اختلاف الفقهاء لابن جرير

الطبري، أبو جعفر

كتاب المدبر

كتاب المدبر مدخل ... كتاب المدبر من اختلاف الفقهاء تأليف أبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري بسم الله الرحمن الرحيم "أجمعت الحجة التي لا يجوز خلافها" أن من دبر عبده ثم لم يحدث لتدبيره ذلك1 نقضا ما بإزالة ملكه عن مدبره ذلك إلى غيره ببعض المعاني التي تزول2 بها الأملاك ولم يرجع في تدبيره بقول يكون ذلك رجوعا عند من نوى الرجوع فيه على ما سنصفه عند انتهائنا إليه في كتابنا هذا وكان المدبر مأمورا3 منهيا جائز الأمر في ماله يوم دبر ثم مات السيد المدبر ويحتمله ثلث تركته ولم يكن لأحد عليه يوم مات دين يعجز ثلث ماله بعد قضاء دينه عن جميع قيمة مدبره ولا وصية له في ماله يقصر ثلث تركته بعد قضاء دينه وإنفاذ وصاياه الجائزة عن جميع قيمة مدبره إن4 عبده ذلك الذي دبره في حياته حر بعد وفاته إذا كان الأمر على ما وصفت.

_ 1 النسخة: نقضا إما. 2 ن: به. 3 أي مأمور بالمعروف منهيا عن المنكر. 4 عنده.

ثم اختلفوا في صفة القول الذي إذا وجد من القائل لعبده حكم للمقول له ذلك من عبيده بأنه مدبر

ثم اختلفوا في صفة القول الذي إذا وجد من القائل لعبده حكم للمقول له ذلك من عبيده بأنه مدبر1 فقال مالك2 كل عتاقة أعتقها رجل بعد موته في صحة أو مرض فهي وصية يردها3 الرجل4 إن شاء ويغيرها5 متى شاء ما لم6 يدبر فإذا7 دبر فلا سبيل له إلى8 رد ما دبر قال ويفرق بين الوصية والتدبير أن يقول له اعتقه عن دبر فإن لم يذكر التدبير في العتق فهي وصية حدثني "بذلك يونس عن ابن وهب عنه"9 وقال الشافعي10 الذي لا أعلم بين الناس اختلافا11 فيه أن تدبير العبد أن يقول له سيده صحيحا أو مريضا أنت مدبر وكذلك إن قال له أنت مدبر12 أو قال أردت عتقه بكل حال بعد موتي13 أو أنت عتيق أو أنت محرر أو أنت حر إذا مت أو متى مت أو بعد موتي14 أو

_ 1 إلي قوله: ما دبر: موطأ: كتاب التدبير: الوصية في التدبير. 2 موطأ: الأمر المجتمع عليه عندنا كا عتاقه اعتقها رجل في وصية أوصي بها في صحة أو مرض أ، هـ يردها. 3 قوله: الرجل ليس في الموطأ. 4 م: متي: وفي بعض نسخ الهند متي ما. 5 وفي بعض نسخ الهند متي ما. 6 م: يكن تدبيرا. 7 ن: دبر. 8 قوله: رد: ليس في نسخ الهند وشرح الزرقاني. 9 كتاب الأم: أحكام التدبير. 10 أم: قال الششافعي: ولا أعلم. 11 ن وام: في. 12 ن وام: قال. 13 ام: وأنت. 14 كذا في الم وأما في النسخة: وما.

ما أشبه هذا من الكلام فهذا كله تدبير1 قال وسواء عندي قال أنت حر بعد موتي أو متى مت إن لم أحدث فيك حدثا أو ترك2 استثناء في أن يحدث فيه3 حدثا لأن له أن يحدث فيه نقض التدبير حدثنا بذلك عنه الربيع4. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا قال الرجل لمملوكه أنت حر بعد موتي أو أنت حر إذا مت أو أنت حر متى مت أو أنت حر متى ما مت أو أنت حر إن حدث بي حدث فهذا كله باب واحد وهو مدبر. وقالوا إذا قال الرجل لعبده أنت مدبر أو قال لأمته أنت مدبرة فانهما جميعا مدبران وقالوا أرأيت لو كان أعجميا لا يفصح بالتدبير فقال هذه المقالة أما كان يكون مدبرا وقالوا إن قال قد دبرتك فهو مدبر قالوا وقوله قد دبرتك أو أعتقتك عن5 دبر سواء وكذلك إذا قال أنت حر يوم أموت فإن نوى النهار دون الليل فإنه ليس بمدبر الجوزجاني عن محمد. وعلة من قال بقول مالك إن القائل لمملوكه قد اعتقتك عن دبر مني مجمع عليه أنه قد دبر عبده ومختلف6 فيما خالف ذلك من القول هل هو تدبير أم لا والتدبير اسم لمعنى والأسماء لا تثبت على الصحة للمسمى بها إلا بحجة يجب التسليم لها من كتاب أو سنة أو أجماع.

_ 1 قوله: قال: ليس في الأيام. 2 ام: او استثني في أن. 3 أم: نقض. 4 وقال المزني في مختصره: قال الشافعي: فإذا قال الرجل لعبده: أنت مدبر، أو أنت عتيق، أو أنت محرر، أو أنت حر بع موتي، أو متي مت أو متي دخلت الدار، فأنت حر بعد موتي، فدخل. فهذا كله تدبير يخرج من الثلث. 5 ن: دين. 6 أي مختلف فيه فيما.

وعلة من قال بقول الشافعي في ذلك إن التدبير إنما هو عتق الرجل عبده بعد إدباره وهلاكه وكذلك قول القائل لعبده أنت حر عن دبر مني أو قد أعتقتك عن دبر مني إنما يعني بذلك أنت حر بعد موتي أو أنت حر إذا مت وأدبرت فكل ما كان من عتق يقع على عبده مع إدباره وهلاكه بإيقاعه إياه عليه حينئذ بقول كان منه في حياته فهو تدبير. قال أبو جعفر والحق في ذلك عندي وبالله التوفيق إن قول القائل لعبده قد اعتقتك عن دبر مني وأنت حر بعد موتي وأنت حر إذا مت بمعنى واحد لأن ذلك كله إنما هو إيجاب عتق للعبد بعد خروج نفس السيد بلا فصل بل قول القائل أنت حر إذا مت أوضح وأبين في إيجاب العتق للمملوك في تلك الحال من قوله قد اعتقتك عن دبر وإذا كانت الأشياء متفقة المعاني من جهة ما وجب بما وجب لبعضها1 من الحكم لم يجز التفريق بين أحكامها فيما اتفقت فيه إلا بحجة يجب التسليم لها وكذلك الحكم في ذلك إن قال أنت حر إن حدث بي حدث الموت أو أنت مدبر فإن قال أنت حر يوم أموت فإن قال أردت بعد موتي فهو تدبير وإن قال أردت بذلك أنت حر إن مت نهارا أو إن مت ليلا فليس ذلك تدبيرا وإنما هو عتق على صفة لأن التدبير هو ما وصفناه من عتق الرجل عبده عند إدباره وهلاكه على أي حال وفي أي وقت كان إدباره فأما إذا كان عتقا عند إدباره بصفة دون صفة وفي حال دون حال فذلك عتق بشرط إن وجد وقع وإن لم يوجد لم يقع ولا يستحق العبد المعتق على ذلك ان معه يقال له2 مدبر إذ الإسم المطلق بالتدبير3 على كل معاني إدبار المدبر لا على معنى دون معنى وإذا كان على بعض دون بعض لم يجز أن يطلق ذلك الإسم له.

_ 1 ن: لبعضها الحكم. 2 ن: مدبر. 3 أي مطلق علي كل معاني.

واختلفوا في قول القائل لمملوكة أنت حر

واختلفوا في قول القائل لمملوكه أنت حر. بعد موتي أو ساعة أو شهر أو سنة أو ما أشبه ذلك من القول الذي لا يستوجب1 به العبد الحرية بعد موت السيد بلا فصل ولا يستوجبها إلا بعد وفاته بمدة وهل يكون ذلك القول تدبيرا أم لا. فقال مالك ذلك وصية وللسيد أن يغير وصيته إن شاء ويردها متى شاء وليس بتدبير "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وهو قول الأوزاعي "حدثني بذلك العباس عن أبيه عنه"2. وقال الشافعي إذا قال السيد لعبده أنت حر بعد موتي بعشر سنين فهو حر في ذلك الوقت من الثلث وإن كانت أمة فولدها بمنزلتها3 يعتقون إذا عتقت وهذه أقوى عتقا من4 المدبرة لأن هذه لا يرجع فيها إذا مات سيدها وما كان سيدها حيا فهي بمنزلة المدبرة حدثنا بذلك عنه الربيع. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا قال الرجل لعبده أنت حر بعد موتي بيوم أو بشهر أو بأكثر من ذلك فإن هذا لا يكون مدبرا وللمولى أن يبيعه فإن لم يبعه حتى مات المولى فإنه يعتق من ثلثه بعدما يمضي الوقت بعد موته ولا يعتق حتى تعتقه الورثة الجوزجاني عن محمد. وعلة من قال ليس هذا القول من القائل تدبيرا أن التدبير ما وصفناه

_ 1 ن: يستوجب العبد. 2 أم: قال الشافعي: وإذا قال لعبده: أنت حر. 3 أم: يعتقون بعتقها إذا. 4 أم: المدبر.

قبل من ألا يكون1 المدبر مدبرا هالكا إلا والمدبر معتق بعد هلاكه بلا فصل فأما إذا لم يكن كذلك فليس ذلك تدبيرا لأن ذلك اسم لمعنى ومتى كان بخلاف ذلك لم يلزمه ذلك الإسم. وعلة من قال هو تدبير أن التدبير عتق عبد بعد وفاة المعتق فأي عتق كان بتلك الصفة فهو تدبير قال أبو جعفر والحق في ذلك عندي وبالله التوفيق إن هذا القول من قائله لا يستحق اسم تدبير لما وصفت من العلل لقائل ذلك.

_ 1 ن: المدبر.

ثم اختلفوا في حكم العبد يعتق إلى أجل

ثم اختلفوا في حكم العبد يعتق إلى أجل أو على شرط1 أو صفة فيموت السيد قبل مجيء الأجل ووجود الشرط. فقال مالك من قال غلامي حر إلى رأس السنة إن مات السيد قبل ذلك كان العبد حرا عند السنة من رأس المال حدثني "بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وقال في الرجل يقول لغلامه إذا مات فلان فأنت حر ولا يحبسه عليه ثم يموت سيد العبد قال يخدم العبد الورثة فإن مات الرجل الذي سمى عتق العبد في غير الثلث وإنما مثل ذلك مثل رجل قال لعبده أنت حر بعد عشر سنين وقال في الرجل يقول لغلامه إذا مات فلان فأنت حر فإنه يأخذ من ماله2 شيئا وإنه لا يدخل في ثلث سيده إن مات وقال في رجل قال لجاريته إن لم أضربك عشرة أسواط في ذنب

_ 1 ن تحت أو صفة: أ, الصفة: ولعل صواب ذلك أن يقرأ في آخره: ووجود الشرط، أو الصفة. 2 ن: سا.

جئت به فأنت حرة فأراد بيعها ولا يضربها قال لا أراه يجوز له بيعها ولا هبتها حتى يضربها وإن باعها فسخ البيع وردت إليه على تلك المنزلة ولا يضرب له أجل إن لم يضربها إليه عتقت فإن مات عتقت في ثلثه ولم تكن في رأس ماله وإن ماتت هي فلا عتاقة لها إنما ماتت وهي أمة وقال في الذي يحلف بالعتق إن لم يفعل كذا فيموت قبل أن يفعل قال يعتق ذلك الذي حلف بعتاقته في ثلث ماله 1قال وسمعت مالكا يقول في الرجل يقول إن لم يفعل كذا فإن وليدته حرة قال لا يطأها ولا يبيعها حتى يفعل الذي حلف عليه فإن ابن عمر قال لا يطأ الرجل وليدة إلا وليدة إن شاء باعها وإن شاء وهبها وإن شاء صنع بها ما شاء وإن الذي يجعل جاريته حرة إن لم يفعل كذا لا يقدر على بيعها حتى يفعل الذي حلف عليه فإن هلك ولم2 يفعل الذي حلف عليه خرجت الجارية حرة من الثلث 3قال وقال لي مالك وإن قال وليدته حرة إن لم يفعل كذا إلى أجل سماه فإنه لا يبيعها أيضا حتى يفعل ما حلف عليه ولكنه يطأها إن شاء ما بينه وبين الأجل الذي سمى ثم يوقف عنها عند ذلك الأجل إن لم يفعل الذي حلف عليه فإن مات قبل أن ينقضي الأجل فلم يحنث لأنه شرط شرطا لا يؤخذ به حتى يأتي الأجل وهو حي فإذا جاء الأجل ولم يفعل الذي حلف عليه عتق الذي حلف بعتاقته. وقال الشافعي4 إذا قال السيد لعبده أنت حر إذا مضت سنة أو سنتان5 أو قال شهر كذا أو سنة كذا أو سنة كذا أو يوم كذا فجاء ذلك الوقت وهو

_ 1 أي ابن وهب. 2 في النسخة بالمثناة فوق. 3 أي ابن وهب. 4 أم: قالىالشافعي رحمه الله وإذا قال الرجل لعبده. 5 أم: سنتين أ, شهركذا.

في ملكه فهو حر وله أن يرجع في ذلك كله بأن يخرجه من ملكه ببيع أو هبة أو غيره كما يرجع في غيره1 وإن لم يرجع فيه أو كان قال هذا لأمة فالقول فيه2 قولان أحدهما أن كل شيء كائن لا يخلف بحال فهو كالتدبير وولدها فيه كولد المدبرة وحالها حال المدبرة في كل شيء إلا أنها تعتق من رأس المال وهذا قول يحتمل القياس وبه أقول3 والقول الثاني أنها تخالف المدبرة ولا4 يكون ولدها بمنزلتها وتعتق5 هي دون ولدها الذين ولدوا بعد هذا القول6. قال ولو قال لعبده في صحته أو لأمته متى قدم فلان فأنت حر أو متى برأ فلان فأنت حر فله الرجوع بأن يبيعه قبل أن يقدم فلان أو يبرأ فلان وإن قدم فلان أو برأ فلان قبل أن يرجع عتق عليه من رأس ماله إذا قدم فلان أو كان الذي أوقع العتق عليه7 به والقائل مالك حي مريضا كان أو صحيحا لأنه لم يحدث في المرض شيئا8. قال9 ولا أعلم بين ولد الأمة يقال لها إذا قدم فلان فأنت حرة وولد10 المدبرة والمعتقة إلى سنة فرقا بينا11 بل القياس أن يكونوا في حال واحدة. قال12 ولو

_ 1 ن: رجع في غيره؛ أم: يرجع في بيعه. 2 أم: فيها. 3 أم: نقول. 4 أم: لا. 5 أم: تعتق. 6 أم: قال الشافعي: ولو قال في صحة أو أمته. متي ما قدم فلان فأنت حر او متي ما برئ فلان فأنت حر فله الرجوع بأن يبيعه قبل أن يقدم فلان أو يبرئ فلان أو برئ فلان. 7 عليه أو القائل مالكا. 8 قال المزني: ولو قال لعبده. متي ما قدم فلان فأنت حر فقدم والسيد صحيح أو مريض عتق من رأس المال. 9 زاد في الأم بعد قوله: شيئا: بضعة أسطر لم ينقلها الطبري. 10 أم: وبين ولد. 11 أم: يبين. 12 قوله: قال: ليس في الأم.

قال إذا قدم فلان فأنت حر متى مت وإذا1 جاءت السنة فأنت حر متى مت فمات كان مدبرا في ذلك الوقت ولو قال أنت حر إن مت في مرضي2 هذا أو في سفري هذا أو عامي هذا فليس هذا بتدبير3 وإذا صح4 ثم مات من غير مرضه لم يكن حرا والتدبير ما أثبت السيد التدبير فيه للمدبر5 وإذا قال6 الرجل لعبده إن شئت فأنت حر متى مت فشاء فهو7 مدبر وإن لم يشأ لم يكن مدبرا وإن قال8 إذا مت فشئت فأنت حر فإن شاء إذا مات فهو حر وإن لم يشأ لم يكن حرا9 وكذلك إذا قال أنت حر إذا مت إن شئت وكذلك إن قدم الحرية قبل المشيئة أو أخرها10 ولو قال11 إن شاء فلان وفلان فغلامي حر عتقا12 بتاتا أو حر بعد موتي فإن شاءا كان حرا وكان المدبر مدبرا وإن شاء أحدهما ولم يشأ الآخر أو مات الآخر أو غاب لم يكن حرا حتى يجتمعا فيشاءا معا13 بالقول حدثنا بذلك عنه الربيع.

_ 1 ن: أو إذا. 2 ن: في مرضي: أم: من مرضي هذا. 3 ن: تدبير. 4 أم: قالىالشافعي: وإذا صح صم مات في مرضه ذلك لم يكن حرا والتدبير الخ: إلي: للمدبر قال الشافعي: وإذا صح ثم مات من غير مرضه ذلك لم يكن الخ. 5 ما سبق في ص 23 من قوله: وإذا قال الخ إلي: بمنزلة المبرة: فهو في كتاب الأم تابع لما قبل هذه العلامة. 6 أم: السنة في العتق والتدبير قال الشافعي: وإذا الخ: وقال المزني: ولو قال: إن شئت أنت فأ، ت حر متي مت فشاء فهو مدبر ولوقال: إذا مت فشئت فأنت حر أو قال: أنت حر إذا مت إن شئت فسواء قدم المشيئة أو أخرها ولا يكون حرا إلا أن يشاء. 7 أم: هو. 8 أم: قال الشافعي وإذا قال: 9 أم: حر وكذلك إن قال: 10 زاد في الأم بعد قوله أخرها نح صفحة لم ينقلها الطبري. 11 أم: قال الشافعي: وكذلك لو قال الخ 12 أم: عتق بتات أو حر بعد موتي وإ، شاء أحدهما الخ 13 أم: بالقول معا.

وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا قال الرجل لعبده إن حدث بي حدث في سفري هذا أو مرضي هذا فأنت حر فإن هذا لا يكون مدبرا فإن مات في ذلك الوجه أو من ذلك المرض عتق العبد من ثلثه وإن مات بعد رجوعه من ذلك السفر ومن بعد البرء من ذلك المرض فإن العبد لا يعتق وله أن يبيعه قبل أن يبرأ وقبل أن يقدم من سفره إن شاء الله وكذلك لو قال إن قتلت فأنت حر وكذلك لو قال إن مت بموضع كذا فأنت حر لا يكون مدبرا كل شيء وصفه من الموت لا يعلم أنه يموت به فإنه لا يكون مدبرا ألا ترى أن مولاه لو مات قبل الرحيل1 كان العبد للورثة ويقسم فكيف يكون مدبرا وسهام الورثة تجري فيه وإذا قال له أنت حر بعد موت فلان وموتي أو بعد موتي وموت فلان فهو سواء ولا يكون مدبرا وله أن يبيعه إن شاء فإن مات المولى قبل فلان كان للورثة أن يبيعوه وإن مات فلان قبل المولى كان مدبرا ليس لمولاه أن يبيعه ألا ترى أنه لو قال أنت حر بعد كلامك فلانا وبعد موتي فكلم فلانا كان مدبرا وكذلك إذا قال له إذا كلمت فلانا فأنت حر بعد2 موتي فكلمه فكلمه فإنه يكون مدبرا. وإذا قال لعبده أنت حر بعد موتي إن شئت فإن هذا لا يكون مدبرا فإن كان المولى ينوي بالمشيئة إن شئت الساعة فشاء العبد ذلك ساعتئذ فهو حر وإن كان ينوي بالمشيئة بعد الموت فليس للعبد مشيئة حتى يموت المولى فإن مات المولى فشاء3 عند موته فهو حر من ثلثه قالوا: وإذا قال الرجل كل مملوك لي حر بعد موتي فما كان في ملكه يوم قال هذه المقالة فهو مدبر وما ملك بعد هذه المقالة من مملوك فإنه لا يكون مدبرا

_ 1 ن: الرجل. 2 ن: أو بعد. 3 ن: فسأل.

وله أن يبيعه ولكن إن مات وهو في ملكه عتق من ثلثه مع المدبرين وكذلك إذا قال كل مملوك لي إذا أنا مت فهو حر مثل ذلك أيضا فإن كان مملوك بينه وبين آخر في ملكه يوم قال هذه المقالة فإنه لا يعتق من قبل أنه ليس له بمملوك تام. وقالوا إذا قال الرجل لعبدين له أنتما حران بعد موتي إن دخلتما هذه الدار فدخل أحدهما1 ومات الآخر فإنه لا يكون مدبرا من قبل إنهما لم يدخلا جميعا وكذلك لو قال إن شئتما فأنتما مدبران فمات أحدهما قبل أن يشاء فإن الثاني لا يكون مدبرا وقالوا إذا جعل الرجل أمر عبده إلى صبي فقال دبره فدبره فهو جائز وإن قام من ذلك المجلس قبل أن يدبره فليس له أن يدبره بعد ذلك وكذلك لو جعل أمره إلى رجل مجنون2 مغلوب أو إلى صحيح فهو سواء وإن جعل أمره إلى رجلين فدبر أحدهما ولم يدبر الآخر فإنه لا يجوز وقالوا إذا قال الرجل لرجلين دبرا عبدي فدبره أحدهما فإنه جائز من قبل انهما هاهنا رسولان له أن ينهاهما وهما في الباب الأول أمره إليهما ليس له أن ينهاهما الجوزجاني عن محمد. وعلة من قال يقول مالك إن المعتق عبده إلى أجل إذا مات قبل الأجل إن العبد يعتق عند الآجل من رأس المال إن ذلك عتق في الصحة لا وصية وإنما يعتق من الثلث ما كان وصية أو في معنى الوصية من عتق في مرض ومولى العبد المعتق إلى أجل إنما أعتق في صحته فمتى جاء الأجل وهو في ملكه كان حرا من رأس ماله وعلته في منع الحالف بعتق عبده إن لم يفعل كذا من بيعه قبل فعله ما حلف عليه ووطئه الجارية المحلوف عليها بذلك

_ 1 أي مات قبل أن يدخل الذي دخل لم يكن مدبرا. 2 أي مغلوب علي عقله.

حتى يبر1 في يمينه إن الحجة مجمعة على عتق العبد المحلوف عليه فهذه اليمين إن مات السيد الحالف وقد فرط في فعل ما حلف عليه مع قدرته على فعله تطاولت مدة حياته بعد اليمين مع إمكان الفعل أو قصرت فلما كان العبد محبوسا على عتقه بموت السيد أو ثبوت رقه ببر السيد في يمينه لم يكن للمولى بيعه ولا وطؤ2 الجارية إن كان المحلوف عليه جارية حتى تعلم صحة أمره من الرق أو العتق. وعلة من قال إن مات المعتق عبده إلى أجل قبل الأجل إن عتقه باطل إن الجميع مجمعون على أن رجلا لو قال لعبده إذا قدم فلان فأنت حر ثم مات قائل ذلك والعبد المقول له ذلك في ملكه ثم قدم فلان ذلك أن العبد لا يعتق لأن ملك السيد قد زال عن عبده بموته وكان ملكا لغيره من الورثة فلا يعتق عبد غيره بقوله الذي كان منه في حال ملكه لأنه لم يدبره ولم يوص بعتقه فكذلك المعتق إلى أجل إذا مات قبل مجيء الأجل والعبد في ملكه. وأما علتهم في سائر المسائل غيرها على إختلافهم فيها فشبيهة بعللنا لهم في المسائل قبلها فيما يكون به العبد من القول مدبرا وما يكون وصية من الثلث ولا خلاف بين الجميع أن رجلا لو قال لعبده أنت حر غدا أو بعد موتي أنه لا يقع العتق إلا في الوقت الذي أوقعه السيد.

ثم اختلفوا في عتق المدبر إذا مات سيده قبل رجوعه عن تدبيره أمن جميع ما له عتقه أم من الثلث

ثم اختلفوا في عتق المدبر إذا مات سيده قبل رجوعه عن تدبيره أمن جميع ما له عتقه أم من الثلث فقال مالك فيما "حدثني يونس عن أشهب وابن وهب عنه" والأوزاعي فيما "حدثني به العباس عن أبيه عنه" والثوري

فيما "حدثني به علي عن زيد عنه" "والشافعي فيما حدثنا به الربيع عنه". وأبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور إذا مات سيد المدبر عتق المدبر من ثلث ماله. وقال مسروق بن الأجدع يعتق من جميع المال حدثنا بذلك أبو كريب وأبو السائب قالا "حدثنا عبد الله بن إدريس قال أخبرنا ابن أبجر عن الشعبي أن مسروقا كان يجعل" المدبر يخرج فارغا من جميع المال "وحدثنا محمد بن بشار قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا سفيان1 عن ابن أبجر عن الشعبي مثله وهو قول الشعبي" علة من قال بقول مالك في ذلك إجماع الحجة على ما قال. علة من قال بقول مسروق فيه القياس على ما أجمعت الحجة عليه من حكم أم الولد أنها مملوكة لسيدها لا تباع ولا توهب ويستمتع بها سيدها فإذا2 مات السيد عتقت من رأس ماله وهي معتقة عن دبر فكذلك حكم كل معتقة عن دبر فمن رأس المال. قال أبو جعفر والحق في ذلك عندي ما قال مالك ومن ذكرنا قوله انه من الثلث لإجماع الحجة على ذلك.

_ 1 لا أعلم من يعني من السفيانين لأ، ابن أبحر شيخهما وابن مهدي تلميذهما جميعا. 2 ن: مال.

ثم اختلفوا في السيد هل له أن يرجع عن تدبيره ببيع أو قول أو غير ذلك من وجوه الرجوع؟

ثم اختلفوا في السيد هل له أن يرجع عن تدبيره ببيع أو قول أو غير ذلك من وجوه الرجوع؟ 1فقال مالك2 الأمر عندنا في المدبران صاحبه لا يبيعه ولا يحوله

_ 1 موطأ: بيع المدبر. 2 م: الأمر المجتمع عليه عندنا.

عن موضعه الذي وضعه1 عليه وأنه إن رهق سيده دين فإن غرماءه لا يقدرون على بيعه ما عاش سيده فإن مات سيده ولا دين عليه فهو في ثلثه لأنه استثنى عمله ما عاش فليس له أن يخدمه حياته ثم يعتقه على2 وارثه إذا مات من رأس3 ماله4 ولكنه يكون في الثلث ويكون الثلثان للورثة وإن مات سيد المدبر ولا مال له غيره عتق ثلثه وكان ثلثاه للورثة5 وإن مات سيد المدبر وعليه دين يحيط بالمدبر بيع في دينه لأنه إنما يعتق في الثلث6. وإن كان يحيط بنصف المدبر بيع نصفه ثم عتق ثلث ما بقي منه بعد الدين قال وهذه سنة المدبر التي لا خلاف فيها ببلدنا "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه" وقال مالك لا أرى أن يباع المدبر فإن هو بيع بجهالة وعتق وطال زمانه وتفاوت ذلك فأرى أن ينفذ عتقه ويكون الولاء للذي اشتراه واعتقه وقال الأوزاعي لا يجوز بيع المدبر "حدثني بذلك العباس عن أبيه عنه". وقال الثوري إذا باع الرجل المدبرة من رجل فإن البيع مردود قال ولا يجوز بيع المدبر والمدبرة "حدثني بذلك علي عن زيد عنه". 7وقال الشافعي المدبر ومن لم يدبر من العبيد سواء يجوز بيعهم متى شاء مالكهم وفي كل حق لزم مالكهم يجوز بيعهم متى شاء وفي كل ما يباع

_ 1 م: فيه وأنه. 2 م: ورثته. 3 بعض نسخ الهند مال. 4 قوله: ولكنه الخ: إلي: الثلثان للورثة: ليس في الموطأ. 5 م: فان. 6 فإن كان الدين لا يحيط إلا بنصف العبد بيع نصفه للدين ثم الخ: وفي بعض نسخ الهند قال: فإن كان الخ. 7 لم أجد قوله: قال الشافعي: إلي قوله: إلا ببيعهم: في الأم.

فيه مال سيدهم إذا لم يوجد له وفاء إلا بيعهم.1 وقال إذا دبر الرجل عبده فله الرجوع في2 تدبيره بأن يخرجه من ملكه3 4قال ولو لزم سيده دين بدئ5 بعتق المدبر من ماله فبيع عليه ولا يباع المدبر حتى.6 لا يوجد له قضاء إلا ببيعه أو بقول السيد قد أبطلت تدبيره وهو على التدبير حتى يرجع فيه أو لا يوجد له مال يؤدى7 منه دينه غيره.8 قال ولو لم يلزم سيده دين كان له ابطال تدبيره فإن قال سيده قد رجعت في تدبير هذا العبد أو ابطلته أو نقضته أو ما أشبه ذلك مما يكون مثله رجوعا في وصيته لرجل أو أوصى له به لم يكن ذلك نقضا للتدبير حتى يخرجه من ملكه ذلك وهو9 مخالف الوصية في هذا ويجامع الإيمان10 وكذلك لو دبره ثم وهبه لرجل هبة بتات قبضه أو لم يقبضه أو رجع في الهبة أو تم عليها أو أوصي به لرجل أو تصدق به عليه أو وقفه عليه في حياته أو بعد موته أو قال إن أدى بعد11 موتي كذا وكذا فهو حر فهذا كله رجوع في التدبير12 ناقض له13 قال14

_ 1 أم: قال الشافعي وإذا دبر. 2 أم: التدبير. 3 ما يلي في ص 49 من قوله: وإن قال المدبر للسيد: عجل لي العتق الخ: إلي قوله وقد بطل التدبير فهو في كتاب الأم تابع لما قبل هذا العلامة وزاد في الأم بعد قوله: وقد بطل التدبير: بضعة أسطر لم ينقلها الطبري. 4 قوله: قال: ليس في الأم. 5 أم: بغير المدبر. 6 أم: حتي يوجد. 7 أم: يؤدي دينه. 8 أم: قال الشافعي. 9 أم: يخالف الوصية في هذا الموضع ويجامع معني الإيمان. 10 قال المزني: وقال في موضع آخر: إن أدي بعد موتي فهو حر أو وهبه هبة بتات قبض أو لم يقبض ورجع فهذا رجوع في التدبير. 11 أم: موتي كذا فهو حر. 12 أم ناقضا له. 13 زاد في الأم بضعة أسطر. 14 أم: ولودبر ثم الخ.

ولو دبره ثم أوصي بنصفه لرجل كان النصف للموصى له به وكان النصف مدبرا. فإن رد صاحب الوصية1 الوصية ومات السيد المدبر لم يعتق من العبد إلا النصف لأن السيد قد أبطل التدبير في النصف الذي2 أوصى به فكذلك لو3 باع نصفه وهو حي أو4 وهب نصفه وهو حي كان قد أبطل التدبير في النصف الذي باع ووهب والنصف الثاني مدبر ما لم يرجع فيه.5 وإذا كان له أن يدبر على الابتداء6 نصف عبده كان له أن يبع نصفه ويقر النصف مدبرا بحاله7 وكذلك إن دبره ثم قال قد رجعت في8 تدبير ثلثك أو ربعك أو نصفك فأبطلته كان ما رجع فيه منه9 خارجا من التدبير وما لم يرجع فيه فهو على تدبيره بحاله10. 11قال ولو دبر رجل عبده ثم قال اخدم فلانا لرجل12 آخر ثلاث سنين وأنت حر فإن غاب المدبر القائل هذا أو خرس أو ذهب عقله13 قبل

_ 1 ن: صاحب الوصية ومات. 2 ن: أوصاه. 3 أم: وهب. 4 أم: باع. 5 أم: وإن. 6 أم: ونصف. 7 مزني: قال المزني: هذا رجوع في التدبير بعد إخراج له من ملكه وذلك كله في الكتاب الجديد وقال في الكتاب القديم: لو قال رجعت في تدبيرك أو في ربعك أو نصفك كان ما رجع عنه رجوعا في التدبير وما لم يرجع عنه مدبر بحال قال المزني: هذا أشبه بأصله. 8 أم: تدبيري ثلثك. 9 أم: منه بإخراجه من ملكه خارجا من التدبير ولم يرجع الخ. 10 زاد في الأم بضعو أسطر موضوعها كتابة المدبر. 11 أم: قال الشافعي: ولو دبر الخ. 12 أم: لرجل حر. 13 ن: قيل أن يسلم: أم: قبل يسأل.

أن1 يسأل لم يعتق العبد أبدا إلا بأن يموت2 السيد المدبر وهو يخرج من الثلث ويخدم فلانا ثلاث سنين فإن مات فلان قبل موت السيد أو بعده ولم يخدمه ثلاث سنين لم يعتق أبدا لأنه اعتقه بشرطين فبطل أحدهما وإن سئل السيد فقال أردت إبطال التدبير وإن يخدم فلانا ثلاث سنين ثم هو حر فالتدبير باطل وإن خدم فلانا ثلاث سنين فهو حر وإن مات فلان قبل3 أن يخدمه أو4 لم يخدمه العبد لم يعتق.5 ولو أراد السيد الرجوع في الإخدام رجع فيه ولم يكن العبد حرا وإن قال أردت أن يكون مدبرا6 وأن يخدم فلانا ثلاث سنين والتدبير بحاله لم يعتق إلا بهما معا كما قلنا في المسألة الأولى.7 قال ولو أن رجلا دبر عبدا ثم قال قبل موته إن أدى مائة بعد موتي فهو حر أو عليه خدمة عشر سنين بعد موتي ثم هو حر أو8 قال هو حر بعدي بسنة فإن أدى مائة أو9 خدم عشر سنين بعد موته أو أتت عليه بعد موته سنة فهو حر وإلا لم يعتق وكان هذا كله وصية أحدثها له وعليه بعد التدبير شيء أولى من التدبير كما يكون لو قال عبدي هذا لفلان ثم قال بل نصفه لم يكن له إلا نصفه حدثنا بذلك عنه الربيع. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا أعتق الرجل مملوكا له عن دبر منه

_ 1 أي يسأل هل أراد ابطال التدبير والرجوع فيه لا كما يظهر مما يلي. 2 أم: سيد العبد أو بعده أو يخدمه ثلاث سنين الخ. 3 ن وأم: قبل يخدمه. 4 أم: أو يخدمه. 5 أم: وإن أراد. 6 أم: بعد خدمه فلان. 7 أم: الأ, لي ولو أن الخ. 8 أم: قال بعد موتي بسنة الخ. 9 أم: خدم بعد موتي عشر سنين أو أنت عليه بعد موتي سنة.

فليس له أن يبيعه ولا يرهنه وله أن يؤاجره ويستعمله وله أن يزوجه وإن كانت أمة زوجها إن شاء ومهرها له قالوا ولا يباع المدبر في دين على مولاه ولكن يسعى فإن كان هذا الدين أقل من قيمته سعى في الدين وفي ثلثي ما بقي من قيمته للورثة ولا تجوز شهادة المدبر ما دام يسعى في شيء من قيمته وهو بمنزلة العبد في جنايته والجناية عليه في قول أبي حنيفة وإن كانت أمة قد ولدت ولدا ثم ماتت الأمة فعلى ولدها أن يسعى فيما على أمه وحال الولد مثل حال العبد في شهادته وجنايته والجناية عليه الجوزجاني عن محمد وقال السيد المدبر له بيع مدبره وإبطال تدبيره. وعلة من قال لا يجوز الرجوع في التدبير القياس على إجماع الحجة في أم الولد أنها لذلك أنها مملوكه لسيدها أوجبت ولادتها من سيدها لها عتقا بعد وفاة السيد بلا فصل وأنها لذلك من العلة لا يجوز بيعها ولا هبتها ولا إخراجها من ملكه إلا بعتق وأن للسيد الاستمتاع بها وإجارتها فيما تجوز إجارتها فيه فكذلك المدبر والمدبرة أوجب لهما سيدهما بقول أن منه عتقا بعد وفاته بلا فصل فليس له1 منهما إلا ما لسيد أم الولد منها وهو ممنوع من إحداث ما هو ممنوع من إحداثه في أم ولده إلى أن يموت فتعتق. علة من قال لسيد المدبر الرجوع في تدبيره وبيعه وهبته واحداث كل ما له أن يحدثه في مماليكه الذين لم يدبرهم قيام الحجة على أن المدبر من الثلث وتفريق الأمة بين حكمه وحكم أم الولد في أن المدبر إنما يعتق من الثلث وأن أم الولد إنما تعتق من جميع المال وإجماع الجميع أن ما عتق من الثلث بكل حال لا في حال دون حال سبيله وحكمه سبيل الوصايا وحكمها وإن ما عتق من جميع المال فسبيله سبيل الديون والحقوق اللازمة التي هي مخالفة معاني الوصايا فلما صح افتراق حكم المدبر والمدبرة وحكم أم

_ 1 ن: منها.

الولد في أن المدبر من الثلث وأن ام الولد من جميع المال ثبت أن حكم التدبير حكم الوصايا التي لصاحبها الرجوع فيها أيام حياته1 وتغييرها وتبديلها عما2 سبلها عليه وأن حكم عتق ام الولد حكم الحقوق اللازمة التي لا يقدر من لزمته على تبديلها وتغييرها إلا بالخروج منها "ثم حدثني به سليمان بن عمر بن خلد بن الأقطع الرقي قال حدثنا عبد الله بن المبارك عن3 سفيان بن سعيد عن أبي الزبير عن جابر قال أعتق رجل من الأنصار يقال له أبو مذكور غلاما له يقال له يعقوب من دبر" فبلغ ذلك النبي صلي الله عليه وسلم فقال: "هل له مال غيره" فقالوا لا فقال: "من يشتريه" فباعه بثماني مائة درهم من نعيم بن النحام ثم قال أنفق هذا على نفسك فإن فضل فعلى أهلك فإن فضل فعلى عيالك فإن فضل فها هنا وها هنا". وعلة من يقول بقول مالك في أنه يباع في دين الميت إذا لم يوجد له4 وفاء غيره انه لما قامت الحجة على انه من الثلث وخالف في هذا المعنى دون سائر المعاني ام الولد جاز بيعه في الدين إذا كان ذلك من معاني الوصايا والدين مبدأ به على الوصايا. قال أبو جعفر والحق في ذلك عندي وبالله التوفيق أن التدبير في معنى الوصية فكل ما كان رجوعا في الوصية فهو رجوع فيه وكل ما جاز في الوصية فجائز فيه.

_ 1 ن: وبعيرها. 2 ن: سلها. 3 أي الثوري. 4 ن: زفا دون غيره: وهذا لا معني له هاهنا لأن الإمام لم يستوجب بيع المدبر قبل غيره من مال سيده بل من قوله: إنه يباع إن لم يكن مال غيره أو إنكان عليه دين يحيط بالمدبر أو بعضه فيباع كله أو قدر الدين منه.

واختلفوا في بيع خدمة المدبر من نفسه أو من غيره

واختلفوا في بيع خدمة المدبر من نفسه أو من غيره 1فقال مالك لا يجوز بيع المدبر ولا يجوز لأحد أن يشتريه إلا أن يشتري المدبر نفسه من سيده فيكون ذلك جائزا له أو يعطي أحد سيد المدبر مالا ويعتقه سيده الذي دبره فذلك2 جائز أيضا "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه" وقال3 لا يجوز بيع خدمة المدبر لأنه غرر4 لا يدري كم يعيش سيده5 الذي دبره فذلك غرر لا يصلح6 وهي من المخاطرة فإن طالت حياته غبن البائع وإن قصرت حياته غبن المبتاع حتى يكون خدمة معروفة إلى أجل مسمى. وقال7 في مدبر قال لسيده عجل لي العتق وأعطيك8 خمسين دينارا فقال سيده نعم أنت حر وعليك خمسون دينارا تؤدي إلى9 كل عام عشرة دنانير فرضي10 العبد بذلك ثم هلك السيد بعد ذلك11 بيومين أو ثلاثة قال مالك 12قد13 ثبت العتق وصارت الخمسون14 دينا

_ 1 موطأ: بيع المدبر. 2 م: يجوز له ايضا وولؤه لسيده الذي دبره. 3 زرقاني: ولا. 4 وفي بعض نسخ الموطأ وشرح الزرقاني: إذ لا يدري. 5 م: سيده فذلك غرر الخ. 6 قوله: وهي من المخاطرة الخ: إلي: أجل مسمي: ليس في رواية يحي. 7 م: جامع ما جاء في التدبير. 8 فلي بعض نسخ الموطأ: خمسين منها منجمة علي: وفي بعضها خمسين دينارا منجمة علي. 9 زرقاني: في كل عام. 10 م: بذلك العبد. 11 وفي بعض نسخ الهند وشرح الزرقاني: بيوم أ, يومين أو ثلاثة. 12 قوله:: قد: ليس في رواية يحي. 13 في بعض نسخ الهند: ثبت له العتق: وفي بعضها وشرح الزرقاني: يثبت له العتق. 14 م: دينارا دينا.

عليه وجازت شهادته1 وثبتت حرمته وميراثه وحدوده2 في حياة سيده ولا3 يضع موت سيده عنه شيئا من الدين. وقال الأوزاعي لا ينبغي أن تباع خدمة المدبر إلا أن يعتق ثم يستخدم "حدثني بذلك4 العباس عن أبيه عنه".5 قال وسئل الأوزاعي عن الرجل يدبر عبده أو امته ثم يريد أن يبيع خدمتهما من نفسهما فلمن ولاؤهما قال للمولى وسئل عن المدبر6 تشتري خدمته ثم يموت سيده قال إن كان7 باعه بمال حال أخذ منه وإن كان بمال إلى أجل نجمه عليه نجوما فإن كان حل شيء من نجومه أخذ منه وكان له ما بقي وإن كان بمال إلى أجل فليس عليه شيء. وقال الثوري إذا باع الرجل خدمة أم ولده أو8 مدبرته من رجل فإن البيع مردود ويكون عليه أجر مثلها وإذا باع الرجل أم ولده أو مدبرته من نفسها عتقت وكان دينا عليها "حدثني بذلك علي عن زيد عنه" 9وقال الشافعي بيع خدمة المدبر باطل10 وإن المدبر للسيد عجل لي العتق ولك علي خمسون دينارا11 قبل أن يقول12 السيد قد رجعت في

_ 1 وفي بعض نسخ الهند وتثبت. 2 قوله في حياة سيده: ليس في رواية يحي. 3 م: ضع عنه موت سيدة شيئا من ذلك الدين: وفي بعض نسخ الهند: يضع عنه بموت سيده الخ. 4 ن: عباس وفي غير هذا الموضع دلئما: العباس. 5 أي العباس أو أبوه. 6 أي يشتريها المدبر لأ، الأوزاعي لم يجز إلا بيع خدمته من نفسه لا بيع رقبته لغيره. 7 أي باع خدمته من نفسه. 8 ن: مدبرة. 9 قوله: وقال الشافعي بيع خدمته المدبر باطل: لم أجده في كتاب المدبر من الأم. 10 أم: وإ، قال له المدبر عجل لي بالعتق ولك الخ. 11 ن: قبل يقول: أم: قبل أن يقول. 12 أم: سيده رجعت الخ.

تدبيري فقال السيد نعم فأعتقه فهذا عتق على مال وهو حر كله وعليه الخمسون دينارا وقد بطل التدبير1 قال ولو دبره ثم قال له أنت حر على2 أن تؤدي كذا وكذا كان حرا على الشرط الآخر إذا قال أردت بهذا رجوعا في التدبير3 وإن لم يرد بهذا رجوعا في التدبير عتق إذا أدى فإن مات سيده قبل أن يؤدي عتق بالتدبير وإن أراد بهذا رجوعا في التدبير فهو رجوع فيه ولا يكون هذا رجوعا في التدبير إلا بقول يبين به أنه أراد رجوعا في التدبير غير هذا القول فإن دبره ثم قاطعه على شيء4 وتعجله العتق فليس هذا نقضا للتدبير والمقاطعة على ما5 يقاطعها عليه فإن أداه عتق6 وإن مات السيد قبل أن7 يؤدي المدبر عتق المدبر بالتدبير حدثنا بذلك عنه الربيع. وقال أبو حنيفة وأصحابه في ذلك مثل قول الثوري الجوزجاني عن محمد. وقال ابرهيم النخعي تباع خدمة المدبر ولا تباع رقبته حدثنا بذلك يعقوب بن ابرهيم قال حدثنا هشيم عن مغيرة عن ابرهيم وعبيدة عن ابرهيم. علة من قال لا يجوز بيع خدمة المدبر إجماع الحجة على ذلك وإن

_ 1 قال الشافعي: ولو دبره الخ: وهذا في كتاب ال/ تابع لما سبق في ص 4 إلا أن بينهما في الأم نحو صفحة لم ينقلها الطبري. 2 أم: السرطين. 3 أم: فهو رجوع في التدبير غير هذا القول فإن دبره الخ. 4 قوله: وتعجله: كذا في الأم وكذا أيضا ما كان في النسخة أولا ثم أبدل وتعجل له. 5 أم: تقاطعا. 6 أم: فإن. 7 أم: يؤذيه.

الكل مجمعون على إبطال بيع لبس الثياب وسكنى الدور فكان كذلك بيع منفعة كل ما له منفعة باطل وإنما تستأجر المنافع وتباع الرقاب. وعلة من أجاز بيعها القياس على إجماع الحجة على أن استئجار المدبر جائز للخدمة وذلك إعطاء عوض على خدمته فكذلك إعطاء العوض على خدمته بمعنى البيع جائز قياسا على إجماعهم على الإجارة. قال أبو جعفر والحق في ذلك عندي أن بيع خدمة المدبر باطل لما ذكرنا من العلل.

واختلفوا في حكم العبد بين اثنين يدبره أحدهما

واختلفوا في حكم العبد بين اثنين يدبره أحدهما 1فقال مالك في العبد يكون بين الرجلين فيدبر أحدهما2 حصته إن ذلك ليس له وإنهما يتقاومانه فإن اشتراه الذي دبره كان مدبرا كله وإن لم يشتره انتقض تدبيره إلا أن يشاء الذي بقي له فيه الرق أن يعطيه شريكه الذي دبره بقيمته فإن3 أعطاه بقيمته لزمه ذلك وكان مدبرا كله:حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه" "وحدثني يونس عن أشهب" قال سمعت مالكا يسئل عن العبد بين الرجلين يأذن أحدهما لصاحبه أن يدبر حصته فقال أرى أن يتقاوماه أذن له أو لم يأذن له فإن صار للذي دبر كان مدبرا كله وإن صار للذي لم يدبر انتقض التدبير نحن نقول هذا وما هو بالبين لا شبهة فيه.4 قال وسمعته يسأل عن العبد بين الرجلين فيدبر أحدهما حصته فيقول الذي لم يدبر5 لا أريد مقاومتك إياه انا أقره مدبرا عليك نصفه فقال ليس هذا بحسن حتى يتقاوماه قال وسمعته

_ 1 م: إلي مدبرا كله: بيع المبر. 2 م: حصته أنهما يتقاومانه. 3 م: أعطاه إياه بقيمته. 4 أي أشهب. 5 ن: يدبر أريد.

سئل عن عبد بين رجلين قد دبراه جميعا ثم إن أحدهما أعتقه بتلا فاطرق فيها ثم قال أرى أن يقوم عليه فيعتق عليه كله ولا ينتظر به أن يموت سيده الذي دبره لأن أصل هذا التدبير ليس بحسن أن يدبر الرجلان جميعا عبدا بينهما. وقال الأوزاعي وسئل عن رجلين دبرا جارية بينهما فمات أحدهما قال تقوم قيمة عدل ويترك لها النصف وتسعى في نصف النصف وذلك الربع "حدثني بذلك العباس عن أبيه عنه". 1وقال الشافعي إذا كان العبد بين الرجلين2 فدبره أحدهما فنصيبه مدبر3 وللآخر بيع نصيبه لأن التدبير عندي وصية ولا قيمة عليه لشريكه4 ولو مات فعتق نصفه لم يكن عليه قيمة لأنه وصية "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة إذا كانت الأمة بين رجلين فدبرها أحدهما فإن الآخر بالخيار إن شاء دبر وإن شاء أعتق وإن شاء استسعى الأمة في نصف قيمتها وإن شاء ضمن صاحبة إن كان موسرا فإن أعتق البتة وهو موسر فإنه يضمن لشريكه نصف الخدمة إن شاء ذلك الشريك وإن شاء الشريك استسعى الخادم في ذلك والولاء بينهما وإذا دبرها أحدهما فأختار الآخر أن يضمن صاحبه المدبر وهو موسر فله ذلك وتكون الجارية نصفها مدبرا

_ 1 أم: العبد يكون بين الإثنين فيدبره أحدهما: قال الشافعي: وإذا كان الخ. 2 أم: فيدبره. 3 قوله: وللآخر: إلي عندي وصية: سقط في نسخة الأم: وقال الإمام في اختلاف العراقيين من ضمن كتب الأم قال الشافعي: وإذا العبد بين رجلين فدبره أحدهما فللآخر بيع نصيبه لأن التدبير عندي وصية وكذلك الذي دبر وزهذا مكتوب في كتاب المدبر. 4 أم: لأنه أوصي لعبده في نفسه بوصية له الرجوع فيها فلما لم يوقع العتق بكل حال لم يكن ضامنا لشريكه ولو مات الخ.

ونصفها رقيقا فإن شاء وطئها وإن شاء آجرها وليس له أن يبيعها ولا يهبها وإذا مات وله مال فإن نصفها يعتق بالتدبير وتسعى في نصف قيمتها فإن لم يكن له مال غيرها عتق ثلثها وسعت في ثلثي قيمتها. وقال أبو يوسف ومحمد إذا كانت الأمة بين رجلين فدبرها أحدهما فهو ضامن لنصف قيمتها موسرا كان أو معسرا والجارية كلها مدبرة للذي دبرها وإن أعتقها الآخر فعتقه باطل وإن كان المولى الذي دبر معسرا سعت الأمة للشريك في نصف قيمتها والولاء للذي دبر. والعلل على اختلافهم في هذه المسألة شبيهة بعللنا للمختلفين في العبد بين شريكين يعتق أحدهما حصته وقد ذكرنا ذلك في موضعه فأغنى عن إعادته في هذا المكان. قال أبو جعفر والحق في ذلك عندي وبالله التوفيق أن التدبير في معاني الوصايا وقد أجمعوا أن للرجل أن يوصي ببعض عبده لمن جازت له الوصية فكذلك جائز له أن يوصي بنصفه له ويعتق نصفه مع خروج نفسه بلا فصل تدبيرا لا فرق بين ذلك وليس لشريكه عليه إذا فعل ذلك سبيل. وأجمعت الحجة التي لا يجوز عليها السهو والخطأ أن تدبير الجارية الحامل من زوجها العبد جائز وأن سيدها إن دبرها وما في بطنها فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر من يوم دبرها وما في بطنها أنهما جميعا مدبران.

ثم اختلفوا في حكم ما في بطنها إن أفردها السيد بالتدبير أو أفرد ما في بطنها أو حدث لها ولد بعد التدبير

ثم اختلفوا في حكم ما في بطنها إن أفردها السيد بالتدبير أو أفرد ما في بطنها أو حدث لها ولد بعد التدبير "فحدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال"1 قال مالك إذا

_ 1 إلي قوله: ويعتق بعتقها: القضاء في ولد المدبرة: قال مالك في مدبرة دبرت وهي حامل.

دبر الرجل وليدة له وهي1 حامل فولدها على مثل حالها إنما ذلك بمنزلة رجل أعتق جارية له وهي حامل ولم يعلم بحملها2 فالسنة أن ولدها يتبعها يعتق بعتقها "وحدثني يونس عن أشهب" قال سمعت مالكا يقول أولاد المدبرة إذا ولدت فهم بمنزلتها بعد التدبير يرقون برقها ويعتقون بعتقها فقيل له أرأيت إن أعتق المدبر أمهم أيعتقون معها فقال لا إن أعتق أمهم لم يعتقوا معها حتى يموت الذي دبر أمهم فيعتقون بالتدبير لا أرى عتقه أمهم لهم عتقا ولا يعتق إلا أمهم قط وأرى إذا أعتق أمهم أن يبين فيقول إني إنما أعتقتها وحدها لست أدخل في ذلك ولدها ذلك أبين وأجود ولو فعل ولم يبين ذلك لم أر العتق إلا لأمهم وحدها دونهم.3 قال وسمعته سئل عمن دبر أمة ثم ولدت أولاد بعد التدبير ثم مات الذي دبرها أتبدأ أمهم بالعتق عليهم فقال لا تبدأ عليهم بالعتق ولكن يعتق من كل إنسان منهم ثلثه إن لم يكن عليه دين ولم يترك مالا غيرهم4. قال ثم سمعته بعد ذلك بسنين يسأل عن ولد المدبرة أيقومون مع أمهم أم تقوم أمهم ويعتقون بعتقها قال بل يقومون مع أمهم. وقال الأوزاعي ولد المدبرة بمنزلتها "حدثني بذلك العباس عن أبيه عنه". وقال الثوري إذا مات سيد المدبرة عتقت وعتق كل شيء ولدته بعد ما دبرت "حدثني بذلك علي عن زيد عنه".

_ 1 زرقاني: حاملة: وفي بعض نسخ الهند وهي حامل ولم يعلم سيدها بحملها فولدها الخ. 2 م: قال مالك: فالسنة فيها أن ولدها يتبعها ويعنق بعتقها. 3 أي أشهب. 4 أي ثلث مال السيد يعني يعتق من كل واحد نصيبه مما يحمله ثلث ماله من جميع قيمتهم.

1وقال الشافعي إذا دبر الرجل أمة فولدت بعد تدبيرها في بقية عمرها وهي مدبرة فسواء والقول فيهم واحد من قولين2 وكلاهما له مذهب والله أعلم فأما أحدهما فإن سيد المدبرة لما دبرها ولم يرجع في التدبير فكانت مملوكة موقوفة العتق ما لم يرجع فيها مدبرها بأن يخرجها من ملكه وكان الحكم في أن ولد كل ذات رحم بمنزلتها إن كانت حرة كان حرا وإن كانت مملوكة كان عبدا لا وقف فيها غير الملك3 فكان ولد المدبرة بمنزلتها يعتقون4 بعتقها ويرقون برقها وقد قال5 هذا بعض أهل العلم6 قال ومن قال هذا القول7 انبغى له أن يقول فإن رجع السيد في ولدها كان له ولم يكن ذلك رجوعا في تدبير أمهم وكذلك إن رجع في تدبيرها لم يكن رجوعا في تدبير من ولدت وهي مدبرة والرجوع أن يخرجه من ملكه8 وذلك انهم كمن ابتدئ9 بتدبيره وذلك أنهم يقومون كما تقوم أمهم ولا يعتقون بغير قيمة كما10 لا تعتق أمهم بغير قيمة ولو كان حكمهم حكم أمهم جعلنا

_ 1 أم: قال الشافعي: وإذا دبر. 2 أم: كلاهما. 3 أم: كان مملوكا كان ولد المدبرة الخ. 4 قوله بعتقها ليس في الأم. 5 قوله: هذا: سقط في الأم. 6 قوله: قال: ليس في الأم. 7 أم: انبغي أن. 8 أم: فإن قال قائل فكيف يكون الرجوع في تدبيرها ولا يكون رجوعه في تدبيرها رجوعا في تدبيرولدها وإنما يثبت لهم التدبير بأن أمهم مدبرة فحكمنا أنهم كمن ابتدئ في تدبيرولم يحكم لهم كعضو منها فإن قال: فما الدليل علي ذلك؟ قيل الا تري أن قيمتهم لو كانت مثل قيمتها أو أقل أو أكثر ثم مات السيد قوموا كما تقوم أمهم ولا يعتقوا بغير قيمة كما لا تعتق أمهم بغير قيمة فإذا حكمنا بهذا جعلنا حكمهم كحكم أنفسهم وإن ثبت ذلك بها ولو جعلت حكمهم كحكم أمهم جعلت القيمة لها دونهم ولم اجعل الرجوع فيهم دونها وجعلنا إذا رجع فيه راجعا فيهم وجعلناهم رقيقا لو ماتت قبل موت سيدها الخ. 9 ن: تدبيره: أم: في تدبيره. 10 ن: كما يعتق.

القيمة لها دونهم ولم نجعل له الرجوع فيهم دونها وجعلناه إذا رجع فيها راجعا فيهم وجعلناهم رقيقا لو ماتت قبل موت سيدها.1 فإن ولدت ذكورا وأناثا فولد الإناث بمنزلة أمهاتهم سواء والقول في الرجوع فيها وترك الرجوع2 والرجوع في أمهاتهم دونهم وفيهم دون أمهاتهم كالقول في بنات المدبرة نفسها3. 4وإن دبر أمة فولدت أولادا بعد التدبير فالقول فيها وفيهم كما وصفت فإن رجع في تدبيرها ثم5 ولدت لأقل من ستة أشهر من يوم رجع فالولد في معنى هذا القول مدبر لأن العلم قد أحاط أن التدبير وقع6 عليه وإن ولدت لستة أشهر فصاعدا بعد الرجوع فالولد7 ولد مملوك لا تدبير له إلا أن يحدث له السيد تدبيرا. 8قال وإن دبر جارية له ثم قال تدبيرها9 ثابت وقد رجعت في تدبير كل ولد10 ولدته ولا ولد لها11 فليس هذا بشيء لأنه لا يرجع إلا فيما وقع له التدبير فإما لم يملك ولم يقع له تدبير في أي شيء12 منه يرجع لا شيء له يرجع فيه13 والقول الثاني إن الرجل إذا دبر أمته

_ 1 أم: وأبطلنا تدبيرهم إذا لم تعتق أمهم وهذا لا يجوز لن يقول هذا القول والله أعلم. قال الشافعي رحمه الله: وسواء كان ولدها ذكورا أو إناثا فألاد الإناث بمنزلة أمهاتهم سواء. 2 قوله: والرجوع سقط في الأم. 3 أم: وولد الذكور بمنزلة أمهاتهم إن كن حرائر كانوا أحرارا وإن كن إماء كانوا لمن ملك أمهاتهم. 4 أم: قال: وإن دبر أمته فولدت الخ. 5 أم: ولدت أولاد لأقل من ستة أشهر من رجوع فالولد الخ. 6 أم: عليها. 7 أم: فالولد مملوك لا تدبير له الخ. 8 أم: قال الشافعي: وإذا دبر الخ. 9 أم: باب. 10 أم: تلده. 11 أم: وليس. 12 ن: منها: أم: شئ يرجع. 13 زاد في الأم بضعة أسطر.

فولدت بعد التدبير أولادا فهم مملوكون وذلك أنها إنما هي أمة1 أوصى بعتقها لصاحبها الرجوع في عتقها وبيعها وليس هذا2 حرمة ثابتة وهي أمة موصى لها والوصية ليست بشيء لازم هو شيء يرجع فيه صاحبه فأولادها مملوكون وقد قال هذا غير واحد من أهل العلم3. 4قال وإذا دبر الرجل ما في بطن أمته فليس له بيعها إلا أن يريد ببيعها الرجوع عن التدبير ولو أعتقه لم يكن له بيعها ولو باع الذي دبر ولدها أمة وهي حامل به فقال أردت الرجوع في5 تدبير الولد كان البيع جائزا6 فإن قال لم7 أرد كان البيع مردودا. ولو باع أمة واستثنى ما في بطنها فإن ولدت لأقل من ستة أشهر فالولد مدبر إن كان دبره8 وحر إن كان أعتقه وإن لم تلد لستة أشهر فصاعدا من يوم كان التدبير أو9 المعتق لم يكن مدبرا ولا حرا وإن ولدت ولدين أحدهما لأقل من ستة أشهر والآخر لأكثر من ستة أشهر فهو من حمل واحد10 حكمه حكم واحد11 وإذا كان بعضه لأقل من ستة أشهر12 كان مدبرا أو

_ 1 قوله: إلي: وهي أمة: سقط فينسخة الأم. 2 أم: مزني وليست الوصية بحرية ثابتة. 3 زاد في الأم بضعة أسطر. 4 أم: قال الشافعي: وإذا دبر الرجل في أمته فليس الخ. 5 أم: تدبيري. 6 أم: أو قال. 7 أم: أوقال. 8 أم: وحرا إن. 9 أم: العتق. 10 أم: وحكمه. 11 أم: فإذا. 12 أم: كان عتقا أو مدبرا من تبعه في هذا الحمل ولو دبر ما في بطنها أو أعتقه ثم باعها فولدت قبل سته أشهر كان الولد أو مدبرا والبيع باطل وإن ولدت بعد ستة أشهر ففيها قولان الخ.

عتيقا وكل من معه في ذلك الحمل قال ولو دبر ما في بطنها ثم باعها فولدت بعد ستة أشهر ففيها قولان أحدهما أنه لما كان ممنوعا من البيع ليعرف حال الحمل1 فباع في تلك الحال كان البيع مردودا بكل حال لأنه في وقت كان ممنوعا والاخر أن البيع جائز2 "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا أعتق الرجل أمته عن دبر وهي حبلى أو غير حبلى فحبلت بعد العتق وولدت فإن ولدها بمنزلتها يعتق من الثلث وقالوا إذا كانت الأمة لرجل فدبر ما في بطنها فليس له أن يبيعها ولا يهبها ولا يمهرها من قبل ما أحدث من التدبير فإن ولدت لأقل من ستة أشهر فولدها مدبر وأما الأم3. خرم 4من لم يبلغ5 فالتدبير باطل ولو بلغ ثم مات كان باطلا حتى يحدث له تدبيرا بعد البلوغ في حياته "حدثنا بذلك عنه الربيع".

_ 1 أم: فيباع. 2 مزني وطئ المدبرة وحكم ولدها: قال الشافعي: ويطأ السيد مدبرته وما ولدت من غيره ففيها واحد من القولين كلاهما له مذهب أحدهما أن ولد كل ذات رحم بمنزلتها فإن رجع في تدبير الأم حاملا كان له ولم يكن رجوعا في تدبر الولد لم يكن رجوعا في الأم فإن رجع في تدبيرها ثم ولدت لأقل من ستة أشهر من يوم رجع فالولد في معني هذا القول مدبر فإن وضعت لأكثر من ستة أشهر فهو مملوك قال المزني: وهذا أيضا رجوع في التدبير بغير إخراج من ملكه. قال الشافعي: والقول الثاني إن ولدها مملكون وذلك أنها أمة أوصي بعتقها لصاحبها فيها الرجوع في عتقها وبيعها فليست الوصية بحرية ثايتة فأولادها مملكون. 3 آخر الورقة الأولي من الكراسة الثانية وقد ضاع ما كان يبنها وبين الورقة الأخيرة. 4 الذي ضاع من قول الإمام فهو كتاب الأم هذا: تدبير الصبي الذي لم يبلغ: قال الشافعي: وإذا دبر الغلام الذي لم يعقل ولم يبلغ ثم مات فالتدبيرجائز في قول من أجاز الوصية لأنه وصية ولوليه في حياته بيع مدبرة في النظر له كما يكون له أن يوصي لعبده فيبيعه وإن مات جاز له في الوصية زكذلك البالغ المولي عليه ومن لم يجز وصية. 5 تدبيره باطل ولو بطل ثم مات الخ.

وقال أبو جعفر والحق في ذلك عندي أن التدبير عتق إلى أجل وقد أجمعت الحجة على أن صبيا لو1 اعتق مملوكه في حال الصبي أنه باطل فكذلك عتقه إلى أجل وقد يجب على من جعل تدبيره إذا كان المدبر من الثلث من جميع معاني الوصايا أن يجعل عتقه البتات في حال مرضه جائزا إذا مات من مرضه لأنه إنما يعتق من الثلث فإن أبطل عتقه في حاله تلك لزم إبطال تدبيره وإن كان عتقا بعد وفاته من ثلثه. وقالوا جميعا عتق المعتوه وتدبيره وكتابته باطل. قال أبو جعفر وهو الحق عندي. وقالوا جميعا أيضا للرجل أن يطأ مدبرته. وهو الحق أيضا عندي. تم كتاب المدبر والحمد لله رب العلمين وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين وكتب محمد بن أحمد بن ابرهيم الإمام خرم 2وكان المشتري بالخيار بين أن يكون المال عليه حالا أو يرد البيع وذلك أن المشتري قد يزيد في البيع لعلة تأخير المال3 الذي عليه فلما بطل الأجل كان له الخيار وقال كل أجل مثل الحصاد والدياس وجداد النخل ورجوع الحاج وصوم النصارى والنيروز والمهرجان فهو إلى أجله لأن وقته

_ 1 ن: عتق. 2 لعل قائل ذلك أبو ثور. 3 ن: المال عليه.

معروف وإن تأخر1 وتقدم في السنين وذلك أن الزرع إذا قيل استحصد فهو حصاده ومتى أمكن أن يداس فهو وقت الدياسة ومتى2 جفت الثمرة فهو وقت الجداد ولا ينظر في ذلك إلى أمر السلطان. وعلة من قال البيع جائز إذا كانت الآجال مجهولة أن البيع معنى والتأجيل بالمال معنى غيره فلا يبطل الجائز من البيع لفساد3 الأجل المجهول وذلك كالشرط الفاسد. وعلة من أبطل البيع4 بشرط الأجل الفاسد شبيهة بعلة من أبطل البيع بالشرط الفاسد.

_ 1 قوله: وتقدم: تكرر في النسخة. 2 ن: خفت. 3 ن: الأجل. 4 ن: بالشرط.

واختلفوا في حكم البيع إذا عقد إلى أجلين مختلفين بثمنين مختلفين

واختلفوا في حكم البيع إذا عقد إلى أجلين مختلفين بثمنين مختلفين فقال مالك وسئل عن رجل باع من رجل ثوبا بعشرة دنانير نقدا وبخمسة عشر إلى أجل يختار في ذلك فقال مالك إذا ملكه ذلك في مجلسه فإن ذلك يكره يعني إذا كان البيع يلزم كل واحد منهما يلزم البائع والمشتري إذا اختار أحد الأمرين النقد أو التأخير فلا خير فيه وهو يشبه ما نهي عنه من بيعتين في بيعة. قال وإذا كان البائع والمبتاع كل واحد منهما إن شاء أن يترك البيع تركه ولا يلزم البيع فلا بأس بذلك أخبرني بذلك يونس عن ابن وهب عنه قال ومن باع سلعة بدينار نقدا أو بدينارين إلى شهر فسخ

ذلك وردت إلى قيمتها نقدا ولا يعطى أقل الثمنين إلى أقصى الأجلين. وحدثت عن الوليد بن مسلم قال سألت الأوزاعي عن1 حديثهم لا تحل السومتان هو بكذا نقدا وبكذا نسيئة فقال نأخذ بقول عطاء بن أبي رباح أنه قال لا بأس بذلك ولكن لا يفارقه حتى يباته بإحدى البيعتين2 قلت له فإنه ذهب بالسلعة على ذينك3 الشرطين قال هي بأقل الثمنين إلى أبعد الأجلين قيل له فإني قلت هذا الثوب إلى شهر بعشرة وإلى شهرين بثلاثة عشر قال ان وقعت الصفقة على بيعة بينهما قبل أن يفارقه فلا بأس بذلك قيل له فإنه قال هو لك بدينار إلى المحرم وإن خرج عطاؤك قبل المحرم فهو حال فقال لا بأس بذلك. وقال الثوري إن بعت بيعا فقلت هو بالنقد بكذا وبالنسيئة بكذا فذهب به المشتري4 فهو بالخيار في البيعتين وإن لم يكن وقع بيعك على احدهما فهو مكروه وهو بيعتان في بيعة وهو مردود وهو الذي ينهى عنه فإن وجدت متاعك بعينه أخذته وإن كان قد استهلك ذلك فلك أوكس الثمنين وأبعد الأجلين وإذا ذهب به المشتري على وجه واحد نقدا كان أو نسيئة فلا بأس "حدثني بذلك علي عن زيد عنه". وقال الشافعي يحتمل معنى "نهى النبي صلي الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة" أن أبيعك عبدا بألف نقدا أو ألفين إلى سنة ولا أعقد البيع بواحد منهما وهذا تفرق عن ثمن غير معلوم قال ويحتمل أن أبيعك

_ 1 أخرجه مالك والترمذي. 2 أي الوليد. 3 ن: الشريكين. 4 قوله: فهو بالخيار: إلي: أحدهما: مكرر في النسخة.

أيضا عبدي هذا بألف على أن تبيعني دارك بألف إذا وجب لك عبدي وجبت لي دارك فيكون العبد بغير ثمن لأني ما نقصت في العبد أدركت1 في الدار وتكون الدار بغير ثمن معلوم لأني ما ازددت في الدار أدركت في العبد وذلك مغيب ليس بمبيعين من واحد فيكون2 محرج الثمن أو كل واحد منهما بحصته منه فيجوز وكل واحد منهما بائع3 مشتر فأرى هذين البيعين معا مفسوخين لأنهما مشتبهان في معنى الحديث "4الحسن بن محمد عنه". وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا اشترى الرجل بيعا من رجل إلى أجلين فتفرقا على ذلك فلا يجوز وذلك أنه لا يكون إلى أجلين إلا على ثمنين فإن قال هو بالنقد بكذا وبالنسيئة بكذا ثم افترقا على قطع5 إحدى البيعتين فهو جائز الجوزجاني عن محمد وهو قول أبي ثور.

_ 1 ن: ما ازددت في الدار. 2 ن: يخرج. 3 ن: مستري. 4 أي الزعفراني. 5 ن: أحد.

حكم الخيار في البيوع: ثم اختلفوا في معنى الفرقة

حكم الخيار في البيوع: ثم اختلفوا في معنى الفرقة ... حكم الخيار في البيوع أجمعوا جميعا أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" ثم اختلفوا في معنى الفرقة 1فقال مالك في قول النبي صلي الله عليه وسلم: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" 2 ليس لهذا عندنا حد معروف ولا أمر معمول3 فيه اخبرني

_ 1 موطأ: بيع الخيار. 2 م: وليس. 3 م: به فيه.

بذلك يونس عن ابن وهب عنه. وقال الأوزاعي هما بالخيار ما لم يتفرقا إلا في بيوع ثلاثة مزايدة1 الغنائم والشركاء في الميراث والشركة في التجارات فإذا صافقه فقد وجب وليسا فيه بالخيار حدثت بذلك عن الوليد عنه قيل له ما وقت الفرقة ما كانا في مكانهما ذلك قال لا حتى يتوارى كل واحد منهما عن صاحبه قال فإذا خيره فاختار فقد وجب البيع وإن لم يتفرقا. وقال الثوري بلغنا عن النبي صلي الله عليه وسلم وعن شريح أنه قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" إلا بيع الخيار والخيار أن يقول اختر فإن اختار البائع والمبتاع فالبيع جائز وإن لم يتفرقا قال الثوري وأما إبرهيم وأهل الكوفة فيقولون إذا تبايعا فهو جائز وان لم يتفرقا "حدثني بذلك علي عن زيد عنه". 2وقال الشافعي:3 كل متبايعين في4 سلف إلى أجل أو دين أو عين أو صرف أو غيره تبايعا وتراضيا ولم يتفرقا عن مقامهما أو مجلسهما الذي تبايعا فيه فلكل واحد منهما فسخ البيع وإنما يجب على كل واحد منهما البيع حتى لا يكون له رده إلا بخيار أو شرط خيار أو ما وصفت إذا تبايعا5 وتراضيا وتفرقا بعد البيع عن مقامهما الذي تبايعا فيه أو كان بيعهما عن خيار فإن البيع يجب بالتفرق6 أو بالخيار7. 8وقال الخيار الذي يوجب تمام

_ 1 ن: والعنايم. 2 أم: كتاب البيوع: باب بيع الخيار. 3 أم: قال وكل الخ. 4 أم ق: سلعة. 5 أم ق: تبايعا فيه: وسقط أم مد قوله: وتراضيا: إلي: الذي تبايعا. 6 أم: والخيار. 7 وزاد في الأم كلام في معني الحديث المذكور. 8 قوله: وقال الخيار: إلي: التواجب: لم أجده في الأم

البيع أن يخير أحدهما صاحبه بعد التواجب1 وقد قال بعض أصحابنا بيع الخيار أن يقول الرجل لك بسلعتك كذا بيعا خيارا2 فتقول قد3 اخترت البيع4 فينقطع الخيار قال وليس5 نأخذ بهذا "حدثنا بذلك6 عنه الربيع". وقال أبو ثور مثله. وقال أبو حنيفة وأصحابه التفرق بالكلام الجوزجاني عن محمد. وعلة من قال بقول مالك إن التفرق يحتمل التفرق بالقول لأن اللغة لا تمتنع أن تقول تفرقنا عما كنا فيه من الأمر وإذا كان ذلك كذلك والبيع إنما هو إزالة ملك عن مالك إلى غيره بعوض معلوم وإنما يكون ذلك بالخطاب بينهما لم يكن التفرق عن مكانهما من البيع بسبيل. وعلة من قال التفرق بالأبدان قيام الحجة على أن النبي صلى الله وعليه وسلم لا يجوز أن يخاطب أمته بما لا يفيدهم معنى فلما صح عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" لم يخل ذلك التفرق من أن يكون بالقول أو الأبدان فإن كان بالقول فلم يفد به معنى لأن البائع مالك سلعته قبل عقد البيع فلا معنى أن يقال له أنت بالخيار في بيع سلعتك لأنه لم يكن أحد من

_ 1 أم: وقد قال بعض أصحابنا يجب البيع بالتفرق بعد الصفقة ويجب بأن يعقد الصفقة علي خيار وذلك أن يقول الرجل: لك بسلعتك الخ. 2 قوله: فتقول: سقط في أم مد. 3 أم ق: أحزت. 4 أم: قال الشافعي وليس. 5 أم ق: بأحده. 6 أم: وقولناالأول: لا يجب البيع إلا بتفرقهما أو تخيير أحدهما صاحبه بعد البيعفيختاره.

أهل الجاهلية والإسلام يعتقد أن1 بيع ملكه غير جائز وكذلك المشتري لا معنى لقول قائل أنت بالخيار في أن تشتري سلعة غيرك الجائز منه اشتراؤها لأنه لم يكن أحد يدين بتحريم الشراء إذا كان لا معنى2 له وإذا كان لا معنى لهذا القول صح أن معنى الخبر هو ما أفاد معنى لم يكن المخاطبون يعتقدونه قبل أن يخاطبوا به وهو أنهما إذا تواجبا فلهما الخيار ما لم يتفرقا عن مكانهما إلا أن يكون البيع بيع خيار لقول النبي صلي الله عليه وسلم "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار" "حدثني بذلك علي عن زيد عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم".

_ 1 ن: بيعا. 2 ن: معني وإذا.

واختلف القائلون إن التفرق بالأبدان في حكم ما أحدث أحدهم في السلعة قبل تفرقهما

واختلف القائلون إن التفرق بالأبدان في حكم ما أحدث أحدهم في السلعة قبل تفرقهما فقال الشافعي1 إن تقابضا فهلكت السلعة في2 يد المشتري قبل التفرق أو الخيار فهو ضامن لقيمتها3 بالغة ما بلغت كانت أقل أو أكثر من ثمنها لأن البيع لم يتم فيها4 وإن هلكت في5 يدي البائع قبل قبض المشتري لها6 وقبل التفرق أو7 بعده انفسخ البيع ولا تكون من ضمان

_ 1 أم: قال: وإذا تبايعا المتبايعان السلعة وتقابضا أو لم يتقابضا فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا أو يخير أحدهما صاحبه بعد البيع فإذا خيره وجب البيع وإنما يجب به إذا تفرقا وإن تقابضا وهلكت الخ. 2 أم: يدي. 3 أم: بلغا ما بلغ كان. 4 أم: قال الشافعي: وإن الخ. 5 أم ق: يد. 6 أم: أوقبل. 7 ن وأم ق: يكون: أم مد: يكون.

المشتري حتى يقبضها فإن قبضها ثم ردها على البائع وديعة فهو كغيره ممن أودعه إياها1 فإن تفرقا فماتت2 فهي من ضمان المشتري وعليه ثمنها وإن قبضها وردها على البائع وديعة فماتت قبل التفرق أو الخيار فهي مضمونة على المشتري بالقيمة3 وإن أعتقها المشتري قبل التفرق أو الخيار فاختار4 البيع5 نقض البيع كان6 له وكان عتق المشتري باطلا لأنه أعتق ما لم يتم7 ملكه وإن اعتقها البائع كان عتقه جائزا لأنها لم تملك عليه ملكا يقطع8 عنه الملك الأول فهو أحق بها لأن أصل الملك كان له.9 ولو وطئها المشتري قبل التفرق في غفلة من البائع10 فاختار البايع فسخ البيع كان له فسخه وكان على المشتري مهر مثلها للبائع. وان أحبلها واختار البائع رد البيع كان له رده وكانت الأمة له وله11 مهرها وعتق ولدها بالشبهة12 وعلى المشتري قيمة ولده يوم ولد وإن وطئها

_ 1 أم: وإن. 2 أم مد: فهو. 3 أم: وإن كان المشتري أمة فأعتقها المشتري. 4 أم: البائع. 5 أم مد: بعض. 6 أم مد: بعض. 7 أم: ملكه له إذا. 8 أم: الملك الأول عنها إلا بتفرق بعد البيع أو خيرا وإن كلما لم يتم فيه ملك المشتري فالبائع أحق به إذا شاء لأن أصل الخ. 9 أم: قال الشافعي: وكذلك لوعجل المشتري فوطئها قبل التفرق الخ. 10 أم: عنه فاختار. 11 أم: مهر مثلها فاعتقنا ولدها. 12 أم: وجعلنا علي.

البائع فهي أمته1 ووطؤه كالاختيار منه لفسخ البيع.2 وإن مات3 أحدهما قبل التفرق4 قام ورثته مقامه وإن خرس5 أو غلب على عقله أقام الحاكم مقامه من ينظر له وجعل له الخيار في رد البيع أو أخذه فأيهما فعل ثم أفاق الآخر فأراد نقض ما فعل لم يكن6 ذلك له لمضي الحكم عليه به. 7وإن كان اشترى أمة فولدت أو بهيمة فنتجت قبل التفرق فهما على الخيار فإن اختار إنفاذ البيع8 أو تفرقا فولد9 المشتراة للمشتري لأن عقد البيع وقع وهو حمل10 "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو ثور أيهما أحدث في البيع شيئا قبل أن يتفرقا من عتق أو هبة أو بيع أو صدقة أو غير ذلك فهو باطل لأن في ذلك إبطال خيار صاحبه. وأما في قول الذين قالوا التفرق بالقول فإن جميع ما فعله المشتري فجائز وما فعله البائع باطل لأنه قد زال ملكه. وعلة الشافعي إن ما فعله البائع فجائز وما فعله المشتري قبل افتراقهما عن مكانهما غير جائز ان البائع على ملكه في السلعة لم تملك عليه ملكا

_ 1 ن: ووطيه: أم: والوطئ. 2 أم: قال الشافعي: وإن. 3 أم: أحد المتبايعين قيل أن يتفرقا. 4 قوله: قام: إلي: خرس: سقط في أم مد. 5 أم ق: وكان لهم الخيار في البيع ما كان له وإن الخ ... 6 أم ق: قبل أن يتفرقا أو غلب الخ ... 7 أم: له أن يمضي الحكم الخ. 8 أم: قال الشافعي: وإن الخ.. 9 أم مد: وتفرقا. 10 أم: المشتري. 11 أم: وكذلك خيار بشرط جائز في أصل العقد.

تاما فما فعله المالك في ماله منه هبة أو صدقة فجائز. وعلة أبي ثور أن الملك قد زال عن البائع إلى المشتري إلا أن لكل واحد منهما الاختيار على صاحبه ما لم يتفرقا عن مجلسهما فليس لواحد منهما أن يبطل ما جعله النبي صلي الله عليه وسلم من ذلك.

واختلفوا في جواز اشتراط الخيار أكثر من ثلاثة

واختلفوا في جواز اشتراط الخيار أكثر من ثلاثة فقال مالك لهما أن يشترطا الخيار في عقدة بيعهما ولم يحد لذلك حدا إلا أنه قال ما لم يطل "حدثني بذلك يونس عن أشهب عنه". وقال الأوزاعي أحب الأجل الينا في الخيار ثلاثة أيام للذي جاء عن النبي صلي الله عليه وسلم في شراء1 المحفلة فهو بالخيار ثلاثة أيام حدثت بذلك عن الوليد عنه. وقال الثوري إن بعت الشيء بشرط فسم للمشتري الأجل الذي يرضى به ويريده فإن حبسته فوق الشرط الذي تضربه له فقد لزمه البيع "حدثني بذلك علي عن زيد عنه". وقال الشافعي لا يجوز إشتراط الخيار أكثر من ثلاث فإن اشترطه أحدهما أو كلاهما أكثر من ثلاثة بطرفة عين فالبيع منتقض حدثنا بذلك عنه الربيع وهو قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد الخيار جائز ما اشترطا إذا كان إلى وقت معلوم الجوزجاني عن محمد.

_ 1 المحفلة هي المصراة.

وهو قول أبي ثور وقال إنما جعل الخيار ثلاثة1 في المصراة وللذي يخدع. وعلة من جوز الخيار ولم يجعل لذلك حدا إجماع الحجة على أن اشتراط الخيار جائز في ثلاثة أيام2 فلما صح جواز اشتراط ثلاثة أيام كان حكم ما تراضيا به المتبايعان من المدة حكم الثلاثة إلا أن تقوم حجة يجب التسليم لها إن ذلك لا يجوز إلا في الثلاث لأن ما جاز في الثلاثة فجائز بعدها. وعلة من قال لا يجوز ذلك إلا في الثلاث أن البيع إذا عقد على صحة فقد زال ملك البائع إلى المشتري وما يملكه الرجل فلن يزول ملكه عنه إلا بأن يزيله المالك ببعض الأسباب المزيلة وليس الخيار منها فإذا اشترط أحدهما على صاحبه أن ذلك له بغير الأسباب التي جعلها الله مزيلة له كان مشترطا شرطا فاسدا وكان حكمه حكم من ابتاع بيعا3 مشروط فيه شرط فاسد وقد ذكرنا علة من أبطل البيع إذا عقد على الشرط الفاسد فيما مضى من كتابنا هذا.

_ 1 أم خبر الخيار في المصراة ثلاثا فمعروف وأما خبرالخيار ثلاثا لمن لم يخدع في البيوع فهو أن رجلا من النصار إسمه حبان بن منقذ ذكر للنبي صلي الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع فقال له: "من بايعت فقل لا خلابة" وفي بعض الروايات أنه جعل له مما اىبتاع فهو بالخيار ثلاثا. 2 ن: وكان. 3 ن: مشروطا.

واختلف الذين أبطلوا البيع باشتراط الخيار أكثر من ثلاثة أيام إذا اختير في الثلاث

واختلف الذين أبطلوا البيع باشتراط الخيار أكثر من ثلاثة أيام إذا اختير في الثلاث فقال الشافعي البيع فاسد وإن اختار المشتري إبطال الخيار "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة إذا اختار في الثلاثة الأيام فهو جائز.

واختلف مجيزو اشتراط الخيار إذا حدث بالمشروط ذلك له حدث منعه من خياره حتى جازت المدة

واختلف مجيزو اشتراط الخيار إذا حدث بالمشروط ذلك له حدث منعه من خياره حتى جازت المدة فقال مالك إذا مات الذي له الخيار قام ورثته مقامه "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وقال الثوري إن مات المشتري في أيام الشرط قبل أن يعلم أرضي أم لم يرض1 له من ورثته البيع إذا كان هو2 المشترط وإن مات البائع فالمشتري في أجله على ورثة البائع إن شاء ما كان في الأجل "حدثنا بذلك علي عن زيد عنه". وقال الشافعي إن مات قام ورثته3 مقامه حدثنا بذلك عنه الربيع وقد ذكرنا قوله ان أغمي عليه أو جن قبل. وقال أبو ثور إذا حدث بالذي له الخيار حدث غير عقله أو سبي فإن لوليه أن يعمل في خياره بما هو أصلح لماله قبل انقضاء المدة فإن لم يفعل حتى انقضت المدة بطل ما كان له ولزمه البيع إذا جازت المدة. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا أصابه شيء من ذلك فلم يفق حتى تنقضي المدة بطل ما كان له ولم يكن لوليه أن يحدث في ذلك شيئا في تلك المدة الجوزجاني عن محمد. وعلة من قال بقول مالك إن الله عز وجل جعل الوارث يرث

_ 1 أي كان له أن يبيعه من ورثه المشتري. 2 أي المشترط الخيرا لنفسه. 3 قوله: مقامه: سقط في النسخة.

عن الميت ما كان الميت يملكه في حياته فكان الميت يملك إمساك السلعة في أيام الخيار وردها فلما عدم الميت قام ورثته مقامه لأنهم إنما1 ورثوها عنه على السبيل2 التي كان3 يملكها هو وكان ملكه إياها على الخيار وعلة من جعل وليه يقوم مقامه إذا زال عقله القياس على اجماع الكل أن من أصيب بعقله فعلى الحاكم إحراز ماله إذا لم يكن له ولي يكون أحق بالقيام بذلك من الحاكم فكذلك حكمه في القيام بما له من الخيار لأن ذلك من مصلحة ماله. وعلة من قال بقول أبي حنيفة أن الخيار إنما شرطاه بينهما لمن حكماه له فإذا عدم من شرط له ذلك لم يكن لغيره أن يقوم مقامه في ذلك لأنهما لم يتبايعا السلعة إلا على ذلك.

_ 1 أي ورثوا السلعة. 2 ن: الذي. 3 أي كان يملكها هو عليها.

واختلفوا في حكم السلعة تتلف قبل أن يقضي المشروط له الخيار فيها في أيام حياته

واختلفوا في حكم السلعة تتلف قبل أن يقضي المشروط له الخيار فيها في أيام حياته فقال مالك وسئل عن الرجل يبتاع السلعة وهو فيها بالخيار فتموت السلعة قبل أن يختار قال هي من البائع "أخبرني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وقال الثوري إذا ابتعت بيعا بشرط فسميت الثمن فهلك فمن مالك أنت له ضامن حتى ترده على صاحبه من موت أو غيره "حدثني بذلك علي عن زيد عنه".

وقال الشافعي إذا تلفت والخيار للمشتري1 تلفت من مال المشتري وإن كان الخيار للبائع أو لهما فمن مال البائع ويرجع على المشتري بالقيمة إن كان قبضها حدثنا بذلك عنه الربيع وقال في كتاب الدعوى والبينات2 إن ابتاع الرجل من الرجل بيعا ما كان على أن3 له الخيار أو للبائع أو لهما معا أو شرط المبتاع4 أو البائع خيارا لغيره وقبض المبتاع السلعة فهلكت في يديه5 قبل رضى الذي له الخيار فهو ضامن لقيمتها ما بلغت قلت أو كثرت من قبل أن البيع لم يتم6 فيها وأنه كان عليه إذا لم يتم البيع ردها وكل من كان عليه رد شيء7 مضمون عليه فتلف ضمن قيمته8 والقيمة تقوم في الغائب مقام البدن حدثنا بذلك عنه الربيع. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا حدث بالمشتري حدث في يدي المشتري من تغير أو جناية بطل الخيار وكذلك إن وطئها أو عرضها فهو ضامن وعليه الثمن وقالوا إن كان الخيار للبائع فتلفت في يد المشتري كانت عليه القيمة وإن لم تتلف ولكن البائع اعتقها أو وهبها أو تصدق بها أو أجرها فقبضها المستأجر أو كاتبها أو وطئها فهذا كله اختيار للبيع ونقض الجوزجاني عن محمد. وقال أبو ثور إذا ماتت والخيار للمشتري أو للبائع أو لهما فمن مال المشتري وعليه الثمن فإن تغيرت في يد المشتري والخيار له لعيب دخلها أو جناية

_ 1 ن: تلف. 2 م: باب الدعوى في الولد: قال الشافعي: إذا ابتاع الخ. 3 أم: لها. 4 قوله أو البائع: إلي: المتباع: سقط في الأم. 5 ن: علي. 6 أم: قط فيها. 7 أم: مضمونا. 8 أم: فالقيمة.

أصابتها ردها ورد معها ما نقصها إن أحب وإن عرضها على البيع أو وطئها فإن كان هذا رضاء منه لزمته السلعة وعليه الثمن ولا يكون رضاء إلا أن يقول قد رضيت أو يمضي الأجل الذي جعل له فيه الخيار وإن كان الخيار للبائع فأعتقها أو وهبها أو أجرها أو تصدق بها كان ذلك كله باطلا ولا يكون له أن يحدث فيها شيئا إلا بعد فسخ البيع واختيار إعادتها إلى ملكه. وعلة من قال بقول مالك إن البيع لا يتم بين المتبايعين إلا بأن يملك المشتري السلعة كالذي كان يملكها البائع من غير أن تكون لأحد عليه سبيل في إزالة ملكه عنها إلا بما تزول به الأملاك من بيع أو هبة أو ما أشبه ذلك من المعاني التي تزول بها الأملاك والخيار إذا كان لأحدهما في نقض البيع لم يملك المشتري على التمام والصحة إذا كان لمن له الخيار نقض البيع فيها وردها إلى ملك البائع فلم يزل ملك البائع عنها إلى المشتري على صحة للأسباب التي ذكرنا فلذلك كان هلاكها من البائع إذا هلكت في يدي المشتري. وعلة من قال بقول الثوري إذا كان الخيار للبائع إجماع الجميع من الحجة أن ملك المشتري لم يتم على السلعة والسلعة لا تخلو من أن تكون للبائع أو للمشتري فإذا لم يكن ملك المشتري عليها تاما كما ذكرنا من الأجماع صح أن ملك البائع عليها ثابت حتى تنقضي الخيار أو يبطل الخيار وأما إذا كان الخيار للمشتري فإن البيع ماض تام وللمشتري نقضه كما يكون له نقض البيع في السلعة بسبب عيب يجده بها ولا خلاف بين الجميع أنه إذا وجد عيبا فله الرد أو الإمساك وقد أجمع الجميع أن1 البيع وإن كان له ذلك2 تام فإن هلاكه إن هلك قبل الرد فمن مال المشتري فكذلك ذلك إذا كان الخيار له.

_ 1 ن: البيع. 2 ن: تاما.

وعلة الشافعي في القول الذي يجعل هلاك السلعة فيه من البائع لمن كان الخيار منهما نحو التي ذكرناها لمالك وأما القول الذي يجعل هلاكها من المشتري إذا كان الخيار له وهلكت في يده فنحو علتنا للقائلين بقول الثوري. وعلة القائلين لأبي حنيفة وأصحابه نحو اعتلالنا للقائلين بقول الثوري. وعلة أبي ثور أن البيع تام بين المتبايعين بالبيع والافتراق بالأبدان وإيما كان له الخيار منهما1 ونقض البيع الذي كان تاما في حال العقدة بعد أن صار للمشتري دون البائع فإن نقض قبل مضي أيام الخيار ورد على بائعه انتقض البيع وإلا كان هلاكه من المشتري إن هلك لأنه في ملكه2 عند هلاكه وإنما كان يعود ملكا للبائع لو تناقضا البيع قبل الهلاك.

_ 1 ن: نقض. 2 ن: عند.

واختلفوا في حكم الذي له الخيار إذا أراد فسخ البيع بغير محضر من صاحبه

واختلفوا في حكم الذي له الخيار إذا أراد فسخ البيع بغير محضر من صاحبه بعد إجماعهم أنهما إذا تفاسخا أو اختار الذي له الخيار إبطال البيع في أيام الخيار أن البيع منفسخ منتقض إذا كان ذلك بمحضر من صاحبه. فقال أبو حنيفة ومحمد لا يجوز للمشتري ردها إلا بمحضر من البائع. وقال أبو يوسف رده لها بغير محضر من البائع جائز وقالوا جميعا إذا اختار البائع والخيار له إلزام المشتري البيع والمشتري غائب فهو جائز والبيع لازم للمشتري الجوزجاني عن محمد.

وقال أبو ثور إذا اختار المشتري الرد بغير محضر من البائع كان له ويشهد على ذلك لأن الرد إليه دون البائع وكذلك إن اختار البائع إلزام المشتري البيع والمشتري غائب والخيار للبائع فهو جائز والبيع لازم للمشتري. وقياس1 قول مالك إذا غاب البائع في أيام الخيار وللمشتري الخيار فأراد نقضه أن يأتي الحاكم إن كانت له بينة فيثبت عنده خياره حتى ينقض البيع أو2 يعذر عليه الحاكم أشهد على نفقة البيع واختياره إبطاله فإذا حضر البايع وثبت عند الحاكم3 ما فعل في أيام الخيار وجب على الحاكم إلزام البايع ما فعله المشتري من ذلك لأن من قوله إن الذي له الخيار منهما لو جن في أيام الخيار أو عته أو أغمي عليه إن للحاكم أن يقيم مقامه من يعمل في4 ما له من الخيار في أيام الخيار بالذي هو نظر له وصلاح من نقض البيع وامضائه. وكذلك قياس قول الشافعي لأن قولهما في الذي يبرسم في أيام الخيار والمغمى عليه فيها واحد. وقول الثوري مثل قول أبي حنيفة وأصحابه. واجمع الذين اجازوا اشتراط الخيار أن للبائع أو المشتري إذا تشارطا الخيار فيما تبايعا لغيرهما من كان من الناس إن حكم الخيار في ذلك كحكم مشترط الخيار لنفسه.

_ 1 ن: وقياس مالك. 2 كذا في النسخة: ولعل صوابه: يعذره عليه الحاكم أن أشهد: أي يعينه الحاكم علي البائع: ويحتمل أن يكون صوابه: يعديه: أي يعينه عليه بأن يكلف البائع الحضور حتي ينقض البيع بمحضر منه. 3 أي ما فعل المشتري. 4 ن: ماله.

واختلفوا في الحكم في ذلك ان رضيه من اشترط خياره وخالف أحد المتبايعين

واختلفوا في الحكم في ذلك ان رضيه من اشترط خياره وخالف أحد المتبايعين فقال مالك1 من باع سلعة من رجل فقال البائع عند مواجبة البيع أبيعك على أن2 استشير فلانا فإن رضي فقد جاز3 البيع لك وإن كره فلا بيع بيننا4 فتبايعا على ذلك ثم5 ندم المشتري قبل أن يستشير6 البائع قال فالبيع لازم لهما على ما7 وصفنا ولا خيار فيه للمبتاع وهو لازم8 لهما إن أحب الذي اشترط له الخيار أن9 يجيزه "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا راه الذي له الخيار فرده جائز وإن رضيه المشتري وقال الذي له الخيار لا أرضى فالقول قول المشتري ولو رضي الذي له الخيار وأراد المشتري رده لم يكن ذلك للمشتري الجوزجاني عن محمد. وقال أبو ثور إن اختار المشتري الرد والذي له الخيار الإمساك فالقول قول الذي اشترط خياره.

_ 1 م: قال مالك فيمن باع من رجل سلعة فقال الخ. 2 وفي شرح الزرقاني: تستشير. 3 م: البيع وإن. 4 م: فيتبايعان. 5 م: يندم. 6 م: فلانا إن ذلك البيع لازم: إلا أن قوله: فلانا: ليس في بعض نسخ الهند. 7 م: وصفا. 8 م: اه. 9 ن: يجيزه.

ولو كان المشترط الخيار لغيره البائع دون المشتري فالقول في ذلك مثل القول في المشتري علي اختلافهم1 فيها. وان كان الخيار لهما فأراد المشتري الرد أو البائع الإلزام فأنكر المشتري أو البائع أن تكون السلعة هي السلعة المشتراة كان القول قول المشتري في جميع الحالات في قول الثوري "حدثني بذلك علي عن زيد عنه". وهو قول أبي حنيفة وأصحابه الجوزجاني عن محمد. وهو قول أبي ثور. وقياس قول الشافعي ان يكون القول قول المشتري مع يمينه وقد روى عنه في معناه اختلاف غير ان هذا أشبه بقوله.

_ 1 أي في تلك المسألة.

واختلفوا في حكمها إذا تناقضا البيع والخيار لاحداهما أو لهما فهلك في يدي المشتري قبل ان يقبضه البائع

واختلفوا في حكمها إذا تناقضا البيع والخيار لاحداهما أو لهما فهلك في يدي المشتري قبل ان يقبضه البائع فقال الشافعي هو ضامن لقيمة العبد ويرجع بالثمن ان كان دفعه إلى البايع حدثنا بذلك عنه الربيع وقال أبو حنيفة وأصحابه هو ضامن فان كان الخيار له فعليه الثمن وان كان الخيار للبائع فعليه القيمة الجوزجاني عن محمد. وقال أبو ثور ان كان تناقضا والعبد حي فمن مال البائع إلا أن يكون المشتري منعه وقد قبض الثمن فتكون عليه القيمة. وقد ذكرنا العلل في شبيهة بهذه المسألة فيما مضى من هذا الكتاب. وقياس قول مالك ان يكون هلاك السلعة من مال البائع فان كان

المشتري منعه بعد نقض البيع فيه واختياره الرد وقد قبض الثمن الذي كان دفعه إلى البائع فعليه قيمته لأن من قوله إن السلعة إذا اشتريت بشرط خيار فملك البائع على حاله فيها وان هلكت كان هلاكها منه.

واختلفوا في حكم الرجل يشتري عدلا من متاع برأس المال ولم يخبره البائع برأس المال

واختلفوا في حكم الرجل يشتري عدلا من متاع برأس المال ولم يخبره البائع برأس المال فقياس قول الشافعي إن البيع باطل فإن هلك قبل أن يعلم رأس المال أو بعده في يد المشتري فعليه قيمته في قياس قوله لأن هذا قوله في البيوع الفاسدة. وهذا قول أبي ثور. وقال أبو حنيفة وأصحابه المشتري بالخيار إذا أخبره بين الأخذ والرد فإن علم بالثمن فاستهلك قبل الرد فعليه القيمة ان اختار الرد وان اختار الإمساك فجائز وعليه الثمن الجوزجاني وقالوا جميعا إذا كان الخيار لهما جميعا فإنه لا يلزم أحدا منهم البيع حتى يجتمعا على الإنفاذ أو الفسخ. وقياس قول مالك ان يكون البيع فاسدا إذا لم يكن المشتري أو البائع عالما بمبلغ ذلك في حال ما تعاقدا البيع عليه لأن من قوله ان الثمن إذا لم يكن معلوما في حال الشراء فلا بيع بينهما.

واختلفوا في حكم البيع يعقد على المشتري إن لم ينقده الثمن إلى أيام فلا بيع بينهما

واختلفوا في حكم البيع يعقد على المشتري إن لم ينقده الثمن إلى أيام فلا بيع بينهما فقال مالك وسئل عن الرجل يبيع من الرجل البز فيذهب المشتري عنه ثم يأتيه من الغد بالثمن فيقول البائع إنما بعتك على أن تأتيني بالثمن قبل أن تغيب الشمس فلا بيع بيني وبينك ويقول الآخر ما شرطت علي شيئا من ذلك

وانما بعتني على غير شرط وذهبت لآتيك بالنقد قال مالك أرى البائع نادما واراه مدعيا فان لم يكن للمدعي بينة على ما ذكرنا اسلم إلى المشتري بيعه ولو كانت له بينة على ذلك ما رأيت ذلك بجائز لأنه ليس من بيوع المسلمين ان تقول ان جئتني بالنقد اليوم وإلا فلا بيع بيني وبينك فكيف وليس1 له بينة يرى البيع جائزا للمشتري وان اشترطه. وقياس قول الشافعي وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ان البيع باطل إلا أن أبا حنيفة وأصحابه قالوا إن اعتقه المشتري قبل مضي المدة جاز عتقه وكان عليه الثمن إن كان المشتري عبدا. وقال أبو ثور البيع جائز فإن جاء بالثمن وإلا فسخ البيع بينهما فإن أعتقه المشتري قبل مضى المدة جاز عتقه إن كان موسرا ولا يجوز ان كان معسرا وإن مضت المدة فأعتق كان العتق باطلا بكل حال. والعلل في هذه المسئلة على اختلافهم فيها شبيهة بالعلل في المشترط شرطا فاسدا في عقد البيع. وإن اشترط المشتري الخيار لإثنين كان لهما الرد ولأيهما شاء ولا يكون رضي أحدهما رضى الآخر في قول مالك "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وهو قول أبي يوسف ومحمد الجوزجاني عن محمد. وقال أبو حنيفة لا يحكم حكم واحد دون صاحبه ولا يجوز حكمها إلا أن يجتمعا على رد أو إمساك. وهو قول أبي ثور. وعلة من قال بقول مالك إن السلعة إنما تخرج من ملك البائع

_ 1 ن: وليس بينة.

بالمعنى الذي أخرجها البائع به وهو باختيار المشروط اختيارهما واختيار واحد ليس باختيار منهما وأما الرد فللواحد لأنه إذا رد واحد كان البائع على ملكه الذي كان قبل لأنه لم يخرج من ملكه. وعلة من قال بقول أبي حنيفة إن الرد لا يكون إلا برضائهما واجتماعهما عليه كما لا يدخل في ملك المشتري إلا بإجتماعهما عليه. وإذا اشترى الرجل سلعة واشترط الخيار إلى الليل أو إلى الغد أو إلى الظهر فإن الخيار ينقطع بدخول أول الليل وعند طلوع الفجر وزوال الشمس في قول الشافعي "حدثنا بذلك عنه الربيع". وهو قول أبي يوسف ومحمد وأبي ثور. وقال أبو حنيفة إذا كان الخيار إلى الليل كان له الليل كله وكذلك إلى الغد كان له الغد كله وقد ذكرنا العلل في شبيهة بهذه المسألة في كتاب الإيمان والنذور. وان وكل رجل رجلا بشراء شيء فاشتراه وشرط الخيار للمشتري له إلى وقت فاختلف البائع والوكيل فقال البائع قد رضي الآمر والآمر ليس بحاضر وقال المشتري لم يرض فإن للمشتري الرد في قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وإن كان الآمر حاضرا وصدقه المشتري وأنكر الآمر لزم البيع المشتري وكان للآمر عليه الثمن ولو كانت هذه المقالة منه بعد مضي الأيام لزم البيع الآمر إلا أن يشهد بينة أنه قد أبطله قبل مضي المدة الجوزجاني عن محمد. وقال أبو ثور إذا كان الآمر غير حاضر فاختلف المشتري والبائع فقال البائع قد رضي الآمر وقال المشتري لم يرض فالقول قول المشتري ولا يحلف وان قال البائع رضي الآمر وصدقه المشتري وانكر الآمر وهو حاضر

فالقول قوله مع يمينه وإن علم البائع صدق الآمر لزمه البيع ولم يتبع المشتري بشيء وان لم يعلم كان للآمر أخذ الثمن من المشتري ولزم المشتري البيع ولا يملكه إذا علم أن الآمر قد رضي ويبيع السلعة فيعطي البائع الثمن فإن كان فيها فضل رده إلى الآمر وإن كان فيها نقصان كان له أخذه من مال الآمر إذا أمكنه إذا كان قد ضمنه الثمن. واجمعوا أن بيع المرابحة جائز

ثم اختلفوا في الربح الذي يجوز به البيع على المرابحة

ثم اختلفوا في الربح الذي يجوز به البيع على المرابحة 1فقال مالك:2 الأمر عندنا في البز يشتريه الرجل3 ببلد ثم يقدم به بلدا آخر فيبيعه مرابحة إنه لا يحسب فيه أجر4 السمسار ولا5 أجر الطي ولا الشد ولا النفقة ولا كراء6 بيت فأما كراء البز7 فإنه يحسب في أصل الثمن ولا يحسب فيه ربح إلا أن يعلم8 من يساومه بذلك كله فإن9 أربحوه10 على ذلك كله بعد العلم به فلا بأس11 وأما القصارة والخياطة والصباغ وما أشبه ذلك فهو بمنزلة البز يحسب12 له13 فيه ربح كما يحسب في البز.

_ 1 م: بيع المرابحة. 2 م: قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا. 3 في بعض نسخ الهند: من بلد. 4 م: السماسرة. 5 وفي طبع تونس وشرح الزرقاني: أجرة. 6 زرقاني: البيت. 7 م: في حملانه فإنه. 8 م: يعلم البائع من. 9 م: ربحوه. 10 قوله: علي ذلك كله: سقط في طبع تونس وشرح الزرقاني. 11 رزقاني: وأما. طبع تونس: فأما. وفي بعض نسخ الهند وطبع مصر: قال مالك فأما. 12 قوله: له: سقط في النسخة. 13 قوله: فيه: سقط في بعض نسخ الهند.

فإن باع البز ولم يبين1 مما سميت أنه لا يحسب له2 فيه ربح3 فإن فات البز فإن الكراء يحسب ولا يحسب عليه ربح4 وإن لم يفت البز فالبيع مفسوخ بينهما إلا أن يتراضيا على شيء مما5 يجوز بينهما "أخبرني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وقال الأوزاعي في بيع المرابحة يرفع فيه كراءه ونفقته ثم يبيعه بعد ذلك مرابحة إن شاء حدثت بذلك عن الوليد عنه. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا اشترى الرجل متاعا فله أن يحمل عليه ما أنفق عليه في القصارة والخياطة والكراء الجوزجاني عن محمد. وقال أبو ثور الذي نقول به أن المرابحة لا تجوز إلا على الثمن الذي اشتراه به ولكن أحب أن يحسب جميع ما أنفق عليه وما لزمه فيه من شيء ثم يقول يقوم علي بكذا فذلك جائز ولا يقول إشتريته بكذا وقد حمل عليه ما أنفق فالبيع مفسوخ وإن استهلك المشتري المتاع كان عليه القيمة ورجع بالثمن وما أنفق على المتاع وعلى الرقيق في طعامهم ومؤنتهم وكسوتهم حسب عليهم وقال يقوم علي بكذا ولا يحسب في ذلك نفقته ولا كراءه. وعلة من قال يحسب مع الثمن أجرة القصارة والخياطة وما أشبه ذلك أن ذلك زيادة في السلعة داخلة فيها فكان له أن يحسب عليها كل ما كان منها. وعلة من قال إن باع مرابحة على ما اشترى به فليس له أن

_ 1 م: شيئا مما. 2 قوله: فيه: سقط في بعض نسخ الهند. 3 ن: وفات البر. 4 م: فإن. 5 ن: يجوز: بحاء صغيرة تحت الحاء.

يحسب في ذلك شيئا إلا الثمن ان ما اشترى به السلعة هو الثمن الذي وقعت عليه عقدة البيع لا أجرة القصارة وما أشبهها فليس له أن1 يخبر إذا باع مرابحة على ما اشترى به إلا بما وقعت عليه العقدة. وإن علم رجل غلامه أو جاريته فأعطى عليه أجرة مثل تعليم القرآن أو العربية وغيرهما من الأدب مما يزيد في ثمنه فلا يحتسب بشيء من ذلك في قول أبي حنيفة وأصحابه وقالوا يحتسب بما كان من أجر سائق يسوق الغنم في رأس المال وأجر السمسار الجوزجاني عن محمد. وقال أبو ثور ما كان يزيد في ثمنه من تعليم ما ليس بمعصية فلا بأس أن يلحقه في الثمن ويقول يقوم علي بكذا فأما إذا كان معصية مثل الغناء والنياحة فلا يحتسب به. وقياس قول الشافعي إنه غير جائز له أن يدخل في الثمن إلا ما وقع به الشراء من الثمن ولكن جائز له أن يسمي كل ما دخل في السلعة من مؤنة مما هو زيادة في عينها ثم يقول قال علي بكذا لأن من قوله إن كل ما كان صلاحا للمتاع مما هو عين قائمة فيه أو أثر مما له قيمة فسبيله سبيل نفس2 المبيع فلذلك جاز له أن يقول قام علي بكذا.

_ 1 ن: يخير. 2 ن: المتبع.

واختلفوا في حكم الرجل يشتري سلعة بثمن في بلد فيبيعها مرابحة ببلد غيره أو يبيعها مرابحة وقد دخلها نقص

واختلفوا في حكم الرجل يشتري سلعة بثمن في بلد فيبيعها مرابحة ببلد غيره أو يبيعها مرابحة وقد دخلها نقص 1فقال مالك في الرجل يشتري المتاع بالذهب2 أو الورق

_ 1 هذا في الموطأ تابع لقول الإمام المذكور في الباب السابق. 2 ن: والورق: م: أو بالورق.

والصرف يوم اشتراه عشرة دراهم بدينار فيقدم به1 بلدا آخر فيبيعه مرابحة أو يبيعه حيث اشتراه مرابحة على صرف ذلك اليوم الذي باعه فيه2 إن كان ابتاعه بدراهم وباعه بدنانير أو ابتاعه بدنانير وباعه بدراهم3 فإن كان4 المتاع لم يفت فالمبتاع بالخيار إن شاء أخذه وإن شاء تركه.5 فإن فات6 المتاع كان7 للمشتري بالثمن الذي ابتاعه به البائع ويحسب8 للبائع الربح على ما اشتراه به على ما ربحه المبتاع "أخبرني بذلك يونس عن ابن وهب عنه"9. قال وسألته عن الرجل يشتري المتاع فيحول السوق أو يقيم عنده شهرا أو أكثر من ذلك ثم يريد أن يبيعه مرابحة فقال مالك لا ينبغي أن يبيعه مرابحة إلا أن يتقارب ذلك من اختلاف الأسواق. وقال الأوزاعي في الرجل يشتري سلعة بنسيئة إلى وقت ثم باعها مرابحة ولم يبين ذلك فقال للمشتري إلى مثل أجله الذي كان اشتراها إليه "حدثت بذلك عن الوليد عنه". وقال أبو ثور إذا اشترى الرجل بيعا بنسيئة فباعه مرابحة بنقد فالبيع جائز فإن علم المشتري أنه اشتراه بنسيئة وكتم ذلك كان بالخيار إن شاء رده وإن شاء أخذه وإنما ذلك بمنزلة عيب دلس له فإن كان المشتري قد

_ 1 م: بلدا فيبيعه. 2 م: فإنه إن كان. 3 م: وكان. 4 م: المبتاع: إلا في بعض نسخ الهند. 5 م: وإن. 6 زرقاني: المبتاع. 7 وفي بعض نسخ الهند: المشتري. 8 وفي بعض نسخ الهند: البائع. 9 أي ابن وهب.

استهلك البيع كله كان على البائع ما بين النقد والنسيئة وإن كان استهلك بعضه رد ما بقي وقيمة ما استهلك وإذا اشترى الرجل خادما أو دابة أو شيئا فأصاب الخادم بلاء فذهب بصره أو لزمه من ذلك عيب أو أصاب المشتري عيب فإنه لا يبيعه مرابحة حتى يبين ما أصابه عنده فإن باعه ولم يبين فالمشتري بالخيار في الرد والأخذ. وقال أبو حنيفة وأصحابه في المسألة الأولى إذا استهلك المشتري المتاع أو بعضه لم يرجع بشيء وكان البيع جائزا وقالوا في المسألة الثانية إذا اشترى فأصابه عنده نقص فلا بأس أن يبيعه مرابحة وقالوا إن أصابه عيب من فعل المولى أو غير فعله1. خرم 2أو الدراهم قبل أن يصرفها فهي من مال الآمر ذهبت وذلك أن الطالب أمين حتى يصرف ويقبض حقه وهو قول النعمان وأصحابه. وقال أبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور إذا قال بعها بحقك فباعها وأخذ الثمن فهو من حقه حين قبضها فإن ضاعت فمن ماله ضاعت. وإذا أقرض الرجل صبيا أو معتوها أو عبدا قرضا فإن أصيب بعينه أخذه في قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه وأبي ثور. وان استهلكوه ففي مال الصبي والمعتوه في قياس قول الشافعي وأبي

_ 1 قال محمد بن ىالحسن في كتاب الأصل: وإن فات أصاب العبد من ذلك عيب من عمل المولي ينقصه فلا يبيع شيئا من ذلك مرابحة حتي يبين ذلك وكذلك إذا أصابه من عمل غيره لأ، هـ ضامن لما نقصه. 2 ضاع ما كان قبل هذا مت كتاب الصرف فكتب في أعلي هذه الصفحة: فيه متفرقات الصرف والسلم: ولا أعلم من القائل هاهنا: ولعل تكملة الجملة التي ضاع أولها: وإن ضاعت الدنانير.

يوسف وأبي ثور وعلى العبد إذا عتق في قول أبي ثور. وقال أبو حنيفة ومحمد لا ضمان على الصبي ولا على المعتوه إذا استهلكاه.

الصرف في تراب المعدن والصاغة

الصرف في تراب المعدن والصاغة قال مالك وسئل عن شراء تراب الذهب من المعادن بالفضة فقال لا بأس به يدا بيد ولا بأس بتراب الفضة بالذهب يدا بيد "حدثني بذلك يونس عن أشهب عنه". 1وقال الشافعي:2 لا3 خير في شراء4 تراب المعادن بحال لأن فيه5 فضة6 ولا يدري كم هي ولا يعرفها البائع7 ولا المشتري وتراب المعدن والصاغة سواء ولا يجوز8 شراء ما خرج منه9 يوما أو يومين ولا يجوز شراؤه بشيء "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة وأصحابه إن اشتراه بذهب فلا بأس به وإن اشتراه بعرض فكذلك وهو بالخيار إذا راه وقالوا إن اشتراه بدنانير10 وهو فضة أو بدراهم وهو ذهب لم يجز وقالوا من احتفر في معدن حفرة فلا

_ 1 أم: بقية البيع: باب ما جاء في الصرف. 2 أم: ولا. 3 أم ق: صرف في شئ من تراب المعادن فلا خبر في شري تراب المعادن بحال الخ ... 4 أم مد: أتراب. 5 أم ق: الفضة. 6 أم: لا يدري. 7 ن: والمشتري. 8 قوله: شراء ما خرج: إلي: ولا يجوز: سقط في أم ق. 9 أم مد: يوم ولا يومين. 10 ن: وفضة وهو فضة.

يجوز له بيعها وكذلك الصخرة في الجبل وكل ما لم يحزه فيصير في ملكه وقالوا فيمن استقرض من رجل تراب ذهب أو فضة فعليه مثل ما خرج منه من الفضة أو الذهب والقول قول المستقرض مع يمينه. وقال أبو ثور لا يجوز ذلك حتى يعلم ما فيه من الفضة.

واختلفوا في بيع العطاء

واختلفوا في بيع العطاء فقال مالك وسئل عن الكتاب يكون لهم الأرزاق وعن الأجراء بالقمح أيبيعونها قبل أن يستوفوها فقال أكره أن يبيعوا ذلك قبل أن يستوفوه "أخبرني بذلك يونس عن أشهب عنه". وهذا قياس قول الشافعي وقال أبو ثور لا يجوز بيع العطاء ولا الزيادة فيه وذلك أن العطاء ليس بعين قائمة ولا ملك لرجل ولا صفة من الصفات فيكون مضمونا في ذمة البائع وإن كان ذلك أرزاقا قد خرجت وصك بها فلا بأس ببيعها. وقال أبو حنيفة وأصحابه مثل ذلك. 1وقالوا إذا كان لرجل دراهم على رجل2 وله على رجل دنانير فلا يجوز بيع الدراهم الدين بالدنانير الدين. وقالوا كلهم إذا اشترى رجل من رجل دينارا بعشرة دراهم فنقده الدينار ولم يقبض الدراهم حتى يشتري بالدراهم من صاحبه ثوبا قبل القبض كان الشراء جائزا ولا يكون قصاصا من ثمن الدينار لأنه لم يقبض الدراهم والصرف لا يجوز إلا بتقابض.

_ 1 كأنهم أبو حنيفة وأصحابه. 2 أي للثاني.

واختلفوا في شراء العبد من سيده الدرهم بالدرهمين والمعاملة في دار الحرب

واختلفوا في شراء العبد من سيده الدرهم بالدرهمين والمعاملة في دار الحرب فقال مالك وسئل أيجوز فيما بين العبد وسيده الربا الدرهم بالدرهمين فقال أتسأل عما حرم الله فيذهب هو يربى مع عبده فقيل له أحرام هو قال هو ما قلت لك "حدثني بذلك يونس عن أشهب عنه". وقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه لا ربا بين العبد وسيده. وقال أبو حنيفة وأصحابه لا بأس أن يشتري الرجل من عبده الدرهم بالدرهمين إلا أن يكون على العبد دين فلا يجوز ذلك وقالوا إذا دخل المسلم دار الحرب فلا بأس أن يبيعهم درهما بدرهمين ويبيعهم الخنزير والميتة والخمر ويربى عليهم ويبيعهم الفضة بالفضة والذهب بالذهب وكل ما نهي عنه الواحد بإثنين وأكثر يدا بيد ونسيئة. وقالوا إذا دخل حربي بأمان إلينا فباع من مسلم درهما بدرهمين طيبة بذلك نفسه كان ذلك ربا لا يجوز وكذلك لو باع بعضهم من بعض لأن الدار دار الإسلام. وقالوا إن دخل مسلم دار الحرب فباع بعضهم من بعض درهما بدرهمين إن ذلك لا يجوز. قالوا ولو شرب مسلم خمرا في دار الحرب أو زنى ثم رفع إلينا بعدما خرج إلى دار الإسلام لم يقم عليه الحد وقالوا إن قتل مسلم مسلما في دار الحرب ثم خرج إلينا أقيد وقالوا إن أسلم قوم من أهل الحرب فتعاملوا في الربا لم يرد في قول أبي حنيفة ومحمد إلا أن محمدا

قال فيما تبايع به من أسلم في دار الحرب منهم أبطله. وقال أبو يوسف لا أجيز لمسلم أن يشتري من حربي إذا دخل بأمان درهما بدرهمين ولا شيئا من الربا ولا يبيعه خنزيرا ولا ميتة. وقال مالك والشافعي وأبو ثور في ذلك كله لا يجوز في دار الحرب ولا غيرها لمسلم أن يبيع أو يشتري إلا كما يجوز له في دار الإسلام. وقال أبو ثور في مبايعة العبد سيده مثل قول مالك. وقالوا كلهم إذا اباع الرجل إناء فضة ولم يشترط جيدا ولا رديئا فإذا هو غير فضة فالبيع مفسوخ. قال أبو ثور إذا باع الرجل عبدا بمائة دينار فقبض الثمن فأصاب المشتري بالعبد عيبا فاقر البائع بذلك أو جحد ثم صالح من ذلك في الوجهين جميعا على دينار فالصلح جائز فإن قبض الدينار قبل أن يتفرقا أو بعد فهو جائز وذلك أن الصلح حط من الثمن وإن صالحه على دراهم فقبضها قبل أن يتفرقا فإن الصلح جائز وإن افترقا قبل أن يقبض فالصلح باطل وذلك أن الثمن ذهب فإن صالحه على ذهب كان بمنزلة الحط من الثمن وإذا كان دراهم كان ثمنا لما لزم العيب من الثمن وهو ذهب فلا يجوز إلا أن يقبض قبل أن يتفرقا. وهو قول أبي حنيفة وأصحابه الجوزجاني عن محمد.

واختلفوا في رجلين لكل واحد منهما على صاحبه لواحد ذهب وللآخر فضه فيتصارفان

واختلفوا في رجلين لكل واحد منهما على صاحبه لواحد ذهب وللآخر فضه فيتصارفان فقال مالك وسئل عن الرجل يكون له على الرجل الدنانير1 وللآخر

_ 1 ن: ولا حر.

عليه دراهم فيلتقيان فيتصارفان يقول هل لك أن أصارفك1 الذي لك علي بالذي لي عليك فيتصارفان على ذلك ويبريء كل واحد منهما صاحبه مما له عليه فقال لا بأس بذلك "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". 2وقال الشافعي:3 لا يجوز ذلك لأنه دين بدين4 فإن كان الذي لكل واحد منهما على صاحبه دنانير جاز أن يقاصه مما عليه "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة وأصحابه ذلك جائز الجوزجاني عن محمد. وقال أبو ثور لا يجوز ذلك إلا أن يقبض ثم يقاصه أو يكون قضاه الذهب بالورق الذي عليه بالسعر

_ 1 ن: بالذي. 2 أم: بقية البيع: باب ما جاء في الصرف. 3 أم مد: ومن كانت عليع دراهم لرجل، وللرجل عليه دنانير فحلت أم تحل قنطارها صوفا لا يجوز لأن ذلك دين بدين: وفي أم ق كذلك إلا: قنطارحاها صرفا فلا. 4 قوله: فإن كان الخ: لم أجده في الأم.

واختلفوا في المتصارفين يبعثان أو أحدهما من يرى أحد الثمنين

واختلفوا في المتصارفين يبعثان أو أحدهما من1 يرى أحد الثمنين فقال مالك وسئل عن الرجل يبتاع من الرجل الذهب المكسور على أن يذهب به يفتنه قال لا خير فيه ولكن يذهب به فليفتنه قبل ذلك إن أحب2 فقلت له وما يفتنه قال يدخله النار يستبرئه قال وسئل عن الرجل يبتاع الذهب المكسور على أن يذهب به يفتنه؟

_ 1 كذا في النسخة. 2 أي ابن وهب.

قال لا خير في ذلك والحلي مثل الدراهم وكره أن يكون له فيه نظر. قال وسمعته وسئل عن الرجل يصرف من الصراف الدينار بدراهم فيقف عنده ويبعث غلاما يريها فقال ما يعجبني هذا. قال وسئل عن رجل اصطرف بدينار ثمنية عشر درهما ونصفا فدفع إليه الصراف الدراهم وقال هذا الغلام يذهب معك يعطيك النصف الدرهم قال لا "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". 1وقال الشافعي:2 إذا صرف الرجل شيئا فلا بأس إذا تقابضا أن يذهبا3 فيريا الدراهم وكذلك لا بأس أن يذهب هو على الإنفراد4 فيريها "حدثنا بذلك عنه الربيع". هذا قياس قول أبي حنيفة وأصحابه وأبي ثور.

_ 1 أم: باب ما جاء في الصرف. 2 أم: ولا بأس إذا صرف منه وتقابضا. 3 أم: يزنا. 4 أم مد: فيزنها: أم ق: فيزنها.

واختلفوا في الأجرة على صياغة الذهب والفضة

واختلفوا في الأجرة على صياغة الذهب والفضة فقال مالك وسئل عن الرجل يأتي بدنانيره إلى بيت ضرب الدنانير فيدفعها إليهم فيصفون ماله حتى إذا صفوه1 ضاربوه دنانيرهم الوازنة الجياد المنقوشة مثلا بمثل ثم يأخذون منه دينارا لكل مائة عمل أيديهم فقال مالك إنه قد ذكر الذي يصيب الإنسان من الحبس والإقامة للفراغ منها فقال مالك لا بأس به إن شاء الله وأراه خفيفا وذلك أن الرجل يأتي بالمال العظيم العشرة ونحو ذلك فتشتد عليه الإقامة حتى يفرغ من ضربها

_ 1 كذا في النسخة ولعل صوابه: صارفوه: يصارف.

فأرجو أن لا يكون عليه في ذلك بأس. وسئل عن الرجل يأتي الصائغ بالورق يريد أن يعمله خلخالا بوزنه من الورق ويعطيه أجر عمل يديه فقال لا خير في هذا وليس هذا مثل الذي1 يضارب أصحاب بيت الضرب وقال مالك وإجارة الصائغ تختلف "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وقال الأوزاعي وقيل له راطلت صائغا على حلي صاغه لي بدراهم أو2 ذهب مثل وزنها وأعطيته تبر ذهب قال لا يصلح قيل فأعطيته عرضا من العروض قال لا يصلح حدثت بذلك عن الوليد عنه. 3وقال الشافعي:4 لا خير في أن يصارف الرجل الصائغ5 الفضة6 بحلي الفضة المعمولة7 ويعطيه إجارته لأن هذا8 الورق بالورق متفاضلا9 ولا خير في أن يأتي الرجل بالفص إلى الصائغ فيقول10 اعمل لي خاتما حتى أعطيك11 فضتك وأعطيك أجرتك12 "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو ثور إذا استأجر رجل أجيرا يعمل له فضة معلومة

_ 1 مذا في النسخة ولعل صوابه: صارفوه: يصارف. 2 ن: ذهبا. 3 أم: باب ما جاء في الصرف. 4 أم: ولا. 5 قوله: يحلي الفضة: سقط في أم مد. 6 أم ق: بالحلي. 7 أم مد: أو يعطيه. 8 قوله: الوزن بالوزن. 9 قوله: ولا خير في أن الخ: سقط في أم مد. 10 أم ق: فيقول له: أعمله لي. 11 قوله: فضتك وأعطيك: سقط في أم ق. 12 زاد في أم ق: قاله مالك.

يصوغها صياغة معلومة فلا بأس بذلك. وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه. وقال أبو ثور إذا استأجر رجل رجلا يموه له لجاما أو سرجا أو ما كان جاز ذلك إذا كان ما يموه به من عند صاحب السلعة فإن اشترط على المموه أن يكون التمويه من عنده كان باطلا لأنه بيع وأجرة ولا يجوز حتى يعلم ما يموه1 به من ذهب أو فضة ويتقابضا. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا اشترط على المموه الذهب فلا خير فيه ولا يجوز وقالوا إن استأجره على أن يموه له بذهب أو فضة بكيل أو وزن من العروض معلومة جاز ذلك. وقالوا كلهم لو قال رجل لصائغ صغ لي خاتما أو اجعل لي فيه وزن درهم فضته2 وكراؤك نصف درهم فعمله على ذلك فلا يجوز والخاتم للصائغ وذلك أنه لم يقبض منه فضة فيكون دينا عليه فلا يلزمه شيء ولا3 يبيعه إلا مثلا بمثل ولا يعطى الصائغ شيئا إلا أن تكون الفضة ملكا لصاحب الخاتم4.

_ 1 ن: له. 2 ن: وكراك. 3 ن: بيعه. 4 قال ابن الصباغ في الشامل: إذا قال الصائغ صغ خاتما من فضة فيه درهم لأعطيك درهما وأجرتك، فصاغه فإن هذا ليس بشراء والخاتم للصائغ لأنه اشتري فضة مجهولة بفضة مجهولة.

واختلفوا في مراطلة الذهب الجيدة والرديئة بالذهب الرديئة

واختلفوا في مراطلة الذهب الجيدة والرديئة بالذهب الرديئة 1فقال مالك: في الرجل يراطل الرجل2 فيعطيه الذهب العتق3 ويجعل

_ 1 موطأ: ما جاء في المراطلة. 2 م: ويعطيه. 3 م: الجياد ويجعل معها تبرأ ذهبا.

معها تبر ذهب غير1 جيد ويأخذ من صاحبه ذهبا كوفية مقطعة وتلك الكوفية مكروهة عند الناس فيتبايعان ذلك مثلا بمثل2 فإن ذلك لا يصلح قال3 وتفسير ذلك أن صاحب الذهب4 الجيد أخذ فضل عيون ذهبه في التبر الذي طرح مع ذهبه ولولا فضل ذهبه على ذهب صاحبه لم يراطله صاحبه5 بتبره ذلك إلى ذهبه الكوفية6 وإنما مثل ذلك7 كرجل أراد أن يبتاع ثلاثة8 آصع من تمر عجوة بصاعين9 ومد من10 كبيس فقيل له هذا لا يصلح فجعل صاعين من كبيس وصاعا من حشف يريد أن يجيز11 بيعه فذلك لا يصلح12 لم يكن صاحب العجوة ليعطيه صاعا من العجوة بصاع13 من الحشف ولكنه إنما أعطاه14 لفضل الكبيس15 قال مالك:16 وكل شيء من الذهب والورق والطعام كله الذي لا ينبغي أن17 يباع إلا مثلا بمثل فلا ينبغي أن يجعل مع الصنف الجيد منه المرغوب فيه الشيء

_ 1 م: جيدة. 2 م: إن ذلك. 3 م: وتفسير ما كره من ذلك. 4 م: الجياد. 5 ن: تبرة. 6 وزاد في الموطأ في طبع مصر وشرح الزرقاني: فامتنع. 7 م: كمثل رجل. 8 م: أصوع: لا في بعض نسخ الهند: قال الزرقاني وفي نسخة أصع. 9 في بعض نسخ الهند: ومدين. 10 م: تمر كبيس. 11 م: بذلك بيعة. 12 م: لأنه لم يكن. 13 م: حشف. 14 م: ذلك لفضل. 15 وزاد في الموطأ مثل ذلك: إذا كان مطرح التمر حنطة. 16 م: فكل. 17 وفي بعض نسخ الموطأ: يبتاع.

الرديء المسخوط ليجاز1 بذلك البيع 2ويستحل3 بذلك ما نهي عنه من الأمر الذي لا يصلح4 قال5 فإن أراد صاحب الطعام الرديء أن يبيعه6 بغيره فليبعه على حدته ولا يجعل مع ذلك شيئا فلا بأس7 "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". 8وقال الشافعي إذا جمعت صفقة البيع شيئين مختلفي القيمة

_ 1 قوله: بذلك ليس في طبع تونس، وشرح الزرقاني. 2 زرقاني: وليستحل. 3 قوله: بذلك: ليس في بعض نسخ الهند 4 زاد في الموطأ بضعة أسطر. 5 ن: فإن قال: أراد. 6 ن: لغيره. 7 زاد في الموطأ: به إذا كان كذلك. 8 أم: باب ما جاء في الصرف: وإذا جمعت الخ: وقد سقط في أم مد هذا وغيره نحو مقدار ورقتين من أم ق: وقال المزني: باب تفريق صفقة البيع وجمعها: قال المزني فاختلف قول الشافعي في تفريق الصفقة وجمعها وبيضت له موضعا لأجمع فيه شرح أولي قوليه فيه: إن شاء الله: قال المصحح: هذا في نسخة المكتبة الخديوية 13 فقه شافعي وأما في 242 و 268 سقط الباب كله ولم يذكر الماوردي في الحاوي الكبير ولا ابن الصباغ في الشامل عن المزني غير هذا: وزاد في 13: وجدت في النسخة التي نقلت منها هذه النسخة المكتتبة بخط الشيخ الإمام العلامة شمس الدين أبي عبد الله محمد البرماوي الشافعي أمتع الله بحياته وأعاد من بركاته لما وصلت في الكتابة إلي هذا الموضع ما صورته. ويقول كاتبه محمد بن عبد الدائم البرماوي: لما انتهيت في قراءتي مختصر المزني علي شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين أبي حفص عمر البلقيني أطال الله بقاءه إلي هذا الباب وجدته في عدة من النسخ هكذا أعني قول المزني أبنه بيض له ليجمع فيه نصوص الشافعي ووجدت في نسخة قديمة من الكتاب نصوصا متعددة وكلاما مطولا لا يحتمل أن يكون مما وعد عليه اتياطا للإحاطة بجميع الكتاب والله أعلم بالصواب، فأردت كتابته في ابتدائه في عرض الورق ليتميز وبالله التوفيق. فكتبه في عرض الورق وأنا كتبته علي العادة وهو: فقال في هذه النسخة بعد الترجمة بتفريق الصفقة وجمعها من غير أن يذكر ما سبق. قل الشافعي رحمه الله الخ: قال المصحح: وما يختص من ذلك بالمسائل المذكورة في اختلاف الطبري فهو هذا: وقال في كتاب الإملاء علي مسائل مالك لمجموعة وإذا جمعت الصفقة برديا وعجوة بعشرة وقيمة البردي خمسة أسداس الشمن وقيمة العجوة سدس العشرة فالبردي بخمسة أسداس الثمن والعجوة بسدس من الثمن وبهذا المعني قال في الإملاء لا يجوز ذهب جيد وردئ بذهب وسط ولا تمر جيد وردئ بتمر وسط لأن لكل ةاحد من الصنفين حصة من القيمة فيكون الذهب بالذهب والتمر بالتمر مجهولا وقال في الإملاء علي مسائل مالك المجموعة: إن الصفقة إذا جمعت علي شيئين مختلفين فكل واحد منهما مبيع بحصته من الثمن.

مثل تمر بردي وتمر عجوة1 معا2 بصاعي تمر وصاع من هذا بدرهمين3 وصاع من هذا بعشرة دراهم فقيمة البردي خمسة أسداس الإثني عشر وقيمة العجوة سدس الأثنى عشر4 وهكذا لو كان صاع البردي وصاع العجوة بصاعي5 لوز كل واحد منهما بحصته من6 اللوز فكان البردي بخمسة أسداس صاعين والعجوة7 بسدس صاعين فلا يحل من قبل أن البردي بأكثر من كيله والعجوة بأقل من كيلها8 وهكذا ذهب بذهب9 كأن مائة دينار مروانية وعشرة محدثة بمائة دينار وعشرة هاشمية فلا خير فيه من قبل أن قيم المروانية أكثر من قيم المحدثة10 فهذا الذهب بالذهب متفاضلا11 "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال مالك والشافعي لا بأس أن يراطل12 الدنانير الهاشمية13 القائمة بالعتق الناقصة مثلا بمثل في الوزن وإن كان لهذه فضل وزنها14 فلهذه فضل عيونها15 إذا كانت وزنا بوزن.

_ 1 أم: بيعا معا. 2 ن: صاعي تمر من هذا. 3 ن: وصاعا. 4 أم: فالبردي بخمسة أسداس الأثني عشر والعجوة بسدس الأثني عشر وهكذا الخ. 5 أم: لون. 6 أم: اللون. 7 قوله: بسدس: إلي: والعجوة: سقط في النسخة. 8 ن: وهكذا بذهب. 9 لم: كان: ن: كل. 10 أم: وهذا. 11 أم: لأن المعني الذي في هذا في الذهب بالذهب متفاضلا ولا بأس الخ ... 12 أم: الدينار 13 أم: التامة. 14 أم: وهذه. 15 فلا بأس بذلك إذا كانت وزنا بوزن ومن كانت الخ ...

ومن كانت له على رحل ذهب بوزن فلا بأس أن يأخذ1 وزنها أكثر عددا منها في قولهم كلهم. تم كتاب الصرف والحمد لله وصلى الله على محمد وآله وسلم كثيرا.

_ 1 أم: بوزنها.

كتاب السلم

بسم الله الرحمن الرحيم 1كتاب السلم ذكر اختلاف العلماء في بيع الغائب المضمون بالصفة قال مالك والأوزاعي والثوري والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور لا بأس بشراء2 الموصوف المضمون على بائعه فيما سنذكره في كتابنا هذا في أماكنه إن شاء الله وهو السلم. وقال سعيد بن المسيب لا يجوز السلم في شيء من الأشياء أخبرني بذلك يونس بن عبد الأعلى قال أخبرنا يحيى بن عبد الله بن بكير عن الليث ابن سعد عن يحيى بن سعيد قال كان الناس يخالفون سعيد بن المسيب في عشر خصال قد عرفوه كان يقول لا يسلف في شيء من الأشياء ثم ذكر الخصال3 العشر وقد روي عن سعيد خلاف هذا القول "حدثنا محمد ابن بشار" قال "حدثنا أبو عامر عن4 سفيان عن علقمة بن مرثد عن

_ 1 علي الهامش. 2 قوله: الموصوف: كتب علي الهامش. 3 ن: العشرة. 4 لعله الثوري.

رزين1 الأحمري عن سعيد بن المسيب" قال في السلف في الثياب والحنطة2 بذرع معلوم وكيل معلوم ليس به بأس. وعلة مجوزي السلم ما "حدثنا به سفيان بن وكيع" قال "حدثنا ابن عليه" "وحدثنا أبو كريب" قال "حدثنا وكيع عن3 سفيان واللفظ لسفيان جميعا عن ابن أبي نجيح عن عبد الله بن كثير عن أبي المنهال عن ابن عباس" قال قدم النبي صلي الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في4 الثمر العام والعامين والثلاثة فقال: "من أسلم ثمرا فليسلم في كيل معلوم إلى أجل معلوم". "حدثني أبو عيسى موسى بن عبد الرحمن المسروقي" قال "حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة" قال "حدثنا أبو اسحق الشيباني عن5 محمد بن أبي المجالد" قال أرسلني أبو بردة الأشعري وعبد الله6 بن شداد إلى عبد الله بن أبي أوفى فقالا سله هل كان أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم على عهد رسول الله عليه السلام يسلفون في الحنطة والشعير والزبيب فقال عبد الله كنا نسلم إلى نبط الشام في الحنطة والشعير والزبيب إلى أجل معلوم فقلت فمن كان له زرع قال لم نسألهم عن ذلك قال ثم أرسلاني إلى عبد الرحمن بن ابزى فسألته عن مثل ذلك فرد مثل رده فقال إن كان أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم يسلفون في كيل معلوم إلى أجل معلوم ولم نكن نسألهم ألهم حرث أم لا. وعلة من ذهب مذهب سعيد بن المسيب ما "حدثنا به حميد بن مسعدة السامي" قال "حدثنا يزيد بن زريع عن أيوب عن عمرو بن

_ 1 الأحمر. 2 ن: ذرع. 3 لعله: الثوري يفرقه. 4 وفي بعض روايات هذا الحديثبالمثناة. 5 يختلف في اسمه: قيل اسمه محمد كما هاهنا وقيل اسمه عبد الله. 6 ن: وعبد الله إلي الخ: كأنه يعني عبد الله بن أبي بردة وإنما هو عبد الله بن شداد بن الهادي كما في سائر الروايات.

شعيب عن أبيه عن جده" عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال لا يحل بيع ما ليس عندك. قال أبو جعفر وهذا محتمل أن يكون نهيا عن بيع ما ليس عنده من الأعيان التي ليست مضمونة عليه وليس يستحيل أن ينهى عن بيع ما ليس عنده مما لم يكن مضمونا عليه ويجيز ما كان مضمونا عليه بصفة وإذا كان ذلك جائزا كان المفسر مبينا عن المجمل1.

_ 1 وهذا شبيه بما قله الإمام الشافعي في رسالته في صفحة 82 من طبعة 1310 وفي ص 91 من طبعة 1312.

ذكر اختلاف مجوزي السلم في فروعه: واختلفوا في الثمن هل يجوز أن يكون مجهولا؟

ذكر اختلاف مجوزي السلم في فروعه: واختلفوا في الثمن هل يجوز أن يكون مجهولا؟ ... ذكر اختلاف مجوزي السلم في فروعه أجمع مجوزو السلم جميعا أنه لا يجوز السلم إلا في موصوف معلوم بالصفة. واختلفوا في الثمن هل يجوز أن يكون مجهولا؟ ففي قول مالك إنه لا يجوز الثمن أن يكون إلا معلوما "حدثنا بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وهو قول الثوري "حدثنا بذلك علي عن زيد عنه". وهو قول الشافعي "حدثنا بذلك عنه الربيع" وأبي حنيفة وأبي ثور. وعلتهم في ذلك أن للمشتري أخذ ما أعطى البائع إن حل حقه ولم يصب عنده ما اشترى منه فإذا كان مجهولا لم يدر بما يرجع.

وقال أبو يوسف السلم جائز وإن كان الثمن مجهولا. وعلته أن المسلمين قد أجمعوا على بيع الأعيان بالأثمان المجهولة مثل صبرة من طعام بصبرة من تمر وهما مجهولا الكيل والوزن فكذلك الثمن إذا كان مجهولا في 1السلم فجائز إذا كان المشتري المسلم فيه معلوما. وإنما خالف السلم بيع الأعيان في أن أحدهما دين والآخر عين ويفسد عليه هذه العلة إجماعهم على أنه لا يجوز بيع العين بالثمن المجهول إلى أجل فكذلك الثمن إذا كان مجهولا في المشتري إلى أجل لأن كل واحد من العرضين ثمن الآخر.

_ 1 أي وكذلك: يحتمل أن يكون صوبه: وفي السلم.

واختلفوا في السلم إلى الأجل المجهول وفي الشي حالا

واختلفوا في السلم إلى الأجل المجهول وفي الشي حالا فقال مالك وسئل عن السلف في الثياب والدواب إلى يومين وثلاثة فقال هذا جائز وغيره أحسن منه أن يسلف في الشيء البعيد وينتفع البائع بما أخذه من الثمن أخبرني يونس عن ابن وهب عنه وأخبرني عنه عن مالك في موضع آخر إنه قال في الذي يسلف في الثياب إلى يومين أو ثلاثة فقال ما هكذا يكون السلف إلى يومين أو ثلاثة ألا تسمع ما قال الله عز وجل: 1 {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً} فهذا أجل مسمى فلم نر اليومين والثلاثة من الأسلاف إلى الآجال. وسئل عن رجل سلف رجلا ذهبا في طعام مضمون إلى عشرة أيام فقال ما أرى بأسا. وقال الأوزاعي إن أنت سميت أجلا دون الثلاثة أيام فهو بيع النقد

_ 1 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً} الآية 282 البقرة.

وليس بسلف وإن أنت سميت فيه أجلا ثلاثة فهو بيع السلف يصلحه ما يصلح السلف ويفسده ما يفسد السلف "حدثت بذلك عن الوليد عنه". وقال الثوري السلف أن تسلف دنانيرك ودراهمك في كيل معلوم إلى أجل معلوم "حدثني بذلك علي عن زيد" عنه. 1وقال الشافعي:2 أحب إلي ألا يسلف3 جزافا من ذهب ولا فضة ولا طعام ولا ثياب ولا شيء ولا يسلف4 شيء حتى يكون موصوفا فإن كان دينارا5 فبسكته وجودته ووزنه وإن كان درهما فكذلك6 وبانه وضح أو أسود أو ما يعرف به7 وكذلك الأثمان كلها لا تجزي في رأيي إلا أن تكون موصوفة كلها8. 9وإذا أجاز رسول الله صلي الله عليه وسلم بيع الطعام بصفة إلى أجل كان والله أعلم بيع الطعام بصفة حالا10 أجوز لأنه ليس في البيع11 بصفة معنى إلا أن يكون12 مضمونا على صاحبه فإذا ضمن13 مؤخرا

_ 1 أم: باب الأجال في الصرف. 2 أم: قال: وأحب. 3 أم: جزاف. 4 ن: سيا. 5 أم: فسكته. 6 أم مد: وزآنه. 7 إلي: كلها: مختصر قول الإمام في الأم. 8 مززني: مختصر البيوع: باب السلف والرهن والنهي عن بيع ما ليس عندك: قال المزني: والذي اختار الشافعي أن لا يسلف جزافا من ثياب ولا غيرها ولو كان درهما حتي يصفه بوزنه وسكته بأنه وضح أو أسود كما يصف ما أسلم فيه. 9 أم: باب السلف: قال الشافعي: فإذا أجاز. 10 ام مد: أجاز. 11 أم: البيع معني. 12 أم: بصفة مضمونا. 13 ن: مؤخرا معجلا.

ضمن معجلا1 والأعجل2 منه أخرج من معنى الغرر3. وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجوز السلم إلا أن يكون إلى أجل معلوم وإن قل ذلك فإن كان حالا فباطل.

_ 1 أم ق: وكان معجلا أعجل منه مؤخرا: أم مد: وكان أعجل منه مؤخرا. 2 أم ق: والأعجل اخرج: أم مد: والأعجل: أحرج. 3 أم: وهومجامع له في أنه مضمون علي بائعه بصفة.

واختلفوا فيه إذا لم يبين المكان الذي يقضي فيه

واختلفوا فيه إذا لم يبين المكان الذي يقضي فيه فقال الأوزاعي وسئل فقيل له رجل أسلف في طعام موصوف وكيل مسمى وأجل مسمى ولم يذكر أن يوفيه بمكان كذا قال هو مكروه "حدثت بذلك عن الوليد عنه" 1قلت فيفسد السلف2 إذا اشترطه عليه بمكان كذا قال لا ولكن يقول أسلفك على كذا توفيني إياه بدمشق قلت له أو قيل ولم لا تجعله إذا لم يسميا مكانا أن3 يجعله في مكانهما الذي أسلف إليه فيه قال لا يجوز أرأيت لو أسلفت إليه وأنتما في البحر أو جزيرة في البحر كان يعطيه ثم. وقال الثوري إذا اسلفت في طعام فسم المكان الذي يدفعه4 إليك فيه "حدثني بذلك علي عن زيد عنه" وقال الشافعي:5 أحب إلي أن يشترط الموضع الذي6 يعطيه فيه

_ 1 أي الوليد. 2 لعل صوابه: إلا إذا اشترطه. 3 ن: يجعله. 4 ن: إليه. 5 أم: باب ما يجوز من السلف: قال الشافعي: وأحب أن. 6 أم: يقضيه.

"1حدثنا بذلك عنه الربيع." وقال أبو يوسف وأبو ثور إن كان شرط له مكانا يوفيه فيه فهو على ما اشترطا عليه وإن لم يشترطا مكانا دفعه إليه في منزله أو سوقه ولا يكلف حمله إذا كانت عليه فيه مؤونة وذلك أنه لا يلزمه إلا ما شرط عليه ولا يفسد البيع إذا لم يسم موضعا يدفعه إليه. وقال أبو حنيفة ومحمد إن2 بين المكان فعليه أن يوفيه في المكان الذي بينه فيه وإن لم يبين كان عليه أن يدفعه إليه حيث لقيه حريزا كان الموضع أو غير حريز. وأجمعوا جميعا أنه لا يجوز السلم حتى يستوفي المسلم إليه ثمن المسلم فيه في مجلسهما الذي تبايعا فيه.

_ 1 ن: حدثني بذلك علي عن زيد عنه. 2 ن: لم يبين.

واختلفوا فيه إذا أصيب في الثمن شيء رديء بعد التفرق

واختلفوا فيه إذا أصيب في الثمن شيء رديء بعد التفرق فقياس قول مالك إن البيع منتقض. وقال الأوزاعي: وقيل له أسلفت في طعام رجلا فنقدته الدنانير فوجد فيها دينارا مكروها إلى أن أبدله له قال نعم "حدثت بذلك عن الوليد عنه".1 قلت فإنه أخر ذلك فلم يأت به قال ان أخره يومه ذلك وفيما دون الثلاثة الأيام ثم أتاك به فيما دون الثلاثة الأيام فأبدله له وإن أخره إلى الثلاثة أيام فأكثر من ذلك مضى سلفك وفسد سلف الدينار وحده قلت فإنه جاءني فقلت ما عندي بدله اليوم غدا أبدله لك قال إن ضربت له أجلا

_ 1 أي الوليد.

بعد ذلك فيه أكثر من ثلاثة أيام فسد سلفك ولك الدينار ومضى سلفك بسائر الدنانير. وقال الثوري إذا أسلفت دراهم في حنطة أو شعير وكان فيها زيوف انتقض من السلف بقدر ذلك "حدثني بذلك علي عن زيد عنه" وقال إذا أسلفت في ثوب أو ثوبين أو أقل من ذلك أو أكثر فوجد فيها زيوقا انتقض السلف كله ليس بمنزلة الطعام الذي يكون فيه الكيل والسلف الذي يكون فيه الوزن. وقال الشافعي مثل قول مالك وعلته أن النبي صلي الله عليه وسلم "نهى عن الكاليء بالكاليء" وهو شراء الدين بالدين ولا يجوز أن ينتقض في بعض ويجوز في بعض لأن الصفقة وقعت على المشتري كله فلا يجوز أن تبطل في بعض وتجوز في بعض. وقال أبو يوسف وأبو ثور إذا كان في الثمن شيء رديء كان عليه إبداله ولا يبطل السلم وعلتهما أنه لو حلف انه قد أوفاه الثمن كان بارا إذا لم يعلم فكان السلم جائزا لدفعه الثمن كله عند نفسه. وقال أبو حنيفة ومحمد ببطل من السلم بقدر الذي كان فيه وعلتهما أن الرديء ليس بثمن والسلم لا يكون إلا بقبض الثمن قبل

التفرق فما قبض قبل التفرق فالسلم فيه جائز وما لم يقبض ثمنه فلا يقع فيه لأنه في معنى الدين بالدين.

واختلفوا فيمن أسلم في صنفين من الأشياء ولم يبين كل واحد منهما أو في صنف واحد إلى أجلين مختلفين بثمن

واختلفوا فيمن أسلم في صنفين من الأشياء ولم يبين كل واحد منهما أو في صنف واحد إلى أجلين مختلفين بثمن فقال مالك وسئل عن رجل اشترى من رجل رطبا بأربعين دينارا على أن يأخذ منه في كل جمعة ما يجد في حائطه من رطب بدينارين أو ثلاثة أو كان مما يطيب1 وهو يبلغ في الجفان فقال هذا بيع لا خير فيه لأن ذلك ليس له أجل ولا أمر يعرف به ما يأخذ وإنما يجوز من ذلك أن يكون الشيء المعروف يأخذه وكذلك اللحم وغيره مما يباع في الأسواق وقد كان من مضى يتبايعون اللحم إلى العطاء والسمن2 والثياب وغير ذلك ويسمون ما يأخذون في كل يوم فإذا كان البيع على هذا فلا بأس فأما ما كان على غير هذا مما يشترى فلا خير فيه أخبرني بذلك يونس عن ابن وهب عنه وقياس هذا القول أن يجوز السلم في صنفين من غير أن يبين ثمن كل واحد منهما. وقال الأوزاعي وقيل له ان سلفت دنانير مسماة دينارا منها في كذا ودينارا منها في كذا بيعة واحدة وصفقة واحدة إلى أجل واحد قال لا بأس بذلك "حدثت بذلك عن الوليد عنه".3 قلت فإن مما سلفت إليه منه4 شيئا يصلح السلف فيه ومنه ما يصلح السلف قال يمضي الحلال ويسقط السلف في الحرام قال وسمعته يقول ولكن لو دفعت إليه دنانير في سلع مختلفة ولم تسم لكل سلعة ثمنا مسمى ثم وجدت منها ما

_ 1 لعل صوابه: ذلك. 2 ن: والباب. 3 أي الوليد. 4 كان في النسخة: سيا: أولا ثم أبدل: سي.

يصلح ومنها ما لا يصلح فسد السلف كله. وقال الثوري لا تسلفن خمسين درهما1 وعشرين درهما في شعير وحنطة إلا أن تفرق الدراهم في الحنطة كذا وكذا درهما وفي الشعير كذا وكذا درهما من غير أن تكون الدراهم مخلوطة ولا تسلفن دنانير ودراهم جميعا في حنطة ولا شعير ولا في شيء من الأشياء إلا أن تسمى الدنانير في شيء والدراهم في شيء "حدثني بذلك علي بن زيد عنه". قال وإذا كان لك على رجل خمسة دراهم فأعطاك عشرة دراهم وقال خمسة منها قضاء وخمسة منها في كذا وكذا من السلف فإنه مكروه إلا أن يميز هذه من هذه وإنما كره ذلك في الدنانير والدراهم جميعا لأنه لو كان منها زائف أو استحق شيء منها لم يدر فيما كان وفي أي شيء أسلف وهذه الدراهم أيضا لا يدري أيها كانت قضاء وأيها كانت سلفا إذا كان منها زائف. وقال الشافعي:2 لا يجوز3 السلم في شيئين مختلفين ولا أكثر حتى يسمي4 رأس مال كل واحد من ذلك الصنف وأجله5 ولا6 يجوز أن

_ 1 لعل صوابه: أو عشرين. 2 باب الآجال في الصرف. 3 أم: قال: ولا يجوز في هذا القول أن تسلف أبدا في شيئين مختلفين الخ: وكذلك أم ق إلا: بسلف. 4 أم مد: إلا إذا سميت: أم ق: الأسميت. 5 أم ق: وأجله متي يكون صفقة جمعت بيوعا مختفة قال: فإن فعل فأسلف مائة دينار في مائتي صاع حنطة فإنها مائة بستين دينارا إلي كذا وألربعون في مائة صاع تحل في شهر كذا جاز لأن هذه وإن كانت صفقة فإنها ولو ابتاع رجل من رجل بمائة دينار الخ: انظره في ص 78: وكذلك أم مدإلا: منهما مائة بستين دينار: معنيين معلوميين. 6 أم ق: قال الشافعي: ولوسلف: أم مد: ولو سلف.

يسلف1 مائة دينار في مائتي صاع حنطة مائة2 منها إلى شهر كذا ومائة إلى شهر مسمى يعده3 من قبل4 أنه لم يسم5 ثمن كل واحد منهما على حدته وأنهما إذا أقيما6 كان مائة صاع أقرب أجلا من مائة صاع أبعد أجلا7 منها أكثر في القيمة8 فانعقدت على مائتي صاع ليست تعرف حصة كل واحد منهما من9 الثمن10 ومثله أن يسلم في مائة صاع حنطة ومائة صاع جلجلان فإن بين11 ثمن كل واحد منهما وثمن العاجل والآجل جاز12 وكذلك لو أسلم في ثوبين قوهي ومروي أو قوهيين أو مرويين لم يجز حتى يبين ثمن كل واحد منهما لأنهما لا يستويان كاستواء الصنف الواحد من التمر والحنطة ومثل

_ 1 أم: مائتي. 2 أم مد: منهما. 3 أم: لم يجز في هذا القول من قبل. 4 أم ق: إن. 5 أم: كل زاحد منهما من الثمن علي حدته الخ ... 6 أ: كانت. 7 أم مد: منهما. 8 أم: وانعقدت الصفقة علي. 9 أم: الثمن قال الشافعي: وقد أجازه غيرنا وهو يدخل عليه ما وصفنا وأنه إن جعل كل واحد منهما بقيمة يوم يتبايعان قومه قبل أن يجب علي بائعه دفعة وإنما يقوم ما وجب دفعه وهذا لم يجب دفعه فقد انعقدت الصفقة وهوغير معلوم قال: ولا يجوز الخ: انظر 2 في ص 77. 10 أم مد: ولو ابتاع رجل بمائة دينار مائة صاع حنطة ومائة صاع تمر ومائة صاع جلجلان ومائة صاع بلسن جاز، وإن لن يسم لكل صنف منه ثمنه، وكان كل صنف منه بقيمة من المائة ولا يجوز أن يسلف في كيل ويأخذ بالكيل وزنا ولا وزن فيأخذ بالوزن كيلا لأنك تأخذ ما ليس بحقك إما أنقص منه وإما أزيد لاختلاف الكيل والوزن عندما يدخل في المكيال وثقله، فمعني الكيل مخالف في هذا المعني الوزن قال الشافعي: وهكذا الخ انظر 7: وكذلك أم قإلا: فيأخذ بالكيل وزنا: لابل تأخذ ما ليس: يدخل عند المكيال. 11 ن: من. 12 أم: قال الشافعي: وهكذا إن أسلم إليه في ثوبين أحهما قوهي والأخري مروي موصوفين، لم يجز السلف في واحد منهما حتي يسمي رأس مال كل واحد منهما وكذلك ثوبين مرويين أنهما لا يستويان هذا كالحنطة صنفا ولا كالتمر صنفا لأن هذا لا يتباين وأن بعضه مثل بعض ولكن أسلم في حنطتين الخ.

السلم في ثوبين السلم في حنطتين سمراء ومحمولة مكيلتين1 لا يجوز حتى يسمى رأس مال كل واحد منهما2 لتباينهما "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة ومحمد وأبو ثور مثل قول الشافعي وقال أبو يوسف لا بأس بالسلم في ثوبين وجنسين وإلى أجلين صفقة واحدة من غير أن يبين وعن أبي حنيفة أنه قال لو أسلم مائة درهم في كر حنطة وكر شعير لم يجز حتى يسمى رأس مال كل كر من الدراهم ولو أسلم ثوبا في أكرار حنطة وشعير جاز وإن لم يسم رأس مال كل واحد منهما على حساب قيمة ذلك حكاه إبن علية عنه. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل في طعام فحل الأجل فلم يصب عند البائع حقه فله إنظاره إلى وقت وجوده وفسخ البيع في قولهم جميعا.

_ 1 أم: لم يجز. 2 أم ق: لأنهما يتباينان: أم مد: يتباينان.

ثم واختلفوا في ذلك إن أصاب بعضا ولم يصب بعضا

ثم واختلفوا في ذلك إن أصاب بعضا ولم يصب بعضا فقال مالك إن لم يجد المشتري عند البائع إلا بعض ما سلفه فيه فأراد أن يستوفي ما وجد بسعره وبقيله مما لم يجد عنده ويأخذ منه بحساب ذلك من الثمن الذي دفع إليه فإن ذلك مما لا يصلح وهو مما نهى عنه أهل العلم وهو يشبه ما نهى عنه من البيع والسلف1 "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". واخبرني يونس عن ابن وهب قال سئل مالك عن الرجل يسلف2 صاحب المائدة الدينار في رطب أو عنب يأخذ منه كل يوم شيئا

_ 1 انظر في الموطأ: السلفة في الطعام. 2 أي صاحب الطعام.

مسمى1 فينفد ذلك قبل أن يستوفي ما أسلف فيه فقال ما أرى بأسا أن يأخذ ما بقي من ديناره ورقا أو غيره وذلك كله مجتمع في مكان واحد. وقال الأوزاعي لا بأس أن تؤخره بسلفك إلى أن يوسر أو تأخذ منه ما وجدت وتؤخره بما بقي حدثت بذلك عن الوليد عنه وقال لا تبع بسلفك قبل أن تقبضه2 قلت له فإن قال لا أجد لك طعاما ولكن يعني طعاما بنسيئة فإذا قبضته قضيتك طعاما واشتريته منك. فقال "حدثني يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن" أنه كره ذلك. قلت فإنه قال لا أجد لك طعاما ولكن خذ مني دراهم فاشتر بها طعاما فاستوف طعامك ورد علي3 الفضل "فحدثني عن يحيى بن أبي كثير" أنه كره ذلك. وقال الثوري إذا أسلفت فحل ما أسلفت فيه فأردت أن تأخذ بعض سلفك وبعض رأس مالك فأرجو أن لا يكون به بأس وأن تأخذ الذي أسلفت فيه أحب إلي "حدثني بذلك علي عن زيد عنه" وقال إذا أردت الرفق به فليبع بدراهمه ما بلغت واترك له فضله. وقال الشافعي:4 من سلف ذهبا في طعام موصوف فحل السلف. فإنما له طعام في ذمة بائعة فإن شاء أخذه به كله حتى يوفيه إياه وإن شاء تركه كما يترك سائر حقوقه إذا شاء وإن شاء أخذ بعضه وأنظره ببعض وإن شاء أقاله من كله وإذا كان له أن يقيله من كله إذا اجتمعا على الإقالة

_ 1 ن: فينقذ. 2 أي الوليد: ن: فله. 3 ن: الفضا. 4 أم: باب السلف يحل بعض ماله وبعض سلفه. أم ق: قال الشافعي: من الخ.

كان له إذا اجتمعا أن يقيله من بعضه فيكون ما أقاله منه كما لم يتبايعا فيه وما لم يقله منه1 كان كما كان لازما له2 بصفته فإن شاء أخذه وإن شاء تركه3 وإذا أقاله منه أو من بعضه فالإقالة ليست ببيع إنما هي4 نقض 5بيع تراضيا6 بنقض العقدة الأولى التي وجبت لكل واحد منهما على صاحبه "حدثنا بذلك عنه الربيع". 7وقال إذا8 أسلف في مائة مد من رطب9 فأخذ خمسين ثم نفد الرطب فإن شاء أخر ذلك إلى رطب قابل ثم أخذ بيعه10 مثل صفة رطبه.11 وقد قيل12 إن أسلفه مائة درهم في عشرة آصع من رطب فأخذ خمسة أصع ثم نفد الرطب كانت له الخمسة13 بالخمسين لأنها حصتها من الثمن14 وينفسخ البيع فيما بقي من الرطب15 ويرد إليه خمسين وهذا مذهب16.

_ 1 أم مد: منه كان لازما. 2 أم ق: لصفته. 3 وزاد في اأم بضعو أسطر. 4 ن: بعض: أم ق: نقص. 5 قوله: بيع تراضيا بنقض: سقط في أم مد. 6 ن: بعض العقد الأول. 7 ن: أسلفت. 8 ن: فأخذت. 9 أم مد: إذا سلف رجل في رطب أوعنب أو أجل يطيب له فهو جائز فإن نفد الرطب أوالعنب كان لا يبقي منه شئ بالبلد الذ سلفه فيه فقد قيل: المسلف بالخيار فإن شاء رجع بما بقي من سلفه كان سلف مائة درهم في مائة مد فأخذ خمسين فيرجع بخمسين وإن شاء أخر ذلك الخ: وكذلك أم ق إلا: قال الشافعي: إذا سلف: أو عنب إلي أجل يطيبان له: كأنه سلف مائة درهم: فرجع بخمسيبن. 10 أم: بمثل. 11 أم: وكيله وكذلك العنب وكل فاكهة رطبة تنفد في وقت من الأوقات وهذا وجه قال: وقد قيل. 12 ن: قيل: له الخمس درهما لأنها الخ. 13 أم: الآصغ بخمسين درهما لأنها الخ. 14 أم: فانفسخ. 15 أم: فرد إليه خمسين درهما قال الشافعي: وهذا مذهب والله أعلم: إلا أن قوله: خمسين درهما: سقط في أم مد. 16 مزني: تفريق الصفقة وجمعها: وقال إن أسلف في رطب فنفد رجع ما بقي وإن شاء أخر إلي قابل.

وقال أبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور إن مطله حتى ذهب فصاحب السلم بالخيار بين أخذ رأس ماله وتركه حتى يوجد فيأخذه. وإذا أسلم الرجل في جنس من الطعام فحل فلم يصب عند البائع1 ووجد عنده غيره كأنه أسلم إليه في حنطة فلم تصب حنطة وأصيب عنده شعير فلا يجوز أن يأخذ منه بما عليه من الحنطة شعيرا إلا أن يفاسخه البيع الأول حتى يصير ماله عنده ذهبا أو ورقا وما كان دفع إليه ثم يشتري منه به ما شاء ويقبضه مكانه إن لم يكن قبض المال فإن قبض الثمن الذي كان دفع إليه فله أن يشتري منه به ما شاء عاجلا وآجلا في قول الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه وأبي ثور. وقال مالك لا بأس أن يأخذ منه به شعيرا.

_ 1 ن: ووجده عند غيره.

واختلفوا فيه إذا أسلم إليه في جنس فحل عليه فقضاه أجود مما أسلم إليه من جنسه أو أردأ

واختلفوا فيه إذا أسلم إليه في جنس فحل عليه فقضاه أجود مما أسلم إليه من جنسه أو أردأ 1فقال مالك من2 أسلم في حنطة شامية فلا بأس أن يأخذ محموله بعد محل الأجل3 قال4 وتفسير ذلك أن يسلف الرجل في حنطة محمولة فلا بأس أن يأخذ شعيرا أو شامية5 وإن سلف في6 عجوة من التمر فلا

_ 1 إلي: بمكيلة واحدة: م: السلفة في الطعام. 2 م: سلف: وفي طبع مصر: سلفه. 3 م: وكذلك من سلف في صنف من الأصناف فلا بأس أن يأخذ خيرا مم سلف فيه أأدني محل الجل: إلا أن قوله: محل: ليس في طبع تونس وشرح الزرقاني. 4 زرقاني: وتفسير: طبع مصر: قال مالك: وتفسير. 5 طبع تونس: فإن. 6 م: تمر عجوة فلا الخ.

بأس أن1 يأخذه صيحانيا أو جمعا وإن أسلف في زبيب أحمر فلا بأس أن يأخذ أسود إذا كان ذلك كله بعد محل الأجل2 وكان بمكيلة واحدة. وقال إن أراد الذي عليه الطعام أن يعطي صاحبه شروى الطعام الذي واصفه عليه قبل محل الأجل كان ذلك لا يصلح لأن ذلك بيع الطعام قبل أن يستوفى "حدثنا بذلك يونس عن ابن وهب عنه".3 الشروى كل شيء مثله. وقال الأوزاعي وسئل عن السلف في الزنبق كيلا واجلا قال لا بأس بذلك قيل فإنه أعسر به أآخذ منه دهن حناء قال لا بأس بذلك لأن الحناء دون الزنبق "حدثت بذلك عن الوليد عنه".4 قال وسألته قلت أسلفت إلى أجل في طعام فأعسر به أو قال عندي دقيق قال لا بأس أن تأخذه منه لأنه منه وهو دون حقك قال إذا أسلفت في ثوب مسمى وذكرت طوله وعرضه ودقته وجنسه فجاء به دون ذلك فحسن أن تقبله ولك أن لا تقبله والثوب للحائك وعليه شراؤه وعلى صاحب الثوب أجر مثله فإن جاء به أطول أو أعرض من شرطه كرهت أخذه لأنه فوق حقه. وقال الثوري إذا أسلفت في شيء فلا تأخذ شيئا غير الذي أسلفت فيه أو رأس مالك ولا تأخذ به عرضا "حدثني بذلك علي عن زيد عنه". 5وقال الشافعي:6 لو أن رجلا أسلف رجلا ذهبا في طعام وصوف حنطة أو زبيب أو تمر أو شعير أو غيره فكان أسلفه في صنف من

_ 1 م: يأخذ. 2 م: إذا كانت مكيلة ذلك سواء بمثل كيل ما سلف فيه. 3 لعله من كلام الطبري. 4 أي الوليد. 5 أم: باب اختلاف المتبايعين بالسلف إذا راه. 6 أم: قال الشافعي: لو أن رجلا سلف الخ.

التمر رديء فأتاه بخير من الرديء أو جيد فأتاه بخير مما يلزمه اسم الجيد بعد ألا يخرج من جنس ما1 أسلفه فيه إن كان عجوة أو صيحانيا أو غيره لزم2 المسلف أن3 يأخذه لأن الرديء لا يغني4 غناء إلا أغناه الجيد وكان فيه فضل عنه وكذلك إذا الزمناه أدنى ما يقع عليه اسم الجودة5 فأعطى بها أعلى منها فالأعلى يغني أكثر من غناء الاسفل فقد6 أعطاه خيرا مما لزمه7 ولم يخرج له مما8 يلزم اسم الجيد فيكون أخرجه من شرطه إلى غير شرطه9 فإن فارق10 الجنس أو الأسم لم يجبر عليه وكان مخيرا11 في قبضه وتركه. وهكذا القول في كل صنف من الزبيب والطعام المعروف كيله12 وبيان هذا القول13 أن لو14 سلفه في عجوة فأعطاه برديا وهو خير منها أضعافا لم اجبره على أخذه لأنه غير الجنس الذي15 سلفه فيه قد يريد العجوة لأمر لا يصلح له البردى وهكذا الطعام16 كله إذا اختلفت أجناسه لأن هذا17 أعطاه غير شرطه ولو

_ 1 أم: سلفه. 2 ن: السلف. 3 أم ق: يأخذ. 4 أم مد: غناء إلا إذا أغناه. 5 أم: فأعطاه أعلي. 6 أم: أعطي. 7 أم ق: ولا يخرج. 8 أم: يلزمه. 9 أم مد: فإذا. 10 أم: أم: الأسم أو الجنس. 11 أم: في تركة وقبضة قال الشافعي. وهكذا الخ. 12 أم: قال وبيان الخ. 13 أم مد: أنه. 14 أم: أسلفه. 15 أم مد: أسلفه. 16 أم ق: الطعام إذا. 17 قوله: أعطاه: هكذا في ن وأم ولعل صوابه: إعطاؤه.

كان خيرا منه.1 وهكذا ما تباين لونه من حيوان وغيره2 إذا كان أحد اللونين يصلح لما لا يصلح له الآخر لم يلزم المشتري إلا ما يلزمه3 اسم الصفة وذلك مثل العسل الأبيض والأحمر والفضة والذهب فأما ما لا تباين فيه بالألوان مما4 لا يصلح له المشتري فلا يكون أحدهما أغنى فيه من الآخر ولا أكثر ثمنا وإنما يفترقان لاسمه فلا انظر فيه إلى الألوان "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة وأصحابه مثل قول الشافعي. وقال أبو ثور لا يجوز له إذا جاءه بأجود مما اشترطا أو اردأ أن يأخذه لأنه بيع الطعام قبل القبض. وإذا أسلم رجل إلى رجل في كر حنطة وأسلم الآخر إلى صاحبه في كر من طعام واجلهما واحد وصفة طعامهما واحدة لم يجز أن يجعل أحدهما قصاصا من الآخر عند محل الأجل في قولهم جميعا لأن ذلك بيع الطعام المشتري قبل أن يقبض. فإن كان أحدهما سلما والآخر قرضا فلا بأس أن يجعل كل واحد منهما قصاصا من الآخر في قول الأوزاعي الوليد عنه

_ 1 أم مد: قال الشافعي وهكذا العمل ولا يستغي في العسل عن أن يصفه ببياض أو صفرة أو خضرة لأنه يتباين في ألوانه في القيمة وهكذا كلما لونه لون تباين به ما خالف لونه من حيون وغيره: وكذلك أم ق إلا: لون يباين به. 2 أم ق: قال ولو سلف رجل عرضا في فضة بيضاء جيدة فجاء بفضة بيضاء أكثر مما يقع عليه أدني اسم الجودةأو سلفه عرضا في ذهب أحمر جيد فجاءه بذهب أحمر أكثر من أني ما يقع عليه أدني اسم الجودة لزمه ولكن لو سلمه في صفر أحمر جيد فجاءه بأحمر بأكثر مما يقع عليه بأقل اسم الجودة لزمه ولكن لو سلفه في صفر أحم فأعطاه أبيض والأبيض يصلح لما لا يصلح له الأحمر يلزمه إذا اختلف اللنان فيما يصلح له أحد اللونين ولا يصلح له الآخرالخ: وكذلكأم مد إلا: بفضة بيضاء أكثر مما يقع عليه أدني اسم الجودة لزمه ولكن لو سلفه في صفر أحمر جيد فجاء بأحمر بأكثر مما يقع عليه أقل اسم الجودة: لم لا يصلح إليه الأحمر لم. 3 أم مد: اسم الصفة وكذلك إذا اختلف فيما يتباين فيه الاثمان بالألوان لم يلزم المشتري إلا ما يلزم بصفة ما سلف فيه ما لا تباين الخ: أم ق: بصفة ما سلف فيه فأما ما لا تباين الخ ... 4 مما يصلح.

وهو قول أبي ثور. وقياس قول مالك إن ذلك جائز إذا جعل كل واحد منهما في القرض ما له على صاحبه قصاصا بما لصاحبه عليه. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا كان الأول سلما والآخر قرضا جاز أن يكون قصاصا وإن كان الآخر سلما والأول قرضا لم يجز. 1وإذا أسلف الرجل في طعام فحل السلف فقال2 المسلف للمسلف إليه كل لي طعامي أوزنه واعزله عندك حتى آتيك فأنقله ففعل فسرق الطعام فهو من ضمان البائع3 في قياس قول مالك وذلك أن يونس أخبرني عن ابن وهب عنه4 أنه سمعه يسأل عن الرجل يسلف الرجل في الطعام إلى أجل فإذا حل الأجل كتب إليه أن كل لي طعامي واعزله ثم بعه لي فقال هذه داهية وكراهة وقال إن كان اشتراه له من غيره فاستوفاه فلا بأس به أن يبيعه له من غيره. وفي قول الأوزاعي ما لم يقبضه المشتري فمن مال البائع. وقال الشافعي:5 لو6 كال البائع للمشتري بأمره7 لم يكن قبضا حتى يقبضه المشتري أو يقبضه وكيل له فيبرأ البائع من ضمانه8 "حدثنا بذلك عنه الربيع"

_ 1 أم: باب صرف السلف إلي غيره: ومن أسلف في طعام بكيل أو وزن. 2 أم: الذي له السلف كل طعامي الخ ... 3 أم: ولا يكون هذا قبضا من رب الطعام ولو كان الخ: انظره. 4 أي ابن وهب. 5 أم: ولو كاله. 6 ن: كان ون: لو كان. 7 أم: حتي يقبض أو يقبض وكيل. 8 م: حينئذ.

وهذا قياس قول أبي حنيفة وأصحابه وأبي ثور. وإذا أسلم الرجل إلى الرجل في طعام وأعطاه كفيلا فصالح الكفيل صاحب السلم على رأس المال فإن السلم بحاله على المسلم إليه. قياس قول الشافعي في ذلك أن الصلح1 عنده بيع وبيع المشتري الطعام قبل القبض باطل. وقال أبو ثور للكفيل أن يرجع على الذي عليه الحق فيأخذ منه ما أعطاه إن أجاز الصلح وإن لم يجزه كان الصلح باطلا2 وقال هذا في قول من زعم أن الكفيل بالشيء عن الرجل داخل معه فيه. وهو قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف الصلح جائز ويكون على الذي عليه الطعام بحالة يقبضه الكفيل إذا حل الجوزجاني عن محمد. وقياس قول مالك أن صلح الكفيل في ذلك جائز والصلح عنده ليس ببيع ولكنه اصطلاح عليه مما يجوز بين المسلمين. وإذا أسلم الرجلان إلى رجل ألف درهم فصالحه أحدهما على رأس ماله فقياس قول الشافعي وابن أبي ليلى إن الصلح باطل والسلم بحاله فإن قاسمه أحدهما نصيبه جاز والآخر على حقه لا يرجع على صاحبه بشيء إن عطب الذي عليه الحق في قول الشافعي. وقول أبي ثور الصلح جائز ويبقى للآخر خمس مائة في الطعام وإن عطب المسلم إليه لم يرجع على شريكه بشيء وعلته إجماعهم أن

_ 1 أم ق: كتاب الصلح: أخبرنا الربيع بن سليمان قال: أملي علينا الشافعي قال أصل الصلح أنه بمنزلة البيع: وكذلك أم مد إلا: أصلح الصلح. 2 لا أعلم أقوله: وقال هذا الخ: من قول أبي ثور أم من كلام الطبري.

الذي عليه الحق ليس له أن يعطي أحدهما جميع ما عليه وأن عليه أن يعطي كل واحد منهما بقدر حصته.1 قال وكل دين على اثنين فكذلك. وقال أبو حنيفة ومحمد الصلح باطل. وقال أبو يوسف الصلح جائز فإن عطب الذي عليه السلم رجع الآخر على شريكه فيما أخذ فقاسمه. وإذا أسلم في طعام أو غيره ثم صالحه على رأس المال فأراد أن يشتري منه به شيئا غير ما أسلم إليه فالصلح باطل في قياس قول الشافعي وابن أبي ليلى. وقال أبو ثور إن كان الصلح مفاسخة للبيع فلا بأس أن يأخذ به ما شاء إذا كان المشتري عينا قائمة وإن كان شيئا يسلم فيه فلا يجوز لأنه دين بدين. وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يجوز أن يشتري منه شيئا حتى يأخذ الدراهم الجوزجاني عن محمد. وإذا أسلم رجل إلى رجل في ثوب بذراع رجل معلوم أو في طعام بمكيال يريه لا يكال به بين الناس فالسلم باطل في قول مالك "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وقال الأوزاعي وقيل له رجل سلف في طعام مسمى موصوف ولم يسميا هذا كذا والمكاييل تختلف قال فله بمكيال أهل البلد يوم سلف إليه "حدثت بذلك عن الوليد عنه". وقال الثوري إذا أسلفت في حنطة أو شعير أو تمر أو زبيب فصفه بصفته وبقفيز معلوم يعرف إن سرق أو ضاع علم ما هو "حدثني بذلك علي عن زيد عنه".

_ 1 لعله الطبري.

وقال الشافعي إذا أسلم في قفيز بعينه غير موصوف فالسلم باطل "حدثنا بذلك عنه الربيع" وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وأبي ثور. وإذا أسلم رجل إلى رجل في ثوب أو سلعة من السلع فأتى بسلعة أجود منها أو ثوب أطول من ثوبه فقال خذ هذا واشتر مني ما زاد على ثوبك أو انا شريكك بالفضل فإن مالكا قال لا بأس بذلك "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وقال الأوزاعي وقيل له إني أسلفت في ثوب مسمى وذكرت عرضا وطولا ورقعة ثم قلت له زدني في طول الثوب أو عرضه وأزيدك في الثمن قال لا بأس بذلك حدثت بذلك عن الوليد عنه وحدثت عن الوليد عنه أنه قال إن أسلمت في ثوب وسميت عرضه وطوله ووصفت رقعته وجنسه فجاء به أطول أو أعرض من شرطه كرهت أخذه لأنه فوق حقك قيل له فإن الحائك وهب له فضلته فلم ير بذلك بأسا قيل له فإن الحائك قال اشتر مني الفضلة قال لا بأس بذلك قيل له فإن الحائك جاء به ناقصا عن شرطه فقال له المشتري رد علي من الثمن درهما قال أكره أن يأخذ سلعته ويزداد درهما وهو مجهول أن يكون1 الدرهم قيمة النقص قيل له فإنه جاء به على شرطه من طوله أو عرضه وأجود رقعة فقال أنا آخذه وأزيدك بجودته درهما قال لا بأس بذلك. وقال الثوري إذا أسلفت في ثوب رقعته كذا وعرضه كذا وطوله كذا فقال لك أقبل مني ثوبا دونه وأزيدك دراهم فهو مكروه "حدثني بذلك علي عن زيد عنه".

_ 1 ن: يكون الدراهم.

وقال الشافعي لا يصلح ذلك ولا يجوز إلا أن يأتيه بالذي فارقه عليه ما فارقه عليه "حدثنا بذلك عنه الربيع". وعلتهما أنه لا يخلو1 من أن يكون اشترى هذا بما عليه فهذا بيع ما لم يقبض أو اشتراه بالدراهم التي عليه فهو باطل لأنه يفاسخه السلم. وقال أبو حنيفة وأصحابه لا بأس بذلك إلا أن يكون شيئا مما يكال أو يوزن فيكون قفيز طعام2 وسط فيأتيه بطعام جيد فيقول ردئ3 بتلك الجودة فلا يجوز. وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور من أسلم في طعام فحل فلا يجوز بيعه من أحد ولا ممن باع.

_ 1 ن: يخلو أن. 2 ن: وسطا. 3 ن: بذلك.

واختلفوا إذا كان السلم غير الطعام

واختلفوا إذا كان السلم غير الطعام 1فقال مالك الأمر2 عندنا فيمن سلف في دقيق أو ماشية أو عروض3 موصوفة إلى أجل فحل فإن المشتري لا يبيع شيئا من ذلك من الذي اشتراه منه بأكثر من الثمن الذي4 أسلفه فيه قبل أن يقبض ما سلفه فيه وذلك5 إذا6 فعله فهو الربا7 وقال:8 من سلف9 في شيء من

_ 1 م: السلفة في العروض. 2 في نسخالهمد وطبع مصر: الأمر المجتمع عليهع عندنا ووفي طبع تونس وزرقاني: فالأمر عندنا. 3 م: فإذا كان كل شئ من ذلك موصوفا فسلف فيه إلي فحل الأجل فإن الخ. 4 م: سلفه. 5 م: أنه إذا. 6 وفي طبع تونس وشرح الزرقاني: فعل ذلك. 7 وزاد في الموطأ بضعة أسطر. 8 نسخ الهند وطبع مصر: قال مالك: من سلف؛ طبع تونس وشرح الزرقاني: ومن سلف. 9 م: ذهبا أو في حيوان أو عروض إذا كان موصوفا إلي أجل مسمي: إلا في بعض نسخ الهند: أو عرض: قال الزرقاني: وفي نسخة عرض.

ذلك1 فللمشتري أن يبيع تلك السلعة من البائع قبل2 محل الأجل3 وبعد4 محله بعرض من العروض5 يعجله ولا يؤخره بالغا ما بلغ ذلك العرض6 قال وللمشتري أن7 يبيعها من غير8 صاحبها الذي ابتاعها منه بذهب أو ورق أو عرض من العروض9 فيقبض ذلك ولا يؤخره لأنه إذا10 أخره قبح ودخله ما يكره11 من النهي عن الكاليء بالكاليء12. 13قال ومن سلف دنانير أو دراهم في أربعة أثواب موصوفة إلى أجل فلما حل الأجل تقاضى صاحبها فلم14 يجده عنده ووجد عنده ثيابا دونها من صنفها فقال له الذي عليه الأثواب أعطيك بها ثمانية أثواب من ثيابي هذه15 فلا بأس بذلك إذا أخذ تلك16 الثياب التي يعطيه قبل أن17 يتفرقا18 فإن

_ 1 م: فإنه لا بأس أن يبيع المشتري تلك السلعة الخ. 2 م: أن يحل. 3 في طبع مصر وشرح الزرقاني: أو بعد. 4 م: أن يحل. 5 ن: يتعجله. 6 م: الإطعام فإنه لا يحل أن يبيعه حتي يقبضه للمشتري الخ: إلا في طبع مصر: قبل أن يقبضه. 7 يبيع تلك السلعة. 8 كذا في بعض نسخ الهند وأما في طبع تونس ومصر وشرح الزرقاني: صاحبه. 9 م: يقبض. 10 كذا في بعض نسخ الهند وأما في طبع تونس ومثر وشرح الزرقاني: أخرذلك. 11 م: ما يكره من الكالئ بالكالئ. 12 وزاد في الموطأ بضعة أسطر. 13 م: قال مالك فيمن سلف الخ. 14 م: الأثواب. 15 طبع مصر وشرح الزرقاني: أنه لا بأس. 16 م: الأثواب. 17 م: يفترقا. 18 في بعض نسخ الهند: قال مالك: فغن دخل الخ ...

دخل ذلك1 أجل2 فلا خير فيه وإن كان ذلك قبل محل الأجل فإنه3 أيضا لا يصلح إلا أن يبيعه ثيابا ليست من صنف الثياب التي4 سلف فيها "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وقال الأوزاعي وسئل عن رجل أسلف إلى رجل في ثياب فقال قد عملتها لك فبعنيها قال لا يبيعها منه فإنه بيع ما لم يستوف وقد نهي عن ذلك في الطعام وسائر البيوع عندنا كذلك "حدثت بذلك عن الوليد عنه" وقال الثوري لا يجوز شيء من ذلك إلا بعد القبض "حدثني بذلك علي عن زيد عنه". وقال الشافعي لا يجوز بيع شيء أسلفت فيه من المسلم إليه ولا من غيره قبل الأجل ولا بعده حتى تقبضه "حدثنا بذلك عنه الربيع". وفي قياس قول أبي ثور لا يجوز ذلك في كل ما يكال ويوزن مما يؤكل أو يشرب إلا بعد القبض ويجوز بيع ما سوى ذلك قبل القبض وبعده. وقال أبو حنيفة وأصحابه مثل قول الشافعي. وقال مالك من أسلف في قمح موصوف فحل أجله فلا بأس أن يأخذ أي صنف شاء من القمح والشعير بمثل مكيلته ولا يجوز أن يأخذ سوى ذلك ولا يأخذ دقيقا بكيله ولو كان لرجل عليه طعام فأحاله بطعامه إلى المسلم إليه فالقول كما ذكرنا من أقاويلهم.

_ 1 م: الأجل. 2 في بعض نسخ الهند وطبع مصر: فإنه لا يصلح في طبع تونس وشرح الزرقاني: فإن ذلك لا يصلح. 3 م: أيضا لا يصلح. 4 م: سلفه.

واختلفوا في المسلم يشرك بعد وجوب السلم

واختلفوا في المسلم يشرك بعد وجوب السلم على المسلم إليه والتقابض والتفرق آخر غيره أم أولاه أو أقاله صاحبه. 1فقال مالك:2 الأمر عندنا أنه لا بأس بالشرك والتولية والإقالة 3في الطعام وغيره4 قبض أو لم يقبض إذا كان ذلك بالنقد ولم يكن فيه ربح ولا وضيعة ولا تأخير5 فإن دخل ذلك6 وضيعة أو ربح أو تأخير من أحد منهما فهو بيع7 ليس بتولية ولا شرك ولا إقالة يحله ما يحل البيع ويحرمه ما يحرم البيع "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وقال الأوزاعي لا بأس إن أنت اشتريت سلعة فسألك رجل أن تشركه فيها قبل أن تقبضها فلا بأس أن تشركه قبل قبضها وبعده فيكون عليك وعليه الوضيعة والربح لأن الشركة معروف ولو كانت8 الشركة لا يصلح أن تشركه حتى تقبضها "حدثت بذلك عن الوليد عنه". وقال الثوري لا تبيعن شيئا من البيوع ولا توليه ولا تشرك فيه مما يكال أو لا يكال أو لا يوزن أو دابة أو عبدا أو شيئا اشتريته حتى

_ 1 م: ما جاء في الشركة والتلية والإقالة. 2 م: زالأمر الخ: إلا طبع مصر. 3 م: والإقامة من في الطعام: إلا بعض نسخ الهند. 4 زرقاني: قبض ذلك أوالخ ... 5 م: للثمن فإن: إلا بعض نسخ الهند. 6 م: ربح ولا وضيعة ولا تأخير من واح منهما صار بيعا. 7 م: يله ما يحل البيع ويحرمه البيع وليس بشرك ولا توليه لا إقالة. 8 قوله: الشركة لا: كذا في النسخة ولعل صوابه: الشركة دينا لا.

تقبضه فإن التولية بيع ولا تبع بيعا لم تقبضه حتى تقبضه "حدثني بذلك علي عن زيد عنه". وقال الشافعي1: لا يجوز له أن يشرك فيه أحدا ولا يوليه وله أن يقيله لأن الإقالة فسخ البيع "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو ثور مثل قول الشافعي في الشركة والتولية. وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وقالوا لا تجوز الإقالة لأن الإقالة بيع. وإذا اشترى المسلم إليه الطعام فقال للذي له السلم احضر قبضه أو وكل بقبضه ثم قضاه إياه مما كان له ورضي بكيله أو دفع إليه الطعام وأمره بالشراء له والقبض لنفسه فإن مالكا قال وسئل عن الرجل يسلف الرجل في الطعام بذهب إلى أجل فإذا حل الأجل جاءه يتقاضاه فقال ما عندي طعام ولكن هذه ذهب فخذه فاشتر بها لنفسك طعاما وكل بقبضه ثم قضاه إياه مما كان له ورضي بكيله أو دفع إليه ثمن الطعام2 الذي لك علي فقال لا خير في هذا "أخبرني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وقال الأوزاعي وقيل له إن الذي أسلفت إليه اشترى طعاما كيلا فلم يكله من البائع ودفعه إلى الذي اسلفه قال لا ينبغي له أن يدفعه إليه دون أن يكتاله لنفسه ثم يكيله للذي أسلفه لأن أصله سلف والسلف

_ 1 أم مد: بقية البيع: السنة في الخيار: قال الشافعي: الشركة والتولية بيع من البيوع يحل فيه ما يحل في البيوع ويحرم فيه ما يحرم من البيوع فمن ابتاع طعاما أو غيره فلم يقبضه حتي اشرك فيه رجلا أو يوليه البيوع: قبل يقبض. أم: بقية البيع: باب ما جاء في الصرف: قال الشافعي: الشركة والتولية بيعان من البيوع يحلهما ما يحل البيوع ويحرمهما ما يحرم البيوع مزني باب السلف والرهن والنهي عن بيع ما ليس عندك: ولا تجوز في السلف الشركة ولا التولية لأنهما بيع والإقلة فسخ البيع. 2 لعل صوابه: مثل الذي.

شراء والشراء لا يباع حتى يقبض حدثت بذلك عن الوليد عنه وقيل له فلو أنه أعطاه دراهم وقال له اشتر طعاما فاقبضه من بائعه ثم كله لنفسك ففعل فاكتاله من البائع ثم كاله لنفسه فكره ذلك1 ورده على من يقول إنه جائز قيل له فإنه أعطى الدراهم رجلا غيره وقال اشتر طعاما ثم ادفعه إليه قال لا بأس بذلك. وقال الثوري إذا أسلفت سلفا فقال لك صاحبك قد كلته فاقبضه بكيله فلا تأخذه حتى تكيله "حدثني بذلك علي عن زيد عنه". وقياس قول الشافعي إنه إن دفع الثمن إليه دراهم فاشتراه له لم يكن قابضا حتى يقبضه المشتري ثم يقبضه منه وإن اشترى المسلم إليه فاكتاله لنفسه فقياس قوله إنه لا يأخذه بكيله حتى يكتاله لنفسه. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا اشترى المسلم إليه فقال المسلم اقبضه لنفسك فلا يجوز حتى يقبضه المشتري ثم يقبضه رب السلم وقالوا لو دفع إليه دراهم فقال اشتر بها طعاما قدر مالك علي ثم اقبضه لي بكيل ثم اكتله لنفسك كان جائزا. وقال أبو ثور إذا اكتال المسلم إليه لنفسه والمسلم حاضر فرضي بكيله وقبضه فذلك جائز وقال لو حل الأجل فقال المسلم للمسلم إليه كل ما لي عليك في ناحية بيتك أو في غرائري هذه ففعل وليس هو2 حاضرا لم يكن ذلك قبضا ولا يكون قابضا حتى يحضر هو أو وكيل له. وإذا حل السلم في كر فقال المسلم إليه للمسلم هذا طعامك فخذه

_ 1 لعل صوابه: وذلك رده. 2 ن: وقبضه. 2 ن: حاضر.

وهو كر فصدقه المسلم فأخذه فهو جائز في قياس قول مالك وذلك أن يونس أخبرني عن ابن وهب عنه أنه سئل عن رجل ابتاع من رجل طعاما وأخذه بكيله الأول فصدقه فيه فلما قبضه إليه وحازه كاله فوجد في الطعام زيادة اردب أو اردبين أترى أن يرد ذلك على البائع فقال إن كان ذلك شيئا بينا فنعم. وقال الثوري لا يجوز حتى يكتاله المسلم "حدثني بذلك علي عن زيد عنه". وقال الشافعي لا خير في ذلك لأنه لا يكون قابضا له حتى يكتاله وعلى البائع أن يوفيه الكيل فإن هلك في يدي المشتري قبل أن يكيله فالقول قوله في الكيل مع يمينه "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يحل للمسلم أكل هذا الطعام ولا بيعه وذلك أنه لم يقبضه وقالوا إن هلك الكر عند المشتري فأقر أنه كان كرا ولم يكله كان مستوفيا. وقال أبو ثور إن صدقه المسلم فقبضه واستهلكه ثم قال كان أقل من كر فإن القول قوله مع يمينه ويرجع عليه بما بقي فإن باعه كان بيعه جائزا وذلك أنه قد قبض الطعام وإن لم يكن كيل له وإنما الكيل بمنزلة الحمل ولو كاله له ودفعه إليه وقال أحمله لك إلى الموضع الذي صالحتك عليه فباعه المسلم قبل أن يحمله كان ذلك له. ولو أفلس المسلم إليه لم يكن للغرماء أن يشاركوا المسلم في هذا الطعام الذي قبضه وإن لم يكن كاله وقال هو بمنزلة رجل له على رجل ألف درهم فأعطاه كيسا فيه دراهم قضاء عن حقه ولم يزنه له وقال خذه حتى أزنه لك فإن صاحب الكيس أحق به من سائر الغرماء.

وإذا أسلم رجل سلما في شيء ثم وكل صاحب السلم وكيلا بدفع الثمن إليه وذهب قبل أن يقبض المسلم إليه الثمن فالسلم فاسد في قولهم كلهم إلا أن يوكل وكيلا في أن يسلم إليه ويدفع الثمن فيكون جائزا وكذلك إن وكل المسلم إليه من يقبض الثمن وانصرف هو كان السلم فاسدا إلا أن يوكله بالسلم له فيكون ذلك عليه حاضرا كان أو غائبا.

واختلفوا في الرهن والكفيل في السلم

واختلفوا في الرهن والكفيل في السلم فقال الأوزاعي أكره أن يؤخذ في السلم رهن أو كفيل "حدثت بذلك عن الوليد عنه". وقال الثوري لا بأس بالرهن والكفيل في السلم "حدثني بذلك علي عن زيد عنه". 1وقال الشافعي:2 لا بأس بذلك لأنه بيع من البيوع3 وقال أمر الله عز وجل بالرهن فأقل أمره تبارك وتعالى4 إباحة له فالسلم بيع من البيوع "حدثنا بذلك عنه لربيع". وقال أبو حنيفة وأصحابه مثل قول الشافعي وقالوا إن اقتضى الكفيل المسلم عليه فقبض منه ما كفل عنه فباعه فربح فيه أو أكله كان حلالا وعليه لصاحب السلم طعام مثله وإن قبضه على وجه الوكالة فليس له أن يبيعه ولا يأكله وهو رسول حتى يؤديه إلى صاحبه فإن باع فربح5 كان عليه أن يتصدق بالربح وقالوا إن قضى الكفيل المسلم فلا بأس به

_ 1 أم: باب السلف. 2 أم: لا بأس فيه بالرهن والحميل لأنه الخ ... 3 أم: وقد أمر الخ. 4 أم: إن يكون إباحة الخ. 5 ن: وكان.

والكفيل ها هنا مقرض عندهم. وإذا أسلم رجل في طعام قراح بعينه أو ثمر نخل بستان بعينه ولم يدرك الزرع ولم يبد صلاح الثمرة فذلك باطل عندهم كلهم. وإن أسلم فيه بعد بدو صلاح الثمرة فقد اختلفوا فيه: فقال مالك وسئل عن الذي يسلف في حائط بعينه قد طابت الثمرة فقال أكرهه من قبل انه يأخذ في حائطه ذلك من هذا وهذا حتى يكثر فلا يصل1 إلى هذا ما سلف فيه فيرد عليه دنانيره ويجيء ثمر ذلك الحائط مستحشفا أو على غير ما كان يعرف فيرد عليه دنانيره وأرى ألا يسلف في شيء من ذلك بعينه ولا في الزعفران من هذه الأرض فإن سلف في شيء من ذلك بعينه فلا أرى أن يرد البيع لأن من البيوع بيوعا لا ترد "أخبرني بذلك يونس عن أشهب عنه". وقال الأوزاعي وقيل له إني سلفت في طعام قرية فلانة فكره السلف في طعام قرية بعينها مخافة أن تصيب طعام تلك القرية عاهة فيذهب فلا يوجد منه شيء إلا أن يكون ذلك الطعام قد أمنت عليه العاهة وصلح بيعه "حدثت بذلك عن الوليد عنه".2 قال وسمعته يقول قد مضت السنة أنه لا يصلح أن يسلف في ثمرة ولا يبيعها حتى تنجو من العاهة قال ولا أعلم إلا أني سمعته يقول هو في الحكم جائز يمضيه القاضيي ويأخذ به إذا أسلم في ثمرة سنة لم تأت وهو في الورع مكروه. 3وقال الشافعي:4 لا يجوز السلف في حنطة أرض رجل بعينها وثمر

_ 1 لعل صوابه: هذا إلي ما سلف. 2 أي الوليد. 3 أم: باب ما يجوز فيه السلف وما لا يجوز. 4: قال الشافعي: وهكذا ثمر حائط رجل بعينه ونتاج رجل بعينه وقرية بعينها غير مأمونة ونسل ماشية بعينها غير مأمونة ونسل ماشية بعينها فإذا الخ: إلا أن في أم مد: وسبل ماشية الخ.

حائط رجل بعينه ونتاج رجل بعينه ونسل ماشيته1 فإذا شرط المسلف من ذلك ما يكون2 مأمونا أن ينقطع أصله لا3 يختلف في الوقت الذي4 يحل فيه جاز وإذا5 اشترط الشيء الذي الأغلب منه ألا يؤمن انقطاع أصله لم يجز6 أن7 يسلف سلفا فاسدا وقبضه رده وإن استهلكه رد مثله ان كان له مثل أو قيمته إن لم يكن له مثل ورجع برأس ماله8 "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة وأصحابه إن أسلم في ذلك فالسلم فاسد لا يجوز. وقال أبو ثور إذا أسلم في ثمر نخل بعينه فإن بدا صلاحه فذلك جائز وكذلك الطعام وعلته الخبر عن النبي صلي الله عليه وسلم "أنه نهى عن السلم في9 ثمر نخل بعينه حتى يبدو صلاحه". وإذا أسلم رجل في شيء واشترط أن يوفيه إياه في موضع فوفاه في غير ذلك الموضع وقال خذ مني الكراء إلى ذلك الموضع الذي اشترطت له فإن الأوزاعي قال إذا اشترط عليه أن يوفيه بدمشق فلقيه في بلدة أخرى فلم يقدر على حمله فقال خذه ها هنا وعلي الكراء إلى دمشق قال لا يصلح ذلك "حدثت بذلك عن الوليد عنه". وقال الثوري إذا عرض عليك أن يقضيك في غير المكان الذي

_ 1 ن: ماشية فإذا. 2 أم ق: يكون أن ينقطع أن ينقطع أصله. 3 أم: يخلف. 4 أم: حل. 5 أم: شرط. 6 زاد في الأم بضعة أسطر. 7 أم: قال الشافعي: وإن أسلف سلفا الخ. 8 أم: فعلي هذا الباب كله وقياسه. 9 ن: في نخل.

سميت ويحمله لك فهو مكروه أن يقضيه ويحمله لك ولكن اقبضه مكانه ولا يحمله لك أن رضيت بذلك "حدثني بذلك علي عن زيد عنه". وذلك جائز إذا تراضيا بذلك في قول أبي ثور. وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يأخذ منه الكراء وإن شاء كلفه الحمل إلى ذلك الموضع وإن أخذ الكراء فهلك في يده فلا شيء عليه.

واختلفوا فيما يجوز فيه السلم

واختلفوا فيما يجوز فيه السلم فقال مالك لا بأس بالسلم في كل مكيل أو موزون موصوف إذا أسلم في كيل معلوم أو وزن معلوم وكذلك العروض والحيوان إذا وصف بذرع وجنس أو سن وجنس "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وقال الأوزاعي لا بأس بالسلم في كل ما ضبط بحد مثل الكيل والوزن والسن والشبه في الحيوان والصفة والنعت في الأواني والطساس والذرع في الثياب "حدثت بذلك عن الوليد عنه"1 قال قلت له أسلف في البيض والجوز قال نعم وتسمى عددا إذا جاء به فهو سلفك وليس لك فيه خيار. وقال الثوري السلف جائز في كل ما كيل ووزن وحد بذرع وصفة ويكره السلف في كل شيء من الحيوان "حدثني بذلك علي عن زيد عنه". وقال الشافعي لا يجوز السلم إلا فيما كان موصوفا مضبوطا بذراع أو سن مثل ثني أو جذع وأشباهه أو وزن أو كيل وفيما2 قد بصنعة وقد3 مثل السلم في الطس والأواني المضروبة والمفرغة بصنعة معروفة وسكة

_ 1 أي الوليد. 2 ن: مد: ويحتمل أن يكون صوابه: عد: أو: بعد. 3 ن: قبل؟

معروفة وثخانة أو رقة إذا اشترط من جنس من الأجناس مثل الحديد والرصاص وكذلك الأقداح والصحاف الزجاج إذا وصفت "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو ثور مثل ذلك وقال يجوز أيضا فيما وقف على صناعته وقده إذا كان عملا معروفا مثل النعل والطس والتور والأواني وإن كان لا يوزن. وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يجوز السلم إلا فيما حد بذرع أو كيل أو وزن أو قد وصناعة ولا يجوز فيما حد بسن وعلتهم أن الحيوان يتباين وما يتباين وهو من جنس واحد فلا يجوز السلم فيه قياسا على إجماعهم أن1 النعر والذي لا يضبطه صفة لا يجوز السلم فيه. وعلة مالك والشافعي في الحيوان خبر أبي سعيد وأبي هريرة إن النبي صلي الله عليه وسلم استسلف بكرا من أعرابي. 2قال والمسلمون في شرائهم وبيعهم من وجهين أحدهما معلوم محدود والآخر ما حدوا وعرفوا من3 تجارتهم فمنه ما يكون معلوما في الجودة ومنه ما يكون معلوما في القدر والنبات والحبوب كلها لا تستوي عندهم التمرتان ولا الحبتان فشراؤهم له بالسلم على علم منهم باختلاف ذلك وقد أجمعوا أنه لا بأس بالسلم في جميع ذلك والجوز والبيض والبطيخ وأشباهها وتفاوت ما بينها كتفاوت ما بين التمرة الجيدة والتمرة الصغيرة والحشفة والبرة العظيمة الجيدة والبرة الذاوية اللطيفة فالسلم كله على ما قد عرفوا من ذلك.

_ 1 كذا في النسخة. 2 لعله الطبري. 3 ن: تجارتهم.

واختلفوا في أشياء من الموزون والمكيل فمن ذلك السلم في الفاكهة الرطبة

واختلفوا في أشياء من الموزون والمكيل فمن ذلك السلم في الفاكهة الرطبة فقال مالك وسئل عن الرجل يسلف في الثمرة إلى الأجل المعلوم قبل أن تأتي الثمرة ويشترط من الثمر الجديد أو القمح الجديد ولم يبلغ إبان الزرع فقال لا بأس به إذا لم يكن في حائط مسمى أخبرني بذلك يونس عن ابن وهب عنه1 قال وسئل عن السلف في العنب الصيفي إذا نفد أيأخذ ما بقي من الصيفي شتويا فقال لا في رأيي. وسئل عن العنب هل يسلف فيه فقال نعم فقيل له فالسلف في البطيخ فقال ما سمعت بالسلف في البطيخ. وقال الأوزاعي لا تسلف في العنب والفاكهة الرطبة الصيفية التي تذهب في الشتاء فلا يوجد منها شيء قبل حينها ووقتها وإن سميت لها أجلا يكون محلها فيه فلا يصلح "حدثت بذلك عن الوليد عنه". 2قال وسألته عن السلف في الرطب قال سلف فيه في حينه قلت سلفت قبل مجيء البر وسميت أجلا فيه مجيء البر قال لا يصلح ذلك. وقال الثوري لا تسلفن في شيء من الثمار إلا في حينها وفي أيدي الناس منها شيء من نحو العنب والرطب والتفاح وما يكال ويوزن وأشباه الفاكهة فلا تسلفن في شيء منها إلا في حينه "حدثني بذلك علي عن زيد عنه".

_ 1 أي ابن وهب. 2 أي الوليد.

1وقال الشافعي:2 موجود في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم إذ نهاهم عن السلف إلا بكيل ووزن وأجل معلوم كما وصفت قبل هذا3 وأنهم إذ اكانوا يسلفون في4 التمر السنة والسنتين5 والتمر يكون رطبا والرطب لا يكون6 في السنتين كلتيهما موجود وإنما يوجد في حين من السنة دون حين وإنما أجزنا السلف في الرطب في غير حينه إذا تشارطا أخذه في حين يكون فيه موجودا7 "حدثنا بذلك عنه الربيع. وقال أبو حنيفة وأصحابه إن أسلم في شيء من ذلك وليس هو في أيدي الناس فالسلم باطل وإن أسلم فيه وهو موجود فمطله حتى ذهب من أيدي الناس فصاحب السلم بالخيار بين الترك حتى يوجد أو أخذ رأس ماله. وقال أبو ثور إذا أسلم الرجل في الشيء الذي قد ينقطع ولا يوجد في أيدي الناس مما يكال أو يوزن فلا بأس أن يسلم فيه في الوقت الذي لا يكون في أيديهم فإن حل الأجل وهو موجود أخذه وإن لم يكن موجود اأخر الذي عليه السلم إلى وجود الشيء المسلم فيه وكان حقا لزمه فلم يكن عنده فينظر إلى أن يكون أو يتفاسخا البيع ويأخذ رأس ماله.

_ 1 أم: باب جماع ما يجوز فيه السلف وولا يجوز والكيل. 2 أم: قال: وموجود. 3 أم مد: وأنهم كانوا. 4 كذا أم: ن: النمر. 5 كذا أم: ن: والنمر. 6 أم ق: إلا في. 7 أم: لأن النبي صلي الله عليه وسلم أجاز السلف في السنتين والثلاث موصوفا.

واختلفوا في السلم فيما خلط بغيره

واختلفوا في السلم فيما خلط بغيره فقال الأوزاعي لا بأس بالسلم في الزنبق كيلا1 واجلا "حدثت

_ 1 ن: وآجلا.

بذلك عن الوليد عنه" وكذلك لا بأس بالسلم في الخفاف إذا سمي صنوفا وأجلا. 1وقال الشافعي:2 كل صنف حل السلف فيه وحده فخلط منه شيء بشيء3 من غير جنسه مما يبقي فيه فلا يزايله بحال سوى الماء وكان الذي4 يخلط به قائما فيه5 وكانا مختلطين لا يتميزان فلا خير في السلف6 فيه من قبل أنهما إذا اختلطا فلا يتميز أحدهما من الآخر لم أدر كم قبضت من هذا ولا هذا فكنت قد أسلفت في شيء مجهول7 وذلك مثل السلم في سويق ملتوت وسويق لوز بسكر لأني لا أعرف قدر السويق من الزيت8 واللتات يزيد في كيل السويق9 وفي هذا المعنى السلم في الحيس واللحم المطبوخ بالأبزار وفي الفالوذق. ولا يجوز أيضا السلم في اللحم المشوي لأن صفته تخفى مشويا فلا يبين أعجفه من سمينه10 ومثل السلم في اللحم المشوي السلم في11 عين على أنها تدفع إليه مغيرة12 مثل السلم في صاع حنطة على أن يوفيه إياها دقيقا13 شرط

_ 1 أم: باب السلف في الشئ المصلح بغيره: إلا أن في أم مد: المصاح. 2 أم: قال الشافعي: كل صنف الخ. 3 أم: قال الشافعي: كل صنف الخ. 4 أم مد: يخالط. 5 أم: وكان مما يصلح فيه السلف وكانا الخ. 6 أم: فيهما. 7 أم: وذلك مثل أن أسلم في عشرة أرطال سويق لوز وليس يتيز السكر من دهن اللوز إذا خلط به أحدهما فيعرف القابض المبتاع كم قبض من السكر ودهن اللوز فلما كان كذا كان بيعا مجهولا وهكذا إن أسلم إليه في سويق ملتوت لأاني مكيل لأني الخ. 8 أم: والسويق يزيد كيله باللتات. 9 قوله: وفي هذا المعني: إلي سمينا: مختصر أقوال الإمام في الأم. 10 أم مد: قال: فلا خير في أن يسلم عين: أم ق: ولا خير في الأم. 11 ن: عيره. 12 أم مد: بحال لا يستدل علي أنها تلك العين اختلف كيلها أولم يختلف وذلك مثل أن يسلفه صاع حنطة الخ: أم ق: بحال لأنه يستدل الخ ... 13 اشترط.

كيل الدقيق1 أم لا لأنها إذا طحنت أشكلت فلا يعرف المائي من الشامي ويقل ويكثر. ولو2 أسلم في دقيق جاز3 ومثل ذلك السلم في غزل موصوف على أن يعمله له ثوبا4 وكلما أسلم فيه وكان يصلح بشيء منه لا بغيره فشرطه مصلحا فلا بأس به5 مثل السلم في ثوب وشي أو مسير أو غيرهما من صبغ الغزل وذلك أن الصبغ6 هو كأصل لون الثوب في السمرة والبياض وأن الصبغ لا يغير صفة الثوب في7 دقة ولا صفاقة8 كما يتغير السويق والدقيق باللتات9 ولا خير في أن يسلم إليه في ثوب موصوف على أن10 يصبغه مضرجا لأنه لا11 يوقف على12 حد التضريج وإن من الثياب ما13 يأخذ من التضريح أكثر مما

_ 1 أم مد: أو لم يشترطه وذلك أنه وصف جنسا من حنطة وجوده فصارت دقيقا أشكل الدقيق من معنيين أحدهما أن تكون الحنطة المشروطة مائية فتطحن حنطة تقاربها من حنطة الشام وهو غير المائي ولا يخلص هذا والآخر أنه لا يعرف مكيل الدقيق لأنه قد يكثر إذا إذا طحن ويقل: وكذلك أم ق إلا: أولم يشترط: حنطة تفارقها. 2 قوله: ولو أسلم في دقيق جاز مختصر أقوال الإمام في الأم. 3 أم ث: وكذلك لو أسلفه في ثوب موصوف بذرع يوصف به الشباب جاز وإن أسلفه في غزل موصوف: وسقط قوله: بذرع: إلي موصوف: في أم مد: 4 أم ق: لم يجز من قبل أن صفة الغزل لا تعرف في الثوب ولا تعرف حصة الغزل من حصة العمل وإذا كان الثوب موصوفا عرفت صفته، قال: وكلما أسلم الخ: وكذلك أم مد إلا: صفقة الغزل. 5 أم: كما يسلم في ثوب الخ. 6 أم: فيه كاصل. 7 أم مد: رقة. 8 أم: ولا غيرهما كما. 9 زاد في الأم بضعة أسطر. 10 أم مد: يصنعه. 11 أم ق: يتوقف. 12 ن: علي التضريج. 13 أم مد: يأخذ به أكثر الخ.

يأخذ مثله1 ولا يعرف قدر الصبغ والفرق بين ذا وبين السلم في الثوب العصب أنه لم يشتر الثوب إلا2 والصبغ قائم فيه قيام العمل من النسج ولون الغزل3 والمشترى بلا صبغ ثم أدخل الصبغ فيه قبل أن يستوفي الثوب ويعرف الصبغ4 فلا يعرف غزل الثوب ولا قدر الصبغ5 ومثل السلم في العصب أن يسلفه في ثوب موصوف يوفيه إياه مقصورا قصارة معروفة أو مغسولا غسلا نقيا من دقبقه الذي ينسج به.6 ومثل اللحم المشوي السلم في ثوب قد لبس وغسل غسله لأنه لا يوقف على حد ما أنهك منه اللبس ومثل السلم في السويق الملتوت السلم في الحنطة المبلولة7 والمجمر المطري والغالية والأدهان التي فيها الأتفال لأنه لا يوقف على صفته. وكذلك السلم في الأثواب المطيبة مثل الأدهان المطيبة والغالية لأنه لا يوقف على حد الطيب8 ومثل ذلك أن يسلم في عمل آنية أو طس من نحاس9 وحديد أو نحاس ورصاص10 لأنهما لا يخلصان فيعرف قدر كل واحد

_ 1 أم مد: في الذرع وأن الصفقة علي شيئين متفرقين أحدهما ثوب والآخر صبغ فكان الثوب وأن عرف مصبوغا بجنسه قد عرفه فالصبغ غير معروف مرة وهو مشتري ولا خير في مشتري إلي أجل غير معروف وليس هذا كما يسلم في ثوب عصب لأن زينة له وإن لم يشتر الخ: الخ: وكذلك أم ق إلا: كان الثوب: وأنه لم يشترالخ ... 2 أم مد: وهذا الثوب قائم الخ: أم ق: وهذا الصبغ قائم الخ. 3 أم: فيه قائم لا يغيره عن صفته فإذا كان هكذا جاز وإذا كان الثوب المشتري بلا صبغ الخ ... 4 أم: لم يجز لم وصفت من أنه لا يعرف غزل الخ. 5 ن: قال الشافعي: ولا بأس أن يسلفه في ثوب الخ. 6 أم: ولا خير في أن يسلم إليه في ثوب قد لبس أو غسل بعدما ينهكه وقيل: فلا يوقف علي حد هذا ولا خير في أن يسلم في حنطة مبلولة. 7 قوله: المجمر المطري – إلي – حد الطيب: مختصر أقوال الإمام في الأيام. 8 أم: قال: ولو شرط أن يعمل له طستا من نحاس الخ. 9 أم مد: أو حديد. 10 أم: لم يجز لأنهما.

منهما.1 ومثله السلف في قلنسوة محشوة والخفين والنعلين لأن القلنسوة لا يعرف قدر حشوها ولا يوقف من النعل على صفة جلدها بطول ولا عرض ومثل القلنسوة النبل ولا بأس بالسلم في الآجر إذا وصف كما يوصف الأقداح والأواني ولو شرط موزونا كان أحب إلي2 ومثل الأجر السلم في دهن حب البان الذي ييبس "حدثنا بذلك عنه الربيع وحكى أبو ثور عنه" انه أجاز السلم في الزنبق والخيري والبنفسج ولم يجز في الغالية والأدهان المطيبة بالأفواه. وقال أبو ثور السلم في ذلك كله جائز وكذلك السلم في اللبن المخيض3. وقال أبو حنيفة وأصحابه مثل ذلك. وقول أبي ثور إن اللبن والأشياء غيره إذا مازجه غيره فحكمه حكم الغالب إن كان الغالب اللبن فحكمه حكم اللبن وكذلك إن كان الماء الغالب فحكمه حكم الماء. واجمعوا على جواز بيع الذهب بالدراهم وفي بعض الدنانير فضة إلا أنها مستهلكة في الذهب وقد تخرج بالعلاج فكان هذا دليلا على أن الحكم حكم الذهب إن كانت غالبة للفضة والفضة مغمورة؟

_ 1 قوله: ومثله السلف – إلي – كان أحب إلي: مختصر أقوال الإمام في الأم. 2 قوله: ومثل الأجر الخ: لم أجده في الأم. 3 أم: السلف في اللبن: قل: لا خير في أن يسلف في لبن مخبض.

واختلفوا في السلم فيما بعد

واختلفوا في السلم فيما بعد فقال مالك ما سمعت بالسلم في البطيخ أخبرني بذلك يونس عن ابن وهب عنه

وقال الأوزاعي وقيل له1 أأسلف في البيض والجوز قال نعم وتسمي عددا إذا جاء به فهو سلفك وليس لك فيه خيار "حدثت بذلك عن الوليد عنه". وقال الشافعي لا يجوز السلف في البطيخ ولا القثاء ولا الرمان والسفرجل والخوخ والجوز والموز والبيض وغيره مما يتبايعه الناس عددا إلا الحيوان المضبوط بالجنس والسن2 والصيغة والثياب التي تضبط بالجنس والحلية والذرع والخشب الذي يضبط بجنس وصفة وذرع إلا أن يقدر على أن يضبط بالوزن والكيل3 "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يجوز السلم في البطيخ والقثاء والخيار والرمان ويجوز في البيض والجوز. وقال أبو ثور ما كان منه يوزن فأسلم فيه وزنا فلا بأس به وإلا فلا يصلح السلم فيه.

_ 1 ن: السلف. 2 ن: والصنعة. 3 أم: باب السلف في العدد: أخبرنا الربيع قال قال الشافعي: لا يجوز السلف في شئ عددا إلا ما وصفت من الحيوان الذي يضبط سنه وصفته وجنسه والثياب التي تضبط بجنسها وحليها وذرعها والخشب الذي ضيبط جنسه وصفته وذرعه وما كان في معناه لا يجوز السلف في البطيخ ولا القثاء ولا الخيار ولا الرمان ولا السفرجل ولا الفرسك ولا الجوز ولا البيض أي بيض كان دجاج أو حمام أوغيره وكذلك ما سواه مما يتبايعه عددا غير ما استثنيت وما كان في معناه لاختلاف العدد ولا شئ ويضبط من صفة أوبيع فيكون مجهولا لإلا أن يقدة علي أن يكال أو يوزن فيضبط بالوزن، والكيل.

واختلفوا في السلم في السمك

واختلفوا في السلم في السمك فقياس قول مالك إنه لا بأس بذلك. وقياس قول الثوري إن ذلك جائز إذا كان متقاربا مثل الجوز والبيض

وما كان غير متقارب فباطل. وقال الأوزاعي وسئل عن السلف في الحيتان الطرية قال لا يصلح لأنها ليست في أيدي الناس وهو غرر "حدثت بذلك عن الوليد عنه". 1وقال الشافعي:2 إذا كان السلف فيها يحل في وقت لا ينقطع ما أسلف3 فيه من أيدي الناس بذلك البلد جاز السلف فيها. 4وإذا كان الوقت الذي يحل فيه في بلد ينقطع ولا يوجد5 فيه فلا خير في السلف فيها6 كالقول في لحم الوحش7 ويسلم في المالح بوزن والطري8 ولا يلزم المشتري9 ذنب السمك من حيث يكون لا لحم فيه ويلزمه ما يقع عليه إسم ذنب مما عليه لحم ولا10 يلزمه أن يوزن عليه فيه الرأس ويلزمه ما بين ذلك "حدثني بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يجوز السلم في السمك الطري ويجوز في المالح. وقال أبو ثور لا بأس بالسلم فيها إذا وصفت الجنس وكان موزونا ووصف الكبر والصغر والطول والعرض والسمن.

_ 1 أم: الحيتان. 2 أم مد: قال الشافعي: إذا كان السلف يحل في وقت الخ: وكذلك أم قإلا: يحل فيها في وقت. 3 ن: فيها. 4 أم: إذا. 5 أم مد: يوجد فلا. 6 أم: كما قلنا. 7 أم مد: والأنيس قال: وإذا أسلم في مليح بوزن أو طري: وزاد في الأم بضعة أسطر. 8 أم: قال: والقياس في السلف في لحم الحيتان بوزن لا يلزم. 9 أم: ق: بوزن أن يوزن عليه النب من حيث: كذلك أم مد إلا: عليه الزيت. 10 أم: يلزم.

واختلفوا في السلم في اللحم

واختلفوا في السلم في اللحم فقال مالك لا بأس به إذا سمى الوزن "حدثنا بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وقياس قول الثوري إن السلم في اللحم جائز إذا بين الموضع الذي يأخذ منه لأن من قوله إن ما حد بوزن فجائز فيه السلم إذا ضبطته الصفة وكان لا يخلف في وقت من الأوقات. وقال الأوزاعي وقيل له دفعت دينارا على مائة رطل آخذ منه حاجتي قال لا بأس بذلك وإن أردت سفرا فلك أن تأخذ منه ما بقي من دينارك "حدثت بذلك عن الوليد عنه". 1وقال الشافعي:2 كل لحم موجود ببلد من البلدان لا3 يخلف في الوقت الذي يحل فيه فالسلف4 فيه جائز5 وكل ما كان يخلف في وقت محله فلا خير فيه وإن6 كان لا7 يخلف في البلد الذي أسلم فيه8 ويخلف في بلدة أخرى جاز9 في البلد الذي لا يخلف فيه10 وفسد في البلد الذي يخلف إلا أن يكون مما لا يتغير في11 المحمل فيحمل فأما ما كان رطبا وكان

_ 1 أم: السلف في اللحم. 2 أم: قال الشافعي: كل لحم الخ. 3 أم مد: يختلف. 4 أم مد: فالسلف جائز. 5 أم: وما كان في الوقت الذي يحل فيه يخلف فلا الخ: إلا أن قوله: يخلف: سقط في أم مد. 6 أم: كان يكون لا. 7 أم: حينه الذي يحل فيه في بلدة. 8 أم ق: أو يخالف في بلد أخري: أم مد: أو يختلف في بلد أخري. 9 أم: السلف فيه في البلد الذي. 10 أم: وفسد السلف في. 11 أم: الحمل فيحمل من بلد مثل الثياب وما أشبهها فأما ما كان رطبا من المأكول وكان إذا حمل من بلد إلي بلد.

إذا حمل1 تغير لم يجز فيه السلف في البلد الذي يخلف فيه وهكذا كل سلعة2. 3وقال:4 إذا أسلم فيه اشترط لحم ماعز ذكر خصي أو ذكر أو أنثى فصاعدا أو جدي رضيع أو فطيم وسمين أو منقى من موضع كذا5. 6وقال أكره أن يشترط أعجف7 وإن شرطا موضعا من اللحم وزن ذلك الموضع بما فيه8 من العظم لأنه لا يتميز من اللحم "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو ثور مثله. وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يجوز السلم في اللحم.

_ 1 أم مد: يغير. 2 وزاد في الأم بضعة أسطر. 3 أم: صفة اللحموما يجوز فيه وما لا يجوز. 4 أم: قال الشافعي: من أسلم في لحم فلا يجوز فيه حتي يصفه يقول لحم ماعز. 5 وزاد في الأم بضعة أسطر. 6 أم: وأكره أن يشترطه أعجف: وزاد بضعة أسطر. 7 أم ق: قال: فإن شرط: أم مد: قال فإذا شرط. 8 أم: من عظم لأن العظم لا يتميز.

واختلفوا في السلم في الرؤوس

واختلفوا في السلم في الرؤوس وقال مالك وسئل عن السلم في رؤوس الكباش فقال لا يصلح إلا بصفة معلومة بعضها يكون أسمن من بعض وبعضها أصغر من بعض ولا يصلح إلا بصفة معلومة قيل أرأيت إن سلف فيها بغير صفة ثم قضاه فيجاوز عنه فقال أصل البيع ليس بجائز "أخبرني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". 1وقال الشافعي:2 لا يجوز عندي السلف في شيء من الرؤوس من

_ 1 الوؤس والأكارع. 2 أم: قال الشافعي: ولا يجوز الخ.

صغارها ولا1 من كبارها2 ولا الأكارع لأنا لا نجيز السلف في شيء سوى الحيوان حتى3 يحده4 بذرع أو كيل أو وزن فأما عدد5 فلا وذلك أنه6 يكون فيه ما يقع عليه اسم الصغير وهو متباين7 واسم الكبير وهو متباين فإذا لم8 يحد فيه كما9 حددناه في مثله من الوزن10 والكيل والذرع أجزناه غير محدود. 11وقال: إنما نرى الناس تركوا وزن الرؤوس لما فيها من سقطها الذي يطرح12 فلا يؤكل مثل الصوف والشعر عليه13 وأطراف مشافره ومناخره وجلود خديه وما أشبه ذلك مما لا يؤكل ولا يعرف قدره منه غير أنه فيه14 غير قليل فلو15 وزنوه وزنوا معه غير ما يؤكل من صوف وشعر16 وغير ذلك ولا17 يشبه ذلك النوى في التمر لأنه قد ينتفع بالنوى18 ولا ينتفع به "حدثنا

_ 1 أم: ولا كبارها. 2 ن: ولا كارع. 3 ن وأم ق: يحده: أم مد: نجده. 4 أم: في ذرع. 5 أم: منفرد فلا. 6 أم: قد يكون. 7 أم: وما يقع عليه اسم. 8 ن نجد: أم ق: نجد أم مد: يجد. 9 أم: حددنا. 10 أم: والذرع والكيل. 11 أم: وإنما نري. 12 أم: ولا. 13 أم: ومثل أطراف. 14 ن: عبد. 15 أم: وزنه. 16 أم: وغيره. 17 أم: يشبه النوي. 18 أم ق: ولا القشر في الجوز لنه قد ينتفع بقشر الجوز وهذا لا ينتفع به في شئ: وكذلك أم مد إلا: ينتفع بالجوز؟

بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة وأصحابه مثل قول الشافعي. وقال أبو ثور لا يجوز السلم في الرؤوس1 والأكارع إذا كانت متبانية إلا وزنا. وقالوا جميعا غير مالك لا يجوز السلم في الأهب والجلود والادم. وقال أبو ثور إن حد منه شيء بطول وعرض وذرع أو وزن فجائز وإلا فلا. وقياس قول الثوري إن السلم في الرؤوس وزنا وعددا جائز لأن ما يعد ويوزن فجائز عنده فيه السلم

_ 1 ن: ولا كارع.

واختلفوا في السلم في اللؤلؤ والزبرجد والياقوت والحجارة التي تكون حليا

واختلفوا في السلم في اللؤلؤ والزبرجد والياقوت والحجارة التي تكون حليا 1فقال الشافعي: لا يجوز السلف في شيء من ذلك2 "حدثنا بذلك عنه الربيع". وعلته3 أنه يتفاضل بالثقل والجودة وإن كانت موزونة فإذا تباينت في الوزن كانت غير موزونة أولى أن تتباين "حدثنا بذلك عنه الربيع" وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يجوز السلم في شيء من ذلك. وقالوا لا يجوز في الزجاج إلا أن يكون مكسورا. وقال أبو ثور لا بأس بالسلم في ذلك إذا كان بصفة ووزن ولون

_ 1 أم: باب السلف في اللؤلؤ وغيره من متاع الجواهر: إلا م ق: الجوهر. 2 أم: قال الشافعي لا يجوز عندي السلف في اللؤلؤ ولا في الزبرجد ولا في الياقوت ولا في شئ من الحجارة التي تكون حليا. 3 قوله: أنه يتفاضل الخ: مختصر قول الأمام في الأم.

1وقد كان أهل الصناعة يتعارفونه. وقياس قول مالك إنه إن كان يوقف على حده وصفته حتى لا يشكل عند المنازعة والخصومة فيه كان جائزا. وقياس قول الثوري أنها إن ضبطت بحد وصفة فجائز وإن لم تضبط فباطل. ولا بأس بالسلم في الفلوس وزنا في قول الشافعي. وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يجوز السلم في الفلوس عددا. وقال أبو ثور لا بأس بالسلم فيها عددا إذا لم تتباين تباينا شديدا وإن تباينت تباينا شديدا لم يجز السلم فيها إلا وزنا. وإذا أسلم رجل في طعام وقال جيد أو رديء أو وسط فالسلم جائز في قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه وأبي ثور. وحكى أبو ثور عن الشافعي أنه قال لا يصلح السلم في الرديء والذي حكاه الربيع عنه انه قال لا يجوز إذا قال أردأ الطعام أو أجوده لأنه لا يوقف على حد الأجود وإلا ردأ2. ولا بأس بالاستسلاف في الحيوان كله بصفة أو بحلية معروفة وبرد مثله إلا ما كان من الإماء في قول مالك والشافعي وأبي ثور. 3وعلة الشافعي4 أن من استسلف جارية فله أن يردها بعينها فإذا كان له5 ذلك

_ 1 لعل صوابه: وما قد كان الخ. 2 أم: بقية البيع: ولا يجوز أن يقول أجود ما يكون لأنه لا يقف علي حدة ولا أردأ ما يكون أنه لا يوقف علي حدة. 3 بقية البيع: باب بيع العروض. 4 أم: فلا بأس باستسلاف الحيوان كله إلا الولائد وإنما كرهت استسلاف الولائد لأن من استسلف أمة كان له أن يردها الخ. 5 أم: أن يردها بعينها وجعلته مالكا لها بالسلف جعلته يطأها ويردها.

وهو مالك لها بالسلف كان له1 وطؤها وردها وقد2 حاط الله عز وجل ثم رسوله صلي الله عليه وسلم ثم المسلمون الفروج3 فنهى النبي صلي الله عليه وسلم أن يخلو بها رجل في حضر أو سفر ولم يحرم ذلك في شيء مما4 خلق غيرها5 وجعل الأموال6 مبيعة ومرهونة بغير بينة ولم يجعل المراة هكذا حتى حاطها فيما7 حللها بالولي والشهود8 ففرقنا بين حكم الفروج وغيرها بما فرق الله عز وجل ورسوله صلي الله عليه وسلم9 والمسلمون بينها. وقال أبو حنيفة وأصحابه لا يجوز استسلاف الحيوان كله وقالوا إن باع المستقرض الحيوان أجزت ذلك وضمنته قيمته والدور والثياب والأرضون والسفن في قولهم مثل الحيوان. آخر كتاب البيوع والصرف والسلم وصلى الله على محمد وآله وسلم. وكتب محمد بن أحمد بن إبرهيم الإمام.

_ 1 ن: وطيها. أم مد: أخاط. 2 أم مد: أحاط. 3 أم: فجعل المرأة لا تنكح والنكاح حلال إلا بولي وشهود ونهي الخ. 4 أم: خلق الله. 5 ن: جعل. 6 أم: مرهونة ومبيعة. 7 أم: أحل الله لها. 8 أم مد: ففرق. 9 أم: ثم المسلمون.

كتاب المزارعة والمساقاة

كتاب المزارعة والمساقاة مدخل ... المزارعة والمساقاة من اختلاف الفقهاء تأليف أبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري بسم الله الرحمن الرحيم بحمد الله نبتديء واياه نستهدي وبه نستعين على كل خطب فإنه لا حول ولا قوة إلا به وصلى الله على محمد عبده ورسوله وعلى آله وسلم. أجمع العلماء جميعا لا خلاف1 بينهم أن استئجار الرجل من يقوم بسقي نخلة والقيام بمصالح ثمره وزراعة أرضه البيضاء وحرثها ومصالحها بأجرة معلومة من الذهب والفضة والعروض والثمار غير ما يخرج من النخل والأرض المستأجر على القيام بها الأجير إلى مدة معلومة وغاية معروفة جائز.

_ 1 ن: بينها.

ثم اختلفوا في الرجل يدفع نقله إلى رجل يقوم عليه من سقيه وإصلاحه

ثم اختلفوا في الرجل يدفع نقله إلى رجل يقوم عليه من سقيه وإصلاحه على أن للمدفوع إليه ذلك بعض ما يخرج من النخل أو يدفع إليه أرضه على أن يقوم بعمارتها وزراعتها ولرب الأرض بعض ما تخرج الأرض وللعامل بعض.

1فقال مالك:2 لا ينبغي أن3 تساقى الأرض البيضاء وذلك أنه يحل لصاحبها كراؤها بالدنانير والدراهم وما أشبه ذلك من الأثمان المعلومة4 فأما الذي5 أعطى أرضه البيضاء بالثلث أو الربع مما يخرج منها فذلك مما يدخله الغرر لأن الزرع يقل مرة ويكثر6 مرة وربما هلك رأسا فيكون صاحب الأرض قد ترك كراء معلوما يصلح7 له أن يكري8 به أرضه وأخذ9 غررا لا يدري أيتم أم لا فهذا مكروه وإنما مثل ذلك رجل استأجر أجيرا لسفر10 بشيء معلوم ثم يقول الذي استأجر الأجير هل لك أن أعطيك عشر ما أربح في سفري هذا11 أجرة لك فلا يحل ذلك12 ولا ينبغي للرجل أن يؤاجر نفسه ولا أرضه ولا سفينته إلا بشيء معلوم لا يزول إلى غيره.13 وإنما14 فرق بين المساقاة في النخل والأرض البيضاء إن صاحب النخل لا يقدر على15 بيع ثمرها حتى يبدو16 صلاحها وصاحب الأرض

_ 1 موطأ: كتاب المساقاة: ما جاء في المساقاة. 2 م: ولا. 3 في بعض نسخ الهند: يساق. 4 في بعض نسخ الهند وطبع مصر: قال: فأما. 5 م: يعطي. 6 في بعض نسخ الهند: ويكثر أخري. 7 في طبع تونيس وشرح الزرقاني: يصلح أن. 8 م: أرضه به. 9 م: أمرا غررا. 10 م: بشئ معلوم ثم قال الذي. 11 اجارة لك فهذا لايحل. 12 في بعض نسخ الهند وطبع مصر ولا ينبغي. قال مالك: ولا ينبغي: طبع تونس وشرح الزرقاني ولا ينبغي. 13 في بعض نسخ اىلهند وطبع مصر: قل مالك: وإنما. 14 ن: فرق. 15 م: علي أن يبيعت. 16 م: صلاحه.

يكريها وهي1 أرض بيضاء لا شيء فيها2. 3وقال في المساقاة إذا كان البياض4 تبع الأصل وكان الأصل أعظم ذلك5 وأكثره فلا بأس6 بذلك وذلك أن يكون النخل الثلثين أو أكثر ويكون البياض الثلث أو7 أقل8 فإن كان ذلك كذلك جازت المساقاة وذلك أن البياض حينئذ9 يكون تبعا للأصل.10 وإذا كانت الأرض البيضاء فيها11 الأصل من النخل والكرم وما أشبه ذلك من الأصول12 فيكون ذلك الثلث أو أقل ويكون البياض الثلثين أو أكثر13 فإن ذلك الكراء جائز ولم تقع المساقاة فيه وذلك أن أمر الناس على أنهم يساقون الأرض وفيها البياض14 ويكرون البياض وفيه الشيء اليسير من الأصل. 15ومثل ذلك أنه يباع المصحف وفيه شيء من الحلي من الفضة والسيف وفيه مثل ذلك16 بالفضة

_ 1 في بعض نسخ الهند: وهي بيضاء. 2 وزاد في الموطأ بضعة أسطر. 3 م: قال مالك: إذا كان البياض تبعا للأصل: طبع مصر: قال: إذا الخ ... 4 ن: بيع الأرض. 5 في بعض نسخ الهند: أوأكثره. 6 م: مسافاته. 7 م: أقل من ذلك. 8 قوله: فإن كان: إلي: المساقاة: ليس في موطأ يحي. 9 م: حينئذ تبع الأصل. 10 م: قال مالك: وإذا. 11 م: نخل أو كرم أو ما يشبه ذلك. 12 م: فكان الأصل الثلث أو أقل البياض. 13 م: جاز في ذلك الكراء وحرمت فيه المساقاة وذلك أن من أمر الناس أن يساقوا الأصل وفيه البياض وتكري الأرض وفيها. 14 ن: وفيها. 15 م: أويباع المصحف أو السيف وفيهما الحلية من الورق بالورق أو القلادة أو الخاتم وفيهكا الفصوص والذهب بالدنانير ولم تزل هذه البيوع جائزة يتباعهما ولم يأت في ذلك شئ موصوف موقوف عليه. 16 ن: الفضة.

لم يزل على ذلك بيوع الناس بينهم يبيعونها ويبتاعونها جائزة بينهم ولم يأت في ذلك وقت موصوف1 إذا هو2 بلغ كان3 حراما أو قصر عنه كان حلالا4 فكان الذي عمل به الناس5 وأجازوا بينهم أنه إذا كان6 ذلك7 تبعا لما فيه8 حل بيعه وجاز "حدثني بذلك عن ابن وهب عنه". وقال الأوزاعي وسئل عن الأرض تعطى على النصف أو على الثلث أو على الثلثين فقال مكروه "حدثني بذلك ابن البرقي" قال "حدثنا عمرو بن أبي سلمة التنيسي عنه". وقال الثوري لا بأس بمزارعة الأرض البيضاء على الثلث والنصف والمعاملة على الثمرة "حدثني بذلك علي عن زيد عنه". 9وقال الشافعي:10 السنة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم11 على معنيين أحدهما أن تجوز المعاملة في النخل على الشيء مما يخرج منها وذلك اتباع لسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم وأن الأصل موجود يدفعه مالكه إلى من عامله عليه أصلا12 بثمر ليكون للعامل بعمله المصلح

_ 1 في طبع مصر وشرح الزرقاني: إذ لو. 2 م: بلغة. 3 ن: جايزا. 4 م: والأمر في ذلك الذي. 5 م: وأجازوه فيما بينهم. 6 م: الشئ من ذلك: وفي بعض نسخ الهند: الشئ من ذلك فيه. 7 ن: بيعا لصاحبه: م: تبعا لما هو فيه. 8 م: جاز بيعه. 9 أم: المزاؤعة. 10 أم: أخبرنا الربيع بن سليمان قال: قال الشافعي: السنة. 11 أم: تدل علي. 12 أن مد: بتمر.

للنخل بعض الثمرة ولرب المال بعضها وإنما أجزنا المقارضة قياسا على المعاملة على النخل ووجدنا رب المال يدفع ماله إلى المقارض يعمل فيه المقارض فيكون له بعمله بعض الفضل الذي يكون1 في المال المقارض به2 ولولا القياس على السنة والخبر عن عمر وعثمان رضي الله عنهما بإجازتها أولى ألا تجوز من المعاملة على النخل وذلك أنه قد لا يكون في المال فضل كثير وقد يختلف الفضل فيه اختلافا متباينا وإن3 ثمرة النخل4 قل ما تختلف فإذا اختلفت تقارب اختلافهما وإن كانا قد يجتمعان في أنهما5 مغيبان معا يكثر الفضل فيهما ويقل ويختلف. وتدل سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم6 على ألا تجوز المزارعة على الثلث ولا7 الربع ولا8 جزء من أجزاء وذلك أن9 المزارعة في أرض بيضاء لا أصل فيها ولا زرع ثم يستحدث فيها زرعا والزرع ليس بأصل والذي هو في معنى المزارعة الإجارة فلا يجوز أن يستأجر الرجل الرجل على أن يعمل له شيئا10 إلا بأجر معلوم يعلمانه قبل أن11 يعمله المستأجر لما وصفت من السنة وخلافها للأصل والمال يدفع12 إذا كان13 النخل منفردا

_ 1 كذا أم ك: أم مد: في المقارض به: ن: في المال والمقارضة. 2 أم مد: لولا. 3 أم: ثمر. 4 أم ك: قل ما يختلف وقل ما يختلف: أم مد: قل ما يختلف. 5 أم: معنيان. 6 ن: وسلم الا. 7 أم مد: علي الربع. 8 أمك: ولا خر. 9 أم: المزراع يقبض الأرض بيضاء. 10 أم: بأجره. 11 ن: بعلمه. 12 أم: وهذا إذا. 13 أم مد: كان منفردا.

والأرض للزرع1 منفردا2 فإذا كان النخل منفردا3 فعامل عليه رجل وشرط أن يزرع ما بين ظهراني النخل على المعاملة وكان ما بين ظهراني النخل لا يسقى إلا من ماء النخل ولا يوصل إليه إلا من حيث يوصل إلى النخل كان4 هذا جائزا وكان في حكم ثمرة النخل ومنافعها من الجريد والكرانيف وإن كان الزرع منفردا عن النخل له طريق يؤتى منها أو ماء يشرب متى5 شرب به لا يكون شربه ريا6 للنخل ولا7 شرب النخل ريا له لم8 تحل المعاملة عليه وجازت إجازته وذلك أنه9 حكم المزارعة لا حكم المعاملة على10 الأرض وسواء قل البياض في ذلك أو كثر "حدثنا بذلك عنه الربيع". 11قال وإن أراد أن يساقي على أرض النخل منفردا دون النخل فلا يجوز12 قال وأما المصحف يباع أو السيف وعلى كل واحد منهما حلية من ذهب فلا يجوز أن يباع بالذهب قل الذهب أو كثر وذلك13 أن للذهب الذي عليهما حصة من الذهب الذي اشتراهما به فيدخل في ذلك أن يكون

_ 1 أم: منفردة. 2 أم: ويجوز كراء الأرض للزرع بالذهب والفضة والعروض كما يجوز كراء المنازل وإجارة المنازل وإجارة العبيد والأحرارفإذا الخ ... 3 أم مد: معامل. 4 أم: في هذا. 5 أم: شربه. 6 قوله: للنخل – إلي ريا: سقط في أم مد. 7 ن: يشرب. 8 ن: يجعل. 9 أم: في حكم. 10 أم: الأصل. 11 قوله: قال: إن أراد الخ: لم أجده في الأم. 12 أم: مسألة بيع المصحف: أخبرنا الربيع قال: الشافعي قال: الخ. 13 أم: لأن الذهب.

الذهب بالذهب متفاضلا أو مجهولا أو1 أو بجمعهما2 وهما لا يحلان إلا مثلا بمثل وزنا بوزن. وقال أبو حنيفة لا تجوز مزارعة الأرض البيضاء ولا المعاملة على شيء من الغرس ببعض ما يخرج منها. وقال يعقوب ومحمد المزارعة بالثلث والربع جائزة وكذلك المعاملة على النخل. وقال أبو ثور المزارعة بالثلث والربع أو بعض ما يخرج من الأرض باطل لا تجوز ولا نعلم أن النبي صلي الله عليه وسلم قاسم أهل خيبر زرعا ولا أخذ منهم شيئا وإنما كان يبعث بإبن رواحة فيخرص بينه وبينهم النخل ولا نعلمه أخذ منهم مما كان في الأرض شيئا ففي هذا ما يدل3 على أن ما كان في الأرض من الزرع لا شيء فيه. وعلة من قال بقول مالك في4 كراهية مزارعة الأرض البيضاء وإجازته مساقاة النخل الخبر عن النبي صلي الله عليه وسلم بالنهي عن المزارعة على الربع والثلث ومعاملته أهل خيبر على النخل وأنه كان يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص عليهم. وعلة من قال بقول أبي حنيفة في كراهته المزارعة والمساقاة إجماع الكل على أن الأجرة لا تجوز إلا معلومة فلما كان العامل في الأرض إنما هو مستأجر الأرض ببعض ما تخرجه الأرض من بذرة والخارج من الأرض مجهول لا يدري

_ 1 أم ق: يجمعهما: أم مد: يجمعهما. 2 أم: جميعا وهما. 3 ن: يدل أن. 4 ن: كراهية: ولعل صوابه: كراهته.

كم قدره لأنه قد يقل ويكثر وقد لا تخرج شيئا كانت إجارة مجهوله1 وكانت باطلة قياسا على ما أجمعوا عليه وكذلك المعاملة على النخل لأن العامل إنما هو أجير ببعض الحادث من الثمر المجهول قدره. وأما علة من قال بقول أبي يوسف ومحمد فالقياس على إجماع الكل على جواز المقارضة وذلك أصل مال مشروط للعامل فيه من الربح ما قد يوجد ولا يوجد وهو مجهول قبل وجوده معلوم عند وجوده فكذلك المزارعة والمعاملة مجهول مبلغ ما لكل واحد منهما قبل حدوث الخارج من الأرض والنخل معلوم بعد حدوثه منهما فكان حكمهما حكم المقارضة. وعلة من قال بقول مالك في إجازة المعاملة على ما يحدث من النخل 2والأرض معاملة النبي صلي الله عليه وسلم أهل خيبر على النخل والزرع. وعلة من أبي ذلك3 خبر رافع وإن ذلك لو جاز في أرض النخل لجاز في الأرض البيضاء.

_ 1 ن: كانت. 2 ن: من دون الأرض: وضرب علي من دون. 3 أي النهي عن المخابرة.

واختلفوا في كراء الأرض البيضاء بشيء من جنس المكترى له بعد إجماعهم على أنها إذا اكتريت بالذهب والورق فجائز

واختلفوا في كراء الأرض البيضاء بشيء من جنس المكترى له بعد إجماعهم على أنها إذا اكتريت بالذهب والورق فجائز 1فقال مالك: 2وسئل عن رجل أكرى أرضه بمائة صاع من تمر 3أو حنطة مما يخرج منها أو من غيرها فكره ذلك "حدثني بذلك يونس

_ 4 موطأ كتاب كراء الأرض. 5 م: وسئل مالك عن: رجل أكري مزرعته بمائة الخ ... 6 م: أو ما يخرج منها من الحنطة أو من غير ما يخرج منها.

عن ابن وهب عنه". وقال الشافعي:1 يجوز كراء الأرض للزرع بالذهب والفضة والعروض كما يجوز كراء المنازل وإجازة العبيد والأحرار2 ولا بأس أن يكري3 أرضه البيضاء بالتمر وبكل ثمرة يحل بيعها إلا أن من الناس من كره أن يكريها ببعض ما يخرج منها ومن قال هذا القول قال إن زرعت حنطة كرهت كراءها4 بالحنطة لأنه نهي أن يكون كراؤها بالثلث والربع. 5وقد قال غيره كراؤها بالحنطة وإن6 كان إلى أجل غير ما يخرج منها7 جائز لأنها حنطة موصوفة لا يلزمه إذا جاء بها على8 صفته أن يعطيه مما يخرج من الأرض ولو9 جاءت الأرض بحنطة على غير10 صفتها لم يكن للمكتري أن يعطيه غير صفته وإذا تعجل المكري الأرض كراءها من الحنطة فلا بأس بذلك في القولين11 جميعا "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور لا بأس بكراء الأرض البيضاء بالذهب والفضة والعروض وكل شيء يجوز أن يكون كراء إلى أجل أو حالا.

_ 1 انظر 2 في ص 152. 2 أم: كراء الرض البضاء: قال الشافعي: ولا بأس. 3 أم: الرجل أرضه البيضاء بالتمر. 4 قوله بالحنطة: إلي أرضه البيضاء بالثمر. 5 أم: وقال. 6 أم: كانت. 7 أم: منها لأنها. 8 أم: صفة. 9 أم: جازت. 10 أم: صفقتها. 11 أم: معا.

واختلفوا في حكم المزارع على الأرض البيضاء إذا حاكم رب الأرض وقد زرع

واختلفوا في حكم المزارع على الأرض البيضاء إذا حاكم رب الأرض وقد زرع فقال مالك: لرب الأرض مثل أرضه والزرع لصاحب البذر "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه".

1وقال الشافعي:2 إذا اشترك الرجلان من عند أحدهما الأرض3 ومن عندهما معا البذر ومن عندهما معا4 البقر أو من عند أحدهما ثم تعاملا على أن يزرعا أو5 يزرع أحدهما6 فما أخرجت الأرض فهو بينهما نصفان أو لأحدهما فيه أكثر7 مما للآخر فلا تجوز المعاملة في هذا8 إلا على معنى واحد أن يبذرا معا9 ويموتا الزرع10 بالبقر وغيره11 مونة واحدة ويكون رب الأرض متطوعا بالأرض لرب الزرع فأما على12 غير هذا الوجه من أن يكون الزارع يحفظ أو يمون13 بقدر ما سلم له رب الأرض الأرض فتكون البقر من عنده أو الآلة أو الحفظ أو ما يكون14 من صلاح الزرع فالمعاملة على هذا فاسدة فإن15 ترافعا16 بعدما يعملان فسخت وسلم الزرع لصاحب البذر وإن كان البذر منهما معا فلكل واحد منهما نصفه وإن كان من أحدهما فهو للذي له البذر ولصاحب الأرض كراء مثلها. وإذا17 كانت

_ 1 أم: المزارعة. 2 أم: قال الشافعي: إذا اشترك. 3 أم مد: أو. 4 أم: البقرة. 5 أم: زرع. 6 أم: إنما. 7 ن: فما. 8 أم مد: لا. 9 أم: وتمونان. 10 أم: معا بالبقر. 11 أم: موونة. 12 أم مد: علي هذا. 13 أم: بقدره أسلم رب الأرض فتكون. 14 أم ك: صلاحا من صلاح الزرع: أم مد: يكون ضلاح. 15 أم: ترافعاها. 16 أم ك: قبل أن يعملا فسخت وإن ترافعاها بعد الخ. 17 أم: كان.

البقر من العامل أو الحفظ1 أو الإصلاح 2للزرع ولرب الأرض من البذر شيء أعطيناه من الطعام حصته ورجع الحافظ وصاحب البقر على رب الأرض بقدر ما يلزم حصته3 من الطعام من قيمة عمل البقر والحفظ وما أصلح به الزرع "حدثنا بذلك عنه الربيع" وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا اشترك أربعة في زرع فقال أحدهم علي البذر وقال الآخر علي الأرض وقال الآخر علي العمل وقال الآخر على البقر فعملوا على ذلك فسلم الزرع كان الزرع كله لصاحب البذر وعلى صاحب البذر أجر مثل البقر وأجر مثل الرجل العامل وأجر مثل الأرض وينظر صاحب الزرع فيما بينه وبين الله عز وجل من غير أن يجبر على ذلك وينظر إلى الزرع فيخرج منه بذره فيسلم له طيبا ثم ينظر إلى قدر ما غرم من الأجر لصاحب العمل وصاحب الأرض وصاحب البقر فيأخذ مثل ذلك مما بقي فإن بقي شيء بعد ذلك تصدق ولم يأكله. ولو دفع رجل إلى4 رجل أرضا وبذرا على أن يعمل الآخر في ذلك بنفسه وأجرائه وبقره سنة فما أخرج الله عز وجل من ذلك من شيء فلصاحب الأرض والبذر النصف ولصاحب العمل النصف فإن ذلك باطل في قول أبي حنيفة وكذلك لو دفع إليه أرضا على أن يزرعها ببذره وبقره وأعوانه فما خرج من شيء فلصاحب الأرض منه كذا فزرعها فما خرج من شيء فلصاحب البذر في قول أبي حنيفة وهي معاملة فاسدة. وقال أبو يوسف ومحمد في المسألتين جميعا هما على ما تشارطا عليه

_ 1 أم ك: والأصلاح: أم مد: واصلاح. 2 أم: الرزع. 3 أم: مثل الطعام. 4 ن: ارجل. 6

وهذه معاملة جائزة ولو لم تخرج الأرض شيئا لم يكن لصاحب الأرض ولا لصاحب العمل شيء وكذلك لو كان البذر والبقر والأرض لواحد وقال لآخر اعمل فيها فما أخرج الله عز وجل من شيء فلك منه كذا كان ذلك جائزا في قولهم على ما تشارطا وقالا لو أن صاحب الأرض دفع الأرض على أن الأرض والبقر عليه وعلى الآخر العمل والبذر كانت 1أجرة فاسدة وكان الزرع لصاحب البذر والعمل وعليه أجر البقر والأرض ويأخذ من ذلك صاحب البذر ما بذر وما غرم ويتصدق بالفضل قالا ولو لم تخرج الأرض شيئا غرم صاحب البذر أجر البقر والأرض من قبل أن البقر لا يجوز أن تكترى ببعض ما يخرج من الأرض والأرض 2لا يجوز أن تكترى ببعض ما يخرج منها. وقال أبو ثور إذا اشترك أربعة في زرع فقال أحدهم علي البذر وقال الآخر علي الأرض وقال الآخر علي العمل وقال الآخر علي البقر فعملوا على ذلك فسلم الزرع فما خرج من ذلك فلصاحب البذر ولصاحب البقر عليه كراء بقره ولصاحب العمل كراء مثله ولصاحب الأرض مثل كراء أرضه وذلك كله على صاحب البذر. وإذا دفع رجل إلى رجل أرضا وبذرا على أن يعمل الآخر في ذلك بنفسه وأجرائه وبقره سنة فما أخرج الله عز وجل من ذلك من شيء فلصاحب الأرض والبذر النصف ولصاحب العمل النصف فذلك باطل لا يجوز فإن عمل على ذلك كان لصاحب العمل كراء مثله وكراء مثل أجرائه وبقره وكان الزرع لصاحب الأرض والبذر.

_ 1 كذا في النسخة ولعل صوابه: إجارة. 2 ن: والأرض تجوز.

وأجمع الذين أجازوا المساقاة على إجازتها في النخل والكرم ثم اختلفوا في إجازتها في غيرهما من الغروس والزرع

وأجمع الذين أجازوا المساقاة على إجازتها في النخل والكرم ثم اختلفوا في إجازتها في غيرهما من الغروس والزرع 1فقال مالك" 2المساقاة في 3كل أصل نخل أو كرم أو زيتون أو تين أو رمان أو فرسك أو أشبه ذلك من الأصول جائز4 قال. 5والمساقاة أيضا6 في الزرع إذا خرج واستقل فعجز صاحبه عن سقيه وعمله وعلاجه فالمساقاة7 أيضا في ذلك جائزة "حدثني بذلك يونس إن ابن وهب عنه". 8وقال الشافعي: 9المساقاة جائزة في النخل والكرم لأن رسول الله صلي الله عليه وسلم أخذ 10منها بالخرص وساقى على النخل وثمرها مجتمع لا حائل دونه وليس هكذا11 شيء من الثمر الثمر كله دونه حائل وهو متفرق غير مجتمع 12فلا تجوز المساقاة في شيء غير النخل13 والعنب وهي في الزرع أبعد من أن

_ 1 موطأ: كتاب المساقاة: ما جاء في المساقاة. 2 م: قال: السنة في المساقاة عندنا أنها تكون في. 3 في بعض نسخ الهند وشرح الزرقاني: أصل كل كرم أو نخل. 4 م: لا بأس به علي أن لرب المال نصف الثمر أو ثلثه أو ربعه أو أكثر من ذلك أو أقله: إلا أن في بعض نسخ الهند طبع مصر: الثمر من ذلك أو ثلثه الخ. 5 في بعض نسخ الهند وطبع مصر: قال مالك والمساقاة: طبع تونس وشرح الزرقاني والمساقاة. 6 م: تجوز فيي: وفي بعض نسخ الهند: يجوز في. 7 م: في ذلك أسضا جائزة: إلا في بعض نسخ الهند: وفي ذلك جائز. 8 أم: المساقاة. 9 قال الشافعي: والمساقاة. 10 أم: فيها. 11 أم: بشئ من التمر كله, 12 أم: ولا. 13 م مد: والكرم الخ.

تجوز ولو جازت إذا عجز عنه صاحبه جازت إذا عجز صاحب الأرض عن زرعها أن يزرع فيها على الثلث والربع وقد نهى رسول الله صلي الله عليه وسلم عنها "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة لا تجوز المعاملة في شيء من الأصول وغيرها. وقال أبو يوسف ومحمد إن دفع رجل إلى رجل أرضا معاملة وفيها نخل أو شجر أو رطاب أو باذنجان أو ما يكون له ثمر قائم أو لا ثمر له من الزرع فذلك جائز إذا بين ما للعامل ورب الأرض من ذلك. وقال أبو ثور لا بأس بالمعاملة في كل أصل قائم له ثمر أو لا ثمر له. وعلة مالك ومن قال بقوله القياس على معاملة النبي صلي الله عليه وسلم أهل خيبر على النخل وهو أصل فكان كل أصل في معناه جائز فيه المعاملة. وعلة من قال بقول الشافعي إن العامل في معنى الأجير وقد أجمع الكل أن الإجارة لا تجوز إلا أن تكون معلومة فالمعاملة باطلة إلا فيما أجاز النبي صلي الله عليه وسلم المعاملة فيه أو خصته حجة يجب التسليم لها وقد ذكرنا علة أبي حنيفة وأصحابه فيما مضى قبل. وأجمع القائلون بإجازة المساقاة إن لرب الأرض أن يساقي العامل ببعض ما تخرجه نخله في كل وقت من وقت جداد النخل إلى أن يطيب الثمر ويحل بيعه وكذلك في كل ما جازت فيه المعاملة

إن ساقاه وعامله قبل ظهور الثمرة أو بعد أن تؤبر النخل أو في حال إطلاعه. وأجمعوا أيضا جميعا على أن المعاملة على أصول الرطبة إلى غير وقت مسمى باطلة وذلك أن الرطبة ليس لنباتها غاية يوقف عليها. إلا أن أبا ثور قال فيها قولين أحدهما هذا والقول الآخر إنها على أول جزة كما تكون النخل على أول الثمرة قال والأول أحب إلي. وقال أبو يوسف ومحمد لو كانت للرطبة غاية تذهب ثم تعود كان جائزا والمعاملة على ذلك على أول جزة.

واختلفوا في المعاملة ببعض تمر المساقى عليه بعد بدو الصلاح ووقت جواز البيع

واختلفوا في المعاملة ببعض تمر المساقى عليه بعد بدو الصلاح ووقت جواز البيع 1فقال مالك: 2لا يساقى في شيء من الأصل مما تحل3 فيه المساقاة إذا كان فيه ثمر قد4 بدا صلاحه وطاب وحل بيعه5 من الثمار6 وحذه لأنه إنما7 ساقاه صاحب الأصل8 على ثمر قد بدا صلاحه على أن يكفيه إياه9 ويحذه

_ 1 كتاب المساقاة: ما جاء في المساقاة. 2 طبع مصر: قال مالك: لا تصلح المساقاة في شئ من الأصول: في بعض نسخ الهند: قال مالك: لا يصلح الخ: طبع تونس وزرقاني: لا تصلح الخ. 3 في بعض نسخ الهند: تحل المساقاة. 4 م: قد طاب وبدأ صلاحه. 5 م: وإنما أن يساقي من العام المقبل وإنما مساقاة ما حل بيعه من الثمار إجارة لأنه الخ: إلا أن في بعض نسخ الهند: ما قد حل: وفي شرح الزرقاني: وأما مساقاة. 6 ن: وحده: إلا في بعض نسخ الهند. 7 م: ساقي: إلا في بعض نسخ الهند. 8 م: ثمرا. 9 ن: ويحده: بحاء صغيرة تحت الحاء: م: ويجذه.

1له 2فإنما هو بمنزلة الدنانير والدراهم يعطيه3 إياها4 ليس ذلك بالمساقاة5 إنما المساقاة6 بين أن7 يحذ النخل إلى أن يطيب الثمر ويحل8 بيعه9 وقال في رجل ساقى ثمرا في أصل قبل أن يبدو صلاحه ويحل بيعه فتلك المساقاة بعينها جائزة "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وقال أبو يوسف ومحمد إذا دفع رجل إلى رجل نخلا فيه طلع أو بسر قد اخضر أو أحمر أو قد انتهى وعظم ولم يرطب فلا تجوز المعاملة فيه وإن كان يزداد فالمعاملة جائزة وإذا عامله عليه وقد انتهى فقام عليه وحفظه كانت الثمرة لصاحب النخل وللعامل كراء مثله وكذلك الكرم والشجر وكل شيء له أصل قائم تجوز المعاملة عليه وقالا إن دفع رجل إلى رجل رطبة قد صارت قداحا معاملة على أن يسقيها ويقوم عليها فما كان فيها من شيء فبينهما نصفان سنة أو أشهر معلومة فذلك جائز وإن دفعها وقد انتهت ولم يخرج لها بزر فقال قم عليها حتى يخرج بزرها فما كان من شيء فهو بيننا نصفان من البزر والرطبة فهي معاملة فاسدة والرطبة والبزر لصاحب الأرض وللعامل كراء مثله قالا وإن كانت الرطبة انتهت فعامله على البزر فجائز وما خرج من بزر فهو بينهما نصفان والرطبة لصاحبها قالا وإن

_ 1 قوله: له: ليس في 2 م: بمنزلة. 3 ن: إياه. 4 م: وليس. 5 م: وأنما. 6 م: ما بين. 7 ن: يخد: بحاء صغيرة تحت الحاء: م: يجذ. 8 ن: ويحل وقال. 9 فب بعض نسخ الهند طبع مصر: قال مالك: ومن ساقي ثمرا تونس وزرقاني: ومن الخ. 10 ن: وكانت.

دفع إليه الرطبة وهي قداح على أن يقوم عليها ويسقيها حتى يخرج بزرها فما أخرج الله عز وجل من شيء فالرطبة والبزر بينهما نصفان كانت معاملة جائزة. وقال أبو ثور إذا دفع رجل إلى رجل نخلا فيه طلع أو بسر قد اخضر أو احمر أو قد انتهى وعظم وليس يطعم بعد ولم يرطب وكان يحتاج إلى سقي وتعاهد حتى يرطب ويصير ثمرا كانت هذه المعاملة جائزة وإن كان إذا عظم وانتهى لم يحتج إلى القيام عليه كانت المعاملة في ذلك باطلة وفيما دون ذلك جائزة وان عامله عليه وقد انتهى فكانت المعاملة فاسدة فقام عليه وحفظه كانت الثمرة لصاحب النخل وللعامل كراء مثله وكذلك الكرم والشجر وكل شيء له أصل قائم قال وإذا دفع الرجل إلى الرجل رطبة قد صارت قداحا مثل قول أبي يوسف وقال إن دفعها وقد انتهت ولم يخرج لها بزر فقال قم عليها حتى يخرج بزرها فما كان من شيء فبيننا1 نصفان من البزر والرطبة فهذا جائز وذلك إن خروج البزر زيادة فيها وكذلك ما كان من زيادة تحدث كان ذلك جائزا.

_ 1 ن: نصفين.

واختلفوا في حكمها إذا دفع إليه نخلا أو شجرا قد علق في الأرض ولم يطعم على أن ما خرج من شيء فبينهما على ما اشترطا

واختلفوا في حكمها إذا دفع إليه نخلا أو شجرا قد علق في الأرض ولم يطعم على أن ما خرج من شيء فبينهما على ما اشترطا فقال مالك لا يجوز أن يساقى على شجر لم يثمر لأنه تعظم مؤونته وإنما تجوز المساقاة فيما خفت مؤونته "حدثنا بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وقال أبو يوسف ومحمد إذا لم يكن الشجر أطعم وان كان قد علق في الأرض فالمعاملة عليها فاسدة فإن عمل العامل فما خرج من ذلك من شيء فلرب الأرض وما عمل فله كراء مثله قالا وان دفع إليه سنين على أن

يقوم عليه ويلقحه فما أخرج الله عز وجل من ذلك من شيء فهو والأصول بينهما نصفان كان جائزا قالا وإذا أطعم الشجر وبلغ فليس لربه أن يعطيه معاملة على أن يكون للعامل نصفه وإنما تجوز المعاملة عند ذلك على الثمرة. وقال أبو ثور إذا كانت الأشجار والنخيل قد علقت ولم تطعم فالمعاملة على أن ما أخرج الله عز وجل من شيء1 بينهما على ما تشارطا جائزة إذا كانت معاملة على سنين معلومة ولو دفعها معاملة سنين معلومة على أن ما أخرج الله عز وجل فبينهما نصفان مع الأصول كانت معاملة فاسدة.

_ 1 لعل صوابه: فبينهما.

واختلفوا في حكم الدافع أرضه إلى رجل على أن يغرس المدفوعة إليه الأرض على أن ما أخرج الله من غرس فبينهما

واختلفوا في حكم الدافع أرضه إلى رجل على أن يغرس المدفوعة إليه الأرض على أن ما أخرج الله من غرس فبينهما فقال مالك فيما "حدثني يونس عن أشهب عنه" أنه سئل عن الرجل يعطي الرجل الأرض البيضاء فيقول له اغرس هذه نخلا أو رمانا فإذا بلغت فهي بيني وبينك فقال لا بأس بذلك لم يزل هذا من أمر الناس عندنا1 ها هنا ثم2 قيل أرأيت الرمان أيطول ثبوتها إذا غرست ورمانها3 فقال نعم إنها دوحة من الدوح. وقلت له إذا غرس هذا الغارس وبلغ الأصل كان له نصف ذلك إن شاء باع وان شاء قاسمه فقال نعم إذا غرسه إن شاء باع نصفه وان شاء قاسمه يصنع به ما شاء4. فقلت له ولا يكون ذلك حتى يثبت الأصل فقال نعم. وعلى قول الشافعي المعاملة على ذلك باطلة.

_ 1 يعني المينه المنورة. 2 ن: قال. 3 ن: فقيل. 4 أي أشهب.

وهو قول أبي حنيفة. وقال أبو يوسف ومحمد لا بأس بذلك وقالا إذا دفع رجل إلى رجل أرضا بيضاء وغرسا فقال اغرس أرضي هذه وقم عليها واسقها فما أخرج الله عز وجل من شيء فهو بيننا نصفان فعمل على ذلك فما خرج من شيء فلرب الأرض وعليه كراء العامل. وقالا إن دفع رجل إلى رجل أرضا بيضاء على أن يغرسها نخلا وشجرا وكرما سنين على أن ما أخرج الله عز وجل من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان مع الأرض فهي معاملة فاسدة فإن أخذها على هذا وعمل فيها فما أخرجت الأرض من شيء فلصاحب الأرض ولصاحب الغرس قيمة غرسه وأجر مثله لأنه حين اشترط شيئا من الأرض يغرسها كان ما غرس لصاحب الأرض. قالا وكذلك لو قال رب الأرض أغرسها على أن ما خرج من شيء فبيننا نصفان وعلى أن لك مائة درهم أوكر حنطة أو عرضا من العروض وقالا لو دفع رجل إلى رجل أرضا بيضاء على أن يزرعها كرا من حنطة سنة ويقوم عليها ويسقيه فما أخرج الله عز وجل من شيء فبينهما نصفان وعلى أن للمزارع على رب الأرض مائة درهم أو شيئا من العروض موصوفا أو بعينه فعمل على ذلك كان ما خرج من شيء لرب الأرض وللزارع عليه كر مثل كره وأجر مثله أخرجت الأرض شيئا أو لم تخرج. وإن دفع رجل إلى رجل أرضا على أن يزرعها ويغرسها ما شاء من غلة الصيف والشتاء فما أخرج الله من شيء فبينهما نصفان وعلى أن لرب الأرض على الزارع مائة درهم فعمل على ذلك فما خرج من شيء فهو للمزارع وعليه

كراء مثل أرضه يأخذ من ذلك ما لزمه ويتصدق بالفضل. فإن كان البذر والغرس من عند رب الأرض واشترط رب الأرض على العامل مائة درهم يعطيه على أن ما خرج من شيء فبينهما كانت معاملة فاسدة وما خرج من شيء فللمزارع وعليه قيمة الغرس ومثل البذر وأجر الأرض وذلك أن المزارع كأنه اشترى غرسه وبذره واستأجر أرضه بمائة درهم ونصف ما خرج منها قالا ولو دفع رجل إلى رجل نخلا أو شجرا أو كرما فقال قم عليه واسقه ولقح نخله واكسح كرمه فما خرج من شيء فبيني وبينك ولك علي مائة درهم أو قال صاحب الأرض للعامل لي عليك مائة درهم أو قال اعمله لنفسك أو اعمله لي أو قال اعمله ولم يقل لي ولا لك فذلك كله سواء فما خرج من ذلك من شيء فهو لصاحب الأرض وللعامل كراء مثله. وقال أبو ثور إذا دفع رجل إلى رجل أرضا بيضاء على أن يغرسها نخلا وشجرا وكرما سنين على أن ما أخرج الله عز وجل من ذلك من شيء فهو بينهما نصفان وكذلك الأرض بينهما نصفان فهذه معاملة فاسدة فإن أخذها على هذا وعمل فيها فما أخرجت الأرض من ثمرة فلصاحب الغرس ويقلع غرسه ويكون له على صاحب الأرض ما بين غرسه قائما ومقلوعا وذلك أنه غره ويكون لصاحب الأرض على صاحب الغرس كراء مثل أرضه وما نقص أرضه وذلك أنه غره. وأي موضع أفسدنا المعاملة وقد زرع أو غرس العامل فالزرع لرب البذر والغرس لربه كان اشترط الذي له البذر على الآخر دراهم أو لم يشترط أو اشترط الذي ليس له من البذر والغرس شيء أو لم يشترط وإن دفع رجل إلى رجل أرضا بيضاء وغرسا فقال اغرس أرضي هذه فما أخرج الله من شيء فلرب الأرض وعليه مثل كراء العامل.

واختلف الذين أجازوا المعاملة على النخل والأصول فيما يجوز اشتراطه على العدل

واختلف الذين أجازوا المعاملة على النخل والأصول فيما يجوز اشتراطه على العدل 1فقال مالك:2 في السنة في المساقاة التي يجوز3 لصاحب الأرض أن يشترطها على4 المساقي 5سد الحظار وخم العين6 وسرو الشرب7 وإبار النخل وقطع الجريد8 وجد الثمر9 وما أشبه على أن للمساقي شطر الثمر أو أقل من ذلك أو أكثر إذا تراضيا عليه غير أن صاحب الأصل لا يشترط10 على من ساقى عملا جديدا يحدثه فيها من بئر يحفرها أو عين يرفعها أو غراس يغرسه يأتي به من عنده أو ضفيرة يثبتها تعظم فيها11 وإنما ذلك بمنزلة أن يقول رب الحائط لرجل من الناس ابن لي ها هنا بيتا أو احفر لي بئرا أو أجر لي عينا أو إعمل لي عملا بنصف ثمر حائطي هذا قبل أن يطيب ثمر الحائط12 ويجوز بيعه فهذا بيع الثمر قبل أن

_ 1 موطأ: كتاب المساقاة: ما جاء في المساقاة. 2 في طبع تونس وشرح الزرقاني: والسنة: وفي بعض نسخ الهند وطبع مصر: قال مالك: السنة. 3 م: لرب الحائط. 4 ن: المساقي. 5 م: شد قال الزرقاني: بالشين المنقوطة وهو الكثر عن مالك أي تحصين الزروب ويروي عنه بالسين المهملة أي سد الثلمة. 6 ن: شروي. 7 في بعض نسخ الهند وشرح الزرقاني: الإباء قال الزرقاني: بكسر الهمزة وشد الموحدة. 8 م: وجد: إلا طبع مصر. 9 م: وأشباهه علي أن الخ. 10 ابتداء عمل جديد يحدثه العامل فيها من بئر يحتفرها أوعين يرفع رأسها أو غراس يغرسه فيها يأتي بأص ذلك من عنده أو ضفيرة بينهما تعظم فيها نفقته: إلا بعض نسخ الهند: يحدثه فيها من بئر يحفرها أوعين يرفع في رأسها. 11 وفي بعض نسخ الهند: قال مالك: وإنما. 12 م: ويل بيعه.

يبدو صلاحه وقد نهى رسول الله صلي الله عليه وسلم عن ذلك فأما إذا طاب الثمر وحل بيعه ثم قال رجل لرجل اعمل لي بعض هذه الأعمال1 بنصف ثمر حائطي2 فإنما استأجره بشيء3 معلوم معروف قد رآه ورضيه. 4وأما المساقاة فإنه إن لم يكن للحائط ثمر أو قل5 أو فسد فليس له إلا ذلك "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه"6. و"حدثني يونس عن أشهب قال سئل مالك" عن الشرط على الرجل الداخل في المساقاة أن7 عليك إصلاح القفة والتل والزرنوق فقال لا بأس بذلك إلا الزرنوق فلا يشترط عليه أرأيت لو انهدم البئر أيكون عليه وسئل فقال له رجل ساقيت حائطي وشرطت على الداخل أن عليه نقل تراب قد رآه وعرفه فقال أصل السقاء ليس بجائز وما أراه حسنا في ذلك أنك شرطت عليه نقل ذلك التراب وإنما كان يكون عليك قال ولا بأس أن لا يشترط رب الحائط على الداخل الخرص ولا يصلح أن يشترطه الداخل على رب الأرض.

_ 1 م. بيع الثمار حتي يبدو صلاحها. 2 وفي بعض نسخ الهند وطبع مصر: قال مالك: فاما. 3 م: وبدا صلاحه وحل. 4 م: لعمل يسميه بنصف ثمر حائطي هذا فلا بأس بذلك 5 م: وإنما: إلا أن في بعض نسخ الهند وطبع تونس: إنما: وذكر في بعض نسخ الهند أن في نسخة: فإنما. 6 م: معروف معلوم. 7 م: فأما إلا أن في بعض نسخ الهند: وأما: وفي بعضها: قال فأما. 8 م: ثمره أو. 9 قال ابن المنذر في كتاب المساقاة من الأشراف: باب ذكر الشروط التي يشترطها رب النخل والعامل. قال أبو بكر: قال مالك بن أنس لا بأس أن يشترط صاحب الأرض علي المساقي شد الحظار وخم العين وسرو الشرب وإبار النخل وقطع الجريد وحداد الثمرة ولا ينبغي أن يشترط عليه بئرا يحفرها أو عينا يرفع في رأسها أو غرسا فيها يأتي به أو ضفيرة يبنيها تعظم فيها نفقته. 10 لعل صوابه: عليه.

1وقال الشافعي: 2كلما كان مستزادا في3 الثمر من إصلاح4 الماء وطريق الماء وتصريف الجريد5 وأبار النخل وقطع الحشيش الذي يضر بالنخل وينشف عنه الماء حتى يضر بثمرتها جاز شرطه على المساقاة فأما سد6 الحظار فليس فيه مستزاد7 ولا صلاح8 في الثمر9 ولا يصلح شرطه على المساقي فإن قال فإن أصلح للنخل أن10 تسد الحظار11 كذلك أصلح لها أن يبنى عليها12 حظار لم13 تكن وليس هذا14 الإصلاح من الاستزادة في شيء من النخل إنما هو دفع الداخل "حدثنا بذلك عنه الربيع"15. وقال أبو يوسف ومحمد إن اشترط رب النخل أو الغرس على العامل على أن يقوم عليه ويكسحه ويلحقه ويسقيه فذلك جائز فإن اشترط عليه صرام الثمرة أو لقاط الرطب أو جداد البسر أو لقاط ما يلقط مثل الباذنجان وثمر الشجر فذلك باطل والمعاملة على هذا الشرط فاسدة فإن عمل كان له

_ 1 أم: المساقاة. 2 أم: قال: وكلما. 3 أم: الثمرة. 4 أمك: للما: أم مد: للمار. 5 أمك: واسار: أم مد: وأنبار. 6 أم: الحيطان. 7 أم ك: لاصلاح: أم مد: الإصلاح. 8 أم: من الثمرة. 9 أم مد: فلا. 10 أم: سد الحيطان. 11 أم: فكذلك. 12 أم مد: خطاء. 13 أم: يكن وهو لا يجيزه في المساقاة وليس الخ. 14 ن: الصلاح: أم ك: لا صلاح. 15 أشراف: وقال الشافعي: كل ما كان يستراد في التمر من صلاح الماء وطريقه وتصريف الجريد وأبار النخل وقطع الحشيش الذي يضر بالنخل وينشف عنه الماء جاز شرطه علي المساقي وأما شد الحظار فلا يصلح شرطه علي المساقي.

كراء مثله وما أخرج النخل من شيء فلصاحبه وكذلك إن اشترط أحدهما على صاحبه الحصاد أو الدياسة أو حمله إلى موضع من المواضع كانت مزارعه فاسدة. قال وإذا استحصد الزرع فالحصاد عليهما جميعا في المزارعة الصحيحة وكذلك لو كان قصيلا فأراد بيعه لم يكن على واحد منهما جزه وكان عليهما جميعا. وقالا الحفظ على المزارع حتى يجف الزرع ويستحصد فإذا صار كذلك فمنعهم السلطان من الحصاد كان الحفظ عليهما جميعا وكذلك الثمر إذا صار تمرا أو إلى الجداد عليهما جميعا على قدر مالهما1. وقال أبو ثور على العامل سقيه وكسحه وتلقيحه فإن اشترط صاحب الأرض في ذلك صرام النخل أو لقاط الرطب أو لقاط ما يلقط مثل الباذنجان وثمر الشجر فإن في هذا قولين أحدهما إن هذا جائز كما جاز لقحه وكسحه وغير ذلك والآخر إن هذا ليس مما يكون في المعاملة وذلك أن الثمرة إذا أدركت فقد انقضت المعاملة وصارت بينهما على ما اشترطا ولكل واحد منهما أن يأخذ حقه ويلزمه من الأجرة في صرامها ولقاطها ما يصيبه بقدر ما له فيها2. وأجمع الذين أجازوا المساقاة على أن للرجل أن يعقد عقدة مساقاة على سنين وإن كثرت إذا كانت معلومة محصورة بقدر يبينانه.

_ 1 أشراف: وقال يعقوب ومحمد: إن اشترط عليه أن يقوم عليه ويكسحه ويلقحه ويسقيه فذلك جائز وإن اشترط عليه صرام الثمر والقاط الرطب أو احداد الثمر ولقاط ما يلقطمثل: الباذنجان وثمر الشجرفذلك باطل والمعاملة علي هذه الشروط فاسدة فإن عمل كان له كرا مثله وما أخرجالنخل من شئ فهو لصاحبه. 2 أشراف: وقال أبو ثور في قيام العامل عليه وكسحه وسقيه وتلقيحه كما قال يعقوب ومحمد فإن اشترط رب الأرض علي العامل في ذلك صرام النخل أو لقاط الرطب أو حداد الثمر أوالقاط مثل الباذنجان وثمرالشجر فيه قولان: أحهدما إنه جائز والآخرإنهذا ليس مما يكون في المعاملة وذلك أن الثمرة إذا أدركت فقد انقضت المعاملة وصارت بينهما علي ما اشترطا.

ثم اختلفوا في فسخ ما تعاقدا من ذلك بينهما إذا كان المريد للفسخ أحدهما دون صاحبه

ثم اختلفوا في فسخ ما تعاقدا من ذلك بينهما إذا كان المريد للفسخ أحدهما دون صاحبه فقال مالك إذا دخل المساقي في الحائط فلا يجوز لصاحب الحائط أن يخرجه منه حتى يتم عمله في المساقاة وليس للداخل أن يخرج أيضا حتى تتم مساقاته وإن ناسا ليقولون للداخل أن يخرج إذا بدا له وما يعجبني ذلك وما أراه له حتى يفرغ من شرطه إلا أن يتراضيا "حدثني بذلك يونس عن أشهب عنه". 1قال وسئل عن المساقي يسقي الشهر ثم تنهدم البئر أو تعور العين فقال إن كان الثمر قد جف فهو على مساقاته يقاسمه وإن لم يكن جف فإن أحب الداخل أن يعمر ويكون على مساقاته وإن أحب ترك المساقاة قيل له أرأيت إن ترك المساقاة أيكون له من الثمر بقدر ما عمل وسقى فقال ما أدري. وعلى قول الشافعي إذا تعاقدا بينهما المساقاة إلى أجل معلوم فليس لواحد منهما أن يفسخها إلا برضى الآخر واجتماعهما على الفسخ. وقال أبو يوسف ومحمد إذا وقعت عقدة المعاملة وتراضيا في المساقاة خاصة ثم قال الذي أخذ النخل معاملة لا أعمل في هذا ولا في غيره وأنا أريد ترك هذا العمل وأعمل في غيره أو أريد أن أسافر وأبى صاحب النخل أن يدعه فإنه يجبر على ذلك وليس شيء مما ذكرنا عذرا وكذلك لو قال صاحب النخل أنا أريد أن أعمل في نخلي وأقوم عليه وأخرجك منه لم يكن ذلك له وليس لصاحب النخل أن يخرجه إلا أن يكون عليه دين فادح ليس عنده قضاه إلا من ثمن ذلك النخل. قالا وإن خرج في الشيء الذي أخذه معاملة أو اطلع فيه شيء

_ 1 أي أشهب.

من الثمرة ثم لزم صاحب الأرض دين فادح لم تبع الأرض وكانت المعاملة إلى مدتها حتى تنقضي.1 قالا ومن العذر أن يكون العامل رجل سوء يخاف على فساد النخل وقطع السعف فلرب الأرض إخراجه من الأرض والعذر للعامل أن يمرض مرضا شديدا لا يستطيع أن يعمل أو يضعف عن ذلك. وقالا إذا أخذ الأرض رجل بمزارعة على أن يزرعها هذه السنة ببذره وبقره فما أخرج الله عز وجل منها من شيء فلصاحب الأرض النصف وله النصف فلما صحت المزارعة بينهما ودفع إليه قال المزارع لا أريد أن أزرع هذه السنة شيئا ولا أزرع هذه الأرض وأزرع غيرها فإن هذا له ولا يجبر على زرعها وله تركها ولا يلزمه شيء. قالا ولو دفع رجل إلى رجل أرضا وبذرا فقال اعمل لي في أرضي هذه السنة وازرعها فما خرج من شيء فلك النصف فلما وقعت المزارعة قال الذي أخذ الأرض والبذر لا حاجة لي في ذلك ولست أزرع هذه السنة شيئا لم يكن له وأجبر على أن يزرع وذلك أنه في هذا الموضع أجير. ولو قال رب الأرض في هذه المسألة بعدما انعقدت المزارعة بينهما لست أريد أن2 يزرع أرضي وقال العامل أنا أريد ذلك لم يجبر صاحب الأرض على ذلك وكان ذلك إليه ولو كان العامل أخذ الأرض على أن يزرعها ببذره وبقره ونفسه سنة على أن ما يخرج من شيء فبينهما نصفان فلما وقعت العقدة قال صاحب الأرض لست أريد أن يزرع أرضي هذه السنة وقال العامل أنا أريد ذلك لم يكن لصاحب الأرض أن يمنعه ذلك ولا يحول بينه وبينها إلا من

_ 1 أشراف: وبه قال يعقوب ومحمد: إلا أن يكون عذرا ومن الع1ر أن يكون العامل رجل سوء يخاف علي فساد النخل وقطع السعف فلصاحب الأرض إخراجه والعذر للعامل أن يمرض مرضا لا يستطيع أن يعمل أو يضعف عنه. 2 ن: أزرع.

عذر والعذر أن يكون على صاحب الأرض دين ليس عنده قضاه إلا من1 ثمن هذه الأرض فتباع. وقال أبو ثور إذا دفع رجل إلى رجل شيئا له أصل معاملة فأراد أن يخرج صاحب الأرض العامل قبل أن تنقضي المدة لم يكن ذلك له وكان عليه أن يدعه حتى تنقضي المدة التي بينهما ولا يكون له عذر في شيء مما نزل به حتى تمضي المدة وكذلك العامل لو قال لصاحب الأرض لا حاجة لي في العمل لم يكن ذلك له حتى تنقضي المدة وكل شيء انعقد بين اثنين فليس لأحدهما إبطاله إذا كان الشيء لا يبطل إلا بهما فأما إذا اختلفوا فالشيء بحاله لا يبطل باحدهما ولا بعذر كان من أحدهما إذا اختلفوا إلا أن يجمع أهل العلم من ذلك على شيء أو تكون سنة تبين ذلك. فإن ضعف العامل عن القيام بذلك فأقام2 رجلا مقامه في ذلك كان ذلك له ولم يكن لصاحب الأرض منعه من ذلك وإن قال العامل لا حاجة لي في ذلك ولم يكن عنده ما يكتري3 به رجلا اكترى صاحب الأرض عليه رجلا يقوم مقامه فيعطيه ما يصيبه من الثمرة أو يتراضيان من ذلك على شيء.

_ 1 الذي كان في النسخة: ثمن ثم أبدلت النون راءا. 2 ن: رجل. 3 ن: يكتري رجلا.

واختلفوا في حكمهما إن باعا الثمرة قبل الجداد أو مات أحدهما استحقت الثمرة

واختلفوا في حكمهما إن باعا الثمرة قبل الجداد أو مات أحدهما استحقت الثمرة فقال مالك وسئل عن رجل كان في حائط مساقاة على النصف فيبيع الحائط فأراد الداخل في الحائط أن يخرج منه بشيء يعطاه فقال لا يصلح

شيء من ذلك إلا أن يخرج بغير شيء يأخذه أو يعمل حتى تتم مساقاته أرأيت لو كان صاحب الحائط نفسه هو1 بيعه ثم أراد أن يخرج منه بشيء يعطاه فهو مثله فلا يصلح من هذا شيء إلا أن يخرج منه بغير شيء أو يقيم على مساقاته قيل له أرأيت إن كان ساقاه على النصف فلما بيع الحائط أراد أن يخرج منه بأن يعطى سدس الثمر في الجداد فقال هو بمنزلة صاحب الحائط الأول لو لم يبع "حدثني بذلك يونس عن أشهب عنه". و"أخبرني يونس عن ابن وهب عنه" قال سئل مالك عن الرجل يبتاع الأرض وقد ساقاها صاحبها رجلا قبل ذلك بسنين فقال المساقي أنا أحق به وليس له أن يخرجني فقال ليس له أن يخرجه حتى يفرغ من سقائه إلا أن يتراضيا وأخبرني يونس عن أشهب قال سألته عن الداخل في المساقاة يموت فقال إن لم يترك مالا ورغب ورثته في المساقاة فذلك لهم إذا كانوا أمناء أقوياء على ذلك وإن ترك مالا فرغب الذي ساقاه أن يأخذ ورثته بالمساقاة فذلك له عليهم. وقال أبو يوسف ومحمد لا يجوز أن تباع الثمرة حتى تنقضي2 الأجرة وإن كان بسرا أو طلعا لا في دين فادح ولا في غيره قالا فإن انقضت المعاملة والبسر أخضر بحاله فالخيار في ذلك إلى صاحب العمل إن أحب أن يعمل على ذلك كان له وإن أبى كان البسر بينهما3 نصفان إلا أن يشاء صاحب الأرض أن يعطيه قيمة ما له ويكون البسر له ولو ... خرم

_ 1 ن: بيعه. 2 لعل صوابه: الإجارة. 3 ن: نصفين.

كتاب الغصب

كتاب الغصب مدخل ... كتاب الغصب من اختلاف الفقهاء تأليف أبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري بسم الله الرحمن الرحيم قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} 1 الآية وقال عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً} 2 الآية فنص تبارك وتعالى تحريم أكل أموالنا بيننا في كتابه بالباطل إلا بما أباحه لنا من التجارة عن التراضي3 بيننا في كتابه وأوجب لآكل أموال اليتامى ظلما النار. أجمل ذكر التحريم4 لآكلها ظلما وباطلا في محكم تنزيله وأوضح المعاني التي يستحق بها5 آكل مال غيره اسم الآكل ظلما وباطلا وما اللازم له من الأحكام في عاجل الدنيا وفسره على لسان رسول الله عليه وسلم

_ 1 {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} الآية 33من سورة النساء. 2 {وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} الآية 11 النساء. 3 لعل صوابه حذف: بيننا في كتابه. 4 ن: لآكلها. 5 ن: آكل.

نقل بعض ذلك التفسير الكل مجمعين عليه عامتهم وخاصتهم. ونقل بعضه الحجة مجمعة عليه وبعضه مختلفة فيه ونحن مبينو كل ذلك إن شاء الله بعونه وقته فانا به وله وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم. أجمع جميع الخاصة والعامة إن الله عز وجل حرم أخذ مال امرء مسلم أو معاهد بغير حق إذا كان المأخوذ منه ماله غير طيب النفس بأن يؤخذ منه ما أخذ وأجمعوا جميعا أن آخذه على السبيل1 التي وصفنا بفعله آثم وبأخذه ظالم وأجمعت الحجة التي وصفناها جميعا أن آخذه على السبيل التي وصفنا إن كان اخذه من حرز مستخفيا بأخذه وبلغ المأخوذ ما يجب فيه القطع أنه يسمى بما أخذ سارقا وإن كان أخذه مكابرة من صاحبه في صحراء أنه يسمى محاربا وقد ذكرنا في كتاب المحاربين اختلافهم في اسمه إذا أخذ ذلك مكابرة في مصر فأغنى عن إعادته في هذا الموضع. وأنه إن اخذ ما أخذ على السبيل التي وصفنا اختلاسا من يد صاحبه أنه يسمى مختلسا وأنه إن أخذه على هذه السبيل مما اوتمن عليه أنه يسمى خائنا وأنه إن اخذه على ما ذكرنا قهرا للمأخوذ منه وقسرا بغلبة ملك أو فضل قوة انه يسمى غاصبا2.

_ 1 ن: الذي وصفنا يفعله اثم ويأخذه ظالم. 2 وقال ابن المنذر في الأشراف في كتاب الغصب: وقد أجمع أهل العلم علي أن الله جل وعز حرم أموال المسلمين والمعاهدين بغير حق فالأموال محرمة بنص كتاب الله جل وعز وبالأخبار الثابته عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وبإجماع أهل العلم علي ذلك إلا بطيب أنفس المالكين من التجارات والهبات والعطايا وغير ذلك وقد أجمع أهل العلم علي أن من أخذ مالا لمسلم من حرزه مستخفيا بأخذه إنه سراق وقد ذكرنا ما يجب علي السارق في كتاب أحكام السراق وقد أجمعوا علي أن أن من أخذ أموال المسلمين مجاهرةفي الصحاري إن اخذه يسمي محاربا وقد ذكرنا في كتاب المحاربين ما يجب عليهم ودل حديث جابر علي أن من اختلس من يد مسلم شيئا يملكه أنه يسمي مختلسا وعلي من أودع وديعة فأخذها أو نقصها إنه يسمي خائنا. أبوبكر قال: عن استحق ابن إبراهيم الديري عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن أبي هريرة عن جابر أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "ليس علي المختلس قطع وليس علي الخائنين قطع" قال أبو بكر: من أخذ مالا علي غير ما ذكرناه سمي غاصبا لا أعلمهم يختلفون فيه.

خرم 1القيمة استحسانا2. 3وقال أبو ثور عليه ثمنها وثمن ولدها فإن كان ثمنها أنقص مما كان يوم غصبها بنقص دخلها كان عليه ما نقصها وإنما قلنا بالثمن لأن الجارية ليست بمستهلكة فلا4 تجوز عليه القيمة وهي في يده ولم يحكم بها للمدعي لأنها قد صارت أم ولد له ولها منه ولد فلا يصدق على إبطال حقها وحق ولدها ولم يكن له أن يطأ ولا يستمتع بجارية لغيره إلا بشراء وأما الولد فإن كان5 وطؤه وطء زناء لم يلحق به النسب6 ولا يصدق على نفيهم لقوله وهو ولده في الحكم وهي أم ولد له وإذا مات عتقت.

_ 1 ضاع ما كان بينةهذه الورقة وبين الورقة الأولي من كتاب الغصب ويظهر أن موضوع هذا الباب إقرار الغاصب للمغصوب منه بالغصب وهل يجب عليه قيمة المغصوب أو ثمنه وحكم الجارية المغصوبة إذا ولدت بعد الغصب وحكم ولدها. 2 هذا بقية قول أبي حنيفة وأصحابه ولعل ما ضاع قبل هذا شبيه قول ابن المنذر في كتاب الغصب من الأشراف: باب ذكر الدار يغصبها الرجل وتتهدم: وقال أصحاب الرأي: ليس علي الغاصب شئ قال: لأنه لن يحركها ولم يغيرها عن حالها: قال أبو يوسف: يضمن ولا يصدق علي المشتري استحسن ذلك وادع القياس فيه ثم رجع إلي قول [ي حنيفة قالأبو بكر: وقد ناقضوا في هذا وزعموا أن رجلا لو اغتصب جارية ثم باعها ثم أقر بعد البيع أنها جارية المغصوب منه أن عليه القيمة وكذلك قولهم في الحيوان كله ولي بين شئ من ذلك فرق إلا الاستحسان الذي من شاء فعل مثل فعلهم. 3 أشراف: باب ذكر الغاصب يولد الجارية ويقر لرب الجارية بأنها له ولا بينه له وجحدت الجارية ذلك قال أبوبكر: وإذا غصب رجل جارية وأولدها ثم ادعاها رجل وأقر له الغاصب بها ولا بينة له فعليه قيمتها وقيمة أولادها وإن كان فيها نقصان فعليه ما دخلها من النقص ولا يحل له أن يطأها ولا يستمتع بها وذلك أنها جارية لربها وهم ولده في الحكم والجارية تعتق بنوته، وهذا علي مذهب الشافعي وأبي ثور غير أن أبا ثور قال: عليه ثمنها لأن القيمة لا تكون إلا المستهلكة وهي فائقة. 4 ن: يجوز وإن كان عليه الخ. 5 ن: وطيه وطي. 6 لعل شيئا سقط في النسخة: أشراف: قال أبو بكر: وإذا أقام رجل جارية أنها له فادعت أن مولاها الأول قد كان أعتقها وقد ةلدت من المشتري وقال المولي: قد كنت أعتقها لم تقبل دعوىالجارية ولا قول المولي الذ ي باعها وذلك أن المشتري قد ثبت ملكه عليها فلا تصدق الجارية ولا البائع أنه كان أعتقها وهذا قول أبي ثور وأصحاب الرأي.

1وقال إذا اغتصب رجل دارا فباعها وقبضها المشتري ثم أقر الغاصب أنه اغتصبها فإن لم تكن لرب الدار بينة كان على الغاصب ثمن الدار وذلك أنه أقر أنه أتلف مالا لإنسان ولا يقدر على تخليصه فعليه ثمنه. وقياس قول مالك إن اقراره باطل وعليه ضمان قيمة الجارية للذي أقر له بها مع قيمة الولد.

_ 1 أشراف إذا اغتصب رجل دار فباعها وقبضها المشتري ثم الغاصب أقر أنه اغتصبها فإن لم يكن لرب الدار بينة أنها داره كان علي الغاصب قيمة الدار لأنه أقر أنه أتلف مالا لإنسان ولا يقدر علي خلاصة فعليه قيمته وهذا علي مذهب الشافعي وبه قال أبو ثور غلا أنه قد يضمن ثمن الدار.

واختلفوا في حكم المغصوب يجني عليه في يد الغاصب أو يجني أو يصيبها ما ينقصها

واختلفوا في حكم المغصوب يجني عليه في يد الغاصب أو1 يجني أو2 يصيبها ما ينقصها 3فقال الشافعي: 4إذا اغتصب رجل جارية فباعها5 فجنى عليها أجنبي في يد المشتري أو الغاصب جناية تأتي على نفسها أو بعضها فأخذ الذي هي في6 يده أرش الجناية7 ثم استحقها المغصوب فهو بالخيار في أخذ أرش الجناية من يدي من أخذها إذا كانت نفسا أو تضمينه قيمتها على ما وصفنا وإن كانت جرحا فهو بالخيار في أخذ8 أرش الجرح من الجاني والجارية من الذي

_ 1 ن: يجني. 2 أي الجارية المغصوبة. 3 أم: الغصب والمستكرهة. 4 أم: قال: وإذا غصب الرجل الخ. 5 أم: فسواء باعها في الموسم أو علي منبر أو تحت سرداب حق المغصوب فيها في هذه الحالات كلها سواء فإن جني عليها أجنبي الخ: إلا أن في أم ق: الحالات سواء وإن جني عليه أجنبي الخ. 6 أم: يديه. 7 أم ق: الجناية من يدي الخ. 8 ن: أخذ الجرح الخ.

هي1 في2 يده3 أو تضمين الذي هي في4 يده ما نقصها الجرح بالغا ما بلغ وكذلك إن كان المشتري قتلها أو جرحها فإن كان الغاصب قتلها فلمالكها عليه الأكثر من قيمتها يوم قتلها أو قيمتها في أكثر ما كانت قيمة لأنه لم يزل لها ضامنا. 5فإن كان المغصوب ثوبا فباعه الغاصب من رجل فلبسه ثم استحقه المغصوب أخذه وكان له ما بين قيمته يوم6 اغتصبه وبين قيمته التي نقصه إياها اللبس كأن قيمته يوم7 غصب عشرة فنقصه اللبس خمسة فيأخذ ثوبه وخمسة وهو بالخيار في تضمين8 الأرش للمشتري أو الغاصب فإن ضمن الغاصب فلا سبيل له على اللابس9 وإذا10 اغتصب11 جارية فأصابها عيب من السماء أو بجناية أحد فسواء وسواء أصابها ذلك عند الغاصب أو المشتري يسلك بما أصابها من العيوب12 التي من السماء ما يسلك بها في العيوب التي13 يجنيها عليها الأدميون14 وإذا اغتصب الرجل جارية فباعها من آخر محدث بها عند المشتري عيب ثم جاء المغصوب فاستحقها أخذها وكان بالخيار في أخذ ما

_ 1 أم: في يديه. 2 أم مد: يديه مانقصها الخ. 3 ن: وتضمين. 4 أم ق: يديه. 5 أم: قال: وغن كان الخ. 6 أم مد: غصبه عشرة. 7 أم ق: غصبه. 8 أم: اللابس المشتري والغاصب. 9 زاد في الأم نحو صحيفة. 10 أم مد: قال وإذا غصب: أم ق: وإذا اغتصب. 11 أم: الجارية. 12 أم ق: التي يجني عليها الخ. 13 أم: يجني عليها الخ. 14 أم: قال وإذا غصب.

نقصها العيب من الغاصب1 فإن2 أخذ منه لم يرجع على المشتري3 وإن أخذه من المشتري رجع به المشتري على الغاصب4 وبثمنها الذي أخذ منه لأنه لم يسلم5 له ما اشترى وسواء كان العيب من السماء أو بجناية آدمى "حدثنا بذلك عنه الربيع". وروى أبو ثور عن الشافعي أنه قال إذا اغتصب الرجل عبدا أو أمة فجنت6 عليه جناية ثم جاء ربها فاستحقها أن على الغاصب أرش ما نقصها الجناية وذلك أن العبد والأمة إذا عرف بالجناية نقص من7 أثمانها فليس على الغاصب إلا أقل الأمرين من الجناية والقيمة وذلك أن عليه أن يدفع الجارية أو العبد سليما كما أخذه. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا اغتصب الرجل جارية وقيمتها ألف فجنى عليها إنسان وقيمتها ألفان ضمن ذلك رب الجارية الجاني ألفي درهم إن شاء وإن شاء ضمن الغاصب ألفا ويرجع الغاصب على الجاني بألفين فإن كان خطأ كان على عاقلته في ثلاث سنين فإذا أخذها الغاصب تصدق بألف وأخذ ألفا مكان ألفه وقالوا إن اغتصب رجل جارية أو عبدا فعطب عنده ضمن الغاصب قيمته بالغة ما بلغت ولو أن رجلا قتل عبد رجل ضمن القيمة إن كانت أقل من عشرة آلاف وإن كان أكثر ضمن عشرة آلاف إلا عشرة دراهم.

_ 1 أم ق: وإن. 2 أم: أخذه. 3 أم: بشئ ولرب الجارية أن يأخذ ما ننقصه العيب في يد المشتري فإن أخذه إلي الخ: إلا في أم ق: في يدي. 4 أم مد: بثمنها. 5 أم: إليه. 6 لعل صوابه: عنده. 7 ن: أثمانها.

وإن اغتصب رجل عبدا أو أمة فجنت عنده جناية ثم جاء ربها فاستحقها قيل ادفع أو إفد فإن دفعها أو فداها كان له على الغاصب قيمتها وإن ماتت في يد الغاصب بعد الجناية كان عليه قيمتان قيمة الجارية للمولى فإذا دفعها قال1 له أولياء القتيل: هذه قيمة الجارية التي قتلت صاحبنا فيأخذونها منه ثم يرجع على الغاصب فيقول له هذه قيمة لم تسلم لي وذلك لما كان عندك من الجناية فيأخذ منه قيمة أخرى. وإذا اغتصب دارا فسكنها أو لم يسكنها فانهدمت الدار فليس عليه شيء وذلك أنه لم يجرحها ولم يهدمها. وقالوا في الحيوان كله إذا مات من غير أن يستخدمه أو يستعمله فعليه الضمان. وقال أبو ثور إذا اغتصب جارية وقيمتها ألف فجنى عليها إنسان وقيمتها ألفان ضمن رب الجارية الجاني ألفين فإن لم يجده ضمن الغاصب الفي درهم وكان للغاصب أن يأخذ الجاني بقيمتها وذلك أنه استهلكها وهي في يده وقد ضمن قيمتها وإن جنت الجارية عند الغاصب جناية ثم جاء ربها فاستحقها مثل قول الشافعي. وقال إن ماتت في يدي الغاصب بعد الجناية فإن عليه للجناية أن يدفع الثمن أو الفدية وكان عليه للمولى قيمتها وقال في الغصب إذا تلف في يدي الغاصب بجناية أو حدث من السماء مثل قول الشافعي سواء في ذلك الدور والحيوان. وقياس قول مالك إن المغصوب إن كان عبدا أو أمة فجنى2 عليهما

_ 1 أي للمولي. 2 ن: عليها.

جان في يد الغاصب كان1 لربه أن2 يتبع أيهما شاء إن شاء الغاصب وإن شاء الجاني فإن ضمن الغاصب رجع على الجاني بما ضمن وإن ضمن3 الجاني لم يرجع على أحد بشيء وكذلك إن كان ثوبا وكل شيء.

_ 1 أي لرب العبد. 2 ن: بيع. 3 ن: أغاصب.

واختلفوا في حكم غلة المغصوب

واختلفوا في حكم غلة المغصوب فقال مالك إذا آجر الغاصب المغصوب وكان دوابا فإن لأرباب الدواب إذا علموا ذلك كراء ما حمل عليه غرما عليه إن سلمت الدابة وإن تلفت خير أهل الدابة بين الثمن والكراء "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه" و"حدثني يونس عن أشهب عن مالك" أنه سئل عن رجل اشترى أرضا على ما يجوز له الشراء فمكثت في يده سنين يزرعها ويأكل غلتها ثم يجيء صاحبها فيستحقها وقد بذر فيها بذره وعمل فيها فيريد أن يأخذ أرضه وقد قال المشتري قد بذرت وسقيت وقد كان لي فيما مضى من السنين فهذه السنون مثلها فقال مالك ليس ذلك للذي يستحق وأرى له عليه كراء تلك السنة التي جاء فيها فقط. وقال الشافعي:1 إذا اغتصب الرجل من الرجل2 الدابة فاستغلها أو لم يستغلها ولمثلها غلة3 أو دار فسكنها أو أكراها4 أو لم يسكنها ولم يكرها ولمثلها

_ 1 لعل صوابه: للمشتري: أي يطلب صاحب الأرض من المشتري كراء أرضه مدة ما كانت تحت يد المشتري بحسب ما خرج منها وهي تحت يد صاحبها. 2 أم: قال: وإذا غصب. 3 أم: دابة. 4 أم: ودارا. 5 أم مد: أو لم يكرها.

كراء أو شيئا1 ما كان مما له غلة استغله أولم يستغله انتفع به أولم ينتفع به فعليه كراء مثله من حين أخذه حتى2 رده3 ولا يكون لأحد غلة بضمان إلا للمالك "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا اغتصب الرجل دابة4 رجلا فآجرها أوداره أو عبده فالأجرة للغاصب ويتصدق بها لأنه ضامن فلا يجتمع ضمان وأجرة. وقالوا إن باع الغاصب الدابة وقد استعملها فماتت عند المشتري فأخذ رب الدابة المشتري بالقيمة فإن المشتري يرجع على الغاصب5 ولا يكون للغاصب أن يعطي في6 قيمتها للمشتري من غلتها شيئا إلا أن 7يكون عنده وفاء فيعطي8 منها. وقال أبو ثور إذا اغتصب الرجل الدابة أو الدار أو العبد9 فواجره فلا يحل له شيء من أجرته وأجرته فاسدة ولرب السلعة على المستأجر

_ 1 أم ق: مما كان مما له غلة. 2 أم: يرده. 3 أم: إلا أنه إن كان أكراه بأكثر من كراء مثله فالمغصوب بالخيار في أن يأخذ ذلك الكراء لنه كراء ناله أو يأخذ كراء مثله لأا الخ: إلا أن في أم مد: كان كراءه بأكثر الخ. 4 أن وجلا. 5 أشراف: باب ذكر الغاصب يواجر ما اغتصب: قال أبو بكر: واختلفوا في: الرجل يغصب من رجل دابة فأجرها فأصاب من غلتها أو غصبة عبد فأصاب من غلته لمن تكون الغلة؟ فقال أصحاب الرأي: تكون الغلة للغاصب وعليه أن يتصدق به لأن الدابة والعبد كانا في ضمان فإن تلف العبد أو الدبة من عمل الغاصب ضمن قيمتها وإذا ضمن القيمة استعان بالغلة في القيمة فإن فضل عنه شئ تصدق به وقال: إنن لم يمت العبد أوالدابة ولكنه باعه فأخذ ثمنه فاستهلكه فمات عند المشتري وضمن رب الجارية أو رب العبد المشتري القيمة رجع الغاصب علي المشتري بالثمن ويستعين الغاصب بالغلة في أداء الثمن إن لم يكن عنده وفاء. 6 ن: قيمته. 7 لعل صوابه: لا يكون: أي يتصدق بالغلة كلها إلا أن لا يكون عنده وفء فيعطي في القيمة من الغلة. 8 أي من الغلة: ن: منه. 9 لعل صوابه: فيؤجره.

مثل كراء سلعته ويرجع المستأجر على الغاصب بما أخذ منه من الأجرة1 وإذا اغتصب رجل شيئا فآجره فعطب عند الذي استأجره فأخذ رب السلعة2 المستأجر بالقيمة وذلك عند عدم الغاصب فإن الإجارة فاسدة ويرجع رب السلعة على المستأجر بكراء المثل3 وقيمة سلعته ويرجع المستأجر على الغاصب بالقيمة التي أخذت منه4 للرقبة فقط لأنه غره.

_ 1 أشراف: وإذا اغتصب الرجل شيئا الخ. 2 أشراف: علي المستأجر فأخذ رب السلعة المستأجر بالقسمة وذلكحين لم يجد الغاصب فالأجرة فاسدة. 3 أشراف: وبقيمة. 4 اشراف: لرقبته لأنه غره وهذا قول أبي ثور.

واختلفوا في حكم المغصوب إذا خلطه الغاصب بشيء لا يتميز من ماله

واختلفوا في حكم المغصوب إذا خلطه الغاصب بشيء لا يتميز من ماله فقال مالك إن الغاصب إذا اختلط المغصوب بما لا يتميز من ماله أن المغصوب منه والغاصب يضرب بقيمة ماله في ذلك وذلك أن يونس "حدثني عن ابن وهب عنه" أنه سئل عن الرجل يبضع معه القوم بضائع فيخلط مالهم كله ثم يموت قال يضرب كل انسان منهم في ذلك المال بقدر حقه. وقال الشافعي:5 في الشيء الذي يخلطه الغاصب بما اغتصب فلا يتميز6 أو يغصب مكيال زيت فيصبه في زيت مثله أو خير منه فيقال

_ 1 أشراف: وإذا اغتصب الرجل شيئا الخ. 2 أشراف: علي المستأجر فأخذ رب السلعة المستأجر بالقسمة وذلكحين لم يجد الغاصب فالأجرة فاسدة. 3 أشراف: وبقيمة. 4 اشراف: لرقبته لأنه غره وهذا قول أبي ثور. 5 أم: قال: ومن الشئ. 6 أم: منه ويغصبه: وقال ابن الصباغ في الشامل: وفصل ذلك فقال: إن خلطه بمثله قيل للغاصب: إن شئت أعطيه مكيالا من هذا الزيت لأنه غير مزداد علي حقه: وقال المنذر في الأشراف: وقال الشافعي في الرجل يغتصب من الرجل مكيال زيت فيصبه في زيت مثله أو خير منه فقال للغاصب: إن شئت أعطيه مكيال زيت مثل زيته وإن شئت أخذ من هذا الزيت مكيالا ثم كان غير مزداد إذ كان زيتك مثل زيته وكنت تاركا للفضل إذا كان زيتك خيرا من زيته ولاخيار من زيته للمغصوب أنه غير متنقض فإن كان صب ذلك الزيت في زيت شر من زيته ضمن الغاصب له مثل زيته ولأنه قد انتقص زيته بتصبيبه فيما هو شر منه.

للغاصب إن شئت أعطيت مكيال1 زيت مثل زيته وإن شئت أخذت من هذا الزيت مكيالا ثم كان غير2 مزداد إذا كان زيتك مثل زيته3 وكنت تاركا للفضل إذا كان زيتك أكثر من زيته ولا خيار للمغصوب لأنه غير منتقص فإن كان صب ذلك المكيال في زيت شر من زيته4 ضمن الغاصب له مثل زيته لأنه قد انتقص زيته بتصييره فيما هو شر منه5 وإن كان صب زيته في بان أو شيرق أو دهن طيب أو سمن أو عسل ضمن في هذا كله لأنه لا يتخلص منه الزيت ولا يكون له أن يدفع إليه6 مكيالا7 منه وإن كان المكيال8 منه خيرا من الزيت من قبل أنه غير الزيت9. قال ولو كان صبه في10 ماء ان خلصه منه حتى يكون زيتا لا ماء فيه11 وتكون مخالطة الماء غير ناقصة له12 كان لازما للمغصوب أن يقبله وإن كانت مخالطة الماء ناقصة له في العاجل والمتعقب كان عليه أن يعطيه مكيالا مثله مكانه13. 14قال ولو غصبه زيتا فأغلاه على النار فنقص كان عليه

_ 1 ن: مكيال زيته. 2 ن: مزدادا. 3 ن: وكنت ولا خيار الخ. 4 أم مد: زيته لأنه قد انقض زيته بتصبره. 5 أشراف: وإن صب زيته بتصبره. 6 أشراف: مكتالا منه وإن كان مكيالا منه خير من الزيت من قبل أنه غير الزيت ولو اغتصبه زيتا فأغلاه الخ ... 7 ن وأشراف: منه: أم: مثله. 8 ن: المكيال خيرا. 9 أم مد: ولو كان: أم ق: وكان. 10 ن: ما خلصه. 11 ن: وتكون المخالطة. 12 ن: لأن ما. 13 أم: قال الربيع: ويعطيه هذا الزيت بعينه وإن نقصه الماء ويرجع عليه بنقصه وهو معني قول الشافعي، قال الشافعي: ولو اغتصبه الخ. 14 أشراف: ولو اغتصبه الخ.

أن يسلمه إليه وما نقص مكيلته ثم إن كانت النار تنقصه شيئا في القيمة1 لم يكن عليه. 2وقال ولو غصبه حنطة جيدة فخلطها برديئة كان كما3 وصفت في الزيت4 يغرم له مثلها بمثل كيلها إلا أن5 يقدر على أن يميزها حتى تكون معروفة وإن خلطها6 بمثلها أو أجود كان كما وصفت في الزيت7 وإن خلطها بشعير أو ذرة أو حب غير الحنطة كان عليه أن يوخذ بتمييزها حتى يسلمها إليه بعينها بمثل كيلها وإن نقص كيلها8 ضمنه "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا استودع رجل رجلا حنطة وآخر شعيرا فخلطهما فعلى المستودع حنطة وشعير لهما مثل ما استودعاه أو قيمة ذلك قالوا وإن كان الخلط من غيره فإن الحنطة والشعير يباعان ويقسم الثمن على قيمة حنطة هذا وعلى قيمة شعير هذا وكذلك كل غاصب خلط متاع الناس بعضه ببعض فإن باع صاحب الحنطة والشعير سلعتهما جزافا فقال صاحب الحنطة كانت حنطتي كرين وقال صاحب الشعير بل كانت كرا أو قال صاحب الشعير كان شعيري كرين وقال صاحب الحنطة بل شعيرك كان كرا أحلف كل واحد منهما لصاحبه واقتسما الثمن على ما أقر كل واحد منهما لصاحبه.

_ 1 أم وأشراف: كان عليه أن يغرم له نقصانه وإن لم تنقصه شيئا في القيمة فلا شئ عليه 2 أم وأشراف: ولو اغتصبه حنطة الخ ... 3 أن ق: وصفنا. 4 أشراف: تقوم له مثلهما بمثل الخ ... 5 أم وأشراف: يكون يقدر. 6 أم: قال: ولو خلطه. 7 أم ق: بالشعير أو ذرة أو أخذ حب الخ ... 8 أم ق: شيئا ضمنه: أم مد: شيئا نقصه ضمنه.

1وقال أبو ثور إذا خلط المستودع الحنطة والشعير كان الحنطة والشعير بين الرجلين فإن كان نقص من قيمتها شيئا2 بالخلط كان على المستودع لأنه جان وكذلك إن كان الخلط من غير المستودع3 فالحكم واحد وكذلك في كل جان على شيء مما يكال أو يوزن إذا خلط بعضه ببعض وإذا اختلف رب الحنطة والشعير فيما كان لهما من مبلغ الحنطة والشعير مثل قول أبي حنيفة.

_ 1 أشراف: باب الرجلين يودعان الرجل شيئين فيخلط بينهما: قال أبو بكر: وإذا أودع رجل رجلا حنطة وأودعه آخر شعيرا فخلط بينهما فالحنطة والشعير بين الرجلين علي قدر أموالهما فإن كان نقص الخ ... 2 ن: بالحنطة. 3 أشراف: ما دخل في ذلك من النقص لأنه جاني وهذا يشبه مذهب الشافعي وبه قال أبو ثور.

واختلفوا حكم الغاصب يتلف ما غصب بسببه على يدي مالكه أو في مال مالكه

واختلفوا حكم الغاصب يتلف ما غصب بسببه على يدي مالكه أو في مال مالكه 1فقال الشافعي: 2إذا اغتصب رجل رجلا زعفرانا وثوبا فصبغ الثوب بالزعفران كان رب الثوب بالخيار في أن يأخذ الثوب مصبوغا لأنه زعفرانه وثوبه ولا شيء له غير ذلك أو يقوم ثوبه3 أبيض وزعفرانه صحيحا فإن كانت قيمته ثلثين قوم ثوبه مصبوغا بزعفران فإن كانت قيمته خمسة وعشرين ضمنه4 الخمسة لأنه أدخل عليه النقص5 وكذلك لو كان غصبه سمنا وعسلا ودقيقا فعصده كان للمغصوب الخيار في أن يأخذه معصودا ولا شيء للغاصب في الحطب والقدر والعمل من قبل أن ما له فيه أثر6 ولا عين أو يقوم له العسل منفردا والسمن والدقيق منفردين فإن كانت

_ 1 أم: قال: وإن غصبه زعفرانا الخ: أشراف: وكان الشافعي يقول: إن غصبه الخ ... 2 ن: فقال الشافعي: رجا رجلا الخ ... 3 ن: ثوبه وزعفرانه الخ ... 4 أم: خمسة. 5 أم: قال: وكذلك إن غصبه. 6 ن: لا.

قيمته عشرة وهو معصود قيمته سبعة غرامات له ثلاثة من قبل انه ادخل عليه النقص. 1وإن غصبه دابة2 وشعيرا فعلف الدابة الشعير رد الدابة والشعير3 لأنه هو المستهلك له وليس في الدابة عين من الشعير يأخذه إنما4 فيها منه أثر. 5ولو غصبه6 طعاما فأطعمه إياه والمغصوب لا يعلم كان متطوعا7 بالطعام وكان عليه8 ضمان الطعام وإن كان المغصوب يعلم أنه طعامه9 فلا شيء عليه من قبل أن سلطانه إنما كان على أخذ طعامه10 فقد أخذه11 وإن اختلفا فقال المغصوب أكلته ولا أعلم أنه طعامي وقال الغاصب أكلته وأنت تعلم فالقول قول المغصوب مع يمينه إذا أمكن أن12 يكون يخفي ذلك بوجه من الوجوه "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة وأصحابه13 إذا اغتصب رجل رجلا ثوبا أو

_ 1 أم ق: ولو. 2 ن: أو شعيرا الخ ... 3 أم: من قبل أنه. 4 ن: فيه. 5 أم: م قبل أنه. 6 أم مد: غصبه فاطعمه: أشراف: باب ذكر الغاصب ثم يطعمه صاحبه: وقلات طائفة: إذا أطعمه الخ ... 7 أم وأشراف: بالإطعام. 8 أشراف: الضمان وإن. 9 أم وأشراف: فاكله فلا الخ ... 10 ن: فهذا حده. أم ق: بعد أخذه. 11 أم: قال: وإن: أشراف: قال الشافعي: وإن. 12 أشراف: يكون ذلك. 13 أشراف: قال أبوبكر: واختلفوا في الرجل يغصب حنطة أو تمرا أو ثوبا يخفي، ثم إن الغاصب وهب ذلك الشئ لربه أو هاه إليه فأكل مالك الطعام الطعام، أو لبس الثوب حتي بلي، وهو لا يعلم أن ذلك له فقالت طائفة: لا شئ علي الغاصب لأنه قد رد إليه ملكه وإن كان لا يعلم هذا قول أي ثور وبه قال أصحاب الرأي.

حنطة أو تمرا أو شئيا مما يخفى ثم إن الغاصب وهبه لربه فأكله أو لبس الثوب حتى خرقة فلا شيء على الغاصب. قالوا فإن كان تمرا فاتخذ منه خلا ثم أهداه إلى صاحب التمر1 أو جعله نبيذا فسقاه فعليه قيمة التمر وكذلك كل شيء غيره عن حاله فهو ملك له وعليه قيمة الذي غيره2 الجوزجاني عن محمد. وقال أبو ثور إذا اغتصبه شيئا ثم أهداه إليه أو أطعمه إياه فلا شيء على الغاصب لأنه قد رد إليه ملكه وإن كان لا يعلم فإن كان تمرا فاتخذ منه خلا ثم أهداه إلى صاحب التمر كان عليه ما بين الخل والتمر من القيمة فإن كان الخل أكثر من قيمة التمر فهو لصاحب التمر وكذلك إن اغتصبه حنطة فجعلها سويقا أو دقيقا أو3 سميذا أو إطرية أن نشاستج ثم أهداه إلى صاحب الحنطة فإن عليه ما بين الحنطة وما جعله من النقصان وإن كانت قيمته أكثر أو مثل قيمته فلا شيء عليه. وقياس قول مالك في الغاصب يتلف ما غصب بسببه على يدي مالكه أو في مال مالكه إن كان استهلكه فليس له أن يرجع على الغاصب بشيء إلا أن يكون دخله عنده نقص قبل أن يجني عليه المغصوب منه فإن كان دخله نقص ضمن قيمة النقصان وكان ما بقي بعد ذلك من قيمته ساقطا عن الغاصب باستهلاك المغصوب منه إياه. وأجمعوا جميعا أن الرجل إذا استهلك لرجل بعض ما يكال أو يوزن أن

_ 1 أشراف قال أبو بكر: قال أصحاب الرأي: إذا غصبه تمرا فنبذه الغاصب وسقاه إياه، قال: الغاصب ضمن لثمن مثل ثمره أو قيمته لأنه استهلكه لحين نبذه. 2 أشراف: وقياس قولهم في الحنطة يغتصبها ثم يجعله سويقا أو دقيقا أو سنيدا أو نشاستج، ثم أهداه إلي صاحب الحنطة إن عليه قيمة كل شئ غيره عن حاله لصاحيه. 3 ن: سمذا.

عليه مثله وأنه إن لم يجد له مثله من جنسه فأراد أن يأخذه غيره بيعا بما لزمه مما لا يجوز أن ينسأ أحدهما في الآخر أنه جائز وأنه لا يجوز لهما الافتراق حتى يتقابضا وذلك مثل أن يهلك له حنطة فلم يجد المستهلك الحنطة لصاحبها حنطة مثل حنطته فأراد أن يعطيه شعيرا بحقه ورضي به صاحبه إن ذلك جائز إن تقابضا ذلك في مجلسهما الذي تبايعا فيه وإن افترقا قبل التقابض بطل البيع فيه.

واختلفوا في حكم المسلم يتلف خمر الذمي

واختلفوا في حكم المسلم يتلف خمر الذمي فقال مالك عليه قيمتها "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وقال الشافعي لا شيء على من أهلك خمرا لمسلم أو نصراني وكذلك إن قتل له خنزيرا "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة وأصحابه إن اغتصب النصراني لنصراني خمرا فاستهلكها حكم عليه بقيمة الخمر فإن أسلما لم يحكم عليه بشيء وإن أسلم أحدهما لم يحكم على المسلم ولا له بقيمة خمر وإن كان خنزيرا فأسلما أو أسلم أحدهما فإنه يقضى بينهما بالقيمة رواية أبي يوسف عن أبي حنيفة روى محمد عن زفر وعافية عن أبي حنيفة أنه كان يقول إن أسلم المغصوب فطلب الخمر لم يقض له به وإن أسلم الغاصب فعليه قيمة الخمر وإن أسلما جميعا بطلت وهو قول محمد. وقالوا إن اغتصب مسلم ذميا خمرا كانت عليه قيمتها ولا يكون عليه خمر مثلها وإن اغتصب مسلم ذميا خمرا فجعلها خلا كان له أخذها أو قيمة الخل وإن اغتصبه جلد ميتة فدبغه ثم استهلكه لم يكن عليه شيء في قول أبي حنيفة والفرق عنده بين الخمر إذا صارت خلا والجلد إذا دبغ أن صاحب الخل لو أصاب خله كان له أخذه ولم يغرم شيئا وإن صاحب

الجلد لو أصاب الجلد كان له أخذه ويغرم ما زاده الدابغ. وقال أبو يوسف ومحمد عليه إن استهلكه قيمة الجلد ويعطيه صاحب الجلد قيمة الدباغ. وقال أبو ثور إن اغتصب الذمي ذميا خمرا ثم ارتفعوا إلينا فاخترنا الحكم عليهم لم نحكم عليه إلا بما نحكم به بين المسلمين ولا نحكم عليهم بثمن خمر ولا خنزير ولا حرام وإن اغتصبها مسلم من مسلم واستهلكها فلا شيء عليه. 1قال وإن اغتصبه جلد ميتة مما يؤكل2 لحمه فدبغه فهو للذي اغتصب منه وإن استهلكه كانت عليه قيمته وذلك أنه لما دبغه حل بيعه وكان بالدباغ متطوعا لا شيء له3 فلما استهلكه بعد أن حل4 كان له قيمة والخمر لا قيمة لها5 فلا يحل بيعها. وأجمعوا أنه إذا اغتصبه عبدا أو أمة فلا شيء على المغصوب منه. آخر كتاب الغصب من الاختلاف والحمد لله وصلى الله على محمد وآله وسلم. وكتب محمد بن أحمد بن إبراهيم الإمام

_ 1 أشراف: وكان أبو ثور يقول: إن اغتصبه الخ. 2 أشراف: يوكل قيمته، قال: وذلك الخ. 3 ن: فيما. 4 ن: كانت قيمة. 5 أشراف: ولا.

كتاب الضمان والكفالة والحوالة

كتاب الضمان والكفالة والحوالة مدخل ... خرم الضمان والكفالة والحوالة 1قضائه اياه ذلك وذلك انه كان يقول الكفالة والضمان والحوالة معنى واحد وفي ضمان الضامن للمضمون له ما على غريمه وقبوله الضمان منه عنده براءة المضمون عنه من المال ووجوبه2 له على الضامن فللضامن من أجل ذلك المطالبة بالمال الذي كان3 عليه للمضمون له مثل الذي كان من ذلك للمضمون له على قوله. فإن اتبع المضمون له بما كان له على غريمه الضامن فلم يقضه الضامن ما ضمن له عن صاحبه حتى قضى المكفول عنه الكفيل ما تكفل عليه لغريمه فذلك حق للكفيل كان4 له قبل المكفول عليه يفعل به ما بدا له بمنزلة دين كان له قبل غريم له فقضاه إياه وذلك أن اتباع الغريم الكفيل براءة للمكفول عليه مما كان له قبله وتحول منه بحقه الذي كان له عليه على الكفيل وإن قضى ذلك المضمون عليه الضامن بعد اتباع الغريم بدينه الذي عليه الأصل وهو المضمون عنه كان للمضمون عنه حينئذ عندنا الرجوع على الضامن بما أعطاه من ذلك لأنه أعطاه مالا يحسب أنه لازم له إعطاؤه وهو له غير لازم فالواجب5 عليه رده عليه وغير جائز له إنفاقه ولا التصرف به وذلك أن الضامن قد بريء من الضمان باتباع المضمون له المضمون عنه فلا شيء للضامن قبل المضمون عنه عندنا. وأما على قول مالك فإن كان المضمون عنه أعطى الضامن ما أعطاه من

_ 1 ضاع ما كان قبل هذا من الكتاب فكتب في أعلي هذه الصفحة: فيه متفرقات الضمان: ولعل القائل هنا أبو ثور: قال ابن المنذر في الأشراف: وكانأبو ثور يقول: الكفالة والحوالة سواء. 2 أي علي المضمون له. 3 أي علي المضمون عنه. 4 ن: كان قبل. 5 أي علي الضامن.

ذلك ليؤديه إلى المضمون له فليس للضامن إنفاقه ولا التصرف به وذلك أن الضامن في هذه الحال على قوله فيما أعطى على سبيل ما وصفت وكيل المضمون عنه في إيصال ما دفع إليه ليوصله إلى غريمه فليس له في ذلك إلا ما لوكيل الرجل في ماله وإن كان أعطاه ما أعطاه على أنه قضاء منه له ما لزمه له بسبب ضمانه عنه ما ضمن لغريمه فإن الواجب على قوله أن لا يتصرف به وأن يرده على المضمون عنه لأنه لا سبيل للمضمون1 له على الضامن في قوله ما كان المضمون عنه مليا2 في القول الذي رجع إليه آخرا وإذا كان ذلك كذلك لم يكن للضامن في الحال التي لا سبيل للمضمون له اخذ ما للمضمون عنه على وجه الإقتضاء مما لزمه بضمانه لغرمائه ما ضمن له. وأما على قياس قول الأوزاعي والثوري والشافعي فإنه ليس للضامن التصرف به ولا إنفاقه والواجب عليه إما رده على المضمون عنه وإما قضى غريمه ذلك عنه ليبرأ به من حقه قبله لأن قياس قولهم إنه ليس للضامن قبل المضمون عنه مال بضمانه عنه ما لم يقض غريمه الدين الذي ضمن له عنه3. وقال أبو حنيفة وأصحابه إن قضى المكفول عنه الكفيل المال الذي كفل عنه قبل أن يقضي المكفول له ما كفل له على صاحبه فجائز. قالوا وللكفيل أن يتصرف به أو يكون له فضله من قبل أنه له

_ 1 ن: عليه. 2 قال الطحاوي في كتاب الكفالة والحوالة من كتاب اختلاف الفقهاء في باب في الكفالة بالمال: وقال مالك: إذا كان المطلوب مليا بالحق لم يأخذ الكفيل الذي كفل به عنه، ولكنه يأخذ حقه من المطلوب فإن نقص شئ من حقه أخذه من مال الحميل إلا أن يكون الذي عليه الدين فيخاف صاحب الحق إن يحاصه الغرماء أو كان غائبا فله أن يأخذ الحميل وبدعة. قال ابن القاسم: وقد كان مالك يقول له أن يأخذ أيهما شاء ثم رجع إلي هذا القول: قال المصحح لعل صوابه: أن يموت الذي عليه. 3 أم: الكفالة والحمالة والشركة: قال الشافعي: وإذا كان للرجل علي الرجال المال فكفل له به رجل آخر فلرب المال أن يأخذهما وكل واحد منهما لا يبرأ كل واحد منهما حتي يستوفي ماله إذا كانت الكفالة مطلقة وإذا كانت الكقالة بشرط كان للغريم أن يأخذ الكفيل علي ما شرط دونما لم يشرط.

ولو هلك منه كان ضامنا له من قبل أنه أخذه على وجه الأقتضاء. قالوا ولو اقتضاه الطالب من الذي عليه الأصل وغاب الكفيل ثم تقدم فإن للذي عليه الأصل أن يرجع بذلك على الكفيل من قبل انه أداها إلى الكفيل الأول مرة وأداها إلى الذي له الأصل. قالوا ولو أن الذي عليه الأصل لم1 يؤدها إلى أحد ولكنه دفعها إلى الكفيل فقال أنت رسولي بها إلى فلان الطالب فهلكت من الكفيل كان الكفيل مؤتمنا في ذلك ويرجع به على الذي عليه الأصل. قالوا ولو لم يهلك من الكفيل ولكنه عمل به فربح كان له الربح وإن وضع كانت عليه الوضيعة ويتصدق بالربح من قبل أن المال هو غاصب له قالوا ولو كان الدين طعاما فأرسل به الذي عليه الأصل مع الكفيل إلى الطالب فباعه الكفيل ثم اشترى طعاما مثله بدون ذلك فقضاه الذي2 عليه الأصل فإن الربح له في قول أبي حنيفة. وقال أبو حنيفة يتصدق به أحب إلي. قال ولو كان أعطاه الطعام اقتضاه مما كفل به فباعه فربح فيه فإن الربح له ولو تصدق به كان أحب إلي وقال أبو يوسف ومحمد لا يتصدق به. وأما على قول أبي ثور فإن المضمون عنه إذا أعطى الضامن المال الذي ضمنه عنه لغريمه فقد ملكه لأنه دين له عليه اقتضاه منه فله انفاقه والتصرف به وسواء كان قبضه ذلك من المضمون عنه قبل أدائه إلى المضمون له ما ضمن له عنه أو بعد أدائه ذلك إليه لأنه بضمانه ما ضمن عنه قد صار المضمون عنه غريما

_ 1 ن: يردها. 2 لعل صوابه: الذي له الأصل.

له وبرئ المضمون عنه مما كان للمضمون له قبله في قوله. 1قال وكفالة الرجل على كل من كفل عليه بمال المكفول له به ممن له على المكفول ذلك عليه جائز كائنا من كان ذلك المكفول عليه من ذكر أو أنثى قريب أو بعيد ولد أو والد صغير أو كبير بعد أن يكون المتكفل بذلك ممن يجوز فأما إن كان غير جائز حكمه في ماله فكفالته بما تكفل به من ذلك باطلة وهذا الذي قلناه قياس قول مالك والأوزاعي والثوري وهو نص قول أبي حنيفة وأصحابه وقياس قول الشافعي وأبي ثور. ولو أن رجلا له على رجل ألف درهم إلى اجل فكفل بها رجل ولم يسم في الكفالة الأجل وتصادق الكفيل المكفول له على الأجل غير أن المكفول له طالب الكفيل إذ لم تكن وقعت عليه له شهادة بضمانه إلى الأجل الذي يحل بمجيئه المال على المكفول عليه فإنه لا يجب للمكفول له على الكفيل مطالبة قبل محل الأجل الذي إليه المال على صاحب الأصل لأن المال المضمون عن المضمون عنه إلى أجل فلا يصير حالا على الذي2 هو عليه إلا بإبطاله الأجل وإنما يقوم الضامن إذا اتبعه المضمون له مقام المضمون عنه ولا يصير المال عليه حالا بضمانه إياه. وقال أبو حنيفة وأصحابه لو كان لرجل على رجل ألف درهم إلى أجل فكفل بها رجل ولم يسم في الكفل إلى أجل فان كفل فإن الكفيل لها ضامن إلى ذلك الأجل وإن لم يسم شيئا. فإن مات الكفيل قبل محل الأجل فأراد المكفول له أخذ حقه من مال الكفيل ولم يكن اختار قبل ذلك مطالبة الذي عليه الأصل ولا اتبعه به بعد ضمان الضامن له به إلى أن أراد أخذه من مال الضامن بموته قبل مجيء الأجل

_ 1 أي الطبري. 2 ن: الذي عليه.

الذي إليه المال على الذي عليه الأصل فإن ذلك1 للمضمون له لأن الذي على الميت إلى أجل يحل بموته وإن كان اتبع بذلك المضمون عنه قبل قيامه بالمطالبة به في مال الضامن بعد موته لم يكن له ذلك وكان حقه على المضمون عنه والضامن منه بريء لما قد وصفنا قبل وإذا كان الضامن منه بريئا لم يكن للمضمون له بسبب ما كان منه بريئا على ماله سبيل. وقال أبو حنيفة وأصحابه إن مات الكفيل قبل الأجل فهي عليه حالة تؤخذ من ماله قال فإن أخذ المكفول له ذلك2 بقيامه في مال الكفيل من مال الكفيل قبل اتباعه الذي عليه الأصل لم يكن لورثة الكفيل بسبب ما اخذ المكفول له من ماله مطالبة المكفول عنه قبل انقضاء الأجل الذي بمجيئه يحل المال عليه من أجل أنه لم يكن للمكفول له اتباع الكفيل به قبل انقضاء ذلك الأجل لو كان حيا وإنما كان له أخذه من ماله بموته لما ذكرنا من العلة وهي أن ما كان عليه من دين إلى أجل صار حالا بموته فليس لورثته من اتباع المكفول عنه الأصل الذي كان له في حياته وكذلك لو كان3 الميت هو الذي عليه الأصل قبل الأجل فأخذ حقه من ماله بحلول ما عليه من ديون غرمائه إلى أجل واختياره القيام بأخذه من ماله دون اختياره اتباع الكفيل به كان ذلك له إلا أن يكون قد كان اتبع الكفيل به قبل موت المكفول عنه أو قبل قيامه بذلك في مال الذي كان عليه الأصل فلا يكون له حيئذ على ماله سبيل وإنما يكون له اتباع الكفيل حينئذ ويصير الكفيل باتباع المكفول له إياه بدينه غريما من غرماء المكفول عنه يضرب في ماله بما اتبعه به المكفول له مع سائر غرمائه. وقال أبو حنيفة وأصحابه إن أخذ المكفول له حقه من مال الكفيل بموته لم

_ 1 ن: المضمون. 2 أي قيامه بأخذه. 3 كذا في النسخة ولعل صوابه: الميت قبل الأجل هو الذي عليه الأصل.

يرجع ورثته على الذي عليه الأصل حتى يحل الأجل قالوا ولو مات الذي عليه الأصل قبل الأجل حلت عليه ولم تحل على الكفيل إلا إلى الأجل. 1وقال ولو أن رجلا له على رجل ألف درهم حال من ثمن بيع فكفل به له رجل إلى سنة فالكفالة جائزة في قول الجميع ولا سبيل لرب المال على الكفيل حتى ينقضي الأجل وله إن شاء اتباع المكفول عنه بحقه حالا فإن اتبع المكفول عنه به بريء الكفيل من تباعته2 قبله بذلك للعلة التي قد بينا قبل. وقال أبو حنيفة وأصحابه ليس للطالب أن يأخذ الذي عليه الأصل3 بها حتى يحل الأجل قالوا وهذا من الطالب تأخير عن الذي عليه الأصل وقالوا ألا ترى أنه لو كان عليه ذكر حق بألف درهم وفلان كفيل به إلى سنة كان عليهما جميعا إلى سنة. وهذا إغفال منهم على مذهبهم لأن4 لرب المال عندهم لو أبرأ الضامن مما ضمن له لم يبرأ المضمون عنه وكان للمضمون له اتباع المضمون عنه بحقه حتى يستوفى جميعه فكذلك كان الواجب عليهم أن يقولوا إذا أخر الضامن بما ضمن لم يكن ذلك تأخيرا منه للمضمون عنه.

_ 1 أي الطبري. 2 بياعته. 3 كذا في النسخة: أي الدراهم: زلعل صوابه: به: أي الأصل. 4 كذا في النسخة.

القول في الكفالة بالمال إلى الأجال

القول في الكفالة بالمال إلى الأجال وإذا كفل رجل لرجل بمال له على أخر إلى العطاء أو خروج الرزق أو الحصاد أو الدياس أو النوروز أو المهرجان أو صوم النصارى أو فصحهم أو ما أشبه ذلك فهو حائز للعلة التي ذكرناها في الحوالة وكذلك كان أبو حنيفة وأصحابه يقولون:

ولو كان الكفيل قال للمكفول له إن مات فلان قبل أن يعطيك الألف الدرهم الذي لك عليه فأنا به كفيل لك أو كان ذلك إلى أجل فقال إن حل فلم يعطه فأنا به لك كفيل أو فهو لك علي فإن ذلك جائز وللمكفول له أخذ الكفيل به إن انقضى الأجل أو مات الذي عليه الأصل قبل أن يعطيه حقه أو يبرأ منه لإجماع جميعهم على إجازة الكفالة إلى أجل معلوم فالأجل المجهول غير مبطل الصحيح من الكفالة صح الأجل أو بطل إذا لم يكن ذلك على وجه المخاطرة وذلك أن الجميع مجمعون على أن رجلا لو قال لرجل بايع فلانا فما أوجب لك عليه من كذا إلى كذا فهو لك علي فبايعه المقول ذلك له ولزمه له مال مبلغه الحد الذي حده له أو دون ذلك إن ذلك لازم الآمر بمبايعة صاحبه وذلك أحل لا شك فيه مجهول لأنه لم يحد له في ذلك أجلا محدودا وإنما حد لمبلغ المال حدا فكذلك قوله إذا مات فلان أو انقضى الأجل وكالذي قلنا في ذلك قال أبو حنيفة وأصحابه. وإن كفل رجل على رجل بألف درهم لرجل له عليه ذلك إذا مطرت السماء أو هبت الريح أو إذا قدم فلان فإن الآجال في ذلك كله عندنا1 باطلة والكفالة جائزة والمال على الكفيل إن اتبعه به رب المال على ما بينا قبل حال وإنما أبطلنا الأجل في ذلك وجعلنا المال حالا لإجماع الحجة على ذلك وكذلك كان أبو حنيفة وأصحابه يقولون. وإذا كفل رجل على رجل بألف درهم لغريم له على أن يعطيه إياه من وديعة عنده لرجل آخر فإن ذلك كفالة باطلة لا يلزم الكفيل بها شيء لأنه إنما وعد رب المال أن يقضيه ما له على غريمه من مال لا يجوز له قضاؤه منه لأنه له غير مالك ولم يضمن له على أنه عليه فيكون ذلك ضمانا.

_ 1 ن: باطل.

وقال أبو حنيفة وأصحابه هذه كفالة جائزة وقالوا إن هلكت الوديعة فلا ضمان على الكفيل. وإذا كان لرجل عند رجل ألف درهم وديعة وعلى الذي له الوديعة ألف درهم لرجل فسأل الذي له الوديعة الذي عنده ذلك له أن يضمن الوديعة حتى يدفعها إلى الذي له عليه الألف الدرهم دينا قضاء من دينه ففعل ذلك الذي عنده الوديعة كان ذلك ضمانا باطلا ولم تكن الوديعة عند المودع مضمونة إلا أن يحدث فيها المودع حدثا يلزمه به ضمانها وكان لربها أخذها من المودع ولم يكن لغريم رب الوديعة على المودع سبيل بسبب ضمانه الوديعة لربها وإن هلكت الوديعة عنده لم يكن للمودع ولا1 للغريم عليه بسبب ذلك سبيل إذا لم يكن أحدث فيها حدثا يلزمه بسببه ضمانها وذلك أن الأمانة لا تصير مضمونة على المؤتمن إلا بإحداثه فيها من الحدث ما يلزمه به ضمانها فأما بقوله أنا لها ضامن فلا تصير مضمونة بإجماع الجميع على ذلك إذا كانت على غير وجه ضمانها لغريم لربها فكذلك حكمها في جميع الأحوال. وقال أبو حنيفة وأصحابه إن طلب رب الوديعة إلى الذي عنده الوديعة أن يضمن الوديعة حتى يدفعها إلى فلان قضاء بدينه ففعل كان ذلك جائزا ولم يكن لصاحب الوديعة أن يأخذها من الكفيل. قالوا فإن هلكت برئ الكفيل وإن اغتصبها إياه رب الوديعة برئ الكفيل وإن اغتصبها إنسان آخر فاستهلكها برئ الكفيل قالوا وكذلك لو ضمن له ألف درهم على أن يعطيه إياه من ثمن هذه الدار فلم يبعها لم يكن على الكفيل ضمان. ولو كفل رجل على رجل بمال عليه لرجل على جعل جعله له المكفول

_ 1 ن: للكفيل.

عليه 1فالضمان على ذلك باطل ولا يلزم الضامن للمضمون له شيء إن كان ضمن له ما ضمن على شرط جعل على الذي عليه المال أو على المضمون له في حال الضمان وإن كان ضمانه للمضمون له ما ضمن عن غريمه بغير شرط2 كان في حال الضمان عليه الجعل ولا على غريمه كان للمضمون له اتباع الضامن بما ضمن له عن غريمه ولم يكن للضامن من اتباع من جعل له على ذلك جعلا بما جعل له وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه. ولو أن رجلا كفل على رجل بمال عليه لأخر معلوم فاختلف الذي له المال والكفيل والمكفول عنه فقال الكفيل هو مائة وذلك جميع ما كفلت له عنه وقال المكفول عنه هو مائتان وذلك الذي كفل علي3 للغريم وقال المكفول له هو ثلثمائة فإن القول فيما يلزم الضامن إن اتبعه المضمون له بما ضمن له دون غريمه الذي عليه الأصل قول الضامن مع يمينه فيما أقر به أنه ضمن له عن غريمه إذا لم تكن للمضمون له بينة وعلى المضمون عنه الفضل عما أقر الضامن أنه ضمن عنه مما أقر به على نفسه والقول قول المضمون عنه في الزيادة التي ادعاها عليه المضمون له عما أقر به له مع يمينه لأنه لا يلزم أحدا مال بدعوى مدع ذلك عليه. وإن كان الضامن ضمن مالا عن المضمون عنه للمضمون له غير محدود المبلغ وقال له أنا ضامن لك ما لك على فلان من المال من غير أن يبين له مبلغ ذلك فإن ذلك عندنا ضمان باطل لا يلزم الضامن له شيء لإجماع الجميع على أن رجلا لو قال ما لزم فلانا اليوم من دين فهو علي من غير أن يبين المضمون ذلك له أن ذلك ضمان باطل فكذلك ذلك إذا لم يكن المضمون للمال مبينا.

_ 1 لعل صوابه: أو المكفول له فالضمان الخ ... 2 لعل صوابه: شرط جعل كان في حال الضمان عليه ولا الخ ... 3 ن: الغريم.

وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا ضمن ضامن لرجل مالا على رجل ولم يحد له مبلغ ذلك فالضمان جائز فإن اختلف الضامن والمضمون له والمضمون عنه فأقر الكفيل أنه مائة درهم وادعى الطالب أكثر من ذلك وأقر المكفول عنه بما قال الطالب فإن القول في ذلك قول الكفيل مع يمينه على عمله ويؤخذ بما أقر به به ويؤخذ المكفول عنه بالفضل الذي أقر به. ولو قال الضامن الذي ضمنت للمضمون له مائة درهم وقال المكفول له بل كفل لي عشرين دينارا وقال المضمون عنه بل ضمن له عني كر حنطة وذلك علي دون ما يدعى من الدنانير فإن القول في ذلك قول الكفيل مع يمنيه إن كان اتبعه به دون1 المضمون عنه إلا أن تكون له بينة على ما يدعي وإن نكل المتبوع2 منهما عن اليمين استحلف المكفول له3 ولزمه ما ادعى قبله من حقه إن حلف وبريء المتبوع4 والذي كان عليه الأصل في الحكم5 بما أقر له به لأنه يبرئهما منه. وقال أبو حنيفة وأصحابه لو أقر الكفيل بمائة درهم وادعى المكفول له عشرين دينارا وأقر المكفول عنه بكر حنطة فإن للطالب أن يحلف الكفيل على العشرين الدينار فإن حلف بريء منها وإن نكل عن اليمين لزمته ويحلف المكفول عنه عليها فإن حلف بريء منها وإن نكل عن اليمين لزمته وهما جميعا بريئان من الدراهم والطعام لأن الطالب لم يدعي شيئا من ذلك على واحد منهما. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم إلى أجل فقال رجل إن حل

_ 1 ن: الكفيل إلا. 2 ن: منها. 3 أي لزم المتبوع, 4 أي إن اتبع الكفيل دون الذي عليه الأصل. 5 لعل صوابه: مما.

مالك هذا على فلان فلم يوفكه فهو لك علي فإن حل المال فلم يوفه مع حلوله فهو على الكفيل وكذلك إن قال إذا حل مالك على فلان فهو علي1 فإن حل الأجل الذي ضمن له بمضيه إن لم يوفه غريمه ما له عليه فإن للمكفول له بمضيه إن لم يوفه غريمه بماله الخيار في اتباع من شاء من غريمه والكفيل بماله فأيهما اتبع بذلك كان الآخر بريئا ولزم ذلك المتبع به ولو كان المال حالا فقال له إن لم يعطك مالك فلان فهو علي فتقاضى الطالب المطلوب فلم يعطه حتى تقاضاه كان للمكفول له الخيار على ما وصفنا. وقال أبو حنيفة وأصحابه في ذلك مثل الذي قلناه وقد بينا العلة في المسألة قبلها.

_ 1 ن فإن: الأجل.

القول في الجماعة يضمنون عن رجل عليه لاخر مال ثم يضمن ذلك الضمناء له بعضهم عن بعض

القول في الجماعة يضمنون عن رجل عليه لاخر مال ثم يضمن ذلك الضمناء له بعضهم عن بعض وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم من ثمن متاع باعه إياه وكفل بذلك عليه ثلاثة نفر كل واحد منهم بثلثه وكفل الكفلاء بذلك بعضهم على بعض وضمنوه له فإن للذي له المال أن يتبع بحقه من شاء من الذي عليه أصل ماله ومن الكفلاء فإن اتبع الذي عليه أصل ماله برئ الكفلاء كلهم من كفالتهم له لم بما كفلوا له وإن اتبع بعض الكفلاء بذلك كله دون الآخرين برئ الذي عليه الأصل والكفيلان اللذان ترك اتباعهما به وكانت له مطالبة الذي اتبعه بجميع حقه وذلك أن كل واحد ضامن له جميع ماله الثلث من ذلك بضمانه إياه له عن الذي عليه الأصل والثلثان الآخران بضمانه ذلك عن صاحبيه اللذين هما معه في الضمان عن الذي عليه الأصل فإذا كان ذلك كذلك فبين أن له على القول الذي دللنا على صحته أن يتبع بجميع حقه من شاء من صاحب الأصل

والكفلاء على ما قد بينا وأنه إن اتبع أحد الكفلاء بجميع ماله برئ الآخرون من تباعته قبلهم وإن اتبع بعضهم بما كفل له عن صاحب الأصل خاصة دون ما كفل له من ذلك عن صاحبيه فله ذلك لأن الذي كفل له من ذلك عن كل واحد منهم غير الذي كفل له عن الآخرين فإذا كان ذلك كذلك فاتباعه إياه بما وجب له من قبل بعضهم غير موجب للآخرين براءة من مطالبته قبلهم بما لزمهم له وإنما ذلك براءة لمن انتقل عنه بما له عليه إلى من انتقل إليه وإذا اتبعه بما كفل له عن صاحب الأصل برئ الذي كان عليه أصل ماله1 إذ الكفلاء ثلاثة من ثلث ماله وبريء أيضا من ذلك شريكاه في الكفالة ثم كان له أيضا الخيار في الثلثين الآخرين إن شاء اتبع بذلك الذي عليه الأصل وإن شاء اتبع بجميعه أحد الكفلاء الثلاثة فأيهم اتبع به كان برءاة للآخرين منه وإن اتبع بعضهم بثلث آخر وهو نصف الباقي من حقه كان ذلك أيضا براءة لمن ترك تباعته به وكان له من الخيار في اتباع من شاء أيضا بالثلث الآخر على نحو ما قد بيناه وهذا على مذهب ابن شبرمة في القول الذي ذكرنا عنه في الضمان2. وأما على قول مالك فإنه لا سبيل للمضمون له في قوله الآخر على أحد من الضمناء ما دام الذي عليه الأصل مليا بحقه فإن أعدم كان له حينئذ اتباع الضمناء بحقه. وأما على قياس قول الأوزاعي والثوري وهو قول أبي حنيفة وأصحابه فإن لرب المال أخذ الذي عليه الأصل والكفلاء جميعا أو من شاء منهم بجميع حقه

_ 1 ن: إن. 2 طحاوي: قال أبو يوسف وابن شبرمة في الكفالة: إن اشترط أن كل واحد منهما كفيل عن صاحبه فأيهما اختار ابرأت الآخر إلا أن اشترط أن يأخذهما إن شاء جميها وإن شاء شتي. وروي شعيب بن صفوان عن ابن شبرمة فيمن ضمن عن رجل مالا: أنه يبرأ المضمون عنه والمال علي الكفيل. وقال في: رجل أقرض رجلين ألف درهم علي أن كل واحد منهما كفيل عن صاحبه فليس له أن يأخذهما بجميع المال إنما له أن يأخذه بما كفل به عن صاحبه وهذا خلاف رزاية أبي يوسف.

إن شاء اخذهم بجميعه جميعا معا وإن شاء أخذ به بعضهم دون بعض ولا يبرئ أخذه من أحد منهم بجميع حقه اخذه به منه الباقين حتى يستوفي جميع حقه منهم أو من بعضهم سواء في ذلك كان بعضهم به مليا أو غير ملي في أن له اتباع الآخرين بجميع ذلك على ما وصفت في قولهم. وهذا القول أيضا قياس قول الشافعي. 1وأما على قياس قول ابن أبي ليلى فإن النفر الثلاثة إذا ضمنوا عن الذي عليه أصل المال بأمره لرب المال ما له عليه برئ المضمون عنه من مطالبة غريمه إن كان الضمناء أملياء بما ضمنوا عنه لغريمه وكان الغريم اتباع كل واحد من الضمناء بثلث ما كان له على صاحبه وكذلك ذلك إذا ضمن له كل واحد من الضمناء الثلاثة عن كل واحد من صاحبيه ما عليه له بضمانه عن صاحب الأصل لأن ما على كل واحد منهم بذلك الضمان يتحول على ضامنه ذلك عنه فيصير عليه ويبرأ المضمون ذلك عنه. وهذا قياس قول أبي ثور في ذلك. فإن أخذ بعض الكفلاء رب المال بحقه كله فأداه إليه والمسألة على ما ذكرنا قبل كان للمؤدي اتباع صاحب الأصل بثلث ما أدى إلى غريمه عنه بضمانه عنه لأن الذي ضمن عنه لغريمه كل واحد من الضمناء الثلاثة الثلث دون الجميع وكان له الخيار بعد في اتباع من شاء من صاحبيه بنصف جميع المال وذلك ثلث

_ 1 أم ق: اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلي: باب الحوالة والكفالة والدين: وإذا كان لرجل دين فكفل له به عنه رجل فإن أبا حنيفة كان يقول: للطالب أن يأخذ أيهما شاء فإن كانت حوالة لم يكن له أن يأخذ الذي أحاله لأنه قد ابرأه. وبهذا يأخذ. وكا ابن أبي ليلي يقول: ليس له أن يأخذ الذي عليع الأصل فيهما جميعا لأنه حيث قبل منه الكفيل فقد ابرأه من المال أن يكون المال قد توي قبل الكفيل فيرجع به علي الذي عليه الأصل وإن كان كل واحد منهما كفيلا عن صاحبه كان له أن يأخذ أيهما في قولهما جميعا. وقال ابن المنذر: وكان أبو ثور يقول الكفالة والحوالة معني واجد ولا يجوز أن يكون مالا واحدا علي اثنين وبه قال ابن أبي ليلي إلا أن يشترط المكفول له أن يأخذ أيهما شاء.

جميعه وسدسه وهو حصة من اتبع منهما مما لزمه بكفالته لرب المال عن الذي كان عليه الأصل ونصف حصة الثالث وهو السدس فإن اتبع أحدهما بذلك برئ صاحبه الآخر من مطالبته قبله فيما أدى إليه صاحبه عنه وكان له اتباعه بالسدس الباقي له عليه وإنما كان له اتباع من شاء منهما على ما وصفت لأنه بأدائه إلى الغريم جميع ما كان له على المضمون عنه قد أدى عن كل واحد من صاحبيه بأمره إياه إلى الغريم جميع ما لزمه له بضمانه ما ضمن له عن الذي عليه الأصل وما لزمه له بضمانه عن شريكيه في الضمان. وإنما لم نجعل للذي أدى جميع المال أن يرجع على أحد الشريكين في الكفالة بالثلثين كله لأن الثلث الذي كان لزم الثالث كان كفيلا عنه به الثاني ومؤدى الجميع فإنما كان له اتباعه بنصف ذلك وإن شاء اتبع كل واحد منهما بنصف الثلثين وذلك ما ضمنه عنه مما كان عليه بضمانه عن الذي كان عليه الأصل دون الذي لزمه بضمانه عن 1شريكيه في الضمان معه. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا كان لرجل على رجل ألف درهم من ثمن متاع باعه إياه وكفل به عنه ثلاثة نفر وبعضهم كفيل على بعض 2ضامنين لذلك فأدى أحد الكفلاء المال فإن له أن يرجع على الذي عليه الأصل بالمال كله وله أن يرجع على شريكيه في الكفالة إن شاء بثلثي المال ويترك صاحب الأصل وإن شاء ترك أحد الكفيلين وأخذ الآخر بالنصف ثم 3يتبع هو الذي أدى إليه النصف الكفيل الآخر بالثلث ثم يتبعون الذي عليه الأصل بالمال كله. قالوا ولو كان ثلاثة نفر عليهم جميعا ألف درهم وبعضهم كفلاء عن

_ 1 ن: شريكه. 2 ن: ضامنون. 3 ن: تتبع.

بعض فأدى المال أحدهم كله فإنه إن شاء رجع على كل واحد منهما بالثلث وإن شاء رجع على أحدهما بالثلث وبالسدس حتى يكون قد أدى حصته1 وشريكه في الغرم ثم يتبعان الآخر بالثلث. وهذا الذي قاله أبو حنيفة وأصحابه في الثلاثة يضمنون عن رجل ألف درهم بأمره إياهم بضمان ذلك ويضمن كل واحد منهم عن كل واحد من صاحبيه ما لزمه من ذلك بضمانه على قولهم إذا كان ضمان كل واحد منهم عن المضمون عنه جميع الألف. فأما على مذهبنا فإن القول في ذلك خلاف ما قالوا والقول في ذلك عندنا إذا كان كل واحد منهم ضامنا عن صاحب الأصل جميع ما عليه لرب المال وهو ألف درهم وكان كل واحد من الكفلاء كفيلا عن كل واحد من صاحبيه بجميع ما ضمن عن صاحب الأصل لرب المال إن لرب المال اتباع من شاء من الذي عليه الأصل والكفلاء فإن اتبع بحقه الذي عليه الأصل بريء الكفلاء كلهم مما لزمهم له بضمانهم عن الذي عليه الأصل حقه ومن كفالة بعضهم على بعض له به وان اتبع بعض الكفلاء بذلك بريء الذي عليه الأصل وسائر الكفلاء من ذلك ولم يكن لرب المال قبل أحد منهم مطالبة فإن أدى المتبع من الكفلاء بذلك الجميع كان له اتباع الذي عليه الأصل به. ولو كان أصل المال على ثلاثة نفر دينا عليهم وكل واحد منهم كفيل على كل واحد من صاحبيه بجميع ما عليه بأمره إياه بذلك فلقي رب المال أحدهم فطالبه بجميع حقه بريء صاحبا المطلوب منهم من مطالبة رب المال لأنه باتباعه أحدهم به قد ابرأ الاخرين من مطالبته للعلة التي بينت قبل فإن أدى المتبع جميع ما لرب المال عليه وعلى شريكيه كان له اتباع من شاء من صاحبيه بثلث وسدس

_ 1 لعل صوابه: ونصف حصة شريكه.

جميع ما كان لرب المال عليهم الثلث بأدائه ما كان عليه له بضمانه ذلك عنه والسدس بأدائه إليه ما كان لزمه بكفالته عن شريكه ثم يتبعان جميعا الثالث بما أديا عنه مما كان لزمهما بكفالتهما عليه وإنما لم نجعل لمؤدي جميع حق صاحب المال إليه اتباع الثاني بالثلثين لأنه إنما كفل عليه لرب المال ما كان له عليه وهو الثلث من جميع حقه وإن ما كان على الثالث فإنه والثاني كانا شريكين في الكفالة له عليه فإنما كان لزم كل واحد منهما نصف ذلك دون الجميع وهو السدس من أصل المال. وإذا كفل رجل عن رجل بألف درهم لآخر ثم كفل الذي عليه الأصل آخر فذلك جائز في قول الجميع. ولصاحب الحق عندنا أن يتبع أي الثلاثة شاء بجميع حقه فإن اتبع الذي عليه الأصل برئ الكفيلان من تباعته قبلهما وإن اتبع أحد الكفيلين بذلك برئ الكفيل الأخر. والذي عليه الأصل فإن أدى المتبع من الكفيلين ذلك كان له الرجوع به على صاحب الأصل ولم تكن له على الكفيل الآخر سبيل في قول الجميع لأنه إنما كفل ما كفل على صاحب الأصل دون الكفيل الأخر فإن لم يتبع رب المال بذلك أحدا من هؤلاء الثلاثة حتى قال الكفيلان جميعا له كل واحد منا لك على صاحبه كفيل بما لزمه لك من هذا المال بكفالته ذلك على فلان لك فكان ذلك من كل واحد منهما بأمر صاحبه إياه به ثم اتبع رب المال أحدهما بالمال كله فأداه إليه كان له إن شاء اتباع الذي كان عليه الأصل بجميع الألف وله إن شاء اتباع صاحبه في الكفالة بالنصف من الأول فإذا اتبعه بذلك النصف برئ الذي عليه الأصل من تباعته بذلك النصف فإذا قبض ذلك النصف منه كان له وللكفيل الآخر اتباع المكفول عليه بجميع ما كانا كفلا عنه. وهذا قياس قول ابن شبرمة.

وأما على قول مالك فإنه ليس لرب المال سبيل إلا على غريمه دون الكفيلين ما دام مليا فإن صار معدما1 كان له اتباع من شاء من الكفيلين بما له فإن اتبع أحدهما به فقضاه حقه كله كان له الرجوع به على المتحمل عنه. وأما على قول الثوري والأوزاعي وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وقياس قول الشافعي فإن لرب المال إذا كان الأمر على ما وصفنا اتباع من شاء من غريمه وكل واحد من الكفيلين حتى يستوفي جميع حقه فأيهم اتبع بذلك لم يبرأ الآخران من مطالبته به فإن أدى ذلك الغريم برئ هو والكفيلان منه وإن أداه أحد الكفيلين رجع بجميعه إن شاء على الذي عليه الأصل وإن شاء رجع بنصفه على شريكه في الكفالة ثم رجعا جميعا على الذي عليه الأصل كل واحد منهما بنصفه. وأما على قول أبي ثور فإن الذي عليه المال بضمان الكفيل الأول عنه ما ضمن عنه قد برئ مما كان لرب المال عليه له وصار المال على الكفيل وكفالة الثاني عنه له ما كفل عنه من ذلك باطلة لأنه في حال ما كفل عنه لم يكن لرب المال عليه شيء وإنما لرب المال اتباع الكفيل بماله فإن كفل على قوله على الكفيل كفيل آخر وقبل الكفالة رب المال فقد برئ الكفيل الأول على قوله وصار المال على الكفيل الثاني فإن أدى ذلك الثاني إلى رب المال ما كفل عن كفيل الذي عليه الأصل رجع به على من كفل به عنه وهو الكفيل الأول ورجع به الكفيل الأول على الذي عليه الأصل. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فكفل به عليه رجل بأمره ثم إن الذي له المال أخذ الكفيل بذلك فأعطاه به كفيلا آخر فأداه الآخر إلى الطالب باتباع المكفول له إياه فإنه لا سبيل له على الذي كان عليه الأصل بسبب أدائه ذلك إلى رب المال لأنه لم يأمره بضمان ذلك عنه ولا ضممه عنه ولكنه إن أراد

_ 1 ن: معه مال.

اتباع الكفيل الأول الذي أمره بكفالته لرب المال به عليه كان له ذلك لأنه عنه ضمن لا عن الذي عليه الأصل وللكفيل الأول اتباع الذي عليه الأصل به. وهذا الذي قلنا في ذلك قياس قول مالك والأوزاعي والثوري وهو قول أبي حنيفة وأصحاب وقياس قول الشافعي وأبي ثور. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فكفل به عنه رجلان ولم يقل كل واحد منهما كل واحد منا لك كفيل على صاحبه فإن كل واحد منهما يؤدي النصف ولا يرجع واحد منهما على صاحبه بشيء ولكن صاحب المال إن اتبع الذي عليه الأصل1 بماله برئ الكفيلان وإن اتبع أحد الكفيلين بما كفل كان له أخذه بنصف ما على صاحب الأصل وبرئ صاحب الأصل من ذلك النصف ورجع الكفيل المتبع بذلك على صاحب الأصل ثم إن اتبع بالنصف الآخر غريمه كان ذلك له وبرئ الكفيل الآخر من ذلك النصف2 وإن اتبع به الكفيل الآخر برئ منه صاحب الأصل ورجع به المتبع على الذي عليه الأصل وهذا قياس قول ابن شبرمة. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا كان لرجل على رجل ألف درهم فكفل به عنه رجلان ولم يقل كل واحد منهما إنه كفيل عن صاحبه فإن كل واحد منهما يؤدي النصف ولا يرجع على صاحبه بشيء فإن لم يؤد واحد منهما شيئا حتى قالا للطالب أينا شئت أخذت به أو كل واحد منا كفيل ضامن له فهو جائز ويأخذ أيهما شاء بالمال كله فإذا أداه رجع على صاحبه بالنصف. قالوا وإن كانت هذه الكفالة متفرقة أو مجتمعة أو قالا هذه المقالة حين كفلا فهو سواء وإن لقي أحدهما فاشترط ذلك عليه بأمر صاحبه ولقي الآخر

_ 1 ن: ماله. 2 ن: ومن.

فاشترط مثل ذلك عليه بأمر صاحبه فهو سواء عندهم وأيهما أدى المال رجع على الكفيل معه بالنصف. وإذا كتب رجل ذكر حق على رجل بألف درهم وفلان وفلان كفيلان به وأيهم شاء أخذه به فأقر المطلوب والكفيلان بذلك فهو جائز فإن اتبع رب المال أحد الكفيلين بما له عليه بالكفالة فأداه إليه لم يكن له الرجوع بما أدى من ذلك على المكفول به عنه إن لم يكن كفل عنه ما كفل بأمره وإن اختلف الكفيل 1المؤدي والمكفول عنه فقال الكفيل أديت ما أديت عنك إلى غريمك بأمرك فهو عليك وقال المكفول عنه بل أديت ذلك عني بغير أمري وكنت به متبرعا كان القول في ذلك قول المكفول عنه مع يمينه في أنه أدى ما أدى عنه بغير أمره فإن حلف بريء إلا أن يأتي الكفيل ببينة عادلة أنه أدى ما أدى عنه إلى غريمه بأمره إياه بأدائه إليه فإن احضر الكتاب الذي ذكرنا فشهد الشهود على الذي كان عليه المال وعلى الكفيلين بما فيه ولم يكن فيه إلا فلان وفلان كفيلان بذلك وأيهما شاء أخذه به لم يكن للكفيل المؤدي على المؤدي عنه سبيل بما أدى عنه إلا أن يكون في الكتاب وفلان وفلان كفيلان بذلك على فلان بأمره إياهما بذلك وشهد الشهود على إقرارهم بذلك فإن كان في ذكر الحق وشهد الشهود على إقرارهم به فقضى حينئذ للكفيل المؤدي عنه بما أدي عنه إلى غريمه من ذلك والذي يلزمه كل واحد من الكفيلين اللذين كفلا لرب الألف الدرهم الذي على المكفول عليه على ما وصفت في كتاب ذكر الحق النصف منه وهو خمس مائة وذلك أنهما جميعا كفلا لرب المال بالألف ولم يتفرد كل واحد منهما بضمان جميع ما له عليه فإن كان في كتاب ذكر الحق وكل واحد من فلان وفلان كفيل لفلان بجميع الألف أو بجميع ذلك أو بجميع ما عليه من المال المسمى مبلغه في هذا الكتاب وهو ألف درهم فاتبع غريم المكفول عليه أحد الكفيلين بجميع ما له على المكفول عليه

_ 1 ن: والمؤدي.

كان ذلك له حينئذ وإنما جعلنا ذلك له لأن كل واحد من الكفيلين قد ضمن له على انفراده جميع ما له على غريمه. وقال أبو حنيفة وأصحابه لو كتب الغريم ذكر حق على رجل بألف درهم وفلان وفلان كفيلان به وأيهم شاء أخذه به فأقر المطلوب والكفيلان بذلك فهو جائز وإن أدى أحد الكفيلين المال رجع على الذي عليه الأصل به كله وإن شاء رجع على الكفيل معه بنصفه قالوا وإقرارهما بهذا القيل بمنزلة طلب الذي عليه الأصل إليهما أن يكفلا عنه. وإذا كان لرجل على ثلاثة أنفس ألف درهم وبعضهم كفيل بذلك عن بعض بأمر بعضهم بعضا فاتبع رب المال أحدهم بالألف فإن كان كل واحد من النفر الثلاثة كفل له على كل واحد من صاحبيه بجميع ما له عليه بالقرض وبالكفالة فذلك له ويبرأ الآخران من المال والكفالة ولم يكن له سبيل إلا على الذي اتبعه بماله فإن أدى المتبع منهم المال كله رجع على صاحبيه بما أدى عنهما بأمرهما وذلك الثلثان وإن اتبع رب المال أحدهم بما عليه في خاصة نفسه مما اقترضه منه دون الذي له عليه بالكفالة عن1 صاحبيه فأدى ذلك وذلك ثلث الألف لم يكن للمؤدي ذلك سبيل على واحد من صاحبيه لأن ذلك هو الذي عليه باقتراضه من غريمه دون 2صاحبيه ولم يؤد عن الغريمين الأخرين شيئا بسبب الكفالة عنهما فيكون له الرجوع به على من أدى ذلك عنه. فإن كان رب المال اتبع أحدهما بما عليه من دينه بسبب القرض وبسبب كفالته ما كفل له عن أحد صاحبيه في الكفالة دون ما على الثالث برئ الذي اتبع بحصته من الذي على صاحبه المتضمن عنه فإن أدى جميع ذلك كان للمؤدي ذلك

_ 1 ن: ذلك لأن. 2 ن: صاحبه.

حينئذ الرجوع على الذي أدى حصته من الدين بالنصف مما أدى إلى رب المال وذلك ثلثا جميع حقه نصف ذلك كان على المؤدي دينا في نفسه بسبب اقتراضه ذلك ونصفه الآخر بسبب كفالته عن الذي أدى عنه وإن كان رب المال اتبعه بجميع ما عليه بسبب اقتراضه ما اقترض منه وبسبب ما لزمه به بكفالته عن صاحبيه برئ حينئذ الغريمان الآخران من تباعته قبلهما فإن أدى الألف كله رجع حينئذ على كل واحد من صاحبيه إن شاء بما كان عليه جميع ما لرب المال وهو النصف بعد حصة المؤدي من الدين عليه وإن شاء رجع عليه بجميع ما عليه بسبب القرض والكفالة وذلك ثلث وسدس وهو نصف جميع ما لرب المال الثلث من ذلك بأدائه عنه ما كان عليه من دين غريمه ونصف الثلث الآخر لأنه كان والمؤدي شريكين في الكفالة عن الثالث فإنما أدى عنه المؤدي ما لزمه بسبب الكفالة وذلك نصف الثلث ثم يتبع كل واحد منهما الثالث بالسدس وذلك نصف جميع ما كان عليه لرب المال بسبب القرض. وقال أبو حنيفة وأصحابه إن كان لرجل على ثلاثة رهط ألف درهم وبعضهم كفلاء على بعض به فأدى أحدهم مائة درهم فإنه لا يرجع على صاحبيه بشيء منها لأنها من حصته وكذلك كلما أدى حتى يبلغ الثلث فهو من حصته قالوا ولو قال هذا المال عن صاحبي جميعا لم يكن ذلك على ما قال لأن المال واحد وكل شيء أدى من ذلك فهو عن نفسه خاصة ما بينه وبين الثلث فإن زاد على الثلث فالزيادة عن صاحبيه لا يستطيع أن يصرفها إلى أحدهما دون الآخر ولكن عن كل واحد منهما النصف إن لقيه أخذه بذلك وبنصف ما غرم عن الآخر. وقالوا إذا كان لرجل على رجل ألف درهم فكفل به عنه رجلان على أنه يأخذ أيهما شاء به فأدى أحدهما مائة فقال هذه من حصة صاحبي الكفيل معي

_ 1 ن: إلا.

فإنه لا يكون على ما قال ولكنها من جميع المال ويرجع على صاحبه بنصفها حتى يشاركه في الغرم. وإذا كان لرجل على رجلين ألف درهم وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه فلزم رب المال أحدهما فأعطاه كفيلا به فأخذ الكفيل فأداه فإن الكفيل يرجع بذلك كله على الذي طلب إليه أن يكفل به ولا يرجع على الآخر منه بشيء لأنه لم يطلب إليه أن يكفل عنه بشيء فإذا أداه الذي طلب إليه أن يكفل رجع على صاحبه بالنصف في قولنا وقول أبي حنيفة وأصحابه. وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم وكفل به عنه رجلان أحدهما عبد أو مكاتب فإنه لا تجوز كفالة المكاتب والعبد وأما كفالة الحر فجائزة ويلزمه نصف الألف بكفالته إن اتبعه بذلك المكفول له وإنما لم تجز كفالة العبد والمكاتب لأن ذلك ضرر عليهما فيما في أيديهما من الأموال وليس لهما أن يعملا فيما في أيديهما من الأموال إلا بما فيه الصلاح له إلا أن يكون مولى العبد لم يأذن له أن يتصرف فيما في يده فلا يكون له أن يحدث فيه حدثا بوجه من الوجوه1 لا بما فيه الصلاح له ولا بما فيه الفساد عليه. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا كان لرجل على رجل ألف درهم يكفل به عنه رجلان أحدهما عبد أو مكاتب فإنه لا يجوز على المكاتب ولا على العبد ولا يجوز على الآخر النصف فإن عتق المكاتب يوما أو العبد جاز عليه النصف قالوا ولو كان اشترط إن كل واحد منهما كفيل ضامن عن صاحبه فعتق العبد فأخذه بالمال فأداه كان للعبد أن يرجع على الكفيل معه بالنصف ثم يتبعان الذي عليه الأصل فما أدى إلى أحدهما شركه فيه الآخر. ولو أن رجلا كفل لرجل على آخر بمال له عليه وهو ألف درهم بأمره إياه

_ 1 ن: إلا.

بذلك فاتبع الذي له المال الكفيل فأداه الكفيل إليه من ماله ثم رجع الكفيل على المكفول عليه بما أدى عنه فأنكر المكفول عنه أن يكون امره أن يكفل عنه أو يكون كان للمؤدي إليه شيء مما ذكر أنه أداه إليه عنه فأقام الكفيل البينة انه كان لفلان بن فلان على فلان بن بن فلان هذا الألف الدرهم وأن فلانا هذا امره أن يضمن ذلك له عنه وأنه ضمن ذلك له بأمره وأداه إلى المضمون ذلك له فإن اللازم للحاكم أن يقبل ذلك منه ويسمع من بينته ويقضي له بالمال على المكفول عليه فإن استوفاه ثم قدم المكفول1 له فادعى المال وجحد القبض لم يكلف الحاكم الكفيل المؤدي ولا الغريم الذي حكم به عليه بقضاء الكفيل ما أدى عنه أعادة البينة2 وامضى الحكم الذي حكم به على المكفول عليه على رب المال وبرئ الغريم والكفيل من مطالبته قبلهما بما شهدت شهود الكفيل عليه باقتضائه من كفيل غريمه. وكالذي قلنا في ذلك قال أبو حنيفة وأصحابه.

_ 1 ن: عليه. 2 ن: وامضا.

احكام الكفالة بالنفس

أحكام الكفالة بالنفس اختلفوا في حكم الكفالة بالنفس وهل يلزم بها المتكفل للمتكفل له بشيء؟. فقال مالك وسئل عن الذي يتحمل بعين الرجل الذي عليه الحق فقال إن تحمل بعينه مبهمة فلم يأت به رأيت عليه ما كان عليه من الحق إلا أن يقول حين تحمل به إنما أتحمل بعينه آتيك به لست من الذي عليه في شيء فذلك له. وقال الأوزاعي في الرجل يتكفل بوجه الرجل إلى أجل قال: إن

جاء به وإلا ضمن ما عليه قيل له فهل يضرب له أجل قال ينفس بقدر ما يرى أنه يجده فإن هو جاء به وإلا ضمن حدثت بذلك عن عمر بن عبد الواحد عنه و"حدثني ابن البرقي قال حدثنا عمرو بن أبي سلمة التنيسي" قال سألت الأوزاعي عن رجل اجتعل بوجه رجل ثم هرب المجتعل به قال يؤجل حتى يجئ به قلت فإنه ادعى أنه بمصر قال مصر بعيد قلت الشام قال نعم قلت فإن الإمام أجله فلم يأت به فضمنه الإمام الحق ثم جاء المجتعل به بعد فقال هذا جعيلك قال ليس ذلك له إذا ضمنه الإمام ولكن يكون له الحق1 بأخذه منه. وقال الثوري في رجل كفل لرجل برجل فهرب قال يحبس "حدثنا بذلك علي قال حدثنا زيد عنه". وقال أبو يوسف سألت أبا حنيفة عن الرجل يكفل بنفس الرجل هل يحبس به حتى يجيء به قال نعم2 إذا لم يأت به حبس ولا يكون ذلك في أول ما يتقدم به الجوزجاني عن محمد عن أبي يوسف. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا كان المكفول له به غائبا في بلاد أخرى قد علم القاضي أو قامت به بينة أجل الكفيل أجلا مقدار الذهاب والجيئة فإن جاء به وإلا حبسه. وقالوا إذا كفل3 رجل بنفس رجل فمات الكفيل والمكفول به حي فإنه لا سبيل للمكفول له على ورثة الكفيل ولا في شيء من تركته من قبل أنه لم يكفل بالمال

_ 1 ن: يأخذه. 2 ن: إذا إذا لم. 3 ن: نفس.

قال وإذا كفل الرجل بنفس الرجل ثم أقر الطالب أنه لا حق له قبل المكفول به وأراد أخذ الكفيل به فإن له أخذه به وقالوا ألا ترى أنه يكون وصيا لميت له عليه حق أو وكيل رجل في خصومة له قبل ذلك الرجل حق فيأخذ الكفيل بذلك وقالوا إذا كفل رجل بنفس رجل ثم إن الطالب لقي المكفول له فخاصمه ولزمه وأخذ منه كفلاء أخر أو لم يأخذ منه فإن أبا حنيفة قال لا يبرأ الكفيل الأول من قبل أنه لم يدفعه ولم يبرأ منه ولم يبرئه الطالب الجوزجاني عن محمد. وقال الشافعي:1 الكفالة بالوجه ضعيف "حدثنا بذلك عنه الربيع" وقال أبو ثور أما الكفالة بالنفس فليس لها في الكتاب ولا في السنة ولا في إجماع الناس أصل يرجع إليه وليست تشبه الضمانات فترد قياسا عليها وذلك أن كل من ضمن شيئا أو كفل به فلا يبرأ منه إلا بأدائه أو يبرئه الذي له الحق فلما كانت2 الكفالة يبرأ الكفيل منها بغير أدائها ولا يبرئه3 من هي له في قول من قال 4بالكفالة كانت مخالفة لجميع الضمانات التي لا يختلفون فيها فلم5 نر بها تشبيها وكانت عندنا بمنزلة العدة التي ينبغي لصاحبها أن يقر بها ولا تلزم في الحكم ولا يحكم بها ولا ينبغي لأحد أن يغر رجلا من نفسه ولا يؤخذ أحد بما لا يلزمه في الحكم وذلك أنهم قالوا إذا كفل رجل بنفس رجل ثم مات6 المكفول برئ الكفيل فيبرأ الكفيل من غير أن يبرئه صاحب

_ 1 الدعوى والبينات: قال الشافعي: وإذا ادعي رجل علي رجل كفالة بنفس أو مال فجحد الآخر فإن علي المدعي الكفالة البينة فإن لم تكن له بينة فعلي المنكر اليمين فإن حلف برئ وإن نكل عن اليمين ردت علي المدعي فإن حلف لزمه ما ادعى عليه وإن نكل سقط عنه غير أن الكفالة بالنفس ضعيفة. 2 لعل صوابه: الكفالة بالنفس. 3 ن: ممن. 4 لعل صوابه: بالكفالة بالنفس. 5 ن: يردها. 6 أي المكفول بنفسه.

الحق ويؤدي إليه ما كفل له به. وعلة من قال بقول مالك والأوزاعي في أن الكفالة بالنفس مأخوذ بها المتكفل كما يؤخذ بالكفالة بالمال إجماع الجميع من الحجة على1 أن ذلك كذلك وأنها كفالة كسائر الكفالات المجتمع على لزومها موجها على نفسه على ما أوجبها. وعلة مالك في أن المتكفل بالنفس إن لم يواف بالمتكفل به صاحبه المتكفل به له ولم يكن شرط في عقد2 الكفالة أنه إنما يتكفل له بعينه وأنه لا شيء له عليه إن هو لم يقدر على موافاته به فما على المكفول عليه لازم له لأن الكفيل هو السبب بكفالته لمن كفل عليه لتعريض مال رب المال للتلف إن تلف إذا هو لم يحضره إياه ويتبرأ إليه حتى يتخلص منه حقه ومن كان سببا لتلف مال غيره فعليه غرم ما أتلف من ذلك إذا كان إتلافه إياه بغير حق. وأما علة الثوري ومن أوجب عليه الحبس إذا لم يسلمه إلى من تكفل3 له عنه فالقياس على إجماع الحجة على أن كفالته عليه لو كانت بمال له عليه حال ثم اتبعه به المكفول له فلم يخرج إليه مما كفل له عن غريمه وهو على الخروج إليه منه قادر وسأل رب المال الحاكم4 حبسه له بحقه حتى يخرج إليه منه قالوا فكذلك اللازم للحاكم حبس الكفيل بالنفس إذا لم يسلم المكفول به إلى المكفول له وهو على تسليمه إياه إليه قادر إذ كانتا كلتاهما كفالة بحق يجب على الكفيل الخروج5 إلى من تكفل له بها. وأما علة من أبطل الكفالة بالنفس فقد بينتها مع حكاية قول قائل ذلك.

_ 1 ن: علي ذلك كذلك. 2 ن: الكفالة إنما. 3 ن: به عنه. 4 لعل صوابه: حبسه حبسه. 5 لعل صوابه: منه إلي.

والصواب من القول عندنا إن الكفالة بالنفس حق واجب يلزم الحاكم إذا احتكم إليه القضاء بها على الكفيل وأخذه بالخروج إلى المتكفل له منها فإن لم يفعل ذلك ومطل المتكفل له بالخروج منها وهو على الخروج منها إليه قادر وسأل المتكفل له الحاكم حبسه بها حتى يسلم إليه من تكفل له بنفسه لزمه حبسه وإنما ألزمناه ذلك لإجماع الحجة على إلزامه إياه ولا معنى لاعتلال من اعتل في إبطال الكفالة بالنفس بأنها لما كانت تبطل بموت المتكفل به عن الكفيل من غير إبراء المكفول له إياه منها كان معلوما أنها باطلة لأنه يوجب المتكفل له بالمال ويلزم المتكفل ما كفل به من ذلك1 ونرى أن الذي كفل به للمكفول له تزول مطالبته إياه به بعدمه وإفلاسه وعجزه عن أدائه إلى المكفول له به من غير إبراء المكفول له به إياه منه ولم تبطل بزوال ذلك عنه بسبب عجزه عن أدائه إليه صحة وجوبه فكذلك الكفالة بالنفس غير موجبة زوال مطالبة المكفول له عن الكفيل بسبب عجزه عن تسليم المكفول به إليه2 بموته وبطولها وغير موجب ذلك خروجها من أن تكون صحيحة صحة الكفالة بالمال وأما اعتلاله بأنها ليس لها في الكتاب ولا في السنة ولا في الإجماع أصل فلا أصل أثبت حجة ولا أصح صحة مما جاءت به الحجة من علماء الأمة وراثة عن نبيها صلي الله عليه وسلم وسلم شاهدة بوجوبها ولزوم الأمة الحكم بها ويقال لمنكري أخذ الكفيل بنفس رجل لآخر في مال له عليه ما حجتكم في وجوب أخذ الضامن لرجل عن أخر بما له عليه فإن اعتلوا في ذلك بخبر أبي قتادة أنه لما ضمن عن الميت الذي كان النبي صلي الله عليه وسلم ممتنعا أن يصلي عليه قبل ضمانه صلى عليه قيل لهم أفبلغكم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم ألزمه ذلك بعد ضمانه واخذه به فإن قالوا نعم ادعوا في الخبر ما ليس فيه وعلم إبطالهم في دعواهم وإن قالوا لا قيل لهم فما برهانكم إذا على أن الضامن مأخوذ بما ضمن أحب أو سخط من كتاب أو سنة أو

_ 1 ن: ويري. 2 ن: بمؤونة بطولها.

إجماعهم فإن فزعوا إلى الإجماع إذ أعياهم ذلك من كتاب أو اثر عن رسول الله صلي الله عليه وسلم مأثور وكلفوا الفصل بين الإجماع في الكفالة بالمال والكفالة بالنفس وقيل لهم من المخالف من سلف الأمة ممن يجوز الإعتراض به على ما نقلته الحجة في الكفالة بالنفس1 القائل إنها لا تلزم الكفيل حتى استجزتم لأنفسكم قيل ما قلتم في إبطالها أعوزنا نظيره في الكفالة بالمال فلم يجز لنا الاعتراض في الكفالة بالمال بالإبطال من اجله ثم يسألون الفرق بين الحكمين فلن يقولوا في أحدهما قولا إلا ألزموا في الآخر مثله فقد استقضينا البيان عن ذلك في كتابنا المسمى لطيف القول في أحكام شرائع الدين بما اغني عن إعادته في هذا الموضع.

_ 1 ن: القائل.

واختلف موجبو اخذ الكفيل بالنفس بالمكفول به إذا طلب ذلك المكفول له بما يجوز الكفالة بالنفس فيه

واختلف موجبو اخذ الكفيل بالنفس بالمكفول به إذا طلب ذلك المكفول له بما يجوز الكفالة بالنفس فيه فالواجب على قول مالك ان لا تجوز الكفالة بالنفس في حد ولا قصاص ولا تجوز إلا في مال وذلك إذا كان يقول في الكفيل بالنفس اذا لم يكن له سبيل إلى الخروج من المكفول به إلى المكفول له فإنه يحكم عليه بما على المكفول به للمكفول له ولا سبيل في الحد والقصاص إلى اخذ الكفيل به اذ كان انما هو حق وجب في نفس بعينها1 لا ينقل إلى غيرها كما ينقل المال عمن وجب عليه في ماله إلى مال غيره. وهذا قياس قول الأوزاعي. وأما النعمان واصحابه فانهم قالوا إذا كفل رجل بنفس رجل

_ 1 ن: إن لا.

والطالب يدعي قبله دم عمد أو قصاصا دون النفس أو حدا في قذف أو سرقة أو خصومة في دار أو وديعة أو عارية أو إجارة أو كفالة بنفس أو مال أو شركة فالكفالة بالنفس في ذلك جائزة قالوا وكذلك لو ادعى قبله وكالة أو وصية قالوا ولو لم يدع شيئا من ذلك غير انه كفل له بنفس رجل فانه جائز وكذلك لو ادعى قبله غصبا في حيوان أو مال أو عروض أو دار أو أرض فإن الكفالة بالنفس جائزة في هذا كله وقال إذا ادعى الرجل قبل الرجل حدا في قذف فقدمه إلى القاضي فأنكر المدعي قبله ذلك وسأل الطالب القاضي أن يأخذ له كفيلا بنفسه وقال بينتي حاضرة فإنه لا ينبغي للقاضي في قول أبي حنيفة أن يأخذ له منه كفيلا بنفسه ولكن يقول له الزمه ما بينك وبين قيامي فان احضر شهوده على ذلك قبل أن يقوم القاضي وإلا خلي سبيله وكذلك لو أقام عليه شاهدا واحدا فان أقام عليه شاهدين أو شاهدا عدلا يعرفه القاضي فإن القاضي ينبغي له أن يحبسه حتى يسأل عن الشهود ويأتي بشهادة الآخر ولا يكفله وهو قول أبي يوسف الأول وقال أبو يوسف بعد وهو قول محمد إذا قال بينتي حاضرة اخذت منه كفيلا ثلاثة أيام حتى تحضر بينته وقالوا جميعا إذا ادعى رجل على رجل متاعا سرقه منه أو مالا وقال بينتي حاضرة فإنه يؤخذ له كفيل بنفسه ثلاثة أيام من قبل انه ادعى مالا وقالوا ولو قال قد قبضت السرقة منه ولكن أريد أن أقيم عليه الحد فخذ منه كفيلا حتى أحضر الشهود لم يؤخذ منه كفيل حتى يحضر الشهود قالوا ولو أن قوما اخذوا رجلا مع امرأة فقدموهما إلى القاضي وقالوا انا وجدنا هذا مع هذه المرأة1 وعليهما شهود بالزناء فخذ منهما كفيلا بأنفسهما حتى تحضرك الشهود عليهما لم يأخذ منهما القاضي كفيلا بأنفسهما وكذلك الحد في الخمر والسكر فان قامت على الزناء أربعة شهود أو على الخمر والسكر شاهدان أو على سرقة شاهدان فإنه لا كفالة في شيء من ذلك ولكنه يحبس حتى يسأل عن الشهود فإن شهد على ذلك واحد لا يعرفه القاضي لم يحبس المشهود عليه في شيء من

_ 1 ن: وعليها.

ذلك فان كان في الزنا فطلب المشهود عليه حد القذف من الشاهد فإنه يؤخذ له بحقه فان قال الشاهد عندي أربعة شهداء عليه بالزناء فان الشاهد يؤجل في ذلك إلى قيام القاضي ولا يخلى عنه ولا يؤخذ منه كفيل ولكن الطالب يلزمه ولو قال الشاهد ان المشهود عليه عبدا كان القول قوله وعلى المشهود عليه البينة انه حر فإن طلب المقذوف إلى القاضي أن يأخذ له من الشاهد كفيلا حتى تحضر البينة على أنه حر فإنه لا يؤخذ منه له كفيل ولكن يحبس القاذف ويؤجل المقذوف أياما فإن أحضر البينة أخذ له بحقه وإن أقام رب السرقة شاهدين على السارق1 والسرقة بعينها في يديه فإنه لا يؤخذ منه كفيل ولكنه يحبس وتوضع السرقة على يدي عدل فإن زكي الشهود أمضى عليه الحد وقضى بالسرقة للطالب. قالوا فإذا ادعى رجل قبل رجل شتيمة أو أمرا فيه تعزير فأراد كفيلا حتى تحضر بينته وقال بينتي على ذلك حاضرة فإنه يؤخذ له منه كفيل بنفسه ثلاثة أيام في قول أبي يوسف ومحمد لأن هذا ليس بحد وهذا تعزير وهذا من حقوق الناس ألا ترى أنه لو عفا عنه وتركه جاز ذلك وإذا ادعت امرأة قبل زوجها أنه قذفها بالزنا وقالت بينتي حاضرة فخذ لي منه كفيلا بنفسه فإنه لا يؤخذ لها منه كفيل بنفسه في قول أبي حنيفة لأن اللعان حد وكذلك لو كان زوجها عبدا وهي حرة وكذلك الرجل الحر تقذفه امرأته وكذلك الرجل الحر يقذفه العبد بالزناء وكذلك المكاتب يقذف الحر بالزناء وكذلك أم الولد تقذف الرجل الحر أو المدبر يقذف الحر أو الذمي يقذف الحر المسلم فيقدمه إلى القاضي في جميع ذلك فينكر المدعي قبله القذف فإنه لا يؤخذ منه كفيل بنفسه ولكنه يؤمر أن يلزمه فيما بينه وبين قيام القاضي في قول أبي حنيفة وكذلك

_ 1 ن: وعلي السرقة.

كل ذي رحم محرم وكذلك الولد يقذف والده أو أمه فإن ذلك كله سواء وإذا ادعى الولد قبل الوالد القذف وطلب أن يأخذ له منه كفيلا بنفسه فإنه يوخذ منه كفيل بنفسه ولا يترك أن يلزمه وكذلك الولد يدعي قبل أمه القذف وكذلك العبد يدعي قبل 1مولاه أنه قذف أمه وهي حرة ميتة فإنه لا يؤخذ له منه كفيل بنفسه ولا يؤمر أن يلزمه لأنه لو أقام بينة على ذلك لم يضرب الحد وإذا ادعى رجل قبل عبد قذفا فأراد أن يؤخذ له منه كفيل بنفسه وبنفس مولاه فخاف أن لا يقام عليه الحد إلا بمحضر من مولاه فإنه لا يؤخذ له من واحد منهما كفيل بنفسه في ذلك ولكن يؤمر أن يلزم العبد ومولاه إلى أن يقوم القاضي في قياس قول أبي حنيفة. قالوا وإذا ادعى رجل قبل رجل حدا في قذف وأقام عليه شاهدين على شهادة شاهدين وطلب كفيلا بنفسه فإنه لا يؤخذ منه كفيل بنفسه ولا يحبس له لأن هذا لا يقبل في الحدود قالوا ولو كان هذا في سرقة أخذ منه كفيل بنفسه حتى يسأل عن الشهود فإن زكوا قضي عليه بالمال وكذلك شهادة امرأتين ورجل في ذلك قالوا وإذا ادعى رجل قبل رجل عبد قذفا فأقام عليه بينة بمحضر من مولاه فإن العبد يحبس له فيؤخذ له من مولاه كفيل لأن العبد لا يقضي عليه بالحد إلا بمحضر من مولاه وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه وقال أبو ويوسف في العبد إذا قامت عليه بينة بقذف أو بحد زناء أو بقتل عمد فإني أقبل عليه البينة وإن لم يحضر المولى من قبل أنه لو أقر بذلك جاز عليه. وقال أبو حنيفة لا أقبل البينة عليه في ذلك إلا بمحضر من مولاه ولو أقر جاز ذلك عليه وقال محمد مثل قول أبي حنيفة.

_ 1 ن: مولاته.

وقالوا جميعا إذا ادعى رجل قبل رجل قصاصا في نفس أو دونها فقدمه إلى القاضي فأدعى ذلك وأنكر الرجل ذلك وقال الطالب عندي شهود حضور فخذ لي كفيلا بنفسه حتى احضر الشهود فإنه لا يأخذ له كفيلا بنفسه وإن أقام على ذلك شاهدا واحدا لم يؤخذ له منه كفيل بنفسه وقالوا لا كفالة في قصاص في نفس ولا فيما دونها وهو في ذلك بمنزلة الحد قالوا ولو أقام شاهدين على شهادة شاهدين أو رجلا وامرأتين على ذلك لم يحبس له بذلك لأن شهادة النساء لا تجوز في ذلك ولا شهادة على شهادة. قالوا وكذلك في كل ما وجب1 فيه القصاص فإنه لا يؤخذ فيه كفيل بالنفس قالوا وكل ما لا قصاص فيه وكان يكون فيه الأرش فإنه يؤخذ فيه كفيل بنفسه إذا ادعى الطالب بينة حاضرة قالوا وإذا ادعى رجل قبل رجلين قصاصا في نفس وقال عندي بينة حاضرة فأقر أحدهما وجحد الآخر فإن المقر منهما يحبس ويلزم الطالب المطلوب الذي جحد ما بينه وبين أن يقوم القاضي فإن شهد له شاهدان حبس وإن لم يشهد له شاهدان خلي سبيله ولم يحبس له ولم يؤخذ له منه كفيل. قالوا وإذا ادعى رجل قبل رجل قتل خطأ أو جراحة دون النفس خطأ وادعى بينة حاضرة وسأل القاضي أن يأخذ له كفيلا بنفسه فإنه يأخذ له منه كفيلا بنفسه ثلاثة أيام فإن أحضر بينته أخذ له بحقه وإن لم يحضر له بينة خلى سبيله وأبرأ كفيله ولو أقام شاهدين عدلين على ذلك قضي له بالدية ولا حبس على القاتل في ذلك ولا كفالة إلا أن يكون القاتل داعرا فيحبس لدعارته. قالوا وإذا ادعى رجل حر قبل امرأة قطع يد عمدا أو شجة عمدا

_ 1 ن: في.

وقال لي بينة حاضرة فإنه يؤخذ له منها كفيل لأنه لا قصاص بينهما وكذلك الحر يدعي قبل العبد قطع يد عمدا أو جراحة عمدا. قالوا ولو أن رجلا ادعى قبل رجل منقلة عمدا أو هاشمة أو آمة أو جائفة أو قطع يد من غير مفصل أو كسر يد أو سن ضربها فاسودت أخذ1 بذلك في ذلك كله كفيل بنفسه إن ادعى بينه حاضرة ثلاثة أيام في قول أبي يوسف وإن قال بينتي غيب لم يؤخذ له كفيل في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد يأخذ في هذا كله كفيلا بنفسه ثلاثة أيام في العمد وغيره وفيما فيه القصاص حتى تقوم البينة فيما بينه وبين ثلاثة أيام فإن قامت البينة حبس في القصاص ولا يؤخذ منه كفيل وأبرأ ذلك الكفيل قالوا وإذا ادعى رجل قبل رجل شتيمة فاحشة وادعى بينة حاضرة وطلب كفيلا بنفسه فإنه يؤخذ له كفيل بنفسه ثلاثة أيام فإن لم تحضر بينته أبرأ كفيله ولو أقام عليه شاهدين بالشتيمة لم يحبس المدعى عليه ولكن يؤخذ منه كفيل بنفسه حتى يسأل القاضي عن الشهود فإن زكوا عزر أسواطا ولا يحده ولا يحبسه وإن رأى الحاكم أن لا يضربه وأن يحبسه أياما عقوبة فعل وقالوا ألا ترى أنا نجعل الحبس عقابا فكيف يحبسه قبل البينة قالوا وإن كان المدعى عليه رجلا له مروة وخطر اسحتسنا أن لا نحبسه ولا نعزره إذا كان ذلك أول ما فعل الجوزجاني عن محمد. وقال بكير بن عبد الله بن الأشج بما "حدثني يونس قال حدثنا ابن وهب قال حدثني مخرمة بن بكير بن عبد الله عن أبيه قال"2 قال لا تقبل حمالة في دم ولا في سرقة ولا شرب خمر ولا في شيء من حدود الله وتقبل فيما سوى ذلك.

_ 1 ن: ذلك. 2 ن: يقال.

وروي عن جماعة من السلف أنهم كانوا يرون الكفالة في الحدود "حدثنا هارون بن اسحق الهمداني قال حدثنا مصعب بن المقدام قال حدثنا اسرائيل قال حدثنا أبو اسحق"1 قال صليت الغداة مع ابن مسعود فلما سلم قام رجل فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فوا لله لقد بت البارحة وما في نفسي على أحد من الناس حنة2 فما دريت ما الحنة حتى سألت شيخا إلى جنبي فقال العدواة والغضب والشحناء ثم قال الرجل إني كنت استطرقت رجلا من بني حنيفة فرسي وإنه أمرني أن آتيه بغلس فأتيته ثم ذكر قصة فيها طول ذكر فيها أن3 مؤذنهم أذن فقال في اذانه اشهد أن مسيلمة رسول الله4 وأن امامهم صلى بهم فقرأ في صلاته بما كان مسيلمة سجع به5 قال فأرسل إليهم عبد الله فأتي بهم فأمر بابن النواحة6 فقتل قال ثم ان عبد الله شاور أصحاب محمد في بقية القوم فقام عدي بن حاتم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فثؤلول من الكفر طلع رأسه فاحسمه فلا يكن بعده شيء وقال جرير والأشعت استتبهم وكفلهم عشيرتهم فاستتابهم وكفلهم عشيرتهم7. وعلة من قال لا تجوز8 الكفالة في حد ولا قصاص ما ذكرت قبل. وأما علة من أجاز ذلك بالقياس على إجماع الجميع من الحجة على إجازة

_ 1 كأن صوابه: قال: حدثنا حارثة بن مضرب، قال: صليت الخ. 2 لعل قائل ذلك الطبري. 3 في تجريد القدوري: سمع ابن النواحة يؤذن ويقول: أشهد الخ. 4 لم أجد هذا في غير رواية الطبري. 5 أي حارثة. 6 قتله قرظة بن كعب الأنصاري. 7 وفي التجريد: واختلاف الفقهاء للطحاوي أنه تفاهم إلي الشام، وفي إحدي الروايات عند الطحاوي إن عثمان رآه سئل عن الواجب في أمرهم فأجاب أن يستتابوا. 8 لعل صوابه: الكفالة بالنفس.

الكفالة بالنفس في المال فكذلك كفالة1 بعين المكفول به في حق يجب عليه الخروج منه إلى من يكفل له به من ماله فمثله الكفالة به فيما يجب عليه الخروج من نفسه من حق لزمه لله جل وعز أو لآدمى. والصواب في ذلك من القول عندنا ما صح به الخبر عن ابن مسعود وجرير والأشعت أن الكفالة بنفس من لزمه حق لله جل ثناؤه أو لآدمي جائزة وإن على الكفيل به التسليم إلى من يكفل له به لأن المكفول به هو الشخص الذي لزمه الحق لا ما لزم جسمه فالكفيل بتسليم ما لزمه تسليمه إلى من لزمه تسليمه إليه مأخوذ فإن ظن ظان أن الحد حق لله جل وعز يجب على الإمام إقامته على من لزمه وليس بحق لآدمي وإذا كان ذلك كذلك لم يكن للمكفول به خصم في الحد فيحكم عليه بإعطاء الكفيل بنفسه فإن الخصم في مطالبته بذلك الإمام الذي جعل إليه إقامة الحد الذي لزمه2 عليه فله أخذ الكفيل منه في ذلك إذا قامت عليه بينة بما يوجب عليه الحد حتى يسأل عن البينة إذا لم يكن يعرفهم بالعدالة إن رأى ذلك وخاف هرب المشهود عليه وأما فيما كان من قصاص فالخصم فيه المجني عليه إذا كان فيما دون النفس فإذا كفل للمجني عليه كفيل بنفس الجاني ثم طالبه به المجني عليه فلم يسلمه إليه وهو على تسليمه إليه قادر حبس له حتى يخرج إليه من كفالته وإن كنا لا نرى للحاكم إلزام أحد احتكم إليه مع خصم له إعطاء خصمه كفيلا بنفسه لأنه لا حال له إلا اثنتان إما حال قد بان للحاكم فيها وجه الحكم فلا وجه لامرء قد توجه عليه الحكم بإعطاء خصمه كفيلا بل الواجب عليه إمضاء الحكم عليه أو حال لم يبن له فيها الحكم فلا وجه أيضا لتعنت من لم يثبت عليه حق لخصمه بتكفيله وإعطائه الكفيل بنفسه من وجه الحكم ولكنه إن رأى فعل ذلك على وجه المصلحة ففعله لم أره مخطئا إذ كان للسلطان حمل رعيته على ما فيه مصلحتهم مما لا يكون فيه خروج عما أطلق الله له وأذن له به.

_ 1 ن: بغير. 2 ن: علمه.

واختلف القائلون بإجازة الكفالة بالنفس فيما يكون براءة للكفيل بالنفس من كفالته

واختلف القائلون بإجازة الكفالة بالنفس 1فيما يكون براءة للكفيل بالنفس من كفالته فقال الأوزاعي في رجل كفل بنفس رجل فمات قبل أن يأتي به فقال غرم حدثت بذلك عن عمر بن عبد الواحد عنه. وهذا قياس قول مالك إذا لم يخلف المكفول به وفاء بحق غريمه. وقال الثوري في رجل كفل لرجل برجل ولم يسم مكانا يدفعه إليه فلقيه في البرية فأراد أن يدفعه إليه قال لا يبرأ حتى يدفعه إليه في ناحية المصر "حدثنا بذلك علي عن زيد عنه". وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا مات المكفول به برئ الكفيل من الكفالة وقالوا إذا أبرأ الكفيل الطالب من الكفالة أو قال قد برئ إلي من صاحبي أو قد دفعه إلي أو قال قد أبرأته منه فإن الكفيل بريء من الكفالة قالوا وكذلك لو قال الطالب لا حق لي قبل الكفيل فإنه بريء من الكفالة لأن الكفالة حق من حقوق الناس قالوا وإن خاصم الكفيل بالنفس الطالب إلي القاضي وقال الكفيل إنه لا حق له قبل الذي كفلت به فإن القاضي لا ينبغي أن يسأله عن ذلك ولكنه يأخذه بالكفالة فإن أقر الطالب أنه لا حق له قبل المكفول وأنه ليس بوصي لميت له قبله حق أو خصومه وليس بوكيل لأحد له قبله حق أو خصومة على وجه من الوجوه فإن الكفيل بريء من الكفالة.

_ 1 ن: مما.

قالوا وكذلك لو جحد الطالب هذه المقالة وشهد عليه بذلك شاهدا عدل فإن الكفيل بريء من كفالته قالوا وإذا دفع الكفيل بالنفس المكفول به إلى الطالب وبريء إليه منه فأبى الطالب أن يقبله منه أو أن يبرئه منه فإن الكفيل بريء من الكفالة. قالوا ولو حبس رجل المكفول به في دين له وقد كفل رجل بنفسه لآخر فأخذه به فإنه يؤخذ له به ألا ترى أنه يقدر على أن يقضي دينه وأن يخرجه فيدفعه إليه قالوا وكذلك لو حبس في غير دين قالوا وإذا دفع الكفيل إلى الطالب المكفول به في السجن وقد حبسه غيره فإنه لا يبرأ منه من قبل أنه لا يستطيع أن يخرجه وكذلك لو دفعه إليه في مفازة أو في موضع يستطيع المكفول به أن يمتنع من الطالب فإن أبا حنيفة قال لا يبرأ منه الكفيل وإذا دفعه إليه في مصر فيه سلطان غير المصر الذي كفل له به فإنه يبرأ منه وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه لا يبرأ منه حتى يدفعه في المصر الذي كفل به وقالوا إذا دفع المكفول به نفسه إلى الطالب فقال اشهدوا أني قد دفعت نفسي إليه من كفالة فلان فالكفيل بريء وإن لم يقبل الطالب ذلك قالوا وكذلك لو كان الكفيل هو دفع المكفول به على هذا الوجه وكذلك لو دفعه رسوله أو كفيل به أو وكيل فهو بريء وإن لم يبرئه الطالب قال وكفالة المرأة بها ولها جائزة وهي مثل الرجل في ذلك كله وكفالة أهل الذمة والحربي والمستأمن والكفالة به جائزة على مثل كفالة المسلم. والذي نقول به في الكفيل بنفس رجل لآخر ثم يموت المكفول به أنه لا سبيل للمكفول له على الكفيل لإجماع الجميع على أن كفالته له لو كانت بمال وأفلس ولم يكن له سبيل إلى أداء ما كفل له به أن لا سبيل للمضمون له عليه إذا كان معدما فكذلك حكم الكفيل بالنفس إذا لم يكن له السبيل إلى تسليم المكفول به إلى المكفول له فلا سبيل للمكفول له عليه بسبب ذلك وأما ما

نقول به فيما يكون للكفيل براءة من المكفول له في حال تسليمه إياه فأن1 يسلمه إليه بغير دافع ولا مانع بحيث تناله يده أو يسلمه إليه عنه كذلك وكيل له أو رسول أو غريب متبرع أو يسلم نفسه إليه المكفول به على ما وصفت من التسليم إذا لم يكن شرط عليه تسليمه إليه في موضع دون موضع وإذا قلنا ذلك لإجماع الجميع على أن تسليم من وجب تسليمه من بني آدم على من وجب عليه تسليمه إلى من وجب ذلك له ببيع أو شراء كذلك فكان نظيرا له تسليم من وجب تسليمه من بني آدم بالكفالة على من وجب عليه تسليمه إليه لا خلاف بينهما ومن خالف بينهما سئل الفرق من أصل أو قياس ثم عورض فيما قال في أحدهما بمثله في الآخر. وأما ما يكون للكفيل براءة بقول من المكفول له فإن يقول قد برئ فلان إلي من الواجب بسبب كفالته لي بنفس فلان وأن يقول قد أبرأته من ذلك أو لا سبيل لي عليه بسبب ذلك وما أشبه ذلك من القول.

_ 1 ن: نسلمه.

واختلفوا في الرجل يكفل بنفس غريم له على انه يوافيه به في وقت يسميه له مما عليه من شيء فهو عليه أفعليه كذا من المال

واختلفوا في الرجل يكفل1 بنفس غريم له على انه يوافيه به في وقت يسميه له مما عليه من شيء فهو عليه أفعليه كذا من المال2 فقال ابن أبي ليلى فإذا كفل رجل برجل وقال إن لم تأتني به يوم كذا وكذا فعليك ألف درهم3 فلم يأته به فعليه ألف درهم وقال إن جئت به برئت من الألف الدرهم التي لك علي بكفالتي عن فلان لك بذلك فإنه لا يبرأ

_ 1 لعل صوابه: لرجل بنفس. 2 أي إن لم يوافه به في الوقت الذي سمي. 3 لعل صوابه: وإن قال: إن.

"حدثني بذلك علي قال: حدثنا زيد عن سفيان عم ابن أبي ليلي". 1قال سفيا: هما سواء إن قدم أو أخر إنما هو شيء أحدثه ابن أبي ليلى. وقال أبو يوسف إذا كفل رجل بنفس رجل فإن لم يوافه به غدا فالمال الذي للطالب على فلان رجل آخر وهو ألف درهم على الكفيل فذلك جائز وإن لم يوافه به من الغد فالمال الذي له على فلان وهو ألف درهم للكفيل لازم. وقال محمد بن الحسن الكفالة بالنفس في ذلك جائز والكفالة بالمال باطل قال وهذه مخاطرة إذا كان المال على غيره وقال إذا كان المال عليه استحسانا وليس بقياس. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا كان لرجل على رجل دين دراهم أو دنانير أو شيء مما يكال أو يوزن إلى أجل أو حال من سلم أو قرض أو ثياب معلومة بذرع معلوم من سلم فكفل رجل بنفس المطلوب فإن لم يواف به إلى أجل كذا وكذا لأجل المال الذي هو إليه أو كان حالا فجعله إلى أجل مسمى فعلي مالك وهو كذا وكذا فمضى الأجل قبل أن يوافي به فالمال له لازم. قالوا وكذلك لو لم يسلم المال ولكنه قال أنا كفيل لك بنفسه فإن لم أوافك به غدا فعلي مالك عليه ولم يسم كم هو فمضى غد ولم يوافه به فإن المال له لازم إذا لم يوافه قبل الأجل. وقالوا لو قال قد كفلت لك بما أصابك من هذه الشجة التي شجكها فلان وهي خطأ كان جائزا وإن بلغت النفس ولم يسم النفس قالوا وإذا كفل بالمال الذي عليه وسماه وقال إن وافيتك به غدا فأنا بريء من هذا

_ 1 لعله علي.

المال فوافاه به من الغد فهو بريء من المال وإن مضى غد قبل أن يوافيه فعليه المال وتقديم المال وتأخيره في ذلك سواء. قالوا وإذا كفل رجل بنفس رجل على أنه إن لم يواف به فعليه المال الذي عليه وهو ألف درهم فمضى غد ولم يواف به لزمه المال وأنه لا يبرأ من كفالته بالنفس أيضا مع كفالة المال. وقال أبو حنيفة إذا كفل رجل بنفس رجل وقال إن لم أوافك به غدا فعلي ألف درهم ولم يقل الذي لك عليه فمضى غد ولم يواف به وفلان ينكر أن يكون عليه شيء والطالب يدعي ألف درهم على فلان فإن المال لازم للكفيل وإن أنكر الكفيل أن يكون لفلان على فلان شيء لم ينفعه إنكاره وقال أبو يوسف ومحمد لا نرى على الكفيل من المال شيئا من قبل أنه لم يقر أن على المكفول به مالا فصار بمنزلة المخاطرة ثم رجع أبو يوسف بعد ذلك إلى قول أبي حنيفة وقالوا جميعا إذا ادعى الطالب مالا وجحد المطلوب فكفل له رجل بنفس المطلوب فإن لم يوافه به غدا فعليه المال الذي ادعى على المطلوب فمضى غد ولم يوافه به فإن المال يلزم الكفيل. قالوا فإن أدى الكفيل المال وأراد أن يرجع به على المطلوب فإن كان المطلوب امره أن يكفل بالمال رجع به عليه وإن لم يكن أمره أن يكفل بالمال وكان أمره أن يكفل بالنفس لم يرجع عليه بشيء من المال. قالوا ولو كفل لامرأة بنفس زوجها فإن لم1 يوافها به غدا فعليه صداقها قالوا وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم فكفل له فكفل له رجل بنفسه على أن يوافيه به إذا دعاه به فإن لم يفعل فعليه الألف الذي عليه فسأله الرجل أن يدفعه إليه بنفسه فدفعه إليه مكانه فإنه بريء من المال وإن لم

_ 1 ن: يوافه.

يدفعه إليه فالمال عليه وإن قال له ائتني به العشية أو غدوة فلم يوافه به على ما قال فالمال له لازم وإن قال الطالب ائتني به غدوة وقال الكفيل بل اتيك به بعد غد فأبى الطالب أن يفعل فلم يوافه الكفيل غدوة فإن المال عليه وإن أخره الطالب إلى بعد كما قال فوافاه به فهو بريء من المال وإن مضى بعد الغد ولم يوافه به فهو عليه. والصواب من القول عندنا في الرجل يقول لآخر له على رجل مال قد كفلت لك بنفس فلان أوافيك به غدا أو فيما يؤجله له غير ذلك فإن لم أوافك به غدا أو في الوقت الذي أجله له فما لك عليه فهو علي لك وهو ألف درهم أن الكفالة بالنفس على ذلك جائزة والشرط الذي شرط له من ضمان المال إن لم يوافه به باطل والمال له غير لازم بحال وافاه به للأجل الذي شرط عليه موافاته به أو لم يوافه به لأن ذلك من معاني المخاطرة ولا خلاف بين الجميع في أن رجلا لو قال لآخر إن طلعت الشمس غدا فما لك على غريمك فلان وهو ألف درهم علي فطلعت من الغد أنه لا يلزمه بذلك من ضمان على غريمه شيء لأن ذلك من المخاطرة فكذلك قوله إن وافيتك غدا بفلان وإلا فما لك عليه فهو علي لأن موافاته إياه غدا مما قد يجوز وجوده وغير وجوده بسبب منه وغير سبب منه كما يجوز وجود طلوع الشمس من الغد وغير وجوده ويسأل المفرق بين ذلك الفرق بينهما من أصل أو قياس فلن يقول في أحدهما شيئا إلا ألزم في الآخر مثله وإذ كان القول عندنا في ذلك كذلك لما وصفنا من العلة فالواجب على ذلك من القول في الرجل يكون له قبل رجل ألف درهم من كفالة كفل بها عن غريم له شرط في كفالته له أنه إن وافاه بالمكفول عنه ما عليه من ذلك غدا أو إلى وقت وقته له وهو بريء من أن يكون الضمان الذي ضمنه له بالمال له لازما إن اتبعه به الذي له المال بما له على المضمون عنه والشرط الذي شرطه له من البراءة من ذلك إن وافاه به الوقت الذي وقته له باطل للعلة التي وصفت قبل.

واختلفوا في اللازم كفيلا بنفس رجل لرجل على أن يدفعه إليه في موضع يسميه له أو في وقت يوقته له إذا خالف ما شرط عليه من ذلك وما الذي يبرئه إذا لم يشرط عليه ذلك

واختلفوا في اللازم كفيلا بنفس رجل لرجل على أن يدفعه إليه في موضع يسميه له أو في وقت يوقته له إذا خالف ما شرط عليه من ذلك وما الذي يبرئه إذا لم يشرط عليه ذلك فقال الثوري في رجل كفل لرجل برجل إلى شهر فجاءه قبل الشهر قال لا يبرأ من كفالته إذا جاء به دون الوقت "حدثني بذلك علي عن زيد عنه" و"حدثنا علي قال حدثنا زيد عن سفيان أنه قال" إذا كفل وقال أدفعه1 إلى غدا فلم يطلبه صاحب الحق قال لا يبرأ حتى يأيته أو يأتي به القاضي. 2قال وقال سفيان في رجل كفل برجل ولم يسم مكانا يدفعه إليه فلقيه بالبرية فأراد أن يدفعه إليه قال لا يبرأ حتى يدفعه إليه في ناحية المصر. وقال أبو حنيفة لو شرط رجل على رجل في الكفالة بالنفس أن يوافيه به غدا في مكانه القاضي فإن لم يوافه به هناك فعليه ما عليه فدفعه الكفيل إلى الطالب الغد في السوق فهو بريء من المال. وقال وكذلك 3الكناسة وكذلك ناحية من المسجد غير مكان القاضي وكذلك لو كان الأجل شهرا واشترط عند مكان القاضي فدفعه في مصر آخر عند قاضيه أو في سوقه فهو بريء من المال في قول أبي حنيفة وأما في قول أبي يوسف ومحمد فإنه لا يبرأ إذا دفعه إليه في غير المصر الذي كفل به.

_ 1 ن: إلي: ولعل صوابه: اليك. 2 لعله علي. 3 الكناسة موضع بالكوفة.

وقالا لو دفعه إليه قبل الأجل وبرئ إليه منه بريء من الكفالة بالنفس ومن المال ولو دفعه إليه بالسواد أو في1 كور من كور الجبل في غير مصر ولا مدينة وعند غير سلطان لم يبرأ وكان المال للكفيل لازما إذا مضى الأجل قبل أن يدفعه إليه عند السلطان. قالا ولو شرط له أن يدفعه إليه عند الأمير2 أو عند هذا القاضي فاستعمل الأمير قاضيا غيره فدفعه إليه عنده فإنه بريء من الكفالة في قول أبي حنيفة وأصحابه إلا في خصلة واحدة وهو أن يكفل له أن يدفعه إليه في مصر فيدفعه إليه في غيره فلا يبرأ. وقالوا لو كفل رجل بنفس رجل على أنه إن لم يواف به إلى كذا وكذا من الأجل فعليه المائة الدرهم التي عليه فتغيب الطالب عند محل الأجل فطلبه الكفيل وأشهد على طلبه ولم يدفع إليه الرجل فإن المال لازم للكفيل. قالوا ولو كان اشترط عليه مكانا فوافاه به في ذلك المكان وأشهد وتغيب الطالب حتى مضى الأجل فان المال لازم للكفيل ولو كان الكفيل اشترط في الكفالة أنه بريء منه إذا وافاه به المسجد الأعظم وأشهد على ذلك يوم كذا فوافاه به الكفيل المسجد يومئذ وأشهد وغاب الطالب أو لم يحضر فإن الكفيل بريء من الكفالة بالنفس والمال وكذلك هذه الكفالة لو كانت بالنفس بغير مال. وقالوا إذا كفل رجل بنفس رجل إلى3 غد فإن لم يواف به غدا في المسجد فعليه المائة الدرهم التي عليه واشترط الكفيل على الطالب إن لم تواف غدا المسجد فتقبضه مني فأنا منه بريء فالتقيا بعد الغد فقال الكفيل قد وافيت

_ 1 لعل صوابه: كورة من كور. 2 لعل صوابه: وعند. 3 ن: إلي غدا.

وقال الطالب قد وافيت فإنه لا يصدق واحد منهما على الموافاة والكفالة على الكفيل على حالها والمال له لازم فإن جاء كل واحد منهما بالبينة على الموافاة إلى المسجد ولم يشهدوا على دفع الكفيل1 إلى المكفول به إليه فإن الكفالة على حالها والمال لا يلزم الكفيل فإن أقام المطلوب البينة على الموافاة إلى المسجد ولم يقم الطالب البينة فالكفيل بريء من كفالته بالنفس والمال لا يصدق الطالب على الموافاة. قالوا ولو كفل بنفسه على أن يدفعه إليه غدا فإن لم يفعل فالمال عليه واشترط الكفيل إن لم2 توافني به فتقبضه مني فأنا بريء من الكفالة والمال فلم يلتقيا من الغد فإن الكفيل بريء والقول قول الكفيل إن الطالب لم يواف مع يمينه وعلى الطالب البينة ولا يشبه هذا الباب الأول لأن الكفيل ها هنا3 لم يشترط علية الموافاة به في مكان كما اشترط عليه في الباب الأول. قالوا وإذا ضمن رجل رجلا بنفسه لفلان فإن لم يواف به إلى شهر فعليه ما عليه وهو ألف درهم فمات الكفيل قبل الشهر وعليه دين ثم مضى الشهر قبل أن يدفع ورثة الكفيل المكفول به إلى الطالب فإن المال يلزم الكفيل ويضرب الطالب به مع الغرماء من قبل أنه قد لزمه يوم كفل به وكذلك لو مات المكفول به ثم مات الكفيل قبل الشهر. والصواب من القول عندنا في الرجل يكفل لرجل بنفس غريم له يوافيه به غدا في مكان يسميه له من البلدة التي هما بها أو في مجلس القاضي فإن لم يوافه به هنالك فعليه ما عليه وهو ألف درهم أن الكفيل لا يبرئه من الكفالة بنفس من يكفل به إلا4 بموافاته ما عليه وهو ألف درهم أن المكفول له في الموضع الذي

_ 1 أي دفع المكفول به إيه. 2 ن: يوافه به فتقبضه. 3 ن: هاهنا يشترط. 4 أي إلا يبرأبموافاته.

شرط له أن يوافيه به كما لو أسلم إليه مالا في طعام موصوف يوفيه إياه في موضع من البلد معروف لم يبرئه مما لزمه من تسليم ما لزمه تسليمه إليه في ذلك السلم إلا1 بأن يوفيه ذلك الطعام في الموضع الذي شرط عليه المسلم إيفاءه إياه فيه فكذلك حكم من شرط عليه في الكفالة بالنفس تسليم المكفول به في موضع من المصر أو المسجد لا يبرئه تسليمه إليه في غير ذلك من الأماكن إلا أن يبرئه المكفول له من الواجب له عليه بسبب ذلك الشرط. ومن فرق بين حكم ذلك سئل البرهان على ما ادعى من الفرق بين ذلك من أصل أو نظير وأما ما أوجب الكفيل على نفسه للمكفول له من المال الذي على المكفول به إن لم يوافه به فقد بينا قبل ما يدل على فساد قول من ألزمه المال بتركه الموافاة بما اغني عن إعادته في هذا الموضع وكذلك القول عندنا لو كان اشترط عليه أن يدفعه إليه بعد انقضاء الشهر فجاء به قبل انقضاء الشهر فإنه لا يبرأ من الكفالة بموافاته به قبل انقضاء الشهر كما لا يبرأ بموافاته به إذا اشترط عليه أن يوافيه به في مكان من البلد إذا وافاه به في غير ذلك المكان لما وصفت من العلة قبل. وأما القول في الذي يكفل لرجل بنفس غريم له عليه ألف درهم على أنه إن لم يوافه به عند انقضاء شهر كذا فعليه له ما له على المكفول به فيوافيه به في الوقت الذي شرط عليه موافاته به فيتغيب رب المال عن الكفيل فإن الكفيل لا يبرأ من الكفالة بالنفس من أجل أنه لم يسلم من كفل به إلى من كفل له وأما الذي على الغريم من المال فإنه لا يلزمه لما قد بينا قبل من أن ذلك من معاني الخطار وكذلك حكم الكفيل لو شرط على المكفول له أنه بريء من الكفالة إذا وافى بصاحبه من غد مسجد كذا حضر المكفول له فأبرأه أو لم يحضر

_ 1 أي إلا أن يبرأ بأن.

فوافى به من الغد المسجد الذي شرط له موافاته به فتغيب المكفول له لم يبرأ الكفيل من كفالته وكانت الكفالة له لازمة بهيئتها وإن وافى الكفيل به المسجد وحضره المكفول له وسلمه إليه ثم اختلف الكفيل والمكفول له في تسليم المكفول به إلى المكفول له فإن القول في ذلك قول المكفول له إذا قامت على الكفيل البينة بالكفالة أو أقر بها وإن قامت للكفيل البينة بتسليم المكفول به إلى صاحبه في الموضع الذي شرط عليه تسليمه إليه فيه بريء من الكفالة. وإما القول في رجل يكفل بنفس رجل لآخر له عليه ألف درهم يدفعه إليه عند انقضاء شهر كذا فإن لم يدفعه إليه في ذلك الوقت فهو ضامن للألف الذي له عليه فيموت الكفيل قبل مجيء الوقت الذي ضمن له1 دفعه ثم يحل الوقت فإن الصواب من القول في ذلك عندنا أنه لا يلزم ورثة الكفيل بسبب كفالة ميتهم بنفس من تكفل به شيء ولا يجب في مال الكفيل للمكفول له بسبب ذلك حق وذلك أن الميت إنما كان عليه تسليم المكفول به إلى المكفول له لو كان حيا دون تسليم ما على المكفول به من المال وقد دللنا قبل على أن قوله فإن لم أدفعه إليك في وقت كذا فما عليه لك فهو علي غير موجب له عليه حقا إن لم يدفعه إليه في ذلك الوقت وأنه إنما يتبع بالمطالبة تسليم المكفول به إلى من يكفل له به ولكن المكفول له به لو مات قبل مجيء الأجل الذي تشارطاه بينهما ثم جاء الأجل وأقامت ورثة المكفول له على الكفيل 2بالمطالبة بتسليم المكفول بنفسه 3لميتهم إليهم لزمه تسليمه إليهم إذا لم يكن للميت وصي ولم يكن عليه دين ولا كان أوصى بشيء لأن ذلك حق لهم عليه كما كان ذلك حقا لميتهم عليه وصاروا في القيام عليه بمطالبته به مكان الميت كنحو قيامهم بما جعل له بعده مما كان له في

_ 1 أي دفعة فيه. 2 الباء زائدة. 3 ن: يمتهم.

حياته فإن كان للميت وصي لم يبرأ الكفيل بتسليمه المكفول به إلى ورثة المكفول له به ولكنه لو سلمه إلى وصي الميت بريء من الكفالة. وكذلك لو كان على الميت دين أو كانت له مع الدين وصايا فسلمه إلى الوصي برئ من الكفالة إذا كان الوصي وصيا في ذلك كله فإن لم يسلمه إلى الوصي ولكنه سلمه إلى الغريم دون الورثة أو إلى الغريم والورثة لم يبرأ بذلك من الكفالة دون تسليمه إلى الوصي لأن الخصم في دين الميت ووصاياه وصيه إذا كان الورثة صغارا فإن كان الوارث ممن يجوز أمره في نفسه وماله لم يبرأ الكفيل من الكفالة إلا بتسليم المكفول به إلى وصي المكفول له وورثته لأنهم حينئذ جميعا خصومه ولكل واحد منهم مطالبته أما الوصي فيما أسند إليه القيام به من صرف ثلثه فيما أمره بصرفه فيه وأما الورثة فبقدر حقوقهم قبله بميراثهم ذلك عن ميتهم وإن دفعه إلى بعض دون بعض وبرئ إليه منه لم يكن ذلك براءة له من مطالبة من لم يبرأ إليه منه وكان للآخرين مطالبته بكفالته لهم. وبالذي قلنا في ذلك قال أبو حنيفة وأصحابه.

واختلفوا في حكم الرجل يكفل بنفس رجل لرجل عليه حق والمكفول له به غير حاضر.

واختلفوا في حكم الرجل يكفل بنفس رجل لرجل عليه حق والمكفول له به غير حاضر. فقال أبو حنيفة ومحمد كل كفالة بنفس كانت والطالب غير حاضر فإنها باطل لا تجوز قالا وكذلك المال غير أنا نستحسن إذا أوصى الرجل بوصية وقال لولده أو لبعضهم اضمنوا عني ديني فضمنوه والغرماء غيب فإن هذا جائز وإن لم يسم ذلك نستحسن ذلك وقالا لو كان هذا في الصحة لم يجز ولم يلزم الكفيل شيء وهو قول أبي يوسف الأول ثم رجع أبو يوسف وقال الكفالة في ذلك كله غير جائزة وإن لم يحضر المكفول له. والصواب من القول في ذلك عندنا أن المكفول له كفالة من كفل له

بنفس غريمه أو بما له عليه في حال غيبته عنه بالخيار في قبول الكفالة وترك قبولها فإن قبل ذلك كانت له مطالبة الكفيل بما كفل له به وإن ترك مطالبته بها وأخذه بها بطلت كفالته له بمن كفل له به وإنما جاز للمكفول له مطالبته بمن كفل له بنفسه وهو عن ذلك غائب في الحال التي كفل له بها لصحة الخبر عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه صلى على الميت الذي كان عليه الدين إذ ضمن ما عليه أبو قتادة من غير حضور من له الدين في وقت ضمانه عنه ما ضمن من ذلك فكان كل ضمان وكفالة كان من ضامن وكفيل المضمون به مثله حاضرا كان المضمون 1له أو غائبا في حال ضمان الضامن له من ضمن له. 2وقال أبو حنيفة ومحمد لو قال رجل لقوم اشهدوا أني كفلت لفلان بنفس فلان والمكفول به حاضر والطالب غائب فإن هذه كفالة باطلة وإن قدم الطالب فأجاز ذلك فإنه لا يجوز من قبل أنه لم يكن له مخاطبا حين كفل. قالا وإن قدم الطالب فادعى أنك كنت كفلت لي به وإنما اشهدت على نفسك بشيء كان منك قبل ذلك وكفلت لي به وأنا غير حاضر فإن القول قول الطالب ويأخذه بالكفالة من قبل أن الكفالة على وجهين قد تكون إقرار ابشيء ماض منها وتكون مستقبلة فإن قال الطالب هي ماضية فهي جائزة وإن قال هي مستقبلة فهي باطلة في قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف الكفالة جائزة وإن لم يكن له مخاطبا والماضي منها والمستقبل واحد وقالوا إذا قال الرجل للرجل إن لفلان على فلان مالا فاكفل له بنفسه فكفل له بنفسه وفلان الطالب غائب ثم قدم فلان فرضي

_ 1 ن: له. 2 ن: قال وقال.

بذلك فهو جائز ويأخذه به لأنه قد خاطبه مخاطب وإن لم يكن وكيلا وللكفيل أن يخرج من الكفالة قبل قدوم فلان الطالب وليس للمخاطب أن يخرجه حتى يحضر الطالب. قالوا وإذا وكل رجل رجلا بأن يأخذ له من فلان كفيلا بنفسه فأخذ كفيلا بنفسه فإن كان الكفيل كفل للوكيل فإنه لا يأخذه الوكيل بذلك ولا يأخذه الموكل وإذا كفل به للموكل أخذه الموكل ولا يأخذه الوكيل وإن دفعه في الوجهين جميعا إلى الموكل برئ من الكفالة. والصواب من القول عندنا: في الكفالة بنفس رجل لرجل بمخاطبة آخر إياه بذلك إن الكفالة للكفيل لازمة ولا سبيل للكفيل إلى الخروج من الكفالة إلا1 ببراءة المكفول له إياه من الكفالة أو بتسليمه المكفول به إلى المكفول له به أو إلى من قام مقامه لما وصفنا قبل من صلاة النبي صلي الله عليه وسلم على من ضمن أبو قتادة دينه من غير حضور الغريم المضمون ذلك له ولولا لم يكن لزم أبا قتادة المال بضمانه إياه لم يكن النبي صلي الله عليه وسلم ليصلي عليه بعد امتناعه من الصلاة بسبب دينه الذي كان عليه لغرمائه وأما إذا وكل الرجل وكيلا بأخذ كفيل له من رجل بنفسه له عليه حق ففعل الوكيل ذلك فإن القول عندنا في ذلك إن كان قال للكفيل اكفل بنفس فلان لفلان ففعل ذلك ثم سلم الكفيل إلى المكفول له غريمه الذي كفل بنفسه دون وكيله الذي تولى تكفيله إياه له برئ من الكفالة وإن لم يكن بين له ذلك ولا أقر به بعد الكفالة فإنه لا يبرأ الكفيل إلا بتسليم من كفل له بنفسه إلى من كفل له به. وكذلك وصي ميت لو كفل غريما للميت من رجل بنفسه فدفعه الكفيل إلى ورثة الميت أو إلى غرمائه لم يبرأ منه في قولنا وقولهم لأن الكفالة للوصي دونهم.

_ 1 البراءة هنا بمعني الإبراء.

القول في الالفاظ التي تصح بها الكفالة وتلزم

القول في الألفاظ التي تصح بها1 الكفالة وتلزم وإذا كفل رجل لرجل برأس رجل أو بوجهه أو برقبته أو بجسده أو ببدنه أو بنصفه أو بثلثه أو بروحه فإن ذلك كفالة جائزة في قياس قول مالك والثوري والشافعي. وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وإذا كفل بغير ذلك من جسده فهو باطل في قول أبي حنيفة وأصحابه وقالوا إنما أبطلنا ذلك لأن ذلك لا يشبه عمل التجار قالوا ولا يلزم المال في هذا قالوا ولو لم يكن فيه ذكر مال لم تلزمه به كفالة ألا ترى أنه لو قال أكفل لك بكذا وكذا لشيء لا يكون ولا يشبه فعال التجار فإن لم أوافك به غدا فعلي الألف الدرهم الذي لك على فلان كان هذا باطل ولا يلزمه المال. وقياس قول مالك والثوري والشافعي أن الكفالة تلزمه بكل ما كفل به من جسده لأن ذلك قولهم في الطلاق والظهار. وقال أبو حنيفة وأصحابه لو قال هو إلي أو قال هو علي أو أنا كفيل به أو أنا ضامن له أو أنا قبيل به أو زعيم به أو صبير به كان هذا جائزا يؤخذ به الكفيل قالوا وكذلك لو قال علي أن أوافيك به أو علي أن ألقاك به فهو جائز وكذلك لو قال هو علي حتى تجتمعا أو حتى توافيا أو حتى تلتقيا وقالوا وإن لم يقل هو علي حتى تلتقيا وقال أنا ضامن حتى تجتمعا أو توافيا أو تلتقيا فهو ضامن يؤخذ به حتى يوافيه به وقالوا إن قال أنا ضامن لمعرفته2 فهو باطل وهو مثل قوله أنا ضامن حتى أدلك عليه. والصواب من القول عندنا في الرجل يكفل ببعض أعضاء الرجل لرجل

_ 1 أي الكفالة بالنفس. 2 ن: فهو باطل فهو باطل.

عليه حق إن ذلك كفالة جائزة وللكفيل لازمة وسواء كانت كفالته له من جسده بالوجه أو بالرأس أو بالرجل أو بالظهر أو بالبطن أو الفرج أو غير ذلك من جسده لإجماع الجميع من الحجة على أنه إذا كفل بوجهه فكفالته جائزة للكفيل لازمة وهو بعض جسده فمثله سائر الأعضاء من جسده ومن ألزم الكفيل بوجهه الكفالة بنفسه كلها وأنكر إلزامه إذا كفل بإصبعه أو ظهره1 أو بطنه فمتحكم والتحكم لا يعجز عنه أحد ويسئل الفرق بين الكفالة بالوجه والظهر والفرق بين ذلك من أصل أو قياس فلن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في غيره مثله وأما الألفاظ التي تلزم بها الكفيل الكفالة فإن يقول للمكفول له أنا لك بنفس غريمك فلان كفيل أو زعيم أو حميل أو صبير أو قبيل أو ضمين أو هو لك علي أدفعه إليك أو هو علي لك حتى أوافيك به أو حتى أسلمه إليك وما أشبه ذلك من القول فأما إذا قال علي أن أوافيك بغريمك فلان أو أن ألقاك به فإن ذلك غير كفالة ولا لازم به القائل2 شيء للمقول له فأما إذا قال هو علي حتى تجتمعا أو حتى تلتقيا أو حتى تتوافيا فإن ذلك كفالة يؤخذ بها الكفيل لأن قوله هو علي كفالة ولا يبطلها قوله حتى تجتمعا أو حتى تلتقيا. وإذا كفل رجل لرجل بنفس غريم له أو بنفس رجل له قبله حق ثم جحده الكفالة فخاصمه إلى القاضي ولا بينة له فإن الواجب على الحاكم استحلاف المدعى عليه الكفالة في قياس قول مالك والأوزاعي والثوري. وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وقياس قول الشافعي. وأما في قول أبي ثور فإنه لا يمين عليه لأنه لو أقر بها لم يكن عنده مأخوذ ابها فلا وجه لاستحلافه على ذلك في قوله.

_ 1 ن: وبطنه. 2 ن: بشئ.

والصواب من القول في ذلك عندنا أن يستحلف المدعى عليه الكفالة لأن الكفالة بالنفس حق من حقوق المدعى إذا ثبتت على الكفيل يلزم الحاكم أخذ الكفيل بها فسبيلها سبيل سائر الحقوق الواجبة لبعض الناس على بعض. فإن حلف المدعي ذلك عليه برئ من مطالبة خصمه إياه بذلك وإن نكل عن اليمين فإنه يجب على قول مالك والشافعي ان ترد اليمين على المدعي فإن حلف أخذ له المدعى قبله الكفالة بالكفالة. وأما على قول الثوري وأبي حنيفة وأصحابه فإنه يجب على الحاكم إن نكل المدعي عليه الكفالة عن اليمين على دعوى صاحبه أن يلزم الكفالة التي ادعاها عليه صاحبه فإن استعدى الكفيل على المكفول به حتى يحضر معه فيبرئه والأمر على ما وصفنا من قضاء الحاكم على الكفيل بالكفالة بعد جحوده ذلك ونكوله عن اليمين لخصمه وحلف خصمه على ما أنكر من ذلك لم يكن للحاكم أن يكلفه الحضور معه لذلك لأنه بجحوده الكفالة قد أقر أنه ليس له على المكفول به سبيل بسبب كفالته إياه لخصمه ولكن لو أن رجلا ادعى على رجل أنه كفل له بنفس فلان غريم له ورفعه إلى الحاكم فأقر الكفيل بالكفالة فقضى بها عليه فسأل المقضي عليه بها أن يعديه على المكفول به حتى يحضر معه فيبرئه من الكفالة نظر الحاكم في ذلك فإن كان المكفول به مقرا أنه أمر الكفيل أن يكفل به لصاحبه أعداه عليه وأمره بالحضور معه حتى يبرئه مما دخل فيه من الكفالة بنفسه بمسألته ذلك إياه وإن أنكر المكفول به أن يكون أمره بذلك وحلف عليه لم يكلف حضوره معه ولا يعدي عليه الكفيل إلا أن يقيم الكفيل بينة عادلة أنه كفل به بأمره فيكلف حينئذ الحضور معه. وقال أبو حنيفة وأصحابه إن استعدي الكفيل على المكفول به حتى يحضر معه فيبرئه من الكفالة فإن كان المكفول به أقر أنه أمره ان يكفل به أمر أن يحضر معه فيبرئه وإن قال كفل بي ولم آمره فحلف على ذلك لم يجبر على الحضور معه.

إلا أن يقيم الكفيل بينه أنه كفل به بأمره فيؤمر بالحضور معه. وأجمعوا على أن الرجل إذا قال لآخر بايع فلانا فما وجب1 لك عليه من درهم إلى ألف درهم أو إلى ما يسميه محدود المبلغ فهو علي فبايعه المقول ذلك له فيلزمه له من المال ما حده له أو ما دون ذلك فإن قائل ذلك الآمر بمبايعته ضامن لصاحبه المأمور بمبايعة من أمره بمبايعته ما وجب له عليه بمبايعته إياه إلى المقدار الذي حده إن كان وجب ذلك له عليه أو ما دونه.

_ 1 ن: له.

واختلفوا في حكمه إن قال له بايعه فما وجب لك عليه من شيء فهو لك علي

واختلفوا في حكمه إن قال له بايعه فما وجب لك عليه من شيء فهو لك علي فقياس قول مالك أنه إذا بايعه المقول ذلك له فوجب له عليه شيء فهو لازم الضامن إذا كان ذلك قدر ما حد له لم يجاوزه وذلك أن يونس بن عبد الأعلى "حدثني قال أخبرنا ابن وهب قال قال مالك" في رجل قال لرجل أنا لك على بمالك فلان فخرق ذكر الحق الذي عليه واطلبني بما عليه فخرق ذلك وطلبه بما له عليه فإن ذلك جائز. وقال الثوري في رجل لقي رجلا قد لزم رجلا فقال خل عنه وما كان لك عليه من حق فهو علي قال ليس بشيء حتى يسمي ما عليه "حدثني بذلك علي بن سهل قال حدثنا زيد عنه". وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا قال الرجل لرجل بع فلانا فما بعته من شيء فهو علي فهو جائز وإن لم يوقت لذلك وقتا وإن باعه بألف درهم أو أكثر أو أقل فهو جائز وكذلك لو باعه بالدنانير وكذلك لو باعه بذهب تبر أو فضة أو بشيء مما يكال أو يوزن فهو جائز والكفيل ضامن لذلك فإن

جحد الكفيل فقال لم تبعه وقال الطالب بعته متاعا بألف درهم وأقر المطلوب المكفول عنه بما قال الطالب فإن المال يلزم الكفيل والمكفول عنه. وقالوا ألا ترى انه لو قال ما لزمه لك من شيء فأنا ضامن له فأقر المكفول عنه بألف درهم فادعى الطالب1 وجحد الكفيل فقال لا شيء لك عليه إن القول في ذلك قول المطلوب والطالب ويؤخذ الكفيل بذلك كله. قالوا وهذا استحسان والقياس في هذا أن لا يؤخذ بشيء حتى يقيم البينة على ما باعه به قالوا ولو قال الكفيل قد بعته بخمس مائة وقال الطالب بعته بألف وأقر بذلك المكفول عنه فإنه يؤخذ بألف ويؤخذ به الكفيل وقالوا لو قال إذا بعته بشيء فهو علي فباعه متاعا بألف درهم ثم باعه بعد ذلك خادما بألف درهم لزم الكفيل المال الأول ولم يلزم الثاني لأنه قال له إذا بعته بشيء فهذا على مرة واحدة ولا يكون على مرتين وكذلك لو قال له متى بعته فهو علي مرة واحدة وإن باعه ثانية لم يلزمه وكذلك إن قال له إن بايعته بشيء فهو علي فبايعه مرتين أو ثلاثا فإن البيع الأول على الكفيل وما بعده لا يلزمه. قالوا فإن قال كل ما بايعته به من شيء أو ما بايعته من شيء أو الذي تبايعه به من شيء فهو لك علي فمتى بايعه فهو على الكفيل كله قالوا ولو قال ما بعته اليوم فبايعه هذين البيعين في ذلك اليوم لزمه المالان جميعا قالوا ولو كان وقت ألف درهم فقال بعه بينك وبين ألف درهم فما بعته من شيء فهو علي إلي ألف درهم فباعه متاعه بخمس مائة وباعه حنطة بعد ذلك بخمس مائة وقبض ذلك لزم الكفيل المالان جميعا لأنه وقت. قالوا وكذلك لو قال كل ما بعته بيعا بشيء فأنا له ضامن فباعه

_ 1 ن: جحد.

بيعين على ما ذكرت لزم الكفيل المالان جميعا قالوا ولو قال بع فلانا فما بعته به فهو علي أو الي أو فأنا له ضامن أو فأنا به كفيل فهو سواء والمال عليه. قالوا ولو لم يقل ذلك وقال له بعه فباعه بمال1 لم يلزم الآمر لأنه لم يضمن له وقالوا فإن قال متى بعته متاعا بشيء فأنا له ضامن أو إذا بعته متاعا فأنا ضامن لثمنه فباعه متاعا في صفقتين كل صفقة بخمس مائة درهم أحداهما قبل الأخرى ضمن الكفيل الأولى منهما ولم يضمن الأخرى قالوا ولو قال ما بعته من2 زطي فهو علي فباعه يهوديا أو حنطة لم يضمن الكفيل شيئا قالوا وكذلك لو أقرضه3 فإن الكفيل لا يضمن القرض وكذلك لو قال له أقرضه فما اقرضته فهو علي فباعه متاعا بمال لم يضمن الكفيل من ذلك شيئا لأنه خالف. ولو قال داينه اليوم فما داينته به اليوم من شيء فهو علي فاقرضه في ذلك اليوم وباعه متاعا بألف درهم وقبضه لزم الكفيل المال لأن القرض وثمن البيع يدخل في المداينة. قالوا ولو رجع الكفيل عن هذا الضمان قبل أن يبيع منه شيئا ونهى الطالب عن مبايعته ثم باعه الطالب بعد ذلك لم يلزم الكفيل من ذلك شيء لأن الكفيل قد رجع عن ذلك قالوا ولو قال ما بعته به اليوم من شيء فهو لك علي ثم جحد الكفيل هذه المقالة وجحدها المكفول به فأقام الطالب بينة أنه باعه يومئذ متاعا بألف درهم وقبضه منه لزم الكفيل ذلك ولزم المكفول عنه وأيهما خاصم بهذه البينة فهو جائز عليه لازم له ولصاحبه فإن لقي صاحبه بعد ذلك لم

_ 1 ن: بمال يلزم. 2 الزطي واليهودي جنسان من الثياب. 3 ن: لو لو أقرضه.

يعد عليه البينة ويكتفي بالشهادة الأولى عند القاضي إذا كان هو ذلك القاضي. والصواب من القول عندنا في الرجل يقول لآخر بع فلانا فما بعته من شيء فهو علي إن ذلك ضمان باطل لا يلزم قائل ذلك للمقول له شيء إذا باعه وذلك لاجماع الجميع من الحجة على أن قائلا لو قال من بايع فلانا اليوم من درهم إلى ألف درهم فهو علي أو فأنا له ضامن فباعه رجل في ذلك اليوم بألف درهم أو أقل من ذلك متاعا إنه لا يلزم القائل ذلك شيء بقيله ذلك إذ كان المضمون له ذلك في حال ما ضمنه له مجهولا وإن كان المال المضمون 1معلوم المبلغ محدود القدر في حال الضمان فكذلك الحكم قياسا عليه مثله في فساد الضمان وبطوله عن الضامن إذا تضمن مالا مجهول المبلغ غير محدود القدر في حال ضمانه وإن كان المضمون عنه والمضمون له معلوم العين لا فرق بينهما ومن أنكر ما قلنا فالزم الضمان الضامن مالا مجهول المبلغ في حال الضمان إذا كان المضمون له معلوم الشخص وأبطل الضمان عن الضامن مالا معلوم المبلغ في حال الضمان إذا كان المضمون له مجهول العين يسأل الفرق بينهما من أصل أو قياس فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله فإن حد مبلغ المال المضمون الضامن فقال للمضمون له بع فلانا من درهم إلى ألف درهم أو من دينار إلى مائة دينار أو من قفيز حنطة إلى كر منها أو ما أشبه ذلك مما يكال أو يوزن فباعه قدر ذلك أو أقل منه لزم الضامن ما ضمن من ذلك فإن قال الطالب المضمون له قد بعته بألف درهم وصدقه على ذلك المضمون عنه وأنكره الضامن وكذبهما وقال للطالب لم تبعه شيئا فالقول في ذلك قوله مع يمينه ولا يؤخذ بشيء مما ادعاه قبل المضمون عنه بتصديق المضمون عنه إياه إذا حلف على أنه لا يعلمه باعه شيئا إلا ببينة عادلة تشهد على المضمون عنه بابتياعه من المضمون له ما ادعى قبله المضمون له ولكن المضمون له يتبع المضمون عنه

_ 1 ن: مجمهول.

بما أقر به على نفسه له فيؤخذ به وذلك أنه لا يلزم أحدا بإقرار غيره عليه شيء. وكذلك القول في ذلك لو صدق الضامن المضمون له على بعض ما ادعى أنه باع المضمون عنه وأنكر بعضه وحلف قضي عليه بما صدقه عليه من ذلك وكان القول فيما أنكر منه قوله مع يمنيه على علمه على ذلك إلا أن تقوم للمضمون له بينة على المضمون عنه بما ادعى أنه باعه فيحكم حينئذ به عليه وأما إذا قال الضامن للمضمون له إذا بعت فلانا شيئا فهو علي فباعه متاعا بألف درهم فإنه لا يلزمه من1 الألف شيء لما بينا قبل من فساد ضمان الضامن مالا مجهول المبلغ في حال ضمانه إياه ولكنه لو قال له: إذا بعته متاعا بألف درهم أو إذا بعته شيئا بدرهم إلى ألف درهم فما وجب لك عليه من ثمن ذلك فهو علي فباعه سلعة أو خادما يكون مبلغ ثمنها ما حد له من مقدار المال فإنه يلزمه فإن باعه بعد ذلك بيعة أخرى بثمن آخر يكون مبلغه قدر ما حد له من ذلك أو أقل لم يلزم الضامن من ثمن البيعة الثانية شيء لأن قوله إذا بعته معني به وقت البيع الذي يبايعه فيه متاعا بالمال الذي حد له مبلغه وذلك موجه إلى أول وقت يبايعه فيه كما أن قائلا لو قال لزوجته إذا دخلت الدار فأنت طالق فدخلت الدار لحقها الطلاق فإن خرجت منها ثم عادت فدخلت لم يعد عليها الطلاق لأن الحنث قد لحقه بوجود الوقت الذي أوقع بها فيه الطلاق ومضى فلن يعود فكذلك لا يعود عليها الطلاق بدخولها الدار مرة أحرى لأن الوقت الذي أحدثت فيه الدخول الثاني غير الوقت الذي أوقع بها فيه الطلاق فهي في دخولها الدار مرة أخرى في أنها لا يعود عليها الطلاق بمنزلتها لو قال أنت طالق إن دخلت الدار غدا فلم تدخل من الغد حتى مضى ولكنها دخلتها بعد الغد. والقول عندنا في متى بايعت وإن بايعت مثل القول في إذا بعت

_ 1 ن: ألف.

والعلة في كل ذلك ما بينا في إذا بايعت وأما إذا قال ما بعته اليوم من درهم إلى ألف درهم أو ما بعته من درهم إلى ألف درهم بغير تحديد وقت بعينه فهو علي أو فأنا له ضامن لك ثم بايعه المضمون له أجناسا من السلع كان مبلغ جميع ذلك قدر ما حد له الضامن من المال فإن ذلك مأخوذ به الضامن غير أنه إذا كان الضامن إنما ضمن ما وجب له على صاحبه بمبايعته إياه في وقت حده له بعينه لم يلزم الضامن ما وجب له قبله قبل ذلك لأن ذلك غير داخل فيما ضمنه له وأما إذا قال الضامن للمضمون له بايع فلانا فكل ما بعته من درهم إلى ألف درهم فهو علي فبايعه مرة بعد مرة فإن ذلك كله للضامن لازم ما لم يجاوز فيما بايعه ما حد له من المال لأن قوله كل ما على التكرير لا على عدد محصور. وأما إذا قال له بعه من درهم إلى ألف درهم ولم يقل فما بعته من ذلك فعلي ثمنه لك أو فأنا له ضامن لك أو كفيل لك عليه فلا شيء للمأمور بذلك على الآمر لأنه لم يضمن له شيئا. وكذلك لو قال له اعطه ألف درهم أو أقرضه ألف درهم ولم يقل على أن ما أقرضته من ذلك علي أو ما أعطيته منه فهو لك علي أو فأنا ضامنه أو فأنا كفيل لك به عنه وما أشبه ذلك فلا شيء عليه إن أقرضه أو أعطاه ذلك لأنه لم يضمنه له وكذلك لو قال له أقرضه ألف درهم على أن ما اقرضته من ذلك فهو لك علي أو فأنا ضامنه لك فلم يقرضه ولكنه باعه متاعا بألف درهم لم يجب له عليه من ذلك شيء لأنه لم يضمن له ما بايعه به إنما ضمن له ما أقرضه إياه ولم يقرضه المأمور شيئا فيكون له اتباع الآمر به ولو قال رجل لرجل ما بعت اليوم فلانا من شيء من كذا إلى كذا فعلي ثمنه فباعه ذلك اليوم بالمال الذي1 حده له ثم جحد الكفيل والمكفول عنه ما بايع المكفول له المكفول عنه فخاصم المكفول له في ذلك الكفيل وأقام عليه المكفول له بينة فإن الواجب على الحاكم

_ 1 ن: أخذه.

أن يسمع شهادة بينته على مبايعته المكفول عنه بما لزمه له بمبايعته إياه في ذلك اليوم من المال حضر المكفول عنه أو غاب لأن ما لزمه من المال في ذلك اليوم من المال حضر المكفول عنه أو غاب لأن ما لزمه من المال في ذلك اليوم بسبب1 مبايعة المكفول له إياه فهو للكفيل لازم إلى مبلغ ما حد له وان مذهبنا أن على الحاكم استماع شهادة شهود ذي الحق على من شهدوا عليه له به حضر المشهود عليه أو غاب ويقضي بما شهدوا له به عليه من مال المشهود عليه به وقد بينا العلة الموجبة القول بذلك في غير هذا الموضع بما اغنى عن إعادته في هذا الموضع. 2وإذا قضى الحاكم بشهادة شهود المكفول له بذلك على الكفيل ثم حضر المكفول عنه وأراد الكفيل أخذه بما أدى عنه لم يكن للحاكم تكليف الكفيل إحضار بينة بوجوب ذلك له عليه لأن قضاءه 3على الكفيل للمكفول له بذلك قضاء منه للكفيل على المكفول عنه ولكن يجب عليه أمر المكفول عنه بالخروج إلى الكفيل مما لزمه بسبب ما قضى للمكفول له عليه بعد أن يكون قضاؤه عليه له بشهادة شهود شهدوا له أنه كفل للمكفول له بما كفل عن المكفول عنه بأمره إياه بكفالته ذلك عنه. ولو أن رجلا قال من بايع فلانا اليوم من كذا إلى كذا فهو علي له فباعه رجل أو جماعة لم يلزم ذلك الكفيل في قول أحد من أجل أنه ضمان4 لمجهول الشخص. وقال محمد بن الحسن لم يلزم ذلك لأنه لم يخاطب أحدا بذلك. ولو قال لقوم بأعيانهم ما بايعتموه به اليوم أنتم وغيركم فهو علي كان عليه ما بايع به الذين خاطبهم بهذا القول لأنه ضمان لقوم بأعيانهم معلومين وأما ما

_ 1 ن: مبايعته. 2 كأنه يعني كتاب القضاء من اختلاف الفقهاء. 3 ن: عن. 4 ن: بمجهول.

بايع به غيرهم فلا يلزمه لأنه ضمان لمجهول وكذلك قال في ذلك أبو حنيفة وأصحابه. ولو قال ما بايعت به فلانا من شيء فهو علي فأسلم إليه دراهم في طعام أو باعه شعيرا إلى أجل كان ذلك كله لازما للكفيل لأنه مما بايعه به وكذلك قال أبو يوسف ومحمد.

القول في حكم الرجل يأمر رجلا أن ينقد رجلا عنه مالا محدود المبلغ

القول في حكم الرجل يأمر رجلا أن ينقد رجلا عنه مالا محدود المبلغ وإذا أمر رجل رجلا أن ينقد فلانا عنه ألف درهم له عليه فنقد ذلك عنه المأمور فإن للمأمور أن يرجع بها على الآمر وكذلك لو قال له انقده عني فنقده ذلك وكذلك قوله انقده ما له علي وهو كذا وكذا درهما فذلك كله سواء إذا قضاه المأمور رجع به على الآمر وكذلك القول في ذلك لو قال له اقضه ما له علي أو اقضه عني ألف درهم أو قال ادفع إليه الذي له علي أو اعطه الذي له علي أو اعطه عني ألف درهم وكذلك لو قال له أوفه ما له علي فذلك كله سواء وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه وقالوا إنما جعلنا للمأمور الرجوع على الآمر بما1 أدى عنه إلى غريمه من دينه الذي أمره بأدائه إليه من أجل أن في إدائه إلى غريمه بامره إياه ما أدى من دينه براءة له مما عليه بقبض الغريم من المأمور ما قبض من دينه على الآمر2 قبض له من الآمر له فكان قوله له انقد فلانا مما له علي كذا وكذا دينارا بمنزلة قوله أقرضني كذا وكذا دينارا فأقرضه إياه فهو له عليه دين ولو أن الغريم أراد مطالبة المأمور بما أمره الآمر بدفعه إليه أو بنقده إياه وهو كذا وكذا دينارا فامتنع المأمور من دفع ذلك إليه

_ 1 ن: ادعي. 2 كذا في النسخة ولعل صوابه: وقبض.

وإعطائه إياه على ما أمره به ثم ترافعا إلى الحاكم لم يكن للحاكم إلزام المأمور بما أمره صاحبه بدفعه إليه لأن ذلك ليس بضمان منه له ما أمر بإعطائه إياه فتكون له عليه السبيل بسبب ضمانه ذلك له ومثل قوله انقده عني ألف درهم قوله انقده ألف درهم على1 أني له ضامن أو على أني به كفيل أو على أنه لك علي وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه قالوا ومثل ذلك أيضا قوله على أنه عندي أو قبلي. قالوا وكذلك لو أن الدافع نقده به مائة دينار أو باعه به خادما أو عبدا أو عرضا من العروض وقبضه فقد قبض الألف ويرجع الدافع به على الآمر. وهذا الذي قالوا عندنا كما قالوا وذلك أن في بيع المأمور غريم الآمر بالألف الذي له عليه الذي أمره أن ينقده عنه ما باعه إياه براءة للآمر من دين غريمه فله اتباعه بما قضى عنه بأمره. وإذا قال الرجل للرجل ادفع إلى فلان ألف درهم قضاء له ولم يقل عني ولا قال2 على أنه لك علي أو على أنه لك قبلي أو على أنه لك إلي فدفعها المأمور إلى من أمره بدفعه إليه وبرئ إليه منه فإنه لا يرجع المأمور بذلك على الآمر من أجل أنه لم يضمن ذلك له فهو كقوله له ادفع إلى فلان ألف درهم ولا خلاف بينهم أنه إذا دفع المقول ذلك له إلى من أمره بدفعه إليه لم يكن للدافع اتباع الآمر به لأنه لم يقض عنه بذلك دينا للمدفوع ذلك إليه عليه ولا قبضه المدفوع ذلك إليه للآمر على توكيل منه إياه بقبضه له فيكون مستدينا من الآمر ولو لزم ذلك الأمر بقوله ادفع إليه لزمه بقوله له تصدق على المساكين اليوم بألف درهم ولم يقل عني بالألف الدرهم أو تصدق بذلك وذلك مما لا نعلم قائلا يقوله من أهل العلم.

_ 1 ن: أنه 2 ن: علي.

وقال أبو حنيفة إذا قال الرجل للرجل ادفع إلى فلان ألف درهم قضاء له ولم يقل عني ولا قال هو علي لك ولا1 على أنه لك قبلي ولا على أنه لك إلي فدفعه المأمور إليه وبرئ منه فإن كان خليطا للآمر رجع به عليه وان لم يكن خليطا له لم يرجع به عليه وكذلك قال أبو يوسف ومحمد. ثم رجع يعقوب فقال يرجع عليه خليطا كان أو غير خليط. وسواء في ذلك عندنا أمر بذلك أخاه أو إبنه أو إبن أخيه أو عمه أو خاله أو أمر بذلك ولدا كبيرا في عياله أو زوجته أو أمرت امرأة زوجها في أن ذلك لا يلزم لما وصفنا إذا دفعه المأمور إلى من امره بدفعه إليه ولكنه إن أراد أن يرجع به على المدفوع ذلك إليه إذا كان دفعه إليه ما دفع من ذلك إليه على ظن منه أن له الرجوع به على الآمر إذا دفعه المأمور إلى الذي أمر أن ينقده رجع به على الآمر إن كان خليطا أو لم يكن خليطا كان ذلك له. قال أبو حنيفة لو أمر الرجل بذلك أخاه أو إبنه أو إبن أخيه أو عمه أو خاله كان ذلك مثل الغريب الذي لم يخالط إلا أن يأمر إنسانا في عياله في أمر ولدا له كبيرا في عياله أو زوجته أو امرأة أمرت زوجا أو أمر أخا له في عياله أو أحدا بعد أن يكون في عياله فدفع المال فإنه يرجع به على الآمر قال وهذا بمنزلة الخليط وكذلك الأجير وكذلك الشريك قال استحسن هذا وأرى هؤلاء جميعا بمنزلة الشريك والخليط وهذا أيضا قول محمد وهو قول أبي يوسف الأول وأما في قوله الذي رجع إليه فإن كل هؤلاء سواء ويرجع من إعطاء من أمره بإعطائه صاحبه عليه بما أعطى بأمره. وقال أبو حنيفة إذا قال رجل لرجل ادفع إلى فلان ألف درهم وليس الآمر بخليط للمأمور فدفع المأمور إليه ألف درهم فإنه لا يرجع به على الآمر وللدافع أن يرجع به على الذي قبضه لأنه لم يدفعه إليه على وجه يجوز دفعه.

_ 1 ن: علي.

ولو أن رجلا أمر رجلا خليطا له أن يدفع إلى فلان عنه ألف درهم بخية فنقده المأمور ألف درهم غلة أو زيوفا أو بهرجة لم يكن للدافع أن يرجع على الآمر إلا بمثل ما نقد في قول أبي حنيفة وأصحابه. قالوا ولو كان المأمور كفيلا عن الآمر بألف بخية فنقده ألف درهم غلة أو زيوفا أو بهرجة رجع الدافع على المكفول عنه بألف درهم. والذي قالوا في ذلك عندي كما قالوا وذلك أن المأمور بدفع ألف درهم على الآمر إلى آخر إذا دفع إليه خلاف الذي أمره بدفعه إليه فالمدفوع إليه قابض ما قبض منه للآمر كان مثل الذي أمر أن يدفعه إليه أو دونه وإذا كان المأمور كفيلا بما أدى عنه بأمره فإنما هو قاض عن الآمر ما لزمه لغريمه بضمانه عنه والذي لزمه له بخية إن كان الذي عليه من المال بخية فإذا قضى الكفيل المكفول له دون الذي له فرضي به الغريم فإنما هو ترك منه له ما له أخذه به وإحسان منه إليه وإن كان في ذلك براءة للمكفول عليه فللكفيل الرجوع على المكفول عليه بما كفل عليه من المال وهو البخية لأن ذلك الذي كفل لغريمه عنه.

القول في كفالة العبد بنفس رجل لرجل وضمانه له مالا له عليه

القول في كفالة العبد بنفس رجل لرجل وضمانه له مالا له عليه وإذا كفل عبد بنفس عبد أو حر أو حرة أو أم ولد أو مكاتبة فإن ذلك كفالة باطلة لا يؤخذ بها العبد في قول الجميع إذا لم يكن سيده أذن له في ذلك. وقال أبو حنيفة وأصحابه إنما لم يجز ذلك من قبل أن الكفالة معروف ولا يملك العبد ذلك قالوا وكذلك لو كان العبد تاجرا في السوق يشتري ويبيع كانت كفالته باطلا لا تجوز قالوا وكذلك لو كفل بمال لم تجز كفالته بنفس ولا مال.

ولو أن العبد كفل بنفس من كفل بنفسه لمن كفل له بنفسه بإذن مولاه له بذلك فإن ذلك له لازم ويؤخذ به كما يؤخذ به الحر وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أن مولاه لو أذن له في الشراء والبيع والمداينة إن ذلك جائز وأنه يؤخذ لمن بايعه شيئا بثمن ما باعه ويحكم له على من ابتاع منه شيئا بثمن ما ابتاع منه وهم جميعا مجمعون على أن سيده لو لم يكن أذن له فيه أنه لم يكن شيء من ذلك جائزا ولا له لازما فألزمه الجميع في حال أذن السيد له في البيع والشراء ما باع واشترى ما لم يلزموه في غير حال أذن السيد له في ذلك فكذلك مثله كفالته لمن كفل له بنفس آخر أو بمال له على غريم له يلزمه في حال أذن سيده له في الكفالة ما لم يكن له لازما في غير حال إذنه له إذا اتبعه المكفول له بما كفل له به. وبذلك كان شريح القاضي يقول "حدثني يعقوب قال حدثني هشيم قال أخبرنا بعض أصحابنا عن عياش العامر أنه شهد شريحا قال" ضمان العبد باطل إلا أن يكون أذن له مولاه فيه. وهذا الذي قلنا في ذلك هو قياس قول مالك والأوزاعي والثوري والشافعي وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وأبي ثور. فإن أذن له مولاه في الكفالة بمال فكفل به فإن الواجب على قياس قول مالك أن يلزمه ما كفل به من ذلك ويؤخذ به إن كان له مال وكان المكفول عنه معدما لا سبيل له إلى القضاء فإن كان المكفول عنه مليا لم يكن للمكفول له سبيل على العبد المتكفل بذلك لأن ذلك قوله في الحر تكفل لرجل على غريم له بمال له عليه وحكم العبد إذا أذن له سيده في الكفالة على مذهبه حكم الحر الجائز الأمر تكفل بمال لرجل على آخر. وأما على قياس قول الأوزاعي والثوري فإن الواجب إذا أخذ الطالب العبد بالكفالة أن يباع في دينه الذي على غريمه الذي كفل به إن لم يخلصه سيده مما أذن له بالدخول فيه من الكفالة.

وأما أبو حنيفة وأصحابه فإنهم قالوا إن أذن له مولاه فكفل بمال فإنه يؤخذ به ويباع فيه إن لم يكن عليه دين فإن كان عليه دين يحيط به بيع في الدين الذي عليه فإن فضل شيء من ثمنه كان لصاحب الكفالة فإن لم يفضل فلا شيء له. والواجب في ذلك على قياس قول الشافعي أن تكون الكفالة للعبد لازمة وأن طالبه المكفول له بما كفل له به من ما له على غريمه فالواجب على مذهبه أن يحكم على السيد بإطلاق العبد والتصرف والاكتساب والاحتيال لدين المكفول له حتى يؤدي إليه ما كفل له عن غريمه وذلك أن ذلك قوله في الرجل يأذن لمملوكه بالنكاح بصداق محدود المبلغ فينكح امرأة بما حد له من الصداق. وأما على قول أبي ثور فإنه يجب أن لا يؤخذ العبد بما ضمن عن المضمون عنه للمضمون له حتى يعتق فإذا عتق اتبعه به المضمون له ويكون المضمون عنه على قوله بريئا من مال صاحبه الذي ضمن عنه. والصواب من القول في ذلك عندنا أن المكفول له إن اتبع العبد بما كفل له به من المال الذي له على غريمه بإذن سيده أن يجبر سيده على تخليته1 والسعي في دين المكفول له الذي على غريمه المكفول عنه إن كان المكفول عنه معدما وإن كان مليا قضي للعبد على المكفول عنه بما كفل عنه إن كان كفل ذلك عنه بأمره وقضى ذلك عنه المكفول له وذلك لإجماع الجميع على أن عبدا لو تزوج امرأة بغير إذن مولاه ودخل بها لم يبع في صداقها الواجب لها عليه فإذ كان ذلك من جميعهم إجماعا فمثله كل دين لحقه برضى من له الدين في أنه لا يباع فيه وإذا كان ذلك كذلك وكان الدين لزمه للمكفول له إنما لزمه بإذن سيده له بكفالته له فالواجب على السيد تركه والسعي فيه كما لو أذن له بنكاح امرأة فنكحها

_ 1 ن: والسفر.

كان عليه تركه والسعي في نفقتها ومؤونتها الواجبة لها عليه وكذلك حكم أم الولد يأذن لها مولاها في الكفالة عن رجل بمال لرجل عليه فتكفل له عنه وكذلك حكم المدبر والمدبرة. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا كفلت أم الولد بمال بإذن سيدها فهو جائز عليها تسعى فيه وإن مات سيدها فهو دين عليها وكذلك المدبر والمدبرة. وإن كفل عبد بإذن سيده بنفس رجل فجائز في قياس قول مالك والأوزاعي والثوري وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وقياس قول الشافعي. وأما على قول أبي ثور فباطل لأنه كان لا يجيز الكفالة بالنفس. والصواب من القول في ذلك عندنا أن ذلك جائز وإن اعتقه سيده بعدما كفل بنفس من كفل بنفسه فعتقه إياه ماض ولا شيء يلزم السيد بسبب إذنه في الكفالة والعبد متبع بالكفالة. وقال أبو حنيفة وأصحابه إن اعتقه سيده بعدما كفل بإذن سيده بنفس من كفل بنفسه فإنه يؤخذ بالكفالة ولا يضمن سيده شيئا للعتق الذي أحدث لأن الكفالة بالنفس ليست بمال قالوا ولو كفل بمال بإذن سيده لرجل1 له دين عليه فاعتقه سيده ضمن سيده الأقل من قيمته ومن الدين فإن شاء الغريم اتبع العبد بذلك وإن شاء اتبع السيد فإن اتبع العبد كان للعبد أن يتبع المكفول به إن كان كفل بأمره وإن اتبع الغريم السيد كان للسيد أن يتبع المكفول به إن كان المكفول به طلب إلى السيد إن يأمر عبده وإن لم يطلب إليه ولا إلى العبد لم يتبع واحد منهما المكفول به بشيء. قالوا ولو كفل عبد بنفس رجل بغير إذن سيده لم يجز عليه فإن عتق2 كان

_ 1 ن: لا دين. 2 ن: كان كان الطالب.

للطالب أن يأخذه بالكفالة وكذلك لو كفل بمال لم يجز عليه إذا لم يكن السيد أذن له فإن أعتق يوما أخذ بذلك فإن أداه كان له أن يرجع على المكفول به إن كان كفل بأمره وإن كان كفل بغير أمره لم يكن له أن يرجع عليه. قالوا وإن كان على العبد دين يحيط بقيمته فأمره مولاه أن يكفل بنفس أو بمال فإن ذلك لا يجوز ولا يلزمه منه شيء فإن أدى دينه ألزمناه الكفالة. والصواب من القول عندنا في العبد يكفل بنفس رجل لرجل أو بمال له عليه بغير إذن مولاه أنه لا يلزمه للمكفول له بتلك الكفالة شيء لا في حال العبودة ولا بعد العتق لإجماع الجميع على أنه لا يلزمه بها في الحال التي كفل للمكفول له شيء فهو من أن يلزمه بها بعد تلك الحال أبعد ويسأل من أوجب للمكفول له أخذه بما كفل له من النفس والمال بعد عتقه فيقال له أخبرنا عن كفالته بما كفل من ذلك في حال عبودته بغير إذن سيده ألزمه بها للمكفول له شيء فإن قال نعم ترك قوله في ذلك وخالف مع ذلك ما عليه الحجة مجمعة من أنه لا يلزمه بها شيء وإن قال لا قيل فما المعنى الذي ألزمه ذلك بعد العتق ولم يحدث كفالة بعدما عتق يلزمه بها شيء والكفالة الأولى التي كانت في حال العبودة كانت باطلا لا يلزمه عندك بها شيء أو رأيت لو كفل صبي بنفس رجل لرجل أو بمال له عليه في حال طفولته بغير إذن وليه أو مجنون في حال جنونه ثم أدرك هذا وأفاق هذا وبرأ ثم طالبهما المكفول له بما كفلا له به أتاخذهما له به فإن قال نعم خرج من قول جميع أهل الملة وإن قال لا قيل له فما الفرق بينهما وبين العبد وجميعهم لم تكن الكفالة لهم لازمة في الحال التي كفلا ثم يسأل الفرق بين ذلك من أصل أو قياس فلن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله. وإذا كفل عبد يساوي ألف درهم بإذن مولاه بألف درهم فذلك جائز

أيضا ويؤمر السيد بتركه والسعي فيما لزمه1 بالكفالتين إذا اتبعه بهما المكفول له وأما ما كان عليه من دين فإنه لا يتبع به حتى يعتق إذ كان دينا لزمه من متاجرة أو معاملة لأن مداينه قد رضي بأمانته بمداينته إياه فحكمه في ذلك حكم رجل معدم وجب عليه دين لغريم له فلا يتبع به حتى يوسر. وكذلك العبد المستدين لا يتبع بالدين حتى يعتق ويوسر لأنه لا مال له في حال عبودته إلا أن يكون دينا لزمه من جناية فيباع فيه وأما ما لزمه بالكفالة بإذن سيده له فإنه في معنى النفقة التي تلزمه لزوجته الحرة التي تزوجها بإذن سيده. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا كفل العبد وهو يساوي ألفا بإذن مولاه بألف درهم فهو جائز إذا لم يكن عليه دين فإن كفل بألف آخر بإذن مولاه لم تجز الكفالة الثانية قالوا فإن زادت قيمة العبد حتى بلغت ألفي درهم ثم كفل بألف أخر بأمره مولاه فإنها جائزة لأنه كفل وفي قيمته فضل ألف آخر فإن باعه القاضي في دينهم بألف فإنه يقسم بين المكفول له الأول والمكفول له الآخر نصفين ولا شيء للمكفول له الأوسط من قبل أنه كفل له وليس في قيمته فضل. قالوا وكذلك لو باعه القاضي بألف درهم وخمس مائة أو ألفين فإن باعه القاضي بألفين وخمس مائة استوفى الأول والآخر وكانت الخمس مائة الفضل للأوسط وكذلك لو باعه القاضي بثلاثة آلف درهم استوفى الأول ألفا والثاني ألفا والثالث ألفا ولو كان القاضي باعه بألف درهم كانت بين الأول والآخر نصفين ولا شيء للأوسط.

_ 1 أي بالمال والنفس.

القول في كفالة متكفل بنفس صبي

القول في كفالة متكفل بنفس صبي وإذا ادعى رجل قبل صبي دعوى وكفل به رجل بغير أمر أبيه إياه بذلك

وكان المال الذي ادعاه قبله معلوما محدود المبلغ فإن الكفيل بذلك مأخوذ يحكم به عليه إذا طالبه المكفول له به وإن سأل الكفيل إحضار الصبي معه وكانت كفالته بنفسه لم يحضر له وذلك أنه لو كان بالغا ثم ضمن عنه ضامن بغير أمره مالا عليه لغيره أو كفل له بنفسه لم يلزمه إخراجه مما دخل فيه إذ كان دخوله في ذلك بغير أمره فكيف وهو طفل لا يجوز أمره ولو أمره بذلك وسواء في ذلك كان الصبي طلب إليه أن يضمن ذلك عنه أو لم يطلب إليه1 في أنه لا يلزمه فيه شيء. وهذا الذي قلنا في ذلك قياس قول مالك والأوزاعي والثوري والشافعي. وهو قول أبي حنيفة وأصحابه في الصبي إذا كان غير مراهق. فإذا كان الصبي مراهقا وكان الكفيل كفل بدين عليه لرجل2 بطلب الصبي إليه أن يكفل به وهو ممن قد أذن له أبوه في البيع والشراء فإن ذلك عندهم جائز ويؤخذ به الكفيل ويؤخذ الغلام للكفيل حتى يبرئه من الكفالة قالوا ولو كان غير تاجر فطلب أبوه إلى رجل أن يضمنه فضمنه كان جائزا وأخذ به الكفيل وكان للكفيل أن يأخذ الغلام حتى يدفعه فإن تغيب الغلام فأخذ الكفيل أباه وقال أنت أمرتني أن أضمنه فخلصني فإن الأب يؤخذ حتى يحضر ابنه فيدفعه إليه ويخلصه من قبل أن أمر الأب على الولد في مثل هذا جائز كأنه طلب إليه أن يكفل بنفسه هو. قالوا ولو أمره أن يكفل بنفس غلام يتيم هو وصيه كان مثل هذا أيضا قالوا ولو أمره أن يكفل بنفس غلام ليس هو وصيه لم يؤخذ الآمر بشيء ولم يتبع الآمر من قبل أن الآمر لا يجوز أمره على الغلام.

_ 1 ن: في ذلك في أنه. 2 ن: يطلب.

والصواب من القول في ذلك عندنا إن كفالة الكفيل على المراهق المأذون له في التجارة وغير المأذون له فيها بأمره وغير أمره سواء في أنه لا يلزم الصبي الآمر بسبب كفالة الكفيل عنه بما كفل عنه شيء وكذلك لو كانت كفالته بما يكفل عنه بأمر والده إياه أن يكفل عنه لم يلزم الصبي ولا أباه بذلك شيء من أجل أن الصبي ما لم يبلغ فيجوز أمره في ماله ونفسه محجور عليه بحجر الله جل وعز بقوله: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} 1 فما لم يبلغ اليتيم أو الصبي النكاح ويؤنس منه الرشد فمحجور عليه لا أمر له في نفسه وماله فإذن كل آذن لمن حجر الله عليه مردود فيما حجر عليه فيه وإن أبا الصبي إذا أمر رجلا بالضمان عنه ولم يشرط في ضمانه أن ما لزمه بسبب ضمانه عنه ما ضمن بأمره إياه فهو له عليه فإنما هو بمنزلة رجل أمر رجلا أن يكفل عن آخر دينا لرجل عليه ليس هو منه بسبيل وقد بينا فيما مضى قبل أن ذلك لا يلزم الآمر إذا أدى عنه بما يغني عن إعادته في هذا الموضع. ولكنه لو أمره أن يضمن عنه مالا معلوم المبلغ وابنه المضمون عنه صبي صغير على أنه ما لزمه بذلك من ضمانه فهو عليه فضمن ذلك عنه على هذا الشرط كان للضامن اتباع أبي الصبي المضمون عنه بما اتبع به بما ضمن عنه بأمر أبيه وكذلك لو أمره على هذا الشرط أن يضمن ألف درهم لرجل عن رجل له عليه ذلك فضمنه له سواء في ذلك الغريب من الآمر والقريب فيما يلزمه بضمان الضامن عمن ضمن عنه بأمره إياه به ويسقط عنه لا فرق بين شيء من ذلك ويسأل المفرق بين ذلك البرهان الموجب2 لفرقه ما بينهما من أصل أو قياس فلن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله. والقول في كفالة الرجل عن معتوه أحدث حدثا من جناية جناها أو مال

_ 1 {وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً} النساء: 5. 2 ن: بفرقة.

أفسده لرجل فلزمه بسبب ذلك ما لزمه من ذلك في ماله أو كفالته بنفسه مثل القول في كفالته عن الصبي لم يدرك. وقال أبو حنيفة وأصحابه المعتوه في ذلك بمنزلة الصبي. وإذا كفل الرجل بنفس صبي على أن يوافي به غدا فإن لم يواف به فعليه ما 1ذاب عليه فإن الكفالة بالنفس جائزة يؤخذ بها الكفيل ولا يكون خصما فيما يدعي قبل الصبي وكذلك الصبي لا يكون خصما فيما يدعى قبله وإنما لم يكن الكفيل خصما فيما ادعى قبل الصبي لأنه لا يكون الخصم عن الصبي غير وليه الذي يلي ماله من والد أو جد أو2 أب أو وصي والد أو حاكم أو سلطان. وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه قالوا وكذلك الصبي لا يكون خصما فيما يدعى قبله حتى يحضر أبوه فيخاصم عنه وإن كان يتيما أحضر وصيه فإن لم يكن له وصي جعل له القاضي وكيلا وإذا قضى عليه بمال ألزم الكفيل ولا يرجع به على الصبي لأنه كفل بغير أمر أب ولا وصي ولا قاض قالوا ولو كفل بأمر قاض رجع بذلك على الصبي. والصواب في ذلك كله عندنا من القول كالذي قالوا وهو الواجب على قياس قول مالك والأوزاعي والثوري والشافعي وأبي ثور. ولو أن يتيما عليه مال لرجل وله وليان وصاهما عليه أبوه أو قاض فقضى الحاكم على اليتيم بما ادعى المكفول له قبله بمحضر أحدهما وبخصومة الطالب بما له قبله لزمه الكفيل إن اتبعه المكفول له بما حكم له به عليه.

_ 1 قوله: ذاب: في النسخة هنا وفي غير هذا الموضع: ذاب: وإنما صوابه: ذاب عليه: أي لزمه. 2 كذا في النسخة.

وقال أبو حنيفة ومحمد إذا كان لأبيه عليه وصيان1 قام أحدهما بذلك دون الآخر2 ولم يرجع الكفيل على الصبي بما أمره بالضمان عنه أحدهما حتى يأمره الوصيان جمعيا. وقال أبو يوسف أمر أحد الوصيين جائز على الصبي.

_ 1 لعلع صوابه: وقام. 2 لعل صوابه: لم يرجع.

القول في كفالة العبد عن سيده

القول في كفالة العبد عن سيده وإذا كفل عبد بنفس سيده أو بمال عليه لغريم له بغير إذن سيده فإن ذلك باطل والعبد به غير مأخوذ لما بينا قبل في كفالته عن غير سيده لما مضى من العلة الدالة على فساده والعلة في بطول كفالته عن سيده نظير كفالته عن غير سيده فإن كانت كفالته عن سيده بإذن سيده جازت كفالته عليه للعلة التي بينا قبل أن كفالته عن غير سيده جائزة إذا كفل بإذن سيده والعلة في جوازها العلة التي بينا فيما مضى في جواز كفالته عن غير سيده بإذن سيده فإن عتق العبد الضامن عن سيده ما ضمن لغريمه بإذن مولاه يوما فأدى إليه ما ضمن عنه لم يكن له الرجوع به على سيده المعتق لأنه لزمه ما ضمن عنه يوم ضمنه باتباع غريمه إياه وتلك حال لا يكون له فيها على سيده دين ثم إنه كان عبدا له ولا يكون للعبد1 الدين ليس لمكاتب على سيده دين وكذلك القول في حكم أم الولد والمدبر والمدبرة. وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه في هذه المسائل كلها وقالوا إن كان على أم الولد أو العبد دين يستغرق القيمة ثم أمرهما السيد فضمنا عنه دينه لم يلزمهما من الكفالة شيء ما داما رقيقا فإن عتقا لزمهما ذلك وإن مات السيد وترك مالا وأعتق العبد عند موته فإن غرماء العبد يستسعونه في قيمته ولا

_ 1 أي الدين علي سيده.

شيء لغرماء السيد من قيمة العبد ويتبعون مال السيد وإن شاء غر العبد اتبعوا مال السيد بقيمة العبد وإن شاء المكفول1 له اتبع مال السيد وإن شاء اتبع العبد غير أنه لا يشرك غرماءه في القيمة ولكنه يتبعه بدينه. قالوا فأما أم الولد إذا عتقت فإن صاحب الكفالة يستسعيها مع غرمائها وأما المرأة المدبرة فهي في ذلك بمنزلة العبد ولا يرجع واحد منهم على السيد بشيء مما أدى من الكفالة عنه. والصواب من القول عندنا في أم الولد والعبد إذا ضمنا عن سيدهما دينا عليه بأمره وعليهما دين يستغرق قيمتها أن ما ضمنا عنه لازم لهما مع الدين الذي عليهما ويكلف السيد تخليتهما والسعي فيما لزمهما بالكفالة بإذنه إن كان معدما لا قضاء عنده واتبعهما الغريم بما على مولاهما وإن كان المولى موسرا كلف خلاصهما مما ضمنا عنه بأمره وأما ما عليهما من الدين فإن كان لزمهما ذلك من مبايعة وتجارة فذلك عليهما إذا ثاب لهما مال أو إذا عتقا وأما ما لزمهما من دين من قبل جناية أو غصب فإن العبد تباع رقبته إذا قام عليه من له ذلك فإن باعه مولاه في دينه الذي لزمه من قبل الجناية وهو يسعى في الدين الذي لزمه بكفالته عن سيده بأمره2 بعدم سيده لم يتبع بما لزمه من ذلك للمكفول له حتى يعتق فإذا عتق اتبعه به المكفول له به إلا أن يوسر المولى المكفول عنه قبل ذلك فيؤخذ بتخليصه مما لزمه بكفالته عنه بأمره. وإذا كفل العبد عن سيده بمال عليه بأمره وهو دراهم أو دنانير أو بعض ما يجوز السلم فيه أو من كفالة أو غصب فذلك كله جائز ويؤخذ به العبد على ما وصفت فإن أدى العبد ذلك في حال عبودته وهو من كفالة كفل بها السيد عن آخر كان للسيد أن يتبع الذي كفل عنه إن كان كفل عنه بأمره حتى يستوفي

_ 1 ن: به. 2 ن: بعد.

ذلك منه وليس للعبد أن يتبع1 بالذي كفل عنه سيده لأن المال الذي أداه العبد عنه إلى المكفول له بكفالة سيده إذا أمره السيد بأدائه إليه إنما هو مال السيد فالمطالبة به للسيد على المكفول عنه دون العبد. وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه. ولو ادعى رجل قبل عبد لرجل دعوى فكفل مولى العبد بنفسه فهو جائز ويؤخذ بها المولى كان العبد تاجرا أو محجورا عليه وكذلك إن كفل عنه بمال عليه فهو جائز ويؤخذ به المولى فإن أخذ بذلك المولى فأداه إلى غريم عبده لم يكن له الرجوع به على عبده وسواء كان أداؤه ذلك في حال ملكه إياه أو بعد ما عتق أو خرج ملكه إلى غيره بعد أن يكون ضمانه ما ضمن عنه من ذلك في حال ملكه إياه وذلك أنه لزمه المال الذي ضمن في حال ضمانه إياه وذلك في حال المضمون عنه2 له عبد فلا يكون للسيد على عبده دين. وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه في كل هذه المسائل. وسواء عندنا وعندهم العبد والمدبر والمدبرة وأم الولد كان على العبد دين أو لم يكن عليه دين. ولو أن العبد كان أحال على مولاه بالدين الذي عليه غريمه فقبل الغريم الحوالة لم يكن له أن يرجع3 بما أحاله به على مولاه بالدين الذي أحاله به على مولاه ولو مات المولى معدما ولم يخلف مالا غير العبد المحيل للعلة التي بينا في أول الكتاب من أن الحوالة انتقال فلا يرجع المحال على المحيل بعد تحوله عنه إلى غيره ولكن العبد إن كان في ملك السيد المحال عليه يوم حدث به حدث الموت فإنه يباع في دينه الذي لزمه من قبل الحوالة.

_ 1 ن: الذي. 2 أي عبد له. 3 أي بإحالته به.

وقال أبو حنيفة وأصحابه له أن يرجع على العبد إذا مات المولى معدما لا شيء له غير العبد المحيل. وإذا كفل رجل عن عبده بمال عليه فابرأ الطالب المولى بعد اتباعه بالمال الذي له على مملوكه برئ المملوك والمولى ولم يكن له على المملوك بعد ذلك سبيل وذلك لما بينا قبل في أن اتباع رب المال من اتبعه بماله من صاحب الأصل1 والكفيل براءة2 الآخر فكذلك ذلك في السيد يكفل عن عبده بمال فيتبعه به المكفول به له فإن اتباعه إياه بذلك براءة للعبد فإن ابرأه السيد بعد براءة العبد وتحول المال على السيد كانت براءة للفريقين جميعا. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا ابرأ المكفول له3 المولى كان له أخذ4 العبد وإن أبرأ العبد من المال ولم يبرئ المولى فهما جميعا بريئان من المال. وإن كفل المولى بنفس عبده وضمن ما ذاب عليه وغاب العبد وهو تاجر فإن للطالب أخذ المولى بالكفالة بالنفس فأما ضمانه ما ذاب عليه فباطل لا يلزمه به عندنا شيء لما قد بينا قبل من أن ضمان المجهول من المال باطل. وقال أبو حنيفة وأصحابه يؤخذ المولى بنفس عبده الذي كفل به كذلك ولا يكون خصما فيما على العبد فيخاصم فإن قضي عليه بمال لزم المولى فإن لم يكن على العبد دين أو كان عليه دين فهو سواء.

_ 1 ن: والكفالة. 2 لعل صوابه: للآخر. 3 ن: الموالي, 4 ن: العبد من المال.

القول في الكفالة عن المكاتب وكفالة المكاتب

القول في الكفالة عن المكاتب وكفالة المكاتب وإذا كفل رجل عن مكاتب بما عليه لمولاه من مال مكاتبته فإن ذلك كفالة

باطلة لا يلزم الكفيل به شيء وكذلك لو كان المكاتب المتكفل بمكاتبة مكاتب لمولاه آخر لم يجز ذلك تكفل له بذلك عليه بأمر مولاه إياه به أو بغير أمره من أجل أن ذلك نقص يدخل عليه به فيما في يده من المال ومضرة عليه وليس له فعل ما فيه نقص أو مضرة فيما في يده من المال كما ليس له عتق مملوك في يده اشتراه في كتابته وإن عتقه إياه مردود إن اعتقه لما قد بينا في كتابنا المسمى لطيف القول في أحكام شرائع الدين وأما إبطالنا كفالة المتكفل بما عليه لسيده من الكتابة فلأن الذي عليه له من ذلك غير دين لازم ولا حق واجب له عليه وإنما هو مال مشروط للمكاتب بأدائه إلى مولاه1 عتقه فلا معنى لكفالة الكفيل عنه بذلك لأن الكفالة هي حمالة متحمل عن غريم رجل بما عليه له ولا دين للسيد على مملوكه. وهذا الذي قلنا في ذلك قياس قول مالك والأوزاعي والثوري وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وقياس قول الشافعي. وكذلك القول لو كان لسيده عليه دين سوى مال مكاتبته من مبايعة بايعه في حال ما هو مكاتب.

_ 1 ن: أعتقه.

واختلفوا في حكم كفالة جماعة من المكاتبين كوتبوا كتابة واحدة فكفل بعضهم عن بعض ما لسيدهم عليهم من مال الكتابة

واختلفوا في حكم كفالة جماعة من المكاتبين كوتبوا كتابة واحدة فكفل بعضهم عن بعض ما لسيدهم عليهم من مال الكتابة 1فقال مالك:2 الأمر المجتمع عليه عندنا أن العبيد إذا3 كاتبوا جميعا

_ 1 م: كتاب المكاتب. 2 الحمالة في الكتابة: قال مالك: المر الخ. 3 كوتبوا.

كتابة واحدة فإن بعضهم1 كفلاء عن بعض2 فإن عجز بعضهم عن السعي وسعى بعضهم حتى يؤدي جميع ما عليهم من الكتابة فعتقوا فإن الذين سعوا يرجعون على الذين3لم يسعوا بحصة ما أدوا عنهم من الكتابة لأن بعضهم حملاء عن بعض "حدثني بذلك يونس عن ابن وهب عنه". وكذلك قال الأوزاعي "حدثني بذلك العباس عن أبيه عنه". وهو قول الثوري "حدثني بذلك علي عن زيد عنه". وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا كفل مكاتب بمال لمولاه على مكاتب له آخر لم يجز ذلك وكذلك لو كفل بمكاتبته قالوا وكذلك لو كانا مكاتبين كل واحد منهما4 كتابه على حدة ثم كفل كل واحد منهما على صاحبه لمولاه فإن ذلك لا يجوز قالوا ولو كاتبهما مكاتبة واحدة وجعل نجومهما واحدة إن أديا عتقا وإن عجزا ردا رقيقا كان ذلك جائزا وكان للمولى أن يأخذ كل واحد منهما بجميع مكاتبته. قالوا ولو أدان المولى بعضهم دينا بعد المكاتبة وكفل له الآخر لم يجز وليس هذا كالمكاتبة لأن المكاتبة لا تعتق واحدا منهما إلا بأدائها كلها قالوا وإذا كان للمكاتب مال على رجل فأمره فضمنه لمولاه من المكاتبة أو من دين له سوى ذلك فهو جائز لأن هذا كفل بشيء عليه الجوزجاني عن محمد. 5وقال الشافعي:6 إذا كان للرجل ثلاثة أعبد فكاتبهم على مائة منجمة

_ 1 م: حملاء. 2 سعي المكاتب: قال مالك: إذا كاتب القوم جميعا كتابة واحدة لا رحم بينهم فعجز بعضهم وسعي بعضهم حتي عتقوا جميعا فإن الذين: إلا في طبع تونس وشرح الزرقاني: وإذا كاتب القوم كتابة الخ: وإن في بعض نسخ الهند: وسعي بعض حتي الخ. 3 م: عجزوا بحصة ما أدوا عنهم لأن بعضهم الخ ... 4 يحتمل أن يكون صوابه: كتابته. 5 أم: المكاتب: كتابة العبد كتابة واحدة صحيحة. 6 أم: قال الشافعي: فإن كان لرجل ثلاثة الخ ...

في سنين على أنهم إذا أدوا عتقوا فالكتابة جائزة والمائة مقسومة على قيمة الثلاثة1، 2وإن أدى أحدهم عن أصحابه متطوعا فعتقوا معالم يكن له أن يرجع عليهم بما أدى عنهم وإن أدى عنهم بإذنهم رجع عليهم بما أدى عنهم وأيهم أدى حصته من الكتابة عتق وأيهم عجز رد رقيقا ولم تنتقض كتابة الباقين "حدثنا بذلك عنه الربيع". وعلة من قال بقول مالك في ذلك إن الكتابة إذا وقع عقدها من المولى وجماعة أعبد له على شرط فإنما يعتق المماليك الذين كاتبهم على الشرط الذي شرط لهم إذ كانت الكتابة عتقا على شرط. وعلة من قال بقول الشافعي إن الكتابة بيع المكاتب من نفسه على عوض فإذا كاتب الرجل جماعة أعبد له كتابة واحدة فإنما يلزم كل واحد منهم من مال الكتابة بقدر قيمة رقبته كما لو خالع رجل جماعة نسوة له على مال معلوم لزم كل واحدة منهن من ذلك على قدر مهر مثلها فكذلك كتابته جماعة أعبد له كتابة واحدة على مال معلوم وأيهم أدى مقدار ما لزمه من ذلك عتق كما إذا أدت بعض المخالعات منه قدر ما لزمها من المال الذي وقع عليه الخلع برئت. والصواب من القول في ذلك عندنا إن الرجل إذا كاتب جماعة أعبد له كتابة واحدة على مال محدود المبلغ يؤدونه إليه في أنجم معدودة على أنهم لا يعتقون إلا بأداء جميع ذلك فإنه لا يعتق أحد منهم إلا بأدائهم جميع الكتابة وأيهم أدى جميع ذلك عتقوا جميعا وإن أدوا جميع ما كاتبوا عليه غير درهم واحد لم يعتق واحد منهم إلا بأدائهم جميع الكتابة لأن الكتابة عتق على شرط فلن يعتق على

_ 1 أم: الثلاثة وإن كان أحدهم قيمته مائة ديننار والآخران قيمتهما خمسين فنصف المائة عن الكتابة علي العبد الذي قيمته مائة ونصفها الباقي علي العبدين اللذين قيمتهما خمسون علي كل واحد منهما خمسة وعشرون فأيهما أدي حصته الخ. 2 حمالة العبيد: فأيهم أدي متطوعا عن أصحابه لم يرجع عليهم وأيهم أدي بإذنهم رجع عليهم.

أحد مملوكه إلا بالمعنى الذي أعتقه به ولم يعتق سيد الا عبد الذين كاتبهم كتابة واحدة إلا بأدائهم إليه جميع مال الكتابة فلذلك لم يجز أن يعتق بعضهم بأداء قيمته وقيم جماعة أخرين معه ما بقي عليهم من مال الكتابة شيء قل ذلك أو كثر فإن أدى بعضهم عن نفسه وعن أصحابه جميع الكتابة بأمرهم إياه بذلك رجع على من أدى عنهم ذلك بأمره بقدر ما لزمه له وليس هذا من الكفالة في شيء لأنه لم يتحمل أحد منهم عن أصحابه شيئا أدى بعضهم عنهم أو لم يؤد أحد منهم عن أحد منهم لأن الكفالة إنما هي كفالة رجل لرجل بما له على غريم له يأخذه به إذا شاء كره أخذه به الكفيل أو رضي وليس للسيد أخذ عبده بمال كتابته كرها لأن للعبد المكاتب أن يعجز نفسه كل ما بدا له فيبطل بتعجيزه نفسه أن تكون لسيده قبله مطالبة يؤخذ بها المتكفل عنه. ولو كفل عن مكاتب مولاه دينا له عليه من مبايعة بايعه إياها رجل أو عن ابن المكاتب أو عن أبيه في ملك السيد أو عن مملوك له كان ذا رحم من المكاتب أو غير ذي رحم منه أو عن أم ولد له فذلك باطل غير لازم الكفيل به شيء. ولكن لو كفل بذلك عنهم المكاتب فإن أبا حنيفة وأصحابه قالوا ذلك على وجهين إن وكان كفل له عن عبد من عبيده فهو جائز لازم وإن كان كفل به عن ابنه المولود في مكاتبته لم يجر وكذلك ابنه إذا اشتراه أو أبوه أو أمه من قبل إنه ليس له أن يبيعهم وإنهم يعتقون بعتقه والإبن مكاتب مثله وكذلك الأب1 وليس العبد هكذا له أن يتبع العبد. والقول في كفالة المكاتب عن عبده وابنه المولود في 2كتابة من سرية تسراها3 وأبيه وأمه سواء في إن ذلك كله جائز ماض عليه إذا كان فيه صلاح لما في

_ 1 أي ليس عبد المكاتب هكذا وللمكاتب أن يتبع عبده. 2 ن: كتابه: ولعل صوابه: كتابته. 3 ن: وابنه.

يده من المال وزيادة لأن له بيع جميع هؤلاء عندنا للعلل التي بينا في كتابنا المسمى كتاب لطيف القول في1 أحكام شرائع الإسلام بما اغني عن إعادته في هذا الموضع. وكذلك إن كفل عن أم ولده مالا لسيده عليها من شيء أفسدته له فهو جائز ولو ضمن ذلك عنها وعنهم رجل حر بأمر المكاتب أو غير أمره لم يجز ولم يلزمه به شيء وذلك لما ذكرنا من أن كفالة متكفل لرجل على مملوكه بمال أتلفة له غير لازمته لأنه لا يكون للرجل على مملوكه دين في قول أحد من أهل العلم. وكالذي قلنا في هذه المسائل قال أبو حنيفة وأصحابه وقالوا أيضا إن مات مولى المكاتب فكفل رجل بما عليه من المكاتبة للورثة فهو باطل لا يجوز وكذلك لو كفل بدين لهم عليه أو بنفسه لأن الورثة في هذا بمنزلة الميت. والذي قالوا في ذلك عندنا كما قالوا لأنه لا خلاف بين الحجة أن المكاتب إن عجز بعد وفاة سيده عن أداء تمام الكتابة لورثته2 رده في الرق وذلك دليل على أنه في حكم المملوك وإن كان على مكاتبته. ولو كان لرجل على مكاتب دين فأمره الذي له الدين أن يضمن ما له عليه من ذلك لرجل بعينه ففعل كان ضمانه ذلك جائزا وكان مأخوذا بأداء ما ضمن من ذلك إلى من ضمنه له وليس هذا نظير كفالته عن رجل مالا عليه لآخر ليس عليه أصله لأن كفالته لرجل عن غريم له عليه مال معروف منه وتعريض لما كفل عنه للبيع وليس له تضييع ماله وأما ضمانه مالا عليه أصله فأدى3 عنه

_ 1 ن: في شرائع الإسلام. 2 أي رده الورثة. 3 أي عن رب المال.

ما عليه إلى أمره رب المال بدفعه إليه وذلك أمر هو له لازم في الحكم وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه وقالوا لو كان للمكاتب على مولاه دين ولم تحل مكاتبته فأخذ من مولاه كفيلا بذلك فإنه جائز قالوا وكذلك إن كفل بنفسه من قبل أن المولى لا يملك مال المكاتب ومن قبل أن المكاتب إذا عتق كان ماله له ولا تشبه الكفالة عن المولى للمكاتب الكفالة عن المكاتب للمولى. قالوا وكل دين للمكاتب على مولاه من دراهم أو دنانير أو شيء مما يكال أو يوزن من غصب أو قرض أو من بيع1 إن كان على المكاتب دين أو لم يكن عليه كفل به عن2 المولى رجل فهو جائز. قالوا وكذلك لو كفل له بنفسه وضمن ما ذاب عليه فإنه جائز ولا يكون الكفيل خصما في ذلك وكذلك لو جعله كفيلا بنفسه3 وكيلا في خصومته كان ذلك جائزا فإن جعله ضامنا لما ذاب عليه جاز ذلك وضمن ما قضي به عليه. والصواب من القول عندنا في المكاتب يكون له على مولاه دين فيأخذ به منه كفيلا إن الكفالة بذلك جائزة والكفيل بها مأخوذ إن اتبعه المكاتب بها وإنما خالف حكم المكاتب في ذلك حكم السيد فجازت كفالة الكفيل للمكاتب بما له على سيده ولم تجز كفالته للسيد بما له على المكاتب من أجل أن للمكاتب تعجيز نفسه كل ما بدا له فيبطل بتعجيزه عن الكتابة عنه ديون سيده كلها من الكتابة وغيرها وأن السيد غير قادر على تعجيزه ما كان مقيما على أداء الكتابة4 والذي له على السيد من الدين مما يتسبب به إلى التحرير بأدائه إليه في نجومه فليس

_ 1 ن: أو كان. 2 ن: مولي. 3 لعل صوابه: أو وكيلا. 4 لعل صوابه: عن المتابة والذي الخ.

له منعه إياه وحكمه فيما يلزمه من أدائه إليه ما كان مقيما على الكتابة حكم أجنبي داينه غير مولاه فكما كان كفيل غير مولاه مأخوذا بما لزمه له فمثله كفيل مولاه مأخوذ به إذا اتبعه به. وكذلك القول في عبد لمكاتب مأذون له في التجارة لو داين1 مولى المكاتب فأخذ بدينه كفيلا من مولى مولاه كان مقضي2 له على الكفيل بما كفل له عنه إذا اتبعه به العبد لأن عبد المكاتب وما له مال من مال المكاتب لا سبيل لمولاه عليه إلا ما لغيره عليه من سائر الناس ما كان مقيما على أداء الكتابة وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه.

_ 1 ن: هو لا. 2 ن: له له علي.

القول في العبد يكون بين اثنين فيداينه أحدهما ويأخذ منه كفيلا أو يداين العبد أحدهما ويأخذ منه كفيلا

القول في العبد يكون بين اثنين فيداينه أحدهما ويأخذ منه كفيلا أو يداين العبد أحدهما ويأخذ منه كفيلا وإذا كان عبد بين اثنين مأذون له في التجارة فأدانه أحد الموليين دينا واخذ منه به أو بنفسه كيلا فذلك جائز في قياس قول مالك والأوزاعي والثوري والشافعي وهو قول أبي حنيفة وأصحابه غير أنه لا يلزم الكفيل إلا نصف ذلك المال الذي كفل به له عنه وذلك أن نصف دينه الذي على العبد الذي وصفنا أمره يبطل عن العبد من أجل أن ذلك حصته من العبد فما كان من حصة ملكه منه فساقط عنه وذلك النصف وما كان من حصة ملك شريكه منه فثابت عليه وذلك النصف وما كان ثابتا عليه منه فالكفالة به جائزة والكفيل به مأخوذ وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه. ولو كان العبد هو الذي أدان أحد مولييه فأخذ منه كفيلا بالمال1 والنفس

_ 1 لعل صوابه: أو النفس.

فهو جائز والكفيل به مأخوذ إن اتبعه به العبد غير أنه يبطل من ذلك حصة المولى منه وهو النصف. ولو أن الموليين أداناه جميعا دينا في صفقة واحدة وأخذا منه كفيلا بالمال أو بنفسه فذلك جائز على ما وصفت في قياس قول الجميع غير أنه يبطل نصف دين كل واحد منهما عن الكفيل. وإذا كان العبد بين اثنين وهو تاجر فأدان أحدهما دينا وأخذ منه كفيلا بنفسه أو بالدين وعلى العبد دين فإن الكفيل مأخوذ إن اتبعه العبد بجميع ما على السيد من دينه لأن الغرماء أحق بما عليه من أموالهم التي ثبتت عليه بالبينة العادلة من سيده ولا يبطل عن الكفيل من ذلك شيء ولا عن السيد وكذلك لو كان لهذا العبد دين على غير مولييه فكفل له عن غريمه أحد مولييه بما عليه فكفالته له بذلك جائزة ويؤخذ له بذلك كله سيده ان اتبعه العبد إن كان عليه دين وإن لم يكن عليه دين أخذ له بنصفه وسقط النصف الآخر عنه لما قد وصفت من العلة قبل. وكالذي قلنا في ذلك قال أبو حنيفة وأصحابه.

القول في كفالة أهل الذمة

القول في كفالة أهل الذمة والقول في الكفالة بين أهل الذمة فيما يجوز ويصح وفيما يفسد ويبطل بين أهل الذمة والمسلمين1 مثل القول في كفالة المسلمين بينهم ما جاز منها بين أهل الإسلام فجائز بينهم وبينهم وبين أهل الإسلام وما رد منها بين أهل الإسلام فمردود بينهم وبينهم وبين أهل الإسلام وهذا الذي قلنا قياس الشافعي وأبي ثور.

_ 1 ن: من.

وأما على قياس قول مالك وهو قول أبي يوسف ومحمد فلو أن ذميا كانت له على ذمي خمر من قرض أو سلم أو بيع فيكفل بها عن الذي ذلك عليه متكفل فإن ذلك جائز ويوخذ الكفيل بها للمكفول1 له إذا كان ذميا أو من غير أهل الإسلام لأن من قول مالك أن يقضى بالخمر لبعض أهل الذمة على بعض إذا استهلكها عليه أو غصبها إياه. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا تكفل ذمي بخمر لذمي عن ذمي فجائز فإن أسلم الكفيل برئ من ذلك وكذلك إن أسلم المكفول عنه فهو بريء والكفيل معه قالوا وأيها أسلم بطل هذا الذي عليه غير أنه إذا أسلم الكفيل ولم يسلم الطالب ولا المكفول عنه فإن الطالب يرجع على المكفول عنه بالخمر قالوا والقرض والغصب في جميع ذلك واحد وذلك قول أبي حنيفة الذي رواه عنه أبو يوسف وهو قول أبي يوسف وقال محمد إن أسلم الكفيل أو المطلوب وجبت عليه قيمة الخمر وهو قياس ما روى زفر عن أبي حنيفة. وإن كان باع متاعا بأرطال خمر معلومة وإلى أجل معلوم فأسلم الطالب فله أن يأخذ متاعه وإن لم يقدر عليه أخذ قيمته من المكفول به ولا شيء على الكفيل وكذلك لو أسلم المكفول به ولم يسلم الطالب فإن الكفيل بريء من الخمر ويأخذ الطالب المكفول به بالبيع إن قدر عليه وإن لم يقدر عليه أخذه بقيمته. ولو أن امرأة نصرانية تزوجت نصرانيا على خمر أو خنازير مسماة2 أو ليس شيء من ذلك بعينه وكفل لها بذلك نصراني فجائز في قول الجميع فإن

_ 1 للمكفول إذا. 2 ن: وليس.

أسلم الكفيل فهو بريء من ذلك والذي سمى لها الزوج منه على زوجها على حاله وإن لم يسلم الكفيل ولكن الزوج المطلوب أسلم فإن عليه عندنا لزوجته مهر مثلها ولا يكون للمرأة سبيل على الكفيل لأن الذي كان عليه قد بطل عن المكفول عنه وهو الزوج وتحول عن الحال التي ضمنه عليها الضامن. وقال أبو حنيفة وأصحابه إن أسلم الكفيل فهو بريء من ذلك ولها على زوجها الذي سمى لها على حاله وقالوا وإن لم يسلم الكفيل ولكن الزوج المطلوب أسلم فإن عليه قيمة الخمر وعليه في الخنازير مهر مثلها ولا يضمن الكفيل شيئا من ذلك لأنه قد تحول عن حاله في قياس قول أبي حنيفة.

القول في كفالة المرتد

القول في كفالة المرتد وإذا كفل المرتد عن الإسلام بنفس رجل أو بمال عليه ثم قتل على ردته فإنه لا يعطي من ماله المكفول له 1شيئا بسبب ما كان كفل له إن لم يكن اتبعه به في حياته فإن كان اتبعه في حياته دون المكفول عنه حتى قتل ولم يقضه ما لزمه له بكفالته له فإن ذلك له مقضي من ماله بعد أن يقتل وذلك أن ذلك حق كان قد لزم ماله في حياته ودين لحقه بمنزلة نفقة عياله وولده التي كانت تلزم ماله في حياته فهو مؤدي من ماله بعد قتله وأما الكفالة بالنفس فإنها تبطل إذا قتل. وقال أبو حنيفة لا تجوز كفالته بالمال ولا بالنفس وقال أبو يوسف كفالته بالمال جائزة فإن قتل على ردته كانت من ثلثه بمنزلة المريض في الحكم. وقال أبو حنيفة وأصحابه لو أسلم قبل أن يقتل كانت كفالته كلها جائزة. والقول في ذلك عندنا كما قالوا وسواء كفالته عن مسلم وعن

_ 1 الذي كان في النسخة: شيا: ثم أبدل: شئ.

مرتد وعن ذمي في قولنا وقولهم وكذلك سواء عندنا كفالة المرتد والمرتدة عاشت فراجعت الإسلام أو قتلت على الردة. وهذا قياس قول مالك والشافعي في أن حكم المرتد والمرتدة سواء في الذي يلزمهما بكفالتهما إن كفلا وذلك أن المرأة تقتل عندنا بالردة كما يقتل الرجل. وقال أبو حنيفة وأصحابه أما المرأة المرتدة فإن كفالتها بالمال جائزة وإن ماتت على الردة من قبل أنها لا تقتل قالوا وإن لحقت بدار الحرب فسبيت فإن كفالتها بالنفس باطل بمنزلة أمة كفلت بنفس قالوا وأما كفالتها بالمال فهو دين في مالها الذي خلفت وإن عتقت يوما لم تؤخذ بالكفالة بالنفس ولا بالمال أبطل السباء كل كفالة وكل حق لأنها صارت فيئا ولكن الكفالة بالمال تؤخذ من مالها حيث لحقت بدار الحرب. والصواب من القول عندنا في المرأة المتكفلة بنفس رجل أو بمال محدود المبلغ تلحق بدار الحرب مرتدة أو تقيم بدار الإسلام حتى تقتل على الردة سواء في أن الكفالة لها بالنفس والمال لازمة إن اتبعها بذلك المكفول له في1 حياتها تؤخذ بذلك كله في حياتها ويبطل عنها كفالة النفس بعد وفاتها ويؤخذ من مالها ما كان لزمها بالكفالة به في حياتها إن قتلت أو هلكت على الردة ولا يجوز لأحد استئماؤها ولا يغير حكمها لحوقها بدار الحرب مرتدة وقد بينا القول في ذلك بعلله في كتابنا المسمى2 لطيف القول في أحكام شرائع الدين بما أغني عن إعادته في هذا الموضع. ولو أن مرتدا كفل بمال أو بنفس ثم لحق3 بالدار على ردته فإن

_ 1 ن: حياته. 2 ن: المسمي القول. 3 أي دار الحرب.

المكفول له إن اتبع بذلك المرتد دون المكفول عليه وكان قد خلف في دار الإسلام دارا أو عقارا أو غير ذلك من سائر صفوف الأموال وثبت المكفول له الدين الذي له على المكفول عنه وإن المرتد كفل بذلك عنه كان الواجب على الحاكم أن يقضي بذلك في ماله وإن لم يكن خلف في دار الإسلام مالا ولا شيئا يقضي ذلك منه أخذ به كله إن انصرف يوما إلى دار الإسلام أو قدر عليه يوما ولم يبطل لحاقه بدار الحرب شيئا من ذلك لأن لحاقه بدار الحرب لا يغير حكمه ولا يوجب له حكما لم يكن له وهو مقيم في دار الإسلام. وقال أبو حنيفة إذا لحق المتكفل بالنفس أو المال بدار الحرب مرتدا بطل ذلك كله وأما أبو يوسف فإنه قال يؤخذ المال من ماله وهو على كفالته بالنفس فإن قتل بطلت الكفالة بالنفس في قولهما جميعا وإن رجع مسلما لزمه كفالة النفس في قول أبي حنيفة وأصحابه وتعود عليه الكفالة بالمال حتى يؤدي في قول أبي حنيفة. ولو أن مسلما كفل بنفس مرتد في دين عليه فلحق المرتد بدار الحرب على ردته أو كان المرتد مسلما ثم ارتد بعد الكفالة فلحق بدار الحرب كان المتكفل1 على كفالته يؤخذ به حتى يحضره إن كان له إلى ذلك سبيل وإن لم يكن له إليه سبيل فيؤخذ به حينئذ وقد بينا العلة في ذلك فيما مضى قبل. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف إذا لحق المكفول2 عنه بدار الحرب مرتدا أخذ به كفيله حتى يخرجه من قبل أنه حي لم يمت فصار بمنزلة رجل غائب غير أن الكفيل يؤجل بقدر المسافة ذاهبا وجائيا والمقام عنده يجعل لذلك أجل فإن أحضره لذلك الأجل وإلا أخذ به.

_ 1 ن: له علي. 2 ن: المكفول بدار.

وقال محمد إذا قدر الكفيل على أن يأتي بالمكفول عنه على وجه من الوجوه أخذ به حتى يأتي به وإن لم يقدر على ذلك ترك ولم يحبس حتى يقدر على ذلك بمنزلة رجل كفل بمال فأعسر فلم يقدر على آدائه أنه يخلى سبيله حتى يقدر على ذلك. قال وكذلك الذمي والذمية يكفل عنهما بمال أو نفس ثم نقضا العهد ورجعا عن الذمة ولحقا1 بالدار فإن الكفيل يؤخذ بالمال والنفس ويؤخذ بالكفالة ولا يرجع إذا أدى على واحد منهما في ذلك2 بشيء إن3 اعتقا يوما من الدهر. والصواب من القول في الذمي والذمية عندنا تكفل عنهما متكفل بأنفسهما أو بمال عليهما لغريم لهما بأمرهما ثم لحقا بدار الحرب ناقضين عهدهما مثل القول في كفيل المرتد والمرتدة يكفل بأنفسهما أو بما عليهما لغريمهما يلحقان بدار الحرب مرتدين وقد بينا القول في ذلك قبل.

_ 1 أي دار الحرب. 2 ن: شئ. 3 أي لماشي.

القول في حكم كفالة الحربي المستأمن

القول في حكم كفالة الحربي المستأمن وإذا دخل الحربي دار الإسلام بأمان تاجرا فكفل فيها بمال أو نفس أو كفل له فيها مسلم أو ذمي بمال أو بنفس فذلك كله جائز في قولنا وفي قول الجميع من أهل الحجاز والعراق. فإن لحق الحربي بدار الحرب وقد كفل بالمال أو النفس ثم خرج إلى دار الإسلام كان مأخوذا بذلك كله وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه. وإن سبي بعدما رجع إلى دار الحرب أو أسر لم يتبع بشيء من ذلك ما دام

رقيقا لأنه لا مال له في حال العبودة يجوز حكمه فيه وأنه ليس للحاكم في الكفالة بالنفس حبسه بها إذا كان في حبسه على مولاه مضرة بسبب حق لزمه في حال ما كان حرا ولكنه إن عتق يوما من الدهر كان للمكفول له اتباعه بالكفالة التي كان كفل له بها قبل الأسر والسباء بنفس كان ذلك أو بمال. وقال أبو حنيفة وأصحابه إن سبي أو أسر بطلت كفالته فيما له وفيما عليه في النفس وفي المال.

القول في حكم الرجل يأمر رجلا بضمان مال لآخر ثم يختلف في ذلك الآمر والمضمون له

القول في حكم الرجل يأمر رجلا بضمان مال لآخر ثم يختلف في ذلك الآمر والمضمون له وإذا أحال رجل رجلا على رجل بألف درهم للآمر فأدى ذلك المحال عليه إلى المحتال ثم اختلف المحيل الآمر والمحتال فقال الآمر ما قبضت من غريمي بإحالتي إياك به عليه فهو لي وإنما كنت وكيلي في قبضه منه وقال المحتال بذلك بل هو لي وإنما كان دينا لي عليك فإن القول في ذلك قول الآمر مع يمينه وعلى المحتال إقامة البينة إن له على الآمر ما يدعي قبله وذلك أن أصل المال كان للآمر وليس أمره الذي ذلك عليه بدفعه إلى المحتال إقرارا منه بأن ذلك له عليه ولا قوله له قد احتلتك على فلان هذا بألف درهم وكذلك لو قال لغريمه أو لغيره إضمن له الألف الذي لي عليك أو اكفل له به ففعل فأدى ذلك إليه فإن القول في ذلك قول الآمر مع يمينه إذا اختلف فيه هو والمضمون له وسواء كان الضامن خليطا للآمر أو غير خليط في أن القول قوله مع يمنيه إذا اختلف هو والمضمون له والمضمون في قبض ما قبض من الضامن في ذلك كله وكيل للآمر وكالذي قلنا في هذه المسائل قال أبو حنيفة وأصحابه.

القول في حكم المدعي قبل رجل حقا إذا سأل القاضي امر المدعى عليه بإعطائه كفيلا إلى حين إحضاره البينة

القول في حكم المدعي قبل رجل حقا إذا سأل القاضي امر المدعى عليه بإعطائه كفيلا إلى حين إحضاره البينة وإذا ادعى رجل قبل رجل مالا فقدمه إلى القاضي فادعى عليه وأنكر ما ادعى من ذلك عليه المدعى عليه فسأل المدعي القاضي أن يأمره بإعطائه كفيلا بنفسه فإن الذي ينبغي للقاضي عندنا أن يأمر المدعي بإحضار بينته بما يدعي إن كانت له وكانت حاضرة وأن يقول له إن كانت لك بينة حاضرة فالزمه أو وكل به من يلزمه لك إلى وقت إحضارك البينة فأما الكفيل فإنه ليس للحاكم إلزامه المدعي عليه أحب أو كره وإنما كان للحاكم أن يأذن له في ملازمته إذ كان مخوفا هربه وتغيبه منه فاحتطنا للمدعي ذلك فإن أحضر بما ادعى بينة وكانوا عدولا قد عرفهم القاضي بذلك فشهدوا له بحقه عليه قضى له بما ثبت له عليه وإن حضر قيامه من مجلسه قبل أن يحضره البينة على ما ادعى قبله سأله عن السبب الذي من أجله لم يحضر بينته فإن قال كانوا غيبا أو لم يكونوا حضورا قال له إن أردت يمينه استحلفته لك فإن أراد ذلك استحلفه له وإن قال لا أريده فرق بينه وبين خصمه ولم نجعل له عليه سبيلا حتى يحضر بينته. وقال أبو حنيفة إذا تقدم الرجلان إلى القاضي وأحدهما يدعي قبل صاحبه ما لا ينكر فسأل القاضي أن يأخذ له منه كفيلا بنفسه فإن القاضي ينبغي له أن يسأل الطالب هل له بينة على حقه فإن قال نعم سأله أحضورهم أم غيب فإن قال هم حضور أمر المطلوب أن يعطيه كفيلا بنفسه ثلاثة أيام وإن قال الطالب بينتي غيب لم يأخذ منه كفيلا ولا يوما واحدا.

قال وإن قال ليست لي بينه لم آخذ منه كفيلا قال وإذا قام عليه شاهد واحد وقال الآخر حاضر فإنه يأخذ له منه كفيلا ثلاثة أيام وإن قال شاهدي الآخر غائب لم يأخذ له منه كفيلا وإن قال ليس لي بينة وأنا أريد أن استحلفه فخذ لي منه كفيلا حتى استحلفه فإنه لا يأخذ له منه كفيلا ولكنه يستحلفه مكانه فإن قال الطالب بينتي حاضرة فخذ لي منه كفيلا فقال المطلوب ليس لي كفيل فإنه يأمر الطالب أن يلزمه إن أحب ثلاثة أيام حتى يحضر شهوده فإن أحب أن يستحلفه فعل ولا ينبغي للقاضي أن يسجنه له. قال وكل دعوى يدعيها الرجل قبل صاحبه من دراهم أو دنانير أو حنطة أو شعير أو سمن أو زيت أو شيء مما يكال أو يوزن دين أو شيء بعينه أو شيء من الحيوان ادعاه بعينه أو دعوى في دار ادعاها وقال شهودي حضور فإنه يأخذ له منه كفيلا ثلاثة أيام.

القول في صلح الكفيل المكفول له في السلم عما كفل له

القول في صلح الكفيل المكفول له في السلم عما كفل له وإذا كان لرجل على رجل كر حنطة من سلم وله به كفيل فصالح رب الطعام الكفيل على رأس المال فإن قياس قول مالك والأوزاعي والثوري والشافعي في ذلك أن الصلح جائز. وهو قول أبي يوسف وكان أبو يوسف يقول في ذلك صلح الكفيل جائز ويؤدي رأس المال إلى الطالب ويرجع على الذي عليه الأصل بكر حنطة وقال هذا بمنزلة رجل كفل عن رجل بألف درهم فصالحه منه على ثوب ودفعه إليه فهو جائز ويرجع على المكفول عنه بألف درهم وكذلك السلم يوضع على المكفول عنه بالكر والكر للكفيل على المكفول عنه بمنزلة المال الذي وصفت لك كأنه أدى الطعام عنه بعينه.

وقال أبو حنيفة ومحمد صلح الكفيل رب السلم على رأس المال غير جائز والسلم على حاله لا يقدر الكفيل على نقض السلم. والصواب من القول في ذلك عندنا إن المكفول له إن اتبع الكفيل بما كفل له عن غريمه المسلم إليه فصالحه الكفيل بما كفل له من الطعام على دراهم أو دنانير هي قدر رأس مال السلم أو أقل أو أكثر فجائز لأن الطعام الذي صالح عنه المكفول له لزمه من غير وجه السلم وإنما لزمه على وجه الكفالة ولا خلاف بين الجميع في أن رجلا لو كان له على رجل كر من حنطة موصوفة من قرض أو غصب أن له أن يصالحه من ذلك الكر على ما أحبا مما يجوز أن يكون مثله ثمنا للأشياء التي يحل شراها وبيعها فكذلك حكم الصلح عن الحنطة التي لزمت المصالح من جهة الكفالة جائز الصلح عنها على ما يجوز أن يكون ثمنا للأشياء وإن كانت لزمت الكفالة على1 المسلم إليه. وإذا صالح الكفيل رب الطعام على شيء من ذلك فله الرجوع على المكفول عنه بالطعام الذي كان كفل عنه وهو كر حنطة وكذلك القول في ذلك لو كان السلم ثيابا أو شيئا مما يكال أو2 يوزن أو يذرع أو يحد3 بصفة غير الطعام كالقول في الطعام. وكذلك اختلاف أبي حنيفة وأصحابه في كل ذلك نحو ما ذكرنا من اختلافهم في الصلح من الطعام على رأس المال إلا أن أبا حنيفة وأصحابه قالوا لو صالح الكفيل على شيء غير السلم بعينه وغير رأس المال لم يجز وقالوا ألا ترى أن الذي عليه الأصل صالح على شيء غير رأس المال وغير السلم لم يجز فكذلك الكفيل.

_ 1 ن: مسلم إليه. 2 ن: يزرع. 3 ن: نصفه.

وقد بينا أن معنى الكفيل في الصلح عما كفل وإن كانت كفالته في سلم غير معنى الصلح الذي عليه السلم عما عليه من ذلك. ولو أن رجلا كان له على رجل كر حنطة من سلم قد كفل له به كفيل فاتبع المكفول له بذلك الكفيل وأداه إليه وكانت كفالته له به بأمر الذي عليه الطعام فإنه يرجع بذلك على المكفول عنه في قول الجميع. فإن صالح الكفيل المكفول عنه على دراهم مثل رأس المال أو أكثر فهو جائز في قياس قول مالك والأوزاعي والثوري والشافعي وفي قول أبي حنيفة وأصحابه. وكذلك لو صالحه من ذلك على عروض أو ثياب أو حيوان أو غير ذلك وذلك ان الكفيل لما أدى إلى المكفول له ما كفل له من ذلك كان له ال1رجوع على المكفول عنه له وصار ذلك له عليه دينا من غير وجه السلم فكان بمنزلة دين وجب له من قرض فله أن يأخذ له منه بما له عليه من الدين على غير وجه السلم ما بدا له مما يجوز شرؤاه وبيعه بين المسلمين. وقال أبو حنيفة وأصحابه إن صالح الكفيل المكفول عنه على عروض أو حيوان يدا بيد أو على شيء مما يوزن سمن أو زيت أو على شيء مما يكال شعير أو سمسم أكثر من كر أو أقل أو على طعام أقل من كر فإن ذلك كله جائز مستقيم إذا كان يدا بيد ما خلا الطعام فإنه يجوز إذا كان يدا بيد أو نسيئة وذلك أن الطعام للكفيل على المكفول عنه بمنزلة القرض وليس بمنزلة السلم. قالوا ولو صالحه على شيء مما ذكرنا قبل أن يؤدي عنه شيئا كان جائزا فإن أدى الطعام الذي عليه الأصل إلى الطالب فإنه يرجع على الكفيل بطعام

_ 1 ن: وثياب.

مثله في ذلك كله ما خلا خصلة واحدة إن كان صالحه على طعام أقل من ذلك لم يرجع إلا بمثل ما أعطاه. وأما الذي نقول به في مصالحه الكفيل المكفول عنه قبل أن يؤدي عنه شيئا فإن ذلك إنما يجوز عندنا إذا كان المكفول له قد اختار اتباع الكفيل بحقه دون المكفول عنه لأنه إذا اختار اتباعه بحقه صار حقه عليه دون الذي كان عليه الأصل وبرئ منه الذي كان عليه الأصل لما قد بينا قبل. وأما إن صالحه وقد اختار المكفول له اتباع الذي عليه الأصل فإن مصالحته إياه على ما صالحه عليه من شيء باطل من أجل أنه قد بريء من الكفالة باتباع المكفول له الذي عليه الأصل فلا وجه له بمصالحته إياه عما كفل عنه لا حق له قبله بسبب ذلك إلا أن يصالحه عن الذي عليه الأصل متبرعا أنه1 يتبرأ من دين غريمه فيجوز ذلك ويبرأ الذي عليه الأصل من دين غريمه ولا يكون للكفيل الذي صالح عنه حينئذ الرجوع على المكفول عنه بما أعطى المكفول له عنه لأنه أعطاه ذلك بغير أمر المكفول2 عنه ولو جهل الكفيل والمكفول عنه فتصالحا على شيء أداه المكفول عنه إلى الكفيل بسبب كفالته التي كفل عنه وقد اتبع المكفول له المكفول عنه كان للمكفول عنه الرجوع على الكفيل بما أعطاه إياه بسبب ذلك. وإذ كان الأمر في ذلك عندنا كالذي وصفنا فاختار المكفول له اتباع الكفيل بحقه ثم صالح الذي كان عليه الأصل الكفيل عما كان عليه للمكفول له قبل أن يؤدي الكفيل إليه شيئا كان الصلح جائزا على ما صالحه عليه من شيء قل أو كثر. ولو صالح المكفول عنه الكفيل على بعض ما يجوز الصلح عليه مما كفل

_ 1 ن: ليبرا. 2 ن: له.

عنه وقد اتبع المكفول له الكفيل ثم قضى المكفول له حقه الذي كان له عليه قبل اتباعه الكفيل به كان ذلك منه قضاء عن كفيله ما لزمه للمكفول له بكفالته ولم يكن له أن يرجع على الكفيل بشيء مما كان أعطاه بالصلح الذي كان جرى بينه وبينه ولا شيء مما أدى إلى المكفول له عنه لأنه أدى ذلك عنه إليه بغير أمره فكان متبرعا عنه بإعطائه إياه ذلك عنه. ولو أن المكفول له أتبع الكفيل بحقه ثم إن الكفيل أخر الذي كان عليه الأصل قبل أن يؤدي إلى المكفول له ما كفل له عنه كان تأخيره ذلك جائزا ولم يكن له عندنا اتباعا بما أخره به من ذلك إلا بعد انقضاء الأجل الذي أخره إليه أدى الذي عليه للمكفول1 له إليه أو لم يؤده. وكالذي قلنا في ذلك قال أبو حنيفة وأصحابه. ولو أن الكفيل صالح المكفول عنه وقد2 اتبعه المكفول له بحقه على دراهم أو على شيء مما يكال أو يوزن بغير عينه ولكنه موصوف ثم افترقا قبل أن يقبض الكفيل من المكفول عنه ما وقع عليه الصلح بين وبينه كان الصلح منتقضا لأنه يصير ذلك في معنى الدين بالدين ولكن الصلح لو وقع بينهما على عين حاضرة يريانها بعينها ثم افترقا قبل قبض الكفيل ذلك كان الصلح جائزا ماضيا وكان ما وقع عليه الصلح من ذلك للكفيل. وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه غير أنهم قالوا ذلك الحكم إذا صالح الكفيل الذي عليه الأصل كان الغريم قد اتبعه أو لم يكن اتبعه بعد وكذلك قالوا في تأخير الكفيل المكفول عنه وقالوا أيضا إذا صالحه الكفيل على شيء بغير عينه ثم افترقا قبل القبض3 فالصلح باطل منتقض ما

_ 1 ن: له. 2 أي اتبع الكفيل. 3 ن: والصلح.

خلا الطعام فإنه إن صالحه على نصف كر إلى أجل فهو جائز وقالوا إنما حط عنه ما بقي قالوا ولا يجوز هذا فيما سوى الحنطة.

القول في حكم كفالة المريض

القول في حكم كفالة المريض وإذا كفل رجل في مرضه الذي مات فيه عن رجل بمال وعليه دين يحيط بماله فإن الكفالة باطل وذلك أن الكفالة معروف ودينه به أولى منها وإن لم يكن عليه دين فالكفالة جائزة من الثلث وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه وقالوا إن كانت الكفالة لوارث فإن ذلك لا يجوز قالوا وكذلك إن كانت عن وارث لأن في ذلك منفعة له. والقول عندنا في الكفالة عن الوارث كالذي قالوا وذلك أن ذلك قضى عنه دينا عليه فهو في معنى قرضه إياه ذلك وذلك لا شك أيضا1 دفع إليه من ماله دون سائر ورثته وذلك محظور عليه في حال مرضه الذي يكون منه وفاته فأما القول في الكفالة للوارث عن أجنبي له عليه دين بدينه فإن الصواب عندنا في ذلك إجازته وذلك أن ذلك في معنى إقراضه الأجنبي من ماله ما كفل عنه ولا خلاف بين الجميع أنه لو وهب ذلك له في مرضه الذي توفي فيه فقبضه منه وهو يخرج من ثلاثة أن ذلك جائز ماض وإقراضه إياه ذلك أولى أن يكون جائزا. ولو أقر مريض في حال مرضه أنه كان كفل لرجل بمال عن آخر في حال صحته وعليه دين يحيط بماله في حال إقراره بذلك فإن ذلك من قراره عندنا جائز ويدخل المكفول له إن اتبعه بما أقر له به مع سائر غرمائه فيما عليه فيضرب بدينه معهم في ماله. وهذا قياس قول كل من ألزم المريض إقراره بدين في مرضه الذي

_ 1 ن: بدفع.

يحدث فيه وإن كان عليه دين يحيط بماله في حال إقراره بذلك وذلك أن إقراره بكفالته بذلك في الصحة في حال المرض إقرار منه بدين نسبه إلى أنه كان في الصحة وإن كان إقراره به في حال المرض. وقال أبو حنيفة وأصحابه إن أقر مريض في مرضه الذي مات فيه أنه كفل بمال في الصحة لم تلزمه الكفالة إذا كان عليه دين فإن لم يكن عليه دين لزمه ذلك في جميع ماله لأنه أقر أنه كان منه في الصحة. وكان اللازم أبا حنيفة وأصحابه على قولهم إذا جعلوا إقراره بذلك في حال المرض بمنزلة كفالته به في مرضه في إبطالهم إقراره إن كان عليه دين وانكروا أن تكون سبيله سبيل إقراره به في حال الصحة أو سبيل الدين في الصحة1 أن لا يجعلوه من جميع المال إذا لم يكن عليه دين بل الواجب كان عليهم أن يجعلوه من ثلاثة بمنزلة كفالته في مرضه فإما أن يجعلوه من جميع المال إذا لم يكن عليه دين فيحلوه محل الإقرار به في الصحة أو يجعلوه باطلا إذا كان عليه دين فيحلوه محل الكفالة به في المرض فذلك ما لا يشكل فساده لأنهم بحكم إقرار الصحة لا بحكم كفالة المرض حكموا له. وإذا كفل رجل لرجل في صحته عن رجل بمال أقر له به من غير تبيين المال المكفول به وغير تحديد مبلغه فإن ذلك كفالة باطلة لا يلزم الكفيل بها عندنا شيء كان عليه دين أو لم يكن عليه دين ولا يتبع بشيء مما أقر به المكفول عنه بعد ذلك وقد بينا العلة في ذلك وذكرنا اختلاف المختلفين فيه فيما مضى قبل. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا كفل في الصحة بما أقر به فلان لفلان ولم يسمه ثم مرض وعليه دين يحيط بماله ثم أقر المكفول عنه أن لفلان عليه ألف

_ 1 ن: ويجعلوه.

درهم فإن ذلك يلزم المريض قالوا وإن أقر بذلك المكفول عنه بعد موت المريض فهو سواء ويحاص الغرماء لأن أصل ذلك كان في الصحة قالوا وكذلك لو كفل بما ذاب لفلان على فلان أو بما قضي لفلان على فلان أو بما صار لفلان على فلان قالوا وكذلك لو كان المكفول له وارثا أو المكفول عنه وارثا أو كانا جميعا وارثين لأن هذا كان في الصحة فهو بمنزلة رجل كفل في صحته لرجل بما أدركه من درك في دار اشتراها ثم استحقت لدار في مرض الكفيل أو بعد موته فإن المشتري يضرب مع غرماء الكفيل الميت بالثمن لأن أصل ذلك كان في الصحة قالوا ولا يشبه هذا الكفالة في المرض. وإذا كفل رجل في مرضه الذي مات فيه بمال وليس عليه دين ثم استدان بعد ذلك مالا يحيط بماله فإن الكفالة باطلة لأنها كانت في المرض في قولنا وقولهم وإنما أبطلناها لأنها معروف1 فالدين بماله أولى منها كما هو أولى به من وصاياه التي يوصي بها فيه. وإذا كفل رجل عن رجل بمال بأمره ورهنه المكفول عنه رهنا فيه وفاء فإن ذلك جائز في قياس قول مالك إن كان المكفول عنه معدما وإن كان مليا فقياس قوله أن يكون الرهن باطلا لأنه ليس للمكفول له قبل الكفيل تبعة ما دام المكفول عنه مليا فلا وجه لا رتهان الكفيل من المكفول عنه رهنا من غير أن يكون له قبله حق يرتهن بدلا منه الرهن. وأما على قياس قول الأوزاعي والثوري والشافعي وهو قول أبي حنيفة وأصحابه فإن الرهن في ذلك جائز لأن للمكفول له اتباع الكفيل عندهم بما كفل له عن غريمه مليا كان الغريم أو معدما وأن للكفيل أخذ المكفول عنه بإخراجه مما أدخله فيه من ذلك.

_ 1 ن: في الدين.

وأما الذي نقول به في ذلك فهو أنه ليس للكفيل على المكفول عنه سبيل حتى يختار المكفول له اتباعه بحقه دون صاحب الأصل فإن اختار اتباعه به دون المكفول عنه كان للكفيل حينئذ مطالبة المكفول عنه بأمره فإن رهنه بما لزمه له من حق عند ذلك كان رهنا جائزا فإن اختار اتباع المكفول عنه بطلت الكفالة ولم يكن الرهن إن رهن منه الكفيل رهنا جائزا لأنه لا حق له قبله يرتهن منه رهنا. وهذا الذي قلنا في ذلك قول ابن شبرمة1. فإن اتبع المكفول له بالمال الكفيل دون المكفول عنه فارتهن الكفيل من المكفول عنه رهنا بما له عليه فهلك الرهن عند الكفيل وأدى إلى المكفول له ما كفل له عن غريمه فكانت قيمة الرهن والدين الذي كفل به سواء لم يكن له المكفول عنه سبيل لأن الرهن هلك عندنا من مال الكفيل المرتهن وإن كانت قيمته أكثر من الدين أو أقل2 يراجع عند ذلك الكفيل والمكفول عنه بفضل إن كان لأحدهما قبل صاحبه على ما بينا في كتابنا كتاب الرهن3. والواجب في ذلك على مذهب مالك أن يكون الكفيل إن كان ارتهن ما ارتهن من المكفول عنه في حال يجوز ارتهانه منه على ما بينا ثم هلك الرهن عنده وقد قضى المكفول له حقه أن ينظر إلى الرهن فإن كان مما يخفى هلاكه كالحلي والثياب وما أشبه ذلك فإن ذهاب ذلك وهلاكه يكون من الكفيل المرتهن ثم يكون فيما يبطل من حقه قبل المكفول4 عنه وفيما يتبع كل واحد منهما صاحبه بفضل قيمة أو نقصان عن مبلغ الدين على نحو قولنا الذي بيناه وإن كان مما

_ 1 انظر ص 13. 2 ن: يراجع. 3 كأنه يعني كتاب الرهن من لطيفة. 4 ن: له.

يظهر هلاكه ولا يخفى كالدور والدواب والمواشي والرقيق فإن هلاك ذلك على قوله من مال المكفول عنه حينئذ ويتبعه الكفيل بما أدى عنه إلى غريمه. وأما قياس قول الأوزاعي فنحو1 ما ذكرنا من قياس قول مالك غير أنه يجب على قوله أن يكون للكفيل ارتهان الرهن من المكفول عنه بما كفل عنه بكل حال ثم يكون القول في هلاكه إن هلك في يد الكفيل نحو الذي ذكرنا من قياس قول مالك. وأما قياس قول الثوري وهو قول أبي حنيفة وأصحابه فإن الرهن إن هلك عند الكفيل فإنه من ماله فإن أدى الكفيل المال لم يرجع على المكفول عنه وان لم يؤده ولكنه أداه الذي عليه الأصل رجع الذي عليه الأصل على الكفيل بمثله. وقال أبو حنيفة وأصحابه هلاك الرهن عند الكفيل بمنزلة قبضه المال. وأما على قول الشافعي فإن2 للكفيل إذا هلك الرهن عنده وأدى المال إلى المكفول له أن يرجع على المكفول عنه بما أدى عنه ويكون هلاك الرهن على قوله من مال المكفول عنه كان مما يظهر هلاكه أو مما يخفى وإن لم يؤد ذلك الكفيل ولكن المكفول3 عنه أداه لم يكن له على قوله الرجوع على الكفيل بشيء لا بقيمة الرهن ولا بالمال الذي أدى. ولو أن رجلا كفل عن رجل بألف درهم على أن يرهنه بذلك عبدا به4 وبعينه ثم أن المكفول عنه أبي أن يدفع إليه العبد الذي شرط له أن يرهنه فإن الكفالة لازمة ولا يقدر على الخروج منها بسبب اشتراطه على المكفول عنه أن

_ 1 ن: مما. 2 ن: الكفيل. 3 ن: المكفول أداه. 4 لعل صوابه: أو بعينه.

يرهنه العبد الذي تشارطا رهنه لأن شرطه ذلك غير مبطل ما قد لزمه للمكفول له بغير شرط كان بينه وبينه في حال الكفالة ولا يجبر المكفول عنه على دفع العبد إلى الكفيل رهنا لأن الكفيل لم يكن قبضه فيكون رهنا. وهذا الذي قلنا في ذلك قول أبي حنيفة وأصحابه.

القول في حكم الرجل يبيع الرجل سلعه بثمن إلى أجل على أن يكفل له بثمنها كفيل بعينه أو بغير عينه أو يقرض رجل رجلا على ذلك من الشرط

القول في حكم الرجل يبيع الرجل سلعه بثمن إلى أجل على أن يكفل له بثمنها كفيل بعينه أو بغير عينه أو يقرض رجل رجلا على ذلك من الشرط وإذا باع رجل رجلا متاعا بثمن معلوم إلى أجل محدود وشرط البائع على المشتري في عقد بيعه إياه ذلك أنه إنما يبيعه إياه على أن يكفل له عنه بثمنه رجل بعينه سماه له فاشترى المشتري ذلك منه على هذا الشرط وسلم البائع السلعة إلى المشتري على ذلك. فإن قياس قول ابن أبي ليلى إن هذا البيع جائز والشرط باطل كفل الذي شرطت كفالته بما له على المشتري عنه أو لم يكفل له عنه كان حاضرا وقت كفل البيع المتبايعين أو غائبا عنهما وذلك أن من قوله إن كل شرط كان في عقد البيع لم يكن عوضا مما تبايعاه بينهما أو من معاني العوض منه فهو باطل والبيع ماض جائز. وأما على قول أبن شبرمة فإن البيع والشرط جائزان جميعا معا ويؤخذ المشتري بأن يعطيه بالثمن كفيلا من شرط له كفالته. وقال أبو حنيفة وأصحابه إن كان الكفيل ليس بحاضر لذلك المجلس فإن البيع فاسد قالوا وكذلك في الحوالة إن كان غائبا عن ذلك المجلس فالبيع فاسد وإن جاء الكفيل فرضي وكفل ورضي بأن يحتال عليه فإن البيع لا يجوز قالوا فإن كان فلان الذي شرطت كفالته حاضرا فرضي بذلك

وسلم فإن البيع جائز إذا سمي الأجل والكفيل ضامن للمال. قالوا ولو أقرض رجل رجلا مالا ودفعه إليه على أن يكفل به فلان أو كفل أو احتال عليه به على فلان أو على أن يضمن له فلان فإن القرض جائز وإن ضمن فلان له أو كفل أو احتال عليه بذلك فهو جائز غائبا كان فلان في هذا أو حاضرا فهو سواء لأن القرض لا يشبه البيع فأما السلم فإنه مثل البيع وأما الغصب فهو مثل القرض والتزويج مثل القرض. قالوا وإن قال أتزوجك على ألف درهم على أن1 يكفل2 بها فلان عني أو على أن أحليك بها على فلان والكفيل غائب عن ذلك المشهد أو حاضر فالنكاح جائز ولا يشبه البيع فإن دخل الكفيل في الضمان فهو جائز وكذلك الخلع وكذلك الصلح من دم عمد أو جراحة فيها قصاص فصالح على مال مسمى حال أو إلى أجل مسمى على أن يكفل به فلان أو أن يحيله به على فلان والكفيل حاضر ذلك راض به أو غائب عنه فرضي بعد ذلك فالصلح فالصلح جائز لأن هذا لا يستطيع رده ولا ينقض الصلح فيه وإذا رضي الكفيل وضمن فالضمان عليه جائز. قالوا وإذا كان لرجل على رجل دين حال من ثمن بيع أو سلم قد حل أو قرض أو غصب حال فسأله من يؤخر عنه نجوما على أن يضمن له فلان ذلك وفلان غائب فصالحه على ذلك فقدم الكفيل فأبى أن يدخل في الضمان فإن الصلح باطل منتقص والمال حال على صاحبه الأول قالوا وكذلك لو كان الكفيل حاضرا فأبى أن يدخل في الضمان فإن الصلح باطل منتقض والمال على صاحبه الأول فإن دخل الكفيل في الضمان بعد ما تقدم من غيبته أو كان حاضرا فدخل في الضمان فالضمان جائز عليه والصلح

_ 1 ن: تكفل. 2 أي الألف.

جائز والتأخير جائز. قالوا فإن كان اشترط في التأخير أنه إن أخر نجما عن محله فالمال كله حال كما كان فهذا الشرط جائز على هذا الوجه والكفالة على هذا جائزة مستقيمة. قالوا ولو قال إن أخرت نجما عن محله عشرة أيام فالمال عليك فهو جائز على ذلك قالوا ولو كان ذلك من مهر امرأة أو من خلع أو من صلح أو من دم عمد كان جائزا على هذا. 1وقال الشافعي:2 إذا باع الرجل الرجل بيعا على أن يرهنه رهنا فلم يدفع الراهن الرهن إلى البائع المشترط3 فللبائع الخيار في إتمام البيع بلا رهن4 ورد البيع لأنه لم يرض بذمة المشتري دون الرهن وكذلك لو رهنه5 رهنا فاقبضه بعضا ومنعه بعضا قال وهكذا لو باعه على أن يعطيه حميلا بعينه فلم يحمل له6 به الرجل الذي اشترط حمالته حتى مات كان له الخيار في إتمام البيع بلا حميل أو فسخه7 قال ولو كانت المسألة بحالها أفراد المشتري فسخ البيع8 بمنعه9 الرهن أو الحميل لم يكن ذلك له لأنه لم يدخل عليه هو10

_ 1 أم: الرهن الكبير: جواز شرط الرهن. 2 وإذا باع الرجل علي أن الخ. 3 أم: له فللبائع. 4 أم: أو رد. 5 أم: رهونا فأقبضه بعضها ومنعه بعضها وهكذا الخ ... 6 أم: بها. 7 أم: لأنه لم يرض بذمته دون الحميل ولو كانت الخ. 8 ن: وأم ق: بمنعه: أم مد: فمنعه. 9 أم ق: تالراهن أو الحمل. 10 ن: نقضا الخ: أم: يكون له به خيار لأن البيع كان في ذمته أم ذمة غيره فسقط ذلك عنه فلم يرد عليه في ذمته شئ لم يكن عليه ولم يكن في هذا فساد للبيع لأنه لم ينتقص من الثمن شئ يفسد به البع إنما انتقص شئ غير الثمن وثيقة للمرتهن لا ملك ولم يشترط شيئا فاسد به البيع وهكذا هذا في كل حق الخ: إلا أن قوله: شيئا: سقط في أم مد.

نقصا قال وهذا هكذا في كل حق كان لرجل على رجل فشرط له فيه رهنا أو حميلا فإن كان الحق بعوض أعطاه إياه فهو كالبيع وله الخيار في أخذ العوض كما كان له في البيع1 قال ولو باعه شيئا على أن يرهنه رهنا يرضيه أو يعطيه حميلا ثقة أو يعطيه رضاه من رهن وحميل2 بغير3 تسمية شيء بعينه كان البيع فاسدا لجهالة البائع والمشتري أو أحدهما بما تشارطا ألا ترى أنه لو4 جاء بحميل أو رهن فقال لا أرضاه لم يكن عليه حجة بأنه رضي رهنا بعينه أو حميلا بعينه فأعطيه "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقياس قول أبي ثور في ذلك أن البيع جائز إن تعاقده المتبايعان بثمن إلى أجل على أن يكفل للبائع بالثمن كفيل بعينه أو بغير عينه حاضرا كان المشترط إلى أجل على أن يكفل للبائع بالثمن كفيل بعينه أو بغير عينه حاضرا كان المشترط كفالته أو غائبا في حال عقد البيع عقده فإن رضي المشروط كفالته وكفل للبائع على المشتري بماله فهو الذي أراد وإن امتنع من ذلك أجبر المشتري على قوله أن يعطيه كفيلا غيره مكانه وكذلك الواجب على قوله إذا كان البيع عقد على أن يعطي المشتري البائع كفيلا بغير عينه وذلك أن ذلك قوله إذا اشترى مشتر من رجل سلعة إلى أجل على أن يعطيه رهنا بعينه فامتنع المشتري من إعطائه ذلك أو على أن يعطيه رهنا بغير عينه فكذلك الواجب أن يكون قوله إذا اشترط عليه كفيلا بعينه أو بغير عينه. والصواب من القول في ذلك كله عندنا ما قال الشافعي وذلك أن في

_ 1 وإن كان الرهن في أن أسلفه بلا بيع أو كان له عليه حق قبل أن يرهنه بلا رهن ثم رهنه شيئا فلم يقبضه إياه فالحق بحاله، وله في السلف أخذه متي شاء وفي حقه غير السلف أخذه متي شاء به إن كان حالا ولو باعه شيئا بألف علي أن يرهن الخ ... 2 أم ق: أو من شاء: المشتري أو البائع أو ما شاء أو شاء أحدهما من رهن أو حميل بغير تسمية الخ ... 3 أم مد: تسمية. 4 ن: جا: أم: جاه.

دخول الكفيل للبائع في الكفالة بحقه على المشتري وفي الرهن الذي يرهنه المشتري البائع وثيقة له من حقه قبله إذا كان المال مؤخرا ولم يبع البائع سلعته من المشتري على الرضى منه بأمانته وفي ترك الحاكم على المشتري للبائع بما شرط عليه في عقد البيع من إعطائه الكفيل الذي شرط له كفالته بماله نقص عليه ومضرة وغير جائز إلزامه ذلك على كره منه فحكمه في ذلك حكم بائع سلعة له من رجل بثمن حال فلم يجد المبتاع السبيل إلى إعطائه الثمن حالا فيكون للبائع الخيار في الرضى بأن يكون غريما من غرماء المشتري وبين نقض البيع في سلعته والرجوع بها على المشتري إن كانت قائمة بعينها لأن إلزام البائع الرضى بتأخير ما له على المشتري إلى حال يسره به1 نقص عليه ومضرة تلزمه فلا يجوز إلزامه ذلك من جهة الحكم إلا برضى منه به. ولو أن رجلا أعتق عبدا له على ألف درهم على أن يعطيه به كفيلا بعينه وذلك أن يقول له أنت حر بألف درهم إن أعطيتني به فلانا كفيلا بذلك فيقول العبد قد قبلت ذلك فإن كفل للمعتق المشروط كفالته عن العبد بالألف الدرهم الذي أعتق عليه كان العتق ماضيا جائزا إذا كان للمولى المعتق اتباع من شاء من العبد والكفيل بالألف على ما قد بينا فيما مضى من كتابنا هذا وإن لم يكفل له بذلك المشروط كفالته كان لمولى العبد الخيار بين إمضاء العتق في العبد والرضى بذمته وأن يكون غريما بماله يتبعه بالألف الذي اعتقه عليه وبين رد العتق واستعباده لأنه لم يعتقه إلا على ألف درهم يكون به فلان كفيلا له عنه وذلك نظير عتقه إياه بألف درهم بيض فيعطيه ألف درهم سود في أن للسيد الخيار بين أن يقبل ذلك منه مكان البيض ويمضي فيه العتق وبين أن يترك قبوله منه ويستعبده. وقال أبو حنيفة وأصحابه لو أن رجلا أعتق عبدا على ألف درهم على أن

_ 1 ن: نقض.

يعطيه به كفيلا وقبل ذلك كان العتق جائزا إن أعطاه كفيلا بالمال أو أحاله بذلك على رجل فذلك جائز في قولهم من قبل أن العبد قد عتق وقالوا ليس ذلك كالمكاتب لأن المكاتب عبد لا يجوز الضمان فيه لمولاه.

القول في حكم الكفالة عن مجهول أو لمجهول

القول في حكم الكفالة عن مجهول أو لمجهول وإذا قال رجل لرجل قد كفلت لك بما لك على فلان وهو ألف درهم أو كفلت لفلان بماله على فلان وهو مائة دينار فإن كان ذلك من قائله إلزام نفسه كفالة لأحد هذين الرجلين اللذين لأحدهما ألف درهم على غريمه وللآخر مائة دينار بما له على غريمه فإن ذلك كفالة عندنا باطل لا يؤخذ بشيء منها وإن كان ذلك منه إقرار لأحدهما بغير عينه إن له قبله كفالة بالدين الذي ذكر أنه له على غريمه استوقف إن ادعى كل واحد من الرجلين قبله الحق الذي ذكر أنه ضمنه على ما وصف من الشك فيه فإن أقر لأحدهما بعينه ألزم ما يجب له بما أقر له به وحلف للآخر الذي أنكر أن يكون له قبله حق بسبب كفالة إن لم يكن له بينة فإن حلف له برئ وإن نكل حلف المدعي وألزم ما ادعى أنه له قبله بسبب تلك الكفالة وإن أنكر أن يكون لهما قبله حق بسبب كفالة وأراد أن يحلف لهما لم تقبل يمينه على ذلك لأنه قد أقر أن لأحدهما قبله حقا محدود المبلغ غير أنه شاك في1 عين من له ذلك الحق فهو بمنزلة رجل قال لفلان هذا قبلي ألف درهم أو لفلان هذا مائة دينار وذلك إذا اتبعه المدعيان بما يدعيان أنه كفل لهما به. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا كفل رجل لرجلين فقال لأحدهما قد كفلت لك بما لك على فلان وهو ألف درهم أو كفلت لفلان بما له على فلان وهو مائة دينار فإن هذا باطل لا يجوز قالوا وكذلك لو كان مكان المائة الدينار ألف درهم وكذلك لو كان كر حنطة أو كر شعير أو فرقا من سمن أو

_ 1 ن: غير.

زيت من قبل أن الحق لرجلين قالوا ولو كان الحق لرجل واحد على رجلين على كل واحد منهما ألف درهم على حدة فقال رجل قد كفلت بما لك على فلان أو على فلان كان هذا جائزا لأن الحق لواحد. قالوا وكذلك لو كان المال مختلفا فكان1 ألف على أحدهما ومائة دينار على الآخر أو كر شعير على أحدهما وكر حنطة على الآخر فهو جائز ويؤدي الكفيل أيهما شاء. قالوا وكذلك الكفالة بالنفس لو قال قد كفلت لك بنفس فلان أو نفس فلان كان هذا جائزا يضمن أيهما شاء. والقول عندنا في الرجل يقول لآخر قد كفلت لك بما لك على فلان وهو ألف درهم أو بما لك على فلان2 غريم له آخر وهو ألف درهم وهو يريد بذلك إلزام نفسه له الكفالة على أحد غريميه بما له عليه أن ذلك كفالة باطلة لأنه لم يكفل بمال معلوم وإنما كفل له بمال مجهول فهو ككفالته له عن غريم له أو لرجل آخر عن غريم له ولا فرق بين كفالته له على ذلك وكفالته بأحد ماليه اللذين على غريم له بعينه لأنهما جميعا كفالتان3 إحدهما لمجهول4 والأخرى عن مجهول فإن لزمته إحداهما لزمته الأخرى وإن بطلت إحداهما من أجل أنها مجهولة بطلت الأخرى ومن فرق بين ذلك سئل البرهان على فرق ما بينهما من أصل أو نظير فلن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله.

_ 1 أي ألف درهم. 2 ن: لغريم. 3 ن: أحدهما. 4 والآخر.

القول في الكفالة بالحيوان والعروض

القول في الكفالة بالحيوان والعروض وإذا ادعى رجل عبدا في يد رجل فأنكر الذي في يده العبد دعواه واختصما

إلى القاضي وأراد المدعي كفيلا بنفس الذي في يده العبد وبنفس العبد حتى يحضر البينة وقال بينتي حضور فإنه يقال له الزمه حتى تحضر بينتك فأما الحكم بالكفالة فإنه لم يلزمه لك شيء فنكفله ذلك. وقال أبو حنيفة وأصحابه يأخذ له القاضي منه كفيلا بذلك ثلاثة أيام فإن أحضر بينته وإلا أبرأ الكفيل إذا كان يتقدم إلى القاضي في ذلك الوقت فإن كان لا يتقدم إليه إلا في أكثر من ثلاثة أيام جعل وقت الكفالة ذلك الوقت قالوا وكذلك الأمة والدابة والناقة والبقرة والشاة والثوب والعدل الزطي والجراب الهروي فإن أحضر بينته على ذلك وزكي الشهود قضي بذلك المتاع له ودفع إليه وبرئ الكفيل من كفالته. قالوا ولو أن المدعي لم يقدم المدعى عليه إلى القاضي وأخذ منه كفيلا بنفسه وبالعبد فمات العبد في يد المطلوب وأقام المدعي البينة أن العبد عبده وأثبتوا ذلك وأقاموا الشهادة عليه وزكوا فإن القاضي يقضي بقيمة العبد على المطلوب للطالب وإن شاء على الكفيل في قولهم جميعا. قالوا وكذلك الأمة وجميع ما ذكرنا من الحيوان والعروض قالوا وإن لم يقم بينة على1 ذلك ولكنه استحلف المدعي عليه عند القاضي فأبى أن يحلف فقضى له القاضي بالعبد فمات عند المدعي عليه قبل أن يقبضه فإنه يقضي له بقيمته على المدعى عليه وأما الكفيل فلا يلزمه ضمان بهذا. قالوا وكذلك لو أقر المدعى عليه بذلك إلا أن يقر الكفيل بمثل ذلك أو يأبى أن يحلف فأي ذلك فعل الكفيل لزمه من ذلك ما يلزم المطلوب إن شاء المدعي أن يضمنه قيمة العبد فعل. والصواب من القول في ذلك عندنا إذا أعطى الذي في يده العبد المدعي

_ 1 ن: ذلك ذلك.

كفيلا بنفسه وبالعبد ثم أقام المدعي بينة عادلة على المدعي في يده العبد أن العبد له فقضى له به الحاكم فلم يسلمه إليه حتى هلك في يده أن للمقضي1 له بالعبد الخيار في اتباع من شاء من الذي كان في يده عبده فهلك عنده أو الكفيل فإن اتبع أحدهما بطلت تباعته قبل الآخر على ما بينا قبل فيما مضى من كتابنا هذا في نظائر ذلك من المسائل. وأما إن لم يكن للمدعي بذلك بينة ولكن الذي في يده العبد نكل عن اليمين فاستحلف المدعي فخلف أو أقر له بذلك المدعي في يده العبد ثم هلك العبد في يده والكفيل يجحد حقيقة ما أقر به ويحلف على ذلك فلا شيء يلزمه بذلك لأنه لا يلزم أحدا شيء بإقرار غيره ولكن الكفيل إن دعي إلى اليمين فأباها وحلف المدعي قضي له عليه إن اختار اتباعه به. وكذلك القول في حكم رجل اغتصبه رجل عبدا أو أمة أو شيئا من الحيوان أو العروض فضمنه له رجل أنه ضامن حتى يسلم ذلك إلى المغصوب فإن هلك في يد الغاصب فللمغصوب منه اتباع من شاء بقيمته من الغاصب والضامن والقول في قيمته قول الضامن مع يمينه إن اتبعه بها المغصوب منه ولا يلزمه إقرار الغاصب إن أقر بأن قيمته كانت أكثر مما أقر به الضامن ولكن الزيادة التي أقر بها الغاصب عما أقر به الضامن يقضي بها على الغاصب للمغصوب منه ولو أن قيمة العبد زادت في يد الغاصب عما كانت عليه يوم كفل الكفيل به للمغصوب منه من زيادة حدثت في بدنه ثم هلك كان للمغصوب منه اتباع من شاء من الغاصب والكفيل بقيمته أكثر ما كانت. وقال أبو حنيفة وأصحابه إنما على الكفيل قيمته يوم غصبه إياه الغاصب والقول في ذلك قوله مع يمينه ولا يلزمه الزيادة لأنها ليست بغصب

_ 1 ن: عليه.

قالوا وسواء كانت الزيادة التي حدثت في غلاء سعره أو في زيادة بدنه ولو كان المغصوب أمة فولدت أو بقرة فنتجت فضمن الكفيل الجارية وولدها للطالب ثم ماتا جميعا فإنه يضمن قيمة الأمة يوم غصبها في قياس قول أبي حنيفة ولا يضمن قيمة الولد وهو قول أبي يوسف ومحمد قالوا وكذلك يضمن الغاصب لأن الولد زيادة. والقول عندنا في الولد والنتاج الحادثين في يد الغاصب نظير القول في الزيادة الحادثة في عين المغصوب أن ذلك كله مضمون إذا هلك في يد الغاصب وقد بينا العلة في ذلك في كتابنا كتاب أحكام الغصوب1 فأغني عن إعادته في هذا الموضع. وإذا اشترى الرجل عبدا من رجل وقبضه ثم جاء آخر فادعاه وأخذ بالعبد كفيلا ثم أقام المدعي بينة عادلة على المشتري أن العبد عبده فقضى به له القاضي فقال الذي كان في يده العبد وهو المشتري قد مات العبد أو أبق وقيمته مائة درهم وقال المستحق لم يمت ولم يأبق وقيمته عندي ألف درهم فإن أبا حنيفة وأصحابه قالوا يحبس الكفيل والذي كان في يده العبد حتى يأتيا بالعبد فإن طال ذلك ضمناهما قيمته والقول فيه قول كل واحد منهما مع يمينه فإن قالا مائة درهم وحلفا على ذلك وادعى الطالب ألفا ضمناها مائة درهم ويأخذ أيهما شاء وإن ظهر له العبد بعد ذلك فهو بالخيار إن شاء أخذ عبده ورد المائة الدرهم وإن شاء سلم العبد وجازت له المائة ويكون العبد للمشتري وإذا أدى الكفيل المائة رجع بها على الذي في يده العبد إن كان أمره بالضمان ويرجع المشتري على البائع الأول بالثمن. قالوا ولو أن الطالب ادعى أن قيمة العبد ألف درهم فأبيا أن يحلفا

_ 1 كأنه يعني كتاب أحكام الغصوب من لطيفة.

عليها فضمناها وأدياها ثم ظهر العبد بعد ذلك لم يكن له ضمان فيه وكذلك لو قامت البينة بقيمته. والقول عندنا في العبد المشتري الذي أخذ به الكفيل مدعيه من المشتري إذا ادعى هلاكه أو إباقة من يد المشتري وأنكر ذلك المستحق أن يحبس المشتري إذا اتبعه بحقه المستحق وسأل حبسه الحاكم إذا كان استحقاقه ببينة عادلة وإن اتبع الكفيل بذلك دون المشتري وسأل حبسه حبس به وليس للحاكم حبس الكفيل والمكفول1 به جميعا معا لما ذكرنا قبل من أن مطالبة المكفول له إنما هي قبل أحدهما وأنه إذا اتبع أحدهما برئ الآخر للعلل التي بيناها فيما مضى قبل. وإذا حبس المتبع منهما بذلك لم يخرجه من الحبس إلا بمسألة الطالب إخراجه منه أو بإحضاره العبد أو ببينة تقوم له بما ادعى من موت العبد أو إباقه فيصير حينئذ حق الطالب قيمة عبده دون عينه ويكون القول عند ذلك في قيمته قول المطالب بها من الكفيل2 أو المكفول عنه فإن قضي للمكفول له بقيمة عبده بيمين المطالب بها من الكفيل أو المكفول عنه ثم ظهر العبد بعد ذلك وإذا هو يساوي ألف درهم فالقول في ذلك عندنا ما قاله أبو حنيفة وأصحابه وكذلك القول عندنا مثل قولهم إن ظهر وقد ألزم المطالب يه قيمته بنكوله عن اليمين في مبلغ قيمته أو ببينة قامت للطالب بذلك. ولو كان ذلك أمة لم يكن للذي كانت في يده وهو المشتري إذا ظهرت بعد ضمانه قيمتها وطؤها في الحال التي جعلنا للمدعي الخيار حتى يسلم ويرضى ويبطل ما كان له فيها من الخيار وأما في الحال التي لم نجعل له فيها الخيار فإن للذي كانت في يده وطأها كان ذلك المشتري أو الغاصب لأن رضاه بالقيمة

_ 1 ن: له. 2 ن: والمكفول عنه.

أو قضاء الحاكم له بالقيمة بشهادة عدول أو بإقراره بها خروج منه مما كان مالكا منها. وكالذي قلنا في ذلك قال أبو حنيفة وأصحابه. وإذا ادعى رجل عبدا في يد آخر وأخذ به منه كفيلا1 أو وكيلا في خصومته فهو جائز في قولنا وقول أبي حنيفة وأصحابه. فإن تغيب المطلوب وغيب العبد حبس به الكفيل إن اتبعه به المكفول2 له حتى يحضره. وقال أبو حنيفة وأصحابه إن تغيب المطلوب وغيب العبد حبس به الكفيل حتى يأتي به بعينه قالوا وكذلك لو ظهر المطلوب وغيب العبد حبس به حتى يأتي به قالوا فإن قال المدعي أنا آتي بالبينة أنه عبدي قبل ذلك منه فإن شهد شاهداه أن العبد الذي ضمن هذا له وسمياه وحلياه عبد فلان وزكيا قضينا له بالعبد على الكفيل فإن لم يأت به قضينا له بقيمته بعد أن يحلف المدعي بالله ما خرج من ملكه على وجه من الوجوه. قالوا وإن شهد شاهداه أن العبد الذي يقال له فلان وحلياه لفلان لم يقبل ذلك منهما لأن الإسم يوافق الإسم والحلية توافق الحلية. قالوا وكذلك لو أتى بكتاب قاض عليه بتلك الصفة فإنه لا يجوز ولكن الكفيل يحبس حتى يأتي به قالوا فإن مات الكفيل أخذ المدعي عليه حتى يحضر العبد بعد أن توافق حلية العبد شهادة الشهود أو كتاب القاضي فإن لم يأت المولى بالعبد خلي عنه قالوا وليس المولى في هذا كالكفيل الكفيل قد يضمن شيئا لهذا فلا بد من أن يأتي به والمولى لم يضمن له شيئا.

_ 1 ووكيلا. 2 ن: به.

وإذا كان عبد في يد رجل فادعاه آخر وكفل له به1 رجلان فأقام المدعي بينة عادلة أنه عبده فإن الكفيلين يحبسان حتى يدفعاه إليه في قولنا وقولهم. فإن لم يقم له بينة فإن أبا حنيفة وأصحابه قالوا يأخذ الكفيلين بضمانهما فإن قالا قد مات العبد أو قد أبق وأقاما على ذلك بينة فإنا نخرجهما من السجن ولا نبرئهما من الكفالة ويدعو الطالب شهوده أن العبد عبده فإن أحضر على ذلك بينة عادلة أخذنا الكفيلين بقيمة العبد كل واحد منهما بنصفها. قالوا ولو لم يكن له بينة لم نضمن2 الكفيلين شيئا ولم نحبسهما له3 ونؤجلهما في الأباق أجلا حتى يأتيا به. وكذلك القول في ذلك عندنا إذا لم يكن للمدعي بينة أو كانت له بينة وقد هلك العبد المكفول به. وإذا ادعى رجل دارا في يد رجل أو أرضا أو حماما أو كرما أو بستانا وقال بينتي حاضرة فإنه إن سأل الحاكم أمره بإعطائه الكفيل حتى يحضر بينته قيل له إلزمه حتى تحضر بينتك فإن أحضرها وإلا فرق بينه وبينه. وقال أبو حنيفة وأصحابه يؤخذ له كفيل بنفس الرجل ثلاثة أيام ولا يؤخذ له كفيل بهذه الدعوى من قبل أن هذه الدعوى ولا تغيب ولا تحول ولا تزول وليس هذا كالحيوان والأمتعة والثياب التي تزول وتغيب وإذا استودع رجل رجلا عبدا فجحده ذلك فأخذ منه كفيلا بنفسه وبالعبد فمات العبد في يد المستودع وأقام رب العبد البينة انه استودعه فلانا يوم كذا وقيمته كذا وشهدوا إن هذا الكفيل كفل به لفلان وقيمته كذا يوم كفل به فان الكفيل

_ 1 ن: رجل. 2 ن: الكفيل. 3 يوجلهما.

يضمن التي شهدت بها الشهود فان قال الشهود لا ندري ما كانت قيمته يوم كفل به الكفيل فان المستودع يضمن قيمته أكثر ما كانت من حين جحده إلى أن هلك وأما الكفيل فلا يضمن من قيمته إن اتبعه بها المدعي إلا ما يقر به ويستحلف المدعي على زيادة إن ادعاها. وقال أبو حنيفة وأصحابه في المسألة الأولى مثل قولنا وقالوا في الثانية إذا قال الشهود لا ندري ما كانت قيمته يوم كفل به ضمن المستودع قيمته يوم استودعه على ما شهدت به الشهود ولا يضمن الكفيل من قيمته إلا ما يقر به بعد أن يحلف. 1قالوا ولو كان العبد يوم اختصموا فيه أعمى وجحد المستودع وشهدت الشهود أنه استودعه وهو صحيح يساوي ألفا وكفل به الكفيل وهو أعمى ورفعوه إلى القاضي وهو كذلك ثم مات في يدي المستودع ثم زكي الشهود فإن المستودع يضمن قيمته أعمى إن اتبعه بها الطالب وكذلك الكفيل إذا اتبعه بذلك الطالب دون المستودع. وقال أبو حنيفة وأصحابه في ذلك مثل قولنا وقالوا لو لم يعم ولكن السوق اتضعت وجحده وهو يوم جحده يساوي خمس مائة وعلم ذلك القاضي فهو كذلك قالوا ولو لم يعلم ذلك القاضي ضمن المستودع ألفا ولم تقبل منه بينة على اتضاع السوق لأنه جحده ألا ترى أن العبد لو مات وعلم بذلك القاضي ثم جحد المستودع الوديعة بعد موته لم يضمن شيئا ولو لم يعلم ذلك القاضي ولم يقر به الطالب وجحد الوديعة المستودع وقامت عليه البينة بما ذكرنا ضمناه ألفا فإن قال قد مات العبد لم يلتفت إلى ذلك ولم ينفعه قوله ولم تقبل منه بينة عليه إلا أن يشهدوا أنه مات قبل جحوده. ولو استعار رجل من رجل دابة إلى مكان فجاوز ذلك فضمنها لربها وأعطى

_ 1 لعل صوابه حذف: قالوا.

كفيلا بها كان ضامنا في قولنا وقولهم وكذلك في الأجارة. ولو أودع رجل رجلا متاعا فخانه في نصفه فضمن له ضامن تلك الوديعة كان الضمان في قولنا وقولهم فيما خان وبطل عنه الضمان فيما لم يخن لأن ذلك أمانة. ولو اشترى رجل من رجل عبدا ونقده الثمن وأخذ منه كفيلا بالعبد حتى يدفعه إليه فمات العبد في يده فللمشتري اتباع من شاء من البائع والكفيل بقيمته لأنه بمنعه إياه بعد قبضه الثمن في معنى الغصبة عندنا وإن كان منعه ذلك قبل قبض الثمن وإنما احتبسه على استيفاء الثمن فالكفالة باطل والعبد هالك من مال المشتري وعليه للبائع ثمنه وقد بينا العلة في ذلك في كتابنا كتاب البيوع1 بما أغني عن إعادته في هذا الموضع. وقال أبو حنيفة وأصحابه إذا مات العبد في يد البائع فإنه لا ضمان على الكفيل ويرجع المشتري على البائع بالثمن قالوا ولو ضمن ما أدركه في العبد من درك كان كذلك أيضا لأن هذا ليس يدرك قالوا ولو قبض المشتري العبد فوجد به عيبا فرده لم يكن على الكفيل ضمان من قبل أن العيب ليس بدرك قالوا ولو لم يجد به عيبا ولكنه استحق رجل نصفه ورد المشتري النصف الباقي لم يكن على الكفيل ضمان في النصف الذي رد المشتري على البائع والكفيل ضامن لنصف الثمن الذي استحق حتى يؤديه. وهذا الذي قالوا في هذا المعنى كله2 عندنا كما قالوا. وإذا رهن رجل رجلا متاعا وكفل به رجل فهلك المتاع عند المرتهن وفيه فضل في قيمته على الذي كان فإن لرب الرهن الخيار في اتباع من شاء من المرتهن

_ 1 كأنه يعني كتاب البيوع من لطيفة. 2 ن: كله كما قالوا.

والكفيل بالفضل من قيمة رهنه عن الدين لأن الرهن كان في يد المرتهن مضمونا عندنا. وكذلك القول لو كان الكفيل كفل لرب الدين بما نقصت قيمة الرهن من دينه فهلك الرهن وهو ناقص القيمة عن الدين كان لرب الدين اتباع من شاء بباقي دينه الذي نقصت عنه قيمة الرهن من غريمه ومن الكفيل. وقال أبو حنيفة وأصحابه إن كانت قيمة الرهن أكثر من الدين فهلك الرهن لم تكن الكفالة جائزة ولم يكن للراهن اتباع الكفيل ولا المرتهن بشيء قالوا وذلك أن المرتهن في القضاء أمين. قالوا فإن كانت قيمة الرهن أقل من الدين فهلك الرهن كان لرب الدين اتباع الغريم والكفيل بالقضاء من دينه قالوا ولو رهن رجل رجلا رهنا فاستعاره منه الراهن على أن1 يعطيه كفيلا فهلك عند الراهن كان خارجا من الرهن ولم يكن على الكفيل ضمان. والذي نقول به في ذلك إن الرهن إن هلك في يد الراهن وقد استعاره من المرتهن فأعاره إياه من غير جناية منه عليه فهو كهلاكه في يد المرتهن ولا يخرج الرهن عندنا من الرهن بأن يعيره المرتهن الراهن. ولو أن الراهن هو الذي أخذه من يد المرتهن قهرا أو بغير رضاه وضمن الكفيل للمرتهن كان الضمان جائزا يؤخذ به في قولنا وقولهم لأن الراهن يأخذ الرهن من يد المرتهن بغير رضاه متعد. ولو أن رجلا استقرض من رجل قرضا على أن يعطيه به فلانا عبده رهنا وكفل له بذلك الرهن كفيل لم يكن ذلك كفالة جائزة لأن الرهن لا يكون رهنا وهو غير مقبوض وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه.

_ 1 ن: أعطاه.

ولو أن رجلا استأجر من رجل عبدا أو دابة وعجل له الأجرة ولم يقبض العبد أو الدابة وكفل له بذلك كفيل حتى يدفعه إليه فإن الكفيل يؤخذ بذلك ما دام حيا فإذا هلك العبد أو الدابة فلا ضمان على الكفيل ولكن يؤخذ المؤاجر بما قبض من الأجرة حتى يرده في قول أبي حنيفة وأصحابه وقالوا لو باع رجل عبدا من رجل وقبض منه الثمن وكفل رجل للمشتري بالعبد أن يدفعه إليه فإنه يأخذه به ما دام حيا كما أن له أن يأخذ البائع فإن مات العبد فلا ضمان على الكفيل. والقول عندنا في ذلك ما دام العبد حيا مثل الذي قالوا وأما إذا هلك قبل قبضه فقد بينا القول فيه. ولو أن رجلا تقبل من رجل بناء دار معلوم أو كراء أرض معلومة أو كري نهر فأعطى بذلك كفيلا فذلك جائز في قولنا وقولهم وكذلك لو أكراه إيلا إلى مكة أو دواب إلى بلد من البلدان فأعطاه كفيلا بذلك فهو جائز وإن كانت الإبل والدواب بأعيانها في قولنا وقولهم ما دامت أحياء موجودة فإن هلكت فلا ضمان على الكفيل ولو أعطاه كفيلا بالحمولة لم تجز الكفالة1 فيما كان بعينه وجازت فيما كان بغير عينه وكذلك الخدمة في قولنا وقولهم. تم الكتاب والحمد لله رب العالمين وصلى الله على2 سيدي محمد3 وآله أجمعين.

_ 1 ن: إلا فيما. 2 كذا في النسخة. 3 ن: الـ وآله أجمعين.

ملحق قال السيد مرتضى صاحب تاج العروس في كتابه إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار إحياء علوم الدين للإمام الغزالي في شرح الباب الأول من كتاب النكاح عند الكلام في أفات النكاح وفوائده1. وقرأت في كتاب اختلاف الفقهاء لابن جرير الطبري ما نصه.

_ 1 ص 306 في الجزء الخامس من طبع مصر وص 285 في الجزء السادس من طبع فاس.

واختلفوا في الأستمناء

واختلفوا في الأستمناء فقال العلاء بن زياد لا بأس بذلك قد كنا نفعله في مغازينا "حدثنا بذلك محمد بن بشار العبدي قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة عنه". وقال الحسن البصري والضحاك2 بن مزاحم وجماعة معهم مثل ذلك. وقال ابن عباس هو خير من الزناء ونكاح الأمة خير منه. وقال أنس بن مالك ملعون من فعل ذلك. 3وقال الشافعي:4 لا يحل ذلك "حدثنا بذلك عنه الربيع". وعلة من قال يقول العلاء إن تحريم الشيء وتحليله لا يثبت إلا بحجة ثابتة يجب التسليم لها وذلك مختلف فيه مع إجماع الكل وإن مادة إعماله فيه فحرام عليه الجمع بينهما إلا لعلة وقد أجمعوا أن له أن يباشر ذلك بما يحل له أن يباشره به فكذلك له أن يعمله فيه.

_ 1 ص 306 في الجزء الخامس من طبع مصر وص 285 في الجزء السادس من طبع فاس. 2 طبع مص: ممن عداهم: طبع فاس: من عزاهم. 3 أم: جماع عشرة النشاء: باب الا ستمناء: قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} وقرأ إلي العادون قال الشافعي: فكان بينا في ذكر حفظهم لفروجهم إلا علي أزواجهم أو ما مالكت الأيمان وبين أن الأزواج وملك اليمين من الأميات دون البهائم ثم أكدها فقال عزوجل: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} فلا يحل العمل بالذكر إلا في الزوجة أو في ملك اليمين ولا يحل الإستمناء والله أعلم. 4 كذا في الأصل.

وعلة من قال بقول الشافعي الاستدلال بقول الله عز وجل {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} 1 فاخبر جل ثناؤه أن من لم يحفظ فرجه عن غير زوجته وملك يمينه فهو من العادين والمستمني عاد بفرجه عنهما. وقال في الباب الثالث عند الكلام في أداب الجماع2. تنبيه قرأت في كتاب اختلاف الفقهاء لأبن جرير الطبري ما نصه:

_ 1 المؤمنون 5 – 7. 2 ص 375 في طبع مصر وص 352 في طبع فاس.

واختلفوا في إتيان النساء في أدبارهن

واختلفوا في إتيان النساء في أدبارهن بعد إجماعهم أن للرجل أن يتلذذ من بدن المرأة بكل موضع منه سوى الدبر. فقال مالك لا بأس بأن يأتي الرجل إمرأته في دبرها كما يأتيها في قبلها "حدثنا بذلك يونس عن ابن وهب عنه". 1وقال الشافعي2: الإتيان في الدبر حتى يبلغ منه مبلغ الإتيان في القبل محرم بدلالة الكتاب3 والسنة4 قال:5 وأما التلذذ بغير إبلاغ الفرج بين الأليتين6 وجميع الجسد فلا بأس به7 قال وسواء في ذلك من الأمة والحرة

_ 1 أم: جماع عشرة النساء: باب إتيان النساء في أدبارهن. 2 أم: قال الشافعي: وإباحة الإتيان في موضع الحرث يشبه أن يكون تحريم في غيره بالإتيان في الدبر حتي يبلغ فيه مبلغ الخ. 3 أم: ثم السنة. 4 ثم ثكر الشافعي خبر: فلا تأتوا النساء في أدبارهن. 5 أم: فأما. 6 اتخاف: في جميع. 7 أم: إن شاء الله وسواء من الأمة أو الحرة فإذا أصابها فيما هناك لن نحللها لزوج إن طلقها ثلاثا ولم يحصنها ولا ينبغي لها تركه فإن ذهبت إلي الإمام نهاه فإن أقر الخ.

ولا ينبغي لها تركه لإصابة ذلك فإن ذهبت إلى الإمام نهاه عن ذلك وإن أقر بالعودة له أدبه دون الحد ولا غرم عليه فيه لأنها1 زوجه ولو كان زنا حد فيه إن فعله وأغرم إن كان2 غاصبا لها مهر مثلها3 ومن فعله وجب عليه الغسل وأفسد حجه "حدثنا بذلك عنه الربيع". وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد إتيان النساء في الأدبار حرام4 الجوزجاني عن محمد. وعلة من قال بقول مالك إجماع الكل أن النكاح قد أحل للمتزوج ما كان حراما وإذا كان ذلك كذلك لم يكن القبل بأولى5 في التحليل من الدبر. وعلة من قال بقول الشافعي من الخبر ما "حدثني به محمد بن أبي ميسرة المكي قال حدثنا عثمان بن اليمان عن زمعة بن صالح عن ابن طاوس عن ابيه عن ابن العماد عن عمر بن الخطاب" أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:6 "محاش7 الناس حرام لا تأتوا النساء في أدبارهن" ومن الاستدلال أن الكل مجمعون قبل النكاح أن كل شيء معها حرام ثم اختلفوا فيما يحل له منها بالنكاح ولن ينتقل المحرم بإجماع إلى تحليل إلا بما يجب التسليم له من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس على أصل مجمع عليه فما أجمع منها على التحليل فحلال وما اختلف فيه منها فحرام والإتيان في الدبر مختلف فيه فهو على التحريم المجمع عليه:

_ 1 أم: زوجة ولو كان زناء حد فيه حد الزنا إن فعله. 2 طبع مصر: عاميا: طبع فاس: عاميا. 3 أم: قال: ومن الح. 4 إنحاف: الحوزاني. 5 طبع فاس: من. 6 طبع فاس: محاشر. 7 لعل صوابه: النساء.

§1/1