: أزيدنيه، وفي مررت بزيد: أزيدنيه؛ فإن كان آخر الاسم قد حذف لأجل التنوين نحو: رام وعصا؛ فالقياس: أن يكسر التنوين؛ فيعود المحذوف لزوال موجب حذفه، وهو التقاء الساكنين فتقول: أعصانيه، وأرامينيه. وقد يقال: حكمه حكم زيد إبقاء للحكاية فتقول: أعصنيه وأرامنيه، ويجوز أن تزيد (إن) في آخر الكلمة؛ فإن كان آخره غير تنوين زدت (إن) من غير تغيير، ولحقت النون العلامة وهي ساكنة: فيلتقي ساكنان فتكسر نون (إن) لالتقائهما، فيلزم أن تكون العلامة ياء، كما كانت في المنون الذي لم يزد بعده (إن) فتقول: أأحمدنيه. وإن كان تنوينًا؛ فثلاثة أوجه أحدها: إقرار التنوين ساكنًا، وتحقيق همزة (إن) فتقول: أزيدإنيه. والثاني: إدغام التنوين في نون (إن) بعد حذف الهمزة فتقول: أزيدنيه، وزعم ابن هشام، وابن أبي الربيع: أن الهمزة حذفت من (إن) ابتداءً، وأدغم التنوين في (إن)، وأقول: إنه نقلت حركة الهمزة إلى التنوين بعد حذفها فصار أزيدنيه، فأدغم النون التي هي للتنوين في نون (إن) كما قالوا في قوله تعالى: [لكنا هو الله ربي] أصله لكن أنا هو الله ربي، فعمل فيه ذلك وأدغم، وقيل ما حكاه أبو زيد من قولهم: أزيدنيه بتشديد النون لم يرد (إن) آخر الكلمة، وإنما ثقل التنوين على حد من وقف على الحرف بالتشديد نحو: سبسبا. والثالث: نقل حركة الهمزة إلى التنوين بعد حذفها، فصار أزيدننيه بالفك من غير إدغام، وقد تدخل (إن) على ما يصح به المعنى، وإن لم يحك، ومن ذلك

قول بعض العرب، وقد قيل له: أتخرج إن أخصبت البادية؟ فقال: أأنإنيه لما خاطبه، فقال: أتخرج وفيه ضمير المخاطب مستكنًا فلا يبرز، فتلحقه (إن) أدخلها على أنا، ولم يحك كلام السائل، وصح به المعنى، والإنكار الذي أراده، وحكى الجرمي: أجلستاه في جلست رجع إلى الخطاب، كما رجع أأنإنيه إلى المتكلم، قال: وأجلستوه حين حكى حالة اللفظ، وقال سيبويه ومن قال: أذهبتوه قال أأناه يريد أنه تدخل المدة على أنا، وتأويل أبي على القالي على أنه حذف الألف الأولى خطأ بين؛ إذ ألف (أنا) لا تثبت في الوقف، ومن قال: أذهبتوه حكى فيه كلام المتكلم وهو في مثل هذا قليل وقياسه أن يقول: أأنت إنيه؟ لأن الضمير في ذهبت لا ينفصل وكان يكون كقولهم: أأنا إنيه حيث كان الضمير في يخرج لا ينفصل، وعلى هذا تقول في ضربته: أأناهوه، وفي ضربتها أأنا إياها إنيه ولا تقول: أهواه ولا أهياه. والخلاف الذي في الاسم بعد (من) على قول من يحكي أهو معرب أو لا، جار أيضًا هنا، ومن قال: هو معرب، ولزم الإتيان بالجر فيلزم هنا أيضًا فيقول في: مررت بزيدك أبزيدنيه، وتلحق العلامة آخر الصفة، وآخر المعطوف فتقول في قام زيد الفاضل، وقام زيد وعمرو: أزيد الفاضلوه، وأزيد وعمرنيه، وفي ضرب زيد العاقل عمرا الخبيث: ضرب زيد العاقل عمرًا الخبيثاه. والإنكار في القول، وفي أجزائه الضرورية من الاسم والفعل دون الحرف؛ إذ هو إنما يكون في الخبر نفسه، أو في نسبه جزء ما إلى غيره.

قيل ولا يبعد أن يكون في الحروف المفيدة معنى نحو: قام زيد ثم عمرو، وإذا أنكرت عليه المهلة، فالقياس يقتضي أن تقول: أثماه فيه نظر. وإذا فصلت بين الهمزة وبين ما تريد أن تلحقه علامة الإنكار بنحو: أتقول أو بالظرف نحو: اليوم، فتقول لمن قال: قام أحمد أتقول أحمدًا، أو اليوم أحمد؟ لم تلحقه العلامة، فلو صرحت بالعامل في الذي تريد أن تلحقه العلامة جاز لحاقها؛ فتقول: لمن قال: ضربت زيدًا: أضربت زيدنيه، وزعم ابن الطراوة أن حرف الإنكار ما صرح معه بالعامل، وإذا قلت: ضربت زيدًا لم تقل إلا أزيدنيه، ولا يجوز: أضربت زيدنيه، إنما تقول أضربت زيدا، وقد نص سيبويه على جواز: أضربت عمراه، ولم يعتد بالعمل في عمرو فصلاً، وإذا فصلت، أو استفهمت غير منكر، أو متعجب، لم تلحق هذه العلامة، والهاء التي بعد العلامة هاء السكت. التذكار قطع اللفظ عن تمام المقصود منه بسبب عدم ذكر تمامه في الحال، فيعرض للمتكلم توقف في بعض أجزائه، فجعلوا علمًا له في آخر الكلمة، ليتذكر عندها ما بعدها، ولا يقصد الوقف، فإن قصد لم تلحق العلامة ووقف عليه على ما أحكم في باب الوقف، ثم ما نقف عليه للتذكار إن كان متحركًا، كانت العلامة مدة تجانس الحركات نحو: قالا، ويقولوا، والعامي، ومنا في من ابنك، ومنى في من الرجل في لغة من فتح نون (من) مع ابن، وكسرها مع (أل). وإن كان ساكنًا حرف مد ولين مكن مده واستغنى بذلك عن إلحاق العلامة،

وقيل تأتي بمدة التذكار فينحذف ما هو من نفس الكلمة؛ إذ حرف التذكار دخل لمعنى، أو حرف لين صحيحًا، فالعلامة ياء ساكنة تقول: هذا سيفنى، وقدى، وألى، واخشى، واسعوى، وكيى، ولوى في سيف، وقد، وأل، واخشى، واسعوا، وكي، ولو، ولا تلي هذه العلامة هاء السكت.

باب الإدغام من كلمتين

باب الإدغام من كلمتين إن تحرك المثلان غير همزتين، جاز الإظهار: وهو لغة الحجاز، والإدغام ما لم يل ساكنًا غير لين أو لينًا مدغمًا وفي هذا صور: إحداها: أن يكون ما قبل الأول متحركًا، وما بعد المثل الثاني متحركًا نحو: جعل لك، وولى يزيد، وقضو ودود. الثانية: أن يكون ما مقبل المثل الأول متحركًا وما بعد الثاني ساكنًا نحو: يرد داود، وولى ياسين، وقضوا واقد. الثالثة: أن يكون ما قبل المثل الأول ساكنًا وما بعد الثاني ساكنًا نحو: قام مالك، وآي ياسين، وواواقد. الرابعة: أن يكون ما قبل المثل الأول ساكنًا، وما بعد الثاني متحركًا نحو: قال له، وآي يزيد، وواو ودود. فإن كانا همزتين نحو: قرأ أبوك، فالإدغام لغة رديئة وإن ولى ساكنًا غير

لين فقالوا: لا يجوز الإدغام، وجاءت حروف قرأها أبو عمرو بالإدغام نحو: [الرعب بما]، و [البحر رهوا]، [وهو واقع] قال سيبويه: إن شئت أخفيت وكان بزنته متحركًا فأما قوله تعالى: [فنعما هي] فقال سيبويه: فالإدغام على لغة من يقول: نعم بكسر العين وهي لغة هذيل لا على لغة من قال: نعم بسكون العين، فالإدغام فيه من باب ما قبل المثل الأول متحرك، وقد أجاز الفراء: الإدغام إذا كان قبله ساكن صحيح على وجهين أحدهما: الجمع بين ساكنين كما روى عن أبي عمرو، والفراء، والثاني إلقاء الحركة من الأول على الساكن قبله فتقول في مثل [البحر رهوا] بنقل حركة الراء إلى الحاء، فيسكن الراء ويدغمها في الراء. وفي كتاب التعريف لأبي العلاء المعري: الإدغام في مثل: [شهر رمضان] مما قبل الحرف الأول حرف ساكن صحيح لا يجوز عند البصريين، وأجازه الكوفيون وقال قوم: إن العرب إذا أدغمت مثل هذا نقلت إلى الحرف الساكن حركة الحرف المدغم مختلسه فتقول: شهر رمضان، انتهى.

فلو كان ساكنًا لينًا نحو: ثوب بكر، وجيب بكر جاز الإدغام، قال سيبويه: البيان في ثوب بكر أحسن منه في الألف انتهى، ومع جواز الإدغام فليس هو في جيب بكر، كهو في طيب بكر، ولا في المال لك. وإذا كان مدغمًا نحو: عدو واقد، وولى يزيد، وعز زهير، فلا يجوز الإدغام، وشذ قراءة من قرأ [مس سقر] بالإدغام، فإن سكن الأول وجب الإدغام نحو: اضرب بكرا، واخشى ياسرا، واخشوا واقدا، فإن كان حرف مد ولين نحو: يغزو واقد، ويرمي يزيد، فلا إدغام، فأما: [مالية هلك] ونحوه من هاء السكت فمنهم من أدغم، ومنهم من أظهر.

فصل

فصل المتقاربان إن تحرك ما قبل الأول، أو سكن لينًا صير مثل الثاني، وأدغم جوازًا نحو: اصحب مطرًا، وباب مطر، فإن سكن غير لين فلا يدغم: حرب مالك وقد أدغم الفراء من غير السين نحو: [والحرث ذلك] وكذا إن كان همزة نحو: قرأ هارون، أو ضادًا نحو: نهض طالب، وروى عن أبي عمرو: إدغامها في الذال نحو: [الأرض ذلولا] وفي الشين نحو: [لبعض شأنهم]، أو فاء نحو: خسف بزيد، وقد قرأ الكسائي [نخسف بهم] بالإدغام، وهو مما انفرد به، أو ميمًا ومقاربها الباء نحو: [بأعلم بالشاكرين]، والفاء نحو: علم فائد، والواو نحو: علم واقد أو صفيريا قبل غير صفيرى، وقد روى عن أبي عمرو إدغام: [الرأس شيبا] وقد روى عن أبي عمرو إدغام: [الرأس شيبا] وقد روى عن أبي عمرو إدغام [إلى ذي العرش سبيلا]

فأما إدغام اللام في الراء نحو: [ليغفر لك الله]، [فأصبر لحكم ربك] فذهب الخليل، وسيبويه، وجمهور البصريين إلى أنه لا يجوز، وأجاز ذلك أبو عمرو وقرأبه رواية وسماعًا، ويعقوب، وأجازه الكسائي، والفراء وأبو جعفر الرؤاسي، وحكوه عن العرب. وتدغم الباء في الفاء والميم نحو: اضرب فاجرًا، واصحب مطرًا، والهاء في الحاء نحو: اجبة حاتمًا والبيان أحسن، والحاء في الهاء إلا أنه تصير الهاء حاء فتقول: في امدح هلالاً: امدح حلالاً، وقال سيبويه: لا تدغم الحاء في الهاء، ولا تدغم الهاء في العين، ولا العين في الهاء، فلو اجتمعا قلبا حاءين تقول في: اجبة عتبة واقطع هلالاً: اجبح حتبة، واقطح حلالاً، وقالت العرب من بني تميم: محم، ومحاؤلاء يريدون معهم، ومع هؤلاء.

وتدغم الجيم في السين، والتاء نحو: [أخرج شطئه] وقراءة أبي عمرو [ذي المعارج تعرج]، ولم يذكر سيبويه إدغام الجيم في التاء، وإنما ذكر في الشين، وتأول بعضهم قراءة أبي عمرو على أنه إخفاء، وذكر صاحب الكتاب أن الشين تدغم في الجيم نحو: اعطش جحدري، وتدغم الطاء والدال والتاء والظاء والثاء والذال في الجيم والضاد والسين نحو: جعفر، وضمرة، وسالم بعد اضبط، وابعد واسكت وعظ وخذ ولبث، ولم يحفظ سيبويه إدغام هذه الستة في الجيم، ولكن ذكر ذلك أبو سعيد وغيره، وبعض العرب يبقى الإطباق في الطاء والظاء وهو الأولى، وبعضهم يذهبه، وإذهابه مع الدال أقوى منه مع التاء، قال سيبويه: كل عربي يعني إبقاء الإطباق وتركه، ولا يظهر من كلامه الأولوية في إبقاء الإطباق.

فصل

فصل وقع التكافؤ بين الحاء والعين، فأدغمت الحاء في العين، كقراءة أبي عمرو [فمن زحزح عن النار]، [فلا جناح عليهما]، و [المسيح عيسى] قال أبو عمرو: ومن العرب من يدغم الحاء في العين، ومنع سيبويه، وأبو علي من إدغام الحاء في العين، وتأول بعضهم الإدغام على أن المراد به الإخفاء ويجوز أن تقلب العين إلى الحاء، فتقول: في امدح عرفة: امدح حرفة. وأدغمت العين في الحاء نحو: (اقطع حبلك) قال سيبويه: الإدغام والبيان حسنان، وأما إدغام العين والحاء في الغين والخاء، فمذهب سيبويه والجمهور أنه لا يجوز، ولا يجوز في نحو: امدح غالبًا، وامدح خلفًا، واسمع غالبًا، واسمع خلفًا إلا الإظهار، وذهب بعض النحويين إلى جواز ذلك، وزعم أنه مستقيم في اللغة معروف جائز في القياس.

وروى عن أبي عمرو إدغام العين في الغين في قوله تعالى: [واسمع غير مسمع] [ويتبع غير سبيل المؤمنين]. وبين الخاء والغين نحو: اسلخ غنمك وادمغ خلفًا، البيان. والإدغام حسنان، وقال سيبويه: البيان في اسلخ غنمك أحسن، ومن الغريب إدغام الغين في القاف روى ذلك عن أبي عمرو في قوله تعالى: [لا تزغ قلوبنا]، وبين القاف والكاف نحو: الحق كلدة وامسك قطنا. قال أبو العباس: الإدغام أحسن، وقال غيره: البيان في الكاف عند القاف أحسن من إدغام الكاف فيها.

وبين الصفيرية نحو: سالم، وزاهد، وصابر، بعد فحص، وأوجز وحبس، قيل والإدغام فيهن أحسن من الإظهار، وإبقاء إطباق الصاد أحسن من إذهابه، وإذهابه من الصاد مع السين أحسن من إذهابه فيها مع الزاي، وروى إدغام السين في الشين في قوله تعالى: [الرأس شيبا]. وبين الطاء، والدال، والتاء، والظاء، والذال، والثاء، فيدغم كل واحد منهن في الخمسة نحو: دارم، وتميم، وظالم، وذنب، وثابت بعد اربط، ونحو: طالب والأربعة بعد أبعد، أو بعد اسكت ونحو: طالب والأربعة بعد عظ، وانبذ، وابعث. وتبين الثلاث الأول قبل الثلاث التي تليها أحسن من تبينها إذا وقع بعضها قبل بعض. وتدغم الستة في الصفيرية نحو: صابر، وزاهد، وسالم، بعد ضبط، وبعد، ونعت، ووعظ، ونبذ، وبعث.

وتدغم اللام في التسعة، وفي الضاد، والشين، والراء، فإن كانت اللام للتعريف أو للمح الصفة أو زائد نحو: الدهقان، والصعق، والزيد، وجب الإدغام على ما حفظه البصريون، وقال الكسائي: سمعت العرب تظهر لام التعريف عند هذه الحروف إلا عند اللام، والراء، والنون، فتقول: الصامت. وإن كان اللام لغير ما ذكر جاز الإدغام، ويقوى الإدغام في الراء نحو: هل رأيت، قال سيبويه: والإظهار لغة لأهل الحجاز عربية انتهى. وكذلك معظم القراء قرءوا ما وقع من ذلك بالإدغام، ويضعف الإدغام في النون نحو: [هل ندلكم] ولذلك أجمع القراء الستة غير الكسائي على الإدغام ومثال ذلك: طبع، وطنا، وتلفن وظلم، وذهب، وثبت، وصبر، وسمع، وزبن، وضرب، وشهد، ونأى، ورنى بعد (بل). وقال سيبويه: «والإدغام مع الشين والصاد أضعف» وتقدم لنا أنه إذا كان ما قبل المثل ساكنًا، وكان مما لا يجوز الإدغام فيه: أن الفراء يجيز الإدغام فيه بأحد طريقين وكذا قال في المتقاربين، وأجاز في مثل: عبد شمس إدغام الدال في الشين والبصريون لا يجيزون ذلك، وأولوا ما أوهم ذلك.

والنون الساكنة تظهر عند حرف الحلق من كلمة، ومن كلمتين، وذكر سيبويه عن قوم من العرب إخفاءها عند الغين والخاء، وقال أبو بكر بن نبت العروق: الإظهار متفاضل فأشده وأسرعه وأمكنه عند الهمزة ثم الحاء ثم العين، وأضعفه عند الخاء والغين. وتقلب ميمًا عند الباء، وبعضهم يعبر بالإبدال، قيل: وهو إجماع من العرب، وزعم القراء: أن النون عند الباء مخفاة كما تخفى عند غيرها من حروف الفم، ويؤول قوله على أنه سمى البدل إخفاء، وقد أخذ بظاهر عبارته قوم. وتدغم في الراء واللام بغنة وبغير غنة، وقال أبو سعيد: الأجود إبقاء

صوت الغنة، ودعوى أبي العباس أحمد بن عمار المهدوي الإجماع على ذهاب الغنة منها عندهما باطلة، وتدغم في الميم بغنة، واختلفوا في الغنة فقيل هي الميم المبدلة من النون المدغمة في الميم، وهو مذهب المحققين واختيار ابن الباذش، وقيل هي النون وهو مذهب ابن كيسان، وابن المنادي وابن مجاهد في أحد قوليه، واختيار مكي بن أبي طالب. وتدغم في الواو والياء بغنة، وبغير غنة فيما هو من كلمتين، فأما في كلمة تلبس بالمضاعف، فالإظهار نحو: زنماء، وصنوان، وبنيان؛ فإذا أبقيت الغنة عند الواو، والياء، فذهب عبد الباقي بن الحسن صاحب السيرافي، وأبو الحسن علي بن بشر الأنطاكي صاحب الزجاجي إلى أن ذلك إخفاء وليس بإدغام وهو

قول الحذاق، والأكثر من أهل الأداء، واختاره عثمان الصيرفي، وذهب محققو النحاة إلى أنه إدغام صحيح وإليه ذهب مكي، وابن شريح، وابن الباذش. وتخفى مع باقي الحروف وهي خمسة عشر حرفًا، والإخفاء حال بين الإظهار، والإدغام، ويزيد الإخفاء فيما قرب من تلك الحروف إلى النون وينقص فيما بعد منها، ومن القراء من يفرط في التمكين، وأنكره أبو القاسم بن النخاس، ومنهم من يقتصد وقد عقد بعض أصحابنا بابًا فيما أدغمت القراء مما لا يجوز عند البصريين وهو مخالف لأقيستهم ورواياتهم. والذي نذهب إليه أن ما صحت الرواية به من إثبات القراء وجب المصير إليه، وإن خالف أقوال البصريين ورواياتهم، وقد استقرى هذا اللسان البصريون والكوفيون، فوجب المصير إلى ما استقروه، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ. ومن ذلك إدغام الحاء في العين، والهاء في الهاء وبينهما فاصل، والجيم

في التاء، والباء في الباء نحو: [الرعب بما]، والميم في الباء نحو: [مريم بهتانا]، والشين في السين نحو: [إلى ذي العرش سبيلا] وعكسه: [الرأس شيبا]، والنون في اللام نحو: [ونحن له] والياء في الياء نحو: [ومن خزي يومئذ]، والضاد في الشين نحو: [لبعض شأنهم] وفي الذال [الأرض ذلولا]، والراء في الراء نحو: [شهر رمضان]، والثاء في الذال نحو: [والحرث ذلك]، وفي السين: [الحديث سنتدرجهم] وفي الشين: [ثلاث شعب] وفي الثاء [الحديث تعجبون] وفي الضاد: [حديث ضيف] وتاء المضارعة فيما

بعدها وقبلها متحرك نحو: [فتفرق]، والفاء في الباء نحو: [نخسف بهم]، والذال في الجيم: [وإذ جعلنا]، وغير ذلك مما ذكروه.

باب التقاء الساكنين

باب التقاء الساكنين لا يلتقيان في وصل محض إلا وأولهما حرف لين، وثانيهما مدغم متصل لفظًا نحو: الضالين، وتمود، وتظلميني، أو حكمًا نحو: اضربن واضربن، وربما فر من التقائهما بجعل الألف همزة في نحو [ولا الضآلين] وهو لغة في تميم، وعكل، يقرأ الأعرابي منهم، وقيل لامرأة منهم: ما أذهب أسنانك؟ فقالت أكل الحار، وشرب القأر، ولا ضرورة. فإن كان الأول حرف مد، والثاني غير مدم، وذلك من كلمتين حذف نحو: يرمي القوم، ويغزو الناس، ويخشى الغلام، وإن كان مدغمًا، فحكى أبو بكر فيه الوجهين الحذف والإثبات نحو: إي الله لقد قام فلان وها الله لأقومن، وغلامي الشجاع جاء، والمشهور الحذف. وإن كان الأول تنوينًا، والثاني بابن، أو ابنة صفة بين علمين حذف

باتفاق وبين متفقين لفظًا غير علمين باختلاف نحو: جاء زيد بن عمرو، وضل بن ضل، وقال ابن زيدان: زيد بن عمرو فيه لغتان: التميمي يثبت التنوين في الأول، والألف في الثاني، والحجازي يحذف كليهما. وفي النهاية: جاء زيد بن عمرو، وحذف التنوين عند سيبويه هو لكثرة الاستعمال، ولالتقاء الساكنين، فثبت التنوين في نحو: مررت بهند بنت علي، وعلى مذهب من صرف؛ لأنه فقد إحدى العلتين، وثبت عند غير سيبويه من علل الحذف لالتقاء الساكنين؛ إذ قد فقدت العلة، وحذف عند غيرهما، مما علل بكثرة الاستعمال، لوجود هذه العلة، وحركة الدال من قام زيد بن عمرو حركة إعراب على مذهب الأكثرين وهي عند أبي سعيد حركة بناء، واعتمد في ذلك على حذف التنوين انتهى. أو النون الخفيفة والثاني: ساكن مدغم أو غير مدغم حذف التنوين والنون نحو: اضربا الغلام، واضربا الرجل، وإن كان نون لدن، والثاني لام التعريف، فالكثير حذفها نحو: من لد الصباح، وقل إقرارها وكسرها وإن

كان غير ذلك حرك الأول بالكسر نحو: اضرب الغلام، وحينئذ، وإيه، ومه. والثاني: إن كان آخر كلمة نحو: أين، وأمس، وحيث، وإن كان الأول تنوينًا في غير ما ذكر كسر نحو: زيد الظريف جاء. فإن كان بعد الساكن مضمومًا لازمًا، فمن العرب من يكسر، ومنهم من يضم التنوين اتباعًا نحو: هذا زيد اخرج إليه وهذا بكر الغمر إلا إن كانت الضمة عارضة، فتكسر نحو: هذا زيد ابنك، وهذا زيد ابنمك. وقد يطرد حذف التنوين لالتقاء الساكنين في الندبة في مثل: معلى باتفاق، وفي نحو: واغلام زيداه على مذهب البصريين وقل في غير ذلك، كقراءة من قرأ [الله أحد] وزعم الجرمي: أن حذف التنوين لالتقاء الساكنين مطلقًا لغة.

فأما: «التقت حلقتا البطان» بإثبات الألف فنادر عند البصريين لا يقاس عليه، وجائز عند الكوفيين وقاسوا عليه. وإذا دخلت همزة الاستفهام على ما فيه لام التعريف، وأبدلت همزة الوصل ألفًا ثبتت، وقد ثبت الممدود قبل المدغم المنفصل، وتقدم قول أبي بكر في ذلك، ومنه [عنه تلهى]، [لا تناصرون]، وقبل الساكن العارض تحريكه نحو: يغزو لحمر، ورمات المرأة، الأصل يغزو الأحمر، ورمت المرأة، وقال الجمهور: وأصل ما حرك منهما الكسر، قيل: ويحتمل أن يكون الأصل الفتح، قيل أو يقال: لا أصل في التقائهما لحركة، بل يقتضي وجوده التحريك، وتعيين الحركة يكون لوجوه تخص.

والتفريع على قول الجمهور فلا يعدل عن الكسر إلا تخفيفًا نحو: أين وكيف، و [الم الله] وقراءة من قرأ: [مريبا الذي] بفتح الباء، وقرأ أبو جعفر الرؤاسي: [الم ألله] بسكون الميم وقطع الهمزة. وقال أبو الحسن الكسر هنا جائز. وقال سيبويه: أما (الم) فلا يكسر، وحكى أبو بكر: أن بعض العرب يقول: أدخل الدار، وارقد اليوم، واقعد الآن يعني باتباع حركة آخر الفعل للضمة قبلها، قال: وهو رديء لأنه ملتبس بخطاب جمع المذكر، وحكى عن قوم أنهم قالوا: يجوز الاتباع في المفتوح نحو: اصنع الخير، وقالوا نجيزه، وإن لم نسمعه، وحكى عن قطرب: [قم الليل]، واضرب الرجل يعني بالفتح مطردًا فيما ثانيه لام التعريف وكل هذا خارج عما جاء به الجمهور. أو جبرًا نحو: قبل وبعد، أو اتباعًا نحو: منذ أو ردًا

للأصل نحو مذ اليوم، أو تجنبًا للبس نحو: التاء والكاف في الخطاب نحو: أنت وأنت وذلك وذاك، وفي نحو: اضربن، واضربن، ولا تضربن ولا تضربن أو حملاً على النظير نحو: نحن حملت على همو، فالضمة كالواو، أو إيثارًا للتجانس نحو أسحار علمًا مرخمًا. وتفتح نون (من) مع اللام نحو: من الغلام، ومن اليزيد، وكثر حذفها مع اللام غير المدغمة نحو: ملقوم بحيث لا يكاد ينحصر، وذلك من كثرة ما ورد، ويجوز عندي في سعة الكلام، وليس بقليل، ولا مخصوصًا بالضرورة، خلافًا لزاعميهما، وشذ حذفها، وبعدها اللام المدغمة في النون، لكنه لما حذفت أظهرت اللام قال المؤرج التغلبي: المطعمين لدى الشتا … ء سدائفًا ملنيب غرا

وقد تكسر نون (من) مع اللام نحو: من الغلام، وهي لغة نجرانية؛ فإن لقيت ساكنًا غير اللام كسرت نحو: من ابنك، ومن انطلاقك، وقد تفتح فتقول: من ابنك، ونون (عن) مكسورة مع اللام، ومع غيرها نحو عن القوم، وعن ابنك، وحكى الأخفش، ضمها مع اللام نحو: عن القوم، وتكسر (نون) لكن قبل ألف الوصل نحو: ولكن الناس، ولكن ابنك، وجاء حذفها؛ إذ ذاك في الشعر قال العبدي: لاك الشقاء ولاك الحين ساقهما … من حيث كانا إلى تلك المقادير وتضم (واو) الجمع المفتوح ما قبلها نحو: اخشوا القوم، وقد تكسر نحو: اخشوا القوم، وعلى القياس هذا تكسر في نحو: اخشون، ولم يحكه سيبويه

وقال أبو عمرو: وقد كسروا (واو) الجمع فيها قوم، وهم قليل قالوا: اخشون وقد تفتح مع اللام قرئ [اشتروا الضلالة] بفتح الواو حكاه أبو الحسن، وقطرب؛ فإن كانت لغير الجمع جاز فيها الضم نحو: [لو استطعنا]. وإذا خففت همزة أقرئ، ولم يقرئ وشبهها، وجاء بعدها ساكن، فقال أبو علي: الوجه أن تكسر لالتقائهما، ولا تحذف فإن قلت: اقرأ ولم يقرأ حذفتها لالتقاء الساكنين، وقال بعض أصحابنا: القياس عندي أن ترد همزة ثم تسهل على حال ما يسهل أمثالها، فتجعل بين بين، ويقع الساكن بعدها، لأنها في تقدير حرف محرك، وكذلك في الجمع تجعلها بين الهمزة والواو والياء، وفي «يقرى» ياء محضة، وبين الهمزة والواو في قول الخليل وسيبويه، ويحرك في القولين، لالتقاء الساكنين، انتهى. وتحذف نون (لكن) ضرورة. الفعل المضاعف اللام الساكنها للجزم، أو للوقف، وليس أفعل في التعجب يظهرها أهل الحجاز، ويفكون، وبه نزل أكثر القرآن نحو: قوله تعالى: [ولا تمنن تستكثر]، [ولا تشطط]، [واغضض من صوتك]،

و [استفزز]، إلا إن اتصلت به ألف اثنين أو واو جمع، أو تاء مؤنث، أو نون توكيد، فيدغم كغيرهم من العرب فتقول: ردا، وردوا، وردى، وردن، وتدغمه تميم وقيس وأسد، وقال سيبويه: لما ذكر بني تميم وهو قول غيرهم من العرب، وهو كثير وعليه جاء [ومن يشاق الله]، وقراءة [من يرتد]. ومن صور الوقف ما لا تدغمه تميم نحو: ارددن، ولم يرددن، وإن كان (أفعل) للتعجب، فالعرب مجمعون على الفك نحو: أشدد بحمرة زيد، وأقلل به. و (هلم) عند بني تميم خاصة فعل ملتزم فيه الفتح، وحكى الجرمي فيه الفتح والكسر عن بعض بني تميم، ويفتح إن اتصل بها ضمير غائب نحو: هلمه، أو غائبة نحو: هلمها، أو ساكن نحو: هلم الرجل، وتكسر لضمير المؤنثة نحو: هلمى، وتضم لواو جمع نحو: هلموا؛ فإن اتصل بها نون الإناث، فسيأتي الخلاف في ذلك عند الكلام على هلم في أسماء الأفعال، ولغة غير تميم من أهل الحجاز وغيرهم أنها اسم فعل، وأما غير (هلم) في لغة تميم، ومن وافقهم؛ فإن اتصل بها ضمير غائبة فتح نحو: ردها ولم يردها، وبرها، ولم يبرها، وأقرها ولم يقرها، أو ضمير غائب نحو: رده، ولم يرده، وحكى الكوفيون: ردها بالضم والكسر، ورده بالفتح والكسر، وذلك في المضموم الفاء، وقال أبو عمر: قد تركه قوم على ما كان عليه قبل أن تلحقها الهاء المفتوحة والمضمومة، ولم يغيروا فيقولون: ردها ورده، ولا يغيرون عما بني عليه.

فإن كان قبل ساكن كسر نحو: رد الرجل، ورد ابنك، قال ابن كيسان: لغة قيس وتميم (رد القوم) بالكسر، قال أبو علي: ومنهم من يفتح مع الألف واللام فيقولون: فغض الطرف وقال سيبويه: الأفصح والأكثر الكسر، وأما مع الألف واللام فقال سيبويه: منهم من يدغمه على حاله مفتوحًا، وحكى الضم ابن جني وهو قليل. فإن لم يتصل بهاء الغائبة، وهاء الغائب، ولا بالساكن فتح نحو: رد، وفر، وعض وهي غلة أسد وناس غيرهم، أو كسر نحو: رد، وفر وعض وهي لغة كعب، ونمير. فأما [لا تضار]، ولم تضار ونحوه، فلم يحك فيه إلا الفتح، وأجاز الفراء: الكسر قياسًا، ولم يحكه لغة، أو اتبع لحركة الفاء نحو: فر، ورد، وعض وهذا أكثر في كلامهم، ولا تأتي إذا ذك بهمزة الوصل. وحكى الكسائي سماعًا عن عبد القيس الإثبات بها يقولون: ارد، وافر، واعض وقال بعض أصحابنا في ضبط لغات من أدغم ما ملخصه:

«وأما غير الحجازيين من العرب، فتدغم، وتفتح إن اتصل به ألف نحو: ردا، وتضم عند الواو نحو: ردوا، وتكسر عند الياء نحو: ردى، فإن لم يتصل به شيء من هذا، فمنهم من يتبع حركته حركة ما قبله مطلقًا نحو: رد، وفر وعض، إلا إن اتصلت به هاء للمؤنث فيفتح نحو: ردها، وفرها، وعضها، أو هاء المذكر فيضم نحو: رده، وفره، وعضه، أو يكون بعده ساكن من كلمة أخرى فيكسر، ومنهم من يفتح مطلقًا إلا الساكن فيكسر نحو: رد القوم، وفاتح مطلقًا إن كان بعده ساكنًا أو لا، وكاسر مطلقًا، ولغة أناس من بكر بن وائل، إلا أن يفكوا قبل تاء الضمير في نحو: رددت، ورددت وفروعهما، وفي «ناء» ضمير الرفع، ونون الإناث، نحو: رددنا، ورددن، ويقولون: ردت، وردت، وردنا زيدًا، وردن عمرًا، وحكى الفراء: أن من أهل هذه اللغة من يزيد قبل التاء ألفًا فيقولون: ردات ومرات، وقال الخليل: وقد ذكر هذه اللغة عن ناس من بكر بن وائل، وهذا لا ينبغي أن يؤخذ به، قال أبو الفتح: قياس قول من قال: مرت أن يقول: يمرون وكونهم لم يطردوا القياس فيه دليل على شذوذه»، انتهى. فأما ما شذت في فكه العرب، ولم تدغمه من المضاعف، وذلك: لححت العين، وصكك الفرس، وقطط الشعر، وألل السقاء، وضبب المكان، ودبب الإنسان، ومششت الدابة، وعززت الناقة فلا يدغم إذا اتصلت بها التاء والنون لا بكر بن وائل ولا غيرهم بل يقول: ضببت المكان والأمكنة ضبين. وأما حذف أحد المثلين عند اتصال التاء والنون بالفعل فجاء في ألفاظ، وهي أحست، ومست، وظلت، الأصل أحسست، ومسست، وظللت، ونقل

الفراء، وابن الأنباري همت والأصل: هممت، وحمل ذلك سيبويه وغيره على الشذوذ، وأنه لا ينقاس فيما أشبه هذه الأفعال، وزعم الفراء أن ذلك قياس مستمر في ردت ومرت يريد: رددت ومررت، وزعم ابن مالك أن ذلك لغة مطردة لبني سليم وكرره في كتابه التسهيل، ولا نعلم ذلك إلا من جهته.

باب الهمزة التي تكون آخر الكلمة

باب الهمزة التي تكون آخر الكلمة إذا لقيت أخرى فالمحققون للهمزة الواحدة يخففون إحداهما الأولى وهو اختيار أبي عمرو وهو أقيس، أو الثانية، وهو اختيار الخليل على قياس تخفيفها منفردة، ويحققون الأخرى نحو: [جاء أشراطها] يجعلون الأولى بينها وبين الألف. والمخففون للهمزة الواحدة وهم أهل الحجاز يخففون على قياس تخفيف كل واحدة منهما إذا كانت منفردة فنحو: أقرئ أباك السلام، يبدلون الأولى، ويحذفون الثانية بعد نقل حركتها إلى الياء فيقولون: أقرى باك، ويقولون في يقرأ أبوك إذا سهلت الأولى على قول من سهل الأولى: يقرا أبوك بجعل الأولى بين الهمزة والواو، ويقولون في قول من سهل الثانية: يقرأ وبوك تبدل من الثانية واوًا. وإذا اجتمعا في كلمتين فيكونا مفتوحتين نحو: [جاء أجلهم] ومضمومتين نحو: [أولياء أولئك]، ومكسورتين نحو: [هؤلاء إن

كنتم صادقين] فإذا سهلت الثانية كانت بين بين، ومن القراء من يبدلها ألفًا وواوًا وياءً على حسب الحركة، والقياس بين بين، كما ذكر سيبويه، قال أصحابنا: وقد سمع التحقيق فيهما، وهو من الشذوذ والقلة بحيث لا يقاس عليه، انتهى. وليس كذلك، وقد قرأ بالتحقيق فيهما الكوفيون، وابن عامر من السبعة، وليس بشاذ. فأما همزة الاستفهام إذا جاءت بعدها همزة؛ فإن كانت همزة وصل فذكر سيبويه أنها تخفف بين بين، وذكر أصحابنا أنها تخفف بالبدل؛ فإن كان بعدها همزة قطع نحو: أأنت، أإذا، أألقى سهلت بين بين، وجاز أن تدخل بينهما ألفًا فتقول: آأنت، آإذا، آألقى، ومنهم من يبدلها حرفًا من جنس

حركتها فيقول: أانت، إيذا، أو لقى، ويجوز أن تدخل بينهما ألفًا، وقد حكى عنهم التحقيق في ذلك، بشرط أن يفصل بينهما بألف نحو: أاأنت، أاإذا، أاألقى نحو قوله: ............. … تفكر آإياه يعنون أم قردا وهو أحسن من الجمع بينهما بغير فصل. وإن اختلفت الحركة في الهمزتين من غير همزة الاستفهام، فتكون مضمومة ومفتوحة نحو: [السفهاء ألا]، أو مضمومة ومكسورة نحو: [يشاء إلى]، ومفتوحة ومكسورة نحو: [شهدآء إذ]، ومفتوحة ومضمومة نحو: [جآء أمة]، ومكسورة ومفتوحة نحو: [من الشهداء أن]، ومكسورة، ومضمومة [من السماء أنزل] فإذا سهلت الثانية أبدلتها واوًا في نحو: [السفهاء ألا] وياء في نحو: [من الشهداءين] كما سهلوا جؤنًا:

جونا، ومئرًا: ميرا، ولا يسهلان بين بين، وباقي الأضرب مذهب الخليل وسيبويه، أنها تسهل بينها وبين الحرف الذي فيه حركتها، وعلى ذلك من القراء ممن يضبط العربية. فأما إبدالها واوًا لحركة ما قبلها في نحو: [يشاء إلى]، فليس بمذهب لأحد والقراء يعزونه إلى الأخفش، وفي كتاب الجرمي عن الأخفش: أنه يبدلها واوًا في المتصل كسئل ويجعلها بين الهمزة والياء في المنفصل، وروى الكوفيون تحقيق الهمزتين في الأضرب الستة. وإذا كانت الهمزة أول الكلمة وقبلها ساكن صحيح فأهل الحجاز يحذفونها بعد نقل حركتها إليه سواء في ذلك التنوين، ولام التعريف، وميم الجمع الساكنة، وسائر حروف المعجم الصحاح نحو: [حامية آلهاكم] والأرض، ولهم أموال، وممن أجاز نقل حركة الهمزة إلى ميم الجمع الساكنة الزجاج،

وأبو عبد الله بن أبي العافية، وإبراهيم النقاش، وذكر أنها لغة قريش وكنانة، قال أبو الحسن بن الباذش: هذا ذهاب عن الصواب الذي عليه الخليل وسيبويه، وسائر النحويين المتقدمين. ومثال نقل حركتها إلى سائر الحروف الصحاح قد افلح وقد اخرج، ومن ابراهيم، أو ساكن عليل الفاء، فيجعلون الهمزة بينها وبين الحرف الذي منه حركتها يقولون: هذا حمد بينها وبين الألف، هذا أبي بينها وبين الواو، هذا إبراهيم بينها وبين الياء. أو واوًا، أو ياء، فتحذف وتنقل حركتها إليهما نحو: يغزو حمد، ويغزو براهيم، ويغزومه، وقاضى بيك، وقاضى براهيم، وقاضى مه، ومنهم من يقلبها إذا كانت مفتوحة مع الياء ياء ومع الواو واوًا، ويدغم أحد حرفي العلة في الآخر فيقول: أبو يوب، وغلامي بيك، ومنهم من يستثقل بعد النقل الضمة والكسرة في الواو والياء فيحذفها فيقول: يغزودد، ويرم خوانه بحذف ياء يرمى لالتقاء الساكنين، ويغز حمد بحذف الواو أيضًا لالتقائهما وغير أهل الحجاز يحقق الهمزة في جميع ذلك.

باب العلامات التي تلحق الفعل

باب العلامات التي تلحق الفعل دلالة على تأنيث المرفوع به، وعلى تثنيته وجمعه؛ فمن ذلك التاء الساكنة تلحق وجوبًا الماضي المسند إلى المرفوع الذي تأنيثه حقيقي إذا لم يفصل بينهما، ومثناه وجمعه بالألف والتاء نحو: قامت هند، وقامت الهندان، وقامت الهندات، وقولهم: قال فلانة قيل: لغية، وقيل شاذ لا يقاس عليه، وأجازه الأخفش، والرماني، ورده المبرد، وخالف الكوفيون في جمع المؤنث بالألف والتاء، فأجازوا فيه قام الهندات، واختاره أبو علي، فإن فصل بينهما بإلا، لم تلحق التاء فتقول ما قام إلا هند، وما قام إلا الهندات قال الأخفش يقولون ما جاءني إلا امرأة، فيذكرون حملاً على المعنى في أحد، ولا يؤنثون إلا في الشعر، وقال ابن مالك: الأحسن أن لا تلحق التاء، ويجوز أن تلحق. وإن فصل بغير إلا كالفصل بالظرف والجار والمجرور، والمفعول، وما يجوز أن يفصل به، جاز لحاق التاء وهو أحسن وأن لا تلحق: فإن كان المرفوع بالفعل مذكرًا غير مضاف إلى مؤنث، ولا هو مؤنث بالتاء، لم يجز إلحاق التاء نحو: قام زيد، وقام الزيدان، وقام الزيدون. فأما بنون؛ فيجوز في فعله التاء فتقول: قامت البنون، وإن كان مؤنثًا بالتاء نحو: طلحة وعنترة، فالمشهور أن لا تلحق التاء، ويجوز على قلة: قامت عنترة.

وإن كان مضافًا إلى مؤنث فهو أقسام أحدها: أن يكون بعض المؤنث، وهو مؤنث في المعنى كقوله تعالى: [تلتقطه بعض السيارة] في قراءة من قرأ بالتاء، وقطعت بعض أصابعه. الثاني: أن يكون بعض المؤنث، ولا يكون مؤنثًا في المعنى نحو: ............ … شرقت صدر القناة .... و: ............. تواضعت … سور المدينة .........

الثالث: أن يكون ليس مؤنثًا في المعنى، ولا بعض مؤنث، لكنه يشارك القسمين قبله، في أنه يجوز أن يحذف، ويلفظ بالمؤنث، وهو مراد مفهوم نحو: اجتمعت أهل اليمامة، و: ........... تسفهت «أعاليها مر الرياح الرابع: أن يكون مذكرًا وهو كل المؤنث نحو: [ووفيت كل نفس] وقد أطلق النحاة في المؤنث، فالظاهر أنه يجوز سواء كان المؤنث ظاهرًا أو مضمرًا،

وزعم الفراء أنه لا يجوز ذلك مع المضر فلا يجوز: الأصابع قطعت بعضها، ولا القناة شرقت صدرها، وأن العرب منعت من استجازته. الخامس: أن لا يكون واحدًا من هذه الأربعة، فلا يسرى إلى فعله التأنيث كقولك: قام غلام هند؛ فإن كان المذكر أول بمؤنث كتأنيث الكتاب، ويراد به الصحيفة، فهذا لا يجوز إلا في قليل من الكلام وتذكيره هو المعروف، وقد نص النحويون على أن قوله: .......... … ........ ما هذه الصوت من أقبح الضرورات، لأن فيه تحريف اللفظ، ورد الأصل إلى الفرع. وإن كان المذكر قد أخبر عنه بمؤنث فلا يجوز تأنيث فعله عند البصريين إلا ضرورة، وأجازه الكوفيون في سعة الكلام، بشرط أن يكون المذكر مصدرًا، ويكون الخبر مؤنثًا مقدمًا نحو قوله:

............... … وقد خاب من كانت سريرته الغدر وإن كان المسند إليه الماضي جمع تكسير لمذكر أو مؤنث نحو: الزيود، والهنود عاقلاً أو غير عاقل، أو جمعًا لمذكر بالألف والتاء نحو: الطلحات، والدريهمات، والحسامات أو اسم جنس لمؤنث نحو: المرأة في باب نعم، والشجر والمدر، أو اسم جمع لمؤنث نحو: فوج جاز إلحاق التاء، وأن لا تلحق و (قوم) اسم جمع لمذكر يجوز فيه إلحاق التاء كقوله تعالى: [كذبت قبلهم قوم نوح] وجاز أن لا تلحق كقوله تعالى: [وكذب به قومك]، ولا تطرد التاء في اسم الجمع لمذكر. وإن كان التأنيث مجازيًا، والاسم ظاهرًا جاز إلحاق التاء، وجاز أن لا تلحق تقول: طلعت الشمس، وطلع الشمس، فصلت أو لم تفصل، إلا إن كان الفصل بإلا فعلى ما سبق، فإن رفع الماضي ضمير مؤنث حقيقي أو مجازي متصلاً، وجبت التاء نحو: فلانة قالت، والشمس طلعت، ولا يجوز حذفها إلا في الشعر، والتاء في المضارع كالتاء في الماضي عدمًا ولزومًا؛ تقول: قامت هند، وتقوم الهندان، وتحضر القاضي امرأة، وتضطرم النار، ويجوز: ويحضر ويضطرم بالياء، وما يقوم إلا هند أو الهندان أو الهندات.

وقراءة [لا ترى إلا مساكنهم] (بضم التاء) بالرفع شاذة. واللغة المشهورة أن لا تلحق الفعل إذا أسند إلى مثنى أو مجموع علامة، تدل على تثنيته وجمعه، كما دلت التاء على تأنيثه، ومن العرب من يلحق ألف التثنية وواو الجمع ونون الإناث، والمختار أنها حروف علامات تدل على التثنية والجمع، وحكى اللغويون أن أصحاب هذه اللغة هم طيئ يلتزمون العلامة أبدًا، ولا يفارقونها، وذكر بعض الرواة أنها من لغة أزد شنوءة، وأبهم سيبويه، فقال: واعلم أن من العرب من يقول: ضربوني قومك، وضرباني أخواك، ويسميهاب عضهم لغة «أكلوني البراغيث»، وابن مالك يقول: لغة «يتعاقبون فيكم ملائكة» وقد استعمل أبو تمام لغة قومه طيئ فقال: بكل فتى ما شاب من روع وقعه «ولكنه قد شبن منه الوقائع كما استعمل لغتهم في ذو الطائية فقال: أنا ذو عرفت فإن عرتك جهالة «فأنا المقيم جهالة الجهال وذهب بعض النحاة إلى أنها ضمائر، واختلفوا فقال قوم ما بعدها بدل منها، وقال قوم مبتدأ والجملة السابقة خبر، وهذه اللغة عند جمهور النحويين ضعيفة، وكثرة ورود ذلك يدل على أنها ليست ضعيفة.

وتلحق مع الفصل بإلا مع الظاهر، ومع المضمر تقول: ما قاما إلا أخواك، وأخواك ما قاما إلا هما بخلاف تاء التأنيث، ولو فكت التثنية والجمع لبعض مجوزات الفك، أو تغايرت الألفاظ في العطف، جاز إلحاق هذه العلامات، خلافًا لمن منع ذلك فيقول: قاما زيد وزيد، إذا كانا علمين وقاما زيد وعمرو، وقاموا زيد وعمرو وجعفر، إلا أن الأكثر وجود صيغة التثنية والجمع.

باب العدد

باب العدد إذا سردت أسماء العدد من غير عامل قتل: واحد اثنان ثلاثة أربعة، بالسكون، وأجاز سيبويه أن تشم دال واحد الضم، ومنع ذلك الأخفش، وأجاز سيبويه طرح همزة أربعة، وإلقاء حركتها على الهاء من ثلاثة، وذكر سيبويه عمن يوثق به سماع ذلك من العرب، وذكر المبرد عن المازني أنه لا يجيز ذلك. ويميز من أحد عشر إلى تسعة وتسعين بمفرد منصوب، وذلك المركب والعقود من عشرين إلى تسعين بمفرد منصوب، وذلك المركب والعقود من عشرين إلى تسعين، والمعطوف عليه العقود المذكورة فتقول: قام أحد عشر رجلاً، وقام عشرون رجلاً، وقام أحد وعشرون رجلاً، والحادي والعشرون رجلاً إلى أن تبلغ العقد. وذهب الفراء إلى أنه يجوز أن يفسر ذلك كله بالجمع فتقول: أحد عشر رجالاً وثلاثون رجالاً، وأجاز بعضهم عندي عشرون دراهم لعشرين رجلاً قاصدًا أن لكل منهم عشرين درهمًا. وحكى الكسائي أن من العرب من يضيف العشرين وأخواته إلى المفسر منكرًا أو معرفًا فتقول: عشر درهم، وأربعو ثوب، وهذا عند أصحابنا شاذ

لا يبنى عليه قاعدة، وفي المفتاح: لا يضاف عشرون إلى التسعين إلى التمييز لا غيره، فلا يقال عشرو درهم ولا عشروك، انتهى. وقال أبو حاتم: تجرى الإضافة فيما جاوز العشرة والعشر فتقول: رأيتهم أحد عشرهم إلى تسعة عشر، ورأيتهن إحدى عشرتهن إلى التسع عشرة، وقال: رأيتهم عشريهم، ورأيتهن عشريهن، ورأيتهم أحدهم وعشريهم، وإحداهن وعشريهن، وكذلك في الثلاثين وما بعدها إلى الثلاثة والألف على ذلك الحسب، انتهى. ولا يفصل بين هذا التمييز والعدد إلا في الضرورة نحو: في خمس عشرة من جمادى ليلة … ونحو: ........... … وعشرون منها إصبعًا من ورائيا وإذا أتيت بنعت، جاز الحمل فيه على المفسر نحو: عندي عشرون رجلاً صالحًا، وعشرون درهمًا وازنًا يحمل على الفظ، ووازن على المعنى، ووزن سبعة على المصدر، وما صح منها أن يكون العدد جار عليه نحو: عندي عشرون درهمًا، ووزن سبعة، وإن شئت رفعت على عشرون فقلت: عشرون درهمًا، ووزن سبعة.

وإن كان النعت جمعًا سالمًا فلا يكون إلا على العدد نحو: عشرون رجلاً صالحون، وإن كان مكسرًا جاز على العدد نحو: عشرون رجلاً كرام وعلى التمييز فتقول: كرامًا وقال خطاب الماردي: عندي عشرون رجلاً صالحين لا يجوز إلا في قول، فإذا وصفت بجمع التكسير جاز أن تقول: عشرون درهمًا جيادًا. ويضاف التمييز إلى العدد في غير ما ذكر، وذلك ما بين اثنين وأحد عشر مجموعًا أو دالاً على الجمع على ما يأتي نحو: ثلاثة أثواب، وثلاث ليال، وشذ ما حكى أبو زيد من قولهم: اشتريت ثلاثة مد البصرة قال: أوقعوا الواحد موقع الجمع. فأما نصبه فإن كان جامدًا فجائز على قلة قياسًا عند الفراء، ومخصوصًا بالشعر عند سيبويه، والأحسن إضافته كما قلنا، ويجوز أن يفصل بمن ويعرف فتقول: ثلاثة من الرجال وإذا جعلت الجمع نفسًا للمقدار جاز، وأتبعت الجمع

إعراب المقدار كقولك: خمسة دراهم، ورأيت خمسة دراهم، وانتفعت بخمسة دراهم، وكذلك إذا عرفتها لا يختلف البصريون في هذا. وروى أبو زيد: أن قومًا من العرب يقولونه غير فصحاء، ولا تقول النصف الدرهم، ولا الثلاث الدراهم، وإن كان صفة فالإضافة ضعيفة نحو: ثلاثة صالحين، والأحسن الاتباع على النعت فتقول: ثلاثة صالحون ثم النصب على الحال. فإن كان تمييز ألف ومائة فيفرد تقول: ألف رجل، ومائة رجل، وأجاز الفراء جمع تمييز المائة قال: ومن العرب من يضع السنين موضع السنة، وقال المبرد: هو خطأ في الكلام، وإنما يجوز في الشعر للضرورة، وجوز المبرد أيضًا في «علية مائة بيضًا» أن يكون (بيضًا) تمييزًا، هذا وهو منصوب جمع، وفي القراءة المتواترة [ثلاث مائة سنين] على الإضافة، فإن جعلت الألف

تمييزًا جمعته، فتقول: ثلاثة آلاف، فأما قراءة الحسن [بثلاثة ألف] و [بخمسة ألف] بتوحيد الألف فشاذة. وإن جعلت المائة تمييزًا أبقيت مفردة تقول: ثلاثمائة، فأما جمعه نحو: ثلاث مئين، وثلاث مئات، فبعضهم جعله شاذًا لا يجيء إلا في الشعر، وهو قول أبي علي، وحكى الفراء: أن بعض العرب يقول عشر مائة، ويجعل العقد من لفظ العشرة قال: وأهل هذه اللغة يقولون: ثلاث مئين، وأربع مئين. وفي كتاب الصفار البطليوسي، عن الفراء لا يقول: ثلاث مئين إلا من لا يقول ألف، وإنما يقول: عشر مئين، ومن يقول ألف ولا يقول عشر مئين لا يقول ثلاث مئين، ويظهر من كلام سيبويه جواز جمع المائة في الكلام، ونصب تمييز مائة ومائتين جائز في الشعر، وأجاز نصبه، ونصب تمييز الألف ابن كيسان فتقول: مائة ثوبًا ومائتان عامًا وألف ثوبًا.

ولا يضاف واحد إلى معدود لا تقول: واحد رجل، ولا واحدة امرأة، ولا اثنا رجل إلا في ضرورة شعر نحو. .... فيه ثنتا جنظل وكان الصواب أن يقول: فيه حنظلتان، أو في شذوذ من الكلام، حكى أبو زيد: اشتريت قدحًا واثنيه، واشتريت اثنى مد البصرة، يريد واثنى قدح واثنى مد. واللفظ المؤدي معنى الجمع؛ إن كان اسم جنس أو اسم جمع ففيه ثلاثة مذاهب أحدها: أن لا ينقاس الإضافة إليهما بل يقتصر فيما ورد من ذلك على السماع، وهذا مذهب الأخفش، والمبرد، وأبي حاتم، والسيرافي، وأبي

علي، وهو اختيار ابن هشام، وابن مالك، وصرح سيبويه أنه لا يقال: ثلاث غنم، وظاهر كلامه أنه لا يقال: ثلاث إبل، ولا ثلاث بقر، ولا ثلاث بط، ولا ثلاث شياه. المذهب الثاني: أنه يجوز ذلك فيهما وينقاس وهو ظاهر كلام ابن عصفرو إلا أنه قال في بعض كتبه: وإضافته إليهما قليل. المذهب الثالث: التفرقة بين ما يستعمل من اسم الجمع للقلة فيجوز، وبين ما يستعمل للقليل والكثير فلا يجوز، قال به قوم وحكاه أبو علي في الشرازيات عن أبي عثمان، قال: أضافوا إلى رهط ونفر، ولم يضيفوا إلى قوم، لأنه يكون للقليل والكثير، ولا إلى بشر لأنه يكون للكثير، ووهم الفارسي أبا عثمان في قوله: إن بشرًا للكثير وهو يقع على الواحد والجمع. والمسموع خمس ذود، وخمسة رجلة، وتسعة رهط، وثلاثة نفر، وخمس بنات، وخمس نسوة، ونصوا على أنهم لم يقولوا: ثلاثة بشر، ولا ثلاثة قوم قاله ابن عصفور. والفصل المتفق عليه الفصل بمن تقول: ثلاثة من القوم، وثلاثة من النخل، وإن كان جمع تصحيح، وتعين لكون المفرد لم يجمع إلا هذا الجمع، تعينت

الإضافة إليهما نحو: ثلاثة جبارين [وسبع سموات] و [سبع بقرات] و [ـسع آيات]، أو ترجح بالعطف على ما تعين كقوله تعالى: [وسبع سنبلات] عطفًا على سبع بقرات وإن كان جمع تكسير من باب مفاعل، أوثر على جمع التصحيح نحو: [أنبتت سبع سنابل]، [وسبع طرائق] و [سبع ليال]، و [عشرة مساكين]، وثلاثة أحامد، وثلاث زيانب، ويجوز التصحيح على قلة: فتقول: ثلاثة أحمدين، وثلاث زينبات، وقال بعض أصحابنا إن جمع التصحيح من النوعين يضاف إليهما، وإن كان لهما جمع من باب مفاعيل فتقول: ثلاثة أحمدين ولا يحسن ثلاثة أحامد. وقال ابن عصفور: وكذلك أيضًا يضاف إلى جموع السلامة إذا لم تكن صفات تقول: ثلاثة زيدين، وأربع هندات، انتهى. وإن كان جمع التكسير من غير باب مفاعل، فإما أن يكثر فيه التكسير أو جمع القلة، أو يقلان إن كثرا، فالفصيح فيهما نحو: ثلاثة زيود، وثلاث هنود، وثلاثة

أفلس، قال تعالى: [ثماني حجج]، وقال [يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر]، ولا يجوز ثلاثة زيدين، وثلاث هندات، وثلاثة فليسات إلا قليلاً، وإن قلا أوثر التصحيح وأوثر جمع الكثرة نحو: ثلاث سعادات، وثلاثة شسوع، ويجوز: ثلاث سعائد، وثلاثة أشسع. فأما قوله تعالى: [ثلاثة قروء] فقيل هو جمع قرء بضم القاف، وجاء على سبيل الاستغناء ببعض الجموع عن بعض وهو قليل، وقيل أقراء جمع قرء (بفتح القاف)، وإن كان شاذًا في جمع فعل الصحيح العين وليس جمع قرء، فيكون له الجمعان، وإن كان شاذًا في جمع فعل الصحيح العين وليس جمع قرء، فيكون له الجمعان، بل يكون قرء مما جمع جمع كثرة فقط، فأضيف إليه كما أضيف إلى أحد الجمعين قلة وكثرة إذا تعين، وقال المبرد: شاع ذلك لأنه على تقدير من أي ثلاثة من القروء، كما تقول: ثلاثة حمير، وثلاثة كلاب، تريد «من الحمير ومن الكلاب» قاله ابن مالك عن المبرد. وفي كتاب سيبويه: أن ثلاثة كلاب مؤول على معنى من الكلاب.

ويجوز إضافة العدد إلى غير التمييز، فيغني عنه لكونه معلوم الجنس، عند المخاطب نحو: اقبض عشرتك، وعشريك، ومن كلامهم: برئت إليك من خمس وعشرى النخاسين. وإذا أخبرت عن عدد مجرد من المعدود من ثلاثة إلى عشرة كان كله بالتاء تقول: ثلاثة نصف ستة، وفي منع صرفه خلاف، وإن أردت بالعدد المعدود، فإما أن تذكر المعدود في اللفظ أو لا تذكره، فإن لم تذكره فالفصيح أن يكون بالتاء لمذكر وبعدمها لمؤنث تقول: صمت خمسة تريد خمسة أيام، وسرت خمسًا تريد خمس ليال، ويجوز أن تحذف تاء التأنيث، حكى الكسائي عن أبي الجراح: صمنا من الشهر خمسًا، وحكى الفراء: أفطرنا خمسًا، وصمنا خمسًا، وصمنا عشرًا من رمضان، وقال بعضهم ما حكاه الكسائي: لا يصح عن فصيح ولا يلتفت إليه، انتهى. وتضافر النقل في الحديث «ثم أتبعه بست من شوال» بحذف التاء، يريد بستة أيام.

وإن ذكرت المعدود في اللفظ فاسم العدد بالتاء لمذكر، وبعدمها لمؤنث، قيل وشذت ثلاثة ألفاظ من المؤنث، فجاء عددها بالتاء قالوا: ثلاثة أنفس، وثلاثة أعين جمع عين، وهو الربيئة وثلاثة دواب، وقد تؤولت، وحكى بترك التاء في الثلاث. والمعتبر في التذكير والتأنيث المفرد لا الجمع فلذلك يقولون: ثلاثة سجلات، وثلاثة دنييرات خلافًا لأهل بغداد، فإنهم يقولون: ثلاث حمامات فيعتبرون لفظ الجمع، وقال الكسائي تقول: مررت بثلاث حمامات، ورأيت ثلاث سجلات بغير هاء. وإن كان الواحد مذكرًا، وقاس عليه ما كان مثله، ولم يقل به الفراء والعرب على قول سيبويه بالتاء، ولا يعتبر أيضًا تأنيث لفظ المفرد، إذا كان علمًا لمذكر نحو: طلحة، وسلمة. والمؤنث المجازي كالحقيقي وتقول: عندي ثلاث بنات عرس، وأربع بنات آوى [والاختيار أن تدخل التاء؛ لأن الواحد ابن عرس، وابن آوى، وقال

الفراء: كان بعض من مضى من أهل النحو يقول: ثلاث بنات عرس، وثلاث بنات آوى] وما أشبه ذلك مما يجمع بالتاء ولم يصنعوا شيئًا، لأن العرب تقول: لي حمامات ثلاثة، والطلحات الثلاثة عندنا يريد رجالاً أسماؤهم الطلحات. وإذا كان المعدود مؤنثًا اسم جنس أو اسم جمع غير نائب عن مذكر، ولا مسبوق بوصف يدل على المذكر، لم تدخله التاء تقول في اسم الجنس: عندي ثلاث من البط، وخمس من النخل، فهذان مما استعملته العرب مؤنثًا، ومدرك هذا النوع السماع، وتقول في اسم الجنس: عندي ثلاث من الإبل، فإن كان اسم الجنس استعملته العرب مذكرًا فقط وذلك نحو: عنب وسدر وموز وقمح، فتقول: عندي ثلاثة من الموز وإن استعملته مذكرًا ومؤنثًا كـ (النخل) فتقول: ثلاث من النخل، وثلاثة من النخل. وإن كان اسم الجمع لعاقل كان مذكرًا فتقول: عندي تسعة من النفر. وحكى صاحب التمهيد: أنهم قالوا: ثلاث بقر فأنثوه، والأكثر التذكير انتهى. وقالوا: ثلاثة رجلة لأنه اسم جمع ناب عن مذكر، والرجلة بفتح الراء

وكسرها، فإذا زالت التاء فالفتح لا غير تقول: رجل، وإن كان لغير عاقل كان مؤنثًا نحو: ذود، وإبل، وغنم، وشذ لفظ (أشياء) على مذهب سيبويه؛ فإنه عنده اسم جمع كالطرفاء فقالوا: ثلاثة أشياء، وقد جاء من اسم الجمع الذي لا يعقل ما هو مذكر نحو: جامل، وطير قال الله تعالى: [فخذ أربعة من الطير] وقال: وجامل خوع من نيبه … * فإن سبق ذلك المؤنث بوصف دل على التذكير فالتاء نحو: له ثلاثة ذكور من البط، وأربعة فحول من الإبل. وقال بعض أصحابنا: يجوز حذف التاء، فلا يلحظ الوصف، لكن الأولى

أن يلحظ فلو كان الوصف غير مناقض للتأنيث لم يعتد به نحو: ثلاث حسان من البط، وثلاث حسان من الخيل، وكذا لو تأخر وصف التذكير تقول: له ثلاث من البط، وثلاث من الإبل ذكور. وقد يؤول مذكر بمؤنث وعكسه، فيجيء العدد على حسب التأويل نحو: عشر أبطن يعني قبائل، وثلاث شخوص يعني جواري، ووقائع في مضر تسعة: يعني مشاهد، وعند ابن عصفور: أن ثلاث شخوص حملاً على المعنى، وعن رؤبة: ثلاثة أنفس لا يكون إلا في ضرورة وذكر شذوذ ثلاثة أنفس حملاً على المعنى على تأنيث أنفس وذكر سيبويه: أن النفس تقع مذكرة ومؤنثة. وإذا كان في الكلمة التذكير والتأنيث، فإن راعيت التذكير أتيت بالتاء أو التأنيث لم تأت بها، وذلك نحو الحال، والعضد واللسان، واسم الجنس

المميز واحده بالتاء دون ما التزم فيه أحدهما منهما، وإن نابت صفة عن موصوف، فالمعتبر هو حال الموصوف تقول: ثلاثة ربعات إذا أردت رجالاً وثلاث ربعات إذا أردت نساء، ومن مراعاته قوله تعالى: [فله عشر أمثالها] أي عشر حسنات أمثالها، وقال سيبويه: تقول: ثلاثة نسابات وهو قبيح، لأن النسابة صفة كأنه قال: ثلاثة رجال نسابات استقبح حذف الموصوف وقالت العرب: ثلاثة دواب ذكور جرت الدابة مجرى الأسماء الجامدة.

فصل

فصل تعطف العشرون والعقود بعده إلى التسعين على النيف، والنيف ما بعده عشرة أو عشرون وأخواته، فإن قصد تعيين النيف المعطوف عليه قيل واحد أو أحد وعشرون إلى تسعة وتسعين بالتاء في النيف من ثلاثة إلى تسعة في المذكر وبعدمها في المؤنث. وأول النيف في المؤنث إحدى أو واحدة نحو: إحدى وعشرون جارية، أو واحدة وعشرون جارية، وألف «إحدى» عند الأكثرين للتأنيث، وقيل للإلحاق، وزال التنوين للتركيب، فإذا قلت: إحدى وعشرون نؤنت فقلت إحدى وعشرون، والذي يلي ذلك للمذكر اثنان، وللمؤنث انثتان. وإن لم يقصد تعيين النيف أتى ببضعة مع المذكر وببضع مع المؤنث فيقول: بضعة وعشرون رجلاً، وبضع وعشرون جارية، وقد يستعملان دون تنييف، كقوله تعالى: [في بضع سنين]، وهو بكسر الباء قال أبو علي: ولا يختص بالمعطوف والمركب بل هو عدد مبهم من ثلاث إلى تسع يجرى مفردًا، ومع العشرة يجرى مجرى الثلاثة إلى التسعة في الإعراب والبناء تقول: هؤلاء بضعة رجال، وبضع نسوة. وقال الفراء: البضع لا يذكر إلا مع العشرة ومع

العشرين إلى التسعين. كذلك رأيت العرب تقول: ولا يقولون: بضع مائة، ولا ألف، وهو نيف لما بين الثلاثة إلى التسعة، وإن كان للمذكر قيل: بضعة. وفي حواشي مبرمان: البضع ما بين العقدين من واحد إلى عشرة ومن أحد عشر إلى عشرين، انتهى. وأما النيف: فيكون بغير هاء للمذكر والأنثى، تكون مع العقود بحسبها إن كان مع العشرة، فيما بين الواحد إلى أقل من العشرة، وإن كان بعد المائة فهو عشرة أو أقل، وبعد الألف عشرة أو أكثر، انتهى. وقال أبو عمرو بن بقى: النيف: ينطلق على الواحد إلى التسع، ولا يستعمل مفردًا، بل تقول: عندي عشرة أو عشر ونيف، انتهى. ويبنى النيف مع العشرة أو العشر كان معينًا أو مبهمًا فتقول: أحد عشر، وإحدى عشرة، وبضعة عشر، وبضع عشرة، وأجاز الكوفيون إضافة النيف إلى العشرة أو الشعر، واستحسنوا ذلك إذا أضيف فقالوا: هذا خمسة عشر، وخمسة عشرك. وزعم ابن مالك: أنه يجوز فك هذا المبني فتقول:

عندي خمسة وعشرة، فيزول البناء والتركيب، ويرجع إلى الإعراب، واستدل على ذلك بما لا دليل فيه أصلاً، ويحتاج في إثبات نحو: عندي خمسة وعشرة رجلاً، وخمس وعشر أمة إلى سماع ذلك من العرب. وتاء الثلاثة إلى التسعة في المعطوف، والمركب كحالها في الإضافة تثبت للمذكر، ولا تكون للمؤنث تقول: ثلاثة وعشرون رجلاً، وثلاث وعشرون جارية، وفيهما للمذكر أحد أو وحد أو واحد واثنان وللمؤنث إحدى أو واحدة، واثنتان. وتسقط التاء من عشرة للمذكر فتقول: ثلاثة عشر، وتثبت للمؤنث فتقول ثلاث عشرة، ويجمع لها بين علامتي تأنيث فتقول: إحدى عشرة واثنتا عشرة، وتسكن الحجاز شين عشرة، وتكسرها تميم وقد فتحها بعض العرب، ومنه قراءة الأعمش [اثنتا عشرة] بفتح الشين، وقد تسكن عين أحد عشر وما بعده

كقراءة ابن القعقاع [أحد عشر]، وقراءة ابن هبيرة [اثنا عشر شهرًا]، فجمع بين ساكنين، ومنهم من يسكن الحاء في أحد عشر، واثنا عشر، واثنتا عشرة معربان صدرًا، مبنيان عجزًا هذا مذهب الجمهور. وذهب ابن درستويه، وابن كيسان إلى أن الصدرين مبنيان كثلاثة من ثلاثة عشر، وأما عشر فمبني لقيامه مقام النون، ولذلك لا يضاف إليهما لا تقول: اثنى عشرك، ولا اثنتا عشرتك بخلاف أخواته من ثلاثة عشر إلى تسعة عشر، فإنه يجوز إضافته، فيبقى الاسمان على بنائهما فتقول: ثلاثة عشرك بفتح الراء، وثلاث عشرتك بفتح التاء في جميع الأحوال. قال ابن عصفور وذلك ضعيف، وفي البسيط: هو القياس وعليه أكثر كلام العرب، وفي المؤنث ثلاث عشرتهن، وثماني عشرتهن. وقوم من العرب يعربون فيقولون: هذه خمسة عشرك، ومررت بخمسة عشرك

وهي لغة ضعيفة عند سيبويه، وقاس عليه الأخفش، واستحسنه واختاره ابن عصفور، ورجحه وبدأ به، وأجاز الفراء إضافة صدره إلى عجزه مزيلاً بنائهما إذا أضيف، وحكى أنه سمع ما فعلت خمسة عشرك، وهو قول الكوفيين، وقول ابن عصفور أنه لم يسمع من كلامهم ليس بشيء، إذ قد سمعه الفراء من ابن الفقعس الأسدي، وأبي الهيثم العقيلي. ودعوى الإجماع في ثماني عشرة بالإضافة أنه لا يجوز إلا في الشعر باطلة، بل تقدم النقل عن الكوفيين، أنهم أجازوا [إضافة الصدر إلى العجز مطلقًا دون بناء وإن كان البناء هو الأجود ولا يخصون] ذلك بثماني عشرة، والبصريون حملوا ذلك على الضرورة على تقدم صحة النقل فيه. وقال الأخفش في الأوسط تقول: للنساء أتتنى إحدى عشرتهن، وللرجال أتاني أحد عشرهم إلى العشرين، ولا يكون إلا مفتوحًا، ومن العرب من لا يتكلم بهذا إذا جاوز العشرة لأنه إنما يقع على الواحد، وإنما تقول:

خمسة عشر رجلاً ونيف تقول: خمسة عشرهم، ومن العرب من يقول: ثمانية عشر رجلا تقول: ثمانية عشرهم إلا أن الذين أضمروا ذهبوا إلى معنى الرجال، كأنهم قالوا: ثمانية عشر رجالاً، وهذا قبيح، إلا أن هذا عندنا على قول من قال خمسة عشر رجالاً انتهى. ويقال: ثماني عشرة بفتح الياء وهو الأصل في التركيب وبتسكينها، وتحذف الياء مفتوحة النون ومكسورتها، وقد تحذف في الإفراد ويجعل الإعراب في النون فتقول: هذه ثمان، ورأيت ثمانًا، ومررت بثمان، ولا يثنى ولا يجمع من أسماء العدد إلا مائة وألف تقول: مائتان ومئات ومئون وألف وألفان وآلاف وألوف وقد سمع تثنية واحد وجمعه قال: فلما التقينا واحدين علوته … بذي الكف إنى للكماة ضروب

وقال الكميت: ............ … كحي واحدينا واختص ألف بالتمييز به مطلقًا يميز به العدد المضاف، والمركب، والعقد والمعطوف، وأما مائة فيميز بها من ثلاث إلى تسع فتقول: ثلاثمائة، وأربعمائة إلى تسع مائة. قيل: ولا يقال عشر مائة ولا يقال: عشرون مائة استغنوا بألف وبألفين، وقد تقدم عن الفراء أن بعض العرب يقول: عشر مائة وأن أهل هذه اللغة هم الذين يقولون ثلاث مئين. وأما تمييز المركب بمائة فتقول: إحدى عشرة مائة إلى تسع عشرة مائة، فيحتاج في إثبات ذلك إلى سماع من العرب، وقد أجاز ذلك ابن مالك مستدلاً بشيء ورد في الحديث مثله. ويعرف العدد المفرد بدخول (أل) عليه فتقول: الواحد والعشرون والمائة، والألف، والمضاف إلى ما يقبل (أل) بدخول (أل) على الثاني فتقول: ثلاثة الأثواب، وثلاث الجواري، ومائة الدرهم، وألف الدرهم. وحكى الكوفيون

دخول (أل) على الأول والثاني فتقول الثلاثة الأثواب، وحكى أبو زيد ذلك عن قوم ليسوا فصحاء، وقاسه أهل الكوفة على الحسن الوجه، وحمل البصريون ذلك على زيادة (أل) في الأول، فلو أتبعت فقلت: الثلاثة الأثواب جاز على البدل، وتقدم ذكر ذلك، ونقل أبي زيد فيه. فأما الثلاثة أثواب بإضافة ذي اللام إلى نكرة، فبعض الكتاب يجيز ذلك وإن كان سمع فيؤول على تقدير: الخمسة خمسة الأثواب، فحذف خمسة وبقى أثواب على إعرابه كحاله لو كان خمسة ملفوظًا بها، ومثل ثلاثة الأثواب إضافة الجزء إلى ما يتجزأ تقول: نصف درهم، فإذا أردت التعريف قلت: نصف الدرهم في قول أهل البصرة، وذهب الكوفيون إلى إجرائه مجرى العدد فتقول: الثلث الدرهم، والنصف الدرهم شبهوه بالحسن الوجه. والمركب يدخل (أل) على أوله ويبقى على حاله، مبنيًا هذا مذهب أكثر أهل البصرة، وأجاز الأخفش، والكوفيون دخول (أل) على كل جزء من المركب

فيقولون: الخمسة العشرة وحكاه الأخفش عن العرب، وتمييز المركب على حاله من التنكير، وحكى الأخفش: أن بعض العرب يقول: الخمسة عشر الدرهم، وحكى أيضًا دخول (أل) على جزئي المركب وعلى التمييز، وسوغ الفراء القياس على ذلك، وحكى عن الكوفيين، وأجاز قوم دخول (أل) على تمييز العقد نحو: العشرين الدرهم، والمعطوف تدخل (أل) على المتعاطفين تقول: الأحد والعشرون درهمًا، وأجاز قوم دخولها عليهما وعلى التمييز، وقوم إدخالها على المعطوف عليه وتركها من المعطوف نحو: الأحد وعشرون، وجوز ذلك شيخنا الأستاذ أبو الحسن الأبذي. وإذا ميزت عددًا مركبًا بمذكر ومؤنث ذوي عقل، فالحكم في العدد للمذكر سواء قدم التمييز المذكر أم أخر أو اتصل بالمركب، أو انفصل ببين، أو كان المذكر نصفًا أو أقل تقول: اشتريت خمسة عشر عبدًا وأمة، أو أمة وعبدًا، أو بين عبد وأمة، أو بين أمة وعبد، يغلب المذكر ولو كان واحدًا، فإن عدم العقل منهما، فإما أن يتصل التمييزان بالمركب، أو يفصل بين، فإن اتصل فالحكم للسابق منهما

فتقول: اشتريت ستة عشر جملاً وناقة، وست عشرة ناقة وجملاً؛ [وإن فصل ببين فالحكم للمؤنث تقول: اشتريت ست عشرة بين جمل وناقة وست عشرة بين ناقة وجمل]، وقال سيبويه: يجوز في القياس خمسة عشر من بين يوم وليلة وليس بحد كلام العرب، فلو كان أحد التمييزين من مذكر أو مؤنث عاقلاً، والآخر غير عاقل، فالذي يقتضيه القياس تغليب المذكر العاقل فتقول: أربعة عشر عبدًا وناقة، أو ناقة وعبدًا، وإن كان العاقل المؤنث فالذي يقتضيه القياس تغليبه إن فصل ببين تقول: اشتريت أربع عشرة بين جمل وأمة أو بين أمة وجمل، فإن اتصل التمييز فالظاهر أنه يعتبر العاقل المذكر تقدم أو تأخر تقول: اشتريت أربعة عشر عبدًا وناقة أو ناقة وعبدًا. والتمييز المختلط المنصوب أو المجرور ببين إن كان العدد يقتضي التنصيف، كان التمييز منصفًا، وإن كان العدد لا يقتضيه كان العدد تمييزه مجملاً، وإن ميزت عددًا مضافًا، فالحكم لما سبق مذكر ومؤنث تقول: عندي عشرة أعبد وإماء، أو إماء وأعبد هذا فيما له تنصيف جمعي؛ فإن لم يكن له تنصيف جمعي عطفت على العدد، لا على المعدود، وصار العطف مجهولاً للمخاطب عدده تقول: عندي أربعة رجال ونساء، وثلاث جوار ورجال، نص على ذلك أصحابنا، وهو قول الكسائي، وذهب الفراء إلى أنه لا يجوز أن يسبق على المذكر بالمؤنث ولا على المؤنث بالمذكر، فإذا قلت: عندي ستة رجال ونساء فقد عقد أن عنده ستة رجال

فليس له أن يجعل بعضهم مذكرًا وبعضهم مؤنثًا، وقد عقد أنهم مذكرون، وكذلك في التأنيث، انتهى. فإن لم تضف وأخرت العدد غلبت المذكر فتقول: رجال ونساء ستة، ونساء ورجال ستة، وتقول في المعطوف عندي أحد وعشرون عبدًا وأمة أو أمة وعبدا أو اشتريت أربعة وعشرين بين عبد وأمة أو بين أمة وعبد أو اشتريت أربعة وعشرين جملاً وناقة، واشتريت أربعًا وعشرين ناقة وجملاً، وسرت أربعًا وعشرين ليلة ويومًا أو بين يوم وليلة، وإذا قلت: اشتريت عشرة بين عبد وأمة كان العبد خمسة والإماء خمسًا، وإذا قلت: كتب لعشر بين يوم وليلة كانت الأيام عشرة والليالي عشرًا، والفرق بينهما أن الليالي تستتبع الأيام، والعبد لا يستتبع الإماء.

فصل

فصل اسم الفاعل المشتق من العدد واحد وثان إلى عاشر، وبعضهم أسقط من اسم الفاعل واحدًا وهو كغيره من لحاق التاء للمؤنث، وعدم لحاقها للمذكر تقول: ثان وثانية، وإذا أضفته، فإما إلى موافقه في الاشتقاق، ولا يضاف إلا ثان وما بعده قال الله تعالى: [ثاني اثنين]، وثالث ثلاثة، إلى عاشر عشرة. والمشهور أنه لا يجوز إعمال اسم الفاعل هذا في موافقه، وذهب الأخفش في أحد قوليه، والكسائي، وقطرب، وثعلب إلى جواز إعماله فتقول: ثاني اثنين وثالث ثلاثة. وقال الأخفش في قوله الموافق للجمهور: العرب لا تقول: خامس خمسة غدا بالنصب، ولا ثان اثنين غدًا بالنصب، وقد يجوز فيما دون العشرة أن تنون وتنصب، وأن تأتي بالألف واللام، لأن ذلك مما يكون في الأفعال، وإن كانت العرب لا تتكلم به، ولكنه في القياس جائز، ومنع أن تقول: أنا إياهما ثالث، وهؤلاء الثلاثة أنا إياهم رابع، وقيل بالتفصيل فيعمل ثان وحده ولا يعمل ثالث وما بعده وهذا اختيار ابن مالك.

ومن فروع هذه المسألة تقول: هذا خامس خمسة إذا كان أربع نسوة معهن رجل كأنك قلت: هذا تمام خمسة، وهذا كما تقول: [هذا حادي] أحد عشر إذا كن عشر نسوة معهن رجل، وإذا أتيت به مقتصرًا عليه ركبته مع العشرة تركيب العشرة مع النيف فتبنيه فقلت: الحادي عشر إلى التاسع عشر، والحادية عشرة إلى التاسعة عشرة، أو مضاعفًا إلى المركب الموافق له فقلت: حادي عشر أحد عشر، وحادية عشرة إحدى عشرة إلى تاسع عشر تسعة عشرة، وتاسعة عشرة تسع عشرة وهذا هو الأصل، فتبنى اسم الفاعل مع العقد، وتضيفه إلى المركب المبني، أو تحذف عقد اسم الفاعل، ويضاف إلى المركب فيقال: حادي أحد عشر، وحادية إحدى عشرة إلى تاسع تسعة عشر، وتاسعة تسع عشر، فيعرب اسم الفاعل لزوال التركيب، ويبقى المركب على بنائه، وهذا أكثر استعمالاً من الذي قبله. وإذا اختلط عدد مذكر بعدد مؤنث غلب المذكر فتقول: حادي أحد عشر،

وحكى يعقوب وغيره عن الفراء أنه حكى عن العرب: كان معي عشر فآحدتهن أي صيرتهن أحد عشر، وذهب بعض النحاة إلى جواز حذف عقد الأول، ونيف الثاني، ويبقى اسم الفاعل على بنائه والعقد الذي في المركب على بنائه، وكأن كل واحد من المحذوف ملفوظ به، وذهب بعضهم إلى حذف الاثنين كما في المذهب الذي قبله، وإعراب كل من الباقيين فتقول حادي عشر، وثالث عشر، وحادية عشرة، وثالثة عشرة لزوال موجب البناء، وأجاز بعضهم حذف العقد الذي مع اسم الفاعل، وحذف نيف العقد الثاني، فيعرب اسم الفاعل، ويضاف إلى العقد الثاني، وهو مبني فتقول: حادي عشر، وثالث عشر، ورأيت حادي عشر، وثالث عشر، ومررت بثالث عشر، وهو الوجه وحكاه الكسائي من قولهم السواء ثالث عشر بإعراب ثالث، وبناء عشر، وأصحابنا عدوا هذا من الشذوذ والقلة بحيث لا يقاس عليه. واسم الفاعل المبني إن كان في آخره ياء، وذلك حادي وثاني، يجوز في يائه الإسكان والفتح وهو الوجه، وإن لم يكن في آخره ياء فالفتح، وسيبويه يجمع بين تأنيثين في نحو: ثالثة عشرة ثلاث عشرة، وفي نحو ثالثة ثلاث عشرة، وثالثة عشرة في قول من بناهما قاله صاحب البديع. وقال المبرد: المذكر خامس عشر لا هاء فيه البتة، والمؤنث خامسة عشرة فصار في خامسة عشرة هاءان انتهى. وقال السيرافي: لا أعلم خلافًا في جواز حادية عشر، يعني بحذف التاء من الثاني، وقال الزمخشري: الحادي عشر، والحادية عشر إلى التاسع عشر،

والتاسعة عشر تبنى من الاسمين على الفتح كما بنيتهما في أحد عشر، ومعنى ثالث ثلاثة عشر، واحد من ثلاثة عشر، وبين ثالث وواحد فرق، وهو أن الواحد لا يعلم به أنه انتهى به العدد، إذ يحتمل أن ينتهي بغيره، وثالث يعلم أنه الذي انتهى به العدد. وحكى الكسائي أنه سمع من الأزد أو بعض عبد القيس: واحد عشر، وهذا هو القياس، إذ فعله وحد يحد، وأما حادي فمقلوب من واحد جعلت فاؤه مكان لامه، فانقلبت ياء لكسرة ما قبلها، وجعلت عينه مكان فائه، وقال الفراء: ليس بمقلوب بل هو اسم فاعل من حدا يحدو، وكأن الواحد الزائد يسوق العشرة، وإن كان مضافًا إلى مخالفه، وهو العدد الذي تحته فلا يضاف واحد، لأنه أول، فليس تحته شيء وثان لا يضاف، فلا يقال ثاني واحد قاله سيبويه، وقال الكسائي: بعض العرب يقول: ثاني واحد، وحكاه الجوهري أيضًا، وقال: ثان واحدًا، والمعنى هذا ثنى واحدًا، انتهى. وتقول: ثالث اثنين إلى عاشر تسعة، وثالث اثنتين إلى عاشرة تسع، والمحفوظ عن العرب في هذا النوع الإضافة بمعنى الماضي. قال سيبويه: وتقول هذا خامس أربعة، وذلك أنك تريد هذا الذي خمس الأربعة، كما تقول: خمستهم وربعتهم، ثم قال: وإنما تريد هذا الذي صير أربعة خمسة، وقلما تريد العرب هذا، ألا ترى أنك لا تسمع أحدًا يقول: ثنيت الواحد، ولا ثاني واحد، ثم قال في آخر الباب: وتقول: هذا خامس أربع إذا أردت أنه صير أربع نسوة خمسة، ولا تكاد العرب

تتكلم به وعلى هذا تقول: رابع ثلاثة عشر كما قلت خامس أربعة [عشر]. وذهب أكثر النحويين الأخفش، والمبرد، وغيرهما إلى أن اسم الفاعل في هذا الباب كاسم الفاعل في غيره، فإن كان فيه (أل) عمل على ما تقرر في اسم الفاعل، وإن كان دون (أل) للمضي لم يعمل، وإن كان للحال أو الاستقبال جازت الإضافة والعمل أجود، ولم يذكر سيبويه فيه التنوين والنصب، ولا معنى الحال والاستقبال بل معنى المضي، وقال: قلما تكلم العرب به، وجعله قياسًا فيما سمع من الماضي، وقاس عليه رابع ثلاثة عشر، ولم يستشهد النحويون على النصب بكلمة واحدة، فدل ذلك على أنه منهم قياس، وبالإضافة جاء القرآن، قال تعالى: [ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم]. وذكر الأخفش أن الإضافة في هذا المختلف اللفظ قال: وهذا كلام يقل في كلام العرب، إنما كلامهم الكثير ثالث ثلاثة، ويقولون في هذا القياس ثاني واحد، والكلام الجيد ثاني اثنين، وقال أبو عبيد: كانوا ثلاثة فربعتهم أي صرت رابعهم إلى العشرة، وكذلك إذا أخذت الثلث من أموالهم إلى العشر، وفي العدد يثلث، ويخمس إلى العشرة، وفي الأموال يثلث، ويخمس إلى العشر إلا ثلاثة أحرف فإنها بالفتح في الحدين يربع، ويسبع، ويتسع، وتقول: كانوا ثلاثة فأربعوا أي صاروا أربعة إلى العشرة على أفعل، وكانوا تسعة وعشرين فثلثتهم أي صرت بهم تمام ثلاثين، وكانوا تسعة وثلاثين فربعتهم، وكذا جميع العقود إلى

المائة، فإذا بلغت المائة قلت كانوا تسعة وتسعين فأمأيتهم مثل أفعلتهم، وكانوا تسعمائة وتسعة وتسعين فآلفتهم ممدودة، وكذلك إذا صاروا هم كذلك قلت: قد أمأوا وآلفوا مثل: أفعلوا (أي) صاروا مائة وألفًا انتهى. وقال ابن مالك: وينبغي أن يتنبه بهذا إلى جواز: هذا ثالث تسعة وعشرين؛ لأنه يقال: كانوا تسعة وعشرين فثلثتهم أي صيرتهم ثلاثين، انتهى. وقال ابن السكيت: عشر، وتسع إلى ثلث، والجمع أفعال، وقال أبو عبيد: يقال: ثليث، وخميس، وسديس، وسبيع، والجمع أسباع، وثمين وتسيع، وعشير، يريد: الثلث، والخمس، والسدس، والسبع، والثمن، والتسع، والعشر. قال: وقال أبو زيد: لم يعرفوا الخميس ولا الربيع ولا الثليث. وإذا جاوزت العشرة، فأجاز سيبويه وجماعة من المتقدمين أن يستعمل اسم الفاعل مع المركب فتقول: رابع عشر ثلاثة عشر ببنائهما، وإضافة المركب الأول إلى الثاني، وتقول: رابع ثلاثة عشر بحذف العقد الأول وإعراب اسم الفاعل، وإضافته إلى المركب الثاني، وذلك قياس منهم، وذهب الجمهور، والكوفيون، والأخفش، والمازني، والمبرد، والفارسي إلى أن ذلك لا يجوز، ومن النحويين مني جيزه، ويشتقه من لفظ النيف وتقول: هذا ثان أحد عشر، وثالث

اثنى عشر وينون. وقال ابن الباذش: العرب إنما تشتق من العقد الأول فلا تركيب، ومنه اشتقت ثالث عشر ثلاثة عشر اشتقت ثالثًا من ثلاثة عشر ثم ركبته بعد مع عشر، قال: والعرب تقول: ربعت الثلاثة عشر (أي) رددتهم أربعة عشر فاشتقت من الصدر، ولم تركب. وإنما قال سيبويه: رابع ثلاثة عشر ولم يعلم أنه محذوف من تركيب واسم الفاعل تابع للفعل، وقال ابن طاهر: أجيز ثاني عشر على إجازة أبي الحسن ثاني واحد، ونفى سيبويه سماعه مع إجازته لقياسه حملاً على ثاني اثنين، يريد أن سيبويه قاس على ثاني اثنين ثالث اثنى عشر؛ لأن كل رابع أربعة فيه رابع ثلاثة فقياس المركب كالمضاف فأما العقود عشرون على التسعين، فلم يسمع بناء اسم فاعل منها لم يقولوا: ثالث ثلاثين، ولا رابع أربعين، والقياس يقتضي أن لا يقال من ذلك إلا ما سمع، والذي حكى من ذلك هو عاشر عشرين، وقال الكسائي تقول هذا الجزء العاشر عشرين وقياسه الثالث ثلاثين، والرابع أربعين إلى آخره، وقال سيبويه، والفراء هذا الجزء العشرون، والورقة العشرون على معنى تمام العشرين أو مكمل عشرين، وقال أبو علي: في العقود كلها هو الموفى كذا والموفية كذا نحو: الموفى عشرين والموفية عشرين، وقال بعض أصحابنا الصحيح أن تقول: هو كمال العشرين أو تمام العشرين أو تأتي بأسماء العقود فتقول: العشرون والثلاثيون إلى باقي العقود.

التأريخ عدد الليالي والأيام بالنسبة إلى ما مضى من الشهر أو السنة وإلى ما بقى منها، وفعله أرخ وورخ، تأريخًا وتوريخًا لغتان، فإن ذكرت الليالي، والأيام بالنسبة إلى السنة أو الشهر، وذكرت العدد كان على جنسه من تذكير وتأنيث فتقول: سرت من شهر كذا خمس ليال أو خمسة أيام، وإن لم تذكر المعدود، فالعرب تستغني بالليالي عن الأيام فتقول: كتب لثلاث خلون من شهر كذا، وليس من تغليب المؤنث على المذكر خلافًا لقوم منهم الزجاجي، وتقول في أول الشهر: كتبت لأول ليلة منه أو لغرته أو مهله أو مستهله، وقيل: تقول في أول شهر كذا أو في أول ليلة من كذا، أو في غرة، أو في مستهل. وإن أرخت في أول يوم قلت: في أول يوم، أو في غرة يوم، وغرة الشهر إذا مضى منه يوم ويومان وثلاثة، ومفتتح في أول يوم منه، وهلال منه خلاف: منهم من يجعله مثل الغرة، ومنهم من يجعله في أول يوم، فإن خفى ففي الثاني وهو الصحيح ثم لليلة خلت ثم خلتا ثم خلون إلى العشر، وقيل تقول: بعد مضي ليلة: لليلة مضت، وبعد مضي ليلتين: لليلتين خلتا أو مضتا، وبعد مضي يوم قلت ليوم مضى، أو يومين قلت: ليومين مضيا ثم بعد العشر تقول: لإحدى عشرة خلت بتاء التأنيث إلى النصف، فإن ذكرت التمييز، ورددت الإخبار إليه، وكان مؤنثًا قلت خلت أو بقيت، أو مذكرًا قلت: خلا أو بقى نحو: لأحد عشر يومًأ خلا أو بقى ثم كتب لنصف شهر كذا، وهو أجود من لخمس عشرة خلت أو بقيت، ثم لأربع عشرة بقيت إلى عشر بقين وقيل في التأريخ خلاف منهم من يؤرخ بالنظر إلى ما مضى، والأكثرون يؤرخون بالقليل مما مضى أو بقى، فإذا تساويا أرخ بأيهما

شاء فمنهم من يتحفظ إن بقيت، ومنهم من لا يتحفظ، ثم لآخر ليلة منه أو سلخه أو انسلاخه ثم لآخر يوم منه أو سلخه أو انسلاخه، المنسلخ آخر يوم منه، والدءداء وجمعه دآدئ وهي الثلاثة الأخيرة من الشهر، ويكتب العقد في أول يوم من الشهر وفي ثانيه وفي ثالثه، والعقب في الليلة الأخيرة من الشهر، وقد تقع التاء مكان النون والعكس فتقول: لثلاث خلت إلى عشر خلت، ولإحدى عشرة خلون إلى تسع عشرة خلون وتقول في العشرة: الأولى والأول والوسطى والوسط قيل وتقول في العشر الأخيرة أو الأواخر ولا تقول: الأخرى ولا الأخر لئلا يلتبس بالثواني.

باب الكناية عن العدد

باب الكناية عن العدد يكنى عن العدد (بكم) و (كأين)، و (كذا)، أما (كم) فاسم خلافًا لمن ادعى حرفيته، للتكثير في مقابلة رب للتقليل بسيط، خلافًا للكسائي، والفراء زعما أنها مركبة من كاف التشبيه (وما) الاستفهامية، حذفت ألفها كما تحذف مع سائر حروف الجر، وكثر الاستعمال لها فأسكنت الميم، وهي لعدد مبهم، فقيل؛ قليله وكثيره، ولذلك يقع الجواب بالأقل، حكى الأخفش عن العرب: كم ملكت عبد الله أيومًا أم يومين، خلافًا لمن زعم أنها في الاستفهام للتكثير، وهي لا تدل على جنس العدد، فتحتاج إلى ذكر جنسه ليتميز به العدد. ويجوز أن يحذف التمييز مطلقًا لدليل، خلافًا لمن منع حذف تمييز الخبرية، وممن نص على إجازة حذفه ابن عصفور، وصاحب البسيط، ونص على

منع حذفه بعض شيوخنا، وصاحب كتاب نظم الفرائد، وينبغي أن يقال: إن قدر تمييز الخبرية منصوبًا، أو مجرورًا بمن جاز حذفه أو بالإضافة فلا يجوز، وقيل: يقبح حذفه إلا إن قدر منصوبًا. وتمييز الاستفهامية منصوب، والأحسن أن لا يفصل بينه وبينها، ويجوز الفصل فتقول: كم مالك درهمًا، والفصل بالظرف والمجرور أكثر، وقد يفصل بالخبر، وبالجملة العاملة فتقول: كم مالك درهمًا، وكم ضربت رجلا، ويجوز أن تميز (كم) بمثلك أو غيرك، وأفعل من فتقول: كم مثله لك، وكم غيره لك، وكم خيرًا منه، قال سيبويه: لأنه يجوز بعد عشرين فيما زعم يونس، ومنع الفراء عنده عشرون مثله، وعشرون غيره. وحكى ابن أصبغ: أن سيبويه أجاز كم غيره، وكم مثله، وحكاه عن يونس قال: ومنعه غيرهما، ولم ينص على المانع من هو؟ وهو مقتضى مذهب الفراء؛ إذ منع ذلك نص منه في العشرين، وقال سيبويه: كم غيره مثله لك انتصب (غير) (بكم) وانتصب المثل لأنه صفة له، انتهى.

وإذا دخل على (كم) حرف جر، فالأجود والأكثر نصب التمييز، ويجوز جره بمن في مذهب الخليل وسيبويه، والفراء، والجمهور فتقول: على كم جذع بيتك جعل حرف الجر عوضًا من (من) المقدر دخولها على التمييز، ولذلك لا يجتمعان لا تقول: على كم من جذع بيتك، ولم يذكر سيبويه خفضه إلا إذا دخل على (كم) حرف الجر، وذكر الفراء، والزجاج، وابن السراج وجماعة خفضه في كل موضع، كالنصب في الخبرية، وحمل عليه أكثرهم. كم عمة لك يا جرير وخالة … .............

وذهب الزجاج إلى أن الجر على الإضافة، ومن النحويين من منع حمل تمييز الاستفهامية على تمييز الخبرية مطلقًا فصارت المذاهب ثلاثة: منع الخفض مطلقًا، وإجازته مطلقًا، وإجازته بشرط أن يدخل على (كم) حرف الجر. وتمييزها مفرد لا جمع خلافًا للكوفيين؛ إذ يجيزون أن يكون جمعًا فنقول: كم غلمانًا لك، كما جاز في تمييز الخبرية، وخلافًا للأخفش إذ أجاز ذلك إذا أردت بالجمع أصنافًا تقول: كم غلمانا لك تريد كم عندك من هذه الأصناف، وإلى هذا جنح بعض أصحابنا، قال: (كم) الاستفهامية لا تفسر بالجمع، إنما يكون ذلك بشرط أن يكون السؤال بها عن عدد الأشخاص، فأما أن يكون السؤال عن الجماعات، فيسوغ تمييزها بالجمع فتقول: كم رجالاً عندك، تريد: كم جمعًا من الرجال، وكم بطًا عندك تريد: كم صنفًا من البط عندك، ووجدت بخط بعض أصحابنا ما نصه: ويجوز في الباب: كم ثلاثة لك، وأعشرون ثلاثة لك، وأأربعون عشرين لك تجريها مجرى المفرد على قول أبي الحسن، انتهى.

(وكم) الاستفهامية تقتضي جوابًا تقول: كم درهمًا مالك؟ فتقول: ثلاثون أو أربعون، وإذا أبدل منها أعيد مع البدل همزة الاستفهام نحو: كم درهمًا مالك أثلاثون أم أربعون؟، وإذا دخلت (إلا) في خبرها كان إعراب ما دخلت عليه على حد إعراب (كم)، وأفادت معنى التحقير والتقليل نحو: كم مالك إلا عشرون، ولا يعطف عليها (بلا) بخلاف (كم) الخبرية. وتقول: كم ضربت رجلاً، فيجوز أن يكون رجلاً تمييزًا، ويجوز أن يكون مفعولاً بضربت، والتمييز محذوف، فلو دخلت (من) على رجل لزم أن يكون تمييزًا، وقد ترفع النكرة بعدها، ويحذف التمييز ويقدر بما يحتمله الكلام، فإذا قلت: كم رجل جاءك تقدر كم مرة أو يومًا، ورجل مبتدأ وما بعده الخبر، ولا يتعدد الرجل بل فعلاته أو زمانه أو ما يناسب. وتمييز (كم) الخبرية مجرور، ويكون مفردًأ وهو أكثر وأفصح، وجمعًا وزعم بعضهم أن الجمع شاذ، وقيل الجمع على معنى الواحد، فكم رجال على معنى (كم) جماعة من الرجال، وكونها يراد بها العدد الكثير هو مذهب المبرد ومن بعده من النحاة إلا أبا بكر بن طاهر، وتلميذه ابن خروف، فإنهما زعما أنها تقع

على القليل والكثير، وزعما أنه مذهب سيبويه، والكسائي واستدل له ابن عصفور، وجر تمييزها بالإضافة خلافًا للفراء، وقيل للكوفيين، إذ زعم أنه مجرور بمن محذوفة، وإن فصل بين كم الخبرية وتمييزها نصب نحو: كم نالني منهم فضلا على عدم … * والنصب بلا فصل لغة تميمة، وذكرها سيبويه عن بعض العرب، وهي لغة قليلة، وإذا انتصب بفصل أو بلا فصل، جاز أن يكون مفردًا وجمعًا كما كان نص على هذه اللغة حالة خفضه السيرافي، قيل وفي كتاب سيبويه ما يدل على

ذلك، وهو ظاهر كلام المبرد، والفارسي وزعم الأستاذ أبو علي أنه لا يكون في هذه اللغة إلا مفردًا لا جمعًا، وتبعه ابن هشام، وقد جاء مجرورًا، وقد فصل بينهما بظرف أو مجرور وفيه مذاهب. أحدها: أنه يجوز في الكلام وهو مذهب الكوفيين، وقال صاحب البسيط هو رأي يونس. الثاني: أنه لا يجوز إلا في الشعر وهو مذهب جمهور البصريين، وسواء كان الظرف، أو المجرور تامًا أو ناقصًا. الثالث: إن كان بتام لم يجز، وإن كان بناقص جاز وهو مذهب يونس فيجيز كم بك مأخوذًا أتاني، وكم اليوم جائع جاءني، فإن كان الفصل بجملة، فمذهب الكوفيين جوازه في الكلام، وظاهر كلام المبرد، أنه يجيز ذلك في الشعر، ومذهب سيبويه المنع في الكلام، وفي الشعر.

فإن فصلت بجملة، وظرف، أو جار ومجرور لم يجز، ويجوز دخول (من) على تمييزها، ويكثر اتصال تمييز الخبرية بها نحو قوله تعالى: [وكم من ملك] [وكم من قرية]، ولا يكثر في الفصل كثرته إذا اتصل ولا يجوز أن يكون منفيًا لا في الخبرية، ولا في الاستفهامية، ولو قلت: كم لا رجل ولا رجلين صحبت، أو كم لا رجلا ولا رجلين جاءك لمي جز كما لا يجوز ذلك في عشرين، نص على ذلك سيبويه، وأجاز بعض النحاة: كم لا رجلاً ولا امرأة عندك، وعندي عشرون لا رجلاً ولا امرأة، فتردد في كلام هذا المخبر بعض أصحابنا، فقال: إن أراد أنه نفس التمييز لم يجز، وإن جعله نعتًا لمحذوف هو التمييز وكان التقدير: كم عندك بهيمة غير رجل وامرأة، أو على أن يكون التمييز محذوفًا وعطف هذا عليه جاز. ويجوز أن يعطف على كم الخبرية بالنفي تقول: كم رجل أتاني لا رجل ولا رجلان، وكم فرس ركبت لا فرسًا، ولا فرسين أي كثير أتاني لا رجل، ولا رجلان وكثيرًا من الأفراس ركبت، لا قليلاً، وقال خطاب: كم رجل جاءك لا ثلاثة، ولا أربعة معطوفة ثلاثة على كم عند بعضهم، والأحسن أن يكون لا ثلاثة ولا أربعة من نعت كم. ولزمت (كم) التصدير، إلا إذا جرت بإضافة، أو بحرف أو كانت

استفهامًا، وعطفت في الاستثبات أو كانت خبرية في اللغة المشهورة نحو: غلام كم رجلاً ضربت، وعلم كم فاضل حصلت، وبكم درهم اشتريت هذا، وبكم فاضل اقتديت وقبضت عشرين وكم، إذا استثبت من قال: قبضت عشرين وكذا وكذا، وكم فاضل صحبت، وأما اللغة الأخرى فحكاها الأخفش، وهي جواز أن لا تتصدر فتقول: فككت كم عان، وملكت كم غلام، لأنها بمعنى كثير، كما جاز فككت كثيرًا من العناة، وملكت كثيرًا من الغلمان، واضطرب في القياس على هذه اللغة، فقيل هي من القلة بحيث لا يقاس عليها، والصحيح أنه يجوز القياس عليها لأنها لغة، وكم في حالتيها تقع مبتدأ فمن ذلك: كم رجل أفضل منك برفع أفضل، ولما كان تمييزها مبهمًا، كان الأحسن في خبرها أن يكون فيه إبهام، بأن يكون فعلاً، أو اسمًا نكرة نحو قولك: كم رجل قائم، وكم رجل ذهب، وكم رجال قاموا، وكم رجال ذاهبون، ويقبح أن يكون خبرها اسمًا معرفة نحو: كم رجال قومك، وكم غلمان غلمانك. تريد قومًا معهودين أو غلمانًا معهودين. فإن أردت على معنى كم رجال هم قومك، وكم غلمان هم غلمانك، جاز ذلك، وكذلك أيضًا لا يحسن أن يخبر عنها بالظرف، ولا بالمجرور، لأن ذلك ضرب من التخصيص، وكذلك لا يجوز الإخبار عنها بالوقت نحو: كم رجل عشرون، وكم امرأة ثلاثون، وإذا قلت: كم رجل جاءني، فكم مبتدأ وجاءني خبره، وأجاز العبدي أن يكون: جاءني صفة لرجل، ويحذف الخبر، ويقدر بما

يليق بالمعنى، وقال أيضًا لا يحتاج إلى خبر، وأغنت عنه الصفة كما في: أقل رجل يقول ذلك إلا زيدًا، وإذا كانت كم مبتدأ فلا يعمل فيها من النواسخ إلا ما يعمل فيما قبله نحو: كأن تقول: كم كان إخوتك، وظننت نحو: كم ظننت إخوتك، وكم عبدًا علمت ملكًا لزيد، ولا تعمل فيها إن وأخواتها، وذكر أبو علي إعمال الظن فيها وإلغاؤه فقال: كم ترى الحرورية رجلاً بنصب الحرورية على الإعمال ورفعها على الإلغاء، وتقدير بنائها للمتعدى إلى ثلاثة، وإن لم يستعمل ذلك ولا بد من تقديره. وتقع مفعولاً بها تعدى الفعل بنفسه أو بحرف جر نحو: كم غلامًا اشتريت، وكم غلام اشتريت وعلى كم مسلمين تصدقت أو تصدقت، ومضافًا إليها نحو: غلام كم رجل ضربت، ورقبة كم أسير فككت، وقال بعض أصحابنا وذلك بشرط أن يكون الاسم المضاف إليها معمولاً لما بعدها. وهذا يقتضي أن لا يجوز غلام كم رجل أقام أو أتاك، ولا غلام كم رجلاً دخل في ملكك، ولا أرى هذا إلا جائزًا، ولا فرق بين كم والمضاف إليها وظرفًا: كم ميلاً سرت، وكم يوم صمت، ومصدرًا نحو: كم ضربة ضربت وخبرًا لمبتدأ نحو: كم دراهمك، في أحد الوجهين: فيجوز أن يكون كم مبتدأ ودراهمك خبرًا ويجوز العكس، وهو أحسن الوجهين، وأن يكون خبرًا لكان وأخواتها

المتصرفة في معمولها نحو: كم غلامًا كان غلمانك، وكم كريم كان قومك، ومجرورة بحرف جر بشرط أن يكون ذلك الحرف متعلقًا بالفعل بعدها نحو: بكم درهم اشتريت ثوبك، ومن قاس على اللغة التي حكاها الأخفش أجاز، تمتعت بكم جارية، ويوجد في كلام سيبويه، وأبى علي: أنها تكون فاعلاً ويعني به من حيث المعنى نحو: كم رجل جاءك، لأنها فاعلة في الصناعة النحوية، وزعم ابن هشام: أنها تكون مفعولاً له نحو: لكم إكرام لك وصلت، قال: ولا بد من حرف العلة لأنه لا يحذف إلا في لفظ المصدر، وتوقف أبو عبد الله محمد بن عبد الجبار بن محمد الرعيني التونسي من نحاة تونس في إجازة ذلك، ولا نعلم أحدًا نص على إجازة ذلك غير ابن هشام قال: ولا تكون مفعولاً معه؛ لأنه لا يتقدم، وكم لفظها مفرد ومعناها الجمع واللفظ تيبع تمييزها في التذكير والتأنيث تقول: كم رجل لقيته، وكم امرأة رأيتها، ويتبع المعنى فيكون العائد جمعًا نحو: كم رجل رأيتهم، وكم امرأة رأيتها، ويتبع المعنى فيكون العائد جمعًا نحو: كم رجل رأيتهم، وكم امرأة رأيتهن قال تعالى: [وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم] والحمل على اللفظ هو الأقيس، وإن كان التمييز جمعًأ فلا يعود إلا ضمير جمع نحو: كم ملوك باد جمعهم …

ولا يعود مفردًا لا تقول: كم رجال باد، وإذا حملت تارة على اللفظ وتارة على المعنى، وسبق الحمل على اللفظ فلا خلاف في جوازه وحسنه وكثرته نحو: .......... … وعان فككت الغل عنه ففداني فإن كان بالعكس وكانا في كلام متصل مرتبط جاز نحو: كم مسكين أطعمتهم ودعالي، أو منفصل، فقد منع ذلك قوم، والصحيح جواز ذلك نحو: كم مسكين تصدقت عليهم، وأما الصدقة عليه فأرجو فيه الثواب. وإذا عطفت على التمييز فقلت: كم رجلاً رأيت ونسائه أو نسائهم جاز، فإن قلت: وامرأته فأجازه الجمهور، ومنعها الفراء، ولا تستعمل كم ورب إلا في الماضي أو المستقبل المتحقق لا تقول: كم غلام سألقاه، ولا رب غلام سألقاه. (تقييد في إعراب كم): إن تقدم عليها حرف جر، فهي مجرورة به، وإلا فإن كانت كناية عن

مصدر أو ظرف زمان، أو ظرف مكان، فهي في موضع نصب على المصدر أو الظرف، وإن لم تكن كناية عن ذلك، وليس بعدها فعل أو كان بعدها لازمًا أو متعديًا، مسندًا إلى ضمير كم أو إلى سببها، فكم في موضع رفع على الابتداء، أو مسندًا لغيرهما، ولم يأخذ معموله، أو أخذه فيجوز فيه الرفع على الابتداء، والنصب على الاشتغال، وجواب (كم) الاستفهامية يجوز أن يكون مرفوعًا، وإن اختلف موضع (كم) من الرفع والنصب والجر، ويجوز أن يكون على حسب موضعها إن رفعًا فرفع وإن نصبًا فنصب وإن جرًا فجر، وهذا هو الأولى والأجود، فإذا قلت: كم عبدًا دخل في ملكك، وكم عبدًا اشتريت، وبكم عبدًا استغنيت، فيجوز في جواب هذه كلها أن تقول: عشرون عبدًا، ويجوز أن تقول: في المثال الأول عشرون، وفي الثاني: عشرين، وفي الثالث بعشرين، وإذا كانت مما يسوغ فيه الاشتغال نحو: كم عبدًا اشتريته يكون في الجواب الرفع والنصب.

فصل

فصل وأما (كأين) فزعموا: أنها مركبة من كاف التشبيه، ومن (أي) قيل الاستفهامية، وحكيت فصارت كيزيد مسمى به، يحكى، ويحكم على موضعه بالإعراب، وقال ابن عصفور: الكاف فيها زائدة لا تتعلق بشيء وأجاز ابن خروف: أن تكون مركبة من كاف التي هي اسم، ومن (أين) اسم على وزن فيعل، ولم يستعمل هذا الاسم مفردًا بل مركبًا مع كاف التشبيه، وهو مبني على السكون من حيث استعمل في معنى (كم) وقال بعض أصحابنا: ويحتمل أن تكون بسيطة، انتهى. وهذا الذي كنت أذهب إليه قبل أن أقف على قول هذا القائل. (وكأين) الذي يظهر من استعمال كلام العرب أنها خبرية، تدل على التكثير، وتمييزها يكثر جره بمن قال الله تعالى: [وكأين من نبي]، [وكأين من قرية]، وأخطأ ابن عصفور في قوله: أنه يلزم تمييزها (من)، وقال سيبويه: وكأين رجلا قد رأيت، زعم ذلك يونس، وكأين قد أتاني رجلاً، إلا أن أكثر العرب إنما يتكلمون بها مع (من)، انتهى. ومن زائدة وقيل: لا تزاد إلا في غير الواجب، وقال في النصب: وكأين لنا فضلا عليكم ونعمة … ..........

وقال: ......... فكائن … آلمًا حم ......... ولا تضاف (كأين) إلى تمييزها، ولا يحفظ جره، فإن جاء كان بإضمار (من) وهو مذهب الخليل، والكسائي، لا على إضافتها إليه خلافًا لابن كيسان، وقال سيبويه: وقال: يعني الخليل إن جر أحد من العرب، فعسى أن يجر بإضمار (من) وقال ابن خروف: يكون في مميزها النصب ويجوز الجر بمن، وبغير من بفصل وبغير فصل، ومعناها التكثير، ولها حكم الخبرية في جميع أحوالها انتهى. ويقتضي الاستقراء أن مميزها لا يكون جمعًا، فليست مثل (كم) الخبرية في التمييز إذ الصحيح المسموع في (كم) أن يكون جمعًا، وإن كان الأكثر أن يكون مفردًا. وأما حذف تمييزها، فإن المبرد جوز في كأين رجلاً ضربت، أن يكون رجلاً مفعولاً بضربت، ويكون التمييز محذوفًا، ويقدره (كأين) مرة رجلا ضربت، ليكون رجلاً واحدًا لفظًا ومعنى، قال: ويحتمل أن يكون تمييزًا، فيكون واحدًا في معنى جمع، وقال صاحب البسيط حذفه ضعيف، انتهى.

وقد تتبعت كثيرًا مما ورد في الأشعار من (كأين) فلم أره محذوفًا ولا في موضع واحد، و (كأين) لازمه التصدير، ولا يحفظ من كلامهم الإضافة إليها نحو: غلام كأين من صديق أكرمت، ولا دخول حرف الجر، وقد أجاز ابن قتيبة، وتبعه ابن عصفور دخول حرف الجر عليها، قال ابن عصفور في تمثيله (بكأين) من رجل مررت، وقال ابن قتيبة في كتابه: الجامع في النحو (كأين) بمعنى (كم) تقول: بكأين تبيع هذا الثوب (أي) بكم تبيعه، وفي هذا التمثيل ثلاثة أشياء تحتاج إلى سماع من العرب: إدخال حرف الجر عليها، وحذف تمييزها، واستعمالها استفهامية، ونصوص من وقفنا على كلامه من النحويين، أن كأين لا تكون إلا خبرية، وزعم ابن مالك أنها قد يستفهم بها، واستدل بأثر جاء عن أبي علي عادته في إثبات القواعد النحوية بما روى في الحديث وفي الآثار مما نقله الأعاجم الذين يلحنون، ومما لم يتعين أنه من لفظ الرسول (، ولا من لفظ الصحابي، فيكون حجة إذ أجازوا النقل بالمعنى. وكأين تكون مبتدأة، ولم تجيء في القرآن، إلا مبتدأة، أو سائغًا فيها النصب على الاشتغال وقد استقريت جملة مما وردت فيه مبتدأة، فوجدت خبرها لا يكون إلا جملة فعلية مصدرة بماض، أو بمضارع، أو جارًا ومجرورًا ولم أقف على كون خبرها يكون اسمًا مفردًا، ولا جملة اسمية، ولا فعلية مصدرة بمستقبل، فينبغي أن

لا يقدم على شيء من ذلك إلا بسماع من العرب، وتكون مفعولة نحو قوله: وكائن رددنا عنكم من مدجج … ................ والقياس يقتضي أن تكون في موضع نصب على المصدر، وعلى الظرف، وعلى خبر كان. وفي البسيط أنها تكون مبتدأة وخبرًا ومفعولاً انتهى. ويجوز الفصل بينها وبين تمييزها بالظرف والمجرور، والجملة الأفصح اتصال تمييزها بها كما جاء في القرآن، وقد تلاعبت العرب بهذه الكلمة، وأفصح لغاتها (كأين) وتليها (كائن) وهي قراءة ابن كثير وكيئ حكاها المبرد، و (كأين) وبه قرأ ابن محيصن، والأشهب العقيلي، وحكاها ابن كيسان والأعلم، وزعم ابن خروف أن الأعلم غلط في ذلك وأنها (كاى) بألف وياء وهو

الغالط لم يحك هذا أحد غيره، وهو جائز في القياس أن تبدل من الهمزة الساكنة ألفًا تقول: في رأس: راس، (وكين) فاختلفوا في الوقف عليها في اللغة المشهورة وهي: كأين، فذهب الفارسي، والسيرافي وجماعة من البصريين إلى أنه تحذف النون، وذهب ابن كيسان، وابن خروف إلى أنه بإقرار النون، والوجهان منقولان عن أبي عمرو، والكسائي، واختلفوا أيضًا في الوقف على (كائن)، وهي اللغة التي تلي الأولى في الشهرة، فوقف المبرد، وابن كيسان بالنون، وجماعة بحذفها، ومن غريب المنقول أن يونس ذهب في هذه اللغة إلى أن (كائن) اسم فاعل من كان، فعلى هذا لا يوقف إلا بالنون، وتثبت خطا ووقفًا، وقال ابن يسعون: يجوز أن يكون اسم فاعل من كاء يكئ وكيئة إذا رجع وارتدع فكاء من هذا اللفظ كجاء ثم الزم الاستعمال بمعنى كم.

فصل

فصل وأما (كذا) فالكاف للتشبيه، وذا اسم إشارة للمفرد المذكر، فإذا أبقيت كل واحد منهما على موضوعه الأصلي، ولا تركيب فيه، ولا يكون إذ ذاك كناية عن شيء، وإن أخرجت عن موضوعها الأصلي، فإن العرب استعملتها كناية عن عدد، وعن غير عدد، وفي كلتا الحالتين تكون مركبة، ولذلك لا تثنى ولا تجمع، ولا تؤنث، ولا تتبع بتابع: لا نعت، ولا عطف بيان، ولا تأكيد، ولا بدل، ولا عطف نسق، ولا تتعلق الكاف بشيء، ولا تدل على تشبيه، ولا تلزم الصدر، ولا تكون مقصورة على إعراب خاص بل تستعمل في موضع رفع، ونصب، وجر بالإضافة وبحرف، ولا تدخل على (ذا) ها للتنبيه، ومن النحويين من حكم على موضع الكاف بالإعراب وجعلها اسمًا، ومنهم من حكم عليها بالزيادة، فإذا كانت كناية عن غير عدد، فتكون مفردة ومعطوفة تقول العرب: مررت بدار كذا، ونزل المطر مكان كذا، وقالت العرب: أما بمكان كذا وكذا وجد؟ فيقال: بلى وماذا، ولا يراد بالمتعاطفين أن المكان يوصف بصفتين معطوفة إحداهما على الأخرى، وهو كناية عن معرفة، ومن

وقوعه على النكرة قوله: وأسلمني الزمان كذا «فلا طرب ولا أنس أوقع (كذا) موقع الحال وهو نكرة، وتقول العرب: مررت بدار كذا فتصف به النكرة وبدار كذا واشتريته بثمن كذا، وله عندي كذا. وإذا كانت كناية عن العدد، فمذهب البصريين أن تمييزها يكون مفردًا، سواء كانت مفردة أم معطوفة، وأريد بها عدد قليل أو كثير فتقول: له عندي كذا درهمًا، وله عندي كذا وكذا درهمًا، وبه قال كثير من المتأخرين ابن طاهر، وابن خروف، وقد نازع ابن خروف في إفرادها في العدد فزعم: أنه غير مستعمل في كلام العرب، ومذهب الكوفيين أنها تفسر بما يفسر به العدد الذي هو كناية عنه، فمن الثلاثة إلى العشرة بالعدد (المخفوض) نحو: له عندي كذا جوار، وتفرد هي عن المركب بالمفرد المنصوب، وتركب هي تقول: له عندي كذا كذا درهمًا، وعن العقود بالمفرد المنصوب، وتكون هي معطوفة على مثلها تقول: له عندي كذا وكذا درهمًا، وعن المائة والألف بالمفرد المجرور، وتفرد هي نحو: له كذا درهم، وقد وافق الكوفيين على هذا المذهب الأخفش فيما نقله صاحب البسيط، والمبرد، وابن الدهان، وابن معط، وذهب الأخفش، وابن كيسان، والسيرافي فيما نقله أبو بكر عتيق بن داود اليماني إلى موافقتهم في المركب

والمعطوف، وكذا ابن عصفور، إلا أنه قال في الكناية عن الثلاثة إلى العشرة، وعن المائة والألف: له عندي كذا من الدراهم فرد التمييز إلى الجمع معرفًا بأل، وزعم أنه مذهب البصريين، واضطرب أبو علي فمرة قال بقول البصريين ومرة يقول بقول الكوفيين. وأما حكاية ابن السيد: أن البصريين والكوفيين اتفقوا على أن (كذا) و (كذا) كناية عن الأعداد المركبة، فليس ذكر الاتفاق بصحيح، وقد بنى على حكاية ابن السيد الاتفاق ابن عصفور، وهو بناء غير صحيح، والمسموع من لسان العرب: أن كذا إذا كانت كناية عن غير عدد كانت مفردة، ومعطوفة خاصة، ولا يحفظ تركيبها، وإذا كانت كناية عن عدد فلا يحفظ إلا كونها معطوفة ولا تحفظ مفردة ولا مركبة، ولذلك لم يمثل بها سيبويه، والأخفش والفارسي في الأعداد إلا معطوفة، وبذلك ورد السماع والذي أجازه الكوفيون، ومن وافقهم من التراكيب ليست مسموعة من العرب نص على ذلك الفارسي، والزجاجي، وابن خروف، وابن العلج، وابن مالك، وابن أبي الربيع، وابن عصفور في بعض التراكيب، وهو إجازتهم كذا درهم بالخفض وكذا

دراهم، وأما تجويزهم بعد كذا الرفع فخطأ، والخفض في التمييز لحن، ولا يجوز خلافًا لمن زعم أنه يجوز على الإضافة، وخلافًا لمن زعم أنه يجوز على البدل، وعلى هذا الذي قررناه لو قال: له عندي كذا كذا درهمًا، نزلناه على درهم واحد إلا إن قال: أردت به عددًا أكثر من ذلك فيرجع في ذلك إلى تفسيره، ولو قال: كذا كذا درهمًا لم نجعله تركيبًا، بل يكون مما حذف منه المعطوف، وأصله كذا وكذا، كل ذلك حفظ لما استقر في كلامهم من أن (كذا) لا تستعمل في العدد إلا معطوفة، وكذا لو لحن فخفض الدرهم أو رفعه، لأن اللحن لا يبطل الإقرار، وقد اختلفت مذاهب الفقهاء في الإقرار بهذه الكنايات خلافًا كثيرًا وذكرنا منه طرفًا في تأليفنا «كتاب الشذا في مسألة كذا». ومما هو كناية عن الحديث والخبر كيت وذيت تقول: كان من القصة: كيت وكيت وذيت وذيت وأصلهما كية وذية بالتشديد، وتاء التأنيث كطية ولية وقد جاءا كذلك، وهو قليل فحذفت تاء التأنيث وأبدلت التاء من الياء التي هي لام، فإن وزنتها على الأصل قلت فعل أو على الظاهر قلت: فعت، وبنيا لافتقارهما إلى جملة يكنى بها عنهما، فأجريا مجرى الحرف الذي معناه في غيره، ولو سميت رجلا بكيت لمي جز أن تجمعه بالواو والنون، لأن هذا إبدال مختص بالتأنيث، فجرى مجرى أخت وبنت، ولا يجوز أن يستعملا إلا مكررين وفيهما الضم والفتح والكسر.

باب الوقف

باب الوقف الوقف: قطع النطق عند إخراج آخر اللفظة، وهو اختياري وهو غير الوقف الذي يكون استثباتًا، وإنكارًا، وتذكارًا وترنمًا، وغالبه تلزمه تغييرات إما في الحركة بحذف، وهو السكون، أو بروم أو إشمام، وإما في الكلمة بزيادة عليها إما بتضعيف، وإما بهاء السكت، أو بنقص بحذف حرف العلة أو بقلب آخر الكلمة إلى حرف العلة، وبإبدال حرف صحيح منه، ويأتي هذا كله مفصلاً إن شاء الله تعالى. فنقول: الموقف عليه إن كان آخره ساكنًا، بقى على سكونه نحو: كم ومن والذي ولم يقوما، ولم يقم، وإن كان حرفًا أهمل في الخط، ووضع على السكون نحو: التنوين، ونون التوكيد الخفيفة بعد فتحة، أو كان (إذن) على رأي من كتبها بالألف.

قال عسل بن ذكوان: الناس إذا وقفوا على (إذن) وقفوا بالألف إلا المازني يقول: هي حرف بمنزلة إن، وأن تقف عليها كما تقف عليهما وهو قول المبرد، انتهى. فالتنوين إن كان بعد فتحة في غير مؤنث بالهاء أبدل ألفًا نحو: رأيت زيدا، وإيها، وويها، وذكر أبو الحسن وقطرب، وأبو عبيد، والكوفيون: أن من العرب من يقف على المنصوب المنون بالسكون تقول: رأيت زيد، وعزاها ابن مالك إلى ربيعة، وهو والله أعلم ربيعة الفرس بن نزار بن معد بن عدنان، وفي البطون التي تفرعت عن ربيعة عالم شعراء لا يحصون، ولا يوجد في لسانهم الوقف بغير إبدال التنوين ألفًا، إلا إن كان على سبيل الندور، وعند الجمهور أن هذا مما جاء في الشعر، ولا جاء في الكلام.

وإن كان في مؤنث بالهاء، فالأعرف أنه يبدل من التاء هاء، فتقول: رأيت قائمة، وتقف عليها بالتاء بعض العرب مطلقًا، وتجرى في القياس مجرى سائر الحروف عند بعضهم، فيجرى فيها بشرطه الإشمام والروم والتضعيف، والإبدال، فتبدل من التنوين ألفًا، فتقول: رأيت قائمتا، وأكثر أهل هذه اللغة تسكنها لا غير، وبنت وأخت في النصب كزيد تبدل من التنوين ألفًا، وهنت يوقف عليها هنه شذوذًا، وإذا كان التنوين بعد ضمة أو كسرة حذف غلا في لغة أزد السراة، فمنهم من يبدلها حرفًا يناسب الحركة فيقول: زيدو، ومررت بزيدى، وزعم أبو عثمان أنها لغة قوم من اليمن ليسوا فصحاء. والمقصور المنون يوقف عليها بالألف، وفيه مذاهب: أحدها: أن الألف بدل من التنوين، واستصحب حذف الألف المنقلبة وصلاً

ووفقًا وهو مذهب أبي الحسن، والفراء، والمازني، وأبي علي في التذكرة. الثاني: أنها الألف المنقلبة لما حذف التنوين عادت مطلقًا وهو مروى عن أبي عمرو، والكسائي، والكوفيين، وسيبويه، والخليل فيما قاله أبو جعفر بن الباذش. الثالث: اعتباره بالصحيح فالألف في النصب بدل من التنوين وفي الرفع والجر بدل من لام الفعل، وذهب إليه أبو علي في أحد قوليه، ونسبه أكثر الناس إلى سيبويه، ومعظم النحويين. وأما النون الخفيفة بعد فتحة فلا خلاف أنه يوقف عليها بإبدالها ألفًا، وأما (إذن) فمذهب أبي علي، والجمهور أنه يبدل من نونها ألف، وذهب بعضهم إلى أنه يوقف عليها بالنون، ولغة لفزارة وناس من قيس، يقبلون الألف الموقوف عليها ياء يقولون: هذه أفعى ومررت بأفعى وهي قليلة، وبعض طيئ

يقلبها واوًا يقول: هذه أفعو، ورأيت أفعو، ومررت بأفعو، وبعض طيئ أيضًا تقلبها همزة، تقول هذه أفعأ، ورأيت أفعأ، ومررت بأفعأ، وليس من لغته التخفيف، قال سيبويه: «وكذلك كل ألف في آخر الاسم»، وزعم الخليل: أن بعضهم قال: رأيت رجلأ فيهمز، وكذلك هو يضربهأ. والفعل الماضي الذي آخره ألف كالمعرب المقصور يجوز إقرار ألفه وإبدالها واوًا، وإبدالها ياءً وإبدالها همزة، وكل مبني آخره ألف نحو: (أنا) (وهنا)، و (ألا) يجوز إقرار ألفه كما في الوصل، وإبدالها همزة، وإلحاق هاء السكت بها تقول: هاهنا، وهاهنأ، وقلب الألف هاء شاذ نحو: من ههنا ومن هنه إلا المندوب فلا يوقف عليه إلا بإلحاق هاء السكت، لا بالألف وحدها، ولا بإبدالها همزة، وإلحاق الهاء مختص بالمبني فلا تقول: عصاه ولا موساه، ويأتي حكم الفعل الماضي مع هاء السكت، وقد تحذف ألف المقصور ضرورة نحو قوله:

........... … رهط ابن مرجوم ورهط ابن المعل يريد المعلى وجاء حذف ألف ضمير الغائب منقولاً فتحها إلى ما قبلها سمع ذلك في قول بعض طيئ: والكرامة ذات أكرمكم الله به يريد (بها) ولم يحفظ منه غير هذا لبعض العرب فلا يتعدى، فيوقف على (منها) و (عنها): منه وعنه ويجعل ذلك قانونًا كليًا. والمنقوص المجرور، والمرفوع إن كان منونًا محذوف الفاء نحو: يف علمًا أو العين نحو: مر اسم فاعل من أرى وقفت عليها بالياء قولاً واحدًا، وغير محذوفهما نحو: قاض فالأجود والأكثر حذف التنوين والياء، فتقول: قاض، ومن العرب من يحذف التنوين، ويثبت الياء فيقول: قاضي.

وإن لم يكن منونًا، بأن كان منادي نحو: يا قاضي أقبل، فيوقف عليه، فالخليل يختار أن يوقف بالياء، ويونس يختار أن يحذف فتقول: يا قاض، فلو كان المنادي لو حذفت ياؤه لبقى على حرف واحد، فالوقف بالياء نحو: يا مرى، أو بأن سقط التنوين لأجل (أل)؛ فإن كان مرفوعًا أو مجرورًا، فإثبات الياء أقيس وأكثر والسكون عربي كثير قاله سيبويه، وفي جواز حذف هذه مع (أل) في الوصل في سعة الكلام خلاف. وإن كان منصوبًا نحو: رأيت القاضي، فالوقف بالياء، ومن قال: رأيت القاضي بسكون الياء، فينبغي أن يقف بالوجهين كحالتي (الرفع والجر). وحكم ماحذفت فاؤه، أو عينه مع (أل) حكمه مع منونه يوقف عليه بالياء قولاً واحدًا، أو بأن يسقط التنوين بكونه لا ينصرف نحو: جوارى نصبًا، فيقف

عليه بالياء، فتقول: رأيت جواري أو بأن يسقط التنوين للإضافة مما يثبت فيه الياء نحو: قاضي مكة، أو حذف للساكن نحو: قاضي المدينة أو قاضي ابنك جاز فيه الوجهان في المنون، وما لم يبق إلا حرف واحد وأضيف وقف عليه بالياء فتقول: في هذا مرى اختك: هذا مرى. ويبنى على ما تقدم فرع وهو ما حذفت نونه لأجل الإضافة نحو: قاضو زيد، وقاضو المدينة ووقف عليه أن تقف عليها بالنون فتقول: قاضون، فأما قوله تعالى: [غير محلى الصيد] ووقوف القراء عليه بالياء، وحذف النون، فاتباع لرسم المصحف. وياء المتكلم إن كانت ساكنة في الوصل وقف عليها كحالها، وإن كانت محذوفة وقف على ما قبلها بالسكون فتقول في ياقوم: ياقوم، وإن كانت متحركة فتقف عليها بالسكون أو بإلحاق الهاء فتقول: ياغلامي، وياغلاميه. وأما مثل: يغزو، ويرمي إن كانت الياء والواو مفتوحتين نحو: لن يغزو، ولن يرمى، فالوقف بحذف الحركة فتقول: لن يغزو، ولن يرمى، وإن كانتا ساكنتين، فذكر أصحابنا أنه لا تحذف الواو والياء إذا وقف عليهما إلا في

الفواصل، والقوافي نحو: [واليل إذا يسر] وقول زهير: .............. وبعـ … ـض القوم يخلق ثم لا يفر إلا ما شذ من قولهم: «لا أدر» وما أدر، فإنهم حذفوا ووقفوا على الراء ساكنة، وبهاء السكت، ولا يحذفان أصلاً عند سيبويه إلا في قولهم: «لا أدر وما أدر». ويحذفان في الفواصل والقوافي وإثباتهما حسن، وقد حذف بعض القراء في غير الفواصل والقوافي نحو «الداع إذا دعان» اتباعًا لخط المصحف، وما عدا هذا لا يحذف إلا في ضرورة عند سيبويه، وأجاز الفراء حذف هذه الياءات في الكلام، فأما الألف في نحو: يخشى فلا تحذف في شيء مما تقدم.

فرع: الوقف على (يك) المحذوف منها النون بردها نص عليه بعض أصحابنا، والقراء يقفون على الكاف ولا يردون النون المحذوفة.

فصل

فصل المتحرك الموقوف عليه، ولم يكن هاء تأنيث يجوز فيه الإسكان وهو الأصل، ويجوز فيه الروم، وهو الإتيان بالحركة ضعيفة إشعارًا بما كان لها في الأصل، ويدركه الأعمى والبصير، ويكون في المحرك مطلقًا في المرفوع منونًا كان أم غير منون، وفي المنصوب غير المنون، وفي المفتوح، وفي المنصوب بالكسرة، وفي المجرور بالكسرة والفتحة، وفي المكسور، ويحتاج في المفتوح والمنصوب إلى رياضة، لخفة الفتحة، وتناول اللسان لها بسرعة، ومذهب الجمهور جوازه في الفتحة، وقال أبو الحسن بن الباذش: زعم أبو حاتم أن الروم لا يكون في المنصوب لخفته، والناس على خلافه، وعلامة الروم خط بين يدي الحرف وصورته (») ومن وقف على المنصوب المنون من العرب بإبدال التنوين ألفًا، وقف عليها بالروم والسكون، ويجوز في المضموم الإشمام وهو الإشارة بضم الشفتين إلى الحركة المحذوفة من غير صوت ويدركه البصير لا الأعمى، وهو مختص بالمضموم سواء كانت ضمة بناء أم غيرها، وما روى عن الكسائي أنه يعجبه أن يشم آخر الحرف الرفع والخفض في الوقف، وعن أبي عمرو أنه قرأ

[فأوف] بإشمام الجر، وعن عاصم أنه يشير إلى إعراب الحرف عند الوقف، ينبغي أن يحمل ذلك على الروم. وعلامة الإشمام نقطة بين يدي الحرف هكذا (.) ويجوز التضعيف وهو أن يجيء بحرف ساكن من جنس الحرف الآخر، ليجتمع ساكنان، فيحرك الثاني، ويدغم فيه الأول وله شروط: أحدها: أن لا يكون الأخير همزة نحو: بناء، وإخاء. الثاني: أن لا يكون حرف لين نحو: أوو، وسرو، وبقى. الثالث: أن لا يكون تالي ساكن نحو: عمرو، ويوم، وبين. الرابع: أن لا يكون منصوبًا في أشهر اللغات، وقد جاء في المنون المنصوب في ضرورة الشعر نحو قوله: لقد خشيت أن أرى جدبا

ويسكن الآخر مع التضعيف نحو: قام الرجل، ومررت بالرجل. وأنشد أبو العلاء في كتاب الشادن لهميان بن قحافة: حتى إذا الصبح بدا الأشعل لاح كسيف شامة الصيقل وسمع إلحاق الهاء مع التضعيف في قول بعضهم أبيضه، ولم يؤثر الوقوف بالتضعيف عن أحد من القراء إلا ما رواه عصمة عن عاصم أنه وقف على [مستطر] في سورة القمر بتشديد الراء بخلاف الإسكان والروم والإشمام، وعلامة التضعيف شين فوق الحرف هكذا: (شـ). ويجوز أن تنقل الحركة إلى الساكن قبل الحرف وشرطه: أن لا يكون حرف علة نحو: دار، وبين، ويوم، ولا مدغم في الحرف الأخير نحو: العل،

وأن لا يكون المنقول منه إلا حرًا صحيحًا احترازًا من نحو ظبى، وغزو، وأن لا يؤدي النقل إلى عدم النظير في الأسماء إلا أن يكون مهموزًا فلا ينقل في (بسر) مجرورًا فتقول: بسر ولا في بكر مرفوعًا فتقول: بكر، وأن لا تكون الحركة فتحة نحو: رأيت العلم، وإذا أدى النقل إلى عدم النظير أو امتنع ذلك في الفتحة عدلوا إلى تحريك ذلك الساكن بحركة ما قبله يقولون: هذا البسر، ومررت بالبسر، ورأيت البسر، وهذا العدل، ورأيت العدل ومررت بالعدل، ورأيت العلم، ولا يتبعون في الفتحة. فيقولون رأيت البكر كما أتبعوا الضمة والكسرة. وأجاز الأخفش، والجرمي، والكسائي، والفراء النقل في الفتحة إلى الساكن، وإن لم يكن مهموزًا يقولون: رأيت العلم بنقل حركة الميم إلى اللام، ويجيز الأخفش ذلك في رأيت عمر، وقتلت خالد إذا حذفت التنوين في الوصل، ولم تبدل منه ألفًا، ويرى ذلك قياسًا ولغة يقاس عليها، وحكى أبو علي، وابن جني فرقًا بين الضمة والفتحة والكسرة بأن بعض العرب يقولو: رأيت الرجلا بالألف، ولا يقولون هذا الرجلو، ولا مررت بالرجلى، وعليه جاء [الظنونا] و [الرسولا] و [السبيلا]، بإشباع الفتحة فتولدت منها الألف. ولم يؤثر الوقف بالنقل عن أحد من القراء إلا ما نقل عن أبي عمرو أنه وقف [وتواصوا بالصبر] بكسر الباء، والذي يظهر في حركة النقل أنها الحركة التي في الحرف الأخير نقلت إلى الساكن قبله، وهو قول بعض النحاة.

وقال أبو علي هذه الحركة لالتقاء الساكنين، وقال أيضًا: ليس بتحريك لالتقاء الساكنين محضًا، ألا ترى أنها تدل على الحركة المحذوفة من الثاني فدل قوله على أن النقل جمع بين التخلص من التقاء الساكنين، والدلالة على حركة الإعراب، وقال المبرد، والسيرافي: هذا النقل للدلالة على الحركة المحذوفة، كما راموا الحرف وأشموا للدلالة، وقال أبو البقاء العكبري: لا يريدون بالحركة المنقولة أن حركة الإعراب صيرت على ما قبل الحرف؛ إذ الإعراب لا يكون قبل الطرف، إنها مثلها انتهى، ومثال النقل قولهم في قام عمرو: عمرو، وفي مررت ببكر: ببكر، ومنه، اضربه في اضربه، وفي ضربته، وهذا مطرد في الوقف على هاء المذكر، وقبلها ساكن صحيح نحو: أخذت هذا منه، وحكى سيبويه عن بعض بني تميم: ضربته يحركون بالكسر لا بحركة الهاء، وقال أبو العباس: النقل هنا أقوى منه في النقر، لأنه يبين الهاء وإذا كان مثل: علمنا إخواننا بنو عجل مما الحركة يجوز أن تكون للنقل، ويجوز أن تكون لاتباع ما قبلها فرجح الأستاذ أبو علي أن تكون للإتباع، وقال ابن هشام: النقل عندي أحسن، ولم يؤثر الوقوف

بالنقل عن أحد من القراء إلا عن الكسائي، فإن خلف بن هشام سمعه يقف على (منه) بالتخفيف، وجزم النون في الوقف، وقال ويجوز (منه) برفع النون في الوقف، وما خفف من المشدد في الوقف نحو: قول امرئ القيس: ........... … لا يدعى القوم أني أفر وذهب الفارسي إلى أنه من حذف الأخير؛ لأنه المبدل في ما أملاه، وقال غيره المحذوف الأول؛ لأنه اعتل بسكونه وإدغامه، فكان أولى بالحذف، كما حذفوا في: أحس وظل ومس. وإذا كان مهموزًا، فيجوز نقل حركة الهمزة، وإن كانت فتحة إلى الساكن قبلها الصحيح فتقول: رأيت الردأ، والخبأ، والبطأ، في رأيت الردأ، والخبأ، والبطأ ويغتفر عدم النظير في النقل من الهمزة فتقول: هذا الردؤ، والبطؤ، والخيؤ،

ومررت بالردئ، والبطئ، والخيئ، وبعض بني تميم يفر من هذا النقل إلى اتباع حركة العين لحركة الفاء ويسكن الهمزة، فتقول: هذا الردئ، ومررت بالردئ، وهذا البطؤ، ومررت بالبطؤ، وهذا الخبأ، ومررت بالخبأ، ورأيت الخبأ، سووا في ذلك بين الأحوال الثلاثة، كما سوى غيرهم في النقل بينها. وإذا نقلت حركة الهمزة حذفها أهل الحجاز، ووقفوا على الحرف الذي نقلت إليه يقولون: هذا الخب، ورأيت الخب، ومررت بالخب، وكذلك في البطئ والردئ، وهو كالصحيح في الإسكان والروم والإشمام والإبدال حيث يكون في التضعيف وأثبتها غيرهم ساكنة يقولون: هذا البطؤ، ورأيت البطأ، ومررت بالبطئ، وكذلك الردء، والخبء. أو مبدلة بمجانس حركة ما قبلها على سبيل الاتباع نحو: هذا البطو، ورأيت البطو، ومررت بالبطو، وهذا الردى، ورأيت الردى، ومررت بالردى، وهذا الخبا، ورأيت الخبا، ومررت بالخبا، أو النقل إلى الحرف نحو: هذا البطو، والردو، والخبو، ورأيت البطا، والردا، والخبا، ومررت بالبطى، والردى، والخبى؛ ولم

يذكر سيبويه هذا الوجه وهو من كتاب تسهيل الفوائد لابن مالك، وذكر سيبويه مكانه في الوقف أنهم يبدلون الهمزة بحسب حركتها (واوًا) في الرفع (وياءً) في الخفض و (ألفًا) في النصب، ولا ينقلون حركتها إلى ما قبلها في الرفع ولا في الخفض يقولون: هذا الوثو، ومررت بالوثى، ورأيت الوثا، وتحتمل هذه الفتحة أن تكون حركة نقل، والأظهر أنها سبب الألف؛ إذ لا تكون إلا بعد فتحة، ولما لم يذكر سيبويه هذا الوجه الذي في التسهيل لابن مالك، وذكر غيره من الوجوه، قال: إنها لغة الذين يحققون الهمزة، ولا يسهلونها، ثم ذكر أن الذين يحققون يبقون على تحقيقهم في الوقف، ويقفون على ما يقتضيه القياس في لغتهم، فهذا الوجه الذي ذكره ابن مالك من نقل الحركة في الوقف ثم إبدال الهمزة الساكنة بحكم الحركة المنقولة ليس موجودًا في لغة المحققين؛ لأن سيبويه لم يذكره في وقفهم، ولا في لغة المسهلين؛ لأن من يبدل الهمزة من المسهلين أبدلها بحكم حركة ما قبلها لا يخص ذلك بالوقف دون الوصل بل يفعله فيهما. والوجه الذي ذكره سيبويه مكان الوجه الذي ذكره ابن مالك، هو الذي عبر عنه ابن مالك بقوله: «وربما أبدلت بمجانس حركتها بعد سكون باق قال أو حركة غير منقولة مثاله: هذا الكلو، ومررت بالكلى، ورأيت الكلا يسكن في ذلك ولا يحرك، ولا يبدلها الحجازيون بعد حركة إلا بمجانس تلك الحركة يقولون:

هذا الكلا واقرا، وهذا الأكمو، ويوضو، وأهنى الأصل: الكلأ، وأقرأ، وأكمؤ، ويؤضؤ، وأهنئ. وعقد بعض أصحابنا عقدًا في المهموز، فقال: المهموز على مذهب من يحقق الهمزة، وهم بنو تميم أن تحرك ما يليها، كالخطأ، فحكمه كالصحيح إلا في التضعيف، وبعض العرب يقلبها في الرفع (واوًا) وفي النصف (ألفا) وفي الجر (ياءً) وإن سكن صحيحًا كالبطء، والردء، والخبء، فكالصحيح ويجوز النقل، وإن أدى إلى بناء مفقود في الاسم، أو الكلام أو إلى النقل من الفتحة، ومن العرب من يتبع حركة الساكن حركة الأول، ويتبع في النصب، ومن العرب من يقلبها إلى حرف من جنس حركتها (واوًا) في الرفع (وياءً) في الجر (وألفًا) في النصب، فيفتح الساكن لأجل الألف أو سكن حرف علة فقط، نحو: شيء وضوء فحكم عين ونون، أو مد ولين كنسيء، ووضوء، وكساء، فحكم شريف، وقطوف، ولجام. وأما من يخفف من أهل الحجاز، فإن تحرك ما قبلها قلبوها إلى حرف يجانس الحركة، وإن سكن صحيحًا نقلت الحركة إليه وحذفت الهمزة، وصار المنقول إليه آخر الكلمة، فحكمه حكم الصحيح قال: ويجوز أن تبدل الهمزة بعد النقل حرفًا من جنس حركة النقل فتقول: هذا الخبو، ومررت بالخبى، ورأيت الخبا. أومعتلاً ألفًا نحو: كساء فالوقف بالتسهيل بين بين، ويجرى مجرى زيد في الإشمام والروم والإبدال إن كان منونًا أو غير منون زائدًا للمد، أو في حكمه (كياء) التصغير وقف بالقلب إلى جنس حرف العلة، وأدغم فيه نحو: هنئ وشوى تصغير شاء على رأي، أو لغير مد نحو: خبوء فعول من الخبء أو غير زائد نحو: شوء وشيئ فكالخبء فيجرى مجراه انتهى.

ومن خفف لا ينطقون بالهمزة إلا ابتداءً، والمنصوب الساكن ما قبله نحو: لبست رداءً، يجعلون الهمزة بين بين، ويبدلون من التنوين ألفًا ونحو: نبئ وملكوء، يقلبون من جنس ما قبلهما ويدغمون؛ فإن سكن ما قبلها صحيحًا نحو: الخبء، والردء نقلت حركتها، وحذفت في الوصل، وأما في الوقف فتسكن، أو تشم أو ترام تلك الحركة المنقولة، فإن انضم ما قبلهما أو انكسر مثل: أكمؤ ويستهزئ، فمن يجعل الهمزة بين بين في الوصل، إذا وقف أبدلها من جنس حركة ما قبلها؛ لأنها تسكن هذا قول النحاة لا خلاف عندهم في ذلك. وأجاز جماعة من أهل القراءات الوقوف، وقد أنكر ذلك نبهاؤهم، ولذلك يقفون على من (السما) (ويشا) بهمزة بين بين على أصلهم وفي المفتوحة بالألف لأنهم لا يرومون المفتوح، ويجيزون في الحذف، والصواب إبدالها ألفًا في الأحوال الثلاثة في لغة من يسهل وأن لا روم ولا إشمام في همزة بين بين، وأن المحذوفة الأولى لزيادتها، فأما قول أبي العباس المهدوي: أنه قد يجوز أن يجمع بين ألفين في الوقف، كما يجمع بين الساكنين في الوقف فخطأ لا يصح بوجه قاله ابن هشام، قال: وقول من يقول منهم إن الوقف يصح على همزة بين بين بشرط روم الحركة، لأنها بمنزلة الثانية لا يصح عند التحقيق. وزعم ابن مالك: أن الوقف بالنقل إلى المتحرك لغة لخم واستدل على ذلك ببيت محتمل للتأويل، ولا تثبت القواعد به.

وتقدم الوقف على تاء التأنيث، فأما ما جمع بالألف والتاء المزيدتين نحو: هندات والبنات، والأخوات، وأولات، فالأعرف سلامتها تاء كما هي في الوصل، ويجوز فيها الإسكان والروم والإشمام بشرطه، وحكى الفراء، وقطرب الوقف عليها بالهاء، وروى كيف الإخوة والأخواه، ودفن البناه من المكرماه، وأجازه بعضهم، وذكر صاحب اللوامح أنها لغة طيئ، وقيل هو شاذ لا يقاس عليه، وذكروا في: هيهات الوجهين، ووقف عليها بهما في القراءات السبع، وقال سيبويه: من فتح التاء وقف عليها بالهاء، ومن كسر وقف بالتاء، والوجهان في الوقف على

(لات)، ويا أبت في القراءات السبع. وأما ثمت وربت ولعلت فالقياس على لات سائغ فيوقف عليهن بالوجهين، وذهب إليه ابن مالك في ثمت وربت، والأحسن عندي الوقف عليهن بالتاء كالوصل، وإن سمي بهيهات، فمن جعلها كـ (طلحة) اختار الوقف بالهاء، ومن جعلها كـ (عرفات) اختار التاء. والفعل المعتل الآخر جزمًا أو وقفًا إن كان محذوف العين نحو: لا تر بكرًا، وزيدًا، أو محذوف الفاء نحو لاتق زيدًا، وق عمرًا، تقف عليه بالهاء، وإنكان غير محذوفهما نحو: لا تغزو واغز، ولا ترم وارم، فالمختار إلحاق الهاء، وتقر الضمة على حالها، وحكى أبو خطاب كسر المضموم فتقول: اغزه ولم يغزه، قال سيبويه وهي لغة رديئة، ويجوز الإسكان فتقول: لا تغز، واغز، والمدغم

نحو: لم يصل، والمبدل من فائه نحو: لم يتق كذلك المختار إلحاق الهاء، فأما ما أجحف به الحذف نحو: يقي ويتقي، فظاهر كلام ابن مالك أنه يجب الوقف عليه بالهاء فتقول: لا يقه لأنه مما حذف منه الفاء، ولم نجد فيه قولاً لأحد من النحويين، والذي يقتضيه النظر أن يكون الوقف عليه بالهاء اختيارًا لا وجوبًا. وقالت العرب في الوقف على: لم أبال: (لم أبله) بحذف الألف، ويجوز أن لا تحذف فتلحقه الهاء فتقول: لم أباله، أو لا تحذف، فتسكن اللام، فتنحذف لام الفعل فتقول: لم أبل. و (ما) الاستفهامية إن جرت بالإضافة وجبت الهاء تقول: مجيء مه إذا وقفت، أو بحرف اختيرت فتقول عمه، ولمه، ويجوز السكون فتقول (عم) (ولم)، والسكون فيما جر بحرف على أزيد من حرف، أقل منه فيما كان على حرف واحد، وجاء في الشعر سكون الميم والمجرور بالحرف وصلاً، وفي

الترشيح: هاء السكت ساكنة أبدًا وزعم دريود أنها زيدت للسكت، ولتكون عوضًا من الألف الذاهبة، ولا أرى قوله؛ لأن العوض يكون لازمًا وهاء السكت ليست لازمة إلا في كل فعل يعود إلى حرف واحد نحو: قه وعه، انتهى.

فصل

فصل الوقف على المبني المتحرك آخره إن كانت حركته مشبهة حركة الإعراب بوجه ما، فالوقف بالسكون نحو: لا رجل، ويا زيد، ومن قبل، وشذ إلحاق هاء السكت بعل قالوا: من (عله)؛ فإن كان ماضيًا، فمذهب سيبويه والجمهور الوقف بالسكون، ولا تلحقه الهاء، وقيل تلحقه مطلقًا وقيل تلحق في اللازم نحو: قعد، فيجوز السكون فتقول قعد والهاء فتقول: قعدة، فإن لحقته تاء الضمير نحو: انطلقت، ففي جواز لحاق الهاء خلاف. فأما الوقف على (هلم) فيجوز بالهاء فتقول: هلمه، وإن لم تكن مشبهة لحركة الإعراب، وكانت في ضميرها، وتحرك ما قبله نحو: ضربه، أو سكن عليلاً، فالإسكان تقول: ضربه، ورماه، ورموه، أو صحيحًا، فالإسكان نحو: ضربته ويجوز النقل فتقول: ضربته و (منه) و (عنه)، ومنهم من يقول: ضربته. وإن كان الضمير غير هاء، فالإسكان ولحاق الهاء نحو: غلامي وغلاميه

في لغة من فتح الياء، ويضربن ويضربنه، وضربت وضربته، على الخلاف الذي تقدم، وضربت وضربته، وفي لغية تستتبع كسرة التاء فتقول: ضربتيه، وأكرمتك، وأكرمتكه، وأكرمتك، وأكرمتكه. وتختص كاف ضمير الخطاب في المؤنث بلحاق سين عند بعض العرب نحو: أكرمتكس وهي لغة بني بكر بن وائل، فإذا وصلوا حذفوا وتسمى الكسكسة، وشين عند بعضهم وهي لغة أسد وتميم وتسمى الكشكشة، فإذا وصلوا حذفوا، وذلك عوض من الهاء فلا يجتمعان. وما قبله ساكن أو متحرك جرى مجرى نظيره من الصحيح غير المنون في الروم، والإشمام، والتضعيف والنقل بالشروط المتقدمة، وإن كان غير ضمير أو ضميرًا، غير ما ذكر، فالإسكان، ولحوق الهاء كان ما قبله متحركًا أو ساكنًا تقول: هوه، وهيه، وليته، وبعلبكه، ويا مسلمانه، ويا مسلمونه، ولا يجوز تضربانه، ولا تضربونه بل الإسكان، وإطلاقهم يقتضي على نزاله، ورقاشه، ويجوز الإسكان، وقد ناب الألف عن الهاء في حيهل، وأنا، قالوا: حيهله، وحيهل، وحيهلا

وحيهله، وقالوا: أنا بالألف في الوقف، وأنه بالهاء، وأجاز بعضهم في الوقف أن تسكن النون، قيل: ولم يسمع الوقف على أنا بسكون النون يعني في لغة من فتح النون وإن كان ذلك في لغة قضاعة يقولون: أن قائم وصلا، ويقفون عليه أن. والمرخم بحذف التاء إن كان بعد حذفها يبقى على حرفين نحو: ياهب، وياعب، فيجب الوقف عليه بالهاء أو ألف الإطلاق في الشعر، أو على أزيد نحو: يافاطم، وياسعلا، فالأفصح يافاطمه ويا سعلاه، ومن العرب من يسكن يافاطم، ومن الإطلاق: عوجى علينا واربعي يا فاطما هذا الحكم على لغة من ينتظر الحرف، وأما من لا ينتظره ويبنيه على الضم لفظًا أو نية فلا تلحقه الهاء. والمبني المسكن آخره إن كان صحيحًا كالتنوين، وإذن ونحو «لنسفعا» واضربن، واضربن، أو ألفًا آخر فعل نحو: رمى فتقدم الكلام على ذلك، أو آخر اسم نحو: هذا، فالإقرار كالوصل وإبدالها همزة، وإلحاق هاء السكت بعد الألف تقول: هذا وهذاء، وهذاه إلا آخر مندوب، فالهاء فقط، أو ياء اسمًا ضمير مخاطب نحو: اضربي، وقد تقدم أنها تحذف في قافية أو فاصلة، أو ضمير متكلم نحو: غلامي، وإنى، وضربنى، ومنى، فكحالها أو حذفها وإسكان ما قبلها تقول:

غلام وإن، واكرمن، ومن، وترك الحذف أقيس، وحذفها في الفعل أحسن منه في الاسم، وإطلاقهم يقتضي جواز الحذف في عليكنى في الإغراء فتقول: عليكن، ومن حرك الياء في غلامي واتبعني وإني لم يحذف، ووقف عليها بسكونها أو بإلحاق الهاء، أو حرفًا صلة ضمير نحو: بهى، وعليهى، وعلهمى حذف في الوقف أو في اسم إشارة نحو: هذى أقرت، ولا يجوز حذفها ويجوز قلبها هاء، ومنهم من يسكن الهاء وصلاً ووقفًا، ومنهم من يشبع الهاء في الوصل، فتتولد الياء، فيقول: هذهى، أو في ندبة فتلحق الهاء نحو واذهاب غلامكيه، أو معتلاً واوًا أثبتت نحو: ظلموا ورموا، أو حرفًا صلة لضمير حذفت: عليهموا، ومنهموا، وفي ندبة لحقت الهاء نحو: واغلامهوه، وقد يوقف على حرف واحد كحرف المضارعة يليه ألف نحو قوله: وجارية قد أوعدتني أن تا تدهن رأسي أو تفلى أو تا أراد أن تأتيني أو تمتنع، أو يؤتى بهمزة بعد الحرف بعدها ألف نحو قوله: بالخير خيرات وإن شرا فأى

ولا أريد الشر إلا أن تأى يريد فشرا وإلا لا أن تشاء، ويجرى الوصل مجرى الوقف كثيرًا اضطرارًا، وربما أجرى اختيارًا، ومنه [فبهدائهم اقتده] و [كتابه] في قراءة من أثبت الهاء في الوصل ومن ذلك قول بعض طيئ في (حبلى) في الوصل: حبلى، وحبلو.

الوقف على الروى يكون في حال ترنم، وفي غير حال ترنم، ووقف الترنم خاص بإنشاد الشعر، والترنم زيادة في الصوت، وتطويل فيه ويكون في الغناء، والتطريب، ومظنته القوافي، فبعض بني تميم، وغيرهم يقف بتسكين الروى كما يقفون في الكلام نحو: أقلى اللوم عاذل والعتاب … كأنه ليس في شعر، وأهل الحجاز يثبتون مدة بعد حرف الروى ترنموا أو لم يترنموا، ثم القافية إن كانت منونة في موضع نصب، فلا تحتاج إلى زيادة هذه المدة، وكذا آخر مقصور أو منقوص حالة الجر والرفع أو ياء قبلها كسرة، أو واو قبلها ضمة نحو: قاضي، وفتى، ويرمى، ويغزو، وظلموا، وإن كان غير ذلك، وحرف الروى ساكن فلا يكون ذلك إلا في قافية مكسورة أو مجرورة، كقوله:

........... … فاغن وازدد و: ............. … وأنك مهما تأمري القلب يفعل أو متحرك نشأ عن الحركة ما يناسبها كانت إعرابًا أو بناء في منون وغيره ما عدا النصب السابق ذكره نحو: ................ … وغير مزود و: ............. … الشيب شامل

و: ........... … والسنين الخوالى و: يا أبتا علك أو عساكا و: ........ … لقد أصابا هذا حكم الوقف حالة الترنم، أما في غير حالة الترنم، فألف التنوين لا تحذف اتفاقًا، ثم إن كانت المدة متولدة لقصد، فأهل الحجاز يثبتونها كحالهم إذا ترنموا، وناس كثير من بني تميم يجعلون مكانها نونًا فيما نون، وفيما لا ينون وطائفة

من بني تميم، وغيرهم يقفون كما يقفون في الكلام كأنها ليست قوافي شعر. وإن كانت غير منونة، فألف المقصور وألف يخشى لا يحذفان، وياء المنقوص في الجر تحذف، والياء والواو إذا كان ما قبلهما حرف روى نحو: يغزو، ويرمى يحذفهما من يحذف المدات المتولدة نحو: ............ … ثم لا يفر ثم إن وقعت الياء والواو حرف روى فلا يحذفان، والياء والواو إذا كانا ضميرين نحو: ظلموا واذهبي يحذفها في القوافي ناس كثير من قيس وأسد نحو: ........... … ............ ما صنع و: .......... بالجواء تكلم … ............... يريد: ما صنعوا وتكلمى.

القسم الثاني في أحوال الكلمة حالة التركيب، التي هي إعرابية. الكلام في اللغة يطلق على الخط وعلى الإشارة وعلى ما يفهم من حال الشيء، وعلى القول المركب الذي لا يفيد، وعلى المعنى الذي في النفس، وعلى التكليم، والذي يصح أن ذلك على سبيل المجاز، لا على سبيل الاشتراك خلافًا لزاعمي ذلك، وأما في الاصطلاح فالذي نختاره أنه قول دال على نسبة إسنادية مقصودة لذاتها. قول: جنس يشمل الكلمة، والكلم، والكلام دال على نسبة احتراز من الكلمة فإنها لا تدل على نسبة. وإسنادية، احتراز من النسبة التقيدية كنسبة الإضافة نحو: غلام زيد، ونسبة [النعت] نحو: الرجل الخياط على أنه نعت، ونسبة العامل نحو: الضارب زيدًا، والإسناد نسبة شيء إلى شيء على سبيل الاستقلال. وينقسم إلى خبر وإنشاء؛ فالخبر مطابق، وغير مطابق، وغير المطابق كذب ومحال، والإنشاء ما اتحد قيامه بالذهن والتلفظ به زمانًا ووجودًا كالطلب على أقسامه والنداء، وقسم الإنسان على نفسه والعقود. وقولي مقصودة لذاتها: احتراز من الجملة التي تقع صلة نحو: جاءني الذي خرج أبوه، ومضافًا إليها أسماء الزمان نحو آتيك يوم يقدم الحاج أو غيرها نحو: اذهب بذي (تسلم). وقد قسم النحاة القدماء الكلام إلى أقسام هي: منحصرة فيما ذكرناه من الخبر والإنشاء، الخبر جائز وقوعه، ومحال الجائز مستقيم حسن نحو: آتيتك أمس، ومستقيم قبيح نحو: قد زيدًا رأيت، ومستقيم كذب نحو: حملت الجبل، والمحال نحو: آتيتك غدًا. وأما غير الخبر، فذهب أبو الحسن إلى أنه استخبار، وتمن وطلب، وهو أمر أو نهي، وهما واحد عند سيبويه والكسائي، والفراء وجماعة، وزاد الفراء، وابن كيسان الدعاء وهو النداء، والطلب، وهو المسألة. وزاد قطرب: التعجب، والعرض، والتحضيض، وإذا حقق النظر في هذه الأقسام رجعت إلى الخبر والإنشاء.

وأقل ما يتركب الكلام من جزئين ملفوظ بهما، أو مقدرين، أو ملفوظ بأحدهما خلافًا لابن طلحة؛ إذ زعم أن اللفظة الواحدة وجودًا أو تقديرًا قد تكون كلامًا، إذا كانت قائمة مقام الكلام وجعل من ذلك نعم، ولا في الجواب، والصحيح أن الكلام: هو الجملة المقدرة بعدهما لا واحدة منهما، وليس من شرط الكلام قصد الناطق به ولا كونه صادرًا من ناطق واحد، ولا إفادة المخاطب شيئًا أو تركيب محال والمؤتلف كلامًا فعل وفاعل، وفعل ومفعول لم يسم فاعله، واسمان: مبتدأ وخبر، واسمان ليس إياهما نحو: نزال، وهيهات العراق، واسمان مع حرف نحو: أقائم الزيدان (وهما دون حرف على مذهب أبي الحسن واسم وحرف على مذهب أبي علي في النداء وحرف) وما هو في تقدير الاسم نحو: أما أنك ذاهب بفتح أن خلافًا لابن خروف في زعمه أن هذا من باب يا زيد، على مذهب أبي علي، ومن اسمين وفعل على مذهب جماعة نحو: كان زيد قائمًا.

باب الإعراب

باب الإعراب الإعراب في اللغة: الإبانة، [يقال] أعرب عن حاجته أبان عنها، والتحسين أعربت الشيء حسنته، والتغيير عربت معدة الرجل، وأعربها الله غيرها، والانتقال: عربت الدابة في مرعاها: جالت، وأعربها صاحبها. فمعنى الإبانة: تعدت بعن، فالهمزة ليست للتعدية، وفي الباقي للتعدية لا في عربت بمعنى تغيرت، فقيل الهمزة في أعربت للإزالة (أي أزلت عربها)، كهي في أشكيته (أي أزلت شكايته). وأما الإعراب في الاصطلاح: فذهب طائفة إلى أنه نفسه: هو الحركات اللاحقة آخر المعربات من الأسماء والأفعال، وعلى هذا فالإعراب عندهم لفظي، وهو اختيار ابن خروف، والأستاذ أبي علي، وابن الحاجب، وابن مالك، إذ قال في التسهيل: الإعراب ما جيء به لبيان مقتضى العامل من حركة أو حرف أو سكون أو حذف، وذهب متأخرو أصحابنا، وطائفة إلى أن الإعراب معنوي، وهو تغيير في آخر الكلمة، أو ما كالآخر لعامل دخل عليها نفسها، والحركات علامات الإعراب، ودلائل عليه، وهو ظاهر قول سيبويه، واختيار الأعلم، والذي يقبل الإعراب هو قبل تركيبه مع العامل موقوف، فإذا دخل العامل أثر، والأصل في العامل أن يكون من الفعل ثم من الحرف، ثم من الاسم،

والأصل يخالفه مع المعمول في النوع، فإذا كانا من نوع واحد فلمشابهة ما لا يكون من نوع المعمول، كاسم الفاعل العامل، ولا يؤثر العامل أثرين في محل واحد، ولا يجتمع عاملان على معمول واحد إلا في التقدير نحو: ليس زيد بجبان، خلافًا للفراء في نحو: قام وقعد زيد، ولا يمتنع أن يكون للعامل معمولات. وحركات الإعراب: ضمة وفتحة وكسرة، والحركة مع الحرف لا بعده خلافًا لابن جني، والجزم قطع الحركة أو ما قام مقامها، وهو حذف إما لحركة نحو: لم يضرب أو لحرف نحو: لم يقوما، ونحوه على الصحيح، ويأتي الكلام فيه. والحركات حركة إعراب، وحركة بناء نحو: أين وحركة إتباع نحو: الحمد لله، وحركة حكاية نحو من زيدًا، ومن زيد، وحركة نقل نحو: [ألم تعلم أن الله] وحركة للتخلص من التقاء الساكنين نحو: اضرب الرجل، وحركة المضاف إلى ياء المتكلم نحو: غلامي على الصحيح. والإعراب عند البصريين أصل في الأسماء، فرع في الأفعال وعند الكوفيين أصل في الأسماء والأفعال، وعند بعض المتأخرين أن الفعل أحق بالإعراب من الاسم، وهذا من الخلاف الذي لا يكون فيه كبير منفعة، والقائل بأن الإعراب فرع في المضارع، قالوا: أشبه الاسم في الإبهام والاختصاص، فأعرب، وإبهامه: أنه يحتمل الحال والاستقبال، واختصاصه بدخول ما يخلصه لأحدهما كإبهام رجل في صلاحيته لكل فرد من الرجال، واختصاصه بواحد بدخول أل العهدية عليه، وظاهر كلام سيبويه: أن دخول اللام من وجوه الشبه نحو: إن زيدًا ليقوم، كما

تقول: إن زيدًا لقائم، وبه قال أبو علي في «الأغفال» والصيمري وقيل: ليست من وجوه الشبه، إذ هي دخلت بعد استحقاقه الإعراب لتخصيص المضارع بالحال، كما خصصت السين وسوف، وشبهها من المخصصات بالاستقبال. والمعرب الاسم المتمكن وهو ما خلا من سبب البناء، وقد تقدم ذلك في باب البناء والمضارع، وتقدم الخلاف فيه إذا لحقته نون التوكيد، فإذا لحقته نون الإناث، فذكر ابن مالك: أنه مبني على السكون بلا خلاف، وليس كما ذكر بل ذهب ابن درستويه، وتبعه السهيلي، وابن طلحة، وطائفة إلى أنه معرب، والبناء مذهب الأكثرين من المتقدمين والمتأخرين، وهو ظاهر قول سيبويه. وأنواع الإعراب: الرفع، والنصب، والجر وأما الجزم، فعده قوم من

أنواعه، وقال المازني: الجزم ليس بإعراب، وقال الكسائي وأكثر الكوفيين: أواخر الكلم على ثلاثة أحرف على الرفع والنصب والخفض، فالرفع بالضمة، والنصب بالفتحة، والجر بالكسرة، والجزم عند من أثبته إعراب بالحذف. واختلف في إعراب الأسماء الستة على مذاهب: وهي أب، وأخ، وحم، وفوك، وذو مال، وهنوك، وأنكر الفراء أن يكون هن مما رفع بالواو، ونصب بالألف، وجر بالياء، وهو محجوج بنقل سيبويه والأخفش: ذلك عن العرب، والصحيح أنها معربة بحركات مقدرة في الحروف، وأنها أتبع فيها ما قبل الآخر للآخر، فإذا قلت: قام أبو زيد فأصله: أبو زيد، ثم أتبعت حركة الباء لحركة الواو، فصارت: أبوك، فاستثقلت الضمة على الواو فحذفت، وإذا قلت: رأيت أباك، فأصله أبوك، قيل: فتحركت الواو، وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، وقيل: ذهبت حركة الباء، ثم حركت لتتبع حركة الواو، ثم انقلبت الواو ألفًا، لتحركها وانفتاح ما قبلها الحركة التابعة لحركة الواو، وإذا قلت: مررت بأبيك فأصله: بأبوك أتبعت حركة الباء لحركة الواو، فصار بأبوك؛ فاستثقلت الكسرة على الواو فحذفت، فسكنت، وقبلها كسرة، فانقلبت ياء، كما انقلبت في ميزان، وهذا الاتباع وجد نظيره في: امرئ وابنم على أجود اللغتين فيهما فتقول: هذا ابنم وامرؤ، ورأيت ابنما، وامرأ، ومررت بابنم وامرئ، وهذا مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أن: امرأ وابنما معربان من مكانين، فالحركة في النون والراء ليست اتباعًا لحركة الهمزة والميم.

ووزن امرئ عند الجرمي فعل، فلو سمى به وجمع قال: مرءون، وعند أبي بكر ابن شقير مرء: بسكون الراء، واللغة الأخرى فيهما فتح الراء، والنون في الأحوال الثلاث، ولم يسمع بتأنيث ابنم، ولا جمعه بالواو والنون ولا بتكسيره. وهذا المذهب من اتباع ما قبل الآخر للآخر، وهو مذهب سيبويه، والفارسي، والجمهور من البصريين، وأصحابنا، وذهب قطرب، والزيادي، والزجاجي من البصريين، وهشام من الكوفيين: إلى أن هذه الحروف هي نفس الإعراب نائبة عن الحركات، وذهب المازني وأصحابه إلى أنها معربة بالحركات التي قبل الحروف، والحروف إشباع، وهو اختيار الزجاج، وذهب الربعي وقوم: إلى أنها معربة بالحركات التي قبل الحروف، وهي منقولة من الحروف وذهب قوم من المتأخرين منهم الأعلم،

وابن أبي العافية إلى أنها معربة بالحركات التي قبل الحروف، وهي الحركات التي كانت لها قبل أن تضاف، وتثبت الواو في الرفع لأجل الضمة، وانقلبت ياء لأجل الكسرة، وانقلبت ألفًا لأجل الفتحة. وذهب الكسائي، والفراء إلى أنها معربة بالحركات والحروف معًا، وهو الذي يعنون به أنه: معرب من مكانين، وذهب الجرمي، وهشام في أحد قوليه: إلى أنها معربة بالتعيين، والانقلاب حالة النصب والجر، وبعدم ذلك حالة الرفع، وذهب السهيلي، وتلميذه أبو علي الرندي: إلى أن فاك، وذا مال معربان بحركات مقدرة في الحروف، وأن أباك، وأخاك، وحماك، وهناك معربة بالحروف، وذهب الأخفش: إلى أنها دلائل الإعراب واختلف في تفسير قوله: فقال الزجاج والسيرافي: معناه أنها معربة بحركات مقدرة في الحروف التي قبل حرف العلة، ومنع من ظهور الحركات في تلك الحروف كون حروف العلة تطلب حركات من جنسها وقال ابن السراج، وابن كيسان معنى قوله إنها حروف إعراب ولا إعراب فيها لا ظاهر ولا مقدر فهي دلائل إعراب بهذا التقدير، فهذان قولان في تفسير قول الأخفش، وقال صاحب البسيط: قال الأخفش: هي زوائد

دوال على الإعراب، كالحركات فظاهر هذا القول: أنها ليست حروف إعراب ولا إعرابًا، وذهب أبو علي، وجماعة من أصحابنا إلى أنها حروف إعراب، ودوال على الإعراب وكأنه جمع بين قول الأخفش وقول سيبويه. وذكر بعض الشيوخ عن شيخ من أهل النحو يقال له: أبو عبد الله الطنجي أنه كان يقول: هذه حروف العلة، وهي لامات «يعني في أخوك، وأبوك وحموك وهنوك» وعين في فوك، وذو مال فكان قياسها أن تثبت على حالة واحدة ونطق واحد، ولا تتغير، فتكون مقصورة لكن جعلوا تغييرها إلى واو وألف وياء إعرابًا، وهذا قول يئول إلى قول الجرمي، ومن وافقه، وقد بنوا مسألة على مذهب من قال: إنها معربة من مكانين قالوا إذا بنيت من أوى مثل: أبوك، قلت آبك ومن وأى قلت: وأوك، ومن هوى، قلت: هايك؛ فإن جمعت قلت: أبوك وهايوك، ووأوك، فتختلف في الأولين الجمع والمفرد، ويتفقان في وأوك، وإذا ثنيت، قلت هذان أياك وواباك، واختلف الكسائي والفراء في تثنية: هايك فقال الكسائي: هوياك، وقال الفراء: هاياك. وقد تعرض النحاة للغات هذه الأسماء، فذكروا في (أب) النقص، والقصر، والتشديد، فقالوا: هذا أبك، وهذا أباك وهذا أبك، واشتقوا في المشدد فقالوا: استأبيت (أي اتخذت أبا) ببائين، وزعم ثعلب: أن التشديد في (أب) عوض من الواو المحذوفة وفي (أخ) الثلاثة، وأخو بسكون الخاء، وفي (حم) النقص والقصر وبناؤه مهموز على فعل كـ (بناء). وعلى فعل

كـ (خبء)، أو بالواو (كدلو)، وفي (هن) النقص والتشديد. وأما في (فم)، فحكى فيه النقص، والقصر بالحركات الثلاث فيهما، وتشديد الميم مع فتح الفاء، وضمها وكسرها في الرفع، والجر والنصب، واتباع حركة الميم في الإعراب وقالوا (فوه)، على فعل (وفاه) على فعل و (فيه) على فعل والإعراب في ثلاثتها في الهاء، واتضح أن للفم: أربع مواد (ف وه)، و (ف م هـ) و (ف م ى) و (ف م م) وسمع جمعه على أفمام، ويجوز إفراد (أخ) (وأب) و (حم) (وهن) من الإضافة، وأما (ذو) فلا يجوز إفراده، وأما (فوك) فلا يفرد إلا ويصير بتلك اللغات وقال العجاج: خالط من سلمى خياشيم وفا

فإفراده لفظًا حالة النصب، ولا يكون في هذا الكلام عند البصريين. وسأل عيسى بن عمر ذا الرمة هل يقولون: هذا: فقال: بل يقولون فتح الله ذا فا، وهي عربية فاستعملها في الإفراد من غير عوض، وزعم الفارسي: أن الميم لا تثبت حالة الإضافة إلا في الشعر، والصحيح جواز ذلك في النثر، والنظم وعلى قول أبي على أصحابنا. وكون هذه الأسماء تكون بالواو والألف والياء شرطه أن لا تضاف إلى ياء المتكلم، وأن لا تصغر، ولا تثنى، ولا تجمع، فأما إضافتها إلى ياء المتكلم، فسيأتي في باب الإضافة، إن شاء الله تعالى. ووزن (أب وأخ وحم) عند البصريين فعل، وعند الفراء: فعل، وفوه عندهم فعل بضم الفاء و (ذو)، فعل وعند الخليل: فعل أصله، ذو، وقال ابن كيسان: يحتمل الوزنين، والمحذوف في قولك: ذو مال اللام، وهو قول شيوخنا بغرب الأندلس وقال: أهل قرطبة: المحذوف: العين.

وما جمع بالألف والتاء المزيدتين: ذهب الجمهور: إلى أنه معرب، وحركته حالة النصب: حركة إعراب حمل فيه النصب على الجر، كما حمل جمع التصحيح في المذكر وما لحق به في حالة النصب على الجر، وذهب الأخفش والمبرد: إلى أن الكسرة فيه حالة النصب حركة بناء، وكذلك الخلاف في حركة ما لا ينصرف حالة الجر: وذهب الجمهور إلى أن الفتحة يعربان في حالين ويبنيان في حال، ونيابة الكسرة عن الفتحة فيما ذكر هي على سبيل التحتم عند البصريين، ولا يعرفون غيره وجوز الكوفيون: نصبه بالفتحة، وحكوا: سمعت لغاتهم، وتحيرت ثباتًا، وحفرت إراتك، وأسرعت علقاتهم وعرقاتهم، كل ذلك بفتح التاء، وقال هشام: حكى الكسائي سمعت لغاتهم وهذا في الناقص فتلخص أن مذهب جمهور الكوفيين على جواز النصب بالفتحة، ومذهب هشام

جوازه في الناقص، نحو: لغة وثبة وأرات جمع إرة، وهي الحفرة يطبخ فيها وعلقات جمع علقة يقال: لما يضن به علقة، وقال الأصمعي: انتزعت عرقاتهم بفتح التاء هي واحدة (أي أصل مالهم). وحكم أولات هذا الحكم، ينصب بالكسرة، قال تعالى: [وإن كن أولات حمل] كما جمع المذكر (أولو) بالواو والياء، وليس لهما واحد من لفظهما، وقال أبو علي: وزن أولات: فعل كهدى، وحذفت ألفها المنقلبة، لالتقائها ساكنة، مع الألف والتاء التي للجمع، حملت على نظيرتها ذوات وقيل: يحتمل أن يكون أصلها (ألى) الآخر منهما ياء، وحذفت الألف والتاء، كما حذفت ياء الذي في اللذان، ويكون كثن وإذا سمى بما جمع بالألف والتاء، فيأتي حكمه في باب التسمية بأي لفظ كان، إن شاء الله تعالى. والمضارع المتصل به ألف اثنين نحو: يفعلان، وتفعلان، وواو الجمع نحو: يفعلون، وتفعلون، وتاء المؤنث نحو: تفعلين: ذهب الجمهور إلى أنه معرب بثبوت النون في الرفع، وبحذفها في الجزم والنصب، حمل النصب على الجزم، كما حمل النصب على الجر في التثنية والجمع المذكر، وذهب الأخفش،

وابن درستويه إلى أن هذه النون ليست إعرابًا، وإنما هي دليل إعراب مقدر قبل ثلاثة الأحرف، وإلى هذا ذهب السهيلي قال: منعت هذه الحروف من ظهور الإعراب شغلها بالحركات التي اقتضتها؛ فالإعراب مقدر فيما قبل الحروف كما تقدر في غلامي لشغل الآخر بالحركة التي اقتضتها الياء، وذهب الفارسي إلى أنه معرب ولا إعراب فيه. وفي البسيط زعم بعضهم أن المضارع معرب بهذه الحروف: الألف والواو والياء، فهذه الحروف علامة الإعراب، كما هي في الزيدان والزيدون والزيدين، ووجود الخلاف يبطل قول ابن عصفور: أنه لا خلاف بين النحويين في أن النون علامة إعراب لا حرف إعراب، والنون التي في آخره مكسورة بعد الألف؛ وقد تفتح قرئ: [أتعدانني] بفتح النون، مفتوحة بعد الواو والياء ويحذف جزمًا ونصبًا نحو: لن يقوما ولم يقوما. ولنون التأكيد نحو: هل تخرجن، وهل تخرجان، وهل تخرجن، فإن اجتمعت مع نون الوقاية نحو: هل تضربانني، وهل تضربونني، وهل تضربينني، فيجوز إثباتها، وإدغام نون الرفع في نون الوقاية وحذف إحداهما فمذهب سيبويه: أن المحذوفة نون الرفع، وإليه ذهب أكثر المتأخرين، وذهب

الأخفش، والمبرد، وعلي بن سليمان، وأبو علي، وابن جني إلى أن المحذوفة نون الوقاية، وندر حذف نون الرفع في المضارع المرفوع نحو. ..... وتبيتي تدلكي (أي وتبيتين تدلكين) وفي قراءة شاذة: [قالوا: ساحران تظاهرا] أي أنتما ساحران تظاهران أدغم التاء في الظاء.

فصل

فصل الإعراب ظاهر أو مقدر نحو: زيد يقوم، وموسى يخشى، وزاد بعضهم: ومنوى، وخص المقدر بما الألف منقلبة فيه نحو: ملهى والمنوى بما ليست ألفه منقلبة عن شيء نحو: حبلى وأرطى وكذلك عنده غلامي الإعراب فيه منوى، والاسم المقصور، وتقدر فيه ثلاث حركات إلا إن كان لا ينصرف فيقدر فيه الضمة والفتحة. والمضارع الذي آخره ألف نحو: يخشى، أو واو نحو: يغزو، أو ياء نحو: يرمي تقدر فيه الضمة رفعًا إلا في الشعر نحو: يسلو، وتساوى والفتحة في نحو: يخشى، وتظهر الفتحة في الواو والياء نحو: لن ندعو، ولن تحيى إلا في الشعر، أو في شاذ نحو: ....... لتقضيني رقية .... … ..........

و: ........ أن تدنو مودتها … ......... [أو يعفو الذي]، وأجاز الفراء في نحو: يحيى ويعيى نقل حركة العين إلى الساكن قبلها وإدغام الياء في الياء، فتظهر الضمة فيقول: يحيى، ويعى، ولا يعرض أن يكون حركة ما قبل الواو من جنسها إلا في الفعل نحو: يغزو، ولا يكون في اسم إلا ويكون مبنيًا، وذلك (ذو) الموصولة في أشهر لغتيها أو معربًا تعرض تطرف الواو فيه نحو: أدل، أو كان يستحيل إلى غيره نحو: قام أخوك يستحيل إلى الألف نحو: رأيت أخاك وإلى الياء نحو: مررت بأخيك، فإن أدى القياس في معرب غير ما ذكر، أو عارض بناء إلى ذلك، قلبت الواو ياء والضمة كسرة إلا إن كان منقولاً من لسان العجم نحو: هندو أو من الفعل نحو: يغزو فمذهب البصريين القلب فتقول: قام يغزو، ومررت بيغز، ورأيت يغزى حكمه

حكم المنقوص، ومذهب الكوفيين إفراده فتقول: قام يغزو، ورأيت يغزو، ومررت بيغزو. وإذا دخل الجازم على هذه الأفعال حذفت الواو، والياء، والألف نحو: لم يغز، ولم يخش، ولم يرم والمشهور المقرر أنها حذفها الجازم، والذي قررناه في الشرح وغيره: أنها تحذف عند الجازم، لا بالجازم، ويجوز في الشعر تسكين ما قبل الحروف المحذوفة نحو: لم يغز ولم يرم، ولم يخش، وإقرارها مع الجازم ضرورة، وقيل يجوز في الكلام، وهي لغة لبعض العرب، وإذا بنيت هذه الحروف مع الجازم، فالمحذوف: هي الضمة الظاهرة التي على الواو والياء إذ كان قد يقول: يغزو ويرمى في الشعر وقيل: المحذوف هي الضمة المقدرة فيهما قبل دخول الجازم؛ وانبنى على هذا أنه لا يجوز في الضرورة إلا إقرار ألف يخشى إذا دخل الجازم، لأنها لم يكن فيها ضمة ظاهرة، أو يجوز؛ لأن المحذوف هو الضمة المقدرة، وقال خطاب، ورأيت ابن الأنباري: يجيز أن تقول: لم يخشا، ولم يسعا، بإثبات الألف واحتج بقراءة حمزة: [لا تخاف دركا ولا تخشى] بإثبات الألف، وهذا لا يجوز عندنا، انتهى.

وذهب بعض النحاة إلى أن هذه الحروف الثابتة مع الجازم، ليست التي هي لام الفعل بل حذف الجازم تلك وهذه حروف إشباع، تولدت عن الحركات التي قبلها، والمضارع الذي آخره همزة نحو: يقرأ، ويوضؤ، ويقرئ قياس تسهيل الهمزة فيها: إنما هو بين بين لا بالإبدال المحض، فإن أبدلت حرف لين محضًا، فهو على لغة من قال في قرأت وتوضأت: قريت، وتوضيت وهي لغة ضعيفة حكاها الأخفش، وعلى هذا، فنص أكثر أصحابنا على أنه لا يحذف حرف اللين للجازم، وأنك تقول: لم يقرا، ولم يوضو، ولم يقرى، وزعم ابن عصفور أنه يجوز حذفه للجازم فتقول: لم يقر، ولم يوض، ولم يقر، ورد عليه أبو العباس بن الحاج من تلاميذ شيخهما أبي علي. والاسم المنقوص تظهر فيه الفتحة نحو: رأيت القاضي إلا في الشعر فقد يقدر إلا في معدى كرب إذا أعرب إعراب المتضايفين، فيقدر، ومنهم من أظهرها فيه، وزعم أبو حاتم: أن إسكان الياء في المنقوص غير المنون لغة فصيحة، وقرئ [من أوسط ما تطعمون أهليكم] بسكون الياء، وتقدر فيه الضمة والكسرة إلا في ضرورة الشعر، فقد تظهر نحو: كابئ الأزند وغير ماضي، وإذا كان

(بأل) نحو: القاضي، فحذف الياء منه رفعًا ونصبًا ضرورة عند سيبويه لغة عند الفراء، وإذا قلت مررت بجوار، فالإعراب مقدر في الياء المحذوفة قال في المفتاح: إلا عند يونس، وأبي زيد، والكسائي، فيظهرون الفتحة في الياء، فيقولون مررت بجواري وهذا عند غيرهم ضرورة إذا وجد. وإذا كان حرف الإعراب صحيحًا، فلا يجوز إلا ظهور الإعراب فيه، وحذف الحركة منه، خصه أصحابنا بالشعر، وذهب المبرد إلى أنه لا يجوز ذلك لا في الشعر ولا غيره، وذهب بعضهم إلى جواز ذلك، وإن كان قليلاً، ومنه قراءة من قرأ [وبعولتهن] بسكون التاء، وما حكاه أبو زيد [ورسلنا]، وحكى أبو عمرو أن لغة تميم تسكين المرفوع من نحو [يعلمهم] وقراءة [بارئكم] و [مكر السيء] في الوصل بسكون الميم واللام والهمزة،

وتقدر الحركات أيضًا في حرف الإعراب وهو صحيح إذا سكن للإدغام نحو: [وقتل داود جالوت] [وترى الناس سكارى] و [العاديات ضبحا] وفي الحكاية على قول البصريين نحو: من زيدًا، لمن قال: رأيت زيدًا، ومن زيد لمن قال: مررت بزيد، ومن زيد لمن قال: قام زيد على الصحيح في هذا، إذ هي ضمة حكاية لا ضمة إعراب، وفي المضاف إلى ياء المتكلم، على صحيح الأقوال ويأتي في باب الإضافة وأما نحو: يلد إذا جزمته فتقول: لم يلد، فإن خففته بسكون حركة العين، فلا يمكن الجمع بين ساكنين، فتفتح الدال فتقول: لم يلد، طلبًا للتخفيف أو بكسرها على أصل التقاء الساكنين، وكذا لو اتصل بالفعل الضمير فتقول: لم يلده ولم يلده.

باب ما لا ينصرف

باب ما لا ينصرف وهو المعرب الذي لا يوجد فيه تنوين، ولا جر إلا إذا أضيف، أو دخلت عليه (أل)، فيجر، فألف التأنيث تمنع الصرف مقصورة، كان الاسم مفردًا، أو جمعًا، مصدرًا، أو صفة، أو علمًا نحو: بهمى، وسكارى، وذكرى، وذفرى، ومنى، وسلمى، وممدودة مفردًا أو جمعًا نحو: حمراء، وشعراء، ولو سميت بكلتا من قولك: قامت كلتا أختيك، امتنع الصرف، أو من: رأيت كلتى المرأتين أو من كلتيهما صرفت، وكذا حبلى المرخم من حبلوى مسمى به. وما وازن مفاعل أو مفاعيل في الحركات والسكنات، وهو الجمع المتناهي. ويقال: الجمع الذي لا نظير له في الآحاد، ولو سمى به منع الصرف نحو: دراهم،

ودنانير، ودواب. وفي حواشي مبرمان: النحويون إذا سموا رجلاً بمساجد، لم يصرفوه معرفة ولا نكرة إلا الأخفش إذا سمى به رجلاً صرفه. قال: أبو إسحاق وهو القياس وكان الأخفش يقول: إنما منعه من الصرف: أنه مثال لا يقع عليه الواحد، فلما نقلته، وسميت به خرج من ذلك المانع، وعن الأخفش أيضًا لم أصرفه للمعرفة، والبناء، فإذا نكرته صرفته، انتهى. فإن ماثل وهو اسم جنس نحو: عبال، وحمار، الواحد: عبالة، وحمارة صرفت، وإن جعلت حمارًا جمع تكسير، منعته الصرف، وكان تقديره: بحمارر، وإلى اشتراط حركة ما بعد الألف لفظًا أو تقديرًا، ذهب سيبويه والجمهور. وذهب الزجاج إلى أنه لا يشترط ذلك، فأجاز في تكسير هبى أن تقول: هباى بالإدغام. قال: وأصل الياء الأولى عندي السكون، ولولا ذلك لأظهرتها، انتهى. فلو عرضت الكسرة بعد الألف نحو: التواني، أو لحق ياء النسب نحو:

مدائني، والألف المعوضة من إحدى يائي النسب تحقيقًا نحو: يمان، أو تقديرًا نحو: ثمان وتهام، أو دخلته التاء نحو: صياقلة، صرف، قال الأخفش: العرب تصرف أقاتيًا جمع إقاتية قال: ولو سميت رجلاً: علانى، فإن كانت الياء ياء النسب صرفت في المعرفة والنكرة، وفي ثمان منع الصرف، وجاء مصروفًا في الشعر، وقيل هما لغتان، وقال ابن سيده: إن سميت رجلاً بثمان، لم تصرفه لأنه اسم مؤنث كثلاث وعناق إذا سميت بهما، قال الفراء: هو مصروف لأنه جمع، انتهى.

وفي حواشي مبرمان قال المبرد: إذا سميت رجلاً بثماني لم أصرفه إلا إذا كان من قولك: ثماني نسوة، وإن سميت بكراهية منزوعة الهاء صرفته؛ لأنه مذكر، فالتاء في كراهية تاء النسب، والألف عوض، انتهى. والمشهور في سراويل منع الصرف في النكرة والمعرفة، ونقل الأخفش: أن بعض العرب يصرفه في النكرة إذا جعله اسمًا مفردًا، وذكر الأخفش أنه سمع من العرب سروالة وقال أبو حاتم: من العرب من يقول سروال. والعدل صرف لفظ أولى بالمسمى إلى آخر، فيمنع مع الصفة نحو: مثنى، وثلاث هذا مذهب سيبويه والخليل، وذهب الأعلم: إلى أنه لا تدخله التاء، فضارع أحمر، فلم ينصرف فهو معدول عن أصله، وأنكر أن يكون الوصف واحدًا مبهمًا، وذهب الزمخشري: على أنه امتنع؛ لأنه عدل في اللفظ، وعدل عدل التنكير، وذهب الفراء: إلى أنه امتنع للعدل، والتعريف بنية (أل)، فأما (جمع) وأخواته، فامتنع للعدل، وشبه الصفة أو شبه العلمية، ويأتي الكلام في أخر وسحر.

والصفة وشبه الزيادتين بألفي التأنيث قاله سيبويه في باب ما لا ينصرف على وزن فعلان ذي (فعلى) فيمتنع خلافًا للمبرد في زعمه أنه امتنع، لكون النون بعد الألف مبدلة من ألف التأنيث، فالقولان عن أبي علي. وذهب الكوفيون إلى أنه لا يلحظ الشبه بألفي التأنيث، بل كونهما زائدتين لا تحلقهما الهاء. وزعم الأعلم أن سكران مشبه بأحمر من حيث إنه صفة مثله مؤنثة بألف التأنيث، لا بالهاء، فأما ما دخلته التاء نحو: ندمان وندمانة فالصرف، فأما لحيان، ورحمان، فالصحيح الصرف، وبنو أسد يؤنثون باب سكران بالهاء فيقولون: سكرانة فيصرفون مذكره فيقولون: سكران بالتنوين، ويجرونه بالكسرة، ولا تنزل النون الأصلية بعد ألف زائدة منزلة النون الزائدة نحو: بيان، وسنان، فيمنع من الصرف خلافًا للفراء، ولو أبدلت النون الزائدة لامًا بعد ألف زائدة، تنزلت اللام منزلة النون، فامتنع الاسم من الصرف نحو: أصيلال مسمى به، قاله الأخفش وأجراه في منع الصرف مجرى هاء هراق المبدلة من الهمزة، وأصله أصيلان

تصغير آصال جمع أصيل قال البكري: تصغير أصيل أصيلال، وأصيلان وقال ابن جني: ليس واحد منهما تصغير أصيل، وقال الفارسي: أصيلال مفرد يجمع ولذلك ساغ تحقيره ولو أبدلت النون من همزة أصلية صرفت نحو: حنان أصله حناء. ووزن الفعل الغالب، والمختص بالفعل بشروطه يمنع الصرف، هذا مذهب سيبويه، والخليل، والجمهور والغالب هو ما أوله زيادة من حروف نأيت، وهو منقول من فعل نحو: يشكر، وغير منقول من فعل: نحو أفكل، ويرمع؛ فإن كان الوزن مشتركًا، ونقل من فعل صرف نحو: ضرب مسمى به خلافًا لعيسى ابن عمر، والفراء، وإن كان الوزن غير لازم نحو: امرئ وابنم متبعًا ما قبل الأول للآخر انصرف فإن التزم الفتح في الراء، والنون امتنع مسمى بهما. فإن اعتل شيء من الفعل، واعتلاله يغيره عن وزنه الأصلي لعلة لازمة، ولم يخرج إلى مثال من أمثلة الأسماء نحو: يزيد امتنع مسمى به، أو بغير علة

لازمة، ولحقه التغيير قبل التسمية نحو: أنظور، وينباع، انصرف عند الفارسي وامتنع عند الأستاذ أبي علي، أو بعد التسمية فقياس قول سيبويه في صرف: ضرب إذا خفف بعد التسمية الصرف، وقياس قول الأخفش في ترك صرف يعفر المنع، وفي حواشي مبرمان: سيبويه يقول: إذا سميت رجلاً بضرب ثم سكنت صرف؛ لأنه خرج إلى مثال الأسماء. والمبرد يقول لا أصرفه؛ لأن فيه نية الحركة، وليس هذا عنده مثل: رد وقيل لأنه لا يجوز فيهما ردد، ولا قول وأنت إذا قلت في ضرب: ضرب، جاز أن ترد الكسرة، انتهى. والصحيح صرف أنظور وينباع ويعفر، وإن خرج والاعتلال غير لازم، ولحق قبل التسمية، والخروج على بناء يكثر وجوه انصرف كتسميتك بعصر، أو إلى بناء نادر نحو: انطلق مسمى إذ صار إلى وزن انقحل، ففي منع صرفه، خلاف، وجوز ابن خروف الوجهين، أو بعد التسمية، فإن كان الاعتلال لازمًا نحو: رد وقيل في لغة من لم يشم وسمى به انصرف، ولو سميت: بقم وبع، رددت الواو والياء فقلت: قوم وبيع وصرفت، أو في لغة من أشم فحكى الأخفش فيه خلافًا، وإلى زوال الإشمام منه وصرفه، ذهب الفارسي، وابن جني.

والغالب في أفعل يمنع مع الوصفية الأصلية، وعدم قبول مؤنثه تاء التأنيث نحو: أحمر؛ فإن عرض فيه الوصفية نحو: مررت برجل أرنب (أي) ذليل، ونسوة أربع، وبرجل أرمل، انصرف؛ لأن مؤنثه أرملة، خلافًا للأخفش في أرمل بمعنى فقير، فإنه يمنعه الصرف لجريه مجرى أحمر، لأنه صفة، على وزن أفعل، وأما قولهم: عام أرمل، فغير مصروف، لأن يعقوب حكى فيه سنة رملاء فصار كأحمر حمراء، وزعم ابن الطراوة أن أحمر منعه من الصرف كون التنوين معدومًا في أصله إذ كان وصفًا لا ينون فرقًا بين ما يعمل من الصفات وما لا يعمل. وأفعل الممنوع الصرف قد يكون له مؤنث من لفظه نحو: أحمر حمراء ومن معناه نحو: آلى، وعجزاء في المشهور، ومالا مؤنث له لعدم المعنى فيه نحو: آدر وأكمر. وأما (أفعل من) فامتنع عند البصريين لوزن الفعل، والوصف، وعند

الكوفيين للزوم (من)، واختلف العرب في (أجدل وأخيل وأفعى)، فجعلها أكثرهم أسماء فصرفها كأفكل وأيدع، ولوحظ فيها معنى الصفة في بعض اللغات فمنعت، لوحظ في أجدل معنى شديد، وفي أخيل معنى الخيلان، وفي أفعى معنى خبيث. ووزن أفعى: أفعل ولامه واو كقولهم: أفعوان، وهمزته زائدة لقولهم: مفعاة، وزعم ابن جني: أنها مشتقة من: فوعة السم (وهي حرارته) أصله أفوع ثم قلبت، وزعم الفارسي: أن ألفه منقلبة عن ياء، وهو مشتق من يافع فقلب، إذ كان أصله أيفع. وأما أبطح وأبرق وأجرع وإن استعملت استعمال الأسماء فلوحظ فيها معنى الوصف، فمنعت الصرف وهو أولى، ولذلك جاء تأنيثها بطحاء، وبرقاء، وجرعاء، ولوحظ كونها استعملت أسماء فصرفت، وأما أدهم للقيد، وأسود للحية، وأرقم (لحية فيها نقط كالرقم) فذكر سيبويه: أن كل العرب لا تصرفها كما لم تصرف أبطح، وأبرق، وأجرع، وأن العرب لم تختلف في منع هذه الستة من الصرف، وقال الكسائي (العرب تصرف مثل أسود سالخ) وصرح ابن جني بأن هذه الأسماء كلها تصرف واضطرب قول أبي علي في هذه الصفات التي جمعت جموع الأسماء هل تتحمل ضمائر فمرة قال: تتحملها، ومرة قال: لا تتحملها، وقال ثعلب: وتقول: أسود سالخ ولا تضيف، والأنثى أسودة، وأنكر

ابن درستويه: أسودة، وأنكره اللحياني أيضًا وقال: هذا من قبل الكوفيين، وكان العرب تصرف (أسود سالخ) ونحوه فيما حكى الكسائي، ولذلك أنثوه: أسودة، وحكى بعض اللغويين أسودات كثيرة أي حيات، فجمع أسودة. وذهب ابن الطراوة إلى أن أدهم وأسود وأخيل صفات، فمنعها الصرف وأن أجدل اسم ينصرف، ورد على سيبويه في جعله صفة مع أنه يمنع أفعى من الصرف، وفي الترشيح: قولهم للقيد أدهم وللحية: أسود وأرقم الأقيس ألا تصرف لأنها صفات عند ابن النحاس، وقوله: هذا يؤدي إلى ترك الصرف لغة فيها، وسيبويه يزعم أن العرب لم تختلف في ترك صرفها لأنها صفات انتهى. والغالب أيضًا يمنع مع العلمية نحو: أحمد خلافًا لابن الطراوة؛ إذ زعم أنه منعه من التنوين كونه معدومًا في أصله؛ إذ أصله الفعل، وزعم أن العرب لا يحفظ من كلامهم منع صرف أفكل سمى به، ومن الغالب يرمع، ويعمل، ويفعل نحو: تولب، وتفعل نحو: تنضب: وتفعل نحو: ترتب وتدرأ فكل هذه إذا سمي بها منعت الصرف للعلمية ووزن الفعل الغالب. وما أوله همزة أو ما بعدها ثلاثة أصول فالحكم عليها بالزيادة، إلا إن قام دليل على الأصالة كهمزة أولق في أحد القولين، أو كان مفكوكًا لم يشذ في فكه

نحو: أيقق، وأكلل، فيحكم عليه بالأصالة، فإذا سمينا بأولق وأيصر وأرطى في لغة من قال: مأروط وأكلل وأيقق صرفنا، ولو سمينا بإثمد، وإصبع، وأبلم منعناها الصرف، وهذه الأوزان في الفعل لا تكون الهمزة فيها إلا همزة وصل، ولا يؤثر ذلك في منع الصرف وعروض سكون تخفيف مثل لازمه نحو: ضرب مسمى به ثم خفف فيمنعه في مذهب المبرد، والمازني، وابن السراج، والسيرافي، ومذهب سيبويه: صرفه، وأما يعفر بفتح الياء يمنع الصرف وبضمها يمنع عند الأخفش، وقاله أبو زيد: سماعًا عن العرب، ويصرف عند غير الأخفش. وأما ألبب، فمذهب سيبويه منع صرفه مسمى به، ومذهب الأخفش: صرفه، وعروض البدل في همزة أفعل لا يؤثر نحو: هراق في أراق فيمنع الصرف مسمى به للعلمية ووزن الفعل، وإن سميت رجلاً بأجمع وأكتع لم ينصرف في المعرفة وانصرف في النكرة هذا قول سيبويه، وإنما خالف عنده أحمر، لأن

أحمر وصف به وهو نكرة، وأجمع وأكتع لم يوصف به إلا وهو معرفة قاله خطاب وتسمح في قوله لم يوصف به إلا وهو معرفة. والمختص يمنع من العلمية نحو: ضرب وضورب، وجميع الأوزان المختصة بالأفعال، ومن ذلك ضرب ولا يلتفت إلى ما جاء على فعل نحو: دئل ورئم، ولا إلى فعل؛ إذا ما جاء منه علمًا يمكن أن يكون منقولاً من الفعل فمما جاء من ذلك: خضم اسم لرجل ولموضع: بذر، وبير، وعثر واد بالعقيق، وبطح اسم مكان وخرد اسم فرس، وقتل موضع، وسنم اسم فرس، وكلها منعتها العرب الصرف، وأما بقم فأثبته أبو الحسن: في مفردات الأسماء، ووزنه فعل وصرف به ما جاء على هذا المثال مسمى به، وإن كان قليلاً حكاه عنه الهروى. وأما في كتابه الأوسط، فلم يصرف. وما كان من الفعل لا يوافق الاسم في الأصل، والزائد لكنه يوافقه في الحركة والسكون نحو: فعنل لا يوجد في الأسماء نحو: قلنس، فهل يحكم عليه بحكم فعلل إذا سمى به فيصرف أو يجعل خاصًا بالفعل، فيمنع من الصرف، كما يمنع الخاص فيه نظر.

الألف والنون الزائدتان في آخر الاسم على فعلان أو غيره من الأوزان يمنع الصرف مع العلمية، وتقدم الشرط في زيادة النون بعد الألف الزائدة والخلاف في ذلك، ولو سميت برمان فمذهب الخليل وسيبويه منع صرفه؛ لاعتقادهما زيادة النون، ومذهب الأخفش صرفه؛ لاعتقاده أصالة النون، وحسان، وشيطان ودهقان ينبني على أصالة النون فيصرف، أو زيادتها، فيمنع مسمى به، وقد منعت العرب شيطان، وإنسان اسمى قبيلتين، وتقدم زيادة الألف والنون في الوصف. والألف للإلحاق المقصورة نحو: أرطى في لغة مأروط يمنع [مع العلمية، ولا تمنع الممدودة نحو: علباء وحرباء مسمى بها والمركب تركيب المزج يمنع]

مع العلمية نحو: معد يكرب، وآخر الاسم الأول مفتوح إلا إن كان ياء نحو: معدى كرب، وقالى قلا، أو نونًا نحو: باذنجانية فإنه يسكن، ولو ركبت مسلمات مع زيد لحركت التاء بالكسرة فقلت: هذا مسلمات زيد: كما لو ركبت مسلمة مع زيد لقلت: هذا مسلمة زيد. ولا يتحتم في تركيب المزج منع الصرف بل تجوز فيه الإضافة وهي مسموعة في بعلبك، ومعدى كرب، وحضرموت، والقياس سائغ، ولم يحفظ الأخفش الإضافة في (قالى قلا). وفي البسط: وقال الأخفش: «ومن العرب من يضيف هذا كله» وزعم السيرافي أنك إذا أضفت في قالى قلا، وجعلت (قلا) اسم موضع نؤنته قال: «والأكثر ترك التنوين» والمعتل آخر أولهما كمعدى كرب، فالأكثر فيه حالة الإضافة إذا نصب أن تقدر الحركة في الياء فتسكن، وقيل يجوز فتحها على الأصل، وقيل: تفتح في النصب، وتسكن في الرفع والجر، والجزء الثاني له ماله لو كان مفردًا ينصرف نحو: حضرموت ويمنع مثل: رام هرمز، ومعدى كرب، في حالة الإضافة ممنوع الصرف عند سيبويه

والفارسي، وحكى عن بعض العرب صرفه، وقياسه: معدى فتح الدال كمعزى. وفي بناء المركب تركيب المزج خلاف فليس يطرد عند عامة البصريين والكوفيين، والصحيح جوازه، فيصير فيه ثلاثة مذاهب للعرب: منعه الصرف، وإعرابه إعراب المتضايفين، وبناؤه، وما ركب من العدد كخمسة عشر إذا سميت به، فلك أن تقره على حاله، وأن تعربه إعراب المتضايفين، وإعراب مالا ينصرف. وما ركب ولم ينصرف بأن لزم حالة واحدة كالنصب على الحال نحو: شغر بغر، أو على الظرف ولم يلزم فيه التركيب، بأن ركب بعض وأضيف بعض وإذا سميت بشيء منها، أضيف الأول إلى الثاني ولم يبق على تركيبه فتقول: جاءني شغر بغر وبيت بيت، وصباح مساء، ورأيت شغر بغر، وصباح مساء، وبيت بيت، ومررت بشغر بغر وبيت بيت وصباح مساء، هذا رأي سيبويه، وقيل: يجوز فيه التركيب والبناء. وإذا كان المركب أعجميًا نحو: فناخسرو فقيل: يجوز فيه أوجه بعلبك، وإذا أضيف فخسر منصرف، وترك اللفظ على استعمال العجم هو الوجه عند سيبويه

إلى أن يستعمل تغييره في لسان العرب، فيتبع في ذلك: وقول الجرمي: في شطرنج ينبغي أن يكسر أوله فيكون كجردحل وفي سوسن أن تفتح سينه مثل: كوكب خطأ وجهل لما اعتمد عليه سيبويه. وخسرو: منهم من أنشده في شعر المتنبي بالواو، وكذا أبو مروان بن حبان، وضبطه الزبيدي بالهاء ساكنة بلا (واو) فقال: خسره. وما ركب من اسم وصوت: نحو سيبويه، وعمرويه فمذهب الجمهور: أنه يبقى على حاله مبنيًا، وذهب بعضهم إلى أنه يجوز فيه منع الصرف وقال أبو إسحاق: إذا سميت رجلاً بعاقلة لبيبة قلت: عاقلة لبيبة على حضرموت، وعاقلة لبيبة على حضرموت، وإن شئت أن تحكي النكرة نونت وصرفت، التقدير: إذا قلت هذا عاقلة لبيبة: هذا الذي يقال في اسمه: عاقلة لبيبة، فإذا قلت رأيت عاقلة لبيبة فالتقدير: رأيت الذي يقال في اسمه: عاقلة لبيبة وكذا إذا سميت بعاقلة وحدها لك فيه وجهان: إن شئت جعلته بمنزلته مرة معرفة فلم تصرف وإذا شئت حكيت حال النكرة، فصرفت ونؤنت، وإذا قلت هذا عاقلة أي هذا الذي يقال في اسمه عاقلة، ولا يدخل عليك أن نقول لك أضمرت بعض الصلة؛ لأنك إذا

أضمرت الذي بصلته كاملة وهذا تفسير حكاية قوله، وإن أردت حكاية النكرة جاز انتهى من حواشي أبي بكر مبرمان. العدل: يمنع مع العملية في نحو: عمر وهو معدول عن عامر، العلم المنقول من الصفة، ونحو ثعل معدول عن أثعل، فإن ورد فعل مصروفًا، وهو علم علمنا أنه ليس بمعدول، وذلك نحو أدد، ولا يحفظ له أصل في النكرات، وهو عند سيبويه مشتق من الود، فهمزته بدل من الواو، وعند غيره من الإد، وهو العظيم، ومن الغريب أن في (فعل) علم جنس لا علم شخص قالوا: جاء بعلق وفلق بغير (أل) ولا يصرف. فأما جمع، وكتع، وبصع، وبتع، فيمنع من الصرف للعدل وشبه العلمية، فعدلها عن فعل، أو فعالى، أو فعلاوات أقوال: الأول للأخفش، والسيرافي، واختلف في تعريف أجمع وبابه مما هو في التوكيد غير مضاف إلى ضمير، فقيل: تعريفه بالعملية وإلى نحو منه ذهب أبو سليمان السعدي قال:

تنزلت منزلة أسماء الأعلام المشتقة حال العلمية كغطفان وسعاد، وقيل تعريفهما بنية الإضافة، وهو اختيار السهيلي، وابن عصفور. وإن سميت رجلاً بجمع، وكتع انصرف في المعرفة والنكرة في قول الأخفش لأنه إنما عدل وهو توكيد، فلما نقل عن موضعه خف وانصرف، وسيبويه لا يصرفه في المعرفة؛ لأنه فيها عدل ويصرفه في النكرة؛ لأنه رده إلى حال؛ لم يكن فيها معدولاً قاله في الترشيح. وتجويز ابن مالك أن العدل يمنع مع شبه الصفة في باب جمع لا أعرف له سلفًا. أما (سحر) من يوم بعينه، فظرف لا ينصرف، ولا يدخله تنوين، وقال الجمهور: معرب، وقال صدر الأفاضل: هو منبى وقيل: لا ينصرف للعدل عن (أل)، والعلمية، ويقتضيه كلام ابن مالك، وقيل للعدل وشبه العلمية، وهو اختيار ابن عصفور، وقال السهيلي: هو على نية الإضافة؛

وذكر الشلوبين الصغير أنه على نية (أل)، فعلى هذين القولين ليس من باب ما لا ينصرف. وغذا سميت بزفر ما لا يعقل امتنع صرفه، وإذا سميت بسحر انصرف قولاً واحدًا، أو بجمع فسيبويه لا يصرفه، والأخفش يصرفه، ولو نكر بعد التسمية انصرف، أو (بفعل) المختص بالنداء كفسق، فمذهب سيبويه منع صرفه؛ ويصرفه في النكرة، ومذهب الأخفش، وتبعه ابن السيد صرفه في المعرفة والنكرة. وقال ابن بابشاذ: الأخفش يصرف جميع هذه المعدولات في التسمية، إلا إن حدثت علة أخرى، وهي التأنيث، أو تبقى علة متقدمة كالزيادة في فعلان، ويمنع العدل مع العلمية فيما كان علمًا على وزن فعال في لغة تميم نحو: حذام، ورقاش، وسكاب، وهي معدولة عن حاذمة وراقشة وساكبة، كما أن عمر معدول عن عامر، هذا مذهب سيبويه خلافًا للمبرد؛ إذ زعم أنها امتنعت من الصرف للتأنيث والعلمية، ومأخذ هذا السماع كباب عمر، ومذهب الحجازيين

بناء هذه الأنواع على الكسر، ووافقهم أكثر بني تميم على البناء فيما آخره (راء) نحو وبار، وظفار، وعن الأخفش بعض بني تميم يبنونه على الكسر (يعني الباب كله) وعن سيبويه أن بني تميم يعربونه إعراب ما لا ينصرف، إلا فيما آخره (راء) فأكثرهم يبنيه كما ذكرنا. وفي الترشيح: إن نكرت شيئًا من هذه صرفته؛ لأنه إنما عدل حال التعريف، فإذا زال عنه ثقل العدل صرفت تقول: هذه حذام وحذام أخرى، انتهى. فأما فعال أمرًا: كنزال، أو مصدرًا: كحماد، أو حالاً: كبداد أو صفة

جارية مجرى العلم كحلاق أو ملازمة للنداء: كفساق، فهذه كلها مبنية على الكسر إلا ما كان منها أمرًا، فبنو أسد يبنونه على الفتح، وفجار عند الجمهور وسيبويه من باب المصدر، وعند السيرافي من باب الصفة الغالبة نحو: حلاق، وفعال في النداء ينقاس عند الجمهور، ولا تكون إلا في الذم، وقال بعضهم: لا يقاس عليه فلا يقال: يا قباح قياسًا على يا فساق، وفعال هذه كلها معدولة عن مؤنث فإن سمي بشيء منها مذكر لا ينصرف، خلافًا لابن بابشاذ؛ فإنه أجاز فيه ذلك، وأجاز فيه البناء. وعن المبرد إذا سمي بنزال، فليس فيه إلا البناء. وزعم ابن مالك: أن كل فعال المذكور يجوز صرفه كما لو سميت بصباح وإن سمي به مؤنث، فيتخرج على لغة

الحجاز، ولغة تميم في حذام وبابه، ولو سميت مذكرًا بحذام، وبابه، منعته الصرف كانت فيه (راء)، أو لم تكن، وجاز أيضًا صرفه، ولا يكون فيه البناء كحاله علمًا لمؤنث في لغة الحجاز. والعدل يمنع مع الوصفية في أخر جمع أخرى تأنيث آخر، وتحرير القول فيها أنها منعت الصرف للوصف والعدل عن لفظ آخر، لا عن (أل) كما يفهم من كلام النحاة؛ إذ (آخر) من باب أفعل التفضيل خلافًا للأخفش؛ إذ يزعم أنه ليس من بابه، فأما أخر جمع أخرى بمعنى آخرة فمصروف. ولو سمى بآخر الممنوع الصرف فمذهب أبي الحسن، والمبرد، والكوفيين أنه يصرف، ونص

سيبويه على منع صرفه لا في معرفة، ولا في نكرة، ويمنع أيضًا العدل مع الصفة فيما وازن مفعل وفعال في العدد، وفي ذلك ثلاثة مذاهب: أحدها وهو مذهب الكوفيين، وهو القياس فيما لم يسمع على ما سمع والمسموع عند الكوفيين والبصريين: عشار ومعشر، وخماس ومخمس، ورباع ومربع، وثلاث ومثلث، وثناء ومثنى، وأحاد وموحد، فقاس على هذا الكوفيون: سداس ومسدس وثمان ومثمن، وتساع ومتسع، وترك البصريون القياس، واقتصروا على مورد السماع، وقيل: يقاس على ما سمع من فعال لا على ما سمع من مفعل وقيل: يقال البناءان، وهو الصحيح بسماع ذلك من العرب فقتول: موحد وأحاد إلى معشر وعشار، وحكى البناءين أبو عمرو الشيباني، وحكى أبو حاتم ويعقوب: من أحاد إلى عشار، ولا تدخل هذه (أل) وإضافتها قليلة، ولا يجوز صرفها مذهوبًا بها مذهب الأسماء خلافًا للفراء، وغذا سمي بشيء منها امتنع صرفه للعلمية، والعدل عند الجمهور، وقال الأخفش، والجرمي، وأبو علي،

وابن بابشاذ، وابن برهان: يصرف، ولو نكر بعد التسمية، فالجمهور على المنع، ومن صرف أحمر بعد التسمية صرف هذه الأسماء. والعجمة جنسية وشخصية، فالجنسية ما نقلته العرب إلى لسانها نكرة، فتصرفت فيه بإدخال (أل) تارة وبالاشتقاق تارة، والشخصية ما نقلته في أحواله إلى اللسان علمًا، ومذهب الجمهور أنه لا يشترط كونه علمًا في لسان العجم أو لا نقل، وإليه ذهب الأستاذ أبو علي وأصحابه، وابن هشام، وذهب الأستاذ أبو الحسن الدباج إلى اشتراط كونه علمًا في لسان العجم، وهو ظاهر قول سيبويه قال سيبويه: «وأما إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، وهرمز، وفيروز، وقارون، وفرعون وأشباه هذه الأسماء، فإنها لم تقع في كلامهم إلا معرفة على حد ما كانت في كلام العجم» وعلى هذين القولين، يكون الخلاف في (بندار) وقالون، فيصرفان على قول الدباج، ويمنعان على قول الجمهور، وفرق ابن عصفور بين قالون فصرفه، وبندار فلم يصرفه ولا فرق. وتعرف العجمة بنقل أئمة لسان العرب، وبخروجه عن أوزان الأسماء نحو إبريسم، وتبعية الراء للنون في أول الكلمة نحو: نرجس، وقد تتبع في

الآخر نحو: دنر ومدنر، وباتباع الزاي للدال نحو: مهندر وباجتماع الصاد والجيم نحو: الصولجان، وباجتماع الجيم والقاف نحو: قج والجق؛ فإن حجز بينهما حرف فيكثر في الأعجمي نحو: القبج وبكونه خماسيًا عاريًا من حروف الذلاقة أو رباعيًا، فإن كان في الرباعي السين، فقد يكون عربيًا نحو: عسجد وهو قليل، وما يبنى على قياس كلام العرب، وسمي به، فيبنى على الخلاف أيلحق بالعربي أو لا يلحق، أو يفصل بين ما هو على قياس مطرد أو لا، فمن قال: يلحق اعتبره بأنه إن كان فيه مانع منع، وغلا صرف ومن قال: لا يلحق منعه من الصرف، ومن فصل فصل فيما لا يكثر منعه الصرف، وما كثر واطرد فإن كان فيه مانع منع، وإلا صرف، والعجمة الشخصية تمنع مع العلمية وزيادة على ثلاثة أحرف نحو: إبراهيم. فإن كان ثلاثيًا متحرك الوسط نحو لمك، وتتل اسمي رجلين ففيه خلاف، فإن كان ساكن الوسط نحو نوح فأكثر النحاة على الصرف تحرك الوسط أو سكن صرح بذلك السيرافي، وابن برهان، وابن خروف، وأجاز

عيسى بن عمر، وتبعه ابن قتيبة، وعبد القاهر الجرجاني فيه الصرف والمنع، فإن انضاف إلى ذلك التأنيث نحو: جور فالمنع، فإن كان رباعيًا بياء التصغير نحو: عزير صرف، و (أل) في اليسع زائدة، فإن أزلتها، وسميت به انصرف، وأجاز الفارسي: أن تكون (أل) فيه للمح الصفة كهى في العباس. وما وافق من العجمي العربي في اللفظ كإسحاق مصدر أسحق، ويعقوب ذكر القبج، فمنعه وصرفه على قصد المسمى، فإن جهل قصد المسمى، حمل على عادة الناس في التسمية بأسماء الأنبياء، ولا يقال في أعجمي إنه اشتق من مادة عربية لا يقال إدريس: من الدرس، ولا يعقوب: من العقبى، وقد رد أبو علي على ثعلب في قوله (إن) إبليس: من أبلس، ولا تتنزل جهالة أصل العلم منزلة العجمة، فيمنع الاسم الصرف ولا كون الاسم ليس من عادتهم التسمية به نحو: صعرور خلافًا للفراء فيهما، ولأبي عمرو في الأولى فيما حكاه أبو جعفر الرؤاسي عنه.

التأنيث: تقدم التأنيث اللازم؛ فإنه يمنع الصرف وحده، وغير اللازم يمنع مع العلمية، فإن أنث بالهاء، منع كان اسمًا لمذكر أو لمؤنث كطلحة، وعائشة، ودحية، وإن علق على مؤنث، وهو مجرد من الهاء، فإن كان ثنائيًا كيد مسمى به، ففيه المنع والصرف وقيل: يصرف بلا خلاف، أو ثلاثيًا ساكن الوسط تأصلاً كشمس، أو عارضًا كفخذ أو مسكنًا بعد التسمية أو إعلالاً كدار، وسميت به مؤنثًا، ولم تضف إليه عجمة، جاز الصرف ومنعه على قول الجمهور، والمنع أكثر وأجود، وغلط أبو علي فقال: الصرف أفصح، وذهب الأخفش والزجاج: إلى تحتم المنع، وذهب الفراء: إلى تحتم المنع إذا كان اسم بلدة نحو: قيد. وفي الترشيح: ما لا علامة فيه، فبعض النحويين يجريه مجرى ما فيه الهاء، فلا يصرفه معرفة قلت حروفه أو كثرت ويصرفه في النكرة وهو القياس، وبعضهم يتوسط هذا المذهب، فما كان من هذا الضرب ثلاثيًا محرك الوسط نحو قدم اسم امرأة، أو ضلع، أو رباعيًا فما فوقه نحو: زينب وسعاد لم يصرفه في المعرفة وصرفه في النكرة وما كان من هذا ثلاثيًا ساكن الوسط يصرفه في كل حال نحو: هند ودعد وجمل، انتهى.

فإن انضافت إليه العجمة، فالمنع، وحكى ابن فرقد فيه خلافًا، وإن كان متحرك الوسط نحو: قدم وسميت به مؤنثًا امتنع خلافًا لابن الأنباري؛ إذ جوز فيه الوجهين. وفي البسيط: قدم وسقر ممنوعا الصرف باتفاق للتأنيث المعنوي والعلمية أو مذكرًا انصرف خلافًا للفراء، وثعلب إذ ذهبا: إلى أنه لا ينصرف تحرك وسطه أو سكن خلافًا لابن خروف في متحرك الوسط؛ إذ منعه الصرف؛ إذا سمي به مذكرًا، أوكان أزيد من ثلاثة لفظا نحو: سعاد وزينب، وعناق وأتان، أو تقديرًا نحو: جيل أصله جيئل وسميت به مذكرا، امتنع من الصرف فإن كان المؤنث سبقه تذكير، فإما أن يكون منفردا به التذكير نحو: دلال ووصال اسمي امرأتين سمي بهما مذكر، أو مشتركًا فيه المؤنث انصرف نحو: ظلوم، وقتول، وقال الكوفيون: إن سميت المذكر بوصف المذكر، صرفته أو باسم امرأة نحو: ظلوم وقتول جاز ألا تجريه، والأغلب إجراؤه. وقال بعض أصحابنا:

إن كثرت تسمية المؤنث به نحو: حلوب، وسمي به مذكرًا منع، وإن لم يكثر صرف نحو: قبول. وفي البسيط يجرى مجرى حائض فعول ومفعال وفعيل بمعنى مفعول ومفعيل إذا كان معناه مختصًا؛ لأنه وضع للمذكر على مذهب الخليل وسيبويه وذهب الفراء إلى أن فعيلاً بمعنى مفعول أصله الهاء، وتركوها للفرق بينه وبين فعيل بمعنى فاعل، فلا يصرف إذا كان خاصًا، وسمي به مذكر كحائض، وأما فعول ومفعال فمعدولان كمئناث ومذكار عن فاعله، فيمنعه للمذكر. وإن كان وصفًا خاصًا بالمؤنث نحو: حائض، وطالق، وطامث، وسميت به مذكرًا، انصرف خلافًا للكوفيين فإنه يمنع الصرف عندهم، وما كان اسمًا على لغة ووصفًا على لغة وذلك: جنوب وحرور وسموم ودبور وشمال، فإن سميت به مذكرًا، انصرفت على تقدير أنها أوصاف كـ (حائض) ومنعت على تقدير أنها أسماء، فصارت كصعود مسمى به. وفي المخصص: جنوب وحرور وسموم وقبول ودبور أسماء في قليل الكلام، فإذا سميت بها، امتنعت الصرف وصفات في أكثر الكلام فإذا سميت بها انصرفت انتهى. فأما ذراع فمؤنث عند معظم العرب وتذكره عقيل، ولو سميت به مذكرًا

صرفته سماعًا من العرب والقياس: ترك الصرف، وأما كراع فمؤنث وحكى الأصمعي تذكيره، فإن سميت به مذكرًا، فمن العرب من يصرفه. قال سيبويه: شبهه بذراع، ومنع صرفه أكثر فإن كان التأنيث تأنيث جمع نحو: كلاب، وعنوق وسمي به مذكر انصرف، وأسماء اسم رجل ممنوع الصرف، فعلى مذهب الفراء وهو: أنه اسم جمع سمي به، فكثر في تسميته المؤنث حتى عد من أسمائه، فامتنع للعملية والتأنيث، وعلى مذهب سيبويه، وهو أنه فعلاء، وفي همزته بدل من واو وأصله وسماء، فامتنع للتأنيث اللازم، ويظهر الفرق إذا نكر بعد التسمية منصرف على مذهب الفراء، وممتنع على مذهب سيبويه. وإذا سميت بثلاثي مذكر ساكن الوسط نحو: زيد ونعم وبئس مؤنثًا، فابن أبي إسحاق، وأبو عمرو، والخليل، ويونس، وسيبويه، والأخفش، والفراء، والمازني لا يجيزون فيه إلا منع الصرف وعيسى بن عمر، وأبو زيد،

والجرمي، والمبرد ويونس في نقل خطاب عنه يصرفونه، ودعوى أنه ممنوع الصرف بلا خلاف لا تصح، ولو سميت بإبل وغنم رجلاً، فسيبويه لا يرى صرفه؛ لأنه لا واحد له من لفظه، فتأنيثه كتأنيث الواحد. قال خطاب الماردي: ولا أدري ما هذا ولو كان تأنيثه تأنيث الواحد لوجب صرفه لأنه ثلاثي كرجل سميته بقدم اسم امرأة انتهى. وصرف أسماء القبائل والأرضين والكلم، ومنعه مبني على المعنى، فإن كان اسم أب نحو: معد وتميم ولخم وجذام، أو اسم حي: كـ (قريش) وثقيف، أو اسم مكان: كـ (بدر وثبير)، أو اسم لفظ نحو (كتب زيدًا فأجاده) صرف إلا إن كان فيه مانع نحو: تغلب، فتمنعه كان اسم حي أو قبيلة؛ لموجب منع الصرف فيه؛ وقد أخطأ الزجاجي في جعله منصرفًا إذا أريد به اسم الحي، وإن كان اسم أم كـ (باهلة وسدوس وسلول بنت زبان بن امرئ القيس في قضاعة)، أو اسم قبيلة:

كـ (مجوس ويهود)، أو اسم بقعة كفارس وعمان، أو اسم كلمة نحو: كتب زيدًا فأجادها، منع الصرف. والأسماء والأفعال والحروف تذكر باعتبار اللفظ، فتصرف، وتؤنث باعتبار الكلمة، فإن انضاف إلى التأنيث ما يوجب منع الصرف، منع وكذا حروف الهجاء تذكر، وتؤنث، وزعم الفراء أن تذكيرها لا يكون إلا في الشعر، وتقدم الكلام على شيء من ذلك في باب التذكير والتأنيث. وقالوا: ما كان اسمًا لحي أو قبيلة منقولان من أب أو أم، وأضفت إليه ابنًا، ولو في التقدير والنية، كان ذلك الاسم على ما كان عليه لو لم تضف إليه ابنًا، وإن كان فيه مانع، منع وإلا صرف والحكم هنا في الأخبار، والضمائر، وغير ذلك أن يكون لذلك المحذوف المقدر لا للملفوظ بخلاف حذف المضاف في غير هذا الباب؛ فإن الحكم غالبًا للملفوظ به، لا للمحذوف كما قال:

تميم بن مر وأشياعها … .................. يريد أبناء تميم وأشياعه، وإن لم تضف لا لفظًا، ولا نية، وأردت الحي، صرفته غلا إن كان فيه مانع، أو القبيلة منعت إلا إن كان في مجوز الوجهين، فيجوز أن تقسم القبائل، والأحياء على أقسام: قسم يتعين للقبيلة وذلك؛ يهود ومجوس علمين للقبيلتين، ويمنعان من الصرف، فإن جعلتهما جمع يهودي ومجوسي، كرومي وروم، فيجوز إذ ذاك دخول (أل) عليهما، وقسم يتعين للحي، وقسم يغلب عليه اسم القبيلة كـ (جذام وسدوس)، وقسم يغلب عليه اسم الحي، وهو قريش، وثقيف، وكلب، ومعد، وعاد، فيصرف وقد لا يصرف باعتبار القبيلة، وقسم يجوز فيه الأمران وهو ثمود وسبأ، وقد تسمى القبيلة باسم الأب أو الحي باسم الأم، فيوصفان، بابن وبنت قالوا: في اسم الأب تميم بن مر وتميم بنت مر، وقالوا، في اسم الأم باهلة بن أعصر، وباهلة بنت أعصر، أنثوا فيهما على معنى القبيلة، وذكروا على معنى الحي.

وأسماء الأماكن ما فيه (أل) انصرف نحو: الرقة، والبصرة، وما عري منها وفيه تاء التأنيث أو ألف التأنيث، امتنع نحو مكة، وحرورى وما عرى منها [مذكر] فقط، وذلك بدر، وثبير، وفلج، ونجد، والحجاز، واليمن والشام والعراق، وما يغلب عليه التأنيث وذلك فارس وعمان، وما يغلب عليه التذكير وذلك منى، وهجر، وواسط، وحنين، ودابق، وما يستويان فيه حراء وقباء وبغداد، وما يستعمل مؤنثًا فقط وهو ما بقى نحو: دمشق وجلق. وأسماء السور، إن كانت السورة سميت بجملة نحو [قل أوحى] و [أتى أمر الله] أو بفعل لا ضمير فيه فإن كان في أوله همزة وصل قطعت، أو تأنيث قلبت هاء في الوقف، وأعرب إعراب ما لا ينصرف فنقول قرأت إقتربه،

أو باسم من حروف الهجاء على حرف واحد أضفت إليه سورة لفظًا، أو تقديرًا، أو لم تضف فالحكاية والإعراب نحو: قرأت سورة صاد فتحكى، أو سورة صاد، فتمنع، وتصرف على اعتبار التأنيث في الحروف كهند، أو تصرف على اعتبار التذكير فيه، إذ في حرف الهجاء الوجهان التذكير والتأنيث، وقرئ (قاف والقرآن)، وصاد بالفتح، فخرج على أنه منصوب بفعل محذوف فيمنع الصرف أو على أنه لما كانا علمين للسورة، لم يتمكنا بنيا على الفتح، قال هذا الوجه: سيبويه، أو على أكثر من حرف، فإن وازن الأسماء الأعجمية، وأضفت إليه سورة لفظًا أو تقديرًا نحو: ياسين، وحاميم، قال ابن عصفور: فالحكاية، وقال الأستاذ أبو علي: الحكاية، وإعرابه إعراب ما لا ينصرف، وهو نص سيبويه «قال: جعلته اسمًا للسورة أو أضفته إليه» وقال الأستاذ أبو علي: «لا يجوز التركيب». وقرأ بعضهم ياسين فخرج على أنه منصوب بفعل مضمر أي (اذكر ياسين) ومنع الصرف؛ لأنه علم أعجمي، أو على أن (سين) مبني على الفتح وقال سيبويه ويس بناء تركيب، وإن لم يوازن ما أمكن فيه التركيب نحو: طاسين ميم، وأضفت إليه سورة لفظًا أو تقديرًا قال ابن عصفور: فالحكاية، وقال الأستاذ أبو علي: فالحكاية، وإعرابه إعراب وجهي حضرموت،

فيجعل الإعراب في الميم ويفتح النون، أو يضاف، فيكون الإعراب في النون، وطسم مصروفة إن اعتقد فيها التذكير، وغير مصروفة إن اعتقد فيها التأنيث، وإن لم تضف إليه فالحكاية والبناء نحو: خمسة عشر، وإعراب ما لا ينصرف، وإن لم يكن التركيب فالوقف ليس إلا، أضفت إليه سورة، أو لم تضف نحو: كهيعص، وحم عسق، وأجاز يونس كهيعصا بفتح أربعتها وجعل الإعراب في الصاد إعراب ما لا ينصرف، وفي حوشاي مبرمان يقول يونس: «كاف هايا عين صاد برفع الصاد وبنصب الكاف والعين» قال المبرد: يونس بفتح الكاف لالتقاء الساكنين وبفتح العين لالتقاء الساكنين، وبضم الصاد، ويجعل ما قبل الصاد حشوًا، انتهى. أو باسم ليس من حروف الهجاء وفيه (أل) انصرف نحو: الأنعام والأعراف، أو لم يكن فيه، ولم يضف إليه سورة لا لفظًا، ولا تقديرًا، امتنع الصرف نحو: هذا هود، وقرأت هود، وتبركت بهود، وإن أضيف، وفيه ما يوجب المنع نحو: قرأت سورة يونس، وإلا صرف نحو: قرأت سورة هود، وسورة نوح. ما منع صرفه دون علمية أفعل وفعلان الصفتان بشروطهما وأخر المعدول في العدد والجمع المتناهي، وذو التأنيث اللازم، وأفعل المذكور إذا سمي به خلف الصفة العلمية، فامتنع من الصرف، فإذا نكر بعد التسمية فالمشهور عن الأخفش: أنه

يصرفه وبه قال المبرد، وقال سيبويه: لا ينصرف، وروى هذا عن الأخفش وهو الفصيح، لورود السماع بذلك، وفصل الفراء، وتبعه ابن الأنباري فقال: إن سمي رجل أحمر بأحمر لم يجر في معرفة ولا نكرة، وإن سمي به أسود أو أبيض بأحمر لم يجر في المعرفة وأجرى في النكرة، وقال أبو علي: يجوز الوجهان، وإن كان أفعل التفضيل، ونكر بعد التسمية، وكان مجردًا من (من) انصرف قولاً واحدًا أو فيه (من) لم ينصرف قولاً واحدًا ولا يجيء فيه خلاف الأخفش. [وفعلان] المذكور تخلف الصفة فيه العلمية إذا سمي به، فإن نكر بعد التسمية فالجمهور لا يصرفونه، وعن أبي علي قولان: المنع والصرف، والجمع المتناهي إذا نكر بعد التسمية، فسيبويه يمنعه، والمبرد يصرفه، وعن الأخفش قولان: المنع والصرف، وذو التأنيث اللازم إذا نكر بعد التسمية لا ينصرف، ولو ركبت تركيب حضرموت، وكان الاسم الآخر جمعًا متناهيًا، أو ألف التأنيث كأن تسميه بمحاريب، ومساجد أو بعبد حمراء أو بعبد بشرى، لم ينصرف في المعرفة، فإن نكرته بعد التسمية فمذهب الجمهور أنه لا ينصرف، وقيل: ينصرف وضعفه الأخفش، وما لم يمنع إلا مع العلمية إذا نكر، صرف بإجماع، وذلك ما فيه الزيادتان من غير فعلان فعلى، ووزن الفعل من غير (أفعل) فعلى، والعدل في غير العدد، وأخر وألف الإلحاق، وألف التكثير، والتركيب والعجمة والتأنيث غير اللازم

نحو: بعثمان آخر، وأحمد آخر، وعمر آخر، وبأرطى آخر، وبقبعثرى آخر، وبمعدى كرب آخر، وبإبراهيم آخر، وبطلحة آخر؛ إذ زال إحدى العلتين، وهي العلمية، وقيل: زالت العلتان معًا في عمر إذا نكر بعد التسمية. وما آخره ياء قبلها كسرة يكون جمعًا متناهيًا نحو: جوار، ومصغرًا نحو: أعيم وفعلاً مسمى به نحو: يغر، ويرم، فهذا ينون في الرفع والجر، وتظهر الفتحة بغير تنوين في النصب، وما كان منه علمًا، فمذهب يونس وأبي زيد، وعيسى، والكسائي، وأهل بغداد: أن الفتحة تظهر في حالة الجر كما تظهر في النصب، ويمنع التنوين مطلقًا فتقول: قام جوارى، ورأيت جوارى ومررت بجوارى، وكذا باقيها، فإذا سميت به رجلاً، امتنع للعلمية وشبه العجمة أو امرأة، امتنع للعلمية والتأنيث، وفي مثل أعيمي ويغزى للعلمية ووزن الفعل ولو سميت بقاض امرأة امتنع للعلمية، والتأنيث، وسكنت الياء حالة الرفع وتحركت حالة الجر بالفتحة. ومذهب أبي إسحاق، وأبي عمرو، والخليل، وسيبويه

وجمهور أهل البصرة، أنه ينون رفعًا وجرًا وتحذف ياؤه فيهما، ويتم في النصب ولا ينون، وما ذكره أبو علي: من أن يونس وهؤلاء ذهبوا إلى أنه لا تحذف الياء إذا كان جوار نكرة ولم يسم به فتقول: هن جواري، ومررت بجواري فلا ينون: وهم وخطأ ومخالفة للغة العرب والقرآن، وما ذهب إليه ابن الطراوة تابعًا للكوفيين من أنك إذا سميت بيغزو، لم تقلب الواو ياء ولا الضمة كسرة، بل تقول جاءني يغزو، ورأيت يغزو، ومررت بيغزو مخالف لقول الجمهور، وياء الجمع المتناهي إذا قلبت ألفًا كـ (عذارى ومدارى، وصحارى)، لم ينون باتفاق. وإذا كان الاسم مؤنثًا نحو: زينب وسعاد أو إذا أشبه ما سبق بالمضارع نحو: تغلب، أو عارض نحو: أجادل، أو مصغرًا، أو أعجميًا نحو: إبراهيم، أو مركبًا نحو: بعلبك أو مضارعًا لفعلاء مصغرًا أو مكبرًا نحو: سكران فتصغير جميع ذلك يبقى معه منع الصرف نحو: زيينب وسعيد وتغيلب وأجيدل وأبيره أو بريهم، إذا صغر غير تصغير الترخيم، وبعيلبك وسكيران؛ لوجود العلتين فيه،

فإذا أزال ياء التصغير أحد سببيه صرف نحو: عمير وسحير وشمير وعليق وسريحين، وجنيدل، فلو صغر الأعجمي تصغير الترخيم نحو: بريه في إبراهيم صرف، وقد يكمل في التصغير موجب المنع وهو قسمان: قسم صرف مكبره حتمًا نحو: تحلئ، وألندد، وتوسط، وترتب مسمى بها، فإذا صغرت كان فيها العلمية، وشبه المضارع فامتنعت، للعلمية والوزن فتقول: تحيلئ وأليدد وتويسط وتريتب، وقسم صرف مكبره جوازًا نحو: هند فإذا صغر دخلته التاء نحو: هنيدة، فامتنع من الصرف وجوبًا. ويجوز في الضرورة صرف ما لا ينصرف، وهو لغة عند قوم من النحاة، وقد أجاز ذلك في الكلام أحمد بن يحيى، وأما الجمع المتناهي فقال الأخفش: بعض العرب تصرفه وقد قرئ: [سلاسلاً وأغلالاً] [وقوارير قواريرا] بالتنوين، وقال بعضهم قد يصرف للتناسب، وجعل من ذلك سلاسلا وقواريرا [ويغوثا ويعوقا] في قراءة من نون، واستثنى بعضهم ما آخره ألف تأنيث نحو: بشرى فذكر أنه لا يصرف للضرورة. واستثنى الكوفيون «أفعل من»

فلم يصرفوه للضرورة وأما منع صرف ما ينصرف، فذهب أكثر البصريين وأبو موسى، الحامض من الكوفيين: إلى أنه لا يجوز، وذهب معظم الكوفيين وأبو علي إلى جوازه في الضرورة.

باب التسمية

باب التسمية إذا سميت بما يتضمن إسنادًا نحو: تأبط شرًا، وبرق نحره، وذرى حبًا، وقام، ناويًا فيه الضمير، حكيته وأجاز بعضهم فيما اتصل به ضمير الفاعل نحو: قمت الإعراب فتقول: قام قمت، ورأيت قمتًا، ومررت بقمت وأجاز رد حركة الفاء فتقول: هذا قمت، وقمت، وبعت وبعت، ولو سميت: زيد قائم حكيت، ولم توجد التسمية بمثل هذا في كلامهم، وإنما جوزوا التسمية بالجملة الاسمية بالقياس على الجملة الفعلية، أو بما يتضمن عملاً رفعًا أو نصبًا، فله الحكم الذي كان قبل التسمية مثال ذك أن تسمى بقائم أبوه، أو بضارب زيدًا، ويتأثر للعوامل فتقول: قام قائم أبوه، ورأيت قائمًا أبوه، ومررت بقائم أبوه، وقام ضارب زيدًا، ورأيت ضاربًا زيدًا، ومررت بضارب زيدًا. فإن كان الناصب حرفًا، حكيت نحو: إن زيدًا، تقول: قام إن زيدًا، ورأيت إن زيدًا، ومررت بإن زيدًا؛ فإن تضمن عملا جرا بإضافة تأثر الأول للعوامل، والثاني مخفوض فتقول: في التسمية بغلام زيد: جاء غلام زيد، ورأيت غلام زيد، ومررت بغلام زيد، أو بحرف جر وهو على حرف واحد، حكيته فتقول في المسمى بزيد: جاء بزيد، ورأيت بزيد، ومررت بزيد، وأجاز

المبرد، والزجاج فيه الإعراب، بزيادة حرف عليه من جنس حركته، ثم يزاد عليه حرف آخر يماثله، ويدغم الأول في الثاني، ويعرب فتقول: جاء بي زيد، ورأيت بي زيد، ومررت ببي زيد، أو على حرفين والثاني صحيح نحو: من زيد، فيجوز فيه الحكاية والإعراب في النون فتقول: جاء من زيد، ورأيت من زيد، ومررت بمن زيد، أو الثاني عليل نحو: في زيد، فالجمهور على الحكاية، وأجاز المبرد، والزجاج فيه الإعراب بزيادة حرف فتقول: جاء في زيد، ورأيت في زيد، ومررت بفي زيد، أو أكثر فالحكاية، والإعراب إعراب المضاف، والمضاف إليه، ومنهم من أوجب الإعراب، إذا كان ثلاثيًا أو ثنائيًا صحيح الآخر، ولم يذكر سيبويه في (من زيد) وشبهه إلا الإعراب، كغلام زيد. وإن تضمن اتباعًا كأن تسمى بمعطوف ومعطوف عليه، أو بصفة وموصوف فله الإعراب الذي له قبل التسمية تقول: قام زيد وعمرو، ورأيت زيدًا وعمرًا، ومررت بزيد وعمرو، وكذلك الصفة والموصوف، أو تركيبًا من حرفين،

كالتسمية: «بإنما وكأنما وإما، وإلا» في الجزاء، ولعل لأن اللام عندهم زائدة، وكأن فهذا كله يحكي فتقول: قام إنما، ورأيت إنما، ومررت بإنما وكذا باقيها بخلاف أما في قولك: أما والله وأما في قولك: أما بعد، وإلا في الاستثناء، فإن هذه بسائط، وظاهر قول سيبويه: أنه يشترط في هذا الزائد أن يكون لمعنى يفيد مع الأول معنى لم يكن له، فإن كن زائدًا نحو: (ما) في قولك: . ليتما هذا الحمام لنا ... … ............... وفي قوله تعالى: [فبما نقضهم ميثاقهم]، [قال عما قليل]

ونحوه وسمى بشيء منها فقيل: لا يحكى بل يعرب، ويقدر تقدير اسمين، فيتم منهما ما يحتاج إلى التمام فتقول في (عن ما) عن ماء، وفي بما: بي ماء. وقيل: يحكى، وإن كان لمحض الزيادة، وهو مفهوم ابن طاهر من كلام سيبويه، والظاهر الأول. أو تركيبًا من حرف واسم، كأن تسمى بيا زيد، أو ثور ما، أو مثلما أو أنت، عند من يقول بتركيبها، وحيثما و (أما) التي للاستفهام، أو كذا، أو كأين، أو هذا، أو هؤلاء فجميع هذا يحكى، أو تركيب حرف وفعل نحو: هلم إذا لم يضمر فيه فيحكى، فإن أضمرت كان من تركيب الإسناد نحو: يضربون وضربوا في لغة (أكلوني البراغيث) فسيبويه يقول: يعرب بالحروف ويزاد نون في ضربوا فيقول: ضربون، أو تقلب الواو ياء فيصير ضربين، وقال الزجاج: لا تقلب، بل تجرى مجرى زيتون، ويعتد بالواو فتقول: قام ضربون، ورأيت ضربونًا، ومررت بضربون، ونحو: اسما ويسلمان في تلك اللغة، فحكمه حكم المثنى إذا سمي به، وتلحق النون لا سلما، ونحو: ضربن في تلك اللغة يعرب، ويمنع من الصرف للعلمية وشبه العجمة، وإن كان موصولاً وصلته نحو: أن تسمى (بالذي

رأيت)، فلا يغير عن حاله، بل يحكى، فإن كان التركيب مرتجلاً لم تركبه العرب نحو: عن لو، ولو ذا ونحو: قام قام فلا يكون على الحكاية، فيرجع إلى أصل الإضافة والتركيب، ويجرى على قياس من التتميم في الجزءين إن احتاج إلى ذلك وقال المبرد: كل شيئين سميت بهما حرفين كانا أو اسمين إن شئت جعلتهما بمنزلة حضرموت إضافة ومنع الصرف وإن شئت حكيت، وإن سميت بأن ما تقول: أن ماء، وإن شئت حكيت، فيصير في النصب هذا الذي يقال له في رؤيته: رأيت أن ماء تحكى حاله قبل أن يكون اسمًا، انتهى. أو حرف عطف، ومعطوفًا دون متبوع، فكالجملة تحكى على حاله من الموضع الذي نقل منه، فإن كان مرفوعًا نحو: وزيد قلت: قام وزيد، ورأيت وزيد، ومررت بوزيد وكذا من نصب يقول: قام وزيدًا، ورأيت وزيدًا ومررت بوزيدًا، وكذا من جر يقول: قام وزيد، ورأيت وزيد، ومررت بوزيد، وجميع ما تقدم لا يضاف ولا يصغر ولا يثنى، ولا يجمع ولا يرخم، ولا ينادى إن كان موصولاً فيه «أل» نحو: «الذي رأيت» مسمى به، ولو سميت بالرجل منطلق، جاز نداؤه مع (أل) أو مثنى أو مجموعًا على حده، أو جاريًا مجرى أحدهما مطلقًا نحو: زيدان وزيدون، واثنان واثنتان، وعشرون وبابه أعرب

بما كان له قبل التسمية، وتزاد النون في (ذوى) وأولى مسمى بهما، أو تقر الألف في المثنى وما وافقه، ويجعل الإعراب في النون، ويمنعه الصرف فتقول: جاء زيدان، ورأيت زيدان، ومررت بزيدان؛ إذ فيه العلمية، والزيادتان إلا في نحو ذان وتان مسمى بهما فيصرفان فتقول: جاء ذان، ورأيت ذانًا، ومررت بذان، وكذا تان. وفي حواشي المبرمان يقول: هذان كما تقول: رجلان، ومن قال: هذان رجلان قال: هذا هذان لا يصرفه؛ لأن في آخره زيادتين فلا يصرفه، انتهى، وهو مخالف لما ذكرناه، أو تقلب الواو ياء في الجمع، وما وافقه، وتجعل الإعراب في النون وتصرفه فتقول جاء زيدين، ورأيت زيدينا، ومررت بزيدين، ولم يذكر سيبويه في هذا الجمع إلا هذين الوجهين وأجاز غيره أن تلزم الواو، ويمنع الصرف للعلمية وشبه العجمة فتقول: جاء زيدون، ورأيت زيدون، ومررت بزيدون، وحكى: هذا ياسمون البر، ورأيت ياسمون البر، ومررت بياسمون البر، قال بعض أصحابنا وهذا شاذ لا يقاس عليه، وذكر السيرافي وجهًا رابعًا في الجمع وهو: أن تلزم الواو مطلقًا، والنون مفتوحة، وزعم أن ذلك صحيح من لسان العرب تقول: قام زيدون، ورأيت زيدون، ومررت بزيدون، فإن جاوز المثنى والمجموع سبعة أحرف فلا يجعل المثنى كـ (عمران) ولا المجموع كـ (غسلين) ولا كـ (هارون)، بل يحكى فيهما إعرابهما قبل التسمية، أو مجموعًا بألف وتاء نحو: هندات، فيحكى إعرابه، فينون مطلقًا أو يترك تنوينه مطلقًا هذا مذهب البصريين، وأجاز الكوفيون أن يعرب إعراب ما لا ينصرف كطلحة، أو بحاميم، وطاسين، وياسين، فكهابيل، يمنع الصرف للعلمية وشبه العجمة، أو بحيهل قلت:

هذا حيهل، ورأيت حيهل ولا تصرفه، أو بحرفي هجاء كلمة ثانيهما حرف لين نحو: لو، وكى، ولا ضعف ثانيهما تقول: جاء لو وكى، ورأيت لوًا وكيًا، ومررت بلو وكى، وتضعيف (لا) بأن تزيد بعد الألف ألفًا فتقلب همزة فتقول: لاء ولاء، ولاء، أو صحيح نحو: من وعن لم تضعف تقول: جاء من وعن، ورأيت منا وعنا، ومررت بمن وعن وقالوا: إذا سميت (بعم) وهي (عن) الداخلة على (ما) الاستفهامية، فتجوز الحكاية وتجوز الإضافة فتقول: عنماء، وعن ماء، وعن ماء بحسب الإعراب، أو مقتطعين من كلمة كالتسمية برب من ضرب، وبلى من ليت تقول: رب وربا، ورب، ولى وليًا ولى، أو حرفًا واحدًا فإما أن يكون متحركًا أو ساكنًا، إن كان متحركًا، فإما أن يكون كلمة أو بعض كلمة، إن كان كلمة كتاء ضربت وضربت، وكاف أكرمك تقول: تؤو وتى وكاء، وتيا وتوا وكاء وتو وتى وكاء، على حسب المعرب. وإن كان بعض كلمة عينًا، فيكمل بفائها في التسمية بالراء من ضرب جاء ضر، أو فاء فتكمل بعينها تقول جاء ضر، أو لامًا فيكمل بالفاء، أو بالعين تقول: جاء ضب، أو رب [ومن النحاة من يكمل بالتضعيف، ولا يرد شيئًا من حروف الأصل فتقول في التسمية بالضاد المفتوحة من ضرب، والمضمومة من ضرب، والمكسورة من ضرب: قام ضاء، وضو، وضئ، ورأيت وضوا وضيا، ومررت بضاء، وضو، وضى.

وإن كان ساكنًا فالفراء يمنع التسمية به، وغيره يجيزه، وهو إما كلمة أو بعض كلمة، إن كان كلمة فإما أن يقبل الحركة أو لا، إن كان لا يقبل الحركة كالألف من قاما فقيل: لا تصح التسمية به، وقيل لا يمتنع فتقلب همزة، وتضعف فتلتقي همزتان، والأولى فلا يمنع من قلب الثانية ألفًا فتقول: أاأ وقد قالت العرب: أااألشجر، وإن كان يقبل الحركة وكان حرف لين، زيد عليه من جنسه فيحتمل الحركة، ويبدأ بهمزة الوصل وذلك كالتسمية: بالواو من ضربوا، والياء من اضربى تقول: جاءوا، وجاءاى، وإن كان بعض كلمة فسيبويه: يجتلب له همزة الوصل إن كان صحيحًا، فتقول في التسمية بالباء من اضرب: قام اب، ورأيت ابا، ومررت باب. وفي حواشي مبرمان قال: في كتاب الجرمي في قول سيبويه: إذا سميت بالباء من اضرب: إب خطأ؛ لأنه جاء بألف الوصل، فأدخلها على حرف متحرك، وألف الوصل لا تدخل على المتحرك انتهى. وفيها قال بعضهم: لا يجوز أن تسمى بالباء من اضرب إذا قلت: إب؛ لأنك إذا وصلتها بقيت على حرف واحد، وهذا هو مذهب قوي وهو خلاف مذهب سيبويه انتهى، وقال فيها أيضًا: قال أبو إسحاق: أجيز أن أقطع الألف يعني من أب إذا سمي بالباء انتهى، وإن كان عليلاً فحاله كحال لو وكى وما، ومذهب المازني: أنه يزيد على الساكن الحرف الذي قبله تقول: قام رب، ورأيت ربا، ومررت برب، ومذهب الأخفش: أنه يرد من ذلك الفاء ويأتي بهمزة الوصل فتقول اضبب، ومن النحاة من يرد الجميع، ويقطع همزة الوصل فيقول إضرب، وفي البسيط: كل واحد من الساكن والمتحرك إن سمي به مختزلاً من كلمة معينة، كأن تسمى بالراء أو الباء من اضرب أو غير متحرك كأن تسمى بباء متحركة بالفتح، أو ساكنة فرأى الخليل، وسيبويه في الصور أن يزاد حرف من جنس حركته ثم يضعف، فإن كان ألفًا فتنقلب همزة

فتقول: باء وبو وبي، وفرق الأخفش والمازني بين المقتطع، فزاد حرفًا من حروف الكلمة المعينة، وبين غير المقتطع، فزاد حرفًا من جنس الحركة كمذهب الخليل، ثم اختلفا، فقال المازني: إن كان الحرف اللام أو الفاء ردت العين أو العين ردت الفاء، وفرق الأخفش بين ما يكون من اسم، فـ (كالمازني) أو من فعل، فالمردود غير الفاء إن كانت التسمية باللام، واللام إن كانت بالفاء، وإن سمي بالعين فيرد الفاء، وغيرهم يرد الكلمة بأسرهما، فإذا سميت بالباء من ضرب، فعلى رأي الخليل وسيبويه تقول: باء، وعلى رأي الأخفش ضب، وعلى رأي المازني: رب، وعلى رأي غيرهم ضرب. وإذا سميت بفو قلت فم، أو بذو بمعنى صاحب قلت: ذوى على رأي سيبويه، وذو على رأي الخليل، وبفعل فيه همزة الوصل قطعتها لا باسم هي فيه، أو بفعل محذوف الآخر فقط نحو: يغز، ويرم، ولم يغز قلت: قام يغز ويرم، ومررت بيرم ويغز، ورأيت يرمى ويغزى، وتقدمت هذه المسألة، وخلاف الكوفيين فيها. أو محذوف ما قبل الآخر نحو: بيع، ويقم، ويخف من لم يبع ولم يقم، ولم يخف قلت: قام يبيع، ويقوم، ويخاف ورأيت يبيع، ويخاف، ويقوم، ومررت بيبيع، ويخاف ويقوم، وكذا قياس ما كان على حرفين نحو: قل وبع وخف تقول: وبيع وخاف، وعلى قول سيبويه قيل، وخير بعضهم بين

هذا وبين التضعيف فيقول: قم، وبع، وخف. وفي البسيط: إن كان على أكثر من حرفين، وكان فيه ما حذف لغير الجزم لم يرجع كاستعد، أو بمحذوف الفاء، واللام نحو: عه، تقول: قام وع، ورأيت وعيًا، ومررت بوع، أو فيه حرف المضارعة قلت: قام يق، ورأيت يقيًا، ومررت بيق، ولا ترد فاء الكلمة، أو بمحذوف العين واللام نحو: ره فقيل: تقول ارأى ترد المحذوف، وتجتلب همزة الوصل، وتصرفه، وقيل: تقول: راء. في البسيط: رءًا كعصا، أو به وفيه حرف المضارعة نحو: ير من قولك: لم ير تقول: قام يرى، ورأيت يرى، ومررت بيرى ترد لام الكلمة، وتمنعه من الصرف أو بأرم، وفيه هاء السكت، حذفتها وقطعت همزة الوصل فقلت: قام إرم، ورأيت إرمي، ومررت بإرم أو بمفكوك للجزم أو الوقف نحو يردد، واردد، يدغم فتقول: جاء يرد، ورأيت يرد، ومررت بيرد، ويمنع الصرف وتقول: جاءني رد، ورأيت ردا، ومرت برد بحذف همزة الوصل، وتصرف، أو بما لزم طريقة في الإعلال وحذف منه، ولا يكون في الأسماء رجع إلى قياس اعتلال الأسماء، فلو سميت بقول قلت: قيل على مذهب سيبويه، وبصيد وعور قلت: صاد، وعار، وبعاور قلت: عاير،

وباعضض قلت: إعض قاله سيبويه، أو بمفكوك شذوذًا لغير جازم كأن تسمى بألبب من قوله: .. بنات ألبيه لم يغير، أو بحرف معنى على حرف واحد نحو: الباء من: بزيد واللام من: لزيد، فكالمسمى به من الحروف التي لغير معنى تقول: قام بي ولي، وما كان ساكنًا كلام التعريف تجلب لها ألفًا، وقيل: يبقى لها ألفها المفتوحة، أو تجتلب لها مكسورة، أو تجريها مجرى ما هو على حرفين كقد فيه نظر قاله في البسيط: وعلى رأي الخليل هي بمنزلة قد، أو على حرفين نحو: مذ فيمن جر بها، فلا يرد ما حذف منه وكذا أن الخفيفة، وعن، وهل، وأم تقول: هذا أم، وأجاز الفراء الحكاية تقول: قام مذ وهل، ورأيت مذ وهل، ومررت بمذ وهل، وأطلق بعضهم الوجهين في كل مبني مسمى به وفي كتاب الخليل: تضعف فتقول: قام من، ورأيت منا، ومررت بمن، وأنكره الزبيدي، ونسبه لليث، وقيل الوجه في هذا كله التضعيف، وإن كان ثانيه معتلاً زيد ثالث من جنس الثاني، إلا إن كان الثالث محذوفًا، فالقياس رده نحو التسمية: بسو؛ فإنه قيل: محذوف من سوف وفي التسمية،

بلا تضعيف، وبهمز وبلو تضعف، وقال سيبويه: بعض العرب يهمز إذا كان المتحرك قبله مفتوحًا فتقول: لوء وفي (في) وكى: في وكى، أو على أكثر من حرفين صحيحًا أعرب كالأسماء نحو: ليت، وإن وثم، فإن كان ألفًا جرى مجرى المقصور نحو: إلى وعلى، وما كان على وزنه ما هو مؤنث كفعلى نحو: إلا وإما، فالحكم على أن ألفه للتأنيث، وما قد يكون لغير تاء التأنيث نحو: هلا تجعلها للتأنيث أو لغير التأنيث؛ لأن الحروف مؤنثة ألا ترى أنك تلحقها في ربت، وثمت إلا إن منع من كونها للتأنيث مانع كلولا، وحاشى، وما كان منها ليس على مثال الأسماء نحو: (كأن) ويكن، أجريت مجرى الأسماء الأعجمية، وهذه الحروف فيها التذكير والتأنيث على معنى الحرف، والكلمة، وإذا سميت بها أنفسها لم تدخلها (أل) قال سيبويه: وهي كالأعلام في الجنس؛ فإن أخبرت عنها؛ فالحكاية نحو: إن تنصب الاسم وترفع الخبر، وأن تنصب الأفعال، وإذا سميت بينت أو أخت مذكرًا، فهو مصروف عند سيبويه، ممنوع الصرف عند قوم منهم الفراء، أو بهنت فقيل: ترد إلى هنه، وتمنع الصرف وقيل: إذا سمي به في حالة الوصل فهي كبنت، أو في حالة الوقف فهي كثبة، وعلى قول الفراء تمنعه الصرف في الحالين، ولا يغير كل واحد عن حاله إذا سمي به، والتسمية بذيت كهي ببنت على الخلاف، وبذية كهي بقفة، وكذا كية، لكنهم لم يتكلموا بها مشددة الياء على الأصل، وإذا سمي بالألى أو الذي، أو التي

أو اللائي أو اللاتي، فعلى مذهب من يقول تعرفت (بأل) نزعت منه، ونزعت الصلة إذا صار علمًا، فأغنى عن تعريف (أل) وعلى مذهب من يقول تعرفت بالصلة، و (أل) فقيل: تحذف (أل)، وقيل لا تحذف بل تزال الصلة فقط لإغناء تعريف العلمية عنها قيل هذا إن لم يلحقظ فيه معنى الوصف، فإن لحظ لم يكن بد من (أل) والصلة وينون ألى؛ فإن جعل حرف الإعراب ياء كالذي، والتي، وثبتت قبل التسمية، وقد نزعت (أل) جرى مجرى عم، إلا أن يسمى به مؤنث، فتكون في النصب مما دون تنوين أو مشددة كفولى، ويظهر الإعراب فيها، أو حذفت انتقل الإعراب إلى ما قبل الياء فتقول: قام لذ ولت، ورأيت لذا ولتا، ومررت بلذ ولت، فإن سمي به مؤنث كان فيه الخلاف في يد مسمى به، وإن ثبتت الياء في اللائي واللاتي قبل التسمية كانا من باب قاض، أو حذفت قبل التسمية كانا من باب نار. وحروف الهجاء موقوفة كما جاء في القرآن الم، ألف، لام، ميم، وما آخره ألف قصر نحو: با، تا، ثا، فإن دخل عليها عامل أعربت، ومد المقصور تقول: كتبت ألفا وباء. وحكى الفراء فيها الحكاية كحالها قبل أن يدخل عليها عامل فتقول: كتبت باتا، والذي عليه كلام العرب الإعراب؛ فلو سميت به متمكنًا فالإعراب ليس إلا، ويقال زاي وزى، فإذا كتبت: كتبت زاء وزى، تبدل الياء في زاي همزة، وتثقل ياء زي، وكذا إذا سميت وقد يقال هذا يا، وكتبت باء وهذا شاذ، فإذا عطفت بعضها على بعض ظهر فيها شبه الإعراب تقول: جيم وكاف،

وياء كما ظهر في الأعداد إذا عدوا، وعطفوا، ولم يدخل عامل تقول: واحد واثنان وثلاثة، وأربعة، وقد يحكى المفرد المبني نحو صاد، وقاف ونون فسيبويه يحركه، ولا ينون يجعله اسمًا للسورة مرفوعًا على تقدير: هذه قاف، أو منصوبًا على تقدير اقرأ، ويجوز صرفها، ومن نون جعله اسمًا للقول والكلام، ومن سكنه جعله صوتًا إما في موضع شيء، على قول بعضهم أي هذه سورة ما يذكر فيه هذا الحرف، وإما على اقرأ هذا المعنى، وإما لا في موضع شيء بل مجرد صوت على أنها حروف من كلم على التقطيع أو على أنها تنبيه على تأليف السورة منه فأما قوله: أنا ابن جلا ........ … ............. فقيل: لما جعله اسمًا لأبيه حكاه، وهو فعل غير مسند، وقيل هو مسند لضمير، فحكى وقيل في موضع الصفة لمحذوف أي ابن رجل جلا، وقال عيسى ابن عمر: سمي بالفعل، وهو وزن مشترك ومنعه الصرف، وما جمع فيه حروف المعجم، وهو أبو جاد وأخواته، فقد فصل فيه سيبويه، فجعل أبا جاد وهوزًا وحطيًا عربية وباقيها أعجميًا، وأجاز المبرد أن يكن كلهن أعجميات، وعلى قوليهما، تنخرج التسمية بشيء منها في الصرف ومنعه.

باب النكرة والمعرفة

باب النكرة والمعرفة النكرة: الاسم الموضوع على أن يكون شائعًا في جنسه، إن اتفق أن يوجد له جنس، وأنكر النكرات شيء، ثم متحير ثم جسم، ثم نام، ثم حيوان، ثم ماش، ثم ذي رجلين، ثم إنسان، ثم رجل، فهذه تسعة لكل منها مقابلة، والنكرة هي الأولى، والمعرفة طارئة عليها، هذا مذهب سيبويه وقال الكوفيون، وابن الطراوة: من الأسماء ما لزم التعريف كالمضمرات، وما التعريف فيه قبل التنكير نحو: مررت بزيد وزيد آخر، وما التنكير فيه قبل التعريف، وهذا التقسيم عندهم قالوا: يبطل مذهب سيبويه. والمعرفة الاسم الموضوع على أن يخص واحدًا من جنسه، وزعم ابن مالك أنه لا يمكن حد المعرفة قال: لأن منها ما هو معرفة معنى نكرة لفظًا نحو: كان ذلك عام أول وعكسه نحو: أسامة، وما فيه الوجهان كواحد أمه، وذي (أل) الجنسية، ورددنا ذلك عليه في الشرح، ولا تركيب في النكرات إلا ما شذ من قولهم: بيت بيت، وكفة كفة، أو كان التنكير فيه نائبًا عن التعريف نحو: مررت بمعدى كرب، ومعدى كرب آخر. ويوجد التركيب في النكرات، إلا ما شذ من قولهم كثيرًا في لغة بعض العجم كلغة الترك، وتتفاوت المعرفة في المراتب خلافًا لأبي محمد بن

حزم؛ إذ ذهب إلى أنها لا تتفاوت، وكلها مستوية، والتفريع على مذهب الجمهور، فقيل: المضمر أعرف، وهو مذهب سيبويه، ويليه على قول هؤلاء العلم، ثم المبهم، ثم ذو (أل)، والمضاف في رتبة ما أضيف إليه إن كانت الإضافة محضة إلا المضاف إلى المضمر؛ إذ زعم أن المضاف إلى واحد منها هو دون ما أضيف إليه في التعريف، وقيل: أعرفها العلم، ونسب إلى سيبويه وإلى الكوفيين وهو قول الصيمري، وقيل: أعرفها اسم الإشارة وينسب إلى ابن السراج، وقيل: أعرفها المعرف بأل، ولم يذهب أحد إلى أن المضاف أعرف المعارف، وقيل أعرفها العلم ثم المضمر ذو الأداة، ثم اسم الإشارة، ومذهب سيبويه: أن العلم أعرف من المبهم، ومذهب الفراء: أن المبهم أعرف من العلم، وبه قال جماعة منهم ابن السراج، وابن كيسان، وهو مذهب المنطقيين. والمعارف: في المشهور خمسة، وزاد بعضهم المنادى، والموصول وهو اختيار ابن مالك، فأما المنادى فما كان نكرة غير مقبل عليه، فلا خلاف أنه نكرة، وإنما الخلاف في العلم، والنكرة المقبل عليها، فقيل النداء يعرف النكرة المقبل عليها،

والعلم بعد زوال تعريف العلمية، والذي صححه أصحابنا: أن العلم في النداء باق على تعريف العلمية، وأن النكرة المقبل عليها تعرفت (بأل) المحذوفة منها النائب حرف النداء منابها، وأما الموصول فذهب الفارسي إلى أنه تعريف بالعهد الذي في الصلة، ومذهب الأخفش أنه تعرف (بأل)، وما ليس فيه (أل) فهو في معنى ما فيه (أل) وأما (أيهم) فتعرف بالإضافة، و (من) و (ما) المستفهم بهما نكرتان خلافًا لابن كيسان؛ إذ ذهب إلى أنهما معرفتان، وضمير النكرة معرفة خلافًا لمن قال: إنه نكرة، وأما ذو (أل) والموصول فقيل: هما في رتبة واحدة في التعريف، وقيل ذو (أل) أعرف من الموصول، وقيل الموصول أعرف منه، وقال أصحابنا: أعرف المضمرات المتكلم ثم المخاطب ثم الغائب، وأعرف الأعلام أسماء الأماكن ثم أسماء الأناسي، ثم أسماء الأجناس، وأعرف المشار إليه ما كان للقريب ثم للوسط، وأعرف ذي (أل) ما كانت فيه للحضور، ثم للعهد في شخص ثم للعهد في جنس. وأسماء الأجناس لا يعرف تعريفها من تنكيرها إلا بالاستقراء. مما هو معرفة ابن آوى، وابن قترة، ومما هو نكرة ابن لبون، وابن مخاض، ومما هو معرفة

ونكرة ابن عرس، وابن أوبر في مذهب سيبويه خلافًا للمبرد، في ابن أوبر؛ إذ زعم أنه نكرة فقط، وقال ابن مالك في التسهيل: وأعرفها ضمير المتكلم ثم ضمير المخاطب ثم العلم، ثم ضمير الغائب السالم عن إبهام ثم المشار به، والمنادى ثم الموصول، وذو الأداة، ولا نعلم أحدًا، فصل في المضمر فجعل العلم أعرف من ضمير الغائب إلا ابن مالك، والذي اختاره أن المعارف خمس أعرفها العلم الشخصي ثم المضمر ثم المبهم ثم ذو (أل)، وأن المضمر، والمبهم وذو (أل) كليات جزئيات حالة الاستعمال، ألا ترى أن كل متكلم يقول: أنا، وكل مخاطب يقال له: أنت، وكل غائب يقال له: هو، وكذا أسماء الإشارة يشار بهذا لكل قريب، ويهذي لكل قريبة، وكذا الباقي.

باب المضمر

باب المضمر هذه تسمية البصريين، ويسميه الكوفيون الكناية، والمكني، ولا يحتاج إلى حد، ولا رسم، لأنه محصور وهو ينقسم: إلى متكلم، ومخاطب، وغائب في موضوع مرفوع، وموضع منصوب، وموضع مجرور. وقسموا المرفوع إلى مستكن، وبارز وأيضًا: إلى متصل، ومنفصل يجعلون المستكن من المتصل، وقسمه ابن مالك إلى واجب الخفاء، وهو ما لا يمكن أن يرفع ظاهرًا ولا مضمرًا بارزًا، وإلى جائز الخفاء، وهو ما يمكن أن يرفع ذلك، وهذا اصطلاح غريب لا نعرفه إلا منه، فواجب الخفاء المرفوع بالمضارع ذي الهمزة نحو: أفعل، أو النون: نفعل، وبفعل أمر المخاطب المذكر نحو: افعل، وبمضارعه نحو: تفعل، واسم فعل الأمر مطلقًا نحو: صه للمذكر والمفرد، ومقابلهما، واسم الفعل الذي هو مضارع للمتكلم نحو: أوه (أي أتوجع)، وأف (أي أتضجر). وفي النهاية: الضمير المستكن وجوبًا في تسميته اسمًا نظر؛ لأن الاسم والفعل والحرف يطلق على الكلمة، وهذا ليس بكلمة انتهى. وجائز الخفاء هو المرفوع بفعل غائب نحو: زيد قام، والغائبة نحو: هند قامت، أو معناه من اسم فعل نحو: زيد هيهات، وهند هيهات، واسم فاعل،

واسم مفعول نحو: زيد ضارب، ومضروب، وهند ضاربة ومضروبة، وظرف نحو: زيد عندك، ومجرور نحو: زيد في الدار، فهذه يجوز فيها أن ترفع الظاهر، والمضمر البارز إلا ما كان من اسم الفعل الغائب والغائبة، فلا يرفع المضمر البارز، ولا يجوز زيد: ما هيهات إلا هو، ولا هند ما هيهات إلا هي، ولا يرفعان المظهر المحصور لا يجوز ماهيهات إلا زيد، ويجوز ذلك فيما تقدم مما ذكر أنه جائز الخفاء البارز: إن عني به المعنى بنفعل فهو (نا) في موضع الرفع، والنصب، والجر نحو: قمنا وضربنا زيد، ومر بنا بكر؛ فإن كان في موضع رفع بفعل ماض، فتاء تضم للمتكلم وتفتح للمخاطب، وتكسر للمخاطبة نحو: ضربت ضربت ضربت، وحكى ضربتي بياء ساكنة بعد كسرة المؤنث. قال الأخفش في كتابه الأوسط: هي لغة رديئة لربيعة تقول ضربتيه، وأعطيتكيه للمرأة، وتقول للرجل: أعطيتكاه انتهى. وأنشد أبو الفتح: رميتيه فأقصدت … فما أخطأت في الرميه بسهمين مليحين … أعارتكيهما الظبية ولا تقع أنا موقع التاء لا يجوز فعل أنا قاله سيبويه، وأجازه غيره فخصه الجرمي بالشعر، وأجاز فيه (قام أنا)، و (قام هو)، وجوزه المبرد في

الشعر، والكلام قال: وليس المعنى كمعنى التاء بل لا يقال ذلك إلا على معنى النفي، والإيجاب (أي ما قام إلا أنا)، وتقول للمخاطبين مطلقًا ضربتما وللمخاطبين ضربتم بسكون الميم مطلقًا، أو بضمها موصولة بواو مطلقًا أو مع همزة القطع أو غير موصولة، فإن اتصل بالميم ضمير نصب فالأعرف وصلها بواو، وكذلك ميم أعطيكموه، وأعطيتهموه ويجوز التسكين، وليس تجويزه مختصًا بيونس، كما زعم ابن مالك، بل نص على جوازه سيبويه، وذكر أن الوصل بالواو أكثر وأعرف، وللمخاطبات ضربتن، وإن رفع البارز المتصل بفعل غير ماض، فهو نون مفتوحة للمخاطبات نحو: اضربن تضربن والغائبات: نحو: يضربن، وألف التثنية غير المتكلم نحو: افعلا وتفعلان ويفعلان، وواو للمخاطبين والغائبين اضربوا وتضربون ويضربون، وياء للمخاطبة نحو: اضربى، وتضربين، وللغائب مطلقًا مع الماضي ماله مع المضارع تقول: زيد ضرب، هند ضربت، الزيدان ضربا، والفتحة في آخر فعلا من أجل الألف قاله الفراء، وقال البصريون: هي فتحة الماضي التي كانت قبل لحوق الألف، الهندان ضربتا، الزيدون ضربوا، الهندات ضربن، كما تقول: زيد يضرب، وهند تضرب، والزيدان يضربان، والهندان تضربان، والزيدون يضربون، والهندات يضربن، وجاء في الشعر الاجتزاء بالضمة عن الواو، وللجمع في الماضي والأمر، وهو معدود في

الضرورات، وبعض النحاة قال من العرب من يقول في الجمع: الزيدون قام فيجزئ بالضمة وأنشد: ..... … وقلت لشفاع المدينة أوجف حذف الواو، وسكن للوقف، فيظهر أنه يقال ذلك على قلة، ومذهب الجمهور أن النون والواو والألف والياء ضمائر كما ذكرنا، وذهب المازني إلى أنها علامات كالتاء في قامت، والضمير مستكن كاستكنانه في زيد فعل، وهند فعلت، كما يقول الجمهور في قاما أخواك، وقاموا إخوتك، وقمن الهندات، وذهب الأخفش إلى أن الياء في تفعلين، ونحوه حرف تأنيث، والضمير مستكن، وفي النهاية: الياء في تفعلين عند المبرد علامة للضمير المستكن في فعل الواحد، وأبو الحسن يجرى ضمير التثنية والجمع مجرى ضمير الواحد، فكما أن ضمير الواحد يستكن فكذلك ضميرها، انتهى. وذهب الجمهور، وسيبوبه وغيره: إلى أنها ضمير، ويسكن آخر الفعل المسند إلى التاء والنون و (نا) في ضربت، وضربن، وضربنا، ويحذف ما قبل آخر المسند من معتل ويقتصر على ذلك في الأمر والمضارع نحو: خفن ولا تخفن، وصحن ولا تصحن، وقلن ولا تقلن، وتنقل حركته إلى فاء الماضي الثلاثي نحو:

طلت، وخفت، وإن كانت الحركة التي كانت للعين قبل الانقلاب فتحة أبدلت حركة الفاء بمجانس المحذوف ضمة إن كان واوًا نحو: قمت، وكسرة إن كان ياء نحو: بعت، وربما نقل دون إسناد إلى أحد الثلاثة وذلك في كاد، قال سيبويه: وحدثنا أبو الخطاب: أن ناسًا من العرب يقولون: كيد زيد يفعل كذا (يعني في كاد) أخت عسى. قال الأستاذ أبو علي: وهو شاذ، وكذا في زال أخت كان الناقصة تقول: ما زيل زيد فاضلاً، فإن ماثل حرف العلة الحركة قبله، أو كان ألفًا حذف نحو: أنتم تدعون، وأنت ترمين، وأنتم تخشون، وأنت تشخين، وإن كان الضمير واوًا، والآخر ياء أو بالعكس نحو: أنتم ترمون، وأنت تغزين الأصل: ترميون، وتغزوين حذفت الياء والواو، وهذا من علم التصريف استعجله ابن مالك، فاتبعناه، وليس محل ذكره. وضمير الغيب العاقلين إن عاد على جمع سلامة فبالواو نحو: الزيدون قاموا، ويقومون، ولا يجوز قام ولا قامت، وما استدل به ابن مالك على الزيدون قام لا دليل عليه، أو على جمع تكسير جاز بالواو، وكالواحدة نحو: الرجال خرجوا، وخرجت الرجال، وأعضادها، أو على اسم جمع جاز بالواو كضمير المفرد نحو: الرهط خرجوا، والركب سار، وضمير الاثنين وضمير الإناث، بعد أفعل التفضيل كهو بعد غيره تقول: هذا أنبل الرجلين وأفضلهما، وهذه أحسن النسوة وأجملهن، وادعى ابن مالك، أنه يأتي مفردًا مذكرًا مستدلاً بما لا دليل فيه، فأجاز

زيد أنبل الرجلين وأفضله، وهند أحسن النساء وأجمله، وإن عاد على جمع غير عاقل، قالتاء والنون نحو: قوله تعالى: [وإذا النجوم انكدرت]، [فأبين أن يحملنها]، والتاء بجمع الكثرة أولى من النون، فالجذوع انكسرت أكثر من الجذوع انكسرن، وقد جاء كمضير المفرد [وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه] والضمير غير المرفوع مثل الضمير المرفوع نحو: الجذوع كسرتها، وكسرتهن، وإن عاد على أقل جمع المؤنث غير العاقل، أو على العاقلات كان جمع صحة، أو جمع تكسير، فالنون أولى نحو: الأجذاع انكسرن والأجذاع كسرتهن أولى من الأجذاع انكسرت والأجذاع كسرتها، والهندات والزينبات خرجن أولى من خرجت قال تعالى: [إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن] وقالوا: النساء وأعجازها، ويجوز التخالف نحو: النساء خرجن، وضربت زيدًا، وقال ابن مالك: وقد يقع فعلن موقع فعلوا طلبًا للتشاكل، وأورد الحديث وفيه «ورب الشياطين ومن أضللن» «أي أضلوا أو أضلت» فلا تتعين فيه الواو كما قال.

ومن البارز المتصل في الجر والنصب ياء المتكلم [ربي أكرمن]، وكاف مفتوحة للمخاطب مكسورة للمخاطبة نحو: أكرمتك، وأكرمتك، فإن اتصل بها (هاء) الإضمار، فالأفصح أن لا تشبع حركتها فتقول أعطيتكه وأعطيتكه، وحكى سيبويه: الإشباع في هذا عن ناس من العرب فتقول: أعطيتكاه وأعطيتكيه، وحكى بعضهم ذلك، وإن لم يكن هاء إضمار فتقول: أعطيتكا، وأعطيكى، وناس من تميم، ومن أسد يبدلون كاف المؤنث شينًا يقولون: إنش ذاهبة؟ وما لش ذاهبة؟ يريدون إنك ومالك، وتقدم هذا في باب البدل في التصريف، وهاء الغائبة نحو: أكرمها، ومر بها، ومجموع الهاء والألف هو الضمير، وقيل الألف زائدة تقوية لحركة الهاء، وأجاز قوم حذف هذه الألف ومنه: (والكرامة ذات أكرمكم الله به) يريد بها، وهاء مضمومة للغائب نحو: ضربه وهي وحدها الضمير، والواو تقوية للحركة خلافًا للزجاج؛ إذ زعم أن الضمير مجموعهما. وإن وليت هذه الهاء ياء ساكنة نحو: وفيه، وعليه، أو كسرة نحو (به) فلغة الحجاز: ضم الهاء مطلقًا في هذا وفي غيره نحو: ضربته، وبه، وإليه، ولغة غيرهم كسرها بعد الكسرة، وبعد الياء، وقال الفراء: قريش، وأهل الحجاز، ومن جاورهم من فصحاء اليمن يرفعون الهاء من «نزل عليه الذكر» وعليهما،

وعليهم، وعليهن، ولا ريب فيه، ونزلت به، وأهل نجد من بني تميم وقيس وأسد يكسرونها، وفي البسيط: تكسر إذا كان قبلها كسرة أو ياء ما لم تتصل بضمير آخر نحو: يعطيهوه ولم يعطهوه، انتهى. فإن وليت ساكنًا غير الياء ضمت نحو: منه وعنه، ومن لدنه، ولم يضربه، وكذلك في التثنية والجمع نحو: منهما، ولم يضربهما ومنهم، ولم يضربهم، ومنهن ولم يضربهن، وبنو تغلب يقولون: منهم بكسر الهاء، وما أدرى هل يطردون ذلك في نحو: منه، ومنهما ومنهن، ولا إذا كان ساكنًا غير الياء وقال الفراء: هي لغة مرفوضة. وتشبع حركتها بعد متحرك نحو: له، وبه، والاختلاس، وتسكين الهاء عند سيبويه ضرورة، وحكاهما الكسائي عن بني كلاب، وبني عقيل لغة تقول: له، وبه، وله، وبه، وقرأ أبو جعفر: له، وبه، ويعقوب [بيده] بالاختلاس على هذه اللغة، فإن كان قبل الهاء حرف لين نحو: رأيت أباه، وهذا أبوه، ومررت بأبيه، فحذفت الياء والواو أحسن، والإتمام عربي، فإن كان

ساكنًا غير لين نحو: منه، وأصابته، فالإتمام أجود، قاله أبو عمرو سيبويه عن العرب خلافًا للمبرد؛ إذ الاختلاس عنده أجود من الإشباع، وتبعه ابن مالك، وقرأ ابن ذكوان [أرجئه] بكسر الهاء من غير إشباع بعد كسرة مفصول بينها وبين الهاء بساكن، وظاهر كلام ابن مالك اقتباسه. فإن تحرك قبل الهاء ما فصل بينهما بساكن حذف جزمًا أو وقفًا نحو: [يرضه لكم]، و [يؤده إليك] [فألقه إليهم] جاز الإشباع، والاختلاس، والإسكان، وإشباع كسرة التأنيث في نحو: ضربتيه لغة ربيعة. وتقول ضربكما غلامكما، وضربكم غلامكم، وضربكم غلامكم، وضربكن غلامكن بضم الكاف، وضربهما غلامهما، وضربهم غلامهم، وضربهن غلامهن، بضم الهاء

ومن كسر في (به) و (فيه) كسر في بهما وفيهما، وفيهم، وفيهن. ومن لم يكسر ضم فقال: بهما وفيهما وفيهم، وفيهن والأكثر الكسر، وقال أبو عمرو: والضم مع الياء أكثر منه مع الكسر. قال: وأناس من العرب في (هم) إذا كسروا ألحقوا الياء، وهم تميم وعامة قيس، وأناس يسكنون الميم، وهم قوم من بني أسد وكنانة وقيس، وكسر الكاف بعد الياء في الجمع حكاها الفراء لغة للنمر، وقال: يقولون: السلام عليكم قال: ولا نعلم أحدًا من العرب قالها غيرهم وحكى سيبويه: عن ناس من بكر بن وائل قال: من أحلامكم، وبكم بكسر الكاف وقال: وهي رديئة جدًا وانتظم من نقل الفراء وسيبويه: أنه إذا كان في الجمع في المذكر قبل الكاف ساكن وهو الياء، أو كسرة تكسر الكاف، وهل يكون ذلك في التثنية أو في جمع المؤنث: نحو بكما، وفيكما وبكن، وفيكن كما ذكره ابن مالك يحتاج إلى نقل، فإن كان قبل الكاف ساكن غير الياء فالضم نحو: لم أضربكم. وتسكين ميم الجمع أعرف من الإشباع، والاختلاس؛ فإن وليها ضمير متصل نحو: رأيتموه فتقدم الكلام فيه، وكسر ميم الجمع بعد الهاء المكسورة باختلاس قبل ساكن نحو: [بهم الأسباب]، [يوفيهم الله] وبإشباع دون ساكن أقيس نحو: [ومن يولهم يومئذ]، و [تشقون فيهم] قال: ويجوز السكون نحو: يولهم، وفيهم وضمها قبل ساكن نحو: [بهم الأسباب] وإسكانها قبل متحرك نحو: [ومن يولهم] أشهر؛ فإن كانت الهاء مضمومة

نحو: [تتوفاهم الملائكة]، ويضربهم الرجل فلا تكسر الميم، وإن كانت الهاء مختلفًا فيها نحو: هاء عليهم فمن ضم ضم الميم نحو: [إليهم الملائكة]، ومن كسر الميم إذا لقيها ساكن نحو: [عليهم الذلة] وبعض بني أسد يكسر الهاء، ويضم الميم نحو [عليهم الذلة] قال الفراء: لغة قريش وبني سعد الحذف (يعني في ميم الجمع إذا لم تلق ساكنًا). وفي البسيط: وأما ميم الجمع فاللغة الفصحى الحذف؛ فإن كان قبل الهاء ضمة أو فتحة أو ألف أو واو نحو: يضربهم ولن يضربهم، واصطفاهم، ويغزوهم ضمت الهاء أو كسرت أو ياء ساكنة نحو: بهم وعليهم، فكسر الهاء أفصح وقال الفراء: ضمها لغة قريش، والحجاز ومن حولهم من فصحاء اليمن، فيصح في عليهم، عليهمو، وعليهمى، وعليهم، وعليهم، وعليهموه، ويمتنع عليهمى. وإذا حذفت حرف المد وجب إسكان الميم ولا تحرك إلا لالتقاء الساكنين أو بحركة الأصل، قال أبو حاتم، وهي لغة فاشية بالحرمين. وقال الفراء: هي لغة بني أسد، والكسر لغة سليم، وقد تكسر الميم قبل ساكن، وإن لم تكن الهاء مكسورة نحو قوله: ............... … وهم القضاة ومنهم الحكام

قال الفراء: العرب جميعًا يقولون: هم القضاة، فيرفعون الميم من هم عند الألف واللام إلا سليمًا فسمعت بعضهم يكسر الميم، وفي النهاية: فيهم فيهمى فيهم فيهمو فيهم فيهمو فيهم، فيهمى فيهم فيهم عشر لغات في كل هاء ضمير بعدها ميم وقعت بعد كسرة نحو: بهم أو ياء نحو: فيهم وكذلك إذا كانت منصوبة بمضارع لامه ياء نحو: يعطيهم، فإن اتصل به هاء مذكر قلت: يعطيهيه ويعطيهوه، ويعطيهموه، ويعطيهميه، ولا يبعد من أجاز بكم أن يجيز يعطيكم بكسر الكاف؛ لأن قبلها الياء. وأصل ياء المتكلم الحركة، ويجوز إسكانها، وإذا كانت في موضع نصب بفعل ماض، أو مضارع، أو أمر، أو اسم فعل، كان قبلها نون مكسورة تسمى نون الوقاية نحو: يضربني، وضربني، واضربني، وعليكني، ورويدني. وسمع الفراء بعض بني سليم يقول: مكانكنى (أي انتظرني في مكانك) فأما إذا كان منصوبًا بالصفة نحو: الضاربي إذا قلنا إن الضمير منصوب، فلا تلحق النون، وتلحق الفعل الذي لا يتصرف نحو: (هب) و (تعلم) ووهب بمعنى جعل وعسى فتقول: هبني شجاعًا، وتعلمني محسنًا، ووهبني الله فداك، وعساني أن أخرج، ومذهب البصريين وجوب لحاقها أفعل في التعجب تقول: ما أظرفني،

ومذهب الكوفيين الجواز يقولون ما أجملني، وما أجملي، وتقول في ليس: ليسني، وجاء ليسى في الشعر، وجوزه بعض أصحابنا في الكلام، وإن كانت اسمًا لإن وأخواتها جاز حذفها في إن وأن وكأن ولكن فصيحًا، تقول: إنى وأنى وكأنى ولكني وهي المحذوفة في قول الأكثرين من البصريين، والكوفيين خلافًا لمن زعم أن المحذوفة هي النون الأولى الساكنة، ولمن زعم أن المحذوفة هي الثانية، ونون الوقاية في هذين القولين: ثابتة لم تحذف والكثير: لعلى، وقل لعلني، وحذفها من ليت عند سيبويه ضرورة تقول: ليتى. وقال الفراء: يجوز ليتى، وليتني.

وإن كانت ياء المتكلم في موضع جر بمن وعن، فنص أصحابنا على أن حذفها منها لا يجوز إلا ضرورة، وظاهر كلام أبي موسى، وابن مالك أنه يجوز في الكلام فتقول: مني، وعني، وإن اتصلت بلدن فالتخيير تقول: لدني ولدني، وقال ابن مالك: زعم سيبويه أن عدم لحاقها من الضرورات. قال: وليس كذلك بل هو جائز في الكلام الفصيح، وكثر في الرد على سيبويه، وقد رددنا عليه في الشرح وأن سيبويه لم يقل ذلك إلا في (قد). وإن حذف نون لدن فقيل (لد) فلا تلحق نون الوقاية بل تقول: لدى، نص على ذلك سيبويه: وأما قد وقط، فمذهب الخليل وسيبويه: أنهما بمعنى حسبي، فإذا قلت: قدى وقطى فالياء في موضع جر، والأعرف نون الوقاية فيهما فنقول: قدني وقطني، ونقل الكوفيون فيهما وجهين أحدهما: أن يكونا بمعنى حسبي ويعربان فتقول: قط عبد الله درهم، وقد زيد درهم، وما بعدهما

مخفوض بالإضافة، ولا تلحق فيهما نون الوقاية، والوجه الثاني: أن يكونا اسمى فعل مبنين على السكون، وتنصب بهما فتقول: قط زيدًا درهم، وقد زيدًا درهم، فإن اتصل بهما ياء المتكلم لحقتهما نون الوقاية؛ لأنها في موضع نصب كما تلحق سائر أسماء الأفعال. وحكى الكسائي عن العرب: قطن عبد الله درهم بخفض عبد الله، ونصبه على أن النون من سنخ الكلمة، فإذا انجر ما بعدها فهو مبني على الفتح لشبهه بقطن الذي هو اسم فعل. وقال هشام: من نصب عبد الله مع النون لزمه أن يقول: مع ياء المتكلم: قطننى بنونين، ولم يسمع فيحتمل أن يكون الأصل قطننى، فحذفت النون كما حذفت من إنني، وعلى ما حكى الكسائي أجاز هشام: أن قطنى درهم، وأن قدنى درهم على أن الياء مخفوضة بالإضافة والنون من سنخ الكلمة. وأما (بجلى) فقد ذكروا أنها تكون اسم فعل، والياء في موضع نصب بمعنى كفاني أو يكفيني وإذا لم تلحق فهي بمعنى حسبي، وأما لحاق النون اسم الفاعل نحو: أمسلمني؛ فقيل: هي نون الوقاية، وإليه ذهب ابن مالك وقال فيه: إنه قد تلحقه، وذهب غيره إلى أنه تنوين وهو مذهب هشام، وأجاز: هذا ضاربنك، وضاربني بالتنوين، والكاف والياء في موضع نصب، وقال ابن مالك: وقد تلحق أفعل التفضيل نون الوقاية واستدل لما روى في الحديث «غير الدجال أخوفني عليكم» على عادته في إثبات القواعد الكلية بما روى في الحديث، وأما قوله:

........... … ................. فليني يريد (فلينني) فذكر ابن مالك: أن مذهب سيبويه أن المحذوفة هي نون الإناث، والباقية هي نون الوقاية واختاره ابن مالك، وذهب المبرد: إلى أن المحذوفة هي نون الوقاية، وفي البسيط لا خلاف أن المحذوفة هي نون الوقاية، وفليني جاء في الشعر ولا يقاس عليه انتهى. وأما قول الشاعر: وشمسك في شرق وغرب منيرة … فما بالني أشكو الظلام من الدهر فخطأ، والصواب: (فما بالي) بغير نون.

والضمير المنفصل المرفوع للمتكلم أنا، والهمزة والنون هو الضمير، والألف زائدة، ومذهب الكوفيين، أنه كله الاسم، وفيه لغات تميم وبعض قيس، وربيعة تثبت الألف وصلاً ووقفًا، والحجاز تثبتها وقفًا وتحذفها وصلاً، ولغة قضاعة آن على وزن عان، وجعله ابن مالك من باب المقلوب، وأن حكاها قطرب وتلى (أن) في الخطاب تاء فتقول: أنت أنت أنتما أنتم أنتن، والتاء وما بعدها حرف خطاب عند البصريين: فأنت عندهم مركب من اسم وهو (أن) وحرف وهو التاء، فلو سمي به حكوه. وذهب الفراء إلى أنه بكماله هو الاسم، وذهب ابن كيسان إلى أن (التاء) وما بعدها هي الاسم، وهي التاء التي في فعلت وكثرت (بأن) هذا الذي اختاره، ومن أسخف الأقوال: ما ذهب إليه بعض المتقدمين من أن (أنت) مركب من ألف أقوم، ونون نقوم، وتاء تقوم، وأن (أنا) مركب من ألف أقوم، ونون

نقوم، مبني على الضم، وهو موضوع هكذا، وليس أصله نحن بضم الحاء، وسكون النون خلافًا لهشام. و (هو) للغائب المذكر، و (هي) للغائبة المؤنثة وهما بجملتهما الاسم، وذهب الكوفيون، والزجاج، وابن كيسان إلى أن الهاء من (هو)، والهاء من (هي): هي الاسم، والواو والياء مزيدتان للتكثير، مخففتين، ويسكنهما قيس وأسد يقولون: هو وهي، وحكى الكوفيون تشديدهما: هو، وهي، وقال ابن مالك وتشددهما همدان، ويجوز في اللغة الأولى تسكين الهاء فيهما بعد الواو، والفاء، وثم، واللام، وهي لغة نجد، والتحريك بعدهن لغة الحجاز، وقد تسكن الهاء بعد همزة الاستفهام وكاف الجر قال ابن مالك: ولم يجيء إلا في الشعر انتهى.

وقرئ شاذًا: [لكن هو الله ربي]، [أن يمل هو] بسكون الهاء، وحذف الواو من الضرورات، فتقول (هُ)، و (هِ) وللغائبين هما، وللغائبات: هن، وهذه ألفاظ مرتجلة وهي الضمير بجملتها قاله أبو علي: وقيل الأصل هو ما، وهوموا، وهون، وهذه زوائد على أصل الضمير الذي هو (هو).

الضمير المنفصل المنصوب الموضع للمتكلم: إياي، وإيانا، وللمخاطب: إياك، إياك، إياكما، إياكم، إياكن، وللغائب إياه، إياها، إياهما، إياهم، إياهن، ومذهب سيبويه أن الضمير هو «إيا» وحده، وما اتصل به حروف تبين أحوال الضمير من تكلم، وخطاب، وغيبة. وعزى إلى الأخفش، واختاره الفارسي، وذهب الفراء إلى أن هذه اللواحق هي الضمائر، وإيا دعامة زائدة تعتمد عليها الضمائر، وذهب الكوفيون غير الفراء إلى أنه بجملته هو الضمير يعني (إيا) ولواحقه، وفي النهاية: (إيا) دعامة، واللواحق هي الضمائر قاله الكوفيون وابن كيسان، انتهى. وذهب الخليل، والأخفش، والمازني فيما نقل ابن مالك واختاره إلى: أن (إيا) ضمير، وأن اللواحق ضمائر أضيفت إليها إيا، وذهب الخليل فيما ذكر ابن عصفور إلى أن (إيا) اسم ظاهر، واللواحق ضمائر أضيف إليها (إيا)، فهن

في موضع خفض بالإضافة، و (إيا) على اختلاف المذاهب ليست مشتقة من شيء، وذهب أبو عبيدة إلى: أنها مشتقة إما من أو من قوله: فأو لذكراها إذا ما ذكرتها … ................ فيكون من باب قوة أو من الآية وعينها ياء قولان فوزنه إفعل أصله إأوو أو إأيى، أو فعيل فأصله إويو أوإويى، أو فعول أصله إووو أو إيوى، أو فعلى فأصله إووى أو إييا وليس في الاختلاف في (إيا) ولا في وزنه كبير فائدة واللغة المشهورة كسر الهمزة، وتشديد الياء، وبه قرأ الجمهور، وقرئ بفتحها وتشديد الياء، وبكسرها، والتخفيف، وبإبدال الهمزة هاء مفتوحة، والتخفيف، وبكسرها والتخفيف، وذكر ابن مالك أنه يقال بكسر الهاء، وتشديد الياء. ويتعين انفصال الضمير إن رفع بمصدر مضاف إلى المنصوب معنى نحو: عجبت من ضرب زيد أنت، وزيد عجبت من ضربك هو، أو بصفة جرت على

غير صاحبها، وهذا فيه تفصيل فحيث ألبس برز الضمير وجوبًا نحو: هند ضاربها أنت أو ضاربها أنتما، أو ضاربها أنتم أو نحن، ثم حمل ما ليس فيه على ما فيه اللبس، فأبرز الضمير نحو: زيد هند ضاربها هو، وأجاز الكوفيون أن لا يبرز هنا، وكذا إذا تكررت الصفة نحو: زيد حسبته أمه عاقلة؛ فيجيزون عاقله هي، وعاقلة دون الضمير، ويأتي الكلام على هذه المسألة في باب المبتدأ إن شاء الله تعالى، أو أضمر العامل نحو: إن هو لم يحمل على النفس ضيمها … ............. أو أخر نحو: [إياك نعبد] أو كان حرفًا نحو: [ما هن أمهاتهم] أو فصله متبوع نحو: قام زيد وأنا، وقول من خص هذا بالشعر فاسد، أو ولى واو المصاحبة نحو: فكان وإياها كحران ....... … .........

أو إلا نحو: [أمر ألا تعبدوا إلا إياه] ........ … ما قطر الفارس إلا أنا واتصاله منصوبًا بعد إلا ضرورة نحو: ....... … أن لا يجاورنا إلاك ديار خلافًا لابن الأنباري، فإنه أجاز ذلك في الكلام، أو إما نحو: قام إما أنا وإما أنت، أو اللام الفارقة نحو: إن ظننت زيدا لإياك، وأجاز الأخفش: إن قعد

لأنا، وإن قام لنحن، وهو قول الكوفيين جعلوا إن نافية وعلى مذهب البصريين لا يجوز إلا مع الناسخ من الأفعال و (إن) هي المخففة من الثقيلة لا النافية، أو فصله عامل في مضمر قبله غير مرفوع إن اتفقا رتبة مثاله: علمتني إياي، وعلمتك إياك، وزيد علمته إياه، ومال زيد أعطيته إياه، فإن كان الضمير مرفوعًا نحو: ظننتني قائمًا، وزد ظنه قائمًا فلا يجوز فصله، وإن كان بعد المرفوع ضميران واتفقا في التكلم فالانفصال في الثاني نحو: منحتني إياي، ويقبح الاتصال فتقول: منحتنيني، أو في الخطاب، أو في الغيبة، واتحدا رتبة، فالاختيار الانفصال نحو: أعطيتكما إياكما، وأعطيته إياه، وفاقًا للكسائي، ويجوز الاتصال فتقول: أعطيتكما كما، وأعطيتهوه. وإن اختلف ضمير الغيبة في إفراد، وتثنية، وجمع، وتذكير، وتأنيث فالفصل هو الكثير نحو: هند الدراهم أعطيتها إياه، أو أعطيته إياها، ويجوز الاتصال فتقول: أعطيتهاه وأعطيتهوها، وإن اختلف الضميران بالنسبة إلى التكلم، والخطاب، والغيبة بأن كان أحدهما ضمير متكلم، والآخر ضمير مخاطب أو غائب أو أحدهما ضمير مخاطب والآخر ضمير غائب، فالذي يلي الفعل لا يكون إلا متصلاً، فإن كان أقرب جاز في الثاني الاتصال والانفصال نحو: الدرهم أعطيتني إياه، وأعطيتنيه، والدرهم أعطيتكك إياه، وأعطيتكه ولم يذكر سيبويه في هذا إلا الاتصال، وحكى غيره الانفصال فقال السيرافي: لا يجيز سيبويه فيه الانفصال، وقال الأستاذ أبو علي: الانفصال أفصح، وتأول كلام

سيبويه، فإن كان من باب ظننت فنص سيبويه، على أن الانفصال الوجه نحو حسبتني إياه وحسبتك إياه، والاتصال قليل، ولا يجوز مع الاتصال إلا تقديم الأسبق نحو: يا غلام أعطانيك زيد، ولا يجوز أعطاكني زيد، فأما ما روى من قول عثمان رضي الله عنه: (أراهمني الباطل شيطانًا) فقال ابن مالك: كان قياسه أرانيهم وليس كما قال بل قياسه: أراهم إياي. وإن كان الذي يلي الفعل أبعد فمذاهب أحدها: مذهب سيبويه: وجوب الانفصال نحو: زيد ظننته إياك، والدرهم أعطيته إياك. والثاني: مذهب طائفة من القدماء، وتبعهم المبرد: جواز الاتصال والانفصال، والانفصال أحسن. والثالث مذهب الفراء: وجوب الانفصال إلا أن يكون ضمير مثنى أو ضمير ذكور فيجوزان، والانفصال أحسن نحو: الدرهمان أعطيتهماك، والغلمان أعطيتهموك، والزيدان ظننتهما كما، والزيدون ظننتهموكم. والرابع مذهب الكسائي: وهو كمذهب الفراء، إلا أنه يجيز الاتصال إذا كان الأول ضمير جماعة المؤنث نحو: الدراهم أعطيتهنكن، والذي ورد به السماع مذهب سيبويه. وإذا كان الضمير منصوبًا بمصدر مضاف إلى مضمر قبله هو فاعل، أو مفعول

أول، أو باسم فاعل مضاف إلى ضمير هو مفعول أول نحو: زيد عجبت من ضربيه، أو من ضربكه، والدرهم عجبت من إعطائكه زيد، والدرهم معطيكه زيد، فالاتصال عربي، والانفصال هو الكثير، ون تساويا في القرب أو البعد، فالانفصال نحو: هند زيد عجبت من ضربه إياها، ولا يجوز: من ضربهيها إلا ضرورة نحو: ............ … لضغمهماها ........ أو في نادر، وأنضرهموها، وإن لم يكن فاعلاً، ولا مفعولاً أول والضمير ضمير رفع انفصل نحو: زيد عجبت من ضربك هو، وقد عقد بعض شيوخنا عقدا في المضمرات بحسب اتصالها وانفصالها فقال: المضمر المرفوع إن عمل فيه معنى انفصل، وذلك المبتدأ نحو: أنا زيد أو لفظ هو المبتدأ انفصل نحو: الفاضل أنت أو غيرهما فعلاً اتصل نحو: ضربت، أو فصل بإلا انفصل: ما قام إلا أنت أو كان في معناها انفصل في الشعر نحو:

........ إنما … يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي وإذا اتصل، والفعل ماض برز إلا المفرد الغائب مذكرًا: أو مؤنثًا نحو: زيد ضرب هند ضربت، أو أمر برز في غير مذكر اضربي اضربا اضربوا اضربن، أو مضارع لمتكلم استتر: أقوم نضرب، أو لمخاطب فكذا لمفرد مذكر: يضرب أو صفة لمن هي له استتر: هند زيد ضاربها، أو لغيرها برز في الأعرف: هند زيد ضاربته هي، أو اسم فعل استتر نحو: نزال، أو مصدر نائب مناب الفعل استتر نحو: ضربًا زيدا، أو مناب أن والفعل انفصل نحو: زيد عجبت من ضربه أنت، والوجه خفضه: زيد عجبت من ضربك إياه، أو حرف انفصل: ما أنت منطلقًا، والمنصوب إن نصب بفعل وهو كان فالمختار الانفصال، أو ظن وهو الأول اتصل والثاني: كمنصوب كان، أو غيرها متعديًا إلى واحد اتصل أو إلى اثنين، وهو أول، فكذلك أو ثان، والأول محذوف فكذلك، أو مذكور واجتمعا وقدمت ماله الرتبة اتصل لا غير نحو: أعطيتكه، أوما رتبته التأخير انفصل لا غير نحو: أعطيته إياك، فإن كانا في درجة واحدة فالاختيار انفصال الثاني نحو: قوله تعالى: [وعدها إياه] ويجوز:

أعطاهوها، وهو عربي، وليس وجه الكلام، أو اسم فاعل تعدى إلى اثنين جرى مجرى الفعل، أو لواحد نحو: الضاربك، والضاربوك ففيه الخلاف، ويجرى مجرى حسن الوجه جميله، والحسن الوجه الجميله، أو مصدرًا على من قال: ضربًا زيدًا اتصل فتقول: ضربه ويسقط التنوين لمكان المتصل كما في ضاربك، ويظهر لي أن خلاف الأخفش في الموضعين واحد، فالهاء في موضع نصب، كما قال: في الضاربه، وسيبويه يقول: في موضع خف، أو اسم فعل اتصل: عليكه ورويده، وعليكنى، ومن العرب من يقول: عليكنى وعليك إياي، قاله سيبويه، أو حرف وهو (إن) اتصل نحو: إنك فاضل أو (ما) انفصل نحو: ما زيد إياك، وما كان واجب الاتصال نحو: أكرمك، أو جائزه نحو: زيد ظننتك إياه وإذا تقدم وجب انفصاله نحو: إياك أكرم، وزيد إياه ظننتك. وعقد بعض أصحابنا أيضًا عقدًا في ذلك فقال: إذا تقدم العامل أو فصل بينهما بحرف عطف أو إلا أو ما في معناها على الخلاف انفصل؛ فإن كان غير ما ذكر والعامل حرف لم يتصل إلا في إن وأخواتها أو اسم مصدر منون أو غير منون مضاف لظاهر، أو لمضمر مثله انفصل، وقد يتصل. والمضمر الغائب إن اختلفا أو أقرب منه انفصل، أو أبعد جاز الاتصال والانفصال أحسن وأفصح، واسم الفاعل واسم المفعول كذلك، أو اسم فعل نحو رويد، فالاتصال عند سيبويه لا غير، وأجاز غيره الانفصال أو ظرف أو مجرور فهما، أو فعل متعد إلى واحد اتصل، أو إلى اثنين من باب أعطى، وهما غائبان من جنس واحد، فالانفصال أحسن، وأنكر الكوفيون الاتصال وزعموا أن البصريين قاسوه نحو: أعطيتهوه، وهو مسموع عن

العرب، أو متكلمان أو مخاطبان انفصل المتأخر منهما، أو مختلفان، وتقدم الأقرب، فسيبويه لم يذكر إلا الاتصال وذكر غيره الانفصال، ولا يجيز سيبويه أعطيتهوك، وحكى سيبويه: عن طائفة جوازه، وزعم المبرد أن الصواب مذهبهم، وأجازه الكوفيون في التثنية والجمع فقالوا: أعطيهما كما، وأعطيتهموكم، وأجاز الكسائي: أعطيتهن كن، ومنع الفراء الاتصال. فإن كان ناسخًا نحو: (كان) فالانفصال أحسن خلافًا لابن الطراوة، أو ظننت فكأعطيت إلا إن اختلفا وتقدم الأقرب، فيختار فيه الانفصال، أو أعلم والكل ضمائر، فحكم الأول والثاني حكم باب أعطيت، وبعض مضمر، وبعض ظاهر، والمضمر واحد وصلته أو اثنان أول وثان أو ثالث، فكأعطيت، أو ثان وثالث فكأعطيت انتهى ما ذكره في هذا العقد. وأما ثاني مفعولي أعطيت في باب الإخبار إذا أخبرت به، فالانفصال خلافًا للمازني، إذ يختار الاتصال فتقول على رأيه: الذي أعطيته زيدًا الدرهم، وعلى الانفصال الذي أعطيت زيدًا إياه الدرهم، وإذا حصر الضمير بإنما نحو: إنما قام أنا فانفصاله عند سيبويه ضرورة، وعند الزجاج ليس بضرورة، وقال ابن مالك، يتعين انفصاله، وزعم ابن مالك: أن اتصال الضمير إذا وقع خبرًا لكان،

وأخواتها نحو: الصديق كنته أو كنته هو الكثير، وهو خلاف ما نص عليه سيبويه عن العرب أن الاتصال قليل، وأن انفصاله هو الكثير، فتقول: الصديق كنت إياه، وهو ظاهر إطلاقهم أن ذلك جار في أخواتها فتقول: الصديق أصبحت إياه، أو أصبحته وقال محمد بن مسعود الغزني، خبر كان خاصة إذا كان ضميرًا كاسمه جاز اتصاله نحو: فإن لا تكنها أو تكنه، وذلك؛ لأن كان أكثر استعمالاً من أخواتها انتهى. فعلى هذا يجوز كنته، ولا يجوز أصبحته، ولا أمسيته وقال صاحب المستوفى: وهو أبو سعيد الفرخان خبر كان شديد الشبه بالحال إلا أنه قد يجيء معرفة في نحو قوله: فإن لا يكنها أو تكنه فإنه … ........... وليس يشركها في هذا الحكم غيرها من أخواتها انتهى، ويعني أن يكون ضميرًا متصلاً.

فصل

فصل ضمير المتكلم، وضمير المخاطب تفسيرهما المشاهدة، وضمير الغائب يحتاج إلى مفسر، والأصل في مفسره، أن يكون متقدمًا عليه، فإذا تقدم اسمان مستويان في الإسناد كان الضمير عائدًا على الأقرب إلا إن دل دليل على أنه لغير الأقرب مثال: جاءني زيد وعمرو أكرمته، فالضمير لعمرو، واشتريت جوادًا، وغلامًا فركبته فالضمير للجواد، فإن لم يستويا في الإسناد، وكان الثاني في ضمن الأول عاد على المتقدم خلافًا لأبي محمد بن حزم في زعمه: أن الضمير في قوله تعالى: [فإنه رجس] عائد على الخنزير لا على اللحم؛ لكونه أقرب مذكور. ثم المفسر إما مصرح بلفظه نحو: زيد لقيته، أو مستغنى عنه بحضور مدلوله حسا مثل أن يخطر بذهنك أن مخاطبك سألك عن حالة شخص فتقول: هو مسافر، وتمثيل ابن مالك هذا بقوله: [هي راودتني عن نفسي] و [يا أبت استئجره] ليس بصحيح بل هذان مما تقدم مفسره مصرحًا به لفظًا قال ابن مالك: أو مستغنى عنه بحضور مدلوله علمًا نحو: قوله تعالى: [إنا أنزلناه في ليلة القدر] ونقول في هذا إنه عائد على ما دل عليه قوله: [اقرأ باسم ربك الذي خلق] وقوله: [علم الإنسان ما لم يعلم] قال ابن مالك أو بذكر ما هو له جزء كقوله:

.......... … إذا حشرجت يومًا ...... قال: فالضمير عائد على النفس، والفتى في قوله: لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى .... مغن عن ذكر النفس؛ لأنها جزء منه، وقال ابن هشام: الضمير يعود على النفس، ولم يتقدم لها ذكر، لكن الحشرجة وضيق الصدر دلا عليها، ومن ذلك: من كذب كان شرًا له، [اعدلوا هو أقرب للتقوى] ونحوهما الضمير يعود على المصدر الدال عليه كذب، والدال عليه اعدلوا؛ لأنه أحد جزأى الفعل، قال ابن مالك: أو كل نحو: [ولا ينفقونها] فالذهب، والفضة بعض المكنوزان، فأغنى ذكرهما عن ذكر الجمع فكأنه قال: أصناف ما يكنز، ويمكن النزاع في هذا، قال ابن مالك: أو نظير مثاله: عندي درهم ونصفه (أي ونصف درهم آخر)، وأصحابنا يعبرون عن مثل هذا بأنه يعود على الظاهر لفظًا لا معنى، ومنه: ظننت وظننته زيدًا قائمًا، ومنع ابن الطراوة هذه المسألة وتأتي في باب الإعمال، إن شاء الله تعالى.

وقال ابن مالك: أو مصاحب بوجه ما كقوله: [وأداء إليه بإحسان] أي إلى العافي الدال عليه (فمن عفى) وقد كثر ابن مالك أمثلة مما يفسره ما يفهم من سياق الكلام، ولم يتقدم مفسره، ولا تأخر، وأصحابنا قسموا ضمير الغائب إلى ما يتقدم عليه مفسره لفظًا ورتبة نحو: ضرب زيد غلامه، أو لفظًا دون رتبة نحو: ضرب زيدًا غلامه، أو رتبة دون لفظ نحو: ضرب غلامه زيد، وإلى ما يفسره ما يفهم من سياق الكلام، وهو ما علم المراد به، ولم يتقدم مفسره، ولا تأخر عنه بوجه من الوجوه الثلاثة مثل: ضرب غلامه زيد، غلامه ضرب زيد، وضرب غلام أخيه زيد، واسم الفاعل يجرى مجرى الفعل في هذا نحو: هند ضارب غلامه زيد من أجلها، ومررت بامرأة ضارب غلامه أخوها، وأما إن تأخر المفسر نحو: ضرب غلامه عمرًا، فأجازه ابن جني، وقبله أبو عبد الله الطوال من أهل الكوفة، والأخفش من أهل البصرة: ذكره عنه في الغرة قال: ورووا: ضربت جارية يحبها زيدًا، واختاره ابن مالك، وقد جاء في الشعر

ما ظاهره جواز ذلك، وقصره على الشعر دون الكلام أحمد بن جعفر، وشرط ابن مالك في إجازة ما اختاره أن يكون صاحب الضمير قد شارك في العامل نحو: ضرب غلامها هندًا فالناصب لصاحب الضمير الذي هو هند هو الرافع لغلامها الذي هو الفاعل، فلو لم يشارك فقلت: ضرب غلامها جار هند لم يجز؛ لأن الضمير الذي هو لهند لم يشارك الفاعل الذي هو غلامها في العامل الذي هو ضرب؛ لأن هندًا مخفوض بالإضافة، و (غلامها) مرفوع بضرب. ونقل ابن مالك عن الكوفيين: أنهم لا يجيزون مثل: ضرب غلامه زيد، ولا غلامه ضرب زيد، ولا (في بيته يؤتى الحكم]، و (شتى تئوب الحلبة)، وأن سماع ذلك صحيح عن العرب تخليفط منه في النقل؛ لأن الكوفيين فصلوا في الضمير إذا تأخر العامل عن المفعول، والفاعل بين أن يكون متصلاً بالمفعول مجرورًا، أو بما أضيف إلى المفعول نحو: إرادته أخذ زيد، وغلام أبيه ضرب زيد، فهذا جائز عندهم، أو متصلاً به في موضع نصب، فلا يجوز عندهم نحو: ضاربه ضرب زيدًا، وفي موضع جر جاز عندهم نحو: غلامه ضرب زيد، وإن كان منفصلاً عما تقدم، فلا يجوز عندهم تقديم المفعول، ومثلوا ذلك بمثل كثيرة منها، ما رأى أحب زيد، ويوم يقوم يتخلص زيد، ويوم يقوم يجيء خالد، وإذا قام سرك زيد، وما يعجبه يتبع أخوك: فهذه كلها منعها الكسائي والفراء، وأجازها البصريون، فإن كان العامل مقدمًا جازت المسائل عند الكسائي والفراء فتقول: أخذ ما أراد زيد وأجاز الكسائي وأصحابه: ما أراد زيد

أخذ، وما في موضع نصب بأخذ، وثوب أخويك يلبسان، وقد تكرر لابن مالك هذا التخليط في آخر الفصل الثالث من باب تعدي الفعل ولزومه ونتكلم عليه إن شاء الله ثمة، وفي الغرة: أجازوا أخذ ما أراد زيد، ومنع الكوفي: ما أراد أخذ زيد، وأجاز البصري وهشام: زيدًا غلامه ضرب في كل تصريف الفعل، ومنعها الفراء جميعها، وأجازها الكسائي في اسم الفاعل، انتهى. وأما ما يتقدم الضمير، ويتأخر عنه مفسره وجوبًا؛ فمنه المجرور برب نحو: ربه رجلاً صحبت والمرفوع بنعم، وبئس ما جرى مجراهما نحو: نعم امرأً هرم ............ … ........... وظرف رجلاً زيد؛ ففي نعم ضمير فاعل يفسره التمييز بعده هذا مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أنه ليس فيه ضمير بل الاسم المرفوع بعد المنصوب هو الفاعل بنعم وبئس، ويأتي الكلام على ذلك في باب نعم وبئس إن شاء الله، والمرفوع بأول المتنازعين نحو: جفوني ولم أجف الأخلاء … .............

وهذا لا يجوز عند الكسائي، والفراء، ويأتي في باب الإعمال إن شاء الله تعالى. والضمير الذي أبدل منه المفسر نحو: ما حكى الكسائي: «اللهم صل عليه الرءوف الرحيم» وهذه المسألة التي يجيزها الأخفش، ومنعها غيره. والضمير الذي يفسره الخبر نحو قوله تعالى: [إن هي إلا حياتنا الدنيا] قاله الزمخشري، واختاره ابن مالك، وهو عند أصحابنا مما يفسره سياق الكلام، وضمير الشأن والقصة نحو: قوله تعالى: [قل هو الله أحد] [فإنها لا تعمى الأبصار] وذكر الفراء ضمائر يفسرها ما بعدها غير هذه فمن ذلك: [وهو محرم عليكم إخراجهم] [وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر] وقول العرب: كان ذلك مرة، وهو ينفع الناس أحسابهم وقول الشاعر: .............. … فهل ا، ت مرفوع بما ههنا راس

وأما ضمير الشأن، فمذكر، وضمير القصة مؤنث، وهذا اصطلاح البصريين، ولا يعطف على هذا الضمير، ولا يؤكد، ولا يبدل منه ولا يتقدم خبره عليه، ولا جزء من خبره خلافًا ليوسف بن أبي سعيد السيرافي؛ فإنه أجاز في قوله: أسكران كان ابن المراغة ...... ز … ......... أن يكون في كان ضمير الشأن، وابن المراغة وسكران مبتدأ، وخبرًا يفسر ضمير الشأن، ولا يفسر بمفرد، ويسميه الكوفيون مجهولاً وهو اسم يحكم على موضعه بالإعراب على حسب العامل، وزعم ابن الطراوة أنه حرف، فمثل كان زيد قائم، وليس زيد قائم فإلغاء لكان، وليس، وأخواتهما، وأما إنه أمة الله ذاهبة، فحرف كف إن عن العمل، وفي: إن من يدخل الكنيسة يومًا … ...........

إن ملغاة، وأما [قل هو الله أحد] فهو هنا فسره المعنى (أي المعبود الله أحد)، والتفريع على مذهب الجمهور فلا يفسر إلا بجملة خبرية مصرح بجزئيها، وأجاز الكوفيون، وأبو الحسن نحو: ظننته قائمًا زيد، ولا يجيزه البصريون، ولو سمع هذا التركيب كان زيد مبتدأ، والجملة قبله خبر عنه، ولا يجيز البصريون ما هو بقائم زيد، ولا ما هو قائمًا زيد، ولا كان قائمًا زيد، على إضمار الاسم في كان، وأجاز الكوفيون: كان قائمًا زيد ففي كان عندهم ضمير المجهول، وقائمًا خبر كان، وزيد مرفوع بقائم ولا يثنى قائم، ولا يجمع لرفعه الظاهر. هذا مذهب الكسائي، وذهب الفراء إلى جواز كان قائمًا زيد على أن يكون قائمًا خبر كان، وزيد مرفوع بكان، وقائمًا معًا، ولا يثنى قائمًا لرفعه الظاهر، وللكوفيين تفاريع من هذا النوع ستذكر في باب كان، إن شاء الله تعالى. وأجاز الكوفيون: إنه ضرب، وإنه قام على حذف المسند غليه الضرب والقيام، فبقى مفردًا، وإفراد هذا الضمير لازم فتقول: إنه أخواك قائمان، وإنه إخوتك ذاهبون، وذكر أصحابنا أن هذا الضمير: يكون مذكرًا، ومؤنثًا سواء كان بعده مذكرًا، أم مؤنثًا نحو: هو زيد قائم، وهو هند قائمة، وهي هند قائمة، وهي زيد قائم، وإن كان المستحسن التذكير مع التذكير، والتأنيث مع التأنيث هذا مذهب أهل البصرة، وذهب الكوفيون إلى أن المخبر عنه إن كان مذكرًا، فالضمير

مذكر، وإن كان مؤنثًا فالضمير مؤنث فتقول: كان زيد قائم، وكانت هند قائمة للمشالكة، ولا يجوز عندهم كانت زيد قائم، ولا كان هند قائمة، وقال الفراء: العرب تدخل الهاء مع (أن) دلالة على الفعل بعدها، فإذا قالوا: إنه قام زيد، دلوا بالهاء على أن الفعل بعدها لمذكر وإذا قالوا: إنها قامت هند دلوا على أنه لمؤنث، فإذا كان بعدها فعل مذكر لم يجز إلا التذكير، وإذا كان فعل مؤنث جاز التذكير والتأنيث نحو: [إنه قامت هند، وإنها قامت هند، وإذا كان بعدها فعل مذكر، لم يجز فيه التأنيث] نحو: إنه قام الهندات، وإنه جلس جواريك، ولا يجوز إنها، وقال البصريون والكسائي: إذا ذكرت الهاء فهو كناية عن الأمر والشأن، وإذا أنثت فهي كناية عن القصة، قيل فألزمهم الفراء: أن يقولوا: إنها قام زيد، وهذا معدوم في كلام العرب، ولابن مالك مخالفة للفريقين، وترجيحات قال: وتذكيره لازم ما لم يله مؤنث نحو: إنها جاريتاك ذاهبتان، وإنها نساؤك ذاهبات، أو مذكر شبه به مؤنث نحو: إنها قمر جاريتك، أو فعل بعلامة تأنيث (يعني أنه يكون مسندًا إلى مؤنث) نحو: [إنها لا تعمي الأبصار] وقوله: على أنها تعفو الكلوم … ................. فالتأنيث في هذه المسائل عنده أجود من التذكير، والتذكير مع ذلك جائز، فإن

كان المؤنث الذي في الجملة بعد مذكر لم يشبه به مؤنث، فحكمه التذكير نحو: [إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم]، أو ما ولى الضمير من مؤنث شبه به مذكر نحو: إنه شمس وجهك، أو كان الفعل الذي ولى الضمير بلا علامة تأنيث نحو: إنه قام جاريتك لم يكترث بالتأنيث في هذه الصور، والحكم فيها التذكير وثبت في نسخة من (التسهيل) فإن كان فيها مؤنث ليس فضلة، ولا كفضلة، اختير التأنيث باعتبار القصة نحو: [فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا]، و [فإنها لا تعمي الأبصار] واحترز بقوله: ليس فضلة من قوله: ألا إنه من يلغ عاقبة الهوى وبقوله: ولا كفضلة من قوله: [إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم] إذ المعنى نجزه جهنم انتهى. وهذا الضمير يبرز مبتدأ عند الجمهور، خلافًا لأبي الحسن، والفراء فإنهما منعا ذلك، ولا يجيزانه إلا إن كان معمولاً لكان وإن وأخواتهما، ويبرز أيضًا في نحو: ما هو زيد قائم فهو اسم ما، والجملة في موضع نصب على أنه خبرها وقيل: لا يجوز ومن أجاز قال: يجوز دخول إلا على الجملة الواقعة خبرًا كما تدخل على الخبر، فيبطل العمل فتقول: ما هو إلا زيد قائم، وكذا في الاستفهام فتقول: هل هو إلا زيد قائم، ويبرز منصوبًا في باب إن وظن نحو: قوله تعالى: [وأنه لما قام عبد الله يدعوه]، وهو مسموع في: إن وأن، ويحتاج في دخولها في أخواتها إلى سماع، ويبرز أيضًا في باب ظن نحو قوله:

علمته الحق لا يخفى على أحد … ............. ويستكن في باب كان نحو: كان زيد قائم، واختلفوا في هذا التركيب، فأجازه الجمهور، وأنكر الفراء سماعه، وهو محجوج بوجوده في كلامهم، وفي باب كاد خلاف جوزه سيبويه فيه نحو: قراءة من قرأ [بعدما كاد يزيغ قلوب فريق منهم] بياء الغيبة في يزيغ، ومنعه بعضهم وتقدم مذهب ابن الطراوة في لحاق هذا الضمير. والضمائر كلها مبنية، وإذا اجتمع ضمير متكلم، ومخاطب، أو غائب في إسناد كان الحكم للمتكلم نحو أنا وأنت قمنا، وزيدأنا وهو قمنا، وأنا وزيد قمنا، أو مخاطب، وغائب، فالحكم للمخاطب نحو: زيد أنت وهو قمتما، وأنت وزيد قمتما، وسواء تقدم الغائب أو المخاطب، وكذا لو تقدم المخاطب أو الغائب على المتكلم. والفصل: هو صيغة ضمير منفصل مرفوع، ويسميه الفراء، وأكثر الكوفيين عمادًا، وبعض الكوفيين يسميه: دعامة ويسميه المدنيون صفة، وأكثر النحاة يذهب

إلى أنه حرف، وصححه ابن عصفور، وذهب الخليل إلى أنه ضمير باق على اسميته، ومحل هذا الفصل المبتدأ والخبر ونواسخه، واختلفوا في وقوعه بين الحال وصاحبها، فمنعه الجمهور وحكى الأخفش في الأوسط: مجيء ذلك عن العرب، ومن قرأ [هؤلاء بناتي هن أطهر لكم] بنصب (أطهر) لاحن عند أبي عمرو، وقال الخليل: والله إنه لعظيم، جعل أهل المدينة هذا فصلاً. وشرط الفصل أن يتقدمه معرفة نحو: زيد هو الفاضل فلو قلت: ما ظننت أحدًا هو القائم، وإن كان أحد لهو القائم، وكان رجل هو القائم، أجاز ذلك الفراء وهشام، فنصبا القائم، وجعلا «هو» فصلاً، ومنع ذلك سيبويه، والبصريون، والمعروف من قول الكوفيين إجازة مثل. ......... … ولا يك موقف منك الوداعا

فعلى هذا يجوز فيه الفصل، كما ذهب إليه هشام، والفراء، ومن شرطه عند البصريين، أن يتوسط بين الأول وخبره، وأجاز الفراء تقديمه أول الكلام، ومنه عنده: [وهو محرم عليكم إخراجهم] وقال أيضًا: إذا ابتدأت بالاسم، فأنت مخير في نحو: جاء زيد وأبوه قائم أن تقول: وهو أبوه قائم، وهو الأحسن، وكذا زيد ذاهب، فإن كان فيه الفعل أو معناه نحو: أتيت زيدًا وقائم أبوه، أو تقدم أبوه قبح، ويزول القبح إذا أتيت بالعماد نحو أتيت زيدًا وهو قائم أبوه قال: وسمعت بعض العرب يقول: «كان مرة وهو ينفع الناس أحسابهم» وإن كان الموضع صالحًا للاسم والفعل صح أيضًا العماد نحو: هل مضروب زيد، قال تعالى: [وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر] وقولك: أما هو فذاهب زيد، فيقبح أما فذاهب زيد، لأنه للاسم انتهى ما لخص عن الفراء، وتقديمه الفصل جار على مذهبهم؛ لأنهم لم يجيئوا بالعماد؛ لأن يدخل بين المبتدأ والخبر، وإنما وضع عنده في كل موضع يبدأ فيه للاسم قبل الفعل. وشرط الخبر أن يكون معرفة، أو قريبًا من المعرفة، فأما المعرفة فلا شرط فيها عند

البصريين، وذهب الفراء إلى أنه إن كان معرفة بغير (أل)، وجب الرفع نحو: كان زيد هو أخوك، وكان زيد هو صاحب الحمار، وقال الفراء: أجيز كان عبد الله هو أخاك بمعنى هو الأخ لك، ولا أجيز ذلك في زيد وعمرو، وإن كان (بأل) في باب (ما)، فلا يجوز أن يكون فصلاً عند الفراء نحو: ما زيد هو القائم، أو في ليس، فالرفع الوجه عند الفراء نحو ليس زيد هو القائم، ويجوز النصب، وهو الوجه عند البصريين. فإن دخلت على الخبر لام الفرق نحو: إن كان زيد هو لقائم فلا يجوز أن يكون فصلاً، وتنصب «لقائم» عند الفراء، وأجاز أبو العباس: فيه النصب، وإن دخلت على الخبر (فاء الجزاء) نحو: أما زيد هو فالقائم، فمذهب سيبويه، والفراء أنه لا يجوز الفصل، وعلى قول أبي العباس: يجوز، وإن دخلت لا النافية على صيغة المضمر نحو كان زيد لا هو القائم، ولا هو المقارب، فمذهب البصريين جواز النصب والفصل، وذهب الفراء: إلى أنه لا يجوز إلا الرفع فيهما معًا، وإن دخلت إلا على صيغة المضمر نحو: ما كان زيد إلا هو الكريم فذهب البصريون، والفراء: إلى أنه لا يجوز النصب، ولا الفصل، وذهب الكسائي إلى جواز ذلك وإن كان الكلام في معنى ما دخلت لا يجوز نحو: إنما كان زيد هو القائم، فهي عند الفراء كمسألة إلا، والصحيح الجواز، وإن لم يدخل على الخبر، ولا على صيغة الضمير شيء مما ذكر، فإن كان الخبر جامدًا جاز دخول الفصل نحو قوله تعالى: [إن كان هذا هو الحق] وإن كان مشتقًا رافعًا ضمير الأول وتقدم ما ظاهره التعلق به من حيث المعنى نحو: كان زيد هو بالجارية الكفيل، [فإن أردت أن يكون (الجارية) في صلة الكفيل] لم تجز المسألة بإجماع، رفعت الكفيل أو نصبته، وإن أردت أن لا يكون في صلة الكفيل، فمن النحاة من يجعل ذلك

تبيينًا، ومنهم من يقدره هو كفيل بالجارية الكفيل، ومنهم من يجعل الكفيل بمنزلة الرجل، والرفع في الكفيل هو البين، فإن نصبت الكفيل، لم تجز المسألة عند الفراء بوجه، وعلى أصول البصريين إذا جعلت بالجارية تبيينًا، جاز النصب في هذا الوجه خاصة، وإن لم يتقدم جاز النصب نحو: كان زيد هو الكفيل بالجارية، وظننت زيدًا هو القائم، وكان زيد هو الحسن الوجه. وإن كان رافعًا لسببي والضمير مطابق للاسم نحو: ظننت زيدًا هو القائم أبوه، وهو القائم جاريته، فلا يجوز فيه عند البصريين الفصل بل يجب الرفع، وأجاز الكسائي الفصل والنصب، وفصل الفراء بين أن يكون خلفًا، فيوافق الكسائي وغير خلف فيوافق البصريين، وحكى علي بن سليمان عن البصريين إنكار الخلف، وإن كان مخالفًا نحو: كان زيد هي القائمة جاريته، فأجاز الكسائي النصب، ومنع الفراء والبصريون هذه المسألة فلا يجوز، لا برفع ولا نصب، وإذا عطفت بالواو، فإن لم تذكر الضمير بعدها [نحو: كان زيد هو المقبل والمدبر، جاز الوجهان الرفع والنصب، فإن ذكرت بعدها] واختلف الخبران نحو: كان زيد هو القائم وهو الأمير، فلا يجوز في الأمير عند البصريين والفراء إلا الرفع، وأجاز هشام فيه النصب، فإن اتفقا نحو: كان زيد هو المقبل وهو المدبر، فالرفع في المقبل والمدبر عند البصريين فقط، وأجاز النصب الفراء وهشام، وإذا عطفت (بلا)، وذكرت الضمير بعدها نحو: كان زيد هو القائم لا هو القاعد، رفعت على قول البصريين، ونصبت على قول هشام، وإن لم تذكر الضمير نحو: كان

زيد هو القائم لا القاعد، جاز رفعهما ونصبهما بلا خلاف، وإذا عطفت بلكن نحو: ما كان زيد هو القائم، ولكن هو القاعد، رفعت القاعد في قول البصريين، وأجاز هشام النصب. وإن كان الثاني كمعرفة في امتناع دخول (أل) عليه، جاز الفصل معه نحو: كان زيد هو أفضل منك وكان هذا مجمعًا عليه فلو قلت: «كان زيد هو منطلقًا» كان قبيحًا قاله سيبويه، فإن كان بعد الضمير مضارع نحو: كان زيد هو يقوم، فقد أجاز بعضهم أن يكون فصلا، والصحيح المنع، فإن كانا نكرتين قريبتين من المعرفة نحو: ما أظن أحدًا هو خيرًا منك، فقد أجازه أهل المدينة، ووافقهم أبو موسى الجزولي، وحكى ابن الباذش، أن قومًا من الكوفيين أجازوا الفصل في النكرات، كما تكون في المعارف قالوا: ومنه قوله تعالى: [أن تكون أمة هي أربى من أمة] «فأربى» في موضع نصب، وفي كتاب الصفار تلميذ الأستاذ أبي علي: «وأجازوا الفصل بين الاسم الذي ولى (إلا) وبين خبره، وإن لم تكن معرفة فقالوا: لا رجل هو منطلق»، وقال يونس: إن أبا عمرو كان يرى بوقوعه بين نكرتين لحنًا، وأجاز عيسى الفصل بعد تمام الكلام نحو: هذا زيد هو خير منك، ومنعه الجمهور، وأجاز الكوفيون النصب، والفصل في نحو: ما بال زيد هو القائم، وما شأن عمرو هو الجالس، ولا يجيز البصريون في هذا إلا الرفع، وأجاز الكسائي، والفراء: مررت بعبد الله هو السيد الشريف، ولمن لحقته: لتلحقنه هو

الجواد الكريم وخرجت بعبد الله هو القائم والقائم، وإذا قلت: كان هو القائم زيد، وجعلت في كان ضميرًا مجهولاً، وزيد فاعل بالقائم فقال الفراء: ليس بجائز قال: وهو في قياس قول الكسائي: جائز، ولا يجيز البصريون ذلك، وإذا قدمت مفعولي ظننت عليها، جاز أن تأتي بالفصل بينهما نحو: زيدًا هو القائم ظننت، فإن تقدم الأول، وتوسطت ظننت وتأخر الثاني نحو: زيدًا ظننت هو القائم، ففي جواز ذلك نظر، والفصل لا يكون مطابقًا لما قبله إفرادًا وتذكيرًا، وتكلمًا ومقابلاتها، وتقدم الخلاف في كان زيد هي القائمة جاريته، والصحيح المنع فأما قوله: ........ … يراني لو أصبت هو المصابا فقد تأولوه على وجوه، ومن أحكام الفصل: أنه لا يتقدم مع الخبر على المخبر عنه، لا يجوز: هو القائم كان زيد، ولا هو القائم زيد، ولا هو القائم ظننت زيدًا، ونقل ابن مالك عن الكسائي: جواز ذلك، والنقل عن الكسائي مختلف فيه، فنقل هشام عنه المنع، ونقل الفراء وغيره عنه الجواز، ومذهب البصريين، والفراء

المنع، فإن توسط بين كان واسمها نحو: كان هو القائم زيد، فحكى إجازة ذلك عن الكسائي، ومذهب الجمهور المنع من التقديم على المبتدأ أو على كان وظننت، ومن التوسط بين كان واسمها، وبين ظننت ومعمولها الأول. والقائلون باسمية الفصل اختلفوا، فذهب البصريون القائلون باسميته ومنهم الخليل: إلى أنه لا موضع له من الإعراب، وذهب الكسائي إلى أن موضعه كموضع الاسم، وذهب الفراء إلى أن موضعه كموضع الخبر، فإذا قلت: زيد هو القائم، فهو في موضع رفع على قوليهما، وإذا قلت ظننت زيدًا هو القائم، فهو في موضع نصب على قوليهما [وإذا قلت كان زيد هو القائم ففي موضع رفع على قول الكسائي، وفي موضع نصب على قول الفراء] وفي: إن زيدًا هو القائم في موضع نصب على قول الكسائي، وفي موضع رفع على قول الفراء. وإذا وقع بعد المبتدأ، وهو ظاهر جاز أن يكون فصلاً، وبدلاً ومبتدأ ثانيًا، أو ضمير جاز مع هذه أن يكون توكيدًا، أو في باب كان والاسم ظاهر أو مضمر، وما بعد الضمير مرفوع تعين أن يكون مبتدأ [أو منصوب والاسم ظاهر نحو: كان زيد هو الفاضل، فالبدل، أو مضمر نحو: كنت أنت الفاضل فهما] والتوكيد، فإن دخلت عليه لام الفرق: تعين الفصل نحو: إن كان زيد لهو

الفاضل، أو في باب إن والاسم ظاهر نحو: إن زيدًا هو القائم فالابتداء والفصل، أو مضمر نحو: إنك أنت الفاضل فهما، والتأكيد، أو بعد المفعول الأول لظننت وما بعده مرفوع تعين الابتداء نحو: ظننت زيدًا هو الفاضل، وظننتك أنت الفاضل أو منصوب، والمفعول الأول ظاهر نحو: ظننت زيدًا هو القائم، تعين الفصل أو مضمر نحو: ظننتك أنت الفاضل، فالفصل والتوكيد، وحكم الثاني والثالث في باب أعلم حكم الأول والثاني في باب علم، ويجوز عند كثير من العرب أن يكون هذا الضمير مبتدأ، ويرتفع ما بعده على الخبر، وحكى الجرمي أنها لغة تميم، وحكى عن أبي زيد: أنه سمعهم يقرأون [تجدوه عند الله هو خيرًا وأعظم أجرًا] بالرفع. وفائدة الفصل عند الجمهور التأكيد، وقال السهيلي: الاختصاص، فإذا قلت: كان زيد القائم، كان إخبارًا عن زيد بالقيام، واحتمل أن يكون غيره قد شاركه فيه، وإذا قلت: كان زيد هو القائم أفاد اختصاصه بالقيام دون غيره، ولو اجتمع الضميران مع الفصل، ولم يفصل بينهما نحو: زيد ظننته هو إياه القائم، فمذهب سيبويه: أنه لا يجوز ذلك، وإن فصلت وأخرت البدل جاز نحو:

ظننته هو القائم إياه، وسواء أكان الفصل بينهما بالمفعول الثاني كما مثلنا، أم بظرف معمول للخبر نحو: ظننته هو يوم الجمعة إياه القائم وإذا جوزنا معمول ذي (أل) أن يتقدم عليه، فإن كان أحدهما إضمارًا والآخر ظاهرًا، جاز اتفاقًا نحو: ظننته هو نفسه القائم، ولا يقع الفصل بين خبرين لا تقول: ظننت هذا الحلو الحامض، وقيل: يجوز دخوله بينهما.

باب العلم

باب العلم هو الاسم الذي علق في أول أحواله على شيء بعينه في جميع أحواله من غيبة وخطاب وتكلم، قاله ابن عصفور، وقال ابن مالك: هو المخصوص مطلقًا غلبة أو تعليقًا بمسمى غير مقدر الشياع، أو الشائع الجاري مجراه، و «المخصوص» جنس يشمل المعارف، و «مطلقًا»، فصل يخرج المضمر نحو: أنا، واسم الإشارة نحو: هذا، فإنه مخصوص باعتبار من تكلم أو أشار، وغير المخصوص باعتبار صلاحيته لكل متكلم أو مشار إليه، و «غلبة أو تعليقًا» تقسيم لصنفي العلم، ولو حذف ما احتيج إليه، «والتعليق» تخصيص الشيء باسم قصدًا للتسمية كزيد وسعاد، و «الغلبة» تخصيص أحد المشتركين أو المشتركات بشائع اتفاقًا، كتخصيص عبد الله بابن عمر، والكعبة بالبيت، ومصنف سيبويه بالكتاب، ويأتي الخلاف في ذي الغلبة أهو من الأعلام أم لا إن شاء الله، وقوله: أو «الشائع» هذا قسيم المخصوص، والمراد به العلم الجنسي «كأسامة» للأسد، و «ذؤالة» للذئب «وشبوة» للعقرب، و «ثعالة» للثعلب، «وكيسان» للغدر، وهي أعلام في اللفظ، نكرات في المعنى. وقسم الأكثرون العلم إلى منقول، ومرتجل، وزعم بعض النحاة أن الأعلام

كلها منقولة، وهو ظاهر قول سيبويه، وزعم الزجاج: أنها كلها مرتجلة وعلى تقسيم الأكثرين: فالمنقول ما حفظ له أصل في النكرات، وقيل: ما سبق له وضع في النكرات، والنقل من مصدر كـ (فضل وسعد)، وعن عين كـ (أسد)، ومن اسم فاعل كـ (حارث)، ومن اسم مفعول كـ (منصور)، ومن صفة مشبهة كـ (حسن)، ومن فعل ماض كـ (شمر)، ومن مضارع كـ (تغلب)، ومن فعل وفاعل مستكين كتأبط شرًا، وبني يزيد، ومن فعل وفاعل ظاهر كبرق نحره، ومن فعل وفاعل بارز نحو: أطرقا، وزعم بعض النحاة أنه قد يكون منقولاً من فعل أمر دون إسناد، وجعل من ذلك (إصمت) اسمًا للفلاة

الخالية، ورده ابن مالك في الشرح وزعم أن (إصمت) مرتجل، وردنا عليه الرد، وزعم بعض النحاة أنه قد ينقل من صوت نحو: (بية) لقب لبعض بني هاشم، وزعم ابن خالويه، أن (بية) هو الغلام السمين، فيكون منقولاً من الصفة. وتقسيم الأكثرين العلم إلى منقول، ومرتجل هو بالنسبة إلى الأكثر الأغلب، وإلا فالذي علميته بالغلبة لا منقول، ولا مرتجل كالثريا، والدبران، وابن عمر، ويأتي الكلام فيه وهو إما مقيس يسلك به سبيل نظيره من النكرات وإما شاذ، وهو ما يقابله وذلك بفك ما يدغم نحو: محبب، ونظيره مرد، أو فتح ما يكسر نحو: موهب والقياس موهب كموعد، أو كسر ما يفتح نحو: معدى من قولهم معدى كرب والقياس معدى كمغزى، وحكى قطرب: صيقل بكسر القاف اسم امرأة والقياس الفتح: كضيغم، أو تصحيح ما يعل كمدين والقياس مدان كمنال، هذا على مذهب من جعل الصحة شذوذًا، أو إعلال ما يصح نحو: داران وماهان وقياسهما التصحيح، ونظيره الطوفان والدوران. ومن العلم ذو الإضافة: وهو كنية كأبي بكر وأم بكر، وغير كنية نحو: عبد الله، وذو المزج إن ختم (بويه) بني على الكسر، ولم يذكر فيه سيبويه

إلا البناء نحو: عمرويه وسيبويه، وأجاز الجرمي فيه إعرابه إعراب ما لا ينصرف تقول: قام سيبويه، ورأيت سيبويه، ومررت بسيبويه، وإن ختم بغير (ويه) كـ (شاهبور ومعدى كرب)، فإعراب ما لا ينصرف في آخره، والإضافة بالإعراب في الأول، وخفض الثاني على ما يقتضيه الحكم من صرف وغيره والبقاء على الفتح، وقد تقدم ذلك في باب ما لا ينصرف، وربما أضيف صدر ذي الإسناد إلى عجزه إن كان ظاهرًا، قال ابن مالك: من العرب من يقول: برق نحره فيضيف، وأقول: لا يقاس عليه، ونص النحاة على أن كل ما سمي به مما يتضمن إسنادًا فليس فيه إلا الحكاية، فلو سميت: «بزيد قائم» لم يجز أن تضيف فتقول: زيد قائم، وكذا لو سميت «بقام زيد» حكيت، ولا يجوز: «قام زيد» بالإضافة، وتقييد ابن مالك بقوله: إن كان ظاهرًا يدل على أنه ينقاس عنده، وقد ذكرنا أنه لا ينقاس وذلك إن صح نقل: برق نحره بالإضافة، واحترز بقوله: إن كان ظاهرًا من نحو: خرجت. ومن العلم: اللقب وينطق به مفردًا، أو مع الاسم فإذا كان مع الاسم فالغالب أن يتأخر وقل تقدمه كقوله:

بأن ذا الكلب عمرًأ خيرهم حسبا … ............ وقوله: أنا ابن مزيقيا عمرو وجدى … أبوه منذر ماء السماء و «ذو الكلب» لقب لعمرو، و «مزيقيا» لقب لعمرو، ثم هما إن كانا مفردين، والاسم ليس فيه (أل) فمذهب جمهور البصريين أنه لا يجوز فيهما إلا إضافة الاسم إلى اللقب فتقول: جاءني سعيد كرز بالإضافة، وذهب الكوفيون، وبعض البصريين إلى جواز الإضافة وإلى جواز اتباع اللقب للاسم في الإعراب، ومثال الاتباع: جاء سعيد كرز، ورأيت سعيدًا كرزًا، ومررت بسعيد كرز، وذكر ابن مالك فيه جواز القطع إلى النصب على إضمار أعني، وإلى الرفع على إضمار هو، فإن كان في الاسم (أل) أو كان مضافًا امتنعت الإضافة، وجاز الاتباع، والقطع. وأما ذو الغلبة: وهو الاسم الذي اشتهر به بعض ماله معناه اشتهارًا تامًا، يمنع

من الشركة في ذلك المعنى إذا ذكر – فاختلف فيه، فقيل: هو علم، وهو اختيار أبي موسى، وابن مالك، وقيل: ليس بعلم، بل أجرى مجرى العلم، وهو اختيار ابن عصفور، ثم هو على ضربين مضاف: كابن عمر، وابن رألان، وذو أداة: كالأعشى والنابغة، وقال أبو موسى: وقد يكون العلم بالغلبة، فيلزمه أحد أمرين: إما الألف واللام: كـ (الثريا، والدبران)، وإما الإضافة: كـ (ابن عمر)، وما ذهب إليه من لزوم (أل) هو الغالب فيه، ويجوز حذفها قالوا: (هذا العيوق طالعًا) وهذا عيوق طالعًا، وقالوا: الدبران ودبران وقالوا: (إن لنا الغزى ولا غزى لكم)، وإذا قدر زوال الاختصاص بالإضافة و (بأل) جاز أن

يتنكر نحو قولك: ما من ابن عمر أفضل من ابن الفاروق، وهذا نابغة بني ذبيان، وأعشى قيس، وحكى سيبويه: هذا يوم اثنين مباركًا فيه، و (أل) في أسماء الأيام ليست للتعريف، بل أسماء الأيام في مذهب الجمهور أعلام، توهمت فيها الصفة، فدخلت عليها (أل) وذهب أبو العباس إلى أن (أل) هي المعرفة فإذا زالت صارت نكرات، وقد تقارن (أل) النقل، كهي في النضر، والنعمان، أو الارتجال كهي في اليسع، والسموءل وهي في الحكم كالأعشى، يجوز نزع (أل) منها بتقدير زوال الاختصاص فتقول: يا نضر ويا يسع، ونضر بني فلان ويسع بني فلان كما تقول: يا أعشى، وأعشى قيس. والمنقول من فعل: كيزيد ويشكر لا تدخله (أل) إلا في ضرورة، والمنقول من صفة: كحسن وعباس أو مصدر كفضل أو اسم عين كليث، وخرنق إن لمحت فيه الأصل دخلت عليه (أل)، أو لم تلمح استدمت تجريده منها، وفي النهاية: ومنها ما هو علم بالغلبة ما أوله ابن كابن عمر، وابن الصعق، وابن كراع، ومنه ما فيه (أل) وهي على قسمين: لازمة كالنجم والدبران والعيوق والسماك، وكل ما لزمته (أل) أو الإضافة فلا يجوز طرح واحد منهما فيه؛ لأنه صار كالجزء منه، وغير لازمة وتكون في الصفات، والمصادر: كالحارث، والحسن، والعباس، والأغر،

والمظفر، والفضل، والعلا، فهذه استعمالها (بأل) وبغير (أل)، والفرق بينهما أن الحارث فيه معنى الصفة باق، وفيه ضمير يعود على (أل) ولو كسرته لكان القياس فيه الحرث كما تقول: في الصائم والصوم والصوام، كذلك ذكر أبو الفتح في قول الشاعر: كأنى والعداء لم نسر ليلة … ولم نزج أنضاء لهن ذميل وإذا نزعت (أل) فقيل: حارث فهو حال من الضمير، وقياس تكيره حوارث، ولم يذكر سيبويه المصادر نحو الفضل، والعلا، وحكمهما حكم الصفات. انتهى. وقد ينكر العلم تحقيقًا نحو: رأيت زيدًا من الزيدين، أو تقديرًا نحو: لا قريش بعد اليوم، فيجرى مجرى النكرات، ويسلب التعيين بالتثنية والجمع، فيجبر إذا أريد التعريف بأل نحو: قام الزيدان أو الزيدون لمن سمي بزيد قال الشاعر: فقبلى مات الخالدان كلاهما … ..........

وقال زيد بن ثابت لعمر – رضي الله عنهما – وقد جاءت عمر حلل من اليمن: (هؤلاء المحمدون بالباب يستكسونك)، وكان بالباب محمد بن أبي بكر، ومحمد بن طلحة، ومحمد بن حاطب، ومحمد بن مسلمة. ولا يبطل التصغير العلمية نحو: زييد، وعمير، وذكر أبو الفتح أن من الناس من ذهب إلى أن تصغير الترخيم يبطل العلمية، وأبطله بقول الأعشى: أتيت حريثًا زائرًا عن جنابة … فكان حريث في عطائي جامدًا وإنما يريد الحارث بن وعلة الذهلي، ولو كان منكرًا لأدخل عليه أل، وقد جمعوا الأعلام الجنسية، كما جمعوا الأعلام الشخصية فقالوا: الأسامتان، والأسامات، وينبغي أن يكون ذلك بالنظر إلى الشخص الخارجي، لا إلى الكلى الذهني لاستحالة ذلك فيه، ولا يسلب العلمية التثنية في نحو جمادين اسمى الشهرين، وعمايتين، ورامتين، وأبانين اسمى جبلين، ولا الجمع في مثل عرفات، وأذرعات، وقد أفرد بعضها قالوا: أبان، وعماية، وعرفة. ومسميات الأعلام ذوو العلم من ملك وإنسان وجن وقبيلة نحو: جبريل، وزيد، وإبليس،

وفزارة، ومن غير أولي العلم من: سورة، وكتاب، وكوكب، ومكان نحو: البقرة، والكامل، وزحل، ومكة، ومن حيوان لا يعقل متشخص لازم فيه العلمية من فرس، وبغل، وحمار، وجمل، وبقرة، وشاة وكلب نحو: سكاب، ودلدل، ويعفور، وشذقم، وهيلة، وواشق وغير متشخص كأبي الحارث، وأسامة للأسد، وأبي جعدة للذيب ولمن له وصف كأبي الدغفاء للأ؛ مق، وهيان بن بيان للمجهول الشخص، والنسب، وابن يهلك، وتهلك، ومهلك للضال، وقنور بن قنور لنوع العبيد، واقعدي وقومي لنوع الأمة، وأبي المضاء لنوع الفرس، ومعان كبرة للمبرة، وفجار للفجرة، وخياب بن هياب للخسران، ووادي يحبب للباطل. ومنها ما جاء معرفة ونكرة، وذلك: فينة وغدوة وبكرة وعشية تقول: أتانا فينة بلا تنوين، إذا أردت الحين بعد الحين، وفينة بالتنوين (أي حينًا بعد حين)، وكذلك بكرة إذا أردت الوقت المعبر عنه بهذا الاسم، وبكرة تريد بكرة من البكر، ومن الأعلام الأمثلة الموزون بها، فما كان منها بتاء التأنيث كفعلة أو على وزن الفعل به أولى كأفعل أو مزيدًا في آخره ألف ونون كفعلان، أو ألف للإلحاق مقصورة كفعنلى وزن حبنطى مسمى به لم تنصرف ما دامت معارف، وتنصرف إن وقعت موقع ما يوجب تنكيرها مثال ذلك: كل فعلة صحيح العين فجمعه فعلات إن كان اسمًا، وكل فعلان ذي مؤنث على فعلى لا ينصرف، وكل أفعل غير علم ولا صفة ينصرف، وما كان على زنة منتهى التكسير، أو ذا ألف تأنيث لم ينصرف مطلقًا كمفاعل ومفاعيل، وفعلاء، وفعلى نكر أو عرف، فإن صلحت الألف لتأنيث وإلحاق كفعلى وزن أرطى إن حكم بأن الألف للتأنيث امتنع الصرف مطلقًا، أو حكم بأنها للإلحاق امتنع معرفة، وانصرف نكرة، وما كان وزن منصرف معرفة ونكرة كفاعل وزن ضارب انصرف معرفة ونكرة، وإذا أردت حكاية موزون مذكور

مع الوزن، ففيه خلاف نحو قولك: ضاربة وزنها فاعلة [فمنهم من لم يصرف فاعلة هذا، ومنهم من قال: يحكى به حالة موزونة وهم الأكثر، فيصرف هنا فاعلة]، وإذا قلنا: عائشة وزنها فاعلة منع الصرف، واتفق أصحابنا في أمثلة الأوزان التي للأفعال على أنها تحكى نحو: ضرب وزنه فعل وانطلق وزن انفعل، وإذا قرن مثال بما ينزله منزلة الموزون فحكمه حكمه، مثاله: هذا رجل أفعل حكمه حكم أسود، جعلته صفة كأسود، فتمنعه الصرف هذا مذهب سيبويه، وخالف المازني، وقال: يجب صرفه، وتبعه السيرافي، وفي النهاية: المثال والممثل على أربعة أقسام: منصرفان نحو: ضارب مثاله فاعل، وغير منصرفين مقابله حبلى مثالها فعلى، وممثل غير منصرف ومثاله منصرف نحو: زينب مثالها: فيعل، ومقابله يرمع مثاله يفعل، وعلة هذا أن كلا من الممثل والمثال اسم مخالف للآخر، فيعطى كل واحد منهما حقه، وما أدخلت عليه كلا من الممثل بها التي لو عرى منها (كل) لكان ممنوع الصرف تقول: «أفعل» إذا كان اسمًا يجمع على «أفاعل» فلا يصرف أفعل، ولو قلت: كل أفعل صرفته؛ لأن إضافة كل دعت إلى تنكيره. انتهى. ومن العلم أسماء العدد التي لم تقيد بمعدود مذكور ولا محذوف، فإذا انضاف إلى العلمية ما يتم به منع الصرف امتنع الصرف، ومثال ذلك أن يقول: ستة ضعف ثلاثة، والأربعة نصف ثمانية امتنع الصرف للعلمية والتأنيث، وقال بعض الشيوخ هي مصروفة، وفي النهاية: «ومن الأعداد مأخذه من حيث هو مقدار متعين نفسه، لا يختلط بغيره فتقول: ستة ضعف ثلاثة لا تصرفها للعلمية والتأنيث، وكذا ما أشبهه مما فيه العلتان نحو: مائة ضعف خمسين، وتقول: ألف ضعف خمسمائة فتصرف وتقول: ستة ضعف ثلاثة لا تصرف ثلاثة؛ لأنه مؤنث على

أكثر من ثلاثة أحرف كـ (سعاد)، وأنت مخير في صرف ستة، لأنه كـ (هند) وكذلك خمس وسبع وتسع وعشر، وتقول: أربع نصف ثمان لا تصرف أربع للعلمية، ووزن الفعل كأحمد، وثمان علم مؤنث، حكمه عند سيبويه كجوار مسمى به، وعند يونس تقول: بجواري، وفلان كناية عن كل علم مذكر من أولى العقل، وفلانة كناية عن كل علم مؤنث من ذوات العقل، وكذا أبو فلان، وأم فلانة كناية عن أبي بكر وأم بكر، ونحوهما والغلان والغلانة كناية عن أعلام البهائم نحو: لاحق وسكاب، وفلان وفلانة علمان لا يثنيان، ولا يجمعان وأمرهما غريب في لحاق التاء للمؤنث وهو علم إذ ذاك، وإنما تلحق للفرق بين الصفات كضارب وضاربة لجريانهما على الفعل، ولحاقها في امرئ وامرأة وغيرهما بعيد، ويجيزهما كونهما نكرتين، والدليل على أن فلانًا علم منع مؤنثه من الصرف قال: ألا لعن الله الوشاة وقولهم … فلانة أضحت خلة لفلان وهن كناية عن مذكر اسم جنس غير علم، وهنه وهنت كناية عن مؤنث اسم جنس غير علم. وقال ابن خروف: وهن بن هن بمنزلة فلان بن فلان، ونص سيبويه على الهن والهنه للمعرفة، وليس كذلك بغير لام. وقال الأستاذ أبو علي: الهن والهنه كنايتان عن النكرات. وقال ابن بقي: ويقال في الآدميين أيضًا: هنت وصلا وهنه وقفًا، وفي غيرهم: هنة وصلاً ووقفًا [وفي النهاية: هن وهنة كناية عن نكرة عاقل وغير عاقل] ويصغران ويثنيان، ويجمعان: تقول: عندي هنية (أي جويرية)، واشتريت هنيًا (أي غليمًا)، انتهى. وقال أبو العباس: أما طامر

ابن طامر وهن بن هن، فإنه معرفة، كما كان ابن عرس معرفة، وهنت بنت هنت كفلان بن فلان، وهو معرفة؛ لأنه أريد به زيد بن زيد، قال الأستاذ أبو بكر بن طاهر: هذا نص بأن هنتًا كناية عن علم، وقال ابن هشام: هن كناية عن النكرة يقال فيه: هن لا يصلح، وعنده هنوات وهنات، والأنثى هنه، فإذا وقفت قلت: هنت بسكون النون وفتحها وقيل يحكى به العلم. قال الشاعر: الله أعطاك فضلاً من عطيته … على هن وهن فيما مضى وهن يخاطب حسن بن زيد، وكني عن أولاده عبد الله وحسن وإبراهيم انتهى. وقال الأستاذ أبو علي: طامر اسم علم كـ (أسامة).

باب اسم الإشارة

باب اسم الإشارة هو محصور فلا يحتاج إلى حد، ولا رسم، وهو لمفرد قريب مذكر (ذا)، والفه منقلبة عن أصل عند البصريين، وقال بعضهم: عن ياء، فالمحذوف ياء، فالعين واللام ياءان، وقال بعضهم: عن واو فالمحذوف ياء، وهو من باب طويت، وقيل المحذوف اللام، وقيل: العين، وهذه الألف هي اللام، ووزنه في الأصل: فعل بتحريك العين، وهو قول ابن الأخضر، وابن أبي العافية، وقيل: فعل بسكون العين، وهو قول ابن مهلب. والثلاثة من نحاة الأندلس، وزعم الكوفيون أن ألف (ذا) زائدة، ووافقهم السهيلي، وذهب قوم منهم السيرافي: إلى أن (ذا) ثنائي الوضع كـ «ما» فالألف أصل ليست منقلبة عن شيء، ويقال: (ذاء) ممدودًا، بهمزة مكسورة، وذائه بهمزة بعدها هاء مكسورة، وفي كتاب أبي الحسن الهيثم: الهاء ساكنة، وهذاؤه قال: هذاؤه الدفتر خير دفتر … في يد قرم ماجد مصور

ولوسط: ذاك، ولبعيد ذلك، ولمثناه لقريب: ذان، وقرأ بعضهم هاذأن، واللذأن بالهمز، وتشديد النون فرارًا من التقاء الساكنين، ولوسط ذانك، ولبعيد ذانك بنون مشددة، وذانيك بياء ساكنة بعد النون المكسورة، ولمؤنث قريب (تى) و (ته) و (تا) و (ذى) و (ذه) و (ته) و (تهى) و (ذه) و (ذهى) و (ذات) ولوسط (تيك)، و (تيك) و (ذيك)، وقال ثعلب: لا يقال ذيك: ولبعيد (تلك) وتلك، وتيلك، وتالك، وللمثنى (تان) لقريب، وتانك لوسط، وتانك، وتانيك لبعيد ويستوي في الجمع المذكر، والمؤنث، فتقول في القريب: أولاء، وأولى مقصورًا، وهؤلاء، وأولاء، ووزن (أولاء) فعال، ووزن أولى المقصور فعل، وعند أبي إسحاق وزنهما معًا فعل، ومذهب سيبويه: أن الألف منقلبة عن ياء، لأنها ممالة، واختار المبرد: أن يكون الألف أصلاً لا منقلبة، لأن هذه مضارعات للحروف بزوالها عن التمكن. وذكر الفراء أن الأولى والأولاك لغة تميم ومدهما لغة الحجاز. وذكر قطرب إشباع ضمة الهمزة في أولا، وأولئك، ولوسط أولاك، وأولئك ولبعيد

أولالك، وهذا التقسيم بالنسبة إلى مشهور قول النحاة: وبعضهم يرى أن لهذه الأسماء رتبتين قربى وبعدى، فيجعل المجرد من حرف الخطاب للقرب، والذي يلحقه للبعد، ولا يرى رتبة وسطى، وفي تشديد النون في المثنى حالة كونه بالياء خلاف منعه البصريون، وأجازه الكوفيون، والخلاف في أولئك، وأولاك، أهما للوسطى، أو البعدى؟ وقال الكسائي من قال: أولاك فواحدهم ذاك، من قال أولاك فواحدهم ذلك، وقال ابن السيد: أولاك، وأولئك كل منهما يصلح أن يكون واحدهم ذلك، وذاك، فإن كانا للمؤنث فواحدهما تلك، انتهى. ويصحب هاء التنبيه اسم الإشارة المجرد من كاف الخطاب كثيرًا نحو: هذا، وهذان، وهذه، وهاته، وهاتى، وهاتا وهاتان، وهؤلاء والمقرون بالكاف قليلاً نحو: هذاك، وهاتيك، وزعم ابن يسعون أن تى في المؤنث لا تستعمل إلا بهاء في أولها، وبالكاف في آخرها وليس بصحيح، وأما لحاق الهاء في المثنى، والمجموع إذا كان بالكاف، فزعم ابن مالك أنه لا تلحقه الهاء لا يقال هذانك، ولا هاتانك، ولا هؤلائك، والصحيح جوازه، فإن كان اسم الإشارة باللام أو بما يقوم مقامها مما يستعمل في الرتبة البعدي فلا تدخل عليه هاء التنبيه، لا يقال هذالك، ولا هاتلك، ولا هاتلك، ولا هاتيلك، ولا هاذانك، ولا هاتانيك، ولا هاأولالك، وملخصه أن هاء التنبيه لا تكون فيما استعمل في الرتبة البعدي، وتجامع ما كان للرتبة القربى والرتبة الوسطى، وقال بعض أصحابنا: لم يجع سيبويه للمشار ثلاث مراتب، بل مرتبتين دنيا وتراخ وقال الفراء: أهل الحجاز يقولون: ذلك، وبه جاء القرآن، وأهل نجد من تميم، وقيس، وربيعة بغير لام. وفصل هاء التنبيه من اسم الإشارة المتقدم الذكر المجرد من حرف الخطاب بأنا،

وأخواته من الضمائر المرفوعة الموضع المنفصل نحو: هاأناذا، وها أناذى، وهانحن أولاء، وها أنت ذا، وها أنت ذى، وها أنتما ذان، وها أنتما تان، وها أنتم أولاء، وها أنتن أولاء، ها هوذا، وهاهى ذى، وها هماذان، وهاهماتان، وهاهم أولاء، وهاهن أولاء، فيكون الضمير مبتدأ واسم الإشارة خبرًا عنه، وقال الزجاج لو قال قائل: هازيد ذا جاز بلا خلاف (يعني أنه يفصل بينهما بغير الضمير) نحو ما مثل، فإن لم يخبر عن المضمر باسم الإشارة، فلا يكون إلا شاذًا نحو قوله: أبا حكم هاأنت عم مجالد … ........... وقال الفراء: إذا وصلت المكنى بالمبهم، وجعلت الخبر عنه بالفعل، فالعرب في ذلك تدخل حرف التنبيه على المكنى دون المبهم نحو: ها أنا ذا أقوم، ولا يكادون يقولون: «أنا». وقدي قولون: «ها أنا هذا»، فإذا كان الكلام غير ترتيب، وهو أن تبنى أحدهما على الآخر لم تدخل هاء فتقول: أنا هذا، وهذا هو. انتهى، ويعني – والله أعلم بقوله هذا – إذا كان الكلام على غير ترتيب أنه يجعل الفعل خبرًا، وكان اسم الإشارة توكيدًا للمضمر، ولذلك أتى بالفعل فيه ضمير يعود على المكنى، لا على اسم الإشارة، وقال تعالى: [هأنتم أولاء]

وفي الحديث: (ها أنا ذا يا رسول الله) وقال ابن مالك: وقد تعاد مع الفصل توكيدًا قال تعالى: [ها أنتم هؤلاء] وهو مخالف لظاهر كلام سيبويه. والكاف اللاحقة لاسم الإشارة حرف خطاب تبين أحوال المخاطب، وهي كالضمير صورة تقول: ذاك ذاك ذاكما ذاكم ذاكن، وكذا الباقي، وزعم ابن مالك، أنه ربما استغنى عن الميم بإشباع ضمة الكاف، وقد أنشد بعض الكوفيين: وإنما الهالك ثم التالك ذو حيرة ضاقت به المسالك كيف يكون النوك إلا ذلك يريد ذلكم، وأقول: إن هذا الشعر بسكون الكاف، وهو موزون رآه مضبوطًا بخط الناسخ بضمة فبنى عليه مدعاه وإن صح أنه مسموع من العرب بضم الكاف، فيكون من تغيير الحركة لموافقة الكاف قبله، وتغيير حركة أسهل من حذف حرف لم يعهد حذفه. ومن العرب من يكتفي في خطاب المثنى والمجموع والمفرد بالكاف التي هي للمفرد المذكر إذا كان مع اسم الإشارة، وقد عقد النحاة بابًا للمخاطبة نلخصه هنا

فنقول: المخاطبة جعل حرف الخطاب على حسب المسئول، واسم الإشارة على حسب المسئول عنه، فتكون المسائل ستًا وثلاثين، وذلك أن المسئول مفرد، ومثنى ومجموع، وكل واحد منهما مذكر ومؤنث، وذلك ستة أنواع، والمسئول عنه كذلك، وستة مضروبة في ستة ست وثلاثون، تمثيل ذلك: كيف ذلك الرجل يا رجل، كيف تيك المرأة يا امرأة، كيف ذاكما الرجل يا رجلان، كيف تيكما المرأة يا امرأتان، كيف ذاكم الرجل يا رجال، كيف ذاكن الرجل يا نسوة، كيف ذانك الرجلان يا رجل، كيف تيكن المرأة يا نساء، كيف تانك المرأتان يا امرأة، كيف ذانكما الرجلان يا رجلان، كيف تانكما المرأتان يا امرأتان، كيف ذانكم الرجال يا رجال، كيف تانكن المرأتان يا نسوة، كيف أولئك الرجال يا رجل، كيف أولئك النسوة يا امرأة، كيف أولئكما الرجال يا رجلان، كيف أولئكما النسوة يا امرأتان، كيف أولائكم الرجال يا رجال، كيف أولئكن النسوة يا نساء، كيف ذاك الرجل يا أمراة، كيف ذانك الرجلان يا امرأة، كيف ذانكما الرجلان يا امرأتان، كيف ذانكن الرجلان يا نساء، كيف أولائك الرجال يا امرأة، كيف أولائكما الرجال يا امرأتان كيف أولائكن الرجال يا نسوة، كيف تيك المرأة يا رجل، كيف تانك المرأتان يا رجل، كيف تيكما المرأة يا رجلان، كيف تانكم المرأتان يا رجال، كيف تانكما المرأتان يا رجلان، كيف أولائك النساء يا رجل، كيف أولائكما النساء يا رجلان، كيف أولائكم النساء يا رجال، [كيف ذاكما الرجل يا امرأتان]. وهذا الذي ذكرناه هو من استعمال العرب اسم الإشارة، وحرف الخطاب على اللغة الفصيحة، وأما إذا كان اسم الإشارة على كل حال من تثنية، وجمع وتأنيث كما يكون للواحد المذكر مفتوح الكاف مطلقًا أو مكسورة مع المؤنث، فلا يجيء فيها هذا العدد، بل تكون كلها على لفظ واحد، أو على لفظين في لغة من فتح الكاف للمذكر، وكسرها للمؤنث، ومن غريب النقل ما حكى أبو حاتم عن أبي زيد:

أنه سمع من الأعراب من يقول: إذا قيل له أين فلانة؟ ها هو (ذه) وقال: قد سمعت من يفتح الذال فيقول ها هوذا، حمل مرة على الشخص، ومرة على المرأة، وإنما المعروف ها هي (ذه) والمذكر ها هو (ذا). وقال ابن مالك: وقد ينوب ذو البعد عن ذي القرب لعظمة المشير كقوله تعالى: [وما تلك بيمينك يا موسى]، أو لعظمة المشار إليه نحو: [ذالكم الله ربي]، وذو القرب عن ذي البعد كحكاية الحال نحو: [فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه] وقد يتعاقبان مشيرًا بهما إلى ما ولياه نحو: [ذلك نتلوه عليك]، ثم قال: [إن هذا لهو القصص الحق] [إن في ذلك لذكرى]، [إن في هذا لبلاغا]، انتهى ملخصًا. وما ذهب إليه ابن مالك من أنهما يتعاقبان، فيكون (ذلك) بمعنى (هذا) هو مذهب الجرجاني وطائفة، وخالفهم السهيلي، وأبطل ما احتجوا به. وإذا قلت: أرأيتك فالهمزة دخلت على رأيت، فإما أن يكون بمعنى أعلمتك، أو بمعنى أخبرني، فإن كانت باقية على موضعها الأصلي من العلم، كانت الكاف ضميرًا منصوبًا، وتطابق الضمير المرفوع في إفراد وتثنية وجمع، وتذكير وتأنيث مفعولاً أول وما بعده مفعول ثان، وتعدى الفعل المسند إلى الضمير المرفوع المنفصل إلى ضميره المنصوب المتصل فتقول: أريتك منطلقًا كما تقول: أعلمتك منطلقًا (أي أعلمت نفسك)، وأريتك ذاهبة، وأرأيتكما ذاهبين، وأرأيتموكم ذاهبين، وأرأيتكن

ذاهبات، وإن كانت (بمعنى أخبرني) صارت لا تدل على استفهام، ولا تقتضي جوابًا، فيجوز أن تتصل بها الكاف، وفيها إذ ذاك ثلاثة مذاهب؛ أحدها: مذهب البصريين، وهو أن الفاعل هو التاء، وتبقى مفردة دائمًا مفتوحة، والكاف حرف خطاب، وتظهر علامة الفروع في الكاف فتقول: أرأيتك أرأيتك أرأيتكما أرأيتكم أرأيتكن. المذهب الثاني: مذهب الفراء وهو أن التاء حرف خطاب لا ضمير والكاف وما زيد عليها هي الفاعل. المذهب الثالث: أن الفاعل هو التاء، والكاف في موضع نصب، وفي محفوظي أنه مذهب الكسائي: ولأرأيت (بمعنى أخبرني) أحكام تذكر في باب «ظننت»، إن شاء الله تعالى. ويتصل كاف الخطاب أيضًا بحيهل، والنجاء ورويد أسماء أفعال تقول: حيهلك (بمعنى ائت) والنجاءك (بمعنى أسرع) ورويكد (بمعنى أمهل) وقل اتصالها (ببلى) (وكلا) وأبصر وليس، ونعم وبئس، وحسبت تقول: بلاك،

وكلاك، وأبصرك (بمعنى أبصر زيدًا، وليتك زيدًا قائمًا) ونعمك الرجل زيد، وبئسك الرجل بكر، وحسبك عمرًا منطلقًا. ومن أسماء الإشارة (هنا) وهو ظرف مكان لا ينصرف إلا أنه قد يجر بمن، أو بإلى فتقول: من هنا وإلى هنا، وهو لداني المكان وهناك لوسطه، ويدخل عليهما (هاء) التنبيه، وقد تبدل ألف (هنا) هاء في الوقف فتقول: (هنه) وذكروا أنه قد يشار بها إلى الزمان وقد يتأول ما استدلوا به، ومن خط أبي جعفر بن أبي رقيقة وكان نحويًا بتونس ما نصه «المفضل يعني الضبى (هناك) في المكان و (هنالك) في الزمان»، انتهى. والكاف اللاحقة في هناك وهنالك للخطاب لا يثنى، ولا يجمع، ولا يؤنث بخلاف أسماء الإشارة التي تقدم ذكرها، وثم ظرف مكان للبعد، والتزم فيها الظرفية إلا أنها قد تجر بمن، وإلى فتقول: من ثم، وإلى ثم، ومن أعربها مفعولاً به في قوله تعالى: [وإذا رأيت ثم رأيت] فليس إعرابه بصحيح، ومن الظروف المشار بها إلى المكان البعيد هنا مشددة النون مكسورة الهاء، أو مفتوحة، وقال أبو حاتم: «إن أمرته أن يتنحى عنك قلت: تنح هنا وهنا، وإن شئت أدخلت حرف التنبيه فقلت: تنح ههنا، وهي في هذا كله ظرف مكان بمنزلة ثم». قال صاحب الترشيح: وهي في كل حال من أمر، أو نهي أو خبر مشددة قال ذو الرمة:

هنا وهنا ومن هنا لهن بها … ذات الشمائل والأيمان هينوم جاء بها مشددة في الخبر. انتهى، وفي النهاية: هنا أصلها أن تكون للمكان ثم استعيرت للزمان، وحقها أن تضاف إلى المفرد قال الأعشى: لات هنا ذكرى جبيرة .... … ............ وقد أضافوها إلى الفعل والفاعل قال: حنت نوار ولات هنا حنت … ......... وإلى المبتدأ والخبر قال:

أفي أثر الإظعان عينك تلمح … نعم لات هنا إن قلبك متيح أصل إن تدخل على المبتدأ والخبر، انتهى. وأما قول الشاعر: حنت نوار ولات هنا حنت فقال ابن عصفور: لات: لا تعمل في اسم الزمان نكرة ومعرفة، و (هنا) تكون ظرف زمان، وظرف مكان، وقال ابن مالك: انتصب (هنا) على الظرفية، وحنت في موضع رفع على الابتداء وخبره في الظرف قبله، وأخبر عن الفعل مؤولا بالمصدر، والمعنى ولا حنان في هاذ الوقت، ونقل ابن مالك عن بعض المتأخرين أن (هنا) اسم لات، والتقدير ليس ذلك الوقت وقت حنت (أي وقت حنان)، وقد يقال بتاء قال: وذكرها هنت ولات هنت وأسماء الإشارة مبنية، فأما ذان وتان، فهي عند المحققين صيغ تثنية حقيقة.

باب المعرفة بالأداة

باب المعرفة بالأداة ذكر أصحابنا فيها مذهبين: أحدهما مذهب جميع النحاة إلا ابن كيسان أنها أحادية الوضع، وهي اللام والألف ألف وصل جيء بها وصلة إلى النطق بالساكن. والثاني: مذهب ابن كيسان: أنها ثنائية الوضع نحو: قد وهل، وهمزتها همزة قطع، وهذا المذهب نقل ابن مالك: أنه مذهب الخليل [وهمزته كهمزة أم وأو، وذكر مذهبًا ثالثًا عزاه إلى سيبويه: أنها ثنائية الوضع، وهمزتها] همزة وصل معتدًا بها في الوضع، وعزى المذهب الأول إلى المتأخرين، وفي كلام سيبويه: ما يشهد لهذا الذي نقله ابن مالك عن سيبويه، وهو مخالف لنقل أصحابنا أنه مذهب النحاة إلا ابن كيسان، وهذا الخلاف في الأداة قليل الجدوى، وبعض الألسن خال من أداة التعريف كلسان الترك وبعضهم فيه أداة التنكير وحذفها من علامة التعريف كلسان الفرس، وبعضهم مختلف الأداة في التعريف بالنسبة إلى التذكير والتأنيث كلسان النجسور، وهذه كلها أوضاع لا تعلل. وقسموا هذه الأداة إلى عهدية وجنسية، فالعهدية قد تكون ما دخلت عليه متقدمًا لفظًا كقوله تعالى: [فعصى فرعون الرسول] إذ تقدم [كما أرسلنا إلى فرعون رسولا]، وحاضرًا مبصرًا كقولك: القرطاس لمن سدد سهمًا

أو حاضرًا في العلم نحو قوله تعالى: [إذ هما في الغار] و [إذ ناداه ربه بالواد المقدس] وذكر أصحابنا أنه يعرض في العهدية الغلبة، ولمح الصفة، فالغلبة كالذي في النجم للثريا، والبيت للكعبة، والتي للمح الصفة لم تدخل أولاً للتعريف؛ إذ هو علم في الأصل، لكنه لما لمح فيه معنى الوصف سقط تعريف العلمية وأنت تريد شخصًا معلومًا، فلم يكن بد من إدخال أل العهدية عليه، والجنسية هي التي لم يتقدم للاسم الداخلة عليه لفظ، ولا هو حاضر مبصر، ولا حاضر معلوم نحو: دينار يدل على كل دينار على طريق البدل، فإذا قلت: الدينار دل على الشمول، وصلح مكان (أل) (كل) إما حقيقة، فيصح الاستثناء من مصحوبها كقوله تعالى: [إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا] ويصح وصفه بالجمع كقوله تعالى: [أو الطفل الذين لمي ظهروا] وحكى الأخفش «أهلك الناس الدينار الحمر والدرهم البيض» قالوا: ويعرض في الجنسية الحضور، ويكون بعد إذا الفجائية نحو: خرجت فإذا الأسد، وبعد أسماء الإشارة نحو: مررت بهذا الرجل، وبعد (أي) في النداء نحو: يا أيها الرجل، وفي الآن، والساعة وما في معناهما من الزمان الحاضر، إذا لم يتقدم في شيء من هذه عهد لا يتقدم لفظ، ولا بحضور حسي، ولا علمي قيل دخلت في هذه الأربعة لتعريف الحقيقة قيل: ولا تكون للحضور في غير هذه الأربعة إلا إن قام دليل على ذلك نحو قول الشاعر: فأنت طلاق والطلاق عزيمة … ثلاث ومن يخرق أعق وأظلم

في رواية من رفع عزيمة، وثلاثًا كأنه قال: وطلاقي في هذا عزيمة ثلاث (أي الطلاق الواقع في الزمان الحاضر)، إذ جنس الطلاق ليس عزيمة، ولا ثلاثًا. وذهب بعض أصحابنا: إلى أن هذه الأداة تكون لتعريف العهد في شخص أو جنس، وللحضور وللغلبة وللمح الصفة، وبمعنى الذي والتي في نحو: الضارب، والضاربة وفروعهما، وعلى هذا التقسيم لا يعرض في الجنسية الحضور، ولا في العهدية الغلبة؛ لأن القسم من الشيء لا يكون قسيمًا له. وذهب أبو الحجاج يوسف بن معزوز من متأخري أصحابنا: إلى أن هذه الأداة قسم واحد في التعريف، وهي عهدية سواء أدخلت على واحد أو على اثنين أم على ما يقع على الجنس، فإذا قلت: جاءني الرجل فمعناه: الرجل الذي عهدت بيني وبينك. وإذا قلت الدينار خير من الدرهم فمعناه هذا الذي عهدت بقلبك على شكل كذا خير من الذي عهدته على شكل كذا، فالعهد أبدًا لا يفارق. وفي النهاية: أن العهدية تدخل على الاسم السابق ذكره نكرة كقوله تعالى: [فعصى فرعون الرسول] أو على مشاهد نحو: أغلق الباب، أو على اسم يستدعى صفة لمذكور سبق، كأنه يبلغ عن زيد شتمًا فيقول: إن السفيه يفعل هذا، وأن الجنسية تدخل على نكرة لم يجر لها ذكر، ولا يقصد بها تعريف شخص موجود في الخارج، إنما يقصد تعريف الصورة الكلية التي في الذهن، ولا تحقيق في هذا إذ لا يعني بالحقيقة الذهنية، إلا المثال المطابق في الوجود الخارجي، وهذا مستفاد من النكرة، فأي شيء أحدثت (أل)؟ وأقرب ما ينحو النحاة إلى أن النكرة تدل على واحد من الجنس، وإلى أن الجنس يمكن أن يعقل دون اعتبار الوحدة فإذا قيل: الرجل خير من المرأة كان المعنى هذا الجنس من حيث هو هو خير من هذا الجنس من حيث هو هو، وقال ابن بابشاذ: تعريف العهد لما ثبت في الأعيان، وتعريف

الجنس لما ثبت في الأذهان، ورأيت في كلام ابن جني: أن أبا الحسن أجاز أن يقال: «أهلك الناس الدينار الحمر والدرهم البيض»؛ لأن الدرهم والدينار لما كانا جنسين جازت صفتهما بالجمع انتهى؛ وقال في النهاية أيضًا: (أل) التي للعموم تدخل على الجمع، وإن لم يكن معهودًا كقوله تعالى: [الرجال قوامون على النساء] ويعهد العموم فيما دخلت عليه كان قبل دخولها جمع قلة، أو جمع كثرة لا فرق بينهما ولا يخرج اللفظ على العموم إلا بدليل منفصل. انتهى، وقد يعرض زيادة (أل) في العلم نحو قوله: باعد أم العمر من أسيرها قال السيرافي: (أل) زائدة للضرورة، وقال الزمخشري: أدخل «أل» على العلم للشركة، كما أضاف في: علا زيدنا ..... … ..........

وقوله أظهر؛ لأنه قد أعاد أم العمر في رجزه مع اتزان النظم له بغير (أل) قال: بكيت من منزلة وذكرى دارًا تعفت بعد أم العمرو ولو أسقط (أل) لا تزل له، وتزاد داخلة على الحال، على مذهب غير يونس نحو قوله: دمت الحميد فما تنفك منتصرا … .......... وفي التمييز على مذهب البصريين نحو: ............. … ...... وطبت النفس .......

وفي مضاف إلى تمييز نحو: ......... ملاء … لباب البر ....... ز وقال ابن مالك: وربما زيدت فلزمت نحو: اليسع، والآن والذين، وهي في (الآن) عند أصحابنا للحضور لا زائدة، وأما (الذي) فقيل (أل) فيه معرفة، وقال العرب: مررت بالرجل خير منك، ومررت بالرجل مثلك، فزعم الأخفش أن (أل) زائدة في نية الطرح. وزعم الخلي أن «مثلك خير منك»، و «خير منك» نعت للرجل، على نية (أل) لكنه [موضع لا تدخله، وقال ابن مالك هو بدل نكرة من المعرفة، وزعم الكوفيون]، وبعض البصريين أن (أل) تكون عوضًا عن الضمير في نحو: مررت برجل حسن الوجه (يريد وجهه).

باب الموصول

باب الموصول هو حرفي واسمي، وكلاهما محصور بالعد، فلا يحتاج إلى رسم ولا حد، فالحرفي هو ما ينسبك منه، ومن صلته مصدر، والمتفق على حرفيته ومصدريته «أن وكى وأن» والمختلف في مصدريته على ما تعين: (لو، وما، والذي). «فأن» ثنائية الوضع توصل بالفعل المتصرف ماضيًا نحو: أعجبني أن قام زيد، ومضارعًا فتؤثر فيه النصب، وتخلصه للاستقبال نحو: يعجنبي أن تخرج، وقالوا: توصل بالأمر ونص على ذلك سيبويه نحو. كتبت إليه بأن قم ولها مواضع تضمر فيها، وتذكر إن شاء الله تعالى في باب «نواصب الفعل المضارع. و «كي» توصل بمضارع، وشرط تقديرها بالمصدر أن تدخل عليها لام التعليل لفظًا نحو: جئت لكي أقرأ، [أو تقديرًا نحو: جئت كي أقرأ] وأنت تقدر اللام، ويأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى، ولا يدخل عليها عامل غير لام التعليل بخلاف (أن) و (أن)، فتكون مبتدأ ومفعولاً بها، مجرورة بلام التعليل وبغيرها مما يناسب، و (أن) توصل بما كان قبل دخولها جملة خبرية من مبتدأ وخبر، فتؤثر فيما كان مبتدأ النصب، وإن خففت جاز أن تقع خبرًا لها جملة الدعاء نحو: علمت أن زيدًا منطلق وقولهم: أما أن جزاك الله خيرًا، وقوله تعالى: [والخامسة أن غضب الله عليها] في قراءة من قرأ بالفعل، ورفع اسم

«الله» قالوا: والفرق بين صريح المصدر، وأن في نحو: عجبت من انطلاقك وعجبت من أنك منطلق أن المصدر لا دليل فيه على التحقق والوقوع، و (أن) تدل عليهما. وأما (لو) التالية غالبًا مفهم تمن، فذهب الجمهور إلى أنها لا تكون مصدرية بل يفارقها التعليق، وهو قول أشياخنا؛ وذهب الفراء، والفارسي والتبريزي، وأبو البقاء، وتبعهم ابن مالك إلى أنها قد تكون مصدرية فلا تحتاج إلى جواب، وخرجوا على ذلك آيات من القرآن كقوله تعالى: [يود أحدهم لو يعمر ألف سنة]، [وردوا لو تدهن] وقول الشاعر: ما كان ضرك لو مننت وربما … .......

تقديره عندهم التعمير، والادهان ومنك، وسيأتي الكلام على (لو) وبقية أحكامها إن شاء الله عقيب أدوات الشرط. وأما «ما» إذا تقدرت بالمصدر هي وصلتها؛ فذهب الجمهور إلى أنها حرف، وذهب أبو الحسن، وابن السراج، وجماعة من الكوفيين إلى أنها اسم، فإذا قلت: يعجبني ما قمت، فيقدره سيبويه، والجمهور قيامك، ويقدره الأخفش الذي قمت، وقبله موصوف محذوف (أي القيام الذي قمت)، والتفريع على مذهب الجمهور، وتوصل بفعل متصرف غير أمر، وأكثر ما يكون ماضيًا نحو قوله تعالى: [بما رحبت] وقول الشاعر يسر المرء ما ذهب الليالي … ........... أي برحبها، وذهاب، وشذ وصلها بليس في قوله:

........ … بما لستما أهل الخيانة والغدر وزعم بعض النحاة أن شرطها صلاحية وقوع (ما) الموصولة الاسمية موقعها، وأن الفعل الذي بعدها لا يكون خاصًا وقال فلا يجوز أن تقول: أريد ما تخرج (أي خروجك) فتقول: أحب ما صنعت؛ لأن الخروج خاص والصنع مبهم. وذهب السهيلي إلى هذا قال: الفعل يقتضي التنويع نحو: أعجبني ما صنعت؛ لأن الصنع عام، ولا تقول: أعجبني ما جلست ولا ما تجلس؛ لأن الجلوس نوع خاص ليس مبهمًا، وتنوب (ما) المصدرية عن ظرف زمان، وتوصل في الغالب بماض مثبت نحو (لا أصحبك ماذر شارق)، أو منفي بلم نحو قوله: ما لم أجدك على هدى أثر … ............... أو بمضارع نحو: عجبت مما تضرب زيدًا، وذهب الزمخشري: إلى أن

(أن) تشاركها في النيابة، وخرج على ذلك قوله تعالى: [أن آتاه الله الملك] (أي وقت أن آتاه الله)، ولا يعرف ذلك أكثر النحاة، وتنفرد من (أن وكي) بجواز تقديم معمول صلتها الفضلة على الصلة نحو عجبت مما زيدًا تضرب، ومذهب سيبويه والجمهور: أن الجملة الاسمية لا تكون صلة لها، وأجاز قوم منهم السيرافي، وتبعه الأعلم، وابن خروف وجاء في الشعر من ذلك شيء نحو: ............ … كما دماؤكم تشفى من الكلب (أي كشفاء دمائكم)، وجاء أيضًا ما ظاهره أنها إذا نابت عن الظرف توصل بالجملة الاسمية نحو قوله: واصل خليلك ما التواصل ممكن … .........

وفي الترشيح: لا اتيك ما أن في السماء نجما، أي (ما دام أن في السماء نجمًا)، أو ما كان أن؛ لأن هذا من مواضع الفعل؛ لأن (ما) تكون مع الفعل مصدرًا، ولا يكون الاسم صلة لما، ومن قال: ما أن في السماء نجم أضمر الهاء أي (ما أنه في السماء نجم) ومن قال من أصحابنا: إن (أن) فعل ماض من الأنين فقد غلط؛ لأن النجم لا يئن، ويجوز عندي أن يكون الأصل ما عن في السماء نجم أي (ما عرض) وأبدل من العين همزة؛ لأن الهمزة، والعين يبدل بعضها من بعض. انتهى. وأما «الذي»، فزعم يونس، والفراء، وتبعهما ابن مالك أنه يسبك منها ومن صلتها مصدر، وخرج عليه قوله تعالى: [ذلك الذي يبشر الله عباده] و [خضتم كالذي خاضوا] قال: التقدير: ذلك تبشير الله، وخضتم كخوضهم، والصحيح منع ذلك، وهو مذهب البصريين، والموصول الاسم لا تكون صلته إلا جملة صريحة، ومذهب الجمهور أنها لا تكون طلبية. وأجاز الكسائي أنها تكون جملة أمر، وجملة نهي فيجيز «الذي اضربه أو لا تضربه زيد». وأجاز المازني أن تكون دعاء إذا كانت بلفظ الخبر نحو: الذي يرحمه الله زيد، ويقتضي مذهب الكسائي موافقته، بل هو أحرى بذلك. وذهب هشام إلى أنه يجوز أن تكون مصدرة بليت، وبلعل وبعسى نحو: الذي ليته

منطلق زيد، والذي لعله منطلق زيد، والذي عسى أن يخرج زيد، والمشهور عند أصحابنا أنها لا تكون تعجبية، فلا يجوز: مررت بالذي ما أحسنه، وإن كانت عندهم جملة خبرية، فمن النحاة من أجاز ذلك، وهو مذهب ابن خروف كما جاز [الوصف بـ (ما) في قولك: مررت برجل ما أحسنه، وذهب جماعة من القدماء إلى أنه] لا يجوز أن تكون قسمية، إذا خلت جملة القسم من ضمير يعود على الموصول، فلا يجوز عندهم جاءني الذي أقسم بالله لأكرمنه، ولا أن يكون شرطًا إذا عريت إحدى جملتيه من ضمير يعود على الموصول فلا يجوز عندهم أن تقول: جاءتني التي إن قام زيد قام أبوها، والصحيح جواز ذلك إذا وجد ضميره في إحدى جملتي القسم، وجوابه، وفي إحدى جملتي الشرط وجوابه. وإذا دخل معنى الشرط في الموصول، ففي وصله بالشرط خلاف نحو: الذي إن تطلع الشمس ينظر إليها، فهو صحيح البصر، والذي إن قام أبوه فمنطلق، وفي الإفصاح: الوصل بنعم، وبئس وجملة الشرط والجزاء جائز باتفاق، وقد ذكرنا الخلاف في الوصل بالشرط والجزاء، إذا ضمن الموصول معنى الشرط، وزاد بعض أصحابنا في شروط جملة الصلة أن لا تكون مستدعية لفظًا قبلها، فلا يجوز جاءني الذي حتى أبوه قائم، ولا مررت بالذي لكنه منطلق، ولا مررت بالذي إذن ينطلق، وذهب الفارسي إلى أنه لا يوصل بنعم وبئس، إذا كان فاعلها مضمرًا بخلاف ما فيه (أل)، والوصل بكأن جائز نحو: جاءني الذي كأن وجهه قمر، وقيل الأحسن أن لا يوصل بها؛ لأنها غيرت مقتضى الخبر كما غيرته ليت، ولعل، وفي النهاية: يجوز الوصل باسم الفعل الذي يكون ماضيًا، أو مضارعًا لا أمرًا تقول: جاءني الذي شتان زيد وأبوه، ومررت بالذي أف له، لا بالأمر لا يجوز مررت بالذي نزال، كما جاز جاءني الذي افترق زيد وأبوه، ومررت بالذي أتضجر منه

جاز ذلك، ومنع ابن السراج أن يقع التعجب في صلة الذي؛ لأنه لا يقصد به الخبر المحض، وما قاله في التعجب، يقتضي امتناع وقوع نعم وبئس، وحبذا صلة؛ لأنه لا يقصد به الخبر المحض، وقالوا في عسى أيضًا تقتضي الطمع والرجاء، تقتضي أن لا يوصل به، ودخول «هل» عليه في قوله تعالى: [فهل عسيتم] يدل على أنها خبر، وأما قوله: فماذا عسى الواشون أن يتحدثوا … ............ فماذا كله استفهام مبتدأ، وعسى خبره، والعائد محذوف (أي أن يتحدثوا به)، انتهى. ولا بد في الصلة من ضمير يربط الصلة بالموصول، وسمع ما ظاهره الربط بالظاهر، الذي هو الموصول في المعنى قالوا: أبو سعيد الذي رويت عن الخدري، والحجاج الذي رأيت ابن يوسف قال الشاعر: ... … وأنت الذي في رحمة الله أطمع يريد رويت عنه، ورأيته، وفي رحمته، ومن النحاة من لا يجيز الربط بالظاهر،

ولم يجزه سيبويه في خبر المبتدأ نحو: زيد قام أبو عمرو، وإذا كانت كنية زيد أبا عمرو فأحرى أن لا يجوز عنده في الصلة، والذي أذهب إليه في هذا المسموع النزر أن الضمير محذوف منه، والظاهر بدل منه، وقد أجازوا جاءني الذي ضربت أخاك، على حذف المبدل وهو الهاء من ضربته، وأجاز الفارسي عرو الصلة من ضمير يعود على الموصول، إذا عطف عليها بالفاء جملة فيها ضمير الموصول نحو: «الذي يطير الذباب، فيغضب زيد»، وزعم الكوفيون، والبغداديون، وتبعهم ابن مالك: أن الموصول قد يجوز أن يتبع باسم معرفة، فيستغنى بذلك عن الصلة، وأن مثلك قد يكون صلة، فأجازوا ضربت الذي أخاك، وضربت الذي مثلك، ولا يجوز ذلك عند البصريين، ومن غريب ما قيل في «الذي» أنه يكون بمعنى الرجل، وكذا «التي» تكون في معنى المرأة وأنشد قائل هذا: فإن أدع اللواتي من أناس … أضاعوهن لا أدع الذينا فاللواتي والذين لا صلة لهما، يريد فإن أدع ذكر النساء لا أدع الرجال. انتهى.

من كتاب ابن هشام اللخمي، وفيه أن بعضهم حكى أنها إذا كانت بمعنى الداهية لم تحتج إلى صلة، وأنشد: بعد اللتيا واللتيا والتي وعند سيبويه الصلة محذوفة. وقال الفارسي: ألصلة فيما بعد هذا، [وهو قوله: إذا علتها أنفس تردت. انتهى، والمشهور أن جملة الصلة تكون] معهودة غالبًا نحو قوله تعالى: [وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه]. وقد يراد بالموصول الجنس، فتوافقه صلته كقوله تعالى: [كمثل الذي ينعق] وقد يقصد تعظيم الموصول، فنبهم صلته نحو: قوله تعالى: [فغشاها ما غشى] و [فغشيهم من اليم ما غشيهم]، [إذ يغشى السدرة

ما يغشى] ويوصل أيضًا بالظرف، والمجرور التأمين، وهما اللذان في الوصل بهما فائدة نحو: الذي عندك فاضل، والذي من بني علي شريف، والعامل فيها جملة مقدرة من كون مطلق (أي استقر)، وفي كل منهما ضمير يعود على الموصول إلا إن رفع ملابسًا للضمير فلا ضمير نحو: الذي في الدار أبوه زيد؛ فإن كان العامل في الظرف والمجرور حدثًا خاصًا نحو: جاءني الذي ضحك في الدار، أو ضحك عندك، فلا يجوز حذفه، وحكى الكسائي حذف الحدث الخاص إذا كان قد عمل في الموصوف بالموصول، وكان الظرف قريبًا نحو: نزلنا المنزل الذي البارحة، ونزلنا المنزل الذي أمس، ونزلنا المنزل الذي آنفًا، ولا يقولون نزلنا المنزل الذي يوم الخميس، ولا المنزل الذي يوم الجمعة، وهذا الذي حكاه الكسائي خارج عن القياس، فيقتصر فيه على مورد السماع. وقد تكلم ابن مالك في هذه المسألة، فخلط فيها، وتكلمنا معه في ذلك في شرح التسهيل، فإن كان الظرف والمجرور ناقصين لم يوصل بهما نحو: جاءني الذي عندك أو اليوم.

ذكر الموصلات وهي «الذي» لمفرد مذكر من أولى العلم وغيرهم، ووزنه عند البصريين فعل، و «التي» لمفردة مؤنثة من أولات العقل، وغيرهن، واللام والياء أصلان، وقال الكوفيون: الأصل الذال وحدها، وهي ساكنة، وزيدت اللام ليمكن النطق بالذال ساكنة. وفي البسيط مذهب سيبويه: أن أصل الذي: لذي، وأصل التي: لتي، ومذهب الفراء أن الأصل (ذا)، (وتي) اسمي إشارة، ومذهب السهيلي: أن أصل الذي: ذو بمعنى صاحب، وله وللفراء تمحلات حتى صار الذي، واللغة الفصحى سكون الياء فيها، وزعم أبو موسى أن الياء تجري بوجوه الإعراب مشددة، وذكر بعض أصحابنا: أن في «الذي» البناء على الكسر، والجري بوجوه الإعراب. وقال ابن مالك: وقد تشدد ياؤهما مكسورتين تابعًا في ذلك لأبي موسى، ولا يحفظ التشديد في التي إنما حفظ في الذي، ومن تعرض لحصر لغات الذي، والتي كالهروى، والدينوري، والجوهري، لم يذكروا ذلك.

وذكر ابن مالك أنهما يكونان مضمومتين، وظاهر كلامه أنه يكون ذلك بناء، وأنشد على ذلك في الذي وحده ما لا يقوم به دليل على مدعاه، ويجوز حذف الياء منهما، فتبقى الذال والتاء مكسورتين، أو مسكنتين فتقول: ألذ، والت، والذ، والت، وهذا الذي ذكرناه من التشديد، والحذف لغات، وذكر بعضهم أن ذلك مختص بالشعر. وتقول في التثنية رفعًا: اللذان، واللتان وتخفيف نونيهما لغة الحجاز وبني أسد، وتشديدهما لغة تميم، وقيس، ونصبًا وجرًا: اللذين، واللتين، ولا يجوز تشديدهما مع الياء عند البصريين، وأجازه الكوفيون: وقرأ به بعضهم في قوله تعالى: [ربنا أرنا الذين أضلانا]، ويجوز حذف النون منهما فتقول:

اللذا، واللتا، والذي، والتي، وهي لغة بني الحارث بن كعب، وبعض بني ربيعة، وتقول: في جمع الذي: الذين رفعا ونصبًا وجرًا، ويخص العقلاء، ومن يشبه بهم كالأصنام التي عبدت، وإعراب «الذين» مشهور في لغة طيئ، قاله ابن مالك وذكر بعضهم أنها لغة هذيل، وبعضهم أنها لغة عقيل، نقلها عنهم أبو زيد في نوادره فتقول: اللذون رفعًا، واللذين نصبًا وجرا، وذكر أصحابنا أنه يجوز حذف النون من التثنية والجمع فصيحًا، وفصل ابن مالك فقال: إن قصد بالذي مخصص، فلا محيص عن اللذين في التثنية والذين في الجمع، ولا تحذف النون إلا في ضرورة شعر، قال: ويغني عن الذين: الذي في غير تخصيص كثيرًا نحو قوله: [والذي جاء بالصدق وصدق به]، وقال الأخفش: يكون الذي للجمع والواحد كـ «من»، ولغة هذيل يقولون: في معنى اللذين:

اللائين رفعًا ونصبًا وجرًا، وبعض هذيل يعرب فيقول: اللاءون رفعًا، واللائين نصبًا وجرًا، ويجوز حذف النون من اللائين؛ وقال ابن مالك: وقد يقال: لذي، ولذان، ولذين ولتي، ولاتي، ولم يذكر شاهدًا على ذلك إلا قراءة أعرابي [صراط لذين]، بتخفيف اللام، فيما سمعه أبو عمرو، ولا يجعل ذلك قياسًا إن صح؛ فيحذف من بقية الألفاظ التي ذكر؛ لأن هذا التخفي شاذ. والمشهور أن «الألى» بمعنى الذين، فيكون للعقلاء الذكور. وقد تقع على ما لا يعقل من الذكور، وعلى من يعقل من المؤنثات، وعلى ما لا يعقل منهن، ويقال: ألى، والألاء بالمد، واللاء، وجمع ألى: اللاتي،

واللائي، واللواتي، وبلاياء فيهن، والأصل إثباتها، وفي التوطئة: اللات واللوات بسكون التاء، ونقل الرواة أنهم حذفوا التاء، والياء من اللاتي، واللواتي قالوا: اللا، واللوا، واللاءات، ذكر أصحابنا فيه البناء على الكسر، وذكر ابن مالك فيهما ذلك، وإعرابها إعراب ألات وذكر الأخفش أن اللائي للذكور والإناث تقول: هم اللائي قالوا ذلك، وهن اللائي قلن ذلك، وفي الموعب عن الفراء هم اللاء، كقولك هن اللاء، وذكر الفراء في معانيه «أن اللاتي أكثر في جمع النساء، وفي جمع غيرهن مما لا يعقل التي أكثر من اللاتي»، وليست التثنية والجمع في الموصولات حقيقة، بل هي صيغ تثنية، وصيغ جمع، وكذلك تثنية أسماء الإشارة وجمعها.

ومن الموصلات ذو، وذات في لغة طيئ، وأما «ذو» فهو هكذا لمفرد مذكر ومثناه وجمعه، وبعض العرب يعربها إعراب ذي بمعنى صاحب تقول: جاءني ذو قام، ورأيت ذا قام، ومررت بذي قام، وبعضهم يثنيها ويجمعها تقول: جاءني ذوا قاما، ورأيت ذوي قاما، ومررت بذوي قاما، وجاءني ذوو قاموا، ورأيت ذوي قاموا، ومررت بذوي قاموا، وحكى الأزهري: أن «ذو» في لغة طيئ تستعمل بمعنى الذي، والتي، وتثنيتهما وجمعهما، وأما «ذات» فالأفصح فيها أن لا تثنى ولا تجمع، بل يكون هكذا للمؤنث، وتثنيتها وجمعها مبنية على الضم، رفعًا ونصبًا وجرًا، وعن بعضهم إعرابها إعراب ذات بمعنى صاحبة، وحكى بعضهم تثنيتها وجمعها تقول: ذواتا في الرفع، وذواتي في النصب والجر، ويجوز أن تجمع ذات على ذوات مبنية على الضم رفعًا ونصبًا وجرًا، وحكى لي

شيخنا الإمام بهاء الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي نصر الحلبي – وهو كان المشهور بالإمامة في النحو في ديار مصر والشام (رحمه الله تعالى) – أن بعضهم حكى إعرابها إعراب ذوات بمعنى صواحب، وهو نقل غريب. ومن الموصولات (من) و «ما» لمفرد ومثنى ومجموع من مذكر ومؤنث ويأتي الكلام عليهما إن شاء الله، وذكرهما بعد «ما» الاستفهامية باتفاق وبعد (من) الاستفهامية بخلاف زعم ابن الأنباري: أنهم لا يركبونها مع (من) فلا يقولون: من ذا كما يقولون: ماذا، والصحيح سماع ذلك من العرب، و «لماذا» أحوال: أحدها: أن تقر (ذا) اسم الإشارة (وما) استفهامية، فينعقد منهما كلام فتقول: ماذا أي (أي شيء هذا)؟ الثاني: أن تكون (ما) استفهامية وذا موصولة مذهوبًا بها مذهب «الذي» وفروعه؛ فتوصل بما يوصل به الذي، وتكون «ما» مبتدأ، وذا الذي هو الموصول خبره وفي النهاية: (ذا) لا تكون بمعنى الذي، إلا مع (ما)، وقد أجاز أبو سعيد: وقوعها مع «من»، انتهى. الثالث: أن تركب «ذا» مع «ما»، وتجعل ماذا كله استفهامًا، ويكون على ما يقتضيه العامل فيه من رفع أو نصب، ولا يعمل فيه ما قبله إلا إن كان جارًا،

أو يتأخر العامل في الجار عن «ماذا» نحو: عن ماذا تسأل؟، وقصد ماذا تقصد، ويدل على التركيب قول العرب: عن ماذا تسأل؟ بإثبات ألف «ما» الاستفهامية، وقد دخل عليها حرف الجر، وقول العرب: ماذا حالك؟ برفع «حالك» (كأنه قال: أي شيء حالك؟) والإتيان بالموصول بعد ماذا كقوله: فماذا الذي يشفى من الحب … ......... ويختار في جواب ماذا في هذه الحال المطابقة لإعراب ماذا، ويختار في ماذا في الحال، التي قبل هذا مطابقة إعرابه فتقول: في جواب ماذا تصنع؟: خيرًا وفي جواب التي قبله: خير، ويظهر الفرق أيضًا بينهما بالبدل تقول: في الحالة الثانية في نحو: ماذا تصنع إذا أبدلت أخير أم شر، وفي الحالة الثالثة أخيرًا أم شرًا. الرابع من الأحوال: أن تخلع (ما) عن الاستفهام، و «ذا» من الإشارة، ويستعمل مجموعهما موصولاً، وعليه: دعى ماذا علمت سأتقيه … .............

أي (دعى الذي علمت)، وزعم ابن عفصور: أن هذا الاستعمال [لا يصح وتأول البيت، وخالف الناس قاطبة في فهمهم ذلك عن سيبويه، وقال ابن عصفور أيضًا] في بعض تصانيفه، وقد استعملت في الشعر استعمالاً ثالثًا، وهو جعلها بمنزلة الذي، أو بمنزلة نكرة موصوفة وأنشد البيت، وإلى أنها نكرة موصوفة ذهب الفارسي، وأنكر أن تكون (ماذا) بجملتها موصولة. وقال بعض أصحابنا: هذا الاستعمال جاء في الشعر، وقال آخر: هو قليل، ولم يستعمل موصولاً من أسماء الإشارات إلا «ذا» وحدها عند البصريين بالشرط المذكور وأجاز الكوفيون: أن تستعمل أسماء الإشارة موصولات، ومن ذلك عندهم [وما تلك بيمينك يا موسى] فتلك موصول، وصلته «بيمينك» كأنه قيل وما التي بيمينك وقوله:

.............. … ....... وهذا تحملين طليق (كأنه قال: والذي تحملين طليق) ومن الموصولات «أي» على مذهب الجمهور؛ خلافًا لثعلب؛ فإنه أنكر ذلك وقال: لا يكون «أي» إلا استفهامًا أو شرطًا، وهو محجوج بثبوت ذلك في لسان العرب، والأفصح فيها أن تكون بصيغة «أي» مضافة إلى معرفة، فإذا قلت: يعجبني أي الرجال عندك أو أيهم عندك، تبين أن الذي أعجبك مذكر عاقل، واحتمل أن يكون مفردًا ومثنى ومجموعًا، وكذا إذا قلت: أعجبني أي النساء عندك، أو أيهن عندك، تبين أن التي أعجبتك مؤنث، واحتمل أن يكون

مفردًا ومثنى ومجموعًا، وقد تضاف إلى نكرة قليلاً، وأنكر بعضهم إضافتها إلى نكرة، [ويجوز حذف ما تضاف إليه فتقول: يعجبني أي عندك فاحتمل أن يكون مفردًا ومثنى] ومجموعًا من مذكر ومؤنث من عاقل وغيره، وبعض العرب يؤنثها، ويثنيها، ويجمعها نحو: يعجبني أيتهن في الدار، ويعجبني أياهم عندهم، وأيوهم عندك، وأيتاهن عندك، وأياتهن عندك، وتباشر العوامل كانت بلفظ أي أو على اللغة الأخرى سواء أضيف إلى معرفة أم نكرة. وقال في التسهيل: ولا يلزم استقبال العامل فيه، ولا تقديمه خلافًا للكوفيين، ويلزم استقبال العامل فيها إن كان فعلاً نحو: اضرب أيهم عندك، ويعجبني أيهم عندك، هذا مذهب الجمهور سيبويه، والكسائي وغيرهما، وزعم الأخفش أنه قد يعمل فيها الماضي، إلا أنه قليل.

وفي الغرة: ما يخالف النقل قال: «أي الموصولة لا يعربها عند الكوفيين إلا المستقبل تقول: سأضرب أيهم قام، ويأتيني أيهم جلس، ولو قلت: ضربت أيهم قام لم يحسن، وكذلك أيهم قام لا يجوز، وهذا جميعه يجيزه البصريون، والعامل فيها قد يتقدم، وقد يتأخر نحو: أحب أيهم قرأ، وأيهم قرأ أحب، ونقل ابن مالك عن الكوفيين التزام تقديم العامل والتزام استقباله، وأجاز هو أن لا يلزم استقباله، كما ذهب إليه الأخفش. ومن المختلف فيه «أل» في نحو: الضارب والمضروب، فمذهب الأخفش أنها حرف تعريف، وليست موصولة، وعنده أن اسم الفاعل، واسم المفعول إذا دخل (أل) لا يعملان، فإن وجد منصوب بعدهما، فعلى التشبيه بالمفعول به، ومذهب الجمهور أنها معرفة موصولة، فقال المازني: موصول حرىي. وقال ابن السراج، والفارسي، والأكثرون موصول، انتهى. وتكون بمعنى الذي، وفروعه، وصلتها عند القائلين بوصلها اسم الفاعل واسم المفعول، وفي وصلها بالصفة المشبهة خلاف، ففي البسيط المنع، وفي كلام ابن مالك الجواز، وجاء في الشعر وصلها بالمضارع، فخصه

أصحابنا بضرورة الشعر، وأجازه بعض الكوفيين في الاختيار وتبعه ابن مالك، وقيل ما ورد من ذلك أصله الذي، فحذف إحدى اللامين، و «ذي» ضرورة، وبقى منه «أل» وشذ وصلها بالظرف في قوله: من لا يزال شاكرًا على المعه ويجوز أن يكون أصله الذي، فحذف إحدى اللامين، وذي، وبقى (أل) ومعه صلة الذي، والمبتدأ والخبر في قوله: من القوم الرسول الله منهم … ........... أي على الذي معه، والذين رسول الله منهم، وقيل: هي زائدة في الرسول، وذهب الكوفيون إلى أن الأسماء المعرفة (بأل)، والمضافة إلى معرفة، والنكرة المضافة إلى نكرة، يجوز استعمال ذلك كله موصولات. مثاله قوله: لعمري لأنت البيت أكرم أهله … ...........

فأكرم صلة البيت كأنه قال: لأنت الذي أكرم أهله، وهذه دار زيد بالبصرة، فبالبصرة صلة دار زيد إذا كان له دار بالبصرة ودار بغيرها، وهذا رجل ضربته، فضربته صلة لرجل، وهذه دار رجل دخلت، فدخلت صلة دار، وأنت رجل تأكل طعامنا فتأكل صلة رجل، وأجازوا تقديم المعمول على رجل نحو: أنت طعامنا رجل تأكل، وهذه دار رجل أكرمت، فأكرمت صلة رجل، وهذه دار رجل أكرمت دخلت، فأكرمت صلة رجل، ودخلت صلة دار وهذا كله لا يجوز عند البصريين. القول في الضمير العائد على الموصول مذهب الجمهور أنه لا يجوز حذف الضمير الذي في صلة أل في نحو: الضاربها زيد هند، وأجاز بعضهم حذفه نحو: الضارب زيد هند أي الضاربها، واختلف عن الكسائي، وفصل بعضهم فقال: إن كان اسم الفاعل متعديًا إلى واحد، فالإثبات فصيح، والحذف قليل، وإن كان من متعد إلى اثنين أو إلى ثلاثة حسن الحذف، وهو في المتعدي إلى ثلاثة أحسن منه في المتعدي إلى اثنين، وقيل: إن لم يكن على حذفه دليل، لم يجز حذفه، لا يجوز: جاءني الضارب زيد؛ لأنه لا يعلم هذا الضمير أهو مفرد أو غير مفرد مذكرًا أو غير مذكر؛ فإن كان على حذفه دليل قبح

حذفه نحو: جاءني الرجل الضاربه زيد، ويقل قبحه في المتعدي إلى ثلاثة أو إلى اثنين، وقال المازني: لا يكاد يسمع حذفه من العرب إلا أنه ربما جاء في الشعر، وفي هذا الضمير خلاف، فمذهب الأخفش أنه منصوب، ومذهب الجرمي والمازني أنه مجرور، ومذهب الفراء جواز الوجهين، ومذهب سيبويه اعتباره بالظاهر، فحيث جاز في الظاهر النصب والجر، جاز ذلك في ضميره، وحيث تعين النصب في الظاهر تعين في ضميره؛ مثاله: جاء الضاربا زيدًا، والضاربا زيد فإذا قلت: الضاربهما غلامك الزيدان، جاز أن يكون الضمير في موضع نصب، وفي موضع جر، وإذا قلت: جاء الضارب زيدًا، ثم قلت: الضاربه غلامك زيد، فالضمير في موضع نصب. فإن كان الضمير في صلة غير «أل» فإن كان مرفوعًا، فيجوز حذفه إن كان مبتدأ غير محصور، ولا في معنى محصور، ولا بعد نفي، ولا بعد لولا، ولا معطوفًا على غيره، ولا بعده ما يصلح أن يكون صلة، فلا يجوز حذفه في نحو: جاءني اللذان قاما أو ضربا، أو كانا فاضلين، ولا جاءني الذي ما في الدار إلا هو، ولا جاءني الذي إنما في الدار هو، ولا جاءني الذي ما هو قائم، ولا جاءني الذي لولا هو لأكرمتك، ولا جاءني الذي زيد وهو قائمان، ولا جاءني الذي هو يحسن، أو الذي هو في الدار، أو الذي هو من بني عدي، وشرط البصريين أن لا يكون معطوفًا عليه غيره نحو: جاءني الذي هو وزيد عاقلان، وأجاز حذفه الفراء، وهو غير مسموع، وأجاز ابن السراج: الذي وعبد الله ضاربان لي أخوك، ولم يستقبحه، وإن كان فيه حذف الضمير أي هو عبد الله، وشرط

البصريين أيضًا في جواز حذفه أن يكون في الصلة طول نحو قولهم: ما أنا بالذي قائل لك شيئًا (أي هو قائل)، ولم يشترطه الكوفيون، فيجيزون جاءني الذي فاضل أي: هو فاضل، واتفقوا على جواز حذفه، في (أي) سواء كان في الكلام طول أم لم يكن فيجوز: يعجبني أيهم قائم أي: هو قائم، ومع حصول هذه الشروط فحذفه في غير أي قليل، ومذهب سيبويه أنه يجوز بناء (أي) هذه على الضم، بشرط أن تكون مضافة، وقد حذف المبتدأ الذي هو صدر صلتها، فيجيز اضرب أيهم قائم، وامرر بأيهم قائم، ويجيز الإعراب، وذهب الكوفيون، والخليل، ويونس: إلى أنه لا يجوز فيها إذ ذاك إلا الإعراب، وقال الجرمي: خرجت من البصرة، فلم أسمع مذ فارقت الخندق إلى مكة من يقول: لأضربن أيهم بالضم، بل ينصبها. وقد تنازعوا في قوله تعالي: [ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد]، فعند الخليل ويونس أنها استفهامية محكية بقول محذوف عند الخليل، أو يعربها فيقول: أيهم أشد، ومنصوبة المحل الجملة التي هي فيها على سبيل تعليق لننزعن عند يونس، وعلى سبيل تعليق (شيعة) عند الكوفيين أي من كل من يتشيع أي ينظر في

أيهم أشد ثم حذف (في)، فارتفع على الابتداء، والجملة في موضع نصب، أو على زيادة (من) وكل شيعة مفعول لنزعن، وأيهم أشد جملة مستأنفة عند الأخفش، أو على أنها مبنية لقطعها عن الإضافة، وهم مبتدأ وأشد خبره عند ابن الطراوة، ولو وصلت بظرف نحو: لأضربهم أيهم في الدار لم تبن، ويوجد في بعض تصانيف أصحابنا ما يدل على البناء مع الظرف، وإذا حذف ما تضاف إليه «أي» أعربت سواء أحذف المبتدأ الذي هو صدر صلتها، أم لم يحذف نحو: اضرب أيا قائم، واضرب أيا هو قائم. وذهب بعض النحاة إلى جواز البناء إذا حذف ما تضاف إليه، وحذف صدر صلتها قياسًا على البناء إذا لم يحذف ما تضاف إليه، وتقدم قول ابن الطراوة في قوله تعالى: [أيهم أشد]، أن (أيا) حذف ما تضاف إليه [ولم يحذف صدر صلتها وأن ضمتها] بناء، وإذا حذف ما تضاف إليه، وأنثت بالتاء؛ فهي مصروفة تقول: اضرب أية في الدار، وامرر بأية في الدار [هكذا أورد هذه المسألة ابن مالك، وأوردها غيره على أنك إذا سميت امرأة بأية في الدار] فمذهب أبي عمرو فيما حكاه عنه المازني أنه يقول: رأيت أية في الدار فلا يصرف، ومذهب أبي الحسن أنه يصرف، وقال الفارسي: القول قول أبي الحسن.

وإن كان الضمير منصوبًا، فيجوز حذفه كثيرًا فصيحًا، إن كان متصلاً منصوبًا بفعل تام متعينًا للربط نحو: قوله تعالى: [أهذا الذي بعث الله رسولاً] أي بعثه، فإن كان منفصلاً نحو: جاءني الذي لم أضرب إلا إياه، أو إياه لم أضرب أو إياه أضرب، أو منصوبًا بغير فعل نحو: جاءني الذي إنه فاضل، أو كأنه قمر، أو بفعل ناقص نحو: جاءني الذي ليسه زيدًا، أوكأنه صديقك، أو لم يتعين الربط نحو: هذا الذي ضربته في داره، لم يجز حذفه، فإن كان منصوبًا يوصف، فحذفه نزر جدًا نحو: الذي معطيك زيد درهم (أي معطيكه). وإذا حذف هذا الضمير المنصوب بشرطه، ففي توكيده، والنسق عليه خلاف مثاله: جاءني الذي ضربت نفسه، أي ضربته نفسه، وجاءني الذي ضربت وعمرًا أي ضربته وعمرًا، فأجاز ذلك الأخفش، والكسائي، ومنعه ابن السراج، وأكثر أصحابه، واختلف عن الفراء في ذلك، واتفقوا على جواز الحال من الراجع المحذوف إذا كانت مؤخرة عنه نحو: هذه التي عانقت مجردة أي عانقتها مجردة، فأجازها ثعلب، ومنعها هشام، وإن كان الضمير مجرورًا، فإما أن يكون مجرورًا بالإضافة، أو بحرف جر، إن كان مجرورًا بالإضافة، فيجوز حذفه إن كان منصوبًا في المعنى كقوله تعالى: [فأقض ما أنت قاض] أي قاضيه، وحذفه كثير فصيح، وقول ابن عصفور حذفه ضعيف ليس بشيء، فإن لم يكن

منصوبًا في المعنى، فلا يجوز حذفه نحو قولك: جاءني الذي وجهه حسن، وجاءني الذي زيد ضاربه أمس، وأجاز الكسائي حذف الضمير المجرور بالإضافة، وليس في موضع نصب، فينحذف معه المضاف إليه نحو: اركب سفينته الذي تعمل تريد: تعمل سفينته، ومنع من ذلك الجمهور. وإن كان الضمير مجرورًا بحرف جر، فيجوز حذفه؛ إن جر الموصول حرف مثله معنى ومتعلقًا، أو المضاف إلى الموصول، أو الموصوف بالموصول نحو: مررت بالذي مررت به، أو بغلام الذي مررت به، أو بالرجل الذي مررت به، فيجوز حذف (به) في هذه الصور، إلا إن كان في موضع رفع أو كان معه ضمير يصلح للربط، أو كان محصورًا أو في معنى المحصور، فلا يجوز حذفه نحو: مررت بالذي مر به، ومررت بالذي مررت به في داره، ومررت بالذي ما مررت إلا به، ومررت بالذي إنما مررت به، فإن لم يماثل حرف الجر نحو: مررت بالذي عليه، أو ماثل، واختلف المتعلق نحو: مررت بالذي سررت به، فلا يجوز حذفه، وشمل المتعلق الفعل، كما مثلناه، والصفة التي بمعناها في قوله: ...... … فبح لأن منها بالذي أنت بائح أي بائح به، وأنا مار بالذي أنت مار، وما كان مجرورًا بحرف، وحذف وليس مما ذكرنا جواز حذفه، فهو مخصوص بالضرورة نحو قوله:

فأصبح من أسماء قيس كقابض … على الماء لا يدري بما هو قابض يريد قابض عليه، فهذا اختلف فيه حرف الجر، والمتعلق. وقال ابن مالك: يجوز حذف الضمير إذا جر بحرف متعين، ومثله بالذي سرت يوم الجمعة، والذي رطل بدرهم لحم (يريد سرت فيه) (ورطل منه) قال: حسن الحذف تعين المحذوف كما حسنه في الخبر والصفة، والموصول بذلك أولى وهذا الذي ذكره في الموصول ذكره أصحابنا في خبر المبتدأ، لا في صلة الموصول، ولا ينبغي أن يذهب إلى ذلك إلا بسماع ثابت عن العرب، لا يحتمل التأويل، وقال أبو العباس بن الحاج: اشتر السمن الذي منوان بدرهم جائز بلا شك، والحذف من الصلة أحسن من الحذف من الخبر، وكذلك أعجبني الذي الذكر جميل يريد له انتهى. هذا حكم الضمير المشتملة عليه الصلة، إذا كان أحد جزأيها، أو معمولاً لها؛ فإن كان بعض معمول الصلة حذفت المعمول، فيحذف الضمير بحذفه نحو: أين الرجل الذي قلت، وأين الرجل الذي زعمت تريد: قلت إنه يأتي، أو زعمت أنه يأتي، ونحو ذلك مما يدل على حذفه المعنى؛ وإذا ابتدأت بضمير

متكلم أو مخاطب، وأخيرت عنه بالذي وفروعه، أو بموصوف بالذي، أو بنكرة جاز أن يعود الضمير مما بعد الموصول، أو النكرة غائبًا نحو أنا الذي قام، وأنت الذي قام، وأنا الرجل الذي قام، وأنت الرجل الذي قام، وأنا رجل يأمر بالمعروف، وأنت رجل يأمر بالمعروف، ويجوز أن يعود مطابقًا للضمير في تكلمه، أو خطابه فتقول: أنا الذي قمت، وأنت الذي قمت، وأنا الرجل الذي قمت، وأنا رجل آمر بالمعروف، وأنت رجل تأمر بالمعروف، والتثنية والجمع، والتأنيث يجري هذا المجرى، ومراعاة ضمير المتكلم، أو الخطاب كثير في لسان العرب نثرًا ونظمًا، فقول من خص ذلك بالشعر، وقول من منع ذلك، وهم الكوفيون خطأ، قال ابن الحاج، وإنما يجوز ذلك عندي على ضعفه مع اتصاله نحو: أنا الذي فعلت، وأنت الذي فعلت. فإن قلت: أنا الذي لم أزل مع تغير الأخوان، وتقلب الأزمان أكرمك لم يجز انتهى، فلو كان الموصول غير الذي وفروعه كمن، وما وجبت الغيبة نحو: أنا من قام، وأنت من قام، ومن أطلق جواز الوجهين في الموصولات كلها، فهو واهم، فأما قول البحتري بن أبي صفرة: تعير أمورًا لست ممن أشاؤها … ولو جعلت في ساعدي المجامع فقال ممن أشاؤها، وهذا أضعف من أن يقول: لست من أشاؤها وهو المنصوص أنه لا يجوز ذلك في من وما، والظاهر أنه لا يستشهد بقوله؛ فإن صح أنه لعربي، فتأويله على أنه لما كان في معنى لست أفعل جاز.

وقال ابن الحاج: «وينبغي أن يفرق بين (من) الموصول وبين الموصوف فكما تقول: نحن قوم ننطلق تقول: أنا من أفعل، على الصفة. ومن أصحابنا من ألحق بالذي وفروعه في ذلك ذو، وذات الطائيتين فتقول: أنا ذو قام، وأنت ذو قام، وأنا ذو قمت، وأنت ذو قمت، وكذلك ألحق «أل» ونواسخ المبتدأ والخبر من إن، وكان، وظن وأخواتها تجرى في هذا المجرى نحو: كنت الذي تخرج، وكنت الذي يخرج، وكنت الذي أخرج، وكنت الذي نخرج، وكنت رجلاً يأمر بالمعروف، وكنت رجلاً آمر بالمعروف، ولمراعاة الضمير شرط، وهو أن يكون الخبر عن المبتدأ ليس مشبهًا به المبتدأ، فإن شبه به المبتدأ وجب عود الضمير غائبًا، ولا يكون مطابقًا للضمير في تكلمه وخطابه نحو: أنا في القتل الذي قتل عروة الرجال، وأنا في الشجاعة الذي قتل مرحبًا، (أي مثل الذي قتل) ولو تقدم الخبر نحو: الذي قام أنا على تقدير أن يكون الخبر هو الموصول، فمذهب الفراء أنه يجب غيبة الضمير، وهو الذي يقتضيه مذهب البصريين، ونص عليه السيرافي، وابن السراج، ومذهب الكسائي: أنه يجوز أن يطابق الضمير كحاله لو تأخر، فأجاز أن يقول: الذي قمت أنا، والذي قمت أنت، وتبعه في جواز ذلك من أصحابنا الأستاذ أبو ذر مصعب بن أبي بكر الخشني. والمحلى (بأل) عند الكوفيين، إذا وقع خبرًا لحاضر، حكمه حكم النكرة في عود الضمير عليه غائبًا، ومطابقًا للضمير تقول: أنا الرجل يأمر بالمعروف، وأنت الرجل تأمر بالمعروف، ويجوز آمر، وتأمر، وإذا كان ضميران في هذه المسائل، جاز لك أن تخالف بين الضميرين، فتجعل أحدهما غائبًا، والآخر مطابقًا للضمير؛ فإن فصلت بين الجملتين جاز ذلك باتفاق نحو: أنا الذي قام في الدار، وضرب زيدًا،

وأنا الذي قمت في الدار، وضرب زيدًا، وإن لم يفصل، أجازه البصريون نحو: أنا الذي قام، وخرجت، وأنا الذي قمت، وخرج، ولا يجوز ذلك عند الكوفيين قيل: والسماع ورد بالفصل بين الجملتين، وتقدم لنا أن الكوفيين لا يجيزون مراعاة الضمير السابق، فيطابقه الذي في الصلة في تكلمه وخطابه، وفي هذه المسألة أجازوا الجملتين بالفصل، فلعل لهم قولين نقل بعض أصحابنا قولاً وبعض قولاً .... و «من» و «ما» و «ذا»، إذا كانت بعد (ما)، و (من) في الاستفهام و (أي) في الأفصح، وذو وذوات في الأفصح، و (أل) عند من قال إنها موصولة اسمية، مفردات اللفظ مذكرات، فإن عنى بها غير ذلك من تثنية، أو جمع أو تأنيث، قال ابن مالك، ولم يذكر غير (من) و «ما»، فمراعاة اللفظ فيما اتصل بهما، أو بما أشبههما أولى، وفسر الذي أشبههما بكم، وكأين، ومثال ما روعي فيه اللفظ قوله تعالى: [أفمن اتبع رضوان الله] الآية، وهو أكثر كلام العرب، ومثال ما روعي فيه المعنى [ومنهم من يستمعون إليك] [ومن الشياطين من يغوصون له] وقال الفرزدق: ......... … نكن مثل من ياذئب يصطحبان

وقال الكسائي: وقلما تقع على الاثنين في لفظة التثنية، ثم ذكر بيت الفرزدق، وقال المبرد في كتاب «إعراب القرآن» له، وإنما قال هذا على مقدار ما سمع، والتثنية على الحقيقة، والتأنيث والجمع سواء انتهى. ومن الحمل على الجمع: ................... … وقولا لها عوجى على من تخلفوا والذي اتصل بهما صلتهما، أو فعل شرط؛ إن كانتا شرطيتين أو استفهام؛ إن كانا للاستفهام قال: ما لم يعضد المعنى سابق، فيختار مراعاته مثاله: [ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحًا] وقال:

وإن من النسوان من هي روضة … ............. سبق في الآية منكن، وفي الشعر من النسوان قال: أو يلزم بمراعاة اللفظ لبس نحو: أعط من سألتك لا من سألك، وأعرض عمن مررت بها، لا عن من مررت به قال: أو قبح مثاله: من هي حمراء أمتك، يتعين فيه مراعاة المعنى لو قيل: من هو أحمر أمتك قبح غاية قال: ووافق ابن السراج على منع التذكير في هذا، وأمثاله، وأجاز في نحو: من هي محسنة أمك أن يقال: من هي محسن أمك، ومن محسن أمك. انتهى ما لخص من كلام ابن مالك. ولأصحابنا طريقة غير طريقته قالوا: نقول إن حملت على اللفظ قلت: من قام هند، ومن قام أخواك، ومن قام إخوتك، وإن حملت على المعنى قلت: من قامت هند، ومن قام أخواك، ومن قاموا إخوتك، ويجوز الجمع بين الحملين، والأحسن أن يبدأ بالحمل على اللفظ نحو: قوله تعالى: [ويعبدون من دون الله ما لا يملك] ثم قال ولا يستطيعون ونحو: «ومن يقنت» ثم قال: «وتعمل» ويجوز أن تبدأ بالحمل على المعنى، ثم بالحمل على اللفظ باتفاق؛ إن وقع بين الجملتين فصل نحو: من يقومون في غير شيء، وينظر في أمورنا قومك، فإن لم يفصل فقلت: من

يقومون، وينظر في أمورنا قومك لم يجز عند الكوفيين، وأجاز ذلك البصريون والسماع ورد مع الفصل هكذا نقل السيرافي: أن البصريين لا يشترطون الفصل يجيزون: من قام وقعد، أو من قام وقعدت، والعكس، ومن قاما وقعد، ومن قام ومن قامت وقعد، وقال الأستاذ أبو علي: مذهب البصريين اعتبار الفصل، ومذهب الكوفيين لا يعتبرونه انتهى. وفي البسيط: أنه اتفاق من النحويين: أن العرب قد ترجع من الواحد إلى الجمع، ومن المذكر إلى المؤنث من لفظه إلى معناه، ولا ترجع من معناه إلى لفظه قال: بإجماع من النحويين قال: واستخرج ابن مجاهد عكس هذا من آية سورة الطلاق انتهى، وذكره الإجماع وهم. وإذا كان الضمير المحمول على اللفظ مخبرًا عنه بما بعده، وأخبرت عنه بفعل لم يجز الحمل إلا على اللفظ، أو على المعنى نحو: من كان يقوم أخواك، ومن كانا يقومان أخواك، ولا يجوز من كان يقومان أخواك، ويحمل على اللفظ والمعنى، وإن أخبرت عنه باسم، وكان مشتقًا باطراد، جاز الحمل على اللفظ، والحمل على المعنى بإطلاق فتقول: من كان محسنًا أختك، ومن كان محسنة أختك، ومن كانت محسنة أختك، وإلى جواز الجمع بين الحملين ذهب الكوفيون، وكثير من البصريين، وهو الصحيح، وذهب ابن السراج إلى منع الجمع بين الحملين، وهذا الجمع بين الحملين، إذا كان من الصفات المفصول بين مذكرها، ومؤنثها بالتاء، فإن كان من غيرها وكانت صفة المذكر والمؤنث ترجع إلى مادة

واحدة، وأدى الحمل إلى جعل صفة المذكر للمؤنث، وصفة المؤنث للمذكر، لم يجزه الكسائي، وأجازه الفراء فتقول: من كانت حمراء جاريتك على المعنى، ومن كان حمراء جاريتك الاسم على اللفظ والخبر على المعنى، ومن كانت في النساء أحمر جاريتك، ومن كان أحمر جاريتك، وصحح مذهب الفراء بعض أصحابنا، وإن لم يرجع إلى مادة واحدة، وأدى الحمل إلى جعل صفة المذكر للمؤنث والعكس، فقال بعض أصحابنا: لا يجوز ذلك عند الكسائي، ولا الفراء، ولا أحد من البصريين، وقال بعض أصحابنا منع الكسائي والفراء الحمل، على لفظ المذكر، فيقولان: من كان عجوزًا جاريتك، ولا يجيزان: من كان شيخًا جاريت، ولا يجيزان من كان غلامًا جاريتك إلا على لغة من قال شيخه وغلامه، والأحسن عند الفراء: من كان عجوزًا جاريتك، ومن كانت أمة جاريتك، ولا يستحسن من كان شيخًا جاريتك، ولا من كان غلامًا جاريتك، لأن شيخه، وغلامه قليل في كلامهم، وأصول البصريين تقتضي جواز ذلك؛ لأنهم أطلقوا ولم يفصلوا انتهى. وإذا لم يكن الضمير المحمول على اللفظ مخبرًا عنه بما بعده وأردت حمل ما بعده عليه، حملته على اللفظ، ولا يجوز حمله على معناه عند الكوفيين فتقول: من ضربته أجمعون قومك، فتحمل على من، ولا يجوز النصب تأكيدًا للضمير على معناه، وأصول البصريين تقتضي جواز ذلك وهو الصحيح، ومما وقع فيه الحمل على اللفظ خاصة، ولا يجوز الحمل على المعنى قولهم في التعجب: ما أحسن زيدًا، وإن كان الذي أوجب التعجب صفة مؤنثة، أو صفات متعددة، ومما وقع فيه الحمل على المعنى، ولا يجوز الحمل على اللفظ قولهم: ما جاءت حاجتك كأنه قال: أية حاجة صارت حاجتك، وإذا جاء العائد على اللفظ دون معناه، ثم أكدته بلفظة مضافة، فحملت أولها على المعنى، وآخرها على اللفظ نحو: جاءني من خرج أنفسه، لم يجز عند الفراء، وأجازها الكسائي، وكثيرًا جاء في القرآن الحمل على اللفظ، وبعده الحمل على المعنى، وبعده الرجوع إلى اللفظ كآية الطلاق، وآية

لقمان، وآية الزخرف في قراءة من قرأ جاءنا على الإفراد. وفي «المجالس» لثعلب: من هو قائم جاريتك، ومن هو يقوم جاريتك جيد، وهو يشبه من هو قائمة جاريتك، جاء بهما باللفظ، المعنى: من هي قائمة جاريتك أخرج المعنى فيه وقال الفراء: من هو أختك هند قبيح لا يخرج على اللفظ، ما يخرج على الأفعال، فمن قال: كلهن قائم لم يقل: كلهن أخوك، من هو أخوك عند لا يجوز. وتقع (من) و (ما) شرطيتين قال تعالى: [من يعمل سوءًا يجز به] و [ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها] واستفهاميتين [من إله غير الله]، [وما رب العالمين] وزعم الفراء: أنه لا يجوز من قائم إلا في الشعر، وأنهم إذا لم يقولوه معرفة نحو: من القائم، أو فعل أو يفعل نحو: من قام من يقوم أدخلوا (هو) كقوله تعالى: [ومن هو كذاب] ومثال مجيئه في الشعر بغير (هو) قوله:

وشارب مربح بالكأس نادمني … .......... وهذا الذي ذهب إليه ليس بصحيح، بل جاء بغير (هو) في كتاب الله تعالى قال تعالى: [وقيل من راق] فلم يأت (بهو) بين (من)، وراق وفي الترشيح: وثبوت ألف (ما) الاستفهامية هو الكثير المستعمل، وقد حذفها قوم من الوصل يقولون: (م) صنعت، وم قلت، فإن لم تصلها بشيء بعدها، وقفت بالهاء قال الشاعر: إلا تقول الناعيات إلامه … ............. ومن العرب من يثبت الألف في الاستفهام، إذا دخل عليها حرف الجر فتقول عما تسأل، وفيما ترعب، وذلك قليل وقبيح. وحكى أبو زيد: أن من العرب من يقول: سل عم شئت، وهذا شاذ عندي، ولا يطرد ولو قلت: سل عم تشاء لم يجز، إنما سمع مع شئت انتهى. وفي الغرة: إذا أضفت اسمًا إلى (ما) الاستفهامية، ثبتت الألف فتقول: مثل ما أنت، وأجاز الأخفش عند م أنت، ولم يجز فوق م أنت، لأن (عند) لا يقوم بنفسه، (وما) الاستفهامية سؤال عن نوع، أو وصف شخص فتقول: ما عندك، فتقول: رجل وما زيد فتقول: الطويل الكاتب.

ويقعان نكرتين موصوفتين مثال: (من) مررت بمن معجب لك وشرط الكسائي في كون من نكرة موصوفة أن تكون في موضع لا يقع فيه إلا النكرة نحو: رب من عالم صحبت، وذهب بعض أصحابنا إلى أنها لا تستعمل موصوفة إلا في حال تنكير، والصحيح أنه يصح أن تكون نكرة في موضع يسوغ فيه النكرة، والمعرفة، وفي موضع لا تسوغ فيه النكرة مثاله: قام من في الدار؛ فيجوز أن تكون (من) موصولاً، فتصفه بالمعرفة فتقول العاقل، ويجوز أن تكون نكرة، فيكون في الدار صفة لها، ويجوز أن تقول عاقل، فتصفه بالنكرة، ومثال «ما» نكرة موصوفة: مررت بما معجب لك، وفي البسيط: أنكر بعض النحويين أن تكون (من)، و (ما) نكرتين موصوفتين، ثم قال: ولا تستقل بوصفها إلا إذا كانت مفعولة نحو: مررت بمن صالح، وإذا كانت خبرًا عن مبهم نحو: هذا من أعرف فلا يكتفي بكونها مع وصفها خبرًا بل تأتي بشيء آخر يكون حالاً أو خبرًا نحو: هذا من أعرف منطلقًا أو هذا من أعرف

منطلق انتهى، وقال ابن مالك، ويوصف (بما) على رأي فأما قولهم «لأمر ما جدع قصير أنفه» فقيل: ما اسم صفة، والمشهور أنه حرف زائد منبهة على وصف مراد لائق بالمحل. وقال ابن السيد: (ما) التي تجري مجرى الصفة منها ما يراد به التعظيم للشيء والتهويل نحو: ............. … لشيء ما يسود من يسود ومنها ما يراد لتحقير كقولك: من سمعته يفخر بما أعطاك، وهل أعطيت إلا عطية، ومنها ما يراد به التنويع، لا تعظيم، ولا تحقير نحو: ضربت ضربًا ما أي نوعًا من الضرب، ومنه قول العرب: (افعلة آثرًا ما) (أي نوعًا من الإيثار)، «وآثرًا» مصدر جاء على فاعل، وقال ابن عصفور، في (افعلة آثرا ما): أن (ما)

فيه زائدة قال: ولا يستعمل صفة إلا إذا قصد بها التعظيم، وزعم الكسائي أن (من) تزاد، وجعل من ذلك: ............... … والأثرون من عددا و: يا شاة من قنص .......... … ...............

أي والأثرون عددًا، (ويا شاة قنص)، ومذهب البصريين، والفراء أن (من) لاتزاد، (ومن) تقع على من يعقل من مفرد، ومثنى، ومجموع، كان موجودًا أو معدومًا متوهمًا، وقالت العرب: (أصبحت كمن لم يخلق)، فإن أردت بمن هنا المعدوم، فأجاز ذلك الفراء، ومنع من ذلك بشر المريسي. وتقع (من) أيضًا على المنزل منزلة العاقل كقوله تعالى: [من لا يستجيب له إلى يوم القيامة] أطلق (من) على الأصنام، وعلى ما جاء منه شمول نحو: [ومنهم من يمشي على رجلين]، ومنهم شمل الإنسان والطائر، أو اقتران نحو: [ومنهم من يمشي على أربع]، ووقعت على ما لا يعقل، لاختلاطه بمن يعقل، فيما فصل بمن، وهو قوله تعالى: [كل دابة من ماء] إذ الدابة تقع على ما يدب من عاقل وغيره، وذهب قطرب، ومن وافقه إلى أن (من) تقع على آحاد ما لا يعقل، من غير اشتراط لما تقدم ذكره، و (ما) لما لا يعقل، وذهب أبو عبيدة، وابن درستويه، ومكي بن أبي طالب، ومن المتأخرين ابن خروف: إلى أنها تقع على آحاد من يعقل، وادعى ابن خروف: أنه مذهب سيبويه،

وقال ابن مالك: «ما» في الغالب لما لا يعقل، وزعم السهيلي: أنها لا تقع على أولي العلم، إلا بقرينة، وهي قرينة التعظيم والإبهام، فتقع عنده على الله تعالى، وزعم المعري في كتاب اللامع له أنه إذا كان لا تدرك حقيقته يجعل كالشيء المجهول، ويطلق عليه (ما) وجعل من ذلك: «سبحان ما سبح الرعد بحمده» وقال ابن مالك: إن (ما) تقع على ما لا يعقل مع من يعقل نحو: [ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة]، ولصفات من يعقل، وهذه عبارة الفارسي، وزعم أنها تقع على صفات من يعقل نحو: [والسماء وما بناها] (أي وبانيها)، ومثل ابن مالك هذا بقوله تعالى: [فانكحوا ما طاب لكم من النساء]، وعبر أصحابنا عن هذا بأنها تقع على أنواع من يعقل، ومثلوا بقوله تعالى: [ما طاب] وتفرد (ما) نكرة خالية من صفة، وصلة، وشرط، واستفهام، ومن ذلك على مذهب سيبويه (ما) في التعجب نحو: ما أحسن زيدًا، وفي قول غيره في نحو: غسلته غسلاً نعمًا، وانفرد أبو علي بإجازة أن تفرد (من) أيضًا نحو قوله:

............ … ونعم من هو في سر وإعلان أي ونعم شخصًا. وتقع (أي)، شرطية نحو: أيا تضرب أضرب، واستفهامية: أيهم أخوك، وتقول: أي رجل أخوك على وجهين أحدهما: خبر مخرجه المدح والتعجب، وذلك لا يحتاج إلى جواب، كأنك قلت: نهاية في الرجولية أخوك، والآخر أن يكون سؤالاً عن صفته، أضعيف أم قوي، أغني أم فقير، وصفة لنكرة مذكورة نحو: مررت برجل أي رجل فلا تكون إلا نكرة، وقد جاء حذف موصوفها في قول الشاعر: إذا حارب الحجاج أي منافق … ........... (يريد منافقًا أي منافق)، وظاهر كلام ابن مالك جواز حذف موصوفها كهذا،

وهذا عند أصحابنا في غاية الندور وقالوا: فارقت (أي) سائر الصفات في أنه لا يجوز حذف موصوفها وإقامتها مقامه لا تقول: مررت بأي رجل وقال ابن مالك: تأتي حالاً وأنشد: ............... … فلله عينا حبتر أيما فتى بنصب أي، وأنشد أصحابنا بالرفع على أنه مبتدأ، وخبر حذف أحد جزئيه، ولم يذكر أصحابنا أن أيا تقع حالاً، ولا بد أن تكون مضافة لما يماثل الموصوف فلا يجوز: مررت برجل أي عالم؛ فإن ماثله معنى لا لفظًا، ألا يقدم على جوازه إلا بسماع، والأصل أن لا يوصف (بأي)، فلا يتوسع فيها بالقياس،

وإذا كانت شرطًا، أو استفهامًا، فقد يستغنى بمعنى الإضافة، إن علم ما تضاف إليه نحو: قوله تعالى: [أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى] أي أي الاسمين تدعو، وفي الحديث «من أبر يا رسول الله قال: أمك قال: ثم أي قال: أمك» أي ثم من أبر، وهي في الاستفهام والشرط بمنزلة كل مع النكرة، وبمنزلة بعض مع المعرفة، مثاله في الاستفهام والشرط بمنزلة كل مع النكرة، وبمنزلة بعض مع المعرفة، مثاله في الاستفهام مضافة إلى نكرة أي رجل أخوك، وأي رجلين أخواك، وأي رجال إخوتك، فيطابق الخبر ما تضاف إليه أي، ومثالها مضافة على معرفة أي الرجلين أحسن، وأي الرجال أخوك، أو أخواك، وأي الثلاثة أخوك أو أخواك، ومثالها في الشرط مضافة إلى نكرة أي رجل تضرب أضربه، وأي رجلين تضرب أضربهما، وأي رجال تضرب أضربهم، فيعود الضمير مطابقًا لما تضاف إليه أي، ومثالها مضافة إلى معرفة أي الرجل تضرب أضربه، ولا تقع أي في الشرط والاستفهام، إلا صدر كلام، فلا يتقدم عامل فيها، إلا الخافض، بشرط أن يكون متعلقًا بالفعل الذي يليها إلا في الاستفهام في الاستثبات؛ فإنه قد يتقدم عليها، فإذا قال قائل: ضربت رجلاً قلت إذا استثبته: أيا ضربت، وضربت أيا، وتضاف أي في الاستفهام إلى نكرة بلا شرط، وإلى معرفة بشرط إفهام تثنية نحو: أي الرجلين أفضل، أو أيهما أفضل أو جمع نحو: أي الرجال أفضل، أو أيهم أفضل، أو أجزاء نحو: أي الرجل أحسن، ولذلك تبدل منه، فتقول أوجهه أم عينه،

أو تكريرها عطفًا بالواو كقوله: ................... … أيى وأيك فارس الأحزاب وإضافتها إلى المفرد المعرفة جنسًا كالجمع نحو: أي الدينار دينارك، وأي البعير بعيرك، وكذلك المعطوف عليه بالواو نحو: أي زيد وعمرو، وجعفر قام، ولا يجوز أن يعطف على (أي) الاستفهامية غير اسم استفهام لا يجوز أن تقول أي القوم جاءك وزيد، غلا إن عطفت زيدًا على الضمير المستكن في جاء، ولا يجوز أي القوم وزيد جاء، إلا إن نويت تأخير (وزيد) بعد جاء، وجاء في الشعر حذف ثالث أي نحو قوله: تنظرت نصرًا والسماكين أيهما … ............. ولا تقع (أي) نكرة موصوفة لا يجوز: مررت بأي معجب لك، وأجازه

الأخفش الموصول والصلة كجزأي اسم، ولهما الترتيب بتقديم الموصول وتأخير صلته عنه، ولا يفصل بينهما إلا بجملة الاعتراض كالقسم نحو: ذاك الذي وأبيك يصرف مالكًا … ... ... ... ... نص عليه بعض أصحابنا، ونص الفارسي في الأغفال، على أن الفصل بالاعتراض بين الصلة والموصول لا يجوز، وإن جاز ذلك بين المبتدأ والخبر، وانفصل أبو علي عن الاعتراض بينهما بالقسم بما يوقف عليه من كلامه، أو بمعمول الصلة نحو: جاءني الذي عمرا ضرب، وجاء الذي راكبًا أقبل، وبالنداء نحو:

وأنت الذي يا سعد بؤت بمشهد … ............. وقال ابن مالك: إن ولى النداء غير مخاطب، لم يجز إلا ضرورة نحو: ......... … نكن مثل من ياذئب يصطحبان انتهى. ولا فرق بين أن يلي مخاطبًا أو غيره، ولا يتبع الموصول لا بنعت، ولا توكيد، ولا بدل، ولا عطف، إلا بعد استيفاء الصلة، ومتعلقاتها فأما لسنا كمن حلت إياد، دارها … تكريت ......... فمتأول على أن (من) أخذت صلتها، وإياد بدل استيفاء الصلة، وتكريت منصوب بمضمر تدل عليه الصلة تقديره: جعلت دارها تكريت.

ولا يجوز الفصل بين بعض ما هو من تمام الصلة ببعض أجنبي إلا ما شذ نحو: وأبغض من وضعت إلى فيه … لساني معشر ......... فإلى متعلق بأبغض، وقد فصل به بين مطلوبي الصلة، وهو أجنبي منها، ولا يخبر عن الموصول، ولا يستثنى منه إلا بعد استيفاء متعلقات صلته لا يجوز جاءني الذي يكرم محسن زيدًا تريد الذي يكرم زيدًا محسن، ولا أفلح الذين صاموا إلا زيدًا رمضان (تريد أفلح الذين صاموا رمضان إلا زيدًا)، وقال ابن مالك، وقد تجيء صلة بعد موصولين، أو أكثر مشتركًا فيها نحو قوله: صل الذي والتي متا بآصرة … ................ والقياس صل الذين فيغلب المذكر، ولم يمثل ابن مالك ما هو أكثر من موصولين قال: أو مدلولاً بها على ما حذف نحو قوله:

وعند الذي واللات عدنك إحنة … .......... أي وعند الذي عادك، واللات عدنك واللات عدنك. فإن كان الموصول (أل) على مذهب من يقول: هو موصول فلا يجوز الفصل بين (أل) وصلته بشيء ألبتة، وجاء ما ظاهره تقديم معمول الصلة على (أل)، إذا كان الموصول، والمعمول مجرورين الموصول بمن، والمعمول بحرف جر نحو قوله تعالى: [إنى لكما لمن الناصحين] [إني لعملكم من القالين] [وكانوا فيه من الزاهدين] وفي التخريج ثلاثة مذاهب: فالمبرد يقدر أعني لكما، وأعني لعملكم، وأعني فيه، ويعبر عن هذا بالتبيين وأعني لا يتعدى بحرف جر، قال الأخفش الصغير: «والتبيين قول البصريين»، وقيل: بمحذوف تدل عليه الصلة (أي ناصح لكما)، وقال لعملكم، وزاهدين فيه، وقاله الجرمي، والمبرد، وابن السراج، وابن جني، وقيل: يتعلق

المجرور بالصلة نفسها، والظروف، والمجرورات يتوسع فيها ما لا يتوسع في غيرهما من الفضلات، فلو كان الموصول غير (أل) كالذي وشبهه، فلا يجوز تقديم شيء من معمولات صلته عليه سواء كان الموصول مجرورًا بمن، أو لم يكن، وكذا لو كان الموصول (أل) مجرورًا بغير (من) إلا إن جاء في شعر فيخرج على الحذف نحو: لا تظلموا مسورا فإنه لكم … من الذين وفوا في السر والعلن (أي واف لكم) وقول الآخر: ........ … وأعرض منهم عمن هجاني (أي وأعرض عمن هجاني منهم عمن هجاني، وقول الآخر: ........ … أبعلى هذا بالرحى المتقاعس أي تتقاعس بالرحى المتقاعس، وفي الغرة: يجيز الكوفي تقديم الجار والمجرور المتصل بالصلة على الموصول كقوله:

وعه أحلى الناس عندي مودة … وعزه عني المعرض المتجافي انتهى. ولا يجوز عند البصريين: حذف الموصول الاسمى؛ إلا إن جاء شيء منه في الشعر، وأجاز ذلك الكوفيون، والبغداديون، واختاره ابن مالك كما قال في قول حسان: أمن يهجو رسول الله منكم … ويمدحه وينصره سواء (أي ومن يمدحه)، فحذف من لدلالة الموصول المتقدم عليه، ومنه عند ابن مالك قوله تعالى: [وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم] أي وبالذي أنزل إليكم، وفي الواضح: اتفق الكوفيون على أن «من» تحذف وتضمر على معنى الذي مع من وفي خاصة، فيقال: منا يقول ذلك ومنا لا يقولوه، وفينا يقول ذلك، وفينا لا يقولوه، واتفقوا على أن إضمار «من» مع «من» أقوى من إضمارها مع في، وأحالوا كلهم غيرنا يقول ذلك، وغيرنا لا يقول ذلك، وكذلك سائر المحال وقال:

فظلوا ومنهم دمعة سابق له … وآخر يثنى دمعة العين بالمهل معناه من دمعه، وقال آخر: لو قلت ما في قومها لم تيثم يفضلها في حسب وميسم معناه من يفضلها، وقال تعالى: [من الذين هادوا يحرفون الكلم] أي: من يحرفون. وليس في كتاب سيبويه: إضمار من، واحتج الكوفيون بقوله تعالى: [وما منا إلا له مقام معلوم]، وحمله سيبويه وأصحابه على الصفة أي: وما منا أحد نحو: قولهم ما منا أحد إلا ينصفك، وأجاز الفراء أن منا يقول ذلك، وكان منا يقول ذلك، وظننت منا يقول ذلك، وكذلك فينا، وقال: من المضمر اسم الأداة ومنا خبر الأداة، وأبطل هذا هشام، وقال هشام: من قال: منا يقول ذلك نفسه، فجعل نفسه توكيدًا لمن أخطأ؛ لأن من محذوفة، لقيام من مقامها فهي لا تنعت،

ولا تؤكد، ولا ينسق عليها، ولا يترجم، وأجاز هشام أن يقطع منها فتقول: منا نقول ذلك ظريفًا على أن ظريفًا من (من) المضمرة ورد هذا أحمد بن يحيى وقال: إذا قطع من الاسم نعت وأكد ونسق عليه، وقد أضمرت ما مع ثم في قوله تعالى: [وإذا رأيت ثم رأيت] معناه ما ثم قال ابن مالك: ويجوز حذف صلة غير «أل» لدلالة المعنى نحو قوله: أبيدوا الألى شبوا لظى الحرب وادرءوا … شذاها عن اللائى فهن لكم إما أي عن اللائي لم يشبوها حذف لتقدم الصلة. وقول الآخر: نحن الأولى فاجمع جمو … عك ثم وجههم إلينا أي: نحن الأولى عرفت، دل على هذه الصلة قوله: فاجمع جموعك. وأما الموصول الحرفي، فإن كان (ما) أو (كى) أو (أن)، فلا يتقدم شيء من صلاتها عليها، ولا من معمول صلاتها إلا (كي)، فأجاز الكسائي: صحبتني العلمي كي تقرأ (أي كي تقرأ العلم) وإلا أن، فأجاز الفراء يعجبني

العلم أن تقرأ (أي تقرأ العلم)، ولا يجوز الفصل بين هذه الحروف، وبين شيء من مطلوبها إلا (ما)، فيجوز عجبت من ما زيدًا تضرب (أي من ما تضرب زيدًا) ولا يجوز حذف شيء من هذا الموصول الحرفي إلا (أن)، ففي حذفه خلاف، وتفصيل يذكر في نواصب الفعل إن شاء الله تعالى. ولا يجوز حذف شيء من صلاتها قال ابن مالك: «إلا ومعمولها باق، وجعل من ذلك قول العرب: لا أفعل ذلك ما أن حراء مكانه (أي ما ثبت أن حراء) ومن ذلك: أما أنت منطلقًا انطلقت معك (أي أن كنت منطلقًا، وقول العرب: كل شيء مهه ما النساء وذكرهن «أي ما عدا النساء»، ويأتي الكلام على هذا في باب الاستثناء إن شاء الله تعالى.

[الجزء الثالث]

[الجزء الثالث] باب الإخبار شرط الاسم الواقع في هذا الباب إمكان الاستفادة به، فإن كان ليس تحته معنى كثواني الأعلام نحو أبي بكر، وأم بكر، وامرئ القيس، وبعلبك في لغة من أضاف، فلا يقع خبرًا، خلافًا للمازني، فإنه أجاز أن يقع خبرًا مستدلاً بأن العرب قد أخبرت عنه قال: فكأنما نظروا إلى قمر … أو حيث علق قوسه قزح والاستغناء عنه بأجنبي، ولا يكون ذلك في الهاء في نحو: زيد ضربته لأنك لو قلت: زيد ضربت عمرًا، لم يصح. وجواز استعماله مرفوعًا، فلا يكون ذلك فيما لزم حالاً واحدة، أما وجوب الرفع كأيمن الله، و «ما» التعجبية أو النصب كسبحان الله، وسحر معينًا، وأخواته. وجواز تأخيره هو، أو خلفه المنفصل، فلا يكون ذلك فيما لزم الصدر كأسماء الشرط، وأسماء الاستفهام، و (كم) الخبرية، وضمير الشأن، فكل

هذا يستعمل مرفوعًا، ومنصوبًا ولا يقع في هذا الباب خبرًا، إلا اسم الاستفهام للاستثبات فيأتي حكمه إن شاء الله تعالى، ومثال جواز تأخيره هو (زيدًا) في نحو: ضربت زيدًا تقول في الإخبار: الذي ضربته زيد، ومثال تأخير خلفه التاء في نحو: ضربت زيدًا تقول: الذي ضرب زيدًا أنا، فأنا خلف عن التاء، وكون الاسم لا يختص بالنفي كأحد، وعريب فيصح استعماله مرفوعًا مبتدأ، ولا يكون في هذا الباب. وكونه منويًا عنه بضمير فلا يكون مما لا يصح إضماره كالحال، والتمييز والظاهر الذي حصل به الربط، كان تكرارًا بلفظه، أو اسم الإشارة غليه. وكون الضمير لا يطلبه بالعود شيئان كالضمير الذي في منطلق، لو جعلته خبرًا في هذا الباب، فقلت في: زيد منطلق: الذي زيد منطلق هو؛ لكان الضمير الذي في (منطلق) يطلبه الموصول، ويطلبه زيد، ولا يمكن إعادته إليهما، ولا إلى أحدهما فلو قال إنسان: زيد عالم فقال قائل: لقيته، فصير هذا الضمير المنصوب خبرًا في هذا الباب، فقال الذي لقيته هو لم يعد الضمير هنا إلا على الذي، وهذه مسألة خلاف أجازها الأستاذ أبو علي، وكلام ابن عصفور، وابن مالك يوافقه، وذهب الجزولي، والشوليين الصغير إلى منع ذلك. ونكتة الخلاف هل

شرط هذا الضمير أن لا يكون عائدًا على شيء قبله، أو شرطه أن لا يكون رابطًا، فلو كان في الكلام رابطان نحو: زيد ضربته في داره، جاز الإخبار فتقول: الذي زيد ضربت في داره هو، فالضمير في داره رابط الخبر بالمخبر عنه، وهو خبر عن الذي، وعائد على زيد. وكونه بعض ما يوصف به من جملة واحدة، فلو كانت لا يوصف بها، كالأمر، والنهي لم يكن في هذا الباب أو جملتين في حكم واحدة، كجملة الشرط، والجزاء، فتصلح للوصف نحو: (زيدًا) في إن تضرب زيدًا أضربه فتقول: الذي إن تضربه أضربه زيد. وإن كنا متعاطفين فلا بد من اتحاد العامل حقيقة نحو: زيد من قولك: قام زيد وعمرو [تقول: الذي قام هو، وعمرو زيد، ونحو: عمرو تقول الذي قام زيد، وهو عمرو]، أو حكمًا نحو زيد، من قولك: ما هذا بزيد ولا عمرًا تقول: الذي ما هذا به ولا عمرًا زيد، أو عمرو تقول: الذي ما هذا بزيد، ولا إياه عمرو وكذا مسألة: كفى بزيد، وعمرو رفيقين، وإذا استوفيت هذه الشروط وقع في هذا الباب، الذي تريد أن تجعله خبرًا، للذي وفروعه، و (لأل) الموصولة، إن كانت الجملة مصدرة بفعل موجب، يمكن أن يصاغ منه صلة (لأل)؛ فإن كان غير موجب، كهو في قولك: ما قام زيد أو موجبًا، ولا يمكن الصوغ منه نحو: يذر، ويدع لم يكن في هذا الباب صلة (لأل)، وذكر أبو الحسن مسألة يصح أن يقع فيها خبرًا عن (أل)، لا عن الموصول غيرها تقول: قامت جاريتا زيد

لا قعدتا، فإذا جعلت زيدًا خبرًا في هذا الباب قلت: القائم جاريتاه لا القاعدتان زيد، ولو قلت: الذي قامت جاريتاه لا الذي قعدتا زيد لم يجز، ومن النحويين من أجاز: مررت بالذي قام أبواه، لا الذي قعدا؛ فعلى هذا تجوز مسألة الأخفش بالذي، وذكر الأخفش مسألة أخرى تصدر (بأل)، لا بالذي وذلك: المضروب وجها زيد، ولا يجوز: الذي ضرب وجها زيد. وكيفية الإخبار: أن تقدم الموصول مبتدأ، وتؤخر الاسم، أو خلفه خبرًا، وما بينهما صلة عائد منها إلى الموصول ضمير غائب، يخلف الاسم في إعرابه؛ الذي كان له، وسواء كان المجعول خبرًا ضمير تكلم أو خطاب، فتقول في ضربته: الذي ضرب أنا، وفي ضربت: الذي ضرب أنت، فالضمير في ضرب عائد على الموصول، وذهب أبو ذر مصعب بن أبي بكر الخشني إلى جواز عوده مطابقًا للخبر، فأجاز الذي ضربت أنا، والذي ضربت أنت، ومنع ذلك الجمهور، وفي الإخبار باسم الاستفهام خلاف، والمنع أظهر، وإليه ذهب ابن بابشاذ، ومنهم من أجازه قياسًا، فإذا أخبرت باسم استفهام على مذهب من يجيزه لم يتقدم الموصول، بل يتقدم اسم الاستفهام فتقول في أيهم ضربت: أيهم الذي إياه ضربت، وتقول في أي من قولهم: أيهم قائم: أيهم الذي هو قائم، وفي أي رجل كان جاءك: أيهم الذي هو كان جاءك، وفي إعراب هذا التركيب خلاف،

فقال ابن عصفور أيهم خبر مقدم، والذي مبتدأ، والقياس، وقال ابن الضائع شيخنا: لا يجوز إلا أن يكون أيهم مبتدأ، والذي خبره. وإذا أخبرت باسم من جملة الاستفهام، صيرت اسم الاستفهام أولاً مبتدأ، ثم تأتي بالموصول، ثم تضمر مكان اسم الاستفهام من الجملة، ثم تضمر المخبر به، خبرًا عن الموصول فتقول في أيهم زيد: أيهم الذي هو زيد، الضمير الثاني ضمير زيد خبر عن الأول، وزيد خبر الذي، والجملة خبر أيهم، وفي الإخبار بأخيك من قولك: أي رجل كان أخاك: أيهم الذي هو كأنه أخوك، أو كان إياه أخوك، فاسم كان مضمر يعود إلى هو، وهو مضمر أي، ولو كان الاسم دخلت عليه أداة الاستفهام نحو: أزيد أخوك؛ قلت: الذي هو أخوك زيد إذا جعلت زيدًا خبرًا، والذي زيد هو أخوك إذا جعلت أخاك خبرا، وجعل ما أردت الإخبار به متأخرًا خبرًا عن الموصول هو قول النحويين، وفي البسيط إن ذلك على جهة الأولى والأحسن، وأنه يصح أن تقول: زيد الذي ضرب عمرًا، فتجعل زيدًا خبرًا عن الذي، إما متقدمًا أو متأخرًا، وجوزه المبرد، أو تجعل زيدًا لمبتدأ، والذي خبره، وذلك في قول من قال ضرب زيد عمرًا. ولنذكر مسائل هذا الباب مفرعة على محال الإعراب من الرفع والنصب والجر فتقول: المرفوعات المبتدأ، وتقدم القول في أي إذا كانت استفهامًا، وأما غيرها فتقول في زيد: من (زيد أخوك) الذي هو أخوك زيد، وفي هو من قولك: (هو

قائم) الذي هو قائم هو، وعن ضمير المتكلم أو المخاطب من (أنا قائم)، و (أنت قائم) الذي هو قائم أنا، والذي هو قائم أنت، وفي الإخبار بهما خلاف والصحيح الجواز، والضمير الذي خلف غائب، وأجاز الكسائي: الذي أنا قائم أنا، والذي أنت قائم أنت، والإخبار في بعض المواضع يؤدي إلى تغيير مضمرين تقول: أنا قائم أبي، وأنت قائم أبوك، فالإخبار عن أنا، وعن أنت تقول فيهما الذي هو قائم أبوه أنا، والذي هو قائم أبوه أنت لا يجوز إلا هكذا؛ لأنه لو أقررت التاء، والكاف، لم يجز إلا أن ابن السراج ذكر مسألة؛ وهي ضربت الذي ضربني قال: إذا أخبرت عن التاء قلت: الذي ضرب الذي ضربني أنا، وكان ينبغي أن تقول: الذي ضرب الذي ضربه أنا؛ لأن التاء، والياء بمعنى واحد، فيلزم من تغيير أحدهما تغيير الآخر، ويمكن أن يفرق بينهما بأن في هذه الياء لم يغير؛ لأنا أعدنا إلى الذي ضمير غائب، فاستغنى عن تغيير الياء، وليس كذلك التي قبلها؛ لأنك لو قلت الذي هو قائم أبي لأعدت ضمير المتكلم إلى الغائب، وذلك لا يجوز؛ لأنك إنما معك ضمير واحد انتهى من النهاية. والخبر إن كان جامدًا جاز نحو: أخيك من (زيد أخوك) تقول: الذي زيد هو أخوك، وفي المشتق خلاف جوزه ابن الدهان فتقول: في قائم من (زيد

قائم) الذي زيد هو قائم، والصحيح أن لا يجوز بالمشتق، وقال شيخنا الأستاذ أبو الحسن الأبذي: لا يتصور عندي وقوع ضميري المتكلم والمخاطب خبرين، فيخبر بهما إلا في مثل أنت أنت (أي أنت الذي أعرفه) فتقول: في أنت الواقع خبرًا: الذي أنت هو أنت وتقول: في المبتدأ الذي بعد ضمير الشأن في نحو: كان زيد منطلق: الذي كان هو منطلق زيد، وفي الخبر في كان زيد أخوك: الذي كان زيد هو أخوك، وفي الإخبار بأل في زيد: الكائن هو هو منطلق زيد، قاله الزجاج، برز ضمير الشأن، لما كان في صلة (أل)، وقال بعض أصحابنا لا يبرز.

الفاعل إن كان ضمير متكلم، أو مخاطب، ففي جواز الإخبار به خلاف، والجمهور على الجواز فتقول: في ضربت، وضربت: الذي ضرب أنا، والذي ضرب أنت، فإن كان الموصول أل، ومرفوع الصلة ضميرًا لغير (أل)، وجب إبرازه، فتقول في ضربت زيدًا: الضاربه أنا زيد، وإن كان لأل قلت: في زيد من (خرج زيد)، وفي التاء من (ضربت زيدا) الخارج زيد، والضارب زيدًا أنا، ثم الفاعل إن كان في جملة واحدة نحو: قام زيد قلت: الذي قام زيد، والقائم زيد، وإن كان تقدمه فعلان، واتحدا لفاعل ضمير متكلم، أو مخاطب، فالصحيح الجواز، وإن كان ظاهرًا نحو يقوم ويقعد زيد قلت: الذي يقوم، والذي يقعد زيد، وزيد خبر عن الموصولين، أو تكرار الثاني توكيد، والأولى أن يقال: استغنى بخبر أحدهما عن الآخر، ويجوز أن تقول في (أل): القائم، والقاعد زيد، والقائم، ويقعد زيد، وسواء كان العطف بالواو أم بغير الواو، وإن كان الفاعل الثاني هو ضمير الأول نحو: قام زيد، وخرج عطفت بما شئت من حروف العطف، فبالإخبار بالضمير تقول: الذي قام زيد، وخرج هو، والقائم زيد، والخارج هو؛ فإن عطفت على الفاعل مفردًا نحو: قام زيد وعمرو قلت في زيد: الذي قام هو، وعمرو زيد، وبعمرو قلت: الذي قام زيد وهو عمرو، والقائم هو، وعمرو زيد، والقائم زيد وهو عمرو، ولا يكون العطف إلا بالواو خاصة. وإن اختلف الفاعل، والعطف بالفاء نحو: يطير الذباب فيغضب زيد، فأخبرت بالفاعلين قلت: الذي يطير هو الذباب فالذي يغضب هو زيد، والطائر الذباب فالغاضب زيد، وبالفاعل الأول: الذي يطير، فيغضب زيد الذباب،

والطائر فيغضب زيد الذباب، تعطف بالفعل على صلة أل؛ لأنه في معناه خلافًا للأخفش، والمبرد، وابن السراج في منعهم هذا، وإذا أخبرت بالفاعل الثاني قلت: يطير الذباب فالذي يغضب هو زيد، ويطير الذباب فالغاضب زيد، فإن كان العطف بالواو، وأخبرت عن الفاعلين كما تقدم قلت: الذي يطير الذباب، والذي يغضب زيد، وبالذباب فقط، لم يجز عند أكثر النحاة لخلو الجملة الثانية من ضمير يربط الصلة بالموصول لو قلت: الذي يطير، ويغضب زيد الذباب، وليست الواو كالفاء، وأجاز ذلك ابن الطراوة وغيره؛ على أن تكون الواو جامعة، وهي التي تجعل المسندين كشيء واحد نحو: هذان زيد وعمرو. وإذا عطفت على الفاعل الأول من قولك: يطير الذباب فيغضب زيد اسم فاعل بالذي كان منكرًا لا غير نحو: الذي يطير الذباب فغاضب زيد، إذا أخبرت بزيد، والذي يطير فغاضب زيد الذباب إذا أخبرت بالذباب، وإن كان بأل كان أيضًا نكرة فتقول: الطائر فغاضب زيد الذباب؛ إن أخبرت بالذباب، والطائر الذباب فغاضب زيد وأجاز هشام دخول «أل» على اسم الفاعل في المسألتين على أن تكون زائدة، ولو كررت الذي فقلت: الذي يطير الذباب فالذي يغضب زيد، والذي يطير فالذي يغضب زيد الذباب، فقال الأخفش هو محال: لخلو إحداهما من الضمير قال وكذا تكرير اللام؛ لخلو صلته من الضمير، فإن أمكن دخول اللام على الأول، والثاني وصوغ اسمي فاعلين ف يكل واحد منهما ضمير يعود على اللام نحو: ضربت زيدًا فأبكيته، تقول: إذا أخبرت بالتاء الضارب زيدًا، فالمبكية أنا، وبزيد: الضاربه أنا فالمبكية زيد. ومسألة يطير الذباب، فيغضب زيد،

لا يتأتى فيها هذا، ولا يجوز فيها عنده عطف الفعل على الاسم، فهي ممتنعة، وأجاز قوم: الطائر الذباب فالغاضب زيد، على نية طرح (أل) من الغاضب كأنه قال: فغاضب زيد، وهذا لا يجوز وقد غلط ابن بابشاذ فحكى عن أبي الحسن: أنه يجيز ما أجازه الفارسي، من قوله الطائر، فيغضب زيد الذباب. المفعول الذي لم يسم فاعله حكمه حكم الفاعل؛ إلا في الصيغة؛ فإنها تغير إلا في الفعل، وفي اسم المفعول عن صيغة ما بني للفاعل فيهما، فتقول: في ضرب زيد: الذي ضرب زيد، والمضروب زيد، وفي ضربت، وضربت: المضروب أنا، والمضروب أنت، والذي ضرب أنا، والذي ضرب أنا، والذي ضرب أنت، ولا يخبر في (مر بزيد) المجرور، الذي قام مقام الفاعل مادام مجرورًا. اسم كان وأخواتها يخبر به بالذي، و «بأل» إلا ليس، وما دخل عليه حرف النفي لزومًا أو حال إرادة نفيه، فلا يكون فيه (أل)، وإلا اسم ما دام، فلا يكون فيه (أل)، ولا الذي فتقول في كان زيد قائمًا: الذي كان قائمًا زيد، والكائن قائمًا زيد، وفي كنت قائمًا: الذي كان قائمًا أنت، والكائن قائمًا أنت، وفي كنت قائمًا: الذي كان قائمًا أنا، والكائن قائما أنا، وإذا ثنيت، أو جمعت، والإخبار بأل في ضمير المتكلم والمخاطب ثنى اسم الفاعل، وجمع واستتر الضمير على كل حال؛ إلا على مذهب الكسائي فيهما، فيبرز الضمير.

المرفوع بأفعال المقاربنة إن كان الفعل متصرفًا نحو: كاد، وأوشك، جاز الإخبار بالمرفوع تقول: في كاد زيد يضرب عمرًا: الذي كاد يضرب عمرًا زيد، وكذا أوشك، وما أصله التصرف، وعرض له عدم التصرف باستعماله، في أفعال المقاربة، فالظاهر جواز الإخبار بمرفوعه فتقول: في (جعل زيد يقرأ): الذي جعل يقرأ زيد؛ وإن كان جامد الوضع وهو عسى، فأجاز الإخبار بمرفوعه الأستاذ أبو الحسين بن أبي الربيع، تقول في عسى زيد أن يقوم: الذي عسى أن يقوم زيد؛ وذاك لا يجوز عند الجمهور، وتقدم الخلاف في ذلك في صلة الموصول. اسم ما ولات المنصوبان تقول في ما زيد قائما: الذي ما هو قائما زيد، وزعم ابن عصفور أنه يجوز حذف المضمر هنا، وقال الأستاذ أبو الحسن بن الضائع: ينبغي أن لا يجوز، واسم ما لم يأت محذوفًا في موضع من المواضع، وقال ابن عصفور تقول في قراءة من نصب: {ولات حين مناص}، الذي لات هو حين مناص الحين، تظهر ذلك الذي كان محذوفًا، وتجعل مكانه ضميرًا، ويجوز أن يحذف، وفي قراءة من رفع الذي لات هو حين مناص، ولا يحذف هو، وقال الأستاذ أبو الحسن بن الضائع هذا كله لا يجوز.

خبر إن وكأن إن كان جامدًا قلت في: إن زيدا أخوك، وكأن زيدا أسد: الذي إن زيدًا هو أخوك، والذي كأن زيدا هو أسد؛ وإن كان مشتقًا ففيه الخلاف الذي في خبر المبتدأ، وقد مثل بعض شيوخنا ذلك فقال: في إن زيدًا قائم: الذي إن زيدًا هو قائم، وتقول في إنك أنت: الذي إنك هو أنت، كما تقدم في أنت أنت. المنصوبات المفعول به: تقول فيما يتعدى إلى واحد نحو: ضربت زيدا: الذي ضربته زيد، ويجوز حذف الضمير العائد فيه، والضاربه أنا زيد، ولا يجوز حذف العائد، وقد جوزوه بعضهم، وإن كان من باب ما يتعدى إلى اثنين، فإن كان من باب أعطى، وأخبرت بالأول في نحو: أعطيت زيدا درهمًا قلت: الذي أعطيته درهما زيد، ويجوز حذف العائد والمعطيه أنا درهمًا زيد، والمعطي أنا إياه درهمًا زيد، ولا يحذف العائد وإن أخبرت بالثاني قلت: الذي أعطيته زيدا درهم، والذي أعطيت زيدا إياه درهم، تفصله لبقائه في رتبته، وهو اختيار أبي بكر، والوصل ظاهر قول المازني؛ وهو أحسن عند البصريين، ويجوز المعطي أنا زيد إياه درهم، ومنع منها ثعلب. والمتفق عليه المعطيه أنا زيدا درهم، أتيت به متصلاً؛ فإن ألبس أتيت به منفصلاً مكان الظاهر نحو: أعطيت زيدا عمرا فتقول في الإخبار بعمرو: الذي أعطيت زيدا إياه عمرو، والمعطي أنا زيدًا إياه عمرو، ولا يجوز حذف هذا العائد في الإخبار بزيد الذي أعطيته عمرا زيد، والمعطيه أنا عمرا زيد.

وإن كان من باب ظن، وأخبرت بالأول من نحو ظننت زيدا أخاك قلت: الذي ظننته أخاك زيد، ولا يجوز حذف العائد على الصحيح، والظانة أنا أخاك زيد، وقد يحذف هذا العائد قليلاً أو بالثاني مشتقًا، ففيه خلاف خبر المبتدأ إذا كان مشتقًا، أو جامدًا فتقول: الذي ظننته زيدًا أخوك ووصل الضمير أحسن من فصله. وقال ابن الدهان: لا يحسن في هذا أن تأتي بالضمير المتصل وتقدمه قال: فتقول: الذي ظننت زيدا إياه قائم، والظان أنا زيدًا إياه قائم ومثل بالمشتق؛ لأنه يرى جواز ذلك في خبر المبتدأ، وفي التوابع وإذا قلت: الذي فيجوز حذف العائد على ضعف، ولم يقسه أبو الحسن، وأما في اسم الفاعل، فلا يجوز حذفه نحو: الظانة أنا أخاك زيد، وقد أجاز بعضهم هذا، إذا لم يلبس، فكمسألة أعطى، وإذا ألبس نحو: ظننت زيدًا عمرا، وأخبرت بعمرو قلت: الذي ظننت زيدا إياه عمرو وإن كان من باب أعلم، وأخبرت بالأول من أعلمت زيدًا عمرًا منطلقًا: قلت الذي أعلمته عمرًا منطلقًا زيد، ولا يجوز حذف العائد، ومن أجاز حذف الأول في باب أعلم، يقتضي قوله جواز حذف العائد وتقول في (أل) المعلمة أنا عمرًا منطلقًا زيد، هذا مذهب سيبويه، ومن النحويين من أجاز حذف العائد؛ وإن أخبرت بالثاني قلت: الذي أعلمت زيدًا إياه منطلقًا عمرو، ولا يجوز أن يقدم إياه على زيد، ويجوز حذف هذا العائد، وإن لم يلبس جاز اتصاله بالفعل، وذلك في

نحو: أعلمت زيدًا هندًا ضاحكة، فتقول: التي أعلمتها زيدًا ضاحكة هند، ويجوز أن ينفصل وإذا كان متصلاً بالفعل، جاز حذفه، خلافًا لأبي الحسن، وإن أخبرت بالثالث، وكان مشتقًا، ففيه الخلاف الذي في خبر المبتدأ إذا كان مشتقًا؛ فإن كان جامدًا جاز الإخبار به، فتقول في نحو: أعلمت زيدًا عمرًا أخاك: الذي أعلمت زيدًا عمرًا إياه أخوك، وإن أخبرت عن «أل» بالمفعول الأول فتقدم تمثيله، أو بالثاني قلت: المعلم أنا زيدًا إياه منطلقًا عمرو، أو بالثالث قلت: المعلم أنا زيدًا عمرًا إياه أخوك. فرع: إنما ضربت زيدًا إذا أخبرت بزيد، قلت على مذهب سيبويه الذي إنما ضربته زيد؛ ويجوز حذف العائد، وعلى مذهب الزجاج الذي إنما ضربت إياه زيد. اسم إن وكأن: تقول في (إن زيدًا قائم) وكأن زيدًا أسد: الذي إنه قائم زيد، والذي كأنه أسد زيد. خبر كان؛ إن كان جامدًا، جاز الإخبار به، قال ابن عصفور: بلا خلاف وليس كذلك؛ بل من النحاة من منع الإخبار به مطلقًا، سواء أكان جامدًا أو مشتقًا، ومنهم من أجاز ذلك مطلقًا، وقال ابن الدهان: أكثر النحاة على الجواز مطلقًا ومنهم من فصل، فإن كان جامدًا جاز، وإن كان مشتقًا لم يجز، والتفريع على هذا، فتقول في كان زيد أخاك: الذي كان إياه زيد أخوك، ويجوز كأنه، والكائن إياه زيد أخوك، ويجوز الكائنة. خبر (ما) إن كان مشتقًا، ففيه الخلاف؛ وإن كان جامدًا قلت في ما زيد أخاك: الذي ما زيد إياه أخوك.

المصدر إن كان مؤكدًا، فلا يجوز الإخبار به، وإن تخصص جاز نحو: قام زيد قيامًا حسنًا، وشربت شرب الإبل تقول: الذي قامه زيد قيام حسن، والذي شربته شرب الإبل، والقائمة زيد قيام حسن، والشاربه أنا شرب الإبل، وذكر ابن عصفور في المصدر المطلق خلافًا. وإذا قلت: تبسمت وميض البرق، فمن قال العامل في «وميض البرق» محذوف لم يجز الإخبار به، وهو الرماني، ومن نصبه بتبسمت أجاز، فتقول: الذي تبسمت وميض البرق، والمتبسمة، أنا وميض البرق، هكذا في الغرة. وقال شيخنا الأستاذ أبو الحسن الأبذي: أبو عثمان، حيث يعمل في وميض البرق الظاهر، يجيز الإخبار به، وسيبويه حيث يضمر له من لفظه يمنع، فأما: جئت مشيًا، ورجع عوده على بدئه عند سيبويه، وأرسلها العراك، وجاءوا الجماء الغفير، فلا يجوز ذلك فيها، وأما سيرا من إنما أنت سيرا، فالمنع مذهب ابن السراج، ومنهم من يجيز فيقول: الذي إنما أنت إياه سير، وفي

النهاية: سقيًا ورعيًا في الإخبار عنه خلاف، ومن أجاز قال: الذي إياه سقى تقديره: الذي سقاه فلان سقى، [و] أنبتكم نباتًا فيها خلاف تبسمت وميض البرق. الظرف المتصرف إن اتسع فيه قلت في قام زيد اليوم، وفي قام زيد خلفك: الذي قامه زيد اليوم، والذي قامه زيد خلفك، والقائمه زيد اليوم، والقائمه زيد خلفك، وقد يحذف العائد مع الذي دون (أل)، وإن لم يتسع فيه، لم يصل إلى الضمير إلا بفي. المفعول من أجله في الإخبار به خلاف، صحح ابن عصفور المنع، وإلى الجواز ذهب ابن الضائع ومن أجاز ذلك فيه يقول في جئتك ابتغاء الخير، إذا أخبرت بابتغاء الخير: الذي جئتك له ابتغاء الخير، ولا تقول: الذي جئتكه لأن المفعول له لا ينصب إلا بشروط، ليست موجودة في الضمير، فاحتيج إلى لام الجر.

المفعول معه مذهب أبي الحسن، أنه لا يجوز الإخبار به، وصححه ابن عصفور، وإلى الجواز ذهب غيرهما، وهو اختيار شيخنا أبي الحسن بن الضائع، فتقول في جاء البرد والطيالسة: الذي جاء البرد وإياها الطيالسة، والجائي البرد وإياها الطيالسة. المنصوب على الاستثناء، تقول في قام القوم إلا زيدا: الذي قام القوم إلا إياه زيد، وفي قام القوم ليس زيدا: الذي قام القوم ليس إياه زيد، ولا تصل الضمير في الأجود فتقول: ليسه زيد، وكذلك لا يكون، فأما خلا وعدا وحاشا إذا نصبت وأخبرت بمنصوبها فتقول: الذي قام القوم حاشاه زيد، وكذلك خلا وعدا زيد. المجرورات إما بحرف، أو إضافة؛ إن كان بحرف لا يجر إلا المضمر، جاز تقول في لولاك لقمت: الذي لولاه لقمت أنت، أو تجره ضرورة، نحو: حتى، فلا يجوز عند الجمهور، وأجاز ذلك المبرد، أو لا يجر إلا المظهر نحو: رب وواوها، فلا يجوز، أو يجرهما فيجوز، فتقول في مررت بزيد: الذي مررت به زيد، والمار به أنا زيد، وحذف (به) ضعيف جدًا، وإن كان الجر بإضافة، ولكل من المتضايفين معنى، جاز الإخبار بالمجرور، فتقول في قام غلام زيد: الذي قام غلامه زيد، والقائم غلامه زيد، ولا يحذف هذا الضمير، إلا أن الاسم قد يقتطع من

الإضافة لفظًا، لفهم المعنى نحو: كل وبعض، تقول في مررت بكل القوم: الذي مررت بكل القوم، ويجوز التصريح بالضمير فتقول: الذي مررت بكلهم القوم، وفي الإخبار بالضمير في (ويحه رجلاً) خلاف ومن أجاز ذلك قال: الذي ويحه رجلاً هو، فإن كان المجرور بالإضافة ياء المتكلم نحو: هذا غلامي فتقول: الذي هذا غلامه أنا، وقد استضعف أبو عثمان الإخبار عن الياء؛ لأن الياء أعرف المعارف فتقلبها إلى ضمير الغائب، والغائب دون المخاطب، الذي هو دون المتكلم في التعريف. وإن أخبرت عن اسم الإشارة قلت: الذي ها هو غلامي ذا؛ لأن حرف التنبيه يدخل على المضمر؛ وإن كان من العدد الذي أضيف إليه مميزه نحو قولك: هذه ثلاثة أثواب فتقول: الذي هذه ثلاثتها أثواب، وهذا فيه ضعف؛ لأن اسم العدد حقه أن يضاف إلى الجنس ليبينه، والإضافة إلى المضمر الغائب غير مبينة وإن بينت، فليس ذلك بطائل، وتقول له عشرة آلاف درهم فتقول: الذي له عشرة آلاف درهم، وتقول: له أحد عشر ألف درهم لا يجوز الإخبار عن درهم، لأن ألفا مضاف إليه، وقد وقع مميزًا لأحد عشر، فيقضي إلى جعل المميز معرفة. وإن كان من العدد الذي أضيف إليه اسم الفاعل الموافق في المادة نحو: ثاني اثنين، لم يجز الإخبار به لا تقول في هذا ثاني اثنين: اللذان هذا ثانيهما اثنان هكذا قال أصحابنا ابن عصفور، وشيخنا الأبذي، وابن الضائع، وقد تقدمهما إلى ذلك ابن الدهان، وكذا قالوا في ثالث ثلاثة.

وهو عندي يصح، إذ معنى ثالث ثلاثة أحد ثلاثة، فيصح الذين هذا ثالثهم (أي أحدهم) ثلاثة، وقال شيخنا أبو الحسن بن الضائع: إن خصص بصفة أو تعريف صح، فتقول: اللذان هذا ثانيهما اثنان صالحان، أو الاثنان لمن بينك، وبينه عهد في اثنين، وزعم ابن عصفور، والأبذي شيخنا: أنه يجوز في الأربعة فما زاد في نحو: رابع أربعة أن يخبر بالأربعة فتقول في هذا رابع أربعة: الذين هذا رابعهم أربعة، ورد ذلك شيخنا أبو الحسن بن الضائع، ورده مردود، وإن اختلفا في المادة نحو: ثالث اثنين، ورابع ثلاثة، فزعم ابن عصفور أنه يجوز في الثلاثة، وقال ابن الضائع: ينبغي أن لا يجوز إلا من الأربعة، وأما المركب، فلا يكون إلا في المتفق المادة نحو: حادي عشر أحد عشر، وينبغي أن لا يجوز إلا إن ذكر التمييز، فتقول في هذا حادي عشر أحد عشر: الذي هذا حادي عشرهم أحد عشر غلامًا، وفي الغرة: «فأما حادي أحد عشر، وثالث ثلاثة عشر»، فإن أخبرت بأحد عشر، وثلاثة عشر، لم يجز: الذين هذا حاديهم أحد عشر، ولا الذين هذا ثالثهم ثلاثة عشر، كما تقول الذين هذا ثالثهم ثلاثة انتهى، ولا يجوز إدخال (أل) على شيء من هذا؛ لأنه مضاف فلا يجرى مجرى الفعل، وقال الأخفش ألا ترى أنك لا تقول: هذا خامس خمسة عدا؛ فإن قلت رابع ثلاثة جاز فتقول: إذا أخبرت عن ثلاثة: الذين هذا رابعهم ثلاثة، و (بال): الرابعهم هذا ثلاثة، ولا يجوز الثانيهما اثنان لعدم الفائدة انتهى.

وينبغي أن لا يجوز الذين هذا رابعهم ثلاثة؛ لأنه قد استفيد من المبتدأ وصلته أنهم ثلاثة، فقد صار الخبر مفهومًا من المبتدأ، فلا يجوز، وتقول إذا أخبرت عن (ما)، وصلتها من قولهم أحسن ما يكون الأمير قائمًا، على مذهب المازني: الذي هو قائمًا أحسن ما يكون الأمير، ومنعه بعضهم، لأن الضمير لا يؤدي عنه، والصواب في القياس: الذي أحسنه قائمًا، ما يكون الأمير، وفيه قبح؛ لأن الضمير لا يؤدي عنه. التوابع النعت يجوز أن يخبر بالمنعوت مع نعته، تقول في مررت برجل عاقل: الذي مررت به رجل عاقل، والمار به أنا رجل عاقل، وفي النهاية: مررت برجل عاقل تخبر عن رجل، فتقول: الذي مررت به عاقلاً رجل، أو الذي مررت به رجل عاقل ذكرهما أبو سعيد انتهى. وبالمؤكد مع توكيده تقول في قام زيد نفسه: الذي قام زيد نفسه، والقائم زيد نفسه، وفي ضربت زيدًا نفسه: الذي ضربته نفسه زيد، ولا يجوز حذف الضمير من ضربته، نص عليه الأخفش نقلاً عن العرب أنهم لا يقولون: الذي ضربت نفسه زيد، يريدون الذي ضربته، وفي كتاب سيبويه من تمثيله، وتمثيل الخليل جواز حذف المؤكد. ويجوز أن تخبر بالمعطوف عليه، وبالمعطوف تقول في نحو: قام زيد وعمرو: الذي قام هو وعمرو زيد، والذي قام زيد وهو عمرو، وتضع الضمير مكان الذي أخبرت به خلافًا لمن قال: لا بد أن تجعله فاعلاً فتقدمه، وتجعل المعطوف عليه

معطوفًا فتقول: الذي قام هو زيد وعمرو، واستحسن هذا المذهب أبو الحسين ابن أبي الربيع، فإن كان العطف (بأو) ففيها الخلاف الذي في الواو، فإن كان (بأم) لم يجز الإخبار لا بالمعطوف ولا بالمعطوف عليه؛ وإن كان بالفاء، أو بثم، أو بحتى، أو ببل، أو بلا، أو بلكن، كان الضمير مكان الذي تريد أن تخبر به، فتقول في قام زيد، فعمرو إذا أخبرت بعمرو: الذي قام زيد، فهو عمرو، وفي قام زيد لا عمرو، إذا أخبرت بعمرو: الذي قام زيد، لا هو عمرو، وفي ما قام زيد، لكن عمرو: الذي ما قام زيد، لكن هو عمرو، وكذلك بل وحتى، وتقول: زيد وعمرو قائمان، فإذا أخبرت بزيد قلت: الذي هو وعمرو قائمان زيد، أو بعمرو قلت: الذي زيد وهو قائمان عمرو، أو بهما قلت: اللذان هما قائمان زيد وعمرو، ويجوز ذلك في العطف بالفاء، وثم، وأو. وأما الإخبار في البدل: فمنهم من يجيز الإخبار في المبدل منه وحده، وبالبدل وحده، فإذا قال: قام أخوك زيد، وأخبرت بأخيك الذي هو مبدل منه قلت: الذي قام زيد أخوك، ففي قام ضمير يعود على الذي وزيد بدل منه، وأخوك خبر الذي، وإذا أخبرت بالبدل قلت: الذي قام أخوك هو زيد، فهو بدل من أخوك، وهو عائد على الذي، وزيد خبر الذي، ومن النحاة من يبدل من زيد ضميرًا ويؤخره إلى آخر الكلام، وأخوك بدل منه، فتقول في قام زيد أخوك، كما كان قبل الإخبار به فتقول: الذي قام زيد أخوك؛ ففي قام ضمير يعود على الذي، وزيد خبر الذي، بقى التابع تابعًا، والمتبوع متبوعًا، وفي الغرة: في مررت بأخيك زيد: إن أخبرت بأخيك فقولان:

أحدهما: أن يؤخر البدل والمبدل منه إلى آخر الكلام فتقول: الذي مررت به أخوك زيد. الثاني: أن تؤخر الأخ وحده، وتجعل زيدًا بدلاً من ضميره، فتقول: الذي مررت به زيد أخوك، وإن أخبرت بزيد، فمن الناس من لا يجيزه لعدم العائد من الأول، ومنهم من يجيزه فيقول: الذي مررت بأخيك به زيد؛ فإن أخبرت عن الأول باللام قلت على القول الأول: المار به أنا أخوك زيد، وعلى القول الثاني: المار أنا به زيد أخوك؛ فإن أخبرت بزيد، فالكلام فيه كالكلام في الأول انتهى، وتقول: ضربت زيدًا أخاك؛ إذا أخبرت بالبدل مفردًا من متبوعه بأل قلت: الضارب أنا زيدًا إياه أخوك، فصلة (أل) ضارب)، وقد رفع أنا و (زيدًا) مفعول ضارب، وإياه بدل من زيد، أو بقيت (أل) عارية من عائد عليها؛ لأن زيدًا مفعولها، وصارت صفة جرت على غير من هي له، فبرز ضمير الفاعل، وهو التاء في ضربت، ويقول في الإخبار عن (أل) بأخيك من قولك: مررت برجل أخيك: المار أنا برجل به أخوك تدخل الباء على الضمير الذي يحل محل البدل. مسألة وإذا أخبرت بالياء من ضربى زيدًا قائمًا قلت: الذي ضربه زيدا قائما أنا، وبزيد قلت: الذي ضربته أو ضربى إياه قائمًا زيد، ولا يجوز أن يخبر بضربي، ولا بقائم، وبالأمير من قولك: أحسن ما يكون الأمير قائمًا: الذي أحسن ما يكون قائمًا الأمير، وبـ (ما) مع صلتها أجازه المازني فيقول: الذي هو قائمًا ما يكون الأمير، ومنعه بعضهم قيل: والصواب في القياس: الذي أحسنه قائمًا ما يكون الأمير. مسألة: الموصول كغيره من الأسماء تقول في: الإخبار بالذي من قولك: ضربت الذي ضربته: الذي ضربته الذي ضربته.

مسألة: إذا أخبرت بالسمن من قولك السمن منوان بدرهم، قلت: الذي هو منوان بدرهم السمن، وبالمنوين قلت: اللذان السمن هما يدرهم منوان، وبدرهم قلت: الذي السمن منوان به درهم، وبالهاء المحذوفة في منه لم يجز، وهذه مسائل من الإعمال إن اتفق العاملان في العمل نحو: ضربت، وأهنت زيدًا، فمذهب أبي الحسن في الإخبار بزيد أن تقول: الذي ضربته، وأهنته زيد، ويجوز حذف الضمير، وباللام قلت: الضاربه أنا، وأهنته زيد؛ وإن شئت كررت الموصول فقلت: والمهينه أنا زيد، ولا بد إذ ذاك من ضمير ثان، وقيل: لا يجوز الإتيان بالضمير في الصلة الأولى. وإن اختلف العاملان في العمل نحو: ضربت، وضربني زيد، فإذا أخبرت بزيد فمذاهب: أحدها: مذهب الأخفش وهو: أن يدخل الموصول على الأول، وعلى الثاني، وتستوفى كل جملة عائدها، وتستوفى إحدى الجملتين خبرها، وتترك الأخرى لا خبر لها فتقول: الذي ضربته، والذي ضربني زيد، وفي «أل» على إعمال الثاني: الضاربه أنا والضاربى زيد. المذهب الثاني: كالأول إلا أنه يحذف الضمير للطول فتقول: الذي ضربت، والذي ضربني زيد، والضارب أنا، والضاربى زيد.

المذهب الثالث: أن يدخل الذي أو (أل) على الجملة الأولى، وتترك الثانية على حالها فتقول: الذي ضربت وضربني زيد، والضارب أنا، وضربني زيد، واتفقت هذه المذاهب الثلاثة على حذف الخبر من إحدى الجملتين، وتوفية الأخرى حقها من المبتدأ والخبر. المذهب الرابع: ما نقل أصحابنا عن المازني: وهو أن تدخل الموصول على الأول، وعلى الثاني، وتأتي بكل جملة على انفرادها، وتوفى حقها من الخبر، والضمير، وكل جملة منهما قائمة بنفسها، فتقول: الذي ضربته زيد، والذي ضربني زيد، الضاربه أنا زيد، والضاربي زيد، وفي الغرة عن المازني؛ أنه يجعل أنا خبرًا عن الأول، والعائد مستكن، وزيد خبر عن الثاني، والعائد مستكن فهما جملتان، وفي نقل أصحابنا أن أنا فاعل، وخبر الضاربه زيد ملفوظ به. وإذا أخبرت بالتاء من ضربت وضربني زيد، قلت على مذهب الأخفش الضارب والضاربه زيد أنا، وعلى مذهب المازني: الضارب أنا والضاربى زيد، وعلى مذهب الرماني: الضارب وضربه زيد أنا، وإن أخبرت بالياء قلت في مذهب المازني: الضارب أنا، والضاربه زيد أنا، وإذا أخبرت بالتاء من أعطيت وأعطاني زيد، درهما قلت على مذهب الأخفش: المعطى، والمعطيه

درهمًا زيد أنا، وعلى قول المازني: المعطي أنا، والمعطيه زيد درهمًا أنا، وبزيد قلت على مذهب الأخفش: المعطيه أنا، والمعطي درهمًا زيد، وعلى مذهب المازني اللفظ واحد، والتقدير مختلف، وبالدرهم على قول الأخفش: المعطيه أنا زيد، والمعطيه، أو المعطى إياه زيد درهم، وتعيد المفعول الأخير في مذهبه، برد الكلام إلى أصله، وعلى قول المازني: المعطى أنا، والمعطيه أو المعطى إياه زيد درهم. وبالتاء في ظننت، وظنني زيد منطلقًا في مذهب الأخفش: الظان والظانه زيد منطلقًا أنا، فأنا عنده خبر عن الاثنين وكذا إن أخبرت بالياء، وفي مذهب المازني: الظان أنا، والظاني منطلقًا زيد، فأنا عنده خبر عن الأول، وبالياء على مذهب المازني: الظان أنا، والظانه زيد منطلقًا أنا، وبزيد على مذهب الأخفش: الظان أنا إياه والظاني منطلقًا زيد، وكذا ذكره الأخفش في المسائل الكبيرة، وابن السراج وفي قول المبرد، والرماني: الظانه أنا منطلقًا، والظانى إياه زيد. وفي قول المازني: الظان أنا والظاني منطلقًا زيد، وبمنطلق على قول الأخفش: الظانه أنا إياه والظاني زيد إياه منطلق، وفي قول المازني: الظان أنا، والظاني إياه زيد منطلق، وفي قول الرماني: الظانه أنا إياه، وظنني زيد إياه منطلق، وبالتاء من ظننت، وظنني إياه زيدًا منطلقًا في قول الأخفش: الظان زيدًا منطلقًا،

والظان هو إياه أنا وبالياء كهو بالتاء في هذا القول، وفي قول المازني: الظان زيدًا منطلقًا أنا والظان هو إياه أنا، وبزيد في قول الأخفش: الظانه أنا منطلقًا، والظاني إياه هو زيد، ويجوز ألا تظهر هو، وفي قول المازني: الظانه أنا منطلقًا زيد، والظاني إياه هو، وبمنطلق في قول الأخفش: الظان أنا زيد إياه، والظاني هو إياه منطلق، ويجوز أن تسقط هو، وفي قول المازني: الظانه أنا زيد منطلق، والظاني هو إياه هو وفي النهاية: الإخبار عن الأسماء التي مع الفعلين أقوال، والتفريع على مذهب البصريين: الأول: لا يمتنع منه أحد من النحويين، وهو مقتضى القياس، أن تدخل الموصول على الفعل المتقدم، وتجعله صلة له، وتعطف الثاني عليه، وتجعله داخلاً في الصلة. الثاني: قول أبي الحسن: تنقل الفعلين إلى اسمي فاعلين، وتدخل (أل) على كل منهما، وتأتي بالمخبر عنه آخرًا فتكون عاطفًا لموصول مفرد على موصول مفرد. الثالث: أصحاب الحذف، وهم قوم من البغداديين، مذهبهم كمذهب أبي الحسن، غلا أنهم يحذفون العوائد المنصوبة، وإن كانوا لا يحذفون الهاء مع أسماء الفاعلين في غير هذا الباب. الرابع: قول المازني يفعل فعل أبي الحسن، إلا أنه يجعل كل جملة مستقلة بنفسها، ولا يمزج الموصول بحيث يجعل الخبر عنهما آخرًا؛ بل يعطي كل واحد خبره. الخامس: قول ابن السراج تدخل (أل) على الأول، فيصير اسم فاعل، ويبقى الثاني على لفظه، وكلهم قد أطبقوا على الامتناع من إدخال (أل) على الفعل الثاني، مع إدخالها على الفعل الأول؛ لأن هذين الفعلين مزجا، حتى صارت الجملتان كالجملة الواحدة المسائل.

أما قاما وقعدا أخواك، وذهبت وذهب إلى زيد، وضربت وضربني زيد، وضربت وشتمت زيدًا، وأعطيت وأعطاني زيد درهمًا، وظننت وظنني زيد قائمًا، وأعلمت وأعلمني زيد عمرًا قائمًا، مثال ذلك في الأولى: اللذان قاما وقعدا أخواك، وعلى مذهب أبي الحسن: القائمان والقاعدان أخواك، وعلى مذهب أصحاب الحذف ليس فيه شيء تحذفه وعلى مذهب المازني: القائمان هما، والقاعدان أخواك، وعلى قول أبي بكر: القائمان وقعدا أخواك، وأنشد المفضل في الأمثال: أراني وقيسا كالمسمن كلبه … فخدش أنيابه وأظافره عطف خدشه على مسمن؛ لأنه وقع صلة (لأل)، كأنه قال: كالذي سمن كلبه، فخدشه، لا شبهة عند النحويين أن اسم الفاعل واسم المفعول الواقعين صلة (لأل) في معنى الفعل الصريح. ذكر محال الرفع والنصب والجر والجزم فمحل الرفع من الأسماء: المبتدأ، وخبره، واسم كان، وأخواتها، واسم ما الحجازية خلافًا للكوفيين في زعمهم: أنه مرفوع على الابتداء، والفاعل، والنائب، وخبر إن وأخواتها، وخبر لا لنفي الجنس، والتابع لمرفوع، أو الجاري مجرى المرفوع، وفسره البصريون بالمنادى المبني على الضم، إذا أتبع بما يجوز ضمه نحو: يا زيد الظريف، وبالمحكوم له بحكمه نحو: يا هؤلاء العقلاء، وبما هو في موضع رفع نحو: ما جاءني من رجل عاقل، وبما هو مرفوع مقدرًا نحو: زيد يضرب، وخارج، وبما هو مرفوع في المعنى نحو: ما قام غير زيد وعمرو، أي ما قام إلا زيد وعمرو، وهكذا عدوه، وعندي أنه من عطف التوهم، وليس من الجاري مجرى المرفوع معنى تابع منصوب لفظًا مشترك مع مرفوع في كون كل منهما فاعلاً مفعولاً من حيث المعنى

خلافًا للكوفيين في نحو: ضارب زيد هندًا العاقلة برفع العاقلة ولا الاسم المرفوع بعد لولا الامتناعية بها، خلافًا للفراء، وتبعه أبو منصور الجواليقي من المتأخرين، وهو قول جماعة من أهل الكوفة، وبغداد، وابن كيسان من المتقدمين، بل هو مرفوع بالابتداء. وسيأتي الخلاف في ذلك مشبعًا إن شاء الله تعالى، ولا أن الاسم يرتفع بظرف، أو باسم قد رفع غيره، فالظرف (حيث) ترفع اسمين في نحو: زيد حيث عمرو لكونها نابت مناب ظرفين من حيث المعنى، إذ التقدير: زيد في مكان فيه عمرو خلافًا للكوفيين، بل هو مرفوع بالابتداء، والخبر محذوف لدلالة المعنى عليه، ولو قلت: قمت حيث زيد قائم، فعندهم أنه إن حذف قائم، ارتفع زيد بحيث، وإن أثبت أجازوا فيه الرفع والنصف، و (حيث) عند البصريين مضافة إلى جملة، والاسم المشتق إذا وقع خبرًا للمبتدأ أو لما أصله المبتدأ، رفع المبتدأ، ورفع ضميره العائد على المبتدأ، ولو قدرته خلف موصوف استتر فيه ضميران، فلو كان الخبر (بأل) تحمل ثلاثة ضمائر، ورفع أربعة المبتدأ وضميره وضمير الخلف، وضمير (أل)، فلو أكدت الضمائر قلت: زيد القائم نفسه نفسه نفسه، وكان زيد القائم نفسه نفسه نفسه، خلافًا للكوفيين في ذلك والبصريون لا يحملون هذا المشتق غير ضمير واحد، وزاد الأعلم في وجوه الرفع: الرفع على الإهمال، وجعل من ذلك قوله تعالى: «يقال له إبراهيم» فإبراهيم عنده مرفوع بالإهمال من العوامل، وذكر ابن عصفور أن الاسم يرفع إذا كان لمجرد عدد، وكان معطوفًا على غيره، أو معطوفًا عليه غيره، ولم يدخل عليه عامل لا في اللفظ، ولا في التقدير نحو: واحد، واثنان، وثلاثة، وأربعة؛ فإذا كان عاريًا من العطفية كان موقوفًا نحو: واحد اثنان ثلاثة أربعة، والذي أذهب إليه: أن هذه الحركات ليست حركات إعراب، بل مشبهة بها، حدثت عند حصول هذا التركيب العطفي، ومن الأفعال:

المضارع العاري من ناصب وجازم، ونون إناث خلافًا لابن درستويه، إذ زعم أنه معرب، ومن نون توكيد خلافًا لمن زعم أنه معرب مطلقًا، أو فصل، فحكم بإعراب ما رفع بالنون وبناء غيره. [ومحل النصب من الأسماء]: المفعول المطلق، وهو المصدر مبهمه، ومختصه، والمقيد وهو: المفعول به غير النائب، والمشبه به، وفيه، ومعه، ومن أجله، وخبر كان وأخواتها، واسم إن وأخواتها، وخبر ما الحجازية، خلافًا للكوفيين في زعمهم أن انتصابه هو على إسقاط الخافض، وهو الباء، وخبر (لا)، و (لات) أختى ما، واسم (لا) للتبرئة، واسم (لا) للتمني، والمستثنى، والحال، والتمييز، والتابع لمنصوب، أو جار مجرى المنصوب، وهو اسم لا في نحو: لا رجل ظريفًا فيه بنصب ظريف، أو المحكوم له بحكم المنصوب نحو: يا هؤلاء العقلاء، أو في موضع نصب نحو: ما رأيت من رجل، ولا امرأة، أو منصوبًا مقدرًا نحو: رأيت رجلاً يأكل وشاربًا، وأجاز هشام انتصاب الاسم على القطع مطلقًا نحو: جاء زيد أزرق، يريد الأزرق، أسقط (أل)، ونصب، والفراء حيث يراد التوكيد نحو: زيد في الحمام عريانا يريد العريان، وأجاز الكوفيون النصب على الخلاف نحو: لو تركت، والأسد لأكلك، وهذا عند البصريين مفعول معه، ونصب الاسم يكون متبوعه مفعولاً من حيث المعنى نحو: ضارب زيد هندًا العاقل، وأجاز ابن الطراوة النصب بالقصد، وذلك في باب الاشتغال نحو: زيدًا ضربته. وأجاز السهيلي: انتصاب الاسم على أنه مفعول به من جهة المعنى، وإن لم يعمل فيه عامل لفظي، وذلك في باب الإغراء، ومن الأفعال في المضارع غير المبني إذا دخل ناصب، أو اتبع نسقًا أو بدلاً. ومحل الجر هو الاسم فقط: إذا دخل عليه عامله، وهو الحرف، والإضافة والتبعية لمجرور، أو ما جرى مجراه، بأن يحكم له بحكمه، نحو: مررت بخمسة

عشر رجلاً كرام، أو كان مخفوضًا مقدرًا نحو: مررت برجل يأكل وشارب، أو متوهمًا خفضه نحو: ما زيد قائمًا، ولا قاعد ونحو: ما أجازه بعضهم من قولك: ما قام إلا زيد وعمرو بالجر في عمرو، على معنى ما قام غير زيد وعمرو، وأجرى إلا زيد مجرى غير زيد. ومحل الجزم هو الفعل فقط، ومنه في المضارع المعرب إذا دخل عليه عامله فيجزم به، أو بكونه تابعًا بدلاً، أو نسقًا لمجزوم، أو لمحل مجزوم على تقدير نحو قوله تعالى: {فأصدق وأكن من الصالحين}، في قراءة من جزم، وهذا هو كالفهرست للأبواب التي تأتي، ويأتي الكلام فيها محررًا إن شاء الله تعالى.

باب المبتدأ والخبر

باب المبتدأ والخبر المبتدأ: هو الاسم المنتظم منه مع اسم مرفوع به جملة؛ فقولي: الاسم يعني أنه لا يكون المبتدأ فعلاً، وشمل الملفوظ به، والمقدر نحو: {وأن تصوموا} (أي وصومكم خير لكم) وقولي: المنتظم يشمل المحدث عنه نحو: زيد قائم، والوصف الرافع للمنفصل، المغني عن الخبر، وقولي: مع اسم مرفوع به يشمل الخبر المسند إلى المبتدأ؛ فإنه مرفوع به على ما يبين، والمرفوع بالوصف فاعلاً، أو مفعولاً لم يسم فاعله نحو: أقائم الزيدان، وما مضروب أخواك وبالاسم الذي ليس بوصف؛ لكونه يؤدي إلى معنى الفعل وهو قولهم: {لا نولك أن تفعل} أعربوا نولك مبتدأ، و «أن تفعل» فاعل به، ومعناه لا ينبغي أن تفعل، وقولي جملة يشمل مثل: زيد قائم، وأقائم زيد، وأبوه قائم من قولك: زيد: أبوه قائم واحترز بقوله جملة من نحو: قائم أبوه من قولك: زيد قائم أبوه؛ فإن قولك: قائم أبوه لا يسمى جملة. والإسناد إلى المبتدأ تارة يتكون باعتبار اللفظ نحو: زيد ثلاثي، وتارة باعتبار مدلوله نحو: زيد قائم، وتارة باعتبار المعنى ومن ذلك، سواء على أقمت أم قعدت فالجملة في موضع المبتدأ، والمعنى قيامك وقعودك سواء على، وقيل سواء مبتدأ، والجملة في موضع الخبر، والقولان عن أبي علي، وأجاز بعضهم أن يكون سواء مبتدأ، والجملة في موضع الفاعل المغني عن الخبر، والتقدير: استوى

عندي أقمت أم قعدت: أي قيامك وقعودك كما قالوا في نولك أن تفعل: إن «أن تفعل» فاعل «نولك» لما كان بمعنى الفعل؛ إذ معناه ما ينبغي لك أن تفعل، وقد تحذف الجملة بعد سواء، للدلالة عليها قال تعالى: {فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم} أي أصبرتم أم لم تصبروا، وقد تأتي بعد سواء الجملة الفعلية المتسلطة على اسم الاستفهام نحو: سواء عندي أي الرجال ضربت، ويجيء أيضًا بعد سواء، ما يعرى عن الاستفهام من المتعاطفين وهو الأصل نحو قوله تعالى: {سواء منكم من أسر القول ومن جهر به} ويجوز دخول «من» على المبتدأ، بالشرط المذكور في زيادتها نحو: {هل من خالق غير الله}، والباء في «بحسبك درهم»، ولا يختص بالحرف الزائد، كما ذكر بعضهم، بل قد جاء ذلك في الحرف غير الزائد إجراءً له مجرى الزائد، وذلك رب تقول: رب رجل عالم أفادنا، فرجل موضعه رفع بالابتداء، وقد جر برب، وليس بحرف زائد. والوصف المغني هو اسم الفاعل، واسم المفعول، ونحوهما من الأسماء المشتقة التي لها عمل، وما جرى مجراها باطراد نحو: أقرشي أبواك، وأقرشي قومك، وما كريمة نساؤكم: قال سيبويه: «ومن قال ذهب فلانة قال أذاهب فلانة، وأحاضر القاضي امرأة»، وهذا الوصف يرفع الظاهر، كما مثلناه، والضمير المنفصل، نحو: أقائم أنتما، وأقائم أنتم، خلافًا للكوفيين، في منع رفعه المضمر المنفصل، فإذا قلت: أقائم أنت، جعلوا «قائمًا» خبرًا مقدمًا، وأنت مبتدأ،

والبصريون يجيزون هذا الوجه، ويجيزون أن يكون «أنت» فاعلاً بقائم، وثمرة الخلاف تظهر في التثنية، والجمع، والكوفيون لا يجيزون إلا: أقائمان أنتما، وأقائمون أنتم، وإذا عطفت على هذا الوصف «ببل» انفصل الضمير فتقول: أقائم الزيدان بل قاعدهما، قال المازني، ولو قال قائل: زيد قائم، جاز أن تقول منكرًا عليه: أقائم هو، ترفع هو بقائم، وتقول أقائم أخواك أم قاعد هذا هو القياس، وحكى المازني: أم قاعدان، فأضمر المتصل على حد ما يضمر في اسم الفاعل. وشرط هذا الوصف أن يتقدم، فلو تأخر نحو: أخواك خارج أبوهما لم يكن من الوصف الذي يغني مرفوعه عن خبر المبتدأ، والمرفوع بهذا الوصف مغن عن الخبر، واحترز من نحو: أقائم أبواه زيد، فالفاعل فيه غير مغن عن الخبر، فزيد مبتدأ، وقائم خبر مقدم، وأبواه مرفوع به، وأجاز ابن مالك أن يكون قائم مبتدأ، وأبواه مرفوع به، وزيد خبر قائم، وهذا المرفوع بالوصف، كما ذكرنا مغن عن الخبر، وذهب بعض النحويين إلى أن خبر هذا الوصف محذوف، ولما قام هذا الوصف مقام الفعل، لم يجز تصغيره، ولا وصفه، ولا تعريفه لا تقول: القائم أخواك، ولا يجوز تثنيته، ولا جمعه إلا على لغة: ألفيتا عيناك ... ... ... .... … ... ... ....

و: يلومونني في اشتراء النخيل أهلي … ... ... .... وهي لغة لبني الحارث، وقال ابن السراج: القائمان أبواهما أخواك لا يجوز، وقد نص كثير من النحاة، على أن هذا الوصف لا يثنى ولا يجمع. وقال القاضي أبو محمد بن حوط الله: هذا غلط، ويجوز تثنيته، وجمعه وجعل من ذلك «أو مخرجي هم» ويحتمل أن يكون على لغة بني الحارث، وأن يكون خبرًا مقدمًا، وإنما يتعين الفاعلية إذا لم يطابق. وشرط هذا الوصف أن يتقدمه أداة نفي، أو استفهام، هذا مذهب جمهور البصريين، وإعمال هذا الوصف بهذا الشرط راجع إلى اعتماد إعمال اسم الفاعل، ويأتي ذلك في باب اسم الفاعل إن شاء الله تعالى، وذهب الأخفش

إلى أنه ليس من شرط إعماله الاعتماد، ودعوى ابن مالك: أن سيبويه لا يحسن عنده الابتداء بالوصف المذكور، على ما تقرر إلا بعد استفهام أو نفي؛ فإن فعل به ذلك دونهما قبح دون منع، ليست بصحيحة، وذهب الكوفيون إلى نحو: مذهب الأخفش من عدم اشتراط الاستفهام والنفي، إلا أنهم يجعلون الوصف مرفوعًا بما بعده، وما بعده مرفوع به على قاعدتهم، ويوافقونه في التزام إفراده، وتجرده من ضمير ويجيزون إجراءه مجرى اسم جامد، فيطابق ما بعده، ويجيزون أيضًا جعله نعتًا منويًا مطابقًا للآخر في إفراده، وتثنيته، وجمعه، ولا بد إذ ذاك من مطابقة النعت، ويسمونه خلفًا، وأطلق ابن مالك في أداة النفي، فأجاز ذلك في «لا»، و «إن»، و «ليس»، و «ما» الحاجزية نحو: لا قائم الزيدان، ولا العمران، وإن قائم الزيدان، وليس قائم الزيدان، وليس منطلق إلا العمران، وما ذهب عبداك. وفي أداة الاستفهام نحو: هل معتق أخواك، وما فعل الزيدان، ومن ضارب العمران، ومتى راجع العمران، وأين قاعد صاحباك، وكيف مقيم ابناك، وكم ماكث صديقاك، وأيان قادم رفيقاك، والمشهور من أدوات النفي «ما» ومن أدوات الاستفهام الهمزة؛ فالأحوط ألا يثبت تركيب من هذه التراكيب التي أجازها ابن مالك، غلا بعد السماع. وفي النهاية: أسماء الاستفهام فوضى في الاعتماد، وأتى بمثل من نحو مثل ابن مالك، ثم قال: ومن قال: أكلوني البراغيث قال: كم ماكثان أخواك كما تقول: كم مكثا أخواك، فالسؤال ليس على عدد الأخوين؛ إنما السؤال عن مرات الفعل، أو زمانه، وهذه المسألة من كلام أبي الحسن في المسائل الصغيرة انتهى، وإذا تقدم الظرف والمجرور الهمزة أو حرف النفي نحو: أفي

الدار زيد، وما في الدار زيد، فالأخفش يجيز أن يرفع الظرف والمجرور كما يجيز أن يرفع دون اعتماد، وسيبويه لا يجيز رفعه إذا اعتمد على الهمزة، أو (ما) ويجيز رفعه إذا اعتمد بكونه وقع خبرًا، أو صفة، أو حالاً. وقال ابن هشام: إذا اعتمد الظرف والمجرور، فالأكثرون على أن ما بعدهما مرتفع بهما ارتفاع الفاعل لا غير، ومنهم من أجاز الوجهين، كما يرى أبو الحسن إذا لم يعتمد انتهى، وف يالنهاية: وتقول: كم فيها غلاماك ترفع غلاماك بفيها؛ لأنه حرف جر قد اعتمد على ما في كم من الاستفهام، كأنك قلت: استقر فيها غلاماك، ويجوز أن يرتفع غلاماك بالابتداء وفيها الخبر، ويكون المقدر مثنى يطابق ما كان خبرًا عنه، كأنك قلت كم فيها غلاماك مستقران، ولا يستقيم هذا في كم ماكث أخواك؛ لعدم المطابقة، فلذلك وجب رفعه به، وقد أجرى النفي بغير مجرى النفي بما فتقول: غير قائم أخواك كما تقول: ما قائم أخواك، فغير مبتدأ، وأخواك مرفوع بقائم، وأغنى عن خبر المبتدأ، وإذا قام الجار والمجرور مقام المفعول الذي لم يسم فاعله أغنى عن الخبر فتقول: أمغضوب على زيد، وما مغضوب على زيد و: غير مأسوف على زمن … ... ... ...

والخبر هو: التابع المحدث به عن الاسم، المحكوم عليه على سبيل الإسناد فقولي التابع: جنس يشمل سائر التوابع، والمحدث به فصل يخرج سائر التوابع نحو قولك: زيد الخياط إذا جعلته صفة، واختلفوا في الرفع للمبتدأ والخبر، فذهب سيبويه، وجمهور البصريين على أن الابتداء يرفع المبتدأ، والمبتدأ يرفع الخبر، وقد نسب هذا إلى المبرد، وذهب الأخفش، وابن السراج، والرماني، إلى أنهما مرفوعان بالابتداء، وذهب الجرمي، والسيرافي، وكثير من البصريين على أنهما مرفوعان بتعريهما للإسناد من العوامل اللفظية، ونسبه الفراء إلى الخليل وأصحاب الخليل لا يعرفون هذا، وذهب الكوفيون إلى أن كلا منهما رفع الآخر، كذا أطلق النقل عنهم ابن مالك، وقيده غيره، فحكى أن المبتدأ مرفوع بالذكر الذي في الخبر، فإن لم يكن ثم ذكر ترافعا، أي رفع كل واحد منهما الآخر قال، وهذا مذهب الكوفيين، وأقول: الذي نختاره من هذه المذاهب هو مذهب الكوفيين، وهو أنهما يرفع كل منهما الآخر، وهو اختيار ابن جني.

ولا يغني عن الخبر وصف مجرور، وأجاز الكسائي، وهشام: كل رجل قائم بخفض قائم على أنه خبر وموضعه رفع، وأبطل ذلك الفراء، وتأولوا قراءة أبي جعفر {وكل أمر مستقر} بالخفض على حذف الخبر، أو على عطف (وكل) على الساعة من قوله: {اقتربت الساعة}. ويجوز حذف المبتدأ لقرينة نحو قولك: صحيح لمن قال: كيف زيد، ومسك عند شم طيب، أي هو صحيح، وهذا مسك فلو قلت: المسك: جاز أن يكون المبتدأ محذوف الخبر (أي المسك هذا)، ويحسن حذفه دخول فاء الجزاء على ما لا يصح للابتداء كقوله تعالى: {من عمل صالحا فلنفسه} أي فصلاحه لنفسه، ويجب حذفه إذا كان مخبرًا عنه بنعت مقطوع لمجرد مدح نحو: الحمد لله أهل الحمد، أو ذم نحو: مررت بزيد الفاسق، أو ترحم نحو: مررت بزيد المسكين، أي هو أهل الحمد، وهو الفاسق، وهو المسكين؛ فإن كان النعت بغير ذلك نحو: مررت بزيد الخياط، جاز إظهاره، وإضماره، أو بمصدر بدل من اللفظ بفعله نحو: سمع وطاعة و: حنان ما أتى بك ههنا … ... ... ... ...

أي أمري وسمع وطاعة، وأمري حنان، وقد جاء إظهار هذا المبتدأ في الشعر في قوله: فقالت على اسم الله أمرك طاعة … ... ... ... ... أو بمخصوص في باب نعم وبئس على رأي نحو: نعم الرجل زيد أي هو زيد، أو بصريح في القسم، ومنه قول العرب: في ذمتي لأفعلن، أي في ذمتي ميثاق، أو عهد، وفي قولهم: دار فلانة أو ديار فلانة بعد ذكر المنزل أو المنازل، التي يتغزل بها الشاعر، أي هي دار، أو هي ديار، وفي قولهم: من أنت زيد (أي مذكورك زيد)، وفي قول العرب: لا سواء يقال ذلك عندما يسوى بين شيئين، فقدره سيبويه «هذان لا سواء»، وقدره غيره لا هما سواء، وقالها

المختار بن أبي عبيد حين قتل عمر بن سعد بن أبي وقاص، وابنه حفصا قال: عمر بالحسين، وحفص بعلي بن أبي الحسين، ولا سواء، وأجاز المبرد، والسيرافي في إظهار المبتدأ في هذا، ويجب ايضًا حذفه بعد لا سيما؛ إذا ارتفع الاسم بعدها نحو: ولا سيما زيد (أي ولا سي الذي هو زيد)، وفي المصادر التي انتصبت توكيدًا لنفس الجملة إذا رفعت فعلى إضمار مبتدأ لا يجوز إظهاره نحو: {صنع الله}، و {صبغة الله}، و {وعد الله}، و {كتب الله} أي ذلك صنع الله. ويجوز حذف الخبر لقرينة نحو: قولك زيد لمن قال: من في الدار، وإذا قلت: زيد وعمرو قائم، فخبر الأول محذوف، وقيل خبر الثاني [وقيل بالتخيير بين أن تقدر المحذوف للأول، وبين أن تقدره للثاني، وإذا قلت: زيد قائم وعمرو، فخبر الثاني] محذوف، ولا يجوز: زيد قائمان وعمرو، وحكى أبو حاتم: هند وزيد قائم، فخبر هند محذوف، وقال ابن مالك: ومن الحذف الجائز بعد إذا الفجائية نحو: خرجت فإذا السبع، وحذفه بعد إذا هذه قليل، ونقول: الخبر بعد «إذا» إذا لم يدل دليل على حذفه، وجب ذكره نحو قوله تعالى: {فإذا هي حية تسعى} {فإذا هي بيضاء}، وأما في نحو: خرجت فإذا السبع،

فالخبر هو إذا الفجائية؛ وهي ظرف مكان أي خرجت فبالمكان الذي أنا فيه السبع، ويصح أن يجيء الحال بعد المبتدأ نحو: خرجت فإذا الأسد رابضًا، والخبر «إذا»، ويصح أن تكون معمولة للخبر نحو: خرجت فإذا زيد جالس، وسيأتي الكلام عليها في الظروف، إن شاء الله تعالى، ومن ذهب إلى أن المرفوع بعد لولا، ولوما للامتناع مبتدأ اختلفوا فقالا ابن الطراوة: الخبر هو الجواب وقال الجمهور: الخبر محذوف وجوبًا ولا يكون إلا كونًا مطلقًا، فإذا قلت: لولا زيد لكان كذا، فالتقدير: لولا زيد موجود، وذهب الرماني، والشجري، والأستاذ أبو علي إلى التفصيل فقالوا: إن كان كونًا مطلقًا وجب حذفه، أو مقيدًا، ودل على حذفه دليل، جاز إثباته وحذفه، أو لا يذل وجب إثباته، واختار ابن مالك هذا المذهب، وجعل مما يجوز حذفه، وإثباته قول المعري في صفة سيف: ... ... ... … فلولا الغمد يمسكه لسالا

والقائلون بالمذهب الأول: لحنوا المعرى، وتأوله بعضهم على إضمار أن، والتقدير: أن يمسكه، وأعربه بدلاً أي إمساكه، وبعضهم على أنه حال، وحكى الأخفش عن العرب أنهم لا يأتون بعد الاسم الواقع بعد (لولا) الامتناعية بالحال كما لا يأتون بالخبر، وزعم أنه إن ورد خبر لمبتدأ بعد (لولا) كان شذوذًا، أو ضرورة، وهو منبه على الأصل، ويجب حذف الخبر أيضًا في قسم صريح، مثاله: لعمرك، وأيمن الله، وأمانة الله، ويمين الله (أي قسمي)، وأجاز ابن عصفور في نحو: يمين الله أن يكون مبتدأ محذوف الخبر، وأن يكون خبرًا محذوف المبتدأ، وقدره: قسمي يمين الله؛ فإن كان المقسم به قد يستعمل لغير القسم، كان حذف الخبر جائزًا نحو: على عهد الله لأفعلن. فأما قولهم: كل رجل وضيعته، وكل ثوب وقيمته، مما الواو صريحة في المصاحبة، فمذهب البصريين أن الخبر محذوف وجوبًا وتقديره مقرونان، ومذهب الكوفيين أنه مبتدأ لا يحتاج إلى خبر، أو قامت الواو مقام مع، وهو اختيار ابن خروف، وقدره ابن أبي الربيع: كل رجل مع ضيعته، وضيعته معه، قال: وعلى هذا زيد وكتابه وعمرو وفرسه؛ إذا كانا لا يفارق أحدهما صاحبه، وتدخل عليه النواسخ نحو قوله:

فكان تنادينا وعقد عذاره … ... ... ... .... وقوله: ... ... ... ... .... فإني … وجروة ... ... ... ... ... ... أي تنادينا مع عقد عذاره، وعقد عذاره مع تنادينا، وفإنى مع جروة وجروة معي ومثله في الاستغناء: أنت أعلم وربك (أي أعلم بربك) (وربك أعلم بك)، فحذف من الأول ما دل عليه الثاني، ومن الثاني ما دل عليه الأول، فالكلام على هذا جملتان، وعلى تقدير البصريين جملة واحدة؛ فإن كانت الواو تحتمل المصاحبة، وتحتمل مطلق العطف، فلا يجب حذف الخبر نحو: زيد وعمرو، وأنت بزيد مع عمرو، فلك أن تقول: مقرونان، ولك أن تحذف اتكالاً على فهم السامع اللفظ مع الاقتران والصحبة، وفي الغرة: يرفع الاسم بواو منسوقة عليه كقولهم كل ثوب، وثمنه تقديره كل ثوب بثمنه، فنابت الواو عن مع والباء، فرفعت، وقال الكسائي: هذا كل ثوب، وهذا ثمنه، فحذف اختصارًا.

فأما أنت أعلم ومالك، فقال الجرمي: ومالك: معطوف على أنت لا على التشريك في الخبر الذي هو أعلم، بل هو بمنزلة شاة ودرهم (أي معطوف في اللفظ)، خبر في المعنى، لنيابته منابه فقولهم: الشاة شاة ودرهم الشاة مبتدأ، وشاة مبتدأ، ودرهم خبره، والجملة خبر الأول. وذهب أبو بكر بن طاهر: إلى أن «ومالك» معطوف على أعلم والأصل بمالك، وضعت الواو موضع الباء، فعطفت على ما قبلها، ورفعت ما بعدها في «ومالك»؛ وهو بمعنى الباء متعلقة بأعلم. وأما قول العرب (حسبك ينم الناس)؛ فذهب أبو عمرو بن العلاء، والجرمي: إلى أن ضمة حسبك بناء، وهو اسم سمى به الفعل، والكاف حرف الخطاب، وذهب الجمهور إلى أنها ضمة إعراب، فقيل مبتدأ محذوف الخبر لدلالة المعنى عليه، والتقدير: حسبك السكوت ينم الناس، وذهب جماعة منهم الأخفش: إلى أنه مبتدأ لا خبر له؛ إذ معناه اكتف، وهو اختيار أبي بكر بن طاهر. وأما «ضربي زيدًا قائمًا»، فذهب الجمهور إلى أن «ضربى» مرفوع على الابتداء، وذهب بعض النحويين إلى أنه فاعل لفعل محذوف تقديره: يقع ضربي زيدًا قائمًا، أو ثبت ضربي زيدًا قائمًا، ويدل على أنه مبتدأ دخول النواسخ عليه، والقائلون بأنه مبتدأ اختلفوا، فذهب ابن درستويه، والأخفش الأصغر:

إلى أنه لا خبر له؛ إذ هو واقع موقع ضربت أو اضرب، وهو نظير أقائم الزيدان، وقيل له خبر، واختلفوا، فذهب الكسائي، والفراء، وهشام، وابن كيسان، إلى أن الحال بنفسها هي الخبر، لا سادة مسده على خلاف بينهم في ذلك، فقال الكسائي وهشام: في هذه الحال ذكران مرفوعان أحدهما من صاحب الحال، والآخر من المصدر، ويجوز أن تؤكد الضميرين فتقول: ضربي زيدًا قائمًا نفسه نفسه، وضربك زيدًا قائمًا نفسك نفسك، وقال الفراء: لا ضمير فيها من المصدر، وقيل الخبر محذوف؛ فقال الأخفش، وتبعه عضد الدولة، واستحسنه أبو القاسم بن القاسم هو مصدر مقدر قبل الحال: تقديره: ضربه قائمًا، وقال الجرمي، وابن كيسان، وتبعهما الأعلم: الحال سدت مسد الخبر كالظرف، كأنك قلت: ضربي زيدًا في حال كونه قائمًا. والعرب تقول: أكثر شربي يوم الجمعة، فاستعملوا الحال استعمال الظرف وروى هذا عن أبي الحسن أيضًا، وقال الكوفيون فيما نقل عنهم ابن السيد، وابن هشام: الخبر محذوف بعد الحال تقديره: واقع أو يقع أو ثابت، وذهب سيبويه، وجمهور البصريين: على أنه زمان مضاف إلى فعله تقديره: إن كان الضرب لم يقع؛ إذا كان، وإن كان قد وقع يقدر؛ إذا كان، وكان هذه المقدرة تامة لا ناقصة، والحال من الضمير المستكن في كان، والعامل فيها كان، ومذهب الأخفش،

والفراء، والمبرد أن العامل فيها المصدر، فلو كانت الحال من زيد عمل فيها ما عمل فيه، وهو: ضربي، ولا تغني الحال عن الخبر؛ بل كنت تقول: ضربي زيدًا قائمًا شديد، وزعم ابن عصفور: أن هذا الخبر الذي قدره البصريون مما يجب حذفه، فقال ابن الحاج في نقده على ابن عصفور: عده نحو: ضربي زيدًا قائمًا مما يلزم فيه حذف الخبر خطأ، فلا مانع من قولك: ضربي زيدا إذا كان قائمًا، وإذ كان قائمًا، ولم يقل أحد: إن هذا خبر لا يثبت وكذلك أيضًا لا مانع يمنع ضربي زيدًا قائمًا حسن، وقد مثل أبو الحسن في الأوسط بقولك: سمع أذني زيدًا يقول ذلك حسن انتهى. ولو جئت بدل المصدر بأن والفعل فقلت: أن ضربت زيدًا قائمًا، وأن تضرب زيدًا قائمًا، منع ذلك الجمهور، وأجازه بعض الكوفيين، وقال ابن الأنباري: أبطل الكسائي، والفراء، وهشام أن تضرب عد الله قائمًا، واتفقوا على إجازة: الذي تضرب عبد الله قائمًا، وما تضرب عد الله قائمًا، على أن الذي، و (ما) بمعنى المصدر معناهما: ضربك عبد الله قائمًا، والمضاف إلى المصدر يجري مجرى المصدر، والمحفوظ المشهور أن يكون أفعل التفضيل فمثلوا بقولهم: أكثر شربي السويق ملتوتًا، وأكثر أكلي التفاحة نضيجة، وأخطب ما يكون الأمير قائمًا. [وفي الإفصاح: هذا الباب مقيس عند النحويين في كل مصدر]، وفيما أضيف إليه إضافة بعض لكل، أو كل للجميع، والمعنى: أن يكون المضاف إليه مصدرًا في المعنى نحو: أكثر شربي، واقل شربي، وأيسر شربي السويق ملتوتًا، وكل ركوبي الفرس ذراعًا ومثل ابن مالك بقوله: كل شربي السويق ملتوتًا،

وبعض ضربك زيدا بريئًا، ومعظم كلامي معلمًا، وقائمًا في قولك: ضربي زيدًا قائمًا حال كما ذكرنا من ضمير كان الذي يفسره المفعول الذي هو زيد، وزعم الزمخشري أنه يجوز أن يكون التقدير؛ إذ كنت قائمًا، وإذا كنت قائمًا؛ فتكون كان مسندة إلى ضمير فاعل الضرب، ولا يسوغ ذلك، غلا إن كان قد اقتصر على الفاعل لحذف المفعول، أو لكون المصدر لفعل لازم، فيتعين إذ ذاك تقدير: إذ كنت، وإذا كنت، وأجاز الأخفش: رفع قائم خبرًا عن أفعل مضافًا إلى (ما) موصولة بكان، أو يكون نحو: أخطب ما يكون الأمير قائم، ومنع ذلك سيبويه، ورفع ما كان انتصب حالاً بعد صريح المصدر لا يجوز، وأجاز ابن مالك رفعه على إضمار مبتدأ مقرون بواو الحال (أي وهو قائم)، وأجاز ابن الدهان: رفع قائم على أن يكون بمعنى ثابت، ودائم كما قالوا: الأمير بيننا قائم، والحرب قائمة على ساق، وهذا جار على قولهم ضربي زيدًا شديد، ولا خلاف في جوازه. ويجوز أن يقع الفعل موقع هذه الحال عند أبي الحسن، وهشام، وعن سيبويه المنع، وعن الكسائي، والفراء قولان: الجواز والمنع، وعن الفراء رد الحال إلى الاستقبال إذا كانت غير رافعة، وإبطال ذلك إذا رفعت فخطأ عنده: حسبك تركب، وأجاز هو، والكسائي حسبك تركب مسرعًا، وعن الفراء إنما

يمنع المضارع المرفوع، ويجوز أ، يقع موقع الحال الجملة الاسمية المصحوبة بواو الحال عند الكسائي والفراء، وعن سيبويه المنع، وقال الفراء: يرفع الاسم بواو مستأنفة نحو: قيامي إليك، والناس ينظرون والرطب، والحر الشديد، وقال ابن كيسان: يجوز في كل الأقوال، فإن عريت عن واو الحال نحو: مسرتك أخاك هو قائم، أجاز ذلك الكسائي فيما فيه ذكر، ومنعه الفراء، والبصريون على مذهب الكسائي في هذا الأصل، ويقتضي مذهب سيبويه المنع. وفي الواضح: قال الفراء من قال: حسن الزهر والشمس طالعة عليه، لم يجز: حسن الزهر الشمس طالعة عليه؛ لأن الواو رافع لا يحذف، وأجاز ذلك الكسائي، وأجاز الكسائي، والفراء: حسن الزهر الشمس طالعة إلا بإبراز الواو؛ لأنه لم يعد الذكر على الزهر انتهى. وإذا كنيت عن هذا المصدر قبل ذكر الحال نحو: ضربي زيدًا هو قائمًا، جاز ذلك عند البصريين والكسائي، وإعراب هو مبتدأ، وقائمًا حال سدت مسد خبره، والكسائي يرفع الضرب بالراجع من هو، ويرتفع هو بقائم، وقال الفراء: لا يجوز ذلك، وإذا قدمت هذه الحال على المصدر، منع ذلك الفراء سواء أكانت من مضمر، أم من ظاهر، وأجازه الكسائي، وهشام: إن كانت من مضمر نحو: مسرعًا قيامًا لا من ظاهر نحو: مسرعًا قيام زيد؛ فلو كان المصدر متعديًا، فالتقديم ممنوع عند الكسائي، والفراء، وهشام نحو: ملتوتًا شربك

السويق، وأجاز التقديم على المصدر البصريون سواء أكان المصدر متعديًا أم لازمًا فلو وسطت الحال بين المصدر ومعموله نحو: شربي ملتوتًا السويق لم يجز عند الكسائي، والفراء، وهشام، وحكى عن البصريين الجواز، ولعله لا يصح. ولو كانت الحال جملة اسمية بالواو والمصدر متعد، وتقدمت عليه نحو: وهو ملتوت شربك السويق، لم يجز عند الكسائي، والفراء، وهشام، أو لازم وتقدمت جاز ذلك عند الكسائي، ولم يجز عند الفراء نحو: وأنت راكب حسنك، وإذا تقدم معمول هذه الحال عليها نحو: ضربي زيدًا فرسًا راكبًا منع ذلك الفراء، وجاز ذلك عند الكسائي، والبصريين؛ فإن فرق بينهما لم يجزه الكسائي نحو: فرسًا في الدار راكبًا، وقياس قول البصريين الجواز. ويجوز دخول كان الناقصة على هذا المصدر، فتقول: كان ضربي زيدًا قائمًا، نص على ذلك السيرافي، وابن السراج، وقال ابن عصفور: هو قبيح، واتفقوا على جواز دخول لام إن، وفاء أما على الحال نحو: إن حسنك لراكبًا، وأما حسنك فراكبًا، واتفقوا على منع ما حسنك براكب، وإذا قلت: أما ضربيك فإنه حسنًا، وإما ضربيك فكان حسنًا، وإما ضربيك فظننته حسنًا، فيجوز على أن الحسن الضرب، فإن كان حسنًا صفة للياء، والكاف، أبطلها الفراء، وأجازهن كلهن الكسائي، وإذا قلت: عبد الله وعهدي بزيد قديمين، أو عبد الله والعهد بزيد قديمين، وإن عبد الله والعهد بزيد قديمين، وعبد الله وإن العهد بزيد قديمين أجازها كلها الكسائي، وهشام، وليس عن الفراء إجازة شيء منها، وأصحابه يردون على الكسائي، وهشام ذلك، وقياس البصريين المنع، ولا يجوز ذلك عند الكسائي وهشام إلا بالواو الجامعة، لا بالفاء، واتفقوا على جواز: أكثر لبسي الكتان، واختلفوا

في «أكثر ضربي زيد» برفع زيد فمنعها الكوفيون، وأجازها البصريون، وفي عبد الله أحسن ما يكون القيام فأجازها الزجاج، وقال: لا يجوز غيره، ومنعها المبرد، وأجاز ابن كيسان: أما ضربي زيدًا فكان قائمًا نفسه نفسه، الأولى لذكر زيد، والثانية لذكر الضرب، ولا يجوز على مذهب الفراء، ويجوز على مذهب الكسائي والبصريين، ومنع أبو علي: علمي بزيد كان ذا مال، وأجازها غيره على وجوه أسهلها بزيادة كان، ولا يجوز أن يقع المصدر موقع هذه الحال نحو: ضربي زيدًا قيامًا، وأجاز الكسائي إتباع هذا المصدر نحو: ضربي زيدًا الشديد قائمًا، وشربي السويق كله ملتوتًا، ومن النحويين من منع ذلك ومنهم الفراء، إذ لم يرد به سماع، وحكى الفراء: ضربي زيدًا القائم، وينبغي أن تكون (فيه) (أل) زائدة، وأجاز ابن عصفور، إجراء الاسم الذي لا حقيقة له في الوجود مجرى هذا المصدر فتسد الحال مسد خبره نحو: خيال لهند غائبة. وإذا ولى معطوفًا بالواو فقط على مبتدأ فعل، أو دائم لأحدهما واقع على الآخر نحو: عبد الله والريح يباريها، وأخوك والدنيا يذمها، فأجاز ذلك هشام لما كان يباريها فيه راجعان إلى عبد الله والريح، وكان النسق بالواو، كان البناء على عبد الله والريح يتباريان، أو الواو بمعنى مع أبي عبد الله مع الريح نحو: كل رجل وضيعته، ويباريها حال، قال ثعلب: فإذا رد إلى الدائم قبل مباريها، [وإذا كان يباريها خبرًا عنها، وصرف إلى الدائم أبرز المكني؛ فقيل مباريها] هو، كما تقول: يدك باسطها أنت.

وقد أجاز هشام: كل رجل وأخوه قائم، وخالفه في ذلك بعض الكوفيين، وجمهور البصريين لا يجيز هذه المسائل، ومن أجازها من البصريين جعل خبر المبتدأين محذوفًا تقديره: يجريان يباريها، ويباريها نصب على الحال، وقد استغنى بها عن الخبر لدلالتها عليه، وقالت العرب: (راكب الناقة طليحان) الأصل: راكب الناقة، والناقة طليحان، حذف المعطوف لوضوح المعنى، وقد أجاز هذه المسألة الكسائي، وهشام، فلو قدمت فقلت: طليحان صاحب الناقة أبطلاها، وقد تؤول طليحان على حذف مضاف أي أحد الطليحين، وأجاز بعضهم: غلام زيد ضربتهما بإعادة الضمير إليهما، وأجاز الكسائي، وهشام: زيد مع جاريته قاعدان حملت على الواو، وأبطل ذلك الفراء قال ابن الأنباري: واتفقوا كلهم على إجازة: الحليم مع الحليم يصطلحان، والسفيه مع السفيه يقتتلان، ويعني بالاتفاق اتفاق الكوفيين والله أعلم، وأجاز بعضهم زيد بكر أخوه ضاربهما: زيد مبتدأ، وبكر مبتدأ ثان، وأخوه مبتدأ ثالث، وضاربهما خبر أخوه، والجملة خبر بكر، والعائد عليهما من الجملة هما في ضاربهما. الأصل في المبتدأ: أن يكون معرفة، والأصل في الخبر أن يكون نكرة، وقد يكونان معرفتين، فقيل الخيار في جعل أيهما شئت المبتدأ، أو الخبر، وهو قول أبي علي، وظاهر قول سيبويه في باب كان، وقيل بحسب المخاطب؛ فإن علم منه أنه في علمه أحد الأمرين، أو يسأل عن أحدهما بقوله: من القائم فقلت في جوابه: القائم زيد فلا اختيار، فلو أحضر الأمرين فقال: هل أخوك زيد، فالخيار، وقيل المعلوم عند المخاطب هو المبتدأ، وغير المعلوم هو الخبر، وقيل: الأعم هو الخبر نحو: زيد صديقي إذا كان له أصدقاء غيره، وهو قول أبي بكر بن الضائع، وأجاز تقديم الخبر، وقيل لا يجوز على هذا صديقي زيد، وقيل إذا لم يكن له صديق إلا زيد قلت: زيد صديقي ويكون على الحصر، وقد ينكران.

وتتبع النحاة مسوغات الابتداء بالنكرة فمنها: الوصف {ولعبد مؤمن خير من مشرك}، وخلف موصوف كقول العرب: ضعيف عاذ بقرملة (أي: إنسان ضعيف)، وقد يكون الوصف محذوفًا، ومنه: السمن منوان بدرهم (أي منوان منه)، وكونه عاملاً نحو: {أمر بمعروف صدقة}، ويدخل فيه المضاف نحو: {خمس صلوات كتبهن الله على العباد}، أو معطوفًا على معرفة: زيد ورجل قائمان، أو معطوفًا عليه ما فيه مسوغ {طاعة وقول معروف} (أي أمثل)، أو مفصلاً: شهر ثرى، وشهرين ترى، وشهر مرعى، أو عامًا (تمرة خير من جرادة)، أو تعجبا: عجب لزيد، أو وليا استفهامًا نحو: أرجل في الدار، أو نفيًا: ما رجل عندنا، أو لولا لولا اصطبار لأودى كل ذي مقة … ... ... ... ...

أو واو الحال: سرينا ونجم قد أضاء … ... ... ... .... أو فاء الجزاء: «إن ذهب عير فعير في الرباط» أو ظرفًا مختصًا نحو: أمامك رجل، أو جارًا مختصًا: في الدار رجل، أو كان دعاء: ويل لزيد وسلام على عمرو، أو جوابًا نحو: درهم في جواب ما عندك، أو واجب التصدير اسم استفهام نحو: من عندك، وكم الخبرية نحو: كم عبد الله واسم شرط نحو: من يقم أقم معه، أو مصغرًا: رجيل عندنا أو محصورًا: إنما في الدار رجل، أو مثبتًا ومعناه الحصر: «شر أهر ذاناب»، «ومأرب دعاك إلينا لا حفاوة». و: قدر أحلك ذا المجاز ... … ... ... ...

أي ما أهر ذا ناب إلا شر. قيل: ولا يقال ذلك إلا في وقت جرت العادة في مثله أن لا يكون إلا لأم رمهم، أو في معنى الفعل على مذهب الأخفش نحو: قائم زيد، أو كونها لا تزاد لعينها على ما زاد ابن عصفور نحو: رجل خير من امرأة يريد واحدًا من هذا الجنس أي واحد كان خيرًا من كل واحدة من ذلك الجنس، وهذا الذي قاله راجع إلى العموم، إذ العموم عموم شمول، وعموم بدل نحو قوله: مرسعة بين أرساغه … ... ... .... هي نكرة لا تزاد لعينها: لأنه لا يريد مرسعة دون مرسعة، ولم يشترط سيبويه في جواز الابتداء بالنكرة، إلا أن يكون في الإخبار بذلك فائدة، [وأجمع النحاة على أنه لا يجوز: رجل في الدار، وعلى أنه يجوز في الدار رجل، وزعم ابن مالك أن من مسوغات الابتداء بالنكرة، تقدم جملة مشتملة على فائدة] تكون خبرًا عن النكرة نحو: قصدك غلامه رجل أجراها مجرى تقدم

الظرف، والمجرور المسوغين لجواز الابتداء بالنكرة، وأجاز سيبويه الابتداء بكم في نحو: كم مالك وأقصد رجلاً خير منه أبوه، وكم الخبرية عنده مثل الاستفهامية، ورد الفارسي قول سيبويه في: «كم» جريبًا أرضك، ولم يجز أن يكون أرضك الابتداء. وإذا اجتمع معرفة ونكرة، فالمعرفة مبتدأ، والنكرة الخبر، فأما قولهم: كم مالك، وأقصد رجلاً خير منه أبوه، فكم وخير عند سيبويه المبتدأ؛ إذ فيهما المسوغ، ووقعا مكان المبتدأ وتقول: ما أنت وزيد، فكذلك عند سيبويه، وغيره عكس، فجعل النكرة الخبر، والمعرفة المبتدأ. الأصل: تأخير الخبر، ويجب هذا الأصل؛ إن كانا معرفتين نحو: زيد أخوك، أو كانا نكرتين نحو أفضل منك أفضل مني، أو مشبهًا بالخبر المبتدأ نحو: زيد زهير شعرًا هكذا أطلق أكثر أصحابنا، وقيل إذا دل المعنى على تمييز المبتدأ من الخبر جاز تقديم الخبر نحو قوله: بنونا بنو أبنائنا وبناتنا … ... ... ... ...

أي بنوا أبنائنا بنونا، (أي مثل بنينا)، وإن لم يكن معنى يميز نحو: زيد أخوك فمجيز، ومانع، أو إن أخبر عنه بفعل رافع ضمير المبتدأ المتصل نحو: زيد قام أو لفظه نحو: زيد قام زيد، فإن كان المضير مثنى أو مجموعًا نحو: الزيدان قاما، والزيدون قاموا فمجيز، وهو مذهب الأخفش والمبرد، ومانع وهم باقي البصريين، فلو انفصل الضمير نحو: زيد ما قام إلا هو، أو سببًا نحو: زيد ما قام إلا أخوه جاز التقديم، فلو كان ظهرًا غير سبب نحو: زيد ضرب أبو بكر، يريد ضربه أبو بكر قبح التقديم، أو قرن بالفاء نحو: الذي يأتيني فله درهم أو بإلا نحو: {وما محمد إلا رسول}، وجاء في الشعر تقديمه هذا نحو: فيا رب هل إلا بك النصر يرتجى … ... ... ... ... ... أو بمعناها {إنما أنت نذير} أو قرن بلام الابتداء: لزيد قائم، أو كان ضمير الشأن هو زيد منطلق، أو شبهه: كلامي زيد منطلق أو كان خبرًا لأداة استفهام: أيهم أفضل، أو شرط: من يقم أقم معه، أو مضافًا لأحدهما: غلام أيهم أفضل، وغلام من يقم أقم معه، أو كان خبرًا لكم الخبرية نحو: كم غلام عندي

أو المضاف إليها: أجر كم أسير لي، أو خبرًا لضمير متكلم، أو مخاطب موصولاً تجوز تثنيته وجمعه، أو نكرة، أو معرفًا (بأل)، والصلة، والصفة قد عاد الضمير فيهما مطابقًا للمبتدأ في التكلم والخطاب، ومثاله: أنت الذي تضرب، وأنا الذي أضرب، وأنت رجل تضرب، وأنا رجل أضرب، وأنا الرجل أضرب، وأنت الرجل تضرب خلافًا للكسائي، فإنه يجيز التقديم فتقول: الذي تضرب أنت وكذا باقيها، أو خبرًا لما التعجبية نحو: ما أحسن زيدًا، أو لمبتدأ مستعمل مقدما عليه في مثل نحو «الكلاب على البقر»، و «أمت في الحجر لا فيك»، أو لمبتدأ فيه معنى الدعاء معرفة نحو: {لعنة الله على الظالمين}، أو نكرة نحو: ويح لزيد، وويل له، ولبيك، وخير بين يديك، أو جملة لا تحتمل الصدق والكذب نحو: زيد اضربه، وزيد هلا ضربته، أو خبر لما بعد أما نحو: أما زيد فعالم، أو خبرًا محذوفًا نحو: لولا زيد لكان كذا، وضربي زيدًا قائمًا، قيل أو خبرًا لمبتدأ بعد ما، وقد دخلت عليه الباء نحو: ما زيد بقائم على اللغتين، ويأتي إن شاء الله تعالى ذكر الخلاف في باب ما النافية، وذكر أبو سعيد على بن مسعود في كتاب المستوفى إذا كانت (إذا) خبرًا عن الحدث الذي بها يخبر عنه، لم يجز تقديمها؛ لأنها إذا وقعت صدر الكلام غلبت عليها المجازاة، ولا يجازى بالاسم المفرد أصلاً، ولهذا لم يجز أن تقول: إذا يقوم زيد قيامه، وإن كان قيامي إذا يقوم زيد انتهى. فأما هذا حلو حامض، فلا يجوز تقديم أحد الجزءين، قال ابن الدهان: ولا يجوز أيضًا

تقديمها، وقد أجازه بعضهم يعني تقديمهما معًا، أنشد أبو الفتح في التمام: بان الخليط الذي ما دونه أحد … عندي وإن لم يكن يرضى به أحد وجعل دونه، وعندي خبرين لأحد، وقد قدم أحدهما. ويجب تقديم الخبر إذا كان أداة استفهام نحو: أين زيد، أو مضافًا إليها نحو: صبح أي يوم السفر، خلافًا للأخفش، والمازني، فإنهما أجازا زيد كيف، وعمرو أين، أو مصححًا تقديمه الابتداء بالنكرة نحو: في الدار رجل، وخلفك امرأة، وقال ابن مالك ونحو: قصدك غلامه رجل انتهى. والكوفيون يرفعون ما بعد الظرف من نكرة، ومعرفة على الفاعلية، وأجاز الجزولي، والواحدي في كتابه في النحو: تأخير الخبر في الظرف والمجرور على ضعف نقله عنهما ابن عمرون، أو خبرًا دالاً بالتقديم على ما يفهم بالتأخير نحو قولهم: لله درك، ومن أبوك، ولله أنت وشبهه من الجمل التعجبية ونحو قولك: سواء على أقمت أم قعدت، على قول من أعرب الجملة الداخلي عليها

الهمزة، وما بعدها مبتدأ، وتقدم ذكر الخلاف في ذلك، وللسهيلي فيه مذهب غريب، وهو أن الجملة في موضع المفعول، وسواء مبتدأ لا خبر له، أو مسند دون أما إلى أن وصلتها نحو: معلوم أنك فاضل، وهذا على مذهب سيبويه، والجمهور، وأجاز تقديمه الفراء، والأخفش، وأبو حاتم، فإن وليتها أما جاز التقديم بلا خلاف نحو: أما أنك فاضل، فمعلوم أو مقرونًا المبتدأ بإلا نحو: ما في الدار إلا زيد، أو بمعناه إنما في الدار زيد، أو في المبتدأ ضمير يعود على شيء في الخبر نحو: في الدار ساكنها، وخلف دارك من يشتريها و: ... ... ... … ... ... ... ملء عين حبيبها أو مستعملاً مقدمًا في مثل نحو: في كل واد بنو سعد، أو دخلت الفاء على المبتدأ نحو: أما في الدار، فزيد أو تقدم، ودخل عليه الوصل نحو: والله لفي الدار زيد، وإن تقم، ففي الناس من ينكر قيامك، فإن قدمت المبتدأ بعد الوصل جاز نحو: والله لزيد في الدار، وإن تقم فمن ينكر قيامك في الناس، أو كان اسم إشارة ظرفًا نحو: ثم زيد، وهنا بكر، قيل أو كان الخبر كم الخبرية نحو: كم درهم

مالك، أو مضافًا إليها نحو: صاحب كم غلام أنت، ولما ذكر ما يجب فيه تأخير الخبر، وما يجب فيه تقديمه دل على أن ما سوى ذلك يجوز فيه التقديم، والتأخير، وفي بعض ذلك خلاف؛ قال ابن مالك، ويجوز نحو: في داره زيد إجماعًا، وليس كما ذكر، بل ذكر النحاس فيها، خلافًا عن الأخفش فيمنعها إذا ارتفع زيد بالظرف، وأجاز ذلك البصريون على الابتداء والخبر والكوفيون، وقياس قولهم أنه لا يجوز ذلك، فإن كان الخبر مشتملاً على ضمير عائد على ما أضيف إليه المبتدأ نحو: في داره قيام زيد، وفي دارها عبد هند، جاز ذلك عند البصريين، والأخفش وغيره، ومنع الكوفيون المسألتين، ونقل النحاس المنع عن الأخفش إن رفع بالظرف، ولو كان الخبر مضافًا إلى ضمير يعود على مضاف إليه نحو: غلامه محبوب زيد، أو جملة مصدرة بمضاف إلى ضميره نحو: أبوه ضربه عمرو، فنقل ابن كيسان أن ذلك لا يجوز إجماعًا فلو زدت اسمًا فقلت: أبوه ضربه عمرو، فنقل ابن كيسان أن ذلك لا يجوز إجماعًا فلو زدت اسمًا فقلت: أبوه ضربه عمرو وزيد والفعل لعمرو، والهاء في أبوه لزيد، جاز ذلك في قول البصريين على التقديم والتأخير، وأجاز البصريون: قائم زيد، وقائم أبوه زيد، وقام أبزه زيد، وضربته زيد، وضرب أخاها زيد هند ... وذهب الكوفيون إلى منع تقدم الخبر في هذه المسائل كلها، ونقل عن الكسائي، والفراء أنهما يجيزان التقديم، إذا لم يكن الخبر مرفوعًا نحو: ضربته

زيد، ويمنعان ذلك مع المرفوع نحو: قائم زيد، وذهب ابن الطراوة إلى أنه لا يجوز قائم زيد؛ لتركبه من واجبين، ويجوز: زيد أخوك؛ لأنه مركب من واجب، وجائز صار بالتأخير واجبًا، وتقدير مذهبه موضح في الشرح، وإذا التبس المبتدأ بضمير اسم ملتبس بالخبر نحو: زيد أبوه ضرب، أو يضرب جاز من قول البصريين وهشام، وهي خطأ من قول الكسائي، والفراء، فلو كان مكان الفعل اسم فاعل نحو: زيدًا أبوه ضارب، جازت من قول البصريين، والكسائي وهشام، وأحالها الفراء، وفي البسيط في مثل زيدًا أجله أحرز، قال أكثر المتقدمين بحيلها، وجوزها هشام.

فصل

فصل الخبر مفرد، وجملة هذا تقسيم الجمهور، وذهب ابن السراج إلى أن الظرف، والمجرور قسمٌ برأسه، وليسا من قبيل المفرد، ولا من قبيل الجملة، وزعم أبو علي أنه مذهب حسن، المفرد مشتق، وغيره، المشتق متحمل ضميرًا، وغير متحمل، المتحمل ضميرًا هو ما صح له أن يرفع الظاهر، ولو في محمل خاص، أو في لغة ضعيفة مثاله: زيد قائم، وزيد مضروب، وزيد أفضل، وغير المتحمل نحو: هذا مفتاح، وهذه الأرض مسبعة، وزيد ضحكة، وبكر ضحكة، وغير المشتق يجري مجرى المشتق نحو الصفات التي ليست بمشتقة نحو: جرشع، ولوذعى، وجامد ضمن معنى المشتق نحو: قرشي وأسد بمعنى شجاع، فحكمه حكم المشتق في تحمله الضمير، وجامد لم يضمن معنى المشتق، فنقل ابن مالك عن الكسائي أنه يتحمل الضمير، ونقل صاحب الإنصاف، وصاحب البسيط أنه مذهب الرماني، والكوفيين إلا الكسائي وحده، وقال ابن مالك: كلا المشتق وغيره مغاير لفظًا متحد به معنى لا لفظًا نحو: زيد قائم، وكذا بكر، ومتحد به لفظًا دال على الشهرة، وعدم التغيير نحو قوله: أنا أبو النجم وشعري شعري

وأنت أنت، ومغاير له مطلقًا، دال على التساوي في الحكم حقيقة نحو قوله تعالى: {وأزواجه أمهاتهم} أو مجازًا نحو: ومجاشع قصب ... ... ... … ... ... ... ... وقائم مقام مضاف {هم درجات عند الله} ومشعر بلزوم حال: زيد صوم، ونهارك صائم، وتقسيمه المفرد كذا تكثير. وإذا رفع المشتق ظاهرًا لفظًا نحو: زيد قائم أبوه، أو محلاً نحو: زيد مغضوب عليه لم يتحمل ضميرًا، أو إذا جرت الصفة على من هي له، فذكر ابن مالك أنه يستكن الضمير بإجماع نحو: زيد هند ضاربته، وليس كما ذكر بل لك ألا تبرزه، ولك أن تبرزه، فإذا أبرزته فعلى وجهين: أحدهما: أن يكون تأكيدًا للضمير المستكن في الصفة. والثاني: أن يكون فاعلاً بالصفة فلا ضمير فيها، ويظهر الفرق بين التقديرين في التثنية والجمع، وقد أجاز هذين الوجهين سيبويه في: مررت برجل مكرمك هو، فعلى تقدير أن يكون الضمير فاعلاً تقول: مررت برجلين مكرمك هما، وعلى

تقدير أن يكون توكيدًا تقول: مكرمتك هما، ولو كان الخبر فعلاً، فلا تأتي بالضمير نحو: زيد هند يضربها، وهند بشر تضربه، إلا على التأكيد، لا على أن يكون فاعلاً فتقول: يضربها هو، هكذا أطلق معظم النحويين، ويعرض اللبس في الفعل، كما يعرض في الصفة، إذا كان التساوي نحو: زيد عمرو يضربه، وهند دعد تضربها، والزيدان العمران ضرباهما، فإذا خيف اللبس في الفعل، كرر الظاهر الذي هو الفاعل فتقول: زيد عمرو يضربه زيد، فيضربه زيد في موضع خبر عمرو، والرابط له به الضمير العائد عليه، وعمرو مبتدأ، وهو خبره في موضع خبر زيد، والرابط له تكرار المبتدأ الذي هو زيد. وزعم ابن مالك أنه إذا خيف من اللبس في الفعل، وجب إبراز الضمير، وإذا جرت على غير من هي له، فمذهب البصريين وجوب إبرازه ألبس نحو: زيد عمرو ضاربه هو، ويرتفع هو على الفاعلية، أو لم يلبس نحو: زيد هند ضاربها هو، إلا في مسألة واحدة وهي قولك:: مررت برجل حسن أبواه جميلين، فلم تقل جميلين هما، وذهب الكوفيون إلى أن الضمير إما أن يتقدم له ما يعود عليه، أو لا، إن لم يتقدم برز نحو: مررت برجل مكرمه أنت؛ فإن تقدم، وألبس برز نحو: زيد عمرو ضاربه هو، إذا أردت أن زيدًا ضرب عمرًا، وإن لم يلبس جاز أن يبرز، وأن لا يبرز نحو: يدك باسطها أنت، وهند زيد ضاربته هي، وحكم هذا الوصف إذا جرى على غير من هو له خبرًا، أو نعتًا أو حالاً، جاز فيه هذا التفصيل، والخلاف المذكور. والمبتدأ والخبر بالنسبة إلى التذكير والتأنيث، إن كان المبتدأ هو الخبر من جهة المعنى، فتجوز المخالفة بحسب اللفظ نحو: الاسم كلمة، وفاطمة هذا

الرجل، إذا كان اسمه فاطمة، وإن كان غيره صفة، فالموافقة، وقد يخالف إن كان التأنيث غير حقيقي كقوله: ... ... .... … والعين بالإثمد الحاري مكحول أي عضو أو شيء مكحول، أو جامدًا فلا يكون إلا على التحقير نحو: هذا الرجل امرأة، أو على التنكير نحو هذه المرأة رجل، وبالنسبة إلى الإفراد والجمع، فإن كانا مفردي اللفظ والمعنى، فالمطابقة نحو: زيد قائم إلا إذا كان ذا أجزاء، فتجوز المخالفة حيث سمع نحو: هذا الثوب أخلاق، وهذه البرمة أعشار، ولا يقاس عليه، فيقال: هذا الرجل أعضاء؛ وإن كان منقسمًا إلى أعضائه، فإن كان عكسه والخبر، يقبل التثنية والجمع، وهو جامد، فلا يجوز إلا على نحو: قولك هذا الرجل أسد فتقول: الرجال رجل واحد تريد في أنهم على قلب رجل واحد، أو على مذهب واحد، أو مشتق فالمطابقة نحو: الرجال قيام، ولا يكون مفردًا إلا بتقدير موصوف مفرد اللفظ دون المعنى نحو قوله: ألا إن جيران العشية رائح … ... ... ...

(أي جمع رائح) وليس جيدًا، وقيل: إن أريد بالجمع كلية، جاز إفراد الخبر نحو: ... ... .... … ... ... ... .... وهن صديق أي وكل واحدة منهن صديق؛ وإذا لم يقبل تثنية، ولا جمعًا كأفعل التفضيل؛ فإن كان بمن، فهو في معنى الجمع، أو مضافًا إلى جامد اسم جمع جاز نحو: هؤلاء أول حزب، وأحسن قبيل، أو غيره لم يجز أن تقول: هؤلاء أول رجل، بل أول الرجال، أو إلى مشتق، فمجيز بلا تأويل نحو: هؤلاء أول طاعم، ومجيز بتأويل حذف اسم جمع (أي أول حزب طاعم)، وهو المبرد، أو على معنى الفعل (أي أول من طعم) وإن كان المبتدأ مفرد اللفظ، مجموع المعنى، والخبر صفة، جاز أن يفرد نحو: الجيش منهزم؛ أو جامد فلا يفرد، غلا بحسب القصد قال الزجاج الجيش رجل يكره؛ لتوهم التقليل، أما إذا عرف المعنى فيسوغ نحو: جيشهم إنما هو فرس، ورجل يريد خيل، ورجال (أي ليسوا بكثير الاتباع) وإن كان مجموع اللفظ مفرد المعنى، كرجل يسمي كلابًا، فحكمه حكم ما هو مفرد اللفظ والمعنى.

والجملة اسمية، وفعلية، فالاسمية يندرج فيها المصدرة بحرف عامل في المبتدأ كـ «ما» الحجازية، وأن تقول: زيد ما هو قائمًا، وزيد إنه قائم، فإن وما عملت فيه في موضع الخبر على مذهب البصريين، ومنع ذلك الكوفيون، والمصدرة باسم الشرط غير معمول لفعله نحو: زيد من يكرمه أكرمه، ويندرج في الفعلية المصدرة بحرف، أو اسم شرط، أو معمول للشرط نحو: زيد إن يقم أقم إليه، وزيد أيهم يضرب أضربه، والمضارع العامل في ظرف مستقبل نحو: زيد يقوم غدا باتفاق، والداخل عليه حرف التنفيس باختلاف نحو: زيد سيقوم، أو سوف يقوم أجاز ذلك الجمهور ومنعها بعض المتأخرين، والفعلية المتقدم عليها معمولها نحو: زيد عمرو ضرب أو يضرب، وبعض المتأخرين منع من ذلك. فإن كانت الجملة طلبية، جاز وقوعها خبرًا، خلافًا لابن الأنباري، ومن وافقه من الكوفيين نحو: زيد اضربه، وزيد لا تضربه، وليست على إضمار القول خلافًا لابن السراج، ويجوز أن تكون قسمية خلافًا لثعلب نحو: زيد أقسم بالله لأضربنه، والمتفق عليه وقوعه خبرًا من الجمل، هي الجملة الخبرية، وقد يعرض لها ما لا يسوغ لها ذلك، كدخول لكن عليها وبل وحتى، وقد يمتنع وقوع الجملة غير الخبرية خبرًا وذلك جملة النداء نحو: زيد يا أخاه، وزيد يا عمر إليه. والجملة الواقعة خبرًا، إما أن تكون متحدة بالمبتدأ معنى، فلا تحتاج إلى رابط، وذلك ما كان خبرًا عن مفرد يدل على جملة كحديث، وكلام، ومنه ضمير الشأن والقصة، والمضاف إلى حديث أو قول نحو: كلامي لا إله إلا الله،

وأفضل الكلام لا إله إلا الله، وهو زيد قائم، وهي هند ضاحكة، فإن لم يكن كذلك فلا بد من رابط، والرابط ضمير المبتدأ نحو: زيد ضربته، أو إشارة إليه: {ولباس التقوى ذلك خير} في أحد محتملاته وبه مثل ابن عصفور، وقال ابن الحاج: ويلزم على قوله أن يجوز زيد قام هذا أو ذاك، وليس الأمر عندي كذلك، فأكثر ما ورد ذلك إذا كان المبتدأ صلة، أو صفة، فيحتاج إلى إعادته بلفظ الإشارة المستعمل فيما بعد كذلك، وذاك وأولئك، ويكون له موقع ليس للضمير، لأنه ليس في الضمير دلالة على البعد، ومن ذلك: {إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك} {والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسًا إلا وسعها أولئك} انتهى. وتكرار المبتدأ بلفظه نحو: زيد قام زيد، ونص سيبويه على ضعفه، وقال الأعلم: إنما يجيء في الشعر انتهى، وأكثر ما يكون ذلك في موضع التعظيم للشيء، أو التهويل نحو: {الحاقة ما الحاقة} {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين} (أي ما هي) (وما هم)، كرر بلفظه تعظيمًا، وشرط بعضهم في تكرار المبتدأ بلفظه أن يكون موضع تهويل، وتعظيم، ولم يشترطه سيبويه، وقد أجاز النحاة: أجل زيد أحرز يدًا، والعموم نحو:

أما القتال فلا قتال لديكم … ... ... .... وزيد نعم الرجل على قول الجمهور، وعطف جملة بالفاء فيها ضمير المبتدأ على جملة عارية من الضمير، وهي خبر المبتدأ نحو: زيد جاءت هند فضربها، ففي ضربها ضمير الفاعل عائدًا على المبتدأ، فهذه خمسة روابط متفق عليها قاله ابن عصفور. وقال ابن الحاج ودت في الأسئلة التي سأل عنها ابن ولاد أبا إسحاق الزجاج قال؛ لأنه لا يجوز: «ما زيد يطير الذباب، فيغضب» عند البصريين قال: ويجوز عند الكوفيين، ومثل أيضًا بقوله: ما الطائر الذباب فيغضب زيد ... قال: ولا يجوز أن ينصب (فيغضب) على مذهب الكوفيين إلا على مذهب أهل البصريين، ونص أيضًا هناك على أنه يجوز: ما زيد قائمًا عمرو إن قام، ومثله في ذلك: زيد يقوم عمرو إن قام، فهذه مسألة جائزة، وهي خارجة عما عقد، فإنه لا ضمير في الجملة، التي هي خبر، وإن قام جملة أخرى متصلة بالخبر، وفيها ضمير يرتبط به المبتدأ، وليست معطوفة بالفاء كما شرط انتهى، ودل ذلك على أن قول ابن عصفور باتفاق ليس كما ذكر، وأجاز هشام: وقوع الواو مكان الفاء نحو: زيد جاءت هند وضربها، ومنع ذلك الجمهور.

والرابط المختلف فيه تكرار المبتدأ بمعناه لا بلفظه نحو: زيد جاء أبو بكر، إذا كان أبو بكر كنية له أجاز ذلك الأخفش، وتبعه ابن خروف، ومنعه الجمهور، ووقع المضمر مكان مظهره الذي اتصل به الذكر العائد على المبتدأ نحو: قوله تعالى: {والذي يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربصن بأنفسهن} التقدير: يتربصن أزواجهم أجاز ذلك الأخفش، والكسائي، ومنعه الجمهور، وقال ابن الحاج: خرج على حذف مضاف (أي الزواج الذين يتوفون) وقال الكسائي: يتربصن أزواجهم، وقال الأخفش: بعدهم أو بعد موتهم، وقال المبرد: أزواجهم يتربصن حذف المبتدأ انتهى. ووقع المضمر عائدًا على المبتدأ، بدلاً من بعض ما في الجملة الموضوعة موضع خبره نحو: حسن الجارية أعجبتني هو، فحسن مبتدأ، والجملة بعده خبر، ولا رباط فيها، لكنه ربط بالبدل من الضمير المستكن في أعجبتني، فهو بدل منه وإذا كان الرابط الضمير، إن كان مرفوعًا لمي جز حذفه، كان مبتدأ، أو غيره، وقيل: إن كان مبتدأ جاز حذفه نحو: ... ... ... ... ... ... … ... ... ورب قتل عار

أي هو عار، وفي البسيط: زيد هو قائم، يجوز حذف (هو) فتقول: زيد قائم، والصحيح أنه لا يجوز، وإن كان منصوبًا بغير فعل، لم يجز حذفه نحو: زيد كأنه أسد، أو بفعل ناقص، لم يجز حذفه نحو: الصديق كأنه زيد، أو تام غير متصرف لم يجز حذفه نحو: زيد ما أحسنه خلافًا للكسائي، وأحد قولي الفراء؛ فإنه يجوز حذفه عندهما، أو متصرف، فمذهب البصريين أنه لا يجوز حذفه إلا في الشعر، وسواء أكان يؤدي إلى تهيئة العامل للعمل، وقطعه عنه نحو: زيد ضربه عمرو، أو لم يؤد نحو: زيد هل ضربته؟ ونصوا على شذوذ قراءة ابن عامر {وكلا وعد الله الحسنى}، وقال ابن أبي الربيع: يجوز في قليل من الكلام، ومنه قراءة ابن عامر، وذهب هشام إلى أنه يجوز: زيد ضربت في الاختيار. وذهب الفراء، ومن وافقه من الكوفيين إلى أنه لا يجوز حذفه، إذا كان المبتدأ اسم استفهام نحو: أيهم ضربت، أو كلا نحو: كل رجل ضربت، وكلا نحو: كلاهما أجيد مستريضا وكلتا نحو: كلتا جاريتيك ضربت، وفي نعم، وبئس نحو: نعم الرجل لقيت على مذهبه في أن «نعم الرجل» مبتدأ، وقال النحاس: أجاز سيبويه: زيد ضربت في الشعر، ومنع ذلك الكسائي، والفراء، وأصحاب سيبويه، وعن

الفراء: يجوز حذفه في كل اسم لا يكون إلا في صدر الكلام مثل: كم، وأي، وفي كل اسم لا يتعرف نحو: من، وما، ولم يجز ذلك في زيد، وعمرو، ودعوى ابن مالك الإجماع، في كل وما أشبهه في العموم باطلة؛ إذ لم يقل به إلا الفراء في نقل، وإلا الفراء، والكسائي في نقل آخره. وإن كان مجرورًا بإضافة، فلا يجوز حذفه، كان أصله النصب، أو لم يكن نحو: زيد أنا ضاربه، وزيد قام غلامه، هذا نقل أكثر أصحابنا، وإطلاقهم، وقال بعضهم: يجوز حذفه إذا كان أصله النصب، أو مجرور بحرف، وأدى إلى تهيئة وقطع لم يجز حذفه نحو: زيد مررت به، أو لم يؤد جاز نحو: السمن منوان بدرهم (أي منه)، على احتمالات في هذا المثال ذكرها ابن الحاج في نقده على ابن عصفور؛ ومثال حذفه: أما العلم فعالم (أي به)، ويا أيها الرجل غض الطرف تريد غض الطرف منه، وكلام ابن مالك في حكم الضمير العائد رابطًا على المبتدأ منفرد من تسعة أوجه يوقف عليها في الشرح.

فصل

فصل يقع الظرف، والجار والمجرور التامان خبرًا للمبتدأ نحو: زيد أمامك، وبكر في الدار، والعامل فيه اسم فاعل من كون مطلق أي كائن أمامك، وكائن في الدار، قال ابن مالك: نص على ذلك الأخفش، وأومأ إليه سيبويه، وذهب أبو علي، وتبعه ابن جني، والزمخشري إلى أن العامل الفعل أي زيد استقر أمامك، ونسب هذا إلى سيبويه، وذهب سيبويه، فيما ذهب إليه ابن أبي العافية، وابن خروف إلى أن الظرف منصوب بنفس المبتدأ قال ابن خروف، وهو مذهب متقدمي أهل البصرة وذهب الكسائي، والفراء، وهشام، وشيوخ الكوفيين إلى أن المحل ينتصب بخلافه للاسم، ولا يقدر له ناصب، لا قبلهن ولا بعده، وخالفهم ثعلب، فقال المحل ينتصب بفعل محذوف، والمحل نائب عنه، فيضمر فيه من ذكر الاسم ما يضمر في الفعل، وقال البصريون التقدير: كائن

في ذا الموضع، قاله في الواضح، والمنقول عن البصريين: أن الظرف الواقع خبرًا يتحمله ضمير المبتدأ تقدم على المبتدأ أو تأخر، وهو رافع للضمير، والسببي إن جاء بعده، وذهب الفراء إلى أن المحل إذا تأخر تحمل ضميرًا، وإذا تقدم لم يتحمله، ومع تحمله إذا تأخر يرفع الضمير والظاهر قبله، وذهب ثعلب إلى أنه يضمر فيه ما يضمر في الفعل الذي صار نائبًا عنه من ذكر الاسم، وذهب ابن كيسان إلى أن ما ينسب للظرف من خبرية وعمل، إنما هو للعامل فيه، والضمير الذي تحمله الظرف يجوز أن يؤكد فتقول: إن زيدًا خلفك هو نفسه نحو. ... ... ... ... .... … فإن فؤادي عندك الدهر أجمع وتقول: زيد خلفك أبوه، فأبوه مرفوع بالظرف على الفاعلية، ويجوز أن يرفع على الابتداء، والظرف خبره، والجملة من المبتدأ والخبر خبر عن زيد هكذا تلقينا هذا الإعراب من أفواه شيوخنا، وزعم السهيلي: أنه لا يصح ارتفاع الاسم بعد الظرف، والمجرور على الفاعلية، بل على الابتداء، وإن كان في موضع خبر، ونعت، وتوهم قوم أ، مذهب سيبويه أنه يجوز أن يرتفع بالظرف على الفاعلية انتهى.

وقيل: يرتفع بالظرف، والجار والمجرور على الفاعلية لا غير، وقد جاء الجمع بين العامل، والظرف في الشعر قال: ... ... ... ... ... ... … فأنت لدي بحبوحة الهون كائن وذهب الجمهور إلى أنه لا يقع ظرف الزمان خبرًا عن الجثة من غير تفصيل سواء كان الظرف منصوبًا أم كان مجرورًا بفي، وتأولوا ما ورد من قولهم: اليوم خمر، وغدا أمر، والهلال الليلة، والربط شهري ربيع، والطيالسة ثلاثة أشهر، والصيد شهري ربيع، وزيد حين بقل وجهه، وزيد حين طر شاربه، والجباب شهرين، والثلج شهرين، والحجاج زمان ابن مروان، ومتى أنت وبلادك، وشأني إذا أردت نجيعًا، وأجاز ذلك قوم بشرط أن يكون فيه معنى الشرط نحو: الرطب إذا جاء الحر، وذهب بعض المتأخرين إلى جواز ذلك إذا أفاد، وإن لم يكن فيه معنى الشرط، وإذا وصفت الظرف، ثم جررته بفي، جاز وقوعه خبرًا للجثة نحو: نحن في يوم طيب، ونحن في يوم صائف، وقال أبو الحسين بن عبد الوارث: الهلال الليلة. هو على ظاهره لأن الهلال يكون ظاهرًا، ثم

يستتر، ثم يظهر باختلاف الأحوال به جرى مجرى الأحداث التي تقع مرة، وتزول أخرى، فجاز جعل الزمان خبرًا عنه، وقال ابن السراج «لو قلت الشمس اليوم، والقمر الليلة، لم يجز»، وقال السهيلي: «لو قلت: زيد حين بقل وجهه عمر، أو أريد يوم بقل وجهه، لم يجز انتهى»، وإذا عمت إضافة معنى إليه نحو: أكل يوم ثوب تلبسه، وأكل ليلة ضيف يومك، أو عم هو واسم الزمان خاص نحو: نحن في شهر كذا، أو سئل به عن خاص نحو: في أي الفصول نحن، أو في أي شهر نحن، أو في أي عام نحن من خلافة فلان، جاز.

فصل

فصل الظرف الزاني إن وقع خبرًا لجثة فقد تقدم الكلام عليه، وإن وقع خبرًا لزمان، فإن كان غير أيام الأسبوع كان على قدر المبتدأ، ويرفع نحو: زمان خروجك الساعة؛ فإن كان أعم جاز الرفع والنصب تقول: زمان خروجك يوم الجمعة، فترفع على المجاز، وتنصب على الحقيقة، وإن كان في أيام الأسبوع، فالرفع نحو: اليوم الأحد إلا الجمعة والسبت، فيجوز فيه رفع اليوم، ونصبه هذا مذهب البصريين، وأجاز الفراء، وهشام: الرفع والنصب في اليوم مع سائر الأيام، والعيد، والأضحى، والفطر، والنيروز، والمهرجان يجرى مجرى الجمعة، والسبت في جواز الرفع والنصب في اليوم، إذا كان خبرًا عنها، وقد أجاز سيبويه: اليوم يومك بنصب اليوم، وتقتضي قواعد البصريين مع أسماء الشهور الرفع نحو: الوقت الطيب المحرم، وأول السنة المحرم، ولا يجوز النصب في شيء منها، وإن وقع خبرًا لمصدر معرفة فالرفع والنصب، أو نكرة نحو: ميعادي يوم أو يومان، فالبصريون والفراء يجيزون الرفع، والنصب، كالمعرفة، والتزم هشام فيه الرفع، هذا نقل

ابن الأنباري، وحكى السيرافي، وتبعه ابن مالك أنه يجوز فيه الرفع والنصب باتفاق معرفة كان أو نكرة، وحكى النحاس عن الكوفيين رفعه نكرة ونصبه معرفة. وحكى غيرهم التفصيل عن الكوفيين؛ فإن كان معدودًا فالاختيار الرفع، وقل النصب نحو: القتال يومان، أو غير معدود فالنصب أحسن، هذا كله في المصدر غير المستغرق؛ فإن كان مستغرقًا نحو: صومك اليوم، فالبصريون يجيزون فيه الرفع والنصب؛ والكوفيون يلتزمون فيه الرفع، والمضاف إلى المصدر كالمصدر نحو: أفضل قيامك يوم الجمعة، برفع اليوم ونصبه، ويجوز انتصاب المصادر على الأوقات، ولم يشترط الكوفيون أن يكون المصدر معلوم الوقت، ولا نقل أحفظه عن البصريين، إلا أن الزجاج شرط ذلك نحو: قدوم الحاج، وخفوق النجم، فلو قال: لا أكلمك قيام زيد، وزمان القيام مجهول، لم يجز ذلك عنده. وإذا كان المصدر الواقع خبرًا للزمان أعم منه، جاز الرفع والنصب نحو: زمان خروجك خلافة الحجاج، أو مساويًا فالرفع نحو: زمان خروجك خفوق النجم، أو خبرًا لغير زمان، جاز عند البصريين الرفع والنصب من غير تفصيل تقول: قيامي صياح الديك، وخروج الأمير، وخروجكم، ويجوز الرفع على قبح، وفصل الكوفيون فقالوا: إن كان معدودًا فالرفع أحسن نحو: خروجي خلافة الحجاج، أو غير معدود، فالنصب خاصة إن كان أعم نحو: ولادة زيد ظهور الأزارقة، والمقدر بالمصدر لا يجرى مجرى المصدر في انتصابه وقتًا، لا يجوز خروجنا إن يصيح الديك، ولا ما يصيح الديك، وإذا أخبر بالمصدر عن مصدر لا يراد به زمن، وجب الرفع نحو: ظني بك الصدق أي مظنوني، أو صاحب ظني، وكذلك إذا كان نوعًا منه نحو قول العرب: جلوس القرفصاء، فالرفع لا غير. وإذا أخبرت عن ذات بمصدر، لا يلبس أن الخبر فاعل جاز باتفاق نحو قولك: أكللك الحم، وشربك السويق، وأجاز ذلك البصريون، وإن ألبس نحو: ضربك

زيد، وإكرامك أخوك، ولا يجيز ذلك الكوفيون، وأجاز هشام أكثر ما ضرب زيد، لأنه لا يلبس، لأن زيدًا مضروب لا ضارب، وعلى هذا يجوز ما تضرب زيدًا، وأن يضرب زيد، والذي تضرب زيد، ولو صرح بالمصدر لم يجز نحو: ضربك زيد خلافًا للبصريين كما تقدم.

فصل

فصل الظرف المكاني المتصرف، إن وقع خبرًا لمكان، جاز فيه الرفع والنصب نحو: مكاني خلفك، وقالت العرب: منزلي شرقي الدار، برفع شرقي ونصبه؛ فإن كان الظرف المكاني مختصًا فالرفع نحو: موعدك ركن الدار، أو المسجد: أو المقصورة، فأما قولهم: موعدك باب البردان، وباب الطاق، فالرفع، وروى فيه النصب على معنى ناحية باب البردان، وناحية باب الطاق، وما استعمل بالنصب من هذه المختصات لا يقاس عليه لو قلت: موعدك بيت المقدس أو مدينة أبي جعفر، أو طاق الحراني، فلا يجوز النصب، ولو قصد الناحية، وقال [الشمال، يجوز نصبه وما لا يصلح فيه «في» اختير نصبه نحو: منزلي خلفك، ويجوز رفعه. وقال] الكوفيون: ما يصلح فيه «في» من المحال اختير رفعه في أخبار المواضع نحو: منزله ذات اليمين، وذات الشمال، ويجو نصبه، وما لا يصلح فيه «في» اختير نصبه نحو: منزلي خلفك، ويجوز رفعه، وإن وقع خبرًا لمصدر نحو: القتال خلفك، والضرب قدامك، فالنصب، وإن وقع خبرًا لاسم غير مكان ولا مصدر، وكان مضافًا إلى نكرة نحو: زيد خلف حائط، وبكر وراء جبل فالاتفاق على جواز الرفع والنصب أو إلى معرفة، فالرفع والنصب عند البصريين مطلقًا، والنصب عند الكوفيين إن لم يملأه، فإن ملأه، فالرفع عندهم أحسن من النصب، أو كان غير مضاف، وكان مصحبًا بمن، فالرفع والنصب نحو: زيد قريبًا منك، وقريب منك، وناحية من الدار، وناحية من الدار، وقالت

العرب: هل قريبًا منك أحد، والأكثر في «بعيد» النصب، وكلام العرب أن بعيدًا منك الماء برفع الماء، ونصبه قليل. وإن كان غير مصحب بمن، وفيه (أل)، فالرفع والنصب عند البصريين، والرفع فقط عند الكوفيين نحو: زيد الأمام أو اليمين أو الشمال، وإن كان بغير (أل)، وعطف عليه منكور مثله، فالاختيار عند الكوفيين الرفع، ويجوز النصب على غير اختيار، والبصريون يسوون بينهما نحو: القوم يمين وشمال، وزيد مرأى ومسمع، ويجوز النصب، أو لم يعطف عليه مثله نحو: زيد خلف، أو أمام، فالرفع والنصب عند البصريين، والرفع لا غير عند الكفويين. فإن كان الظرف مختصًا لم يجز أن يقع خبرًا لا برفع ولا بنصب نحو: زيد دارك، غلا فيما سمع نحو قولهم: زيد جنبك يعنون ناحية جنبك، ومثله زيد جنبيك، وجانبيك، وقالت العرب: لها خطان جانبي أنفها، وجانبتي أنفها، ولا يقاس عليه زيد ركن الدار لا برفع، ولا بنصب. وقالت العرب: زيد قصدك، نصبوا على المحل، المعنى: مكان قصدك، ولم يقولوا: زيد قيامك، ولا عمرو قعودك، وهم يغنون المكان، وقصدك لا يقاس عليه غيره، وأجاز سيبويه: زيد قصدك، بالرفع من حيث أجاز زيد خلفك، ولم يجزه الفراء، وقال سيبويه يقال: هو صددك وصقبك وقربك وصددك قصدك، وصقبك قربك، والرفع جائز عنده على قول من يقول: زيد خلفك، وقال أ؛ مد بن يحيى: «صدك وصقبك مصدران، وصددك وصقبك مكانان، واسمان كالنقض والنقض انتهى».

وتقول: ظهرك خلفك، ورجلاك أسفلك، ونعلاك أسفلك بالرفع والنصب، وقرئ: «والركب أسفل منكم» بهما، وفوقك رأسك، وتحتك رجلاك بالنصب لا غير، وقيل يجوز الرفع فيما كان في الجسد كقولك: فوقك رأسك، وتحتك رجلاك، ولو قلت: فوقك فلنسوتك، وتحتك نعلك بالرفع، لم يجز، وكلام العرب: النصب كان في الجسد أو في غيره، والرفع في القياس، والنصب في هذا كله، كلام العرب في الجسد، والقلنسوة. ومن أحكام المحل أنه لا ينعت، ولا يؤكد، فمن قال: زيد خلفك المخصب، وعمرو وراءك المجدب، وزيد عندك نفسه، على أن نفسه مؤكد عندك أحال وأخطأ، ومن قال زيد الخلف ومنزلك الأمام نعت الخلف وما أشبهه، فقال: الخلف الطيب، والأمام المخصب؛ فإن أكده فقال: الخلف نفسه لم يجز. ويكثر رفع الوقت المتصرف من ظرف الزمان، وظرف المكان بعد اسم عين مقدر إضافة بعد إليه، والمؤقت هو المحدود كيوم، ويومين، وثلاثة أيام، وفرسخ وميل تقول: زيد مني يومان، أو فرسخان أي: بعده مني، فلو كان مختصًا لم يجز، لا برفع، ولا بنصب كما سبق، غلا أن يقصد المقدار، وقام على ذلك دليل نحو: زيد مني المسجد الجامع، فلا يكون فيه إذ ذاك إلا الرفع، حكى الكسائي، والفراء: زيد مني الكوفة على هذا المعنى، وأجاز الفراء: هو مني مكان الحائط منك نصبًا، ورفعًا: النصب على المحل، والرفع بتأويل قدره مني كقدر مكان الحائط منك ويجرى مجرى الظرف في ذلك المصدر قالوا: هو مني فوت اليد، ودعوة رجل، وعدوة فرس بالرفع، والنصب؛ النصب على المحل، والرفع على

إضمار القدر، وقيل: هو على تقدير بيني، وبينه فوت اليدي كما قدر في هو مني فرسخان (أي بيني وبينه) هذه المسافة، فلا يكون فيه النصب، وإذا أردت بقولك مني في: (زيد مني) أي من أتباعي قلت: فرسخين بالنصب، وتقدير سيبويه ذلك بقوله: أنت مني ما دمت تسير فرسخين، وتقدير غيره: ما سرنا فرسخين، هو تفسير معنى، والناصب للظرف هو العامل في مني (أي كائن من اتباعي) في هذه المسافة. وقالوا: داري خلف دارك فرسخًا، فانتصب فرسخًا عند سيبويه على التمييز، وعند المبرد على الحال، وخلف دارك خبر داري، وأجاز الفارسي فيه التمييز والحال، ويجوز رفع فرسخ إذا ألغيت خلف دارك، ويقوى الإلغاء إذا قلت: من خلف دارك، وقال يونس: من لا تضعف الظروف؛ وإن جرت بها. وقالت العرب: هو مني وزن الجبل: أي مقابله، وهم زنة الجبل (أي حذاؤه)، ونصبهما على المحل، ويجوز رفعهما على إضمار القدر، فإن لم تذكر مني، وما يدل على المضمر، فرفع الوزن، والزنة على السعة لا يجوز عند الكوفيين، وهو صحيح في قول البصريين، يجري مجرى زيد خلفك، وإذا قالوا: زيد قرابتك في المكان من الأرض، وزيد قرابتك في النسب والشرف، لم يحتمل عند الكوفيين إلا النصب، ورفعه، ونصبه جائز عند البصريين وإذا قالوا: الماء وراءك فرسخًا، أو ميلاً، أو ميلين انتصب على التمييز.

وقال أحمد بن يحيى: هو على تقدير على فرسخ، ولم يوافقه عليه أحد من الكوفيين انتهى من الواضح. ومن مسائل هذا الباب أجاز يونس، وهشام: زيد وحده، ومنعه الجمهور؛ وهو مسموع من العرب، جعلته خبرًا: أي زيد مكان التفرد، ولهشام في جواز تقديمه على المبتدأ قولان: الجواز والمنع، أجراه في المنع مجرى: زيد أمره الأول، وسعد قصته الأولى، وزيد إقبالاً وإدبارًا. وقول العرب: زيد وحده يدل على ضعف من زعم انتصابه على الحال، أو على أنه اسم جرى مجرى المصدر. وقال الكسائي: تقول العرب: القوم خمستهم، وخمستهم، بالرفع والنصب، وكذلك عشرتهم، من رفع رفع بالقوم، ومن نصب ذهب بها مذهب وحدهم، ولم يقل وحده إلا بالنصب في هؤلاء المواضع وقال سيبويه: لا يجوز زيد دونك بالرفع، وأنت تريد المكان، وأجازه غيره، وقال الفراء: سواك، ومكانك، وبدلك ونحوك، ودونك، لا تجعل أسماء مرفوعة على اختيار، وربما رفعوا، قال أبو ثروان: أتاني سواءك، وقال الفراء: أيضًا الرفع في سوى، وبدل، وغيرهما أقوى منه في دون؛ لأن انفراد هذه الحروف أكثر من انفراد دون، فقد قالوا: هما سواء وتقول: زيد مثلك بالرفع، ولا يجوز فيه النصب، خلافًا للكوفيين، فإنه عندهم من القسم الثاني من قسمة المحال؛ وهو قرنك وسنك، وشبهك، ولدنك، ومثلك»، إذا وقع خبرًا، أو نعتًا، جاز أن يعرب إعراب

الأسماء، وجاز أن ينصب تقول: زيد سنك وسنك، ومررت برجل مثلك ومثلك، فإذا وقع فاعلاً رفع، ولم ينصب نحو: قام مثلك وسنك. وقال هشام: لدنك وقرنك، لا يكونان إلا معرفتين، فلا ينصبان على المحل، ولا يجوز نصب شيء من ذلك عند البصريين، إلا إن كان تابعًا لمنصوب، أو معمولاً لناصب، وليس نصبه نصب الظرف. وفي الواضح: إذا اجتمع المحلان متفقي المعنيين، وفق بين إعرابيهما فقيل عبد الله مثلك وشبهك، وشبهك، ومثلك، وكذلك قرنك سنك، وإن خولف بين إعرابيهما لم يستنكر فيقال: عبد الله مثلك سنك برفع الأول، ونصب الثاني، وعبد الله مثلك سنك، بنصب الأول على المحل، ورفع الثاني على التكرار أي عبد الله مثلك، عبد الله شبهك؛ فإن اختلف معنيا المحلين، فالاختيار: أن يخالف بين إعرابيهما. فتقول: عبد الله مثلك سواك، وإن وفق بينهما فليس مردودًا، وقالت العرب هو مثله هدياه، وهو مثله مهيدية، وهي مثلها هدياها، وهي مثلها مهيديتها، رفعوا إذا رفعوا مثل، ونصبوها إذا نصبوا، ولا لهما إلا التبعية لمثل، ولا ينفردان فيهما كقولهم: حسن بسن، وشيطان ليطان، وعطشان نشطان، وقال الفراء في قول الشاعر: هو الخبيث عينه فراره … ممشاه مشى الكلب وازدجاره فرراه معناه كمعنى عينه، وإعرابه كإعراب مهيديتها بعد مثلها. وتقول: هي مثلك شرواك، فالاختيار في شروى الاتباع لمثل. ويجوز أن يختلف الإعراب؛ لأن شروى قد ينفرد فليس كمهيداه. أنشد أحمد بن يحيى: أنى له شرواك يالميس

وأنت خود بادن شموس … مثل المهاة بالربا تميس وإذا قطع الظرف عن الإضافة، وبني على الضم: لم يجز أن يقع خبرًا، ولا وصفًا، ولا حالاً، ولا صلة. ووهم الزمخشري في جعله «ما فطرتم» مبتدأ، وما مصدرية، و «من قبل» في موضع الخبر تقديره: ومن قبل تفريطكم في يوسف.

فصل

فصل يغني عن خبر اسم عين باطراد: مصدر يؤكده مكررًا نحو: زيد سيرا سيرا، أو محصورًا: إنما أنت سيرا، هكذا مثله ابن مالك، ومثله سيبويه بما، وإلا، سوءا أكان فيه (أل) نحو: ما أنت إلا الضرب الضرب، أم لم تكن، أو أضيف نحو: ما أنت إلا سير البريد، أم لم يضف، والخبر في هذه الصور لا يجوز إظهاره، والسير متصل بزمان الإخبار لم ينقطع؛ فإن أردت أنه سار ثم انقطع، أو أنه يسير في المستقبل أظهرت في الفعل فقلت: ما أنت إلا تسير سيرًا. قاله سيبويه، ويجوز أن يرفع المحصور، والمكرر فتقول: ما أنت إلا شرب الإبل، وزيد سير سير، وإذا أخبرت بمصدر عن عين، فمذهب سيبويه: أن ذلك على سبيل المبالغة، جعلت المصدر عين الذات مبالغة، ومذهب الكوفيين أنه محرف عن أصله، فزيد عدل معناه عادل، ومذهب المبرد أنه على حذف مضاف، ومن كلام العرب: (إنما العامري عمته)، أي تعميمه، أقام الهيئة مقام المصدر فأغنت عنه، والأصل يتعمم تعميمه، وجاء أيضًا: إنما العامري عمامته،

فعمامته مفعول به أي يتعهد عمامته ومنه: {الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا} أي قالوا ما نعبدهم، {فأما الذي أسودت وجوههم أكفرتم} أي فيقال لهم أكفرتم. وقالت العرب: «حسبت أن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي»، وقالوا أيضًا فإذا هو إياها، فأما هو هي فظاهر إعرابه؛ وهو مبتدأ وخبر على حد: زيد زهير، وأما هو إياها فعلى إضمار الفعل (أي فإذا هو يساويها) أي في اللسع، فلما حذف الفعل انفصل ضمير النصب، وهذه المسألة تسمى الزنبورية، وهي التي جرى فيها الكلام بين الكسائي، والفراء، وبين سيبويه، واختلف النقل فيها عن الفريقين، وروى الأخفش من قول العرب: زيد قائمًا، الأصل زيد ثبت قائمًا، وقرأ علي كرم الله وجهه: «ونحن عصبة»، وقال بعض العرب: «حكمك مسمطا» أي حكمك لك مثبتًا، فهذه أخبار حذفت، واكتفى بالمفعول، والحال عنها وذلك قليل. وإذا تعدد المبتدأ في اللفظ، أو في المعنى [فخبره مطابقه في اللفظ أو في المعنى] نحو: الزيدان قائمان، والزيدان قائم وقاعد، وزيد وعمرو شاعران، وزيد وعمرو شاعر، وكاتب، والزيدون قائمون، والزيدون قائم،

وقاعد، ومضطجع، وزيد وعمرو وبكر قائمون، وزيد وعمرو وبكر شاعر، كاتب، وفقيه. وإذا اتحدا لفظًا ومعنى؛ ففي جواز تعدد الخبر مع اتحاد المبتدأ خلاف، منهم من أجازه مطلقًا سواء أكان الخبران فصاعدًا من قسم المفرد، أم من قسم الجمل، أم مركبًا منهما نحو: زيد كاتب شاعر، وزيد أبوه قائم أخوه خارج [وهند منطلقة أبوها خارج، وزيد أمه منطلقة خارج]، ومنهم من قال: لا يقتضي إلا خبرًا واحدًا؛ فإن قضيته أكثر فلا بد من حرف التشريك نحو: زيد قائم ومنطلق، أو زيد قائم أخوه وأبوه مسافر، إلا أن تريد اتصافه بذلك في حين واحد، فيجوز نحو: هذا حلو حامض (أي مز)، وهذا عسر يسر أي أضبط؛ فإن كانا وقتين فلا يجوز نحو: زيد ضاحك راكب، هذا هو اختيار من عاصرناه من الشيوخ. وقد أجاز سيبويه: (هذا رجل منطلق) أي أنهما خبران على الجمع وكذلك أجاز: هذا زيد منطلق على الجمع، ولم يأت بحرف العطف في الثاني، وقيل تدخل واو الجمع. وقال الأخفش: قولهم: هذا حلو حامض، وهذا أبيض أسود، إنما أرادوا هذا حلو فيه حموضة، فينبغي أن يكون الثاني صفة للأول، وليس قولهم: (إنهم جميعًا خبر واحد بشيء) انتهى.

والجمهور على أنهما خبران في معنى خبر واحد، ولا يجوز الفصل بينهما، ولا تقدمهما على المبتدأ عند الأكثرين، ولا تقدم أحدهما وتؤخر الآخر، وأجاز ابن جني تقديم أحد الخبرين على المبتدأ، وكل منهما متحمل ضمير المبتدأ، ونقل لي عن أبي علي أنه ليس إلا ضمير واحد تحمله الخبر الثاني. وثمرة هذا الخلاف تظهر إذا جاء بعدها اسم ظاهر نحو قولك: هذا حلو حامض رمانه، فإذا لم يكن في الأول ضمير تعين ارتفاع الرمان بالثاني؛ وإن كان فيه ضمير كانت المسألة من باب التنازع على الخلاف الذي في السببي المرفوع، وتقول: زيد في الدار عندك، فمن أجاز أن يكون كل واحد منهما خبرًا، والآخر صلة له، والأولى أن يكون أسبقهما الخبر.

فصل

فصل إذا توالت مبتدآت، ففي الإخبار عنها طرق: أحدها: أن تخبر عن آخرها مجعولاً هو وخبره خبر متلوه، والمتلو مع ما بعده خبر متلوه إلى أن تخبر عن الأول بتاليه مع ما بعده. ويضاف غير الأول إلى ضمير متلوه مثال ذلك: زيد هند الأخوان، الزيدون ضاربوهما عندها بإذنه، والمعنى: الزيدون ضاربو الأخوين عند هند بإذن زيد. الطريق الثاني: أن يجاء بعد خبر الأول بروابط المبتدآت أول لآخر، وتال لمتلو مثال ذلك: زيد أمه أخواها عمها قائم، والمعنى عم أخوي أم زيد قائم. الطريق الثالث: ما تركب من هذين الطريقين، وهو ضربان أحدهما: أن يتقدم بعض المبتدآت المعراة، ويتأخر بعض عن المعرى، فيحتاج الأول إلى ضمائر آخره كقولك: زيد عمرو هند أبوها أخوه منطلق من أجله عنده، وتلخيصها أخو أبي هند منطلق من أجل عمرو عند زيد. والضرب الثاني: عكس الضرب الأول تقول: زيد غلامه أبوه عمرو العمران منطلقان من أجله عنده. وتلخيصه: العمران منطلقان من أجل عمرو عند أبي غلام زيد، وقد يتركب تركيبًا آخر ثلاثيًا بأن يتقدم المعرى، ثم تثنيه بالمشتغل، ثم تثلثه

بالمعرى، وبالعكس، فيكثر المفروض مثل الطريق الأول من الموصولات: الذي التي اللذان التي أبوهما أختها أخواك أخته زيد، فلا تدخل العرب موصولاً على موصول، بل هذه التراكيب كلها من وضع النحويين، ولا يوجد نظائرها في لسان العرب. واعلم أن الخبر مرتبط بالمبتدأ ارتباط المحكوم به بالمحكوم عليه، فلا يحتاج إلى حرف يربط بينهما، وقد لحظ في بعض الأخبار معنى ما يدخل الفاء فيه، وهو الشرط والجزاء، فيدخل وجوبًا في خبر المبتدأ الذي يكون بعد أما نحو: أما زيد فقائم، وتحذف في الضرورة نحو قوله: فأما القتال لا قتال لديكم … ... ... ... ... أي فلا قتال، وفي مقارنة قول أغنى عنه المقول قال تعالى: {فأما الذين أسودت وجوههم أكفرتم}، (أي فيقال لهم أكفرتم)، وجوازًا في خبر مبتدأ عام موصول بظرف، أو مجرور تام، أو جملة لا تقبل أداة شرط، أو نكرة موصوفة بأحد ذلك، وخص ذلك ابن الحاج بكل وحدها، وكان الخبر مستحقًا بالصلة، أو الصفة هذا باتفاق نحو: الذي عند السلطان فمعظم، والذي في بيت السلطان فمحفوظ، والذي يأتيني فله درهم، وشرط ابن الحاج أن لا يدخل على المبتدأ ما ينافي الشرط كالنفي، والاستفهام، فلا يجوز: ما الذي يأتيني فله درهم، ولا هل الذي يأتيني فله درهم، وكذلك كل رجل، ولم أجد من نص على هذا. انتهى.

وكذلك كل رجل عند السلطان فمعظم، وكل الذي في بيت السلطان فمحفوظ، وكل رجل يأتيني فله درهم، ومعنى دخول الفاء في هذا جوازًا أنه يجوز لك أن تراعى أن الخبر مستحق بالصلة أو بالصفة، فتدخل الفاء، ولا بد أولاً أن يراعى هذا المعنى، فيمكن أن يكون مستحقًا له، أو لغيره، فلا يدخل، فهما معنيان يجوز لك أن تراعى هذا، وأن تراعى هذا، ونص ابن الحج: على أنه يجوز أن تكون اسمية نحو: الذي هو يأتيني فله درهم، والذي هو في الدار فكذا قال، ولا مانع من ذلك، فإن كان الموصول، أو الموصوف ليس فيه عموم، وعني به خاص؛ ففي جواز دخول الفاء عليه خلاف، والصحيح المنع. ولذلك زعم هشام أن الموصول إذا أكد، أو وصف، لا يجوز دخول الفاء على خبره نحو: الذي يأتيني نفسه مكرم، والذي يأتيني الظريف مكرم، لأنه يزول بذلك عن العموم، ولا يحفظ دخول الفاء مع التأكيد، والنعت من كلام العرب. وإن استوفى الشرط غير العموم. فإن كان الموصول ذا (أل)، وهو عام فمذهب سيبويه أنه لا يجوز دخول الفاء، وذهب المبرد إلى جواز ذلك، قال: نحو قوله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا} وتأول ذلك سيبويه. فإن كانت الصلة مصدرة بأداة الشرط نحو: الذي إن يأتيني أكرمه مكرم، فالصحيح أنه لا يجوز دخول الفاء، وهو مذهب ابن السراج، والفارسي،

وأجاز ذلك بعضهم نحو: الذي إن تطلع الشمس ينظر إليها فهو صحيح النظر، وفي البسيط: الذي إن يأتني أحسن إليه فله درهم، وأي من يأتني أكرمه فله درهم، وهو جائز عند النحويين سيبويه، والمبرد وغيرهم، وكذلك سائر أخواتهما يعني أخوات (إن). انتهى. وهذا يحتاج إلى تحرير في النقل، وذكر ابن الحاج: أن سيبويه لم يذكر ما شرطه الفارسي، وابن السراج قال ولا مانع من جواز ذلك. انتهى. فإن كانت الصلة مصدرة بماضي المعنى، فلا يجوز دخول الفاء، وأجاز ذلك بعضهم فيقول: الذي زارنا أمس فله درهم؛ فإن كان الفعل لا يقبل أداة الشرط لكونه مصدرًا بحرف استقبال كالسين، وسوف، ولن أو بقد، أو بما النافية نحو: الذي ما يؤذيني له درهم، لم تدخل الفاء، وقيل: لا يشترط قبول الفعل الواقع صلة، أو صفة لأداة الشرط، وأجاز: الذي ما يؤذيني فله درهم، ولو كان المبتدأ موصوفًا بالموصول، ففي دخول الفاء خلاف، وصحح بعض أصحابنا المنع، أو مضافًا للموصول نحو قوله: ... ... ... ... ... ... ... … فكل الذي حملته فهو حامل

جاز دخول الفاء؛ فإن كان فاعل الفعل الواقع صلة، أو صفة ليس بعام؛ لكونه عائدًا على غير الموصول، أو الموصوف لمي جز دخول الفاء نحو: الذي أصحبه فمكرم، وأجاز ذلك بعضهم، وليس من شرط النكرة العامة أن يكون بلفظ كل، خلافًا لبعضهم، بل يجوز: رجل عنده حزم فهو سعيد، وعبد لكريم فما يضيع، ونفس تسعى في نجاتها فلا تخيب، وأجاز الفراء ضارب عمرًا فله درهم؛ لأن معناه كل رجل ضارب عمرًا، والصحيح أن ذلك لا يجوز، وقل دخول الفاء في خبر كل مضافًا على غير موصوف، كقول بعض السلف: كل نعمة فمن الله، أو إلى الموصوف بغير ما ذكرته من الثلاثة نحو قوله: كل أمر مباعد أو مدان … فمنوط بحكمة المتعالي وأجاز الأخفش: دخول الفاء على خبر المبتدأ، الذي لا يشبه أداة الشرط نحو: زيد فمنطلق، وأجاز الفراء، وجماعة منهم الأعلم دخولها في خبر المبتدأ، الذي لا يشبه أداة الشرط، وخبره أمر، أو نهي نحو: زيد فاضربه، وزيد فلا تضربه، وأجاز أبو إسحاق في قوله تعالى: {هذا فليذوقوه حميم وغساق} إن (هذا) مبتدأ، و {فليذوقوه} خبر، والصحيح المنع، وفي كتاب النقد لابن الحاج: زيد فاضربه، وزيد فليقم جائز عند الأخفش، والفراء،

وجماعة، ونقل ذلك الفارسي، وابن جني، وحملاً عليه قوله: يا رب موسى أظلمي وأظلمه … فاصبب عليه ملكا لا يرحمه وأجاز الفراء أيضًا زيدًا فليقم، على تأويل: مر زيدًا فليقم. انتهى، وذهب أبو الحسن إلى أن المبتدأ الموصول إذا ضمن معنى الشرط لا يعمل فيه ما قبله. ومذهب الجمهور جواز دخول الناسخ؛ فإن كان إن وأن ولكن فالخلاف في جواز دخول الفاء في خبرهن، والصحيح الجواز، قال تعالى: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم}، {واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه} وقال: ... ... ... ... ... … ولكن ما يقضي فسوف يكون وخص ابن عصفور، جواز دخول الفاء ف يخبر (إن) وحدها، وفي دخولها

في خبر لعل خلاف، والصحيح المنع، وأما ليت وكأن، فالنص على أنه لا يدخل في خبرهما بلا خلاف، وأجاز الفراء: دخولهما في خبر (إن) إذا كان اسمها موصوفًا بالموصول نحو: إن الرجل الذي يأتيك فله درهم، والصحيح المنع، ولو أعملت (إن) في اسم آخر، وأخبر عنه بالموصول أو بالموصوف النكرة نحو: إنه الذي يأتيني فله درهم، وإن زيدًا كل رجل يأتيه، فله درهم جاز دخول الفاء؛ وإن كان الناسخ من باب كان بلفظ الماضي فلا يجوز أن تدخل الفاء في خبرها، أو بلفظ المضارع فظاهر قول ابن السراج: جواز دخول الفاء، فتقول: يكون الذي يأتيني فله درهم، ويكون كل رجل يأتيني فله درهم، وإن كان الناسخ (ما) النافية، فلا تدخل الفاء في خبرها؛ وإن كان من باب ظننت والفعل تحقيق نحو: علمت، فظاهر قول ابن السراج الجواز، فتقول: علمت الذي يأتيني فله درهم؛ وإن كان لا تحقيق فيه نحو: ظننت فلا يجوز دخول الفاء لا تقول: ظننت الذي يأتيني فله درهم، والأخفش يجيز ذلك على زيادة الفاء. وإذا جئت بالفاء في خبر ما فيه معنى الجزاء، لم يجز العطف عليه قبل الفاء عند الكوفيين، وأجاز ابن السراج نحو: الذي جاءني وزيد فلهما درهم.

باب كان وأخواتها

باب كان وأخواتها اتفقوا على نصبها ما بعد المرفوع، فقال الجمهور: انتصابه على أنه خبر مشبه بالمفعول، وقال الفراء: انتصب تشبيهًا بالحال، وعن الكوفيين انتصب على الحال، واختلفوا في المرفوع، فذهب البصريون إلى أنه مرفوع بها، شبهت كان بالفعل الصحيح نحو: ضرب، فعمل عمله، وزعم الفراء أنه ارتفع لشبهه بالفاعل، وقال غيره من الكوفيين: أنه باق على رفعه الذي كان في الابتداء عليه، وكلها أفعال إلا ليس، وذهب ابن السراج، وابن شقير، والفارسي في أحد قوليه، وجماعة من أصحابه إلى أنها حرف، وذهب الجمهور إلى أنها فعل ووزنها فعل بكسر العين، فخففت، ولزم التخفيف، وكان قياسها إذا أسندت

لتاء المتكلم، أو المخاطب كسرها، وقد نقله الفراء والأكثر فتح اللام، وروى لست بضم اللام، وهو يدل على بنائها على فعل بضم العين كهيؤ، أو بفتحها فخففت شذوذًا وهذه الأفعال: كان، وأضحى، وأصبح، وأمسى، وظل، وبات، وصار، تعمل موجبة، ومنفية، وصلة (لما) الظرفية، وغير صلة وليس موضوعة للنفي، ودام صلة (لما) الظرفية المراد بها، وبصلتها التوقيت نحو: لا أكلمك ما دامت الشمس طالعة؛ أي زمان دوام الشمس طالعة، ولا يستعمل الدوام مكانها فيقال: لا أكلمك دوام الشمس طالعة، وزال وانفك، وبرح، وفتئ، وزاد بعض البغداديين: ونى، وزان ابن مالك «رام»، قيل وبمعنى صار آض، وعاد، وآل، ورجع، وحار، واستحال، وتحول، وارتد، وجاء في المثل وقعد. وألحق قوم منهم الزمخشري، والجزولي، وابن عصفور،

وأبو البقاء: غدا وراح بمعنى صار، والفراء: أسحر، وأفجر، وأظهر، ولم يذكر على ذلك شاهدًا، وقيل يدخل في هذا الباب كل فعل يجيء المنصوب به بعد المرفوع لا يستغنى عنه تقول: قام زيد كريمًا، وذهب زيد متحدثًا، وعاش الفتى مجاهدًا في قومه، وذهب الكوفيون: إلى أن هذا وهذه إذا أريد بهما التقريب، والاسم الواقع بعدهما لا ثاني له في الوجود، نحو كيف أخاف الظلم، وهذا الخليفة قادمًا، وكيف أخاف البرد، وهذه الشمس طالعة، أو كان معه معبرًا به عن جنسه، لا عن واحد بعينه نحو: هذا الصياد أشقى الناس، وما كان من السباع غير مخوف، فهذا الأسد مخوفًا، كان ذلك من هذا الباب فيعربون، هذا تقريب، والمرفوع به اسم التقريب، والمنصوب خبر التقريب، وأجازوا التعريف في الخبر فيقولون: وهذا الخليفة القادم، وهذه الشمس الطالعة، واختلفوا في توسيط خبر التقريب، فأجازه الكسائي ومنعه الفراء، ويأتي الكلام في كل فعل تقدم إن شاء الله تعالى. وتدخل الأفعال التي تثبت أنها من هذا الباب على المبتدأ الذي لا يلزم تصديره، احتراز من نحو: أسماء الشرط، وأسماء الاستفهام، ولا يلزم حذفه احتراز من نحو: مررت بزيد العالم، وشبهه، مما قطع للرفع من المنعوت، ولا عدم التصرف، احتراز من «أيمن» في القسم، ومثل ابن مالك بقوله تعالى: {طوبى لهم وحسن مئاب}، وقرئ «وحسن» بالنصب، عطفًا على طوبى،

أو الابتدائية لنفسه نحو: أقل رجل يقول ذلك، ومثل ابن مالك بقوله: «نؤلك أن تفعل» وليس بتمثيل صحيح، فقد دخل على نولك الناسخ قالوا: «ما كان نؤلك أن تفعل»، أو مصحوب لفظي، وهو المبتدأ بعد لولا، وبعد «إذا» الفجائية، أو معنوي مثل (ما) التعجبية، وفي نحو: لله درك، وما جرى مثلاً نحو: الكلاب على البقر، ولا أخبر عنه بجملة طلبية، وندر قوله: وكونى بالمكارم ذكريني … ... ... ... .... ومن المبتدأ الذي لا يدخل عليه النواسخ قولهم: خطيئة يوم لا ألقاك فيه، وخطيئة يوم لا أصيد فيه.

قال في النهاية: لأنه يتقدر بما يدخل عليه الناسخ؛ إذ المعنى: ما يوم لا أصيد فيه إلا خطأ، وما يوم لا ألقاك فيه إلا خطأ، ولم أر هذا النظم في شعر عربي، ولا شعر مولد، إلا في شعر البحتري قال: خطيئة ليلة تمضي ولما … يورقني خيال من سعاد أراد ما ليله لا يؤرقني فيها خيال سعاد إلا خطأ، وهذا شيء ذكره أبو علي في كتاب الشعر انتهى. ومن ذلك المبتدأ الذي دخلت عليه لام المبتدأ نحو: لزيد قائم، وحسبك من قولهم: «حسبك ينم الناس» ويسمى المرفوع بعد هذه الأفعال اسمًا، وفاعلاً، والمنصوب خبرًا، ومفعولاً، والظاهر من كلام سيبويه أنه لا يكون لها إلا خبر واحد؛ وهو نص ابن درستويه، وقيل يجوز تعدده، وهو مبني على جواز تعدد خبر المبتدأ، والمنع أقوى؛ لأنها شبهت بضرب. وتختص (دام)، والمنفي (بما) بعدم دخولها على مبتدأ ذي خبر مفرد طلبي نحو: أين، وكيف، ومتى، لا تقول: لا أصحبك أين ما دام زيد، ولا أين ما كان زيد، ولا متى ما صار القتال، ولا أين ما زال زيد، ولا كيف ما أصبح زيد، ويجوز: أين لم يكن زيد، وأين كان زيد، ومتى لم يصر القتال، وأين لم يزل زيد، ولا يجوز أين ليس زيد، خلافًا للأستاذ أبي علي، وفي النهاية: لا يجوز أين ما زال زيد عند البصريين؛ لأن خبر ما زال لا يتقدم عليها، وأجازه

الكوفيون، وذكر الحسين بن موسى الدينوري، وهو صاحب كتاب ثمار الصناعة أن قومًا أجازوا: كان زيد ما أحسنه، وكذلك إن وظننت. قال: هو باطل. وسميت هذه الأفعال نواقص؛ لكونها لا تكتفي بمرفوعها، وقيل سميت بذلك؛ لأنها لا تدل على الحدث، وكونها لا تدل على الحدث فلا تعمل في ظرف، ولا مجرور، وهو مذهب المبرد، وابن السراج، والفارسي، وابن جني، والجرجاني، وابن برهان، والأستاذ أبو علي، وهو ظاهر مذهب سيبويه. والمشهور، والمتصور؛ أنها تدل على الحدث والزمان، وأن الحدث مسند إلى الجملة، وهل تنصبه فتقول: كان زيد قائمًا كونًا أجازه بعضهم، وبه قال

السيرافي، ومنعه الجمهور، وذهب ابن خروف إلى أنها مشتقة من مصادر لم يلفظ بها، والصحيح أن لها مصادر، وقد أعملتها العرب إعمال أفعالها قالوا: كونك مطيعًا مع الفقر خير من كونك عاصيًا مع الغني، وقال الشاعر: ... ... ... … وكونك إياه عليك يسير وحكى أبو زيد مصدر فتئ مستعملاً، وحكى غيره: ظللت أفعل كذا ظلولاً، وبت أفعل كذا بيتوتة، واختلفوا هل تعمل في الظرف، والمجرور والحال، فقيل لا تعمل، وقيل تعمل، وينبغي أن يكون هذا الخلاف مرتبًا على دلالتها على الحدث أو لا تدل عليه.

فصل

فصل كان وزنها: فعل بفتح العين خلافًا للكسائي، فيما نقل عنه أبو غانم المظفر بن أحمد أن وزنها فعل بضم العين، وتكون ناقصة ومنها التي يضمر فيها ضمير الشأن، خلافًا لأبي القاسم بن الأبرش، فإنه زعم أنها قسم برأسها، وخلافًا لمحمد بن مسعود بن الغزني من نحاة غزنة، فإنه ذكر في كتابه البديع، أنها من قسم التامة، وليست ناقصة، وأبطل في ذلك الكتاب على زعمه أنها من قسم الناقصة، وتامة بمعنى ثبت، وثبوت كل شيء بحسبه فمنه بمعنى الأزلية: كان الله ولا شيء معه، وبمعنى حدث: إذا كان الشتاء فأدفئوني … ... ... ...

وبمعنى حضر، {وإن كان ذو عسرة فنظرة} وبمعنى وقع: ما شاء الله كان قيل: وبمعنى أقام نحو قوله: كانوا وكنا فما ندري على مهل … ... ... ... ومتعدية بمعنى كفل: كنت الصبي [أي] كفلته، ومصدر هذه كيانة، وكنت الصوف [أي] غزلته، أضحى تامة بمعنى دخل في الضحى قال ... ... ... ... … إذا السنة الشهباء أضحى جليدها وبمعنى أقام في الضحى، وأمسى وأصبح تامان دخل في المساء وفي الصباح قال تعالى: {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون}، وبمعنى الإقامة في المساء والصباح قال: حتى إذا الهيق أمسى شام أفرخه … ... ... ... ...

(أي دخل في المساء)، أو أقام في المساء، وقالوا: إذا سمعت بسرى القين فاعلم أنه مصبح: (أي مقيم في الصباح). (ظل) تامة خلافًا للمهاباذي، وأبي محمد بن عبد العزيز بن زيدان، وأبي الحكم بن رختاط، حيث زعموا أ، ها لا تكون إلا ناقصة بمعنى طال، وبمعنى: أقام نهارًا، (بات) لازمة)؛ أي نزل ليلاً، وبمعنى: أقام ليلاً، ومتعدية قالوا: بات القوم: نزل بهم ليلاً، وهي متعدية بصيغة اللازمة وإذا كانت هذه الخمسة نواقص دلت على اتصاف الاسم بذلك الخبر في الأوقات التي تدل عليها صيغها، فإذا قلت: أصبح زيد عالمًا فمعناه اتصافه بالعلم في وقت الصباح، وتأتي هذه، وكان بمعنى صار وهي نواقص قال تعالى: {وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا} أي صارت وقال: أضحى يمزق أثوابي ويضربني … ... ... ... أي صار، وقال تعالى: {فأصبحتم بنعمته إخوانا} أي صرتم وقال:

أمست خلاء وأمسى ألها احتملوا … ... ... ... ... (أي صارت) وقال تعالى: {فظلت أعناقهم لها خاضعين} أي صارت، خلافًا للكذة الأصفهاني، والمهاباذي، وقبلهما السيرافي فإنهم زعموا: أنها لا تكون بمعنى صار، وإنما تستعمل ناقصة؛ لاتصاف الموصوف بالصفة نهارًا، وقال أبو بكر: هو مشتق من الظل، وإنما تستعمل في الوقت الذي للشمس فيه ظل، وهو من طلوع الشمس إلى غروبها، وقال هشام: هو بين الصباح والمساء. زعم لكذة الأصفهاني: أن الظلول يخص به يوم واحد فلا يقال: ظل فلان عمره سفيهًا، وهو خطأ، وزعم الزمخشري: أن بات تأتي بمعنى صار قال ابن مالك: «وليس بصحيح»، (صار) متعدية بمعنى ضم، أو قطع، قال تعالى: {فصرهن إليك}، وبمعنى انتقل، فيتعدى بإلى، قال تعالى: {ألا إلى الله تصير الأمور}، وناقصة تدل على زمان الوجود دون زمان الماضين وتكون الصيرورة تارة في الذات نحو: صار الطعام عذرة، أو في العرض نحو: صار الفقير

غنيًا، ولا تستعمل زائدة خلافًا لقوم. (ليس) زعم الكوفيون أنها تكون عاطفة في المفردات تقول: قام القوم ليس زيد، وضربت القوم ليس زيدًا، ومررت بالقوم ليس زيد، ولا يجوز هذا عند البصريين، وإذا دخلت إلا في خبرها، فلا تعمل ألبتة في لغة تميم، وتعمل في لغة الحجاز كحالها إذا لم تدخل إلا، وبناء الاسم ههنا شاذ كبنائه مع (ما) قال الشعر: قد سوأ الناس بابًا ليس بأس به … وأصبح الدهر ذو العرنين قد جدعا و (ليس) عند بعضهم للنفي مطلقًا، وذهب المبرد، وابن السراج، وابن درستويه، والصيمري إلى أنها قد تنفى في الاستقبال، ومنعه الزمخشري، فقال: ولا تقول ليس زيد قائمًا غدًا. وفي الغرة: وقد منعوا من قولهم: ليس زيد قد ذهب، ولا قد يذهب لتضاد الحكم بين قد، وليس، وذهب الأستاذ أبو علي إلى أنها لنفي الحال في الجملة غير المقيدة بزمان، والمقيدة بزمان تنفيه على حسب القيد، وهو الصحيح

(دام) تامة بمعنى سكن. ومنه: «لا يبولن أحدكم في الماء الراكد الدائم» وبمعنى بقى تقول: دام ملك فلان، وناقصة، فمذهب الفراء، أنها لا تتصرف فلا تستعمل إلا بلفظ الماضي، وكذا قال ابن الدهان، وكثير من المتأخرين، ولا يعرف ذلك البصريون، و (ما) الظرفية توصل بالماضي وبالمضارع، (زال) تامة متعدية، زال الشيء من الشيء مازه منه، ولازمه بمعنى ذهب، ومضارعها يزول وناقصة، ومضارعها المشهور: يزال، فوزن زال فعل بكسر العين، وحكى فيها يزيل، فوزنها فعل بفتح العين، فهي والتامة مختلفان في المادة تلك مركبة من زول، وهذه من زيل. وزعم الفراء: أن الناقصة مغيرة من التامة، بنوها على فعل بكسر العين، بعد أن كانت مفتوحة فرقًا بين التمام والنقصان فعينها واو، وأجاز ابن خروف: أن تكون الناقصة من زاله يزيله إذا مازه عنه، وأجاز أبو علي في «زال» هذه التي مضارعها يزال: أن تكون تامة قياسًا، ولا يحفظ ذلك.

(انفك) تامة بمعنى انفصل، وخلص؛ وهو مطاوع لفك تقول: فك الخاتم وغيره: فصله، وفك الأسير: خلصه وهما متقاربان، وناقصة نحو قوله: ... .... … وما انفكت الأمثال في الناس سائره (برح) تامة لازمة بمعنى: ذهب، أو ظهر، ومنه برح الخفاء فسر بذهب وبظهر. (فتئ)، ويقال: فتأ وأفتأ ذكر ثلاثتها أبو زيد وفي المحكم: فتأ، وفتؤ، وما أفتأت تميمة (أي ما برحت) [وذكر الصاغاني في فتؤ: يفتؤ على وزن ظرف لغة في فتأ]، وذكر ابن مالك: أن فتئ، وفتأ، وأفتأ نواقص، ثم ذكر أن فتأ التي على وزن فعل بفتح العين تكون بمعنى سكن، أو أطفأ، وأما فتئ بكسر التاء؛ فلا أعلم أحدًا ذكر أنها تامة إلا الصاغاني، فإنه ذكر أنه في

نوادر الإعراب فئت عن الأمر فتأ (أي نسيته)، فتكون على هذا تامة، وهذه الأربعة شرط كونها نواقص أن تكون منفية بثابت النفي، فالنفي يكون بحرفه نحو: ما زال زيد محسنًا، وبـ «ليس» نحو: قولك: لست تنفك سعيدًا، وبغير نحو قوله: غير منفك أسير هوى … ... ... ... ... وبقلما: قلما يزال زيد يذكرك؛ معناه ما يزال، وما يقع بعد أبيت نحو: أبيت أزال مستغفرًا لله. بمعنى لا أزال، وقول العرب: لا ينشأ أحد ببلد، فيزال يذكره: معناه إذا نشأ أحد ببلد لم يزل يذكره، وما (يعترينا) أحد فنزال نعينه ذكر هذا كله الفراء. واحترزنا بقولنا بثابت النفي من نحو: ما يدخل على النفي من همزة التقريب نحو: ألست تزال تفعل [وألم تزل تفعل]؛ فإنه لا يجوز؛ فإن أردت مجرد الاستفهام عن النفي جاز، وأداة النفي مذكورة غالبًا، وينقاس الحذف في المضارع، جواب القسم، والحرف لا، وشذ في الماضي جواب القسم نحو قوله: لعمر أبي دهماء زالت عزيزة … ... ... ....

أي لا زالت، وقد يفصل بين حرف النفي والفعل نحو: ولا أراها تزال ظالمة … ... ... ... ... وقوله «فلا وأبي دهماء زالت عزيزة»: وقال الفراء: يجوز أن يقدم نفي زال على ظن وأخواتها فتقول: لا أظنك تزال تقول ذلك انتهى، والنهي والدعاء كالنفي نحو: لا يزال زيد محسنًا و: ... ... ... ... … ولا زال منهلاً بجرعائك القطر

ومن ألحق ونى ورام بهذه الأربعة، كان حكمها عنده حكمها، ومضارع (ونى) ينى، وتكون تامة بمعنى فتر، ورام بمعنى حاول، ومضارعها يروم، وبمعنى تحول، ومضارعها يريم كمضارع الناقصة المرادفة لصار، وهذه التي شرط فيها النفي، والنهي، والدعاء، بلفظ لا يدل على ملازمة الصفة للموصوف؛ مذ كان قابلاً لها على حسب ما قبلها؛ فإن كان الموصوف قبلها متصلة الزمان دامت له كذلك نحو: ما زال زيد عالمًا، وإن كان قبلها في أوقات متفرقة دامت له كذلك نحو: ما زال زيد يعطي الدنانير. ولا خلاف في أن معاني هذه الأفعال الأربعة متفقة إلا ما ذكره أبو علي عن بعض أهل النظر؛ أنه فصل بين زال، وبرح بأن برح لا تستعمل إلا أن يراد بها البراح من المكان، فيذكر المكان، أو يحذف للدلالة، قال أبو علي: وهذا لا يصح، وهذه الأفعال الأربعة لما كان معناها الإيجاب، لا حقيقة النفي، كانوا لا يجيزون النصب بعد الفاء في المضارع في الجواب، لا يقولون: ما زال زيد زائرك فيكرمك، واختلفوا في تلقي القسم بها، والصحيح جوازه، ومن منع جعل ما تلقى به فعلاً تامًا، لا ناقصًا، والمنصوب بعده حال.

وأما «آض» و «عاد»، فعدهما ابن مالك من أخوات كان الناقصة، وهما بمعنى صار، وكذا قال الأعلم في «عاد»، وأنشد شاهدًا على ذلك: وآض نهدًا كالحصان أجردا وقال آخر: تعد فيكم جز رالجزور رماحنا … ... ... ... .... ومن النحويين من لا يلحقهما بصار؛ إذ هما يتعديان بإلى، ويجعل المنصوب بعدهما حالاً، وأنشد ابن مالك على آل: ثم آلت لا تكلمنا … ... ... ... ... ... أي صارت: ويحتمل أن تكون آلت بمعنى حلفت، وعلى رجع:

قد يرجع المرء بعد المقت ذامقة … ... ... ... ... وعلى حار: ... ... ... ... ... … يحور رمادًا بعد إذ هو ساطع وعلى استحال: إن العداوة تستحيل مودة … ... ... ... ... .... وعلى تحول: ... ... ... ... ... … لعل منايانا تحولن أبؤسا

وذكر في ارتد قوله تعالى: {فارتد بصيرا}، وجاء في المثل قولهم: «ما جاءت حاجتك»، يروى بنصب التاء، ففي جاءت ضمير يعود على «ما» على معناها، وهو اسم جاءت؛ أي أية حاجة صارت حاجتك، و «حاجتك» الخبر، ويروى بضم التاء على أنها اسم جاءت، وما جاءت في موضع الخبر (أي أية حاجة صارت حاجتك)، ويقتصر بها على هذا المثل، وطرد بعضهم استعمالها لقوة الشبه بينها وبين صار، فجعل من ذلك: جاء البر قفيزين، وصاعين، والصحيح نصب ذلك على الحال، وقعد في قولهم: «شحذ شفرته حتى قعدت» ويورى «أرهف شفرته حتى قعدت كأنها حربة» أي صارت، وحيك الكسائي: «قعد لا يسأل حاجة إلا قضاها» بمعنى صار، ويقتصر في قعد بمعنى صار، على مورد السماع وذهب الفراء إلى أنه يطرد، وجعل قعد بمعنى صار، وعلى ذلك خرج الزمخشري قوله تعالى: {فتقعد مذموما مخذولا} أي فتصير، وأما «غدا وارح»؛ فالصحيح أنهما ليسا من أفعال هذا الباب وقال ابن عصفور إذا استعملا تامين قلت: غدا زيد، وراح بكر أي دخلا في الغدو والرواح، أو مشيا في الغدو والرواح، وإذا استعملا ناقصين، جاز أن يكون فيهما

ضمير الشأن، وأن لا يكون، ودلا على اقتران مضمون الجملة بالزمان الذي اشتقا منه، وقد يكونان بمعنى صار انتهى، ويحتاج تقدير كونهما ناقصين إلى سماع من العرب والله أعلم.

فصل

فصل الجملة المصدرة بماض لا تقع خبرًا لصار، ولا مكان بمعناها، ولا لدام، ولا لزال، وأخواتها، وهذا باتفاق لا تقول صار زيد علم، وتقع خبرًا لليس باتفاق، وتقييد ابن مالك ذلك بكون اسمها ضمير الشأن ليس بصحيح، ولباقي الأفعال المتفق على اطرادها نواقص من غير اشتراط (قد) لا ظاهرة، ولا مقدرة، خلافًا للكوفيين وقد كثر السماع بغير (قد) نظمًا ونثرًا في القرآن وغيره قال تعالى: {ولقد كانوا عاهدوا الله} وقالت العرب «أصبحت نظرت على ذات التنانير». وقال: ... .... … وقد كانوا فأمسى الحي ساروا وقال: ثم أضحوا لعب الدهر بهم … ... ... .... وتوسيط: أخبار هذه الأفعال واجب، وممتنع، وجائز.

فالواجب: ما قصد فيه حصر الاسم خلافًا لأبي الحسن فإنه يجيز: ليس إلا زيد قائمًا، وما كان إلا زيد قائمًا، وإن كان الأحسن تأخر الاسم نحو قوله تعالى: {ما كان حجتهم إلا أن قالوا} وكونه فيه ضمير يعود على الخبر نحو: كان [أخاك ابنه (تريد كان ابن أخيك أخاك)، أو مشبها له أو سمي في الخبر نحو: كان] في الدار ساكنها، وكون الخبر ضميرًا متصلاً نحو: كأنك زيد، وكون الخبر ظرفًا أو مجرورًا مسوغًا لجواز الابتداء بالنكرة نحو: كان في الدار رجل، وكان عندك امرأة، والممتنع ما قصد فيه حصر الخبر نحو: ما كان زيد إلا قائمًا، أو عرض لبس نحو: كان قبلك مولاك، كذا قال ابن عصفور، وتقدم في نقل ابن الحاج أن هذا اللبس لا يلتفت إليه. وقد أجاز الزجاج في قوله تعالى: {ما كان حجتهم إلا أن قالوا} أنه جائز أن يكون «تلك» الاسم، و «دعواهم» الخبر والعكس وقال: لا خلاف في ذلك بين النحويين انتهى. أو يكون الخبر مما يجب تقديمه نحو: متى كان القتال، وذلك لأن امتناع التوسط إنما يكون بسبب وجوب التقدم، وبسبب وجوب التأخر والجائز نحو: كان قائمًا زيد، هذا مذهب البصريين، وسواء أكان مشتقًا أم جامدًا، وإذا كان المشتق مما يتحمل الضمير تحمله وهو خبر، ولا يجيز الكوفيون هذا، بل أجاز الكسائي: كان قائمًا زيد، على أن في «كان» ضمير الشأن، و «قائمًا» خبر «كان» و «زيد» مرفوع بقائم، ولا يثنى قائم، ولا يجمع لرفعه الظاهر.

وأجاز الفراء ذلك، على أنه يكون (قائمًا) خبر «كان»، و «زيد» مرفوع بكان، وبقائم، ولا يثنى عنده ولا يجمع. وأجاز هشام: كان قائمًا الزيدان، والزيدون على أن تجعل قائمًا خبرًا مقدمًا، والزيدان، والزيدون اسمًا، ولا يجيز ذلك البصريون غلا مع تثنية الخبر وجمعه. وأما توسيط خبر ليس، فثابت من كلام العرب، فلا التفات لمن منع ذلك، وأما خبر «ما دام» فكذلك، ووهم ابن معط في منع توسيط خبر ما دام، ودعوى الفارسي، وابن الدهان، وابن عصفور وابن مالك: الإجماع على جواز توسيط خبر ليس ليست بصحيحة، بل ذكر الخلاف فيها ابن درستويه تشبيهًا (بما). وتقديم الأخبار أيضًا واجب، وممتنع، وجائز. فالواجب: أن يكون لازم الصدر، كأن يكون اسم استفهام نحو: أين كان زيد، والممتنع هو: ما وجب توسيطه، أو تأخيره. والجائز نحو: قائمًا كان زيد؛ ففي قائم عند البصريين ضمير يعود على زيد، وأجاز الكسائي ذلك على الوجه، الذي أجازه في كان قائمًا زيد، وأجاز ذلك

الفراء كحاله إذا توسط، غلا أنه يثنى قائمًا ويجمعه، وأجاز البصريون، والكسائي تقديم الخبر في نحو: كنت حسنًا وجهك، فتقول: حسنًا وجهك كنت، [ومنعه الفراء إلا أن يجعل مكان الكاف الهاء فتقول: حسنًا وجهه كنت]، ويحتاج في جواز تقديم خبر كان إلى صار عليها في نحو: قائمًا كان زيد إلى سماع من العرب، ولم نجدهم ذكروا سماعًا في ذلك إلا ما يدل عليه قوله تعالى: {كذلك كنتم من قبل}، وقد قيل: إن كنتم تامة. واتفقوا على أنه لا يجوز تقديم الخبر على (ما) إذا كان غير لازم نحو ما كان وأخواتها، وعلى «ما دام»، وأما (زال) وأخواتها، فإذا دخل عليها (ما)، فمذهب الجمهور أنه لا يجوز أن يتقدم على (ما)، وإن دخل غيرها من حروف النفي جاز، وذهب الفراء إلى المنع مطلقًا بأي حرف كان النفي، وذهب الفراء إلى المنع مطلقًا بأي حرف كان النفي، وذهب ابن كيسان إلى جواز التقديم مطلقًا نفى بما أو بغيرها، وروى عن

الكسائي، والأخفش وقيل، وعن الكوفيين غير الفراء، وقال به النحاس، واختاره ابن خروف، وفي النقد لابن الحاج، وأما «ما زال» وأخواتها فقد نص النحاس في الكافي: أن تقديم خبر (ما زال) عليها جيد بالغ عند البصريين، وحكاه ابن خروف عن البصريين، والكسائي، وقال: خالف الفراء في ذلك، ونص دريود على أنه لا يجوز تقديم خبرها مع لم، ولن، وليس ذلك بمرضي انتهى. فلو توسط الخبر بين «ما» و «زال» نحو: ما عالمًا زال زيد، فالأكثرون على الجواز، ومنع ذلك بعضهم، وأما توسيطه، بين «ما» و «دام» نحو قولك: ما طالعة دامت الشمس، فنص صاحب الإفصاح، وبدر الدين بن مالك، على أنه لا يجوز، والقياس يقتضي الجواز قياسًا على ما أجازوا من قولك: عجبت مما زيد تضرب، غلا إن ثبت أن دام لا يتصرف فيتجه المنع. وأما تقديم خبر ليس عليها، فذهب جمهور الكوفيين، والمبرد، والزجاج، وابن السراج، والسيرافي، وأبو علي في الحلبيات، وابن عبد الوارث، والجرجاني، والسهيلي، وأكثر المتأخرين إلى أنه لا يجوز.

وذهب قدماء البصريين، والفراء، وأبو علي في المشهور، وابن برهان، والزمخشري، والأستاذ أبو علي إلى جواز ذلك، واختاره ابن عصفور. وروى أيضًا عن السيرافي، واختلف في ذلك عن سيبويه، فنسب الجواز، والمنع إليه، وقال ابن جني في الخصائص عن المبرد خالف في ذلك البصريين، والكوفيين انتهى. وإذا كان الخبر جملة، فمنهم من منع التقديم، والتوسيط مطلقًا كانت فعلية، أو اسمية رافعة ضمير الاسم، أو غير رافعة نحو: كان زيد مرب به عمرو، وكان زيد يقوم، وكان زيد أبوه قائم، ومنهم من أجاز قال ابن السراج: والقياس الجواز؛ وإن لم يسمع، ومنهم من منع؛ إن كان الفعل رفع ضمير الاسم، وأجاز في غير ذلك، وفي الغرة: الكوفي لا يجيز أبوه قائم كان زيد، ولا كان أبوه قائم زيد، ولا يتقدم على كان فعل ماض ولا مستقبل، وفي النهاية: «لا يجيز الكوفيون كان أبوه قائم زيد، ولا أبوه قائم كان زيد؛ لأن تقديم المضمر

على الظاهر غير جائز، والبصريون يجيزون ذلك، ولم يعثروا في ذلك على نص عربي، ولكن أجازوه من طريق القياس، وإن لم يرد به السماع، لأن المضمر في نية تأخير وإن تقدم انتهى. وهذه التراكيب التي تتصور في نحو: كان زيد آكلاً طعامك، ملخصة من كلام أبي بكر أحمد بن الحسن بن شقير: كان آكلاً طعامك زيد، آكلاً طعامك كان زيد، كان زيد طعامك آكلاً، طعامك كان زيد آكلاً، طعامك كان آكلاً زيد، كان آكلاً زيد طعامك، زيد كان آكلاً طعامك، زيد آكلاً طعامك كان، كل هذا جائز من كل قول، كان طعامك آكلاً زيد، كان طعامك زيد آكلاً، جائزتان من نقل الكوفيين، وخطأ من قول البصريين، آكلاً كان زيد طعامك، زيد آكلاً كان طعامك، آكلاً زيد كان طعامك؛ الثلاث جائزة من قول البصريين، وخطأ من قول الكوفيين غلا على كلامين من قول الكسائي، طعامك آكلاً كان زيد، زيد طعامك آكلاً كان، طعامك آكلاً زيد كان، كل هذه الثلاث جائزة من قول البصريين والكسائي، وخطأ من قول الفراء، طعامك زيد آكلاً كان جائز من قول البصريين وخطأ من قول الكوفيين، آكلاً كان طعامك زيد، خطأ من كل قول انتهت تراكيب ابن شقير، وفيها كان طعامك آكلاً زيد، وأنها خطأ من قول البصريين، وقد أجازها ابن السراج، والفارسي، وتبعهما أبو بكر بن طلحة، وابن عصفور. ومن قواعد البصريين لا يلي كان وأخواتها غير ظرف، وشبهه من معمول خبرها، ويشمل كل ما انتصب بالخبر من مفعول به، ومفعول من أجله، وحال، وغير ذلك إلا الظرف، والمجرور، ولا يختص هذا الفصل بكان وأخواتها، بل لا يلي عاملاً ما نصبه غيره أو رفعه تقول: جاء زيد راكبًا فرسك، ولو قلت جاء فرسك زيد

راكبًا لم يجز، ومثال جواز ذلك في الظرف كان عندك زيد مقيمًا، وكان عندك مقيمًا زيد، وكان بسيف زيد ضاربًا، وكان بسيف ضاربًا زيد، ويمنع أيضًا تقديم الخبر الجائز التقديم، تأخر مرفوعه نحو: كان زيد قائمًا أبوه، وكان زيد آكلاً أبوه طعامك [لا يجوز قائمًا كان زيد أبوه، ولا آكلاً كان زيد أبوه طعامك]. قال ابن مالك: ويقبحه تأخر منصوبه نحو: آكلاً كان زيد طعامك، فهذا قبيح ولا يمتنع انتهى، وتقدمت هذه المسألة في مسائل ابن شقير، وأنها جائزة على مذهب البصريين، ولم يذكر أنها قبيحة، وإذا ظهر الإعراب، واتحدا في التعريف، أو التنكير لم يمتنع تقديم الخبر نحو: كان أخاك زيد، وأخاك كان زيد، ولم يكن خيرًا منك أحد، وخيرًا منك لم يكن أحد، قالوا: فإن لم يظهر الإعراب، فالمتقدم هو الاسم، والمتأخر هو الخبر نحو: كان أخي صديقي، ولم يكن فتى أزكى منك، وقد أجاز الزجاج في قوله: {فما زالت تلك دعواهم} أن يكون (تلك) الاسم، و (دعواهم) الخبر، وعكسه، فجعل تلك الخبر، ودعواهم الاسم.

فصل

فصل إذا اجتمع معرفتان فذهب المتقدمون، ومن المتأخرين أبو جعفر بن مضاء، وأبو بكر بن طاهر، والأستاذ أبو علي في إقرائه القديم، وابن خروف، وابن عصفور في شرح الجمل الصغير: إلى أن المتكلم بالخيار في جعل أيهما شاء الاسم، والآخر الخبر، وهو ظاهر كلام سيبويه، والفارسي، وتأول الشراح كلامهما. وقالوا: إذا اجتمع معرفتان؛ فإن كانت إحداهما قائمة مقام الأخرى ومشبهة به، فالخبر ما تريد إثباته نحو: كانت عقوبتك عزلتك، وكان زيد زهيرًا، فالعزلة ثابتة، لا العقوبة، والتشبيه بزهير ثابت، ولو قلت كان عزلتك عقوبتك؛ فهو معاقب لا معزول، ولو قلت: كان زهير زيدًا، ثبت التشبيه لزهير بزيد، وإن كانت المعرفة هي الأخرى بنفسها، والمخاطب يعرفهما، والنسبة مجهولة جعلت أيهما شئت الاسم، والآخر الخبر نحو: كان زيد أخا عمرو، وكان أخو عمرو زيدًا، ومعرفته إياهما الواحد بالعيان، والآخر بالسماع، هذا إذا استويا في رتبة التعريف، إلا إن كان أحدهما أن، أو أن المصدريتان فالاختيار: جعلهما الاسم، والآخر الخبر، ولذلك قرأ كثر القراء: {فما كان جواب قومه إلا أن قالوا} بنصب جواب قومه، وزعم ابن الطراوة: أنه لا يجوز في نحو:

فما كان جواب قومه، إلا أن يكون الخبر (جواب قومه)؛ لأنه يلي الناقصة فهو في خبر النفي، وإنما ينفي ويوجب الخبر، وأما الاسم فلا يوجب ولا ينفي، ولكن يوجب له، وينفي عنه، وما ذهب إليه مردود بالسماع، وإن لم يستويا في رتبة التعريف كان الاختيار جعل الأعرف منهما الاسم، والآخر الخبر نحو: كان زيد صاحب الدار إلا المشار؛ فإنه يجعل الاسم وغيره من المعارف الخبر. فنقول: كان هذا أخاك، ولا يجوز عكس هذا إلا مع المضمرات، فإن الأفصح تقديمه قالوا: هأنذا، ويجوز هذا أنا، وهذا أنت، وفي تقرير الإخبار عن المضمر بالمشار، وعكسه إشكال، وأي نسبة بينهما يجهلها المخاطب، حتى يصح هذا الإخبار، وإن كانت النسبة معلومة، أو مجهولة، لم يجز التركيب؛ وإن كان يعرف أحدهما، ويجهل الآخر، فالمعروف الاسم، والمجهول الخبر نحو: كان عمرو أخا بكر، إذا كان يعرف أخا بكر، ويجهل كونه عمرًا. وقال بعض النحاة: «إذا كان أحد الاسمين أعم من الآخر، فالأعم هو الخبر نحو: كان زيد صديقي إذا كان له أصدقاء غيره، ولا يجوز على هذا: كان صديقي زيدًا، وقال أبو بكر بن الصائغ في قوله: أردت قصيرات الحجال ولم أرد … قصار الخطا شر النساء البحاتر

إن البحاتر هو المبتدأ، وشر النساء الخبر؛ لأنه أعم منه وسلم له ابن السيد هذا، وأنه الوجه، والأصل، وأجاز العكس، وقال ابن أبي العافية: إذا كان المبتدأ والخبر معرفتين، فالذي يصح أن يقدر جوابًا لمن يسأل عنه هو الخبر، فإذا قلت: زيد القائم؛ فإن جعلته جوابًا لمن قال: من زيد، فالخبر القائم؛ وإن جعلته جوابًا لمن قال: من القائم؛ فالخبر زيد على ذلك القصد ... انتهى. وزعم ابن الطراوة: أن الذي لا تريد إثباته، تجعله الاسم، والذي تريد إثباته تجعله الخبر نحو قوله: فكان مضلي من هديت برشده … ... ... ... .... أثبت الهداية لنفسه، ولو عكس أثبت الإضلال، وهذا الذي زعم ليس على إطلاقه، إنما يتصور إذا قام الخبر مقام الأول، أو كان مشبهًا به، أما إذا كان نفس المبتدأ في المعنى؛ فإن المعنى واحد نحو: كان أخو عمرو زيدًا، وكان زيد أخا عمرو، وضمير النكرة؛ وإن كان معرفة يعامل في باب الإخبار معاملة النكرة إذا اجتمعت المعرفة وجاء في الشعر: أسكران كان ابن المراغة … ... ... ... ... ففي (كان) ضمير سكران، وقد أخب رعنه بابن المراغة، وهو معرفة، والفصيح في الكلام: أسكران كان ابن المراغة بنصب سكران، ورفع ابن المراغة، هذا قول

سيبويه، واستدلاله به على أن اسم كان نكرة، والخبر معرفة، وزعم المبرد: أن اسم كان ضمير فيها، والضمير معرفة فهو عنده فصيح، ومن النحويين من زعم: أن ضمائر النكرات نكرة، وإن اجتمع نكرتان، ولكل منهما مسوغ، جاز جعل أيهما شئت الاسم، والآخر الخبر نحو: كان رجل تميمي صاحبًا لعمرو، أو لأحدهما مسوغ، ولا للآخر، فذو التسويغ الاسم، والآخر الخبر نحو: كان رجل صالح واقفًا، ولا يجوز: كان واقف رجلاً صالحًا، وإن اجتمع معرفة ونكرة، فالمعرفة الاسم والنكرة الخبر نحو: كان زيد قائمًا، ولا يعكس إلا في الشعر، وإذا كانت النكرة لها مسوغ، وبينت المعنى على الإخبار عن المعرفة بالنكرة كان مقلوبًا نحو: أكان قائم زيدًا، إذا أردت أن المعنى أكان زيد قائمًا، وإن بينت المعنى على الإخبار عن النكرة بالمعرفة لم يكن مقلوبًا نحو: أكان قائم زيدًا، تريد: أكان قائم من القائمين زيدًا، أو القلب للضرورة جائز باتفاق، وإنما الخلاف في جوازه في الكلام. وقال ابن مالك: وقد يخبر هنا، وفي باب «إن» بمعرفة عن نكرة اختيارًا قال: بشرط الفائدة، وكون النكرة غير صفة محضة فمن ذلك: ... ... .... … يكون مزاجها عسل وماء

و: .... … ولا يك موقف منك الوداعا و: وإن حراما أن أسب مجاشعًا … ... .... وأجاز سيبويه: إن قريبًا [منك] زيد، وروى هارون القارئ عن

الأعمش أنه قرأ: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية} بنصب صلاتهم، ورفع مكاء وتصدية.

فصل

فصل الخبر المنفي حقيقة إذا قصد إيجابه، اقترن بإلا، سواء أكان الخبر لمبتدأ، أم لكان أم ثانيًا لظن، أم ثالثًا لأعلم نحو: ما زيد إلا عالم، وما كان زيد إلا عالمًا، وما ظننت زيدًا إلا عالمًا، وما أعلمت زيدًا عمرًا إلا فاضلاً، وسواء أكان النفي بحرف كما مثلنا، أو بفعل النفي نحو: ليس زيد غلا عالمًا بالنصب، وهذه لغة أهل الحجاز في خبر ليس، إذا أوجب بإلا، كخبر كان إذا أوجب بها، ولغة تميم الرفع أجروا ليس مجرى (ما) إذا أوجب خبرها بإلا، حكى سيبويه، «ليس الطيب إلا المسك» بالرفع، وقد جهل الفارسي هذه اللغة، فتأول ما حكى سيبويه بتأويلات مصادمة للنص، وكذلك تأوله أبو نزار ملك النحاة، ورد عليه ذلك ابن الجليس المصري، فلو دخل على حرف النفي، أو فعله همزة التقرير لم تدخل إلا، وإذا كان الخبر مشتقًا من زال وأخواتها فقلت: ما كان زيد زائلاً ضاحكًا جاز، فلو أدخلت عليه (إلا) نحو: ما كان زيد إلا زائلاً ضاحكًا، أو جعلت زائلاً صفة لاسم قبله فقلت: ما كان زيد رجلاً زائلاً ضاحكًا لم يجز، ولو كان الخبر لا يستعمل (إلا) في النفي نحو: ما كان مثلك أحدًا لم يجز دخول إلا عليه، وما امتنع دخول (إلا) عليه، لم تدخل الباء عليه، فلا يجوز: ما زال زيد بقائم ولا يكون له جواب بالفاء فينصب.

وقال في البسيط: ولا يكون اسمها نكرة، وأجاز الكسائي وهشام: «ما يزال أحد يذكرك»، ونحوها من المستقبل، وانفرد هشام بإجازتها مع الماضي نحو: ما زال أحد يذكرك، ومنعها الفراء فيهما، ويكثر مجيء اسم ليس، وكان بعد نفي، ولو نكرة محضة نحو قوله: كم قد رأيت وليس شيء باقيًا … ... ... ... وقوله: إذا لم يكن فيكن ظل ولا جنى … ... ... .... وقوله: فلو كان حي ناجيًا لوجدته … ... ....

وقال ابن مالك: ويجوز اقتران خبر ليس، وكان بعد نفي بالواو قال الفراء: يجوز أن تقول: ليس أحد غلا وهو هكذا، وقال: ... ... ... لم يكن … سراج لنا إلا ووجهك أنور وقال ابن مالك أيضًا: وربما شبهت الجملة الخبرية في هذا الباب بالحالية، فوليت الواو مطلقًا، وما ذهب إليه اتبع فيه الأخفش، ولا يجوز ذلك عندنا، وما استدلوا به لا حجة فيه. وقال ابن مالك أيضًا: ويجوز الاقتصار على اسم ليس دون قرينة وأنشد: ... ... ... … فأما الجود منك فليس جود وقال آخر:

يئستم وخلتم أنه ليس ناصر … ... ... ... ... وهذا يتخرج على حذف الخبر، ولا يكون عند أصحابنا إلا في الضرورة، وذلك أنه لا يجوز عندهم حذف الاسم، ولا حذف الخبر لا اقتصارًا، ولا اختصارًا، إلا أنه قد يرد حذف الخبر في الشعر، وليس يختص حذفه بليس، بل قد سمع في غيرها نحو: فإن قصدوا لمر الحق فاقصد … وإن جازوا فجر حتى يصيروا أي تبعًا لك، ومن النحويين من أجاز حذف الخبر اختصارًا، تقول في جواب من قال: أكنت غنيًا؟ كنت، وتقول أكاد زيد يقوم؟ فتقول: قد كاد. وكثر النحاة ذهبوا: إلى أن «كان» تقتضي الانقطاع كسائر الأفعال الماضية، وذهب بعضهم إلى أنها لا تقتضيه، وجعل من ذلك مثل قوله تعالى: {وكان الله غفورًا رحيمًا}؛ «أي لم يزل» والذي تلقفناه من أفواه الشيوخ: أن كان تدل على الزمان الماضي المنقطع كغيرها من الفعل الماضي. وينقاس زيادة كان بين (ما)، وفعل التعجب نحو: ما كان أحسن

زيدًا، وسمعت زيادتها في قولهم: فلم يوجد كان أفضل منهم، وأونبى كان آدم؟ وبين النعت والمنعوت، وبين المتعاطفين، وبين نعم ومرفوعها، وحكى سيبويه «إن من أفضلهم كان زيدًا» على زيادة كان، وزعم المبرد، والرماني أن (زيدًا) اسم إن، واسم كان مضمر فيها، (ومن أفضلهم) خبر كان، وكان واسمها وخبرها في موضع خبر إن، وهذا خطأ محض لجعل خبر (إن) جملة مفصولاً بها بينها، وبين اسمها، وهذا لا يجيزه أحد. وإذا زيدت كان، فهي فارغة من الفاعل قاله الفارسي، وقال

السيرافي فاعلها ضمير المصدر الدال عليه الفعل، كأن قيل كان هو «أي الكون»، ولا يزاد غيرها من أفعال هذا الباب، خلافًا للكوفيين، فإنهم أجازوا زيادة أمسى وأصبح في التعجب، وحكوا «ما أصبح أبردها وما أمسى أدفأها» يعنون الدنيا؛ فإن ثبت، فهو عند البصريين من القلة، بحيث لا يقاس عليه، وخلافًا لمن أجاز زيادة أفعال هذا الباب، إذا لم ينقض [المعنى، وهو الفراء، وخلافًا لمن أجاز زيادة كل فعل لازم من غير هذا الباب إذا لم ينقضه]، فأجاز «ما أضحى أحسن زيدًا، وزيد اضحى قائم، وفلان قعد يتهكم بعرض فلان، وجاءت زيادة يكون في قوله: أنت تكون ماجد نبيل وأجاز زيادتها الفراء بين ما وفعل التعجب نحو: ما يكون أطول هذا الغلام وسمعت زيادة «كان» بين علي ومجرورها في قوله:

. ... ... ... … على كان المسومة العراب شذوذًا وتختص «كان» بعد (إن)، و (لو) بجواز حذفها مع اسمها، إن كان ضمير ما علم من غائب نحو: قد قيل ما قيل إن حقا وإن كذبا … ... ... ... أي إن كان حقًا ... وقوله: لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكًا … ... ... ...

أي ولو كان ملكًا، أو ضمير ما علم من حاضر مخاطب نحو قوله: لا تقربن الدهر آل مطرف … إن ظالمًا أبدًا وإن مظلوما أي إن كنت ظالمًا، أو متكلم نحو: حديث علي بطون ضبة كلها … إن ظالمًا فيهم، وإن مظلوما أي إن كنت ظالمًا، ومثاله في «لو» قوله: علمتك منانًا فلست بآمل … نداك، ولو غرثان ظمآن عاريا أي ولو كنت عرثان، ويتعين النصب في هذه المثل، لأنها خبر كان، ويجوز إظهارها نص عليه سيبويه، ويجرى مجرى (لو) غيرها من الحروف الدالة على الفعل، إذا تقدم ما يدل عليه نحو: (هلا)، و (ألا)، لكنه ليس بكثير الاستعمال، وتقول: ألا طعام ولو تمرًا، وائتني بدابة، ولو حمارًا، يجوز

النصب؛ أي ولو يكون تمرًا، والرفع أي: ولو يكون عندكم تمر، وعلى الفعل التام أي ولو سقط تمر، أو حضر تمر، والأحسن ما كان عند الظهور أحسن، والأحسن منها ما نصب، ويقبح غير النصب إذا كان بعد لو صفة لا تستعمل وحدها نحو: ألا ماء ولو باردًا يقبح الرفع، وقد جروا بدون الجار، ويقبح في بارد، وقالوا: ادفع الشر ولو إصبعًا؛ «أي ولو كان قدره إصبعا»، وعلى الفعل التام أي: ولو دفعته إصبعًا، والرفع على معنى، ولو كان في قدره إصبع «أي ولو وقع إصبع» أي قدر إصبع. وإذا حسن تقدير فيه، أو معه مع كان المحذوفة بعد (إن) جاز رفع ما وليها نحو: «الناس مجزيون بأعمالهم إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر» و «المرء مقتول بما قتل به إن سيفًا فسيف، وإن خنجرًا فخنجر» فالنصب على أن يكون التقدير: إن كان العمل خيرًا، وإن كان المقتول به سيفًا، والرفع على أن يكون التقدير: إن كان في أعمالهم خير وإن كان معه سيف وإن لم يصلح تقدير في أو معه تعين النصب على أنه خبر كان قال سيبويه: مررت برجل إن طويلاً وإن قصيرًا، وامرر بأيهم أفضل إن زيدًا وإن عمرًا، ومررت برجل إلا صالحًا فطالح، ومن العرب من يقول: إن لا صالحًا فطالحًا، نصبه سيبويه على الحال «أي فقد لقيته طالحًا» وربما جر مقرونًا (بألا) أو (بأن) وحدها إن عاد اسم كان

إلى مجرور بحرف «أي إذا نصب» وحكى يونس: إن لا صالح فطالح «أي إن لا أمر بصالح فقد مررت بطالح»، كذا قدره ابن مالك، وأجاز امرر بأيهم أفضل إن زيد وإن عمرو أي إن مررت بزيد، وإن مررت بعمرو، وقدره سيبويه أي: لا أكن مررت بصالح فبطالح، وهذا قبيح ضعيف، وهذا الذي أجازه يونس ليس مذهبًا إنما قاسه يونس على إن لا صالح فطالح، وليس موضع قياس وبدأ سيبويه بنصب الأول، ورفع الثاني؛ «أي إن كان خيرًا فالذي يجزى به خير»، ومن العرب من يقول: إن خيرًا فخيرًا، ثم ذكر: أن رفعهما عربي حسن إن خير فخير، وذكر النحاة هذه الوجوه، وزادوا إن خير فخيرًا برفع الأول، ونصب الثاني قالوا: وأحسن الوجوه إن خيرًا فخير، ثم إن خير فخير، ثم إن خيرًا فخيرًا، ثم إن خير فخيرًا، وهذا الوجه أردأ الوجوه، وهو الذي لم يذكره سيبويه، ورفعهما، ونصبهما عند الأستاذ أبي علي متكافئان، وعند ابن عصفور ليسا متكافئين. وتضمر (كان) في الشرط الصريح المحض تقول: أنا أفعل كذا، إن لا معينًا لي فلا مفسدًا علي «أي إن لا تكن معينًا لي فلا تكن مفسدًا علي»، ويجوز الرفع إذا صحى المعنى، ومنه (إن لا حظية فلا ألية)، أي إن لا تكون لك في النساء حظية فهي غير ألية، أي غير مقصرة في خدمتك من ألوت أي قصرت، ولو نصبت لجاز، لكن قصد في الرفع العموم، لا نفس القائلة خصوصًا.

فصل

فصل ربما أضمرت كان الناقصة بعد (لدن) قال: من لد شولاً فإلى إتلائها أي من لدن كانت شولاً ... وقدره سيبويه، والجمهور: من لد أن كانت شولاً، وقال أصحابنا هو تفسير معنى لا إعراب، ويروى من لدشول أي من لد شولان، والشول من النوق: المرتفعة اللبن وقيل: شول مصدر، وشبهت بلدن أزمان في قول الشاعر: أزمان قومي والجماعة … ... ... ... ... قدره سيبويه أزمان كان قومي، وقالت العرب: أما أنت منطلقًا انطلقت معك، فقال سيبويه التقدير: أن كنت فحذف الفعل، وعوض منه (ما) فلا

يجمع بينهما، وانفصل الضمير لما حذف الفعل، و (أنت) اسم كان المضمرة، ومنطلقًا الخبر، و (أما أنت) مفعول من أجله، التقدير: لأن كنت منطلقًا انطلقت معك، وزعم بعض النحويين أن (كان) في هذا التركيب تامة، ومنطلقًا وما أشبهه حال. واستدل بلزوم التنكير فيه، وصحح ذلك بعض معاصرينا، وزعم أبو علي، وابن جني أن (ما) لما كانت عوضًا نابت مناب (كان) في العمل، وزعمًا أنه مذهب سيبويه، وزعم المبرد أن (ما) ليست عوضًا؛ فيجوز الجمع بينهما، وبين الفعل تقول: أما كنت منطلقًا انطلقت معك، وزعم الكوفيون أن (أن) هذه المفتوحة الهمزة أداة شرط كـ (إن) المكسورتها، وجاز حذف الفعل في المذهبين: للعلم بأن (أن) لا يقع بعدها إلا الأفعال، واتفقوا على أنه إذا حذفت (ما)، وأتى بالفعل كانت (إن) مكسورة، وهي عند البصريين غير (أن) المفتوحة وأما قوله: إما أقمت وأما أنت مرتحلاً … ... ... ... ... فإنه صح عطف إحداهما على الأخرى، وإن اختلفا لاشتراكهما في المعنى، والقدر المشترك بين المفعول له، والشرط، وعلى رأي الكوفيين هما شرطان، وإذا كانت

(إن) مكسورة، لم يجز عدم الفعل ووجود (ما) كما لم يجز إظهاره، ووجود ما مع المفتوحة، قاله سيبويه، وقال أيضًا سيبويه: أما زيد ذاهبًا ذهبت معه؛ «أي إن كان زيد ذاهبًا»، أتى بالاسم ظاهرًا، والمحفوظ المسموع أن يكون ضميرًا لمخاطب، والقياس عليه في ضمير المتكلم، والغائب والاسم الظاهر جائز، والأحوط التوقف مع المسموع. وسمع قليلاً حذف كان واسمها بعد إن الشرطية مزيدًا بعدها (ما)، فمن ذلك قول العرب: افعل ذلك إما لا «أي إن كنت لا تفعل غيره» ولا يحذف الفعل مع المكسورة معوضًا عنها إلا في هذا، فلو قلت: إن ما كنت منطلقًا انطلقت معك، كانت (ما) زائدة، وليست عوضًا، ولا يجوز: أن ما أنت منطلقًا انطلقت معك. ومضارع (كان) إذا دخل عليه الجازم، جاز حذف النون، لكثرة الاستعمال، وسواء في ذلك الناقصة، والتامة، لكنه في التامة أقل، وفي الناقصة أكثر، هذا ما لم يتصل بالمضارع الضمير المتصل خبرًا لها، فلا يجوز حذف النون نحو قوله: فإن لم يكنها أو تكنه … ... ... .... وكذلك إن لقيت ساكنًا نحو قوله تعالى: {لم يكن الذين كفروا} وأجاز

يونس حذفها في الكلام كقوله: لم يك الحق ... ... ... … ... ... ... ... ... وأجاز غيره في الضرورة. وخبر هذه الأفعال إذا كان ظرفًا، أو مجرورًا، أو جملة، فهو في موضع نصب، أو مفردًا، فاتفق أكثر النحويين على أنه لا يجوز رفعه على إضمار مبتدأ محذوف فتقول: كنت قائمًا، ولا يجوز: كنت أنا قائم، وقد ورد في الشعر ما ظاهره الجواز، فإن كان تفصيل جاز النصب، والرفع تقول: كان الزيدان قائمًا، وقاعدًا، ويجوز قائم وقاعد، وخالف في الرفع بعض الكوفيين فقالوا: هو منصوب على الحال، وليس مشبهًا بالمفعول، وقد تقدم ذكر ذلك، ويجوز رفع

الاسمين بعد كان وأخواتها، وأنكر الفراء سماعه، وقال الجمهور: فيها ضمير الشأن، وقال الكسائي، وتبعه ابن الطراوة هي ملغاة. ومعمول الخبر إن قدمته مع الخبر على هذه الأفعال جاز، أو وحده نحو: زيدًا كان عمرو ضاربًا فذكروا في جواز ذلك خلافًا، وسواء أكان ظرفًا أم مجرورًا، أم غير ذلك، وتقدم في تراكيب ابن شقير جواز ذلك من كل قول، وتقدم مذهب الكوفيين في منعهم تقديم الخبر، وتوسيطه إذ كان يتحمل الضمير، وتخريج الكسائي والفراء، وأما التفريع على مذهبهم في تقديم المعمول على الفعل، أو على الاسم، فإن قدمته بعد الخبر نحو قوله: قائمًا في الدار كان زيد، وكان قائمًا في الدار زيد، أو قبل الخبر نحو: في الدار قائمًا كان زيد، وكان في الدار قائمًا زيد، فالأمر عندهم على ما كان عليه في الصورتين إلا في الثانية، فلا يجوز أن يكون خلفًا عند الكسائي، كان المعمول ظرفًا، أو غير ظرف. وفصل الفراء فقال: إن كان المعمول ظرفًا، أو مجرورًا، جاز أن تكون الصفة خلفًا، أو غيرهما لم يجز أن يكون خلفًا نحو: طعامك آكلاً كان زيد، وكان طعامك آكلاً زيد، والصحيح عندنا أنه خبر مقدم، لم يخلف موصوفًا يثنى ويجمع، وإذا قدمت الخبر، وأخرت المعمول نحو: آكلاً كان زيد طعامك؛ فقيل: لا يجوز، وتقدمت لنا في تراكيب ابن شقير أنها جائزة من قول البصريين، وخطأ من قول الكوفيين، فإن جعلت المسألة على كلامين أي يأكل طعامك جاز على كل مذهب. وإذا قلت: كان كائنًا زيد قائمًا، فالكسائي يجعل في كان ضمير الشأن،

وكائنًا خبر كان، وزيد اسم كائن، وقائمًا خبر كان، والفراء يجعل كائنًا خبر كان، وزيد مرفوعًا بكان، وكائن على أنهما اسم، وقائمًا خبر كائن، ولا يجوز عندهما أن تقول: كائنا كان زيد قائما، فيفصل بين كائن وخبرها، وهو (قائم) بأجنبي، ولا يجوز حمله على فعل مضمر يدل عليه كائن، كما كان في آكلاً كان زيد طعامك، ولا يجوز عندهم كان يقوم زيد، على أن يكون خبرًا مقدمًا؛ بل على أن يكون في كان ضمير الشأن، و (يقوم) في موضع الخبر على مذهب الفراء، (وزيد) مرفوع بيقوم، ولا يجوز عندهم تقدم (يقوم) على الفعل فتقول: يقوم كان زيد على وجه من الوجوه والظرف، والمجرور في ذلك كالفعل، لكونهما لا يخلفان الموصوف، فإن كان الخبر اسمًا لا يتحمل الضمير جاز توسيطه، وتقديمه عندهم نحو: كان أخاك زيد، وأخاك كان زيد، إذا أردت أخوة النسب لا أخوة الصداقة.

فصل (ما) النافية

فصل (ما) النافية إذا دخلت على الجملة الاسمية، ففيها لغتان: إحداهما: رفع الاسم، ونصب الخبر، وهي لغة الحجاز قال الكسائي: وأهل تهامة، وقال الفراء: لا يكاد أهل الحجاز ينطقون إلا بالباء. انتهى. وجاء القرآن كثيرًا بالباء، وجاء بالنصب في قوله تعالى: {ما هذا بشرًا} {ما هن أمهاتهم}، قالوا: ولا يحفظ النصب في كلامهم في الشعر إلا في قوله: أبناؤها متكنفون آباهم … حنقوا الصدور وما هم أولادها بنصب أولادها، واللغة الأخرى برفع الاسمين على الابتداء والخبر، وحكى سيبويه أنها لغة تميم، وحكى الفراء والكسائي أنها لغة نجد، وذكر لنصب الخبر شروطًا في المشهور: أحدها: تأخر الخبر، فإن تقدم ارتفع نحو: ما قائم زيد، وذهب الفراء

إلى أنه يجوز نصبه فتقول ما قائمًا زيد، وعنه، وعن الكسائي فيما نقل ابن عصفور: لا يجوز النصب، وقال الجرمي: هي لغة، وحكى: «ما مسيئًا من أعتب»، ونسبة جواز ذلك إلى سيبويه باطلة، فإن قدمت الخبر منصوبًا، وأدخلت (إلا) على الاسم فقلت: ما قائمًا إلا زيد، أجاز ذلك الأخفش، ومنعه البصريون، وخرج ذلك ابن مالك، على أن إلا زيد، بدل من اسم (ما) محذوفًا، والتقدير: ما أحد قائمًا غلا زيد، حذف أحد، وأغنى البدل عن اسم ما؛ فإن أدخلت الباء على الخبر نحو: ما بقائم زيد أجازه البصريون، وينبغي أن يرجع الحجازي في التقديم تميميًا، ومنع الكوفيون ذلك مطلقًا على اللغتين. وذكر ابن عصفور عن الفراء: إجازة ما بقائم زيد؛ فإن فصلت بين (ما) والمجرور بالباء، بمجرور متعلق به جاز عند الكسائي، والفراء نحو: «ما إليك بقاصد زيد»، و «ما فيك براغب عمرو»، وإذا طرحت الباء رفعت، وهذا النقل مخالف لما قبله؛ فإن كان الخبر ظرفًا، أو مجرورًا نحو: ما عندك زيد، وما في الدار أحد، فذهب الأخفش إلى أنه يجوز، وهو قول أبي بكر العرشاني، وأجاز ذلك الجمهور، وهو اختيار الأعلم، فالظرف والمجرور في موضع نصب على أنه خبر

ما الحجازية، فإن توسط المعمول الذي للخبر بين (ما) والمرفوع، وهو ظرف أو مجرور جاز نحو: ما اليوم زيد ذاهبًا، وما بسيف زيد ضاربًا أو غيرها نحو: ما طعامك زيد آكلاً لم يجز خلافًا لابن كيسان؛ فإنه يجيز نصبه، نص عليه؛ مد بن منصور اليشكري في أرجوته قال: وما جوادك الغلام راكب … فليس للجواد يلقى ناصب إلا ابن كيسان من المذاهب … فإنه أجاز نصب الراكب فإن رفعت آكلاً، جاز عند الجمهور، وحكى منعه عن الرماني. الثاني: بقاء نفيه؛ فإن كان موجبًا بغير جاز النصب عند الفراء، ووجب عند البصريين نحو: ما زيد غير عاقل، أو بإلا نحو: ما زيد إلا أخوك، فقال النحاس: لا يجوز إلا الرفع بلا خلاف، وذلك فيما كان الثاني فيه هو الأول، ولم يكن صفة، ولا منزلاً منزلته؛ فإن كان صفة فالرفع نحو: ما زيد إلا قائم، وأجاز الفراء النصب نحو: ما أنت إلا راكبًا، فأما ماشيًا فلست بشيء تضمر أنك جميل في حال ركوبك: وإنك شيء إذا ركبت، وإذا مشيت فلست بشيء، وإن كان منزلاً منزلته نحو: ما زيد إلا زهير، فلا يجوز فيه عند الجمهور إلا الرفع، وأجاز الكوفيون فيه النصب، فإن قلت: ما زيد إلا لحيته، وما زيد غلا عيناه، فالرفع عند البصريين، وأجاز الكوفيون في هذا النصب، ولا يجوز النصب عند البصريين في غير المصادر، إلا أن تعرف المعنى، فتضمر ناصبًا نحو: ما زيد غلا لحيته مرة، وعينه أخرى، وما زيد إلا عمامته تحسينًا، ورداءه تزيينًا أي تتعهد، وحكى ابن مالك

جواز النصب في الخبر بعد إلا من غير تفصيل عن يونس، ونقل ابن عصفور عن الكسائي والفراء أنه إذا دخلت إلا على الخبر، لم يجز نصبه، ولا جره بالباء، وتقدم ذكر ذلك. [وإذا كان الخبر مصحوبًا بحرف التنفيس أو بقد أو بلم جاز دخول إلا عليه نحو: ما زيد إلا سوف يقوم أو قد يقوم أو لم يخرج ومنع من جواز ذلك الفراء]؛ فإن توسط معمول الخبر بينه وبين إلا لم يجز النصب عند البصريين نحو: ما زيد إلا عمرا ضارب، وأجازه الكسائي والفراء، هذا نقل ابن أصبغ، وقال النحاس: لا يجيز الفراء «ما عبد الله إلا بالجارية كفيل»، وما بالجارية إلا عبد الله كفيل، وذلك جائز عند الكسائي والبصريين. الثالث: فقد إن بعد (ما) ذكر ابن مالك أنه يبطل العمل بلا خلاف، فتقول: ما إن زيد قائم، وليس كما ذكر؛ بل وجوب الرفع مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى جواز النصب، وحكي ذلك يعقوب، و (إن) زائدة كافة لا نافية خلافًا للكوفيين، ونقل ابن عصفور عن الكسائي والفراء أنه إذا جيء (بإن) بعد (ما)، لا يجوز النصب، ولا الجر بالباء. الرابع: ألا تؤكد (ما) بما فيجب الرفع نحو: ماما زيد ذاهب عند عامة النحويين، وأجاز جماعة من الكوفيين النصب.

الخامس: ألا يبدل من الخبر بدل مصحوب بإلا نحو: ما زيد شيء أو بشيء إلا شيء لا يعبأ به، فهنا يستوي اللغتان الحجازية، والتميمية ذكر ذلك سيبويه. وفي كتاب القاسم البطليوس: جواز نصب الخبر، ورفع ما بعد (إلا) على البدل من الموضع، وهو وهم فاحش، ولا يجوز تقدم معمول الخبر على ما لا يرفع الخبر، ولا ينصبه نحو: طعامك ما زيد آكلاً، أو آكل عند البصريين؛ لأن (ما) لها صدر الكلام، وأجاز ذلك الكوفيون. وفي كتاب الإنصاف قال ثعلب: إ ن كانت ردًا للخبر لمن قال: زيد آكل طعامك، فرد عليه نافيًا، وما زيد أكلاً طعامك جاز التقديم فتقول: طعامك ما زيد آكلاً، وإن كان جوبًا للقسم إذا قال: والله ما زيد بآكل طعامك، كانت بمنزلة اللام في جواب الكلام فلا يجوز التقديم. فإن أدخلت الباء على الخبر فقوم لا يجيزون ذلك فيقولون: ما طعامك زيد بآكل، وما فيك زيد براغب، إلا أنهم يرفعون الخبر إذا لم تدخل الباء، ولا يجيزون النصب، ولا يجيزون طعامك ما زيد آكلاً أبوه، وأجازه بعض الكوفيين، ونصب الخبر عند البصريين (بما)، وعند الكوفيين بإسقاط الخافض.

فصل

فصل إذا عطفت على الخبر بحرف لا يوجب نحو: ما زيد قائمًا ولا قاعدًا جاز في قاعد وجهان: أحدهما: نصبه عطفًا على الخبر وهو أجود. والآخر: رفعه على إضمار هو، وقد منع قوم من القدماء النصب في العطف على خبر ليس، ومنعهم في (ما) أولى، وأوجبوا الرفع على إضمار (هو)، وأما الخفض فيه على التوهم فمسموع، لكن عامة النحويين لا يجيزونه، وأجازه الكسائي، والفراء، قياسًا، ونسبة النحاس جواز ذلك إلى سيبويه وهم، وإنما حكى ذلك سيبويه في ليس؛ فإن كان الخبر لا يقبل الباء نحو: ليس زيد إلا قائمًا، ونحو: ليس زيد يركب، وما زيد يركب، فمن أجاز الجر في العطف لا يجيزه في هذا، أو بحرف يوجب رفعت نحو: ما زيد قائمًا بل قاعد أي بل هو قاعد، وليس من عطف [المفرد] على الخبر، بل من عطف الجمل. فإن كان اللسان سبق إلى ذكر الخبر غلطًا فاستدركت نصبت، فقلت: بل قاعدًا، كما تقول: ما ضربت رجلاً بل امرأة، إذا غلطت، قاله بعض أصحابنا، ولم يسمع إجراء (لكن) مجرى (بل) في ذلك، بل هو مسموع في ليس نحو: ليس زيد قائمًا لكن قاعد، وقال الفارسي: قياس لكن أن يكون مثل بل فتقول: ما زيد قائمًا لكن قاعد، وإذا عطفت على الاسم رفعت فقلت: ما زيد قائمًا، ولا عمرو،

فإن ولى العاطف الذي لا يوجب وصفًا، ورفع سببًا نصبت الوصف، ورفعت به السببي، أو رفعته خبرًا للاسم بعده، أو مبتدأ مرفوعًا به الاسم، مستغنى به عن الخبر فتقول: ليس زيد قائمًا، ولا قاعدًا أخوه، وما زيد قائمًا ولا قاعدًا أخوه، ويجوز، ولا قاعد أخوه على التقديرين، ومن أجاز الجر في ما زيد قائمًا، ولا قاعد أجازه هنا. وإن ولي الوصف أجنبي، جاز مع ليس نصبه فتقول: ليس زيد ذاهبًا، ولا مقيمًا عمرو إلا عند أولئك القدماء، بل يجب عندهم الرفع، وإذا نصبت كان الوصف معطوفًا على الخبر، والأجنبي معطوف على اسم ليس، وإذا رفعت الوصف؛ فعلى وجهين: رفعه حين وليه السببي، وقد سمع الجر فيه نحو: ليس زيد بقائم، ولا ذاهب بكر، وذلك إذا جر خبر ليس بالباء، وخرج ذلك على حذف الحرف لدلالة ما قبله عليه، لا على أنه مما ناب فيه الحرف مناب عاملين، فإن وليه في «ما» تعين رفعه نحو: ما زيد قائمًا، ولا ذاهب عمرو، ورفعه من ذينك الوجهين هذا مذهب البصريين، وأجاز الكسائي، والفراء فيه النصب فتقول: ما زيد قائمًا ولا ذاهبًا عمرو، وحكى الكوفيون من قول العرب ما زيد قائمًا فمخلفًا أحد بالنصب، فلو كان خبر «ما» مجرورًا بالباء نحو: ما زيد بقائم ولا خارج عمرو، لم يجز جره عند البصريين، وأجازه الكوفيون، فلو حذفت «لا» لم يجز جره عند البصريين، والفراء، وأجازه هشام، كما أجاز الذي قبله.

فإن تأخر الوصف عن الأجنبي؛ وحرف العطف موجب رفعت، فقلت: ما زيد قائمًا، بل عمرو خارج أو غير موجب، والخبر مرفوع رفعت فقلت: ما زيد قائم، ولا عمرو خارج، أو منصوب، فأجمعوا على الرفع نحو: ما زيد قائمًا ولا عمرو ذاهب، وزعم الجرمي أنهم رووا أن أكثر العرب يرفع، واختلفوا في نصبه، فأجازه الخليل، وسيبويه، والكسائي، وهشام، ومنعه النحويون القدماء، وقال سيبويه: وتقول: «ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة»؛ وإن شئت نصبت بيضاء، وبيضاء في موضع جر، ولا يجيز المبرد في بيضاء إلا الرفع، وإن كان خبر (ما) مجرورًا، وعطفت على اللفظ قلت: ما زيد بقائم، ولا عمرو بذاهب، أو على الموضع نصبت الخبر؛ إن كانت حجازية فقتل: ما زيد بقائم، ولا عمرو ذاهبًا. ويجيء فيها الخلاف السابق، أو تميمية رفعت فقلت: ما زيد بقائم، ولا عمرو ذاهب. وهذه مسائل تتعلق بما يجوز دخول همزة الاستفهام على (ما) الحجازية فتعمل نحو: أما زيد قائمًا، ولا يجوز حذف اسم (ما) لو قلت: زيد ما منطلقًا تريد: ما هو منطلقًا لم يجز، وإذا قلت: ما هو طعامك زيد بآكل، هو ضمير الشأن؛ إن كانت (ما) حجازية، لم يجز، أو تميمية جازت، وإذا قلت: اليوم ما زيد إياه ذاهبًا، جازت عند الأكثرين، ومنعها بعضهم، وإذا أخرت الاسم موجبًا بإلا، وقدمت معمول الخبر عليه نحو: ما طعامك آكل إلا زيد، جاز ذلك عند البصريين، ولم يجز عند الكسائي، والفراء، وأجاز الأخفش (ما نعم الرجل عبد الله»، ولا قريب من ذلك. وإجازة غيره نصب قريب على الظرف، وأجاز الكسائي إضمار (ما) وأنشد:

فقلت لها والله يدري مسافر … ... ... ... «أي ما يدري مسافر» فأمضر ما قال الفراء: فسألته عن والله أخوك قائمًا فرأيته كالمرتاب من إدخال الباء، ويجوز حذف الخبر عبد (ما) المكفوفة بإن للدلالة نحو: ... ... … فما إن من حديث ولا صال وبناء النكرة مع «ما» تشبيهًا بلا نحو: ما باس عليك شاذ لا ينقاس وقال الشاعر:

وما باس لو ردت علينا تحية … قليلاً على من يعرف الحق عابها

فصل

فصل (إن) النافية أجاز إعمالها إعمال (ما) الحجازية الكسائي، وأكثر الكوفيين، وابن السراج، والفارسي، وابن جني، ومنع من ذلك الفراء وأكثر البصريين، واختلفوا على سيبويه، والمبرد، فنقل السهيلي أن سيبويه أجاز إعمالها، وأن المبرد منع من ذلك، ونقل النحاس عكس هذا، قال: سيبويه، والفراء يرفعان، والكسائي ينصب، وهو مذهب أبي العباس، وقال ابن الطاهر: «نص سيبويه على إعمالها إعمال (ليس)»، وأكثر أصحابنا: يذهب إلى أنها لا تعمل، وأن قوله: إن هو مستوليًا على أحد … ... ...

ضرورة، والصحيح جواز إعمالها؛ إذ قد ثبت ذلك لغة لأهل العالية نثرًا ونظمًا، ومن النثر «إن ذلك نافعك ولا ضارك»، «وإن أحد خيرًا من أحد إلا بالعافية»، وقال أعرابي: إن قائمًا يريد: إن أنا قائمًا حذف الهمزة، ونقل حركتها إلى نون (إن)، وأدغم كقوله: {لكنا هو الله ربي} أي لكن أنا، وتعمل في المعرفة والنكرة ويبطل عملها انتقاض النفي كما قال تعالى: {إن أنتم إلا بشر مثلنا} وتوسط الخبر نحو: إن منطلق زيد. وتعمل (لا) أيضًا عمل (ما)، وعملها قليل بخلاف عمل (إن)، ودعوى ابن مالك العكس باطلة، وزعم الأخفش، والمبرد أن (لا) لا تعمل عمل ليس، وزعما أن قول سيبويه (وإن شئت قلت: لا أحد أفضل منك في قول من جعلها كليس»، إنما قاله قياسًا منه، ولذلك ساغ لهما خلافه، وذهب بعضهم إلى أنها أجريت مجرى ليس في رفع الاسم خاصة، لا في نصب الخبر، وهو مذهب الزجاج قال: وهي مع اسمها في موضع رفع على الابتداء، وزعم بعضهم أنها لم يحفظ النصب في خبرها ملفوظًا به، والصحيح سماع ذلك، لكنه في غاية الشذوذ والقلة ومنه: تعز فلا شيء على الأرض باقيًا … ... ....

وقوله: نصرتك إذ لا صاحب غير خاذل … ... ... .... والنقل عن بني تميم أنهم لا يعملونها إعمال ليس، وأكثر من أجاز إعمالها اشترط تنكير معموليها، وأن لا يتقدم خبرها على اسمها، وأن لا ينتقض النفي، وأن لا يفصل بينها، وبين مرفوعها، وفي البسيط: الظاهر أن الفصل يبطل عملها، وأجاز ابن جني إعمالها في المعرفة، وجاز ذلك في قول النابغة الجعدي: وحلت سواد القلب لا أنا باغيًا … ... ...

وقول الآخر: ... … لا الدار دارًا ولا الجيران جيرانا واختلف النحويون في ماهية (لات)، فذهب بعضهم إلى أنها فعل ماض بمعنى نقص، نفي بها كما نفي بليس، ذكره الخشني في شرحه لكتاب سيبويه، وذهب بعضهم إلى أن أصلها ليس أبدلت سينها تاء، والجمهور على أن (لات) حرف لحقته التاء، فذهب سيبويه إلى أنه من تركيب الحرف مع الحرف نحو: إنما فلو سميت به حكيته، وذهب الأخفش، والجمهور إلى أنها (لا) زيدت عليها التاء كما زيدت في ثم، فقالوا: ثمت فهي للتأنيث، وذهب ابن الطراوة إلى أن التاء ليست للتأنيث؛ إنما هي زائدة على الحين، واتبع في ذلك أبا عبيدة، وكتبت في المصحف منفصلة من الحين، ووقف جمهور القراء عليها بالتاء ابتاعًا للرسم، وعن الكسائي الوقف بالتاء وبالهاء، واختلفوا هل تعمل أم

لا، فذهب الأخفش إلى أنها لا تعمل، بل إن ارتفع الاسم بعدها فهو مبتدأ، وخبره محذوف، أو خبر محذوف المبتدأ، أو انتصب فعلى إضمار فعل، وذهب الجمهور إلى أنها تعمل، واختلفوا فذهب الأخفش في قول: إلى أنها تعمل نصبًا عمل لا التي للنفي العام، وذهب الجمهور إلى أنها تعمل عمل ليس، واختلفوا أعملها مختص بلفظ الحين، أم يتعدى إلى ما رادف الحين من الظروف، فمذهب الفراء أنه مختص بالحين، وهو ظاهر كلام سيبويه، فإذا كان الظرف منصوبًا، فهو خبرها، والاسم محذوف، وإذا كان مرفوعًا فهو سامها وخبرها محذوف، ولم يسمع بالاسم، والخبر ملفوظًا بهما معًا، وذهب الفارسي، وغيره إلى أنها تعمل في الحين، وفيما رادفه معرفة كان، أو نكرة، ومما عملت فيه قوله: حنت نوار ولات هنا حنت … ... ... ... ... وقوله: ندم البغاة ولات ساعة مندم … ... ... ... ....

وشذ مجيء غير الظرف مرفوعًا بعدها في قوله: ... ... ... … يبغي حوارك حين لات مجير وقد تؤول، وزعم الفراء أن (لات) يخفض بها أسماء الزمان نحو قوله: طلبوا صلحنا ولات أوان … ... ... ... ...

وقوله: ... ... ... … ولتندمن ولات ساعة مندم وقرئ شاذًا: «ولات حين مناص» بالخفض، ولا يعرف ذلك البصريون وقد أضيف إليها الحين في قوله: وذلك حين لات أوان حلم … ... ... .... وقد جاءت لات غير مضاف إليها حين، ولا مذكور بعدها حين، ولا مرادفه في قول الأفوه: ... .... … وتولوا لات لم يغن الفرار والعطف على خبر «لات» عند من أعملها إعمال ليس، كالعطف على خبر

(ما) الحجازية تقول: لات حين جزع، ولات حين طيش، ولات حين قلق، بل حين صبر، تنصب في الأولى، وترفع في الثانية كما كان في (ما)، ولا النافية حرف، وزعم بعض النحاة أنها اسم بمعنى (غير) في قوله: «جئت بلا زاد»، وغضبت من لا شيء، وفي النهاية «أنه مذهب الكوفيين (فزاد) و (شيء) مجروران بالإضافة، لا بحرف الجر، ومذهب الجمهور أنها للنفي؛ وهي زائدة من حيث تخطى حرف الجر لجر ما بعد (لا)، ولا يعني بالزائد، أن وجوده كعدمه.

فصل

فصل تزاد الباء في خبر «ما» المنفي نحو قوله تعالى: {وما ربك بغافل}، كما تزاد في خبر ليس كقوله تعالى: {ألست بربكم}؛ فإن كان الخبر موجبًا لم تدخل نحو: ليس زيد غلا قائمًا، وما زيد غلا قائم؛ فإن زيدت كان بين اسم ما وخبرها نحو: ما زيد كان بقائم، جاز ذلك عند البصريين والكسائي ومنع ذلك الفراء، فلو كان الخبر ظرفًا، أو كاف التشبيه أو مثلاً، فأجاز هشام دخولها على الظرف فأجاز: ما عبد الله بحيث تحب، وأجاز البصريون دخولها على الظرف، والذي يجوز أن يستعمل اسمًا نحو: ما هذا المكان بمكان شر، ولا هذا اليوم بيوم حزن، وعلى مثل نحو: ما زيد بمثلك، ووافقهم على جواز دخولها على (مثل) الكسائي، وأجاز أيضًا دخولها على (الكاف)، وحكى: ليس بكذاك أي ليس كذلك، ومنع هشام دخولها على الكاف، وعلى (مثل) واضطرب الفراء فقال مرة: لا تدخل الباء على (مثل)؛ لأنها بمعنى الكاف، وقال مرة: تدخل الباء على الكاف، ولا تدخل على شيء من الصفات غيرها؛ لأنها في معنى مثل، ومما هو منصوب خبر ليس، ولا تدخل الباء في خبر ليس في الاستثناء تقول: قام القوم ليس زيدًا، ولا يجوز ليس بزيد، وأجاز ابن مالك: دخولها في خبر (لا) العاملة عمل ليس نحو: لا رجل بقائم، ولا قاعدًا وقال ابن هشام: لم يسمع في خبر (لا)، فلا يقاس على خبر (ما)، وقد تزاد بعد فعل ناسخ للابتداء نحو قوله: ... ... ... لم أكن … بأعجلهم ... ...

و: ... ... ... … ... ... .... لم يجدني بعقدد أي لم أكن أعجلهم، ولم يجدني قعددًا، وقد توهم بعضهم دخول الباء على خبر كان، فعطف على المنصوب مجرورًا في قوله: وما كنت ذا نيرب فيهم … ولا منمش منهم منمل توهم أنه قال بذي نيرب، وقال متمم بن نويرة: وما كان وقافًا إذا الخيل أحجمت … ولا طائشًا عند اللقاء مدفعا ولا بكهام سيفه عن عدوه … إذ هو لاقى حاسرًا أو مقنعًا

توهم أنه قال: وما كان بوقاف، قال ابن مالك: وبعد لا التبرئة ومنه قول العرب: «لا خير بخير بعده النار» إذا لم تجعل الباء بمعنى (في)، واتبع في ذلك الفارسي في أحد قوليه، وابن طاهر، وابن خروف، وقال الفارسي أيضًا لا تكون الباء هنا زائدة؛ لأنها لا تزاد في المرفوع، وقال بعض أصحابنا لا يقال: لا رجل بقائم، ولا إنسان بورع؛ لأنه لم يأت به سماع صحيح، وإذا كانت الباء ظرفية، فالتقدير: لا خير في خير بعده النار، والظرف بعده في موضع الصفة، وزيدت أيضًا في خبر المبتدأ بعد هل نحو قوله: ... ... ... … ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم وبعد (ما) المكفوفة (بإن) نحو قوله: ... ... ... ما إن أبو مالك … بواه ... ... ...

وفي خبر «إن»، وقد انسحب عليها نفي قال تعالى: {أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر} أجرى على ما هو في معناه، كأن المعنى أو ليس بقادر وفي خبر «لكن» نحو قوله: ولكن أجرًا لو فعلت بهين … ... ... .... وفي خبر ليت نحو قوله: ... … ألا ليت ذا العيش اللذيذ بدائم قال ابن مالك، وفي خبر «إن» في قوله: .... … فإنك مما أحدثت بالمجرب

(أي فإنك المجرب)، ولا يتعين ما قاله ابن مالك في خبر المبتدأ في قوله: ... ... ... ... … ومنعكها بشيء يستطاع (أي شيء يستطاع)، وأجاز الأخفش زيادتها في الواجب نحو: زيد بقائم، واستدل بقوله تعالى: {جزاء سيئة بمثلها} (أي مثلها) وقال ابن مالك: وربما زيدت في الحال المنفية نحو قوله: فما رجعت بخائبة ركاب … ... ....

وقوله: ... ... ... ... … مما انبعثت بمزءود ولا وكل تقديره عنده، فما رجعت خائبة ركاب، فما ابنعثت مزءودًا، ولا يتعين ما قاله، ولا يطرد زيادة الباء على قول الجمهور إلا في خبر ليس، و (ما) على ما سبق، مما أجمعوا عليه، إذا كان منفيًا، ليس في باب الاستثناء وعلى ما وقع فيه الاختلاف. فأما الخبر المنفي بعد (ما) في لغة بني تميم، فذهب ابن السراج والفارسي في أحد قوليه، وتبعهما الزمخشري إلى أنه لا يجوز دخول الباء عليه، والصحيح جواز ذلك، وهو كثير جدًا في نثرهم، ونظمهم، ومما نص

على ذلك سيبويه، والفراء، ونص الفراء على «أن أهل نجد يجرون الخبر بالباء كثيرًا فإذا أسقطوا البار رفعوا» انتهى كلامه. وإذا عطفوا على المجرور بالباء في هذه اللغة، رفعوا المعطوف على الموضع، كما ينصب الحجازيون إذا عطفوا على المجرور بالباء على الموضع، وقال النحاس: أجمعوا على أن الباء تدخل على المرفوع، والمنصوب، واختلفوا في فائدة المجيء بالباء فقال البصريون: يجوز أن لا يسمع المخاطب ما، فيتوهم أن الكلام موجب، فالباء يفهم أنه نفي وقال الكوفيون: هذا نفي كقولك: إن زيدًا لمنطلق، فالباء تقابل اللام، وإذا قدمت الخبر، أو معموله، فذهب قوم إلى أنه لا يجوز زيادة الباء في الخبر، بل تقول: ما قائم زيد، وما طعامك آكل زيد، وذهب الفراء إلى جواز دخولها فيهما فتقول: ما بقائم زيد، وما طعامك بآكل زيد، وفصل قوم فأجازوا ذلك مع تقديم معمول الخبر، ومنعوا ذلك مع تقديم الخبر نفسه، وأجاز الفراء: ما هو بذاهب زيد، فإن ألقيت الباء نصبت فقلت: ما هو ذاهبًا زيد، ولا يجوز عند البصريين وتأولوا قوله: «وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر».

باب أفعال المقاربة

باب أفعال المقاربة سمي الباب ببعض ما يقع فيه، وهي جعل، وطفق بكسر الفاء وفتحها والكسر لغة القرآن، وقالوا: طبق بالباء المكسورة بدلاً من الفاء، وأخذ، وعلق، وأنشأ، وهب، وهلهل، وكاد، وكرب، وأوشك، وأولى، وعسى، خلافًا لأحمد بن يحيى؛ إذ زعم أنها حرف لا فعل، ونسب ذلك إلى ابن السراج، واخلولق، وزاد ابن مالك (حرى) ويحتاج ذلك إلى استثبات، وذكره أبو سهل الهروي في كتاب (أسفار الفصيح) منونًا اسمًا، وقال ولا يثنى، ولا يجمع، وزاد ثعلب (قام)، وزاد أبو إسحاق البهاري: قارب، وكارب، وقرب، وأحال، وأقبل، وأظل، وأشفى، وشارف، وقرب، ودنا، وآثر، وقام، وقعد، وذهب، وازدلف، ودلف، وأشرف، وأزلف، وتهيأ، وأسف، وزاد غيره طار، وانبرى، وألم، ونشب، [وذكر ابن هشام اللخمي فيها: ابتدأ، ونشب، وعبا]، ومما هو للشروع في الفعل الستة الأول، وقال ثعلب: يقال: قام

يفعل كذا إذا أخذ فيه، ولمقاربة الفعل الخمسة بعدها، ولرجائه عسى، واخلولق قال ابن مالك: وحرى: والمشهور أن (كرب) للمقاربة، وقيل للشروع، وقد ترد (عسى) للإشفاق، وذلك قليل، وقد اجتماع مجيئها للرجاء، والإشفاق في قوله تعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم} وقال خطاب: عسى بعيدة عن المقاربة، ومعناها الترجي للفعل، واستدناء وقوعه، وقال قوم: معنى عسى الإشفاق والطمع انتهى. ويلازمهن لفظ المضي، إلا (كاد) فسمع مضارعها كقوله تعالى: {يكاد زيتها يضيء} وسمع نفي خبرها قال: ... ... ... ... ... ... ... ... … طال حتى كاد صبح لا ينير ولا يبعد جواز ذلك في غيرها مما لا يدخل عليه (أن)، وأوشك فسمع يوشك، وأنكر الأصمعي: أوشك، وقد نقله الخليل، وغيره، وهو مسموع في كلامهم، ونذر اسم فاعل منهما قالوا: كائد، وموشك، وروى

عبد القاهر: عسى يعسى فهو عاس، وهو غريب والمشهور أن هذه الأفعال من أخوات «كان»، تدخل على المبتدأ والخبر، لكن خبرها لا يكون إلا مضارعًا، وذهب الكوفيون إلى أن الفعل بدل من الاسم بدل المصدر، وكأنهم بنوا هذا على أن هذه الأفعال ليست ناقصة، فالمعنى عندهم قرب قيام زيد، وكرب خروج عمرو، ثم قدمت الاسم، وأخرت المصدر فقلت: قرب زيد قيامه، ثم جعلته بالفعل، وهي تامة، وهو مذهب أبي بكر خطاب، وتقديره: عسى زيد القيام، وذهب بعضهم إلى أن موضع الفعل نصب بإسقاط حرف الجر؛ إذ يسقط كثيرًا مع (أن)، فمعنى عسى زيد أن يقوم: عسى زيد القيام، ومعنها اخلولق، وكرب يفعل: تهيأ للفعل، وذهب بعضهم على أن قولهم: عسى أن يقوم زيد من باب الإعمال، وفي البسيط منها لتهيئة مجيء الأمر: اخلولقت الأرض أن تنبت، والسماء أن تمطر، ولذلك تدخل اللام فتقول: اخلولقت لأن تمطر، وقد جعل بعضهم اخلولق وأخلق من النواقص، وليست كذلك؛ إذ ما بعد اخلولق مفعول لأجل دخول اللام، وهي بالنظر إلى معناها تامة، وأخلق معناه تهيأ الشيء لأن يكون انتهى. والقول الأول هو الصحيح، ولا تدخل (أن) على خبر هلهل، وما قبلها، وتدخل على خبر أولى، وحرى، واخلولق، فأما «عسى» فجمهور البصريين:

على أن حذف «أن» من خبرها لا يكون إلا في الضرورة، وقاله الفارسي، وأجاز حذفها في التذكرة في الكلام، وهو ظاهر قول سيبويه، قال سيبويه: «من العرب من يقول: عسى يفعل». وأما «كاد»، و «كرب»، و «أوشك»، فزعم ابن مالك أنه يجوز أن تدخل في خبرهن، وألا تدخل، ودخولها في خبر «كاد»، و «كرب» عند أصحابنا من باب الضرورة، ولا يقع في الكلام، وزعم الزجاجي أن «قارب»، مما الأجود فيه أن تستعمل بأن، وقيل: ليست من أفعال هذا الباب، إذ

تتعدى إلى مفعول تقول: قارب زيد القيام، وذكر سيبويه اقتران الفعل بأن في قولهم: دنوت أن تفعل، وأما «ألم» فجاء في الحديث «لولا أنه شيء قضاه الله لألم أن يذهب بصره»، وأما «أوشك»، فالأعرف اقتران خبرها بأن، وندر دخول الباء على «أن» نحو: أعاذل توشكين بأن تريني … ... ... .... ويجيء خبر كاد وعسى اسمين منصوبين نحو: فأبت إلى فهم وما كدت آيبًا … ... ... ... .... ونحو:

لا تلحني إني عسيت صائما وجعل السين مكان أن في خبر عسى قال: عسى طيئ من طيئ بعد هذه … ستطفئ غلات الكلى والجوانح ولم توضع سوف مكان (أن)، ومجيء خبر جعل مقرونًا بأن في قول كثير عزة: وأشعرتها نفثًا رقيقًا فلو ترى … قد جعلت أن ترعى النفث بالها ومجيئه جملة اسمية نحو قوله: وقد جعلت قلوص بني سهيل … من الأكوار مرتعها قريب

قال ابن مالك: وفعلية مصدرة (بإذا)، أو كلما قال: كقول ابن عباس: «فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا»، ولم يمثل مجيئها مصدرة بكلما قال: وندر إسنادها إلى ضمير الشأن، ولم يمثله، ويمكن أن يمثل بما حكاه أبو عمر الزاهد عن ثعلب قال كلام العرب: عسى زيد قائم، فتجعل «زيدًا» مبتدأ، وقائمًا خبره، ومن العرب من يجعلها في معنى كان فيقول: عسى زيد قائمًا فيجوز في قول من قال: عسى زيد قائم، أن يكون عسى أسندت لضمير الشأن، وقد أجاز ذلك الأخفش في قوله تعالى: «من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق». وظهر من قول ثعلب، ومن العرب من يقول: عسى زيد قائمًا أن ذلك لغة، ولا يحفظ البصريون رفع الاسمين بعد عسى، والتصريح بالخبر منصوبًا إلا في ضرورة، أو فيما جاء في المثل من قولهم: «عسى الغوير أبؤسا»، وقد أولوه، وأما قول الكميت:

قالوا أساء بنو كرز فقلت لهم … عسى الغوير بإبآس وإغوار فإنه زاد الباء في «بإبآس»، وما كان من هذه الأفعال لا يستعمل ما بعد مرفوعها (بأن)، لا خلاف في أنه داخل على المبتدأ والخبر وما قرن بها، فمذهب الجمهور أنه من باب كان أيضًا [«عسى الغوير أبؤسا» مثل لكل شيء يخاف أن يأتي منه شر، وضع «أبؤسا» موضع الخبر مع أن خبر عسى لا يكون اسمًا لا يقال: عسى زيد منطلقًا؛ لأن في المثل يأتي ما لا يأتي في غيره كذا في الصحاح] وصححه ابن عصفور، ومذهب الكوفيين أنه بدل اشتمال مما قبله، واختاره ابن مالك، ومذهب المبرد، وظاهر كلام الزجاجي أنه مفعول به، ونسبه ابن مالك إلى سيبويه. ولا يتقدم ما بعد المرفوع على هذه الأفعال لا يقال: أفعل طفقت، ولا أن يقوم عسى زيد، وهذا باتفاق، وهكذا الفعل. وفي النهاية: الظاهر أن القياس لا يمنع من تقديم خبر كاد عليها؛ لأن فعل متصرف، ولكن لم أره متقدمًا، ولم يعثر على نص في التقديم ولا عدمه، ولو قيل: لا يتقدم تشبيهًا بخبر عسى لكان قولاً، وتوسطه بين الفعل ومرفوعه، والفعل غير

مقرون «بأن» جائز نحو: طفق يصليان الزيدان؛ فإن كان مقرونًا (بأن)، ففيه خلاف، أجاز ذلك المبرد، والسيرافي، والفارسي، وصححه ابن عصفور، ومنهم من منع ذلك وإليه ذهب الأستاذ أبو علي، وزعم أنه لا يجوز في عسى أن يذهب زيد، إلا أن يكون زيد فاعلاً بيذهب، ومن أجاز توسيطه، يجيز هذا الوجه، وتسد أن وصلتها مسد المبتدأ والخبر، وتظهره ثمرة الخلاف في التثنية والجمع، فعلى الجواز تقول: عسى أن يقوما أخواك، وعلى المنع تقول: عسى أن يقوم أخواك، وفي البسيط: ظاهر كلام سيبويه أنها هاهنا تامة لا خبر لها، وفاعلها ما بعدها على تقدير المصدر، ومعناها دنا، وقرب، ولا يجوز صريح المصدر انتهى. وزعم بعضهم في هذا التركيب أن الخبر محذوف، والتقدير: قارب قيام زيد الوقوع، وهذا تفسير معنى، ومن ذهب إلى أن «أن والفعل» في «عسى زيد أن يقوم»، في موضوع مفعول أجاز ذلك في التقديم نحو: عسى أن يقوم زيد، قال أبو بكر خطاب: أن يقوم فاعل بعسى هذا قول النحويين، وقد كان عندي قياسًا، أن يكون مفعوله توسط بين الفعل وفاعله، كما تقول: يريد أن يضربك زيد المعنى: يريد زيد أن يضربك، وجاز أن يتوسط مفعول عسى، كما توسط خبر «ليس» في قولنا: ليس قائمًا زيد، وهذا قول حسن في القياس غير أنه رأى رأيناه، ولم يقل به أحد غيرنا، واتباعنا لأئمة النحويين أحق وأجمل انتهى. وقد يحذف الفعل إن علم نحو قوله: «من تأنى أصاب أو كاد» ولا يخلو

الاسم من الاختصاص غالبًا، والأصل أن يكون معرفة أو مقاربها، وجاء نكرة محضة في نحو قوله: عسى فرج يأتي به الله إنه … ... ... ... ... وتسند أوشك، وعسى على (أن والفعل) نحو قوله تعالى: «وعسى أن تكرهوا شيئًا» وأوشك أن يقوم، وفي «اخلولق» خلاف أجاز بعضهم: اخلولق أن تفوز، وقال ابن هشام: لا يجوز اخلولق أن تمطر السماء، وإذا كان بعدهن أن والفعل اكتفت به، ولم تحتج إلى خبره، وقيل في: عسى أن يخرج زيد إنه على الإعمال، وإذا تقدم على عسى اسم، فقيل: لا يضمر فيها ضميره، ولا تكون إذ ذاك إلا مسندة إلى أن والفعل فتقول: زيد عسى أن يخرج، والزيدان عسى أن يخرجا، والزيدون عسى أن يخرجوا، وهند عسى أن تخرج، والهندان عسى أن يخرجا والهندات عسى أن يخرجن، ولا يضمر في عسى ضمير ما قبلها، والصحيح أن ذلك فيه لغتان إحداهما هذه، واللغة الأخرى

مطابقة الضمير في عسى لما قبله فتقول: الزيدان عسيا أن يخرجا، والزيدون عسوا أن يخرجوا، وهند عست أن تخرج، والهندان عستا أن تخرجا، والهندات عسين أن يخرجن، وكذا إن تقدم ضمير متكلم، أو مخاطب، أضمر في عسى ما يناسب ذلك، وذكر في الترشيح: اللغتين، وقال دريود: ترك الإضمار أجود في هذا كله، إلا أن يكون ما قبله (ما)، أو (قد)، أو (هل)، فلا بد من الإضمار تقول: ما عسيتما أن تقولا، وما عسيتم أن تقولوا، قال تعالى: «فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض» انتهى. وإذا أسندت «عسى» إلى ضمير مرفوع لمتكلم، أو حاضر، أو نون إناث، جاز فتح السين وكسرها، والفتح أشهر، والكسر لغة أهل الحجاز، وقال المازني: إذا كان فاعلها غير ضمير متكلم، أو مخاطب لم يكن إلا فعل بفتح العين، وقال الفارسي: الأكثر فتح السين يعني في عسيتم، قال: فإن أسند إلى الظاهر، فقياس عسيتم أن يقال: عسى زيد؛ فإن قبل فهو القياس، وإن لم يقبل، فسائغ أن يؤخذ باللغتين تستعمل إحداهما في موضع الأخرى انتهى. وحكى ابن الأعرابي: عسى، وفي الترشيح: في عسى لغتان: عسى بفتح العين مثل: مضى وعسى بكسرها مثل «رضى»؛ فإن أضمرت فيه وثنيت، وجمعت، فعلى هاتين اللغتين: زيد عسى، وعسيا، وعسوا، وعست، وعسيت، وعستا، وعسين هذا في لغة من فتح، وعسى وعسيا، وعسوا، وعسيت، وعسيتا، وعسين، وإذا خاطبت فيمن فتح لقد عسيت، وعسيتما، وعسيتم،

وعسيت، وعسيتن، وفيمن كسر لقد عسيت، وعسيتما، وعسيتم، ولقد عسيت، وعسيتما، وعسيتن انتهى. وإذا اتصل بعسى ضمير رفع، فالمشهور أن يكون بصورة المرفوع، ومن العرب من يأتي به بصورة المنصوب فيقول: عساني، وعساك، وعساه، وفروعهن، ومذهب سيبويه: إقرار المخبر عنه، والخبر على حاليهما من الإسناد السابق، إلا أن العمل انعكس، فجاء الاسم منصوبًا، والخبر في موضع رفع حملاً على لعل، ومذهب المبرد، والفارسي عكس الإسناد، وجعل المخبر عنه خبرًا والخبر مخبرًا عنه، ومذهب أبي الحسن إقرارهما على حالهم من الإسناد؛ لكنه يجوز في الضمير، فيجعل مكان الضمير المرفوع ضمير منصوب، وهو في محل رفع نيابة عن المرفوع، والصحيح مذهب سيبويه، وزعم السيرافي أنها إذ ذاك حرف لأفعل، وربما اقتصر على ضمير النصب في قوله: يا أبتا علك أو عساكا وقوله: ... ... ... ... ... ... ... … تنازعني لعلي أو عساني

وفي البديع لمحمد بن مسعود الغزني: ولما أفرط في كثرة استعماله أخرجته من الفعلية إلى الحرفية حتى صار مثل لعل في اقتضاء الاسم والخبر كقولهم: عساه يخرج، وعساهما خارجان، وعساهم خارجون، وعساك، وعساكما، وعساكم أي لعله يخرج، ومن قال: عسى أنت قائم، وعسى أنتم تذهبنو، يريد جعله عسى أيضًا بمعنى لعل، لكنه لم يعملها فيهن انتهى. وخبر هذه الأفعال يرفع ضمير الاسم قبله لا سببية، فلا يجوز طفق زيد، يتحدث أخوه، ولا أنشأ عمرو ينشد ابنه، ولا جعل زيد يضربه عمرو، ويجوز: جعل زيد يضرب مبينًا للمفعول، واستثنى بعض أصحابنا: عسى فذكر أن الفعل فيها يرفع السببي وأنشدوا: وماذا عسى الحجاج يبلغ جهده … ... ... ... ... بنصب جهده ورفعه، وقالوا: يجوز عسى زيد أن يرحمه الله، فهذا لم يتحمل ضمير زيد المرفوع، ولا رفع السببي، وقد جاء الفعل بعد كاد، وجعل رافعًا السببي، وأولوا ذلك، وإذا دخل النفي على «كاد»، ويكاد دل على نفي

[المقاربة كغيرها من الأفعال، ويلزم من نفي المقاربة نفي] خبرها خلافًا لقوم منهن ابن جني، والنحاس؛ فإنهم زعموا أن نفيها يدل على وقوع الخبر بعد بطء، ولقوم زعموا: أن الخبر مثبت، إذا نفيت ومنفي إذا وجبت، والصحيح الأول، ولا تزاد كاد خلافًا للأخفش، وندر اسم فاعل أوشك وكاد في قوله: فإنك موشك أن لا تراها … ... ... .... وقوله: ... ... ... ... … يقينًا لرهن بالذي أنا كائد واختلفوا في ألف (كاد) أأصلها واو، أو ياء، والظاهر أنها من ذوات الواو نحو: خفت تخاف، وقد سمع لها مصدر كاد كودًا ومكادًا، حكى الأصمعي أنه سمع من العرب من يقول: لا أفعل ذلك ولا كيدًا، وحكى «قطرب»

كاد كيدًا وكيدودة، والظاهر أنها كاد غير هذه، ألا ترى أن سيبويه حكى: كدت بضم الكاف فوزنها فعلن ولا يكون هذا إلا من ذوات الواو، وحكى الجوهري مضارع طفق، وحكى الكسائي مضارع جعل حكى «إن البعير ليهرم حتى يجعل إذا شرب الماء مجه» ووقع في شعر زهير الأمر من أوشك في قوله: ... ... ... ... ... ... .... … منها وأوشك بما لم تخشه يقع وأفعل التفضيل في قوله: بأوشك منه أ، يساور قرنه … ... ... ... ... ....

باب إن وأن ولكن وكأن وليت ولعل

باب إن وأن ولكن وكأن وليت ولعل ينصبن الاسم بعدهن، وهن يرفعن الخبر، هذا مذهب البصريين، وذهب الكوفيون، وتبعهم السهيلي إلى أن الخبر باق على رفعه الذي كان عليه قبل دخولهن؛ فإن للتوكيد، ولذلك أجيب بها القسم، كما يجاب باللام وذلك في قولك: لزيد قائم، وقال الفراء: إن مقدرة لقسم محذوف، استغنى به عنه، والتقدير: «والله إن زيدًا قائم». وأن المفتوحة قالوا: معناها التوكيد، وتميم وقيس يبدلون من همزتها عينًا. ولكن للاستدراك قيل: وللتوكيد، والاستدراك هو لخبر توهم أنه موافق لما قبله في الحكم، فأتى به لرفع ذلك التوهم ولتوكيد الأول، وتحقيقه تقول: ما قام زيد لكن عمرًا قاعد، لما قال: ما قام زيد توهم أن عمرًا مثله لنسبة بينهما، أو ملابسة ونحو: لو قام فلان لفعلت، لكنه لم يقم، أكدت ما دلت عليه لو، ثم إن كان ما بعدها موافقًا لما قبلها، فالإجماع على أنه لا يجوز نحو: زيد قائم لكن عمرا قائم؛ وإن كان نقيضًا، أو ضدًا جاز نحو: ما هذا متحرك لكنه ساكن، وما هذا أسود لكنه أبيض، وإن كان خلافًا، ففي جوازه خلاف، وفي تصحيح المنع، أو الجواز خلاف نحو: ما هذا آكل لكنه شارب. و «لكن» بسيطة عند البصريين منتظمة من خمسة أحرف، مركبة عند

الفراء من «لكن» و «أن»، فطرحت همزة (أن) وسقطت نون لكن حيث استقبلت ساكنًا، وعن الكوفيين أنها مركبة من (لا) و (أن)، و (الكاف) زائدة، والهمزة محذوفة، وقيل هي مؤلفة من «لا» وكأن، والكاف للتشبيه و (أن) على أصلها، ولذلك وقعت بين كلامين لما فيها من نفي لشيء، وإثبات لغيره، وكسرت الكاف لتدل على الهمزة المحذوفة وإلى هذا ذهب السهيلي. و (كأن) للتشبيه مركبة من كاف، ومن (أن) واعتنى بحرف التشبيه، فقدم، ففتحت همزة (أن)، هذا مذهب الخليل، وسيبويه، وجمهور البصريين، والفراء، وقال بعض البصريين هذا خطأ، والأولى أن يكون حرفًا بسيطًا، وضع للتشبيه كالكاف، ودعوى ابن هشام: الإجماع على تركيبها غير صحيحة، ومن ذهب إلى التركيب اختلفوا، فقال أبو الفتح: لا يتعلق بشيء، وإن كانت هي حرف جر، وذهب الزجاج إلى أن الكاف الجارة في موضع رفع، فإذا قلت: كأنني أخوك، ففي ذلك عنده حذف، وتقديره: كإخوتي إياك موجود، ولا تكون الكاف على هذا مقدمة من تأخير، وزعم الكوفيون، والزجاجي أن (كأن) تكون للتحقيق، وزعم الكوفيون أيضًا، والزجاجي

وتبعهم ابن الطراوة، وابن السيد: أنه إذا كان الخبر صفة، أو فعلاً، أو جملة أو كانت (كأن) للشك نحو: ظننت، وتوهمت. وجعل ابن الأنباري من ذلك قولهم: كأنك بالشتاء مقبل أي أظن الشتاء مقبلاً، وجعل الكوفيون هذا وقولهم: كأنك بالفرج آت، مما (كأن) فيه للتقريب، وكذا قول الحسن: «كأنك بالدنيا لم تكن، وبالآخرة لم تزل»، قالوا: المعنى على تقريب إقبال الشتاء، وتقريب إتيان الفرج، وتقريب زوال الدنيا، وتقريب وجود الآخرة، والصحيح أن (كأن) لا تفارق التشبيه، وخرج الفارسي هذه على أن (الكاف) حرف خطاب، والباء زائدة في اسم كأن، وخرجه غيره على حذف مضاف «أي كأن زمانك مقبل بالشتاء»، وخرج قول الحسن على أن الباء ظرفية، وخبر كأن هو قوله: لم تكن ولم تزل، وخرجه ابن عصفور على إلغاء «كأن» لما لحقتها كاف الخطاب، وما بعدها مبتدأ، زيدت فيه الباء، كما زيدت في «بحسبك درهم»، وخرج أيضًا قول الحسن وقولهم: كأني بك تفعل، وقول الحريري: «كأني بك تنحط»، على أن المجرور خبر كأن؛ أي ملتبس بك، والفعل في موضع الحال، والحال لازمه كهي في قوله تعالى: «فما لهم عن التذكرة معرضين» ويدل على ذلك صلاحية واو الحال نحو:

كأني بك وقد طلعت الشمس، وقد تدخل (كأن) للتنبيه، والإنكار والتعجب تقول: فعلت كذا وكذا كأني لا أعلم، وفعلتم كذا وكذا كأن الله لا يعلم ما تفعلون. و «لعل» للترجي في المحبوب، وللإشفاق في المحذور، ويعبر أصحابنا عن الإشفاق بالتوقع، ولا تدخل «لعل» إلا على الممكن لا يقال: لعل الشباب يعود، ومن الإشفاق قوله تعالى: «فلعلك باخع نفسك»، وزعم الكسائي والأخفش: أنها تأتي للتعليل، تقول: افرغ لعلنا نتغذى؛ أي لنتغذى، وزعم الكوفيون أ، ها تكون للاستفهام، ونص النحاس عن الفراء، وقال الفراء أيضًا، وأبو عبد الله الطوال لعل شك، وكل هذا خطأ عند البصريين، وفي البديع: ذهب بعضهم إلى أن الفعل الماضي لا يقع خبرًا للعل تقول: لعل زيدًا قام أبوه، والمذهب جوازه، ومنه قولهم: أريد أن أمضي إلى فلان لعله خلا بنفسه، وتقول في الخبر يرد عليك: لعلي سمعت هذا، وحكى الأخفش لعل زيدًا سوف يقوم، ولم يجز: ليت زيدًا سوف يقوم انتهى.

و «ليت» للتمني، وتكون في المستحيل والممكن نحو: ليت الشباب عائد، وليت زيدًا قادم، ويقال: لت بإبدال الياء تاء، وإدغامها في التاء، ولا تكون في الواجب لا تقول: ليت غدًا يجيء، والترجي والتمني من باب الإنشاء فيشكل تعليقهما بالماضي، وقد جاء الماضي خبرًا لهما قال تعالى: «قالت يا ليتني مت قبل هذا» وقال الشاعر: لعلك يا حدراء لمت … ... ... ... ... ومنع من وقوع الماضي خبرًا للعل مبرمان، وقال في الغرة تقول: أريد المضي إلى فلان لعله خلا بنفسه، وهي حكاية حال يدل عليه عطف المضارع عليه فتقول: لعله خلا بنفسه، فأحدثه، أو فيحدثني رفعًا ونصبًا ولو قلت: فحدثته كان خطأ ولا أرى الماضي يمتنع، وتقول: صفحت عن فلان فيقال: لعله خدمك، ولا يحسن لعله يخدمك، وكذلك تقول في الخبر يرد عليك، لعلي سمعت هذا. انتهى. وامتنعوا من الجمع بين ليت، وسوف؛ فلا يقولون: ليت زيدًا سوف يقوم، وجاء ذلك مع لعل قال: فقولا لها قولاً رقيقًا لعلها … سترحمني من زفرة وعويل وحكى الأخفش: لعل زيدًا سوف يقوم، ولا يجوز أن تقضي هذه الحروف إلا خبرًا واحدًا، وهو الذي يلوح من مذهب سيبويه، وقيل يجوز تعداد أخبارها.

فصل

فصل المشهور رفع أخبار هذه الحروف، وذهب ابن سلام في طبقات الشعراء، وجماعة من المتأخرين إلى جواز نصبه، والكسائي إلى جوازه في ليت، وكذا في نقل عن الفراء، وعنه أيضًا في ليت، وكأن، ولعل، وزعم ابن سلام أنها لغة رؤبة وقومه، وحكى عن تميم أنهم ينصبون بلعل، وسمع ذلك في خبر إن، وكأن، ولعل، وكثر ذلك في خبر ليت حتى عمل عليه المولدون قال ابن المعتز: مرت بنا سحرا طير فقلت لها … طوباك يا ليتني إياك طوباك ولم يحفظ في خبر (إن)، ولا خبر لكن، وما لا تدخل عليه (ما دام) لا تدخل عليه هذه الحروف، وخصت (ما دام)؛ لأن خبرها لا يكون مفردًا طلبيًا نحو: أين [زيد]، وفي دخول (إن) على ما خبره نهي خلاف، صحح

ابن عصفور جوازه في شرحه الصغير للجمل، وتأول ذلك في شرحه الكبير في قوله: ... ... ... … إن الرياضة لا تنصبك للشيب وعلى المنع نصوص شيوخنا، وقال في شرحه الصغير لكتاب الجمل: «أما الجملة غير المحتملة للصدق والكذب، ففي ووقعها خبرًا لهذه الحروف خلاف، والصحيح أنها تقع في موضع خبرها انتهى»، فأطلق ولا يصح أن يكون الخلاف في «ليت»، ولا لعل، ولا كأن وإن ألحق لكن بأن فيمكن. وفي النهاية: يجوز إدخال إن، وأن على أن المصدرية من غير فصل نحو: إن (أن) تزورنا خير لك، وعلمت أن أن تطيع الله [أحسن] وذكر دخول ليت على أن من غير فصل، ومذهب الأخفش في قياس لعل على ليت في ذلك، ثم قال: ولا يبعد أن يجوز دخول «لكن» على (أن) نحو: لم يعجبني قيامك، ولكن أنك جالس يعجبني ... انتهى.

ولا يتقدم خبرهن عليهن، ولا على اسمهن، إلا إن كان ظرفًا أو مجرورًا، فيجوز، وقد يجب نحو: إن في الدار ساكنها، وإن عند هند بعلها، ويقدر العامل فيها بعد الاسم، ولو توسط بينها وبين اسمها بمعموله جاز نحو: إن بك كفيلين أخواك؛ فإن أدخلت اللام على الخبر، وكان ظرفًا، أو مجرورًا، ففي جواز ذلك خلاف وصحح أصحابنا المنع، والصحيح الجواز، ففي كتاب سيبويه، وتقول: إن بك زيدًا مأخوذ، وإن فيك زيدًا لراغب، وإن اليوم زيدًا منطلق، كأنك لم تذكر بك، ولا فيك، ولا اليوم. وقصر الأخفش جواز ذلك على المسموع فلا يجيز: إن حتى اليوم زيدًا مقيم، أو حالاً، فلا يجوز الفصل، وأجازه أبو علي الجلولي في النكت التي له على الإيضاح قال: (فإذا قلت: إن زيدًا قائم ضاحكًا، جاز أن تقول: إن ضاحكا زيدا قائم ثم قال نحو: إن في الدار زيدًا مقيم، و «في الدار» متعلق بمقيم قال: ومنع قوم التفرقة بين إن واسمها بالحال انتهى فأما قوله: كأن وقد أتى حول كميل … أثافيها حمامات مثول

فجملة اعتراض، وقال ابن مالك، عاملوا الحال معاملة الظرف فأولوها كأن. وفي النهاية: يجوز إن عندك يومك زيدًا مقيم تفصل بظرفين، وقال الله تعالى: «إن لي عنده للحسنى» انتهى. والظرف والمجرور الواقعان خبرًا يشترط فيهما أن يكونا تامين، وزعم الفراء أنهما يقعان ناقصين خبرًا في اللفظ، معمولين للمتعلق في المعنى، والمتعلق حال في اللفظ، وهو خبر في المعنى فتقول: إن زيدًا بالجارية كفيلاً، وإن زيدًا اليوم قائمًا، وقال ابن الأنباري: حكى ذلك الكوفيون مع الناقص عن العرب، ويقولون: إن النصب مع التام أكثر انتهى. وهذا متفرع من باب المبتدأ والخبر ويجيزون: عبد الله بالجارية كفيل، فالرفع في كفيل واجب عند البصريين، وهو المختار عند الكوفيين، وزعموا أن من العرب من ينصب كفيلاً. ويجوز حذف أسماء هذه الحروف في فصيح الكلام: إذا دل على ذلك دليل نحو قوله: ... ... ... ... … ولكن زنجي ... ...

و: فليت دفعت ... ... ... ... … ... ... ... .... أي، ولكنك زنجي، وفليتك دفعت، ولا يخص ذلك بالشعر خلافًا لزاعم ذلك، فإن كان ضمير الشأن، فحكى جواز حذفه سيبويه عن الخليل نحو: إن بك زيدًا مأخوذ، وحكى الأخفش: إن بك مأخوذ أخواك (أي إنه بك زيد) وينبغي فيما حكى الأخفش أن يكون المحذوف غير ضمير الشأن، بل ضمير المخاطب،

وذكر سيبويه: «إن إياك رأيت، وإن أفضلهم لقيت، ثم قال: فأفضلهم منتصب بلقيت وهو قول الخليل، ولم يجزه الفراء، قال؛ لأنه لا يكون الاسم الواحد معمولاً لعاملين، وذلك تصريح من سيبويه بالجواز دون ضرورة، وقال ابن عصفور لا يجوز حذف ضمير الشأن إلا ضرورة، وقال أيضًا: «ذهب جمهور البصريين إلى أنه يحسن حذفه في الشعر، ويقبح في الكلام، إلا أن يؤدى حذفه [إلى أن يلي إن وأخواتها فعل، فإنه يقبح في الكلام، وفي الشعر، وذهب أبو الحسن على أنه يحسن حذفه] في الشعر والكلام، إذا لم يؤد حذفه إلى أن يكون بعد (إن) وأخواتها اسم يصح عملها فيه نحو: إن في الدار قائم زيد، فإن أدى إلى ذلك نحو: إنه زيد قائم، فلا يجوز حذفه إلا إن كان ذلك الاسم لفعل بعده، أو بمبتدأ رفع ظاهرًا سد مسد خبره؛ فإنه يجوز نحو: إن أفضلهم كان زيد، وإن في الدار جلس أخواك. وذهب الكسائي، والفراء، إلى أنه لا يجوز حذفه، إذا أدى إلى أن يكون بعد إن وأخواتها اسم يصح عملها فيه سواء أكان معمولاً لفعل متأخر أم مبتدأ، قد رفع ظاهرًا سد مسد خبره، أم لم يكن، فإن وقع بعدها فعل تقدم معموله ظرفًا أو مجرورًا نحو: إن في الدار قام زيد، وإن عندك جلس عمرو فذهب الكسائي إلى أن (إن) مبطلة في اللفظ عاملة في مضي الفعل، وقال الفراء اسم إن في المعنى، وعن الأخفش أيضًا، والجرمي إجازة حذفه في الكلام، وأجاز الجرمي: (إن فيها قائم أخواك)، على رفع قائم أخوك فاعل سد مسد خبره، و «قائم» المبتدأ، وأجاز أيضًا: «إن فيها قائمان أخواك» على أن «أخواك» مبتدأ خبره قائمان، ومذهب

البصريين أن جميع هذه الحروف في حذف ضمير الشأن سواء، على ما قرر، والكوفيون إنما ذكروا ذلك في (إن)، ولم يتعدوا ذلك إلى غيرها، كليت وكأن، وباقيها.

فصل

فصل في حذف خبر (إن) وأخواتها للعلم به ثلاثة مذاهب، أحدها: الجواز، وسواء أكان معرفة أم نكرة، وهو مذهب سيبويه قال: يقول الرجل للرجل: هل لكم أحد إن الناس [ألب] عليكم فيقول: إن زيدًا، وإن عمرًا أي إن لنا. الثاني: مذهب الكوفيين اختصاص جواز حذفه؛ بأن يكون نكرة، نقله عنهم الأخفش الصغير. الثالث: مذهب الفراء جواز حذفه معرفة كان أو نكرة، إلا أن شرط جواز الحذف التكرير نحو: إن محلاً وإن مرتحلاً … ... ... ... ... والصحيح مذهب سيبويه، ويجوز: إن رجلاً وزيدًا، خلافًا للكوفيين، وإن رجلاً أخاك على حذف الخبر، وفاقًا لهشام والبصريين، وخلافًا للفراء وتقول: إن غيرها إبلاً وشاء.

قال سيبويه: غيرها اسم إن، وإبلاً، وشاء تمييز، والخبر محذوف أي لنا غيرها، ولا يجوز أن يكون اسم «إن» إبلاً وشاءً، وغيرها حال، ولا أن يكون إبلاً وشاء بدلاً من (غيرها)، [فإنه يجوز نحو: إن أفضلهم كان زيد، وإن في الدار جالس أخواك. وذهب الكسائي والفراء إلى أنه لا يجوز حذفه إذا أدى إلى أن يكون بعد إن وأخواتها اسم يصح عملها فيه؛ سواء أكان معمولاً لفعل متأخر أم مبتدأ قد رفع ظاهرًا سد مسد خبره أم غيرها] وقد تسد (واو) المصاحبة مسد الخبر، حكى سيبويه: «إنك ما وخيرا» أي مع خير، وما زائدة، وحكى الكسائي «إن كل ثوب لو ثمنه» بإدخال اللام على الواو لسدها مسد مع والحال، كما سدت مسده في باب الابتداء نحو: إن ضربي زيدًا قائمًا، وإن أكثر شربي السويق ملتوتًا، والتزم حذف خبر ليت في قولهم ليت شعري، ويليه جملة استفهام، فشعري اسم

ليت، و (شعري) من أفعال القلوب، فجملة الاستفهام في موضع المفعول على سبيل التعليق، والخبر محذوف تقديره ثابت، أو واقع، أو موجود، وشعر: إنما يتعدى بالباء تقول: شعرت به، والمصدر: شعرة بالتاء، لكنه استعمل مع ليت بغير تاء، وإطلاق أبي على: أن (شعري) ملغي عني به التعليق. وذهب الزجاج إلى أن الجملة الاستفهامية في موضع رفع خبرًا لليت، وهو ظاهر قول سيبويه، وقيل شعري بمعنى مشعوري أي معلومي، والجملة نفس المبتدأ في المعنى فلا يحتاج إلى رابط، وقيل معمولة لشعري، وسدت مسد الخبر، والذي أذهب غليه أن هذا الكلام مراعي فيه المعنى، لا اللفظ، والمعنى: ليتني أشعر بكذا، كما راعوا المعنى في قولهم: سواء علي أقمت أم قعدت، راعوا قيامك وقعودك. قال ابن مالك: وجملة الاستفهام متصلة بشعري أو منفصلة بجملة اعتراض. انتهى. وقد جاء الفصل بالمصدر في قوله: ليت شعري ضلة … أي شيء قتلك وبعن في قوله:

يا ليت شعري عن نفسي أزاهقة … ... ... ... ... وتقول العرب: ليت شعري بزيد أقائم، وليت شعري عن زيد أقائم، قامت (عن) مقام الباء، لما في الشعور بالشيء من الكشف عنه، وقال الكسائي، العرب تقول: ليت شعري زيدًا ما صنع انتهى. نصب زيدًا على إسقاط حرف الجر، والاسم مجرورًا، أو منصوبًا معمول لشعري، والجملة بعد المنصوب والمجرور، إما في موضع خبر ليت وإما في موضع البدل، الخبر محذوف كما كانت في عرفت زيدًا أبو من هو، على قول أبي العباس، وقد يخبر هنا عن النكرة بالنكرة بشرط الفائدة نحو قوله: وإن شفاء عبرة مهراقة … ... ... ... وقال سيبويه: إن ألفًا في دراهمك بيض، وإن بالطريق أسدًا رابض، وعن

النكرة بالمعرفة، حكى سيبويه إن قريبًا منك زيد، وإن بعيدًا منك زيد، وقال: وإن عناء أن تفهم جاهلاً … ... ... .... وإذا قلت: إن قائمًا، ويقعد أخواك، لم يجز عن الكوفيين، ولا تقتضي قواعد البصريين جوازه، وقال ابن كيسان هو عندي جائز، ولو قلت: إن ذاهبًا وجائيًا أخوك، لم يجز أن يفرق بينهما فتقول: إن ذاهبًا أخوك، وجائيًا، إن كانت الواو جامعة، ويجوز إن أردت أنها من صفة اثنين، أي وجائيًا أخوك، كما تقول: إن زيدًا أخوك وعمرًا، تريد: وإن عمرًا أخوك، ولا يجوز إن قائمًا أخوك ويقعد، ولو قلت: إن قائمين أخواك فيها، وإن فيها قائمين أخواك قيامًا حسنًا، لم يجز عند الكوفيين، وأجازه البصريون، ولا يجوز: إن قائمًا الزيدان، خلافًا للأخفش والفراء، ووهم صاحب البسيط فحكى جواز هذا عند البصريين، وحكى أن الكوفيين لا يجيزون إلا أن تقول: إن قائمين الزيدان، ولا يجيزون إفراد الاسم، ثم نقل الخلاف في موضع آخر على الصواب. وفي الإفصاح: يجوز على مذهب أبي الحسن، والكوفيين في كان، وإن، وظننت، أن يعتمد اسم الفاعل عليها فتقول: إن ضاربًا زيد، وعمرو، وكان ضارب زيد وعمرو، ويجوز عندهم أن يضمر الأمر ويرفع، وكذلك ظننته ضارب زيد وعمرو، ويجيزون النصب بعد ظننته؛ لأنه مفعول ثان، وسد مسد الجملة المفسرة، ولم يسمع من هذا كله شيء، فلا يجوز عند جمهور البصريين وتقول: إن

في الدار يقوم زيد، فالكسائي يقول: إن مبطلة لا اسم لها، ويجيز إن لي غلام، والفراء يقول اسمها يقوم تقديره: إن في الدار قائمًا زيد، وسيبويه يقول: فيها إضمار الشأن.

فصل

فصل إذا فتحت همزة (إن) أولت عند أكثر النحاة بمصدر، فإذا كان خبرها فعلاً، أو اسمًا ملاقيًا للفعل في الاشتقاق، قدرت بمصدر من لفظ ذلك الفعل، وذلك الاسم نحو: بلغني أنك تنطق، أو منطق أي بلغني الانطلاق، وإن كان ظرفًا أو مجرورًا، قدر مصدر من لفظ الاستقرار العامل فيها نحو: بلغني أنك عند زيد، أو في الدار أي بلغني استقرارك عند زيد، أو في الدار؛ فإن كان جامدًا، قدر الكون أي بلغني أن هذا زيدًا؛ أي كون هذا زيدًا، وذهب السهيلي إلى أنها لا تتقدر بالمصدر، وإنما هي في تأويل الحديث. كذا قال سيبويه، وإنما التي في تأويل المصدر (أن) الناصبة للفعل، وأما المشددة فلا، ألا ترى أن خبرها يكون اسمًا محضًا نحو: علمت أن الليث الأسد، فهذا لا يشعر بالمصدر لأنه لا فعل له. انتهى. والمشهور أنها تتقدر بالمصدر كما قررنا؛ فإن لزم تقديرها بالمصدر فتحت وجوبًا، وقد يأتي موضع يجوز فيها الفتح والكسر على تقديرين، ويأتي إن شاء الله تعالى. وعد النحاة حيث تكسر فقالوا: تكسر إذا كانت مبدوءًا بها لفظًا ومعنى نحو: إن زيدًا قائم، وقد أجاز بعضهم أن يبدأ بها مفتوحة نحو: أن زيدًا فاضل عندي، وتقدم ذلك في باب الابتداء، وبعد ألا نحو: ألا إن زيدًا قائم، قال الفارسي، وأصحابنا: وصلة للاسم الموصول نحو قوله تعالى: «وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوأ بالعصبة».

وعلى رأي سيبويه: إن جواب قسم، والقسم وجوابه هو الصلة، وتكسر جواب قسم وجوبًا، وسواء أكان في خبرها، أو اسمها اللام، أم لم تكن هذا مذهب البصريين، وأجاز الكسائي، والطوال، والبغداديون الفتح والكسر، واختاروا الفتح، وأجازهما آخرون، واختاروا الكسر، وأوجب الفراء الفتح، والذي يظهر لي أن هذا الخلاف في الفتح إنما هو إذا لم يكن في الخبر، أو الاسم اللام. ومحكية بالقول في لغة من لا يفتحها بعده قال الله تعالى: «إني منزلها عليكم»، وواقعة بعد واو الحال نحو: جاء زيد، وإن يده على رأسه، وموقع خبر اسم عين نحو: زيد إنه ذاهب» خلافًا للفراء قال: لا يقال في الكلام: «إن أخاك إنه ذاهب»، ومنعه هذا يستلزم منع: زيد إنه ذاهب، وقيل لام معلقة نحو: «والله يعلم إنك لرسوله»، وبعد حيث نحو: اجلس حيث إن زيدًا جالس، وإذا لزم التأويل بالمصدر فتحت، وذلك بعد (لو)

نحو: لو أنك قائم لقمت، التقدير: لو قيامك، ومذهب البصريين قيل: أو جمهورهم على أنه في موضع رفع على الابتداء، والخبر واجب الحذف، وعن البصريين أيضًا لا خبر له، لجريان المسند، والمسند إليه في الذكر، وقال الكوفيون، والمبرد، والزجاج، وتبعهم الزمخشري وجماعة: هو في موضع رفع على الفاعلية أي لو ثبت قيامك، وما ذكره ابن هشام عن البصريين، أن خبر «أن» بعد (لو) لا يكون إلا فعلاً، أو اسم فاعل فلا يجيزون: لو أن زيدًا أخوك لأكرمتك، لعله لا يصح لثبوت ذلك اسمًا جامدًا في القرآن، وفي كلام العرب، وبعد لولا قال تعالى: «فلولا أنه كان من المسبحين»، وتقدم الخلاف في المرفوع بعد لولا في باب الابتداء، أو بعد (ما) التوقيتة، قال العرب: لا أكلمك ما أن في السماء نجمًا، ولا أفعل ما أن حراء مكانه (أي ما ثبت) كذا قدره ابن مالك، وفي موضع مرفوع نحو: بلغني أنك منطلق، أو مجرور بحرف نحو: عجبت من أنك منطلق، أو بإضافة نحو قوله: ... ... ... ... … … كآبة أنها فقدت عقيلا

أو منصوب لا يكون خبرًا نحو: عرفت أنك منطلق؛ فإن كان في موضع خبر في الأصل كسرت نحو: حسبت زيدًا إنه قائم، وفي النهاية: زيد قائم كما أن عمرًا جالس، وأنت صديقي مثل ما أنك مكرمي، يجب فتح إن، وإن كان يجوز أن يجيء هنا المبتدأ والخبر فتقول: زيد قائم كما عمرو جالس. انتهى. وإذا لم يلزم التأويل بالمصدر جاز الفتح والكسر من ذلك ما ذكره سيبويه: أول ما أقول أني أحمد الله، فمن فتح أن قدرها بالمصدر كأنه قال: أول ما أقول حمد الله، فأول مبتدأ، وأني أحمد الله في موضع الخبر، وما مصدرية، فإن جعلت (ما) موصولة بمعنى الذي، أو نكرة موصوفة، فأجاز ذلك ابن خروف، والصحيح منعه، ومن كسر، فمذهب الجمهور أنه خبر عن أول قولي، وتكون الجملة مقولة، وهو المتفهم من كلام سيبويه، أو خبر عن قول مضمرة، والجملة معمولة له التقدير: أو ما أقول قولي: إني أحمد الله، وروى هذا عن عضد الدولة ابن بويه ممن أخذ عن الفارسي، أو إني أ؛ مد الله معمول لقولي هذا المذكورة أولاً، والخبر محذوف، [وهو قول الفارسي أو معمول لأول ما أقول والخبر محذوف]، وهو قول الأستاذ أبي علي، أو أول مبتدأ لا يحتاج إلى خبر، وهو قول بعض أصحابنا.

وبعد إذا الفجائية نحو: خرجت فإذا إن الأسد رابض، فالكسر على عدم التأويل بالمصدر، والفتح على تأويله أي فإذا ربوض الأسد، وتقدم الكلام في خبر المبتدأ بعد إذا الفجائية، وبعد فاء الجزاء نحو: من يقصدني فإني أكرمه، فالكسر على الأصل، والفتح على إضمار مبتدأ، وهي ينسبك منها مصدر، يكون الخبر أي فجزاءه إكرامه، وأما إذا وليها ظرف أو مجرور، فإن بعده تفتح، وتكسر نحو: أما عندك أو في الدار، فإن زيدًا قائم؛ فالفتح على تقدير: فقيام زيد، فذلك في موضع مبتدأ، والظرف أو المجرور في موضع خبره، والكسر على استقلال الجملة، وبعد أما نحو: أما أنك ذاهب، فالكسر على أن أما للاستفتاح كألا، والفتح على أن الهمزة للاستفهام، و «ما» بمنزلة حق، وذلك أن (ما) عامة جعلوها بمنزلة شيء ذلك الشيء حق كأنك قلت: أحقًا أنك ذاهب، وانتصابه على الظرف، وأجاز ابن مالك الفتح في أن، على أن تكون (أما) للاستفتاح، وأنك ذاهب في موضع مبتدأ خبره محذوف تقديره؛ أما معلوم ذهابك، وهذا شيء خالف فيه النحاة، وقدره سيبويه: أعلم والله أنك ذاهب، وهو عندي تفسير معنى، وقدره الفراء، وأبو العباس، وجماعة أحلف بالله أنك ذاهب.

وبعد حتى فالكسر على أن (حتى) حرف ابتداء نحو: مرض حتى إن الطير يرحمه، والفتح على أن تكون عاطفة، أو جارة نحو: عرفت أمورك حتى أنك فاضل، فيتقدر بالمصدر كأنه قال: حتى فضلك أو حتى فضلك، وفي النهاية: أن تفتح وتكسر بعد أي المفسرة: يقول إنسان: أنا أسير بالليل في المفاوز وحدي فتقول له: أي: «إني نجد»، والنجد: الشجاع، فالكسر على أن تكون الجملة مفسرة لكلام؛ لأن معنى قوله: «أي إني نجد» كأنه قال إني نجد، والفتح على أن يكون من تمام كلامه أي «لأني نجد» واللام معلقة بالفعل الذي في كلامه؛ لأن المعنى: أني لأسير لأني نجد، وكذلك إني أنحر العشار، وأقرى الضيوف، فتقول: أي إني كريم على الوجهين. انتهى. ومما تفتح فيه إن قولهم: شد ما أنك ذاهب، وعز ما أنك منطلق، فقيل (ما) زائدة لازمة، وشد وعز فعلان، وأنك في موضع الفاعل أي شد ذهابك، وعز انطلاقك، وقيل: تركب الفعل مع ما، وغلب الحرف، ووضع موضع المصدر المنصوب على الظرف، كأنك قلت: شديدًا ذهابك، وعزيزًا انطلاقك، أي فيما يشق ويعز كما قالوا: حقًا أنك ذاهب، فانتصب على الظرف، وقيل شد، وعز بمنزلة نعم، (فما) على هذا تامة، كما ذهب بعضهم إلى ذلك في نعم كأنه قال: شد العمل ذهابك، وعز العمل انطلاقك، وقيل ما تمييز لمضمر في شد وعز، وإنك

ذاهب خبر مبتدأ محذوف، وقيل: ولا يكون مبتدأ؛ لأن أن لا يبتدأ بها. وبعد لا جرم، وجرم عند سيبويه فعل بمعنى حق، وزعم الخليل أن «جرم» إنما تكون جوابًا لما قبلها من الكلام، يقول الرجل: كان كذا وكذا، وفعلوا كذا وكذا فتقول: لا جرم أنهم سيندمون، أو سيكون كذا وكذا، و (ما) بعد لا جرم مرفوع على الفاعلية، والوقف على «لا» عند سيبويه، ولا يجوز أن توصل بجرم؛ لأنها ليست نفيها، وذهب الفراء إلى أن «جرم» بمعنى كسب ركبت مع (لا)، وصارت بمنزل لا بد، ولا محالة، ولا تقف على (لا)، وأن بعدها على تقدير (من) كما تقولك لا بد أنك ذاهب أي من أنك ذاهب، وبعد (مذ) و (منذ) تقول ما رأيته مذ أن الله خلقني، هذا باتفاق، واختلفوا في كسرها بعدهما، فمنهم من صرح بجوازه، وهو مذهب الأخفش، ومنهم من صرح بامتناعه، وصحح ابن عصفور الجواز.

فصل

فصل اختلفوا في اللام الداخلة على الخبر نحو: إن زيدًا لقائم، فمذهب البصريين أنها لام الابتداء، وهي التي في قولك: لزيد قائم، واختلفوا في علة تأخيرها، وذهب الكسائي إلى أنها لام توكيد للخبر، وأن توكيد للاسم، وربما جاءوا بها في الخبر، وليس ثم أن، وذهب الفراء إلى أنها للفرق بين الكلام الذي يكون جوابًا لكلام مضى على الجحد، نحو: ما زيد قائم فتقول: إن زيدًا لقائم، وبين ما لا يكون جوابًا، بل مستأنف أخبار. وذهب معاذ بن مسلم الهراء، وأحمد بن يحيى إلى أن قولك: إن زيدًا منطلق جواب ما زيد منطلقًا، وإن زيدًا لمنطلق جواب ما زيد بمنطلق، و (إن) بإزاء (ما)، واللام بإزاء الباء، وذهب هشام، وأبو عبد الله الطوال إلى أن اللام جواب للقسم، والقسم قبل (إن) محذوف، وحكى هذا أيضًا عن الفراء. وتدخل اللام على اسم (إن) المفصول بينها وبينه بالخبر نحو: إن في الدار لزيدًا، أو بمعمول الخبر بخلاف نحو: إن في الدار لزيدًا راغب، فإن فصل بينهما بمعمول الاسم نحو: إن في الدار لساكنها زيد، ففي جواز ذلك نظر،

وحكى الكسائي دخولها على الاسم غير مفصول بشيء حكى عن العرب: خرجت فإذا إن لغرابا، وهذا شاذ، وينبغي تأويله على حذف الخبر أي: فإذا إن بالمكان لغراباً، وعلى الخبر المؤخر عن الاسم اسمًا كان نحو: إن زيدًا لقائم، وشذ دخولها عليه منفيًا بلا، أو ظرفًا نحو: إن زيدًا لعندك، أو مجرورًا نحو: إن زيدًا لفي الدار. فإن كان حرف الجر حتى، أو (إلى)، فمنع من دخولها عليهما الفراء، وأجازه البصريون وهشام نحو: إن سيرك لحتى الليل، أو لـ (إلى) الليل، أو جملة فعلية مصدرة بمضارع مثبت نحو: إن زيدًا ليقوم [أو منفي بلن، أو بلا، أو بما، فلا تدخل نحو: إن زيدًا لن يقوم، أو لا يقوم، أو ما يقوم] أو بحرف التنفيس، وهو سوف فتدخل عند البصريين نحو: إن زيدًا لسوف يقوم، خلافًا للكوفيين، فإنهم لا يجيزون ذلك. وقال بعض أصحابنا: وأما السين فامتنعت العرب من إدخال اللام عليها، وإن كانت كحرف من حروف الفعل، ولذلك لا يفصل بينها وبين الفعل كراهية توالي [الحركات في «ليتدحرج» مضارع تدحرج، ثم حمل على ذلك مما لا تتوالي] عليه الحركات. انتهى. وأجازه السيرافي تقول: لسيقوم، أو مصدرة بماضي منفي فلا تدخل عليه نحو: إن زيدًا ما قام، أو مثبت متصرف مصحوب بقد، فتدخل عند الجمهور نحو: إن زيدًا لقد قام، خلافًا لخطاب بن يوسف الماردي، ومحمد بن مسعود

الغزني، فإنهما منعا من دخول لام الابتداء عليه، وزعما أنها لام جواب قسم محذوف، أو خال من قد، فلا تدخل، نقل المنع صاحب الغرة عن البصريين والكوفيين، قيل: وأجاز ذلك الكسائي، وهشام على إضمار قد، وأجاز الفراء: إن زيدًا للقد قام، جمعًا بين لامي توكيد، ومنع ذلك البصريون، وأجاز الزجاج، وخطاب الماردي: إن زيدًا لقام، على أنها لام جواب قسم محذوف، أو جامد نحو: نعم، وبئس، وعسى، فمذهب سيبويه أنها لا تدخل، ومذهب الكوفيين، وكثير من أصحابنا أنها تدخل، وعن الأخفش جواز: إن زيدًا لنعم الرجل، ولبئس الرجل، وينبغي أن يتثبت فيه حتى يصح عن العرب. فأما معمول الخبر؛ فإن تأخر فلا يجوز دخول اللام عليه، فإن أدخلت اللام على الخبر جاز دخولها على معموله المتأخر عند الزجاج نحو: إن زيدًا لقائم لفي الدار، ومنع ذلك المبرد، وإن تقدم على الخبر ظرفًا، أو مجرورًا، فيجوز دخول اللام عليه عند سيبويه والبصريين، ومنعه الكوفيون، وقالت العرب: إن زيدًا

لبك مأخوذ، وقال الفراء: قبيح أن تقول: إن عبد الله لليوم خارج، فإذا دخلت عليهما نحو: إن زيدًا لفي الدار لقائم، جاز ذلك عند المبرد، ولزجاج، وعنهما المنع كالكوفيين، وإن كان المعمول مفعولاً به، فقد مثلوا به فأجازوا: إن زيدًا لطعامك آكل، ومثل في النهاية: بمثل ذلك حتى بقوله: إن زيدًا عبد الله لهو ضارب، وقال: كل ذلك جائز. انتهى. وينبغي أن يتوقف حتى يسمع في المفعول به، ولا يقاس ذلك على الظرف والمجرور، أو معمولاً لخبر، هو فعل ماض لم تدخل عليه قد نحو: إن زيدًا به وثق، لم تدخل اللام عليه، وأجاز ذلك الأخفش، فأجاز لبك وثق. أو حالاً، فالجمهور على منع دخول اللام عليها، فلا يجوز إن زيدًا لضاحكًا قائم، وأجاز ذلك بعضهم، ولم يسمع، فإن كان الظرف، أو الحال متأخرين عن العامل فيهما، وتأخر الاسم عنهما نحو: إن عندك لفي الدار زيدًا، وإن عندي لقائمًا صاحبك، فقال ابن خروف: القياس أن يجوز لتعلق الظرف، والحال بما قبل الاسم، وأما إن زيدًا لقائمًا في الدار، فلا سبيل إليه إلا باللام، ولا بإسقاطها. انتهى. وإطلاق قولهم معمول الخبر يدخل فيه المصدر، والمفعول من أجله، فتقول: إن زيدًا لقيامًا قائم، وإن زيدًا لإحسانًا يزورك، وينبغي أن لا يقدم على جواز ذلك إلا بسماع، على أنه نقل عن البصريين جواز دخول اللام على الحرف، وما دخل عليه إذا كان علة للفعل نحو: كي، وأن، فتقول: إن زيدًا لكي يقوم معترض، وإن زيدًا

لأن لا يغضب يأتيك، ومنع ذلك الفراء، وفي الغرة: ذكروا أن هذه اللام لا تدخل على النواصب، ولا على الجوازم، وإنما تدخل على الحرف الملغاة فمنعوا من قولهم: إن زيدًا لكي تقوم معطيك، وأجازوا إن زيدًا كي تقوم ليعطيك، ولو تعرض لهذا بصري لأجاز هذه المسألة على قول من قال: (كيمه) كما تقول: إن زيدًا لفي الدار قائم انتهى، وجعل صاحب الغرة مذهب البصريين في (كي) وأن إذا كانا علة، وتقدم نقلنا جواز دخول اللام عليهما عند البصريين. وقال في الغرة وتقول: إن زيدًا لما لينطلقن الأولى، لإن، والثانية للقسم وزيدت (ما) فيه فاصلة، وإن فصلت (بمذ) وما بعدها بين الاسم، وإن فلا تدخل اللام على مذ قاله الفراء، وقال الكسائي: إذا كان الفعل أخذًا للوقت الذي بعده كله، دخلت اللام على (مذ) نحو قولك: إن زيدًا لمذ يومان سائر؛ لأنه يسير اليومين، ولا يجوز: إن زيدًا لمذ يومين غائب، وزعم الفراء أنه لا يجوز: إن زيدًا لأظن قائم، ولا إن زيدًا لغيرك قائم، ولا إن اعترض الشرط بين اسمها والخبر نحو: إن زيدًا لئن شاء الله قائم. وتدخل اللام أيضًا على الفصل نحو قوله تعالى: «إن هذا لهو القصص الحق»، ولا يتعين لإمكان أن يكون مبتدأ، وعلى أول الجملة الاسمية في نحو: إن زيدًا لوجهه حسن، ودخولها على خبره متأخرًا شاذ، حكى أبو الحسن: إن زيدًا وجهه لحسن، أو متقدمًا نحو: إن زيدًا لآتيه أبوه فلا يجوز، وإن دخلت اللام على التأكيد نحو: إن زيدًا لنفسه قائم، ففيه نظر. ولا تدخل على خبر إن، إذا كان جملة شرطية نحو: إن زيدًا إن تكرمه

يكرمك، ونحو: إن هندًا من يكرمها تكرمه، ولا على جواب الشرط لا تقول: إن زيدًا من يأت إليه ليحسن إليه، نص على المنع الكسائي، والفراء، وأجاز ذلك ابن الأنباري، ولا على واو المصاحبة عند البصريين، وأجازه الكسائي فتقول: إن ل ثوب لو قيمته، ولا على خبر لكن خلافًا للكوفيين، ولا تدخل على الاسم، إذا تقدم الخبر عليه اتفاقًا فلا تقول: لكن عندي لزيدًا، ولا على خبر إن خلافًا للمبرد، وإدعاء ابن مالك الإجماع على أنه لا يجوز دخول اللام على خبر إن ليس بصحيح، بل هو مسموع في النظم، وفي النثر، وقد قرئ به في قوله تعالى: «إلا أنهم ليأكلون الطعام» بفتح أن، ولا على واو القسم، لا يقال: إن زيدًا لو الله ليقومن، ولا على واو الحال السادة مسد الخبر نحو: إن

شتمى زيدًا والناس ينظرون خلافًا للكسائي؛ فإنه أجاز: «لو الناس ينظرون» ولا على الحال الصريحة السادة مسد الخبر نحو: إن أكلي التفاحة نضيجة، خلافًا للكوفيين، فإنهم أجازوا النضيجة، وقالت العرب: لهنك لقائم، فذهب سيبويه، وابن السراج، وجماعة، وقد نسب إلى الفارسي: أن اللام في لهنك لام اليمين، والثانية التي في الخبر هي لام إن، وذهب أبو الفتح، وبعض النحويين، واختاره ابن مالك إلى أنها لام الابتداء، لما أبدلت همزة (إن) هاء فتغير لفظها، جاز الجمع بين حرفي توكيد قال أبو الفتح: واللام الثانية زائدة نحو: لهنك لرجل صدق. وذهب قطرب، والفراء والمفضل بن سلمة، والفارسي، واختاره ابن عصفور إلى أن الأصل: له إنك فهما جملتان، ومعنى له والله، وإن جواب القسم فحذفت همزة (إن) تخفيفًا، فصار لهنك، وحكى أبو زيد: أن أبا أدهم الكلابي قال له ربي لا أقول ذلك، يريد: والله، وحكى قطرب: له بالإسكان، فجاز أن تكون الهمزة، ألقيت حركتها على الهاء، وحذفت الهمزة، وشذ زيادتها في خبر المبتدأ في نحو قوله:

أم الحليس لعجوز شهربه وفي خبر أمسى في قوله: ... ... ... ... ... … ... ... ... ... أمسى لمجهودا وفي خبر ما زال في قوله وما زلت ... ... ... ... … لكالهائم ... ... ... ...

وفي معمول رأي، حكى قطرب أراك الشاتمي أو ما في قوله: ... ... ... ... … وما أبان لمن أعلاج سودان أي من أعلاج، وعند الكوفيين: أن اللام في (لمن) بمعنى إلا، وتقول إن زيدًا لقائم، وإن زيدًا لينطلقن، فهذه لام قسم فكأنه قال: والله لقام، والله لينطلقن، وليست لام ابتداء، فإن أدخلت علم على أن في هذه فتحت فقلت: علمت أن زيدًا لقام، وعلمت أن زيدًا لينطلقن، ولا يجوز الكسر لأنها ليست لام تأكيد، فتعلق الفعل، ويجوز دخول اللام على كأن قال: ثمت يغدو لكأن لم يشعر وتقول: إن زيدًا لكأنه أسد.

فصل

فصل مذهب سيبويه، والأخفش، أن (إن) ترادف نعم، فلا إعمال لها، واختاره ابن مالك، وأنكر ذلك أبو عبيدة، وهو اختيار ابن عصفور، وتأولوا ما ورد مما ظاهره أنها بمعنى نعم، ويجوز أن تخفف إن، فتكون كالمشددة عملاً، وأحكامًا إلا أنها لا تدخل على المضمر، كان ضمير أمر لا مثبتًا، ولا محذوفًا أو غيره، فلا تقول إنك إلا في ضرورة، وذهب الكوفيون إلى أنها لا يجوز تخفيفها ألبتة لا معملة، ولا مهملة؛ لأن الخفيفة عندهم هو حرف ثنائي الوضع ناف، وليس مخففًا من الثقيلة، وعند البصريين هذه المخففة هي التي أصلها إن المشددة، والسماع يشهد لمذهب البصريين في تخفيفها، وإعمالها، ويجوز عندهم أن تهمل، فتليها الجملة الابتدائية، والجملة الفعلية، فالابتدائية إن كان الخبر منفيًا لم تدخل عليه اللام، فهو كحاله قبل أن تدخل إن الخفيفة؛ فإن كان مثبتًا دخلت اللام في المبتدأ إن تأخر نحو: إن في الدار لزيد، أو في الخبر إن تأخر نحو: إن زيد لقائم، فإن كان الخبر فعلاً ماضيًا، فلا يجوز في إن إلا التثقيل فتقول: إن زيدًا ذهب، ولا يجوز إن زيد ذهب، ولا إن زيد لذهب، ومذهب سيبويه، والأخفشين أبوي

الحسن، وأكثر نحاة بغداد: أن هذه اللام لام الابتداء، التي كانت مع المشددة، لزمت للفرق بين التي هي لتأكيد النسبة، وبين إن النافية، وهو اختيار أبي الحسن بن الأخضر من أئمة بلادنا، وابن عصفور، وابن مالك، ومذهب الفارسي: أنها ليست لام الابتداء، بل لام أخرى اجتلبت للفرق، وهو اختيار أبي عبد الله بن أبي العافية، والأستاذ أبي علي، وأبي الحسين بن أبي الربيع، وقيل: إن دخلت على الجملة الاسمية كانت لام الابتداء، ولزمت للفرق، أو على الفعلية، كانت غيرها فارقة، وثمرة الخلاف بين القولين الأولين، أنها إن كانت لام الابتداء وجب كسر همزة إن في مثل: قد علمنا إن كنت لمؤمنًا، وإن كانت غيرها جاءت للفرق، وجب فتح همزة إن، والجملة الفعلية هي الفعل الناسخ المثبت من باب كان غير ليس، ولا الواقع صلة، فلا تدخل على ليس، ولا على ما أوله حرف نفي، ولا على ما دام، ومن باب ظن غير الذي لا ينصرف، فلا تدخل على (هب) ونحوها. وتلزم اللام ما وقع في اللفظ ثانيًا من معمولي كان، ومعمولي ظن وأخواتها، ولا تدخل على ما خبره منفي في باب كان، ولا على ما ثانيه منفي في باب ظن وسواء في ذلك الفعل المضارع والماضي قال تعالى: «وإن كانت لكبيرة إلا على الذين» «وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين»، «وإن نظنك لمن الكاذبين» «وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك»، ودعوى ابن مالك: أنه

إذا كان بلفظ المضارع يحفظ، ولا يقاس عليه، ليست بشيء وقد جاءت اللام محذوفة في قول الشاعر: ... ... ... .... … وإن مالك كانت كرام المعادن وفيما روى في الحديث: «إن كان رسول الله (يحب الحلوى والعسل»، أي لكرام المعاد، وليحب، وذلك لدلالة الكلام على أن الخبر مثبت، لا منفي، وأما قولهم: إن قنعت كاتبك لسوطًا، و: ... ... ... إن قتلت لمسلمًا … ... ....

وإن تشينك لنفسك، وإن تزينك لهية، وقراءة عبد الله: «إن لبثتم إلا قليلا»؛ فإن عند البصريين هي المخففة من الثقيلة. وقال الأخفش: يقاس على ذلك، فيجوز: إن قعد لأنا، وإن ضرب زيدًا لعمرو، كما جاز إن كان صالحًا لزيد، وإن ظننت عمرًا لصالحًا، وعند غيره من البصريين هو من القلة بحيث لا يقاس عليه، وأما الكوفيون فنقل عنهم ابن مالك أن (إن) الداخلة على الجملة الاسمية، وعلى الجملة الفعلية من ناسخ، أو غيره هي (إن) النافية، واللام في جميع هذه الصور للإيجاب بمعنى (إلا)، ونقل غيره أن الكسائي قال: إن دخلت على الأسماء كانت المخففة من الثقيلة، كما قاله البصريون، وعلى الأفعال كان (إن) بمعنى (ما)، واللام بمعنى إلا، وأن الفراء قال: إن بمنزلة (قد) إلا أن (قد) تختص بالأفعال، و (إن) تدخل على الأسماء والأفعال. وتخفف لكن، فيبطل إعمالها، وتليها الجملة الاسمية والفعلية، ونقل أبو القاسم بن الرماك، وابن مالك، عن يونس جواز إعمالها مخففة، ونقله ابن مالك أيضًا عن الأخفش، وحكى بعضهم عن يونس أنه حكى فيها العمل.

وتخفف (أن) فلا تعمل عند الكوفيين، لا في ظاهر، ولا مضمر، لا ضمير أمر محذوف، ولا غيره، وعن الفراء قال: لم تسمع العرب تخفيف (أن)، وتعمل إلا مع المكني نحو: فلو أنك في يوم الرخاء سألتني … ... ... وأما مع الظاهر فلا. انتهى. وأما البصريون فزعم بعض أصحابنا أنه يجوز أن تعمل في الاسم الظاهر من غير اضطرار، ولا ضعف، ونقله صاحب رءوس المسائل عن البصريين، وينبغي أن يخص بمضمر محذوف، ولا يلزم أن يكون ضمير الشأن، كما زعم بعض أصحابنا؛ بل إذا أمكن تقديره بغير قدر، قال سيبويه في «وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا» بأنك قد صدقت، وفي قولهم: «أرسل إليه أن ما أنت، وذا» (أي بأنك ما أنت وذا). وقال بعض أصحابنا: لا يبرز الضمير اسمها إلا في اضطرار نحو: بأنك ربيع وغيث مريع … ... ....

وأجاز سيبويه: أن تلغي لفظًا وتقديرًا، كما ألغيت إن إذا خففت، وتكون حرفًا مصدريًا لا تعمل شيئًا، وإذا خففت وليتها الجملة الاسمية، والفعلية، فالاسمية مجردة نحو: علمت أن زيد قائم، وأن ما زيد قائم، وقال سيبويه: ولا يكادون يتكلمون به بغير الهاء، فعلى قوله: يكون «أن زيد قائم» قليلاً، والكثير: أنه زيد قائم، ومصدرة (بلا) نحو: أن لا إله إلا هو، أو بأداة شرط نحو: فعلمت أن من تثقفوه فإنه … ... ... .... أو برب نحو: تيقنت أن رب امرئ خيل خائنا … ....

والفعلية إن كانت مصدرة بفعل جامد، أو دعاء، لم يفصل بينهما نحو قوله تعالى: «وأن ليس للإنسان إلا ما سعى»، وقوله: «والخامسة أن غضب الله عليها»، أو غيرهما فعلاً ماضيًا مثبتًا فيفصل بقد نحو علمت أن قد قام زيد، أو منفيًا قلت: قد علمت أن لم يقم زيد أو ما قام زيد، أو حالاً مثبتًا، لم يتغير حكمه نحو: علمت أن يقوم زيد، أو منفيًا: علمت أن ما يقوم زيد، أو مستقبلاً موجبًا، فبالسين، أو سوف، أو منفيًا فبلا، وبلن نحو: علمت أن سيقوم زيد، وعلمت أن لا يقوم زيد، «أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه»، أو الفصل بقد، أو بحرف التنفيس قيل: هو على سبيل الوجوب، وتركهما ضرورة، وقيل: الفصل بينهما هو على الأكثر والأفصح، وقال سيبويه: واعلم أنه يضعف في الكلام أن تقول: قد علمت أن تفعل ذلك، أو علمت أن فعل ذلك حتى تقول سيفعل وقد فعل. انتهى. وعن البغداديين «أردت أن يقوم زيد» بلا عوض، وتدخل (أن) هذه على الجملة المصدرة بإذا كقوله تعالى: «وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم»، وبلو كقوله تعالى: «أن لو نشاء أصبناهم»، «أن لو كانوا يعلمون الغيب»، ومما جاءت فيه أن، وإن مخففة قول العرب: أما إن جزاك الله خيرًا، فالكسر على أنها لا تعمل جاءت بعدها جملة الدعاء والأصل

إنه، وقيل: (إن) زائدة، والفتح على أن الأصل أنه فلما خففت كان اسمها ضمير الشأن محذوفًا، والخبر قول محذوف، وجملة الدعاء محكية به، ولا يكون الخبر؛ لأنها جملة لا تحتمل الصدق، والكذب، وزعم ابن الطراوة أن (أن) زائدة لا غير، وجوزه ابن مالك، وأما مع المكسورة حرف تنبيه (كألا)، ومع المفتوحة بمعنى (حقا)، كحالها مع المشددة على ما قررنا. وتخفف كأن فلا يجوز إعمالها عند الكوفيين، وأجازه البصريون فخصه بعضهم بضمير الشأن مقدرًا فيها، وأجاز بعضهم عملها في المظهر، وهو ظاهر كلام سيبويه، وخصه بعضهم بالشعر كقوله: ... ... ... ... … كأن ثدياه حقان وإذا أضمر فيها غير ضمير الأمر كان خبرها مفردًا نحو قوله: ... ... ... … كأن ظبية ... ... ...

قدره سيبويه كأنها ظبية، كما كان في المشددة، أو ضمير الأمر، فالخبر جملة اسمية من مبتدأ وخبر نحو: كأن وريديه رشاء خلب ويروى بنصب «وريديه»، أو فعلية مبدوءة بلم نحو قوله تعالى: «كأن لم تغن بالأمس»، أو بلما نحو قول عمار الكلبي:

. ... ... … فكأن لما يكونوا قبل ثما وقد رأيت في كلام بعض النحاة الاستشهاد بشعره، أو بقد نحو قوله: ... ... .... … فمحذورها كأن قد ألما وقال النابغة: ... ... ... … ... .... وكأن قد ولا تخفف لعل، ويضمر فيها ضمير الشأن، خلافًا للفارسي؛ إذ زعم

ذلك في قوله: ... ... ... ... ... … لعل أبي المغوار منك قريب ولعل عندي بسيطة لا مركبة، ولامها الأولى أصلية عند الكوفيين، وأكثر النحاة، وقيل: زائدة للتكثير، وقيل هي لام الابتداء، وفيها لغات: عل حكاها سيبويه، وحكاها الكسائي عن بني تيم الله من ربيعة، ولعن حكاها الفراء، وعن حكاها الكسائي، ولأن في شعر امرئ القيس، وأن حكاها الخليل وهشام، والأخفش، ورعن الراء بدل من اللام ولانون بدل من اللام، ورغن ولغن فقيل: الغين بدل من العين، وقيل: هما لغتان، ورعل

وغن، ولعلت والجر بلعل لغة حكاها أبو عبيدة، والأخفش، والفراء، وأبو زيد وقال: إنها لغة عقيل، ومن أنكر الجر بها محجوج بنقل هؤلاء، وتجر محذوفة اللام الأولى، وثانيته، ومكسورة اللام الأخيرة ومفتوحتها، وقيل: موضعها رفع، كما أن رب رجل جاءني: رب وما عملت فيه في موضع رفع، فحكمها حكم الزائد، وفي النهاية: (لعا) في معنى لعل أنشد ابن الأنباري في الإنصاف في (لعا) بمعنى لعل. أرى شبه القفول ولست أدري … لعاء الله بجعلها قفولا انتهى. ومن غريب المنقول: أن الفراء ذهب إلى جواز الجر بها، وإجازة نصب الخبر ورفعه، قال: والأصل لعا لعبد الله، قال: فمن نصب قال: لا يكون الاسم مخفوضًا، وفعله مرفوع، ونصبه عنده على التفسير كقولك: ما أظرفك رجلاً، ومن رفعه رفعه باللام، قال الفراء: فمن قال: لعا لعبد الله قائمًا، أو قائم ثم كني عن عبد الله قال: لعله، فنصب لامه، وهذا عند البصريين خطأ.

وانفردت لعل بجواز دخول (أن) الناصبة على المضارع الواقع خبرًا لها، وكثر ذلك في الشعر حتى لو قيس ذلك لجاز نحو: لعل زيدًا أن يقوم، وقال الشاعر: لعلك يوما أن تلم ملمة … ... ... .... فتأوله بعضهم على حذف مضاف تقديره لعلك صاحب الإلمام، وقيل: جعل الجثة الحدث على سبيل الاتساع، وقيل: الخبر محذوف وتقديره لعلك تهلك لأن تلم، وأن مفعول له، وهذه التأويلات كانت تمكن لو كان لم يرد من ذلك إلا هذا البيت.

فصل

فصل إذا لحقت هذه الحروف (ما) غير الموصولة، ارتفع ما بعدها بالابتداء، وكفتها (ما) عن العمل، وجاز أن تليها الجملة الفعلية، فتكون (ما) ميهئة وموطئة قال تعالى: «إنما يخشى الله من عباده العلماء» «أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا» «كأنما يساقون إلى الموت»، قال الشاعر: ولكنما أسعى لمجد مؤثل … ... ... ... وأما مجيء الفعل بعد لعلما، وليتما، فهو مذهب البصريين، أجازوا: ليتما ذهبت ولعلما قمت، وزعم الفراء أن ذلك لا يجوز، فلا تجيء الجملة الفعلية بعدهما، ووافقه على ذلك في ليتما خاصة أصحابنا المتأخرون، وزعموا أن ليتما باقية على اختصاصها بالجملة الاسمية، وزعم ابن درستويه، وبعض الكوفيين أن (ما) مع هذه الحروف نكرة مبهمة بمنزلة الضمير المجهول لما فيها من التفخيم، والجملة بعدها في موضع الخبر، ومفسرة له ولم تحتج إلى رابط؛ لأن

الجملة المفسرة هي ما في المعنى (وما) في (إنما) وأخواتها، لم تغير شيئًا من مدلولها الذي كان قبل لحوق (ما) خلافًا لمن ادعى أنها أفادت الحصر فيما دخلت عليه إنما، وجعل (إن) للإثبات، و (ما) للنفي قول من لم يقرأ النحو، ولا طالع قول أئمته. واختلفوا في نصب الأسماء بعد لحاق (ما) هذه الحروف: فذهب سيبويه، والأخفش، والفراء، إلى أنه لا يجوز ذلك إلا في (ليتما) وحدها فتقول: ليتما زيدًا قائم، وصححه أكثر أصحابنا، وذهب الزجاجي، والزمخشري إلى جواز ذلك فيها كلها، ونقل عن ابن السراج، وذهب الزجاج إلى جواز ذلك في ليت، ولعل، وكأن، دون إن وأن، ولكن، وعزاه صاحب البسيط إلى الأخفش، واختاره ابن أبي الربيع، وذهب الفراء إلى أنه لا يجوز كف (ما) لليت، ولا للعل، بل يجب إعمالها فتقول: ليتما زيدًا قائم، ولعلما بكرًا قادم، ودعوى ابن مالك الإجماع بجواز الإعمال والإهمال في ليتما، يبطلها مذهب الفراء، وذهب بعضهم إلى أنه ينصب

بليت، ولعل، وجوز الأخفش في نقل عنه ذلك في أن، وإن، وكأن، وذكروا أن السماع، ورد بالرفع، والنصب في ليتما، وحكى الكسائي، والأخفش عن العرب: إنما زيدًا قائم، بالإعمال. ومن قال بإعمال هذه الحروف، كانت (ما) عنده زائدة، وانفردت ليت بدخولها على أن المفتوحة، فتسد مسد اسمها، وخبرها عند سيبويه: ليت أن زيدًا قائم، وذهب الأخفش إلى أن خبر ليت محذوف، ولا تدخل على (أن) مع الفعل، فتكتفي بهما عند المحققين، وربما زيدت الباء في (أن) بعد ليت قال: ... ... ... … فليت بأنه في جوف عكم ولا يجوز دخول (لعل) على أن، فتقول: لعل أن زيدًا قائم، ولا على كأن فتقول: كأن أنك ذاهب، ولا على لكن فتقول: لكن أنك منطلق، خلافًا للأخفش في إجازة ذلك في ثلاثتها، ولا على دخول إن على أن فتقول: إن

أن زيدًا منطلق حق، وإن أنك قائم يعجبني خلافًا للفراء، وهشام، ولا على دخول (أن) على إن خلافًا للكسائي، والفراء، وأنشد الكسائي: وخبرتما أن إنما بين بيشة … ونجران أحوى والجناب رطيب ومذهب سيبويه أنه لا يجوز شيء من هذا، إلا بفصل أخبارها بينها، وبين (أن) إلا ما جاء في ليت فتقول: إن عندي أنك فاضل، وكأن في نفسي أنك عالم، وكذا باقيها.

فصل

فصل في توابع أسماء هذه الحروف، إذا نصبت التابع، جاز أن يكون قبل أخبارها وبعده فتقول: إن زيدًا وعمرًا قائمان، وإن زيدًا قائم وعمرًا، وكذا باقي التوابع، وإن رفعت التابع، فإما أن يكون معطوفًا عطف نسق، أو غيره إن كان غيره من نعت، وعطف بيان، وتوكيد، وبدل، والناسخ إن، ولكن، فمذهب المحققين من البصريين أنه لا يجوز الرفع، ومذهب الكوفيين وبعض البصريين كالجرمي، والزجاج إن أتبعت بعد الخبر جاز الرفع، أو قبله جاز على مذهب الكسائي وبشرط بناء الاسم على مذهب الفراء نحو: إن هذا نفسه ذاهب، أو غير إن فالاتباع ولكن بالنصب، ليس إلا نحو: كأن زيدًا قائم الفاضل، وليت زيدًا قادم نفسه، ولعل بكرًا زائر بطة. وإن كان معطوفًا عطف النسق والناسخ ليت، وكأن، ولعل، فذهب البصريون إلى أنه لا يجوز الرفع، لا على الموضع، ولا على الابتداء وأجاز الفراء الرفع على الابتداء، فتقول: كأن زيدًا منطلق وعمرو، وكذا في ليت، ولعل وإن كان الناسخ إن، فاتفقوا على جواز الرفع في المعطوف، إذا كان بعد الخبر نحو: إن زيدًا قائم وعمرو، واختلفوا إذا كان قبل الخبر، فأجازه مطلقًا قبل الخبر الكسائي وأبو الحسن، وهشام، وروى ذلك عن الخليل إذا أفرد الخبر، وأجازه الفراء بشرط

بناء الاسم، هذا النص عن الفراء، وابن مالك يقول عنه: بشرط خفاء إعراب الاسم، فيندرج فيه المقصور، والمضاف إلى ياء المتكلم، ويحتاج إلى نقل مذهب الفراء في ذلك، وأما على ماذا يرفع، فمن أجاز الرفع قبل الخبر، فعلى موضع اسم (إن)، ومن أجازه بعد الخبر، فمذهب سيبويه، والجرمي، واختاره أصحابنا أنه مرفوع على الابتداء، والخبر محذوف لدلالة ما قبله عليه، ويتعين ذلك فيه، وذهب أبو الحسن، والمبرد، وأبو بكر، والفارسي، إلى أنه معطوف على الموضع، فقيل موضع اسم إن، وقيل على موضع إن واسمها، ونقل النحاس عن الفراء، والطوال إنه إنما يرتفع الثاني بالعطف على المضمر المستتر في فعل الأول، ومن قال بشيء من هذه الأقوال الثلاثة لم يمنع القول بالابتداء. والعطف (بلا) كالعطف بالواو تقول: إن زيدًا قائم لا عمرًا، ولا عمرو، ودعوى ابن مالك الإجماع على جواز رفع المعطوف على اسم إن، ولكن باطلة، ألا ترى على جهله بمذهب سيبويه، وقول أصحابنا: وإنما الإجماع على جواز الرفع، وشرط العطف على الموضع أن يكون للاسم لفظ وموضع، وأن يكون الموضع بحق الأصالة، وأن يكون ثم محرز للموضع. وإن كان الناسخ (أن)، فأكثر المحققين على أنه لا يجوز أن تقول: بلغني أن زيدًا قائم وعمرو بالرفع، لا على الابتداء، ولا على الموضع، وقال قوم: يجوز ذلك

مطلقًا، وفصل قوم فقالوا: إن كان الموضع يصلح للمفرد، والجملة، جاز العطف على موع أن وصلتها نحو أن تقول: أن زيدًا قائم، وعمرو قائم، وإن كان لا يصلح إلا للمفرد، لم يصلح العطف على الموضع، نحو: بلغني أن زيدًا قائم وعمرو، فإن ورد أول على حذف الخبر، وكان من عطف الجملة الاسمية على الجملة الفعلية، والخلاف في لكن، كالخلاف في (أن)، فإذا قلت: ما زيد قائمًا لكن عمرًا قاعد وبشرًا أو بشر فرفعت، فمن أجاز العطف على الموضع في (أن)، أجازه في لكن، ومن منعه هناك منعه، وجعله على إضمار خبر المبتدأ. قال ابن مالك: وأجاز الكسائي رفع المعطوف على أول مفعولي ظن؛ إن خفى إعراب الثاني ومثله بقوله: ظننت زيدًا صديقي وعمرو انتهى. والذي حكاه الفراء عن الكسائي أنه أجاز: أظن عبد الله وزيد قاما، وأظن عبد الله وزيد يقومان، وأظن عبد الله وزيد مالهما كثير، فترفع زيدًا في كل ما كان خبره، وخبر المنصوب مستويين، وكان لا يجيز: أظن عبد الله، وزيد قائمين، ولا قائمًا؛ لأن الرفع والنصب بستين في قائمين، وما أجازه الكسائي لا يجوز عند البصريين، ولا الفراء، واتضح من هذه المسألة: أن الذي صوره ابن مالك، وتمثيله خطأ، وتصحيحهما أن تقول: وأجاز الكسائي رفع المعطوف على أول مفعولي ظن، إذا كان المسند إليهما لا يستبين فيه الإعراب؛ لكونه فعلاً ماضيًا، أو مضارعًا، أو جملة اسمية فلو كان مثل قائمين، أو قائمًا مما يظهر فيه الرفع، والنصب لم يجز، وإذا عطفت الجملة على هذه الحروف، وما عملت فيه فلا خلاف في الجواز نحو: إن زيدًا قائم وعمرو منطلق، وكذا في ليت، وكأن، ولعل، لكن لا تكون الجملة داخلة تحت التمني والترجي، والتشبيه، فإذا قلت: ليت زيدًا منطلق، وبكر قائم، لم يكن قيام بكر منفيًا، لكنه يضعف من جهة العطف على غير المناسب.

وهذه مسائل من أبواب إن، أجاز الكسائي، وهشام: عبد الله وإن زيدًا قائمان وعبد الله ولعل زيدًا قائمان: إن كانت لعل شكا، لا استفهامًا، وأبطل ذلك الفراء، وأبطلوا: عبد الله وليت زيدًا قائمان، وعبد الله وكأن زيدًا قائمان، وأجاز الكسائي: ليت عبد الله، أو زيدًا قائمان منطلقًا، وكذا لعل وكأن، وأجاز: إن زيدًا أو عمرًا قائمان، وأجاز الأخفش: إن فيها جالسين أخويك، تنصب «جالسين» على الحال، وقال أبو العباس هذا خطأ، وأجاز ذلك الكوفيون، على أن يكون «جالسين» اسم إن، وأخويك بدل، وأجاز ذلك الكوفيون على أن يكون أخويك ترجمة. وحكى الكسائي: إن ههنا يلعبون صبيانًا، تجعل «يلعبون» في موضع الحال، وهو حجة للأخفش، وأجاز ابن كيسان: إن فيها قائمًا، ويقعد أخويك، ومنع ذلك الكوفيون، وإذا قدمت الظرف والمجرور فقلت: إن فيها زيدًا قائمًا، وإن أمامك عمرًا جالسًا، اختار سيبويه، والكوفيون النصب في قائم وجالس، فإن بدأت بالاسم نحو: إن زيدًا فيها قائم، اختاروا الرفع، وزعم أبو العباس: أن التقديم والتخير في هذا سواء. وإذا تكرر الظرف نحو: إن زيدًا في الدار واقفًا فيها، جاز الرفع والنصب عند البصريين، ولم يجز عند الكوفيين إلا النصب، ولو اختلف الظرف، فكذلك نحو: إن زيدًا في الدار جالسًا في صدرها، والفراء لا يجيز إلا النصب، وقال ابن كيسان: والرفع عندي جائز، وإذا عطفت على اسم إن وأخواتها، فالخبر على

حسب المتعاطفين تقول: إن زيدًا وعمرًا قائمان، ولا يجوز قائم إلا حيث سمع، وقاسه الكوفيون على أن (الواو) بمعنى (مع)؛ فإن كانت للعطف لزمت المطابقة، وخرج أكثر النحويين ما سمع من ذلك على الحذف، حذف الخبر من الأول، لدلالة الثاني عليه، وخرجه الفارسي على أنه لتلازمهما أخبر عنهما إخبار الواحد جعله من باب: ... ... ... ... … بها العينان تنهل وإذا جمعت بين ظرفين تامين متلاصقين لإن نحو: إن في الدار عندك زيدًا، فأولهما خبر (إن) والثاني صلة للأول، ويجوز العكس، واتفق الكوفيون على أن المحل إذا كان موضع اسم، لا يفصل بينه وبين صلته بالاسم فخطأ، يقال: إن في الدار زيدًا عندك، على أن «عندك» صلة «في الدار» وقال الفراء: من قال: إن بينك وبين زيد المال، لا يقول: إن بينك المال وبين زيد قال الفراء: ولو أسقطت (إن)، لجاز أن يقال: بينك المال وبين زيد، وقال ابن الأنباري: وليس عند البصريين في هذا رواية. انتهى. وإذا جمعت بين ظرفين تام وناقص نحو: إن في الدار عبد الله بك واثقًا، وإن زيدًا في الدار بك واثقًا، جاز الرفع والنصب، وزعم محمد بن سعدان: أن هذا

لا يجوز، وقال ابن كيسان: الرفع الاختيار: فإن قدمت الناقص فقلت: إن فيك زيدًا في الدار راغب، وإن فيك في الدار زيدًا راغب، أو إن زيدًا فيك في الدار راغب، جاز الرفع والنصب، والكوفيون لا يجيزون النصب. وتقول: إن زيدًا في الدار طعامك آكل، أجاز أكثر النحويين الرفع والنصب، وقال ابن كيسان: لا يجوز عندي النصب وتقول: إن من خير الناس، أو خيرهم زيدًا، ذهب الكسائي، وشيبة بين الوليد إلى أنه برفع (خيرهم) وبنصب (زيدًا)، فزيد اسم إن، و «من خير الناس» في موضع الخبر، و «خيرهم» مبتدأ محذوف الخبر، التقدير: إن من خير الناس زيدًا، أو خيرهم هو، وأجازا ارتفاع «خيرهم» على أنه مبتدأ محذوف الخبر التقدير: أو هو خيرهم، وذهب أبو أحمد البلخي إلى رفع (خيرهم) ورفع (زيد)، فرفع (زيد) على الابتداء، ومن خير الناس في موضع البخر، أو «خيرهم» معطوف على الخبر، واسم (إن) محذوف ضمير الأمر، وذهب أبو محمد يحيى بن المبارك اليزيدي إلى نصب «خيرهم»، ورفع (زيد)، فاسم (إن) محذوف، أو «خيرهم» منصوب بإضمار «إن» لدلالة «إن»، تقديره: إن من خير الناس زيد، وإن خيرهم زيد، وأجاز الجمهور: إن زيدًا فيها قائمان، ومنع ذلك ابن الطراوة. وإذا كررت (إن) في المعطوف، وأخبرت عن المتعاطفين خبرًا واحدًا نحو: إن زيدًا، وإن عمرًا منطلقان لم يجز، والحروف كلها لا تعمل في حال، ولا ظرف ولا يتعلق لها حرف جر يدل على ذلك أنك لو قلت: ليت زيدًا اليوم ذاهب غدًا، لم يجز، وذكر بعض أصحابنا الإجماع على ذلك، وليس بصحيح، فقد أجاز بعضهم أن تعمل (ها) التنبيه في الحال. وقد نص الزمخشري في مفصله، على أن «ليت ولعل وكأن» ينصبن

الحال بخلاف أخواتها، وكأن تعمل في الحال باتفاق، مثل ليس من الحروف ما يعمل في ظرف، وحال إلا (كأن)، وكاف التشبيه، وقد فارقت أخواتها في وقوعها نعتًا للنكرة، وحالاً من المعرفة، وخبرًا لكأن وأخواتها.

باب لا العاملة عمل (إن)

باب لا العاملة عمل (إن) شرط تحتم عملها عم «إن»، أن لا تكرر: فإنها إن تكررت جاز إعمالها، وإلغاؤها، وأن يقصد به خلوص النفي العام؛ فإن لم يقصد لم تعمل إلا عمل ليس، أو يرتفع ما بعدها بالابتداء، فتحتمل إذ ذاك النفي العام، ونفي الوحدة، ونفي الوصف، وأن يليها اسمها، فإن فصل بينهما رفع ولم تعمل. وذهب الرماني: إلى أنه يجوز الفصل، ويرجع إلى النصب، والعمل، ويبطل البناء لحصول الفصل، وجاء في الشعر: ولا منهما بدا فصل وبنى (بد)، ولا ينقاس، وزاد بعضهم في الشروط أن لا تقع بين عامل ومعمول نحو قولك: جئت بلا زاد، ولا إن دخلت على معرفة، فسيأتي حكمه إن شاء الله. وإن دخلت على نكرة، ووجدت الشروط السابقة عملت عمل (إن) واسمها مفرد، ومضاف، ومشبه بالمضاف، ويسمى أيضًا مطولاً، وممطولاً من قولهم: مطلت الحديدة إذا مددتها، فالمضاف والمطول معربان نحو: لا صاحب بر مذموم، ولا راغبًا في الشر محمود، والمفرد هنا، وفي باب النداء قسم للمضاف والمطول، وهو إما مفرد، أو مثنى، أو مجموع، المفرد نحو: لا رجل.

واختلفوا في هذه الحركة: فذهب أكثر البصريين، إلى أنها حركة بناء، والأخفش والمازني، والمبرد، والفارسي. وذهب الكوفيون، والجرمي، والزجاج، والسيرافي، والرماني إلى أنها فتحة إعراب، ونسب ذلك على سيبويه، والقائلون إلى أنها حركة بناء جمهورهم على أن «لا» عاملة في الاسم؛ وإن كان مبنيًا فهو في موضع نصب، وذهب قوم إلى أنها لم تعمل فيه شيئًا، بل هو وحده في موضع رفع، وبناؤه لتضمنه معنى «من لا» لتركبه مع «لا»: إذ الأصل: لا من رجل؛ وإن كان مثنى، أو مجموعًا بالواو والنون، فالقائلون بأن حركة «لا رجل» حركة بناء يقول: يبنى على ما ينصب به وهو الياء فتقول: لا ابنين لك، ولا بنين لك، وذهب المبرد إلى أن هذين معربان، فلا يجيز في نعتهما، إلا النصب على اللفظ، والرفع على الموضع، وجمع التكسير، واسم الجمع، واسم الجنس، حكمه في الخلاف في

حركته كهي في المفرد؛ وإن كان مجموعًا بالألف والتاء نحو: لا مسلمات فذهب قوم من المتقدمين، وابن خروف من المتأخرين إلى كسر التاء، والتنوين، وذهب الأكثرون إلى الكسر بغير تنوين، وذهب المازني، والفارسي، والرماني، والصقلي: إلى بنائه على الفتح. قال ابن جني: فإن أضيف لفظًا، أو تقديرًا نحو: لا مسلمات زيد، ولا مسلمات لك، كسر على الأصل، لأنه معرب؛ فإن ركبته مع اسم آخر فقلت: لا سرح مسلمات، فقدمت الاسم على الجمع، فعلى من قال: لا مسلمات بالفتح يفتح التاء: لأنها فتحة لبناء التركيب فالحكم له، وعلى قياس الأكثرين تكسر عملاً بالأصل، والصحيح جواز الفتح والكسر من غير تنوين، وبه ورد السماع، ولو ملوا بالسماع ما اختلفوا. ولا خلاف في (أن) الخبر مرفوع بلا الداخلة على المضاف، والمطول، واختلفوا فيه في غيرها، فذهب الأخفش، والمازني، والمبرد، إلى أنه مرفوع بلا كحاله مع المضاف، والمطول، وذهب المحققون إلى أن (لا) وما ركب معها في موضع المبتدأ والخبر المرفوع خبر عنه، ولم تعمل (لا) فيه، وهو الظاهر من كلام سيبويه، وثمرة الخلاف تظهر في نحو قولك: لا رجل ولا امرأة

قائمان، فعلى مذهب الأخفش لا يجوز ذلك، وعلى قول الآخرين يجوز وقوله: فلا لغو ولا تأثيم فيها … ... ... ... .... على قول الأخفش لا يكون (فيها) إلا خبرًا عن أحدهما، وخبر الآخر محذوف، وعلى القول الآخر يصلح أن يكون (فيها) خبرًا عنهما، وقياس قول الكوفيين أن يكون الخبر مرفوعًا بخبر الابتداء، ظهر العمل في الاسم، أو لم يظهر، كما تقول ذلك في خبر إن. والخبر في هذا الباب لا يكون إلا نكرة، فلا يجوز: لا كريم أنت، ولا فاضل زيد، فأما ما حكاه الأخفش من قولهم: لا موضع صدقة أنت، فموضع منصوب على الظرف، وأنت مبتدأ، والظرف خبره، ولم تكرر (لا)، لأنه جرى في الكلام مجرى المثل قاله المازني، وأما قولهم: لا فتى هيجاء أنت، ولا رجل أنت، فعلى إضمار هو: والخبر إن كان غير معلوم فلا بد من ذكره نحو: لا أحد أغير من الله، وقول الشاعر:

. ... ... ... ... … ولا كريم من الولدان مصبوح مصبوح خبر عند سيبويه، وزعم ابن الطراوة أنه يمكن أن يكون صفة، والخبر محذوف أي في الوجود. وإن كان معلومًا، فاختلفت النقول، فقال صاحب البديع، وابن مالك: أهل الحجاز يظهرون خبر (لا) فيقولون: لا رجل أفضل منك، ويحذفونه كثيرًا

فيقولون: لا أهل، ولا مال، ولا بأس أي: لك وعليك، وبنو تميم لا يثبتونه، وقال ابن عصفور: بنو تميم يلتزمون حذفه إذا كان اسمًا يظهر فيه الرفع، وقال أيضًا: إن كان ظرفًا، أو مجرورًا فالحذف، والإثبات، أو غير ذلك: فبنو تميم يلتزمون الحذف، وأهل الحجاز يجيزون الحذف والإثبات، وقال سيبويه: والذي يبنى عليه في زمان، أو مكان، ولكنك تضمره، وإن شئت أظهرته: لا رجل، ولا شيء، تريد لا رجل في مكان، ولا شيء في زمان، والدليل على أن لا رجل في موضع اسم مبتدأ قول العرب من أهل الحجاز: لا رجل أفضل منك، وشرح السيرافي كلام سيبويه؛ بأن بني تميم كثيرًا يحذفون الخبر، وأهل الحجاز يظهرونه. وقال أصحابنا في قول سيبويه، ولكنك تضمره يعني في جميع اللغات وقوله: وإن شئت أظهرته يعني في لغة الحجاز انتهى. ومن حذف الخبر قوله تعالى: «قالوا لا ضير» و «فلا فوت» و «لا ضرر ولا ضرار» و «لا طيرة ولا عدوى». وأكثر ما يحذفه الحجازيون مع إلا نحو: لا إله إلا الله، ويضمرون: في الدنيا، أو لنا، أو في الوجود، ورفع ما بعد إلا على البدل على الموضع، أو الصفة على الموضع، ويجوز النصب على الاستثناء، وزعم الجرمي في الفرخ: أنه لا يجوز في المرفوع بعد (إلا) إلا الرفع، وقد أجاز سيبويه: لا أحد فيها إلا زيدًا وكذا في قوله:

. ... ... ... … ولا أمر للمعصي إلا مضيعا وربما حذف الاسم، وأبقى الخبر نحو قولهم: لا عليك أي لا بأس عليك، ولا يكون في غير (لا عليك)، قال ابن خروف: لا يقال: لا بك، ولا إليك، ولا فيك، وربما دخلت الباء على (لا)، ففتح ما بعدها قالوا: جئت بلا شيء، والغالب: الجر، وفي دخول الباء على الخبر خلاف، جوزه أبو علي في التذكرة، ومنعه بعضهم فلا يجيز: لا رجل بأفضل منك، ويتأول لا خير بخير بعده النار، على أن الباء ظرفية في موضع الخبر، و «بعده النار» صفة للاسم، وقال ابن مالك: ندر تركيب النكرة مع (لا) الزائدة كقول الشاعر: لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها … إذن للام ذوو أحسابها عمرا وقد يعامل غير المضاف من أب وأخ، وبنين، وغلام، وما أشبه ذلك معاملة

المضاف، فينتزع منه التنوين، والنون إذا ما جر ما بعده بلام فتقول: لا أبا لك، ولا أخا لك، ولا يدي لك بالظلم، ولا غلام لك، ولا بني لك، ولا بنات لك، ولا عشرى لك هكذا مثل ابن مالك، والمشهور الوارد على القياس لا أخ لك، ولا أب لك، ولا يدين لك، ولا بنين لك. وفي هذه المسألة مذاهب أحدها: مذهب هشام، وابن كيسان، واختاره ابن مالك أن هذه الأسماء مفردة ليست بمضافة، والمجرور باللام في موضع الصفة لها، فيتعلق بمحذوف، وشبه غير المضاف بالمضاف في نزع التنوين من المفرد، والنون من المثنى والمجموع. والثاني ما ذهب إليه الجمهور من أنها أسماء أضيفت إلى المجرور باللام، واللام مقحمة لا اعتداد بها، ولا تتعلق بشيء البتة. والخبر على هذين المذهبين محذوف. والثالث: ما ذهب إليه الفارسي في أحد قوليه، وأبو الحجاج بن يسعون وابن الطراوة أن قول العرب لا أبا لك، ولا أخا لك، وشبههما أسماء مفردة، جاءت على لغة من قصر الأب، والأخ، والأحوال كلها والمجرور باللام في موضع الخبر، وما قاله النحويون من جواز: لا يدي لك إنما قالوه بالقياس، وقال العرب: لا أبالي ولا أخالي، ومجيء الباء في قولهم:

. ... ... لا أخا بعشوزن … ... ... .... شاذ، أو جاء على لغة من قصر الأب، ولا يجوز أن تقول: لا أبا لزيد، وأخا لعمرو، فتقحم اللام بين المعطوف على اسم لا، وبين ما أضيف غليه، وقد اطرد إقحام اللام بين المتضايفين، إذا كان المضاف إليه معرفة، ويجوز في نحو: لا غلام لك، ولا جارية لزيد أن يكون من هذا الباب، ويكون الخبر محذوفًا، ويجوز أن يكون غير مضافين، والمجرور في موضع الخبر، وحذف التنوين لأجل بنائه مع (لا)، ولا يجوز حذف اللام، وإبقاء الإضافة لا في الكلام، ولا في الشعر إلا قولهم: لا أباك في ضرورة الشعر خاصة، وتأول ابن مالك: لا أباك الواقع في الشعر، بأن يكون دعاء على المخاطب، وهو فعل ماض دعاء عليه أن لا يأباه الموت. وذكر النحاة أن اللام المحذوفة مقدرة، وإن كانت إذا أتى بها مقحمة زائدة، ويدل على إرادتها قولهم: لا أباى إذ لو لم تكن مراده لقال: لا أبى، وقالوا: لا أباك، ولا شانيك بحذف الهمزة من لا أباك، واللام، وحذفهما وحذف الألف من «لاب شانيك» يريد لا أبالك، ولا أبا لشانيك. وإذا كان المجرور الخبر تعين إثبات النون، وحذف الألف فتقول: لا يدين لك

ولا أب لك، ولا فصل اللام جار آخر، أو ظرف نحو: لا يدي بها لك، ولا يدي اليوم لك، ولا غلامي عندك لزيد، امتنع ذلك في الاختيار خلافًا ليونس، فإنه أجاز ذلك في الاختيار، هكذا أطلق ابن مالك مذهب يونس. وفي كتاب سيبويه: أن يونس فرق بين الظرف الناقص، فأجاز الفصل في فصيح الكلام، ولم يجزه بالظرف التام، وأجاز سيبويه الفصل بينهما بجملة الاعتراض فقال: لا أبا فاعلم لك، وقال ابن مالك: وقد يحمل على المضاف مشابهة العمل فينزع تنوينه، عني بمشابهه بالعمل المطول نحو: لا خيرًا من زيد عندك، ولا ضاربا بكرًا في الدار، ولا حسنا وجهه لك، ولا عشرى درهمًا عندك، فأجاز في هذه المثل وما أشبهها نزع التنوين، وهي عاملة فيما بعدها، ومذهب الجمهور لزوم التنوين والنون في الاسم، إذا كان عاملاً فيما بعده، وذهب ابن كيسان إلى أنه يجوز فيه التنوين وترك التنوين، وهو عنده أحسن من إثباته، وذهب البغدادين إلى جواز بناء النكرة، وإن كانت عاملة في ظرف بعدها

أو مجرور، وذهب الكوفيون إلى إجازة بناء المطول فيقولون: لا ضارب ضربًا كثيرًا، ولا قائل قولاً حسنًا، وإذا دخلت (لا) على مركب نحو: لا خمسة عشر لك، فلا يركب مع لا، والحركة في عشر هي التي كانت فيه قبل دخول (لا)، لا حادثة بسبب (لا)، ألا ترى أنك لو قلت: لا عمرويه لك، بقى على كسره، ولم يفتح الآخر بسبب (لا).

فصل

فصل زعم ابن مالك أنه إذا انفصل مصحوب (لا)، أو كان معرفة بطل العمل بإجماع، وليس كما ذكر، أما إذا انفصل مصحوبها، فقد تقدم لنا مذهب الرماني، وأنه يجيز إذا انفصل أن تعمل (لا) فيه، فإن كان مبنيًا نصب وزال البناء. وأما إذا كان معرفة، فالإجماع من البصريين على أن (لا) لا تعمل فيه وأجاز الكوفيون بناء الاسم العلم، سواء أكان مفردًا نحو: لا زيد، ولا عمرو، أو مضافًا كنية نحو: لا أبا محمد، ولا أبا زيد، فإن كان مضافًا إلى الله، والرحمن والعزيز، أجازوا أن تعمل (لا) فيه فيقولون: لا عبد الرحمن، ولا عبد الله، ولا عبد العزيز، وبعضهم يسقط (أل) من الرحمن، والعزيز فيقول: لا أبا عبد عزيز، ولا عبد رحمن، ولا عبد الله، ولا عبد عزيز. وحكى الفراء: قيل عبد العزيز وعرقل، فلا عبد عزيز عرقل لك وقال الفراء أيضًا: إنما أجيز: لا عبد الله لك، لأنه حرف مستعمل يقال لكل أحد، ولا يجيز: لا عبد الرحمن، ولا عبد الرحيم، وكان الكسائي يقيس على لا عبد الله لك، ولا عبد الرحمن لك، ولا عبد العزيز، ومن كلامهم: قضية ولا أبا حسن لها،

إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، أما البصرة فلا بصرة لكم، وأما بغداد فلا بغداد لكم، و: لا هيثم الليلة للمطي و: ... ... .... … ... ... ... ... ... ولا أمية بالبلاد ولا زيد مثله، وهذا ونحوه عند البصريين مؤول بالنكرة باعتبار وجهين: أحدهما: أنه نفي لكل من تسمى بهذا الاسم فصار فيه عموم، فأطلق (هيثم) على كل من هذا اسمه، وعلى هذا الوجه تنزع (أل) منه إن كان فيه.

والثاني: أن يكون على حذف مضاف، وذلك المضاف نكرة تقديره: ولا مثل هيثم، وكذلك باقي هذه الأسماء. وعلى هذا الوجه ما حكاه الكسائي من قول بعضهم: لا أبا حمزة لك «أي لا مثل أبي حمزة»، فمنعه الصرف يدل على أنه ليس على الوجه الأول؛ إذ لو لوحظ فيه التنكير على الوجه الأول لانصرف قالوا: ويدل على لحظ الوجه الأول: أنهم حين وصفوه وصفوه بالنكرة. قال الفراء: من قال لا أبا أمية لك، ثم نعته بنكرة؛ فإن كان له لفظ التعريف لترك إجراؤه، فقال: لا أبا أمية عاقلاً لك ولا يقال: العاقل لنيابته مناب النكرة، وقال الأخفش: إذا كان على حذف (مثل)، فلا يجوز وصفه لا بمعرفة، ولا بنكرة، وأجاز الكوفيون دخول (لا) على المضمر الغائب، فتكون بمنزلة إن، وبمنزلة ليس فأجازوا: لا هو، ولا هي على الوجهين، وحكوا إن كان أحد سلك هذا الفج فلا هو يا هذا، ولا يعرف هذا البصريون، وإذا ثبت هذا فهو مرفوع على الابتداء، وحذف الخبر لدلالة المعنى عليه، ولم يتكرر (لا) على سبيل الشذوذ، وأجاز الفراء أيضًا: لا هذين لك، ولا هاتين لك، على أن يكون اسم (لا) محكومًا بتنكيره، وهو منقول عن العرب، لكنه شاذ قليل لا يقاس عليه، وأما قولهم: «لا مساس» فقال ابن جني: سألت أبا علي كيف دخلت (لا) المختصة بالنكرة على (مساس) وهي عندك، وعند الجماعة معرفة، فقال: ليس التعريف لها بمتمكن، ألا ترى أنك تقول في كل موضع: لا مساس ولما لم تختص وشاع استعمالها جرت مجرى النكرة، فساغ دخول (لا) عليها. وقال في بعض كلامه: إنما تلك المعدول عنها هي المعرفة يريد مسه.

وإذا انفصل مصحوب (لا)، أو كان معرفة لم يلحظ فيها التنكير، لزم تكرار (لا) كقوله تعالى: «لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون»، ولا زيد في الدار، ولا بكر؛ وهو منقول أيضًا عن الأخفش خلافًا للمبرد، وابن كيسان؛ فإنهما يجيزان أن لا تتكرر، وذلك عندنا لا يكون إلا ضرورة. وكذا الخلاف في خبر المبتدأ، إذا كان منفيًا (بلا)، وهو مفرد أو جملة اسمية، وفي النعت، وفي الحال نحو: زيد لا فقيه، ولا شاعر، وزيد لا فقيه، ولا أبوه فاضل، ومررت برجل لا فاضل ولا كريم، وصحبتك لا مفيدًا ولا مستفيدًا، وقد يغني عن تكرارها حرف نفي غيرها وهو قليل، قال: ... ... … فلا هو أبداها ولم يتجمجم فإن كان الاسم في معنى الفعل، لم يلزم تكرارها نحو: قولك لا سلام على زيد (أي لا سلم الله عليه)، ولا نولك أن

تفعل أي لا ينبغي، ولا بك السوء معناه: لا يسوءك الله. وإذا قلت: لا حول ولا قوة إلا بالله جاز فيه خمسة أوجه: فتحها بغير تنوين، وفتح الأول، ونصب الثاني منونًا عطفًا على لفظ اسم (لا)، ولا الثانية زائدة للتوكيد ومنه: لا نسب اليوم ولا خلة … ... ... ... ... خلافًا ليونس، وجماعة، فإنهم لا يجيزون التنوين في الثاني في هذا التركيب إلا ضرورة، وفتح الأول، ورفع الثاني منونًا عطفًا على موضع (لا) مع اسمها، أو على أنه اسم (لا) العاملة عمل ليس، وعلى العطف على الموضع خرج سيبويه، وأبو علي قوله: ... ... ... ... … لا أم لي إن كان ذاك ولا أب

وأجاز المبرد أن يرتفع على الابتداء، والخبر محذوف، ورفعهما كقوله تعالى: «لا بيع فيه ولا خلة» في قراءة من رفعهما قيل: فإن كان المنفي غير عام لم تعمل، وارتفعا على الابتداء، أو عامًا جاز أن يكون بمنزلة (ليس) في العمل، وأن تكون الأولى بمنزلة ليس، و (لا) الثانية للتأكيد، والاسم معطوف على اسم ليس، فلا يكون (للا) عمل، ورفع الأول، وفتح الثاني كقوله: «فلا لغو ولا تأثيم فيها». ولا يجوز تنوين المفتوح إلا ضرورة، وإذا سقطت (لا) الثانية، رفع الثاني على الموضع، أو نصب على اللفظ، وحكى الأخفش أن من العرب من يسقط التنوين من المعطوف فتقول: لا رجل امرأة على نية (لا) وهي لغة ضعيفة.

وإذا وصفت اسم (لا) جاز نصب صفته نحو: لا رجل ظريف عندك، ولا رجل ضارب زيد في الدار، ولا رجل ضاربًا زيدًا في الدار، وهذا الوجه أكثر في الكلام وأحسن، وجاز رفعها سواء أكان اسم (لا) مبنيًا، أم معربًا، وسواء أكانت الصفة مفردة، أم مضافة، أم مطولة، ومتصلة بالموصوف، أم منفصلة تقول: لا رجل ظريف عندي، أو ضارب زيد، أو ضارب زيدًا، أو لا ضارب زيد عاقل عندنا، ولا خيرًا من زيد عاقل عندنا، وزعم ابن برهان: أن صفة اسم (لا) لا ترفع، إلا إذا كان الموصوف مركبًا مع (لا)؛ فإن رفعها دليل على الإلغاء، ومنه قول بعض أصحابنا قال: إذا كان اسم (لا) معربًا، فلا يتبع إلا على لفظه، وزعم أيضًا أنه إذا كان النعت مضافًا أو مطولاً، فلا يجوز الاتباع فيه، إلا على لفظ اسم (لا) نحو: لا رجل صاحب دابة عندنا، ولا رجل خيرًا من زيد في الدار. وفي الغرة: لا غلام رجل، يجوز العطف على الموضع فيه، على قول من عطف على موضع (إن)، لكن يجب أن يكون بعد استيفاء الخبر، وأما الوصف على الموضع ففيه نظر فتقول: لا غلام رجل ظريفًا، وكذلك الظريف في العطف يعني به المطول قال: وقد أجاز سيبويه: لا مثله أحد على الموضع، ومثله منصوب وإن كان بدلاً، فحسن، وإن كان وصفًا ففيه نظر. وأما المطول فلا يوصف لأنه عامل. انتهى.

وفي النهاية: صفة المضاف، وما أشبهه لا تكون إلا معربة تقول: لا غلام رجل صالحًا لك، ولا غلام رجل ذا مالك لك، ولا حافظًا للقرآن صاحب صدق هنا، وأقول: لا يجوز الرفع في هذه الصفات لأن هذا نصب صحيح، ولا يحتج علينا بجوازه في الرفع، في صفة المفرد، لأن المفرد ركب مع (لا) فجريا مجرى اسم واحد، ويدل على صحة هذا أن من قال: «يا زيد الطويل» فرفع، قال: يا عبد الله الكريم، فأوجب النصب؛ لأن المبني في النداء لفظًا وموضعًا، فالرفع حمل على اللفظ، والنصب حمل على الموضع، وأما المضاف فليس له موضع يخالف لفظه فلم يكن في صفته إلا النصب. انتهى. وفي النهاية أيضًا: لا غلامي لك ظريفين، فظريفين صفة: لـ «لاغلامين»؛ لأن اللام إنما جيء بها لتجعل المنفي نكرة، وكذا لا أبا لك ظريفًا، ولو اضطر شاعر لقال: لا غلاميك، ولا أباك، فينبغي على قول أبي علي أن تصفه بالنكرة، لأن التقدير في اللام الثبات، فحكمها بعد الحذف، كحكمها حالة الثبات، ألا ترى أنك تقول: مررت برجل ضارب زيد، تصف النكرة بالمضاف إلى المعرفة، لأنك تنوي التنوين بينهما، فيصير كضارب زيدًا. انتهى. ويجوز تركيب الموصوف وصفته إذا كانا مفردين، واتصلت الصفة بالموصوف، يصيران بمنزلة اسم واحد كخمسة عشر، وتكون (لا) دخلت على مركب مبني، ويكون هذا المركب المبني حكمه في التابع حكم اسم (لا) المبني معها، ويكون هذا المركب قد فك (لا) من البناء، لئلا يكون ثلاثة أشياء قد جعلت شيئًا واحدًا. وكلام الفارسي في الأغفال يدل على أن ثلاثة أشياء جعلت شيئًا واحدًا

وذهب بعض النحاة إلى أنه يجوز أن يتبع بحذف التنوين، وتكون الفتحة إعرابًا، وحذف التنوين للمشاكلة، فلا تركيب للصفة مع موصوفها، ومن قال ببنائهما والتركيب يقول: إن فصل بينهما بشيء فلا تركيب، وكذا لو كان الموصوف، أو الصفة مضافًا، أو مطولاً فلا تركيب، [فلو كانا مثنين أو مجموعين سلامة نحو: لا رجلين عاقلين عندك، أو لا بنين عاقلين، أو لا مسلمات فاضلات، فإطلاق الإفراد المقابل للمضاف، والمطول يدل على جواز التركيب] في هذه، وإذا أبدلت بدلاً يصلح أن تعمل فيه (لا) جاز فيه النصب والرفع نحو: لا أحد فيها رجل ولا امرأة ورجلاً، ولا امرأة. وسواء أكان البدل مفردًا، أم مضافًا، أم مطولاً، ولا يجوز إن كانا مفردين متصلين أن يتركبا، كالمنعوت مع نعته، وإذا لم تصلح (لا)، لأن تعمل في البدل تعين رفعه نحو: لا أحد فيها زيد ولا عمرو، وكذلك المعطوف عطف النسق نحو: لا غلام فيها ولا زيد، وتعطف على الموضع. قال في البسيط: وهذا بناء على أن المعطوف يحل محل المعطوف عليه، ومن لم يقل ذلك وقال: «كل شاة وسخلتها بدرهم» قال: لا غلام ولا العباس ولا رجل عندنا، ولا أخوه. وإذا كررت اسم (لا) المفرد، دون فصل جاز تركيبهما مبنين نحو: لا ماء ماء باردًا ونصب الثاني لا ماء ماءً باردًا ورفعه: لا ماء ماءٌ باردًا، صار تكرير الاسم بمنزلة الوصف، أما (باردًا) فلا بد من تنوينه، لأنه وصف ثان، وتكررت النكرة توطئة للنعت فيراد بها التأكيد.

وقال ابن طاهر: الصحيح أنه يوصف بالاسم إذا وصف نحو: مررت برجل رجل عاقل، فلو جعلت ماء بدلاً من النكرة قبله، بطل التركيب والبناء، ومن غريب أحكام (لا) ما أجازه من قوله: كاليوم رجلا أفضل أي لا كاليوم ... وقال أوس بن حجر: حتى إذا ما الكلاب قال لها … كاليوم لا مطلبًا ولا طلبًا أي لا كاليوم وفي حواشي (مبرمان) إذا قلت: لا محالة أنك ذاهب، فـ (أنك) في موضع رفع لخبر الابتداء كما تقول لا رجل أفضل من زيد، تقديره: رجل أفضل من زيد، وأدخلت (لا). وفي الحواشي أيضًا: بد أنك ذاهب، كأنك قلت: بد ذهابك كأنك قلت: موسع عليه ذهابك، لأن معنى بد موسع، فإذا قال لا بد، فكأنه قال: غير موسع أنك ذاهب انتهى. وإذا دخلت همزة الاستفهام على (لا) فتارة يراد صريح الاستفهام عن النفي المحض دون تقرير، ولا إنكار، ولا توبيخ، خلافًا للأستاذ أبي علي، إذ زعم أنه لا بد من إنكار، وتوبيخ، ولا يكون لصريح الاستفهام عن النفي المحض، والصحيح وجود ذلك في كلام العرب. لكنه قليل ومنه قول العرب: «أفلا قماص بالعير» وقوله:

ألا اصطبار لسلمى أم لها جلد … ... ... .... وظاهر كلام سيبويه أنه لا يشترط ما زعمه الأستاذ أبو علي، وتارة يراد به الاستفهام على طريق التقرير والإنكار والتوبيخ نحو قوله: ألا طعان ألا فرسان عادية … ... ... ... ... وقوله:

ألا ارعواء لمن ولت شبيبته … ... ... ... ... ... وحكم (لا) في هذين المعنيين حكمها لو لم تدخل عليها الهمزة من جواز إلغائها وإعمالها عمل (إن) وعمل (ليس) بجميع أحكامها في ذلك، وتارة يدخلها معنى التمني. فمذهب الخليل، وسيبويه، والجرمي: أنها لا تعمل إلا عمل (إن) في الاسم خاصة، فيبنى معها إن كان مفردًا، ويعرب إن كان مضافًا أو مطولاً، ولا يكون لها خبر، لا في اللفظ، ولا في التقدير، ولا يتبع اسمها إلا على اللفظ خاصة دون الموضع، ولا تلغى بحال، ولا تعمل عمل ليس تقول: ألا غلام لي، وألا ماء باردًا، وألا ماء بارد، وألا أبالي، وألا غلامي لي، وألا غلامين أو جاريتين، وألا ماء ولبنا، وألا ماء وعسلاً باردًا حلوًا، هذه مثل سيبويه. وقال سيبويه: ومن قال: لا غلام أفضل منك لم يقل في: ألا غلام أفضل منك إلا بالنصب؛ لأنه دخل فيه معنى التمني وصار مستغنيًا عن الخبر. وزعم المازني والمبرد: أن حكمها وهي للتمني كحكمها مجردة من

الهمزة لمحض النفي، فيكون لها خبر في اللفظ، أو في التقدير، ويتبع اسمها على اللفظ، وعلى الموضع، ويجوز أن تعمل عمل ليس، وأن تلغى، والفرق بين المذهبين أن في مذهب سيبويه يكون التمني واقعًا على الاسم، وفي مذهب المازني على الخبر، ومثالها في التمني قوله: ألا عمر ولي مستطاع رجعوعه … فيرأب ما أثأت يد الغفلات رجوعه مبتدأ خبره مستطاع، والجملة في موضع نصب على الصفة، وسأل ابن جني الفارسي فقال: إذا كان قولك متمنيًا: «ألا رجل» إنما هو على معنى ألا أحد، فهل تقول: إن رجل منصوب بنفس (لا) هذه، أو هو منصوب بذلك الفعل المراد فقال: بل هو منصوب بذلك الفعل المراد المقدر قلت له: فأين التنوين؟ فقال: إذا جاز هذا مع الباء في (جئت بلا شيء) كان مع الفعل أجوز انتهى. وهذا مخالف لمذهب سيبويه، والخليل، والجرمي الذي تقدم في أن الاسم منصوب بنفس (لا) وأما (ألا) التي للتخصيص، وعبر عنه ابن مالك بالعرض، فظاهر كلام النحاة أنها مركبة من همزة الاستفهام، و (لا) التي للنفي دخلها معنى التحضيض. والذي أذهب إليه أنه بسيطة وضعت لمعنى التحضيض كما هي بسيطة إذا كانت للتنبيه، والاستفتاح، وهذه خالفت في المعنى والحكم، فلا يليها إلا الفعل ظاهرًا أو مقدرًا، وإن كان مما ينون نحو قوله: ألا رجلاً جزاه الله خيرًا … ... ... ... ...

حمله الخليل على التحضيض، وأضمر الفعل كأنه قال: ألا ترونني رجلاً، وزعم يونس، والأخفش أنه نون مضطرًا حملاه على التمني، وأما التي للتمني فادعى فيها التركيب لما بين النفي والتمني من المعنى؛ إذ كلاهما مفقود، لظهور بعض أحكام (لا) في (ألا) للتمني على مذهب سيبويه، وجميع أحكامها على رأي المازني والمبرد. ومن أحكام (لا) وإن لم يكن في (لا) التي لنفي الجنس ما قال في البديع: لا تقع بعد كلام منفي، إلا إذا كانت بمعنى غير، نحو قوله تعالى: «غير المغضوب عليهم ولا الضالين». ويجوز: زيد غير قائم، ولا قاعد، ولا يجوز ذلك في الأعلام، لا تقول: رأيت غير زيد، ولا عمرو، ولا بعد لن ولم، لا تقول: لن يقوم زيد، ولا يقعد، ولم يقم زيد، ولا يقعد.

باب الفاعل

باب الفاعل هو المفرغ له العامل على جهة ووقعه منه، أو تركه، فالمفرغ له العامل يكون اسمًا ظاهرًا أو مضمرًا، أو مقدرًا به، وذلك أن، وأن، وما، ولو عند من يثبت أن (لو) مصدرية نحو: يعجبني أنك تقوم، وأن تقوم، و: يسر المرء ما ذهب الليالي … ... ... ... ... ... ما كان ضرك لو مننت وربما … ... ... ... ... «أي قيامك، وذهاب الليالي، ومنك»، ولا يقدر بالاسم، إلا حرف مصدري مع ما دخل عليه، هذا مذهب جمهور البصريين، وذهب هشام، وثعلب، وجماعة من الكوفيين، إلى أنه يجوز أن يسند الفعل إلى الفعل فأجازوا: يعبني يقوم يزد، وظهر لي أقام زيد أم عمرو. وذهب الفراء، وجماعة: إلى جواز ذلك بشرط أن يكون العامل فعلاً قلبيًا. وشمل قولنا: المفرغ له العامل مذهب البصريين، والكوفيين، ولم يشترط تقدم العامل كما فعله أصحابنا، لأنه حكم مختلف فيه فلا يدخل في الرسوم. فذهب البصريون على أنه يجب تقديم العامل على الفاعل، وذهب الكوفيون إلى جواز ذلك، وثمرة الخلاف تظهر في التثنية والجمع، فيجيز الكوفيون: الزيدان قام، والزيدون قام، ولا يجيز ذلك البصريون، وذكر الخلاف في هذه المسألة أصحابنا وابن الدهان في الغرة، وابن كيسان عن ثعلب، وقال الزجاجي: أجمع النحويون: على أن الفاعل إذا قدم على فعله لم يرتفع به، فقال البصريون: يرتفع بالابتداء، والفعل خبر عنه يرفع ضميره، وقال بعض الكوفيين: يرتفع بالمضمر الذي في

الفعل، وقال بعضهم: هو رفع بموضع الفعل، لأنه موضع خبر وبه كان يقول ثعلب. انتهى. والعامل يشمل اسم الفاعل، وما جرى مجراه في العمل من الأوصاف نحو: جرشع، وشمردل، ومن الجوامد نحو: عرفج الملحوظ فيه الاشتقاق، والصفة المشبهة وغير المشبهة، والأمثلة والمصدر المنحل لحرف مصدري، والاسم الموضوع موضع الفعل، مصدرًا كان أو غير مصدر، والظرف والمجرور. والأخفش لا يشترط الاعتماد في اسم الفاعل، وما حمل عليه، ولا في الظرف والمجرور، وغيره يشترطه، ومما جاء فيه الرفع على الفاعلية والابتداء، وهو أحسن قولهم: مررت برجل مثلك أبوه، وأحسن منك أخوه، وبرجل سواء عليه الخير والشر، وبرجل أيما رجل أخوه، وحسبك من رجل أخوه، وبرجل أخ لك عمه، وأب لك خلاه، وبرجل أبي عشرة أبوه، وبرجل كل ماله درهمان، وبسرج خز صفته، وبحية ذارع طولها، وبجب ثمانين قامة طوله، وبصحيفة طين خاتمها، وبقاع عرفج نبته، وبرجل مائة إبله. والعامل هو الرافع للفاعل على مذهب سيبويه لفظًا نحو: قام زيد، أو تقديرًا نحو: ما قام من رجل، «وكفى بالله» على أصح الأقوال في أن الباء زائدة. وأعجبني شرب زيد العسل، أي: ما قام رجل، وكفى الله، وشرب زيد العسل، وذهب قوم على أنه ارتفع بشبهه للمبتدأ وقوم إلى أنه ارتفع بكونه فاعلاً في المعنى، ونسبه القتبي إلى خلف وقوم إلى أنه ارتفع بالإسناد، ونسبه ابن مالك إلى خلف، والفعل يدل على فاعل مطلق، والصحيح دلالته عليه بالالتزام، لا كدلالته على مطلق المصدر، والزمان، خلافًا لمن ذهب إلى ذلك.

والفعل بالنسبة على الفاعل واجب الذكر، ووجب الحذف، وجائز الحذف، فالأول: ما لا دليل على حذفه. والثاني: إذا ولى ما يختص بالفعل الاسم وبعده ما يفسره نحو: أدوات الشرط كلها، فيجوز ذلك في (إن) وحدها في الكلام، بشرط أن يكون الفعل بعد الاسم ماضيًا، أو يكون منفيًا بلم نحو: إن زيد جاءك فأكرمه، وإن زيد لم يجئك فأهنه، وأما في غيرها، فيختص بالشعر نحو قوله: فمتى واغل ينبهم … ... ... ... ... أي متى ينبهم واغل ينبهم، وكذا: إن زيد يقم أقم معه لا يجوز إلا في الشعر، وأجاز الأخفش في نحو: إن زيد قام أقم معه الرفع في زيد على الابتداء، وقال الرفع على فعل مضمر أقيس الوجهين. فإن ولى الاسم همزة الاستفهام نحو: أزيد قام، فالمختار حمله على إضمار فعل تقديره: أقام زيد قام ويجوز أن يرتفع على الابتداء، وقام في موضع الخبر. والثالث: إذا أشعر به ما قبله، فيجوز حذف الفعل، نحو قراءة من قرأ: «يسبح له فيها بالغدو الأصال رجال» بفتح (باء)

يسبح، فرجال فاعل بفعل محذوف يدل عليه ما قبله (أي يسبحه رجال)، على أوضح التأويلين، ولرفعه على الفاعلية شرط؛ وهو أن لا يلبس بالمفعول لو قلت: يوعظ في المسجد رجال لالتبس أن يكون مفعولاً لم يسم فاعله، وأن يكون فاعلاً، فلا يجوز إضمار الفعل، على أن رجالاً فاعل، وفي القياس على ما سمع من ذلك، باعتبار شرطه خلاف، فالجمهور على أنه لا يقاس على ما سمع من ذلك. وذهب الجرمي، وابن جني إلى القياس على ذلك، فأجازا: أكل الطعام زيد، وشرب الماء عمرو، وأوقدت النار بكر، أي أكله زيد، وشربه عمرو، وأوقدها بكر، وأجاز بعض النحويين، زيد عمرًا بمعنى ليضرب زيد عمرًا، إذا كان ثم دليل على إضمار الفعل ولم يلبس، وقد منع ذلك سيبويه، وإن لم يلبس، وكذلك المجاب به نفي نحو: بلى زيد، لمن قال: ما قام أحد، أو استفهام نحو: زيد لمن قال: هل جاء أحد التقدير: بلى قام زيد، وجاء زيد، ويجوز أن يرتفع رجال في المسألة السابقة، وزيد في جواب النفي، والاستفهام على حذف مبتدأ أي المسبح رجال، والقائم زيد، والجائي زيد؛ وإن كان الأولى إضمار الفعل. وكان قوله: «رجال» جواب لمن قال: من يسبحه، فقيل رجال كما قال سيبويه في قولك: ألا رجل أما زيد أما عمرو، كأنه قال من هذا المتمني، فقال: زيد أو عمرو، ولا يجوز حذف الفاعل إلا مع المصدر نحو قوله: «أو إطعام في يوم ذي مسغبة»، أو في باب النائب، فتغير صيغة المسند غليه نحو: ضرب زيد أو مع عامله المدلول عليه بقول القائل من أكرم فتقول: زيد أي أكرم زيد، وذهب

الكسائي إلى جواز حذفه وحده دون عامله، وذلك مشهور عنه في باب الإعمال في نحو: ضربني، وضربت الزيدين في غير هذا الباب نحو قوله: فإن كان لا يرضيك حتى تردني … ... ... ... ... أي ضربني الزيدون، ولا يرضيك شيء، وقال ابن مالك: ويرفع توهم الحذف، إن خفى الفاعل، جعله مصدرًا منويًا، ونحو ذلك مما يدل عليه من اللفظ والمعنى نحو قوله تعالى: «ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين» قال: قيل إن المعنى: بدا لهم بداء، ولا يجوز مثل هذا الإسناد إلى مصدر الفعل، حتى يشعر برأي مثل ظهر وبان، أو يكون الفعل استثناء كاقموا عدا زيدًا أي جاوز قيامهم زيدًا. وقول الشاعر: تمشي تبختر حول البيت منتحيًا … لو كنت عمرو بن عبد الله لم تزد وذكر أشياء من هذا ونحوه، ورددناها عليه في الشرح، وخرجناه على غير ما قال وللفاعل أحكام مع المفعول بالنسبة إلى تقديمه عليه وتأخيره عنه تذكر عند ذكره.

باب المفعول الذي لم يسم فاعله

باب المفعول الذي لم يسم فاعله ورسمه كرسم الفاعل، إلا أنه يبدل به بمنه، واصطلح ابن مالك على أن سمى هذا الباب باب النائب عن الفاعل، وذكر المتأخرون البواعث على حذف الفاعل، وقد نظمت ذلك في أرجوزة في قولي: وحذفه للخوف والإيهام … والوزن والتحقير والإعظام والعلم والجهل والاختصار … والسجع والوفاق والإيثار ويجرى مجرى الفاعل في تنزله منزلة الجزء في نحو: ضربت، وفي امتناع الحذف، وفي وجوب تأخره عن العامل، ولا يكون عامله إلا الفعل المصوغ له، واسم المفعول. وفي ارتفاعه بالمصدر الذي ينحل لحرف مصدري والفعل مذاهب: أحدها: أنه يجوز، ويدل عليه ظاهر قول سيبويه. والثاني: لا يجوز. والثالث: إن كان الفعل لم يبن للفاعل في أصل الوضع، بل للمفعول جاز نحو: عجبت من جنون بالعلم زيد، وإلا فلا، والذي يقوم مقام الفاعل أشياء متفق عليها، ومختلف فيها، المتفق عليه أربعة: أحدها: المفعول به نحو: ضرب زيد، ثم الفعل إما أن يكون تامًا أو ناقصًا إن كان ناقصًا من باب أفعال المقاربة، فلا نعلم أحدًا أجاز بناءه للمفعول إلا الكسائي، والفراء أجازا جعل يفعل في جعل زيد يفعل، والخلاف فيه كالخلاف الآتي في كين يقام، وإن كان من غيره جامدًا، فكذلك، أو متصرفًا نحو: كان فذهب سيبويه، والسيرافي، ,الكوفيون، والكسائي، والفراء، وهشام إلى جواز ذلك، وذهب الفارسي إلى المنع، وهو الذي نختاره.

فأما سيبويه فقال في كتابه: «فهو كائن ومكون، ولم يبين ما الذي يقوم مقام المحذوف، وتأول الفارسي، والأعلم قول سيبويه: مكون إنه من كان التامة. وقال ابن طاهر، وابن خروف، مكون من كان الناقصة لا يتكلم به، وإنما قصد سيبويه أنها فعل متصرف ويستعمل منه ما لا يستعمل من الأفعال إلا إن منع مانع. وقد نص الصيمري على أن مذهب البصريين المنع من بناء كان الناقصة للمفعول، وإجازة ذلك تنسب للكوفيين. انتهى. وأما السيرافي فقال: يحذف اسم كان، وينحذف الخبر لحذفه، ويقام ضمير مصدرها مقام المحذوف، واختاره ابن خروف، وقال ابن عصفور: يحذف الاسم والخبر، ويقام ظرف، أو مجرور معمول لها، وأما الكسائي فكان يقول في «كان زيد يقوم»: كان يقام، فيجعل في كان مجهولاً، ويرد يفعل إلى يفعل، ويجعل فيه مجهولاً آخر، وأما الفراء فيقول في كان زيد يقوم: كين يقام، وفي «كان زيد قام»: كين قيم، وكل من الفعلين فارغ لا شيء فيه. وأما هشام فقال: كين يقام، وكان يقام إن شئت ألزمت الأول ما ألزمت الثاني، وتجعل منهما جميعًا مجهولاً، وليس واحد من المجاهيل يرجع إلى صاحبه، وإن شئت تركت الأول على حاله ولا يجوز عند البصريين في «كان زيد يقوم

أو قام، ولا في كان زيد قائمًا» أن يبنى للمفعول، لتحمل الخبر الضمير، فلا يكون ثم ما يعود عليه، وأجاز الكوفيون: كين قائم، إلا أن الفراء قال: إن نويت بقائم أن يكون اسمًا بمنزلة زيد، ورجل جاز أن تقول: كين قائم قال النحاس: والبصريون يجيزون: كين قائم على أن تريد «كين رجل قائم»، فإن قلت: كان زيد قائمًا أبوه، لم يرد إلى المفعول على مذهب البصريين، وجاز ذلك على مذهب الكوفيين، وكذا: كان زيد حسنًا وجهه، فإن قلت: يحسن وجهه، لم يجز على كل قول: وفرق الكوفيون بين هذا وبين: كان زيد يقوم، وكذا لا يجوز في: كان زيد وجهه حسن، ولا في: كان زيد أبوه منطلق، ولا في: كان زيد قائم، على أن تضمر في كان ضمير الأمر. وإن كان تامًا لازمًا لم يتعد ظاهرًا إلا إلى مصدر لا زمان، ولا مكان نحو: جلس وقعد، فذهب أكثر النحاة من البصريين والكوفيين إلى أنه لا يجوز، وقد نسب جواز ذلك إلى سيبويه على أن فيه ضمير المصدر، وهو غلط على سيبويه، وأجاز ذلك الفراء على أن الفعل فارغ، والكسائي وهشام على أن فيه مجهولاً من ضمير مصدر أو زمان، أو مكان لم يعلم أيهما هو. وإن كان متعديًا فإما إلى واحد، أو أكثر. إن كان متعديًا إلى واحد، فإما أن يكون مما الجملة في موضع ذلك الواحد أو لا، إن كان وذلك قال، فالجملة إن كان

فيها ضمير يعود على الفاعل يقال وهي اسمية نحو: قال زيد: أبوه منطلق، أو لا يكون، إن لم يكن، جاز أن يبني للمفعول نحو: قال زيد: عمرو منطلق، فتقول: قيل عمرو منطلق، فالمقام مقام الفاعل فيه هو ضمير المصدر الدال عليه قال، والجملة بعده في موضع التفسير لذلك المضمر، فلا محل لها من الإعراب، هذا مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أن الجملة في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله، وإن كان فيها ضمير يعود عليه، لم يجز أن يبنى للمفعول، وإن كانت الجملة فعلية فيها ضمير غيبة [عائد على فاعل قال نحو: قال زيد يقوم تبنيهما معًا فقلت: قيل يقام، أو غير ضمير غيبة] نحو: قال زيد أقوم، فيجوز أن يبنى (قال) للمفعول وحده فتقول: قيل أقوم، ويجوز تغيرهما معًا فتقول: قيل يقام هذا مذهب الكوفيين، وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز ذلك فيما أدى إليه تغيير الثاني كان التغيير واجبًا، أو جائزًا، وحيث غير الثاني لبناء الأول قال الكسائي: فيه ضمير مجهول، وقال الفراء: هو فارغ، وقال بعض البصريين فيه ضمير ضمير مجهول، وقال الفراء: هو فارغ، وقال بعض البصريين فيه ضمير المصدر، فإن كان مما لا تكون الجملة في موضعه نحو: ضرب زيد عمرًا فتبنيه قلت: ضرب عمرو، واختلفوا في مسألتين: إحداهما: اشتكى زيد عينه، فعن البصريين والفراء: لا يجوز بناء اشتكى للمفعول، وأجاز ذلك الكسائي وهشام. الثانية: مررت برجل كفاك به رجلاً، وأجاز الكسائي: مررت برجل كفيت به رجلاً، وغلطه الفراء. وإن كان يتعدى إلى أكثر [من واحد من باب أعطى، مما الأول فاعل في المعنى: جاز أن يقام الأول قولاً واحدًا نحو: كسى زيد جبة، وأما الثاني فيجوز

إقامته على مذهب الجمهور إذا لم يلبس فتقول: أعطى درهم زيدًا] لأنهم يقولون: هو مفعول للفعل المبني للمفعول، وذهب الفراء، وابن كيسان إلى أنه منصوب بفعل محذوف تقديره: وقبل درهمًا أو أخذ درهمًا، وذهب بعضهم إلى أنه منصوب بفعل الفاعل لما غير بني للأول، وبقى الثاني منصوبًا على أصله بفعل الفاعل، وذهب بعضهم إلى أنه انتصب على أنه خبر ما لم يسم فاعله، فكما لا يقوم خبر كان مقام الفاعل فكذلك هذا، وهذه المذاهب، وإن كانت ضعيفة مردودة، فهي تقدح في قول ابن مالك: لا خلاف في جواز نيابة ثاني المفعولين في أعطى، وحكى أبو ذر مصعب بن أبي بكر الخشني عن الفارسي: أنه لا يجيز إقامة الثاني مع عدم اللبس، وهو نكرة مع وجود الأول معرفة. وقال الجرمي في كتاب الفرخ: بعض العرب يقول: كسى ثوب زيدًا، وأعطى درهم عمرًا [وعن الكوفيين أنه إذا كان الثاني نكرة قبح إقامته مقام الفاعل نحو: أعطى درهم زيدًا] وإن كان معرفتين كانا في الحسن سواء، فإن شئت أقمت الأول، وإن شئت الثاني، وعند البصريين إقامة الأول أحسن. وإن كان من باب ظن أقيم الأول، فتقول: ظن زيد منطلقًا، وأما الثاني، فذهب قوم إلى أنه لا يجوز إقامته، وهو اختيار الجزولي، وابن هشام. وذهب قوم منهم السيرافي: إلى أنه يجوز إذا أمن اللبس ولم تكن جملة،

ولا شبيهًا بالجملة، لكن إقامة الأول عندهم أولى، وهو اختيار أبي بكر بن طلحة، وابن عصفور، وابن مالك وشرط بعض المجوزين في إقامته أن لا يكون نكرة، فلا يجيز: ظن قائم زيدًا، فإن عدم المفعول الأول، وبقيت الجملة، فمقتضى مذهب الكوفيين جواز ذلك فتقول: علم أيهم أخوك، وقد أجاز ذلك السيرافي، والنحاس في ترجمته سيبويه: هذا باب علم ما الكلم من العربية إذا جعلت (ما) استفهامًا، ونونت العلم، ونويت فيه أنه مبني للمفعول، فكان التقدير: هذا باب أن يعلم ما الكلم من العربية وضع ذلك الفارسي في التعاليق. وإذا أقيم أحدهما، وبقى الآخر منصوبًا، فمذهب سيبويه والحذاق: أنه منصوب بتعدي فعل المفعول إليه. وذهب بعضهم إلى أنه منصوب النصب الذي كان له قبل أن يبنى الفعل للمفعول. وإذا سدت أن ومعموها مسد مفعولي ظن، واشتملت الصلة على ضمير غيبة يعود على فاعل ظن نحو: ظن زيد أنه قائم، أو ظن زيد أن القائم هو، أو أن القائم أخوه، لم يجز بناؤه للمفعول، أو لم يشتمل جاز نحو: ظن أني عالم، أو أنك عالم، أو أن زيدًا عالم، وأن وما بعدها مقدرة بالمصدر، فهو القائم مقام الفاعل، وإذا سدت أن الخفيفة مسدهما، وفي الصلة ضمير غيبة يعود على فاعل نحو: ظن زيد أن يقوم، فلا يجوز إلا بناؤهما معًا نحو: ظن أن يقام، أو ضمير غيره نحو: ظننت أن أقوم، وظننت أن تقوم، فتقول: ظن أن أقوم وظن أن تقوم.

ومذهب الكوفيين أنه يجوز: ظن أن يقام فيهما، وخلاف الكسائي، والفراء، وبعض البصريين في (يقام) كهو في قال، والبصريون على مذهبهم، في أنه لا يجوز تغيير بناء الثاني لتغير بناء الأول، لا جوازًا ولا وجوبًا. وإن كان من باب أعلم، فتقيم الأول فتقول: أعلم زيد كبشك سمينًا. وأما الثاني: إذا لم يلبس، فذهب قوم إلى المنع، وهو اختيار ابن هشام، وابن عصفور، وشيخنا أبي الحسن الأبذي. وأما الثالث: فذكر ابن هشام الاتفاق: على أنه لا يجوز إقامته، وليس كما ذكر، بل ذكر صاحب المخترع: جواز ذلك عن بعضهم، ولا تجوز إقامة الثاني، والثالث عند من أجاز ذلك إلا بشرط أن لا يلبس نحو: أعلم زيدًا كبشك سمينًا وأعلم زيدًا كبشك سمين، وجواز ذلك هو ظاهر من كلام ابن مالك إذا لم يلبس، ولم تكن جملة، ولا شبيهًا بها. وإن كان من باب اختار مما حذف حرف الجر من الثاني فنص أصحابنا على أنه لا يجوز إلا إقامة الأول فتقول: اختير زيد الرجال، وأمر زيد الخير، تريد من الرجال وبالخير، وبهذا ورد السماع عن العرب، وهو مذهب الجمهور ومنهم الفارسي.

وأجاز السيرافي، والفراء واختاره ابن مالك: أنه تجوز إقامة الثاني مع وجود الأول فتقول: اختير الرجال زيدًا وقال ابن السراج: لا يجوز: أمر الخير زيدًا إلا على القلب. الثاني: من الأشياء التي تقوم مقام الفاعل، وهو المصدر، والمصدر إن كان للتوكيد فلا يقام، وإن كان لغير التوكيد، وكان لا يتصرف نحو: معاذ الله، وعمرك الله فلا يقام، أو متصرفًا مختصًا بنوع من الاختصاص كتحديد العدد، أو الوصف، أو الإضافة، أو (أل)، أو كان اسم نوع أقيم، كان ملفوظًا به نحو: سير سير شديد، أو مضمرًا مدلولاً عليه بغير عامله نحو قولك: بل سير لمن قال: ما سير سير شديد، فما أضمر في سير عائد على قوله: سير شديد؛ فإن كان مدلولاً عليه بالعامل كقولك: جلس، أو ضرب، تريد هو أي جلوس أو ضرب لم يجز، وتقدم ما نسب إلى سيبويه من جواز إضمار المصدر في نحو: جلس ومذهب الفراء، والكسائي وهشام في ذلك، وقال ابن أبي الربيع: إذا كان المصدر مؤكدًا لم يبن له الفعل إلا أن يعلق به ظرف غير متصرف نحو: جلس دونك قال تعالى: «وحيل بينهم» النائب مضمرًا يعود على المصدر المفهوم من حيل انتهى. وإذا اختص المصدر بوصف مقدر جاز أن يبنى الفعل لذلك المصدر فتقول: سير بزيد سير، تريد نوعًا من السير قال ابن عصفور: هذا مما انفرد

سيبويه بإجازته. وقال المبرد: هذا فيه بعد إذا كنت تريد ضربًا من السير، وإذا حذف المصدر، ففي إقامة صفته غير المضافة خلاف، ذهب سيبويه إلى أنه لا يجوز: لا تقول سير عليه سريع، ولا حثيث، تريد: سير سريع وسير حثيث، بل تنصب الوصف على الحال. ووهم ابن عصفور في قوله: إن سيبويه انفرد بإقامة صفة المصدر، وقد نص سيبويه على أن ذلك لا يقام، وذهب الكوفيون إلى جواز إقامة الوصف فتقول: سير عليه حسن، أي سير حسن، وسير به سريع، أي سير سريع، إلا في شديد، وبين، فإنهم لا يجيزون فيها إلا النصب يقولون: سير عليه شديدًا وبينًا، وكذلك يقولون في أفعل منهما مضافًا إلى المصدر ينصبونهما فقط يقولون: ضرب أبين الضرب، وأشد الضرب، وأولع أشد الإيلاع، ولا يجيزون الرفع. وأجاز البصريون الرفع في مثل هذا الوصف المضاف إذا لم يضمر في الفعل ما يقوم مقام الفاعل فتقول: ضرب أبين الضرب، وأشد الضرب، فإن كان المصدر قد اتسع فيه، وناب عن الظرف نحو: مقدم الحاج، وخلافة فلان، وخفوق النجم، جاز أن يقام نحو: سير عليه مقدم الحاج وخفوق النجم، وخلافة عمر. الثالث: مما يقوم مقام الفاعل وهو الظرف. والظرف إن كان غير مختص فلا يقام، كان ظرف زمان نحو وقت وحين أو ظرف مكان نحو: مكان، وإن كان مختصًا، وكان غير متصرف وهو ظرف زمان كسحر، وضحيا، وعتمة، وضحوة من يوم بعينه فلا يجوز أن يقام، فإن كنت نكرات جاز فيها الرفع على سبيل المجاز، والنصب على الأصل، وأجاز الكوفيون الرفع في تلك المعينات؛ وإن كان متصرفًا جاز أن يقام تقول: سير عليه يوم الخميس، وحينئذ.

وسواء أكان نكرة أم معرفة، وذهب الكسائي، والفراء إلى أنك ترفع مع النكرة لا غير نحو: سير بزيد يوم أو ساعة، بناءً منهم على وجوب الرفع في قولك: موعدك يوم، ويومان وساعة، وأجاز البصريون ذلك النصب، فإن وقته فقلت موعدك يوم العيد، جاز الرفع والنصب، وسواء عند البصريين أكان العمل في الظرف كله، أو بعضه يجيزون أن يقام مقام الفاعل، وقال الكوفيون: إن استغرق الوقت، فالرفع [أو كان في بعضه فالنصب بناءً منهم على أن المستغرق ينتصب على أنه مفعول به]. وإن كان غير المتصرف ظرف مكان نحو: ثم، وهنا، وعند، فلا يجوز أن يقام، وأجاز الأخفش فيما نقل ابن مالك أن يقام غير المتصرف نحو: أن تقول: جلس عندك، فإن كان الظرف المختص المتصرف منونًا لا ملفوظًا به، فأجاز ابن السراج نيابته عن الفاعل، وإذا حذف الظرف وبقيت صفته، فالخلاف فيه كالخلاف في صفة المصدر لا يجيز سيبويه إلا النصب، وأجاز الكوفيون الرفع، وأجاز سيبويه، وعامة البصريين: سير عليه فرسخان يومين، وفرسخين يومان، وفرسخين يومين، ومنع كل ذلك بعض المتأخرين وذهب هشام، وجميع الكوفيين إلى أنه لا يجوز إلا الرفع في نحو: سير بزيد فرسخان أو ميلان، ولا يجوز نصب فرسخين، ولا ميلين على الظرف، وأجاز البصريون فيهما الرفع والنصب، وأجاز سيبويه: سير عليه خلف دارك بالرفع، ومنعه بعض المتأخرين، وفي الواضح:

أجاز البصريون: سير عليه خلفك، وأبطل هذا أحمد بن حييى وتقول: ضرب زيد ظهره، وبطنه، أو الظهر والبطن، فقال الفراء: لا يجوز فيهما إلا الرفع. وقال سيبويه: يجوز الرفع على البدل، والنصب بمعنى (على) قال المبرد: نصب لأنه يشبه الظرف، واختلف النقل عن هشام، فحكى النحاس عنه، كمذهب سيبويه: يجيز الرفع والنصب. وحكى ابن أصبغ عنه: أنه أجاز النصب مع الألف واللام، ومنعه من الإضافة، ونقل عن المبرد منع النصب، كمذهب الفراء. وفي كتاب الترشيح: وأما الأيام المعروفة بأعيانها كيوم السبت ويوم الأحد، والأزمنة المحدودة كالشتاء والصيف، والربيع، وأوقات الليل والنهار مثل بكرة وعشية، وسحر إذا أردت واحدًا من الأسحار، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، فإنك تقيمها مقام الفاعل جمع. وكان دريود لا يرى ذلك، ويقول: كل وقت محدود حسن فيه ائتني فانصبه أبدًا كقولك: سير به يوم الجمعة، وبكرة، وغدوة، وعشية بالنصب لا غير؛ لأنك تقول: ائتني يوم الجمعة، وهذا غلط منه لأنك تقول: ائتني شهر رمضان، وائتني أيام التشريق ثم تقيم ذلك مقام الفاعل فتقول: سير عليه شهر رمضان، وأيام التشريق، وهذا مما لا اختلاف فيه، لأنه موقوت محدود محصور العدد. وقد أجاز سيبويه رحمه الله: سير عليه غدوة، وبكرة، ويوم الخميس، ويوم السبت بالرفع على أن تقيمها مقام الفاعل وكذلك ما أشبهه إلا أنك تنون غدوة وبكرة إذا أردت النكرة، ولا تنونها إذا أردت المعرفة من يومك الذي أنت فيه.

وأما غدية، وبكيرة؛ فإنها إذا كانت معرفة لا تنصرف، وإن صغرت؛ لأن علامة التأنيث المانعة لها من الانصراف باقية فيها غير مفارقة لها. وكان دريود يجيز صرفها، وهي معرفة إذا صغرت قياسًا على سحر، وذلك غلط منه، وإنما صرفته في تصغيره وهو معرفة؛ لأنه قد تغير لفظ البناء الذي كان فيه معدولاً كما كان ذلك في عمر وزفر، وقثم إذا صغرتها. انتهى. الرابع: مما ينوب عن الفاعل، وهو المجرور بحرف جر زائد نحو: ما ضرب زيد من أحد فتقول: ما ضرب من أحد فأحد في موضع رفع. واتفق البصريون، والكوفيون على أن المقام هو المجرور، ويجوز أن يتبع على اللفظ وعلى الموضع فتقول ما ضرب من رجل عاقل بالجر، وعاقل بالرفع. المختلف في إقامته مقام الفاعل ثلاثة: أحدها: المجرور بحرف جر غير زائد نحو: مر زيد بعمرو، فمذهب البصريين أن المجرور في موضع نصب، فإذا بني الفعل للمفعول أقيم مقامه، فهو في موضع رفع كالمجرور بمن الزائدة سواء إلا أنه لا يتبع على الموضع، كما لا يتبع إذا كان في محل نصب. وفي البديع، وفي النهاية وتقول: مر بزيد وعمرو، وذهب إلى خالد، وبكر، فترفع يعني على الموضع. وذهب الكسائي وهشام: إلى أن المقام هو ضمير مبهم مستتر في الفعل محتمل أن يراد به ما يدل على الفعل من ضمير مصدر، أو ظرف زمان، أو ظرف مكان، وذهب الفراء إلى أن حرف الجر هو الذي في موضع رفع في نحو: مر بزيد، بناء منه على مذهبه أنه في موضع نصب في قولك: مر بكر بزيد، وذهب ابن درستويه إلى أن المقام هو ضمير المصدر المفهوم من الفعل في نحو: سير بزيد

التقدير: سير هو (أي السير) وتبعه السهيلي، وتلميذه أبو علي الرندي قالا: لأنه لا يؤنث له الفعل، ولا يتبع بالرفع، ولا يخبر عنه، وقول ابن مالك: إن الجار والمجرور هو المقام مقام الفاعل، لم يذهب إليه أحد أعني أن يكون الذي يقام هو الجار والمجرور معًا. وذكر النحاس: الاتفاق على أن هذا الجار والمجرور لا يجوز أن يتقدم على الفعل لا يجوز: بزيد سير، وعلى زيد غضب، ولا زيد منه تعجب. وقال ابن أصبغ: هي جائزة في القياس، ولما كان اختيار السهيلي أن المقام ضمير المصدر كان المجرور عنده في موضع نصب، فأجاز أن يتقدم على الفعل مستدلاً بقوله: «كل أولئك كان عنه مسئولا» تقديره عنده مسئولاً عنه وهو مخالف لما حكى النحاس من الاتفاق على منع تقديمه على الفعل. الثاني: المفعول من أجله: ذهب الفارسي، وابن جني، والجمهور إلى أنه لا يجوز: أن يقام مقام الفاعل سواء أكان منصوبًا أم بحرف الجر، وذهب بعضهم إلى أنه يجوز إذا كان بحرف الجر لا إذا كان منصوبًا، ومنه قوله: يغضى حياء ويغضى من مهابته … ... ... ...

الثالث: التمييز: ذهب الجمهور إلى أنه لا يقوم مقام الفاعل فلا يقال: في طاب زيد نفسًا: طيب نفس، ولا في ضاق به ذرعًا: ضيق به ذرع. وأجاز ذلك الكسائي وهشام، وحكى الكسائي: خذه مطوبة به نفس، ولم يجز الكسائي مع ذلك تقديمه، ولا إضماره وحكى الكسائي أيضًا: من الموجوع رأسه، والمسفوه رأيه والموقوف أمره، وأجاز أيضًا في امتلأت الدار رجالاً: امتلئ رجال. وقال ابن عصفور: وقد ذكر أن التمييز لا يقام مقام الفاعل فأما قوله تعالى: «بطرت معيشتها» و «سفه نفسه»، وأمثالهما، فالفراء يقول: ينتصب لتحويل الفعل عنه في الأصل، والأصل: بطرت معيشتها، وسفهت نفسه، والناصب له الحديث، والمحدث عنه، ولم يجز إقامتها مقام الفاعل. وذهب الكسائي إلى أنه ينتصب على التشبيه بالمفعول به، وأجاز أن يقام مقام الفاعل، ولم يجز تقديمه فلم يجز: نفسه سفه زيد. وقال الصفار: لا يجوز عند البصريين، والفراء: وجع رأسه، ولا ألم بطنه، وأجازه الكسائي، وأجاز فيه التقديم والإضمار. انتهى. فتعارض النقل عن الكسائي في جواز التقديم والإضمار، وفي أن الموجوع رأسه: هل كان أصله تمييزًا، أو مشبهًا بالمفعول فهذه سبعة أشياء: ذكر أنها تقوم مقام الفاعل بالمتفق عليه والمختلف فيه. وإذا اجتمع مفعول به، ومصدر، وظرف زمان، وظرف مكان، ومجرور تعين إقامة المفعول به عند جمهور البصريين، وأجاز الأخفش، وأبو عبيد،

والكوفيون إقامة غيره مع وجوده، قال الأخفش: ضرب الضرب الشديد زيدًا، أو ضرب اليومان زيدًا، وضرب مكانك زيدًا، ووضع موضعك المتاع، وأعطى إعطاء حسن أخاك درهمًا مضروبًا عنده زيدًا، وقرأ عاصم «ننجي المؤمنين» وأبو جعفر «ليجزى قوما بما كانوا يكسبون» وشرط الأخفش في جواز إقامة المصدر، وظرف الزمان مع وجود المفعول به، أن يتقدما على المفعول به؛ فإن تأخر لم يجز، فتقول: ضرب الضرب الشديد زيدًا، وضرب يوم الجمعة زيدًا، وعليه تمثيل الأخفش المثل المتقدمة، وذكره ابن برهان عن الأخفش، وفي النهاية ما يخالف هذا قال: زعم أبو الحسن أنه يجوز: ضرب أخاك الضرب الشديد، وقال لو قلت: ضرب الضرب الشديد أخاك لم يجز. انتهى. وقال النحاس: منع النحويون: ضرب زيدًا سوط، وحكى المهاباذي: الاتفاق على ذلك، وذكر المهاباذي: الاتفاق على منع «حمل زيدًا فرسخ» والذي يقتضيه مذهب الأخفش، والكوفيين جوازه، وإذا لم يوجد مفعول به، فالخيار في إقامة ما شئت من المصدر، وظرف الزمان، وظرف المكان والمجرور، واختار ابن عصفور إقامة المصدر، وابن معط تابعًا للأخفش: إقامة المجرور، واخترت إقامة ظرف المكان.

فصل

فصل ذهب جمهور البصريين سيبويه وغيره إلى أن صيغة الفعل المبني للمفعول مغيرة من فعل الفاعل، وليست بأصل وذهب الكوفيون، والمبرد، وابن الطراوة إلى أنها أصل وليست مغيرة من صيغة الفاعل، ونسب ابن الطراوة هذا المذهب إلى سيبويه. والفعل المبني للمفعول ثلاثي وأزيد، الثلاثي صحيح مطلقًا، ومعتل ومضعف: الصحيح ماض وغيره، الماضي يضم أوله، وما قبل آخره مكسور نحو: ضرب، ويجوز تسكين المكسور فتقول ضرب كما تقول: لو عصر منه البان والمسك انعصر وهي لغة عن تميم، وقال الخفاف: فاشية في لغة تغلب بنت وائل، وكسر

الفاء إذا سكنت العين، فقلت ضرب لا يجوز على مذهب الجمهور، وعن قطرب إجازته، وقال ابن مالك: هي لغة، ويضم حرف المضارعة فيه وما قبل آخره مفتوح نحو: يضرب، ويقتل، ويعلم. والمعتل معتل الفاء فقط بواو, فيجوز قلبها همزة فتقول: وعد وأعد، ومضارعه يوعد، وشذ لم يجد ولم يدع وبياء فكالصحيح فتقول: في يسر ويبس: يسر في المكان ويبس ومضارعه تقلب فيه الياء واوًا فتقول: يوسر ويوبس، ومعتل عين بياء وواو، وصحتا فيه نحو: عور وصيد صحتا في الماضي والمضارع فقلت: عور في المكان، وصيد فيه، ويعور ويصيد، أو انقلبتا ألفًا نحو: قال وباع ففيه لغي ثلاث: الأولى: كسر فاء الكلمة كسرًا خالصًا فتقلب الألف ياء فتقول: قيل، وبيع، وهي لغة الحجاز قريش ومن جورهم. الثانية: إشمام الكسرة الضم، وهي لغة كثير من قيس وعامة أسد، وقال أبو عمرو الداني: الإشمام هنا بمعنى الاختلاط، ولا بد من سماعه، وقال سيبويه في باب من أبواب الجزاء: وسمعنا من العرب من يشم الضم، وظاهر هذا الكلام أن الإشمام في الموصول مسموع كما قال الداني، وكان أبو عمرو بن الطفيل المقرئ المجود يضم الحرف الموصول من غير أن يسمع إشمامه.

وقال أبو الحكم بن عذرة: ينبغي أن يسمى روما؛ إذ يسمع صويت لكن عبارة من تقدم الإشمام. الثالث: إخلاص ضمه ألفا، فتنقلب الألف واوًا فتقول: قول، وبوع، وهي لغة فقعس، ودبير وهما من فصحاء بني أسد، وموجودة في لغة هذيل، وقال ابن مالك ولا يجوز إخلاص الكسر، ولا إخلاص الضم إذا أسند الفعل إلى تاء الضمير، أو نونه، إلا بشرط أن لا يلبس فعل المفعول بفعل الفاعل، بل يتعين عند خوف الالتباس إشمام الكسرة ضمًا، فإذا قلت: في بيع العبد: بعت يا عبد بالكسر، وفي عوق الطالب: عقت يا طالب بالضم التبس، ويتبادر إلى الذهن: أنهما فاعلان لا مفعولان، فالتزم الإشمام لذلك، ولم يعتبر أصحابنا الالتباس بل قالوا إذا أسند إلى ما ذكر، فالعرب: تختار الكسر في الفاء إذا كانت فيما سمى فاعله مضمومة، فيقولون: طالما قدت مسندة للفاعل ويكسرونها مسندة للمفعول، ويختار الضم في الفاء إذا كانت فيما سمى فاعله مكسورة فيقولون: طالما قدت مسندة للفاعل يكسرونها، ومسندة للمفعول يضمونها تفرقة بين المعنيين. ومن أشار إلى الضم في الفاء، أشار إليه إذا حذف الياء، وقد يجوز أن تكسر الفاء فيها، فتلخص من نقل أصحابنا في نحو: قدت الكسر، وفي نحو: بعت الضم على سبيل الاختيار، ثم جواز الإشمام، ثم جواز الضم في نحو: قدت وجواز الكسر في نحو: بعث، كبنائه للفاعل، ولم يتعرض سيبويه لما ذكره ابن مالك، ولا لتفصيل أصحابنا، بل أجاز في نحو: قاد، وباع مسندة للتاء، أو لنون

الإناث اللغات الثلاث التي فيها مسندة لغير التاء، والنون منقولة عن العرب، ونقله هو الصحيح المعتمد. وفي النهاية: وفي مثل بعت يا عبد يستوي الفاعل والمفعول، والقرينة فاصلة انتهى. ويقال في المضارع: يقال ويباع أو معتل لام فقط نحو: غزى، ورمى، أو معتلها معتل فاء نحو: وقى، فتنقلب الألف ياء فتقول: غزى، ورمى، ووقى، ويجوز قلب واو «وقى» همزة، فتقول: أقى، ويجوز تسكين المكسور غزى، والمضارع يغزى، ويرمى، ويوقى، ولغة لطيئ يقرون الألف فيقولون: غزى، ورمى، ووقى، وبعض تميم يقولون: غزى. وفي النهاية: من قال غزى، ورمى قال: غزوا، ورموا ومن قال: غزى ورمى قال: غزيوا، ورميوا، ومن قال: غزى، ورمى قال: غزوا، ورموا، وإذا أسندت «غزا» في لغة طيئ إلى ألف الاثنين قلت: غزوا. انتهى. أو معتل العين واللام إن كانا مثلين نحو: حيى تقول: حيى وحي بالإدغام، كحاله مبنيًا للفاعل، أو غير مثلين نحو: طوى فتقول: طوى فإن أسكنت المكسور أدغمت فقلت: طي، ومضارعهما يحيا، ويطوى.

والمضعف إن كان فك في فعل الفاعل، فك في فعل المفعول، في مشتت الدابة: مشش مشش كثير، والمضارع يمشش، وإن لم يفك قلت في رد: رد، وفي ود: ود، ويجوز قلب الواو المضمومة همزة فتقول: أد، وقال الجمهور: لا يجوز إلا ضم الفاء، وأجاز الكسر بعض الكوفيين وهو الصحيح، وهو لغة لبني ضبة، وبعض تميم ومن جاورهم يقولون: «رد الرجل» «وقد قميصه» وقرأ علقمة: «ولو ردوا لعادوا»، «وردت إلينا» بكسر الراء وقال المهاباذي: من أشم في قيل، وبيع أشم في رد، فعلى هذا يكون فيهما ما فيهما من إخلاص الضم، والإشمام، وإخلاص الكسر، والمضارع: يرد ويود. الزائد على ثلاثة: إن كان أوله تاء ضمت مع ثانيه، وأبدلت ألف ثالثه، وياؤه واو، أو ألف فاعل، وياء فيعل واوا فتقول: تعجل، وتشوطن، وتضورب، وبوطر، وضورب فيتعجل، وتشيطن، وتضارب، وبيطر، وضارب. والمضارع: يتعجل، ويتشيطن، ويتضارب. ويبيطر ويضارب، وإن كان أوله همزة وصل ضمت مع ثالثه نحو: انطلق، واقتدر، واستخرج، والمضارع يفتح ما قبل

آخره، وإن كان معتل الفاء بواو نحو: أوعد، أو ياء نحو أيقن قلت: ووعد، ويجوز قلب الواو همزة، و «أوقن» فتبدل الياء واوًا في المضارع يوعد ويوقن، وإن كان افتعل من الوعد، أو اليأس قلت: أوتعد، وأوتئس، واتعد، واتئس، بالإبدال والإدغام، وإن كان معتل العين على وزن انفعل، وافتعل نحو: انقاد، واختار، فثلاث اللغى الجارية في «قال» و «باع» قاله في النهاية. وقال خطاب الماردي في كتاب الترشيح: وكان قياسها يعني اختير، وانقيد أن يجرى مجرى قيل، وبيع في الإشمام، وفي قلب الياء واوًا كما قيل: بوع، وكول الطعام، ولكني لم أره قولاً لأحد. انتهى. وقال أبو الحكم بن عذرة: اللغة الثالثة وهي: قول وبوع هي أردأ اللغات، ولا تكون إلا في الثلاثي، فأما الزائد فليس فيه إلا النقل نحو: اقتيد، فعلى هذا لا يجوز: اقتود ولا اختور، وفي الغرة: احتيج تشم التاء الضم، فتشم الهمزة، وبعضهم يكسر الهمزة، ولا يشم التاء، والإشمام في (أغزى) لازم وفي (قيل) جائز. انتهى. وفي النهاية: إذا كان على وزن افتعل، وانفعل، ويبنى للمفعول يعني، وكان صحيح العين نحو: اكتسب المال، وانقطع بالرجل، جاز تسكين عينه؛ لأنه صار كضرب. انتهى. وإن صحت في «أفعل» كأطول، أو أغيلت، أو في افتعل كاعتون، واستفعل كاستحوذ صحت فيه مبنيًا للمفعول فتقول: أطول، وأغيلت، واعتون، واستحوذ. وإن اعتلت فيه نحو: أقيم، وأبين، واستقيم، واستبين، ومن قال من العرب: اسطاع جاز فيه اسطيع واسطوع، ومعتل اللام يصير ياءً، تقول:

أعطى، ورمى في أعطى، ورمى، ومعتل الفاء واللام والياء نحو: أيديت عنده يدًا، أو بالواو نحو: واريت تقول: أودئ، وورى ويجوز أؤرى. ومعتل العين واللام نحو: أحيا، واستحيا، وأغوى، واستغوى تقول: أحيى، واستحيى، وأغوى، واستغوى، ويجوز أحي واستحيى، وفي افعللت، وافعاللت من حيى، ومن «رمى» أحيوى، وأحيويى، وأرميى، وأرمويى، ويجوز: أحيى واحيوى، وارمى وارموى. وإن أسند شيء من ذلك إلى ضمير متكلم، أو مخاطب، أو نون إناث لم يجز الإدغام، وف يالمضارع يحيى، ويستحيا، ويغوى، ويستغوى، ويحييا، ويحيايا، ويرميا، ويرمايا، وإن كان مضعف العين نحو: خلص قلت: خلص أو غيرها والأول بعد حرف يضم لأجل البناء نحو: ارتد، واضطر، وانقد قلت: ارتد، واضطر، وانقد، ومن كسر في «ود» كسر هنا، والكسر في اضطر لغة ربيعة وفي النهاية: وفي افتعل نحو: اشتد وانفعل نحو انقد ونحوه من المضعف ما في «رد» من ضم، وكسر، وإشمام، وكذلك احمر، فأما أمد، واستعد فالكسر. انتهى. وأول المثلين بعد حرف ساكن، والفعل ملحق نحو: جلبب قلت: جلبب أو غير ملحق والساكن صحيح، فلا يجوز إلا نقل الكسرة من أول المثلين إلى الساكن قبله تقول: اقشعر واطمئن، أو حرف مد ولين، لم يجز عند البصريين إلا حذف الكسرة من أول المثلين والإدغام نحو: احمور من الخجل، وخول زيد.

وزعم الكوفيون أنه يجوز: احمير وخيل، وأنه إذا تركت الهمزة في نحو: اطمأننت جاز اطمون، واطمئن قال الفراء: سمعت أبا ثروان يقول: قد اطمئن عنده، وهذا لا يعرفه البصريون، وفي المضارع يرتد، ويضطر، ويتقد، ويجلبب، ويقشعر، ويطمأن، ويحمار، ويخال. وإن أسند شيء من المدغم إلى تاء الضمير، ونون الإناث زال الإدغام من الماضي فقلت: ارتددت وكذا باقيها، ومن المضارع إن أسندت إلى نون الإناث نحو: يرتددن وكذا باقيها.

فصل

فصل يجب وصل الفعل بمرفوعه إن خيف التباسه بالمنصوب، وسواء أكان المرفوع فاعلاً، أو مفعولاً لم يسم فاعله، أو اسم كان وأخواتها، والفصل بينهما بالمنصوب جائز، ما لم يعرض موجب البقاء على الأصل، أو الخروج عنه، وخوف الالتباس بكونهما مقصورين، أو مضافين إلى ياء المتكلم أو مشارين، أو نحوهما مما لا يظهر فيه إعراب من غير دليل على تغيير الفاعل موجب، لتقديم الفاعل على المفعول، هكذا قال ابن السراج في أصوله، والجزولي، ومتأخروا أصحابنا، وقد نازعهم أبو العباس بن الحاج الإشبيلي من أصحاب الأستاذ أبي علي، وقال هذا الذي ذكروه لا يوجد في كتاب سيبويه شيء من هذه الأغراض، والإلباس لا يعتبر على الإطلاق. ومن معاني الكلام، ومقصد المتكلم أن يراد الإجمال. وقال الزجاج في معانيه في قوله سبحانه: «فما زالت تلك دعواهم» يجوز أن يكون تلك في موضع رفع على اسم زالت، وفي موضع نصب على خبر زالت، ولا اختلاف بين النحويين في الوجهين، انتهى. ونفرع على المشهور فنقول: إذا ألبس وجب تقديم الفاعل ويزول الإلباس بقرينة معنوية كولدت هذه هذه، تشير بالأولى إلى صغيرة، وقولك: أكل كمثرى موسى، أو لفظية كضربت موسى سعدى، وضرب موسى العاقل عيسى، فلو كان مرفوعًا بالاسم لم يجب اتصاله بالاسم نحو: عجبت من ضرب زيد عمرًا، ومررت برجل راكب أبوه الفرس، فيجوز في هذين تأخير الفاعل عن المفعول، ويجب اتصاله بمرفوعه إن كان ضميرًا غير محصور نحو: ضربت زيدًا، وأكرمتك، وتحت قولنا محصور مسألتان:

إحداهما: ممنوعة بالإجماع نحو: الزيدين ضربا. والأخرى: فيها خلاف وهو أن يكون الضمير المتصل بالفعل عائدًا على المفعول نحو: ثوبى أخويك يلبسان، فنقل المنع عن الأخفش، والفراء، ونقل الجواز عن هشام، واختلف النقل عن الكسائي والمبرد، وأكثر البصريين؛ فإن كان الفاعل محصورًا بإنما انفصل الضمير نحو: إما ضرب زيدًا أنا، وتقدم ذكر الخلاف فيه في باب المضمر. فلو كان المفعول محصورًا، والفاعل ظاهرًا، والحصر بحرف النفي وإلا، فذهب قوم منهم الجزولي، والأستاذ أبو علي، إلى أنه يجب تقديم الفاعل نحو: ما ضرب زيد إلا عمرًا. وذهب البصريون، والفراء، والكسائي، وابن الأنباري إلى أنه يجوز تقديم الفاعل على المفعول وتأخيره عنه؛ فإن كان المرفوع ظاهرًا، والمنصوب ضميرًا، لم يسبق الفعل وجب تأخير الفاعل نحو: أكرمك زيد، والدرهم أعطانيه عمرو؛ فإن سبق الفعل وجب تقديمه على الفاعل نحو: إياك يكرم زيد، وإن حصر المفعول بإنما وجب تقديم الفاعل نحو: إنما يكرم زيد إياك، وفيه الخلاف الذي في إنما ضرب زيدًا أنا، فإن كان الفاعل محصورًا، والمفعول ظاهرًا، وانحصر بحرف النفي، وإلا نحو: ما ضرب زيدًا إلا عمرو، وما ضرب زيدًا إلا أنا، فذهب البصريون، والفراء، وابن الأنباري إلى أنه يجب تقديم المفعول بخلاف حصر المفعول، وذهب الكسائي إلى أنه يجب التقديم والتأخير كحاله إذا حصر المفعول.

وذهب قوم منهم الجزولي إلى أنه يجب تقديمه كحال المحصور إذا كان مفعولاً، وإذا كان الحصر بإنما، فذهب الشيخ بهاء الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن النحاس، وهو كان نحوي مصر والشام في عصره: أن النحاة أجمعوا على أنه إذا حصر أحدهما وجب تأخيره، وتقديم الآخر؛ فإذا أردت الحصر في المفعول قلت: إنما ضرب عمرو هندًا، وإذا أردت الحصر في الفاعل قلت: إنما ضرب هندًا عمرو. والذي نختاره مذهب الكسائي وقوفًا مع السماع، وتأويله بعيد، وتقول: ضرب غلامه زيدًا، وتقدم الكلام عليه في باب المضمر فلو قدمت زيدًا على ضرب غلامه منعها الكسائي والفراء وأجازها هشام، والمبرد والله أعلم بالصواب.

باب المنصوبات

باب المنصوبات تقدم القول من المنصوبات على خبر كان، وأخواتها، وخبر ما، ولا ولات وإن وعلى اسم إن وأخواتها واسم لا لنفي الجنس، وبقى الكلام على باقي المنصوبات وهو المفعول المطلق، والمفعول له، والمفعول فيه، والمفعول به، والمفعول معه، والمستثنى، والحال، والتمييز، وكون المفاعيل خمسة هو مذهب البصريين، وزعم الكوفيون أنه ليس للفعل إلا مفعول واحد هو المفعول به، وباقيها مشبهة بالمفعول به، وهذا الخلاف لا يجدي كبير فائدة.

باب المفعول المطلق

باب المفعول المطلق وهو المصدر، وتسميته مطلقًا هو قول النحويين: إلا خلافًا شاذًا في تخصيص المطلق بمصدر ما كان فعله عامًا كصنعت وفعلت. والمصدر اسم دال بالأصالة على معنى قائم بفاعل نحو: فهم فهمًا، أو صادر عن فاعل حقيقة نحو: خط خطا، أو مجازًا نحو: مات موتًا. وقد يجيء بعد الفعل المبني للمفعول نحو: ضرب زيد ضربا، وإذا فرعنا على القول بالاشتقاق، وهو مذهب الجمهور من البصريين والكوفيين فنقول: المصدر هو الأصل، والفعل، واسم الفاعل، واسم المفعول، وسائر الأسماء التي فيها مادة المصدر، فروع اشتقت من المصدر خلافًا للكوفيين؛ إذ زعموا أن الفعل هو الأصل، والمصدر مشتق منه. ولبعض أصحابنا في زعمه أن الصفات مشتقة من الفعل ولأبي بكر بن طلحة في زعمه مع قوله بالاشتقاق إن كلاً من المصدر، والفعل أصل بنفسه ليس أحدهما مشتق من الآخر، والمصدر إن لم يفد زيادة على معنى عامله، فهو لمجرد التوكيد وهو المبهم، وإن أفاد فهو المختص، والمعدود من قسم المختص فلا يكون قسيمًا له. وينتصب المصدر بمصدر، وباسم فاعل، وباسم مفعول، وبفعل نحو: عجبت من ضرب زيد عمرًا ضربًا، وزيد ضارب عمرًا ضربا، وأنت مطلوب طلبًا، وقوله تعالى: «وما بدلوا تبديلا».

ونقول المصدر إما أن يكون من لفظ الفعل، أو من غير لفظه: إن كان من لفظه جاريًا عليه انتصب بالفعل مبهمًا كان أو مختصًا نحو: قعد قعودًا، وزعم ابن الطراوة أنه مفعول به، والتقدير: قعد فعل قعودًا فهو منصوب بفعل مضمر لا يجوز إظهاره، وقال تلميذه أبو زيد السهيلي: هو منصوب بقعد أخرى لا يجوز إظهارها، وهذان مذهبان ركيكان مخالفان لما عليه الجمهور من غير حاجة لذلك. وإن كان غير جار نحو: «والله أنبئكم من الأرض نباتا» فمذهب المازني أنه منصوب بهذا الفعل الظاهر، ومذهب المبرد وتبعه ابن خروف، وزعم أنه مذهب سيبويه أنه منصوب بفعل ذلك المصدر مضمرًا الجاري عليه، والفعل الظاهر دليل على ذلك المضمر التقدير: نبتم من الأرض نباتًا، وأجاز أبو الحسن هذين المذهبين، وقيل: إن غاير معناه معنى الفعل، فنصبه بفعله المضمر نحو: نباتًا، وإن لم يغاير فنصبه بالفعل الظاهر نحو قوله: ... ... ... ... … رباب تحفر الترب احتفارا

وإن كان من غير لفظه نحو: قعد جلوسًا، فمذهب الجمهور أنه منصوب بمضمر أي: جلس جلوسا، وقيل بالفعل الظاهر، ومذهب أبي الفتح التفصيل، وهو ظاهر كلام الفارسي؛ فإن كان للتوكيد عمل فيه الفعل المضمر، الذي هو من لفظه؛ وإن كان مختصًا، فإما أن يكون له فعل، أو (لا)، فإن كان له فعل عمل فيه الفعل المضمر؛ وإن لم يكن له فعل، عمل فيه الفعل الظاهر نحو: قعد القرفصاء، وهذا عند المبرد على حذف موصوف أي القعدة القرفصاء. والاختصاص يكون بأل للعهد نحو: ضربت الضرب إذا كان لك ضرب معهود، وللجنس نحو: جلست الجلوس، تريد الجنس منه، وتعني به التكثير، وجلس لا يفهم منه الكثرة، وفي الواضح: ولا يجوز أن تدخل الألف واللام على المصدر، فخطأ أن تقول: قام زيد القيام، وقعد القعود فإن نعت جاز الكلام واستقام، فقيل: قام زيد القيام الحسن. انتهى. وبالصفة نحو: قمت قيامًا طويلاً، وبالإضافة نحو: ضربت ضرب شرطي، ولا تقع (أن والفعل) مقامه لا يجوز: ضربت أن يضرب شرطي تريد: ضرب شرطي، وفي البديع: أجاز الأخفش مسألة لا يجيزها غيره ضربت زيدًا أن ضربت، ويقول هو في تقدير المصدر، وقال الزجاج: قول الناس: لعنه الله أن تلعنه ليس من كلام العرب، ورد على الأخفش. انتهى.

ويقوم مقام المصدر، ويعرب مصدرًا المضاف إلى المصدر نحو: «فلا تميلوا كل الميل»، وضربت زيدًا بعض الضرب وضربت أي ضرب، ويسير ضرب، وضمير المصدر نحو: هذا سراقة للقرآن يدرسه … ... ... ... ... ... أي يدرس الدرس، واسم نوع الفعل نحو: رجع القهقري، واسم الهيئة نحو: يموت الكافر ميتة سوء، واسم العدد نحو: ضربت عشرين ضربة، واسم الإشارة نحو: ضربت هندًا ذاك؛ تريد ذاك الضرب. وزعم ابن مالك: أن اسم الإشارة إذا أشير به إلى المصدر لا بد له من وصفه بالمصدر، وهو مخالف لما ذهب إليه سيبويه والجمهور، واسم وقت نحو قوله:

ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا … ... ... .... أي اغتماض ليلة أرمد، ووصف المصدر نحو: «واذكر ربك كثيرا» أي ذكرًا كثيرًا. ومذهب سيبويه: انتصاب مثل كثيرًا على الحال، و (ما) الاستفهامية نحو: ما تضرب زيدًا (أي ضرب)، وما الشرطية نحو: ما تضرب هندًا أي: اضرب مثله أي (أي) ضرب تضرب هندًا، واسم آلة نحو: ضربت هندًا سوطًا، ورشقته سهمًا، وما لم يعهد كونه آلة لا يجوز ذلك لو قلت ضربته خشبة، أو رشقته حجرًا لم يجز وأجاز المازني، والسيرافي إنما أنت إياه؛ لأنهم يقولون: إنما أنت سيرًا أي إنما أنت تسير سيرًا، أو وقع المضمر موقع الظاهر، وإياه منصوب بفعل مضمر، ومنع ذلك ابن السراج، وقال: لا يقوم مقام اللفظ بالفعل إلا المصدر المشتق منه الفعل. انتهى. ومن المصادر ما استعملته العرب علمًا نحو: برة، وفجار، وحماد، وقد استعمل مصدرًا ما ليس بمصدر في الأصل نحو: عطاء، وثواب، وكلام في معنى إعطاء، وإثابة، وتكليم، ولا ينقاس ذلك، وصفات نحو: عائذًا بالله وبعض أعيان

نحو: تربًا، وجندلاً، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى، وقال الشاعر: حتى إذا اصطفوا له جدارا و: ولم يضع ما بيننا لحم وضم أي اصطفاف جدار، وضياع لحم الوضم والمصدر المعدود، لا خلاف في جواز تثنيته وجمعه تقول: ضربت ضربتين وضربات، وغيره مما ليس بمبهم فيه خلاف منهم من أجاز ذلك قياسًا على ما سمع، ومنهم من قال: لا يثنى ولا يجمع لاختلاف أنواعه كما لا يثنى، ولا يجمع اسم الجنس؛ لاختلاف آحاده، وهو ظاهر مذهب سيبويه، وإليه كان الأستاذ أبو علي يذهب. ولا يثنى المبهم ولا يجمع.

وإذا كان للفعل مصدران مؤكد، ومبين فمذهب الأكثرين الأخفش، والمبرد، وابن السراج: أن الفعل لا ينصبهما معًا، وذهب السيرافي، وتبعه ابن طاهر، وأبو القاسم بن القاسم إلى أنه يجوز أن ينصبهما، وأنه يجوز أن ينصب ثلاثة مصادر إذا اختلف معناها، وفي البديع: إذا قلت: ضربت زيدًا ضربًا شديدًا ضربتين، كان (ضربتين) بدلاً من الأول، ولا يكونان مصدرين، لأن الفعل الواحد لا ينصب مصدرين فأما قول الشاعر: ووطئتنا وطأ على حنق … وطء المقيد نابت الهرم فلا يكون الثاني فيه بدلاً؛ لأنه غيره، ولكنه بمعنى مثل وطء المقيد، أو على إضمار فعل. انتهى.

فصل

فصل يحذف عامل المصدر جوازًا لقرينة لفظية نحو: حثيثًا لمن قال: أي سير تسير، أو قرينة معنوية نحو تأهبًا مأمونًا؛ لمن رأيته تأهب لأمر، ووجوبًا، لكونه بدلاً من اللفظ بالفعل منها المصادر التي تستعمل في الدعاء للإنسان، والمصادر المستعملة في الدعاء للإنسان، أو عليه، فإن كان له فعل انتصب به، وإن لم يكن له فعل قدر من معناه، فمن المتعدي سقيًا ورعيًا في الدعاء، وكذا مرحبًا، وأهلاً، وسهلاً أي سقاك الله ورعاك، ورحبت بلادك، وأهلت، وسهلت، وتحتمل هذه الثلاثة إضمار المصادفة، وجدعًا وعقرًا في الدعاء عليه، ومن اللازم في الدعاء عليه بعدًا، وسحقًا، وتعسًا، ونسكًا، وبؤسًا، وخيبة، وجدعًا، وتبًا أي بعد، وسحق، وتعس، والتعس ألا ينتعش من عثرته. والنكس الرجوع في المرض، ويئس، وحاب، وجدع وتب أي خسر. ومما ليس له فعل من لفظه: دفرًا أي نتنًا وأفة، وتفة كذلك وقذرًا، والأف: وسخ الأذن والتفة وسخ الأظفار، فأما بهرًا ففسره سيبويه بتبًا، وجءا (بهرًا) بمعنى عجبا فقيل: لا فعل له، والأفصح أن له فعلن حكى ابن الأعرابي في الدعاء على القوم: بهرهم الله أي غلبهم.

وذهب الأخفش، والفراء، والمبرد: إلى أنه قياس في الدعاء تقول: ضربًا له أي ضربه الله، وقتلا ونحوه، ومذهب سيبويه أنه لا ينقاس، وقيل ما كان له فعل من لفظه لا يبعد فيه القياس، وما لا فلا ينقاس، وقد جاء بعض هذه مرفوعًا قال: ... .... وخيبة … لأول من يلقى ... ... ... ولا تضاف هذه المصادر إلا في قبيح من الكلام، وما جاء منه مضافًا لزمه النصب نحو: بعدك، وسحقك، ومما استعمل مفردًا ومضافًا: ويح قالوا: ويح له وويحه، وويح فلان، وويح غيرك للمصاب المرحوم. وويسه مثل ويحه، وقال الجزولي: ويحه وويسه كلما استصغار واحتقار، وللمتعجب منه، ويبًا له، وويتك، وويب غيرك، وإذا أضيفت وجب النصب، وإذا أفردت جاز الرفع والنصب، وإذا أفرد ويح وتب، فالغالب على (تب)

النصب، وعلى «ويح» الرفع، ويختار سيبويه أن يجعل كل واحد منهما على وجهه إذا أفرد، فإذا قالوا: تبًا له، وويحًا، فبالنصب، والعرب لا تقول: ويح إلا مع خبره، وقال ابن أبي الربيع: تبًا له ألزم النصب، وويح له ألزم الرفع؛ فإن عطفت ويحًا على تب نصبت، وإن عطفت تبًا على ويح كفحاله قبل العطف، ويكون عطف جملة فعلية على جملة اسمية، وإن قلت تبًا له، وويح له، فالرفع في «وويح له» ومنع المازني من عطف أ؛ دهما على الآخر. وعن الجرمي منع هذا الباب جملة؛ لأنه يؤدي إلى أن ترفع ما شأنه النصب كتبًا، وتنصب ما شأنه الرفع (كويح). ويقال: للمصاب المغضوب عليه: ويله: وويل له وويل طويل، فويل بدل أو صفة موطئة، وويل له ويلاً طويلاً، وويل له ويلا كيلاً كلاهما على الحال كأنه قال: ويل له دائمًا، التقدير: ويل له ألزمه الله ويلاً طويلاً، فتكون جملتي دعاء وتقول: ويل له، وعول، وويلك، وعولك، ولا يفرد (عول) ويجوز أن يفرد (ويل) منصوبًا قال: ... ... ... ... … فويلاً لتيم ... ... ...

وإذا أضيفت هذه الأسماء لزمها النصب، وغذا أفردت جاز نصبها ورفعها، والويل الفضيحة والحسرة، وويب في معناه، ويقال: ويبًا لك أي عجبًا (وواح) وواس ووال مصنوع. وقال ابن عصفور: ومضافها للتبيين كلك بعد سقيًا، وفي البسيط: هو مضاف إلى ما وقع عليه الدعاء، والمعرف (بأل) الأحسن فيه الرفع تقول: الويل له، والخيبة له. ولا يطرد إدخال (أل) في جميعها، إنما هو سماع، قال سيبويه: «لو قلت: السقي لك، والرعي لك لم يجز» وأجاز الفراء، والجرمي: رفعهما، وأخواتهما، وإذا قلت: سقيًا لك دل على المختص بالسقي، وفسروا ذلك بأن المعنى لك أعني فجعلوه على كلامين وقال الكوفيون: (ل) صلة لسقيا، وأصله سقيك فجاءت اللام بمعنى الإضافة كما قلت ذلك في غلامك، وغلام لك، فهو كلام واحد. ومن ذلك المصادر المثناة وهي لبيك وسعديك، وحنانيك ودواليك، وهذاذيك، وحجازيك، وحذاريك، ولا تتصرف، وتلزم الإضافة فإن أفرد منها شيء تصرف نحو: فقالت: حنان ما أتى بك هاهنا … ... ... ... ... وقال تعالى: «وحنانًا من لدنا» وزعم ابن الطراوة: أن الرفع في

(حنان) أقيس من النصب، فأما (لبيك) فذهب الخليل، وسيبويه، والجمهور: إلى أنه تثنية (لب) كما أن حنانيك تثنية حنان، وذهب يونس إلى أنه اسم مفرد قلبت ألفه ياء للإضافة إلى المضمر، كما في عليك ولم يسمع لبا، وسمع لب، وحكى سيبويه عن بعض العرب: لب على أنه مفرد لبيك، غير أنه مبني على الكسر كأمس، وغاق، ولقلة تمكنه، ونصبه نصب المصدر كأنه قال إجابة لك وزعم ابن مالك أنه اسم فعل فاسد، لإضافته في قوله: دعوني فيا لبي إذ هدرت لهم … ... ... ... ... ... ويضاف إلى الظاهر تقول: لبي زيد، وسعدي زيد وإلى ضمير الغائب قالوا: لبيه، ودعوى الشذوذ فيهما باطلة، والناصب في لبيك من غير لفظه «أي أجيب إجابتك» وكأنه من ألب بالمكان إذا أقام به، وأما (سعديك) فلا يستعمل وحده، بل تابعًا للبيك، ويجوز استعمال (لبيك) وحده والتقدير: تسعد إسعادًا لأمرك بعد إسعاد.

وأما (حنانيك) فالتقدير: تحنن حنانيك «أي تحننا بعد تحنن»، وقد نطق بتحنن، ودواليك أي تداولنا، وهذاذيك أي: تهذ هذاذيك، وحجازيك؛ أي: تحجز حجزيك، وحذاريك، أي تحذر. وقال سيبويه في حذاريك: «ليكن منك حذر بعد حذر أي احذر أبدًا» وفي النهاية: م المصدر المثنى حذاريك بفتح الحاء، ولا مفرد له، وهو مضاف إلى الفاعل، والحذار بالكسر، والحذر والحذر مصادر حذر. انتهى. والناصب في هذه غير لبيك من لفظها، والجمهور على أن هذه تثنية يراد بها التكثير، ومداولة الفعل لا شفع الواحد، وذهب بعض النحاة إلى أنها تثنية تشفع الواحد، وقال هذا السهيلي في حنانيك، والكاف في «لبيك، وسعديك، وحنانيك» الواقع موقع الفعل الذي هو خبر في موضع المفعول، وفي دواليك، وهذاذيك، وحنانيك إذا وقعت موقع الطلب في موضع الفاعل. وذهب الأعلم: إلى أن الكاف حرف خطاب، فلا موضع لها من الإعراب: وحذفت النون لشبه الإضافة، وعد في البسيط في هذه المصادر المثناة حواليك قال بمعنى الإقامة، والقرب كأنه أراد الإحاطة من كل جهة؛ لأنه يقال: أحوالك، ويحتمل أن يريد إطاقة بك بعد إطاقة، وليس له فعل من لفظه، ويجوز نصبه على الظرف وعلى الحال. انتهى.

ومن ذلك: سبحان الله، وريحانه، ومعاذ الله، ومعنى سبحان الله: براءته من السوء، ومثله في المعنى سلامك ربنا، وتستعمل سبحان مفردًا منونًا، وغير منون، فإذا قلت سبحان الله فهو ممنوع من الصرف عند سيبويه للعلمية، وزيادة الألف والنون، وقيل هو مضاف في التقدير ترك على هيئته حين كان مضافًا في اللفظ، وهو اسم وضع موضع المصدر الذي هو التسبيح وأصله الإضافة، ثم استعمل مقطوعًا عنها منونًا في الشعر وغير منون، وقيل: وضع نكرة جارية مجرى المصادر، فعرف بالإضافة، و (بأل) قال: سبحانك اللهم ذا السبحان وريحانه إذا كان بمعنى استرزاقه، ولم ينصرف ولزمه النصب، والإضافة، ولا يستعمل إلا مقترنًا مع سبحان الله، وقيل يستعمل وحده، ويحتمل أن يكون فيه معنى الدعاء، كأنه قال: استرزقك استرزاقًا وأن يكون خبرًا، وهو الإقرار

بالنعمة نحو: شكرًا لك ويحتمل ما احتمل سبحان من كونه مصدرًا لا فعل له من لفظهن أو اسمًا منزلاً منزلة المصدر، وأصله: ريوحان فقلت، وأدغم، ولزم التخفيف، وقال ابن خروف: أصله روحان، فقلبت الواو ياء، وإن أريد بريحان الطيب، والعبق تصرف، ودخلت عليه (أل) وارتفع قال تعالى: «فروح وريحان»، ومعاذ الله مفعل، من عذا مصدر مرادف لعياذ استعمل بدل فعله فلا ينصرف، ولزم الإضافة، وأصله معاذًا بالله، فأما (غفرانك) فقيل يجب إضمار ناصبه، وقيل يجوز، وقال الزجاج: التقدير اغفر غفرانك، وقال الزمخشري يقال: غفرانك لاكفرانك أي نستغفرك ولا نكفرك، وقيل نطلب أو نسأل غفرانك، ومن ذلك: حمدًا وشكرًا لاكفرًا، فقيل هو إنشاء، وهو مذهب الأستاذ أبي علي، وقيل: خبر، وقد سردها سيبويه مع ما هو خبر، قال: هذا باب ما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره من ذلك قولك: حمدًا وشكرًا لاكفرًا وعجبًا؛ وأفعل ذلك وكرامة ومسرة، ونعمة عين، وحبًا، ونعام عين، ولا أفعل ذلك، ولا كيدًا، ولا همًا، ولأفعلن ذلك ورغمًا وهوانًا كأنك قلت: أحمد

الله حمدًا وأشكر الله شكرًا، وكأنك قلت: أعجب عجبًا، وأكرمك كرامة، وأسرك مسرة، ولا أكاد كيدًا، ولا أهم همًا، وأرغمك رغمًا ثم قال سيبويه: وقد جاء بعض هذا رفعًا يبتدأ، ثم يبنى عليه وأنشد: عجب لتلك قضية وإقامتي … ... ... ... ... ... قال: وسمعنا بعض العرب الموثوق بهم يقال له: كيف أصبحت: فيقول: حمد الله، وثناء عليه كأنه يقول أمري وشأني حمد الله، وثناء عليه، انتهى كلام سيبويه. وقال أبو عمرو بن بقي قوله يعني سيبويه: حمدًا وشكرًا لا كفرًا يتكلم بالثلاثة مجتمعة، وقد تفرد، وقوله، وعجبًا مفردًا عنها، وقال ابن عصفور: لا يستعمل كفرًا إلا مع حمدًا أو شكرًا ولا يقال حمدًا وحده وشكرًا إلا أن يظهر الفعل على الجواز، ولا يلتزم الإضمار إلا مع لا كفرًا، جرت مجرى المثل، فينبغي أن يلتزم فيها ما لتزمته العرب. انتهى.

ولا يكون أفعل ذلك وكرامة، إلا جوابًا لمن قال: افعل كذا أو أتفعل كذا؟ فقلت: أفعله، وأكرمك بفعله كرامة، وأسرك مسرة، ولا يستعمل مسرة إلا بعد كرامة، وكذا نعمى عين بعد حبًا لا يقال: مسرة، وكرامة ولا نعمى عين، وحبًا، و (كرامة) اسم وضع موضع المصدر الذي هو الإكرام. وكذلك نعمة عين، ونعام عين وهو بفتح النون وضمها، وكسرها، وهما اسمان بمعنى الإنعام لما كانت بمعنى المصدر ذكرت مع المصدر. وفي كتاب التمهيد: يقال نعم عين، ونعمى عين، ونعامى عين، ونعيم، ونعام عين، وقد يكون الفعل الناصب لها رباعيًا بالزيادة الدالة على المعنى. انتهى. وفي قول سيبويه، وقد جاء بعض هذا رفعًا دليل على أنه لا يطرد، وهو مخالف لكلام ابن عصفور أنها تستعمل مرفوعة، و (عجب) مبتدأ، والخبر في لتلك، وقضية تمييز أو حال، وقيل التقدير: أمري عجب لتلك، وقيل يجوز رفع (قضية) على تقدير: هي قضية. وزعم الأعلم أن (عجب) لتلك مرفوع على الإهمال، وتفسير سيبويه: العامل في «ولا كيدًا» بقوله ولا أكاد. قال الأعلم: أكاد هذه التي عملت في كيدًا هي الناقصة، وقال ابن طاهر: هي التامة، والمعنى، ولا مقاربة، (وهما) من هممت بالشيء، ولأفعلن ذلك «ورغمًا وهوانًا» جواب لمن قال: أفعله، وإن رغم أنفه رغمًا، وإن هان هوانًا، وإذا كانت معارف فالرفع فيها الوجه كما كان النصب فيها نكرة الوجه.

فتقول: الحمد لله، والعجب لك، والكرامة لك، والمسرة، ويظهر أنه قياس فيها، والرفع فيه معنى النصب، والمجرور خبر، أو صلة، والخبر محذوف أي شأني وأمري. ويجوز النصب نظرًا إلى الأصل فتقول: الحمد لله قال سيبويه: ينصبهما عامة بني تميم، وناس كثير من العرب. وكذلك العجب، ولك بعده كما بعد النكرة. ومن ذلك في التعجب كرمًا، وصلفًا صار بدلاً من قولك: أكرم به وأصلف به، وتقدير الناصب لكرم كرمًا، ولصلف صلفًا ناب المصدر مناب الفعل، فتحمل الضمير، وتفسير سيبويه ألزمه الله تفسير معنى، ومن ذلك في الخبر توبيخًا مع استفهام للغير «أذلا في الحرب، وزهوًا في السم»، أو للنفس، تحسرًا نحو: «أغدة كغدة البعير وموتًا في بيت سلولية»، والمخاطب: أطربًا وأنت قنسرى

ولا بد من مشاهدة الحال، أو تقديرها، وتوبيخًا في غير استفهام نحو قوله: خمولاً وإهمالاً وغيرك مولع … بتثبيت أسباب السعادة والمجد ومما جاء للذم والتوبيخ: ... ... ... .... … ألومًا لا أبا لك واغترابا الناصب لهذه المصادر أفعال لها كأنه قال: أتطرب وأتلوم؟ وقيل هي أحوال مؤكدة؛ ولذلك لا تقع هنا المعرفة لا تقول الطرب، وأنت شيخ. قيل: ولم يتعرض سيبويه للرفع في هذا النوع، ولا يبعد جوازه على تقدير الابتداء أي شأنك طرب،

ومن ذلك ما كان تفصيل عاقبة بعد طلب نحو: «فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء» أو بعد خبر نحو: أنت قد ملكت، فإما عدلاً، وإما جورًا، ولو قلت فعدلاً، أو جورًا صح وقال: وقد كذبتك نفسك فاكذبنها … إن جزعًا وإن إجمال صبر وقوله: ألم تعلم مسرحي القوافى … فلا عيًا بهن ولا اجتلابا ويجوز الرفع في هذه، ونص سيبويه عليه، لأنه أجاز الرفع: «فإن جزعا على أمري جزع». ومن ذلك المصدر المكرر خبرًا عن اسم عين، أو المحصور خبرًا عنه نحو: زيد سيرًا سيرًا، [وفي الناسخ: كان زيد سيرًا سيرًا؛ وإن زيدًا سيرًا سيرًا]،

وما أنت إلا سيرًا وإنما أنت سيرًا، وفي الاستفهام أأنت سيرا؟ ويجوز تعريفه فتقول: زيد السير السير، ولا يكون ذلك إلا إذا أدرته على تلك الحال، أو ذكر ذلك، أو قدرته لنفسك، أو غيرك وعلى جهة الاتصال ويجرى مجرى المكرر بلفظ ما كان بغير اللفظ نحو: زيد قيامًا وقعودًا، وما عطف عليه نحو: زيد ضربًا وقتلاً وزيد سيرًا، وردًا، وبغير الواو نحو: زيد إما قيامًا إما قعودًا، ويجوز بغير تكرير إذا كان المصدر محصورًا، أو مستفهمًا عنه: ما أنت إلا سيرًا، وإنما أنت سيرًا، وأأنت سيرًا؟ وما أنت إلا ضرب الناس، أو ضربًا الناس، وما أنت إلا شرب الإبل، وهذا كله على مشاهدة الحال والاتصال فأما قولك: زيد سيرًا، وما زيد سيرًا، فنص سيبويه على أنه لا يجوز في أنت سيرًا إظهار الفعل، وأجاز ذلك غيره، وأطلق بعضهم جواز ذلك، ولم يفرق بين الاستفهام وغيره، ويجوز الرفع في هذا النوع على جهة المجاز والاتساع، وما كان غير مكرر أو معطوفًا، فيظهر من قول سيبويه إنه قياس مطرد وقال سيبويه: «وإن شئت رفعت هذا كله» ولم يذكر سيبويه نصب المعطوف، لكنه يخرج من الرفع. وأما الإخبار في نحو: زيد عدل، فلا يدخل هنا بل يكون سماعًا لا تجعله خبرًا حتى يكون كأنه هو، ثم تجوزت، وإذا كان أحد المتعاطفين منفصلاً جاز أن يتسع في الأول دون الثاني تقول: ما زيد ضرب وما قتلا أي ولا يقتل قتلاً، فإن لم

ينفصلا، وتجوزت، فلا بد من رفعهما نحو: زيد سير ورد وما كان مكررًا يضعف الرفع فيه لكنه جائز، ولا يكون الرفع في أحدهما دون الآخر. وإذا كان المصدر خبرًا عن اسم عين، امتنع نصبه تقول: جدك جد عظيم، فترفع، ومن ذلك المصدر المؤكد مضمون جملة، فإن كان لا يتطرق إليها احتمال يزول بالمصدر سمي مؤكدًا لنفسه نحو: له على دينار اعترافًا، وإن كان يتطرق إلى الجملة احتمال سمي مؤكدًا لغيره نحو: هو ابني حقًا، وهذا المصدر المؤكد به في «ضربته» يجوز أن يأتي نكرة، ومعرفة (بأل)، وبالإضافة، فمما استعمل معرفة (بأل)، ونكرة: الحق والباطل تقول: هذا عبد الله حقًا، وهذا زيد الحق لا الباطل، وغير وقول تستعمل مضافة لمعروف نحو: هذا القول لا قولك، وهذا القول غير ما تقول، وتقول: هذا الأمر غير قيل باطل، وقال: «صنع الله» و «وعد الله» لأن الكلام الذي قبله صنع ووعد. ومن النكرة هذا عبد الله حقًا وقطعًا ويقينًا. قيل ومنه: هو عالم جدًا، وسيبويه يقول في هو حسيب جدًا إنه على الحال، ومما لا يستعمل في التأكيد إلا معرفة: لا أفعله البتة ولا عودة له البتة، ومعناه القطع.

والصحيح أنه لا يجو تقديم هذين المصدرين على الجملة لا يجوز أن تقول: اعترافًا له على ألف درهم، ولا حقًا هو ابني، وهو مذهب الزجاج وأجاز الزجاج توسيطه تقول: هذا حقًا عبد الله، وهو مسموع من كلامهم وأجاز بعضهم تقديمهما على الجملة قال أبو علي: يجوز غير ذي شك زيد منطلق، فيقدم ويؤخر، وهذه المصادر منصوبة بإضمار فع لمن لفظها كأنه قال: اعترف اعترافًا، وصنع الله صنعه وأجاز الفراء، والمبرد الرفع في جميع هذه المصادر، ولم ينص سيبويه في الرفع إلا في ما كان توكيدًا لنفسه، ولا يبعد القياس عليه، فأما قولهم: أجدك لا تفعل كذا، فأدخله سيبويه في المصدر المؤكد لما قبله، وهو بمنزلة أحقًا لا تفعل كذا و «لا تفعل» عن أبي علي «حال» أو على إضمار أن، فحذف (أن)، وارتفع الفعل، ولا تستعمل إلا مضافًا، وغالبًا بعده (لا) أو (لم) أو (لن) وفي النهاية قال الأعشى: أجدك ودعت الدمى والولائدا … ... ... ... ... ... ودعت موجب، وجاء مع (لم) كثيرًا، ومع (لا) تقول: أجدك لا تفعل، وهو مصدر مؤكد تقدم على الجملة من أجل همزة الاستفهام، وهي دخلت على قوله:

لا تفعل فصار معنى الكلام التقدير: كأنه قال: ألا تفعل كذا، وكذا أجدك، فقدم المصدر لما ذكرنا، وهنا نكتة، وهي أن الاسم المضاف إليه جد حقه أن يناسب فاعل الفعل الذي بعدها في التكلم والخطاب والغيبة نحو: أجدى أكرمتك، وأجدك لم تفعل، وأجده لم يزرنا، وعلة ذلك أنه مصدر يؤكد الجملة التي بعده، فلو أضفته لغير فاعله اختل التوكيد. انتهى. ومن ذلك المصدر المشبه به مشعرًا بحدوث بعد جملة حاوية فعله، وفاعله معنى دون لفظ، ولا صلاحية للعمل فيه نحو: مررت به فإذا له صوت صوت حمار وفإذا له صراخ صراخ الثكلى، فإن لم يشعر بحدوث نحو: له ذكاء ذكاء الحكماء، فالرفع، ولا يجوز النصب، ولم يكن بعد جملة، فالرفع نحو: صوته صوت حمار، وإن لم يحو فعله وفاعله دون لفظ نحو: عليه نوح نوح الحمام فالهاء في عليه ليست بفاعل معنى، وكذا: فيها صوت صوت حمار، فالرفع في نوح الحمام على البدل، وفي (صوت حمار) على البدل، أو الوصف، والنصب في مثل هذين ضعيف. وقال سيبويه: هذا صوت صوت حمار رفعت، وإن نصبت كان وجهًا،

ولو تضمن المفرد إسنادًا معنويًا فهل يجرى مجرى الجملة، أو مجرى المفرد في ذلك نظر نحو: زيد له صوت صوت حمار، إذا جعلت صوت حمار مرفوعًا بالمجرور أي زيد كائن له صوت صوت حمار، فإن كان ثم ما يصلح للعمل في المصدر انتصب المصدر به نحو: هو مصوت صوت حمار، وانتصاب «صوت حمار» بعد قوله: فإذا له صوت على إضمار يصوت فيكون مصدرًا مبنيًا، أو على إضمار يخرجه، أو يبديه؛ فيكون نصبه على الحال، ويجوز رفعه، فإن كان نكرة فعلى الوصف، وعلى البدل، أو على إضمار مبتدأ محذوف أي هو صوت حمار، وإن كان معرفة نحو: لها هدير هدير الثور، فكذلك إلا الوصف، فأجازه الخليل، واستقبحه وضعفه سيبويه. قال ابن خروف النصب في هذا الباب هو الوجه، وقال ابن عصفور النصب والرفع متكافئان. وإذا وقعت صفة المصدر موقعه نحو: له صوت أيما صوت أو له صوت مثل صوت الحمار، أو وصفته فقلت: له صوت صوت حسن، فالاختيار الرفع، ويجوز النصب، والتقدير: يصوت أيما صوت ويصوت مثل صوت

الحمار، ويصوت صوتًا حسنًا، ويلحق بقوله: له صوت صوت حمار قول أبي كبير الهذلي: ما إن يمس الأرض إلا منكب … منه وحرف الساق طي المحمل قال سيبويه صار ما إن يمس الأرض بمنزلة له طي. وينوب عن المصدر اللازم إضمار ناصبه صفات نحو: عائذًا بك، وأقائمًا وقد قعد الناس، وأقاعدًا وقد سار الركب، وقائمًا قد علم الله، وقد قعد الناس، والصحيح انتصابها على أنها أحوال مؤكدة لعاملها الملتزم إضماره، والتقدير: أتقوم قائمًا. وزعم المبرد أن انتصابها انتصاب المصدر جاءت على فاعل كقولهم: فلج فالجًا، فكأنك قلت: أتقوم قيامًا، وزعم بعض أصحابنا أن انتصاب هذه

الصفات مقصور على السماع، وقال غيره: زعم سيبويه أن هذا مقيس يقال لكل من لازم صفة دائبًا عليها نحو: أضاحكًا، وأخارجًا، والتنكير لازم لهذه الصفات. وإذا أسندت إلى غير الضمير برز الفاعل تقول: أقائمًا زيد، وقد قعد الناس، ومن العرب من يقول: عائذ بالله، يضمر مبتدأ أي أنا عائذ بالله، وذكر في هذه الصفات هنيئًا لك، (وهنيء) صفة مبالغة تقول: هنأني الطعام أي ساغ لي، واسم الفاعل: هانئ ويجوز أن يكون اسم فاعل من هنؤ كشريف من شرف، وكذلك «مرئ» فيجوز أن يكون للمبالغة من مرأنى، أو من فعل نحو: مرؤ تقول: هنأني الطعام ومرأني تتبع مرأنى لهنأني، فإذا لم تتبعه قلت: أمرأني رباعيًا. وأجاز أبو البقاء العكبري أن يكونا مصدرين جاءا على وزن فعيل كالصهيل والنكير وقال سيبويه: هنيئًا مريئًا صفتان نصبوهما نصب المصادر المدعو بها بالفعل غير المستعمل إظهاره المختزل للدلالة التي في الكلام عليه كأنهم قالوا: ثبت ذلك هنيئًا مريئًا، أو هنأه هنيئًا، ففي تقدير ثبت يكون حالاً مبنية، وفي تقدير هنأه حالاً مؤكدة انتهى. و «مريئًا» تابع لهنيء وزعم بعضهم أن مريئًا يستعمل وحده غير تابع لهنيء ولا يحفظ ذلك إلا في بيت فرق بينهما قال: كل هنيئًا وما شربت مريئًا … ثم قم صاغرًا فغير كريم

وأجاز الزمخشري في قوله تعالى: «فكلوه هنيئًا مريئًا» أن يكون نعت مصدر محذوف أي أكلاً هنيئا، وأن يكون حالاً من مفعول (فكلوه)، وأن ينتصبا انتصاب المصدر فيقف على فكلوه؛ كأنه قال: هنأ، ومرأ كقولك: سقيًا ورعيًا أي هنأه، ومرأه وإذا قلت: هنيئًا له ذلك، فذلك عند السيرافي مرفوع بثبت الحذوفة، و (هنيئًا) [حال من ذلك، ففيه ضمير ذلك، وعند أبي علي مرفوع بهنيئًا] ولا ضمير فيه وإذا قلت هنيئًا مريئًا، فمرئ صفة لهنئ عند بعضهم وبه قال أبو الحسن الحوفي، وذهب الفارسي إلى أن (مريئًا) منتصبة انتصاب هنيئًا التقدير: عنده ثبت مريئًا، وأما: (تربًا وجندلاً) فنصبهما سيبويه، وفاها لفيك نصب المفعول به، وذهب الأستاذ أبو علي وغيره إلى أن نصب «تربا وجندلا» نصب المصادر، وإن كانت جواهر ولذلك تدخل اللام نحو: تربًا لك كما تقول: سقيًا لك. وأما: أعور وذا ناب وما قبله، فقدره سيبويه: ألزمه أو أطعمه الله تربًا وجندلاً، وألزم الله فاهًا لفيك، والضمير في (فاها) للداهية قاله سيبويه،

وجعله بعضهم ضمير الحبيبة «وأتستقبلون أعور وذا ناب» هو الحمل، قيل: كان له ناب طويل، وقيل: أراد بالأعور بعيرًا أعور، وبالناب كلبًا، وقد جاء «ترب» مرفوعًا وقال سيبويه: ولو قال «أعور وذو ناب» كان مصيبًا انتهى. ولا ينقاس الرفع في أسماء الأعيان التي يدعى بها لو قلت: فوها لفيك على قصد الدعاء لم يجز، ولا يجوز تعريفها (بأل) وفي البسيط: وقد أدخلوا ههنا (أل) كما فعلوا في المصدر قال: (الترب) لك، و «الترب» له، ولا يقاس هذا الباب لا يقال أرضًا ولا جبلاً، وقد استشكلوا تقدير سيبويه في أعور وذا ناب أتستقبلون، فقيل: هو تفسير معنى لا إعراب. والإعراب: أتستقبلونه أعور، وحذف المفعول، وجمع ابن مالك بين تربًا وجندلاً وفاهًا لفيك، وبين أعور وذا ناب تخليط، وإنما ذكر سيبويه أعور، وذا ناب في باب أتميميًا مرة، وقيسيًا أخرى وقول الشاعر: أفي السلم أعيارًا جفاء وغلظة … ... ... ....

وقول الآخر: أفي الولائم أولادًا لواحدة … ... ... ... .... وأنشد يعقوب: عفاريتًا علي وأكل مالي … وجبنًا عن رجال آخرينا ويجوز ارتفاع ذلك فتقول: أتميمي مرة وقيسي أخرى، على إضمار مبتدأ تقديره: أأنت تميمي. وذكر ابن مالك: أن مما ينتصب وجوبًا بفعل مهمل بله زيدًا، أي ترك زيد، وفي الاستعطاف: قعدك الله إلا ما ذكرت كذا أي تثبيتك الله قال: ومثله عمرك الله في لزوم الإضافة والاستعطاف قال: إلا أنه مختصر من التعمير مصدر عمرتك الله بمعنى نشدتك الله، ويلزمه إذا كان عمرك الله مختصرًا من التعمير مصدر عمرتك فلا يكون منصوبًا بالفعل وسيأتي القول في (بله) في أسماء الأفعال، وعلى «قعدك، وعمرك» في باب القسم إن شاء الله تعالى.

باب المفعول له

باب المفعول له تضافرت النصوص على شرط أن يكون مصدرًا، وزعم يونس أن قومًا من العرب يقولون: أما العبيد فذو عبيد بالنصب، وتأول نصب العبيد على المفعول له، وإن كان (العبيد) غير مصدر، وقبح ذلك سيبويه وإما أجازه على ضعفه، إذا لم يرد عبيدًا بأعيانهم، وشرط هذا المصدر أن يكون سببًا لحدث، أو مسببًا عنه، وزاد بعضهم أن يكون من أفعال النفس الباطنة لا من أفعال الجوارح الظاهرة نحو: جاء خوفًا ورغبة. فلا يجوز: جاء زيد قراءة للعلم، ولا قتالاً للكافر، وأجاز أبو علي: جئتك ضرب زيد؛ أي: لضرب زيد، والضرب من فعل الجوارح. وشرط الأعلم، وناس من المتأخرين أن يكون مقارنًا للفعل في الزمان، فلا يجوز: أكرمتك أمس طمعًا غدًا في معروفك، ولم يشترطه سيبويه، ولا أحد من المتقدمين، وشرطوا أيضًا في نصبه اتحاد فاعله، وفاعل الفعل المعلل، وأجاز ابن خروف نصبه مع تغاير الفاعل وقال: «لم ينص على منعه أحد م المتقدمين». وظاهر قول سيبويه يشعر بالجواز، ومذهب سيبويه، والفارسي،

أنه ينصبه مفهم الحدث نصب المفعول به المصاحب في الأصل حرف الجر، ظاهرًا كضربت زيدًا تأديبًا أو مقدرًا نحو: أحدبًا على قومك أي أجئت حدبًا على قومك، وذهب الكوفيون إلى أنه ينتصب انتصاب المصادر، وليس على إسقاط الحرف، ولذلك لم يترجموا له كأنه عندهم من قبيل المصدر المعنوي، فإذا قلت: ضربت زيدًا تقويمًا، فكأنك قلت: قومت زيدًا بضربي له تقويمًا وجئت إكرامًا لك فكأنك قلت: أكرمتك بمجيء كذا إكرامًا. وقال الفراء في قولهم: «لأعطينك خوفًا وفرقًا ولأكفن عنك حذر زيد» كل واحد منها منصوب على نية الشرط والجزاء، وما ينفك من حسن (من) معه وإن كان يقال: لأكفن من حذر زيد، ولأعطين من الخوف، والفرق، وليس النصب بإسقاط (من) غير أن دخولها المقصود، ويبين معنى النصب. انتهى. واختلف في النقل عن الزجاج، فنقل ابن مالك عنه مرة أنه انتصب نصب نوع المصدر، ومرة نقل عنه أن مذهبه مذهب سيبويه. ونقل ابن عصفور أنه انتصب بفعل من لفظه واجب الإضمار، وقال: نص على ذلك الزجاج في كتاب المعاني له. وإذا فقدت المصدرية صريحًا، أو تقديرًا مع (أن) و (أن) لم يوصل الفعل إلا باللام، أو بما في معناها من حروف السبب وذلك (من) والياء، وكذا (في) عند بعضهم مثال ذلك، «هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا» وقول الشاعر: فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة … ... ... ...

فلو كان اسم إشارة أو ضميره، لم ينتصب، بل لا بد من حرف السبب. ومن شرط اتحاد الفاعل والزمان قال: إذا فقدا أو أحدهما لم ينتصب، بل يجر بحرف السبب، فمثال تغاير الفاعل قوله: وإني لتعروني لذكراك قترة … ... ... ... ... ... فالعرو من القترة والذكرى منه، ومثال تغاير الزمان قوله: فجئت وقد نضت لنوم ثيابها … ... ... ... ...

فالنضو متقدم والنوم متأخر. وإذا نابت «أن وأن» عن المصدر فلا يشترط اتحاد الزمان، ولا اتحاد الفاعل، والعامل إذ ذاك الفعل، أو ما جرى مجراه أو معنى الفعل، وأما مع صريح المصدر فلا ينصبه معنى الفعل، بل لا بد من حرف الجر إلا مع أما سمينا فسمين في مذهب الزجاج وتبعه ابن طاهر، وقصراه على هذا الباب. وقال الجمهور جر المصدر بالحرف جائز، وقال الجزولي: إذا كان نكرة فلا يجوز جره، لا يجوز: قمت لإعظام لك، قال الأستاذ أبو علي: هو جائز، ولا أعرف للجزولي سلفًا فيذلك، وفي البسيط: إن كان المصدر أجنبيًا من مصدر العامل بحيث لا يصدق عليه باعتبار مجازي، فاللام نحو: فعلته لأمر الله، وتركته لزجرك، ومنه قوله تعالى: «أقم الصلاة لدلوك الشمس» إلا أن يكون مسبوقًا بأن وأن نحو: لبيك أن النعمة لك وقوله: أتغضب إن أذنا قتيبة حزتا … ... ... ... ...

وقد حكى عن أبي علي جواز النصب فتقول: جئتك ضرب زيد أي لضرب زيد، وإن لم يكن أجنبيًا حذفت اللام نحو: ضربته تقويمًا، وقعدت عن الحرب جبنًا، ألا ترى أنه يصدق عليه ضربي له تقويم، وقعودي عن الحرب جبن ومنه قوله تعالى: «ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا». ويجوز أن يكون هذا المصدر معرفًا (بأل)، وبالإضافة، والإضافة محضة نحو قوله: لا أقعد الجبن عن الهيجاء وقوله تعالى: «الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله» هذا مذهب سيبويه وجمهور البصريين، وذهب الجرمي، والرياشي، والمبرد

إلى أن شرطه أن يكون نكرة وأن «أل» فيه زائدة، وإضافته غير محضة، وتجريده من «أل» أكثر، وجره ونصبه في الإضافة مستويان نحو قوله تعالى: «لإيلف قريش» «ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله». ويجوز تقديم المفعول له على عامله، وإن لم يكن في الفاعل مانع، ومنع ذلك قوم منهم ثعلب والسماع يرد عليهم، وإذا قدمته فيما يجوز فيه حذف اللام قوى فيه ذكر اللام نحو: للطمع جئتك ويجوز تركها، ومنه تقديمه مع أما نحو: أما تقويمًا فأنا أضربك، ويجوز أن يكون العامل فيه الفعل الذي دلت عليه أما، ويكون أصله اللام، وحذفت هنا سماعًا، ويجوز في (كي) في أحد محتمليها، وهو إذا كانت ناصبة بنفسها لا حرف جر أن تقع مفعولاً له، لأنها إذ ذاك ينسبك منها مصدر فتكون مثل أن وأن، ومما ينسبك منه مصدر ما والفعل فإذا أدخلت حرف الجر قلت: أزورك لما تحسن إلي (أي لإحسانك)، فهل يجوز حذف الحرف منه، كما جاز في (أن) وأن، ولا أعرف في ذلك نصًا على أحد، ولا يجوز أن يكون للعامل منه اثنان إلا على جهة البدل، أو العطف سواء جرًا بحرف السبب، أو أحدهما أو نصب، فأما قوله تعالى: «إلا تذكرة لمن يخشى» فمنصوب بفعل مضمر قاله الفارسي رحمه الله.

باب المفعول فيه

باب المفعول فيه وهو الظرف، وهو ما انتصب من وقت أو مكان على تقدير (في) باطراد لواقع فيه مذكور، أو مقدر، واحترز بقوله: باطراد من قولهم: مطرنا السهل والجبل [ولا يطرد ذلك لا في العامل، ولا في اسم المكان لا يقال: أخصبنا السهل والجبل] ولا مطرنا القيعان والتلول. ومثال المذكور: قمت يوم الجمعة (فاليوم) واقع فيه القيام وكذلك قمت أمامك (فالأمام) واقع فيه القيام، ومثال المقدر: زيد أمامك والقتال يوم الجمعة. وما اصطلح عليه البصريون من التسمية للمكان والزمان بالظرف ليس يسوغ عند الكوفيين تسميته ظرفًا بل يسميه الفراء وأصحابه محلاً، والكسائي يسمى الظروف صفات ولا مشاحة في الاصطلاح. وذكر أصحابنا ظرف الزمان فقالوا: هو اسم الزمان نحو: سرت اليوم أو عدده نحو: سرت عشرين يومًا، أو ما أضيف إليه بشرط أن يكون إياه نحو: سرت جميع اليوم، أو بعضه نحو: سرت بعض اليوم، أو كان صفة له نحو: سير عليه طويلاً من الدهر أي زمانًا طويلاً يجوز ذلك.

وإن لم تكن الصفة خاصة، ولا مستعملة استعمال الأسماء أو مصدرًا أضيف إليه اسم الزمان وحذف نحو: سرت مقدم الحاج، وخفوق النجم أي وقت مقدم الحاج، ووقت خفوق النجم، ونحو: لا آتيك معزى الفزر، ولا آتيك القارظ العنزي أي زمان نفوق معزى الفزر، وزمان قعد القارظ العنزي. ومما انتصب على تقدير أنه ظرف زمان قول العرب: أحقًا أنك قائم، آلحق أنك قائم، وإن لم يكن ظرف زمان حقيقة. وقد صرح معه بفي نحو قوله: أفي حق مواساتي أخاكم … ... ... ... ... ومثله: غير ذي شك أنك قائم، وجهد رأي أنك قائم، وظنًا مني أنك قائم، ولإجرائها مجرى الزمان وقعت أخبارًا عن المصادر لا عن الجثث، وهذا النوع

استعماله ظرفًا موقوف على السماع، وخالف أبو العباس في: أحقًا أنك قائم، فزعم أن «أنك قائم» في موضع الفاعلية، ودخول (في) عليه يحقق ما ذهب إليه سيبويه من أن انتصابه على الظرف، وما بعده مبتدأ. وظروف الزمان تنقسم إلى مبهم، ومختص، والمعدود من قبيل المختص، ويتعدى الفعل إلى جميع الضربين، واختصاصه (بأل)، وبالصفة، وبالإضافة وبالعدد نحو: قمت اليوم وسرت يومًا طويلاً، وقدمت يوم الجمعة، وسرت يومين، وذهب بعض النحويين إلى أن ما كان من الظروف معطيًا غير ما أعطى الفعل كالظروف المعدودة، والمؤقتة، فنصبها نصب المفعول على تقدير نيابتها عن المصدر. فإذا قلت: سرت يومين فكأنه قال: سرت سيرًا مقدرًا بيومين، وقيل هو على حذف المصدر نحو قولك: ضربته سوطًا «أي سير يومين». والصحيح ما قدمناه من أن الفعل يتعدى إلى جميع أنواع الظروف الزمانية مبهمًا ومختصها، والمبهم منها ما دل على قدر من الزمان غير معين نحو: وقت وزمان وحين. والمختص معدود وغير معدود، والمعدود ما له مقدار من الزمان معين نحو: سنة، وشهر، ويومين، والمحرم وسائر أسماء الشهور والصيف والشتاء، ولا يعمل في المعدود من الأفعال إلا ما يتكرر ويتطاول لو قلت: مات زيد يومين تريد الموت الحقيقي لم يجز. والمختص غير المحدود أسماء الأيام كالسبت والأحد، وما أضافت إليه العرب لفظة شهر من أعلام الشهور، وهو رمضان وربيع الأول، وربيع الآخر وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تعالى، وما يختص (بأل) وبالصفة، وبالإضافة كما تقدم ذكره.

والظرف الزماني متصرف ومنصرف، وتصرفه أن يستعمل غير ظرف بأن يخبر عنه أو يجر بغير (من) نحو: يوم ووقت وانصرافه: دخول التنوين فيه. أو ما عاقبه من (أل) أو الإضافة، وغير متصرف ولا منصرف وهو سحر إذا أردته من يوم بعينه على مذهب الجمهور، فامتنع الصرف للعدل عن تعريفه (بأل)، وللعلمية جعل علمًا لهذا الوقت، وقيل للتعريف المشبه بتعريف العلمية، وقيل لعدله وتعريفه بالغلبة على ذلك الوقت المعين لا تعريف العلمية، وقيل: منع التنوين؛ لأنه منوي فيه الإضافة فهو معرفة بالإضافة وقيل: حذف منه التنوين لأنه بنية (أل). وذهب ابن الطراوة، وصدر الأفاضل إلى أنه مبني لا معرب، وعلة بنائه عند صدر الأفاضل تضمنه معنى (أل) كما بني (أمس) لتضمن معناها، وعلة بنائه عند ابن الطراوة عدم التقار، لا تضمنه معنى الحرف ألا ترى أنه لا يقع سحر إلا على سحر يومك لا تقول: خرجت سحر إلا في يومك الذي خرجت في سحره ولا تقول: سحر في سحر (أمس) غلا أن تقيده فتقول: خرجت يوم الخميس سحر، ومن أحكام (سحر) إذا ذكر قبله اليوم أنه لا ينتصب ظرفًا إلا إذا انتصب اليوم ظرفًا، فلو كان اليوم فاعلاً، أو مفعولاً به لم ينتصب (سحر) على الظرف بل

يكون بدلاً من اليوم فيلزمه الضمير، أو (أل) نحو: كرهت يوم السبت سحره أو السحر منه، ولو اتسعت في اليوم فقلت: سير بزيد يوم الجمعة سحر برفع اليوم، ونصب (سحر) جاز، ولا يجوز نصب اليوم ورفع سحر. ومتصرف لا ينصرف وذلك غدوة وبكرة، والمشهور أن منع صرفهما للعلمية الجنسية كأسامة، فيستويان في كونهما أريد بهما من يوم معين، أو لم يرد بهما التعيين فتقول: إذا قصدت التعميم غدوة وقت نشاط، وإذا قصدت التعيين: لأسيرن الليلة إلى غدوة، وبكرة في ذلك كغدوة. وقال الزجاج: إذا أردت بهما بكرة يومك، وغدوة يومك لم تصرفهما، وإذا كانا نكرتين صرفتهما، وقال ابن طاهر مثله قال: هما علمان من معين، ونكرتان من غير معين. وزعم أبو الحسن أنه يجوز أن تقولك آتيك اليوم بكرة وغدوة تجعلهما كضحوة، وزعم أبو الخطاب أنه سمع من يوثق به من العرب يقول: آتيك بكرة، وهو يريد الإتيان من يومه أو في غده وعن أبي عمرو لقيته الأول بكرة، ويومًا من الأيام بكرة، وعن أبي الجراح: ما رأيت كغدوة قط، وقال الفراء: العرب تجريهما ولا تجريهما، والأكثر ترك الجري في غدوة والجري في بكرة، وأكثر

ما تجري العرب غدوة إذا قرنت بعشية يقولون: إني لآتيهم غدوة وعشية. وإذا منعا الصرف فهل ذلك لعلمية الجنس كأسامة كما قلنا أو لعلمية أنه يراد بهما الوقت المعين من يوم معين، وإذا كانا علمين، فلا يضافان، ولا تدخلهما (أل). قال الفراء تقول العرب: آتيك غداة الخميس، ولا تقول غدوة الخميس ولا تدخل العرب (أل) في غدوة. انتهى. وقراءة (بالغدوة) تكون من تنكير العلم، ويكون من ذلك: «ولهم رزقها فيها بكرة وعشيا» وتقول: سير بزيد يوم الجمعة غدوة، ويوم الجمعة غدوة بدل من اليوم إذا اتسعت ولا يحتاج إلى ضمير، وتقول بكرة يوم السبت غدوة على البدل، ولا بد من الضمير. ومنصرف لا يتصرف: بعيدات بين، بعيدات جمع بعد مصغرًا، وبين فراق، تقول: لقيته بعيدات بين، أي مرارًا متفرقة قريبًا بعضها من بعض. وما عين من ضحى وضحوة وبكير، وسحير وصباح، ومساء، ونهار وليل، وعتمة، وعشاء، وعشية، وهذه كلها نكرات، ولذلك توصف بالنكرة وإن كان يراد بها من يوم بعينه تقول: آتيك يوم الخميس ضحى فترفعه، وكلها لا تتصرف.

وأجاز الكوفيون تصرف ما عين من ضحوة وعتمة وليل ونهار فتقول: سير عليه ضحوة وعتمة وسير عليه ليل ونهار. وعن الأخفش: ضحوة وعتمة إذا أريد بهما وقت بعينه ارفع، وانصبه، حتى أسمع العرب تركت فيهما الرفع فأقول: سير عليه ضحوة وضحوة وعتمة وعتمة، ونقل سيبويه النصب وقال: لم يستعملوه على هذا المعنى إلا ظرفًا. انتهى. وسائر هذه الأسماء إذا لم يرد بها معين بل شائع تصرف تقول: سير عليه ضحوة من الضحوات. وفي البسيط: سمع في ضحوة وعشية العلمية، والأكثر التنكير وجعل الفارسي فينة، والفينة مما تعاقب عليه التعريفان العلمية و (أل). وأحلق بممنوع الصرف ما لم يضف من مركب الأحيان تقول: يزورنا فلان صباح مساء، ويوم يوم، والمعنى كل صباح ومساء وكل يوم، فلا يستعمل حال تركيبه إلا ظرفًا، فإن أضيف صدره إلى عجزه استعمل ظرفًا وغير ظرف، وكان معناه معنى عطفه بالواو في قوله: صباحًا ومساء، ومعناه كل صباح ومساء، ووهم الحريري صاحب المقامات في زعمه في «درة الغواص»، أنه في الإضافة

يجعل الفعل بالأول في نحو: يزورنا صباح مساء، لا بالمساء، كما يخص الضرب في قولك: ضربت غلام زيد، بالغلام دون زيد، وإذا قلت صباحًا ومساءً، فقيل معناه صباحًا واحدًا، ومساءً واحدًا قال: لأنه نكرة، وقيل: معناه التكثير والمبالغة، وكل واحد فيه العموم بغير أداته. وهذه الأسماء التي التزم فيها الظرفية لا يجوز فيها الاتساع، (وذا) و (ذات)، مضافين إلى زمان تلتزم العرب فيهما النصب على الظرفية تقول: لقيته ذا صباح وذا مساء وذا صبوح، وذا غبوق، وذات مرة، وذات الزمين، وذات العويم، وذات يوم، وذات ليلة، وقولهم: ذات صباح هو بمعنى صباح فهو من قبيل إضافة المسمى إلى الاسم كما قالوا: ذا قطرى (أي قطرى)، وتقول: لقيته صباحًا ويومًا، ومرة في معنى ذا صباح وذات يوم، وذات مرة، وزعم ابن الأنباري أن ذات مرة في معنى حقيقة مرة، وقاله في قوله تعالى: «وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم» أي غير حقيقة ذات الشوكة، وقال المبرد: الذات هنا بمعنى النفس، كأنه قال نفس مرة، ونفس يوم، ومرة ليس من أسماء الزمان، وإنما هو مصدر مر يمر مرة، فنقل إلى الزمان (وذات) في الأصل وصف لزمان كأنك قلت، لقيته مدة ذات مرة «أي واحدة»، ونقل سيبويه أن (ذا)

و (ذات) المضافين إلى الزمان تصرفهما خثعم، فتقول، سير عليه ذات ليلة وهو قول الجمهور، وذهب السهيلي إلى أن ذات مرة، وذات يوم لا يتصرفان لا في لغة خثعم ولا غيرها وأن ذا يتصرف إلا أن يكون محذوفًا من (ذات)، فلا يتصرف. وصفة الزمان تنتصب على الظرف تقول: سير عليه قديمًا، أو حديثًا أو طويلاً، ويقبح تصرفها فتقول: سير عليه قديم أو طويل، وأجاز الكوفيون فيها الرفع، فإن كانت الصفة قد خصصت نحو: سير عليه طويل من الدهر، أو لم يعرض قيامها مقامه، بل كانت قد استعملت ظرفًا حسن التصرف فيها نحو: سير عليه قريب، وسير عليه ملي أي قطعة من الزمان. والظرف الصالح جوابًا لكم، هو ما كان مؤقتًا غير معرف، ولا مختص بصفة نحو: ثلاثة أيام، ويومين، فيعم الفعل جميعه نحو أن تقول: كم سرت فتقول: ثلاثة أيام، أو يكون مقسطًا نحو: كم أذنت فتقول: ثلاثة أيام، وقد يصلح لهما نحو: تهجدت ثلاث ليال، فيحتمل أن يكون استوعب جميعها بالتهجد، ويحتمل أن يكون تهجد في بعض كل ليلة منهن، وجواب (كم) نكرة كما مثلنا، ويكون معرفة فيقول: كم سار زيد، فتقول: اليومين المعهودين، وقال ابن السراج: لا يجوز أن يكون جواب (كم) معرفة، وأسماء الشهور كالمحرم وصفر. ويكون العمل في جميعها تعميمًا نحو: سرت المحرم، أو تقسيطًا كأذنت

المحرم، وإذا أضفت إلى اسم الشهر لفظة شهر جاز أن يكون العمل في جميعه، وأن يكون في بعضه تقول: صام زيد شهر رمضان، وقدم زيد شهر رمضان، وكلام سيبويه يؤذن بجواز إضافة شهر إلى سائر أعلام الشهور، وخص بعضهم جواز إضافة (شهر) برمضان، وربيع الأول، وربيع الآخر، وما ذكرناه من التفرقة بين علم الشهور، وإضافة شهر إليه هو مذهب الجمهور وذهب الزجاج: إلى أنه لا فرق بينهما يجوز في كل منهما أن يكون العمل في كله، وفي بعضه، ولو أفردت شهرًا قلت: سرت شهرًا، أو الشهر الذي تعلم عم العمل جميعه. وأجاز ابن خروف أن تقول: سرت الشهر، والسير في بعضه وأن يعمل في الشهر مما لا يتطاول نحو: لقيتك الشهر، وأعلام الأيام كالسبت يجوز أن يكون العمل في جميعها، وفي بعضها، ويعمل فيها ما تطاول وغيره، وسواء أضيف إليها يوم، أم لم يضف تقول: مات زيد الخميس أو يوم الخميس، وصام زيد الخميس، أو يوم الخميس، وسار زيد الخميس أو يوم الخميس، فيحتمل أن يكون السير عم اليوم، أو وقع في بعضه. وذهب ابن خروف على أن أعلام الأيام كأعلام الشهور، وقولك: سرت الخميس لا يكون العمل إلا في جميع اليوم، فإذا أضيف إليه يوم جاز أن يكون السير في جميع اليوم، وأن يكون في بعضه، وأن يعمل في اليوم المضاف إلى العلم ما لا يتطاول نحو: قدمت يوم الخميس لا في العلم، فلا يجوز قدمت السبت، والأبد، والدهر، والليل والنهار مقرونة بأل تقول: سرت عليه الأبد والدهر والليل والنهار فالعمل في الظرف متصل للتعميم، ولا تقول: لقيته الأبد والدهر، ولا لقيته الليل

والنهار، وأنت تريد لقاءه في ساعة دون الساعات، وقد يقصد التكثير فيعامل المنقطع معاملة المتصل، فلا يقع السير في الجميع، وفصول السنة الصيف، والخريف، والشتاء، والربيع، يجوز أن يكون العمل في كل الفصل، وفي بعضه، فيصلح أن يكون جواب (كم)، وجواب (متى) تقول: سرت الصيف وانطلقت الصيف واليوم، والليلة، ويوم الجمعة وليلة السبت على حسب الفعل المقتضى اتصالاً، أو غير اتصال نحو: سرت ولقيت، وصمت، وما كان العمل في جميعه انتصب ظرفًا على مذهب البصريين، ومشبهًا بالمفعول على مذهب الكوفيين، فلا يجوز عندهم دخول (في) عليه لا تقول: صمت في يوم الخميس، ولا يوم الخميس صمت فيه. ولا سرت في ثلاثة أيام إذا استغرقها السير، ووافقهم ابن الطراوة، وزاد إنك إذا نصبت ما لا يدخل عليه (في) على مذهبهم انتصب على المفعول به نحو: جلست المحرم، وكذا ظرف المكان عنده نحو: سرت ميلاً وفرسخًا وبريدًا، وهذا مختصر من كلام أصحابنا. ظروف الزمان قسم يقع جوابًا (لكم) لا جواب (متى)، وهو ما كان مؤقتًا غير معرف، ولا مخصص، ولا يعمل فيه إلا ما يتكرر، ويتطاول، والعمل فيه جميعه لا بعضه، وقسم يقع جواب (متى) وهو ما كان معرفًا، ومخصصًا، وهو

معدود، ولا يكون العمل إلا في جميعه، ومنه أعلام الشهور غير المضاف إليها شهر، ولفظ (شهر) نكرة، ومعرفة، وغير معدود، ويكون في جميعه، وفي بعضه، ومنه شهر مضاف إلى أسماء الشهور، وأسماء أيام الأسبوع، ويعمل فيه ما يتطاول وما لا يتطاول، ومعدود، ولا يكون العمل إلا في جميعه، ومنه أعلام الشهور، غير المضاف إليها شهر، ولفظة شهر نكرة، ومعرفة (بأل). وقسم لا يصح أن يكون جوابًا (لكم) ولا جوابًا لـ (متى)، وهو ما كان غير مؤقت، ولا مخصص نحو: وقت، وحين، وهذا النوع من قبيل ما يقع العمل فيه كله؛ إذ يراد به من الزمان القدر الذي وقع فيه العمل، وهذا مختصر من البسيط. الظرف صالح للاتصال معدود كالمثنى والمجموع فتقول: سرت يومين، ولا تقول: لقيته يومين، ومفرد وضع للتكثير كالدهر والأبد، وهو للاتصال حقيقة أو مجازًا وموضوع للعدد كأسماء الشهور، وضع المحرم ونحوه لثلاثين يومًا قيل وأسماء الأيام وضعت لعدد ساعات فتقول: سرت الأربعاء ولا تقول: لقيته الأربعاء، بل لقيته يوم الأربعاء، وشهر رمضان لغير الاتصال، ورمضان للاتصال خلافًا للزجاج؛ إذ ذهب إلى أن أعلام الشهور وهي السنة والعام يكون لغير الاتصال، ولا يقيد الاتصال إلا بالعطف. وذكر سيبويه الاتصال فيها فكان حجة على الزجاج والمتسع فيه من هذا النوع لا يكون إلا للاتصال تقول: القتال شهران، وقالوا: الحر شهران، والبرد شهران أما: «الحج أشهر معلومات» فعلى الحذف أي مواقيت الحج أو الحج حج أشهر معلومات، وأما: «وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا»، فعلى الحذف «أي مدة حمله وفصاله»، ومثل المحرم، والشتاء، والصيف هو للاتصال،

ومعطوف، وهو الليل والنهار، ويلزم فيه العطف، ولا تقول: لقيته الليل والنهار، والصيف والشتاء، ولا يلزم فيه العطف، فإن جاء ما لا يتصل فيما يقتضي الاتصال تؤول نحو: «وواعدنا موسى ثلاثين ليلة» «أي تمام ثلاثين ليلة» ولذلك منع الزجاج أن يكون «أيامًا معدودات» منصوبًا بكتب، وأجازه الفراء وغيره، ومنه «ولد له الولد ستين عامًا أي لاستكمال ستين»، وقد يتسع في هذا قالوا: ولد له ستون عامًا، وغير صالح للاتصال وهو الضيق من الزمان كالآن والساعة، ويجوز أن يقرن به فعل الاتصال نحو: سرت الساعة، وما لا يتصل نحو: لقيته الساعة، ومحتمل للاتصال وغيره كاليوم والشهر، والسنة، والعام تقولك سرت العام، ولقيته العام. وإذا استغرق الفعل الظرف قارنه أو لم يقارنه فالبصريون يجيزون فيه الظرف، والتوسع نحو: الصوم يوم الخميس نصبًا ورفعًا، ومنع الكوفيون النصب على الظرف، فإن لم يستغرق جاز نحو: [جئنا يوم الخميس]، والرفع في النكرة أكثر قال الله تعالى: «غدوها شهر ورواحها شهر»، وقيل الاتساع للاتصال نحو: القتال اليوم، ولا تقول اللقيا اليوم.

فصل

فصل في الظروف المبنية التركيب، فمنها «إذ»، والدليل على اسميتها الإخبار بها، وإبدالها من الاسم، وتنوينها في غير ترنم، والإضافة إليها بغير تأويل نحو: مجيئك إذ جاء زيد، ورأيتك أمس إذ جئت ويومئذ، و: «بعد غذ هديتنا» وبنيت لافتقارها إلى ما بعدها من الجمل، أو لما عوض منها، وهي للوقت الماضي لازمة الظرفية، فلا تكون فاعلة، ولا مبتدأة إلا أن يضاف إليها اسم زمان يخصص مطلقها نحو: يوم، وساعة، وليلة، أو يرادفها نحو: حين، وأجاز الأخفش، والزجاج أن تقع مفعولاً بها، وتبعهما جماعة من المعربين، وخصوصًا في القرآن كقوله تعالى: «واذكروا إذ أنتم قليل»، واختار أن لا تكون مفعولاً له، وتلزمها الإضافة إلى جملة خبرية مصدرة بماض، أو مضارع

بمعنى الماضي، أو جملة اسمية قال تعالى: «واذكروا إذ أنتم قليل» لا إلى جملة شرطية إلا في الضرورة نحو: أتذكر إذ تأتينا نكرمك، وأتذكر إذ من يأتيك نكرمه، فأما قولهم: قمت إذ ذاك، وفعلت إذ ذاك وقوله: ... ... ... .... … والعيش منقلب إذ ذاك أفنانا فهو على حذف الخبر تقديره: إذ ذاك كذلك، وفي النهاية: تقول أتيتك إذ كان زيد قائمًا، وإذ كأنك أسد، وقصدتك إذ لا رجل أكرم منك ولا تقول: أتيتك إذ ليس زيد قائمًا، ولا إذ ما زيد قائمًا، ولا إذ ما دام زيد قائمًا، ولا تضاف إلى ما أوله ما زال وأخواتها، ولكن، ولا ليت، ولا لعل. انتهى. وإذا علمت الجملة جاز حذفها، وعوض منها تنوين، فالأكثر كسر الذال لالتقاء الساكنين، وليس كسرة إعراب خلافًا للأخفش، ويجوز فتح الذال فتقول: حينئذًا طلبًا للتخفيف وقد يعوض، ولا تكون (إذ) مضافًا إليها زمان قالت العرب: كان ذلك إذ، ويقبح أن يليها اسم بعد فعل ماض نحو: كان ذلك إذ قام

زيد، ويحسن إن كان مضارعًا نحو: إذ زيد يقوم، وذهب بعض المتأخرين إلى أن (إذ) تجيء للسبب مجردة عن الظرفية، ونسب ذلك إلى سيبويه، واختاره ابن مالك، وفي بعض كلامه وتجيء حرفًا للتعليل، وإلى أنها لا تخرج عن الظرفية ذهب الأستاذ أبو علي، وجعل ابن مالك من كونها للتعليل قوله تعالى: «وإذ اعتزلتموهم» و «وإذ لم يهتدوا»، «إذ ظلمتم» وقول الشاعر: ... ... ... ... … إذ هم قريش ... ... .... وتأتي (إذ) للمفاجأة قال سيبويه: «بينما أنا كذا إذ جاء زيد»، فهذا لما

ولا يكون للمفاجأة إلا بعد بينا أو بينما، وإذا كانت للمفاجأة فالذي نختاره أنها باقية على ظرفيتها الزمانية. وذهب بعضهم إلى أنها ظرف مكان، وهي للمفاجأة كما قال بعضهم في (إذا) التي للمفاجأة، وذهب بعضهم إلى أنها حرف للمفاجأة، وذهب بعضهم إلى أنها زائدة، وإذا كانت ظرفًا للمفاجأة نحو: بينما زيد قائم إذ جاء عمرو، فما الناصب لهذا الظرف، قال ابن جني: الناصب لها هو الفعل الذي بعدها، وليست مضافًا إليها فجاء بنصب (إذ) والناصب لبينا، وبينما فعل يقدر مما بعد (إذ) ويكون ما بعد إذ يفسر ذلك العامل، فإذا قلت بينما زيد قاعد، إذ أقبل عمرو، فالعامل في (بينما) أقبل محذوفة، ويفسرها قوله إذا أقبل عمرو، ونص على ذلك ابن جني، وابن الباذش وغيره من أصحابنا، وقال الأستاذ أبو علي: العامل في بينما ما يفهم من معنى الكلام، و (إذ) بدل من بينما أي حين أنا كذلك حين جاء زيد وافقت مجيء زيد انتهى. ومجيء (إذ) بعد بينا، وبينما عربي مسموع، فلا يلتفت لمن أنكره، والفصيح الكثير أن لا يؤتي (بإذ). ومن قال أن (إذ) زائدة كأبي عبيدة. فالعامل في بينا وبينما الفعل المذكور بعد (إذ) كحاله إذا لم يذكر. (وبين) في الأصل ظرف مكان تتخلل بين شيئين أو أشياء، أو ما في

تقدير ذلك. ولما لحقتها (ما) أو الألف استعملت للزمان وقال بعض أصحابنا هي ظرف زمان بمعنى (إذ). والجملة بعد (بينا) و (بينما) اسمية وفعلية نحو: فبينا نبغي الصيد جاء غلامنا … ... ... ... ... ... وزعم ابن الأنباري أن (بين) يشترط بها في مثل هذا، وزعم بعض النحاة: أنها لا تضاف إلا إلى الجملة الابتدائية، وإذا جاء فع لكان على حذف المبتدأ، وفي هذه الجملة مذاهب: أحدها: أنهما مضافان إليها نفسها دون حذف. والثاني: ذهب الفارسي، وابن جني إلى حذف زمان والتقدير: بينا أوقات زيد قائم جاء عمرو. والثالث: أن (ما) والألف كافان، والجملة بعدهما لا موضع لها من الإعراب. الرابع: أن (ما) كافة، والجملة لا موضع لها من الإعراب. فإن وليها مفرد، فلا يكون إلا مصدرًا مخفوضًا، فإن ولى بعد الألف، فالألف إشباع، والجملة في موضع خفض، وزعم بعضهم أن ألف (بينا) للتأنيث لا إشباعًا، واختلفوا في جواز إضافة بينما إلى المفرد نحو: بينما قيام زيد قام عمرو، والصحيح المنع، وتضاف (بينا) إلى المصدر، فيخفض، وروى:

بينا تعانقه ... ... ... ... … ... ... ... .... بالخفض، وبالرفع على أنه مبتدأ محذوف الخبر، وما أضيف منهما فـ (إلى) المصدر لا إلى الجثة، وزعم بعض النحاة أن (بينا) محذوفة من بينما، وقد يحذف خبر المبتدأ الذي بعدهما لدلالة المعنى عليه كما قد يحذف ما يعمل في (بينما) و (بينا) قال الشاعر: فبينا الفتى في ظل نعماء غضة … تباكرة أفياؤها وتراوح إلى أن رمته الحادثات بنكبة … يضيق بها منه الرحاب الفسائح التقدير تنعم بذلك إلى أن رمته الحادثات. ويجوز أن يكون الفعل تباكره وضع المضارع موضع الماضي، وجاء في الشعر بعد بينا كاف التشبيه ومعمولها قال:

بينا كذاك رأيتني متلفعًا … بالبرد فوق جلالة سرداح (إذا) اسم يدل على اسميته، دلالته على الزمان دون تعرض للحدث، ويخبر به مع الفعل نحو: القيام إذا طلعت الشمس، ويبدل من اسم صريح نحو: أجيئك غدا إذا طلعت الشمس، وزعم ابن مالك: أن (إذا) تكون مفعولاً به، واستدل بما لا دليل فيه، وإذا مضمنة معنى الشرط، ولذلك يجاب بالفاء نحو: إذا جاء زيد فقم إليه، وكثر مجيء الماضي بعدها مرادًا به الاستقبال، وغيرها نحو: حين، ووقت لا يجوز ذلك فيه لو قلت: حين جئتني أكرمتك لم يكن إلا ماضي اللفظ والمعنى. وقد لا تتضمن معنى الشرط به في بعض مواردها، بل تتجرد للظرفية المحضة نحو قوله تعالى: «والليل إذا يغشى» و «النجم إذا هوى» والماضي بعدها في معنى المستقبل كما كان إذا كانت شرطية، وزعم الفراء أن (إذا) لا يكون بعدها إلا الماضي، إلا إذا كان فيها معنى الشرط والإبهام

لو قلت: أكرمتك إذا زرتني تريد إذ زرتني لم يصح، وكذلك لأضربن هذا الذي ضربك إذا سلمت عليه [فلو قلت: لا تضرب غلا الذي ضربك إذا سلمت عليه] لجاز، لأنك أبهمت ولم توقت، وكذلك: كنت صابرًا إذا ضربت: على معنى كل ما ضربت صبرت، ولو أردت به مخصوصًا بمنزلة (إذ) لم يجز، ومنه قوله تعالى: «وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض» كأنه قال كلما ضربوا في الأرض أي لا تكونوا كهؤلاء إذا ضرب إخوانهم في الأرض. و (إذا) لما تيقن وجوده نحو: آتيك إذا احمر البسر، أو رجح وجوده نحو: آتيك إذا دعوتني، وقد تأتي في غير المقطوع بوقوعه. وهو قليل نحو قوله: إذا أنت لم تنزع عن الجهل والخنى … ... ... ... ... ... وقد يجوز أن ينزع، وألا ينزع. وذلك بخلاف (إن) فإنها لا تدخل على الممكن وجوده، وقد تدخل على ما يتيقن وجوده، وأبهم زمانه كقوله تعالى: «أفإين مت فهم الخالدون». وقد تدخل على المستحيل وجوده كقوله تعالى: «قل إن كان للرحمان ولد فأنا أول العابدين» علق مستحيل على مستحيل، والصحيح أنه لا تقع (إذ) موضع (إذا)، ولا (إذا) موضعها. وذهب

بعض النحويين إلى مجيء ذلك، واختاره ابن مالك، وقد يجيء بعد إذا جملة فعلية مصدرة بمضارع مجرد كقوله تعالى: «وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف»، أو مصحوب بلم كقوله تعالى: «وإذا لم تأتهم بآية قالوا». أو بماض نحو: «إذا جاءك المنافقون» أو مقدر قبل اسم يليها موافق للملفوظ كقوله: «إذا السماء انشقت» أو غير موافق نحو: إذا ابن أبي موسى بلالاً بلغته … ... ... ... ... ... في رواية من رفع (ابن أبي): أي إذا بلغ ابن أبي موسى، وقيل: إن سيبويه يجيز أن لا يقدر، وأن الاسم يرتفع بالابتداء بعد (إذا) الشرطية، وأدوات الشرط إذا كان الخبر فعلاً.

ومذهب الجمهور أن (إذا) مضافة للجملة والعامل في إذا الجواب، وذهب بعض النحاة إلى أنها ليست مضافة على الجملة، بل هي معمولة للفعل بعدها لا لفعل الجواب، وهذا الذي نختاره، وأجاز الأخفش مجيء الجملة الابتدائية المصرح بجزأيها اسمين بعد: (إذا) التي فيها معنى الشرط نحو: إذا زيد قائم فقم معه، وأجازه ابن مالك، وإذا دخلت (حتى) على (إذا) التي تقتضي جوابًا، فأجاز الزمخشري أن يكون حتى حرف ابتداء، وأن تكون جارة لـ (إذا)، وقال أبو البقاء وصاحب البسيط: دخلت (حتى) على اسم معمول لغيرها، فـ (حتى) في موضع نصب بالجواب، قال أبو البقاء: وليس لـ (حتى) عمل، وإنما أفادت معنى الغاية كما لا تعمل في الجمل. وقال في البسيط: كأنك قلت في قولك: اجلس حتى إذا جاء زيد أعطيتك اجلس فإذا جاء، واختار ابن مالك أن (إذا) مجرورة بحتى. وقال محمد بن مسعود الغزني في كتابه البديع: ومن زعم أن محل (إذا) جر، فزعمه باطل، لأن (إذا) ظرف محض لا ينجر البتة، ولزوم دخوله على إذا مع امتناعه من دخوله على (إذ) دليل قاطع على أن الزمان الواقع بعده لا يكون إلا مستقبلاً انتهى.

وزعم أبو الفتح، وتعبه ابن مالك أن (إذا) قد تكون مبتدأ قالا كقوله تعالى: «إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة إذا رجت الأرض» في قراءة من نصب خافضة رافعة تقديره: ذلك وقت وقوع الواقعة خافضة قوم رافعة آخرين وقت رج الأرض، ومن منع ذلك تأول. وتأتي (إذا) للمفاجأة، وهي ظرف زمان في مذهب الرياشي، والزجاج، واختاره ابن طاهر، وابن خروف والأستاذ أبو علي، فإذا قلت: خرجت فإذا زيد فالتقدير: خرجت فالزمان حضور زيد، وهي ظرف مكان في مذهب الفارسي، وأبي الفتح، وأبي بكر بن الخياط، وعزى إلى سيبويه، وعزى إلى المبرد القولان، فإذا قلت: خرجت فإذا زيد،

فالتقدير: خرجت فبحضرتي زيد، وذهب بعض النحاة إلى أنها حرف، ونقل ذلك عن الأخفش، واختاره الأستاذ أبو علي في حد قوليه، وابن مالك. وقال سيبويه: «وتكون للشيء توافقه في حال أنت فيها»، هذا هو الأكثر، وهو التوافق في الزمان، والمكان على الخلاف وقال الفراء: وقد يتراخى هذا كقوله تعالى: «ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون» و (إذا) هذه تقع جوابًا (لإذا) الشرطية قال تعالى: «وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا». والفاء في قوله: خرجت فإذا الأسد، ذهب المازني ألى أنها زائدة لازمة، والزجاج إلى أنها دخلت على حد دخولها في جواب الشرط، وأبو بكر مبرمان إلى أنها عاطفة، وتجيء بعد (إذا) الجملة الاسمية مصحوبة بإن المكسورة الهمزة، والمفتوحة كما روى:

. ... ... ... … إذا أنه عبد القفا واللهازم بكسر (إن) وفتحها، والجملة الفعلية مصحوبة بقد نقل ذلك الأخفش عن العرب، فتخصيص ابن مالك أنها لا يليها إلا جملة اسمية وهم، وقد تقع بد بينا، وبينما قال: بينما المرء في فنون الأماني … وإذا رائد المنون موافي و: بينما المرء مسرور بغبطته … إذا هو الرمس تعفوه الأعاصير وزعم أبو عبيدة أن (إذا) قد تزاد.

«مذ ومنذ» (منذ) بسيطة، و «مذ» محذوفة منها خلافًا لابن ملكون؛ إذ قال: ليست محذوفة منها، وذهب الكوفيون إلى أنها مركبة، قال الفراء: أصلها (من ذو) من الجارة، و (ذو) بمعنى الذي في لغة طيئ وقال غيره (منذ) أصلها (من إذ) حذفت الهمزة، فالتقى ساكنان، وحركت الذال بالضم، وهذان المذهبان سخيفان، وأسخف منهما ما ذهب إليه محمد بن مسعود الغزني: ا، ها مركبة من: (من) و (ذا) اسم الإشارة، ولذلك كسرت ميمها، وكثيرًا ما يحذف التركيب بعض حروف المركب، فحذفت الألف منهما، والنون من (مذ)، وعوض من حذف الألف ضمة الذال، والميم تابع للذال في الضمة، والتقدير في (ما رأيته مذ يومان: ما رأيته من ذا الوقت يومان). وفي ما رأيته منذ اليوم: ما رأيته من ذا اليوم، والدليل على هذا دخول (مذ) على الفعل نحو: ما رأيته مذ قام زيد: المعنى: ما رأيته من ذا الوقت قام زيد. وإنما اختص (مذ) بدخوله على الفعل بحذف نون (من) منه، ولذلك قيل إنه بالاسمية أشبه هذا أصلهما.

وأما في حقيقة العرف فهما اسمان مبنيان: لأن (ذا) كان إشارة إلى المدة، و (من) للابتداء، واسم المدة ينتصب على الظرف، ولذلك وجب عندنا أن يكون محلهما منصوبًا أبدًا، فإذا ارتفع بعدهما اسم فعلى خبر مبتدأ حذف لدلالته عليه كما قالوا: ما رأيته مذ يوم الجمعة أي: مدة أولها يوم الجمعة، وما رأيته مذ يومان أي مدة أولها يومان، والدليل على صحة انتصابهما على الظرف، عطف ظرف آخر عليهما نحو: ما رأيته مذ اليوم، ويومًا آخر قبله أي مدة هذا اليوم ويومًا قبله، وإذا قلت ما رأيته مذ قيام زيد بالرفع، فالتقدير: ما رأيته مدة أولها قيام زيد، فإذا عطفت وقلت: وقيام عمرو، جاز فيه الرفع عطفًا على قيام زيد، والنصب عطفًا على (مذ). ومن هذا القبيل: ما رأيته مذ الحجاج ملك. انتهى. وميمهما مضمومة، وعن سليم كسرهما، وعن عكل كسر ميم (مذ) وعن غنى ضم ذال (مذ) قبل متحرك، ويضافان إلى جملة مصرح بجزأيها اسمية من مبتدأ وخبر وهو قليل نحو: ... ... .... … ... ... ... ... ... مذ أنا يافع

أو فعلية وهو أكثر نحو: ما زال مذ عقدت يداه إزاره … ... ... ... .... ومذهب سيبويه، والفارسي، والسيرافي: أنهما ظرفان مضافان إلى الجملة نفسها، وذهب أبو الحسن إلى أنهما لا يكونان إلا مرفوعين على الابتداء، ويقدر اسم زمان محذوف يكون خبرًا عنهما، ولا يدخلان عنده إلا على اسم الزمان ملفوظ به أو مقدر. واختاره ابن السراج، وابن عصفور، فإذا قلت ما رأيته مذ زيد قائم، أو مذ قدم زيد، فالتقدير مذ زمان زيد قائم، أو مذ زمان قدم

زيد. وقال ابن السراج: إن لم يظهر (لمذ) عمل، وعطفت على ما عملت فيه، حملته على النصب، دون حكم الإعراب المقدر بعد (مذ) تقول: ما رأيته (مذ) قام، ويوم الجمعة، فإن ظهر العمل، وحملته على لفظه تقول: ما رأيته مذ يومان، وليلتان، ولك نصب الثاني كأنك قلت: ما رأيته ليلتين، وتقول: ما رأيته يوم يوم، فتبنى كخمسة عشر، وقوم يجيزون (مذ) يوم يوم بلا تنوين، ولا يجيزون (مذ) شهر شهر، ولا دهر دهر، قال: ولا أعرف الضم بلا تنوين في هذا من كلام العرب. انتهى. وإذا جاء بعد (مذ) أو (منذ) زمان مرفوع، فيكون مما يجبا به (كم) نحو: ما رأيته مذ يومان أو مما يجاب به (متى) نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة. وفي رفعه مذاهب: أحدها: مذهب الكوفيين واختاره ابن مضاء، والسهيلي، وابن مالك، وهو أن يكون فاعلاً بفعل محذوف تقديره مذ مضى يومان أو كان يومان، وعلى هذا المذهب يكون الكلام جملة واحدة، قال ابن مالك: فهما ظرفان مضافان إلى جملة حذف صدرها. المذهب الثاني: أنه مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف، وهو قول لبعض الكوفيين وتقديره: ما رأيته من الزمان الذي هو يومان، وعلى هذا المذهب الكلام جملة واحدة. المذهب الثالث: أنه مرفوع على أنه خبر «لمذ» و (منذ) وهما مبتدآن. وتقديرهما في المذكور الأمد، وفي المعرفة أول الوقت، وهو قول المبرد،

وابن السراج، والفارسي، فإذا قلت: ما رأيته مذ يومان، فالتقدير أمد انقطاع الرؤية يومان، وفي ما رأيته مذ يوم الجمعة: أول انقطاع الرؤية يوم الجمعة. المذهب الرابع: أنه مرفوع على الابتداء: و (مذ) و (منذ) الخبر، وهما منصوبان على الظرفية، كما كانا إذا أضيفا إلى جملة، وهو مذهب الأخفش، والزجاج، وطائفة من البصريين. قال ابن هشام اللخمي: وهو مذهب سيبويه، والتقدير: بيني وبين لقائه يومان وعلى هذا المذهب والذي قبله الكلام جملتان، وإذا فرعنا على هذا، فالجمهور على أن جملة (مذ) و (منذ) لا موضع لها من الإعراب، وذهب أبو سعيد السيرافي إلى أنهما في موضع الحال كأنه قال: ما رأيته متقدمًا. و (مذ) و (منذ) يجوز أن يجرا الوقت، وما يستفهم به عنه نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة، ومذ متى رأيته، ومنذ كم فقدته، والجمهور على أنهما إذا جرا حرفًا جر، فيجوز أن يصل الفعل بهما إلى اسم الاستفهام نحو: منذ كم سرت. وذهب بعض النحاة إلى أنهما اسمان ظرفان منصوبان بالفعل قبلهما وإذا جرا، وكان ما دخلا عليه زمانًا يصلح أن يكون جوابًا (لمتى) نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة، فيقدر بـ (من) ولا يكون الزمان إلا ماضيًا معرفة دالاً على وقت معلوم، وإلا كان بمعنى (في) نحو: أنت عندنا منذ الليلة، ولا يكون الزمان إلا حالاً معرفة،

أو بمعنى (من) و (إلى) نحو: ما رأيته منذ أربعة أيام، ولا يكون الزمان إلا نكرة. واختلف العرب في الرفع والجر بعدهما، فالحجاز تجر بمنذ، المعرفة والنكرة، وعامة العرب يجرون بهما الحال نحو: لم أره مذ اليوم، أو منذ العام، أو مذ الساعة، أو منذ الليلة، أو منذ يومنا هذا، فتضيف بشرط أن تشير إليه، وإنما يختلفون في الماضي، فتميم وأسد ترفع بهذا الماضي نحو: لم أره مذ العام الماضي، و (عدن) و (غطفان)، وعامر بن صعصعة، ومن جاورهم من قيس يخفض (بمذ). وروى الكوفيون الخفض بهما في غير الماضي، فإن قلت: منذ خفضت بها عامر في الماضي، ورفعت بها هوازن وسليم، وتخفض ضبة والرباب (بمذ) ما مذى، وما لم (يمض). وبعض العرب يرفع (بمذ) ما مضى، وما لم يمض، وبنو عبيد من غنى يحركون الذال من (منذ) عند المتحرك والساكن، ويرفعون ما بعدها نحو: مذ اليوم، ومذ يومان. وقال اللحياني: الرفع بعد (مذ) أكثر من الخفض ومن الرفع بعد (منذ). وقال الأخفش: (منذ) لغة الحجاز يجرون بها كل شيء، و (مذ) لغة تميم، وغيرهم ما بعدها رفع، وقال الفراء: فصحاء العرب يرفعون (بمذ) ما مضى من الزمان، ويخفضون ما أنت فيه، ومن الرعب دون هؤلاء من يخفض (بمذ) ما مضى من الزمان وما أنت فيه.

وتلخص من هذه النقول أنه يجوز الرفع بعدهما والخفض، و (مذ) و (منذ) يجوز أن يأتي بعدهما مصدر، فيجر أو يرفع نحو: ما رأيته مذ قدوم زيد. ويكون المصدر معين الزمان، وهو على حذف الزمان التقدير: مذ زمان قدوم زيد، فإن كان الزمان مبهمًا لم يجز نحو: ما رأيته مذ قدوم، أو قدوم رجل، و (مذ) و (منذ) لا يجران إلا الظاهر من اسم الزمان، أو المصدر المصرح به أو المقدر نحو: ما رأيت مذ أن الله خلقه أي: مذ خلق الله إياه. وأجاز المبرد أن يجرا ضميرا الزمان فتقول: يوم الخميس ما رأيتك مذه أو منذه، والصحيح المنع، وإذا وقع الزمان المخصص بعدهما، وكان بمعنى أول الوقت نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة، فذهب الأخفش إلى أن نفي الفعل لا يكون في جميعه، بل في بعضه، فأنت قد رأيته في بعض يوم الجمعة ثم فقدته بعد ذلك إلى الزمان الذي أنت فيه، ووافقه المبرد في المقتضب. وقال أيضًا: يجوز أن يكون نفي الفعل في جميعه ويجوز أن يكون في بعضه. (مذ) و (منذ) لا يتقدمهما من الأفعال إلا الأفعال المنفية لفظًا ومعنى، أو المنفية لفظًا، أو الموجبة التي تقتضي الدوام نحو: ما رأيت مذ يوم الجمعة، وما زلت أصحبك مذ سنة، وصحبته مذ يوم الجمعة، وسرت مذ يوم الجمعة إذا أردت اتصال السير، وقال أبو الحسن لو قلت: رأيته مذ يوم الجمعة، وأنك تعني أنك رأيته يوم الجمعة ثم انقطعت الرؤية له إلى ساعتك لم يجز. وقال ابن السراج: تقول أنا أراك مذ سنة، تتكلم في حالة إذا أردت أنك في حالة رؤيته مذ سنة قال: وكذلك

قلت: أراك لأنك تخبر عن حال لم تنقطع، فإذا أردت أنك رأيته ثم غبرت سنة لا تراه قلت: رأيتك مذ سنة، لأنك أخبرت عن رؤية مضت. وانقطعت، وفي البديع: زعم الأخفش أنهم يقولون: ما رأيته مذ اليوم، ومذ العام، ولا يقولون مذ الشهر، ولا مذ يوم، ولا مذ الساعة، وهو على غير قياس وقد حكى عن العرب استعمال أمثلة، وامتناع من أخرى. انتهى. واسم العدد الواقع بعدهما إذا كانا بمعنى الأمر، فمن العرب من يعتد بالكامل فقط، فمن رأيته يوم الجمعة، ثم يوم الاثنين قلت له: ما رأيتك مذ يومان فلا يعتد بالجمعة، ويوم الاثنين. وهؤلاء لا يقولون: ما رأيته مذ يومان لمن رآه أمس، إنما يقولون مذ أمس إلى اليوم. ومنهم من يعتد بالناقص الأول لا بالآخر، تقول لم أره مذ يومان، وكان قد رآه أول من أمس، اعتد بأول من أمس، وبأمس لا باليوم الذي أخبر فيه بانتفاء الرؤية. ولما كان النفي ليس واقعًا في جميع ما بعدها إذا كانا بمعنى أول الوقت، منع أبو الحسن أن يعطف على اسم الزمان الواقع بعدهما اسم زمان مختص متقدم عليه أو متأخر، فلا يقال ما رأيته مذ شهر رمضان ولا شهر شعبان، ولا ما رأيته مذ شهر رمضان، وشهر شوال قال: ولو قلت: ما رأيته مذ يوم الجمعة ويوم السبت لم يجز، ولو نصبت يوم السبت لم يجز، فإن كان ما بعد حرف العطف متقدمًا على الزمان، الواقع بعدهما جاز عنده النصب نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة ويوم الخميس يريد: وما رأيته يوم الخميس، ومنع أبو الحسن العطف إذا اختلف الاسمان بعدهما بالتعريف والتنكير، فلا يجوز عنده: ما رأيتك مذ يوم الجمعة ويومان، ولا ما رأيتك مذ أمس ويومان. وأجاز ابن السراج: ما رأيته مذ يومان، ويوم الخميس بالرفع على تكرير (مذ)

والنصب على: وما رأيته يوم الخميس، قال: وتنسق على المعرفة معرفة، فترفع إذا اتفق، وهو أحسن، ويجوز النصب، وتنصب إذا اختلف وهو أحسن، ويجوز الرفع. وقال ابن عصفور: الصحيح أن العطف ليس من كلام العرب اتفق الاسمان في التعريف، أو اختلفا بأن كان أحدهما معرفة، والآخر نكرة. وإذا وقع بعدهما اسم الزمان مختصًا، ولم يفد عدة مدة الانقطاع فلا يكون إلا على معنى أول نحو: ما رأيته مذ يوم الجمعة تريد أن انقطاع الرؤية كان أوله يوم الجمعة، وإن أفاد عدة المدة، فالمحفوظ من كلام العرب أن يكونا بمعنى أول الوقت تقول: ما رأيته منذ الشهران الماضيان فتكون رأيته فيها ثم انقطعت الرؤية من أحدهما إلى وقت إخبارك. (الآن) اسم في أصل وضعه واستعماله بدليل دخول حرف الجر عليه، وألفه منقلبة عن (واو)، وقيل عن (ها)، وقيل أصله (أوان) قلبت الواو ألفًا ثم حذفت لالتقاء الساكنين وقيل: حذفت الألف، وغيرت الواو إلى الألف كما قالوا: أراح، ورواح استعملوه مرة على فعل، ومرة على فعال كزمن، وزمان، وزعم الفراء أنه منقول من الفعل وهو (آن) بمعنى حان، وقد استصحبت فيه الفتحة، وسمى (الآن) الوقت الحاضر جميعه، أو بعضه نحو قوله تعالى: «فمن يستمع الآن» وقوله: «الآن خفف الله عنكم» ولا يثنى، ولا يجمع، ولا يقصر، وهو مبني على الفتح، وفي سبب بنائه أقوال، وقد يعرب على رأي بدليل:

كأنهما ملآن لم يتغيرا … ... ... ... .... وقيل: كسرة النون بناء: كشتان وسيان، وأنشدوا أإلى الآن لا يبين ارعواء … ... ... ... ... ... مفتوحًا، وفي هذين دليل على أنه قد يخرج على الظرفية، وزعم ابن مالك أنه جاء مبتدأ لما جاء في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام سمع وجبة فقال: هذا حجر رمى به في النار منذ أربعين خريفًا، فهو يهوى في النار الآن حين انتهى إلى قعرها، فأعرب (الآن) مبتدأ، وحين انتهى خبره، وأل في (الآن) معرفة، ويصحبها الحضور، وقال أبو إسحاق: تعرف بالإشارة فتضمنها ولذلك بنيت فأصلى الآن معناه: أصلي في هذا الوقت.

(قط) اسم مبني وأصله التشديد نقل من القط، وهو القطع إلى الظرف، ويبنى على حركة، وهي الضمة، ويدل على ما تقدم من الزمان. وقال الكسائي: أصله قطط بضم الأولى، وسكون الثانية، فسكنت الأولى، وأدغمت، وجعل الآخر على حركة الأول، ويقابله (عوض) وهو الوقت المستعمل عمومًا. وقال ابن السيد: (عوض) صنم كان لبكر بن وائل، وقيل هو اسم الدهر، وهو ظرف قالوا: لا آتيك عوض العائضين كما تقول: دهر الداهرين، وكثر حتى أجروه مجرى القسم فيحكم نحو: يمين الله لأفعلن، أو بالجر على تقدير حذف الحرف. وتختص قط، وعوض بالنفي يقال: ما فعلت قط، ولا أفعله (عوض)، وقال ابن مالك: ربما استعمل قط دون نفي لفظًا ومعنى، أو لفظًا لا معنى،

واستدل على ذلك بما ورد في الحديث على عادته، وربما جاءت «عوض» للمضي بمعنى (قط) قال: فلم أر عامًا عوض أكثر هالكًا … ... ... ... .... وقد يضاف إلى العائضين، أو يضاف إليه فيعرب فيقال: لا أفعل ذلك عوض العائضين، وقال: ولولا نبل عوض في … حظباي وأوصالي و (عوض) الظرف يبنى على الفتح والضم والكسر، ويقال: قط، وقط، وقط، وقط وقط، وقال الأخفش: إذا أردت الزمان تضم أبدًا تقول: ما رأيت مثله قط، فإن قللت بقط شيئًا فاجزمها تقول: ما عندنا إلا هذا قط؛ فإن لقيت ألف وصل كسرت لالتقاء الساكنين تقول: ما علمت إلا هذا قط اليوم، وما عندي إلا هذا قط الآن. وقال الكسائي: التي بمعنى حسب مفتوحة القاف ساكنة الطاء تقول: ما رأيته مرة فقط انتهى و (قط) هذه الواجب فتح قافها ليست الظرفية إنما هي بمعنى حسب.

ومما يستعمل ظرفًا في المستقبل (أبدا) تقول: ما أصحبك أبدًا، وقال تعالى: «خالدين فيها أبدا» ولا تقول: ما صحبتك أبدًا، ومما يستعمل مستقبلا قولهم: «افعل هذا سهنساه»: «أي آخر كل شيء» وافعل هذا آثرًا ما أو آثرًا بغير ما، أو أمر ذي أثير، ومعناه: أفعله أول كل شيء، ولا يقال: سهنساه، ولا آثرًا ما، وأخويه في الإخبار، وإنما يقال في الأمر فلا يقال: فعل ذلك سهنساه ولا آثرًا (ما)، والهاء الأخيرة في سهنساه هاء السكت، وروى الكسائي ضمها وكسرها كما قالوا: يا مرحباه بضم الهاء وكسرها. (أمس) اسم معرفة متصرف يستعمل في موضع رفع، ونصب، وجر موضوع لليوم الذي يلي اليوم الذي أنت فيه أو ما هو في حكمه في إفادة العرف، وكونه معرفة؛ فإن استعمل ظرفًا بني على الكسر خلافًا للزجاج، والزجاجي، إذ يزعمان أنه يجوز بناؤه على الفتح، وأجاز الخليل في لقيته أمس: أن يكون التقدير: لقيته بالأمس بحذف الباء، و (أل)، فتكون الكسرة كسرة إعراب. وزعم قوم منهم الكسائي أنه ليس معربًا، ولا مبنيًا، بل هو محكى سمي بفعل الأمر من الإمساء، كما لو سمي بأصبح من الإصباح، فإذا قلت: جئت أمس، فمعناه اليوم الذي كنت تقول فيه أمس، وكثرت هذه الكلمة على ألسنتهم

حتى صار اسمًا لليوم الذي قبل يومك، وليلتك، وقريب من هذا قول السهيلي: قال: من كسر أمس في كل حال، فإنما سمي بالفعل، وفيه ضمير، محكى انتهى وإن استعمل غير ظرف، فالحجاز تبنيه على الكسر كحاله حين كان ظرفًا تقول: ذهب أمس بما فيه. وأحييت أمس، وما رأيتك مذ أمس [وتميم تمنعه من الصرف حالة الرفع. وتبنيه نصبًا وجرًا تقول: ذهب أمس بما فيه، وكرهت أمس، وما رأيت مذ أمس] واختلف النحاة في إعرابه مطلقًا إعراب ما لا ينصرف عند بعض تميم. فذهب إلى إثبات ذلك الأستاذ أبو الحسن بن الباذش وهو قول ابن عصفور، وابن مالك. وقال الأستاذ أبو علي هذا غلط، وإنما بنو تميم يعربونه في الرفع، ويبنونه في النصب، والجر. انتهى. وحكى الكسائي أن بعضهم يمنعه الصرف رفعًا ونصبًا وجرًا وبعضهم ينونه تنوين الصرف في الأحوال الثلاثة إلا في النصب على الظرف، فإنهم لا ينونونه. وحكى الزجاج أن بعضهم ينونه، وهو مبني على الكسر قال: شبهوه بغاق وشبهه من الأصوات، وإذا نكر أمس نحو: مضى لنا أمس حسن لا تريد اليوم الذي قبل يومك، أو أضيف نحو: أمسنا يوم طيب.

وإذا دخلت (أل) نحو: إن الأمس يوم حسن أو جمع نحو: مرت لنا أموس طيبة أعرب، وقالوا في جمعه أيضًا: آمس وآماس كزند وأزناد وأزند. وإذا صغر فذلك ابن مالك في شرح الكافية الشافية أنه لا خلاف في إعرابه، وهذا مخالف لنص سيبويه وغيره من النحاة: أن (أمس) لا يصغر، وعن المبرد أنه يصغر وينون. وفي الغرة: يبنى في الظرفية إجماعًا نص عليه الزجاج إذا كان معرفة بغير إضافة، ولا لام تعريف مكبرًا مفردًا، فأما إذا عرف بالإضافة أو باللام أو صغر، أو نكر، أو ثنى، أو جمع، فإنه معرب، ولو سميت (بأمس) على لغة من أعرب لصرفت، وقيل لا ينصرف قاله في البسيط، وقد يستصحب الباء مع مقارنة (أل). وأنشدوا: وإني حبست اليوم والأمس قبله … ... ... ... ... بنصب السين وكسرها، وتؤولت رواية الكسر على ما يدل على أنها ليست كسرة بناء وقالوا: لقيته الأمس الأحداث بكسر السين وفيه (أل)، والتأويل على زيادة (أل) أو حذف حرف الجر، وهو الباء.

فصل

فصل ظرف المكان أنواع: فمنها ما له مقدار نحو: ميل، وفرسخ، وبريد، وغلوة، فالغلوة مائة باع. والميل عشرة غلاء، والفرسخ ثلاثة أميال، والبريد أربعة فراسخ، وهو ظاهر كلام الفارسي، وقول بعض النحاة: إن المقدار داخل تحت حد المبهم، وقال الأستاذ أبو علي: ليس داخلاً تحته، وقال سيبويه: «ويتعدى إلى ما كان وقتًا في الأمكنة كما كان يتعدى إلى ما كان وقتًا في الأزمنة ثم قال: وذلك قولك: ذهبت فرسخين. وسرت ميلين، كما تقول: ذهبت الشهرين، وسرت الميلين» انتهى. والصحيح أنه شبه بالمبهم، ولذلك وصل إليه بنفسه، وانتصاب هذا النوع من المقدار عند النحاة على الظرف، وزعم السهيلي: أن انتصاب هذا النوع انتصاب المصادر لا انتصاب الظروف، واللغة تساعد مذهبه، لأن اللغويين شرحوا الغلوة، والميل، والفرسخ، والبريد بالخطى، والأبواع. وذهب ابن طلحة إلى تقدير هذا المقدار بحذف المضاف كأنه قال: سير فرسخين، كما في قولك: ضربته سوطًا أي: ضربة سوط، والنحاة غير هؤلاء سموا المسافة التي تقع فيها هذا الخطا المذكورة باسم الخطا المذكورة، ولها نهاية معروفة، وحدود محصورة ألا ترى أن الميل له مقدار معلوم من المسافة. النوع الثاني: ما دل على مسمى إضافي محض، أو جاريًا باطراد مجراه، وهذا الذي لا تعرف حقيقته بنفسه، بل بما يضاف إليه فالأول نحو: مكان،

وناحية، وأمام، ووراء، ووجهة، وجهة، وغير ذلك من الأسماء المبهمة غير المشتقة من لفظ الفعل. واحترز بمحض من الإضافي الذي يدل بنفسه على معنى لا يصلح لكل مكان نحو جوف، وباطن، وظاهر، وداخل وما أشبهها من الأماكن المختصة، إذا قصد بشيء منها معنى الظرف لازمة لفظة في وما بمعناها. ومكان مفعل من الكون لزمت الميم، فصارت كالأصلية حتى قالوا: أمكنة، وهذه التي من شأنها حذف حرف الوعاء ينتصب ظرفًا مؤكدًا إن كان مبهمًا ومبينًا إن كان غير مبهم. وذهب الكوفيون إلى أنه لا يجوز نصب المبهم على الظرف إلا بوصف يخصصه، أو ما في حكمه نحو: قعدت مكانًا صالحًا، والجهة كذلك فلا تقول: قعدت قداما، ولا خلافًا إلا على الحال كأنك قلت: قعدت متقدمًا ومتأخرًا، فإن خصصته بالإضافة جاز نحو: قعدت خلفك وقدامك. وقالت العرب: «هما خطان جنابتي أنفها» يعنون خطين اكتنفا أنف الظبية، ومذهب سيبويه «أن جنابتي أنفها» من الظروف المبهمة، ومذهب

الفارسي: أنه من الأسماء المختصة المستعملة استعمال الظروف يحفظ، ولا يقاس عليه، وأما ... ... ... ... … جنبى فطيمة ... ... .... فهو موضع، وليس مما جعل ظرفًا بغير قياس، وأما قولك أقطار البلاد، فأقطار جمع قطر، وهو الناحية، فالمعنى قومك في نواحي البلاد، وأما: ... ... ... ... … ينثنى مساليه ... ... ... فالمسال عند سيبويه العطف، وهو الجانب، وليس باسم مكان، لكن استعمل ظرفًا شبه بجنبى فطيمة، وقال ثابت: المسال ما هبط من الصدغ إلى العزار. وعن ابن خروف: مسالي الرجل جانبًا لحيته الواحد مسال.

وأما الجاري باطراد مجرى المسمى الإضافي المحض، فصفة المكان الغالبة نحو: هم قريبًا منك، وشرقي المسجد، ومصادر قامت مقام مكان مضاف إليها تقديرًا نحو قولهم: هو قرب الدار، ووزن الجبل، وزنته أي: مكان مسافته، والمراد بالاطراد أنه لا تختص ظرفيته بعامل ما، كاختصاص ظرفية المشتق من اسم الواقع فيه. وقال ثعلب: إن جعلت قريبًا من القرابة ثني وجمع، أو من القرب، أو خلفًا من موصوف فلا يثنى ولا يجمع، ولا يؤنث. انتهى. ومما ينتصب ظرفًا بمعنى قريب الظرف: قبلك ونحوك، وقرابتك وهو أبلغ من (قريبًا)، قال سيبويه: صار هذا بمنزلة قول العرب: هو حذاؤه وإزاءه، وذكر سيبويه هم حواليك: وهي تثنية لا شفع الواحد معناها معنى أحوالك، وحولك، وشرقي الدار مما يلي المشرق وهو غير معين دخلته ياء النسب، فصار مبهما. وفرق سيبويه بين وزن الجبل، وزنة الجبل فمعنى وزن الجبل ناحية توازنه أي تقابله كانت قريبة أو بعيدة منه، وزنة الجبل حذاؤه أي متصلة به، وكلاهما مبهم يصل إليها الفعل بنفسه، ومن المصادر هو قصدك، وحلة الغور، وذكر

سيبويه صددك، وصقبك، وليسا بمصدرين، بل هما اسمان في معنى المصدر. وقسم بعض أصحابنا المبهم إلى ما وضعته العرب عمومًا نحو: مكان وما في معناه من موضع، ومنزل، والجهات فوق، وتحت، ويمين، وشمال، وأمام، وخلف، وإلى ما كان منسوبًا نحو: شرقي الدار، وغربي المسجد. وإلى ما اشتق من الفعل نحو: المذهب، والمجلس، وإلى مصدر موضوع موضع الظرف نحو: هو قصدك. وقالت العرب: «تركته بملاحس البقر أولادها»، فهذا مضاف إليه الظرف أي مكان ملاحس البقر، وأما قولك: زيد فوق عمرو في الشرف، ودون عمرو في العلم، فمشبه باسم المكان. وقالت العرب: «هم هيئتهم» أي في هيئتهم. نصب نصب الظرف، والهيئة ليست مكانًا شبهت بالمكان، ولكونها ظرف مكان مجازًا، وقعت خبرًا عن الجثة. وسواك، ومكانك بمعنى بدلك، وهذا النوع يحفظ ولا يقاس عليه. وزاد الكوفيون، مثلك، وقرنك، وسنك، ولدنك، وموضع السماع عندهم مثلك، وينتصب أيضًا ظرف مكان ما أضيف إليه بشرط أن يكون إياه نحو: سرت جميع الليل أو بعضه نحو: سرت نصف الليل.

النوع الثالث: المختص، وهو ما له اسم من جهة نفسه كالدار، والمسجد، والسوق، فهذا لا يتعدى إليه الفعل إلا بواسطة (في) أو (الباء) الظرفية تقول قعدت في الدار، وأقمت بالبصرة. ومما جاء من المختص وصل إليه بغير واسطة (في) قول العرب: رجع أدراجه أي: في الطريق الذي جاء فيه وقولهم: هم درج السيول، و «دخلت» مع كل ظرف زمان مختص نحو: دخلت البيت، ودخلت الدار هذا هو الذي عليه الجمهور شبه ظرف المكان المختص مع «دخلت» بالمكان غير المختص. وذهب الجرمي، والأخفش إلى أنه ينتصب انتصاب المفعول به مع دخلت نحو: هدمت البيت، وذهب الأخفش أيضًا إلى أنه مما يتعدى تارة بنفسه، وتارة بحرف الجر تقول: دخلت البيت، ودخلت في البيت وبه قال جماعة. وذهب الفارسي إلى أنه يتعدى في الأصل بحرف الجر وهو (في) إلا أنه حذف اتساعًا، فانتصب على المفعول به، وفصل السهيلي: إن اتسع المدخول

فيه حتى يكون كالبلد العظيم وجب النصب كقولك: دخلت العراق، ويقبح دخلت في العراق، وإن ضاق كالبئر، والحلقة كان النصب بعيدًا جدًا فتقول: دخلت في البئر، وأدخلت إصبعي في الحلقة، والإبرة في الثوب، وقال: فقس عليه، وسكت عن المتوسط. وقياس تفصيله يقتضي جواز وصول الفعل إليه بنفسه، وبواسطة (في). وقالت العرب: ذهبت الشام، وهذا عند سيبويه ظرف مختص انتصب على إسقاط (في) تشبيهًا بغير المختص، ولا يجوز نصب الشام إلا مع ذهب، وذهب المبرد إلى أنه على إسقاط (إلى) أي: ذهبت إلى الشام. وزعم الفراء: أن العرب أنفذت (إلى) أسماء الأماكن والبلاد دخلت، وذهبت، وانطلقت، وحكى أنهم يقولون: انطلقت العراق، وذهبت اليمن، ودخلت الكوفة، وهذا شيء لم يحفظه سيبويه، ولا البصريون. ومما جاء من وصول الفعل إلى المكان المختص بغير واسطة (في) في الشعر قوله: ... ... ... ... … كما عسل الطريق الثعلب

و: قلن عسفان ... ... ... ... … ... ... ... ... .... و: فلأبغينكم قنا وعوارضًا … ... ... ... ... و: ... .... … قالا خيمتي أم معبد

فذهب سيبويه إلى أن انتصابها على الظرف تشبيهًا للمختص بالمبهم، وذهب الفارسي إلى أن انتصابها نصب المفعول به بعد إسقاط حرف الجر تشبيهًا لها بالأناسي. وذهب بعض النحاة، ومنهم ابن الطراوة إلى أن انتصاب الطريق ظرفًا، يجوز أن يكون في فصيح الكلام قال: وذلك مشهور في الكلام جار على القياس. ومنه قول العرب: «أبعده الله وأسحقه وأوقد نارًا إثره» قال: ويقال ذهبت طريقي، ومروا طرقاتكم، وأنشدوا: وقد قعدوا أنفاقها كل مقعد … ويهوي مخارمها هوى الأجدل وهذا عند غير ابن الطراوة ضرورة، فأما قوله تعالى: «لأقعدن لهم صراطك المستقيم»، «واقعدوا لهم كل مرصد». فذهب الفراء إلى أن ذلك من الظروف التي حذفت (في) منها في الاختيار وغيره ينصبه على التضمين، فـ (لأقعدن) أي: أملكن، واقعدوا أي: أملكوا.

النوع الرابع: ما دل على محل الحدث المشتق هو من اسمه نحو: مقعد، ومرقد، ومجلس، ومعتكف، نحو: قعودك مقعد زيد، وجلست مجلس عمرو، فلو عمل فيه من غير لفظه نحو: ضحكت مجلس زيد: تريد في مجلس زيد لم يجز، ومما جاء من نحو هذا شاذ أراد به القرب والبعد: هو مني مقعد القابلة، ومعقد الإزار، ومناط الثريا، ومنزلة الولد، ومنزلة الشغاف، و: ... ... ... مقعد رايئ الـ … ــ ضرباء ... ... ... ... ومزجر الكلب، ومذهب سيبويه، والجمهور أنه لا يقال منه إلا ما سمع لو قلت: هو مني مجلسك، ومتكأ زيد، ومربط الفرس، ومعقد شراك النعل، ومعقد الشفرتين لم يجز، ولو لم يرد بها تمثيل القرب، والبعد، بل الحقيقة لم يجز لو قلت: هو مني مزجر الكلب تريد: المكان الذي يزجر فيه الكلب أو قلت: هو مني مقعد القابلة أي: في الموضع الذي قعدت فيه القابلة لم يجز، وحكى أبو الحسن: هو مني مكان السارية أي: من المنارة، فاستعمل في القرب. وحكى سيبويه «هو مني مرأى ومسمعًا» بالنصب، وانتصاب هذه كلها على أنها ظروف مختصة شبهت بالمبهم، وهو إخبار عن المبتدأ

وأصل نصبها بالاستقرار، ولا ينصب إلا الظروف، وقيل الأصل: مكانًا مثل مكان مناط الثريا، وكذا باقيها يحذف في جميع ذلك الظرف المبهم، وأقيمت هذه الأسماء المشتقة من الفعل مقامه، فانتصبت لذلك على الظرف من قبل ما قامت مقامه لا من قبل أنفسها. وقيل لما كانت هذه أمثال القرب والبعد، ولا يراد حقيقة اللفظ حمل على المعنى فقولهم: أنت مني مناط الثريا معناه: أنت مني مكانًا مباعدًا غاية البعد، وكذا معقد الإزار هو كناية عن غاية القرب، فكما لو تكلم بها جاز، فكذلك ما دل عليه، وهذا قول؛ سن وقال به ابن الطراوة، ويرجع ذلك كله إلى معنى المبهم. وذهب الكسائي إلى أن انتصاب هذه الأسماء المختصة المشتقة من الفعل انتصاب الظروف مقيسًا ومعنى: «مقعد القابلة أي من النفساء». ومعقد الإزار من المؤتزر، ومنزلة الولد من أبيه، ومنزلة الشغاف من القلب، ومقعد رابئ الضرباء من الضربى، ومناط الثريا من الدبران، أو من يد المتناول، ومزجر الكلب من الزاجر، فجميع ذلك يتعلق فيه منى الأولى بالظرف لما تضمنه من معنى الفعل، لوقوعه موقع الخبر أي هو كائن مني. وتتعلق (من) الثانية بنفس اسم المكان لما فيه من الدلالة على الفعل الذي اشتق منه، وتعلق (من) الأخيرة باسم المكان هو مذهب سيبويه، وزعم ابن خروف أن حرفي الجر يتعلقان بمحذوفين تقديره: قرب زيد مني قرب الشغاف من القلب، وبعد مني بعد مزجر الكلب من الزاجر. وذهب بعض النحاة إلى أن المختص الذي لا شكل له ولا صورة كمزجر الكلب، ومقعد القابلة، ونحوه هو على حذف الجار، كأمرتك الخير، وإذا لم تذكر من الثانية فقلت: هو مني مناط الثريا يتعلق مني بمحذوف وهو خبر أي: أنت من اتباعي، ومناط الثريا خبر ثان، وقيل: بما في الظروف من البعد والقرب كأنك

قلت: هو قريب مني، والمجرور يعمل فيه المعنى. وإن تقدم كقوله: ... ... ... ... ... … كل فؤاد عليك أم أي مشفق عليك، فقدم عليك على (أم).

فصل

فصل الظروف بالنسبة إلى التصرف وعدمه أقسام، والتصرف أن يستعمل غير ظرف، فمن الكثير التصرف: مكان، ويمين، وشمال، وذات اليمين، وذات الشمال تقول: اجلس مكانك، ومكانك حسن. وجلس يمين زيد، وشمال بكر، ويمين الطريق أسهل، وشمالها أقرب، وقال تعالى: «ذات اليمين وذات الشمال». وقالت العرب: منازلهم يمينًا وشمالاً، وتقول: دارك ذات اليمين، ومنازلهم ذات الشمال، وقال تعالى: «عن اليمين وعن الشمال قعيد»، وإذا كان مكانك بمعنى بدلك فلا يتصرف، ويأتي ذكره مع ما لا يتصرف. القسم الثاني: ما هو متوسط التصرف، وهو الجهات الست غير فوق. وتحت وذلك أمامك، وقدامك، ووراءك، وخلفك، وأسفل، وأعلا قرئ «والركب أسفل منكم». وفي الترشيح: تقول: إن أسفل الدار آجرًا، تجعله ظرفًا، وإن أعلا الدار آجر، لأن هذا اسم لا ظرف والظروف تؤخذ سماعًا ولا تقاس. انتهى. وزعم الجرمي أنه لا يجوز استعمال الجهات الست إلا ظرفًا، ولا يقاس على استعمالها أسماء، ونقل عنه أيضًا أنه لا يجوز استعمال خلف، وأمام، اسمين إلا في الشعر هذا نص النقل عنه، والقياس يقتضي التسوية بينهما وبين الجهات غير فوق وتحت.

وذهب الفارسي إلى أن استعمال خلف، وأمام، ظرفين أحسن من استعمالهما اسمين، واستعمال المتوسط أسماء يكون بلا تجوز نحو: خلفك مجدب، وراؤك أوسع لك، ويتجوز في نحو: زيد خلفك؛ إما على جعل (زيد) مجازًا، وإما على إضمار أي: مكان زيد خلفك، والمعرفة والنكرة في هذا سواء عند البصريين، ومذهب الكوفيين أن ظرف المكان عندهم لا يكون عندهم لا يكون إلا معرفة بالإضافة نحو: زيد خلفك أو تشبيهًا للمعرفة نحو: زيد خلف حائط، فإن قيل قعدت وراء وقداما وخلفًا، فقد تقدم أن ذلك في مذهبهم ليس ظرفًا بل معنى: وراء وخلفًا: متأخرًا، وقدامًا متقدمًا، ومكانا طيبًا، وبقعة صالحًا تربًا فقولك: رأيتك مكانًا طيبًا معناه: تربًا ومغتبطًا، فنصب هذا على الحال، وتقدم في باب المبتدأ: أن الظرف إذا كان خبر مضافًا إلى معرفة، والمبتدأ اسم موضع جاز فيه الرفع والنصب نحو: داري خلفك وخلفك، أو لغير ذلك وجب النصب نحو: زيد خلفك. ومن متوسط التصرف (بين) قالوا: هو بعيد بين المكنبين، نقي بين الحاجبين، وقال تعالى: «مودة بينكم» في قراءة من أضاف، وقال تعالى: «لقد تقطع بينكم» في قراءة من رفع. وزعم الفراء أن بين إذا تصرف فيها لم تستعمل مرفوعة اللفظ، ولا منصوبة، إنما

تكون في موضع رفع، أو نصب مع كونها بحركة الفتحة، وأن تصرفها إنما هو فيما كان أصلاً أن ينتصب على الظرف، وقال: ولذلك يسوغ إضمار (ما) في نحو: فأدبرن كالجمع المفصل بينه … ... ... ... ... ... ... فيجوز في (بينه) أن يكون في موضع رفع، لأنه اسم ما لم يسم فاعله، ويجوز إضمار (ما) فيكون اسم ما لم يسم فاعله، ولا يجوز حذف بين إذا وقعت بعد (ما) نحو قول العرب: مطرنا ما زبالة فالثعلبية، قال: تحذف (بين) بعدها، وهو يريدها وتقديره: ما بين زبالة إلى الثعلبية، فنابت زبالة عن بين، وجعل نصب بين فيها، ولزمت الفاء مكان إلى، ولا يصح غيرها من حروف العطف. ولا يصح إسقاط (ما) من هذا المعنى عندهم لا يقال: مطرنا زبالة فالثعلبية. انتهى. (ما) عندي زائدة لازمة كما لزمت في قولهم: «آثرا ما» وإذا وقعت بين مكنيين، أو مكنى، وظاهر وجب تكرارها، وقد تكرر بين ظاهرين، ويشترط يبين في قولهم: بينا أنصفني ظلمني، وبينما اتصل بي قطعني قاله في الواضح. وزعم ابن مالك أن (بين) قد تكون ظرف زمان، واستدل على ذلك بلفظ جاء في الأثر على عادته في إثبات القواعد النحوية بما روى من ذلك.

القسم الثالث: ما هو نادر التصرف، ومنه (وسط) فالظرف ساكن العين، والاسم متحركها، تقول العرب: زيد وسط الدار فهذا ظرف، وضربت وسطه فهذا اسم مفعول به. والكوفيون لا يفرقون بينهما، ويجعلونهما ظرفين، وقال الفراء: إذا حسنت فيه (بين) كان ظرفًا نحو: قعدت وسط القوم. وإن لم تحسن فاسم. وعنه أيضًا: أن المسكن، والمحرك يكون اسمًا وظرفًا، وفرق بين ما يصلح فيه بين فمسكنة، وما لا يصلح فيه فمحركة، وجوز في كل واحد منهما الآخر. وقال ثعلب: ما كان أجزاء تنفصل قلت فيه وسط تقول: اجعل هذه الياقوت وسط العقد، وهذه الخرزة وسط السبحة، ولا تقعد وسط القوم. وما كان مصمتًا بلا أجزاء، ولا يتفرق قلت: احتجم وسط رأسك، وصل وسط الصحن، وقال: نحو من قول ثعلب، أبو علي أحمد بن محمد المرزوقي في شرحه لكتاب أبي علي لكذة الأصبهاني: وسط اسم الشيء الذي لا ينفك عن الشيء المحيط به جوانبه، ووسط بتسكين العين: اسم الشيء الذي ينفك عن الشيء المحيط به جوانبه. انتهى. ومما جاء وسط الظرف متصرفًا فيه قوله: ... ... ... ... ... … ... ... .... وسطها قد تفلقا

و: وسطه كاليراع ... ... ... ... ... … ... ... ... ... .... و: من وسط جمع ... ... ... ... … ... ... ... ... ... و (حيث) ذكر ابن مالك أنها مما ندر تصرفها، وأنشد ما لا حجة فيه، والصحيح أنها لا تتصرف لكنها جرت (بمن) كثيرًا، و (بفي)، شاذًا نحو: فأصبح في حيث التقينا شريدهم … ... ... ... ....

وبعلى قال: سلام بني عمرو علي حيث هامكم … ... ... ... ... .... وبالباء نحو: ... ... ... ... ... … كان منا بحيث يعلو الإزار و (إلى) نحو: ... ... ... ... .... … إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم وأضيفت (لدي) إليها في قوله: «لدي حيث ألقت» ولم تجيء فاعلاً، ولا مفعولاً به، ولا مبتدأ، وتبنى على الضم، وعند بني يربوع، وطهية: تبنى على الفتح على كل حال في الخفض، والنصب نحو: قعدت حيث قعد

زيد، و: «من حيث لا يعلمون» ولا تضم في لغتهم، وعند بني الحارث من أسد، وبني فقعس يخفضونها في موضع الخفض، وينصبونها في موضع النصب يقولون: «من حيث لا يعلمون»، وكان ذلك حيث التقينا، وزعم ابن سيده أن أصل حيث: حوث، وقال اللحياني: هي لغة طيئ يقولون: حوث عبد الله زيد، ومن العرب من يفتح حوث. والجملة التي تضاف إليها حيث شرطها: أن تكون خبرية اسمية، أو فعلية مثبتة مصدرة بماض، أو مضارع مثبتين، أو منفيين بلم، أو (لا) فأما ... ... ... ... ... … من حيث ما سلكوا ... ... .... فـ (ما) زائدة، وذهب الزجاج: إلى أن حيث موصولة، وليست مضافة،

فهي في هذا بمنزلة (الذي) [توصل بالجمل فيكمل بها اسمًا، ولا موضع لها للجمل في الأصل، ولا يجوز على هذا أن يعمل عامل في صلة حيث كما لا يعمل في صلة الذي] ومذهب البصريين أنه لا يجوز إضافتها إلى المفرد، وما سمع من ذلك، نحو: ... ... ... ... … ... ... ... ... حيث لي العمائم نادر، وأجاز الإضافة إلى المفرد الكسائي، قياسًا على ما سمع من إضافتها إلى المفرد. وقال ابن مالك: أندر من إضافتها إلى مفرد إضافتها إلى جملة مقدرة، واستدل ببيت ظاهره أنه لا حجة له فيه.

وذهب الأخفش إلى أن (حيث) تأتي ظرف زمان، وقد فرع الكوفيون صورًا على حيث منها: «حيث نلتقي طيب» حكم على حيث بالرفع، لأنه اسم المكان الذي خبره طيب. وإن حيث زيد ضربت عمرا، وقال هشام: حيث زيد عمرو، وحيث زيد عمرو، وإن حيث أبوك كان أخاك، إن حيث أبوك قائم أخاك جالس، إن حيث أبوك قائمًا أخاك جالس، إن حيث أبوك قائمًا أخاك جالسا، إن حيث أبوك قائمًا أخاك جالس، إن حيث أبيك قائمًا أخاك جالس، ويجوز جالسًا، ومنع الأخفش، وأنت حيث زيد جالس واسعًا، لأن حيث لا تكون إلا ظرفًا، وأجاز الكسائي أن تكون اسمًا. و (دون) إذا كان بمعنى ردئ، فليس بظرف حكى سيبويه: هذا ثوب دون أي ردئ. ومثال ظرفيتها: جلست دون زيد، وزيد دونك يعني في الشرف، ولا يتصرف فيها بغير (من)، وندر تصرفها بغير (من) قال: ... ... ... ... ... … ... ... ... .... والموت دونها وقال الأخفش في قوله تعالى: «ومنا دون ذك» إن (دون) مبتدأ،

وبني لإضافته إلى مبني، وقال الفراء: سواك، ومكانك، وبدلك، ونحوك، ودونك، لا ستعمل أسماء مرفوعة، ولا ترفع على اختيار، وربما رفعوا قال ابن ثروان: أتاني سواءك، وقال الفراء: وسواك يجري مجرى قصدك، وحكى زيد سوى عمرو بمعنى حذاء عمرو، وقال: الرفع في (سوى) و (بدل) أقوى منه في (دون). وقال ابن أصبغ: لا يجوز زيد دونك بالرفع عند سيبويه، وأنت تريد المكان، وأجازه غيره في كتاب الواضح: مررت بابن عشر، أو دونه، ومررت بابن عشر ودونه، ومنزلة بالحيرة أو دونها، وما مررت بابن عشر إلا دونه بالنصب، والخفض فيها والخفض مع الواو أسبق. انتهى. والذي عليه سيبويه، وأصحابه أنها لا تتصرف ومذهب الأخفش، والكوفيين أنها تتصرف قليلاً. القسم الرابع: ما هو عادم التصرف، وذلك (فوق) و (تحت) نص الأخفش على أن العرب تقول: فوقك رأسك، وتحتك رجلاك، فينصبونه. وقال بعض النحاة: فوقك رأسك، وفوقك قلنسوتك، وتحتك رجلك، وتحتك نعليك، أجاز الرفع فيما أخبر به عن الرأس والرجل. وقال أحمد بن يحيى: هما سواء لا فرق ترتيبهما بالنصب، وقد تصرف فيهما (بمن) قال تعالى: «من تحتها الأنهار» و: «فخر عليهم السقف من

فوقهم» وشذ الجر بالياء في قوله: ... ... ... .... … لست رهنًا بفوق ما أستطيع وقول سحيم: فشبهنني كلبًا ولست بفوقه … ولا دونه أن كان غير قليل وبعلى قال ... ... ... ... … على فوق سبع ... ... ... (عند) لا تستعمل إلا مضافة، ولا يفارقها النصب على الظرفية إلا مجرورة بمن، وهي للحضور أو القرب حسًا، أو معنى، فمن الحضور الحسي والمعنوي: «قال الذي عنده علم من الكتاب» ومثال القرب الحسي: «عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى»، والقرب المعنوي: «وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار»، والمشهور كسر عينها، ويجوز فتحها وضمها، وبمعناها (لدى).

على الصحيح لا بمعنى لدن، وينبني عليهما المبتدأ لابتداء غاية وغيرها وقال تعالى: «وعنده مفاتح الغيب» «ولدينا كتاب ينطق بالحق». وتقلب ألف (لدى) مع الضمير، وقد تقر معه، وإقرارها مع الظاهر هو الكثير، وقد تقلب فيقال: لدى زيد أجروه مجرى المضمر نحو: لديك ولديه، أنشد الفراء عن العرب: بانت تشيم لدى هارون من حضن … خالاً يضيء إذا ما مزنه ركدا أضيفت لدي إلى الجملة بخلاف (عند)، أنشد الفارسي: وتذكر نعماه لدن أنت يافع … إلى أنت ذو قودين أبيض كالنسر (لدن) لأول غاية زمان نحو: لدن غدوة، وما رأيته من لدن ظهر الخميس، أو لأول غاية مكان نحو: و «آتيناه من لدنا» أي: من جهتنا ونحونا: وقيل (عند) لما هو حاصل أو في تقدير الحاصل، و (لدن) لما كان حاصلاً متصلاً، وأكثر استعمال (لدن) بمعنى (من)، ويقال: لدن ولدن، ولدن، ولدن ولدن،

ولدن، و (لد) ولد، ولد. وفي بعض نسخ التسهيل (لت)، وأعرب اللغة الأولى وهي (لدن) قيس، وبذلك قرأ أبو بكر عن عاصم: «من لدنا» بجر النون، وإسكان الدال وإشمامها الضم، والأصل: من لدنه، وحكى أبو حاتم: «من لدنا» بضم الدال، وكسر النون، وتقول في النصب: لدنه ولدنه بضم الدال، وسكونها مشمه الضم، وتبجر المنقوصة إذا أضيفت إلى المضمر من لدنه ومن لدني، ولا يجوز «من لدك»، ولا من لده، ولا يبنى عليها المبتدأ، ويجر ما يليها بالإضافة لفظًا، إن كان مفردًا، أو تقديرًا إن كان جملة، ولا يضاف إلى الجمل من ظرف المكان إلا هي، و (حيث)، فتضاف إلى جملة الابتداء نحو: وتذكر نعماه لدن أنت يافع … ... ... ... ... ... وإلى الفعلية نحو: لزمنا لدن سالمتمونا وفاقكم … ... ... ....

وجاءت (أن) زائدة بعدها في قوله وليت فلم نقطع لدن أن وليتنا … ... ... ... ... ... وقال ابن الدهان: ولا يضاف من ظروف المكان إلى الجمل إلا (حيث) وحدها ... ... ... .... … لدن شب ... ... ... .... على إضمار (أن) كما صرح بأن في أراني لدن أن غاب رهطي وإخوتي … ... ... ... ....

وإن كان المفرد لفظ (غدوة)، فيجوز الجر على الأصل، وهو الأكثر، وقال يونس: بعضهم ينصب فيقول: لدن (غدوة)، ومع حذف النون تقول: لد غدوة، ويعني يونس غدوة لا كل اسم، قال سيبويه: لا ينصب (لدن) غير (غدوة) فلا تقول: لدن بكرة. فأما من لدن شولاً ... ... ... .... فعلى إضمار (كان) الناقصة أي: كانت شولاً، وانتصاب (غدوة) قيل بـ (لدن) شبهت نونها وإن كانت من سنح الكلمة بالتنوين، فصارت تثبت تارة، وتحذف أخرى، فأشبهت ضاربًا، وقيل النصب على إضمار (كان) واسمها مضمر فيها، كما قال سيبويه: في (من لدن شولاً). وروى الكوفيون رفع غدوة بعد (لدن) على إضمار (كان)، وقال ابن جني: شبهه بعضهم بالفاعل فرفع، فقال: لدن غدوة كما تقول في اسم الفاعل: ضارب زيد، وفي البديع لمحمد بن مسعود الغزني: المضاف إليه المحذوف من قولهم: لدن غدوة من غير ذكر جرى، كقولك: لي مثله رجلاً، لأن تقديره لدنها غدوة، ولذلك انتصب (غدوة) على التمييز، كما انتصب رجلا عليه. وإذا عطفت على (غدوة) المنصوب بـ (لدن) فقلت: لدن غدوة وعشية، فقد أجاز أبو الحسن الجر في المعطوف والنصب وقال ابن مالك: النصب في المعطوف بعيد عن القياس. والذي أختاره أنه لا يجوز في المعطوف إلا النصب.

(مع) اسم لمكان الاصطحاب، أو وقته على حسب ما يليق بالمضاف، وتجر (بمن). حكى سيبويه: ذهب من معه، وقرئ «هذا ذكر من معي» أي من قبلي، وحكى الفراء عن العرب: «إن الفضل ليكون مع القوم ثم يقوم من معهم». وتقع خبرًا، وصلة، وصفة، وحالاً، ودالة على حضور نحو: «ونجي ومن معي»، وعلى قرب: إن مع اليوم أخاه غد، وحركته حركة إعراب، وكان قياسه البناء، وقد بناه بعضهم على السكون، وهي لغة لربيعة، وغنم بسكونه قبل حركته، ولم يحفظ سيبويه أن السكون لغة، فزعم أنه لا يكون إلا في الضرورة كقوله: فريشي منكم وهواي معكم … ... ... ... ...

وزعم أبو جعفر النحاس: أن الإجماع منعقد على صرفيتها، إذا كانت ساكنه، والصحيح كونها اسمًا إذ ذاك، وكلام سيبويه يشعر بذلك. وإذا لقيت الألف واللام، أو ألف الوصل فعامة العرب على فتح إعراب كحالتها في حالة الإضافة، والكلمة ثنائية اللفظ حالة الإفراد، وحالة الإضافة. وذهب يونس، والأخفش إلى أن الفتحة فيها كفتحة (تاء) (فتى)؛ وأنها حين أفردت رد إليها المحذوف، وهو لام الكلمة، فصار مقصورًا، وقال ابن مالك وهو الصحيح.

والصحيح عندي مذهب الخليل، وسيبويه، والأكثر في (معًا) النصب على الحال، ووقوعها خبرًا للمبتدأ قليل نحو: ... ... ... ... وأهوائنا معًا … ... ... ... ... ... و: ... ... ... ... ... … ... ... ... ... ... حاجاتنا معا وقال بعضهم في نحو: وأهواؤنا معا أنه حال، والخبر محذوف تقديره: كائنة معا، وليس بصحيح. (شطر) بمعنى (نحو) لا تتصرف. وأهمل ذكره أكثر النحاة قال تعالى: «فولوا وجوهكم شطره» أي نحو البيت وجهته، وقد جر (نحو) بعضهم بمن قال: أظلكم من شطر ثغركم … ... ... ....

والشطر مشترك بين نصف الشيء، والجزء منه والجهة، وقالت العرب: في يمينها لا والذي وجهي رسم بينته أي نحو بيته، وجهته، فاستعملت رسما بمعنى نحو: ظرف مكان. (بدل) لا بمعنى بديل، لم يذكر الكوفيون أنه يكون ظرف مكان إنما ذكره البصريون تقول: هذا بدل هذا، أي مكان هذا: مكان بمعنى (عوضك) وسواك بمعنى مكانك لا تتصرف، وتقدم قول الفراء في شيء من هذا القسم الثالث. (بين بين) ... ... ... ... وبعـ … ـض القوم يسقط بين بينا أي بين هؤلاء، وبين هؤلاء، أزيلت الإضافة، وركب الاسمان تركيب خمسة عشر، ولو أضيف على (بين بين) تعين زوال الظرفية، فتقول: همزة (بين بين)، وخطأ أبو الفتح قول من قال: همزة بين بين بالفتح.

ولو أضيف صدر (بين بين) إلى عجزها، جاز بقاء الظرفية كقولك من أحكام الهمزة: التسهيل وزوالها كقولك: التسهيل بين بين أقيس من الإبدال. (حول) وحوال، وحولى، وحوالي وأحوال تقول: هم حواليك وكذا باقيها، ولا تشفع التثنية هنا الواحد، وقالت العرب: القوم حواليك، والناس أحوالك، والناس جنبيك وجنانبيك، فثنوا المحل، وجمعوه حروفًا مختصة لا يقاس عليها غيرها. قالت العرب: القوم أقطار البلاد، ولا يقال: القوم نواحي الأرض قياسًا على أقطار البلاد، كما لا يقاس على القوم جنبيك: القومي ديك، ورجليك، وكفيك وعضديك، وما يشبهه. (هنا) وهناك، وهنالك، وهنا، وهنا، وهنت وثم تقدم الكلام عليها في آخر باب الإشارة، (صددك)، وصقبك، ووزن الجبل، وزنة الجبل ذكر سيبويه انتصابها ظروفًا، وهم قرابتك ينبغي أن تتصرف إذ قياس كل ظرف أن يتصرف إلا إن نقل أنه مما يلزم أن يكون ظرفًا.

فصل

فصل المصدر المتصرف، والظرف لزمان، أو مكان المتصرف يجوز أن يتسع فيهما، فيجع لمفعولاً به مجازًا تقول: ضربتك الضرب زيدًا، انتصب الضرب على أنه مفعول به مجازًا، وتقول: سرت اليوم تنصبه على التوسع نصب المفعول به، وكذلك سرت ميلاً، والتوسع يكون في ظرف المكان المتصرف، كما يكون في ظرف الزمان، وفي البسيط: التوسع في ظرف المكان لا يطرد بخلاف ظرف الزمان، ويقال: نحي نحوك، وقصد قصدك، وأقبل قبلك رفعوا، فدل على نصب التوسع. ولا يجوز في ضربت خلفك، فتجعله مفعولاً، فتوسع الفاعل والمفعول غير مطرد في المكان. انتهى. وتقدم أن من مذهب الكوفيين أن الظرف إذا كان العمل في جميعه فلا ينصب ظرفًا، وإن كان في بعضه جاز أن ينتصب على الظرف، وعلى التشبيه بالمفعول به ولم يفصل البصريون، بل أجازوا فيهما أن يكون مفعولا به على السعة، ويجوز أن يجمع بين مصدرين فأحدهما متسع فيه إذا اختلفا بالوصف، أجاز سيبويه: سير عليه أيما سيرًا شديدًا، وإذا اتسع في المصدر جاز أن يضمر فتقول: الكرم أكرمته زيدًا، تجمع بين الضمير والمفعول به، وإذا اتسع في الظرف، فأضمرته كان غير مقرون (بفي) نحو قوله في ظرف الزمان: ويوم شهدناه سليمًا وعامرًا … ... ... ... ....

ظرف المكان ومشرب أشربه وشيل … لا آجن الطعم ولا وبيل مشرب اسم مكان الشرب، ومن مثل سيبويه: سير عليه فرسخان، وإذا أضمر الزمان والمكان، لم يقع خبرًا لمبتدأ منصوبًا كما يقع الظرف تقول: يوم الجمعة سفري فيه، ولا تقول سفري إياه، ولا تقول اليوم إن سفري إياه، ولا اليوم كان سفري إياه، وكذلك ظرف المكان إنما يكون ذلك بفي. ولذلك منع أبو الحسن أن يقال: أما الليلة فالرحيل إياها، وذلك للجمع بين اتساعين، وهما على خلاف الأصل الأول والاتساع في حذف العامل، وهو مستقر، والثاني حذف في، والتصرف يشمل ما كان مشتقًا نحو: المشتى والمصيف، والمضرب، وما في أوله ميم من المصدر والظرف، وما كان انتصب من المصادر انتصاب الظرف نحو: خفوق النجم، ومقدم الحاج، وما قطع من الظرف عن الإضافة، وعوض مما أضيف إليه التنوين نحو ساعتئذ، وحينئذ كل هذا يجوز فيه التوسع. ويضعف التوسع في صفة الظرف نحو: سرت قليلاً إلا إن وصفت، وقد يحسن في بعضها إذا كثر فيها التصرف نحو: قريب، ولا تجرى صفة المصدر هذا

المجرى في الاتساع ويسوغ الاتساع الإضافة إلى المصدر وإلى الظرف نحو: ما ضارب الضرب زيدًا، وقوله تعالى: «بل مكر الليل والنهار»، «تربص أربعة اشهر»، ويا سائر الميل، والإسناد إليهما نحو: سير عليه أيما سير، وولد له ستون عامًا، وسير عليه فرسخان. وإذا توسع في واحد فلا يتوسع فيه نفسه مرة أخرى، مثال ذلك أن تضيف إليه ثم تنصبه نصب المفعول به. ومن النحاة من ذهب إلى أنه لا يتوسع في شيء من الأفعال إلا إذا حذف المفعول الصريح، إن كان التوسع في المعنى، وإن كان توسعًا في اللفظ جاز مطلقًا، والاتساع على وجهين. أحدهما: أن يكون على حذف مضاف فإذا قلت: صيد عليه يومين، فأردت وحسن يومين جاز بلا خلاف. والآخر: أن يجعل اليومين مصيدين مجازًا، وهذا مذهب سيبويه والجمهور. وذهب ابن كيسان إلى أن الاتساع إذا كان على هذا الوجه الثاني هو حصر الفعل في الظرف، فإذا قلت: يوم الجمعة صمته، فالمعنى أنك اعتمدته بالصوم، ولم تصم غيره وإذا قلت: صمت فيه احتمل أن يكون صمت فيه، وفي غيره، وكذلك إذا قلت: سير عليه فرسخان، فالتقدير أنه لم يسر إلا الفرسخين لا غيرهما، ولا يجوز سير عليه مكان. والمصدر إن اتسع فيه فانتصب نصب الظرف، نحو: سير عليه خفوق النجم، فإما على إرادة زمن، وإما على جعل الخفوق حينًا، ولا يكون ذلك في ظرف المكان لو قلت: سير عليه ضرب زيد «تريد مكان ضرب زيد» لم يجز،

والعامل في التوسع فيه هو الفعل، أو ما جرى مجراه من الأسماء، فإن كان العامل في الظرف حرفًا أو اسمًا جامدًا بما فيه من معنى الفعل، وهو قليل فلا يتوسع فيه مع شيء منها، والتوسع بالنسبة على العامل يجوز. وإن كان الفعل متعديًا إلى ثلاثة، أو اثنين أو واحد، أو كان لازمًا، وهذا مذهب الأخفش، والجمهور وظاهر كلام سيبويه. وذهب أكثر النحاة فيما نقل ابن عصفور إلى جواز ذلك في اللازم، وفيما يتعدى إلى واحد، وفيما يتعدى إلى اثنين لا فيما يتعدى إلى ثلاثة. وذهب بعض النحاة إلى أنه لا يجوز الاتساع إلا مع اللازم ومع المتعدي إلى واحد فقط، قال ابن عصفور: وهذا غير صحيح، وزعم أنه لا يسمع الاتساع إلا مع اللازم، ومع المتعدي إلى واحد. فرع: هل يتسع في الظرف مع كان وأخواتها، هو مبني على الخلاف هل تعمل في الظرف أو لا، فإن قلنا: لا تعمل فلا يتوسع، وإن قلنا: يجوز أن يعمل فيه، فالذي يقتضيه النظر أنه لا يجوز التوسع فيه معها.

باب المفعول به

باب المفعول به هو ما كان محلاً لفعل الفاعل خاصة نحو: ضربت زيدًا، وهو منصوب إذا لم يبن لما لم يسم فاعله، والكلام هذا هو في المفعول الذي لم يكن من باب ظن وأعلم. وإنما هو فيما يتعدى إلى واحد أو إلى اثنين من باب أعطى، أو إلى اثنين أحدهما أصله بحرف الجر، وإذا وجد مفعولان، وأحدهما مفعول في المعنى، أو مقيد بحرف الجر، فالأصل تقديم ما هو فاعل في المعنى، وتقديم ما ليس مقيدًا بالحرف فإذا قلت: أعطيت درهمه زيدًا جاز عند البصريين ومنه. فدع ذا، ولكن ما ينالك نفعه … ومن كان يعطي حقهن القصائدا ومنع ذلك هشام، قال ابن عصفور: وبعض البصريين، وقال ابن كيسان: هي قبيحة. ولا يجوز أعطيت مالكه الغلام، ولا مالكه أعطيت الغلام إلا عند الكوفيين، إذا قدرت أن الإعطاء أخذ للغلام أولاً، فالأول عندهم هو الذي يقدر آخذًا له قبل صاحبه، ولو قدمت على الفعل المفعول الثاني متصلاً به ضمير الأول نحو: ثوبه أعطيت زيدًا، جاز ذلك عند البصريين، والفراء، وثعلب. وقال هشام لا يجوز، وقال ابن كيسان: درهمه أعطيت زيدًا أجود من أعطيت درهمه زيدًا. وقال ابن عصفور: درهمه أعطيت زيدًا جائزة بلا خلاف، وقد نقل فيها الخلاف، كما ذكرنا أبو جعفر النحاس، وتقول: أعطيت ما أراد زيدًا جاز عند البصريين إلا من منع منهم أعطيته درهمه زيدًا.

وما أراد أعطيت زيدًا، جائزة عند البصريين، ولا يجوز هذه، ولا التي قبلها عند الكوفيين، وتقول: اخترت قومه عمرًا، واخترت من قومه عمرًا، ولا يجوز اخترت أحدهم القوم، ولا اخترت أحدهم من القوم إلا على قول من قال: ضرب غلامه زيدًا. وفي جواز اخترت أحدهم من القوم خلاف، فإذا قلت: لبست ألينهما من الثياب، وأخذت درهمه من زيد، وأنت تريد: لبست من الثياب ألينها، وأخذت من زيد درهمه. فذهب الكوفيون إلى أن ذلك لا يجوز قالوا: إذا كان المكنى من مخفوض، والمخفوض في غير تأويل المنصوب لم يجز لمكنيه أن يتقدم عليه، ولذلك امتنع: دارها يسكن غلام هند، وفي دارها غلام جاريتك. فإن كان المخفوض في معنى المنصوب فلا اختلاف بينهم في تقديمه نحو: في داره مررت بزيد، وقال ابن عصفور: لا يجوز لبست ألينهما من الثياب، كما لا يجوز أعطيت صاحبها الجارية. ويجوز ذلك عند الكوفيين إذا قدرت أن الفعل تناول المجرور قيل: فإذا قلت: أتيت في داره زيدًا جاز ذلك باتفاق. انتهى. وهو مخالف لما حكيناه عن الكوفيين قاطبة، أنه لا يجوز لبست ألينهما من الثياب من غير تفصيل، والذي حكيناه نقلناه عن أبي جعفر النحاس، وقال النحاس: أكثر البصريين لا يجيز: لبست ألينهما من الثياب. وترك هذا الأصل الذي تقدم ذكره وجب، وجائز، وممتنع مثال الواجب: ما أعطيت درهمًا إلا زيدًا، وأعطيت الدرهم صاحبه، وهما نظيرا: ما ضرب زيدًا إلا عمرو.

ومثال الممتنع: ما أعطيت زيدًا إلا درهما، وأكفلت زيدًا عمرًا؛ أي جعلت زيدًا يكفل عمرًا، وهذان نظيرا: ما ضرب زيد إلا عمرًا، وضرب موسى عيسى. وما خلا من سبب الوجوب وسبب الامتناع جائز أن يبقى الأصل نحو: كسوت زيدًا ثوبًا، وجائز أن يخالف الأصل نحو: كسوت ثوبًا زيدًا ويجب تأخير منصوب الفعل إن كان الناصب أن مشددة أو مخففة فلا تقول: أنك منطلق عرفت، ولا أن سيخرج زيد علمت. وقياس ما أجازه هشام من أن: أن زيدًا منطلق حق، وما أجازه الفراء من الابتداء بأن الثقيلة نحو: أنك قائم يعجبني، يقتضي أن يجوز أنك منطلق عرفت. ويجب تقديمه إن تضمن معنى استفهام نحو: من رأيت وأيهم لقيت، ومتى قدمت، وأين أقمت. وسواء أقصد بالاستفهام ابتداء أو كان للاستثبات [هذا مذهب البصريين، ولم يحفظوا من تقديم العامل في الاستثبات] إلا قولهم: ضرب من منا، واعتقدوا شذوذه. وذهب الكوفيون إلى أن ما قصد به الاستثبات لا يلزم الصدر، وحكى الكسائي: ضرب من منا بالإعراب، وضرب غلام من منا بالإعراب، وضرب من منا، وضرب غلام من منا ببناء من الأولى فيهما. وحكوا أن العرب تفعل ذلك فيما تقول لمن قال: ضربت رجلاً: ضربت (ما) وضربت ماذا، وضربت مه، ولمن قال: ضربت الرجل ضربت ألما. وضربت ألماذا. وضربت ألمة بإدخال (أل) عليهما، وبحذف الفعل، وإلحاق هاء السكت لفظًا في الوقف، وخطا دون لفظ في الوصل، وما في جميع ذلك مبقاة على بنائها.

وحكى محمد بن جرير الطبري أن العرب تقولك تفعل ماذا، تصنع ماذا، ينصب كل مضارع يقع قبل ماذا، ألا تراهم يقولون: تريد ماذا بالرفع. وحكى الكوفيون أن العرب تقدم العامل على (أي) يقولون: لمن قال: ضربت رجلاً: ضربت أيا، ولم يقدموا العامل في شيء من أسماء الاستفهام غير (من وما وأى) إلا ما حكاه بعضهم عن بعض العرب أنه قال: إن أين الماء والعشب لمن قال: إن في موضع كذا ماء وعشبًا، فعلى هذا لو قال: ضربت عشرين رجلاً، فاستثبت، قلت: كم ضربت، ولم يجز أن تقول: ضربت كم. ويجب تقديمه إن كان اسم شرط نحو: أيهم تضرب أضربه، أو كان مضافًا إليه، أو إلى اسم استفهام نحو: غلام من تضرب اضربه، وغلام أيهم رأيت، أو نصبه فاصلاً جواب أما، نحو: أما زيدًا فاضرب، فإن فصله غير المفعول جاز له أن يتقدم نحو: أما اليوم فزيدًا اضرب، وإن يتأخر نحو: أما اليوم فاضرب زيدًا، أو كان معمول مفسر الجواب نحو: أما زيدًا فاضربه، أو كان ضميرًا منفصلاً لو تأخر وجب اتصاله نحو: «إياك نعبد». فلو كان إذا تأخر جاز اتصاله لم يلزم تقديمه نحو: الدرهم إياه أعطيتك، ولو تأخر جاز أعطيتكه، وأعطيتك إياه، أو كان (كم) الخبرية نحو: كم غلام ملكت: تريد كثيرًا من الغلمان ملكت. وحكى الأخفش أنه يجوز تقديم العامل على (كم) الخبرية في لغة رديئة للعرب تقول: ملكت كم غلام؛ أي ملكت كثيرًا من الغلمان، أو كان الناصب فعل أمر دخلت عليه الفاء نحو: زيدًا فاضرب. وفي الترشيح: زيدًا فاضرب، دخلت الفاء هنا لما في الكلام من معنى الشرط، ومعناه يدق، فإذا قلت: زيدًا فاضرب فكأن قائلاً قال لك: أنا لا أضرب زيدًا، ولكني أضرب عمرًا، فقلت أنت مجيبًا له: فاضرب عمرًا. ثم قلت: عمرًا

فاضرب، جعلت تقديم الاسم بدلاً من اللفظ بالشرط كأنك قلت: إن كان الأمر على ما وصفت فاضرب زيدًا، وكذلك على عمرو فانزل. انتهى. ويجوز في غير ما تقدم إن علم النصب تأخير الفعل إما بإعراب نحو: زيدًا ضرب عمرو، أو قرينة نحو: حبارى صاد موسى؛ فإن جهل لم يجز نحو: موسى ضرب عيسى. فلا يكون (موسى) مفعولاً به مقدمًا، بل مبتدأ فلو كان الفعل في التعجب نحو ما أحسن زيدًا، فلا يجوز ما زيدًا أحسن أو في صلة حرف ناصب للمضارع نحو: من البر أن تكف لسانك فلا يجوز: لسانك أن تكف، ولا أن لسانك تكف أو داخل على ماض نحو: أعجبتني أن ضربت زيدًا فلا يجوز أعجبني زيدًا أن ضربت، ولا أن زيدًا ضربت؛ فإن كان في صلة حرف ليس من شأنه أن ينصب، جاز التقديم نحو: عجبت مما تضرب زيدًا، فيجوز عجبت مما زيدًا تضرب أو في مقرون بلام الابتداء، لا تصحب خبر (إن) نحو: لسوف يرضى عمرًا زيد، فلا يجوز عمرًا لسوف يرضى زيد، فإن كان في خبر (إن) جاز نحو: إن زيدًا ليضرب عمرًا، فيجوز: عمرًا ليضرب أو بلام قسم نحو: والله لأضربن زيدًا، فلا يجوز: والله زيدًا لأضربن. وذكر أبو العباس بن الحاج في نقده على ابن عصفور صاحب (كتاب المقرب) أن ابن عصفور أغفل النواصب، والجوازم ونص النحاة على أنه لا يجوز: لم زيدًا أضرب، ولا سرت حتى زيدًا ألقى، لا خلاف في ذلك. ونص سيبويه على أنه لا يجوز ذلك في الجوازم إلا في (إن) وحدها من أدوات الشرط، ولا يجوز في الكلام إلا بشرط سيذكر في موضعه، وأغفل أيضًا (قد) و (سوف) و (قلما) و (بما) وأغفل أيضًا أنه لا يجوز: ما زيد عمرًا إلا يضرب على أن يعمل ما بعد (إلا) فيما قبلها.

وذكر الرندي، والبهاري أنه لا يجوز تقديم المفعول في مثل: ضرب القوم بعضهم بعضا، لأن الفاعل مفسرًا له. وذكر البهاري أنه لا يجوز تقديم الفاعل إذا كان المفعول مفسرًا له نحو: ضرب بعض القوم بعض. انتهى. ويجوز ضرب زيدًا غلامه، وضرب زيد غلامه، أو غلام أخيه، وأخذ زيد ما أراد، أو ما أكل طعامك إلا زيد، فلو قلت: زيدًا غلامه ضرب أو غلامه، أو غلام أخيه ضرب زيد، وما أراد أخذ زيد، وما طعامك أكل إلا زيد، جاز ذلك عند البصريين، ومنع ذلك الكوفيون في هذه المسائل الخمس، والصحيح الجواز، وبه ورد السماع ولا يقع فعل مضمر متصل على مفسره الظاهر نحو: زيدًا ضرب، فلو كان الضمير منفصلاً جاز نحو: ما ضرب زيدًا إلا هو، فيقع الفاعل على مفسره الظاهر. فلو أبرز الضمير المستكن، فقيل: زيدًا ضرب هو، أجاز ذلك الكسائي وحده، والذي تقتضيه الأقيسة أن ذلك لا يجوز، لأنه ليس من مواضع انفصال الضمير. فلو وقع على مضاف إليه نحو: غلام هند ضربت، وثوبي الزيدين يلبسان، فذهب الأخفش، والفراء إلى منعهما.

وذهب هشام، والبصريون في نقل ابن عصفور إلى الجواز، وأكثر البصريين في نقل النحاس إلى المنع، واختلف في النقل عن الكسائي، والمبرد والصحيح الجواز لثبوت ذلك في لسان العرب. فلو وقع على موصول بفعله أي بفعل المسند إلى مفسر الضمير جاز نحو: ما أراد زيد أخذ. قال ابن شقير: «ما أراد زيد أخذ» جائز من قول البصريين، سواء أكان زيد مبتدأ أم فاعلاً بأراد، وأما الكوفيون: فإن كان مبتدأ ما بعده خبره فلا تجوز المسألة. وإن كان زيد فاعلاً جاز عند الكسائي، وهو خطأ من قول الفراء، وقال ابن شقير: أخذ زيد ما أراد، أخذ ما أراد زيد، زيدًا أخذ ما أراد، زيد ما أراد أخذ، جائزة من كل قول. «ما أراد أخذ زيد» جائز عند البصريين، خطأ عند الكوفيين، إرادته أخذ زيد، جائز عند الجميع، ولو اتصل بالمفعول ضمير يعود على الفاعل، لم يلزم تأخير المفعول عند البصريين. وسواء أكان الضمير مرفوعًا، أو منصوبًا، وفرق الكوفيون بين أن يكون ضمير رفع فالتزموا تأخيره نحو: أخذ زيد ما أراد. وأجاز البصريون: أخذ ما أراد زيد، أو غير ضمير رفع جاز التقديم عندهم كمذهب البصريين نحو: ضرب غلامه زيد. ويجوز الاقتصار على منصوب الفعل من مفعول به وغيره مستثنى عنه بحضور معناه نحو: (زيدًا) لمن رأيته قد شرع في إعطاء مثلاً «أي أعط زيدًا» أو في

ذكر رؤيا (خيرًا)، ولمن قطع حديثًا: حديثك «أي ذكرت خيرًا»، و «تمم حديثك» أو سببه نحو قوله: إذا تغنى الحمام الورق هيجنى … ولو تسليت عنها أم عمار أي ذكرت أم عمار، لأن التهييج سبب للذكر، أو مقارنة نحو قوله: لمن تأهب للحج (مكة) أي أراد مكة، أو سدد سهمًا: القرطاس (أي يصيب) أو كبر مرتقب الهلال: (الهلال) أي رأى، أو الوعد به: زيدًا لمن قال سأطعم، أو السؤال عنه بلفظه (بلى زيدًا) لمن قال: هل رأيت أحدًا، أو بمعناه بلى وجاذًا لمن قيل له: أفي مكان كذا أحد أو عن متعلقه: «ماذا أنزل ربكم قالوا

خيرًا» أي أنزل خيرًا. أو بطلبه: ألا رجل إما زيدًا، وإما عمرًا؛ أي اجعله إما زيدًا، وإما عمرًا، أو اللهم ضبعًا وذئبًا أي اجمع فيها، أو بالرد على نافيه بلى زيدًا لمن قال: ما لقيت أحدًا، أو الناهي عنه «بل من أساء» لمن قال: لا تضرب أحدًا أو على مثبته لا بل زيدًا، لمن قال: ضرب زيد عمرًا، أو الأمر به «لا بل زيدًا» لمن قال: اضرب عمرًا، بإضمار لقيت، وأضرب، وضرب، واضرب، فهذا وفق اللفظ والمعنى، ومن المعنى دون اللفظ: «وقالوا كونوا هودًا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم» أي بل نتبع ملة؛ لأن معنى ما قبله: «اتبعوا ملة اليهود والنصارى». فإن كان الاقتصار في مثل أو شبهه في كثرة الاستعمال فهو لازم، ومثال الاقتصار في مثل قولهم: «كل شيء ولا شتيمة حر» أي ائت ولا ترتكب. «وهذا ولا زعماتك» يقال: لمخاطب كان يزعم زعمات، فلما ظهر خلاف قوله قيل له ذلك أي هذا الحق، ولا أزعم زعماتك، أو ولا أتوهم زعماتك، و «كليهما وتمرا» أصله أن إنسانا خير بين شيئين فطلبهما، وطلب معهما تمرًا، ثم استعمل لمن خير بين شيئين فطلبهما جميعًا. والتقدير اعطني كليهما، وزدني تمرًا، ومثال شبه المثل في كثرة الاستعمال حسبك خيرًا لك أي وائت خيرًا لك، ووراءك أوسع لك: أي وائت

مكانًا أوسع لك من وراءك، و {فآمنوا خيرًا لكم} و {انتهوا خيرًا لكم}؛ أي وائتوا خيرًا لكم وهذا فيه خلاف، ذهب الخليل، وسيبويه إلى أن هذه منصوبة بفعل مضمر يدل عليه الأول. وذهب أبو عبيدة، والكسائي إلى أن هذه منصوبة على إضمار يكن، وذهب الفراء إلى أن (خيرًا) منصوب باتصاله بالأمر، لأنه من صفات الأمر. وصرح بعضهم عنه بأن انتصابه به على أنه صفة لمصدر محذوف تقديره: انتهاء خيرًا لكم، وقال الفراء: ترى الكناية عن الأمر تصلح قبل الخبر تقول: اتق الله فهو خير لك. فإذا أسقطت (هو) اتصل بما قبله فنصب. انتهى. وقيل: لا يكون مثل هذا في الخبر عند الخليل وسيبويه، وأجاز الكسائي مثله في الخبر، وزعم أنه قد سمع: لتقومن خيرًا لك، ولآتين البيت خيرًا لي. وزعم الكسائي أن النصب لخروجه من الكلام قال: والعرب تقوله بعد الكلام التام، فإن كان مطلوبًا لغيره رفعوه، نحو: انته خير لك. وقال الوراق في قوله:

تروحى أجدر أن تقيلي هو على تقدير يكن أجدر، وأجاز ابن درستويه حذفها قياسًا بعد فعل الأمر، فأما قولهم: انته امرًا قاصدًا، فالتقدير: وائت أمرًا قاصدًا، وهذا يجوز فيه إضمار الفعل. وإظهاره بخلاف: {انتهوا خيرًا لكم} وما ذكر معه: فإنه يجب إضمار الفعل، وقد غفل الزمخشري عن نص سيبويه في ذلك فجعل: انته أمرًا قاصدًا، وانتهوا خيرًا لكم، سواء في وجوب إضمار العامل. وجعل سيبويه من هذا القبيل قول ذي الرمة: ديار ميه ... ... ... .... … ... ... ... ... ...

قال: كأنه قال: اذكر ديار ميه، ولكنه لا يذكر (اذكر) لكثرة ذلك في كلامهم. انتهى. ومما التزم فيه إضمار الناصب: امرءًا ونفسه، والكلاب على البقر، وأحشفًا وسوء كيلة، ومن أنت وزيدًا، وإن تأتني فأهل الليل وأهل النهار، ومرحبًا وأهلاً وسهلاً، وعذيرك بإضمار دع، وأرسل، وأتبيع، وتذكر، وتجد وأصبت، وأتيت، ووطئت، وأحضر. وقد يجعل بعض المنصوبات هنا مبتدأ، أو خبرًا فيلزم حذف أحد الجزأين، قال سيبويه: ومن العرب [من يرفع الديار كأنه يقول تلك ديار فلانة ومن العرب] من يقول: كلاهما وتمرًا، كأنه قال: كلاهما لي وزدني تمرًا، وكل شيء ولا شتيمة حر، كأنه قال: كل شيء أمم ولا شتيمة حر، وترك ذكر الفعل بعد (لا)، ومن أنت زيد أي كلامك أو ذكرك زيد، وفي حواشي المفصل: من أنت زيدًا أي ذاكرًا زيدًا، وانتصاب (ذاكرًا) على الحال بفعل مضمر أي: من كنت أنت ذاكرًا زيدًا. ومن هذا النوع التحذير والإغراء، والشائع في التحذير أن يراد به المخاطب نحو: إياك وأخواته، والتحذير إلزام المخاطب الاحتراز من مكروه، أو ما جرى

مجراه، والإغراء إلزام المخاطب العكوف على ما يحمد عليه من صلة رحم، وحفظ عهد، ونحوهما، فينصب تحذرًا، إياي أو إيانا معطوفًا عليه المحذور، وهذا للمتكلم نحو: «إياي وأن يحذف أحدكم الأرنب»، أي إياي نح عن حذف الأرنب، ونح حذف الأرنب عن حضرتي، وزعم الزجاج أن ذلك جملتان، والتقدير «إياي وحذف الأرنب وإياكم وحذف أحدكم الأرنب» حذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول، وقد قال بعضهم: إياي ليس على فعل أمر بل على معنى إياي (أباعد) تجعله خبرًا، وكأنه أجاب من قال: إياك من الشر أي إياك باعد فقال: إياي أي إياي أباعد وينصب تحذيرًا إياك وأخواته. ونفسك وشبهه من المضاف إلى المخاطب معطوفًا عليه المحذور، بإضمار ما يليق من نح أو اتق وشبههما نحو: إياك والشر، وإياك والأسد، ومذهب السيرافي، وجماعة أنه معطوف على إياك، والكلام جملة واحدة التقدير: إياك باعد من الأسد، والأسد من نفسك، فكل منهما مباعد. ومذهب ابن طاهر، وابن خروف أنه منصوب بفعل آخر، والكلام جملتان أي إياك باعد من الأسد. واحذر الأسد، وتقول: نفسك والشر، ورأسك والجدار. وزعم ابن مالك أن هذا وإياك والأسد ليس من عطف الجمل، ولا من عطف المفرد على التقدير الذي قدروه، بل هو من عطف المفرد على تقدير: اتق تلاقي نفسك والشر، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

ولا يكون المحذور ظاهرًا، ولا ضمير غائب إلا وهو معطوف نحو: ماز رأسك والسيف ونحو: فلا تصحب أخا الجهل … وإياك وإياه وشذ «إياه وإيا الشواب» من وجهين إضافته إلى ظاهر، وكونه ضمير غائب. ولا يلزم الإضمار إلا مع إيا، أو مكرر نحو: الأسد الأسد، أو معطوف ومعطوف عليه نحو: الشيطان وكيده، يستغنى بذكر المحذر منه عن ذكر المحذر مع التكرار، أو العاطف، ولا يحذف العاطف بعد إيا إلا والمحذور منصوب بإضمار ناصب آخر، أو مجرور بمن، فلا يجوز رأسك الجدار حتى يقول: من الجدار أو والجدار. وزعموا أن ابن إسحاق أجاز في الشعر: إياك إياك المراء ... ... … ... ... ... ... ...

وقال سيبويه: كأنه قال: إياك ثم أضمر بعد إياك فعلا [آخر] فقال: اتق المراء. انتهى. وتقدير (من) مع أن يفع لكاف نحو: إياك أن تفعل قال سيبويه: إذا أردت إياك الفعل لا يجوز، فإن أردت إياك أعظ مخافة أن تفعل، أو من أجل أن تفعل جاز. وحكم الضمير في هذا الباب مؤكدًا، أو معطوفًا عليه حكمه في غيره، فمؤكدًا نحو: إياك أنت نفسك أن تفعل، وإياك نفسك أن تفعل، وقال الخليل: لو قال: إياك نفسك لم أعنفه؛ لأن الكاف مجرورة، ومعطوفًا عليه نحو: إياك وزيد قبيح. فإن أكدت فقلت: إياك أنت وزيد، عطفًا على الضمير المستكن في إياك حسن، وإن نصبت فقلت إياك وزيدًا، جاز. وتقول: إياك وزيدًا والأسد، ورأسك، ورجليك، والضرب أي إياك وزيدًا باعد، وينصب المعدى به مفردًا نحو: نفسك يا زيد، أو مكررًا نحو: الخلة الخلة، أخاك أخاك، أو معطوفًا عليه نحو: الأول والولد بإضمار إلزم، أو شبهة. ولا يمتنع إظهار الناصب في المفرد نحو: نفسك الزم، دون عطف، ولا تكرار، وربما وقع المكرر قالوا: السلاح السلاح، وقع وفيه معنى الأمر بلبس السلاح. وقال الفراء: نصب {ناقة الله} على التحذير، وكل تحذير نصب، ولو

رفع على إضمار هذه ناقة الله لجاز، ولا يعطف في هذا الباب إلا بالواو، وكون ما يليها مفعولاً معه جائز. والمفعول بالنسبة إلى الحذف والإثبات أقسام، فالذي في باب ظن وأعلم يذكر في بابه، والذي لا يجوز حذفه هو المخبر عنه، وهو المفعول الذي لم يسم فاعله نحو: ضرب زيد، والمجاب به نحو: زيدًا لمن قال: من رأيت، والمحصور نحو: ما رأيت إلا زيدًا، والملتزم حذف فاعله وإبقاؤه نحو: خيرًا لنا وشرًا لعدونا .... فأما مفعول فعل التعجب. فجاء حذفه قليلاً نحو قوله: ... ... ... ... … بكاء على عمرو وما كان أصبرا أي أصبرها، ويجوز حذفه في غير ذلك لدليل، فينوى وقد لا ينوى، لتضمين الفعل معنى يقتضي اللزوم كتضمين جرح معنى عاث في قوله: ... ... ... … يجرح في عراقيبها نصلى

أي بعث، أو للمبالغة بترك التقييد نحو: فلان يعطي ويصل، ويقطع أي هذا شأنه ومنه: {يحيي ويميت}. أو لبعض أسباب النيابة عن الفاعل فلإيجاز نحو: «واسمعوا وأطيعوا»، ولمشاركة المجاور: {وأن إلى ربك المنتهى} {وأنه هو أضحك وأبكى} ولإصلاح النظم. وخالد يحمد ساداتنا … ... ... ... ... .... أي يحمده وللعلم: {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا}، وللجهل به: ولدت فلانة وأنت لا تدري ما ولدت، ولكون التعيين غير مقصود: {ومن يظلم منكم نذقه عذابًا كبيرًا}، ولتعظيم الفاعل: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي} ولتحقير، ولتعظيم: بسم فلان، وللخوف منه أتبغض في الله، ولا تذكر المبغض خوفًا منه.

باب المفعول معه

باب المفعول معه هو الاسم التالي واوًا، تجعله بنفسها في المعنى كمجرور (مع)، وفي اللفظ كمنصوب معدى بالهمزة. (فالتالي واوًا) جنس يشمل المفعول معه، والمعطوف في مثل: مزجت عسلاً وماء، وأشركت زيدًا وعمرًا، بخلاف سرت والنيل، فإن المصاحبة لم تفهم إلا من الواو، وقوله: «كمنصوب معدى بالهمزة» يشمل الفعل، وما عمل عمله نحو: عرفت استواء الماء والخشبة، والناقة متروكة وفصيلها، ولست زائلاً وزيدًا حتى تفعل، وسيبويه يسميه مفعولاً معه ومفعولاً به، وزعم بعض النحاة: أنه لا يكون إلا مصاحب فاعل فعل مذكور أو مقدر ليخرج منه مصاحب المفعول في نحو: ضربت زيدًا وعمرًا، وأنه إذا أريد المفعول معه أتى بالأصل، وهو (مع)، وبعضهم جوز فيه الأمرين، وبعضهم حمله على العطف، ولا ينكر المعية مع المفعول نحو: قولهم كفاك وزيدًا درهم، وامرأ ونفسه. وشرط انتصابه أن يكون بعد تمام الكلام، وأجاز الصيمري أن ينتصب عن تمام الاسم، فأجاز كل رجل وضيعته، وانتصابه بما علم في السابق من فعل متعد ولازم، واسم بمعناه. وزعم قوم أنه لا يكون إلا مع الفعل اللازم، فلا يقال: ضربتك وزيدًا على أنه مفعول معه، وفي كونه بعد كان الناقصة خلاف نحو: فكان وإياها ... ... ... ... … ... ... ...

فذهب قوم إلى أنه لا يكون بعد كان، وإليه ذهب الأستاذ أبو علي، وذهب الجمهور إلى جواز ذلك، وهو الصحيح، ومذهب سيبويه أنه لا ينصبه العامل المعنوي كحرف التشبيه، والظرف، والمخبر به، والجار والمجرور، واسم الإشارة، ولهذا لم ينصب بـ (لك) في قوله: هذا لك وأباك، وفي حسبك وزيدًا درهم، وأجاز أبو علي أن يكون قوله (وسربالا) من قوله ... ... ... … هذا ردائي مطويًا وسربالا العامل فيه هذا، وهو خلاف ظاهر كلام سيبويه، بل العامل فيه هو قوله: مطويًا. وذهب الزجاج إلى أنه منصوب بمضمر بعد الواو فإذا قلت: ما صنعت وأباك، فالتقدير عنده: ولا بست أباك، وذهب الأخفش، ومعظم الكوفيين إلى أن الواو مهيئة لما بعدها أن ينتصب انتصاب الظرف. وذهب بعض الكوفيين إلى أن الناصب هو الخلاف لما لم يشرك الأول في الإعراب الذي له.

وذهب الجرجاني إلى أنه ينتصب بالواو نفسها، ويلزم من كون المفعول معه أن يصح عطفه على ما قبله، وأن أصل هذه الواو العطف، وهذا مذهب الجمهور والأخفش، والسيرافي، والفارسي، وابن جني، وأصحابنا الأستاذ أبو علي، وابن عصفور، وابن الضائع، وقد ذكر الإجماع على ذلك أبو الحسن بن الباذش. وفي البديع: جلست والسارية، الأخفش لا يجيزه قال: ولا أقول: ضحكت وطلوع الشمس، حيث لا يصح فيه العطف، لأن الطلوع لا يكون منه ضحك، وأجاز: جاء البرد والطيالسة، وذهب ابن خروف، وتبعه ابن مالك إلى أن العرب تستعمله في مواضع لا يصلح فيها العطف، وذلك على ضربين: أحدهما: ترك فيه العطف لفظًا ومعنى كقولهم: استوى الماء والخشبة، وما زلت أسير والنيل، وقوله: فكان وإياها كحران … ... ... ... ... والثاني: استعمل فيه العطف لمجرد اللفظ كاستعمال النعت على الجواز، ومنه قولهم: أنت أعلم ومالك أي: أنت أعلم مع مالك كيف تدبره. ولا يجوز تقديمه على عامل المصاحب باتفاق، لا يجوز: والخشبة استوى الماء.

وإن كان يجوز مع الخشبة استوى الماء، ولا يجوز توسطه، لا يجوز: استوى في الخشبة الماء، وأجاز ابن جني ذلك. ومسائل هذا الباب أربعة أقسام: الأول: ما يجب فيه العطف، ولا يجوز النصب، وذلك إذا تقدم الواو مفرد نحو: كل رجل وضيعته، وأنت ورأيك، والرجال وأعضادها، وإنك ما وخيرا وقوله: فإني وجروة … ... ... ... وكل هذا مسموع من العرب، أو تقدمها جملة غير متضمنة معنى فعل نحو: أنت أعلم ومالك. وذكر ابن مالك أنه لا خلاف في وجوب الرفع في: أنت ورأيك، وأنت أعلم ومالك، فأما أنت ورأيك، فتقدم خلاف الصيمري فيه، وهو أنه يجوز فيه النصب نحو: ما أجازه في كل رجل وضيعته. وحكى ابن مالك: أن بعضهم أجاز ذلك على تأويل أن ما قبل الواو جملة، حذف ثاني جزأيها، والتقدير: كل رجل كائن وضيعته، فصار في المسألة ثلاثة مذاهب:

الصحيح وجوب الرفع بلا تأويل، وهو قول الجمهور، وأما أنت أعلم ومالك فقيل: ومالك معطوف على أنت، ونسب العلم إلى المال على سبيل المجاز، وإن كان في الحقيقة لم يشتركا في العلم، وإنما المعنى أنت أعلم بمالك، والواو للمصاحبة، وقال أبو بكر بن طاهر هو معطوف على أعلم، والأصل: بمالك فوضعت الواو موضع الباء، فعطفت على ما قبلها، ورفعت ما بعدها في اللفظ، وهو بمعنى الباء متعلقة بأعلم. وقيل: ما قبل ومالك مبتدأ مقدر، والتقدير: أنت أعلم وأنت ومالك، وتكون الواو سدت مسد الخبر. وأما أنت أعلم وعبد الله فجوزوا أن يكون، (وعبد الله) معطوفًا على أنت، وأعلم خبر عنهما توسط بين المتعاطفين، وأن يكون مبتدأ محذوف الخبر جوازًا، والتقدير: أنت أعلم بعد الله، وعبد الله أعلم بك، أو محذوفًا وجوبًا، والواو بمعنى مع عطف بها في اللفظ لوقوعه موقع المجرور بمع. القسم الثاني: ما يجب فيه النصب، وهو أن يتقدم الواو جملة فعلية، أو اسمية متضمنة معنى الفعل وقبل الواو ضمير متصل مرفوع غير مؤكد بضمير رفع منفصل، ولا طول يقوم مقام التأكيد، أو ضمير خفض متصل باسم لا يمكن عطف ما بعد الواو عليه نحو: ما صنعت وأباك، وما شأنك وزيدًا، فهذا عند البصريين لا يجوز فيه العطف إلا ضرورة، وهذا الذي عبر عنه ابن مالك، بأنه يتعين فيه النصب عند الأكثر. وقال الكسائي: إذا وقعت ما بال، وما شأن على اسم مضمر ثم عطف

عليه باسم ظاهر، كان الوجه في المعطوف النصب، والخفض جائز، وقال ابن خروف: وبه أقول، والنصب في مالك وزيدًا، وما شأنك وزيدًا، بكان مضمرة قبل الجار، أو بمصدر (لابس) التقدير ما كان لك وزيدًا، وما كان شأنك وزيدًا، أو مالك وملابسة زيدًا، وما شأنك وملابسة زيدًا، وكلا هذين التقديرين في كتاب سيبويه، ووافق الأستاذ أبو علي ظاهر قول سيبويه في تقدير المصدر أولاً، ثم خالف وقال: هو تفسير معنى لا تقدير إعراب، وتقدير الإعراب فيه: مالك تلتبس وزيدًا. وذهب السيرافي، وابن طاهر، وابن خروف إلى أنه منصوب بلابس محذوفة بعد الواو أي: ولابست زيدًا، وهذا التقدير: وتقدير المصدر يخرجه عن أن يكون مفعولاً معه، وتعين أن يكون مفعولا به. القسم الثالث: ما ترجح فيه العطف، وهو أن يتقدم الواو جملة متضمنة معنى الفعل، وبعد الواو اسم لا يتعذر عليه العطف، نحو: ما شأن عبد الله وزيد، ويجوز النصب، نص عليه سيبويه، ومنعه بعض المتأخرين. وقال سيبويه: «وزعموا أن ناسًا يقولون: كيف أنت وزيدًا، وما أنت وزيدًا، وهو قليل في كلام العرب، كأنه قال: كيف تكون وقصعة من ثريد،

وما كنت وزيدًا، وزعم ابن عصفور: أن هذا مما يجب فيه النصب على المعية، ولا يجوز التشريك ومخالف لكلام سيبويه. وكان المقدرة نص أبو علي وغيره على أنها التامة، وهو اختيار الأستاذ أبي علي، وأبي عمرو بن بقى فتكون (كيف) في موضع نصب على الحال. وأما (ما) فلا تكون حالاً، وزعم بعضهم أنها مخرجة عن أصلها إلى السؤال عن الحال، والصحيح أن كان ناقصة، و (كيف) في موضع الخبر، وكذلك (ما) والتقدير على أي حال تكون مع قصعة من ثريد، وأي شيء يكون شأن عبد الله مع زيد، وإلى كونها ناقصة ذهب ابن خروف، واختلف في تقدير سيبويه مع ما كنت، ومع كيف تكون أهو مقصود أم لا، فزعم السيرافي أنه غير مقصود، ولو عكس لأمكن. وزعم ابن ولاد: أنه لا يجوز إلا ما قدره سيبويه، وأبدى هو وغيره فرقًا بين (ما) حيث كان التقدير بالماضي، وبين كيف حيث كان التقدير بالمضارع. القسم الرابع: ما ترجح فيه النصب على المعية: وهو ما يخاف بالعطف فوات معنى المعية نحو: لا تغتذ بالسمك واللبن، ولا يعجبك الأكل والشبع، أي مع اللبن ومع الشبع، فالنصب يبين المراد من المعية، والعطف لا يبينه. وإذا كان الفعل لا يليق بتالي الواو، جاز النصب على المعية، وعلى إضمار الفعل اللائق إن حسن مع موضع الواو، وإلا تعين الإضمار مثاله: {والذين تبوءوا الدار والإيمان} فجعل (والإيمان) مفعولاً معه، أو تضمر واعتقدوا الإيمان،

وإذا لم يصح تقدير الفعل بعد الواو، ولا كون الواو بمعنى مع تعين إضمار ما يليق نحو ... ... ... ... … وزججن الحواجب والعيونا أي وكحلن العيونا هكذا أورد ابن مالك هذه المسألة، وتعين الإضمار في نحو: وزججن الحواجب والعيونا على الفعل اللائق فيه خلاف. ذهب أبو عبيدة، وأبو محمد اليزيدي، والأصمعي، والجرمي، والمازني، والمبرد، وجماعة إلى أن التالي الواو معطوف على الأول، ويكون العامل قد ضمن معنى يتسلط به على المتعاطفين.

قال أبو عمر في الفرخ: يجوز في العطف ما لا يجوز في الإفراد نحو: أكلت خبزًا ولبنًا، وأنشد: يا ليت زوجك قد غدا … متقلدًا سيفا ورمحا ضمن متقلدًا معنى حاملاً، وذهب الفراء، والفارسي وجماعة من الكوفيين، والبصريين إلى أن ما جاء من هذا النوع محمول على إضمار فعل مناسب، لتعذر عطفه على ما قبله، فيصير في مثل: يجدع أنفه وعينه؛ أي ويفقًا عينه، من عطف الجمل قال: وهو لا يسوغ علفتها ماء وتبنًا كما يسوغ: علفتها تبنًا وماءً باردًا … ... ... ... ...

وما منعوه مسموع قال: ... ... ... ... … لها سبب ترعى به الماء والشجر وحمل هذا على ترجيح التضمين لا الإضمار، وقالت العرب: حسبك وزيدًا درهم، فزعم الزجاج أن حسبك اسم فعل، والكاف في موضع نصب. وزعم الزمخشري: أن (وزيدًا) مفعول معه، وقال سيبويه: «لما كان فيه معنى كفاك، وقبح أن يحملوه على المضمر نووا الفعل كأنه قال حسبك، ويحسب أخاك درهم وكذلك: كفيك. انتهى. فلم يجعله مفعولاً معه، بل أضمر له ناصبًا، ويحسب مضارع أحسبني فلان إذا أعطاني حتى أقول حسبي، فالناصب فيه فعل يدل على إضماره معنى حسبك وهو في «كفيك وزيد درهم» أوضح، لأنه مصدر للفعل المضمر أي ويكفي. وهو في «قطك وزيدًا درهم» أبعد، وفي ذلك الفعل المضمر ضمير فاعل يعود على الدرهم، وما ادعاه ابن عطية: أن الكاف في «حسبك» في موضع نصب لا يصح.

وقال العرب: ويله وأباه، [وويلاً له وأخاه، فليس وأخاه وأباه مفعولاً معه؛ بل التقدير: ألزمه الله ويله وأباه] فهو معطوف على مفعول ألزم. وأما «ويل له، واباه» فويل على إضمار ألزم ويل له، وألزم الله الويل أباه، أضمر ناصبًا لأباه، وأما رأسه والحائط، وامرأ ونفسه، وشأنك والحج، فيجوز في الثواني النصب على المعية، والنصب على العطف، وهذا مقيس في المتعاطفين نحو: زيدًا وعمرًا، وتقدير (من) في شأنك والحج لفظ الإعراب، وهو (عليك) تمثيل وتقدير معنى، وتفسير الإعراب هو ألزم شأنك، وبهذا قدره النحويون وقالوا: لا يضمر عليك، وأما: هذا لك وأباك، فقال سيبويه: هو قبيح يعني أنه غير جائز، وأجاز بعض النحاة أن يعمل في المفعول معه الظرف وحرف الجر، وقد تقدم إجازة أبي علي: أن يعمل فيه اسم الإشارة وهذا الباب. قال أبو الحسن: قوم يقيسون هذا في كل شيء، وقوم يقصرونه على ما سمع، وقال الأستاذ أبو علي: إذا كان العطف نصبًا على معنى (مع)، وكان حقيقة في المعنى ضعف النصب، كقولك: قام زيد وعمرو، فهذا لا يقال بالنصب إلا إن سمع ومنه: ... ... ... ... … تبكي عليك نجوم الليل والقمرا

أي مع القمر، فإذا كان العطف ليس بنص في المعنى نحو: استوى الماء والخشبة، أو كان مجازًا نحو: مشيت والنيل، فينبغي أن يكون الخلاف في هذا أقياس هو أم لا، وقال ابن هشام الخضراوي، اختلف القياسيون فقيل: ينقاس في كل ما جاز فيه العطف حقيقة أو مجازًا، وقيل قياس في المجاز سماع في العطف الحقيقي. ومذهب الفارسي عدم القياس إلا فيما صلح فيه العطف فلا يجيز: جلست والسارية، ولا جلست وطلوع الشمس، ولا قام زيدًا ومرا، وإن كان قد سمع فيما هو بمعناه إلا أنه لا يقيس وعلى هذا أكثر النحاه، وهو ظاهر الكتاب. وذهب الجرمي، والمبرد، والسيرافي إلى أنه مطرد في كل مكان الثاني مؤثرًا الأول، وكان الأول سببًا له نحو: استوى الماء والخشبة، وجاء البرد والطيالسة، وجئت وزيدًا إذا كنت السبب في مجيئه، وما زلت وعبد الله حتى قعد، فألزموا النصب في هذه المثل، وغيرهم أجاز النصب في هذه للاشتراك في المجيء والاستواء. وإن كان في الثاني بعض تجوز، ورأيت الشلوبين يجيز القياس في هذا النوع، وفي ما زلت أسير والنيل، والاتفاق على هذا مطرد في لفظ الاستواء، والمجيء والصنع، وفي كل لفظة سمعت، وينبغي عندي أن يقاس على ما سمع في معناه، فنقيس وصل على جاء، ووافق على استوى، وفعلت على صنعت. وذكر سيبويه «لو تركت الناقة وفصيلها لرضعها، وما زلت وزيدًا حتى فعل. انتهى ما لخص من كلام ابن هشام.

وإذا كان للمعطوف عليه خبر، أو حال، فحكمه متأخرًا بعد المفعول معه حكمه متقدمًا عليه تقول: كان زيد وعمرًا متفقا كما تقول: كان زيد متفقًا وعمرًا، وجاء البرد والطيالسة. وأجاز الأخفش، واختاره ابن مالك إجراء (واو) مع إجراء واو العطف، فيطابق الأول، والمنصوب على معنى (مع) فتقول: كان زيد وعمرًا مذكورين، وجاء زيد وعمرًا ضاحكين، ومنع المطابقة ابن كيسان، وإياه اختار، ولا يجوز الفصل بالظرف بين (واو) مع، والمنصوب كما جاز مع واو العطف لو قلت: جاء زيد واليوم عمرا، لم يجز، وقلت: جاء زيد واليوم عمرو، جاز. وفي النهاية: استوى الماء والشخبة وشفير الوادي، وسألت شيخنا فقال: (الواو) الأولى (واو) مع، والثانية قال (واو) العطف قلت: فهل يجوز إظهار (واو) مع بعدها، فلم يجب بنعم، ولا بلا. وقد قيل إن (واو) المعية أصلها واو العطف، فإذا كان أصلها واو العطف، لم يجز الجمع بينها، وبين واو العطف، لأنه لا يجتمع حرفان لمعنى، انتهى.

باب المستثنى

باب المستثنى وهو المنسوب إليه خلاف المسند للاسم الذي قبله بواسطة إلا، أو ما في معناها، واحترز بإلا وما في معناها من المخصص بالصفة، وبالشرط وغيرهما، وشمل هذا الرسم الاستثناء المتصل والمنقطع، وذكر الفراء من الاستثناء المنقطع ما فاق ما قبله مع اتحاد الجنس نحو قوله: له على ألف إلا ألفين، ويحتاج مثل هذا التركيب إلى سماع من العرب. ومذهب سيبويه، وجمهور البصريين أن المستثنى لم يندرج في الاسم المستثنى منه، ولا في حكمه، ومذهب الكسائي أن المستثنى لم يندرج في المستثنى منه، وهو مسكوت عنه فإذا قلت: قام القوم إلا زيدًا، فهو إخبار عن القوم الذين ليس فيهم زيد، وزيد يحتمل أنه قام وأنه لم يقم. ومذهب الفراء أن زيدًا لم يخرج من القوم، وإنما أخرجت (إلا) وصف زيد من وصف القوم؛ لأن القوم وجب لهم القيام، وزيد منفي عنه القيام، وهذا الخلاف إنما هو في الاستثناء المتصل، و (إلا) تكون للاستثناء وصفة على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى. ولا تكون بمعنى الواو خلافًا للأخفش: إذ جعل قوله تعالى: {إلا الذين

ظلموا} بمعنى: ولا الذين و (لا) زائدة خلافًا للأصمعي، وابن جني في زعمهما ذلك في قوله: حراجيج ما تنفك إلا مناخة … ... ... .... وقد تقدم ذكر ذلك في باب كان، وخلاف الكوفيين في جعلهم إلا بمعنى الواو في قول الشاعر: وأرى لها دارًا بأغدرة السـ … ـيدان لم يدرس لها رسم إلا رمادًا هامدًا قد دافعت … عنه الرياح خوالد سحم والذي بمعنى إلا يأتي ذكره. والحرف والاسم الذي يستثنى به يكون في الاستثناء المتصل، والمنقطع، لو قلت: ما في الدار أحد خلا حمارًا لم يجز، وقال أصحابنا: لا يستثنى من النكرة

غير العامة النكرة المجهولة عند السامع نحو: قام رجال إلا رجلا، لا على الاتصال، ولا على الانقطاع، فإن تخصصا جاز نحو: قام رجال كانوا في دارك إلا رجلاً منهم؛ فإن عمت جاز نحو: ما جاءني أحد إلا رجلاً، ولا تستثنى المعرفة من النكرة التي لا تعم، ولم تخصص نحو: قام رجال إلا زيدًا؛ فإن عمت نحو: ما قام أحد إلا زيدًا، أو تخصصت نحو: قام رجال كانوا في دارك إلا زيدًا منهم جاز، ولا من المعرفة بالنكرة التي لم تخصص، نحو: قام القوم إلا رجلا. فإن تخصصت جاز نحو: قام القوم إلا رجلا منهم، ونص أصحابنا على أنه لا يجوز أن يكون المستثنى مستغرقًا للمستثنى منه، ولا زائدًا عليه ولا يجوز أن تقول: عندي عشرة إلا عشرة، ولا عندي عشرة غلا أحد عشر، وذكروا اتفاق النحاة على ذلك، وهو مخالف لما تقدم ذكره عن الفراء. وفي الاستثناء من العدد ثلاثة مذاهب: أحدها: أنه يجوز مطلقًا، وهو اختيار شيخنا أبي الحسن بن الضائع، وقال الأخفش في الأوسط تقول: مر بي عشرة إلا واحدًا، ولو قلت: مر بي رجال إلا واحدًا لم يجز. والثاني: المنع مطلقًا، وهو اختيار ابن عصفور. والثالث: التفصيل بين أن يكون المستثنى عقدًا فلا يجو نحو قوله: عندي عشرون إلا عشرة، أو غير عقد، فيجوز نحو: له عندي عشرة دراهم إلا اثنين.

واختلفوا في قدر المستثنى، فذهب البصريون إلى أنه لا يجوز أن يكون قدر المستثنى منه ولا أكثر، بل يكون أقل من النصف، وذهب أبو عبيد، والسيرافي إلى أنه يجوز أن يكون قدره، وأكثر منه، وذهب بعض البصريين، وبعض الكوفيين إلى أنه يجوز أن يكون النصف فما دونه. والمتصل هو ما كان بعضًا من المستثنى منه، والمنقطع ما لم يكن بعضه، أو كان بعضه إلا أن العامل غير متوجه عليه، وقد أنكر هذا النوع من الاستثناء بعض الناس وتخيلوا في جعل ما ورد من ذلك متصلاً، والمنقطع مقدر بلكن عند البصريين من حيث المعنى. وزعم بعض النحويين، ومنهم أبو الحجاج بن يسعون أن (إلا) في الاستثناء المنقطع، تكون مع ما بعدها كلامًا مستأنفًا، فزعم أن: إلا الأواري ... ... ... ... … ... ... ... ... (إلا) فيه معنى لكن، وإلا الأواري منصوب بها، والخبر محذوف، وحذف

خبر (إلا) كما حذف خبر (لكن) في قوله: ... ... ... .... … ولكن زنجيًا عظيم المشافر أي لا يعرف قرابتي، وقد رد أبو علي هذا المذهب في بغدادياته. ويقدر سوى عند الكوفيين، والاستثناء المنقطع يكون في الإيجاب كما يكون في النفي تقول: ضربت القوم إلا الحمار. وحكى سيبويه على الانقطاع في الإيجاب: «والله إن لفلان مالاً إلا أنه شقي» على معنى: ولكنه شقي أي: إلا شقاوته أي: ولكن شقاوته لا تقيه، ولأفعلن كذا وكذا غلا حل ذلك أن أفعل كذا معناه: والله لأفعلن كذا إلا إن فعلت كذا، يجعله حلاً ليمينه. وقال أبو بكر خطاب في كتاب الترشيح: وإذا استثنيت بإلا في غير النفي شيئًا ليس من صنف ما قبله، فالنصب أبدًا نحو: جاءني القوم إلا حمارًا، ومررت

بهم إلا كلبًا، وكذلك في النفي نقول: ما في الدار أحد إلا حمارًا، وما مررت بأحد إلا كلبًا، وبنو تميم يجرون هذا مجرى ما هو من صفة الأول، فينصبون في الإيجاب، ويبدلون ما بعد (إلا) مما قبلها في النفي، انتهى. وليس البدل عندهم على جهة الوجوب، بل يجيزون في النصب على الاستثناء، وإذا ترك المستثنى منه، وفرغ السابق للمستثنى كان له من الإعراب بعد (إلا) ما له بعدمها. والتفريغ يكون في جميع المعمولات من مفعول به وغيره إلا المصدر المؤكد، ولذلك تؤول قوله تعالى: {إن نظن إلا ظنا}، واشترط ترك المستثنى منه، وهو الذي كان تسلط عليه ما يطلبه، واشترط معه تفريغ السابق، لأنه قد يترك المستثنى منه، ولكن السابق قد يفرغ لما بعد (إلا) نحو: ما قام إلا زيد إلا عمرًا، وكذلك ما قام زيد إلا عمرًا، تريد ما قام زيد، ولا غيره إلا عمرًا، والسابق أعم من أن يكون عاملاً نحو: ما قام إلا زيد، أو غير عامل نحو: ما في الدار إلا زيد. ولا يكون التفريغ عند أكثر النحاة إلا في النفي نحو: {وما محمد إلا رسول}، والنهي نحو: {ولا تقولوا على الله إلا الحق}. والاستفهام المؤول بالنفي نحو: {فهل يهلك إلا القوم الفاسقون}، ومن النفي المؤول: زيد غير آكل إلا الخبز.

ومن الشرط المؤول بالنهي قوله تعالى: {ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفًا لقتال أو متحيزًا} وهو تفريغ في الأحوال أي لا يول أحد دبره إلا في هذه الحالة. ولا يكون التفريغ في الموجب، والأمر، والتمني، والشرط الذي لا يتضمن النهي، فلا يجوز قام إلا زيد، ولا اضرب إلا زيدًا، ولا متى قام إلا زيد، فأما قوله تعالى: {ويأبى الله إلا أن يتم نوره}، [فهو محمول على معنى: لا يريد الله إلا أن يتم نوره]، فلو كان الموجب لازمًا له النفي نحو: لولا ولو، فذهب المبرد إلى جواز التفريغ تقول: لولا القوم إلا زيد لأكرمتك، ولو كان معنا إلا زيد لغلبنا، والصحيح أن ذلك لا يجوز، وزعم بعض المتأخرين أن غير الموجب هو الوجه الذي يكون فيه النفي، وأن التفريغ لا يكون إلا فيه، وعزاه إلى سيبويه. وليس بصحيح، فلا بد أن يكون النفي محققًا في اللفظ، أو في المتضمن، وكل منهما تارة يباشر ما دخلت عليه (إلا) نحو: ما ضربت إلا زيدًا، وقلما يقوله إلا زيد، أو غير مباشر، وشرطه أن يكون ما دخل عليه النفي غير مقصود النفي، بل دخل لتغير جهة ما في النفي الذي هو الخبر، فيكون كالمباشر، وذلك إنما يوجد في بعض أفعال القلوب المفيدة في الجملة وجهًا من وجوه الاعتقاد نحو: ما علمت أن فيها إلا زيدًا، وما ظننت أن يقول هذا إلا زيد، وكذا سمعت وشهدت كأنك قلت: ما فيها أحد إلا زيد في علمي، وما يقول ذلك أحد في ظني، وفي تفريغ لما بعد أن، وقد تقدمه ما علمت نحو: ما علمت أن فيها إلا زيدًا وهو مثال سيبويه نظر.

وينبغي ألا يقدم على إجازته إلا بسماع، وأجاز الأخفش التفريغ في نحو: ما علمته، أو ما ظننته يقول ذلك إلا زيدًا، والهاء ضمير الشأن، ومنعه غيره وقال الأخفش لو قلت: ما أرى، وما أعلم بقى من الشهر إلا يومان لم يحسن؛ لأنك جئت إلى جنب أرى بفعل، وإنما ينبغي أن تجيء باسم انتهى. والتخصص مشبه إما بالأمر، وإما بالإيجاب، لأنه حث على إيجاد الفعل، واستبطاء المحثوث في تركه، والأمر، والإيجاب لا يجوز فيها الإبدال، وعن الزجاج: أنه كان يجيز الإبدال في مثل {إلا قوم يونس} قال: لأن التحضيض له نظير إلى الاستفهام، وإلى النهي، وذلك لا يجوز فيه الإبدال. انتهى. وإن كان الموجب يمكن تعلقه بعام، والعام غير مرفوع بالفعل نحو: برئت إلا من ذمامك، التقدير: من ذمام كل أحد إلا من ذمامك. فقد يوجد في أشعار المولدين. وينبغي ألا يقدم عليه إلا بسماع من العرب، وقد عملته أنا في قولي: لا خرس إلا عن ثنائك مقول … وقد صم إلا عن سماعك آذان وقال ابن اللبانة: أنكرت إلا للقراءة عدة … وقد ذكرت في الروضات جنات وهذا تقسيم في غير الموجب بالنسيبة إلى تفريغه لما بعد إلا وذلك إما أن يكون ما قبل إلا تامًا في اللفظ، أو غير تام، إن كان تامًا، فإنه يقتضي منصوبًا، أو مجرورًا نحو: ما ضربت إلا زيدًا، وما مررت إلا بعمرو، فيجوز فيما بعد إلا أن يكون زيد منصوبًا بضربت و (بعمرو) متعلقًا بمررت، والنصب على الاستثناء، ومعمول الفعل محذوف كما قال:

. ... ... ... ... … ولم ينج إلا جفن سيف ومئزرا أي ولم ينج بشيء، وأجاز بعض النحاة نصبه على البدل من مبدل منه محذوف، فيقدر: ما رأيت مرئيًا إلا زيدًا، وما مررت بمرور به إلا بزيد. وإن كان غير تام، وأمكن أن يقدر محذوف يتم به وجب الرفع إن لم تقدر المحذوف، وإن قدرته جاز الرفع والنصب، وذلك مثل قوله: هل هو إلا الذئب لاقى الذيبا روى برفع الذئب، ونصبه على تقدير: هل هو شيء إلا الذئب، وإن لم يمكن وجب رفع ما بعد (إلا) نحو: ما قام إلا زيد، وأجاز فيه الكسائي الرفع على الفاعل، والرفع على البدل من الفاعل المحذوف، والنصب على الاستثناء، وحذف الفاعل، وقال في البديع: أجاز قوم: ما قام إلا زيدًا، وإذا انتصب ما بعد (إلا) على الاستثناء، فالخلاف في الناصب فقيل: النصب بـ (إلا) نفسها، ونسب إلى سيبويه، وقيل بما قبل إلا من فعل وغيره بوساطة إلا ونسب إلى سيبويه.

وقيل بما قبلها من غير واسطة (إلا) وهو مذهب ابن خروف مستدلاً عليه في زعمه بكلام سيبويه، وقيل (بأن) مقدرة بعد (إلا) ونسب إلى الكسائي، [وقيل باستثناء ضميره بعد إلا، وهو مذهب المبرد، والزجاج، وقيل بمخالفته الأول، ونسب إلى الكسائي] وقيل (بإن) مخففة من (إن) مركبًا منها، ومن (لا)، فمن نصب غلب حكم (إن)، وخبرها محذوف، ومن رفع غلب حكم لا، ومثل هذا الخلاف لا يجدي كبير فائدة، وهو كالخلاف في رافع المبتدأ والخبر، ورافع الفاعل، وناصب المفعول، وإنما الخلاف الذي يجدي هو فيما أدى إلى حكم لفظي، أو معنى كلامي. وهذا تقسيم لأصحابنا في المستثنى بالنسبة إلى الموجب، وغير الموجب إذا ذكر المستثنى منه، وكان المستثنى متصلاً مؤخرًا والكلام موجب، وهو ما ليس بمنفي في المعنى، وسواء أكان في اللفظ منفيًا نحو: ما أكل أحد إلا الخبز إلا زيدًا وما جاء القوم إلا ركبانًا إلا زيدًا، أم لم يكن منفيًا نحو: قام القوم إلا زيدًا، واضرب القوم إلا زيدًا، وإن قام القوم إلا زيدًا أقمت، فكل هذا نصب.

وحكى الأخفش عن بعض العرب أنهم جعلوا الاستثناء من المخفوض مخفوضًا فتقول: مررت بالقوم إلا بزيد، وغير الموجب ما هو منفي في المعنى، كان في اللفظ منفيًا نحو: ما قام القوم إلا زيد، ولا يضرب القوم إلا زيد، وهل قام أحد إلا زيد، وأقل رجل يقول ذلك إلا زيد، فالمختار في هذا الاتباع بدلاً عند سيبويه والبصريين، وعطفًا عند الكوفيين. والاستفهام الحقيقي إعرابه كالنفي، وإذا كان اللفظ نفيًا، والمعنى إيجابًا، أو كان الأمر بالعكس، فالمنفي في هذا الفصل المعنى فإذا قلت: ما أكل أحد إلا الخبز إلا زيدًا، فلا يجوز في زيد إلا النصب، ولو قلت: أتاني بنو محمد إلا بنى جعفر إلا خالد، فترفعه بدلاً على التوهم، كأنك قلت: ما أتاني بنو جعفر، فلذلك قلت: إلا خالد، ومنه: أقل رجل يقول ذلك إلا زيد. فأقل موجب في اللفظ، منفي في المعنى، فأقل مبتدأ و (زيد) بدل منه، فكأنك قلت: ما أحد يقول ذلك إلا زيد، وذكر ابن مالك في اختيار الاتباع شرطين. أحدهما: أن يكون غير مردود به كلام تضمن الاستثناء مثاله مردودًا به: ما قام القوم إلا زيدًا، ردًا لمن قال: قام القوم إلا زيدًا، وأنت تعلم أن الأمر بخلاف ذلك فيختار عنده في هذا النصب على الاستثناء، لا البدل، وفي شرحه لكلام نفسه هذا قال: فتنصب زيدًا، ولا ترفعه، وهذا الشرط تلقفه من ابن السراج قال: قولك ما جاءني القوم، إن قدر أن الأصل: ما جاءني القوم، ثم أتى بعد ذلك

بالاستثناء، فالمختار الرفع، وإن قدر أن الأصل: جاءني القوم إلا زيدًا، ثم دخل حرف النفي فالنصب. والشرط الثاني: ألا يكون متراخيًا، فإن كان متراخيًا نحو: ما ثبت أحد في الحرب ثباتًا نفع الناس إلا زيدًا، اختير النصب، ولم يشترط سيبويه، ولا أصحابنا شيئًا من هذين الشرطين. ولا يشترط في نصب المستثنى تعريف المستثنى منه خلافًا للفراء، وهو محجوج بما روى عن العرب: ما مررت بأحد إلا زيدًا، وما أتاني أحد إلا زيدًا، ولا في جواز الإبدال عدم صلاحيته للإيجاب، خلافًا لبعض القدماء حكاه سيبويه عنهم، فلا يجيزون: ما قام القوم إلا زيد، بل يوجبون النصب على الاستثناء، ويجيزون: ما جاء أحد إلا زيد؛ لأنه عدمت صلاحية (أحد) للإيجاب، وقال تعالى: {ما فعلوه إلا قليل منهم} في قراءة الجمهور. وعن بعض النحاة: أن البدل يختص بما يكون ما بعد إلا مستثنى مما يكون فيه المستثنى منه مفردًا، نحو: رجل واحد، وهو محجوج بقوله تعالى: {ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم}، فشهداء جمع، وليس بمفرد.

وإذا توسط المستثنى بين المستثنى منه وبين صفته نحو: ما جاءني أحد إلا زيدًا خير منك [وما مررت بأحد إلا زيد خير منك]، جاز فيه النصب على الاستثناء، والاتباع على البدل، وهو المختار عند سيبويه، وهو قول المبرد، وعن المازني اختيار النصب، وعنه اختيار البدل، وعنه وجوب النصب، وهو وهم عليه من ابن عصفور ومن صاحب النهاية: قال فيها قال أبو عثمان: يجب النصب: نزل تقديمه على الصفة منزلة تقديمه على الموصوف؛ لأنك لو أبدلت من أحد، كان في حكم المطرح، ولو وصفت لم يكن في حكم المطرح؛ لأن المبدل منه ملغي الجانب من بعض الوجوه، والموصوف ليس ملغي الجانب، فيتدافعان فلو أوقعت المستثنى بين صفتي المستثنى منه نحو: ما مررت بأحد خير من زيد إلا ابنك بر بوالديه، فالظاهر أن الخلاف قائم إلى على رأي سيبويه؛ فلأنك لم تقدمه على المستثنى، فالإبدال قائم، وإما على رأي المازني؛ فلأنك قد جئت بصفة بعد المستثنى، وإذا تأملت تعليله وجدته متجها انتهى. ومن مثل هذه المسألة: ما لي أحد إلا زيد صديق، ومن لي إلا زيد صديق، فالرفع على البدل من (من)، و (من) مبتدأ، و (لي) خبره، ومثل سيبويه هذا بنصب (صديق) على الحال.

وزعم المبرد: أن «إلا أبوك» خبر عن (من) وأدخلت (إلا) على الخبر؛ إذ معناه النفي كأنه قال: ما لي إلا أبوك، و (صديقًا) حال متعلقًا به. ولا يتبع المجرور (بمن) نحو: ما في الدار من أحد إلا زيد، ولا الباء الزائدتين نحو: ليس زيد بشيء إلا شيئًا لا يعبأ به، ولا اسم (لا) الجنسية «لا إله إلا الله» إلا باعتبار المحل، والنكرة والمعرفة في ذلك سواء، لو قلت: لا رجل في الدار إلا رجلاً من بني تميم، أو إلا تميميًا، على أنه اتباع على اللفظ، لا على المحل لم يجز، ويجوز النصب على الاستثناء من هذه الصور وأشباهها. وإذا أبدلت مما دخلت عليه (من) الزائدة نكرة لا معرفة، جاز ذلك عند الكسائي نحو: ما جاءني من أحد إلا زيد، و {ما من إله إلا إله واحد} وأجاز الأخفش: ما حسنت بصدر رجل إلا صدر زيد، بخفض (صدر زيد) على اللفظ، ونصبه على الموضع، ويجوز النصب على أصل الاستثناء. ويجوز جر الاسم فيما كان قبله مجرور على أن يكون (إلا)، وما بعدها صفة لذلك المجرور وأنشدوا: «إلا الأواري» بالخفض على الصفة (من أحد) في قوله: «وما بالربع من أحد»

وأنشد الفراء والكسائي: أبني لبيني لستما بيد … إلا يد ... ... .... بالخفض وأجاز ذلك الفراء في إلا يد، ولم يجزه في إلا الأواري. وإذا كان الاستثناء منقطعًا، وصح إغناؤه عن المستثنى منه، وتأخر، فـ (بنو تميم) يجيزون الاتباع فيه كالمتصل نحو: ما في الدار أحد إلا حمار، والنصب عندهم أفصح من البدل، والحجازيون يوجبون نصبه فيقولون: إلا حمارًا، فإن لم يتأخر نحو: ما في الدار إلا حمارًا أحد، فلا يجوز فيه على مذهب البصريين إلا النصب، كالاستثناء المتصل نحو: جاء إلا زيدًا القوم، وسيأتي الكلام على هذا. وإن لم يصح إغناؤه عن المستثنى منه نحو: جاء إلا زيدًا القوم، وسيأتي الكلام على هذا. وإن لم يصح إغناؤه عن المستثنى منه نحو: ما زاد إلا ما نقص، وما نفع إلا ما ضر فـ (في) زاد، ونقص ضميران فاعلان، و (ما) مصدرية كأنه قال: ما زاد إلا النقص، وما نفع إلا الضر، فهذا الذي لا يمكن أن يتوجه عليه العامل لا يصح فيه عند جميع العرب إلا النصب.

وزعم أبو بكر محمد بن إسماعيل مبرمان، وأبو سعيد السيرافي: أن المصدر المنسبك من (ما) والفعل هنا في موضع رفع على الابتداء، وخبره محذوف تقديره: ما زاد النهر لكن النقصان أمره، وما نفع زيد لكن الضرر شأنه، وزعم الأستاذ أبو علي: أن المصدر هنا مفعول به حقيقة تقديره: ما زاد شيئًا إلا النقصان، ثم فرغه له كـ (ما ضرب إلا زيد)، أو جعله متصلاً، وكان الذي قام مقام الزيادة النقصان، ومقام النفع الضرر. وذهب ابن الطراوة إلى أن (ما) زائدة، وخطأ سيبويه في جعل (ما) مصدرية كأنه قال: ما زاد إلا نقص، وما نفع إلا ضر، ولقوة الاتصال بإلا استغنت عن الواو، كما في قولك: ما قام زيد إلا وقعد عمرو. وزعم بعض المتأخرين أنه قد يصح البدل بتقدير معطوف محذوف، فالتقدير: ما في الدار أحد، ولا غيره إلا الأوارى، وعلى هذا يكون الاستثناء متصلاً، وليس ما ورد منقطعًا من تغليب العاقل، فيختص المستثنى منه بمن يعقل كأحد، وشبهه خلافًا للمازني.

ألا ترى إلى قول الشاعر: عشية لا تغني الرماح مكانها … ولا النبل إلا المشرفي المصمم وغير، وسوى، وأختاها في الاستثناء المنقطع كإلا قال: لم ألف في الدار ذا نطق سوى طلل … ... ... ... .... فقوله: «ذا نطق» معناه أحد، و (سوى طلل) استثناء منقطع؛ فإن كانت أداة الاستثناء فعلاً، فقد تقدم لنا أنه لا يقع بعدها استثناء منقطع فلا تقول: ما في الدار أ؛ د ليس حمارًا، ولا يكون حمارًا. وإذا عاد ضمير قبل المستثنى بـ (إلا) الصالح للاتباع على المستثنى منه المبتدأ، أو أحد نواسخه التي هي مصدرة بنفي حقيقي اتبع الضمير جوازًا، وصاحبه اختيارًا مثال ذلك: ما أحد يقول ذلك إلا زيد، وما حسبت أحدًا يقول ذلك إلا زيدًا، وما كان أحد يجترئ عليك إلا زيدًا، ففي الأولى والثالثة أن يرتفع تابعًا للمرفوع بدلاً منه، وأن يرتفع بدلاً من الضمير في تقول، ويجترئ، وفي الثانية أن ينتصب بدلاً من مفعول حسبت، وأن يرتفع بدلاً من ضمير يقول، ويجترئ

الصفة في ذلك كالخبر، وكما في حسبت تقول: ما فيهم أحد اتخذت عنده يدًا إلا زيد، وما ظننت فهيم أحدًا يقول ذلك إلا زيد، وما كان فيهم أحد يقول ذلك إلا زيد، فيجوز في الأولى رفع زيد بدلاً من أحد، وجره بدلاً من ضمير عنده، وفي الثانية: نصبه بدلاً من أحد، ورفعه بدلاً من ضمير يقول، وفي الثالثة، رفعه بدلاً من أحد، ورفعه بدلاً من ضمير يقول، وهل يجري الحال مجرى الصفة في ذلك فيه نظر، ,القياس يقتضيه؛ لأن الحال يتوجه عليها النفي في المعنى كالصفة، والخبر فتقول: ما إخوتك في البيت عاتبين عليك إلا زيد، فتبدل من إخوتك، أو من الضمير في عاتبين. ومما يلحق بالنفي قولهم: أقل رجل يقول ذلك إلا زيد فهو بدل من الضمير في يقول، وذهب السيرافي إلى أنه لا يجوز أن يكون بدلاً من أقل، وهو الصحيح. وذهب ابن خروف إلى أنه يجوز، فلو أريد (بأقل) التقليل الذي يقابله التكثير لا النفي المحض، فأجاز السيرافي أن يكون بدلاً من الضمير في يقول. وذهب ابن خروف إلى منع ذلك، وأوجب النصب في (إلا زيدًا)، وهذا هو الأظهر، ويجوز في هذه المسائل كلها النصب على الاستثناء، وظاهر كلام سيبويه أن البدل أحسن من النصب، ونص عليه السيرافي وغيره، ويظهر من كلام ابن عصفور أنهما مستويان. ولو عاد الضمير بعد المستثنى نحو: ما أحد إلا زيدًا يقول ذلك: لم يكن فيه إلا النصب على الاستثناء، ولا يجوز الرفع بدلاً من الضمير المتأخر في (يقول)، والمستثنى بإلا يشمل المتصل كما مثلنا في تلك المسائل والمنقطع نحو: ما أحد يقيم

بدراهم إلا الوحش وكذلك ما حسبت وما كان، وقال: في ليلة لا نرى بها أحدًا … يحكى علينا إلا كواكبها برفع كواكبها بدلاً من الضمير في يحكى، والظاهر أن غيرًا في ذلك مثل: إلا، لكن لم يمثل النحويون إلا (بإلا) فتقول: ما ظننت أحدًا يقول ذلك غير زيد، بنصبه بدلاً من أحد، ورفعه بدلاً من يقول، فلو كان ما بعد (إلا) لا يصلح للاتباع، وهو أن يكون مستثنى لا يمكن أن يتوجه عليه العامل نحو: ما أحد ينفع إلا الضر، ولا مال يزيد إلا النقص، وجب فيه النصب على الاستثناء. ولو كان المستثنى منه غير مبتدأ، ولا معمول لأحد نواسخه نحو: ما شكر رجل أكرمته إلا زيد، وما مررت بأحد أعرفه إلا عمرو، وما مررت بمن أعرفهم إلا بعمرو، فلا يجوز اتباع الضمير، ويظهر أن المعرفة كالنكرة في تلك المسائل التي يجوز فيها الاتباع للضمير، ولكن تمثيل النحاه بالنكرة.

فتقول في المعرفة: ما القوم يقولون ذلك إلا زيد، وما إخوتك يقولون ذلك إلا عمرو. فلو كان المبتدأ، أو معمول أحد نواسخه ضمير الشأن لم يبدل منه، وتعين رفعه على الفاعلية نحو: ما هو يقول ذلك إلا زيد، وما ظننته يقول ذلك إلا زيد وقال: يهدي كتائب خضرًا ليس يعصمها … إلا ابتدار إلى موت بإلجام فهو ضمير الشأن، وكذلك الهاء في ظننته، والمستكن في ليس، ويجوز أن تكون (ليس) مثل ما، فلا عمل لها. ويجوز في المضاف والمضاف إليه نحو: ما جاءني أخو أحد إلا زيد، أن يتبعه المرفوع، فيرفع، وأن يتبعه المجرور فيجر. وقد يجعل المستثنى متبوعًا والمستثنى منه تابعًا، حكى يونس عن بعض العرب الموثوق بهم: ما لي إلا أبوك أحد، وما مررت بمثله أحد، وقال الفراء: ومن العرب من يرفع الاستثناء المقدم، وأجاز ذلك الكوفيون، والبغداديون ومخرجه على البدل، وعلى ذلك خرجه سيبويه، والفراء وقال ابن أصبغ: لا يجوز فيه عند البصريين إلا النصب خاصة. وقال بعضهم هو من القلة بحيث لا يقاس عليه، ووجهه أن يكون بدلاً، وقال جماعة: جعله سيبويه من باب الصفة، وإبدال الموصوف منها نحو: جاءني مقبل رجل.

وقال شيخنا أبو الحسن بن الضائع: الوجه أن يقال هو بدل من الاسم مع (إلا) مجموعين، فيقدر العامل نحو: لم يبق إلا شغر، وهو من بدل الشيء من الشيء لعين واحدة، ومن مسائل هذا: ما أتاني إلا عمرًا إلا بشرًا أحد، وما أتاني إلا بشر إلا عمرًا أحد. وتقديم المستثنى أول الكلام لا يجوز عند الجمهور وأجازه الكسائي، والزجاج. وفي النهاية: أجازه الكوفيون نحو: إلا زيدًا قام القوم، ولو تقدمه حرف نفي فالمنع أيضًا، ويقتضى مذهبهما الجواز نحو: ما إلا زيدًا في الدار أحد، والمنع نص ابن الضائع، والجواز ظاهر كلام شيخنا أبي الحسن الأبذي نحو قوله ولا خلا الجن بها إنسي

وقال الأخفش: وتقول: ليس إلا زيدًا فيها أحد، ولم يكن إلا زيدًا فيها أحد، ولو قلت: ما إلا زيد فيها أحد، وهل إلا زيدًا فيها أحد لم يجز، وفي النهاية: مذهب البصريين أنه لا يجوز تقديم المستثنى أول الكلام إجراء لأداته مجرى حرف العطف؛ لأن معنى (إلا زيدًا) لا زيد، وفرعوا على هذا مسألتين قالوا: يجوز: كيف إلا زيدًا إخوتك، وأين إلا زيدًا القوم، وقالوا: لا يجوز هل إلا زيدًا عندي أ؛ د، ولا أين إلا زيدًا جلس القوم، وعللوا المنع بأن هل وأين في هذا التركيب فضلة، فلو حذفا وقع المستثنى أو لا، وفي مسألتي الجواز وقع المستثنى بين شطري الجملة، انتهى. وأجاز الكسائي تقديمه على حرف النفي نحو: إلا زيدًا ما أكل طعامك أحد، وأجازه الفراء إلا مع المرفوع، ومنعه هشام إلا مع الدائم. ويجوز أن يتوسط المستثنى بين المستثنى منه، والمنسوب إليه الحكم سواء أكان مسندًا غليه الحكم أم واقعًا على المستثنى منه نحو: قام إلا زيدًا القوم، والقوم إلا زيدًا ذاهبون، وفي الدار إلا عمرا أصحابك، وهاهنا إلا زيدًا قومك، وأين إلا زيدًا قومك، وكيف إلا زيدًا قومك، ومثاله واقعًا على المستثنى منه: ضربت إلا زيدًا القوم، فأما إذا تقدم على المستثنى منه وعلى العامل، وتوسط بين جزءى الكلام، ففي ذلك مذاهب:

أحدها: الجواز على الإطلاق كان العامل متصرفًا أو غير متصرف. الثاني: المنع على الإطلاق. الثالث: التفصيل بين أن يكون متصرفًا فيجوز نحو: القوم إلا زيدًا جاء، أو غير متصرف، فلا يجوز نحو: القوم إلا زيدًا في الدار، وهو مذهب الأخفش، وهو الذي نختاره؛ إذ ورد به السماع، ويحتاج جواز: القوم إلا زيدًا في الدار إلى سماع، ولا خلاف في جواز، قام إلا زيدًا القوم. وفي البسيط: وقع الإجماع على جواز تقديمه على أحد جزءي الجملة من فاعل أو مفعول، وإذا عطفت على المستثنى المقدم المنصوب اسمًا نصبته نحو: قام إلا زيدًا وعمرًا القوم، ولا يجوز غير النصب، فإن أخرت المعطوف بعد المستثنى منه، فالمختار النصب، نحو: قام إلا زيدًا القوم وعمرًا، ويجوز أن يرفع حملاً على المعنى فتقول: قام إلا زيدًا القوم وعمرو؛ لأن معنى الاستثناء لم يقم زيد.

فصل

فصل لا يستثنى بأداة واحدة دون عطف شيئان، مثال ذلك بالعطف: قام القوم إلا زيدًا وعمرًا، وضربت القوم إلا زيدًا وعمرًا، ومررت بالقوم إلا زيدًا وعمرًا، ومثاله دون عطف أعطيت الناس المال إلا عمرًا الدنانير. قال ابن السراج: وهذا لا يجوز، فلو قلت: ما أعطيت أحدًا درهمًا إلا عمرًا دانقًا، وأردت الاستثناء لم يجز، وإن أردت البدل جاز أبدلت عمرًا من أحد ودانقًا من درهم. وقال الزجاج: البدل ضعيف، لأنه لا يجوز بدل اسمين من اسمين لو قلت: ضرب زيد المرأة أخوك هندًا لم يجز، وقد أجاز قوم: أن يستثنى بأداة دون عطف شيئان نحو: ما أخذ أحد إلا زيدًا درهمًا، وما ضرب القوم إلا بعضهم بعضًا، ومنع ذلك الأخفش، والفارسي. فتصحيحهما عند الأخفش، ما أخذ أحد زيد إلا درهمًا، وما ضرب القوم بعضهم إلا بعضًا، وتصحيحهما عند الفارسي: ما أخذ شيئًا إلا زيد درهمًا، وما ضرب القوم أحد إلا بعضهم بعضًا، ولم يبين تخريجه، فجاز أن يكون على البدل، وجاز أن يكون على إضمار في الثاني أي أحدهما ضرب بعضًا. والسابق بالاستثناء منه أولى من المتأخر عند توسط المستثنى نحو قوله تعالى: {قم الليل إلا قليلا نصفه}، فـ (إلا قليلا) مستثنى من الليل، فإن تأخر عنهما، فاستثناؤه من الثاني أولى نحو: غلب مائة مؤمن مائتي كافر إلا اثنين، وسواء أكان الثاني فاعلاً، أو مفعولاً، فإن تقدم على ما يصلح الاستثناء منهما، فإما

أن يكون أحدهما مرفوعًا لفظًا أو معنى أو لا، إن لم يكن فمن الأول أولى مطلقًا نحو: استبدلت إلا زيدًا من أصحابنا بأصحابكم. وإن كان أحدهما مرفوعًا لفظًا، أو معنى فهو أولى مطلقًا نحو: ضرب إلا زيدًا أصحابنا أصحابكم، وملكت إلا الأصاغر عبيدنا أبناءنا، ما لم يمنع مانع نحو: استبدلت إلا زيدًا من إمائنا بعبيدنا، ولا يعتبر إذ ذاك لا تقديم، ولا تأخير، ولا توسط فتقول: طلق نساؤهم الزيدون إلا الحسنيات، وأصبى الزيدين نساؤهم إلا ذوي النهي. وإذا [كان] عقب الاستثناء معمولات والعامل فيها واحد نحو: اهجر بني فلان وبني فلان إلا من صلح، كان الاستثناء راجعًا إلى تلك المعمولات، وكذا لو تكرر العامل توكيدًا نحو: اهجر بني فلان، واهجر بني فلان إلا من كان صالحًا، فإن اختلف العامل والمعمول واحد، كقوله تعالى: {إلا الذين تابوا} في آية قذف المحصنات. فقال ابن مالك: الحكم كالحكم فيما اتحد فيه العامل، وقال المهاباذي في شرح اللمع: لا يكون الاستثناء إلا من الجملة التي تليه.

فقوله: {إلا الذين تابوا} مستثنى من قوله: {وأولئك هم الفاسقون} لا غير، وحمله على أنه مستثنى من الجميع خطأ، وفي هذه المسألة خلاف، وتفصيل مذكور في علم أصول الفقه. وإذا كررت (إلا) بعد المستثنى بها توكيدًا أبدل ما يليها مما يليه، إن كان مغنيًا عنه مثاله: قام القوم إلا محمدًا إلا أبا بكر، وأبو بكر كنية محمد، وما قام القوم إلا زيد إلا أخوك، وإن لم يغن عطف بالواو، نحو: قام القوم إلا زيدًا وإلا جعفرًا. وأجاز الصيمري طرح حرف العطف، وهما مستثنيان من القوم، وقال (إلا) قامت مقام العاطف، وتقول: ما أتاني أحد إلا زيد وإلا عمرو ولا يجوز رفعهما جميعًا إلا بحرف العطف فتقول: وإلا عمرو، ويجوز (عمرو) دون إلا، وأجازت جماعة رفعهما بغير حرف العطف، ولو أظهرت أحدًا لم ترفع اثنين، قال ابن هشام: الأجود أن يحمل على حذف حرف العطف، وقد أجازه ابن الطراوة على غير هذا: حمل الثاني على المعنى، لأن معناه كمعنى الأول وهو مستثنى منه ألا ترى أنه يجوز عطفه عليه بإلا، وبغير إلا، والحمل على المعنى في هذا الباب قوي.

وإن كررت (إلا) لغير توكيد، ولم يمكن استثناء بعض المستثنيات من بعض شغل العامل ببعضها، إن كان مفرغًا، ونصب ما سواه مثال ذلك: ما قام إلا زيد إلا عمرًا إلا بكرًا. والذي يلي العامل من هذه الأسماء أولى أن يفرغ له العامل، ويجوز أن يفرغ الأخير، وينصب المتقدمين، والمتوسط فتقول: قام إلا زيدًا إلا عمرًا إلا بكر، وما قام إلا زيدًا إلا عمرو إلا بكرًا، فإذا رفعت الأول جاز فيما بعده الرفع على البدل بدل البداء، والنصب على الاستثناء، وإن رفعت الآخر نصبت ما تقدم على الاستثناء. وإن رفعت المتوسط لم يجز فيما قبله إلا النصب على الاستثناء، ويجوز فيما بعده النصب على الاستثناء والرفع على بدل البداء. وحكم ما فرغ له العامل من المنصوبات، حكم ما فرغ له العامل من المرفوع، نحو: ما ضربت إلا زيدًا إلا عمرًا إلا خالدًا، إن جعلت الأول معمولاً لضربت انتصبت الباقي على الاستثناء. أو على البدل، أو الأخير انتصب ما قبله على الاستثناء، أو المتوسط كان ما قبله منصوبًا على الاستثناء، وما بعده كذلك أو بدل. والمجرور المفرغ له العامل كذلك تقول: ما مررت إلا بزيد إلا عمرًا إلا خالدًا، وإلا عمرو وإلا خالد، وما مررت إلا زيدًا إلا بعمرو إلا خالدًا وإلا خالد، وما مررت إلا زيدًا إلا عمرًا إلا بخالد، وإن لم يكن العامل مفرغًا، فالنصب على الاستثناء لجميعها إن تقدمت نحو: ما قام إلا زيدًا غلا عمرًا إلا خالدًا أحد، وقام إلا زيدًا إلا عمرًا إلا خالدًا القوم، وما لي إلا زيدًا إلا عمرًا ناصر.

وزعم ابن السيد أنه يجوز في هذا أربعة أوجه: الأول: النصب على الاستثناء كما ذكر النحاة. والثاني: النصب على الحال. والثالث: أن يجعل الأول حالاً والباقي على الاستثناء. والرابع: أن يكون السابق على الاستثناء، والباقي حالاً، وإن تأخرت، فلأحدهما ماله مفردًا، وللبواقي النصب مثال ذلك: قام القوم إلا زيدًا إلا بكرًا إلا خالدًا، وما جاء أ؛ د إلا زيدًا إلا عمرًا إلا خالدًا، وقال شيخنا أبو الحسن الأبذي: يجوز في الإيجاب الرفع في الجميع على النعت، ونصب الجميع على الاستثناء، ورفع أحدهما على الصفة، ونصب الباقي على الاستثناء، واتبع في جعل المكرر صفة ابن السيد، ومنع ذلك شيخنا أبو الحسن بن الضائع، قال الأبذي: ويجوز في النفي الرفع على البدل فيها، والنصب على الاستثناء فيها، والرفع فيها على النعت، ورفع أحدهما على البدل أو النعت والباقي على الاستثناء، وقد ذكرنا عن ابن الضائع: أنه لا يجيز في المكرر الصفة. وحكم ما استثنى من المكرر مساو في الدخول للأول، إن كان الاستثناء من غير موجب وفي الخروج إن كان من موجب. وإن أمكن استثناء بعضها من بعض استثنى كل من متلوه، وجعل كل وتر خارجًا، وكل شفع داخلاً، وما اجتمع فهو الحاصل، وفي هذه المسألة أربعة مذاهب. أحدها: أنها كلها راجعة إلى الاسم المستثنى منه فإذا قال: له على مائة درهم إلا عشرة إلا اثنين لزمه ثمانية وثمانون.

والمذهب الثاني: أن الأخير مستثنى من الذي قبله، والذي قبله مستثنى من الذي قبله إلى أن ينتهي إلى الأول، ويكون المقر به على هذا اثنين وتسعين درهمًا وهذا مذهب أهل البصرة والكسائي. المذهب الثالث: أن الاستثناء الثاني منقطع، والمقر به على اثنين وتسعين، فيتحد هذان المذهبان، وإن اختلفا في التخريج، وهو مذهب الفراء. المذهب الرابع: أنه يجوز أن تعود كلها إلى الاسم الأول، وأن يعود بعضها إلى بعض حتى ينتهي إلى الاسم الأول. وفرعوا من العدد مسائل كالاستثناء من عدد عددًا، يليه ثم منه عددًا يليه إلى أن ينتهي إلى الأول مبدأ العدد، وذكروا لاستخراج ذلك طرقًا في الحساب، وليس ذلك من غرض النحو، ولا نطقت العرب بتلك التراكيب وهو مخرج على مذهب من أجاز استثناء الأكثر، ومذهب من أجاز الاستثناء من العدد، ومذهب الفراء إذا لم يمكن الاستثناء من عدد يليه نحو: له عندي عشرة إلا ثلاثة إلا أربعة، أنه يستثنى الثلاثة من الشعرة فيبقى سبعة، فتزيد عليها أربعة، فيكون المقر به أحد عشر، ومذهب غيره أنه يستثنى من العشرة الأربعة بعد استثناء الثلاثة فيكون المقر به ثلاثة، وإذا كانت إلا صفة نحو قولك: له عندي مائة إلا درهمان فهو إقرار بالمائة، فإن قال: إلا درهمين، فهو إقرار بثمانية وتسعين درهمًا.

فصل

فصل أصل (غير) أن تكون صفة، وأصل (إلا) أن تكون استثناء، ثم قد تحمل إحداهما على الأخرى فيما هو أصل فيها، وقد اضطرب كلام النحاة في الوصف بـ (إلا)، والمتفهم من كلام الأكثرين أنه يراد به الوصف الصناعي. وهؤلاء اختلفوا، فقال الأخفش: (إلا) وما بعدها تكون صفة لنكرة، أو فيه (ألف ولام) نحو: مررت بالقوم إلا أخيك، وجاءني القوم إلا أخوك، وقال (صاحب الضوابط): يوصف بها إذا كان المستثنى منه نكرة نحو: قام كل أحد إلا زيد، فإن قلت: قام إخوتك إلا زيدًا تعين النصب، ولا يجوز الرفع على الصفة. ونص ابن السراج وغيره على أن الذي يكون فيه (أل)، وتكون (إلا) فيه وصفًا لا بد أن تكون (أل) الجنسية. وقال بعض أصحابنا: يوصف بها الظاهر، والمضمر، والمعرفة، والنكرة، وهو وصف يخالف سائر الأوصاف.

وقال بعضهم: قول النحويين إنه يوصف بها إنما يعنون عطف البيان ألا ترى أنها جاءت بعد المضمر، والمضمر لا ينعت، وقال: ... ... ... .... … عاف تغير إلا النؤى والوتد (فإلا النؤى) عطف بيان من الضمير المستكن في تغير، وفي البسيط: جمهور النحويين على جواز كون (غير) تجرى على المعرفة، فكذلك (إلا)، والظاهر أنها تقع فيما تقع فيه (غير)، إلا في الموضع الذي لا يتقدمها موصوف، سواء أكان في النفي أم الإثبات منفردًا، أو مجموعًا منكرًا أم معرفًا على ما تفيده من التعريف. ولما كانت (غير) من أخوات (مثل) يصح فيها التعريف صح جريها على المعرفة، والنكرة فكذلك (إلا) بمعنها تجرى على النكرة، والمعرفة، ويجوز فيها البدل كما جاز في (غير)، وهل يجوز فيها الحال كما جاز في (غير)؟ فيه نظر، وأجازه ابن السيد، انتهى. وشرط الوصف بـ (إلا) أن يتقدمها موصوف فلا يحذف، وتبقى هي بخلاف (غير) فلا يجوز في قام القوم إلا زيد: قام إلا زيد، ويجوز في قام القوم

غير زيد أن تقول: قام غير زيد، ويجوز الوصف بها حيث يجوز البدل وحيث لا يجوز وزعم المبرد: أنه لا يجوز الوصف بها غلا حيث يجوز البدل، وكون (إلا) لا تكون صفة غلا حيث يصح الاستثناء كالمجمع عليه من النحويين. وفي كلام سيبويه ما يقتضي ظاهره خلاف ذلك؛ فإنه جعل: {إلا الله} صفة لآلهة من قوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا} ومن قوله: لو كان معنا رجل إلا زيد [لغلبنا] ولا يجوز الاستثناء فيهما. ومنع سيبويه الاستثناء المفرغ فيه، فكذلك الاستثناء غير المفرغ، وقيل قولهم لا يصلح فيه الاستثناء، إنما يعنون الاستثناء المتصل، وأما المنقطع فيصلح وهو سائغ في الآية، فالوصف سائغ. وقد أجاز الجرمي، والمبرد في قوله تعالى: «إلا قليلاً ممن» أن يرتفع على الوصف لقوله تعالى: {أولو بقية} وهو لا شك استثناء منقطع، ولو قرئ به كان حسنًا، فحيث جاز الاستثناء بوجه ما حسن الوصف، وأجاز المبرد، وتبعه دريود في الآية البدل وتقول: جاءني رجل غير زيد، ورجلان غير زيد، ورجال غير زيد، ولا تدخل إلا مكان غير. وما جاءني إخوتك إلا زيدًا، صلحت فيه غير، ولا أقوم إلا أن تقوم لا تكون فيه (غير)، ولا يلي (غلا) نعت ما قبلها لا يجوز: قام رجل إلا

راكب، ولا ما مررت بأحد غلا قائم، والحال كالصفة لا يجوز عندي أصحابك إلا جلوسًا بل هذه يصلح فيه (غير) لا (إلا)، فإن جاء ما يوهم ذلك، فيكون حالاً، نحو: ما مررت بأحد إلا قائمًا، أو يكون صفة بدل محذوف، قال الأخفش: ما جاءني رجل إلا راكب تقديره: إلا رجل راكب، وفيه قبح وتقول: ما ضربت أحدًا غلا عمرو خير منه، (إلا) مفرغة للحال معناه إلا مفضلاً عليه عمرو. وقال الزمخشري: ما بعد (إلا) صفة لما قبلها وهو أحد، وإلا لغو في الكلام معطية في المعنى فائدتها: جاعلة عمرًا خيرًا ممن ضربت، وإذا جاز أن تدخل على الجملة التي هي صفة، جاز أن تدخل الصفة المفردة فتقول: ما مررت برجل إلا صالح، فتكون (إلا) إيجابًا في العمد وفي الفضلات وفي التتمات. ولا تدخل في البدل الذي هو عين الأول، ولا في عطف البيان، ولا في كل تابع هو الأول، وتابع الزمخشري صاحب البديع، وابن هشام، ويلي (إلا) في النفي فعل مضارع بلا شرط سواء أتقدم اسم نحو: ما زيد إلا يفعل كذا أم فعل نحو: ما كان زيد إلا يضرب عمرًا.

ولا خرج زيد إلا يجر ثوبه، ويليها ماض مسبوق بفعل نحو قوله تعالى: {وما يأيتهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون} أو ماض مصحوب بقد. وقال أبو بكر بن طاهر: ما زيد إلا قام لا يجوز، وما زيد إلا يقوم جاز، ولم يقل به من تقدم النحاة، وأجاز المبرد: ما زيد إلا قد قام. وفي البيدع: ما زيد إلا قام لم يجز، فإن أدخلت قد أجازها قوم، انتهى. وأما قول الشاعر: وكلهم حاشاك إلا وجدته … كعين الكذوب جهدها واحتقالها فزعموا، أن (كلهم) في تأويل الجحد، والمعنى: ما منهم أحد حاشاك إلا وجدته، فهو نظير: أنشدك بالله إلا فعلت معناه: ما أنشدك إلا فعلك، صورته صورة واجب، ومعناه النفي، وقدرت (فعلت) بالمصدر، وليس مع فعلت سابك، فهو كلام يعنون به النفي المصحور في المفعول وقولهم: بالله إلا ما فعلت كلام مختصر من قولهم: بالله لا تفعل إلا كذا، حذف جواب القسم وترك ما يدل عليه، لأن الإيجاب لا بد أن يتقدمه نفي، وصرح في قولهم: إلا ما فعلت بما المصدرية كما صرح بها في قوله:

عمرتك الله إلا ما ذكرت لنا … ... ... .... ومعنى (عمرتك الله): ذكرتك، وسالتك به، وهومثبت معناه النفي أي: ما أسألك بالله إلا ذكرك لنا. وفي البديع: أوقعوا الفعل موقع الاسم المستثنى في قولهم: أقسمت عليك بالله إلا فعلت، ونشدتك بالله إلا أجبت، وعزمت عليك إلا أجبتني ومنه قول ابن عباس للأنصار، وقد نهضوا له بالإيواء والنصر: «إلا جلستم» التقدير: ما أطلب إلا فعلك، ولا أريد إلا جلوسكم. وإذا صح ما حكوا من قول ابن عباس، وأنه لفظه كان في ذلك حجة على أنه قد يحذف عامل المستثنى منه المتروك كما قال الفارسي في قول الشاعر: تنوط التميم وتأبى الغبو … ق من سنة النوم إلا نهارًا

تقديره: لا تغتذى (إلا نهارًا) أي لا تغتذى وقتًا من الأوقات إلا نهارًا، حذف لا تغتدى وهو العامل في المستثنى المتروك، وإذا جاء بعد (إلا) فعل، أو جملة اسمية لم يقع موقعها (غير) ولو قلت: ما جاءني أحد غير زيد خير منه بخفض (زيد) على الإضافة، ورفع (غير)، على أنه خبر مبتدأ محذوف جاز. واختلف مدلول (إلا) وغير؛ لأن في مسألة (إلا) زيد خير من كل من جاءك، وفي مسألة (غير) نفيت أن يكون غير زيد خيرًا منه. ولا يجوز تقديم معمول ما بعد (إلا) عليها نحو: ما قومك زيدًا إلا ضاربون، فإن وقع ففي الشعر، ولا معمول معمولها عليه وبعدها نحو: ما قومك إلا زيدًا ضاربين أي إلا ضاربين زيدًا، وسواء في ذلك فرغ العامل لما بعد (إلا) أم لم يفرغ هذا مذهب السيرافي، والفارسي، فلا يجيزون: ما زيد طعامك إلا آكل، وأجاز ذلك الأخفش ذكره في المسائل الكبار، ولا يعمل ما قبلها فيما بعدها إلا إن كان مستثنى، نحو: ما قام إلا زيد، أو مستثنى منه نحو: ما قام إلا زيدًا أ؛ د، أو تابعًا نحو: ما مررت بأحد إلا زيدًا خير من عمرو. فأما مثل: ما ضرب إلا زيد عمرًا، وما ضرب إلا زيدًا عمرو، وما مر إلا زيد بعمرو، فتقدم الكلام في ذلك في الفصل الذي بذيل المفعول الذي لم يسم فاعله. ووافق الأخفش الكسائي في الحال، والظرف، والجار نحو: ما جاء إلا زيد ضاحكًا، وما آوى إلا عمرو إليك، وما حسن إلا زيد عندك. ويستثنى (بحاشا)، ومذهب سيبويه وأكثر البصريين أنها حرف خافض دال على الاستثناء كـ (إلا) وأنشد الجوهري:

في فتية جعلوا الصليب إلههم … حاشاى إني مسلم معذور وذهب بعض الكوفيين، والمبرد، والفراء إلى أنها فعل ناصب للاسم بعدها بمنزلة: عدا زيدًا، وخلا زيدًا، وجوز المبرد في الاستثناء الوجهين، وذهب بعض الكوفيين إلى أنها فعل، استعملت استعمال الحروف فحذف فاعلها. والذي يظهر أن سيبويه لا ينكر أن ينطق بها فعلاً في غير الاستثناء، ففي الاستثناء حرف، وفي غيره فعل تقول: حاشا له أن يفعل كذا؛ ومعناه جانب لك السوء، ويتعدى بنفسه، وباللام حكى الجوهري حاشاك السوء، وحاشا لك السوء. وحكى ابن سيده: أن حاشيت بمعنى استثنيت، وحاشا بمعنى استثنى، وقال ابن حبيب: حاشا فلانًا الأكثر فيه النصب، وهو فاعل من الحشى الذي هو الناحية، وزعم الفراء: أن الخبر بعد (حاشا) بلام مضمرة.

ومذهب سيبويه، والأكثر أن (خلا وعدا) فعلان ضمنا معنى الاستثناء، ولم يعرف سيبويه الجر بـ (عدا). و (خلا) وإنما نقل الجر بهما الأخفش. وثبت بالنقل الصحيح عن العرب أن (حاشا وعدا وخلا) ينتصب الاسم بعدها في الاستثناء، وينجر فإذا انجر كن حروفًا، وإذا انتصب كن أفعالاً، وإذا جاء قبلها (ما)، فالجمهور على وجوب النصب بعدها قال الفراء: إذا استثنيت بـ (ما عدا وما خلا) ضمير المتكلم قلت: ما عداني، وما خلاني، ومن نصب بحاشا قال: حاشاني. انتهى. وزيادة (ما) قبل حاشا قليلة: وأجاز الكسائي: قام القوم ما حاشا زيد، وأجاز: قام القوم إلا حاشا زيد، وتدخل إلا على حاشا، وقيل فيها (حشا) وموضع (ما والفعل) نصب لا خلاف في ذلك بين البصريين والكوفيين موضوع موضع الحال قاله السيرافي، وذهب ابن خروف إلى أن انتصابه على الاستثناء انتصاب

غير، وقيل مصدرية ظرفية أي وقت خلوهم، ودخله معنى الاستثناء، وذهب الكسائي، والجرمي والفارسي في كتاب الشعر له، والربعي إلى إجازة الجر بعد (ما عدا وما خلا)، فتكون (ما) زائدة، وحكاه الجرمي عن العرب في باب الجر من كتاب الفرخ. وإذا ولى (حاشا) مجرور باللام فلا خلاف في انتفاء حرفيتها، وزعم المبرد أنها إذ ذاك فعل، وزعم الفراء أنها أيضًا فعل، وأن الأصل حاشا لزيد، فكثر الكلام بها فأسقطوا اللام، وخفضوا بها، وزعم غيرهما أنها اسم، إذ نونوها (وحاشًا لزيد) ليس معناه الاستثناء، بل معناه التنزيه عما لا يليق بالمذكور، وقد يراد به تنزيه الاسم من السوء، فيبتدئون بتنزيه اسم الله تعالى على جهة التعجب والإنكار على من ذكر السوء ممن لم يرده لقوله تعالى: {قلن حاش لله} كمعاذ الله، وسبحان الله، في ذلك المعنى، والصحيح في هذا أنها اسم انتصب انتصاب المصدر الواقع بدلاً من اللفظ بالفعل، فمن قال: حاشا لله، فكأنه قال:

تنزيهًا لله، ومن نونه كقراءة أبي السمال فهو مثل رعيًا لزيد، ومن قال: حاش الله كقراءة ابن مسعود، فهو مثل سبحان الله، ولم يستثن بحاش. واستثنى بحاشا، وحيش. واختلف في دخول (ما) على حاشى في الاستثناء، فمنع من ذلك سيبويه وأجاز ذلك بعضهم على قلة، وهو مسموع من كلامهم، واختلفوا في دخول (إلا) على حاشا، فذهب الكسائي إلى جواز ذلك إذا جرت حاشا نحو: قام القوم إلا حاشا زيد، وحكى ذلك أبو الحسن عن العرب، ومنع ذلك إذا نصبت، ومنع ذلك البصريون مطلقًا، وحملوا ما حكى من ذلك على الشذوذ، وإذا جرت هذه الكلمات، فقيل تتعلق بالفعل أو معنى الفعل فموضعها نصب، وقيل: في موضع نصب عن تمام الكلام، وإذا نصبت، فذهب سيبويه وأكثر البصريين إلى أن فاعلها مضمر مستكن في الفعل لا يظهر، وهو عائد على البعض المفهوم من الكلام لا يثنى، ولا يجمع، ولا يؤنث. وذهب المبرد إلى أن الضمير فيها عائد على (من) المفهوم من معنى الكلام، فإذا قلت: قام القوم عدا زيدًا، فالتقدير: عدا هو أي عدا من قام زيدًا، وقيل الفاعل مصدر ما عمل في المستثنى منه، فيقدر: قاموا عدا زيدًا، جاوز قيامهم

زيدًا، وقاله ابن مالك ولا يطرد إذ ينتقض في نحو: القوم إخوتك عدا زيدًا لم يتقدم فعل، ولا ما جرى مجرى الفعل، وذهب الفراء: إلى أن حاشا فعل، ولا فاعل له والنصب بعدها، إنما هو بالحمل على إلا، والتزم فيها النصب، واختلفوا في هذه الجمل، فأجاز السيرافي أن تكون في موضع نصب على الحال كأنك قلت: خالين زيدًا، وعادين زيدًا، ومحاشين زيدًا، وأجاز أيضًا أن تكون لا موضع لها من الإعراب، وإن كانت مفتقرة من حيث المعنى إلى ما قبلها من حيث كان معناها معنى (إلا)، قال ابن عصفور وهو الصحيح: ولا يجوز حذف كلمة الاستثناء، وإبقاء المستثنى. وقالت العرب: كل شيء مهة ما النساء وذكرهن، قال ابن مالك: مهة: يسير وقال غيره المهه: الطراوة والنضارة واختلفوا في تخريج هذا، فقال الفراء، وعلي بن المبارك الأحمر: العرب تستثنى (بما) وحكيا هذا الكلام، فجعلا (ما) أداة استثناء، فلا حذف بعدها، وذهب إلى ذلك السهيلي أيضًا قال: ليس ما تدخل فيه ليس يدخل فيه (ما)، فيستثنى بليس دون (ما) إلا في كلمة جاءت مثلاً، وذكر ذلك الكلام أي ليس النساء، وذكرهن فعلى قول هؤلاء (ما) نافية قد استثنى بها، وخرج بعض أصحابنا ذلك على جعل (ما) مصدرية، والفعل

بعدها محذوف تقديره ما خلا زيدًا، وقدره ابن مالك ما عدا زيدًا، وقال بعضهم (ما) بمعنى إلا، ولم يثبت هذا المعنى في أقسام (ما)، وفي البديع: لا يجوز الجمع بين آلتين من آلات الاستثناء فلو قلت: قام القوم إلا خلا زيدًا، لم يجز، وقد أجازوا إلا ما خلا زيدًا، للفصل، وأجاز الأخفش: غلا حاشا زيد، بالجر. انتهى. وتقدمت إجازة هذا عن الكسائي، ويستثنى (بليس) (ولا يكون) تقول: قام القوم ليس زيدًا، وقام القوم لا يكون زيدًا، و (تكون) هنا ناقصة، والمنصوب خبر ليس، ولا يكون خبرها جملة، ولا تدخل عليهما الواو، كما لا تدخل على إلا، وأما اسمها، فقال ابن مالك، وصاحب البسيط: هو محذوف حذف الاسم؛ لقوة دلالة الكلام عليه، وهذا القول مخالف لما اتفق عليه الكوفيون، والبصريون من أن الفاعل مضمر لا محذوف، فقدره الكوفيون عائدًا على الفعل المفهوم من الكلام السابق، فإذا قلت: قام القوم ليس زيدًا، فالمعنى ليس هو زيدًا «أي ليس فعلهم فعل زيد» حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، وقدره البصريون ضميرًا عائدًا على البعض المفهوم المعنى ليس هو؛ أي بعضهم زيدًا. وقدره بعض النحاة باسم الفاعل الدال عليه الجملة فإذا قال: قام القوم ليس زيدًا قدره ليس القائم زيدًا، ولما جعلت ليس في الاستثناء بمعنى (إلا) انفصل الضمير الواقع خبرًا لها تقول: زيد قام القوم ليس أنا، ولم يجز العطف على

خبرها بـ (ولا)، لا تقول: جاء القوم ليس زيدًا ولا عمرًا، بل تقول: وعمرًا، فخرجت عن معنى الجحد الذي بسببه يكون العطف بـ (ولا). والخلاف فيهما: هل لهما موضع من الإعراب، فيكونا حالين، أو لا موضع لهما من الإعراب، كالخلاف في عدا، وخلا، وحاشا إذا كن أفعالا. ومن أجاز تقديم خبر ليس عليها ينبغي ألا يجيز ذلك هنا، لأنها جرت مجرى (إلا)، فكما لا يجوز قام القوم زيدًا إلا: لا يجوز قام القوم زيدًا ليس. ومن أحكام (لي) و (لا يكون) أنه لا يجوز تقديمهما على الجملة الأولى لا تقول: ليس زيدًا قام القوم، ولا يكون زيدًا قام القوم. والمستثنى منه مع (إلا) مصرح به، وغير مصرح نحو: ما قام إلا زيد، وتتوسط (إلا) بين شيئين أحدهما مقتض للآخر نحو: ما زيد إلا قائم، وما مررت بأحد إلا زيد خير منه، ويعتقب الإعراب على ما بعد (إلا) رفعًا ونصبًا وجرًا. وأسماء الأفعال بمنزلة الأفعال فيما ذكر من الواجب والأمر تقول: هيهات القوم إلا زيدًا، ويا قوم هلم إلا زيدًا، ويجوز أن يكون ليس، ولا يكون في موضع الصفة، فيضمر فيهما ضمير الموصوف، ويطابقه في الإفراد، والتثنية والجمع، والتأنيث وذلك لا يكون إلا حيث يصلح فيه الاستثناء، ولا يكونان إذ ذاك استثناء، ولا يقع عدا وخلا وحاشا صفة لا تقول: ما أتتني امرأة عدت هندًا وتقول: ما أتتني امرأة ليست هندًا، ولا تكون هندًا، وما جاءني رجال ليسوا

الزيدين، ولا يكونون الزيدين وما جاءني نساء لسن الهندات، ولا يكن الهندات، وما جاءني رجلان ليسا أخويك، ولا يكونان أخويك، وما جاءني رجل ليس زيدًا ولا يكون زيدًا، فيكون إذا وقعتا صفة يكون خبرهما بعدد الموصوف كما مثلنا. وقال بعضهم: يجوز ألا يكون بعدد الموصوف فتقول: ما جاءني القوم ليس زيدًا، ولا يكون عمرًا، ومثل ابن عصفور وغيره ذلك بما لا يصلح فيه الاستثناء نحو: جاءني رجال ليسوا الزيدين، وجاءني نساء لسن الهندات. والموصوف بهما نكرة كما مثلنا، وأجاز ابن مالك أن يكون الموصوف مصحوب (أل) الجنسية، وقال: وقد يوصف بها على رأي، فأشعر أنه لا يجوز الوصف بها إلا على رأي من يرى ذلك. ولم يذكر أحد ممن طالعنا كلامه في جواز ذلك خلافًا، ولو كان قبلهما معرفة مما يصلح أن يستثنى منه فالقياس يقضتي أن يكون في موضع نصب على الحال نحو: جاء القوم ليسوا إخوتك، وجاءتني النساء لسن الهندات نص على ذلك أبو الحسن الأبذي شيخنا، وتقولك قام القوم إلا أن يكون زيد، وما جاءني أحد إلا أن يكون زيد، ترفع زيدًا على أن «يكون» تامة وهو قول الجمهور، وأجازه الأخفش، وأجاز أن تكون ناقصة على حذف خبر يكون أي إلا أن يكونه زيد. ولا يجيز أصحابنا حذف خبر كان وأخواتها، وإذا نصب (كان) في يكون ضمير مفرد مذكر لا يبرز في تثنية، ولا جمع، كما في لا يكون إذا استثنى بها والتقدير إلا أن يكون هو أي بعضهم زيدًا، والرفع في زيد أكثر من النصب.

فأما قراءة من قرأ: {إلا أن تكون تجارة} بالتاء فالقياس يكون بالياء على التذكير، وغلا أن تكون استثناء منقطع، فهو في موضع نصب على لغة الحجاز، وفي موضع رفع على البدل على لغة تميم، إن كان تقدمه ما يصلح فيه البدل، وقد تكلف بعض أصحابنا في جعله استثناء متصلاً بما يعسر تقديره. ويستثنى (بغير)، فينجر ما بعدها بالإضافة، وحكمها هي حكم الاسم الذي بعد (إلا) تقول: ما قام غير زيد، وجاءوني غير زيد، تنصب، وترفع على النعت للضمير على مذهب من أجاز ذلك، أو على عطف البيان على ما مر، وما جاءني أحد غير زيد ترفع، وهو أرجح من النصب، وما لأحد علم غير ظن، فتجيء فيه لغة الحجاز، ولغة تميم، وإذا انتصب (غير) على الاستثناء نحو: قاموا غير زيد، فالناصب له عند أصحابنا كونه جاء فضلة بعد تمام الكلام، كقولهم في المنصوب بعد (إلا). وذهب السيرافي، وابن الباذش إلى أنها منصوبة بالفعل السابق، وهي عند ابن الباذش مشبهة بالظرف المبهم، فكما يصل الفعل إليه بنفسه، كذلك يصل إلى غير. وذهب الفارسي في التذكرة على أنها منصوبة على الحال، وفيها معنى الاستثناء، ولما كانت (غير) يفرغ لها العامل في الإيجاب فتقول: قام غير زيد، فهل يجوز في نحو: قام القوم غير زيد، أن يكون بدلاً، كما جاز في ما قام القوم

إلا زيد، لجواز التفريغ فيها، وقبول تكرار العامل في ذلك نظر، وأجاز الفراء فتح (غير) مطلقًا قال: لتضمنها معنى (إلا) فتقول: ما جاء غير زيد، وما جاءني غيرك بالنصب. قال بعض بني أسد، وقضاعة: إذا كانت (غير) في معنى (إلا) ينصبونها تم الكلام قبلها، أو لم يتم فتقول: ما جاءني غيرك، وما جاءني أحد غيرك، ولم يمثل إلا بالإضافة إلى مبني، وأجاز ابن مالك بناءها إذا أضيفت إلى مبني صلح مكانها (إلا)، أو لم يصلح فمثال ما صلح مكانها (إلا) قوله: لم يمنع الشرب منها غير أن نطقت … حمامة ... ... ...

ومثال ما لا يصلح فيه (إلا): لذ بقيس حين يأبى غيره … ... ... .... وتقول: ما أتاني غير زيد وعمرو، وما جاءني القوم غير زيد وعمرو، بالجر عطفًا على زيد، ويجوز في المعطوف الرفع، فتقول: وعمرو؛ لأن معنى (غير) زيد: غلا زيد، فكما لو صرحت بـ (إلا) زيد جاز الرفع فكذلك هذا. وهذا العطف عند بعضهم عطفًا على الموضع، وعند الأستاذ أبي علي عطفًا على التوهم، والمعطوف، وإن أعرب إعراب غير، ليس معطوفًا على غير نفسها مع إرادة معنى إلا زيد؛ فإن عطفت على غير نفسها اختلف المعنى. وتقول: جاء القوم غير زيد وعمرًا بالنصب على المعنى؛ إذ يصلح مراعاته، إذ تقول: إلا زيدًا وعمرًا. وهل تختص هذه المراعاة، إذا كانت (غير) استثناء فقط، أم يجوز ذلك إذا كانت غير صفة لا استثناء نحو: ما جاءني أحد غير زيد وعمرو، فغير زيد صالح لـ «إلا زيد»، والظاهر جوازه، قيل: ويجوز فيه وجه آخر، وهو القطع على الابتداء، وهل يراعى العطف وحده من التوابع في هذا المعنى، أم يكون باقي

التوابع، كالعطف في ذلك القياس، يقتضيه، لكنهم لم ينصوا إلا على المعطوف فتقول على المراعاة: ما جاءني غير زيد نفسه، وغير زيد العاقل، وغير زيد أبو حفص، وغير زيد أخوك. وقد خرج ابن خروف الصفة على مراعاة المعنى في قوله: وما هاج هذا الشوق إلا حمامة … تغنت على خضراء سمر قيودها فجعل (سمر) صفة لحمامة المرفوع بعد (إلا) فكذلك بعد غير، والصحيح أنه لا يراعى المعنى في إلا زيد على تقدير: غير زيد، فلا يجوز ما قام القوم إلا زيد وعمرو بالخفض حملاً لـ (إلا) زيد على غير زيد، وقد أجازه ابن خروف كما ذكرنا، ويجوز ما جاءني غير زيد وإلا عمرو بالرفع، كما جاز رفع عمرو دون إلا، وفي النهاية: ما أتاني أحد إلا غير زيد بالرفع، لأنه يصح أن تقول: ما أتاني غير زيد، ولا يجوز قام القوم إلا غير زيد لا على الاستثناء، ولا على الحال. انتهى. وإذا كانت (غير) استثناء، ففي العطف بعدها (بلا) خلاف، ذهب الفراء وثعلب إلى أنه لا يجوز فلا تقول: جاءني القوم غير زيد ولا عمرو، كما لا تقول: جاءني القوم إلا زيدًا ولا عمرًا.

وذهب أبو عبيدة، والأخفش، والزجاج، وابن السراج، والفارسي، والرماني إلى جواز ذلك على زيادة (لا)، أو على الحمل على المعنى، إذ المعنى في قام القوم إلا زيدًا: قام القوم لا زيد. كما تقول: أنت غير القائم ولا القاعد معناه أنت لا القائم ولا القاعد. وأجاز النحويون عندي غير زيد، ولا عبد الله، ولم يجيزوا ذلك في سوى، وأجاز بعضهم: أنت زيدًا غير ضارب، ولم يجيزوا: أنت زيدًا مثل ضارب، لجعلهم غيرًا بمعنى (لا)، وتقول: ما لي إلا زيدًا صديق وعمرا، عطفًا على إلا زيدًا، وعمرو، بالرفع على الابتداء، والخبر محذوف كأنه قال: وعمرو لي صديق، إذ معنى مالي إلا زيدًا صديق، زيد صديقي قاله الخليل. وقال غيره: (إلا زيدًا) كان يجوز فيه الرفع على أن تبدل منه صديق، فحمل عمرو عليه عطفًا على التوهم، ولا يجوز: ما أتاني صديق إلا زيدًا وعمرو بالرفع على توهم الرفع في قوله: إلا زيدًا، بل ترفع على الابتداء. وتساوى (بيد) غير، وتضاف إلى (أن) وصلتها وتقع في الاستثناء المنقطع، وفي الحديث: «أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أنى من قريش، واسترضعت في بني سعد». وتقول: ذهب الناس بيد أني لم أذهب، ومعناها معنى غير هذا هو المشهور، وقال الأموي: معناها معنى (علي). وذكر الحديث.

وفي البديع: وقد تكون بمعنى (على)، وقد يبدل من بائها ميم وفي الحديث: «أنا أفصح العرب ميد أني من قريش واسترضعت في بني سعد» وفسر (بيد) من أجل وقال الراجز: عمدًا فعلت ذاك بيد أني … أخاف إن هلكت أن ترني والمشهور أن (بيد) بمعنى (غير)، والغالب أنه يجيء بعدها (أن) وقد جاء بعدها الفعل قال الشاعر: بيد لا يعثر بالردف ولا … يسلم الحي إذا الحي طرد يريد (بيد) أنه لا يعثر، وهي لازمة النصب ولا تتصرف بوجوه الإعراب تصرف (غير). و (سوى) بكسر السين وضمها مقصورتين، وبفتح السين وكسرها ممدودتين، ويستثنى بها في الاتصال والانقطاع، وكونها ظرفًا كالمجمع عليه إلا ما ذهب إليه الزجاجي أنها اسم لا ظرف، وتابعه ابن مالك فزعم أنها بمعنى (غير). وقال الكوفيون: وقد يكونان اسمين بمعنى غير وهي عند سيبويه،

والفراء، وأكثر النحاة لازمة الظرفية لا تتصرف، وذهب بعضهم إلى أنها تستعمل ظرفًا كثيرًا، وغير ظرف قليلاً، وهو قول الرماني، والعكبري، وابن عصفور، فيما حكاه عنه ابن الضائع، والذي في تآليف ابن عصفور أنه ظرف لا يتصرف كقول الجمهور، قال تقول: مررت برجل سواك بمعنى مكانك الذي يدخله معنى عوضك وبدلك، ولما كانت الظرفية فيها مجازًا لم يتصرفوا فيها فلا يقال: قام سوى زيد، ولا قام سواء زيد، ولا ما ضربت سواك، ولا مررت بسواك ولا ينتصبان على غير الظرفية، غلا إن جاء شيء من ذلك في ضرورة الشعر، قيل: ولم يشرب معنى الاستثناء فيها إلا سوى المكسورة السين، ولم يمثل سيبويه في الاستثناء إلا بها، فإن استثنى بالآخر فبالقياس عليها، وظاهر كلام الأخفش أنه يستثنى بالثلاثة. ويضاف إلى المعرفة والنكرة كـ (غير) وزعم بعضهم أنها لا تضاف إلا إلى

المعرفة، وموضعها نصب على الظرفية، ويظهر الإعراب في الممدودة نصبًا نحو: قام القوم سواءك، وما مررت بأحد سواك. وزعم عبد الدائم من مرزوق القيرواني: أن سواء مبنية على الفتح فأما (سوى) من قوله: {مكانا سوى} قرئ بكسر السين، وضمها، وسواء من قوله تعالى: {فاطلع فراءه في سواء الجحيم} أي في وسطه، ومن قولهم: هذا درهم سواء «أي تام». ومن قولهم: مررت برجل سواء والعدم، ومن قولهم: سواء أقمت أم قعدت بمعنى (مستو). فهما اسمان لا ظرفان اتفاقًا، وأما قولهم: زيد سواء عمرو بمعنى حذاء عمرو فظرف. ويجوز حذف ما بعد (إلا) وبعد غير، وذلك بعد ليس تقول: جاءني زيد ليس إلا، وليس غير، وليس هذا من الاستثناء وتقول: قبضت عشرة ليس إلا، وليس غير، وذلك نصب غير ورفعه منونًا، وغير منون فأما في (ليس إلا) فاسمها مضمر فيها، والخبر محذوف أي ليس الجائي إلا إياه، وليس المقبوض.

ويجوز أن تجعل خبر ليس محذوفًا، وما بعد (إلا) الاسم أي: ليس الجائي إلا إياه، وليس المقبوض إلا تلك. وأما (غير) إذا نونت ورفعت، فالخبر محذوف أي: ليس غيره جائيًا، وليس غيره مقبوضًا، وإذا نصبت كان الاسم مضمرًا، وهي الخبر أي ليس هو أي الجائي غيره، وليس هو أي المقبوض غيرها. وإذا لم تنون (غير) ورفعت أو نصبت فهي عند الأخفش معربة كحالها حين كانت منونة، وسقط التنوين لنية الإضافة، والإعراب على ذلك التقدير حيث كانت منونة. وذهب الجرمي، والمبرد، وأكثر المتأخرين إلى أن الضمة في (غير) بناء، ونسب إلى سيبويه، وسواء أكانت اسم ليس أم خبرها، ويجوز التصريح بالإضافة مع غير فتقول: قبضت عشرة ليس غيرها أي مقبوضًا، وليس غيرها تنصب على الخبر، وهو أجود من ليس غير أو غير، وأجاز الأخفش: لم يكن غيره وغيره فيحذف الاسم أو الخبر مع (غير) مضافة كحذفها مع ليس وقال السيرافي: لا يجوز هذا الحذف. وعد جماعة من النحاة منهم الأخفش، وأبو حاتم، والنحاس في أدوات الاستثناء (لا سيما) لما رأوا ما بعدها مخالفًا لما قبلها بالأولوية التي لما بعدها،

والصحيح أنها ليست من أدواته، وإنما ذكرها سيبويه في باب (لا) التي لنفي الجنس، والمشهور والمعروف أن ما بعد (لا سيما) أولى بالمسند الذي لما قبلها من المسند إليه، وفي كلام الخطاب الماردي ما يدل على خلاف هذا، وأنه مسكوت عنه قال إذا قلت: جاءني القوم لا سيما زيد معناه: لا مثل ذلك زيد فيمن جاءني، فكأنك قلت: لا يأتي مثل زيد، فإنما نفيت أن يكون أحد ممن جاءك شبهًا بزيد، ولعل زيدًا جاءك أو لم يأتك. انتهى. والاسم بعدها إن كان معرفة، فيجوز جره على زيادة (ما) فتقول: قام القوم لا سيما زيد، وتجويز حذف (ما) نص عليه سيبويه، ووهم ابن هشام في زعمه عن سيبويه أنها زائدة لازمة، ويجوز رفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف، والجملة صلة (لما) إن كانت موصولة بمعنى الذي، أو صفة إن كانت (ما) نكرة موصوفة على إجازة ابن خروف، وزعم الأخفش أن (ما) في موضع رفع بمعنى الذي، وهو خبر (لا) وسي اسمها، وإن كانت نكرة جاز الوجهان الرفع والنصب، وروى بيت امرئ القيس: ... ... .... … ولا سيما يوم بدارة جلجل

بالنصب، والرفع والجر، وانتصاب النكرة فيه على أنه تمييز لما، وهي نكرة تامة كأنه قال: ولا مثل سي ثم فسره بنكرة منصوبة، وقال أبو علي، وهو الذي تلقيناه من الشيوخ، وقال الفارسي: لا تكون (ما) بمنزلة الذي، وينتصب يومًا على الظرف صلة لما، وقال أبو القاسم بن القاسم: هو ظرف صلة (لما) وحذف ناصبه تقديره: ولا مثل الذي اتفق يومًا بدارة جلجل، فحذف للعلم به قال ابن هشام: وبهذا قال أكثر من رأيت. ومن كلامهم قد عرفت الذي أمس أي وقع واتفق، وحكى سيبويه في باب المستثنى: «هذا الذي أمس» قال نريد الذي فعل أمس، وقيل (ما) حرف كاف لسي عن الإضافة إلى ما بعدها فأشبهت الإضافة في قولهم: «على التمرة مثلها زيدًا» من جهة منعه الإضافة إلى ما بعدها، وهذا توجيه للفارسي أيضًا، واستحسنه الأستاذ أبو علي، وقاله أيضًا أبو الحسن بن الضائع. وقد توصل بظرف نحو: يعجبني الاعتكاف، ولا سيما عند الكعبة، وبجملة فعلية نحو: يعجبني كلامك لا سيما تعظ به، وجاء بعد (لا سيما) أيضًا (إن) الشرطية نحو قوله: أرى النيك يجلو الهم والغم والعمى … ولا سيما إن نكت بالمرسن الضخم

وحكى الأخفش أنهم يقولون: إن فلانًا كريم ولا سيما إن أتيته قاعدا انتهى. وهذا يدل على جواز دخول الواو على (لا سيما)، وإذا جاء بعدها الشرط كانت (ما) كافة، وإن قدرت (ما) زائدة، لم يجز؛ لأنه يلزم إضافة (سي) إلى جملة الشرط، وذلك لا يجوز، وما يوجد في كلام المصنفين من قولهم: «لا سيما والأمر كذلك» تركيب غير عربي، وكذلك حذف (لا) من لا سيما إنما يوجد في كلام الأدباء المولدين لا في كلام من يحتج بكلامه، و (سي) معناه مثل تقول: أنت سي وهما سيان، وهم أسواء نحو: حمل وأحمال، (وسي) في لا سيما هو اسم (لا) منصوب، وخبرها محذوف لفهم المعنى، فإذا قلت: قام القوم لا سيما زيد، فالتقدير: لا مثل قيام زيد قيام لهم، وزعم أبو علي في الهيتيات أن (لا) ليست عاملة النصب في (سيما) بل (سي) منصوب على الحال، والعامل فيها الجملة السابقة، وكأنه قال: قام القوم غير مماثلين زيدًا في القيام. ويجوز تخفيف الياء من (لا سيما) حكاه الأخفش، وابن الأعرابي والنحاس، وابن جني، وفي ذلك رد على ابن عصفور، إذ زعم أنه لا يجوز تخفيف الياء، ونص الأخفش على إجازة الرفع والخفض حالة التثقيل والتخفيف، وقال دريود في كتابه في قولك: لا سيما لغتان التثقيل والتخفيف، فمن خفف خفض، ومن ثقل رفع، وهو خلاف لما صرح به الأخفش ويقال: «لا سيما» بإسكان الياء، وأصل (سي) سوى. والمحذوفة عند ابن جني لام الكلمة، والأحسن عندي أن تكون المحذوفة عين الكلمة وقوفًا مع ظاهر اللفظ، ويجوز إبدال السين تاء قالوا:

(لا تيما) وإبدال اللام نونًا قالوا: ناسيما ويقال بمعنى لا سيما: لا سواء ما، ولا مثل ما، ونص ابن الأعرابي: على أن ما بعد (لا مثلما) يرفع، ويجر كما بعد لا سيما. وقال كراع: لا سيما، ولا مثل ما، ولا ترما بمعنى واحد، وذكر ابن الأعرابي والأحمر «ولو تر ما» بمعنى لا سيما، قال: إنه لا يكون فيها إلا الرفع، يعني في الاسم الذي بعد «ولو ترما» إلا الرفع؛ وسبب ذلك أن (تر) فعل فلا يمكن أن تكون (ما) زائدة. وينجر ما بعدها بل (ما) موصولة مفعول (بتر) وزيد خبر مبتدأ محذوف، والجملة صلة «وتر ما». إن كان قبلها (لا) جاز أن يكون للنهي، والتقدير: لا ترأيها المخاطب الذي هو زيد، والمعنى في قام القوم: ولا تر ما زيد، ولا تبصر الشخص الذي هو زيد، فإنه في القيام: أولى به منهم، وجاز أن تكون (لا) نافية. وحذف ألف (ترى) على جهة الشذوذ، كما حذفت في «لا أدر» و «لا أبال»، وإن كان قبل «ترما» و (لو)، فحذفت ألف «ترى» شذوذًا كما قلنا في «ولا ترما» إذا كانت (لا) نفيًا، وجواب «لو» محذوف أي: ولو تبصر الذي هو زيد لرأيته أولى منهم بالقيام، ونظير ذلك قولك: لقد جاد الناس ولو رأيت زيدًا معناه: ولو رأيت زيدًا لرأيت أجود منهم. والجملتان من (لا سيما)، ومن «لا ترما ولو ترما» وإن اختلفا في الحد لا ينكر أن يؤديا معنى واحد، ويجوز دخول الواو على (لا سيما) فتقول: قام القوم ولا سيما زيد، والواو واو الحال. وخبر (لا) التبرئة محذوف تقديره: ولا مثل زيد فيهم، وتقدير الحال جاءوني مقصرين غير زيد، ويجوز حذف الواو هنا من أجل العائد على القوم في الخبر المضمر.

وعد الكوفيون، والبغداديون: (بله) من أدوات الاستثناء، فأجازوا النصب بعدها على الاستثناء نحو: أكرمت العبيد بله الأحرار، أو ما بعدها خارجًا مما قبلها في الوصف من حيث كان مرتبًا عليه، فجعلوه استثناء؛ إذ المعنى إن إكرامك الأحرار يزيد على إكرامك العبيد. وذهب جمهور البصريين إلى أنها لا يستثنى بها، وأنه لا يجوز فيما بعدها إلا الخفض، وليس بصحيح، بل النصب محفوظ من لسان العرب، وأما الجر بعدها، فمجمع على سماعه من كلام العرب، فذهب بعض الكوفيين إلى أنها بمعنى (غير) وما بعدها مخفوض بالإضافة، فيكون قوله: تذر الجماجم ضاحيًا هاماتها … بله الأكف كأنها لم تخلق بمعنى غير الأكف، وذهب الفارسي إلى أنه (بله) مصدر لم ينطق له بفعل، وهو مضاف لما بعده إضافة من نصب أي ترك زيد. وذهب الأخفش إلى أنها حرف جر، ووجه أصحابنا النصب بعد (بله) على

أنه مصدر موضوع موضع الفعل كأنك قلت: تركا زيدًا، أو اسم فعل ليس من لفظ الفعل تقديره: دع زيدًا. وروى قطرب الرفع بعد (بله) وأنكره أبو علي. وفي كتاب العين: (بله) بمعنى كيف وبمعنى (دع)، وإذا ارتفع الاسم كان مبتدأ، وكيف خبره، وسمع في (بله) بفتح الهاء، وكسرها، وبهل مقلوبًا بسكون الهاء، وفتحها رواه أبو زيد إذا كان مصدرًا تقول: قام القوم بهل زيد. و (لما) بمعنى (إلا) حكاه الخليل، وسيبويه ولاكسائي، وهي قليلة الدور في كلام العرب، فينبغي أن يقتصر فيها على التركيب الذي وقعت فيه نحو قوله تعالى: {إن كل نفس لما عليها حافظ} و {وإن كل لما جميع لدينا} في قراءة من شدد الميم وقرأ عبد الله: «وما منا إلا له مقام معلوم».

وقالت العرب: نشدتك الله لما فعلت [وعمرك الله لما فعلت. وقعدك الله لما فعلت] وقد يحذف نشدتك، وسألتك، وما أشبهه فيقال: بالله لما صنعت كذا أي نشدتك الله إلا صنعت. وزعم أبو القاسم الزجاجي أنه يجوز أن تقول لم يأتني من القوم لما أخوك، ولم أر من القوم لما زيدًا: تريد إلا أخوك، وإلا زيدًا. وينبغي أن يتوقف في إجازة مثل هذه التراكيب حتى تثبت، ولو شخصي منها من كلام العرب. وزعم أبو عبيد الله محمد بن مسعود الغزني في كتابه البديع: أن (دون) من أدوات الاستثناء قال فيه: وأخوات (إلا) أسماء، وأفعال، وحروف جارة، فالأسماء غير وسوى، وسوى وسواء ودون كلها تجر المستثنى بالإضافة. وقد تستعمل (بيد) مكان (غير)، فينصب على الأكثر، وسوى، وسوى، وسواء ودون تنصب على الظرف تقول: قام القوم سواء زيد؛ أي مكان زيد، وأصل (ما) في ما خلا، وما عدا للمدة كما في ما دام، وقيل إنها المصدرية.

باب الحال

باب الحال الحال لغة تذكر وتؤنث، واصطلاحًا عبارة عن اسم منصوب تبين هيئة صاحبها صالحة لجواب كيف، وزعم ابن مالك أنها قد تجر بياء زائدة، وما استدل به لا حجة فيه، والغالب فيها أن تكون مشتقة نحو: جاء زيد راكبًا. ومن مجيئها غير مشتقة قوله تعالى: {فانفروا ثبات أو انفروا جميعًا}، ويغني عن اشتقاقه وصفه نحو: {فتمثل لها بشرا سويا}، أو تقدير مضاف قبله، ومنه قول العرب: «وقع المصطرعان عدلى عير» أي مثل عدلى عير. أو دلالته على مفاعلة نحو: كلمته فاه إلى في، أي مشافهة، وبعته يدًا بيد؛ أي مناجزة، وبعته رأسًا برأس؛ أي مماثلة، ولا بد في هذا من ذكر الجار والمجرور.

أو سعر نحو: بعت الشاء [شاة ودرهمًا، والبر قفيزًا بدرهم، والدار ذراعًا بدرهم، ويجوز رفع شاة]، ودرهم، وقفيز بدرهم، وذراع بدرهم مبتدأ محذوفًا منه الصفة تقديره منها. فأما قولهم: بعته ربح الدرهم درهم، فيجب الرفع، والجملة حال: وكذا بعته داري الذراعان بدرهم، وأجاز بعض الكوفيين نصب الربح، والدرهم ونصب الربح، ورفع الدرهم. أو دلالته على ترتيب نحو: ادخلوا رجلاً رجلاً، وأول أول أي مرتبين، وعلمته الحساب بابا بابًا أي مفصلاً. وفي نصب الثاني خلاف، ذهب الزجاج إلى أنه توكيد، وذهب ابن جني إلى أنه صفة للأول، وذهب الفارسي إلى أنه منصوب بالأول، والذي اختاره أنه وما قبله منصوبان بالعامل قبله؛ لأن مجموعهما هو الحال. ولو ذهب ذاهب إلى أن نصبه إنما هو بالعطف على تقدير حذف الفاء، وأن المعنى بابًا فبابًا، وأول فأول، لكان مذهبًا حسنًا عاريًا عن التكلف.

وزعم أبو الحسن: أنه لا يجوز أن يدخل حرف العطف في شيء من هذه المكررات إلا الفاء، لا تقول: بينت له الحساب بابًا بابًا، ولا بابًا ثم بابًا قال: ولا تقول لثلاثة ولا لاثنين: «ادخلوا الأول فالأول». أو دلالته على أصالة نحو: قوله تعالى: {آسجد لمن خلقت طينا}. وهذه جبتك خزًا، وخاتمك حديدًا، أو فرعية: هذا حديدك خاتمًا، أو نوع: هذا تمرك شهريزًا أو طور واقع فيه تفضيل: هذا رطبًا منه بسرًا. وما تقدم من أن فاه إلى في منصوب على الحال؛ لأنه واقع موقع (مشافهًا)، وزعم الفارسي أنه حال نائبة مناب جاعلاً ثم حذف. وصار العامل كلمته، وقال: هذا مذهب سيبويه، وذهب السيرافي إلى أنه اسم وضع موضع المصدر الموضوع موضع الحال، ومعناه كلمته مشافهة فوضع «فاه إلى في» موضع مشافهة، ومشافهة موضع مشافها. وذهب الأخفش إلى أن أصله من فيه إلى في، فحذف حرف الجر، وذهب الكوفيون إلى أن أصله كلمته جاعلاً فاه إلى في.

وزعم المبرد: أن تقدير الأخفش لا يعقل؛ لأن الإنسان لا يتكلم من فم غيره، إنما يتكلم كل إنسان من في نفسه. وقالت العرب: «كلمته فوه إلى في» وهو مبتدأ خبره ما بعده، وقال الفراء: أكثر كلام العرب فاه إلى في بالنصب، والرفع مقول صحيح، وفيما أشبهه هذا من قولهم: حاذيته ركبته إلى ركبتي، جاورته منزله إلى منزلي، وناضلته قوسه عن قوسي، والأكثر فيه ركبته، ومنزله، وقوسه بالرفع، وإذ كان نكرة، فالنصب المؤثر المختار، نحو: كلمته فما لفم، وحاذيته ركبة لركبة، وناضلته قوسًا عن قوس، ورفعه وهو نكرة، جائز على ضعف إذا جعلت اللام خبرًا لفم، وكذلك غيرها من الصفات، وإن وضعت الواو موضع الصفة، فقلت: كلمته فوه وفي، وحاذيته ركبته وركبتي، فالواو تعمل ما تعمل إلى، والنصب بعدها سائغ على إعمال المضمر. انتهى. ويعني بقوله: والنصب معها أي مع الواو، وفي الثاني سائغ على إعمال المضمر يعني جاعلاً فتقول: حاذيته ركبته وركبتي، وكلمته فاه وفي أي جاعلاً فاه، وجاعلاً ركبته. وحكى ابن خروف: صارعته جبهته إلى جبهتي بالرفع والنصب، وذكر ابن مالك عن الفراء: جاورته بيته إلى بيتي، ويقتصر في هذا على مورد السماع

وهو ما حاكاه الفراء، وابن خروف، وأجاز هشام القياس على ذلك فتقول: ما شيته قدمي إلى قدمه، وكافحته وجهه إلى وجهي، ولو قدمت حرف الجر فقلت: كلمني عبد الله إلى في فوه، لم يجز النصب بإجماع من الكوفيين، وتقتضيه قاعدة قول سيبويه في أن (إلى في) تبين (كلك) بعد (سقيًا). وتقديم (لك) على (سقيًا) لا يجوز، فينبغي ألا يجوز هذا، فلو قدمت فاه إلى في، على كلمته فقلت: فاه إلى في كلمت زيدًا، فأجازه سيبويه، وأكثر البصريين، واتفق الكوفيون على منعه، وتبعهم بعض البصريين فلو قلت: فوه إلى في كلمني عبد الله لم يجز ذلك عند أحد من الكوفيين، ولا أحفظه نصًا عن البصريين والقياس يقتضي الجواز. وأما الانتقال فالحال على قسمين مبينة، ومؤكدة، فالمبنية لا بد أن تكون منتقلة نحو: جاء زيد راكبًا، أو مشبهة بالمنتقلة نحو قولك: خلق زيد أشهل وخلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها، وقوله: فجاءت به سبط العظام كأنما … ... ... ... ...

وحمل بعضهم هذا على التأكيد؛ لأنه في حكم المعمول بعد خلق، وبعد جاء بمعنى ولدته، وشرط المنتقلة عند هؤلاء أن تكون ممكنة، أن تكون وألا تكون. وقال آخرون: لا يشترط فيها ذلك؛ لأنه لا يلزم أن يقيد الفعل تقييدًا، بل يفيد وضعًا في الاسم بخلاف المنتقلة، فإنها تفيد تخصيصًا في الفعل كالظرف، ولهذا قدرت بفي بخلاف هذا فتقول: مررت بزيد أكحل، ولقيته أسود تريد: لقيته بهذا الوصف، وعلى هذه الحال، وهذه جبتك خزًا، ودعوة الله سميعًا، والمؤكدة يجوز أن تكون غير منتقلة كقوله: {وهو الحق مصدقًا}، وقد أنكر الفراء، وتبعه السهيلي وجود الحال المؤكدة، ويأتي الكلام فيها إن شاء الله تعالى. ومذهب الجمهور اشتراط تنكير الحال، وأجاز يونس، والبغداديون أن تأتي معرفة نحو: جاء زيد الراكب، وأجاز الكوفيون أنه إذا كان فيها معنى الشرط جاز أن تأتي على صورة المعرفة، وهي مع ذلك نكرة فأجازوا أن تقول: عبد الله المحسن أفضل منه المسيء، وعبد الله عندنا الغني فأما الفقير فلا، وأنت زيدًا أشهر منك عمرًا، التقدير عبد الله إذا أحسن أفضل منه إذا أساء، وعبد الله عندنا إذا استغنى، فأما إذا افتقر فلا، وأنت إذا تسميت زيدًا أشهر منك إذا تسميت عمرًا، وأجازوا أيضًا عبد الله إياه أشهر منه إياها، كل واحد من المكنيين منصوب على الحال، ولا يجوز ذلك عندهم في مكنى المخاطب والمتكلم لا يقال: زيد إياي أشهر

منه إياك، وانتصاب المحسن وشبهه عند البصريين على خبر كان مضمرة، أي: إذا كان المحسن أفضل منه، إذا كان المسيء، وذا الرمة وغيلان من قوله: «لذو الرمة ذا الرمة أشهر منه غيلانًا» منصوبان على تقدير إذا سمي ذا الرمة أشهر منه إذا سمي غيلانًا. وجاء من الحال مقرونًا به (أل): أوردها العراك ... ... .... … ... ... ... ... وادخلوا الأول فالأول، ومررت بهم الجماء الغفير. وحكى القالي: الجماء الغفيرة بالتاء، وجماء غفيرة بالتاء أيضًا والتنوين، وليس من بناء جماء غير منونة، وإنما هو فعال كالجبان والقذاف، وهمزته مجهولة، وقالوا: جاءوا جماء غفيرًا، وجمًا غفيرًا، والمعنى واحد وهو عند سيبويه اسم موضع موضع المصدر؛ أي مررت جمومًا غفيرًا، وجعله غير سيبويه مصدرًا، والجماء الغفير: هي البيضة التي تجمع الرأس، وتضمه قاله الكسائي، وابن الأعرابي، ومذهب الأخفش، والمبرد أن هذه الأسماء ليست بأحوال في الحقيقة، إنما الأحوال هي العوامل الناصبة المضمرة، فبعض هؤلاء قدر تلك العوامل أفعالاً، وهو مذهب الفارسي، وبعضهم قدرها أسماء

مشتقة من تلك الأفعال، فيكون التقدير في أرسلها العراك تعترك أو معتركة. وذهب ابن طاهر، وابن خروف، وجماعة إلى أنها ليست معمولة لعوامل مضمرة، بل هي واقعة موقع أسماء الفاعلين، منتصبة على الحال بنفسها مشتقة من ألفاظها، ومن معانيها. وزعم ابن خروف أنه مذهب سيبويه، فيكون التقدير معتركة، وذهب ثعلب أن الجماء الغفير منتصب على المدح لا حال، وأجاز الجرمي نحو: مررت بإخوتك الجماء الغفير، وأجاز ابن الأنباري فيه الرفع نحو: مررت بإخوتك الجماء الغفير بالرفع على تقدير (هم)، وقال الكسائي: العرب تنصب الجماء الغفير في التمام وترفعه في النقصان قال: كهولهم وطفلهم سواء … هم الجماء في القوم الغفير وزعم ثعلب أن قولهم: (أوردها العراك) إنما انتصب العراك على أنه مفعول ثان لأوردها، وأما قولهم: أرسلها العراك، فهو عند الكوفيين مضمن أرسلها معنى أوردها فهو مفعول ثان لأوردها. وزعم ابن الطراوة أن انتصاب (العراك) ليس على الحال. بل على الصفة لمصدر محذوف أي الإرسال العراك، وكذا قال في هذه الأبواب. وأما: ادخلوا الأول فالأول، (فأل) زائدة عند بعضهم، والمعنى ادخلوا مرتبين، وهذا ونحوه لا ينقاس عند البصريين ولذلك كانت قراءة من قرأ:

{ليخرجن الأعز منها الأذل}، برفع (الأعز) فاعلاً ليخرجن مضارع خرج، ونصب (الأذل) على الحال شاذًا، وقياس قول الكوفيين جواز هذا، لأن الحال إذا كانت في معنى الشرط جاز أن تكون معرفة (بأل). وذهب المبرد، والسيرافي إلى أن (أل) في قوله: الأول فالأول معرفة لا زائدة، وذهب يونس إلى أنه حال بنفسه، وهو معرفة، وحكى: أن العرب تقول: قام زيد أخاك، وهذا زيد سيد الناس، وذهب الأخفش إلى أنه ليس حالاً، بل انتصب على أنه مشبه بالمفعول، والتشبيه يكون في الفعل كما يكون في الصفات. انتهى. ومما خالفت فيه العرب القياس قولهم للمؤنثات: ادخلن الأول فالأول، والقياس ادخلن الأولى فالأولى، وإذا قيل: دخلوا الأول فالأول بالرفع كان بدلاً من الضمير، فلو قلت: ادخلوا الأول فالأول بالرفع، فليس بدلاً، بل على إضمار فعل، دلت عليه الأول تقديره ليدخل الأول فالأول. والذي جاء من الحال بصورة الإضافة إلى معرفة مسموعًا: كلمته فاه إلى في، وتقدم الكلام عليه، وطلبته جهدي وطاقتي، ورجع عوده إلى بدئه، ومررت بزيد وحده، وتفرقوا أيادي سبا، ومررت بهم ثلاثتهم إلى العشرة، وقضهم بقضيضهم، فالتقدير: اجتهد جهدي وأطيق طاقتي، أو مجتهدًا جهدي، ومطيقًا طاقتي أو مجتهدًا ومطيقًا على اختلاف المذاهب السابقة.

ومذهب الكوفيين أن جهدي وطاقتي من قبيل المصادر المعنوية، التقدير: اجتهدت جهدي وأطقت طاقتي، ورجع عوده على بدئه عندهم منصوب على المصدر أي عاد عوده على بدئه، وأجاز بعضهم نصبه على المفعول إن رد عوده على بدئه، وأما عند أصحابنا فعلى الحال على التقديرات الثلاثة لاختلاف قائليها، وإذا انتصب على الحال لم يجز تقديم المجرور عليه؛ لأنه من صلبه، وإن كن عوده مفعولاً جاز، ويجوز رفع عوده فاعلاً برجع، أو مبتدأ خبره على بدئه، وعلى هذين يجوز تقديم (على بدئه) على (عوده). وأما (وحده) فذهب الخليل وسيبويه إلى أنه اسم موضوع موضع المصدر الموضوع موضع الحال، كأنه قال: إيحادًا، وإيحادا موضع موحدًا، فمع الفعل المتعدي نحو: ضربت زيدًا وحده هو حال من الفاعل، أي ضربته في حال إيحادي له بالضرب. ومذهب المبرد أنه حال من المفعول أي ضربته في حال أنه منفرد بالضرب، وذهب أبو بكر بن طلحة إلى أنه حال من المفعول ليس إلا؛ لأنهم إذا أرادوا الفاعل قالوا: مررت به وحده، كما قال: والذئب أخشاه إن مررت به … وحدي ... ....

وذهب جماعة إلى أنه مصدر موضوع موضع الحال فمنهم من قال: مصدر على حذف حروف الزيادة أي إيحاده، ومنهم من قال مصدر لم يوضع له فعل. وذهب يونس، وهشام، في أحد قوليه إلى أنه ينتصب انتصاب الظروف، فتجريه مجرى (عنده)، فجاء زيد وحده، تقديره: جاء زيد على وحده، ثم حذف الحرف، ونصب على الظرف. وحكى من كلام العرب: «جلسا على وحديهما»، وإذا قلت: زيد وحده، فكأن التقدير: زيد موضع التفرد، وينبغي أن يكون مصدرًا. حكى الأصمعي: وحد يحد، ويدل على انتصابه على الظرف قول العرب: زيد وحده فهذا خبر لا حال، وأجاز هشام في زيد وحده وجهًا آخر، وهو: أن يكون منصوبًا بفعل مضمر يخلفه (وحده)، كما قالت العرب: زيد إقبالاً وإدبارًا، قال هشام: ومثل زيد وحده في هذا المعنى: زيد أمره الأول، وقصته الأولى وحاله الأول، خلف هذا المنصوب الناصب كما خلف وحده وحد، ويسمى هذا منصوبًا على الخلاف للأول، وقال: لا يجوز (وحده زيد)، كما لا يجوز «إقبالاً وإدبارًا عبد الله»، وكذلك قصته الأولى سعد، وعلى أنه منصوب

على الظرف يجوز: وحده زيد، كما يجوز: عندك زيد، وأيادي سبا، يأتي الكلام عليها في آخر هذا الباب إن شاء الله تعالى. وأما مررت بهم ثلاثتهم إلى العشرة، فلغة الحجاز نصب هذا على الحال، ومذهب سيبويه فيه كمذهبه في «وحده» أنه اسم موضوع موضع ثلث [الذي هو مصدر ثلثت، وثلث موضوع موضع مثلث]، وكذلك أربعتهم إلى عشرتهم. وذهب يونس إلى أنه صفة في الأصل، فيكون حالاً مبنية، وذهب المبرد إلى أنه يقدر لفظًا من لفظ الثلاثة فعلاً فتقول: مررت بالقوم فثلثتهم. وذهب غير هؤلاء إلى أنه ينتصب انتصاب الظرف كما ذهب إليه في زيد وحده، وحكى الكسائي: القوم خمستهم بالرفع على الخبر، وخمستهم بالنصب على الظرف، وليس بحال لامتناع (زيد جالسًا). ولم يذكر سيبويه جاءا اثنيهما، وقد قاسه بعضهم على ثلاثتهم، ولا يؤكد العرب الحجازيون إلا بكلهم، وأجمعين لا بثلاثتهم إلى العشرة، وبنو تميم يجعلون ثلاثتهم إلى عشرتهم تابعًا لما قبله على سبيل التوكيد في الإعراب نحو: قام القوم ثلاثتهم، ورأيت القوم ثلاثتهم، ومررت بالقوم ثلاثتهم، وإذا أرادوا معنى الإنفراد بالفعل لم يقولوا: إلا وحدهم، نحو: مررت بالقوم وحدهم، والفرق بين النصب على الحال، أو على الظرف أنه فيه تقييد للفعل فلا يقع الفعل إلا بهم خاصة.

وإذا اتبعت جاز أن يكون الفعل خاصًا بهم، وجاز أن يكون شارك غيرهم، والمؤنث كالمذكر في النصب، وفي الإتباع تقول: قام النساء ثلاثتهن إلى عشرتهن على اللغتين. وأما مركب العدد، فالصحيح جواز اللغتين فيه الحجازية على النصب، والتميمية على الإتباع، وفي انتصابه انتصاب ثلاثتهم خلاف، والصحيح كما قلنا الجواز تقول: جاءوا خمسة عشرهم، فتضيف، وجئن خمس عشرتهن، ويجوز ألا تضيف فتأتي بالتمييز، نحو: مررت بالقوم أحد عشر رجلاً، أو لا تأتي به نحو: مررت بالقوم أحد عشر، ومن قال ذلك قال: مررت بالقوم عشريهم أو عشرين رجلاً أو عشرين. وأما قضهم بقضيضهم، فحكى سيبويه فيه الإتباع لما قبله على التوكيد، والنصب على الحال، وحكى له فعل قالوا: قضضت عليهم الخيل إذا جمعتها عليهم، ومعنى قضهم بقضيضهم منقضًا آخرهم على أولهم أي: أتوا في انقضاضهم، وهو كالجماء الغفير في أنه مأخوذ من الانقضاض لا مشتق من الصفة، وهو بمنزلة جهدك في أنه للفاعل، ويونس يجعله كالجماء وصفًا، فهو حال بنفسه والإضافة غير محضة، والمبرد يقدر الفعل، وقد يجيء المؤول بنكرة علمًا قالت العرب: جاءت الخيل بداد، وبداد، و (بداد) علم جنس، وجاز وقوعه علمًا لتأوله بمتبددة.

فصل

فصل من مجيء المصدر موضع الحال على مذهب سيبويه، وجمهور البصريين قوله تعالى: {ثم ادعهن يأتينك سعيا} و {ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرًا وعلانية} و {وادعوه خوفًا وطمعًا} و {دعوتهم جهارا} وقالت العرب: قتلته صبرًا، ولقيته فجاءة، ومفاجأة، وكفاحًا ومكافحة وعيانًا، وكلمته مشافهة، وأتيته ركضًا ومشيًا وعدوًا، وطلع بغتة، وأعطيته المال نقدًا، وأخذت ذلك عنه سماعًا وسمعًا، ووردت الماء التقاطًا، ومع كثرة ما ورد من ذلك فقيل: أجمع الكوفيون والبصريون على أنه لا يستعمل من هذه المصادر إلا ما استعملته العرب، ولا يقاس عليه غيره، فلا يجوز جاء زيد بكاء، ولا ضحك زيد بكاء، وإن اختلفوا في التخريج، وشذ المبرد فقال: يجوز القياس فقيل عنه مطلقًا، وقيل فيما هو نوع للفعل نحو: أتيته سرعة، وقال سيبويه: لا تقول: أتيته سرعة، ولا رجلة بل حيث سمع، وذهب الزجاج إلى مذهب سيبويه: لا تقول: أتيته سرعة، ولا رجلة بل حيث سمع، وذهب الزجاج إلى مذهب سيبويه، فيما دل عليه الفعل من بغتة، لكنه يقيس وذلك نحو: أتانا إسراعًا أي مسرعًا، وجريًا أي جاريًا، ولا يكون اسم فعل غير مصدر نحو: أتانا رجلة وسرعة، وجعل السيرافي هذا من باب جلست قعودًا فإذا قلت: زيد يأتي عدوًا فالمعنى: يأتي يعدو عدوًا، وكذلك: {يأتينك سعيا} أي يسعين إليك سعيًا.

ويقدر سيبويه هذه المصادر منصوبة بالفعل قبلها أحوالاً، أي دعوتهم مجاهرًا، وقتلته مصبورًا، وكذا باقيها. وقال الكوفيون، والأخفش، والمبرد هي مفاعيل مطلقة فقال الكوفيون: منصوبة بالفعل الذي قبلها، وليست في موضع الحال؛ لأن معنى قتله صبره ومعنى أعطاه نقده. وقال الأخفش، والمبرد: قبل كل مصدر فعل مقدر ذلك الفعل هو الحال، أي زيد طلع، يبغت بغتة، وقتلته أصبره صبرًا، وقيل: هي أحوال على حذف مضاف، أي ذا فجأة، وذا صبر، وقيل هي مصادر على حذف مضاف أي لقاء فجأة، وإتيان ركض، وسير عدو، ويقدر مضافًا محذوفًا من لفظ الفعل، ويقدر فيما جاء معرفة مما تقدم ذكره إرسال العراك، وطلب جهدك، ورجوع عوده، ومرور إيحادي له، ومجيء الجماء، ودخول الأول فالأول، وكلام فيه إلى في، فتنتصب هذه المعارف انتصاب المصادر على تقدير ذلك الحذف على ما يسوغ في المصادر من مجيئها معرفة ونكرة وقال ابن هشام، وهذا تقدير حسن سهل. انتهى. ومذهب سيبويه أن (أن والفعل) وإن قدر مصدرًا لا يجوز أن يقع حالاً، وذهب ابن جني إلى أنه يجوز أن يقع (أن والفعل) حالاً، كما يقع صريح المصدر قال ذلك في قول الشاعر:

وقالوا لها لا تنكحيه فإنه … لأول نصل أن يلاقى مجمعا ولا يقتصر على السماع في ثلاثة أنواع. الأول: قولهم: أنت الرجل علمًا فيجوز أن تقول: أنت الرجل أدبًا ونبلاً، والمعنى الكامل في حال علم، وحال أدب وحال نبل، وذهب ثعلب إلى أن المصدر ينتصب في مثل هذا هو مصدر مؤكد لا حال، ويتأول الرجل باسم فاعل مما جاء بعده فكأنه قال: أنت العالم علمًا، والمتأدب أدبًا، والنبيل نبلاً. ويحتمل عندي أن يكون تمييزًا كأنه قال: أنت الكامل أدبًا أي أدبك، فحول إلى الرجل بمعنى الكامل، كما أجازوا في أرجل عبد الله [أن يرتفع عبد الله على الفاعلية بمعنى أكامل عبد الله]؛ لأنه لم يرد أن يستفهم عن عبد الله أرجل هو امرأة. النوع الثاني قولهم: هو زهير شعرًا، وحاتم جودًا ويوسف حسنًا، والأحنف حلمًا، أي مثل زهير في حال شعر، وكذلك باقيها، والأظهر أن تكون تمييزًا؛ إذ هو على تقدير (مثل) محذوفة، و (مثل) يكون عنها التمييز نحو: على التمرة مثلها زبدًا. ونصوا على التمييز في قولك: زيد القمر حسنًا، وثوبك السلق خضرة أي مثل القمر حسنًا.

النوع الثالث: قولك: أما علما فعالم تقول ذلك لمن يصف عندك شخصًا بعلم وغيره فتقول: كالمنكر عليه وصفه بغير العلم، والناصب لهذه الحال هو فعل الشرط المحذوف، وصاحب الحال هو المرفوع بفعل الشرط، والحال على هذا مؤكدة، والتقدير: مهما يكن من شيء، فالمذكور عالم في حال علم، فلو كان بعد الفاء ما لا يعمل ما بعده فيما قبله نحو: أما علمًا فلا علم له، وأما علما فإن له علمًا، وأما علمًا فهو ذو علم، فنصبه بفعل الشرط المقدر، ويتعين إذ ذاك نصب علمًا. وقال سيبويه: «وقد يرفع في لغة تميم، والنصب في لغتها أحسن». وتخصيصه الرفع في لغة تميم، دليل على أن غيرهم من العرب ينصب المنكر، ولا نص فيه على تعيين أن أهل الحجاز ينصبون. وقال ابن مالك: وتلتزم أهل الحجاز النصب، فإن دخلت (أل) رفع بنو تميم فتقول: أما العلم فعالم، وهو عند أهل الحجاز يجوز فيه الرفع وهو الأكثر، وقد ينصبونه، والنصب في ذي (أل) على أنه مفعول من أجله مذهب سيبويه، وذهب الأخفش إلى أنه، والمنكر مفعول مطلق منصوب مؤكد في التعريف (بأل) والتنكير، والعامل فيه ما بعد الفاء إن لم يقترن به مانع، وإن اقترن بالعامل فعل الشرط، وذهب الكوفيون إلى أنه في النصب منكرًا، ومعرفًا (بأل) مفعول به، فيجيزون «أما العبيد فلا عبيد لك»، وإن كانوا عبيدًا بأعيانهم يجعلون هذا الباب

على إضمار فعل كأنه قال مهما تذكر العبيد، وهو عندهم فعل لا يظهر، وحكوا: أما البصرة فلا بصرة لك، وأما أباك فلا أب لك. واختار هذا المذهب ابن مالك، وقال به السيرافي في قوله: ... ... ... … سبيل فأما الصبر عنها فلا صبرا قدره: مهما تذم الصبر، وروى الكسائي عن العرب، أما قريشًا فأنا أفضلها، ونص سيبويه على أن قولك: أما البصرة فلا بصرة لك لا يجوز فيه إلا الرفع، وأنه لا سبيل إلى النصب، وقال سيبويه بعد كلام: وزعم يونس أن قومًا من العرب يقولون: (أما العبيد فذو عبيد، وأما العبد فذو عبد)، يجرونه مجرى المصدر وهو قليل خبيث، وإنما وجهه وصوابه الرفع، وهو قول العرب، وأبي عمرو، ويونس، ولا أعلم الخليل خالفهما، وقد حملوه على المصدر فقال النحويون: أما العلم والعبيد فذو علم وذو عبيد، وهذا قبيح، ولو كانوا عبيدًا بأعيانهم لم يكن إلا رفعًا

وذهب الزجاج إلى أن قولهم: «أما العبيد» هو على حذف مضاف تقديره: أما ملك العبيد، وهو مفعول له، وذهب السيرافي إلى أنه من وضع الاسم موضع المصدر كأنه قال: أما العبيد فهو ذو عبيد، وقد منع سيبويه: أما قريضًا فأنا أفضلها بالنصب، وإن صحت حكاية الكسائي فذلك قليل، وتقديره: أما ذكرك قريشًا على إضمار المصدر وهو لا ينقاس، وأما قولهم: أما صديقًا فأنت صديق، فحال عند سيبويه مؤكدة، وانتصابها بفعل الشرط المحذوف أو بالصفة التي بعد الفاء، فإن قلت فليس بصديق فانتصابها على ذينك التقديرين، ومنع المبرد انتصابها بالصفة، وذهب الأخفش إلى أن انتصاب صديقًا بأن تكون مضمرة، فليس حالاً، بل خبر يكون، وقال سيبويه: وأما قول الناس: أما أن يكون عالمًا، فهو عالم، وأما أن يعلم شيئًا فهو عالم، فهذا يشبه أن يكون بمنزلة المصدر، كأنك قلت: أما علمًا وأما كينونة علم فأنت عالم. انتهى. و «أن يكون» في موضع رفع على الابتداء، أو في موضع نصب على المفعول له. وفي الترشيح: زعم الأخفش أن ناسًا من العرب يقولون: أما العلم فما أعلمني على إضمار (به)، وقال فيه: إن اجتمع مصدر واسم فالمختار أن ينصب المصدر، ويرفع الاسم تقول: أما العلم والعبيد فأنت ذو علم وعبيد، وأما الحمق والمال فأنت ذو حمق ومال، تنصب المصدر على أصله، وترفع الاسم، وبعض النحويين يرى أن ينصب الاسم إذا تقدمه المصدر فيقول: أما العلم والعبيد فهو ذو علم وعبيد، فإن تقدم الاسم رفعوا المصدر فقالوا: أما العبيد والعلم فهو ذو عبيد وذو علم بالرفع، وهذا تفسير غير صواب، والقياس رفع الاسم ونصب المصدر. وقد يجوز أن تقول: أما العبيد والعلم، وأما العلم والعبيد. فأنت ذو علم وعبيد [فتنصب العبيد قدمت أو أخرت على لغة من نصبهم؛ فقال: أما العبيد فأنت ذو

عبيد]، وهو غير جيد في اللغة، ورأيت سيبويه يقول: ما كان من هذه المصادر نكرة فهو في موضع الحال، وكذلك أما عالمًا فلا علم عنده، وهذه لغة بني تميم؛ فإن أدخلوا الألف واللام رفعوا، وأهل الحجاز ينصبون هذا نكرة ومعرفة على أنه مفعول من أجله كأنه جواب من سأل لأي شيء هو زيد فقلت: أما الطعن فهو طعان، وكذلك النكرة والصفة تنصب على الحال تقول: أما صديقًا مصافيًا فهو صديق مصاف. انتهى.

فصل

فصل الغالب في ذي الحال أن تكون معرفة، وقد ذكر سيبويه الحال من النكرة كثيرًا قياسًا، وإن لم تكن بمنزلة الإتباع في القوة، والقياس قول يونس والخليل، وقد جاء من ذلك ألفاظ عن العرب. وفي التسهيل: لا يكون صاحب الحال في الغالب نكرة ما لم يختص يعني بنعت نحو: مررت برجل تميمي راكبًا، وقال سيبويه: هذا غلام لك ذاهبًا، وفيه رد على من زعم أن ذلك لا يجوز إلا أن يكون نكرة موصوفة بوصفين أو تختص بإضافة نحو قوله تعالى: {في أربعة أيام سواء للسائلين}. أو بالعمل نحو: مررت بضارب هندًا قائمًا، والوجه في هذه المسائل الإتباع، أو يسبقه نفي نحو: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم} أو شبه نفي وهو النهي نحو: لا تعتب على صديق غائبًا، والاستفهام نحو: هل وفاك رجل صاحبًا، أو يتقدم الحال: هذا قائما رجل، وفيها قائما رجل. ويظهر من كلام سيبويه أن صاحب الحال في هذا هو المبتدأ وذهب قوم إلى أن الحال من الضمير المستكن في فيها، وزم ابن خروف أن الظرف والجار

والمجرور لا ضمير فيه عند سيبويه، والفراء إلا إذا تأخر، وأما إذا تقدم فلا ضمير فيه، والحال المتقدمة من النكرة قال سيبويه: أكثر ما تكون في الشعر، وأقل ما تكون في الكلام انتهى، ويجوز: فيها قائم رجل على البدل، وحكى الفراء: هذه خراسانية جارية بنصب خراسانية على الحال المتقدمة، وبرفعها على طريق البيان، يعني بدل جارية منها، أو تكون مقرونة بالواو نحو: {أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها}، أو يكن الوصف به على خلاف الأصل نحو: مررت ببر قفيزًا بدرهم، ومررت بماء قعدة رجل انتهى. ما في التسهيل من مجيء ذي الحال نكرة ممثلاً، وقد ذكرنا اقتباس سيبويه مجيئها من النكرة من غير اعتبار لما اعتبره ابن مالك. والحال بالنسبة إلى التقديم، والتأخير عن صاحبها أقسام: ما يجب تأخيرها عنه، كإضافة العامل إلى صاحبها نحو: عرفت قيام هند ضاحكة، وما أحسن هندًا

متجردة، قد ذكرنا في باب التعجب خلافًا في الفصل بين فعل التعجب ومعموله بالحال، والصحيح المنع، وما يجب فيه التقديم كإضافته إلى ضمير ما لابس الحال نحو: جاء زائر هند أخوها، وكاقتران صاحبها بـ (إلا) على رأي نحو: ما جاء مسرعًا إلا زيد، حكمها حكم المفعول المحصور فيه الفاعل، وتقدم ذكر الخلاف فيه. وذو الحال إن كان مجرورًا بحرف، فإما أن يكون زائدًا، أو غير زائد إن كان زائدًا جاز تقديمها على ذي الحال نحو: ما جاءني من أحد عاقلاً، فيجوز ما جاءني عاقلاً من أحد، وإن كان غير زائد نحو: مررت بهند ضاحكة، فمذهب البصريين أنه لا يجوز تقديمها مطلقًا، كان ذو الحال ظاهرًا، أو مضمرًا لا تقول: مررت ضاحكة بهند، وأجاز ذلك من المتأخرين ابن كيسان، والفارسي وابن برهان، وفصل الكوفيون، فقالوا: إن كان ذو الحال مضمرًا جاز تقديمها عليه نحو: مررت ضاحكة بك، وكذا إن [كان المضمرين أحدهما: مجرور بالحرف نحو: مسرعين مررت بك، ومررت مسرعين بك، وإن] كان مظهرًا، والحال فعل جاز تقديم الحال على المجرور نحو: مررت بهند تضحك، فيجوز: مررت تضحك بهند، وإن كان الحال اسمًا فلا يجوز تقديمها لا يجوز:

مررت ضاحكة بهند، وحكى ابن الأنباري: أن الاتفاق على منع ذلك، وأن التقديم خطأ. وإن كان ذو الحال مجرورًا بالإضافة، فإما أن تكون الإضافة محضة، أو غير محضة، إن كانت غير محضة، فإما أن يكون المضاف إلى ذي الحلال عاملاً في ذي الحال نصبًا، أو لا، إن لم يكن فلا يجوز التقديم نحو: هذا قتيل هند ضاحكة، وإن كن نحو: هذا شارب السويق ملتويًا الآن أو غدًا. فقال ابن مالك: جاز تقديم الحال على المضاف فتقول: هذا ملتويًا شارب السويق، وإن كانت محضة فإما أن يكون في تأويل رفع، أو نصب أو لا، إن كان فيجوز مجيء الحال منه نحو: يعجبني قيام زيد مسرعًا، وركوب الفرس عريانا، ولا يجوز تقديمها على العامل، وإن لم يكن في تأويل ذلك فلا يجوز مجيء الحال منه حو: ضربت غلام هند ضاحكة. وسواء أكان جزءًا أم كجزء. وقال ابن مالك: إن كان المضاف إليه جزءًا نحو قوله تعالى: {ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا}، فـ (إخوانًا) حال من ضمير صدورهم، أو كجزء قال: نحو قوله تعالى: {اتبع ملة إبراهيم حنيفًا} فـ (حنيفًا) حال من إبراهيم قال: فلو كان غير جزء. ولا كجزء لم يجز مجيء الحال من المجرور بالإضافة نحو: ضربت غلام هند جالسة، فهذا لا يجوز بلا خلاف. انتهى. وفيه الخلاف: أجاز بعض البصريين مجيء الحال من المضاف إليه الصريح. وفي البديع: إن لم يكن المضاف إليه فاعلاً، ولا مفعولاً قلت الحال منه

كقولك: جاءني غلام هند ضاحكة، وإن كن ذو الحال مرفوعًا جاز تقديم الحال عليه نحو: جاء مسرعًا زيد، وسواء أخر عامله عن الحال نحو: مسرعًا جاء زيد، أم قدم نحو ما مثلنا به قبل. ومنع بعض الكوفيين تقديمها إذا تأخر الفعل، وإن كان منصوبًا نحو: لقيت هندًا ضاحكة، فيجوز تقديمها على صاحبها نحو: لقيت ضاحكة هندًا، وقال الكوفيون: لا يجوز سواء أكانت الحال اسمًا كما مثلنا أم فعلاً نحو: لقيت هندًا تضحك، وبعضهم أجاز إذا كان فعلاً، فأجاز لقيت تضحك هندًا. والعامل في الحال إن كان فعلا متصرفا، أو صفة تشبهه، ولا يتعلق به مانع تقديم جاز أن يتقدم الحال عليه، نحو: مسرعًا جاء زيد، وسواء أكان الحال اسمًا كقوله تعالى: {خشعًا أبصارهم يخرجون}، أم مصدرًا كقوله: فلأيا بلأى ما حملنا وليدنا … ... ... ... ... ومؤكدة، أم غير مؤكدة، وفي المؤكدة خلاف، كالخلاف في المصدر المؤكد هذا مذهب البصريين إلا الجرمي، فإنه لا يجيز تقديم الحال على عاملها المتصرف وإلا الأخفش، فإنه منع تقديمها في نحو: راكبًا زيد جاء، ومثال الصفة التي تشبه الفعل المتصرف، فنص سيبويه على جواز تقديمها على الفعل، وعلى الصفة

نحو: مسرعًا زيد راحل، وزيد مجردًا مضروب، وزيد موسرًا، أو معدمًا سمح، وذهب الكوفيون إلى تفصيل في ذلك فقالوا: إن كانت الحال من مرفوع ظاهر تأخرت، وتوسطت والرافع قبلها، ولا يتقدم على الرافع والمرفوع كليهما فلا يجوز عندهم: راكبًا جاء زيد، ويجوز التوسط نحو: جاء راكبًا زيد، وإن كانت من مرفوع مضمر جاز تقديمها، وتوسيطها، وتأخيرها، ولم يفرقوا بين الفعل وغيره، فيجوز: في الدار أنت قائمًا، وفي الدار قائمًا أنت، وقائمًا في الدار أنت، وجئت راكبًا، وراكبًا جئت. وفي البسيط: منع التقديم عن الكسائي، والفراء مطلقًا سواء أكان ظاهرًا أم مضمرًا، وإن كانت من منصوب ظاهر، جاز تأخيرها، ولا يجوز تقديمها لا يقال: ضاحكة لقيت هندًا، ولا متوسطة لا تقول: لقيت ضاحكة هندًا، وإن كانت من منصوب مضمر جاز تقديمها نحو: ضاحكًا لقيتني هند، وإن كانت من مخفوض ظاهر فيجب التأخير، ولا يجوز التقديم، ولا التوسط لا يجوز: ضاحكة مررت بهند، ولا مررت ضاحكة بهند وإن كانت من مضمر جاز تقديمها أول الكلام، وتأخيرها نحو: ضاحكة مرت بي هند، ومرت بي هند ضاحكة، ولا يجوز توسيطها نحو: مرت ضاحكة بي هند. ويجب تأخير الحال عن العامل إذا كانت في صلة (أل) نحو: الجائي مسرعًا زيد، أو في صلة حرف مصدري عامل نحو: يعجبني أن يقوم زيد مسرعًا أو كان مقرونًا بلام ابتداء متصلاً بها نحو: لأصبر محتسبًا أو بلام قسم متصلاً بها نحو لأقومن طائعًا، أو كان مصدرًا ينسبك بحرف مصدري، والفعل نحو: يعجبني

ركوب الفرس مسرجًا، فإن كان العامل في صلة غير (أل) نحو: جاءني الذي مسرعًا قام، أو في صلة حرف مصدري عامل نحول: عجبت مما مسرعًا نذهب، أو لا يتصل بلام الابتداء نحو: لمحتسبًا أصبر، ولا بلام القسم نحو: لـ «إلى زيد راغبًا أذهب» جاز تقديم الحال على عاملها، فإن كانت لام الابتداء في خبر (إن)، وبعده الحال جاز تقديمها عليه نحو: إن زيدًا مسرعًا لذاهب، وإن كانت الحال دخلت عليها الواو نحو: جاء زيد والشمس طالعة، فذكر أصحابنا أنه لا يجوز تقديمها على العامل، وإن كان متصرفًا فلا تقول: والشمس طالعة جاء زيد، وأجاز الكسائي، والفراء، وهشام: وأنت راكب تحسن، وأنت راكب حسنت؛ تريد: تحسن وأنت راكب، وحسنت، وأنت راكب، ونص ابن أصبغ على أنه لا يمتنع عند الجمهور تقديم الجملة الحالية التي معها الواو على العامل إذا كان فعلاً، ومنعه الفراء. وذكر ابن مالك أنه إذا كان العامل نعتًا لا يجوز تقديم الحال عليه، ومثل بقوله: مررت برجل ذاهبة فرسه مكسورًا سرجها، وأطلق فقال: لو كان العامل القوي نعتًا، لم يجر تقديمه يعني تقديم الحال فعلى هذا الإطلاق لا يجوز: مررت برجل ضاحكًا مسرع، وأنت تريد مسرعًا ضاحكًا، ولا نعلم خلافًا في جوازه، وجواز مثله نحو: مررت برجل مسرجًا يركب الفرس يريد: يركب الفرس مسرجًا. و «يركب» هو نعت لرجل، وإنما امتنع ذلك في تمثيله من جهة عود الضمير متقدمًا على ما يفسره، إذ يصير التركيب: مررت برجل مكسورًا سرجها ذاهبة فرسه لا من جهة كون العامل نعتًا.

ومما يجب فيه تأخير الحال عن العامل، إذا كان العامل جامدًا ضمن معنى مشتق، ومثل ذلك ابن مالك بأما، وحرف التنبيه، واسم الإشارة، والترجي والتمني، والاستفهام المقصود به التعظيم، واسم الجنس المقصود به الكمال، والمشبه به. انتهى. أما (أما) فنسبة العمل إلهيا مجاز، وذلك نحو: أما علما فعالم، وأما صديقًا فصديق، وتقدم الكلام في ذلك، وما العامل في المصدر وفي الصفة، وزعم بعض النحاة أن (لولا) بمنزلة (أما) في تضمين الفعل، إذ يتضمن معنى يمتنع فتقول: لولا زيد قائمًا لكان كذا، وقالوا: لولا رأيتك مذهوبًا لكان كذا وهذا مبني على أن المرفوع بعد لولا فاعل، وهو رأي بعض الكوفيين، وأما على مذهب البصريين فهو مبتدأ وخبره محذوف، فإن صح مجيء الحال بعد (لولا) فالعامل فيها هو الخبر المحذوف. وقد نقل أبو الحسن أن العرب لم تلفظ بحال المرفوع بعد لولا، وأما حرف التنبيه فنحو: هذا زيد قائمًا، فمذهب الجمهور أنه يجوز أن ينتصب قائمًا على الحال، والعامل فيه حرف التنبيه، وقال (ابن أبي العافية)، والسهيلي: لا يجوز أن يعمل حرف التنبيه في الحال، وأما اسم الإشارة فذهب الجمهور إلى أنه

يجوز أن ينتصب قائمًا باسم الإشارة، ووافقهم ابن أبي العافية، وقال السهيلي: لا يعمل اسم الإشارة، والناصب في مثل هذه المسألة فعل مضمر تدل عليه الجملة تقديره: انظر إليه قائمًا، وهذا كله على قول البصريين أن قائمًا حال، وتقدم قول الكوفيين في باب كان أن قائمًا يسمونه خبر التقريب. وأجاز الكسائي أيضًا في نحو: هذا زيد قائمًا ما أجاز البصريون من أن (قائمًا) حال إما من اسم الإشارة، وإما من زيد، ولو وسطت قائمًا فقلت: هذا قائمًا زيد، فقال الكوفيون: انتصب على الحال إما من اسم الإشارة، وإما من زيد، وأجاز الكسائي نصبه على أنه خبر التقريب، واتفق الكوفيون، والبصريون على إحالة قائمًا هذا زيد، وقد جاء السماع بنظير هذا قائمًا زيد، وها قائمًا ذا زيد. وأما حرف التمني والترجي، وهما (ليت ولعل) فنص الزمخشري على أنهما (وكأن) ينصبن الحال، والصحيح أن (ليت ولعل) لا يعملان في الحال، وفي (كأن) خلاف والصحيح أنها تعمل في الحال. وأما الاستفهام المقصود به التعظيم، فقال ابن مالك هو نحو: يا جارتي ما أنت جاره … ... ... ...

فـ (جارة) عنده منصوب على الحال، والعامل فيها (ما) الاستفهامية بما تضمنت من معنى التعظيم فكأنه قال: ما أعظمك جارة، وهذا تفسير معنى، وتفسير الإعراب أي عظيمة أنت في حال كونها جارة، وهذا الذي قاله ابن مالك قاله الفارسي في البيت، وأجاز أن يكون تمييزًا وبدأ به، ويدل على تعيين التمييز جواز دخول (من) عليه. وأجازوا في البيت أن تكون (ما) نافية، وأنت اسمها، أو مبتدأ على ما تقدم من لغة الحجاز، وتميم في (ما)، ولم يأت بعد (ما) هذه التي تقتضي التعظيم ما يقطع بمجيء الحال، فلا ينبغي إثبات قاعدة كلية بمحتمل ظاهر فيه غير الحال. وأما قول العرب: مالك قائمًا فـ (قائمًا) حال، والعامل فيه هو العامل في الجار والمجرور، وذهب الفراء إلى أنه ينتصب على معنى كان، وجوز كونه معرفة نحو: مالك الناظر في أمرنا، فينصب النكرة والمعرفة، و (ما) هذه استفهامية لا يراد بها التعظيم، وأما اسم الجنس المقصود به الكمال فنحو: أنت الرجل علما فتقدم الكلام عليه، وأن ثعلبًا ينصبه على المصدر، واختيارنا فيه أن يكون تمييزًا لا حالاً، وأما المشبه به، فتقدم الكلام فيه وجواز أن يكون تمييزًا لا حالاً.

ومما يجب فيه أيضًا تأخير الحال عن العامل أن يكون أفعل تفضيل نحو: هو أكفؤهم ناصرًا، أو مفهم تشبيه نحو: زيد مثلك شجاعا، وأجاز الكسائي: عبد الله طالعة الشمس، ومحمد منيرًا القمر وأبطل ذلك الفراء. وتقول: أخوك معك معنا أخونا؛ التقدير: أخوك معك كأخينا معنا، فإذا أظهرت الكاف لم يجز الفراء، والكسائي، والبصريون تقديم الظرف عليها، لا يجيزون: أخوك معك معنا كأخينا ومثل ذلك درهمك درهم زيد موزونًا أي كدرهم زيد؛ فإن قدمت موزونًا جاز، فإن أظهرت الكاف لم يجز تقديم الحال عليها، إلا إن جعلته حالاً (لدرهمك)، فيجوز درهمك موزونًا كدرهم زيد. انتهى. واغتفر توسيط ذي التفضيل بين حالين، وكان القياس أن يتأخرا، ولا ينتصب الحالان مع أفعل التفضيل إلا لمختلفي الذات مختلفي الحال نحو: زيد مفردًا أنفع من عمرو معانا، أو متفقي الحال نحو: زيد مفردًا أنفع من عمرو مفردًا، أو متحدي الاذت مختلفي الحالين نحو: زيد قائمًا أخطب منه قاعدًا. واختلف في العامل في هذين الحالين، فذهب المبرد، والزجاج، وابن السراج، والسيرافي، والفارسي في حلبياته إلى أنهما منصوبان على إضمار كان التامة صلة لـ (إذا) إن كانت الحالان على تقدير الحال، وصلة لـ (إذا) إن كانا مما تقدم.

وأجاز بعض أصحابنا تقدير كان الناقصة صلة لـ (إذا) أو لـ (إذ)، فإن تقدم الحال الأولى اسم إشارة نحو: هذا بسرًا أطيب منه رطبًا، فقيل: العامل في (بسرًا) اسم الإشارة، وقيل حرف التنبيه، وذهب المازني، والفارسي في تذكرته، وابن كيسان، وابن جني، وابن خروف إلى أن أفعل التفضيل هو العامل في الحالين. فـ (بسرًا) حال من الضمير المستكن في أطيب، و (رطبًا) حال من الضمير في منه، ونسب هذا إلى سيبويه، وهو الذي نختاره. وتقول: مررت برجل أخبث ما يكون أخبث منك أخبث ما تكون، ومررت بزيد أخبث ما يكون أخبث منك أخبث ما تكون، ولا يجوز تأخير المنصوبين على الحال عن أفعل التفضيل. ولا يجوز: تمر هذه النخلة أطيب منه بسرًا رطبًا، ولا تقديمهما على أفعل التفضيل، فلا يجوز تمر هذه النخلة بسرًا رطبًا أطيب منه، ولم يسمع ذلك من كلام العرب، وأجاز بعض أصحابنا تأخير الحالين عن أفعل التفضيل على شرط أن تلي أفعل التفضيل الحال الأولى مفضولاً بها، وبين المفضل عليه، وتلي الثانية المفضل عليه، فتقول: هذا أطيب بسرًا منه رطبًا، وزيد أشجع أعزل من بكر ذا سلاح، ويحتاج جواز هذا التركيب إلى سماع من العرب. ولو اشترك المختلفان في وصف هو لأحدهما أكثر على كل حال، ارتفع الاسمان اللذان كانا انتصبا حالين فتقول: هذا بسر أطيب منه عنب،

فـ «بسر» خبر المبتدأ، وأطيب وما بعده جملة من مبتدأ وخبر في موضع الصفة لـ (بسر) و (أطيب) هو المبتدأ، و (عنب) خبره، وهو الاختيار لوقوع المبتدأ في محله، ويجوز أن يكون أطيب خبرًا مقدمًا، و (عنب) المبتدأ، وأجاز ابن مالك أن تجرى أداة التشبيه مجرى أفعل التفضيل، فتتوسط بين حالين فتعمل في أحدهما متأخرة، وفي الأخرى متقدمة وأنشد: أنا فذاكهم جميعًا ... ... ... … ... ... .... ... ... .... … ونحن صعاليك أنتم ملوكا يريد، ونحن في حال صعلكتنا مثلكم في حال ملككم فحذف مثلاً، وأقام المضاف إليه مقامه مضمنًا معناه، وأعمله بما فيه من معنى التشبيه، والصحيح أن نصب (فذا)، والصعاليك والحالان بعدهما هو على تقدير: إذا كنت فذًا، وإذا كنا صعاليك. وإذا كان الجامد ظرفًا، أو مجرورًا، والحال اسم، أو ظرف، أو مجرور، والخبر إذ ذاك ظرف أو مجرور، فإن تقدمت الحال على الجملة بأسرها نحو: قائمًا زيد في الدار، أو قائمًا زيد عندك، أو في الدار زيد عندك، على أن يكون قائمًا حالاً،

وعندك الخبر فقال ابن طاهر: لم يختلفوا في امتناع قائمًا زيد في الدار، وليس بصحيح، فإن الأخفش أجاز في قولهم: فداء لك أن يكون (فداء) منصوبًا على الحال، والعامل فيه لك، وهو نظير قائمًا في الدار زيد، وأجاز ابن برهان: إذا كانت الحال ظرفًا، أو مجرورًا، والعامل فيها ظرف، أو مجرور التقدم قال في قوله تعالى: {هنالك الولاية لله الحق} (هنالك) ظرف في موضع حال، والولاية مبتدأ، والخبر لله، وهو عامل في هنالك التي هي الحال. وإن توسطت الحال، فتارة تتوسط بين المبتدأ المتقدم، وخبره الظرف، أو الجار والمجرور المتوسط، وتارة تتوسط بين الخبر الذي هو ظرف أو مجرور وهو متقدم، والمبتدأ متأخر فمثال الثانية: في الدار عندك زيد، وعندك حال، وفي الدار قائمًا زيد، فلا خلاف في جواز ذلك. ومثال الأولى: زيد قائمًا في الدار، وزيد عندك في الدار، على أن عندك هو الحال، فذهب جمهور البصريين إلى منع ذلك مطلقًا، وأجازه الفراء، والأخفش في أحد قوليه. وسواء أكانت الحال ظرفًا، أو مجرورًا، أم اسمًا صريحًا، أو حالاً بالواو، نحو: زيد وماله كثير بالبصرة، وتجويز ابن برهان في {هنالك الولاية لله الحق} يقتضي بجهة الأولى جواز ذلك في التوسط إذا كانت الحال ظرفًا أو مجرورًا.

وأجاز الكوفيون التوسط إذا كانت من مضمر مرفوع، كما أجازوا التقدم، فيجيزون في «أنت في الدار قائمًا» أن تقول: في الدار قائمًا أنت، وأنت قائمًا في الدار، وقائمًا في الدار أنت، وقائمًا أنت في الدار، واختيار ابن مالك أنه إن كانت اسمًا صريحًا ضعف التوسط بقوة، [وإن كانت ظرفًا أو مجرورًا جاز التوسط بقوة]. ونقل الإجماع عن البصريين في منع: قائمًا زيد في الدار، وقائمًا في الدار زيد، وتحصل في هذه المسألة أقوال: الجواز مطلقًا، والمنع مطلقًا، وتفصيل الكوفيين، وتفصيل ابن برهان، وتفصيل ابن مالك، وقيل ما أجازه ابن برهان في قوله: إن هنالك ظرف في موضع الحال، هو خلاف ما أجمع على منعه البصريون والكوفيون، وفي كتاب النقد لابن الحاج: زيد قائمًا في الدار أجازها أبو الحسن والكسائي، وأجازه الفراء في الشعر انتهى. وإذا اجتمع في الجملة ظرف، أو مجرور واسم كل يصلح أن يكون خبرًا، فإما أن يتقدم الظرف والمجرور على الاسم أو يتأخر، إن تقدم نحو: في الدار زيد قائم، وأمامك بشر جالس، فاختار سيبويه، والكوفيون النصب في قائم وجالس على الحال، وإن لم يتقدم نحو: زيد في الدار قائم وعمرو أمامك جالس، فاختاروا الرفع، وقال المبرد: التقديم والتأخير في هذا واحد، وحكى ابن سلام: أن عيسى كان يلحن النابغة في قوله:

. ... .... … في أنيابها السم ناقع ويقول: لا يجوز إلغاء الظرف متقدمًا، والعربي الباقي على سليقته، لا ينبغي ن يلحن، وإذا انتصب الاسم، فعلى الحال، والظرف والمجرور هو الخبر، وإذا ارتفع فعلى الخبر، والظرف والمجرور هو معمول للخبر، وأجاز بعضهم أن يكونا خبرين، ومنع ذلك بعضهم، فإن تكرر الظرف، أو الجار والمجرور فإما أن يختلفا، نحو: زيد في الدار جالس في صدرها، فقال الفراء: لا يجوز في جالس إلا النصب، وقال ابن كيسان: الرفع جائز، وهو مقتضى مذهب الكوفيين، وقال البصريون: الرفع والنصب جائز، وإن لم يختلفا فإما أن يكون التكرار بالضمير، أو بالظاهر، فإن كان بالضمير نحو: في الدار زيد قائم فيها، جاز الرفع والنصب عند البصريين، ولزم النصب عند الكوفيين، ووافقهم ابن الطراوة، وإن كان [بالظاهر فقياس مذهب الكوفيين أنه لا يجوز فيه إلا النصب كالتكرار بالضمير، وأجاز البصريون فيه الرفع والنصب، ووافقهم ابن الطراوة، فإن كان] الظروف والمجرور

ناقصين، ولا يصلحان للخبرية وجب جعل الاسم الخبر مع التكرار، ودونه نحو: فيك زيد راغب، وفيك زيد راغب فيك، وأجاز الكوفيون نصب راغب على الحال. ولو اجتمع ظرفان تام وناقص، فبدأت بالتام، نحو: عبد الله في الدار بك واثقًا، وإن في الدار زيدًا بك واثقًا، جاز الرفع والنصب، وزعم ابن سعدان أن هذا لا يجوز، لأن (بك) في صلة واثق، قال: ولا يجوز إن فيك زيدًا راغب، وقال ابن كيسان الرفع الاختيار، وإن بدأت بالناقص أول الكلام فقلت: إن فيك زيدًا في الدار راغب، وإن فيك في الدار زيدًا راغب، أو بعد الاسم نحو: إن زيدًا فيك في الدار راغب جاز الرفع والنصب، ولا يجيز الكوفيون النصب، وإذا اجتمعا بعد المبتدأ، وتوسط بينهما اسم صالح للخبرية، وقدمت التام، وكان مع الناقص ذكر يعود على التام، فالجمهور يختارون نصب الاسم المتوسط، والفراء يوجب النصب، مثاله: زيد في الدار مفتتن بها، فالنصب على الحال والرفع على أنه خبر ثان، أو يكون في الدار متعلقًا بمفتتن، ومفتتن هو الخبر، فإن قدمت التام على المبتدأ، وأخرت الناقص نحو: في الدار زيد مفتتن بها. جاز الرفع والنصب عند البصريين كالتي قبلها عندهم، وأوجب الكوفيون جميعًا النصب. فإن قدمت الناقص على العامل فيه وعلى التام وأخرت التام عن المبتدأ نحو: زيد فيك راغب في الدار، فكالتي قبلها عند البصريين، وأوجب الكوفيون الرفع، فإن قدمت الظرفين معًا على المبتدأ وبدأت بالناقص، فالبصريون على ما تقدم وذلك

نحو: فيك راغبًا في الدار زيد، وقياس قول الكوفيين إيجاب النصب، وحكى النحاس عنهم إيجاب الرفع، فإن كان بدل الناقص مفعول للخبر، فقدمت المبتدأ، ثم الظرف التام ثم المفعول نحو: زيد في الدار طعامك آكل، وجب الرفع عند البصريين، وحكى ابن أصبغ عن الكسائي جواز النصب، وقال النحاس: أكثر النحويين يجيز الرفع والنصب، وقال ابن كيسان لا يجوز النصب.

فصل

فصل إن اتحد عامل الحال وذو الحال، وتعددت هي نحو: جاء زيد مسرعًا ضاحكًا، ففي كونهما حالين خلاف، ذهب الفارسي، وجماعة إلى أنه لا يجوز أن يقضي العامل الواحد من الأحوال التي لذي حال واحدة أزيد من حال واحدة. ويجعلون في نحو ذلك المثال أن يكون (ضاحكًا)، صفة (مسرعًا)، أو حالاً من الضمير المستكن في مسرعًا، وذهب أبو الفتح إلى جواز ذلك، فيقتضي أزيد من حال واحدة. ويجوز أن يتعدد صاحبا الحال، متفقين في الإعراب والحال تجمع نحو: جاء زيد وعمرو مسرعين، أو مختلفين في الإعراب، والحال تجمع نحو: لقى زيد عمرًا ضاحكين، واتفق الكوفيون على إبطال، راكبين لقى زيد عمرًا، ولقى زيد راكبين عمرًا، ولقى راكبين زيد عمرًا. وقياس مذهب البصريين جواز هذا كله، ولا يجوز عند الكوفيين لقيت مسرعين زيدًا، ولا مسرعين لقيت زيدًا، ويجوز عندهم مسرعين لقيتك، وراكبين لقيتني، ولا يجوز في قولهم: مر زيد مسرعين بسعد، ولا مر مسرعين زيد بسعد، ولا مسرعين مر زيد بسعد، ويجوز عندهم مسرعين مررت بك، ومررت مسرعين بك، ولا يجوز عند البصريين تقديم حال لمخفوض ظاهر، ولا مكني. وهذه المسائل من فصل تقديم الحال على ذي الحال، وعلى عامله، ولا يجمع الحالان حتى يصلح انفراد كل وصف بالموصوف، فإن اختلفا في هذا المعنى لم يجمعا.

وأجاز الكسائي وهشام أن تجيء الحال مجموعة من مضاف، ومضاف إليه نحو: لقيت صاحب الناقة طليحين على أن (طليحين) حال لصاحب، والناقة، إذ هما معنيان كلاهما، والمختار عندنا أن ثم معطوفًا محذوفًا تقديره: صاحب الناقة والناقة، فطليحان حال من المتعاطفين. وأجاز سيبويه: هذا رجل معه رجل قائمين على أن الحال للاسمين، وأجاز أيضًا: مررت برج لمع امرأة ملتزمين، وقال من قال: في الدار رجل، وجئتك بآخر عاقلين مسلمين، فالنصب على الثناء والتعظيم لا على الحال. وإن تعدد ذو الحال، وتفرق الحالان، فيجوز أن يلي كل حال صاحبه، نحو: لقيت مصعدًا زيدًا منحدرًا، ويجوز أن يتأخرا عن صاحبيهما نحو: لقيت زيدًا مصعدًا منحدرًا، فتلى الحال الأولى ذا الحال الثاني، والمتأخرة لذي الحال الأولى، فمصعدا حال من زيد، ومنحدرًا حال من التاء في لقيت. وفي كتاب التمهيد: تجعل ما تقدم من الحالين للفاعل الذي هو متقدم، وما تأخر للمفعول، وكذا في كتاب البديع عن ابن السراج قال: «وكيف قدرت بعد أن يعلم السامع من المصعد، ومن المنحدر جاز». وقال صاحب التمهيد: ولو جعلت الآخر للأول جاز ما لم يلتبس، ولذلك منع بعضهم: أعطيت ضاحكًا زيدًا إذا لم يكن ضاحكًا للتاء، وأجاز أعطيت يضحك زيدًا لارتفاع اللبس مع الفعل. انتهى.

وإذا أمن اللبس جاز جعل الأولى للأول والثانية للثاني نحو قوله: خرجت بها أمشي تجر وراءنا … ... ... ... ... فـ (أمشي) حال من التاء، و (تجر) حال من الهاء في بها، ويروى: خرجت بها تمشي تجر، فتمشي حال من التاء، من ضمير بها، و (تجر) حال من ضمير بها. وقد تجيء الحال مفردة من أحد ما دل عليه ضمير التثنية والجمع لا من مجموع الضمير نحو: زيد وهند خرجا طائفًا بها، قال يصف حمارًا وأتنا: صافا يطوف بها على قلل الصوى … وشتى كزلق الفرج غير مقهد «يطوف بها» حال من أحد الضميرين في صافا ويجب للحال إذا وقعت بعد إما ن تردف إما أخرى كقوله تعالى: {إنا هديناه السبيل إما شاكرًا وإما كفورا} أو بأو كقوله: أودك إما صديقا أو عدوا … ... ... .... وكذلك تكرر لا نحو: جئتك لا راغبًا ولا راهبًا. وقد أفردت (لا) في الشعر نحو:

قهرت العدا لا مستعينًا بعصبة … ... ... ... ... ويجوز إضمار عامل الحال لحضور معناه، أو تقدم ذكره في استفهام أو غيره مثال حضور معناه قولك للراحل: راشدًا مهيدًا؛ أي تذهب، وللقادم: مبرورًا مأجورًا؛ أي رجعت، وللمحدث: صادقًا؛ أي تقول: ومصاحبًا معانا اذهب، وللرجل واقع أمرا أو تعرض له: «متعرضًا لعنن لم يعنه» أي دنا من هذا الأمر متعرضًا. وذكر سيبويه الرفع في هذا أيضًا على إضمار مبتدأ أي أنت، ومثاله في استفهام راكبًا في جواب من قال: كيف جئت، وفي غير الاستفهام مسرعًا لمن قال: لم تنطلق. ويجب إضماره إن جرت مثلاً نحو: «حظيين بنات صلفين كنات»، أي عرفتهم، أو بينت ازدياد ثمن نحو: أخذته بدرهم فصاعدًا، وأخذته بدرهم فزائدًا، قدره سيبويه فزاد الثمن صاعدًا، أو فذهب صاعدًا، يقال: جوابًا لمن قال: بكم اشتريت هذا المتاع، فأخبر أن أدناه اشتراه بدرهم.

والثمن حاله الزيادة بعد ذلك كذا نقل سيبوه أنه يقال في هذا المعنى، والعطف هنا إنما هو بالفاء، أو بثم والفاء أكثر من ثم، وقال بعض المتأخرين لا ضرورة إلى ما قال سيبويه من إضمار الناصب بعد الفاء، أو ثم بل (بدرهم) في موضع نصب على الحال، والتقدير كائنًا بدرهم و (فصاعدًا) معطوفًا عليه. وفي البسيط: قيل فصاعدًا انتصب نصب المصدر أي فصعد صعودًا ولا يجوز الجر في (فصاعدًا) ولا ثم صاعدًا، وقال سيبويه: لو قلت: أخذته بصاعد كان قبيحًا، ويعني بقوله قبيحًا: ممتنعًا، وقال ابن خروف: وقد يجوز الجر بالفاء وثم على إقامة الصفة مقام الموصوف، وقال ابن مالك بعد قوله: ازدياد ثمن أو غيره، ومثل غير ازدياد الثمن بمثل تصدق زيد بدينار فسافلاً. فإن لم ينقل مثل هذا عن العرب فهو ممنوع لا يجوز، أو نائب عن خبر نحو: ضربي زيدًا قائمًا، أو كانت بدلاً من اللفظ بالفعل في توبيخ، أو غيره، تقدم الكلام في ذلك في باب المبتدأ، وفي باب المصدر، وإذا كان العامل في الحال معنويًا كالظرف، والمجرور، واسم الإشارة لم يجز حذفه فهم ذلك، أو لم يفهم عند الأكثرين، وأجاز ذلك المبرد في قوله: ... ... ... ... ... ... … ... ... ... وإذا ما مثلهم بشر جعل (مثلهم) حالاً، والعامل فيه الجار والمجرور تقديره: وإذ ما في الدنيا بشر مثلهم.

فأما الحال في قولهم: ضربي زيدًا قائمًا، فعلى تقدير بعضهم إذا كان أو إذ كان، فحذف العامل وهو معنوي وانتصب الحال به. فإذا توقف المعنى على ذكر الحال لم يجز حذفها كقوله تعالى: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين} أو سدت مسد الخبر، فكذلك لا يجوز حذفها. ومذهب الأكثرين أن العامل في الحال هو العامل في صاحبها وهو الذي نختاره خلافًا لمن أجاز ألا يكون عاملاً في ذي الحال. وتقدم ذكر الخلاف في عمل حرف التنبيه، واسم الإشارة في الحال في مثل هذا زيد منطلقًا، والحال إن دلت على معنى لا يفهم مما قبلها فهي المبنية، وإن دلت فهي المؤكدة، وأثبتها الجمهور، وذهب الفراء، والمبرد والسهيلي إلى إنكارها. وقال الفراء: الحال لا بد من تجدد فائدة عند ذكرها: كقيلهم: عبد الله عندك قائمًا، لأنه ليس من عندك ما يدل على قيام، فإن كان ما قبله يدل عليه نحو: زيد على الفرس راكبًا، فهو منصوب على القطع، وكذا لو قلت: جاء زيد الظريف، إذا كان زيد لا يعرف إلا بالظريف، ثم سقطت منه (أل) قيل: قام زيد ظريفًا، فينتصب على القطع، وإذا كان يعرف دون الظريف وسقطت أل انتصب على الحال، وإذا قلت: الظريف وهو لا يعرف به، فلا ضمير في الظريف من الأول، وهو مكرر عليه، وتقديره: قام زيد قام الظريف، كقول القائل: نظرت إلى شيء بغل أو حمار انتهى.

والتفريع في الحال المؤكدة على مذهب الجمهور، وهي تارة تكون من لفظ العامل كقول الشاعر: قم قائمًا قم قائمًا … صادفت عبدًا نائمًا وتارة تكون من غير لفظه كقوله تعالى: {ولا تعثوا في الأرض مفسدين}، وقيل لا تكون إلا غير منتقلة كقوله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما}. فالاستقامة لازمة لصراطه تعالى، ويؤكد بالحال أيضًا واجبة التأخير في بيان تعين نحو: هو زيد معلومًا، وفي فخر: أنا زيد كريمًا، وفي تعظيم: هو عمرو جليلاً، وفي تصاغر: أنا عبدك فقيرًا إلى عفوك، وفي تحقير: هو فلان مأخوذًا، وفي وعيد: أنا فلان متمكنًا منك فاتق غضبي. والمبتدأ يكون ضميرًا معرفة والخبر كذلك، وهما جامدان لتدل النسبة على معنى الحال التي جاءت تأكيدًا لتلك النسبة، والعامل في هذه الحال قدره سيبويه، في قولك: هو زيد معروفًا أثبته، أو ألزمه معروفًا، وقدره غيره إن كان المخبر عنه غير (أنا) تقول: أحقه أو أعرفه، وإن كان أنا قدر أحق أو أعرف أو أعرفني، وقال الزجاج: الخبر مؤول بمسمى فيعمل في الحال.

وقال ابن خروف ضمن المبتدأ تنبيها فهو العامل. والجملة الواقعة حالاً شرطها أن تكون خبرية، وجوز الفراء وقوع الأمر ونحوه حالاً تقول: تركت عبد الله قم إليه، وتركت عبد الله غفر الله له على تقدير الحال، وغير الفراء يتأول ما ورد من ذلك، ويدخل تحت الخبرية جملة الشرط، فتقع حالاً فقيل تلزم الواو. ومذهب ابن جني أنها لا تلزم، وذكر صاحب المصباح وهو ناصر بن أبي المكارم المطرزي: أن الشرطية لا تكاد تقع بتمامها حالاً فلا يقال: جاء زيد إن يسأل يعط على الحال، بل إذا أريد ذلك، جعلت الجملة الشرطية خبرًا عن ضمير ما أريد الحال عنه نحو: جاء زيد وهو: إن يسأل يعط، فيكون الواقع حالا الجملة الاسمية لا الشرطية، لكن تقع بعد ما تخرج عن حقيقة الشرط نحو: آتيك إن تأتني، وإن لم تأتني إذ لا يخفى أن النقيضين من الشرطين في مثل هذا لا يبقيان على معنى الشرط، بل يتحولان إلى معنى التسوية كالاستفهامين المتناقضين نحو قوله تعالى: {آنذرتهم أم لم تنذرهم} وأما الثاني فلا بد فيه من الواو نحو: آتيك ون لم تأتني، ولو تركت الواو لا لتبس بالشرط حقيقة، وقد ذكر الخبري في مسائله العشرين أن الواو هنا للعطف دون الحال، والمعطوف عليه محذوف التقدير: إن أتيتني وإن لم تأتني محتجًا بأن (إن) للمستقبل، والمستقبل لا يقع حالاً. انتهى. وفيه بعض تلخيص، وشرطها أيضًا ن تكون غير مفتتحة بدليل استقبال نحو: سيقوم ولن يقوم، ومن قال: إن جملة التعجب خبرية لا يجيز أن تقع حالاً فلا تقول: مررت برجل ما أحسنه ولا أحسن به.

وموارد الجملة الحالية الابتداء نحو: {اهبطوا بعضكم لبعض عدو} وتصديرها بأن، {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون} وبـ (كأن) {كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون} وبـ (لا) للتبرئة: {والله يحكم لا معقب لحكمه} و (بما) قال عنترة: فرأيتنا ما بيننا من حاجز … ... ... ... ... وبمضارع مثبت: {في طغيانهم يعمهون}، أو مقرون (بقد): {لم تؤذونني وقد تعلمون}، أو منفي (بلا): {وما لنا لا نؤمن بالله}، أو (بلم) {بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء}، أو بماض تال لـ (إلا): {وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون} أو متلو بأو: كن للخليل نصيرا جار أو عدلا … ... ... ...

أو مخالف لذلك: {أو جاءكم حصرت صدورهم}. وتتضمن الجملة الواقعة حالاً ضميرًا يعود على ذي الحال، ويغني عنه (واو) إلا إن كانت الجملة مؤكدة أو مصدرة بمضارع مثبت عار من (قد)، أو منفي (بلا)، أو (ما) أو ماضي اللفظ تال لـ (إلا)، أو متلو (بأو) نحو: الخليفة أبو بكر قد علمه الناس، وجاء زيد يضحك عمرو، وجاء زيد لا يضحك عمرو، وجاء زيد ما يضحك عمرو، وما جاء زيد إلا ضحك عمرو، واضرب زيدا ذهب عمرو أو مكث، فهذه الصور لا تغني فيها واو الحال عن الضمير، وهذه الواو تسمى واو الحال، وقدرها سيبويه (بإذ) وليست عاطفة، ولا أن أصلها العطف خلافًا لمن زعم من المتأخرين أنها عاطفة، وقد تجامع الضمير في الجملة الابتدائية نحو: {خرجوا من ديارهم وهم ألوف}، وفي المصدرة بأن نحو قوله ما أعطياني ولا سألتهما … إلا وإني لحاجزي كرمي وبكأن: جاء وكأنه أسد، و (بلا) التبرئة نصبت له وجهي ولا كن دونه … ... ... ....

وبـ (لي): {منه تنفقون ولست بآخذيه} والماضي غير المتلو بإلا: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا} واجتماع الواو والضمير في الاسمية، والمصدرة بليس أكثر من انفراد الضمير مثال اجتماعهما في الاسمية: {فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}. ومثال اجتماعهما في المصدرة بليس: {ولستم بآخذيه}، ومثال انفراد الواو في الجملة الاسمية: {لئن أكله الذئب ونحن عصبة} وقوله: بعثت إليها والنجوم طوالع … ... ... ... وذهب ابن جني إلى أنه لا بد من تقدير الضمير الرابط مع الواو، فإذا قلت: جاء زيد والشمس طالعة، فتقديره: وقت مجيئه، وحذف الضمير، ودلت الواو على ذلك، والجمهور على أن الجملة خالية من الضمير، ولا يقدر محذوف قيل، وإنما وقعت مثل هذه الجملة حالاً، وليست هيئة لزيد على تقدير جاء زيد موافقًا طلوع الشمس، ومثال الانفراد في ليس: دهم الشتاء ولست أملك عدة … ... ....

ومثال انفراد الجملة الاسمية بالضمير: جاء زيد يده على رأسه، وفي هذه المسألة ثلاثة مذاهب: أحدها: جواز ذلك مطلقًا، وهو كثير فصيح وهو مذهب الجمهور. والثاني: مذهب الفراء وتبعه الزمخشري في أحد قوليه إنه نادر شاذ. والثالث: مذهب الأخفش: وهو أنه إذا كان خبر المبتدأ اسمًا مشتقًا، وقد تقدم وجب عروه من الواو، فتقول: جاء زيد حسن وجهه، ولا يجوز: وحسن وجهه، وإن تأخر النفي بالضمير نحو: جاء زيد وجهه حسن، ويجوز الواو، ومثال انفراد الضمير في المصدرة بليس قول الشاعر: إذا جرى في كفه الرشاء … جرى القليب ليس فيه ماء وقد ينوب الظاهر مناب الضمير كما قال: قتلت أباك بنو فقيم عنوة … إذ جر ليس على أبيك إزار أي ليس عليه، وقد يجب انفراد الضمير، ولا يجوز الواو، وذلك في الجملة الابتدائية الواقعة حالاً إذا عطفت على حال نحو: {فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون}، وقد تخلو الجملة الاسمية من الواو، ويكون الضمير محذوفًا نحو: مررت بالبر قفيز بدرهم؛ أي قفيز منه بدرهم، وفي البديع: وقد جاء بلا واو

ولا ضمير يريد، ولا ضمير مثبت، بل يكون محذوفًا، والمضارع إن كان مثبتًا، أو منفيًا بلا فسمع دخول الواو فيهما نحو: قمت وأصك عينه. وقرأ ابن ذكوان: «فاستقيما ولا تتبعان» بتخفيف النون، ويؤول على إضمار مبتدأ، أي: وأنا أصك، وأنتما لا تتبعان. وفي البسيط: إن كان منفيًا بلا حسن ترك الواو، انتهى. وإن كان منفيًا بغير لا، وحرف النفي لم، والجملة لا ضمير فيها، وجبت الواو نحو: جاء زيد ولم تطلع الشمس، أو كان فيها جاز أن يكتفي به، وجاز أن يجتمع هو والواو، وزعم ابن خروف أنه لا بد من الواو، وزعم ابن عصفور أن النفي (بلم) نحو: قام زيد ولم يضحك قليل، وهما زعمان مخالفان للسماع من القرآن وكلام العرب. وإن كان حرف النفي (لما) فقال ابن مالك: هو كالنفي بلم في القياس إلا أني لم أجده مستعملاً إلا بالواو كقوله تعالى: {ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم} وكقول الشاعر في بانت قطام ولم يحظ ذو مقة … ... ... ... .... ونسى ابن مالك أنه أنشد للما ما فيه دليل على مجيء النفي بلما حالا دون الواو، وذلك في أول شرحه لكتاب التسهيل وهو:

فقالت له العينان سمعا وطاعة … وحدرتا كالدر لما يثقب ووجدت أنا ذلك بغير واو في شعر من احتج بعض النحاة بشعره، ولا أدري هل يحتج بشعره، أو لا يحتج، وهو عبد الله بن محمد بن أبي عيينة قال: ابعد بلائي إذ وجدته … طريحا كنصل السيف لما يركب وقال أيضًا: وفللت منه حده وتركته … كهدبة ثوب الخز لما يهدب فإن كان حرف النفي (ما) فتقول: جاء زيد وما يضحك، وجاء زيد ما يضحك، وجاء زيد وما تطلع الشمس، وجاء زيد ما تطلع الشمس، وزعم ابن عصفور أن نفي المضارع (بما) قليل جدًا، والقياس يقتضي ألا يكون قليلا جدًا. وإن كان حرف النفي (إن) نحو: جاء زيد إن يدري كيف الطريق فلا أحفظه من لسان العرب، والقياس يقتضي جوازه كما وقع خبرًا لـ (ظل) في قوله: «حتى يظل إن يدري كيف صلى». وأما إن كان الفعل ماضيًا، ونفيته والجملة عارية من الضمير، فلا بد من الواو نحو: جاء زيد وما طلعت الشمس، أو لم يعر منه جازت الواو نحو: جاء زيد

ما درى كيف جاء، أو جاء زيد وما درى كيف جاء، وإن كان الماضي بنفسه أداة نفي فلا تدخل عليه قد، وذلك ليس، وإن كان أصله الشرط نحو: لأضربن زيدًا ذهب أو مكث، فلا تدخل عليه قد، ولا الواو، ولا يكون بصورة المضارع فلا تقول: لأضربنه يذهب أو يمكث، ولا تقع (إن) موقع (أو)، ولا تدخل الهمزة على ذهب فلا يقال: لأضربنه أذهب أو مكث، وقال أبو علي: يجوز ظهور حرف الشرط: لأضربنه إن ذهب أو مكث. وإن كان تاليًا لـ (إلا) فلا تدخل عليه قد، وقالت العرب: ما تأتيني إلا قلت حقًا، وما أتيتني إلا تكلمت بالجميل، وما تكلم إلا ضحك، وما جاء إلا أكرمته، جميعها أحوال بلفظ الماضي مؤولا باسم الفاعل، وندر دخول (قد) عليه في قول الشاعر: متى يأت هذا الموت لا يلف حاجة … لنفسي إلا قد قضيت قضاءها وإن كان ماضيًا غير ما ذكر، ولا ضمير فلا بد من (الواو، وقد) نحو: قول امرئ القيس: فجئت وقد نضت لنوم ثيابها … ... ... ... .... وإن كن ثم ضمير جاز اجتماع الواو وقد، كقوله تعالى: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم}، وقد تنفرد الواو كقوله تعالى: {كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم} وقد تنفرد (قد) نحو قوله: أتيناكم قد عمكم حذر العدى … ... ... ...

وقد يخلو الماضي منهما كقوله تعالى: {هذه بضاعتنا ردت إلينا}، والصحيح جواز ذلك بغير (واو)، ولا (قد) وهو قول الجمهور والكوفيين والأخفش لكثرة ما ورد من ذلك. ولا تقدر قبله (قد) خلافًا للفراء، والمبرد، وأبي علي، ومتأخري أصحابنا الجزولي، وابن عصفور، وشيخنا أبو الحسن الأبذي، وجاء من الحال ألفاظ مركبة تركيب خمسة عشر فمنها ما أصله العطف، وذلك قولهم «تفروا شغر بغر» ومعناه منتشرين يقال: شغر البلد إذا خلا من الناس وكأنهم حين فارقوا أماكنهم إلى جهات شتى خلت منهم، ويقال: أشغر في الفلاة أبعد فيها، وبغر النجم يبغر بغورًا إذا سقط، وهاج بالمطر، والنجم للثريا، وكأنه بغر منه؛ لأنهم إذا تفرقوا إلى نواح سقطوا فيها، و (شذر مذر) يقال: بفتح الشين والميم وكسرهما، ومذر إتباع لشذر، والشذر: قطع الذهب، والشذر اللؤلؤ.

والشذرة القطعة كأنهم بتوجههم في كل وجه، تقطعوا في نواحي الأرض ومذرت البيضة: فسدت، ومذرت معدته بكسر الذال فسدت، وكأنهم بخروجهم إلى غير موطنهم فسدت أحوالهم، وقيل الميم في مذر بدل من الباء. و (خذع مذع) أي منقطعين: وأخول أخول معناه شيئًا بعد شيء، ومنه تفرقوا أخول أخول، وتركت البلاد (حيث بيث) اتبع الأول الثاني، و (حوث بوث) اتبع الأول، وفي (حاث باث) بناه على فعل وأعله، وحاث باث، وحيث بيث بكسر الحاء والباء، وقلب الواو ياء لكسرة ما قبلها، وقالوا: حوثا بوثا بالتنوين اتبعوا الأول الثاني، وأصل حاث الياء، وأصل باث الواو، إذا فرق أهلها وبددهم، فيكون تفسير ابن مالك ذلك بمبحوثه أنه بحث أهلها واستخرجوا منها يقال: استحاث واستباث: استخرج، ويقال: استحاث الشيء تطلبه، وقد ضاع في التراب، وباث عن الشيء يبوث بوثًا بحث عليه، وابتاث مثل باث، وهو جاري بيت بيت أي ملاصقًا، وبيت بيت بالإضافة، ولقيته كفة كفة، وبالإضافة كفة كفة، ومفكوكًا بعن: كفة عن كفة قال الأحمر مثل لقيته مواجهة، وأخبرته صحرة بحرة أي منكشفًا.

ويقال: أتيته صحرة بحرة إذا رأيته، وليس بينك وبينه ساتر، والمصاحر الذي يقاتل قرنه في الصحراء ولا يخاتله، ووقع في كلام بعض اللغويين صحرة بحرة، غير مجراة فاحتمل أن يريد غير منونين، واحتمل أن يريد أنهما ممنوعان الصرف للتأنيث والعلمية والجنسية، واستعمل أيضًا بالإضافة قالوا: صحرة بحرة ومنها ما أصله الإضافة يقال: افعل هذا بادئ بدء، وبادى بدئ أي مبدوءًا به، وذلك بلا همز، وأصلهما الهمز، وبادئ اسم فاعل، وبدء يجوز أن يكون مصدرًا لـ (بدا) بمعنى بدأ، وبادى اسم فاعل من بدى كشج من شجى، والياء من بادى ساكنة كياء معد يكرب، ويقال بالإضافة بادئ بدء مهموزان، وبادئ بداء أو بدء بلا همز بادى، وبدء، ذي بدء أو ذي بداءة، أو ذي بدءة بالهمز. ويقال تفرقوا أيادي سبا، وأيدي سبًا، بسكون الياء، وترك همزة سبأ، وقد يقال: سبا بالتنوين وبلا همز. وذهب الزمخشري: أن بادئ بدء، وأيادي سبا من المركب تركيب ما لا ينصرف. واختلف النحاة في هذه المركبات التي وقعت أحوالاً مما تقدم، فذهب بعضهم إلى أنها مبنية مركبة تركيب خمسة عشر، وذهب بعضهم إلى أنها مركبة تركيب الإضافة فقال في البسيط: حذف التنوين يكون من الثاني للإتباع، فيشبه بخمسة عشر، وليس مبينا بمنزلته، وحركة الإتباع ليست حركة إعراب، فهو مخفوض، في التقدير والظروف والأحوال غير متمكنة فكان ترك التنوين أنسب

كما فعلوا ذلك في النداء، فقالوا: يا ابن أم، ويا ابن عم؛ لأن النداء باب لا تتمكن فيه الأسماء، فساغ لهم في ذلك ترك التنوين، فهو محذوف لا للبناء، وذلك نحو: هو جاري بيت بيت، وأتيتك صباح مساء، ولقيته كفة كفة، وبين بين، وكلا هذين المذهبين معزوان إلى سيبويه، ومستقرآن من كلامه. وجرت عادة بعض النحاة أن يذكر هنا ما يشبه جملة الحال وهي جملة الاعتراض، وجملة التفسير، أما جملة الاعتراض فهي جملة المناسبة للمقصود بحيث يكون كالتوكيد له، أو على التنبيه على حال من أحواله، ولا يكون الفصل بها إلا بين الأجزاء المنفصل بعضها من بعض المقتضى كل للآخر، فيقع بين جزء صلة نحو: جاءني الذي جوده والكرم زين مبذول، وبين موصول وصلته، نحو قوله: ذاك الذي وأبيك يعرف مالكا … ... ... ... .... وبين موصول ومعموله، نحو قوله: وتركى بلادي والحوادث جمة … ... ... ...

وبين الفعل ومرفوعه نحو قوله: وقد أدركتني والحوادث جمة … أسنة قوم وبين الشرط وجزائه نحو قوله تعالى: {فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار}، وبين نعت ومنعوت نحو قوله تعالى: {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم}، وبين القسم وجوابه لعمري وما عمري على بهين … لقد نطقت وبين (إن) وخبرها: إني وأسطار سطرن سطرا … لقائل ... ....

وبين الفعل ومفعوله، وبدلت والدهر ذو تبدل … هيفاء ... ... ... وبين كأن واسمها نحو: كأن وقد أتى حول كميل … أثافيها ... ... ... وبين المبتدأ وخبره: وفيهن والأيام يعثرن بالفتى … نوادب ... ... .... وبين لعل وخبرها:

لعلك والموعود صدق لقاؤه … بدا لك ... ... ... وبين المضاف والمضاف إليه إذا كان ظاهر الانفصال بحسب اللفظ، وهي مسألة الكتاب «لا أخا فاعلم لك»، وأجاز أبو علي أن يكون لا أخا مقصورا و (لك) خبر (لا) كقولك: لا عصى لك، وقد تقع جملة الاعتراض في غير ما ذكر، وتمييزها من جملة الحال دخول الفاء عليها، ولن، وحرف التنفيس، ولا يقوم مفرد مقامها، وتقع جملة طلبية نحو قوله: إن سليمى والله يكلؤها … ضنت ... ... .... ولا موضع لجملة الاعتراض من الإعراب، وأما جملة التفسير فهي الكاشفة لحقيقة ما تليه مما يفتقر إلى الكشف، وتفسير الجملة بمثلها، وقد تفسر المفرد

كقوله تعالى: {كمثل آدم خلقه من تراب}. وقوله: {هل أدلكم على تجارة}، ثم قال: تؤمنون وهذه أيضًا لا موضع لها من الإعراب على المشهور، وقال الأستاذ أبو علي: التحقيق على أنها على حسب ما تفسر، فإن كان له موضع من الإعراب كان لها موضع من الإعراب، وإلا فلا، فمثل: زيدًا ضربته لا موضع لها من الإعراب ومثل: {إنا كل شيء خلقناه بقدر} له موضع من الإعراب، لأن المفسر في موضع خبر إن، فالمفسر في موضع رفع، وعلى هذا مسألة أبي علي: زيد الخبز آكله، فآكله مفسر للعامل في الخبر، وله موضع لكونه خبرًا عن زيد، فكذلك مفسره، وبيان ذلك ظهور الرفع في المفسر، وكذلك مسألة الكتاب «إن زيدًا تكرمه يكرمك» فتكرمه فتسير للعامل في (زيد) وقد ظهر الجزم، ومذهب أبي علي أنه لا يكون الاعتراض إلا بجملة واحدة، وليس بصحيح، وقد سمع الاعتراض بجملتين. وخرج الزمخشري في الكشاف الاعتراض بأكثر من جملتين على زعمه: ونحن نتكلم في الجمل فنقول أصل الجملة ألا يكون لها موضع من الإعراب، لأن ما له منها موضع من الإعراب، إنما هو لوقوعه موقع المفرد، والأصل في الجملة أن تكون مستقلة لا تقدر بمفرد، فتكون جزاءً لما قبلها، والجمل التي لا موضع لها من الإعراب اثنتا عشرة، وقوعها ابتداء كلام لفظًا ونية نحو: زيد قائم، أو نية لا لفظًا نحو: راكبًا جاء زيد، وبعد أدوات الابتداء، ويشمل الحروف المكفوفة، وإذا الفجائية، وهل، وبل، ولكن، وإلا، و (ما) غير الحجازية، وبينما، وبينا، ووقوعها بعد أدوات التحضيض، وبعد أدوات التعليق غير العاملة نحو لولا، ولو، ولما على

مذهب سيبويه، ووقوعها جوابًا لهذه الحروف، ووقوعها صلة لاسم، أو لحرف، ووقوعها اعتراضية، ووقوعها تفسيرية على المشهور، ووقوعها جوابًا للقسم، ووقوعها توكيدًا لما لا موضوع له، وعطفها على ما لا موضوع له وكونها شرطية حذف جوابها لتقديم الدليل عليه نفسه، أو تقدم طالب الدليل عليه، والجملة التي لها موضع من الإعراب، وتنقسم بأقسام نوع الإعراب، ففي موضع رفع باتفاق الواقعة خبرًا للمبتدأ، أو (للا) التي لنفي الجنس المعرب اسمها، ولأن وأخواتها وصفة لموصوف مرفوع، ومعطوفة على مرفوع وبدلاً من مرفوع، وباختلاف الواقعة في موضع فاعله وفي موضع النائب، وفي موضع نصب باتفاق الواقعة خبرًا لكان وأخواتها، وثانيًا لظننت، وثالثًا لأعلمت، وخبرًا (لما) الحجازية، و (للا) أختها، ولإن النافية ومحكية بالقول، ومعلقًا عنها العامل، ومعطوفة على منصوب، وصفة لمنصوب وحالاً، وباختلاف الواقعة في مذ، ومنذ، وذهب السيرافي إلى أنها في موضع نصب على الحال، وذهب الجمهور إلى أنه لا موضع لها من الإعراب، وفي الواقعة في الاستثناء بالفعل، فقيل لا موضع لها من الإعراب، وقيل: في موضع نصب على الحال. وفي الجملة الواقعة استفهامًا بعد ما يتعدى إلى واحد بعد ما أخذ مفعوله، فاتفقوا على أنها في موضع نصب، واختلفوا في التقدير على ما حكيناه في باب ظننت، وفي موضع جر، فباتفاق أن يكون مضافًا إليها أسماء الزمان غير الشرطية التي لا تجزم، أو تقع صفة مجرور، أو معطوفة على مجرور، أما ما في موضع جر، وباختلاف في الواقعة بعد (ذو) في قول العرب: «اذهب بذي تسلم» فقيل (ذو) موصولة، فالجملة لا موضع لها من الإعراب، وقيل (ذو) بمعنى صاحب فهي في موضع جر، وفي الواقعة بعد (آية) بمعنى علامة، فقيل: في موضع جر

بالإضافة وقيل (ما) مصدرية محذوفة، وفي الواقعة ابتداء بعد (حتى)، فالجمهور على أنه لا موضع لها من الإعراب، وذهب الزجاج، وابن درستويه إلى أنها في موضع جر بحتى، وموضع جزم في الواقعة غير مجزومة جوابًا للشرط العامل، أو عطفت على مجزوم، أو على ما موضعه جزم. [انتهى السفر الثالث بتقسيم محققه ويليه إن شاء الله تعالى السفر الرابع ويبدأ بباب التمييز].

[الجزء الرابع]

[الجزء الرابع] باب التمييز يطلق على التمييز: التبيين والتفسير، والمميز، والمبين والمفسر، والتمييز ينقسم قسمين: الأول منتصب عن تمام الكلام، وهو ما كان الإبهام فيه حاصلاً في الإسناد، ومنتصب عن تمام الاسم، وهو ما كان الإبهام حاصلاً في الاسم الذي هو جزء كلام. فالأول ينتصب بعد فعل، أو مصدر ذلك الفعل، أو ما اشتق منه من وصف نحو «واشتعل الرأس شيبا» وزيد طيب نفسا، ومسرور قلبا، وكثير مالاً، وأفره عبدًا، ونصبه بالفعل، أو ما جرى مجراه من المصدر والوصف، واسم الفعل نحو: «سرعان ذا إهالة» هذا مذهب سيبويه، والمازني، والمبرد، ابن السراج، والفارسي. قال ابن عصفور: ذهب المحققون إلى أن العامل فيه هو الجملة المنتصب عن تمامها لا الفعل، ولا الاسم الذي جرى مجراه، وهو اختيار ابن عصفور.

وهذا التمييز الذي انتصب عن تمام الكلام يكون بعد كل كلام منطو على شيء مبهم إلا في موضعين: أحدهما: أن يؤدي إلى إخراج اللفظ عن وضعه نحو: ادهنت زيتًا، لا يكون تمييزًا، لأن أصله: بزيت فيلزم حذف الحرف، ونصبه، والتزام التنكير فيه فخرج اللفظ بذلك عن وضعه. والمسموع من هذا: تفقأ زيد شحما، وامتلأ الكوز ماء، كان الأصل من الشحم، ومن الماء، حذفت (من)، وأسقطت (أل)، وانتصب تمييزًا. والموضع الآخر أن يؤدي إلى تدافع الكلام نحو: ضرب زيد رجلاً، تجعل (رجلاً) تفسيرًا لما انطوى عليه الكلام من إبهام الفاعل، وقد ذهب بعض النحاة إلى إجازة ذلك، وخرج عليه قوله تعالى: «وإن كان رجل يورث كللة». أبهم الوارث فكلالة عنده تمييز يفسر الوارث لا الموروث، وهذا القسم الذي ينتصب عن تمام الكلام تارة يكون منقولاً عن فاعل يصح إسناده للعامل نحو: طاب زيد نفسا، أو للمطاوع نحو: امتلأ الكوز ماء، وتفقأ زيد شحمًا أصله ملأ الماء الكوز، وفقأ الشحم زيدًا. [وذهب ابن الطراوة، وتلميذه السهيلي إلى أن تصبب زيد عرقًا، وتفقأ زيد شحمًا] انتصب على الحال لا على التمييز، وقد أفصح سيبويه بلفظ الحال في قوله:

. ... ... ... ... ... … ذهبن كلا كلا وصدورا انتهى، من الروض الأنف للسهيلي؛ وتارة يكون منقولاً عن مبتدأ نحو: زيد أحسن وجها من عمرو، وتقديره: وجه زيد أحسن من وجه عمرو. واختلفوا في نقله من المفعول، فذهب أكثر المتأخرين إلى أنه جائز، وحملوا عليه قوله تعالى: «وفجرنا الأرض عيونا» قالوا أصلح: «وفجرنا عيون الأرض»، وأنكر نقله من المفعول الأستاذ أبو علي، وتلميذه أبو الحسن الأبذي، وأبو الحسين بن أبي الربيع، وحمل عيونًا على الحال الأستاذ أبو علي، وعلى البدل، أو على إسقاط حرف الجر أبو الحسين، وقال الأبذي متأولاً كلام الجزولي: يمكن أن يريد، بقوله منقولاً من المفعول: المفعول الذي لم يسم فاعله نحو: ضرب زيد ظهرًا وبطنًا، وفجرت الأرض عيونًا، وإلى أن التمييز يكون منقولاً، من مفعول: ذهب ابن عصفور، وابن مالك من أصحابنا، وتارة

يكون مشبهًا بالمنقول فقيل منه: امتلأ الكوز ماء، وتفقأ زيد شحمًا، ونعم رجلاً زيد، وحبذا رجلا زيد. قال ابن الضائع: إذا قلت: نعم رجلاً زيد، فالأصل: نعم الرجل، فلما أسندت الفعل إلى ضمير مبهم صار الفاعل تمييزًا، وجعل بعضهم التمييز بعد حبذا ليس منقولاً، ولا مشبها بالمنقول. وقال ابن الضائع: والظاهر من كلام سيبويه أن التمييز في نعم رجلاً زيد ونحوه أشبه بالمقادير. وعد بعض أصحابنا مما انتصب عن تمام الاسم، محمولاً على المقدار حسبك به فارسا، ولله دره شجاعا، «وكفى بالله وكيلا»، وويحه رجلا. وجعل ابن مالك «بالله شهيدا» مما انتصب عن الجملة، وذكر الأخفش في الأوسط: كفاك به رجلا مع حسبك من رجل، وناهيك من رجلن وهدك وشرعك (وكفيك) قال: ولا يثنى ولا يجمع. ولا يؤنث نحي فيه نحو: كفاك، ونهاك وتقول: احسبوك، واحسباك، ولا يجيء ذلك في شرعك ومن قال: كفاك به رجلاً، قال: كفاك بهم للجميع، وكفاك بهما للاثنين. وإذا استعملوا هدك، ونهاك، وكفاك، وأحسبك أفعالاً في معنى هدك وناهيك، وكفيك، وحسبك ألحقوها الضمائر، وعلامة التأنيث إذا أسندت إلى المثنى والمجموع والمؤنث، وجاء بعدها التمييز كما جاء بعد الأسماء، والكلام فيها كالكلام في: «وكفى بالله شهيدا»، وأما: ما أحسن الحليم رجلا، فكان قبل همزة النقل حسن الحليم رجلا، فهذا تمييز ليس منقولاً من فاعل، فهو شبيه بقولهم: كفى بزيد ناصرًا، فيمكن فيه الخلاف الذي فيه. فإن قلت: ما أحسن الحليم عقلا، كان من قبيل ما انتصب عن تمام الكلام

بلا خلاف، وكان أصله: حسن الحليم عقلاً أي حسن عقل الحليم فهو منقول عن فاعل. وأما قولهم: داري خلف دارك فرسخا، فالظاهر أنه تمييز بعد تمام الكلام، وهو الظاهر، وقيل من قبيل ما انتصب بعد تمام الاسم، وهو شبيه بقولهم لي مثله فارسا انبهمت مسافة الخلف ففسرت بقوله: فرسخا كما انبهمت المثلية ففسرت بقوله: فارسا. والتمييز إن صح أن يكون خبرًا للاسم قبله كان له، أو لملابسة المقدر مثال ذلك: كرم زيدا أبا، فهذا يصح أن تقول: زيد أب، فيجوز فيه وجهان أحدهما: أن يكون زيد هو الأب أي كرم زيد نفسه أبا أي ما أكرمه من أب، ولا يكون منقولاً من فاعل، ويجوز دخول (من) عليه. والوجه الثاني: أن يكون التمييز ليس زيدا، وإنما هو أبوه، فيكون الأصل: كرم أبو زيد أي ما أكرم أباه، ويكون منقولاً من فاعل، ولا يجوز دخول (من) عليه، وإن دل المنصوب على هيئة، وعني به الأول، جاز أن ينتصب على الحال نحو: كرم زيد ضيفا، وجاز أن ينتصب تمييزًا لصلاحية دخول (من) عليه، عند قصد التمييز، وإن لم يعن به الأول تعين أن يكون تمييزًا منقولاً من الفاعل أصله كرم ضيف زيد، ولا يدخل عليه (من). والتمييز إما أن يتحد بما قبله معنى، أو لا: إن اتحد طابقه في إفراد، وتثنية، وجمع نحو: كرم زيد رجلا، وكرمت زينب امرأة، وكرم الزيدان رجلين، وكرم الزيدون رجالاً، وكذا المؤنث، وإن لم يتحدا معنى فكذلك يطابق نحو حسن زيد وجها، وحسن الزيدون وجوها، فإن لزم بإفراد التمييز إفراد معناه، أو كان مصدرًا

لم يقصد اختلاف أنواع أفرد مثال ذلك: كرم الزيدون أصلاً، إذا كان أصلهم واحدًا، وزكى الزيدون سعيًا، فإن قصد اختلاف أنواع المصدر لاختلاف محاله جاء جمعًا كقوله تعالى: «قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا» وكقولك تخالف الناس آراء، وتفاوتوا أذهانا، وإفراد المباين أولى من الجمع نحو قوله تعالى: «فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا» والزيدون، قروا عينا، ويجوز أنفسا وأعينا. فإن أوقع في محذور لزمت المطابقة نحو: كرم الزيدون آباءً أي ما أكرمهم من آباء، ولو أفردت توهم أن أباهم واحد متصف بالكرم. فإن أردت في هذا المثال: كرم أبا الزيدين، لزمت المطابقة، وقد يلزم الجمع أيضًا بعد المفرد المباين إذا كان المفرد لا يفيد معنى الجمع نحو: نظف زيد ثيابًا؛ إذ لو أفردت توهم أ، هـ له ثوب واحد نظيف، ولو فرقت التمييز بالعطف لم يجز مثاله: كرم الزيدان أخا وأبا تريد أخاهما وأبا الآخر، والتمييز في التعجب غير المبوب له في باب نعم وبئس، وحبذا تطابق المميز، وكذلك في حسبك، وأخواته، وكفاك ونهاك، وأحسبك، وفي ويحه وفي كفى. وفي داري خلف دارك فرسخًا، يجوز أن يثنى ويجمع فتقول فرسخين وفراسخ، وأما المتعجب المبوب له، فإن كان التمييز معنى فالإفراد إلا أن يقصد الأنواع، وإن كان عينًا طابق المتعجب منه. وأما أفعل التفضيل، فإن كان التمييز معنى، فكتميز المتعجب منه، وإن كان عينًا جاز إفراده وجمعه تقول: الزيدون أحسن الناس وجها، والزيدون أحسن الناس وجوهًا.

القسم الثاني: أن ينتصب عن تمام الاسم، وهو إما عدد نحو: أحد عشر رجلا، وعشرون رجلا، واختلفوا هل هو قسيم للمقدار، أو قسم من المقدار، فمذهب أبي علي أنه قسيم للمقدار، وهو قول ابن عصفور، وابن مالك، وعند شيخنا الأبذي، وابن الضائع أنه قسم من المقادير، قال الأبذي: والمقادير المبهمة تحصرها المعدودات والمكيلات والموزونات. وقال ابن الضائع: والمقادير أربعة أنواع: معدود، ومكيل، وموزون، وممسوح ومثلا المقدار في العدد بخمسة عشر رجلا. وقال في البديع: والعدد وإن كان مقدارًا ليس له آلة يعرف بها. انتهى. وقد يكون سؤالا عن عدد كتمييز (كم) الاستفهامية والتمييز عن المثلية نحو قول بعضهم: ما لنا مثله رجلا، ولنا أمثالها إبلا. ومذهب سيبويه أن مثله من المقادير، ومذهب الفارسي أنه ليس من المقادير، وقال ابن الضائع: «على التمرة مثلها زيدا». شبيه بالمقدار؛ لأن المعنى «على التمرة قدر مثلها»، كما أن المعنى في رطل وقفيز قدر رطل وقفيز. وهذا مما تم فيه الاسم بالإضافة، وقد يقال: إن هذا من مقدار المساحة أو من مقدار الوزن؛ لأن المعنى قدر مثلها مساحة أو وزنًا، وأما «موضع راحة» فمن المساحة، ونظير «له مثله رجلا» قولهم: لا كزيد فارسًا انتهى.

وقولهم: «عليه شعر كلبين دينا»، هو على تقدير: مثل شعر، والتمييز عن الغيرية نحو: لنا غيرها شاء، وهذا التمييز يكون بالنص عن جنس المراد، وقد اختلفوا في مسائل: إحداها: التمييز بما في باب نعم، أجاز ذلك الفارسي فيكون نكرة تامة بمعنى شيء، ومنع ذلك غيره منهم أبو ذر مصعب بن أبي بكر. الثانية: التمييز بمثل، أجاز ذلك سيبويه فتقول: لي عشرون مثلك، وحكي: لي ملء الدار أمثالك، ومنع ذلك الفراء. وفي كتاب الصفار البطليوسي: لا يجيزه الكوفيون. الثالثة: التمييز بغير، أجاز ذلك يونس فتقول: له عشرون غيرك، وتلقى سيبويه قول يونس بالقبول: ومنع ذلك الفراء. الرابعة: التمييز بأيما رجل أجاز ذلك الجمهور فتقول: عندي عشرون أيما رجل ومنع ذلك الخليل وسيبويه، والتمييز عن التعجب مثاله: ويحه رجلا وحسبك

به رجلا ولله دره فارسًا، وأبرحت جارا، وما أنت جارة، ويا طيبها ليلة، ويالك ليلا، وويل أمه مسعر حرب. وفي (أبرحت) خلاف، ذهب الأعلم إلى أنه منتصب عن تمام الكلام، وأنه منقول عن فاعل، وتقديره: فأبرح جارك نحو: طاب زيد نفسا، وذهب ابن خروف وتبعه ابن مالك إلى أنه ينتصب عن تمام الاسم، وعلى هذا أنشد سيبويه قوله: تقول ابنتي حين جد الرحيل … فأبرحت ربا وأبرحت جارا واختلف في اشتقاق أبرحت، فقال الأعلم من البراح أي صرت في براح لاشتهار أمرك وقال السيرافي: من البرح، وهو الشدة المتعجب منها؛ أي صرت ذا برح؛ أي جئت بما لم يجيء به غيرك، وقيل: معناها تناهيت، واشتهرت وقيل: عظمت، وقيل: دهوت، وتمام الاسم إما بالإضافة نحو: لله دره فارسًا،

وإما تنوين ظاهر نحو: رطل زيتا قالوا أو مقدار نحو: أحد عشر رجلاً أو نون تثنية نحو: لي منوان سمنًا، قال ابن مالك: أو نون جمع ومثل: «بالأخسرين أعمالا»، فجعله من هذا القبيل، وهو عند أصحابنا من المنتصب عن تمام الكلام، أو شبه نون الجمع نحو: ثلاثين ليلة، وينصبه مميزه، فإذا قلت: عشرون درهمًا، أو فقيز برًا، أو رطل سمنا، أو ذراع ثوبا، فالناصب للتمييز ما قبله من عشرين وقفيز ورطل وذراع، وكذا أحد عشر وأخواته يتنزل منزلة عشرين إذ الاسم الثاني صار كالنون في عشرين. وإن كان تمام المفرد بتنوين ظاهر، أو نون تثنية جاز حذف التنوين، والنون بمضاف إلى الاسم فتقول: رطل زيت، وإردب شعير، ومنوا عسل، وإن كان التمام بالإضافة نحو: لله دره رجلاً، وويحه رجلا، فلا يجوز حذف التنوين، والإضافة، لا تقول: لله در رجل، ولا ويح رجل. وأما التمييز بعد أحد عشر وأخواته وعشرين وأخواته فتقدم الكلام عليه في باب العدد. ولابن مالك في هذا الباب من كتاب التسهيل والشرح الذي مزجه هو تخليط كثير تكلمنا عليه في شرحنا لكتابه. وإذا أريد الآلات التي يكال بها، أو يوزن أو يزرع تعينت الإضافة على معنى (اللام)، ولا يجوز النصب فتقول: لي ظرف عسل تريد الوعاء الذي يكون فيه

العسل، وقفيز بر، تريد: الآلة التي يُكال بها البر، ورطل زيت، تريد: به الآلة. وإذا أريد المقدرات بالآلات، لا الآلات، فذكر أصحابنا فيه أربعة أوجه: أحدها: النصب على التمييز. والثاني: الخفض على الإضافة بمعنى من. والثالث: الصفة فيعرب بإعراب ما قبله، وهو قول سيبويه وضعفه؛ لأنه وصف بالجامد، فلا بد فيه من تكلف الاشتقاق وقال ابن السراج: عندي رطل زيت، ولي مثله رجل وخمسة أثواب هو على البدل. والرابع: النصب على الحال وفيه أيضًا تكلف تضمن الاشتقاق كالصفة. وفي البسيط: لا يكون النصب إلا إذا كان الأول مقدرًا كيلاً، أو وزنًا أو ما في حكمهما، ونويت فيه ذا المقدار؛ فإن نقص أحدهما لم يجز النصب، والمقدار كالمثقال، والرطل، والكر، وعدل كذا، ووزن كذا. وقد تنزل أشياء منزلة المقادير، وإن لم تكن مقادير نحو: عندي بيتان تبنًا، وحزمتان بقلا، وخاتمان ذهبا، وجبتان خزا، لا تنصب إلا حين تريد مقدار الجنس من الخز، والخاتمين من الذهب. ولو أردت نفس ذلك لخفضك كقولك: ما فعلت جبة الخز، وما فعلت جبتك الخز، اتباعًا إلا أنه يقطع كالنعت وتقول: عندي قضيبان عوسج، وشوحط، ترفع، لأن القضيب وما أشبه ليس مقدار الشيء؛ فإن نويت مقدار قضيب جررت انتهى.

وتقول: عندي جبة خزا، نصبه عند سيبويه على الحال، وعند المبرد على التمييز، فإن اتبعت فصفة وتقدم تضعيف سيبويه له، أو بدل كما قال ابن السراج أو عطف بيان، وهو قول المبرد، والزجاجي، وقال ابن السراج: «إذا قلت: ماء فرات، وتمر شهريز، وقضيبا بان، ونخلتا برني» فذلك ليس بمقدار معروف مشهور، فكلام العرب الخفض، والاختيار فيه الإضافة، أو الإتباع، ولا يجوز فيه التمييز؛ إذ لم يكن مقدارًا انتهى. وإذا كان المقدار مختلطًا من جنسين، فقال الفراء: لا يجوز عطف أحدهما على الآخر، بل تقول: عندي رطل سمنا عسلا، وقال غيره: يجوز، وتكون الواو جامعة. ويجوز دخول (من) على ما كان تمييزًا بعد تمام الاسم نحو: إردب من قمح، وملء الأرض من ذهبن وجمام المكوك من دقيق، ولي أمثالها من إبل، وغيرها من شاء، وويحه من رجل، ولله دره من فارس، وحسبك به من رجل، وما أنت من فارس، وأبرحت من جار. وعلى قول من جعله من تمام الاسم، وويله مسعر حرب، ويا طيبها من ليلة، ويا لك من رجل. و (من) هذه للتبعيض في هذه الأمثلة.

وقال الأستاذ أبو علي: يجوز أن تكون بعد المقادير وما أشبهها زائدة عند سيبويه، كما زيدت في «ما جاءني من رجل» ويدل على صحة ذلك: أنه عطف على موضعه نصبًا قال الحطيئة: طافت أمامة بالركبان آونة … يا حسنه من قوام ما ومنتقبا واختلف النحويون في التمييز، أيجوز أن يكون معرفة أم لا، فذهب البصريون إلى أن التمييز لا يكون إلا نكرة، وذهب الكوفيون، وابن الطراوة إلى أنه يجوز أن يكون معرفة وورد منه شيء معرفة (بأل) وبالإضافة، وتأوله البصريون على زيادة (أل)، والحكم بانفصال الإضافة واعتقاد التنكير. وأما ما جاء من قولهم: «سفه زيد نفسه، وغبن رأيه، ووجع بطنه، وألم رأسه» فتأولوه على تضمين الفعل ما يتعدى، فتنصب تلك الأفعال على المفعول به، أو على انتصابها على إسقاط حرف الجر، أو على التشبيه بالمفعول به. وإذا كان قد تقدم التمييز فعل متصرف، أو ما يعمل عمله، جاز توسيط التمييز بينه وبين المسند إليه الحكم تقول: طاب نفسًا زيد، وحسن وجها عمرو، وضرب ظهرًا وبطنا بكر، وتفقأ شحما خالد، لا نعلم خلافًا في جواز ذلك،

وكذلك ما أحسن وجها منك أحد، ومن زعم أنه قد يكون منقولاً من المفعول يجيز التوسط فيقول: غرست شجر الأرض، وفجرت عيونا الأرض. وأما دارك خلف داري فرسخًا في قول من جعله تمييزًا عن تمام الكلام فلا يجوز توسيطه لا تقول: داري فرسخًا خلف دارك ومن جعله من تمام الاسم فهو أحرى بالمنع، وكون (فرسخًا) تمييزًا، هو على ما فهم من كلام سيبويه، والمبرد يجعله حالاً، وهو أيضًا متأول على سيبويه. ولو كان الفعل غير متصرف لم يجز توسيط التمييز بينه وبني مطلوبه، تقول: ما أحسن زيدا رجلا، وأحسن بزيد رجلا، ولا يجوز: ما أحسن رجلا زيدا، على التمييز، ولا أحسن رجلا بزيد. واختلف النحاة في تقديمه على الفعل المتصرف الذي تمييزه منقول، فذهب سيبويه، والفراء، وأكثر البصريين والكوفيين إلى منعه، وبه قال أبو علي في شرح الأبيات وأكثر متأخري أصحابنا. وذهب الكسائي، والجرمي، والمازني، والمبرد، إلى جواز

ذلك، وهو اختيار ابن مالك، وهو الصحيح لكثرة ما ورد من الشواهد على ذلك، وقياسًا على الفضلات، فإن كان الفعل غير متصرف لم يجز تقديمه عليه، وكذا إن كان متصرفًا، وكان تمييزه غير منقول نحو: كفى يزيد رجلا، ولا يجوز: رجلا كفى بزيد بإجماع، وإن كان منتصبًا عن تمام الجملة على ما ذهب إليه ابن مالك، والصحيح أنه منتصب عن تمام الاسم. وأما «سفيه زيد رأيه» وأخواته، فذهب البصريون والكسائي إلى جواز تقديم المنصوب على الفعل، لاعتقادهم أنه غير تمييز، وإن اختلفوا في تقدير نصبه، وقياس قول من أجاز نقل التمييز من المفعول أنه على مذهب من منع أن يمنع إن أعربه بدلا، ويجيزان تأويله على الحال، أو على إسقاط الحرف، وأما من أجاز ذلك، فيتخرج على الخلاف الذي في «طاب زيد نفسا» وأما في «أفعل التفضيل فلا يجوز تقديمه عليه لا تقول: زيد وجها أحسن من عمرو». وأما الوصف مما قيل أنه يجوز تقديمه على فعله نحو: ما نفسا طيب زيد، وقياس من أجاز: نفسًا طاب زيد أن يجيزه، والاتفاق على أنه إذا كان التمييز عن تمام الاسم لا يجوز تقديم التمييز عليه، فإذا قلت: عندي رطل زيتا فلا يجوز، زيتًا رطل، وكذلك، لي مثله رجلاً، لا يجوز: لي رجل مثله، ووقع في بعض هذا خلاف، وذلك إذا انتصب التمييز بعد اسم شبه به الأول لا بلفظ مثل نحو قولك: زيد القمر حسنًا، وثوبك السلق خضرة، فأجاز الفراء، تقديم هذه التمييز على المشبه به، نحو: زيد حسنًا القمر، وثوبك خضرة السلق، على أن يكون زيد

وثوبك مبتدآن والقمر والسلق خبران؛ فإن عكست لم يجز التقديم، لأن المشبه به ليس بخبر، ولو قلت: مررت بعبد الله القمر حسنًا، لم يجز تقديم حسن على القمر؛ لأن القمر ليس بخبر، ومنع ذلك غير الفراء، بل قد ادعى ابن مالك: الإجماع في أنه لا يجوز تقديمه إذا كان عن تمام الاسم، وليس كما ذكر؛ إذ الخلاف موجود في هذه الصورة التي ذكرنا. وقد عمل بعض الشعراء المحدثين على مذهب الفراء فقال: رشأ أتانا وهو حسنا يوسف … وغزالة في صحبة بلقيس ويجوز حذف التمييز إذا قصد إبقاء الإبهام، أو كان الكلام ما يدل عليه، ويجوز أن تبدل من التمييز كقوله تعالى: «ثلاث مائة سنين» في قراءة من نون، و «اثنتي عشرة أسباطا» فـ (سنين) بدلاً من ثلاث مائة. و (أسباطا) بدل من اثنتي عشرة، وتمييزها محذوف تقديره ثلاثمائة زمان أو وقت واثنتي عشرة فرقة، قيل ويكون في المعطوف عليه نحو: ثلاثة وعشرين درهما ونحوه الأصل: ثلاثة دراهم لكنهم تركوه لشبههما بخمسة عشر لدلالة الثاني عليه. ولا يجوز حذف المميز، وإبقاء التمييز إلا أن يوضع غيره موضعه كقولهم: ما رأيت كاليوم رجلاً، وقد يحذف من غير بدل كقولهم: تالله رجلا أي تالله ما رأيت كاليوم رجلاً.

باب النواصب للفعل المضارع المعرب

باب النواصب للفعل المضارع المعرب فمن ذلك (أن)، وهي ثنائية الوضع، وهي التي توصل بالماضي، خلافًا لابن طاهر في زعمه أنها غيرها، فهي على مذهبه مشتركة أو متجوز بها، وتخلص المضارع للاستقبال، خلافًا لمن زعم أ، ها قد تأتي غير مخلصة له. قالوا: وتوصل بالأمر نحو: كتبت إليه بأن قم، وبالنهي نحو: كتبت إليه بأن لا تفعل، وتقدم شيء من الكلام على هذا في باب الموصول. ولما كانت مع ما بعدها تتقدر بالاسم، وقعت مبتدأة نحو: قوله تعالى: «وأن تصوموا خير لكم»، وخبرًا نحو: الأمر أن تفعل كذا، ولا يكون المبتدأ إلا مصدرًا؛ فإن كانت جثة تؤول، ومعمولة لحرف ناسخ نحو: إن عندي أن تخرج، وإن الرأي أن تخرج، ولا بد أن يكون أحد الجزئين مصدرًا، إلا في (لعل) فيجوز أن يكون جثة نحو: لعل زيدا أن يخرج، حملا على عسى، قيل: ولا يصح أن تقع (أن) في موضع الاسم والخبر فيها فيقال: إن أن يقوم زيد، إلا في ليت: فإنه يجوز ذلك فيها لتأويلها بأتمنى، وقد حملت (لعل) عليها، فهذا يقتضي أن يجوز: ليت أن يقوم زيد، ولعل أن يخرج بكر، ولا أحفظ ذلك إلا في

(أن) المشددة؛ فإنه يجوز أن تقول: ليت أن زيدًا قائم، وأما في (لعل) فأجاز الأخفش: لعل أ، زيدًا أن يخرج قياسًا على ليت، والسماع إنما ورد في ليت وأن المشددة. فإن كان الحرف غير ناسخ، وكان جارًا؛ فإنه يجوز مطلقًا كان الفعل المتعلق به الحرف قلبيًا أو غير قلبي، ويكثر حذف الحرف إذا لم يلبس نحو: ما منعك أن تأتينا، ولا تلبث أن تأتينا، وحكى سيبويه «أنعم أن تشده» أي من أن تأتينا، وعن أن تأتينا، وفي أن تشده، وإنه أهل أن يفعل، ومستحق أن يفعل، وخليق أن يفعل، وأصلها اللام. وكذلك المفعول من أجله نحو: «أن تضل إحداهما» ولو حذف الحرف، وكان ما قبله يصلح أ، يضاف إلى «أن والفعل» جاز نحو: «هو أهل أن يفعل»، خلافًا لابن الطراوة؛ فإنه لا يجوز عنده أن يضاف إلى (أن) ومعمولها والسماع يرد عليه. حكى الثقات: «مخافة أن يفعل» بالإضافة، وإن كانت معمولة لفعل ناسخ، فيجوز أن تقع اسمًا لكان، وخبرًا لها وفي موضع الأول لظن، وفي موضع الثاني لها نحو: كان أن تقعد خيرًا من قيامك، وتكون عقوبتك أن أعزلك، وظننت أن تقوم خيرًا من أن تقعد، إلا في بعض أفعال المقاربة، فإن (أن) لها حكم ذكر هناك.

ولا تسد (أن) مسد الاسم والخبر في باب كان، وتسد في ظن وأخواتها، ومذهب الجمهور، وسيبويه، والأخفش، وأبي علي: أن علم الباقية على موضعها لا تقع (أن) بعدها إنما تقع (أن) المشددة، وأجاز ذلك الفراء، وابن الأنباري فتقول: علمت أن يخرج زيد، فإن أول بالظن جاز ذلك نحو: ما علمت إلا أن تقوم المعنى: ما أشرت إليك إلا بأن تقوم. وذهب المبرد إلى أن (أن) التي تنصب المضارع لا تقع بعد لفظ العلم أصلاً انتهى. وامتنع علمت أن تقوم، وجاز علمت زيدًا سيقوم، وعلمت زيدًا يقوم غدًا، وإذا استعملت ظن لليقين، وليتها أن المشددة، وأن المخففة منها، وللترجيح فيجوز أن يليها (أن) الناصبة للمضارع نحو: ظننت أن يخرج زيد، والغالب على حسب أن تكون للشك، فالأكثر أن يليها أن الناصبة كقوله تعالى: «أحسب الناس أن يتركوا»، «أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا».

وقد تأتي المشددة كقوله تعالى: «وهم يحسبون أنهم يحسنون» والمخففة منها نحو: «وحسبوا ألا تكون» في قراءة من رفع تكون، ومعمولة لفعل غير ناسخ، فأما أن يكون الفعل جزمًا أو غير جزم، إن كان جزمًا قلبيًا لم يجز إلا بحرف جر نحو: عرفت بأن تقوم، ويجوز حذف الحرف. وإن كان غير قلبي لم يصح فيه (أن)، لا يجوز أن تقول: فعلت أن تقوم تريد القيام، وإن كان غير جزم جاز نحو: طلبت منك أن تقوم، وأردت أن تخرج سواء كان طلبيًا، أم اعتقاديًا نحو: بدا لي أن تقوم. والمشهور المتقرر أن ما قبل (أن) إن كان فعل تحقيق نحو: علم وتيقن، وتحقق فهي المخففة من الثقيلة، أو صالحًا لليقين، والترجيح جاز أ، تليه (أن) الناصبة للمضارع والمخففة من الثقيلة، وإن كان عاريًا منهما فكذلك نحو: أحببت أن تقوم، وإنك تقوم، وأن لا تقوم، وكرهت أن تقوم، وأنك تقوم وأن لا تقوم. وفي إجراء الخوف مجرى العلم لتيقن المخوف، فيليه أن المخففة من الثقيلة خلاف، فتقول: خفت أن لا تقوم، وخشيت أن لا تكرمني بالرفع، ذهب سيبويه والأخفش إلى جواز ذلك.

وذهب المبرد إلى أنه لا يجوز أن يتقدم معمول معمولها عليها نحو: يعجبني زيدًا أن تضرب قال ابن مالك: خلافًا للفراء فأطلق، وقال ابن كيسان: أجاز الكوفيون والكسائي، والفراء، وهشام، وغيرهم من الكوفيين تقديم بعض هذا في أماكن، فأجازوا: طعامك أريد أن آكل، وطعامك عسى أن آكل، وكأن (أن) عندهم مجتلبة بأريد وعسى، وكان الكلام أصله: طعامك آكل فيما أرى، وفيما أريد، ولا يجوز ذلك عند البصريين، ولا يجوز الفصل بينها وبين معمولها بشيء، هذا مذهب سيبويه والجمهور، وأجاز بعضهم الفصل بينهما بالظرف وشبهه نحو: أريد أن عندي تقعد، وأريد أن في الدار يقعد، وأجاز الكوفيون الفصل بالشرط، وأجازوا أيضًا إلغائها وتسليط الشرط على ما كان يكون معمولاً له لولاه نحو: أردت أن إن تزرني أزورك بنصب أزورك، والفصل بالشرط وأزورك بالجزم جوابًا للشرط، وإلغاء (أن)، وقالوا: النصب على تأخير الشرط، والجزم على أنه خبر وقع موقع الجواب، فغلب عليه حكمه، وهو في النية منصوب (بأن)، وأبطلوا دخول الفاء، وأن يقال: أردت إن تزرني فأزورك على أن الفاء جواب الشرط، وأجازوا ظننت أن إن تزرني أزورك بالنصب وأزرك بالجزم، وفأزورك بالفاء والرفع. وندر مجيء الجملة الابتدائية بعد (أن) هذه نحو قوله ... ... .... … فعاش الندى بعد أن هو خامل

ورفع المضارع بعدها كقراءة مجاهد «لمن أراد أن يتم الرضاعة» تشبيها لها بما المصدرية عند البصريين، وعلى أنها المخففة من الثقيلة عند الكوفيين كذا قال ابن مالك وقال ابن الأنباري، وقد أنشد أبياتًا جاء المضارع بعد (أن) فيها مرفوعًا قال: شبهوا (أن) بالذي إذ كان الفعل يرفع في صلته. واتفق الكسائي والفراء على أ، ذلك لا يقاس، ولا يحتمل في الكلام. انتهى ملخصًا. ولا تعمل (أن) زائدة خلافًا للأخفش، ولا حجة له فيما استشهد به، والمشهور عند العرب ا، عمل (أن) في المضارع النصب وقال الرياشي: فصحاء العرب ينصبون بأن وأخواتها الفعل، ودونهم قوم يرفعون بها، ودونهم قوم يجزمون بها انتهى، وحكى الجزم بها أبو عبيدة، واللحياني، وذكر أن الجزم بها لغة بني صباح.

(لن) مذهب سيبويه، والجمهور أنها بسيطة، وذهب الخليل والكسائي إلى أنها مركبة من لا و (أن)، وحدث بالتركيب معنى لم يكن قبل التركيب، واستقلت بما بعدها كلامًا، وذهب الفراء إلى أنها (لا) النافية أبدل من ألفها نون، وذهب المبرد إلى أن (لن) والفعل في موضع رفع بالابتداء، والخبر محذوف التقدير في لن تقوم «لا أن تقوم» موجود. والمشهور نصب المضارع بعدها، وحكى اللحياني في نوادره عن بعض العرب جزمه، وهو منفي بها، مخلص للاستقبال، وكذا بقية النواصب كالسين وسوف ولذلك لا يجتمعان، قال ذلك سيبويه وغيره، وخالف في ذلك بعض المتأخرين، حتى ألف في ذلك كتابًا قاله السهيلي، واستقبله محدود بوقت، وبغير وقت، ولا يدل على نفي الفعل في جميع الزمان المستقبل، ونقل ابن مالك أن:

الزمخشري خص النفي بالتأبيد، ونقل ابن عصفور عنه أنه زعم أن (لن) لتأكيد ما تعطيه لا من نفي المستقبل، وأن مذهب سيبويه والجمهور أن (لن) لنفي المستقبل من غير أن يشترطا أن يكون النفي بها آكد من النفي بلا، ودعوى بعض أهل البيان أن (لن) لنفي ما قرب، ولا يمتد نفي الفعل فيها كما يمتد في النطق (بلا) من باب الخيالات التي لأهل علم البيان. ولا يكون الفعل معها دعاء خلافًا لقوم حكاه ابن السراج، واختاره ابن عصفور واستدلوا بقول الشاعر: لن تزالوا كذلك ثم لاز … لت لكم خالدًا خلود الجبال ولا يجوز الفصل بينها وبين معمولها إلا إنه ورد الفصل (بما) المصدرية الظرفية في ضرورة الشعر نحو قوله: لن ما رأيت أبا يزيد مقاتلا … ادع القتال وأشهد الهيجاء هذا مذهب البصريين، وهشام، وأجاز الكسائي، والفراء الفصل بينهما بالقسم نحو: لن والله أكرم زيدا، وزاد الكسائي أنه أجاز الفصل بينهما بمعمول نحو: لن زيدًا أكرم، وزاد الفراء الفصل بأظن نحو: لن أظن أزورك، وبالشرط فتنصب، أو تجزم جوابًا للشرط نحو: لن إن تزرني أزورك وأزرك، فتلغى لن.

وأصحاب الفراء يفرقون بين (لن)، والمنصوب اختيارًا، ويجوز تقديم معمولها المنصوب نحو: زيدًا لن أضرب، ونقل سيبويه عن العرب: أما زيدًا فلن أضرب إلا أن يكون تمييزًا فلا يجوز تقديمه على مذهب سيبويه والجمهور، لا تقول: عرقًا لن يتصبب زيد، وخالف علي بن سليمان الأخفش، فمنع تقديم معمول المعمول مطلقًا، وطرده بعضهم فيما كان (لن) نفيًا لموجبه نحو: سأضرب زيدًا، فمنع زيدًا سأضرب، ولما كانت لن أضرب، محمولاً على سأضرب لم يجز زيدًا لن يفعل، ولا يضرب بنصب يضرب: لأن الواو كالعامل، وفصلت بينهما وبين المعمول (بلا) وأنت لا تقول: لن لا أضرب وكذلك هذا. (كي) حرف باتفاق، ومذهب سيبويه، والأكثرين أنها تكون جارة بمعنى اللام، وناصبة للمضارع، فإذا نصبت، فسيبويه يقول: تنصب هي بنفسها، والخليل والأخفش يقولان: أن مضمرة بعدها، وذهب الكوفيون إلى أنها مختصة بالفعل فلا تكون جارة، وقيل مختصة بالاسم فلا تكون ناصبة للمضارع، وسمع من لسان العرب: جئت كي أتعلم، ولكي أتعلم، ولكيما أن أتعلم بالنصب، وكيما أن أتعلم، وكي لأتعلم، و ... ... .... … ... ... ... كيما يضر وينفع

بالرفع، وقالوا (ما) في هذه مصدرية، ويحتمل عندي أن تكون كافة، وسمع من لسانهم: كيمه، فقال البصريون معناه: لمه، وقال الكوفيون: أصله «كي يفعل ما» استثباتًا، لمن قال: «فعلت كذا كي أفعل كذا» فلم يفهمه المخاطب فاستثبت فقال: «كي تفعل ما» فحذف الفعل، وما منصوبة. وإذا انتصب المضارع بعد (كي)، فلا تدل على سببية، ولا تتصرف تصرف (أن)، لا تكون مبتدأة، ولا فاعلة، ولا مفعولة، ولا مجرورة بغير اللام، ولا يمنع تأخر معمولها نحو: كي تكرمني جئتك، ونفرع على مذهب سيبويه، فإن دخل عليها اللام كانت هي الناصبة بنفسها، فتقدر مع ما بعدها بالمصدر. وإن لم تدخل عليها اللام احتمل أن تكون الناصبة بنفسها، فتقدر مع ما بعدها بالمصدر. وإن لم تدخل عليها اللام احتمل أن تكون الناصبة، وحذفت اللام كما تحذف مع أن، واحتمل أن تكون الجارة، وانبنى على هذا فرع، وهو أنه إن قدرتها الجارة، فلا يجوز دخولها على (لا)، وإن قدرتها الناصبة جاز، وإذا كانت الناصبة، وجاءت أن بعدها فالعمل لها، و (أن) زائدة للتوكيد ضرورة عند البصريين كما زيدت للتأكيد في قوله: أردت لكيلا أ، تكون كمثلها … ... ... ... ... ... ... ولا تقاس زيادة (أن) بعد كي، وقاسه الكوفيون يقولون: جئت كي أن أزورك، والمحفوظ إظهار (أن) بعد (كي) المتصل بها (ما)، وأما بغير (ما)

وقال ابن مالك: ينصب بـ (كي) نفسها إن كانت الموصولة وبـ (أن) مضمرة بعدها غالبًا إن كانت الجارة، ومذهب البصريين أن (أن) مضمرة بعدها على سبيل الوجوب، فلا يجوز إظهارها فقوله غالبًا جنوح إلى مذهب الكوفيين، وقال: ويتعين الأولى بعد اللام غالبًا احترازًا من قوله: ... ... لكيما أن تطير ... ... … ... ... ... فيظهر أن النصب عنده (بأن) هذه، وكي حرف جر تأكيد للام، وقال بعض أصحابنا: النصب بكي، و (أن) زائدة، قال: والثانية قبلها هي الجارة إذا جاءت قبل اللام نحو: جئت كي لأقرأ، وهو تركيب نادر، وقال: ويترجح مع إظهار (أن) مرادفة اللام على مرادفة (أن) نحو: لكيما أن تقوم، فيكون حرف جر. ويجوز الفصل بين كي ومعمولها (بلا) النافية نحو: قوله تعالى: «كي لا يكون دولة» وبما الزائدة كقوله: تريدين كيما تجمعيني وخالدًا … ... ... ... ... ...

وبهما كقوله: أردت لكيما لا ترى لي عثرة … ... ... ... ... وقد تجعل العرب (ما) اللاحقة لها كافة نحو: ... ... ... ... … ... .... كيما يضر وينفع برفع الفعلين، وأما الفصل بغير ما ذكر، فلا يجوز عند البصريين وهشام، ومن وافقه من الكوفيين، وذهب الكسائي إلى جواز الفصل بينهما بمعمول الفعل الذي دخلت عليه، وبالقسم، وبالشرط الملاصق لها، فيبطل عملها فتقول: أزورك كي زيدًا تكرم، وأزورك كي والله تزورني، وأزورك كي إن تكافئني أكرمك. وقال ابن مالك: ولا يبطل عملها الفصل خلافًا للكسائي، وشرح ابنه بدر الدين كلام أبيه، فقال: قد يفصل بالمعمول، أو بجملة شرطية، فيبقى النصب

من كلامهم: جئت كي فيك أرغب، وجئتك كي إن تحسن أزورك، بنصب أرغب وأزورك، والكسائي يجيز الكلام برفع الفعلين دون نصبهما، وهذا الذي قاله ابن مالك وشرحه ابنه موافق عليه قول ثالث لم يتقدم إليه، ولا يجوز تقديم معمول منصوبها عليها، لا يجوز: جئت النحو كي أتعلم، تريد: كي أتعلم النحو، وأجاز ذلك الكسائي، ولا على المعمول لا يجوز: النحو جئت كي أتعلم، ولا يبعد أن يجرى في هذه المسألة خلاف الكسائي، لكني لم أنقله، وأجاز الكوفيون والمبرد النصب (بكما) بمعنى كيما، ومنعه البصريون، فأولوا ما ورد من سماع ذلك، واتفق الكوفيون على إجازة النصب والرفع بعدها في نحو: أزورك كما تزورني وتزورني، فالنصب (بكما) إذا كانت بتأويل (كيما)، والرفع عندهم من وجوه: أحدها: أن تكون الكاف للتشبيه، وما مصدرية كأنه قال كزيارتك لي. والثاني: أن يكون كما وقتًا نحو: ادخل كما يسلم الإمام، وتصرف كما يجلس الوزير؛ أي في ذلك الوقت. والثالث: أن تقيد التشبيه، ولا تنصم (ما) إلى ما بعدها، ولا تختلط به نحو: أنا عندك كما كنت عندي، وقوله تعالى: «اجعل لنا إلها كما لهم آلهة» فكما بجملتها مفيدة للتشبيه، وما غير مختلطة بما اتصل بها من بعدها، ويعنون بكونها غير مختلطة أنها كافة.

(إذن) ذهب الجمهور إلى أنها حرف بسيط، وبعض الكوفيين إلى أنها اسم ظرف، وهو (إذ) ألحقه التنوين، ونقل إلى الجزائية، فبقى منه معنى الربط والسبب. وأصلها: إذا جئتني أكرمتك، حذف ما تضاف إليه إذا، وعوض منها التنوين كما عوضوا في حينئذ، وحذفت الألف لالتقاء الساكنين، وذهب الخليل فيما حكى عنه غير سيبويه إلى أنها حرف مركب من (إذ) و (أن)، وغلب عليها حكم الحرفية، ونقلت حركة الهمزة إلى الذال، وحذفت والتزم هذا النقل، فإذا قال: أزورك، فقلت: إذا أزورك، فكأنك قلت: حينئذ زيارتي واقعة، ولا يتكلم بهذا. وحكى أبو عبيدة عن الخليل إضمار (أن) بعد (إذن) وبه قال الزجاج، والفارسي، وحكى سيبويه عنه أنها تنصب بنفسها، وذهب الأستاذ أبو علي الرندي تلميذ السهيلي إلى أنه مركب من (إذا) و (أن) حذفت همزة (أن) وألف (إذا) لالتقاء الساكنين، فتدل على الربط كـ (إذا) وتنصب بـ (أن). وتلى (إذن) الجملة الاسمية يقول: أزورك فتقول: إذن أنا مكرم لك، وتتوسط

بين المبتدأ وخبره نحو: أنا إذن مكرم لك، وبين معمول الناسخ وخبره نحو قوله تعالى: «إنكم إذا مثلهم»، ولـ (إذن) أحوال مع المضارع التقديم والتوسيط والتأخير؛ فإن تأخرت عن المضارع فلا عمل لها نحو: أكرمك إذن، وإن تقدمت والمضارع حال فلا عمل لها فيه، أو مستقبل وليها، فالمشهور من لسان العرب النصب في المضارع، وحكى عيسى بن عمر: أن بعض العرب يلغيها، وقيل نقله في ذلك البصريون، وأحمد بن يحيى على ندور هذه اللغة، ولم يجز ذلك الكسائي، ولا الفراء، ولا غيرهما ممن وافقهما، وزعم ابن طاهر أن ما رواه عيسى من الرفع إنما جاز ذلك فيه، لأنه فعل حال لا مستقبل. وإن توسطت ولم يفتقر ما قبلها إلى ما بعدها افتقارًا لا بد منه، وذلك بأن يتقدمها حرف عطف، وكان ما بعدها معطوفًا على ماله محل من الإعراب، فلا عمل لها نحو: زيد يقوم، وإذن يكرمك إذا جعلته معطوفًا على الخبر، وإن تزرني أزرك، وإذن أحسن إليك إذا جعلته معطوفًا على الجزاء، أو على ما ليس له محل من الإعراب، كعطفك من المسألتين على المبتدأ والخبر، وعلى الشرط وجوابه جاز أن تعمل، وألا تعمل، والأكثر ألا تعمل، قال تعالى: «فإذًا لا يؤتون الناس نقيرا».

«وإذًا لا يلبثون خلفك إلا قليلا» وقال بعض أصحابنا: إذا عطفت على الجملة المتقدمة عملت، وصار لها حكمها إذا ابتدئت، وإن افتقر كافتقار الشرط إلى جزائه، أو القسم إلى جوابه تعين أن يكون ما يليها جوابًا فلم تعمل نحو: إن تزرني إذن أكرمك ونحو: والله إذن لأكرمنك، وكافتقار الخبر إلى المخبر عنه، فمذهب البصريين أنه لا يجوز الإعمال نحو: زيد إذن يكرمك، كما إذا توسط بين الشرط، والقسم، وجوابهما، وفصل الكوفيون فقالوا: إن وقع بين مبتدأ وخبر نحو: زيد إذن يكرمك، فهشام يجيز النصب والرفع، وبعد اسم إن، فأجاز الكسائي، والفراء ذينك نحو: إن عبد الله إذن يزورك بالرفع والنصب، أو بعد اسم أن، والفاتح الظن وما أشبهه نحو: ظننت أن عبد الله إذن يزورك فالوجهان، أو غير الظن، أو ما أشبهه فإبطال العمل عند الفراء نحو: يعجنبي أن عبد الله إذن يزورك بالرفع لا غير، وقياس قول الكسائي جواز الوجهين [أو بعد اسم كان نحو: كان عبد الله إذن يكرمك فالوجهان عند الكسائي، وإبطال العمل عند الفراء إلا في ضرورة الشعر، فيجوز عنده الإعمال، وبعد الثاني لظننت، فالإبطال عند الفراء، وقياس قول الكسائي جواز الوجهين] ومورد السماع قوله:

إني إذن أهلك أو أطيرا فتأوله البصريون، وبنى عليه الكوفيون المسائل، ولا يجوز الفصل بين (إذن) ومنصوبها إلا إذا كان القسم محذوف الجواب، وبلا النافية نحو قوله: إذن والله نرميهم بحرب … ... ... ... وقوله تعالى: «فإذًا لا يؤتون» في قراءة من نصب، وأجاز ابن طاهر، وابن بابشاذ، الفصل بينهما بالدعاء والنداء نحو: إذن يا زيد أحسن إليك، وإذن يغفر الله لك يدخلك الجنة، وبعض النحويين بالظرف، وإليه ذهب ابن عصفور، وشيخنا أبو الحسن الأبذي، والصحيح أن ذلك لا يجوز.

وذهب الكسائي، والفراء، وهشام، إلى جواز الفصل بين (إذن) والفعل بمعمول الفعل نحو: إذن زيدًا أكرم، وإذن فيك أرغب، وأجازوا في المضارع الرفع، واختاره الفراء، وهشام، والنصب واختاره الكسائي. ولو قدمت معمول الفعل على (إذن) نحو: زيدًا إذن أكرم، جاز ذلك عند الكسائي، والفراء، إلا أن الفراء يبطل عملها، والكسائي يجيز الإبطال والإعمال، ولا نص عند البصريين أحفظه في ذلك، والذي تقتضيه قواعدهم المنع. وإذا وقع الفعل خبرًا لظن نحو: ظننت زيدًا إذن يقوم، فقال الفراء يبطل عملها، وهو قياس قول الكسائي. و (إذن) قال سيبويه معناها الجواب، والجزاء، فحمل هذا الكلام الأستاذ أبو علي ظاهره، وتكلف في كل مكان وقعت فيه أنها جواب وجزاء، وفهمه الفارسي على أنه تارة يكون للجواب فقط، نحو: أن يقول لك القائل: أحبك فتقول: إذن أظنك صادقًا، فلا يتصور هنا الجزاء، وتقديره: إذا أجبتني أظنك صادقًا، وتارة تكون للجواب، والجزاء وهو الأكثر فيها نحو أن يقول: أزورك، فتقول: إذن أكرمك، التقدير: إن ترزني أكرمك فهذا جواب وجزاء لقوله: أزورك.

وإذا أتى بعد (إذن) الماضي مصحوبًا باللام نحو: قوله تعالى: «إذًا لأذقناك»، فالذي يظهر أن ذلك الفعل جواب قسم مقدر قبل (إذن)، فلذلك دخلت اللام على الماضي، وقال الفراء: لو مقدرة قبل (إذن)، فقدر في قوله: «إذًا لأذقناك»: لو ركنت لأذقناك وفي قوله: «إذًا لذهب» لو كان معه آلهة لذهب وفي قوله: «لاتخذوك خليلا» ولو فعلت لاتخذوك قال بعض أصحابنا: (إذًا) وإن دلت على أن ما بعدها مسبب على ما قبلها على وجهين: أحدهما: أن تدل على إنشاء الارتباط، والشرط بحيث لا يفهم الارتباط من غيرها في ثاني حال، فإذا قلت أزورك فقلت: إذن أزورك، فإنما أردت أن تجعل فعله شرطًا لفعلك، وإنشاء السببية في ثاني الحال من ضرورته أنها تكون في الجواب، وبالفعلية، وفي زمان مستقبل. والوجه الثاني: أن تكون مؤكدة جواب ارتبط بمتقدم، أو منبهة على مسبب حصل في الحال نحو: إن أتيتني إذا آتك، ووالله إذن أفعل، وإذن أظنك صادقًا، تقوله لمن حدثك، فلو حذفت إذن فهم الربط، وإذا كان بهذا المعنى، ففي دخولها على الجملة الصريحة نظر نحو: إن يقم زيدًا إذن عمرو قائم، قال: والظاهر الجواز. ولا يجوز حذف معمول هذه النواصب، وتبقى هي لا اقتصارًا ولا اختصارًا، ولا يجوز في نحو: أتريد أن تخرج؟ أن تقول: أتريد أن، وتحذف تخرج ولو دل دليل على حذفه، ووقع في صحيح البخاري في قوله تعالى: «وجوه

يومئذ ناضرة» «فيذهب كيما فيعود ظهره طبقًا واحدًا» يريد كيما يسجد، قال بعض أصحابنا هذا كقولهم: جئت ولما، انتهى. ونحو ما تأوله الكوفيون في قوله لكيما أن أصله (كي) يفعل ما، فحذف معمول (كي) وقد تقدم ذلك. (لام الجحود) ناصبة بنفسها عند الكوفيين، ولقيامها مقام (أن) عند ثعلب، وبإضمار (أن) عند البصريين وجوبًا، وشرطها أن يكون قبلها كون ماضٍ لفظًا، أو معنى ناقص منفي بما، أو بلم، نحو: «ما كان الله ليذر»، ولم يكن زيد ليذهب، ولا يكون النفي هنا بـ (ما)، ولا (بلا)، ولا بـ (لما)، ولا (يكن). وذهب بعض النحويون إلى جواز ذلك في أخوات كان قياسًا عليها فتقول: ما أصبح زيد ليضرب عمرًا، ولم يصبح زيد ليذهب، وذهب بعضهم إلى جواز ذلك في ظننت فتقول: ما ظننت زيدًا ليضرب عمرا، ولم أظن زيدًا ليضرب عمرا. وذكروا أن قول العرب: ما كان زيد ليفعل، نفي لقولهم: كان سيفعل،

فاللام مقابلة السين، ولذلك لا يجوز؛ ما كان سيفعل، ولا سوف يفعل استغناء بقولهم: ما كان زيد ليفعل، وقد أجاز ذلك بعض أصحابنا، ويحتاج إلى سماع، ولا يجوز في نفي: كان زيد سيفعل أن تقول: ما كان زيد يفعل، فتسقط اللام، وقد أجاز ذلك بعض النحويين على قلة، فأما ما ورد من قولهم: ما كان زيد يفعل، فأن يفعل أريد به الاستقبال، ولما كانت أن مضمرة على مذهب البصريين، وهي تنسبك منها مع الفعل مصدر مقدر جره بلام الجر عندهم لزم أن يكون خبر كان هو المحذوف، الذي يتعلق به اللام، فيكون النفي متسلطًا على ذلك الخبر المحذوف، فينتفي بنفيه متعلقه، فيقدرون في: «وما كان الله ليطلعكم» أي يريد لإطلاعكم، ويكون خبر كان ملتزمًا فيه الحذف في هذا التركيب، ويدل على هذا المحذوف أنه سمع به مصرحًا في قول الشاعر: سموت ولم تكن أهلا لتسمو … ... ... ... ... لكن التصريح به في غاية الندور، وفي البديع لمحمد بن مسعود الغزني: «وما كان الله ليضيع إيمانكم» لا يجوز لأن يضيع إلا بشرط أن يظهر خبر كان فتقول ما كان الله مريدًا؛ لأنه يضيع إيمانكم، وذلك لأن المحذوفات من كلام مشهور إذا أريد ردها فالحق أن ترد كلها حتى يرجع الكلام إلى أصله، أو تضمر

كلها حتى يبقى الكلام على شهرته نحو: إياك والأسد، فلا يجوز: أن يرد بعضها، ويضمر بعض، لا تضمر، إياك احفظ والأسد، بل احفظ إياك، واحذر الأسد. انتهى. ولما كان (أن) مضمرة بعد اللام أجاز بعض النحويين من البصريين حذف اللام، وإظهار (أن) نحو: ما كان زيد أن يقوم، وقال ابن الأنباري: العرب تدخل (أن) في موضع لام الجحود فيقولون: ما كان عبد الله لأن يظلمك، ولم يكن محمد أن يختصمك، قال: ولا موضع (لأن) من الإعراب، لأنها أفادت ما أفادت اللام، ولا يجوز: ما كان عبد الله لأن يزورك، بإظهار (أن) بعد اللام عند كوفي ولا بصري. انتهى. والصحيح أنه لا يكتفي بأن عن اللام، وقد اضطرب في ذلك ابن عصفور، فمرة أجاز، ومرة منع، ولما كانت اللام هي الناصبة عند الكوفيين كان الخبر هو نفس الفعل فالنفي متسلط عليه، واللام عندهم زائدة لمجرد التوكيد، فلذلك أجازوا أن يتقدم معمول الفعل المنصوب بها عليها نحو: ما كان زيد عمرًا ليضرب؛ أي ليضرب عمرًا، وأجاز بعضهم أيضًا إظهار أن بعدها، نحو: ما كان زيد لأن يقوم على سبيل التأكيد، وهذا مخالف لما حكى ابن الأنباري عن الكوفيين أنهم لا يجيزون ذلك، ويتركب من قول ابن مالك مذهب لم يقل به أحد، وذلك أنه زعم أن (أن) لازمة للإضمار، وأن النصب بها، وزعم أن الفعل بعد اللام هو الخبر لكان، وليس هذا بقول بصري ولا كوفي.

وهذا الذي ذكرناه من خصوصية حرف النفي، والفعل المنفي به هو المشهور والمنصور في لام الجحود. وزعم بعضهم أنها تكون في كل فعل منفي تقدمه فعل نحو: ما جئت لتكرمني، ومن جعل لام الجحود لام (كي) فساه، ولا يجيء قبل لام الجحود اسم مفرد، بل جملة بالشروط التي ذكرنا فأما قول الشاعر: فما جمع ليغلب جمع قومي … مقاومة ولا فرد لفرد فجاء على تقدير: فما قوم يجتمعون، وذكر أبو عبد الله بن هشام الفهري (في كتابه المقرب) أن الفعل الداخل عليه لام الجحود لا يرفع إلا ضمير الاسم السابق لا السببي، فلا يجوز أن تقول: ما كان زيد ليقوم أخوه، لأنه سببي، ولا نعلم أحدًا نبه على هذا إلا ابن هشام. (لام كي) سميت بذلك، لأنها للسبب كما أن كي للسبب، وهي عند البصريين حرف جر يجوز أن يأتي بعدها (أن) أو (كي)، فإن جاء بعدها (لا) النافية لا الزائدة كقوله: «لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون»، وجب إظهار أحد الحرفين نحو: أجيئك لئلا تغضب، أو لكيلا تغضب، فإذا قلت: أزورك لتغضب فالنصب عند جمهورهم بإضمار (أن) لا بإضمار (كي). وأجاز ابن كيسان أن يقدر المضمر (أن) أو (كي)، وذهب الكوفيون إلى

أن هذه اللام ناصبة بنفسها كما قالوا في لام الجحود، وما ظهر بعد هاتين (أن) أو (كي) مؤكد لها. وإن جاءت (أن) بعد اللام وكي، فهو جائز يصح عندهم نحو: جئت لكي أن أقصدك، قالوا: وكثير في لسان العرب «جئت لأقصدك»، وقيل كي لأقصدك. وذهب ثعلب إلى أن هذه اللام تنصب بنفسها لقيامها مقام (أن)، وزعم الفراء أن العرب تجعل لام (كي) في موضع (أن) في أردت وأمرت، قال تعالى: «يريدون ليطفئوا» و «أن يطفئوا» و «وأمرنا لنسلم» و «أن أسلم». وذهب سيبويه وأصحابه إلى أن الفعل مقدر بالمصدر أي إرادتهم ليطفئوا، وأمرنا لنسلم، فينعقد من ذلك مبتدأ وخبر، وقيل اللام زائدة، وأن مضمرة بعدها، والذي نذهب إليه أن متعلق الفعل محذوف واللام لام كي، والتقدير: يريدون ما يريدون من الكفر، ليطفئوا، وأمرنا بما أمرنا لنسلم، وذهب الكوفيون والأخفش، إلى أن اللام تكون للعاقبة، وتسمى أيضًا لام الصيرورة، ولام المآل، ومن قال بذلك من البصريين أضمروا (أن) بعدها نحو قوله تعالى: «فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا» والكوفي على مذهبه في أنها هي الناصبة، وجمهور البصريين تأولوا ما أوهم ذلك.

واعلم أن لام الجحود، ولام (كي)، كل منهما متميز عن الآخر، لكنهم ذكروا فروقًا تنجر معها أحكام، قالوا: فاعل فعل الجحود لا يكون غير مرفوع (كان)، فلا يجوز: ما كان زيد ليذهب عمرو، ولا يكون قبلها فعل مستقبل (بلن)، فلا يجوز: لن يكون زيد ليفعل، ولا يكون الفعل المنفي مقيدًا بظرف، فلا يجوز: ما كان زيد أمس ليضرب عمرًا، ولا يوجب الفعل معها، لا يجوز: ما كان زيد إلا ليضرب عمرًا، ولا تقع موقعها (كي): لا يجوز: ما كان زيد كي يضرب عمرًا، والمنصوب بعدها لا يكون سببًا فيما قبلها، والنفي معها يتسلط في مذهب البصريين على المحذوف المتعلق به اللام، وأنها تتعلق بذلك المحذوف الواجب حذفه عندهم مقدرًا في كل موضع بما يناسب، وأنها تقع بعد ما لا يستقبل كلامًا فأما قوله: فما جمع ليغلب جمع قومي … ... ... ... ... فقدره الفراء: فما قوم يجتمعون ليغلب جمع قومي، وقدره غيره على إضمار كان؛ أي فما كان جمع، كما قال أبو الدرداء في الركعتين بعد العصر «ما أنا لأدعهما» أي ما كنت لأدعهما، فلما حذف كان انفصل الضمير. ولام (كي) بخلاف (لام) الجحود في كل ما ذكر من الأحكام. وحركة لام (كي) الكسر والفتح لغة، قرأ سعيد بن جبير «وإن كان مكرهم لتزول» بالفتح، وحكى الكسائي عن أبي حرام العتكي ما كنت لآتيك بفتح اللام. (حتى) إذا كان المضارع بعدها منصوبًا، فمذهب سيبويه والبصريين أنها حرف

جر، والنصب بعدها بإضمار أن، ومذهب الكسائي، أنها ناصبة له بنفسها. وإذا جاء الجر في الاسم بعدها، فبإضمار (إلى) ويجوز عنده إظهارها، ومذهب الفراء: أنها ناصبة بنفسها، وليست الجارة، وعنه أن الجر للاسم بعدها إنما هو لنيابتها مناب (إلى)، وذهب بعض الكوفيين إلى أنها ناصبة بنفسها كـ (أن)، جارة بنفسها لشبهها بـ (إلى)، وأجاز هؤلاء القائلون بأنها ناصبة بنفسها إظهار أن بعدها توكيدًا نحو: لأسيرن حتى أن أصبح القادسية، كما أجازوا ذلك بعد لام الجحود. وذكر النحويون أنه إذا انتصب الفعل بعدها تكون علة وسببًا لما بعدها نحو: أسلمت حتى أدخل الجنة، وللغاية نحو: أسير حتى تطلع الشمس أي إلى أن تطلع الشمس، وذكر ابن هشام، وابن مالك: أنها قد تأتي بمعنى (إلا أن)؛ فتكون للاستثناء المنقطع، واحتجا بما احتمل التأويل فيه بمعنى إلى فتكون للغاية. وذكر في البسيط عن بعضهم في نحو: لا أقوم حتى يقوم قال المعنى: إلا أن يقوم، وقول سيبويه في قولهم: «والله لا أفعل إلا أن تفعل» المعنى

حتى تفعل ليس بنص على أن (حتى) إذا انتصب ما بعدها تكون بمعنى (غلا أن)؛ لأن قوله ذلك تفسير معنى. وإذا عطفت على منصوبها: فقد تظهر (أن) في المعطوف، نحو: أصحبك حتى أتعلم، وأن أسود، وما قبل حتى إما أن يكون واجبًا، أو غير واجب، إن كان غير واجب، نحو: ما سرت حتى أدخل المدينة، فالنصب، وأجاز أبو الحسن الرفع قياسًا، فقيل هي مسألة خلاف بين سيبويه وأبي الحسن، وقيل ليست مسألة خلاف، لأن الوجه الذي منع سيبويه الرفع فيه غير الوجه الذي جوز فيه الأخفش الرفع. فالوجه الذي منع سيبويه هو أن النفي للسير لا يكون سببًا للدخول، والوجه الذي جوز الأخفش به هو أن يكون أصل الكلام واجبًا، وهو سرت حتى أدخل المدينة ثم أدخلت أداة النفي على الكلام بأسره، فينتفي أن يكون عندك سير كان عنه دخول، فكأنك قلت: ما وقع السير الذي كان سببًا لدخول المدينة، وصحح ابن عصفور قول الأخفش، وتارة أبطله. وقد نص الأخفش على أن العرب لم ترفعه، وإنما قاله قياسًا، فكفى مؤنة الرد عليه، وقال أبو عمر في الفرخ: سمعت يونس يقول: إن من العرب من ينصب بـ (حتى) في كل شيء فهذا وجه آخر، ولغة شاذة لا ينبني الكلام عليها. انتهى. وتقول: سرت حتى أكاد أو أدخل، قال الأخفش: ينصبه النحويون، ويجوز عندي الرفع، فأما التقليل نحو: قلما سرت حتى أدخلها، ولقلما سرت حتى أدخلها، فذلك عند سيبويه مثل: ما سرت حتى أدخلها، تنصب.

وأجاز أبو علي، والرماني، وابن السيد، وجماعة الرفع بعد (قل) إذا أريد بها التقليل لا النفي، وسيبويه منعه في التقليل من غير تفصيل، كما منعه في النفي، وقال غير أبي علي: إذا أقللت تقليلاً لا يؤدي إلى الدخول نصبت، ولك أن ترفع، وإن قللت إذا أردت أنك مع قلته أدى إلى الدخول والتحقير بعد إنما نحو: إنما سرت حتى أدخلها تنصب، وإن لم تجعله علة ولم تحقره رفعت. ودخول الاستفهام على الفعل كالنفي نحو: أسرت حتى تدخلها؟ نصبت؛ فإن كان الاستفهام عن فاعل الفعل لا عن الفعل نفسه نحو: من سار حتى يدخلها؟ جاز الرفع؛ فإن كان واجبًا، فإما أن يكون ما قبلها سببًا لما بعدها أو لا، إن لم يكن سببًا نحو: سرت حتى تطلع الشمس، وجب النصب على الغاية، وأجاز الكوفيون فيه الرفع، وحكوا من كلام العرب: سرت حتى تطلع الشمس برفع تطلع، وحكى الكسائي «إنا لجلوس فما نشعر حتى يسقط بيننا حجر» برفع يسقط، وقال الكوفيون: إن أدخلت (لا) اعتدل الرفع والنصب إن صلحت ليس موضع (لا) نحو: إن الرجل ليصادقك حتى لا يكتمك سرًا، وإن لم يصلح لم يجز إلا النصب. فإن كان الفعل مستقبلاً وافقوا البصريين على وجوب النصب كقوله

تعالى: «لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى». وللكوفيين تفصيل في غير السببي قالوا: الفعل بعد حتى إن كان حادثًا، فالنصب نحو: سرت حتى تطلع الشمس، أو غير حادث فالرفع نحو: سرت حتى يعلم الله أني كال، ووافق البصريون على الرفع، لا لعلة أنه غير حادث بل لكونه فعل حال لا مستقبلاً. وإن كان ما قبلها سببًا لما بعدها، ووقعت حتى في موضع خبر، فالنصب على الغاية نحو: سيرى حتى أدخل المدينة، وكان سيرى حتى أدخلها، ويكون فاعل الفعل الذي بعد حتى هو المسند إليه ما قبلها كما مثلنا، أو سببي يشعر به اللفظ السابق نحو: سرت حتى يدخل ثقلي، أو راحلتي، أو عبد الله، إن كان من أتباعك مما يكون سيرك سببًا لدخوله، وإن لم يقع في موضع خبر، وكان الفعل متطاولاً جاز النصب على الغاية إن أردتها وعلى التعليل إن أردته، نحو: أصحبك حتى أتعلم. وإن كن قصيرًا فعلى التعليل نحو: وثبت حتى آخذ بحلقه، خلافًا للفراء: فإنه لا يجيز إذا كان الفعل قيل حتى لا يمتد إلا الرفع، وزعم أنه لم يسمع فيه إلا الرفع. وأول البصريون ما سمعه على أنه ماضٍ أي: فأخذت بحلقه أو حال، وأما إن كان مستقبلاً فلا يمتنع النصب على معنى (كي) وهو للتعليل. وتقدم الكلام في مثل (قلما) و (إنما) وقالوا هنا: إن قللت السبب، ولم ترد به النفي المحض، أو وصفت المصدر بقليل أو ضعيف جاز الرفع والنصب أحسن

نحو: سرت سيرًا قليلاً أو ضعيفًا حتى أدخلها، وكذلك ربما سرت حتى أدخلها، وإن كثرت السبب، أو وصفت المصدر بكثير، أو شديد جازا والرفع أحسن نحو: كثر ما سرت حتى أدخلها، وسرت سيرًا كثيرًا أو شديدًا حتى أدخلها. وذهبت طائفة من القدماء إلى أنه لا يجوز الرفع في قلما وكثر ما وطالما وربما. وسأل سيبويه العرب عن الذي منعوا فيه الرفع فرفعوه. وإذا ألحق الكلام عوارض الشك بعد حتى والفعل نحو: سار عبد الله حتى يدخلها بلغني أو أرى أو أظن أو أحسب جاز الرفع والنصب على ما تريده من المعنى خلافًا لقوم من القدماء جعلوا اعتراض الشك مبطلاً للرفع كما يبطله النفي. فإن اعترض الشك قبل حتى نحو: سيرى أرى حتى أدخل المدينة، لم يتصور الرفع قاله بعض أصحابنا، وقال ابن السيد: يجوز أن يكون ما قبل حتى المرفوع ما بعدها من باب أرى وأفعال الظن والمحسبة، وذلك قولك: أرى عبد الله سار حتى يدخلها، وأظن عبد الله سار حتى يدخلها. انتهى. وهو رأي سيبويه، أعني جواز الرفع، ولو معنى الكلام على جحد عقيبه استثناء يرده إلى الإيجاب، فكالإيجاب نحو: ما سرت إلا يومًا، أو ما سرت إلا قليلاً حتى أدخلها. وزعم بعض القدماء أنه إذا حسن القلب جاز الرفع والنصب نحو: سرت حتى أدخلها؛ لأنه يحسن حتى أدخلها سرت، وإذا امتنع القلب لم يجز الرفع نحو: قد سرت حتى أدخلها؛ لأنه يمتنع قد حتى أدخلها سرت، ولم يعتبر سيبويه حسن القلب وامتناعه، بل يجوز الرفع والنصب حسن أو امتنع، وإذا كان المضارع حالاً أي مشروعًا فيه، وما قبل حتى ماضيًا سببًا لما بعدها نحو: مرض حتى لا يرجونه؛ أي

هو الآن لا يرجى، أو مؤولاً بالحال، وهو ما كان متمكنًا منه وغير ممنوع أو ماضيًا معنى، وهو ما قبله متصل الوقوع لا منفصله بينهما نحو: سرت حتى أدخل المدينة أي سرت فدخلت المدينة، فالرفع في المضارع لا غير، وفي الماضي معناه كمعنى الفاء، وذهب الكسائي إلى أنه إذا كان حالاً سببًا عما قبله جاز نصبه. وإذا كانت حتى بمعنى الفاء فهي من حرف ابتداء وليست العاطفة، إذ مذهب الجمهور أنها إنما تعطف المفردات لا الجمل، وذهب أبو الحسن إلى أنها إذا كانت بمعنى الفاء فهي عاطفة، وتعطف الفعل على الفعل. وإذا دخلت على الماضي أو على المستقبل على جهة السبب نحو: ضربت زيدًا حتى بكى، ولأضربنه حتى يبكي، وثمرة الخلاف أن الأخفش يجيز الرفع في (فيبكي) على العطف، والجمهور لا يجيزون فيه إلا النصب بمعنى إلا أن أو بمعنى (كي). ولا يجوز الفصل بين حتى والمنصوب بعدها، وأجاز الكوفيون الفصل بينهما (بأن) وتقدم، وأجاز الأخفش، وابن السراج الفصل بينهما بالظرف نحو: أقعد حتى عندك يجتمع الناس، وبالشرط الماضي نحو: أصحبك حتى إن قدر الله أتعلم، وأجاز هشام الفصل بالقسم نحو: حتى والله آتيك، وبالمعمول مفعولاً نحو: حتى زيدًا أضرب، أو الجار والمجرور نحو: أصبر حتى إليك يجتمع الناس

بالرفع والنصب فيهما قال: والرفع أصحهما، وأجاز الأخفش تعليق حتى، ويعني بالتعليق إبطال النصب نحو: أصحبك حتى إن تحسن إلي أحسن إليك، ووافق ابن مالك الأخفش في مسألة التعليق. (الواو والفاء) في الأجوبة التي تذكر، ذهب البصريون إلى أن النصب بعدهما بإضمار أن وجوبًا وهما حرفا عطف، فلا يتقدم معمول الفعل عليهما، ولا يفصل بينهما وبين الفعل، وذهب الكسائي، ومن وافقه من أصحابه، والجرمي، إلى أن النصب بعدهما هو بهما أنفسهما، وذهب الفراء، وبعض الكوفيين إلى أن النصب بالخلاف، وهذه الأقوال الثلاثة جارية في الناصب للفعل بعد (أو) الآتي ذكرها بعد إن شاء الله تعالى. وفي الفاء والواو أيضًا مذهبان: أحدهما: ما ذهب إليه أحمد بن يحيى من أنهما نصبا، لأنهما دلا على شرط، لأن معنى هل تزورني فأحدثك: إن تزرني أحدثك، فلما نابت عن الشرط ضارعت (كي)، فلزمت المستقبل، فعملت عمل (كي).

والثاني: ما ذهب إليه هشام من أنه لما لم يعطف على ما قبله لم يدخله الرفع، ولا الجزم؛ إذ ما قبله لا يخلو من أحد هذين، ولما لم يستأنف بطل الرفع أيضًا، فلما لم يستقم رفعه، ولا جزمه لانتفاء (موجبيهما) لم يبق له إلا النصب. انتهى. وعلى مذهب البصريين أحكام المسائل في هذه الحروف الثلاثة، والتفريع بالفاء يكون جوابًا لصريح الأمر نحو: اضرب زيدًا فيستقيم لا نعلم خلافًا في جواز ذلك إلا ما نقل «عن العلاء بن سيابة» قالوا: وهو معلم الفراء: أنه كان لا يجيز ذلك، وهو محجوج بثبوته عنا لعرب، فإن دل على الأمر يخبر نحو: اتقي الله امرؤ فعل خيرًا، فيثاب عليه، أو اسم فعل ففي النصب خلاف، أجاز الكسائي: حسبك من الحديث فينام الناس، وصه فأحدثك، ونزال فتنزل، وأجاز ابن جني، وتبعه ابن عصفور ذلك فيما كان مشتقًا من المصدر نحو: نزال، وفي الترشيح: في كلامهم أسماء فيها معنى الأمر، فيكون جوابًا مثله، وذلك حسبك، وشرعك، وكفيك تقول: شرعك فتتكلم، وحسبك فتفهم، وكفيك فتنام، وإن شئت رفعت على القطع، وكذا رويد، وصه، ومه، وعليك، ودونك، وطال بقاؤك فتسر، ويجوز رفعه عطفًا على موضع طال، لأنه في معنى مرفوع أو على القطع: لا تزال بخير فتسر، ويجوز الرفع على القطع لا على العطف: لا زلت تسر فتسر يصلح في كل وجه تقدم. انتهى.

أو للنهي كقوله تعالى: «لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب» ولا يجوز التشريك في هذا، ويجوز في: لا تمددها فتشقها التشريك، والنصب والرفع على القطع، والرفع على الاستئناف، وشرط النصب في الجواب في النهي ألا ينقض بإلا قبل الفاء نحو: لا تضرب إلا عمرًا فيغضب برفع «فيغضب» ولا ينصب: فإن نقضت بعد إلا كان جوابًا فينتصب نحو: لا تضرب زيدًا فيغضب عليك إلا تأديبًا، والدعاء بفعل أصيل نحو: قوله تعالى: «ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم». فإن كان مدلولاً عليه بالاسم نحو: سقيا لك. فيرويك لم يجز النصب، أو مدلول عليه بلفظ الخبر نحو: غفر الله لك فيدخلك الجنة، فالكسائي يجيز النصب، ثم الأمر والدعاء إن كانا بغير لام، فلا يجوز التشريك إلا على رأي الكوفيين. وإن كانا باللام جاز نحو: لتأتيني فأحدثك، ويجوز القطع أيضًا تقول: ائتني فأكرمك، ورفعه على وجهين. أحدهما: على القطع أي فأنا أكرمك أي إن تأتني فأنا أكرمك وعلى الاستئناف؛ أي فأنا أكرمك أتيتني، أو لم تأت؛ أي من شأني ذلك. ويشترط في الدعاء ألا يكون الأول دعاء عليه، والثاني دعاء له، ولا العكس، فلا يجوز النصب نحو: ليغفر لك الله لزيد، فيقطع يده، لا يجوز النصب، ولا

الجزم، فإنما يكون مقتطعًا، ويعلم أنه دعاء عليه بقرينة، إذ لا يمكن أن يكون خبرًا، أو للاستفهام بالأداة نحو: قوله تعالى «فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا»، وبالاسم غير الظرف: من يدعوني فاستجيب له، وبالظرف: أين بيتك فأزورك، ومتى تسر فأرافقك، وكيف تكون فأصحبك. وإذا كان الاستفهام بالاسم، قدر مصدر مما تضمنت الجملة كأنك قلت: في المثال الذي فيه أين: ليكن منك تعريف بيتك، فأزورك وتقول: أتقوم فأكرمك، فيجوز الرفع على العطف، والاستئناف، والنصب على الجواب. وإذا أخبرت عن الاسم الذي يلي الأداة باسم غير مشتق نحو: هل أخوك زيد، فأكرمه، بالرفع، ولا يجوز النصب، فإن تقدمه ظرف أو مجرور نحو: أفي الدار زيد فنكرمه جاز النصب. وذهب بعض النحاة إلى أن الاستفهام إذا كان عن المسند إليه الفعل لا عن الفعل، فلا يجوز فيه النصب نحو: أزيد يقرضني فأسأله؟ والصحيح الجواز، وذهب أبو عليه، وتبعه ابن مالك إلى أنه يشترط في الاستفهام ألا يتضمن وقوع الفعل فيما مضى، فإن تضمن لم يجز النصب نحو قولك: لم ضربت زيدًا فيجازيك، ولم يشترطه أحد من أصحابنا، والصحيح جواز النصب. وإذا تعذر سبك مصدر يراد استقباله لأجل مضي الفعل قدر فيه مصدر مقدر

استقباله مما يدل عليه المعنى، فإذا قال: لم ضربت زيدًا فيضربك، قدر: ليكن منك تعريف سبب ضرب زيد فضرب. والصحيح أنه لا يشترط، حكى ابن كيسان: أين ذهب زيد فنبتعه، وكذلك: كم مالك فتعرفه، ومن أبوك فنكرمه، وقد يحذف السبب بعد الاستفهام لدلالة الجواب عليه، قاله الكوفيون. وقالوا: تقول العرب: «متى فأسير معك» أي متى تسير قيل: وينبغي أن يكون ذلك في استفهام الاستثبات بأن تقول: «أسير فتقول له متى»، فأنت لو اقتصرت على (متى) جاز بخلاف الاستفهام المبتدأ، فإنه لا يجوز، وفي الترشيح: وقد أدخل دريود «لولا وهلا» في حروف الاستفهام، وأبين في معناها أن يكون للعرض، أو التحضيض، ومعنى الاستفهام فيها موجود، لأنك إذا قلت هلا قمت فمعناه لم تركت القيام قال تعالى: «لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة» أي هلا وقال أبو إسحاق: هذا يدل على معنى؛ لم نزل عليه متفرقًا، فأعلموا لم ذلك، أي ليثبت في قلب النبي × فهذا تصحيح ما ذهب إليه دريود انتهى. وللعرض حكى من كلامهم: ألا تقع الماء فتسبح، يريد (في الماء) حذف الحرف، وعدى الفعل فنصب الاسم، وللتحضيض نحو قولهم: هلا أمرت فتطاع، والعرض والتحضيض متقاربان، والجامع بينهما التنبيه على الفعل إلا أن التحضيض فيه زيادة تأكيد، وحث على الفعل، وكل تحضيض عرض، ولذلك

يقال في هلا عرض، وأكثر ما يكون (ألا) لمجرد العرض، والعرض قد يكون فيما يزيد، وفيما لا يزيد. ومما يقرب من التحضيض، وفي معنى الدعاء قوله تعالى: «لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق» وللتمني نحو قوله تعالى: «يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزًا» ويجوز رفعه على العطف لا على معنى يا ليتني أكون؛ لأن الماضي في التمني محكوم له بحكم الاستقبال من جهة أنه لا يتمنى إلا ما لم يكن، والماضي فائت لا يدخل فيه التمني، هكذا قالوا، ويجوز رفعه أيضًا على الاستئناف والتمني قد يكون بألا نحو قوله: ألا رسول لنا منا فيخبرنا … ... ... ... ... ... ... و (بلو) نحو: لو تأتينا فتحدثنا، وذهب الكوفيون إلى أنه يجوز أن ينتصب الفعل بعد الفاء في جواب الرجاء، وزعموا أن (لعل) تكون استفهامًا، وذهب البصريون إلى منع ذلك، والترجي عندهم في حكم الواجب قيل: والصحيح مذهب الكوفيين لوجوده نظمًا ونثرًا ومنه قوله تعالى: «وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه» في قراءة عاصم، وهي من متواتر السبع ويمكن تأويل النصب.

وذهب الكوفيون أيضًا، وتبعهم ابن مالك إلى أن (كأن) إذا خرجت عن التشبيه جاز النصب بعد الفاء نحو: قولك: «كأني بزيد يأتيك فتكرمه» المعنى: ما هو إلا يأتي فتكرمه، و «كأنك والٍ علينا فتشتمنا» أي ما أنت والٍ علينا (فتشتمنا) كأنه لو حظ في هذا معنى النفي، ولا يحفظ البصريون ذلك، وللنفي المحض، وحروف النفي تختص بالفعل وذلك لن ولم ولما والفاء للسبب وغير السبب نحو قولك: لن تقوم فتضرب زيدًا، نصب من وجهين الجواب والتشريك، ويجوز الرفع على القطع نحو: لم تقم فتجيبنا، قال بعض أصحابنا لا يجوز فيه النصب لمعنى الفعل انتهى، لكنه جاء منصوبًا في قوله لم ألق بعدهم حيا فأخبرهم … ... ... ... ... ... ويجوز العطف فتجزم، والقطع فترفع، وغير مختص بالفعل وذلك (ما) و (لا) و (إن) نحو قوله تعالى: «لا يقضي عليهم فيموتوا» وما تأتينا فتحدثنا، فالنصب من وجهين، والرفع من وجهين.

والفعلان إن كانا مستقبلين جاز في الثاني على غير السبب الرفع بوجهيه من العطف والقطع نحو قوله تعالى: «ولا يؤذن لهم فيعتذرون»، أي فلا يعتذرون أو فهم لا يعتذرون، وفي السبب النصب، وقد تجيء في موضع لا تحتمل الأمرين بحسب القصد نحو قولهم: لا يسعني شيء فيعجز عنك، لا يصح التشريك، ولا معنى فكيف يعجز عنك، إنما المعنى: لا يسعني شيء عاجزًا عنك. وإذا كانا ماضيين نحو: ما أتيتنا فحدثتنا، فالوجه الحمل على الماضي، ويجوز فيه السبب وغيره، وإن كانا مختلفين نحو: ما أتيتنا فتحدثنا، فيجوز العطف على تأويل أحدهما بالآخر، فيكون بمعنى فحدثتنا، وليس بالوجه، ويجوز القطع على الحال، ويجوز النصب على التأويل، وهو أحسن من العطف، ولو عكست قلت: ما تأتينا فحدثتنا، وإن لم يكن النفي محضًا، وآل إلى التقرير بدخول أداة الاستفهام عليه نحو: ألم تأتنا فتحدثنا؛ فيجوز فيه وجها الرفع، ووجها النصب والجزم. وإذا نقض النفي بـ (إلا) قبل الفاء لم تكن جوابًا فلا يجوز النصب نحو: ما ضرب زيد إلا عمرًا فيغضب، أو بعد الفاء نحو: ما ضربت زيدًا فيغضب إلا تأديبًا، وما تأتينا فتحدثنا إلا بخير، ويجوز الرفع على التشريك، ولا يجوز

على الاستئناف، وسواء في ذلك أكان ما بعد إلا معمولاً للفعل الذي قبل الفاء، وما صورته صورة النفي، ومعناه على الإيجاب، وذلك ما زال وأخواته لا يجوز فيه النصب نحو: ما زال زيد يأتينا فنكرمه، والتقليل المراد به النفي يجرى مجرى النفي تقول: قلما تأتينا فتحدثنا. وأجرى الكوفيون (غير) مجرى النفي، فنصبوا معها بعد الفاء، وتبعهم ابن مالك وذلك نحو: أنا غير آت فأكرمك، ولا يجوز ذلك عند البصريين، وإذا دخلت الفاء على الفعل، وفيه مضمر يعود على ما قبلها، فإن عاد على ما ينفي الفعل في حقه نصب، أو إلى ما أوجب في حقه رفع نحو: ما جاءني أحد إلا زيد فأكرمه إن كانت الهاء لأحد جاز نصب الفعل، أو لزيد لم يجز النصب، ولا يتقدم هذا الجواب على سببه، وأجاز ذلك الكوفيون، أجازوا: ما زيد فنكرمه يأتينا، ومتى فآتيك أخرج، ولم فأسير تسر، وإذا كان لما قبل الفاء معمول فأخرته إلى ما بعدها نحو: ما ضربته فأهينه زيدًا، فمذهب الكوفيين جواز النصب يقولون لم تفصل إلا (بمعطوف) على الفعل بخلاف إن تضرب فهو مكرم زيدًا، فهذا لا يجوز باتفاق، والبصريون لا يجيزون النصب، ويقولون: الفعل الذي قبل الفاء في تأويل المصدر. والمصدر لا يفصل بينه وبين معموله بشيء قال أبو بكر: الصحيح أنه لا يجوز، وإن لم يتأخر له معمول، والجملة السابقة فعلية جاز فيما بعد الفاء النصب بمعنييه، والرفع بمعنييه أو اسمية نحو: ما زيد قادم فيحدثنا، فذهب ابن السراج، والأكثرون إلى أنه لا يجوز النصب، وذهبت طائفة إلى الجواز، وهو الصحيح بشرط أن يقوم مقام الفعل اسم الفاعل، أو اسم مفعول، أو ظرف أو مجرور، فإن كان اسمًا لا يدل على المصدر نحو: ما أنت زيد فنكرمه لم يجز النصب، والذين

يجيزون توسط الجواب يقولون: ما زيد فتأتيه بمذنب ينصبون ولا يجيزون الرفع، وذكر أبو الحسن بن سيده أنه نفي (بقد) فنصب الفعل بعد (الفاء). وحكي عن بعض العرب الفصحاء، قد كنت في خير فتعرفه يريد ما كنت في خير. (الواو) للجمع تقع في مواضع الفاء، وقد تقدمت، وليس ذلك على الإطلاق، إذ تدخل الفاء في موضع لا تدخل فيه الواو، وذلك فيما كان الأول سببًا للثاني على المعنيين نحو: لا تدن من الأسد فيأكلك لا يجوز «ويأكلك بالواو» والعكس: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، لا يجوز فتشرب (بالفاء)، وكذلك في التشبيه الذي قصد به النفي، أو (بقد) عند من أجاز ذلك، ويحتاج إلى سماع من العرب، ومثال ذلك في الأمر فقلت ادعى وادعو إن أندى … ... ... ... ...

وفي النهي: لا تنه عن خلق وتأتي مثله … ... ... ... وفي الاستفهام قوله: أتبيت ريان الجفون من الكرى … وأبيت منك بليلة الملسوع

ولا أدري أهو مصنوع أم لا وفي التمني «يا ليتنا نرد ولا نكذب» في قراءة من نصب «ولا نكذب»، وللنفي المحض «ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين» أي ولما يجتمع علم بالجهاد، وعلم بالصبر وقوله: ... ... ... ... … فلم أفخر بذاك وأجزعا وقد يتقدم الاسم فيحسن النصب نحو: ما أنت منا وتبخل أي تجمع بين أنك لست منا، وبين البخل وفي النفي المؤول: ألم أك جاركم ويكون بيني … ... ... ... ...

ولا أحفظ النصب جاء بعد الواو في الدعاء ولا العرض، ولا التحضيض، ولا الرجاء، ولا ينبغي أن يقدم على ذلك إلا بسماع، ومثال ذلك: يا رب اغفر لي وتوسع علي في الرزق، وألا تنزل وتصيب خيرًا، وهلا تأتنا ونكرمك، ولعلي سأجاهد وأغنم، وقال الكوفيون من قال: لا تأكل السمك، وتشرب اللبن، جزم تشرب من جهتين: إحداهما: إيجاب الإبهام (للواو)، والأخرى أن يكون المجزوم بمعنى المنصوب، فغلب الجوار، والنسق فعطفت الواو ما بعدها على ما قبلها، وفيه معنى الصرف والنصب، وهذا المعنى الثاني لم يجزه البصريون، فإن كان الواو للإبهام والجزم عار من تأويل النصب، فهو مذهب الكوفيين، والبصريون لا يختلفون في صحته. انتهى من الموضح، ومعنى الإبهام هو أنه لما عطف مجزومًا على مجزوم احتمل النهي عن كل واحد منهما على الانفراد، واحتمل النهي عن الجمع لو قلت: لا تضرب زيدًا وعمرًا، احتمل أن يكون نهيًا عن ضرب كل واحد منهما، واحتمل أن يكون نهيًا عن الجمع بينهما في الضرب، ولذلك صدق أن يقول بل أحدهما. (أو) التي ينتصب الفعل بعدها، ولا تظهر أن بعدها تقدم ذكر الخلاف فيها أهي ناصبة بنفسها، أو بإضمار أن أو بالخلاف، قدرها بعضهم بـ (كي)، وبعضهم بـ (إلى أن) وسيبويه بـ (إلا أن) فنحو: لألزمنك أو تقضيني حقي، يصلح للتعليل، وللغاية، وللاستثناء من الأزمان، وتقدير سيبويه زعم بعضهم أنه أعم لتخلف ذينك المذهبين في بعض صور (أو) نحو قوله: وكنت إذا غمزت قناة قوم … كسرت كعوبها أو تستقيما

وقد يختلف تقديره في قولك: لأطيعن الله، أو يغفر لي، فهذا لا يصح فيه تقدير إلا أن، والصحيح أنها لأحد الشيئين كـ (هي) في عطف، إلا أن هذا العطف مصدر مقدر على مصدر متوهم؛ فإذا قال: لألزمنك أو تقضني حقي، فالمعنى ليكونن مني أحد هذين لزومك، أو قضاء حاجتي، ولذلك يشترط فعل، أو اسم في معنى فعل، أو ظرف، أو مجرور وقد جاء النصب في مكان لا يصلح لتلك التقادير الثلاث. وما قبل (أو) يكون موجبًا، وغير موجب نحو: كسرت كعوبها أو تستقيما وما تأتينا أو تشفع لنا، وإن كان قبلها مضارع جاز التشريك، وجاز الاستئناف، ومثال ذلك في الأمر: اضربه أو يستقيم، وفي النهي: لا تتركه أو يقضيك حقك، ولا يصح التشريك في الأمر، والنهي، إلا إن كان الأمر الأول بلام الأمر نحو: لتخرج أو أقم، والثاني نحو: اخرج أو لتقم، ولا يجوز: أو تقم، إلا في ضرورة. وأما اضرب في الشرط: فقياسه أن يجوز فيه نحو: إن تأت أو تجلس اضرب زيدًا، وكذلك في الجواب نحو: إن يأت اضرب زيدًا أو يستقيم، ويجوز الرفع على القطع، والعطف في هذا الباب يشرك الثاني مع الأول في رفعه، أو نصبه، أو جزمه، والاستئناف يكون الفعل فيه خبر مبتدأ محذوف وهو بعد الفاء، والواو

جزم في الأخبار، وبعد (أو) فيها نوع من الإضراب فقولك: أو يقضيك حقك معناه: هو يقضيكه على كل حال لزمته، أو لم تلزمه، كأنه قال: بل يقضيك حقك، ولا يجوز الفصل بين (أو)، والفعل بظرف نحو: أضربك أو اليوم تستقيم، ولا يشترط ماض نحو: لألزمنك أو إن قدر الله أتعلم، خلافًا للأخفش، وابن السراج، وفي البديع لمحمد بن مسعود الغزني: في (أو) كلام مستغرب، ومذهب عجيب قال: لألزمنك أو تقضيني حقي، التقدير: لألزمنك إلزامك أو تقضيني. نصب إلزامك على الإغراء، وعطف عليه: أو تقضيني؛ أي أو أن تقضيني، فـ (أو) للتخيير ثم حذف إلزامك لدلالة لألزمنك، وأضمر (أن) والكلام جملتان في الحقيقة إحداهما، لألزمنك، والثانية: إلزامك أو قضاء حقي، وذلك أن القائل اتبع علي إلزامك ثم خير بين الإلزام وقضاء الحق. وهذه المحذوفات من الفصاحة العليا كما رأيت في الأمثال المنقولة، والكلمات المعنوية نحو: أخذته بدرهم فصاعدًا، وهذا ولا زعماتك، ولبيك وسعديك، انتهى. وإذا عطفت ما بعد الفاء والواو، لم يكن معنى العطف كمعنى النصب فقولك: ما تأتينا فتحدثنا بالرفع، كل واحد من الفعلين مقصود نفيه، وكأن أداة النفي منطوق بها بعد الفاء، وإذا نصبت كان انتفاء الحديث متسببًا عن انتفاء الإتيان. وذهب الكوفيون، وتبعهم الأعلم إلى أنه قد يكون الرفع على معنى النصب، وحملوا عليه قوله تعالى: «ولا يؤذن لهم فيعتذرون» قالوا: رفع يعتذرون على النسق، وفيه معنى النصب، فأفادت الفاء ما أفادت في قوله تعالى:

«لا يقضى عليهم فيموتوا» قال الفراء: وأوثر هنا الرفع على النصب، لمناسبة رءوس الآي، وحكى الفراء عن العرب: أفلا يخرج إلى مكة، فيأجره الله ويصيب حاجته من المشي، فرفع «يأجر»، و «يصيب» عطفًا على يخرج، وفيه معنى النصب (بالفاء) على جواب الجحد والاستفهام قال الأعلم: وذلك قليل، وإنما جعل النحويون معنى الرفع غير معنى النصب، رعيًا للأكثر في كلام العرب انتهى. والنصب بعد الفاء على معنى الحال، أي ما تأتينا تحدثنا إنما تأتي ولا تحدث، أو على معنى كيف أي: فكيف تحدثنا أي انتفى الإتيان، وما تسبب عنه، وهو الحديث. ويميز (واو) الجمع تقدير (مع) موضعها، وذلك على سبيل التحتم، لا على جهة الجواز، وكونها جامعة بمعنى مع، وهو مذهب الجمهور، وقولهم تقع الواو في جواب كذا، وكذا هو على جهة المجاز لا على جهة الحقيقة. وذهب بعضهم إلى أن النصب بعد الواو هو على معنى الجواب وليس بصحيح، ويميز فاء الجواب تقدير شرط قبلها، أو حال مكانها، وتنفرد (الفاء) بأنه إذا حذفت جاز أن ينجزم ما بعدها، والصحيح أن الجزم بعد حذف الفاء في النفي لا يجوز، ولم يرد به سماع، ولا يقتضيه قياس تقول: ائتني أكرمك، ولا تعص الله يدخلك الجنة، ويا رب وفقني أطعك، وهل تزروني أزرك، ولا تنزل نصب خيرًا، وليت لي مالا أنفق منه، وسمع الجزم بعد الترجي، فدل على ترجيح مذهب

الكوفيين في أنه ينصب الفعل بعد الفاء جوابًا للترجي، وفي الجازم أربعة مذاهب: أحدها: أن الأمر والنهي وباقيها ضمن معنى الجزم، فيجزم فضمن: ائتني معنى إن تأتني، ونسب هذا إلى الخليل وسيبويه، وقال به ابن خروف، وابن مالك. الثاني: أن هذه الأشياء نابت مناب الشرط، أي حذفت جملة الشرط، وأنيبت هذه في العمل منابها، ونظير ذلك قولهم: ضربا زيدا ناب (ضربا) عن اضرب على أصح القولين ونيابتها مناب الشرط، هو مذهب الفارسي، والسيرافي، وصححه ابن عصفور. والثالث: أنه مجزوم بلام مقدرة. الرابع: أنه مجزوم بشرط مقدر قبلها دل عليه ما قبله، وهو الذي نختاره، وقال به أكثر المتأخرين، وإذا قصد بالفعل الوصف، أو الحال، أو الاستئناف جاز رفعه نحو: ليت لي مالاً أنفق منه، فأنفق في موضع الوصف، وليت زيدًا يقوم يزورنا فـ «يزورنا» في موضع الحال، ويحتمل الاستئناف، وإذا دل على الأمر بما صورته صورة الخبر، سواء أكان اسمًا نحو: حسبك ينم الناس أم فعلا نحو: اتقي الله امرؤ فعل خيرًا يثب عليه، أم اسم فعل نحو: نزال أكرمك، وعليك زيدًا

يحسن إليك، ومكانك تسترح جاز جزم الفعل على الجواب كما في الأمر، وحسبك مبتدأ خبره محذوف أي حسبك السكوت، ولا يظهر، والجملة متضمنة معنى اكفف، وزعمت جماعة منهم ابن طاهر أنه مبتدأ بلا خبر، لأنه في معنى ما لا يخبر عنه، قال بعض أصحابنا: ولو قيل إنه اسم فعل مبني، والكاف للخطاب، وضم، لأنه قد كان معربًا، فحمل على قبل وبعد، ويا حكم لم يبعد عندي. وقال بعض أصحابنا: الفعل الخبري لفظًا الأمري معنى لا ينقاس، ولم يسمع منه إلا الذي ذكرناه، والشرط المقدر بعد النهي لا بد أن يكون منفيًا، وإلا لم يجزم الجواب مثاله: لا تدن من الأسد تفلت منه، التقدير: إلا تدن من الأسد يأكلك التقدير: إن تدن من الأسد يأكلك، وقد نسب هذا الكوفيين، وقال الجرمي: يجوز على رداءة، وقال الأخفش: يجوز الجزم لا على أنه جواب، بل حملاً على اللفظ الأول، لأنه مجزوم، وإذا دخل الاستفهام على النفي، وأريد به التقرير، وضمن معنى الشرط، قدر فعل الشرط غير منفي نحو قولك: ألا تصحبنا تنج من الشر أي لتصحبنا، وإن قدرته استفهامًا محضًا ضمن معنى الشرط كان تقدير فعل الشرط منفيًا نحو: ألا تصحبنا لا تنل خيرًا، تقديره: إن لا تصحبنا لا تنل خيرًا. وينصب المضارع أيضًا بعد الواو والفاء الواقعتين بين شرط وجزاء أو بعدهما، وزاد بعضهم بعد (أو) والكوفيون بعد ثم: مثال ذلك بين الشرط وجزائه، إن تأتني فتحدثني أحسن إليك، وكذلك إن جعلت مكان الفاء (الواو) أو (أو) أو (ثم) على من أجاز ذلك. وسواء أكان فعلا الشرط والجزاء مجزومين، أو ماضيين، أو كانت جملة الجزاء اسمية، أو بالفعل الداخل عليه الفاء، أو كان الجزاء محذوفًا مثال ذلك: إن تزرني

فتحسن إلي فأنا أزورك أو فأحسن إليك أو … لئن كنت مقتولاً ويسلم عامر أي فلا يدعني قومي صريحا لحرة، ومثال ذلك بعد الشرط والجزاء قوله تعالى: «وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله» [قرئ بالرفع والنصب والجزم، وكذلك (الواو)، و (أو)، و (ثم) في مذهب من أجاز ذلك وقوله تعالى: «وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر» وقرئ] بالثلاثة، والأحسن التشريك في الجزم، إذا كان قبله، أو بعده مجزوم، وإذا ارتفع فهو على إضمار مبتدأ، وإذا كانت جملة الجزاء اسمية، فالرفع وجه الكلام، ويجوز الجزم والنصب، ولم يذكر سيبويه فيه النصب، وإذا عطفت مضارعًا بعد الفعل المنصوب بعد فعل الجزاء جاز في المضارع الرفع على الاستئناف، والنصب عطفًا على المنصوب، والجزم على موضع المنصوب مثاله: إن تأتني أحسن

إليك وأزورك، وأكرم أخاك، فيجوز في أكرم النصب، وهو ظاهر، والرفع على الاستئناف، والجزم على موضع وأزورك، وأجاز سيبويه النصب بعد أفعال الشك، قال: وتقول: حسبته شتمني فأثب عليه، إذا لم يكن الوثوب واقعًا. ومعناه: أن لو شتمني لوثبت عليه، وإن كان الوثوب قد وقع، فليس إلا الرفع، وذهب غيره إلى أنه من الواجب الذي لا ينقاس النصب فيه إن جاء، ولا يجوز النصب بعد إنما، إن كان المعنى على الحصر، وأجازه بعضهم، وحمل عليه قوله تعالى: «إذا قضى أمرًا فإنما يقول له كن فيكون» على قراءة من نصب «فيكون» فلو كان الحصر بـ (إلا)، أو كان الفعل واجبًا خاليًا من أداة الشرط، فلا يجوز النصب إلا اضطرارًا نحو: ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا، وقوله: ... ... ... ... ... ... … وألحق بالحجاز فأستريحا

وقد تؤول (فأستريحا) ونحوه على أن الألف فيه بدل من النون الخفيفة الواقعة في غير القسم. واختلفوا في الفعل الواجب، إذا كان سببًا لما بعده نحو: زيد يأتي الأمير لا يقطع اللص، وربطت الفرس لا ينفلت، وأوثقت العبد لا يفر؛ فذهب الخليل، وسيبويه، والبصريون إلى أنه يرفع، ولا يجوز الجزم فيه، وذهب الكوفيون إلى جواز رفعه، وجزمه، وحكى الفراء: أن العرب ترفع هذا، وتجزمه قال: وإنما أجزم؛ لأن تأويله: إن لم أربطه انفلت، وقال ابن عصفور: الجزم ضرورة، ولا يقاس عليه في الشعر، وليس من شرطه أن يكون الفعل منفيًا بـ (لا)، بل يجيز الكوفيون أن يكون مثبتًا نحو: زيد يأتي الأمير يفلت اللص، تقديره: إن يأت الأمير يفلت اللص، فأما الجزم على مذهب من أجازه فعلى لحظ معنى الشرط والجزاء، وإن لم يكن بأداة الشرط والجزاء، ولا من الأشياء السابق ذكرها، وأما الرفع فلم أر أحدًا تعرض له لتخريجه، ومعنى الكلام يقتضي أنه متعلق بما قبله، والمعنى ربطت الفرس لئلا ينفلت فهو مفعول من أجله حذفت منه اللام، ثم اتسعت العرب في ذلك فحذفت (إن)، فارتفع الفعل، ويجوز إظهار (أن) وإضمارها بعد حرف عطف به مصدر مقدر على مصدر صريح، أو على اسم غير مصدر مثال ذلك: للبس عباءة وتقر عيني … ... ... ....

التقدير: وأن تقر عيني أي: وقرة عيني، وقولك: لولا زيد ويحسن إلي لهلكت أي؛ وإحسانه، وجاء العطف بالواو كما مثلنا وبالفاء نحو قوله: لولا توقع معتر فأرضيه … ... ... ... .... وبـ (أو) نحو قوله تعالى: «إلا وحيا أو من ورآي حجاب أو يرسل» وبـ (ثم) نحو قوله: إني وقتلى سليكا ثم أعقله … ... ... ....

ولا يجوز ذلك في غير هذه الحروف لو قلت: عجبت من قيامك بل تقعد أو من قيامك لا تقعد لم يجز، ولا يجوز أن تحذف (أن) في غير ما تقدم ذكره، بل يجب إظهارها هذا مذهب جماعة منهم متأخرو أصحابنا. وذهب جماعة إلى أنه يجوز حذفها في غير تلك المواضع، واختلفوا، فذهب أكثرهم إلى أنه إذا حذفت وجب رفع الفعل، وهو مذهب أبي الحسن، وذهب أبو العباس إلى أنه إذا حذفت (أن) بقى عملها. واختلفوا في القياس على ما حذفت منه (أن) فقاس عليه بعضهم، وهو مذهب الكوفيين، ومن وافقهم من البصريين والصحيح قصر ما حذف من ذلك على السماع، ولا يرفع، ولا ينصب بعد الحذف إلا ما سمع.

فصل

فصل تزاد باطراد (أن) بعد (لما)، التي هي حرف وجوب لوجوب، نحو قوله تعالى: «فلما أن جاء البشير»، ولا تفيد غير التوكيد، وزعم الزمخشري، والأستاذ أبو علي على أنه ينجر مع التوكيد معنى آخر، وهو أن الجواب يكون بعقب الفعل الذي يلي (أن) فيه، فينبه على السبب والاتصال، وما ذهبا إليه لا يعرفه كبراء النحويين، وبعد القسم الذي يليه (لو) نحو: والله أن لو فعلت، وهذا مذهب سيبويه، ونص قوله، وذهب ابن عصفور إلى أنها في ذلك رابطة، والجواب (لو) وما دخلت عليه، والصحيح ما ذهب إليه سيبويه. وبعد (حتى) تقول: قد كان ذلك حتى أن كان كذا، وتزاد بغير اطراد بعد (كاف) التشبيه نحو: ... ... ... ... ... … كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم و (أن) الزائدة حرف بسيط ثنائي الوضع، لا أن، أصله ثلاثي، فهي أن المشددة خففت خلافًا لبعضهم، ويكون أيضًا -أن- مفسرة لمضمون الجملة السابقة، وشرطها: أن تكون الجملة قبلها مضمنة معنى القول، فإن كانت بصريح القول فالحكاية لما بعدها، وقد أجاز بعضهم أن تكون بعد صريح القول.

وحمل عليه قوله تعالى: «ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن أعبدوا الله»، وأن يكون ما بعدها كلامًا غير متعلق بما قبلها فلا يكون نحو قوله تعالى: «وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين»، ونحو قوله كتبت إليه بأن قم. ولا يجوز أن يتقدم معمول ما بعدها على الجملة المفسرة، وأن هذه تفسير الجملة الاسمية، والجملة الفعلية، ولا تختص بجملة الأمر، ومن ذلك قولهم: كتبت إليه أن افعلن وأرسل إليه أن ما أنت وذا. وأجاز سيبويه في أن ما أنت وذا: أن تكون مخففة من الثقيلة، ومنع ذلك ابن الطراوة: وكون (أن) تأتي للتفسير هو مذهب البصريين، وذهب الكوفيون إلى أن التفسير ليس من معاني (أن)، وهي عندهم الناصبة للفعل. وتفيد التفسير غالبًا (أي) فتكون تفسيرًا لصريح القول، ومضمنة ولغيرها، وللجملة وللمفرد نحو: قال زيد قولاً أي اضرب زيدًا، وكتبت إليه أي قم، ورأيت رجلاً أي تميمًا. وإن وقعت بين مترادفين، فالثاني هو الأشهر نحو: هذا الغضنفر أي الأسد، وهي إذ ذاك حرف عطف عند الكوفيين، وتبعهم صاحب المستوفي، وصاحب المفتاح، وخرج بعض أصحابنا ذلك على أنه عطف بيان، وإذا كان بعد (أن) الصالحة للتفسير مضارع مثبت جاز رفعه، على أن تكون

تفسيرية، ونصبه على أن تكون مصدرية، أو منفي بـ (لا) جاز ذلك، والجزم على النهي، و (أن) تفسيرية، ولا تكون (أن) للمجازاة خلافًا للأصمعي، والكوفيين، وجعلوا من ذلك: أتغضب أن أذنا قتيبة حزتا … ... ... .... وتأوله الخليل على أنها ناصبة للفعل، والمبرد على أنها المخففة من الثقيلة، ولا تكون (أن) نفيًا خلافًا لبعضهم وحمل عليه قوله تعالى: «أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم» قال: أي لا يؤتى. وذهب بعضهم إلى أنها تكون بمعنى إذ مع الفعل الماضي، قال: نحو قوله تعالى: «بل عجبوا أن جاءهم» وقيل: ومع المضارع، نحو قوله تعالى: «أن تؤمنوا بالله ربكم» أي إذا آمنتم و (أن) تكون بمعنى لئلا نحو: ربطت الفرس أن تنفلت، وذهب أبو علي، وابن أبي العافية إلى أنها تكون مخففة من إن المكسورة الهمزة نحو: ما روى في الحديث: «قد علمنا أن كنت لمؤمنًا» فعندهما أن (أن) لا تكون إلا مفتوحة، ولا يلزم اللام، وذهب الأخفش الصغير، وابن الأخضر إلى أنه لا يجوز فيها إلا الكسر، وتلزم اللام، وعليه أكثر نحاة بغداد وتقدم ذلك في باب … إن-.

باب المجرور

باب المجرور الجر يكون بحرف أو بإضافة، وبتبعية، والحرف أحادي، وثنائي، وثلاثي، ورباعي. الأحادي (الباء)، و (اللام)، و (الكاف)، و (التاء)، و (الواو)، و (م)، وهمزة القطع وهمزة الاستفهام، فالباء حركتها الكسر، وحكى أبو الفتح عن بعضهم أن حركتها الفتح مع الظاهر نحو: مررت بزيد، ولم يذكر لها سيبويه معنى غير الإلصاق، قال أصحابنا: لا تكون إلا بمعنى الإلزاق، والاختلاط حقيقة أو مجازًا إذا لم تكن زائدة، وقد ينجر معها معانٍ أخر، فـ-للإلزاق- حقيقة وصلت هذا بهذا، ومجازًا نحو: مررت بزيد، التزق المرور بمكان قرب زيد، وذكر أصحابنا أن المعاني التي تنجر مع الإلصاق ستة أنواع منها: النقل، ويعبر عنه بالتعدية كقوله تعالى: «ذهب الله بنورهم»، ويكون الفعل قبلها لازمًا، ومتعديًا نحو: صككت الحجر بالحجر أصله: صك الحجر الحجر، فالإلصاق في هذا واضح، والسببية نحو: مات زيد بالجوع، والاستعانة نحو: كتبت بالقلم، وخضت الماء برجلي، وأدرج ابن مالك هذا في السببية،

ومثل السببية بقوله تعالى: «فأخرج به من الثمرات» و «ترهبون به عدو الله» والمصاحبة، ويصلح معها (مع) والحال نحو: وهبتك الفرس بسرجه أي مع سرجه، أو مسرجًا، والظرفية وهي التي يصلح مكانها (في) نحو: زيد بالبصرة، والقسمية نحو: بالله لأقومن، ألزقت فعل القسم المحذوف بالمقسم به فهذه الستة التي ذكرها أصحابنا، وذكر ابن مالك، أنها تأتي للتعليل: قال: وهي التي تحسن غالبًا في موضع اللام كقوله تعالى: «إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل» ولم يذكر أصحابنا هذا، وكأن السبب والتعليل واحد، وذكر أيضًا أنها تكون للبدل قال: وهي التي يصلح مكانها بدل، نحو قوله: فليت لي بهم قومًا إذا ركبوا … ... ... ... ... أي بدلهم، وذكر هذا المعنى بعض أصحابنا عن بعض المتأخرين، قال: والصحيح أن معناها السبب، ألا ترى أن التقدير: هذا مستحق بذلك؛ أي بسببه، وذكر ابن مالك أنها تأتي للمقابلة، وهي الداخلة على الأثمان،

والأعواض، ثم اشتريت الفرس بألف، وقد تسمى باء العوض، وذكر ابن مالك أنها تكون بمعنى من التبعيضية كقوله: ... ... ... .... … شرب النزيف ببرد ماء الحشرج أي من برد، وقال: ذكر ذلك في التذكرة للفارسي، وهو مذهب كوفي، تبعهم فيه الأصمعي، والقتبي في قوله: شربن بماء البحر ... ... ... .... … ... ... ... ... ....

وتأوله ابن مالك على التضمين أي: روين بماء البحر، وذهب الكوفيون إلى أن الباء قد تأتي بمعنى (عن)، وذلك بعد السؤال نحو: فإن تسألوني بالنساء … ... ... ... ... ... ... أي عن النساء، وقال الأخفش: ومثله: «فسئل به خبيرا» واستدل ابن مالك لهذا بقوله تعالى: «ويوم تشقق السماء بالغمام» أي عن

الغمام، وكان الأستاذ أبو علي يتأول فيقول: اسأل بسببه خبيرًا، وبسبب النساء أي لتعلموا حالهن، وذهب الكوفيون أيضًا إلى أن الباء تكون بمعنى (على)، واستدل ابن مالك لذلك، بقوله تعالى: «من إن تأمنه بقنطار». وقولك: مررت به أي على قنطار، ومررت عليه كما قال: «هل آمنكم عليه» و «لتمرون عليهم». وزعم بعض النحويين، ومنهم ابن هشام: أن الباء تدخل حيث يراد التشبيه نحو: لقيت بزيد الأسد، ورأيت به القمر أي لقيت بلقائي إياه الأسد أي شبهه، والصحيح أنها ليست للسبب أي بسبب لقائه، وبسبب رؤيته، وزعم أيضًا أنها تدخل على ما ظاهره أن المراد به غير ذات الفاعل، أو ما أضيف إلى ذات الفاعل نحو قوله: ... ... ... ... ... … ولم يشهد الهيجا بألوث معصم فظاهره أن فاعل يشهد غير ألوث معصم، والفاعل في الحقيقة هو ألوث معصم قيل: والصحيح أن الباء في (بألوث معصم) للاستعانة، وزعم ابن مالك أن باء الجر، قد تكف (بما) ويليها الفعل، وتحدث (ما) الكافة في الباء معنى التقليل، فتصير بمعنى ربما، فمعنى (بما) في قول الشاعر: فلئن صرت لا تحير جوابًا … لبما قد ترى وأنت خطيب

ربما، والصحيح أن (الباء) للسبب، وأن (ما) بعدها مصدرية لا كافة، وقد بينا ذلك في الشرح، وتكون الباء زائدة، وتقدم في باب كان زيادتها في مواضع. فأما «وكفى الله» فـ (ذهب) سيبويه أنها زائدة في الفاعل، ولذلك يجوز: كفى بالله شهيدا، كما قال: ... ... ... ... ... … كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيًا وأجاز ابن السراج هذا، وأجاز وجهًا آخر، وهو أن يكون فاعل (كفى) ضميرًا يعود على المصدر المفهوم من (كفى) كأنه قال: كفى هو أي الاكتفاء بالله، فالباء ليست زائدة. وقيد الأستاذ أبو جعفر بن الزبير زيادة الباء في (كفى) بأن تكون بمعنى

حسب، فإن كانت بمعنى (وقى) لم تزد في فاعله كقوله تعالى: «وكفى الله المؤمنين القتال» و: «فسيكفيكهم الله» وتزاد في أفعل في التعجب، وفي فعل فيه نحو: أحسن بزيد، ورحب بالزور، وفي مواضع لا تنقاس كزيادتها في المبتدأ مخصوصًا، بحسبك درهم أي حسبك، وذكروا أنها زيدت في: «وهزي إليك بجذع النخلة» وفي: «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة» وفي: «فليمدد بسبب»، وفي: «تنبت بالدهن»، و: «يذهب بالأبصار»، و: «ومن يرد فيه بإلحاد بظلم». وقوله: ... ... ... ... … وما ينبغي بعد ابن قيس بشاهد وقوله: فلما رجت بالشرب هز لها العصا … ... ... ....

وقوله: ... ... ... ... … أودي بنعلي وسرباليه قال ابن مالك: وكثرت في مفعول (عرف) وشبهه، وقلت زيادتها في مفعول ذي مفعولين نحو: ... ... ... ... … تسقى الضجيع ببارد بسام وقال الفراء: تقول العرب: هزه وهز به، وخذ الخطام، وبالخطام، ورأسه، وبرأسه، ومده، ومد به، ,منه: «فليمدد بسبب» انتهى. فأما قوله: ألم يأتيك والأنباء تنمى … بما لاقت لبون بني زياد

فقيل الباء في (بما) زائدة، وهي فاعل (يأتيك)، وخرج هذا على الإعمال، توارد على ما يأتيك، وتنمى فأعمل الثاني، وأما قوله: فكفى بنا فضلاً على من غيرنا … حب النبي محمد إيانا فقيل الباء في (بنا) زائدة، وهو المفعول، والفاعل (حب) أي فكفينا حب النبي، وخرج هذا على أن (بنا) الباء زائدة في الفاعل، و (حب) بدل، وقيل

زائدة في: «بأبيكم المفتون» وفي: ... ... ... … ... ... .... لا يقرأن بالسور وفي: ... ... ... ونرجو بالفرج وفي: ضمنت برزق عيالنا أرماحنا … ... ... ... ....

وفي: أتى بي الدهر بما أتى به أي ما أتى به، وفي: فأصبحن لا يسألنه عن بما به … ... ... ... ... ... خرجه ابن جني على زيادة الباء، أي عن ما به، وزعم الأخفش أنها زائدة في خبر المبتدأ في قوله تعالى: «جزاء سيئة بمثلها» أي مثلها، وزيدت في الخبر في قوله: ... ... ... .... … فمنعكها بشيء يستطاع وقد تؤول أكثر هذه المواضع، وذكر ابن مالك أن الباء تزاد عوضًا وأنشد: ولا يواسيك فيما ناب من حدث … إلا أخو ثقة فانظر بمن تثق قال: أراد من تثق به، زاد الباء قبل (من) عوضًا انتهى وقد تأولناه في الشرح على غير الزيادة.

(اللام) حركتها الكسر في المشهور، إلا مع المضمر غير (الياء) فالفتح عند أكثر العرب نحو: لنا، ولك، وله، ولها، ولكما، ولكم، ولكن، ولهما، ولهم، ولهن، ,خزاعة تكسر مع المضمر، كالمظهر إلا مع الياء، فاتفقوا على الكسر نحو لي، وتفتح مع المستغاث به غير المعطوف على غيره. وحكى أبو عمرو، ويونس، وأبو عبيدة، وأبو الحسن، أنهم سمعوا تفتحها مع الظاهر على الإطلاق، فيقولون: المال لزيد، وحكى اللحياني عن بعض العرب غير معين أنهم يكسرونها مع المضمر يقولون: المال له، وهو قليل جدًا. وحكى مكي بن أبي طالب عن بني العنبر أنهم يفتحونها مع الفعل وحكاه ابن مالك عن بني العنبر، وعكل، وقال أبو زيد: سمعت من يقولك «وما كان الله ليعذبهم» بفتح اللام، وحكى المبرد عن سعيد بن

جبير أنه قرأ: «وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال» بفتح اللام. ومعاني اللام: الملك نحو: المال لزيد، وشبه الملك: أدوم لك ما تدوم لي. والتمليك: وهبت لزيد، وشبه التمليك: «والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا»، والاستحقاق: الجلباب للجارية، والنسب: لزيد عم هو لعمرو خال، والتعليل: «لتحكم بين الناس»، والتبليغ: قلت لك، وبينت لك، وأذنت له، واستجبت له، وفسرت له، والتبيين بعد أسماء الأفعال، والمصادر التي شبهها: «هيهات هيهات لما توعدون»، و: «هيت لك»، وسقيا لك، وبعد أحب وشبهه في تعجب، أو تفضيل مبينة للمفعول نحو: ما أحب زيدًا لعمرو، «والذين آمنوا أشد حبا لله» والتعجب نحو: ولله عينا من رأى من تفرق … ... ... ... ... وللصيرورة: «فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا»

أو موافقة في: «القسط ليوم القيامة»، وعند: «بل كذبوا بالحق لما جاءهم» أي عندما جاءهم، وإلى: «سقناه لبلد ميت»، وبعد: «أقم الصلاة لدلوك الشمس». وعلى: «يخرون للأذقان» ومن: ... ... ... ... ... … ونحن لكم يوم القيامة أفضل أي منكم انتهت هذه المثل مقتضية من شرح ابن مالك للام، وكونها للاستحقاق عبارة سيبويه، وعبر عن هذا المعنى الفارسي: بالتحقيق، وقال المبرد: معنى اللام جعل الأول لاصقًا بالثاني، وقال أصحابنا معناها العام الاستحقاق، وينجر مع ذلك أنواع أن تكون للسبب، وللقسم الذي فيه معنى التعجب نحو: لله يبقى على الأيام ذو حيد … ... ... ... ...

وللاستغاثة، ولتقوية عمل العامل، وكونها للصيرورة، ويقال أيضًا: للعاقبة والمآل، وهو مذهب الأخفش، وكونها بمعنى (على)، أو (مع)، أو (بعد)، أو (من)، أو (في)، أو (إلى)، أو للتعليل هو مذهب الكوفيين، والقتبي. وما استدلوا به تأوله أصحابنا، وتجيء اللام مقوية لعمل العامل، ولم يذكر سيبويه زيادة اللام، وتابعه أبو علي، وذهب المبرد إلى زيادتها في: «ردف لكم»، وفي: «للرؤيا تعبرون» ثم تأوله على معنى التضمين في ردف، وفي البخاري: ردف بمعنى قرب، وقيل هي زائدة في: لا أبالك،

ويا بؤس للحرب، وفي ضربت لزيد، والذي يجوز أن ما يتعدى لواحد يجوز دخول اللام على مفعوله أن تتقدم، أو كان فرعًا في العمل: «فعال لما يريد» ويقاس على هذين، وما سوى هذين قصرت زيادته على السماع. (الكاف) حرف جر لا خلاف، فاعلمه في ذلك إلا ما ذهب إليه صاحب (المشرق): أنها تكون اسمًا أبدًا؛ لأنها بمعنى (مثل)، وسيأتي خلاف الأخفش في كونها تخرج عن الحرفية إلى الاسمية في الكلام لا في الضرورة، وحركتها الفتح ومعناها التشبيه، ويتعلق بالكون المطلق الذي تتعلق سائر الحروف به، خلافًا للأخفش، وتعبه ابن عصفور في بعض تصانيفه، أنها لا تتعلق بشيء لا ظاهر، ولا محذوف، وتجر الظاهر، وشذ جرها الضمير الغائب نحو: وأم أوعال كها أو أقربا والمخاطب في قول الحسن: أناكك، والمتكلم في قول الحسن، ما أنت كي، وقول الشاعر: وإذا الحرب شمرت لم تكن كي … ... ... ... ...

والكاف في (كي) مكسورة، وقال سيبويه: (كي) و (كي) خطأ، وجاء في شعر معزو لأبي محمد اليزيدي: شكوتم إلينا مجانينكم … ونشكو إليكم مجانيننا فلولا المعافة كنا كهم … ولولا البلاء لكانوا كنا وقد أدخلت العرب على ضمير الرفع المنفصل، وعلى ضير النصب المنفصل الكاف قالت: ما أنا كأنت ولا أنت كأنا، وقال: ... ... ... ... … ولم يأسر كإياك آسر وفي البسيط: وقد ورد أيضًا في ضمير الرفع في قولهم: أنت كأنا، وأنت كـ (هو)، وأنكره الكوفيون. وفي الواضح: أجاز سيبويه وأصحابه: أنت كي، وأنا كك، وضعفه الكسائي، والفراء، وهشام. وقال الفراء: ومن لم يقل: مررت بي وزيد على اختيار قال مختارًا: أنت كـ (أنا) وزيد، وأنا كأنت وزيد. انتهى.

وزعم الكوفيون، والأخفش، أنها تجيء بمعنى (على)، وحكى الأخفش عن بعض العرب أنه قيل له: كيف أنت فقال: [كـ (خير)، وحكى الفراء كيف أصبحت فقال:] كـ (خير) يريد على خير، وعلى هذا خرج الأخفش قولهم: كن كما أنت وأول (كخير) على حذف مضاف أي: كـ (صاحب خير) و (كما أنت) على زيادة (ما)، و (أنت) في موضع جر كقولهم: ما أنا كأنت كما زادوها في قوله: كما راشد تجدن أمرا أو على أن (ما) كافة، و (أنت) مبتدأ محذوف الخبر تقديره: كما أنت عليه، وقدره بعضهم (كما أنت كائنه) كما صرح بالخبر حين كفت (بما) في قوله: ... ... ... .... … إليك كما بالحائمات غليل وقيل: أنت خبر مبتدأ محذوف و (ما) موصولة أي كالذي هو أنت، وقيل (أنت) فاعل بفعل محذوف انفصل ضميره؛ أي كما كنت.

واختلفوا هل تكون اسمًا في الكلام، أو يختص ذلك بضرورة الشعر، فذهب الأخفش، والفارسي، في ظاهر قوله: وتبعهما ابن مالك على أنها تكون اسمًا في الكلام، وقد كثر جرها بالحرف (الباء وعلى وعن)، وأضيف إليها، وأسند إليها فاعلة، ومبتدأة، ومفعولة، لكن كل هذا في الشعر، وذهب سيبويه إلى أن استعمالها اسمًا، إنما يجوز في ضرورة الشعر، وتجوز زيادة (ما) بعد الكاف، وهي باقية على عملها الجر، قال: وننصر مولانا ونعلم أنه … كما الناس مجروم عليه وجارم

بخفض الناس، وزعم بعضهم أن (ما) تكون كافة للكاف، فتليها الجملة الاسمية، وتكون كما من حروف الابتداء كما قال: لقد علمت سمراء أن حديثها … نجيع كما ماء السماء نجيع وهذا إنما يكون إذا قلنا أن (ما) المصدرية لا توصل بالجملة الاسمية أما إذا قلنا أنها توصل بها، فلا تكون (ما) كافة، بل مصدرية، والكاف جارة للمصدر المنسبك من (ما) وصلتها. وقال سيبويه: وسألته عن قولهم: «هذا حق كما أنك هاهنا»، فزعم أن العامل في أن: الكاف، وما (لغو) إلا أنها لا تحذف كراهة أن يجيء لفظها كـ (لفظ) (كأن)، وزعم بعض النحويين أن (الكاف) قد تخرج عن التشبيه، ويحدث فيها معنى التعليل. قال ابن برهان في: «ويكأنه لا يفلح الكافرون»؛ أي أعجب، لأنه لا يفلح الكافرون، ومثل ذلك بعضهم بقوله تعالى: «ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة» وقال به ابن مالك، ومثل بقوله تعالى: «واذكروا كما هداكم». ونقل ذلك عن الأخفش

في قوله تعالى: «كما أرسلنا فيكم رسولا» أي لما أرسلنا فيكم فاذكروني، وزعم الخليل: أن الكاف إذا لحقتها (ما) الكافة قد تجعلها العرب بمعنى (لعل) ويصير لها ما للفعل كما صيرت (ربما) للفعل، وجعل من ذلك قولهم: انتظرني كما آتيك قال: والمعنى لعلي آتيك. وجعل من ذلك قول الشاعر: لا تشتم الناس كما لا تشتم أي لعلك لا تشتم، وحكى سيبويه: كما أنه لا يعلم فتجاوز الله عنه أي أنه لا يعلم، وذهب الفراء إلى أن قولهم: «انتظرني كما آتيك»، و «لا تشتم الناس كما لا تشتم» الكاف فيهما للتشبيه، والكاف صفة لمصدر محذوف أي انتظرني انتظارًا صادقًا مثل إتياني لك؛ أي فلي بالانتظار كما أفي لك بالإتيان، وانته عن شتم الناس كـ «انتهائهم عن شتمك». وفي النهاية: وقد كفوا الكاف (بما) كما كفوا (رب) فتليها الجملة الفعلية والاسمية تقول: زيد قاعد كما عمرو قاعد شبهت جملة بـ (جملة) بكونهما حاصلين في الوجود، وتقول: زيد قاعد كما أن عمرًا قائم، والمعنى قعود زيد لا محالة وقيام عمرو لا محالة، فالأولى فيها تشبيه جملة بجملة، وهذه توجب حصول الأمرين في الوجود، فهذا فرق ما بينهما، وتقول: زرني كما أزورك، فتحتمل (ما) أن تكون مصدرية «أي زرني كزيارتي إياك»، وأن تكون بمعنى لعل أي؛ لعلي أزورك. وقال ابن مالك: ربما إذا حدث فيها معنى التعليل تنصب المضارع بها تشبيهًا بكي، وهذه مسألة تقدم الكلام فيها في نواصب المضارع، والمضارع جاء

مرفوعًا في نحو قوله: كما لا تشتم، وقد تزاد (الكاف)، ولا ينقاس زيادتها، فقيل من زيادتها قوله تعالى: «ليس كمثله شيء» وقد تؤول، وفي قوله: فصيروا مثل كـ (عصف) مأكول وقوله: وصاليات ككما يؤثفين زيدت لتأكيد التشبيه، وقد زيدت خارجة عن معنى التشبيه في قوله: لواحق الأقراب فيها كالمقق المعنى فيها مقق أي طول، وحكى الفراء: أنه قيل لبعض العرب: كيف

تصنعون الأقط؟ قال: كهين يريد هينا، ومن زيادتها قول بعضهم: كـ (مذ) أخذت في حديثك جوابًا لمن قيل له: مذكم لم تر فلانًا؟ تريد مذ أخذت، واختلفوا في المزيدة في (ككما يؤثفين) فقيل الثانية و (ما) مصدرية، وقيل الأولى والثانية اسم بمعنى (مثل) و (ما) موصولة أي مثل اللاتي يؤثفين، وضمير (يؤثفين) عاد على (ما) على المعنى. (الواو) تجر في القسم، وتدخل على كل مضارع ظاهر يحسن الحلف به، والواو أصل، وليست بدلاً من الباء في القسم، خلافًا لزاعمه، ولا يصرح بفعل القسم معها، خلافًا لابن كيسان، والواو تجر أيضًا بمعنى (رب) والجر بها نفسها عند الكوفيين، والمبرد، ومن وافقه، ولا يؤتي برب معها، والمشهور أن الجر بعدها هو بإضمار (رب) بعدها كما أضمرت بعد الفاء (وبل). (التاء) تجر في القسم، ولا تدخل إلا على اسم الله، وهي كثيرة في القرآن، وقالوا: أنها بدل من واو القسم، كما قالوا: تخمة وأصله: وخمة، وشذت في قولهم: ترب الكعبة، وتالرحمن وتحياتك. (م) مثلثة الميم تدخل على اسم الله تعالى تقول: م الله لأفعلن وليست بدلاً من واو القسم، ولا أصلها من، ولا أصلها (أيمن) حذف منها حتى بقيت الميم خلافًا لزاعمي ذلك.

همزة القطع نحو: ألله لأفعلن، وهمزة الاستفهام نحو: ألله لأفعلن يذكران في باب القسم. القسم الثاني: وهو الثنائي (من)، و (في)، و (عن)، و (مع) و (ها) و (كي). (من) ثنائية الوضع، لا ثلاثية، فأصلها (منا) حذفت منها الألف لكثرة الاستعمال، خلافًا للكسائي والفراء في دعواهما ذلك، ومن معانيها ابتداء الغاية في المكان نحو: خرجت من البصرة، ولا تكون لابتداء الغاية في الزمان عند البصريين، وقد كثر ذلك في كلام العرب نثرها ونظمها، وقال به الكوفيون والمبرد، وابن درستويه، وهو الصحيح، وتأويل ما كثر وجوده ليس بجيد. وذهب ابن الطراوة إلى أنك إذا أردت الابتداء في الزمان والانتهاء في المكان، أتيت بـ (من) و (إلى) كما تكون في المكان، ولا بد من (من) إذا أردتهما، ولا يجوز ما أجازوه من: ما رأيته مذ يوم الجمعة إلى يوم الأحد ومثال دخولها لابتداء الغاية في غير المكان: قرأت من أول سورة البقرة إلى آخرها، وأعطيت الفقراء من درهم إلى دينار، وتقول: إذا كتبت كتابًا من فلان إلى فلان، وفي الحديث: «من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم». فأما (من) بعد أفعل التفضيل، فذهب سيبويه إلى أنها لابتداء الغاية، ولا تخلو من التبعيض، وذهب المبرد، والأخفش الصغير إلى أنها لابتداء الغاية،

ولا تفيد معنى التبعيض، وذهب ابن ولاد إلى أنها لا تكون بعد أفعل التفضيل لابتداء الغاية، وذهب سيبويه إلى أنها تكون غاية قال تقول: رأيته من ذلك الموضع تجعله غاية رؤيتك كما جعلته غاية حيث أردت الابتداء، يريد أن (من) دخلت على المحل الذي وقع فيه ابتداء الرؤية وانتهاؤها، ولذلك سماها غاية لما كان محيطًا بغاية الفعل، لأن الغاية هي مدى الشيء أي قدره، فيمكن أن يكون في: زيد أفضل من عمرو، كذلك أي ابتدأ التفضيل منه، وانتهى به، والتبعيض، ذهب الجمهور، والفارسي إلى أن (من) تكون للتبعيض نحو: أكلت من الرغيف، ويصلح مكانها بعض، وذهب المبرد، والأخفش الصغير، وابن السراج وطائفة من الحذاق، ومن أصحابنا السهيلي إلى أنها لا تكون للتبعيض، وإنما هي لابتداء الغاية، وأن سائر المعاني التي ذكروها راجع إلى هذا المعنى، وبيان الجنس، وكونها لهذا المعنى مشهور في كتب المعربين، ويخرجون عليه مواضع من القرآن، وقال به جماعة من القدماء، والمتأخرين منهم النحاس، وابن بابشاذ، وعبد الدائم القيرواني، وبان مضاء وأنكر ذلك أكثر أصحابنا، وانتهاء الغاية أثبت لها هذا

المعنى الكوفيون، وتبعهم ابن مالك قال كقولهم: قربت منه فإنه مساوٍ لقولك: تقربت إليه، وقال الكوفيون: تقول العرب: شممت الريحان من الطريق، ورأيت الهلال من خلال السحاب، فـ (من) لابتداء الغاية، لأن الابتداء لم يكن من الطريق، ولا الرؤية من خلال السحاب، إنما ابتدأ من غيرهما، ويبين ذلك أنك تقول: شممت الريحان من داري من الطريق، ورأيت الهلال من داري من خلال السحاب، فـ (من) الأولى لابتداء الغاية، والثانية لانتهائها، وأنكر أصحابنا ورودها لهذا المعنى، وتأولوا ما استدلوا به، وذكر ابن مالك أنها تكون للتعليل نحو قوله تعالى: «يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق» و «من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل»، وأنها تكون للبدل كقوله تعالى: «أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة» و «لجعلنا منكم ملائكة»، وأنها تكون للمجاوزة ومنه قول العرب: حدثته من فلان أي: عن فلان، وللاستعلاء قال كقوله تعالى: «ونصرناه من القوم» أي: على القوم، قال: كذا قاله الأخفش قال: والأحسن أن يضمر الفعل أي معناه: منعناه بالنصر من القوم، وللفصل قال: وهي الداخلة على ثاني المتضادين نحو قوله تعالى: «والله يعلم المفسد من المصلح» وتدخل في المتباينين: لا نعرف زيدًا من عمرو،

ولموافقة الباء قال نحو: قوله تعالى: «ينظرون من طرف خفي» قال يونس: أي بطرف خفي، وزعم الكوفيون، وتبعهم ابن مالك أنها تأتي لموافقة (في) وأنشد ابن مالك: عسى سائل ذو حاجة إن منعته … من اليوم سؤلاً أن ييسر في غد أي في هذا اليوم، وهذا الذي ذكره ابن مالك من المعاني لم يذكره أصحابنا ويتأولون ما ظاهره ذلك، وزعم السيرافي، والأعلم، وابن طاهر، وابن خروف أن (من) إذا كان بعدها (ما) كانت بمعنى ربما، وزعموا أن سيبويه يشير إلى هذا المعنى في كلامه، وأنكر الأستاذ أبو علي وأصحابه ذلك، وردوه وتأولوا ما زعموه من ذلك. وتنفرد (من) بجر ظروف لا تتصرف: كـ (قبل)، و (بعد)، و (عند)، و (لدي)، و (لدن)، و (مع)، و (عن)، و (على) اسمين مثال ذلك: «لله الأمر من قبل ومن بعد»، و (من) فيهما لابتداء الغاية، وزعم ابن مالك في شرحه للتسهيل أن من فيهما زائدة، وتقدمه إلى ادعاء زيادتها فيهما غيره من النحاة، ومن عند الله، ومن لديه، ومن لدنه، «هذا ذكر من معي» في قراءة من قرأ كذلك.

. ... ... ... .... … من عن يمين الحبيا نظرة قبل غدت من عليه ... .... … ... ... ... ... ... و (عن) بعد دخول (من) بمعنى جانب، وعلى بمعنى (فوق) وهما اسمان حين دخول (من) عليهما عند البصريين، وزعم الفراء ومن وافقه من الكوفيين أن (عن) و (على) إذا دخل عليهما (من) باقيان على حرفيتهما لم ينتقلا إلى الاسمية.

وزعموا أن (من) تدخل على حروف الجر كلها سوى (مذ) واللام، والباء و (في)، وتختص (من) في القسم بدخولها على الرب، ويجوز ضم ميمها في القسم فتقول: من ربي لأفعلن، وتأتي (من) زائدة، فعند الأخفش، والكسائي، وهشام يجوز أن تزاد في الواجب، وغير الواجب، وداخلة على المعرفة والنكرة، وعند بعض الكوفيين في الواجب وغير الواجب، ويشترط تنكير ما دخلت عليه، نحو ما رووا من قول العرب: قد كان من مطر، وقد كان من حديث فخل عني، وعند جمهور البصريين بشرط أن يكون ما قبلها غير واجب وما دخلت عليه أن يكون نكرة، وغير الواجب عندهم هو النفي، والنهي، والاستفهام، فأما النفي، فتزاد معه في سائر حروفه (لم)، و (لما) و (ما) و (لا) و (أن) و (لن) وذلك في المبتدأ نحو: ما من رجل قائم، ولا من رجل عندي، ولا امرأة، وفي الفاعل نحو: ما قام من رجل، ولم يقم من أحد، وفي اسم كان نحو: ما كان من زاد عندنا، وفي المفعول فيما يتعدى إلى واحد نحو: لم أضرب من أحد، وفي أول ظننت نحو: ما ظننت من أحد يفعل ذلك، وفي أول أعلمت نحو: ما أعلمت من أحد زيدًا مسافرًا، وفي ثاني أعطيت وفي أوله نحو: ما أعطيت من درهم أحدًا، وما أعطيت من أحد درهمًا، وفي ما لم يسم فاعله، نحو: ما ضرب من أحد، وأما النهي فنحو: لا يقم من أحد، ولا تضرب من أحد، ولا يضرب من

أحد، وأما الاستفهام فليس عامًا في جميع أدواته، إنما يحفظ ذلك مع (هل) في جميع ما ورد في النفي نحو: هل في الدار من رجل، وقوله تعالى: «هل تحس منهم من أحد». [وفي إلحاق الهمزة بـ (هل) في ذلك نظر، ولا أحفظه من لسان العرب] ولو قلت: كيف تضرب من رجل، أو كيف خرج من رجل، أو أين تضرب من رجل، أو متى يقوم من رجل لم يجز. و (قلما) إذا كانت للنفي المحض جاز دخول من فتقول: قلما يأتيني من أحد في معنى: ما يأتيني من أحد، وتدخل مع المتسع فيه من ظرف، ومن مصدر، نحو: ما ضرب من ضرب شديد، وما سير من سير، وما صيم من يوم، وزعم بعض البصريين أنها تزاد في الشرط، بشرطها عند الجمهور من النكرة، تقول: إن زارني من رجل أكرمته، والصحيح المنع، وذهب لكذة الأصبهاني إلى أن (من) زائدة في قول الهذلي: فما العمران من رجلي عدى … وما العمران من رجلي فئام وادعى أنه منحول، وليس من شعر الهذلي، ومن زائدة، ولا يقال: ما زيد من رجل الحرب، ولا ما الزيدان من رجلي الحرب، والصحيح أن (ما) في بيت الهذلي ليست بنافية، بل هي استفهامية على معنى التعظيم والتعجب، و (من) هي الداخلة على التمييز، فذلك نحو قول الشاعر: يا سيدًا ما أنت من سيدٍ … ... ... ... ....

ومذهب سيبويه: أن الزائدة بالشرطين المذكورين هي لتأكيد استغراق الجنس في نحو: ما قام من أحد، وما قام من رجل، وقال المبرد في: ما قام من رجل لا ينبغي أن يقال أنها زائدة، لأنها أفادت استغراق الجنس، إذا كان قبل دخول (من) يحتمل وجوهًا. وأما في «ما جاءني من أحد» فهي زائدة، وزعم علي بن سليمان أن (من) التي قيل فيها زائدة في نحو: ما قام من رجل هي لابتداء الغاية ابتداء النفي من هذا النوع، ثم عرض أن يقتصر بها على هذا النوع انتهى. وقالت العرب: أما رجل ينصفنا، بخفض رجل بإضمار (من) يريدون أما (من) رجل، و (من) زائدة، وقالوا: ألا رجل بالخفض بعد (ألا)، خفضوا بعدها كما خفضوا بعد أما، ومن يجوز إظهارها بعد أما، ولا يجوز استعمالها بعد ألا. (في) للظرفية حقيقة نحو: المال في الكيس، أو مجازًا نحو: زيد ينظر في العلم هذا مذهب سيبويه، والمحققين في معنى (في) أنها لات كون إلا للوعاء حقيقة أو مجازًا، وزعم الكوفيون، وتبعهم القتبي، وابن مالك، أنها تكون

للمصاحبة نحو قوله تعالى: «ادخلوا في أمم» أي مع أمم، وذهب هؤلاء إلى أن (في) توافق (على) نحو قوله تعالى: «ولأصلبنكم في جذوع النخل» أي على جذوع النخل، وبمعنى الباء نحو قوله: ... ... ... ... ... (يصيرون في طعن الأباهر والكلى أي يصيرون بطعن، وزعم الأصمعي، والكوفيون، والقتبي، أنها تأتي بمعنى (من) نحو قول امرئ القيس: وهل يعمن من كان أحدث عصره … ثلاثين شهرًا في ثلاثة أحوال أي من ثلاثة أحوال، وذكر ابن مالك أنها تكون للتعليل نحو: قوله تعالى: «لمسكم في ما أفضتم فيه»، وما روى في الأثر: «دخلت امرأة النار في هرة حبستها» أي لأجلها، وأنها تكون للمقايسة، وهي الداخلة على تالٍ يقصد

تعظيمه وتحقيره، بمتلوه كقوله تعالى: «فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل»، وزعم الفارسي أن (في) تزاد في ضرورة لاشعر نحو قوله: أنا أبو سعد إذا الليل دجا … يخال في سواده يرندجا المعنى، يخال سواده يرندجا، وهو من القلة بحيث لا يقاس عليه، وهذا الذي ذكروه من خلاف، كون (في) للوعاء، تأوله أصحابنا وردوه إلى معنى الوعاء، (عن): للمجاوزة تقول: أطعمته عن جوع، وسقيته عن العيمة، وكسوته عن العرى أي جعلت الجوع مجاوزًا له، ومتصرفًا عنه، والعيمة والعرى قد تراخيا عنه، وذهب الكوفيون، والقتبي، وتبعهم ابن مالك إلى أنها تكون للاستعلاء كقوله: ... ... ... لا أفضلت في حسب … عني ... ....

أي علي، وتكون عندهم للاستعانة نحو قوله تعالى: «وما ينطق عن الهوى» أي بالهوى وتكون عندهم لموافقة بعد نحو: قوله تعالى: «لتركبن طبقا عن طبق» أي بعد طبق، وزعم ابن مالك أنها تأتي للتعليل نحو قوله تعالى: «إلا عن موعدة وعدها إياه» وكقوله تعالى: «وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك»، وللبدل نحو قولهم: حج فلان عن أبيه، وقوله تعالى: «لا تجزي نفس عن نفس شيئًا»، وبمعنى (في) في قوله: ... ... ... .... … ولاتك عن حمل الرباعة وانيا أي في حمل، وأنها تزاد عوضًا نحو قوله: ... ... ... ... ... .... … فهلا التي عن بين جنبيك تدفع

قال ابن جني: أراد فهلا عن التي بين جنبيك تدفع، فحذف (عن) وزادها بعد التي عوضًا، ونص سيبويه على أن (عن) لا تزاد، وذهب أبو عبيدة إلى أنها زائدة في قوله تعالى: «فليحذر الذين يخالفون عن أمره» أي يخالفون أمره، وكل ما ذكروه مما خالف معنى المجاوزة، واستدلوا عليه تأوله المخالف لهم، وتقدم الخلاف في (عن) إذا جرت أهي اسم، أم هي باقية على حرفيتها، ودخول (من) عليها كثير، وقد دخل عليها (على) قال: على عن يميني مرت الطير سنحا … وكيف سنوح واليمين قطيع وذهب بعض أصحابنا إلى أنها اسم في قوله: دع عنك نهبا صيح في حجراته … ... ... ... ... ... ... وهو مستقرأ من كلام الأخفش في (على)، وسيأتي ذلك عند الكلام على (على). (مع) ساكنة العين، قيل إنها حرف، والصحيح أنها اسم كحالها إذا كانت مفتوحة العين.

(ها) للتنبيه يكون الجر بعدها في باب القسم عوضًا من الواو، وتختص باسم الله، وفي الجر بها خلاف أهو بها نفسها، أو الواو وسيأتي إن شاء الله. (كي): عند البصريين تكون حرف جر، فتجر اسم الاستفهام وهو، وإذا أضمرت أن بعدها كانت جارة لمصدر مقدر منسبك من (أن)، والفعل بعدها، وتقدم الكلام عليها في نواصب المضارع. والثلاثي: (إلى)، و (على)، و (رب)، و (منذ)، و (خلا)، و (عدا)، و (متى)، و (بله) (إلى) للانتهاء مطلقًا، فتعم الزمان والمكان نحو: سرت إلى البصرة، وسرت إلى نصف الليل، ومذهب سيبويه، والمحققين إلى أن (إلى) تنتهي لابتداء الغاية، وإما أن تكون آخرًا، أو غير آخر ففيه تفصيل، واختلاف وذلك أن ما بعد (إلى)، إما أن تدل قرينة على دخوله فيما قبلها نحو قولك: اشتريت الشقة إلى طرفها، أو خروجه نحو قوله تعالى: «أتموا الصيام إلى الليل»، فهو على حسب القرينة، نحو: اشتريت البستان إلى الشجرة الفلانية، فالذي عليه أكثر المحققين أن لا تدخل، فلا تدخل الشجرة في المشتري، وقال بعض النحاة: تدخل، وقال عبد الدايم القيرواني: إذا لم تكن قرينة، وما بعد (إلى) من جنس ما قبلها احتمل أن يدخل وألا يدخل، والأظهر أنه لا يدخل. انتهى. وذهب الكوفيون، وكثير من البصريين إلى أن (إلى) تأتي بمعنى المصاحبة، وقاله كثير من المفسرين في قوله تعالى: «من أنصاري إلى الله» قال الفراء: وهو حسن.

وإنما تجعل (إلى) بمعنى (مع) إذا ضممت شيئًا إلى شيء كقول العرب: الذود إلى الذود (إبل)؛ فإن لم يكن ضم لم يكن جمع، فلا يقال في مع فلان مال كثير: إلى فلان مال كثير انتهى. وإذا قال له: على من واحد إلى عشرة كان إقرار بجملة العشرة، كما أنك إذا قلت: هي أحسن الناس من قرن إلى قدم، فقد عم الحسن ما بينهما، فإن قال هي أحسن الناس قرنًا فقدما لم يجز، وأجاز ذلك هشام، وذهب الكوفيون، والقتبي وتبعهم ابن مالك إلى أن (إلى) تكون بمعنى (من) وأنشدوا قول ابن أحرم: تقول وقد عاليت بالكور فوقها … أيسقي فلا يروي إلى ابن أحمرا يريد قالوا فلا يروى مني، وزعم الكوفيون، والقتبي أنها تكون بمعنى (عند)، قال أبو كبير الهذلي: أم لا سبيل إلى الشباب وذكره … أشهى إلي من الرحيق السلسل

وزعم الأخفش أن (إلى) تكون بمعنى الباء، وخرج عليه قوله تعالى: «وإذا خلوا إلى شياطينهم» أي بشياطينهم، وذكر ابن مالك: أنها تأتي للتبيين قال وهي المتعلقة في تعجب، أو تفضيل كقوله تعالى: «قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه» وأنها تكون بمعنى (في) وأنشد: فلا تتركني بالوعيد كأنني … إلى الناس مطلى به القار أجرب أي في الناس، وأنها تكون موافقة (اللام)، نحو قوله تعالى: «والأمر إليك»، «وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم». وذهب الفراء إلى أن (إلى) قد تزاد وجعل من ذلك قوله تعالى: «فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم» في قراءة من فتح الواو، أي تهوى إليهم، أي تحبهم، وكل هذه المعاني التي تخالف انتهاء الغاية تأولها المخالف على الغاية. (على) التي ينجر ما بعدها مشهور مذهب البصريين أنها حرف جر، وذهب ابن

الطراوة، وابن طاهر، وابن خروف، وأبو علي الرندي، وأبو الحجاج بن معزوز، والأستاذ أبو علي في أحد قوليه إلى أنها اسم، ولا تكون حرفًا، وزعموا أن ذلك مذهب سيبويه، وكونها حرفًا هو مذهب الكوفيين، فإذا دخلت عليها (من)، ففيها خلاف البصريين، والفراء المذكور في (عن)، وقد استدل الأخفش على اسمية (على) بقول العرب: «سويت علي ثيابي» ولا يجوز: فرحت بي، إنما تقول: فرحت بنفسي، فسويت علي ثيابي، معناه: سويت فوق ثيابي، وعلى قول الأخفش مجيء قول الشاعر: هون عليك فإن الأمو … ر بكف الإله مقاديرها ولا يدل ما قاله الأخفش على أن (على) اسم، فقد جاء «وهزي إليك بجذع النخلة» و «اضمم إليك جناحك من الرهب» ولا نعلم أحدًا ذهب إلى أن (إلى) اسم، فسويت على ثيابي، وهون عليك من هذا القبيل القليل. ومن قال: إنها لا تكون إلا اسمًا يقولك إنها معربة، ومن جوز فيها إذا كانت حرفية أن تنتقل إلى الاسمية بدخول (من) عليها، أو على مذهب الأخفش في

نحو: سويت على ثيابي، اختلفوا فقال بعض أشياخنا: هي معربة إذ ذاك، وقال أبو القاسم بن القاسم: هي مبنية، والألف فيها كألف هذا، و (ما) فهي كعن، وكاف التشبيه، و (مذ)، و (منذ) إذا كن أسماء، ومعنى (على) الاستعلاء حسا كقوله تعالى: «كل من عليها فان»، أو معنى كقوله تعالى: «الرسل فضلنا بعضهم على بعض»، وزعم الكوفيون، والقتبي، وابن مالك أن (على) تكون للمصاحبة نحو قوله تعالى: «وآتى المال على حبه» وأنها تكون للمجاوزة كوقوعها بعد (بعد وخفى) وقوله: إذا رضيت علي بنو قشير … ... ... ... ... أي عني، وللظرفية نحو: قوله تعالى: «واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان» أي في ملك سليمان، وموافقة من: كقوله تعالى: «الذين إذا

اكتالوا على الناس» أي من الناس، وبمعنى الباء كقوله تعالى: «حقيق علي أن لا أقول» أي بألا أقول، وزعم الكوفيون والقتبي أنها تكون بمعنى اللام وأنشدوا قول الراعي: رعته أشهرا وخلا عليها … فطار الني فيها واستغارا أي خلالها، وذكر ابن مالك أنها تأتي للتعليل قال كقوله تعالى: «ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم» انتهى، وهذا كله تأوله المخالف، وقد جاء حذف (على) في الشعر نحو قوله: ... ... ... … وأخفى الذي لولا الأسى لقضاني يريد لقضى علي، وأجاز أبو الحسن حذفها في الكلام، ونصب ما بعدها مفعولاً به، وجعل من ذلك قوله تعالى حكاية عن إبليس: «لأقعدن لهم صراطك المستقيم».

ونص سيبويه على أن (عن) و (على) لا تزادان، وتقدم قول ابن مالك في (عن) أنها تزاد عوضًا، وقال: تزاد (على) وأنشد: أبى الله إلا أن سرحة مالك … على كل أفنان العضاة تروق قال: زاد على، لأن راق متعدية مثل أعجب تقول: راقني حسن الجارية، وقال تزاد عوضا وأنشد: إن الكريم وأبيك يعتمل … إن لم يجد يومًا على من يتكل وتبع في ذلك ابن جني: قال ابن جني: أراد إن لم يجد يومًا من يتكل عليه فحذف عليه، وزاد (على) قبل (من) عوضًا. انتهى. وما استدلوا به على الباء، و (عن)، و (على)، تزاد عوضًا لم يقم عليه دليل، وقد ذكرنا في الشرح تأويل ذلك على أحسن وجه، ولم يكف ابن مالك أن

استدل بشيء محتمل مخالف لنص سيبويه حتى قال: ويجوز عندي أن يعامل بهذه المعاملة (من) واللام و (إلى) وفي قياسًا على (عن)، و (على)، و (الباء) فيقال: عرفت ممن عجبت، ولمن قلت، وإلى من أويت، وفي من رغبت والأصل: عرفت من عجبت منه، ومن قلت له، ومن أويت إليه، ومن رغبت فيه، فحذف ما بعد (من)، وزيد ما قبلها عوضًا انتهى ما قاله، وما أجازه ليس بصحيح، ولو استدل بشيء لا يحتمل التأويل لكان من القلة بحيث لا يقاس عليه. (رب): عند البصريين حرف جر، وعند الكوفيين، وابن الطراوة: اسم وفي الإفصاح: قال الفراء، وجماعة من الكوفيين: إن (رب) اسم معمولة لجوابها كـ (إذا)، أو حين في الظروف، وتقدمت عندهم لاقتضائها الجواب، وهي مبنية قالوا: وقد يبتدأ بها فيقال: رب رجل أفضل من عمرو، ويقال: رب ضربة ضربت، ورب يوم سرت، بتقدير الظرف، ورب رجل ضربت مفعول، ورب رجل قام مبتدأ كما يكون ذلك في كم، انتهى. ومذهب البصريين أنها للتقليل، قال أصحابنا في جنس الشيء، أو في نظيره. وزعم صاحب كتاب العين أنها للتكثير، ولم يذكر أنها تجيء للتقليل، ونسب ابن خروف هذا المذهب إلى سيبويه، وذهب الكوفيون، والفارسي في كتاب الحروف له: أنها تكون تقليلاً وتكثيرًا، وذهب بعضهم إلى أنها للتكثير في موضع المباهاة والافتخار.

وذهب بعضهم إلى أنها لم توضع لتقليل، ولا لتكثير، بل ذلك مستفاد من سياق الكلام، وهذا الذي نختاره من المذاهب، وفي البسيط: ذهب البصريون إلى أنها للتقليل كالخليل، وسيبويه، وعيسى بن عمر، ويونس، وأبي زيد، وأبي عمرو بن العلاء، والأخفش، والمازني، والجرمي، والمبرد، والزجاج، وابن السراج، والزجاجي، والفارسي، والسيرافي، والرماني وابن جني، وجملة الكوفيين كالكسائي والفراء وهشام، وابن سعدان ولا مخالف لهؤلاء إلا صاحب العين، فإنه صرح بكونها للتكثير دون التقليل، وفي الإفصاح وقيل: إنها للتكثير، وقال به جماعة منهم صاحب العين، وابن درستويه، وقال ابن الباذش، وابن طاهر هي لمبهم العدد فيكون تقليلاً، وتكثيرًا، وقال أبو نصر الفارابي في كتاب الحروف له: أكثر ما تكون للتقليل.

ورب عندنا ثلاثية الوضع، وعرض التصرف فيها خلافًا لابن فضال، إذ زعم أنها ثنائية الوضع فقياسها أن تكون ساكنة كـ (هل)، و (بل)، وإن فتح الباء مع تخفيفها ودون التاء ضرورة لا لغة، ولغاتها: رب، ورب، وربت، وربتا، ورب، وربت، ورب، وربت، ورب، ورب. وزعم ابن فضال: أن فتح الراء نقله أبو حاتم، وأنه في جميع ذلك شاذ، ومجرور (رب) نكرة، وضمير، ولا يجر معرفًا بأل، وأجاز ذلك بعضهم وأنشد: ربما الجامل المؤبل فيهم … ... ... ... ... ... ... بخفض الجامل وصفته، فالنكرة تكون معربة، ومبنية، كقوله: ألا رب من تغشه لك ناصح … ... ... ... ....

وتجر مضافًا إلى ضمير مجرورها معطوفًا عليه بالواو، ويقاس على ذلك وفاقًا للأخفش نحو: رب رجل وأخيه يقولان ذلك، ويقاس على ما سمع من ذلك، وشذ رب أبيه ورب أخيه، ورب واحد أمه، ولا يجوز الفصل بينها وبين النكرة، وأجاز علي بن المبارك الأحمر: الفصل بينهما بالقسم فتقول: رب والله رجل صالح لقيته، ووهم ابن عصفور في نسبته جواز الفصل بالقسم لخلف الأحمر، وغره شهرة خلف الأحمر، وجاء في الشعر الفصل بينهما بالجار والمجرور ولا يقاس عليه نحو قوله: رب في الناس موسر كعديم … ... ... ... ... .... ونحو قوله: يا رب عنا غمرة جلاها وقول زيد الخيل: ويندب شماح بن عمرو ورهطه … ويا رب منهم دارع وهو أشوس

واختلفوا في وصف مجرورها النكرة، فذهب الأخفش، والفراء، والزجاج، وأبو الوليد الوقش، وابن طاهر، وابن خروف، إلى أنه لا يلزم وصفه، وهو ظاهر كلام سيبويه. وذهب ابن السراج، والفارسي، والعبدي، وأكثر المتأخرين منهم الأستاذ أبو علي، وفي البسيط: أنه رأى للبصريين إلى أنه يلزم وصف مجرورها، واختلف النقل عن المبرد، وأكثر وقوعها صدرا، وجاءت خبرًا لإن في قوله: أماوى إني رب واحد أمه … أخذت فلا قتل لدي ولا أسر وخبرًا لأن المخففة من الثقيلة كقوله: تيقنت أن رب امرئ خيل خائنا … أمين وخوان يخال أمينا وجوابًا لـ (لو) وهو غريب في قوله: ولو علم الأقوام كيف خلفتهم … لـ (رب) مفد في القبور وحامد

وليس مجرورها، دائما في موضع نصب خلافًا للزجاج، ومن وافقه، بل يحكم على موضعها بالرفع والنصب على حسب العامل بعدها، ويجوز فيه الاشتغال إذا كان العامل قد عمل في ضميره، أو سببه نصبًا لفظًا، أو محلاً، و (رب) زائدة في الإعراب لا في المعنى وفاقًا للأخفش، والجرمي، ويجوز العطف على موضع مجرورها إن رفعًا فرفع، وإن نصبًا فنصب كما قال امرئ القيس: وسن كسنيق سناء وسنما … ذعرت بمدلاج الهجير نهوض وقال أبو بكر عاصم بن أيوب البطليوسي: من جعل سنمًا للبقرة عطفه على موضع: وسن، لأنه في موضع المفعول بـ (ذعرت) تقول: ذعرت بهذا الفرس ثورًا، وبقرة، وهو بعيد عند بعض النحويين أن يجعل لـ (رب) موضع من الإعراب، ومذهب أكثر النحويين منهم المبرد، والفارسي أن العامل يجب أن يكون ماضيًا، وذهب ابن السراج إلى أنه يجوز أن يكون حالاً، ومنع أن يكون مستقبلاً، والصحيح أن العامل يكون ماضيًا في الأكثر، ويجوز أن يكون حالاً ومستقبلاً ومما جاء مستقبلا قول جحدر:

فإن أهلك ف (رب) فتى سيبكى … علي مهذب رخص البنان وقال الكسائي: العرب لا تكاد توقع (رب) على أمر مستقبل، وهذا قليل في كلامهم، وإنما يوقعونها عن الماضي، ثم استعذب عن قوله تعالى: «ربما يود» ثم قال ومع هذا يحسن أن يقال في الكلام: إذا رأيت الرجل يفعل ما يخاف عليه منه: ربما يندم، وربما يتمنى أن لا يكون فعل، وهذا كلام عربي حسن، ومثله قال الفراء والمبرد. انتهى. ومن التزم المعنى في العامل تأول ما ظاهر خلافه، وهذا كله مبني على أن (رب) يتعلق، وفي ذلك خلاف، وذهب الجمهور إلى أنها تتعلق بالعامل، وذهب الرماني، وابن طاهر، إلى أنها لا تتعلق، واختلف من قال: إنها تتعلق في حذف ما يتعلق به فذهب الخليل، وسيبويه إلى أن حذفه للعلم به نادر، وذهب الفارسي إلى أن حذفه كثير، وتبعه الجزولي، وذهب لكذة الأصبهاني إلى أنه لا يجوز حذفه ألبتة، ولحن ما روى من ذلك. وذهب بعضهم إلى أنه يلزم حذفه، لأنه معلوم كما حذف في تالله، وبسم الله، وفصل بعض أصحابنا فقال: إذا كان ثم ما يدل على العامل، ولم تقم الصفة مقامه، فإن شئت حذفته، وإن شئت أظهرته، وإذا كانت الصفة تقوم مقامه فلا يجوز إظهار العامل مثال ذلك: أن تسمع إنسانًا يقول: ما لقيت رجلاً عالمًا فتقول:

رب رجل عالم لقيت فلك ألا تذكر لقيت، وتكتفي برب رجل عالم جوابًا له. وإذا كان ذلك ابتداء فلا بد من إظهار الفعل، لأنك لو حذفته لم يعلمه سامعك، ومثل ما لا يظهر الفعل فيه، لأن الصفة تقوم مقامه قولك: رب رجل يفهم هذه المسألة لمن قال لك: قد فهمتها، والتقدير: رب رجل يفهم هذه المسألة وجدت، فمثل هذا لا يظهر، فتخلص في الحذف خمسة أقوال: الوجوب، والمنع، والندور، والكثرة، والتفصيل، والمفرد بعد (رب) في معنى جميع، إلا إذا حصرته قرينة في واحد نحو قوله: ألا رب مولود وليس له أب … ... ... ... ... ويكثر وقوعها صدر جواب شرط مصحبوة بـ (يا) نحو قوله: فإن أمس مكروبًا فيا رب قينة … ... ... ... ... ...

وغير مصحوبة بـ (يا) نحو قوله: فإن أهلك فرب فتى سيبكي … ... ... ... وقد يصحبها (يا) في غير ذلك نحو: يا رب رجل عالم لقيته، و (يا) تنبيه ويجوز أن يلتقي القسم بالجملة التي هي صدرها مع اللام نحو: والله لرب رجل عالم صحبته، ووصف مجرورها كوصف غيره من الأسماء، فتوصف بالمفرد وبالجملة الفعلية، والاسمية نفيًا وإثباتًا، وأكثر ما تكون المثبتة مصدرة بماض، وتجيء بالمضارع وبالمفتتح بحرف التنفيس، وأكثر ما يأتي الفعل الذي يتعلق به ماضيًا، وقد يكون (لو) وجوابها نحو: رب رجل صالح لو لقيته لخدمته، ومنفيًا بـ (لن)، ولا يتقدم عليها ما يتعلق به، لا يجوز: لقيت رب رجل عالم، ويتقدم (ألا) الاستفتاحية نحو قوله: ألا رب يوم صالح قد شهدته … ... ... ... ... ... وتضمر بعد الفاء في جواب الشرط نحو قوله: وإن أهلك فذي حنق لظاه … ... ... ... ... أي فرب ذي حنق، وفي غير الجواب نحو قوله:

فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع … ... ... .... في رواية من خفض (مثلك) وبعد (بل) نحو قوله: بل بلد ذي صعد وأضباب وزعم بعض النحويين أن الخفض هو بالفاء، و (بل) لنيابتهما مناب (رب)، وتقدم الكلام في واو (رب)، وأن مذهب المبرد، والكوفيين: أن الجر بها نفسها لا بإضمار (رب) بعدها، وبـ (رب) مضمرة بعد الواو، وهو مذهب البصريين، وقد جاء الجر بها مضمرة بعد ثم حكاه صاحب الكوفي، ودون حرف نحو قوله: رسم دار وقفت في طلله … ... ... ....

وواو (رب) هي في الأصل حرف عطف، ولذلك لا تدخل عليها (واو) العطف، إذ هي جواب لسؤال ملفوظ به أو مقدر. والضمير المجرور بـ (رب) مبهم، وليس جره بقليل ولا شاذ خلافًا لزاعم ذلك، ومذهب الفارسي وكثير من النحاة أنه معرفة، وجرى مجرى النكرة في دخول (رب) عليه لما أشبهها في أنه غير معين. وذهب بعض النحويين إلى أنه نكرة، وهو اختيار الزمخشري، وابن عصفور، وهو لازم التفسير بنكرة منصوبة غير مفصولة بينها وبين الضمير بشيء، وجاء جره في الشعر في قوله: ... ... ... ... … وربه عطبا أنقذت من عطبه كأنه نوى (من)، وهو شاذ لا يجوز في الكلام، ومن قال: يوصف مجرور «رب» النكرة لا يقول ذلك في تمييز «ربه رجلاً» و «ربه رجلا» أفخم وأمدح من رب رجل، وهذا الضمير عند البصريين يجب أن يكون مفردًا مذكرًا على كل حال سواء أكان التمييز مفردًا أو مثنى أو مجموعًا مذكرًا، أم مؤنثًا، وقال الشاعر: ربه فتية دعوت إلى ما … يورث المجد دائبًا فأجابوا

وحكى الكوفيون مطابقة الضمير للتمييز نحو: «ربه رجلا» وربها امرأة، وربهما رجلين، وربهم رجالاً، وربهن نساء. وزعم ابن أبي الربيع: أن حذف ما تتعلق به (رب) لازم الحذف، وقوله: ... ... ... .... … ربه عطبًا أنقذت من عطبه وربه فتية دعوة … ... ... ... .... يدل على ذكر الفعل الذي يتعلق به، والعامل في التمييز الهاء أشبهت (عشرين)، وتجيء (ما) زائدة بعد (رب) الجارة النكرة نحو قوله: ربما ضربة بسيف صقيل … ... ... ... ... ... وكافة، فتهيئها لمجيء الفعل الماضي نحو قوله: ربما أوفيت في علم … ... ... ... ... والمضارع نحو قوله تعالى: «ربما يود»، وقوله: ربما تكره النفوس من الأمر … ... ... ... ...

والكوفيون وابن السراج جعلوا (ربما يود) على إضمار كان، ولا يجوز على مذهب سيبويه، وقال ابن يسعون في قوله تعالى: «ربما يود»: قد تكون (ما) نكرة موصوفة؛ «أي رب ود يوده الذين كفروا»، والمضارع بعد (ربما) يجوز عند كثير من النحاة أن يكون مستقبلاً، وزعم جماعة أنه لا يكون إلا ماضيًا، فيتأول المضارع بماض، وزعم المبرد أنه يجوز أن يلي (ربما) الجملة الابتدائية كما قال: ... ... ... ... ... ... … ربما ظاعن بها ومقيم فتصير نحو: إنما إن جاءت الجملة فعلية كانت (ما) مهيئة وإن كانت اسمية كانت كافة، ومذهب سيبويه أن (ربما) إذا لم يكن بعدها مجرور تكون (ما) مهيئة فلا تليها إلا الجملة الفعلية المصدرة، بماضٍ لفظًا، ومعنى يلي ربما نحو: ربما ضربت زيدًا ولا يجوز: ربما زيدًا ضربت إلا في شعر، وربما حذف الفعل بعدها.

قال في النهاية: ويجوز حذف الفعل بعد (ربما)، لأن (رب) قد كفت عن العمل، فصارت داخلة على الجملة، فالحذف واقع عليها لا على المفرد، يقول القائل: أزرت زيدًا؟ فتقول: ربما؛ أي ربما زرت، فطول الكلام بالتركيب عوض من الفعل المحذوف، ولم يحضرني في ذلك شعر للعرب، ولكني وجدت في شعر أبي تمام: عسى وطن يدونو بهم ولعلما … وإن تعتب الأيام فبهم فربما أي فـ (ربما) بشرت أو إعادتهم انتهى. ويجوز لحاق (التاء) لها تقول: ربتما قام زيد، وإذا وقفت على ما لحقته التاء، فالوقف بالتاء؛ لأنها ليست تعقب الإعراب، فهي كتاء قامت، وبعض النحاة وقف بقلب التاء هاء، وهو مما أجازه الكسائي؛ لأن قبلها فتحة كـ (تاء) شجرة. (منذ ومذ) المحذوفة منها إذا جرتا مذهب الجمهور أنهما حرفان، وتقدم الكلام فيهما في الظرف، وفي النهاية: قالوا (مذ) و (منذ) حرفان، وفي هذا نظر إذ قالوا أصل مذ: منذ حتى لو صغر (مذ) اسم رجل قالوا فيه: منيذ، ولو جمعوه لقالوا: أمناذ ويلزم على قولهم: أن تكون (أن) المخففة من أن وإن حرفان، وأن (رب) باعتبار لغاتها عشرة أحرف، وأن يكون ددًا ودد، ودد ثلاثة أسماء، ولا يدعى أن أصل (مذ): منذ إلا بعد تقدم العلم، أن المحذوف من (مذ) العين، وأنها نون، وقد استدل لذلك بالتوافق في أكثر الحروف وفي المعنى. وتقول بعض العرب: (مذ) بضم الذال، وتقرر أن الكلمة الثنائية اللازمة البناء لا تحرك نحو: (من) و (إن) فلولا أنهم نحوا بها أصلاً ما حركوها.

وما هذه الضمة إلا عودًا للأصل، كما قالوا: ذهبتم الآن، فضموا ميم الكلمة، وذهب بعض المتأخرين: إلى أن المحذوف من (مذ) لام الكلمة، فلو سميت به لقلت في تصغيره: مذي، وفي تكسيره أمذاء انتهى. (عدا وخلا) في الاستثناء تقدم الكلام عليهما فيه، وصح الجر بهما عن العرب. (متى) تكون ظرفًا وشرطًا، واستفهامًا، وقال أبو سعيد السكري: (متى) بمعنى (من)، ولم ينسبها لهذيل ونسبها بعضهم لبعض، وأنشد أبو سعيد: ... ... ... ... ثم ترفعت … متى لجج ... ... .... ... ... ... … متى أقطارها ... ... .... أي من لجج ومن أقطارها. [وقال] ابن مالك: هي في لغة هذيل حرف جر قال: ومن كلامهم: أخرجها متى كمه: أي من كمه، ونقل بعضهم أن (متى) تكون بمعنى (وسط) فتجر ما بعدها، وحكى: وضعها متى كمه أي وسط كمه، ويحتمل أن يكون متى لجج، ومتى أقطارها أن تكون بمعنى وسط، فيكون ظرفًا مكانيًا.

(بله): تقدم الكلام عليها في آخر باب الاستثناء والجر بعدها هو المجمع على سماعه من لسان العرب في نحو قوله: بله الأكف كأنها لم تخلق واختلفوا فيها، ومذهب الأخفش: أنها حرف جر بمعنى (من)، والرباعي حتى، وحاشا، وأيمن، ولعل، وهذه بسائط، ولولا وهي مركبة من لو، ولا. (حتى): لها حكم في العطف تذكر فيه، وحكم إذا انتصب الفعل بعدها، وتقدم ذكره في نواصب المضارع، وحكم إذا جاء بعدها المبتدأ والخبر، وحكم في حروف الجر، وهو ما نحن بصدده فمذهب البصريين أنها بنفسها حرف جر. وقال الفراء: تخفض لنيابتها عن (إلى) كواو القسم، وواو (رب) للنيابة عن الباء، ورب، وربما أظهروا إلى بعدها في بعض المواضع قالوا: جاء الخبر حتى إلينا، جمعوا بينهما على تقدير إلغاء أحدهما انتهى. والاسم الصريح الجاري بعدها بالنسبة إلى ما يجوز فيه من الإعراب، إما أن يقع بعده ما يصلح خبرًا أو لا، إن لم يقع، فإما أن يتقدم ما يصلح أن يكون ما بعد حتى غاية له أو لا يتقدم، إن لم يتقدم نحو: العجب حتى الخز يلبس زيد، فأجاز الجر فيه الكسائي والفراء، ومنعه البصريون. وإن تقدم ما يصلح أن يكون غاية له، فإما أن يكون جزاء لما قبلها أو لا، إن لم يكن فالجر نحو: نمت الليل حتى الصباح، وإن كان جزاء واختفت به قرينة تدل

على أنه غير داخل في حكم ما قبله فالجر نحو: صمت الأيام حتى يوم الفطر، أو لم يختف فالجر، ويجوز التشريك بالعطف فيتبع، والعطف لغة ضعيفة، ويتعين العطف إذا اقترنت به قرينة تدل عليه نحو: ضربت القوم حتى زيدًا أيضًا، ولا يجيز البصريون رفعه على الابتداء والخبر محذوف، وأجازه بعض الكوفيين. وإن وقع بعد الاسم ما يصلح أن يكون خبرًا فإما أن يكون اسمًا مفردًا، فيتعين أن يكون (حتى) حرف ابتداء نحو: ضربت القوم حتى زيد مضروب، أو ظرفًا، أو مجرورًا، فيجوز الابتداء والجر، والعطف نحو: القوم عندك حتى زيد عندك، والقوم في الدار حتى زيد فيها، أو جملة اسمية، وما بعدها شريك في المعنى، فتلك الأوجه نحو: ضربت القوم حتى زيد أبوه مضروب، وأجاز الكوفيون الجر في: ضربت القوم حتى زيد فتركت، ومنعه البصريون وإن ساوى ما قبله في كونه غير شريك، أو جملة فعلية وهو غير شريك فالرفع بالابتداء، والحمل على إضمار فعل يفسره ما بعد حتى نحو: ضربت القوم حتى زيدًا ضربت أخاه، أو شريك والفعل عامل في ضمير الاسم الذي قبل حتى فالجر والعطف نحو: ضربت القوم حتى زيد ضربتهم، أو في ضمير ما بعد حتى فالابتداء، والجملة خبره، وحمله على إضمار فعل يفسره الفعل بعده، والجر والعطف نحو: ضربت القوم حتى زيد ضربته، وزعم بعض شيوخ الأندلس: أن الخفض والعطف في هذه المسألة لا يجوزان، وزعم الكوفيون: أنه لا يجوز الجر في ضربت القوم حتى زيد ضربته إلا أن تقول فضربته، وأجاز الجر فيها وفي المسألة قبلها البصريون.

قال أصحابنا: إذا جرت (حتى) لا يكون ما بعدها إلا داخلاً فيما قبلها نحو ضربت القوم حتى زيد، فتكون انتهاء الغاية به، إلا أن تدل قرينة على خلاف ذلك. وزعم ابن مالك أنه قد يكون انتهاء الغاية عنده لا به، وزعم أن سيبويه، والفراء، أشارا إلى ذلك. وحكى عن ثعلب أن (حتى) للغاية، والغاية تخرج وتدخل يقال: ضربت القوم حتى زيد، فيكون مرة مضروبًا، وغير مضروب، وقال مثله (صاحب الذخائر)، وفي الإفصاح: اختلف الناس فيما بعد حتى إذا كانت جارة هل تدخل فيما قبلها أم لا، فذهب المبرد. وأبو بكر، وأبو على أنه داخل على كل حال، وقال الفراء، والرماني: تدخل ما لم يكن غير جزء نحو قولهم: إنه لينام حتى الصباح. وصرح سيبويه: أن ما بعدها داخل فيما قبلها، ولا بد لكنه مثل بما هو

بعض مما قبله قال: واتفقوا على أنها إذا عطفت دخل ما بعدها فيما قبلها، وأنها لا يعطف بها إلا حيث يجر ولا يلزم العكس، وعلى أنه إذا لم يكن ما قبلها ما يعطف عليه لم يجز إلا الجر نحو: «حتى مطلع الفجر» و «حتى حين» وقال ابن مالك: ولا يلزم أن يكون يعني مجرور حتى آخر جزء أو ملاقي آخر جزء، خلافًا للزمخشري واستدل بقوله: عينت ليلة فما زلت حتى … نصفها راجيًا فعدت يئوسا وهذا الذي نقله عن الزمخشري هو قول أصحابنا، وهو أنه لا بد أن يكون آخر جزء من الشيء نحو: أكلت السمكة حتى رأسها، أو ملاقي آخر جزء نحو: سرت النهار حتى الليل، ولو قلت: أكلت السمكة حتى وسطها، وسرت النهار حتى نصفه لم يجز ذلك، بل إذا أردت المعنى أتيت بـ (إلى) فقلت: أكلت السمكة إلى وسطها، وسرت النهار إلى نصفه، فـ (إلى) في استعمالها لانتهاء الغاية أقعد من (حتى)، لأنها تدخل على كل ما جعلته انتهاء غاية. وسواء أن يكون آخر جزء من الشيء، أو ملاقيًا آخر جزء أو لا يكون، وما استدل به ابن مالك لا حجة فيه لما بيناه في شرح كتابه التسهيل، ولا يكون المجرور بحتى ضميرًا هذا مذهب سيبويه، وأجاز الكوفيون، والمبرد جرها الضمير فتجره متكلمًا، ومخاطبًا، وغائبًا، قياسًا على قوله:

. ... ... ... … فتى حتاك يا ابن أبي زياد وهذا عند البصريين ضرورة، وقولهم حتى حرف ابتداء ليس المعنى أنه يجب أن يكون بعدها المبتدأ والخبر، بل المعنى على الصلاحية، فـ (متى) كان بعدها المبتدأ، والخبر، أو جملة فعلية مصدرة بماض نحو قوله تعالى: «حتى عفوا»، أو بمضارع مرفوع أطلق عليها حرف ابتداء، وإبدال الحاء عينًا لغة هذيلية، قرأ عبد الله بن مسعود: «ليسجننه حتى حين» وإمالة ألف حتى لغة يمنية. (حاشا): ثبت عن العرب أنها تنصب، وتجر، وتقدم الكلام عليها في باب الاستثناء. (أيمن): الجمهور على أنها اسم، فعند سيبويه اسم مفرد، وألفه ألف وصل، وعند الفراء جمع يمين، فالهمزة همزة قطع، وشذ الزجاج، والرماني، فذهب إلى أن (أيمن) حرف جر. (لعل): لغة عقيل الجر بها، وتقدم ذكر ذلك في باب إن. (لولا): الامتناعية إذا جاء بعدها ضمير، فيكون ضمير رفع منفصلاً كقوله تعالى: «لولا أنتم لكنا مؤمنين»، والخلاف في رافعه كالخلاف في الاسم

الظاهر ويجوز أن يأتي بعدها ضمير الجر، وأنكر ذلك المبرد، وقال الأستاذ أبو علي: اتفق أئمة الكوفيين والبصريين كالخليل، وسيبويه، والكسائي، والفراء على رواية (لولاك) عن العرب، فإنكار المبرد هذيان. انتهى. ومذهب سيبويه أن الضمير مجرور الموضع، ومذهب الأخفش والكوفيين أنه مرفوع الموضع، استعير ضمير الجر لضمير الرفع، كما عكسوا في «ما أنا كانت» و «لا أنت كأنا»، إذا قلنا في الضمير في (لولاك) مجرور، فذكر بعضهم أنها لا تتعلق بشيء وقال بعضهم: تتعلق بفعل واجب الإضمار، فإذا قلت لولاي لكان كذا، فالتقدير: لولا حضرت، فألزقت ما بعدها بالفعل على معناه من امتناع الشيء، ولا يجوز أن يعمل فيه الجواب، لأن ما بعد اللام لا يعمل فيما قبلها، وكأنه لما رأى أن (لولا) إذا ارتفع ما بعدها كان الخبر واجب الإضمار جعل الفعل الذي يتعلق به (لولا) إذا ارتفع ما بعدها كان الخبر واجب الإضمار جعل الفعل الذي يتعلق به (لولا) واجب الإضمار، ونص أصحابنا على أنه لا يجوز حذف حرف الجر، وإبقاء عمله إلا إذا عوض منه، إلا في باب القسم على ما قرروه فيه، ويأتي إن شاء الله تعالى. وتقدم في باب (كم) قول من قال: إن الخفض هو على إضمار (من) والخلاف فيه، وجعلوا قول العرب: «خير عافاك الله» جواب كيف أصبحت من الشاذ الذي لا يقاس عليه، وعند أصحابنا أن قوله: ... .... لست مدرك ما مضى … ولا سابقًا شيئًا ... ....

من باب العطف على التوهم، والعطف على التوهم لا ينقاس، وكذلك لا يقاس على قوله: ألا رجل جزاه الله خيرًا … ... ... ... ... ... يريد ألا من رجل وعند ابن مالك: يقاس على هذا، وعلى الذي قبله، وقال ابن مالك: ويجر بغير (رب) أيضًا محذوفًا في جواب ما تضمن مثله نحو: زيد في جواب من قال: بمن مررت؟ وبلى زيد في من قال: ما مررت بأحدٍ وهل مررت بأحدٍ، وفي معطوف على ما تضمنه بحرف متصل نحو قوله: ... ... .... … وللطير مجرى والجنوب مصارع أو منفصل (بلا) نحو قوله: ما لمحب جلد أن يهجرا … ولا حبيب رأفة فيجبرا

أو بلو نحو: متى عذتم بنا ولو فئة منا … ... ... ... .... وحكى الأخفش في المسائل أنه يقال: جيء بزيد وعمرو، ولو كليهما، وأجاز في كليهما الجر على تقدير: ولو بكليهما، والنصب بإضمار ناصب، والرفع بإضمار رافع، أو في مقرون بعد ما تضمنه بالهمزة يقال: مررت بزيد فتقول: أزيد ابن عمرو، أو (هلا) يقال: تصدقت بدرهم فتقول: هلا دينار؛ وحكى هذه والتي قبلها الأخفش في المسائل قال: وهذا كثير أو (إن)، أو الفاء الجزائيتين نحو: مررت برجل إن لا صالح فطالح على تقدير: إن لا أمر بصالح، فقد مررت بطالح حكاه يونس، وأجاز: امرر بأيهم هو أفضل إن زيد وإن عمرو، وعلى معنى: إن مررت بزيد، وإن مررت بعمرو، وقال سيبويه: وهو قبيح، وجعل سيبويه إضمار الباء بعد إن، لتضمن ما قبلها إياها، أسهل من إضمار (رب) بعد الواو، فعلم بذلك اطراده عندهم قال ابن مالك: ويقاس على جميعها، خلافًا للفراء في جواب نحو: بمن مررت، فإنه لا يجيز زيد بالجر، بل بالباء. وجميع هذه المسائل التي ذكر ابن مالك: أنه يجوز الجر فيها على إضمار الحرف ينبغي أن يتثبت في القياس عليها، وقال: وقد يجر بغير ما ذكر كقوله:

. ... ... ... ... ... … حتى تبذخ فارتقى الأعلام و: ... ... ... ... .... … أشارت كليب بالأكف الأصابع و: ... ... ... ... … ... .... وأما خلة فثمان أي إلى الأعلام، وإلى كليب، وإما لخلة. وفي البسيط: فأما من قال: مررت بزيد، فتقول في الاستثبات إذا حذفت الفعل: أبزيد؟ ولا يجوز غيره، وهو مخالف لما قرره ابن مالك من جواز: أزيد بن عمرو؟ ولمن قال: مررت بزيد، فتحذف حرف الجر بعد الهمزة.

وقال العرب: لاه أبوك يريدون: لله أبوك حذف لام الجر وأل، وهو شاذ لا يقاس عليه ثم قالوا: لهي أبوك، قلبوا، وأبدلوا من الألف ياء كما قالوا: في قلب قفا: قوف، ووجه: جاه، والفتح للبناء كأين، فصارت اللام في لهي لام الكلمة، ولا يلزم في القلب أن يكون المقلوب على مثال المقلوب منه، وزعم ابن ولاد: أن قولهم: «لاه أبوك» محذوف من إلاه ثم قالوا: لهي أبوك قلب، وشبهت الألف الزائدة بالمنقلبة عن الأصل، وزعم المبرد أن المحذوف لام التعريف، ولام الأصل والباقية لام (الجر)، وقد نص سيبويه على أن هذه اللام الباقية هي الأصلية، وأن المحذوف لام الجر ولام التعريف، وقد استدل سيبويه ببناء لهي. وإنما بني لتضمنه معنى حرف الجر، ولا يجوز الفصل بين حرف الجر ومجروره، وقد سمع شيء من الفصل، وذلك في ضرورة الشعر نحو قوله: ... ... ... ... ... … وليس إلى منها النزول سبيل أي إلى النزول منها، وقوله: إن عمرًا لا خير في اليوم عمرو … ... ... ... .... وقوله: ... ... ... ... ... … ألا رب منهم من يعيش بمالكا

وقوله: ... ... ... ... ... … واقطع بالخرق الهبوع المراجم أي لا خير في عمرو اليوم، وألا رب من يعيش منهم، وأقطع الخرق بالهبوع، ومن أقبح الفصل قول الشاعر: وأسعدنه ربنا لا تشقه … ولا على النار تسلط رقه أراد ولا تسلط النار على رقه، وندر في النثر الفصل بين الباء ومجرورها بالقسم، حكى الكسائي: اشتريته والله بدرهم.

باب القسم

باب القسم القسم مصدر غير جار على أقسم، إذ قياسه إقسام، والحلف والإيلاء استعمل منها حلف، وآلى، والألية ليست خارجة على آلي، واليمين ليس منها فعل جار، ولا غيره، إذ هي اسم للجارحة، ثم سمي القسم بها، وينحصر الكلام في ذلك في رسم القسم وفي المقسم به، وفي حروف القسم، وفي المقسم عليه، وفيما يتلقى به القسم. فأما القسم، فهو جملة يؤكد بها جملة أخرى خبرية غير تعجبية، وأعني بجملة في اللفظ نحو: أقسمت بالله أو في التقدير نحو: بالله أي أقسمت بالله، والجملة تشمل الجملة الإنشائية نحو: أقسمت، والخبرية نحو «وأقسموا بالله جهد أيمانهم» هو خبر عما صدر عنهم من جملة الإنشاء، واحترز بقوله: يؤكد بها أخرى من نحو: قولهم: زيد قائم زيد قائم، فهذه ليست أخرى بل هي هي، واحترز بقوله خبرية من غير الخبرية، فإنها لا تقع مقسمًا عليها واحترز بقوله غير تعجبية من التعجبية فإنها لا تقع مقسمًا عليها وهي خبرية عند كثير من أصحابنا. وأما من يقول: إنها إنشائية، فلا يحتاج إلى قوله غير تعجبية فأما قولهم: علمت لزيد قائم، وأشهد أنك لمنطلق يقولون في هذا إنه جملة قسمية لما جاءت

توكيدًا، وتثبيتًا أطلق عليها قسمية، وقد تلقى علمت وعاهدت وأوثقت بما يتلقى به القسم الصريح وقال تعالى: «قالوا نشهد إنك لرسول الله»، ثم قال تعالى: «اتخذوا أيمانهم جنة»، وقال الفراء في قوله تعالى: «وتمت كلمة ربك لأملأن» صار «وتمت كلمة ربك يمينًا» كما تقول: حلفى: لأضربنك وبدا لي لأضربنك، وقال سيبويه: يعلم الله، قال الأستاذ أبو علي: ليس في هذا قسم لا ملفوظ به، ولا مقدر، لكنه لما أشبه القسم من جهة أنه تأكيد للخبر الذي بعده أجيب بجوابه، قال ابن خروف: دخول القسم في علم، ويعلم لا يكون إلا مع اسم الله تعالى، ولا يوجد ذلك إلا بالسماع، وما ضمن معنى القسم من نحو: علمت، وأشهد، فقيل: الجملة في موضع المفعول لعلمت، وأشهد، وقيل: ليست معمولة، لأن القسم لا يعمل في جوابه، وهذا مضمن معناه فلا يعمل، فإن كانت معلقة، ولم تضمن معنى القسم، فهي في موضع معمول، ولا بد انتهى. أو تبدل في الجملة الصريحة من فعلها المصدر قسمًا وألية نحو: ألية باليعملات ونحو: قسمًا لأصطبرن ... ... ... … ... ... ... ... ...

وما في معناه نحو: يمينًا لنعم السيدان ... .... … ... ... ... ... وقضاء الله لأقومن، ويقينًا لأشربن وقال تعالى: «قال فالحق والحق أقول لأملأن» فهذه كلها نابت مناب أقسم. والمقسم به كأن المقسم يريد تحقيق ما أقسم عليه وتثبيته، فإن كان مقصوده الحنث أقسم بغير معظم نحو قوله: وحياة هجرك غير معتمد … إلا ابتغاء الحنث في الحلف ما أنت أحسن من رأيت ولا … كلفى بحبك منتهى كلفي أقسم بحياة هجرها، وهو غير معظم عنده، رغبة في أن يحنث، فيموت هجرها، قال ابن عصفور: إلا أن القسم على هذا الطريق يقل. وحروف القسم: الباء والواو، والتاء، واللام، ومن، وأيمن، في مذهب الزجاج، وهو قول مخالف لإجماع البصريين والكوفيين، وحروف التعويض،

وتقدم ذكرها في حروف الجر، ويجوز حذف الفعل مع الباء، وتدخل على الظاهر، والمضمر فتقول: بك لأنصرن يا رب أي أقسم بك، ولا يظهر الفعل مع الواو فتقول: والله لأقومن، وأجاز ابن كيسان إظهاره فتقول: حلفت والله لأقومن، ولا يظهر مع التاء، ولا مع اللام، وقال قطرب: التاء لا تدخل إلا في موضع واحد بمعنى التعجب، أو القسم فالتعجب تالله ما أكرم زيدًا، والقسم تالله ما علمت هذا، واللام: لله ما أكرم زيدًا، ولا يجوز حذف الحرف، إلا إن كان الباء فقط، فيجوز حذفه، وحذف الفعل وإذا حذفا جاز نصب المقسم به، ورفعه، ورووا: فقالت يمين الله مالك حيلة … ... ... ... ... .... بنصب «يمين الله» ورفعه، فالرفع على أن التقدير: قسمي يمين الله، والنصب قال الفارسي: لما حذف الحرف وصل إليه فعل القسم المضمر، فنصبه، وأجاز ابن خروف، وتبعه ابن عصفور هذا الوجه، وأن ينصب بفعل مضمر يصل بنفسه تقديره: «ألزم نفسي يمين الله»، وإذا نصب لفظ الله فقلت: الله لأفعلن، فيجوز عند ابن خروف أن يكون الأصل «ألزم نفسي يمين الله» فحذف يمين، وأقيم المضاف إليه مقامه. الأحسن عندي في نصب يمين الله، ونظائره أن ينصب بفعل متعد إلى واحد، فيكون التقدير: والتزم يمين الله، وفي نصب (الله) أن يكون التقدير: أحلف بالله،

فلما حذفا معًا، وصل الفعل المحذوف إلى اللفظ بنفسه فنصبه، وإذا كان المقسم به لفظ الله جاز جره، قال ابن مالك: بهمزة مفتوحة تليها ألف نحو: آالله لأفعلن، وأصحابنا يعبرون عن هذه الهمزة بهمزة الاستفهام، وليس استفهامًا حقيقة، أو ها محذوفة الألف، أو ثابتة، مع وصل الألف، أو قطعها، فتجيء صور أربع: هألله، وها الله، وها ألله وهالله، وأصحابنا يعبرون بها للتنبيه، وقد يستغنى في التعويض بقطعها بقول القائل: والله لأخرجن وتقول: أفأ الله ليخرجن، وإن شئت فألله بغير همز الاستفهام، فهمزة القطع عوض عن الحرف. وقال المبرد: أفأ الله: ألف وصل معاقبة لحرف القسم والفاء للعطف، والألف التي قبلها للاستفهام، ولا تكون ألف الوصل معاقبة لحرف القسم إلا ها هنا، كأن قائلاً قال: لك هذه الدارلي: فقلت أنت مستفهمًا عاطفًا على كلامه بالفاء: أفأ الله لقد كان كذا وكذا ولك أن تقول: فاآلله وتجعل ألف اللام بدلاً من حرف القسم، ولم تأت بألف الاستفهام، فإذا أدخلت الواو فهي حرف قسم، فلا يجوز أن تثبت ألف اللام معها. انتهى. ولا تستعمل هذه الأعواض إلا في اسم الله تعالى، ولا يجوز معها إلا الجر، فلو جئت بشيء من هذه الأعواض الثلاثة، فيما يقسم به من غير لفظ الله، وحذفت حرف الجر الموضوع للقسم لم يكن إلا النصب تقول: العزيز لأفعلن، ويجوز جر لفظ الله دون عوض حكاه سيبويه، والأخفش وغيرهما تقول: الله لأفعلن، وأجاز بعضهم رفعه فتقول: الله لأقومن، وحكاه الفراء ومنعه بعضهم.

ومذهب البصريين: أن المقسم به إذا حذف منه الحرف بلا عوض، ولم ينو المحذوف جاز نصبه كائنا ما كان، وقيل: لا يجوز فيه إذ ذاك إلا النصب إلا في لفظ الله فيجوز الجر، وأجاز الكوفيون فيه إذ ذاك الجر والرفع، ولا يجوز النصب عندهم إلا في حرفين: كعبة الله، وقضاء الله قال: لا كعبة الله ما هجرتكم … إلا وفي النفس منكم أرب ولا يجوز: تالله وعمرو لأذهبن، ولاها الله وأخيك لأنطلقن؛ لأن التاء، وألف الاستفهام، وهاء التنبيه لا تقع على غير الله تعالى، وأنت إذا عطفت أوقعتها على زيد وعمرو، وأخيك، فإن جعلت الواو للقسم جاز على ما فيه من البعد، وقد لحق لفظ الله في القسم وغيره أنواع من التصرفات قالوا: وله لا أفعل ذلك، ووله لا أفعل كما قالوا: لاه أبوك، ووله، ووله أبوك، ولهي أبوك، وقالوا: له ربي يريدون: الله ربي، وأجاز بعض البصريين تابعًا للكوفيين: الجر في كل اسم يقسم به إذا حذف الحرف، وحكى الجرمي: أن من العرب من يضمر حرف الجر مع كل قسم، ومذهب الأخفش: أن الجر بالعوض نفسه، وهو اختيار ابن عصفور، وابن أبي الربيع، ومذهب غيره أنه بالحرف المحذوف الذي صار

هذا عوضًا عنه، وهو اختيار ابن مالك تابعًا لمذهب الكوفيين في ذلك، فإن ابتدأ في الجملة الاسمية بمتعين للقسم وجب حذف البخر، والمتعين هو: لعمرك وأيمن لم يستعملا مقرونين باللام إلا في القسم، والتقدير: لعمرك ما أقسم به، وهذه اللام لام الابتداء، قيل: وليست لام قسم محذوف، قيل: لأن القسم لا يدخل على القسم، وقد جاء قوله تعالى: «وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى». فاللام جواب قسم محذوف، وهو قسم جوابه «إن أردنا إلا الحسنى». وإذا عرى من اللام جاز نصبه تقول: عمر الله وعهد الله، وإن كان غير متعين للقسم جاز حذف الخبر تقول: على عهد الله ويمين الله تلزمني، فيجوز حذف (على) ويلزمني، وقد نص سيبويه وحكى: على عهد الله لأفعلن، فأظهر الخبر، خلافًا لمن أنكر إظهاره من المتأخرين، وحكاية سيبويه ترد عليه، وإذا كان المحذوف منه اللام عمرًا جاز ضم عينه فتقول عمر الله لأفعلن كذا، ودخول الباء عليه قال الشاعر: أنشده ابن مالك. رقى بعمركم لا تهجرينا … ... ... ... ...

وليس بقسم، وقال أبو جعفر بن النحاس إذا قلت: عمر الله، أو عمرك جاز الرفع والنصب، وقد يجوز الخفض بجعل الواو للقسم تقول: وعمرك. انتهى. وقال: ... ... ... ... ... ... … ولا عمرو الذي أثنى عليه وما رفع برفع (عمرو) ونصبه، ويلزم إضافة عمر إلى ظاهر أو إلى مضمر مع اللام، ودون اللام وفي معنى (عمر) قولان: أحدهما: مذهب البصريين أنه بمعنى البقاء يقال: طال عمرك وعمرك والتزموا فتح العين مع اللام في القسم، فالمجرور بعده فاعل والمصدر مضاف إليه. والثاني: ما ذهب إليه بعض الكوفيين، والهروي أنه مصدر ضد الخلو من عمر الرجل منزله، والمقسم يريد تذكير القلب بذكر الله تأكيدًا للصدق فيه، وقال به السهيلي، فإن كان المتعين للقسم (أيمن)، فمذهب سيبويه أن همزته همزة وصل، ولذلك تسقط في الدرج، ومذهب الفراء أنه جمع يمين، وهمزته همزة قطع، لكنهم يحذفونها لكثرة الاستعمال، ومذهب الزجاج، والمراني: أن (أيمن) حرف لا اسم، وهو قول شاذ، والتفريع على مذهب الجمهور، فـ «أيمن الله» في القسم ملتزم فيه الرفع على الابتداء هكذا استعملته العرب، وخبره واجب الحذف، وذهب ابن درستويه إلى أنه يجوز أن يجر بواو القسم، قال: ما عدا الباء والواو والتاء أسماء يقسم بها، وتدخل عليها الواو

إلا من ربي، ومن ربي، وام الله فتقول: وأيمن الله، ويمين الله، وعهد الله، ولا تدخل على من ربي ولا ام الله، إنما هي أيمن حذفت منه الهمزة والياء، فأشبهت حروف المعاني لما حذفت، فلا تدخل عليها الواو. وقد يضاف (أيمن) إلى الكعبة والكاف والذي، تقول: أيمن الكعبة لأقومن، وفي الحديث «وأيم الذي نفسي بيده»، ومن كلام عروة بن الزبير «ليمنك لئن ابتليت لقد عافيت ولئن أخذت لقد أبقيت»، وزعم الفارسي أنها لا تضاف إلا إلى الله، والكعبة، وقد سمع إضافتها إلى غيرهما أنشد الكسائي: ليمن أبيهم لبئس العذرة اعتذروا وحكى المفضل عن العرب: ليمين الله بكسر النون إذا لقيها ساكن، فإن لم يلقها ساكن سكنت النون، وعلى هذا فتكون مبنية، وسبب بنائها هو السبب في فتح همزتها وهو شبه الحرف، وقد تصرفت العرب في (أيمن) تصرفا كثيرًا لكثرة استعمالهم لها، قالوا فيها (إيمن) بكسر الهمزة وضم الميم، و (إيمن) بكسر الهمزة وفتح الميم، و (أيمن) بفتح الهمزة والميم، و (أيم) بفتح الهمزة وضم الميم، وحذف النون عن تميم، و (إيم) بكسر الهمزة بعدها ياء وضم الميم، وحذف النون عن سليم، وضمة الميم في هاتين اللغتين علامة رفع، وروى

(إيم الله) بكسر الهمزة بعدها ياء وكسر الميم، وكسرة الميم جر عند الأخفش بحرف قسم مقدر نحو: الله لأقومن، وقيل هو مبني على السكون في لغة من بناها على السكون، وكسرت الميم لالتقاء الساكنين، و «هيم الله» بإبدال الهمزة هاء كما قالوا: هياك في إياك، وعن بعض العرب «إم الله» بكسر الهمزة والميم، وعن بعضهم «أم الله» بفتح الهمزة وكسر الميم، و «أم الله» بفتحهما، و «إم الله وإم الله» بكسر الهمزة وضم الميم وفتحها، و (من الله) بضم الميم والنون وفتحهما وكسرهما و (م) الله بميم مضمومة، و (م) الله بميم مكسورة، حكاهما الكسائي، والأخفش وسئل رجل من بني العنبر ما الدهدران؟ فقال: «م ربي الباطل»، وحكى الهروي: م الله بفتح الميم، وقال الأخفش: وهو مبني لأن الاسم إذا كان على حرف واحد لم يعرب، وزعم بعض النحاة: أن (من وم) بلغاتهما حرفان وليستا بقية (أيمن)، وبه قال المبرد قال: تقول: من الله، ومن ربي لأفعلن إنما دخلت اللام، ومن في القسم، لأن حروف الخفض يبدل بعضها من بعض نحو: فلان بمكة وفي مكة، ومذهب سيبويه أن (م) و (أيم) و (من) وبقية اللغات أصلها أيمن، وزعم بعضهم أن (م) المفردة بدل من واو القسم، وزعم بعضهم أن (الواو) بدل من الباء، وبعضهم أن (التاء) بدل من الواو. وزعم السهيلي أن (واو) القسم هي في الأصل (واو) العطف، ولا يقوم دليل على صحة شيء من هذه المذاهب، ولو كان أصلها العطف لم يدخل عليها واو العطف في قول الشاعر:

أرقت ولم تخدع لعيني هجعة … ووالله ما دهري بعشق ولا سقم وحكى أبو الحسن في ألف (أيمن) القطع، وحكى سيبويه الوصل، وحكى بعضهم عن أبي الحسن: أن همزة (ايم) همزة وصل، وهمزة (إيم) همزة قطع، وقال الأستاذ أبو علي: أيمن مغير كـ (امرئ)، و (ابن)، فلا يطالب بوزنه، كما لا يطالب بوزن (امرئ)، إذ ليس في الكلام مثله، قال ابن طاهر: هو مغير عند سيبويه من يمين، وقال غيره: بل هو مغير من (فعل) اسم مشتق من اليمن كـ (امرئ) مغير عن (مرئ)، وقال الأخفش: إن سميت بـ (أيمن) ثم صغرته قلت: يمين قال ابن خروف: وهو قول صحيح: وقد يخبر عن اسم الله مقسما به نحو: لك الله لا ألفي لعهدك ناسيًا … ... ... ... ... ... وبعلى نحو قوله: ... ... .... … ألا فعلى الله أوجد صابيا

أي لا أوجد صائبًا، وقد يبتدأ بالنذر قسما نحو: علي إلى البيت المحرم حجة … ... ... ... ... ثم قال: لقد منحت ليلى المودة غيرنا … ... ... ... ... ومن أيمان العرب: لا والذي وجهي زمم بيته أي نحو بيته، ولا ومجرى إلا لاهة وهي الشمس، لا ومجرى إلاهة ممنوع الصرف علمًا، ويقولون قسما لأفعلن ذاك، ويمينًا، وألية، ونحبا، وعهدا، ونذرا، وموثقًا، وميثاقًا، وحقًا، ولحقا، وليمينًا، ولقسمًا، ولحق أفعل، يرفعون بغير تنوين، وبإصر وبأصر، ليكونن ذاك، ومعنى (بأصر) حتم لازم، لا والذي أكتع له، ومعنى (أكتع): أؤكد، وتقول عقيل: حرام الله، كقولهم: يمين الله. والحروف التي يتلقى بها القسم في الإثبات هي اللام، وإن زعم الأخفش أن القسم يجوز أن يتلقى بلام (كي)، وأجازه أبو علي في العسكريات، ورجع عنه في البصريات، والتذكرة، نحو قوله:

إذا قلت قدني قال بالله حلفة … لتغنى عني ذا إنائك أجمعا وزعم بعض القدماء من النحويين، أنه قد يتلقى ببل نحو قوله تعالى: «ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق»، وزعم ابن عصفور: أن (أن) من الحروف التي تربط القسم بالمقسم عليه إن كانت الجملة الواقعة جوابًا لـ (لو) وما دخلت عليه نحو قوله: أما والله أن لو كنت حرًا … ... ... ... ... وقد رد عليه ذلك الأستاذ أبو الحسن بن الضائع، ونص سيبويه على أن (أن) في جواب القسم، كاللام الأولى في «والله لئن فعلت لأفعلن»، فليست الرابطة للجواب بالقسم، وقد رجع ابن عصفور إلى ما قال سيبويه، وقال سيبويه: ووجه آخر تكون في (أن) لغوا قال: نحو قولك: لما أن جاء، وأما

والله أن لو فعلت لأكرمتك انتهى، والذي أهذب إليه أنها مخففة من الثقيلة، وقررنا ذلك في الشرح، واللام التي تتلقى بها مفتوحة، ففي الجملة الاسمية نحو: والله لزيد فاضل، وأن مشددة نحو: والله إن زيدًا قائم، والمخففة، والسماء والطارق ثم قال: «إن كل نفس لما عليها حافظ»، ولم يذكر أصحابنا الاستغناء في الجملة الاسمية عن اللام أو عن (أن)، وذكر ابن مالك أنه قد تسوغ الاستطالة الحذف، ويحسن كما في قول الشاعر: ورب السموات العلى وبروجها … والأرض وما فيها المقدر كائن أي للمقدر كائن، وينبغي أن يحمل ذلك على الندور، بحيث لا يحسن ولا يقاس عليه، وما ذهب إليه بعض النحاة من أنه لا يتلقى (بأن)، إلا إذا كان في خبرها اللام ليس بصحيح، ولا يجوز دخول لام القسم على (أن)، ولا على (أن)، ويجوز دخولها على (كأن)، ومنه قول الأعرابي: «وما هذه القنمة والله لكأنا على حششة»، القنمة: الرائحة الرديئة، والحششة: جمع حُشّ. وفي الجملة الفعلية إن كانت مصدرة بماض جامد فاللام، ولم تدخل عليه قد نحو: يمينًا لنعم السيدان وجدتما … ... ... ... ... ... أو متصرف جاز دخولهما فتقول: والله لقد قام زيد، ويجوز أن لا تدخل قد نحو قوله:

حلفت لها بالله حلفة فاجر … لناموا ... ... ... ... وقال بعض العرب: والله لكذب زيد كذبًا ما أحسب الله يغفره له ويجوز قد دون اللام نحو قوله تعالى: «قد أفلح من زكاها» جوابًا لقوله تعالى: «والشمس وضحاها»، ويجوز أن لا يدخلا كقوله تعالى: «قتل أصحاب الأخدود» جوابًا لقوله تعالى: «والسماء ذات البروج» وقد تدخل اللام على ماضي اللفظ مستقبل المعنى كقوله تعالى: «ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا» أي ليظلن، وعلى (ربما)، وما بعدها ماضي اللفظ مستقبل المعنى نحو قوله: لئن نزحت دار لليلى لربما … غنينا بخير والديار جميع وعلى معمول الماضي نحو قوله: لعمري لقد ما عضني الجوع عضة … ... ... ... ...

وقال ابن عصفور: إن كان قريبًا من زمان الحال دخلت اللام، وقد، وإن كان بعيدًا فاللام وحدها، أو بمضارع حال، ففي المسألة خلاف، فمن النحاة من أجاز فيقول: والله ليقوم زيد، وقد جاء هذا التركيب في الشعر، وبه استدل من يجيزه، ومنهم من منع، وقال: إذا أريد القسم على فعل الحال أنشئ من المضارع اسم فاعل، وصير خبرًا للمبتدأ، ثم يقسم على الجملة الاسمية نحو: والله لزيد قائم وقال ابن أبي الربيع: وأما في الإيجاب، فترد الجملة الفعلية اسمية فتقول: إن زيدًا يقوم الآن، وقد تأتي قليلاً نحو: والله ليقوم زيد، والله لقد يقوم زيد كما قال: كذبت لقد أصبى على المرء عرسه … ... ... ... .... أو بمستقبل مقرون بحرف التنفيس، وهو سوف فاللام نحو: قوله تعالى «ولسوف يعطيك ربك» أو السين واللام أيضًا نحو: والله لسيقوم زيد، هذا مذهب البصريين، قاسوا السين على سوف ولم يسمع، ولا يجيز ذلك الفراء،

أو مفصول بين اللام والمستقبل بالمعمول، أو بقد فاللام وحدها نحو قوله تعالى: «ولئن متم أو قتلتم لإلي الله تحشرون»، وقولك: والله قد أقوم غدًا، أو لم يفصل فلا بد من اللام، ونون التوكيد خفيفة أو شديدة نحو قوله تعالى: «ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه» هذا مذهب البصريين، وتعاقب اللام والنون عندهم ضرورة. وذهب الكوفيون، وتبعهم الفارسي إلى جواز تعاقبهما في الكلام فتقول: والله ليقومن زيد غدًا، ووالله يقومن زيد. وحروف النفي التي يتلقى بها القسم ما، ولا، و (إن)، وقال ابن مالك: وقد يصدر بـ (لن)، وبـ (لم) نحو قوله: والله لن يصلوا إليك بجمعهم … حتى أواري في التراب دفينا وحكى الأصمعي أنه قيل لأعرابي: ألك بنون قال: نعم، وخالقهم لم تقم عن مثلهم منجبة، وقال: ندر نفي الجواب بـ (لن)، وبـ (لم)، وزعم ابن جني أنه قد يتلقى القسم بـ (لن)، وبـ (لم)، في الضرورة، وكان أبو عبد الله محمد بن خلصة الكفيف يجيز أن يتلقى القسم بـ (لم)، ورده عليه ابن السيد، وحكاه ابن الدهان عن بعضهم، ثم الجملة المنفية الواقعة جوابًا للقسم، إما أن تكون

اسمية، أو فعلية، إن كانت اسمية، فتنفي بما نحو: والله ما زيد قائم، والنظر يقتضي أن تنفى بـ (إن) كما تفنى بها لو لم تكن جوابًا، نحو قوله تعالى: «إن عندكم من سلطان بهذا» فتقول: والله إن زيد قائم، ولا تنفى بـ (لا)، وزعم ابن مالك أنها تنفى بـ (لا)، إلا أنه إذا قدم الخبر، أو كان المخبر عنه معرفة لزم تكرارها في غير الضرورة نحو: والله لا في الدار رجل، ولا امرأة، ولعمري لا أنا هاجرك ولا مهينك. وفي النهاية: الجملة الاسمية تنفيها بما على اللغتين وبـ (لا) نحو: لا رجل في الدار، ولا يجب تكرارها، لأنك أعملتها، وبـ (لا) التي لا تعمل نحو: والله لا زيد في الدار ولا عمرو، ولأنك لم تعملها، وبـ (لا) التي تعمل عمل ليس نحو: والله لا رجل أفضل منك، وبـ (إن) نحو: والله إن زيد قائم انتهى. وإن كانت الجملة فعلية مصدرة بماضٍ نفي بـ (ما)، وبـ (إن)، وبـ (لا)، إن أريد به الاستقبال نحو: والله ما قام زيد، ودخول اللام على (ما) ضرورة، ولا يجيزه ابن السراج: والله لما قام زيد، وقد جاء في شعر النابغة، ووالله إن قام زيد وقوله: ردوا فوالله لاذدناكم أبدًا … ما دام في وردنا ماء لوراد

وقال المؤمل: حسب المحبين في الدنيا عذابهم … بالله لا عذبتهم بعدها سقر وفي النهاية: يجوز: والله قام زيد، يريد: والله لا قام زيد، لأن لو كان إيجابًا لم يخل من اللام، أو (قد) أو كليهما. انتهى، أي لا نذودكم أبدًا، ولا تعذبهم، وقوله تعالى: «ما تبعوا قبلتك» أي ما يتبعوك، وقوله: «إن أمسكهما من أحد من بعده» أي إن يمسكهما من أحد، وإن كان مضارعًا، نفي بـ (ما)، وفي جواز حذف (ما) خلاف، والصحيح المنع، وإن كان مستقبلاً نفي بـ (لا)، ثم إن كان جواب قسم ملفوظ به، أو مقدر جاز حذف (لا) كقوله تعالى: «قالوا تالله تفتؤا تذكر» وكقول الشاعر: وقولي إذا ما أطلقوا عن بعيرهم … تلاقونه حتى يئوب المنخل أي والله لا تلاقونه، فإن كان النفي بـ (لا) دخلت عليه نون التوكيد، كقوله: تالله لا يحمدن المرء مجتنبًا … فعل الكرام، وإن فاق الورى حسبا

فلا يجوز حذف (لا)، والأكثر أن لا يؤكد بالنون كقوله تعالى: «وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت». وزعم ابن مالك أنه يجوز حذف ما في الجملة الاسمية، و (ما) في الفعل الماضي لأمن اللبس، واستدل بما لا دليل فيه، وتقول: والله لولا زيد لخرجت، والله لو قام زيد لقام عمرو، فجواب (لو) و (لولا) محذوف، وجواب القسم هو هذا المذكور وهو: لخرجت ولقام عمرو، ويلزم مضى جواب القسم لدلالته على جواب (لو) و (لولا) المحذوف، وجوابهما ماضي، ولا فرق في حذف جوابهما بينه وبين حذف أداة الشرط إذا اجتمع هو والقسم، وتقدم القسم على الشرط، فإن الجواب يكون للقسم لا للأداة، كقوله تعالى: «لئن أخرجوا لا يخرجون معهم»، فجواب (إن) محذوف، ولا يخرجون جواب القسم المقدر قبل لئن. وكلام ابن مالك يقتضي اضطرابًا زعم أن الجملة المصدرة بـ (لو)، وجوابها هي الجملة المقسم عليها، وأنها واقعة جوابًا للقسم، وكذا (لولا) فإذا قلت: والله لولا زيد لأكرمتك، أو والله لو قام زيد قام عمرو، كانت هذه الجملة نفس جواب القسم قال: ويصدر في الشرط الامتناعي بـ (لو) أو (لولا)، وأصحابنا لا يسمون (لو) ولا (لولا) شرطًا، إلا إن كانت (لو) بمعنى (إن)، وأما إن كانت تعليقًا في الماضي فليست شرطًا، وزعم في الفصل الأول من باب عوامل الجزم: أن جواب القسم محذوف إذا تقدم القسم على (لو)، أو على (لولا)، يغني عنه جواب (لو) و (لولا)، وقد أطلنا الكلام في ذلك في كتابنا

شرح التسهيل، وتدخل لام التوطئة على (لولا) في الشعر، وإن لم يقدر قبلها قسم محذوف كانت اللام جوابًا لها، فإن كان الفعل جوابًا منفيًا لم يجز حذف القسم، ويأتي توالي الشرطين أو أكثر في باب جوازم المضارع إن شاء الله تعالى. والذي يتكلم فيه هنا هو اجتماع القسم والشرط، فنقول: إذا اجتمعا فإما أن يتقدم عليهما ما يطلب خبرًا، أو لا إن لم يتقدم، فالجواب للسابق منهما مثال سبق القسم: والله إن زرتني لأكرمتك، ومثال سبق الشرط: إن تزرني والله أكرمك، ويحذف جواب ما تأخر منهما لدلالة جواب ما أثبت جوابه منهما، وإذا أغنى جواب القسم عن جواب الشرط لزم أن يكون جواب القسم مستقبلاً، لأنه مغن عن مستقبل ودال عليه، ولزم أن يكون فعل الشرط بصيغة الماضي أو منفيًا بـ (لم)، فلا يجوز أن تقول: والله إن يقم زيد لأقومن «ولا والله إن لا يقم زيد لأقومن»، ولا والله إن قام زيد لقمت، إلا أن يكون الماضي وقع موقع المستقبل كقوله تعالى: «ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرًا لظلوا» أي ليظن وهو قليل. وزعم الفراء، وتبعه ابن مالك: أنه يجوز أن يكون الجواب للشرط مع تقدم القسم عليه فتقول: والله إن قام زيد يقم عمرو، فيستغنى بجواب الشرط عن جواب القسم، ويكون جواب القسم محذوفًا لدلالة جواب الشرط عليه؛ وإن تقدم على القسم والشرط طالب خبر، فالجواب لأداة الشرط دون القسم، وسواء تقدم القسم على الشرط، أم تقدم الشرط على القسم مثال ذلك: زيد والله إن

يزرنا نزره، وزيد إن زيرنا والله نزره، وهل الحكم لجواب الشرط على سبيل التعيين، أو الجواز [فقال ابن مالك هو على سبيل التحتم، وقال غيره: على سبيل الجواز، فيجوز] عند قائل هذا أن يقول: زيد والله إن قام يقم عمرو، وزيد والله إن قام ليقومن عمرو. وأجاز بعضهم أن يحذف جواب الشرط والقسم، ويكون ذلك الفعل مرفوعًا خبرًا عن المبتدأ فتقول: زيد والله إن أكرمته يكرمك، وزيد إن أكرمته والله يكرمك، وفي كتاب سيبويه: «أنا والله إن تأتني لا آتك» [لأن هذا الكلام مبني على أنا: ألا ترى أنه حسن أن تقول: أنا والله إن تأتني آتك] انتهى. وليس في كلامه ما يدل على تحتم، بل ظاهره الجواز لقوله: ألا ترى أنه حسن، وإذا تقدم على القسم وحده ما يطلب صلة، وما يطلب خبرًا جاز أن يبني ما بعده على طالب الخبر، وطالب الصلة، وجاز أن ينبني على القسم، فإذا بنيت على طال بالجزاء والصلة القسم وجوابه: زيد والله يقوم، وجاءني الذي والله يقوم، وزيد والله ليقومن، وجاءني الذي والله ليقومن، ويجوز أن تقع الجملة القسمية جوابًا للشرط نحو: إن تزرني فوالله لأكرمنك.

وأجاز ابن السراج أن تنوي الفاء فيعطي القسم المؤخر بنيتها ما أعطى بلفظها فتقول في: إن تقم فيعلم الله لأزورن:: إن تقم يعلم الله لأزورنك، على تقدير الفاء، فلو لم ينو الفاء ألغى القسم لتقدم الشرط عليه فقيل: إن تزرني يعلم الله أزرك. وإذا صرح بالقسم السابق على أداة الشرط، أو أضمر جاز أن تدخل على الأداة لام مفتوحة تسمى الموطئة، والمؤذنة، وسواء أكانت الأداة إن، أو غيرها هذا مذهب البصريين، وزعم الفراء أن هذه اللام لما دخلت على الشرط، أجيب الشرط بجواب القسم، فمن المصرح فيه بالقسم، قوله تعالى: «وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن» ومن إضمار القسم: «لئن أخرجوا لا يخرجون معهم» ومن دخولها على غير (إن) قوله: ولما رزقت ليأتينك سيبه … ... ... ... ... ... وقوله: لمتى صلحت ليقضين لك صالح … ... ... ... ...

ويجوز حذف هذه اللام قال سيبويه: ولا بد من هذه اللام مظهرة، أو مضمرة. انتهى، ومن إضمارها قوله تعالى: «وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا»، وقوله تعالى: «وإن أطعتموهم إنكم لمشركون» وقوله تعالى: «وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين»، وقوله تعالى: «وإن قوتلتم لننصرنكم». وقال الشاعر: فإن لم تغير بعض ما قد صنعتم … لأنتحين للعظم ذو أنا عارقه لم يقل: فلئن، فإذا لم يكن في الكلام ما يدل على أن القسم محذوف قبل أداة الشرط، بأن يكون الفعل المقدر جوابًا منفيًا، وهو يصلح أن يكون جواب الشرط، أو دليلاً عليه منويًا به التقديم وجب إثبات اللام مثال ذلك: إن قام زيد لا يقوم عمرو أو لم يقم عمرو، ففي مثل هذا إذا كان القسم منويًا قبل الأداة أتيت باللام فقلت: لئن قام زيد لا يقوم عمرو أو لم يقم عمرو. وجواب القسم: إن كان بـ (ما)، أو بـ (إن)، أو بـ (اللام)، داخلة على جملة اسمية فلا يجوز أن يتقدم معمول لما بعدها عليها، أو بـ (لا) داخلة على المضارع ففي جواز التقديم خلاف، منهم من أجاز تقديم المعمول مطلقًا من ظرف، ومجرور، ومفعول على (لا)، ومنهم من منع ذلك مطلقًا، وهو الصحيح، أو باللام داخلة

على المضارع المؤكد بالنون، وأطلق ابن مالك الجواز، فقال: إن تعلق بجواب القسم جار ومجرور، أو ظرف، جاز تقديمه عليه ومثل بقوله تعالى: «قال عما قليل ليصبحن نادمين» وبوقهل: ... ... .... … ... ... ... ... عوض لا نتفرق ونصوص أصحابنا على أنه لا يجوز أن يتقدم ما بعد اللام عليها مطلقًا، وفي البسيط: وهذه اللام لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، وقد أجازه الفراء، وأبو عبيدة ومنه قوله تعالى: «قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم» جوزوا في الأول أن يكون منصوبًا بـ (لأملأن) كأنه قال: لأملأن حقا، والصواب أنه منصوب بفعل القسم، أما اللام فمعنى لام الجواب وليست لام الابتداء. انتهى.

ولقد شبه بعض الشعراء (إذ) بـ (إن) فأدخل عليها هذه اللام قال: غضبت علي بأن شربت بجزة … فلإذ غضبت لأشربن بخروف وقد يجاء بـ (لئن)، بعدما يغني عن الجواب، فيحكم بزيادة اللام نحو: قول عمر بن أبي ربيعة: ألمم بزينب إن البين قد أفدا … قل الثواء لئن كان الرحيل غدا أي إن كان فاللام زائدة، وفي النهاية: إن زيدًا ليقومن والله، ليس (ليقومن) جواب والله هذا، بل جواب قسم محذوف، لأن جواب القسم لا يتقدم عليه، ولا يجوز زيدًا لأضربن، ويجوز إن زيدًا عمرًا ليضرب، وأجاز الكوفيون تقديمه إذا كان ظرفًا نحو: فيك لأرغبن، وعليك لأنزلن، والحال يجري مجرى الظرف، فإذا كانت معمولة للفعل الذي هو جواب القسم، جاز تقديمها عليه. انتهى. ويستغنى للدليل كثيرًا بالجواب عن القسم، قال ابن مالك: لوقوعه بعد لقد، أو بعد (لئن)، أو مصاحبًا بلام محذوفة، ووجدت بخطى إن ذلك لا يجوز إلا بشرط أن يكون الجواب باللام، أو بـ (إن) فليس يحذف القسم إذا كان متلقي بحرف غيرهما كـ (ما)، و (لا)، و (إن)، وقد اختلف في نحو: لزيد منطلق من غير قسم في اللفظ، فالمنقول عن البصريين أنها ليست لام قسم، بل هي لام

ابتداء، وقال الكوفيون: هي لام قسم وزعم ابن مالك: أنه قد يستغنى عن الجواب بمعموله قال لقوله تعالى: «يوم ترجف الراجفة»، أي لتبعثن يوم ترجف الراجفة، ولا يتعين ما قاله في الآية، بل يحتمل وجوها، ولا يثبت مثل هذا الحكم بمحتمل، ويجوز أن يستغنى عن الجواب بقسم مسبوق ببعض حروف الإجابة، وهي (بلى)، و (نعم)، و (لا) ومراد فيها أي وأجل كقوله تعالى: «أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا» أي لهذا الحق. وتقول لمن قال: أتفعل كذا: لا والله، ونعم والله، وإي والله، وأجل والله، وأما (إن) فقد تقدم لنا ذكر الخلاف فيها، أهي من حروف الإجابة؟ أو (لا)، وأما (جير)، فمذهب سيبويه أنها اسم، وقد تفتح راؤها، وذهب قوم إلى أنها حرف من حروف الإجابة، وقيل هي مصدر، والمعنى حقًا لأفعلن، وبنيت لقلة تمكنها، لأنها لا تستعمل إلا في القسم، وقيل ظرف، وبني لقلة تمكنه وكأنه قال: لا أفعل ذلك أبدًا، وقيل اسم فعل وبنيت، لأن الأصل على الكسر على أصل التقاء الساكنين، وجاء الجمع بين (أجل وجير) قال طفيل: فقلن على البردي أول مشرب … أجل جير إن كانت رواء أسافله وتكون بمنزلة (عوض)، وما ذكره الزجاجي من أن (عوض) يستعمل في القسم مذهب كوفي، والبصريون لا يعرفون القسم به.

وقال صاحب (الملخص): يعوض من القسم، (عوض) اسم، وهو مبني على الضم، لقطعه عن الإضافة، أو على الفتح، لأنه أخف، ولا يقال: عوض والله لأفعلن، وإن جاء فقليل، وهو الأصل، وفيه الجمع بين العوض والمعوض منه، انتهى. وقال بعض أصحابنا: وأما (عوض 9 و (جير) فمبنيان حذف منهما حرف القسم، فيجوز أن يحكم على موضعهما بالنصب بإضمار فعل، أو بالرفع على الابتداء، أو على خبر ابتداء بمضمر قياسًا على نظائرهما من الأسماء التي حذف منها حرف القسم، ومما جاء من جواب القسم بعد (جير) قوله: قالوا: قهرت فقلت: جير ليعلمن … عما قليل أينا المقهور وبعد (لا جرم) حكى الفراء أن العرب تقول: لا جرم لآتينك، ولا جرم لقد أحسنت، وقد صرح بعض الأعراب بالقسم مع (لا جرم)، قال لمرادس: لا جرم والله لأفارقنك، فأما قوله تعالى: «لا جرم أن لهم النار» فـ (لا) عند الخليل، وسيبويه رد، و (جرم) فعل ماض فاعله «أن وما بعدها» المنسبك منهما المصدر، وقال الكوفيون: (لا) نافية، و (جرم) اسم لا، و (أن) على تقيدر (من) أي لا بد من كينونة النار لهم، و (إي) من حروف الإجابة، لا يعلم استعمالها إلا مع القسم كقوله تعالى: «قل إي وربي إنه لحق».

وإذا أخبرت عن قسم غيرك، فلك أن تقول: أقسم زيد ليضربن عمرًا، لك أن تحكي فتقول: لأضربن عمرا، والاستحلاف يجري مجرى اليمن، وفاعل الفعل في الجواب على حسب الفاعل في غيبة، وخطاب وتكلم نحو: والله ليقومن زيد، والله لتقومن، والله لأقومن، وفي الاستحلاف يجوز استحلفه ليفعلن، ولأفعلن هذا في الغائب، واستحلفك لتفعلن، ولأفعلن في المخاطب، واستحلفني لأفعلن في التكلم وتقول: والله والرحمن والرحيم لأضربن زيدًا، قالوا: والثانية والثالثة واو عطف، لا واو قسم، وتنزلت منزلة القسم الواحد فكان لها جواب واحد كقوله تعالى: «والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى». وإذا نويت بكل واحد من القسم، أتيت بواو العطف داخلة على واو القسم فقلت: والله لأفعلن، ووالله لأفعلن، وإذا استأنفت لم تجيء بواو العطف، قيل ذكر جواب الأول، كما لا يجوز مررت بزيد بعمرو، إلا بالتشريك، فكذلك هذا ولو اختلف حرف القسم لم تأت بالثاني حتى يوفى الأول جوابه، قال الخليل العرب لا تقولك تالله بالنبي لأفعلن كذا حتى توفى الأول جوابه فتقول: تالله لأفعلن، بالكعبة لأفعلن. وقال أبو الحسن: يجوز أن تجمع أيمانًا كثيرة على شيء واحد، يعني، وإن اختلف الحرف لو قلت: والله، بالله، تالله لأفعلن لجاز كما تقول: والله والله لأفعلن، وقال الأستاذ أبو علي: تلخيص مذهب الخليل: أنه لا يجتمع مقسم بهما، إلا أن يكون الثاني هو الأول على التوكيد. انتهى. وقالت العرب: «لاها الله ذا»، فالخليل يقول: ذا من جملة المقسم عليه، والتقدير للأمر ذا، فحذف المبتدأ الذي دخلت عليه اللام، و (ذا) خبر عنه فجميع الكلام مقسم به، ومقسم عليه، ويستعمل هذا كلامًا.

والأخفش يجعل (ذا) توكيدًا للقسم الثاني، و (ذا) مبتدأ خبره محذوف أي ذا قسمي أشار إلى قوله: لا ها الله، وجاء من كلامهم، لا ها الله ذا ما كان كذا، ويقولون: هاالله ذا لقد كان كذا، وهاالله ذا لتفعلن، وفي الحديث من كلام أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: «لاها الله ذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل في سبيل الله فيعطي غير سلبه» فالظاهر في هذه المنقولات أنها جواب للقسم، وقال الأعلم: تقديره: لعمر الله هذا ما أقسم به، فوافق الأخفش، ومن انتصر للخليل جعل هذه المنقولات جواب قسم محذوف.

فصل

فصل في السؤال والطلب الذي ذكر بعض النحويين أنه من باب القسم، وليس من المقسم في شيء وجعل الطلب ابن مالك قسمًا من القسم، قال ومن القسم غير الصريح: (نشدتك)، و (عمرتك)، فللناطق بهما أن يقصد القسم، وألا يقصد، ويعلم كونه قسمًا بإيلائه الله نحو: نشدتك الله، وعمرتك الله، ولا يستعملا إلا في قسم فيه طلب نحو: نشدتك الله إلا أعنتني، وعمرتك الله لا تطع هواك، وتستعمل أيضًا في الطلب: عزمت وأقسمت وقلت انتهى ولا نعلم أحدًا ذهب إلى تسمية هذا قسمًا إلا ابن مالك، ومن ذكرناه أولاً، وفعل الطلب لا يعدى إلا بالباء وحدها، ويجوز حذفه، كقوله: بدينك هل ضممت إليك ليلي … ... ... ... .... التقدير: أسألك بدينك، وقد يحذف الفعل وحرف الجر كقوله: أقول لبواب على باب دارها … أميرك بلغها السلام وأبشر أي أسألك بأميرك. وفي النهاية: تختص الباء بظهور فعل القسم معها وبدخولها على المضمر، وباستعمالها للاستعطاف، ولا يكون الاستعطاف إلا إذا أعقبها كلام ليس بخبر من أمر، أو نهي أو استفهام نحو قوله:

بدينك هل ضممت إليك نعمي … وهل قبلت قبل الصبح فاها وهل مالت عليك ذؤابتاها … كمثل الأقحوانة في نداها ولا يظهر الفعل الذي يتعلق به هذا الاستعطاف، ويجوز أن يعتقبها الشرط. انتهى. والذي يكون بعد نشدتك الله، وعمرتك الله أحد ستة أشياء: استفهام، وأمر، ونهي، وأن، وغلا، ولما بمعنى إلا تقول: نشدتك الله أن تقوم، ونشدتك الله قم، ونشدتك الله لا تقم، ومن كلامهم أنشدك الله إلا فعلت قال: عمرتك الله إلا ما ذكرت لنا … ... ... ... .... وقد يحذف الفعل هذا قبل (لما) بمعنى إلا نحو قول الشاعر: قالت له بالله يا ذا البردين … لما غنثت نفسا أو اثنين أي سألتك بالله إلا ما غنتث، وإذا كان (إلا) وما في معناها فالفعل قبلها بصورة الموجب، وهو منفي في المعنى، وقد تقدم كلامنا على نشدتك إلا فعلت في باب الاستثناء، ولفظ الجلالة منصوب على إسقاط الخافض، ولذلك يجوز التصريح بالخافض تقول: نشدتك بالله أي سألتك بالله، وليس منصوبًا على المفعول، فيكون التقدير: نشدتك مذكرًا الله خلافًا لزاعمه، ومعنى عمرتك: سألت الله تعميرك وضمن معنى الطلب، وقيل المعنى ذكرتك بالله تذكيرًا يعمر القلب، ولا يخلو منه.

وإن انتصب لفظ الجلالة على إسقاط الخافض، وأبدل من عمرتك الله: عمرك الله، وهو مصدر على حذف الزوائد، والتقدير: تعميرك الله أي تذكيرك بالله، فيروى بنصب الجلالة على إسقاط الخافض، وهو رواية أهل العربية، وبالنصب جاء في كثير من شعرهم نحو قوله: ... ... … عمرك الله كيف يلتقيان رواه ابن الأعرابي، برفع هاء الجلالة، والمعنى عمرك الله تعميرًا، أضاف المصدر إلى المفعول، ورفع به الفاعل، قال أبو علي، وقال الأخفش: أصله بتعميرك الله، حذف زوائد المصدر والفعل، فانتصب ما كان مجرورًا بها، ويدل على ما قاله الأخفش، وأنه ليس منصوبًا على إضمار فعل إدخال باء الجر عليه قال: بعمرك هل رأيت لها سميا … ... ... ... .... وقيل: تعميرك الله: انتصب تعميرك، ولفظ الجلالة على أنهما مفعولان، أي أسألك الله تعميرك، وقيل تعميرك منصوب بأسألك، ولفظ الجلالة منصوب بالمصدر، وهو عمر بمعنى تعمير، وأجاز المبرد، والسيرافي أن ينتصب هذا على

تقدير القسم كأنه قال: أقسم عليك بعمرك الله أي بتعميرك الله أي بإقرارك له بالدوام والبقاء، ويكون محذوف الجواب، فتكون الكاف في موضع رفع، والظاهر من كلام سيبويه أنه مصدر موضوع موضع الفعل على أنه مفعول به، وقاله المبرد وقالوا: قعدك الله وقعيدك الله، فقيل مصدران كالحس والحسيس، وقيل اسمان غير مصدرين كالخل والخليل، وهو عند سيبويه بمنزلة عمرك الله. وقال أبو الحسن بن سيده: المعنى أسألك بقعدك الله، وبقعيدك الله ومعناه بوصفك الله بالثبات والدوام، وهو مأخوذ من القواعد التي هي الأصول لما يلبث، ويبقى ولم يصرف منه فيقال: قعدتك الله كما يقال: عمرتك الله انتهى. وقال الكسائي: قعدك الله مثل نشدتك الله، وقال أيضًا: قعدك الله أي الله معك، ومثله قعيد، وقيل القعيد المقاعد كأنه قال: أنت مقاعد الله وهو معك، والمحفوظ كسر القاف في قعدك، وقال أبو الهيثم: قعيدك وقعدك بفتح القاف ولا أعرف كسرها وأنشد: قعيدك أن لا تسمعيني ملامة … ... ... ... ...

ورواه الأصمعي، قعيدك ألا تسمعيني، ويقال: قعدت الرجل وأقعدته أي خدمته، ويجيء بعد قعدك وقعيدك الاستفهام و (إن) وقال أبو عبيد قال: قعيدك لتفعلن فاستعمل قسما، وفي البسيط: ويدل على القسم فيها قولهم: قعدك الله لأفعلن، وقال الأزهري: قالت قريبة الأعرابية: قعيدك عمر الله يا ابنة مالك … ألم تعلمينا نعم مأوى المعصب ولم أسمع بيتًا جمع فيه العمر والقعيد إلا هذا انتهى. وذكر ابن جني: جدك في باب القسم، وأن جوابها بـ-لم- واستدل بقول الأعشى: أجدك لم تغتمض ساعة … ... ... ... ... ... ... ... وليس هذا من القسم في شيء، وهو عند سيبويه من باب ما ينتصب من المصادر توكيدًا، نحو قولك: هذا عبد الله حقًا قال في هذا الباب: ومثل ذلك في الاستفهام: أجدك لا تفعل كذا، كأنه قال: أحقًا لا تفعل كذا، قال: وأصله من الجد كأنه قال: أجد، ولكنه لا ينصرف، ولا يفارق الإضافة كما كان في لبيك، ومعاذ الله انتهى والمحفوظ أن الفعل المنفي بعد أجدك يكون بـ (لم) وبلن، وبلا.

باب الإضافة

باب الإضافة الإضافة في اللغة: الإمالة، ومنه ضافت الشمس إلى الغروب أي مالت، وأضفت ظهري إلى الحائط: أملته، وفي اصطلاح النحاة: يطلق على النسب، وعلى هذا الباب الذي نتكلم فيه، ورسم الإضافة: نسبة بين اسمين تقيدية توجب لثانيهما الجر أبدًا، فـ (بين اسمين) احتراز من قام زيد، والإضافة إلى الجمل مقدرة الجمل باسم، وتقيدية احتراز من «زيد قائم»، وتوجب لثانيهما الجر احتراز من «زيد الخياط قائم»، والخياط صفة، و (أبدًا) احتراز من: مررت بزيد الخياط، فإنه لكونه نعتًا لا يلزم الجر أبدًا؛ إذ لو تبع مرفوعًا رفع أو منصوبًا نصب. وجر الثاني هو بالاسم المضاف إليه هذا مذهب سيبويه، وزعم الزجاج: أن (الجر) هو بمعنى اللام، وعند قوم إن اللام أو (من) هو الخافض، ولم يمنع ذلك من الإضافة، والإضافة تكون على معنى اللام نحو: دار زيد، وعلى معنى (من) وهي إضافة الشيء إلى كله نحو: ثوب خز، ويقال فيه إضافة الشيء إلى جنسه. وشرطها أن يصح الإخبار بالثاني عن الأول احترازًا من: يد زيد، فإنه إضافة بعض إلى كل، لكنه لا يصح الإخبار فيه لا تقول: اليد زيد، وتقول الثوب خز، وذهب قوم منهم ابن كيسان، والسيرافي: إلى أنه وإن لم يصح فيه الإخبار، فإنه إضافة بمعنى (من)، ومذهب ابن السراج، والفارسي وأكثر المتأخرين

أنها إضافة بمعنى اللام، وتقدم الكلام في باب التمييز على الأوجه الجائزة في (خز) من قولك: ثوب خز. واختلفوا في الإضافة في العدد في نحو قولهم: ثلاثة أثواب، فذهب ابن السراج إلى أنها بمعنى (من)، وذهب الفارسي إلى أنها بمعنى اللام، فإن أضفت العدد إلى عدد مثله نحو: ثلاثمائة، فاتفقا على أن الإضافة بمعنى (من)، وأثبت ابن مالك الإضافة بمعنى (في)، وقال: أغفل أكثر النحويين التي بمعنى (في)، وهي ثابتة في الكلام الفصيح بالنقل الصحيح. انتهى. وعند عبد القاهر أن ثم إضافة تتقدر بـ (في) وذلك في قولنا: فلان ثبت الغدر، أي ثبت في الغدر، والغدر: المكان الصلب، لا يمتنع حمل هذا على اللام هو أن يكون اختصاص ثبوته بهذا المكان، كما يقال هذه مطية حرب أي مطية لهذا الأمر قاله في النهاية، وزاد الكوفيون: الإضافة بمعنى (عند) قال: تقول: هذه ناقة رقود الحلب معناه: رقود عند الحلب. وإلى تقسيم الإضافة المحضة على معنى (من)، وعلى معنى (اللام) ذهب الجرمي، وأكثر المتأخرين، وذهب شيخنا الأستاذ أبو الحسن بن الضائع إلى أن الإضافة التي هي بمعنى (من) من الإضافة التي بمعنى اللام، لأن الخز مستحق

للثوب لكونه أصله، فالإضافة بمعنى اللام على كل حال، ومعنى اللام: الاستحقاق على كل حال، والملك نوع من أنواع الاستحقاق، كما أن الجنسية نوع من معانيه انتهى. والذي أذهب إليه أن الإضافة تفيد الاختصاص، وأنها ليست على تقدير حرف (من) ما ذكروه، ولا على نيته، وإن جهات الاختصاص متعددة، يبين كل منهما الاستعمال فإذا قلت: غلام زيد، ودار عمرو كانت الإضافة للملك، وإذا قلت: سرج الدار، وحصير المسجد كانت للاستحقاق، وإذا قلت هذا شيخ أخيك، وتلميذ زيد كانت لمطلق الاختصاص. وما فيه تنوين أو نون تشبهه تزال عند الإضافة نحو: غلام تقول: غلام زيد، واثنان وعشرون تقول: اقبض اثنيك وعشريك، وذهب الفراء، وتبعه ابن مالك إلى أن ما فيه تاء التأنيث قد تزال للإضافة إن أمن اللبس، وجعل الفراء من ذلك قوله تعالى: «وإقام الصلاة» و «من بعد غلبهم»، بناء منه على أنه لا يقال إلا إقامة وغلبة، وإن حذفت التاء لأجل الإضافة، وأنشد على ذلك أبياتًا، ولا يذهب أصحابنا إلى ذلك، بل هو عندهم في الأبيات من الترخيم الواقع في غير النداء ضرورة. وقسم النحاة الإضافة إلى إضافة تخصيص، وهي الإضافة إلى نكرة، وإلى إضافة تعريف، وهي الإضافة إلى معرفة، فجعلوا القسم قسيمًا، وذلك أن التعريف تخصيص، فهو قسم من التخصيص، والإضافة إنما تفيد التخصيص، لكن أقوى مراتبه التعريف، فإذا أضيف إلى معرفة اقتضى التخصيص التام من الإضافة.

والإضافة محضة، غير محضة، وغير المحضة مضافة إلى معرفة، وتؤول بنكرة نحو: لا أباك، ورب رجل وأخيه، وكم ناقة وفصيلها، وفعل ذلك جهده، وإضافة غيرك وأخواتها، مأخذها السماع والمسموع: غيرك، وشبهك ومثلك، وخدنك، وتربك، وضربك، ونحوك، وندك، وناهيك من رجل، وحسبك من رجل، وكافيك، وهمك، وهدك، وشرعك، وكفيك مثلث الكاف، وكافيك، وقيد الأوابد، وعبر الهواجر، وجارية شكل النجار، وحجر ملء الكف، ولا يثنى بتثنية الموصوف، ولا يجمع بجعه، فأما (شبيهك) فمعرفة، وأما (قرة عينه) من قول الشاعر: إذا هو أمسى آب قرة عينه فذهب الفارسي إلى إنه بمنزلة حسبك، فينصبه على الحال، مع أنه مضاف إلى معرفة، وأصله مصدر في الأصل، وقيل: الأولى أن يكون على إسقاط الحرف أي آب إلى قرة عينه، ,هو ما يسره، وأما (واحد أمه)، و (عبد بطنه) فالأكثر

أن يكون معرفتين، وبعض العرب يجعلهما نكرتين، كأنه لاحظ في (واحد أمه) مفرد أمه، وفي (عبد بطنه): خادم بطنه، والضمير فيهما لا يرجع إلى واحد، ولا إلى عبد، وإنما يرجع إلى غيرهما مما تقدم ذكره، ومن العرب من يجعل (أخًا) و (أبًا) مضافين إلى معرفة نكرتين، وذهب ابن السراج إلى أن المغاير، والمماثل إذا كان واحدًا كانت (غير) و (مثل) نكرتين، وإن أضيفا إلى معرفة، وجعل من ذلك: «غير المغضوب» ومررت بالجامد غير المتحرك، وزعم السيرافي أن (غير) تتعرف، وجعل من ذلك «غير المغضوب»، وذهب المبرد إلى أنه لا يتعرف (غير) بحال، والمثلية تكون في الجنس، وفي الوصف، والوصف ظاهر كالطول والقصر، وباطن كالجهل والعلم. واختلفوا في إضافة الظروف، فذهب بعضهم إلى أن إضافتها غير محضة، سواء أضيفت إلى المفرد أم أضيفت إلى الجملة، ومن غير المحضة إضافة اسم الفاعل، واسم المفعول، والأمثلة إذا أضيفت إلى المفعول وكانت بمعنى الحال والاستقبال، وإضافة الصفة المشبهة باسم الفاعل، هذا مجمع عليه من أصحابنا، وذكروا أنه يقصد التعريف في ذلك، فتضافرت النصوص على أنها لا تعرف بحال، وفي المقنع عن الكوفيين أنهم أجازوا في (حسن الوجه) وما أشبهه أن يكون صفة للمعرفة، وقال: وذلك خطأ عند البصريين؛ لأن حسن

الوجه نكرة، فإن أردت تعريفه أدخلت عليه الألف واللام انتهى. وقال الأعلم: لا يبعد أن يقصد في (حسن الوجه) التعريف، وقال المبرد: كلها تتعرف إلا غيرك، فلو كان اسم الفاعل، وما عطف عليه لم يضف إلى المفعول كانت إضافته محضة نحو: ضارب القاضي، وشهيد الدار، وقول الحطيئة: ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة … ... ... ... ... أي الذي يضرب للقاضي، والذي يكسب لهم، وهذه الإضافات التي هي غير محضة في اسم الفاعل، وما عطف عليه لم تفد إلا تخفيف اللفظ، وهو حذف التنوين أو النون من الوصف فقط، والتخصيص كان حاصلا قبل الإضافة بخلاف الإضافة المعنوية، فإنها أفادت التخصيص. وزعم بعض أصحابنا أن الإضافة في اسم الفاعل، وفي الأمثلة، واسم المفعول المضاف إلى مفعول كان منصوبًا نحو: مررت برجل معطي الدراهم هي على معنى اللام لجواز وصولها إليه باللام كقوله تعالى: «فمنهم ظالم لنفسه»، و «بظلام للعبيد»، وقول الشاعر: مطعم للصيد ... ... ... ... … ... ... ... ... ...

ولما كانت هذه الإضافة غير محضة، لم تمنع من دخول (أل) على المضاف إلى ما فيه ألف نحو: الضارب الرجل، والحسن الوجه، فتصير معرفة (بأل)، وشرط أكثر النحاة في هذه الإضافة، أن يكون الثاني غير الأول، فلا يجوز: زيد ضارب أبيه عمرًا يريد: ضارب أبوه عمرًا، وحكى الخليل كائن أخيك، فعلى قياس هذا يكون جائزًا. ومذهب الجمهور أن إضافة المصدر لمرفوعه، أو منصوبه محضة وذهب ابن برهان، وابن الطراوة إلى أنها غير محضة فلا تعرف، وذهب سيبويه، والأكثرون إلى أن إضافة أفعل التفضيل محضة، وذهب الكوفيون، والفارسي، وأبو الكرم بن الدباس صاحب كتاب (العرف) إلى أنها غير محضة، وقال ابن السراج إن أضيفت على معنى (من) فتكون في حكم الانفصال، ولا تتعرف، أو على غير (من) فتتعرف، وذهب الفارسي، وأبو الكرم بن الدباس وغيرهم إلى أن إضافة الاسم إلى صفته غير محضة، فلا تتعرف وحكى هذا عن الأستاذ أبي علي، وذهب غيرهم إلى أنها محضة وإلى هذين القسمين قسم الناس الإضافة، وهما محضة وغير محضة، وذهب ابن مالك إلى أن هذه الإضافة شبيهة

بالمحضة، ولا أعلم له سلفًا في ذلك، ومثال ذلك: صلاة الأولى، ومسجد الجامع، ودار الآخرة، وبقلة الحمقاء، وحبة الخضراء، وليلة القمراء، ويوم الأول، وساعة الأولى، وليلة الأولى، وباب الحديد، فهذه كلها أصلها الصلاة الأولى، وكذلك باقيها هي قبل الإضافة كـ (موصوف) وصفته ولما كانت الإضافة من هذا الأصل لا يسوغ؛ لأن الصفة هي الموصوف، وإضافة الشيء إلى نفسه لا تجوز، اختلفوا، فذهب الكوفيون إلى أن الصفة ذهب بها مذهب الجنس، فجعلت الخضراء جنسًا لكل أنثى موصوفة بالخضرة، وكذلك باقيها، وذهب الأخفش، وابن السراج، والفارسي، وجمهور البصريين إلى أن من أضاف، فإنما أضاف في الأصل إلى موصوف محذوف، والتقدير: صلاة الساعة الأولى من زوال الشمس، ومسجد الوقت الجامع، أو اليوم الجامع، ودار الحياة الآخرة، أو الساعة الآخرة، وبقلة الحبة الحمقاء، وليلة الساعة القمراء، ويوم الوقت الأول، وساعة الوقت الأول، وباب البند الحديد، وقبح ذلك لإقامة النعت، وليس بخاص مقام المنعوت المحذوف، وما جاء منه حفظ، ولم يقس عليه. وذهب بعض النحاة إلى أنه من قبيل ما أضيف فيه المسمى إلى الاسم كأنك قلت: البقلة التي هي صاحبة هذا الاسم، وكذلك باقيها، وفي الإيضاح: الفراء والكوفيون يجيزون الإضافة من غير دعوى نقل ولا حذف وبه قال الزمخشري وابن الطراوة، وابن طاهر، وابن خروف، وأبو القاسم بن القاسم وجماعة قال الفراء، ولدار الآخرة: أضيفت إلى الآخرة وهي الآخرة، والعرب قد تضيف الشيء إلى نفسه إذا اختلف لفظه كيوم الخميس وشهر رمضان و «وعد الصدق» و «مكر السيء» و «حق اليقين»، و «نساء المؤمنات»

وقول الشاعر: إذا حاض عينيه كرى النوم لم يزل … به كالئ من قلب شيمان فاتك و «حب الحصيد» و «حبل الوريد»، قال ابن الطراوة: وهذا من إضافة الشيء إلى نفسه لاختلاف اللفظين، فنسبها بما اختلف لفظه ومعناه، وفي النهاية: ما اتحد معناه، واختلف لفظًا أو اتفق لا يجوز عند البصريين إضافة بينهما، والكوفيون يجيزون ذلك في ما اختلف لفظهما انتهى. وذكر ابن مالك من الإضافة الشبيهة بالمحضة عنده على ما اختار من تقسيم الإضافة إلى محضة، وغير محضة، وشبيهة بالمحضة، إضافة المسمى إلى الاسم قال: كـ «شهر رمضان»، و (يوم الخميس)، وإضافة الصفة إلى الموصوف نحو قوله: ... ... … وإن سقيت كرام الناس فاسقينا أي الناس الكرام، وسحق عمامة، وجرد قطيفة، وسمل سربال أصله: عمامة سحق وقطيفة جرد، وسربال سمل، ومنه: «وأنه تعالى جد ربنا» في

قراءة من ضم الجيم، أي ربنا الجد أي العظيم، وهذه الإضافة ذهب ابن عصفور إلى أنها غير محضة، وغيره إلى أنها محضة، وابن مالك إلى أنها شبيهة بالمحضة. وذهب بعض النحاة إلى جواز إضافة الصفة إلى الموصوف نحو: كريم زيد، أي زيد الكريم، وأنكر ذلك أبو علي، وقال العرب لا تقول: قائم زيد ولا قاعد عمرو، ويريدون: زيد القائم وعمرو القاعد، قال ابن هشام: وقد جاء هذا الذي منعه أبو علي قال: وكأن عافية النسور عليهم … حج بأسفل ذي المجاز نزول وإنما أراد النسور العافية، وذكر ابن مالك من الإضافة التي هي شبيهة بالمحضة أيضًا إضافة الموصوف إلى القائم مقام الوصف، وإضافة المسمى إلى الاسم، وإضافة المؤكد إلى المؤكد، والملغي إلى المعتبر، والمعتبر إلى الملغي، ومثال الأول: علا زيدنا يوم الوغي رأس زيدكم أي علا زيد صاحبنا رأس زيد صاحبكم ومثال الثاني قوله: على كل ذي ميعة سابح … يقطع ذو أبهريه الجزاما

أي يقطع أبهراه، ومثال الثالث قوله: لم يبق من زغب طار الشتاء به … على قرى ظهره إلا شماليل أضاف القرى إلى الظهر، وهما شيء واحد ومثال الرابع قوله: إلى الحول ثم اسم السلام عليكما … ... ... ... ... ... أي ثم السلام عليكما، ومثال الخامس قوله: فلو بلغت عوا السماء قبيلة … لزادت عليها نهشل وتعلت انتهى. وقالت العرب: هذا حي زيد، وتداعين باسم الشيب، ونفيت عنه مقام الريب، وأتيت وحي زيد قائم، وأتيتك وحي فلانة شاهد، وسمع أبو الحسن أعرابيًا يقول في أبيات قالهن في حي رباح ممن أنت: قال: من حي رباح وأنشد أبو زيد: ياقر إن أباك حي خويلد … قد كنت خائفة على الإحماق

وأنشد أبو علي في كتاب الشعر: أبو بحر أشد الناس منا … علينا بعد حي أبي المغيرة فقيل (حي) واسم، ومقام، زوائد، والتقدير: هذا زيد، وتداعين بالشيب، ونفيت الريب، وقال الخوارزمي: وفائدة هذه الزيادة أنها تؤذن بضرب من الذم، فإذا قال: هذا حي زيد، فإنما يريد أن زيدًا المذكور ليس فيه إلا أنه حي، فأما غير ذلك إذا طلب منه ما طلب في الرجال فلا، وقد زعموا أن حيا في هذا زائد، وأقول ليس بزائد في كل وجه، فإنهم قالوا أتيتك وحي فلانة شاهد، فلما قالوا: شاهد علمنا أنه ليس زائدًا من كل وجه إذ لو كان زائدًا لقالوا: شاهدة.

فصل

فصل معمول المضاف إليه من تمامه، فلا يتقدم على المضاف، كما لا يتقدم المضاف إليه على المضاف فإذا قلت: جاءني أخو ضارب زيدًا، لم يجز: جاءني زيدًا أخو ضارب، فإن كان المضاف (غيرًا) مرادًا به نفي، فثلاثة مذاهب: أحدها: أنه يجوز تقديم معمول المضاف إليه على (غير) مطلقًا فتقول في جاءني زيد غير ضارب عمرا: جاءني زيد عمرا غير ضارب، وهو مذهب السيرافي. الثاني: المنع مطلقًا، وهو الصحيح، وهو مذهب ابن السراج. الثالث: التفصيل بين أن يكون المعمول ظرفًا أو مجرورًا فيجوز، أو غيرهما فيمنع، فإن لم يرد به نفي نحو: أكرم القوم غير شاتم زيدًا، لم يجز التقديم باتفاق، ومعناه إلا شاتمًا زيدًا، وقال ابن الحاج: أنا زيدًا غير ضارب، ومثل ضارب، رأيت من أجازهما، ومن فرق بين (غير)، و (مثل) فأجاز في (غير)، ومنع في (مثل) وزعم بعض النحاة: أنه يجوز أن يتقدم معمول ما أضيف إليه حق، فتقول في: «هو حق عليهم بضرب الطلى»، هو بضرب الطلى حق عليم، والصحيح المنع، وأجاز الكسائي في: أنت أول ضارب أخانا أن تقول: أنت أخانا أول

ضارب»، والصحيح المنع، فلا يجوز ذلك في (أول)، و (لا) في أفعل التفضيل، والإضافة تكون بأدنى ملابسة نحو قوله تعالى: «لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها» لما اشتركا في كونهما طرفي النهار، صح إضافة إحداهما إلى الأخرى، وقد يسرى التأنيث إلى المذكر المضاف إلى المؤنث، والتذكير إلى المؤنث المضاف إلى المذكر، وتقدم الكلام على ذلك، وعلى أقسامه في باب العلامات التي تلحق الفعل، وقد يلزم المضاف كيفيات من أحكام ما أضيف إليه غير التأنيث، والتذكير كحاله إذا أضيف إلى اسم استفهام، أو شرط، فيجرى عليه أحكامها، أو إلى عام، فيسرى إليه العموم. وقد تلزم الإضافة لفظًا ومعنى أسماء منها ما ر في الظروف والمصادر والقسم، ومنها (وحد)، وتقدم الكلام في شيء من أحكامه في باب المبتدأ والخبر، وفي باب الحال، ومن بقية أحكامها: أن الغالب عليه النصب والإفراد، وإن اختلف الضمير الذي أضيف إليه، وسمع فيه الجر بـ (على)، قالوا: جلس على وحده، وجلسوا على وحدهم، وجلسا على وحدهما وعلى وحديهما، وقلنا ذلك وحدينا، مثنى، وسمع الجر بالإضافةف ي قولهم: قريع وحده، ونسيج وحده، وعيير وحده، وجحيش وحده، فالأولان للمدح، والأخيران بعدهما للذم، ويجوز التأنيث، والتثنية، والجمع في الألفاظ على حسب ما كان خبر عنه، أو حالاً، أو صفة، قال الخليل تقول: هي نسيجة وحدها وهما نسيجتا وحدهما، وهن نسائج وحدهن، وهما نسيجا وحدهما،

وهم نسجاء وحدهم وحكى بعض النحويين أن نسيجًا يترك موحدا في التثنية والجمع، ومذكرًا في التأنيث، وإذا انتصب وحده فعلى الظرف، أو على الاسم الموضوع موضع المصدر، الموضوع موضع الحال، أو على المصدر الذي لم يوضع له فعل كـ (الخئولة) أو على المصدر المتوهم حذف الزوائد، فمعنى وحده: إيحادًا، أو على المصدر بفعل ملفوظ به أقوال أصحها الآخر، ومنها جمادى، وقصارى، ومعناهما غاية الشيء، وقد يقال: قصار الشيء، وقصره بمعنى قصارى، وكلا وكلتا وتقدم الكلام في لغاتهما، وفي ثبوت الألف وانقلابها، ويضافان إلى مثنى لفظًا ومعنى ظاهرًا، ومعنى إلى مضمر صالح للتثنية والجمع نحو: كلانا غنى عن أخيه حياته … ... ... ... ... ... قالوا: وإلى مثنى معنى دون لفظ ومثلوا بقوله: إن للخير وللشر مدى … وكلا ذلك وجه وقبل

وذكر ابن الأنباري أن (كلا) تضاف إلى مفرد، بشرط أن يتكرر، وذلك قولك: كلاى وكلاك محسنان: المعنى كلانا، وكلا زيد، وكلاك محسنان، وكلاى وكلا عمرو منصفان، ومثل بما أضيف إلى مكنى أو فيه مكنى، وأوردها على أنها من كلام العرب، ومذهب البصريين أنهما لا يضافان إلا إلى معرفة، وأجاز الكوفيون أن يضافا إلى نكرة إذا كانت محذوفة فيقال: كلا رجلين عندك قائمان، وحكى عن العرب: كلتا جاريتين عندك مقطوعة يدها، وزعموا أن القطع في هذا الكلام عنى به ترك الغزل، وجاء في الشعر إضافتهما إلى ظاهرين مفردين نحو قوله: كلا الضيفين المشنوء والضيف نائل … لدى المنى والأمن في اليسر والعسر وإفراد ما لـ (كلا وكلتا) أجود من تثنيته قال تعالى: «كلتا الجنتين آتت أكلها»، وقد اجتمع الإفراد والتثنية في قول الشاعر: كلاهما حين جد الجرى بينهما … قد أقلعا، وكلا أنفيهما رايى ويتعين الإفراد إذا كان كل واحد منهما محكومًا عليه بحكم الآخر بالنسبة إليهما، نحو قوله: كلانا غنى عن أخيه حياته وكلاهما محب للآخر، وكلتاهما مكرمة للأخرى

و (ذو) وفروعه: ذوا، وذوو، وذات، وذاتا، وذواتا، وذوات، يضفن غالبًا إلى اسم جنس ظاهر نحو: ذي علم، والمنقول في كتب المتأخرين أنه لا يضاف إلى مضمر إلا في شعر، وقال ابن أصبغ: منع الكسائي إضافة ذي بمعنى صاحب إلى المضمر، وتبعه النحاس، والزبيدي، وأجاز ذلك غير هؤلاء. انتهى، ومن إضافته إلى المضمر قوله: إنما يصطنع المعروف في الناس ذووه وقد استعمل جمعه غير مضاف قال الشاعر: فلا أعنى بذلك أسفليكم … ولكني أريد به الذوينا وقد يضاف (ذو) إلى علم، فإن قرن به وضعًا كانت الإضافة (واجبة)، مثال: ذو يزن، وذو وحدي، وذو رعين، وذو القلاع، وذو سلم نحو «من الأعلام التي وضعت وأولها ذو»، وإن لم يقرن به وضعًا كانت الإضافة جائزة، كقولهم في قطرى: ذو قطرى، وفي عمرو: ذو عمرو، وفي تبوك: ذو تبوك، والغالب في هذا الذي فيه الإضافة جائزة ألا يعتد به، فيكون من باب إضافة المسمى إلى الاسم نحو قولهم: ذو صباح، وقد جاء معتدًا به نحو: ما وجد في حجر من أحجار الكعبة قبل الإسلام: أنا ذو بكة؛ أي صاحب بكة، كما تقول: ذو

مال، وكلما أضيف إلى العلم من نوعيه مسموع فلا يقال منهما إلا ما قالته العرب، وفي كلام الفراء ما يدل على القياس في نحو: ذي قطرى قال في: «زيد بطة»، و «ثابت قطنة» كأنك قلت: زيد ذو بطة، وأنت لو قلت: ذو زيد لجاز، و (أولو) بمعنى أصحاب و (أولات) بمعنى صاحبات يضافان إلى اسم جنس ظاهر قال تعالى: «وما يذكر إلا أولوا الألباب»، وقال «وإن كن أولات حمل» وقال «وأولات الأحمال». وقد تلزم الإضافة معنى لا لفظًا اسمًا، وإن كان يجوز فيها الإضافة لفظًا ومعنى، وذلك بحذف ما يضاف إليه، فمن ذلك: قبل وبعد وانتصابهما على الظرفية ما لم ينجرا بـ (من)، وهما في الحقيقة ليسا بظرفين، بل هما صفتان في الأصل للظرف، فإذا قلت: جاء زيد قبل عمرو، فأصله: جاء زيد زمانا قبل زمان مجيء عمرو، وكذلك جاء بعد عمرو أي زمانًا بعد زمان مجيء عمرو، ثم حذف ذلك اتساعًا، وإذا قطعا عن الإضافة لفظًا، ونوى ما أضيفا إليه وكان معرفة بنيا على الضم ولا يثنيان، ولا يجمعان، ولا ينعتان، ولا يخبر عنهما. وإذا كانا مبنيين على الضم لم يجز أن يقعا خبرين للمبتدأ، ولا وصفين ولا حالين، وحكم (دون)، و (قدام)، و (أمام)، و (وراء)، و (خلف)، و (فوق)، و (تحت)، و (يمين)، و (شمال)، حكم (قبل)، و (بعد) في البناء على الضم إذا حذف ما يضاف إليه، وكان مرادًا من جهة المعنى. وفي كونها لا تقع أخبارًا، ولا صفات، ولا أحوالاً، ذهب يونس إلى أنك إذا حذفت المعرفة جاز في المضاف الإعراب بالنصب من غير تنوين فتقول: قعد زيد قدام، تريد: قدام عمرو مثلا، إذا كان ثم ما يدل على المحذوف فكأنه نطق

بالمحذوف، وقال سيبويه: كلام العرب خلافه، وقد جاء في الشعر تنوين ما بني على الضم، وتنوين ما نصب قال: حبوت بها أبا عمرو بن عوف … بما قد كان قبل من عتاب ويروى (قبلاً) بالنصب والتنوين، وقد يقطعان عن الإضافة لفظًا ومعنى فينكران، ويعربان، قرئ شاذًا: «من قبل ومن بعد»، أي من زمن متقدم ومن زمن متأخر قال الشاعر: فساغ لي الشراب وكنت قبلا … أكاد أغص بالماء الحميم وقراءة الجمهور: «لله الأمر من قبل ومن بعد» أي من قبل الحوادث ومن بعدها و (آل): اختلف فيه، فقيل أصله: أهل، أبدلت هاؤه همزة ثم سكنت، ثم أبدلت ألفا نحو: كاس في كأس، وقالوا في تصغير (أهل): أهيل رجوعًا إلى الأصل، وقيل: ألف (آل) منقلبة عن (واو)، وأصله: أول وتصغيره (أويل)، وهو الصحيح، وتقدم الكلام عليه في باب البدل من باب التصريف، والغالب إضافته إلى العلم من ذوي العلم، وغيرهم نحو: آل محمد، وآل الله، وسمع إضافته إلى غير من يعلم نحو قوله:

من الجرد من آل الوجيه ولاحق … ... ... ... ... وإلى الجنس نحو: وانصر على آل الصليب … ... ... ... ... اليوم آلك وفي اقتياس إضافته إلى المضمر خلاف، منع ذلك الكسائي، وتبعه النحاس، والزبيدي، وشذ قطعه عن الإضافة نحو قوله: نحن آل الله في بدلتنا … لم نزل إلا على عهد إرم أي لم نزل آل الله، و (كل): إن وقع توكيدًا، أو نعتًا، لزمت إضافته، لفظًا أو معنى نحو: قام القوم كلهم، وزيد الرجل كل الرجل، وأكلت شاة كل شاة، ويأتي خلاف من خالف في جواز إفراده عن الإضافة إذا كان توكيدًا في بابه إن شاء الله، وهو إذا تجرد عن الإضافة قد تنوي الإضافة فلا تدخل عليه (أل).

وقد أدخلها عليه الزجاجي في جملة فقال: يبدل البعض والكل، وأجاز ذلك الأخفش، والفارسي، وشذ تنكيره، وانتصابه حالاً فيما حكى الأخفش. ومذهب سيبويه، والجمهور: أن كلا، وبعضا معرفتان يعرفا بنية الإضافة وقالوا: مررت بكل قائمًا وببعض جالسًا، ومذهب الفارسي أنهما نكرتان، وإذا أضيف (كل) على نكرة، تعين اعتبار المعنى في الضمير وغيره تقول: كل رجل أتاك مكرم، وكل رجلين أتياك مكرمان، وكل رجال أتوك مكرمون، وكل امرأة أتتك مكرمة، وكل امرأتين أتياك مكرمتان، وكل نساء أتينك مكرمات، فأما قول الشاعر وهو عنترة: جادت عليها كل عين ثرة … فتركن كل حديثة كالدرهم فقياسه: فتركت، كما قال تعالى: «كل نفس ذائقة الموت»، وإن أضيف (كل) إلى معرفة لفظًا ومعنى: جاز مراعاة اللفظ نحو قوله تعالى: «وكلهم آتيه يوم القيامة فردا» و «إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا»، وهذا هو المستقر من لسان العرب، ولا تكاد تجد في لسانهم كلهم يقومون، ولا كلهن قائمات، وإن كان ذلك يوجد في تمثيل كثير من النحاة.

وإن أضيفت كل إلى معرفة معنى لا لفظًا، جاز مراعاة اللفظ كقوله تعالى: «قل كل يعمل على شاكلته»، ومراعاة المعنى كقوله تعالى: «وكل كانوا ظالمين». ومن مسائل (كل) قولك: أنتم كلكم بينكم درهم، راعيت الخطاب كما راعيته في: أنت الذي قمت، وأجاز ابن طاهر: أنتم كلكم بينهم بضمير الغيبة، ومنعه أبو علي الزبيدي، وأجاز ابن جني: أنتم كلكم بينه درهم، وما أفرد لفظًا من اللازم للإضافة معنى إن نوى تنكيره كقوله: ... ... ... .... وكنت قبلا … ... ... .... أو لفظ المضاف إليه، ولو كان في موضع جر لقلت: من قبل، أو نوى لفظ المضاف إليه نحو: ما حكى الكسائي أفوق تنام أم أسفل على تقدير: أفوق هذا تنام أم أسفل منه، وحكى الفراء أن من العرب من يقول: من قبل بالخفض، وحذف التنوين، وكذا في النصب قبل، والتنوين فيهما مسموع من العرب، أو عوض منه تنوين، ومثال: كل وأي نحو: «وكل أتوه»، و «أيا ما تدعوا» ونحو: حينئذ، أو عطف على المضاف اسم عامل في مثل المحذوف مثاله قوله: قبل وبعد كل قول يغتنم … حمد الإله البر وهاب النعم

واسم العامل يشمل المضاف، وغير المضاف، فالمضاف ما مثلنا به، وغير المضاف نحو: «ما جاء مثل أو قريبًا من فتنة الدجال» وقوله: بمثل أو أنفع من وبل الديم التقدير مثل فتنة، وبمثل وبل الديم، وقد يحذف ما أضيف إليه لتقدم اسم في مثل المحذوف نحو: ... ... ... ... … يكون سحيرًا أو بعيد فأهجعا يريد أو بعيد سحير، حذفه لدلالة ما قبله عليه، فحكم هذه المسائل لا يتغير ما كان منها معربًا بقى على إعرابه، وما كان مبنيًا بقى على بنائه كـ (إذ) في حينئذ، فإنه لما حذفت الجملة بعدها، بقى على بنائه، والكسر فيه لالتقاء الساكنين، لا للإعراب خلافًا للأخفش، وتقدم ذكر ذلك في الظروف المبنية، وإن لم ينو التنكير، ولا لفظ المضاف إليه، بقى على الضم نحو: من قبل ومن بعد، وابدأ بهذا أول، وخذ هذا حسب، و: أقب من تحت عريض من عل

و: ... ... … لقاؤك إلا من وراء وراء وأجاز الأخفش قطعها عن الإضافة من غير بناء، فتقول: جاءني قبل، وحكى هشام: رأيته قبل ومن قبل وأنشد أبو الحسن: ... ... ... .... … ولا وجد العذرى قبل جميل وإذا حذف تنوين العوض بقى على إعرابه إن كان معربًا، وعلى بنائه إن كان مبنيًا، وعادت الجملة في مثل حينئذ فتقول: كان ذلك حين إذ كان كذا ومثل (كل) وبعض إذا حذف التنوين لا يبنى على الضم، بل يعود ما أضيف إليه، وكذلك إذا لم يكن العطف، بقى على إعرابه مضافًا إلى ما بعده. وقال ابن مالك: استعمال هذا الحذف في الأسماء الناقصة الدلالة قليل وهو في الأسماء التامة الدلالة كثير، فمن ذلك قراءة ابن محيصن: «فلا خوف عليهم» وقول بعض العرب سلام عليكم أي فلا خوف شيء، وسلام الله، وقوله: سبحان من فعلك ياقطام

على أحسن الوجهين، وقطع الله الغداة يد ورجل من قالها، وقال الأعشى: إلا علالة أو بدا … هة قارح نهد الجزارة وجاء نظيره في الشعر في عدة أبيات، وقال الفراء: لا يجوز ذلك إلا في المصطحبين كاليد، والرجل، والنصف والربع، وقبل وبعد، وأما نحو: دار، فلا يجوز ذلك فيها لو قيل: اشتريت دار، وغلام زيد لم يجز، انتهى. قال ابن مالك: فهذه حذف المضاف إليه فيها من الأول لدلالة الثاني عليه، وقال ابن عصفور: التقدير: قطع الله يد من قالها ورجله، فحذف الضمير، وأقحم المعطوف بين المضاف والمضاف إليه، وحذف التنوين من يد، لإضافتها إلى (من)، وحذف من (رجل)، لأنه مضاف إلى (من) في المعنى، وبمنزلة المضاف إليه في اللفظ، وقال أيضًا: ويجوز حذف المضاف إليه بقياس إذا كان مفردًا، وكان المضاف اسم زمان، فإن كان المحذوف معرفة بني على الضم اسم الزمان.

وإن كان نكرة لم تبنه، وإن كان المضاف إليه جملة لم يجز حذفه إلا في ما سمع [نحو قولهم: (يومئذ) و (حينئذ)، فإن كان غير ظرف لم يجز حذف المضاف إليه إلا ما سمع] من ذلك نحو: كل وبعض، و (أي)، و (غير)، ولا بد من التنوين، إلا أن يكون المضاف بعد الحذف على هيئته قبل الحذف نحو قولهم: «قطع الله يد ورجل من قالها».

فصل

فصل في إضافة أسماء الزمان إلى الجمل، فشرط أسماء الزمان أن تكون مبهمة وتشمل ما لا يختص بوجه ما كـ (حين)، و (مدة)، و (زمن)، وما يختص بوجه دون وجه كـ (غداة)، و (عشية)، فلو تخصص بتصريف كـ (سحر) من يوم بعينه، أو كان محدودًا بالتثنية كـ (يومين) لم يجز إضافته، خلافًا لابن كيسان في المثنى، فإنه يجوز عنده إضافته إلى الجملة، والصحيح المنع، إذ لم يسمع، فإن كان غير مثنى، ودل على استحضار ما تحته من العدد استحضارًا أوليًا كأسبوع، وشهر، وعام وسنة، فنص أصحابنا على جواز إضافته إلى الجمل. ونص غيرهم على المنع في كل ما دل على عدد دلالة صريحة نحو شهر، وأسبوع، وجمعة، وفي حواشي مبرمان: سألت المبرد هل يجوز: أتيتك شهر زيد أمير، وسنة زيد أمير فقال: كل ما كان في معنى (إذ) فجيد، ولا أجيز أتيتك هذا لما فسرنا، لأنها جعلت في موضع (إذا) انتهى. والأصل في إضافة اسم الزمان إلى الجمل هو (إذ)، و (إذا) فيما ساواهما في الإبهام، أو قاربهما جازت إضافته، ولو كان لازمًا إضافته لم يضف حتى يكف بـ (ما) نحو: قبل ما وبعد ما، وهذا الظرف الذي تجوز إضافته عرفي، وهو ما بقى

على ظرفيته، فانتصب ظرفًا، وحقيقي وهو ما استعمل فاعلاً ومفعولاً ومبتدأ ومجرورًا كقوله تعالى: «هذا يوم لا ينطقون»، وقوله: على حين عاتبت المشيب على الصبا … ... ... ... ... وفي البسيط: إن توسعت في الظرف لم تجز إضافته، لأنه اسم حينئذ والأسماء لا تضاف إلى الجمل. انتهى، وليس بصحيح، بل قد اتسع فيها، وأضيفت، ويجوز أن يضاف اسم الزمان إلى اسم زمان نحو: زرتك يوم إذ قدم زيد، وقد يقال بعد إذ، وقيل (إذ) بغير ما حملا على يومئذ، وساعتئذ، وإنما تذكر (ما) بعد (بعد) و (قبل) عند الإضافة إلى مذكور نحو:

. ... ... ... بعدما … أفنان رأسك كالثغام المخلس وفي البسيط: لا يضاف إلى الزمان (أمس)، ولا (غد)، ولا معرفة، ولا مجاورة الأسماء كـ (مذ) إذا كانت اسمًا على رأي بعضهم، وأجاز سيبويه إضافتها إلى الجملة الاسمية فتقول: «ما رأيته مذ كان كذا» تريد: مدة كذا، ولا يبعد إضافتها إلى الجملة الاسمية، وهي فيه أولى فتقول: ما رأيته مذ يومان فيحذف الخبر، ولا يضاف، فأعمل فيه عامل ظاهر كـ (متى) في الشرط ولا المستمر كـ (أبدًا)، و (عوض) انتهى. ويعني الاستمرار في الاستقبال، وشرط الجملة على ما دل عليه الاستقراء أن تكون خبرية مبتدأ مثبتة أو منسوخة الابتداء بـ (لا) التبرئة، أو (ما ولا) العاملتين عمل (ليس)، أو مصدرة بمتصرف ماضٍ أو مضارع أو بـ (لو) وهو قليل مثال ذلك: ... ... ... ... … على حين التواصل غير دان

وجئتك يوم لا حر ولا برد، وروى يوم لا حر ولا برد، والإضافة يوم لا حر ولا برد و: ... .... … على حين ما هذا بحين تصابى و: ... .... يوم لا ذو قرابة … بمغنٍ ... ... ... و: على حين عاتبت ... ... ... ... … ... ... ... ... و: أيوم لم يقدر و «هذا يوم ينفع» و «يوم لا تملك» وهذا الظرف إن أضيف إلى جملة الابتداء فمذهب البصريين تحتم الإعراب، ومذهب الكوفيين جواز الإعراب والبناء.

وإن أضيف إلى ماض جاز الإعراب والبناء، وإن أضيف إلى مضارع، فمذهب البصريين تحتم الإعراب، ومذهب الكوفيين جواز الإعراب والبناء، فإن كان المضارع عرض فيه البناء، بأن كان اتصل به نون الإناث، فيقتضي أن لا يكون فيه إلا البناء كالفعل الماضي، لأن اسم الزمان أضيف إلى مبني، ومن ذهب إلى أنه باق على إعرابه، وفرع على مذهب البصريين في المضارع، فلا يجوز عنده فيه إلا الإعراب وروى: ... ... .... … على حين يستصبين كل حليم ببناء (حين)، وهو مضاف إلى يستصبين، ومثال تصدير الجملة بـ (لو) قوله: أيام لو يحتل وسط مفازة … فاضت معاطشها بشرب سائح ومما وقفنا عليه من أسماء الزمان المضاف إلى الجمل يوم، وأيام، وليلة، وليالي، وأزمان، وزمن، وعصر، وعشية، وغداة، وحين، وذكر الكسائي: أن العرب تختار التعريف إذا أضيف إلى يفعل، والبناء على الفتح إذا أضيف إلى غيرها من الجمل، ولا يجوز أن يعود من الجملة التي أضيفت إليها اسم الزمان ضمير على اسم الزمان. قال ابن السراج: إن قلت: أعجبني يوم قمت فيه، امتنعت الإضافة؛

لأن الجملة صفة، ولا يضاف موصوف إلى صفته، وقال الكوفيون: إن كان الضمير قبل تمام الجملة لم يجز أن يضاف إليها، نحو قوله تعالى: «واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله»، أو آخر الجملة جاز أن يكون مضافة، وأن تكون صفة على حسب ما يقدر، فإن عمل في الظرف الكلام، فالجملة صفة، وإن قدرته من كلام آخر كانت مضافًا إليها، لخلوها من الضمير، ومثال ما جاء فيه الضمير قوله: وتسخن ليلة لا يستطيع … نباحًا بها الكلب إلا هريرا وقول الآخر: مضت سنة لعام ولدت فيه … وعشر بعد ذاك وحجتان وقد تؤول هذا البيت، وأما قولك: أتيتك ليلة حرت، وأتيتك ليلة بردت؛ فإن جعلت الفعل لليلة نويت، أو للريح أضفت، وعلى هذا لا يجوز توكيد اليوم لعود العائد لا تقول: يوم قمت كله، ولا بعضه، ولا نفسه ولا أجمع، ولا يجوز أيضًا أن تتبعه لا تقول: يوم قمت البارد ولا باردا، إلا أن يكون على كلامين وهو قبيح، وهذه مسائل من هذا الفصل: لا يجوز إضافة الليل والنهار، والصباح والمساء، وأجروا السنة مجرى العام في إجازة الإضافة إلى الجمل.

ولو جمعت السنة فقلت: السنين لم يجز أن تقول: قد عشنا سنىّ قحط الناس، ولا يقال: غدوة قام، ولا بكرة قام زيد وسحر، وأجاز الكسائي وقت يقوم، وخطة يقوم، وشرع يقوم، وتقول: أتيتك يوم لا زيد قائم، ولا عمرًا ضربت، ولا يجوز أن تضيف شيئا منها إلى إن وأخواتها سوى كأن فتقول: أتيتك كأنك أسد. وأما (إن) فقال بعضهم: القياس أن تعربه، فتقول: هذا يوم إنك سائر، ولم أسمعه من العرب، ولا روى لي مضافًا، ولكنه قياس، وأما (الجزاء) فإنه يجوز فيه على خلاف الأصل فتقول: أزمان من يأتك تأته، وتقول: أتيك أزمان قام، ولا تقول: أحيان قام زيد، ولم يقولوا أحيان ذلك وقالوا: أزمان ذلك وما أضيف من هذه لا يكون مفسرًا لعدد، ولا يقع عليه (رب) فلا تقول: لك عشرون يوم قام عبد الله، ولا رب يوم قام عبد الله. ويجوز أن تقول: أتيتك حين يوم قام زيد لاختلاف اللفظين، ويجوز خفضهما في حين يوم قام زيد، ولم أره مذ يوم قام زيد، ومذ يوم حين قام زيد، تنصبهما كأنهما واحد، وإضافة الثاني إلى الأول أحب إذا اختلف لفظهما من نصبهما جميعًا، وكذا أزمان حين قام زيد، إلا قولهم: أتيتك ليلة يوم قام زيد، لأن لليوم ليلة فمعناها مخالف لقولك: حين يوم قام. وأما قولك: أتيتك يوم ليلة قام عبد الله، فهو شبيه بحين يوم قام، وتقول لقيته مذ يوم تعلم، وتقول: اليوم يوم يخرج زيد، برفعهما الأول: مبتدأ، والثاني خبره، وبنصب اليوم على أن اليوم خبر، وفتح (يوم) يخرج مبتدأ على مذهب من يجيز بناءه إذا أُضيف إلى المضارع. وإن عطفت على الاسم المضاف إلى غير المحض اسمًا مثله جرى مجراه إن نصبًا فنصبًا، وإن خفضًا فخفضا نحو: أعجبني يوم قام عبد الله، ويوم قام زيد،

ولك أن تخالف بينهما رفعًا ونصبًا، فإن اختلفا في الإضافة، وكان الأول غير محض نحو: هذا يوم قام زيد، ويوم قيام بكر، كان الأول على ما كان، والثاني على التقريب، فإن عكست كان في الثاني ما كان فيه، وأعربت الأول نحو: مذ يوم الفطر، ويوم صام الناس، ومقتضى مذهب سيبويه أن الظرف إذا كان بعده جملة، وكانت ماضية كانت اسمية أو فعلية، إذ جرت مجرى (إذ) «وإذ تليها الجملتان، وإذا كانت مستقبلة كانت الجملة فعلية، إذ جرت مجرى إذا»، وإذا لا تليها الجملة الفعلية. وذهب أبو الحسن إلى جواز الاسمية والفعلية، إذا كانت الجملة مستقبلة، ومما ظاهره الاستقبال، وجاءت اسمية نحو قوله تعالى: «لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون» والظاهر أن هذه الإضافة في هذا الباب تفيد التعريف، وفي البسيط: قد يقال لا تفيده، لأن الجمل نكرات، وقد يقال: إن الجمل مقدرة تقدير المصدر فتفيده، وقد أضيف إلى الجمل ألفاظ غير أسماء الزمان منها (آية) بمعنى علامة، ومذهب سيبويه أنه يجوز إضافتها إلى الفعل كما قال: بآية تقدمون الخيل شعثًا … ... ... ... ... ...

وقوله: بآية ما قالت ... ... ... … ... ... ... ... وذهب ابن جني أن ذلك على حذف (ما) المصدرية، وليست إضافة إلى الفعل كما جاء: ... ... ... ... .... … بآية ما يحبون الطعاما أي بآية حبهم، ومذهب سيبويه: أن إضافة (آية) إلى الفعل يطرد في الكلام وفي الشعر، ومذهب المبرد أن ذلك لا يطرد، وقال ابن مالك: تضاف إلى الفعل المتصرف مجردًا أو مقرونًا بـ (ما) المصدرية، وبما النافية نحو قوله:

ألكنى إلى قومي السلام رسالة … بآية ما كانوا ضعافًا ولا عزلا وقال أبو ذؤيب: بآية ما وقفت والريكا … ب بين الحجون وبين السرر أي بآية وقوفها، وجاء أيضًا إضافتها إلى الجملة الاسمية أنشد الفراء: بآية الخال منها عند برقعها … وقول ركبتها قض حين تثنيها ولم يصرحوا قط بالمصدر، ولم يقولوا: بآية محبتكم، ومنها (لدن) نحو قوله: لزمنا لدن سألتمونا وفاقكم … ... ... ... ... وقد فصل بين (لدن)، والفعل بأن في قوله: وليت فلم تقطع لدن أن وليتنا … ... ... ... ... ... كما فصل بين حين والفعل بـ (أن) في قوله: ... ... ... .... … على حين أن نالوا ... ... وفي البديع: المعروف في (لدن) أن تضاف إلى المفرد، ومن زعم أنها تضاف إلى الجملة، فإنما استدل بقول الشاعر:

وإن لكيزًا لم تكن رب عكة … لدن صرحت حجاجهم فتفرقوا ومنها (ريث) نحو قوله: لا يزجر الرأي إلا ريث يبعثه … ولا يشارك في آرائه أحدا وقد تجيء بعدها (ما) زائدة أو مصدرية نحو قوله: بمحياه حين يلقي ينال الس … ؤال راجيه ريث ما يقضى وريث مصدر راث يريث إذا أبطأ، وقال ابن أصبغ: أجاز أبو علي: إضافة المصدر إلى الفعل على حد إضافة أسماء الزمان إليه، ومنعه غيره، وفي كتاب الصفار للبطليوسي: المصدر إذا استعمل في معنى الزمان جاز أن يضاف إلى الفعل تقول: أتيتك ريث قام أي قدر بطء قيام زيد، لما كانت تخرج إلى الظرف من الزمان جاز فيها ما جاز في الزمان، وكذلك ما كان بهذه المنزلة، ومنها (ذو)، وتليها تسلم مضارع سالم للمخاطب تقول: اذهب بذي تسلم، واذهبي بذي تسلمين، واذهبا بذي تسلمان، واذهبوا بذي تسلمون، واذهبن بذي تسلمن، وفي (ذي) هذه قولان: أحدهما: أنها موصولة على لغة طيئ، وأعربت في لغة بعضهم و (تسلم) صلة لذي، والمعنى اذهب في الوقت الذي تسلم فيه ثم اتسع، فحذف الجار، فصار تسلم ثم حذف الضمير، فلا إضافة في (ذي) ولا شذوذ، وإلى نحو هذا ذهب ابن الطراوة، وذهب الجمهور إلى أن (ذي) بمعنى صاحب، وهو

مضاف إلى تسلم، والمعنى اذهب في وقت ذي سلامة، وحكى ابن السكيت القسم به قالوا: ولا بذي تسلم بما كان كذا، وفي البسيط: قيل التقدير: لا أفعل بحق سلامتك ومعناه القسم، وقيل المعنى: لا أفعل هذا مقترنًا بوقت ذي سلامة، فتكون (ذو) صفة لوقت، وقيل هو صفة لوقت المعنى: افعل متبركًا بما تسلم فيه والمعنى متبركًا بك. وعلى هذه الأقوال لا تكون الباء ظرفية وقالوا: لا تفعل بذي تسلم، وكذا باقي الخطاب، وقالوا في الإثبات افعل، وأجاز قوم بناء ما أضيف إلى مبني، وذكروا ذلك في (غير)، و (بين)، و (دون)، و (مثل)، وتأول آخرون ما ادعوا من ذلك على أن الحركة فيها حركة إعراب لا حركة بناء، ويجوز حذف المضاف إذا كان الكلام مشعرًا به، فإن لم يكن مشعرًا به لم يجز حذفه إلا في ضرورة كقوله: ... ... ... .... … قضى نحبه في ملتقى القوم هوبر يريد: ابن هوبر، وإنما عرف هذا من غير البيت، وإذا حذف فله اعتباران: أحدهما: وهو الأكثر في لسان العرب أن تجرى الأحكام على لفظ ما قام مقامه كقوله تعالى: «وسئل القرية التي كنا فيها» ويريد: أهل القرية، وأعاد الضمير على لفظ القرية. والآخر: أن تجرى عليه الأحكام على المحذوف، فيراعى ما يعود عليه ومنه قوله

تعالى: «أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج» تقديره: أو كذي ظلمات، فأعاد الضمير في يغشاه على المحذوف لا ما قام مقامه، ومما جاء فيه مراعاة الأمرين قوله تعالى: «وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا أو هم قائلون» تقديره: وكم من أهل قرية، فأعاد الضمير في أهلكناها، فجاءها على لفظ قرية، وأعاد الضمير في أوهم قائلون على أهل المحذوف، وإذا لم يستبد القائم مقام المحذوف بالنسبة في الحكم كان الحذف مقيسًا، نحو: «واسأل القرية» وإن استبد بنسبة الحكم إليه كان الحذف غير مقيس كقوله: لا تلمني عتيق حسبي الذي بي … ... ... ... يريد: لا تلمني ابن أبي عتيق، وأجاز أبو الفتح: جلست زيدًا، على تقدير: جلوس زيد، وهذا مما لا ينبغي أن يجوز؛ إذ لا يتعين حذف جلوس لاحتمال إلى زيد، وأجاز الخليل أن تخلف المعرفة ما حذف من منكر إذا كان مثلاً نحو قوله: له صوت صوت حمار، فأعرب صوت الحمار صفة لصوت، و (صوت) نكرة وصوت الحمار معرفة، لكنه حذف مثل وروعى، وقال سيبويه: وهذا قبيح ضعيف، وفرع ابن مالك على مذهب الخليل فقال: وقد يخلفه في التنكير إن كان المضاف مثلاً مثاله: مررت برجل زهير شعرًا، وهذا زيد زهيرًا شعرًا تنعت

بـ (زهير) وتنصبه حالا، لأن الأصل مثل زهير، ومثل زهير فحذف ونوى، وإن كان بلفظ المعرفة، ومنه تفرقوا أيادي سبا أي مثل أيادي سبا انتهى. ومنع ذلك سيبويه قال في مسألة: «له صوت حمار، وله خوار خوار ثور» وإن كان معرفة لم يجز أن يكون صفة لنكرة كما لا يكون حالاً، انتهى. وإذا كان المحذوف المضاف مؤنثًا، وكان مضافًا إلى مذكر، أو مذكرًا، وكان مضافًا إلى مؤنث، فيجوز اعتبار التذكير والتأنيث مثال ذلك: فقئ زيد وفقئت زيد، على مراعاة فقئت عين زيد، وجدعت هند، وجدع هند، على مراعاة جدع أنف هند، وقد يحذف اثنان متضايفان، ويستغنى بالثالث عنهما كقوله تعالى: «تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت» أي كدوران عين الذي يغشى، وقد يحذف ثلاثة متضايفات، وصفة، ويستغنى بالرابع نحو قوله: ولا الحجاج عيني بنت ماء … ... ... ... ... ... يريد: ولا الحجاج صاحب عين مثل عيني بنت ماء، وقد يقام مقام محذوف مضاف إلى محذوف قائم مقامه رابع نحو قوله: (المتقارب) أبيتن إلا اصطياد القلوب … بأعين وجرة حينًا فحينا التقدير: بمثل أعين ظباء وجرة، وقد يستغنى بمضاف إلى مضاف إلى مضاف

إلى رابع عن الثاني والثالث مثاله قوله تعالى: «من أثر الرسول» أي من أثر حافر فرس الرسول، ويجوز الجر بالمضاف محذوفًا إثر عاطف متصل مسبوق بمضاف مثل المحذوف لفظًا ومعنى نحو: «ما كل سوداء تمرة، ولا بيضاء شحمة»، وما مثل أبيك وأخيك يقولون ذلك التقدير: ولا كل بيضاء، ومثل أخيك، أو منفصل بلا نحو قوله: لم أر مثل الخير يتركه الفتى … ولا الشر يأتيه الفتى وهو طائع أي ولا مثل الشر قاله ابن مالك، وقال ابن عصفور: وقد [لا] يعرب المضاف إليه بعد الحذف بإعراب المضاف، وذلك إذا تقدم في اللفظ ذكر المحذوف نحو قولهم: «ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة»، فلم يشترط ابن عصفور العطف لا متصلاً، لا منفصلاً بلا، وليس هذا الحذف في هذا النوع مشروط بتقدم نفي، أو استفهام خلافًا لمن شرط ذلك، ومما جاء غير مشروط فيه ذلك قوله: كل مثر في أهله ظاهر العز … وذي غربة وفقير مهين أي وكل ذي غربة قالوا: والجر في كل هذا مقيس، وربما جر دون عطف، حكى الكسائي عن العرب: «أطعمونا لحمًا سمينًا شاة ذبحوها»، وحكى

الفراء عن العرب: «والله لو تعلمون العلم الكبيرة سنه الدقيق عظمه» يريد: لحم شاة وعلم الكبيرة سنه، وجاء في الشعر مثل هذا النثر قال: الآكل المال اليتيم بطرا … يأكل نارًا وسيصلى سقرا وأجاز الكوفيون القياس على هذا، فأجازوا: يعجبني ضرب زيد أي: ضرب زيد، وقالوا: قالت العرب: «يعجبني الإكرام عندك سعد بنيه» (أي): إكرام سعد بنيه، ولم يجز البصريون ما أجازه الكوفيون من ذلك، بل حملوه على الشذوذ إن صح نقله، وقالت العرب: «رأيت التميمي تيم عدي وتيم قريش، ورأيت العبدي عبد مناف، بالنصب والخفض في كل قبيلة يكون فيها اشتراك، فقال أبو علي: كأنه قال: صاحب تيم عدي دل ذكر التميمي على ذكر صاحب، فأضمر للدلالة، وقال السيرافي: الخفض على إضمار (من) التقدير: من تيم عدي، ودل على (من) معنى النسب، لأنك إذا قلت: زيد تميمي، فكأنك قلت: من تميم، وقال أبو عبد الله محمد بن مسعود المعروف بابن أبي ركب: هو على إضمار مضاف تقديره (من) لفظ الأول أي تيمي عدي كأنهم استقبحوا تكرير الأول، فأغنى الأول عن الثاني». وذهب الكوفيون إلى أن ياء النسب جر، ولذلك خفض عندهم تيم عدي، فـ (تيم) عندهم بدل من الياء، وهذه المسألة ليست مسطورة في شيء من كتب أصحابنا، وإنما هي مسطورة في كتب الكوفيين، وخرجها «أبو بكر بن الخياط، وابن شقير» بالنصب على إضمار أعني، ولا مانع من الرفع على إضمار (هو).

قال ابن مالك: الجر على تقدير: أحد تيم عنده، حكاه الفارسي انتهى. وقال أبو القاسم الزجاجي في المسائل الطبرية: يختار الكوفيون فيه الخفض على معنى زيد من سعد ثم تقول: سعد بكر على الترجمة، وليس يمتنعون من إجازة نصبه، فأما أصحابنا البصريون فلا يجيزون خفض هذا ألبتة. انتهى. وأنشد الكوفيون: إذا نزل الأزدي أزد شنوءة … بأرض صعيد طاب منها صعيدها بخفض (أزد شنوءة)، وقال السيرافي: ومن نصب أضمر أعنى وفيه قلق والرفع أقلق، قال: ولا يكون بدلاً، لأنه أعم من الأول وعلى قول (ابن أبي ركب) يكون بدلاً على حذف مضاف أي تيمي تيم عدي، وهذا نظير قوله: رحم الله أعظما دفنوها … بسجستان طلحة الطلحات أي أعظم طلحة الطلحات، ومن الحذف قراءة ابن جماز «والله يريد الآخرة» بخفض الآخرة، قدره ابن

مالك عرض الآخرة، والمضاف إليه يتنزل من المضاف منزلة التنوين، وهو من تمامه فالقياس يقتضي أن لا يجوز الفصل بينهما إلا على سبيل الضرورة إلا ما وقع فيه الفصل بين [المصدر وفاعله المجرور بالمفعول فيأتي فيه الخلاف، وفي الإفصاح: الفصل بالظرف بين] المضاف والمضاف إليه، قال سيبويه: لم يسمع إلا في الشعر، وأجازه يونس في الكلام في الظروف غير المستقبلة. انتهى. فمتى جاء الفصل بالظرف والمجرور، فعند ابن مالك إن كان الظرف والمجرور متعلقين بالمضاف، فلا يختص عنده إلا بالضرورة قوى كقوله: ... ... ... ... ... … كناحت يومًا صخرة بعسيل وقول الآخر: لأنت معتاد في الهيجا مصابرة … ... ... ... ... ....

قال: فهذا جائز في الاختيار، وإن لم يتعلقا به، فالفصل ضعيف نحو: تسقى امتياحًا ندى المسواك ريقتها … ... ... ... ... ... و: ... ... ... ... بكف يوما … يهودي ... ... ... ... و: هما أخوا في الحرب من لا أخا له … ... ... ... ...

وجاء الفصل بينهما بفاعل نحو: ... ... ... … ولا نرعوى عن نقض أهواؤنا العزم وبنداء نحو: وفاق كعب بجير ... ... … ... ... ... ... وبنعت نحو: ... ... ... ... … من ابن أبي شيخ الأباطح طالب وبفعل ملغي نحو قوله:

بأي تراهم الأرضين حلوا … ... ... ... ... وبالمفعول من أجله: معاود جرأة وقت الهوادي … ... ... ... ... فالتقدير فيما مثلناه كـ (ناحت صخرة)، ومعتاد مصابرة، وندى ريقتها، وبكف يهودي، ونقض العزم أهواؤنا، ووفاق بجير، ومن ابن أبي طالب، وبأي الأرضين، ومعاود وقت، وقد جاء الفصل بينهما بالقسم في النثر، حكى الكسائي: «هذا غلام والله زيد»، وحكى أبو عبيدة عن العرب: «الشاة لتجتر فتسمع صوت والله ربها»، يريد: هذا غلام زيد والله، وتسمع صوت ربها والله، وأما الفصل بالمفعول بين المصدر والمخفوض كقراءة ابن عامر:

«قتل أولادهم شركاؤهم» فقد جاءت نظائره في أشعار العرب، والصحيح جوازه، وإن كان أكثر النحاة يخصونه بالشعر. وفي النهاية: أجاز الكوفيون الفصل بين المضاف والمضاف إليه بغير الظرف، وحرف الجر في الشعر، وفي الكلام ومنه قراءة ابن عامر، وسلك المتنبي هذه الطريقة فقال: حملت إليه من لساني حديقة … شفاها الحجا سقى الرياض السحائب

فصل

فصل المضاف إلى ياء المتكلم ليس مثنى، ولا مجموعًا على حد المثنى فيه أربعة مذاهب: أحدها: مذهب الجمهور أنه معرب في الأحوال الثلاثة مقدر فيه الحركات الإعرابية لشغل آخره بالحركة التي تقتضيها ياء المتكلم. الثاني: مذهب الجرجاني، وابن الخشاب، والمطرزي، وظاهر كلام الزمخشري أنه مبني. الثالث: مذهب ابن جني أنه لا معرب، ولا مبني، إذ الاسم لا ينحصر عنده في معرب ولا مبني، بل له حالة ثالثة مثل هذا. الرابع: ما ذهب إليه ابن مالك من أنه ظاهر الحركة الإعرابية حالة الجر مقدرة فيه حالة الرفع والنصب، ولا أعرف له سلفًا في هذا المذهب، ويقول في المثنى: قام غلاماي، ورأيت غلامي، ومررت بغلامي، والخلاف الذي في إعراب المثنى جار فيه إذا أضيف إلى الياء، وتقدم ذكر ذلك. وتقول في الجمع الذي على حد التثنية هؤلاء ضاربي، ورأيت ضاربي، ومررت بضاربي اللفظ واحد، والخلاف فيه مضافًا إلى الياء كالخلاف مضافًا إلى غير الياء، وتقدم ذكر ذلك.

وزعم أبو عمرو بن الحاجب، وتبعه ابن مالك أن هذا الجمع حالة الرفع إعرابه بالحرف المقدر، وكما أن الحركة تقدر كذلك الحرف يقدر، وقد بينا في الشرح للتسهيل أن هذا لا تحقيق فيه، وهذه الياء في (ضاربي)، وشبهه مفتوحة كقوله: أودى بني وأودعوني حسرة … ... ... ... ... وفي الحديث: «أو مخرجي هم» وقراءة حمزة: «بمصرخي» بكسر الياء أجازها أبو عمرو بن العلاء، والفراء، وقطرب، وهي لغة بني يربوع، وقال الفراء: قرأ بها الأعمش، ويحيى بن وثاب قال: وزعم القاسم بن معن أنها صواب، وكان ثقة بصيرًا. انتهى.

وقد رد هذه القراءة على حمزة جعفر الصادق، وقال أخالفك فيها، والفتح قراءة علي بن أبي طالب، وخير (حمزة) في (بمصرخي) بين الفتح والكسر بعد أن أراد أن يتركها. وقال الكسائي كان نصير النحوي يحمل قراءة حمزة على اللحن، وكان أهل النحو يحسبونه من حمزة غلطًا. وإذا أضفت المنقوص قلت: قاضي كما تقول: في جمع قاضون إذا أضيفت إلى الياء قاضي، وإذا أضفت المقصور قلت: عصاي في الأحوال الثلاثة والياء مفتوحة، وقد تكسر نحو: عصاي وتسكينها بعد ألف كقراءة نافع «ومحياي» في الوصل من إجراء الوصل مجرى الوقف، وإقرار ألف المقصور حالة الإضافة إلى الياء لغة أكثر العرب، وقد ذكر قبلها (ياء)، وإدغامها في الياء سيبويه عن ناس من العرب لم يعينهم، وحكاها عيسى بن عمر عن قريش، وهي في شعر أبي الأسود الدؤلي، والمنخل اليشكري.

وعينها صاحب التمهيد، وابن مالك لهذيل، ولا يتحتم ذلك عندهم، بل يجيزون القلب والإقرار الذي عليه أكثر العرب، وهذا القلب لا يختص بحالة النصب، والجر، بل يجوز في حالة الرفع، ومن دعاء بعض العرب: يا سيدي ومولى، وقرئ «يا بشرى هذا غلام» وهدى، وعصى، ومحيى، ومثوى، وروى؛ فإن كانت الألف للتثنية لم تقلب حالة الرفع، فأما في لغة من استعمل المثنى بالألف رفعًا ونصبًا وجرًا، فيحتاج في جواز قلبها على هذه اللغة إلى سماع. وأما (لدى) و (على)، و (إلى)، فأكثر العرب يقلب ألفها وتدغم فتقول: لدي، وعلي، وإلي، وبعضهم لا يقلب فيقول (لداى، وعلاى، وإلاى). وإذا أضيفت إلى الياء غير مثنى، ولا مجموع على حده، ولا منقوص ولا مقصور نحو غلامي، وغلماني، وهنداتي، وظبيي، وغزوي، وولي، وعدوي، جاز فتح الياء وإسكانها، فقيل الأصل الفتح، وقيل الأصل: الإسكان وحذف الياء في مثل هذه قليل ومنه «فبشر عباد الذين» فيمن حذفها وصلا ووقفًا، وربما قلبت الياء ألفًا والكسرة قبلها فتحة نحو قوله: ... ... ... ... … إلى وأما ويرويني النقيع

يريد إلى أمي، فأجازه بعضهم، وفي النهاية: أجاز المازني في غير النداء إبدال ياء المتكلم ألفًا، فأجاز: قام غلاما ورأيت غلامًا ومررت بغلامًا يريد: غلامي حكاه ابن السراج في الأصول انتهى. وقال ابن عصفور: وهذا في الضرورة: وربما استغنى بالفتحة عن الألف فتقول: جاء غلام، تريد: غلامًا أي غلامي، وأما (الضم) نحو: جاء غلام، وأنت تريد الإضافة، فأجازه أبو عمرو وغيره على قلة واستدلوا بقوله: ... ... ... ... … ... ... .... وإنما أهلكت مال يريد: مالي، ورده أبو زيد الأنصاري، وتأول ما استدل به أبو عمرو، وأما في النداء، فأطلق النحاة فيه خمسة أوجه: فتح الياء: يا غلامي، وإسكانها نحو

يا غلامي، وقلب الياء ألفًا نحو: يا غلاما، وحذف الياء والاجتراء بالكسرة عن الياء نحو: يا غلام، وحذفها وضم ما قبلها نحو: يا غلام تريد: يا غلامي، وقرئ: «قل: رب احكم» بضم الياء بعد حذف ياء المتكلم يريد: يا ربي حذف حرف النداء وياء المتكلم. وأجاز الأخفش: والمازني، والفارسي، حذف الألف المنقلبة عن الياء والاجتراء بالفتحة عنها فتقول: يا غلام تريد: يا غلاما، وقاسوا ذلك، ومنعه الأكثرون، وتختلف رتبة هذه الأوجه في الفصاحة، فأفصحها: يا غلام ثم يا غلاما ثم يا غلامي ويا غلامي، وأقلها: يا غلام. وقال الأستاذ أبو علي: وهذا إذا لم يلبس يعني بالمنادي المقبل عليه، وقال ابن هشام اللخمي: يا غلام أقبل لا يجوز على مذهب الجماعة، إنما أجاز سيبويه الضم، فيما يزاد فيه الإضافة فيما كثر حتى إذا صممته علم أن المراد فيه الإضافة، وقال خطاب الماردي: والخامسة قليلة رديئة وهي: يا غلام بحذف الياء وبضم الميم، وأنت تريد: يا غلامي، وهذا قبيح، لأنه يلتبس المضاف بغيره، كقولك: يا غلام، إذا أردت يا أيها الغلام، وهذه لغة ذكرها أبو القاسم الزجاجي في كتابه، ولم ينص عليها بالضم، ولكن بعض شيوخنا كان يرويه بالضم، وذلك لا يصح، والصواب: يا غلام بالفتح، فحذف الألف المنقلبة عن الياء، كما حذف الياء في يا غلامي، وهي قليلة. لأن الألف خفيفة والياء ثقيلة، فجاز حذف الياء، وقبح حذف الألف انتهى.

وقال ابن مالك في نحو: يا مكرمي مرادًا به الحال أو الاستقبال إضافته إضافة تخفيف، والياء في نية الانفصال فلا تحذف، ولا تقلب، ولاحظ لها في غير الفتح أو السكون، وهذا تقييد لما أطلقه النحويون، وإطلاقهم يقتضي جواز الحذف والاجتراء بالكسرة، والقلب إلى الألف، والحذف والبناء على الضم. وفي المجالس لثعلب يا غلام أقبل تسقط الياء منه، ويا ضاربي أقبل لا تسقط الياء منه، وذلك فرق بين الاسم والفعل. انتهى. وفي النهاية: من قال: يا غلام بضم الميم إنما يفعلون ذلك في الأسماء التي تغلب عليها الإضافة كقولك: يا رب ويا قوم، لأن هذا يضيفونه كثيرًا، كقوله تعالى: «ربنا أخرجنا» و «يا قومنا أجيبوا داعي الله»، فلما كانوا يضيفونه جعلوه معروفًا بالقصد، فبنوه على الضم، وهذه الضمة كهي في يا رجل إذا قصدت رجلاً بعينه، وقال أيضًا: اسم الفاعل المتعدي المضاف إلى ياء المتكلم إن كان ماضيًا، فإضافته محضة، فتجرى ياؤه مجرى يا غلامي في النداء فيجوز: يا ضارب في النداء، وإن كان حالاً أو مستقبلاً فلا يجوز حذف الياء في النداء، لأن الإضافة في نية الانفصال، فصارت الياء في التقدير اسمًا مستقبلاً فلا يجوز حذفها، وإذا أضفت ابنما وفمًا على لغة من أتبع حركة النون لحركة الميم وحركة الفاء لحركة الميم كسرت ما قبل الميم فتقول: جاء ابنمي ووضعته في فمي، ومن أجري غير ماض مجرى الصحيح، فقال غير ماض إلى أضاف إلى الياء لا تقول: ماضى، بل تقول: ماضي. وإذا أضفت ما رفع وفيه الواو، ونصب وفيه الألف، وجرو فيه الياء إلى الياء فكحاله إذا أفردت عن الإضافة فتقول: أبي وأخي وحمي وهني، ومن أضاف ذو

إلى الضمير فقياسه: ذي ويكون أصله: ذوى، وقالوا في فوك: في في الأحوال الثلاثة، ومن أثبت الميم فجعلها حرف الإعراب، أو جعله مقصورًا أضاف كنظيره فتقول: فمي بالتخفيف، وفمي بتشديد الميم، أو فماى، وقول من زعم أن ثبوت الميم مع الإضافة لا يجوز إلا في ضرورة الشعر ليس بصحيح، وأجاز الكوفيون أبي في (أبي) يبقون الواو ويدغمونها في ياء الإضافة، فتصير (أبي)، ولا يجيز ذلك البصريون إلا في الشعر، وقد تبع الكوفيون المبرد، وابن مالك، وزادا إجازة أخي في (أخي) قال ابن مالك ولم أجد شاهدًا على أخي لكن أجيزه قياسًا على أبي كما أجازه المبرد انتهى، وقد جمع أخ وأب بالواو والنون فإذا أضفت إلى الياء قلت: أبي وأخي.

باب المجزوم

باب المجزوم أدوات الجزم حروف وأسماء، فمن الحروف، لام الطلب، وتشمل الأمر، والدعاء نحو قوله تعالى: «لينفق ذو سعة من سعه» و «ليقض علينا ربك» وأكثر النحاة يعبر عنها بلام الأمر، وحركتها الكسر، وفتحها عن الفراء لغة سليم، وعنه أيضًا تفتح بفتحة الفاء بعدها، فعلى هذا قيل: إن انكسر ما بعدها نحو: لتئذن، أو انضم نحو: لتكرم زيدًا، فلا تفتح، بل تكسر، وعنه أيضًا ما نص عليه في سورة النساء وهو قوله: وبنو سليم يفتحون اللام إذا استؤنفت فيقولون: ليقم زيد يجعلون اللام منصوبة في كل جهة كما نصبت تميم لام (كي)، إذ قالوا: جئت لآخذ حقي، يريد أنهم لا يفتحون إلا إذا لم يكن قبلها واو، أو فاء، أو ثم، ويجوز تسكينها مع ثلاثتها، وليس بضعيف، ولا قليل مع ثم، خلافًا لمن زعم ذلك، بل الأكثر التسكين مع الواو والفاء، وقال خطاب الماردي: إسكانها مع ثم في ضرورة الشعر، ولا يجوز في الكلام، وإن كان حمزة قد قرأ «ثم ليقطع» بسكون اللام؛ لأنه لم يكن له علم بالعربية انتهى. وإذا أُسند الفعل إلى غير الفاعل المخاطب لزمت اللام نحو: ليقم زيد وليضرب خالد، ولتفن بحاجتي، ولأغن بها، وقال تعالى: «ولنحمل خطياكم» وفي الحديث «قوموا فلأصل لكم» وقال الشاعر:

وجدت أمن الناس قيس بن عثعث … فإياه فيما نالني فلأحمد ودخولها على فعل المتكلم مفردًا، أو مشاركًا فيه قليل، والصحيح أنه لا يجوز حذف لام الأمر إلا في الشعر خلافًا، للمبرد، إذ منع ذلك أيضًا في الشعر وخلافًا للكسائي، إذ أجاز حذفها بعد الأمر بالقول كقوله تعالى: «قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة» أي ليقيموا الصلاة، وخلافًا لمن أجاز ذلك بعد قول غير أمر نحو: قلت لزيد يضرب عمرًا، أي ليضرب، فإذا كان مسندًا للفاعل المخاطب فلغتان: إحداهما قالوا: رديئة قليلة وهي إقرار تاء الخطاب واللام نحو: لتقم. وزعم الزجاجي: أنها لغة جيدة، والثانية وهي اللغة الجيدة الفصيحة أن يكون عاريًا من حرف المضارعة، واللام، فإن كان ما بعد حروف المضارعة متحركًا أقر على حركته نحو: دحرج، وبع، وقم، وعد، وهب، وإن كان ساكنًا، وماضيه على وزن أفعل، فالأمر منه أفعل بقطع الهمزة، أو على غير وزنه اجتلبت له همزة الوصل مكسورة في غير الثلاثي، وفي الثلاثي الذي ثانيه مكسور أو مفتوح نحو: انطلق، واضرب، واركب، ومضمومة إن كان مضمومًا نحو: اقتل إلا إن

نقل إلى فاء الكلمة حركته، فتذهب الهمزة نحو: سل، وشذ إقرارها مع النقل نحو: اسئل وشذ في الكلام: خذ، وكل، ومر وتقدم الكلام عليها في التصريف في باب الحذف، وعلى الأمر إذا كان عاريًا عن اللام، أهو معرب، أو مبني في باب البناء، وعلى همزة الوصل ما أصلها، وما أصل حركتها في همزة الوصل ويلزم آخره ما يلزم المجزوم نحو: اضرب، واضربي، واضربا، واضربوا، واضربن، واغز، وارم، واخش. ومن إبدال الهمزة في يقرأ ألفًا، وفي يوضؤ واوًا، وفي يقرئ ياء، فلك إثباتها نظرًا إلى أصلها فتقول: اقرا، واوضوا، واقرى، ولك حذفها نظرًا إلى ما آلت إليه فتقول: اقر، واوض، واقر. ولا يجوز الفصل بين لام الأمر وما عملت فيه، لا بمعمول الفعل ولا بغيره، ويجوز تقديم معمول معمولها عليها إذا كان يجوز تقديمه على فعل الأمر العاري من اللام نحو: زيدًا ليضرب خالد، وفعل الأمر للمخاطب بغير لام إذا عطف فعل بعده ارتفع على الاستئناف نحو: اضرب زيدًا أو ليضرب، ويركب خالد، ويجوز في النثر جزمه عطفًا على توهم أن الأول باللام، ويجوز تقديم منصوبه عليه تقول: زيدًا اضرب، وقال قوم: تنصب زيدًا بفعل مضمر، ودليلهم دخول الفاء عليه فتقول: زيدًا فاضرب، وقالوا: الأمر والنهي لا يتقدم منصوبهما عليهما، لأن لهما الابتداء. (لا): في الطلب يشمل النهي والدعاء نحو: لا تضرب زيدًا، و «ربنا لا تؤاخذنا» وهي أصل بنفسها خلافًا لمن زعم أن أصلها لام الأمر زيد عليها ألف، فانفتحت اللام لأجلها، وخلافًا للسهيلي، إذ زعم أنها (لا) التي للنفي،

وأن الجزم في الفعل بلام الأمر مضمرة قبلها، حذفت كراهة اجتماع لامين في اللفظ، وإذا بني الفعل للمفعول جاز دخول (لا) هذه عليه سواء أكان لمتكلم أو غائب أو مخاطب نحو: لا أخرج، ولا تخرج ولا يخرج زيد، وإذا بني لفاعل، فالأكثر أن يكون للمخاطب ويضعف للمتكلم نحو قوله: لا أعرفن ربربا حورا مدامعها … ... ... ... .... وللغائب نحو: لا يخرج زيد، ولا يفصل بين (لا) هذه ومعمولها إلا إن كان بالفضلة نحو: لا اليوم تضرب زيدًا، فقيل يجوز في قليل من الكلام، وقيل يختص بالضرورة، وقد يجوز بالنهي عن الفعل المقصود به في الحقيقة، إلى ما يلزمه نحو قولهم: «لا أرينك هنا». واللام، ولا الطلبيتان يخلصان المضارع للاستقبال، وهل يجوز حذف الفعل بعد (لا) الطلبية في كلام ابن عصفور، وشيخنا أبي الحسن الأبذي ما يدل على جواز حذفه، إذ دل عليه الدليل، وتعبته (لا) قالا كقولك: اضرب زيدًا إن أساء، وإلا فلا «أي فلا تضربه» ويحتاج ذلك إلى سماع من العرب، والأمر لا يدل إلا على طلب إدخال الماهية في الوجود، لا على فور، ولا تكرار، والنهي يلزم منه العموم. وصيغة الطلب تأتي لمعانٍ أخر بالقرينة نحو: الإذن، والتهديد، والتعجيز، والتأديب، والتسخير، والاستهزاء، والتكوين، وغير ذلك وليس ذلك على سبيل الاشتراك، خلافًا لمن زعم ذلك، بل على سبيل المجاز فلا يصار إلى ذلك إلا بقرينة.

(لم ولما): وهي مركبة من لم، و (ما) عند الأكثرين، وبسيطة عند بعض النحاة، ومذهب سيبويه: أنهما يصرفان لفظا الماضي إلى المضارع دون معناه، ومذهب المبرد أنهما يصرفان معنى المضارع إلى الماضي دون لفظه، وتنفرد (لم) بمصاحبة أدوات الشرط نحو: إن لم تقم أقم، وهي موضوعة لمطلق الانتفاء فلا تدل على أن ذلك منقطع عن زمان الحال، ولا متصل به، بل قد تجيء في المنقطع نحو: قوله تعالى: «لم يكن شيئا مذكورا»، وفي المتصل نحو قوله تعالى: «ولم أكن بدعائك رب شقيا» وتنفرد (لما) بوجوب الاتصال للنفي بزمان الحال نحو: لما يقم زيد، يدل على انتفاء القيام إلى زمن الإخبار، ولذلك لا يحسن أن تقول: لما يقم زيد ثم قام بل تقول: لما يقم زيد، وقد يقوم أو لا يقوم، واختلف عبارة أصحابنا، فبعضهم يقول (لما) لنفي الماضي المتصل بزمان الحال، وبعضهم يقول لنفي الماضي القريب من زمان الحال، وقيل: كونها للماضي القريب من الحال ليس شرطًا بل غالبًا، فعلى هذا قد لا يكن للمتصل بالحال، ولا القريب منه، وقيل (لم) لنفي الماضي المنقطع، و (لما) لنفيه متصلاً بزمان الحال هذا المعنى الذي لهما بحق الأصالة، وقد توضع (لم) موضع (ما) فينفى بها الحال، وتنفرد لما أيضًا بجواز حذف مجزومها إذا دل على حذفه دليل نحو: قاربت المدينة ولما، تريد: ولما أدخلها، وهذا أحسن ما

يخرج عليه قراءة من قرأ: «وإن كلا لما» خرجته على حذف الفعل المجزوم لدلالة قوله تعالى: «ليوفينهم ربك أعمالهم» أي لما ينقص من عمله ثم حكى عن أبي عمرو بن الحاجب تخريجه على حذف الفعل ثم وجدت تخريجه على حذف الفعل لمحمد بن مسعود الغزني قال في كتابه البديع: لما قد يحذف فعله لقيام الدليل نحو: جئت ولما، أي ولما تجيء، قال الله تعالى: «وإن كلا لما» «أي لما يوفوا» ثم استأنف فقال: «ليوفينهم» فحذف «يوفوا» لدلالة ما قبله عليه؛ لأن قبله «وإنهم لفي شك» وإنما جاز حذف فعله؛ لأنه يقوم بنفسه بسبب أنه مركب من (لم) و (ما)، وكأن، ما عوض من المحذوف. انتهى. ويجوز ذلك في (لم) في الشعر نحو: «أحسن إليك وإن لم» تريد وإن لم تحسن، ولا يجوز الفصل بينها، وبين معمولها إلا في الشعر، وأجاز الفراء: لم إن تزرني أزرك، تجزم بلم، فتكون قد فصلت بين لم ومعمولها بالشرط، أو تجزم على جواب الشرط، ولا يصلح دخول الفاء عليه، وأبطل هشام هذا، وقياس (لما) على (لم) واضح، ولا يجوز لم يقم زيد، ولا يجلس عمرو وقال ابن عصفور: وهو من أقبح الضرائر فلا يقاس عليه في الشعر. ويجوز تقديم معمول مجزومها الفضلة عليها نحو: زيدًا لم أضرب وعمرًا لما

أضرب، وقد تلغى (لم) في الشعر فلا تجزم حملاً على (ما)، وقيل حملاً على (لا). وحكى اللحياني عن بعض العرب أنه ينصب بـ (لم)، وقد تخرج على ذلك قراءة من قرأ: «ألم نشرح لك صدرك» بنصب الحاء، وتنفردان دون لام الطلب، ولا في الطلب بجواز دخول همزة الاستفهام عليها، وأكثر مع (لم) وتكون استفهامًا حقيقة عن الفعل المنفي بهما، فإذا قال: ألم يقم زيد، وألما يقم زيد، فمعناه السؤال عن انتفاء قيام زيد فيما مضى، والأكثر إذا دخلت عليهما أن يكون الاستفهام على سبيل التقرير، والتقرير هو التوقيف على ما يعلم المخاطب ثبوته، ولذلك الكلام معه موجب حتى إنه يعطف عليه صريح الموجب نحو قوله تعالى: «ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك» وهو تارة يخلص للتقرير، وتارة تنجر معه معان منها التذكير نحو قوله تعالى: «ألم يجدك يتيما فآوى» والتهديد والتخويف نحو قوله تعالى: «ألم نهلك الأولين» والإبطاء: «ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله»، والتنبيه «ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء»، والتعجب: «ألم تر إلى الذين تولوا قومًا غضب الله عليهم»، والتوبيخ: «أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر». والواو والفاء المتوسطة بين الهمزة، ولم، ولما تعطف الجملة التي بعدها على الجملة التي قبل الهمزة، ولا يجوز تقديمها على الهمزة بخلاف غيرها من أدوات

الاستفهام نحو: هل ومتى، تقول: وهل فمتى، وذهب الزمخشري في أحد قوليه إلى تقدير معطوف عليه بين الهمزة ولم، أو لما حذف وعطف عليه، وقدر في كل موضع ما يناسب فتقدر في: «أولم يسيروا» أمكثوا ولم يسيروا، وفي «أفلا تعقلون» أجهلوا فلا يعقلون. وأدوات الشرط وهي كلم وضعت لتعليق جملة بجملة، وتكون الأولى سببًا، والثانية متسببًا، ولذلك عند جمهور أصحابنا لا تكون إلا في المستقبل، وهذه الكلم حرف، واسم، الحرف: (إن) و (إذ ما) في مذهب سيبويه، خلافًا للمبرد في أحد قوليه، وابن السراج، والفارسي في زعمهم أن (إذ ما) اسم ظرف زمان، و (إن) أم الأدوات، ولا تشعر بزمان يكون فيه توقف حصول الجزاء على حصول الشرط من لفظها، و (إذ ما) على مذهب سيبويه كذلك، ويجزم بها في الكلام، خلافًا لمن خص ذلك بالشعر وجعلها كـ (إذا) معناها كـ (معناها).

ولا تحمل (إن) على (لو)، فيرتفع ما بعدها خلافًا لزاعم ذلك، وإثبات ما أثر في الحديث يمكن تأويله، والاسم ظرف، وغير ظرف، فغير الظرف: من وما، ومهما، فـ (من) لتعميم أولي العلم من ملك، وإنسان، وشيطان، و (ما) دالة على الإبهام، وتعم، وكلاهما مبهمة في أزمان الربط، و (مهما) بمعنى (ما)، فقيل إنها بسيطة، ووزنها: فعلى وألفها إما للتأنيث: وإما للإلحاق وزوال التنوين للتأنيث، ويختار فيها البساطة. وقال الخليل: هي مركبة من (ما) و (ما) الأولى التي للجزاء والثانية التي تزاد بعد الجزاء استقبحوا التكرير، فأبدلوا من الألف الأولى هاء، وجعلوها كالشيء الواحد، وذهب الأخفش، والزجاج، والبغداديون إلى أنها مركبة من (مه) بمعنى اسكت، وما الشرطية قالوا: وقد تستعمل (مه) مع (من) التي هي شرط، وأجاز سيبويه أن تكون (مه) أضيف إليها (ما)، ولا يجوز إلا على أن تكون (ما) شرطية، ولا تخرج عن الاسمية خلافًا لمن زعم أنها تكون حرفًا بمعنى (إن) ذكر ذلك خطاب، والسهيلي، إذ زعم أنها تكون حرفًا، ولا تخرج عن الشرطية خلافًا لمن زعم أنها قد تكون استفهامًا مستدلاً بقوله:

مهما لي الليلة مهما ليه … ... ... .... ولا دليل فيه لاحتمال أن تكون (مه) بمعنى انكفف، وما هي الاستفهامية، وانفردت (مهما) من (من وما)، بأنها لا يدخل عليها حرف الجر، ولا يضاف إليها فلا تقول: على مهما تكن أكن، ولا جهة مهما تقصد أقصد. وقد وهم ابن عصفور، فزعم أنه يدخل عليها حرف الجر، ولا تقع (ما) ولا (مهما) ظرفي زمان، خلافًا لزاعم ذلك، وذكر أبو العباس محمد الحلواني أن من الجوازم (مهمن)، وقال قطرب لم يحمل الجزم بها عن فصيح. والظرف ظرف زمان، وظرف مكان، فظرف الزمان متى وأيان، أما (متى) فلتعميم الأزمنة، ولا تفارق الظرفية فتكون شرطًا نحو: متى تقم أقم، ولا تهمل حملاً على إذا، خلافًا لزاعم ذلك، واستفهامًا نحو: متى القيام فتكون خبرًا، ويليها الماضي والمستقبل، قال المبرد: متى وأين يكون جوابهما معرفة ونكرة، وكيف لا يكون جوابها إلا نكرة، انتهى. ولا تجيء بعد (متى) (ما) إلا في الشرط، فيجوز: متى ما تقم أقم، وزعم الكوفيون أنها تكون بمعنى وسط في لغة هذيل تقول: جعلته في متى الكيس «أي في وسطه»، وزعموا أيضًا أنها تكون حرف جر بمعنى من: أخرجه متى كمه أي من كمه، ولا يعرف ذلك البصريون، وقد تقدم الكلام على ذلك في حروف

الجر، و (أيان): لتعميم الأوقات كـ (متى)، وقيل تستعمل في الأزمنة التي تقع فيها الأمور العظام، والجزم بها محفوظ، خلافًا لمن زعم أن الجزم بها غير محفوظ، ولم يحفظ سيبويه الجزم بها، لكن حفظه أصحابه، وسليم تكسر همزتها فتقول: إيان، وتكون استفهامًا، فتقع خبرًا نحو قوله تعالى: «أيان مرساها»، ويستفهم بها عن المستقبل لا عن الماضي كقوله: «وما يشعرون أيان يبعثون». وأما (إذا) فتقدم الكلام عليها في باب الظرف، ونحن نذكر هنا مزيدًا فنقول: إذا ظرف زمان فيه معنى الشرط غالبًا، قيل: واتفقوا على أنه للاستقبال، وزعم بعضهم أنه يكون للحال، وجعل منه قوله تعالى: «والنجم إذا هوى» وأصلها أن لا تكون شرطًا، إذ الشرط في لسان العرب ما يمكن وقوعه غالبًا، وإذا في الغالب تدل على المعلوم وقوعه، ومع دلالتها على الظرفية تدل على ارتباط إحدى الجملتين بالأخرى. وقيل بل حصول الفعلين بحسب الاتفاق لا بحسب الارتباط؛ إذ لو لوحظ فيها معنى الشرط جيء بالفاء نحو قوله تعالى: «وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم إلا أن قالوا»، ولا يجوز إن يقم زيد ما ضربته، والفرق

بين (إن)، و (إذا) أن (إن) لا تدل على الزمان بحسب الوضع، بل بحسب الالتزام لكن قد يقصد بها الزمان مجازًا، وعلى ضعف تقول: «إن احمر البسر فائتني». و (إن) إنما تدخل على المشكوك، أو المعلوم المبهم زمانه كقوله تعالى: «أفإين مت فهم الخالدون»، ولا يلزم في (إذا) اتفاق الفعلين في وقوع زمانهما بخلاف (متى) تقول: إذا زرتني اليوم أزورك غدًا، ولا يجوز: متى زرتني اليوم أزورك غدًا، وإذا استعملت (إذا) شرطًا، فالجمهور على أنها مضافة للجملة بعدها، وضمنت الربط بين ما يضاف إليه وغيره، والعامل فيها جواب الشرط، والمنصور أنها ليست مضاف إليها، والعامل فيها الفعل الذي يليها. والمشهور أنه لا يجزم بها إذ ذاك إلا في الشعر لا في قليل من الكلام، ولا في الكلام إذا زيد بعدها (ما) خلافًا لزاعم ذلك، ولا تقتضي العموم فليست كأسماء الشرط، وقيل تقتضيه، فهي مثل كلما تقتضي التكرار، و (إذا) لا تجيء زائدة خلافًا لأبي عبيدة. وظرف المكان (أين وحيثما)، وهما لتعميم الأمكنة، ولا يخرجان

عن الظرفية، وتكون (أين) شرطًا، واستفهامًا، ولا تكون (حيثما) إلا شرطًا، و (أنى) تكون شرطًا، وذكرها الثاني في ظروف المكان للعموم بمعنى (متى)، وبمعنى (أين)، وقيل لتعميم الأحوال، وتكون أيضًا استفهامًا بمعنى: متى، ومعنى (كيف) وبمعنى (أين). وقال الفراء: (أنى) مشاكلة لمعنى (أين)، إلا أن (أين) للمواضع خاصة، وتصلح لغير ذلك، فإن قال قائل: «أنى لك هذا» فكأنه قال: من أي الوجوه، ومن أي المذاهب أصبته، وقد فرق بينهما الكميت قال: تذكر من أني ومن أين شربه … ... ... ... ... ... وفي (أنى) معنى يزيد على (أين)، فـ (أين) لك هذا يقصر عن أنى لك هذا، لأن المعنى: من أين لك هذا، فهو بمعناه مع حرف الجزاء، ألا ترى أنها أجابت «هو من عند الله» ولو قالت: هو عند الله، لم يفد ذلك المعنى، وجواب أين لك هذا غير جواب (أنى) لك هاذ انتهى من الغرة.

وأما (أي) فبحسب ما تضاف إليه، إن أضيفت إلى ظرف مكان كانت ظرف مكان نحو: أي جهة تجلس؟ أجلس معك، أو إلى ظرف زمان كانت ظرف زمان، أو إلى مفعول كانت مفعولاً، أو إلى مصدر كانت مصدرًا، وهي لتعميم أوصاف الشيء، والأوصاف مشتركة فلذلك يلزم أن تضاف لفظًا أو معنى إلى الموصوف. والجمهور على أنه لا يجزم بكيف، خلافًا للكوفيين، وقطرب و (كيف) تكون استفهامًا، و (متى) لتعميم الأحوال، وإذا تعلقت بجملتين فقالوا: تكون للمجازاة من حيث المعنى لا من حيث العمل، وقصرت على أدوات الشرط، بكونها لا يكون الفعلان معها إلا متفقين نحو: كيف تجلس أجلس ومع الأدوات قد يكون الفعلان متفقين نحو: متى تجلس أجلس، ومختلفين نحو: متى تجلس أركب، وسيبويه يقول: يجازي بـ (كيف)، والخليل: يقول: الجزاء بها مستكرة، وكثير من النحاة منعوا الجزاء بها، والمسبب عن صلة الذي: أجاز الكوفيون جزمه نحو: كل رجل يأتيني أكرمه، وكذا لو دخل على هذه النكرة (أن)، وما ورد من ذلك حمله البصريون على الضرورة. وأدوات الشرط تقتضي جملتين تسمى أولاهما شرطًا والثانية جزاء وجوابًا:

والأولى مصدرة بمضارع غير دعاء مثبت أو منفي بـ (لا)، أو بـ (لم) أو بماضٍ عارٍ من قد، ومن حرف نفي، ومن جمود، ومن دعاء. وأكثر ما يكون فعل الشرط ظاهرًا، وقد يكون مضمرًا قبل معموله مفسرًا بفعل من جنس المضمر نحو: «وإن أحد من المشركين استجارك»، التقدير: وإن استجارك أحد من المشركين استجارك، وقد يفسر من المعنى نحو: ما قد رووا في «إن خير فخير»، أي إن وقع خير فالجزاء خير، ويشذ كونه مضارعًا غير مصحوب بلم نحو: إن زيد يقم أقم معه. ووقع في كتاب سيبويه ما يدل على جواز مثل هذا، لكنهم حملوه على الجواز في الشعر، ولا يتقدم الاسم إلا في (إن)، فيجوز بشرط مضى فعل الشرط، وكونه مصحوبًا بـ (لم)، ووافقنا على ذلك الكسائي، وفي نقل وافقنا عليه الفراء. وأجاز الكسائي تقديمه على فعل الشرط بعد (من) وأخواته نحو: من زيد يضربه أضربه، وأجاز الكسائي إضمار (كان) بعد (من)، ومنعه الفراء. ومن الكوفيين من منع ذلك في المرفوع، وأجازه في المنصوب والمجرور نحو: من زيدًا يضرب أضربه، ومن بزيد يمرر أكرمه، ومنهم من قال: لا يجوز تقديم المرفوع إلا فيما لا يمكن من أسماء الشرط أن يعود عليه مضمر نحو: متى، وأما ما يمكن فلا يجوز تقديم الاسم لا تقول: من هو يضرب زيدًا أضربه، ويجوز متى زيد يقم أقم معه، وهذا مذهب أبي علي صاحب المهذب.

وأجاز الكسائي الفصل بين (من) والفعل بالعطف على من، وبالتأكيد ومنع ذلك الفراء، وهو الذي تقتضيه قواعد البصريين، وإذا ولى الأداة اسم مرفوع، فهو على إضمار الفعل يفسره الفعل بعده من لفظه كما تقدم، أو من معنى الكلام نحو: لا تجزعي إن منفس أهلكته … ... ... ... ... ... تقديره: إن هلك منفس، وأجاز الكسائي ارتفاعه على الابتداء، والجملة في موضع جزمكما كان ذلك في جملة الجزاء، وذكره سيبويه بشرط أن يكون الخبر فعلاً فأما قوله: فإن أنت لم ينفعك ... ... … ... ... ... ...

فقيل: أنت مبتدأ، وقيل فاعل بفعل محذوف يفسره المعنى، تقديره: فإن هلكت، لما حذف الفعل انفصل الضمير، وقال السهيلي: أنت في موضع نصب، وهو مما وضع فيه ضمير الرفع موضع ضمير النصب كما قالوا: لم يضربني إلا إياه، وضعوا المنصوب موضع المرفوع. وجملة الجزاء إن صدرت بجملة اسمية لزمتها الفاء، أو إذا الفجائية نحو: إن زارنا زيد، فنحن نزوره، وقال تعالى: «وإن تصبهم سيئه بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون» و «وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون». والسماع في الربط بـ (إذا)، ورد في (إن) من أدوات الشرط الجازمة، والنصوص متضافرة على الربط بـ (إذا) في الجملة الاسمية مطلقًا مع أدوات الشرط، وكذا جاء جواب إذا بإذا الفجائية، وذهب محمد بن مسعود إلى أنه لا يربط بـ (إذا)، وأن ما ورد من ذلك إنما هو على حذف الفاء أي فإذا هم يقنطون. انتهى. وشرط الجملة الاسمية الداخلة عليها (إذا)، أن لا تكون طلبية، فلا يجوز إن عصى زيد إذا ويل له، وتقول: فويل له، ولا إن أطاع إذا سلام عليه، وتقول: فسلام عليه، وأن لا يدخل عليها أداة نفي، فلا يجوز: إن قام زيد إذا [ما] قام عمرو قائم، ويجوز: فما عمرو قائم، وأن لا تدخل (إن) على ما كانت جملة اسمية، فلا يجوز: إن قام زيد إذا إن عمرًا قائم، ويجوز: إن قام زيد فإن عمرًا قائم.

وإن كانت (إذا) تدخل على (إن) في غير الشرط، ولا يجوز أن يجمع بين الفاء، وإذا في الشرط، وإن كن جائزًا في غيره نحو: خرجت فإذا الأسد، وكون (إذا) تربط جملة الجواب بجملة الشرط هو مذهب الخليل وسيبويه، وزعم الأخفش أن ذلك هو على حذف الفاء، والفاء هي التي تربط، ولا يجوز حذف الفاء من الجملة الاسمية عند سيبويه إلا في الشعر، وأجاز المبرد حذفها في الكلام، وجاء حذفها، وحذف المبتدأ في الشعر نحو قوله ... .... … ... ... ... ... من ينكع العنز ظالم فهو ظالم، وفي محفوظي قديمًا أن المبرد منع من حذف الفاء في الضرورة، وأنه زعم في البيت الذي استدل به على جواز حذف الفاء، وهو قوله: من يفعل الحسنات الله يشكرها … ... ... ...

إن الرواية «فالرحمن يشكرها»، وإن صدرت بجملة غير اسمية، فإن كان صدرها يصلح لدخول أداة الشرط عليه انجزم، إن كان مضارعًا ورفعه ضرورة. وقال ابن الأنباري في: إن تزرني أزرك: الاختيار الجزم، وإنما يحسن الرفع إذا تقدم ما يطلب الجواب قبل (إن) كقولهم: طعامك إن تزرنا نأكل، تقديره: طعامك نأكل إن تزرنا، وقال الفراء: وأجابوا الشرط بالفاء، وقالوا: إن تزرنا فأزورك، واستغنى عن الفاء إن كان ماضيًا، وإن لم يصلح لزمته الفاء، وموضع ذلك أن يكون الفعل جامدًا كقوله تعالى: «إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي»، أو طلبًا كقوله تعالى: «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله».

والطلب يشمل الأمر، والنهي، والتخصيص، والعرض، والدعاء، والاستفهام أو شرطًا، نحو: إن تأتني فإن تحدثني أكرمك، أو ماضيًا مقرونًا بـ (قد) لفظًا كقوله تعالى: «إن يسرق فقد سرق أخ له» أو تقديرًا نحو: «إن كان قميصه قد من قبل فصدقت»، وفي التحقيق ليس هذا جواب الشرط، أو منفيًا بغير (لا) و (لم) نحو: إن قام زيد فما يقوم عمرو، أو قلت: يقوم عمرو، أو مضارعًا مصحوبًا بـ (قد) نحو: إن يقم زيد فقد يقوم عمرو، أو بحرف تنفيس نحو قوله تعالى: «من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه» أو تعجبًا نحو: إن أحسنت إلي فما أحسنك، أو قسمًا نحو: إن تلزمني فوالله لأكرمنك، أو مصدرًا برب نحو قوله: فإن أمس مكروبًا فيا رب قينة أو بنداء نحو: إن أتاك راج فيا أخا الكرم لا تهنه، وفي التقدير: هي داخلة على جملة الطلب، وفصل بينهما بالنداء، فإن جاء من هذه محذوف الفاء، فبابه على الضرورة. وزعم بعض النحاة أنه يجوز حذفها في حال السعة إذا كان فعل الشرط ماضيًا في اللفظ حملاً على: إن آتيتني آتيك، وجعل من ذلك قوله تعالى: «وإن أطعتموهم إنكم لمشركون»، وزعم أن هذه الفاء اللاحقة هي فاء السبب الكائنة في الإيجاب نحو: قولك يقوم زيد، فيقوم عمرو، فكما يربط بها عند التحقيق يربط بها عند التقدير، وزعم بعضهم أنها عاطفة جملة على جملة، فلم تخرج عن العطف، وإذا رفع المضارع الواقع جوابًا للشرط المضارع فعله غير الداخل عليه (لم)، فإن كان قبله ما يمكن أن يطلبه نحو قوله (الرجز) إنك إن يصرع أخوك تصرع

أو لم يكن نحو: إن تأتيني آتيك، فالأولى عند سيبويه في الأولى أن تكون على التقديم، والتأخير، وفي الثانية أن يكون على حذف الفاء أي فآتيك، وجوز العكس سيبويه، وقال المبرد: هما على حذف الفاء فيهما. وقيل: إن كانت الأداة اسم شرط بالمضارع المرفوع على إضمار الفاء فإن كانت غير اسم شرط، فعلى التقديم والتأخير، وإذا تقدمت الهمزة على أداة الشرط الذي فعله، وفعل جزائه مضارعان نحو: أإن تأتني آتك؟ فكما لو لم تدخل الهمزة، وذهب يونس إلى أنه يبنى على أداة الاستفهام، وينوي به التقديم، إن تأتني آتيك، ولا يجوز عنده جزمهما، ولا أن يجزم الأول ويرفع الثاني نحو: إن تأتني آتيك إلا في الشعر. فلو كان الحرف (هل)، فالقياس جريان الخلاف كالهمزة، وأجاز الفراء في الثاني الجزم والرفع نحو: هل إن ترزني أزرك وأزورك؟ وأجاز الكسائي دخول الفاء

فتقول: فأزورك، فإن تقدم (ما) على (إن)، فأجاز الفراء فيه الجزم والرفع نحو: ما إن تزرني أزورك وأزرك، وأبطل الفراء دخول الفاء في الفعل إذا تقدمت (ما)، بخلاف (هل)، وحكم (لا) النافية حكم (ما) في هذه المسألة. وإذا كن فعل الشرط ماضيًا، وفعل الجزاء مضارعًا نحو: إن قام زيد يقوم عمرو، فجزمه فصيح، وزعم بعضهم أنه لا يجيء في الكلام الفصيح إلا مع كان. وظاهر كلام سيبويه، ونصوص الجماعة على أن ذلك لا يختص (بكان)، وأما (رفعه) فذهب بعض أصحابنا إلى أنه أحسن من الجزم، ونصوص الأئمة على جواز مجيئه في الكلام، خلافًا لبعض من عاصرناه، فإنه قال: لا أعلمه جاء في الكلام وإذا جاء، فقياسه الجزم، لأنه أصل العمل تقدم أو تأخر. واختلف المتقدمون في تخريجه، فذهب سيبويه إلى أنه على التقديم والتأخير، وجواب الشرط محذوف، وذهب الكوفيون والمبرد إلى أنه على حذف الفاء، وهو الجواب، وذهب غير هؤلاء إلى أنه وهو الجواب، وليس على حذف الفاء، ولا على نية التقديم، وإذا قرن المضارع بالفاء، ارتفع على إضمار مبتدأ، فإن تقدمه ما يعود عليه فهو كقوله تعالى: «ومن عاد فينتقم الله منه» أي فهو ينتقم منه وكقوله تعالى: «فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا» أي فهو لا يخاف. وسواء أكان فعل الشرط ماضيًا أم مضارعًا، وإن لم يتقدمه ما يعود عليه كان المحذوف ضمير الأمر نحو: إن قام زيد فيقوم عمرو أي: فهو أي الأمر والشأن يقوم

عمرو، ومنه قوله تعالى: «أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى» في قراءة من كسر همزة (إن)، ورفع (فتذكر) أي فهو أي الأمر والشأن تذكر، وقال الفراء: وأجابوا الشرط بالفاء فقالوا: إن تزرني فأزورك، ليدلوا على اتصال الجواب بالأول، وإن كان ينجزم بالإتباع له انتهى. ولو قيل ربط الجملة الشرطة بالمضارع له طريقان أحدهما بجزمه، والآخر بالفاء ورفعه لكان قولاً، وقد قررناه في الشرح، فينظر هناك، وذكر بعض أصحابنا الاتفاق على أن: أداة الشرط عاملة الجزم في فعل الشرط، وشذ المازني، فعنه في قول إنه مبني هو، وفعل الجزاء، وعنه في قول إنه معرب وفعل الجزاء مبني. والمختار أن الأداة هي الجازمة لفعل الجواب، وهو مذهب المحققين من البصريين، وعزاه السيرافي إلى سيبويه، وذهب الأخفش إلى أنه مجزوم بفعل الشرط، وقيل الجزم بالأداة وفعل الشرط معًا، ونسب هذا إلى سيبويه، والخليل والأخفش، وذهب الكوفيون إلى أنه انجزم على الجوار كما ينجر الاسم على الجوار، وإذا كان لفعل الشرط معمول غير مرفوع نحو: إن تضرب زيدًا أضربه

فلا يجوز تقدمه على الأداة فلا تقول: زيدًا إن تضرب أضربه، ولا: خيرًا متى تفعل تثب عليه: هذا مذهب البصريين والفراء. وأما معمول فعل الجواب فلا يتقدم على الأدلة قيل باتفاق، فلا يجوز: خيرًا إن تزرنا تصب، فإن رفعت الفعل فقلت: خيرًا إن تزرنا تصيب، جاز ذلك، ومذهب الأخفش يقتضي جواز ذلك؛ لأنه يجيز تقديم الجواب على الشرط، ويتقدم على الجواب المجزوم ويفسر، وإن كان طالب رفع نحو: إن تزرنا خيرًا تصب، وإن تأتنا زيدًا تضربه، وإن تفعل زيد يفعل، تقديره: يفعل زيد يفعل، ففسر فعل الجواب المجزوم رافعًا لزيد هذا مذهب سيبويه. واختلف النقل عن الفراء، فعنه في المسألة الأولى المنع مطلقًا إلا إن كان فعل الجواب مرفوعًا، فيجوز على التقديم، أو على حذف الفاء، وقيل عنه إن كان المعمول مجرورًا جاز تقديمه على الجواب، وإن كان صريحًا لم يجز، وأجاز الكسائي تقديمه عليه كائنًا ما كان، وأما المسألة الثانية، فأجازها سيبويه ومنعها الكسائي والفراء.

فصل

فصل مذهب البصريين أن أداة الشرط لها صدر الكلام، ولذلك لا يجيزون تقديم شيء من معمولات فعل الشرط، ولا فعل الجواب عليها، وإنما تقع مستأنفة أو مبنية على ذي خبر ونحوه، ومذهب جمهور البصريين أنه لا يجوز تقديم الجواب على الشرط، ومذهب الكوفيين، وأبي زيد، والأخفش، والمبرد جواز ذلك، ومذهب المازني أنه إن كان ماضيًا فلا يجوز تقديمه نحو: قمت إن قام زيد، وقمت إن يقم زيد. وإن كان مضارعًا جاز نحو: أقوم إن قام زيد، وأقوم إن يقم زيد، ومذهب بعض البصريين أنه يجوز إن كان فعل الشرط ماضيًا نحو: أقوم إن قمت، أو كانا معا ماضيين نحو: قمت إن قمت، وثمرة الخلاف تظهر في صور من التركيب. وإذا فرعنا على مذهب جمهور البصريين، فإن تقدم ما يشبه الجواب كان دليلاً على حذف الجواب، ويلزم غذ ذاك أن يكون فعل الشرط ماضي اللفظ، أو مقرونًا بـ (لم)، ولا يكون مضارعًا بغير (لم) إلا في الشعر، وأجاز الكوفيون سوى الفراء حذف جواب الشرط، وفعل الشرط مستقبل قياسًا على المعنى، فأجازوا:

أنت ظالم إن تفعل، وإذا كان غير ماض مع (ما) أو من، أو (أي) صرن موصولات في سعة الكلام، ولها ما للموصولات من جواز تقديم العامل فيها، وحكم الضمير، وشروط الصلة، وأما في الشعر فيجوز الجزم نحو: آتي من يأتني، في مذهب سيبويه، ومنعه عامة الكوفيين، وكذا باقي الأدوات الاسمية، ولا خلاف في جواز: أتيتك إن تأتني على قبح. وإذا أُضيف إلى (من وما وأي) ظرف زمان، صارت موصولات عند سيبويه، والجرمي، والمازني إلا في الشعر، فيجوز أن يبقى اسم شرط، وأجاز أبو إسحاق الزيادي ذلك في الكلام نحو: أتذكر إذ من يأتنا نأته، ويتعين وصلهن بعد (ما) النافية نحو: ما من يأتينا نعطيه، لا بعد (لا)، فيجوز أن يكون شرطًا، وبعد (هل) نحو: هل من يأتينا نأتيه، لا بعد الهمزة فيجوز أن يكون شرطًا نحو: أمن يأتينا نأته خلافًا ليونس، وقد تقدم، فإن تقدم عليهن كان وأخواتها جاز الوصل نحو: كان من يأتينا نأته، والشرط فيجزم، وهو على إضمار مبتدأ وهو ضمير الأمر أو (إن) فالوصل ولا يجوز الجزم إلا في الشعر، ويكون اسم (إن) ضمير الشن محذوفًا، أو لكن المخففة، أو إذا المفاجأة

فالوصل وهو أحسن نحو: لكن من يزورني أزوره، ومررت بزيد فإذا من يأتيه يحسن إليه، ويجوز الشرط على إضمار المبتدأ جملة الشرط خبره. وهذا عقد في الوصل والشرط، فالداخل عليه هذه الأداة عامل معنوي، فيجوز أن يكون الاسم موصولاً، واسم شرط مبتدأ خبره جملة الشرط لا هي وجملة الجزاء معًا، خلافًا لبعضهم: أو لفظي عامل في الجمل مما لا يعقل نحو: كان وأخواتها، و (ما) الحجازية ولا العاملة تعين الوصل إلا فيما صح فيه إضمار الشأن فيجوز الوصل، ولا يكون في أفعال المقاربة، وقيل يجوز في عسى، أو مما يعلق كـ (ظننت)، وأعملتها في الأول جاز نحو: ظننت زيدًا من يأتيه يعطيه، ومن يأته يكرمه، أو لم تعملها فيه، فالظاهر من قول المبرد أنه لا يجوز الشرط، ومن نقل غيره أنه يجوز، ويعلق عنها، أو في غير عامل في الجملة الابتدائية فعلا فلا يصح دخوله، أو حرفًا عاملاً في الأفعال، فلا يصح دخوله لا على حرف الشرط، ولا على اسمه، ولا إن كان موصولاً، أو عاملاً في الأسماء كحروف الجر: فإن تعلقت بفعل أجنبي عن الشرط والجزاء رجعت إلى الأصل نحو: أتصدق على من يسأل وأدعوا من يسمع فيجيب، فإذا كان المجرور في موضع خبر محذوف، فمن جعل العامل فعلاً، أو اسم فاعل، منع الشرط، ومن جعله نفس الخبر أجاز نحو: زيد في أي مكان تكون يكون، أو في مكان يكن تكن. وإن تعلق بالجزاء بطل الشرط نحو: بمن تمر به أمر، أو بفعل الشرط جاز بقاء الشرط، فإن شغلت كلا من الفعلين بضمير نحو: بمن تمرر أمرر به

فالوصل والشرط، ولا بد لحرف الشرط الداخل على اسم الشرط إذ ذاك من إضمار، فمن إضمار فعل يتعلق به التقدير: بمن تمرر به أمرر به. وإن حذفت الضمير منها تعلق بأحدهما، فإن كان بالفعل الذي يليه فالجزم أو بالفعل المقدر جزاءً فالوصل، وحذفه من هذا ضعيف، ويضعف إن اختلف نحو: بمن تمر اترك، وكحرف الجر الاسم الذي يضاف إلى اسم الشرط، فإن عمل فيه الجزاء رفعت أو الشرط جزمت أو غير ذلك فلا بد أن تكون جملة، فإن شاركت الشرط في معناه فلا يدخل على جملة الشرط كـ (إذ)، و (لما) و (لو)، و (إن)، وإن لم تشارك وشأنه أن يغير لفظ ما تدخل عليه إلى لفظ آخر كالنهي، واعتمد عليه صرف جواب الشرط إلى نفسه، أو معتمدًا على غيره، فالشرط على ما كان عليه، أو شأنه أن لا يغير، وهو مخصوص ببعض الجمل أو أكثرها نحو: المختص بالجمل الابتدائية. كـ (أن وأخواتها) إذا كفت، ولام الابتداء ولكن الخفيفة، وما التميمية، وأما، ولولا، والظروف المضافة إلى الجمل نحو: إذ، وإذا، وحيث، ونحو المختصة بالفعلية كالظروف غير اللازمة للإضافة إذا أضيفت نحو: حين، ويؤم، ونحوه. فالمختصة بالاسمية الوجه أن لا تدخل عليها، فإن دخلت كانت موصولة، ويصير الفعل إلى الصلة، وأجاز المبرد في هذا كله أن تدخل على الشرط، وقد أجازه سيبويه على ضعف، وأحسن ما يجوز ذلك فيه في الأسماء المبتدأة، ثم يحمل عليه (إن)، فإن كان مما يجوز الإضمار بعده مبتدأ جاز الشرط مطلقًا، والمضاف إلى الفعلية بمنزلة ما تقدم، ويجوز فيه ما جاز في تلك على ضعف، وغير المخصوص دخوله عليه، وذلك أفعال نحو: قال، وسمع، وجميع أفعال الحكاية، وحروف كالحروف العاطفة، وكحرف الاستفهام، وهو الألف وحده، أما أسماء ولا، فلا تدخل على الشرط، وتقدم خلاف يونس في الهمزة إذا دخلت على الشرط، وبمنزلة ألف الاستفهام في هذا لا غير العاملة.

وأما (ما) التميمية، فجوزها المبرد، وأبو علي، وأما الحجازية إذا ألغيت بسبب أن، فينبغي أن لا تدخل؛ لأنها عاملة لولا أن فهي (كأن). ويجوز حذف جواب الشرط لقرينة نحو: قوله تعالى: «وإن كان كبر عليك إعراضهم» الآية تقديره: فافعل، و «أئن ذكرتم» أي تطيرتم، ويكثر حذفه إذا دخل عليه ما ينوب منابه، كجواب القسم، وكـ (تقديم) ما يدل عليه نحو قولك: أنت ظالم إن فعلت، ويجوز حذف الشرط لدلالة المعنى مثبتًا نحو: إن خيرًا فخير، ومنفيًا بلا نحو: ... ... ... … وإلا يعل مفرقك الحسام تقديره: وإلا تطلقها، وحذف فعل الجواب، وحذف فعل الشرط، لا أحفظه إلا في (إن) وحدها، وقول ابن عصفور، وشيخنا أبي الحسن الأبذي: أنه لا يجوز حذف فعل الشرط في الكلام إلا بشرط تعويض (لا) من الفعل المحذوف، ليس بشيء.

وأما حذف فعل الشرط، وفعل الجزاء معًا، وإبقاء (إن). فقيل هو مختص بالضرورة، وقال ابن الأنباري: وإنما صارت أم الجزاء؛ لأنها بغلبتها عليه تنفرد، وتؤدي عن الفعلين فيقول الرجل: لا أقصد فلانًا، لأنه لا يعرف حق من يقصده فتقول له: زره وإن، يراد: وإن كان كذلك فزره، فتكفي (إن) من الشيئين، ولا يعرف ذلك في غيرها من حروف الشرط، انتهى. وقال بعض أصحابنا يقال: أتفعل هذا، فتقول: أنا أفعله، وإن أي: وإن لم تفعله، أفعله، ولا يجوز حذف أدوات الشرط لا إن ولا غيرها، وقد جوز ذلك بعضهم في إن قال: ويرتفع الفعل بحذفها صفة أو تقدرها لا تعمل، مثاله صفة قوله تعالى: «أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصبتكم مصيبة الموت تحبسونهما» ومثاله مقدرة لا تعمل قوله وإنسان عيني يحسر الماء تارة … ... ... ... أي إن يحسر الماء، وهذا قول ضعيف، ولا تبنى القواعد الكلية بالمحتملات البعيدة الخارجة عن الأقيسة، وقال ابن مالك: وقد يسد مسد الجواب خبر ما قبل الشرط، قال كقوله تعالى: «وإنا إن شاء الله لمهتدون» انتهى. وليس الخبر سادًا مسد الجواب، بل الجواب محذوف، وإذا توالى شرطان فصاعدًا بغير عاطف، فالجواب للسابق، ويحذف جواب المتأخر لدلالة جواب

المتقدم عليه، ويكون ما حذف جوابه بصيغة الماضي في الفصيح، وقد جاء بالمضارع نحو قوله: إن تستغيثوا بنا إن تذعروا تجدوا … منا معاقل عز زانها كرم والشرط الثاني عند بعضهم تقييد الأول تقييده بالحال الواقعة موقعه، فكأنه قال في هذا البيت: إن تستغيثوا بنا مذعورين، وعند بعضهم يجعله متأخرًا في التقدير فكأنه قال: إن تستغيثوا بنا تجدوا منا معاقل عز وإن تذعروا، فأول الشرط يصير أخيرًا سواء كانت مترتبة في الوجود أم غير مترتبة مثال ذلك: إن أعطيتك إن وعدتك إن سألتني فعبدي حر. ومثال غير المترتبة: إن جاء زيد إن أكل إن ضحك فعبدي حر، فالسؤال أول، ثم الوعد، ثم الإعطاء، والضحك أول ثم الأكل ثم المجيء، واختلفت أقوال الفقهاء في هذه المسألة، فمنهم من أجاب بما ذكرنا وهو الصحيح، وبه ورد السماع، ومنهم من جعل الجواب للأخير، وجواب الثاني الشرط الثالث وجوابه، وجواب الشرط الأول الشرط الثاني وجوابه. فإذا وقع الأول ثم الثاني، ثم الثالث عتق العبد، وكأن الفاء عنده محذوفة، ولا يلزم على هذا المذهب مضي فعل الشرط، ومنهم من قال: يلزم العتق بحصولها كلها، ولا يلتفت إلى تقديم فعل منها وتأخيره، وإذا توسط بين الشرط والجزاء مضارع بعد حرف عطف، فإن كان لا يجوز حذفه، [فليس فيه إلا الرفع نحو: إن يكن زيد يقوم ينم عمرو، وإن كان مما يجوز حذفه] ووقع صفة فالرفع نحو: إن يأتني رجل يعرف الفقه أولاً، وهو مرادف لما قبله أو نوع منه نحو: إن

تقصدني تعمد إلي أكرمك، وإن تأتني تمش أكرمك، فيجوز الحال فترفع، وهي حال مؤكدة في الأولى، ومبينة في الثانية، والجزم على أنه بدل من الأول بدل شيء من شيء، وفي الثانية بدل اشتمال، وإن كان غير مرادف، ولا نوعًا من الفعل فالرفع على الحال نحو: إن يأتني زيد يضحك أكرمه، و (مهما) لا تزاد بعدها (ما) فلا تقول: مهما ما تفعل أفعل، وإذ، وحيث يشترط في الجزم بهما اتصالهما بما على مذهب الجمهور، وذهب الفراء إلى أن ذلك ليس بشرط، وأنه يجوز الجزم بهما دون (ما) و (من)، و (أنى) لا يزاد ما بعدها، وأجاز ذلك الكوفيون، و (إن)، و (أين)، و (متى)، و (أيان)، وكيف تجوز زيادة (ما) بعدهن خلافًا لمن زعم أنها لا تلحق (أيان)، و (أي) يجوز زيادة ما بعدها إن لم تضف إلى ضمير، ولحاق (ما) لهذه الأدوات إن وليها مضارع، أو ماضٍ لفظًا نحو: إن ما قمت قمت أو تقديرًا نحو قوله: ... ... ... ... ... ... … يا هوذ يا هوذ إما فادح دهما وإذا كان الشرط والجزاء بفعلين، فالأحسن أن يكونا مضارعين ثم أن يكون الأول ماضيًا، والثاني مضارعُا ثم ماضيين بـ (لم)، أو بدونها أو أحدهما بـ (لم)، والآخر بدونها تمثيل ذلك: إن يقم أقم، إن قمت أقم، إن قمت لم أقم، إن قمت قمت، إن لم تقم لم أقم، إن لم تقم أقم، إن تقم لم أقم، إن لم تقم قمت، فهذه تراكيب ثمانية تجوز في الكلام، والتاسع أن يكون الأول مضارعًا والثاني ماضيًا نحو: إن تقم قمت، وإن تقم لم أقم، ولا يجوز ذلك إلا في الشعر وأجازه

الفراء في الاختيار، وتبعه ابن مالك، واستنتج من كلام سيبويه ضعفه، وقبحه، والشرط والجزاء لا بد من استقبالها خلافًا للمبرد في (كان) إذا كانت شرطًا، أنها تبقى على مضيها لفظًا ومعنى، وخلافًا لمن يزعم أن الماضي لفظًا ومعنى مصحوبًا بالفاء، و (قد) أو بالفاء وحدها هو جواب الشرط نحو قوله تعالى: «وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك»، و «وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت» أي فقد كذبت. ولا تجيء (إن) بمعنى (إذ)، ولا بمعنى (إذا) خلافًا لزاعمي ذلك، واسم الشرط إن كان ظرفًا، أو أريد به المصدر كان في موضع نصب، والعامل فيه فعل الشرط، وإن كان غير ذلك، وفعل الشرط لازم، فمبتدأ نحو: من يقم أقم له، وخبره الفعل، وقد تقدم هذا، أو متعد لم يأخذ مفعوله، وهو مسند إلى ظاهر نحو: من يضرب زيدًا أضربه، أو إلى متكلم نحو: من أضرب تضربه، أو إلى مخاطب نحو: من تضرب أضربه، فمفعول بفعل الشرط أو إلى ضمير غائب عائد على اسم الشرط نحو: من يضرب أضربه، فمبتدأ أو على غيره نحو: هند من تكرم أكرمه فمفعول، أو آخذه تقديرًا نحو: «من يشأ الله يضلله» أو لفظًا والفاعل سببي لاسم الشرط، والمفعول أجنبي نحو: من تضرب أخوه زيدًا أضربه، فمبتدأ فقط، أو ضميره نحو: من تضربه أخوه أضربه، أو سببي نحو: من يضرب أخوه غلامه أضربه. فالمسألتان من الاشتغال، أو الفاعل أجنبي، والمفعول ضمير اسم الشرط،

أو سببي منه: من يضربه زيدًا أضربه، ومن يضرب زيد أخاه أضربه فالمسألتان من الاشتغال، أو مضمر يعود على اسم الشرط متصلاً فلا يجوز إلا أن يكون مخاطبًا نحو: من يضربك أضربه، أو غائبًا عائدًا على غير اسم الشرط نحو: هند من يضربها أضربه فالرفع بالابتداء فقط، أو منفصلاً، ولاسم الشرط في فعله ضمير، أو سببي منصوب أو مجرور، فالمسألة من الاشتغال نحو: من لم يضربه إلا هو أضربه، ومن لم يضرب أخاه إلا هو أضربه، ومن لم يمرر به إلا هو أمرر به، وإن لم يكن فاسم الشرط مبتدأ. وهذه مسائل من هذا الباب إذا دخل حرف النفي على فعل الشرط نفاه، فتعلق الحكم عليه منفيًا نحو: من لا يكرمني أكرمه، علق وجود الإكرام على انتفاء الإكرام قالوا إلا في المشيئة والإرادة والرؤية والظن، فإن النفي يتسلط على متعلق ذلك مثاله: من لا يرد أن أكرمه أهنه قالوا معناه: من يريد إلا أكرمه أهنه، ومنه «ما شاء الله كان وما لا يشاء لا يكون» المعنى: وما يشاء أن لا يكون لا يكن، دخلت (لا) على يشاء في اللفظ، وهو في المعنى داخلة على متعلق المشيئة، قيل: وكثير من أهل الكلام لا يجيزون ذلك والصحيح جوازه. جواب الشرط كـ (خبر المبتدأ)، فلا يكون إلا بما يفيد لو قلت: إن لم تقم نقم لم يجز، فإن دخله معنى أخرجه إلى الإفادة جاز نحو: إن لم تطعني فقد عصيتني أراد به التنبيه على العقاب كأنه قال: وجب عليك ما وجب على العاصي، إذا عطفت على فعل الشرط بالواو، وتكررت أداة الشرط نحو: إن آتك، وإن أدخل دارك فعبدي حر، عتق بالفعلين كليهما، أو بواحد منهما أو لم تكررها نحو: إن آتك وأدخل دارك عتق بفعل الفعلين معًا، ولا يبالي بأيهما بدأ بالفاء أو بـ (ثم)، عتق بفعل الفعلين إذا بدأ بالأول، وسواء أكرر الأداة، أم لم يكرر، أو بـ (أو) عتق بفعل الفعلين، أو بأحدهما كرر الأداة، أو لم يكررها. الشرط الذي لا يقتضي التكرار لو انفرد إذا ربط بالفاعل ما يقتضي التكرار،

وأمكن تكراره، وكان مناسبًا، نحو قولك: كلما أجنبت جنابة منك، فإن اغتسلت في الحمام، فأنت طالق، فإن أجنب ثلاثًا، [واغتسل لكل جنابة طلقت ثلاثًا، فإن أجنب ثلاثًا] واغتسل واحدة، فزعم أبو يوسف أنها تطلق ثلاثًا، وقال الفراء: قول أبي يوسف غلط. وإن لم يكن مناسبًا نحو: كلما دعوتني، فإن سقط هذا الحائط فعبد من عبيدي حر، فإن دعاه ثلاث دعوات، وسقط الحائط فيه عتق ثلاثة أعبد، ولا يلزم في غير المناسب التكرار هذا مذهب الفراء، وأصول البصريين تقتضي التكرار في المربوط بالفاء على ما يقتضي التكرار إذا كان الفاعل قابلاً سواء أكان مناسبًا أم غير مناسب. ولا يمكن أن يكون فعل الشرط إلا مما يمكن فيه التكرار إذا كان بعد كلما ومتعلقها، وكلما في هذا منصوب على الظرف، والعامل محذوف يدل عليه جواب الشرط وتقديره: أنت طالق كلما كان كذا، وما هي المصدرية التوقيتية، ولا تأتي إلا بمعنى العموم، وكل الداخلة عليها لتأكيد العموم، و (ما) التوقيتية شرط من جهة المعنى منتصبة على الظرف، وزعم ابن عصفور، وشيخنا أبو الحسن الأبذي أن كلما مرفوعة بالابتداء في هذه المسائل و (ما) نكرة موصوفة، والعائد على الموصوف محذوف، وجملة الشرط والجزاء في موضع الخبر، قالا: ولا يجوز فيه غير الابتداء، فالتقدير: كل وقت أجنبت فيه منك جنابة، فإن اغتسلت في الحمام بعده، فعبدي حر، لا بد من ذلك لتربط الصفة بالموصوف، والخبر بالمخبر عنه، وتكون جملة الشرط والجزاء مستحقة بكل جنابة أجنبتها ناسب فعل الشرط أو لم يناسب، وهذا الذي ذهب إليه حكاه صاحب البسيط، ولم يعين قائله، وقال أيضًا: وقيل: إنها شرطية بمنزلة (لما) مع الماضي، ورد كونها شرطية بمنزلة

(لما)، وقال: كلما تأتني أكرمتك على رأي سيبويه (ما) مصدرية بمنزلتها: فيما يدوم لي أدوم لك، ومقصود بها الحين أي: أزمان إتيانك أكرمتك، ثم أدخلت كلا على المصدر بتأويل الزمان، فاكتسب منها الزمان، فانتصب على ذلك. انتهى. وأقول: المستقر من لسان العرب أن (كلما) هذه التي تقتضي التكرار لا يليها إلا فعل ماضي اللفظ، والعامل فيها متأخر فعل ماض أيضًا، ومن ادعى غير هذا من التركيب يحتاج إلى أن يستدل بسماع من العرب فأما قوله: وقولي كلما جشأت وجاشت … مكانك تحمدي أو تستريحي فمتأول، وإذا كان قبل الشرط فعل، وبعده فعل ليس جوابًا، فإن حملت على الأول فالرفع مثاله: تؤجر إن أمرت بمعروف وتثاب، أو على الثاني فالرفع والجزم مثاله: تؤجر إن أمرت بمعروف، وتنهي عن منكر فالجزم في (وتنهي) عطفًا على محل أمرت، والرفع على الاستئناف، وأجاز الكوفيون النصب، لأن من مذهبهم جواز: إن يقم زيد ويقوم عمرو أخرج. وإذا أتيت بأفعال بعد فعل الشرط من معناه، فإن عطفتها بالواو نحو: تحسن وتكرم أباك، وتصل رحمك، وتأمر بمعروف، وتنه عن منكر، فالله يثيبك، فالجواب مستحق بالمجموع، وإن لم تعطفها، فإبدال بداء ليس فيها إبطال، وإن

كانت ليست من معنى فعل الشرط لزم أن ترتفع فالأول على الحال، والباقي عطف عليه مثاله: إن تحسن إلى زيد، وتهين خالدًا، وتسيء إلى بكر، وإذا دخل على اسم الشرط حرف جر، وتعلق بالجواب حرف جر، فإن اختلف العامل أو الحرف، فلا يجوز حذف ذلك الضمير وعامله نحو: بمن تمرر انزل عليه، وبمن تمرر انزل به على زيد، أي بسببه، وإن اتحدا نحو: بمن تمرر امرر به، فلا يجوز حذف به إلا قليلاً، وذلك بخلافه في الموصول، فإنه كثير فصيح نحو: مررت بالذي مررت، تريد: مررت به.

باب في أدوات يحصل بها التعليق

باب في أدوات يحصل بها التعليق وليست من أدوات الشرط، وهي (أما، ولما، ولو، ولولا)، أما (أما) فحرف بسيط مؤول من حيث التقدير باسم شرط قدرها الجمهور بـ (مهما) يكن من شيء، وقال بعض أصحابنا: حرف إخبار يتضمن معنى الشرط فإذا قلت: أما زيد فمنطلق، فالأصل إن أردت معرفة حال زيد، فزيد منطلق، حذفت أداة الشرط وفعل الشرط، وأنيبت مناب ذلك (أما)، وذهب ثعلب إلى أن (أما) جزاء، وهي (أن ما)، حذف فعل الشرط بعدها، ففتحت همزتها مع حذف الفعل، وكسرت مع ذكره، وإذا فتحت بقيت الأسماء بعدها معرفة، فإن كان ما بعد الفاء ليس معمول أعملوه فيه اكتفاء بما ظهر عما ترك. وإن كان لا يعمل فيه كان حينئذ معمولاً للفعل المحذوف، وقريب من قول ثعلب قول الفراء أجاز: أما زيدًا فقد ضربت زيدًا، وأما (زيدًا) فقد قام زيد على معنى: مهما أكرمت زيدًا فقد ضربت زيدًا، ومهما ذكرت زيدًا فقد قام زيد. انتهى. وكثيرًا ما تأتي للتفصيل، ولما ضمنت معنى الشرط احتيج إلى الفاء، وهي فاء خرجت عن بابها، فليست عاطفة مفردًا على مفرد، وليست رابطة بين جملتين، ولا يلي (أما) هذه الفاء، ولا يفصل بينهما بجملة إلا إن كانت الجملة دعاء، بشرط أن يتقدم الجملة فاصل بينهما، وبين (أما) نحو: أما اليوم - رحمك

الله - فالأمر كذا، ويفصل بينهما بالمبتدأ نحو: أما زيد فمنطلق، وبالخبر نحو: أما قائم فزيد، وأما في الدار فعمرو، وفي كتاب البطليوسي الصفار أن الفصل بينهما بالخبر قليل، وبمعمول لما بعدها من مفعول به نحو: «فأما اليتيم فلا تقهر» وقولهم: أما العسل فأنا شراب، وأما زيدًا فلن أضرب، ومفعول له نحو: أما العلم فعالم، أو مصدر: أما ضربا فاضرب، أو ظرف: أما اليوم فأقوم، أو مجرور: أما بزيد فامرر، وبالحال: أما مسرعًا فزيد ذاهب. وأما الفصل بالشرط كقوله تعالى: «فأما إن كان من المقربين فروح» فمذهب سيبويه: أن الجواب لأما لا للشرط، وحذف جواب الشرط لدلالة جواب أما عليه، ولذلك لزم مضي فعل الشرط، ومذهب الفارسي في أحد قوليه: أن الجواب هو للشرط، لا (لأما)، وجواب (أما) محذوف، وقوله الآخر كمذهب سيبويه، ومذهب الأخفش: أن الفاء وما بعدها جواب لأما، وللشرط معًا، والأصل: مهما يكن من شيء فإن كان من المقربين فروح، ثم أنيبت (ما) مناب (أما)، فصار: فأما إن كان من المقربين فروح، ثم قدمت أن والفعل الذي بعدها، فصار: فأما إن كان من المقربين ففروح، فالتقت فاءان، فأغنت إحداهما عن الأخرى فصار: فروح.

ولا يجوز أن يتقدم الفاء أكثر من اسم واحد لو قلت: أما زيد طعامه فلا تأكل لم يجز، واتفقوا على تجويز أن يعمل ما بعد الفاء فيما قبلها في الجملة، واختلفوا في شروط ذلك، بأن يقدر حذف (أما) وحذف الفاء فما جاز للذي قدر بعد حذفها أن يعمل فيه عمل، وما لا امتنع، فلا يجوز عندهم: أما زيد فأنا رجل ضارب، ولا أما زيدًا فإني ضارب، ويجوز: أما زيد فأنا ضارب، وذهب المبرد، وابن درستويه، إلى أن ما بعد إن يعمل فيما قبل الفاء، فأجازا: أما زيدًا فإني ضارب، وحكى عن المبرد رجوعه إلى مذهب سيبويه، وفي البسيط: يجوز عند المبرد أن يتقدم ما بعد الفاء عليها إلا إن كان المعمول مع عامله نفسه، لا يصح أن يتقدم فلا يجوز: «أما درهما فعندي عشرون»، بخلاف أما زيدًا فإني ضارب؛ فإنه قبل دخول (إن) يجوز نحو: زيدًا أنا ضارب، وقيل يجوز ذلك في الظرف والمجرور نحو: أما اليوم فإني ذاهب. وأجاز الفراء إعمال ما بعدها فيما قبلها إذا كان داخلاً لمعنى الاستئناف وفيه معنى الابتداء، وأما لغير ذلك فلا يجوز، فيجوز عنده: أما زيدًا فإني ضارب، وكذلك في أخواتها، وفي كل ما يدخل على الابتداء نحو: أما زيدًا فليتني ضارب، وأما عمرًا فلعلي قاتل، وأجاز أيضًا: أما زيدًا فلأضربن وإلا كان لا يجيز: زيدًا لأضربن، قال والرفع في هذا كله الوجه القياس.

ولا يجوز عند الفراء: أما القميص فإن تلبس خير لك، ويجوز عنده: «أما زيدًا فما أعلمني به»، ولا يجوز: أما زيدًا فما أظرفه، وفي بعض شروح الكتاب: أجاز الكوفيون: أما زيدًا فما أ؛ سن، ولا يجيز الكوفيون زيدًا لأضربن، ولا بك لأمرن، فعلى هذا لا يجوز: أما زيدًا فلأضربن، وأما بك فلأمرن، وأجاز هشام ذلك في المجرور قال: لأن (أما) يسوغ ذلك، ولا يجوز عند المبرد: أما زيدًا فما أنا بضارب. وأجازوا أن تعمل (أما) في الظرف والمجرور، والحال بما فيها من معنى الفعل، ولا تعمل في الأسماء الصريحة، وأجاز الكوفيون ذلك، وتقدم تمثيل الفراء بشيء من ذلك، وقد تقدمت مسائل في (أما) في باب الحال تطالع هناك، ويجوز إبدال ميمها الأولى ياء قالوا: أيما وجاء حذف الفاء في الشعر نحو قوله: فأما القتال لا قتال لديكم وفي الكلام مع حذف ما بعد الفاء قال الله تعالى: «فأما الذين اسودت وجوههم أ: فرتم بعد إيمانكم» تقديره فيقال لهم: أكفرتم. (لما): التعليقية حرف عند سيبويه تدل على ربط جملة بأخرى ربط السببية، وعبر عنه بعضهم بحرف وجود لوجود، والذي تلقيناه من أفواه الشيوخ حرف وجوب لوجوب.

وذهب ابن السراج، وابن جني، والفارسي: إلى أنه ظرف زمان بمعنى حين، والصحيح مذهب سيبويه، ويليها فعل مثبت لفظًا ومعنى، أو مضارع منفي بـ (لم)، ويجوز زيادة (أن) بعد (لما) قبل الماضي قال الله تعالى: «فلما أن جاء البشير» وجواب (لما) فعل ماضي لفظًا ومعنى، أو منفي بـ (ما) أو مضارع منفي بـ (لم)، أو جملة اسمية مقترنة بـ (إذا) الفجائية، قال تعالى: «فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون» وجاءت مصدرة بـ (ليس) قال: حديث أناسي فلما سمعته … إذا ليس فيه ما يبين فأعقل وزعم ابن مالك: أن جوابها الماضي قد يقرن بالفاء، وبجملة اسمية مقرونة بالفاء، وبمضارع، ولم يقم دليل واضح على ما ادعاه، ويجوز حذف جواب (لما) للدلالة عليه قال تعالى: «فلما ذهبوا به» الآية أي فعلوا به ما أجمعوا عليه، وأوحينا إليه، والكوفيون يجعلون الواو زائدة، والجواب أوحينا، ويجوز

أن يختلف متعلق الفعلين: الفعل الذي بعد لما، وفعل الجواب تقول: ما أحسنت إلى أمس أكرمتك اليوم، ويكثر تأخر الجواب وقد يجوز: أكرمتك لما أكرمتني. (لو) حرف امتناع لامتناع هذه عبارة شيوخنا في ابتداء التعلم، وعبارة سيبويه «لما كان سيقع لوقوع غيره» يعني أنه يقتضي فعلاً ماضيًا كان يتوقع ثبوته لثبوت غيره، والمتوقع غير واقع، قال الأستاذ أبو علي: (لو) ليست موضوعة للدلالة على الامتناع، بل مدلولها ما نص عليه سيبويه من أنها تقتضي لزوم جوابها الشرط فقط. انتهى. وعند المحققين: أنه لا يليها إلا ماضي المعنى سواء أكان بلفظ الماضي أو المضارع قال تعالى: «أن لو نشاء أصبناهم»، أو منفي بـ (لم)، وزعم قوم أن استعمالها في المضي غالب، وأنها تستعمل بمعنى (إن) للشرط في المستقبل، وكونها بمعنى (إن) ذكره النحاة في غير موضع، وتعقب ذلك ابن الحاج ناقدًا على ابن عصفور، إذ زعم أن (لو) تجيء بمعنى (إن)، وقال: هذا خطأ، والقاطع بذلك أنك لا تقول: لو يقوم زيد فعمرو منطلق كما تقول: إن لا يقم زيد فعمرو منطلق وتأول قوله: ... ... ... .... … ... ... ولو باتت بأطهار

انتهى، وإذا دخلت على المستقبل، فزعم قوم أن الجزم بها لغة مطردة، وزعم قوم منهم ابن الشجري أنه يجوز الجزم بها في الشعر، و (لو) عند البصريين لا يليها إلا الفعل، ولا يليها اسم على إضمار فعل إلا في ضرورة الشعر نحو قوله: أخلاي لو غير الحمام أصابكم … ... ... .... أو في نادر كلام كما جاء: «لو ذات سوار لطمتني». وذهب أبو الحسن علي بن فضال المجاشعي: إلى أنه يجوز أن يليها الفعل ظاهرًا أو مضمرًا، ومنه ظاهر قوله تعالى: «قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي» حذف الفعل فانفصل الضمير، وزعم ابن مالك أنه يجيء بعد (لو) جملة اسمية من مبتدأ وخبر، وهو نحو قوله:

لو بغير الماء حلقى شرق … ... ... ... .... وقوله: لو في طهية أحلام لما اعترضوا … ... ... ... ... ... ... وهو مذهب الكوفيين، وتأول ذلك غيرهم من النحاة، ولم يجيزوا: لو زيد قائم وقول أبي الطيب: فلو قلم ألقيت في شق رأسه … ... ... ... ... لحن، وتلى (لو): أن قال تعالى: «ولو أنهم صبروا» فمذهب سيبويه أن: أن ومعمولها في موضع رفع على الابتداء، ولا يحتاج إلى خبر لانتظام المخبر

عنه، والمخبر بعد (أن)، وذكر ابن هشام الخضراوي: أن مذهب سيبويه والبصريين أن الخبر محذوف، وذهب الكوفيون، وتبعهم المبرد، والزجاج والزمخشري، وجماعة إلى أنه في موضع رفع على الفاعل تقديره: ولو ثبت أنهم، وزعم السيرافي، والزمخشري أن خبر (أن) هذه لا يكون إلا فعلاً وهم وخطأ فاحش قال تعالى: «ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام». وقال الشاعر: ولو أنها عصفورة لحسبتها … ... ... ... ... ... وجواب (لو) فعل مجزوم، أو ماض مثبت، أو منفي (بما) قال الله تعالى: «ولو سمعوا ما استجابوا لكم»، وقل دخول اللام على (ما) نحو قوله: لو أن بالعلم تعطي ما تعيش به … لما ظفرت من الدنيا بثفروق والماضي المثبت أكثر ما يجيء باللام، وقد يجيء بلا (لام)، قال الله تعالى: «لو شئت أهلكتهم من قبل»، وتجيء (إذن) قبل الجواب نحو: لو زرتني

إذن لأكرمتك، وقد تدخل بين اللام والفعل نحو: لو زرتني لإذن أكرمتك، ولا يكون الجواب جملة اسمية. فأما قوله تعالى: «ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة»، فالجواب محذوف واللام جواب قسم محذوف، وقال الزجاج: لمثوبة في موضع الجواب كأنه قال: لأثيبوا، وقال الأخفش: لو، ولئن لما تقاربا في الشرط تداخلا، فتكون (لئن) في معنى (لو) في قوله تعالى: «ولئن أتيت»، وفي قوله تعالى: «ولئن أرسلنا ريحا»، ولذلك جاء الجواب: ما تبعوا، ولظلوا، وسيبويه يترك كل واحد منهما على أصله، وأجاز ابن مالك أن يكون جواب (لو) بالفاء وأنشد: لو كان قتل يا سلام فراحة … ... ... ... .... أي فهو راحة، وتأوله ابنه بدر الدين على أن فـ (راحة) معطوف على (قتل) والجواب محذوف، ومن غريب ما وقع جوابًا لـ (لو) فعل التعجب بصيغة أفعل مقرونًا باللام، قال الشاعر:

فلو مت في يوم ولم آت عجزة … يضعفني فيها امرؤ غير عاقل لأكرم بها من ميتة إن لقيتها … أطاعن فيها كل خرق منازل و (رب) مقرونًا باللام، قال الشاعر: ولو علم الأقوام كيف خلفتم … لرب مفد في القبور وحامد ويجوز حذف جواب (لو) لدلالة المعنى عليه قال تعالى: «ولو ترى إذ وقفوا على النار» أي لرأيت أمرًا عظيمًا، وجاء في الشعر حذف الفعل بعد (لو) قال: لو في قلوب العاشقين بأسرها … لما ملأت لي منه معتبة قلبا وحذفه وحذف الجواب قال: إن يكن طبك الدلال فلوفى … سالف الدهر والسنين الخوالي تقديره: فلو كان في سالف الدهر لاحتملنا دلالك، وإذا أشربت (لو) معنى التمني، فنص شيخنا ابن الضائع، وأبو مروان بن هشام على أنها لا جواب لها كـ (جواب الامتناعية)، ويجوز أن تجاب بالفاء، قال تعالى: «لو أن لنا كره فنتبرأ منهم»، وهي إذ ذاك، قسم برأسه، والصحيح أنها الامتناعية، ويجوز أن يجاب بالفاء، وقد جاء جوابها باللام بعد جوابها بالفاء في قوله:

فلو نبش المقابر عن كليب … فيخبر بالذنائب أي زير بيوم الشعثمين لقر عنيًا … وكيف لقاء من تحت القبور وقال الأخفش: «ألا شيء ولو ماء» هذا جائز على قبحه، ترفعه، أي: ولو الذي ما بينا ماء: وتنصبه كأنك قلت: ولو يكون الذي تمنيناه ماءًا، وكله قبيح ولو قلت: ألا خشف ولو تمرًا كان أقبح، إنما يكون الشيء دون الأول، ولو قلت: «ألا شراب ولو عسلا» لم يحسن إلا في موضع يضطر فيه إلى العسل، إنما يكون للشيء الذي دون الأول. انتهى. وقد ركب أبو العباس بن شريح رحمه الله تعالى ما دخلت عليه (لو) تركيبًا غريبًا غير عربي؛ فقال: ولو كلما كلب عوى ملت نحوه … أجاوبه إن الكلاب كثير ولكن مبالاتي بمن صاح أو عوى … قليل لأني بالكلاب بصير (لولا) ويقال (لوما) حرف امتناع لوجود، ويرتفع ما بعدها بالابتداء عند البصريين، وبالفاعلية عند الكسائي، وبها نفسها عند الفراء، وابن كيسان، وبتقدير: لو لم يحضر عند بعض متقدمي النحاة، وتقدم شيء من أحكام الاسم بعد (لولا) في باب الابتداء، وزعم الأخفش أنه لا يؤتي بهذا المرفوع بحال.

وحكى الكسائي عن العرب: «لولا رأسك مدهونًا لكان كذا». وتجيء بعد (لولا) أن وأن، قال تعالى: «فلولا أنه كان من المسبحين» و «لولا أن تداركه». ولا يحفظ (أن) بعد (لو)، وجواب (لولا) ماض مثبت مقرون باللام قال تعالى: «ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم» وبها وقد قال تعالى: «ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن». وقد جاء في الشعر: لولا الحياء وباقي الدين عبتكما … ... ... ... ... فقال ابن عصفور (حذف اللام ضرورة) وقال أيضًا: يجوز في قليل من الكلام، وقال صاحب الترشيح: حذف اللام مع (لولا) جائز وأكثر ما تأتي في الشعر، وسوى (دريود) بين حذف اللام، وإثباتها في (لو) و (لولا)، انتهى. ومنفي بـ (لم): ... ... ... ... ... … ولولاك لم يعرض لأحسابنا حسن

وبما: «ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد» ولا يحفظ دخول اللام على الجواب، ويجوز حذف جواب (لولا)، للدلالة عليه، إما من المعنى وإما من لفظ يتقدم على (لولا) يدل على الجواب، فالأول نحو قوله: «ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم» أي لآخذكم، ومثال الثاني: «وهم بها لولا أن رءا برهان ربه» أي لهم بها، وقوله تعالى: «إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها» أي لأبدت به، وقد منع قوم تقدم جواب (لولا)، والذي نختاره جوازه، وهو ظاهر الآيتين فيجوز: هلكت لولا أن تداركتك، وهلكت لولا أن تخلصني، وإن لم يكن وقع هلاك ولا قتل. وقال ابن خروف، والبهاري: حذف جواب (لو) يكثر، بخلاف جواب (لولا)، لأنه صار عوضًا من الخبر، فكره حذفه.

باب التابع

باب التابع هو محصور بالعد فلا يحتاج إلى رسم، ولا حد، وهو النعت، وعطف البيان والتوكيد، والبدل، وعطف النسق. النعت: تابع مقصود بالاشتقاق وصفًا، أو تأويلاً، (تابع) جنس يشمل التوابع مقصود بالاشتقاق، فصل يخرج بقية التوابع، وعدل عن مشتق احترازًا عما كان في الأصل مشتقًا صفة ثم غلب، فصار التعيين به أكمل من العلم نحو الصديق تابعًا لأبي بكر، والصعق تابعًا لخويلد، فأعرب عطف بيان، وتم الحد، وجاء وضعًا نحو: [مررت برجل] كريم، أو تأويلاً نحو: برجل أسد، أي شجاع تقسيمًا للمقصود بالاشتقاق، وليس من شرطه أن يكون ثابتًا مصاحبًا للمنعوت، خلافًا لمن ذهب إلى ذلك. ويجيء التخصيص نحو: «والصلاة الوسطى» «آيات محكمات» وللتعميم نحو: يحشر الله الأولين والآخرين. وللتفصيل نحو: مررت برجل عربي، وعجمي، وللمدح: سبحان الله العظيم، وللذم: «من الشيطان الرجيم» وللترحم: بزيد المسكين، وللتوكيد: «نفخة واحدة»، ولخلقة نحو: طويل، وحرفه نحو: بزار، وفعل علاج: ذاهب ونائم، وغير علاج: عالم وفهم، ونسب: هاشمي، وغير ذلك نحو: ذي مال.

ويوافق المتبوع في التعريف، والتنكير إذا تبع في الإعراب، فإن قطع الوصف لم يلزم ذلك نحو: على مستقل للنوائب والحرب … أخاها إذا كانت غضابا فـ (مستقل) نكةر، وصفته المقطوعة عنه وهي أخاها معرفة، والموافقة في التعريف والتنكير إذا لم يكن قطع هو مذهب سيبويه، وجمهور البصريين، فإن كان الموصوف المعرف باللام لا يراد به شخص بعينه، والصفة: أفعل من، أو مثلك وأخواته جاز أن تجرى عليه، وإن كانت نكرة نحو: ما يحسن بالرجل مثلك، ومررت بالرجل أفضل منك، فجوز ذلك الخليل، وزعم الأخفش أن (أل) زائدة، فهو من وصف النكرة بالنكرة. وذهب بعض الكوفيين إلى جواز التخالف بكون النعت نكرة إذا كان لمدح أو ذم، وجعل منه: «ويل لكل همزة لمزة الذي جمع» فالذي وصف لـ (همة)، وأجاز الأخفش: وصف النكرة بالمعرفة إذا تخصصت النكرة قبل بالوصف نحو: «فآخران يقومان» ثم قال: (الأوليان) فالأوليان صفة

لآخران لما تخصصت، وأجاز بعضهم وصف المعرفة بالنكرة ومنه عنده: ... ... ... … وللمغني رسول الزور قواد فـ (قواد) صفة للمغني، وزعم ابن الطراوة أنه يجوز وصف المعرفة بالنكرة إذا كان الوصف بها خاصًا بالموصوف وجعل من ذلك: وفي أنيابها السم ناقع وقال: ناقع صفة للسم، والذي نختاره أنه لا تنعت المعرفة إلا بالمعرفة، ولا النكرة إلا بالنكرة إذا توافقا في الإعراب. والنعت إن رفع ضمير المنعوت مشتقًا جاريًا على فعله، وهو ما جاء على قياس مطرد كـ (عالم)، وظريف تبع في أربعة من عشرة واحد من وجوه الإعراب. وواحد من الإفراد، والتثنية، والجمع، وواحد من التذكير والتأنيث، وواحد من التعريف والتنكير. واختلف في قول العرب: أسود سالخ إذا ثني وجمع الموصوف، فقال أبو حاتم: يقال: أساود سلخ، وسوالخ، وسالخات، وقال: اللحياني الجمع: سالخات، وأنكر التميمي النحوي ذلك، وقال: يقال في الاثنين: أسودان سالخ وسود سالخ ولا يقال: سالخان ولا يجمع في الجمع، وقال أبو سهل الهروي: خصوا أسود للذكر من الحيات فجمعه: أساود، واستغنوا عن جمع صفته فقالوا: أساود سالخ، ومن جمع وصفه أجرى الصفة مجرى الموصوف في إفراده وجمعه. ولا توصف أسودة بسالخة، واستغنوا بتخصيصها بهذه الاسمية من وصفها بسالخة انتهى أو غير جار كفعول، وفعيل بمعنى مفعول، ومفعال ومفعيل للمبالغة

نحو: صبور، وجريح ومطعام، ومحضير تبع في ثلاثة من ثمانية واحد من وجوه الإعراب، وواحد من الإفراد والتثنية والجمع، وواحد من التعريف والتنكير ما عدا (أفعل) للمفاضلة، فـ (مع) (من)، أو مضافًا إلى نكرة، تبع في اثنين من خمسة واحد من وجوه الإعراب، والآخر التنكير خاصة، أو معرفة (بأل)، ففي أربعة من عشرة ويتعين التعريف، أو مضافة إلى معرفة، فيجوز أن يتبع في أربعة من عشرة وأن يتبع في اثنين من خمسة كحاله بمن، أو غير مشتق منسوبًا فحكمه حكم المشتق الجاري، أو غير منسوب تبع في ثلاثة من ثمانية نحو: مررت بامرأة أسد، وبامرأة حجر الرأس، ولا يقال: أسدة، ولا حجرة ما عدا (أيا) فتفرد، وتذكر على كل حال، ولا يلزم تأنيثها، فيتبع في اثنين من خمسة واحد من وجوه الإعراب، والتنكير وما عدا (مثلاً) فتذكر وتفرد، وقد يجوز جمعها وتأنيثها، فإن كانت غير إضافة لزم تثنيتها وجمعها نحو: مررت برجلين مثلين، وبرجال أمثال. وما عدا الوصف بالمصدر فلا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث إلا ما حكى شاذًا من قولهم: فرس طيوعة القياد، والحية الخنثعة، وأضياف، وضيوف وضيفان، وأصله: طيوع، وخثع، وضيف مصادر وهو موقوف على السماع، وإن رفع سببي المنعوت، فيأتي ذكره في باب الصفة المشبهة، ونذكر مسألة ذكر أصلها سيبويه، وهي ما التبس بالموصوف نحو: مررت برجل ضاربه زيد أو بشيء من سببه نحو: مررت برجل ضارب أباه زيد، فما كان منونًا فلا خلاف في جريانه على الأول، وما ليس بمنون، فسيبويه يجعله كالمنون جاريًا على الأول، ووافقه الفراء إلا فيما وقع علاجًا فيلزم نصبه نحو: مررت برجل ملازمه رجل، وعيسى بن عمر فيما قاله الصفار البطليوسي: يلزم الرفع في العلاج مطلقًا وقع نحوه: مررت برجل ضاربه رجل، أو لم يقع نحو: سأمر برجل ضاربه رجل، وغير علاج إن وقع التزم نصبه نحو: مررت برجل مخالطه ذا، وإن لم يقع أتبعه الأول نحو: سأمر

برجل مخالطه ذا، ويونس لا يجري شيئًا، بل ينصب ما كان واقعًا علاجًا، أو غير علاج، ويرفع ما لم يقع علاجًا أو غير علاج. ولا يمنع سيبويه النصب والرفع في هذه الصفات، وإنما منع التزام النصب، والرفع والتفصيل الذي فصلوا، ويعنون بالواقع الحال، وبغير الواقع المستقبل، فمن نصب فعلى الحال، ومن رفع فعلى الابتداء والصحيح مذهب سيبويه. وفي التمهيد: الخلاف إنما هو في استحباب ما ذهب إليه عيسى، ويونس لا في جوازه والعلاج كالضارب، والكاسر، وغير العلاج ما لا يرى كالمخالط. وزعم الفراء: أن النعت على مذهبين أحدهما: تكرير الاسم فلا راجع فيه من ذكر المنعوت، والثاني: أن يتبع على نية الصلة، ففيه راجع فإذا قلت: قام عبد الله الظريف والظريف على نية التكرار فلا راجع، أو على نية الصلة ففيه راجع، والبصريون لا يكون النعت عندهم صلة، وإذا لم يرفع السببي، فلا بد فيه من الضمير، ونصوص أئمتنا على أن النعت يكون دون المنعوت في التعريف، أو مساويًا، أما أن يكون أعرف فلا، وهو مذهب البصريين، وتقدم مذهب البصريين في رتبة المعرفة، وبنوا على ذلك أحكام النعت فقالوا: يوصف العلم بالمبهم، ولا يجوز ذلك عند الكوفيين بل هو عندهم ترجمة يعنون البدل نحو: زيد هذا قائم. وبذي (أل) وبما أضيف إلى معرفة مطلقًا، ويوصف المبهم باسم الجنس فقط، ويأتي الخلاف فيه، ويوصف ذو (أل) بما فيه (أل)، ويوصف المضاف إلى الضمير، أو العلم بما أضيف إليهما.

ويوصف المضاف إلى ذي (أل) بما يوصف به العلم، ويوصف المضاف إلى المبهم بالمبهم، وبذي (أل) وبما يوصف به ذو (أل)، وذهب الفراء إلى أنه يوصف الأعم بالأخص نحو: مررت بالرجل أخيك على الوصف، وذهب بعض المتأخرين، ومنهم ابن خروف إلى أنه يجوز أن توصف كل معرفة بكل معرفة كما توصف كل نكرة بكل نكرة. فلا يلحظ في ذلك تخصيص، ولا تعميم، وكان ابن خروف يرى أن ما ذكره النحاة من هذا التخصيص في المعارف دعوى بلا دليل، ومما لم يتبع النعت فيه المنعوت قول العرب: «هذا جحر ضب خرب» بجر (خرب)، وحقه الرفع، لأنه وصف للجحر لا للضب، لكنه جر لمجاورته المجرور، وهذا الذي يقولون فيه الخفض على الجوار. وجاء من ذلك عدة أبيات، وهذا رواه سيبويه، وغيره عن العرب بالرفع. وهو الأصل والقياس الجر، فحمله الأكثرون على أنه صفة للجحر لكنهم

جروه للمجاورة كما ذكر، وتقول: هذه جحرة ضباب خربة، فتجر، غلطوا في ذلك فجروا، فإن ثنيت قلت: هذان جحرا ضب خربان، بالرفع ولا يجوز: خربين خلافًا لمن أجاز ذلك اتكالاً على فهم المعنى، وهو معزو إجازة ذلك بالجر إلى سيبويه، وقال الفراء وغيره: لا يخفض بالجوار إلا ما استعملته العرب كذلك، فلا يقاس على ما استعمل ما لا يستعمل فلو قيل: هذه جحرة ضب خربة لم يجز الاتباع للجحرة، لأن الخفض على الجوار لم يسمع إلا في التوحيد خاصة، وقياس ما عُزى إلى سيبويه في التثنية أن يجوز ذلك في الجمع. وذكر ابن شروان المفضل الضبي، فقال: كان والله من رجال العرب المعروف له ذلك، وفيه رد على من زعم أنه لا يكون إلا في النكرة، وهذا الخفض على الجوار إنما سمعناه في النعت، وجاء في التوكيد في بيت غريب أنشده أبو الجراح: يا صاح بلغ ذوي الزوجات كلهم … ... ... ... ... ... وزعم بعض النحويين أنه جاء في العطف، وحمل عليه، «وأرجلكم»

في قراءة من جر، وأما في البدل فلا يحفظ ذلك من كلامهم، ولا خرج عليه أحد ممن علمناه، وقال بعض من عاصرناه: أكثرهم يخصه بالمجرور، وقد جاء في المرفوع في قوله: ... ... ... .... … مشى الهلوك عليها الخيعل الفضل رفع (الفضل) اتباعًا للمرفوع قبله لقرينة، والخفض على الجوار قال به الجمهور من أهل البصرة والكوفة، ورام إخراج ذلك عنه السيرافي، وابن جني، على اختلاف في التقدير، فقدره السيرافي: خرب الجحر منه، كما تقول: حسن الوجه منه حذف الضمير للعلم به، ثم أضمر الجحر فصار خرب، ولم يبرز الضمير كما لم يبرز في: مررت برجل قائم أبواه لا قاعدين جار على رجل، ولم يبرز الضمير؛ لأنه لو برز لقال لا قاعدهما، وقدره ابن جني: خرب جحره، ثم نقل الضمير فصار خرب الجحر ثم حذف قال: فهذا جر صحيح، وهو نعت للضب، وتقديرها خطأ قد بيناه في الشرح للتسهيل.

فصل

فصل المنعوت به مفرد وجملة، كالجملة الموصول بها، والذي تكون الجملة نعتًا له هو النكرة، ولا يجوز دخول الواو عليها كجملة الحال، خلافًا للزمخشري، ولا ينعت بها المعرف (بأل) الجنسية خلافًا لمن أجاز ذلك، ولا تنوب (أل) عن الضمير العائد منها على المنعوت وإن جاء ما ظاهره ذلك كقوله: ... ... ... ... … عوازب نحل أخطأ الغار مطنف أول على حذف الضمير أي أخطأ الغار منها، لا على أن التقدير أخطأ غارها، فنابت (أل) عن الضمير، خلافًا لمن ذهب إلى ذلك، ولا يعتبر زمان في الوصف بالجملة، وإذا كثرت، وهي فعلية عطف بعضها عن بعض بالواو، أو الفاء، وثم، وأما في المفردات، فالأحسن ترك العطف، ووقوعها غير خبرية نحو: جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط

متأول، وكذا ما ظاهره أنه حال نحو: وجدت الناس اخبر نقله أي بمذق مقول فيه: هل رأيت الذئب، ومقولاً فيهم اخبر تقله، والعائد منها كالعائد على الموصول إلا أن حذفه من الصلة أكثر، ومن الصفة كثير، ومن الخبر قليل، وقد أحكم ذلك في باب الموصول وفي باب الخبر. وقيل لا يشترط هنا في حذفه إذا كان مبتدأ طول، بل يجوز حذفه كان في الوصف طول أو لم يكن، مثال ذلك: «ورب قتل عار». تقديره هو عار، وإذا وصف بها اسم زمان جاز حذف عائدها المجرور بفي نحو «لا تجزي نفس» فلا تجزي صفة ليوم، والتقدير: لا تجزي فيه، فحذف فيه برمته عند سيبويه، وبتدرج عند الكسائي، والأخفش، فحذف (في) فاتصل الضمير منصوبًا، وصار لا يجزيه ثم حذفه، فلو كان المجرور بـ (في) وصفًا لاسم الزمان لم يجز حذفه نحو: لا تكره يومًا يسؤك فيه راحتك، ففيه في موضع الصفة لقوله (يومًا)، وكذا لو كانت الجملة وصفًا لغير اسم الزمان، والحرف الذي هو (في) متعلق بالفعل لم يجز الحذف نحو: رأيت رجلا رغبت فيه، ويجوز أيضًا حذف المجرور بمن عاد على ظرف أو غيره، إن تعين مثال عوده على الظرف: «شهر صمت يوما فيه مبارك»، ومثال عوده على غير الظرف: «عندي بز كر منه بدرهم» فيجوز حذفه في المسألتين، فإن لم يتعين لم يجز حذفه نحو: سرني شهر صمت فيه ولا أحب رجلاً أخاف منه: إذ لو حذف لجاز أن يراد صمته وأخافه.

والمفرد مشتق لفاعل ومفعول [وهو ما تضمن معنى الفعل وحروفه الأصلية، واحترز بقوله لفاعل ومفعول] من المشتق لمكان، أو آلة، أو زمان، ويعم المشتق لفاعل أسماء الفاعلين والأمثلة للمبالغة، والصفة المشبهة وأفعل التفضيل. ويعم المفعول أسماء المفعولين، وأفعل المفضل به المفعول كقولهم: هو أجرب من زيد، وغير مشتق جار مجرى المشتق أبدًا، وهو الأوصاف التي تضمنت معاني الأفعال دون حروفها، واستديم النعت بها دون شرط كـ (لوذعى) جرى مجرى فطن، وذكى، وجرشع مجرى غليظ وسمين، وصمحمح مجرى شديد، وبرهرهة مجرى ناعمة، وخنضرف مجرى مسترخية الجلد. وهذا النوع كثير مدركه السماع، وذي بمعنى صاحب وفروعه: ذوا، وذوو، وذات، وذواتا، وذاتا، وذوات، وأكثر النحاة على أنها لا تدخل إلا على الأجناس، وأن أصلها أن تدخل على النكرة، ودخلت على المعرف (بأل) لا على ما أصله التعريف كالمضمر والعلم فلا تقول: ذو زيد ولا ذوه وقوله: إنما يعرف ذا الفضل من الناس ذووه شاذ عندهم، وزعم ابن بري أنه يجوز أن يضاف إليه صاحب، فإذا خرجت عن أن تكون وصلة للوصف باسم الجنس جاز أن تقول: رأيت الأمير وذويه، ورأيت ذا زيد، لأنها ليست هنا وصلة وكذلك في البيت انتهى. وأولى وأولات بمعنى أصحاب وصواحب، ويظهر أن حكمها حكم ذي في كونهما لا يضافان إلا إلى أسماء الأجناس، فقال تعالى: «أولوا الألباب»،

و «أولات الأحمال»، وأسماء النسب المقصود نحو: هاشمي واحترز بالمقصود من نحو: قمري ودبسي هي منسوبة في الأصل، وغلب استعمالها دالة على أجناس لا تعرض فيه للنسب. والجاري في حال دون حال مطرد بها الوصف، وغير مطرد، فالمطرد أسماء الإشارة غير المكانية نحو: جاء زيد هذا، واستعمالها غير منعوت بها أكثر من استعمالها منعوتًا بها، وكونها ينعت بها هو مذهب البصريين. وذهب الكوفيون، وتبعهم السهيلي إلى أنه لا يجوز أن ينعت بها، وذو الموصولة وفروعها وأخواتها المبدوءة بهمزة وصل نحو: الذي والتي وفروعها من لفظها كالذين واللاتي، ومن غير لفظها كالأولى، واللائين واللات. ومن الوصف بـ (ذو) الموصولة قول العرب: بالفضل ذو فضلكم الله به. ورجل بمعنى كامل نحو: مررت بزيد الرجل أي الكامل رجولية، ولما كان بمعنى كامل ذكر أنه يرفع الظاهر في قولك: أرجل عبد الله، وينعت به أيضًا إذا أضيف إلى صدق بمعنى صالح، أو إلى سوء بمعنى فاسد نحو: هو رجل صدق أو رجل سوء، (أي) مضافة إلى نكرة تماثل الموصوف نحو: مررت برجل أي رجل، وتقدم الكلام على (أي) في باب الموصول، ووصفوا أيضًا (بأب) في قولك مررت برجل أبي عشرة، لأنه في معنى والد، فوصفوا به كما وصفوا بوالد، وجد وحق مضافين إلى مماثل الموصوف نحو: هذا رجل جد رجل، وحق رجل، وهذا الرجل جد الرجل، وهذا الرجل حق الرجل، وكل مضافًا إلى مثل الموصوف

نحو: مررت برجل كل رجل، وبالرجل كل الرجل لا خلاف بين البصريين في جواز هذا، ينعتون المعرفة بالمعرفة، والنكرة بالنكرة. وذهب الكسائي، والفراء، وهشام إلى أنه لا يجوز أن يقال: مررت برجل كل رجل قال هشام: مررت برجل كل رجل محال، وما مررت برجل كل رجل جائز، وأجاز الكسائي: أكلت شاة كل شاة، فنقض ما كان أصله، وأجاز الكسائي، والفراء، وهشام: مررت برجل كل الرجل، وقال الكسائي: مررت برجل كل الرجل وغير الرجل ونفس الرجل لا يجوز إلا بالألف، والألف في الثاني. وغير المطرد النعت بالمصدر، وفيه تفصيل، والعدد والقائم بمسماه معنى لازم تنزله منزلة المشتق، أما المصدر فإما أن يكون في أوله ميم زائدة كـ (مزار) ومسير، ومضرب، فهذا لا يجوز الوصف به، ولا الإخبار لا باطراد ولا غيره تقول: رجل زور، ولا تقول: رجل مزار، وإن لم يكن فيه الوصف به طريقان أحدهما: أن تريد المبالغة لكثرة وقوعه من الموصوف به نحو: مررت برجل ضرب، أو لا يريدها، فيكون على حذف مضاف، أي ذي زور، وذي عدل، والكوفيون يجعلون ضربًا وعدلاً واقعين موقع ضارب وعادل. ثم المصدر إما مضاف، أو غير مضاف، المضاف إما مقدر باسم الفاعل، وإضافته غير محضة، ولا ينقاس، بل سمع في نحو: حسبك أي كافيك وشرعك (شارع لك فيما تريد) في ألفاظ محفوظة، وإما (مقدر) بالمفعول، وإضافته محضة، وهو قياس في الثلاثة المضافة إلى الفاعل نحو: هذا ثوب نسج صانع، ومنه «هذا خلق الله» أي مخلوقه ومنسوج صانع، ودرهم ضرب ملك، ودينار نقد خبير، ولا يكون كثيرًا في غير الثلاثي، بل يقال منه ما سمع، فأما قولهم: هذا ثوب نسج اليمن، فعلى الابتداء أي هو نسج اليمن والنصب في هذا على المصدر خاصة، وفي المضاف إلى نكرة على الحال، وهو

ضعيف، وعلى المصدر، وغير المضاف نحو: عدل ورضى، وهو في الأكثر من المصادر التي يفهم منها معنى في الموصوف وقد تكلمنا فيه. وأما أسماء العدد فمن النعت بها قول بعض العرب: أخذ بنو فلان من بني فلان إبلاً مائة حكاه سيبويه وأنشد لئن كنت في جب ثمانين قامة … ... ... ... ... دخل مائة معنى كثير، وثمانين معنى عميق، والمقدار كالعدد نحو: مررت ببر قفيز (أي مكيل به)، وبجبة ذراع، وأما القائم بمسماه معنى لازم ينزله منزلة المشتق نحو: مررت برجل أسد أبوه، ولبست ثوبًا خزا ملمسه، وشربت ماء عسلا طعمه، أي شجاع، وناعم وحلو، فإن أردت أن الماء مشوب بعسل، أو في نسج الثوب خز لم يجز النعت، وكان الكسائي يقيس في النكرات كلها أن تجري على الأول، وأن ينقل إليه فتقول: مررت برجل ذي مال قومه وحكى عن العرب: ذو مال إخوتك ذهب به مذهب الفعل، وأجاز: مررت برجل درهم المال أي كثير المال، وهذه الأسماء مثل الخز في نحو: مررت بسرج خز صفته، وبصحيفة طين خاتمها ونحو ذلك مما وصف به مذهب سيبويه: أن الخاتم ليس بطين، وأن

الصفة ليست بخز فمعنى طين: رديء ومعنى خز: لين، ومذهب غيره أنها باقية على مسماها، ويتوهم فيها معنى الاشتقاق، وقالت العرب: (مررت برجل ما شئت من رجل) فذهب الفارسي إلى أن (ما) مصدرية نعت بها، وبصلتها كما ينعت بالمصدر الصريح أي: مشيئتك من رجل، ورد بأن الحرف المصدري وصلته لا يؤكد به الفعل، ولا يقع نعتًا، ولا حالاً بخلاف المصدر الصريح تقول: مررت برجل رضى، ولا تقول: مررت برجل أن يرضى، وأيضًا فما شئت على تقديره معرفة، إذ يتقدر بمشيئتك فلا يكون نعتًا للنكرة، والصحيح أنها شرطية، والجواب محذوف أي ما شئت من رجل فهو ذلك. والجملة الشرطية نعت للنكرة، ومن في (من رجل)، قيل لبيان الجنس وقيل (ما) في هذه أصلها الاستفهام الذي دخله معنى التفخيم كأي وهي هنا بمعناها، لأنها تكون للسؤال عن الوصف فالمعنى: مررت بأي شئت من الرجال: أي بما هو موصوف بما نحمده ونشاؤه من الخلال الكريمة، ولما كانت (ما) لا تضاف استعمال غير مضاف بخلاف أي، وأي أكثر استعمالاً.

فصل

فصل يفرق نعت غير واحد إذا اختلف نحو: مررت برجلين كريم وبخيل، ورغبت في الزيدين التميمي والقرشي، وذلك إذا كان غير الواحد من غير أسماء الإشارة فلا يجوز: مررت بهذين الطويل والقصير نص على ذلك سيبويه، وغيره كالزيادي، والمبرد، والزجاج قال الزيادي: وقد يجوز مررت بهذين الطويل والقصير على البدل، وعطف البيان. وأجاز سيبويه وغيره: يا هذان زيد وعمرو على عطف البيان، فعطف البيان مخالف للوصف، وقد حكى أن يا هذا زيد كثير في لغة طيئ، فعلى هذا جاز يا هذان زيد وعمرو، والاختيار في: مررت برجلين كريم وبخيل القطع، ويجمع إذا اتفق نحو: مررت برجلين كريمين، واستعنت بالرجلين الفاضلين، ويغلب التذكير والعقل عند الشمول وجوبًا مثال ذلك: مررت بزيد وهند الصالحين، وبرجل وامرأة عاقلين، واشتريت عبدين وفرسين مختارين. وعند التفصيل اختيارا مثال ذلك عند التغليب بالتذكير: مررت بإنسانين صالح وصالح. ويجوز صالح وصالحة، وباثنين ذي عذرة، وذي عذار، ويجوز ذي عذار وذات عذرة، ومثاله عند التغليب بالعقل: انتفعت بعبيد وأفراس سابقين وسابقين، ويجوز سابقين وسابقات، والعامل إما أن يتحد أو يتعدد، إن تعدد فإنما أن يتحد

عمله أو يختلف، إن اختلف العمل فالقطع نحو: مررت بزيد، ولقيت عمرًا الكريمان أو الكريمين، هذا مذهب جمهور البصريين، وأجاز الكسائي والفراء: الإتباع إذا كان العاملان يرجعان إلى معنى واحد نحو: رأيت زيدًا ومررت بعمرو الظريفين، لأن المرور في معنى الرؤية، ومررت برجل معه رجل قائمين، لأنه قد مر بهما جميعًا، وهذا في (مع) دون ما يخفض إلا أن الفراء يتبع الأول، والكسائي وتبعه ابن الطراوة يتبع الثاني، فعلى مذهب الفراء تقول، قام عبد الله. ورأيت زيدًا العاقلان وعلى مذهبهما العاقلين. وإن اتحد العمل، فإما أن يتفق جنس معنى الكلام أو يختلف، فإن اختلف فالقطع نحو: قام زيد وهل خرج عمرو العاقلان، فإن كان الاختلاف يكون أحدهما مستفهمًا عنه، والآخر ليس كذلك نحو: من زيد وهذا بكر فلا يجوز أن تقول: العاقلان لا باتباع، ولا قطع، وإن اتفق المعنى، فإما أن يتحد جنس العامل، أو يختلف، إن اختلف كأن يكونا مرفوعين هذا على الابتداء، وهذا على الفاعلية أو منصوبين هذا على المفعولية، وهذا على الظرفية، أو مجرورين هذا بحرف وهذا بإضافة، فذهب الجمهور إلى وجوب القطع، وذهب الأخفش، والجرمي، إلى جواز الاتباع، ويقتضي جواز الاتباع في ذلك مذهب الكسائي والفراء، فإنهما أجازا في: مررت بزيد مع عمرو الظريفين، على أن الظريفين في موضع خفض على الاتباع.

وإن اتحد جنس العامل، فإما أن يتفقا في اللفظ والمعنى، أو يختلفا فيهما أو يتفقا في اللفظ، ويختلفا في المعنى، أو يتفقا في المعنى، ويختلفا في اللفظ، فإن اختلفا فيهما نحو: أقبل زيد وأدبر عمرو العاقلان، جاز الاتباع والقطع في أماكنه، وذهب المبرد وابن السراج إلى أنه لا يجوز إذ ذاك إلا القطع وهو قول الكسائي، لأنه لا يجيز أكرمت زيدًا وضربت عمرًا الظريفين على الاتباع، لأن الكرامة ليست من جنس الضرب، وإن اتفقا فيهما نحو: قام زيد وقام بكر العاقلان، فمذهب الجمهور جواز الاتباع والقطع في أماكنه. وفصل ابن السراج فقال: إن قدرت الثاني عاملاً فالقطع، أو توكيدًا والعامل هو الأول جاز الاتباع، وإن اتفقا في اللفظ، واختلفا في المعنى نحو: وجد زيد على عمرو، ووجد بكر الضالة العاقلان، جاز الاتباع والقطع في أماكنه. وذهب المبرد، وابن السراج إلى أنه لا يجوز إلا القطع، وإن اتفقا في المعنى، واختلفا في اللفظ نحو: ذهب زيد وانطلق خالد العاقلان، فذهب سيبويه، والكسائي، والمبرد إلى جواز الاتباع والقطع في أماكنه، وذهب ابن السراج إلى أنه يجب القطع، ويقتضي مذهب سيبويه أنه لا يجوز الوصف، لما انجر من جهتين كاختلاف الحرف، والإضافة نحو: مررت بزيد، وهذا غلام بكر الفاضلين، وكاختلاف الحرفين نحو: مررت بزيد، ودخلت على عمرو الظريفين، وكاختلاف معنى الحرفين.

وإن اتحدا لفظًا نحو: مررت بزيد، واستعنت بعمرو على خالد والباء الثانية للسبب، وكاختلاف معنى الإضافتين نحو: هذه دار زيد وهذا أخو عمرو الفاضلين. وإن اتحد العامل ولم يتعدد، فإما أن يتحد عمله، أو يختلف، إن اتحد عمله جاز الاتباع والقطع في أماكنه نحو: قام زيد وعمرو العاقلان، وإن اختلف عمله، فإما أن تتحد النسبة إليهما من حيث المعنى أو تختلف، فإن اختلفت فالقطع نحو: ضرب زيد عمرًا العاقلان، وإن اتحدت النسبة فالقطع مذهب البصريين. وذهب الكسائي، والفراء، وابن سعدان إلى جواز الاتباع على اختلاف بينهم، فالنص عن الفراء أنه يوجب إذا اتبع تغليب المرفوع، ونص ابن سعدان على جواز اتباع أي شئت منهما فتقول: خاصم زيد عمرًا الكريمين والكريمان، لأن كلاً منهما مخاصم ومخاصم، فكل واحد منهما مفعول لصاحبه، وفاعل لصاحبه، والصحيح مذهب البصريين بدليل أنه لا يجوز: ضارب زيد هندًا العاقلة برفع العاقلة على أن يكون نعتًا لهند على المعنى باتفاق من البصريين والكوفيين، فكما لا يجوز في نعت الاسم إذا أفرد الحمل على المعنى، فلا يجوز إذا ضممته إلى غيره وهذا الخلاف في هذه المسائل مترتب على العامل في النعت ما هو، فذهب الخليل، وسيبويه، والأخفش، والجرمي وأكثر المحققين إلى أن العامل في النعت تبعيته للمنعوت، واختلف هؤلاء فمنهم من لاحظ التبعية من حيث اتحاد معنى الكلام اتفق الإعراب، أو اختلف، ومنهم من

شرط اتحاد الإعراب، ولا يبالي باختلاف جهة الإعراب، ومنهم من فصل فشرط مع اتحاد الإعراب اتفاق جهته فتكون العوامل من جنس واحد. وبشرط ألا تكون عوامل مختلفة وإلى هذا ذهب سيبويه، والخليل، وصححه أصحابنا، وذهب المبرد، وابن السراج، وابن كيسان إلى أن العامل في النعت هو العامل في المنعوت، وأنه ينصب عليهما انصبابة واحدة. قيل وهو مذهب الجمهور، وينسب إلى سيبويه، فهؤلاء إذا كان العامل أكثر من واحد لا يجيزون الاتباع، والنعت في المعرفة إن كان لمدح، أو ذم، أو ترحم، جاز فيه القطع إلى الرفع على إضمار مبتدأ واجب الحذف، وإلى النصب على إضمار فعل مناسب واجب الحذف، فإذا قلت: جاء زيد العالم جاز اتباعه، وقطعه على إضمار هو، ونصبه على إضمار أمدح، وفي الذم يقدر أذم، وفي الترحم أرحم، وخالف يونس في الترحم فلا يجيز القطع، فإن كان النعت لتأكيد أو ملتزمًا أو نعت مبهم، فلا يجوز القطع مثال التأكيد «لا تتخذوا إلهين اثنين» ومثال الملتزم: نظرت إلى الشعرى العبور، ومثاله في المبهم: مررت بهذا العالم، وإن كان لتخصيص وهو ما عدا هذه الثلاثة نحو: مررت بزيد الخياط، جاز قطعه إلى الرفع على إضمار هو، ولا يجب إضماره، وعلى إضمار أعني، ويجوز إظهاره. وإن كان النعت لنكرة، فإن لم يتقدمه نعت آخر فلا يجوز القطع إلا في باب الشعر نحو: مررت برجل عاقل بالرفع، أو عاقلاً بالنصب، وإن تقدمه آخر فقال

سيبويه: إن كان لمدح، أو ترحم، أو ذم جاز القطع وخالفه الخليل، في المدح والذم، ويونس في الثلاثة، وإن وصفت بغير مدح، أو ذم، أو ترحم جاز القطع عند سيبويه، وشرط القطع في النكرة تأخره عن نعت آخر فأما القطع إلى الحال عند تعذر الوصف، فإن اتحد العامل جاز نحو: مررت بزيد ورجل قائمين، وإن اختلف العامل، فأجاز سيبويه في: هذا رجل معه رجل قائمين نصب قائمين على الحال، إذ تعذر أن يكون صفة لكون رجل الأول خبرًا والثاني فاعلاً بالظرف، والحاصل من مذهب سيبويه أن الحال تنتصب من اثنين مختلفي العامل بشرط أن يكونا ينسحب عليهما عامل واحد، لأنهما في هذه المسألة داخلان تحت معنى الإشارة كأنك قلت: انظر إليهما قائمين، وكذلك مررت برجل مع امرأة ملتزمتين، لأنهما داخلان تحت معنى المرور بخلاف قولك: فوق الدار رجل، وقد جئتك بآخر عاقلين فلا يجوز، وذهب ابن السراج إلى أنه إذا اختلف العامل فلا يجوز الحال، والحال عنده كالوصف، وإذا تكررت النعوت والمنعوت مجهول عند المخاطب، فالاتباع إلا أن تنزله منزلة معلوم، أو يكون الصفة تقدمها صفة متبعة (تقاربها) في المعنى نحو: مررت برجل شجاع فارس فيجوز القطع، أو معلوم والصفات للبيان فالاتباع، أو لمدح، أو ذم، أو ترحم، فاتباع الجميع، وقطع الجميع، واتباع بعض، وقطع بعض، وتقطع بعد الاتباع ولا يعكس، وهذا هو الصحيح، والثابت من كلام العرب، وفيه خلاف، وصحح في البسيط جواز الاتباع بعد القطع، وإذا كان النعت واحدًا والمنعوت مجهول عند المخاطب فالاتباع نحو: مررت برجل كريم وبزيد العاقل إذا لم يكن زيد معلومًا عند المخاطب، إلا أن ينزل المجهول منزلة المعلوم، فيجوز الاتباع والقطع.

وإن كان المنعوت معلومًا عند المخاطب والصفة لزوال عارض اشتراك، فالاتباع نحو: مررت بزيد الأزرق، قال ابن خروف: ربما قطع بعض النكرة، وبعض المعرفة في الضرورة، وقال السهيلي: أو في ضعف من الكلام، وقال ابن أبي الربيع: ما جيء به للبيان فيجوز نصبه بإضمار فعل، ورفعه بإضمار مبتدأ فتقول: جاءني زيد الخياط أي أريد الخياط، ومررت بزيد الخياط أي هو الخياط، ويجوز إظهار الفعل والمبتدأ، وكأنه في النصب جواب من قال: من تعني، وفي الرفع جواب من قال: من هو لمدح أو ترحم، أو ذم جاز الاتباع والقطع انتهى. ويجوز القطع قبل تمام الكلام نحو: إن زيدًا العالم قائم، برفع العالم على القطع أو نصبه خلافًا لبعض الكوفيين، فإنه لا يجيز ذلك، والنعوت يجوز عطف بعضها على بعض إذا اختلفت معانيها، فإن كانت معانيها لا يظهر فيها ترتيب كان العطف بالواو خاصة، وإن دلت على أحداث واقع بعضها إثر بعض كان العطف بالفاء نحو: مررت برجل قائم إلى زيد فضاربه، فقالته، وإذا تباعدت المعاني كان العطف بالواو أحسن نحو: «هو الأول والأخر والظاهر والباطن» وأجازوا إذا لم تكن مجتمعة العطف بـ (ثم)، و (أو)، و (بل)، و (لكن)، و (لا) لا بـ (حتى) و (أم). ولما كانت المعاني متقاربة لم يكن العطف مختارًا نحو قوله تعالى: «هو الله الخالق البارئ المصور»، ولما تباعدت كان العطف مختارًا نحو قوله تعالى: «الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى»، والعطف سائغ سواء أكانت النعوت متبعة أو مقطوعة.

وإذا ولى (النعت) (إما) وجب تكرارها نحو: ايتني برجل إما صالح وإما طالح، أو لا فكذلك نحو: «وظل من يحموم لا بارد ولا كريم»، وقيل لا يلزم تكرار (لا)، ويضعف تقديم الصفة على الموصوف نكرة كان، أو معرفة، فإن كان نكرة وتقدم ما لو تأخر لكان وصفًا، فالفصيح انتصابه على الحال، وإن كان معرفة، وصلحت الصفة لمباشرة العامل كان الذي كان يكون موصوفًا لو تقدمت بدلاً نحو قوله تعالى: «إلى صراط العزيز الحميد الله» في قراءة من جر، قيل من التقديم «وغرابيب سود» أي سود غرابيب، وجاء في تقديمها إضافتها إلى الموصوف وحذف أل منها كقراءة من قرأ: «وأنه تعالى جد ربنا» بضم الجيم أصله ربنا الجد أي العظيم، وإضافة الصفة إلى الموصوف لا تنقاس، وإذا اجتمعت صفات مفرد، وظرف، أو مجرور، وجملة، فالأولى (البداءة) بالمفرد ثم بالظرف، أو المجرور ثم بالجملة قال تعالى: «وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه». ويجوز تقديم الجملة على المفرد نحو: «وهذا كتاب أنزلناه مبارك»، و «بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين»، وهو كثير موجود في كلام العرب، فقول من خصه بالضرورة أو بنادر كلام أو بقليل في الكلام ليس بشيء.

وفي البديع: الوصف بالجملة الفعلية أوقى منه بالجملة الاسمية، وزعم أبو الفتح أن الصفة إذا كانت رافعة وثم صفة غير رافعة، أنك تقدم غير الرافعة فتقول: مررت برجل عاقل قائم أبوه، لأن الرافعة أشبهت الجملة، فتكون بعد ما لا يرفع، ويكون الظرف بعده ثم الجملة.

فصل

فصل المضمر لا ينعت به، ولا ينعت، وأجاز الكسائي نعت الضمير الغائب إذا كان النعت لمدح، أو ذم، أو ترحم لا مطلقًا كما في التسهيل نحو قولهم: مررت به المسكين، ونحو: صلى الله عليه الرءوف الرحيم، وقال النحاس: أجاز الكسائي: نعت المظهر إذا تقدم المضمر وقال الفراء: هذا خطأ، ومن منع ذلك جعله بدلاً، ومما لا ينعت، ولا ينعت به أسماء الشرط وأسماء الاستفهام، وكم الخبرية، وكل اسم متوغل في البناء نحو: الآن: إلا (ما) إذا كانت نكرة، فإنها تنعت، وينعت بها، وإلا (من) إذا كانت نكرة، فإنها تنعت فإذا كانت (من) و (ما) موصولتين، فالبصريون يجيزون أن يوصفا تقول: جاءني من في الدار العاقل، ونظرت إلى ما اشتريت الحسن. ومذهب الكوفيين أنه لا يجوز وصفهما، وأما غيرهما من الموصولات كالذي، والتي فتوصف، ويوصف به، وكذلك ذو، وذات في لغة طيئ. وفي كتاب (الخفاف): منع النحويون صفة الذي، لأن الصلة بعض الاسم، وهي لا توصف، وإن قلت الصفة للموصوف فقط، وصفت بعض الاسم وما لزم موضعين من الإعراب كـ (قبل) و (بعد) لا ينعت ولا ينعت به، وكذا (كل وبعض) نحو: مررت بكل قائمًا، ومررت ببعض جالسًا قال سيبويه: هو معرفة

لا يوصف، ولا يكون نكرة وصفًا، فإن أضيف كل إلى نكرة جاز وصفها نص على ذلك سيبويه نحو: قبلنا منهم كل … فتى أبيض حسانا وقد تقدم الوصف بكل إذا أضيفت إلى مثل الموصوف، وما في بعض صوره من الخلاف، وفي البسيط: اختلف في كل، فذهب الكوفيون إلى أنها توصف ويوصف بها، وقال بعض النحويين: إن البصريين لا يصفون بها، ومما لا ينعت، ولا ينعت به المصدر الذي بمعنى الأمر نحو: ضربًا زيدًا، والدعاء نحو: سقيا لك ومما ينعت، وينعت به المشتقات من أسماء الفاعلين والمفعولين وما جرى مجراهما تقول: بزيد الشجاع العالم، فالشجاع وصف لزيد، والعالم وصف للشجاع هذا مذهب سيبويه أجاز يا زيد الطويل ذو الجمة على جعل ذي الجمة نعتًا للطويل، وسواء أكان النعت عاملاً أو غير عامل، ومن العامل قوله: ... ... ... ... ... … لدى فرس مستقبل الريح صائم جعل سيبويه (صائمًا) صفة لمستقبل الريح، وذهب جماعة منهم ابن جني إلى أنه من خواص الوصف، أن لا يقبل الوصف، وإن كثرت صفات كانت

للأول، فإن لم يكن مذكورًا كان مقدرًا، وذهب السهيلي إلى الجواز إذا دل دليل على جموده مثل أن يكون خبرًا لمبتدأ أو بدلاً من اسم جامد، فإن كان نعتًا يقوى فيه معنى الفعل بالاعتماد فلا ينعت، وبعضهم منع ذلك فيما يعمل عمل الفعل، وأجازه في غير هذا، ولهذا قال بعضهم إذا وصف لم يعمل لبعده عن الفعل بالوصف، وقال بعضهم إذا تقدم الوصف لم يعمل وإن تأخر عمل. وأما أسماء الإشارة، فمذهب البصريين أنها توصف، ويوصف بها، فمن وصفها: «آرءيتك هذا الذي كرمت علي» ومن الوصف به: «قال بل فعله كبيرهم هذا» و «إحدى ابنتي هاتين». وذهب الكوفيون، وتبعهم السهيلي، والزجاج إلى أن أسماء الإشارة لا توصف، ولا يوصف بها، ومن أجاز نعتها قال: لا يكون إلا مصحوبًا (بأل) خاصة، ولا ينعت بالمضاف، وقال ابن النحاس: بإجماع من النحاة، قال الفراء: من قال (هذا الرجل عاقل)، لم يقل (هذا غلام الرجل عاقل)، ونص أيضًا على أنه لا ينعت بالمضاف ثعلب، والزجاج، فلم يجز أبو إسحاق: مررت بهذا المال قال: محال أن يكون ذو المال مع هذا بمنزلة شيء واحد. وقال الزجاج: إذا أردت أن تقف على هذا، وفهم المخاطب مقصودك، جاز أن تتبعه بالبدل، وبالفصل بينه وبين نعته نحو: مررت بهذا اليوم الكريم، والعطف على ما بعده نحو: بهذا الطويل والقصير، وبهذا ذي المال، وقال ابن خروف: وجاز على الصفات كما ذكر سيبويه أنك أن جاز إن تقف على هذا أتبعت بالرفع والنصب، وإن كان بمنزلة بـ (أيها) رفعت لا غير، وقال ابن هشام: لا يجوز:

مررت بهذا، وبزيد الطويلين، ولا يا هذا وزيد الطويلان، ولا يا زيد وهذا الطويلان، ولا يا هذا ويا ذلك الطويلان بدخول حرف العطف، ويا ولا بذاك الذي هنا، ولا بذاك الذي على الحائط انتهى. وإذا اتبعت اسم الإشارة بذي (أل)، فإما أن يكون جامدًا، أو مشتقًا إن كان مشتقًا فيضعف الوصف به نحو: مررت بهذا العالم، ولا خلاف أنه وصف، وإن كان جامدًا نحو: مررت بهذا الرجل، فسيبويه يسميه نعتًا، والكوفيون يسمونه الترحم، وبعضهم يجعله عطف بيان، وهو قول الزجاج، وابن جني وابن السيد والسهيلي، واختيار ابن مالك. وقال ابن عصفور: أجاز النحويون في مثل: (مررت بهذا الرجل) أن يكون الرجل نعتًا، وعطف بيان، فإذا كان نعتًا، فـ (أل) في الرجل للعهد، وإذا كان عطف بيان فـ (أل) فيه للحضور قال: وهذا معنى كلام سيبويه. وقال السهيلي: وإن سماه سيبويه صفة، فمذهبه التسامح في هذه التوابع كلها، وقد سمى التوكيد، وعطف البيان صفة في غير موضع، وقد عرف مذهبه في ذلك انتهى. والأعلام زيد، وأسماء الأجناس كت (سبع)، و (نمر) و (فهد) ما دامت على موضوعها توصف، ولا يوصف بها، ولا توصف الأسماء الثواني من الكنى الأعلام، وأي، وكل، وجد، وحق يوصف بها ولا توصف، وسبق الكلام في ذلك، وكذا ما لم يستعمل من الأسماء إلا تابعًا يكون صفة ولا يوصف نحو: بسن

وليطان وشقيح من قولهم: حسن بسن، وشيطان ليطان، وقبيح شقيح، وهي محفوظة لا يقاس عليها، وما دخل عليها لا التي لنفي الجنس من الأعلام نحو: أما البصرة فلا بصرة لا يجوز أن يوصف به معرفة ولا نكرة، نص عليه الفارسي، ويجوز الفصل بين المنعوت ونعته بما يتمحض مباينته، فإن تمحضت مباينته فلا يجوز ولذلك منع النحاة: مررت برجل على فرس عاقل أبلق، على أن يكون (عاقل) صفة رجل، وأبلق صفة فرس، لأن (عاقلاً) مباين لفرس، وصفته، فما يجوز فيه الفصل بينهما المبتدأ الذي خبره في متعلق الموصوف نحو: «أفي الله شك فاطر السموات والأرض»، والخبر نحو: زيد قائم العاقل، والمقسم به وجوابه نحو: «قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب»، ومعمول الموصوف: هذا ضارب زيدًا عامل ومعمول المضاف الموصوف: «سبحان الله عما يصفون عالم الغيب»، ومعمول الوصف نحو: «ذلك حشر علينا يسير» و: ... ... ... … كريم رءوس الدارعين ضروب والفعل العامل في الموصوف نحو: أزيدًا ضربت العاقل، والمفسر نحو: أزيدًا ضربته العاقل، وجملة الاعتراض: «وإنه لقسم لو تعلمون عظيم»، والاستثناء نحو: ما جاء أحد إلا زيد خير منك، والمعطوف إذا لم يكن شريك

الموصوف في الصفة، حكى سيبويه: هذا رجلان وزيد منطلقان. فإن كان النعت لمبهم، فلا يجوز الفصل بينهما لو قلت: ضرب هذا الرجل زيدًا لم يجز: ضرب هذا زيدًا الرجل، وكذا ما أشبه ذلك من صفة لا يستغنى عنها نحو: ظهرت الشعرى العبور الليلة لا يجوز: ظهرت الشعرى الليلة العبور. أو صفة تشبه التوكيد نحو: إلهين اثنين، ولا يجوز أن يتقدم معمول الصفة على الموصوف، فلا يجوز: هذا طعامك رجل يأكل، وأجاز ذلك الكوفيون، وتبعهم الزمخشري في قوله: «وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا» جعل (في أنفسهم) متعلقًا بقوله (بليغًا)، وتقول جاء زيد وعمرو العاقلان. هذا ترتيب الكلام، وأجاز صاحب البديع: تقديم الصفة على الموصوف إذا كانت لاثنين أو جماعة، وقد تقدم أحد الموصوفين تقول: قام زيد العاقلان وعمرو، ومنه قول الشاعر: ولست مقرا للرجال ظلامة … أبى ذاك عمى الأكرمان وخاليا انتهى، يريد ذاك عمي وخالي الأكرمان، وقد جاء نظير هذا في المبتدأ والخبر نحو: زيد قائمان وعمرو.

فصل

فصل في حذف الوصف، وفي حذف الموصوف، وإقامة وصفه مقامه، أما حذف الوصف، فالأصل فيه ألا يحذف، إذ جيء به في الأصل لزوال اشتراك في معرفة، أو لتخصيص في نكرة، لكنهم حذفوه للدلالة عليه فمن ذلك: «وكذب به قومك وهو الحق» أي المعاندون و «ليس من أهلك» أي الناجين، «تدمر كل شيء» أي سلطت عليه «لرادك إلى معاد» أي معاد تحبه وقال: ... ... ... ... … مهفهفة لها فرع وجيد أي فرع وافر وجيد طويل، ومن نادر حذفه قوله: إذا حارب الحجاج أي منافق … ... ... ... ... ... وقول الآخر: لعمرك ما نفسي بجد رشيدة … ... ... ... ... أي منافقًا أي منافق، وبرشيدة جد رشيدة وقول الآخر:

. ... ... ... … ... ... لقد وقعت على لحم أي لحم منيع وأما حذف الموصوف وقيام صفته مقامه، فالصفة إما أن تكون اسمًا أو ظرفًا أو مجرورًا أو جملة، فإن كانت اسمًا، فإما أن تكون صفة لذات غير مكان، أو مكان، أو زمان، أو مصدر، فإن كانت صفة لذات غير مكان فلا تحذف إلا إذا كان الموصوف متقدمًا ذكره نحو: ائتني بماء ولو باردًا أي ولو ماء باردًا «ومن ذريتهما محسن وظالم» أي ذرية محسن وذرية ظالم. أو أشعر الوصف بالتعليل نحو: أكرم العالم، وأهن الفاسق، أو كان الوصف عومل معاملة الأسماء نحو: مررت بالفقيه، ومررت بالقاضي، أو قصد العموم نحو: لا رطب ولا يابس، أو كان الوصف خاصًا بجنس الموصوف نحو: مررت بكاتب، وبحائض، فإن كان الوصف غير خاص بجنس الموصوف فلا يجوز حذف الموصوف، وإقامة الوصف مقامه إلا في ضرورة الشعر نحو قوله: وقصري شنج الأنسا … ... ... ... ... ... يريد: وقصري بثور شنج الأنساء، ومما استعملت العرب الصفات استعمال

الأسماء: الأبطح، والأبرق، والأجرع للمكان، والأدهم للقيد، والأسود للحية، والأخيل للطائر، يدل على أنها صفات عدم الصرف إذا عربت من أل، والإضافة. وإن كان الوصف لمكان، أو زمان جاز حذف الموصوف نحو: جلست قريبًا منك وبعيدًا عن عمرو، وصحبتك طويلاً، أي مكانًا قريبًا منك وزمانًا طويلاً، وإن كان الوصف لمصدر نحو: قوله تعالى: «فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثير» وقوله: ذهبت سريعًا، فذهب المبرد، وأكثر المعربين: إلى أنه ينتصب انتصاب المصدر، وذهب سيبويه إلى أنه ينتصب على الحال، وليس وصفًا لمصدر، فإن لم يكن فضلة، أعرب بإعراب الموصوف المحذوف، وإن كان الوصف مجرورًا، فلم يسمع حذف الموصوف، وإبقاء ما هو صفة له كقوله تعالى: «وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به» أي وإن (أحد) من أهل الكتاب، وإن كان ظرفًا فخرج عليه على قول: «ومنا دون ذلك» أي قوم دون ذلك. وإن كانت الصفة جملة فكثر حذف الموصوف معها إذا تقدمتها (من) حكى سيبويه: (ما منهم مات حتى رأيته)، وقالوا: منا ظعن ومنا أقام وقال الشاعر: وما الدهر إلا تارتان فمنهما … أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح التقدير: أحد مات، ومنا إنسان ظعن، وإنسان أقام، وفمنهما تارة أموت، وزعم الفارسي أن ذلك لا يجوز إلا مع المرفوع، وليس كما زعم قد سمع مع المنصوب في مكان التفصيل نحو قوله:

كانوا فريقين يصفون الزجاج … ... ... ... .... ثم قال: وآخرين على الماذي فوقهم … ... ... ... ... ... التقدير: فريقًا يصفون الزجاج، وآخرين بذي الماذي، وكأن هذا الحذف لم يكن غالبًا إلا مع التفصيل، وقد جاء بغير (من) نحو قوله: ... ... ... .... … لكم قبصه من بين أثري وأقترا أي من بين قبص أثري، وقبص أقترا وأما قول الشاعر: لو قلت ما في قومها لم تيثم … يفضلها في حسب وميسم التقدير: أحد يفضلها، فقال ابن مالك في مثل من في جواز الحذف للموصوف، وإقامة صفته مقامه، إذا كان المنعوت بعضًا مما قبله قال: فمثل هذا لو استعمل في غير الشعر لحسن كقولك: ما في الناس إلا شكر أو كفر أي إنسان شكر أو إنسان كفر، وجعل ابن عصفور هذا من الضرائر في الشعر نحو قوله:

ترمي بكفى كان من أرمى البشر وقوله: والله ما زيد بنام صاحبه أي بكفى رجل كان، وما زيد برجل نام صاحبه. وإذا اجتمعت صفتان مفردتان، ففي كل منهما ضمير الأول، فإن لم يكن في الثانية ضمير آخر جزئ الجملة السابقة لم يلزم التأخير نحو: مررت برجل عاقل كريم، ويجوز كريم عاقل وكلاهما للمنعوت، أو الثانية صفة للأولى على الخلاف، وإن كان لزم التأخير نحو: مررت برجل حسن الوجه جميله، ففي جميله ضميران ضمير الأول، وضمير الوجه، ويجوز أن يكون صفة للأول لازم التأخير، وكذا فيما جرى على غير الأول نحو: مررت برجل عاقلة أمه لبيبة على الصفة للأول، أو صفتان جملتان نحو: مررت برجل يضحك ويكتب تقدم أيا شئت دون الواو. ومررت برجل يكتب غلامه ويتبعه لا يجوز التقديم، أو صفتان إحداهما

جملة، والأخرى مفرد، فالأحسن تقديم الاسم وتأخير الجملة، ويجوز العكس، وتقدم شيء من هذا، وكذا مررت برجل معه صقر صائد بباز، فإن كان في إحداهما ضمير من الأول لزم تأخيرها نحو: مررت برجل قاعد على سرير يلعب فيه فهو صفة للأول. ويجوز فيه الحال من الضمير في قاعد، وأن يكون وصفًا لقاعد، وإن كان الاسم كذلك لزم التأخير نحو: مررت برجل معه صقر صائد به، وسواء أكانت ظرفًا كما ذكرنا أم جملة فعلية نحو: مررت برجل ينطلق بابنه حامل أباه إلى داره، أو اسمية نحو: مررت برجل أبوه منطلق برجل حامل أ؛ دهما إلى داره، فيجوز الحال في حامل، والوصف ولا يراعى عدم الولاية، ويقوى الوصف إذا ضعفت الحال بنقص بعض شروطها من عدم الانتقال، أو كونها ليست في الحال. وزعم بعض القدماء أنه لا يجوز الوصف إذا كان في الثاني ضمير للمتقدم، لأنه لا يصح ولايته إياه، ورأى النصب على الحال، ويجوز: مررت برجل معه صقر صائد به هو، يبرز هو تأكيدًا لا لزومًا، ويجوز أن يرفع بالابتداء وخبره صائد مرفوعًا، فإن جرت الصفة على من هي له وجب الإبراز نحو: مررت برجل معه جارية ضاربتها أمه.

باب عطف البيان

باب عطف البيان تابع جار مجرى النعت في ظهور المتبوع، وفي التوضيح والتخصيص جامد أو بمنزلة الجامد، فالتابع جنس، جار مجرى النعت، فصل يخرج به عطف النسق والبدل، وفي التوضيح خرج به التوكيد، والتخصيص خرج به ما جيء به من النعوت للتوكيد، وجامد خرج به النعت، أو بمنزلة الجامد خرج به ما أصله صفة ثم غلب عليها فصار علما بالغلبة كالصعق، ومذهب البصريين أنه لا يكون إلا معرفة تابعًا لمعرفة، وخصه بعضهم بالعلم اسمًا، أو كنية أو لقبًا. وذهب الكوفيون، وتبعهم الفارسي، وابن جني، والزمخشري إلى أنه يكون في النكرة تابعًا لنكرة، واختاره ابن عصفور، وابن مالك، ومثل بعضهم ذلك بقوله: «من شجرة مباركة زيتونة» ورد الأسماء من الأجناس على الأسماء نحو: ثوب خز، وباب ساج، وأجازه الزمخشري فخالفهما في قوله: إن «مقام إبراهيم» عطف بيان على قوله: «آيات بينات» مخالفة لإجماع البصريين والكوفيين، فلا يلتفت إليهما، ويسميه الكوفيون الترجمة. وقال بعض أصحابنا: لا خلاف في كون المضمر لا يكون عطف بيان، ولا يجرى هو على اسم عطف بيان ثم ناقض فقال في نحو: ما قاموا إلا زيد وإن أعربه نعتًا، فإن النحويين يعنون به أنه عطف بيان للضمير في قاموا، وهذا العطف

يوافق متبوعه في الإفراد والتثنية والجمع، ولا يشترط التساوي في رتبة التعريف، فقد أجاز سيبويه في قولك: (يا هذا ذا الجملة) أن تكون ذا الجمة عطف بيان، وبدلاً. وقال النحاة في (مررت بهذا الرجل) إن الرجل عطف بيان، وقالوا في: (مررت بالرجل زيد) إن زيدًا عطف بيان، وقول ابن عصفور (عطف البيان يجرى فيه الأعرف على الأقل تعريفًا بخلاف النعت) مخالف لما أجاز سيبويه، وما جاز أن يكون عطف بيان جاز أن يكون بدلاً، ولا ينعكس إذ البدل ليس مشروطًا فيه التعريف، ولا التنكير، ولا المطابقة في إفراد وتثنية وجمع. ويتعين عطف البيان في صور إحداها: أن يكون فيه (أل) وهو تابع لمنادي منصوب نحو: أيا أخانا الحارث، أو مضموم نحو: يا رجل الحارث، ويجوز الحارث بالنصب. الثانية: أن يتبع مجرورًا بإضافة صفة مقرونة (بأل) وهو غير صالح لإضافتها إليه ومثاله أنا ابن التارك البكري بشر … ... ... ... ...

على الصحيح، وهو قول السيرافي، والرماني، والمبرد لا يجيز إلا نصب بشر، وأجاز الفارسي فيه البدل، فإن صلح لم يتعين نحو: الضارب الرجل غلام القوم. الثالثة: أن يكون الكلام يفتقر إلى رابط، ولا رابط إلا التابع على عطف البيان نحو: هند ضربت الرجل أخاها. الرابعة: أن يضاف أفعل التفضيل إلى عام، ويتبع بقسمي ذلك العام، ويكون المفضل أحد قسمي ذلك العام نحو: زيد أفضل الناس الرجال والنساء أو النساء والرجال. الخامسة: أن يتبع موصوف أي بمضاف نحو: يا أيها الرجل غلام زيد. السادسة: أن يفصل مجرور أي نحو قولهم: أي الرجلين زيد وعمرو أفضل. السابعة: أن يفصل مجرور كلا نحو قولك: كلا أخويك زيد وعمرو قال ذلك. الثامنة: أن يتبع المنادي المضموم باسم الإشارة نحو: يا زيد هذا. التاسعة: أن يتبع المنادي المضاف على سبيل التفضيل بما هو مضاف، وما هو مفرد نحو قوله: فيا أخوينا عبد شمس ونوفلا … ... ... ... .... العاشرة: أن يتبع موصوف (أي) في النداء بمنون نحو: (يا أيها الرجل زيد).

الحادية عشرة: أن يتبع اسم الجنس ذا (أل) المنادي المضموم نحو: يا زيد الرجل ويا غلام الرجل الصالح، وإذا أفردت التابع للمنادي المنصوب نصب نحو: يا أخانا زيدًا، أو المضموم جاز نصبه ورفعه نحو: يا غلام بشرًا أو بشر كالنعت نحو: يا أخانا، العاقل ويا فاسق الخبيث والخبيث، فلو أبدلت بشرًا على أنه بدل تعين ضمه فتقول: يا غلام بشر، وعطف البيان قد يجيء مشتركًا مع النعت والبدل نحو: جاء زيد أبو عمرو، ومع البدل نحو: جاء أبو محمد زيد، وقالوا: يجوز أن يجيء عطف البيان للتأكيد، كما يجيء النعت للتأكيد وأنشدوا: لقائل يا نصر نصرًا نصرا فنصر الأول المنادي مضموم، وهو نصر بن سيار، والثاني يروي بالنصب وبالرفع وبالضم، وللنحاة في تخريج ذلك أقوال: والعامل في عطف البيان كالعامل في النعت، وتقدم الخلاف في ذلك باب النعت.

باب التوكيد

باب التوكيد معنوي ولفظي، المعنوي تابع بألفاظ محصورة، فلا يحتاج إلى حد ولا رسم، ومنها ما هو للإحاطة خلافًا لابن السراج والفارسي، فإنهما ذهبا إلى أن ما جيء به للإحاطة ليس من قبيل تكرار الاسم بلفظه، ولا بمعناه، فمن تلك الألفاظ نفس وعين، لفرد، وأنفس، وأعين للمثنى والمجموع، وهي مضافة لضمير المؤكد تقول: قام زيد نفسه، وقامت هند نفسها، وقام الزيدان أنفسهما، وقام الزيدون أنفسهم، وقامت الهندات أنفسهن. وقد وهم الشيخ بدر الدين محمد بن الشيخ جمال الدين محمد بن مالك تابعًا لأبيه، فأجاز أن تقول في تثنية المؤكد: قام الزيدان نفساهما، وكذا عيناهما، ولم يذهب إلى ذلك أحد من النحويين، وفائدة التأكيد بالنفس، والعين هو إزالة التوهم عن المخاطب أن يكون المسند إليه الحكم، إنما أسند إليه مجازًا، ووقع مع غيره حقيقة، فإذا قلت: قام زيد نفسه كان هو الذي قام حقيقة. وإذا أكد بالنفس والعين ضمير رفع متصل، فالمنصوص على أنه لا بد من تأكيد ذلك الضمير بمنفصل مرفوع نحو: قم أنت نفسك، وقاموا هم أنفسهم، وقمت أنت نفسك، وذكر الأخفش أنه يجوز على ضعف: قوموا أنفسكم. (فرع): إذا قلت: هلم لكم أنفسكم جاز دون تأكيد للفصل الذي هو

(لكم)، وهذا بلا خلاف فلا يتوهم أنه لا بد فيه من التأكيد، وتنفرد (نفس)، وعين بجواز جرهما بباء زائدة تقول: جاء زيد بنفسه، وجاء زيد بعينه. وقالت العرب: جاءوا بأجمعهم بضم الميم وفتحها، وفيه معنى التأكيد، وليس من ألفاظه، ومن ألفاظ التأكيد (كلا) لمذكرين، و (كلتا) لمؤنثين تقول قام الزيدان كلاهما، وقامت المرأتان كلتاهما، وإذا كان المتبعض بذاته قد استعمل حيث لا يراد بالتبعيض، ولا يحتمله نحو: رأيت أحد الرجلين كليهما، والمال بين الرجلين كليهما، واختصم الرجلان كلاهما فمذهب الجمهور، ومنهم المبرد إلى الجواز. وذهب الفراء، وهشام، وأبو علي إلى المنع، وعن الأخفش القولان، والصحيح المنع، لا يحفظ عن عربي شيء من تلك الصور، وإذا قلت اللذان اختصما كلاهما أخواك، وإذا قلنا بالمنع كان كلاهما تأكيدًا للموصول، أو مبتدأ خبره أخواك، وإذا قلنا بالجواز جاز هذان، وأنه يكون تأكيدًا للضمير. وقال أبو بكر الخياط: القائمان كلاهما مختصمان، إن كان كلاهما من الأسماء توكيدًا للضمير المستكن في القائمين جازت المسألة، أو للألف واللام لم يجز في قول من لم يجز اختصم الزيدان كلاهما، وكذلك إن جعلت (كلاهما) مبتدأ، وجعلت (مختصمان) خبره فهو خطأ. وفي كتاب ابن هشام أجاز البصريون، كلاهما مختصم، وكلاهما يختصم، وكلاهما مختصمان ويختصمان، ومنع ذلك بعض البغداديين في الإفراد والتثنية

والجمع، وقال ابن مالك: ويستغنى بكلاهما عن كلتاهما ومن شواهد ذلك قوله: يمت بقربى الزينبين كليهما … ... ... ... ... وقال ابن عصفور: (هو من تذكير المؤنث حملاً على المعنى للضرورة، وأجاز الفراء: مررت بالرجلين كلاهما بالألف، والكسائي والفراء أجريا كلا من المظهر مجراها مع المضمر، ومنع ذلك البصريون في المسألتين، وأجاز البصريون: كلاكما ينطلق، وكلاكما ينطلقان، وكلاكما تنطلقان، ومنع الأخفش هذه الأخيرة. ومن ألفاظ التوكيد (كل)، ومن فائدته رفع توهم إرادة المخصوص بما قبله، ويضاف إلى مفرد نحو: قبض المال كله، أو جمع نحو: قام القوم كلهم، وقامت الهندات كلهن، ويجوز (كلتهن) نص عليه الخليل عن بعض العرب، وزعم ابن مالك: أنه يستغنى بكلهما عن كليهما، وعن كلتيهما نحو: قام الرجلان كلهما، وقامت المرأتان كلهما أي كلاهما وكلتاهما، ويحتاج ذلك إلى سماع من العرب. ولا يؤكد إلا متجزئ بالذات، أو بالعامل نحو: قبض المال كله، ورأيت زيدًا كله، وقال ابن مالك، ويستغنى بإضافة كل إلى مثل الظاهر المؤكد عن الإضافة

إلى ضميره وأنشد على ذلك قوله: ... ... ... ... ... … يا أشبه الناس كل الناس بالقمر ونحو ذلك، والذي ذكر الناس أن (كلا) في التوكيد يضاف إلى ضمير المؤكد، ويحمل ما أنشد على أنه نعت يبين كمال المنعوت، وهو أمدح، وقد مثل هو في باب النعت بقولك: زيد الرجل كل الرجل، وأنه نعت بمعنى الكامل، وغره في ذلك صلاحية (كلهم) مكان كل الناس، وأجاز الكوفيون، وتبعهم الزمخشري: الاستغناء بنية الإضافة عن صريح الإضافة، وجعلا من ذلك قراءة من قرأ: «إنا كل فيها»، إنا كلنا فيها، وخرج على أنه منصوب على الحال، وأختار أن يكون بدلاً من الضمير. قال أبو بكر بن ميمون في كتابه نقع الغلل: وما حكاه ابن السراج من قول بعضهم: (مررت بهم كلا) فنصبه على الحال شاذ، كما شذ قول بعضهم: (هو أحسن الناس هاتين) يشير بهما إلى عينيه، وهاتان مبهم لا يتنكر بحال. ومن ألفاظ التأكيد (جميع)، و (عامة) بمعنى (كل) نحو: قام القوم جميعهم، وقام القوم عامتهم ذكر ذلك سيبويه، وأغفله أكثر النحاة، وخالف

المبرد في (عامتهم) فزعم أنه بمعنى أكثرهم، وأجمع، وأكتع، وأبصع، وأبتع بمعنى (كل)، فيؤكد بأجمع المتجزئ بالذات، أو بالعامل مثاله: قبض المال أجمع، ولا يثنى، ولا يجمع وما بعده، خلافًا للكوفيين والبغداديين، وابن خروف من أصحابنا، ومؤنث أجمع وتابعه جمعاء كتعاء بصعاء بتعاء، وفي جمع أجمع، وتابعه تقول: أجمعون أكتعون أبصعون أبتعون، وفي جمع جمعاء وتابعها تقول: جمع كتع بصع بتع، وجمع أجمع، وجمعاء على ما ذكرناه هو قول النحويين فيما أعلم. وفي البسيط، لا تثنى، ولا تجمع لأنها بمنزلة (كل) في الدلالة، و (كل) لا يثنى، ولا يجمع، وإنما هي صيغ جمع لا جمع لأجمع، لا لجمعاء، وحكى (قبضت المالين أجمعين). واتفق النحاة على أن ألفاظ التأكيد معارف، فأما ما أضيف إلى الضمير فظاهر وأما (أجمع) وتابعه، ففي تعريفه قولان: أحدهما: أنه بنية الإضافة، وعزى هذا إلى سيبويه، واختاره السهيلي. والثاني: أنه بالعلمية علق على معنى الإحاطة لما يتبعه، وهو اختيار ابن سليمان السعدي، ومحمد بن مسعود الغزني قال في كتابه البديع (أجمع وأخواتها معارف وتعريفها تعريف علمي كتعريف أسامة وهنيدة، وشعوب ونحوها انتهى). وأجمع، وجمعاء وجمع وتوابعها ممنوعة الصرف، وإذا اجتمعت ألفاظ التحقيق بدأت بالنفس ثم بالعين مرتبا، وقيل على طريق الأحسنية [أو ما هو للشمول بدأت ثم بأجمع مرتبا، وقيل عن طريق الأولوية، أو اجتمعا فتقدم ما للتحقيق فتقول: رأيت القوم أنفسهم كلهم، وقيل: تقديم ما للتحقيق على

ما للشمول على طريقة الأحسنية] وكثر ورود (أجمعين) في القرآن دون (كل) فهو يؤكد كما يؤكد (بكل)، وليس من باب الاستغناء به عن (كل) كما زعم ابن مالك، ,تبع أجمع أكتع وأبصع وأبتع بهذا الترتيب. ومذهب الجمهور أنه لا يجوز تقديم أكتع على أجمع، وأجاز ذلك الكوفيون وابن كيسان أن تبدأ بأيتهن شئت بعد أجمع، وقال ابن عصفور لا تبال بأي قدمت من أبصع وأبتع على الآخر انتهى. ولا يغني (أكتع) عن أجمع على مذهب الجمهور، وأجاز ذلك الكوفيون، وابن كيسان، وأجمع، وأخواته عند البصريين معارف فلا تتنكر، فتقع حالاً، وأجاز الفراء، نصب (أجمع) وجمعاء وتثنيتهما على الحال، وحكى: أعجبني القصر أجمع والدار جمعاء، وأجاز في التثنية أجمعين، وجمعاوين على الحال. فأما نصيب أجمعين، و (جمع) على الحال فمنع ذلك الفراء، وأجازه ابن كيسان، واختاره ابن مالك، وقد جاء (جمعاء) بمعنى مجتمعة كما في الحديث (كما نتائج الإبل من بهيمة جمعاء) أي مجتمعة الخلق، وأجاز الأستاذ أبو على أن يكون (أجمع) في معنى مجتمع في قوله:

أرمى عليها وهي فرع أجمع ولا يتعين ما قال، وإذا اختلف العامل فلا يجوز التوكيد نحو قولك: مات زيد وعاش عمرو كلاهما، فإن اختلفا لفظًا واتفقا معنى أجازه الأخفش نحو: انطلق زيد وذهب بكر كلاهما، ويحتاج إجازة ذلك إلى تصريح بسماع من كلام العرب، والذي تقتضيه القواعد المنع، ولا يجوز عند البصريين أن تؤكد النكرة بشيء من ألفاظ التوكيد، وأجاز ذلك الأخفش، والكوفيون إذا كانت النكرة مؤقتة، وأجاز ذلك بعض الكوفيين مطلقًا سواء أكانت مؤقتة أم غير مؤقتة، واختاره ابن مالك فأجاز: صمت شهرًا كله، وهذا أسد نفسه، وجاء في الشعر توكيدها بما يقتضي الإحاطة. وفي حذف المؤكد وإقامة المؤكد مقامه خلاف مثال ذلك: الذي ضربته نفسه زيد، فتقول: الذي ضربت نفسه زيد تريد ضربته، ذهب الخليل وسيبويه والمازني، وابن طاهر، وابن خروف إلى جواز ذلك، وذهب الفارسي، والأخفش وابن جني، وثعلب إلى منع ذلك، ولا يجوز الفصل بين المؤكد والتوكيد بما ليس بينهما علاقة، ويجوز إن كان بينهما علاقة نحو قوله تعالى:

«ولا يحزن ويرضين بما آتيتاهن كلهن» فـ (كلهن) تأكيد لنون الإناث وقال ما رأس ذا إلا جبين أجمع يريد ما رأس ذا أجمع إلا جبين ثم قال: إذن ظللت الدهر أبكى أجمعا يريد ظللت الدهر أجمع أبكى، فأما الفصل بإما نحو: مررت بقومك إما أجمعين وإما بعضهم فمنعه البصريون، وأجازه الفراء، والكسائي، ومررت بهم إما كلهم وإما بعضهم أجازه الفراء، ولا يجوز القطع في ألفاظ التوكيد لا تقول: مررت بزيد نفسه لا إلى الرفع ولا إلى النصب، كما جاز ذلك في النعت في مواضعه، ولا يجوز عطف ألفاظه بعضها على بعض لا يجوز: قام زيد نفسه وعينه، ولا جاء القوم كلهم وأجمعون، وأجاز العطف بعضهم، وهو قول ابن الطراوة. وألفاظ التوكيد إذا تكررت هي للمتبوع المؤكد، وليس الثاني تأكيدًا للتأكيد وأجرت العرب مجرى (كل) في التأكيد اليد، والرجل، والزرع، والضرع، والظهر، والبطن والسهل، والجبل، والصغير، والكبير، والقوي والضعيف تقول: ضرب زيد اليد والرجل، وضرب بكر الظهر والبطن، ومطرنا الزرع والضرع ومطرنا السهل والجبل، وضربتهم كبيرهم وصغيرهم، وقويهم وضعيهم فهذه ألفاظ أخرجتها العرب عن مدلولاتها إلى العموم.

وألفاظ التأكيد لا تلي العامل، فتبقى على مدلولها في التأكيد إلا جميعًا وعامة، فإذا ولى العامل النفس والعين خرجا عن مدلولهما في التأكيد إلا جميعًا وعامة، فإذا ولى العامل النفس والعين خرجا عن مدلولهما في التأكيد تقول: فاضت نفس زيد، وفقئت عين عمرو، وتقول: مررت بجميعهم، وبعامتهم، وبجميعهم، وعامتهم يتحدثون، فيبقى جميع، وعامة على مدلولهما الذي كانا يدلان عليه حالة استعمالها للتوكيد، وأما (كل) وكلا وكلتا، فتستعمل في غير التأكيد مبتدأة بكثرة وغير مبتدأة بقلة قال: كلهم أروغ من ثعلب … ... ... ... فهذا كثير وقال ... .... … فيتصدر عنها كلها وهو ناهل وقال (كليهما وتمرًا) وقال: ... ... ... ... … خصالاً أرى في كلها الموت قد برق فاستعمله فاعلاً ومفعولاً ومجرورًا وهذا قليل، وقال بعض أصحابنا إذا أضيفت إلى الضمير لم تستعمل إلا تابعة للمؤكد، أو المبتدأة، ولا يدخل عليها عامل غير

الابتداء إلا في شاذ من الكلام، أو ضرورة شعر، وإذا كان (كل) توكيدًا أو ابتدأت به فوضعه في كلامهم على العموم، فإذا بنيته على اسم نحو: هؤلاء كلهم تشير لمن عرفت من تعنى بالضمير المجرور في كلهم، أو على غير اسم نحو: ضربت كلهم، خرجت عن العموم، وتصير في معنى جميعهم، ويطلق اسم الجميع على الأكثر بخلاف ضربت القوم كلهم، لأنه لا يحيط بهم غالبًا هكذا نقل الخليل عنهم، وإلى الفرق بين الرفع والنصب في قوله ... ... ... كله لم أصنع ذهب ابن أبي العافية، وقال الأستاذ أبو علي: لا فرق بين الرفع والنصب ومذهب البصريين التسوية بين كلهم وأجمعين في إفادة العموم دون تعرض لاجتماع في وقت، وعدمه خلافًا للفراء، والمبرد في زعمهما أن (أجمعين) يفيد الاجتماع في وقت الفعل.

فصل

فصل التوكيد اللفظي يكون في المفرد، والمركب غير الجملة، والجملة، ويشمل المفرد الاسم والفعل والحرف، ويكون في المعرفة، والنكرة فمن توكيد الاسم. أخاك أخاك إن من لا أخا له … ... ... ... ... ... ومن توكيد الفعل: ... ... ... ... أتاك أتاك اللاحقون احبس احبس ومن توكيد الحرف: لا لا أبوح بحب بثنة … ... ... ... ... ومن توكيد المركب غير الجملة:

. ... ... ... ... .... … فحتام حتام العناء المطول ومن توكيد الجملة قم قائمًا قم قائما وهذا التوكيد اللفظي قد يكون بتكرار اللفظ مرتين، وهو الأكثر، وقد يكون بثلاث مرات نحو: ألا حبذا حبذا حبذا … ... ... ... ... ... ... وقد يكون بغير اللفظ بما يقويه، وما يوافقه معنى كتوكيد الضمير المستكن، والبارز نحو: قم أنت، وقمت أنا، والفعل باسم الفعل نحو قوله: ... ... ... .... … صمى لما فعلت يهود صمام وإذا أكد الضمير المتصل أعيد مع ما اتصل به نحو: قمت قمت، ورأيتك رأيتك وزيد مررت به، وأما الحرف، فإن كان جوابًا أكدته بإعادة لفظه نحو:

نعم نعم، أجل أجل، لا لا، وإن لم يكن جوابًا، فنص السهيلي على أنه لا يعاد إلا مع ما دخل عليه من اسم أو فعل انتهى. وسواء أكان عاملاً، أم غير عامل نحو: إن زيدًا إن زيدًا قائم ومفصولاً نحو: «أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم» ولا يعاد وحده إلا ضرورة، نص على ذلك ابن السراج وسمع تكرار (إن) و (ليت)، و (كأن) دون ما دخلت عليه، وأجاز الزمخشري إن إن زيدًا قائم، وتبعه ابن هشام، وإذا أكدت المجرور بحرف، وهو ظاهر، فالأجود إعادة الحرف داخلاً على ضمير الظاهر نحو: مررت بزيد به، وهو أجود من بزيد بزيد، ومن النحاة من يعرب (به) بدلاً، وأجاز بعض النحاة تأكيد المضمر المنفصل بالمبهم، وجعل من ذلك قوله تعالى: «ثم أنتم هؤلاء». وإذا أكدت جملة بجملة وأمن اللبس، كان الأجود الفصل بينهما بـ (ثم) كقوله تعالى: «وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين» فإن لم يؤمن اللبس لم تدخل (ثم) نحو: ضربت زيدًا ضربت زيدًا، فلو أدخلت (ثم) أوهم أنهما ضربان، ويجوز توكيد الضمير المتصل مطلقًا بالضمير المرفوع المنفصل مطابقًا له في التكلم والخطاب، والغيبة والإفراد، والتثنية والجمع، والتذكير

والتأنيث تقول: قمت أنا وأكرمني أنا، ومررت بي أنا، وزيد قام هو وأكرمته هو، ومررت به هو، وقمت أنت، وأكرمتك أنت، ومررت بك أنت، ثم الضميران إن اتفقا لفظًا فلا يجتمعان باتفاق، وإن اختلفا، فمذهب سيبويه أنهما لا يجتمعان فلا تقول: رأيته هو إياه وأجازه بعضهم، وكذا لو اجتمعا مع الفصل على رأي سيبويه فلا تقول: ظننته هو إياه خيرًا منه. وإذا أتبعت الضمير المتصل بمنفصل مثله في الإعراب نحو: قمت أنت وأكرمتك إياك جاز في أنت أن يكون توكيدًا، وأن يكون بدلاً، وأما (إياك) فمذهب البصريين أنه بدل من الضمير المتصل، ومذهب الكوفيين أنه توكيد لا بدل، واختاره ابن مالك، وإذا قلت: زيد قام هو، وقمت أنت، فمذهب الفراء أنه إثبات الفعل للاسم، ونفى عن غيره وأن قولك: نفسه إثبات للاسم، وليس فيه نفي عن غيره، والتأكيد بالضمير وبالنفس عند سيبويه سواء ليس فيهما نفي عن غير الاسم.

باب البدل

باب البدل تابع مستقل بمقتضى العامل تقديرًا دون متبع، (تابع) جنس يشمل التوابع، والتبعية في الإعراب لفظًا أو موضوعًا نحو: لستما بيد إلا يدا و (مستقل) يخرج النعت، وعطف البيان والتوكيد، وأكثر النحاة على أن العامل في البدل مقدر، وهو بلفظ الأول، فهو من جملة ثانية لا من الجملة الأولى، ولا ينوي بالأول الطرح، وقد صرح سيبويه بأن البدل من جملة ثانية، ويظهر العامل كثيرًا إذا كان حرف جر نحو: «لمن آمن منهم» ويجب ذكره في نحو: مررت بزيد به. واختلفوا في جواز إظهار الرافع والناصب في نحو: قام زيد أخوك، وضربت زيدًا أخاك، فأجاز ذلك بعضهم فتقول: قام زيد قام أخوك، وضربت زيدًا ضربت أخاك، ومنع ذلك بعضهم، وجعل ما أوهم ذلك كقوله تعالى: «اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسئلكم أجرا» من تكرار الجمل، وإن كان واحدًا، ويسمى التتبيع. وذهب بعض النحويين، ومنهم المبرد إلى أن العامل فيه هو العامل في المبدل منه، وليس على نية تكرار العامل، وهو ظاهر قول سيبويه في بعض كلامه، وقيل العامل هو الأول بحكم العوضية عن العامل الثاني المحذوف، واحترز بقوله:

دون متبع من المتبع (ببل)، و (لكن) نحو: مررت بزيد بل عمرو، وما قام زيد لكن عمرو، ويسمى الكوفيون هذا بالترجمة والتبيين، والتكرير، والبصريون يسمونه البدل. والبدل يوافق المبدل منه، ويخالفه في التعريف والتنكير مثال موافقته في التعريف «إلى صراط العزيز الحميد الله» في قراءة من جر، وفي التنكير: «مفازا حدائق» ومثال المخالفة «إلى صراط مستقيم صراط الله» و «لنسفعا بالناصية ناصية» وسواء أكانت النكرة من لفظ الأولى، أو لم تكن، أو موصوفة أم غير موصوفة، وذهب الكوفيون، والبغداديون إلى اشتراط وصف النكرة إذا أبدلت من المعرفة، وتبعهم السهيلي على ذلك، ونقل ابن مالك أن مذهب الكوفيين لا يجوز إبدال النكرة من المعرفة إلا أن يكون من لفظ الأول، وكلام الكوفيين على خلاف النقل، قال الكسائي والفراء في (قتال) من قوله تعالى: «عن الشهر الحرام قتال فيه» خفضه على نية (عن) مضمرة. ونسب بعض أصحابنا ما نقله ابن مالك عن الكوفيين إلى نحاة بغداد، لا إلى نحاة الكوفة، وأجاز سيبويه: «هذا عبد الله رجل منطلق»، و (رجل)

نكرة بدل من معرفة، وسمع بدل النكرة من المعرفة، وليست من لفظ الأول، ولا موصوفة وهذا مذهب البصريين. وأما بدل المضمر من المضمر في بدل كل من كل، فمثاله: رأيتك إياك: وتقدم الخلاف فيه بين البصريين والكوفيين، وأما في بدل بعض من كل، وفي بدل الاشتمال فمثاله: ثلث التفاحة أكلتها إياه، وحسن الجارية أعجبتني هو، وفي جواز مثل هذا التركيب خلاف، والذي نختاره المنع، ولو أبدلت مضمرًا من ظاهر في بدل كل من كل قلت: رأيت زيدًا إياه هكذا مثل أصحابنا، وقال ابن مالك: لم يستعمل هذا في كلام العرب نثره ونظمه، ولو استعمل لكان توكيدًا. أو في بدل بعض من كل أو اشتمال قلت: ثلث التفاحة أكلت التفاحة إياه، وحسن الجارية أعجبتني الجارية هو، وفي جواز ذلك خلاف، وفي النهاية: يجوز إبدال إيا من المضمر نحو: رأيتني إياي، ومن المظهر نحو: رأيت زيدًا إياه، وتقول: إنك أنت إياك خير من زيد، منهم من أجازه تجعل (أنت) توكيدًا للكاف، و (إياك) بدل من الكاف، فيعطي كل مضمر حكمه، ومنهم من منعه، لأن (إياك) مع كونه بدلاً لا يخلو من التوكيد، فلا فائدة في ذكر (أنت)، لأنه وإياك يدلان على شيء واحد، ولأنك إذا جعلت (إياك) بدلاً من الكاف لم يحسن توكيده، لأنه متروك، لأن المبدل منه في نية الطرح، وقال: مسألة مشكلة الظاهرة تقولك زيد هند أكرمتني أنا وإياك هو وهي، زيد مبتدأ

أول، و (هند) مبتدأ ثان، وأكرمتني وما بعده خبر عن هند، وهند وما بعده خبر عن زيد، وفي (أكرمتني) ضمير يعود على هند، وأنا توكيد للياء في أكرمتني، وهو معطوف على ذلك المضمر، ولم يعطف عليه إلا بعد توكيده انتهى. والبدل على أقسام: بدل موافق من موافق، وهو الذي يسمونه بدل كل من كل، وبعض أصحابنا اصطلح عليه ببدل الشيء من الشيء، وإنما عدل عن مصطلح الجمهور لوجود ذلك في ما لا يطلق عليه بدل كل من كل كقوله تعالى: «العزيز الحميد»، وهذا البدل يوافق في التذكير والتأنيث نحو: مررت بأخيك زيد وبأختك هند، وفي الإفراد كما مثلنا، وفي التثنية نحو: عرفت ابنيك المحمدين، وفي الجمع: عرفت أصحابك الزيدين، إلا إن كان المبدل منه لفظ المصدر، فإنه قد يبدل منه الجمع نحو: «مفازا حدائق» أو قصد التفصيل فلا يطابق في التثنية والجمع نحو قوله: وكنت كذي رجلين رجل صحيحة … ورجل ... ... ... ... ومررت بإخوتك زيد وبكر وخالد، وإذا كان في البدل زيادة بيان، فربما اتحدا في اللفظ نحو «وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها» في قراءة من

نصب، ويجوز إبدال ظاهر من مضمر غائب نحو: زيد ضربته أخاك، فإن أبدلته من ضمير متكلم أو مخاطب، وأفاد معنى الإحاطة جاز نحو: «تكون لنا عيدًا لأولنا وآخرنا»، وأكرمتكم صغيركم وكبيركم، وإن لم يفد معنى الإحاطة فمذاهب: أحدها: أنه يجوز وهو قول الكوفيين والأخفش. الثاني: أنه يجوز في الاستثناء فتقول: ما ضربتكم إلا زيدًا وهو قول قطرب. الثالث: أنه لا يجوز، وهو قول جمهور البصريين، وسمع الكسائي إلى أبي عبد الله وقال: بكم قريش كفينا كل معضلة … ... ... ... .... القسم الثاني: بدل بعض من كل نحو: مررت بقومك ناس منهم، وصرفت وجوهها أولها، وشرط هذا البدل أن يرد المسألة إلى أصلها الذي اختصرت منه، بأن يظهر العامل في البدل، فيصير الكلام جملتين كما كان قبل أن يختصر، فإن

ساغ الاكتفاء بكل من الجملتين جازت المسألة وإلا امتنعت، فعلى هذا تقول: جدعت زيدًا أنفه، ولقيت كل أصحابك أكثرهم. القسم الثالث: بدل اشتمال وأكثر وروده بالأوصاف نحو: أعجبني زيد علمه، وأعجبتني الجارية ظرفها، وقد جعلوا منه ما كان ذاتًا نحو: سرق زيد ثوبه، وسرق زيد فرسه، وسرني زيد قلنسوته، وسرتني الفتاة زجها وسنانها، وقالت طائفة: هو ما بينه وبين المبدل منه تعلق ما عدا نسبة الجزئية، وقد منع سيبويه أن يكون منه: مررت بزيد أبيه، وإن كان بينهما تعلق غيره نسبة الجزئية. وحكى البصريون عن الكوفيين أنهم يجيزون في هذا البدل: مررت بزيد أبيه، كما يجيزون: سلب زيد ثوبه، ولا يجيزه إلا البصريون، وفي جمل الزجاجي: كان عبد الله ماله كثير على الابتداء، وكثيرًا على البدل، ولا يجوز لو قلت: كان عبد الله كثيرًا لم يصح، ولم يفهم منه كثرة المال، وما جاز فيه البدلية والابتداء، فالأقيس، والأكثر في الكلام الابتداء نحو: رأيت زيدًا وجهه حسن، ويجوز وجهه حسنًا، وشرط هذا البدل، وبدل بعض من كل عند أصحابنا صحة الاستغناء بالمبدل منه عن البدل ولو قلت: أسرجت القوم دابتهم لم يجز أن يكون منه بخلاف: سرق زيد ثوبه، وقد فرقوا بين المسألتين. ويشترط في هذين البدلين أن يكون فيهما ضمير يعود على المبدل منه، إما ملفوظ به، وإما مقدر نحو: ضربت زيدًا رأسه، وأعجبتني الجارية حسنها وقوله تعالى: «من استطاع إليه سبيلا» فيمن أعرب (من) بدلاً من الناس، فقدر الضمير أي منه، وقوله: لقد كان في حول ثواء ثويته … ... ... ... ...

أي ثويته فيه، فأما «قتل أصحاب الأخدود النار» فاتفقوا على أن (النار) بدل، قال الفارسي: بدل اشتمال، وقال الفراء، وابن الطراوة: بدل كل من كل، وقال ابن خروف: بدل إضراب، وقال ابن هشام: على حذف مضاف أي أخدود النار، ومن النحويين من لا يلتزم في هذين البدلين ضميرًا، ويجوز في هذين البدلين أن يبدل من ضمير المتكلم والمخاطب كما يبدل من ضمير الغائب تقول: ضربني رجلي زيد، و: ... ... ... .... … وما ألفيتني حلمي مضاعا

وضربتك رأسك، وأجبتك علمك كما تقول: زيد ضربته رأسه، واستجدته عقله، واختلفوا في المشتمل في بدل الاشتمال، فذهب الفارسي في أحد قوليه، والرماني في أحد قوليه، وخطاب الماردي إلى أن الأول مشتمل على الثاني قال خطاب: ولا يجوز: سرني زيد داره، ولا أعجبني زيد فرسه، ولا رأيت زيدًا فرسه، ويجوز: سرني زيد ثوبه، وسرني زيد قلنسوته، لأن الثوب يتضمنه جسده، وقد ردوا عليه هذه المثل التي أجازها. وذهب الفارسي في الحجة إلى أن الثاني مشتمل على الأول نحو: سرق زيد ثوبه، وذهب المبرد، والسيرافي، وابن جني، والرماني في أحد قوليه، ومن أصحابنا ابن الباذش، وابن أبي العافية، وابن الأبرش إلى أن المعنى المسند إلى المبدل منه مسند إلى البدل، فيكون إسناده إلى الأول مجازًا، إلى الثاني حقيقة، إذ المسلوب في الحقيقة هو الثوب لا الرجل، والمعجب هو العلم لا زيد، وإذا صح فيما كان بدلاً أن يكون مبتدأ وما بعده خبره، كان الابتداء فيه أقيس من البدل وأكثر، وذلك نحو: علمت زيدًا وجهه حسن، وألفيت زيدًا حلمه مضاع، ومنه «ترى الذين كذبوا على الله وجوهم مسودة» و: فما كان قيس هلكه هلك واحد … ... ... ... ... ...

قاله سيبويه وذكر أن البدل جائز، فتنصب وجهه حسنًا وحلمه مضاعًا، وهلك واحد، والعرب إذا أتت بعد البدل بخبر، أو حال، أو غير ذلك إنما تعتمد به على البدل لا على المبدل نحو: إن هندًا حسنها فاتن، وأبصرت هندًا ثغرها باسمًا، وإن زيدًا وجنته موردة، وزعم ابن مالك: أنه قد يكون البدل في حكم الملغي، فيكون الاعتماد على المبدل منه لا على البدل، واستدل بما لا دليل فيه ألبتة. وهذه الأبدال الثلاثة هي المتفق عليها، وقد رد السهيلي بدل بعض من كل، وبدل اشتمال إلى بدل موافق من موافق فقال: العرب تتكلم بالعام وتريد به الخاص، وتحذف المضاف وتنويه فقولك: أكلت الرغيف ثلثه، فإنما تريد أكلت بعض الرغيف، ثم بينت ذلك البعض فقلت ثلثه، وإذا قلت: أعجبتني الجارية فالإعجاب إنما هو لصفة من صفاتها، فحذفت المضاف ثم بينت ذلك المحذوف فقلت: حسنها. واختلفوا في بدل الكل من البعض، وفي بدل البداء ويسمى أيضًا بدل الإضراب، فأما الأول فنحو: لقيته غدوة يوم الجمعة، ومنه:

كأني غداة البين يوم تحملوا … ... ... ... ... .... والجمهور على نفي بدل كل من بعض، وأما بدل البداء فأثبته سيبويه، وهو ذكرك المبدل منه والبدل من غير أن يكون الثاني ليس مطابقًا للأول في المعنى، ولا متضمنا المبدل منه بجزئه، ولا بينهما تلازم لوصفية أو غيرها، بل هما متباينان من حيث اللفظ والمعنى وذلك: مررت برجل امرأة أخبرت أولاً أنك مررت برجل ثم بدا لك أن تخبر أنك مررت بامرأة من غير إبطال لمرورك برجل فصار كأنهما إخباران مصرح بهما؛ إذ التقدير: مررت برجل مررت بامرأة، وحكى أبو زيد: (أكلت لحما سمكا تمرا) ومن لم يثبت هذا البدل جعله مما حذف منه حرف العطف أي لحما وسمكا وتمرًا، وبدل الغلط شبيه في اللفظ ببدل البداء، لكن الأول غير مراد، إنما سبق اللسان إلى ذكره غلطًا. وزعم أبو العباس، وخطاب الماردي أن بدل الغلط لا يوجد في كلام العرب لا نثرها ولا نظمها قال خطاب: وقد عنيت بطلب ذلك في الكلام والشعر فلم أجده فطالبت غيري به فلم يعرفه، وزعم ناس من أهل الأندلس منهم أبو محمد بن السيد أنه وجد في شعر العرب بدل الغلط وما ذكروه تأوله منكرو ذلك. وفي البسيط: وأما بدل الغلط، فجوزه سيبويه، وجماعة من النحويين،

واختلفوا في المبدل منه هل ينوي به الطرح لفظًا ومعنى، فقال به المبرد، فتبطل عنده مسائل مما يعرض فيها رجوع ضمير إلى الأول، فإذا طرح لم يكن للضمير ما يعود عليه، وقال الأستاذ أبو علي: معنى قولهم: في نية الطرح أنه يقدر له عامل من جنس الأول يعمل فيه، لأن الأول يطرح ألبتة، لأن في كلام العرب ما يبطل ذلك وهو نحو: زيد ضربته أبا بكر، فلو طرح الضمير لم يبق ما يربط الجملة بالمبتدأ. وقال ابن مالك: وقد يستغنى في الصلة بالبدل عن لفظ المبدل منه كقولك أحسن إلى الذي وصفت زيدًا بالنصب على البدل من الهاء المقدرة، وبالجر بدلاً من الموصول، وبالرفع على خبر ابتداء مضمر، وخالف في جواز ذلك السيرافي وغيره، وقال تعالى: «ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب» وفي الغرة: (الكذب) بدل من الضمير المحذوف من تصف لا يحسن، لأن الشيء لا يحذف ويبدل منه، لأن حذفه اختصار والبدل إسهاب، وقد أجازه الأخفش انتهى. وإذا أبدلت من اسم استفهام أو من اسم شرط أعيدت أداة الاستفهام، وهي الهمزة مع البدل من اسم الاستفهام وأداة الشرط، وهي إن مع البدل من اسم الشرط فتقول: كيف زيد أصحيح أم سقيم، ومتى قدمت أيوم الخميس أم يوم الجمعة، وبمن تمرر إن رجل أو امرأة أمرر به، وما تقرأ أنحوًا أم فقها أقرأه، فإذا أتيت

بـ (هل)، أو بـ (إن) فقلت: هل جاء أحد رجل أو امرأة، وإن تضرب أحدًا أرجلاً أو امرأة أضربه لم تدخل الأداة على البدل. وأجاز ابن جني والزمخشري، وتبعهما ابن مالك أن تبدل الجملة من المفرد، وفي البديع: قد تبدل الجملة من الجملة إذا اتفقا في المعنى، وما استدلوا به لا تقوم به حجة، وفي النهاية: تبدل الجملة من الجملة وجعل من ذلك «أنهم هم الفائزون» على قراءة الكسر بدلاً من «إني جزيتهم اليوم» ويجوز فيها الاستئناف، وجعل ابن جني في قول ابن عطاء السدي أن قوله: ... ... ... .... … وقد نهلت ... ... .... بدلاً من قوله: يخطر بيننا انتهى ويصح إبدال الفعل من الفعل إذا كان بمعناه كقوله: متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا … تجد ... ... ... .... أو كان الثاني نوعًا مما قبله نحو: متى تأت تحسن أحسن إليك.

وفي البسيط: اتفقوا على أن بدل الفعل من الفعل، يكون فيه بدل الشيء من الشيء، ولا يكون فيه بدل بعض من كل، واختلفوا في بدل الاشتمال، ومن أثبته فيه جعل منه: «ومن يفعل ذلك يلق أثامًا يضاعف»، ويجوز فيما فصل به جمع أو عدد الاتباع بدلاً، والقطع إن كان وافيًا بالفصل فتقول: مررت برجال زيد، وعمرو وبكر، ومررت بثلاثة بكر، وجعفر، وخالد، فإن أبدلت اتبعت المبدل منه في الإعراب، وإن شئت قطعت إلى الرفع فقلت: زيد وعمرو وبكر، وكذا فيما أبدل من اسم العدد، وإن لم يف بأن لم ينطلق عليه اسم المفصل قطعت فتقول: مررت برجال زيد وعمرو وبكر، ومررت بثلاثة بكر وجعفر وخالد أي منهم، وليس من شرط القطع التفصيل، بل يجوز في نحو: مررت بزيد أخيك أن تقطع فتقول: أخوك، نص عليه سيبويه، والأخفش وهو قبيح عند بعضهم إلا إن طال الكلام نحو: «بشر من ذلكم» فإن جاء جمع، وتبعه ما ليس موافقًا، فيؤول الجمع على أنه متجوز فيه واقع على الاثنين، أو اعتقد محذوف يفي به، وبالمذكور الإطلاق على الجمع وذلك نحو قوله: توهمت آيات لها فعرفتها … لستة أعوام وذا العام سابع

رماد ككحل العين لأيا أبينه … ونؤى كجذم الحوض أثلم خاشع يروى برفع (رماد) و (نؤى) على القطع من آيات أي منها رماد ونؤى، وبنصبهما على تأويل آيات بمعنى آيتين فيكون قد قطع، أو على إقرار آيات على الجمعية، وتقدير محذوف يصح به الاتباع أي رمادًا ونؤيًا وأثفية. ولا يجوز أن يتقدم بدل الموافق على المبدل منه، وقد تقول: أكلت ثلث الرغيف، وأعجبني حسنه زيد، لكن الأحسن الإضافة فتقول: أكلت ثلث الرغيف، وأعجبني حسن زيد، والأحسن ألا يفصل بين البدل والمبدل منه، وقد يفصل بالظرف والصفة ومعمول الفعل نحو: أكلت الرغيف في اليوم ثلثه، وقام زيد الظريف فقم، وقال تعالى: «قم الليل إلا قليلا».

باب عطف النسق

باب عطف النسق تابع بأحد الحروف، ولا يحتاج إلى حد، والنسق عبارة الكوفيين، وأكثر ما يقول سيبويه باب الشركة، وهذه الحروف على قسمين متفق عليه، ومختلف فيه، المتفق عليه أنه من حروف العطف الواو، والفاء، وثم، وأو، وبل، ولا، ويأتي تفصيل أحكامها إن شاء الله تعالى. والمختلف فيه (لكن)، و (إما)، و (إلا)، و (ليس)، و (أي)، و (حتى)، و (أم)، و (لولا)، و (هلا)، ومن الأدوات (كيف) و (متى)، و (أين)، أما (لكن) ففيها خمسة مذاهب: أحدها: أنها ليست بحرف عطف، وهو مذهب يونس، بل هي حرف استدراك والعطف بالواو وتقول: ما قام سعد ولكن سعيد، ولا تزر زيدًا ولكن عمرًا. الثاني: أنها حرف عطف، وهو مذهب أكثر النحويين منهم الفارسي فتكون عاطفة، ولا تحتاج إلى الواو تقول: ما قام زيد لكن عمرو، وما ضربت زيدًا لكن عمرًا، وما مررت بزيد لكن عمرو. الثالث: أنها عاطفة بنفسها، ولا بد في العطف بها من الواو قبلها، والواو زائدة قبلها إذا عطفت، وهو اختيار ابن عصفور. والرابع: أن العطف بها وأنت مخير بين أن تأتي بالواو، وألا تأتي بها وهو قول ابن كيسان.

والخامس: أن العطف هو من عطف الجمل لا من عطف المفردات، والواو هي العاطفة، فإذا قلت: ما قام سعد ولكن سعيد، فالتقدير: ولكن قام سعيد وكذلك في النصب، وفي الترشيح: ولو قلت ما قام زيد ولكن عمرو لم يجز، لأنه لا يجمع بين حرفي عطف انتهى. وأما (إما) وهي التي تدخل عليها الواو، فذكر ابن مالك: أن مذهب يونس، وابن كيسان، وأبي علي: على أنها ليست بحرف عطف، وأن العطف بالواو لا بـ (إما) إذا قلت: قام إما زيد، وإما عمرو، وذكر ابن عصفور اتفاق النحويين على أن (إما) ليست من حروف العطف لا الأولى ولا الثانية انتهى. وقد عد سيبويه (وإما) في حروف العطف، وحمل بعضهم كلام سيبويه على ظاهره فقال: الواو رابطة بين إما الثانية وبين (إما) الأولى، وقال بعض المتأخرين: الواو عطف إما على (إما)، وإما (الثانية) عطفت الاسم على الاسم الذي بعد (إما) الأولى، وقال الرماني (إما) الثانية حرف عطف، وتأول بعض النحاة كلام سيبويه بأنه لما كانت صاحبة المعنى، ومخرجة للواو عن الجمع، والتابع يليها سماها عاطفة مجازًا، وأما (إلا): فذهب الأخفش، والفراء إلى أنها

قد تكون حرف عطف، وجعل الأخفش من ذلك قوله تعالى: «لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم»، وأجاز الفراء في قوله تعالى: «خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك» أي وما شاء ربك. وذهب الجمهور إلى أن (إلا) لا تكون حرف عطف، وفي محفوظي أن أحمد بن يحيى ذهب إلى أنها حرف عطف في مثل: ما قام القوم إلا زيد، وما ضربت القوم إلا زيدًا، وما مررت بالقوم إلا زيد. وأما (ليس) فحكى النحاس، وابن بابشاذ عن الكوفيين أنهم ذهبوا إلى أنها قد تكون حرف عطف، وحكاه ابن عصفور عن البغداديين، وقال أبو جعفر النحاس: قال هشام: ضربت عبد الله ليس زيدًا، وقام عبد الله ليس زيد، ومررت بعبد الله ليس بزيد، لأنك لا تضمر المرور والباء، ولا يجيز حذف الباء، ولا يجيزون: إن زيدًا ليس عمرًا قائم، لأنهم يضمرون العامل بعد الاسم، فيجيزان: زيدًا ليس عمرًا إن قائم، ولو قلت: ظننت زيدًا ليس عمرًا قائم جاز عندهم، لأن ظننت تعمل فيما قبلها، والعطف بـ (ليس) عند البصريين خطأ، وقال ابن كيسان: قال الكسائي: هي على بابها ترفع اسمًا وتنصب خبرًا، وأجريت في النسق مجرى (لا) مضمرًا اسمها فإذا قلت: رأيت زيدًا ليس عمرًا، ففيها اسم مجهول، وهو الأمر، ورأيت محذوفة اكتفاءً بالتي تقدمها، وعمرو محمول على المحذوف لا على العطف على ما قبله. قال ابن كيسان: وهذا الذي أذهب إليه، لأن ليس فعل، ولا بد للفعل من اسم، فإذا عملت في اسم فلا بد من خبر، والخبر حذفه جائز انتهى.

وفي الحقيقة ليست (ليس) عندهم أداة عطف، لأنهم أضمروا الخبر في قولهم: قام زيد ليس عمرو، وفي النصب والجر جعلوا الاسم ضميرًا لمجهول، وأضمروا الفعل بعدها، وذلك الفعل المضمر في موضع خبر ليس، هذا تحرير مذهبهم، فليس يعطف مفردًا على مفرد على ما يفهم من كلام ابن عصفور، وابن مالك، وهشام، وابن كيسان أعرف بتقدير مذهب الكوفيين منهما. وأما (أي) فذهب الكوفيون، وتبعهم ابن السكاكي الخوارزمي من أهل المشرق، وأبو جعفر بن صابر من أهل المغرب إلى أنها حرف عطف تقول: رأيت الغضنفر أي الأسد، وضربت بالعضب أي السيف، والصحيح أنها حرف تفسير يتبع بعدها الأجلي للأخفى، وهو عطف بيان يوافق في التعريف والتنكير ما قبله. وأما (حتى): فذهب الكوفيون إلى أنها ليست بحرف عطف، وإنما يعربون ما بعدها بإضمار، والعطف بها رواه سيبويه، وأبو زيد، وغيرهما عن العرب لكن ذلك لغة ضعيفة، ولذلك قال أبو الحسن في الأوسط له: زعموا أن قومًا يقولون: جاءني القوم حتى أخوك، وضربت القوم حتى أخاك وليس بالمعروف. وأما (أم): فذكر النحاس فيها خلافًا، وأن أبا عبيدة ذهب إلى أنها بمعنى الهمزة فإذا قال: أقام زيد أم عمرو فالمعنى أعمرو قام، فتصير على مذهبه استفهامين، وقال محمد بن مسعود الغزني في كتابه المسمى البديع: أما (أم)

فعديل همزة الاستفهام، وليس بحرف العطف، ولذلك تقع بعدها جملة مستفهم عنها كما بعد الهمزة نحو: أضربت زيدًا أم قتلته، وأبكر في الدار أم خالد أي: أم خالد فيها، ولتساوى الجملتين بعدهما في الاستفهام حسن وقوعها بعد سواء، وإذا كان معنى الهمزة معنى [أم] أي: الأمرين، فكيف تكون حرف العطف، لكنه من حيث يتوسط بين محتملي الوجود لتعيين أحدهما بالاستفهام كتوسط (أو) بين اسمين محتملي الوجود قيل أنه حرف عطف انتهى. وأما (لولا): فحكى أحمد بن يحيى عن الكسائي أنه أجاز: مررت بزيد فلولا عمرو بحذف الباء، وأتى ذلك الفراء، ولولا هذه هي التحضيضية. وأما (هلا)، فذهب الكوفيون إلى أنها من أدوات العطف قالوا: تقول العرب: جاء زيد فهلا عمرو، وضربت زيدًا فهلا عمرًا، فمجيء الاسم موافقًا للأول في الإعراب دل على العطف، والصحيح أنها ليست من أدوات العطف والرفع، والنصب هو على إضمار الفعل بدليل امتناع الجر في نحو: ما مررت برجل فهلا امرأة. وأما (كيف) فذهب هشام إلى أنها حرف نسق، وزعم أنه لا ينسق بها إلا بعد نفي وأجاز: مررت بزيد فكيف بعمرو وقال يونس: امرر على أيهم

أفضل إن زيد وإن عمرو، يعني إن مررت بزيد، وإن مررت بعمرو، قال سيبويه: وهذا يشبه قول النحويين: (ما مررت بزيد فكيف أخيه) قال: وهذا رديء لا تتكلم به العرب، وزعم يونس أن الجر خطأ، ونسب ابن عصفور: العطف بكيف للكوفيين، وقال ابن بابشاذ: لم يذهب إلى العطف بـ (كيف) إلا هشام وحده. وأما (متى) فحكى ثعلب عن الكسائي أنه أجاز: مررت بزيد فمتى عمرو بالجر ومنع ذلك الفراء كالبصريين، وأما (أين) فذهب الكوفيون إلى أنها من أدوات العطف وقالوا: قالت العرب هذا زيد أين عمرو.

باب ذكر الحروف المتفق عليها وبعض أحكام من المختلف فيه

باب ذكر الحروف المتفق عليها وبعض أحكام من المختلف فيه فمن ذلك (الواو) وتشرك في الحكم تقول: قام زيد وعمرو، فيحتمل ثلاثة معان: أحدها: أن يكون قاما معًا في وقت واحد. والثاني: أن يكون المتقدم قام أولاً. والثالث: أن يكون المتأخر قوم أولا. وقال ابن مالك: وتنفرد (الواو) بكون متبعها في الحكم محتملاً للمعية برجحان، وللتأخر بكثرة، وللتقدم بقلة، وهذا الذي ذكره مخالف لمذهب سيبويه وغيره، قال سيبويه: وذلك قولك: مررت برجل وحمار كأنك قلت: مررت بهما وليس في هذا دليل على أنه بدأ بشيء قبل شيء، ولا شيء مع شيء، وقال ابن كيسان: لما اختلفت هذه الوجوه، ولم يكن فيها أكثر من جمع الأشياء كان أغلب أحوالها أن يكون الكلام على الجمع في كل حال، حتى يكون في الكلام ما يدل على التفرق. وذهب هشام، وأبو جعفر أحمد بن جعفر الدينوري إلى أن الواو لها معنيان معنى اجتماع فلا تبألى بأيها بدأت نحو: اختصم زيد وعمرو، ورأيت زيدًا وعمرًا إذا اتحد زمان رؤيتهما، ومعنى افترقا بأن يختلف الزمان، فالمتقدم في الزمان متقدم في اللفظ، ولا يجوز أن يتقدم المتأخر.

وما ذكرناه عن هشام، والدينوري من أن (الواو) التي ليست لمعنى الاجتماعي ترتب، هو منقول عن قطرب، وثعلب، وأبي عمرو الزاهد غلام ثعلب. وما ذكره السيرافي، والسهيلي من إجماع النحاة بصريهم، وكوفيهم على أن (الواو) لا توجب تقديم ما قدم لفظه، ولا تأخير ما أخر لفظه غير صحيح، لوجود الخلاف في ذلك، وتنفرد (الواو) أيضًا بعدم الاستغناء عنها في عطف ما لا يستغنى عنه مثاله: اختصم زيد وعمرو، وهذان زيد وبكر، وإن إخوتك زيدًا وعمرًا، وبكرًا نجباء، والمال بين زيد وعمرو، وزيد بين أخيك وبكر، وسواء عبد الله وبشر، وأجاز الكسائي [وأصحابه: اختصم زيد مع عمرو، فنابت (مع) مناب الواو، ومنع ذلك الفراء، وأجاز الكسائي] ظننت عبد الله ثم زيدًا مختصمين بـ (ثم)، و (بالفاء)، و (بأو)، ومنع ذلك البصريون، والفراء إلا بالواو، وقال الفراء: لا يجوز أظن عبد الله مختصمًا فزيدًا، ولا يثم، ولا بـ (أو)، وحكى الكسائي: «لأضربن عبد الله، ومحمد على هذه الصفة، وكذا قال الفراء وهشام، وقال الفراء: إذا بدأت بالفعل فقلت: ضربت عبد الله وزيدًا، كان في (زيد) الرفع بالرد على التاء، أو بنسق على التاء بمعنى التكرير والنصب على عبد الله أو بالتكرير، ووجه خامس: أن يرفع زيدًا على الرد على عبد الله، وإن كان نصبا وذلك أن الواو لم يظهر معها الفعل، وجاء بعد تمام الكلام بالاسم فكأنك قلت: وزيد كذلك، وزعم هشام أنه لا يجوز: ضربت عبد الله ورجل، فلو قلت ضربت عبد الله فزيدًا، استقبحه الفراء في الفاء.

وقال هشام: إذا أردت الاستئناف، فجميع النسق سواء، ولا يجوز شيء من هذا عند البصريين، وقال ابن مالك: وتنفرد بجواز عطف بعض متبوعها عليه تفصيلاً نحو قوله تعالى: «وملائكته ورسله وجبريل وميكال»: و «حفظوا على الصلوات والصلاة الوسطى» فـ (جبريل)، و (ميكائيل) مندرجان تحت وملائكته، والصلاة الوسطى مندرجة تحت الصلوات، وهذا ليس متفقا عليه بل ذهب أبو علي، وأبو الفتح إلى أن ما جاء من ذلك لم يندرج تحت ما قبله، وأنه أريد به غير ما عطف عليه ذهابًا منهما إلى أن المعطوف لا يكون إلا غير المعطوف عليه، وقال ابن مالك: ويجوز عطف عامل مضمر على ظاهر يجمعهما معنى واحد مثاله: «والذين تبوأ الدار والإيمان» أصله: تبوءوا الدار واعتقدوا الإيمان، فاستغنى بمفعول اعتقدوا عنه، وهو معطوف على تبوءوا وجاء ذلك، لأن في اعتقد وتبوأ معنى لازموا. وهذا الذي ذكره فيه مذهبان خلطهما ابن مالك، وركب منهما مذهبا ثالثًا، فتقول: ذهب الفارسي في جماعة من البصريين، والفراء في جماعة من الكوفيين إلى أن ما ورد من ذلك، إنما يحمل على إضمار فعل لتعذر العطف، فقدروا: اعتقدوا الإيمان، وذهب أبو عبيدة، والأصمعي، واليزيدي، وغيرهم

إلى أن ذلك من عطف المفردات، وتضمين العامل معنى ينتظم به المعطوف والمعطوف عليه، فيقدر: آثروا الدار والإيمان، واختار بعض أصحابنا: التضمين على الإضمار، واختلف أيضًا في هذا التضمين، والأكثرون على أنه ينقاس، وضابطه عندهم أن يكون الأول والثاني يجتمعان في معنى واحد لهما، والذي أختاره التفصيل، فإن كان العامل الأول يصح نسبته إلى الاسم الذي يليه حقيقة، كان الثاني محمولاً على الإضمار، لأن الإضمار أكثر من التضمين نحو: يجدع الله أنفه وعينيه أي: ويفقأ عينيه، فنسبة الجدع إلى الأنف حقيقة. وإن كان لا يصح كان العامل متضمنًا معنى ما يصح نسبته إليه، لأنه لا يمكن الإضمار نحو قول العرب: علفت الدابة ماء وتبنًا، أي: أطعمتها أو غذوتها ماء وتبنًا، وتقدم الكلام على شيء من هذا في المفعول معه. وإذا عطفت بالواو على منفي عنه الحكم، وأتيت بـ (لا) بعد الواو نحو: ما قام زيد ولا عمرو كان الفعل منفيًا عنهما حالة الاجتماع وحالة الافتراق، فإن كان الفعل مما يقتضي الاشتراك، فقد تأتي بـ (لا) زائدة لتأكيد المنفي نحو: «وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور» والظاهر أن مثل: ما قام زيد، ولا عمرو هو من عطف المفردات، وبعضهم يزعم أنه من قبيل عطف الجمل، قال: إذا عطفت بالواو ومعها (لا) أفادت المنع من الجميع كقولك: والله لا كلمت زيدًا ولا عمرًا، ولو حذفتها لجاز أن تكلم أحدهما، لأن (الواو) للجمع، وإعادة (لا) كإعادة الفعل فيصير الكلام جملتين، وقال السهيلي: (الواو) قسمان أحدهما: أن تجمع الاسمين في عامل واحد، وتنوب مناب صيغة التثنية، فيكون: قام زيد وعمرو بمنزلة قام هذان، فإن نفى الفعل قلت: ما قام زيد وعمرو.

الثاني: أن يضمر بعد الواو، فيرتفع المعطوف بذلك المضمر أو ينتصب، فإذا نفيت على هذا قلت: ما قام زيد ولا عمرو، فالواو عاطفة جملة على جملة، ويتركب على هذين الأصلين مسائل منها: قامت هند وزيد إذا أضمرت، وقام هند وزيد إذا جعلتها جامعة لتغليب المذكر على المؤنث وتقول: طلعت الشمس والقمر، وطلع الشمس والقمر على هذا ولا تقول: في (جمع) إلا جمع الشمس والقمر، ومنها زيد قام عمرو وأبوه إن جعلتها جامعة جاز، أو أضمرت بعدها لم يجز، وكذا في الصلة والصفة. (الفاء): تشرك في الحكم، والثاني عقب الأول بلا مهلة هذا مذهب الجمهور، وذهب الجرمي إلى أنها للترتيب إلا في الأماكن والمطر فلا ترتيب تقول: عفا مكان كذا فمكان كذا (وإن كان عفا وهما في وقت واحد)، ونزل المطر مكان كذا فمكان كذا، وإن كان نزوله فيهما في وقت واحد. وزعم الفراء أن ما بعد الفاء قد يكون سابقًا إذا كان في الكلام ما يدل عليه، وجعل من ذلك قوله تعالى: «وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون» ومعلوم أن مجيء البأس سابق للملائكة، وزعم الفراء أيضًا أن الفعلين إذا كان وقوعهما في وقت واحد، ويئولان إلى معنى واحد، فإنك مخير في عطف أيهما شئت على الآخر بالفاء تقول: أحسنت إلي فأعطيتني، وأعطيتني فأحسنت إلي.

وتغلب السببية في الفاء إذا عطف بها جملة، أو صفة مثال ذلك «فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه» و «ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه» «وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات» [و] «لأكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم». وقال ابن مالك: وقد تكون بينهما مهلة مثاله: «أنزل من السماء ماء فيصبح الأرض مخضرة» انتهى. ولا يعتقد أن قوله (فتصبح) معطوف على أنزل بل ثم محذوف [و] فتصبح معطوف عليه أي فأنبتنا به، فطال النبت فتصبح، وتعطف الفاء مفصلاً على مجمل نحو: «فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما» [و] «فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة». ويسوغ الاكتفاء بضمير واحد فيما تضمن جملتين من صلة أو صفة، أو خبر إذا كان العطف بها نحو: الذي يطير فيغضب زيد الذباب، ومررت برجل يبكي، فيضحك عمرو، وقد يكون الضمير في الجملة الثانية نحو: الذي تقوم هند، فيغضب عمرو، ومررت بامرأة تبكي زيد فيضحك، وهند يقوم عمرو

فتضحك، وذكروا أن (الفاء) قد جاءت زائدة قال الأخفش: زعموا أنهم يقولون: أخوك فوجد يريدون: أخوك وجد، وذكروا من زيادتها قوله: ... ... .... … فثم إذا أصبحت أصبحت غاديًا وذكروا غير هذا مما يحتمل التأويل، فلا تكون زائدة كما ذكروا زيادة (الواو) وأنشدوا على ذلك أبياتًا، وقال الأخفش: تقول «كنت ومن يأتنا نأته»: الواو زائدة في باب (كان)، ولا يحسن زيادتها إلا في باب كان يعني أنه لا يطرد زيادتها إلا في باب كان. ويجوز دخول (الفاء) على إذا الفجائية في مثل: خرجت فإذا السبع فمذهب مبرمان، واختاره ابن جني أنها عاطفة، ومذهب الزيادي أنها فاء الجزاء، ومذهب الفارسي أنها زائدة.

(ثم): تشرك في الحكم وترتب بمهلة، وذهب الفراء فيما حكاه السيرافي عنه والأخفش، وقطرب فيما حكاه (أبو محمد عبد المنعم بن الفرس في مسائله الخلافيات عنه) إلى أن (ثم) بمنزلة الواو، لا ترتب، ومنه عندهما: «ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها» ومعلوم أن هذا الجعل كان قبل خلقنا، وزعم بعضهم أنها تقع موقع الفاء وجعل من ذلك: ... ... ... ... ... … جرى في الأنابيب ثم اضطرب أي فاضطرب، كما تقع (الفاء) موقع (ثم) في قول بعضهم، وجعل منه: «ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما» فالفاء في (فخلقنا) (فكسونا) واقعة موقع (ثم)، لما في معناه من المهلة، وكقوله: إذا مسمع أعطتك يومًا يمينه … فعدت غدا عادت عليك شمالها

وزعم بعضهم أنه قد تقع (ثم) في عطف المقدم بالزمان اكتفاءً بترتيب اللفظ، وحكى المهاباذي أن (ثم) قد تكون زائدة، على مذهب أبي الحسن والكوفيين نحو قوله: ... ... ... ... ... ... … وثم إذا أصبحت أصبحت غاديا والصحيح ما ذهب إليه الجمهور من أنها للترتيب والإيذان أن الثاني بعد الأول بمهلة، ويؤول ما ظاهره خلاف ذلك. وقد تبدل ثاؤها بفاء، فيقال: فم، وقد تلحقها التاء ساكنة فتقول: ثمت ومتحركة فتقول: ثمت، وقال الفراء: العرب تستأنف بـ (ثم)، والفعل الذي بعدها قد مضى قبل الفعل الأول من ذلك أن يقول الرجل (قد أعطيتك ألفًا ثم أعطيتك قبل ذلك مالاً)، فيكون (ثم) عطفًا على خبر المخبر كأنك قلت: أخبرك أني أعطيتك اليوم ثم إني أخبرك أني أعطيتك أمس، وهذا هو الذي ذكرنا أن بعضهم قال: إنه قد تقع (ثم) في عطف المقدم بالزمان اكتفاءً بترتيب اللفظ. (أو): مذهب الجمهور أن (أو) لأحد الشيئين، أو الأشياء، وأكثر النحاة يجعل (أو) مشركة في اللفظ لا في المعنى، وزعم ابن مالك أن (أو) تشرك في اللفظ والمعنى، ومع كونها لأحد الشيئين، أو الأشياء تأتي على معانٍ: الشك في الخبر، وفي الاستفهام نحو: قام زيد أو عمرو، وأقام زيد أو عمرو، والإبهام

تعلم من القائم، وتبهم على المخاطب نحو: «عليها آتاها أمرنا ليلا أو نهارا» وقد علم الله تعالى متى يأتيها أمره، والتخيير نحو: «ففدية من صيام أو صدقة أو نسك»، والإباحة نحو: جالس الحسن أو ابن سيرين، وإذا نهيت عن المباح استوعب ما كان مباحًا باتفاق من النحاة، ومنه «ولا تطع منهم آثمًا أو كفورا»، وإذا نهيت عن المخبر فيه، فذهب السيرافي إلى أنه يستوعب الجميع كالنهي. وذهب ابن كيسان إلى جواز أن يكون النهي عن واحد، وأن يكون عن الجميع والتفصيل وهو أن تأتي عقب أ×بار فتفصله نحو: «وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا»، وتكون لإيجاب أحد الشيئين قال كقولك للشجاع: إنما أنت طعن أو ضرب أي تارة كذا، وتارة كذا، وقال قطري: حتى خضبت بما تحدر من دمي … أكناف سرجي أو عنان لجامي أي خضبت مرة من أكناف سرجي وأخرى عنان لجامي، وقال الفراء، وأبو علي: تأتي للإضراب بمعنى (بل)، وحكى الفراء: اذهب إلى زيد أو دع

ذلك فلا تبرح اليوم، وقرأ أبو السمال: «أو كلما عاهدوا عهدًا» قال ابن جني معنى (أو) هنا معنى (بل)، وقد ذكر سيبويه: الإضراب في النفي، والنهي في مسائل إذا أعدت العامل، منها: لست بشرًا أو لست عمرًا، وزعم بعض النحويين أنها تكون للإضراب على الإطلاق، وذكر ما استدل به، ونازعه غيره في الاستدلال به، وقال ابن مالك: ويعاقب معنى (أو) الواو في الإباحة كثيرًا، وفي عطف المصاحب والمؤكد قليلاً، فمن عطف المصاحب: «ومن يكسب خطيئة أو إثما»، ومن معاقبة الواو في الإباحة: «ولا يبدين زينتهن» الآية، ومنه جالس الحسن أو ابن سيرين، فلو جالسهما معًا لم يخالف ما أبيح له، والاعتماد في فهم ذلك على القرائن. وذكر أصحابنا فرقًا بينهما أنك إذا قلت: جالس الحسن، وابن سيرين، لم يجز له مجالسة أحدهما دون الآخر، وإذا كان (بأو) جاز له أن يجالسهما أو أحدهما، وأن يجالسهما معًا، وغيرهما ممن هو مثلهما في الفضل. وذهب الأخفش، والجرمي إلى أن (أو) تأتي بمعنى (الواو) احتجاجًا بقوله تعالى: «أو يزيدون» وهو مذهب جماعة من الكوفيين في الآيات، وذهب الأزهري إلى أن (أو) تستعمل بمعنى (الواو) في النثر والنظم.

و (إما): تكون للشك نحو: قام إما زيد وإما عمرو، أو للتخيير «إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا» وللإباحة: جالس إما الحسن وإما ابن سيرين والإبهام: «وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم» والتفصيل: «إما شاكرًا وإما كفورا». ولإيجاب أحد الشيئين في وقت دون وقت نحو قولك للشجاع: إنما أنت طعن وإما ضرب، ولم يذكر ابن مالك هذا المعنى لـ (إما) كما لم يذكره لـ (أو) وذكره غيره من أصحابنا، ولغة الحجاز ومن جاورهم كسر همزة (إما)، ولغة قيس وأسد وتميم فتحها، وحكى إبدال ميمها الأولى ياء مع كسر الهمزة وفتحها فتقول: إيما وأيما، وزعم الزجاج أنه لا يجوز: لا تضرب إما زيدًا وإما عمرًا والجمهور على جوازه. ونص النحاس على أن البصريين لا يجيزون فيها إلا التكرار، وأجاز الفراء ألا تكرر، وأن تجري مجرى (أو)، وقال الفراء: يقولون: عبد الله يقوم وإما يقعد، وقال أحمد بن يحيى: وأجازوا أن تأتي (إما) بمعنى (أو) انتهى. وجاءت (أو) معادلة لها في الشعر نحو قوله: وقد شفني أن لا يزال يروعني … خيالك إما طارقًا أو مغاديًا وقال بعض أصحابنا: الوجه فيها أن تستعمل مكررة، وقد تجيء غير مكررة

إذا اعتاضوا عن تكرارها بإن الشرطية المدغمة في لا النافية أو بـ (أو)، وقد تجيء في الشعر غير مكررة من غير عوض ومن ذلك قول الفرزدق: تهاض بدار قد تقادم عهدها … وإما بأموات ... ... ... .... حذف (إما) بدار للضرورة، ومثال الاستغناء بـ (وإلا): فإما أن تكون أخي بحق … وإلا فاطرحني واتخذني ومذهب سيبويه أن (إما) مركبة من (إن) و (ما)، أدغمت نون (إن) في (ما)، فصارت (إما)، ولما اعتقدوا أن أصلها (إن ما) قالوا قد جاء في الشعر إن دون (ما) وأنشدوا: قتلت به أخاك بخير عبس … فإن حربًا حذيف وإن سلاما قالوا: يريد فإما وإما، وقال غير سيبويه: ليست (إما) مركبة من (إن) و (ما)، ولا معنى لـ (إن) هنا، وهذا المذهب عندي أولى، لأن الأصل البساطة لا التركيب، ولما بنوا على أنها مركبة من (إن)، وما قالوا: وقد يحذفون في

الشعر، إما الأولى و (ما) من إما الثانية، ومن ذلك عند سيبويه قول الشاعر سقته الرواعد من صيف … وإن من خريف فلن يعدما قالوا: يريد (إما) من صيف وإما من خريف، وذهب الأصمعي والمبرد إلى أن (إن) شرطية والفاء فاء الجواب، والتقدير: وإن سقته من خريف فلن يعدم الري، وذهب أبو عبيدة إلى (أن) (إن) زائدة، والتقدير: من صيف ومن خريف، وزعم الكسائي أن (إما) تكون جحدًا تقول: إما زيد قائم تريد: إن زيد قائم، وما صلة، ويجوز إبدال الميم الأولى ياء فتقول: إيما، ويجوز فتح همزتها فتقول: أما وأيما لغتان عن أبي رياش. (بل) إن وقع بعدها جملة كانت إضرابًا عما قبلها على جهة الإبطال له، وإثبات ذلك لما بعدها كقوله تعالى: «أم يقولون به جنة بل جاءهم

بالحق» أو على جهة الترك من غير إبطال كقوله تعالى: «ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون بل قلوبهم في غمرة من هذا»، ولا تكون إذ ذاك عاطفة، وإن وقع بعدها مفرد، فإن كان ما قبلها أمرًا نحو: اضرب زيدًا بل عمرًا، أو نهيًا نحو: لا تضرب زيدًا بل عمرًا فالمعنى فيهما: بل اضرب عمرًا، أو نفيًا نحو: ما قام زيد بل عمرو فمعناه الإيجاب أي: بل قام عمرو، ووافق المبرد في هذا الحكم، وأجاز أن يكون التقدير في النهي: بل لا تضرب عمرًا، وفي النفي: بل ما قام عمرو، ووافقه على ذلك أبو الحسين بن عبد الوارث، أو موجبًا نحو: قام زيد بل عمرو، فهو إضراب عن الأول، وإيجاب ذلك للثاني أي: بل قام عمرو. وذهب الكوفيون إلى أنه لا يكون (بل) نسقًا إلا بعد نفي، أو ما جرى مجراه قال هشام: ومحال: ضربت عبد الله بل أباك، واختار هذا المذهب أبو جعفر بن صابر، وكون الكوفيين، وهم أوسع من البصريين في اتباع كلام شواذ العرب يذهبون إلى أن (بل) لا تجيء في النسق بعد إيجاب دليل على عدم سماعه من العرب أو على قلة سماعه، ولا يعطف بها بعد استفهام، لا يقال هل: جاء زيد بل عمرو، ولا: أضربت زيدًا بل عمرًا، وقد تكرر (بل) في الجمل قال تعالى: «بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر»، «وما يشعرون أيان يبعثون بل أدارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها بل هم منها عمون». وإذا زيدت (لا) بعد إيجاب أو أمر نحو: قام زيد لا بل عمرو، واضرب زيدًا لا بل عمرًا و (لا) زائدة لتأكيد الإضراب عن جعل الحكم للأول، أو بعد

نفي، أو نهي نحو: ما قام زيد لا بل عمرو، ولا تضرب خالدًا لا بل بشرًا، فهي زائدة لتأكيد بقاء النفي والنهي، وزعم ابن درستويه أنها لا تزاد بعد النفي، وذهب الجزولي إلى أنها بعد الإيجاب والأمر نفي، وبعد النفي والنهي تأكيد وقال ابن عصفور: وهذا الذي ذهب إليه من زيادة (لا) على (بل) في النفي والنهي، لا ينبغي أن يقال به إلا أن يشهد له بالسماع، وما ذهب إليه ابن درستويه واستبعده ابن عصفور مسموع من كلام العرب، ويقال في لا بل: نابن ونابل ولابن. (لا): يعطف بها بعد الأمر نحو: اضرب زيدًا لا عمرًا، وفي معنى الأمر التحضيض والدعاء نحو: هلا تضرب زيدًا لا عمرًا، وغفر الله لزيد لا لبكر. ومن كلامهم: به لا بظبي أعفر، وأمت في حجر لا فيك، أو نداء نحو: يا زيد لا عمرو نص على ذلك سيبويه. وزعم ابن سعدان: أن العطف بـ (لا) على منادي ليس من كلام العرب، وأجاز الفراء العطف بها على اسم لعل تقول: لعل عمرًا لا زيدًا منطلق كما جاز في اسم (إن) نحو: إن زيدًا لا بكرًا قائم، وبعد خبر مثبت إن كان في جملة اسمية، فيعطف على الخبر: هذا رزق الله لا كدك، وعلى المبتدأ نحو: الصدق ينبئ عنك لا الوعيد، أو كان في جملة فعلية مصدرة بمضارع قلت: يقوم زيد لا عمرو: أو بماض نحو: قام زيد لا عمرو، فالجمهور على جواز ذلك.

وقال الكسائي لا يكادون يقولون: مررت بزيد لا عمرو حتى تكرر، وذهب قوم إلى أنه لا يجوز، وما جاء من نفي لا للماضي قليل يحفظ ولا يقاس عليه، وممن منع ذلك الزجاج، وأجاز بعض النحويين: قام زيد لا قعد إذا اقترنت به قرينة تدل على أنه إخبار لادعاء، وأجاز هشام: ضربت بكرًا لا ضربت عمرًا، إذا لم يكن دعاء، وأردت معنى لم تضرب عمرًا، ولا يجوز عند البصريين ضربت بكرًا لا ضربت عمرًا إلا على الدعاء. وشرط عطف الاسم بـ (لا) أن يكون ما بعدها غير صالح لإطلاق ما قبلها عليه، فلذلك لا يجوز: قام رجل لا زيد، ولا امرر برجل لا عاقل، وتقول: هذا رجل لا امرأة، ورأيت طويلاً لا قصيرًا، ولا يجوز: هذا زيد غير امرأة، ولا رأيت طويلاً غير قصير، فإن كانا علمين جاز فيه (لا) و (غير) تقول: مررت بزيد غير عمرو وهذا زيد غير عمرو. و (لا) لا يعطف بها إلا المفرد، أو الجمل التي لها موضع من الإعراب نحو: زيد يقوم لا يقعد، فإن كان الفعل منفيًا نحو: زيد ما يقوم لما يجلس لم يجز، فإن لم يكن لها موضع من الإعراب لم يكن حر فعطف، ولذلك يجوز الابتداء بها، ولا يجوز الابتداء بالواو، والفاء، و (ثم) و (أو) ونحوها فإذا قلت: زيد قائم لا عمرو قائم، ولا بشر، فلابد من تكرارها كحالها إذا ابتدئ بها، وتقول: لن يقوم زيد لا يقعد، فلا يجوز نصب (يقعد) عطفًا على المنصوب، بل ترفع على القطع كما نرفع في نحو قوله تعالى: «لا تضار والدة بولدها» في قراءة الرفع،

وأجاز الكسائي والفراء عطف (لا تضار) نسقًا على «لا تكلف نفس إلا وسعها»، وفي النهاية: وتعطف (لا) الجملة على الجملة نحو: (زيد قائم لا عمرو جالس) انتهى. وقد يجوز حذف المعطوف عليه نحو: أعطيتك لا لتظلم، أي: لتعدل لا لتظلم. (لكن): تقدم الخلاف فيها، وكونها مركبة من (لا) النافية، وكاف الخطاب وأن، ومذهب الكوفيين، وتبعهم السهيلي، وهو لا ينبغي أن يحكى باللفظ فضلاً عن أن يسطر، وتقع قبل المفرد في نفي نحو: ما قام زيد لكن عمرو أو نهي نحو: لا تضرب زيدًا لكن عمرًا لا لإيجاب، وأجاز ذلك الكوفيون نحو: أتاني زيد لكن عمرو، وقيل: جملة فيكون إيجابًا، ونفيًا، أو نهيًا، وأمرًا لا استفهامًا، فلا يقال هل قام زيد لكن عمرو لم يقم، وتكون إذا ذاك حرف ابتداء لا عاطفة هذا قول أكثر أصحابنا وقال ابن أبي الربيع: يظهر لي أنها عاطفة وقعت بعدها جملة أو مفرد إذا كانت بغير واو، وهو ظاهر كلام سيبويه. وفي البديع: قيل إنها مع الموجب حرف ابتداء كقوله تعالى: «لكن الله يشهد بما أنزل إليك» وإن شئت جعلتها عاطفة جملة على جملة، وتقدم لنا الكلام على (لكن) في باب (إن)، وأن وقوعها بين نقيضين أو ضدين لا بين متماثلين، فإن كانا خلافين ففي وقوعها بينهما خلاف، والصحيح جواز ذلك، وقال ابن هشام الخضراوي لا تكون بين خلافين. (حتى): تقدم من مذهب الكوفيين أنها لا تكون عاطفة، ونحن نفرع على مذهب البصريين فنقول: المعطوف بها يكون بعض متبوع الأول، فيكون واحدًا من جمع أو جزء من أجزائه مثاله: مات الناس حتى خيارهم، وأكلت السمكة حتى رأسها فلو قلت: ضربت الرجلين حتى أفضلهما لم يجز، لأنه ليس جزءًا من أجزاء

المعطوف لا واحدًا من جمع، وقد يختلط بالمتبوع ما يتنزل منزلة البعض في ذلك نحو: خرج الصيادون حتى كلابهم. وأجاز الفراء: إن كلبي ليصيد الأرانب حتى الظباء، وإن زيدًا ليقتل الرجالة حتى الفرسان، وهذا خطأ عند البصريين، وشرط المعطوف بـ (حتى) ألا يكون نكرة، فلا يجوز: قام القوم حتى رجل، فإن خصصته جاز نحو: ضربت القوم حتى رجلاً جلدًا فيهم، ويخالف العطف (بحتى) العطف (بالواو) في أن ما بعد (حتى) لا بد أن يكون عظيمًا، أو حقيرًا، أو قويًا، أو ضعيفًا، ومن كلامهم استنت الفصال حتى القرعى، وقد اجتمعت غاية القوة والضعف في قول الشاعر قهرناكم حتى الكماة فأنتم … لتخشوننا حتى بنينا الأصاغرا وقد يقدر المباين بعضًا بالتأويل نحو: ... ... ... ... … والزاد حتى نعله ألقاها

كأنه قال: وما يشغله حتى نعله، وإذا عطفت على مجرور فقال ابن الخباز الموصلي، وأبو عبد الله الجليس مؤلف كتاب الثمار (لزم إعادة الجار) فرقًا بينها وبين الجارة، وقال ابن عصفور: الأحسن إعادة الخافض ليقع الفرق بين العاطفة والجارة، وإذا عطفت على مجرور أعدت الجار نحو: مررت بهم حتى بزيد، فإن كانت الجارة لم تحتج للباء. وإن كانت العاطفة أعدت الباء كما تعيدها مع الواو، وقال ابن هشام الخضراوي: لا يجوز العطف إلا حيث يجوز الجر يعني مع الشروط المتقدمة قال: ولذلك لا يعطف المضمر على المظهر، ولا على المضمر لا يجوز: ضربت القوم حتى إياك، ولا قاموا حتى أنت، لأن (حتى) لا تجر المضمر، ولا تعطفه، وهذا الذي ذكره على مذهب جمهور البصريين، وأجاز المبرد، والكوفيون أن تجر (حتى) المضمر نحو: ضربت القوم حتاك، ولكن الكوفيون لا يرون العطف بـ (حتى) بل ذاك على الجر، واتفق الفريقان على أنه لا يجوز: مررت بالقوم حتاك، وتصحيحها حتى بك، وأجاز الفراء فيما يكون بعدها من المكنى إذا أتبعت: قال القوم حتى أنت، وضربت القوم حتى إياك، وقال: لا يجوز: حتاك في النصب

إلا إذا اتبعت محفوظًا نحو: مررت بالقوم حتاك، وقال: إذا أردت النسق كان من بعدها داخلاً، وإذا جررت جاز أن يدخل وأن لا يدخل، قال: وإن جعلت (حتى) معترضة بعد الأسماء وقبل الفعل الذي عليه نسقت، فقلت: القوم حتى عبد الله قاموا، والقوم حتى عبد الله قيام، فلك العطف، والأحسن الجر، وكذا يفعل فيما جرى مجراها من كان وظن وأخواتها، وإذا استوفيت (حتى) ما شرط في كونها عاطفة، فإن اقترن بالكلام قرينة تدل على أن الاسم بعدها غير شريك لما قبلها في الحكم فلا يجوز فيه العطف نحو: صمت الأيام حتى يوم الفطر، أو شريك لم يجز إلا العطف نحو: ضربت القوم حتى زيدًا أيضًا. فلو لم تذكر المحكوم عليه قبل (حتى) فقلت: ضربت حتى أخاك أو زيادة، فالكوفيون لا يجيزون إلا النصب، وأجاز البصريون الجزاء ولا قرينة على دخول ولا خروج جاز العطف والخفض أحسن، وتقول: ضربت القوم حتى زيدًا، وأوجعت بنصب (زيد) إن قدرت الإيجاع لزيد، فإن قدرته للقوم جاز الخفض والنصب أحسن، وزعم الفراء: أن قولك: ضربت القوم حتى أخاك وأوجعت وأعطيت القوم حتى أخاك فأكثرت لم يكن بد من الفاء؛ لأن المعنى حتى ضربت أخاك فأوجعت، وكذا عنده إن خفضت الأخ، وحذف الفاء جائز في هذا عند البصريين. ويكون الفعل الثاني توكيدًا لا عطفًا وتقول: ضربت القوم حتى أخاك في ما أظن وأحسب وأرى ونحوه، قال الفراء: إن قدرتها داخلة للأخ كان منسوقًا، وإن قدرته راجعًا لما قبل جاز في الاسم ما جاز قبل دخولها وتقول: ضربت القوم حتى أخاك ضربته، تنصب أخاك بفعل مضمر يدل عليه ما بعد (حتى) ولا يبعد النسق، ويجوز الخفض وأكره الرفع، وأجاز الكسائي الرفع فيما بعدها على الاستئناف حملاً على الواو، فإن قوى الاستئناف بما بعدها جاز، وذلك إذا كان الفعل للمستقبل نحو: ضربت القوم حتى عبد الله اضربه.

وأما (ألقى الصحيفة) البيت، فالنصب كلام العرب الذي سمعناه، والخفض جائز، وأما (الرفع) فلم يسمع من العرب؛ لكونه غير مستقبل، وجوزه الكسائي ومثله ما كان الفعل يطلب فاعلاً، فإن كالمستقبل نحو: سبني الناس حتى زيد سبني، لا يكون الرفع إلا إذا كان مستقبلاً، وإذا جرت على العادة أو عطفت، فالفعل في موضع نصب على الحال، ولك أن توقع موقعه اسمًا منصوبًا فتقول: حتى عبد الله شابا، وجملة اسمية: حتى عبد الله شاب، والأحسن دخول الفاء في الفعل، والجملة الاسمية. وإذا وقع الاسم جاز الرفع في الاسم بعدها نحو: ضربت القوم حتى زيد مضروب، وحتى زيدًا مضروبًا، وحتى زيد مضروب، وإذا رفعت ما بعدها، ونصب الاسم بعد الاسم دخل في الكلام معنى صار لكنها لم تقو في معناها حتى تنصب، وقد غلط قوم فنصبوا الاسم بمعنى صار، ولا يجوز أن تعطف الجمل، ولا الأفعال، فإذا وقع بعدها الماضي فهي حرف ابتداء نحو: سرت حتى دخلت المدينة، وأجاز أبو الحسن: أن تكون كالفاء إذا كانت سببًا فتعطف الفعل على الفعل نحو: ما تأتينا حتى تحدثنا، وكذلك أجاز بعضهم أن يكون العطف في سرت حتى دخلت المدينة، وقال خطاب الماردي: تقول: ضربت زيدًا حتى قتلته، وضربته حتى هو مقتول لا تعمل شيئًا، ولا يكون ما بعدها إلا شيئًا يؤديه الأول ويبدله منه تقول: قام حتى أعيا وبكى حتى عمى، ولو قلت: أكل حتى بكى، وسار حتى طلعت الشمس لم يجز، فإن وقعت على مستقبل بمعنى الماضي، أو بمعنى الحال كان مرفوعًا نحو: سرت حتى أدخل المدينة انتهى. وحتى لا تقتضي في العطف ترتيبًا فهي كالواو، ويجوز كون العطف بها مصاحبًا نحو: قدم الحجاج حتى المشاة في ساعة كذا، وسابقًا نحو: قدموا حتى المشاة متقدمين ومن ادعى أنها تقتضي الترتيب في الزمان، فقد ادعى ما لا دليل عليه.

وقال الزمخشري (الفاء) و (ثم) و (حتى) تقتضي الترتيب، وحيث جاز الجر والعطف، فالجر أحسن إلا في باب (ضربت القوم حتى زيدًا ضربته)، فالنصب أحسن عند من اعتقد أنها للعطف، فجعل (ضربته) توكيدًا وعند من لم يعتقد أنها للعطف، وقد يجتمع غايات في الزمان وغيره، فيكون قبلها وبعدها مواقيت وغير مواقيت فتقول: إن فلانًا ليشتري الرقيق الأيام كلها حتى الخميس حتى الليل، فلك أن تخفض لعدم الدخول، ولك أن تتبع أحدهما على شكله قدمت أو أخرت، وتجعل الآخر غاية، والأحسن أن تجعل أحدهما عطفًا والآخر غاية، فيختلفا في المعنى. وهذا الاختلاف فيه ما ليس من الجنس ويجانسه، ومما ليس منه، وينوب عن الزمان: المصدر المقارن للزمان تقول: أقم عندنا حتى طلوع الشمس، وقيام زيد، وهو خفض قال الفراء: ولا يصح أن يقع هنا بدل المصدر ما ينسبك به وهو (أن) و (ما) لا تقول: أقم عندنا حتى أن يقوم زيد، ولا حتى ما يقوم زيد. ويجوز في أن المشددة نحو: أقم حتى أن الناس يفطرون، ولا يجوز أن يكون بعد (حتى) نكرة لو قلت: أقم عندنا حتى شهر أو يوم لم يجز، إلا أن تريد مقدار ذلك، فإنك لو قلت: أقم عندنا حتى إلى تمام اثنتي عشرة ساعة، [فإنه يجوز]. ومنه قوله تعالى: «ليسجننه حتى حين» كأنه أراد الموت، أو زمانًا يحصر، وتقول: أقم عندنا حتى قليل تقضي حاجتك فيها، وأجاز الكسائي (أقم عندنا حتى شهر وحتى عصر)، فخفض وهو غير جائز.

ولو قلت: أتينا كل وقت حتى ظهرًا جاز، ولو قلت: كن عندنا حتى غدوة يا هذا، وحتى سحر جاز، ولو قلت: حتى غداة لم يجز، ولو قلت: حتى عشية جاز على قبح إذا جعل العشية من الظهر إلى الليل، فإن لم يرد ذلك كان محالاً وتقول: لا آتيك حتى عشر، فتضع حتى مكان (إلى)، ولو قلت (آتيك) لم يجز، ولو قلت: آتيك فأواظب إلى عشر. جازت حتى كقولك: أرعى الشتاء حتى شهر. انتهت هذه المسائل وهي من كلام الفراء. (أم) تكون متصلة ومنقطعة، فالمتصلة لا يستغنى ما بعدها عما قبلها، ولا تكون إلا فيما يستعمل لفظ الاستفهام فيه سواء أكان الكلام على معنى الاستفهام أم لا نحو: قد علمت أزيد في الدار أم عمرو، وليت شعري أزيد قائم أم خالد، وما أبالي أقام زيد أم قعد، وسواء علي أقمت أم قعدت، ووقعت في هذه النسب من حيث كان المعنى على التسوية في ظن المخاطب في جهالة أيهما ادعيت العلم بكونه عنده، والتسوية في ظن المتكلم فيما جاء بعد ليت، والتسوية بين قعود زيد، وقيامه في مسألة: ما أبالي، ومسألة سوى، كما أنك إذا استفهمت فقلت: أزيد عندك أم عمرو استوى في ظنك في كينونة من عندك منهما، ولا يجوز أن تقدم: أقمت أم قعدت على (سواء على)، وأغلب ما يكون الفعلان ماضيين، وقد يجوز على ضعف: سواء على أتقوم أم تقعد. والجملة الواقعة بعد أفعال القلوب والتسوية لا يجوز تقديمها فلا تقول: أقمت أم قعدت علمت، ولا أضربت زيدًا أم عمرًا تبين لي، وإذا عطفت اسمًا بعد (أم) على اسم مخبر عنه بأفعل التفضيل فلا يجوز الإتيان بـ (من) لا في الأول، ولا في الثاني فتقول: ما أبالي أزيد أفضل أم عمرو، ولا يجوز: (زيد) أفضل من عمرو أم بكر، ولا أفضل أم عمرو من بكر.

ويجوز العطف على الاسم المضمر في أفعل، ويتضح ذلك في (ما أبالي أرأيت زيدًا أفضل أم عمرًا) فإن حملت على المضمر قلت: أم عمرو، ومن يؤكد الضمير المرفوع لمكان العطف لا يؤكد هنا، ومن الناس من لا يجيز العطف عليه فإن قلت: أزيدا ضربت أكثر أم عمرًا لم يجز رفعه على الحمل على الضمير، ويجوز رفع هذا الاسم على الابتداء فتقول: أزيد أفضل أم عمرو تريد (أم الأفضل عمرو) ورفعه على هذا أحسن من حمله على الأول، وهو كلام العرب الفصيح، تقول العرب: أرأيت زيدًا أفضل أم عمرو، كثيرًا أكثر من أم عمرًا. والمعادلة لا تكون إلا بين اسمين، أو فعلين، أو جملتين، إما اسميتين وإما فعليتين، ولا تعادل بين اسمية وفعلية إلا إن كانت في معنى الاسمية أو الاسمية في معنى الفعلية نحو: «أدعوتموهم أم أنتم صامتون» أي أم صمتم ونحو: «أفلا تبصرون أم أنا خير» المعنى أم أنتم بصراء، والموجبتان تقدم أيا شئت منهما. وإن كانت إحداهما منفية أخرتها، نحو: أقام زيدًا أم لم يقم، ولا يجوز ألم يقم زيدًا أم لا، ولا سواء على ألم يقم أم قمت، فـ (أم) لا يتقدمها إلا الاستفهام أو التسوية، و (أو) يتقدمها كل كلام إلا التسوية، فلا يجوز سواء علي أقمت أو قعدت، وكذلك ما أبالي أقمت أم قعدت إذا أردت التسوية. وإن أردت: ما أبالي فعلك جازت (أو) و (أم)، وتقول: أتقوم أم لا، وأم هذه المتصلة لا بد أن يتقدمها الهمزة، ومع الهمزة أفعال القلوب، أو ما جرى مجراها وهي التسوية أو عدم المساواة، أو ضد ذلك نحو: ما أشد علي وما أشق علي أقمت أم قعدت. وإذا عادلت بين جملتين جاز أن تكون إحداهما الاسمية والأخرى فعلية إلا في التسوية، فإنه لا يذكر بعدها إلا الفعلية، ولا يجوز (سواء علي أزيد قائم أم عمرو

منطلق) هذا ما لا تقوله العرب، وأجازه أبو الحسن قياسًا على الجملة الفعلية، و (سواء) خبر مقدم، و (أقمت أم قعدت) في موضع المبتدأ، وقال أبو الحسن: (أقمت أم قعدت) في موضع الفاعل بسواء، ومما عودل فيه بين الجملة والمفرد قوله سواء عليك النفر أم بت ليلة … ... ... ... ... ... ... والمتصلة تسبقها همزة، ويصلح موضعها لأي: ولذلك يبدل ما دخلت عليه من (أي)، تقول: أيهم ضربت أزيدًا أم عمرًا أم خالدًا، وأيهما ضربت أزيدًا أم عمرًا، وجواب (أم) المتصلة التعيين، ويجرى مجرى التسوية: ما أدري، وليت شعري، وسواء علي، وتقع بعدهما الجملة الاسمية والفعلية، وما أبالي فلا يكون بعد الاستفهام فيها إلا الفعل لا الجملة الاسمية كذا قال بعضهم، والصحيح وقوع الجملة الاسمية بعدها قال: ولست أبالي بعد فقدى مالكا … أموتى ناء أم هو الآن واقع وكان أبو الحسن يستقبح وقوع الجملة الاسمية بين ما أدري وبين علمت أزيد عندك أم عمرو، وإن أدرى تستعمل في النفي والإيجاب، والتمني بمنزلة النفي، وعلمت لا تكون إلا في النفي لا تقول: ما علمت أزيد عندك أم عمرو، لأن التعليق جرى في الإثبات، وقد يكون السؤال بـ (أم)، والهمزة مبنيًا على توهم السائل حصول ما يسأل عنه فلإيجاب بالتعيين لفساد الوضع، فيكون الجواب كلاهما عندي أولا واحد منهما عندي.

ويجيء بعد (أم) المتصلة المفرد، والجملة في تقدير المفرد نحو: أمخدج اليدين أم أتمت أي (أم) متما، ومن ذلك: أقام زيد أم قعد المعنى: أكان من زيد قيام أم قعود وقد يكون الفعلان لفاعلين نحو: ما أبالي أقام زيد أم قعد بكرن وجملتان ابتدائيتان نحو: ما أبالي أزيد غاضب علي أم هو راض، وقد تحذف الهمزة وتنوي نحو: ما أدري زيد قام أم عمرو أي أزيد، وقرأ ابن محيصن «سواء عليهم ءأنذترهم» بهمزة واحدة، يريد: أأنذرتهم، وقد يكتفي بـ (لا) عن ذكر المعادل نحو: أزيد عندك أم لا تريد: أم لا هو عندك، وأزيد يقوم أم لا تريد: أم لا يقوم وتقول: أزيد عندك أم عمرو، وأزيدًا لقيت أم بشرًا، تفصل (أم) مما عطفت قال تعالى: «قل أذلك خير أم جنة الخلد» فصلت (أم) مما عطفت عليه ولو قلت: ألقيت زيدًا أم عمرًا كان حسنًا، وتقديم الاسم أحسن وقال تعالى: «وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون» ولو قلت: أزيد أم عمرو قائم جاز، وقال ابن الطراوة: إنما تقدم الاسمين مضمومًا أحدهما إلى الآخر، أو تؤخرهما ومنع من التوسط، وقال غيره: لا يجوز إلا تقديم المستفهم عنه، وتأخير ما ليس بمستفهم عنه، وقد مثل سيبويه بجواز الثلاثة. والمنقطعة ما انخرم فيها شرط المتصلة، وهي ما لا يتقدمها لفظ الهمزة، وألا يتقدم الكلام معها بأيهما أو بأيهم، وتأتي بعد استفهام بغير الهمزة، وبعد جملة خبرية، ومذهب البصريين أنها تتقدر بـ (ل) والهمزة مطلقًا.

وذهب الكسائي، وهشام إلى أنها بمنزلة (بل) وما بعدها مثل ما قبلها، فإذا قلت: قام زيد أم عمرو، فالمعنى بل قام، وإذا قلت: هل قام زيد أم قام عمرو، فالمعنى: بل هل قام عمرو. وذهب الفراء إلى أن العرب تجعل (أم) مكان (بل)، إذا كان في أول الكلام استفهام، وذهب بعض الكوفيين إلى أنها تكون بمعنى (بل) بعد الاستفهام، وبعد الخبر قال: وقد تكون بمعنى الهمزة إذا لم يتقدمها استفهام، وإلى هذا ذهب الهروي في الأزهية، وذهب أبو عبيدة إلى أنها بمعنى ألف الاستفهام، وذهب إليه الفراء في بعض المواضع، ولا تدخل (أم) هذه على همزة الاستفهام لا تقول: أقام زيد أم عمرو قائم، ولا هل قام زيد أم عمرو، وتدخل على هل نحو: قام زيد أم هل قام عمرو، كما تدخل الهمزة على هل نحو قوله: ... ... ... … أهل رأونا بوادي القف ذي الأكم

وتدخل على أسماء الاستفهام كقوله تعالى: «أماذا كنتم تعملون» وهو كثير فصيح خلافًا لما في شرح (الصفار) الذي كتبه ابن عصفور فإنه ادعى أنه لا يحفظ منه إلا قول: أم هل كبير بكى … ... ... ... ... و: ما أنت أم ما ذكرها ربعية … ... ... ... ... ... وقوله: ... ... ... .... … .... أم هل لامني لك لائم وأنه من الجمع بين أداتي معنى، وهو قليل جدًا وفي كتاب الله تعالى: «أماذا

كنتم تعملون» «أمن هذا الذي هو جند لكم» «أمن هذا الذي يرزقكم» وفي الغرة: يدخلون (أم) على جميع الاستفهام إلا على الهمزة قال: أخزمت أم وذمت أم مالها وقال: فأصبح لا يدري أيقعد فيكم … على حسبك الشحناء أم أين يذهب وذكر الآيتين، وقال الفراء: لا يجمع بين الاستفهامين في موضع واحد، لا يجوز: أين قمت، وأيهم في الدار، وأهل زيد في الدار، إلا في ضرورة الشعر انتهى. وهذا من ابن عصفور وتلميذه يدل على الجسارة وعدم حفظ كتاب الله تعالى. وقد دخلت على كيف نحو قوله: أم كيف ينفع ما يعطي العلوق به … ... ... ...

وتقول: متى قمت أم متى قام زيد، وزعم ابن مالك أن (أم) المنقطعة يعطف بها قليلاً الاسم المفرد، وأصحابنا يقولون: ليست للعطف لا لمفرد ولا جملة، وقالت العرب: (إنها لإبل أم شاء)، وقدرة أصحابنا، والفارسي، وابن جني بـ (بل أهي شاء)، وقال هو: (أم) لمجرد الإضراب، وهي بمعنى بل عاطفة ما بعدها على ما قبلها، واستدل على العطف بما نقل أن بعض العرب قال: (إن هناك إبلاً أم شاء)، قال: وهذا عطف صريح يقوي عدم الإضمار في المرفوع. وقد رددنا ما ذهب إليه في الشرح الكبير، وإذا تصدر (هل) صلحت (أم) و (أو) قال سيبويه لو قلت: هل تضرب أو تقتل، أو هل تضرب أم تقتل لكان واحدًا، وحصر (أم) في المتصلة والمنفصلة مذهب أكثر النحويين. وذهب أبو زيد الأنصاري إلى أن (أم) تكون زائدة، ومذهب الجمهور: أن (أم) وضعت على حرفين أصلين، وذهب ابن كيسان إلى أن (أم) ميمها بدل من الواو وأن أصلها (أو).

فصل

فصل يجوز عطف الأسماء بعضها على بعض، فيعطف الظاهر على الظاهر، وعلى المضمر منفصلاً نحو: إياك وزيدًا رأيت، أو متصلاً نحو: رأيتك وزيدًا، والمضمر المنفصل على المضمر المتصل نحو: زيد ضربته وإياك، ومنفصلين نحو: زيد إياه وإياك أ: رمت، وزيد أنت وهو قمتما، والمنفصل على الظاهر نحو: أكرمت زيدًا وإياك، وقام زيد وأنت. ووهم شيخنا الأستاذ أبو الحسن الأبذي في أنه لا يجوز: رأيت زيدًا وإياك، وكلام العرب على جوازه ومنه «ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله»، ولا يشترط صلاحية المعطوف لمباشرة العامل، فيجوز قام زيد وأنا، وقمت أنا وزيد، ورأيت زيدًا وإياك، ورب رجل وأخيه، وإن زيدًا وإياه قائمان، ومررت برجل قائم أبواه لا قاعدين، وإن زيدًا قائم لا عمرًا، فلو كان العامل لا يمكن قبوله المعطوف بوجه ألبته نحو: أقوم أنا وزيد، و «لا نخلفه نحن ولا أنت»، ونقوم نحن وزيد، وتقوم أنت وزيد، و «لا تضآر والدة بولدها ولا مولود» وقم أنت وزيد، فزعم ابن مالك أن هذا من عطف الجمل فيقدر وليذهب ربك، وفي أقوم أنا وزيد: ويقوم زيد، وكذا باقي ما مثل به، وما ذهب إليه مخالف لما تضافرت عليه نصوص المعربين والنحويين من أن «وزوجك» معطوف على الضمير المستكن في اسكن المؤكد بأنت. ولا نعلم خلافًا في جواز: تقوم هند وزيد، وأنه من عطف المفردات وفرق ابن مالك بين هذا النوع، وبين مثل: قام زيد وأنا بصلاحية (قمت) وفي قمت

وزيد: قام زيد بخلاف هذا فلا تقول (اسكن وزوجك)، وإذا عطفت على الضمير المرفوع المستكن، أو البارز، فذهب البصريون إلى أنه لا يجوز إلا بالفصل بين المتعاطفين بتوكيد بضمير منفصل أو بغيره، وذهب الكوفيون، وابن الأنباري إلى أنه لا يشترط في ذلك الفصل بل يجوز في الكلام قمت وزيد، وحكى عن أبي علي إجازة ذلك من غير فصل، وفي كتاب سيبويه حين ذكر انفصال بعض الضمائر وكذلك (كنا وأنتم ذاهبين)، إلا أن الشراح تأولوه، ولا يعتد عند البصريين بفصل كاف (رويدك)، بل يؤكد إذا عطفت على الضمير المرفوع في (رويدك) فتقول: رويدك أنت وزيد. وإذا عطفت على الضمير المجرور بغير لولا فيمن قال هو ضمير جر حقيقة فمذهب: جمهور البصريين على المنع إلا بإعادة الجار نحو: مررت بك وبزيد. الثاني: جواز ذلك في الكلام، ولا يشترط إعادة الخافض، وهو مذهب الكوفيين، ويونس، والأخفش وهو اختيار الأستاذ أبي علي. الثالث: أنه إن أكد الضمير جاز نحو: مررت بك أنت وزيد، وهو مذهب الجرمي، والزيادي، وقال الفراء: يجوز مررت به نفسه وزيد، ومررت به كلهم وزيد، وكذا القول في (أجمعين، وقضهم وقضيضهم، وخمستهم) إذا خفضت، فإن نصبت (خمستهم) لم يجز، يعني العطف بغير إعادة الجار قال:

ومن قال: مررت به أجمع، ينوى (بأجمع) النصب لم يجز أن يرد على المخفوض يعني بغير الإعادة قال الفراء: إذا تراخى الكلام توهمت أن الأول ظاهر، وقول الفراء: هذا قول الجرمي، والزيادي، والذي اختاره جواز العطف عليه مطلقًا، لتصرف العرب في العطف عليه فتارة (بالواو) وتارة بلا واو، وتارة (ببل)، وتارة بـ (أو)، وتارة بـ (أم)، وإن كان الأكثر أن يعاد الجار. ومن قال: إن الضمير المنفصل في نحو: لولاك: هو ضمير جر، فلا يجيز عطف الظاهر عليه فلو رفعت المعطوف على توهم أنك أتيت بضمير الرفع المنفصل، ففي جواز ذلك نظر، ولا يجوز نيابة حرف على أكثر من العاملين وتصوير ذلك أن تقول: إن زيدًا في البيت على فراش، والقصر نطع عمرًا، والتقدير: وإن في القصر على نطع عمرًا، فنابت الواو مناب (إن) ومناب في، ومناب (على) وقبل ذلك: جاء من الدار إلى المسجد زيد، والحانوت البيت عمرو [نابت الواو مناب جاء، ومناب (من)، ومناب إلى، إذ التقدير: وجاء من الحانوت إلى البيت عمرو] فلو ناب مناب عاملين فمذاهب: أحدها: القول بالجواز مطلقًا سواء أكان أحد العاملين جارًا أم لم يكن: فإن لم يكن جارًا نحو: كان آكلاً طعامك زيد، وتمرًا عمرو، أي وكان آكلاً تمرًا عمرو، فذكر ابن مالك في شرحه: الإجماع على منع ذلك، وليس بصحيح، بل ذكر الفارسي في بعض كتبه جواز ذلك مطلقًا عن قوم من النحويين، ونسب للأخفش. وإن كان أحد العاملين جارًا فقال المهدوي: إن تأخر المجرور نحو: زيد في

الدار وعمرو القصر لم يجزه أحد، وليس كما ذكر بل من أجاز ذلك مطلقًا أجاز هذه الصورة، ونص بعضهم على أنه لا بد في العطف على عاملين أن يكون أحدهما جارًا، وإذا كان أحدهما جارًا، وتقدم المجرور المعطوف، فالمشهور عن سيبويه المنع مطلقًا، ونقل أبو جعفر النحاس الجواز، وأما الأخفش فعنه في هذه الصورة قولان: أحدهما: الجواز، وهو المشهور عنه، وهو مذهب الكسائي، والفراء، والزجاج، وتبعهم من أصحابنا أبو جعفر بن مضاء، وأبو بكر بن طلحة، والقول الثاني: المنع: ذكره في كتاب المسائل له، وهو مذهب هشام، والمبرد، وابن السراج. فعلى المشهور من مذهب الأخفش، ومن تبعه يجوز، وسواء أكان المجرور متقدمًا في المعطوف عليه نحو: إن في الدار زيدًا والحجرة عمرًا، أم متأخرًا نحو: إن زيدًا في الدار والحجرة عمرا، وفصل قوم بين أن يتقدم المجرور في المتعاطفين معا فيجوز: إن في الدار زيدًا والقصر عمرًا أولا، فيمتنع نحو: إن زيدًا في الدار والحجرة عمرًا، ونسب هذا لأبي الحجاج الأعلم لتساوي الجملتين، وأنه لم يأت مسموعًا غير هذا، فحصل في هذه المسألة مذاهب: القول بالجواز مطلقًا، والقول بالمنع مطلقًا، والتفصيل بين أن يكون أحد العاملين جارًا، فيجوز، أو ليس بجار فيمتنع. وإذا كان جارًا فمذهبان أحدهما: إن تقدم المجرور المعطوف جاز وإلا فيمتنع والثاني: إن تقدم المجرور في المتعاطفين جاز، وإلا فلا، وقال ابن الطراوة: العطف

على عاملين إنما يكون في ما كان العاملان فيه من العوامل اللفظية المؤثرة لفظًا ومعنى، فإن انخرم شرط من هذه لم يكن من هذا الباب وهي جائزة، كأن يكون العاملان ابتداءين، أو أحدهما نحو: زيد في الدار والقصر عمرو، وكأن يكون العامل لفظيًا لا معنويًا، كالباء الداخلة في خبر (ليس)، و (ما)، و (من) في النفي، فهو جائز نحو: ليس زيد بقائم، ولا خارج أخوه، وما شرب من عسل زيد، ولا لبن عمرو، وما شرب زيد من عسل ولا لبن عمرو، وأجاز ابن طلحة: زيد في الدار والقصر عمرو كابن الطراوة. وفي البديع: العطف على عاملين معناه أن يتقدم مرفوع، ومنصوب، أو مرفوع ومجرور، أو منصوب، ومجرور ثم يعطف عليهما من غير إعادة العامل، ومثاله: قام زيد وضرب عمرًا وبكرًا خالدًا، عطفت بكرًا على زيد وخالدًا على عمرو كأنك قلت: قام زيد وضرب عمرًا، وقام بكر وضرب خالدًا، هذا هو الذي وقع فيه الخلاف، وقد أجمعوا على أنه لا يجوز: مررت بعمرو، وبكر خالد، فيعطف على الفعل والباء، فإن قلت: مر زيد بعمرو، وخالد بكر فقدمت المجرور على المرفوع فقد أجازه الأخفش، ومن ذهب مذهبه انتهى. ويجوز أن يعطف بحرف اسم فأكثر على اسم قبله فأكثر نحو: ضرب زيد عمرا وبكر خالدًا، وظن زيد عمرا منطلقا وبشر جعفرًا مقيمًا، وأعطى زيد عمرا درهمًا، وبكر خالدًا دينارًا، وأعلم زيد عمرا بكرا مقيما، وجعفر خالدا زيدا ظاعنا. ويجوز حذف المعطوف بالواو، وحذف الواو ومنه قوله تعالى: «سرابيل تقيكم الحر» أي والبرد، وذلك إذا دل الدليل على ذلك، فأما قوله تعالى: «أولم يسيروا»، [و] «أفلم

يسيروا» فزعم الزمخشري، ومحمد بن مسعود الغزني أن بين همزة الاستفهام، وحرف العطف الذي يلي (لم)، و (لما) في قوله: «أو لما أصبناكم» فعلا محذوفًا. ومذهب الجمهور أن حرف العطف عطف ما بعده على الجملة قبله، والتقدير: وألم وألما لكنه اعتنى بهمزة الاستفهام، فقدمت؛ لأن الاستفهام له صدر الكلام، وأما حذف الواو وحدها وإبقاء المعطوف، فقد جاء في كلامهم ما يدل على ذلك ومنه قيل ما حكاه أبو زيد (أكلت لحما سمكا تمرا) أي: وسمكا وتمرا، وذهب الفارسي إلى جواز ذلك، وتبعه ابن عصفور وابن مالك. وذهب ابن جني، وتبعه السهيلي إلى أنه لا يجوز، وبه قال شيخنا الأستاذ أبو الحسن ابن الضائع. ويجوز حذف الفاء والمعطوف عليه بها ومنه «اضرب بعصاك الحجر فانفجرت» أي فضرب فانفجرت، وزعم ابن عصفور في مثل هذا التركيب أنه لم يحذف حرف العطف، والمعطوف عليه، بل حذف المعطوف عليه وحده، وحذفت الفاء من المعطوف، وأقرت الفاء من

المعطوف عليه، فاتصلت بالمعطوف، فأبقى من كل منهما ما يدل على المحذوف، وقد حذفت (أم) ومعطوفها في قوله: ... ... ... .... … فما أدري أرشد طلابها يريد (أم غي)، و (أو) دون معطوفها فيما حكى أبو الحسن: أعطه درهما درهمين ثلاثة، يريد: أو درهمين أو ثلاثة، ويغني المعطوف عن المعطوف عليه بالواو كثيرًا بعد بلى وشبهها تقول لمن قال: ألم تضرب عمرًا: بلى وزيدًا أي ضربت عمرًا وزيدًا، وتقول لمن قال: خرج زيد: نعم وعمرو أي خرج وعمرو، وندر ذلك مع (أو) في قوله: فهل لك أو من والد لك قبلنا … ... ... ... ... ... التقدير فهل لك من أخ، أو من والد، وتقول: زيد وعمرو منطلقان، ولا يجوز توسيط مثل هذا الخبر فتقول: زيد منطلقان وعمرو، وأجاز ذلك بعض أصحابنا، وإن ورد ذلك فيكون في شعر ضرورة، ويجوز تقديم المعطوف على المعطوف عليه بخمسة شروط عند أصحابنا:

أحدها: أن يكون العطف بالواو خاصة، وهو مذهب البصريين، وأجاز ذلك هشام بالفاء، وثم و (أو) و (لا) وقال هو جيد، وقال: وإن كانت الأداة ترفع جاز تقديم النسق تقول: متى وخرج الأمير خروجك، وكذلك في كيف وأين وفي جميع الصفات التامة نحو: خلفك وعبد الله رجل، ولا يجيز: هل وزيد عمرو منطلقان، ولا فيك وزيد عمرو راغبان، وأجاز هذا كله أحمد بن يحيى، ولا يجوز شيء من هذا على مذهب سيبويه لا في التام ولا في الناقص. الشرط الثاني: أن لا يؤدي إلى وقوع حرف العطف صدرًا لا تقول: وعمرو زيد قائمان تريد: زيد وعمرو قائمان، ولا نعلم خلافًا في هذا الشرط. الشرط الثالث: أن لا يؤدي إلى مباشرة حرف العطف عاملاً غير متصرف فلا تقول: إن عمرًا وزيدًا قائمان، ولا ما أحسن وزيدًا عمرًا. الشرط الرابع: أن لا يكون المعطوف محفوظًا فلا تقول: مررت وعمرو بزيد. الشرط الخامس: أن يكون الفعل لا يستغنى بفاعل واحد نحو: اختصم زيد وعمرو، فذهب هشام إلى أنه لا يجوز: اختصم وعمرو زيد، وهو مذهب البصريين، وأجاز ذلك أحمد بن يحيى. وإذا اجتمعت هذه الشروط، فمذهب البصريين أنه لا يجوز ذلك إلا في الشعر، وهو عندهم في المنصوب أقبح منه في المرفوع، ومذهب الكوفيين جواز ذلك في الشعر وفي الكلام، وما أنشد دليلاً على ذلك هو من عطف

المفردات، وقد جاء من عطف الجمل وأنشدوا: أأطلال دار بالسباع فحمت … سالت فلما استعجمت ثم صمت يريد سالت فحمت، وإذا تقدم معطوف بالواو ومعطوف عليه، وتأخر عنهما خبر أو غيره طابق المتعاطفين في عود الضمير في الخبر وغيره فتقول: زيد وعمرو منطلقان، ومررت بزيد وعمرو وأكرمتهما، فإن أفرد الخبر ولم تكن ثم قرينه تعين المتأخر لما يعود عليه نحو: زيد وعمرو قائم ومنه قوله تعالى: «والله ورسوله أحق أن يرضوه» فقال ابن عصفور: لا يجوز الإفراد إلا حيث سمع، ويكون الحذف من الأول لدلالة الثاني عليه، وقال أيضًا: الأحسن أن لا يفرد الخبر انتهى. وكون المذكور خبر للثاني، وحذف خبر الأول للدلالة هو مذهب ابن السراج، وذهب سيبويه، والمازني، والمبرد، وعلي بن سليمان، إلى أن المذكور خبر للأول، ويدخل الثاني في معناه، ولا يحتاج إلى إضمار، لأن العطف إذ ذاك من عطف المفردات، فإن كان ثم قرينة تعين المتأخر لما يعود عليه كان على حسب القرينة نحو: ما حكى أبو حاتم: زيد وهند قائمة، فهذا خبر عن الثاني، وحكى: زيد وهند قائم فهذا خبر عن الأول. والخلاف إنما هو إذا لم تكن قرينة، وفي الإفصاح: لو قلت: زيد قائمان وعمرو لم يجز، إنما تقول العرب: زيد وعمرو قائمان، وزيد قائم وعمرو، فتحذف خبر الثاني لدلالة الأول عليه، وزيد وعمرو قائم قيل حذف خبر الأول، وقيل حذف خبر الثاني، وقيل: أنت مخير وهو الصحيح انتهى.

فإن كان العطف بالفاء، أو بثم، جاز الإفراد والمطابقة فتقول: زيد فعمرو منطلق، وزيد ثم عمرو منطلق، ومررت به، ويجوز: منطلقان، ومررت بهما، والإفراد مع ثم أحسن، وإن كان العطف بـ (أو)، فنقل الأخفش عن العرب أنه يجوز أن يكون الحكم للأول، ويجوز أن يكون للثاني فتقول: زيد أو أمة الله منطلق، ويجوز: زيد أو أمة الله منطلقة. وقال ابن عصفور: الضمير في (أو) على حسب المتأخر فتقول: زيد أو عمرو قام، وهذا مخالف لما نقل الأخفش عن العرب، وقال ابن عصفور أيضًا: ولا يجوز أن يكون الضمير على حسب ما تقدم في (أو) إلا شذوذًا لا يقاس عليه، قال الله تعالى: «إن يكن غنيًا أو فقيرًا فالله أولى بهما»، فأعاد الضمير على الغني، والفقير لتفرقهما في الذكر، وقال أيضًا: إن كانت (أو) مستعملة حيث يجوز الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه كالتي في الإباحة، أو في النهي عن المباح، فيجوز في الخبر الإفراد والجمع نحو: الحسن أو ابن سيرين جالسه، والآثم أو الكفور لا تطعه، وإن شئت جالسهما، ولا تطعهما، والدليل على جواز الجمع قوله تعالى: «إن يكن غنيًا أو فقيرًا فالله أولى بهما»، وهذا اضطراب من ابن عصفور تارة حمل الآية على الشذوذ، وتارة استدل لها. وإن كان العطف بـ (لا)، فالذي يقتضيه النظر أن الحكم في ذلك للأول نحو: زيد لا عمرو قائم. قال ابن عصفور: الضمير على حسب المتأخر نحو: زيد لا عمرو قام، وإن كان العطف بـ (بل) أو بـ (لكن)، فالذي يقتضيه النظر أن الحكم فيهما للثاني فتقول: زيد بل عمرو منطلق، وما زيد لكن عمرو خرج، وقال ابن عصفور على حسب المتأخر منهما، وثمرة القولين تظهر إذا كان أحدهما

مذكرًا والآخر مؤنثًا، ويجوز عطف الفعل على الاسم كقوله تعالى: «صافات ويقبضن». والاسم على الفعل نحو قوله تعالى: «يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي»، ولا يكون ذلك إلا إذا كان كل واحد منهما في تقدير الآخر. وزعم أبو القاسم السهيلي: أنه يحسن عطف الفعل على الاسم إذا كان اسم فاعل، ويقبح عطف الاسم على الفعل نحو: مررت برجل يقوم وقاعد انتهى. وإذا قلت: الطائر فيغضب زيد الذباب، عطفت الفعل على الاسم حملاً على المعنى، وهذا لا يجيزه المبرد، ولا ابن السراج، وقد ألم بجوازه يسيرًا أبو الحسن قال: لو قلت: الضاربه أنا، وقمت زيد كان جائزًا بالحمل على المعنى، لأن معنى الضاربه: أنا الذي ضربته، والقياس عنده هنا (أل) في الأول والثاني إذا كان لكل منهما ما يرتبط به، ولذلك منع غيره هذه المسألة، لأن إحدى اللامين يخلو من الضمير. وقال ابن السراج: وقد أجاز قوم: ظننت عبد الله يقوم وقاعدًا، وظننت عبد الله قائمًا ويقعد، وهو عندي قبيح من أجل عطف الفعل على الاسم، والاسم على الفعل، وقد منع من ذلك المازني، والمبرد، والزجاج كل المنع. واعتمد الفارسي جواز الذي قبحه شيخه ابن السراج، وله شواهد، وذكر أصحابنا أن الجملة الفعلية والجملة الاسمية لا تكون في تقدير مفرد إلا إذا وقعت

صفة أو حالاً، أو خبرًا أو ثانيًا لظننت أو ثالثًا لأعلمت، ويجوز عطف الجملة الاسمية إذا كانت في تقدير المفرد قال تعالى: «بياتا أو هم قائلون» التقدير: بائتين، أو قائلين، ويجوز عطف الفعل على الفعل بشرط أن يتحدا في الزمان، والأحسن إذ ذاك اتحادهما في الصيغة نحو: زيد قام وخرج، وزيد يقوم ويخرج، ومن الاختلاف في الصيغة «أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة» أي فأصبحت وقوله: ولقد أمر على اللئيم يسبني … فمضيت ... ... ... أي مررت فمضيت ولا تقول (زيد قام ويخرج) تريد قام فيما مضى ويخرج فيما يستقبل على أن يكون من عطف الفعل على الفعل، لأن هذا العطف معدود من عطف المفرد على المفرد، فإذا اختلفا في الزمان صار من عطف الجمل. وحرف العطف إن كان على حرف واحد (كالواو)، والفاء فلا يجوز الفصل بين الواو، و (الفاء)، وما عطف لا بقسم، ولا ظرف ولا مجرور إلا في ضرورة الشعر نص على ذلك أصحابنا فلا تقول: قام زيد والله عمرو، ولا فوالله عمرو،

ولا ضربت زيدًا وفي البيت عمرو، ولا خرج زيد والساعة عمرو، قال ابن مالك: وهو قول أبي علي قال: وهو جائز في الكلام المنثور إن لم يكن المعطوف فعلا نحو: قام زيد، وفي الدار قعد، وزيد يقوم ووالله يقعد، أو اسمًا مجرورًا لم يعد جره نحو: مررت بزيد ومن بعده عمرو، وأجاز ذلك الفراء في قوله تعالى: «ومن وراء إسحاق يعقوب» فقال: ينوى به الخفض، فيكون معطوفًا على (بإسحاق) وقد فصل بينهما بالجار والمجرور الذي هو (من وراء إسحاق) والعطف بالواو، وخرج ذلك أبو علي، وأبو الفتح على إضمار فعل تقديره: وآتيناها من وراء إسحاق يعقوب كما قال سيبويه في: مررت بزيد وعمرًا إذ التقدير: ولقيت عمرًا، وهذا الذي استقبحه أبو علي لم يستقبحه سيبويه إلا في النصب، وإنما قبحه في الخفض نحو: أمر اليوم بزيد وغدا عمرو. وإن كان حرف العطف على أكثر من حرف، جاز الفصل بينه وبين المعطوف بالقسم، وبالظرف وبالجار والمجرور نحو: قام زيد ثم والله عمرو، وقام زيد بل، والله عمرو، وما ضربت زيدًا لكن في الدار عمرو. ومن أحكام حروف العطف أن ما كان معمولاً لعامل بعدها لا يجوز أن يتقدم ذلك المعمول على حرف العطف فلو قلت: زيد قائم وضارب عمرا ما جاز أن تقول: عمرًا وضارب، ونقلوا أن القيام يكون صلة، ولا قيام هناك، فإذا قلت: قمت فضربت زيدًا قالوا: فإن كان القيام لغوا فلا يجوز تقديم زيد على فضربت،

وإن كان القيام حقيقة أو أكدته بمصدر نحو: قمت قياما فضربت زيدًا، أو كان في شرط نحو: إن قمت فضربت زيدًا فعبدي حر، فيجوز تقديم المفعول على (فضربت) وهذا مخالف لما قررناه في الأصل. وإذا اجتمعت التوابع بدأت بالنعت، فعطف البيان، فالتوكيد، فالبدل، فعطف النسق فتقول: مررت بأخيك الكريم محمد نفسه رجل صالح ورجل آخر، وأجاز بعضهم تقديم التأكيد على النعت فتقول: قام زيد نفسه [الكاتب؛ فإن كان التأكيد بتكرار الاسم فكالتأكيد بألفاظ التأكيد فتقول: قام زيد العاقل] زيد نص عليه بعض أصحابنا، وقال ذلك في قوله: (ويل له ويل طويل) قال يجوز أن يكون طويل صفة لويل الأول.

باب القول في الأفعال وأقسامها

باب القول في الأفعال وأقسامها الفعل بالنظر إلى الصيغ ثلاثة: ماض وأمر، ومضارع، وكل منهما أصل، فالقسمة ثلاثية، وزعم أبو علي: أن المستقبل حمل على الحال، وأبو بكر بن طاهر إلى أن المستقبل أسبق. وأكثر النحاة يقول: في بنية (يفعل) بالاشتراك كاشتراك عين، وزعم الكوفيون أن الأمر مقتطع من المضارع، فالقسمة عندهم ثنائية، وزعم بعض النحاة أن الأصل في الأفعال هو الماضي، فتسمية الماضي ماضيًا، والأمر أمرًا واضحة، وزعم صاحب (الضروري): أن الأمر والنهي نحو: اضرب، ولا تضرب ليسا فعلين إلا مجازًا. وأما المضارع فهو في اللغة المشابه لما شابه الاسم سمي مضارعًا كأنه وضع مع الاسم صريحًا، وزعم ابن عصفور أن المضارعة مقلوبة عن المراضعة، ويقول المتكلم مذكرًا كان أو مؤنثًا: أخرج بالهمزة الدال ما هي فيه على المتكلم، ويقول جماعة المتكلمين: نحن نصنع، وكذلك لو كان معه مشارك في الفعل واحدًا أو أكثر نحو: نحن وزيد نفعل، أو نحن والزيدون نفعل. وكذا إذا شارك المتكلم غيره في الفعل نحو: أنا وهند نصنع، وأنا والزيدون نصنع، ويقول المتكلم المعظم نفسه نصنع كذا، وهو عند بعض أصحابنا مجاز فيه، وتقول للمخاطب مطلقًا: أنت تقوم، أنت تقومين، أنتما تقومان، أنتم تقومون، وأنتن تقمن بالتاء فيها كلها. وقد يعامل جمع التكسير من المؤنث معاملة المؤنث في الخطاب تقول: يا نساء تقومين كما تقول: يا هند تقومين، وتقول للغائبة: هند تقوم وهي تقوم، والسماء تنفطر، وهي منفطر، وللغائبتين: الهندان تخرجان والعينان تدمعان، فإن كان هما

ضمير غائبتين، فمسألة خلاف، فـ (ابن الباذش) يقول: هما يخرجان كضمير المذكر، وابن أبي العافية يقول: هما يخرجان كظاهرهما وهو الصحيح، وقد يحمل المذكر الغائب على مؤنث، فيكون بالياء نحو: تجيء كتابي يريد الصحيفة، أو أضيف إلى مؤنث وأنت تريد المذكر، نحو: يجتمع أهل اليمامة و «يلتقطه بعض السيارة» في قراءة من قرأ بالتاء، وتشرق صدر القناة، أو يكون في المذكر تاء التأنيث نحو: تقوم طلحة، وتعدل الخليفة وهذا قليل: أو أسند إلى ظاهر جمع تكسير لمذكر، وأريد معنى جماعة، أو ضمير غائبات نحو: تقوم الزيود، وتنكسر الأجذاع، وتنكسر الجذوع، وتخرج الرجال والرجال تخرج، والنساء تخرج؛ فإن كان الظاهر جمع سلامة في المذكر، أو ضميرًا يعود عليه، فمذهب البصريين أنه لا يجوز إلا بالياء فتقول: يقوم الزيدون والزيدون يقومون، وأجاز الكوفيون: تقوم الزيدون، والزيدون تقوم بالتاء، وتقول للغائب، يقوم زيد، ويقوم الزيدان، ويقوم الزيدون، وزيد يقوم، والزيدان يقومان، والزيدون يقومون، وقد يقال الزيدون يقوم كما يقال: زيد يقوم وهو قليل جدًا. فإن كان الجمع لغير عاقل، جاز فيه ذلك أيضًا، فتقول: الجذوع تنكسر وتقول: تقوم الهنود، و «تكاد السموات» وتسرع الجمال، والهنود يقمن، و «السماوات يتفطرن»، والجمال يسرعن، والهندات تخرجن،

وروى أبو عمر الزاهد في نوادر ابن الأعرابي: الإبل تشممن يعني بالتاء، وقرأ يونس عن أبي عمرو، (تكاد السموات تتفطرن) بالتاء في (يتفطرن) وهي قراءة شاذة، وتشممن حرف نادر، فإن كان الظاهر جمع سلامة في المؤنث العاقل نحو: الهندات، فمذهب البصريين أنه لا يجوز إلا بالتاء فتقول: تقوم الهندات، وإنما جاز بالتاء في السموات لجواز ذلك في مفرده أو تأنيثه مجاز، وأجاز الكوفيون: يقوم الهندات بالياء، ويجوز: يقطع يد زيد، لجواز تقطع زيد وأنت تريد يده، ويحضر القاضي امرأة، وينفعك اليوم الموعظة، وتنفع الموعظة على معنى الوعظ بالياء. والأمر مستقبل أبدًا، وربما دل بصيغة الخبر على الأمر نحو قوله تعالى: «والوالدات يرضعن أولادهن» كما دل بصيغة الأمر على الخبر في قوله تعالى: «فليمدد له الرحمن مدا» أي فيمد. والمضارع فيه خمسة مذاهب: أحدها: أنه لا يكون إلا مستقبلاً، وهو مذهب الزجاج. الثاني: أنه مختص بالحال وهو مذهب ابن الطراوة. والثالث: وهو مذهب الجمهور، وهو أنه يكون للحال، ويكون للاستقبال واختلفوا: فقيل هو مشترك كلفظة (عين)، وهو ظاهر مذهب سيبويه، ورجحه (صاحب الضروري)، وقيل إذا أريد به الحال فهو: بحق الأصلية، وإذا أريد به الاستقبال، فهو بحق الفرعية، وهو مذهب الفارسي، وبه قال من أصحابنا أبو بكر بن مسعود، وقيل عكس هذا، وأن أصله المستقبل، وهو مذهب الأستاذ أبي بكر بن طاهر، ومن قال: إنه صالح للحال قال هو صالح لهما، ولو نفى

بلا، وهذا مذهب الأخفش والمبرد إلا إن تعين المضارع للاستقبال. وذهب أكثر المتأخرين إلى أنها تخلصه للاستقبال، ومنهم الزمخشري، وهو ظاهر مذهب سيبويه، وقال: يترجح الحال مع التجريد، يعني من القرائن المخلصة للحال والاستقبال، وقال بهذا ابن مالك مع زعمه، ونصه أنه مشترك بين الحال والاستقبال، وهو قول متناقض قال: ويتعين عند الأكثر بمصاحبة (الآن)، وما في معناه كالساعة، والحين، وأل فيهما للحضور، وآنفا تقول: يخرج الآن أو الساعة أو الحين أو آنفًا. وقد جاء استعمال (الآن) مع المستقبل كقوله تعالى: «فالآن باشروهن» «فمن يستمع الآن»، فأجاز بعضهم: يخرج زيد الآن على الاستقبال، وأما (لام الابتداء) فتخلص للحال عند الأكثرين نحو: إن زيدًا ليقوم. قال ابن مالك: ويجوز أن يراد الاستقبال بالمقرون بها، واستدل بما رددناه عليه في الشرح، قال: والأكثرون على أن النفي بـ (ليس) و (ما) و (إن) قرينة تخلص للحال مانعة من إرادة الاستقبال، وقال ليس ذلك بلازم، وأورد أدلة على زعمه لا تدل على مدعاه، لأن المدعي أن تلك تخلص للحال، إذا لم يكن هناك قرينة لفظية، أو معنوية تخلص للاستقبال، ومما يخلص للحال عطف الحال عليه نحو: يقوم زيد ويخرج الآن، وعطفه على الحال نحو: يقوم زيد الآن ويخرج، ومجيئه حالا نحو: جاء زيد يضحك، ومما يعينه للحال الإنشاء نحو: أقسم لأضربن عمرًا، وأحلف ما خرج زيد، ويتخلص للاستقبال بظرف مستقبل

معمولاً للمضارع نحو: أكرمك إذا جئت، أو مضافًا إليه نحو: القتال إذا تجيء، وإسناده إلى متوقع نحو قوله: يهولك أن تموت ... ... ... … ... ... ... .... أو تضمن طلبا نحو قوله «والوالدات يرضعن أولادهن»، أو وعدًا نحو «يعذب من يشاء ويرحم من يشاء» أو مصاحب ناصب، نحو: أن، ولن، وإذن، وكي في أحد قسميها، وخالف في هذا بعض المتأخرين، أي في تخليص الناصب للاستقبال، أو أداة ترج نحو: «لعلي أبلغ الأسباب» أو [اشتقاق نحو ... ... ... ... ... … عسى يغتر به حمق لئيم أو مجازاة جازمة نحو]: «إن يشأ يذهبكم» أو غير جازمة: كيف تصنع أصنع، قال ابن مالك: أو (لو) المصدرية نحو: «يود أحدهم لو يعمر» أو حرف تنفيس، وهو سوف، والسين، ولا يعرف البصريون غيرهما، وهما لغتان وليست السين مقتطعة من سوف، خلافًا لمن زعم أنها فرع من سوف.

وحكى الكسائي أن ناسا من أهل الحجاز يقولون: سوف تعلمون بسكون الواو، وحكى أحمد بن عبد الجليل المروي في كتابه الذي سماه (توطئة المدخل): (سو أفعل)، و (سوأفعل) بفتح الواو، وسكونها لغتان، وحكى الكوفيون (سف). وحكى ابن سيده (سى)، قال ابن مالك: واتفقوا على أن أصل (سو)، و (سف)، و (سى) سوف انتهى. وزعم بعضهم أن هذا من الحذف الذي جاء في الشعر، وليس بلغة، وذكر أبو موسى في مخلصاته للاستقبال لام الأمر، والدعاء، ولا في النهي والدعاء، وهذا مندرج تحت اقتضاء الطلب، وذكر أيضًا لام القسم نحو: والله ليقوم زيد، وعطفه على المستقبل، وعطف المستقبل عليه، وينصرف معنى المضارع إلى المضى بـ (لم) و (لما)، وهذا مذهب المبرد، والأستاذ أبي علي وأكثر المتأخرين قالوا: الأصل يفعل فدخلت عليه (لم)، أو (لما) فصرفت معناه إلى المضى، وبقى اللفظ على ما كان عليه، وذهب أبو موسى وغيره إلى أنهما يصرفان لفظ الماضي إلى المبهم دون معناه، ونسب هذا إلى سيبويه، وبـ (لو) الامتناعية نحو «ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم»، وبـ (إذ) نحو «وإذ تقول للذي أنعم الله عليه» و (رمبا) نحو: ربما تكره النفوس من الأمر … ... ... ... ....

وقد جاء ما ظاهره الاستقبال كقوله تعالى: «ربما يود الذين كفروا» وقد في بعض المواضع كقوله تعالى: «قد نرى تقلب وجهك» وعطفه على الماضي كقوله تعالى: «ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة» أي فأصبحت، وعطفت الماضي عليه نحو: ولقد أمر على اللئيم يسبني … فمضيت ... ... ... ... إلخ، أي: ولقد مررت، ووقوعه خبرًا لكان وأخواتها نحو: كان زيد يقوم، وإعماله في الظرف الماضي نحو: يجزيه رب العرش عني إذ جزى أي جزاه رب العرش، وزعم ابن عصفور أن من هذه القرائن (لما) المحتاجة إلى الجواب ومثل ذلك بقوله: لما يقوم زيد قام عمرو، ويحتاج إثبات ما زعم إلى دليل من السماع، وينصرف الماضي إلى الحال بالإنشاء نحو: أقسمت لأضربن زيدًا، وألفاظ العقود نحو: زوجها، وقبلت واشتريت. وإلى الاستقبال بالطلب نحو: غفر الله لك، و (اتقى الله امرء فعل خيرا يثب عليه)، وعزمت عليك إلا فعلت ولما فعلت، وبالوعد نحو: «إنا أعطيناك الكوثر»، وبالعطف على ما علم استقباله نحو: «يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار»، وذكر ابن مالك أنه ينصرف إلى الاستقبال في القسم بدخول (لا) و (أن) عليه، ومثل بما لا دليل فيه على مدعاه، وقال: ويحتمل المضي والاستقبال بعد همزة التسوية نحو: سواء علي أقمت أم قعدت، وسواء علي أي وقت جئتني، فإن كان المعادل مقرونًا بـ (لم) تعين المضى نحو:

«سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم»، وبعد حرف التحضيض نحو: هلا ضربت زيدًا إن أردت المضى كان للتوبيخ أو للاستقبال كان للأمر، وبعد كلما نحو: «كلما جاء أمة رسولها كذبوه»، و «كلما نضجت جلودهم بدلناهم» وبعد حيث نحو: «من حيث خرجت» [و] «فأتوهن من حيث أمركم الله» وبكونه صلة نحو: «الذين قال لهم الناس إن الناس» [و] «إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم» أو صفة لنكرة عامة نحو رب رفد هرقته ذلك اليو … م وأسرى .... و (نضر الله امرءا سمع مقالتي)، وهذه المثل في هذا الاحتمال من كلام ابن مالك، وإن ذلك على سبيل التسوية، والذي نذهب إليه الحمل على المضى لإبقاء اللفظ على موضوعه، وإنما فهم الاستقبال فيما مثل به من خارج.

فصل

فصل الفعل متصرف وجامد، والمتصرف ما اختلفت بنيته لاختلاف زمانه: ضرب يضرب اضرب، والجامد بخلافه، وهو قسمان مبوب له في النحو وغير مبوب له. المبوب سيأتي ذكره إن شاء الله. وغير المبوب له منه ما ذكر في باب كان، وفي باب المقاربة، وفي باب الاستثناء، وتقدم الكلام على ذلك، ومنها قل، فإذا كان مقابله كثر تصرفت، وإذا كان للنفي المحض فلا تتصرف، فيرتفع بها الفاعل وما بعده في موضع الصفة مثاله: (قل رجل يقول ذلك) أي ما رجل يقول ذلك، ويطابق ما بعد فاعله الفاعل: تقول: قل رجلان يقولان ذلك أي: ما رجلان يقولان ذلك، وتتصل بقل ما كافة، فيليها إذ ذاك الفعل، وليس لها إذ ذاك فاعل، لإجرائها مجرى حرف النفي، وقد يليها الاسم في الضرورة نحو: ... ... ... ... وقلما … وصال على طول الصدود يدوم وخرج على تقديم الفاعل ضرورة، أو على إضمار فعل يفسره ما بعده أي: وقلما يدوم وصال على طول الصدود يدوم، والتي تقابل كثر إذا دخل (ما) كانت

مصدرية لا كافة، و (تبارك) مشتق من البركة لم يستعمل إلا ماضيًا لازمًا قال تعالى: «فتبارك الله أحسن الخالقين»، وهدك تقول: مررت برجل هدك من رجل، وبامرأة هدتك من امرأة، أي كفاك وكفتك. وتقدم أن (هدك) يكون اسمًا يوصف به تقول: مررت برجل هدك من رجل، ولا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث، وإن كان تابعًا لمثنى أو مجموع أو مؤنث تقول: مررت برجلين هدك من رجلين، وبرجال هدك من رجال، وبامرأة هدك من امرأة. أي كافيك ومحسبك، ومن زعم أن هد لم يستعمل فعلاً فزعمه باطل، و (عمرتك الله) أي أسأل الله تعميرك، ونصب (الله) باسأل محذوفة، وتقدم الكلام مشبعًا عليها في باب القسم. وكذب في الإغراء: الكذب يطلق، ويراد به اختلاف ما لم يعلم ولم يسمع، وما يشبه الكذب، وإن لم يقصده، والخطأ والبطول: كذب الرجل أي بطل عليه أمه، وما رجاه وقدره، وفعله متصرف في هذه المعاني، ويطلق كذب، ومراد به الإغراء ومطالبة المخاطب بلزوم الشيء المذكور، ولا يتصرف بل لم يستعمل منه في الإغراء إلا لفظ الماضي. وقالت العرب: كذب عليك العسل أي: كل العسل، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (كذبك عليكم الحج كذب عليكم العمرة، كذب عليكم الجهاد ثلاثة أسفار كذبن عليكم) معناه: الزموا الحج والعمرة والجهاد، والمغري به مرفوع قالوا: يكذب ولا يجو نصبه، وأجاز بعضهم النصب بما روى أن أعرابيًا نظر إلى ناقة نضو لرجل فقال له: (كذب عليك البزر والنوى) بالنصب أي الزمهما، وقال ابن الأنباري: هذا شاذ لا يعمل به، وقد روى قول عنترة:

كذب العتيق وماء شن بارد … ... ... ... ... .... بالرفع والنصب، قال عبد الدايم القيرواني: أصله كذب ذلك عليك العتيق حذف عليك، وناب (كذب) منابه، فصارت العرب تغرى به، وقال الأعلم: العرب تقول: (كذبك التمر واللبن) أي عليك بهما، وبعض العرب تنصب وهم مضر والرفع لليمن، وقال عمر رضي الله عنه (كذبكم الحج والقرآن) أي عليكم بهما، وقال الفراء: معنى كذب عليكم: وجب عليكم، والذي تقتضيه القواعد في مثل كذب عليكم الحج وشبهه أن ذلك يكون من باب الإعمال، فإذا ارتفع الاسم كان فاعلاً بـ (كذب)، وحذف مفعول عليك أي عليكه حذف لفهم المعنى، وإذا انتصب ما بعد عليك كان منصوبًا بـ (عليك)، وفاعل (كذب) مضمر يفسره ما بعده على رأي سيبويه، أو محذوف على رأي الكسائي. (ويهيط): لم يستعمل إلا مضارعًا، والهياط: العجاج والصياح يقال: ما زال منذ اليوم يهبط هيطًا. و (أهلم): تقول للمخاطب: إلام أهلم، وأهلم، ولا أهلمكه فهذه مضارعات، ولم تستعمل منها العرب فعلاً ماضيًا، ولا أكثر العرب فعل أمر، ففي هذه الحالة لا تتصرف، و (هلم) التميمية لم تستعمل بنو تميم لها ماضيًا، ولا مضارعًا غير ما نبه عليه، وسيأتي الكلام على (هلم) مشبعا في باب أسماء الأفعال إن شاء الله تعالى.

و (سقط في يده) بمعنى الندم والتخلي عما كان يتعلق به، لم يستعمل في هذا المعنى إلا ماضيًا مبنيًا للمفعول و (في يده) قائم مقام الفاعل، وقراءة اليماني: «ولما سقط في أيديهم» مبنيًا للفاعل مخالف لما قيل في سقط. (وأهاء) بمعنى أعطى لا يتصرف لم يستعمل منه بهذا المعنى لا ماض ولا أمر ولا مضارع مبني للفاعل، و (أهاء) بمعنى آخذ حكى أن المخاطب بها بمعنى خذ تقول: ما أهاء، وما أهاء بمعنى: ما آخذ وما أعطى. وذكر ابن مالك في الأفعال التي لا تتصرف (عم صباحًا) بمعنى أنعم صباحًا، وينبغي وهو وهم يقال: وعم يعم في معنى نعم ينعم، فيكون لازمًا ومنه: ... ... ... ... … وهل يعمن من كان في العصر الخالي ومتعديًا قال يونس: وعمت الدار أعم أي قلت لها انعمي، ويقال: انبغي ينبغي وهو من أفعال المطاوعة، قال ابن فارس: يقال بغيته فانبغى كما تقول كسرته فانكسر، وقال ابن مالك تابعًا للأعلم: و (تعلم) بمعنى اعلم يعني أنه لا يستعمل منه ماضٍ ولا مضارع بهذا المعنى قال:

تعلم شفاء النفس قهر عدوها … ... ... ... ... .... أي اعلم، وذكر غيره أن يعقوب ذكر أنها متصرفة، وحكى: تعلمت أن فلانًا خارج بمعنى علمت، و (هاء وهاء) بمعنى خذ، وسيأتي الكلام على هذا في باب أسماء الأفعال إن شاء الله تعالى. وتقول في زجر الخيل، وهو حثها على السير (أقدم) و (أقدم)، و (هب) لزجرها أيضًا، وبمعنى (ظن)، ولا يتصرف في الحالين تقول (هب) زيدًا شجاعًا، و (هب) بمعنى جعل تقول: (وهبني الله فداءك) أي جعلني فداءك لا يستعمل إلا ماضيًا، وفي زجر الفرس (أرحب) و (ارحبى) أي توسعي وتباعدي، ويقال: أرحبت الشيء إذا وسعته ولا يستعمل في الزجر إلا أمرًا. وقال قطرب: إذا كان البعير باركًا، قيل له ارحبي ارحبي ليقوم، وقال في كتاب (الفرق): يقال في زجر الفرس: إجد وإجد، وهجد وهجد، وإجدم يقال: أجدمت الفرس إجدامًا إذا قلت له ذلك. انتهى. وصيغة (إجد)، و (هجد) ليست على وزن الأفعال، ويتخيل لتخريجه بأن الأصل: إجدم، فحذفت الميم شذوذًا، ونقلت حركة الدال إلى الجيم، وأقروا همزة الوصل، لعروض التحريك كما قالوا: (اسل)، فصار (إجد)، ثم أبدلوا الهمزة هاء فقالوا: هجد، وإنما حكم على هذه الكلم بأنها أفعال لرفعها الضمير البارز،

واستغنى غالبًا بترك) عن (وذر) و (ودع)، وبالترك عن (الوذر)، و (الودع) وبتارك عن (وازر)، و (وادع)، وقرأ أبو بحرية «ما ودعك» بالتخفيف، وفي الحديث (ذروا الحبشة ما وذرتكم) وفيه (لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعة)، وعند البهاري في الأفعال التي لا تتصرف (ما جاءت حاجتك) و (قعدت كأنها حربة)، وأحسن بزيد، و (نكر) ضد عرف، وبسوى قال ابن الحاج بمعنى يساوي، وذكر هذين ابن كيسان في تعريفه (القسم الثاني من الجامد): وهو المبوب له وذلك: نعم وبئس وما جرى مجراها وصيغ التعجب.

باب نعم وبئس

باب نعم وبئس أوردوا الخلاف فيهما على طريقتين: إحداهما: أن مذهب البصريين والكسائي أنهما فعلان، وذهب الفراء، وكثير من الكوفيين إلى أنهما اسمان، وعلى هذه الطريقة ذكر أكثر أصحابنا الخلاف فيهما. والطريقة الثانية: أن الخلاف إنما هو بين الفريقين بعد إسناد نعم، وبئس إلى الفاعل، فذهب البصريون إلى أن (نعم الرجل) جملة، وكذلك (بئس الرجل)، وذهب الكسائي إلى أنهما اسمان محكيان بمنزلة (تأبط شرا) و (برق نحره). فـ (نعم الرجل) عنده اسم للممدوح، و (بئس الرجل) اسم للمذموم وهما جملتان في الأصل، نقلاً عن أصلهما وسمى بهما، وذهب الفراء: إلى أن الأصل: رجل نعم الرجل زيد، ورجل بئس الرجل بكر، حذف الموصوف، وأقيمت الصفة مقامه، فنعم الرجل، وبئس الرجل رافعان لزيد وعمرو، وكما أنك لو قلت ممدوح زيد، ومذموم عمرو لكانا مرفوعين بهما، ونعم وبئس لإنشاء المدح والذم، ولا يعملان في مصدر، ولا ظرف، وقد يقطع الاستمرار بـ (كان) تقول: لقد كان نعم الرجل ويدل على الصيرورة فتقول: لقد صار نعم [الرجل، وأصلهما فعل وقد يردان كذلك، ويقال: نعم] وبئس بإسكان حرف الحلق، ونعم

وبئس بكسر الفاء هو الكثير في السماع، وحكى الأخفش، وأبو علي (بيس) بفتح الباء، وإبدال الهمزة ياء على غير قياس، و (نعم وبئس) بكسر فاء الكلمة اتباعًا لحركة العين. ويظهر أن تجويز هذه الأوجه بعضها بالسماع، وبعضها بالقياس، وهو نعم بفتح النون وسكون العين، وبأس كذلك، وبئس بكسرهما، وفي تعليقة الصفار أجاز السيرافي: بئس وبئس وبأس، والمسموع إنما هو بئس بالهمزة وتركه. وسمع: نعيم الرجل زيد بالإشباع، وأجازوا في كل ما كان على وزن فعل فعلاً كان أو اسمًا، إذا كانت عينه حرف حلق الأوجه الأربعة التي في نعم نحو: سئم، وشهد، ونهم، وسخر، ووغر، ووحر، وفخذ، وفئر، ووحل وسهل، ووعر، وزعر، وذلك بشرطين: أن لا تكون العرب شذت في فكه نحو: (لححت عينه) أو اتصل بآخر الفعل ما يسكن له نحو: شهدت، أو كان اسم فاعل من فعل معتل اللام نحو: ضح من قولهم: ضحى الثوب ضحى، فهو ضح إذا اتسخ، وسخ من سخى البعير ظلع من وثوبه بالحمل الثقيل، فلا يجوز تسكين العين، وفاعل (نعم) و (بئس) ظاهر معرف (بأل) نحو: «نعم المولى» و «لبئس المهاد» أو مضافًا إلى ما هما فيه مباشرًا نحو: «ولنعم دار المتقين» «فلبئس مثوى المتكبرين» أو بواسطة نحو:

فنعم ابن أخت القوم غير مكذب … ... ... ... ... و (أل) هذه ذهب الجمهور إلى أنها جنسية، فقال قوم: حقيقة، فالجنس كله هو الممدوح، وزيد مندرج في الجنس، لأنه فرد من أفراده، قال سيبويه: لأنك تريد أن تجعله من أمة كلهم صالح، وقال قوم: هي جنسية مجازًا جعلت (زيدًا) جميع الجنس مبالغة، وذهب قوم إلى أنها عهدية في الذهن لا في الخارج، وذهب قوم إلى أنها عهدية شخصية، وهو مذهب أبي إسحاق بن ملكون من أصحابنا، وأبي منصور الجواليقي من أهل بغداد، ومحمد بن مسعود من نحاة عزنة، ورجحه الأستاذ أبو عبد الله الشلويين الصغير، وقال خطاب لا يكفيى تصوره، بل وجوده في الخارج في أشخاص، و (أل) عنده جنسية قال لو قلت: نعمت الشمس هذه، ونعم القمر هذا لم يجز، فلو قلت: نعم الشمس هند، ونعم القمر زيد جاز على التشبيه، ولو قلت: نعم القمر ما يكون لأربع عشرة، ونعمت الشمس شمس السعود جاز، وقال أيضًا: وقد يجوز نعم الزيد زيد بن حارثة، ونعم العمر عمر بن الخطاب، لأنك أردت واحدًا من جماعة، فصار جيدًا حسنًا لكل من له هذا الاسم انتهى. وإذا جاءت (ما) بعد (نعم وبئس)، فإما أن يكون ما بعدها اسم أو فعل، إن كان بعدها اسم نحو: بئس ما تزويج ولا مهر، ونعم ما زيد، فقيل مذهب البصريين أن (ما) تمييز نكرة غير موصوفة، وقد أضمروا في الفعل، والمرفوع بعد (ما)، هو

المخصوص بالمدح أو بالذم، وقيل (ما) معرفة تامة فاعل بالفعل، وهو قول سيبويه، والمبرد، وابن السراج، والفارسي، وأحد قولي الفراء، وروى عن الكسائي، قال سيبويه في: (غسلته غسلا نعما) أي نعم الغسل وقال الكسائي في (بئس ما تزويج) بئس التزويج، وقال المبرد في (دققته دقا نعما) أي نعم الدق، وقال قوم منهم الفراء: ما بعد نعم وبئس كالشيء الواحد لا موضع لها من الإعراب، فالمرفوع فاعل (بنعما وبئسما)، ومن قال بئست المرأة هند لم يقل بئست ما هند، ومن أجاز: نعمت المنزل مكة لم يلزمه أن يقول: نعمت ما جاريتك، فتحصل فيما إذا جاء بعدها اسم ثلاثة أقوال: النصب على التمييز، والرفع على الفاعل، والتركيب مع الفعل فلا موضع لها من الإعراب. وإن وقع بعد (ما) فعل نحو: نعم ما صنعت ففيها عشرة أقوال: أحدها: أن يكون (ما) فاعلاً اسمًا تامة معرفة، والمخصوص محذوف والفعل صفة له: التقدير: نعم الشيء شيء صنعت، وهذا هو مذهب المحققين من أصحاب سيبويه. الثاني: أن يكون (ما) نكرة منصوبة على التمييز، والفعل صفة لمخصوص محذوف التقدير: نعم شيئًا شيء صنعت. الثالث: أن (ما) نكرة منصوبة على التمييز، والفعل بعدها صفة (لما)

والمخصوص محذوف، وهو مذهب الأخفش، والزجاج وتبعهما الزمخشري. الرابع: أنها موصولة والفعل صلتها، والمخصوص محذوف قاله الفارسي. الخامس: أنها موصولة وهي المخصوص، وما أخرى تمييز محذوف التقدير: نعم شيئًا الذي صنعته، وهو قول الفراء. السادس: أن (ما) تمييز، والمخصوص (ما) أخرى موصولة، والفعل صلة لما الموصولة المحذوفة، وهو قول الكسائي. السابع: أنه لا حذف هنا و (ما) مصدرية، وتأويله: بئس صنعك، ولا يحسن في الكلام بئس صنعك حتى تقول: بئس الصنع صنعك، كما تقول: أظن أن تقوم، ولا تقول: أظن قيامك. الثامن: ما ذكره ابن مالك عن الفراء، والفارسي أن (ما) فاعلة موصولة يكتفي بها وبصلتها عن المخصوص. التاسع: أن (ما) كافة لنعم، كما كفت (ما) قل، فصارت تدخل على الجملة الفعلية. العاشر: أن (ما) نكرة موصوفة مرفوعة، ويجوز أن يتبع فاعل (نعم) و (بئس) الظاهر بعطف وبدل، يجوز مباشرتهما لنعم وبئس، ولا يجوز وصفه عند البصريين وأجازه قوم منهم ابن السراج، والفارسي، ولا يجوز توكيده توكيدًا معنويًا باتفاق.

وقال ابن مالك: ولا يمتنع التأكيد اللفظي فتقول: نعم الرجل الرجل زيد انتهى. ومن ذهب إلى أن (أل) عهدية شخصية فلا يبعد أن يجيز: نعم الرجل نفسه زيد، وينبغي أن لا يجوز التأكيد اللفظي إلا بسماع من العرب. وقال ابن أبي الربيع: لا يجوز أن يفصل بين نعم وفاعلها بشيء، ولا بظرف، ولا مجرور لا تقول: نعم في الدار الرجل زيد، ويجوز: نعم الرجل في الدار زيد، وفي البسيط: يصح الفصل بين الفعل والفاعل لتصرفه في رفعه الظاهر والمضمر، وعدم التركيب انتهى. فإن كان معمولاً للفاعل نحو: نعم فيك الراغب زيد، فأجازه الكسائي، ومنع من ذلك الجمهور، وقد جاء في الشعر ما يدل على الجواز قال: ... ... ... ... ... … وبئس من المليحات البديل ووجدت في شعر العرب الفصل بـ (إذن) قال: ... ... ... ... … لبئس إذن راعي المودة والوصل

وبالقسم قال: بئس عمر الله قوم طرقوا … فقروا أضيافهم لحما وحر وقال ابن الحاج في تعليقه على المقرب: قال الصيمري: أما أن تقدمه على التمييز نحو: نعم فيك راغبًا زيد فجائز بإجماع، قال ابن السراج وفيه نظر، وأما نعم طعامك آكلاً زيد فلا يجوز، وقال أبو علي في التذكرة: «نعم فيك الراغب زيد» فيك يتعلق بنعم انتهى. ولا يكون فاعلها نكرة مفردة، ولا مضافة هذا مذهب سيبويه وعامة النحويين إلا في الضرورة، وأجاز ذلك الكوفيون، والأخفش، وابن السراج، ونقل الأخفش أن ناسًا من العرب يرفعون بهما النكرة المفردة. ونقل في الأوسط: أن ناسا من العرب يرفعون بهما النكرة المفردة. ونقل في الأوسط: أن ناسا من العرب يرفعون بهما النكرة إذا أضافوهما إلى نكرة يقولون: نعم أخو قوم أنت، فمن قال ذا قال: نعم أخو قوم، وصاحبهم أنت إذا جعلت الثاني نكرة، فإن جعلته معرفة لم يجز. وقال الفراء: يجوز رفع النكرة المضافة إلى نكرة ونصبها تقول: نعم غلام سفر غلامك، ونعم غلام سفر غلامك، ومن كلام الحارث بن عابد: «نعم قتيل أصلح الله به بين ابني وائل».

وجاء في الشعر: كون الفاعل نكرة مفردة، ونكرة مضافة وأجاز بعض النحاة أن يكون الفاعل ما أضيف إلى ضمير ذي (أل) نحو: فنعم أخو الهيجا ونعم شهابها والصحيح المنع، وهذا يحفظ ولا يقاس عليه، وقالت العرب: (نعم رجلاً زيد) فذهب سيبويه، ومعظم البصريين إلى أن في (نعم) ضميرًا مستكنًا هو فاعل بـ (نعم)، و (رجلا) تمييز لذلك الضمير، وذهب الكسائي، والفراء أنه لا ضمير ثم، والفاعل بنعم هو زيد، والمنصوب عند الكسائي حال، وتبعه دريود. وعند الفراء تمييز من قبيل المنقول، والأصل: رجل نعم الرجل زيد حذف رجل، وقامت صفته مقامه، ثم نقل الفعل إلى اسم الممدوح فقيل: نعم رجلا زيد، ويقبح عنده تأخيره، ويجوز عند الكسائي تأخير المنصوب فتقول: نعم زيد رجلاً، ويمتنع تقديمه عندهما على نعم. وفي البسيط عن الكوفيين: أن انتصاب رجلا هو على التفسير للمدوح، ولا يقدرون فاعلاً، وكأنك قلت: زيد الممدوح رجلاً، وذهب ابن الطراوة إلى أنه لا إضمار في الفعل، وأن الفاعل محذوف، وقاله أبو سعد علي بن مسعود صاحب المستوفى قال: المشهور أن فاعل (نعم) محذوف بشريطة التفسير فكأن التقدير: نعم الرجل رجلاً زيد، انتهى.

والقائلون بأن في (نعم) ضميرًا، والمنصوب بعده تمييزًا اختلفوا فمن قال: (أل) في نعم الرجل جنس اختلفوا هنا فقال بعضهم: الضمير هنا شخص كأنك قلت: زيد نعم هو رجلا وقيل هو جنس، ومن قال بأن (الرجل) أل فيه عهدية شخصية قال الضمير هنا شخص. وإذا فرعنا على أن في (نعم) رجلاً زيد ضميرًا، فقالوا: يمتنع أن يعطف عليه، وأن يبدل منه، وأن يؤكد بضمير أو غيره لا يجوز: نعم هو رجلاً زيد، وأما ما روى من نحو: نعم هم قوما أنتم فشاذ، و (هم) تأكيد للضمير المستكن في نعم على المعنى، وهذا المنصوب بعد (نعم) تقدم الخلاف فيه أهو حال أو تمييز، والتفريع على أنه تمييز، وهو مؤخر عن (نعم)، وأما تأخيره عن المخصوص فتقول: (نعم زيد رجلا). فذهب البصريون إلى المنع من ذلك، وذهب الكوفيون إلى جواز ذلك، وهو قبيح عند الفراء، وما روى من قول بعضهم: نعم زيد رجلاً شاذ، وقد منع سيبويه ذلك في كتابه، وشرط هذا التمييز أن يكون مبينا للنوع الذي قصد به المدح، أو الذم فلا يجوز: نعم غيرك زيد ونحوه مما هو متوغل في الإبهام كـ (مثل) و (أي)، وأن لا يكون فيه معنى المفاضلة فلا يجوز: نعم أفضل منك زيد، ولا نعم أفضل رجل، وألا يكون عاما في الوجود فلو قلت: نعم شمسا هذه الشمس، ونعم قمرًا هذا القمر لم يجز، فلو قلت: نعم شمسًا شمس هذا اليوم، ونعم قمرًا قمر هذه الليلة جاز، ويلزم ذكر هذا التمييز، ولا يجوز حذفه نص على ذلك سيبويه، وأجازه بعضهم على قلة.

وقال بعض أصحابنا: (فبها ونعمت) شاذ، وخرجه ابن عصفور على تقدير: فبالرخصة أخذ، ونعمت رخصة الوضوء، وابن هشام على تقدير ونعمت الفعلة الآخذ بالسنة، ويجوز وصف هذا المفسر فتقول: نعم رجلا صالحا زيد، وقالوا: حسن إيمانًا نفعك، ورجح عقلاً ردعك قاله في البسيط. وإذا كان المضمر مفسرًا بمؤنث، فنص أبو غانم في كتابه (المحلى) على إلحاق التاء فتقول: نعمت جارية جاريتك، وبئست جارية جاريتك، ونص خطاب على التخيير في ذلك فتقول: نعم جارية هند، وبئست جارية جمل، أجرى الضمير مجرى الظاهر المؤنث، تقول: نعم المرأة هند، ونعمت المرأة هند. ونص ابن أبي الربيع، على أنها لا تلحق لا تقول: نعمت امرأة هند، إنما يقال: نعم امرأة هند، استغناء بتأنيث المفسر، وقال ابن أبي الربيع: لا يجوز الفصل بين نعم، وبئس ومفسر المضمر لا تقول: نعم في الدار رجلاً زيد، والصحيح جوازه قال تعالى: «بئس للظالمين بدلا» وأجاز المبرد، وابن السراج، والفارسي الجمع بين الفاعل الظاهر، والتمييز نحو: نعم الرجل

رجلا زيد، وظاهر كلام سيبويه أنه لا يجوز، وبه قال السيرافي، وجماعة، واختاره ابن عصفور، ومما ورد من ذلك في النثر قول الحارث بن عباد: «نعم القتيل قتيلا أصلح بين بكر وتغلب» هكذا جاء قتيلا بالنصب، ومما ورد في النظم قول الشاعر: نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت … رد التحية نطقًا أو بإيماء وفصل بعض أصحابنا، فقال: إن أفاد التمييز معنى لم يفده الفاعل جاز الجمع بينهما نحو: نعم الرجل رجلاً فارسًا زيد، ولا يجوز دخول (من) على هذا التمييز لا يقال: نعم من رجل زيد، فإن جاء فضرورة، ولا يجوز أن يكون فاعل (نعم) و (بئس) موصولاً، نص عليه الجرمي في (الفرخ) وهو مذهب الكوفيين، وكثير من البصريين، وأجاز المبرد، والفارسي إسنادهما إلى الذي الجنسية، وجاء ذلك في كلام العرب قال الشاعر: لعمري لئن أنزفتم أو هجرتم … لبئس الذي ما أنتم آل أبجرا

وأجاز ذلك قوم في (من وما) الموصولتين، وظاهر قول الأخفش أنه يجيز (نعم الذي يفعل زيد)، ولا يجيز (نعم من يفعل زيد)، والضمير المرفوع بـ (نعم) المفسر بالنكرة عند سيبويه، والبصريين، مفرد دائمًا سواء أكان مفسرًا بمفرد أم مثنى أم مجموع، وأجاز قوم من الكوفيين تثنيته وجمعه مطابقًا للتمييز تقول: أخواك نعما رجلين، وقومك نعموا رجالاً، وروى ذلك الكسائي عن العرب، وحكى الأخفش عن بعض بني أسد: (نعما رجلين الزيدان)، ونعموا رجالاً الزيدون، ونعمت رجالاً، ونعمت نساء الهندات ثم قال: لا آمن أن يكون فيهم التلقين انتهى. وروى نعم بها قومًا أي: نعم هم، زاد الباء في الفاعل، وقالوا: نعم عبد الله خالد، وبئس عبد الله أنا إن كان كذا، وشهدت صفين وبئست صفون، وخرج على حذف التمييز، ونعم وبئس مسندان إلى ضمير وعبد الله، و (صفون) هما المخصوص، وعلى هذا خرجه ابن مالك، لاعتقاده جواز

حذف التمييز، وأجاز الجرمي أن يقاس على نعم عبد الله خالد فتقول: نعم عبد الله زيد، فـ (عبد الله) مرفوع بنعم، و (زيد) المخصوص. وإن كان فاعل (نعم) مضافًا إلى الله وهو علم، ومنع ذلك عامة النحاة سواء كان عبد الله علمًا، أم كان واحدًا من العبيد أضيف إلى الله تعالى وجاء في الشعر: بئس قوم الله قوم طرقوا … ... ... ... ... وجاء أيضًا ما ظاهره إسناد بئس إلى اسم الإشارة متبوعًا بذي اللام قال: بئس هذا الحي حيا ناصرًا … ... ... ... ... ... ... والمخصوص بالمدح والذم يجوز حذفه إذا دل عليه الدليل نحو: قوله تعالى: «نعم العبد» أي أيوب، و «فنعم الماهدون» أي نحن، وذهب بعض المتأخرين إلى أنه لا يجوز حذفه إلا إذا تقدم ذكره، والأكثرون لم يشترطوا في جواز حذفه التقديم، ويجوز أن يذكر قبلهما مبتدأ نحو: زيد نعم الرجل، وزيد نعم رجلاً وجوزوا في قول من قال: باسمية نعم وبئس إعرابهما مبتدأ، والمخصوص الخبر والعكس. وإذا كان (زيد) مبتدأ، فالجملة بعده في موضع الخبر، والعموم هو الرابط، لأن (أل) للجنس، وقال ابن السيد: الرابط هو: (هو) محذوف، فالتقدير:

زيد هو نعم الرجل، وقال ابن الطراوة: نعم الرجل تحمل الضمير، لأن التركيب أصار الجملة اسمًا بمعنى الممدوح، أو المذموم، فتحمل الضمير الذي تحملاه، ومن قال بأن (أل) للعهد، جعل الرابط تكرار المبتدأ باسم هو المبتدأ من حيث المعنى، وإذا قلت: زيد نعم رجلاً فتجيء هذه المذاهب إلا مذهب ابن الطراوة، فالرابط هو الضمير الذي رفعته (نعم) و (بئس) ثم حذف. وتدخل بعض النواسخ على هذا الاسم تقول: كان زيد نعم الرجل، وإن زيدًا نعم الرجل، وظننت زيدًا نعم الرجل، ويجوز أن تؤخر المخصوص بعد (نعم) و (بئس) فتقول: نعم الرجل زيد، فـ (زيد) مبتدأ والجملة قبله خبر عنه كحاله إذا تقدم هذا مذهب سيبوبه والأخفش، وقيل: خبر مبتدأ محذوف تقديره هو زيد، ونسب هذا إلى سيبويه، وقال به جماعة منهم الجرمي، والمبرد، والزجاج، وابن السراج، والسيرافي، والفارسي، وابن جني، والصيمري. وأجاز جماعة أن يكون مبتدأ محذوف الخبر تقديره: زيد هو، أو زيد الممدوح، وذكر ابن عصفور أن هذين الإعرابين مذهب الجمهور، وذهب

أبو سعد صاحب المستوفى: إلى أنه بدل من الرجل، قال: ولا يلزم أن يقال نعم زيد، لأنه قد يجوز في الاسم إذا وقع بدلاً ما لا يجوز فيه إذا ولى العامل، فإنهم قد حملوا: إنك أنت قائم على البدل، وإن كان لا يجوز إن أنت، وإن كان الرجل كليا، وزيد خاص، فيكون من بدل الاشتمال، انتهى. وإن تأخر جاز أن يكون معمولاً لبعض النواسخ نحو: نعم الرجل كان زيد، ونعم الرجل ظننت زيدًا، فتكون الجملة في موضع خبر كان، وفي موضع المفعول الثاني لظن، والغالب كون المخصوص معرفة أو قريبًا من المعرفة بالتخصيص نحو: نعم الفتى رجل من قريش، وقالوا: نعم البعير جمل، ونعم الإنسان رجل، ونعم مالاً ألف، ونعم المال أربعون، والمخصوص يصلح الإخبار به عن الفاعل موصوفًا بالممدوح بعد نعم وبالمذموم بعد بئس، كقولك: في نعم الرجل زيد: الرجل الممدوح زيد، وفي بئس الولد العاق أباه، الولد المذموم العاق أباه قاله ابن مالك. ولا يسوغ هذا إلا إذا رفع (نعم) و (بئس) الظاهر أما إذا رفع (المضمر) فلا يصلح ذلك فيه، بل يعتبر ذلك في التمييز، فإذا قلت: نعم رجلاً زيد، فالإخبار بما ذكر يكون في التمييز، فتقول: الرجل الممدوح زيد، وكذا في بئس، وما ذكره هو معنى ما ذكره أصحابنا من أن شرط المخصوص أن لا يكون أعم، ولا مساويًا، بل يكون أخص فلو قلت: نعم الرجل الإنسان، أو نعم الرجل المرء لم يجز، فإن باينة أول كقوله تعالى: «بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله» أي مثل الذين كذبوا، حذف (مثل)، وهو المخصوص بالذم وقام (الذين) مقامه، وقد يحذف المخصوص وتخلفه صفته اسمًا نحو: نعم الرجل حليم كريم أي رجل حليم كريم، أو فعلاً.

قال ابن مالك: ويكثر ذلك إذا كانت الصفة فعلا نحو: نعم الصاحب تستعين به، فيعينك، أي: رجل تستعين به، وهذه المسألة فيها خلاف أجاز ذلك الكسائي، وأجاز: (نعم الرجل عندي)، ومنع ذلك فيها أكثر النحاة، وأما قوله: بئس مقام الشيخ أمرس أمرس فأول على أن التقدير مقام مقول فيه، أو يقال فيه أمرس، أمرس، حذف المخصوص وصفته، وأبق متعلق الصفة وهذا في غاية الشذوذ، وإذا كان المذكر كنى به عن مؤنث، أو المؤنث كنى به عن مذكر، جاز أن يعامل معاملة ما كنى به عنه تقول: هذه الدار نعمت البلد، وهذا البلد نعم الدار، ويجوز في الأول نعم البلد، وفي الثانية: نعمت الدار، وترك التاء أجود إذا كان الفاعل مذكرًا قد كنى به عن مؤنث، والأحسن في نعمت الجارية أختك التاء، وكذا في التثنية وترك التاء أحسن في الجماعة من النساء: نحو: نعم النساء أخواتك. ويلحق (بنعم وبئس) في الأحكام (فعل) موضوعًا كـ (لؤم)، و (ظرف)، أو محولاً من فعل وفعل إلى (فعل): عقل، وبخس، فيثبت لـ (فعل) أحكام (نعم وبئس)، ويصير المتعدى من فعل، وفعل بالتحويل إلى فعل لازمًا نحو: ساء الرجل زيد، ونص النحاة على أن العرب شذت في ثلاثة أفعال، فلم تحولها واستعملتها استعمال نعم وبئس، وهي (علم وجهل

وسمع): علم الرجل، زيد، وجهل الرجل بكر، وسمع الرجل خالد، إذا أرادوا المبالغة في علمه، وجهله، وسمعه، كذا قال الكسائي: أنه يجوز أن يبنى على (فعل) إلا في هذه الأفعال الثلاثة، ومن النحويين من أجاز فيها سمع وجهل وعلم بضم عين الكلمة، وقال خطاب الماردي في كتاب الترشيح: إن تعجبت من الرباعي فصاعدًا، أو الألوان والعاهات، فإنهم عدلوا فيه عن الأصل في هذا الباب، واستغنوا فيه بأفعل الفعل فعله تقول: أشد الحمرة حمرته، وأسرع الانطلاق انطلاقه، وأفحس الصمم صممه، وكان القياس أن يقولوا: لفحش الصمم صممه، ولشدة الحمرة حمرته، فيرفعونه من حيث رفعوا لكرم الرجل زيد، ولكنهم استغنوا عنه بما ذكرت لك انتهى. وإذا استعمل (فعل) هذا لمدح أو ذم، فمذهب الفارسي وأكثر النحويين إلحاقها بباب (نعم وبئس) فقط، فتثبت له جميع أحكام (نعم وبئس)، وذهب الأخفش، والمبرد أنه يجوز إلحاقه بباب التعجب، وحكى الأخفش الاستعمالين له في الكبير عن العرب تقول: حسن الرجل، ولحسن زيد في معنى ما أحسنه، وكيفية بناء فعل جارية مجرى نعم وبئس أو مرادًا بها التعجب، إن كان صحيح العين واللام، وأجريته مجرى نعم: نحو: حسن الوجه وجهك، فيجوز فيه إقرار ضمه العين وتسكينها ونقلها إلى فاء الكلمة، وإن أجريته مجرى فعل التعجب جاز الضم والتسكين، ولا يجوز النقل تقول: لحسن الرجل في معنى ما أحسنه. وإن كان مضاعفًا فالإدغام تقول: لحب الرجل، ويجوز النقل إلى الفاء نحو: لحب الرجل زيد، وإن كان معتلهما من باب قوة قلبت الضمة كسرة واللام ياء نحو: لقوى الرجل زيد، أو من باب شوى قلبت الياء واوًا، وتفعل به ما فعلت بباب قوة فتقول: لشوى الرجل زيد، ويجوز التسكين فيهما فتقول: لقوى ولشوى، ولا تدغم.

وإن كان معتل العين نحو: جاد وباع لزم قلبها ألفًا، فتقول: إذا كان حسن القول والبيع: قال الرجل زيد، وباع الرجل بكر، وإن كان معتل اللام على فعل وصفا نحو: سرو قلت: سرو الرجل زيد، ويجوز التسكين، أو على فعل أو فعل نحو: رمى، وغزا، وخشى، ولهى، فذهب الجمهور إلى تحويلهما إلى فعل، فتظهر (الواو) في ما أصله الواو نحو: غزو، وتنقلب الياء فيما أصلها ياء واوًا فتقول: رمو وخشو، ولهو، وإذا سكنت عين الكلمة مما لامه (ياء)، لم ترد اللام إلى أصلها من الياء، وذهب بعض النحاة إلى أن هذا النوع يقر على حاله فتقول: لرمى الرجل زيد، ولغزى الرجل بكر، وذكره أبو بكر في الأصول عن الكسائي، وذكر سيبويه والأخفش وغيرهما القلب فيه. وقالت العرب: لقضوا الرجل زيد، ويجوز دخول اللام على فعل كان مستعملاً استعمال نعم، أو مرادًا به التعجب، وإذا كان (فعل) مرادًا به التعجب جاز جرّ فاعله بالياء نحو: حسن بزيد رجلاً، تريد: ما أحسن زيدًا رجلاً، حكى الكسائي عن العرب: «مررت بأبيات جدن أبياتا، وجاد بهن أبياتا». وفاعل (فعل) هذا يكون معرفة، ونكرة وكثر جره بالباء في الشعر، ويضمر على وفق ما قبله من إفراد وتثنية وجمع نحو: زيد لكرم وهند لكرمت، والزيدان كرما رجلين، والزيدون كرموا رجالا تريد معنى ما أكرم. وقال خطاب: اللام لام قسم، ويجوز حذفها: كرم الرجل، وشرف الغلام يعني ما أكرمه وما أشرفه، ولا يقع هذا الفعل في التعجب إلا على ما فيه ألف ولام خاصة في قول الأخفش ومن وافقه، وقد رأيت في كتاب المقتضب لأبي العباس أنه يجيء: كرم زيد، وشرف عمرو، وهو يريد التعجب ولا أدري ما قوله.

باب حبذا

باب حبذا أصل (حب) فعل، وهو متعد ثم بني على فعل، لإنشاء المدح فلا يتعدى، وقد جاء بعده فاعلاً ليس اسم إشارة كقوله: ... ... وحب من يتحبب … ... ... ... ... ... وإذا كان بعدها ذا، ولم تلحظ إشارته بل أريد المدح كان ذا مفردًا لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث تقول: حبذا زيد، حبذا هند، حبذا الزيدان، حبذا الزيدون، واختلف النحاة في الإعراب في (حبذا)، فذهب ابن درستويه، وابن كيسان، والفارسي في البغداديات، وابن برهان، وابن خروف، إلى أن (ذا) فاعل، ونسب إلى الخليل وسيبويه، وهذا قول من لم يدع التركيب، وأفرد، لأنه كالمثل، أو أريد به جنس شائع، أو على حذف أي: حبذا أمر زيد (أقوال). وذهب المبرد، وابن السراج، والسيرافي، والأكثرون إلى أنهما تركبا وصارا اسمًا واحدًا مرفوعًا بالابتداء، ونسب هذا إلى الخليل وسيبويه، وذهب قوم منهم الأخفش، وخطاب

الماردي، إلى أنهما تركبا وصارا فعلاً، والمخصوص هو الفاعل. وقالت العرب: لا تحبذه، وتدخل (لا) على حبذا، فتكون للذم قال: لا حبذا أنت يا صنعاء من بلد … ... ... ... ... ... ودخول (لا) على حبذا مشكل على كل إعراب حبذا، ومن قال بأنه اسم مركب أعربه مبتدأ، والمخصوص الخبر، قاله المبرد، أو عكسه، واختاره الفارسي، ومن أعرب (ذا) فاعلاً، فالمخصوص مبتدأ والجملة خبر، والرابط اسم الإشارة. وقال ابن كيسان: ليس مبتدأ، بل هو بدل من (ذا) لازم التبعية، وهو اختيار ابن الحاج: قال: ولا يلزم منه (حب زيد)، لأنه استعمل استعمال الأمثال، وقال بعضهم: هو عطف بيان وقيل: مبتدأ محذوف الخبر، وقيل خبر مبتدأ محذوف، وقاله الصيمري. وذهب (دريود) إلى أن (ذا) صلة يعني زائدًا، وليس اسمًا مشارًا إليه بدليل حذفه في: (رجز). ... ... ... ... ... وحب دينا

ولا يدخل على حبذا زيد النواسخ، ولا يقدم المخصوص بخلاف نعم لا تقول: كان حبذا زيد لا برفع زيد ولا نصبه، ولا تقول: زيد حبذا، ويجيء قبل المخصوص، وبعده اسم نكرة منصوب نحو: حبذا راكبًا زيد، وحبذا زيد راكبًا، وتأخيره عند الفارسي أولى، وتقديمه عند ابن مالك أولى، وهذا المنصوب يطابق المخصوص في إفراد وتثنية، وجمع، وتذكير، وتأنيث، واختلف النحاة في هذا المنصوب بعد (حبذا)، فذهب الأخفش، والفارسي، والربعي، وخطاب، وجماعة من البصريين إلى أنه منصوب على الحال لا غير وسواء أكان جامدًا أم مشتقًا، وذهب أبو عمرو بن العلاء إلى أنه منصوب على التمييز لا غير جامدًا كان أو مشتقًا، وأجاز الكوفيون، وبعض البصريين نصبه على التمييز، وفصل بعض النحاة فقال: إن كان مشتقًا فهو حال، وإن كان جامدًا فهو تمييز، والذي يظهر أنه إن كان جامدًا كان تمييزًا، وإن كان مشتقًا فمقصدان للمتكلم إن أراد تقييد المبالغة في مدح المخصوص بوصف كان حالاً، وإن أراد عدم التقييد، بل تبيين جنس المبالغ في مدحه كان تمييزًا مثال الأول: يا حبذا المال مبذولاً بلا سرف … ... ... ....

ومثال الثاني: حبذا راكبًا زيد، وهذا يدخل عليه (من) فتقول: من راكب، وفي البسيط: جواز نصبه على إضمار أعني فلا يكون تمييزًا، ولا حالاً، وهو قول غريب، وإذا كان النصب على الحال؛ فإن كانت الحال لاسم الإشارة ناسب أن يليه فتقول: حبذا (راكبًا زيد)، وإن كانت الحال من المخصوص ناسب أن يليه نحو: حبذا زيد راكبًا. وإذا كان النصب على التمييز، فالأحسن أن يلي (ذا)، ولا يكون بعد (زيد)، ولا شك أنه يقال: حبذا رجلا زيد، وحبذا زيد رجلاً، وحبذا راكبًا زيد، وحبذا زيد راكبًا، وقال ابن خروف: تقديم التمييز على المخصوص أحسن، وسوى بين التقديم والتأخير في الحال، وقال الجرمي في الفرخ: إذا كان المنصوب تمييزًا قبح تقديمه قبل زيد، وجعله متصلاً بـ (ذا)، وإن كان حالاً، فإن شئت قدمت، وإن شئت أخرت، وهذا بناء من الجرمي على أن زيدًا فاعل بـ (حبذا) قال والتمييز: إنما يكون بعد الفاعل، وهذا يدل على أنه لا يجوز عنده: امتلأ ماء الإناء. وحكى الفارسي عن الكوفيين أنهم لا يجيزون (حبذا رجلا زيد) وحذف المخصوص بعد حبذا قليل، ومنه: فحبذا ربا أي الإله: وزعم ابن مالك أنه قد يستغنى بالتمييز عن (ذا) واستدل بقوله: وحب دينا

ولا دليل في ذلك إذ قوله: (وحب دينا) من باب نعم رجلاً أي: وحب دينًا ديننا، أضمر في (حب) كما أضمر في نعم، و (دينا) تمييز لذلك المضمر، وحذف المخصوص لدلالة المعنى عليه، ومن ذهب إلى أن (ذا) فاعل في حبذا لا يجيز اتباعه لا بنعت، ولا تأكيد، ولا بدل، ولا عطف، ويجوز ذلك في المخصوص، ويجوز أن يكون المخصوص اسم إشارة مخالف في الرتبة لـ (ذا)، والفصل بالنداء بين (حبذا) والمخصوص، وقد جمع ذلك في قوله: ... ... ... ... ... … ألا حبذا ياعز ذاك التساتر ويجوز تأكيد (حبذا) التأكيد اللفظي، أنشد أبو الفتح في المنصف ألا حبذا حبذا حبذا … حبيب تحملت فيه الأذى وما كان على (فعل) أصلاً، أو تحويلاً، يجوز نقل ضمة العين إلى الفاء إذا أريد به مدح أو ذم كان فاؤه حرف حلق كحسن، وحب ولا كضرب، فإن كان مضعفًا، وأسند إلى ما يسكن آخر الفعل له لم يجز النقل نحو: حببت يا هذا، وحببت يا هند. وفي النهاية: يجوز أن تعمل (حبذا) في الظرف، كما عملت في التمييز، والحال، ولا تعمل في المصدر، لأنه غير متصرف فلا مصدر له،

ولا يجوز حبذا إلا إخوتك القوم، ويجوز حبذا القوم إلا أخوتك، إن جعلت (القوم) بدلاً، وإلا لم يجز، ويجوز أن يعمل في المفعول له، والمفعول معه نحو: حبذا زيد إكرامًا له، وحبذا وعمرًا زيد انتهى. ولا يقدم على شيء من هذه التراكيب إلا بسماع من العرب.

باب صيغ التعجب

باب صيغ التعجب صيغة (ما أفعله)، و (أفعل به)، و (أفعل)، فأما (ما أفعله) فنحو: ما أحسن زيدًا، فـ (ما) مبتدأ إجماعًا إلا خلافًا شاذًا عن الكسائي أنه لا موضع له من الإعراب، ومذهب الخليل، وسيبويه وجمهور البصريين أن (ما) نكرة تامة بمعنى شيء، وما بعدها خبر، وذهب الفراء، وابن درستويه إلى أن (ما) استفهامية دخلها معنى التعجب، وتأوله ابن درستويه على الخليل، ونسب كونها استفهامية ابن مالك إلى الكوفيين. وعن الأخفش في (ما) ثلاثة أقوال: أحدها: كقول جمهور البصريين. والثاني: أن (ما) موصولة، والفعل صلته، والخبر محذوف واجب الحذف، والتقدير: الذي أحسن زيدًا عظيم، وحكى البهاري أنه مذهب الكوفيين، وحكاه ابن بابشاذ عن طائفة منهم. والثالث: أن (ما) نكرة موصوفة الفعل صفتها، والخبر محذوف واجب الحذف التقدير: شيء أحسن زيدًا عظيم. و (أفعل) مذهب البصريين، والكسائي أنه فعل و (زيدًا) مفعول به، والهمزة في (أفعل) للتعدية، وفي (أحسن) ضمير فاعل، يعود على (ما)،

وهو مذكر غائب مفرد لا يتبع لا بعطف ولا يؤكد بضمير، ولا بنفس، ولا ببدل، ومذهب الكوفيين غير الكسائي أن (أفعل) اسم، وانتصب الاسم بعده في قول الفراء ومن وافقه من الكوفيين على حد ما انتصب في قولهم: زيد كريم الأب فأصله في نحو: ما أظرف زيدًا: زيد أظرف من غيره، إلا أنهم أتوا (بما) فقالوا: ما أظرف زيدًا على سبيل الاستفهام، نقلوا الصفة من زيد وأسندوها إلى ضمير (ما)، وانتصب زيد بـ (أظرف) فرقًا بين الخبر والاستفهام. والفتحة في (أفعل) فتحة إعراب، وهو خبر عن (ما)، وإنما انتصب لكونه خلاف المبتدأ الذي هو (ما)، إذ هو في الحقيقة خبر عن زيد، وإنما أتى بـ (ما) ليعود عليها الضمير، والخبر إذا كان خلاف المبتدأ كان منتصبًا بالخلاف على مذهب الكوفيين في زيد خلفك، وزعم بعض الكوفيين، أن (أفعل) اسم مبني، لتضمنه معنى التعجب. وأما (أفعل به) نحو: أحسن بزيد، فاتفقوا على أنه فعل إلا ما في كلام ابن الأنباري من تصريحه بأنه اسم، ومذهب جمهور البصريين أن صورته صورة الأمر، وهو خبر في المعنى، والهمزة فيه للصيرورة، ومعناه: أحسن زيد، أي صار حسنًا في معنى ما أحسن زيدًا، والمجرور في موضع الفاعل، والباء زائدة لازمة إلا مع (أن) وصلتها فجاء حذفها. وفي النهاية: لا يجوز حذف الباء من أن وأن في التعجب بل تقول أحبب إلي بأن تزورني، وأهون علي بأن زيدًا يغضب، وفي شعر الشريف الموسوي إسقاطها قال: أهون علي إذا امتلأت من الكرى … أني أبيت بليلة الملسوع

وفي كلام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، حذف الباء من أن وقد جاء: وقال أمير المسلمين تقدموا … وأحبب إلينا أن تكون المقدما يريد بـ (أن) فحذف الباء وجاء: تردد فيها ضوؤها وشعاعها … فأحسن وأزين لامرئ أن تسربلا يريد بأن تسربل، وذهب الفراء، والزجاج، والزمخشري وابن خروف إلى أنه أمر حقيقة، والهمزة للنقل، و (بزيد) مفعول والباء زائدة، والمخاطب قال ابن كيسان، وتعبه ابن الطراوة، وهو ضمير المصدر الدال عليه الفعل كأنه قيل يا حسن أحسن بزيد أي ألزمه ودم به. وقيل الفاعل ضمير المخاطب ولم يبرز باختلاف المخاطب، من تثنية وجمع وتأنيث، لأنه جرى مجرى المثل، وربما أكد (أفعل) بالنون نحو: أحسنن

بزيد، واختلفوا فيما كان على فعل وفعل إذا صير إلى (فعل) هل يحول قبل التصيير إلى (أفعل) إلى (فعل) ثم تدخل عليه همزة النقل فقيل: يحولان إلى (فعل)، وقيل لا يحولان، وهو ظاهر كلام سيبويه وتصحيح عين (أفعل) و (أفعل) وفك (أفعل) المضعف واجب عند الجمهور تقول: ما أبين الحق وما أنوره، وأبين بالحق، وأنور به، وأجلل بزيد. وذهب الكسائي إلى جواز التصحيح في أفعل كمذهب الجمهور وإلى جواز الإعلال، فتقول: أطول بهذه النخلة وأطل بها، وإلى جواز الفك في (أفعل) كمذهب الجمهور، وإلى جواز الإدغام فتقول: أجلل بزيد وأجل به، وجواز تصغير (أفعل) نحو: ما أحيسن زيدًا، هو نص الكوفيين والبصريين، واقتياسه وتقول في تصغير ما أحيا زيدًا: ما أحيى أصله: ما أحيى، وقول ابن مالك: وشذ تصغير (أفعل) مقصور على السماع خلافًا لابن كيسان في اطراده قول من لم يطلع على كلام النحاة في هذه المسألة. وأما تصغير (أفعل) نحو: أحسن بزيد فلا يجوز، وأجاز ابن كيسان تصغيره فتقول: أحيسن بزيد قياسًا على ما أحيسن زيدًا، ويجوز حذف المتعجب منه بأفعل للدلالة عليه تقول: زيد ما أعف تريد ما أعفه، وأفعل نحو: زيد أحسن به وأجمل، فمذهب سيبويه أنه لا يجوز حذف الفاعل المجرور ولا جاره، وأجاز ذلك ناس منهم أبو الحسن.

وزعم الفارسي، وقوم من النحاة أنه لم يحذف الفاعل في (أفعل)، بل حذف حرف الجر، فاستتر الفاعل في (أفعل)، وزعم بعض أصحابنا أنه لا يجوز الاقتصار على الاسم بعد (أفعل) و (أفعل) إلا في باب التنازع نحو: ما أحسن وأجمل زيدًا، وأحسن وأجمل بزيد، ويعني أن كل فعل منهما يطلب مفعولاً فلا يجوز أن يقتصر على اسم واحد في باب التنازع قال على خلاف فيه. والمتعجب منه: مخبر عنه في المعنى، فلا يكون إلا معرفة أو نكرة مختصة، فإن كان معرفًا بـ (أل) للعهد نحو: ما أحسن القاضي: تريد قاضيًا بينك وبين المخاطب عهد فيه، فأجاز ذلك الجمهور، ومنعه الفراء، وإن كان (أيا) الموصولة بفعل ماض نحو: ما أحسن أيهم قال ذلك، فمنعها الكوفيون والأخفش وأجازها غيرهم. فإن وصلت بمضارع جازت عند الجمع نحو: ما أحسن أيهم يقول ذلك وتقول: ما أحسن ما كان ما كان زيد، والمعنى: ما أحسن ما كانت كينونة زيد فالأولى في موضع نصب، والثانية في موضع رفع، أجاز ذلك هشام ومعها غيره. وقال النحاس: هي جائزة على أصل البصريين وتقول: ما أحسن ما كان زيد ضاحكًا إن كان (كان) تامة، ونصب (ضاحكًا) على الحال جازت عند الجميع، وإن كان (كان) ناقصة أجازها الفراء، ومنعها البصريون وتقول: ما أحسن ما ظننت عبد الله قائمًا، (قائمًا) عند البصريين خبر، فلا يجوز حذفه، وهو عند الفراء حال، فإن شئت لم تأت به وتقول: ما أحسن أحدًا يقول ذلك أجازها الكسائي ومنعها الفراء والبصريون؛ فإن جعلت (أحدًا) بمعنى واحد صحت المسألة، وتقول: ما أحسن ما ليس يذكرك زيد، قال بعض أصحابنا: يجوز قال: لا يجوز: ما ليس زيد قائمًا، وهو مذهب البغداديين وتقول:

ما أحسنك وجهًا، وما أحسن زيدًا رجلاً، تنصب وجهًا ورجلاً على التمييز، وأما (أفعل) فتقدم الكلام فيه في آخر باب نعم وبئس، وفي كيفية بنائه، ولا يؤكد فعل التعجب هذا مذهب الجمهور، وأجاز الجرمي تأكيده فتقول: ما أحسن زيدًا إحسانًا، وأحسن بزيد إحسانًا، والقياس يقتضيه لكنه والله أعلم لم يسمع من العرب، وهذه الصيغ ثلاثة كما ذكرنا، وزاد الكوفيون (أفعل) بغير (ما) مسندة إلى الفعل نحو قوله: ... ... ... ... .... … ... ... ... .... فأبرحت فارسا أي ما أبرحت فارسًا، وزاد بعض النحاة في صيغ التعجب (أفعل من) كذا، ولا تتصرف هذه الصيغ لا تستعمل من (ما أفعله) مضارع ولا أمر، ولا من (أفعل به) ماض، ولا مضارع، ولا من (أفعل) مضارع ولا أمر، وشذ هشام فأجاز في (ما أفعل زيدًا) أن يؤتى له بمضارع فتقول: ما يحسن زيدًا وما قاله قياس، ولم يسمع فوجب اطراحه، ولا يفصل بين (أفعل) ومعموله، ولا بين أفعل ومعموله بشيء لا يتعلق بهما لو قلت: ما أحسن بمعروف آمرًا، وما أقبح في الصلاة ضاحكًا، تريد: آمرًا بمعروف وضاحكًا في الصلاة.

قال ابن مالك: لا خلاف في منع الفصل بذلك، فإن تعلق بهما غير ظرف أو حرف جر، فقال ابن مالك: لا خلاف في منع إيلائهما إياه تقول: ما أحسن زيدًا مقبلاً، وأكرم به رجلاً، فلو قلت: ما أحسن مقبلاً زيدًا، وأكرم رجلاً به، لم يجز بإجماع، وكذا قال ابنه في شرح الخلاصة لأبيه، لا خلاف في امتناع الفصل بينه أي بين الفعل، والمتعجب منه بغير الظرف، والجار والمجرور كالحال والمنادي، وما ذكراه ليس بصحيح. ذهب الجرمي، وهشام، إلى جواز الفصل بينهما بالحال، والجرمي إلى جواز الفصل بينهما بالمصدر نحو: ما أحسن إحسانًا زيدًا، ومذهب الجمهور المنع في المسألتين، وأما الفصل بالمنادي فقال بدر الدين ابن مالك لا خلاف في منع ذلك، وقال أبوه أبو عبد الله بن مالك: قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما قتل عمار بن ياسر: «أعزز علي أبا اليقظان أن أراك صريعًا مجدلاً» مصحح لجواز الفصل بالنداء، وإن تعلق الظرف أو المجرور بالفعل فذهب الجرمي، والفراء، والأخفش في أحد قوليه،

والمازني، والزجاج، والفارسي، وابن خروف، والأستاذ أبو علي الشلوبين إلى جواز الفصل، وهو الصحيح المنصور. وسوى الأستاذ أبو علي بين (أفعل) و (أفعل) في ذلك: وذهب الأخفش في أحد قوليه، والمبرد، وأكثر البصريين إلى المنع، واختاره الزمخشري، ونسبه الصيمري إلى سيبويه، وإذا تعلق بالمفعول ضمير يعود على المجرور وجب تقديم المجرور نحو قولهم: ما أحسن بالرجل أن يصدق و: ما أحرى بذي اللب أن يرى … صبورًا ... ... .... وزعم بعضهم أن الفصل بالظرف والمجرور قبيح، وأجاز ابن كيسان الفصل بـ (لولا) نحو: ما أحسن لولا بخله زيدًا، وأحسن لولا بخله بزيد،

ولا حجة له على ذلك، ولا يجوز تقديم شيء من معمول أفعل التعجب على الفعل، ولا على (ما). وإن كان يجوز في نحوه من التركيب الذي ليس فيه تعجب نحو زيد عمرًا ضرب بلا خلاف، وعمرًا زيد ضرب بخلاف، ولا يجوز تأكيد المضمر في (أحسن)، ولا في أحسن على مذهب من اعتقد فيه ضميرًا، ومن علل امتناع ذلك بأنه فصل بين العامل والمعمول أجاز تأكيده متأخرًا نحو: ما أحسن زيدًا نفسه. وإذا اختلف متعلق (ما أفعل) فلا يجوز حذف (ما) لو قلت: ما أحسن زيدًا، وأقبح خالدًا كان قبيحًا، وأفعل مسلوب الدلالة على المضى، وزمانه حال، وحكاه ابن بابشاذ، وابن الدهان عن المبرد. فإذا أردت الماضي المنقطع قلت: ما كان أحسن زيدًا، وقيل هو بمعنى الماضي المتصل بزمان الحال، فإن أردت الماضي المنقطع أتيت بـ (كان)، وهذا قول الأكثرين، وقال ابن الحاج: يظهر لي أن ما أحسنه، وأحسن به صالح للأزمنة الثلاثة، وجائز أن يقيد بكل واحد منهما كقولك: ما أحسن زيدًا أمس وغدًا، والآن، إلا أنهم يقيدون في (ما أحسن) إذا أرادوا المضي بكان، وفي المستقبل بيكون نحو: ما أحسن ما يكون زيدًا، وقال تعالى: «أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا» فـ (يوم) ظرف مستقبل، واختلفوا في الوصف المتعجب منه هل هو واجب الثبوت وقت التعجب أو جائزه على قولين، ومن قال بالجواز قال منه: ما أطول ما يكون هذا الزرع، وما أحسن ما تكون هذه الجارية، ومذهب أكثر البصريين، والكوفيين أن كان الداخلة بين (ما) وأفعل زائدة لا اسم لها، ولا خبر، واختاره الفارسي.

وذهب السيرافي، وتبعه خطاب الماردي إلى أنها زائدة، وهي تامة وفاعلها قال السيرافي: ضمير المصدر الدال عليه كان، وقال خطاب: ضميرها عائد على غير (ما)، ولكن يعود على مجهول تقديره: كان الأمر، ومذهب الجرمي أنها كان الناقصة، واسمها ضمير (ما) وخبرها (أفعل)، وعزاه بعضهم إلى البصريين ولا يصح ذلك، وحكى زيادة (يكون) بين (ما) و (أفعل)، قالوا: ما يكون أهون زيدًا، وما يكون أحسن زيدًا. وذهب الكسائي، والفراء، والأخفش، إلى زيادة (أمسى) و (أصبح) بينهما، حكى من كلامهم: «ما أصبح أبردها، وما أمسى أدفأها». وهذا شاذ عند جمهور البصريين، وذهب الفراء إلى جواز ذلك في كل فعل يحتاج إلى اسم وفعل يعني إلى اسم وخبر، وعن الكوفيين أنهم قاسوا على كان سائر أخواتها، ما لم يناقض معنى الفعل المزيد معنى التعجب، وأجاز بعض النحاة زيادة كل فعل لا يتعدى مما لا يناقض نحو: ما قام أحسن زيدًا إذا أردت ما أحسن قيام زيد فيما مضى. وحكى الكسائي عن العرب: «ما مر أغلظ أصحاب موسى». يعنون موسى الهادي من بني العباس، ومنع هذا الفراء ومعناه ما أغلظ مرور أصحاب موسى، وحكى الكسائي: ما يخرج أطوله، وأجاز الكسائي: ما أظن أظرفك، وما ظننت أظرفك بجعل (أظن) ناصبة في المعنى (لما)، ولأظرف، وتوقع أظرف على الكاف، وأجاز هشام ذلك في الظن وأخواته، ولا يجيز جمهور البصريين أن يفصل بين (ما) والفعل إلا بكان فقط، وتقول: ما أحسن ما كان زيد، وما أحسن ما يكون زيد، ما مصدرية و (زيد) مرفوع على الفاعلية، أوقعت التعجب على

الكون والمراد ذات زيد تجوزًا، وكان تامة، وأجاز المبرد، وجماعة أن تكون ناقصة، و (ما) بمعنى الذي، ومن منع من وقوع (ما) على شخص من يعقل منع هذه المسألة، ولو قلت: ما أحسن من كان زيدًا جاز، وتقول: ما أحسن ما كانت هند، وأجمله، تعيد الضمير على الكون، عطفت الفعل ومتعلقه على الفعل ومتعلقه، ويجوز أن تقول: وأجملها تعيد الضمير على هند قاله الأخفش، وتقول: ما كان أحسن ما كان زيد، يجوز على التوحيد في رفع زيد ونصبه، ولا يجوز: ما كان أحسن ما يكون زيد للتناقض، وإذا كان المجرور المتعلق بهما فاعلاً من حيث المعنى تعدى (أفعل)، و (أفعل) بـ (إلى) نحو: ما أحب زيدًا إلى عمرو، وما أبغض عمرًا إلى بكر، وما أمقت بكرًا إلى خالد، وأحبب بزيد إلى عمرو، وكذا أبغض وأمقت أصله: أحب عمرو زيدًا، وكذا أبغض وأمقت. وإن لم يكن فاعلاً في المعنى فإما أن يكون من مفهم علم أو جهل، فيتعدى بالباء نحو: ما أعرف زيدًا بالفقه، وما أبصره بالشعر، وأبصر بزيد بالفقه، وأجهل بخالد بالنحو، وإلا؛ فإن كان متعديًا كان باللام نحو: ما أضرب زيدًا لعمرو، وما أمقت زيدًا لخالد، وما أبغض زيد لبكر قال ابن مالك: وأضرب بزيد لعمرو، وهذا مشكل، لأن معناه أضرب زيدًا أي: صار ذا ضرب، والهمزة للصيرورة، و (أفعل) الذي للصيرورة لا يتعد فلا يجوز هذا التركيب إلا بسماعه من العرب، وإن كان متعديًا بحرف جر، فيتعدى به نحو: ما أعز زيدًا علي، وما أزهد عمرًا في الدنيا [وأعزز بزيد علي، وأزهد ببكر في الدنيا]، وإن كان فيتعدى إلى اثنين من باب (كسا) اقتصرت على الذي كان فاعلاً فقلت: ما أكسى زيدًا، وما أعطى عمرًا، وجاز أن تعديه بعد ذلك إلى أحد المفعولين باللام نحو: ما أكسى زيدًا لعمرو، وما أكسى بكرًا للثياب.

فإن جاء من كلامهم: ما أعطى زيدًا لعمرو الدراهم، وما أكسى زيدًا للفقراء الثياب، فمذهب البصريين أنه ينتصب بإضمار فعل تقديره: أعطاه الدراهم، وأكساهم الثياب، ومذهب الكوفيين أنه منصوب بنفس فعل التعجب، وأجاز ابن كيسان ما أعطى زيدًا لعمرو المال، وحكاه ابن الدهان عن الكوفيين، وإن كان من باب ظن اقتصرت على الفاعل فقط: ما أظن زيدًا وما أزعم عمرًا، هذا مذهب البصريين، وأجاز بعض النحاة: ما أعلمني أنك قائم أو بأنك قائم، قال ابن الحاج: ولا أعلم ما يمنع منه انتهى. وأجاز الكوفيون ذكرهما بشرط دخول اللام على الأول، ونصب الثاني هذا إن أمن اللبس نحو: ما أظن زيدًا لبكر صديقًا، وإن خيف لبس أدخلت اللام على كل من المفعولين نحو: ما أظن زيدًا لأخيك لأبيك أصله: ظن زيد أخاك أباك. وخلط ابن مالك في النقل في شرحه لما شرح من التسهيل فقال عن البصريين: «إن كان يتعدى إلى اثنين من باب كسا، أو من باب ظن جررت الأول باللام، ونصبت الثاني بإضمار فعل تقول: ما أكسى زيدًا للفقراء الثياب، وما أظن عمرًا لبشر صديقًا، تقديره عندهم: يكسوهم الثياب، ويظنه صديقًا». وقال عن الكوفيين أنهم لا يضمرون، بل ينصبون الثاني بفعل التعجب، فذكر عن البصريين تساوى الحكم في باب كسا، وظن، ولم يذكر التفصيل عن الكوفيين. وفي البسيط (إن كان من باب (ظن) جاز شرط الاقتصار على الفاعل، فإن كان في موضع المفعولين أن، لأنه يتعدى إليها بحرف جر تقول: ما أعلمني بأنك فاضل.

فصل

فصل صيغ التعجب تبنى من فعل ثلاثي مجرد تام مثبت متصرف قابل معناه للكثرة غير مبني للمفعول، ولا معبر عن فاعله بأفعل فعلاء. القيد الأول: كونه يبنى من فعل تنبيه على خطأ من قال من الكلب: ما أكلبه، ومن الحمار: ما أحمره، ومن الجلف: ما أجلفه، فبني ذلك من الاسم، وقال ابن مالك: وقد يبنى من غير فعل قالوا: أقمن به أي أحقق اشتقوه من قولهم: هو قمن بكذا أي حقيق وقالوا: ما أذرع فلانة بمعنى ما أخفها في الغزل، وهو من قولهم: امرأة ذراع، وهي الخفيفة اليد في الغزل، ولم يسمع منه فعل، وهذان وما أشبههما شواذ لبنائهما من غير فعل. انتهى. ودعواه أن ما أذرعها لم يسمع منه فعل غير صحيحة، وقال ابن القطاع: ذرعت المرأة خفت يداها في العمل فهي ذراع. القيد الثاني: كونه ثلاثيًا احتراز من أن يكون رباعيًا أصلاً أو مزيدًا نحو: دحرج وتدحرج. القيد الثالث: كونه مجردًا حتراز من أن يكون غير مجرد، بل فيه مزيد، وذكروا مما جاء من ذلك: ما أغناه، وما أفقره، وما أتقاه، وما أقومه، وما أمكنه، وما أملأه، وما آبله، وما أشده، وما أحوله، وما أخصره، وما أشهاه، وما أحياه، وما أرفعه، من (استغنى، وافتقر، واتقى، واستقام، وتمكن، وامتلأ، وتأبل، واشتد، واحتال، واختصر، واشتهى واستحيا، وارتفع). وحكى هشام: ما أحوجه، وذكر أنه قيل: فقر وغنى، وتقى، وشهى، وحيى [وارتفع] بمعنى: اشتهى واستحى ورفع، وقام بمعنى استقام، ومكن بمعنى تمكن، وملأ بمعنى امتلأ،

وأبل بمعنى تأبل أي كثرت إبله، وشددت. فإن كان المزيد على وزن أفعل فثلاثة مذاهب: أحدها: أنه لا يجوز البناء للتعجب منه مطلقًا، وهو مذهب أبي الحسن والجرمي، والمازني، والمبرد، وابن السراج، والفارسي في الأغفال. والثاني: أنه يجوز مطلقًا، ونقل عن الأخفش، ونسب إلى سيبويه، وصححه ابن هشام الخضراوي، وقال ابن مالك: هذا مذهب سيبويه والمحققين من أصحابه، وهذا مخالف لما حكيناه من المنع عن جمهور البصريين الذين ذكرناهم. والثالث: التفصيل بين أن تكون الهمزة في (أفعل) للنقل، فلا يجوز أن يبنى منه صيغة التعجب، أو لا تكون للنقل فيجوز، قال ابن الحاج: هذا التفصيل الذي فصله يعني ابن عصفور شيء لم يذهب إليه أحد، ولا ذهب إليه نحوى انتهى. ومن المسموع منه مما همزته للنقل قولهم: ما آتاه للمعروف وما أعطاه للدراهم، وما أولاه بالمعروف، وما أضيعه لكذا، ومن المسموع مما همزته ليست للنقل قولهم: ما أنتنه في لغة من قال: أنتن، وما أخطأه، وما أصوبه، وما أيسره، وما أعدمه، وما أسنه، وما أوحش الدار، وما أمتعه، وما أسرفه، وما أفرط جهله، وما أظلمه، وما أضواه.

وقال خطاب: قد يتعجبون من لفظ الرباعي على غير قياس في قولهم: ما أعطاه، وما أولاه، وما آتاه للمعروف، ولكنها شاذة تحفظ حفظًا، ولا يقاس عليه ثم قال خطاب: وتقول: أعظ بزيد، وأول به، وآت به كما قلت: ما أعطاه، وما أولاه، وما آتاه، انتهى. القيد الرابع: كونه تامًا احتراز من الناقص نحو: كان، وظل، وكاد، وكرب ونحوهن من النواقص، ذهب الجمهور إلى أنه لا يجوز التعجب منها، وحكى جواز ذلك عن الفراء صاحب البسيط، وأبو مروان عبد الله بن هشام الحضرمي في كتابه الانتخاب، وقال أبو بكر بن الأنباري تقول: ما أ: ون عبد الله قائمًا مرفوعة بما في (أكون)، واسم كان مضمر فيها، وعبد الله منصوب على التعجب، وقائمًا خبر كان، وأكون بعد الله قائمًا، وأكون بعبدي الله قائمين، وأكون بعبيد الله قيامًا، وحكى ابن الدهان: أن الكوفيين يجيزون: ما أكون زيدًا لأخيك، ولا يجيزون لقائم. القيد الخامس: كونه مثبتًا احتراز من أن يكون منفيًا، فإنه لا يبنى منه. القيد السادس: كونه متصرفًا احتراز مما لا يتصرف نحو: يذر ويدع، فلا يقال ما أوذره للشر، ولا لو ذر الرجل وشذ قولهم: ما أعساه، وأعسى به، ومعناه ما أحقه وأحقق به، قال ابن مالك: بنوا فعل التعجب من عسى وهو فعل غير متصرف. القيد السابع: كون معناه قابلاً للكثرة احتراز مما لا يقبل الكثرة والزيادة نحو:

مات وفنى، وحدث فلا يقال: ما أموت زيدًا، ولا أموت به، قالوا: وشذ من الألفاظ التي لا تقبل الزيادة قولهم: ما أحسنه، وما أقبحه، وما أطوله، وما أقصره، وما أشنعه، وما أحمقه، وما أنوكه. وقال ابن مالك: وقد يبنى من فعل فهو أفعل إذا أفهم عسرًا، أو جهلاً، فذكر بناءه من حمق، ورعن، وهوج، ونوك، ولذا قال: جرت في التعجب، والتفضيل مجرى جهل وعسر، وإن كان مذكرها على أفعل، والمؤنث على فعلاء وأقول: إن هذه التي عدوها من الشواذ، وأنها لا تقبل الزيادة ليس كما قالوا، بل هذه كلها تقبل الزيادة، وهي من المشكل، قال ابن الحاج: حكى اللغويون، وصاحب المحكم: عاقلت الرجل أي غلبته في العقل، فهذا تصريح بالمفاضلة، والتعجب من ما أهوجه، وشبهه جائز حسن، وأما ما أشنعه فراجع إلى معنى الحمق، ولست أعلم أن أحدًا من النحاة عدد في الشواذ ما عدده يعنى ابن عصفور، ولم يسلم له مثال مما أورده أنه شاذ. وذكر مكي في المشكل: أن الفراء حكى ما أعماه، وما أعوره بمعنى ما أقبح لا على ظاهر اللفظ، ونص سيبويه على جواز «ما أهوجه وما أرعنه، وما أشغله، وما أنوكه، وما أحمقه» ودل كلامه على أنه لا يعتقد أنها شاذة.

وكذلك نص السيرافي في تفسير هذا الموضع، ونص سيبويه على جواز: ما أحسنه، وعلى جواز محسنان، وهو ألفاظ المبالغة في حسن. وصفات الله تعالى لا تقبل الزيادة، فلا يجوز التعجب منها لا يقال: ما أعلم الله، وقالت العرب: (ما أعظم الله وأجله) وقال الشاعر: ما أقدر الله أن يدني على شحط … ... ... ... ... ... وتأول النحاة قول العرب وهذا. القيد الثامن: كونه غير مبني للمفعول احتراز مما يبنى للمفعول لا يجوز: ما أضرب زيدًا، وأنت تتعجب من الضرب الذي حل به، وعلل خطاب الماردي منع ذلك باللبس قال: فإذا لم يلبس جاز، وقد قال كعب: فلهو أخوف عندي. وما صح فيه (أفعل من) صح فيه (ما أفعله)، وتبع ابن مالك خطابًا: فقالك وقد يبنيان من فعل المفعول إن أمن اللبس نحو: ما أجنه، وما أنحته، وما أشغفه، وهو من أفعل التفضيل أكثر منه في التعجب: (كأزهى من ديك) و (أشغل من ذات النحيين) وأشهر من غيره، وأعذر، وألوم، وأعرف،

وأنكر، وأخوف، وأرجى من شهر، وعذر، وليم، وعرف، ونكر، وخيف، ورجى وإذا لم يلبس فلا يقتصر فيه على السماع، بل يحكم باطراده في فعل التعجب وأفعل التفضيل انتهى. وقصر ذلك على السماع قول الجمهور، والمسموع (ما أشغله، وما أجنه، وما أولعه، وما أحبه، وما أخوفه، وما أزهاه، وما أعجبه برأيه. وما أبخته، وما أشغفه، وما أخصره) من شغل، وجن، وأولع، وحب، وخيف، وزهى، وأعجب، وبخت، وشغف، واختصر، وفي (اختصر) شذوذان: بناؤه من المزيد، وكونه من المفعول، وزاد بعضهم في الشاذ: ما أبغضه، وما أمقته من أبغض ومن أمقت. وقد سمع فيها بغض، ومقت مقاته، فلا يكون ما أبغضه وما أمقته شاذًا، وحكى سيبويه، والنحويون: بغض، وولع الرجل بمعنى أولع حكاه ابن القوطية وغيره. القيد التاسع: كونه غير معبر عن فاعله بأفعل فعلاء كان عيبًا كـ (برص)، وبرش، وحول، وعمى. وعور ومن المحاسن كـ (شهل)، وكحل، ودعج، ولمى، وشنب. واختلف في العاهات والألوان، فذهب جمهور البصريين إلى أنه لا يتعجب من العاهات، وأجاز ذلك الأخفش، والكسائي، وهشام نحو: ما أعوره. وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز من الألوان، وأجاز ذلك الكسائي، وهشام مطلقًا نحو: ما أحمره، وأجاز بعض الكوفيين ذلك في السواد والبياض خاصة

دون سائر الألوان، وسمع الكسائي: «ما أسود شعره» ومن كلام أم الهيثم: «هو أسود من حنك الغراب» وفي الحديث في صفة جهنم: «لهي أسود من القار» وفي الشعر: أبيض من أخت بني إباض و: ... ... ... ... ... … ... ... أبيضهم سربال طباخ وهذا عند البصريين شاذ، لا يقاس عليه، وقال ابن الحاج: عندي جواز اقتياس (ما أفعله) في السواد والبياض، ولا يقتصر على مورد السماع فيها بل أقول: ما أبيض زيدًا، وما أسود فلانًا في الكلام والشعر انتهى.

وهي نزعة كوفية، وقال ابن عصفور تابعًا لصاحب الغرة: ومن الأفعال ما استوفى شروط ما يتعجب منه، ولكن العرب استغنت عن التعجب منه بغيره، وذلك قام، وقعد، وجلس ضد أقام، وسكرن وقال من القائلة، فتقول: ما أحسن قيامه، وكذا باقيها. وقال ابن الحاج: أما القيام، والقعود، والجلوس فمعان لا يجوز التعجب منها، لأنها مما لا يتصور فيها الزيادة والنقص، فلا يرجح قيام على قيام فيما يدل عليه لفظ قيام، وكذا القعود والجلوس، فأما ما تكرر فعله وكثر كأن يقوم إنسان مرات عدة، وآخر أقل منها أو أكثر منها، فيمكن التعجب بأكثر أو أقل لا بلفظ الفعل نفسه، فأما قوله: وإني لقوام مقاوم لم يكن … جرير ولا مولى جرير يقومها فمنقول من الانتصاب للقيام بالأمر، والاضطلاع به، وذكروا فيها غضب، وحكى الأخفش عن بعض العرب: ما أغضبه، قال: وسألنا عنه تميمًا وقيسًا فلم يقولوه. ومن عد (نام) فيها، فليس قوله بصحيح حكى سيبويه: ما أنومه، وقالت العرب: «هو أنوم من فهد»، و «أنوم من غزال»، وذكر ابن الأنباري خلافًا في جواز التعجب من السكر، وما لا يتعجب منه لفقد الشروط أتى بما يتعجب منه، ونصب مصدر ذلك الفعل نحو: ما أحسن حمرة زيد، وأحسن بحمرته، وما أسوأ عور زيد، وأسوئ بعوره،

وما أبين بلجة عمرو، وأبين ببلجته، وما أحسن استخراج زيد للدراهم، وأحسن باستخراجه، وما أفجع موت زيد، وأفجع بموته، وما أحسن كون هند متجردة، وأحسن بكون هند متجردة، وما أشد دحرجته، وأشدد بدحرجته. وإن لم يكن له مصدر مشهور، جعلت الفعل في صلة (ما) المصدرية فقلت: ما أكثر ما يذر زيد الشر، وأكثر بما يذر زيد الشر، وكذا إن كان الفعل بني للمفعول تقول: ما أكثر ما ضرب زيد، وأكثر بما ضرب زيد، وإن لم يلبس وكان له مصدر أتيت بالمصدر فقلت: ما أكثر شغل زيد، وأكثر بشغله، وما استوفى الشروط جاز فيه ذلك تقول: ما أكثر ضرب زيد لعمرو، وأكثر بضرب زيد لعمرو. فإن كان المانع كونه منفيًا جعلته في صلة أن نحو: ما أقبح أن لا تأمر بالمعروف، وأقبح بأن لا تأمر بالمعروف؛ فإن كن الفعل من باب كان ولزمه النفي، لكونه وضع كذلك، وهو ليس، أو لكونه لا يستعمل إلا مقرونًا به، أو بحرف النهي، أو الدعاء ففيه خلاف: ذهب البغداديون، وابن السراج إلى إجازة: (ما أحسن ما ليس يذكرك زيد)، وما أحسن ما لا يزال يذكرنا زيد، والجمهور على المنع. ولا يجوز حذف همزة أفعل، وشذ من كلامهم: ما خير اللبن للصحيح وما شره للمبطون، وفي الشعر: ما شد أنفسهم وأعلمهم ... .... … ... ... ... ... ...

وسمع (ما خيرك، وما حسبك)، وسمع الكسائي (ما خبثه)، قال النحاس والقياس على ما حذفت منه الهمزة خطأ عند البصريين، ولا يجوز حذف نون الوقاية من نحو: ما أظرفني، وما أحسنني، وحكى الكوفيون: ما أحسنى بالحذف، وقال ابن عصفور: يجوز إثباتها وحذفها، فلو كان آخر الفعل نونًا نحو: ما أحسنني، وما ألينني جاز الفك والإدغام، فتقول: ما أليني، فلو لقى ضمير المتكلمين نحو: ما أحسننا، وجب الفك. فلو كانت (ما) نافية وجب الإدغام، أو استفهامًا جاز الفك، وجاز الإدغام، مشارًا إلى الصفة بالإشمام لزوما، وما شذوا فيه فقالوا: ما أفعله نحو: ما أملأ هذه القربة، وما أمكنه عند الملك لا يقال فيه: فعل في التعجب، لا يقال لملؤت القربة، ولا لمكن زيد، ومن ذهب إلى أنه يجوز التعجب مما كان على أفعل، وهمزته ليست للنقل، وجعل ذلك مقيسًا لا يجيز أن يبنى منه التعجب فلا تقول: (لخطؤ الرجل، ولا لصاب الرجل، وإن كانوا قالوا: ما أخطأه، وما أصوبه، وتقول: ما أحسن زيدًا لا ما أشرفه، وما أحسن زيدًا لا أشرفه، منع الكسائي من إجازتها، وقال أبو جعفر النحاس: هذا جائز على أصول البصريين، وتقول: ما أحسن وأجمل زيدًا، وفيها ثلاثة مذاهب ذكرت في باب الإعمال، وقد انقضى القول في صيغ التعجب المبوب له في النحو. وقد جاء التعجب متضمنًا جملاً لم تكن له في أصل الوضع فمن ذلك قولهم: سبحان الله، ولا إله إلا الله، وسبحان الله من هو؟ ومررت برجل أيما رجل، وزيد ما زيد، ويلمه رجلاً، ولله دره فارسًا، وحسبك به فارسًا، وكفاك بزيد رجلاً، وسبحان الله رجلاً، ولك أن تدخل من في هذه الأربعة، والعظمة لله من رب، ويجوز في: حسبك بزيد حذف الباء وترفع زيدًا، واعجبوا لزيد رجلا، ومن رجل، وكاليوم رجلاً، وكالليلة قمرًا، وكرمًا، وصلفًا، وياللماء، وياللدواهي،

ويا حسنه رجلاً، ويا طيبها من ليلة، ويا لك فارسًا، وإنك من رجل لعالم، ولا تحذف (من)، وما أنت من رجل، وقيل لا تحذف (من)، وما أنت جارة، خرجوه على أن (جارة) تمييز، وما أنت من جارة، ولله أنت، وواهاً له، ولله لا يؤخر الأجل، (ووا) في أسماء الأفعال، وأي رجل زيد، و «كيف تكفرون بالله» و «لأي يوم أجلت»، و «عم يتساءلون» و: ... ... ... ... ... … ... ... لا كالعشية زائرًا ومزورًا

فصل

فصل الفعل لازم ومتعد، والتعدي تجاوز الفعل فاعله إلى مفعول أو أكثر، فإن تعدى إلى غيره من المنصوبات، لم يسم متعديًا، ويبنى منه اسم مفعول نحو: مضروب ومقتول، وقد يكون الفعل الواحد لازمًا ومتعديًا بنفسه نحو (فغرفاه) أي فتحه، و (فغرفوه) أي انفتح، ومتعديًا بنفسه تارة، وبحرف جر أخرى نحو: (شكرت زيدًا وشكرت لزيد) وكذلك نصحت، ولما تساويا في الاستعمال صارا قسمًا برأسه، خلافًا لمن منع هذا القسم وزعم أن الأصل فيه حرف الجر، وكثر فيه الأصل والفرع، وصحح هذا القول ابن عصفور، وردة عليه الشلوبين الصغير، وقيل: أصل هذا القسم أن يتعدى بنفسه، وحرف الجر زائد، وزعم ابن درستويه أن (نصح) يتعدى لواحد بنفسه، وللآخر بحرف الجر، والأصل: نصحت لزيد رأيه، وما زعم لم يسمع في موضع. وفي كتاب البهي المنسوب للكسائي أنك تقول: شكرت لك ونصحت لك، ولا تقول: شكرتك ولا نصحتك، هذا كلام العرب قال تعالى: «واشكروا لي» «وأنصح لكم» انتهى، وجاء في شعر النابغة (نصحت) معدى بغير اللام قال: نصحت بني عوف فلم يتقبلوا … وصاتي، ولم تنجح لديهم وسائلي

وذكروا من هذا: كلت زيدًا، وكلت لزيد، وزنت زيدًا، ووزنت لزيد، ووعدت زيدًا، ووعدت لزيد، وقد يعلق اللازم بمفعول به معنى، فيعدى بحرف الجر مخصوصًا، ومدرك هذا السماع نحو: مررت بزيد، وغضبت على عمرو، ويبنى منه اسم مفعول معدى بالحرف نحو: زيد ممرور به، وعمرو مغضوب عليه، فإن الفعل لا يقتضيه بخصوصه نحو: خرجت إلى زيد، فقال ابن هشام الخضراوي لا يسمى هذا تعديًا بخلاف: خرجت من الدار، فيسمى تعديًا، لضرورة أن الخروج يقتضي مخروجًا منه، والصحيح أنه يسمى متعديًا، وإن كان لا يقتضيه بخصوصه والحكم سواء، وقد ينحذف الحرف شذوذًا نحو: (لقضاني) يريد: لقضى علي، أو لكثرة الاستعمال نحو: دخلت الدار فيقال عليه: دخلت البلد والبيت، وإن لم يكثر قيل: ولم يقس عليه نحو: ذهبت الشام، وتوجهت مكة، ومطرنا السهل والجبل، وضرب زيد الظهر والبطن، أو لتضمن معنى يوجب ذلك نحو قول نصر بن سيار: «أرحبكم الدخول في طاعة ابن الكرماني» أي أوسعكم. وحكى أن بعض العرب قال في (كاثرناهم): كثرناهم وهو قبيح، وإذا أشربت اللازم معنى فعل متعد فأكثر ما يكون فيما يتعدى بحرف الجر، فيصير يتعدى بنفسه، فمن النحاة من قاس ذلك لكثرته، ومنهم من قصره على السماع. وقد جاء تضمين ما يتعدى معنى اللازم قال تعالى: «فليحذر الذين يخالفون عن أمره» أي يخرجون وينفصلون، واطرد حذف حرف الجر المتعين مع (أن وأن) نحو: غضبت أن تخرج، وعجبت أنك تقوم، أي من أن تخرج، ومن أنك تقوم، فإن أتيت بصريح المصدر لم يجز الحذف نحو: عجبت من

قيامك، فإن لم يتعين الحرف لم يجز الحذف، وذلك بأن يكون الفعل يتعدى بحرفين مختلفي المعنى نحو: رغبت في أنك تقوم، ورغبت عن أن تقوم. وإذا حذف حرف الجر من (أن وأن)، ففي كتاب سيبويه النص عن الخليل أن موضعه نصب، واتفق ابن مالك، وصاحب البسيط على أن مذهب الكسائي أنه جر، وأن الفراء قال: هو في موضع نصب، قال في البسيط: «أكثر النحويين على أنه في موضع نصب»، ووهم ابن مالك، وصاحب البسيط، فنقلاً أن مذهب الخليل أنه في موضع جر، ووهم ابن مالك فنقل أن مذهب سيبويه أنه في موضع نصب كالفراء. ولم يصرح سيبويه فيه بمذهب، إنما ذكر مذهب الخليل أنه في موضع نصب ثم قال: لو قال إنسان إن (أن) في موضع جر، لكان قولاً قويًا وله نظائر نحو قولهم: لاه أبوك، فإن كان الذي جر بحرف غير (أن وأن) لم يجز حذفه قال الأخفش الأصغر فيما نقل ابن مالك: يجوز الحذف، والنصب فيما لا لبس فيه نحو قوله: ... ... ... … وأخفى الذي لولا الأسى لقضانى والصحيح أن يتوقف فيه على السماع، وأورد أصحابنا خلاف الأخفش هذا على غير ما أورده ابن مالك، أوردوه فيما يتعدى إلى اثنين: أحدهما بنفسه، والآخر بحرف الجر، قالوا في هذا: لا يجوز حذف الحرف إلا مع (أن وأن) وفي أفعال مسموعة، وهي: اختار، واستغفر، وأمر، وسمى، وكنى، ودعا، وزوج، وصدق، وعير، وهدى، وفرق، وفزع، وجاء، واشتاق، وراح، وتعرض،

ونأى، وحل، وخشن تقول: اخترت زيدًا من الرجال، واستغفرت الله من الذنب، وأمرت زيدًا بالخير، وسميت ولدي بأحمد، ودعوت ولدي بزيد، وكنيته بأبي الحسن، وزوجته بامرأة، وصدقت زيدًا في الحديث، أو في القتال، أو في ظني، وعيرت زيدًا في الحديث، أو في القتال، أو في ظني، وعيرت زيدًا بسواده، وهديت زيدًا إلى الطريق، وفرقت من زيد، وفزعت من بكر، وجئت إلى البصرة، واشتقت إلى زيد، ورحت القوم، ورحت إليهم، وتعرضت معروفه، وتعرضت لمعروفه، ونأيتهم، ونأيت عنهم، وحللتهم، وحللت بهم، وخشنت صدره، وخشنت بصدره. ويجوز حذف الحرف من هذه، وزعم الجرجاني: أن من باب اختار قولهم: كلته كذا وكذا، ووزنته كذا درهمًا أصله كلت له، ووزنت له حذف اللام، كما حذف (من)، والباء في اختار وأمر، فتعدى الفعل إلى مفعولين، وجرى مجرى (أعطيت) في الظاهر قال تعالى: «وإذا كالوهم أو وزنوهم» والمعنى: كالوا لهم، ووزنوا لهم، ولم يذكر المكيل والموزون، وزعم ابن الطراوة وتلميذه السهيلي أن استغفر ليس أصلها التعدية إلى الثاني بحرف الجر، بل الأصل أن يتعدى إليه بنفسه، وتعديته بـ (من) إنما هو بتضمينه طلب التوبة، والخروج من الذنب، وزعم علي بن سليمان الأخفش، وتبعه ابن الطراوة أنه يجوز حذف الحرف إذا تعين، وتعين مكانه قياسًا على تلك الأفعال، فأجاز: (بريت القلم بالسكين)، فإن اختل الشرطان، أو أحدهما منع نحو: رغبت الأمر لا يجوز، لأنه لا يعلم هل أردت رغبت في الأمر، أو رغبت عن الأمر. وكذلك لا يجوز: اخترت إخوتك الزيدين، لأن كل منهما يصلح لدخول (من) عليه، والصحيح أنه لا يجوز ذلك، وإن وجد الشرطان فلا يقال: أحببت الرجال زيدًا، ولا اصطفيت الرجال عمرًا تريد من الرجال وقولهم:

تمرون الديار ... ... ... ... … ... ... ... ... و: ... ... ... ... ... … ... ... ... .... لقضاني و: ... ... ... .... فرشنني … هراسا ... ... ... ... ... يريد على الديار، ولقضى علي، وفرش لي ضرورة شعر لا يقاس عليه ولا خلاف في شذوذ: ... ... ... ... ... ... … أشارت كليب بالأكف الأصابع و: ... ... ... ... ... … حتى تبذخ فارتقى الأعلام يريد إلى كليب، وإلى الأعلام، وذهب السهيلي إلى أنه لا يجوز الحذف إلا إذا تؤول في الفعل معنى فعل يصل بنفسه، وبشرط ألا يفصل بين الذي يحذف منه الحرف فلا تقول أمرتك يوم الجمعة الخير، وبشرط ألا يكون على حذف فلا تقول: أمرتك زيدًا تريد: بزيد، أي: بأمره وشأنه، ولما كان معنى أمرتك، كلفتك جاز، ولم يشترط أصحابنا ما اشترطه السهيلي. والتعدي تارة يكون بالهمزة، وتارة بالتضعيف، فإن كان الفعل لازمًا صار

متعديًا إلى واحد، وإن كان يتعدى إلى واحد صار يتعدى إلى اثنين نحو: كفل زيد عمرًا وأكفلت زيدًا عمرًا، وإن كان يتعدى إلى اثنين، وليس من باب علم، لم يتعد إلى ثلاثة نحو: كسوت زيدًا ثوبًا لا بهمزة ولا بتضعيف بإجماع، وفي التعدي بالهمزة مذهب: أحدها: أنه سماع في اللازم والمتعدي، وهو مذهب المبرد. الثاني: أنه قياس فيهما، وهو مذهب أبي الحسن، وظاهر مذهب أبي علي. والثالث: أنه قياس في اللازم، إذا لم تدخل عليه الهمزة لمعنى آخر سماع في المتعدي، وهو ظاهر مذهب سيبويه، وقال السهيلي: وقد ذكر الفعل اللازم النقل بالهمزة مذهب سيبويه أنه مسموع، ومذهب غيره أنه مقيس على الإطلاق. والرابع: أنه مقيس في كل فعل إلا في باب علم، وهو مذهب أبي عمرو وجماعة، وقال السهيلي: الصحيح التفصيل، فإن كان الفعل يكتسب منه الفاعل صفة في نفسه لم تكن فيه قبل الفعل نحو: قام، وقعد، ففي مثل هذا يقال فيه أفعلته أي جعلته على الصفة نحو: أنمته، وأقمته، وإن كان لا يصير على هيئة لم يكن عليها، ولا حصل في ذاته وصف باق نحو: اشتريت زيدًا ماء، قبح التعدي، وكذلك لا تقول: أذبحته الكبش: أي جعلته يذبحه، لأن الفاعل لم يصر على هيئة لم يكن عليها، وفي التعدي بالتضعيف مذهبان: أحدهما: أنه سماع من اللازم والمتعدي. والثاني: أنه قياس، ونقل ابن هشام: أنه لا خلاف أن النقل بالتضعيف لا يقاس، ولا يتعدى ما سمع منه غير صحيح، وقد يتعاقب التضعيف والهمزة نحو: أنزلت الشيء ونزلته، وأبنت الشيء وبينته، والصحيح أن معناهما واحد.

وذهب الزمخشري، والسهيلي، ومن وافقهما إلى أن التعدية لا تدل على التكرير، وأن التعدية بالتضعيف تدل على تكرار في الفعل وتمهل. وفي البديع: تضعيف الفعل اللازم، والمتعدي للتكثير، وقد جاء عنهم بالعكس قالوا: مجدت الإبل مخففًا إذا علفتها ملء بطنها، ومجدتها مشددًا، إذا علفتها نصف بطنها، وهذا الباد قد شبعت غنمه إذا أكلت أكل الشبع، وشبعت غنمه إذا أكلت نصف الشبع، وقد تكون التعدية بالتضعيف حيث لا يكون بالهمزة نحو قويت الشيء، وهيأته وحكمت فلانًا، وطهرت الشيء، ما لم تكن عين الكلمة همزة، إلا شاذًا نحو: أنأيت، وأثأيت، والشاذ نحو: ذأبت ومنه: ... ... ... ... .... … إلى سند مثل الغبيط المذأب وقل ذلك في غير الهمزة من حروف الحلق عينات نحو: أذهبته وألحمته، وأسعدته، وأوعلته، وأدخلته، وقد يتعاقب في هذا النوع أفعل، وفعل نحو أوهنه، ووهنه، وأنعمه، ونعمه، وزاد بعض النحاة في المعديات بالحركة: ذهب زيد، وذهبت بزيد أي: أذهبته، وزاد بعضهم تضعيف اللام، وهو غريب، وكذلك صغر خده، وصعررته، والسين والتاء نحو: حسن زيد، واستحسنته، وقبح الشيء واستقبحته، وطعم زيد الخبز، واستطعمته الخبز.

وألف المفاعلة نحو: سار زيد، وسايرته، والمعتبر بحركة العين، شترت عين الرجل، وشترها الله، وكسى زيد الثوب، وكسى زيد عمرًا ثوبًا، ولا ينقاس شيء من التعدية بهذه، ومن الأفعال ما جاء ثلاثيه متعديًا، وبالهمزة قاصرًا خلاف المعهود من ذلك: أكب الرجل، وكببته أنا، وأقشع الغيم، وقشعته الريح، وأنسل ريش الطائر، ونسلته أنا، وأنزفت البئر، ونزفتها أنا، وأمرت الناقة: در لبنها، ومريتها أنا، وأشنق البعير: رفع رأسه، وشنقته أنا، وأجفل الظليم وجفلته أنا، وتعدى الفعل تارة يكون إلى واحد نحو: ضرب زيد عمرًا، وتارة إلى اثنين، فأصل أحدهما حرف الجر، وهو (اختار) وما ذكر معه، وتارة إلى اثنين بنفسه وذلك نحو: كسا وأعطى، وتارة إلى اثنين وأصلهما مبتدأ وخبر، وتارة إلى ثلاثة مفاعيل وهو (أعلم) وأخواته.

باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر

باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر مذهب الجمهور أن ظن وأخواتها داخلة على المبتدأ والخبر، ومذهب السهيلي: إلى أنها ليست داخلة عليهما، بل هي مع مفعوليها كأعطيت في أنها استعملت معهما ابتداءً، ومذهب الفراء: أنها لما طلبت اسمين شبهت بما طلب اسمين من الأفعال، أحدهما مفعول به، والثاني حال، فشبه الثاني في هذا الباب بالحال. وتدخل هذه الأفعال على ما تدخل عليه (كان)، وقد تدخل على ما لا تدخل عليه كان من المبتدأ نحو: أيهم أفضل؟ وغلام من عندك؟، تقول: أيهم ظننت أفضل؟ وغلام من ظننت عندك؟، وحذف مفعوليها إن كان اقتصارًا، فهو حذف لغير دليل، فأربعة مذاهب: أحدها: مذهب الأخفش والجرمي وهو المنع. والثاني: الجواز مطلقًا وهو مذهب الأكثرين. والثالث: مذهب الأعلم، وهو التفصيل، فأجاز ذلك في ظن وما في معناها، ومنع في علم وما في معناها. والرابع: المنع قياسًا، والجواز في بعضها سماعًا، وهو اختيار أبي العلا إدريس، وزعم أنه مذهب سيبويه فلا يتعدى الحذف إلى غير ظننت،

وخلت، وحسبت، وهو مسموع في هذه الثلاث، ومنه ظننت ذاك، إشارة إلى المصدر، وقوله تعالى: «وظننتم ظن السوء»، وإن حذفت أحدهما اقتصارًا فلا يجوز بلا خلاف، وإن حذفتهما اختصارًا، وهو حذف الشيء لدليل عليه جاز، وإن حذفت أحدهما اختصارًا جاز عند الجمهور على قلة. وذهب ابن ملكون إلى أنه لا يجوز، فإذا قلت: زيدًا ظننته قائمًا، فالتقدير: ظننت زيدًا قائمًا، حذفت ظننت لدلالة ظننته، وقائمًا لدلالة قائمًا، ومن منع حذف أحد المفعولين قدر فعلاً غير ظننت مما يتعدى إلى واحد فتقول: اتهمت زيدًا ظننته قائمًا أو عرفت، أو لابست زيدًا علمته قائمًا، وهو خلاف قول الجمهور. وأما ظننت ذاك مقتصرًا عليه، فهو إشارة إلى المصدر هذا مذهب سيبويه والبصريين، وقال الفراء وابن كيسان، والمازني، وجماعة من الكوفيين هو إشارة إلى الحديث أجرته العرب مجرى المفعولين، يقول القائل: كان من الأمر كذا وكذا فتقول: ظننت ذاك. وفائدة هذه الأفعال في الخبر ظن أو يقين، أو كلاهما: أو تحويل، فالذي يفيد الظن (حجا) يحجو، وهي مشتركة بين معان كثيرة، فإذا كانت بمعنى ظن تعدت إلى اثنين، و (زعم) بمعنى ظن، وهي مشتركة.

وذكر صاحب العين: أن الأحسن في (زعم) أن توقع على (أن) قال: وقد توقع في الشعر على الاسم، قال السيرافي: والزعم قول يقترن به اعتقاد صح، أو لم يصح. و (جعل) بمعنى اعتقد، وهي مشتركة، ومما فيه خلاف (عد) مذهب الكوفيين أنها من أفعال هذا الباب، وهو اختيار ابن مالك، وأبي الحسين بن أبي الربيع، وقيل هي بمعنى ظن بالتضمين، أو من حسب الشيء وعده مجدًا وسؤددا، وقد حسبه مجدًا وسؤددًا. وقال ابن هشام: قالت الجماعة لا يصح أن يتعدى (عدّ) إلى اثنين لا لغة، ولا استعمالاً انتهى. و (هب) غير متصرف ذهب ابن مالك إلى أنها بمعنى ظن ولا تتصرف فلا يستعمل منها ماضٍ، ولا مضارع، ولا اسم فاعل، ولا أمر باللام، ويتصل بها الضمير لمؤنث ومثنى ومجموع. والذي يفيد اليقين علم وهي مشتركة، ووجد بمعنى علم اليقينية قال تعالى: «وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين».

و (تعلم) قال ابن مالك: بمعنى اعلم، ولا يتصرف، وهو شيء قاله الأعلم، وحكى يعقوب: «تعلمت أن فلانًا خارج»، بمعنى علمت، فالصحيح أنها تتصرف، وتقدم ذلك في الأفعال التي لا تتصرف. والذي فيه خلاف في هذا القسم: (درى)، ذهب الكوفيون إلى أنها من هذا الباب، وتبعهم ابن مالك، ولم يذكر أصحابنا (درى) فيما يتعدى إلى اثنين، فإن كان سمع ذلك فيها فلعله بالتضمين، والمحفوظ في (درى) أنه يتعدى لواحد بحرف الجر نحو: ما دريت به، ولذلك حين عدى بالهمزة بقى الثاني مصحوبًا بالباء، قال تعالى: «ولا أدراكم به». والذي يفيد الظن أو اليقين (ظن)، فالمشهور استعمالها في غير المتقين، وهو ترجيح أحد الجائزين، وتستعمل أيضًا قالوا في المتيقن، ومنه: «الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم». وزعم بعض النحاة أن الظن بمعنى اليقين مجاز، ولا يجوز أن يؤكد إذ ذاك بالمصدر، كما لا يقال: قال الحائط قولاً، وذهب الأستاذ أبو بكر محمد بن ميمون في كتابه المسمى: (نقع الغلل) إلى أن الظن بمعنى العلم غير مشهور في لسان العرب، ولا معول عليه في حكاية من حكاه عن العرب، وتأول ما أوهم ظاهره ورود ذلك، وزعم الفراء أن الظن يكون شكًا ويقينًا، وكذبًا، وأكثر البصريين أن الظن لا يكون كذبًا، إنما يكون عندهم شكًا ويقينًا، ومن الكذب عند الفراء قول

الكفار: (إن نظن إلا ظنا) وعند البصريين هو الشك، وفرق بعضهم بين الشك والظن واليقين، فقال: الشك استواء الأمرين عندك، فإن ترجح أحدهما فظن، أو اعتقدته بدليل فيقين. وتجيء ظن بمعنى اتهم فيتعدى إلى واحد، وحسب أكثر استعمالها في غير المتيقن كقوله تعالى: «ويحسبون أنهم على شيء» ونقل استعمالها في المتقين، ومنه قول الشاعر: حسبت التقى والحمد خير تجارة … رباحًا إذا ما المرء أصبح ثاقلا ومصدر حسب: حسبان، وقد جاءت حسب لازمة قالوا: (حسب الرجل) إذا احمر لونه وابيض كالبرص وكذا إذا كان ذا شقرة، و (خال) يخال وأكثر استعمالها في غير المتقين، وقد تستعمل في معنى علمت، قال الشاعر: (الطويل) إذا الناس قالوا من فتى خلت أنني … عنيت فلم أكسل ولم أتبلد ومصدر خال: خيل، وخال، وخيلة، ومخيلة، ومخالة، وخيلان، وخيلولة، والاشتقاق من الخيال، وهو الذي لا يتحقق، ويكون خال أيضًا بمعنى تكبر، وخال الفرس: ظلع ومضارعها يخال، وقيل: تأتي بمعنى نظر، ومضارعها يخيل، قال:

فظلت لدى البيت العتيق أخيله … ... ... ... ... ... أي انظر إليه، فأما خال يخول بمعنى عهد فمن ذوات الواو. ورأى بمعنى علم وبمعنى ظن قال: يقال: «إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا» أي يظنونه ونعلمه؛ فإن كانت بمعنى أبصر، أو بمعنى أصاب الرئة، تعدت إلى واحد، وإن كانت بمعنى اعتقد، فمذهب الفارسي أنها تتعدى إلى واحد، ومذهب غيره أنها تتعدى إلى اثنين. والذي يفيد التحويل: (صير)، و (أصار)، وهما منقولان من صار أخت كان، فقلت: صير بالتضعيف، وأصار بالهمزة، وفي البسيط: إذا كانت صير بمعنى انتقل تعدت إلى واحد بنفسه، وإلى الآخر بحرف الجر نحو: صيرتك إلى موضعك، ومثال تعديها إلى اثنين قوله: فصيروا مثل كعصف مأكول وابن مالك هو الذي ذكر أصار بمعنى صير، ولم يذكر شاهدًا، وجعل

بمعنى صير، قال تعالى: «فجعلناه هباء منثورا» وقال تعالى: «وجعلنا ذريته هم الباقين» وقال النابغة الجعدي: (الطويل). وذو التاج من غسان ينظر جاهدًا … ليجعل فينا جدنا هو أسفلا فهي في هذا داخلة على المبتدأ والخبر، ولذلك جاء الفصل بينهما، وفي البسيط: وهذه إما تصيير لما له نسبة إليه، أو إلى ما يكون له ذاتًا، أو كالذات فالأول لا بد فيه من أحد حروف النسبة كقوله تعالى: «ويجعلون لله ما يكرهون» والثاني: تصييره في الفعل بالذات نحو: جعلت الطين خزفًا، وقد تدخل فيه من كقوله تعالى: «وجعل منهم القردة والخنازير» أو بالصفة: جعلته عالمًا، وإما في الاعتقاد: «وجعلوا الملائكة الذين هم عبد الرحمن إناثا» وإما في النيابة عن الشيء: جعلت البصرة بغداد، والكتاب خزا، وإما في التسمية: جعلت حسنى قبيحًا، وهي إذا كانت بهذه المعاني لم تؤثر إلا في المفعول الأول، لأنه وقع به ذلك، ولا يستغنى عن الثاني، لأنه كالابتداء والخبر في الأصل، أو ما هو منزل منزلته، انتهى ملخصًا، وفي البديع: وتكون بمعنى ظن كقولهم: «اجعل الأسد ثعلبا واهجم عليه» انتهى. و (وهب) غير متصرف، حكى ابن الأعرابي: وهبني الله فداك، أي صيرني فداك، و (رد)، قال تعالى: «يردونكم من بعد إيمانكم كفارًا»

أي يصيرونكم، و (اتخذ) يتعدى إلى اثنين بمعنى صير، قال تعالى: «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه»، وإلى واحد قال تعالى: «كمثل العنكبوت اتخذت بيتا» هذا مذهب الفارسي، وذهب ابن برهان إلى أن (اتخذ) لا يتعدى إلى واحد، وأنه لا يعلمها إلا تتعدى إلى اثنين، الثاني فيهما بمعنى الأول. و (تخذ) مثل اتخذ، قال تعالى: «لتخذت عليه أجرا» وقال الشاعر تخذت غران إثرهم دليلاً … وفروا في الحجاز ليعجزوني غران اسم جبل انتهى، وفي البسيط: اتخذ يتعدى إلى واحد بمعان: «ما اتخذ الله من ولد»، [و] «لو أردنا أن نتخذ لهوا» واتخذت خاتمًا أي لبست، واتخذت مالاً أي كسبت، ويجمع ذلك كله معنى الملابسة وبمعنى جعل المصيرة «لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء»، والفرق بين تصيير (جعل)، وتصيير (اتخذ) أنه في اتخذ لا يتغير المفعول به تغييرًا في نفسه، ويتعدى إليك منه شيء وفي (جعل) قد لا يلزم أن يكون ذلك فيه، نحو: جعلت الرجل عالمًا، وإذا قلت اتخذته حبيبًا أو صاحبًا عاد عليك منه شيء ولا تقول: اتخذت الطين خزفًا. و (ترك) فيها خلاف، منهم من قال يتعدى إلى اثنين بمعنى (صير)، ومنهم من قال: لا يتعدى إلا إلى واحد، وإن وجد بعدها منصوب كان حالاً.

و (أكان) قال ابن مالك: ألحق ابن أفلح بأصار (أكان) المنقول من (كان) بمعنى (صار)، ولا أعلمه مسموعًا انتهى، ولا أدري من ابن أفلح، وزعم جماعة من المتأخرين منهم خطاب الماردي: أنه قد يجوز أن يضمن الفعل الذي يتعدى إلى واحد معنى صير، ويجعل من هذا الباب، فيجوز أن يقال حفرت وسط الدار بئرًا، بمعنى صيرت، قال خطاب: ولا يكون (بئرًا) تمييزًا، لأنه لا يحسن فيه من وكذلك أجاز: بنيت الدار مسجدًا، وقطعت الثوب قميصًا، وقطعت الجلد نعلاً، وصبغت الثوب غماميًا، لأن المعنى فيها صيرت، قال ابن مالك: وألحقوا قال: يعني (العرب) برأي العلمية: الحلمية، قال فأدخلتهما على المبتدأ والخبر ونصبتهما مفعولين، واستدل بما لا يقطع بادعاء ما ادعاه، وتأولناه. وأما (سمع)، فإن دخلت على مسموع تعدت إلى واحد نحو: سمعت كلام زيد، وإن دخلت على غير مسموع، فمذهب الجمهور أنها تتعدى إلى واحد، ويكون ما بعده حالاً نحو: سمعت زيدًا يتكلم، أي في حال تكلم، وهو على حذف مضاف أي صوت زيد في حال تكلمه.

وذهب الأخفش، والفارسي إلى أن الثاني في موضع المفعول الثاني وقد يضمن (سمع) معنى أصغى فيتعدى بإلى قال تعالى: «لا يسمعون إلى الملأ الأعلى» وبمعنى استجاب نحو: سمع الله لمن حمده، وأما (ضرب) فذهب قوم إلى أنها بمعنى صير مع المثل، قال تعالى: «أن يضرب مثلاً ما بعوضة» وذهب قوم إلى أنه لا يجوز، وأجاز بعضهم كونها بمعنى صير مع غير المثل في نحو: ضربت الفضة خاتمًا، وضربت الطين خزفًا، وذهب هشام إلى جعل عرف، وأبصر من هذا الباب، وابن درستويه إلى جعل أصاب، وصادف، وغادر، وألفى من هذا الباب، والصحيح أنها ليست من هذا الباب، وقال بعض الناس: يصح أن يكون خلق بمعنى جعل، فيكسبها ذلك قوة التعدي إلى اثنين، فيكون قوله ضعيفًا من قوله تعالى: «وخلق الإنسان ضعيفا» مفعولاً ثانيًا انتهى، ولا أعلم نحويًا ذهب إلى أن خلق يتعدى إلى اثنين فيكون من هذا الباب، وذكر في المفتاح فيما يتعدى إلى اثنين (توهمت، وتيقنت، وشعرت، ودريت، وتبينت، وأصبت، واعتقدت، وتمنيت، وودت، وهب بمعنى حسب) ويحتاج في جعل هذه من الباب إلى صحة نقل عن العرب. وهذه الأفعال نوعان، قلبية وغير قلبية، فالقلبية تختص بالإلغاء والتعليق، والإلغاء ترك العمل لغير موجب، وحيث يكون الإلغاء والإعمال اختلفوا، فذهب

الجمهور إلى أنك مخير بين الإلغاء والإعمال، وذهب الأخفش إلى أنه ليس على التخيير، وإنما هو لازم إذا ابتدأت، لتخبر بمدلول ذلك الفعل من شك، أو غيره، فتعمل الفعل على كل حال سواء قدمته أو وسطته، أم أخرته؛ فإن ابتدأت، وأردت جعل الخبر في شك، أو غيره ألغيت وابتدأت، وذهب ابن درستويه، وابن كيسان إلى نحو ما ذهب إليه أبو الحسن، لكن إذا وسطت؛ فإن قدمت الاسم لم تلغ، وأعملت الفعل في ضميره، ونصبت ما بعده فقلت: زيدًا ظننته قائمًا، وإن قدمت الخبر، وظهر فيه الرفع، ألغيته أيضًا نحو: قائم ظننت زيدًا، فإن كان مجرورًا، أو جملة أعملت، ونويت في موضع المجرور، والجملة نصبًا نحو: في الدار ظننت زيدًا، وأخوه منطلق ظننت عمرًا، ولا يجوز الرفع عنده هنا وقوله: ... ... ... ... … وفي الأراجيز خلت اللؤم والخور من أقبح الضرورات، وذهب بعض النحويين إلى أنك إذا ابتدأت معتمدًا على ما دل عليه الفعل من شك، أو يقين ألغيت على كل حال سواء وسطت أو أخرت، وإن ابتدأت لا معتمدًا على ذلك، ولم تقدم الفعل كنت مخيرًا، والتفريع على مذهب الجمهور في أن الإلغاء والإعمال على سبيل التخيير فنقول: الفعل إن وقع صدر كلام فلا يجوز عند جمهور البصريين إلا الإعمال، وذهب الأخفش، ومحمد بن الوليد، وأبو بكر الزبيدي، وابن الطراوة، والكوفيون في نقل

أصحابنا عن الكوفيين إلى أنه يجوز الإلغاء والإعمال عندهم أحسن، وعن الفراء كقول جمهور البصريين لا تلغى متقدمة، واختلفوا من هذا الأصل في مسائل: إحداها: ظننت يقوم زيدًا، وظننت قام زيدًا، ذهب الكوفيون، والأخفش إلى أنه لا يجوز النصب، وأجاز ذلك سائر البصريين. الثانية: أظن نعم الرجل زيدًا، ووجدت نعم الرجل زيدًا ذهب الفراء إلى جواز ذلك، وهو مقتضى قول البصريين، ولم يجز الكسائي ذلك في أظن، وأجاز ذلك في وجدت. الثالثة: ظننت قائمًا زيدًا أجازها البصريون، ومنعها الكوفيون إن أردت بقائم الفعل، وإن أردت به الحلف جازت عند أكثرهم، وقال ابن كيسان هي قبيحة. الرابعة: أظن آكلاً زيدًا طعامك، أجازها البصريون، ومنعها الكوفيون. الخامسة: طعامك أظن آكلاً زيدًا، أجازها البصريون والكسائي، وقال الكسائي النية فيه: أظن زيدًا آكلاً طعامك، وقال الفراء: لا يجوز، وإن لم تتصدر، وتقدمت على الاسمين نحو: متى ظننت زيدًا منطلقًا، فلم يذكر سيبويه فيه إلا الإعمال، وذكر غيره فيه الإلغاء على قلة على تفصيل في ذلك، وهو إما أن تكون متى معمولة للخبر، فيجوز الإلغاء والإعمال، أو معمولة لظننت فلا يجوز إلا الإعمال، ولو تقدمت على ظننت المتقدمة على الاسمين ما لا يكون معمولاً لا لها ولا للخبر، فالإعمال نحو: أتظن زيدًا منطلقًا، ولا يجوز الإلغاء ولو دخل على ظننت المتقدمة عليهما لام (إن) وجب الإلغاء، وهو مقابلة الصورة التي قبلها، وذلك نحو: إن زيدًا لظننت أبوه منطلق حكاها الأخفش.

وإن تقدم الاسمان على الفعل نحو: زيد قائم ظننت، أو توسط هو بينهما، نحو: زيد ظننت منطلق، فإما أن تدخل على الاسم لام الابتداء، فيجب في مسألة لام الابتداء الإلغاء نحو: لزيد ظننت منطلق، ولزيد منطلق ظننت أو ينفى الفعل، فيجب في مسألة النفي الإعمال، نحو: زيدًا منطلقًا لما أظن، وزيد لم أظن منطلقًا، أو لا تدخل، ولا ينفي فيجوز الإعمال، والإلغاء نحو: زيدًا ظننت منطلقًا، وزيدًا منطلقًا ظننت، وإن شئت ألغيت فرفعت الاسمين، فأما قوله: (وما إخال لدينا منك تنويل) فالنفي دخل على جملة الابتداء، ثم اعترض (بإخال) فنبى أولاً على نفي التنويل، ثم اعترض بإخال، ولو كان الخبر جملة اسمية، أو جملة شرطية، وتقدمت جملة الابتداء على الفعل نحو: زيد أبوه منطلق ظننت، وزيدًا ظننت أبوه منطلق، وإن تكرمه يكرمك خلت عمرًا جاز الإعمال والإلغاء، وحيث جاز الإعمال والإلغاء، وتوسطت، فقيل الأرجح الإعمال وقيل هما سواء، وإن تأخرت، فالإلغاء أولى عند الجميع. وللفراء كلام فيه تفصيل وطول، وملخصه أنها إذا توسطت، أو تأخرت جاز الإعمال مع التوسط، وينبغي إذا تأخرت أن تلغى، ولا يقدم على الإعمال إلا بسماع، وإن كان القياس يقتضيه وتقول: زيد ظننت ماله كثير، يجوز فيه الإعمال والإلغاء، وزعم الفراء أن الإلغاء قبيح، وإذا قلت ظننت زيد منطلق، فخرجه سيبويه على حذف لام الابتداء، كأنه قال: لزيد منطلق، وكانت (ظننت) معلقة، والجملة في موضع نصب، وخرجه غيره على إضمار الأمر، كأنه قال: ظننته أي الظن والجملة في موضع المفعول الثاني لظننت، وقد تنازع ابن هشام وابن عصفور في هذا التركيب، فقال ابن عصفور: لا يحفظ إلغاء

ظننت، أو شيء من أخواتها إذا وقعت صدرًا، وقال ابن هشام: جاء عنهم مثل: علمت زيد قائم، وقد علمت أن زيدًا ذاهب، وقد أجاز سيبويه في كتابه على التأويل الذي ذكرناه عنه، وجوازه لا يدل على سماعه، وقد يقع الملغي بين معمولي (إن) نحو قوله: إن المحب علمت مصطبر … ... ... ... .... وبين سوف ومصحوبها نحو قوله: وما أدري وسوف إخال أدري … ... ... ... ... ... يريد وسوف أدري، وبين متعاطفين نحو قوله: ... ... ... ... ... … ولكن دعاك الخبز أحسب والتمر

ومن الإلغاء قول الآخر: وما خلت يجذبني الشقاق ولا الحذر برفع الشقاق، وإذا وقع الفعل بين فعل ومرفوع نحو: قام أظن زيد، فالبصريون على جواز الإلغاء والإعمال. وقال الكوفيون: لا يكون إلا الإلغاء، والاسم مرفوع على الفاعلية لا على الابتداء، وقال بعض المتأخرين: المسألة من باب الإعمال، فلك أن تعمل ظن ولك أن تعمل قام، أو يقوم، وقال ابن هشام: الصحيح ما رآه الكوفيون، وتوكيد الملغي يكون بصريح المصدر. وبضمير المصدر، وبإشارة إلى المصدر، فإذا أكدته بالمصدر غير مضاف إلى ضمير المتكلم نحو: زيد ظننت ظنًا، فهو قبيح أو مضافًا إلى الياء فضعيف، وإن أكدته بضمير المصدر نحو: زيد ظننته قائم، وهو أحسن من تأكيده بصريح المصدر. وضمير المصدر يكون مفردًا مذكرًا وأجاز هشام، وأصحاب سيبويه تأنيث الضمير نحو: زيد أظنها قائم، أي أظن الظنة، ومنع الفراء تأنيث الضمير إلا مع المؤنث نحو: هند أظنها قائمة، والهاء للظنة، وأجاز هشام تثنية الضمير وجمعه، فتقول: زيد أظنها ذاهبين، أي أظن الظنين، وزيدًا أظن ذاهب، أي أظن الظانات، وأجاز أيضًا: زيد ظان أنا قائم، وزيد أنا ظان قائم، تلغي الظن، وإن كان في جملة اسمية كما تلغيه في جملة فعلية، فإن أراد المصدر جاء بالهاء فقال: زيد ظانه أنك قائم، وإن شاء قال أنا ظانها يريد: الظن، وظانهن يريد: الظانات، وقال الفراء: كلام العرب: زيد ظانًا أنا قائم بالنصب، لأن الظن معلق بالجملة، وقال النحاس: جعل الفراء ظانًا مصدرًا مثل: عائذًا بك أي عوذًا، وفاعل مصدر لا يقاس عليه، والذي أجازه هشام لا يحسن إلا أن يكون من كلامين، فتقول: زيد ظان أنا قائم، أي زيد قائم أنا ظان ذلك، وإن أكدته بإشارة إلى المصدر: زيد

ظننت ذلك منطلق فقد ذكره سيبويه وباتفاق هو أحسن في الإلغاء من لفظ المصدر، عند من يجيز إلغاءه، وهو ظاهر كلام سيبويه أنه أضعف في الإلغاء من الضمير. وقال الزجاج: الهاء أضعف، وتوكيد الجملة بمصدر الفعل بدلاً من لفظه منصوبًا، فيلغى وجوبًا نحو: زيد منطلق ظنك، وزيد ظنك منطلق ناب ظنك مناب ظننت، ونصبه نصب المصدر المؤكد للجمل فإلغاؤه واجب، فلا يجوز: زيدًا أظنك منطلقًا، ولا يجوز تقديمه، وأجاز ذلك الأخفش إذا ألغيت الظن، ونصبت ظنك بالفعل. وملخص هذا الكلام في المصدر أنه لا يخلو أن تأتي بالفعل معه أو لا، إن أتيت بالفعل كان مؤكدًا للفعل، ثم الفعل إن كان متقدمًا، فالإعمال نحو: ظننت ظنا زيدًا قائمًا، وسواء أتيت بصريح المصدر أم بضميره أم باسم إشارة إليه، وإن توسط أو تأخر فالفصيح الإعمال، ويجوز الإلغاء، وهو قليل جدًا، فإن أتيت بصريح المصدر كان جائزًا على قبح، أو بالضمير أو اسم الإشارة كان دون صريح المصدر في القبح، وإن لم تأت بالفعل، فإما أن يتقدم المصدر أو يتوسط أو يتأخر ولا يكون إذ ذاك إلا صريح المصدر لا ضميره، ولا اسم إشارة إليه، فإن توسط أو تأخر، فالإلغاء، وهو إذ ذاك بدل من الفعل الملغي فلا يجتمع معه، وإنما يجتمع مع الفعل العامل، ولا يكون بدلاً من الفعل العامل فيعمل لكونه بدلاً منه. وذهب المبرد، والزجاج، وابن السراج إلى جواز إعماله، فتقول على

مذهبهم: زيدًا ظنك منطلقًا، وزيدًا منطلقًا أظنك فتعمله، لأنه عندهم بدل من الفعل العامل، وإن تقدم فالصحيح أنه لا يجوز التقديم، وأجاز الأخفش وغيره التقديم، واختلف مجيزوه في جواز إعماله، فمنهم من أجاز ذلك فتقول: ظنك زيدًا قائمًا، والصحيح عند أكثر من أجاز التقديم أنه لا يجوز الإعمال، وهذا التفريع كله على مذهب من يرى أنك مجيز في الإلغاء، وتقدم أنه مذهب الجمهور. وأما على مذهب الأخفش، ففيه ذلك التفصيل السابق، ويقل القبح في (متى ظنك زيد ذاهب) كما يقل في: (متى تظن زيد ذاهب)، ومن أجاز الإعمال في (ظنك زيدًا ذاهبًا) كان عنده هنا أجوز، وتقول: متى ظنك زيدًا ذاهبًا، وممن ذهب إلى إجازة ذلك مع متى ومنعه إذا لم تكن متى ابن عصفور، وإذا كانت متى خبر المصدر ظن نصبت فقلت: متى ظنك زيدًا قائمًا، وأجاز الأخفش، والفراء إعمال المنصوب في الأمر والاستفهام نحو: ظنك زيدًا منطلقًا، وكما تقول: ضربًا زيدًا، وأظنك زيدًا منطلقًا وكما تقول: أعلاقة أم الوليد ... .... … ... ... ... ... .... قال صاحب الملخص: وكذا لو وسطت ظنا أو أخرته فالإعمال، ولا يجوز الإلغاء، فإن بنيت الكلام على الإخبار بلا عمل لظن جاز كما تقول: زيد منطلق ظن تريد: ظن هذا موجودًا وتقول: أظنا زيدًا منطلقًا ليس إلا الإعمال، فإن توسطت أو تأخرت جاز الإلغاء والإعمال، كما جاز في الخبر انتهى. وما ذكر من الإعمال والإلغاء في هذه الأفعال، ذكر ابن مالك أنه لا يكون

الإلغاء فيما كان غير متصرف منها نحو: هب، إن كانت بمعنى ظن، و (تعلم) عند ابن مالك بمعنى (اعلم)، ولم يتعرض من أصحابنا لذكر الإلغاء فيها. والتعليق هو ترك العمل في اللفظ لا في التقدير لمانع، ويكون ذلك في أفعال القلوب من هذا الباب مطلقًا سواء كان بمعنى العلم أم بمعنى الظن، وذهب ابن كيسان، وثعلب، وحكى عن المبرد إلى أنه لا يعلق منها إلا العلم، ولا يعلق الظن وما كان نحوه، وزعم أبو العلا إدريس أنه رأي سيبويه، وذهب بعض النحاة أنه حسن في (علمت) قبيح في غيرها، والمعلقات استفهام داخل على الجملة نحو: علمت أزيد في الدار أم عمرو، وعلمت أخرج زيد أم قعد، أو اسم ضمن معنى الاستهفام نحو: علمت أيهم قائم، أو مضافًا إليه نحو: غلام أيهم أنت، أو تالي لام ابتداء نحو: علمت لزيد قائم، وظننت لعمرو منطلق، أو (ما) النافية نحو: «لقد علمت ما هؤلاء ينطقون» و (إن) النافية «وتظنون إن لبثتم إلا قليلا» و (إن) وفي خبرها اللام نحو: علمت إن زيدًا لقائم، وشذ المازني فأجاز فتح الهمزة مع اللام، وذكر ابن السراج، والنحاس من المعلقات (لا) نحو: أظن لا يقوم زيد، وذكر ابن مالك فيها (لام القسم) نحو: ولقد علمت لتأتين منيتي … ... ... ... ... ولم يذكر أصحابنا (لا)، ولا (لام القسم)، وقال في الغرة: ولا تعلق لام القسم كما تقول: علمت أن زيدًا ليقومن فتفتح أن وفي هذه الجمل التي هي

مصدرة بإن المكسورة، وفي خبرها اللام أو بلام الابتداء أو بلام القسم أو بما النافية أو بلا خلاف. فمذهب سيبويه والبصريين، وابن كيسان أنها في موضع نصب، وذهب الكوفيون إلى إضمار القسم بين الفعل وبين هذه الجمل، فتكون لا موضع لها من الإعراب، فإن كان مسموعًا عن لسان العرب: علمت لزيد قائم، وعمرًا منطلقًا كما أجازه من أجازه من البصريين، كان حجة على الكوفيين. وأما (لو) قال الشاعر: ولقد علم الأقوام لو أن حاتما … يريد ثراء المال أمسى له وفر فزعم ابن مالك أن (لو) معلقة للفعل، كما علقت لام القسم، وقال بعض أصحابنا: إن هذه الأفعال تضمن معنى القسم، فتتلقى بما يتلقى به القسم، وتعلق إذ ذاك عن العمل، وهذا جنوح لمذهب الكوفيين. فإذا ضمنت معنى القسم، لم تكن الجمل لها موضع مع الإعراب، وصحح هذا القول ابن عصفور، ولا يعرف النقل عن الكوفيين أن تلك الجملة القسمية التي ادعوا إضمارها قبل تلك الحروف وجوابها في موضع المعمول، ونقل بعض

أصحابنا عن غير معين مضمر بين هذه الأفعال، وهذه الحروف، وأنه وجوابه معمول للفعل، وفي البسيط ما ملخصه: ذهب الخليل وجماعة إلى أنه يعلق بما النافية كالاستفهام، تقول: علمت ما عبد الله قائم، وهو يجوز مع العمل في بعض، والإلغاء عن بعض نحو: علمت زيدًا ما أبوه قائم، فيه خلاف، واختلف المجوزون، فقيل لا يكون إلا في التميمية دون الحجازية، وقيل: يجوز وقيل إن (لا) بمعنى (ما) يجوز أن تعلق نحو: علمت لا رجل في الدار ولا امرأة، وهل تكون فيه (لا) التبرئة ما في الحجازية. انتهى. وفي كتاب الصفار البطليوسي: الذي يعلق به يعني من الحروف اللام الداخلة على المبتدأ والخبر، واللام المقرونة بإن، واللام الداخلة على الفعل نحو: ليقومن في جواب القسم، و (ما)، و (لا) في جوابه على خلاف في (ما) و (لا) انتهى. وكنت قد ذكرت في كتاب منهج السالك: أنه ظهر لي من جملة الحروف المعلقة (لعل) ومنه: «وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا» و «ما يدريك لعله يزكى» و «إن أدري لعله فتنة لكم» ورأيت مصب الفعل في هذه الآيات على جملة الترجي، فهو في موضع نصب بالفعل المعلق إلا أني وقعت لأبي علي الفارسي على شيء من هذا، قال: وقد ذكر «وما يدريك لعله يزكى» و «وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا» ما نصه: «والقول في (لعل) وموضعها أنه يجوز أن يكون في موضع نصب، وأن الفعل لما كان بمعنى العلم علق عما بعده، وجاز تعليقه، لأنه مثل الاستفهام في أنه غير خبر، وأن ما بعده منقطع عما قبله ولا يعمل فيه» انتهى ما كتبناه من كلام الفارسي في هذه المسألة، وفي

النهاية: التعليق يكون مع ثلاثة أشياء: لام الابتداء، وما النافية نحو: علمت ما عمرو ذاهب أو ذاهبًا، فإن قلت: علمت ما يقوم زيد لم يكن تعليقًا، لأنه إنما يكون في موضع لو سلط عليه الفعل، لتناول المفعولين فعمل فيهما، وذلك لأنه فعل وفاعل، وعلمت إنما تدخل على المبتدأ والخبر، قال تعالى: «وظنوا ما لهم من محيص» قيل هذا جواب قسم، ويصح أن يكون تعليقًا، وإذا قلت: «علمت ليذهبن عمرو» لم يكن تعليقًا أيضًا لما ذكرناه، والثالث الاستفهام مع الهمزة وأسمائه، ويجوز إذا علقتها بالاستفهام أن توقع بعدها الفعل والفاعل كقولك: علمت متى تذهب كأنك قلت: أغدًا تذهب أم بعد غد، وتقول: لزيد قائم وعمرا جالسًا تعطف على اللام وما بعدها ولا تجعلها داخلة في التلعيق، ولو عطفت على ما بعد اللام رفعت. انتهى. وذكر النحويون في هذا الباب ما يعلق من أفعال القلوب وغيرها، وليست كل أفعال القلوب يجوز تعليقها، ألا ترى أن أراد، وكره، وأحب، وأبغض من أفعال القلوب ولا تعلق، ومما ذكر فيه التعليق أفعال ليست من أفعال القلوب أنا أذكرها فمنها: (نظر) البصرية، فمذهب ابن عصفور، وابن مالك إلى أنه يجوز تعليقها، وتبعًا في ذلك ابن خروف وقال أستاذنا أبو جعفر بن الزبير لم يذهب أحد إلى تعليق (نظر) غير ابن خروف، وجعل من ذلك قوله تعالى: «أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت» قال: ولا يعدى النظر بإلى إلا إذا كان بمعنى

الإبصار، و (أبصر) قال ابن مالك نحو قوله تعالى: «فستبصر ويبصرون بأييكم المفتون» ولا يتعين أن يكون تعليقًا، وسأل هذا كالمتعلق عليه يعلق، قال تعالى: «يسئلون أيان يوم الدين» لما كان السؤال سببًا للعلم أجرى مجرى العلم، وترى في قولهم: أما ترى أي برق هاهنا، ذكره سيبويه، فذهب المازني وتبعه ابن مالك إلى أن (ترى) هنا بصرية، وأما شراح الكتاب فحملوا ذلك على أن ترى بمعنى تعلم، و (تبصر) من قول الشاعر: تبصر خليلي هل ترى من ظعائن … ... ... ... ... ... والظاهر أنه من إبصار العين فتبصر فيه من إبصار العين، ومما علق (استنبأ) بمعنى استعلم أي طلب العلم في قوله تعالى: «ويستنبئونك أحق هو» وأما قوله تعالى: «ليبلوكم أيكم أحسن عملا» فجعله ابن مالك تعليقًا، ولا يتعين إذ يجوز أن تكون موصولة بنيت، وحذف صدر صلتها، وأجاز يونس في قوله تعالى:

«ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد» أنه علق لننزعن وإن لم تكن من أفعال القلوب، ولا من باب النظر ولا السؤال. ومذهب سيبويه في الآية أنها موصولة بنيت، وحذف صدر صلتها، ومذهب الخليل أنه على سبيل الحكاية بقول محذوف، ومفعول لننزعن محذوف، وذكر ابن مالك تعليق (نسى) واستدل بما لا يفيد التعليق، وإذا تقدم عى الاستفهام أحد المفعولين نحو: علمت زيدًا أبو من هو، فنصب زيد متفق عليه، وهو المختار، واختلفوا في رفعه، فأجاز ذلك سيبويه، ومنع ذلك ابن كيسان ورفعه يمتنع بعد أرأيت بمعنى أخبرني كقولك: أرأيتك زيدًا أبو من هو؟ فنصب زيد متفق عليه، و «أرأيتك عمرًا أعندك هو أم عند فلان»، ولاجملة التي بعد المنصوب في موضع المفعول الثاني، وليست أرأيت معلقه عنها، بل هي كالجملة في «علمت زيدًا أبو من هو». هذا مذهب سيبويه، وزعم ابن كيسان: أن الجملة الاستفهامية في موضع بدل من المنصوب، وزعم كثير من النحاة أن (أرأيت) تعلق كثيرًا، وانتقدوا على سيبويه قوله: إنها لا تعلق، واستدلوا بآيات

من القرآن، وقع فيها ما ظاهره التعليق كقوله تعالى: «قل أرءيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون». وتأول ذلك من انتصر لمذهب سيبويه، وأرأيت هذه كثيرة الدوران في القرآن وكلام العرب، ونحن نذكر ما وقفنا عليه من أحكامها فنقول: يجوز حذف الهمزة منها وهي عين الكلمة فتقول: أريت، وبه قرأ الكسائي، وتلزم الخطاب، فلا يجوز: أرى زيد عمرًا ما صنع، وجاءت (أرأيت) ليس بعدها منصوب، ولا استفهام بل جملة متصدرة بالفاء كقوله تعالى: «أرءيت إذا أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت»؛ فزعم أبو الحسن: أنها أخرجت عن بابها بالكلية، وضمنت معنى أما أو تنفيه، فالفاء في جواب أرأيت على التضمين المذكور، وزعم أبو الحسن أن العرب لا تحذف معمول أرأيتك التي بمعنى أخبرني حتى تؤكد التاء في (أرأيتك) فتقول: أريتك أنت ما صنعت، وأرأيتك أنت وزيدًا ما صنعتما، وزعم أن هذا التوكيد يقوم مقام المفعول بدليل أنهم يعطفون عليه المنصوب، وزعم أنهم لا يقولون: أرأيتك أنت وزيد، قال: وهذا كله سماع من العرب، وزعم أبو الحسن أن (أرأيت) هذه لا بد بعدها من الاسم المستخبر عنه، وتلزم الجملة التي بعده الاستفهام. وقد ذكرنا في الشرح الكبير تخريج ما ذكره أبو الحسن على خلاف ما تأوله هو، واعلم أن اسم الاستفهام يبقى على حاله من الإعراب إن رفعا فرفع، وإن نصبا فنصب على ما كان عليه قبل دخول ظننت وأخواتها نحو: علمت أي الناس صديقك، وعلمت أيهم ضربت، وعلمت أي قيام قمت، وعلمت أين خالد، وعلمت متى قام زيد، وعلمت أين ضربت زيدًا، وعلمت كيف ضربت زيدًا، وعلمت غلام أيهم ضربت. وأصل التعليق عن العمل أن يكون في الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر التي يصح فيها أن تلغى ثم الفعل إن كان مما يتعدى بحرف الجر كـ (تفكر) في قوله:

. ... ... ... … تفكر إياه يعنون أم قردا فالجملة في موضع نصب على تقدير إسقاط حرف الجر، وإن كان يتعدى إلى واحد، في موضع مفعوله نحو: عرفت أيهم زيد، وذهب ابن السراج، وأبو علي، وابن الباذش، وابن طاهر، وجماعة إلى أنه لا يكون التلعيق إلا فيما جاز إلغاؤه وما عداه فبالحمل عليه. وذهب السيرافي، وجماعة إلى أنه يجوز في أفعال القلوب مطلقًا سواء أكان مما يلغى، أو مما لا يلغى، فعلى القول الأول يكون فكر، وتفكر، وعرف يتضمن معنى ما يتعدى إلى اثنين، وإن كان يتعدى إلى اثنين سدت الجملة مسد المفعولين. وإن كان يتعدى إلى واحد، وجاءت بعده جملة الاستفهام فثلاثة مذاهب: أحدها: أنها في موضع بدل من المنصوب قبلها، وهو مذهب السيرافي، واختيار ابن عصفور قال: وهذا بدل شيء من شيء على حذف مضاف التقدير عرفت قصة زيد، أو أمر زيد أبو من هو، وقال ابن الضائع هو بدل اشتمال. والثاني: أن الجملة في موضع نصب على الحال، وهو مذهب المبرد، والأعلم وابن خروف.

والثالث: أن الجملة في موضع المفعول الثاني على تضمين الفعل معنى ما يتعدى إلى اثنين، وهو مذهب أبي علي فيما حكاه عنه ابن جني، وتبعه أبو عبد الله بن أبي العافية، وهذا المذهب جار على ما تقدم ذكره من قول ابن السراج، ومن ذكر معه. وتختص القلبية من هذا الباب بجواز كون فاعلها ومفعولها ضميرين متصلين متحدي المعنى، وقد يكون الأول مستكنا نحو: ظننتني خارجًا، وأنت ظننتك خارجًا، وزيد أظنه خارجًا. وفي إجراء القول إذا كان بمعنى الظن مجرى الظن في ذلك نظر فتقول: قلتني قائمًا، ولو ضوعت مكان الضمير الأول النفس فقلت: ظننت نفسك عالمة، فذهب أكثر النحويين إلى أنه لا يجوز ذلك، وذهب ابن كيسان إلى جوازه، ورأى الحلمية والبصرية كذلك كقوله تعالى: «إني أراني أعصر خمرا» وقال: فلقد أراني للرماح دريئة … ... ... ... ... ...

ولا يجوز في غير ذلك لا تقول: ضربتني ولا ضربتك، ولا زيد ضربه تريد ضرب نفسه، بل تأتي في مثل هذا بالنفس، وسمع: فقدتني، وعدمتني، ووجدتني وشذ قوله قد بت أحرسني وحدي ويمنعني … صوت السباع به يضبحن والهام فقال: أحرسني يريد: أحرس نفسي، وإذا كان الفاعل متصلاً مفسرًا بالمفعول امتنع ذلك في باب ظن، فلا يجوز: زيدًا أظن قائمًا، وفي غير باب ظن: لا تقول زيدًا ضرب، فإن كان منفصلاً جاز في باب ظن، وفي غيره نحو: ما ظن زيدًا قائمًا إلا هو، وما ظن قائمًا إلا إياه، وما ضرب زيدًا إلا هو، وما ضرب زيدًا إلا إياه وهذه مسائل منثورة من هذا الباب، أجاز سيبويه، وأصحابه، والفراء (أظن أنك قائم)، ولم يجيزوا: (أظن قيامك)، وأجاز ذلك الكسائي، إذا قلت أظن أنك قائم فمذهب سيبويه أنه لا حذف فيه. وذهب أبو الحسن، والمبرد: إلى أن المفعول الثاني محذوف وتقديره مستقرًا، وحكى الفراء: أظن أنك قائم خير لك، وأظن خيرًا لك أنك قائم، وأجاز الكسائي والفراء: أظن أن يذهب زيد، ولا يجوز ذلك عند البصريين إلا بعوض نحو: قد، والسين، وسوف، أظن يذهب زيد يمتنع إلا على مذهب من

مذاهب الفراء في قراءة من قرأ: «ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا» بمعنى أن سبقوا، وحذف (أن) لما عاد الذكر على الفاعلين، والذين في موضع رفع، وشبهه بقوله: يريد يقوم بمعنى: يريد أن يقوم، وظننت زيدًا إنه قائم بكسر (إن) في مذهب البصريين لا غير، وأجازه الكوفيون مع فتح (أن)، وقال ابن كيسان: يجب فتح (أن) على البدل. وأجاز الفراء حذف حرف الاستفهام مع الشك قال: وتضمره العرب في حروف الشك خاصة، فيقولون: تراك منطلقًا، ونظنك تخرج، وامتنع في ضربت وقتلت وسائر الأفعال، وتابعه قطرب في هذا، وزاد أنه أجز ذلك في غير هذه الأفعال، ومذهب سيبويه أن ذلك لا يجوز، وزعم الأخفش الصغير أن ما أجازه الفراء إنما أخذه من كلام العامة، لأنهم يقولون: ترى ذلك قائمًا؟ فأما عن العرب فلا يعرف. (لزيد ظننت ظنًا قائم) امتنعت المسألة لا بالرفع، ولا بالنصب إن رفعت جمعت بين متعاقبين، وإن نصبت أدخلت لام الابتداء على الجملة الفعلية، ذكر هذه المسألة صاحب (الملخص) تقول: أظن زيدًا ذاهبًا بحقي باطلاً، بنصب الباطل، وأجاز الفراء رفع الباطل و (زيد)، وجعل ذاهبًا بمعنى أن يذهب، وقال: لا يجوز أظن زيد قائمًا بمعنى أن يقوم، لأن (أن) تكتفي من شيئين، فلا بد من شيئين إذا حذفتها فتقول: ظننت قائمًا أنا، وأظن زيد قائمًا هو. «عبد الله ما علمت عالم» أجمعوا على جوازها، واختلفوا في: عبد الله ما رأيت عالمًا، أو ما ظننت، فمنع ذلك الفراء، وابن كيسان، وأجاز ذلك غيرهما. «أزيد زعمت أنه منطلق» هذا لا خلاف في جوازه، فإن نصبت زيدًا، فهو خطأ عند البصريين،

وأجاز ذلك الكسائي، وحكى عن العرب: كم زعمت أنك سائر، ومن زعمت أنك ضارب على أن (كم) و (من) في موضع نصب، وتأوله مخالفوه على أن ذلك في موضع رفع، والتقدير: سائره وضاربه، و (أن) لا تعمل في شيء قبلها، ولا تفسر عاملاً. «كم زعمت أن الحرورية رجلا» حكاه الكسائي على أن (كم) في موضع رفع، وتابعه الأخفش. «ظننته زيد منطلق» لا خلاف في جوازها، فإن قدمت منطلقًا على زيد، فالبصريون يرفعون على التقديم والتأخير، وهو خطأ عن الكوفيين، وتقدمت هذه المسألة في وسط الفصل الرابع من باب المضمر في أوائل شرح التسهيل. «ظننت زيدًا قائمًا ظنًا حسنًا» لا خلاف في جوازها، فلو قلت: ظننت زيدًا ظنا حسنًا قائمًا أجازها البصريون، ومنع ذلك الكوفيون. «ظننت زيدًا يوم الجمعة قائمًا وظننت زيدًا خلفك قائمًا» إن جعلت الظرف ظرفًا للمفعول جازت بلا خلاف؛ وإن جعلته ظرفًا للظن أجاز ذلك البصريون ومنعه الكوفيون. «ظننت أن زيدًا ظنًا حسنا قائم» لا خلاف في منعها. «طعامك ظننت أن عبد الله آكل» منعها الجمهور، وأجازها الكسائي. «ظننت إن زيدًا قائم» لا يجوز إلا كسر إن عند البصريين، وأجاز ابن كيسان الفتح بدلاً من الهاء، والهاء كناية عن الخبر، كأنك قلت: ظننت ذلك أن زيدًا قائم. «أظن عبد الله مختصمًا وزيد» قال الفراء: وأكثر النحويين لا يجوز في زيد النصب، وأجاز بعضهم على أن يكون مفعولاً معه. «أظن عبد الله مختصمًا فزيد»، أو ثم زيد أو (أو زيد)، لا يجوز شيء من هذا عند الفراء والبصريين، وأجاز الكسائي: أظن عبد الله ثم زيدًا مختصمين، وكذلك الفاء والواو وأنكر الفراء ذلك عليه. «أظن عبد الله وأظن زيدًا مختصمين» أجاز ذلك الفراء على أن تلغى أظن الثانية قال: فإن توهمت التكرار كان محالاً، والقول عند البصريين أنهما واحد. «أنا ظان أن يقوم زيد» وإن شئت حذفت التنوين، وأضفت؛ فإن قلت: أنا ظان أنك

تقوم كل حذف التنوين قبيحًا، قال الفراء: وإن كان في شعر أجزتهما. «أنا ظان أنك لقائم» لم تجز الإضافة، فإن قلت: أنا قائل إنك لقائم، ولتقومن، ولزيد قائم، وما زيد بقائم، جاز حذف التنوين، والإضافة. «أخواك مظنونان أن يذهبا» قال الفراء: هي خطأ، وهذا جائز على مذهب البصريين، غير أن الأجود أن يقال: أخواك يظن أن يذهبا، وأخواك مظنون أن يذهبا، أي: مظنون ذهابهما، فإن قلت: مظنونان أن يذهبا كانت (أن) بدلاً من الضمير في مظنونان. قول العرب: عرفت أيهم في الدار، عرفت تقتضي حصول المعرفة، وأيهم في الدار استعلام من في الدار، وهذا الكلام يدافع أوله آخره، إذ حصول المعرفة ينافي طلبها، وهذا استفهام في الصورة ليس باستفهام في الحقيقة.

فصل

فصل أصل القول إذا دخل على الجمل أن تحكى على حالها، كانت الجملة اسمية أو فعلية، فإذا كانت اسمية جاز أن تحكى، وجاز إن كانت مما تدخل عليه ظن أن تجرى مجرى الظن في العلم بلا شرط عند سليم فتقول: قال زيد عمرًا منطلقًا كما تقول: ظن زيد عمرًا منطلقًا، ويجوز أن تجرى مجرى الظن عند أكثر العرب بشروط: أحدها: أن يكون مضارعًا، وأجاز السيرافي إجراءه مجرى الظن ماضيًا بباقي الشروط التي ستأتي، فتقول: أقلت زيدًا منطلقًا؟ وسيبويه لم يستثن إلا القول، فيظهر منه اختصاصه بالمضارع، وزعم الكوفيون أن الأمر من القول للمخاطب يجرى مجرى الظن في لغة غير سليم، كما يجرون المضارع مجراه، إذا اجتمعت الشروط التي في المضارع ومنه: ومن ينازعها فقله (قد فلج) أي فظنها، وقال الفراء: لم أر العرب أوقعت القول بالنصب في شيء من الفعل إلا في التاء، خاطبت بها أو أمرت فإنهم لا يقولون: أتقول زيدًا منطلقًا. الشرط الثاني: أن يكون المضارع لخطاب نحو: أتقول، فإن كان مسندًا لغائب ظاهر، أو مضمر، أو متكلم فالحكاية على لغة سليم. الشرط الثالث: أن يكون بعد استفهام بأي أداة، كان الاستفهام كالهمزة ومتى وغيرهما.

الشرط الرابع: أن تتصل الأداة بتقول، أو تنفصل بظرف، أو مجرور أو أحد المفعولين، أو حال مما يكون معمولاً لـ (أتقول)، فإن فصلت بما ليس بمعمول وهو الأجنبي نحو: أأنت تقول زيد منطلق، لم يجر مجرى الظن، وكانت الحكاية واجبة، ولم يجز في زيد إلا الرفع، وهذا على مذهب سيبويه، وأجاز الكوفيون وسائر البصريين فيه النصب. الشرط الخامس: ذكره ابن مالك وهو أن تكون للحاضر، وفسره هو بأن يكون للحال، ولم يشترط أصحابنا هذا الشرط، بل إطلاقهم يدل على أنه يجوز أن يكون للحال وللاستقبال. الشرط السادس: نبه عليه السهيلي وهو ألا يكون الفعل عدي باللام لمعمول نحو: أتقول لزيد عمرو منطلق، فلا يجوز إلا الحكاية، وهنا مسألة تجمع فيها الشروط ولا تعمل أتقول النصب، ذكرها خطاب، قال ولو قال قائل: إن هذا يقول زيد منطلق، فسألته عن تصحيح ما يحكى عنه رفعت أبدًا، وذلك قولك: أتقول زيد منطلق، والمعنى هل أمرك كما بلغني أنك تقول زيد منطلق، وذكر أبو القاسم الثمانيني: أنه لغة لبعض العرب يعملون القول إعمال الظن بشرط

الاستفهام فقط، كان للمخاطب أو للغائب، وفي النهاية أن بعضهم ألغى الاستفهام فتقول: تقول زيدًا منطلقًا، فتبقى الشروط الثلاثة، ومن أجرى القول مجرى الظن جوز في الظن من كون الفاعل والمفعول كشيء واحد، ومن الإلغاء والتعليق. انتهى. وإذا وقعت (إن) بعد القول الذي يقتضي القياس أن من أعمله إعمال الظن أن يفتحها كما يفتحها بعد الظن، ومن أجاز الحكاية بعد أتقول يكسرها كما يكسرها بعد القول، عاريًا من شرط الإعمال، واختلف نقل النحاة عن العرب في ذلك، فحكى البصريون فتحها في لغة سليم، وغيرها، وحكى الكوفيون أنها تفتح في لغة سليم، وتكسر في لغة غيرهم، ومذهب الجمهور، واختيار أبي الفتح أنه لا يعمل عمل الظن حتى يضمن معنى الظن في اللغة السليمية، وغيرها، فإن لم يضمن معنى الظن لم يعمل أصلاً، ولا تفتح (أن) بعده، وذهب الأعلم، وابن خروف، وصاحب البسيط: إلى أن القول قد يجرى في العمل مجرى الظن دون معناه وتجوز الحكاية، وإن اجتمعت الشروط فتقول: أتقول زيد منطلق، وكذا في لغة سليم، ليس العمل عندهم متحتمًا بل جائزًا، ولا يلحق في الحكاية بالقول ما في معناها كالدعاء، والنداء، والوصية، والقراءة نحو: «ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا»، و «دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه» فهذا وما أشبه عند البصريين على إضمار القول، وقال الكوفيون: هي وأمثالها محكية بالنداء والدعاء وما أشبه ذلك. واختار ابن عصفور مذهب الكوفيين، وقد يضاف قول وقائل إلى الكلام

المحكي، وذلك أن قولاً مصدر يضاف إلى مفعوله إذا كان مقدرًا بحرف مصدري والفعل، كقوله: قول يا للرجال ينهض منا … مسرعين الكهول والشبانا وقائل اسم فاعل فحيث يجوز إضافة اسم فاعل نحو إضافته كقوله: فأجبت قائل كيف أنت بصالح … حتى مللت وملني عوادي وقد يغني القول عن المحكي في صلة نحو قوله: لم يا عمرو لم تعذ بالذي قلـ … ـت فتلقاه إذا خذلت نصيرا تقديره قلت: إني أعوذ به، أو قلت: إنك عائذ به، وإذا دخل القول على مفرد، فإن كان مفردًا في اللفظ لا في التقدير حكى على حسب ما يكون فيه من الإعراب نحو قوله: إذا ذقت فاها قلت طعم مدامة … ... ... ... .... يروى برفع طعم فالتقدير: طعمه طعم مدامة، وبالنصب فالتقدير: ذقت طعم مدامة، وإن كان مفردًا في اللفظ، والتقدير مصدرًا عمل فيه النصب نحو: قال زيد قولاً، واسمًا لجملة نحو: قال زيد حقًا، وقال باطلاً، فقيل: انتصب على أنه نعت لمصدر محذوف، وقيل: نصب المفعول به، وإذا قلت: قال فلانة شعرًا، أو قال خطبة فقيل: فينتصب نصب المصدر النوعي نحو: رجع القهقرى، وقيل نصب المفعول به.

وإن كن مفردًا أريد به مجرد اللفظ نحو: قال زيد كلمة، وقال زيد عمرًا؛ فذهب الزجاجي، والزمخشري، وابن خروف، وتبعهم ابن مالك إلى جواز إعمال القول فيه، وذهب غيرهم إلى أنه لا يجوز، ولا يحفظ من كلامهم، قال زيد ضرب، ولا قال ليت، ولا قال عمرًا؛ وإنما يقع القول في كلامهم لحكاية الجملة، والأصل أن تحكى كما سمعت، فإذا قال زيد: عمرو منطلق، أو انطلقت قلت قال زيد: عمرو منطلق، أو قال زيد: انطلقت. ويجوز أن تحكى على المعنى بإجماع فتقول قال زيد منطلق عمرو والمنطلق عمرو؛ فإن كانت الجملة ملحونة حكيتها على المعنى بإجماع فتقول في قول زيد: عمرو منطلق، وقام زيد، قال زيد عمرو منطلق، وقام زيد بالرفع في عمرو وزيد. واختلفوا في حكايتها على لحنها فمجوز ومانع، وإذا حكيت كلام متكلم عن نفسه نحو قول زيد: انطلقت، فلك أن تحكيه بلفظه من غير تغيير فتقول: قال فلان انطلقت، ويجوز أن تقول: قال فلان: انطلق أو أنه انطلق، أو أنه منطلق، ومن غريب النقل أن القول قد يجيء في كلام العرب صلة للكلام، ولا قول هناك حقيقة تقول الفصحاء من العرب: قال الحائط فسقط، وقالت النخلة فتحركت، وقد يقول الفصيح من العرب: قلت بعينه فبخصتها، وقلت بحقه فمطلت، وقلت بزيد فأكرمته، وإذا رأيت في خاتمه مكتوبًا جعفرًا، وعلقت به فعلا يتعلق به كقرأت، ورأيت، ولمحت، ونحوها مما يتعلق باللفظ أو بالكناية نحو: كتب؛ فإن كان قد قيل بالشكل رفعًا أضمرت له رافعًا أو نصبًا أضمرت له ناصبًا على حسب ما يناسب صاحب ذلك الخاتم، وصارت الجملة المقدر فيه الرافع،

أو الناصب، محكية بذلك الفعل، كأنه في الرفع صاحبه أي صاحب الخاتم جعفرا، وجعفر صاحبه، وفي النصب: اقصدا جعفرًا كما أنشدوا: وأصفر من ضرب دار الملو … ك يلوح على وجهه جعفرا أي اقصدوا جعفرا أسند يلوح إلى الجملة، وهو فاعل بيلوح ويجيء الحال من هذه الجملة المقدرة فتقول: قرأت في خاتمه منقوشًا جعفرًا مكتوبًا باعتبار الكلام، ومكتوبة باعتبار الجملة فتذكر وتؤنث، وإن كان المنقوش في الخاتم صورة والفعل مما يتعلق بالصورة، كرأيت فإنك تعرف وتصفه بما يناسب أن يكون وصفًا للصورة المنقوشة، وتقول رأيت في خاتمه أسدًا مفتوح الفم، ونظرت في خاتمه إلى أسد مفتوح الفم، ولا يوصف بوصف حقيقي كأبخر.

باب الأفعال المتعدية إلى ثلاثة مفاعيل

باب الأفعال المتعدية إلى ثلاثة مفاعيل وهي أعلم، وأرى المنقولان من علم. ورأى بمعناهما المتعديين فتقول: أعلم زيد عمرًا كبشك سمينًا، وكذلك أرى، وهذان الفعلان مجمع على تعديتهما إلى ثلاثة وزاد سيبويه (نبأ)، وقال ابن هشام: (وأنبأ). وذكر الفارسي، والجرجاني هذه الأربعة، وزاد الفراء: أخبر، وخبر، وزاد الكوفيون: حدث قالوا: ولم يحفظ عن العرب ما يتعدى إلى ثلاثة غيرها، ولم يذكر المتقدمون من البصريين: أخبر، وخبر، وحدث، وقد ذكرهما جماعة من المتأخرين كـ (الزمخشري)، وأكثر أصحابنا، وذكر الحريري: (علم) المتعدية بالتضعيف المنقولة من علم المتعدية إلى اثنين، وذكر ابن مالك (أدرى) في نحو قوله تعالى: «وما أدراك ما يوم الدين» قال: أدري بمعنى أعلم، وقال ابن هشام اللخمي: أدري يتعدى إلى ثلاثة، وزاد الأخفش قياسًا، واختاره ابن السراج أظن، وأحسب، وأخال، وأزعم، وأوجد، وزاد بعضهم (رأى) الحلمية، واختاره ابن مالك، وقال سماعًا كقوله تعالى: «إذ يريكهم الله في منامك قليلاً».

وزاد ابن هشام اللخمي: (عرف)، و (أشعر) المنقولين من عرف، وشعر المتعديين إلى اثنين، وزاد عبد القاهر: استعطيت زيدًا عمرًا درهمًا، وقال في النهاية: «ولا يبعد أن يقول: أكسيت زيدًا عمرًا ثوبًا أي جعلته يكسوه إلا أنهم لم يذكروا النقل إلا فيما يتعدى إلى اثنين من باب ظننت». فأما (أنبأ) و (نبأ)، فقال ابن ولاد: يستعملان على أصلهما فتقول: أنبأته عن كذا وبكذا، وكذا (أنبأ) قال: وتستعمل (أعلم) استعمالهما فتقول: أعلمت زيدًا بأمرك وعن خبرك، وقال صاحب اللباب: وذهب بعضهم إلى أن (أنبأ) تتعدى إلى اثنين بنفسها كقوله تعالى: «من أنبأك هذا». وقال الأستاذ أبو علي بالثلاثة التي ذكرها سيبويها وهي: (أعلم، وأرى، ونبأ) وقال في (أنبأ)، وأخبر، وخبر، وحدث: الأصل تعديتها بحرف الجر؛ فإن سمع تعديتها إلى ثلاثة فاتساع إلى ثلاثة، وزعم أن (حدث) إنما سمعوا تعديتها إلى ثلاثة في قوله: (الخفيف). أو منعتم ما تسألون فمن حد … ثتموه له علينا الولاء ولا دليل فيه، لأنه إنما وصل بالتضمين، وأما (علم) في قول الحريري، فالذي ذكر أصحابنا أن (علم) المتعدية إلى اثنين لم تنقل إلا بالهمزة، وأن علم المتعدية إلى واحد لم تنقل إلا بالتضعيف ليفرق بذلك بين المعنيين، ولم توجد متعدية إلى ثلاثة في لسان العرب.

وأما (أدرى)، فمنقولة بالهمزة من (درى) المتعدية بحرف الجر، فتتعدى إلى واحد، وإلى آخر بحرف الجر كقوله تعالى: «ولا أدراكم به». وأما (أرى) الحلمية، فمبني على أن (رأى) الحلمية تتعدى إلى اثنين، ولا يصح بل ما ادعى أنه مفعول ثان، أو ثالث منصوب على الحال، وما يتعدى إلى ثلاثة يجوز حذفها اختصارًا، أو حذف اثنين منها اختصارًا، أو حذف كل منهما اختصارًا. وأما الحذف اقتصارًا، فإن كان الأول، فذهب المبرد، وابن السراج، وابن كيسان، وخطاب الماردي، والأكثرون إلى أنه يجوز حذفه اقتصارًا، ويجوز أن يقتصر عليه، وتحذف المفعولين الأخيرين فتقول: أعلمت كبشك سمينًا، ولا تذكر من أعلمت، وأعلمت زيدًا، ولا تذكر ما أعلمته، وروى هاذ عن المازني. وأجاز الجرمي: الاقتصار على الأول دون الأخيرين، وذهب سيبويه إلى أنه لا يجوز أن يقتصر عنه ولا عليه، وهو قول ابن الباذش، وابن طاهر، وابن خروف، والأستاذ أبي علي، وابن عصفور، ونقل عن الأستاذ أبي علي أيضًا أنه لا يجوز أن يقتصر على الأول، فتقول: أعلمت زيدًا ولا عليه وعلى أحد الآخرين، ويجوز الاقتصار على الآخرين، وحذف الأول، وهذان المفعولان الأخيران أصلهما المبتدأ والخبر، واختلفوا في إلغاء الفعل عنهما، فيرجعان إلى أصلهما من المبتدأ والخبر، فذهب قوم إلى جواز الإلغاء سواء بني الفعل للفاعل، أم بني للمفعول، وهو

اختيار ابن مالك. وذهب قوم إلى المنع مطلقًا، وهو قول الأستاذ أبي علي، وتبعه صاحب البسيط، وابن أبي الربيع، وعبد العزيز بن زيد بن جمعه من معاصرينا من نحاة بغداد، وفصل أبو بكر خطاب، وتعبه الجزولي، فقال: إن كانت مبنية للفاعل فلا يجوز إلغاؤها، وإن كانت مبنية للمفعول جاز إلغاؤها، قال خطاب: زيد (نبئت) عالم وأخوك أعلمت، ففيه ألغيت للتوسط، وإن شئت أعملت، وقال زيد: أنبأت عمرًا خير الناس أعلمت ولا يجوز إلغاؤها توسطت أو تأخرت. وأما التعليق على المفعولين، فذهب أكثر النحويين إلى أنه لا يجوز، وهو اختيار ابن أبي الربيع، وابن جمعه، وذهب بعضهم إلى جوازه، وهو اختيار صاحب البسيط، وابن مالك. وإذا بنيت هذه الأفعال للمفعول صارت كـ (ظننت) فتقول: أعلمت زيدًا قائمًا، وحدثت عمرًا منطلقًا، والخلاف، والتقسيم، الذي في مفعولي ظننت بالنسبة إلى الحذف اقتصارًا واختصارًا، جاز هنا. وتسد (أن)، و (إن)، مسد المفعولين بنيت للفاعل أو للمفعول كما سدتا في ظننت، ولا يتصل ضمير الشأن بأعلمت كما يتصل بظننت، ومما جاء مبنيًا للمفعول ولم يبن للفاعل (أرى) بمعنى أظن تقول: أريت زيدًا قائمًا أي ظننت،

فهو مسند من فعل مبني للفاعل، لم ينطق به أيضًا بأظننت التي أريت بمعناها، وحكم المضارع حكم الماضي في ذلك، فتقول: أرى زيدًا ذاهبًا، ونرى زيدًا ذاهبًا، فمفعولها الأول لا يكون إلا ضمير متكلم أو ضمير مخاطب نحو قولهم: «كما ترى الحرورية رجلا». ويصل هذا الفعل إلى نصب الضمير المتصل مع أنه رافع الضمير، وهو تقول أراني سائرًا ومتى نراك سائرًا، ومتى تريانكما سائرين، ومتى ترونكم سائرين، ومتى ترينك سائرة، ومتى تريانكما سائرتين، ومتى ترينكن سائرات.

باب التنازع

باب التنازع ويسمى أيضًا باب الإعمال اقتضى عاملين، أو ثلاثة من الفعل، أو شبهه، مقتضى، لم يمنع مانع لفظي من العمل فيه، والتقديم في المقتضى هو أكثري لا شرط خلافًا لمن اشترط التقديم، فقد أجاز الفارسي توسطه. وقد ذكر بعض أصحابنا تقدم المعمول نحو: أي رجل ضربت، أو شتمت فعلى هذا لا يكون التقدم في المقتضى شرطًا، والعامل قد يكون جيء به للتوكيد نحو: قام قام زيد و: هيهات هيهات العقيق … ... ... ... ... ... فأجاز فيه الإعمال الفارسي، وتبعه الجرجاني، وأبو الحسن بن أبي الربيع فقال الفارسي: ارتفع (العقيق) بهيهات الثانية، وأضمرت في الأول أو بالأولى، وأضمرت في الثانية، وقال أبو الحسن: قام قام زيد، «زيد» فاعل بالثاني، وفاعل الأول مضمر كأنه من باب الإعمال، أو يقال: إن زيدًا فاعل بـ (قام) الأول، والثاني لا يحتاج إلى مسند إليه، إذ لم يؤت به، لذلك إنما جيء به للتوكيد قال: وهذا الوجه الثاني حسن.

وشرط كون المقتضى لغير توكيد ابن مالك، وصاحب البسيط، والاقتضاء أعم من الاقتضاء باتفاق الإعراب، واختلافه، وشرط ابن عصفور في المقتضى التصرف، فعلى هذا لا يجوز في فعلي التعجب، والكثير أن يكون المقتضى عاملين، وقد يكون ثلاثة نحو: سئلت فلم تبخل ولم تعط سائلاً … ... ... ... ... ... وشبه الفعل هو اسم الفاعل واسم المفعول واسم الفعل والمقتضى أعم من أن يكون أجنبيًا أو سببيًا، فإن كان سببيًا فإما أن يكون مرفوعًا أو غير مرفوع إن كان غير مرفوع لم يمتنع التنازع نحو: زيد أكرم وأفضل أباه، وإن كان مرفوعًا نحو: زيد قام، وقعد أبوه، وزيد قائم وقاعد أبوه، فذهب بعض النحويين إلى أنه لا يكون في هذا التنازع، وبه قال ابن خروف، وابن مالك، ولم يذكره معظم النحويين، ولا شرطوه، وقال الأستاذ أبو علي: وليس منه ... ... ... ... … وعزة ممطول معنى غريمها و (غريمها) مبتدأ، وكذا قال ابن السيد: الوجه عندي أن يكون (غريمها)

مبتدأ، و (ممطول) خبر مقدم، و (معنى) صفة له، وقد خرجه بعضهم على الإعمال، ومنهم الفارسي، فتحصل أن المسألة فيها خلاف، وقلنا: لم يمنع مانع إلى آخره، لأنه لا يكفي الاقتضاء حتى لا يكون يمنع من العمل مانع لفظي نحو قوله كأنهن خوافي أجدل قرم … ولي ليسبقه كالأمعز الخرب فهذا من إعمال الأول ولا يجوز أن يكون من إعمال الثاني، لأن (الخرب) حينئذ يكون مفسرًا للضمير الذي في (ولى)، ولام (كي) تمنعه أن يتخطاها إلى تفسيره، فإنه لا يتقدم ما بعدها عليها، فكذلك لا يفسر ما بعدها ما قبلها، لأن المفسر نائب مناب المفسر، فكأنما قد تقدم ما بعدها عليها، وهذا الاقتضاء من جهة المعنى أقوى ما يكون بحرف العطف، ولذلك يمتنع: ضربني ضربته زيد لأنه لا رابط، ويجوز الإعمال في قوله تعالى: «آتوني أفرغ عليه قطرا» إذ العامل الثاني جواب الأول، فهو مرتبط به، وإذا كان الاقتضاء على ما شرطناه عمل في المقتضى واحد من العاملين، لا كلاهما خلافًا للفراء، في زعمه أن في مثل: قام وقعد زيد العامل هو كلا الفعلين. فلو كان العطف بـ (أو) أو غيرها، مما لا يجمع بين الشيئين لم يجز أن يشترك العاملان في العمل نحو: قام أو قعد زيد، وصار من باب الإعمال، وعلى الإعمال خرجوا قوله:

وهل يرجع التسليم أو يكشف العنا … ثلاث الأثافي والرسوم البلاقع ولا خلاف بين البصريين والكوفيين في جواز إعمال السابق والمجاور، واختار الكوفيون إعمال السابق، واختار البصريون إعمال المجاور، ونقل سيبويه يدل على أن إعمال الثاني هو الكثير في كلام العرب، وأن إعمال الأول قليل قال ابن مالك، ومع قلته لا يكاد يوجد إلا في الشعر بخلاف إعمال الثاني، فإنه كثير الاستعمال في النثر والنظم، وقد تضمنه القرآن في مواضع كثيرة انتهى. وإذا أعملت الثاني؛ فإما أن يكون الأول طالب مرفوع، أو منصوب أو مجرور، إن كان (طالب) منصوب، أو مجرور نحو: ضربت وضربني زيد، ومررت ومر بي زيد، فأجاز ذلك بعض النحويين، ولا يضمر في الأول، وهو مذهب أصحابنا والأكثرين ومن النحويين من يضمر فيقول: ضربته، وضربني زيد، ومررت به ومر بي زيد، ومنع من جواز إضماره الكوفيون، وخص أصحابنا إضماره بالشعر ما لم

يلبس بحذفه، أو يكون طالب النصب من باب [غير] ظن، فإن ألبس أبرز الضمير نحو: استعنت به، واستعان على زيد وملت إليه، ومال عني زيد، وإن كان من باب ظن، فثلاثة مذاهب: إضماره قبل الذكر نحو: ظننته وظننت زيدًا قائمًا، أو مؤخرًا نحو: ظننتني وظننت زيدًا قائمًا إياه. وزعم ابن الطراوة: أن الإضمار في باب ظن لا يجوز، فمنع ما أدى إليه من مسائل ظن، إذ ليس للمضمر تفسير يعود عليه، فالضمير متصلاً أو منفصلاً عائد على قائم، وليس إياه، وتقدمه إلى مثله الكسائي، فمنع: ظننت وظننته زيدًا قائمًا والذي ينبغي أن يتبع في ذلك السماع. فإن كانت العرب استعملت مثل هذا الإضمار اتبع، وإلا توقف في إجازة ذلك، وإن كان طالب مرفوع فمذاهب. أحدها: أنه يضمر قبل الذكر، فيستكن في فعل الواحد، ويبرز في التثنية والجمع فتقول: ضربني وضربت زيدًا، وضربتني وضربت هندًا، وضرباني وضربت الزيدين وضربتاني وضربت الهندين، وضربوني، وضربت الزيدين، وضربنني وضربت الهندات، وهذا مذهب سيبويه والبصريين، وحكى أبو زيد، وسيبويه وغيرهما ضربوني وضربت قومك. وذهب محمد بن الوليد إلى أنه ليس إضمارًا قبل الذكر والتقدير عنده في نحو: ضربوني، وضربت قومك: ضربت قومك وضربوني: فالضمير المتقدم لفظًا هو منوى به التأخير؛ فأما ما قاله سيبويه من نحو: ضربني وضربت قومك، فقال: جائز، وهو قبيح أن تجعل اللفظ كالواحد قال: كأنك قلت ضربني (من) ثم وضربت قومك، وترك ذلك أجود وأحسن، وهو رديء في القياس. المذهب الثاني: مذهب الكسائي في مشهور ما نقل عنه، وهشام

وتابعهما من أصحابنا أبو زيد السهيلي، وأبو جعفر بن مضاء صاحب كتاب (المشرق في النحو) أن الفاعل محذوف لا يضمر، وقد نقل عن الكسائي أنه مضمر مستتر في الفعل، مفرد في الأحوال كلها، وأن ما نقله البصريون عن الكسائي أنه يحذف الفاعل لا يصح. المذهب الثالث: أن مثل هذا التركيب باطل، لأنه يؤدي إلى الإضمار قبل الذكر، أو إلى الحذف للفاعل، وهو مذهب الفراء، ويجب على مذهبه إعمال الأول في هذه المسألة، وعن الفراء أيضًا أن مثل: ضربني وضربت زيدًا يقصره على السماع، ولا يجعله قياسًا، وعنه أيضًا أن إصلاح هذه المسألة أن يعمل الأول أو يضمر الفاعل بعد الجملة المعطوفة فنقول: ضربني وضربت زيدًا هو، وضربت الزيدين هما. وذهب أبو ذر مصعب بن أبي بكر، فيما أدى إلى الإضمار أو الحذف، إلى اختيار إعمال الأول دون إعمال الثاني، وإذا أعملت الأول فإما أن يكون الثاني طالب مرفوع، أو منصوب، أو مجرور، إن كان (طالب) منصوب أو مجرور، فالمنقول عن البصريين والكوفيين جواز الحذف على اختلاف بينهم، قال في المقنع تقول: ضربني وضربتهم قومك هذا لا خلاف فيها، فإن قلت: ضربني وضربت قومك جاز عند الكوفيين على قول من قال: زيد ضربت، وهو عند البصريين جيد حسن على الحذف، وزيد ضربت قبيح جدًا. وفي الإفصاح: مذهب أبي علي إضمار معمول الثاني، ومذهب السيرافي جواز حذفه جوازًا مطردًا، وإن كان طالب مرفوع نحو: ضربت وضربني زيدًا أضمرت، ويبرز الضمير في التثنية والجمع فتقول: ضربت، وضرباني الزيدين، وضربت وضربوني الزيدين، وضربت وضربنني الهندات، فيطابق الضمير في إعمال الأول، وفي إعمال الثاني في مذهب سيبويه إذا كان (طالب) مرفوع؛ فإن أدت مطابقته إلى مخالفة خبر، ومخبر عنه، فالإظهار مثاله: ظناني منطلقًا، وظننت

الزيدين منطلقين، وظننت، وظناني قائمًا، الزيدين قائمين، ولا يجيز المبرد إلا هذا، وهو إظهار كل معمول لطالبه، وتخرج المسألة أن تكون من باب التنازع، وأجاز الكوفيون هذا الوجه، وأجازوا وجهين آخرين. أحدهما: حذف الضمير فتقول: ظناني وظننت الزيدين قائمين، وظننت، وظناني الزيدين قائمين إياه، حذف قائمًا لدلالة (قائمين) عليه. والوجه الآخر: أن تضمره مؤخرًا مطابقًا للمخبر عنه، نحو: ظننت وظناني الزيدين قائمين إياه، وظناني وظننت الزيدين قائمين إياه، وأجاز بعض أصحاب أبي العباس إضماره متقدمًا فتقول: ظننت وظنني إياه أخويك منطلقين، وإن طابق في باب ظن قلت: ظننت وظننته زيدًا قائمًا، أو ظننت وظنني إياه زيدًا قائمًا، ولا يجوز حذف الضمير عند البصريين، ويجوز عند الكوفيين. وفي البسيط: إذا أعمل الأول ترجح إعمال الثاني في جميع معمولاته، ولك حينئذ أن تقدم منها ما شئت منفصلاً، كما تقدم منها ما لم يتنازعوا فيه تقول: ضرب زيد، وزيدًا ضرب خالدًا على معنى: ضرب زيد خالدًا، وضرب خالد زيدًا، وقد يجوز الاشتغال فيه فترفع وتقول: ضرب زيد، وزيد ضربه خالد وكذلك تقول: ضربت وإياه ضرب عمرو خالدًا، والأحسن أن يبقى المفعول الذي لم يتنازع في موضعه. وإن كان العامل الثاني قدمته للأول، ولا تؤخره فتقول: ظناني شاخصًا، وظننت الزيدين شاخصين، ولك أن تؤخر لكنه قبيح، وإن أعملت الأول جاز تقديمه وتأخيره كقولك: ظنني وظننتهما شاخصين الزيدان شاخصًا، وفي الثاني: يقبح الفصل فلا يؤخر معموله فلا يقول: ظنني وظننتهما الزيدان شاخصًا شاخصين وفي الجمع كذلك نحو: ظنني وظننتهم شاخصين الزيدون شاخصًا انتهى.

وفي كون التنازع فيه أكثر من واحد خلاف، ذهب الجرمي إلى أنه لا يكون فيما يتعدى إلى ثلاثة، ولم يسمع عن العرب ذلك لا في نثر، ولا في نظم، وأجاز ذلك الجمهور والمازني، وجماعة وعن الجرمي أيضًا أن التنازع لا يكون فيما يطلب اثنين والصحيح جواز ذلك، ففي كتاب سيبويه حكاية عن العرب: «متى رأيت أو قلت زيدًا منطلقًا» على إعمال رأيت وحذف مطلوب قلت، وزيد منطلق على طلب قلت، وقال المبرد: لو أعمل الأول لقال أو قلت: هو هو زيدًا منطلقًا. وإذا تنازع ثلاثة، وهو أكثر ما سمع في هذا الباب، وزعم ابن خروف، وتبعه ابن مالك أنه يكون العمل للثالث، ويلغى الأول والثاني، وادعى ابن خروف أنه استقرى ذلك في الكلام فوجده مثل ما قال، واستقراؤه استقراء ناقص، وقد جاء إعمال الأول، والإضمار في الثاني، والثالث كقول أبي الأسود الدؤلي: كساك ولم تستكسه فاشكرن له … أخ لك يعطيك الجزيل وناصر أعمل (كساك)، ورفع به (أخ)، وأضمر في الثاني في قوله: ولم تستكسه. وفي الثالث: في له، وحكى بعض أصحابنا انعقاد الإجماع على جواز إعمال الأول والثاني والثالث، قبل أن يختلف ابن خروف وابن مالك، قيل: لكن يحفظ سماعًا في إعمال الثاني، وإلغاء الأول والثالث، لكن نص على الإجماع في جوازه.

وقال بعض أصحابنا: إن البصريين يختارون إعمال الآخر، وإن الكوفيين يختارون إعمال الأول، وسكتوا عن إعمال الأوسط، وهذا النقل معارض بالإجماع على أنه يجوز: وتقول: ضربني وضربت ومربي زيد؛ فإن أعملت (مربى) أضمرت فاعلاً في ضربني، وأبرزت ضمير المفعول في ضربت فقلت: وضربته، وإن أعملت ضربني أضمرت الفاعل في (ومربى)، والمفعول في (ضربت) فقلت: وضربته. وإن أعملت الثاني، لكونه أسبق من الثالث نصبت زيدًا، وأضمرت في ضربني وفي (مربى) على مذهب سيبويه، وحذفت على مذهب الكسائي، وامتنعت المسألة على مذهب الفراء، إلا أن تؤخر الضمير على ما نقل بعضهم عنه في إصلاح المسألة بتأخير الضمير عن المفسر، فعلى هذا القياس تقول: ضربني وضربت، ومربى زيدًا هو هو، فيكون (هو) الأول فاعلاً (بضربني)، والثاني فاعلاً بت (مربى)، والتأنيث، والتثنية والجمع يجرى هذا المجرى، وإذا جوزنا التنازع في باب أعلم قلت: في إعمال الأول: أعلمني وأعلمته إياه إياه زيدًا عمرًا قائمًا. وفي إعمال الثاني: أعلمني وأعلمت زيدًا عمرًا قائمًا إياه إياه، هذا على قول من لم يجز الاقتصار على المفعول الأول، ومن أجاز تقول في إعمال الأول: أعلمني، وأعلمته زيدًا عمرًا قائمًا، وفي إعمال الثاني: أعلمني وأعلمت زيدًا عمرًا قائمًا وكذلك إن قدمت أعلمت على أعلمني، يجوز فيه التفريع على المذهبين فتقول: في إعمال الأول على رأي من لا يقتصر: أعلمت وأعلمني إياه إياه زيدًا عمرًا قائمًا، وفي إعمال الثاني أعلمت وأعلمني زيد عمرًا قائمًا إياه إياه إياه وفي إعمال الأول على رأي من يقتصر أعلمت وأعلمني زيدًا عمرًا قائمًا وفي إعمال الثاني: أعلمت وأعلمني زيدًا عمرًا قائمًا إياه، وقال أبو زكريا يحيى بن معط: (إن

أعملت الأول قلت: أعلمت وأنبأتهما إياهما منطلقين الزيدين العمرين منطلقين ليس لك إلا ذلك، لاستغراق الضمير حالتي الاتصال والانفصال، فلم يبق للثالث إلا إعادته، ثم قال بعد ألا ترى أنك لو قلت في باب المخالفة: أعلمت، وأعلمني زيد عمرًا شاخصًا، وقعت المنازعة في ثلاثة، وتبين ذلك أن تعمل الأول فتقول: أعلمت وأعلمته زيدًا بكرًا شاخصًا، فلم تقع المنازعة في معمول واحد، بل في ثلاثة انتهى. وإذا كان العامل من الفعل لا يتصرف، ولم يجز فيه الإعمال فلا يكون في (حبذا) ولا في نعم، وبئس لو قلت: نعم في الحضر، وبئس في السفر الرجل زيد لم يجز. واختلفوا في فعل التعجب، فأجاز ذلك المبرد وقال في كتاب المدخل له: وتقول: ما أحسن وأجمل زيدًا إذا نصبه (بأجمل)؛ فإن نصبته بأحسن قلت: ما أحسن وأجمله زيدًا، وإلى مذهب المبرد ذهب صاحب (المحلى) في النحو، وهو أبو غانم المظفر بن أحمد. وذهب بعض النحويين إلى أنه لا يجوز التنازع في فعل التعجب، وقال ابن مالك: والصحيح عندي جوازه، لكن بشرط إعمال الثاني قال وكذلك: أحسن وأعقل بزيد قال: ويجوز على أصل مذهب الفراء: «أحسن وأعقل بزيد» على أن تكون الباء متعلقة (بأحسن) و (أعقل) معًا انتهى. وقالت العرب: ما قام وقعد إلا زيد، ويقاس على هذا التركيب، فزعم بعضهم أنه ليس من باب الإعمال، وأنه من باب الحذف، وأنه على تأويل ما قام أحد، ولا قعد إلا زيد، وفاعل (قعد) ضمير أحد المقدر، ولذلك لا يثنى، ولا يجمع، ولا يؤنث، وإن كان ما بعد إلا مثنى، أو مجموعًا، أو مؤنثًا قيل وإلا زيد، بدل من (أحد) المحذوف أو من الضمير، وزعم بعض النحويين أنه من باب الإعمال، وقال

بعض أصحابنا: ما قام وقعد إلا أنت، لا يكون من الباب على مذهب سيبويه، لأن الفاعل هنا لا يصح إضماره، ولا يجيز حذف الفاعل، ويكون من الباب على مذهبي الكسائي والفراء، ففي مذهب الكسائي على الحذف للفاعل، وعلى مذهب الفراء لارتفاعه بالفعلين معًا. والمتنازعان لا بد أن يكون الأول يجوز الفصل بينه وبين معموله بالعامل الثاني، فإن لم يجز الفصل أصلاً لم يجز التنازع كالمضافين فلا تقول: رأيت غلامًا، وضاربًا زيدًا تريد: غلام زيد، وضاربًا، والمعمول في التنازع فاعل ومفعول خاص أو عام الفاعل لا يتنازعه فعلا متكلم، ولا مخاطب، ولا مختلط منهما، وفعلا الغائب يتنازعان، وما اتصل بهما من المفعولات لا يقع فيهما التنازع، ولا يتنازع فعلا متكلم ومخاطب الفاعل إلا في صورة الغائب عند الفصل نحو: ما قام ولا قعد إلا أنا وأنت، ولا ضمير المفعول إلا بالفصل نحو: ما أكرم، ولا أعز إلا إياي، وما نكرم ولا نعز إلا إياك، ولا يكون هذا للاختلاط بينهما، وبين الغائب لاختلاط الفاعل. وأما المفعول به الصريح فينازعه ثلاثة أصناف، والمختلط منها وما تنازع منها الفاعل، جاز ذلك فيه وفي المفعول معًا، نحو: ضرب وأكرم زيد عمرًا، فإن كان أحدهما متعديًا، والآخر لازمًا جاز أن يفصل بينهما نحو: قام وأكرم عمرا زيد، فيجوز رفع (زيد) بالأول وبالثاني؛ فلو قلت: قام وأكرم زيد عمرًا، فقيل يتعين الثاني وقيل: لا يتعين، وفي معنى ذلك إذا بنيا للمفعول، أو أحدهما والمجرور يتنازعه الثلاثة، والمختلط، فإن كان لأحدهما فظاهر نحو: ضربت ومررت بزيد، وإن كان لكل واختلفا في الحرف نحو: انفصلت ومررت بزيد، أو اتفقا واتفقا في المعنى نحو قولك: صلى الله وبارك على محمد، أو اختلفا فيه نحو: قمت وذهبت بزيد تريد: قمت بسبب زيد، فلا يجوز إلا إن فهم من قوة الكلام كقولك: أطعمتك، ووهبتك لله، وما يتعدى إلى مفعول واحد يتعدى إلى اثنين، ومع الفاعل

نحو ضرب، وأعطى ثوبًا عبد الله عمرًا، ولو قدمت الفاعل لتعين الثاني، وباب ظننت مع باب أعطيت، إذا كان معفولاهما شخصين نحو: أعطيت وظننت سالمًا صبيحًا، قيل يتنازعان، وقيل يبعد إذ أحدهما خبر، والآخر غير خبر كما لا يكون أحد المتنازعين خبرًا والآخر دعاء نحو: غفر الله، ووهبتك لزيد، ويبعد التنازع بين ضرب وكان لعدم المناسبة نحو: ضرب زيد وكان عمرو أخاك. مسائل من هذا الباب: أعطيت وأعطاني أخوك درهمين: مفعولا أعطيت يجوز الاقتصار على كل واحد منهما، فهل يجوز أن يكون الأول معملاً بالنسبة إلى درهمين، فتنصب الدرهمين به، وملغى بالنسبة إلى الفاعل الذي هو أخوك، ويكون الثاني معملاً بالنسبة إلى الفاعل، وملغى بالنسبة إلى الدرهمين، فتكون قد حذفت مفعول الأول الأول ومفعول الثاني. اختلف في ذلك، فذهب الكوفيون إلى جواز ذلك، وذهب البصريون إلى أنه خطأ. كلمت وكلمني أخوك كلمتين، هي من مباداة ما قبلها فـ (عند) البصريين لا يجوز أن ينتصب كلمتين إلا بالفعل الثاني، ويجوز عند الكوفيين النصب بالفعل الأول إذا كانت في آخر الكلام، وهو خطأ عند البصريين فإن قلت: كلمته أو كلمني كلمتين أخوك، فجئت بكلمتين متوسطة، فلا اختلاف بني النحويين في أن تنصب (كلتمين) بالثاني لا غير. (متى رأيت وقلت زيدًا منطلقًا) النصب بالأول، وتحذف من الثاني ولا تضمر فيه، وإن أعملت الثاني وهو (قلت) رفعت الجزأين على الحكاية، وحذفت مفعولي رأيت هذا مذهب سيبويه، وزعم المبرد أنك تقولك على إعمال الأول متى رأيت أو قلت: هو هو زيدًا قائمًا، وضربت وضربني زيد أعملت الثاني فحذفت من الأول، والأصل: ضربت زيدًا وضربني زيد، ولا يجوز الأصل

إلا على قلة نحو قوله: يمنعها شيخ يجذبه الشيب … لا يحذر الريب إذا خيف الريب وكلام العرب على الإعمال، وأجاز بعض النحويين تأخير المفعولين بعد المرفوع وذلك على إعمال الفعلين في الاسمين الظاهرين فتقول: ضربت وضربني قومك قومك، تريد: ضربت قومك، وضربني قومك، والشائع في لسان العرب حذف مفعول الأول، ولا يؤتى به ظاهرًا، فضربت، وضربوني قومك، أجاز سيبويه رفع (قومك) على أنه فاعل، والواو علامة جمع، وعلى أن يكون بدلاً من المضمر، واستقبح هذا الوجه الفارسي. وأجاز سيبويه أيضًا: ضربوني وضربتهم قومك، بنصب (قومك) على البدل من ضمير (ضربتهم)، فيكون البدل قد فسر ضميرين: أحدهما: مرفوع، وهو الواو في (ضربوني)، والآخر منصوب، وهو الهاء في (ضربتهم) وهذا غريب جدًا أن يفسر واحد ضميرين متقدمين عليه في الذكر، ولا يوجد هذا في الضمائر التي يفسرها ما بعدها، وينبغي التوقف في إجازة مثل هذا حتى يسمع من العرب. تكلم سيبويه على الوجوه الجائزة في المسألتين اللتين يدور عليهما الباب وهما ضربت وضربني وضربني وضربت، فأما الأولى، فأجاز فيهما خمسة أوجه، فعلى إعمال الثاني: الرفع من ثلاثة أوجه على الفاعل بـ (ضربني)، وهو الظاهر، وعلى البدل من الضمير المستكن في (ضربني) والجمع والتثنية على هذين الوجهين، والثالث على أن الواو والألف والنون علامة، والاسم بعدها هو الفاعل، وعلى إعمال الأول وجهان: أحدهما: مطابقة الضمير في ضربني المنصوب بعده. والثاني: أن لا يطابق في الجمع، وأما المسألة الثانية فعلى إعمال الثاني وجهان.

أحدهما: أن يضمر في ضربني ما يطابق المفسر، وينصب ما بعد ضربت. الثاني: أن تسلط (ضربت) على ضمير مطابق للمفسر مع نصب المفسر مع مطابقة الضمير في ضربني، وعلى إعمال الأول الرفع من ثلاثة أوجه: أحدها: أن تضمر في (ضربت) مطابقًا للمفسر، ويرفع ما بعد ذلك الضمير بـ (ضربني). الثاني: أن تحذف ذلك الضمير المنصوب من الوجه الذي قبله. الثالث: أن تضمر في (ضربني) مطابقًا للمفسر، والظاهر المرفوع المفسر بدل من ذلك الضمير، أو فاعل والألف والواو، والنون، علامات التثنية والجمع قال امرؤ القيس: فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة … كفاني ولم أطلق قليل من المال ذهب الكوفيون، وجمهور البصريين إلى أنه ليس من الإعمال لاختلاف المقتضى لأن (لم أطلب) لا يقضتي القليل، بل مفعوله محذوف، وهو معطوف على جواب لو فلو اقتضى القليل لفسد المعنى. وذهب بعض البصريين إلى أنه من باب الإعمال، وأنه معطوف على جواب (لو) والتقدير: لو سعيت لأدنى معيشة لم أطلب قليلاً من المال، لأن (قليلاً من المال) يمكنني دون طلب، ولأكد لحصول القليل عندي، فلا أحتاج إلى تطلبه، وذهب الأستاذ أبو ذر مصعب بن أبي بكر الخشني، والأستاذ أبو إسحاق إبراهيم بن ملكون، والأستاذ أبو علي الشلوبين إلى أنه من الإعمال قالوا: لا يكون (ولم أطلب) معطوفًا على جواب (لو)، وهو (كفاني) بل يكون على استئناف الجملة، أي: وأنا لم أطلب قليلاً من المال، وتكون معطوفة على الجملة المنعقدة من (لو) وجوابها قال النابغة: ردت عليه أقاصيه ولبده … ضرب الوليدة بالمسحاة في التأد

ويروى (بضم راء ردت) ولا إشكال، وبفتح الراء، فخرجه شيخونا على الإعمال، فالعامل الأول هو (ردت)، والعامل الثاني هو المصدر المضاف إلى الفاعل، وهو الوليدة أعمل الثاني، وأضمر في الأول، وتقديره قبل هذا التركيب: ردت الوليدة عليه أقاصيه ولبده ضربها: أي ضرب الوليدة إياه، والتنازع في مثل هذا التركيب غريب. ويجوز التنازع في الظرف فتقول في إعمال الثاني: سرت وذهبت اليوم، وفي إعمال الأول: سرت وذهبت فيه اليوم، وفي المصدر إن أعملت الثاني قلت: إن تضرب زيدًا أضربك ضربًا شديدًا، وإن أعملت الأول قلت: إن تضرب زيدًا أضربك ضربًا شديدًا، ولا تنازع في الحال لأنها لا تضمر. وزعم ابن معط أنه يجوز التنازع فيها، ولكن تقول في مثل: إن تزرني ألقك راكبًا على إعمال الأول: إن تزرني أزرك في هذه الحال، راكبًا على معنى إن تزرني راكبًا ألقك في هذه الحال، ولا يجوز الكناية عنها. والأجود إعادة لفظ الحال كالأول انتهى. وأجاز بعض النحاة التنازع في (لعل) و (عسى) تقول: لعل وعسى يريد أن يخرج على إعمال الثاني، ولو أعمل الأول لقال: لعل وعسى زيدًا خارج، وأجاز السيرافي تنازع المصدرين في قوله: أرواح مودع أم بكور … أنت فانظر لأي ذاك تصير ومنع بعض النحاة التنازع في المضمر، وأجازه أكثرهم، وفي النهاية:

لا تنازع في المفعول له، ولا الحال، ولا التمييز، ولا في الحرفين وتقول في المفعول معه: (قمت وسرت وعمرًا) إن أعملت فيه (سرت)، وإن أعملت قمت قلت: قمت وسرت وإياه وعمرًا، ويصح تنازع اسمي الفعل نحو: نزال، ومناع زيدًا إذا أعملت الثاني، فإن أعملت الأول قلت: نزال ومناعه زيدًا، ولا يصح تنازع المصدرين، فإذا قلت: سرني إكرامك وزيارتك زيدًا وجب نصب زيدًا بالثاني، ولا يجوز بالأول للفصل بين المصدر ومعموله انتهى. فإن كان المصدر في معنى الأمر، أو في معنى الخبر فينبغي أن يجوز الإعمال بأيهما أردت.

باب المحمول على فعل واجب الإضمار

باب المحمول على فعل واجب الإضمار المنصوبات على ثلاثة أقسام: قسم ينتصب بفعل واجب الإضمار، وذلك كل فعل إذا أضمرته لم يكن على إضماره دليل من لفظ متقدم (أو بساط حال)، وقسم ينتصب بجائز الإضمار، وهو ما على إضماره دليل، وقسم ينتصب بواجب الإضمار، وهذا على قسمين: قسم مبوب له في النحو، وهو باب الاشتغال، وباب النداء، وباب الاختصاص، وباب التحذير والإغراء، وقسم غير مبوب له، وهو قد ذكر في أبواب متفرقة، والمقصود هنا جمع ما تفرق، فمنه (امرأ ونفسه)، و (شأنك والحج)، و (رأسه والحائط)، فالأول بإضمار (دع)، والثاني به، وبواسطة الواو على معنى (مع)، و (أهلك والليل) أي بادر أهلك، أو بادر الليل، أو بادر أهلك قبل الليل، وويحه وأخاه، ينتصب (وأخاه) على ما ينتصب عليه (ويحه) وسيأتي، و (شأنك وزيدًا) وما أنت وزيدًا، أي ما شأنك وملابسة زيدًا، وما أنت وملابسة زيدًا. والمصادر الموضوعة موضع فعل الأمر تنصب بفعل من لفظها، وما وضع من الفعل موضع فعل الدعاء وهي: سقيا ورعيا، وخيبة، وجوعًا، وعقرا، وسحقًا وبعدًا، وأفة، وتفة، ودفرًا، وتعسًا، وتبًا، وبهرًا. مما له فعل من لفظه انتصب به، وما لا فمن معناه: ونوعًا لا يستعمل إلا تابعًا

لـ (جوعًا) وتربا وجندلاً، وفاهًا لفيك على معنى الدعاء أي جعل الله في (فيه) تربا، ووضع في (فيه) جندلا أي أماته الله، وجعل الله فم الداهية لفيه، و «هنيئًا مريئًا» صفتان منصوبتان بمضمر على الحال. وإذا قلت لمن هو في حال تنعم: هنيئًا لك، فكأنك قلت: أدام الله لك من النعيم ما أنت فيه هنيئًا، وكذلك مريئًا، ولا تستعمل إلا بعد (هنيئًا) وقيل يستعمل وحده ولا يحفظ ذلك، وسبحان الله، وريحانه بفعل من معناهما لا من لفظهما، ومعنى سبحان: تنزيهًا، وريحانه: استرزاقه، ومعاذ الله بلفظ فعله أي أعوذ بالله معاذًا، وعمرك الله أي أسألك ببقاء الله، وهو مصدر من عمر على حذف الزيادة، يعني تعميرًا أي سألك بعمر الله أي ببقائه، وقعدك الله معناه حفظك الله بفعل من معناه، وويحه، وويله وعوله، وويسه، وويبه بأفعال من معناها، ومعنى ويحه وويسه: رحمة له، ومعنى ويبه وويله: حسرة له، وعوله اتباع لويله، ولا يستعمل بغير (ويله)، وقيل استعمل من ويل، وويح، وويس أفعال فهي منصوبة بوال، وواح، وواس، وما استدل به قيل مصنوع، ولا يعلم قائل البيت الذي استدل به. حنانيك، ولبيك، وسعديك، وهذاذيك، ودواليك، ومعنى (سعديك) إجابة بعد إجابة أي إسعادًا لأمرك بعد إسعاد، و (لبيك): لزومًا لطاعتك من ألب بالمكان أقام به، ولزم تنصب بفعل من معناها، وهذه المصادر مثناة بلا خلاف إلا لبيك، فمذهب سيبويه أنه تثنية لب، ومذهب يونس أنه مفرد والتثنية هنا

للتكثير لا لشفع الواحد أي تحننا بعد تحنن، وكذلك باقيها، وليست الكاف حرف خطاب، فتحذف النون لشبه الإضافة خلافًا للأعلم. لك الشاء شاة بدرهم ناب المجرور عن الفعل والمعنى: مستقرًا لك الشاء، أخذته بدرهم فزائدًا أو بدرهم فصاعًا أي فزاد الثمن صاعدًا فهو في موضع الحال. كرمًا وصلفًا أي أكرم كرمًا وأصلف صلفًا، كل مصدر أو صفة بعد أما، فيشترط أن لا يكون بعد (أما) ما يعمل فيه. فأما (أما سمينًا فسمين) فبفعل مضمر، وهو ما في (أما) من معنى الفعل، وانتصب مصدرًا في موضع الحال في لغة الحجاز، ولذلك إذا دخلت عليه (أل) رفعوه، ومفعول من أجله في لغة تميم، ولذلك إذا عرفوه بقى منصوبًا، ويقال: أما علما فما أعلمه، وأما علما فلا علم له، وذلك بفعل مضمر. المصادر التشبيهات إن أريد بالأول الفعل الذي هو عجلا لا إخراج الصوت، انتصب ما بعده به، وليس من هذا الباب، وإن أريد به الصفة، وأردت بالثاني الفعل، انتصب بفعل من لفظه أي يصوت صوت حمار، وإن أردت به الصفة لا المصدر، فبإضمار فعل من غير لفظه أي يخرجه صوت حمار. من أنت زيدًا أي تذكر زيدًا، و (كليهما وتمرًا) يستعمل لمن خير بين شيئين، فطلبهما جميعًا أي أعطني كليهما، وزدني تمرًا، و (هذا ولا زعماتك) أي (ولا أزعم زعماتك) أي هذا هو الحق، ونعمة عين، ونعام عين، ونعمى عين، وكرامة ومسرة، أسماء وضعت موضع المصادر، تنصب بمضمر من لفظها أي أنعم به عينك

إنعامًا، وأسرك به مسرة وأكرمك كرامة، ولا كيدًا ولا همًا ولا غما ولا رغما، أي لا أفعل كيدًا، ولا أكيده كيدًا أي لا أقاربه وأي لا أهم به همًا، ولا أرغمك به رغمًا، ولا أغمك به غمًا، أتميميًا مرة وقيسيًا أخرى أي أتتحول، (أعور وذا ناب) أي أتستقبلون يقال لإنكار الجمع بين قبيحين. كل اسم ينتصب بمضمر على معنى الأمر قد تقدم النهي عن ضده، وهي: انته أمرًا [قاصدًا و (وراءك أوسع لك) و «انتهوا خيرًا لكم» أي: وأت أمرًا قاصدًا] وأت، أوسع لك من ورائك، وأتوا خيرًا لكم، وأجاز الفراء أن يكون (خيرًا) صفة لمصدر محذوف أي انتهاء خيرًا لكم. المصادر الموضوعة موضع الخبر في المبالغة، ما أنت إلا سيرًا أي تسير سيرًا وما أنت إلا شرب الإبل، أي تشرب شرب الإبل، ومرحبًا، وأهلاً، وسهلاً أي صادفت رحبًا، وسعة، وأهلاً، أي من يقوم لك مقام أهلك وصادفت لينا، وخفضا لا حزنا، سبحوا قدوسا رب الملائكة والروح، أي ذكرت سبوحا أي مبرأ منزها مما ينسبه إليه الملحدون، وذكرت قدوسا أي مقدسا مطهرًا، إن تأتني فأهلي الليل والنهار، أي تجد من يقوم مقام أهلك في النهار والليل. (كل شيء ولا هذا) وكل شيء ولا شتيمة حر أي ائت ل شيء ولا تأت هذا، أقرب كل شيء ولا تقرب شتيمة حر.

(ديار فلانة) أي اذكر. أقائمًا وقعد قعد الناس، وأقاعدًا وقد سار الركب وعائذًا بالله، وبابه من الأسماء الموضوعة موضع الفعل في الخبر، وذلك موقوف على السماع وفيه وجهان: أحدهما: أن يكون حالاً مؤكدة نابت مناب الفعل العامل فيها، والآخر أن تكون مصادر نحو: العاقبة والعافية، فتكون بمنزلة أقيامًا وأقعودا، وأدخل أبو القاسم الزجاجي في هذا الباب ما ليس منه، فمن ذلك حمدًا وشكرًا، وغفرانك وسعة، ورحبًا، وهي من قبيل ما انتصب بفعل يجوز إظهاره وإضماره وكذلك كلمته مشافهة، ولقيته فجاءة، وكفاحًا، ولقيته عيانًا، وقتلته صبرًا، وأتيته ركضًا، وعدوا ومشيًا. فمن راعى أن هذه المصادر منتصبة بأفعال مضمرة، جعلها من هذا الباب، ومن راعي أن العامل فيها هو هذا الفعل الظاهر لم يجعلها من هذا الباب وفي هذا الضرب من المصادر القائمة مقال الحال خلاف، مذهب سيبويه قصرها على السماع، ومذهب المبرد القياس فيها إذا كان الفعل دالاً على المصدر.

باب الاشتغال

باب الاشتغال ينتصب الاسم السابق المفتقر لما بعده، بعامل يفسره العامل في ضميره، أو ملابسه لفظًا، أو معنى بحيث لولا اشتغاله لعمل في ذلك الاسم، فلو تأخر الاسم نحو: ضربته زيدًا، أو لم يفتقر لما بعده نحو: زيد في الدار فأكرمه لم يدخل في هذا الباب. والعامل في الضمير، أو في الملابس فعل متصرف أو اسم فاعل، أو اسم مفعول، أو جمع سالم لمذكر ولمؤنث، لا اسم فعل، ولا صفة مشبهة، ولا فعل جامد، وقد أجاز ذلك سيبويه في ليس فقال: أزيدًا لست مثله، ومنع ذلك غيره. وحكى ابن كيسان في كتاب الحقائق: أن بعض الكوفيين، والمازني لا يجيزون دخول (ليس)، ولا كان في باب الاشتغال، ولا يجيزون أزيدًا لست مثله، ولا عمرًا كنت مثله، وأن المبرد لا يجيز ذلك في (ليس) انتهى. وفي دخول جمع التكسير في هذا الباب خلاف، وفي المصدر العامل ثلاثة مذاهب: أحدها: دخوله في هذا الباب، سواء كان منحلاً لحرف مصدري، أو كان في باب الأمر والاستفهام فتقول: زيدًا ضربته قائمًا، وأما زيدًا فضربًا إياه، وأزيدًا ضربًا أخاه. وفي كتاب النقد لابن الحاج: الكوفيون يجيزون الاشتغال في المصدر نحو: كان جزائي زيدًا أن أضربه، وكذلك زيدًا ضربته قائمًا. انتهى. الثاني: أنه لا يدخل في هذا الباب والاسم السابق يجب رفعه على الابتداء. الثالث: التفصيل، فلا يدخل إذا كان منحلاً، وإن كان بدلاً دخل، وأجاز المبرد أن يعمل فيما قبله إذا كان نكرة غير موصوفة، فيجوز أن يفسر عاملاً. وقال ابن خروف: إذا كان بدلاً من فعله فسر، ولا يعمل فيما تقدم، ومثال عمله في الضمير: زيدًا ضربته، ومثاله في اسم الفاعل: زيدًا أنا ضاربه.

ومثاله في اسم المفعول: زيدًا لا درهم معطى إياه، ومثاله في جمع السلامة: زيدًا أنتم ضاربوه، وزيدًا أنت ضارباته، ومثال جمع التكسير في مذهب من أجازه: زيدًا أنتم ضرابه وزيدًا أنتن ضواربه. ومثال ما ينصب من حيث المعنى: زيدًا مررت به، أي لا بست زيدًا مررت به، وألفيت زيدًا مررت به. والسببي أحد خمسة أشياء: مضافًا للضمير نحو: زيدًا ضربت أخاه، أو مشتملاً عليه صفته نحو: هندًا ضربت رجلاً يبغضها، أو صلته نحو: زيدًا ضربت الذي يهينه، أو معطوف عليه عطف بيان نحو: زيدًا ضربت عمرًا أخاه، أو عطف نسق بالواو نحو: زيدًا ضربت عمرًا وأخاه، والمضاف إلى واحد من هذه الخمسة كالمضاف إليه، والبدل، والعطف بغير الواو، ولا يكون سببًا هذا هو المشهور، وأجاز قوم العطف بـ (ثم) وبـ (أو)، فأجازوا ضربت عمرًا ثم أخاه، وضربت زيدًا أو أخاه، ولو أعيد العامل فقيل ضربت زيدًا، وضربت أخاه لم يكن ذلك سببًا: إلا إن نوى بإعادته التوكيد. وقد جاء الربط بتكرار الاسم، وذلك في الشعر نحو قولك: زيدًا لقيت زيدًا فأكرمه، وقياس قول الكسائي في اسم الفعل أن يدخل هذا الباب فتقول: زيدًا ضرابه، وزيدًا عليكه. ويجب الرفع على الابتداء في صور: إحداها: أن يكون العامل موصولا نحو: زيد أنا الضاربه، وأذكر أن تلد ناقتك أحب إليك أم أنثى؟ الثانية: أن يكون العامل صفة نحو: لا رجل تحبه يهان. الثالثة: أن يكون مضافًا إليه نحو: زيد يوم تراه يفرح. الرابعة: أن يكون شرطًا نحو: زيد إن تزره يمنن عليك، ومن أجاز تقديم

معول فعل الشرط اعلى أداة الشرط نحو: زيدًا إن تكرمه يكرمك أجاز أن يدخل ذلك في الاشتغال فتقول: زيدًا إن تكرمه يكرمك، ومن زعم أن تقديم معمول الشرط على الأداة لا يجوز بلا خلاف فهو واهم، فأما معمول الجواب ففي تقديمه على فعل الجواب وحده مذاهب: المنع قول الجمهور: فلا يجوز أن تقول: زيدًا أخاه أكرم، والثاني الجواز مطلقًا، وهو مذهب الكسائي، والثالث التفصيل بين أن يكون ظرفًا أو مجرورًا فيجوز تقديمه، أو غيرهما فلا يجوز، وهو مذهب الفراء، وعلى هذه المذاهب يبنى جواز الاشتغال ومنعه. والصورة الخامسة: أن يسند العامل إلى ضمير الاسم السابق، وهو ضمير متصل نحو: أهند ظننتها قائمة، أي ظننت نفسها، فلو انفصل الضمير جاز أن يكون من باب الاشتغال نحو: هند لم نظنها قائمة إلا هي. السادسة: أن يلي الفعل أداة الاستثناء نحو: ما زيد إلا يضربه عمرو. السابعة: أن يليه معلق نحو: زيد كيف وجدته، وزيد ما أضربه، وزيد أي أضربه، والدرهم لمعطيكه عمرو، فإن كان يلي (لا) فمرتب على الخلاف في جواز تقديم معمول ما بعد لا عليها، فمن جوز ذلك أجازه في الاشتغال: فتقول زيدًا لا أضربه. الثامنة: أن يلي لام القسم نحو: زيد لأضربنه، هو مبني على الخلاف في جواز زيدًا لأضربن، فمن أجاز ذلك أجاز هنا فقال: زيدًا لأضربنه. التاسعة: أن يليه حرف ناسخ نحو: زيد ليتني ألقاه. العاشرة: أن يلي (كم) الخبرية: زيد كم لقيته. الحادية عشرة: أن يليه أداة تحضيض، أو عرض أو تمن بألا نحو: زيد هلا ضربته، وزيد ألا تكرمه، والعون على الخير ألا أجده، هذا مذهب سيبويه،

وزعم قوم منهم الجزولي أن هذه الثلاثة مما يترجح النصب فيختار زيدًا هلا ضربته، وعمرًا ألا تكرمه، والعون على الخير ألا أجده. الثانية عشرة: إذا ولى الاسم إذا الفجائية نحو: خرجت فإذا زيد يضربه عمرو، وفي ذلك ثلاثة مذاهب: أحدها: أنه يجوز فيه الاشتغال، الثاني: أنه لا يجوز فيه إلا الابتداء الثالث: التفصيل بين أن يكون الفعل قد دخل عليه قد، فيجوز فيه الاشتغال أو لا تدخل عليه (قد) فيمتنع. الثالثة عشرة: أن يلي الاسم واو الحال نحو: جاء زيد وعمرو يضربه بكر. الرابعة عشرة: أن يفصل بين الاسم والفعل بأجنبي نحو: زيد أنت تضربه وهند عمرو يضربها، ومذهب سيبويه، وهشام أنه لا يجوز في زيد وهند إلا الرفع على الابتداء، وأجاز الكسائي فيه الاشتغال قياسًا للفعل على اسم الفاعل، إذ هو موضع الاتفاق نحو: زيدًا أنا ضاربه. الخامسة عشرة: أن يكون الفعل دخلت عليه السين، أو سوف نحو: زيد سأضربه، وهند سوف أضربها، فذهب الجمهور إلى أنه يجوز تقديم معمول الفعل على حرف التنفيس نحو: زيدًا سأضرب فيجوز فيه الاشتغال، وذهب ابن الطراوة، وتلميذه السهيلي إلى أن حرف التنفيس من حروف الصدر فلا يجوز فيه إلا الابتداء. السادسة عشرة: أن يلي الاسم (ليتما) نحو: ليتما زيدًا أضربه، فقال ابن مالك: يجب في الاسم الرفع على الابتداء بناءً منه على أن (ليتما) لا يليها الفعل، وقد تقدم الكلام في ذلك في باب إن وأخواتها.

السابعة عشرة: معمول جواب الشرط إذا تقدم على أداة الشرط نحو: زيدًا إن يزرك تكرم، فأجاز الأخفش تقديمه عليهما إذا كان الجواب مجزومًا، فعلى هذا يجوز الاشتغال فتقول: زيدًا إن يزرك تكرمه، وإن كان الفع لمرفوعًا جاز فيه الاشتغال، وجاز تقديمه على (إن) نحو: زيدًا إن زارك تكرم، فيجوز (تكرمه) على الاشتغال، لأن الفعل ليس جوابًا له عند سيبويه، فلو كان جوابًا حقيقة، لكونه جوابًا لـ (إذا) لم يجز التقديم نحو: إذا جاءك زيد تكرم عمرا، فلا يجوز عمرًا إذا جاءك تكرم، ولا يجوز فيه الاشتغال، ويرجح الرفع إذا كان العطف على جملة اسمية نحو: زيد منطلق وعمرو أضربه. وإذا فصل بين الهمزة والاسم مبتدأ نحو: أأنت زيد تضربه؟ خلافًا للأخفش، وإذا كان النفي بحرف يختص نحو: زيد لم أضربه، وزيد لن أضربه، خلافًا لابن السيد: فإنه يختار النصب على الرفع، وإذا لم يكن موجب، ولا مرجح، ولا مسوى نحو: زيد ضربته، وأين زيد لقيته؟ وكنت زيد لقيته، وحسبتني زيدًا ضربته، واختار الكسائي النصب إذا تقدم على الاسم اسم هو فاعل في المعنى في الفعل نحو: أنا زيدًا ضربته، وأنت زيدًا ضربته، ويجو النصب على الاشتغال، إذا تلا الاسم ما يختص بالفعل، وذلك الظرف المستقبل وهو (إذا) نحو: إذا زيدًا لقيته فأكرمه، وأجاز الأخفش والكسائي مجيء

المبتدأ بعد (إذا)، و (إن) من أدوات الشرط، بشرط كون لفظ الفعل ماضيًا نحو: إن زيدًا لقيته فأكرمه، وإن زيدًا لم تلقه فلا تلمه؛ فإن كان الفعل مجزومًا، فلا يجوز ذلك إلا في الشعر نحو: إن زيدًا تلقه فأكرمه، وأما غير إن من أدوات الشرط، فلا يجوز أن يليه الاسم [إلا في الشعر، ولا ينقاس في الشعر، وقاسه الكوفيون في الشعر بشرط أن يكون الاسم] المتقدم غير أداة الشرط في المعنى، فإن كان إياه لم يجز نحو: من هو يقم أقم معه، وأجاز الكسائي أن تلي الابتداء أدوات الاستفهام غير الهمزة نحو: هر مرادك نلته؟ ومن أمة الله يضربها؟ ولا يجوز أن تلي الاسم مع وجود الفعل إلا في الشعر هذا مذهب سيبويه. وأجاز الكسائي أن تلي الاسم، وإن وجد الفعل نحو: هل زيد ضربت، فعلى مذهبه يجوز فيه الابتداء والاشتغال، وقال سيبويه: «لو قلت أيهم زيدًا ضرب قبح» ويختار النصب في صور: إحداها: أن يليه فعل أمر نحو: زيدًا اضربه، وزيدًا ليضربه عمرو، أو فعل خبر معناه الأمر نحو: الأولاد يرضعن الوالدات، وسواء كان ما قبل الأمر يراد به العموم أم الخصوص نحو: اللذين يأتيانك اضربهما، وزيدًا اضربه. وقال ابن بابشاذ، وابن السيد: يختار الرفع في العموم، والنصب في الخصوص، ومن فروع الأمر: زيدًا أسمع به في التعجب يجب فيه الرفع على الابتداء في قول الفريقين. الثانية: ما جرى مجرى الفعل من المصادر نحو: زيدًا جدعا له، وعمرًا عقرًا

له، والله حمدًا له، والمجرور هنا منصوب في المعنى وفي كتاب (النقد) لابن الحاج مثل سيبويه: «أما زيدًا فجدعا له، وأما بكرًا فسقيا له»، وليس من ذلك زيدًا دراكه، لأن أسماء الأفعال لا يتقدم عليها معمولها عند سيبويه والفراء، وأما الكسائي فيجيز ذلك فأما (أما زيدًا فجدعا له) فمما يفسر، ولا يعمل [عند الفراء، ونص سيبويه على أنه لا يعمل] في آخر باب اسم الفعل، وأعمله فيما قبله المبرد إذا كان نكرة غير موصوف انتهى. الثالثة: أن يلي الاسم نهي نحو: زيدًا لا تضربه، والخبر في معنى النهي نحو قوله: القائلين يسارًا لا تناظره … غشا لسيدهم في الأمر إذ أمروا الرابعة: في الدعاء كان بصيغة الأمر نحو: زيدًا ليجزه الله خيرًا، وزيدًا أصلح شأنه يا رب، وبغير صيغة الأمر نحو: زيدًا قطع الله يده، وعمرًا أمر الله عليه العيش. الخامسة: أن يلي الاسم همزة الاستفهام نحو: أزيدًا ضربته، وأزيدًا أنت ضاربه كان الفعل من باب الظن أو من غيره نحو: أعبد الله ظننته قائمًا، وقال الفراء الرفع في باب (ظن) وجه الكلام، وسواء أكان الاستفهام عن الفعل أم عن الاسم نحو: أزيدًا ضربته، ونحو: أزيدًا ضربته أم عمرًا، وذهب ابن الطراوة إلى التفصيل فقال إن كان عن الفعل اختير النصب، وإن كان عن الاسم اختير الرفع،

وهذا الحكم مختص بالهمزة على مذهب سيبويه، وذهب الأخفش إلى التسوية بين الهمزة وغيرها من أدوات الاستفهام في اختيار النصب نحو: أيهم زيدًا ضربته، ومن أمة الله ضربتها، ومثل إن زيدًا ضربته، قولك: أكل يوم زيدًا تضربه. السادسة: أن يلي الاسم حرف نفي لا يختص بالفعل نحو: ما زيدًا ضربته، ولا عمرًا ضربته ولا بشرًا، وفيه ثلاثة مذاهب: مذهب الجمهور: أنه يختار فيه النصب على الرفع، واختاره ابن عصفور وابن مالك. والثاني: يختار فيه الابتداء على النصب، وهو ظاهر مذهب سيبويه. والثالث: هما مستويان، وهو مذهب ابن الباذش، وابن خروف، وإن كان حرف النفي مختصًا بالفعل فلا يليه الاسم إلا في ضرورة نحو: لن زيدًا أضرب، ولم زيدًا أضرب. السابعة: أن يلي الاسم (حيث) نحو: حيث زيدًا تلقاه يكرمك. الثامنة: أن تكون الجملة معطوفة على جملة فعلية نحو: قام زيد وعمرًا ضربته، وضربت زيدًا وعمرًا كلمته، وكنت أخاك وزيدًا أكرمته، وعمرًا ضربته وعمرًا صبحته، ولست أخاك وعمرًا، كنت له أخًا، وقال الفراء في

(ليس) الرفع لا غير، وفي مثل الحمل على الفعل إذا تقدمت جملة فعلية: ضربت زيدًا وعمرو قام، ومررت بزيد وعمرو ذهبن وضرب زيد وعمرو أكرم، ترفع بإضمار فعل، ويجرى مجرى حرف العطف حتى، ولكن، وبل، نحو: ضربت القوم حتى زيدًا ضربت أخاه، وما أنت زيدًا ولكن عمرًا مررت به، وما رأيت زيدًا بل خالدًا لقيت أخاه. وقال ابن مالك ضربت زيدًا حتى بشر ضربته، يجب رفع بشر لزوال شبيهه حتى الابتدائية بالعاطفة، إذ لا تقع العاطفة إلا بين بعض [وكل ولم يعتبر سيبويه وغيره هذا الشرط. التاسعة: إذا كان الرفع يوهم وصفًا مخلاً عند بعضهم] قالوا كقوله تعالى: «إنا كل شيء خلقناه بقدر» في قراءة الجمهور (كل) بالنصب قالوا رجح بالنصب، لأنه لو رفع لاحتمل أن يكون (خلقناه) صفة، واحتمل أن يكون خبرًا، والنصب يزيل احتمال الوصفية، إذ الفعل إذا كان صفة لا يفسر، ولم يعتبر سيبويه هذا الذي ذكروه أن يكون مرجحًا للنصب بل قال جاء هذا على (زيدًا ضربته) وهو عربي كثير، قال وقد قرأ بعضهم «وأما ثمود فهديناهم» بالنصب. ودعوى ابن خروف، وابن عصفور ضعف هذه القراءة، لم يذكره سيبويه، وقال: القراءة لا تخالف لأنها السنة، وعن الأخفش أن (خلقناه) صفة، ولا يكون ذلك إلا مع قراءة الرفع وقد قرئ بالرفع.

العاشرة: أن يكون جوابًا لاسم استفهام منصوب نحو قولهم: أيهم ضربت، أو من ضربت فتقول: زيدًا ضربته، فيختار فيه النصب، فلو قال أيهم ضربته بالرفع، فالجواب: زيد ضربته بالرفع عند سيبويه، ولا يجيز النصب إلا على حد زيدًا ضربته ابتداء غير جواب، وجوز الأخفش الرفع على حد ما يجوز في العطف في الجملة ذات الوجهين، ومما جرى مجرى الاستفهام المضاف إلى اسم الاستفهام تقول: ثوب أيهم لبست؟ فتقول في الجواب: ثوب زيد لبسته، ومما جرى مجرى جواب الاستفهام، وإن لم يكن جوابًا لاسم استفهام تقول: هل رأيت زيدًا؟ فيقول: لا، ولكن عمرًا لقيته، فعمرو ليس مسئولاً عنه، لكنه لما كان في الجملة جوابًا جرى مجرى الأول، وكذا لا بل عمرًا لقيته، أو نعم عمرًا لقيته، فلو كان الفعل غير خبر لم يكن الحمل على مراعاة الأول بل على الأصل نحو قوله: هل مررت بزيد؟ فتقول: لا ولكن عمرًا امرر به. ويتساوى الرفع على الابتداء، والنصب في العطف على جملة ذات وجهين: أي اسمية الصدر فعلية العجزر إلا إذا كانت تعجبية، ولا يلحظ فيها الجملة الفعلية، أو فصل بـ (أما) فيختار الرفع في المعطوف نحو: ما أحسن زيدًا وعمرًا أحبه، وزيد ضربته، وأما عمرًا فأكرمته، وإذا عريت عن هذين جاز أن تراعى صدر الجملة، فترفع في العطف، وجاز أن تراعى الصغرى فتنصب، وإذا راعيت الصغرى؛ فإما أن يكون في الجملة المعطوفة ضمير يعود على الاسم الأول الذي في الجملة الأولى أو لا. إن كان فيها ضمير جازت المسألة بلا خلاف نحو: زيد ضربته وهندًا أكرمتها في داره، وإن لم يكن ضمير نحو: زيد ضربته وهندًا أكرمتها فأربعة مذاهب: أحدها: أنه لا تجوز المسألة. وهو مذهب الأخفش، والزيادي

والسيرافي. والثاني: أنه يجوز وهو مذهب جماعة من القدماء، والفارسي، وهو ظاهر كلام سيبويه. والثالث: إن كان العطف بالواو، أو بالفاء جازت، وإلا فلا، وهو مذهب هشام. والرابع: إن كان العطف بثم جاز، وإلا فلا، وهو مذهب الجمهور، والفعل اللازم في الجملة الأولى كالمتعدي في اعتبار العطف على الجملة الصغرى نحو: زيد قام وهند كلمتها في داره، واسم الفاعل كالفعل يلحظ الفعل تقول: زيد ضارب عمرًا، وعمرو كلمته، فنصب مراعاة لاسم الفاعل، وكأنه قال: زيد يضرب عمرًا، ينزل اسم الفاعل منزلة الجملة الصغرى، ويجرى مجرى العطف، (حتى) تقول القوم ضربتهم حتى زيدًا ضربته، فالرفع مراعاة لصدر الجملة، والنصب مراعاة للعجز، والنصب في هذا الباب فيه مذاهب: أحدها: أن الفعل هو الناصب للاسم، والضمير، وهو مذهب الفراء. الثاني: أن الفعل ناصب للاسم على إلغاء العائد، وهو مذهب الكسائي. والثالث: أنه منصوب بفعل يفسره العامل في الضمير أو السببي، فتارة يقدر من لفظ الفعل حيث يمكن نحو: زيدًا ضربته يقدره (ضربت زيدًا ضربته)، وإن لم يمكن فمن المعنى نحو: زيدًا مررت به يقدره (لقيت أو لابست زيدًا مررت به)، وفي مثل زيدًا ضربت أخاه تقدره أهنت زيدًا ضربت أخاه، ورتب النصب متفاوتة فـ (زيدًا ضربته) أقوى من (زيدًا ضربت أخاه)، وهذا أحسن من (زيدًا مررت به)، وهذا أحسن من (زيدًا مررت بأخيه)، وزعم ابن كيسان في

(زيدًا مررت به) أحسن منه في (زيدًا ضربت أخاه)، وحمل ما يتعدى بحرف جر على ما يتعدى بنفسه في نصب الاسم السابق نحو: زيدًا مررت به، لاشتراك النصب والجر في أشياء، وأجاز بعض النحويين جر الاسم السابق بمثل ما جر الضمير، فأجاز: بزيد مررت به، وعلى زيد غضبت عليه، والصحيح أنه لا يجوز، ولو وجد كان ما بعده بدلاً، وإذا كان المفسر للناصب في الأول اسم فاعل نحو: زيدًا أنت ضاربه، ودخل على الأول ما يعتمد عليه اسم الفاعل نحو أزيدًا أنت ضاربه فيجوز أن يقدر فعلاً نحو: أتضرب زيدًا أنت ضاربه؛ فيجوز أن يكون التقدير اسم فاعل لصحة اعتماده. قيل: ويختار أن يكون (أنت) مرفوعًا به؛ لأن ذلك المقدر إما مبتدأ أو خبرًا مقدمًا وهو في كل ذلك حال مفتقر إليهما أما على الفاعلية أو على الابتداء. ويرتفع ضاربه الثاني على إضمار مبتدأ، أي أنت ضاربه، وفي هذا نظر، إذ فيه حذف مبتدأ وخبر، وقال ابن مالك وقد يضمر مطاوع للظاهر، فيرفع السابق نحو قوله: فإن أنت لم ينفعك ... ... … فانتسب ... ... ... ... التقدير: فإن لم تنتفع حذف الفعل فانفصل الضمير، و «أتجزع إن نفس أتاها حمامها» تقديره: إن ماتت نفس، لأنه لازم لقوله (أتاها حمامها) ولا يجوز ذلك أصحابنا، لا يجيزون: إن الإناء كسرته فاغرمه على تقدير إن كسر الإناء، وتأولوا: فإن أنت لم ينفعك علمك بوجوه مذكورة في الشرح. وقال في (الترشيح): إن زيدًا ضربته، نصب بإضمار فعل، وإن رفعته بإضمار كان جاز، أو بإضمار فعل لم يسم فاعله من لفظ ما بعده كأنك قلت: إن

ضرب ضربته، وهذا قول أبي العباس، وكان (ابن العريف) ينكر هذا، ويرفعه وذلك غلط منه انتهى. وابتداء المسبوق باستفهام داخل على أجنبي من المسبوق نحو: أأنت زيد تضربه، وأهند زيد تضربه، فعن سيبويه أنه يبطل حكم الاستفهام في اختيار النصب في زيد، فيكون (أنت وهند) مبتدأين، وما بعده خبر، وذهب الأخفش إلى لحظ الاستفهام، فرفع (أنت) بفعل مضمر، وكذلك هند، وينصب بذلك الفعل زيدًا في المسألتين، وكأن همزة الاستفهام باشرت زيدًا، فاختير نصبه، وقد رد على الأخفش ابن ولاد، وابن طاهر، وابن مضاء بما هو مذكور في الشرح، وقال قوم لا خلاف بين سيبويه والأخفش، بل هما مقصدان إن دخلت الهمزة على أنت زيد ضربته، حال رفع زيد، اختير الرفع في زيد يكون أنت مبتدأ، وإن أدخلتها حال نصب زيد كان النصب مختارًا، وكان (أنت) مرفوعًا بالفعل المضمر الناصب لزيد، ومن فسر مذهب الأخفش فسر بأن الفعل الرافع هو بنفسه الناصب لزيد. وقال شيخنا أبو الحسن الأبذي في تقدير مذهب الأخفش أن التقدير أضربت ضربت زيدًا ضربته ضربته، فسر رافعًا للضمير لما حذف انفصل الضمير، فصارت أنت، وفسر ناصبًا لزيد، فصار المحذوف فعلين، فعلاً رافعًا، وفعلاً ناصبًا، وهذا قول لم يسبقه إليه أحد ممن قرر مذهب الأخفش.

وفي (البسيط): الأخفش يفرق بين أن يكون الاسم الفاصل ضميرًا في الفعل نحو: أنت زيدًا تضربه، فيبقى على ما كان عليه من طلب الفعل، وتعلقه بالاسمين وأنت مرفوع وزيد منصوب، والنصب الاختيار، وإن لم يكن له فيه ذكر وافق سيبويه على الابتداء في زيد، ورجحه على النصب نحو: زيد أخوه يضربه؛ فلو كان الفاصل بين الهمزة والاسم ظرفًا، أو مجرورًا، أو حرف عطف لم يعد فاصلاً، وكان النصب هو المختار، مثاله: اليوم زيدًا تضربه، وما في الدار زيدًا تضربه، فأو زيدًا يضربه. وقد يفسر عامل الاسم المشغول عنه العامل الظاهر عاملاً فيما قبله إن كان من سببه، وكان المشغول مسندًا إلى غير ضميرهما، مثال ذلك: زيد أخوه يضربه، وزيد أخوه يضربه عمرو. فـ (زيد) مبتدأ، و (أخوه) مبتدأ ثان، والجملة بعده خبر عنه، وهو وخبره خبر عن الأول، ويجو نصب الاسم الثاني بلا خلاف على الاشتغال فتقول: زيد أخاه يضربه، وزيد أخاه يضربه عمرو. والتقدير: تضرب أخاه تضربه، ويضرب أخاه يضربه عمرو، وفي نصب (زيد) وهو الذي كان مبتدأ أولاً خلاف، ذهب سيبويه، والأخفش إلى جواز النصب فتقول: زيدًا أخاه يضربه وزيدًا أخاه يضربه عمرو [والتقدير: تضرب زيدًا تضرب أخاه تضربه، ويضرب زيدًا يضرب أخاه يضربه عمرو] ففسر (تضربه) و (يضربه) ناصبًا أخاه مقدرًا، وفسر هذا الناصب المقدر ناصبًا لزيد، وذهب قوم من القدماء إلى أنه لا يجوز في زيد إلا الرفع على الابتداء، ولا يجيزون فيه النصب على الاشتغال، لأن المفسر لا يكون مفسرًا، وهذه المسألة قياسية لا نص فيها بالنصب عن العرب،

والقياس يقتضي منع النصب، وهو الذي نختار، فإن أسند الفعل إلى ضمير زيد، أو إلى ضمير أخيه، فصاحب الضمير مرفوع بمفسر المشغول، وصاحب الآخر منصوب به مثال ذلك: زيد أخوه يضربه إن جعلت الفاعل في يضربه ضمير زيد، والهاء للأخ، رفعت زيدًا ونصبت أخاه، فالمرفوع للمرفوع والمنصوب للمنصوب، وقلت أزيد أخاه يضربه، التقدير: ليضرب زيد أخاه يضربه، وإن جعلت الفاعل في يضربه ضمير الأخ، والهاء لزيد رفعت الأخ، ونصبت زيدًا، فقلت: أزيدًا أخوه يضربه، والفعل المقدر في الصورة الأولى رافع لزيد ناصب لأخيه، وفي هذه الصورة ناصب لزيد رافع لأخيه. واختلف النحاة في أصل كبير في هذا الباب، وهو أن الضمير أو السببي إذا انتصب من وجه غير الوجه الذي انتصب عليه الاسم السابق، هل يجوز أن يكون من باب الاشتغال، أو شرطه أن ينتصب من جهة واحدة، فذهب ابن كيسان، والفارسي، وأبو زيد السهيلي، والأستاذ أبو علي في أحد قوليه إلى اشتراط ذلك إن نصب على الظرف أو على المفعول به إن نصب عليه، فلو كان الضمير أو السببي ينتصب على الظرف، أو على المفعول له، أو المصدر أو الخبر، أو المفعول معه لم يجز أن ينتصب السابق على المفعول به، فلا يجوز زيدًا قمت إجلالاً له، أو زيدًا جلست مجلسه، أو زيدًا قمت وأخاه، أو زيدًا كنت غلامه، أو زيدًا قمت مقامه لم يجز في زيد إلا الرفع فقط، وذهب سيبويه، والأخفش، والأستاذ أبو علي في أحد قوليه إلى أنه يجوز نصبه، وإن كان الضمير والسببي قد ينتصبان من غير الوجه الذي انتصب المشغول

عنه، ومنه المسألة التي ذكرها ابن مالك. وهو: زيد ظفرت به إذا كانت الباء سببية، وكان المظفور به غير زيد، وحكى أنه يجوز في زيد النصب خلافًا لابن كيسان، وهذه المسألة فرع من ذلك الأصل، وحكم رافع الاسم المشغول عنه العامل عنه العامل لفظًا أو تقديرًا في تفسير رافع السابق حكم الناصب، فينقسم بانقسامه واجب الرفع على الابتداء نحو: زيد قام، وأجاز ابن العريف، وقوم منهم المبرد رفعه على الفاعلية بفعل مضمر يفسره العامل بعده وتقديره: قام زيد قام. ومما يرجح فيه الرفع على الابتداء نحو: خرجت فإذا زيد قد ضربه، وما يجب فيه الحمل على الفعل نحو قوله تعالى: «وإن أحد من المشركين استجارك»، وقوله تعالى: «إذا السماء اشنقت» التقدير: إن استجارك أحد استجارك، وإذا انشقت السماء انشقت، وكذلك: هلا زيد قام، و «لو غيرك قالها يا أبا عبيدة»، وما يرجح فيه الحمل على الفعل نحو: أزيد قام، هذا ظاهر مذهب سيبويه، ومذهب الجرمي الحمل على الابتداء، وحيث زيدًا يقوم قم، وأنت قم، وزيد ليقم، وما زيد قام في مذهب من رجح النصب في: ما زيدا ضربته. وذكر السيرافي في أن الحمل على الفعل في (أزيد قام) مرجوح، ونص سيبويه على رجحانه، وهو مذهب الأخفش. ومن مثل سيبويه: أزيد ذهب به، فمذهب سيبويه أنه مرفوع على الاشتغال، ولا يجوز نصبه: لأن المجرور في موضع رفع والتقدير: (أذهب زيد أذهب به)، ويجوز رفعه على الابتداء ولا يجوز النصب.

وذهب المبرد، وابن السراج، والسيرافي إلى أنه يجوز في زيد النصب على أن يكون به في موضع نصب، ويكون مفعول ذهب المصدر الذي تضمنه الفعل، فقدره ابن مالك نكرة أي: ذهب ذهاب، والذي يقتضيه النظر أن يقدر معرفة أي الذهاب، كما قدره في قوله تعالى: «اعدلوا هو أقرب للتقوى»، فكنوا عنه بالضمير، وكذلك قدره في قولهم: «من كذب كان شرًا له». أي كان هو أي الكذب، والفعل الذي اشتغل عن الاسم إن كان من باب ظن وفقد وعدم وما يستوي فيه الابتداء، والحمل على الفعل جملة ذات وجهين نحو: زيد قام وعمرو قعد، فـ (عمرو) على اعتبار الكبرى مبتدأ، وعلى اعتبار الصغرى فاعل بفعل مضمر تقديره: وقعد عمرو قعد، على ما تقرر فيها حالة النصب ضميرًا وسببي حمل عليه، نحو: أزيدًا ظننته قائمًا، وأزيدًا ظننت أخاه قائمًا. أو ضميران متصلان، حملت على المرفوع لا على المنصوب، نحو: أزيدًا ظننته قائمًا، أو منفصلان حملت على أيهما شئت نحو: أزيد إياه لم يظن إلا هو قائمًا، أو أحدهما متصل والآخر منفصل والمتصل مرفوع حمل عليه لا على غيره نحو: أزيدًا لم يظن إلا إياه قائمًا، أو منصوبًا حملت على أيهما شئت نحو: أزيدًا لم أظنه إلا هو قائمًا، والسببيان حملت على أيهما شئت: أزيدًا ظن أخاه أبوه قائمًا، أو ضمير متصل مرفوع وسببي حملت عليه لا على السببي نحو: أزيد ظن أخوه قائمًا، أو ضمير متصل مرفوع وسببي حملت عليه لا على السببي نحو: أزيد ظن أخوه قائمًا، أو منصوب حملت على أيهما شئت نحو: أزيد أظنه أخوه قائمًا، أو منفصل حملت على أيهما شئت نحو: أزيد لم يظن أخاه إلا هو قائمًا، وفقد وعدم كون في هذا التقسيم. وإن كان من غير باب ظن، وفقد، وعدم، والاسم ضميرًا وسببي حمل عليه، أو ضميران متصلان فلا تجوز المسألة، أو منفصلان فعلى أيهما شئت نحو: أزيدًا إياه

لم يضرب إلا هو، أو أحدهما متصل والآخر منفصل حملت على المنفصل نحو: أزيد لم يضربه إلا هو، أو سببيان فعلى أيهما شئت نحو: أزيدًا إياه ضرب أخوه، وأزيد إياه ضرب أخوه، أو متصل حملت عليه لا على السببي فتقول: والضمير منصوب: أزيدًا ضربه أخوه، وتقول والضمير مرفوع: أزيد ضرب أخاه، وخالف ابن الطراوة إذا كان الضمير منصوبًا والسببي مرفوعًا، فزعم أنه جائز مستدلاً بقول الشاعر: فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب … ... ... ... ... ... قال: حمل على السببي كأنه قال: فإن لم ينفعك، فعدى فعل المضمر المتصل إلى مضمره المنفصل، وقد أول (أنت) على وجوه ذكرت في الشرح، واعتبار هذه المسائل أن تضع الاسم السابق موضع ما حملته عليه إن أمكن، وإن لم يمكن حذفت ما حملته عليه، وتركته موضعه ناويًا به التأخير؛ فإن جازت المسألة بعد ذلك فهي جائزة قبله وإلا فهي ممتنعة. وفي البسيط ما ملخصه: شرط المشغول عنه أن يكون مما يقبل أن يضمر وأن يتقدم ولا يصح الشغل عن الحال، والتمييز، والمصدر المؤكد، ومجرور كاف التشبيه، وحتى، وغير ذلك مما امتنع إضماره، والظرف إن كان على التوسع في الفعل جرى مجرى المفعول به، واتصل بالفعل نحو: يوم الجمعة صمته رفعًا ونصبًا، إما على الصفة، وإما على الظرف، فإن كان على الظرف قلت: يوم الجمعة ألقاك، فيه فرق بينه وبين المتوسع فيه والمصدر إن كان متسعًا فيه جاز الشغل عنه نحو: ضربت زيدًا الضرب الشديد فتقول: الضرب الشديد ضربته زيدًا رفعًا ونصبًا، والمفعول معه بمنزلة المجرور تقول: الخشبة استوى الماء، وإياها فتصير بمنزلة (زيدًا ضربت عمرًا وأخاه) أي (لابس الماء الخشبة)، وأما المفعول من أجله؛ فإن كان اسمًا فكالمجرور نحو: الله أطعمت له، وإن كان مصدرًا، فإن جوزنا إضماره جاز، وإلا فلا كمسألته في الإخبار، وتجرى هذه المشغول عنها في الفصل والأدوات والأحكام على ما تقدم.

باب النداء

باب النداء النداء لغة الدعاء، واصطلاحًا الدعاء بحروف مخصوصة، وتكسر نون النداء وتضم، وهمزته منقلبة عن واو كهي في كساء، ومذهب الجمهور أنها حروف، وذهب بعض النحاة إلى أنها أسماء أفعال تتحمل ضميرًا مستكنًا فيها، وأعمها استعمالاً: (يا) ينادى بها القريب والبعيد، والهمزة للقريب، و (آ) حكاها الأخفش والكوفيون، وزعم ابن عصفور أنها للقريب كالهمزة، و (أي) زعم المبرد وجماعة من المتأخرين أنها للقريب كالهمزة، و (أي) حكاها الكسائي. وذكر سيبويه رواية عن العرب أن الهمزة للقريب وما سواها للبعيد، وما هو للبعيد (أيا) و (هيا)، وزعم ابن السكيت، وتبعه ابن الخشاب أن (هاء) هيا بدل من همزة (أيا)، و (وا) ذكر سيبويه والجمهور أنها مختصة بالندبة، وقيل تستعمل في غيرها، والنداء إنشاء، وقيل إن كان بالصفة فهو خبر نحو: يا فاسق. والمنادي منصوب لفظًا، أو تقديرًا إلا إن كان مستغاثًا به، أو متعجبًا منه، فيدخل عليه لام الجر، وناصبه عند الجمهور فعل مضمر بعد الأداة تقديره: أنادي، أو أدعو، وهو إنشاء كـ (أقسم) في باب القسم، وقيل الناصب الأداة، وهي اسم فعل، وقيل الحرف نفسه، وقيل الحرف بنيابته عن الفعل، وهو مذهب

الفارسي، ويلزم الحرف إذا نودي (الله) بغير ميم مشددة، والمستغاث به والمتعجب منه نحو: يا لزيد لعمرو، ويا للماء، والمندوب، ونص البصريون على أنه يلزم اسم الإشارة واسم الجنس إلا في شذوذ أو ضرورة، وجاء منه ألفاظ منها (أعور عينك، والحجر)، و (افتد مخنوق) و (أصبح ليل)، و (أطرق كرا)، و (ثوبي حجر)، و (اشتدي أزمة تنفرجي)، وجاء في الشعر:

كليه وجريه ضباع ... .... … ... ... ... ... ... ... و: ... ... عطار هلا أتيتنا … ... ... ... ... .... وفي جواز حذفه من النكرة غير المقبل عليها خلاف نحو: رجلاً خذ بيدي، ويجوز حذفه مما سوى ذلك كالعلم والموصول وغيرهما. واختلفوا في جواز حذف المنادي، وإبقاء الأداة تدل عليه، والذي يقتضيه النظر المنع، وفي جواز الحل من المنادي على مذاهب: أحدها: الجواز مطلقًا، وهو مذهب المبرد، وابن طاهر، وابن طلحة من المتأخرين. الثاني: المنع، وهو مذهب الكوفيين وبعض البصريين. الثالث: التفصيل بين أن تكون الحال مؤكدة أو مبنية فلا يجوز، وهو مذهب الأخفش، والمازني، والفارسي، ولا نص عن سيبويه في إجازة ولا منع، وجاء في الشعر:

يا أيها الربع مبكيا بساحته … ... ... ... .... و (مبكيًا) حال، قال ابن مالك: وقد يعمل عامل المنادي في المصدر، والظرف، والحال، وأنشد في المصدر: يا هند دعوة صب هائم دنف … ... ... ... ... ... ولا يفصل بين الحرف والمنادى، وقال ابن مالك: قد يفصل بالأمر كقول جداية بنت خالد النخعية تخاطب أمها لطيف: ألا يا فابك شوالا لطيفًا … ... ... ... ... ... ... (تريد يا لطيفة) فرخمت، والمنادى غير المجرور باللام ينقسم إلى مفرد ومضاف ومشبه بالمضاف ويسمى المطول والممطول، والمفرد في هذا الباب، وفي باب (لا) هو قسم للمضاف والمطول، فالمفرد: إن كان مبني الوضع، أو محكيًا بقى على

حاله نحو: رقاش، وسيبويه، وهؤلاء، وبرق نحره، وفي جواز ندائه مضمرًا لضمير النصب نحو: (يا إياك)، وبضمير الرفع نحو (يا أنت) خلاف، والصحيح المنع، وفي ندائه مشارًا مصحوبًا بحرف الخطاب نحو: يا ذاك خلاف، منع من ندائه السيرافي ووافقه سيبويه في كلامه أن أولئك ينادى، فإن لم يصحبه الحرف فلا خلاف في جواز ندائه، ولا ينادى ضمير متكلم، ولا ضمير غائب لا يقال: (يا أنا)، ولا (يا هو) وإن كن معربًا في الأصل بني على ما يرفع به تقول: يا زيد، ويا رجل، ويا زيدان، ويا زيدون، ويا مصطفون، وذهب بعض الكوفيين إلى تثنية المثنى والمجموع على حد المضاف فنادوهما بالياء نحو: يا زيدين، ويا زيدين، ويا مصطفين، ولما تنزل (عشر) في اثنتى عشر، و (عشرة) في اثنتي عشر منزلة النون كان نداؤها بالألف فتقول: «يا اثنا عشر، ويا اثنتا عشرة»، وأجرى ذلك الكوفيون مجرى الإضافة فقالوا: «يا اثنى عشر، ويا اثنتى عشرة». وحركة (يا زيد)، و (يا رجل) حركة بناء خلافًا للكسائي، والرياشي في زعمهما أنها حركة إعراب، وما كان علمًا نحو: (يا زيد) فهو باق على تعريفه بالعلمية وهو مذهب ابن السراج، وذهب المبرد، والفارسي إلى أنه يسلب تعريفه بالعلمية ويصير معرفة بالإقبال عليه والخطاب. وفي نداء النكرة غير الموصوفة خلاف، مذهب البصريين: جواز النداء مطلقًا، مقبل عليها وغير مقبل، ومذهب المازني: إنكار وجود النكرة غير مقبل

عليها في النداء، ومذهب الكسائي والفراء، وعامة الكوفيين أنه إن كان خلفًا من موصوف جاز نداؤها، وإلا فلا، وزعموا أن من شرط النكرة غير المقبل عليها أن تكون موصوفة، أو خلفًا من موصوف، فلا يجوز عندهم (يا رجلا)، وزعموا أنه ليس بمسموع، وإذا وصفت النكرة، فمذهب البصريين أنه يجب نصبها قصدت واحدًا بعينه أولا، ومذهب الكسائي جواز الرفع والنصب فيها، ومذهب الفراء: التفصيل بين أن يكون فيه ضمير غيبة، فيجب النصب نحو: يا رجلاً ضرب زيدًا، أو ضمير خطاب فيجب الرفع نحو: يا رجل ضربت زيدًا. ونقل ابن مالك عن الفراء أنه قال: النكرة المقصودة الموصوفة المناداة تؤثر العرب نصبها نحو: يا رجلاً كريمًا، فإذا أفردوا رفعوا أكثر مما ينصبون، انتهى. وما جاء في الشعر من قوله: ألا يا نخلة من ذات عرق … ... ... ... ....

و: أدارًا بحزوى ... ... ... ... … ... ... ... ... ... ... قال المازني: لا تكون غير مقبل عليها، وقال الكوفيون: نكرة غير مقبل عليها وقال ابن الطراوة: معرفة، وما بعدها صلة لموصول محذوف تقديره (ألا يا نخلة التي من ذات عرق) و (أدارًا التي بحزوى). وفي تعريف النكرة المقبل عليها خلاف، فقيل بالإقبال، وقيل بأل المحذوفة، وناب عنها حرف النداء، ويجوز وصف المنادي المبني على الضم، وهو مذهب سيبويه، والخليل والأكثرين، وذهب الأصمعي وقوم من الكوفيين إلى أنه لا يجوز وصفه، وقال الفارسي: يجوز، والقياس أن لا يجوز، والمضاف والمشبه به منصوبان، ولا يخلو المضاف من أن يضاف إلى معرفة نحو: يا غلام زيد، أو إلى نكرة، فإن كانت محضة نحو: يا أخا رجل، ويا أخا صدق فهو نكرة، ولا يجو أن يقصد به واحد بعينه فيعرفه بالنداء، وقال الجرجاني: يصح أن يكون معينا، واسم الفاعل الماضي من قبيل ما أضيف إلى معرفة، فإن كان بمعنى الحال والاستقبال، أو كان صفة مشبهة، فقيل يجرى مجرى [المضاف إلى النكرة،

فلا يقصد تعريفه في النداء، وقيل يجرى مجرى] يا ضاربًا رجلاً، فيكون مطولاً. ونص سيبويه في اسم الفاعل على أنه بمنزلة المطول لعروض الإضافة، وينبغي أن تقاس الصفة المشبهة عليه، وإن أضيف إلى معرفة، فإن كان ضمير المتكلم جاز نحو: يا غلامي، إن كان لمخاطب لم يجز لا يقال يا غلامك، وإن كان ظاهرًا، والمضاف إليه أم أو عم، فسيأتي حكمه، أو غير ذلك فلا يجوز الفصل بينهما إلا في ضرورة نحو: ... ... ... ... ... … يا بؤس للجهل ... ... ... نص عليه سيبويه، والمشبه بالمضاف، وهو المطول هو ماله عمل فيما بعده، ويعطف نحو: يا ضاربًا رجلاً، ويا خيرًا من زيد، ويا عشرين رجلاً، ويا زيدًا وعمرًا مسمى به. وشرط المعمول أن يكون ملفوظًا به، فإن كان مستترًا في الاسم المنادى نحو: قولك: (يا ذاهب) تنادي واحدًا بعينه، ففيه ضمير مستتر، ولا يكون مطولاً

فينصب، فلو عطفت على الاسم المنادي، فقتل: يا ذاهب وزيد بنيتهما على الضم، فلو عطفت على الضمير المستكن في (ذاهب) قلت: يا ذاهبًا وزيد تريد يا ذاهبًا هو وزيد، وصار مطولاً، لأنه عامل في (زيد) بوساطة حرف العطف، ولو قلت: يا مشتركا وزيد، لم يكن في مشترك إلا النصب، وقال الفارسي لو قلت: يا ثلاثة وثلاثين، وهما مسمى بهما نصبت للطول، ولو ناديت جماعة هذه عدتهم قلت: يا ثلاثة والثلاثون، أو يا ثلاثة والثلاثين كما تقول يا زيد والنضر، والنضر، وقال ابن خروف: وهذه الأسماء الأعلام: تبقى على ما كانت عليه قبل التسمية بها من رفع، أو نصب أو خفض؛ فإن كانت من مرفوع قلت: يا ثلاثة ويا ثلاثون. وقد أجاز بعضهم تكرير (يا) في الثلاثين التي في حال العلمية، ومنع ذلك سيبويه، ومن قبيل المضاف قولك في الصفة المشبهة: يا حسن الوجه، ويا جميل الأنف، فلا يجوز فيه حالة الإضافة إلا النصب، وأجاز أحمد بن يحيى فيه الضم فتقول: يا حسن الوجه كأنه لم يعتد بالمضاف إليه وتقول: يا زيد بن عمرو فلك في (زيد) الفتح، وهو اختيار البصريين، وقال ابن كيسان: هو أكثر في كلام العرب، وزعم المبرد أن الضم أجود، وحركة (ابن عمرو) حركة إعراب إذا فتحت (يا زيد) في قول الجمهور، لأنه مضاف إلى ما بعده، وقال عبد القاهر: هي حركة بناء، لأنك ركبته مع زيد، وجعلا بمنزلة (يا ابن أم)، و (يا ابن عم) انتهى. وشرط الفتح أن يكون (ابن) صفة للمنادي العلم مضافًا إلى علم، ولم يفصل

بينه وبين منعوته، فلو كان (ابن) بدلاً أو عطف بيان أو منادى مضافًا أو مفعولاً بفعل مضمر أو كان قبل (ابن) غير علم نحو: يا غلام ابن زيد، أو كان مضافًا إلى غير علم نحو: يا زيد ابن أخينا، أو كان مفصولاً بينه، وبين منعوته نحو: يا زيد الكريم بن عمرو، لم يكن في (زيد) المنادى إلا الضم، ولو كانت الضمة مقدرة نحو: يا موسى بن زيد، فالظاهر عند الفراء يجيز فيه تقدير الفتحة، وقال ابن مالك: لا ينوى تبديل (الفتحة بالضمة). وفي النهاية: وقال الله تعالى: «يا عيسى ابن مريم» فـ (ألف) عيسى في موضع فتح حملاً للقرآن على أشيع القولين انتهى. وحكى الأخفش تبعية حركة ابن لضمة زيد فتقول: يا زيد بن عمرو كما تبعت حركة زيد لحركة (ابن) في الفتحة حين قالوا: يا زيد بن عمرو، ولو وصف بغير (ابن) لم يجز فيه إلا الضم نحو: يا زيد الكريم، وأجاز الكوفيون فتحه إذا وصف بغير ابن، وكان الوصف مفردًا نحو: يا زيد الكريم، وإذا كان (ابن) صفة بين متفقي اللفظ غير علمين نحو قولك: يا كريم ابن كريم، ويا شريف ابن شريف، ويا كلب ابن كلب، ويا وثن ابن وثن، ويا كلب بن الكلب، يا وثن بن الوثن، ويا ضل بن ضل، فمذهب البصريين أنه لا يجوز في المنادى إلا الضم، ومذهب الكوفيين جواز الضم والفتح كحال العلمين إذا كان بينهما (ابن) صفة، ومن إجراء ذلك مجرى العلمين ما أنشده الفراء: يا غنم بن غنم محبوسة … فيها ثغاء ونعيق وحبق وإذا سميت (بداع)، أو (بمسلمات)، أو (بزيدين) أو (بزيدين) حاكيًا

إعرابهما قلت في لغة من قال: يا زيد بن عمرو (بفتح الدال)، يا داعي بن عمرو، ويا مسلمات بن عمرو، ويا زيدين بن عمرو، وعلى لغة من ضم تقول: يا داع بن عمرو ويا مسلمات بن عمرو، ومن جعل الإعراب في النون قال: يا زيدان بن عمرو، يا زيدون بن عمرو، ويا زيدين بن عمرو، ويا زيدين بن عمرو، وتقول: يا حار بن عمرو، فيمن نوى المحذوف على لغة يا زيد بن عمرو، ويا زيد بن عمرو، فإن بنيت (يا حار) قلت: يا حار بن زيد، ويا حار بن زيد، لأنك لم تنو المحذوف، فكانت الراء تمام الكلمة. وإذا وقع (ابن) صفة بين علمين بالشرط الذي تقدم في النداء، وجب في غير النداء أن تحذف تنوين العلم الأول، وتحذف ألف (ابن) في النداء وغيره نحو: جاء زيد بن عمرو، ورأيت زيد بن عمرو، ومررت بزيد بن عمرو، ولا يثبت التنوين إلا في ضرورة نحو قوله: جارية من قيس بن ثعلبة وليس حذف التنوين منه لتركيب الصفة والموصوف، فوقع وسطًا، فحذف وبقى نون (ابن) حرف الإعراب، والدال تابع للنون تبعية الميم في قولك: مرء ومرأ، و (مرء)، وليس من شروط العلمين تكبيرهما خلافًا لبعض المتأخرين، واشتراط التذكير فيهما صحيح. فلو كان الثاني مؤنثًا تعينه التنوين نحو: زيد بن علية، وحذف في عمرو بن هند لكثرة الاستعمال، وفي الوصف بابنة خلاف أجرى في النداء وغيره إذا وقعت بين علمين مجرى (ابن) حكاه ابن كيسان، وقال: موضع السماع هو في

(ابن) لا في (ابنة)، فالنحويون في النداء يرفعون الأول، وينصبون (ابنة) قال: والقياس على (ابن) حسن، وفي الوصف بـ (بنت) في غير النداء وجهان: أحدهما: حذف التنوين تقول: هذه هند بنت عاصم، حذفت لكثرة الاستعمال وحذف في (هذه هند ابنة زيد) لكثرة الاستعمال، ولالتقاء الساكنين، وإذا قلت: يا رقاش ابنة عمرو، فلا تغير حركة البناء، ويكون الفتح للإتباع تقديرًا، وفلان بن فلان، كـ (زيد بن عمرو)، وتقدم أن (فلانًا) علم كناية عن علم، وهو علم جنس، إذ صار كناية عن كل علم. وقال المبرد: لا خلاف في حذفت التنوين من فلان بن فلان، وحكوا سماعه عن العرب انتهى. وفي نحو نداء المنقوص المعين بالنداء خلاف، وذهب الخليل إلى أنه يحذف تنوينه، فتعود الياء التي حذفت لأجل التنوين فتقول: يا قاضي، وتقدر الضمة في الياء، كما تقدر في الألف في (يا فتى)، وذهب يونس: إلى أنه لما حذف التنوين في النداء بقى على حالته من غير رد الياء، فالضمة مقدرة في الياء المحذوفة، فإن كان المنقوص قد حذف منه، فلم يبق إلا أصل واحد ثبتت الياء إجماعًا نحو: مر، ويف، مسمى بهما فتقول: يا مري، ويا يفي. والمنادى المضموم قد ينون اضطرارًا، واختيار الخليل، وسيبويه والمازني بقاء ضمه، واختيار أبي عمرو، وعيسى بن عمر، ويونس،

والجرمي، والمبرد نصبه، وكلاهما مسموع عن العرب. قال ابن مالك: عندي أن بقاء الضمة أرجح في العلم والنصب راجح في النكرة المعينة انتهى. وإذا نعت المضموم المنون في الضرورة بالمفرد جاز في النعت الرفع والنصب، وإذا نعت به المنصوب لم يجز في النعت إلا النصب، ولو نونت مقصورًا نحو: يا فتى، فإن اعتقدت أنه منصوب لم يجز في نعته إلا النصب، وإن اعتقدت أنه مضموم جاز في نعته الرفع والنصب، ويظهر من كلام سيبويه أن ذلك الخلاف ليس على الاختيار بل على التحتم بين الخليل، ومن خالفه ألا ترى قول سيبويه «ولم نسمع عربيًا يقوله» يعني النصب مع التنوين، وليس للنافي حجة على المثبت، وكلاهما مسموع عن العرب، والمنادى إن كان في أوله (أل)، وكان محكيًا نحو: كـ (تسميتك الرجل قائم) جاز نداؤه فتقول: يا الرجل قائم أقبل. وإن سميت بذي (أل) من الموصولات، كتسميتك بالذي رأيت، فذهب سيبويه إلى أنه لا ينادي، وذهب المبرد إلى جواز ندائه، وإن كان لفظ (الله) جاز نداؤه بقطع الهمزة ووصلها فتقول: يا ألله، ويا الله، وإن كان (اللهم) جاز نداؤه إلا أنه لا يباشر (يا) في مذهب البصريين، وزعموا أن الميم المشددة في آخره عوض من حرف النداء، فلا يجتمعان، وأجاز الكوفيون أن تباشره (يا) وعندهم أن الميم المشددة بقية من جملة محذوفة قدروها (أمنا بخير) وهو قول سخيف لا يحسن أن يقوله من عنده علم، وإذا قلت (اللهم): اختلفوا في جواز

وصفه، فذهب سيبويه والخليل إلى أنه لا يجوز وصفه، وذهب المبرد، والزجاج إلى جواز وصفه، وإذا وصف عندهما بمفرد جاز فيه الرفع والنصب، ولا يستعمل (اللهم) إلا في النداء، وشذ استعماله في غير النداء، وشذ أيضًا حذف (أل) منه وهو كثير في الشعر قال: لا هم إن جرهما عبادكا وقال آخر لا هم هذا رابع إن تما وقال الآخر لا هم إن كنت قبلت حجتج وقال آخر لا هم إن الحارث بن جبله

وفي النهاية: يستعمل اللهم على ثلاثة أنحاء أحدها: أن يراد به النداء المحض كقولهم: اللهم أثبتا، الثاني: أن يذكره المجيب تمكينًا للجواب في نفس السائل يقول لك القائل: أزيد قائم فتقول أنت: اللهم نعم، أو اللهم لا. الثالث: تستعمل دليلاً على الندرة، وقلة وقوع المذكور كقولك: أنا لا أزورك اللهم إلا إذا لم تدعني ألا ترى أن وقوع الزيارة مقرونًا بعدم الدعاء قليل انتهى. وإن كان غير هذا (بأل) فثلاثة مذاهب: الجواز مطلقًا، وهو مذهب الكوفيين، والبغداديين، والمنع مطلقًا إلا في ضرورة الشعر، وهو مذهب البصريين، والتفصيل بين أن يكون ذو (أل) مشبها به، فيجوز نحو: يا الأسد شدة، أو ليس مشبها به، فيمتنع فلا يقال يا الرجل، وهو مذهب ابن سعدان. وفي النهاية: العلم الذي فيه (أل) في ندائه خلاف، قيل يحذف وينادى وقيل: لا ينادى، وهو الظاهر، لأن نداءه، وحذف (أل) تغيير لصيغة العلم، وينادى (بأي)، فيبنى على الضم، وتلزم بعدها هاء التنبيه مفتوحة الهاء، وضمها لغة بني مالك من بني أسد. وقد قرئ «يا أيه الساحر» بالضم، وذلك إذا لم يكن بعدها اسم إشارة، والجمهور على أن (أيا) هذه يجيء بعدها اسم جنس بـ (أل)، أو موصول ذو (أل)، أو اسم إشارة نحو: يا أيها الرجل، و «يا أيها الذي نزل عليه الذكر» ويا أيها ذا الرجل، وهذا التابع هو وصف، وقيل عطف بيان قال

ابن السيد: وهو الظاهر، ولا يكون هذا التابع إلا مرفوعًا خلافًا للمازني، إذ يجيز فيه الرفع والنصب، قالوا: والنصب فيه مخالف لكلام العرب، وذكر ابن الباذش: أن النصب فيه مسموع عن بعض العرب، فلو كان في التابع (أل) للمح الصفة كالنضر، والحارث، والعباس، فمذهب الجمهور أنه لا يجوز: يا أيها الحارث، وهو علم وأل فيه للمح الصفة، وقد أجازه الفراء، والجرمي ونص عليه. وقال سيبويه في آخر باب الحكاية التي لا تغير فيها الأسماء عن حالها ما نصه «ولا يجوز أن تقول: يا أيها الذي رأيت كما لا يجوز يا أيها النضر، وأنت تريد الاسم الغالب». ومراد سيبويه إذا سمى بالذي رأيت لا يجوز أن يوصف به (أي)، وإذا اتبعت (أيا) هذه باسم الإشارة، فشرطه أن يكون اسم الإشارة منعوتًا بذي (أل) وما ذهب إليه ابن عصفور، وابن مالك من الاقتصار على اسم الإشارة وصفًا لأي، ولا نعت لاسم الإشارة، بنياه على بيت نادر شاذ لا تبنى على مثله القواعد وهو قول الشاعر أيهذان كلا زادكما … ودعاني واغلاً فيمن وغل

وفي النهاية: ويجوز أن يوصف (أي) باسم الإشارة فتقول: يا أيهذا، ويا أيهذان، ويا أيهؤلاء، ويا أيتهذه، ويا أيتهتان، ويا أيتهؤلاء، ويجوز (يا أيهذا الجملة) بدلاً من (أي) لا صفة لهذا ويجوز يا أيهذا أبو القاسم عطف بيان، لأنه لا يحل محل الأول انتهى. وهي تراكيب تحتاج إلى سماع من العرب، واختلفوا إذا لحق اسم الإشارة كاف الخطاب أيجوز أن يوصف به (أي)، فذهب ابن كيسان إلى جواز ذلك فتقول: يا أيهذا الرجل، ويا أيهذاك الرجل، قال: وهو أقل من (يا أيهذا الرجل)، وذهب السيرافي إلى منع ذلك، وما ذهب إليه الجرمي، والفارسي، وابن جني من استضعاف نعت (أي) باسم الإشارة لا يلتفت إليه، لأنه مخالف للسماع، وذهب الكوفيون، وابن كيسان إلى أن (ها) دخلت للتنبيه على اسم الإشارة على اختلاف في التقدير فقال الكوفيون (أي) منادى ليس بموصوف، فإذا قال: يا أي التبس اسمه ثم قال: هو هذا الرجل استأنف لبيان (أي) لإبهامه، فإذا قال (يا أيها الرجل قائمًا) يريد: يا أيهذا الرجل، وحذف (ذا) اكتفاءً بـ (هاء) منها، لدلالة الرجل عليها، ولا يجوز عندهم (يا أي الرجل) فلا بد عندهم من اسم الإشارة، وهما (معه)، أو محذوفًا اسم الإشارة، وإبقاؤها اكتفاءً به من اسم الإشارة. وقال ابن كيسان (أي) منادى، وهذا تبيين له، والرجل تبيين لاسم الإشارة، فإذا قالوا: يا أيها الرجل (فها) عنده يراد بها هذا، فإذا حذفوها اكتفوا (بها) التنبيه منها، والرجل نعت لها، كما هو نعت (لذا)، لأن معنى (ها) وهذا واحد، ولزم على هذا المذهب إجازة (يا أي الرجل)؛ فذهب إلى إجازته، ولا يحفظ من كلامهم.

وذهب الأخفش في أحد قوليه: إلى أن (أيا) في النداء موصولة، والمرفوع بعدها خبر لمبتدأ محذوف، والجملة صلة (لأي) ولذلك التزم رفع ما جاء بعدها؛ لأنه خبر لمبتدأ محذوف انتهى نقل هذا المذهب. ولا يوصف (أي) بغير ما ذكرنا من اسم الجنس، والموصول، واسم الإشارة على ما تقدم فلا تقول: يا أيها صاحب الفرس، ولا يا أيها أخا عمرو، فإن تكرر الوصف وجعلته وصفًا لوصف (أي) فالرفع، وإن كانت مضافة فتقول: يا أيها الرجل الطويل، ويا أيها الرجل ذو الجمة؛ فإن جعلت الصفة الثانية وصفًا لـ (أي) وكانت مضافة فالنصب تقول: يا أيها الرجل ذا الجمة على الموضع، وإن كانت مفردة جاز الرفع حملاً على لفظ أي، والنصب حملاً على (موضع أي) ويجوز العطف عليها نحو: يا أيها الرجل وزيد أقبلا، وإذا كان التابع مؤنثًا اختير إثبات التاء نحو: يا أيتها المرأة ولا يلحقها شيء من علامات الفروع إلا التاء، لا علامة تثنية، ولا جمع قال تعالى: «سنفرغ لكم أيها الثقلان»، «وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون». والذي تقتضيه القواعد، وإطلاق النحاة أنه يجوز في (أي) أن يعطف عليها عطف بيان، وعطف النسق، وتوكيد ويبدل منها، واسم الإشارة يجرى في أحد استعماليه مجرى (أي)، فلا يكتفي به فتوصف إذ ذاك باسم الجنس، وبالموصول ذي (أل)، وقيل ذلك مخصوص بها إذا نعتت (بأل)، فيجب رفع نعتها، وإنما يكون مكتفي بها إذا نعتت بما ليس فيه (أل)، وذكر أنه المتفهم من كلام سيبويه، وقال السيرافي: يجوز فيه الاعتباران فتقول: يا هذا الطويل، وإن أردت الاكتفاء قلت: يا هذا الطويل إن شئت وعلى هذا الاعتبار تقول: يا هذان

زيد، وعمرو، ويا هؤلاء زيد وبكر وخالد إن أردت البدل بنيت، أو عطف البيان، فالرفع والنصب، والعطف فيه كالتثنية تقول: يا هذان الزيدان انتهى. وإذا قدرت اسم الإشارة وصلة لنداء ما فيه (أل)، لم يجز في نعته إلا الرفع ومن ذلك قوله: يا ذا المخوفنا بمقتل شيخه … حجر تمنى صاحب الأحلام وإذا كان مكتفي به في النداء، جاز في الصفة الرفع على اللفظ، والنصب على الموضع، وليس نصب (الصفة) على الموضع بمسموع من كلامهم، وإنما قاله النحويون بالقياس على التقدير الذي ذكرناه، وهو ألا تجعل اسم الإشارة وصلة لنداء ما فيه (أل)، وأن يكون مكتفي به، وتقدم مذهب السيرافي أن اسم الإشارة إذا لحقته كاف الخطاب لم يجز نداؤه ومذهب سيبويه، وابن كيسان الجواز فتقول: يا هذا الرجل، ويا ذاك الرجل، ويا ذلك الرجل، ويا ذانكما الرجلان، ويا أولئكم الرجال، ويا أولئك الرجال، وحكى فيه ابن كيسان عن بعض النحويين سماعًا عن العرب، وانقضى الكلام في تابع (أي) واسم الإشارة. وأما غيرهما من المناديات، فإن كان كالمرفوع، ويشمل النكرة المقصودة والعلم المفرد مما يبنى على ما يرفع به، والمبني لا بسبب النداء كـ (حذام) ومعد يكرب في لغة من بناهما. ولا يخلو تابع هذا النوع من أن يكون مضافًا أو غير مضاف، إن كان مضافًا وجب نصبه مطلقًا تقول: يا زيد أخا عمرو، ويا زيد نفسه، ويا زيد عائذ الكلب، ويا زيد وغلام بشر، ما لم يكن كالحسن الوجه مما إضافته غير محضة، فيجوز الرفع على اللفظ، والنصب على الموضع فتقول: يا زيد الحسن الوجه، ويا زيد الضارب الرجل.

فإن كانت الإضافة محضة وجب النصب، وأجاز الكسائي، والفراء وأبو عبد الله الطوال، وتبعهم ابن الأنباري الرفع في نعت مضاف إضافة محضة نحو: يا زيد صاحبنا، وأجرى الفراء التوكيد بالمضاف مجرى النعت بالمضاف إضافة محضة، فأجاز فيه الرفع والنصب نحو: يا زيد نفسه، ونفسه، وتقول: يا تميم كلهم وكلهم، وقد سمع الرفع فأول على القطع (أي) كلهم أو كلكم مدعو، ومذهب سيبويه والجمهور وجوب النصب والنعت بالمضاف المذكور، وأجاز الفراء في المعطوف المضاف الرفع قياسًا نحو: يا زيد وغلام بشر، وحكم العطف بالمطول حكم النعت بالمضاف فيجب نصبه تقول: يا زيد وخيرًا من عمرو (أقبلا) هذا مذهب الجمهور. ويجوز إدخال (يا) عليه فتقول: يا زيد ويا خيرًا من عمرو [أقبلا] ومنع أبو عثمان عطفه على يا زيد من غير (أل)، أو إدخال (يا) عليه فتقول: يا زيد والأخير أقبلا، ويا زيد ويا خيرًا من عمرو أقبلا؛ فإن كان التابع غير مضاف جاز فيه الرفع والنصب نحو: يا رجل الطويل ويا غلام بشر، ويا دار جمعاء لقد بان أهلك، ويا رجل والغلام سيرا، ويا زيد الطويل ويا زيد بطة، ويا ديار جمعاء لقد هلكت. والنص عن الكوفيين أنه لا يجوز في النعت إلا النصب فتقول: يا زيد الطويل، وحكى أحمد بن يحيى عن الفراء أنه لا يجيز في التوكيد بالمفرد إلا النصب فتقول: يا تميم أجمعين، وقال الأستاذ أبو علي: منع قوم الرفع في نحو: يا زيد والنضر، وقالوا: لا يجوز إلا النصب، والسماع يرد عليهم، بل قد قال الجرمي في الفرخ: أكثر قول العرب الرفع في (يا زيد العاقل) انتهى.

وفي جواز وصف المفرد المقصود خلاف، الأكثرون على المنع، ذكر سيبويه عن يونس أنهم وصفوه بالمعرفة، وأجروه مجرى العلم المفرد في جواز رفع نعته ذي (أل)، ونصبه، فإن أضيف نعته، فكنعت العلم إذا أضيف، والتوكيد وعطف البيان كالنعت، وعطف النسق المفرد يجوز فيه الرفع والنصب، وزعم الأخفش أن تابع النكرة المقصودة من النعت، والتوكيد لا يجوز فيه إلا الرفع، فتقول: يا رجل العاقل ويا رجال أجمعون، وزعم أيضًا في الأشهر من قوليه أن الاسم العلم المبني على الضم لا يجوز في نعته إلا النصب على الموضع، ولا يتبع على اللفظ أصلاً، وأن الحركة في (يا زيد) العاقل بالضم حركة اتباع لا حركة رفع. وثمرة الخلاف تظهر في النعت المضاف بعد النعت المفرد، فعلى مذهب الأخفش: يا زيد العاقل ذا الجمة، لا يكون في (ذا الجمة) إلا النصب كان نعتًا للمنادى، أو نعتًا للعاقل، ويفصل على مذهب الجمهور، فإن كان ذو الجمة نعتًا للعاقل رفعت، وإن كان نعتًا للمنادى نصبت. وفي النهاية: أن من النحويين من يعتقد بناء الصفة إذا رفعت في نحو: يا زيد الطويل، لأن حركتها كحركة المنادى انتهى. وزعم الكوفيون أن النصب في (العاقل) من (يا زيد العاقل)، ليس على الموضع وأن العرب أرادت نداء النعت، فلما لم يدخله النداء نصبته، وإن كان وصفًا موطئًا نحو: يا زيد زيد الطويل، فلك الحمل على الموضع نصبًا، وهو أرجح نص عليه سيبويه، ولك الحمل على اللفظ، ورجحه أبو عمرو، وكلاهما مسموع عن العرب، ويجوز فيه القطع إما على إخبار، وإما على نداء. والأصمعي يوجب القطع، فإن كان التابع بدلاً مفردًا نكرة نصبته ونونته نحو: يا زيد رجلا

صالحًا، أو نكرة مقبلاً عليها، أو اسم إشارة، أو ذا (أل) لم يجز إبدالها منه لا تقول: يا زيد هذا، ولا يا زيد الرجل، وإن كان غير ذلك جاز، وضم ولا ينون نحو: يا زيد بطة، وإن كن التابع منسوقًا نكرة نصبت ونونت وقلت: يا زيد وغلامًا أو مقبلاً عليها، فذهب الأخفش وخطاب إلى أنه لا يجوز العطف فلا تقول: يا زيد ورجل، وأجاز المبرد ذلك أجاز في المقتضب: يا ثلاثة وثلاثون بالرفع إذا أردت يا أيها الثلاثة ويا أيها الثلاثون أو اسم إشارة، فذهب المبرد إلى جواز ذلك نحو: يا زيد وهذا، كما أجاز يا زيد ورجل، ويقتضي مذهب الأخفش وخطاب المنع، وإن كان غير ذلك عاريًا من (أل) جاز العطف بلا خلاف نحو: يا زيد وعمرو ولا تنون عمرًا، وأجاز المازني، والكوفيون: يا زيد وعمرًا بالنصب قاله ابن مالك وقال ابن أصبغ: وحكى ذلك عن المازني، ويجوز في قياس قول الكوفيون، يا زيد وعمرو بالرفع والتنوين، وفي البديع: إن لم يكن في المعطوف ألف ولام فحكمه حكم ما لو ابتدأت به تقول: يا زيد وعمرو، ويا عبد الله وزيد، ويا زيدًا وعمرو أقبل، ويا زيد لا عمرو، وقد جوز المازني والأخفش فيه النصب انتهى. وإن كان في المنسوق (أل) جاز بإجماع الرفع والنصب نحو: يا زيد والحارث، فإن كان ذو (أل) عطف على نكرة مقبل عليها فلا يجوز فيه على مذهب الأخفش، ومن تبعه إلا الرفع، وهو محجوج بقولهم: يا فسق الخبيث والخبيث بالرفع والنصب، والرفع في ذي (أل) راجح عند الخليل وسيبويه، والمازني،

ومرجوح عند أبي عمرو، ويونس، وعيسى، والجرمي وأما المبرد ففي المقتضب أنه ذهب إلى اختيار مذهب أبي عمرو، وأصحابه، والتفصيل بين أن تكون فيه (أل) للمح الصفة، فيختار مذهب أبي عمرو حكاه ابن السراج، وإن كان المنادى مضافًا، واتبعته بعطف بيان أو توكيد، أو وصف فلا يكون إلا نصبًا نحو: يا غلام زيد العاقل، ويا غلام زيد صاحب عمرو، ويا أخا زيد عبد الله، ويا أخا زيد كرزًا، ويا أخوة زيد أجمعين، ويا أخوة زيد كلهم، أو يبدل مفرد بني على الضم نحو: يا غلامنا زيد، ولا يكون البدل إلا مما يمكن أن يباشره حرف النداء؛ فلا يجوز: يا عبد الله الرجل الصالح، ولا يا غلام زيد رجل، ولا يا غلام زيد هذا. أو بعطف نسق، فكالبدل تقول: يا أخانا وزيد بالضم بلا تنوين، وأجاز الكوفيون فيه النصب منونًا وهي في قياس قول المازني أحرى بالجواز من مسألة يا زيد وعمرًا، ويا أخانا وعبد الله، وامتنع يا غلام زيد ورجل ويا غلام زيد وهذا، وجاز أن يكون معرفًا (بأل) فيجب نصبه تقول: يا غلام والرجل أقبلا. وحكم تابع المنادى المطول حكم تابع المنادى المضاف سواء، فقس عليه تقول في المطول مسمى به، أو نكرة مقصودة يا خيرًا من زيد الكريم، تصفه فيهما بالمعرفة؛ فإن لم تقصدها فبالنكرة كالنكرة غير المقصودة، كما تقول: يا رجلاً قائمًا، والمنادى المضاف إضافة غير محضة [فذهب ابن السراج إلى أنه كالمنادى الذي إضافته غير محضة]، ومذهب الأخفش، والمبرد أنه محكوم

له بحكم الانفصال فهو من قبيل المنادي المطول، وتابع تابع المنادي إن كان من تابع العلم المبني، وما في معناه معربًا، فالحمل عليه نحو: يا زيد الطويل ذو الجمة، إن جعلته تابعًا للطويل، فإن جعلته للمنادي، أو على نداء ثان نصبت. وتقول: يا زيد ذا الجمة الطويل نصبت، وتقول: يا هذا الطويل ذو الجمة، إن أردت الاكتفاء أجريته كالعلم، وما كان مبنيًا، فتابعه يجري مجرى التابع الأول المبني تقول: يا زيد وعمرو العاقل والعاقل، ويا هذا زيد الطويل والطويل على البدل والاكتفاء. وما كان من توابع المبهمات اللازمة فهي معربة ليس إلا، كان تابع التابع مضافًا أو لم يكن تقول: يا أيها الرجل ذو الجمة، ويا أيها الرجل زيد، ويا هذا الرجل زيد، وتقول: يا زيد الطويل الجسم إن جعلته نعتًا للطويل، فإن كان (الطويل) مرفوعًا رفعت الجسم، وإن كان منصوبًا نصبته، وإن كان مضافًا نصبته. وإن كان الجسم نعتًا لـ (زيد) جاز رفعه على اللفظ، ونصبه على الموضع، وتقول: يا زيد الطويل وذو الجمة، فالجمهور على أنه لا يجوز فيه إلا النصب، فتقول: وذا الجمة سواء عطفته على الصفة، أم على الموصوف. وقال المازني: إن عطفت (ذا الجمة) على الطويل رفعت كما في الصفة، وإن كان في تابع المنادي ضمير جيء به غائبًا، أو مخاطبًا تقول: يا زيد نفسه، ويا تميم كلهم ويا زيد نفسك، ويا تميم كلكم، وقال الأخفش: لا يأتي إلا ضمير غيبة، فأما قول العرب: يا تميم كلكم بالرفع، فعلى الابتداء التقدير: كلكم مدعو، وبالنصب فعلى المفعول أي كلكم دعوت قال: ويجوز في هذا القياس: يا زيد نفسك ونفسك، وهو قبيح.

وإن كان المنادي المبني (أيا) ووصفت بموصوف (بالذي)، فيجوز أن يعود الضمير غائبًا، وأن يعود مخاطبًا، وأنشد أحمد بن يحيى: فيا أيها الصمد الذي كنت مرة … نحلك سقيت الأهاضيب من صمد ويجوز: الذي كان مرة (نحلة) أجرى (أيها) مجرى (أنت) كما قال: أأنت الهلالي الذي كنت مرة … ... ... ... ... ... وتقول: يا زيد زيد الضم على نداء ثان كأنه قال: يا زيد يا زيد، وهو على رأي سيبويه، وبالرفع منونًا عطف بيان على اللفظ، وبالنصب منونًا عطف بيان على الموضع، وتقول: يا رجل زيد بالرفع والنصب، ويا رجل عبد الله بالنصب؛ إذا عطف البيان يجرى مجرى النعت. ومن زعم أن ضمة (يا رجل) إعرابية لم يجز إلا الرفع، كان مفردًا أو مضافًا فتقول: يا رجل زيد، ويا رجل عبد الله، وأكثر النحويين يجعل الثاني في (يا زيد زيد) بدلاً، قال ابن مالك، وذلك عندي غير صحيح، وإذا تكرر لفظ المنادي مضافًا، وكانا علمين نحو يا تيم تيم عدى .... … ... ... ... ...

و: يا زيد زيد اليعملات الذبل جاز في المنادي الضم على أنه منادي مفرد، وهو الوجه والأكثر، وتنصب الثاني على أنه منادي ثان مضاف، أو مفعولاً بإضمار أعني، أو عطف بيان، أو توكيدًا ذكره ابن مالك، ولم يذكره أصحابنا أعني التوكيد، وقد أبطلناه في الشرح، وأجاز السيرافي نصبها نعتًا وتأول فيه الاشتقاق. وجاء في المنادي النصب فتقول: يا زيد زيد عدى وفيه مذاهب: الأول: مذهب سيبويه وهو أن (يا زيد) مضاف إلى عدي، و (زيد) الثاني مقحم بين المنادي المضاف، وما أضيف إليه وأصلهما عنده: يا زيد عدى زيده، فحذف الضمير، وأقحم بين (زيد) المنادي، وعدي، وقد قدره

بعضهم يا زيد عدي زيد عدي، فحذف (عدي)، وأقحم زيدًا بين زيد، وعدي. المذهب الثاني: مذهب المبرد، وهو أنه حذف (عدي) الأول لدلالة الثاني عليه، وأقر وهو غير مضاف لفظًا بغير تنوين، إقراره حين كان مضافًا لفظًا. المذهب الثالث: مذهب الأعلم، وهو تركيب الاسمين، فصارا واحدًا، وفتحتهما فتحة بناء، وأضيف المنادي المركب كما قالوا: ما فعلت خمسة عشرك، والإعراب على مذهب سيبويه أنه منصوب على التوكيد، إذ هو مقحم، وعلى مذهب المبرد بدل، أو عطف بيان أو منادي مستأنف أو توكيد، وجاز التوكيد؛ لأن المحذوف مراد، فصار بدلاً لفظيًا. وعلى مذهب الأعلم في موضع نصب منادي مضاف، فإن لم يكونا علمين وكانا المسمى جنس نحو: يا رجل رجل القوم، فذهب البصريون إلى أنه ينتصب بغير تنوين كالعلمين فتقول: يا رجل رجل القوم، ومنع الكوفيون نصبه، ولم يختلف الجميع في جواز ضمه، أو كانا صفتين نحو: يا صاحب صاحب زيد، ويا صاحب صاحباي، فذهب البصريون إلى أنه ينتصب بغير تنوين، وذهب الكوفيون إلى أنه لا ينتصب إلا منونًا فتقول: يا صاحبًا صاحب زيد، ولم يختلف الجميع في جواز ضمه من غير تنوين. وإذا أضفت الثاني إلى ضمير مفرد متكلم نحو: يا زيد زيد، ففي جواز ذلك نظر، أو جمع نحو: يا زيد زيدنا، فذهب سيبويه، والجمهور إلى جواز ضم الأول، وأجاز ذلك الكسائي، والفراء، ولا خلاف في جواز الضم والنصب في

الاسم الأول من قولك: يا زيد زيد عمرو، ويقتضي مذهب الفراء أن يكون الأول والثاني معًا، مضافين إلى الثالث قال ذلك في قوله: ... ... ... ... … بين ذراعي وجبهة الأسد لكنه لم يصرح بذلك في يا زيد زيد عمرو.

فصل

فصل تقدم الكلام على إضافة المنادي إلى ياء المتكلم في آخر فصل من باب الإضافة، وكذا تقدم إن أضيف المنادي إلى مضاف إلى الياء نحو: يا غلام غلامي، وإذا أضيف (ابن)، أو (ابنة) إلى أم، أو (عم) مضافًا إلى الياء، فالغالب الاستعمال دون (يا) بفتح الميم أو كسرها. فأما الفتح فذهب سيبويه، والبصريون إلى أنهما اسمان جعلا اسمًا واحدًا مركبًا كـ (بعلبك)، وبُنيا على الفتح، وقيل الأصل: يا ابن أمي بفتح ما قبل الياء وانقلبت ألفًا وحذفت، وهذا قول الكسائي، والفراء، وأبي عبيدة قالوا أصله: عمى تحركت الياء، وانفتح ما قبلها، فانقلبت ألفًا، فحذفت لكثرة الاستعمال ووجه جواز حذفها أن التي انقلبت عنها، وهي الياء يجوز حذفها، فكذلك يجوز حذف ما انقلبت عنه، وهي الألف، وهذا الخلاف في (ابن أم). وأما (الكسر) فظاهر قول الزجاجي، وغيره أنه مما اجترئ فيه بالكسرة عن الياء المحذوفة من (أم) بغير تركيب، وأصحابنا يعتقدون أن (ابن أم) و (ابنة أم)، و (ابن عم) و (ابنة عم) حكمت العرب لهما بحكم اسم واحد، وحذفوا الياء كحذفهم إياها من أحد عشر إذا أضافوه إليها، وكسر الميم والفتح لغتان فصيحتان قرئ بهما في السبعة، وربما تثبت الياء، فقيل: يا ابن أمي، أو قلبت ألفًا، فقيل

يا ابن أما، وهما لغتان قليلتان، وأجاز أبو عمرو قلب هذه الياء ألفًا في النداء وغيره. وقال ابن زيدان في كتاب (التمشية): في يا ابنة عمي خمس لغات: يا ابنة عمي، عما، عم، عم، والخامسة فيها خلاف وتقول: يا أبت ويا أمت، وهذه التاء عوض من ياء الإضافة عند البصريين فلا يجتمعان إلا في ضرورة، وأجاز الجمع بينهما في الكلام كثير من الكوفيين، وتكسر التاء وتفتح، وقرئ بهما، والكسر أفصح واختلفوا في ضمها فأجازه الفراء، وأبو جعفر النحاس، ولم يجزه الزجاج. وقال سيبويه: سألت الخليل عن قولهم: يا أبت ويا أمت ويا أبتاه ويا أمتاه، فزعم أن هذه التاء بمنزلة (الهاء) في عمه وخاله، وزعم أنه سمع من العرب من يقول: يا أمة لا تفعلي بالضم، ومذهب البصريين الوقف على هذه التاء بالهاء، ومذهب الفراء بالتاء، وبالتاء وقف عليها أبو عمرو بن العلاء، وقرأ أبو جعفر «يا حسرتي» بفتح الياء جمع بين العوض والمعوض، قال ابن جني ومن

ذلك: يا أبتاه في قوله: يا أبتا علك أو عساكًا وقالوا في: (أبا) المقصور يا أبت، وتقول في الكناية عن نكرة من يعقل باهن، وقال ابن عصفور: قد يكنى به عن معرفة من يعقل ومعناه يا رجل، ويا إنسان، وحكى أبو حاتم تثنيته وجمعه وتأنيثه تقول: يا هن، ويا هنان، ويا هنون، ويا هنت، ويا هنتان، ويا هنات، وتلحق آخرهن هاء السكت فتقول: يا هناه ساكنة وبالضم وبالكسر، ويا هنانيه، ويا هنوناه، ويا هنتاه، ويا هنتانيه، ويا هنتاتوه، وذكر الأخفش في الأوسط تثنيته أيضًا وجمعه ملحقًا فيه الألف والهاء، وغير ملحق قال: وإن أضفته إلى نفسك لم يكن فيه إلا وجه واحد تقول: (يا هن) أقبل، ويا هني أقبلا، ويا هني أقبلوا، وللمرأة يا هنت أقبلي، ويا هنتي أقبلا، ويا هنات أقبلن. واختلفوا في مادة هذه الكلمة على خمسة أقوال: أحدها: أن أصلها (هـ ن هـ) من باب (سلس) وهو مذهب أبي زيد. الثاني: أن أصلها (هـ ن و) فالهاء في (هناه) بدل من واو. الثالث: أن الهاء بدل من همزة، والهمزة بدل من واو، فالهاء بدل من بدل، وهو مذهب ابن جني. الرابع: أن الألف والهاء زائدتان، لكن في نفس البناء على حد زيادة الهمزة في (أحمر) فوزنه (فعلاه)، إذ أصله: هنواه تحركت الواو وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفًا فحذفت لالتقاء الساكنين، أو حذفت لام الكلمة أو لا، وزيد في بناء الكلمة الألف والهاء.

الخامس: أن تكون الهاء هاء السكت، والألف قبلها، الألف التي تلحق في مثل: يا زيد إذا ندبت، وهو مذهب الفراء، ونسبه بعضهم إلى أكثر النحاة، ولو ذهب ذاهب إلى أن أصل (هن) ومادته (هـ ن ن) مستدلاً بما حكى أبو الخطاب من قولهم: يا هناتان في التثنية يريد: يا هنان لكان مذهبًا، فـ (هنان) فعال من المضاعف، و (هن) محذوف منه، ولا التفات إلى زعم المازني أنه لا يعرف هنانين، ولا رأي يعرفه، لأن أبا الخطاب ثقة مأمون فيما نقل، قال ابن خروف (وهن) كناية عن إنسان يقال أتاني (هن بن هن)، وللأنثى منه إذا وصلت قلت: هنت، فإذا وقفت قلت: هنه، وتقول: هذه هنه مقبلة، وقد نسبوا إلى (هن) جميعًا فقالوا: الهنيين انتهى. ومن زعم أن الهاء أصلية أو بدل من أصل، أو بدل من بدل، أو زائدة في نفس البنية يقول في التثنية: يا هناهان، ويا هنتاهان، ويا هناهون، ويا هنتاهات، وهذا شيء لم يسمع من العرب، إنما سمع ما حكاه أبو حاتم من قولهم: يا هنانيه إلى آخره.

باب الاستغاثة والتعجب والشبيه بها

باب الاستغاثة والتعجب والشبيه بها ما صح أن يكون منادي صح أن يكون مستغاثًا به، ومتعجبًا منه [وأجمعوا على جواز أن يكون (بأل) نحو: يا لله، ويا للرجال، ويا للماء، ولام المستغاث به، والمتعجب به] مفتوحة. ومذهب سيبويه أنها ليست زائدة، وتتعلق بفعل النداء، ومذهب ابن جني أنها تتعلق بحرف النداء، واختيار ابن خروف أنها زائدة فلا تتعلق بشيء، ولام المستغاث لأجله على أصلها من الكسر، وفيما تتعلق به أقوال: أحدها: بفعل النداء. الثاني: بفعل محذوف تقديره: أدعوك لزيد. والثالث: بمحذوف في موضع الحال أي مدعوًا لزيد، وهو مذهب ابن الباذش، وقد يجر المستغاث من أجله (بمن) نحو قول الشاعر: يا للرجال ذوي الأباب من نفر … لا يبرح السفه المردي لهم دينا وقد يحذف المستغاث من أجله كقول عمر رضي الله عنه لما طعنه فيروز لعنه الله: (يا لله يا للمسلمين)، كما يحذف المستغاث به، فيلي (يا) المستغاث من أجله نحو قوله: يا لأناس أبوا إلا مثابرة … على التوغل في بغي وعدوان

التقدير: يا لقومي لأناس، وقد يجرون المستغاث به مجرى النداء، فيأمرونه كما قال: يا لقومي أنشروا لي كليبًا … ... ... .... ويستفهمونه كما قال: يا لقوم من للعلي والمساعي … ... ... ... ... ... وإذا عطفت على المستغاث به، ولم تكرر (يا) جر المعطوف بلام مكسورة على الأصل، أو كررت فمفتوحة نحو: بالزيد والبكر لخالد، وإذا أدخلت (يا) على المضمر، فاللام مفتوحة إلا مع الياء كحال ذلك في غير الاستغاثة والتعجب، فإذا قلت: يا لك احتمال أن يكون مستغاثًا به، ومستغاثًا من أجله وقيل في قوله: فيا لك من ليل كأن نجومه … ... ... ... ...

اللام فيه للاستغاثة والتعجب استغاث به منه لطوله كأنه قال: يا ليل ما أطولك، وإذا قلت (يالى)، فقال ابن جني: يجوز في قول الشاعر: فيا شوق ما أبقى وبالي من النوى … ... ... ... ... ... ... أن يكون مستغاثًا به، كأنه استغاث بنفسه من النوى، وأن يكون مستغاثًا له، وحذف المستغاث به، وذهب ابن عصفور إلى أنه لا يجوز في (يالى) حيث ما وقع الضمير إلا أن يكون مستغاثًا له، والمستغاث به محذوف. والمستغاث به لا يكون إلا معلومًا ولا يدخل، ولا على المتعجب منه من حروف النداء إلا (يا) خاصة، ولا يجوز حذفها فيهما، وقل ورود (وا) في التعجب كقول عمر رضي الله عنه: واعجبًا لك يا ابن العاص، وإذا ولى (يا) اسم لا يصلح للنداء، إلا مجازًا، جاز فتح اللام اعتبارًا، بكونه مستغاثًا به، وكسرها باعتبار كونه مستغاثًا من أجله، وكون المستغاث به محذوفًا روى عن العرب في قولهم: يا للعجب، ويا للدواهي، ويا للماء، ونحوها بفتح اللام وكسرها، وربما اتحد المستغاث به، والمستغاث من أجله كقولك: يا لزيد لزيد أي أدعوك لتنتصف من نفسك، وليست (لام) الاستغاثة بقية (أل) [وأن الأصل يا (أل) زيد، فيكون (زيد) مخفوضًا بالإضافة، وحكى ابن مالك: أنها بقية (أل)] عند الكوفيين، وقاله صاحب النهاية عن الفراء، وحكى الفراء أن

من الناس من زعم أن اللام في (يا لزيد) وأشباهه ليست لام جر، بل هي بقية من (أل)، فظاهر حكايته أنه ليس مذهب الكوفيين، وأنه لا يقول بذلك، لأنه من رءوس الكوفيين. وتعاقب اللام ألف كألف المندوب فتقول: يا زيدًا لعمرو، ولا يجمع بينهما، فلا يجوز: يا لزيدا لعمرو، والأصل في الاستغاثة اللام، وتقول: يا عجباه، إذا أرادوا تأكيد التعجب، والألف معاقبة للام الإضافة، وربما استغنى عن لام الاستغاثة والتعجب ومعاقبها تقول: يا زيد ويا عجب كما ينادي بصورة النداء المطلق. ويا لزيد، ويا للعجب، ويا زيداه، ويا عجباه إذا وقفت، ويا زيدًا ويا عجبا إذا وصلت، وإذا وصفت المستغاث به جررت الصفة تقول: يا لزيد الشجاع للمظلوم. وفي النهاية: لا يبعد نصب الصفة حملاً على الموضع، لأن الجار والمجرور لا بد له من شيء يتعلق به.

[الجزء الخامس]

[الجزء الخامس] باب الندبة الندبة مصدر ندب الميت إذا تفجع عليه، وذكر خلاله الجميلة في معرض المدح، والندبة من كلام النساء غالبًا، وحرف الندبة (يا) و (وا) وهي أكثر في الندبة من (يا) ولا يجوز حذفهما. والمنادى المندوب مفقود حقيقة كقول الباكي على ميت: وازيدا أو يا زيدا، أو حكما: كقول الخنساء ومن أسر معها من آل صخر، وصخر غائب لا يرجى حضوره: (واصخراه واصخراه)، أو توجعا لكونه محل ألم نحو قوله فواكبدا من حب من لا يحبني … ... ... ... ... أو سبب ألم كقوله: تبكيهم دهماء معولة … وتقول سلمى وارزيتيه ولا يكون المندوب مضمرًا، ولا اسم إشارة، ولا موصولاً بصلة لا تعينه، ولا اسم جنس مفردًا على مذهب الجمهور، وأجاز

الرياشي: ندبة اسم الجنس المفرد، وجاء في الأثر: واجبلاه. وفي كتاب الإنصاف: يجوز ندبة النكرة، والأسماء الموصولة، وقال البصريون لا يجوز، فإن لم يكن مفردًا جاز نحو: واغلام زيداه، ويندب العلم، ولو كان مسمى بالجملة والمركب، والموصول الذي فيه (أل)، إذا كانت صلته تعينه نحو: (وامن قتله ابن ملجماه) يعني عليا كرم الله وجه. ولا تلحق نعت المندوب خلافًا ليونس، والفراء، وابن كيسان وغيرهما من الكوفيين، فتقول على مذهبهم: وازيد الظريفوه، ويجوز الظريفاه، ولا ينعت (أيها) خلافًا لخلف الأحمر فلا يجوز: يا أيها الطويلاه، ولا يأيها الرجلاه، ولا المجرور بإضافة نعته قياسًا على قوله: ... .... ... يا أسعد بن سعداه … ... ... .... ... خلافًا لمن أجازه وفي النهاية: إذا وصفت العلم المندوب بـ (ابن) مضافًا إلى علم، فلا خلاف في جواز إلحاق علامة الندبة نحو: يا زيد بن عمراه؛ لأن ابنا جرى مع الأول مجرى اسم وحد وقال: ألا يا عمرو عمراه … وعمرو بن الزبيراه

وبغيره من الأوصاف، فالخلاف فيه بين الخليل، وسيبويه، ويونس، وقياس قول الخليل وسيبويه أن لا يلحق توكيد المندوب، ولا عطف البيان، وأقول: يلحق البدل، لأنه قائم مقام الأول فتقول: واغلاما زيداه؛ لأن (وا) في التقدير داخلة عليه. وإن عطفت عليه ما فيه (أل)، أو ما ليست فيه، جاز إلحاق علامة الندبة تقول: يا زيد والحارثاه، ووازيد وعمراه، وإلحاقها عمرًا أحسن لجواز دخول حرف الندبة عليه انتهى. ويضم في الندبة إن كان مما يضم نحو: وازيد، وينصب إن كان مما ينصب نحو: واعبد الله، واضربا رءوس الأعداء، واثلاثة وثلاثيناه، وإذا دعت الضرورة إلى تنوين المضموم نون باقيًا على ضمه أو منصوبًا نحو قوله: وافقعسا وأين منى فقعس وزعم بعض أهل الكوفة أن العرب تعوض من علامة الندبة التنوين في الوصل فقولون: وازيدًا، واعمرًا، تشبيهًا له بالمنصوب، وهو مذهب الفراء، وابن الأنباري، ويتعين عند خوف اللبس [نحو قولك: وازيد نادبًا وبحضرتك من

اسمه زيد فلو قلت: يا زيد التبس]، ويجوز أن يلحق آخر المندوب (ألفًا)، فتلحق المفرد، والمضاف، والمطول، والموصول، والمركب تركيب مزج، أو مع صوت والجملة تقول: وازيداه، واغلام زيداه، واثلاثة وثلاثيناه، وامن حفر بئر زمزماه، وامعدى كرباه، واسيبويهاه، واتأبط شراه، واثنا عشراه، في مسمى باثنى عشر، كما تقول فيمن اسمه رجلان: وارجلانه هذا مذهب سيبويه، وقال الكوفيون: واثنى عشراه، كما تقول: يا غلامي زيداه، [وأجاز ابن كيسان القولين معًا. وفي النهاية: مذهب البصريين، واثنا عشراه، ولا يجيز ذلك الكوفيون، لأن (عشر) بمنزلة نون اثنين، وألف الندبة بمنزلة المضاف إليه فتناقضا، وتفتح للألف متلوها إن كان متحركًا بضمة نحو: واعمراه، أو بكسرة نحو: يا عبد الملكاه، وأجاز] الكوفيون، وتبعهم ابن السراج: أن تكون علامة الندبة تابعة فتقول: واغلام الرجليه، وحكوا من كلامهم: «واهلاك العربية» يعنون: العرباه؛ فإن ألبس وافقناهم نحو: واغلامكيه. وما آخره همزة، والخلاف في المكسور والمضموم، يأتي إن شاء الله تعالى ويحذف إن كان ألفًا نحو: واموساه، واحترزوا عن علامة الندبة بالألف، وأجاز الكوفيون قياسًا قلب الألف فقالوا: وامثنياه، ولا يجوز عندنا. والعرب اجترأت بألف، أو تنوينًا نحو: واغلام زيداه هذا مذهب سيبويه، وأجاز الفراء بعد هذا وجهين.

أحدهما: واغلام زيدنيه. والآخر: واغلام زيدناه. فتثبته وتحركه إن شئت بالكسر، فتقلب له الألف ياء أو بالفتح، وأجاز وجها ثالثًا: واغلام زيديه. فإن كان المندوب مضافًا إلى ياء المتكلم، وما قبلها ساكن مدغم، أو غير مدغم فلا سبيل إلى كسره فتقولك واقاضياه، واغلامياه، وامثناياه، فإن كان قبلها مكسور، فمن حرك الياء قال: واغلامياه، ومن سكن قال في مذهب سيبويه: واغلامياه، وعلى مذهب المبرد: واغلاماه، ومن أبدل في النداء فقال: يا غلاماه، ويا أبتاه فإذا ندب حذف هذه الألف، وأتى بألف الندبة فقال: واغلاماه، ومن ضم في النداء في المضاف إلى الياء فقال: يا زيد يريد يا زيدي لم يقل في الندبة: وازيد يريد وازيدي. وأما جواز (واغلام) في الندبة، فالكسر دليل على الياء المحذوفة، فإن كان المضاف إلى الياء آخره ألف أقرت، ولا يجوز قبلها على لغة (هوى) بخلاف ألف الاثنين تقلب وتدغم فتقول: واغلامياه وتقول في (رحاي)، وارحاياه فلا تقلب، وما آخره ياء ساكنة، أو واو تقبل الحركة حركت بالفتح نحو: وامن يرمياه، واغلام القاضياه، وامن يغزواه، أو لا تقبل حذفتا فتقول في يا غلامهوه: واغلامهوه، وفي يامن استعين به: وامن استعين بهيه، وذهب الكوفيون إلى حذفها ساكنين كائنين ما كانا ورد الحركة من جنس علامة الندبة إلا إن خيف لبس، فيقلبونها من جنس حركة المحذوف وتليها في الغالب سالمة أي باقية ألفًا، أو منقلبة بحسب الحركة التي قبلها إن كسرة (فياء) أو ضمة فـ (ألفا) وهاء ساكنة، وقد لا تلحق فتقول: وازيدا ومذهب سيبويه، وعامة النحويين أنه لا يجوز إثبات هذه الهاء في الوصل.

وأجاز الفراء إثباتها فيه متحركة بالضم وبالكسر، وما جاء من ذلك هو عند البصريين من إجراء الوصل مجرى الوقف الذي لا يجوز إلا في الضرورة، وزعم ابن مالك أنه قد يستغنى عنها وعن الألف فيما آخره ألف وهاء فلا يقال في عبد الله: واعبد اللهاه، ولا واجهجاهاه، قال لما فيه من الثقل. وهذا الذي منعه صرح أصحابنا بخلافه قالوا: وتقول في ندبة من اسمه عبد الله: واعبد اللهاه، وقواعد باب الندبة، وإطلاق النحاة في ندبة الأعلام يجيز ذلك، فيحتاج في المنع إلى دليل واضح، ولا نعلم له سلفًا في منع ذلك. وما آخره همزة لتأنيث أو غير تأنيث، فحكمه في لحاق الندبة حكم ما آخره حرف صحيح، فتقول في ندبة (زكرياء): وازكرياءاه، وفي ندبة من اسمه علباء: واعلباءاه، والكوفيون يحذفون الهمزة إذا كانت للتأنيث يقولون: وازكرياه (واورقاه) فتنحذف الألف لاجتماعها مع ألف الندبة. ويبدل من ألف الندبة مناسب ما وليته من كسرة إضمار أو يائه، أو ضمته، أو واوه تقول في ندبة غلامك مضافًا لضمير المؤنث، وأنت، وفعلت مسمى به: واغلامكيه، واأنيته، وافعلتيه، وفي ندبة مسمى بقومي: واقوميه، ومسمى بـ (قاموا): واقاموه، وفي ندبة غلاميه: واغلامهوه، بحذف الياء، والواو لعلامة الندبة، وتقول: وانقطاع ظهرهيه، واظهرهوه على اللغتين في (بهى)، و (بهو)، وذهب السيرافي إلى أنه لا يجوز ندبة ما أضيف إلى ضمير الخطاب، كما لا يجوز نداؤه في غير الندبة، والندبة نداء، قال بعض أصحابنا: وهي كما قال، ولا يجوز ندبته إلا إن سمع من كلامهم، وما أظنك تجده انتهى.

قال ابن مالك: وربما حمل أمن اللبس على الاستغناء بالفتحة والألف عن الكسرة والياء، وذلك في قول امرأة لعمر بن أبي ربيعة: نظرت إلي كعثبى، فرأيته ملء العين، وأمنية المتمنى، فصحت: يا عمراه فقال عمر: يا لبيكاه، ولا دليل في هذا على (واغلامكاه) إذا لم يخف لبس، إذ ليس لبيك منادى ولا مندوبًا، وإنما هو جواب لنداء المرأة، وتأنيثه، فأشبع حركة الكاف، وأتى بعدها بهاء السكت، وقد استدل بهذه القصة، وقولها (يا عمراه)، ابن مالك على جواز لحاق الألف المنادى خاليًا من تعجب واستغاثة وندبة، وذكر أن غير سيبويه أجاز ذلك، ولا حجة فيه لأنه لا يجوز أن يكون قولها (يا عمراه) من المندوب المفقود حكمًا لتنزيله منزلة المفقود حقيقة، فيكون كقول الخنساء (واصخراه، واصخراه) وهو غائب عنها. وإذا ندبت مسمى بالمثنى فتحت النون فقلت: وازيداناه، وأجاز الكوفيون هذا، وأن يقال: وازيدانه، وتقول في (رقاش): وارقاشاه وأجاز الكوفيون: وارقاشيه، ولا يستغنى بالفتحة عن ألف فتقول: يا عمر بل يلحقها فتقول: واعمراه، والمجموع كالمثنى تقولك وازيداناه وعن الكوفيين أنهم يجعلون ذلك كالمضاف فيقولون: وازيديناه، واقنسريناه. وفي النهاية: لا يجيز الكوفيون ندبة جمع السلامة، لأن الألف عندهم بمنزلة المضاف إليه، والنون لا تحذف في الندبة فلذلك لم يجيزوه، وإذا عللنا بهذه العلة فإذا كانت النون معتقبة الإعراب، فينبغي أن يجوز الندبة على رأيهم فتقول: واقنسريناه، لأن (الياء) تلزم إذا كانت (النون) حرف إعراب، وإذا سميت (رجلا) بـ (هندات) قلت: (واهندتاه) بفتح التاء المجاورة ألف الندبة، وإن كانت هذه التاء لا تدخلها الفتحة انتهى.

وفي النهاية: أيضًا لا تجوز ندبة الموصول، وأجاز الكوفيون ذلك واحتجوا بقولهم: (وامن حفر بئر زمزماه)، ولا حجة فيه، لأنه بمنزلة (واعبد المطلباه) إذ كان ذلك شاع عند العرب، إنما شاع يعرف من قول النادب أنه عبد المطلب انتهى. وإذا اجتزأت بكسرة المضاف إلى ياء المتكلم عن الياء، وندبت وعطفت عليه مثله، وطرحت الألف من الأول، لم يجب رد الياء عند الجمهور فتقول: (واغلام وحسناه)، وأوجب الرد الفراء فتقولك (واغلامي وحسناه)، وتقول في ندبة مثنى: (وامثناه) بحذف التنوين والألف لألف الندبة، وعن الكوفيين قولان: أحدهما: أن الاجتزاء بألف المثنى عن ألف الندبة، وعنهم تحريك التنوين وحذف الألف فتقول: (وامثناه) وحكوا من كلام العرب ذلك.

باب أسماء لازمت النداء

باب أسماء لازمت النداء فلم يتصرف فيها بغير النداء من ابتداء، أو فاعلية، أو مفعولية، أو خبرية، وهذا الباب مسموع، ومقيس. المسموع: (يا أبت، ويا أمت، وهناه، واللهم) وتقدم الكلام عليها، و (فل)، و (فلة)، ومذهب الكوفيين أن أصلهما: فلان، وفلانة فرخما، ولا يجوز عند البصريين أن يكون أصلهما ذلك فرخما، وزعم الأستاذ أبو علي، وابن عصفور، وصاحب البسيط، وابن مالك أن قولهم (يا فل) كناية عن العلم كقولهم: (يا فلان)، وأنه لا يستعمل محذوفًا إلا في النداء، وهو لا يعزل عن كلام سيبويه: وذلك أن قولك (يا فل ويا فلة) ليسا كناية عن العلم، بل هما كناية عن قولك: يا رجل، ويا امرأة، فهما كناية عن نكرة من يعقل من جنس الإنسان، بمعنى: يا رجل ويا امرأة. و (فل) مما حذف منه حرف، وبنى على حرفين بمنزلة (دم)، وليس أصله (فلانًا)، إذ ليس يقول أحد: يا فلا أقبل، وإذا عنوا امرأة قالوا: (يا فلة) وهذا الاسم اختص بالنداء، وبنى على حرفين؛ لأنه موضع تخفيف، ولا يكون إلا كناية لمنادى نحو: يا هناه، ومعناه: يا رجل.

وأما (فلان) فكناية عن اسم سمي به المحدث عنه خاص غالب، وقد اضطر شاعر فبناه على حرفين في غير هذا الموضع. قال: في لجة أمسك فلانًا عن فل هذا ملخص كلام سيبويه في هذا الموضع، وكذلك لو سمى بـ (فل) المختص بالنداء، ثم صغر لقيل (فلى) تجعله من باب (دم)، لأن أصله (فلان)، فترد النون، إذ ليس المعنى المعنى، ولا المادة المادة، فحمل على الأكثر، وهو أن تكون لامه المحذوفة حرف علة. والمقيس ما بني على (مفعلان)، وعلى (فعل) وفعال نحو: يا ملأمان، ويا مكذبان، ويا مخبثان، ويا ملكعان، وأكثر ما يأتي في الذم، وقالوا: يا مطيبان ويا مكرمان، للعزيز المكرم حكاه سيبويه، والأخفش، فلا التفات لزعم (ابن السيد) أن (يا مكرمان) تصحيف يا مكذبان. وقد ذهب بعض أصحابنا إلى بناءه على مفعلان لا ينقاس، وسمع في الذم (يا لؤمان) ويا ملأم، ويا نومان، ولا ينقاس ما جاء على هذا الوزن، وقد استعمل (ملأم) صفة، قال النداب الحرمازي إن فقيما نجل فحل ملأم … أزب خوان قصير المنسم

وحكى أبو حاتم عن العرب: (هذا زيد ملأمان)، (وهذه هند ملأمانة)، غير مصروفين، وزعم أن ذلك صفة، وقال ابن عصفور: «هما علمان فامتنع (ملأمان) للتعريف، وزيادة الألف والنون، و (ملأمانة) للتعريف والتأنيث، فتبعيتهما على طريقة البدل»، وقال ابن الضائع: ينبغي أن يقال (يا ملأمان) مما اختص به في النداء عند أكثر العرب على ما روى أكثر الأئمة، ورواية من رواها في غير النداء لا ينافي ذلك. وقال الأخفش في الأوسط: فأما (مفعلان) نحو: يا مكرمان، وما بني على هذا البناء إذا جعلته للمرأة لحقت فيه الهاء نحو: مكرمانة ومخبثانة، وهذا يجعله معرفة تقول: هذا مكرمان مقبلا، هذه مكرمانة مقبلة انتهى. وقال الجرمي: يقولون: هذا مكرمان مقبلا، وملأمان ذاهبا، وملكعان قاعدًا، فيجعلونه معرفة، ولا يصرفونه، ويجرونه مجرى الأسماء، وكان أصله الوصف، وقال: لا نعلم أحدًا من العرب يقول: هذا رجل مكرمان يا فتى، كلهم يجعلونه اسمًا، ولا يجعله وصفًا، قال: ولا ينكر أن يجعله بعض العرب على أصله، فيجعله وصفًا ولكن لم أسمعه انتهى. وروى (ابن سيده): أنه يقال: رجل مكرمان، وملأمان، وامرأة ملأمانة فجاء ذلك تابعًا لنكرة، فإن كان يصح ذلك، فهو بدل معرفة من نكرة على ما زعموا من أن ذلك علم. وأقول: ما حكاه أبو حاتم، وابن سيده ليس بمشهور، وهو مخالف لما نقل الأئمة فيحتاج إلى تأويل، بأن يكون منادى مضمرًا فيه القول، والتقدير: هذا زيد مقول فيه، أو مدعو: يا ملأمان، وكذا في المؤنث، وكذا رجل مقول فيه أو مدعو: يا ملأمان، حذف القول، وحذف الحرف، فناسب الحرف الحذف كما ناسب في

قوله تعالى: «أكفرتم» حذف الفاء والقول، أي: فيقال أكفرتم. وإن كان حذف الحرف من النكرة المقصودة قليلاً، فقد جاء منه ألفاظ، قاس عليها الكوفيون، وأما (فعل) فسمع منه: يا لكع، يا (خبث)، يا (فسق)، وعن غادر. وأما (فعال) فنحو: يا فساق، ويا خباث، ويا فجار، مذهب سيبويه، والمبرد أنه ينقاس ذلك في (فعل وفعال)، ويظهر من كلام ابن مالك: أن يا (فعل) لا ينقاس، ولا نعلم خلافًا في اقتياس (فعال) فنقول: يا لآم، يا نجاس، يا قذار بمعنى لئيمة، ونجسة، وقذرة، وأما (حتى يلي الناس لكع بن لكع) وقوله: ... .... .... … شهادة بيدي ملحادة غدر فوصف كحطم، و (لبد) ألا ترى صرف (ابن لكع)، وجعل (غدر) صفة لنكرة، فعلى هذا لا يكونان من المختص بالنداء.

باب ترخيم المنادى

باب ترخيم المنادى الترخيم لغة التسهيل يقال: صوت رخيم أي لين سهل، واصطلاحا: يكون في باب التصغير، وتقدم تصغير الترخيم في بابه، وفي باب النداء، وهو المقصود هنا، وهو حذف آخر الاسم في النداء، ولا يرخم مندوب لحقته علامة الندبة، أو لم تلحقه نص على ذلك سيبويه، ولا مستغاث به جر، فإن لم يجر فقد سمع ترخيمه في قوله ... .... ... ... ... … أعام لك ابن صعصعة بن سعد وأجازه ابن خروف، وقال ابن الضائع: هذا ضرورة، وفيه نداؤه بغير ياء، وقد سمع ترخيمه مجرورًا باللام قال الشاعر: كلما نادى مناد منهم … يا لتيم الله قلنا يا لمال يريد يا لمالك، والمنادى إما أن يكون معربًا، أو مبنيًا، إن كان معربًا فلا يجوز ترخيمه خلافًا للكوفيين في إجازتهم ترخيم المضاف إليه المنادى بحذف آخر المضاف إليه، والمسموع من ذلك حذف التاء من العلم المضاف إليه المنادى نحو قوله:

خذوا حظكم يا آل عكرم واذكروا … ... ... ... ... وخرج سيبويه ما ورد من هذا النوع من الترخيم في غير النداء ضرورة، وحذف آخر المنادى المضاف نادر نحو قوله: يا علقم الخير قد طالت إقامتنا … ... ... .... ... ... ... وأندر منه حذف المضاف إليه بأسره يا عبد هل تذكرني ساعة … ... ... .... .... يريد: يا عبد عمرو، وعبد عمرو علم له، فإن كان مبنيًا فإما أن يكون مبنيًا بسبب النداء، أو بغير سبب النداء، إن كان مبنيًا بغير سبب النداء فلا يرخم نحو: حزام ورقاش. وفي النهاية: يجوز ترخيم (حزام)، وإن كان النداء لم يؤثر فيها البناء ظاهرًا، لكن حلت محل ما يبنى فيه مثلها، ويدل على ذلك قولهم: يا حزام الكريمة، برفع الصفة كما ترفعها في يا زينب الكريمة انتهى.

وإن كان مبنيًا بسبب النداء، فإن كان مما لازم النداء فلا يرخم نحو: ملأمان ومكرمان، فأما قولهم: يا ملأم فليس ترخيمًا، بل هو مبني على مفعل من اللؤم، وإن كان مما لم يلزم النداء، فإما أن يكون فيه تاء التأنيث، أو لا تكون فيه، فإن كانت فيه فإما أن يكون علمًا أو نكرة مقصودة، فإن كان علمًا جاز ترخيمه، سواء كان ثنائيًا نحو: هبة أو أزيد نحو: فاطمة فتقول: يا هب أقبل، ويا فاطم أقبلي، وزعم ابن عصفور أنه لا يجوز ترخيم: صلمعة بن قلمعة، لأنه كناية عن المجهول الذي لا يعرف، وإطلاق النحاة يخالفه، لأنه وإن كان كناية عن مجهول، فإنه علم (جنس) بدليل منعه الصرف للعلمية والتأنيث، فحكمه حكم (أسامة)، وإن كان نكرة مقصودة، فمذهب سيبويه جواز ترخيمها، ومنه قول العرب: ياشا ادني، يريد: يا شاة أقيمي لا تبرجي، وذهب المبرد إلى أنه لا يجوز ترخيمها ولا ترخم فلة، ولا النكرة غير المقصودة نحو قول الأعمى: يا امرأة، خذي بيدي، وإذا عوضت التاء من ياء الإضافة نحو: يا أبت، ثم ضممت التاء فقلت: يا أبة جاز ترخيمه فتقول على لغة (يا حار): يا أب، وعلى لغة يا حار: يا أب، لما كانت التاء على غير لفظ الياء جاز الترخيم، وصار شبيهًا بالمفرد المبني على الضم نحو: يا طلحة. وإذا رخمت ما فيه التاء من المحذوفة فاؤه اللازم ردها مما أصله السكون نحو: شية ودية على لغة من ينتظر الحرف قلت: ياشي، وعلى لغة من لا ينتظر قلت في مذهب سيبويه: يا وشي تبقى العين على حركتها، وفي مذهب

الأخفش والمبرد يا وشي تردها إلى أصلها من السكون، وإن لم يكن فيه هاء التأنيث، فإما أن يكون نكرة مقصودة أو علمًا، إن كان نكرة مقصودة لم يجز ترخيمه خصوصًا إن كان ثنائيًا أو ثلاثيًا. وأجاز بعض النحويين ترخيم ما زاد على ثلاثة، فأجاز في غضنفر: يا غضنف؛ فإن كان علمًا فت (إما) أن يكون مركبًا تركيب المزج، أو تركيب الجملة، إن كان مركبًا تركيب الجملة، فـ (نص) سيبويه على أنه لا يجوز ترخيمه، وزعم ابن مالك أن سيبويه أجاز ترخيم الجملة، وكرر ذلك في تصانيفه، وهو غلط منه، وسوء فهم على سيبويه. وإن كان مركبًا تركيب المزج نحو: معد يكرب، فالذي يقتضيه القياس أنه لا يجوز ترخيمه، لأنه جرى مجرى المضاف، والمضاف إليه، فالبصريون منعوا ترخيمه، ودعوى الكوفيين في جواز ترخيمه عام، والمسموع خاص، وقد تقدم الكلام في ذلك. وإن بني على الفتح، فهو بناء لا بسبب النداء، فلا ينبغي أن يرخم، وإن أعرب إعراب ما لا ينصرف، فكان بناؤه بسبب النداء، فالمنقول عن العرب أنها لم ترخمه البتة وإنما رخمه النحويون بالقياس، ولذلك اختلفوا في مسائل منه، وفي كيفية الترخيم بالمركب من العدد إذا سمي به أجاز البصريون ترخيمه، ومنع

منه الفراء. والمركب الذي آخره (ويه) أجاز البصريون ترخيمه [ومنع منه أكثر الكوفيين، وأجمع البصريون على جواز ترخيمه] بحذف الثاني فتقول: يا حضر، ويا خمسة، ويا سيب إن كان على لغة من ينتظر، وأما على لغة من لا ينتظر فتقول: يا حضر، ويا خمس، ويا سيب. وذهب الفراء فيما آخره (ويه) أنه لا يحذف إلا الهاء خاصة فتقول: يا سيبوا ويا عمروا، وذهب ابن كيسان إلى أنه لا يجوز حذف الثاني، بل إن حذفت الحرف والحرفين فقلت: يا بعلب أقبل، ويا حضرم، لم أر به بأسًا، وإذا وقفت على المركب المرخم فقال الأخفش: برد المحذوف، لأنه محكوم له بحكم تاء التأنيث، كما ترد الهاء في يا طلح إذا وقفت فتقول: يا طلحه، وهي عنده هاء التأنيث لا هاء السكت. فلو كان المرخم المركب آخره تاء التأنيث، وحذفت الثاني، وقفت بالتاء فقلت: يا خمسة وقيل تقف بالهاء فتقول: يا خمسه، وإن كان اثنا عشر، أو اثنتا عشرة مسمى بهما ورخمتهما حذفت الألف مع العجز. وشرط ما عرى من تاء التأنيث في جواز ترخيمه علميته، وهو إما أن يكون ثلاثيا أو أزيد، فإن كان ثلاثيًا، فإما أن يكون ساكن الوسط أو متحركه، إن كان ساكن الوسط نحو: بكر، وهند، فالمشهور أنه لا يجوز ترخيمه وأجاز ذلك

الأخفش، وبعض الكوفيين، ووهم ابن عصفور في قوله: إنه لا يجوز ترخيمه قولا واحدًا، والخلاف فيه نقله ابن هشام، وأبو البقاء العكبري، وصاحب النهاية، وابن الخشاب (عن هشام). وإن كان متحرك الوسط، فالمشهور أنه لا يجوز ترخيمه، وأجاز ذلك الكوفيون، والأخفش، وعن الكسائي أيضًا أنه لا يجو ترخيمه، وإن كان زائدًا على ثلاثة، فإما أن يكون كناية، أو غير كناية، إن كان كناية جاز ترخيمه قالوا في فلان: يا فلا، ومنع الجرمي ترخيم طامر بن طامر، وإن كان علما عند الفارسي. وإن كان غير كناية، فإما أن يكون ما قبل آخره حرف صحيح أو حرف علة، إن كان حرفًا صحيحًا، فإما أن يكون ساكنًا أو متحركًا، إن كان ساكنًا نحو: هرقل، وقمطر رخم بحذف آخر فتقول: يا هرق ويا هرق، وزعم الفراء أنه يحذف مع الآخر الساكن فتقول: يا هر، وإن كان غير ساكن رخم بحذف آخره نحو: شمردل، وجرشع، وجندب. فلو سميت بـ (سفيرج) تصغير (سفرجل)، فقال الأخفش في ترخيمه:

يا سفيرل برد اللام وقال المبرد: يا سفير بحذف الجيم، ولا يرد اللام، وإن كان حرف علة، فإما أن يكون متحركًا، أو ساكنًا إن كان متحركًا حذف بترخيم آخره فقط نحو: هبيخ، وقنور، ومسرول، وحولايا، وبردرايا. وذهب الكوفيون في مثل (بردرايا) مما آخره ثلاث زوائد إلى حذف الثلاثة في الترخيم، وقياس قولهم حذفهم الثلاثة في ترخيم (رغبوتي، ورهبوتي)، وإن كان ساكنًا، فإما أن يكون قبله حرفان أو أزيد، إن كان قبله حرفان، وحرف العلة ليس حرف مد رخم بحذف آخره نحو: جرول وعثير، وإن كان حرف مد نحو: ثمود وعماد، وسعيد، فمذهب البصريين أنه يرخم بحذف آخره فقط واختلف النقل عن الفراء، فنقل ابن مالك أنه بحذف الأخير، وحرف اللين من ثلاثتها، ونقل غيره عن الفراء أنه في ثمود بحذف الأخير، وحرف المد وفي نحو: سعيد وعماد بحذف الأخير فقط، وذكر ابن كيسان أن من النحويين من يقول في ترخيم (سعيد): ياسع بحذف الأخير والياء. وإن كان ما قبل حرف العلة أزيد من حرفين، فإما أن يكون حرف (مد) أو (لا) إن كان حرف مد نحو: منصور، وشملال، وقنديل، فترخيمه بحذف آخره مع حرف المد فتقول: يا منص، ويا شمل، ويا قند إلا إن كان حرف المد منقلبًا عن أصل نحو: مختار، ومنقاد، فترخيمه بحذف آخره فقط.

ونقل الزعفراني عن الأخفش: أنه يجريه مجرى (عماد)، فيحذف آخره وحرف المد، وأجاز الجرمي أن تقول في ترخيم (منقاد): يا منق بحذف الألف والدال، وإن كان غير حرف مد نحو: فردوس، وغرنيق، فترخيمه بحذف آخره فقط. وذهب الفراء، والجرمي إلى ترخيمه بحذف آخره، والواو والياء وإجرائه مجرى منصور، وقنديل، وشملال، وذكر الجرمي أن هذا مذهب أكثر النحويين، وإن كان في آخر الاسم زيادتان زيدتا معًا، فإما أن يكون أولاهما متحركة، أو ساكنة إن كانت متحركة نحو: عفرني، فالمشهور أنه لا يرخم إلا بحذف الأخير فقط فتقول: يا عفرن، وإن كانت ساكنة، وذلك ألفا التأنيث نحو حمراء والألف والنون نحو: سكران، وندمان، وعثمان، وسرحان، وعلامة التثنية نحو: زيدان، وعلامة الجمعين نحو: زيدون، وهندات، وياء النسب نحو: طائفي، والواو والتاء نحو: ملكوت، حذفت الزيادتان معًا إلا إن كان بحذفهما يبقى الاسم على حرفين فلا تحذف إلا الزيادة الأخيرة فقط وذلك نحو: يدان وبنون مسمى بهما تقول يا بنو، ويا بني، ويا يدا، وقيل في (يدان) بحذفهما معًا فتقول: يا يد، وفي النهاية: لو سميت بيدين وبدمين قلت: يا يدًا، أو يا دما، ويقتصر على حذف

النون، ومن رأى أنك تقول في ترخيم غدي ويدي مسمى بهما يا يد، ويا غد وهو السيرافي قال ههنا يا يد، ويا دم، ويا يد، ويا دم انتهى. وزعم بعض النحويين أن ما آخره حرف مدغم في لام الكلمة زائد نحو: قرشب ترخمه بحذف المدغم تقول: يا قرش نزلا منزلة ما زيدا معا، ومنع الكوفيون من ترخيم ما سمى به من مثنى ومجموع على حده، ومذهب البصريين جواز ترخيمه كما سبق سواء أجعل الإعراب في الآخر أم أعرب بحرفين.

فصل

فصل الترخيم على لغتين لغة من ينتظر الحرف، ولغة من لا ينتظر، ويقال: لغة من نوى المحذوف، ولغة من لا ينوى، ويقال: لغة يا حار، ولغة يا حار، والأعرف الأكثر تقدير ثبوت المحذوف، والمحذوف منه مراد، ولذلك إذا وصفته رفعت الصفة فقلت: يا حار الظريف، وقد منع قوم منهم الفراء، والسيرافي، واستقبحه ابن السراج وصف المرخم، ومذهب سيبويه والجمهور الجواز، والترخيم فيما كان آخره هاء، أو كان مالكًا وحارثًا وعامرًا أكثر من الترخيم فيها، ودعوى الكسائي، والفراء أنهما لم يسمعا الترخيم فيما ليس في آخره زيادة من أسماء الناس إلا في هذه الثلاثة، غير صحيحة، بل رخمت العرب خالدًا ويزيد ولميس، ومذهب البصريين جواز ترخيم الأسماء على لغة من نوى، فيبقى على حركته أو سكونه نحو: يا جعف ويا هرق، وخالف الكوفيون فيما آخره بعد ساكن، فلم يرخموه إلا على لغة من لا ينوى يقولون: يا هرق وتقدم نقلنا عن الفراء، أنه يحذف الأخير والساكن قبله فيقول: يا هر. والذي آخره مدغم إما أن يكون للحرف المدغم أصل في السكون، أو لا أصل له، فإن كان له أصل نحو: محمر، ومجد فترخيمه بحذف آخره تقول: يا محمر ويا مجد، إذ الأصل: محمرر ومجدد، وإن لم يكن له أصل في السكون نحو: خدب، وهجف، فترخيمه بحذف آخره، فيبقى ما قبله ساكنًا هذا ما لم يكن قبل المدغم حرف مد، فإن كان حرف مد، فإما أن يكون له حركة في الأصل

أو لا، إن كانت له حركة في الأصل نحو: راد، ومضار، وثمود مسمى به، و (تميد) لغة في (تماد)، ومديق، وأصيم، فتقول: يا راد، ويا مضار اسم فاعل ويا مضار إن كان اسم مفعول، ويا ثمود، ويا تميد، ويا مديق ويا أصيم، لأن الأصل: رادد، ومضارر، ومضارر، وثمودد، وتميدد، ومديقق، وأصيمم. وإن لم يكن له أصل في الحركة فإما أن يكون له تصرف يتحرك فيه أو لا، إن كان له نحو: محمار قلت فيه: يا محمار، لأنهم قالوا في تفكيك فعله على لغة: لم يحمارر، وإن لم يكن له تصرف نحو: أسحار وهو نبت، وغيره، فإذا سمي به ثم رخم، فمذهب سيبويه أنك تحذف الراء الأخيرة، وتحرك الساكنة بالفتح فتقول: يا أسحار. واختلفوا عن سيبويه هل هذا على سبيل التحتم دون تجويز الكسر، وهو قول السيرافي، وجماعة عن سيبويه، أو على سبيل الاختيار، وتجويز الكسر، وهو قول الأستاذ أبي علي، واختلف النقل عن الفراء، فنقل ابن عصفور الكسر في (الراء) على أصل التقاء الساكنين، وهو قول الزجاج، ونقل صاحب (رءوس المسائل): أنه يسقط كل ساكن يبقى بعد الأخير، حتى ينتهي إلى متحرك، فـ (على) هذا تقول: يا أسخ. وفي النهاية: إذا تكرر الأصل الواحد، وليس لأولهما أصل في الحركة نحو: معد وجبن وبلز، وطرطب وسمى به، ورخم بقى الساكن على سكونه، وبين

العلماء خلاف في (معد)، وفي (مسود) فمن يقول: الزائد الأول، حذف الآخر لتطرفه ثم يحذف الذي قبله، لأنه حرف صحيح لفظه لفظ الآخر المحكوم له بأصالته، ومن قال: الزائد: الثاني حذفه، وأبقى ما قبله، وهذه المسألة ذكرها سيبويه في (محمر)، و (مسود) انتهى. وفي ترخيم قاضون، ومصطفون خلاف، فذهب الأكثرون إلى رد المحذوف فتقول: يا قاضي، ويا مصطفى، وذهب قوم إلى أنك تقول: يا قاض، ويا مصطف، ويتعين التخريم على لغة من ينتظر الحرف في الصفات التي التاء فيها فارقة بين المذكر والمؤنث كذاهبة وعاذلة فتقول: يا عاذل أقبلي، ولو سمي به مذكر جاز الترخيم على اللغتين فلا يعتبر اللبس في الأعلام، فإذا رخمت (عمرة) جاز ذلك على اللغتين، وإن كان يلتبس يا عمر بنداء من اسمه عمرو، وكلام ابن مالك يدل على اعتبار اللبس في العلم، ولو كانت التاء ليست للفرق نحو: ربعة جاز الترخيم على اللغتين، وذكر ابن أصبغ أن مذهب سيبويه أنه لا ترخم الصفات الشائعة المؤنثة بالهاء على تقدير من لم يراع المحذوف من غير اعتبار لبس البتة قال: وأجاز الفراء: ترخيمه على لغة من لم يراع المحذوف، إذا كان مما لا يلتبس به المذكر بالمؤنث. واختلف النحويون إذا كان يلزم تقديم حذف تمامه عدم النظير هل يجوز ذلك أم لا، فذهب الأخفش، وكثير من النحويين إلى أنه يشترط أن يكون الباقي من الكلمة الصحيحة، أو المعتلة بعد الإعلال له نظير من الكلم التامة، وذهب السيرافي

وغيره إلى أنه لا يشترط ذلك فعلى المذهب الأول لا يجوز على تلك اللغة ترخيم (عرقوة) ولا (حذرية)، ولا (طيلسان)، ولا (حبلوى) ولا (حمراوى)، لصيرورة ذلك إلى فعلو وفعلى، و (فيعل) في الصحيح، وصيرورة ألف (فعلى) مبدلة من واو، وهمزة فعلاء مبدلة من واو، وهي لا تكون إلا مبدلة من ألف. ونقل الخلاف عن الكوفيين في ترخيم نحو: (خطايا) و (زوايا)، فمنع الكسائي من ترخيمه على لغة من لا يراع المحذوف، وأجازه الفراء، وتقول على لغة من لا ينتظر المحذوف: يا جعف، ويا هرق، ويا (حار) فتظهر الضمة لصحة الحرف ويا ناجي تقدر الضمة لاعتلال الحرف، فإن وصفت المبني على الضمة الظاهرة بت (ابن)، واتبعت الحركة لـ (ابن) فتحت فقلت: يا حار بن عمر تريد: يا حار بن عمر، وتقول في (ثمود): يا ثمى، وفي (علاوة وسقاية وطفاوة): يا علاء، ويا سقاء، ويا طفاء وفي قطوان: يا قطا، وفي شاة: يا شاه، وفي (غاوي): يا غاو، ولا تبدلها همزة، وفي سوة إذا نقلت: يا سو، وفي سفيرج علما: يا سفيرل على مذهب الأخفش ترد اللام المحذوفة لأجل التصغير وجوبًا وكذا كل خماسي مرخم سمي به، وذهب الأكثرون إلى أنه لا يرد المحذوف، ولو سميت بـ (سفرجل) على هذه اللغة قلت: يا سفرج، ومنع من ذلك سعيد بن المبارك بن الدهان، ومذهب السيرافي في جواز ذلك على ما تقدم، ومنع ترخيم (طيلسان) تقدم أنه قول الأخفش، وكذا عنده، وعند المازني، والمبرد ترخيم (حبلوى) على هذه اللغة، وفرق بعض أصحابنا، فأجاز ذلك في سفرجل وشبهه ومنعه في حبلوى و (طيلسان).

وفي البديع: أما ترخيم (سعود) علما فلا يصح عند سيبويه على الضرب الثاني، وكذا سفرجل علمًا، و (قذعمل)، و (هندلع) عند سيبويه، وإن كان في الكلمة اعتلال مخالف للقياس أقر على حاله تقول في (حيوة): يا حيو، وفي استحواذ واستحوذ: يااستحو، ويا استحو، وفي ترخيم (القود): ياقو، وتقول في قاضية: يا قاضي، فلو رخمت يا قاضي المرخم من قاضية، ففي البسيط: الظاهر التزام لغة: يا حار كما قال أنك يا معاو يا ابن الأفضل وإذا كان الاسم ثنائيًا ذا لين، فإن علم له ثالث رد، فتقول في ترخيم (ذات) يا ذوا، وفي ترخيم (شاة): يا شاه، وإن جهل له ثالث ضعف نحو: لات تقولك يالاء، وإذا رخمت ما فيه التاء من الأعلام نحو: طلحة، وعائشة جاز على اللغتين فتقول: يا طلح ويا طلح، ومن لم يرخم بناه على الضم كالأسماء المفردة غيره، ومنهم من فتح التاء فقال يا طلحة، قال: كليني لهم يا أميمة ناصب … ... ... .... ... ... وللنحاة كلام كثير في هذه الفتحة، وهل هو مرخم أو غير مرخم، فذهب بعضهم إلى أنه نصب المنادى على أصله ولم ينونه، لأنه غير منصرف، وهذا الذي اخترناه، وذهب بعضهم إلى أنه بناه على الفتح، لأنها حركة تشاكل حركة إعرابه لو أعرب جرى مجرى: لا رجل في الدار، وأنشد هذا القائل

يا ريح من نحو الشمال هبي فالفتح، وذهب الأكثرون إلى أنه أقحم التاء مفتوحة، ولأبي علي قولان: أحدهما: أن التاء زيدت وحركت اتباعًا بالفتح لحركة الحاء يعني في طلحة، لأن الحاء حشو الكلمة، وحركتها لازمة، فاتبع حركة الآخر حركة الأول، وهو عكس يا زيد بن عمرو. والثاني: أنهم زادوا التاء بين الحاء وفتحها فالفتحة التي في التاء هي فتحة الحاء، ثم فتحت الحاء اتباعًا لحركة التاء، ولا تجرى الألف الممدودة للتأنيث مجرى التاء فتفتح فتقول: يا عفرا كما قلت: يا سلمة، وقد أجاز ذلك قوم، وليس بمسموع. وإذا وقفت على المرخم بحذف التاء ألحقته هاء ساكنة، وهل هي التاء التي كانت حذفت أم هاء سكت فيه خلاف، ويجوز على قلة أن تقف بغير هاء، حكى سيبويه: يا حرمل يريد: يا حرمله، ومنه قولهم: (سطى مجر طرطب عجر) يريد يا مجره، وظاهر كلام سيبويه جواز أن لا تلحق هذه الهاء إذا وقفت على المرخم بحذف التاء، وقال ابن عصفور: لا يقاس على ما سمع من ذلك.

فأما قول الشاعر: قفي قبل التفرق يا ضباعا … ... ... .... ... ... فقالوا هذه الألف عوض من الهاء المحذوفة في الوقف، والمرخم بحذف التاء يجوز أن يرخم ثانيًا بحذف ما يلي التاء، هذا مذهب سيبويه ومنع ذلك عامة النحويين، وأجاز سيبويه ذلك على لغة من لم يراع المحذوف إذا بقى بعد الترخيم الثاني على ثلاثة أحرف، وبمذهب سيبويه ورد السماع قال: أحار بن بدر وليت ولاية … ... ... .... ... وقال آخر: يا أرط إنك فاعل ما قلته … ... ... .... ... يريد: يا حارثة بن بدر، ويا أرطاة بن سهية، رخم أولا بحذف التاء على لغة من لم ينو، ثم ثانيًا بحذف التاء والألف على لغة من نوى، وجعل سيبويه من ذلك قول الشاعر: أنك يا معاو يا ابن الأفضل حذف التاء ثم ثانيا الياء، وحكى ابن كيسان: أن بعض المنشدين له من العرب ينشد يا معاو، فيقطع الكلمة في النداء على الواو ثم يقول: يا بن الأفضل، وذهب

ابن الطراوة إلى أن أصله يا معاوى منسوبًا حذف ياءي النسب، فبقى، يا معاو، والممدوح هو يزيد بن معاوية لا معاوية. ولو ذهب ذاهب إلى أن المؤنث بالتاء يجوز في ترخيمه وجهان: أحدهما: حذف التاء وهو الكثير والأقل حذفها بما قبلها كالحذف من منصور، لكان قولاً، وتقدير أن الشاعر في البيت الواحد نوى الترخيم أولاً ثم نوى الترخيم ثانيًا في الكلمة الواحدة حالة النطق، يحتاج إلى وحي يسفر عن هذا التقدير. ولما كان الترخيم في النداء على وجهين كان الترخيم في غير النداء ضرورة على ذينك الوجهين، وشرط فيه أن يكون مما يصلح للنداء فلا يكون (بأل)، ولا في مضاف فمثل قواطنًا مكة من ورق الحمى و: عفت المنا بمتالع فأبان … ... ... .... ....

و: ... .... ... .... .... … مقدم بسبا الكتان ملثوم يريد الحمام في أحد التخريجين، وعفت المنازل وبسبائب ليس بترخيم، وشذ ترخيم ما فيه (أل) للضرورة نحو قوله: ... .... ... .... … وأخلت لخيمات العذيب ظلالها يريد: العذيبة، فرخم وفيه (أل)، ومثال ما رخم على تقدير التمام قوله: ... .... ... .... .... … طريف بن مال ليلة الجوع والخصر يريد: طريف بن مالك، ومثال ما رخم على تقدير مراعاة المحذوف قوله: إن ابن حارث إن اشتق لرؤيته … ... ... .... ... ...

يريد ابن حارثة، وزعم المبرد أن ذلك لا يجوز على تقدير مراعاة المحذوف، وهو محجوج بالسماع، وزعم بعض النحويين أنه إذا رخم في غير النداء عوض من المحذوف، وأنشد ولضفادى جمه نقانق ولا يشترط في ترخيم غير المنادى ضرورة علمية، ولا هاء تأنيث ألا تراهم قالوا: ليس حي على المنون بخال … ... ... ... ...

يريد: بخالد، ولا يرخم في غير ضرورة منادى عارٍ من الشروط إلا ما شذ من قولهم: يا صاح، ولم يسمع ترخيمه إلا على لغة مراعاة المحذوف، ولم يسمع يكاد إلا مرخمًا: وحتى حذفوا منه حرف النداء، ومذهب ابن جني، وابن خروف أن أصله: يا صاحبي ثم قالوا فيه على أحد اللغات: يا صاحب ثم رخموه، ومذهب الأستاذ أبي علي أنه نكرة مقبل عليها ومما شذ قوله: أطرق كرا وفيه قولان: المشهور أنه ترخيم كروان على لغة: يا حار، فشذوذ من كونه نكرة مقبل عليها، ومن حذف حرف النداء. والقول الثاني: أنه لا ترخيم فيه، وأن (الكرا) ذكر الكروان، وهذا قول للمبرد، وشذوذه حذف حرف النداء منه. (مسائل) من الترخيم (غاوة) اسم موضع تقول في ترخيمه: يا غاو، ويا غاو، ولا تهمز، لأن ألفه عين الفعل وكذلك آية، وغاية بخلاف طفاوة تقول: يا طفاو، ويا طفاء فتهمز، ولو سميت بمسئول على لغة تميم ورخمت قلت: يا مسئو وزنه مفع، وفي لغة الحجاز بحذف الهمزة فتقول: يا مس بحذف الواو واللام؛ لأن الهمزة المخففة في نية الثبوت، فقد بقى بعد الحذف ثلاثة أحرف [ولو] سميت (يبعد) فلا يجوز ترخيمه، وإن كان أصله بوعد بخلاف (يسل) مسمى به، فإنه يجوز ترخيمه، والفرق أن يسل مستعمل أصله في لغة تميم، ويعد لم يستعمل أصله في لغة (ما)، ولو قيل: إن يسل لا يجوز ترخيمه على لغة الحجاز لم يبعد، لأن التخفيف في لغتهم لازم ولو سميت (بأرى) وأخواته فلا يجوز ترخيمه، لأن العرب مجمعون على التخفيف إلا في الشعر ولو سميت بيقوم ورخمت قلت: يا يقو، ويا يقى.

باب الاختصاص

باب الاختصاص الباعث على الاختصاص فخر، أو تواضع، أو زيادة بيان، وهو اسم ظاهر بعد ضمير متكلم يخصه، أو يشاركه فيه. وذلك الاسم: أيها موصوفة باسم جنس لا باسم إشارة، ولا بحرف في النداء، ولا خلاف في متبوعها أنه مرفوع، ومثال ذلك: بي أيها الفارس يستجار، واللهم اغفر لنا أيتها العصابة و (أي) هذه مبنية على الضم كحالها في النداء، وليست منادى، وزعم السيرافي أنها في الاختصاص معربة، فتحتلم عنده أن تكون خبر مبتدأ كأنه قال بعد قولك أنا أفعل ذلك هو أيها الرجل، أي المخصوص به، ويحتمل عنده أن يكون مبتدأ تقديره: أيها الرجل المخصوص أنا المذكور، وذهب الأخفش أنه منادى، قال ولا ينكر أن ينادى الإنسان نفسه، ألا ترى إلى قول عمر رضي الله تعالى عنه: «كل الناس أفقه منك يا عمر» انتهى. وموضع (أيها) نصب على الاختصاص عند الجمهور، ولا يكون ذلك في ضمير الغائب لا يجوز: اللهم اغفر لهم أيتها العصابة، قاله المبرد، وغيره. فأما ما وقع في الكتاب (على المضارب الوضعية أيها البائع) ففي كتاب الصفار للبطليوسي: أن هذا فساد وقع في الكتاب، ورده أبو سعيد، والصواب: على الوضعية أيها الرجل، وقد روى هكذا، وقال الفارسي: لا علم لي بوجه ذلك،

وقد أول بأنه وضع الظاهر موضع المضمر، ويكون المعنى (على الوضعية أيها البائع)، أو يكون التقدير: على المضارب الذي هو أنا، وأنت الوضعية أيها البائع. ومن ذلك أسماء نصبت على الاختصاص، ولا يدخل عليها، ولا على (أي) في الاختصاص حرف النداء، ولا يزاد على الاسم الذي بعد (أيها) لا يقال: (أما أنا فأفعل أيها الرجل الكريم) وهكذا ما يتعلق به من أحكام النداء، وموضع المخصوص هنا نصب على الحال، والناصب فعل قدره سيبويه أعني، وقال أبو عمرك والعرب تنصب في الاختصاص أربعة أسماء، ولا تنصب غيرها، والأربعة: بنو فلان و (أهل)، و (آل)، و (معشر) انتهى. وهذه مضافة، وبالألف واللام نحو: نحن العرب أقرى الناس للضيف، وقد جاء علمًا قال بنا تميما يكشف الضباب وقد يلي هذا المنصوب ضمير مخاطب نحو: بك الله نرجو الفضل وسبحانك الله العظيم، نصبوه على بك أقصد الله، وبعد سبحانك على أذكرن أو أسبح، وفي جواز البدل من كاف الخطاب (فيجر) خلاف المشهور المنع، ولا يدخل في هذا الباب نكرة، ولا اسم إشارة لا يجوز: أنا قومًا نصنع كذا، ولا إني هذا أفعل. قال سيبويه: «ولا يجوز أن تذكر إلا اسمًا معروفًا، وقال: أكثر الأسماء دخولاً في هذا الباب بنو فلان ومعشر مضافة، وأهل البيت، وآل فلان» انتهى.

قال الشاعر: إني بني منقر قوم ذوو حسب … ... ... .... ... ... ... وقال: نحن بنات طارق … نمشي على النمارق وقال (الكامل) لنا معشر الأنصار مجد مؤثل … ... ... .... ... ... والمنصوب على الاختصاص لا يجوز أن يتقدم على الضمير إنما يكون بعد الضمير حشوًا بينه وبين ما نسب إليه أو أخيرًا.

باب التحذير والإغراء

باب التحذير والإغراء تقدم الكلام فيه في باب المفعول به، فصل فيما يعمل الفعل أو المشبه، وذلك المصدر، واسم الفاعل، والمثال، واسم المفعول، واسم الفعل، وأفعل التفضيل، والصفة المشبهة.

باب المصدر

باب المصدر هو قسمان: بدل من الفعل نائب منابه، ومنحل لحرف مصدري، والفعل والبدل من الفعل لا يظهر معه الفعل وفيه ثلاثة مذاهب: أحدها: لا ينقاس، ونسبه أكثر المتأخرين إلى سيبويه، وأنه يقصره على السماع. والثاني: أنه ينقاس في الأمر، والدعاء، والاستفهام بتوبيخ وغير توبيخ، وفي التوبيخ بغير استفهام، وفي الخبر المقصود به الإنشاء، أو الوعد وهو اختيار ابن مالك في الشرح مثال الأمر: ... .... ... .... … فندلاً زريق المال ... ... ..... والدعاء: يا قابل التوب غفرانًا مآثم قد … ... ... .... ...

والاستفهام: أعلاقة أم الوليد … ... ... .... ... ..... والتوبيخ بغير استفهام: وفاقًا بني الأهواء والغي والونى … ... ... .... ... والإنشاء: حمدًا الله ذا الجلال وشكرًا … ... ... ... ... والوعد: قالت نعم وبلوغًا بغية ومنى … ... ... .... ... ..... المذهب الثالث: أنه ينقاس في الأمر والاستفهام فقط، وبه قال بعض أصحابنا وحكاه ابن مالك في باب ظن عن الأخفش والفراء، وقال ابن مالك في المذهب الثاني الذي اختاره، ومثل بالمثل التي مثلنا بها، قال: فهذه الأنواع عند الأخفش والفراء مطردة صالحة للقياس على ما سمع منها انتهى. وهذه المصادر منصوبة بأفعال منها واجبة الإضمار، وفي الإفصاح: أن قولك:

ضربًا زيدًا الناصب له عند سيبويه فعل من غير لفظ المصدر: تقديره التزم ضربًا زيدًا، فهو منصوب على أنه مفعول بفعل مضمر ملتزم إضماره، وغير سيبويه يرى أنه منصوب باضرب مضمرة انتهى. واختلف في العامل في المعمول، فذهب سيبويه، والأخفش، والفراء، والزجاج، والفارسي إلى أن العامل في المعمول، والناصب له هو المصدر نفسه، وذهب المبرد، والسيرافي وجماعة إلى أن النصب في المعمول هو بذلك الفعل المضمر الناصب للمصدر، وانبنى على هذا الاختلاف، الاختلاف في جواز تقديم هذا المعمول على المصدر، فمن رأى أنه منصوب بـ (اضرب) المضمرة، أجاز التقديم فتقول: زيدًا ضربًا، وبه قال المبرد، وابن السراج، وعبد الدايم القيرواني، وقد تأول ذلك على سيبويه، ومن جعل العمل للمصدر، اختلفوا هل يجوز التقديم، فنقل ابن أصبغ عن الأخفش جواز ذلك، ونقل غيره عن الأخفش المنع، والأحوط أن لا يقدم على التقديم إلا بسماع، ومن جعل ضربًا زيدًا منصوبًا بالتزم مضمرة فـ (ضربًا) ينحل لحرف مصدري والفعل فلا يجوز تقديم معموله عليه، ومن جعل العمل في المفعول للمصدر، اختلفوا في تحمل المصدر ضميرًا أو لا يتحمل، وقال ابن مالك: والأصح مساواة هذا المصدر اسم الفاعل في تحمل الضمير، وجواز تقديم المنصوب به، والمجرور بحرف يتعلق به انتهى. وقد جاء المصدر عاملاً، وهو خبر صرف قال: وقوفًا بها صحبى على مطيهم … ... ... .... ...

وجاء نوع من هذا المصدر النائب عن الفعل (مصغرًا)، وهو رويدًا في أحد استعمالاته، وتجوز إضافته إلى الفاعل فتقول: رويد زيد عمرا، وإلى المفعول، رويد زيد، واختلفوا في النصب به، فذهب المبرد إلى أنه لا يجوز كما قال في ضربًا زيدًا. وذهب غيره إلى الجواز، وإلى جواز تقديم معموله فتقول: زيدًا رويدًا، والمصدر المنحل لحرف مصدري والفعل، فقدر بعضهم الحرف (أن)، وزاد بعضهم (ما)، و (أن) توصل بالماضي والمستقبل، و (ما) توصل بالماضي، وبالحال. قال ابن فاخر: إذا أعملنا المصدر، وهو حال قدرناه بما والفعل، لأن (ما) المصدرية ليست للمصدر انتهى. وقدره سيبويه بـ (أن) الناصبة لضمير الشأن فيقدر في الماضي أنه ضرب، وفي قسيميه أنه يضرب، ويضرب يصلح للحال والاستقبال. وزعم ابن مالك أن التقدير بالحرف ليس شرطًا في العمل، وقال لكن الغالب أن يكون كذلك، وقد رددنا عليه في الشرح، ولما كان هذا المصدر ينحل لحرف مصدري والفعل لم يجز أن يتقدم شيء من معمولاته عليه، وحكى ابن السراج: جواز تقديم مفعوله عليه نحو: يعجبني عمرا ضرب زيد، والجمهور على منع ذلك، ولا يتقدر عمله بزمان، بل يعمل ماضيًا وحالاً ومستقبلاً، وحكى عن ابن أبي العافية أنه لا يعمل ماضيًا، ولعله لا يصح عنه ولعمله شروط:

أحدها: أن يكون مظهرًا، فلو أضمر لم يعمل، وأجاز الكوفيون إعماله مضمرًا وأجازوا: مروري بزيد حسن، وهو بعمرو قبيح، فـ (بعمرو) عندهم متعلق بـ (هو)، ولا يوجد في كلام العرب: يعجبني ضرب زيد عمرا، وهو بكرا، وأجاز الفارسي فيما حكى عنه عاصم بن أيوب، وابن ملكون، وابن جني فيما حكى عنه ابن هشام، وابن مالك: جواز إعماله مضمرًا في المجرور، لا في المفعول الصريح، وقياس قولهما: يقتضي جواز إعماله في الظرف، وقد أجازه جماعة. الشرط الثاني: أن يكون مفردًا، فإن ثنى لم يجز إعماله لا يجوز: عجبت من ضربيك زيدًا، وإن كان مجموعًا جمع تكسير، فأجاز قوم إعماله، وهو اختيار ابن هشام اللخمي، وابن عصفور، وابن مالك وسمع من كلامهم: «تركته بملاحس البقر أولادها» و: ... .... ... … مواعيد عرقوب أخاه بيثرب

وذهب قوم إلى أنه لا يجوز إعماله مجموعًا وهو مذهب أبي الحسن بن سيده، وإياه أختار، ويؤول، ما ورد مما يقتضي ظاهره أنه يعمل مجموعًا، وفي البسيط: قد يكون مجموعًا عاملاً في التمييز نحو: عجبت من تصبباتك عرقًا. الشرط الثالث: أن يكون مكبرًا، فلا يجوز أن تقول: عجبت من ضربيك زيدًا. الشرط الرابع: أن لا يكون محدودًا فلا يجوز: عجبت من ضربتك زيدًا. الشرط الخامس: أن لا يتبع بتابع قبل أخذه متعلقاته، فلا يجوز: عجبت من ضربك، الشديد زيدًا، ولا من شربك وأكلك الماء، ولا من ضربك نفسه زيدًا، ولا من إتيانك مشيك زيدًا، فلو أخرت هذه التوابع بعد أخذ المصدر متعلقاته جاز، وما جاء من إعماله متبوعًا بتابع قبل أخذه متعلقاته فشاذ لا يقاس عليه. وهذا المصدر كفعله في التعدي واللزوم، وهو يكون مضافًا، ومنونًا، وبـ (بأل): المضاف لا خلاف في إعماله بين البصريين والكوفيين، وفي كلام بعض أصحابنا إشعار بالخلاف، وهذا المضاف تجوز إضافته إلى الفاعل، وترك المفعول نحو قوله تعالى: «ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله»، وإلى المفعول وعدم ظهور الفاعل نحو: قوله تعالى: «بسؤال نعجتك». ومذهب البصريين أن الفاعل محذوف، ومذهب الكوفيين أنه مضمر في المصدر، ومذهب أبي القاسم بن الأبرش: أنه منوى، ولا يقال هو محذوف، ولا مضمر بل منوى إلى جنب المصدر، وتجوز إضافته إلى الفاعل مع وجود المفعول كقوله تعالى: «وأكلهم أموال الناس»، وهذا الاختيار، وأجاز سيبويه،

والجمهور إضافته إلى المفعول مع وجود الفاعل نحو: عجبت من شرب اللبن زيد ومنه قراءة يحيى بن الحارث الذماري عن ابن عامر «ذكر رحمت ربك عبده زكريا» برفع (عبده)، و (زكريا). وذهب بعض النحاة إلى أن ذلك لا يجوز إلا في الشعر، وتجوز إضافة المصدر إلى الظرف المتسع فيه، فيعمل بعده عمل المنون نحو: عرفت انتظار يوم الجمعة، زيد عمرًا، ذكره سيبويه، ومن منع من ذكر الفاعل، والمصدر منون منع هذه المسألة ونحوها. والمنون مذهب البصريين أنه يجوز أن يرفع الفاعل، وينصب المفعول إن كن الفعل متعديًا، ويرفع الفاعل إن كان لازمًا نحو: عجبت من ضرب زيد عمرًا، ويجوز تقديم المفعول على الفاعل تقول: عجبت من ضرب عمرًا زيد، وعجبت من قيام زيد، وتقول: عجبت من إعطاء زيد عمرًا درهما، ومن ظن زيد عمرًا قائمًا، ومن إعلام زيد عمرًا كبشك سمينًا. وأجاز الجمهور أن تنوى في هذا المصدر أن يرفع المفعول الذي لم يسم فاعله، فأجازوا: عجبت من ضرب زيد على أن يكون (زيد) مفعولاً لم يسم فاعله، وعلى هذا تجوز إضافته نحو: عجبت من ضرب زيد على أنه لم يسم فاعله، وذهب الأخفش إلى أن ذلك لا يجوز، وحكاه ابن أبي الربيع عن أكثر النحويين، وأنه لا يجوز في المفعول إلا النصب، وإلى هذا كان يذهب الأستاذ أبو علي انتهى.

والذي أختاره أنه إن كان المصدر لفعل لم ينطق به إلا مبنيًا للمفعول جاز ذلك فتقول: عجبت من جنون بالعلم زيد، ويجوز مع المنون أن لا تذكر الفاعل، فيجيء فيه الخلاف أهو محذوف، أو مضمر، أو ينوى إلى جنب المصدر نحو قوله تعالى: «أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما»، وذهب السيرافي إلى أنه يجوز أن لا يقدر فاعل البتة. وينتصب المفعول بالمصدر، كما ينتصب التمييز في عشرين درهمًا، وذهب الفراء إلى أنه لا يجوز ذكر الفاعل مع المصدر المنون البتة، وزعم أنه لم يسمع من العرب، والفراء سامع لغة، وقال هشام: عجبت من أكل الخبيص، إذا كنت تخاطبه قال: إلا أنك تنصب بإضمار (تأكل)، فمذهبه أن المنون لا يعمل أصلاً، وهذا منقول عن الكوفيين ذهبوا إلى أن المصدر المنون لا يعمل، وأنه إن وقع بعده مرفوع أو منصوب، فهو على إضمار الفعل يفسره المصدر من لفظه وتنوينه صار كـ (زيد) و (عمرو). وقال الفراء: إن رأيته في شعر فعلى كلامين، وليس من كلام العرب إلا مستكرها في الشعر. ويرد عليه قوله تعالى: «أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيمًا»، ومن فروع مذهب الكوفيين أنه يجوز عندهم في المنون أن يكون السابق المفعول، والمتأخر الفاعل نحو: (يعجبني ضرب في الدار زيدًا بكر)، وأنه إذا نون، وذكر بعده الفاعل، أو المفعول، فسبيله أن يفصل بينهما وبينه فيقال: يعجبني قيام أمس زيد، وهو أحسن من قولك: قيام زيد. وأنه إذا رفع الاسم بعد المصدر المنون المحجوز اختير أن يكون ذلك في المدح، أو الذم نحو: عجبت من قراءة في كل حال القرآن، أي يقرأ القرآن، وأنكرت صيدًا

في كل ساعة صلاة ظبي، أي يصاد ظبي، فهذا أجود عندهم من قولك: يسوءني ضرب في كل حال زيد أي: يضرب زيد، وذهب الكوفيون إلى إجازة خفض الاسم بعد المصدر المنون فتقول: يعجبني ضرب زيد، التقدير ضرب ضرب زيد والمعرف باللام فيه مذاهب: أحدها: أنه لا يجوز إعماله، وهو مذهب الكوفيين، والبغداديين، ووافقهم جماعة من البصريين كابن السراج، وما ظهر بعده من معمول، فهو لعامل يفسره المصدر كما في المنون حتى إنهم أجازوا خفض الاسم بعده على تقدير: مصدر محذوف وقالوا: قالت العرب: يعجبني الإكرام عندك سعد بنيه أي: أكرم سعد بنيه. الثاني: أنه يجوز كالمصدر المنون، فيرفع به الفاعل، وينصب المفعول تقول عجبت من الضرب زيد عمرًا، ولا قبح في ذلك، وهو مذهب سيبويه، ونقله ابن أصبغ عن الفراء. الثالث: أنه يجوز إعماله على قبح، وهو مذهب الفارسي، وجماعة من البصريين. الرابع: التفصيل بين أن يعاقب الضمير (أل)، فيجوز إعماله، أو لا يعاقب فلا يجوز، وهو مذهب ابن الطراوة، وأبي بكر بن طلحة، وإياه أختار مثال المعاقبة: إنك والضرب خالدًا المسيء، أي وضربك، ومثال غير المعاقبة: عجبت من الضرب زيد عمرًا، ولا نعلم خلافًا في أن (أل) في هذا المصدر للتعريف إلا ما ذهب إليه صاحب (الكافي)، وفي الإفصاح: أنه ينبغي أن تدعى زيادتها، وادعى

أن المصدر المنون معرفة، وأن المضاف أيضًا معرفة، وأن الإضافة فيه للتخفيف، ومذهب الزجاج، والفارسي، والأستاذ أبي علي: على أن إعماله منونًا أقوى، وذهب الفراء، وأبو حاتم أن الأحسن المضاف ثم المنون، وذهب ابن عصفور إلى أن إعمال ذي (أل) أقوى من إعمال المضاف في القياس، والذي أقول: أن إعماله مضافًا أحسن من قسيميه، وإعمال المنون أحسن من إعمال ذي (أل). ومجرور المصدر يتبع على لفظه كان فاعلاً في المعنى أو مفعولاً نحو: يعجبني أكل زيد الظريف الطعام، وأكل زيد نفسه الخبز، وشرب زيد أخيك الماء، وشرب زيد وعمرو الماء، ويعجبني شرب اللبن الصرف زيد، وشرب اللبن كله زيد، وشرب اللبن لبن الضأن زيد، وشرب اللبن والعسل زيد. وأما الإتباع على المحل فثلاثة مذاهب: أحدها: مذهب سيبويه، والمحققين من البصريين أنه لا يجوز. الثاني: مذهب الكوفيين، وجماعة من البصريين أنه يجوز إلا أن الكوفيين في الاتباع على محل المفعول المجرور يلتزمون ذكر الفاعل، ولا يجيزون هنا عندهم حذفه فتقول: عجبت من شرب الماء واللبن زيد. والثالث: مذهب الجرمي، وهو التفصيل، فأجاز ذلك في العطف والبدل ومنع في النعت والتوكيد، ومن جوز الاتباع على المحل من البصريين، فالاختيار عندهم الحمل على اللفظ، وأما الكوفيون فكذلك إن لم يفصل بين التابع والمتبوع بشيء، فإن فصل اعتدل عندهم الحمل على اللفظ، والحمل على المحل، نحو: يعجبني ضرب زيد عمرو وبكرًا بنصب (بكر) وخفضه، وقيامك في الدار نفسك

ونفسك، بالجر، والرفع على حد سواء في الجودة هذا ما لم يكن المفعول المضاف إليه المصدر ضميرًا، فالعطف على الموضع، ولا يجوز على اللفظ، إلا في ضرورة الشعر نحو: يعجبني إكرامك زيد عمرا بنصب (عمرو) خاصة. وكذلك: سرني جلوسك عندنا وأخوك، وقال ابن الأنباري: لو قلت: قيامك في الدار وزيد كان مستكرهًا ولا يستحيل، وقال الفراء: عجبت من ضرب عبد الله ومحمد مستكره، ويجوز في الشعر، وكذلك النعت والتوكيد عنده، فإن فرقت حسن عنده تقول: عجبت من ضرب عبد الله زيدًا وعمرو، وقال هشام: لا يجوز إلا أنه لم يقل في الشعر، واختلفوا في جواز حذف المصدر المنحل، وإبقاء معموله، فأجازه بعضهم ومنعه البصريون، وما جاء من المصادر على (تفعال) يجوز إعماله، والمراد به التكثير نحو قوله: وما زال تشرابى الخمور ... … ... ... .... ... ... واسم المصدر يقال باصطلاحين أحدهما: ما ينقاس بناؤه من الثلاثي على مفعل أو مفعل، ومما زاد على صيغة المفعول منه نحو قوله: ومغزاة قبائل غائات وقوله: ألم تعلم مسحرى القوافي … ... ... .... ... ... فهاذ النوع لا خلاف نعلمه في جواز إعماله، وحكمه حكم المصادر في تقسيمه إلى مضاف، ومنون، وذي (أل)، وجميع أحكام المصدر المتقدم.

والاصطلاح الثاني: ما كان أصل وضعه لغير المصدر كالثواب، والعطاء، والدهن، والخبز، والكلام، والكرامة، والكحل، والرعي، والطحن، ونحوها وهي أسماء أخذت من مواد الأحداث، ووضعت لما يثاب به، ويدهن به، ولما يكرم به، وللجملة من القول، ولما يكحل به، ولما يرعى، ولما يطحن بهذا النوع. وذهب البصريون إلى أنه لا يعمل، ولا يجرى مجرى المصدر، وذهب الكوفيون، والبغداديون إلى إجرائه مجرى المصدر، وإعماله عمله، وسمع منصوب بعد بعض هذه الألفاظ نحو قوله: ... .... .... … وبعد عطائك المائة الرتاعا وقوله: لأن ثواب الله كل موحد … ... ... .....

و: قالوا كلامك هندًا … ... ... .... .... وقال أبو ثروان: أتيته لكرامته إياي، فأجاز الكسائي والفراء، وهشام: عجبت من كرامتك زيدًا، ومن طعامك طعامًا، واستثنى الكسائي من ذلك ثلاثة ألفاظ فلم يعملها وهي: ألخبز، والقوت، والدهن، فلا تقول: عجبت من خبزك الخبز، ولا من دهنك رأسك، ولا من قوتك عيالك، وأجاز ذلك الفراء، قال هشام: ولا يمتنع القياس انتهى. وقالت العرب فيما روى عنهم مثل: أعجبني دهن زيد لحيته، وكحل هند عينها، وقال تعالى: «ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا» والكفات ما يكفت فيه الشيء أي: يجمع ويحفظ. وهذه المنصوبات عند البصريين محمولة على إضمار فعل يدل عليه هذه المأخوذات من مواد الأحداث، ويأتي المصدر دالاً على الماهية، ولا يلحظ فيه عمل نحو قولك: العلم حسن، فهذا إذا أضيف فقيل: علم زيد يعجبني، والمخفوض لا يقضى عليه برفع ولا نصب فـ (زيد) معرف للعلم، وصار كقولك خاتم زيد يعجبني، ولا يؤكد هذا المصدر ولا ينعت المخفوض، ولا يعطف عليه إلا مثل ما يستعمل مع المخفوضات الصحاح ومن غريب النقل في المصدر ما ذكره في النهاية: من أنه إذا قلت: أتيته ركضًا، إن فرعت على مذهب البصريين، وهو أن (ركضًا) في معنى راكض جاز إعماله تقول: أتيته ركضًا فرسي أي راكضًا فرسي، وإن فرعت على قول الكوفيين، وهو أن التقدير: اركض ركضًا، وبه قال أبو علي في الإيضاح لم يجز إعماله، لأنه كان يكون كضربت ضربًا انتهى.

باب اسم الفاعل

باب اسم الفاعل قال أبو بكر: أنا ضارب زيدًا، لا خلاف أن (زيدًا) منصوب بضارب، وأن تعديه جائز انتهى. وفي كتاب أبي الحسن الهيثم ما نصه: وقال بعضهم نصب (زيد) في قولك: هذا ضارب زيدًا بمعنى يضرب لا بضارب؛ لأن معنى (ضارب) يضرب الآن، أو سيضرب غدًا، لأن الاسم لا يعمل إلا في الاسم كما أن المبتدأ مرفوع بالابتداء، والابتداء معنى من المعاني لا تعمل فيما بعدها، انتهى. ونقول: اسم الفاعل يعمل مفردًا، ومثنى، ومجموعًا جمع سلامة، وجمع تكسير، وفي البسيط: إذا كان مثنى، أو جمع سلامة لمذكر في موضع يفرد فيه الفعل، فلا يعمل تقول: مررت برجل ضارباه الزيدان، ومررت برجال ضاربوهم إخوتك صار كالاسم كقولك: مررت برجل أخواه الزيدان، وعليه: «أو مخرجي هم»، فلا يجوز: مررت برجل ضاربين غلمانه زيدًا، بل يقطع على مذهب سيبويه، والخليل، وجماعة من النحويين، وخالف المبرد فقال: إنه يعمل انتهى. وسيأتي في آخر باب الصفة المشبهة إسناد الصفة إلى الظاهر إن شاء الله تعالى، ولعمل اسم الفاعل في المشهور شروط: أحدها: أن يكون مكبرًا، فلا يجوز هذا ضويرب زيدًا، هذا مذهب البصريين والفراء، وذهب الكسائي، وباقي الكوفيين إلى جواز إعماله

مصغرًا، وتابعهم أبو جعفر النحاس، وقال ابن عصفور: إذا كان الوصف لا يستعمل إلا مصغرًا ولم يلفظ به مكبرًا جاز إعماله قال الشاعر: فما طعم راح في الزجاج مدامة … ترقرق في الأيدي كميت عصيرها في رواية من جر (كميت). الثاني: أن لا يوصف قبل العمل، فلا يجوز: هذا ضارب عاقل زيدًا، هذا مذهب البصريين والفراء، وذهب الكسائي وباقي الكوفيين إلى جواز إعماله، وإن تأخر معموله عن الوصف، فإن تقدم معموله على الوصف جاز بلا خلاف نحو: هذا ضارب زيدًا عاقل، وأجاز الكسائي أيضًا تقديم المعمول على اسم الفاعل وصفته، وأجاز: هذا زيدًا ضارب أي ضارب، فـ (زيدًا) منصوب بـ (ضارب)، وقد وصف بأي ضارب، وهي صفة لا يفصل بينها وبين وموصوفها بشيء لا بمعمول، ولا غيره، ووافق بعض أصحابنا الكسائي في هذه المسألة، فأجاز: أنا زيدًا ضارب أي ضارب، ومنع أنا ضارب أي ضارب زيدًا. وأجاز أبو إسحاق: مررت برجل ضارب زيدًا ظريف ثم عمرًا، قال ليس هذا فصلاً، لأني أنوي بالمعطوف التقديم، وأجاز هذا في كل حروف العطف.

الثالث: أن يكون معتمدًا على أداة نفي صريح نحو: ما ضارب زيد عمرًا، أو مؤول نحو: غير مضيع نفسه عاقل، أو استفهام نحو: أناوٍ رجالك قتل امرئ … ... ... ... ... أو مقدر نحو: ليت شعري مقيم العذر قومي … ... ... .... .... أي أمقيم، أو رافعًا خبرًا لذي خبر نحو: هذا ضارب زيدًا، وكان زيد ضاربًا عمرًا، وإن زيدًا ضارب عمرًا، أو صفة لموصوف ملفوظ به نحو: مررت برجل ضارب عمرًا، أو مقدرًا نحو: وكم مالئ عينيه من شيء غيره … ... ... ....

أي وكم رجل مالئ، أو حالاً نحو: جاء زيد راكبًا فرسه، أو ثانيًا لـ (ظن) وأخواتها نحو: ظننت زيدًا ضاربًا عمرًا، أو ثالثًا لأعلم وأخواتها نحو: أعلمت زيد بشرًا ضاربًا عمرًا، ولو تقدم اسم فاعل على ما هو خبر له وتأخر عنهما المفعول نحو: مررت برجل ضارب أخوه زيدًا، على معنى: أخوه ضارب زيدًا، كان قبيحًا، ومنهم من أجازه على ضعف، وزعم السهيلي: أنه يقبح إعماله في المفعول إذا جعلته فاعلاً أو مبتدأ، أو أدخلت عليه عوامل الأسماء، كحروف الجزاء، وجعلته مفعولاً، ولذلك شرط في إعماله أن يعتمد على أداة نفي، أو استفهام، أو يقع صفة، أو صلة، أو حالاً، أو خبرًا قال ويجوز نحو: وكم مالئ عينيه وكل مكرم زيدًا فأكرمه، ولا يشبه مثل: هذا غلام ضارب زيدًا، وفي البسيط: وأما ما هو معمول للتابع غير الحقيقي، فهل هو في حكم ما هو تابع نحو: مررت برجل غير ضارب أخوه زيدًا، وهذا رجل غير ضارب أخوه زيدًا، فجوزه بعضهم، وبعضهم لم يجوزه بل قال: يحتاج في هذا إلى اعتماد، وزعم ابن مالك: أن من وجوه الاعتماد أن يعتمد على حرف النداء وأنشد: فيا موقدًا نارًا لغيرك ضوؤها … ... ... .... ... .... .... ورد عليه ابنه، وقال هذا معتمد على موصوف محذوف، وليس حرف النداء معتمدًا عليه وأجاز بعضهم الاعتماد على (إن)، فأجاز: إن قائمًا زيد، فـ (قائمًا) اسم إن، و (زيد) الخبر، ونسبه الصيمري إلى البصريين،

ولو تباعد المفعول عن اسم الفاعل المعتد بتقدمه صدر الكلام نحو: زيدًا جاريتك أبوها ضارب، فأكثر النحويين، ومنهم المبرد على إجازة ذلك، وبعض النحويين يقول لا يعمل والحالة هذه. وفي النهاية: عبد الله أبوه زيدًا ضارب، وعبد الله زيدًا أبوه ضارب يجوزان باتفاق، وزيدًا عبد الله أبوه ضارب، منهم من أجازه، وهو ضعيف لكثرة الفصل، ولأن تقديم (ضارب) على عبد الله ضعيف، فتقديم معموله أضعف ومنهم من منعه انتهى. وذهب الكوفيون، والأخفش إلى أنه لا يشترط في عمله الاعتماد على شيء مما تقدم، فأجازوا إعماله من غير اعتماد، نحو قولك: ضارب زيدًا عندنا. الشرط الرابع: المضى، ولا يخلو اسم الفاعل من أن يكون فيه (أل)، أو (لا)، إن لم تكن، فذهب البصريون إلى أنه إذا كان ماضيًا لم يعمل في المفعول، واختلفوا: هل يرفع الظاهر، فالظاهر من كلام سيبويه أنه يرفع الفاعل الظاهر، والمتعدي في ذلك، واللازم سواء، فتقول: مررت برجل قائم أبوه أمس، وبرجل ضارب أبوه أمس، وذهب بعض النحاة إلى أنه لا يرفعه، وأنه صار كالفاعل، وهو مذهب ابن جني، واختاره الأستاذ أبو علي، وأكثر المتأخرين. وإن كان الفاعل مضمرًا، فحكى ابن عصفور: الاتفاق على أنه يرفعه، وليس كما ذكر، بل مذهب الجمهور ذلك، وذهب أبو بكر بن طاهر،

وابن خروف تلميذه إلى أنه لا يرفعه، ولا يتحمله، والذي تلقفناه من الشيوخ أنه لاشتقاقه يتحمل الضمير، فلو كان اسم الفاعل ماضيًا، وهو مما يتعدى إلى اثنين، أو ثلاثة أضفته إلى الأول نحو: هذا معطى زيد درهما، فذهب الجرمي، والفارسي والجمهور إلى أن الثاني منصوب بفعل مضمر يفسره اسم الفاعل تقديره: أعطاه درهمًا، وذهب السيرافي، والأعلم، وابن أبي العافية، وأبو جعفر بن مضاء، والأستاذ أبو على، وأكثر أصحابه إلى أنه منصوب باسم الفاعل نفسه، وإن كان بمعنى المضى. والخلاف في باب ظن، كالخلاف في باب أعطى فتقول: هذا ظان زيدًا منطلقًا أمس، وقال الأستاذ أبو الحسين بن أبي الربيع، مثل هذا إذا أريد به المعنى، وجعل في صلة (أل)، فتقول: هذا الظان زيدًا منطلقًا أمس، وحكاه أيضًا عن الأستاذ أبي علي، وذهب الكسائي، وهشام وأبو جعفر بن مضاء إلى أنه يعمل ماضيًا فتقول: هذا ضارب زيدًا أمس، فإن كانت (أل) في اسم الفاعل نحو: الضارب فمذاهب: أحدها: مذهب الجمهور أن (أل) فيه موصولة، ويعمل ماضيًا وحالاً، ومستقبلاً نحو: هذا الضارب زيدًا أمس، أو الآن، أو غدًا، وعلى هذا لا يجوز تقديم معموله عليه.

الثاني: ذهب قوم منهم الرماني إلى أنه لا يعمل حالاً ولا مستقبلاً، وإنما يعمل ماضيًا. الثالث: ذهب الأخفش إلى أنه لا يعمل، وأن (أل) ليست موصولة، بل هي معرفة كهي في الغلام، والرجل، وأن ما انتصب بعده ليس مفعولاً، بل هو منتصب على التشبيه بالمفعول به، وفي النهاية: «هذا زيد الضارب يجوز على قول أبي عثمان أن (أل) في (الضارب) للتعريف تنزلت منزلة الجزاء، واختصت بالاسم اختصاص (قد)، والسين، وسوف بالفعل فكما جاز زيدًا قد ضربت كذلك جاز هذا» انتهى.

فصل

فصل يضاف اسم الفاعل المجرد من (أل)، إن كان حالاً، أو مستقبلاً، لا إن كان ماضيًا إلا على مذهب من يجيز إعماله ماضيًا، إلى المفعول الظاهر نحو: هذا ضارب زيد، وهؤلاء ضراب زيد، وهؤلاء ضارابات زيد، وإلى شبيه المفعول نحو ما قال الخليل: هو كائن أخيك، فأضافه إلى الخبر، فيسقط التنوين مما هو فيه، ونون المثنى نحو: هما ضاربا زيد، ونون الجمع نحو: هم ضاربو زيد. وشذ الفصل بين اسم الفاعل ومجروره بالمفعول كقراءة من قرأ: «مخلف وعده رسله» بنصب (وعده)، وجر (رسله) باسم الفاعل (مخلف) مضافًا إليه، ويجوز النصب في المفعول، فيثبت التنوين والنون نحو: هذا ضارب زيدًا، وهذان ضاربان زيدًا، وهؤلاء ضاربون زيدًا، فأما قول الشاعر: رب حي عرندس ذي طلال … لا يزالون ضاربين الرقاب بخفض (الرقاب)، فمؤول على ضاربي الرقاب، حذف لدلالة (الضاربي) عليه، ولا يجوز حذف النون والنصب إلا شاذًَا كقراءة من قرأ: «إنا مرسلوا الناقة» بنصب الناقة، فظاهر كلام سيبويه أن النصب أولى من الجر.

وقال الكسائي: ويظهر لي أن الجر أولى من النصب لما بيناه في الشرح، فإن فصل بين اسم الفاعل والمفعول وجب النصب كقوله تعالى: «إني جاعل في الأرض خليفة» فإن كان المفعول ضميرًا متصلاً باسم الفاعل نحو: زيد مكرمك، وهذان مكرماك، وهؤلاء مكرموك، فمذهب سيبويه، والمحققين أنه تجب الإضافة والضمير مجرور، وذهب الأخفش، وهشام إلى أنه في موضع نصب، وزال التنوين والنون لإضافة الضمير، لا للإضافة، ويظهر الفرق بين المذهبين في العطف، فيجيز الأخفش: هذا ضاربك وزيدًا، وقال تعالى: «إنا منجوك وأهلك»، فـ (أهلك) معطوف على الكاف، إذ هي في موضع نصب عندهما ومن منع ذلك أضمر ناصبًا أي: وننجي أهلك، أو جعله عطفًا على موضع الكاف، وأجاز هشام إثبات التنوين والنون نحو: هذا ضاربنك، وهذان ضاربانك، وهؤلاء ضاربونك، وهذا ضاربني، وهؤلاء ضاربوني، فإن لم يتصل الضمير باسم الفاعل كان في موضع نصب نحو: الدرهم زيد معطيكه فـ (الهاء) في موضع نصب. واسم الفاعل ذو (أل) إن كان مثنى، أو مجموعًا جمع السلامة لمذكر، يجوز أن يضاف إلى المفعول مطلقًا سواء أكان نكرة أم معرفة بأي جهة تعرف إذا كان يليه نحو: هذان الضاربا رجل، والضاربا زيد، والضاربو رجل، والضاربو زيد، فإن لم يله فالنصب نحو: هذان الضاربان في الدار زيدًا، وإذا ولى جاز إثبات النون فتنصب وحذفها فتجر، وتقدر حذفها للإضافة، وهو الأكثر، أو تنصب، ويقدر حذفها لطول الصلة، فإن كان اسم الفاعل الذي فيه 0 أل) مفعوله (بأل)،

أو مضافًا إلى ما فيه (أل)، أو إلى ما فيه ضمير (أل) جازت إضافته إلى ما يليه نحو: هذا الضارب الرجل، و: ... .... ... … ... ... وهن الشافيات الحوائم وهم الضراب الرقاب، وهذا الضارب غلام المرأة، والمرأة جاء الضارب غلامها، وفي هذا خلاف، ذهب المبرد إلى منع الجر، وأوجب النصب، والصحيح الجواز، والأفصح في هذه المسائل الثلاث ترك الإضافة والنصب، فإن كان المفعول نكرة، أو معرفًا بغير (أل) كتعريف العلمية، أو الإشارة، أو المضاف لضمير اسم الفاعل، فالفراء يجري ذلك مجرى المضاف لواحد من تلك الثلاثة فيقول: هذا الضارب رجل، والضارب زيد، والضارب ذينك، والضارب عبده، فيجيز في هذه كلها الجر، والصحيح وجوب النصب. فإن كان اسم الفاعل غير مثنى، ولا مجموع بالواو والنون نحو: جاء الضاربك والضرابك، والضارباتك، فذهب سيبويه، والأخفش إلى أنه في موضع نصب، وذهب المبرد في أحد قوليه، والرماني إلى أنه في موضع جر، وأجاز الفراء فيه النصب والجر، فإن كان اسم الفاعل مثنى، أو مجموعًا بالواو والنون

نحو: جاء الزائراك، والمكرموك، فقال ابن مالك: جائز فيه الوجهان بإجماع، ودعوى الإجماع باطلة، بل الخلاف في المسألة، ذهب سيبويه إلى جواز الوجهين، وذهب الجرمي، والمازني، والمبرد، وجماعة إلى أنه في موضع جر فقط، ولا يجوز إثبات النون مع الضمير إلا في ضرورة نحو: هم القائلون الخير والآمرونه … ... ... .... ... وقياس مذهب هشام في جواز ضاربونك أن يجيزه مع (أل). وإذا أتبعت معمول اسم الفاعل الصالح للعمل، فإما أن يكون منصوبًا أو مخفوضًا، إن كان منصوبًا كان التابع منصوبًا نحو: هذا ضارب زيدًا وعمرًا، وأجاز الكوفيون والبغداديون: الخفض فتقول: ضارب زيدًا وعمرو، وإن كان مخفوضًا، والتابع نعت أو توكيد، فيجب في التابع الخفض نحو: هذا ضارب زيد العاقل نفسه، ومنهم من أجاز النصب على الموضع، والجر على اللفظ، أو بدل، أو عطف واسم الفاعل عار من (أل) فالجر والنصب نحو: هذا ضارب زيد أخيك، وعمرو، ويجوز: أخاك وعمرًا، وهذا عند من لم يشترط المحرز للموضع كالأعلم، ومن شرطه فلا يجيز النصب، بل إن نصب في العطف أضمر له

ناصبًا، وهو ظاهر قول سيبويه، وإن كان مقرونًا بـ (أل)، وهو مثنى أو مجموع بواو ونون، فقال ابن عصفور، وشيخنا أبو الحسن الأبذي: يجوز الخفض على اللفظ، والنصب على الموضع نحو: هذان الضاربا زيد أخيك وعمرو، والضاربو زيد أخيك وعمرو، ويجو النصب في البدل والمعطوف. وما أجازه من النصب لا يجوز كفقد المحرز لموضع النصب، وإن كان مفردًا، أو مكسرًا، أو بألف وتاء، والتابع عار من (أل)، ومن الإضافة إلى ما هي فيه، أو إلى ضمير يعود على ذي (أل)، فالنصب نحو: هذا الضارب الرجل أخاك وزيدًا، وكذا الضراب والضاربات، وأجاز سيبويه العطف على اللفظ، ومنعه المبرد، وإن لم يكن التابع عاريًا مما ذكر نحو: جاءني الضارب الغلام والجارية، والضارب الغلام وجارية المرأة، وجاءني الضارب المرأة وجاريتها جاز النصب والجر، قال ابن مالك: المسائل الثلاث جائزة بلا خلاف. وليس كما قال، بل في الثانية والثالثة، وهما هذا الضارب الجارية وغلام المرأة، وهذا الضارب المرأة وغلامها، قال ابن عصفور: خالف فيهما المبرد، فلم يجز فيهما إلا النصب على الموضع، وحكى الأستاذ أبو علي عن المبرد جواز: هذا الضارب الرجل وغلامه، بالجر على اللفظ، فاختلف النقلان عن المبرد. ويجوز تقديم معمول اسم الفاعل عليه فتقول: هذا زيدًا ضارب، إلا إن كانت فيه (أل)، فأجازه بعضهم، وتأوله بعضهم، وذلك في الظرف، والمجرور، فإن كان اسم الفاعل مجرورًا بإضافة، أو بحرف جر غير زائد نحو: هذا غلام قاتل

زيدًا، ومررت بضارب زيدًا، فلا يجوز التقديم، أو بحرف جر زائد جاز نحو: ليس زيد بضارب عمرًا، فيجوز (عمرًا) بضارب، ومنع ذلك المبرد، جعل الزائد في ذلك كغير الزائد. وأجاز بعض النحاة التقديم إذا كان اسم الفاعل أضيف إليه غير، أو حق أو جد نحو: هذا غير ضارب زيدًا، أو حق ضارب زيدًا، أو جد ضارب زيدًا، فأجاز تقديمه على غير، وحق، وجد فتقول: هذا زيدًا غير ضارب، وكذلك حق وجد، فإن كان اسم الفاعل خبرًا لمبتدأ نحو: هذا ضارب زيدًا، جاز تقديم المفعول على المبتدأ، إذا كان المبتدأ عاريًا من مانع تقديم فتقول: زيدًا هذا ضارب، فإن كان فيه مانع نحو: لزيد ضارب عمرًا فلا يجوز عمرًا لزيد ضارب؛ فإن كان المعمول لشيء من سببه نحو: زيد ضارب أبوه عمرًا، فأجاز تقديمه على المبتدأ البصريون والكسائي فتقول: عمرًا زيد ضارب أبوه، ومنع من ذلك الفراء. فإن كان اسم الفاعل خبر مبتدأ، هو من سبب المبتدأ نحو: زيد أبوه ضارب عمرًا، فأجاز التقديم البصريون، ومنعه الكسائي والفراء، فإن كان اسم الفاعل، وما عطف عليه من اسم فاعل خبرًا عن مثنى، أو مجموع نحو: هذان ضارب زيدًا وتاركه، وهؤلاء ضارب زيدًا وسالبه، ومسالمه، فالمنصوص أنه لا يجوز تقدم المفعول على اسم الفاعل لا يجوز: هذان زيدًا ضارب وتاركه، ولا هؤلاء زيدًا ضارب وسالبه ومسالمه. ويجوز فصيحًا في مفعول اسم الفاعل المتأخر أن يجر باللام تقول: زيد ضارب لعمرو، وإن كان ذلك لا يجوز في الفعل إلا نادرًا، أو في ضرورة وكذا في المصدر، والمثال نحو: سرني ضرب زيد لعمرو «فعال لما يري».

باب المثال

باب المثال المثال هو ما حول من اسم الفاعل للمبالغة إلى فعول، وفعال، ومفعال، وفعيل، وفعل، وغالب تحويلها من الثلاثي المجرد، وشذ بناؤها من أفعل سمع منه: مهوان، ومعطاء، ومهداء، ورشاد، وجزال، وزهوق، ودراك، وسار، ونذير، وأليم وسميع من أهان، وأعطى، وأهدى، وأرشد، وأجزل، وأزهق، وأدرك، وأسأر، وأنذر، وآلم، وأسمع، كقوله: أمن ريحانة الداعي السميع … ... ... .... ... ... يريد المسمع، وفي كتاب (بغية الآمل) عن أبي بكر بن طلحة: أن هذه المثل تتفاوت في المبالغة، فضروب لمن كثر منه الضرب، و (فعال) لمن صار له كالصناعة، ومفعال لمن صار له كالآلة، وفعيل لمن صار له كالعطية والطبيعة، وفعل لمن صار له كالعاهة، ولم يتعرض لهذه المتقدمون، انتهى. فأما: فعول، ومفعال، وفعال، وفعيل، فجاء النصب بعدها في النثر حكى الكسائي: أنت غيوظ ما علمت أكباد الرجال، وحكى سيبويه: إنه لمنحار بوائكها، وأما العسل فأنا شراب، وسمع بعض العرب: أن الله سميع دعاء من

دعاه، وحكى وهو سميع الدعاء، وحكى اللحياني في نوارده: إنه سميع دعاي، ودعاءك وقال بعض العرب: وهو حفيظ علمك وعلم غيرك. وحكى ابن سيده عن العرب: هو عليم علمك وعلم غيرك، وأما (فعل) فلا أعلم أحدًا حكاه في النثر إنما حكى منه سيبويه في الشعر: حذر أمورًا ... ... ... … ... ... .... ... ..... و: ... شنج عضادة سمحج … ... ... .... ... ... وذكر غيره في الشعر ... .... ... .... … مزقون عرضي … ... ... .....

واختلف النحاة فيما كان من هذه الأمثلة الخمسة متعديًا فعله، فذهب الكوفيون إلى أنه لا يجوز إعمال شيء منها في المفعول، وإن وجد مفعول بعدها فهو على إضمار فعل يفسره المثال، وأن ذلك المفعول لا يجوز تقديمه على المثال المذكور فلا يجوز عندهم: هذا زيدًا ضروب، وعلى هذا لا يجوز أزيدًا أنت ضرابه إلا بالرفع. وذهب سيبويه إلى جواز إعمالها الخمسة، ومنع أكثر البصريين من إعمال فعيل وفعل منهم المازني، والزيادي، والمبرد، وأجاز الجرمي إعمال فعيل دون فعل، وقال أبو عمرو: يعمل (فعل) على ضعف، وخالف في فعيل قال تقول: أنا حذر زيدًا، وفرق عمرًا يريد من زيد ومن عمرو، والذي أختاره جواز القياس في فعول: وفعال، ومفعال، والاقتصار في فعيل، وفعل على المسموع. فلا يجوز: هذا لبيس الثياب، ولا ضرب عمرًا، وأما (فعيل) فأعمله ابن ولاد وتبعه ابن خروف: فأجاز: أزيد شريب الخمر، وطبيخ الطعام، وسمع إضافة (شريب) إلى معموله قال حسان: لاتنفري يا ناق منه فإنه … شريب خمر مسعر لحروب

وعلى هذا لا يبعد عمله نصبًا، وأما (فعال) فسمع من اللازم حسان ووضاء أي كثير الحسن، وكثير الوضاءة، ومن المتعدي: رجل قراء أي كثير القراءة، ولا نعلم أحدًا أعمل (قراء) في مفعول، فلا يجوز: زيد قراء السور، وتثنى هذه الأمثلة وتجمع فمن أجاز إعمالها مفردة أعملها مثناة ومجموعة، فـ (فعول) يجمع على (فعل) قال: ... .... ... … غفر ذنبهم غير فخر ولا يؤنث، ولا يجمع بالواو والنون، ويجمع (مفعال) على مفاعيل قال: شم مهاوين أبدان الجزور .... … ... ... .... ... .... ... ويجوز جمعه بالواو والنون، وفعال ولا يكسر، ويجمع بالواو والنون وقال: ... .... .... … خوارج تراكين قصد المخارج

وفعيل، وفعل يجمعان بالواو والنون، ويؤنثان هما وفعال، ومفعال بالتاء إذا دخلت التاء لتأكيد المبالغة في فعول نحو: فروقة ومفعال نحو: مجذامة وفعال نحو: علامة، استوى في ذلك المذكر والمؤنث، ولا يعمل شيء منها في المفعول، ولا يكون شيء من تلك الأمثلة الخمسة للمبالغة إلا فيما يمكن فيه التكثير فلا تقول زيد قتال عمرًا، ولا زيد موات، ويجوز زيد قتال الأبطال. وحكم هذه الأمثلة عند من يرى إعمالها حكم اسم الفاعل، أحكامًا وشروطًا واتفاقًا واختلافًا، إلا ما ذهب إليه ابن طاهر، وتلميذه ابن خروف أنه يجوز إعمالها ماضية، وإن عربت من (أل)، وإن كانا لا يقولان بإعمال اسم الفاعل العاري من (أل) إذا كان ماضيًا.

باب اسم المفعول

باب اسم المفعول [يعمل عمل الفعل الذي لم يسم فاعله فيرفع المفعول] الذي يرفعه الفعل لفظًا نحو: مررت برجل مضروب أبوه، وما يقوم مقام الفاعل في الفعل المبني للمفعول يقوم لاسم المفعول حتى المجرور على الخلاف الذي فيه، تقول زيد ممرور به، ومرغوب عنه، وحكمه حكم اسم الفاعل في الشروط، وفي الحمل على الموضع، واتصال الضمائر اتفاقًا واختلافًا، وغير ذلك من أحكامه تقول: زيد مشروب ماؤه وممرور به، ومكسو أبوه جبة، ومظنون أبوه قادمًا، ومعلم أبوه زيدًا ذاهبًا، ومن اعتماده على موصوف منوي قوله: ونحن تركنا تغلب ابنة وائل … كمضروبة رجلاه منقطع الظهر (أي كرجل مضروبه رجلاه)، وذكر ابن مالك: أنه قد يضاف مرفوعه إليه نحو زيد مضروب الظهر، بخلاف اسم الفاعل فلا تجوز إضافة مرفوعه إليه لا تقول في (زيد ضارب أبوه عمرًا): زيد ضارب أبيه عمرًا، والصحيح أن إضافة مثل مضروب الظهر ليست من رفع، وإنما هي من نصب وسنبين ذلك في باب الصفة المشبهة إن شاء الله تعالى، ويبين فيه إن شاء الله تعالى كيفية الإضافة مما يتعدى إلى أكثر من واحد، والخلاف في ذلك. وقد جاءت ألفاظ بمعنى المفعول على فعل نحو: ذبح، ورعى، وطحن، وطرح، وعلى فعل نحو: قنص، ونقص، ولفظ، ولقط، وعلى فعلة: أكلة، وغرفة، ولقمة، ومضغة، فـ (ذبح) بمعنى مذبوح وكذا باقيها ولا ينقاس هذا فلا تقول: ضرب ولا قتل في معنى مضروب، ولا مقتول، ولا هو ضرب، ولا ضربة

في معنى مضروب، ولا يجرى شيءٌ من هذه مجرى اسم المفعول في العمل، فيرفع ما بعده لا يقال: مررت برجل ذبح كبشه لا يقال مذبوح كبشه، وفي كلام ابن عصفور ما يدل على الجواز ولا ينبغي أن يقدم عليه إلا بالسماع، ويجيء فعيل الذي لا يدل على اسم الفاعل بمعنى مفعول نحو: قتيل وجريح، وخصيب، ورمى، وصريع. ولا يعمل عمل المفعول فلا يقال: مررت برجل صريع غلامه أي مصروع، وأجاز ابن عصفور إعماله إعمال مفعول، ويحتاج إثبات ذلك إلى السماع. وفي النهاية: فعيل بمعنى مفعول كـ (قتيل)، وبمعنى (مفعل) كـ (عقيد) من أعقدت العسل، وجمعهما يعمل فتقول: مررت برجل قتلى رجاله وعقدى إبله انتهى. ولا ينقاس بناء فعيل بمعنى مفعول قال بدر الدين بن مالك بإجماع، وذكر أبوه جمال الدين أن في اقتياسه اختلافًا، وقد ينوب فعيل عن مفعل قالوا: أعقدت العسل، فهو عقيد أي معقد، وأعله المرض فهو عليل أي معل ولا يعمل هذا أيضًا عمل مفعل.

باب الكلمات المختلفة فيها أهي أسماء أو أفعال أو غيرها

باب الكلمات المختلفة فيها أهي أسماء أو أفعال أو غيرها وذلك نحو: مه، ونزال، وبله، وسيأتي ذكرها كلمة كلمة إن شاء الله تعالى، ذهب الكوفيون إلى أنها أفعال حقيقة مرادفة لما تفسر به، وذهب جمهور البصريين إلى أنها أسماء، ويسمونها أسماء أفعال. وذهب بعض البصريين إلى أنها أفعال استعملت استعمال الأسماء، وجاءت على أبنيتها، واتصلت الضمائر بها اتصالها بالأسماء، وذهب أبو القاسم بن القاسم من نحاة الأندلس إلى أن نحو: مه، وصه، وبله مما ليس أصله ظرفًا، ولا مصدرًا أفعال، وما أصله مصدر، أو ظرف، فهو منصوب على إضمار فعل لا يجوز إظهاره. وذهب بعض المتأخرين إلى أنها ليست أسماء، ولا أفعالاً، ولا حروفًا، فإنها خارجة عن قسمة الكلمة المشهورة، ويسميها خالفة، فهي قسم رابع من قسمة الكلمة، واختلف الذين قالوا: إنها أسماء أفعال، فقيل مدلولها ألفاظ أفعال لا أحداث، ولا أزمان، وتلك الأفعال هي التي تدل على الحدث والزمان، فـ (مه) اسم للفظ اسكت، وقيل تدل على معاني الأفعال من الحدث والزمان، فـ (مه) مرادف لـ (اسكت)، قيل: هو ظاهر مذهب سيبويه، وأبي علي وجماعة، فدلالتها على الزمان بالوضع لا بالصيغة، وقيل هي أسماء للمصادر ثم دخلها معنى الطلب والأمر، فتبعه الزمان ودخلها معنى الوقوع بالمشاهدة، ودلالة الحال في غير الأمر، فتبعه الزمان فـ (مه) اسم لقولك سكوتًا، وكذلك باقيها، فيكون إطلاق أسماء الأفعال عليها يعني به المصادر، وهي أفعال

لا الأفعال التي قسيمة الأسماء، وهذه الكلمات قسمان: بسيط ومركب، البسيط قسمان: قسم مختلف في اقتياسه وقسم مسموع، فالذي اختلف في اقتياسه قسمان ما جاء على فعال، وما جاء على فعلال، أما ما جاء على فعال نحو: نزال، وحذار، ومناع، ونعاء، وشبهه، وبناؤه على الكسر، وبنو أسد يبنونه على الفتح، وحكى ابن دريد بيتًا فيه نزال بالتشديد وتقول: نزال إلى زيد، ونزال على زيد، ونزال الوادي، فذهب سيبويه، والأخفش إلى جواز القياس عليها من كل فعل ثلاثي مجرد متصرف تام، فلو كان الثلاثي غير مجرد من الزيادة نحو: اقتدر فلا يبنى منه فعال وكذا من غير المتصرف، وغير التام فلا تقول: وذار، ولا كوان قائمًا، وسمع من غير المجرد: بدار من بادر، ودراك من أدرك، وقاس على دراك أبو بكر بن طلحة فأجاز أن يبنى فعال من كل فعل يكون على وزن أفعل، كما جاز بناؤه في التعجب. وذهب المبرد إلى أنه لا ينقاس شيء من الثلاثي، ولا غيره على وزن فعال، فلا تقول: قعاد، ولا ضراب تريد: اقعد واضرب، وأما ما جاء على (فعلال) فسمع من كلامهم: قرقار، وعرعار، وجرجار، وهي عند سيبويه، والأخفش من فعلل التي هي فعل، وقاس عليها الأخفش، فأجاز: قرطاس، وأخراج، من قرطس، وأخرج، ومنع سيبويه من القياس على ذلك. وذهب أبو العباس إلى أن (قرقار)، و (عرعار) ليسا من (قرقر)، ولا (عرعر)، وأنكر أن يكون اسم فعل مسموعًا من رباعي، و (قرقار) عنده حكاية عن صوت الرعد كما قال الشاعر:

يمناه واليسرى على الثرثار … قالت له ريح الصبا قرقار و (عرعار) عنده صوت الصبيان إذا لعبوا، والعرعرة لعبة لأبناء العرب يتداعون إليها بهذا اللفظ كما قال: ... .... ... .... … يدعو وليدهم بها عرعار وحكى عن أبي عمرو، والمازني مثل قول المبرد أنهما حكايتا صوت، وفي كتاب الفرق لقطرب: ومن زجر العرب الناقة عند الطلب لتسكن: قرقار، وقرقر، ويقال للريح: قرقر تسكن بذلك. والقسم المسموع ثنائي الوضع، وثلاثي، وأزيد، الثنائي منه: (مه)، و (صه)، و (ها) ووى، ووا، وبخ، وقط، وقد، ودع، ولعا فمه: انكفف، وصه: اسكت، وقد تكسرها، وهما منونة وغير منونة فتقولك مه، وصه، ومه، وصه، ويأتي الكلام على حكم التنوين فيهما، وفيما نون من هذه الكلمات إن شاء الله تعالى.

ويقال: صاه بألف بين الصاد والهاء، والهاء ساكنة، ويقال: صهصيت، وأصهى صهصهاة إذا قلت: صه. وها: خذ، وكذا هاء كل منهما هكذا لمفرد ومثنى ومجموع مذكر ومؤنث، أو تأتي بكاف الخطاب فتقول: هاك، هاك، هاكم، هاكما، هاكن، أو بالهمز قبل كاف الخطاب فتقول: هاءك، هاءك، هاءكما، هاءكم، هاءكن، وتخلف الكاف همزة تصرف تصرف الكاف فتقول: هاء، هاء، هاؤما، وهاؤم، (هاؤن). فهي في هذه الأوجه الخمسة اسم فعل، وتلحقها الضمائر، فتكون فعلاً فتجرى مجرى عاطٍ نحو: هاء، هائي، هائيا، هاءوا، هائين، ومجرى هب: هأ، هئ، هأا، هأوا، هأن، ومجرى خف: هاء، هاءى، هاءا، هاءوا، هاءن، وتقول على هذه اللغة: ما أهاء أي ما آخذ، وحكى الكسائي أنه إذا قيل للرجل منهم هاء قال: إلام أهاء بفتح الهمزة، وإلام إهاء. ووى: أعجب، وفيها تندم، وتلحقها كاف الخطاب فتقول: ويك قال عنترة: ... .... ... ..... … قيل الفوارس ويك عنتر أقدم

وزعم الكسائي أن (ويك) محذوفة من (ويلك)، فالكاف على قوله ضمير مجرور، فأما قوله تعالى: «ويكأن الله يبسط» فعند أبي الحسن أي: أعجب؛ لأن الله يبسط، وعند الخليل وسيبويه: أن (وى) وحدها، و (الكاف) للتشبيه. و (وا) بمعنى التعجب والاستحسان قال: وا بأبي أنت وفوك الأشنب و (بخ) عظم الأمر وفخم، وتقال وحدها، ويجوز أن تكرر فتقول: بخ بخ، فتحرك الأول منونًا، وتسكن الثاني، وإذا أفردت قلت: بخ ساكنة، وبخ، وبخ وقال يعقوب: بخ بخ، وبه به، وقال الداودي: يقال إذا حمد الله، وقال غيره: يقال عند الإعجاب، وفي الترشيح: وللشيء إذا رضيته: بخ بخ ساكن الثاني، لأنه معرفة وبخ بخ منون مكسور لالتقاء الساكنين، وكذلك ما أشبهه من الأصوات الثنائية انتهى. و (قط)، و (قد) بمعنى واحد، قيل الدال بدل من الطاء، وقيل منقولة من (قد) الحرف، فإذا انتصب ما بعدهما كانا اسمى فعل تقول: قط عبد الله درهم، وقد زيدًا درهم، وهما مبنيان على السكون وتلحقهما نون الوقاية فتقول: قطنى وقدني، وحكى الكوفيون أن من العرب من يقول: قط عبد الله درهم، وقد

عبد الله درهم، وبجر (عبد الله) وإضافة (قط)، و (قد) إليه، وإعرابهما مبتدأين، و (درهم) الخبر ومعناهما حسب، وإذا انتصب ما بعدهما فهما اسما فعل، ومعناهما: ليكف، وقال في البسيط: قطك اسم بمعنى حسب، أي اكتف، وهي ساكنة الطاء مفتوحة الكاف، وإذا أضفته إلى نفسك قلت: قطني وقطى، وقط بالكسر لتدل على الياء، وإذا أضفته إلى غيرك قلت: قطك، وقطكما، وقطكم، وقطكن انتهى. و (دع) لا يخاطب بها إلا العاثر، فيقال له: دع أي قم وانتعش، وقد ينون فيقال: دعا ويقال: دعدعًا ولعًا للعاثر بمعنى: دع، ولم يستعمل (دعدعا) ولعًا إلا منونين. وفي كتاب قطرب: وتقول: دع دع، ويقال: لعًا لعًا لك، ولعًا لك بالتشديد، ودع دعا يريد: دع دع، ويقال: دعدعت بالرجل أدعدع به دعدعة إذا قلت له دع دع، ولعلعت به لعلعة إذا قلت له لعا لعا. وزعم ملك النحاة أبو نزار: أن (ده) من قول: وقول إلا ده فلا ده اسم فعل: وأن معناه في كلام العرب صح، أو يصح، وتقرير دعواه، والرد عليه مذكور في كتاب التذكرة من تأليفنا. والثلاثي: تيد، و (هيت)، و (بله)، و (إيها)، وإيه، و (ويها)، و (بس)، و (واهًا)، و (أف)، و (إلخ)، و (كخ)، و (هاء)، و (بجل)، و (لبى)، و (هاه)، و (إيت)، و (لب) قيل بمعنى أمهل.

وحكى البغداديون: تيدك زيدا، فاحتمل أن يكون مصدرًا، والكاف مجرورة، واحتمل أن يكون اسم فعل، فالكاف للخطاب، ويظهر من كلام ابن مالك أنها لا تكون إلا اسم فعل، وقال الفارسي: أرى أن يكون مأخوذًا من التؤدة، فـ (الفاء) واو، وأبدلت منها التاء، والعين همزة ألزمت بدل الياء، وهذا الذي قاله متكلف، والغالب على أسماء الأفعال عدم الاشتقاق، ويقال: تيد زيد، وهيت أي أسرع وعجل. وقال صاحب اللباب: (هيت) اسم فعل معناه: جئت لك، وبنى لوقوعه موقع الماضي، فعلى هذا يكون خبرًا، لا أمرًا، ثم قال: ويكون بمعنى الأمر ومنها لغات: هيت، وهيت، وهيت، وهيا، وهياء، وهيك، وهيك، وهيك. وفي كتاب الفرق لقطرب: وتقول في حث الإنسان تشبيهًا بسوق البهائم: هيا هيا، وهيا هيا قال الشاعر: وقد دجا الليل فهياهيا … ما دام فيهن فصيل حيا وتقول: هيت لك، ولا يلحقها ضمير، وتقول: هيت لك، ولكما، ولكم، ولكن، واللام للتبين نحو: سقيا لك، ويقال: هيت به، وهوت به أي صاح بلفظ هيت، وليس فعلا له. و (بله) أي دع قال سيبويه: بله زيدًا أي: دع زيدًا، أو تكون مصدرًا،

فتضاف تقول: بله زيد أي ترك زيد، وهو مضاف للمفعول، وقال أبو علي: هو مضاف للفاعل قال: ولو أظهر الفاعل لقيل: بله زيد، ويقال: بله وبله مبنيًا على الفتح، وعلى الكسر، ومن استعماله مصدرًا ما حكى الشيباني أبو عمرو: وما بلهك كذا، وروى أبو زيد فيه القلب إذا كان مصدرًا تقول: بهل زيد، وحكى أبو الحسن الهيثم فيه فتح الهاء واللام فتقول: بهل، وحكى أبو زيد: أن من العرب من يدخل عليه (من) فيقول: «إن فلانًا لا يطيق أن يحمل الفهر، فمن (بله) أن يأتي بالصخرة»، يريد: فكيف يطيق أن يحمل الصخرة، وأجاز قطرب وأبو الحسن: أن تكون بمعنى (كيف) تقول: بله زيد (أي كيف زيد)، وذكرها أبو الحسن في حروف الجر في الاستثناء نحو: قام القوم بله زيد، وزعم الدينوري: أنها من أدوات الاستثناء تقول: قام القوم بله زيدًا كأنك قلت: إلا زيدًا و (بله) ليست مشتقة، وزعم العبدي: أنها مشتقة من لفظ البله، وتقدم لنا الكلام على (بله) في آخر باب الاستثناء. و (إيها) و (هيها) ومن العرب من يقول: إيه فلا ينون، ومعناه: طلب الكف عن فعل، وإذا قلت: إيها قلت أيهت به أوية تأيها، و (إيه) ومن العرب من لا ينون فيقول: إيه ومعناه: زد أو حدث، وقال قطرب: وقالوا في زجر الخيل: (إيه إيه) وقد أيه بها، ولا يستعمل مفعول بعده، وقد استعمله بعض الشعراء المولدين فقال:

إيه أحاديث نعمان وساكنه … ... ... .... ... .... وما أظنه يصح، و (ويها) تسلط، وقال ثعلب: (ويها) إذا زجرته على الشيء، وأغريته به، وقال أبو منصور محمد بن علي الجبان الرازي: (ويها) اسم لقولك: انزجر أو أغر، وقال ابن درستويه، وأبو الحسن الهروي: ويها حض لا غير ولا يكون زجرًا، وقال قطرب تقول: ويهك يا فلان، و (إيهك) إذا زجرته ونهيته، و (إيها ويها) وقال يونس: سمعت (ويهك فلانًا) بمعنى خذ فلانًا. وفي الترشيح: (إيها) اكفف، وويها في الإغراء، و (واهًا) في الاستطابة هن نكرات، ولذلك نون، وبس: ارفق، وواهًا: أعجب قال: واها لسلمى ثم واها واها و (أف) أتضجر، وفي البسيط: معناه التضجر، وقيل الضجر، وقيل: تضجرت، ويقال: أفة وتفة تنصب دعاء على الشخص، نصب المصادر التي هي بدل من اللفظ بالفعل، ويقال أفة بالرفع مبتدأ محذوف الخبر، ومعناه كمعناه منصوبًا، وقالت العرب: أف لك، وأف لزيد أعربوه ورفعوه بلام الجر، وقالوا:

أفا لزيد أجروه مجرى (ويلا لزيد) ومن عطف على المكسور في هذا عطف على الحكم، وحقيقة الإعراب فيقول: أف ونكد، ومقت، فيرفع المعطوف بالحمل على الأصل، ولا يبنى على اللفظ الخفض، وكذلك (هيهات) لقصدك والسحق بكسر التاء، والمعطوف على (هيهات) مرفوع ومثله ويل له وبعد انتهى. وفي (أف) لغات نسردها مضبوطة بالشكل: أف، أف، أف، أف، أف، أف، أفا، أف، أف، أفا، أف، أف، أف، أف، أفي بغير إمالة، و (أفى) بالإمالة المحضة، و (أفى) بالإمالة بين بين، والألف في هذه للتأنيث، أفى، أفوه، أفه، أفه، أفه فهذه اثنان وعشرون لغة مع الهمزة المضمومة. إف، إف، إف، إف، غف، إفا، إف، إف، إفا، إفى، بالإمالة، إفي فهذه إحدى عشرة لغة مع الهمزة المكسورة: أف، أف، أف، أف، أفى، ويقال أفف أفا إذا قيل ذلك، وقالوا: أفا له كما تقولي الدعاء عليه: جدعا له، وقد أتى به سيبويه في كتابه، وتقول: كان الأمر على إف، وإفانه أي على حينه وأوانه. و (إخ)، و (كخ) أتكره، و (هاء) أجيب، و (بجل) حرف بمعنى (نعم) في الطلب والخبر، واسم فعل بمعنى (اكتف)، وتلحقها نون الوقاية [نحو: بجلنى، واسم بمعنى (حسب) فلا تلحق نون الوقاية] قال: ... .... ... .... ... … ألا بجلى من الشراب ألا بجل و (لبى) خفيفة الباء بمعنى أجيبك، و (هاه) بمعنى قاربت، و (إيت) يقال: إيت لهذا الأمر، و (ويت) اسم فعل لـ (عجبت)، و (لب) ذكر ابن مالك عند

الكلام في الشرح على (لبيك) أن (لب) اسم فعل بمعنى أجبت، ورددنا عليه ذلك ثمة. ومما فيه خلاف (حسب) تقول العرب: (حسبك درهمان)، فزعم الجرمي أن (حسب) في معنى الأمر، والضمة في الباء ضمة بناء، والكاف حرف خطاب لا موضع له من الإعراب، وقيل: الضمة ضمة بناء، والكاف في موضع جر، وهي مفعولة في المعنى، ولم يمنع البناء الإضافة كما قالوا: اضرب أيهم قائم، وذهب المازني إلى أن (حسبك) مبتدأ، و (درهمان) خبره، وذهب بعضهم إلى أنه مبتدأ، و (درهمان) معموله تقديره: ليكفك درهمان، ولا خبر له، لأنه فيه معنى الأمر، ولذلك جزم في (حسبك ينم الناس) وتقدم الكلام على (حسبك ينم الناس) في باب المبتدأ والخبر. القسم الزائد على ثلاثة: (رويد)، و (أو)، و (آمين)، و (مهيم) و (حمحام)، و (همهام)، و (محماح)، و (بحباح)، و (أولى)، و (فداء)، و (النجاء)، و (هيهات)، و (دهدرين)، و (سرعان)، و (وشكان)، و (شتان)، و (بطان)، فـ (رويد) اسم فعل بمعنى أمهل، وهو مبني على الفتح، وبمعنى: دع ومنه: لو أردت الدراهم لأعطيتك رويد ما الشعر أي: فدع الشعر، زاد (ما) قبل المفعول، ويجوز أن لا تزاد كما قال رويد بني شيبان بعض وعيدكم … ... ... ... ...

وهو تصغير (إرواد) تصغير ترخيم، لا تصغير (رود) بمعنى المهل، خلافًا للفراء في دعواه ذلك، والفاعل مستتر كحاله في أسماء الأفعال، وفي النهاية: (رويدًا) تصغير (مرد)، لأن اسم الفاعل مصغر، وأما المصادر فلا تصغر قبل التسمية انتهى. ولو عطف عليه أكد فقلت: رويدًا أنت وزيد عمرا، ويكون مصدرًا ينوب مناب الفعل، ويبقى على إعرابه، ويضاف إلى الفاعل نحو: رويدك زيدًا، وإلى مفعول حكى من كلامهم: رويد نفسه على معنى رويدًا نفسه، وتقدم الخلاف في النصب إذا كان مصدرًا ويكون أيضًا معربًا صفة لمصدر قالوا: سار سيرا رويدا، فقيل هو الذي استعمل مصدرًا وصف به، وقع موقع (مرود)، كما وصفوا (برضى) أي مرضى، وقيل: ليس (إياه)، بل هو تصغير (مرود) تصغير ترخيم. وينتصب أيضًا (رويدًا) حالاً، قالوا: ساروا رويدًا، فـ (رويدًا) حال من ضمير المصدر المحذوف الذي دل على إضماره الفعل التقدير: ساروه أي ساروا السير في حال كونه (رويدًا)، وكونه (نعتًا) لمصدر محذوف قول ضعفاء المعربين، قدروه: ساروا سيرًا رويدًا. و (أوه) بمعنى أتوجع ويقال: أوه، وأوه، و (آوه)، وأوتاه، وآوياه، و (أو)، و (أوه)، و (آووه)، وآو، و (آو)، وآه، وآه، وإذا صرف الفعل منه في: أوه، وتأوه. و (أمين)، و (آمين): استجب، و (مهيم) وهي استفهام معناه ما وراءك، وقيل أحدث لك شيء، و (همهام)، وما بعدها روى الكسائي

أنه سمع أعرابيًا يقول: إذا قيل له أبقى عندكم شيء يقول: همهام أي لم يبق شيء، وقيل: هي اسم لـ (فنى). و (أولى لك): اسم لدنوت من الهلاك قاله الأصمعي. وفي البسيط: (أولى) المستعمل في الوعيد نحو قوله تعالى: «أولى لك» هو بمعنى وليه الهلاك، وما يكرهه، ولا يكون اسمًا للفعل لا يعرب، وقد حكى أبو زيد: رفعه مؤنثًا في قولهم: (أولاه) فهو علم كـ (أحمد) استعمل علمًا في الوعيد، فامتنع من الصرف، ومن أدخل التاء جعله اسمًا مؤنثًا، كـ (أرملة)، و (أضحاة)، وامتنع من التنوين للعلمية في الوعيد والتأنيث، فـ (على) هذا لا يكون اسم فعل. و (فداء) اسم (ليفدك) تقول العرب: فداء لك أبي وأمي، ويروى قوله: مهلاً فداء لك الأقوام كلهم … ... ... .... ... .... بالكسر اسم فعل مبني، وبالفتح على المصدر، وبالرفع على الابتداء، والخبر أي الأقوام فادون لك، وأجاز أبو علي في (فداء) أن يكون بمنزلة قول العرب: فداء بالمد والكسر، وكسره يدل على بنائه، وبناؤه يدل على أنه اسم فعل، وكأنه قال: التقدير نفسي، وقال الهجري: فدى بالضم والفتح مقصور، وبالكسر ممدود ومقصور. و (النجاء) اسم لأنج، وتلحقها كاف الخطاب فتقول: النجاءك، قاله

ابن طاهر، وقيل ليس اسم فعل، بل هو من المصادر النائبة عن الفعل، و (هيهات) اسم فعل لـ (بعد)، خلافًا لأبي إسحاق، إذ جعلها بمعنى البعد، فهي في موضع رفع نحو قوله تعالى: «هيهات هيهات لما توعدون»، وفتحت لأنها بمنزلة الأصوات انتهى. وتكرارها توكيد في الآية وقوله: هيهات هيهات العقيق وأهله … ... ... .... ... .... أي بعد بعد، وجعلها ثعلب كلمة واحدة مركبة كـ (بيت بيت)، وخلافًا للمبرد، إذ زعم أنها ظرف غير متمكن، وبني لإبهامه، وتأويله عنده في البعد، وترك التنوين والبناء، قال: ومن جعلها نكرة في الجمع نون فقال هيهات، وإذا ضمت فقيل: هيهات، فمذهب أبي علي أنها تكتب بالتاء ومذهب ابن جني أنها تكتب بالهاء، وذكر الحسن محمد بن الصاغاني: فيها ستا وثلاثين وجهًا: هيهات، وأيهات، وهيهان، وأيهان، وهايهات وآيهان كل واحدة من هذه الستة مضمومة الآخر، ومكسورته، ومفتوحته، وكل واحدة منونة وغير منونة، فتلك ستة وثلاثون وجهًا. وقيل: هيهاتًا، وأيهاء، وأيهاك، والكاف للخطاب: وأيها، وهيها، ويفتح الحجازيون تاء (هيهات)، ويقفون بالهاء، وتكسرها تميم وأسد، ويقفون بالتاء، وبعضهم يضمها، وتقدم الخلاف في كتبها إذا ضمت.

(دهدرين) اسم الباطل وفي الأمثال: (دهدرين سعد القين)، و (سعد) مرفوع به أي باطل سعد القين، و (دهدرين) تثنية لا شفع الواحد، وإنما هي توكيد كأنه قيل: باطل، باطل، وقيل: الدهدر، و (الدهدن) الباطل وأصله أن (القين) مضروب به المثل في الكذبة، ثم إن (قينا) ادعى أن اسمه سعد زمانًا، ثم تبين أن دعواه كاذبة، فقيل له ذلك، أي جمعت باطلين يا سعد، فـ (دهدرين) نصب بفعل مضمر وهو جمعت، و (سعد) منادى مفرد، و (القين) صفة له. وقال (أبو محمد بن بري): قد رواه قوم مفصلاً (دهدرين سعد القين) وفسر بأن (ده) فعل أمر (من الدها) قدمت لامه إلى موضع عينه فصار (دوه) ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين فصار: ده، و (درين) من دريد إذا تتابع، والمعنى بالغ في الكذب يا سعد، انتهى، وقال الأصمعي: لا أدري ما أصله، وعلى هذا لا يكون (دهدرين) في هذين القولين اسم فعل. و (سرعان) بمعنى سرع، وتفتح سينه وتضم، وتكسر، وتفتح نونها وتضم، والراء مسكنة على كل حال، ومن كلامهم: (سرعان ذي إهالة)، و (سرعان) خبر محض، وخبر فيه معنى التعجب، ذكر الجوهري: سرعان ما صنعت كذا، أي ما أسرع، وقد استعمله بعض شعرائنا بهذا المعنى قال: سرعان ما عاث جيش الكفر واحربا … عبث الدبا في مغانيها التي كنسا و (وشكان) مثلثة الواو ومعناه سرع، وقيل: قرب، ويقال: وشك يوشك وشكا، أي سرع، و (يوشك) من أفعال المقاربة ماضيه أوشك، ويقال في وشكان: أشكان، وفي مصدر (وشك): أشكا، بإبدال الهمزة المضمومة

واوًا، و (الشين) في (وشكان) ساكنة على كل حال، ويستعمل (وشكان) أيضًا مصدرًا تقول: عجبت من وشكان ذلك الأمر أي من سرعته. و (شتان) اسم لتباعد، وقيل: اسم لـ (بعد)، وزعم الزجاج أنه مصدر جاء على فعلان، وهو واقع موقع الفعل، وزعم الأصمعي أنه مثنى، وهو مثل (سيان) فتقول: شتان الزيدان، وشتان زيد وعمرو، وسمع: شتان ما زيد وعمرو، ولا يجوز عنده: شتان ما بين زيد وعمرو، والصحيح جوازه، وهو مسموع من العرب. وحكى صاحب (اللباب)، وصاحب البسيط: أن الأصمعي جوز أن تكون بمعنى (بعد) فتقول: شتان ما بين زيد وعمرو، وأن غيره منع من ذلك، والنقل الأول عن الأصمعي نقله صاحب التمهيد، وابن عصفور، وشيخنا أبو الحسن الأبذي، أما (بطآن) فاسم لـ (بطؤ) تقول (بطآن ذا خروجا) وفيه معنى التعجب أي ما أبطأ. القسم الثاني من القسمة الأولى، وهو المركب، وينقسم قسمين: قسم مركب من جار ومجرور، وقسم مركب من غيرهما، فالمركب من غيرهما: (هلم وحيهل)، أما (هلم) فقال البصريون هي مركبة من (ها) التي للتنبيه، و (لم) التي هي فعل أمر من قولهم: لم الله شعثه، حذفت ألفها تخفيفًا، ولزم الحذف ولم يضر التركيب، إذ المعنى: أجمع نفسك إلينا، وهو أحد معانيها. وقال الخليل: لم يبقها التركيب على أصلها، وقال الفراء: هي مركبة من (هل) التي للزجر، وأم بمعنى أقصد، فالهمزة ألقيت حركتها على الساكن قبلها،

وحذفت هي، فقيل: هلم، وذكر بعض من عاصرنا أن تركيبها إجماع وذكر في البسيط أن منهم من قال: ليست مركبة، وهو قول لا بأس به، إذ الأصل البساطة حتى يقوم دليل واضح على التركيب. وذكر في البسيط: أنهم نطقوا بالأصل على ما ادعاه البصريون فقالوا: هالم، ولغة الحجاز استعمال هلم: اسم فعل، فيستكن فيها الضمير كسائر أسماء الأفعال، وميمها مفتوحة مشددة، ولغة بني تميم اتصال الضمائر بقها فتقول: للمذكر: هلم. وحكى الجرمي عن بعض تميم فيها الكسر فيقولون: هلم، وتقول للمؤنث: هلمى، وللاثنين: هلما، ولجمع المذكر العاقل: هلموا، وللمؤنثات: هلممن، هذا نقل البصريين، وأكثر الكوفيين في المؤنثات، وزعم الفراء: أنك تقول في (هلمن) بفتح الميم، وزيادة نون ساكنة بعدها وقاية لفتح الميم، ونون الضمير، فتدغم فيها النون الساكنة وما ذكره شاذ، وعن أبي عمرو: أنه سمع العرب تقول: هلمين يا نسوة: بكسر الميم مشددة، وزيادة ياء ساكنة بعدها نون الإناث، وعليه جاء قول أبي الطيب [الطويل]. قصدنا له قصد الحبيب لقاؤه … إلينا وقلنا للسيوف هلمينا وحكى عن بعضهم (هلمن) بضم الميم، وهو شاذ، وفي النهاية: ومن النحويين من يقول: هلمين في أمر المؤنث يزيد قبل نون الإناث ياء، تبقى معها ميم (هلم) على فتحها، وأظنه مرويًا عن العرب، وقال أيضًا: وتنقل حركة الميم إلى اللام، كما تقول: ارددن، ولا يحضرني شاهد في شيء من ذلك، إلا أني رأيت في شعر أبي تمام بيتًا، والظاهر الوثوق بقوله: وإن كنا لا نستشهد به قال:

هلمن اعجبوا من ابنة الناس كلهم … ذريعته فيما يحاول خامل وأكثر النحاة على أنها في لغة بني تميم، وذهب بعضهم إلى أنها في لغتهم اسم فعل، وإذا ألحقتها النون الشديدة قلت: هلمن، وهلمن، وهلمان، والقياس على هذا في جمع الإناث أن تقولك هلممنان، وهلم تستعمل متعدية بمعنى أحضر قال تعالى: «قل هلم شهدآءكم»، وقاصرة بمعنى أقبل قال تعالى: «هلم إلينا»، وتقول: هلم إلى الثريد، وباللام (هلم) للثريد. ومنهم من حذف الحرف فينصبه تقول: هلم الثريد، أي إيت الثريد وتقول: هلم لك، ولك، ولكما، ولكن، والمضمر الذي هو الكاف، هو المضمر الذي في (هلم)، والتقدير: إرادتي لك. وفي البديع تصنيف محمد بن مسعود الغزني: هلم لكم جاز أن تكون بمنزلة لام ذلك، وأن تكون لام جر دخلت على الاسم، ويتبين ذلك بالتوكيد، فإذا قلت: هلم لك نفسك بالجر، فـ (الكاف) اسم، واللام حرف جر، وإن رفعت فالكاف حرف خطاب، واللام عماد كما في ذلك، والرفع أولى بدليل أن المعطوف لا يكون إلا مرفوعًا مع إبراز الضمير نحو: هلم لكم أنتم وزيد انتهى. وفيه بعض تلخيص، وقد اشتقوا منها، وهي مركبة فعلاً، حكى الأصمعي أنه يقال للرجل: هلم إلى كذا فتقول: لا أهلم بفتح الهمزة والهاء وضم اللام وفتح الميم المشددة، وتقول أيضًا إلام أهلم.

ذكر أبو علي أنه يقال للرجل: هلم كذا فتقول: لا أهلمه أي لا أعطيه قاله الجوهري، وقال أيضًا: كان ذلك عام كذا (وهلم جرا) معناه: تعالوا على هينكم مثبتين، وانتصاب (جرا) على أنه مصدر في موضع الحال أي جارين قاله البصريون، وقال الكوفيون: مصدر؛ لأن معنى (هلم): جروا. وقيل انتصب على التمييز، وأول من قاله عائذ بن يزيد في جواب جنندلة قال: فإن جاوزت مقفرة رمت بي … إلى أخرى كتلك هلم جرا وقال المؤرج بن الزمار التغلبي: المطعمين لدى الشتاء … سدائفًا ملنيب تمرا في الجاهلية كان سو … ددوائل فهلم جرا يقال للشيء الكثير (هلم جرا) و (حيهل) مركبة من (حي) ومعناها أقبل، وهلا، وهلا، قال ابن هشام: بمعنى عجل، وقيل: هل بمعنى قر، وتقدم، وقيل (هل) يظهر أنها صوت للإبل ركبا، وصار كـ (خمسة عشر) مفتوحتين، وسمى بمجموعهما الفعل تقول: حيهل الثريد بمعنى: ائت الثريد واحضره، وقال بعضهم: حيهل الصلاة أي اقصدوا الصلاة فهذه متعدية، ويجوز أن تكون لازمة، فتعدى بـ (إلى) على معنى تعالى إلى كذا، أو بالباء بمعنى أسرع بكذا، أو بـ (على) على معنى أقبل على كذا. وفيها لغات: حيهل، وحيهل، وقد ينونان، فلا يكون إذ ذاك إلا بمعنى ائت، وإذا وقفوا فبالألف، أو بهاء السكت، و (حيهلا) بإثبات الألف وصلاً ووقفًا من غير تنوين قال الشاعر:

بحيهلا يزجون كل مطية … أمام المطايا سيرها المتقاذف وحيهلا، وحكى أبو زيد: حيهلك بكاف الخطاب، وقد يفرد كل واحد منهما، ويختص (حي) باستحثاث العاقل، و (هلا) لاستحثاث غير عاقل، ويقل استعمالها للعاقل وتصل (حي) بـ (على) خاصة فتقول: حي على الثريد، ويقال: هل الثريد، وإلى الثريد، وتغلب حالة التركيب أن يكون استحثاثًا لمن يعقل تغليبًا لـ (حي)، ومنهم من يغل ب (هل) فيستحث بها ما لا يعقل. وفي النهاية: إذا قلت حي هل أمرًا، فقيل في (حي)، وفي (هل) ضميران: لأنهما في الأصل اسمًا فعلين، فكل واحد منهما يستحق الضمير، وقيل فيهما ضمير واحد، لأنهما بالتركيب صارا كالكلمة الواحدة، ويدل على ذلك أن (حي) لا يتعدى، و (هل) لا يتعدى، فلما ركبا تعديا، فدل على أن حكم الإفراد قد زال وقوله: ... .... .... … يوم كثير تناديه وحيهله أضافه إلى الضمير وأعربه. والمركب من جار ومجرور قسمان مركب من حرف ومجروره، ومركب من ظرف ومجروره، فالأول (عليك)، و (إليك)، و (على)، و (إلى)، وكذاك، وكما أنت، والمركب من ظرف ومجروره: عندك، ولديك، ودونك، وبينكما، ووراءك، وأمامك، ومكانك، وبعدك، هذا هو المسموع.

أما (عليك) فإنه يتعدى قال تعالى: «عليكم أنفسكم» أي ألزموا أنفسكم، ويتعدى بالباء تقول عليك بزيد، وقدره بعضهم: خذ زيدًا من عليك، وبعضهم أمسك عليك زيدًا، وأما (علي) فتقول: علي زيدًا أي أولني زيدًا، وضعتها العرب موضع فعل يتعدى إلى اثنين، وشذ إغراء الغائب في قولهم (عليه رجل ليسنى)، وأجاز بعضهم إغراء الغائب. وإما (إليك) فمعناه: تنح، وإلى معناه أتنحى أو انتحيت، وهو لازم عند البصريين، وزعم الكوفيون، ويعقوب ابن السكيت: أنه يتعدى فتقول: إليك زيدًا أي: أمسك زيدًا. وأما (كذا) فنحو قوله: ... .... ... ..... … كذاك القول إن عليك عينا أي أمسك القول، وإنما يقول هذا الرجل: كشفت إليه أمرًا فجعل يخبر محاسن أحواله، فقلت زاجرًا له ومنتهرًا: كذاك القول أي: كف القول. وأما (كما أنت) فسمع الكسائي: كما أنت زيدًا أي انتظر زيدًا، وكما أنتنى أي: انتظرني. وأما (عندك) فتكون متعدية نحو: عندك زيدًا أي (خذ)، ولازمة فتقول: عندك أي: توقف، و (لديك) حكاها الجوهري، وهي متعدية تقول: لديك زيدًا، و (دونك) متعدية تقول: دونك زيدًا أي خذ ولازمة بمعنى (تأخر) و (وراءك) تأخر، و (أمامك) تقدم، و (مكانك) اثبت، وسمع الفراء (مكانك) بي، وكما أنتني أي: انتظرني، فتكون (مكانك) لازمة ومتعدية،

وبعدك تأخر تحذه شيئًا خلفه، وحكى الكسائي الإغراء يبين، وحكى أنه سمع من كلامهم: بينما البعير فخذاه أي أمسكا البعير، ولا حجة فيه لجواز أن يكون من باب الاشتغال، والبصريون يقصرون الإغراء بالظروف على المسموع، وأجاز الكسائي، والكوفيون في نقل قياس بقية الظروف على المسموع نحو: خلفك وقدامك، وأجاز ابن كيسان القياس على لديك، و (دونك) ما هو بمعناهما، وهو عندك، ومنع قياس (خلفك) و (قدامك) على عندك، وقد ذكرنا أن الإغراء بـ (لديك) مسموع فلا يحتاج إلى قياسه. وأسماء الأفعال كلها مبنية حتى إن أبا الفتح زعم أن حركة كاف مثل (عليك)، و (دونك) حركة بناء، ولا ينقاس تنوينها، ولا اتصالها بكاف الخطاب، بل يقتصر فيه على السماع. و (كاف الخطاب) لا موضع لها من الإعراب، لا نعلم خلافًا في ذلك، بخلاف (عليك) و (دونك) وأخواتها، فمذهب الكسائي أنها في موضع نصب ومذهب الفراء أنها في موضع رفع، فلا يجوز توكيدها بالمجرور، ومذهب البصريين أنها في موضع جر، وذهب طاهر بن بابشاذ إلى أنها حرف خطاب فلا موضع لها من الإعراب، كهي في (حيهلك). وإذا قلنا أنها في موضع جر، فلك أن تؤكد الكاف بالمجرور فتقول: عليك نفسك زيدًا، ولك أن تؤكد الضمير المستكن فتقول: عليك أنت نفسك زيدًا، فلا بد من تأكيده بالضمير المنفصل، ولك أن تجمع بينهما فتقول: عليك نفسك أنت نفسك زيدًا، وتقول: هلم لك نفسك إذا أكدت الكاف، فإن جمعت بين التوكيدين فقلت: هلم أنت نفسك لك نفسك، ولا تقول هلم لك نفسك أنت نفسك، ولا عليك أنت نفسك نفسك، بل الترتيب في جمع التوكيدين كما ذكرنا.

ومذهب الأخفش أن أسماء الأفعال لا موضع لها من الإعراب، ونسبه صاحب الكافي إلى الجمهور [وذهب سيبويه، والمازني، وأبو علي الدينوري إلى أنها في موضع نصب] والقولان عن الفارسي، وذهب بعض النحاة إلى أنها في موضع رفع على الابتداء، وأغنى الضمير المستكن فيها عن الخبر، كما أغنى الظاهر في (أقائم الزيدان)، ومذهب جماعة إلى أن أسماء الأفعال كلها معارف ما نون منها، وما لم ينون، وهو تعريف علم الجنس، ومذهب جماعة أن ما لزمه التنوين منها نكرة، وما لم يدخله تنوين البتة معرفة، وما جاز فيه دخوله يكون نكرة إن دخله، معرفة إن لم يدخله، فالأول كـ (واهًا) والثاني (كبله) والثالث (كمه). ومذهب البصريين أنه لا يجوز تقديم مفعوله عليه فلا يجوز: زيدًا عليك، ولا زيدًا رويد، وأجاز ذلك الكسائي، وفي نقل أجازه الكوفيون إلا الفراء، ولا يجوز حذف اسم الفعل وإبقاء مفعوله، وأجازه بعضهم، وفي كلام سيبويه ما يدل ظاهره على الجواز، لكن تأوله الشيوخ، والمغري به إن كان ضمير متكلم، أو غائب جاز اتصاله وانفصاله تقول: زيد عليكه وعليك إياه، وعليكني، وعليك إياي، وإن كان ضمير مخاطب، فالانفصال فقط، ويؤتي بالنفس فتقول: عليك إياك وعليك نفسك.

فصل

فصل في أسماء الأصوات، وهي إما لزجر عن شيء، أو إقدام على شيء، وإما لحكاية صوت حيوان، أو صوت اصطكاك أجرام، فـ (لزجر) الخيل (هلا) و (إجد إجد) و (هجد هجد)، وتقدم ذكر ابن مالك لها في فصل (الأفعال التي لا تتصرف)، وذكرهما قطرب، وزاد (وإجدم)، فزاد فيه الميم يقال: أجدمت الفرس إجدامًا إذا قلت لها ذلك، قال ابن الرقاع: هن عجم وقد عرفن من القول … هبى واجدمى وياى وقومي وهبى، و (ياى)، و (يايا)، و (هلا هلا)، و (هل هل)، و (هل هل)، ولزجر الإبل (هيه)، و (هاد)، و (ده)، و (عه)، و (عاه)، و (عيه)، و (حوب حوب)، و (حوب حوب)، و (حوبا حوبا)، و (حاب حاب)، و (جه جه) و (جه جه)، و (جاه جاه)، و (حل حل)، و (حل حل)، و (حل حل). وفي كتاب قطرب: (داه داه) يا ناقة بالإسكان، وبالكسر أيضًا، وده و (ده) يا ناقة، وده ده يا ناقة، وتدهدهت الناقة قلت لها ده ده، ومن زجر الإبل

للتسيير: هيجى، وهيسى، وأيا أيا، وأيا، وللبعير هيج وعاج، و (حل حل)، و (حاب وجاه)، وللناقة (جاب جاب) يا ناقة، وعاج عاج و (عاج) يا ناقة لا عجت، وجاه يا ناقة لا جهت، ولزجر البغل (عدس)، وقد عدست البغل عدسًا إذا قلت له ذلك. وزعم أناس أن (عدسًا) اسم للبغلة، وأدخلوا عليه العوامل، واحتمل أن يكون اللفظ مشتركًا بين دلالته على الفعل، ودلالته على اللفظ الذي يزجر به، ولزجر الحمار (عد)، و (حرى)، وقال قطرب: وقال بعضهم (حر) فعل وتثنية (حريا) تجعله من التحري، وهو القصد، وقال بعضهم: هي زجرة لا تثنى وقال الشاعر: قد تركت ساه وقالت حر … شمطاء جاءت من أعالي البر وحيه، وحيه، وساه واربق، وسئى وسأ قال: لم تدر ماسأ للحمير ولم … تضرب بكف مخابط السلم

وسأسأ، وهاب، وهاب، وللأتان: زرزر، وقال قطرب: ومن زجر الحمار والفرس: هب هب، وهاب هاب، و (هاب) (هاب) قال الجعدي: فظننا أنه غالبه … فرددناه بهاب ثم بهل وقال أبو داود غدونا نبغي به الأبدات … نؤيه من بين هاب وهل وفي زجر الخيل (يأيأ)، وقد يأيأت بها يأيأه شديدة، و (لزجر الغنم) (إس) و (هس)، و (هج)، و (فاعل)، وللضأن: جح، جح، وجه وجه، وللعنز: عز، وعيز، وحيز، وحز، وللبقر: وح، وقس. قال قطرب: ولم يسمع غيرهما. وللكلب، وللأسد: هج هج، وهج هج، وفي كتاب قطرب: يقال ذلك للرجل إذا زجرته: هجاجيك، و (هجا هجا)، وللكلب: قوس قوس، وقس قس، وقوش قوش، وقد قشقشت به، وقوقست به. وللسنور: غس غس، ولذي الجناح: كشح ودح، وللنعامة (عوسج) وأما الذي للإقدام على شيء، وهو الذي عبر عنه ابن مالك بالدعاء فللفرس:

أو، وللربع: دوه، وللجحش: عوه، وللغنم: بس، وللإبل المورده: جوت وجيء، وللتيس المنزي: تؤ، وتأ، وللبعير الذي يناخ: نخ مخففًا ومشددًا، ولصغار الإبل المسكنة: هدع، وللحمار المورد: سأ، وتشؤ، وقال قطرب: وللحمار إذا دعوته للعلف: تشؤ تشؤ، وتشأ، وتقول: وقد شأشأت به إذا فعلت ذلك به انتهى. وللخيل إذا دعوتها للعلف: هأهأ، وقد هأهأ بالخيل يهأهيء بها هأهأة، ويقال لها عند النزا: أهؤ أهؤ، وللفرس الأنثى: أهيب أهيب، وللإبل عند الرعي: يايه يايه، وللبعير عند الضراب: هيخ وهيخ، وقد هيخت بالبعير أهيخ، ويقال في مثل ذلك: إلخ إلخ، وللبعير البارك:

ارحبي ارحبي ليقوم، ومن زجر الإبل عند الضراب: قلخ قلخ، وللتيس عند السفاد حؤحؤ، وحوحو، وحي حي، وحي حي، وقد حأحأت به، وخأخأت، ولتحريض السنور: أسد أسد، وتقول: أسدته، وآسدته. وأما حكاية صوت حيوان: فغاق للغراب، وماء للظبية و (عاء) لصوت الضبع، وخازباز لصوت الذباب، وقد تقدم هذا اللفظ، وأنه مشترك بين معان وفيه لغات. وفي الترشيح: فإن كان الصوت المحكي ثلاثيًا ساكن الوسط، كسرت آخره لالتقاء الساكنين، ولم تنونه إن أردت المعرفة، وإن نكرت نؤنت تقول: قال الغراب: غاق وقال الحجر: طاق، وقال الغزال: ماء تريد المعرفة، ومعناه قال هذا الصوت بعينه، وإن نكرت نونت فقلت: غاق وطاق وماء، والمعنى قال صوتًا يشبه هذا انتهى. و (شيب) لشرب الإبل، و (طيخ) للضاحك، و (عيط) للمتلاعبين، وأما حكاية اصطكاك أجرام، فـ (طق) لوقع الحجارة، و (قب)، و (قب) لوقع السيف، و (طاق) للضرب، و (خاق باق) لضرب الفرجين عند العود وهو الجماع، و (قاش ماش)، و (حاث باث) لصوت القماش المتفرق وغيره. والكلام على معاني هذه الكلمات هو من علم اللغة، ولما تعرض لها بعض المصنفين من النحاة، تعرضت لها، وحظ النحوي منها إنما هو النظر في حكمها من

البناء، وهي مفردة مبنية لشبهها بالحروف، لكونها لا عاملة، ولا معمولة وليست مركبة، بخلاف أسماء الأفعال، فإنها مركبة لتحملها الضمير، أو رفعها الفاعل الظاهر، بل هي شبيهة بالأسماء المفردة قبل العقد والتركيب نحو: زيد بكر خالد، وقد عومل بعضها معاملة المتمكن فأعرب نحو قوله إذ لمتى مثل جناح غاق كأنه قال: مثل جناح غراب، وهذا شاذ لا يقاس عليه، فأما (مض)، فقيل هو اسم فعل (لا عذر) والمراد به الرد مع أطماع، وفي أمثالهم: «إن في مض لمطمعا» وقال ابن مالك: (مض) عبر به عن صوت مغن عن (لا)، وهو اسم بني لسده مسد الحكاية انتهى، وذلك الصوت هو مع ضم الشفتين بمعنى (لا)، ويسأل الرجل حاجته فيعوج شفتيه وقال سألت هل وصل فقالت مض … وحركت لي رأسها بالنغض

باب أفعل التفضيل

باب أفعل التفضيل هو الوصف المصوغ على أفعل دالاً على زيادته في محل بالنسبة إلى محل آخر، فالوصف جنس، وعلى (أفعل) يشمله، ويشمل باب أفعل فعلاء، إما وجودًا نحو: أدعج ودعجاء، وإما امتناع خلقة نحو: آدر، و (دالا على زيادته) احتراز من هذين. وصوغه مما صيغ منه فعل التعجب، وما شذ هناك شذ هنا، فمما جاء منه من غير فعل: (أقمن بكذا) و (ألص من شظاظ)، وأمير من كذا أي أمير، وأول، وآخر، ومما جاء على أفعل التفضيل، وهو مختلف في اقتياسه في التعجب: أضيع من كذا، وأعطاهم للدراهم، وأولاهم بالمعروف، وأكرم لي من زيد، وأفلس من ابن المذلق، ومن أفعل فعلاء: (أسود من حنك الغراب)، و (أبيض من اللبن)، و (أحمق من هبنقة)، و (أهوج من زيد)، و (أنوك منه)، ومما بني للمفعول: هو (أخصر) من اختصر، و (أصوب) من أصيب بمكروه، و (أشغل من ذات النحخيين)، و (أشهر)، و (أعرف)، و (أنكر)، و (أرجى)، و (أخوف)، و (أزهى)، قال ابن مالك: ويجوز قياسًا أن يبنى للمفعول إذا لم يلبس فيقال: لا أظلم من قتيل كربلاء.

وكثر حذف همزة (أفعل) في (خير وشر)، ولا تدخل عليهما (أل) فيقال: الأخير والأشر، كما يقال: الأفضل، ولا يقال: الخيري، والشرى، كما يقال الفضلى، ولا الخيرون كما يقال الأفضلون، ولا الخير كالفضل، وقد ثبتت كقراءة من قرأ: «من الكذاب الأشر» وقول بلال خير الناس وابن الأخير وعلى من أثبت الهمزة فقال: الأخير جاء في قول جرير: الأخاير. وجاء في الشعر: ... .... ... ..... … وحب شيء إلى الإنسان ما منعا يريد: وأحب شيء، ومما لا يصح أن يبنى منه أفعل التفضيل فتوصل إلى معنى التفضيل فيه بما توصل إليه في التعجب، وينصب مصدر ذلك فتقول: هو أحسن بلجة من زيد، وأشد دحرجة. وأفعل التفضيل على ثلاثة أقسام: معرف (بأل)، ومضاف، ونكرة معها (من) ملفوظًا بها أو مقدرة. القسم الأول: وهو الذي (بأل) يطابق ما قبله في التذكير والإفراد وفروعهما تقول: زيد الأفضل، والزيدان الأفضلان، والزيدون الأفضلون أو الأفاضل، وهند الفضلى، والهندان الفضليان، والهنود الفضليات أو الفضل.

وفي المستوفى لأبي سعيد الفرخان ما نصه: وأما مع الألف واللام، فقد تثنى وتجمع وتؤنث، تقول: الأفضلان، والأفاضل، والفضلى، وإن كنت لا تستغنى في الجمع عنها والتأنيث استعمال الأفاضل والفضلى، والأطاول والطولى من الأطول والأفضل، وأيضًا الأكرم، والأمجد، قد سمع منهما الأكارم والأماجد، ولم يستعمل (الكرمى). و (المجدى) انتهى. ولا يستعمل ذو أل بمن الداخلة على المفضول فأما قول الأعشى: ولست بالأكثر منهم حصا … ... ... .... .... فمؤول على زيادة (أل)، أو على إضمار أكثر، أي: ولست بالأكثر أكثر منهم حصا، حذف لدلالة الأول عليه، فلو كانت (من) غير داخلة على المفضول جاز أن تتعلق بذي (أل) نحو قول الكميت: فهم الأقربون من كل خير … ... ... .... ... كما يتعلق حرف الجر بغير (من) نحو: هم الأبصرون بالعلم.

القسم الثاني: وهو المضاف فإما إلى نكرة، وإما إلى معرفة، إن كان مضافًا إلى نكرة، فإما إلى جامدة، وإما إلى مشتقة، إن أضيف إلى جامدة كان مفردًا مذكرًا دائمًا، وما بعدها مطابق لما قبلها في إفراد وتذكير وفروعهما تقول: زيد أفضل رجل، والزيدان أفضل رجلين، والزيدون أفضل رجال، وهند أفضل امرأة، والهندان أفضل امرأتين، والهنود أفضل نساء، والمعنى أنه أفضل من كل رجل قيس فضله بفضله، وفي التثنية: أفضل من كل رجلين قيس فضلهما بفضلهما، وفي الجمع أفضل من كل رجال قيس فضلهم بفضلهم، فحذف (من)، و (كل)، وأضيف (أفعل) إلى ما كان كل مضافًا إليه، وكذا في المؤنث. وفي البديع لمحمد بن مسعود الغزني: إن كانت الإضافة حقيقية عرفت، وصارت صفة كالتي فيها اللام، وتثنى وتجمع وتؤنث كقوله تعالى: «هم أراذلنا» ولا ينتصب بعده التمييز، وإن كانت غير حقيقية لم تعرف، وتكون صفة للفعل كالمعرى عن اللام، ولا تثنى ولا تجمع ولا تؤنث، وينتصب عنه التمييز قال: ... .... ... .... … وهن أضعف خلق الله أركانا والمضاف إليه في هذا النوع، إن كان نكرة كان بلفظ الواحد واحدًا كان معناه أو مثنى، أو مجموعًا نحو: أنت أفضل رجل، أنتما أفضل رجل في الناس، أنتم أفضل رجل، قال تعالى: «ولا تكونوا أول كافر به»، وذلك لأنه في الحقيقة اسم تمييز أضيف إليه المميز تحقيقًا، كـ (مائة رجل) و (ألف درهم)، وقد أجازوا قياسًا لا سماعًا أن يثنى المضاف إليه ويجمع نحو: مررت برجلين أفضل رجلين، وبرجال أفضل رجال، انتهى.

ولا يجوز أن تكون النكرة المضاف إليها أفضل إلا من جنس ما أسند إليه أفعل؛ فلا يقال: زيد أفضل امرأة، وزعم الفراء أنه يجوز أن يؤنث (أفعل) ويثنى إذا أضيف إلى نكرة مدناة من المعرفة بصلة وإيضاح فتقول: هند فضلى امرأة تقصدنا، ودعد حورى إنسانة تلم بنا، والهندان فضليا امرأتين تزوراننا، وأجاز الفراء [أيضًا تأنيث المضاف إلى نكرة، وتثنية المضاف إليه مع كون كلمة التفضيل خبرًا عن مفرد، فأجاز: هند فضلى المرأتين تزوراننا، وأجاز الفراء]: مررت برجلين خير رجلين يكونان ويكون، وبرجال خير رجال يكونون، ويكون، وقد حمل التثنية، والجمع على معنى (من) إذا هو مكان يغلب عليه مجيء (من)، وزعم ابن الأنباري أن النكرة بعد (أفعل) إذا كان تخالف ما قبل أفعل جاز فيها النصب والجر تقول: أخوك أوسع دار ودارًا، وأبسط جاه وجاها، والله أصدق قيل وقيلا. وهذا شيء لا ينقل فيه عن شيوخنا إلا تحتم النصب، ولا تجوز فيه الإضافة قال: فلو صرحت بمن لم يكن فيه إلا النصب، وإن أضيف إلى نكرة مشتقة، فـ (كإضافته) إلى نكرة جامدة فتقول: زيد أفضل عالم، والزيدان أفضل عالمين، والزيدون أفضل عالمين، وهند أفضل قرشية، والهندان أفضل قرشيتين والهنود أفضل قرشيات. وزعم ابن مالك أنه يجوز إفراد المشتق مع جمعية ما قبل (أفعل). قال ومنه قوله تعالى: «ولا تكونوا أول كافر به» قال: وقد تضمن المطابقة، والإفراد ما أنشد الفراء من قول الشاعر: وإذا همو طعموا فالأم طاعم … وإذا هم جاعوا فشر جياع وإنما جاز الوجهان مع المشتق، لأنه و (أفعل) مقدران بـ (من) والفعل، ومن المعنى بها جمع يجوز في ضميرها الإفراد باعتبار اللفظ والجمع باعتبار المعنى انتهى.

ويدل قوله مع كون الأول غير مفرد، وتعليله أنه يجوز الإفراد، والمطابقة إذا كان قبل (أفعل) تثنية فتقول: الزيدان أفضل مؤمن، وأفضل مؤمنين، وقد تؤول (أول كافر) على حذف موصوف جمع في المعنى تقديره: أول فريق كافر، وأما قوله تعالى: «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين» فالإنسان هنا عام، و (أل) فيه للجنس، فأعاد الضمير في (رددناه) على لفظه، وجمع (سافلين) حملا على المعنى وحسن ذلك كونه فاصلة. وفي الترشيح: وإذا عطفت على النكرة المضاف إليها أفعل، قلت: هذا رجل أفضل رجل وأعقله، وهذه أكرم امرأة عندنا وأعقله، وهؤلاء أكرم نساء وأعقله، وأفضل رجال وأعقله، تذكر الضمير في الاثنين والجمع، والواحد من المذكر والمؤنث، ذكرته على التوهم كأنك قلت (من) في أول الكلام وهكذا تفعل مع النكرات. فإن أضفت (أفعل) إلى معرفة ثنيت وجمعت وهو القياس فقلت: هذا أكرم الرجال وأفضلهم، وأكرم الرجلين وأحسنهما، وأكرم النساء وأفضلهن، وقد أجاز ناس الإفراد في هذا وهو قول الشاعر: وميه أحسن الثقلين جيدًا … وسالفة وأحسنه قذالا كأنه قال: وأحسن من ذكرنا، وإنما يكون هذا في النكرات، وقال ابن الحضار: إن وصفت النكرة بظرف كان ضميرها جمعًا أبدًا تقول: مررت بأعقل رجل عندكم، وأنبلهم، وهذا أعقل رجل ثم وأنبلهم، و (دريود): يجري

هذا الموصوف مجرى غيره من النكرة في إجازة الإفراد والجمع في ضميره. وإن كان مضافًا إلى معرفة، فالذي عليه الجمهور أن (أفعل) إذا أضيف إلى معرفة لا يخلو من التفضيل البتة، ويكون بعض ما يضاف إليه، وتارة تفرد، وإن كانت مضافة إلى جمع كقوله تعالى: «ولتجدنهم أحرص الناس على حياة» وتارة يجمع كقوله تعالى: «وكذلك جعلنا في كل قرية أكبر مجرميها»، وقال تعالى: «وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا»، وفي الحديث: (ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجالس يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا) إلى آخره، فأفرد (أحب)، و (أقرب) وجمع (أحاسن) وعلى هذا القياس تقول: أخواك أحسن الثلاثة، وأحسنا الثلاثة، وهند أحسن النساء، وحسنى النساء، والهندان أحسن النساء، وحسنيا النساء، والهنود أحسن النساء، والهنود أفضل النساء أو فضليات النساء. وفي ثبوت الإفراد، والمطابقة في لسان العرب رد على ابن السراج، إذ زعم أنه يتعين الإفراد، والضمير العائد على المضاف إليه أفعل التفضيل مطابق، وقد جاء مفردًا قالت العرب: هو أحسن الرجال وأجمله وقال الشاعر: فمية أحسن الثقلين جيدًا … وسالفة وأحسنه قذالا ذكر على معنى: من خلق، ومن يخلق. وذهب أبو عبيدة: إلى أن (أفعل) التي أصلها أن تكون للتفضيل قد

يخرج إلى معنى فاعل وفعيل، ولا يلحظ فيها معنى التفضيل، وتبع أبا عبيدة ناس من المتأخرين، وذكر بعضهم أنها تكون بمعنى الصفة المشبهة، قال ابن مالك: وتأويله باسم فاعل، أو صفة مشبهة مطرد عند أبي العباس، والأصح قصره على السماع، وقال محمد بن مسعود الغزني: أفعل التفضيل ينصب المفعول به قال تعالى: «إن ربك هو أعلم من يضل عن سبيله»، فـ (من) مفعول به، وقوله تعالى: «أهدى سبيلا» مفعول به لا تمييز، ولزوم الإفراد والتذكير فيما ورد كذلك أكثر من المطابقة، ومثال الإفراد والتذكير قوله تعالى: «أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرًا وأحسن مقيلا»، وقال تعالى: «نحن أعلم بما يقولون» ومثال المطابقة قول الشاعر: إذا غاب عنكم أسود العين كنتم … كراما وأنتم ما أقام ألائم فـ (ألائم) جمع (ألأم) بمعنى لئيم، وقال في الشرح: إلا أن ترك جمعه أجود انتهى. وإذا كان من (متعد)، فالصحيح أنه لا ينصب المفعول به، واختلفوا إذا كان للتفضيل، وهو مضاف إلى معرفة في الأفصح، فقال أبو بكر بن الأنباري: الإفراد والتذكير أفصح، أعني تثنية ما أضيف إليه وجمعه، وتأنيثه عن تثنية أفعل في جمعه وتأنيثه، وقال هذا المؤثر عن العرب. وزعم أبو منصور الجواليقي: أن الأفصح

من الوجهين المطابقة، فرد على ثعلب حيث قال في الفصيح (فاخترنا أفصحهن). قال: وكان الأولى أن يقول فاخترنا فصحاهن، لأنه الأفصح كما شرط ثعلب في كتابه، و (ثعلب) بنى على مذهب الأنباري، وكون (أفعل) أحد ما يضاف إليه، هو مذهب ابن السراج والفارسي. ومذهب الكوفيين أن الإضافة على تقدير (من)، فتبنى على هذين المذهبين جواز: يوسف أحسن أخوته ومنعه، فـ (مذهب) البصريين أنه لا يجوز، إذ (يوسف) ليس بعضا من إخوته، ومذهب الكوفيين جوازه، إذ تقديره عندهم: أحسن من إخوته، وقالوا: علي أفضل أهل بيته، ونصيب أشعر أهل بلدته، وتأول ذلك البصريون على أحسن أخوته. وأما (على أفضل أهل بيته) و (نصيب أشعر أهل بلدته) فـ (على) بعض من أهل بيته، و (نصيب) بعض من أهل بلدته وقد شذ قوله: يا رب موسى أظلمني وأظلمه إذ إضافة إلى ما ليس بعضًا منه، وكان قياسه أن يقول: أظلمنا، وقد شذ أيضًا إضافته، ومجيء (من) بعده قال: نحن بغرس الودى أعلمنا … منا بركض الجياد في السدف يريد: أعلم منا، ولم يعتد بالإضافة إلى الضمير، ومن مسائل المضاف إلى معرفة

قول سيبويه: هما أفضل الناس اثنين، المجرور هنا نائب عن التنوين. وانتصاب (اثنين) كانتصاب الوجه في: هذا أحسن الناس وجهًا، وقال الأخفش: هما هنا الاثنان، وانتصاب (اثنين) على تقدير: هما أفضل الناس إذا أضيفوا اثنين اثنين. وقد رد هذا الوجه عليه أحمد بن يحيى بما هو مذكور في كتاب التذكرة من جمعنا، وقال الأخفش: يجوز أن يكون الاثنان غيرهما، فيجرى مجرى هو أحسن الخلق وجها، وهذا كما قاله سيبويه، وقال ابن الأنباري: ويجوز في مذهب الكوفيين: هما أعلم الناس اثنين. وفي البديع: أفضل القوم، وأفضل من القوم، أعطيا بعض أحكام التعجب، لأن معناهما المبالغة، والشيء يحمل على نظيره، ولهذا امتنع بعضهم من ظهور المصدر معه، فلا يجيز: زيد أفضل الناس فضلاً، وأكرمهم كرمًا، قال: ما جاء منه مظهرًا، فإنه منصوب بفعل آخر يدل عليه المذكور كقوله: أما الملوك فأنت اليوم ألأمهم … لؤما وأبيضهم سربال طباخ القسم الثالث: وهو النكرة الملفوظ معها (من) أو المقدر بها، مثال الملفوظ بها: زيد أفضل من عمرو، ومثال المقدر بها: (الله أكبر) تريد: من كل شيء، ولا يخلو ما فيه من مشاركة المفضل في المعنى كما تقول: سيبويه أنحى من الكسائي، أو تقدير مشاركته كقوله تعالى: «قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه» وقال: عجيز لطعاء دردبيس … أحسن من منظرها إبليس إلا إن كان يقصد به التهكم، فلا مشاركة لا حقيقة، ولا مجازًا نحو قول الراجز:

لأكلة من أقط وسمن … ألين مسا في حوايا البطن من يثربيات قذاذ خشن وتقول: أنت أكرم علي من أن أضربك، قال أبو بكر مبرمان في الحواشي التي أملاها على شيء من كتاب سيبويه: إن قدرته على لفظه لم يكن له معنى، لأنه يصير: أنت أكرم علي من الضرب، فهذا لا معنى له، وتهذيب الكلام أن يبين له ما هذا الكلام جواب له، هذا جواب قول القائل يريد أن يضربني فقلت له أنت نافيًا لكلامه، أنت أكرم علي ممن يجب أن يقول هذا، أو تقدير في نفسه، انتهى. وحذف (من)، والمفضول للدلالة كثير، وأكثر حذفه إذا كان (أفعل) خبرًا لمبتدأ كقوله تعالى: «أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير»، أو لكان وأخوتها كقوله: ... .... ... .... ... … ولكنهم كانوا على الموت أصبرا أو لـ (إن) كقولك وقد ذكر زيد وعمرو: إن زيدًا أفضل تريد: من عمرو،

أو ثانيًا لـ (ظننت) وبابه كقوله تعالى: «تجدوه عند الله هو خيرا» ويقل الحذف إذا كان غير خبر كالمعطوف على المفعول نحو قوله تعالى: «فإنه يعلم السر وأخفى» أو حالاً نحو قوله: دنوت وقد خلناك كالبدر أجملا … ... ... .... ... يريد: دنوت أجمل من البدر، وقد خلناك مثله، أو صفة قال رجل من طيئ: عملا زاكيا توخى لكن تجوى … جزاء أزكى وتلقى حميدا أي أزكى من العمل الزاكي، هذا كله مسموع. وأجاز البصريون الحذف مع الفاعل نحو: جاءني أفضل، ومع اسم (إن) نحو: إن أفضل زيد، ومنع الرماني الحذف إلا مع الخبر، وقال الكوفيون تسقط (من) من أفعل وهو خبر، والاختيار في الصفة ظهور (من)، ويجوز الحذف على قبح، ولا يجوز عندهم: جاءني أفضل ولا إن أفضل زيد. وكثر تقديم (من) ومجرورها على أفعل في الشعر بحيث يصح القياس عليه، وزعم الفارسي أن تقديم ذلك ضرورة، وقال الفارسي: وأصحابه (إن عبد الله لمنك أفضل) مستقبح، وقال الفراء: (إن عبد الله منك لأفضل) أقل قبحا من الأولى، و (إن منك عبد الله لأفضل) أحسن من التي قبلها انتهى.

فلو دخلت (من) على اسم استفهام نحو: قولك ممن أنت أفضل ومن أي الناس زيد أفضل، وجب التقديم على الجزأين فلا يجوز التأخير، ولا التوسط. قال ابن مالك: ذكر أصل هذه المسائل أبو علي الفارسي في التذكرة، وعلى هذا الأصل تقول: ممن كان زيد أفضل، وممن ظننت زيدًا أفضل، وهي من المسائل المغفول عنها انتهى. ثم إن أبا علي الفارسي منع من جواز هذه المسألة في المسائل الحلبيات قال: (أفعل) هذا لا يقوى قوة الفعل فيعمل فيما قبله، ألا ترى أنك لا تجيز ممن أنت أفضل، ولا ممن أفضل أنت، فتقدم الجار عليه لضعفه أن يعمل فيما تقدمه انتهى. وإذ وقع فيه الخلاف من الفارسي، فينبغي المنع حتى يسمع مثل هذا التركيب عن العرب، وإن كان القياس يقتضي جوازه، ويجوز الفصل بين (أفعل)، و (من) بمعمول لأفعل من جار ومجرور، وظرف، وتمييز مثال ذلك قوله تعالى: «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم» قال الشاعر: فلأنت أسمح للعفاة بسؤلهم … عند المصائب من أب لبنيه وزيد أحسن وجها من عمرو، وقد يفصل بغير المعمول له كالفصل بالمنادى قال جرير: لم يلق أخبث يا فرزدق منكم … ... ... ....

وبـ (لو) وما اتصل بها قال: ولفوك أطيب لو بذلت لنا … من ماء موهبة على خمر و (أفعل من) هذه تكون بهذه الصيغة، لا تؤنث، ولا تثنى ولا تجمع، ولا تعرف تقول: زيد أفضل من بكر، والزيدان أفضل من بكر، والزيدون أفضل من بكر، وهند أفضل من زيد، والهندان أفضل من زيد، والهنود أفضل من زيد. وإذا كان أفعل له متعلق غير (من) الداخلة على المفضول، وجمعت بينهما جاز [تقديم (من) التي دخلت على المفضول على ذلك المتعلق نحو: زيد أضرب من عمرو لخالد، وجواز تقديم] ذلك نحو: زيد أقرب من كل خير من عمرو، فلو اختلف المتعلق نحو: زيد أضرب لعمرو من خالد لجعفر، وزيد أبصر بالنحو منه بالفقه، فالذي يظهر أنه لا يجوز تقديم المجرور الثاني على (من) لو قلت: زيد أضرب لعمرو لجعفر من خالد، أو زيد أبصر بالنحو بالفقه منه لم يجز، ويجوز تقديم ما تعلق به عليه، كما جاز تقديم (من) ومجرورها عليه نحو: زيد بالفقه أبصر من عمرو، زيد لخالد أضرب من بكر. وحكم (أفعل) هذا إن كان ما بني منه متعديًا إلى فاعل في المعنى تعدى إليه بـ (إلى) نحو: زيد أحب إلى عمرو من خالد، وأبغض إلى بكر من خالد، وأمقت إلى بكر من خالد، إذ الفعل: أحب عمرو زيدًا، وأبغض بكر زيدًا، ومقت بكر زيدًا، أو مفهم علم أو جهل تعدى إليه بالباء نحو: زيد أعلم بالنحو من عمرو، وزيد أجهل بالنحو من (زيد)، أو متعديًا إلى مفعول من غيرهما تعدى إليه باللام

نحو: زيد أضرب لعمرو من بكر، أو إلى مجرور بحرف، فبالحرف الذي كان يتعدى به نحو: زيد أعز علي من عمرو، وزيد أزهد في الدنيا من خالد. ومن فروع أفعل التفضيل (أول وآخر)، ولما كان لهما بعض أحكام يخالفان فيه نظائرهما أفردا بالذكر، فـ (الأول) يكون اسمًا ويكون صفة، فإذا كان اسمًا جرى مجرى (أفكل) وهو مصروف تقول: ماله أول ولا آخر، وفي محفوظي: أن مؤنثه: أوله بالتاء مصروفة. وإن كان صفة بمعنى (أسبق) كان له حكم أفعل التفضيل، فيضاف إلى نكرة نحو: هذا أول رجل ورد إلينا، قال تعالى: «إن أول بيت وضع للناس»، وتستعمل بـ (من) نحو: ما رأيته مذ أول من أمس، ويضاف إلى معرفة كقوله تعالى: «وأنا أول المؤمنين»، وتدخل عليه (أل) تقول: الأول، والأولان، والأولون، والأوائل، والأولى، والأوليان، والأوليات، والأول، ومما يخصه من أحكام أنه إذا نويت إضافته جاز أن يبنى على الضم تقول: ابدأ بهذا أول تريد: أول الأشياء، ولا يجوز ذلك في غيره لا تقول: ابدأ بهذا أسبق تريد: أسبق الأشياء، وتقول: ما رأيته أول من أمس، على معنى: ما رأيته يومًا أول من أمس. وقال اللحياني: تقول العرب: مضى عام الأول بما فيه والعام الأول وعام أول، وعام أول، وعام أول، وعام أول، تضيف العام إلى (أول) فتصرف ولا تصرف، وترفعه على النعت فتصرف ولا تصرف، ويكون ظرفًا واسمًا تقول: ابدأ بهذا أول، فتبنيه على الضم، والحمد لله أولاً وآخرًا يعرب ويصرف نكرة، وفعلت ذلك عامًا أولن وعام أول وأول، واختلفوا في وزن (أول) فقال الكوفيون: أصله (أوأل)، قلبت الهمزة واوًا، وأدغمت الأولى فيها، وقيل أصله: (وأول) على فوعل، قلبت

الواو الأولى همزة، ثم أبدلت عين الكلمة واوًا، وأدغمت واو (فوعل) فيها والصحيح أن وزنه (أفعل)، وأن الفاء والعين واوان. وأما (آخر) فألحق بـ (أول) الوصف، فيما له مع الإفراد والتذكير وفروعهما من الأوزان فتقول: الآخر، والآخران، والآخرون، والأواخر، والأخرى، والأخريان، والأخريات، والأخر، إلا أنه يطابق في التعريف والتنكير، فيجرى على النكرة نكرة، وعلى المعرفة معرفة تقول: مررت بزيد ورجل آخر، ورجلين آخرين، ورجال آخرين وكذلك في المؤنث، وكان يقتضي في التنكير أن يلازم الإفراد والتذكير ولا يؤنث، ولا يثنى ولا يجمع إلا معرفًا، ولا يكون معه (من) وتاليها فلا تقول: وآخر من زيد، ولا يضاف كما يضاف (أول) تقول: هاذ أول فارس، وأول أصحابك، ولا يقال: آخر رجل، ولا آخر أصحابك، وزعم بعضهم أنه لا يستعمل (الآخر) إلا في الأخير خاصة، والصحيح أنه يقال في غير الأخير تقول: حضرني ثلاثة أحدهم، قرشي، وأما الآخر فأنصاري، وأما الآخر فـ (تميمي) وقد تنكر (الدنيا)، و (الجلى) لشبههما بالجوامد، وهما تأنيث الأدنى والأجل قال: في سعي دنيا طالما قد مدت وقال: وإن دعوت إلى جلى ومكرمة … ... ... ....

فأما من قرأ: «وقولوا للناس حسنا» فقال أبو بكر بن الأنباري: اتفق النحويون على رد هذه القراءة، وخرجها غيره على أنها، وقولهم: سوءى، مصدران كالرجعى تقول في المصدر: الحسن والحسنى، والسوء والسوءى، والعذر والعذرى، جاءت مصدرًا على فعل وفعلى بمعنى واحد. و (أفعل) التفضيل يرفع الضمير، ولغة لبعض العرب يرفع الظاهر حكاه سيبويه، والفراء وغيرهما تقول: مررت برجل أفضل منه أبوه، ومررت برجل أفضل الناس أبوه، برفع (أفضل) فيبقى مفردًا مذكرًا في الأولى، وإن ثنى السببي، أو جمع، أو أنث. ويجوز الإفراد والمطابقة للفروع في الثانية، وتجر (أفضل) فيرتفع (الأب) به حكى الفراء عن العرب (مررت برجل أفره الناس برذونه)، بخفض (أفره) ورفع (البرذون). قال: وهذا كما يقال: أنت من أجود الناس وأهونه عليه الكثير وقال هشام: من قال: مررت برجل أفضلكم أبوه، رفع (أفضل) بالأب فإن قال: مررت برجل أحسنكم الكحل في عينه، خفض (أحسن)، ولم يرفعه، وكذلك: مررت برجل أطيبكم طعامه بخفض (أطيبكم)، لافتقاره إلى رجل، والاختيار إذا رفع الظاهر أن يتقدم من عليه فتقول: مررت برجل أفضل منه أبوه، ويجوز أفضل أبوه منه فلو انتصب (الأب)، فالاختيار تقديم (من) عليه) فتقول: مررت برجل أفضل منك أبًا، ويجوز: أفضل أبًا منك، وتأخيره عبد المنصوب أحسن من تأخيره بعد المرفوع. ويجوز عند جميع العرب أن يرفع أفعل التفضيل الاسم الظاهر فاعلاً المفضل على نفسه، باعتبار كونه في محلين، وقبله ضمير يعود على موصوف بأفعل، وبعده ضمير المرفوع، وقد تقدم الجملة نفي، مثال ذلك: ما رأيت رجلاً أحسن في

عينه الكحل منه في عين زيد، فالضمير في (عينه) عائد على رجل و (أحسن) صفة له، والضمير في (منه) عائد على الكحل، والمجرورات الثلاثة متعلقة بـ (أحسن) وقال الشاعر: ما علمت أمرأً أحب إليه البذ … ل منه إليك يا ابن سنان ويجوز حذف المجرورين المتأخرين لفهم المعنى، وتقدم ما يعود إليه ضمير المجرور المتأخر قال الشاعر: مررت على وادي الأسباع ولا أرى … كوادي السباع حين يظلم واديا أقل به ركب أتوه تئية … وأخوف إلا ما وقى الله ساريا يريد: (أقل منه) ركب بوادي السباع، فحذف المفضول للعلم به، ومحل الأقلية، وقد يحذف ما دخلت عليه (من)، وتدخل على المحل فتقول: ما رأيت رجلاً أحسن في عينه الكحل من عين زيد، تقديره: من كحل عين زيد، حذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه، ومن ذلك قولهم: (ما رأيت كذبة أكثر عليها شاهد من كذبة أمير على منبر) التقدير: من شهود كذبة أمير، حذف (شهود) وأقام المضاف إليه مقامه. ويجوز أن تدخل (من) على صاحب المحل فتقول: ما رأيت رجلاً أحسن في عينه الكحل من زيد تقديره: من كحل عين زيد، حذف المضافين، ويجوز حذف المجرور الأول إذا كان معلومًا، ومن المسموع في ذلك قول بعضهم: (ما رأيت قومًا

أشبه بعض ببعض من قومك) تقديره: ما رأيت قومًا أبين فيهم شبه بعض ببعض منه في قومك حذف المجرور الأول وهو فيهم، وحذف الضمير المجرور من العائد على شبه وبعض، وأدخل (من) على شبه، فصار التقدير: من شبه بعض قومك ببعض، ثم حذف (شبه)، و (بعض)، وأدخلت (من) على قومك، فصار على تقديره حذف اسمين. ومنع النحاة غير الأعلم أن يرتفع الكحل وما أشبهه على الابتداء، و (أحسن) خبره والعكس، وقالوا: جريان (أفعل) صفة لما قبله ضروري، فلو أخرت المرفوع فقلت: مررت برجل أحسن في عينه منه في عين زيد الكحل جاز، فيكون (الكحل) مبتدأ، و (أحسن) خبره كأنك قلت: مررت برجل الكحل أحسن في عينه منه في عين زيد، وذكر هذه المسألة المبرد. قال ابن مالك: ولم يرد هذا لكلام المتضمن ارتفاع الظاهر بأفعل التفضيل إلا بعد نفي ولا بأس باستعماله بعد نهي، أو استفهام فيه معنى النفي كقولك: لا يكن غيرك أحب إليه الخير منه إليك، وهل في الناس رجل أحق به الحمد منه بمحسن لا يمن انتهى. والأولى الاقتصار فيه على مورد السماع، ولا يقاس عليه، إذ رفع أفعل التفضيل للظاهر هو على سبيل الشذوذ على أن إلحاق ما ذكر ظاهر في القياس، وأفعل هذا، وإن كان مشتقًا من مصدر يتعدى فعله إلى مفعول به، فإنه لا ينصب المفعول به فأما قوله: فما ظفرت نفس امرئ تبتغي المنى … بأبذل من يحيى جزيل المواهب

فعلى إضمار فعل تقديره: يبذل جزيل المواهب، وهذه فروع للكوفيين فتقول: أفضل منك كان هذين فيحتمل وجوهًا: أحدها: كان، الثاني: كانا، الثالث: أفضل منك كان هذان، والرابع: أفضل بالرفع وكان زائدة. وكذا في المؤنث تقول: أفضل منك كان هاتين، وكانتا هاتين، وأفضل منك كانت هاتان، وأفضل منك كان هاتان، على إلغاء كان، وتقول: ما فعلت الخيري والخورى، ومنه خيري نسائها وخورى نسائها، من ضم ألحق الحرف بنظائره، ومن فتح كره الانتقال عن الياء إلى الواو، ففتح الخاء لتصح الياء، وأبطل هشام: خيري النساء هند، وما فعلت الحمرى، ثم جوز ذلك في بعض حالاته، وتقول: مررت برجل خير ما يكون، بخفض (خير) نعتًا لرجل، وتضيفه إلى (ما)، والضمير في (يكون) عائد على الرجل. ويثنى الضمير ويجمع فتقول: مررت برجلين خير ما يكونان، وبرجال خير ما يكونون، فإن وجهت (ما) إلى تأويل ما، أو شيء ألزم يكون التوحيد عند تثنية رجل وجمعه فتقول: مررت برجلين خير ما يكون، وبرجال خير ما يكون، قاله الفراء، وهو كلام العرب، وهو طريق القياس إلا أن من الكوفيين من صرح بالتثنية في (يكون) وجمعه وإن كان الضمير لـ (ما). وتقول: (مررت برجل خير ما يكون شر ما يكون). فيه وجوه، وأجاز الفراء: مررت برجلين خير رجلين يكونان ويكون، وبرجال خير ما يكونون ويكو، وتقول: مررت برجل خير ما يكون شر ما يكون وفيها وجوه: أحدها: برفع خير، و (شر) على أن (ما) مصدر، في كلا الموضعين، ويكون لرجل، والتأويل: مررت برجل خير حاليه شرهما. الثاني: رفع (خير)، ونصب (شر) و (ما) الأولى مصدر، والذي في يكون يرجع على رجل. و (ما) الثانية بتأويل من شيء، والذي في يكون الثاني يرجع على (ما) والتقدير: مررت برجل خير كونه في حالة شرارته.

الثالث: خفض (خير) على النعت، ونصب (شر) على الوقت، ويكون الأول لـ (ما)، والثاني لـ (رجل). الرابع: نصب (خير) على الوقت، وخفض (شر) على النعت، ويكون مع الخفض لـ (ما) ومع المنصوب لـ (رجل)، وتمثيله: مررت برجل وقت حضوره متكلم ويجوز أن ينصب (خير ما يكون) على الحال، وتمثيله: مررت برجل حسنًا راكب. الخامس: نصب (خير) على الوقت، ورفع (شر) بالوقت تمثيله: مررت برجل يوم الخميس قيامه. السادس: فإن نصبت (خيرًا) على الحال، ورفعت (شرًا) بالحال، وأجرى مجرى: مررت برجل مسرعًا قيامه، كان ذلك صحيحًا عند الكسائي، وفاسدًا عند الفراء. السابع: خفض (خير) على النعت لـ (رجل) و (ما) بمعنى شيء، والعائد من يكون منصرف إلى (ما)، فوقع (شر) بمعنى (خير)، و (ما) مع شر مذهبها المصدر، ورجوع الضمير من (يكون) الثاني إلى رجل، وتلخيص المسألة: مررت برجل خير شيء يكون شر كونه، فهو في التمثيل: مررت برجل خير منك أبوه، فإن زيد فيها نعت آخره فقيل: مررت برجل خير ما يكون خير منك ما تكون احتملت أحد عشر وجهًا: الأول: نصب (الخيرين) وخفض (خير) المتوسط على النعت لـ (رجل)، و (خير) الأول والثالث مذهوب بهما مذهب الوقت و (ما) في يكون، وتكون الأول منهم لرجل، والثاني للمخاطب.

الثاني: نصب الأول، والثالث على الحال، وخفض الثاني على النعت والكون الأول والثاني لهما، والمسألة في التمثيل نحو: مررت برجل متكلمًا خير منه ساكنًا. الثالث: رفع (الخيرين) مبتدأ وخبرًا، و (ما) الأولى مصدر، ونصب (خير) الأخير على الحال، و (ما) غير مصدر. وتمثيله: مررت برجل خير كونه خير من كونك في حال خيرك، وحذف (الكون) من خير منك، لكثرة الاستعمال، ووضوح المعنى، كما قالوا: أنت الدخان أشد عليك من الضبع، وهم يريدون أشد عليك منه على الضبع، وكنت أراك أعقل مما أنت، وهم يعنون كما كنت أرى عقلك أكمل من عقلك، فنابت (ما) عن المصدر وكان الذي بعدها صلتها وفهم القصد. الرابع: رفع الأول بالثالث، والثالث ينصب على الحال، و (ما) الأولى مصدر، والثانية غير مصدر، و (خيرًا منك) ينصب على خير الكون الأول، والكون الثاني تام مبني على الحدوث وهو بمنزلة: مررت برجل متكلمًا خير كونه فاضلاً لك في خير كونك أي في خير حدوثك وخلقك، وما في المتقدم والمتأخر مصدر، ويصلح على هذا المعنى ارتفاع الأول، والثالث على قياس خروجنا خروجهم وقيامنا يوم الخميس، وانتصاب (خير) على خير الكون الأول. السادس: ارتفاع الأول بالثالث، وانتصاب الثالث على الحال، وانتصاب الثاني على (خير) الكون، والحال رافعة المصدر، وهي في التمثيل مررت برجل خير كونه مقدمًا عليك في حال تناهي خيرك و (ما) في كل ما ينصب على الحال غير مصدر. السابع: ارتفاع (خير) الأول بـ (خير) الثالث، وانتصاب (خير) الثالث على الوقت، وانتصاب الثاني على الحال، والكون الأول بمنزلة الثاني يبنى على التمام. الثامن: ارتفاع الأول بالثالث، والثالث بالأول، وانتصاب الثاني على الحال.

التاسع: أن يرفع الأول بالثالث، وينصب الثالث على الحال، وكذلك الثاني وتمثيله: مررت برجل قيامه مسرعًا قاصدًا إليك، فـ (قاصد) رافع القيام و (مسرعا) داخلة في صلة المصدر. العاشر: رفع الأول، ونصب الثاني على الحال، ونصب الثالث على الوقت. تمثيله: مررت برجل خير كونه مفضلاً عليك في تناهي خيرك وقت تزيد فضلك، فإن نصب الثالث على الحال، فأمكن ذلك، وكان الثاني رافع الأول والثالث صلة غير رافع. الحادي عشر: ترفع الثالث، وتخفض الثاني على النعت وتنصب الأول إما على الوقت، وإما على الحال. وتمثيله: مررت برجل مسرعًا خير منك أبوه، فإن نصب الأول والثاني، ورفع الثالث بالأول فذلك على معنيين: إن كانت انتصاب الأول على الوقت فهو مما يجوز باتفاق، لأن الوقت يرفع أولاً وآخرًا، وإن نصب الأول على الحال، ورفع الثالث به، فهو مما يجوز في قول الكسائي، ولا يصلح في قول الفراء، لأنه لا يرفع عنده الحال إلا مؤخرة، فإن تقدمت زايلها هذا المعنى. وتقول: مسجد أحسن (ما) يكون مسرجة قناديلة شمل ستة عشر وجهًا. الأول: هذا، و (ما) بمعنى (متى)، و (مسرجة) خبر يكون، و (قناديله) مرفوعة بت (مسرجة). الثاني: أن يكون تامة. و (مسرجة) حال من (ما). الثالث: حال من الضمير في (يكون). الرابع: نصب (مسرجة) على المدح بمعنى أذكر (مسرجة). الخامس: رفع (مسرجة) على المدح للضمير أو للمسجد. السادس: خفض (مسرجة) على النعت لـ (ما). السابع: رفعه على الترجمة عن المخفوض، بإضمار هو على مررت برجل أخوك.

الثامن: رفع (القناديل) بالكون، و (مسرجة) خبر الكون، وعلة تذكير (يكون) أنه فصل بينه وبين صاحبه بفاصل سد مسد تاء التأنيث، ويشبه بقولهم: حضر القاضي امرأة. التاسع: تأنيث ما تكون لتأنيث القناديل تلخيصه: ومسجدك أحسن شيء يكون قناديله مسرجة. العاشر: مسرجًا قناديله حملاً للقناديل على القنديل كما حملت الأبصار على البصر في قوله تعالى: «خاشعة أبصارهم». الحادي عشر: مسجدك أحسن ما يكون مسرجة قناديله، أي في أحسن كونه وأحسن ما يكون مصدر. الثاني عشر: أحسن ما يكون على الحال من المسجد. الثالث عشر: نصب (أحسن) على المدح بتأويل اذكر. الرابع عشر: رفعه على المدح بتأويل (هو). الخامس عشر: رافع (المسجد) أحسن، و (مسرجة) نعت أحسن. وأصله مسجدك أحسن ما يكون ومسرجة قناديله، فحين نزعت (الواو) جرى الذي بعدها على إعراب الذي قبلها، كما يقال: عبد الله عاقل ولبيب، فإن تركت (الواو) قلت: عبد الله عاقل لبيب. السادس عشر: رفع (أحسن) بمسرجة، ورفع (المسجد) بالراجع من (يكون)، و (ما) مصدر، وينصب (مسرجة) على الحال من الضمير الذي في (يكون) ويقدر (مسجدك) أحسن كونه في حال إسراج قناديله. وتقول: أطيب ما يكون البسر هذان الشهران هذان اليومين فيه ستة أوجه: أحدها: نصب هذين الشهرين هذين اليومين، البسر اسم الكون، و (هذين الشهرين) وقعت معلق بالكون، والكون مبني على الحدوث، ومستغن عن الخبر، و (هذين اليومين) رافع (أطيب) وخبره، وانتصابه على الوقت.

الثاني: نصب (هذين الشرهين) على خبر الكون، و (هذين اليومين) على الوقت، وخبر (أطيب) هذين اليومين، تلخيصه: أطيب ما يكون حضور البسر، وظهوره هذين الشهرين في هذين اليومين، كما قالت العرب: الصيد شهرا ربيع يريدون شهوة الصيد، والرغبة فيه هذان الشهران. الثالث: أطيب ما يكون البسر هذان الشهران هذين اليومين تجعل (هذان الشهران) اسم الكون، و (البسر) خبر الكون، وهذين اليومين خبر (أطيب)، وهذا مبني على أن: الصيد شهرا ربيع، وكان الصيد شهري ربيع، وكان الصيد شهرا ربيع. الرابع: أطيب ما يكون البسر هذان الشهران هذان اليومين، فجعل في (يكون) مجهولاً، ورفع (البسر) بهذان الشهران، ويجعل هذين اليومين خبر أطيب. الخامس: أطيب ما يكون البسر هذين الشهرين رفع (هذان اليومان) بأطيب كما يقال قيامك يوم الخميس، ويبنى الكون على التمام ونصب (هذين الشهرين) على الوقت، وليسا خبرًا لشيء. السادس: أطيب ما يكون البسر هذان الشهران هذين اليومين، ترفع (هذان الشهران) بأطيب، و (الكون) مستغن عن الخبر وتنصب (هذين اليومين)، وهما من صلة الخبر كما يقال: موعدك يوم الخميس نصف النهار، والخبر (يوم الخميس)، و (نصف النهار) صلة للخبر، مستقر على نصب الأوقات. وتقول: عبد الله أفضل ما يكون عالمًا فيه أوجه: أحدها: أن يرفع (عبد الله) بالراجع من الكون، ويرفع (أفضل) بـ (عالم)، و (ما) مصدر، والكون حدوث. الثاني: عبد الله أفضل ما يكون عالم، رفع (عبد الله) بعالم، وتنصب (أفضل ما يكون) على الوقت، و (ما) مصدر. الثالث: أن تنصب (أفضل ما يكون) على الحال، و (ما) غير مصدر، فإذا

نصب على الوقت طابق الضمير في (يكون) للمبتدأ في تثنية وجمع وتأنيث، وإذا نصب على الحال لم يطابق. الرابع: عبد الله أفضل ما يكون عامل، رفع (عالم) بـ (عبد الله) ورفع (أفضل ما يكون) على المدح بإضمار (هو)، والضمير في يكون لـ (ما). الخامس: انتصاب (أفضل) في هذا التركيب على المدح، وتقول: الولد أول ما يكون نطفة، والهلال أول ما يهل ابن ليلة، والبسر أول ما يكون بلحًا، والحب أول ما يكون لجاجًا، جازت فيه الخمسة الأوجه السابقة في (عبد الله أفضل ما يكون عالمًا)، وزيد سادس هنا هو ممنوع في (عبد الله أفضل ما يكون عالمًا) وهو أن يرفع (عبد الله) بالراجع من يكون، وترفع (أفضل) بعالم، و (عالمًا) بأفضل، ويجوز هنا البسر أول ما يكون بلح رافع البسر العائد من يكون، و (البلح) رافعه (أول) فامتنعت تلك، لأنه لا يقال: أفضل كون الرجل عالمًا وجازت هنا، لأنه يقال: البسر أول كونه بلح، والكون يوصف بالبلح عند الاتساع، ولا يوصف (الكون) بأوصاف الناس، لا باتساع ولا غيره تقول: الشمس أول ما تطلع حمراء. (أول) نصب على الوقت التقدير: الشمس في أول طلوعها حمراء. ويجوز رفع أول بحمراء، ونصب (حمراء) على الحال، ويجوز رفع (أول) و (حمراء) و (أول) مذكر، وحمراء مؤنث والأصل موافقة الخبر للمبتدأ. قال الفراء، وأصحابه: (حمراء) حكاية تلخيصه: الشمس أول ما تطلع أن يقال هي حمراء، فـ (حمراء) صفة الشمس، ورافعها هي المضمرة، وقال هشام: ليس حكاية، ولا في الكلام إضمار، و (أول) مرفوع بحمراء، وهي أنثى لأنه من سبب المؤنث فأجرى مجرى المؤنث، وبنى على قولهم: (بعض جبتك متخرقة) واختار أحمد بن يحيى جواب هشام، ولم يعب قول الفراء، و: الحرب أول ما تكون فتية … ... ... ....

يحتمل ما احتمل: الشمس أول ما تطلع حمراء، وقال هشام: الشمس أولها أحمر صحيح، برفع (أول)، وترفع به، وإن نصبت (أحمرا) حالاً، لأن انتصاب (أحمر) على الحال، ولم يذكر فعلاً بنصبه.

باب الصفة اللازمة المشبهة باسم الفاعل

باب الصفة اللازمة المشبهة باسم الفاعل المتعدي في العمل، تقدم الكلام في علم التصريف على ما جاءت عليه الصفات من الأبنية مقيسها، وغير مقيسها، ولا التفات لقول من زعم أنها لا تجيء على فاعل، فلا تجرى على المضارع، بل يكون كحسن وشديد، وقد جاءت على (فاعل)، ومنه: ضامر الكشح، وساهم الوجه، وخامل الذكر، وحائل اللون، وظاهر الفاقة، وطاهر العرض. واختلفوا إذا ارتفع ما بعدها، فقيل هي مشبهة باسم الفاعل كحالها إذا انتصب ما بعدها أو انجر، وهو ظاهر كلام أبي الفتح، واختيار الأستاذ أبي علي، وقيل: بل الرفع يحملها على الفعل، ولا تكون مشبهة إلا إذا انتصب ما بعدها، أو انخفض، وهو اختيار ابن عصفور. والفرق بين القولين أنه في القول الأول: لا يجوز مررت برجل قائم أبوه أمس، ويجوز في القول الثاني، واختلفوا في رتب الرفع والنصب والخفض، فذهب ابن السيد، والأستاذ أبو علي إلى أن (الرفع) أول، و (النصب) ناشئ عن الرفع، و (الخفض) ناشئ عن النصب. وذهب الأستاذ أبو الحسن الدباج، وابن هشام الخضراوي إلى أنه يمكن أن تكون الإضافة من رفع، ويمكن أن تكون من نصب، وذهب السهيلي إلى أن الخفض ناشئ عن الرفع، والنصب ناشئ عن الخفض. واختلفوا في زمان هذه الصفة المشبهة، فذهب الأخفش

والسيرافي إلى أنها تكون أبدًا بمعنى الماضي، وذهب ابن السراج، والفارسي: إلى أنه لا يكون بمعنى الماضي، وسواء رفعت أم نصبت، بل تفيد الاتصاف في الحال لا تفيد مضيًا، ولا استقبالاً، وهو اختيار الأستاذ أبي علي، وذهب أبو بكر بن طاهر إلى أنها تكون للأزمنة الثلاثة، وأجاز أن تقول: مررت برجل حاضر الابن غدًا. وفي النهاية: قولهم في الصفة المشبهة لا توجد إلا حالاً، أي لأنها دالة على معنى غريزي ثابت، فلو أريد بها الماضي والمستقبل لنافي موضوعها، ولأجل ذلك تكون معها الأسماء التي تدل على المعاني الثابتة التي لا تتغير كالأعور، والأعمى، والأسود، والأبيض، انتهى. واتفقوا على أنها لا تعمل مضمرة، ولا يتقدم معمولها، وفي النهاية: الصفة المشبهة تنصب المصدر، والظرفين، والمفعول له، والمفعول معه، والحال، والتمييز، والمستثنى، والمشبه بالمفعول، انتهى. وهذه الصفة أقسام: الأول: ما هو صالح للمذكر والمؤنث معنى ولفظًا نحو: حسن، وقبيح، وحسنة، وقبيحة، فهذا يجري على مثله وعلى ضده تقول: مررت برجل حسن الأب، وبرجل حسن الأم، وبامرأة حسنة الأم، وبامرأة حسنة الأب. القسم الثاني: ما هو صالح معنى لا لفظًا، وهو ما اشتركا فيه من حيث المعنى، ولم يشتركا من حيث اللفظ وذلك نحو: كبر الردف فيقال منه للمذكر: رجل آلي، وللمؤنث: امرأة عجزاء، يجرى على مثله تقول: مررت برجل آلي، وامرأة عجزاء البنت.

القسم الثالث: ما هو صالح لها من حيث وزن اللفظ لا من حيث المعنى نحو الخصا في المذكر، والحيض في المؤنث، فهذا يجري على مثله فقط تقول: مررت برجل خصي الابن، وبامرأة حائض البنت، و (فعيل) و (فاعل) مما يشترك في وزنهما المذكر والمؤنث. القسم الرابع: هو ما اختص بالمذكر لفظًا ومعنى نحو: آدر، وبالمؤنث لفظًا ومعنى نحو: رتقاء، تقول: مررت برجل آدر الابن، وبامرأة رتقاء البنت. فهذه الأقسام الثلاثة لا تجرى إلا على مثلها، وقال ابن مالك عن الكسائي، والأخفش أنهما يجريان جريان هذه الأقسام الثلاثة على ضدها فتقول: مررت برجل عجزاء بنته، وبامرأة آل ابنها، وبرجل حائض بنته، وبامرأة خصي ابنها، وبرجل رتقاء بنته، وبامرأة آدر ابنها. ونقل بعض أصحابنا اتفاق النحاة على أن ما لفظه ومعناه خاص بالمذكر أو بالمؤنث نحو: آدر وعذراء، أو معناه خاص بالمذكر أو المؤنث، واللفظ من حيث الوزن صالح لهما نحو: خصي وحائض لا يشبه إلا خصوصًا، فيجرى المذكر على المذكر، والمؤنث على المؤنث، وإن الخلاف إنما هو عن الأخفش في الصفة التي هي مشتركة في المعنى واللفظ خاص بأحدهما نحو: آلي وعجزاء. وأما ما ذكره ابن مالك عن الكسائي من إجازة ما ذكره في الأقسام الثلاثة، فقد خالفه أبو جعفر النحاس في بعض الصور، قال أبو جعفر: أجاز الأخفش: مررت برجل حائض المرأة حصحص الدار، وبامرأة خصي الزوج، ولا يجيز ذلك الكسائي ولا الفراء، ولا أحد من البصريين غير الأخفش. وقال الجرمي في الفرخ: محال أن تقول: مررت بامرأة خصية البعل، وبرجل حائض المرأة، لا يكون من (الخصا) تأنيث، ولا من (الحيض) تذكير. قال: وكذلك إذا كان الوصف مجموعًا، والموصوف مفرد وبالعكس نحو: مررت برجل

كرام آباؤه، لا تقول كرام الآباء، ومررت برجل كريم أعمامهم لا تقول: كريم الأعمام، ومن الناس من أجاز هذا كله اعتمادًا على أن المعنى لا يلبس. ومعمول هذه الصفة أنواع: أحدها: أن يكون نكرة نحو: مررت برجل حسن وجه. الثاني: أن يكون مقرونًا بـ (أل) نحو: حسن الوجه. الثالث: أن يكون مضافًا إلى مقرون بأل نحو: حسن وجه الأخ. الرابع: أن يكون مضافًا لضمير الموصوف نحو: حسن وجهه. الخامس: أن يكون مضافًا إلى مضاف إلى ضمير الموصوف نحو: حسن الشامة خده. السادس: أن يكون مضافًا إلى ضمير مضاف إلى مضاف إلى ضمير الموصوف نحو: حسنة وجه جاريتها جميلة أنفه. السابع: أن يكون مضافًا إلى ضمير معمول صفة أخرى نحو: حسن الوجنة جميل خالها. الثامن: أن يكون ضميرًا بارزًا متصلاً نحو: حسن الوجه جميله. التاسع: أن يكون سببًا موصوفًا نحو: رأيت رجلاً طويلاً رمح يطعن به، ولم يذكر أصحابنا هذا النوع، وذكره صاحب التمهيد، وابن مالك والصحيح جوازه. العاشر: أن يكون مضافًا إلى ذلك الموصوف نحو: مررت برجل حديد سنان رمح يطعن به. الحادي عشر: أن يكون سببًا موصولاً نحو: مررت برجل جميل ما اشتملت عليه الثياب، وأورد أصحابنا خلافًا في هذا النوع، وتأولوا ما ورد مما يقتضي ظاهره وجود هذا النوع، وذكر بعضهم أن بعض النحاة أجاز ذلك في (من)، و (ما) والصحيح جوازه. الثاني عشر: أن يكون مضافًا لذلك الموصول نحو قول الشاعر:

. .... ... .... .... … والطيبي كل ما التاثت به الأزر ثم المعمول إما أن يكون مضمرًا أو ظاهرًا، إن كان مضمرًا مرفوعًا استتر في الصفة مرفوعًا نحو: مؤثر الثغر صاف: يريد: صاف هو أي الثغر، أو غير مرفوع، وباشرته الصفة، خالية من (أل) غير متصل بها ضمير غيره، فالضمير مجرور نحو: حسن الوجه جميله، وأجاز الفراء التنوين والنصب فتقولك جميل أباه، أو متصل بها ضمير غيره، فالنصب على التشبيه نحو: ما روى الكسائي: هم أحسن الناس وجوهًا وأنضرهموها، لا خلاف في نصب هذا الضمير العائد على وجوه، أو مقرونة (بأل)، وهي متصرفة في الأصل نحو: الحسن الوجه الجميله، ففي هذا الضمير خلاف: قيل في موضع نصب، وقيل في موضع جر، وقيل بالتفصيل على حسب إعراب معمول الصفة الأولى ففي نحو: الحسن وجها الجميله، الهاء في موضع نصب، وفي مثل: الحسن الوجه الجميله، فالضمير يجوز فيه النصب والجر، أو غير متصرفه في الأصل، وقرنت بـ (أل) نحو: الحسن الوجه الأحمره، فالضمير في موضع نصب عند سيبويه، ويظهر من كلام الفراء ترجيح النصب على الجر، وعن المبرد الجر، ثم عاد إلى النصب، أو لم تقرن

بـ (أل) نحو: رأيت رجلا حسن الوجه أحمره، تعين الجر، وأجاز الكسائي فيه الجر والنصب، وتبعه ابن مالك ولم يجز فيه أحد من القدماء النصب إلا الكسائي، ويظهر الفرق بين النصب والجر أنك إذا قصدت الإضافة قلت: مررت برجل أحمر الوجه لا أصفره، وإذا لم تقصد الإضافة قلت: لا أصفره، وإن كان المعمول ظاهرًا موصوفًا أو موصولاً، فالرفع والنصب كما كانت الصفة مقرونة بأل، أو غير مقرونة والجر إن كانت غير مقرونة (بأل). وإن كان الظاهر غير موصوف ولا موصول، وهو مقرون بـ (أل)، أو مضاف إلى مقرون بـ (أل)، نحو: حسن الوجه، وحسن وجه الأخ، فالأجود الخفض ثم النصب، ثم الرفع على الخلاف الذي سيأتي في الرفع، أو الصفة مقرونة مثناة أو مجموعة جمع سلامة لمذكر، وتثبت النون فالنصب نحو: مررت بالرجلين الحسنين الوجوه الطويلين أنوف الوجه، وبالرجال الحسنين الوجوه الطويلين أنوف الوجوه، أو تحذف النون فالجر والنصب. وذهب بعض أصحابنا إلى أنه لا يجوز حذف النون من الصفة ونصب المعمول، وظاهر كلام سيبويه جواز حذف النون والنصب، وإن كانت غير مثناة، ولا مجموعة ذلك الجمع نحو: الحسن الوجه، والحسن وجه الأخ، فالأجود النصب على التشبيه، وأجاز بعض البصريين النصب فيه على التمييز، وهي نزعة كوفية ثم الجر، ثم الرفع على الفاعلية، والضمير محذوف تقديره: منه. هذا مذهب سيبويه والبصريين، ومذهب الكوفيين أن (أل) عوض من الضمير، ونسبه صاحب (رد الشارد) إلى سيبويه والبصريين، وذهب الفارسي في الإيضاح: إلى أن ارتفاعه على البدل من الضمير المستكن في الصفة على زعمه،

وجوز في البغداديات هذا الوجه، وأن يرتفع على الفاعلية، وإن كان المعمول مجردًا أو مضافًا إلى مجرد، والصفة مقرونة بـ (أل) (ومثناة أو مجموعة ذلك الجمع فكالمعمول مقرونًا بأل) أو مضافًا إلى مقرون، والخلاف في حذف النون، والنصب هنا مثله هناك، وإن كانت غير مثناة، ولا مجموعة ذلك الجمع، وثم رابط مذكور نحو: الرجل الحسن وجه منه، أو الحسن خال وجنته منه فالرفع، ويجوز النصب ضرورة، ولا يجوز الخفض، أو محذوف فلا يجوز إلا النصب فقط، أو غير مقرونة بأل، وصرحت بالرابط نحو: حسن وجه منه، وحسن وجه أخ منه، فالرفع ويجوز الجر والنصب ضرورة، أو لم يصرح فالاختيار الخفض نحو: حسن وجه، ويجوز النصب نحو: حسن وجهًا، ويمتنع الرفع، وأجازه الكوفيون، وبعض البصريين. وإن كان المعمول مضافًا إلى ضمير الموصوف والصفة مقرونة بت (أل) مثناة أو مجموعة ذلك الجمع، وأثبتت النون نحو: الحسنين وجوهما، أو الحسنين وجوههم، فالرفع على لغة أكلوني البراغيث، والنصب في الشعر، ولا يجوز الخفض أو حذفتها فالرفع على تلك اللغة، والنصب والجر في الضرورة، أو غير مثناة، ولا مجموعة ذلك الجمع نحو: الرجل الحسن وجهه فالرفع، ويجوز النصب، ويجوز النصب والجر ضرورة، وأجازهما الكوفيون، ومنع المبرد الجر، وتلقفنا عن شيوخنا أن ما تكرر فيه الضمير من المسائل أو عرى منه فهو ضعيف، وما وجد فيه ضمير واحد قوي إلا ما وقع الاتفاق على منعه وهو مثل الحسن وجه، والحسن وجهه، وقد نظمت هذا الذي تلقفناه في أرجوزتي المسماة (غاية الإعراب في علمي التصريف والإعراب) ولم تكمل فقلت: عرفهما أو عرفن أو نكرن … للوصف أو معموله ولتعربن

معموله بضمة أو كسرة … أو فتحة تبلغ ثماني عشرة يقبح ما حذفت منه المضمرا … أو كان فيه مضمر تكررا ونحو داجي شعره قد وردا … نثرًا ونظمًا فاترك المبردا ونصب شعره دليل الجر … ولانصب في النثر أتى والشعر ويمنع اثنان لهم بالحسن … غداره لا بالقبيح ذقن وفي النهاية: يجوز عندي: مررت بالرجل الحسن وجهه، لأن الهاء في (وجهه) قامت مقام الرجل فكأنك قلت: بالرجل الحسن وجه الرجل، وهذا جائز، لأن المضاف إلى ما فيه الألف، واللام كالألف واللام ألا ترى أنا نقول: مررت بزيد الحسن وجه الأخ، فيكون كقولك: مررت بزيد الحسن الوجه انتهى. وتقدم لنا أن مثل (الحسن وجهه) ممنوع باتفاق. وفي الفصل بين هذه الصفة ومعمولها مرفوعًا، أو منصوبًا خلاف نحو: مررت برجل نير في الحرب وجهه، أو وجها، وبرجل نير عند الكفاح وجهه، أو وجها، ويجوز أن يتبع معمول هذه الصفة بجميع التوابع إلا الصفة كذا قاله الزجاج، وتبعه متأخرو أصحابنا. وفي الحديث (أعور عينه اليمنى) وإن أتبعته بغير الصفة فعلى اللفظ إن رفعًا فرفع، وإن نصبًا فنصب، وإن جرًا فجر نحو: مررت برجل حسن وجهه وأنفه، أو حسن وجهًا وأنفًا، أو حسن وجه وأنف، وأجاز الفراء أن يتبع المجرور على موضعه من الرفع، فأجاز: مررت بالرجل الحسن الوجه نفسه، وهذا قوي اليد والرجل، يرفع نفسه والرجل، كأنك قلت: الحسن وجهه نفسه، وقوى يده ورجله، وقد صرح سيبويه بمنع ذلك، وأنه لم يسمع منهم. وأجاز البغداديون الخفض في المعطوف على المنصوب، تقول: هذا حسن وجهًا ويد كأنك قلت: حسن وجه ويد، ونص النحاة على أنه لا يجوز أن يعطف

على مجرورها نصبًا لا تقول: هو الحسن الوجه والبدن بجر الوجه، ونصب (البدن)، وتخالف اسم الفاعل المتعدي في هذا، فإنه يجوز: هذا ضارب زيد وعمرًا بنصب (عمرو)، وإن اختلفوا في تخريجه. وفي امتناع حذف هذه الصفة، وإبقاء معمولها، فيجوز في اسم الفاعل نحو: أنا زيدًا ضاربه يريد: أنا ضارب زيدًا ضاربه، وفي امتناع تقدم معمولها عليها، ويجوز ذلك في اسم الفاعل المتعدي بشرطه المذكور في بابه، وفي امتناع أن يكون معمولها أجنبيًا ويجوز في اسم الفاعل نحو: مررت برجل ضارب زيدًا، بل معمولها دائمًا سببي، ويقبح أن يحذف موصوفها، وتضاف إلى ضمير نحو: مررت بحسن وجهه، والصفة إذا كان معناها للموصوف حقيقة رفعت ضميره، وتقدم الكلام على ذلك في باب النعت. وإن كان معناها للموصوف مجازًا وهو في الحقيقة للسببي كهو في هذا الباب، طابق الضمير الموصوف في إفراد وتذكير وفروعها تقول: مررت برجل حسن الوجه، وبرجلين حسنين الوجوه، وبرجال حسنين الوجوه، وبامرأة حسنة الوجه، وبامرأتين حسنتى الوجوه، وبنساء حسان الوجوه، فإن رفعت الصفة السببي جرت في ذلك مجرى الفعل تقول: مررت برجلين حسن غلاماهما، وبرجال حسن غلمانهم، وبامرأة حسن غلامها، وبرجل حسنة جاريته، وبنساء حسن غلمانهن كما يقال: حسن وحسنت، وإن أمكن تكسير الصفة رافعة سببًا مجموعًا فالتكسير أولى من الإفراد. وسواء أكان الموصوف مفردًا أم مثنى، أم مجموعًا نحو: مررت برجل حسان غلمانه، وبرجلين حسان غلمانهما، وبرجال حسان غلمانهم، فهذا أولى من أن تقول: حسن في هذه الصور والموصوف المؤنث في ذلك كالموصوف المذكر تقول: مررت بامرأة حسان غلمانها وبامرأتين حسان غلمانهما، وبنساء حسان غلمانهن، فـ (حسان) أولى من (حسن) في هذه الصور.

وإن لم يمكن التكسير فالإفراد نحو: مررت برجل شراب غلمانه، ويجوز (شرابين) على لغة أكلوني البراغيث، وجماع القول في السببي أنه إن كان مفردًا أفرد الوصف نحو: مررت برجل قائم أبوه، أو مثنى أفرد في الفصيح نحو: مررت برجل قائم أبواه، ومررت برجل أعور أبواه، وتجوز التثنية على لغة: ألفيتا عيناك ... ... … ... ... .... ... .... فتقول: برجل قائمين أبواه، وأعورين أبواه. وفصل الكوفيون فقالوا: إن كانت الصفة لا تجمع بالواو والنون وجب تثنيتهما نحو: برجل أعورين أبواه، أو مما تجمع بها أفردت نحو: برجل حسن أبواه، وإن كن السببي جمعًا والصفة ما تجمع الجمعين، أو جمع تكسير فقط فالأحسن التكسير نحو: برجل كرام أعمامه، وصبر آباؤه، ويجوز الإفراد نحو: برجل كريم أعمامه، وصبور آباؤه، ويضعف فيها جمع الجمعين: برجل كريمين آباؤه على لغة (أكلوني البراغيث). والسببي غير العاقل كالسببي العاقل نحو: برجل حسن أثوابه، وحسان أثوابه، وأوجب الكوفيون جمع التكسير فيما لا يجمع بالواو والنون لعاقل، ولغير عاقل، فيقولون: برجل عور قومه، وحسان أثوابه، ولا يجيزون أعور قومه، ولا حسن أثوابه. وما ذكرنا من أن التكسير فيما يجمع الجمعين أحسن من الإفراد، هو نص سيبويه في بعض نسخ الكتاب، وهو مذهب المبرد، واختاره أبو موسى الجزولي، وابن بطال صاحب كتاب التمهيد، وابن مالك،

وذهب الجمهور إلى أن الإفراد أحسن من جمع التكسير، وهو اختيار الأستاذ أبي علي، وشيخنا أبي الحسن الأبذي، وفصل بعضهم فقال: إن كانت الصفة تابعة لجمع فالتكسير أولى من الإفراد نحو: برجال حسان آباؤه وإن كانت تابعة لمفرد، أو مثنى كان الإفراد أحسن من التكسير نحو: مررت برجل حسن آباؤه، وبرجلين حسن آباؤهما. وفي بعض نسخ الكتاب أن ما جمع الجمعين، فالأجود فيه التكسير، فـ (حسان غلمانه) أجود من حسن غلمانه، وما جمع بالواو والنون نحو: منطلق ومنطلقين، فالأجود أن يجعل مثل الفعل المقدم نحو: مررت برجل منطلق قومه. وذكر السيرافي أن هذا الفصل ليس من كلام سيبويه، وفي البسيط: أن المبرد قال جمع السلامة أولى من جمع التكسير، فبـ (رجل) حسنين غلمانه أحسن من حسان غلمانه، وإذا رفعت الصفة السببي ذا (أل)، فلا يعطى حكم المضاف للضمير مثال ذلك: مررت برجل حسنة العين قبيح الأنف، كأنك قلت: حسنة عينه قبيح أنفه، وحكى جواز ذلك الفراء قال: والعرب تجعل (أل) عوضًا من الإضافة وأجاز ابن مالك تفريعًا على ما حكى الفراء أن تقول: مررت برجل حسان الغلمان، وبرجل كريمة الأم، وبامرأة كرام الآباء، وبامرأة كريم الأب كما تقول: حسان غلمانه وكريمة أمه، وكرام آباؤها، وكريم أبوها، ثم أجاز الجر في السببي ذي (أل)، وتحمل الوصف ضميرًا عائدًا على الموصوف. وتقدم النقل عن الجرمي أنه لا يجيز: برجل كرام الآباء، ولا برجال كريم الأعمام، وعلى ذلك أصحابنا لا يجيزون إذا رفعت الصفة الضمير، وانجر المعمول، أو انتصب، إلا مطابقة الصفة للموصوف، وتقدم الخلاف لبعض النحاة فيه اعتمادًا على أن المعنى في الحقيقة للسببي، فهو كحاله إذا رفع بالصفة، وإذا كان الفعل

يتعدى إلى مفعولين أو ثلاثة، فلا يجرى اسم فاعله، ولا اسم مفعوله مجرى الصفة في هذا الباب تقول: زيد معط أبوه عمرًا درهمًا، وزيد معطي أبوه درهمًا، فلا يجوز معط الأب عمرًا درهمًا، ولا معطي الأب درهمًا. وكذا المتعدي إلى ثلاثة، فإن تعدى إلى واحد بحرف الجر نحو: مررت برجل مار أبوه بزيد، فأجاز الأخفش فيه التشبيه فتقول: مار الأب بزيد، واختاره ابن عصفور، وذهب الجمهور إلى المنع، وإن تعدى إلى واحد بنفسه، فحكى الأخفش إجازته، عن طائفة من النحاة يقولون في هذا ضارب أبوه زيدًا: هذا ضارب الأب زيدًا، وذهب كثير من النحاة إلى المنع، وفصل آخرون فقالوا: إن لم يحذف المفعول اقتصارًا فلا يجوز، إن حذف جاز، وهو اختيار ابن عصفور، وابن أبي الربيع نحو قوله: ما الراحم القلب ظلامًا وإن ظلما … ... ... .... ... .... وقوله: الحزن بابًا والعقور كلبًا لم يذكر مفعول الراحم، ولا مفعول العقور، وفي كتاب الصفار البطليوسي: أنه لا خلاف في جواز ذلك، إذا حذف المفعول، إنما الخلاف إذا ذكر المفعول.

وقال الفارسي في التذكرة: من قال: زيد الحسن عينين فلا بأس أن يقول: زيد الضارب أبوين، والضارب الأبوين، والأبوان فاعل على قولك: الحسن الوجه، ولم يقيد الفارسي بأمن اللبس، وتبعه ابن مالك إلا أنه قيد جواز ذلك بأمن اللبس، والأحوط ألا يقدم على اقتياس ذلك، حتى يكثر فيه السماع. واسم المفعول المتعدي فعله إلى واحد يدخل في هذا الباب تقول: زيد مضروب ظهره مهزول فصيله، ويجوز: مضروب الظهر مهزول الفصيل بالنصب والجر، وهو مرفوع من باب الصفة فأحكامه، أحكامه ولا نعلم خلافًا في ذلك، وقد يجرى الجامد لتأويله بمشتق مجرى المشتق في هذا الباب، ومنه المنسوب تقول: مررت برجل هاشمي أبوه، وهاشمي الأب بالنصب والجر، وهو مطرد في هذا ومن ذلك قوله: ... .... ... .... … لأبت وأنت غربال الإهاب وقوله: مئبرة العرقوب إشفى المرفق وقوله: فراشة الحلم فرعون العذاب وإن … ... ... .....

يريد: مثقب الإهاب، حديدة العرقوب، وحديدة المرفق، وطائش الحلم، ومهلك العذاب، وأرى هذا قليلاً فلا ينبغي أن يقاس عليه، وأورده ابن مالك مورد القياس فقال مثاله: وردنا منهلاً عسلاً ماؤه، وعسل الماء، أي: حلو، أو مررت بقوم أسد أنصارهم، وأسد الأنصار، أي شجعان، ومررت بحي أقمار النساء، أو أقمار نساؤهم، أي حسان انتهى. وكان قد ذكر في باب النعت أن غير المطرد النعت بالمصدر، والعدد والقائم بمسماه معنى لازم تنزله منزلة المشتق، وفسره بأسد لكنه خالف قوله هذا في باب الصفة المشبهة حيث مثل: بعسل، وبأسد، وبأقمار. وأما (مشيوخاء)، و (معلوجاء) فأجاز الفارسي الرفع بهما كما جاز: مررت برجل أعور أبوه، ومنع من ذلك غيره، و (مشيوخاء، ومعلوجاء) اسما جمع وذكرهما سيبويه في الصفات، واشتقاق (مشيوخاء) من الشيخ، ومعلوجاء من العلج، وهو في الأصل الغليظ، والوصف به على توهم أصله. وفي النهاية: أكثر أبنية الصفة: أفعل التفضيل، وأفعل فعلاء، وفعيل وفعال، وفعال، وفعيل، وفعل، وفعيل، وفيعل نحو: أكرم من زيد، وأسود، وظريف، وطوال، وحسان قال العجاج: طال الثواء على رسم بيمئود … أقوى وعهد جديد غير مردود دار الفتاة التي كنا نقول لها … يا ظبية عطلا حسانة الجيد وفسيق، وزمل، وزميل، وسيد، ومن أبنيتها فعل كـ (صعب) و (فعل)

كـ (مر) و (فعل) كـ (حلف)، وفعل كـ (حسن)، وفعل كـ (عجل)، وفعل كـ (جنب) وفعل كـ (عدى). ومنها ما لا يجرى على الفعل من الصفات الرباعية والخماسية كـ (سهلب)، و (فلفل)، و (ضرزم)، و (سبحل)، و (هبلع)، و (شمردل)، و (خبعثن)، و (جردحل)، و (صهصلق) وهذه كلها معدودات في الصفة المشبهة باسم الفاعل، لأنها تدل على معان انتهى. واختلفوا في تشبيه الفعل اللازم بالفعل المتعدى كما شبه وصفه باسم الفاعل المتعدي، فأجاز ذلك بعض المتأخرين، فتقول: زيد تفقأ الشحم، أصله تفقأ شحمه، أضمرت في تفقأ، ونصبت الشحم تشبيهًا بالمفعول به، ومنع من ذلك الأستاذ أبو علي، وهو الصحيح إذا لم يثبت من لسان العرب ولا حجة في قوله: (تهراق الدماء) إن صح، لاحتماله التأويل.

باب حروف المعاني وحصرها

باب حروف المعاني وحصرها الحرف الذي هو قسيم الاسم والفعل: رسم كلمة تدل على معنى في غيرها فقط، (فكلمة) جنس يشمل الاسم والفعل والحرف، و (تدل على معنى في غيرها) فصل يخرج به أكثر الأسماء، والفعل. و (فقط) يخرج به ما دل على معنى في نفسه، وفي غيره وذلك أسماء الشرط، وأسماء الاستفهام. والحرف بسيط ومركب، البسيط أحادي، وثنائي، وثلاثي، ورباعي، وخماسي: الأحادي: الواو، والفاء، والباء، والتاء، واللام، والكاف، والهمزة، والسين، و (م)، و (م). والثاني: أم، وأو، وبل، و (لا)، وما، وإن، وأن، ولن، ومن، وعن، وفي، ومذ، ولو، ولم، وأي، وآ، ويا، و (وا)، وقد، وهل، وها، وكي، ومع، و (أل). والثلاثي: على، وإلى، ورب، وعدا، وخلا، ومنذ، وإن، وأن، وليت، وسوف، وأي، وأيا، وهيا، وإذن، وألا، وأجل، وبجل، ونعم، وبلى، وثم. والرباعي: حتى، وحاشا، وإلا، وإما، وأما، ولعل، وكلا. والخماسي: لكن. والمركب: كأن، ولولا، لومصا، وغلا، وهلا، و (إذما) على مذهب سيبويه، و (لما) على مذهب سيبويه أنها حرف لا ظرف، وذهب أبو القاسم حسين بن العريف: إلى أن (لما) و (ربما) مركبة لا بسيطة. فما كان من حروف العطف، أو النداء، أو حروف الجر أو النواصب، أو الجوازم، فقد تقدم الكلام عليه في بابه وتقدم ذكر الخلاف في بعضه من جهة ذاته، ومن جهة معناه، ونحن نذكر ما لم يتقدم لنا فيه كلام، أو تقدم، ولم يشبع الكلام فيه، فمن ذلك (قد).

(قد) تدخل على الماضي المتصرف لتقريب زمانه من الحال، وتفيد التحقيق، وعلى المضارع الخالي من ناصب، وجازم، وحرف تنفيس ولا يفيد تقليلا فيه، بل يدل على التوقع فيما يمكن فيه ذلك، ويجوز تقديم منصوب الفعل عليها مثال ذلك: زيدًا قد ضربت، وزيدًا قد أضرب. فإن كان المضارع لا يمكن فيه التوقع كان بمعنى الماضي كقوله تعالى: «قد يعلم ما أنتم عليه» أي قد علم، والفصل بالمعمول بين قد والفعل قبيح نحو: قد زيدًا رأيت، قال سيبويه: وهو مستقيم قبيح يعني أنه مستقيم في المعنى قبيح في التركيب، وجاء الفصل بينهما بالقسم في الشعر نحو قوله: أخالد قد والله أوطأت عشوة … ... ... ..... وقوله: ... .... ... … فقد وأبى راعي الكواعب أفرس وجاء حذف الفعل الماضي بعد (قد)، لدلالة المعنى عليه نحو قوله: ... ... ... … ... ... .... وكأن قد يريد: قد زالت، وزعم ابن مالك: أنها قد يرادفها (هل)، ومثل ابنه بدر

الدين بقوله تعالى: «هل أتى على الإنسان» وبقول الشاعر: ... ... ... … أهل رأونا بوادي القف ذي الأكم قال يريد: قد أتى، وقد رأونا، وهذا شيء قاله الكسائي، والفراء، وبعض المفسرين في قوله تعالى: «هل أتى على الإنسان»، وقد رددناه في الشرح، ومن ذلك: (هل) وتساوي همزة الاستفهام في دخولها على التصديق الموجب نحو: هل قام زيد، وأزيد قائم. ويجوز إبدال الهمزة (هاء) قال ابن السكيت تقول العرب: هزيد منطلق تريد: أزيد منطلق، فإن كان منفيًا جاز دخول الهمزة عليه دون هل نحو: «ألم نشرح لك صدرك» ألما أحسن إليك، «أليس الله بكاف عبده». ألا طعان ألا فرسان عادية فإن كان النافي (إن) فلا يحفظ دخول الهمزة، ولا هل عليها نحو: أإن قام زيد، ولا هل إن قام زيد، فلو فهم النفي من (غير) جاز دخولهما نحو: أزيد غير قائم؟ وهل زيد غير قائم؟ فإن طلب بالاستفهام تعيين، أو توبيخ، أو إنكار، أو تعجب كان بالهمزة دون (هل) نحو: أزيد قام أم عمرو وقوله: أطربًا وأنت قنسرى وأزيدنيه، وتنفرد (هل) دون الهمزة بأن يراد بالاستفهام بها الجحد نحو: هل يقدر على هذا غيري، أي ما يقدر. ويعينه دخول إلا نحو: «وهل نجزي إلا الكفور».

وهل أنا إلا من غزية ... .... … ... ... .... ... أي ما يجازي، وما أنا إلا من غزية، ولا يجوز: أزيد إلا قائم، ولا أقام إلا زيد وتقول: هل يكون زيد إلا عالمًا، ولا يجوز: ألم يكن زيد إلا عالمًا، ولا أليس زيد إلا عالمًا. وانفردت الهمزة بتصدرها على واو العطف وفائه، و (ثم)، نحو قوله تعالى: «أولم يسيروا» «أفلم يسيروا»، «أثم إذا ما وقع» وتقدم الكلام على هذه المسألة في عوامل الجزم، وبأنها لا تعاد بعد (أم) تقول: أقام زيد أم قعد، ولا يجوز أم أقعد، وتعاد بعد (أم) هل، تقول: هل قام زيد أم هل قام عمرو، ويجوز أن لا تعاد فتقول: أم قام عمرو. وتنفرد الهمزة أيضًا بأنها تكون في التسوية دون هل نحو: علمت أزيد عندك أم عمرو، وبدخولها على (إن) قال تعالى: «أءنك لأنت يوسف». وأجاز بعض النحاة أن تكون (هل) للتسوية كالهمزة فتقول: علمت هل قام زيد أم عمرو، ويحتاج ذلك إلى سماع من العرب. ولتأصل الهمزة استعملت في التقرير دون (هل)، على ما ذكر سيبويه فتنقل النفي إلى الإثبات في ثلاث أدوات: لم، ولما، وليس، ويدخلها معان من الإنكار، والتعجب، والتجهيل، والتوبيخ.

وزعم بعضهم أن الفرق بين الهمزة وهل: أن الهمزة لا يستفهم بها إلا وقد يهجس في النفس إثبات ما يستفهم بها عنه، بخلاف (هل) فإنه لا يترجح عنده لا النفي، ولا الإثبات، وذكر بعضهم أن (هل) تأتي تقريرًا وإثباتًا في قوله تعالى: «هل في ذلك قسم لذي حجر»، ومن ذلك حروف التنبيه وهي: ها، ويا، وألا، وأما. أما (ها) فأكثر استعماله مع ضمير رفع منفصل مبتدأ مخبر عنه باسم إشارة، نحو قوله تعالى: «هاأنتم أولاء»، وها أنذا قائمًا، وها هو ذا قائمًا، وشذ دخولها على ضمير مبتدأ لم يخبر عنه باسم إشارة نحو قوله: أبا حكم ها أنت عم فجالد وقال الفراء: لا يكادون يقولون أنا هذا، وقد يقولون: ها أنا ذا، وحكى أبو الخطاب ويونس: ها ذا أنا، وأنا هذا، وقال الزجاج: الأكثر والأحسن أن يستعمل (ها) مع المضمر، ولو قلت: ولا زيد ذا، وهذا زيد جاز بلا خلاف انتهى. ويجوز دخول (ها) بعد (أي) في النداء وقد يجيء بعدها اسم إشارة وقد لا يجيء نحو: يا أيها الرجل، ويا أايهذا الرجلان، ولا يحفظ: أيها ذان الرجلان، ولا يا أيهؤلاء الرجال، والقياس يقتضي جوازه، ودخول (ها) على المشار هو بشرط أن لا يكون للبعد، ولا يجوز (ها) ذلك، و (ها) هنالك، وقد جاء استعمالها مع غير الضمير واسم الإشارة نحو قوله: ها إن تا عذرة إلا تكن نفعت … ... ... .... ....

وأما (يا) فتدخل على المنادى نحو: يا عبد الله، ويجيء بعدها الأمر، و (ليت)، و (رب)، وأما (ألا) و (أما)، فأكثر ما يكون للاستفتاح، وقد يكونان معه للتنبيه، وكثيرًا ما تجيء (ألا) قبل المنادى، و (أما) قبل القسم، وقد تبدل همزة (ألا) هاء فتقول: هلا، وهمزة (أما) هاءً أو عينًا فيقال: هما، وعما، وقد تحذف ألفها فيقال: أم، وهم، وعم. ومن ذلك حروف الجواب: أجل، وبجل، ونعم، وبلى، وأي، أما (أجل) فهي جواب في تصديق الخبر، ولتحقق الطلب وذلك تقول لمن قال: قام زيد: أجل، ولمن قال اضرب زيدًا: أجل، قال الشاعر: لو كنت تعطي حين تسأل سامحت … لك النفس واحلولاك كل خليل أجل لا ولكن أنت أشأم من مشى … وأثقل من صماء ذات صليل ولا تكون جوابًا للنهي، ولا للنفي هكذا في كتاب رصف المباني في حروف المعاني، وقال غيره (أجل) تصديق للخبر ماضيًا كان أو غيره موجبًا أو غيره موجبًا أو غيره، ولا تجيء جوابًا للاستفهام، وعن الأخفش أنها تكون في الخبر والاستفهام، إلا أنها في الخبر أحسن من (نعم)، و (نعم) ف يالاستفهام أحسن منها. وأما (بجل) الحرفية فبمعنى نعم، وتقع في الطلب والخبر، وأما (نعم) فكناية تكسر عينها، والجمهور يفتحونها، وحكى (النضر بن شميل) إبدال عينها حاء فتقول: نحم وهي لتصديق مخبر تقول: قام زيد فتقول: نعم، ولإعلام

مستخبر فتقول: هل جاء زيد فيقول: نعم أي جاء، ولوعد طالب تقول: اضرب زيدًا فتقول: نعم أي أضربه، والنفي كالموجب، والسؤال عن المنفي كالنفي تقول: ما قام زيد، وأما قام زيد، فالجواب: نعم، ففي الموجب والسؤال عنه تصديق للثبوت، وفي النفي عنه، والسؤال عنه تصديق للنفي، وزعم بعض النحاة أن (نعم) تكون حرف تذكير لما بعدها، ولذلك إذا وقعت صدر الجملة بعدها نحو قوله: نعم هذه أطلالهم. أما (بلى) فهو حرف ثلاثي الوضع مرتجل، والألف من سنخ الكلمة، وليس أصلها: بل التي للعطف، فدخلت الألف للإيجاب، أو للإضراب والرد، أو للتأنيث كالتاء في (ربت) و (ثمت)، خلافًا لزاعمي ذلك، و (بلى) تثبت النفي المجرد تقول: ما قام زيد، فإن أردت تصديقه قلت نعم، أو تكذيبه قلت: بلى، وتثبت النفي المقرون بأداة الاستفهام سواء أردت الاستفهام عن حقيقة النفي، أم أردت التقرير. فإذا أردت تصديقهما قلت: نعم، وإن أردت تكذيبهما قلت: بلى، أجرت العرب التقرير مجرى النفي قال تعالى: «ألست بربكم قالوا بلى»، أجرى (ألست) مجرى (لست)، فأجيب بـ (بلى)، ولذلك قال ابن عباس لو قالوا: نعم كفروا، وأما قول جحدر: أليس الليل يجمع أم عمرو … وإيانا فذاك بنا تدانى نعم وترى الهلال كما نراه … ويعلوها النهار كما علاني فليس نصًا في أن التقرير يجاب بـ (نعم) وأما (أي) فبمعنى (نعم)، تكون لتصديق مخبر أو إعلام مستخبر، أو وعد طالب لكنها مختصة بالقسم، و (نعم)

تكون مع قسم وغيره قال تعالى: «قل إي وربي». وحرف القسم (الواو)، ولا يجوز فيها إلا إثبات الياء فإذا وليها (والله)، وحذفت واو القسم، جاز حذف الياء فتقول: إالله وإثباها مفتوحة فتقول: أي الله، أو ساكنة فتقول: أي الله، فتجمع بين ساكنين. وتقدم في باب إن وأخواتها أن (إن) تكون حرف جواب وذكرنا الخلاف في ذلك، و (جير) فيها خلاف منهم من قال إنها حرف جواب، ومنهم من قال إنها اسم. ومن ذلك (كلا) مذهب الجمهور أنها بسيطة، وزعم ثعلب أنها مركبة من كاف التشبيه، و (لا) التي للرد، وزيد بعد الكاف لام لتخرج من معناها التشبيهي. ومذهب الخليل، وسيبويه، وعامة البصريين أنها حرف ردع وزجر، ومذهب الكسائي، وتلميذه نصير بن يوسف، ومحمد بن أحمد بن واصل أنها تكون بمعنى حقًا، ومذهب النضر بن شميل أنها بمعنى (نعم)، ومذهب عبد الله بن محمد الباهلي أن (كلا) على وجهين: أحدهما: أن يكون رد الكلام قبلها، فيجوز الوقف عليها، وما بعدها استئناف. والآخر: أن تكون صلة الكلام فتكون بمعنى (أي). ومذهب أبي حاتم، والزجاج أن (كلا) للاستفهام بمنزلة (ألا) وعن أبي حاتم أنها تكون للاستفتاح، وبمعنى: حقا، ومن حيث هي ردع وزجر كان لها معنى كبير في الألفاظ. ومن ذلك أدوات التحضيض وهي (لولا) غير الامتناعية، و (لوما)، و (هلا)، و (ألا)، ولا يليها إلا فعل ظاهر نحو: لولا ضربت زيدًا، أو مضمر

يفسره ظاهر نحو: لولا ضربت زيدًا، أو مضمرًا نحو: (لولا الكمي المقنعا) يريد: لولا تعدون الكمي، أو معمول فعل ظاهر نحو: هلا زيدًا ضربته أو معمول فعل مضمر يفسره ظاهر نحو: هلا زيدًا ضربته. وذهب بعض النحاة إلى جواز مجيء الجملة الابتدائية بعد هذه الحروف نحو: هلا زيد قائم، وكثيرًا يأتي للتوبيخ نحو قوله تعالى: «لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا»، ومثال ما عرى عن التوبيخ قوله تعالى: «لولا أخرتني إلى أجل قريب». وزعم علي بن عيسى، والنحاس: أن لولا تأتي بمعنى (ما) النافية، وحملا على ذلك قوله تعالى: «فلولا كانت قرية آمنت» أي ما كانت قرية آمنت.

باب الحقيقة والمجاز

باب الحقيقة والمجاز لم نر أحدًا من النحويين وضع هذا الباب، وبعض أصحابنا وهو أبو إسحاق البهاري ذكر من ذلك شيئًا في كتابه (إملاء المنتحل في شرح كتاب الجمل) وصاحب النهاية ذكر من ذلك شيئًا في كتابه، ونحن نلخص ما ذكراه في هذا الباب فنقول: الحقيقة ما استعمل في الموضوع له، أولا، والمجاز ما استعمل في غير الموضوع له أولاً. ومن أقسامه الاستعارة كقوله تعالى: «جدارًا يريد أن ينقض»، والقلب كقولهم: خرق الثوب المسمار، والحذف كقوله تعالى: «وسئل القرية»، والزيادة كقوله تعالى: «ليس كمثله شيء» زاد الكاف، والتشبيه كقوله تعالى: «كسراب بقيعة»، وقلب التشبيه نحو ... ..... … يكون مزاجها عسل وماء والكناية كقوله تعالى: «كانا يأكلان الطعام»، والتعريض كقوله تعالى: «قال يا قوم ليس بي سفاهة»، والانقطاع من الجنس كقوله تعالى: «إلا إبليس»، وتسمية الشيء بما يقابله كقوله تعالى: «وجزؤا سيئة سيئة مثلها» وتسمية الشيء بالسبب فيه كقوله تعالى: «قد أنزلنا عليكم لباسا»،

والتسمية بما يئول إليه كقوله تعالى: «إني أراني أعصر خمرا» وإضافة الشيء إلى ما لا يستحق ذلك كقوله تعالى: «بل مكر الليل والنهار»، والإخبار عن الشيء ووصفه بغيره كقولهم: نهاره صائم وليله قائم، وورود المدح في صورة الذم، أو الذم في صورة المدح كقوله تعالى: «ذق إنك أنت العزيز الكريم»، وقالوا: ما أشعره قاتله الله، وأخزاه الله ما أفصحه، وورود الأمر بصيغة الخبر أو الخبر بصيغة الأمر كقوله تعالى: «يرضعن أولادهن»، وقال تعالى: «أسمع بهم وأبصر»، وورود الواجب أو المحال في صورة الممكن كقوله تعالى: «عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا» وقول امرئ القيس: لعل منايانا تحولن أبؤسا والتنبيه كقولهم: العسل أحلى من الخل، والأمثال كقولهم: (الصيف ضيعت اللبن)، والتقديم والتأخير كقوله تعالى: «والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى» وتجاهل العارف كقوله تعالى: «وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين»، انتهى ما لخص من كلام البهاري. وأما صاحب النهاية، وهو أبو المعالي الموصلي ابن الخباز، فذكر رسمًا للحقيقة، وهو لفظ يستعمل لشيء وضع الواضع مثله لمثله لا عينه لعينه كالأسد لليث، ثم قال: وعلامتها سبق الفهم إلى معناها، وقال: المجاز لفظ يستعمل لشيء بينه وبين الحقيقة اتصال، وذلك كاتصال التشبيه، كاستعمال الأسد للشجاع، واتصال التسبب كاستعمال السماء للنبات، أو اتصال البعضية

كاستعمال الحافر لذي الحافر، أو اتصال الكلية كاستعمال العالم لبعضه، أو كاتصال العموم كاستعمال الحجر للياقوت، أو اتصال الخصوص كاستعمال السيف للسلاح، أو اتصال الإضافة كاستعمال القرية لأهلها، أو اتصال الاشتمال كاستعمال الشيء لما هو يشتمل عليه نحو: الغائط للعذرة، والخيل للفرسان، والسلاح للمتسلح، والثوب للابس في قولهم: سلب زيد ثوبه، وليس في الدار إلا الأوارى، ولم ينج من الحرب فلان إلا فرسه، وعلامة المجاز قرينة تصرف الفهم عن معنى الحقيقة إليه، وذكر متوسطًا بني الحقيقة والمجاز، قال: وهو لفظ يستعمل لشيء وضع الواضع مثله لعينه كالأعلام للأشياء المعينة كـ (مكة) للبقعة المعينة، قال: والحقيقة لغوية كالأسد لليث، وعرفية كالمنارة للمئذنة، وشرعية كالصلاة لعبادة مخصوصة انتهى كلامه، وأكثر ما تكلم في هذه المسألة في أصول الفقه وعلم البيان، ونظمت أنا في ذلك: اللفظ إن أريد منه الظاهر … حقيقة مجازه مغاير لا بد من علاقة تكون … بينهما تقرب أو تبين مثاله ما قال بعض العربان … صار الثريد في رءوس العيدان أراد بالثريد حب السنبلة … سماه بالشيء الذي يئول له وفي الأعم جعلوا مداره … كناية تمثيلاً استعارة كناية إن ثبت المعنى لما … يكون عن وجوده قد لزما كقولهم يتعب هندًا ردفها … كمثل ما يريح دعدا عطفها وذا رماد قدره جليل … وذا نجاد سيفه طويل دلا على الجود، وطول القامة … كلاهما لذا، وذا علامة وربما ينسب ما يراد … لشامل لمن له المراد نحو رقاش الحسن في برديها … وحبذا التفاح في خديها والنحو واللغا لسيبويه … في قبة مضروبة عليه تمثيله كنحو إن بشرا … مقدم رجلا مؤخر أخرى إذا يكون فعله ترددا … في فعله أو تركه ما قد بدا ونحو لم يبرح أبو المناقب … يقبل في ذروته والغارب

إذا غدا مسهلا ما استصعبا … كيما ينال منه ما قد طلبا وجعلك اسم مشبه به عبارة … عن مشبه ذلك الاستعارة بشرط فقدان أداة للشبه … وجعلك الشيء لشيء ليس له نحو محت خطا الدجى كف الصباح … وقد جرى ريق الندا على الأقاح

باب الضرائر

باب الضرائر يجوز للشاعر في الشعر ما لا يجوز في الكلام عند سيبويه بشرط الاضطرار إليه، ورد فرع إلى أصل، وتشبيه غير جائز بجائز خلافًا لابن جني في كونه لم يشترط الاضطرار، ووافقه ابن عصفور قال: لأنه موضع قد ألفت فيه الضرائر دليل ذلك قوله: كم بجود مقرف نال العلى … ... ... .... فصل بين (كم)، وما أضيف إليه المجرور، وذلك مما يختص بجوازه الشعر، ولم يضطر إلى ذلك، إذ قد يزول الفصل بينهما، برفع (مقرف) أو نصبه، وللأخفش، إذ يجيز ذلك للشاعر في الكلام، والسجع دليل ذلك قوله تعالى «وتظنون بالله الظنونا»، و «فأضلونا السبيلا» زاد الألف لتتفق الفواصل كزيادة الألف في الشعر للإطلاق، وفي الحديث: (ارجعن مأزورات غير مأجورات) ومن كلامهم (شهر ترى، وشهر ثرى، وشهر مرعى) حذف التنوين من (ثرى) و (مرعى) اتباعًا لـ (ترى).

وقالوا: (الضيح والريح) أبدلوا الحاء ياءً اتباعًا للريح، والأصل: الضح، حكى ذلك الخليل، وأبو حنيفة، ولكون السجع يجرى في ذلك مجرى الشعر ساغ للحريري أن يقول: «فألفيت أبا زيد السروجي، يتقلب في «أقاليب» الانتساب، ويخبط في أساليب الاكتساب»، أشبع الكسرة في أقاليب اتباعًا لأساليب. والضرائر تنحصر في الزيادة، والنقص، والتقديم، والتأخير، والبدل، والزيادة لحركة، وذلك حركة معتل كصحيح كقوله: فعوضني منها غناي ولم تكن … تساوي عنزي غير خمس دراهم وقول الآخر: إذا قلت على القلب يسلو قيضت … هواجس لا تنفك تغريه بالوجد وعين ساكنة اتباعًا لما قبلها كقوله: إذا تجرد نوح قامتا معه … ضربًا أليمًا بسبت يلعج الجلدا

وغير اتباع كقوله: علام قتل مسلم تعبدا … مذ ستة وخمسون عددا وفك مدغم كقوله: مالي في صدورهم من موددة وقول الآخر: لم يلقها إلا بشكة حازم … يخش الحوادث عارم مستعدد أي من مودة، ومستعد، ولحرف، وذلك تنوين منادى مبني على لاضم كقوله: سلام الله يا مطر عليها … وليس عليك يا مطر السلام أو منصوب وهو علم كقوله: يا أسودا قد ذهبت مني … بكل جسمي وكل روحي وتنوين كقوله: هل الله من سرو الفلاة مريحني … ... ... .... ...

ونون في اسم فاعل متصل بضمير كقوله: هم القائلون الخير والآمرونه … ... ... .... ... ... خلافًا لمن زعم أنها هاء السكت حركت ضرورة، وتنوين (علم) موصوف بـ (ابن) مضافًا إلى علم كقوله: فإن لا يكن مال يثاب فإنه … سيأتي ثنائي زيدًا بن مهلهل أو ما جرى مجراه نحو: شريف بن شريفة. وتنوين غير منصرف مطلقًا كقوله: رب رام من بني ثعل … متلج كفيه في قتره خلافًا للكسائي والفراء في منعهم ذلك في أفعل التفضيل مقرونًا بـ (من). ورد ذلك بصرف خير منك، وشر منك، وفيه (من)، وليس واضحًا في الرد، خلافًا لبعض البصريين فيما آخره ألف، ورد عليه بقول المثلم بن رياح المري: إني مقسم ما ملكت فجاعل أجـ … را لآخرتي ودنيا تنفع هكذا رواه ابن الأعرابي بصرف (دنيا)، ونقل الأخفش في الكبير له، والزجاجي في نوادره أن بعض العرب يصرف ما لا ينصرف في الكلام، وسائر العرب لا يصرفونه إلا في الشعر، والحرف اللاحق القافية المطلقة نحو قوله: أقلي اللوم عاذل والعتابا

وقول الآخر: متى كان الخيام بذي طلوح … سقيت الغيث أيتها الخيامو و: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل … بسقط اللوى بين الدخول فحومل والتنوين المبدل منه كقولك: والعتابن. وأنشد أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت في زيادة الألف في (أب): تقول ابنتي لما رأتني شاحبًا … كأنك فينا يا أبات غريب أراد يا أبت، فأقحم الألف، واستغنى بالكسرة عن الياء، وألف (أنا) في الوصل في لغة غير تميم، وبعض قيس وربيعة نحو قوله:

فكيف أنا وانتحالي القوافي … بعد المشيب كفى ذاك عارا خلافًا لمن أطلق، وتأول قراءة من أثبتها وصلا مثل همزة القطع وهو ابن عصفور، قال (الفصل بين النطقين لقصر زمانه خفى عن السامع) انتهى. وهذا منه سوء ظن بالقراء على عادته، وألف في (من) الجارة فتصير (منا) نحو قوله: منا أن ذر قرن الشمس حتى … أغاب شريدهم قتر الظلام خلافًا لمن ادعى أن ذلك لغة، وهو ابن مالك، وتشديد الآخر في الوصل، وباب الوقف نحو قوله: أو كالحريق وافق القصبا … والتبن والحلفاء فالتهبا وواو (هو) نحو قوله: وإن لساني شهدة يشتفى بها … وهو على من صبه الله علقم

وياء هي نحو قوله: فالنفس إن دعيت بالعنف آبية … وهي ما أمرت باللطف تأتمر في لغة غير همدان، لا ميم (فم) خلافًا لبعضهم أن تشديدها لغة لقولهم أفمام، وقطع همزة الوصل حشوًا نحو قوله: يا نفس صبرًا كل حي لاق … وكل اثنين إلى افتراق وأكثر ذلك في أول النصف الثاني من البيت نحو قوله: لتسمعن وشيكًا في دياركم … الله أكبر يا ثارات عثمانا والهمزة في ملأك نحو قوله: فلست لإنسي ولكن لملأك … تنزل من جو السماء يصوب

وفي مضارع رأي البصرية والاعتقادية في لغة غير تيم اللات نحو قوله: ألم تر ما لا قيت والدهر أعصر … ومن يتمل العيش يرء ويسمع وإلحاق نون التوكيد مضارعًا منفيًا نحو قوله: يحسبه الجاهل ما لم يعلما … شيخًا على كرسيه معمما أو مقللاً نحو قوله: ربما أوفيت في علم … ترفعن ثوبي شمالات أو موجبًا لا لام قسم معه نحو قوله: وأبوك بشر ما يفند أمره … وإلى بلى ما يرجعن جديد أو جواب شرط نحو قوله: نبتم نبات الخيزراني في الثرى … حديثًا متى ما يأتيك الخير ينفعا

أو فعله غير مفصول بينه وبين الأداة نحو قوله: من يثقفن منهم فليس بآئب … أبدًا وقتل بني قتيبة شافي أو اسم فاعل نحو قوله: يا ليت شعري عنكم حنيفا … أشاهرن بعدنا السيوفا أي أيشهرن، ومد المهموز المقصور نحو قوله: وكلهم مستقبح لصواب من … يخالفه مستحسن لخطائه ومد المقصور مطلقًا خلافًا لأكثر البصريين في المنع مطلقًا، يرد عليهم سماع ذلك من العرب قال: قد علمت أخت بني السعلاء وعلمت ذاك مع الجراء أن نعم مأكولا على الخواء يا لك من تمر ومن شيشاء ينشب في المسعل واللهاء

مد السعلى والخوى واللهى، وهي مقصورة. وقال طرفة: لها كبد ملساء ذات أسرة … وكشحان لم ينقص طواءهما الحبل وقال العجاج: والمرء يبليه بلاء السربال … تناسخ الإهلال بعد الإهلال ومذهب الكوفيين جواز ذلك، وتبعهم ابن ولاد، وابن خروف وزعما أن سيبويه دل على جوازه في الشعر، وربما مدوا فقالوا (منابير) قال ابن ولاد: فزيادة الألف قبل آخر المقصور كزيادة هذه الياء في الشعر، إذ كانا جميعا ليس من أصل الكلمة، وخلافًا للفراء في اشتراطه أن يكون له قياس يوجب مده، فأما قراءة طلحة بن مصرف «يكاد سناء برقه» بمد (سنا)، فشاذة، وينبغي أن يعتقد فيه أن مده لغة، أو أراد العلو والارتفاع كما قال: وسن كسنيق سناء وبهجة … ذعرت بمدلاج الهجير نهوض فلا يكون بمعنى الضوء، وزيادة (من) في استثبات الحكاية وصلاً نحو: أتوا ناري فقلت منون أنتم … فقالوا الجن قلت عموا ظلاما

والواو في نحو: لم يغز واغز نحو قوله: هجوت زبان ثم جئت معتذرًا … من هجو زبان لم تهجو ولم تدع وقول الآخر: أبا خالد فاكسوهما حلتيهما … فإنكما إن تفعلا فتيان والياء في نحو: لم يرم وارم في أشهر اللغات، نحو قوله: ألم يأتيك والأنباء تنمى … بما لاقت لبون بني زياد لا الألف في نحو: لم يخش واخش خلافًا لبعضهم، واستدل له بقوله: وتضحك مني شيخة عبشمية … كأن لم ترى قبلي أسيرًا يمانيا

وقول الآخر: إذا العجوز غضبت فطلق … ولا ترضاها ولا تملق وأول على أن (ولا ترضاها) حال، وأن ألف (ترى) بدل من الياء الساكنة كما قالوا في (ييأس) ياأس، والياء في نحو: جوار رفعًا وجرًا نحو قوله: وكأن بلق الخيل في حافاته … ترمى بهن دوالي الزراع وقول الآخر: تراه وقد بز الرماة كأنه … أمام الكلاب مصغى الخد أصلم وقال الآخر: فلو كان عبد الله مولى هجوته … ولكن عبد الله مولى المواليا

وقول الآخر: ما إن رأيت ولا أرى في مدتي … كجوار يلعبن في الصحراء وقول الآخر: ويوما يوافيني الهوى غير ماضي … ويوما ترى منهن غولا تغول وزيادة حرف في الكلمة على طريق التوهم نحو قوله: طلب لعرقك يا ابن يحيى بعدما … تتقطعت بي دونك الأسباب ظن أن تقطعت قطعت فزاد التاء، وحرف علة كان حذف لالتقاء الساكنين، فعرض تحريك أولهما نحو قوله: إيها فداء لك يا فضا له … أجره الرمح ولا تهاله

وقال الآخر: ... .... ... .... … أعارت عينه أم لم تعارا وقول الآخر: ولم تنام العينا وهاء سكت وصلا فتضم نحو قوله: يا مرحباه بحمار ناجيه … إذا دنا قربته للسانيه أو تكسر نحو قوله: فقلت أيا رباه أول سؤلتي … لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها ونون مشددة بعد الآخر نحو قوله: أحب منك موضع الوشحن

وموضع الإزار والقفن وحرف علة نشأ عن إشباع حركة في حرف يليه الآخر نحو قوله: أعوذ بالله من العقراب … الشائلات عقد الأذناب وقول الآخر: وإنني حيثما يثنى الهوى بصري … من حيث ما سلكوا أدنو فأنظور وقول الآخر: يحبك قلبي ما حييت فإن أمت … يحبك عظم في التراب تريب أو لا يليه مطلقًا نحو قوله: كأني بفتخاء الجناحين لقوة … صيود من العقبان طأطأت شيمالي يريد: شمالي، وقالوا في الشعر: صياريف وسواعيد خلافًا، للكوفيين في جمع رباعي، فإنهم يجيزون الإشباع فيما قبل الآخر في الكلام، فإن كان الحرف

رابعًا في المفرد، أو كان الآخر مضاعفًا غير مدغم نحو: قردد، زيدت الياء قبل آخره في الكلام وما عداه لا يزاد في الكلام إلا شاذًا، قالوا: مشادين، ومطافيل جمع مشدن، ومطفل، إلا فيما كان ما قبل آخر مفرده ساكنًا نحو: سبطر لا يجيزون سباطير، وللفراء في مضاعف الآخر مدغمًا نحو: مرد، فلا يجيز في جمعه مراديد، وفي فواعل جمع فاعل يرد عليه بقوله: ... .... ... ..... … سوابيغ بيض لا يخرقها النبل وبقوله: وسواعيد يختلين اختلاء … كالمغالي يطرن كل مطير وللكلمة حرفًا (أل) في العلم نحو قوله: باعد أم العمرين من أسيرها … حراس أبواب على قصورها وكاف لتشبيه نحو قوله: لواحق الأقراب فيها كالمقق وأن بعدها نحو قوله: ويوما توافينا بوجه مقسم … كأن ظبية تعطو إلى وارق السلم وأن بعد كيما نحو قوله: فقالت أكل الناس أصبحت مانحًا … لسانك كيما أن تغر وتخدعا وفي مضارع خبر (كاد) خلافًا لمن أجاز ذلك في السعة نحو قوله:

كادت النفس أن تفيض عليه … إذ ثوى حشو ريطة وبرود قال ابن عصفور الصحيح أن دخولها في خر كاد ضرورة إلا أنها ليست بزائدة، لأن الزائد لا يعمل، بل هي مصدرية على حد قولهم: زيد إقبال وإدبار، و (إن) بعد (ما) التوقيتية نحو قوله: ورج الفتى للخير ما إن رأيته … على السن خيرًا لا يزال يزيد وما بمعنى الذي نحو قوله: يرجى المرء ما إن لا يلاقى … وتعرض دون أبعده الخطوب وباء الجر حيث لم تنقس زيادتها، وهذا في فاعل أتاها، ويأتيك ونحو قوله:

وأودى بنعلي وقول الآخر: نضرب بالسيف، ونرجو بالفرج و: وكذاك لا خير ولا … شر على أ؛ د بدائم وقول الآخر: ظهرت ندامته وهان بسخطها … شيئًا على مربوعها وعذارها ومن في المعرفة والنكرة في موجب خلافًا للكوفيين، إذ أجازوا زيادتها في الكلام الموجب مع النكرة، وللأخفش إذ أجاز زيادتها فيه معها ومع المعرفة نحو قوله: هوى بهم من حبهم وسفاههم … من الريح لا تمرى حسابًا ولا قطرا وقول الآخر: وكأنما ينأى بجانب دفها الوحـ … شيء من هزج العشى مأوم يريد: الريح، وهزج العشي. قال ابن عصفور، ولذلك أبدل من قوله: من هزج (هر جنيب) فدل على أن هزج في موضع رفع انتهى.

وقال الراجز: أمهر منها حية ونينان أي أمهرها، و (على) نحو قوله: أبا الله إلا أن سرحة مالك … على كل أفنان العضاة تروق وفي عند بعضهم نحو قوله: أنا أبو سعد إذا الليل دجا … تخال في سواده يرندجا واللام في المفعول المتأخر عن عامله الفعل نحو قوله: وملكت ما بين العراق ويثرب … ملكا أجار لمسلم ومعاهد وجاء في سعة الكلام ومنه: «ردف لكم»، قال ابن عصفور: إلا أنه لا يحسن إلا في الشعر، فلذلك أورد في الضرائر، وما بعد كاف الجر نحو قوله: يركضن في المهمه اليباب كما … أقرب أرض لها أباعدها وبعد (كما) نحو قوله: كما ما امرؤ في معشر غير قومه … ضعيف الكلام شخصه متضائل وبعد اللهم نحو قوله: وما عليك أن تقولي كلما

سبحت أو هللت باللهم ما وبين البدل والمبدل منه نحو قوله: فكأنه لهق السراة كأنه … ما حاجبيه معين بسواد وأول الكلام أنشد أبو زيد: ما مع أنك يوم الورد ذو حرز … ضخم الدسيعة بالسلمين وكار يريد مع أنك فزاد (ما)، وبين الفعل ومرفوعه نحو قوله: لو بأبانين جاء يخطبها ضرج ما أنف خاطب بدم ولام التوكيد في خبر (إن) نحو قوله: ألم تكن حلفت بالله العلي إن مطاياك لمن خير المطي

وقول الآخر: فنافس أبا المغراء فيها ابن دارع … على أنه فيها لغير منازع وقول الآخر: وأعلم أن تسليمًا وتركًا … للامتشابهان ولا سواء وقرأ ابن جبير «إلا إنهم ليأكلون الطعام». ولكن نحو قوله: ... .... … ولكنني من حبها لعميد خلافًا للكوفيين في خبر (لكن)، فإنهم يجيزون ذلك في السعة، واللام أيضًا في خبر المبتدأ نحو قوله: أم الحليس لعجوز شهربه

ترضى من اللحم بعظم الرقبه غير الواقع هو وخبره خبرًا لإن: روى الأخفش عن العرب (إن زيدًا وجهه لحسن) وهو ضعيف، وفي خبر (زال) نحو قوله: وما زلت من أسماء لدن أن عرفتها … لكالهائم المقضي بكل زمان وأمسى نحو قوله: مروا عجالي فقالوا كيف سيدكم … قال الذي سألوا أمسى لمجهودا وفي (كأن) نحو قوله: ثمت يغدو لكأن لم يشعر … رخو الإزار زمح التبحتر والواو، والفاء، و (بل)، و (أم)، و (لا)، و (إلا) مثال زيادة الواو قوله: فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن … إلا كحلمة حالم بخيال وزيادة (الفاء) نحو قوله: فرأيت ما فيه فثم رزئته … فلبثت بعدك غير راض معمري وزيادة (بل) قال العجاج: بل ما هاج أحزانًا وشجوا قد شجا

وهي أول الرجز، وزيادة (أم) نحو قوله: يا ليت شعري ألا منجي من الهرم … أم هل علي العيش بعد الشيب من ندم أي يا ليت شعري هل علي العيش، ولا منجي من الهرم اعتراض، وزيادة (إلا) نحو قوله: ما زال مذ وجفت في كل هاجرة … بالأشعث الورد إلا وهو مهموم زاد (إلا) والواو في خبر (ما زال)، وزيادة (لا) في نحو قوله: ... .... … وقد علاك مشيب حين لا حين (أي حين حين أي في وقته)، وفيما استدل به في هذه احتمال، واللام في (للقد) نحو قوله: فلئن قوم أصابوا عزة … وأصبنا من زمان رنقا للقد كنا لدي أزماننا … لصنيعين لبأس وتقى ولكلما، ولـ (لو)، ويأتي في (يا اللهم) نحو قوله: وما عليك أن تقولي كلما … سبحت أو هللت يا للهما ما

اردد علينا شيخنا مسلما وكذا إني إذا ما حدث ألما … أقول يا اللهم يا اللهما خلافًا للكوفيين، فإنهم يجيزون ذلك في السعة والنون المؤكدة في غير أماكنها المقيسة نحو قوله: سأترك منزلي لبني تميم … وألحق بالحجاز فأستريحا وحرف الجر الموافق كما دخل عليه لفظًا نحو قوله: فلا والله لا يلفى لما بي … ولا للما بهم أبدًا دواء وتعديه نحو قوله: فأصبحن لا يسألنني عن بما به … تصعد في جو السماء أم تصوبا

وحرف النفي المخالف لفظًا نحو قوله: طعامهم لئن أكلوا معد … وما إن لا تحاك لهم ثياب وقال النابغة: إلا الأواري لأيا ما أبينها … والنؤى كالحوض بالمظلومة الجلد زاد (إن ولا)، وزاد (إن وما)، وفعل كان بين الصفة والموصوف نحو قوله: في غرف الجنة العليا التي وجبت … لهم هناك بسعي كان مشكور وقول الآخر: فكيف إذا مررت بدار قوم … وجيران لنا كانوا كرام والمعطوف عليه والمعطوف نحو قوله: في لجة غمرت أباك بحورها … في الجاهلية كان والإسلام

وحرف الجر والمجرور نحو قوله: سراة أبي بكر تساموا … على كان المسوامة العراب وبين ما و (أفعل) في التعجب نحو قوله: أرى أم عمرو دمعها قد تحدرا … بكاء على عمرو وما كان أصبرا ونص بعضهم على اقتياس زيادتها في هذا، ولا يزاد من أخواتها غير أصبح وأمسى، فلا يقاس على ما جاء من قولهم: (ما أصبح أبردها)، و (ما أمسى أدفأها)، واسمًا ثبت ضمير النصب في العامل الأول في باب الإعمال عند إعمال الثاني نحو قوله: إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب … جهارًا، فكن في الغيب أحفظ للعهد وأجاز لك بعضهم في الكلام، ومن في مذهب الكسائي نحو قوله: يا شاة من قنص لمن حلت له … حرمت عليه وليتها لم تحرم واسم في قول أبي عبيدة نحو قوله: إلى الحول ثم اسم السلام عليكما … ومن بيك حولا كاملاً فقد اعتذر وقول الآخر: ... .... ... ... … داع يناديه باسم الماء مبغوم

أي ثم السلام عليكما، ويناديه بالماء، وتأوله أبو علي على حذف مضاف أي ثم اسم معنى السلام، وباسم معنى الماء وأسماهما السلام والماء. وجملة زعم أبو الفتح ذلك في (قام) نحو قوله: على ما قام يشتمني لئيم … كخنزير تمرغ في رماد وفي اذهب نحو قوله: فإن كنت سيدنا سدتنا … وإن كنت للخال فاذهب فخل وغيره في (تكاد) نحو قوله: وتكاد تكسل أن تجيء فراشها … في جسم خرعبة ولين قوام و (أكاد) كقول الشاعر: فإن لا ألوم النفس فيما أصابها … وإن لا أكاد بالذي نلت أنجح ولا حجة فيما استدلوا به النقص: لحركة وذلك في حركة بناء ضمة نحو قوله: إذا اعوججن قلت صاحب قوم

بالدو أمثال السفين العوم أي صاحب، وكسرة نحو قوله: قالت سليمى اشتر لنا سويقا أي اشتر، أو إعراب في حرف صحيح نحو قوله: فاليوم أشرب غير مستحقب … إثمًا من الله ولا واغل وقول الآخر: سيروا بني العمل فالأهواز موعدكم … ونهر تيري فلا تعرفكم العرب

وقول الآخر: رحت وفي رجليك ما فيهما … وقد بدا هنك من المئزر وقول الآخر: بكل مدماة وكل مثقف … تنقاه من معدنه في البحر جالبه خلافًا للمبرد، والزجاج فيه، وفتحة آخر الماضي مبنيًا للفاعل نحو قوله: فلما تبين غب أمري وأمره … وولت بأعجاز الأمور صدور ومفعول نحو قوله: ضحك الناس وقالوا … شعر وضاح اليماني إنما شعري قند … قد خلط بالجلجلان وأحسنه من المعتل اللام نحو: يفي ودعا نحو: دعا للحساب، وفتحة (هو)، وهي في لغة غير قيس وأسد نحو قوله:

وهو غيث لنا في كل عام … يلوذ به المخول والعديم وقول الآخر: إن سلمى هي المنى لو تراني … حبذا هي من خلة لو تخالي وفتحة عين فعل اسمًا أو فعلاً نحو قوله: على محالات عكسن عكسا … إذا تسداها طلابا غلسا ومثال الفعل قول الآخر: وقالوا ترابى فقلت صدقتم … أبي من تراب خلقه الله آدم وفعلات المستحق الفتح نحو قوله: ولكن نظرات بعين مريضة … أولاك اللواتي قد مثلن بها مثلا وحذف الفتحة التي هي علامة إعراب من آخر المضارع نحو قوله: تأبى قضاعة أن تعرف لكم نسبا … ... ... .... ....

وذلك من المعتل أحسن نحو قوله: ... .... ... .... … أبى الله أن أسمو بأم ولا أب ومن آخر الاسم المعتل المنصوب نحو قوله: إن القوافي يتلجن موالجا … تضايق عنها أن تولجها الإبر ولحرف، وهو حرف علة آخرًا نحو قوله: وأخو الغوان متى يشأ يصرمنه … ويعدن أعداء بعيد وداد وقول الآخر: كفاك كف ما تليق درهمًا … جودا وأخرى تعط بالسيف الدما

أو حشوًا نحو قوله: والبكرات الفسج العطامسا أي العطاميس جمع (عيطموس)، وللاكتفاء بالحركة عنه نحو قوله: وأتبعت أخراهم طريق ألاهم … كما قيل نجم قد هوى متتابع وقول الآخر: كأنما الأسد في عرينهم … ونحن كالليل جاش في قتمه وقول الآخر: ألا لا بارك الله في سهيل … ... ... .... ... ... والاجتزاء بالفتحة عن الألف أقل من الاجتزاء بالكسرة عن الياء، والضمة عن الواو، وهمزة القطع نحو قوله:

أبوهم أبى والأمهات أمهاتنا … فأنعم ومتعنى بقيس بن جحدر وتنوين ما ينصرف محكومًا له بحكم ما ينصرف وفاقًا للكوفيين، قال الأخطل: طلب الأزراق بالكتائب إذ هوت … بشبيب غائلة النفوس غدور قال الكميت: يرى الراءون بالشفرات منها … كنار أبي حباحب والظبينا والتنوين لالتقاء الساكنين في غير المقيس نحو قوله: فألفيته غير مستعتب … ولا ذاكر الله إلا قليلا وصلة ضمير المذكر الغائب المتحرك بغير حاجز في اللفظ نحو قوله:

وما له من مجد تليد وماله … من الريح حظ لا الجنوب ولا الصبا ولا في الوصل احتراز من قوله تعالى: «تولى ونصله» و «خيرًا يره» و «شرًا يره» و «يرضه» حذفت صلة الضمير فيها؛ لأنها كانت محذوفة قبل دخول الجازم، فلما حذف حرف العلة للجازم لم يعتد بالحذف، فتركت الصلة محذوفة على ما كانت عليه في الرفع مع حذف الحركة وهو أحسن نحو قوله: فظلت لدي البيت العتيق أخيله … ومطواي مشتاقان له أرقان وذلك إجراء للوصل مجرى الوقف إجراءً كاملاً، وإقرارها في غير لغة عقيل، وكلاب لغتهم الحذف في الكلام، ومنهم من يسكن بعد الحذف، ونقل يونس، والأخفش أن الحذف، والتسكين لغة لأزد السراة نحو قوله: أما تقود به شاة فتأكلها … أو أن تبيعه في بعض الأراكيب وحذف الألف من (ها) التي للمؤنث من قبيح الضرائر، وحذفها وإلقاء حركة الهاء على ما قبلها من الضرائر نحو قوله: فإني قد سئمت بدار قومي … أمورًا كنت في لخم أخافه

أي أخافها، وربما جعلوا ذلك في سعة الكلام، ومنه (والكرامة ذات أكرمكم الله به) أي بها، وواو هو، وياء هي نحو قوله: وأعطيه ما يرجو وأوليه سؤله … وألحقه بالقوم حتاه لاحق وقول الآخر في الياء دار لسعدي إذه من هواكا ونون (من) إذا لقيت لام التعريف غير المدغمة نحو قوله: أبلغ أبا دختنوس مألكة … غير الذي قد يقال م الكذب وأنشد أبو الصلت في حذف الميم من آخر الكلمة: أأصابهم الحما وهم عواف … وكن علهيم نحسًا لعنه قال أراد الحمام، وأنشد في حذف النون من آخر الكلمة: أريد صلاحها وتريد قتلي … وشتى بين قتلي والصلاح

قال: أراد: وشتان، فحذف (النون) ضرورة، وأنشد في حذف الياء من آخر الكلمة: كاللذ تزبى زبية فاصطيدا قال أراد الذي تزبى، فحذف الياء وسكن الذال انتهى ونون لكن نحو قوله: فلست بآتيه ولا أستطيعه … ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل ونون لم تكن عند لقاء ساكن فيهما نحو قوله: لم يك الحق على أن هاجه … رسم دار قد تعفت بالطلل خلافًا ليونس في لم يكن، فإنه يجيز الحذف في الاختيار، ونون الأمثلة حالة الرفع نحو قوله:

وإذ يغصبوا الناس أموالهم … إذا ملكوهم ولم يغصبوا وقول الآخر: أبيت أسرى وتبيتي تدلكي … وجهك بالعنبر والمسك الذي ونون الوقاية في ليتني نحو قوله: كمنية جابر إذ قال ليتي … أصادفه وأفقد جل مالي ومني وعني نحو: أيها السائل عنهم وعني … لست من قيس ولا قيس مني وقدني نحو: قدني من نصر الخبيبين قدي

وزعم بعض الكوفيون أنه يجوز فيما بعد (قد) النصب والخفض تقول: قد عبد الله درهم، وقد عبد الله درهم، فمن نصب قال: قدني درهم، ومن خفض قال: قدى درهم وأنشد أحمد بن يحيى: قد القلب من وجد برحت به قد … وللقلب من وجد بها أبدًا قدى ونون المثنى نحو قوله: هما خطتا إما إسار ومنة … وإما دم والقتل بالحر أجدر والمجموع لغير إضافة وتقصير صلة نحو: ... ... ... قريشًا … وهم متكنفو البيت الحراما والنون الخفيفة للتأكيد من غير أن تلقى ساكنًا نحو: اضرب عنك الهموم طارقها … ضربك بالسوط قونس الفرس

وتخفيف المشدد نحو: لا وأبيك ابنة العامري … لا يدعى القوم أني أفر وألف المقصور، ويخفف مشدده ويسكن نحو: وقبيل من لكيز حاضر … رهط مرجوم ورهط ابن المعل يريد المعلى، وقصر الممدود، وهو في الرفع والجر كثير نحو قوله: بنى لي عاديا حصنا حصينًا … إذا ما سامني ضيم أبيت خلافًا للكسائي، والفراء؛ إذ زعما أن العرب لا تكاد تقصر ممدودًا في رفع ولا جر رد عليهما بقول السموأل: فهم مثل الناس الذي يعرفونه … وأهل الوفا من حادث وقديم وخلافًا للفراء، إذ زعم أنه لا يقصر من الممدود إلا ما يجوز أن يجيء في بابه مقصورًا رد عليه بقوله: وأنت لو باكرت مشمولة … صفرا كلون الفرس الأشقر

والهمزة في نحو بيداء حالة الجر خلافًا لمن أجاز ذلك في السعة وهمزة مئين وأما قوله: إن ألقكم قليل لواحد … ما أجل أيضًا ومينًا الأصل مئين أسكن الهمزة كما في إبل ثم قلبها ألفًا، ولما كان قبلها كسرة، انقلبت الألف ياء، فاجتمعت مع حرف الإعراب، حذفت الأولى منها، كما حذف من عمين وشجين، فإن قلت لم قلتم إن الهمزة الساكنة لما سكنت قلبت ألفًا، ثم ياء، وهلا قلبت أولا ياء على القياس، قلنا لأنهم لو جعلوا على القياس لكان في الرفع على أحد القولين بين بين، وعلى القول الآخر تقلب ياء محضة، وفي النصب والجر بين بين، فلما لم يكن شيء منه علم أنه ليس بتخفيف، وأنه قلب كما قلبها في قوله: ... .... ... .... ... … يشجج رأسه بالفهر واجى و: ... .... ... .... ... … ... ... ... ... لا هناك المرتع

وجاز بقاء الاسم على حرف واحد لتكثرها بحروف الجمع، وإنما يبعد أن تبقى الكلمة الاسمية على حرف واحد من البسيط، وأيا فلان في النداء، وسائر الحذف للترخيم في غير النداء على لغة من لا ينوى باتفاق نحو: لنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره … طريف بن مال ليلة الجوع والخصر ولغة من ينوي باختلاف خالفه فيه المبرد، ورد عليه بقوله: إن ابن حارث إن اشتق لرؤيته … ... ... ..... وذلك فيما يجوز أن يرخم في النداء كلام شراحيل نحو قوله: وما أدري أظني كل ظن … أمسلمني إلى قومي شراحي وما لا يجوز كدال خالد نحو: ليس حي على المنون بخال وجيم حجاج نحو: تحاذر وقع السوط خوصاء ضمها … كلال فجالت في حجا حاجب ضمر وتاء العذيبة نحو: خليلي إن أم العذيب تباعدت … فأخلت لخيمات العذيب ظلالها

رخم، وفيه (أل)، وفاء كيف نحو قوله: ... .... .... … كي لا يحسان من بعراننا أثرا وياء كيما نحو: ... .... ... ..... … كما يحسبوا أن الهوى حيث تنظر خلافًا لمن زعم أنها حرف نصب، ولم يحذف منها شيء. وفاء سوف نحو: فإن أهلك فسو تجدون فقدي … وإن أسلم يطب لكم المعاش خلافًا لمن زعم أن حذفها لغة، وحذف أكثر من حرف كآخر المنازل نحو: ... .... ... .... … درس المنا بمتالع فأبان والسباسب نحو قوله: ... .... ... .... … مقدم بسبا الكتان ملثوم أي بسباني أو بسباسب، وهي الشفق، والحباحب نحو: يبدين جندل حائر لجنوبها … فكأنما تذكى سنابكها الحبا والحمام في قوله:

قواطنًا مكة من ورق الحما خلافًا لأبي العلاء المعري، وأبي الحسن بن سيده، إذ زعما أن الحمى صفة لموصوف محذوف تقديره: من ورق الحمام الحمى أي المحمي. والحذف في حشو الكلمة كالأشل في الأشهل نحو قوله: حين ألقت بقباء بركها … واستحر القتل في عبد الأشل ولكلمة حرفا، وذلك حرف جر من غير عوض، وإبقاء عمله إلا مع الله مع القسم نحو قوله: لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب … عني ولا أنت دياني فتخزوني و (رب) بعد الفاء في جواب الشرط نحو قوله: فإما تعرضن أميم عني … وتنزعك الوشاة أولو النياط فحور قد لهوت بهن عين … نواعم في المروط وفي الرياط وفاؤه من جملة اسمية نحو: من يفعل الحسنات الله يشكرها أو مضارع مرفوع إذ هو في تقديرها نحو قوله: فقلت تحمل فوق طوقك إنها … مطبعة من يأتها لا يضيرها

أي فلا يضيرها، وحرف جر حذف، ووصل الفعل إلى مجروره، فنصبه في غير المواضع التي يجوز ذلك فيها في السعة نحو قوله: فبت كأن العائدات فرشنني … ... ... ... ... أي فرشن لي، والجاز وهو (لام) الأمر وإبقاء عمله نحو: قلت لبواب لديه دارها … تيذن فإني حمؤها وجارها و (أن) الناصبة، وإبقاء عملها من غير أن يعوض منها بشيء نحو قوله: ... .... ... ... ... … ونهنهت نفسي بعد ما كدت أفعله أي أن أفعله، وشذ منه شيء في الكلام يحفظ كقولهم (مره يحفرها)، و (خذ اللص قبل يأخذك)، وأن في خبر (عسى) عند الفارسي وجمهور البصريين،

ويقتضي ظاهر كلام سيبويه جواز ذلك في الكلام نحو قوله: عسى الله يغني عن بلاد ابن قادر … بمنهمر جون الرباب سكوب وحرف النداء من النكرة المقصودة: كليه وجريه ضباع وأبشري … بلحم امرئ لم يشهد اليوم ناصره خلافًا للكوفيين، وجاء منه شيء في الكلام يحفظ كقولهم: (افتد مخنوق)، (وأصبح ليل) و (أطرق كرا)، و (ثوبي حجر). ولا النافية للمضارع في غير جواب قسم نحو قوله: وقولي إذا ما أطلقوا عن بعيرهم … تلاقونه حتى يئوب المنخل وغير داخلة على مضارع نحو قوله: رأيتك يا ابن الحارثية كالتي … صناعتها أبقت ولا الوهى ترقع أي لا صناعتها أبقت، وما (النافية) نحو قوله: لعمرو أبي دهماء زالت عزيزة … على قومها ما فتل الزند قادح ونون التوكيد في القسم نحو قوله: تألى ابن أوس حلفة ليردني … ... ... .... ...

و: ليت شعري وأشعرن إذا ما … قربوها منشورة ودعيت خلافًا للكوفيين إذ يجيزون المسألتين في الكلام، وهمزة الاستفهام إذا أمن اللبس نحو قوله: فأصبحت فيهم آمنًا لا كمعشر … أتوني فقالوا من ربيعة أو مضر وما من إما على خلاف نحو قوله: سقته الرواعد من صيف … وإن من خريف فلن يعدما وواو العطف للدليل نحو قوله: ضربًا طلخفًا في الطلى سخينا وإما من غير ما يؤدي معناها نحو قوله: نهاض بدار قد تقادم عهدها … وإما بأموات ألم خيالها أي إما بدار، والفاصل بين أن المخففة والفعل نحو قوله: إني زعيم يا نويقة … إن نجوت من الرزاح ونجوت من عرض المنو … ن من الغدو إلى الرواح

أن تهبطين بلاد قو … م يرتعون من الطلاح وفعلا (كان) من غير عوض نحو: أزمان قومي والجماعة يريد: كان قومي، واسمًا وواو الضمير المتصلة بالماضي اكتفاءً بالضمة قبلها نحو: فلو أن الأطبا كان حولي … ... ... ... ... وياء المتكلم في غير النداء اكتفاءً بالكسرة قبلها نحو: فما وجد النهدى وجدًا وجدته … ولا وجد العذرى قبل جميل أي قبلي، وربما حذفت الضمة نحو قوله: لو أن قومي حين ادعوهم حمل أي حملوا والكسرة نحو: ... .... .... … ... .... وبإذن الله ريثي وعجل

(أي عجلى) وضمير النصب من العامل الثاني في باب الإعمال إذا أعمل الأول نحو قوله: بعكاظ يعشى الناظر … ين إذا هم لمحوا شعاعه خلافًا لمن يجيز ذلك في الاختيار، والضمير الرابط الصلة بالموصول ولا طول في الصلة نحو قوله: لم أمثل الفتيان في غبن الأيام ينسون ما عواقبها أو الصفة بالموصوف، ولا طول في الصفة نحو قوله: أقلب في بغداد طرفي ولا أرى … سنا الصبح أو ديكا ببغداد صائح بلاد بها كانت شكاتي فلم أعد … ولومت ما دامت علي النوائح أي هو صائح، والمجرور بحرف، ولم يستوف شروط الحذف لا في صلة، ولا في صفة نحو قوله: فأصبح من أسماء قيس كقابض … على الماء لا يدري بما هو قابض

فمررت بالذي فرحت لا يجوز إلا في الضرورة، والرابط للخبر بالمبتدأ إذا كان حذفها يؤدي إلى التهيئة والقطع نحو قوله: وخالد يحمد ساداتنا … بالحق لا يحمد بالباطل وضمير الشأن والقصة إذا كان اسمًا لـ (إن وأخواتها) نحو قوله: فلا تشتم المولى وتبلغ أذاته … فإن به تثأى الأمور وترأب وخبر كان لدلالة المعنى عليه نحو: فإن قصدوا طريق الحق فاقصد … وإن جاروا فجر حتى يصيروا أي لك تبعًا، والموصول، وإبقاء صلته نحو: هل تتركن إلى الديرين هجرتكم … ومسحكم صلبكم رحمان قربانا خلافًا للكوفيين، فإنهم يجيزون ذلك في الكلام لدلالة المعنى عليه، ومضاف حيث لا يدل عليه معنى الكلام نحو قوله: عشية فر الحارثيون بعدما … قضى نحبه في ملتقى القوم هوبر ومضاف من غير أن يقام المضاف إليه مقامه نحو: رحم الله أعظمًا دفنوها … بسجستان طلحة الطلحات وموصوف، وإقامة صفة مقامه حيث لا يجوز في الكلام نحو: عباس يا الملك المتوج والذي … عرفت له بيت العلا عدنان

أي يا أيها الملك، وقول الآخر: وقصرى شنج الأنسا … ء نباح من الشعب وقول الآخر: يرمى بكفي كان من أرمى البشر وعطف على ضمير مرفوع متصل بلا فاصل نحو قوله: ألم تر أن النبع يصلب عوده … ولا يستوي والخروع المتقصف وعلى ضمير مجرور بلا إعادة الجار نحو قوله: أريحوا البلاد منكم ودبيبكم … بإعراضكم مثل الإماء الولائد خلافًا للكوفيين في إجازة هاتين في الاختيار، وبجملة بعد لم نحو: وعليك عهد الله إن أخبرته … أهل السيالة إن فعلت وإن لم وفعلا الشرط والجزاء بعد (إن)، ولا يكون في غيرها من أدوات الشرط نحو قوله: قالت بنات العم يا سلمى وإن … كان عيبًا معدما قالت وإن (أي وإن كان عييًا معدمًا فزوجنيه)، وفي قولهم: ألا تا وألا فا يريدون ألا تركبون وألا فاركبوا نحو:

نادوهم ألا ألجموا ألاتا قالوا جميعًا كلهم ألافا وقولهم: وإن شرافأا، وإلا أن تأا، يريدون: فأصابك الشر، وإلا أن تأبى الخير، قال زهير: بالخير خيرات وإن شرافأا … ولا أريد الشر إلا أن تأا (التقديم والتأخير) في حركة في نحو: ضربه بنقل الضمة إلى الباء فتقولك ضربه نحو قوله: قد كان شيبان شديدًا هبصه … حتى أتاه قرنه فوقصه وقال ابن مالك: والوقف بالنقل إلى المتحركة لغة لخيمة وفي نحو: أضربها تنقل حركة الهاء إلى الباء، وتسكن الهاء فتقول أضربه كقوله: فإني قد سئمت بدار قومي … أمورًا كنت في لخم أخافه أي أخافها، وفيما أدى النقل من الإعراب إلى الساكن قبله إلى بناء معدوم مثاله قول أوس فيما رواه بعض الرواة: كن صرخة ثم إسكاتة … كما طرقت بنفاس بكر والمشهور في روايته (بكر) بكسر الكاف، ولحرف قالوا في كائع: كاعى نحو قوله:

حتى استفأنا نساء الحي ضاحية … وأصبح المرء عمرو مثبتًا كاعي وفي أوائل: أوالى قال ذو الرمة: تكاد أواليها تفرى جلودها … ويكتحل التالي بمور وحاصب وفي تراقي: ترائق نحو قوله: هم أوردوك الموت حتى لقيته … وجاشت إليك النفس بين الترائق وفي شوائع: شواعي نحو قوله: وكأن أولاها كعاب مقامر … ضربت على شزن فهن شواعي وفي اليوم: اليمي نحو قوله: مروان مروان أخو اليوم اليمي وفي عائق: عاقي نحو قوله: ولو أني رميتك من بعيد … لعاقك عن لقاء الحي عاقي وفي انتقاها: انتاقها نحو قوله: مثل القياس انتاقها المنقى

(القياس جمع قوس) وفي ساءها: سآها، وفي تشأى: تشاء، وفي رأي: راء والكلمة، وذلك الفصل بين المتضايفين بظرف نحو قوله: كما خط الكتاب بكف يومًا … يهودي يقارب أو يزيل ومجرور نحو قوله: هما أخوا في الحرب من لا أخا له وغيرهما نحو قوله: فزججتها بمزجة … زج القلوص أبي مزاده وبينهما بمعطوف على الاسم المضاف نحو قوله: يا من رأى عارضًا أرقت له … بين ذراعي وجبهة الأسد وجاء في الكلام: (قطع الله يد ورجل من قالها)، و (برئت إليك من مائة وعشرى النخاسين)، خلافًا للمبرد، إذا زعم أن لا فصل. وبين حرف الجر والمجرور قال الفرزدق: وإني لأطوى الكشح من دون ما انطوى … وأقطع بالخرق الهبوع المراجم

وبين العدد وتمييزه نحو قوله: على أنني بعد ما قد مضى … ثلاثون للهجر حولاً كميلا وبين الصفة والموصوف بغير معمول لأحدهما نحو قوله: أمرت من الكتان خيطًا وأرسلت … رسولاً إلى أخرى جريا يعينها وبين المتعاطفين بغير معمول المعطوف عليه نحو قوله: فصلقنا في مراد صلقة … وصداء ألحقتهم بالثلل وبين حرف العطف، والمعطوف بظرف نحو قوله: يوما تراها كشبه أردية لعصب ويوما أديمها نغلا

أو مجرور نحو قوله: مورثة مالا وفي الحي رفعة … لما ضاع فيه من قروء نسائكا وبين أداة الشرط غير (إن) والفعل بالاسم نحو قوله: صعدة نابتة في حائر … أينما الريح تميلها تمل وبين أداة الاستفهام غير الهمزة والفعل بالاسم نحو قوله: أم هل كبير بكى لم يقض عبرته … إثر الأحبة يوم البين مشكوم وبين الحرف المختص في سعة الكلام والفعل نحو قوله: لن ما رأيت أبا يزيد مقاتلاً … أدع القتال وأشهد الهيجاء وتقديم المضمر على الظاهر لفظًا ورتبة في غير المواضع المستثناة نحو قوله: ألا ليت شعري هل يلومن قومه … زهيرًا على ما جر من كل جانب

خلافًا لأبي عبد الله الطوال، وأبي الفتح، وتبعهما ابن مالك، وتقديم المعطوف عليه بشروطه في باب العطف نحو قوله: ثم اشتكيت لأشكاني وصاحبه … قبر بسنجار أو قبر قهد ووقع في الضرائر لابن عصفور في البسيط تقديمه صدرًا (بالفاء) وبـ (و) نحو قوله: وإني متى ما أدع باسم لم تجب … وكنت جديرًا أن تجيب فتسمعا أي أن تسمع، فتجيب، وقول الآخر في (أو): لاهم أن عامر بن عمرو الأعور الأعسر أو لا أدري أحدهما عائدة بحجر أي أحدها عائدة بحجر أو لا أدري، وتقديم النعت على المنعوت كقوله: متقلدًا لأبيه كانت عنده … أرباق صاحب ثلة وبهام قدم النعت ولم يكن اسمًا، فيقع العامل عليه، وهو متقلد، ويجعل المنعوت بدلا منه يريد: متقلد أرباق صاحب ثلة وبهام كنت عنده فقدم أو على أحد المنعوتين نحو قوله: ولست مقرا للرجال ظلامة … أبى ذاك عمى الأكرمان وخاليا

وتقديم (ما) بعد إلا عليها نحو قوله: ... .... ... … وما اغتره الشيب إلا اغترارا وتقديم المجرور على حرف الجر نحو قوله: أتجزع أن نفس أتاها حمامها … فهلا التي عن بين جنبيك تدفع وما كثر فيه التقديم والتأخير حتى لا يفهم إلا بتدبر كثير قبيح جدًا لا ينبغي أن يرتكب نحو قوله: وما مثله في الناس إلا مملكًا … أبو أمه حي أبوه يقاربه أي وما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملكًا أبو أمه أبوه وكذا قوله: فليست خراسان التي كان خالد … بها أسد إذ كان سيفًا أميرها يمدح خالد بن الوليد، ويذم أسدًا وكانا واليين بخراسان وليها (خالد) قبل أسد، والتقدير: فليست خراسان البلدة التي كان خالد بها سيفًا إذ كان أسدًا أميرها وقوله:

فما من فتى كنا من الناس واحدًا … به نبغي منهم عديلاً نبادله أي فما من فتى من الناس كنا نبتغي واحدًا منهم عديلاً نبادله به وكذا: فأصبحت بعد خط بهجتها … كأن قفرًا رسومها قلما ونحوه: لها مقلتا أدماء ظل خميلة … من الوحش ما تنفك ترعى عرارها أي لها مقلتا أدماء من الوحش ما تنفك ترعى خميلة ظل عرارها، والعرار بالفتح نبت.

الإبدال لحركة من حركة، وذلك فتحة من كسر قبل ياء المتكلم في غير النداء فتنقلب الياء ألفًا نحو قوله: فيا لهف ما أما عليك إذا غدا … على ذوو الأضغان بالنظر الشزر ومن كسرة نون الاثنين نحو قوله: على أحوذيين استقلت عشية … فما هي إلا لمحة وتغيب وفي لغة من جعلها بالألف دائمًا نحو قوله: أعرف منها الأنف والعينانا وضمة من كسرة فيها مع الألف نحو قوله:

يا أبتاه أرقني القذان … فالنون لا تألفه العينان وكسرة من فتحة في نون الجمع نحو قوله: عرفنا جعفرًا وبني أبيه … وأنكرنا زعانف آخرين ولحرف من حرف همزة من ألف نحو قوله: صبرًا فقد هيجت شوق المشتئق ومن ياء حيث لا يجوز في الكلام نحو قوله: شريت جياد الخيل وابتعت مقرفًا … كمشترئ بالخيل أحمرة بترا ومن ياء مبدلة من حرف صحيح نحو قوله: ينشب في المشعل واللهاء … أنشب من مآشر حداء

أي حداد، فأبدل الدال ياء، ولم يتعد بالألف فاصلة ثم أبدل الياء همزة لتطرفها بعد ألف زائدة، ومن واو ساكنة مضموم ما قبلها نحو قوله: أحب المؤقدين إلى مؤسى … وحرزة إذ أضاءهما الوقود ومن هاء نحو قوله: وبلدة قالصة أمواؤها ومن حرف صحيح (باء) أرانب وثعالب نحو قوله: ... .... ... … من الثعالي ووخز من أرانيها وعين ضفادع نحو قوله: ولضفادى جمة نقانق وسين خامس نحو قوله: ... ..... … وعام حلت وهذا التابع الخامي

وسادس نحو قوله: ... .... .... … فزوجك خامس وأبوك سادى وثاء ثالث نحو قوله: قد مر يومان وهذا الثالث … وأنت بالهجران لا تبالي ونون إنسان الأولى نحو قوله: فيا ليتني بعد ما طاف أهلها … هلكت ولم أسمع بها صوت إيسان وضاد تقضض نحو قوله: تقضى البازي إذ البازي كسر وميم يأتم الأخيرة نحو قوله:

. .... ... ... … وأما بفعل الصالحين فيأتمى وتاء اتصلت الأولى نحو قوله: وايتصلت بمثل ضوء الفرقد ومن همزة خلافًا للمبرد نحو قوله: ... .... ... ... … والناس ليس بهاد شرهم أبدا أي بهادئ، وأل فمن همزة مفتوح ما قبلها نحو قوله: فارعى فرازة لا هناك المرتع وجيم من ياء حقيقة نحو قوله: لا هم إن كنت قبلت حجتج وها من ألف (ما) و (هنا) وقفًا نحو قوله: من بعد ما وبعد ما وبعد مه

وقول الآخر في هنا: من ها هنا ومن هنه وشين من جيم نحو قوله: إذ ذاك إذ حبل الوصال مدمش ولكلمة من كلمة حرفًا على مذهب الكوفيين (على) من (عن) نحو قوله: إذا رضيت على بنو قشير … لعمر الله أعجبتني رضاها ومن لام الجر نحو قوله: رعته أشهرًا وخلا عليها … فطار الني فيها واستعارا وبائه نحو قوله: وكأنهن ربابة وكأنه … يسر يفيض على القداح ويصدع وفي نحو قوله: يصيرون في طعن الأباهر والكلى ومع نحو قوله: ويردان من خال وسبعون درهما … على ذاك مقروظ من القد ماعز

وعن من نحو قوله: ولقد شهدت إذ القداح توجدت … وشهدت عند الليل موقد نارها عن ذات أولية أساود ربها … كأن لون الملح لون شفارها أي من أجل ذات أولية، ومن بعد نحو قوله: ... .... ... .... … لم تنطق عن تفضل (أي بعد تفضلى)، وإلى من (من) نحو قوله: أيسقى فلا يروى إلى ابن أحمرا أي فلا يروى مني، ومن في نحو قوله: كأنني إلى الناس مطلى به القار أجرب أي في الناس، ومن (من) إلى نحو قوله: أأزمعت من آل ليلى ابتكارا … وشطت على ذي هوى أن تزارا

ومذهب البصريين إبقاء الحرف على موضوعه الأول، إما بتأويل يقبله اللفظ، أو تضمين الفعل معنى ما يتعدى به، وما يمكن فيه ذلك، اعتقدوا أن أحد الحرفين موضوع موضع الآخر، وقد تقدم شيء من ذلك في باب حروف الجر، واسما مفردًا من مفرد، مشتق من اسمه نحو قوله: فإن تنسنا الأيام والدهر تعلموا … بني قارب أنا غضاب لمعبد أي لعبد الله بدليل قوله: تنادوا فقالوا أردت الخيل فارسًا … فقلت أعبد الله ذلكم الردى أو شريكه في المعنى نحو قوله: حدوا بأبي أم الرئال فأجفلت … نعامته عن عارض متلهب أي بأبي نعامته، وهي كنية قطري، أو هو منه ينسب نحو قوله: بجلالة توفى الجديل سريحة … مثل الفنيق هنأته بعصيم أي بهناء، والعصيم أثر الهناء، أو مباينه فيستعار له، وأكثره في الذم نحو قوله:

من الزمرات أسبل قادماها … ... ... .... ... ... استعار القادمين للشاة وهما للناقة، وجاء في المدح نحو قوله: سأمنعهما أو سف أجعل أمرها … إلى ملك أظلافه لم تشقق يريد أقدامه. والغلط لا يجوز لا في الكلام، ولا في الشعر ومن الغلط قوله: والشيخ عثمان أبو عفان وإنما كنيته أبو عمرو، وعفان أسم أبيه. ومفرد من مثنى نحو قوله: بدلك الله بلون لونين أي بلونين لونين، ومن مجموع حيث لا يجوز الكلام نحو قوله: ... .... ... … وأما جلدها فصليب

أي جلودها، ومثنى من مفرد نحو قوله: عشية سال المربدان كلاهما … ... ... .... ... وإنما هو مربد البصرة، ومن مجموع نحو قوله: وما قمت حتى كاد من كان مسلمًا … ليلبس مسودى ثياب الأعاجم أي مسودات، ومجموع من مفرد نحو قوله: ومثلك معجبة بالشبا … ب صاك العبير بأجسادها ومن مثنى نحو قوله: أتاني من الأنباء أن مجاشعًا … وآل فقيم والكراديس أصفقوا أي والكردوسان وهما معاوية وقيس ابنا مر بن زيد مناة، ويقال لهما الكردوسان، ومعطوفان ومن مثنى نحو قوله:

ليث وليث في محل ضنك ومعاطيف من جمع حيث لا يجوز في الكلام نحو قوله: أقمنا بها يومًا ويومًا وثالثًا … ويومًا له يوم الترحل خامس وضمير رفع منفصل من مثله متصلاً نحو قوله: إلا يزيدهم حبًا إلى هم أي لا يزيدونهم حبًا إلي، ومن ضمير نصب منفصل نحو قوله: يا ليتني وهما نخلو بمنزلة … حتى يرى بعضنا بعضا ونأتلف وهذا من ضمير متصل نحو قوله: إليك حتى بلغت إياكا

أو بدل النفس نحو قوله: كأنا يوما قرى إنما نقتل إيانا الوجه: إنما نقتل أنفسنا كقوله تعالى: «ربنا ظلمنا أنفسنا» أو ضمير رفع منفصل هو في موضع الجر بكاف التشبيه نحو قوله: فأحسن وأجمل في أسيرك إنه … ضعيف، ولم يأسر كإياك آسر أي كأنت، وضمير نصب متصل من منفصل مجرور منصوب نحو قوله: ألا يجاورنا إلاك ديار أي إلا إياك أو بدل النفس نحو قوله: قد بت أحرسه وحدى ويمنعني … صوت السباع به يضبحن والهام الوجه: أحرس نفسي، كقوله تعالى: «إني ظلمت نفسي» واسم موضع مضارع خبر كاد نحو قوله: فأبت إلى فهم وما كدت آئبا وموضع أن والفعل خبر عسى نحو قوله:

لا تكثرن إني عسيت صائمًا وفعل أمر خبر كان نحو قوله: وكوني بالمكارم ذكريني أي: تذكرينني، ومضارع على تقدير ا، دون عملها موضع المصدر نحو قوله: نفاك الأغر ابن عبد العزيز … وحقك تنفى من المسجد وعند الفارسي مضارع دون تقدير أن موضعه نحو قوله: ولا يلبث الحر الكريم إذا ارتمت … به الجمزي قد شد حيزومها الصقر سيكسب مالاً أو يفيء له الغنى … إذا لم تعجله المنية والقدر والجملة هي جملة غير خبرية موضع الوصف نحو قوله: جاءوا بمذق هل رأيت الذئب قط أي بمذق أبغر، وفعلية منفية موضع جملة النهي نحو قوله: القائلين يسارًا لا تناظره … غشا لسيدهم في الأمر إذ أمروا ولحكم من حكم، وذلك قلب الإعراب وغيره من الأحكام نحو قوله: فإن المنية من يخشها … فسوف تصادفه أينما فإن أنت حاولت أسبابها … فلا تتهيبك أن تقدما

أي فلا يتهيبها، وأنشد أبو الصلت فيما قلب لفظه قال: قال بعضهم يرثى عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه: ضحوا به تضحية الكبش الصدع … واجتلبوا عرق دم أن القلع قال أراد العلق فقلب، وأنشد أيضًا: بحرك عذب الماء ما أعقه … ربك والمحروم من لم يسقه قال أراد ما أعقه أي ما أمره والماء القعاع: المر، وأنشد أيضًا: من سيب عبد الله لا عقاق أي لا قعاع فقلب، وأنشد فيما قلب معناه: ... .... ... ... ... … كننا رعن قف يرفع الآلا أي يرفعه الآل فقلب المعنى، وأنشد أيضًا فيه: فصبحته كلاب الغوث يؤسدها … مستوضحون يرون العين كالأثر فقلب المعنى، وأنشد أيضًا فيه: يريد الأثر كالعين انتهى وفي قلب الإعراب ثلاثة مذاهب: أحدها: أنه يجوز في الشعر، وفي الكلام اتساعًا، واتكالا على فهم المعنى

حكى أبو زيد، إذا طلعت الجوزاء انتصب العود في الحرباء، وحكى: أدخلت القلنسوة في رأسي. والثاني: أنه يجوز في الضرورة مطلقًا. والثالث: يجوز في الضرورة على تأويل، وهو أن يضمن الكلام معنى يقتضيه، وتأنيث المذكر نحو قوله: سائل بني أسد ما هذه الصوت وعكسه حملاً على المعنى نحو قوله: لو كان مدحة حتى منشرًا أحدًا … أحيا أباكن ياليلى الأماديح خلافًا للكوفيين في إجازتهم في سعة الكلام تأنيث اسم كان إذا كان مصدرًا مذكرًا، وكان الخبر مؤنثًا مقدمًا عليه نحو قولهم: كانت رحمة المطر الذي أصابنا ولا يجيزون كانت شمسا وجهك، والعطف على التوهم نحو قوله: مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة … ولا ناعق إلا يبين غرابها

ومعاملة الاسم الذي ليس بمبتدأ معاملة مبتدأ نحو قوله: أقول له كالنصح بيني وبينه … هل أنت بنا في الحج مرتجلان أو الاسم المعمول للناسخ، فيخبر عنه كما يخبر عنهما نحو قوله: لعلي إن مالت بي الريح ميلة … على ابن أبي الذبان أن يتندما وانتصاب المضارع بعد الفاء في غير الأجوبة الثمانية نحو قوله: قوارص تأتينا ويحتقرونها … وقد يملأ القطر الإناء فيفعما أو بعد (أو) العاطفة على غير معنى: إلا أن نحو قوله: فسر في بلاد الله والتمس الغنى … تعيش ذا يسار أو تموت فتعذرا أي تعيش أو تمت، ونصب معمول صفة مشبهة مضاف إلى ضمير موصوفها نحو قوله: أنعتها إني من نعاتها … كوم الذرى وادقة سراتها

خلافًا للكوفيين في إجازتهم ذلك في الكلام وللمبرد في منع ذلك في الكلام، وفي الشعر، واستعمال الاسم استعمالاً يكون له في الكلام، ومنه مهما استفهامًا نحو قوله: مهما لي الليلة مهما ليه أي ماليه و (أل) موصوفة بالمضارع نحو قوله: ما أنت بالحكم الترضى حكومته … ... ... ..... خلافًا لمن أجاز ذلك في الاختيار، ولمن زعم أنها بقية الذي. وبمبتدأ وخبر نحو قوله: من القوم الرسول الله منهم وزعم ابن عصفور أنها في هذا بقية من الذين، وهو الأظهر، وبظرف نحو قوله: من لا يزال شاكرًا على المعه أي الذي معه وسواء نحو قوله: ... .... ... .... … وما قصدت من أهلها لسوائكا

ووسط غير ظرف نحو قوله: أتته بمجلوم كأن جبينه … صلاة ورس وسطها قد تفلقا و (ذو) مضافة إلى المضمر نحو قوله: صبحنا الخزرجية مرهفات … أبان ذوي أرومتها ذووها خلافًا لمن أجاز ذلك في الكلام، وتأكيد النكرة نحو قوله: زحرت به ليلة كلها … فجئت به مؤيدًا خنفقيقا خلافًا للكوفيين في إجازتهم ذلك في النكرة المحدودة، والإخبار عن نكرة بالمعرفة نحو قوله: كأن سبيئة من بيت رأس … يكون مزاجها عسل وماء خلافًا لمن أجاز ذلك في باب (إن) نحو قوله: وجارك لا يذممك إن مسبة … على المرء في الأدنين ذم المجاور

وقول الآخر: وإن عناء أن تفهم جاهلاً … فيحسب جهلاً أنه منك أعلم ومجيء الحال من النكرة المتأخرة، والصحيح جواز ذلك على قلة، وقد قاسه سيبويه نحو قوله: وما حل سعدي غريبًا ببلدة … ... ... .... .... والجزم بـ (إذا) نحو قوله: وإذا تصبك من الحوادث نكبة … فاصبر فكل غيابة ستكشف خلافًا لمن أجاز ذلك في الكلام، إذا زيد بعدها (ما)، وتثنية (سبع) مرادًا به العدد، نحو قوله: فلن تستطيعوا أن تزيلوا الذي رسا … لنا عند عال فوق سبعين دائم واستعمال (لا) داخلة على المعرفة غير مكررة خلافًا للمبرد نحو قوله: ... .... .... ثم آذنت … ركائبها أن لا إلينا رجوعها

وإجراء ما فيه تاء التأنيث في الوصل مجراه في الوقف في إبدال تائه هاء نحو قوله: لما رأى أن لادعه ولا شبع واستعمال الفعل استعمال الحرف المشبه له نحو قوله: قد سوأ الناس بابًا ليس بأس به … وأصبح الدهر ذو العرنين قد جدعا واستعمال الحرف اسمًا نحو قوله: غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها استعمل (على) اسمًا للضرورة، وأجرى الهاء مجرى (فوق) وقول الآخر: وهيف تهيج البيت بعد تجاوز … إذا نفحت من عن يمين المشارق وقول الآخر: وإنك لم يخفر عليك كفاخر … ... ... ....

فـ (الكاف)، وعن، و (على) أسماء عند البصريين، وأما عند الكوفيين فليست أسماء، بل سادة مسد الاسم، ونائبة عنه خلافًا للأخفش في كتاب التشبيه، إذ زعم أنها تكون أسماء في الاختيار. واستعمال الحرف استعمالاً لا يكون مثله في الكلام نحو قوله: وأم أوعال لها أو أقربا والكاف لا تجر إلا الظاهر، أو تدخل على ضمير الرفع فأجراها مجرى إلى مثل قول الشاعر: فلا والله لا يلفى الناس … فتى حتاك يا ابن أبي يزيد وحكم (حتى) أن لا تجر إلا الظاهر، فأجراها مجرى إلى. وجعل اسم كأن المخففة ظاهرًا نحو قوله: كأن وريديه رشاء خلب أو ضميرًا غير ضمير الشأن نحو قوله: كأن ظبية تعطو أي كأنها، واستعمال (لم) استعمال (ما) النافية نحو قوله: وأمسوا بهاليل لو أقسموا … على الشمس حولين لم تطلع و (ما) استعملت استعمال (لا) لنفي الجنس نحو قوله: وما باس لو ردت علينا تحية … قليل على من يعرف الحق عابها

واستعمال الصفة استعمال الجامد مضافة للعدد من ثلاثة إلى عشرة، والفم بالميم مضافًا نحو قوله: يصبح ظمآن وفي البحر فمه واستعماله بالواو، والألف والياء عند أبي علي. تم ارتشاف الضرب من لسان العرب في يوم الأحد المبارك آخر شهر جمادى الآخر سنة سبع وعشرة ومائة وألف، والحمد لله وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده. تم ارتشاف الضرب … من اللسان العربي للعمدة الحبر أبي … حيان طود العرب على يدي عبد اللطيـ … ـف الأزهري المذنب في عام سبعة تلت … عشرا لهجرة النبي ومائة بعد ألـ - ـف أرخت من الكتب

§1/1