اختلاف الفقهاء = اختلاف العلماء للمروزي

محمد بن نصر المروزي

أبواب الطهارة باب المضمضة والاستنشاق

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ وَبِاللهِ التَّوْفِيْق أَبْوَابُ الطَّهَارَةِ بَاب الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق [الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق فِي الطَّهَارَتَيْنِ] حَدَّثَنَا أَبُوالْفَضْل صَالِح بْن مُحَمَّد بْن شَاذَان الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ: حَدَّثَنِيْ إِبْرَاهِيْم بْن محمود النَّيْسَابُوْرِيّ قَالَ: سمعت أبا عَبْد اللهِ مُحَمَّد بْن نصر المروزي قَالَ: [1/أ] 1- أما الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق فإن أَهْل العلم اخْتَلَفُوْا فِي تاركها فقَالَ سُفْيَان الثوري

والْكُوْفِيُّوْنَ: إِذَا تركهما فِي الْوُضُوْء فلا شَيْء عَلَيْهِ وإِذَاتركهما فِي الجنابة ناسيا أَوْ متعمدا حَتَّى يُصَلِّي مضمض واستنشق وأعاد الصَّلَاة. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ والشَّافِعِيُّ: لَيْسَ عَلَى تاركهما فِي الجنابة والْوُضُوْء ولا يوجبوها فِي وضوء ولا غسل وَقَالَ طَائِفَة أُخْرَى من أَهْل العلم: الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق واجبان فِي الْوُضُوْء والغسل من الجنابة جميعا وَعَلَى من تركهما الإعادة. يروى هَذَا الْقَوْل عَن عَطَاء بْن أبي رباح وحماد بْن أبي سليمان وابن جريج وكَانَ ابْن الْمُبَارَك

وإِسْحَاق يذهبان إليه وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: الِاسْتِنْشَاق واجب فِي الْوُضُوْء والغسل جميعا والْمَضْمَضَة لَيْسَت بواجبة فِي واحد منهما. وممن قَالَ ذَلِكَ: أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ وأَبُوْ ثَوْرٍ وطَائِفَة من أَصْحَاب الْحَدِيْث؛ لِحَدِيْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِاسْتِنْشَاق قَالَ: إِذَاتوضأت فانتثر. وَقَالَ: من توضأ فلينتثر "

[باب نواقض الوضوء]

ولم يثبت عنه أمر بالْمَضْمَضَة فلذَلِكَ أوجبوا الِاسْتِنْشَاق ولم يوجبوا الْمَضْمَضَة. [بَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوْءِ] [الْوُضُوْء من لحم الإبل] 2-قَالَ سُفْيَان: ولا وضوء من طعام ولا شراب لبنا كَانَ أَوْ غيره ولا من طعام مسته النار من لحم جزور أَوْ بقرة أَوْ شاة. وهكَذَا قَالَ الْكُوْفِيُّوْنَ وكذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ والشَّافِعِيُّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ من أَصْحَاب الْحَدِيْث: لَا يتوضأ من شَيْء مسته النار أَوْ لم تمسه من طعام ولا شراب إِلَّا من لحم الجزور وممن

قَالَ ذَلِكَ أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ وإِسْحَاق وأَبُوْثَوْرٍ وغيرهم من أَصْحَاب الْحَدِيْث ذهبوا إِلَى حَدِيْث البراء وجابر بْن سمرة

باب بول ما أكل لحمه [وسؤره]

بَاب بول ما أكل لحمه [وسؤره] 3-قَالَ سُفْيَان: لَا بَأْسَ ببول ما أكل لحمه وسؤره أما سؤر ما أكل لحمه فلا اختلاف فِي أَنَّهُ لَا بَأْسَ به وأما بوله فقد اخْتَلَفُوْا فيه فقَالَ طَائِفَة من أَهْل الْحَدِيْث مثل قَوْل سُفْيَان [2/أ] واحتجوا بحَدِيْث أَنَس بْن مَالك فِي قصة أمر النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يخرجوا فِي إبله فيشربوا من أَبُوْالها وألبانها وكَانَ إِسْحَاق يذهب إِلَى ذَلِكَ.

[الوضوء بسؤر البغل والحمار]

وقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل: لَا يشرب بول الإبل وغير الإبل مما يؤكل لحمه إِلَّا عِنْدَ الضرورة. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَبُوْ ثَوْرٍ وذهبوا إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما أذن ذَلِكَ للمرض الذي كَانَ بهم. [الْوُضُوْء بسؤر البغل والحمار] 4-قَالَ سُفْيَان: إِذَا لم يجد مَاء إِلَّا سؤر البغل والحمار وَأَحَبُّ إِلَيَّ أن يتوضأ بِهِ ثُمَّ يتيمم فأكون قد استوثقت. وَقَالَ

أَهْل الْمَدِيْنَة منهم ربيعة ويحيى بْن سعيد وأَبُوْ الزناد: لَا بَأْسَ بسؤر البغل والحمار. وأما الشافعي وأصحابه فإنهم قالوا: لا بأس بسؤر البغل والحمار وجميع السباع إِلَّا الكلب والخنزير. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ بسؤر السباع كلها ما خلا الكلب والخنزير مثل قَوْل الشَّافِعِيّ. وقد أكره سؤر الحمار لحَدِيْث

[كتاب الصلاة] [باب الجماعة والإمامة]

ابن عُمَر أَنَّهُ كره سؤر الحمار. في الصَّلَاة [كتاب الصَّلَاة] [بَابُ الْجَمَاعَةِ وَالْإِمَامَةِ] [في الجهر بآمين] 5-قَالَ سُفْيَانُ: آمين يخفيها قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَعَامَّةُ أَصْحَاب الْحَدِيْث: يجهر الْإِمَام بآمين ومن خلفه.

[باب صفة الصلاة]

[بَاب صفة الصَّلَاة] [الأذكار فِي الرُّكُوْع والسجود] 6-قَالَ سُفْيَانُ: إن لم تقل فِي ركوعك ولا سجودك سبحان ربي العظيم فقد أجزأك. وكذلك [2/ب] قَالَ الشَّافِعِيُُّ إِذَا تركه عمدا أَوْ ناسيا أجزأه. وكَانَ إِسْحَاق يقول: إِذَا تَرَكَ التسبيح والتكبيرات ناسيا والتَّشَهُّد ناسيا أجزأه وإن تَرَكَ من ذَلِكَ شيئا متعمدا لم تجزئه صلاته.

[ترك أحد التشهدين عمدا أو ناسيا]

[تَرَكَ أحد التَّشَهُّدين عمدًا أو ناسيًا] 7- وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا تَرَكَ التَّشَهُّد فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُوْلَيَيْنِ عمدًا أو ناسيًا لم يعد الصَّلَاة.

وَإِنْ تَرَكَهُ فِيْ آخِرِ صَلَاتِهِ لَمْ تُجْزِئْهُ صَلَاتُهُ.

[قراءة الفاتحة في الركعتين الأخريين]

[قِرَاءَة الفاتحة في الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ] 8- قَالَ سُفْيَانُ: وإن شئت فسبح فِي الْأُخْرَيَيْنِ من الصَّلَاة بَعْد فاتحة الْكِتَاب أي ذَلِكَ فعلت أجزأك. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يجزئه حَتَّى يقرأ فِي كُلّ ركعة فاتحة الْكِتَاب وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وأَصْحَابه.

[باب صلاة الوتر]

[بَاب صَلَاة الوتر] [موضع القنوت فِي الوتر] 9- قَالَ سُفْيَانُ: يقنت قبل الركوع وَقَالَ أَحْمَدُ: يقنت بَعْد الرُّكُوْع ويسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ من الوتر. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وإِسْحَاق فِي التسليم. وَهُوَ قَوْل مَالِكٍ فِي التسليم.

................

وقت الوتر

[وقت الوتر] 10- قَالَ سُفْيَانُ: إنه أوتر ما بَعْد طلوع الفجر فلَا بَأْسَ والليل أحب إليهم. وَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَا نام عَن الوتر أَوْ نسيه فَإِنَّهُ يوتر ما لم يصل الْغَدَاة فَإِذَاصلى الْغَدَاة لم يوتر بَعْد ذَلِكَ. وَقَالَ الْكُوْفِيُّوْنَ: مَتَى ما ذكر أوتر. بَاب الصَّلَاة خلف الصف وحده 11- قَالَ أَحْمَدُ وإِسْحَاق: عَلَيْهِ أن يعيد الصَّلَاة

واحتجا بحَدِيْث وابصة بْن معبد. قَالَ الشَّافِعِيُُّ: صلاته جائزة. واحتج بحَدِيْث أَنَس: صليت خلف النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا ويتيم وأم سليم خلفنا"

[الوضوء من القهقهة في الصلاة]

قَالَ الشَّافِعِيُُّ: الرَّجُل والْمَرْأَة فِي ذَلِكَ سواء. وفرق أَحْمَد وإِسْحَاق بين الرَّجُل والْمَرْأَة فقالا للمرأة أن تصلي خلف الصف وحدها لحَدِيْث أَنَس: ولَيْسَ الرَّجُل أن يُصَلِّي خلف الصف وحده. وكذَلِكَ قَالَ إِسْحَاق. [الْوُضُوْء من الْقَهْقَهَة في الصَّلَاة] 12- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا قهقه الرَّجُل فِي الصلة أعاد الْوُضُوْء والصَّلَاة. كذَلِكَ قَالَ الْكُوْفِيُّوْنَ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَالشَّافِعِيُّ وأَصْحَابه وأَحْمَد وإِسْحَاق: لَا وضوء فِي الضحك فِي الصَّلَاة ولا غيرها وعَلَيْهِ أن يعيد الصَّلَاة إِذَا ضحك فيها ولا يعيد الْوُضُوْء أثبتوا

حَدِيْث أبي العالية واحتجوا بحَدِيْث جابر وأبي موسى الأشعري أَنَّهُما لم يريا فِي الضحك فِي الصَّلَاة وضوءا.

[من نسي القراءة في الركعتين الأوليين]

[من نسي القِرَاءَة في الرَّكْعَتَيْنِ الْأُوْلَيَيْنِ] 13- قَالَ سُفْيَانُ: أذا نسي الرَّجُل القِرَاءَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُوْلَيَيْنِ من الظهر أَوْ الْعَصْرَ أَوْ العشاء قرأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ وسجد سجدتي السَّهْو قَالَ أَحْمَدُ: لَا يجزئه حتي يقرأ فِي كُلّ ركعة بفاتحة الْكِتَاب وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ. واحتج أَحْمَد بحَدِيْث جابر بْن عَبْد اللهِ: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بفاتحة الْكِتَاب لم يصل إِلَّا أن يكون وراء الْإِمَام. [إعادة صَلَاة الْجَمَاعَةفي المسجد] 14- قَالَ سُفْيَانُ: إن دخل القوم المسجد وقد صلوا جماعة فلا يصلوا جماعة

قَالَ أَحْمَدُ وإِسْحَاقُ: يصلون جماعة أفضل لحَدِيْث أبي سعيد الخدري وحَدِيْث أبي أمامة فقال: ألا رجل يتصدق عَلَى هَذَا؟.

باب [من صلى ثم أدرك جماعة]

بَاب [مَنْ صَلَّى ثُمَّ أدرك جماعة] [حكم إعادة الصَّلَاة] 15- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أَنْتَ قد صليت المكتوبة ثُمَّ دخلت المسجد فأقيمت الصَّلَاة فصلي معهم تطوعا الصَّلَوَات كلها إِلَّا المغرب فَإِذَاسلم الْإِمَام فقم فاشفع بركعة وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: إِذَا أقيمت الصَّلَاة وأنت فِي المسجد فلا تخرج حَتَّى يُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا.

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يُصَلِّي الْغَدَاةَ ولا الْعَصْرَ.

باب صلاة المسافر

بَاب صَلَاة الْمُسَافِر [السفر الموجب للقصر] 16- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا سافرت سفرا يكون ثلاثة أيام فاقصر الصَّلَاة وإن قدم صوم فيه إن شئت فصم والصَّوْم أحب إلى وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ يقصر فِي مسيرة ستة عشر فرسخا. .

وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ وإِسْحَاقُ. واحتجوا بحَدِيْث ابْن عُمَر وابن عَبَّاس أَنَّهُما كانا يقصران فِي مسيرة أربعة برد وهي ستة عشر فرسخا. وأما الصَّوْم فإن مَالكًا قَالَ مثل قَوْلِ سُفْيَانَ. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ قَالَ أَحْمَد وَإِسْحَاقُ: الفطر أفضل وإن صام فَهُوَ جائز.

[متى يتم المسافر الصلاة؟]

[مَتَى يتم الْمُسَافِر الصَّلَاة؟] 17- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا قدمت أرضا وأنت مسافر فأزمعت أن تقيم خمس عشرة فأتم الصَّلَاة. وكذَلِكَ [4/أ] قَالَ الْكُوْفِيُّوْنَ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ إِذَا أزمع عَلَى إقامة أربعة أيام أتم الصَّلَاة. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا أزمع عَلَى إقامة أربعة أيام سِوَى اليوم الذي يدخل فيه واليوم الذي يخرج منه فَإِنَّهُ يتم صلاته. وَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَا أزمع عَلَى مقام أكثر من

[إمامة الصبي]

أربعة أيام فَإِنَّهُ يتم الصَّلَاة واحتج أَحْمَد بحَدِيْث جابر وعَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاة والسَّلَام قدم مكة صبح رابعة من ذي الحجة فقَالَ أَحْمَدُ: أزمع النَّبِيّ عَلَى مقام أربعة أيام فقصر فما زاد عَلَى هَذَا فَإِنَّهُ يتم وأما إِسْحَاق فَكَانَ يَقُوْلُ: لَا أفتي فِي هَذِهِ المسألة [إِمَامَة الصَّبِيّ] 18- قَالَ سُفْيَانُ: لَا يَؤُمّ الْغُلَام القوم حَتَّى يحتلم قال

الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ: لَا بَأْسَ أن يؤمهم إِذَا عقل الصَّلَاة وكَانَ أقرأهم لحَدِيْث عَمْرو بْن سلمة.

[الإمامة في المصحف]

[الْإِمَامَة في الْمُصْحَف] 19- قَالَ سُفْيَانُ: ويكره أن يَؤُمّ الرَّجُل القوم فِي رَمَضَان فِي الْمُصْحَف أَوْ [فِيْ] غَيْرِ رَمَضَان. وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا بَأْسَ أن يؤمهم فِي المصحف واحتج بحَدِيْث عَائِشَةَ كَانَ لها إمام يؤمها فِي الْمُصْحَف. وأما أَحْمَد فَإِنَّهُ قَالَ: لا يعجبني ذَلِكَ إِلَّا أن يضطروا إِلَيْهِ فَإِذَااضطرواإِلَيْهِ فلَا بَأْسَ.

[الرجل يسبقه الحدث في صلاته والوضوء من الرعاف والقيء]

[الرَّجُل يسبقه الحدث في صلاته والْوُضُوْء من الرعاف والقيء] 20- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أَحْدَثَ الرَّجُل وقد صلى ركعة أَوْ ركعتين من رعاف أَوْ قيء فلينصرف مِنْ غَيْرِ أن يتكلم فليتوضأ [4/ب] ثُمَّ ليبن عَلَى صلاته. فإن تكلم أعاد الصَّلَاة وإن هو أَحْدَثَ من بول أَوْ ريح أَوْ ضحك وقد صلى ركعة أَوْ ركعتين أعاد الْوُضُوْء والصَّلَاة. وَقَالَ الْكُوْفِيُّوْنَ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: ينصرف من الحدث كله الْبَوْل والغائط والرعاف والقيء فيتوضأ ثُمَّ يرجع فيبني عَلَى صلاته ما لم يتكلم إِلَّا الضحك. وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْبَوْل

والغائط والريح: يتوضأ، ويعيد الصَّلَاة. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ. ولا يَرَى مَالك فِي الرعاف والقيء وضوءا. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ.

[في رفع اليدين في الصلاة]

وأما أَحْمَد فَإِنَّهُ يَرَى فِي الرعاف والقيء الوضوء، ويَرَى أن يتوضأ ويعيد الصَّلَاة. قَالَ إِسْحَاق: يتوضأ من هَذَا كله ويبني عَلَى صلاته. [في رفع الْيَدَيْنِ في الصَّلَاة] 21- قَالَ سُفْيَانُ: لَا ترفع يديك إِلَّا فِي أول تكبيرة وإن فعلت ذَلِكَ فقد فُعِلَ.

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: أدركتُ أَهْلَ الْحِجَاز وأَهْل الشَّام وأَهْل الْعِرَاق ما خلا أَهْل الْكُوْفَة يرفعون أيديهم إِذَا افتتحوا الصَّلَاة وإِذَاركعوا وإِذَارفعوا رؤوسهم. وكَانَ مَالك لا يرفع. وابن الْمُبَارَك وأَحْمَد وإِسْحَاق والشَّافِعِيّ ويحيى يرفعون

َقَالَ أَبُوْ الْفَضْل: وحكى لنا أَبُوْ عَبْد اللهِ فِي كتبه المصنفة عنه بآخرة عَن يونس عَنِ ابْنِ وهب عَن مَالك أَنَّهُ كان

[القراءة خلف الإمام]

يرفع آخر أمره. [القِرَاءَة خلف الْإِمَام] 22- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا صليت خلف الْإِمَام فلا تقرأ خلفه جهر أو لم يجهر. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: يقرأ فيما لَا يجهر فيه ولا يقرأ فيما يجهر فيه. وكذَلِكَ قَالَ ابْن الْمُبَارَك

وأَحْمَد. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وإِسْحَاق: يقرأ فيما لَا يجهر الْإِمَام بفاتحة الْكِتَاب وسورة ويقرأ فيما يجهر الْإِمَام بفاتحة الْكِتَاب عِنْدَ سكتات الْإِمَام وعن لم يمكنه استماع الْإِمَام

(باب في التيمم)

وأما أَبُوْ ثَوْرٍ وغيره فإنهم يقولون يقرأ وإن سمع القِرَاءَة بفاتحة الْكِتَاب. (بَاب فِي التَّيَمُّم) [كَيْفَ التَّيَمُّم] 23- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أردت أن تتيمم فاضرب كفيك الأرض ثُمَّ امسح بهما وجهك ثُمَّ ضعهما عَلَى الأرض مرة أُخْرَى ثُمَّ امسح بكفيك وذراعيك إِلَى المرفقين. وكَذَا قَالَ الْكُوْفِيُّوْنَ. وَقَالَ مَالِكٌ والشَّافِعِيُّ مثل ذَلِكَ. وَقَالَ أَحْمَدُ وجماعة أَصْحَاب الْحَدِيْث: التَّيَمُّم ضربة واحدة للوجه

[المسح ببلل اللحية]

والكفين واحتجوا بحَدِيْث عمار. وكَانَ إِسْحَاق يَقُوْلُ: يتيمم بضربتين ضربة للوجه وضربة للكفين لَا يمسح الذراعين من الطهارة. [الْمَسْح ببلل اللحية] 24- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا نسيتَ أن تَمْسَحَ بِرَأْسِكَ وقد توضأتَ فَكَانَ فِي يدك بلل أَوْ فِي لحيتك أجزأك أن تمسح ما فِي لحيتك أَوْ فِي يدك. وأن تأخذ مَاء آخر لرأسك أحب إلي. وكذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُُّ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يجزيه أن يمسح برأسه بما فضل عَن يديه ولحيته؛ وقَالُوْا: إن مسح بهَذَا المَاء الذي فِي لحيته فصلّى يعيد الصَّلَاةَ. وهكَذَا قول

[الوضوء بالماء المستعمل]

الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يجزيه حَتَّى يأخذ له مَاء جديدا. [5/ب] [الْوُضُوْء بالمَاء المستعمل] 25- وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ: لو أن رجلا توضأ فِي طست والْوُضُوْء واجب عَلَيْهِ فجاءرجل فتوضأ بهَذَا المَاء أنه لَا يجزيه. واخْتَلَفَ الْأَوْزَاعِيُّ والشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الرَّجُل يتوضأ فِي طست متطوعا بالْوُضُوْء مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ ثُمَّ يجيء رجل فيتوضأ بذَلِكَ الماءِ فَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يجزيه الْوُضُوْء بذَلِكَ الماءِ.

[باب صفة صلاة المريض]

قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ والشَّافِعِيُّ: يجزيه. وَقَالَ سُفْيَانُ: يجزيه. وَقَالَ أَبُوْثَوْرٍ: يجزيه أن يتوضأ بالمَائين جميعا. وَقَالَ إِسْحَاق مثل قَوْل الْأَوْزَاعِيِّ والشَّافِعِيِّ. وقَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: هو جائز بالماءين جميعا. [بَابُ صِفَةِ صَلَاةِ الْمَرِيْضِ] [كَيْفَ يُصَلِّي المريض] 26- قَالَ سُفْيَانُ: المريض يُصَلِّي يومىء (إيماء) قال

[الصلاة قاعد

أَحْمَدُ: إن أومأ أَوْ سجد عَلَى مِرْفَقَةٍ أجزأه كليهما. يروى عَن أَصْحَاب مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ و [به] يقول أبوعَبْد اللهِ. [الصَّلَاة قاعدً ا] 27- قَالَ سُفْيَانُ: فِي الرَّجُل يُصَلِّي قاعدا قَالَ: يتربع ثُمَّ ليقرأ وليركع وَهُوَ متربع فَإِذَاأراد أن يسجد ثنى رجله ثُمَّ عاد وتربع. وَقَالَ: كلاهما جائز يتربع أَوْ يجلس كما يجلس فِي الصَّلَاة.

[صفة الجلوس في الصلاة]

[صفة الجلوس في الصَّلَاة] 28- والجلوس فِي الصَّلَاة أن ينصب اليمنى ويضجع اليسرى. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَإِسْحَاقُ وأَحْمَدُ فِي الجلسة الأولى كما قَالَ سُفْيَانُ. ويضجع اليسرى فيجلس عليها [6/أ]

[قضاء المغمى عليه]

وينصب اليمنى فِي الجلسة (الأخيرة) يتورك عَلَى شقه الأيسر ويخرج قدميه وينصب اليمنى ويجلس على شقه الأيسرعَلَى حَدِيْث أبي حميد الساعدي. [قَضَاءُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ] 29- قَالَ سُفْيَانُ: المغمى عَلَيْهِ لَا يقضي إِلَّا صَلَاة يومه الذي أفاق فيه. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يقضي إِلَّا الصَّلَاة التى أفاق فِي وقتها

وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَإِسْحَاقُ: إِذَا أفاق فِي وقت الْعَصْرَ قضى الظهر والْعَصْرَ جميعا وإِذَاأفاق فِي وقت العشاء قضى المغرب والعشاء جميعا لَا يقضي أكثر من هَذَا وَقَالَ أَحْمَدُ: يقضي الصَّلَوَات كلها جعله قياسا عَلَى النائم ذهب إِلَى حَدِيْث عمار أغمي عَلَيْهِ فقضى الصَّلَوَات كلها. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يقضي خمس صلوات فَإِذَاكَانَ أكثر من ذَلِكَ لم

[باب الرجل يشك في صلاته]

يقضه. قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أغمي عَلَيْهِ يوما وليلة قضى، وإن أغمي عَلَيْهِ أكثر من ذلك لم يقض. [بَاب الرَّجُل يشك فِي صلاته] 30-قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا شككتَ فِي صَلَاتِكَ فَلَا تَدْرِيْ ثَلَاثًا صَلَّيْتَ أَوْ أَكْثَرَ؟ فَانْظُرِ الَّذِيْ تستيقن فَابْنِ عَلَيْهِ حَتَّى تُتِمَّ الصَّلَاةَ ثُمَّ اسْجُدْ سجدتين إِذَا سلمت من صلاتك تشهد فِي السجدتين واسجدهما بَعْد التسليم. [6/ب] وَقَالَ مَالِكٌ والْأَوْزَاعِيُّ والشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ وإِسْحَاقُ مثل قَوْل سُفْيَان فِي الرَّجُل يشك فِي صلاته إنه يبني عَلَى اليقين إِلَّا أَنَّهُم خالفوه فِي سجدتي السَّهْو فقَالُوْا:

هما قبل التسليم عَلَى حَدِيْث أبي سعيد الخدري وعَبْد الرَّحْمَن بْن عوف. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: واختلفت الروايات عَن أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتابعين فِي الذي يشك فِي صلاته. وروي عَن عَبْد اللهِ بْن عَمْرٍو وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُما قالا: يعيد الصَّلَاة حَتَّى يحفظ فلا يشك. وروي عَنِ ابْنِ عَبَّاس قَالَ: إن نسيت المكتوبة فعد لصلاتك مرة واحدة فإن شككت الثانية فلا تعد. وكذَا قَالَ طَاوُس به. وروي عن

سعيد بْن جبير وعَطَاء وميمون بْن مهران "أَنَّهُمْ كَانُوْا إِذَا شكوا فِي الصَّلَاة أعادوها ثلاث مرات فإن كانت الرابعة لم يعيدوا". وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يبني عَلَى أكثر ظنه عَلَى حَدِيْث ابْن مسعود. وَقَالَ أَحْمَدُ: إن فعل هكَذَا عَلَى ما روي عَن عَبْد اللهِ بْن مسعود أجزأه. وَقَالَ بعض أَصْحَاب الرَّأْيِ كغيرهم:

باب [سجود السهو]

إِذَاشك فِي صلاته فلا يدري ثلاثا-يعني صلى-أم أربعا؟ قَالَ: إِنْ كان ذلِكَ أول ما سها استقبل الصَّلَاة وإن كان قد لقي ذلك غير مرة تحرى الصواب وبنى عَلَى أكبررأيه. وَاللهُ أَعْلَمُ. بَاب [سجود السَّهْو] [مَتَى يسجد للسهو؟] 31- واخْتَلَفُوْا فِي سجدتي السَّهْو فقَالَ مَالِكٌ: ما كَانَ من سهو هو نقصان فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ يسجد سجدتي السَّهْو قبل التسليم؛ وما كَانَ من زيادة فَإِنَّهُ يسجدهما بَعْد التسليم. وكذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ وأَبُوْ ثَوْرٍ وذهبوا إلى حَدِيْث ابْن بحينة فِي النقصان وإلى حَدِيْث

ذي الْيَدَيْنِ فِي الزيادة. وَقَالَ سائر أَهْل الْمَدِيْنَة ويُرْوَى ذَلِكَ عَن الزُّهْرِيّ وربيعة: سجود السَّهْو كله قبل التسليم إِلَّا فِي موضعين: 1- أن يشك فِي صلاته فلا يدري كم صلى فإن هو بنى عَلَى أكثر ظنه فَإِنَّهُ يسجد سجدتي السَّهْو بَعْد التسليم عَلَى حَدِيْث ابْن مسعود عن النبي صلّى الله عليه وسلّم. 2- وإِذَا سلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ ساهيا ثُمَّ تكلم أَوْ لم يتكلم ثُمَّ ذكر فَإِنَّهُ يبني عَلَى صلاته ويسجد سجدتي السَّهْو بَعْد التسليم عَلَى حَدِيْث ذي الْيَدَيْنِ وكذَلِكَ كُلّ سهو سِوَى هذين

فَإِنَّهُ يسجد فيه قبل التسليم عَلَى حَدِيْث أبي سعيد الخدري وعَبْد الرَّحْمَن بْن عوف وابن بحينة رضي الله عنهم. وَقَالَ الْكُوْفِيُّوْنَ: سجود السَّهْو كله بَعْد التسليم عَلَى حَدِيْث ذي الْيَدَيْنِ وعَبْد اللهِ بْن مسعود رضي الله عنهما. وروي عَن المغيرة بْن شعبة خلاف حَدِيْث ابْن بحينة فِي سجود السَّهْوِ خَاصَّةً

الجمع بين الصلاتين في السفر

قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: يختار فِي سجود السَّهْو كله قبل التسليم إِلَّا فِي موضع واحد عَلَى حَدِيْث ذي الْيَدَيْنِ. [الجمع بين الصلاتين في السفر] 32- قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: حَدِيْث النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه جمع بين الظهر والْعَصْرَ والمغرب والعشاء فِي السفر قَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَةِ: لَا بَأْسَ أن يجمع بين الصلاتين فِي السفر يؤخر الأولى منهما حَتَّى يدخل وقت الأُخْرَى ثُمَّ يصليهما جميعا فِي وقت الآخرة منهما [7/ب]

قَالَ الشَّافِعِيُُّ: إن شاء قدم الآخرة فصلاهما فِي وقت الأولى وإن شاء أخر الأولى فصلاهما فِي وقت الأُخْرَى. وكذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ وذهبا إِلَى حَدِيْث ابْن عَبَّاسٍ وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ أن يؤخر الظهر فيصليها فِي وقت الْعَصْرِ مَعَ الْعَصْرِ ويؤخر المغرب حَتَّى يغيب الشفق ثُمَّ يصليها مَعَ العشاء ولم ير أن يقدم الْعَصْرَ فيصليها فِي وقت الظهر

باب [المسح على الخفين]

وضعف أَحْمَد حَدِيْث ابْن عَبَّاس وذهب إِلَى حَدِيْث ابْن عُمَر أَنَّهُ أخر المغرب حَتَّى غاب الشفق ثُمَّ جمع بينهما وَقَالَ: هكَذَا رأيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وقول ابْن عُمَر أعجب إلي؛ وحَدِيْث ابْن عَبَّاس صحيح. بَاب [الْمَسْح عَلَى الخفين] [مدة المسح] 33- قَالَ سُفْيَانُ: الْمُسَافِر يمسح عَلَى خفيه ثلاثة أيام

[المسح أعلى الخف]

ولياليَهُن والمقيم يوم وليلة. [8/أ] وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: يمسح كم شاء ما لم يخلع، لَا وقت فِي ذَلِكَ. وكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُوْلُ بقول أَهْل الْمَدِيْنَةِ وَهُوَ ببغداد ثُمَّ رجع عنه فقَالَ مثل قَوْل سُفْيَان وَهُوَ قَوْل أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ. [الْمَسْح أعلى الخف] 34-قَالَ سُفْيَانُ: يمسح عَلَى الخفين أعلاهما مرة

واحدة ولا يمسح باطنهما. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إن مسح أعلاه أجزأه وكَانَ يحب أن يمسح أعلاه وأسفله. وَقَالَ مَالِكٌ: يمسح أعلاه وأسفله. وحكي ذَلِكَ عَن الزُّهْرِيِّ، وإِسْحَاق كَانَ يَقُوْل بِهِ واحتج بحَدِيْث المغيرة بْن شعبة وابن عُمَر. وضعف أَحْمَدُ حَدِيْثَ المغيرة.

مسح الخف ببلل المطر

[مسح الخف ببلل المطر] 35- قَالَ سُفْيَان: وإن نسي أن يمسح عَلَى خفيه فأصابهما بلل من مَاء السمَاء أَوْ نضح عليهما مَاء أجزأه. وفي قَوْل الشَّافِعِيّ ومَالك وأَحْمَد وإِسْحَاق لَا يجزئه حَتَّى يمسح عليه. [نزع الخف بَعْد المسح] 36- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا مسحت عَلَى خفيك ثُمَّ نزعتهما فاغسل قدميك لَيْسَ عَلَيْك إِلَّا ذَلِكَ. وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ غسل قدميه ساعة خلع خفيه أجزأه وإن أخر غسلهم أعاد الْوُضُوْء. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ والشَّافِعِيُّ

وأَحْمَد وإِسْحَاق: يعيد الْوُضُوْء وَقَالَ ابْن أَبِيْ لَيْلَى: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء. وَقَالَ أَحْمَدُ: أضعف الأقاويل عِنْدِيْ أن يغسل قدميه وَقَالَ: إنما أقول يعيد الْوُضُوْءَ احتِيَاطًا. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ-يعني مُحَمَّدًا-: لَا أوجب عَلَيْهِ الْوُضُوْء. ويقولون: إِذَا خلع أحد خفيه وجب عَلَيْهِ أن يخلع الخف الآخر ويغسل قدميه حكاه عَلَى التعجب؛ ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ هَذَا إن كانت الطهارة إنما تنتقض بالخلع فينبغي أن يغسل هَذِهِ التي خلع خاصة. وأَبُوْ ثَوْرٍ يَقُوْلُ: يغسل قدميه وإن خلع إحداهما غسل التي خلع ويمسح عَلَى الأخرى.

[المقيم يمسح ثم يسافر]

[المقيم يمسح ثُمَّ يسافر] 37- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا مسحت عَلَى خفيك وأنت مقيم ثُمَّ بدا لك أن تسافر ولم تمسح عليهما يوما وليلة فأتم إِلَى ثلاثة أيام واحتسب بما مسحت عَلَيْهِ وأنت مقيم. قَالَ الشَّافِعِيُُّ وإِسْحَاقُ: إِذَا مسح وَهُوَ مقيم ثُمَّ سافر فَإِنَّهُ لَا يمسح أكثر من تمام يوم وليلة. ووافقا سُفْيَان فِي الْمُسَافِر يمسح ثُمَّ يقدم فيقيم أَنَّهُ يخلع إِذَا أتم يوما وليلة. [إِذَامسح عَلَى الخفين ثُمَّ نزع أحدهما] 38- قَالَ سُفْيَان: إِذَا مسحت عَلَى خفيك ثُمَّ نزعت أحدهما فانزع الآخر واغسل قدميك. قَالَ أَحْمَدُ: أُنْكِر هَذَا الْقَوْلَ. وَقَالَ: إن كانت الطهارة إنما تنتقض بالخلع فينبغي أن يغسل هَذِهِ

هل النوم ناقض للوضوء؟

[هل النوم ناقض للوضوء؟] 39- قَالَ سُفْيَانُ: فِي النائم لَا يجب عَلَيْهِ الْوُضُوْء حَتَّى يضع جنبه وإن نام قائما أَوْ قاعدا لَا يعيد وضوءه. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: يجب عَلَيْهِ الْوُضُوْءُ عَلَى أيِّ حالٍ نام إِلَّا أن ينام وَهُوَ قاعد، وذهب إِلَى حَدِيْث ابْن عُمَر فِي القاعد وَقَالَ إِسْحَاقُ: يجب عَلَيْهِ الْوُضُوْء عَلَى أي حال نام أي ينام وَهُوَ قاعد. وَقَالَ أَحْمَدُ: وسئل عَن رجل نام محتبيا أيتوضأ؟ قَالَ: نعم

[بقية مسائل التيمم]

يتوضأ. قَالَ: والمستنِدُ يَتَوَضَّأُ. قلت: فَنَامَ سَاجِدًا؟ قَالَ: والساجد يتوضأ إِذَا طال". وأنا أقول: النائم قاعدا إِذَا طال النوم يتوضأ إِلَّا أن القاعد والمتربع أهون من المحتبي والمستند. [بقية مسائل التَّيَمُّم] [إِذَاتيمم فصلى ثُمَّ وجدالماء] 40- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا تيممت فصليت ثُمَّ وجدت المَاء فلا تعد صلاتك فإن وجدتَ المَاء وأنتَ فِي الصَّلَاة قبل أن تُسلِّم فانصرف وتوضأ ثُمَّ استقبل الصَّلَاة

[كم يصلي بالتيمم؟]

وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا وجد المَاء وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ يمضي فِي صلاته وصلاته جائزة. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وأَبُوْثَوْرٍ وَقَالَ إِسْحَاقُ وأَبُوْعُبَيْدٍ بقولِ سُفْيَانَ. وَقَوْلُ أَحْمَدَ أَحَبُّ إِلَيَّ [كم يُصَلِّي بالتَّيَمُّم؟] 41- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا تيمم يُصَلِّي بذَلِكَ التَّيَمُّم

النية للتيمم

الصَّلَوَات كلها ما لم يحدث وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَهُوَ قَوْل الْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ يحيى بْن سعيد وربيعة ومَالك: يتيمم لكل صَلَاة. وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ وأَحْمَدَ وإِسْحَاقَ [النية للتيمم] 42- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا علَّمْتَ رجُلًا التَّيَمُّمَ لم يجزئك

حتى تنويه أَنْتَ التَّيَمُّم. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَهُوَ قَوْل مَالك والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق؛ أجمعوا عَلَى التَّيَمُّم أَنَّهُ لَا يجزئ إِلَّا بنية. واخْتَلَفُوْا فِي الْوُضُوْء والغسل فقَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَة والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبُوْعُبَيْدٍ وأَصْحَابنا أَبُوْ ثَوْرٍ لَا يجزيه الْوُضُوْء والغسل إِلَّا بنية. قَالَ سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ: الْوُضُوْء والغسل جائز بغير

[هل يقطع الصلاة شيء؟]

نية لو أن رجلا علم رجلا الْوُضُوْء وَهُوَ لَا ينويه لنية أجزأه وكذَلِكَ إِذَا توضأ واغتسل متبرد وَهُوَ لَا يقصد الفرض أجزأه وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يجزيه الْوُضُوْء والتَّيَمُّم بغير نية قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: مثل قَوْل الشَّافِعِيّ وغيره. [هل يقطع الصَّلَاة شَيْء؟] 43- قَالَ سُفْيَانُ: لَا يقطع الصَّلَاة شَيْء كلب ولا حمار ولا امرأة وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَهُوَ قول

مَالك والشَّافِعِيّ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْحُمَيْدِيُّ: يقطعها الكلب الأسود خاصة ولا يقطعها سِوَاهُ

[باب صلاة الخوف]

[بَاب صَلَاة الخوف] [صفة صَلَاة الخوف] 44- قَالَ سُفْيَانُ: صلى رَسُوْل اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاة الخوف بذات الرقاع وأما مَالك والشَّافِعِيّ وعَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي وأَحْمَد فإنهم اختاروا أن يصلوا صَلَاة الخوف عَلَى حَدِيْث سهل بْن أبي حثمة

واختاره يحيى بْن يحيى وإِسْحَاق يذهب مثل مذهب سُفْيَان وَقَالَ أَحْمَدُ: عَلَى أي حَدِيْث صلوها يحزؤهم مما روى عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا أعلم فيه حَدِيْثا ثابتا

[باب صلاة الجمعة]

[بَاب صَلَاة الجمعة] [بم تدرك الجمعة؟] 45-قَالَ سُفْيَانُ: فِي الجمعة إِذَا أدركهم وهم جلوس ثُمَّ سلم صلى أربعا ينوي بِهَا الظهر وكذَلِكَ قَالَ: ابن الْمُبَارَك قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُُ لَيْسَ بينهم اختلاف إِلَّا أن بعضهم قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ أن ينوي الظهر كذَلِكَ كَانَ يَقُوْل إِسْحَاق وَقَالَ كبير أَصْحَاب الرَّأْيِ يُصَلِّي ركعتين وخالفه عامتهم

[كيف يسجد المزحوم؟]

[كَيْفَ يسجد المزحوم؟] 46- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا اشتد الزحام فلم تقدر أن تسجد فسجدت عَلَى ظهر رجل فلَا بَأْسَ وإن انتظرت حَتَّى يرفعوا رؤسهم فسجدت فلَا بَأْسَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وإِسْحَاق إِذَا أمكنه أن يضع كفيه بالأرض سجد عَلَى ظهر أخيه فإن لم يمكنه أن يضع كفيه بالأرض انتظر حَتَّى يرفع القوم رؤوسهم ثُمَّ يسجد وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.

[باب صلاة العيدين]

[بَاب صَلَاة العيدين] [تكبيرات العيدين] 47- قَالَ سُفْيَانُ: فِي التكبير فِي الأضحى والفطر أربع تكبيرات قبل القِرَاءَة ويحمد الله ويُصَلِّي عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين كُلّ تكبيرتين واختار مَالك وأَهْل الْمَدِيْنَة والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق [أن] يكبر سبعا فِي أوله ويكبر

الحدث في العيدين

خمسا فِي آخره لَا يوالي بين القراءتين ويحمد الله ويُصَلِّي على نبيه عَلَيْهِ السَّلَام. [الحدث في العيدين] 48- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأَحْدَثَ فِي العيدين فخاف أن يسبقه الْإِمَام بالصَّلَاة قبل أن يتوضأ فليتيمم ثُمَّ يُصَلِّي معه وإنما جعل ذَلِكَ لأنها صَلَاة لَا تقضى ولَيْسَ هي بمنزلة

[صلاة المرضى جماعة يوم الجمعة وقبل الإمام]

صَلَاة فريضة يقضيها قَالَ مَالِكٌ والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق والْحُمَيْدِيّ لَيْسَ له أن يتيمم. [صَلَاة المرضى جماعة يوم الجمعة وقبل الْإِمَام] 49- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا كَانَ القوم محبسين أَوْ مرضى فِي مصر فلا يصلوا جميعا ليصلوا وحدانا صَلَاة الظهر ولا يصلوا حَتَّى يرجع الْإِمَام وَقَالَ أَحْمَدُ: وإِسْحَاق إِذَا فاتهم الجمعة وكانوا مرضى أَوْ محبوسين فإنهم يصلون جماعة والمرضى والمحبوسين يصلون قبل الْإِمَام إِذَا دخل وقت

الظهر لأنه لَيْسَ عليهم جمعة ومن وجبت عَلَيْهِ الجمعة فلَيْسَ له أن يُصَلِّي ما لم تنته الجمعة فإن صلى قبل الْإِمَام فإنهم قد اخْتَلَفُوْا فِي صلاته هل تجزيه أم لا فقَالَ الشَّافِعِيُُّ لَا تجزيه صلاته وعَلَيْهِ إِذَا فاتت الجمعة أن يُصَلِّي الظهر مرة أُخْرَى أُخْرَى واخْتَلَفَأَصْحَاب الرَّأْيِ فِي ذَلِكَ فقَالَ شيخهم إِذَا صلى الظهر فقد أجزأه فإن هو خرج بَعْد ذَلِكَ من منزله فذهب إِلَى الجمعة فأدرك الْإِمَام وَهُوَ يُصَلِّي الجمعة فدخل معه فِي صلاته فقد انتقض الظهر وصلاته الجمعة

[الرجل ينسى صلاة في الحضر فيذكرها في السفر أو العكس]

وَقَالَ صاحباه إِذَا هو صلى الظهر فإن هو خرج يريد الجمعة فقد انتقض الظهر وعَلَيْهِ بأن يمضي إِلَى الجمعة فيُصَلِّي الجمعة فإن فاتته أعاد الظهر وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ صلاته الظهر جائزة وَهُوَ عاجز بِتَرْكِ الجمعة فإن هو خرج أَوْ لم يخرج صارت الجمعة ولم يخرج من منزله يريد الجمعة أجزأه ذَلِكَ وإن لم يخرج يريد الجمعة صار إِلَى الجمعة فقد أجزأه الظهر وكَانَ الشَّافِعِيّ يَقُوْل بهَذَا ثُمَّ ترك. [الرَّجُل ينسى صَلَاة في الحضر فيذكرها في السفر أو العكس] 50- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا نسيت الصَّلَاة فِي الحضر فذكرتها فِي السفر فصل صَلَاة الحضر وإِذَانسيت صَلَاة السفر فذكرتها فِي الحضر فصل صَلَاة السفر وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ

[اشتراط المصر صلاة الجمعة]

وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا نسي صَلَاة فِي الحضر فذكرها فِي السفر مثل قَوْل سُفْيَان قَالَ: فإن نسي صَلَاة فِي السفر فذكرها فِي الحضر صلى صَلَاة الحضر أربعة قَالَ أَحْمَدُ: يعجبني أن يفعل مثل ما قَالَ الشَّافِعِيُُّ ويروى عَن أشعث عَن الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ: يُصَلِّي صَلَاة يومه الذي يذكر فيه ويروى عَن الْحَسَن مثل قَوْل الشَّافِعِيّ الْفَضْل بْن دلهم وغيره. [اشتراط المصر صَلَاة الجمعة] 51- قَالَ سُفْيَانُ: لَا تشريق ولا جمعة إِلَّا فِي مصر جامع. قَالَ أَحْمَدُ: هَذَا لَا شَيْء. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ

الرأي وَقَالَ مَالِكٌ نرى أن يجمع فِي القرى بإمام وغير إمام وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ كُلّ قرية فيها أربعون رجلا فعليهم الجمعة وجبت إِلَى حَدِيْث كعب بْن مَالك

التكبير أيام التشريق

قَالَ: أول جمعة جمعت بالْمَدِيْنَة أربعون رجلا. [التكبير أيام التشريق] 52- قَالَ سُفْيَانُ: التكبير أيام التشريق عَلَى الْمَرْأَة والرَّجُل والحاضر والبادي

وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَإِسْحَاقُ وأَبُوْعُبَيْدٍ يكبر الرَّجُل والْمَرْأَة والمنفرد والْمُسَافِر

[باب الأذان والإقامة]

[بَاب الأذان والإقامة] [كَيْفَ الأذان؟] 53-قَالَ سُفْيَانُ: الأذان مثنى مثنى والإقامة مثنى مثنى وكذَلِكَ قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ. قَالَ مَالِكٌ: نختار تثنية الأذان وإفراد الإقامة وكَانَ الشَّافِعِيّ يختار الرجوع فِي الأذان عَلَى أذان أبي محذورة

ويختار إفراد الإقامة وَهُوَ قَوْل الْحُمَيْدِيّ قَالَ أَحْمَدُ: وإِسْحَاق يثنى الأذان وتفرد الإقامة إِلَّا قوله قد قامت الصَّلَاة فليكبر الْإِمَام وإن شاء أن ينتظر حَتَّى يفرغ المؤذن من الإقامة

باب [الغسل من الجنابة]

بَاب [الغسل من الجنابة] [خروج المَاء بَعْد الغسل من الجنابة] 54- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا اغتسل الرَّجُل من الجنابة فخرج من ذكره مَاء بَعْد الغسل فإنما عَلَيْهِ الْوُضُوْء بال أَوْ لم يبل قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إن كَانَ بال فعَلَيْهِ الْوُضُوْء وإن لم يكن بال أعاد الغسل قَالَ الشَّافِعِيُُّ إِذَا خرج منه المني أعاد الغسل بال أم لم يبل

[من وجد بللا بعد النوم]

[من وجد بللا بَعْد النوم] 55- قَالَ سُفْيَانُ: وإِبْرَاهِيْم إِذَا وجدت بللا وأنت نائم فاغتسل وَهُوَ أحب إِلَى سُفْيَان أن يغتسل قَالَ أَحْمَدُ: إن كَانَ شيخا أَوْ صاحب برودة فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ غسل وإن كَانَ شابا شبقا فما يؤمنه أن يكون قد احتلم وَهُوَ لَا يشعر فليغتسل

[الوضوء من أخذ الشعر والأظفار]

[الْوُضُوْء من أخذ الشعر والأظفار] 56- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَاأخذ الرَّجُل من شعره وأظفاره وقد توضأ فأحب إلي أن يمر عَلَيْهِ الماء قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء وكَانَ إِسْحَاق يختار أن يعيد الْوُضُوْء شبه هَذَا بالذي يمسح خفيه ثُمَّ يخلعهما قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: لا أرى عَلَيْهِ شيئا

[باب الاستخلاف في الصلاة]

[بَاب الاستخلاف في الصَّلَاة] [إِذَاأَحْدَثَ الْإِمَام] 57- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أَحْدَثَ الْإِمَام أشار إِلَى رجل من القوم وأخذ بيده فقدمه فصلى بالقوم بقية صلاتهم وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: ُ: إِذَا أَحْدَثَ الْإِمَام ولم يقدم أحدا وخرج وَهُوَ يتوضأ أعاد الصَّلَاة ويبني القوم عَلَى صلاتهم فرادى وأما إِسْحَاق فقال: إِذَا أَحْدَثَ أشار إِلَى القوم أن يثبتوا قياما ثُمَّ يذهب فيتوضأ ويرجع ويتم بهم بقية صلاتهم

وذهب إِلَى حَدِيْث أبي بكرة قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: هَذَا الْحَدِيْث لَيْسَ فيه ذكر لحدث النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما كَانَ جنبا فذكر أَنَّهُ لم يغتسل ورواه بعضهم أَنَّهُ لم يكن كبر قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: إنه قدم رجلا فصلى بهم بقية صلاتهم أجزأهم وإن خرج ولم يقدم أحدا فأتموا هم صلاتهم فرادى أجزأهم كأنهم أدركوا مَعَ الْإِمَام بعض صلاتهم ألَيْسَ يقومون فيقضون فرادى وإن قدموا هم رجلا فصلى بهم بقية صلاتهم أجزأهم وَقَالَ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: ينبغي للإمام أن يقدم رجلا يُصَلِّي بهم عَلَى ما قَالَ سُفْيَانُ، فإن هو انصرف ولم يقدم أحدا فقدم القوم رجلا يُصَلِّي بهم قبل أن يخرج الْإِمَام من المسجد

باب فتح القراءة على الإمام

أجزأتهم وإن هم لم يقدموا أحدا حَتَّى يخرج الْإِمَام من المسجد فسدت صلاتهم. بَاب فتح القِرَاءَة عَلَى الْإِمَام 58- قَالَ سُفْيَانُ: ولا يفتح عَلَى اللإمام إِذَا افتتح قَالَ الشَّافِعِيُُّ وإِسْحَاق وأَحْمَد: لَا بَأْسَ أن يفتح عَلَى الْإِمَام ولا تفسد صَلَاة الذي يلقنه

باب من قبل وهو على وضوء

بَاب من قبَّل وَهُوَ عَلَى وضوء 59- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا قبل الرَّجُل امرأته وَهُوَ عَلَى وضوء فلا أرى عَلَيْهِ وضوءا وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: عَلَيْهِ الْوُضُوْء وكذَلِكَ قَالَ: ابْن أَبِيْ لَيْلَى وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ

باب فيمن أصاب ثوبه بول

ذهبوا إِلَى حَدِيْث ابْن مسعود وابن عُمَر قالا القبلة من اللمس وفيها الْوُضُوْء وَقَالَ أَحْمَدُ: وإِسْحَاق إن قبل من شهوة فعَلَيْهِ الْوُضُوْء وما كَانَ مِنْ غَيْرِ شهوة فلَيْسَ عَلَيْهِ الْوُضُوْء. بَاب فيمن أصاب ثوبه بول 60- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأصاب ثوبه بول وَهُوَ لَا يعلم مكانه فليغسل الم كَانَ الذي يليه وإِذَالم يعلم الناحية التي أصابه غسل الثوب كله حَتَّى يتيقن أَنَّهُ قد غسل. يروى ذَلِكَ عن

[باب الاعتكاف]

عَطَاء إِبْرَاهِيْم وَقَالَ ابْن شُبْرُمَةَ يتحرى ذَلِكَ الم كَانَ فيغسله وَقَالَ الحكم وحماد ينضحه يروى ذَلِكَ عَن عَائِشَة. [بَاب الاعتكاف] [شرط الصَّوْم للاعتكاف] 61- قَالَ سُفْيَانُ: من اعتكف فلا اعتكاف إِلَّا بصوم ولا اعتكاف إِلَّا فِي مسجد تقام فيه الصَّلَاة وكذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الاعتكاف إنه لَا يكون إِلَّا بصوم وَهُوَ قول

أَصْحَاب الرَّأْيِ وقد روي عَنِ ابْنِ عَبَّاس وابن مسعود وعنغَيْر واحد من التابعين أَنَّهُم قَالُوْا لَيْسَ عَلَى المعكتف صوم إِلَّا أن يجعله عَلَى نفسه وكَانَ الْحُمَيْدِيّ يفتي بِهِ وَهُوَ قَوْل أبي ثَوْرٍ واحتجوا بحَدِيْث عُمَر بْن الخطاب رضي الله عنه قَالَ: للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إني نذرت فِي الجاهلية اعتكاف ليلة فأمره أن يفي به" قَالُوْا: فالليل لَيْسَ فيه صوم واحتجوا باعتكاف النبي

رَمَضَان وَقَالُوْا لو كَانَ الاعتكاف لَا يجوز إِلَّا بصوم لم يكن لأحد أن يعتكف فِي رَمَضَان لِأَنَّ صوم رَمَضَان لرَمَضَان لَا للاعتكاف. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا نذر اعتكاف ليلة لَيْسَ عَلَيْهِ أن يعتكف لِأَنَّ الاعتكاف لَا يكون علا بصوم وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يكون الاعتكاف إِلَّا فِي مسجد جامع الذي يصل فيه الجمعة. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ وإِسْحَاقُ وأَبُوْ ثَوْرٍ مثل قَوْل سُفْيَان فِي كُلّ مسجد جماعة

باب آخر

بَاب آخر [الشرط في الاعتكاف] 62- قَالَ سُفْيَانُ: الاعتكاف بشرط [صَلَاة] الجنازة ويعود المريض ويشهد الجنازة. قَالَ مَالِكٌ: لَا يشترط فِي الاعتكاف شيئا من عيادة المريض ولا تشييع الجنازة ولاغَيْر ذَلِكَ ولا أن يحدث فيه شيئا سِوَى ما فعل النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يخرج المعتكف إِلَّا لحاجة الإنسان وَقَالَ أَحْمَدُ نحوا من قَوْل مَالك واحتج بحَدِيْث عُمَر فِي الاعتكاف بغير صوم. (قلت له: يعق الْغُلَام يكون له ذؤابة) . وعَنِ ابْنِ يعلى.

باب الحائض والمستحاضة

بَاب الحائض والمستحاضة [كم تجلس المستحاضة؟] 63-قَالَ سُفْيَانُ: المستحاضة تجلس أيام أقرائها التي كانت تحيض وأبَعْد ما يكون من الحيض عشرة أيام فيما يذكرون. قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: إِذَا استحيضت الْمَرْأَة واستمر

بها الدم فإن كانت تعرف أيامها التي كانت تحيض فيه كُلّ شهر تجلس أيام حيضها فَإِذَاجاوزت ذَلِكَ اغتسلت وصلت، فإن لم تكن تعرف أيامها وكَانَ دمها ينفصل فيكون فِي وقت من الشهر أحمر يضرب إِلَى السواد وفي وقت يصير إِلَى الرقة والصفرة فإنها تجلس فِي الأيام التي ترى فيها الدم الأحمر وصار عَلَى الكدرة والصفرة اغتسلت وصلت عَلَى حَدِيْث عَائِشَة فِي قصة فاطمة بنت أبي حبيش وإن كانت لَا تعرف أيامها وكَانَ دمها مشكلا لَا ينفصل عَلَى ما ذكرنا فإنها تجلس ستة أيام أَوْ سبعة أيام عَلَى حَدِيْث حمنة وهَذَا مذهب أبي عُبَيْد وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: وأَبُوْ ثَوْرٍ وغيرهما: إِذَا استحيضت المرأة

فاستمر بِهَا الدم وكَانَ دمها ينفصل ويتميز دم حيضها من دم استحاضتها عَلَى ما ذكرنا فإنها تجلس للحيض فِي أيام الدم الأحمر الذي يضرب إِلَى السواد فَإِذَاأدبر الدم اغتسلت وصلت عرفت أيامها فيما مضى أَوْ لم تعرف فإن كَانَ دمها ولا يمكنها التمييز بين الدمين وكَانَ لها أيام معلومة فيما مضى فإنها تجلس عدد الأيام التي كانت تجلسها فِي كُلّ شهر فَإِذَاجاوز ذَلِكَ اغتسلت وصلت ولا وقت عِنْدَ أَحْمَد وإِسْحَاق وأبي عُبَيْد فِي أكثر الحيض إنما هو ما يوجد فِي النساء. وفي أقل الحيض قَالَ

هل الحامل تحيض؟

أَحْمَد: أقل الحيض يوم. وَقَالَ مَالِكٌ: أكثر الحيض خمسة عشر واخْتَلَفُوْا فِي أقله فروي عنه -يعني مَالكا-: أقله ثلاثة أيام. وروي عنه أَنَّهُ كَانَ لَا يوقت فِي أقله. وأَبُوْعُبَيْدٍ لَا يوقت فِي الأقل والأكثر. [هل الحامل تحيض؟] 64- قَالَ سُفْيَانُ: والحبلى إِذَا رأت فِي حبلها صفرة أَوْ دما فلَيْسَ بحيض ولا تتَرَكَ الصَّلَاة حَتَّى تضع حملها وإن سال الدم فلَيْسَ عليها غسل كذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَهُوَ قَوْل أَحْمَد وأبي عُبَيْد

باب النفساء

وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْحَدِيْث والشَّافِعِيّ وإِسْحَاق: إِذَا رأت الحامل الدم فِي أيام حيضها عَلَى ما كانت تراه قبل الحمل فَهُوَ حيض تتَرَكَ الصَّلَاة وإِذَارأت ذَلِكَ فِي أيامها وكَانَ دمها كدم الحيض بَاب النفساء [مدة النفاس] 65- قَالَ سُفْيَانُ: النفساء إِذَا لم ينقطع منها الدم بَعْد أربعين اغتسلت وصلت وَهُوَ استحاضة وَهُوَ قَوْل أَحْمَد وإِسْحَاق

قضاء الحائض

وأبي عُبَيْد قَالَ مَالِكٌ: النفساء تجلس شهرين. وهكَذَا قَوْل الشَّافِعِيّ وأبي ثور. وقول سُفْيَان أحب إِلَى أبي عَبْد اللهِ. [قضاء الحائض] 66- قَالَ سُفْيَانُ: فِي الحائض إِذَا طهرت فِي وقت الْعَصْرَ فأحب إِلَى أن تقضي الظهر والْعَصْرَ لَيْسَ بواجب عليها وكذَلِكَ قوله فِي المغرب والعشاء وَقَالَ أَحْمَدُ: والشَّافِعِيّ وإِسْحَاق إِذَا طهرت في

باب آخر

وقت الْعَصْرَ فعليها أن تصلي الظهر والْعَصْرَ جميعا وكذَلِكَ فِي وقت العشاء بَاب آخر [البكر ترى الدم] 67- واخْتَلَفَأَهْل العلم فِي البكر أول ما ترى الدم قَالَ سُفْيَانُ: والْأَوْزَاعِيّ تجلس كما تجلس أمهاتها ونساؤها وكذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ إن لم تعرف وقت أمهاتها ونسائها فَإِنَّهُ لَيْسَ عندنا وقت وَقَالَ نأخذ بالْحَدِيْث إِذَا أقبلت الحيضة فدعي الصَّلَاة وإِذَاأدبرت فاغتسلي وصلي قَالَ: واقبال الحيضة عندنا سواد الدم وتغيره فما دامت ترى الدم تركت الصَّلَاة إِذَا أدبر عنها الدم ورأت الصفرة أَوْ الكدرة فإنها تغتسل وتصلي

قَالَ أَصْحَاب الرَّأْيِ: تجلس عشرة أيام الحيض وَقَالَ ابْن الْمُبَارَك: تجلس ثلاثة أيام وَقَالَ أَحْمَدُ: تجلس يوما واحدا قَالَ أَبُوْثَوْرٍ: أقل ما يكون من الحيض هو يوم وليلة تغتسل وتتوضأ وتصلي. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا اغتسلت المراءة فلم تحض حَتَّى حاضت فطبق عليها الدم فإن كَانَ دمها ينفصل فأيام حيضها أيام الدم الثخين والأحمر وأيام استحاضتها أيام الدم الرقيق، ويَرَى فِي ذَلِكَ أن تغتسل ويأتيها زوجها

باب الصوم

وَقَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ: تجلس عَلَى حَدِيْث حمنة ستا أَوْ سبعا وقَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: إِذَاكانت تميز الدم أميل إِلَى الشَّافِعِيِّ بَاب الصَّوْم [إِذَارئي الهلال نهارًا] 68- قَالَ سُفْيَانُ: وإن رأيت هلال رَمَضَان قبل زوال الشَّمْس فافطر وإن رأيته بَعْد زوال ااشمس فلا تفطر حَتَّى تتم ثلاثين يوما وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُُ إِذَا رأوا هلال رَمَضَان نهارا قبل الزوال أَوْ بعده لم يعتدوا بِهِ حَتَّى يروه بَعْد غروب الشَّمْس من الموضع الذي يَرَى

[من مات وعليه صيام]

ويروى عَن عمركالروايتين. والذي قَالَ: حتى يَرَى بالعشي" أصح رواه منصور عَن أبي وائل عَن عُمَر والرواية الأُخْرَى منقطعة. [من مَاتَ وعَلَيْهِ صيام] 69- قَالَ سُفْيَانُ: فإن كَانَ رجل مرض فِي رَمَضَان فصح بَعْد ذَلِكَ فلم يقض ولو شاء أن يقضيه فقضاه قضي عنه وكَانَ كُلّ يوم نصف صاع وَهُوَ قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ وَقَالَ مَالِكٌ مثل قولهم فِي أَنَّهُ يطعم عنه ولا يقضى عنه الصَّوْم إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: يطعم عنه كُلّ يوم مدا وكذَلِكَ قَوْل الشَّافِعِيّ. وصوم

رَمَضَان والنذر عندهم واحد. وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وأَبُوْعُبَيْدٍ: إن مَاتَ وعَلَيْهِ صوم رَمَضَان أَنَّهُ يطعم عنه كُلّ يوم مسكينا مدا من حنطة

[من أكل أو شرب ناسيا]

وإن كَانَ من نذر قضى عِنْدَ الصَّوْم وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ يقضى عنه الصَّوْم فِي كليهما قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: أما النذر فَإِنَّهُ يروى عَنِ ابْنِ عَبَّاس عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أمر أن يقضي رَمَضَان لَيْسَ فيه عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْء فمن قَالَ: يقضى عنه جعله قياسا عَلَى حَدِيْث النَّبِيّ صلى اله عَلَيْهِ وسلم فِي النذر ويروى عَنِ ابْنِ عَبَّاس أَنَّهُ فرق بينهما فقَالَ يقضى عنه فِي النذر ويطعم عنه فِي رَمَضَان [من أكل أو شرب ناسيًا] 70- قَالَ سُفْيَانُ: فِي الصائم إن أكل فِي شهر رَمَضَان ناسيا أَوْ جامع أَوْ شرب فلا قضاء عَلَيْهِ وكذَلِكَ قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق وغيرهم إِلَّا مَالك

[إذاتسحر بعد الفجر أو أفطر قبل الغروب]

فَإِنَّهُ قَالَ: عَلَيْهِ القضاء إِذَا أكل أَوْ شرب ناسيا. [إِذَاتسحر بَعْد الفجر أو أفطر قبل الغروب] 71- قَالَ سُفْيَانُ: وإن تسحر وقد أصبح وَهُوَ يَرَى أن عَلَيْهِ ليلا فليتم صومه وليقض يوما مكانه وكذَلِكَ إِذَا أفطر قبل غيبوبة الشَّمْس. وكذَلِكَ قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ ومَالك. واحتج مَالك بحَدِيْث عُمَر: روي عَن زيد بْن أسلم عَن أخيه

إفساد صوم التطوع

عن أبيه عَن عُمَر أَنَّهُ أفطر وَهُوَ يَرَى أن الشَّمْس قد غربت فقال: يقضي يوما مكانه. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد: يقضي يوما مكانه. وكذَلِكَ قَوْل الشَّافِعِيّ وأبي ثور وكَانَ إِسْحَاق يميل إِلَى أن لَا قضاء عَلَيْهِ ويشبهه بالذي أكل ناسيا واحتج بحَدِيْث عمر: ما تجانفناالْإِثْم". [إفساد صوم التطوع] 72- وقَالَ سُفْيَانُ: وإن نوى الصائم من الليل وأفطر فأَحَبُّ إِلَيَّ أن يقضي يوما مكانه وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ:

وأَحْمَد وإِسْحَاق إِذَا نوى الصَّوْم تطوعا فله أن يفطر مَتَى شاء ولا قضاء عليه. وكذَلِكَ قَالُوْا فِي الصَّلَاة إِذَا افتتحها تطوعا خرج مَتَى شاء وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يخرج إِلَّا من عذر فِي الصَّلَاة

والصَّوْم جميعا فإن خرج مِنْ غَيْرِ عذر قضاه وإن خرج من عذر لم يقض قال: وأنا أقول مثل قَوْل الشَّافِعِيّ وأَحْمَد. وأختار أن يقضي وأجمعها فِي الحج إِذَا أحرم تطوعا لَيْسَ له أن يخرج. واحتج من ذهب إِلَى أن لَا يفطر ولا يخرج من الصَّلَاة بهَذَا

الحجامة للصائم

[الحجامة للصائم] 73- قَالَ سُفْيَانُ: لَا بَأْسَ أن يحتجم الصائم إِذَا لم يخش ضعفا. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَهُوَ قَوْل مَالك والشَّافِعِيّ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يقضي يوما مكانه. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد وإِسْحَاق قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: يقضي يوما مكانه

[من فرط في قضاء رمضان حتى جاء رمضان آخر]

[من فرط في قضاء رَمَضَان حَتَّى جاء رَمَضَان آخر] 74- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا كَانَ عَلَى رجل رَمَضَان فلم يقضه حَتَّى أدركه رَمَضَان آخر وفرط فيما بينهما فليصم هَذَا مَعَ الناس ويقضي الذي فاته وليطعم م كَانَ كُلّ يوم نصف صاع. وكذَلِكَ قَالَ إِسْحَاق وأَحْمَد وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يقضي ولَيْسَ عَلَيْهِ إطعام. ويروى عَنِ ابْنِ عُمَر أَنَّهُ قَالَ: يطعم عَن كُلّ يوم ولَيْسَ عَلَيْهِ قضاء. وقول سُفْيَان يروى عَنِ ابْنِ عَبَّاس وأبي هريرة.

باب [كفارة الإفطار متعمدا]

بَاب [كفارة الإفطار متعمِّدًا] 75- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أفطر الرَّجُل فِي شهر رَمَضَان يوما متعمدا فليقض يوما مكانه وليعتق رقبة إن كَانَ يجد فإن لم يجد فليصم شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فيمن أفطربجماع أَوْ أكل أَوْ شرب. فإن أفطر بالقيء متعمدا أَوْ ابتلع حصاة أَوْ لؤلؤة صحيحة وما أشبه ذَلِكَ فقد أفطر وعَلَيْهِ قضاءيوم ولا كفارة

وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: لو أفطر بجماع فعَلَيْهِ القضاء والكفارة لما أمر النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمجامع وما أفطر من شَيْء سِوَى الْجِمَاع فعَلَيْهِ القضاء ولا كفارة عليه. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد؛ وإِسْحَاق يَقُوْل مثل قَوْل سُفْيَان

باب

بَاب [تكرر الكفارة بتكرر الإفطار] 76- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أفطر يوما من رَمَضَان ولم يكن كفر يعني حَتَّى أفطر يوما آخر فليكفر لكل يوم كفارة واحدة وَهُوَ أحب إلي وإن كَانَ قد كفر ثُمَّ أفطر كفر أيضا لما أفطر وأجمعوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا أفطر يوما من رَمَضَان وكفر ثُمَّ عاد الفطر فِي اليوم الثاني عَلَيْهِ كفارة أُخْرَى واخْتَلَفُوْا فيه إِذَا عاد الفطر فِي اليوم الثاني قبل أن يكفر الأول فقَالَ الشَّافِعِيُُّ وإِسْحَاق مثل قَوْل سُفْيَان وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَيْسَ عَلَيْهِ إِذَا أفطر فِي اليوم الثاني إِلَّا كفارة واحدة ما لم يكفر ثُمَّ يعود للفطر

صوم يوم الشك

[صوم يوم الشك] 77- قال: وإِذَاأصبح الرَّجُل فِي اليوم الذي يشك [فيه] ولم ينو الصيام ثُمَّ بلغه أَنَّهُ من ر مضان. قَالَ: يتم صومه ويقضي يوما آخر مكانه. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ: إِذَا لم ينو الصيام من الليل لم يجزئه

وَقَالَ: فِي يوم الشك يصبح مفطرا فإن تبين له أَنَّهُ من رَمَضَان لم يأكل بقية يومه وعَلَيْهِ القضاء. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إن نوى قبل الزوال أجزأه وإن نوى بَعْد الزوال لم يجزئه فِي يوم الشك

من كتاب الجنائز

من كتاب الجنائز [التسليم عَلَى الجنازة] 78- قَالَ سُفْيَانُ: فِي التسليم عَلَى الجنائز يسلم تسليمة خفيفة. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يسلم تسليمتين. وَقَالَ ابْن الْمُبَارَك وعامة أَهْل الْحَدِيْث: تسليمة واحدة. [كم يكبر عَلَى الجنازة؟] 79- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا زاد الْإِمَام عَلَى أربع انصرف

وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: لَا ينصرف يكبر كما يكبر الْإِمَام وقد ثبت عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيْث زيد بْن أرقم. ويروى عَن حذيفة عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كبر خمسا قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: لا وقت فِي ذَلِكَ

[الصلاة على الجنازة بالتيمم]

[الصَّلَاة عَلَى الجنازة بالتَّيَمُّم] 80- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاانتهيت إِلَى الجنازة وأنت عَلَىغَيْر وضوء فخشيتَ أن يسبقك بالصَّلَاة عليها إن تتوضأ؛ فتيمم ثُمَّ صل عليها فإنها بمنزلة صَلَاة يخاف فوتها. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: لَا يتيمم. وكذَلِكَ قَالَ الْحُمَيْدِيّ وأَحْمَد أما إِسْحَاق فقال: يتيمم. وَهُوَ قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: إن توضأ وصلى عَلَى القبر أحب إلي [هل يمضمض الْمَيِّت؟] 81- قَالَ سُفْيَانُ: فِي الْمَيِّت لَا يمضمض ولا يستنشق وَأَحَبُّ إِلَيَّ أن يدخل إصبعه فِي فيه وأنفه فِي عصر البطن

[عصر بطن الميت]

[عصر بطن الْمَيِّت] 82- قَالَ سُفْيَانُ: بعد (يعد؟؟؟) الغسلة الأولى. 83- قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: يعصره قبل الغسل

باب في الكفن

بَاب في الكفن [كَيْفَ يكفن الْمَيِّت؟] 84- قَالَ سُفْيَانُ: الكفن اجعل اللفافة ممايلي الأرض ثُمَّ ابسط الإزار فوق اللفافة بسطا ثُمَّ ألبس القميص أَوْ أدرجه فِي ثيابه. قَالَ وَأَحَبُّ إِلَيَّ أن يكفن فِي ثلاث أثواب لَيْسَ فيها قميص ولا عمامة يدرج فيهن إدراجا؛ صح ذَلِكَ عَن عَائِشَة أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفن هكَذَا. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ: في الكفن ثلاثة أثواب.

قَالَ الشَّافِعِيُُّ: [إِذَاكفن الْمَيِّت في ثلاثة أثواب] أجمرت بالعود، [غير مطوي حَتَّى يعبق بِهَا المجمر] ثم يبسط أوسعها أوأحسنها أولها ويذر عَلَيْهِ شَيْء من الحنوط ثُمَّ يبسط عَلَيْهِ الذي يليه فِي السعة ثُمَّ يذر عَلَيْهِ شَيْء من حنوط ثُمَّ يوضع الْمَيِّت عَلَيْهِ مستلقيا، ويوضع الحنوط والكافور عَلَى الكرسف ويوضع

باب النكاح

على منخره وفيه وأذنه ودبره إن كانت بِهِ جراحة بادية وضع عليها بَاب النكاح [الولاية في النكاح] 85- قَالَ سُفْيَانُ: أدنى ما يكون فِي النكاح أربعة الذي يتزوج والذي يزوجه والشاهدان ولا يكون نكاح إِلَّا بشهود ولا نكاح إِلَّا بولي وقَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: اخْتَلَفَأَهْل العلم فِي النكاح بغير ولي فقَالَ سُفْيَانُ والثوري وابن شُبْرُمَةَ وابْن أَبِيْ لَيْلَى والْأَوْزَاعِيّ وابن الْمُبَارَك والشَّافِعِيّ وأَحْمَد بْن حَنْبَلٍ وإِسْحَاق وأَبُوْعُبَيْدٍ: لَا نكاح إِلَّا بولي ذكر وَقَالَ شيخ أَصْحَاب الرَّأْيِ: النكاح بغير ولي جائز

وَقَالَ صاحباه: إِذَا تزوجت بغير ولي فالنكاح موقوف حَتَّى يرفع إِلَى الحاكم فَإِذَارفع إِلَى الحاكم نظر فيه فإن كَانَ الولي كفوء أمر الحاكم الولي أن يجيز النكاح فإن أجاز الولي النكاح وإلا أجازه الحاكم قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: والْقَوْل عندنا إن النكاح إِلَّا بولي قد صح ذَلِكَ عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفرق مَالك بين الشريفة والدنيئة فزعم أن نكاح الشريفة لَا يجوز إِلَّا بولي وأن الدنيئة نكاحها جائز بغير ولي

.............

الشهادة في النكاح

[الشهادة في النكاح] 86- واخْتَلَفَأيضا فِي النكاح بغير شهود فقَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَة النكاح بغير شهود جائز إِذَا أعلنوا وكَانَ إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيْم يحكي عَن عَبْد اللهِ بْن إدريس وعَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي ويزيد بْن هارون إنهم كانوا يجيزون النكاح بغير شهود

وقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: لَا نكاح إِلَّا بشاهدين فأما أَصْحَاب الرَّأْيِ فإنهم جوزوا النكاح إن كَانَ شاهدين عدلين أَوْ كانا فاسقين. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ بْن حَنْبَلٍ: لَا نكاح إِلَّا بشاهدي عدل

تزويج البكر بغير رضاها

[تزويج البكر بغير رضاها] 87- واخْتَلَفُوْا فِي البكر يزوجها أَبُوْها بغير رضاها فقَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَة: نكاح الأب جائز عَلَى البكر وإن كرهت ولكن أحب إلي أن يستأمرها. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ وإِسْحَاق؛ وَهُوَ قَوْل ابْن أَبِيْ لَيْلَى وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وسُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ: لَا يجوز تزويجه إياها إِلَّا برضاها. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ وأَبُوْثَوْرٍ

وحجتهم فِي ذَلِكَ حَدِيْث أبي هريرة عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تنكح البكر حَتَّى تستأذن. وأما الثيب فإن هؤلاء لم يختلفوا فيه إن نكاح الأبغَيْر جائز عليها إِلَّا برضاها لِحَدِيْث خنساء بنت خذام وحَدِيْث ابْن عَبَّاس"الأيم أحق بنفسها"

[باب في المهر]

[بَاب فِي المهر] [مقدار المهر] 88- واخْتَلَفُوْا فِي المهر فقَالَ مَالِكٌ: لَا يكون مهر أقل من ربع دينار. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يكون مهر أقل من عشرة دراهم وَقَالَ ربيعة وسائر أَهْل الْمَدِيْنَة-سِوَى مَالك- والشَّافِعِيّ وسُفْيَان وأَحْمَد وإِسْحَاق وعامة أَصْحَاب الْحَدِيْث: المهر عَلَى ما تراضيا عَلَيْهِ لَا حد في ذَلِكَ قل أَوْ كثر، وذهبوا فِي ذَلِكَ إِلَى حَدِيْث سهل بن

سعد عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوجها ولو عَلَى خاتم من حديد وحَدِيْث عامر بْن ربيعة فِي النعلين

نكاح الصغار

[نكاح الصغار] 89- وأجمع أَهْل العلم عَلَى أن نكاح الأب جائز عَلَى ابنه وابنته الصغيرين ولا خيار لهما إِذَا أدركا لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوج عَائِشَة وهي بنت ست وبنى بِهَا وهي بنت تسع. وأجازهغَيْر واحد من أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهم عُمَر وعلي

[تزويجغير الأب للصغير]

وابن عُمَر والزبير وقدامة بْن مظعون وعمار وابن شُبْرُمَةَ. [تزويجغَيْر الأب للصغير] 90- واخْتَلَفُوْا فِي سائر الأولياء فِي الصغار فقَالَ سُفْيَان والشَّافِعِيّ وأَبُوْعُبَيْدٍ وأَبُوْثَوْرٍ: لَيْسَ لغير الأب أن يزوج الصغير ولا الصغيرة، فإن فعل فنكاحه باطل. وَقَالَ مَالِكٌ: لغير الأب أن يزوج الصغير وَقَالَ: إِذَا زوّج

الصغيرة فنكاحها باطل. وفرق بين الذكر والأنثى فِي تزويجغَيْر الأب فأجازه فِي الذكر وأبطله فِي الأنثى. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى من أَهْل العلم: جائز عَلَى الصغيرين إِذَا زوجهماغَيْر الأب ولهما الخيار عِنْدَ إدراكهما. روي ذَلِكَ عَن الْحَسَن وعَطَاء. وَهُوَ قَوْل شيخ أَصْحَاب الرَّأْيِ. وَهُوَ قَوْل أَحْمَد وإِسْحَاق. وسواء عِنْدَ أَهْل هَذِهِ المقالة زوجت صغيرة من كبير أَوْ كبيرة من صغير. قالت طَائِفَة أُخْرَى من أَصْحَاب الرَّأْيِ: نكاح الأولياء كلهم بمنزلة الأب فأي ولي زوج صغيرة فنكاحه ثابت عليها لَا خيار لواحد منهما إِذَا أدرك

في توريث أحد الصغيرين من الآخر

[في توريث أحد الصغيرين من الآخر] 91- واخْتَلَفَمن أجاز نكاحغَيْر الأب عَلَى الصغيرين وجعل لهما الخيار عِنْدَ إدراكهما فِي توريث أحدهما من الآخر ماتا أَوْ مَاتَ أحدهما قبل الإدراك فقالت طَائِفَة منهم: لَا يتوارثان. يروى ذَلِكَ عَن طاوس وقتادة وكَانَ إِسْحَاق يفتي بِهِ ويقول: لَيْسَ للزوج أن يدخل بِهَا ما لم يبلغ فيختار النكاح. وَقَالَ شيخ أَصْحَاب الرَّأْيِ: إن ماتا أَوْ مَاتَ أحدهما توارثا وللزوج أن يدخل بِهَا قبل أن تدرك

[باب العنين]

[بَاب العنين] [تأجيل العنين] 92- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَاتزوج العنين الْمَرْأَة فلم يصل إليها فرافعته عَلَى القاضي أجله سنة من يوم ترافعها فإن وصل إليها وإلا فرق بينهما وكَانَ لها المهر إِذَا كانت بكرا وعلم بذَلِكَ وإن كانت ثيبا لم يؤجل وقد يؤخذ يمينه وتقر تحته وأما البكر إِذَا رافعته فأجل سنة وفرق بينهما بانت منه بتطليقة بائنة وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الثيب إِذَا اختلفت هي والزوج فِي الإصابة إن الْقَوْل

قول الزوج مَعَ يمينه وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَبُوْثَوْرٍ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا اختلفت فِي الإصابة مَعَ زوجها فتقعد امرأتان ويكون بينها وبين الرَّجُل مَعَ امرأته توقيت فَإِذَافرغ دخلت المرأتان فنظرتا فِي فرج الْمَرْأَة فإن كَانَ فيه المني فَهُوَ صادق وإلا فَهُوَ كاذب. قَالَ مَالِكٌ مثل ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: امرأة واحدة. وإن كانت بكرا واختلفا فِي الإصابة فإن أَصْحَاب الرَّأْيِ قَالُوْا: تنظر فيها امرأة عدلة فإن قالت: هي بكر" فَالْقَوْل قولها صدقت. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إن كانت بكر انظر فيها أربع نسوة عدول فإن قلن: هي بكر" فذَلِكَ دليل عَلَى صدقها وإن شاء

الزوج أحلفت ماأصابها ثُمَّ فرق بينهما فإن لم تحلف حلف هو لقد أصابها ثُمَّ أقام معها ولم تخير هي وذَلِكَ أن العذرة قد تعود فيها رغم أَهْل الخبرة بِهَا إِذَا لم يبالغ فِي الإصابة وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ مثل قَوْل الشَّافِعِيّ أَنَّهُ لَا يقبل فِي الشهادة عليها أَنَّهُا بكر أقل من أربع نسوة فَإِذَاثبت تأجيل السنة أَنَّهُ لم يصبها عَلَى الوجوه التي ذكرنا فإنها تخير فإن اختارت فراقه فسخ نكاحها والفرقة فِي قَوْل سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ تطليقة

عدة زوجة العنين ومهرها

بائنة قَالَ الشَّافِعِيُُُّ: الفرقة فسخ ولَيْسَ بطلاق. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْثَوْرٍ قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: أقول فِي هَذَا كله بقول أَبِيْ ثَوْرٍ [عدة زوجة العنين ومهرها] 93- واخْتَلَفَفِي المهر والعدة فقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: لها المهر كاملا وعليها العدة وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: لها نصف المهر ولا عدة عليها. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْثَوْرٍ

[باب نكاح الحر المملوكة المسلمة والكافرة]

[بَاب نكاح الحر المملوكة المسلمة والكافرة] [زواج المملوكة] 94- واخْتَلَفُوْا فِي الرَّجُل يخشى عَلَى نفسه فِي المملوكة وَهُوَ يجد طولا عَلَى حرة فقَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَة والْأَوْزَاعِيّ والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وأَبُوْثَوْرٍ: لَيْسَ له أن يتزوج الأمة وَهُوَ يجد طولا إلي حرة فإن لم يجد طولا إِلَى حرة وخاف العنت حل له أن يتزوج. وقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: إِذَا خشي الرَّجُل عَلَى نفسه فِي المملوكة فلَا بَأْسَ أن يتزوجها وإن كَانَ موسرا.

كتاب الطلاق

أول كتاب الطلاق [طلاق السنة] 95- أجمع أَهْل العلم عَلَى أن الرَّجُل إِذَا أراد أن يطلق امرأته للسنة وهي ممن تحيض أَنَّهُ إن أمهلها حَتَّى تطهر من حيضها ثُمَّ طلقها من قبل أن يجامعها واحدة ثُمَّ تركها حَتَّى تنقضي عدتها ولم يطلقهاغَيْر تلك التطليقة أَنَّهُ مطلق للسنة وَهُوَ أملك برجعتها ما دامت فِي العدة فَإِذَاانقضت عدتها فَهُوَ خاطب من الخطباء. 96- واخْتَلَفُوْا فيه إِذَا أراد أن يطلقها ثلاثا فقَالَ سُفْيَانُ

والْكُوْفِيُّوْنَ إِذَا أراد ذَلِكَ طلقها واحدة حين تطهر من حيضها قبل جماعه إياها ثُمَّ يتركها حَتَّى تحيض ثُمَّ تطهر من حيضها فَإِذَاطهرت طلقها الثانية ثُمَّ يدعها حَتَّى تحيض ثُمَّ تطهر فَإِذَاطلقها الثالثة حرمت عَلَيْهِ وبانت منه فلم تحل له حَتَّى تنكح زوجا غيره فَإِذَاطلقها الثالثة بانت منه وبقي عليها من عدتها حيضة واحدة فهَذَا فِي قولهم مطلق للسنة. وَقَالَ مَالِكٌ والْأَوْزَاعِيّ: - ووافقهم عَلَى ذَلِكَ أَبُوْعُبَيْدٍ- لَيْسَ هَذَا بمطلق للسنة ولَيْسَ طلاق السنة إِلَّا الوجه الْأَوَّل الذي حكينا فيه إجماع العلماء

وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وأَبُوْثَوْرٍ: لَيْسَ فِي عدة الطلاق سنة وإنما السنة فِي وقت الطلاق فَإِذَاأراد رجل أن يطلق امرأته للسنة أمهلها حَتَّى تحيض ثُمَّ تطهر فَإِذَاطهرت طلقها من قبل أن يجامعها كم شاء إن شاء واحدة وإن شاء اثنتين وإن شاء ثلاثا أي ذَلِكَ فعل فَهُوَ مطلق للسنة واحتجوا بحَدِيْث ابْن عُمَر أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره أن

يراجع امرأته ثُمَّ يمهلها حَتَّى تحيض ثُمَّ تطهر ثُمَّ إن شاء طلق وإن شاء أمسك ولم يحصوا عَلَيْهِ عددا من الطلاق قَالُوْا فله أن يطلق كم شاء وهَذَا إِذَا كانت الْمَرْأَة مدخولا بِهَا ممن تحيض فإن كانت من لَا تحيض ولم يدخل بِهَا زوجها إن له أن يطلقها مَتَى شاء طاهرا أَوْ حائضا إِلَّا من لَا عدة عليها وإنما أمر الله الطلاق للعدة التي قد دخل بِهَا زوجها لقوله تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ [الطلاق: 1} الآية فهَذَا

[باب ميراث المبتوتة]

دليل أَنَّهُا ناقصة بهَذَا الأمر التي عليها العدة وإن كانت قد دخل بِهَا زوجها وهي ممن لَا تحيض من صغر أَوْ كبر فله أن يطلقها مَتَى شاء وكذَلِكَ إن كانت حاملا طلقها مَتَى شاء. قَالَ أَبُوْ الْفَضْل وجدت فِي كتاب آخر: قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: ثم رجع أَحْمَد إِلَى قَوْل مَالك وموافقيه. [بَاب ميراث المبتوتة] 97- قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وأجمع أَهْل العلم عَلَى أن الرَّجُل إِذَا طلق امرأته ثلاثا صحيح ثُمَّ مَاتَ أَوْ ماتت فِي عدتها أَوْ بَعْد العدة لم يتوارثه

[ميراث المبتوتة إذا طلقها مريضا ثم مات]

[ميراث المبتوتة إِذَا طلقها مريضا ثُمَّ مات] 98- واخْتَلَفُوْا فيه إِذَا طلقها ثلاثا وَهُوَ مريض ثُمَّ مات فقَالَ سُفْيَانُ: وابن شُبْرُمَةَ والْأَوْزَاعِيّ وأَصْحَاب الرَّأْيِ إن مَاتَ وهي فِي عدتها ورثته وإن مَاتَ بَعْد انقضاء العدة لم ترثه وَقَالَ ابْن أَبِيْ لَيْلَى مَتَى مَاتَ فِي عدتها أَوْ بَعْد انقضاء العدة ورثته ما لم تتزوج قبل موته فَإِذَاتزوجت ثُمَّ مَاتَ لم ترثه وهَذَا قَوْل أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ وإِسْحَاق وأبي عُبَيْد وروي هَذَا عَن أبي بْن كعب وجماعة من التابعين

وَقَالَ مَالِكٌ وربيعة وأَهْل الْمَدِيْنَة مَتَى مَاتَ ورثته فِي العدة وبَعْد العدة وبَعْد التزويج. وَقَالَ طَائِفَة من أَهْل العلم: لَا ترثه بواحدة مَاتَ فِي العدة أَوْ بَعْد العدة ومَتَى مَاتَ لأنها قد بانت منه وسووا بين طلاق الصحيح والمريض. وروي هَذَا الْقَوْل عَنِ ابْنِ الزبير. وَهُوَ قَوْل أَبِيْ ثَوْرٍ. وكَانَ الشَّافِعِيّ يَرَى وَهُوَ ببغداد أن ترثه فِي العدة وبَعْد العدة ثُمَّ وقف عنه بمصر فقال: أستخير الله فِي ذَلِكَ. وقَالَ: فإن قلت فإني أقول: /23ب/ لَا ترث امرأة زوجها إِذَا طلقها مريضا طلاقا لَا يملك رجعتها وانقضت عدتها. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: والقياس فِي هَذَا ما قَالَ أَبُوْثَوْرٍ. وفي قَوْل من يَرَى توريث المدخول بِهَا ما دامت فِي العدة فَإِنَّهُ لَا يورثغَيْر المدخول بِهَا إِذَا طلقها الزوج وَهُوَ مريض. وفي قَوْل من رأى توريثها بَعْد انقضاء العدة فَإِنَّهُ يورثغَيْر المدخول بِهَا أيضا

[من طلق في مرض ثم صح ثم مات]

إِذَاطلقها وَهُوَ مريض. [من طلق في مرض ثُمَّ صح ثُمَّ مات] 99- واخْتَلَفُوْا فيما إِذَا طلقها فِي مرضه ثُمَّ صح ثُمَّ مات فقَالَ سُفْيَانُ والْأَوْزَاعِيّ: إن مَاتَ بَعْد صحته وهي فِي العدة ورثته لِأَنَّ أصله كَانَ قرارا من الميراث. ووافقهما عَلَى هَذَا بعض أَصْحَاب الرَّأْيِ وَقَالَ مَالِكٌ والزُّهْرِيّ بذَلِكَ وَقَالَ الحارث العكلي وعَطَاء بْن أبي رباح ومَالك بْن أَنَس والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وأبوعُبَيْد: إِذَا صح ثُمَّ مَاتَ لم ترثه فِي عدة ولا غيرها. وأجمعوا كلهم عَلَى أَنَّهُ لَا يرثها لو ماتت فِي عدة ولا بَعْد العدة

[باب العدد]

ُ [بَاب العدد] [عدة المطلقة ثلاثا إِذَا مَاتَ المطلق قبل انقضاء عدتها] 100- واخْتَلَفُوْا فِي عدة المطلقة ثلاثا فِي المرض إِذَا مَاتَ المطلق قبل انقضاء عدتها. فقَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَة وبعض أَهْل الرَّأْي والشَّافِعِيُّ: لَيْسَ عليها أكثر من ثلاثة قروء. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: تعتد أربعة أشهر وعشر وقَالَ سُفْيَانُ الثوري وبعض أَهْل الرَّأْي: تعتد أقصى العدتين إن كانت أربعة أشهر وعشرا أكثر من ثلاث حيض اعتدت أربعة أشهر وعشرا وإن كانت ثلاث حيض أكثر من أربعة أشهر وعشرا، اعتدت ثلاث حيض. والْقَوْل الصحيح قَوْل مَالك والشَّافِعِيّ ومن تابعهما

[طلاقغير المدخول بها تطليقة]

[بَاب طلاقغَيْر المدخول بها] [طلاقغَيْر المدخول بِهَا تطليقة] 101- قَالَ أَبُوْ عبد الله: وأجمع أَهْل العلم عَلَى أن الرَّجُل إن طلق امرأته تطليقة ولم يدخل بِهَا إنها قد بانت منه ولَيْسَ له عليها رجعة ولَيْسَ عليها عدة. [طلاقغَيْر المدخول بِهَا ثلاثا بلفظ] 102- واخْتَلَفُوْا فِيغَيْر المدخول بِهَا إِذَا طلقها الزوج ثلاثا بلفظ واحد فقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ ومَالك وأَهْل الْمَدِيْنَة وسُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ والشَّافِعِيّ وأَصْحَابه وأَحْمَد وأَبُوْعُبَيْدٍ: لَا تحل له حَتَّى تنكح زوجا غيره وروي عَنِ ابْنِ عَبَّاس وغير واحد من التابعين أَنَّهُم قَالُوْا: إِذَا طلقها

ثلاثا قبل أن يدخل بِهَا فهي واحدة. وأكثرأَهْل الْحَدِيْث عَلَى الْقَوْل الأول وكَانَ إِسْحَاق يقول: طلاق الثلاث البائن واحدة ويتأول حَدِيْث طاوس عَنِ ابْنِ عَبَّاس: " كَانَ الطلاق الثلاث عَلَى عهد رَسُوْل اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وعمر يجعل واحدة" عَلَى هَذَا قَالَ أَحْمَدُ: روى أَصْحَاب ابْن عَبَّاس كلهم عَنِ ابْنِ عَبَّاس خلاف ما روى طاوس ودفع هَذَا الْحَدِيْث

[طلاقغير المدخول بها ثلاثا بألفاظ]

[طلاقغَيْر المدخول بِهَا ثلاثا بألفاظ] 103- فإن قَالَ لها ولم يدخل بها: أنت طالق أَنْتَ طالق أَنْتَ طالق فإن سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ والشَّافِعِيّ وأبا عُبَيْد قَالُوْا: بانت منه بالأولى

[طلاق المدخول بها بكلمات]

ولَيْسَ الاثنتان بشيء لِأَنَّغَيْر المدخول بِهَا تبين بواحدة فلا عدة عليها فَإِذَاهي بانت بالطلقة ثُمَّ قَالَ: لها أَنْتَ طالق فإنها وقع الطلاق عَلَى امرأة أجنبية فلا يقع عليها وَقَالَ مَالِكٌ وربيعة وأَصْحَاب الرَّأْيِ وأَهْل الْمَدِيْنَة والْأَوْزَاعِيّ وابن أبي لَيْلَى إِذَا قَالَ: لها ثلاث مرات أَنْتَ طالق سبقا متتابعا حرمت عَلَيْهِ حَتَّى تنكح زوجا غيره فإن هو سكت فيما بين الطلقتين بانت بالأولى ولم تلحقها الثانية. [طلاق المدخول بِهَا بكلمات] 104- ولا اختلاف بين أَهْل العلم أَنَّهُا إِذَا كانت مدخولا بِهَا فقَالَ لها أَنْتَ طالق أَنْتَ طالق أَنْتَ طالق سكت أَوْ لم يسكت فيما بينهما عنها طالق ثلاثا إِلَّا أن يريد تكرار الكلام بقوله الثانية الثالثة وَاللهُ أَعْلَمُ

باب [المحرمات]

بَاب [المحرمات] [زواج الْمَرْأَة في عدة أختها] 105- اخْتَلَفُوْا فِي الرَّجُل يطلق امرأته ثلاثا هل له أن يتزوج أختها قبل أن تنقضي العدة أَوْ كن عنده أربع نسوة فطلق إحداهن هل له أن يتزوج أُخْرَى ما لم تنقض عدة المطلقة؟ فقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ ومَالك وأَهْل الْمَدِيْنَة والشَّافِعِيّ وأَبُوْعُبَيْدٍ: إِذَا طلق الرَّجُل امرأته تطليقة بملك الرحعة فلَيْسَ له أن يتزوج أختها لما لم تنقض عدتها وكذَلِكَ إن كانت عنده أربع نسوة فطلق إحداهن تطليقة يملك رجعتها لم يكن له أن يتزوج بأُخْرَى ما لم تنقض عدتها. وَقَالَ: فإن طلقها ثلاثا فلَا بَأْسَ أن يتزوج أختها من ساعته وكذَلِكَ إِذَا كن عنده أربع نسوة فطلق إحداهن ثلاثة فله أن يتزوج أُخْرَى من ساعته وقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: لَيْسَ له أن يتزوج

[الرجل يطلق امرأته ثم ترجع إليه على كم تكون؟]

أختها ما لم تنقض عدتها وكذَلِكَ إن كانت عنده أربع نسوة فطلق إحداهن فلَيْسَ له أن يتزوج أُخْرَى ما لم تنقض عدة المطلقة وسواء عندهم طلق ثلاثا أَوْ واحدة. [الرَّجُل يطلق امرأته ثُمَّ ترجع إِلَيْهِ عَلَى كم تكون؟] 106- واخْتَلَفُوْا فِي الرَّجُل يطلق امرأته تطليقة واحدة أَوْ اثنتين ثُمَّ تزوجت زوجا غيره ثُمَّ رجعت إِلَى الْأَوَّل عَلَى كم تكون عنده؟ فقَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَة وابْن أَبِيْ لَيْلَى والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وأَبُوْعُبَيْدٍ وإِسْحَاق: هي عنده ما بيقي من الطلاق. وروي هَذَا الْقَوْل عَن عُمَر وعلي وأبي بن كعب وغيرهم وَقَالَ بعض أَصْحَاب الرَّأْيِ: إِذَا رجعت عَلَيْهِ فهي عنده

[خيار الأمة إذا أعتقت]

على ثلاث تطليقات. وروي هَذَا الْقَوْل عَنِ ابْنِ عَبَّاس وابن عمر قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: والْقَوْل الْأَوَّل أقوى. [خيار الأمة إِذَا أعتقت] 107- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَازوج الرَّجُل أم ولده أَوْ مدبرته أَوْ مكاتبته ثُمَّ أدركها عتق خيرت فإن شاءت كانت مَعَ زوجها حرا أَوْ عبدا وإن شاءت فارقته. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فأما أم الولد فإن مَالكا وأَهْل الْمَدِيْنَة قَالُوْا: لَيْسَ للرجل أن يزوج أم ولده رضيت أم لم ترض وَهُوَ قَوْل أَبِيْ ثَوْرٍ.

[والشَّافِعِيّ] . وقَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وكذَلِكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يحيى النَّيْسَابُوْرِيّ حَدَّثَنَا أَبُوْ نعيم قَالَ: حَدَّثَنِيْ اللَّيْث حَدَّثَنِيْ يزيد ثُمَّ رجع عنه بمصر فقَالَ عَلَى قَوْل سُفْيَان فِي أن له أن يزوجها. وأما الأمة مدبرة كانت أَوْ مكاتبة أَوْ لم تكن فإنها إِذَا زوجت ثُمَّ اعتقت فإن مَالكا وأَهْل الْمَدِيْنَة قَالُوْا: تخير تحت العبد ولا تخير تحت الحر. وروي أن زوج بريرة كَانَ عبدا.

وكذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق. وأما أَهْل الْكُوْفَة فردوا أن زوج بريرة كانوا حرا فقَالُوْا: تخير تحت العبد والحر جميعا

[متى تبين الحرة إذا طلقت تطليقة أو تطليقتين؟]

[مَتَى تبين الحرة إِذَا طلقت تطليقة أو تطليقتين؟] 108- واخْتَلَفُوْا فِي الرَّجُل يطلق امرأته وهي حرة تطليقة أَوْ تطليقتين مَتَى تبين منه فقَالَ سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ: هو أحق برجعتها ما لم تغتسل من آخر ثلاث حيض، وإن انقطع الدم فَهُوَ أحق بِهَا ما لم تغتسل. ووافقهم علي ذَلِكَ أَبُوْعُبَيْدٍ وهَذَا مذهب من جعل القرء الحيض

وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: الأقراء: الأطهار. فَإِذَاطلق الرَّجُل امرأته تطليقة فَهُوَ أملك برجعتها ما لم تدخل فِي الحيضة الثالثة فَإِذَاطعنت فِي الحيضة فقد بانت منه وحلت للأزواج وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وأَصْحَابه وكَانَ إِسْحَاق يَقُوْل فيه قولا ثالثا فقال: إِذَا دخلت فِي الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها ولا يحل لها أن تزوج حَتَّى تغتسل من حيضها. وكَانَ يروى هَذَا عَن الدراوردي عَن ثَوْرٍ عَن عكرمة عَنِ ابْنِ عَبَّاس

قَالَ أَصْحَاب الرَّأْيِ: إِذَا طهرت ثُمَّ أخرت الغسل إِلَى أن يمضي وقت صَلَاة بانت من زوجها وحلت للأزواج وإن لم تغتسل. وَقَالَ شَرِيْك: إن فرطت فِي الغسل عشرين سنة فله عليها الرجعة ما لم تغتسل. وَقَالَ سعيد بْن جبير: إِذَا رأت الطهر بانت وإن لم تغتسل وقَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: أذهب إِلَى قَوْل مَالك

[باب نكاح العبيد]

[بَاب نكاح الْعَبِيْد] 109- واخْتَلَفُوْا-وكذَلِكَ قَالَ ابْن شُبْرُمَةَ-كم يتزوج المملوك؟ فقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ والشَّافِعِيّ وأَحْمَد: لَا يتزوج المملوك إِلَّا امرأتين حرتين أَوْ مملوكتين ولا يتزوج إِلَّا بإذن مواليه. وَقَالَ مَالِكٌ وربيعة وأَهْل الْمَدِيْنَة: للمملوك أن يتزوج أربعا. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْثَوْرٍ

110- واخْتَلَفُوْا فِي المملوكة إِذَا طلقت تطليقة أَوْ تطليقتين ثُمَّ أدركتها العناقة فِي عدتها فقَالَ سُفْيَانُ: إِذَا طلق الرَّجُل المملوكة واحدة ثُمَّ أردكتها العتاقة فعدتها عدة المملوك. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَهُوَ قَوْل أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ. روي ذَلِكَ عَن الْحَسَن والشعبي وإِبْرَاهِيْم قَالَ عَطَاء وعَمْرو بْن دينار: وإِذَااعتقت وهي فِي العدة اعتدت عدة الحرة واحتسبت مما مضى من عدتها طلقت طلقة أَوْ أكثر من ذَلِكَ. وحكى ابْن جريج قَالَ: قَالَ ابْن أَبِيْ لَيْلَى: أشياخنا عَلَى ذَلِكَ كما قَالَ عَمْرو بْن دينار وإن بت طلاقها أَوْ لم يبت. وهَذَا آخر قَوْل الشَّافِعِيّ

وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا طلقها تطليقة أَوْ تطليقتين ثُمَّ اعتقت فِي العدة فعدتها عدة الأمة لَا تنتقل بالاختلاف إِلَى عدة الحرة. وكذَلِكَ قَالَ أبوثَوْرٍ لِأَنَّ العدة لزمتها وهي أمة فلا تسقط بالاختلاف وعدة الأمة قرءان تحت حر كانت أَوْ تحت عبد وعدة الحرة ثلاث قروء تحت عبد كانت أَوْ تحت حر. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وسواء فِي ذَلِكَ كَانَ زوج المملوكة حرا أَوْ عبدا لأنهم لم يختلفوا أن العدة بالنساء

[باب طلاق الحر والعبد]

[بَاب طلاق الحر والعبد] [هل الطلاق بالرجال أم بالنساء؟] 111- وإنما اخْتَلَفُوْا فِي الطلاق فقَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَة والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبُوْثَوْرٍ: الطلاق بالرجال والعدة بالنساء؛ فَإِذَاطلق الحر أمته وهي حرة أَوْ مملوكة فطلاقها سواء ثلاث تطليقات وإن طلقها واحدة أَوْ اثنتين فَهُوَ أملك برجعتها ما كانت فِي العدة وإن طلقها ثلاثا لم تحل له حَتَّى تنكح زوجا غيره. وإِذَاطلق العبد امرأته وهي حرة أَوْ مملوكة فطلاقه تطليقتين فإن طلقها تطليقتين حرمت عَلَيْهِ ولا تحل له حَتَّى تنكح زوجا غيره فإن طلقها واحدة فَهُوَ أملك برجعتها ما دامت فِي العدة. وعدة الأمة قرءان تحت عبد كانت أَوْ حر. وهَذَا قَوْل عثمان بْن عفان وزيد بْن ثابت

وعَائِشَة وابن عَبَّاس "إن الطلاق بالرجال" وقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: الطلاق والعدة جميعا بالنساء فَإِذَاطلق الحر امرأته وهي أمة تطليقتين حرمت عَلَيْهِ حَتَّى تنكح زوجا غيره. وعدتها حيضتان وإِذَاطلق العبد امرأته وهي حرة تطليقتين لم تحرم منه بتطليقتين حَتَّى يطلقها ثلاثا فَإِذَاطلقها ثلاثا حرمت عَلَيْهِ حَتَّى تنكح زوجا غيره وعدتها ثلاث حيض. وهَذَا قَوْل علي بْن أبي طالب وابن مسعود وروي عَنِ ابْنِ عُمَر قَوْل ثالث إن الطلاق بأيهما رق- يعني الزوجين- أيهما كَانَ مملوكا الرَّجُل أَوْ الْمَرْأَة فطلاقه

[باب إسلام أحد الزوجين]

تطليقتان وَهُوَ قَوْل الْأَوْزَاعِيّ. [بَاب إسلام أحد الزوجين] [إِذَاأسلمت النَّصْرَانِيّة فما حكم الزوج؟] 112- واخْتَلَفُوْا فِي النَّصْرَانِيّة إِذَا أسلمت وزوجها نصراني فقَالَ مَالِكٌ والْأَوْزَاعِيّ: إِذَا أسلمت امرأة النَّصْرَانِيّ فمَتَى ما أسلم الزوج قبل أن تنقضي عدتها فَهُوَ أحق بِهَا وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وأَبُوْعُبَيْدٍ وإِسْحَاق سواء عندهم كَانَ فِي دار الإسلام أَوْ فِي دار الحرب أَوْ افترق دارهما

قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا تزوج النَّصْرَانِيّ بالنَّصْرَانِيّة فأسلمت عرض عَلَى زوجها الإسلام فإن أسلم فهما عَلَى نكاحهما وإن أبى أن يسلم فرق بينهما فعن دخل بِهَا فلها المهر فإن لم يكن دخل بِهَا فلها نصف المهر وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا كانا جميعا فِي دار الإسلام فَإِذَاعرض عَلَيْهِ الاسلام فإن أبى أن يسلم فرق بينهما الحاكم فإن أسلمت الْمَرْأَة ثُمَّ لحق الزوج بدار الحرب

فخرجا أَوْ واحدا منهما عَلَى دار الإسلام فَهُوَ أحق بِهَا إن أسلم قبل أن تنقضي عدتها فَإِذَاانقضت عدتها فلا سبيل له عليها. هَذَا كله قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ وروي عَن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيْزِ والْحَسَن وعكرمة والحكم: إِذَا أسلمت بانت من زوجها من ساعتها فإن أسلم بَعْد ذَلِكَ فَهُوَ خاطب لَا تحل له إِلَّا بنكاح جديد وَهُوَ قَوْل ثور قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: هَذَا أصح الأقاويل عندنا فِي النظر. وَاللهُ أَعْلَمُ.

[إذاأسلم المجوسي وأبت زوجته الإسلام]

[إِذَاأسلم المجوسي وأبت زوجته الإسلام] 113- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أسلم المجوسي وتحته المجوسية ولم يكن دخل بِهَا فأبت أن تسلم فلَيْسَ لها مهر وَقَالَ إن أسلمت تحت مجوسي فأبى أن يسلم ولم يكن دخل بِهَا فلها نصف المهر. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي كلا المسألتين وإنما فرقوا بين المسألتين لِأَنَّ قولهم: " كُلّ فرقة جاءت من قبل الْمَرْأَة ولم يكن دخل بِهَا الزوج فلَيْسَ لها صداق" وذَلِكَ كالأمة تعتق وهي تحت عبد أَوْ حر فتخير فتختار الفراق فإن لم يكن دخل بِهَا زوجها فلا صداق لها لِأَنَّ الفرقة جاءت من قبلها. وكذَلِكَ كُلّ ما أشبه هَذَا. وكل فرقة جاءت من قبل الزوج وإن لم يكن دخل بِهَا فلها نصف المهر" قَالُوْا فِي المجوسيين إِذَا أسلمت الْمَرْأَة قبل الرَّجُل فأبى الرَّجُل أن يسلم فإنها جاءت الفرقة من قبل الرَّجُل لأنه أبى الإسلام ولو أسلم لكانت امرأته فجعلوا لها نصف المهر إِذَا أبى أن يسلم وإِذَاأسلم الرَّجُل وأبت أن تسلم هي فلا مهر لها لِأَنَّ الفرقة جاءت من قبلها إِذَا امتنعت من الإسلام فلو أسلمت كانت امرأته وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ مثل قولهم فِي أن الفرقة إِذَا جاءت من قبل الْمَرْأَة فلا مهر لها وإِذَاجاءت من قبل الزوج فلها نصف المهر إلا

أنه قَالَ في المجوسيين إِذَاأسلم أحدهما قبل الآخر بضد ما قَالُوْا فقال: إِذَا أسلمت الْمَرْأَة قبل الرَّجُل ولم يكن دخل بِهَا فقد وقعت القرقة بينهما من ساعتهما لأنه لَا عدة عليها ولا مهر لها لِأَنَّ الفرقة جاءت من قبلها وإِذَاأسلم الرَّجُل قبلها وقعت الفرقة ساعة أسلم ولها نصف المهر لِأَنَّ الفرقة جاءت من قبله. وَقَالَ مَالِكٌ: أيهما أسلم قبل صاحبه ولم يكن دخل بِهَا لَا صداق لها وَقَالَ طَائِفَة أُخْرَى: لها نصف الصداق فِي كلا الحالتين. وكَانَ أَبُوْعُبَيْدٍ يذهب إِلَى هَذَا وَهُوَ قَوْل أَبِيْ ثَوْرٍ قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: هَذَا أصح إن كَانَ دخل بِهَا فلا اختلاف بينهما أيهما أسلم فلها المهر كاملا فأما من زعم أن لها المهر كاملا أيهما أسلم قبل صاحبه وإن لم يكن دخل بِهَا فهَذَا قَوْل شاذ لم يقل بِهِ أحد من السلف

المهر في نكاح التفويض

[المهر في نكاح التفويض] 114- واخْتَلَفُوْا فِي الرَّجُل يتزوج الْمَرْأَة ولم يسم لها صداقا ثُمَّ مَاتَ قبل أن يدخل بِهَا أَوْ ماتت المرأة فقَالَ مَالِكٌ والْأَوْزَاعِيّ وأَهْل الْمَدِيْنَة والشَّافِعِيّ: أيهما مَاتَ قبل صاحبه ورثه الآخر ولا مهر لها. وروي ذَلِكَ عَن علي بْن أبي طالب وزيد بْن ثابت وابن عَبَّاس وابن عُمَر وعَائِشَة رضي الله عنهم أجمعين. وقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: لها مهر نسائها إِذَا مَاتَ الزوج وعليها العدة ولها الميراث وَقَالُوْا فإن هي ماتت ولم يسم لهامهرا وإن لم يكن دخل بِهَا فلها مهر

نسائها وَهُوَ يرثها. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد وأَبُوْعُبَيْدٍ وإِسْحَاق وأَبُوْ ثَوْرٍ فيهما جميعا واحتجوا بحَدِيْث بروع بنت واشق

عدة امرأة المفقود

[عدة امرأة المفقود] 115- واخْتَلَفُوْا فِي امرأة المفقود كم تربص؟ فقَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَة وأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبُوْعُبَيْدٍ: تتربص امرأة المفقود أربع سنين ثُمَّ تتزوج. ورووا ذَلِكَ عَن عُمَر بْن الخطاب وعثمان ابن عفان وعلي بْن أبي

[باب طلاق السكران والمكره وعتقهما]

طالب وابن عُمَر وابن عَبَّاس رضي الله عنهم. وقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: إِذَا فقد الرَّجُل تربصت امرأته حَتَّى تعلم موته وهَذَا أحد قولي الشَّافِعِيّ. ورووا ذَلِكَ عَن علي بْن أبي طالب [بَاب طلاق السكران والمكرَه وعتقهما] [طلاق السكران وعتقه] 116- واخْتَلَفُوْا فِي أحكام السكران فقَالَ سُفْيَانُ والْأَوْزَاعِيّ ومَالك وعامة أَهْل الكوفة: عتقه وطلاقه

جائز وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَبُوْعُبَيْدٍ. وَقَالَ ربيعة وعُبَيْد الله بْن الْحَسَن واللَّيْث بْن سعد وإِسْحَاق وأَبُوْثَوْرٍ: لَا يجوز طلاقه ولا عتقه؛ واحتجوا بحَدِيْث عثمان وجعلوه قياسا عَلَى طلاق المجنون

فأما أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ فَإِنَّهُ يقف فِي كُلّ أحكام السكران الطلاق والعتاق وغيره

من هو السكران؟

[من هو السكران؟] 117- وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: السكران الذي لَا يعقل الرَّجُل من الْمَرْأَة ولا السمَاء من الأرض. وقَالَ سُفْيَانُ: السكر اختلاس العقل وَقَالَ: كَانَ لَا يجلد حَتَّى يختل عقله فإن استقرئ وتكلم فخلط فِي قراءته فتكلم بما لَا يعرف جلد وإن أقام القِرَاءَة وتكلم بما يعرف لم يجلد. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل: إِذَا تغير عقله إن حال صحته فَهُوَ سكران. ورأيت إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيْم يَقُوْل نحو هَذَا وينكر قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ ويحتج بحَدِيْث عَطَاء بْن السائب عَن أبي عَبْد الرَّحْمَن السلمي عَن علي شربنا عِنْدَ رجل من الأنصار فأنزل الله تَعَالَى: {لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى [النساء: 43}

باب الرضاع

بَاب الرضاع [الرضاع المحرم] 118- قَالَ سُفْيَانُ: ما كَانَ من رضاع قليل أَوْ كثير أَوْ سعوط أَوْ وجور فِي الحولين فَهُوَ يحرم وما كَانَ بَعْد الحولين فلا يحرم. وَهُوَ قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ فِي قليل الرضاع وكثيره يحرم. وكذَلِكَ قَالَ مَالك

وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: لَا يحرم دون خمس رضعات" ذهب إِلَى حَدِيْث عَائِشَة أَنَّهُا قالت: كَانَ فيما أنزل الله من القرآن: وعشر رضعات يحرمن" ثُمَّ نسخن "بخمس معلومات" قالت: فهن مما يقرأ من القرآن". وَقَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ: لا تحرم المصة والمصتان يعني علي حَدِيْث النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما جاوز ذَلِكَ فَهُوَ يحرم. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ مثل قَوْل أبي عُبَيْد وَقَالَ إِسْحَاقُ: لَا أحرم دون خمس رضعات

باب في النفقة

بَاب فِي النفقة [نفقة المطلقة ثلاثا وسكناها] 119- واخْتَلَفَأَهْل العلم فِي المطلقة ثلاثا هل لها السكنى والنفقة أم لا؟ فقَالَ مَالِكٌ والْأَوْزَاعِيّ وأَهْل الْمَدِيْنَة والشَّافِعِيّ وأَبُوْعُبَيْدٍ: لها السكنى ولا نفقة لها. واحتجوا فِي إيجاب السكنى وإبطال النفقة لها بقول الله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق: 6} قَالُوْا: فعم بالسكنى المطلقات كلهن ولم يخص منهن مطلقة دون أُخْرَى وخص بالنفقة أولات الأحمال خاصة فدل ذَلِكَ عَلَى أنغَيْر الحامل لَا نفقة لها لِأَنَّ النفقة لو وجبت لغير الحوامل لعمهن جيمعا بالنفقة كما

عمهن بالسكنى. واحتجوا بحَدِيْث فاطمة بنت قيس أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يجعل لها نفقة. قَالُوْا: فأما أمره إياها بالانتقال [31/أ] فذَلِكَ لعلة. واخْتَلَفُوْا فِي علته: فروى هشام بْن عروة عَن أبيه عَن فاطمة بنت قيس أَنَّهُا قالت: يا رَسُوْل اللهِ! إن زوجي طلقني ثلاثا وإني فِي دار أخاف أن يقتحم علي فيها" فقَالَ لها رَسُوْل اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انتقلي. وَقَالَ سعيد بْن المسيب: تلك امرأة استطالت عَلَى أحمائها بلسانها فأمرها النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تنتقل. وَعَلَى هَذَا تأولت عَائِشَة رضي الله عنها انتقالها وَقَالَ ابْن عَبَّاس فِي قوله تَعَالَى:

: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ [الطلاق: 1} قَالَ: إلا أن تبذو عَلَى أَهْل زوجها بلسانها فتخرج" فقَالُوْا: إنما أمرت بالانتقَالَ لهَذِهِ العلة. قَالَ: وإنما أنكر عُمَر بْن الخطاب وغيره من أَصْحَاب رَسُوْل اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليها فِي روايتها أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرها بالانتقَالَ ولم ينكروا النفقة لِأَنَّ السكنى له أصل فِي الْكِتَاب ولَيْسَ للنفقة أصل فِي الْكِتَاب، ولذَلِكَ قَالَ عمر: لَا ندع كتاب الله ولا سنة نبينا لقول امرأة" وإنما أراد السكنى لَا النفقة

وقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: لها السكنى والنفقة جميعا. واحتجوا فِي السكنى مثل ما احتج بِهِ أَهْل الْمَدِيْنَة. واحتج محتجهم فِي النفقة بأن قَالُوْا: وجدنا للحامل النفقة فِي الْكِتَاب فشهبواغَيْر الحامل بالحامل. وَقَالَ طَائِفَة أُخْرَى: لَيْسَ للمطلقة ثلاثا سكنى ولا نفقة. يروى هَذَا عَن جماعة من أَصْحَابِ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتابعين. وَهُوَ قَوْل أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ وأبي ثور. وكَانَ هَذَا آخر فتيا إِسْحَاق

قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وأحب الأقوال إلي قَوْل مَالك. [إكراه العبد عَلَى النكاح] 120-قَالَ سُفْيَانُ: لَا بَأْسَ أن يكره الرَّجُل عبده ووليدته عَلَى النكاح. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: له أن يكره أمته ولَيْسَ له أن يكره عبده. وَقَالُوْا: إن زوج أمته بغير رضاها

فالنكاح جائز عليها وإن زوج عبده بغير رضاه فلم يجز النكاح عليه. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَبُوْثَوْرٍ. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وهذ الْقَوْل أحب إلي. [نكاح الحر المملوكة الكافرة] 121-قَالَ سُفْيَانُ: يكره أن يتزوج المسلم المملوكة النَّصْرَانِيّة والْيَهُوْدِيّة لِأَنَّ الله عز وجل قَالَ: {مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ [النساء: 25} وَقَالَ مَالِكٌ والْأَوْزَاعِيّ والشَّافِعِيّ

وأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبُوْثَوْرٍ: لَا يجوز أن يتزوج المسلم بالأمة [32/أ] الْكِتَابية. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا بَأْسَ أن يتزوج بالأمة الْيَهُوْدِيّة والنَّصْرَانِيّة.

[بَاب خيار العيب في النكاح] [أثر العيب في النكاح] 122- واخْتَلَفُوْا فِي رد العيب فِي النكاح: فقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: لَا ترد الْمَرْأَة من عيب ولا الرَّجُل، ولَيْسَ ينبغي لهم أن يدلسوا. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَالشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُُ وأَبُوْعُبَيْد: لا ترد بشيء من العيوب إِلَّا بالعيب الذي ذكرت عَن عُمَر بْن الخطاب وهي: الجنون والجذام والبرص. وَقَالَ بعضهم: والرتق فإنه

إِذَاوجد بِهَا أحد هَذِهِ العيوب الأربعة فَهُوَ بالخيار إن شاء فسخ وإن شاء أقام معها فإن هو فسخ النكاح ولم يدخل بِهَا فلا مهر لها. وإن دخل بِهَا فلها المهر. [على من يرجع الزوج بالمهر؟] 123- اخْتَلَفُوْا فِي المهر هل يرجع عَلَى من غره أم لا؟ ففي حَدِيْث عُمَر بْن الخطاب أَنَّهُ قَالَ: يرجع بالمهر عَلَى وليه الذي غره منها وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَس: إن كَانَ الذي زوجه أب أَوْ أخ أَوْ من يَرَى أَنَّهُ يعلم ذَلِكَ يرجع بذَلِكَ عليه، وإن كَانَ ابْن عم أَوْ رجلا من العشيرة أَوْ مولى ممن لَا يَرَى أَنَّهُ يعلم بذَلِكَ ردت المرأة [32/ب] عَلَيْهِ ما أخذت وتَرَكَ لها أقل ما يستحل بِهِ الفرج. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ والْأَوْزَاعِيّ: يرجع بالمهر عَلَى الولي إن كَانَ قد علم بذَلِكَ فإن ادعى أَنَّهُ لم يعلم حلف فلم يرجع عَلَيْهِ بشيء. وكَانَ الشَّافِعِيّ يَقُوْل بهَذَا وَهُوَ ببغداد: له أن يرجع بالمهر عَلَى الذي غره ثُمَّ قَالَ بمصر: إِذَا دخل بِهَا فلها المهر ولا يرجع بِهِ عَلَى أحد لِأَنَّ المهر عوض من الوطء واحتج بحَدِيْث عَائِشَة عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أيما امرأة نكحت بغير بإذن وليها فالنكاح باطل ولها المهر بما استحل من فرجها" وَقَالَ أَحْمَدُ: يرجع بالصداق

على من غره قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: لا يرجع بالصداق عَلَى الولي وإن علم الولي بذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصداق إنما وجب عَلَيْهِ عوضا من الْوَطْء فَإِذَاكَانَ الصداق عوضا من الْوَطْء فالْوَطْء عوض منه فَإِذَاكَانَ أحد عوضه فغير جائز أن يرجع بِهِ عَلَى أحد ولو وجب أن يرجع بِهِ عَلَى أحد لم يقض بِهِ إِلَّا عَلَى الْمَرْأَة لِأَنَّ الْمَرْأَة نفسيها قد غرته وهي كانت أعلم بنفسها من غيرها فلا يجوز أن تعطي هي وهي الغارة ويرجع بِهِ عَلَى غيرها. [إِذَاوجدت الْمَرْأَة عيبا في الرَّجُل] 124- وكذَلِكَ [33/أ] قَالُوْا في الرَّجُل إِذَا وجدت الْمَرْأَة بِهِ أحد هَذِهِ العيوب أَنَّهُابالخيار إن شاءت فسخت النكاح وإن شاءت أقامت معه وَهُوَ قَوْل مَالك والشَّافِعِيّ وأبي عُبَيْد. وقَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: أميل إِلَى هَذَا قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: فإن اختارت الْمَرْأَة فراقه ولم يكن دخل بِهَا فلا مهر لها، وإن اختارت فراقه بَعْد الدخول فإن الشَّافِعِيّ قَالَ: لها المهر ولها فراقه حَتَّى إِذَا لم تعلم بِهِ الْمَرْأَة حين دخل بها.

[بَاب الرجعة] [كَيْفَ تكون الرجعة؟] 125- واخْتَلَفُوْا فيمن يراجع امرأته فيجامعها أَوْ يقبلها أَوْ ينظر عَلَى فرجها لشهوة هل يكون بذَلِكَ مراجعة أم لا؟ فقَالَ سُفْيَانُ الثوري: إِذَا أراد أن يراجع إمرأته فليشهد رجلين عَلَى رجعتها وعن هو جامع ولم يشهد فقد راجع وهي امرأته وجماعه رجعة ولكن يشهد فإن قبل فهي رجعة ويستغفر. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَقَالُوْا: وكذَلِكَ إِذَا نظر إِلَى فرجها بشهوة فَهُوَ مراجعة نوى ذَلِكَ أَوْ لم ينو. قَالَ مَالِكٌ: إنما الرجعة الغشيان خاصة مَعَ نية المراجعة فإن لم يرد بِهِ مراجعة لم يكن ذَلِكَ مراجعة.

وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وأَبُوْثَوْرٍ: لَا تكون الرجعة إلا باللسان حَتَّى يَقُوْل قد راجعتك. وَقَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ: لَا تكون الرجعة إِلَّا بالغشيان خاصة والغشيان مراجعة نوى أم لم ينو ذَلِكَ. قَالَ الشَّافِعِيُُّ: فإن جامعها من قبل أن يراجعها فلها

عَلَيْهِ مهر مثلها وتستأنف العدة من الْجِمَاع وله عليها الرجعة ما لم تنقض عدتها من الطلاق وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا جامعها فقد راجعها. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: والقياس عِنْدِيْ أن لَا يكون رجعة إِلَّا باللسان وإن جامعها ونوى رجعة لم يكن رجعة. [المملوكة تبين من سيدها بالطلاق مَتَى تحل له؟] 126- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا كانت المملوكة تحت الحر فطلقها تطليقتين فبانت منه ثُمَّ اشتراها بَعْد ذَلِكَ فلا تقع عليها حَتَّى تنكح زوجا غيره فيدخل بِهَا وهَذَا قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: لَا بَأْسَ أن يقع عليها إِذَا اشتراها لِأَنَّ المملوكة إِذَا كانت تحت حر لَا تبين إِلَّا بثلاث تطليقات لِأَنَّ الطلاق عندهم بالرجال والرَّجُل حر فَإِذَاطلق ثلاثا ثُمَّ اشتراها لم تحل له أن يطأها حَتَّى تنكح زوجا غيره فيدخل بها

[إجبار الأم عَلَى الرضاع] 127- واخْتَلَفُوْافي إجبار الأم [34/أ] عَلَى إرضاع ولدها فقَالَ سُفْيَانُ: لَيْسَ للرجل أن يجبر الْمَرْأَة عَلَى الرضاع إِذَا كرهت كانت عنده أَوْ فارقها إِلَّا أن لَا يوجد له ظئر فإن لم يوجد له ظئر وخشي عَلَيْهِ أجبرت عَلَى رضاعه بأجر إن شاءت أخذت الأجر وإن شاءت لم تأخذه وتعطى أجر مثلها للرضاعة وَقَالَ يحيى بْن آدم: سألت شَرِيْكا عَن الرَّجُل تأبى عَلَيْهِ امرأته أن ترضع ولدها منه فقال: ذَلِكَ لها وعَلَيْهِ أن يستأجر لها ظئرا. فقلت: فإن جعل له الزوج أجرا عَلَى الرضاع وهي امرأته قَالَ: ذَلِكَ لها. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَيْسَ عَلَى الأم أن رضع ولدها كانت عنده أَوْ كانت مطلقة وَعَلَى الزوج أن يستأجر لولده ظئرا إِذَا أبت أن ترضع ولَيْسَ لها أن تأخذ أجرا من الزوج

إلا أن تكون مطلقة فإن كانت مطلقة فلها أن تأخذ الأجر وَقَالَ يحيى بْن آدم: سألت الْحَسَن بْن صَالِح أن الْمَرْأَة تأبى أن ترضع ولدها من الرَّجُل؟ فقال: لَيْسَ للزوج أن يجبر امرأته عَلَى رضاع ولده منها ما لم يطلقها لِأَنَّ عَلَيْهِ نفقتها وإنما يكون أجر الرضاع للمطلقة لِأَنَّ قوله تَعَالَى: {وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى [الطلاق: 6} فِي سورة الطلاق. وَقَالَ المطلقة أحق بولدها أن ترضعه. وَقَالَ أَبُوْثَوْرٍ: إِذَا كانت الْمَرْأَة عِنْدَ زوجها فعليها رضاع ولدها لقول الله عز وجل: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ [البقرة: 233}

ثم أخبر فِي المفارقة إِذَا أرضعت أن لها أجرا ثُمَّ قَالَ: {وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى [الطلاق: 6} فأبان حكم الزوجة من حكم المفارقة. قَالَ أَبُوْ الْفَضْل: وجدتُ فِي موضع آخر قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: هَذَا صحيح. [بَاب اختلاف الزوجين في متاع البيت عِنْدَ الفراق] [لمن المتاع عِنْدَ الفراق؟] 128- واخْتَلَفُوْا فِي متاع البيت إِذَا فارق الرَّجُل امرأته فقَالَ سُفْيَانُ: ما كَانَ من شَيْء يعرف أَنَّهُ للنساء فَهُوَ للمرأة وما كَانَ من سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ للرجل إِلَّا أن تقيم الْمَرْأَة البينة. قَالَ الشَّافِعِيُُّ: كل ما فِي أيديهم فَهُوَ بينهما نصفين وسواء فِي ذَلِكَ متاع الرجال والنساء إِلَّا أن يقيم أحد منهما بينة عَلَى شَيْء فيكون له وَهُوَ قَوْل أَبِيْ ثَوْرٍ. واختلف

أَصْحَاب الرَّأْيِ فِي ذَلِكَ؛ فقَالَ أَبُوْ حَنِيْفَةَ: ما كَانَ للرجل فَهُوَ للرجل وما كَانَ للنساء فَهُوَ للمرأة وما كَانَ للرجال والنساء فَهُوَ للباقي منهما الْمَرْأَة كانت أَوْ الرَّجُل والباقي للزوج فِي الطلاق. وَقَالَ أبويوسف: أعطها ما تجهز بِهِ مثلها والْفَضْل [35/أ] للزوج. وَقَالَ ابْنُ الْحَسَن: ما يكون لهما جميعا فَهُوَ للزوج عَلَى كُلّ حال. وَقَالَ ابْن أَبِيْ لَيْلَى: إِذَا مَاتَ الزوج أَوْ طلق فمتاع البيت كله للرجل إِلَّا الدرع والخمار وشبهه إِلَّا أن يقوم أحدهما بينة عَلَى دعواه. [نفقة الحامل بَعْد وفاة زوجها] 129- واخْتَلَفُوْا فِي نفقة الحامل بَعْد وفاة زوحها فقَالَ سُفْيَانُ وابْن أَبِيْ لَيْلَى: ينفق عليها من جميع المال حَتَّى تضع

وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ. وَهُوَ قَوْل شريح وإِبْرَاهِيْم النخعي والشعبي وحماد. وروي ذَلِكَ عَن عَبْد اللهِ وعلي وابن عُمَر رضي الله عنهم. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: لا ينفق علهيا إِلَّا من نصيبها. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْي، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ. وروي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاس وجابر وابن الزبير رضي الله عنهم. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ

[نفقة الصَّبِيّ إِذَا وضعته أمه] 130- واخْتَلَفُوْا فِي نفقة الصَّبِيّ إِذَا وضعت الْمَرْأَة حملها ولم يبلغ نصيب ما ينفق عَلَيْهِ عَلَى من تكون نفقته فقَالَ سُفْيَانُ: إِذَا وضعت الْمَرْأَة أنفق عَلَى الصَّبِيّ من نصيبه فإن لم يبلغ نصيب الصَّبِيّ ما ينفق عَلَيْهِ أجبرت العصبة الذين يرثونه عَلَى أن يسترضع الصَّبِيّ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يجبر عَلَى رضاع الصَّبِيّ ونفقته عَلَى ذي رحم محرم وَقَالَ الْحَسَنُ بْن صَالِح وابْن أَبِيْ لَيْلَى: يجبر عَلَى نفقة كُلّ وارث عَلَى قدر ميراثه عصبة كانوا أَوْ غيرهم

وهَذَا قَوْل أَحْمَد وإِسْحَاق وأبي ثور. وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَس: لَا يجبر عَلَى نفقة الصَّبِيّ إِلَّا الوالدين وَهُوَ

قول الشَّافِعِيّ. ومن قَالَ هَذَا تأول قوله تَعَالَى: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِك [البقرة: 233} من أن لَا تضار الوالدة بولدها إِلَّا عَلَى الرضاع والنفقة. [مَتَى يجب الصداق كاملًا؟] 131- واخْتَلَفَأَهْل العلم مَتَى يجب الصداق كاملا عَلَى الزوج؟ فقَالَ الثَّوْرِيُّ: إِذَا تزوج الرَّجُل فخلا بِهَا وأغلق بِهَا وأرخى الستار فلها المهر كاملا وإن لم يدخل بِهَا إِذَا جاء ذَلِكَ من قبله وعليها العدة جامع أَوْ لم يجامع

وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ والْأَوْزَاعِيّ وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا دخل [الرَّجُل] على امرأته فِي بيتها صدق عليها وإِذَادخلت [عليه] فِي بيته صدقت فِي المسيس. فظاهر الآية أن من طلقت قبل المسيس لَيْسَ لها إلا نصف المهر. والخلوة لَيْسَت بمس.

وَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَاأغلق البَاب وأرخى الستار فقد وجب الصداق وذهب عَلَى حَدِيْث عُمَر وعلي وزيد بْن ثابت وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: لَا يجب الصداق الكامل إِلَّا بالمسيس ولا تجب العدة لقول الله عز وجل: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب: 49} وهَذَا قَوْل أَبِيْ ثَوْرٍ. وَقَالَ جل ثناؤه فِي الصداق [36/أ] : {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ [البقرة: 237}

وهَذَا الْقَوْل يروى عَن عَبْد اللهِ بْن مسعود وابن عَبَّاس وجابر وشريح وطاوس رضي الله عنهم. [بَاب الخلع] [عدة المختلعة] 132- قَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَاب الرَّأْيِ ومَالك واللَّيْث بْن سعد والشَّافِعِيّ وأَحْمَد بْن حَنْبَلٍ: عدة المختلعة إن كانت ممن تحيض ثلاث حيض وإن كانت ممن يئسن من الحيض فثلاثة أشهر

ويروى هَذَا الْقَوْل عَن عُمَر وعلي رضي الله عنهما. وَقَالَ إِسْحَاق وأَبُوْثَوْرٍ: عدتها حيضة. ويروى هَذَا الْقَوْل عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حَدِيْث هشام بْن يوسف عَن معمر عَن عَمْرو بْن مسلم عَن عكرمة عَنِ ابْنِ عَبَّاس أن امرأة ثابت بْن قيس اختلعت منه فجعل النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عدتها حيضة. وروى عبد الرزاق عَن معمر عَن عَمْرو بْن مسلم عَن عكرمة مرسلا. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وأنا أذهب فِي هَذَا إِلَى أن عدتها ثلاثة أقراء لِأَنَّ الأمة قد اجتمعت عَلَى أن كُلّ مفارقة سِوَى المختلعة مطلقة كانت أَوْ غير مطلقة أن عدتها ثلاثة قروء وكذَلِكَ المختلعة قياسا من المفارقات.

[هل الخلع طلاق أم فسخ؟] 133- قَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: الخلع تطليقة بائنة لَا يملك رجعتها ويخطبها فِي عدتها ولا يخطبهاغَيْر زوجها. وكذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: الخلع فرقة ولَيْسَ بطلاق إِلَّا أن يسمى طلاقا فإن سمى تطليقة فهي تطليقة بائنة وإن سمى أكثر فَهُوَ ما سمى

وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ فِي آخر قوله: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا خلع امرأته نوى الخلع طلاقا أَوْ سماه فَهُوَ طلاق فإن كَانَ قد سمى واحدة فهي واحدة بائنة وإن لم ينو طلاقا ولا سماه لم تقع الفرقة. وَقَالَ أَبُوْثَوْرٍ: إِذَا لم يسم طلاقا فانخلع فرقة ولَيْسَ بطلاق فإن سمى تطليقة واحدة فهي واحدة والزوج مَالك برجعتها ما دامت فِي العدة واخْتَلَفُوْا فِي المشرك يسلم وعنده أكثر من أربعة نسوة فقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: إِذَا أسلم الرَّجُل المشرك وعنده ثمان نسوة أَوْ تسع أَوْ عشر فإن كَانَ نكحهن جميعا فِي عقد فرق بينه وبينهن وإن كَانَ نكح واحدة بَعْد الأُخْرَى حبس أربعا منهن الأولى فالأولى وتَرَكَ سائرهن

وكذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وأَبُوْعُبَيْدٍ: يختار منهن سِوَى نكحهن فِي عقدة واحدة أَوْ واحدا [37/أ] بَعْد واحد. وكذَلِكَ إِذَا أسلم وعنده أختان فاختار منهما أيتهما شاء وفي قَوْل سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ تحبيس فهما 5 وذهب مَالك والشَّافِعِيّ عَلَى حَدِيْث غيلان بْن سالم أَنَّهُ أسلم وعنده عشر نسوة فأمره النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتخير منهن أربعا وحَدِيْث فيروز الديلمي أسلم وعنده أختان فأمره النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يختار أيتهما شاء

[بَاب أحكام المرتد] [في ميراث المرتد وقتله] 135- واخْتَلَفُوْا فِي ميراث المرتد فقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: إِذَا ارتد الرَّجُل عَن الإسلام عرض عَلَيْهِ الإسلام فإن أبى أن يسلم قتل وميراثه لولده المسلمين

وَقَالَ ربيعة بْن أبي عَبْد الرَّحْمَن وابْن أَبِيْ لَيْلَى: ميراث المرتد فيء. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ وأَبُوْثَوْرٍ. وَقَالَ قتادة: ميراثه لورثته من أَهْل ملته. [في قتل المرتدة] 136- واخْتَلَفُوْا فِي قتل المرتدة إِذَا ارتدت عَن الإسلام فقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: إِذَا ارتدت الْمَرْأَة حبست ولم تقتل وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ

وأَبُوْعُبَيْدٍ: تقتل الْمَرْأَة إِذَا ارتدت عَن الإسلام لقول النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بدل دينه فاقتلوه لحَدِيْث ابْن عَبَّاس قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: على هَذَا أذهب. [إِذَاأسلمت الأمة الموطوءة] 137- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا هي أسلمت عرضت عَلَيْهِ الإسلام فإن أسلم كانت أم ولده فإن أبى أن يسلم قومت عَلَيْهِ قيمتها فسعت فِي قيمتها وإن أسلم بَعْد ذَلِكَ فلَيْسَ له أن يأخذها أم ولد له ولكن تسعى له فإن مَاتَ قبل أن تؤدي فليسى عليها شَيْء وهي حرة. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. ويروى

هَذَا عَن الْحَسَن. وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْد الْعَزِيْزِ يؤدى عَلَيْهِ قيمتها من بيت المال وتعتق وَقَالَ مَالِكٌ هي حرة ولا شَيْء عليها وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ تسعى فِي نصف قيمتها وهي حرة وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْن الْحَسَن: تؤدي عَلَيْهِ فِي كُلّ يوم قيمة خدمتها فإن هي أدت فِي قيمة الخدمة ما يبلغ قيمة رقبتها قبل أن يموت مولاها فهي حرة وإن مَاتَ مولاها قبل أن تؤدي قيمة رقتبها عتقت وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا أسلمت حولت عنه وأخذ بالنفقة عليها وله أن يستعملها فيما شاء وهي معتزلة عنه ويؤاجرها عَلَى أن يموت فَإِذَامات فهي حرة قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: أذهب عَلَى هَذَا ولا أعلم بين أَهْل العلم اختلاف أن الرَّجُل إِذَا مَاتَ عَن أم ولده فلَا بَأْسَ أن تطيب وتخرج وتخضب ولا تتزوج حَتَّى تمضي عدتها

[عدة أم الولد من الوفاة أو العتق] 138- واخْتَلَفُوْا فِي عدتها من وفاة سيدها ومن عتقه إياها فقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: عدتها ثلاث حيض فِي الوفاة والعتق جميعا وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَالشَّافِعِيُّ وأَبُوْعُبَيْدٍ وأَبُوْ ثَوْرٍ وأَحْمَد: عدتها حيضة فِي العتق والوفاة. وذهبوا إِلَى حَدِيْث ابْن عمر. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُُّ: عدتها فِي الوفاة أربعة أشهر وعشرا، وفي العتق ثلاث حيض. وكذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ واحتج بحَدِيْث عَمْرو بْن العاص: لا تلبسوا علينا

سنة نبينا عدة أم الولد إِذَاتوفي عنها سيدها أربعة أشهر وعشرا. وضعف أَحْمَد وأَبُوْعُبَيْدٍ حَدِيْث عَمْرو بْن العاص ولم يثبتاه. [في كنايات الطلاق] بَاب اعتدي [الطلاق باعتدي وأخواتها] 139- قَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ إِذَاقَالَ الرَّجُل لامرأته: اعتدي وَهُوَ ينوي ثلاثا فهي واحدة ويكون أحق بها. وقول أَهْل الرَّأْيِ فِي المكني كله-سوى اعتدي- إن نوى ثلاثا فَهُوَ ثلاث وإن نوى واحدة فهي واحدة بائنة وَقَالُوْا

في"اعتديط واحدة يملك الرجعة. وهَذَا تناقض. [بَاب النية في الطلاق] [إِذَاطلق ونوى ثلاثًا] 140- واخْتَلَفُوْا فِي الرَّجُل يَقُوْل لامرأته أَنْتَ طالق وَهُوَ ينوي ثلاثا فقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَابُ الرَّأْيِ: هي واحدة وَهُوَ أحق بها. ووافقهم عَلَى هَذَا الْقَوْل ِ الْأَوْزَاعِيُّ

وأَحْمَد بْن حَنْبَلٍ وأَبُوْ ثَوْرٍ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَالشَّافِعِيُّ وإِسْحَاق: إن نوى ثلاثا فَهُوَ ثلاث إِذَاقَالَ لها: أَنْتَ طالق. وإن نوى اثنين فَهُوَ اثنين. وهَذَا الْقَوْل أحب إلي. [بَاب الإحصان] [هل يحصن المسلم بالذمية؟] 141- واخْتَلَفُوْا فِي المسلم هل يحصن بغير المسلمة فقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يحصن المسلم بالنَّصْرَانِيّة ولا بالمملوكة ولا يحصن إِلَّا بمسلمة حرة وتأول بعضهم في

ذَلِكَ الْحَدِيْث الذي يروى عَن كعب بْن مَالك أَنَّهُ أراد أن يتزوج بيهودية فقَالَ له النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دعها عنك فإنها لَا تحصنك" وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وأَبُوْعُبَيْدٍ وإِسْحَاق: الْيَهُوْدِيّة والنَّصْرَانِيّة إِذَا كانت تحت مسلم ودخل بِهَا فزنا أَوْ زنت رجم أيهما زنا واحتجوا بأَنَّ النَّبِيَّ صلى اله عَلَيْهِ وسلم رجم يهوديا ويهودية وَقَالُوْا: إنما كانا محصنين إذ رجمها النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ أَحْمَدُ: فِي الأمة لَا تحصن الحر لأنها إن زنت لم

ترجم. وأما حَدِيْث كعب بْن مَالك فلَيْسَ له إسناد يحتج بمثله ولو كَانَ ثابتا ل كَانَ معناه عَلَى خلاف ما ذهبوا إِلَيْهِ والإحصان فِي كلاما لعرب يقع عَلَى معان منه العفة وَقَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ هَذَا التأويل الذي تأوله هؤلاء فِي حَدِيْث كعب بْن مَالك من أوحش ما يتأول عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي أَصْحَابه أن يظن بهم الزنا ولَيْسَ هَذَا من مذهب الأنبياء ولا كلامهم ولكنه أراد عندنا تنزيهه عنها طلاية التي فيها شرط المحصنات دعها عنك فإنها لَا تحصنك يَقُوْل إِذَا كانت مشركة لم تؤمن أن تكونغَيْر عفيفة لم

يضعك عَن جماعها بموضع الحصانة منها ولكنها تكون قد أوطأتك من نفسهاغَيْر عفاف. وهَذَا هوالطريق الذي سلكه عُمَر فِي كتابه إِلَى حذيفة فيما كتب. وكذَلِكَ حَدِيْث ابن عمر: من أشرك بالله فلَيْسَ بمحصن" إنما أراد عندنا ما أعلمتك.

[قول الرَّجُل لامرأته: اذهبي إِلَى أهلك ونحوه] 142-واخْتَلَفُوْا فيما نوى بِهِ من الطلاق مما يشبه الطلاق فقَالَ سُفْيَانُ فِي قَوْل الرَّجُل لامرأته: اذهبي إِلَى أَهْلك أَوْ أخرجي أَوْ حبلك عَلَى غاربك أَوْ لَيْسَ لي عَلَيْك سبيل": أَنَّهُ إِذَا نوى طلاقا كانت نيته فإن نوى ثلاثا فَهُوَ ثلاث وإن نوى واحدة فهي واحدة بائنة وهي أحق بنفسها. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَّا أَنَّهُم قَالُوْا: إن نوى اثنتين لم تكن ثنتين وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ والْأَوْزَاعِيُّ

والشَّافِعِيُّ وأَبُوْعُبَيْدٍٍ: كما أراد بِهِ الطلاق من هَذِهِ الأُخْرَى التي ذكرها سُفْيَان فهي تطليقة يملك الرجعة إِلَّا أن ينوي أكثر من ذَلِكَ فتكون عَلَى ما نوى ثنتين أَوْ ثلاثا والْقَوْل عِنْدِيْ عَلَى ما قَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَة.

[إذاقَالَ لامرأتيه: إحداكما طالق] 143- قَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي رجل قَالَ لامرأتين: إحداكما طالق" أيتهما نوى فهي طالق وإن لم ينو اختار إحداهما. وَقَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ: إِذَا قَالَ: إحداكما طالق فإن كَانَ المطلق اعتقد في نفسه خيارا إِلَى أن ينظر فِي أمره ويروى ثُمَّ يعزم عَلَى إحداهن كَانَ له ذَلِكَ فإن لم يعتقد ذَلِكَ فِي نفسه ولكنه أوقع الطلاق عَلَى إحداهن حتما من ساعته مِنْ غَيْرِ نظرة ولا روية اشترطها لنفسه فلا مذهب له إِلَّا اعتزالهن جميعا لأنه قد علم أن إحداهن مطلقة مِنْ غَيْرِ تعريف بعينها ولا خيار له فيها وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: إِذَا قَالَ: إحداكما طالق ولا نية له فِي واحدة بعينها فَإِنَّهُ يقرع بينهما فمن أصابته القرعة طلقت

وكانت الأُخْرَى امرأته. [اختلاف الزوجين في المهر] 144- واخْتَلَفُوْا فِي اختلاف الزوج والْمَرْأَة فِي المهر إِذَا قالت الْمَرْأَة أكثر مما أقر بِهِ الزوج: فقَالَ سُفْيَانُ: إِذَا اختلفا ولَيْسَ بينهما بينة فلها مهر مثلها من نسائها. وهَذَا الْقَوْل روي عَن إِبْرَاهِيْم وَهُوَ قَوْل حماد وأبي عُبَيْد وبعضِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ الشعبي والحكم وابن شُبْرُمَةَ وابْن أَبِيْ لَيْلَى: الْقَوْل قَوْل الزوج مَعَ يمينه. وَقَالَ مَالِكٌ: إن لم يكن دخل بِهَا فإنهما يتحالفان فإن حلف ولم ترض الْمَرْأَة بقول الزوج

فسخ النكاح. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: يتحالفان ولها مهر مثلها والنكاح ثابت وسواء اختلفا قبل الدخول أَوْ بعده. بَاب الْمَرْأَة تبلغها وفاة زوجها فتنكح ثُمَّ يأتيهاالزوج [إِذَاغاب الزوج فتزوجت المرأة] 145- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا غاب الرَّجُل عَن امرأته فبلغها أَنَّهُ قد مَاتَ فتزوجت ثُمَّ جاء زوجها الْأَوَّل بَعْد وقد دخل بِهَا هَذَا الزوج الآخر فلها المهر من الآخر ويعتزلها الآخر حَتَّى تمضي عدتها ثُمَّ ترجع عَلَى الْأَوَّل والولد للزوج الأخير فإن فارقها الزوج الْأَوَّل وهي عِنْدَ الأخير فتكفيها عدة منهما

وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَّا فِي الولد الذي ولدت عَلَى فراش الثاني فإن كبيرهم قَالَ: يلحق بالزوج الْأَوَّل وخالفه أَصْحَابه فقَالُوْا: يلحق الولد بالثاني وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ وإِسْحَاقُ.

[بَاب تأثير الزنا عَلَى عقد النكاح] [إِذَافجرت الْمَرْأَة قبل الدخول] 146- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَافجرت الْمَرْأَة قبل أن يدخل بِهَا زوجها أقيم عليها الحد ونكاحها كما هو. وكذَلِكَ قَالَ في الرَّجُل إِذَا زنى [40/ب] يجلد وينفى سنة إِذَا لم يكن دخل بالْمَرْأَة وإن كَانَ قد أحصن يرجم. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ وإِسْحَاقُ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ مثل قولهم إِلَّا فِي النفي فإنهم قَالُوْا: لَا ينفى الزاني ولا الزانية

[الزواج بالزانية] 147- وقَالَ سُفْيَانُ: إِذَا فجر الرَّجُل بالْمَرْأَة ثُمَّ أحب أن يتزوجها فعل وإن فجرت بغيره أيضا فلَا بَأْسَ أن يتزوجها. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وأَحْمَد. ويروى هَذَا عَن أبي بكر

وعمر وابن عَبَّاس وجابر رضي الله عنهم. وَقَالَ أَبُوْعُبَيْدٍٍ: إِذَا كانا قد تابا فلَا بَأْسَ أن يتزوجا وإن لم يكونوا تابا فلَيْسَ له أن يتزوج بها. روي هَذَا عَن عَبْد اللهِ بْن مسعود وسعيد بْن المسيب والْحَسَن وطاوس رضي الله عنهم.

وَقَالَت عَائِشَة والبراء: هما زانيان إِلَى يوم القيامة. وقد روي هَذَا عَنِ ابْنِ مسعود قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: أحب الأقوال إِلَيَّ ما قاله سُفْيَان ومن وافقه. [إِذَاتزوج بامرأة ثُمَّ قبل أمها] 148- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا تزوج الرَّجُل بالْمَرْأَة ثُمَّ نظر عَلَى فرج أمها أَوْ قبلها أَوْ لمسها فإن ابنتها تكره له وإِذَافعل ذَلِكَ بامرأة ابنه فسدت عَلَى ابنه وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ

[إِذَاجامع الرَّجُل الْمَرْأَة وابنتها] 149- وقَالَ سُفْيَانُ: إِذَا جامع الرَّجُل [41/أ] امرأته وابنة امرأته فسدت عَلَيْهِ البنت والأم وكذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَالشَّافِعِيُّ وأَصْحَابه وأَبُوْ ثَوْرٍ وغيره: إِذَا زنى الرَّجُل بالْمَرْأَة فلَا بَأْسَ أن يتزوج بأمها وابنتها وكذَلِكَ إِذَا تزوج بامرأة ثُمَّ زنى بأمها أَوْ ابنتها لم تحرم عَلَيْهِ امرأته وذهبوا إِلَى حَدِيْث ابْن عَبَّاس فِي رجل زنا بأم امرأته ألا تحرم عَلَيْهِ امرأته. ويروى ذَلِكَ عَن سعيد بْن المسيب وعروة بْن الزبير والزُّهْرِيّ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: إِذَا زنى بالْمَرْأَة فلَيْسَ له أن يتزوج بأمها ولا ابنتها وإن قبلها أَوْ باشرها فلَا بَأْسَ أن يتزوج بأمها أَوْ ابنتها. وكذَلِكَ إن كَانَ قد تزوج ثُمَّ زنى بأم امرأتهأ وابنتها حرمت عَلَيْهِ امرأته وإن قبلها

أَوْ باشرها لم تحرم عَلَيْهِ ويروى هَذَا عَن أبي هريرة. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: والذي أذهب إِلَيْهِ قَوْلُ مَالِكٍ وأَهْلِ الْمَدِيْنَة والشَّافِعِيِّ وَأَبِيْ ثَوْرٍ وَمَنْ تَبِعَهُمْ. [عدة التي ارتفع حيضتها] 150- واخْتَلَفُوْا فِي الْمَرْأَة تطلق فتحيض حيضة أَوْ حيضتين ثُمَّ ترتفع حيضتها: فقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: تنتظر حين تيأس من المحيض فَإِذَايئست من المحيض اعتدت ثلاثة أشهر. وهَذَا آخر قَوْل الشَّافِعِيِّ. وذهبوا إِلَى حَدِيْث ابْن مسعود نحو هَذَا وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: تربص سنة ثُمَّ تزوج. وكذَلِكَ

قَالَ أَحْمَد وإِسْحَاق وأَبُوْعُبَيْدٍ؛ وذهبوا إِلَى حَدِيْث عُمَر بْن الخطاب أَنَّهُ قَالَ: إِذَاارتفعت حيضتها فإنها تربص تسعة أشهر للحمل ثُمَّ تعتد ثلاثة أشهر ثُمَّ تتزوج". وهَذَا إِذَا كَانَ ارتفاع حيضتها لغير علة تعرف وإِذَاارتفعت حيضتها لعلة مرض أَوْ رضاع فإنها تربص حَتَّى ترتفع عنها تلك العلة إن كانت مريضة حَتَّى تبرأ وإن كانت مرضعة حَتَّى تفطم ولدها فإن عاودها الحيض بَعْد ذَلِكَ اعتدت بالحيض وإلا تربصت سنة ثُمَّ تتزوج. هَذَا فِي قَوْل مَالك ومن ذكرنا من متابعته.

[بَاب العشرة الزوجية] [الإقامة عِنْدَ البكر والثيب] 151- واخْتَلَفُوْا فِي العقامة إِذَا البكر إِذَا تزوجها عَلَى الثيب وعند الثيب إِذَا تزوجها عَلَى البكر. فقَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَة: إِذَا تزوج البكر عَلَى الثيب أقام عندها سبعا ثُمَّ قسم وإِذَاتزوج الثيب عَلَى البكر أقام عندها ثلاثا ثُمَّ قسم. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ وأَبُوْعُبَيْدٍٍ. ويروى هَذَا الْقَوْل عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقَالَ سُفْيَانُ: كَانَ يقال: إِذَا تزوج الرَّجُل [42/أ] البكر عَلَى الثيب أقام عندها ثلاثا ثُمَّ قسم بينهما بعده وإِذَاتزوج الثيب عَلَى البكر أقام عندها ليلتين ثُمَّ قسم بينهما. ويروى هَذَا الْقَوْل عَن الْحَسَن وابْن سِيْرِيْنَ وكَانَ الْأَوْزَاعِيّ يَقُوْل مثل ذَلِكَ

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا تزوج الْمَرْأَة بكرا كانت أَوْ ثيبا وله امرأة غيرها لم يقم عندها إِلَّا كما يقيم عِنْدَ التي كانت عنده ويقسم بينهما سواء ولا يفضلها بشيء. وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: وهَذَا خلاف السنة والأثر عَن أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

[بَاب الْمَرْأَة تهب زوجها شيئًا] [هبة الْمَرْأَة زوجها] 152- قَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: إِذَا أعطت الْمَرْأَة زوجها شيئا فقبضه فلَيْسَ لها أن ترجع عليه وَقَالَ أَحْمَدُ وأَبُوْ ثَوْرٍ: لَيْسَ لقريب ولا لبعيد أن يهب هبة فيرجع فيها إِلَّا الوالد فيما يعطي ولده. وروي هَذَا عَنِ ابْنِ عُمَر وابن عَبَّاس عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وكَانَ إِسْحَاق يَقُوْلُ: للمرأة أن ترجع فيما وهبت زوجها ولَيْسَ للزوج أن يرجع فيما وهب لامرأته. روي ذَلِكَ عَن جماعة من التابعين. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: والذي أذهب إِلَيْهِ قَوْل أَحْمَد وأَبِيْ ثَوْرٍ

[بَاب تعليق الطلاق] [إن تزوجت فلانة فهي طالق] 153- واخْتَلَفُوْا فِي الطلاق قبل النكاح فقَالَ سُفْيَانُ: إِذَا قَالَ: إن تزوجت فلانة فهي طالق وإن تزوجت من بني فلان أَوْ من البصرة أَوْ من الْكُوْفَة أَوْ وقت سنة أَوْ أكثر" فإن تزوج وقع عليها الطلاق فلها نصف المهر. وإن كَانَ دخل بِهَا فلها المهر بما دخل بِهَا ويفرق بينهما فإن لم يكن دخل بِهَا فلها نصف المهر ويفرق بينهما وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وسواء عندهم عم بقوله النساء كلهن أَوْ خص بعضهن دون بعض. قَالَ مَالِكٌ: إن سماها أَوْ خص بلدا أَوْ قبيلة أَوْ وقت وقتا وقع الطلاق فإن عم فلَيْسَ بشيء. وَكذَلِكَ قَالَ

ابْن أَبِيْ لَيْلَى. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُُّ: إن كَانَ قد تزوجها لم آمره أن يفارقها وإن لم يكن تزوجها آمره أن يتزوجها. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: إن تزوج لم آمره أن يفارقها وَقَالَ ابْن عيينة: لَا بَأْسَ أن يتزوج بما خص أَوْ عم. وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يذهب إِلَى هَذَا. وَهُوَ قَوْل أَبِيْ ثَوْرٍ

وَكَانَ إِسْحَاق يقف فِي المنصوبة خاصة فلا يفتي فيها وكلما لم يسم امرأة بعينها، وكَانَ يَقُوْلُ: لَا بَأْسَ أن يتزوج بها. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: والذي أذهب إِلَيْهِ أن المنصوبة وغيرها سواء فِي ذَلِكَ وأنه إن تزوج بِهَا لم يقع عليها الطلاق. والذي اختاره له أن يتزوج بها. [بَاب الْمَرْأَة المطلقة ثلاثًا تستحل بنكاح الذمي] [المطلقة ثلاثا تستحل بنكاح الذمي] 154- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا طلق الرَّجُل امرأته وهي نصرانية فتزوجها نصراني ودخل بِهَا ثُمَّ طلقها فَهُوَ زوج فلَا بَأْسَ أن ترجع إِلَى زوجها الْأَوَّل وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وأبي عُبَيْد. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا ترجع إِلَى زوجها الْأَوَّل حَتَّى يتزوج بِهَا مسلم.

وَقَالَ مَالِكٌ: وكذَلِكَ المسلم يتزوج المسلمة ثُمَّ يجامعها حائضا فَإِنَّهُ لَا يحلها لزوجها ولا يحلها إِلَّا الْوَطْء الحلال. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: تحل لزوجها كما يحل الْوَطْء فِي الطهر قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: إِذَاوطئها فِي الحيض فقد حل للزوج الْأَوَّل لأنه قد وطئها. وكذَلِكَ قَالَ في الأول. [بَاب نكاح التحليل] [نكاح التحليل] 155- واخْتَلَفُوْا فِي الرَّجُل يطلق امرأته فتتزوج زوجا ليحلها لزوجها الأول: فقَالَ سُفْيَانُ الثوري والْأَوْزَاعِيّ ومَالِكٌ: لَا تحل لزوجها الْأَوَّل، وَكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد وأَبُوْعُبَيْدٍ وإِسْحَاق؛ لِأَنَّ النكاح فاسد إِذَا تزوج بِهَا ليحلها للأخبار التي جاءت عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لعن الله المحلل

والمحلل له. وحَدِيْث عمر: لَا أوتى بمحلل ولا محلل له إِلَّا رجمتهما". وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا تزوج بِهَا ليحلها فالنكاح ثابت إِذَا لم يشترط ذَلِكَ فِي عقد النكاح مثل أن يَقُوْل: أنكحك حَتَّى أصيبك فتحلين لزوجك الْأَوَّل فَإِذَاأصبتك فلا نكاح بيني وبينك فَإِذَااشترط هَذَا فالنكاح باطل ولَيْسَ هو حالا ولا محللا له. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: أذهب إِلَى قَوْل سُفْيَان ومَالك والْأَوْزَاعِيّ.

[طلاق المكرَه وعتقه] 156- وَاخْتَلَفُوْا فِيْ طَلَاقْ الْمُكْرَهِ: فَقَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أخذ السلطان رجلا فأكره عَلَى طلاق أَوْ عتق فأحلفه جاز عَلَيْهِ إِلَّا أن يكون درك ذَلِكَ عَلَى شَيْء ينوي شيئا وكذَلِكَ قَالَ: أَصْحَاب الرَّأْيِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ ومَالك بْن أَنَس وأَهْل الْمَدِيْنَة وأَحْمَد بْن حَنْبَلٍ وإِسْحَاق: لَا يجوز طلاق المكره ولا عتاقه. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْثَوْرٍ

واحتجوا بقول الله تَعَالَى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [النحل:106} . قَالُوْا: فرخص الله للمكره أن يفكر بلسانه قَالَ: فيما دون الكفر من أفعال اللسان أولى أن يكون مرخصا فيه واحتجوا بالأخبار التي [44/ب] رويت أن أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُم لم يجيزوا طلاق المكره يروى ذَلِكَ عَن علي بْن أبي طالب وابن عَبَّاس وابن عُمَر وابن الزبير عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: رفع الله عَن هَذِهِ الأمة الخطأ والنسيان وما أكرهوا عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ له إسناد يحتج بمثله. والحجة

لمذهب سُفْيَان حَدِيْث علي: كل طلاق جائز إِلَّا طلاق المعتوه" ويذهب أَبُوْ عَبْد اللهِ فِي هَذَا إِلَى أَنَّهُ لَا يجوز طلاقه. وقد أجمعوا أَنَّهُ لَا يجوز بيعه ولا إقراره إِذَا أقر بدين؛ وكذَلِكَ طلاق المكره قياسا عَلَى هَذَا.

[بَاب الاشتراط في النكاح] [إِذَااشترط أن لايتزوج عليها ونحوه] 157- واخْتَلَفُوْا فِي الرَّجُل يتزوج الْمَرْأَة ويشترط لها أن لَا يخرجها من دارها ولا يتزوج عليها ونحو هَذَا فقَالَ سُفْيَانُ: إِذَا تزوجها خرج بِهَا إن شاء وتزوج عليها إن شاء ولكن أحسن أن يفي بالشرط أن لَا يخرجها وأما التزويج فليتزوج وإن شرط لها إن هو تزوج عليها فلها كَذَا وكَذَا فلَيْسَ يؤخذ بشيء من ذَلِكَ إن فعل وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ. وَهُوَ قَوْل مَالِكٍ وأَهْلِ الْمَدِيْنَة وأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَهُوَ قَوْلُ أبي عُبَيْد. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُُّ: الشرط جائز ولَيْسَ له أن يخرج بِهَا من بلدها. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ وإِسْحَاق وأَبُوْثَوْرٍ وكذَلِكَ إِذَا اشترط أن لَا يتزوج عليها فإن تزوج

فالنكاح جائز والشرط لازم قَالَ أَحْمَدُ: فإن هو تزوج عليها فهي مخيرة واحتجوا بحَدِيْث عقبة بن عامر أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إن أحق الشروط أن يوفى بِهِ ما استحللتم بِهِ الفروج". قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: يبطل الشرط ويثبت النكاح لِأَنَّ الله تعالى قد أباح للرجل أن يتزوج أربعا وأن يتسرى فَإِذَاهي شرطت عَلَيْهِ أن يتزوج ولا يتسرى فقد شرطت عَلَيْهِ تحريم ما أحل الله. وفي حَدِيْث النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: المسلمون عند

شروطهم إِلَّا شرطا أحل حراما أَوْ حرم حلالا". وقوله فِي قصة بريرة حين شرطوا عليها الولاء فأبطل النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشرط ثُمَّ خطب الناس فقال: ما بال أقوام يشترطون شروطا لَيْسَ من كتاب الله ألا إن كُلّ شرط لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ باطل وإن كَانَ مائة شرط". [الواجب لها عند من أبطل الشروط] 158- واخْتَلَفُوْا الذين أبطلوا هَذِهِ الشروط فيما يجب لها من المهر إِذَا هي نقصته من مهر مثلها بسبب هَذِهِ الشروط التي شرطت عليه فقَالَ سُفْيَانُ ومَالك إن كانت نقصته من مهر مثلها عَلَى أن لَا يخرجها من دارها كَانَ له أن يخرجها ولا يلزمه

الصداق أكثر مما سمى لها. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: يكمل لها مهر مثلها ويبطل الشرط مثل أن يشترط عليها أن يقسم لها الليالي أقل مما يقسم لسائرها أَوْ ينفق عليها أقل مما يجب عَلَيْهِ فالشرط باطل ولها مهر مثلها وتبطل الزيادة التي زادها بسبب هَذِهِ الشروط. فإن هي كانت شرطت عَلَيْهِ عنه أن أخرجها فصداقها ألفان وإن لم يخرجها فصداقها ألف فإن شريحا قضى بتجويز الشرط عَلَى ما اشترطا وكذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وأَحْمَد بْن حَنْبَلٍ. وأما الذين أبطلوا الشرط فإنهم اخْتَلَفُوْا فِي ذَلِكَ فقَالَ طَائِفَة أُخْرَى: له أن يخرجها والشرطان جميعا جائزان وفي قَوْل الشَّافِعِيّ: الشرط باطل ولها مهر مثلها أخرجها أَوْ لم يخرجها كَانَ مهر مثلها أقل أَوْ أكثر مما سمى لها. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وهكَذَا الْقَوْل عِنْدِيْ عَلَى ما قَالَ الشَّافِعِيُُّ.

[إِذَاطلق امرأته ثُمَّ راجعها فتزوجت] 159- قَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: إِذَا طلق الرَّجُل امرأته واحدة أَوْ اثنتين ثُمَّ إنه سافر وأشهد عَلَى رجعتها قبل أن تمضي عدتها أَوْ لم يبلغها ثُمَّ تزوجت فَهُوَ أحق بِهَا دخل بِهَا الآخر أَوْ لم يدخل بها. وروي هَذَا الْقَوْل عَن علي بْن أبي طالب. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَبُوْعُبَيْدٍ وأَبُوْثَوْرٍ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: إِذَا لم يبلغها الرجعة فتزوجت ثُمَّ جاء زوجها الْأَوَّل فأثبت أَنَّهُ قد راجعها فِي العدة فإن لم يكن دخل بِهَا الآخر فَهُوَ أحق بِهَا ترد عَلَيْهِ وإن كَانَ دخل بِهَا لم يكن للأول عليها سبيل وهي امرأة الآخر. يروى هَذَا عَن عُمَر بْن الخطاب

قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: والْقَوْل المروي عَن علي، الذي قَالَ بِهِ سُفْيَان أحب إِلَيَّ. وإن جاءت بولد فالولد للآخر. وَقَالَ النعمان: الولد للأول. [الزواج بامرأة عَلَى طلاق أُخْرَى] 160- قَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: إِذَا قَالَ الرَّجُل لامرأة: أتزوجك على طلاق امرأتي هَذِهِ" وله امرأة فتزوجها عَلَى ذَلِكَ فلها مهر مثلها إن كَانَ دخل بِهَا وإن لم يكن دخل بِهَا فطلقها فلها المتعة فإن مَاتَ عنها فلها مهر مثلها. وفي قَوْل الشَّافِعِيّ: إن طلقها قبل الدخول بِهَا فلها

نصف المهر مثلها كذَلِكَ كُلّ مهر مجهول فَإِنَّهُ فاسد وتم عقد النكاح عَلَيْهِ ثُمَّ طلق قبل الدخول فلها نصف مهر مثلها فِي قَوْل الشَّافِعِيّ وذَلِكَ مثل أن يتزوج عَلَى حكمها أَوْ حكمه أَوْ يتزوجها عَلَى ثمرة لم يبدو صلاحها وما أشبه ذَلِكَ من الصداق المجهول أَوْ الفاسد. وفي قَوْل سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ: فِي هَذَا كله إِذَا طلقها قبل الدخول فلها المتعة وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْثَوْرٍ. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وهَذَا أصح الْقَوْل ين عِنْدِيْ. [الرَّجُل يعلق طلاق امرأته عَلَى شَيْء ثُمَّ يطلقها] 161- قَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: إِذَا قَالَ: الرَّجُل لامرأته إن دخلت دار فلان فأنت طالق ثلاثا فطلقها تطليقة بائنة ثُمَّ دخلت لم يقع عليها الطلاق بدخولها. وكذَلِكَ قَالَ إِسْحَاق. وفي قَوْل مَالك والشَّافِعِيّ وأَصْحَابه وأبي عُبَيْد: إِذَا قَالَ لامرأته: أَنْتَ طالق تطليقة بائنة" وقد دخل بِهَا فإن له عليها الرجعة ما دامت فِي عدتها وقوله بائنة باطل؛ لأن

الله جل وعلا قد جعل للمطلق واحدةً [أو] اثنتين، الرجعة ما دامت فِي العدة فقَالَ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ [البقرة: 228} . إِلَى قوله عز وجل: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة: 228} قَالُوْا: فلا يبطل ما جعله له وملكه إياه بقوله كما لو أعتق عبدا له عَلَى أن لَا دلالة كَانَ العتق جائزا وكَانَ الولاء له لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الولاء لمن أعتق" فلا يبطل الولاء بإبطاله إياه. وكذَلِكَ الرجعة لَا تبطل بإبطاله إياه. ويروى هَذَا عَن عَبْد اللهِ بْن مسعود من حَدِيْث ابْن أَبِيْ لَيْلَى أَنَّهُ قَالَ: لا يكون طلاق بائن إِلَّا فِي خلع وإِيلاء. وفي قَوْل الشَّافِعِيّ ومن سمينا إِذَا قَالَ لها: أَنْتَ طالق ثلاثا إن دخلت دار فلان ثُمَّ قَالَ لها: أَنْتَ طالق تطليقة بائنة" ثُمَّ دخلت الدار قبل أن تنقضي عدتها فإنها تطلق ثلاثا بالْحَدِيْث لأنه لَا يملك رجعتها ولكن إن لم تدخل الدار حَتَّى تنقضي عدتها ثم

دخلت لم يحنث فإن هو تزوج بِهَا بَعْد ذَلِكَ فهي امرأته ولا يحنث أبدا بَعْد ذَلِكَ إن دخلت الدار أَوْ لم تدخل لِأَنَّ الحنث قد وقع ولَيْسَت فِي ملكه فِي قَوْل الشَّافِعِيّ وأَصْحَابه. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: والْقَوْل عندنا أَنَّهُا لَا تبين بواحدة إِلَّا بَعْد انقضاء العدة بَاب الإيلاء [بم يكون الإيلاء؟] 162-اخْتَلَفَأَهْل العلم فِي الرَّجُل يحلف عَلَى أربعة أشهر فما دونها أن لَا يقرب امرأته فيها هل يكون بذَلِكَ موليا أم لا؟ فقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: لَا يكون موليا حَتَّى يحلف عَلَى أربعة أشهر فصاعدا. وَقَالَ ابْن أَبِيْ لَيْلَى

وشَرِيْك مَعَ طَائِفَة من أَهْل الكوفة: إِذَا حلف عَلَى قليل من الأوقات أَوْ كثير أن لَا يجامع امرأته فيها فتَرَكَ أربعة أشهر لم يجامعها فَهُوَ مول. وقد روي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مسعود أن رجلا حلف أن لَا يقرب امرأته عشرا فتركها أربعة أشهر فأبانها منه. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَالشَّافِعِيُّ وأَبُوْعُبَيْدٍ: لَا يكون موليا يجب عَلَيْهِ حكم الإيلاء حَتَّى يحلف أن لَا يجامع امرأته أكثر من أربعة أشهر فَإِذَاحلف عَلَى أكثر من أربعة أشهر ثُمَّ تركها أربعة أشهر لم يجامعها وجب عَلَيْهِ حكم الإيلاء. وقد روي عَنِ ابْنِ عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ: المولي الذي يحلف أن لَا يأتي امرأته أبدا

[مَتَى تبين الْمَرْأَة في الإيلاء؟] 163- واخْتَلَفُوْا ما الذي يجب عَلَيْهِ من حكم الإيلاء بَعْد مضي الأربعة أشهر فقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ وابْن أَبِيْ لَيْلَى: إِذَاحلف الرَّجُل أن لا يجامع امرأته أربعة أشهر أَوْ أكثر ثُمَّ تركها فلم يراجعها أربعة أشهر بانت منه بتطليقة وتعتد بَعْد الأربعة الأشهر ثلاث حيض ويخطبها زوجها فِي عدتها ولا يخطبها غيره فإن شاءت تزوجه فِي عدتها. وَقَالَ مَالِكٌ والشَّافِعِيّ وأَبُوْ ثَوْرٍ وأَبُوْعُبَيْدٍ وأَحْمَد وإِسْحَاق: إِذَا مضت أربعة أشهر فرافعته الْمَرْأَة عَلَى الحاكم تطالبه بالْجِمَاع وقفه الحاكم لها إما أن يفيء وإما أن يطلق ولا

تبين منه دون أن يوقف الحاكم فَإِذَاوقفه الحاكم فإن هو فاء فبقي امرأته عَلَى حالها. وإن طلق طلقت تطليقة وَهُوَ أملك برجعتها. فأما أن لم ترافعه ورضيت أن لَا يجامعها فهي امرأته أبدا حَتَّى ترافعه وتطالبه. وهَذَا الْقَوْل يروى عَن علي بْن أبي طالب وعمر بْن الخطاب وعثمان بْن عفان وابن عُمَر وعَائِشَة وأبي الدرداء رضي الله عنهم. وَقَالَ سهيل بْن أبي صَالِح عَن أبيه: سألت اثني عشر رجلا من أَصْحَاب رَسُوْل اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الرَّجُل يولي من امرأة فكلهم يقولون: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء حَتَّى تمضي أربعة أشهر فيوقف فإن فاء وإلا طلق

وقَالَ ابْن شُبْرُمَةَ: إِذَا مضت أربعة أشهر فلم يجامعها طلقت تطليقة وَهُوَ أملك برجعتها. ويروى هَذَا الْقَوْل عَن سعيد بْن المسيب وأبي بكر بْن عَبْد الرَّحْمَن ومكحول والزُّهْرِيّ. [إِذَالم يفئ الزوج ولم يطلق] 164- قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: فإن لم يفئ ولم يطلق فإن الشَّافِعِيّ قَالَ: يطلق عَلَيْهِ الحاكم تطليقة ويكون أملك برجعتها. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ وأَبُوْ ثَوْرٍ. وبه أقول.

[كَيْفَ يفيء العاجز؟] 165- قَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: إِذَا كَانَ الرَّجُل مريضا لم يقدر أن يجامع أَوْ كبر أَوْ حبس أَوْ كانت حائضا أَوْ نفساء لَا يقدر أن يجامعها فكَيْفَ بلسانه يَقُوْل قد فئت فَإِنَّهُ يجزيه ذَلِكَ وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا أوقفه الحاكم فحاضت أَوْ مرضت مرضا يمنع الإصابة لم يكن عَلَيْهِ سبيل حَتَّى تطهر أَوْ تبرأ من

مرضها ثُمَّ يوقف فإما أن يفيء أَوْ يطلق. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ قَالَ: لا يجزئه الفيء باللسان من الْجِمَاع قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وبه أقول. فإن قَالَ لها: أَنْتَ علي كظهر أمي إن جامعتك فمضت أربعة أشهر قبل أن يجامعها فإن سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ قَالُوْا: قد وقع عليها الإيلاء وبانت منه بتطليقة قَالُوْا: فإن جامعها بَعْد الأربعة الأشهر وقع عليها الظِّهَار ولا يجامعها بَعْد جماعه الْأَوَّل حَتَّى يكفر وسقط الإيلاء وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي كلا المسألتين. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا جعلها عَلَيْهِ كظهر أمه إن قربها سنة فتركها سنة فهي امرأته ولا يدخل عليها الإيلاء

[إذاقال: إن قربتك فأنت طالق] 167- فإن قَالَ لها: فإن قربتك فأنت طالق ثلاثا فتركها أربعة أشهر لم يقربها فَهُوَ مول فِي قَوْل سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ والشَّافِعِيّ وأَبِيْ عُبَيْدٍ. قَالَ عَطَاء بْن أبي رباح: لَا يكون موليا لِأَنَّ الطلاق لَيْسَ بيمين. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: والْقَوْل عندنا ما قَالَ سُفْيَانُ ومن تابعه فِي هده المسألة والتي قبلها.

[إن ظاهر منها فوقت وقتا] 168- فإن ظاهر منها فوق سنة أَوْ شهر أَوْ يوما فإن سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ قَالُوْا: لَا يكون إيلاء إنما هو ظهار. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ ومَالك: إن كَانَ المظاهر يريد الإضرار بظهاره كَانَ كالمولي وإن لم يرد اضرارا فلا يكون إيلاء. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ. ويروى عَن جابر بْن زيد وقتادة أَنَّهُما قَالَا: إِذَا تركها حَتَّى تمضي أربعة أشهر لم يجامعها ولم يكفر فِي الظِّهَار فَهُوَ مولي قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: الْقَوْل عِنْدِيْ ما قَالَ سُفْيَانُ ومن تابعه.

[إن آلى ثُمَّ فارق بواحدة أو اثنتين] 169- فإن آلى الرَّجُل ثُمَّ فارق بواحدة أَوْ اثنتين فإن سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ قَالُوْا: لَا يهدم ذَلِكَ الإيلاء وإن مضت أربعة أشهر قبل أن تحيض ثلاث حيض بانت منه. وَقَالَ مَالِكٌ وأَبُوْعُبَيْدٍ: إن انقضت الأربعة الأشهر قبل أن تنقضي عدة الطلاق فَإِنَّهُ يوقف فَإِذَاأوقف فإن صار عَلَى الرجعة والفيء فهي امرأته وإن لم يف وطلق فهما تطليقتان. ويروى عَن عَطَاء وإِبْرَاهِيْم أن الطلاق قد هدم فإن مضت الأربعة الأشهر قبل أن تنقضي عدة الطلاق فلا شَيْء عَلَيْهِ من وقوف ولا غيره. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا آلى ثُمَّ طلقها ومضت الأربعة الأشهر قبل أن تنقضي عدة الطلاق فلا وقوف عَلَيْهِ ولا طلاق ما لم يراجعها لأنه لَيْسَ له أن يجامعها ما لم يراجعها.

[إن آلى ثُمَّ طلق فانقضت عدتها] 170- فإن آلى منها ثُمَّ طلقها فانقضت عدتها قبل مضي الأربعة الأشهر فإن سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ قَالُوْا: بانت منه بالطلاق فإن هو تزوج بَعْد ذَلِكَ فالإيلاء كما هو لَا ينتقض فإن مضت أربعة أشهر قبل أن يجامعها بانت منه وهي أحق بنفسها. قَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا تزوج بِهَا بَعْد انقضاء العدة استأنف أربعة أشهر من يوم تزوج بِهَا فإن تركها بَعْد التزويج أربعة أشهر وطالبته بالْجِمَاع وقف. وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: إِذَا انقضت عدتها قبل مضي الأربعة الأشهر ثُمَّ تزوج بها بَعْد سقوط الإيلاء فلا يعود عَلَيْهِ حكم الإيلاء إِلَّا أن يجدد الإيلاء فإن هو جامعها يكفر عَن يمينه فلا شَيْء عَلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وبه أقول.

[إن آلى ثُمَّ أتاها فيغَيْر الفرج] 171- فإن هو آلى منها ثُمَّ أتاها فِي فرج فلا أعلم بين أَهْل العلم اختلافا أن ذَلِكَ لَا يكون فيئا. [الإيلاء عَن أم ولد] 172- قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: ولا إيلاء عَن أم ولد. [بَاب كفارة الظِّهَار] [كفارة الظِّهَار] 173- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا ظاهر الرَّجُل امرأته فلا يحل له أن يقربها حَتَّى يكفر والكفارة إن كَانَ يجد أن يعتق رقبة فإن لم يجد فليصم شهرين متتابعين فإن لم يستطع أن يصوم أطعم ستين مسكينا.

[قدر الطعام في الكفارة] 174- واخْتَلَفُوْا فِي قدر الإطعام: فقَالَ سُفْيَانُ: يطعم كُلّ مسكين نصف صاع من بر أَوْ صاعا من تمر أَوْ صاعا من شعير وذهب إلى حَدِيْث عُمَر بْن اخطاب أَنَّهُ قَالَ ليسار: إِذَا أطعمت عني فِي كفارة الدين فأطعم كُلّ مسكين نصف صاع". وَقَالَ مَالِكٌ: فِي كفارة الدين أن يطعم كُلّ مسكين

مدًّا بمد النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وأما في كفارة الظِّهَار فَإِنَّهُ قال: عَلَيْهِ أن يطعم مدا بمد هشام بن إسماعيل، وهو أكثر من مد النبي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم بنحو من ثلثه. قَالَ الشَّافِعِيُُّ وأحمد وأبوعبيد وإسحاق: عليه

عَلَيْهِ أن يطعم في الظِّهَار وفي اليمين جميعا كُلّ مسكين مدا بمد النبي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: يؤدي كُلّ يوم من قوتهم الذي يقتاتونه إن كَانَ قوتهم البر أعطى كُلّ مسكين مدا من بر. وكذَلِكَ إن كَانَ قوتهم التمر أَوْ الشعير أعطى كُلّ مسكين مدا من تمر أَوْ شعير. وذهبوا إلى حَدِيْث سلمة بْن صخر عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أعطاه خمسة عشر صاعا فقال: تصدق بِهِ عَلَى ستين مسكينا" وحَدِيْث سعيد بْن المسيب عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كفارة الْجِمَاع فِي رَمَضَان" أَنَّهُ

أعطاه مكتلا فيه خمسة عشر صاعا أَوْ عشرين صاعا فأمره أن يطعم ستين مسكينا. [صام أيامًا ثُمَّ وجد رقبة] 175- واخْتَلَفُوْا فِي المظاهر إِذَا صام أقل من شهرين ثُمَّ وجد رقبة فقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: يعتق رقبة وذهب صومه وَهُوَ قَوْل أبي عُبَيْد. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ وقتادة ومَالك وأَهْل الْمَدِيْنَة واللَّيْث بْن سعد والشَّافِعِيُّ: وأَحْمَد

بن حَنْبَلٍ وأَبُوْ ثَوْرٍ: إِذَا وجد الرقبة لم ينتقض صومه ومضى فيه أجزأه ذَلِكَ. قَالَ أَبُوْعَبْد اللهِ: أَحَبُّ إِلَيَّ أن يعتق وينتقض صومه. [إِذَاصام شهرًا ثُمَّ جامع] 176- قَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: إن صام شهرا ثُمَّ جامع ليلا أَوْ نهارا هدم صومه. قَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا جامع نهارا مثل قولهم وإن جامع ليلا لم ينتقض صومه.

[شرط الإيمان في الرقبة] 177- واخْتَلَفُوْا فِي الرقبة إِذَا كانت يهودية أَوْ نصرانية أَوْ مشركة فقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: يجزئ ذَلِكَ كله فِي الظِّهَار. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْثَوْرٍ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ والْأَوْزَاعِيّ والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبُوْعُبَيْدٍ: لَا يجزئ فِي الظِّهَار إِلَّا أن يعتق رقبة مؤمنة قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: أرجو أن يجزئه رقبة مشركة

[عتق الصَّبِيّ في الظِّهَار] 178- والصَّبِيّ يجوز عتقه فِي الظِّهَار. [بَاب الظِّهَار] [إِذَاشبه الزوجة بشعر أمه] 179- فَإِذَاقَالَ الرَّجُل لامرأته: أَنْتَ علي مثل شعر أمي أَوْ مثل رجل أمي فقَالَ سُفْيَانُ الثوري والشَّافِعِيّ: هو ظهار وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: كُلّ ما كَانَ من العورة فَهُوَ بمنزلة الظهر كالفخذ والفرج والبطن فَإِذَاقَالَ لامرأته: أَنْتَ علي كفرج

أمي أَوْ كفخذ أمي أَوْ كبطنها فَهُوَ مظاهر فإن قَالَ: أنت علي كوجه أمي أَوْ كرأسها أَوْ يدها أَوْ قدمنيها فلَيْسَ مظاهر وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ. [الظِّهَار من نسوة] 180- فقَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ عَلَيْهِ لكل واحدة منهن كفارة. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وأَحْمَد وأَبُوْ عبيد

وإِسْحَاق: لَيْسَ عَلَيْهِ إنما كفارة واحدة وذهبوا إِلَى حَدِيْث عُمَر بْن الخطاب فِي رجل ظاهر عَن أربع نسوة قَالَ: عَلَيْهِ كفارة واحدة. [توقيت الظِّهَار] 181- واخْتَلَفُوْا إِذَا ظاهر منها يوما أَوْ شهر أَوْ سنة فقَالَ سُفْيَانُ وأصجاب الرَّأْي إِذَا انتهى ذَلِكَ الوقت فلا أرى عَلَيْهِ ظهارا ولا كفارة ويروى هَذَا عَن عَطَاء وَقَالَ مَالِكٌ وابْن أَبِيْ لَيْلَى: إِذَا قَالَ: أنت علي كظهر أمي اليوم إلى الليل فإن عَلَيْهِ الكفارة وإن لم يطأها إلى الليل. ويروى هَذَا عَن طَاوُس والزُّهْرِيّ

وقَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: إن كَانَ أجمع عَلَى غشيان امرأته قبل انقضاء الوقت لزمه الكفارة من ساعته كَانَ بَعْد جماع أَوْ لم يكن لِأَنَّ الله إنما أوجب الكفارة بالإرادة والعزم، ألا تسمع إلى قوله تَعَالَى: {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا [المجادلة: 3] فإن لم يكن كذَلِكَ ولكنه كَانَ مجمعا عَلَى تَرَكَ مسيسها حَتَّى مضت الوقت فلا كفارة عليه. [معنى العود في الآية] 182- قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وذهب أَبُوْعُبَيْدٍ عَلَى أن قوله: { {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا [المجادلة: 3] يعني نية الْجِمَاع. وقد قَالَ قوم: هو الْجِمَاع ولا يصح ذَلِكَ لِأَنَّ الله تعالى قَالَ:

{فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا [المجادلة: 3} [عتق الصَّبِيّ في الكفارات] 183- قَالَ سُفْيَانُ: الصَّبِيّ الذي لم يصل بجزء فِي الظِّهَار واليمين ولا يجزئ فِي القتل الصَّبِيّ ولا الْيَهُوْدِيّ ولا النَّصْرَانِيّ ولا تجزئ إِلَّا رقبة مؤمنة قد صلى، صغيرا كَانَ أَوْ كبيرا بَعْد أن يكون يعقل الصَّلَاة وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الظِّهَار واليمين. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ وأَبُوْثَوْرٍ

وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: لَا يجزئ فِي الظِّهَار والقتل واليمين جميعا إِلَّا رقبة مؤمنة فإن أعتق فِي الظِّهَار أَوْ اليمين أَوْ القتل صبيا وأَبَوَاهُ مؤمنان أَوْ أحدهما أجزأه لِأَنَّ حكمه حكم الكفارة. فإن سبيت صبية مَعَ أَبَوَيْهَا كافرين فعقلت فوصفت الإسلام إلا أَنَّهُا لم تبلغ فأعتقها عَن ظهار لم تجز حَتَّى تصف الإسلام بَعْد البلوغ فَإِذَاعقلت وأعتقها جاز. قَالَ: ووصفها الإسلام أن تشهد أن لَا إله إِلَّا الله وأن مُحَمَّدا رَسُوْل اللهِ وتبرأ مما خالف الإسلام من دين فَإِذَافعلت هَذَا فقد أجزأت وأحببت أن تمتحنها بالإقرار بَعْد الموت وما أشبهه. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: هو عِنْدِيْ فِي القتل عَلَى ما قَالَ الشَّافِعِيُّ وفي الظِّهَار واليمين أرجو أن يكون مثل قَوْل سُفْيَان

[المباشرة بما دون الفرج] 184- واخْتَلَفُوْا فِي المظاهر [هل له] له أن يقبل أَوْ يباشر أَوْ يأتيها فِيغَيْر الفرج؟ فقَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَة وأَصْحَاب الرَّأْيِ: لَيْسَ له أن يقبل ولا يباشر حَتَّى يكفر كفارة الظِّهَار. وبه قَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ. ويروى هَذَا الْقَوْل عَن إِبْرَاهِيْم قَالَ سُفْيَانُ: لَا بَأْسَ أن يقبل أَوْ يباشر أَوْ يأتيها زوجها فِيغَيْر الفرج ما لم يكفر وإنما نهى عَن الْجِمَاع. ويروى هَذَا الْقَوْل عَن الْحَسَن وعَطَاء والزُّهْرِيّ وقتادة قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: أَمِيْلُ إِلَى قَوْل مَالِكٍ

[الظِّهَار من الأمة] 185- وإن ظاهر من أم ولده أَوْ جاريته فإن سُفْيَان ومَالكا قَالَا: هو ظهار وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ: إِذَا ظاهر من أمته-أم ولد كانت أَوْغَيْر أم ولد- لم يلزمه الظِّهَار. واحتج الشَّافِعِيّ فِي ذَلِكَ بأن الله قَالَ: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ [المجادلة: 3} ولَيْسَ من نسائه ولا يلزمه الإيلاء ولا الطلاق فيما لَا يلزمه الظِّهَار. وكذَاَ قَالَ [الله تبارك وتعالى] : لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ [تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ [البقرة: 226} فلو آلى من أمته لم يلزمه الإيلاء وكذلك] قَالَ

: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ [النور: 6} فلَيْسَت من الأزواج. [موت المظاهر قبل الكفارة] 186- فإن مَاتَ المظاهر قبل أن يكفر أَوْ ماتت المرأة فإن سُفْيَان الثوري ومَالكا والْأَوْزَاعِيّ قَالُوْا: يورثها ولا كفارة عليه. وكذلك يروى عَن الْحَسَن وعَطَاء وَقَالَ قتادة: يكفر ويرثها

[إن جامعها ثُمَّ ماتت] 187- فإن هو جامعها ثُمَّ ماتت فإنهم اخْتَلَفُوْا: فقَالَ مَالِكٌ: قد وجبت عَلَيْهِ الكفارة لما جامع وإن ماتت وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إن ماتت فلا كفارة عليه وَقَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ: إن كَانَ قربها بَعْد الظِّهَار أَوْ اعتزم عَلَى أن يقربها ثم ماتت فالكفارة لازمة لأنها قد وجبت عَلَيْهِ حين عاد لما قَالَ: فلا يسقط دين الله عَلَيْهِ موتها ولا حياتها وَقَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ: إن لم يكن نوى جماعا حَتَّى ماتت فلا كفارة عليه قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: هَذَا عِنْدِيْ حسن.

[بَاب اللعان] [التفريق بين المتلاعنين] 188- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا لاعن الرَّجُل امرأته عِنْدَ الْإِمَام ثُمَّ فرق الحاكم بينهما لم يجتمعا أبدا، فقد مضت السنة بذَلِكَ.

وَقَالَ مَالِكٌ: مضت السنة عندنا فِي المتلاعنين إِذَا كذب نفسه جلد الحد وألحق بِهِ الولد ولا يجتمعان أبدا. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ وأَبُوْعُبَيْدٍ وأَبُوْثَوْرٍ. وَقَالَ النعمان: إِذَا كذب نفسه جلد وكَانَ خاطبا من من الخطاب وخالفه أَصْحَابه.

[اللعان بين الحر والمملوكة] 189- واخْتَلَفُوْا فِي الحر والمملوكة هل بينهما اللعان: فقَالَ سُفْيَانُ: لَيْسَ بين الحر والمملوكة إِذَا كانت تحته لعان. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِيْنَةِ ومَالك وأَبُوْ الزناد وغيرهما: اللعان بين كُلّ زوجين من الحر والأمة والعبد والحرة. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ وأَبُوْعُبَيْدٍ وأَبُوْثَوْرٍ. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وهَذَا عِنْدِيْ عَلَى ما قَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَة ومن تابعهم لِأَنَّ الله تعالى يَقُوْل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ [النور: 6} ولم يخص زوجا دون زوج.

[اللعان بين المسلم والذمية] 190- واخْتَلَفُوْا فِي المسلم والنَّصْرَانِيّة هل بينهمالعان إِذَا كانت تحته؟ فقَالَ سُفْيَانُ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: لَيْسَ بينهما لعان ويلزق بِهِ الولد وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ

وإِسْحَاق وأَبُوْعُبَيْدٍ وأَبُوْ ثَوْرٍ: يلاعن بينهما ولا يلحق بِهِ الولد. [شرط الرؤية في اللعان] 191- وإِذَاقذف الرَّجُل امرأته فإنهم اخْتَلَفُوْا هل يسأل عَن الرؤية أم لا؟ فقَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: كُلّ من رمى زوجته بالزنا لاعنها سواء قَالَ: رأيتها تزني أَوْ لم يقل. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَبُوْعُبَيْدٍ. وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِيْنَةِ- يحيى بْن سعيد وأَبُوْ ازناد ومَالك بْن أَنَس-: لَا لعان بين الرَّجُل وامرأته حَتَّى يَقُوْل: رأيتها تزني فإن قَالَ: هي زانية ولم يقل: رأيتها تزني" لم يلاعنوا

قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: إِذَاقَالَ لها: يا زانية لاعن لِأَنَّ الله تعالى يَقُوْل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ [النور: 6} ولم يقل برؤية ولا بغيررؤية كما قَالَ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً [النور: 4} 192- فأجمعوا أن كُلّ من رمى محصنة بالزنا وجب عَلَيْهِ الجلد. قَالَ: رأيتها أَوْ لم يقل برؤية. [قذفغَيْر المسلم] 193- فإن قَالَ [53/ب] رجل ليهودي أَوْ نصراني: يا ابْن الزانية. أَوْ: يا زاني" لم يجب عَلَيْهِ الجلد ويعزر ولا اختلاف فِي ذَلِكَ فِي أَهْل العلم فيما أعلمه.

[بَاب الخلية والبرية] [ما يقع بالخلية والبرية] 194- واخْتَلَفُوْا فِي الخلية والبرية والبائنة والحرام: فقَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا قَالَ الرَّجُل لامرأته: أَنْتَ طالق البتة أَوْ قَالَ: أنت مني برية، أَوْ: أَنْتَ مني خلية، أَوْ: أَنْتَ مني بائنة، كانت نيته فِي ذَلِكَ فإن نوى ثلاثا فهي ثلاث وإن نوى واحدة فهي واحدة بائنة وهي أحق بنفسها وإن شاء خطبها فِي عدتها وإن نوى اثنتين فلا يكون اثنتين هي واحدة وهي أحق بنفسها.

وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وابْن أَبِيْ لَيْلَى: كُلّ هَذِهِ الكلمات ثلاثا ثلاثا لَا نية له فِي شَيْء من ذَلِكَ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مثل ذَلِكَ إِلَّا فِي الخلية فَإِنَّهُ جعلها واحدة يملك الرجعة وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا أراد بهَذَا الطلاق فهي واحدة يملك الرجعة إِلَّا أن ينوي أكثر من ذَلِكَ فإن نوى اثنين أَوْ ثلاثا فَهُوَ عَلَى ما نوى.

وَقَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ مثل قَوْل مَالك إِلَّا فِي الحرام فَإِنَّهُ وقف به وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: كُلّ هَذِهِ الكلمات واحدة يملك الرجعة وإن نوى أكثر من ذَلِكَ لم يكن إِلَّا الحرام قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: أقول بقول الشَّافِعِيِّ. [إذاقال: أنتِ عليَّ حرام] 195- فَإِذَاقَالَ لها: أَنْتَ علي حرام فإنهم اخْتَلَفُوْا فِي ذَلِكَ: فقَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: وإن نوى ثلاثا فهي ثلاث وإن نوى واحدة فهي واحدة بائنة وهي أحق بنفسها وإن نوى يمينا فهي يمين يكفرها وعن لم ينو فرقة

ولا يمينا فلَيْسَ بشيء هي كذبة. قَالَ مَالِكٌ وابْن أَبِيْ لَيْلَى: إِذَا قَالَ لها: أَنْتَ عليَّ حرام فهي طالق ثلاثا نوى أَوْ لم ينو. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إن أراد الطلاق فهي طالق واحدة يملك الرجعة إِلَّا أن ينوي أكثر منه فيكون عَلَى ما نوى فإن لم ينو الطلاق فعَلَيْهِ كفارة يمين.

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل: عَلَيْهِ كفارة الظِّهَار نوى ذَلِكَ أَوْ لم ينو. قَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: عَلَيْهِ كفارة يمين نوى ذَلِكَ أَوْ لم ينو. وَقَالَ مسروق وأَبُوْ سلمة بْن عَبْد الرَّحْمَن: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء هو بمنزلة رجل حرم الطعام والشراب عَلَى نفسه

قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: إن نوى الطلاق فَهُوَ عَلَى ما قَالَ الشَّافِعِيُُّ: تطليقة يملك الرجعة، وإن أراد الظِّهَار فعَلَيْهِ كفارة الظِّهَار وإن لم ينو طلاقا ولا ظهارا فلا شَيْء عليه. [بَاب الخيار والتمليك] [حكم الخيار والتمليك] 196- واخْتَلَفَأَهْل العلم فِي الخيار فقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إِذَا قَالَ الرَّجُل لامرأته: اختاري" أَوْ: أمرك بيدك" فهما سواء. كَانَ عُمَر وعَبْد اللهِ يقولان: إِذَا خير الرَّجُل امرأته

فإن اختارت زوجها فلَيْسَ بشيء وإن اختارت نفسها فهي واحدة وَهُوَ أحق بها. وكَانَ عَلِيٌّ يَقُوْلُ: إِذَا اختارت زوجها فلَيْسَ بشيء وإن اختارت نفسها فهي واحدة ويخطبها عَلَى نفسها. واختار سُفْيَان فِي الخيار قَوْلَ عُمَرَ وَعَبْدِ اللهِ وأخذ بقولهما. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا قَالَ لها: اختاري" فاختارت زوجها فلَيْسَ بشيء وإن اختارت نفسها فهي تطليقة وإن نوى ثلاثا لم

يكن ثلاثا إلاأن يَقُوْل لها: اختاري" ثلاث مرات وإن جعل أمرها بيدها فطلقت نفسها فهي واحدة بائنة وإن نوى ثلاثا فَهُوَ عَلَى ما نوى. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: إِذَا قَالَ لها: اختاري" فاختارت زوجها فلَيْسَ بشيء وإن اختارت نفسها أَوْ طلقت نفسها ثلاثا فقَالَ الزوج: إنما أردت واحدة" لم يقبل منه وكانت واحدة يملك الرجعة.

قَالَ الشَّافِعِيُُّ: الخيار والتمليك سواء. فَإِذَاخير الرَّجُل امرأته وملكها أمرها فطلقت نفسها ثلاثا فقَالَ الزوج: لم أرد إِلَّا واحدة أَوْ لم أنو ثلاثا فهي طالق واحدة يملك الرجعة ولا تطلق أكثر من ذَلِكَ إِلَّا أن يريد أكثر من ذَلِكَ. وَهُوَ قَوْل أبي عُبَيْد. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وأنا أقول مثل قَوْل الشَّافِعِيّ قَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: إِذَا خيرها فلم تخير فِي مجلسها فلَيْسَ بشيء

وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: أمرها بيدها ما لم يجامعها. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ. قَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: أمرها بيدها أبدا حَتَّى ترد الأمر أَوْ تطلق نفسها أَوْ يخرجها الزوج من يدها. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: هَذَا عِنْدِيْ أصح الأقاويل. ويدل عَلَيْهِ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَائِشَة حيث خيرها قَالَ لها: لَا عَلَيْك أن لَا تعجلي حَتَّى تستأمري أَبَوَيْكِ" فهَذَا يدل عَلَى أن

لها الخيار بَعْد القيام من المجلس. وكذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيُّ أن الأمر بيدها مالم تقض. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل: فِي أمرك بيدك" أمرها بيدها ما لم يمسّها عَلَى قَوْل حفصة لزبير. قَالُوْا: والخيار إِذَا أخذ فِي معنىغَيْر الذي كانوا فيه فلَيْسَ لها أمر.

[بَاب الحج] [أنواع الحج] 198- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أردت الحج والعمرة فإن قرنت فحسن وإن تمتعت فحسن [55/ب] وإن أفردت فحسن كُلّ ذَلِكَ قد فعل. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: لم يخلتف أَهْل العلم أن كُلّ هَذَا جائز عَلَى ما قَالَ سُفْيَانُ. واخْتَلَفُوْا فِي الخيار: فروى أَهْل الْمَدِيْنَة أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عله وسلم أفرد الحج فاختاروا ذَلِكَ منهم مَالك وغيره. وكَانَ الشَّافِعِيّ يذهب إلى هَذَا المذهب وأَبُوْثَوْرٍ.

وذهب أَصْحَاب الرَّأْيِ إِلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرن فاختاروا القران. واختار أَهْل مكة التمتع. وإلى ذَلِكَ ذهب أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ والْحُمَيْدِيّ. واحتجوا بقول النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة" هَذَا آخر اختيار النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكَانَ إِسْحَاق يختار القران-إِذَا كَانَ معه سوق هدي فإن لم يسق فالتمتع- يذهب إِلَى أن القران لَا يكون إِلَّا بسوق. وَقَالَ سائر من ذكرنا: الإقران بغير سوق جائز وَعَلَى القارن ما استيسر من الهدي مثل ما عَلَى المتمتع.

[فسخ العمرة إلى الحج] 199- وَقَالَ هؤلاء كلهم: لَا يجوز فسخ الحج وإنما كَانَ الفسخ لأَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خاصةغَيْر أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ ذهب إِلَى أن الفسخ ثابت إِلَى اليوم وأن له فسخ حجه إِذَا لم يكن ساق هديا اتباعا للأحاديث التي رويت عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُوْ الْفَضْل: أظنه قَالَ: ولم يثبت حَدِيْث الحارث بن بلال الذي احتجت بِهِ أولئك الذي قَالَ للنَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أفسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة؟ فقال: بَلْ لكم خاصة

وضعف حَدِيْث أبي ذر وَقَالَ: إنما رواه مرقع، ومن مرقع؟ وَقَالَ: فِي فسخ الحج أحاديث ثبتت فلا يتَرَكَ مثل هَذَا لذَلِكَ. ومن روى عنه من أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن النَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلَام في فسخ الحج: يروى عَن جابر وعن عَائِشَة وأسمَاء بنت أبي بكر وابن عَبَّاس وأبي موسى الأشعري وأنس بن

مَالك وسهل بْن حنيف وأَبُوْ سعيد الخدري والبراء بْن عازب وابن عمر وسمرة أَوْ سبرة الجهني وَقَالَ أَحْمَدُ فِي فسخ الحج: إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل إِذَا أَهَلَّ بالحج والعمرة من مكة إن شاء جعلها عمرة وإن أَهَلَّ بالحج والعمرة فأحب أن يجعلها عمرة فعل. [كم يطوف المتمتع؟] 200- قَالَ سُفْيَانُ فِي المتمتع: إِذَا أراد أن يتمتع بدأ بالعمرة فقال: اللهم إني أريد العمرة فتقبلها مني" فَإِذَاكَانَ يوم التروية أَهَلَّ بالحج مَعَ الناس. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: إِذَاأراد أن يحرم بالحج من مكة [56/ب] ليطوف طوافا ليودع بِهِ البيت ثُمَّ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ خلف المقام ثُمَّ يحرم بالحج فِي دبر صلاته ويمضي إِلَى منى فَإِذَارجع طاف طوافا

واحدا لهما جميعا، ويطوف بين الصفا والمروة، قَالَ ذَلِكَ الْحُمَيْدِيّ. وَقَالَ أَحْمَدُ: يطوف طوافين طوافا لحجه وطوافا لزيارته، وإن طاف بين الصفا والمروة فَهُوَ أجود وإن لم يطف بين الصفا والمروة فلَا بَأْسَ. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وَأَحَبُّ إِلَيَّ إِذَا رجع أن يطوف طوافين طوافا لحجه وطوافا لزيارته عَلَى ما قَالَ أَحْمَد لِأَنَّ فِي حَدِيْث الزبير عَن عروة عَن عَائِشَة قالت: فطاف الذين أَهَلُّوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثُمَّ حلوا ثُمَّ طافوا طوافا آخر بَعْد أن رجعوا من منى لحجهم. ولَيْسَ عليهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة إِلَّا فِي حَدِيْث أبي الزبير عَن جابر أَنَّهُ قَالَ: قدمنا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مهلين بالحج فلما قدمنا طفنا بالبيت ثُمَّ الصفا والمروة فأمرنا النَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلَام أن نحل فأحللنا فلما كَانَ يوم التروية أَهْللنا بالحج وكفانا الطواف الْأَوَّل بين الصفا والمروة. [57/أ] وكذَلِكَ قَالَ ابْن عَبَّاس وسعيد بْن جبير وعَطَاء ومجاهد: لَيْسَ عَلَيْهِ إِذَا رجع من منى

أن يطوف بين الصفا والمروة. [الإحرام قبل الميقات] 201- قَالَ سُفْيَانُ: لَا بَأْسَ أن يحرم قبل الميقات. قَالَ الشَّافِعِيُُّ: لَا بَأْسَ أن يحرم قبل الميقات من منزله بعمرة فإن كَانَ فِي أشهر الحج فلَا بَأْسَ أن يهل بالحج وقد أحرم ابْن عَبَّاس فِي شتاء شديد. يروى ذَلِكَ عَن الْحَسَن عَن أبي حمزة القرشي عَنِ ابْنِ عَبَّاس. وأحرم ابْن عُمَر بعمرة من بيت المقدس. رواه أيوب وعُبَيْد الله. وأحرم معاذ بْن جبل وكعب من بيت المقدس بعمرة. وروى ابْن جريج قَالَ: أخبرني يوسف بْن ماهك أَنَّهُ سمع عَبْد اللهِ بْن أبي عمار يَقُوْل: أقبلت مَعَ معاذ بْن جبل وكعب من بيت المقدس فِي أناس مهلين بعمرة. وأَبُوْسعيد وأَبُوْ مسعود أحرما من السليحين

قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: لَا بَأْسَ إِذَا كَانَ يعرف من نفسه قوة. وَقَالَ إِسْحَاقُ: كَانَ الأسود وعلقمة يهلان من أهاليهما من الكوفة. وفي حَدِيْث الأسود أن الصَّبِيّ بْن معبد حين أَهَلَّ من منزله قَالَ: فلما أتيت العذيب" [57/ب] فذكر ذَلِكَ لعمر فلم ينكر عليه. [ما يفعله المحصر] 202- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أحصر بالحجة بعث بهدي ينحر عنه يوم النحر فإن نحر قبل ذَلِكَ لم يجز. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا أحصر الرَّجُل بعث بهدي وواعد المبعوث معه يوما يذبحه فيه فَإِذَاكَانَ ذَلِكَ اليوم حلق

وقصر وحل ورجع وعَلَيْهِ إن كَانَ مهلا بالحج قضاء حجة وعمرة لِأَنَّ إحرامه بالحج صارعمرة وإن كَانَ قارنا قضى حجة وعمرتين وإن كَانَ مهلا بعمرة قضى عمرته سواء عندهم المحصر بالعدو والمرض. وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: إِذَا أحصر الرَّجُل بعدو نحر أَوْ ذبح حين يحبس وحلق أَوْ قصر وحل من إحرامه ورجع فلَيْسَ عَلَيْهِ قضاء حج ولا عمرة إِلَّا أن يكون حج حجة الإسلام فيحج هَذَا إِذَا لم يشترط. وإِذَاأحصر بمرض فلَيْسَ له أن يحل ولكن يثبت عَلَى إحرامه وإن احتاج دواء تداوى بِهِ إِلَى أن يبرأ من مرضه فَإِذَابرأ مضى إِلَى البيت فطاف بِهِ وسعى فِي الصفا والمروة وحل، فِي حج كَانَ أَوْ عمرة. وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وذهبوا إِلَى قصة الحديبية فِي حصر العدو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحر الهدي فِي مكانه الذي أحصر فيه وحل ورجع.

وفي الحصر بالمرض إِلَى ما يروى عَن أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاس وابن عُمَر وابن الزبير رضي الله عنهم أَنَّهُم قَالُوْا فِي المحصر بالمرض نحوا من ذَلِكَ. [الاشتراط في الحج] 203- قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: لَا بَأْسَ بالاشتراط وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: لَا بَأْسَ بِهِ فله شرط عَلَى ما روي عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنغَيْر واحد من أَصْحَابه

[كم يطوف القارن؟] 204- وقَالَ سُفْيَانُ: فِي القارن يطوف طوافا لعمرته وطوافا لحجه. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْحُمَيْدِيُّ يجزئ القارن طوافا واحدا لحجه وعمرته وذهبوا إِلَى حَدِيْث عَائِشَة فأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا. ويروى ذَلِكَ عَن جابر عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وروي عَنِ ابْنِ عُمَر طوافا واحدا وعن جابر وابن عَبَّاس وعن علي

طوافين. [دخول مكة بدون إحرام] 205- قَالَ سُفْيَانُ: من كَانَ دون الميقات فلا يدخل مكة بغير إحرام فيما سمعنا. وكذَلِكَ قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ: لَيْسَ لأحد أن يدخل مكة إِلَّا بالإحرام أراد الحج والعمرة أَوْ لم يرد واحدا منهما. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ

وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: لَا بَأْسَ [58/ب] بأن يدخل بغير إحرام إِذَا لم يرد حجا ولا عمرة. [حكم العمرة] 206- قَالَ سُفْيَانُ: العمرة واجبة فيما سمعنا. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وإِسْحَاقُُ. روي ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاس وابن عُمَر وزيد بْن ثابت رضي الله عنهم.

وَقَالَ مَالِكٌ: العمرة سنة ولا أحب تركها. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. يروى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مسعود بإسناد منقطع أَنَّهُ قَالَ: العمرة تطوع. [من هو المتمتع؟] 207- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا رجع المتمتع إِلَى أَهْله ثُمَّ بدا له الحج من عامه لَيْسَ عَلَيْهِ دم ولأنه لَيْسَ بمتمتع إِلَّا من أقام حَتَّى يحج

وَقَالَ عَطَاء: إِذَا خرج إِلَى ما يقصر فيه الصَّلَاة ثُمَّ رجع فليس بمتمتع. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُ بْن حَنْبَلٍ. ويروى عَنِ ابْنِ عَبَّاس من حَدِيْث يزيد الفقير أَنَّهُ قَالَ لقوم من أَهْل البصرة اعتمروا فِي أشهر الحج ثُمَّ خرجوا عَلَى الْمَدِيْنَة ثُمَّ رجعوا إِلَى مكة من قبل أن يرجعوا إِلَى البصرة وَقَالَ لهم ابْن عَبَّاس: أنتم متمتعون. [فدية الأذى] 208- قَالَ سُفْيَانُ: فِي الفدية إِذَا كَانَ بِهِ أذى فَإِذَاحلق أطعم ستة مساكين لكل يوم نصف صاع من بر وإن كان

تمرا أَوْ شعيرا أَوْ زبيبا فصاع. وَقَالَ فِي حَدِيْث كعب بْن عجرة أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره أن يطعم ثلاثة آصع من تمر بين ستة [59/أ] مساكين. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ يطعم مدين من تمر أَوْ ما كَانَ قوته مدين وفي سائر الكفارات مدا مدا إِلَّا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر كعبا بذَلِكَ وأمر سلمة بْن صخر فِي الظِّهَار مدا مدا من التمر. [إذا وقف بعرفة ليلا] 209- قَالَ سُفْيَانُ: من وقف بليل بعرفات قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج ومن لم يقف بجمع أهرق دما. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ ومَالك والشَّافِعِيّ

وأَحْمَد وذهبوا إِلَى حَدِيْث عَبْد الرَّحْمَن بْن يعمر وإلى ما يروى عَن أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: إِذَالم يدرك الجمع فقد فاته الحج وإن وقف بعرفة واحتج بحَدِيْث عروة بْن مضرس. وَقَالَ: يروى هَذَا عَن إِبْرَاهِيْم والشعبي والْحَسَن. وقَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: العلمَاء عامة عَلَى الْقَوْل الأول. [أكل المحرم للصيد] 210- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأصاب الصيد الرَّجُل الحلال فإنا نكره أن يأكل من المحرم وقد كَانَ بعضهم يرخص فِي ذَلِكَ وَأَحَبُّ إِلَيَّنا أن لَا يأكل

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا بَأْسَ بذَلِكَ للمحرم صيد لأجله أم لا. قَالَ مَالِكٌ: إِذَا كَانَ صاده الحلال من أجل المحرم لم يأكله المحرم. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ؛ واحتج بحَدِيْث جابر عَن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كلوا لحم الصيد [59/ب] وأنتم حرم ما لم تصيدوه أَوْ يصاد لكم. وعن عثمان قوله. ومن ذهب إِلَى أَنَّهُ كره ذهب إِلَى حَدِيْث الصعب بْن جثامة حيث رده عليه. وأَصْحابُ الرَّأْي ذهبوا إِلَى حَدِيْث أبي قتادة وأنه صاد حمار وحشي وَهُوَ حلال فأكل منه أصحاب النَّبِيّ

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم محرمون ثُمَّ ذكروا ذَلِكَ للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصوب فعلهم [من لم يجد نعلين وهو محرم] 211- قَالَ سُفْيَانُ: ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعهما أسفل الكعبين. وَقَالَ كبير أَصْحَاب الرَّأْيِ: إن لبس الخفين فقطعهما أَوْ لم يقطعهما فعَلَيْهِ دم وكذَلِكَ إن لبس السراويل وَهُوَ لَا يجد الإزارا فعَلَيْهِ دم

وَقَالَ أَحْمَدُ: إِذَا لم يجد النعلين فليلبس الخفين ولا يقطعهما. واحتج بحَدِيْث ابْن عَبَّاس. وهكَذَا قَوْل عَطَاء أيضا لِأَنَّ قطعه فساد. وروي عَنِ ابْنِ جريج قَالَ: قلت لعَطَاء: أبلغك أَنَّهُ قطعهما حَتَّى يكونا من أسفل الكعبين؟ قَالَ: لم يبلغني وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ والْحُمَيْدِيُّ بحَدِيْث ابْن عمر: إِذَا لم يجد نعلين لبس الخفين وليقطعهما حَتَّى يكونا أسفل من الكعبين. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إن ابْن عُمَر قد روى ذَلِكَ مثل ما روى ابْن عَبَّاس وزاد شيئا فِي الْحَدِيْث لم يذكره [60/أ] ابْن عَبَّاس

[إذا لبس المحرم ثوبًا ناسيًا] 212- قَالَ سُفْيَانُ: وإن لبس رجل ثوبا ناسيا فلَيْسَ عَلَيْهِ كفارة إِذَا كَانَ قد لبسه ناسياوإِذَاحلق ناسيا أَوْ متعمدا فعَلَيْهِ الكفارة وإِذَاتطيب ناسيا فعَلَيْهِ كفارة جاهلا كَانَ أَوْ متعمدا. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: فِي هَذَا كله عَلَيْهِ الكفارة ناسيا فعله أَوْ متعمدا وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْحُمَيْدِيُّ: إن لبس أَوْ تطيب ناسيا فلا شَيْء عَلَيْهِ وأن فعل ذَلِكَ عمدا فعَلَيْهِ الكفارة وإن حلق ناسيا أَوْ عمدا فعَلَيْهِ الكفارة. وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: هَذَا كله لَا كفارة عَلَيْهِ إِذَا فعله ناسيا وعَلَيْهِ فِي العمد الكفارة

[إذا مات المحرم] 213- وقَالَ سُفْيَانُ: إِذَا مَاتَ المحرم بلغنا أن عَائِشَة وابن عُمَر كانا يقولان: يصنع بِهِ كما يصنع بالحلال يكفن ويطيب ويغطى وجهه ورأسه. قَالَ سُفْيَانُ: بلغنا من حَدِيْث ابْن عَبَّاس ان النَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلَام سئل عَن رجل وَهُوَ محرم فقال: لَا تغطوا رأسه ولا تقربوه طيبا". وقول النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحب إلينا أن يفعل. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يفعل بِهِ ما يفعل بالحلال سواء.

[ما يحل للمحرم قتله] 214- قَالَ سُفْيَانُ: المحرم يقتل الحية والعقرب والفأرة والحدأة والغراب والكلب العقور وما عدا عَلَيْك من السباع فاقتله ولَيْسَ عَلَيْك الكفارة. وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: الكلب العقور كُلّ ما عقر الناس وعدا عليهم مثل الأسود-أَوْ: الأسد، الشك من أبي الْفَضْل-والنمر والفهد والذئب فَهُوَ مثل الكلب. وأما ما كَانَ من السباع لَا يعدو مثل الضبع والثعلب والهرة وما أشبههن من السباع فلا يقتله المحرم فإن قتله فداه. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: الذئب مثل الكلب فأما ما سِوَى ذَلِكَ فكل ما لم يؤذ فقتلته فعَلَيْك بِهِ الفدية ولا يجاوز بِهِ دم وما آذاك من ذَلِكَ فقتلته فلا شَيْء عليك. وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: وما ضر من الطير فلا تقتله إِلَّا ما سمى النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الغراب والحدأة وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يقتل المحرم من الطير شيئا لم يبتدأه بأذى إِلَّا الغراب والحدأة فأما العقاب ونحوه فإن أراد الإنسان وَهُوَ محرم يقتله فلا شَيْء عَلَيْهِ وإن ابتدأ المحرم فقتلهقققق

فعَلَيْهِ الجزاء. [الإهلال فيغَيْر أشهر الحج] 215- قَالَ سُفْيَانُ: يكره للرجل أن يهل فِيغَيْر أشهر الحج فإن أَهَلَّ فَهُوَ عَلَى إحرامه حَتَّى يقضي الحج. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ عَطَاء فِي رجل أَهَلَّ بالحج فِيغَيْر أشهر الحج: يكون إحرامه للعمرة ولايكون للحج. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وإِسْحَاقُ.

[إذا أصاب المحرم الصيد] 216- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أصاب الرَّجُل الصيد يحكم عَلَيْهِ ذوا عدل ما يعدله من النعم ونحوه حكما عَلَيْهِ فإن بلغ جزورا فجزور وإن بلغ بقرة فبقرة وإن بلغ شاة فشاة وإن حكموا عَلَيْهِ ولا يجد قوموا عَلَيْهِ ثمنه طعاما فتصدق وإن لم يجد ما يذبح ولا يطعم صام م كَانَ كُلّ نصف صاع يوما. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: ما أصاب المحرم من ذوات الصيد جزي بأقرب الأزواج الثمانية من النعم منه شبها. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد. وَهُوَ قَوْل أَهْل الْمَدِيْنَةِ. قققققققق

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا أصاب المحرم الصيد حكم عَلَيْهِ وأعدل بقيمة الصيد فِي الموضع الذي أصيب الصيد فإن بلغ قيمة الصيد هديا اشترى بِهِ هديا وأهداه ولا يكون الهدي عندهم إِلَّا ما يجوز فِي الأضحية. قَالَ الشَّافِعِيُُّ: هو مخير فِي جزاء الصيد لقول الله عز وجل: {هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ [المائدة: 95} [61/ب] واحتج بحَدِيْث كعب بْن عجرة أَنَّ النَّبِيَّ صلي الله عَلَيْهِ وسلم خيره فِي أن يكفر بأي الكفارات شاء فِي فدية الأذى

وفرق مَالك وأَهْل الْمَدِيْنَة والشَّافِعِيّ بين فدية الرأس وجزاء الصيد فِي الإطعام فقَالُوْا فِي جزاء الصيد: لكل مسكين مدا إِذَا أطعم وإن صام صام م كَانَ كُلّ مد يوما. وَقَالُوا فِي الفدية: عَلَى حَدِيْث كعب بْن عجرة يطعم كُلّ مسكين نصف صاع. [إذا لم يجد المتمتع ما يذبح] 217- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا لم يجد المتمتع ما يذبح ولم يصم فإن الدم أَحَبُّ إِلَيَّ ومنهم من يرخص يَقُوْل يصوم بَعْد أيام التشريق. قَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَة وأَحْمَد وإِسْحَاق: يصوم أيام التشريق إِذَا لم يصم قبل ذَلِكَ. وكَانَ الشَّافِعِيّ يَقُوْل بهَذَا ثُمَّ رجع عنه فقَالَ نحو قَوْل سُفْيَان. ويروى قَوْل مَالك عن

ابن عُمَر وعَائِشَة، وقول سُفْيَان والشَّافِعِيّ عَنِ ابْنِ عَبَّاس. ويروى من حَدِيْث الحجاج بْن أرطاة. [زواج المحرم] 218- وقَالَ سُفْيَانُ: والمحرم يتزوج ولا يدخل بامرأته. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: لَيْسَ للمحرم أن يتزوج فإن فعل فنكاحه فاسد. وذهبوا إِلَى حَدِيْث [62/أ] عثمان عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المحرم لَا ينكح ولا

ينكح". ويروى عَن عُمَر [من] قوله. و [عن] علي وزيد بْن ثابت وابن عُمَر أَنَّهُم قَالُوْا: لَا يتزوج المحرم. [حج الْمَرْأَة معغَيْر محرم] 219- واخْتَلَفُوْا فِي الْمَرْأَة هل لها أن تحج مَعَغَيْر ذي رحم محرم؟ فقَالَ أَصْحَاب الرَّأْيِ: لَيْسَ لها أن تحج إِلَّا مَعَ محرم. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا كَانَ الحج واجبا عليها فإنها تحج مَعَغَيْر ذي محرم إِذَا كان

معها نسوة ثقات. وكذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ. واحتج أَحْمَد بحَدِيْث النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تسافر الْمَرْأَة إِلَّا مَعَ ذي محرم". فقِيْلَ له: قَالَ الله تَعَالَى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران: 97} قَالَ: المحرم من السبيل وَقَالَ الذين رخصوا فيه-الشَّافِعِيّ وإِسْحَاق-: إنما نهى النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرْأَة عَن السفر فِي التطوع من الأسفار خاصة. وقول أَحْمَد أَحَبُّ إِلَيَّ. بَاب الجراحات [مقدار الدية] 220- قَالَ سُفْيَان: بلغنا أن عمربن الخطاب جعل الدية عَلَى أَهْل الورق عشرة آلاف وعَلَى أَهْل الذهب ألف دينار وَعَلَى أَهْل الإبل مائة من الإبل، وَهُوَ قَوْل أصحاب الرَّأْي. وروى أَهْل الْمَدِيْنَة عَن عُمَر أَنَّهُ فرض الدية عَلَى أَهْل الورق

اثنى عشر ألف درهم وَقَالُوْا به. وكذلك قَالَ أحمد وإِسْحَاق. وكَانَ الشَّافِعِيّ يَقُوْل بِهِ ثُمَّ رجع عنه بعد. قال: وأصل الدية مائة من الإبل عَلَى ما حكم بِهِ النبي صلى الله عَلَيْهِ وسلم قال: إِذَا لم توجد قومت فِي كُلّ زمان؛ لِأَنَّ عُمَر إنماحكم بالقيمة فلذلك اخْتَلَفَحكمه فِي القضاء.

[أنواع القتل] 221- قَالَ سُفْيَان: والخطأ فيما سمعنا أن يريد الشيء فيصيب غيره. وشبه العمد: أن يضرب بالعصا وبالحجر وبالقصبة وبيديه فيموت، فيكون ديته مغلظة ولَيْسَ فيه القود. والعمد: ما كَانَ فيه سلاح ففيه القود. وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: لَيْسَ القتل إِلَّا خطأ أو عمدًا، فالخطأ يريد الشيء فيصيب غيره، والعمد: كلما ضربت رجلا بسلاح أو غيره عمدًا فمات منه فَهُوَ عمد ففيه القود، ولم يقولوا: شبه العمد. ووافقهم عَلَى هَذَا أبوثور. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: القتل عَلَى ثلاثة وجوه: خطأ وعمد وشبه العمد فالخطأ يريد الشيء فيصيب غيره، والعمد: أن يضرب الرَّجُل بحديد أو بما يعمل عمل الحديد أو يضربه بعصا خفيفة، أو بسوط [63/أ] خفيف تتابع

عَلَيْهِ الضرب حَتَّى يصير بحال الأغلب منه أن يموت من مثل ذلك الضرب. وشبه العمد: أن يضرب بعصا أو بحجر أوغَيْر ذلك مما الأغلب منه أن لَا يقتل مثله فيحدث منه الموت، فهَذَا شبه العمد، وقَوْل أحمد وإِسْحَاق خيرمن هَذَا. [دية الخطأ وشبه العمد] 222-فأما الخطأ فالدية فيه عَلَى العاقلة لَا خلاف فِي ذلك ولاقود فيه، وكذلك شبه العمد. [الواجب فِي العمد] 223- وأما العمد فإن الشَّافِعِيّ، وأحمد وإِسْحَاق قَالُوْا: ولي المقتول عمدًا بالخيار إن شاء قتل وإن شاء أخذ الدية

وإن شاء عفا، وبذلك جاء الخبر عَن النبي صلّى الله عَلَيْهِ وسلم، رواه أبوهريرة وأبوشريح الخزاعي. وَقَالَ أصحاب الرَّأْي: لَيْسَ لولي المقتول عمدًا إِلَّا القود والعفو ولَيْسَ له أخذ الدية إِلَّا أن يصالحهم عَلَى ذلك القاتل فيتراضيان عليه.

[القصاص بين الرَّجُل والْمَرْأَة فيما دون النفس] 224-قَالَ سُفْيَانُ: ما كَانَ بين الرَّجُل والْمَرْأَة كَانَ فيه القصاص من جراحة وقتل. وجراحة الْمَرْأَة وديتها عَلَى النصف من دية الرَّجُل وكذلك يَقُوْل مَالك والشَّافِعِيّ وأحمد وأبوعُبَيْدة وأبوثور. وَقَالَ أصحاب الرَّأْي: لَا قصاص بين الرَّجُل [63/ب] والْمَرْأَة فيما دون النفس، وإن قتل أحدهما صاحبه قتل به.

[دية جراح المرأة] 225-قَالَ سُفْيَان: جراح الْمَرْأَة وديتها عَلَى النصف من جراحة الرَّجُل ما كَانَ خطأ، وكذلك [قال] أصحاب الرَّأْي: عقلها عَلَى النصف من عقل الرَّجُل فِي كُلّ شَيْء. وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: يستوي عقل الرَّجُل والْمَرْأَة إِلَى ثلث الدية، فَإِذَابلغ الثلث فصاعدًا فديتها عَلَى النصف من دية الرَّجُل. روي ذلك عَن زيد بْن ثابت، وقَالَ بهَذَا أحمد بْن حَنْبَلٍ.

[دية العبد] 226- قَالَ سُفْيَان: والعبد لايبلغ بِهِ دية الحر إِذَا قتل خطأ ينقص منه الدِّرْهَم ونحوه، وهو قَوْل أصحاب الرَّأْي إِلَّا أَنَّهُم قَالُوْا: ينقص عشرة دراهم. وَقَالَ مَالِكٌ والشَّافِعِيّ وأحمد وإِسْحَاق وأبوثور: دية العبد قيمته بالغا ما بلغ أكثر من الدية أو أقل لأنهم أجمعوا عَلَى أن ديته قيمته إِذَا كانت أكثر؛ لِأَنَّ ديته لَيْسَت بموقتة كدية الحر إنما هي قيمته لأنه مال من الأموال. [ديةغَيْر المسلم] 227- قَالَ سُفْيَان: ودية الْيَهُوْدِيّ والنَّصْرَانِيّ والمجوسي مثل دية المسلم، ولَا يقتل مسلم بكافر، ولكن أحب أن يؤخذ بالدية ويضرب ويحبس.

[64/أ] وَقَالَ أصحاب الرَّأْي فِي دية أَهْل الذمة مثل قَوْل سُفْيَان. وقَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَة: دية الْيَهُوْدِيّ والنَّصْرَانِيّ عَلَى النصف من دية المسلم، ودية المجوسي ثمانمائة. وكذلك قَالَ أحمد. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: دية الْيَهُوْدِيّ والنَّصْرَانِيّ ثلث دية المسلم، ودية المجوسي ثمانمائة، وكذلك قَالَ إِسْحَاق وأبوثور وذهبوا إِلَى حديث عُمَر وعثمان أَنَّهُما حكما بذلك. واحتج أحمد بحديث عَمْروبن شعيب عَن أبيه عَن جده أن النبي صلّى الله عَلَيْهِ وسلم" جعل دية الْيَهُوْدِيّ والنَّصْرَانِيّ عَلَى النصف من

دية المسلم". [قتل المسلم بالكافر] 228- وأما قتل المسلم بالكافر فإن مَالكًا وأَهْلَ الْمَدِيْنَة والشَّافِعِيَّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبَاعُبَيْدٍ وَغَيْرَهُمْ وَافَقُوْا سُفْيَانَ، قَالُوْا: لايقتل المسلم بالكافر. وأما أصحاب الرَّأْي فقَالُوْا: يقتل المسلم بالكافر، واحتجوا بظاهر القرآن: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [المائدة: 45} وبقوله: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً [الإسراء: 33} واحتجوا بحديث

ابن البيلماني [وَهُوَ] منقطع: أن النبي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم أقاد مسلمًا بكافر، ولايصح هَذَا. [في القسامة] 229- قَالَ سُفْيَان: فِي القسامة يحلفون خمسين رجلا، يحلف كُلّ واحد منهم: ما قتلت ولَا علمت قاتلا" ثُمَّ يغرمون [64/ب] الدية وإن لم يبلغوا خمسين وكانوا عشرة أو عشرين ردت عليهم الأيمان حَتَّى يتموا خمسين. وَهُوَ قَوْل أصحاب

الرأي. وَقَالَ مَالِكٌ: الأمر المجتمع عَلَيْهِ عندنا أن يبدأ الذين يدعون الدم فِي القسامة فيحلف من ولاة الدم خمسون رجلًا خمسين يمينًا، فإن قل عددهم أو نكل بعضهم ردت الأيمان إِلَّا أن ينكل أحدهم من ولاة الدم الذين يجوز لهم العفو. فإن كَانَ من غيرهم ردت الأيمان عليهم، فَإِذَاحكموا استحقوا دم صاحبهم وإن نكل بعض الولاة ردت الأيمان عَلَى المدعى عليهم فيحلف خمسون رجلا يمينًا يمينًا فإن لم يتموا ردت الأيمان عَلَى من حلف، فإن لم يكن إِلَّا المدعى عَلَيْهِ وحده حلف خمسون (؟) يمينًا. وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ للأولياء أن يحلفوا إِلَّا بأحد الأمرين: أن يَقُوْل المقتول: دمي عِنْدَ فلان أو يأتي الأولياء باللوث من بينة يقع عَلَى القلب وإن لم يكن قاطعًا.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يكون القسامة إِلَّا عَلَى واحد. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي القسامة: إِذَاكَانَ مثل السبب الذي حكم [فيه] رَسُوْل اللهِ صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم بالقسامة حكمنا بِهَا وحكمنا فيها بالدية عَلَى المدعى عليهم [65/أ] فَإِذَالم يكن مثل ذلك السبب لم نحكم بها. فإن قَالَ القائل: وما السبب الذي حكم فيه رَسُوْل اللهِ صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم؟ قِيْلَ: كانت دار يهود التي قتل بِهَا عَبْد اللهِ بْن سهل محضة لايخلطهم غيرهم، وكانت العداوة بين الأنصار واليهود ظاهرة، وخرج عَبْد اللهِ بْن سهل بَعْد الْعَصْرَ فوجد قتيلًا قبل الليل وكاد أن يغلب عَلَى من عاهد أن لم يقتله إِلَّا بعض يهود، فَإِذَاكانت دار قوم مجتمعة لَا يخلطهم غيرهم وكانوا أعداء للمقتول أو لقبيلته ووجد المقتول فيهم فادعى أولياؤه قتله فلهم القسامة، فَإِذَاأقسموا أوجب الدية، وسواء فِي قوله ادعى عَلَى كُلّ واحد أو عَلَى جماعة بَعْد أن تكون الْجَمَاعَةممن يمكن أن يكونوا قد اشتركوا فِي قتله، فإن نكل المدعون عَن اليمين

ردت الأيمان عَلَى المدعى عليهم، فإن حلفوا برؤوا، ولم يحكم عليهم بدية ولَا غيرها. وَقَالَ أحمد مثل قَوْل الشَّافِعِيّ: إن القسامة لَا يحكم بِهَا حَتَّى يكون مثل السبب الذي حكم فيها (؟) النبي صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم إِلَّا أَنَّهُ قال: إِذَاأقسم الأولياء عَلَى رجل أَنَّهُ قتل صاحبهم قتل بِهِ قودًا، نحو قَوْل مَالك. قال: والقسامة: عِنْدَ أَهْل الكوفة: أن [65/ب] يوجد القتيل فِي محلة فيحلف من أَهْلها خمسون رجلًا ما قتلوا ولاعلموا قاتلًا، ثُمَّ يغرمون الدية، فإن لم يحلفوا حبسوا حَتَّى يقروا فيُقتلوا أو يحلفو فيغرموا الدية. وروي نحو هَذَا عَن عُمَر بْن الخطاب. وأما ما ذهب إِلَيْهِ مَالك والشَّافِعِيّ [فهم] ذهبوا إِلَى حديث سهل بْن أبي خيثمة ورافع بْن خديج

[إِذَاعفا بعض الورثة] 230- قَالَ سُفْيَان: وإِذَاقتل رجل عمدًا فأخذ قاتله فعفا بعض الورثة لم يقتل وترفع عنه حصة الذي عفا، ويؤخذ للبقية الدية من مال القاتل. وكذلك قَالَ أصحاب الرَّأْي. وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وأحمد وإِسْحَاق. وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا كَانَ للرجل ابنان فعفا أحدهما عَن القود فللآخر أن يقتل. قَالُوْا: وإن كانوا بنين وبنات فعفا البنات

فللبنين أن يقتلوا وإن عفا البنون فعفوهم جائز، لَيْسَ للنساء فِي العفو شَيْء. [دية عين الأعور] 231- قَالَ سُفْيَان: والأعور إن فقئت عينه- يعني خطأ-فإنما له نصف الدية أو فقأ عين رجل عمدًا فقئت عينه: {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ [المائدة: 45} . وكذلك قَوْل أصحاب الرَّأْي. وكذلك [66/أ] قول الشَّافِعِيّ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: إِذَافقئت عين الأعور خطأ ففيها الدية كاملة. وكذلك قَالَ إِسْحَاق وأحمد وأبوثور. يروى ذلك عَن عمربن الخطاب، وعثمان بْن عفان وزيد بْن ثابت وابن عمر.

[الأعور فقأ عين صحيح] 232- وَقَالَ أحمد فِي أعور فقأ عين صحيح: لَا يستقاد منه وعَلَيْهِ الدية كاملة، وهكَذَا يروى عَن عثمان بْن عفان، وإن كَانَ خطأ فعَلَيْهِ نصف الدية، وإن فقأ صحيح عين أعور خطأ ففيه الدية كاملة، وإن كَانَ عمدًا فأحب الأعور أن يستقيد من إحدى عيني الصحيح فله نصف الدية، وإن أحب أن يأخذ الدية كاملة فله الدية كاملة، ويروى نحو هَذَا عَن علي بْن أبي طالب أَنَّهُ مخير.

كتاب الزكاة [زكاة الحلي] 233- قَالَ سُفْيَانُ: فِي حلي الذهب والفضة زكاة إِذَا بلغ مائتي درهم أَوْ عشرين مثقالا. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: لَيْسَ فِي حلي الذهب والفضة زكاة. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد وأَبُوْعُبَيْدٍ وإِسْحَاق. وكان

الشَّافِعِيّ يَقُوْل بِهِ ثُمَّ توقف عنه. [حكم الزائد عَلَى النصاب] 234- وقَالَ سُفْيَانُ: ما زاد عَلَى عشرين مثقالا [66/ب] فزكه وما زاد عَلَى الأربعين مثقالا فزكه بحسابه. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وأما كبيرهم فقال: لَيْسَ فيما زاد عَلَى المِائَتَيْن حَتَّى يبلغ أربعين درهما. وَقَالَ فِي الذهب: حَتَّى يبلغ أربعة وعشرين مثقالا. روي هَذَا الْقَوْل عَن عُمَر بْن الخطاب وعن الْحَسَن والشعبي وطَاوُس وعَطَاء وعَمْرو بْن دينار والزُّهْرِيِّ.

وَقَالَ مَالِكٌ والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق وأَبُوْعُبَيْدٍ مثل قَوْل سُفْيَان. ومازاد فبالحساب. يروى ذَلِكَ عَن علي بْن أبي طالب وابن عمر. [في صدقة الفطر] [صدقة الفطر عن عبيد التجارة] 235- قَالَ سُفْيَانُ: فِي الْعَبِيْد إِذَا كانوا للتجارة لم يطعم عنهم صدقة الفطر لِأَنَّ فيهم الزكاة. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ

وَإِسْحَاقُ: يطعم عنهم صدقة الفطر-للتجارة كانوا أم لغيرها- لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر أن يطعم عَن الْعَبِيْد ولم يخص بعضا دون بعض. [صدقة الفطر عن عبده الذمي] 236- قَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: يطعم عَن عَبِيْدِهِ اليهود والنصارى. ووافقهم إِسْحَاق. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: لَا يطعم عَن عَبِيْدِهِ اليهود والنصارى.

وروى مَالك عَن نافع [67/أ] عَنِ ابْنِ عُمَر أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض صدقة الفطر عَلَى كُلّ صغير وكبير ذكر وأنثى حر أَوْ عبد من المسلمين صاعا من تمر أَوْ صاعا من شعير ورواه الضحاك بْن عثمان. [رجل يشتري صدقته] قَالَ سُفْيَانُ: فِي الصدقة لَا تبتاع بِهَا نسيئة تجر ولاءها. وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.

وعن ابْن عَبَّاس والْحَسَن أَنَّهُما قَالَا: لَا بَأْسَ أن تشتري الرقبة من الزكاة وتعتقها. وبه قَالَ أَحْمَد وإِسْحَاق وأَبُوْعُبَيْدٍ. قَالَ الْحَسَنُ: إن ورث منها شيئا جعله فِي الرقاب. وكذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ. قَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ لِأَنَّ يعطي فِي الحج. وَقَالَ: يعطي أقرباءه ممن لا يعول إِذَا لم يكن يدفع بِهِ عَن نفسه مذمة ولم يق بِهَا ماله. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: إن رجع إِلَيْهِ ميراثه بالولاء فَهُوَ له حلال ولَيْسَ له أن يصرفه فِي شَيْء.

[الزكاة لذي رحم] 238- قَالَ سُفْيَانُ: لَا تدفع من زكاتك إِلَى من تجبر عَلَيْهِ من أرحامك. وكذَلِكَ قَالَ أَهْل الْمَدِيْنَة. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ؛ وأَبُوْعُبَيْدٍ لَا يَرَى أن يجبر الرَّجُل إِلَّا عَلَى نفقة الوالدين والولد والزوجة والمملوكين. قَالَ: وكل من سِوَى هَذَا فلَا بَأْسَ أن يعطيهم من الزكاة. وكذَلِكَ قَالَ أَهْل الْمَدِيْنَة ومَالك فِي [67/ب] الإجبار. وأما سُفْيَان فقوله: يجبر كُلّ وارث عَلَى النفقة: {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ [البقرة: 233} . وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يجبر الرَّجُل عَلَى نفقة كُلّ ذي رحم محرم وَقَالُوْا: لَا بَأْسَ أن يعطي من الزكاة كُلّ ذي رحم أجبر عَلَى نفقته أَوْ لم يجبر إِلَّا الوالدين والولد. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ فِي الزكاة: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بأن يعطي كُلّ ذي رحم إلا

الوالدين والولد. وأما إعَطَاء الْمَرْأَة زوجها ففي حَدِيْث زينب امرأة عَبْد اللهِ. وأما من قَالَ في الزوج: إنه يعطي امرأته فلَيْسَ فيه حَدِيْث. وقد فرق أَبُوْعُبَيْدٍبين من يلزم الرَّجُل نفقته وبين من لَا يلزم نفقتـ[ـه] . وقد ذهب قوم إِلَى أن يعطي من الزكاة كُلّ إنسان-الوالدين والولد وغيرهم، قَالُوْا: لِأَنَّ الله عز وجل قَالَ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ [التوبة: 60} . ولم يخص أحد دون أحد. [إخراج الزكاة من بلد المزكي] 239- قَالَ سُفْيَانُ: ولا تخرج بِهَا من مصرك إِلَّا أن لَا تجد من تعطيه. وقد كَانَ يستحب أن تضعها فِي قرابتك،

قَالَ الْحَسَنُ وإِبْرَاهِيْم: لَا تخرجها من مصر إِلَّا إِلَى قرابة. وهَذَا أحب إِلَى أبي عَبْد اللهِ. وَقَالَ أَحْمَدُ-وسئل عَن رجل له قرابة محتاجون فِيغَيْر بلده الذي فيه ترى أن يؤخذ إليهم من زكاة ماله؟ -: قَالَ: لا. [الفقير الذي يستحق الزكاة] قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا كَانَ للرجل خمسون درهما فلا يأخذ من الزكاة ولا يدفع من الزكاة إِلَيْهِ أكثر من خمسين درهما إِلَّا أن يكون غارما دفع إِلَيْهِ قدر دينه ثُمَّ أعطاه بَعْد ذَلِكَ خمسين درهمالا يزيده. وكذَلِكَ قَالَ ابْن الْمُبَارَك. وَهُوَ قَوْل أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ. ذهبوا إِلَى حَدِيْث ابْن مسعود عن

النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من سأل وله ما يغنيه. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يعطى من له مائتا درهم فصاعدا ومن كَانَ له أقل من مائتي درهم فلَا بَأْسَ. ويحكى عَن مَالك أَنَّهُ قَالَ: لا يعطى من له أربعون درهما، وذهب إِلَى الْحَدِيْث الذي رواه عَن زيد بْن أسلم عَن عَطَاء بْن يسار عَن رجل من بني أسد أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: من سأل وله أوقية فقد ألحف. وقد روي عَن مَالك خلاف هَذَا أَنَّهُ كَانَ لَا يوقت. وَقَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ وإِسْحَاق: لَا يعطى من له أربعون درهما. وكَانَ الشَّافِعِيّ لَا يوقت فيه كم يعطي ومن يعطي، يَقُوْلُ: عَلَى قدر ما يعرف الناس من حاجة الناس وغناه.

وَقَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ وأَبُوْ ثَوْرٍ: إِذَا كَانَ الرَّجُل فقيرا فلك أن تعطيه جملة من الزكاة كم شئت [68/ب] ولا وقت فِي ذَلِكَ. وَقَالَا: إنما التحديد لمن يكون عنده. وكَانَ إِسْحَاق يستشنع هَذَا الْقَوْلَ. وأَحْمَد أيضا يكره وَقَالَ بقولِ سُفْيَانَ. وأَصْحَاب الرَّأْيِ قَالُوْا: فِي المائتين زكاة، ذهبوا إِلَى ما تجب فيه الزكاة وَقَالُوْا: يعطي مائتي درهم إِلَّا درهم ولا يعطي مائتي درهم. [إخراج العروض عن الزكاة] 241-وقَالَ سُفْيَانُ: والعروض تجزئ أن تعطيها عَن زكاة مَالك إِذَا كانت قيمته ذَلِكَ، وإن تعطيهاعلى وجهها أحب إلي. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَهُوَ قَوْل أَحْمَدوأبي عُبَيْد وإِسْحَاقَ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ

والشَّافِعِيُّ: لَا تجزيه أن يعطي القيمة وعَلَيْهِ أن يخرج ماوجب عَلَيْهِ بعينه قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: والقياس الصحيح هَذَا. [زكاة مال اليتيم] قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا كَانَ عِنْدَ رجل مال يتيم فقد بلغنا أن عُمَر وعليا وعَائِشَة كانوا يزكون مال اليتيم. قَالَ سُفْيَانُ: وَأَحَبُّ إِلَيَّ أن يحفظ ما مر عَلَيْهِ من السنين، وكم فيه؟. فَإِذَابلغ اليتيم فادفع إِلَيْهِ ماله وأعلمه ما حل فيه من الزكاة فإن شاء زكاه وإن شاء ترك.

وروي عَن ليث عَن مجاهد عَن عَبْد اللهِ بْن مسعود مثل هَذَا. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وأَحْمَد والشَّافِعِيّ وإِسْحَاق وأَبُوْعُبَيْدٍ وأَبُوْ ثَوْرٍ: [69أ] الزكاة واجبة فِي مال اليتيم، وَعَلَى الوصي أن يزكي ماله كُلّ عام. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا زكاة فِي مال اليتيم إِلَّا مما أخرجت أرضه خاصة. واحتجوا بأن القلم قد رفع عَن اليتيم، ولا تجب عَلَيْهِ الصَّلَاة. فكذَلِكَ لَا تجب عَلَيْهِ الزكاة. وَقَالُوْا: فيما أخرجت الأرض فيه الزكاة. فناقضوا قولهم. قَالُوْا: الفرق بين ما أخرجت الأرض أن الذمي يؤخذ مما أخرجت أرضه العشر وكذَلِكَ المكاتب.

قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: والْقَوْل عِنْدِيْ ما قَالَ-يعني-مَالكًا والشَّافِعِيَّ. [الزكاة في مال المملوك] 243- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا كَانَ للرجل مملوك له مَال فليزك السيد مال مملوكه وينبغي للمملوك أن لَا يكتم سيده ماله. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ والشافعي وإِسْحَاق. يروى ذَلِكَ عَن عُمَر بْن الخطاب وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَأَحْمَدُ وَأَبُوْعُبَيْدٍ: لَيْسَ عَلَى المملوك فِي ماله زكاة، ولا عَلَى السيد أن يؤدي من مال مملوكه الزكاة. ويروى هَذَا عَن جابر وابن عمر. وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: الزكاة فِي مال المملوك واجبة عَلَى المملوك لَا عَلَى سيده -إن كَانَ المملوك مسلما- فإن كان

يهوديا أَوْ نصرانيا فلا زكاة عَلَيْهِ ولا عَلَى السيد فيما فِي يده. وذهب إِلَى حَدِيْث ابْن عمر. ورواه [69/ب] أَنَس عَن ابْن سِيْرِيْنَ قَالَ: سألتُ ابنَ عُمَرَ عَن زكاة مال المملوك فقال: أمسلم هو؟ قُلْتُ: نعم. قَالَ: فإن عَلَيْهِ فِي كُلّ مائتي درهمٍ، خمسةُ دراهم. [زكاة الدين] 244- قَالَ سُفْيَانُ: وإن كَانَ لك دين فلَيْسَ عَلَيْك أن تزكيه حَتَّى تقبضه وإن كَانَ عِنْدَ مليء إِلَّا أن تشاء. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وقول أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: فِي الدين إِذَا كَانَ عِنْدَ مليء فإن كَانَ حالا وقد حال عَلَيْهِ الحول فَإِذَاكَانَ يقدر عَلَى أخذه منه فتركه فعَلَيْهِ فيه الزكاة وهَذَا كمالٍ له وديعة فِي يدي رجل فعَلَيْهِ أن يزكيه إِذَا كَانَ قادرا عَلَيْهِ فإن كَانَ لَا يدري لعله سيفلس لديه فعَلَيْهِ إِذَا كَانَ حاضرا طلب منه بألح ما يقدر عليه. فإذا نض فِي يده فعَلَيْهِ الزكاة لما مضى فِي يده من السنين، فإن تلف قبل أن يقبضه فلا زكاة عَلَيْهِ فيه. وهكَذَا إِذَا كَانَ صاحب الدين متغيبا. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ نحو قَوْل الشَّافِعِيّ وإِسْحَاق. وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَى رب الدين إِذَا قبضه-وإن كان

مكث غائبا سنين- إِلَّا زكاة سنة واحدة. قَالَ: وذَلِكَ أَنَّهُ لم يكن عَلَيْهِ أن يزكي من مال سِوَاهُ. وقِيْلَ لأَحْمَد: قَوْل أَهْل الْمَدِيْنَةِ يزكيه لسنة؟ [70/أ] قَالَ: ما أدري ما هَذَا؟ قِيْلَ: فما وجهه؟ قَالَ: لَيْسَ له عِنْدِيْ معنى. ثم قَالَ: إما أن يكون عَلَيْهِ الزكاة فيزكي لما مضى أَوْ لَا يكون عَلَيْهِ زكاة فلا يزكي شيئا ولا لسنة. وقد كَانَ ابْن أَبِيْ لَيْلَى وحماد بْن أبي سليمان يقولان: زكاة الدين عَلَى الذي عَلَيْهِ الدين. ويروى عَنغَيْر واحد من التابعين أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ فِي الدين زكاة. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: يعجبني قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِيْ عُبَيْدٍ وَإِسْحَاقَ. يروى قولهم عَن عُمَر بْن الخطاب وعثمان وابن عُمَر وجابر رضي الله عنهم.

[تعجيل الزكاة] 245- قَالَ سُفْيَانُ: وكَانَ بعض الفقهاء لَا يَرَى بأسا أن تعجل الزكاة قبل حلها، وأحب أن لَا يعجلها وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا بَأْسَ بتعجيلها. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وإِسْحَاقُ وأَبُوْعُبَيْدٍ. ذهبوا إِلَى حَدِيْث العَبَّاس أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إنا تعجلناها منه عام أول. وعنغَيْر واحد من التابعين-الْحَسَن وإِبْرَاهِيْم وسعيد بْن جبير- لم يروا بِهِ بأسا. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: لَا يجزئ أن يعجلها. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: أقول مثل قَوْل سُفْيَان يعجبني أن لا

يفعل فإن فعل فأرجو أن يجزيه. [ضم القليل إلى الكثير للنصاب] 246- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا كَانَ للرجل مِائَة درهم وعشرة مثاقِيْلَ من ذهب ضم الكثير إِلَى القليل فإن كَانَ إِذَا ضم الدَّرَاهِم إِلَى الدنانير كانت عشرين مثقالا ضمها إِلَى الدنانير وإن كانت الدنانير إِذَا ضمها إِلَى الدَّرَاهِم كانت مِائَتَيْ درهم ضمها إِلَى الدَّرَاهِم فنظر أكثر ما يكون فيه زكاها عَلَى ذَلِكَ من الحساب ضم القليل إِلَى الكثير فزكاها. وكذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ. وَهُوَ قَوْل كبير أَصْحَاب الرَّأْيِ. وَقَالَ مَالِكٌ: يعطي من كُلّ واحد حصته ولا يقوم أحدهما عَلَى الآخر وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: تجعل الدنانير

كل دينار بعشرة عشرة ولا ينظر إِلَى قيمتها. وَقَالَ ابْن أَبِيْ لَيْلَى والْحَسَن بْن صَالِح وشَرِيْك والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وَأَبُوْعُبَيْدٍ: لَا يجب عَلَيْهِ فِي واحد منها صدقة حَتَّى يبلغ كُلّ نوع منها ما تجب فيه الصدقة وذَلِكَ أن تبلغ الدَّرَاهِم مِائَتَيْ درهم والذهب عشرين مثقالا فإن كَانَ له مائتا درهم وعشرة مثاقِيْلَ ذهب وجبت عَلَيْهِ فِي الدَّرَاهِم الزكاة ولم تجب عَلَيْهِ فِي الذهب حَتَّى يبلغ عشرين مثقالا. وقَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وكذَلِكَ الْقَوْل عِنْدِيْ. وَهُوَ قَوْل أَبِيْ ثَوْرٍ. [إذا سُرِقَ مال الزكاة] 247- قَالَ سُفْيَانُ: وإن كَانَ عندك ألف درهم فحال عَلَيْهِ الحول فسرق منه خمسمائة قبل أن تزكيه فما ذهب فقد ذهب وما بقي [71/أ] زكاه عَلَى حساب ذَلِكَ. فإن كَانَ صرفه فِي شَيْء فسرق قبل أن يزكيه فَهُوَ ضامن له يزكي الألف وإن لم يكن صرفه فِي شَيْء فسرق الجميع فلَيْسَ عَلَيْهِ زكاة

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ مثل قَوْل سُفْيَان؛ ذَلِكَ إِذَا لم يكن صرفه فِي شَيْء وكذَلِكَ قَالُوْا: إِذَا صرفه فِي تجارة ثُمَّ سرق الألف فلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء إِلَّا أن يهبه أَوْ يستهلكه فيكون ضامنا. وَقَالَ ابْن أَبِيْ لَيْلَى والْحَسَن بْن أبي صَالِح وشَرِيْك: إِذَا حلت عَلَيْهِ الزكاة فسرقت الألف سقطت عنه الزكاة إن لم يكن فرط. والتفريط عندهم أن يمكنه أن يؤديها فلا يؤديها فَإِذَافرط فَهُوَ ضامن سرقت بَعْد ذَلِكَ أَوْ لم تسرق. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وإِسْحَاقُ. وإن سرق بعضها زكى الباقي بالحساب إِذَا لم يكن فرط. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وهَذَا أصح الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي؛ ْ وبه أقول. [زكاة المال المستفاد] 248- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا استفدت ألف درهم أَوْ مائتي درهم فما زاد من شَيْء تكون فيه الزكاة فَكَانَ بينك وبين الحول شهر أَوْ أيام ثُمَّ أصبت مالا يكون مِائَتَيْ درهم فما زاد عَلَى المائتين فسرق المال الْأَوَّل الذي كَانَ عندك فَإِذَاأتى عَلَى هَذَا

بقية السنة من المال فزكه. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ مَالِكٌ: كل فائدة تكون من أصل المال ونمائه فَإِنَّهُ يضمهما إِلَى أصل مال التجارة، وربح المال إِلَى أصله ثُمَّ يزكيهما معًا وإِذَاكانت الفائدة لَيْسَت من أصل المال للتجارة، والمواشي تتولد قبل تمام الحول، فَإِذَاحال الحول فَإِنَّهُ يضم الأولاد إِلَى الأُمَّهَات كميراث ورثه أَوْ هبة وهبت له فإنه لا يضمها إِلَى أصل المال ولكنه يستأنف بِهِ حولا. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد وإِسْحَاق. وَقَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ: لَيْسَ عَلَيْهِ فِي الفائدة زكاة حَتَّى يحول الحول عَلَيْهِ سواء كانت الفائدة من ربح المال وغيره. وكذَلِكَ يروى عَن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيْزِ وعَطَاء وَقَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ في

المواشي: إِذَا توالدت قبل الحول ثُمَّ حال الحول ضم الأولاد إِلَى الأُمَّهَات وزكاهما جميعا اتباعا لحَدِيْث عُمَر أَنَّهُ قَالَ: عد عليهم السخلة ولو أتى بِهَا الراعي يحملها عَلَى يديه. وفرق أَبُوْعُبَيْدٍ بين المواشي وأرباح التجارة. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ. وقَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وهَذَا الْقَوْل أشبه عِنْدِيْ

بَاب العشور [ما يؤخذ من أهل الحرب] 249-قَالَ [72/أ] سُفْيَانُ: كَانَ عُمَر بْن الخطاب يجعل عَلَى من مر من المشركين من أَهْل الحرب العشر إِذَا مروا بِهِ للتجارة. وقَالَ سُفْيَانُ: إِذَا مروا بخمسين درهما أخذ منه خمسة دراهم فَإِذَاكانت أقل من خمسين درهما لم يأخذ منها شيئًا. وإِذَامر من أَهْل الذمة أخذ منهم من مائة درهم خمسة دراهم. فإذا كَانَ أقل من مائة لم يؤخذ منه شَيْء وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لا يؤخذ منهم شَيْء من أَهْل الحرب ولا من أَهْل الذمة حَتَّى يبلغ ما معه مِائَتَيْ درهم فصاعدا. وَقَالَ مَالِكٌ: يأخذ من قليل ما معهم أَوْ كثير العشر من أَهْل الحرب

بَاب زكاة الزروع [ماذا يزكى من الزرع؟] 250- قَالَ سُفْيَانُ: لَيْسَ فِي شَيْء من الزرع زكاة إِلَّا الحنطة والشعير والتمر والزبيب. وكَانَ ابْن عُمَر يَقُوْل: [و] السلت. ولَيْسَ فِي شَيْء من هَذَا زكاة حَتَّى يبلغ خمسة أوسق، والوسق فيما بلغنا ستون صاعا. وَقَالَ ابْن أَبِيْ لَيْلَى والْحَسَنُ بْنُ صَالِح مثل قَوْلِ سُفْيَان؛ وكَانَ يفتي بِهِ ابْن الْمُبَارَك وأَبُوْعُبَيْدٍ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ ومَالك وأَصْحَاب الرَّأْيِ: تجب الزكاة فِي القطاني كلها وهي صنوف [72/ب] الحبوب: العدس والحمص والأرز وما أشبه ذَلِكَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: ماجمع أن يزرعه الأدميون وييبس ويدخر ويقتات مأكولا خبزا أَوْ سويقا أَوْ طحينا ففيها الصدقة. وكذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ. وَقَالَ شيخ أَصْحَاب الرَّأْيِ: الزكاة فِي كُلّ ما أخرجت الأرض من قليل أَوْ كثير إِلَّا الحطب والقصب والحشيش. [نصاب الزكاة في الزرع] 251- وَقَالَ سائر العلماء: لَا زكاة فيما وجبت الزكاة مما أخرجت الأرض حَتَّى يبلغ خمسة أوسق، [وبه قال] ابْن المبارك والشافعي، وأحمد وأبوعبيد وإسحاق.

وقد رجع بعض أَصْحَاب الرَّأْيِ إِلَى هَذَا الْقَوْل بعدما كَانَ يَقُوْل بالْقَوْل الأول. [الزكاة في الفواكه والبقول] 252- وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَس: الذي لَا اختلاف فيه عندنا لَيْسَ فِي شَيْء من الفواكه كلها [73/أ] من الرمان والفرسك والتين وما أشبهه وما لم يشبه إِذَا كَانَ من الفواكه ولا فِي البقول صدقة. وكذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ والْأَوْزَاعِيّ وابْن أَبِيْ لَيْلَى والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وأَبُوْعُبَيْدٍ وإِسْحَاق.

[ضم الحبوب بعضها إلى بعض] 253- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا بلغ كُلّ نوع من هَذِهِ خمسة أوسق عَلَى حدة ففيه الصدقة فَإِذَاكَانَ دون خمسة أوسق فلَيْسَ فيه شَيْء. ولا يجمع الشعير مَعَ الحنطة ولا الشعير والحنطة مَعَ الزبيب ولكن إِذَا بلغ كُلّ نوع منه عَلَى حدة ففيه الصدقة. والصاع هو قفيز الحجاج. وكذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وابْن أَبِيْ لَيْلَى وأَصْحَاب الرَّأْيِ-سِوَى كبيرهم- والشَّافِعِيُّ وأَحْمَدُُ وإِسْحَاقُ وَأَبُوْعُبَيْدٍ وأَبُوْ ثَوْرٍ إِلَّا الصاع فإنهم يقولون بصاع النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ مَالِكٌ: يضم البر إِلَى الشعير وتضم القطاني بعضها إِلَى بعض. والقطاني إِلَى البر والشعير. ويروى هَذَا عَن الزُّهْرِيّ والوسق ستون صاعا بصاع النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والصاع عِنْدَ مَالك وابن أبي ذئب وأَهْلِ

الْمَدِيْنَةِ: خمسة أرطال وثلث رطل [73/ب] برطل الْعِرَاق يكون منوين وثلثي رطل. [الزكاة في العنب] 254- والعنب لَا تجب فيه الصدقة حَتَّى يبلغ خمسة أوسق وذَلِكَ ثلاث مائة صاع يكون ثمان مائة من. [من يزكي الزرع إذا بيع؟] 255- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاباع الرَّجُل نخله أَوْ عنبه أَوْ زرعه قبل أن يحصده كانت الزكاة فِي التمر عشر التمر أَوْ نصف عشر فيما كَانَ بالدوالي. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.

وكَانَ الشَّافِعِيّ يَقُوْل: إِذَا باع الرَّجُل زرعه بألف فالعشر عَلَى مَالك الزرع. وكذَلِكَ لو وهبه له، فإن أدرك الزرع قائما أخذ منه العشر ويرجع بِهِ المشتري عَلَى البائع لِأَنَّ الصدقة إنما هي فِي الزرع فحيث كَانَ أخذت منه. فإن فات الزرع فالوالي بالخيار فِي أخذ الذي استهلك الزرع ويرجع عَلَى البائع أَوْ أخذ البائع لِأَنَّ الاستهلاك بسببه كَانَ. ثم رجع عَن هَذَا الْقَوْل فقال: إِذَا باع الرَّجُل نخله أَوْ عنبه وقد بدا صلاحه فالبيع مفسوخ لِأَنَّ عشرها أَوْ نصف عشرها [74/أ] للمساكين فكأنه باع شيئا له ولغيره ولكنه يصح أن يبيعه تسعة أعشار الثمر إن كانت تسقى بعين أَوْ كانت بعلا تسعة أعشارها، ونصف عشرها إن كانت تسقى بغرب بَاب حد الزنا [إقامة الحد عَلَى العبيد] 256- قَالَ سُفْيَانُ: يقيم الرَّجُل الحد عَلَى جاريته وعبده إِذَا زنيا وليحدهما الحد دون السلطان ولا يجرد ولا يمد فِي الحد. وكذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُُّ: يقيم الرَّجُل عَلَى عبده فِي الخمر والزنا. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وإِسْحَاق: إِذَا زنا

العبد والأمة-متزوجين كانا أَوْغَيْر متزوجين- يجلدهما سيدهما خمسين دون السلطان. وَقَالَ أَحْمَدُ: إن لم تكن محصنة جلدها السيد وإن كانت محصنة دفعها إِلَى السلطان؛ ذهب إلى حَدِيْث أبي هريرة وزيد بْن خالد أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عَن الأمة إِذَا زنت ولم تحصن؟ قَالَ: اجلدها خمسين. وذهب الشَّافِعِيّ وإِسْحَاق إِلَى حَدِيْث علي عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أقيموا الحدود عَلَى ما ملكت أيمانكم. وكَانَ ابْن عَبَّاس وأَهْل مكة لَا يرون أن يقيموا عَلَى الأمة حد الزنا إِذَا زنت ولم تكن تزوجت، ويتأولون قَوْل الله عز وجل: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ [مِنَ الْعَذَابِ [النساء: 25} قَالَ: والإحصان التزويج. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يجلد الرَّجُل

أمته ولا يقطع عبده إِذَا سرق وإن أبى السلطان أن يقيم عليهما الحد. وكذَلِكَ قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا يقيم عَلَى عبده وأمته سِوَى حد الزنا. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: يقيم الحدود عَلَى أمته وعبده دون السلطان. وكذَلِكَ قَوْل أَبِيْ ثَوْرٍ. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ. بَاب حد شارب الخمر [إقامة الحد بالريح] 257- قَالَ سفيان: وإن وجد من رجل ريح خمر فلَيْسَ عَلَيْهِ حد حَتَّى تقوم بينة أو يعترف أَنَّهُ شربها او يوجد سكرانا، ولكن عَلَيْهِ تعزير إذا وجد ريحه. والسكر: اختلاس القلب، يستقرأ، فإن أقام القِرَاءَة سئل فتكلم بما يعرف لم يجلد، وإن خلط في القِرَاءَة أو الكلام الذي يعرفه الناس يجلد. ولَا يجلد حَتَّى يفيق، يؤمر بِهِ إلى السجن لإغذا أفاق ضرب حق الضرب، ويستحيى.

وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: كُلّ من شرب مسكرا قليلا أَوْ كثيرا أوجب عَلَيْهِ الحد سكر أَوْ لم يسكر. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ: السكر عندهم خمر لحَدِيْث [75/أ] ابْن عُمَر أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كل مسكر خمر. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: يحد إِذَا شرب المسكر إِذَا أقامت الحجة عَلَيْهِ أَنَّهُ حرام؛ وذهبوا إِلَى حَدِيْث عُمَر إني وجدت من عُبَيْد الله وأَصْحَابه ريح شراب وإني سائل عنه فإن كَانَ يسكر جلدته. قَالَ السائب: فشهدته بَعْد ذَلِكَ يجلده الحد قَالَ الشَّافِعِيُُّ وإِسْحَاقُ: المسكر قليله وكثيره حرام ولَيْسَ بخمر ومن شرب منه قليلا لم يحد حَتَّى يسكر. قَالَ أَبُوْ الْفَضْلِ الشَّافِعِيّ: قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وقول أبي ثَوْرٍ حسن.

[إذا فجر الصغيربالكبيرة] 258- وقَالَ سُفْيَانُ: إِذَا فجر الصغير بالكبيرة فلَيْسَ عليها حد ولكنها تعزر ولَيْسَ لها مهر إِلَّا أن تكون عذراء فيفتضها بإصبعه وإصبعه وذكره سواء. فإن فعل ذَلِكَ فعَلَيْهِ العقر فِي ماله. وإِذَا فجر الكبير بالصغيرة أقيم عَلَيْهِ الحد ولم يقم عليها ولَيْسَ عَلَيْهِ مهر لأنه إِذَا فتق الصغير الصغيرة كَانَ فِي ماله عقرها-بإصبعه كَانَ أَوْ بذكره-. قَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: يحد الكبيرين فِي المسألتين ولَيْسَ عَلَى الصغيرين حد. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وبه أقول. [حكم شرب النبيذ] 259- قَالَ سُفْيَانُ: اشرب العصير ما لم يغل، وغليانه أن يقذف بالزبد فَإِذَاغلى فَهُوَ خمر. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَحْمَدُ وإِسْحَاقُ: اشرب العصير ما لم يغل ويأتي عَلَيْهِ ثلاثة أيام فَإِذَاأتى عَلَيْهِ ثلاثة أيام لم يشرب غلى أَوْ لم يغل. واحتجوا بحَدِيْث ابْن عمر: اشرب العصير ما لم يأخذه شيطانه. قِيْلَ: وما يأخذه شيطانه؟. قَالَ: في ثلاثة أيام قال

الشَّافِعِيُّ: اشرب العصير ما لم يكن خمرا لِأَنَّ الله إنما حرم الخمر والخمر هو الذي يشتد فيسكر كثيره وما دام حلوا لم يشتد فَهُوَ حلال، وسواء أتى عَلَيْهِ ثلاثة أيام وأقل وأكثر؛ إِذَا لم يتغير عَن حاله وكَانَ حلوا مثل ما كَانَ أول ما عصر. 260- قَالَ سُفْيَانُ: ويكره أن يكتب الرَّجُل إِلَى الرَّجُل ببداءة ولكن يكتب إِلَى أبي فلان. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: هو عِنْدِيْ واسع بدأ بنفسه أَوْ بغيره. بَاب الذبائح والصيد [التسمية للذبح] 261- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا ذبحت ونسيت التسمية فكل فإنما ذبحت بيديك وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ. وَهُوَ

قول أَصْحَاب الرَّأْيِ وَقَالُوْا: فإن تعمد تَرَكَ التسمية لم تؤكل الذبيحة وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا بَأْسَ أن تؤكل الذبيحة وإن لم يسم عليها ناسيا تركه أوعمدا واحتج بذبائح أَهْل الْكِتَاب. قَالَ: قد أحل الله ذبائحهم وَهُوَ ربما يسمواغَيْر الله وَقَالَ الشعبي ومُحَمَّد بْن سيرين وعَبْد اللهِ بْن يزيد ونافع: لَا يؤكل من الذبيحة إِلَّا ما ذكر اسم الله عليه. وَهُوَ قَوْل أبي ثَوْرٍ وتأولوا قوله: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ [الأنعام:121}

[إذا أكل الكلب من الصيد] 262-قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأرسلت كلبك فنسيت أن تسمي فلَا بَأْسَ أن تأكل وإن أكل الكلب من صيده فلا تأكل منه فإنما تعليمه أن لَا يأكل. وقد كَانَ بعضهم يرخص فيه؛ وأَحَبُّ إِلَيَّ أن لَا يأكل. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وأَحْمَد وأبي ثَوْرٍ. واحتجوا بحَدِيْث عدي بْن حاتم وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: لَا بَأْسَ أن يؤكل من الصيد إِذَا أكل منه الكلب

ويروى قولهم من حَدِيْث عَمْرو بْن شعيب عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن سعد بْن أبي وقاص وسلمان وابن عُمَر وأبي هريرة رضي الله عنهم. [إذا أكل الجارح من الصيد] 263-قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أكل الباز أَوْ الصقر والعقاب من صيده فكل فإنما تعليمه إجابته إِذَا دعوته. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: البازي والصقر والكلب واحد لَا يؤكل من صيد واحد منهم إِذَا أكل منه. ويروى ذَلِكَ عن

الْحَسَن وعَطَاءوسعيد بْن جبير وعكرمة. [إذا قطع من الصيد عضو] قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا قطعت من الصيد يد أَوْ رجل فبان منه فلا تأكل منه ما يسقط منه وكل ما بقي منه فإن كنت قطعت نصفين فكله جميعا وإن كَانَ النصف الذي يلي الرأس أكثر من النصف الآخر فكل ما يلي الرأس وإن كَانَ مما يلي الرأس أقل من النصف الآخر فكله جميعا. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا ضرب الرَّجُل الصيد أَوْ رماه فبان يده أَوْ رجله فمات من تلك الضربة فسواء ذَلِكَ ولو أبان نصفه

أكل النصفين واليد والرِّجْل وحميع البدن لِأَنَّ تلك الضربة إِذَا وقعت موقع الذكاة كانت الذكاة عَلَى ما أبان وبقي كما لو ضربه أَوْ ذبحه فأبان رأسه كانت الذكاة عَلَى الرأس وجميع البدن ولا تعد الضربة أن تكون ذكاة فالذكاة لَا تكون [77/أ] عَلَى بعض البدن دون بعض أَوْ تكون ذكاة فلا يؤكل منه شَيْء ولكنه لو أبان منه عضوا ثُمَّ أدرك ذكاته فذكاه لم يأكل العضو الذي أبان لِأَنَّ الضربة الأولى صارتغَيْر ذكا وكانت الذكاة الذبح بَاب كفارة الأيمان [أنواع اليمين] 265-قَالَ سُفْيَانُ: الأيمان أربعة فيمينان تكفران وَهُوَ أن يَقُوْل الرَّجُل: والله لَا أفعل فيفعل أَوْ يَقُوْل: ليفعلن فلا يفعل. ويمينان لَا تكفران وَهُوَ أن يقول: والله ما فعلت وقد فعل. أَوْ يَقُوْل: والله لقد فعلت وما فعل. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: أما اليمينان الأولان فلا اختلاف بين العلمَاء فيهما عنه عَلَى ما قَالَ. وأما اليمينان الآخران فقد اخْتَلَفَالعلمَاء فيهما فَإِذَاكَانَ الحالف عَلَى أَنَّهُ لم يفعل كذ وكَذَا أَوْ أَنَّهُ قد فعل كَذَا وكَذَا عِنْدَ نفسه صادقا يَرَى أَنَّهُ عَلَى ما حلف فلا إثم عَلَيْهِ ولا كفارة في

قول مَالك وسُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد وأَبُوْعُبَيْدٍ وأَبُوْثَوْرٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: لَا إثم عَلَيْهِ وعَلَيْهِ الكفارة. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: لَيْسَ قَوْل الشَّافِعِيّ هَذَا [77/ب] بالقوي. قال: وإن كَانَ الحالف عَلَى زنه لم يفعل كَذَا وكَذَا فعل كَذَا متعمدا للكذب فَهُوَ آثم ولا كفارة عَلَيْهِ فِي قَوْل عامة العلمَاء منهم مَالك وسُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ وأَحْمَد وأَبُوْعُبَيْدٍ

وأَبُوْ ثَوْرٍ. وكَانَ الشَّافِعِيّ يَقُوْل: يكفر. ويروى عَن بعض التابعين مثل قَوْل الشَّافِعِيِّ. وقَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: أَمِيْلُ إِلَى قَوْلِ سُفْيَانَ وأَحْمَدَ. [يمين اللغو] 266- فأما يمين اللغو التي اتفق عامة العلمَاء أَنَّهُا لغو فَهُوَ قَوْل الرَّجُل: لَا والله بلا والله فِي حَدِيْثه وكلامهغَيْر معتقد باليمين ولا مريد لها. [الاستثناء في اليمين] 267- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاحلف واستثنى مَعَ يمينه فقال: إن شاء الله متصلا مَعَ يمينه فلا يحنث فإن استثنى مَعَ يمينه فقال: إن شاء الله متصلا مَعَ يمينه فلم يحنث فإن استثنى فِي نفسه فلَيْسَ بشيء حتي يتكلم ويتحرك لسانه وإن لم يسمعه

صاحبه. وَهُوَ قَوْل مَالك وأَصْحَاب الرَّأْيِ؛ وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: إن كَانَ بين يمينه واستثنائه سكتة كسكتة الرَّجُل بين الكلام للعي والتعسر وانقطاع الصوت ثُمَّ وصل الاستثناء فَهُوَ موصول وإنما القطع أن يحلف ثُمَّ يأخذ فِي كلام لَيْسَ من اليمين أَوْ يسكت مختارا للسكت فَإِذَافعل ذَلِكَ ثُمَّ استثنى لم يكن له استثناء. وَقَالَ أَحْمَدُ: له أن يستثني ما دام فِي مجلسه ما لم يأخذ فِي شَيْء آخر واحتج بالْحَدِيْث الذي يروى عَن عكرمة بعضهم يرسله وبعضهم يصيره عَنِ ابْنِ عَبَّاس عَن النَّبِيّ

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: والله لاأغزون قريشا ثم سكت ثُمَّ قَالَ: إن شاء الله قَالَ إِسْحَاق: إِذَا حلف وَهُوَ يريد أن يستثني فنسي الاستثناء عِنْدَ فراغه من اليمين فله أن يستثني مَتَى ما ذكر ولا حنث عَلَيْهِ إِذَا استثنى واحتج بحَدِيْث ابْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ: إِذَانسي الاستثناء فله أن يستثني ولو بَعْد سنة وقرأ: {وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ [الكهف: 24} وَقَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ: معنى حَدِيْث ابْن عَبَّاس أَنَّهُ إِذَا استثنى بَعْد سنة سقط عنه المأثم وأما الكفارة فإنها لَا تسقط قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وأنا أقول بقول الشَّافِعِيّ وعن ابْن عُمَر قَالَ: لا أخشين يمين فيها إن شاء الله إِذَا كانت موصولة

[كم يطعم في الكفارة] 268- قَالَ سُفْيَانُ: فِي كفارة اليمين وإن أطعم عشرة مساكين فليطعم كُلّ مسكين نصف صاع من حنطة أَوْ صاعا من شعير أَوْ صاعا من تمر فليطعم صاعا [78/ب] من زبيب أَوْ صاعا من حبوب كُلّ شَيْء سِوَى الحنطة فَهُوَ صاع صاع. وكذَلِكَ قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ. وَقَالَ مَالِكٌ: يطعم فِي كفارة اليمين مدا من بر بمد النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وإِسْحَاقُ وأَبُوْعُبَيْدٍ. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: إِذَاأعطى كُلّ مسكين نصف صاع فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ. [الكسوة في الكفارة] 269-قَالَ سُفْيَانُ: فَإِذَاكسى الكسوة فليعط كُلّ مسكين ثوبا ثوبا وقميصا قميصا أَوْ قباءا قباءا أَوْ ملحفة ملحفة أَوْ إزارا أَوْ عمامة عمامة وَهُوَ يجزئ وَقَالَ

أَصْحَاب الرَّأْيِ: يكسو كُلّ مسكين ثوبا جامعا إزارا أَوْ رداءا أَوْ قميصا أَوْ كساءا ولا يجزيه العمامة ولا السراويل وَقَالَ مَالِكٌ: إن كسى الرجال كسى كُلّ رجل ثوبا ثوبا وإن كسى النساء كساهن ثوبين ثوبين درعا وخمارا وذَلِكَ أدنى ما يجوز الصَّلَاة فيه وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: كُلّ ما وقع عَلَيْهِ اسم كسوة من عمامة أَوْ سروايل أَوْ عزار أَوْ طنفسة أَوْغَيْر ذَلِكَ لرجل أَوْ امرأة أجزأه قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: [79/أ] والذي أختار أن يفعل ما قَالَ مَالِكٌ وسُفْيَان. وإن فعل ما قَالَ الشَّافِعِيُُّ رجوت أن يجزيه

[لو أطعم مسكينًاواحدًا] 270- قَالَ سُفْيَانُ: ويطعم عشرة مساكين فإن لم يجد عشرة أجزأه أن يعطي مسكينا واحدا أَوْ اثنين. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إن أطعم مسكينا واحدا عشرة أيام كُلّ يوم نصف صاع أجزأه وإن أعطى جملة فِي يوم واحد لم يجزه سواء وجد أَوْ لم يجد عشرة مساكين. ويروى عَن الْحَسَن والشعبي أَنَّهُما قَالَا: لَا يجزيه حَتَّى يطعم عشرة مساكين كما قَالَ الله تعالى. قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وإِسْحَاقُ وأَبُوْعُبَيْدٍ

[إطعام أهل الذمة في الكفارة] 271- قَالَ سُفْيَانُ: فِي كفارة اليمين إن لم يجد مسلمين أجزأه أن يعطي أَهْل الذمة من أَهْل العهد ولا يعطي أَهْل الحرب. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ ووافقهم أَبُوْثَوْرٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يجزء أن يطعم إِلَّا المسلمين. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وأَبُوْعُبَيْدٍ وإِسْحَاق؛ قاسوا كفارة اليمين على الزكاة وذَلِكَ أَنَّهُم قد أجمعوا أَنَّهُ لايجوز أن تعطي الزكاة إِلَّا مساكين المسلمين. [إن أطعم بعضا وكسى بعضًا] 272-قَالَ سُفْيَانُ: وإن أطعم بعضهم حنطة وبعضهم [79/ب] شعيرا أَوْ تمرا أجزأه وإن أطعم بعضا وكسى بعضا أجزأه

وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وإِسْحَاقُ وأَبُوْعُبَيْدٍ وأَبُوْ ثَوْرٍ: لَا يجزيه أن يطعم بعضهم ويكسو بعضهم عَلَيْهِ أن يطعم عشرة مساكين أَوْ يكسو عشرة مساكين. [إذا قال: أقسمت بالله وأقسمت] 273- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا قَالَ: أقسمت بالله وأقسمت فهما سواء تعين يكفرها وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يكون أقسمت معينا حَتَّى يَقُوْل: بالله

وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ. وكذَلِكَ إِذَا قَالَ: أشهد بالله فَهُوَ يمين. وَهُوَ قَوْل مَالك وأبي عُبَيْد. وَقَالَ إِسْحَاقُ: إِذَا قَالَ: أقسمت بالله وإِذَاقَالَ: أقسمت ولم يقل بالله فأراد يمينا يعني فَهُوَ يمين وإن لم يرد يمينا فلَيْسَ بشيء. [إذا قال: هو يهودي] 274- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا قَالَ: أنا يهودي أَوْ نصراني أَوْ مجوسي أَوْ بريء من الإسلام فعَلَيْهِ فِي كُلّ واحد يمين يكفرها. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وأَبُوْعُبَيْدٍ: لَيْسَ عَلَيْهِ كفارة

[إذا قال: عَلَيْهِ عهد الله] 275- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا قَالَ: عَلَيْهِ عهد الله وميثاقه" فعَلَيْهِ يمين يكفرها إِذَا كَانَ يريد بِهَا يمينا. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ وَهُوَ قَوْل مَالك والشَّافِعِيّ وأبي عُبَيْد [80/أ] وإِسْحَاق. اتفقوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا أراد بذَلِكَ اليمين فَهُوَ اليمين. [إذا قال: ماله صدقة] 276- وإن قَالَ الرَّجُل: ما له فِي المساكين صدقة" فإن أَهْل العلم اخْتَلَفُوْا فِي ذَلِكَ: قَالَ الشعبي والحكم والحارث العكلي وابْن أَبِيْ لَيْلَى: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء من كفارة ولا غيره وذهبوا إِلَى أن اليمين لَا يكون إِلَّا بالله لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

لا تحلفوا إِلَّا بالله". قَالُوْا: فَإِذَاحلف بغير الله فهو عاص ولَيْسَ عَلَيْهِ كفارة ولا عَلَيْهِ أن يتصدق بماله لأنه لم يقصد قصد التقرب إِلَى الله بالصدقة وإنما أراد اليمين. ويروى عَن عُمَر بْن الخطاب وعَائِشَة وابن عَبَّاس وابن عُمَر وحفصة أَنَّهُم قَالُوْا: عَلَيْهِ كفارة يمين. وَهُوَ قَوْل أَحْمَد والشَّافِعِيّ وأبي عُبَيْد وأبي ثور. وَقَالَ مَالِكٌ: يتصدق بثلث ماله وذهب إِلَى كعب بْن مَالك قَالَ له النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يجزئك من ذَلِكَ الثلث قَالَ أَصْحَاب الرأي: عَلَيْهِ أن يتصدق من ماله ما تجب عَلَيْهِ الزكاة من الذهب والفضة والمواشي وما ملك من الأموال مما لَا زكاة فيها

الحلف بالعتاق

من العتاد والأرضين والدور ومتاع البيت والخيل والبغال والحمير والرقيق قَالُوْا يجب أن يتصدق بشيء منها قال: وَقَالَ إِبْرَاهِيْم النخعي: عَلَيْهِ أن يتصدق بجميع ماله ويمسك ما يستغني بِهِ عَن الناس فَإِذَااستعاد مالا تصدق بقدر ما كَانَ أمسك وَقَالَ إِسْحَاقُ: عَلَيْهِ فِي هَذَا أن يتصدق بكفارة الظِّهَار يعتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا. وكَانَ يَقُوْلُ: إن لم يجد يجزيه طعام عشرة مساكين وكذَلِكَ إِذَاحلف بثلاثين حجة أَوْ بحجة أَوْ بصيام أوجبه عَلَى نفسه أَوْغَيْر ذَلِكَ من الأيمان سِوَى الطلاق والعتاق ففي قَوْل أَصْحَابنا كلهم: كفارة يمين ولَيْسَ عَلَيْهِ أكثر من ذَلِكَ. فإن حلف بطلاق أَوْ عتاق فقد أجمعت الأمة عَلَى أن الطلاق لَا كفارة عَلَيْهِ وأنه إن حنث فِي يمينه فالطلاق لازم له. [الحلف بالعتاق] 277- وقد اخْتَلَفُوْا فِي العتاق فقَالَ أكثرهم: العتاق مثل الطلاق ولا كفارة فيه وممن قَالَ ذَلِكَ مَالك وسُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ والشَّافِعِيّ وأَحْمَد

وإِسْحَاق وأَبُوْعُبَيْدٍ. وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: من حلف بالعتاق فعَلَيْهِ كفارة يمين ولا عتق عليه. وذهب أَبُوْ ثَوْرٍ إِلَى أن الله عز وجل أوجب فِي كتابه كفارة اليمين عَلَى من حلف فقال: [81/أ] {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ [المائدة: 89} . قَالَ: فكل يمين حلف بِهَا الرَّجُل يحنث فعَلَيْهِ الكفارة عَلَى ظاهر الْكِتَاب إِلَّا أن تجمع الأمة علي يمين أَنَّهُ لَا كفارة فيه فأسقطنا عَن الحالف بالطلاق الكفارة وألزمناه الحالف بالعتاق لِأَنَّ الأمة لم تجمع عَلَى أن لَا كفارة عليه. ورووا عَن الأنصاري عَن الأشعث عَن بكر بْن عَبْد اللهِ عَن أبي رافع أن مولاته حلفت بالمشي إِلَى بيت الله وكل مملوك لها حر وهي يوم يهودية ويوم نصرانية وكل شَيْء لها فِي سبيل الله أن تفرق بينه وبين امرأته قَالَ: فسألت ابْن عُمَر وابن عَبَّاس وأبا هريرة وعَائِشَة وحفصة وأم سلمة رضي الله عنهم فكلهم يقولون لها: كفري عَن يمينك وخلي بينهما ففعلت ويروى عَن طاوس والْحَسَن مثل قوله. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: أذهب إِلَى ما قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَد؛ ُ وذَلِكَ أن الحالف بالعتاق لم يعتق عبده عَلَى وقت وذَلِكَ أن يَقُوْل: إِذَا جاء شهر كَذَا فأنت حر فهَذَا لَا اختلاف فيه أن يعتق إِذَا جاء الشهر

بَاب قطع السارق [نصاب القطع] 278- قَالَ سُفْيَانُ: لَا يقطع السارق إِلَّا فِي عشرة دراهم أَوْ دينار ولا يقطع حَتَّى يخرج المتاع من ملك الرَّجُل وإِذَاسرق العبد [81/ب] من سيده فلا قطع وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: يقطع السارق فِي ربع دينار فصاعدا. وكذَلِكَ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ والشَّافِعِيّ وإِسْحَاق وأَبُوْثَوْرٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَل: إِذَا سرق من الذهب ربع دينار

قطعت يده وإِذَاسرق من الدَّرَاهِم ثلاثة دراهم فصاعدا قطعت يده وإِذَاسرق عرضا قوم فإن بلغ قيمته ثلاثة دراهم قطعت يده وذهب عَلَى التقويم عَلَى الدَّرَاهِم عَلَى حَدِيْث ابْن عُمَر أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطع فِي مجن قومت ثلاثة دراهم. وفي الذهب إِلَى حَدِيْث عَائِشَة يقطع السارق فِي ربع دينار وذهب سائر أَصْحَابنا فِي التوقيت إِلَى حَدِيْث عَائِشَة. وأَصْحَاب الرَّأْيِ ذهبوا إلى حَدِيْث عَمْرو بْن شعيب عَن أبيه عَن جده. وَقَالَ ابْن شُبْرُمَةَ وابْن أَبِيْ لَيْلَى: يقطع فِي خمسة دراهم فصاعدا ذهبوا إلى حَدِيْث الشعبي عَنِ ابْنِ مسعود. ولا يصح هَذَا

[هل يغرم مع القطع؟] 279-قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا سرق السارق فقطع فلا غرم عليه. وكذَلِكَ قَوْل أصحاب الرَّأْي. وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا كَانَ موسرا غرم وإن كَانَ معسرا لم يجعل دينا عَلَيْهِ يروى هَذَا عَن الزُّهْرِيّ. ويروى عَن الْحَسَن وحماد بْن سلمة. وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق وأبي ثَوْرٍ يغرم فِي السرقة موسرا كَانَ أو معسرا ويكون دينا عَلَيْهِ مَتَى أيسر أدى

[السرقة من ذي رحم] 280- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا سرق الرَّجُل من ذي محرم لم يقطع إِذَا كَانَ من خاله أَوْ عمه. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ الشَّافِعِيُُّ: لَا يقطع الأب إِذَا سرق من مال ابنه ولا الإبن إِذَا سرق من والده شيئا ولا يقطع إِذَا سرق من غيرهما من ذي محرم حكاه عنه المزني فِي كتابه. وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: تقطع يد كُلّ من سرق لِأَنَّ الله عز وجل قَالَ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا [المائدة: 38} ولم يخص أجنبيا دون ذي رحم ولا خصت السنة والآية عامة عَلَى جميع السراق ما لم يخصه كتاب أَوْ سنة

[القطع في الثمارواللحم ونحوها] 281- قَالَ سُفْيَانُ: لَا يقطع فِي شَيْء من الثمار إِذَا كانت فِي شجرها ولكن يغرم وإِذَاسرق من الثمار شيئا مما يفسد ولَيْسَ له بقاءأو سرق ثريدا أَوْ لحما مما يفيد فلَيْسَ له بقاء فلَيْسَ عَلَيْهِ قطع ولكن يعزر ويغرم. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: يقطع فِي هَذَا كله إِذَا سرق من حرز بلغ قيمة ما يسرق ربع دينار فصاعدا. ويروى حَدِيْث عَبْد اللهِ بْن عَمْرو فِي الثمار: إِذَا آواه الجرين ففيه القطع إِذَا بلغ ثمن [82/ب] المجن". وكذَلِكَ قَوْل أبي ثَوْرٍ فِي الثمار إِذَا كَانَ محرزا رطبا كَانَ أَوْ يابسا والخبز والجبن والنورة والأشنان والزرنيخ والمَاء واللبن والنَّبِيّذ إِذَا كَانَ ما لَا يسكر قَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: إِذَا سرق ثمرا من نخل أَوْ شجر أَوْ عنبا من كرم أو بقلا من أرض قائما لم يحصد فَإِذَاكَانَ هَذَا محرزا

فَكَانَ ما سرق من ذَلِكَ ما يقطع فيه اليد قطعت يده. قَالَ: ومعنى قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لا قطع فِي ثمر ولا كثر" إنما هو عَلَى الثمر المعلق لَيْسَ فِي حرز. قَالَ: وكذَلِكَ الكثر وإنما هو الجمار؛ وذَلِكَ أن الأرضين بالْحِجَاز وغيرها إِذَا كثرت لم يكن عليها حيطان فَكَانَ الشيء لَيْسَ محرزا. قَالَ: وَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا آواه الجرين أَوْ المراج ففيه القطع" قَالَ: فهَذَا يدل أَنَّهُ لم يكن محرزا وأما المحرز فيقطع صاحبه. وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: وإن سرق نبيذا لَا يسكر لم أقطعه لأنه حرام وكذَلِكَ لو سرق خمرا أَوْ خنزيرا لمسلم كَانَ أَوْ لذمي فلا قطع فيه

[شهادة النساء في الحدود] 282- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا شهد امرأتان ورجل عَلَى رجل بالسرقة أخذ السارق بالمال ولَيْسَ عَلَيْهِ القطع لِأَنَّ شهادات النساء لَا تجوز فِي الحدود قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: أجمع [83/أ] أَصْحَابنا عامتهم عَلَى هَذَا. بَاب المكاتب [المكاتب يؤدي بعض المال] 283- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاكَانَ المكاتب قد أدى النصف أَوْ الثلث وَأَحَبُّ إِلَيَّ أن لَا يرد لما جاء بِهِ ومنهم من يَقُوْل إِذَا عجز رد وَقَالَ مَالِكٌ وأَصْحَاب الرَّأْيِ والشَّافِعِيُّ

وأَحْمَد وغيرهم من أَصْحَابنا: هو عبد ما بقي عَلَيْهِ درهم ومَتَى ما عجز رد فِي الرق. وَقَالَ علي بْن أبي طالب: يعتق منه بقدر ما أدى وأحكامه وميراثه عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ ابْن مسعود: إِذَا أدى قيمته فَهُوَ غريم من الغرمَاء لَا يرد فِي الرق. ويروى عَن عُمَر بْن الخطاب أَنَّهُ قَالَ: إِذَاأدى النصف من كتابته غهو غريم من الغرماء. ويروى عنه أَنَّهُ قَالَ: هو عبد ما بقي عَلَيْهِ شَيْء. وَقَالَ زيد بْن ثابت وابن عُمَر وعَائِشَة: هو عبد ما بقي عَلَيْهِ درهم. [مكاتبة العبد المشترك] 284- قَالَ سُفْيَانُ فِي عبد بين رجلين: لَيْسَ لأحدهما أن يكاتب نصيبه بغير إذن شَرِيْكه فإن فعل رددته إِلَّا أن يكون نقده فإن نقده كَانَ هَذَا شَرِيْكه فيما أخذ منه وعتق العبد وضمن الذي كاتب نصيب الآخر فإن كَانَ الذي كاتب وفى أخذ منه وإن لم يكن له وفاء سعى العبد فِي نصف قيمته

وصار شَرِيْكه مما أخذ من مكاتبته وتبع المكاتب كتابته فيما أخذ منه. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا كاتب أحدهما بغير إذن شَرِيْكه فالْكِتَابة فاسدة فإن أداها عَلَيْهِ فلشَرِيْكه نصفها ولا يعتق. فإن أداها وأدى عَلَى سيده الذي لم يكاتب مثلها عتق ويتراجع السيد الذي كاتب المكاتب بقيمة نصفه لأنه عتق بكتابة فاسدة فإن كَانَ ثمن نصفه أقل من الْكِتَابة ورجع عَلَيْهِ العبد بالْفَضْل عَن الْكِتَابة. وإن كَانَ ثمن نصفه أكثر من الْكِتَابة رجع السيد بالْكِتَابة ولو أراد شَرِيْكه الذي لم يكاتب أن يمنع عتقه بأن يَقُوْل: لَا أقبض لم يكن له وقبضه عَلَيْهِ لأنه قد أدى إِلَيْهِ مثل ما أدى أداء صاحبه فإن كَانَ السيد هو من ضمن لشَرِيْكه نصف قيمته وإن كَانَ العبد حرا كله وإن كَانَ معسرا أعتق نصيبه منه وكَانَ المَالك عَلَى نصيبه كما كَانَ قبل الْكِتَابة. وَقَالَ ابْن أَبِيْ لَيْلَى وعَبْد اللهِ بْن الْحَسَن: لأحدهما أن يكاتبه عَلَى حصته ولَيْسَ للشَرِيْك أن يرد الْكِتَابة. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ وَقَالَ: ما كسب المكاتب أخذ الآخر ذَلِكَ فَإِذَاأدى الذي كاتبه جميع كتابته عتق العقد وضمن لشَرِيْكه الذي لم يكاتب نصف قيمته إن كَانَ موسرا وإن كَانَ معسرا أعتق منه ونصيب الآخر رقيق عَلَى حاله

زواج المكاتب بغير إذن سيده

[زواج المكاتب بغير إذن سيده] 285- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا تزوج المكاتب بغير إذن مواليه أرجئ نكاحه فإن كَانَ [84/أ] أدى كتابته جاز نكاحه وإن عجز فرد رد نكاحه وإن أعتق عتاقه أَوْ تصدق بصردة أرجئه أيضا حَتَّى ينظر فإن أدى مكاتبته جاز عتقه وصدقته وإن عجز رد عتاقه وصدقته. قَالَ الشَّافِعِيُُّ: جميع ذَلِكَ باطل. [إذا مات المكاتب وتَرَكَ وفاء] 286- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَامات المكاتب فتَرَكَ وفاءا أخذ مواليه ما بقي عَلَيْهِ من كتابته وما بقي كَانَ لورثته. قَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا مَاتَ من قبل أن يؤدي جميع كتابته تَرَكَ وفاءا أَوْ لم يتَرَكَ فماله كله لسيده ولا ترثه ورثته لأنه مَاتَ عبدا. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد وأَبُوْ ثَوْرٍ. ويروى هَذَا عَنِ ابْنِ عمر

باب الوصايا

[المكاتبة ولدت ثُمَّ ماتت] 287- قَالَ سُفْيَانُ: المكاتبة إِذَا ولدت أولادا ثُمَّ ماتت فولدها بمنزلتها يستسعون فيما بقي عليهم. قَالَ الشَّافِعِيُُّ: ولده رقيق وماله لسيده. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ. وَهُوَ قياس قَوْل أَحْمَد. بَاب الوصايا [إذا أوصى بسهم من ماله] 288- قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأوصى بسهم من ماله لبني فلان وَهُوَ السدس كَانَ سهام الورثة أقل أَوْ أكثر. وكذَلِكَ قَالَ الْحَسَن بْن صَالِح. وكذَلِكَ روي عَن الْحَسَن أَنَّهُ قَالَ: له السدس وَقَالَ عَطَاء وعكرمة: لَيْسَ له شَيْء. وكذَلِكَ قَالَ شَرِيْك. وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: تقام الفريضة ثُمَّ يعطي سهما من سهام

إن قال: إن مت ففلان حر

الفريضة إن كانت الفريضة من أربعة وعشرين أعطي من أربعة وعشرين وإن كَانَ من اثني عشر أعطي سهما من اثني عشر. وَهُوَ قَوْل بعض أَصْحَاب الرَّأْيِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا قَالَ: أوصيت لفلان بنصيب من مالي أَوْ جزء من مالي أَوْ حظ من مالي فهَذَا كله سواء ويقَالَ للورثة أعطوه منه ما شئتم لِأَنَّ كُلّ شَيْء نصيب وجزء وحظ. وقَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وهَذَا كما قَالَ الشَّافِعِيُُّ. [إن قال: إن مت ففلان حر] 289- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاقَالَ الرَّجُل: إن مت ففلان حر فلَيْسَ له أن يرجع وإن قَالَ: إن مت من مرضي هَذَا ففلان حر فإن شاء أن يبيعه فباعه وإن لم يبعه فمات فَهُوَ حر وإن صح فلا شَيْء عليه. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.

[أوصى رجل ورجعت ورثته]

وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وأَبُوْ ثَوْرٍ: كُلّ هَذَا واحد وَهُوَ وصيه فله أن يرجع فيها مَتَى شاء المدير وغيره عندهم سواء واحتجوا بحَدِيْث جابر أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باع مدبرا. وأن عَائِشَة دبرت جارية ثُمَّ باعتها. وكَانَ الشَّافِعِيّ يَقُوْل: لَا يكون الرَّجُل فِي التدبير إِلَّا بأن يخرجه من ملكه ببيع أو هبة، فإن هو قال: رجعت في التدبير ولم يخرج [85/أ] المدبر من ملكه، فَإِنَّهُ يعتق إِذَا مات. [أوصى رجل ورجعت ورثته] 290- وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: إِذَا قَالَ: قد رجعت فيه فقد بطل التدبير فإن مَاتَ لم يعتق قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أوصى الرَّجُل بالثلث لوارث فطنت الورقة ثُمَّ رجعوا بَعْد موته فلهم أن يرجعوا لأنهم أجازوا شيئا لم يقع ولم يملكوه إنما ملكوه بَعْد موته فإن أجازوا بَعْد الموت فَهُوَ جائز لَيْسَ لهم أن يرجعوا قبضوا أَوْ لم يقبضوا. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ.

إذا أوصى بأكثر من الثلث برضاء الورثة

وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وأَحْمَد. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وكذَلِكَ أقول فيه. [إذا أوصى بأكثر من الثلث برضاء الورثة] 291- وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا استأذن ورثته وَهُوَ مريض فأذنوا له أن يوصي لبعض ورثته بأكثر من ثلثه فلَيْسَ لهم أن يرجعوا فِي ذَلِكَ. وَقَالَ: وذَلِكَ أن الرَّجُل إِذَا كَانَ صحيحا كَانَ أحق بجميع ماله يضع فيه ما شاء إن شاء يتصدق أَوْ يعطيه من يشاء فعل وإنما يكون استئذانه للورثة جائزا عَلَى الورثة إِذَا أذنوا له حين يحجب عَن ماله ولا يجوز له شَيْء إِلَّا فِي ثلثه وحين هم أحق بثلثي ماله منه فلذَلِكَ حين يجوز عليهم ما أذنوا له. [إذا أقر الرجل بدين في مرضه] 292- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا أقر الرَّجُل بدين فِي مرضه لوارث لم تجز إِلَّا شَيْء أقر بِهِ فِي الصحة [85/ب] وإن أقر بشيء عنده فقَالَ هَذَا مضاربة أَوْ وديعة أَوْ عارية أَوْ بضاعة فَهُوَ للذي أقر بِهِ إِذَا سمى بعينه ولا يكون للغرمَاء ولا للورثة. وكذَلِكَ قَالَ

أَصْحَاب الرَّأْيِ والشَّافِعِيّ. ويروى عَن الْحَسَن وطَاوُس وميمون بْن مهران أَن إقراره جائز فِي مرضه للوارث وغير الوارث. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ وإِسْحَاق وأَبُوْثَوْرٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا أقر لوارث فِي مرضه نظر فِي ذَلِكَ فإن كانت هناك أسبَاب ووجوه فيها دلائل عَلَى صدق المقر كَانَ جائزا وإنه لم يكن هناك سبب يدل عَلَى صدقه فَهُوَ باطل. [إذا أوصى بشيء فضاع] 293-قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأوصى الإنسان بعينه فذهب ذَلِكَ الشيء أَوْ سرق أَوْ ضاع فلَيْسَ له فِي سائر المال شَيْء فإن ضاع المال وبقي ذَلِكَ الشيء بعينه شاركه الورثة فِي ذَلِكَ الشيء ويجوز له ثلث ذَلِكَ الشيء بعينه

إذا أوصى بعتق ووصية

وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ هَذَا بشيء عَلَى معنى أَنَّهُ وهب ميراث الورثة لم يشاركوا الموصى له فيما أوصى له كما إِذَا ذهبت وصية الموصى له لم يشارك الورثة فِي ميراثهم. [إذا أوصى بعتق ووصية] 294- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأوصى بعتاقة ووصايا بدئ بالعتاقة فإن بقي شَيْء كَانَ لأَصْحَاب الوصايا. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وأَبُوْ ثَوْرٍ: العتاقة وغيره سواء ويتخاصمون. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وكذَلِكَ الْقَوْل عندنا. [إذا ضيع زكاته ثُمَّ أوصى بها] 295- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا ضيع الرَّجُل زكاته فِي حياته أَوْ الحج فأوصى بَعْد الموت فإنها تكون من الثلث. وكذَلِكَ قَالَ

إذا أوصى بمثل نصيب ولده

أَصْحَاب الرَّأْيِ. قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: كُلّ واجب فَهُوَ من جميع المال أوصى أَوْ لم يوص ويروى هَذَا عَن الْحَسَن وطَاوُس وعَطَاء. [إذا أوصى بمثل نصيب ولده] 296- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأوصى بمثل نصيب ولده وفيهما لذكر والأنثى كانت الوصية بمثل نصيب الأنثى بالأقل إِلَّا أن يسمي نصيب ذكر. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ بالأقل. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ إِذَا كانت بنت وابنت ابْن يعطي السدس

إذا أوصى لرجلين

[إذا أوصى لرجلين] 297- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأوصى الرَّجُل الآخر بماله ولرجل آخر بثلثه وأَبُوْا أن يجيزوا فَإِنَّهُ يقسم ثلث ماله عَلَى أربعة ثلاثة أرباع لصاحب المال وربع لصاحب الثلث. وهكَذَا قَوْل ابْن أَبِيْ لَيْلَى والْحَسَن بْن صَالِح وشَرِيْك والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق. وَقَالَ النعمان: ثلث ماله بينهما نصفان. وكذَلِكَ قَوْل أَبُوْثَوْرٍ. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: والقياس هَذَا.

باب العتق والولاء

(فارغة) بَاب العتق والولاء [إذا أعتق أحد الشَرِيْكين نصيبه في العبد] 298- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا كَانَ عبد بين الرَّجُلين فأعتق أحدهما نصيبه ضمن [86/ب] الآخر إن كَانَ له وفاء لنصيب الآخر فإن لم يكن له وفاء نقص من نصيب الآخر فلا ضمان عليه. فإن ضمن كَانَ له الولاء فإن لم يكن له وفاء سعى العبد فِي نصف قيمته والولاء للذي أعتق. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ كذَلِكَغَيْر شيخهم. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ مثل قولهم إِذَا كَانَ المعتق موسرا وخالفوهم فِي المعسر فقَالُوْا: إِذَا كَانَ المعتق معسرا فلا ضمان عَلَيْهِ ولا يسعي العبد فِي شَيْء لكنه يكون عَلَى حاله نصفه رقيق ونصفه حر يعمل لنفسه يوما ولمولاه يوما. وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وأَحْمَد وأبي عُبَيْد وأبي ثور

واحتج مَالك ومن قَالَ بقوله بحَدِيْث ابْن عُمَر عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: فإن كَانَ المعتق معسرا فقد عتق منه ما عتق. واحتجوا أيضا بحَدِيْث عمران بْن حصين أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عِنْدَ موته ولَيْسَ له مَالك غيرهم وأقرع النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأعتق ثلثهم وأرق الثلثين ولم يستسعهم. وفي قَوْل سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ فِي هَذَا: يعتق هؤلاء الْعَبِيْد كلهم ويسعون فِي ثلثي قيمتهم للورثة. واحتج سُفْيَان ومن قَالَ بقوله فِي السعاية بحَدِيْث أبي هريرة عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: من أعتق شقصا له فِي عبد وعن كَانَ معسرا سعى العبدغَيْر مشقوق عليه. وضعف أَحْمَد حَدِيْث أبي هريرة فِي السعاية. وَقَالَ: رواه شعبة وهمام ولم يذكر فيه السعاية وقد اخْتَلَفُوْا فِي إسناده وصل بعضهم ولم يوصل بعضهم

وَقَالَ شيخ أَصْحَاب الرَّأْيِ فِي هَذِهِ المسألة قولا خلاف الْحَدِيْثين اللذين رويا عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخلاف ما أجمع عَلَيْهِ أَهْل الْحِجَاز وأَهْل الْعِرَاق فقال: إِذَا كَانَ العبد بني عثنين فأعتق أحدهما نصيبه وَهُوَ موسر فإن الشَرِيْك الآخر بالخيار إن شاء ضمن العبد نصف قيمته يسعى فيها والولاء بينهما وإن شاء أعتقه كما أعتق صاحبه والولاء بينهما قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: والْقَوْل عندنا ما قَالَ أَهْل الْمَدِيْنَة.

[إذا ملك ذا رحم] 299- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاورث الرَّجُل من أخيه أَوْ عمه أَوْ خاله منهما يعتق لم يضمن هَذَا الذي ورثه ويسعى الآخر فيما بقي من قيمته. وهَذَا قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ. وفي قَوْل مَالك وأَهْل الْمَدِيْنَة والشَّافِعِيّ وأبي ثَوْرٍ: إِذَا ملك ذا رحم محرم لم يعتق عَلَيْهِ إِلَّا الوالدان والولد خاصة. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: فإن ملك من ولد أَوْ والد شقصا بأي وجه ملك سِوَى الميراث أعتق عَلَيْهِ الشقص الذي ملك وقوم عَلَيْهِ ما بقي إن كَانَ موسرا وعتق إن كَانَ معسرا عتق منه ما ملك ورق ما بقي لغيره وإن ملك شقصا من ولده أَوْ والده بميراث ورثه عتق عَلَيْهِ ما ملك منه ولم يقوم عَلَيْهِ ما بقي لأنه لم يختر ملكه بكسبه إنما ملكه من حيث لَيْسَ له دفعه.

إذا أعتق الأم دون الجنين

[إذا أعتق الأم دون الجنين] 300- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأعتق الأم واستثنى ما فِي بطنها إنه رقيق فلَيْسَ له ذَلِكَ وقد عتقت وعتق ما فِي بطنها. وَقَالَ أَحْمَدُ وإِسْحَاقُ وأَبُوْ ثَوْرٍ: إِذَا عتقها واستثنى ما فِي بطنها فله ذَلِكَ وتكون هي حرة وما فِي بطنها رقيق. يروى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَر والْحَسَن وإِبْرَاهِيْم.

باب البيوع

بَاب البيوع [بيع المرابحة] 301- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاباع الرَّجُل [88/أ] بمائة درهم ثُمَّ قَالَ: الذي ابتاعه منه اشتريته بمِائَتَيْن فاشتراه منه مرابحة بربح خمسين درهما فالبيع جائز ويرفع عَن المشتري الزيادة وما أصابها من الربح فيكون بمائة وخمسة وعشرين. وكذَلِكَ قَالَ طَائِفَة من أَصْحَاب الرَّأْيِ. وَهُوَ قَوْل أَحْمَد وأبي ثور. وَقَالَ غيره: إِذَا علم المشتري فَهُوَ بالخيار فِي أخذه الثمن الذي سمي له أَوْ فسخ البيع ورده والرجوع برأس المال. [بيع الحيوان بعضه ببعض] 302- قَالَ سُفْيَانُ: لابأس بقرة بعشرين شاة يدا بيد وبع الحيوان بعضه ببعض كَيْفَ شئت بع البقر بالخيل والخيل بالإبل والإبل بالغنم واحد بعشرين أَوْ بعشرة وكَيْفَ شئت يد بيد ولا تبعه نسيئة. وكذَلِكَ قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ: أكره بيع الحيوان بالحيوان نسيئة لحَدِيْث الْحَسَن عَن سمرة وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: لَا بَأْسَ بالحيوان يدا بيد ونسيئة إِذَا اختلفا. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وأَبُوْثَوْرٍ: الحيوان بالحيوان نسيئة ذهبوا إلى حَدِيْث عَبْد اللهِ بْن عَمْرو عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد روي عَن علي أَنَّهُ باع بعيرا ببعيرين أَوْ بعشرين إِلَى أجل. وابن عمر [88/ب] وجابر رخصه. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: هَذَا أقيس الأقاويل.

[إذا سمى العيوب وبرئ منها]

[إذا سمى العيوب وبرئ منها] 303- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاباع الرَّجُل السلعة فسمى العيوب وبرئ منها فقد برئ وإن لم يرها إياه. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا تبرأ من كُلّ عيب فَهُوَ برئ سمى العيوب أَوْ لم يسمها. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْثَوْرٍ. وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا باع بالبراءة من كُلّ عيب وَهُوَ لَا يعلم ثُمَّ وجد عيبا فلا يرجع بشيء وذَلِكَ براءة وإِذَاكَانَ بِهَا عيب علمه ثُمَّ باع بالبراءة من كُلّ عيب وكَانَ المشتري أن يرد عَلَيْهِ بالعيب. وَقَالَ أَحْمَدُ: لا يبرأ حَتَّى يسمي العيوب أَوْ يضع يده عليها. وهَذَا قَوْل ابْن أَبِيْ لَيْلَى. وكَانَ الشَّافِعِيّ يَقُوْل وَهُوَ ببغداد: لَا تكون بالبراءة من كُلّ عيب براءة وللمشتري أن يرجع عَلَى البائع وكل عيب وجده بسلعة علمه البائع. ثم قَالَ بَعْد بمصر مثل هَذَا الْقَوْل إلا

إذا بيع العبد فكسب ثم رد لعيب

في الحيوان خاصة. فإن قَالَ: إِذَاتبرأ فِي الحيوان من العيوب برئ من كُلّ عيب لم يعلمه ولا يبرأ من علمه اتباعا لحَدِيْث عثمان بْن عفان حيث قَالَ لابن عمر: أتحلف بالله ما بعته بالبراءة؟ فقَالَ عثمان: تحلف [89/أ] بالله لقد بعته وما بِهِ داء فعلمه فأبى أن يحلف وقبل العبد وَقَالَ ابْن أَبِيْ لَيْلَى: لَا يبرأ حَتَّى يسمي العيوب كلها بأسمائها. وذَلِكَ يروى عَن شريح والْحَسَن وإِبْرَاهِيْم وطَاوُس وإِسْحَاق كانوا يقولون بحَدِيْث عثمان. [إذا بيع العبد فكسب ثم رد لعيب] 304- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاباع الرَّجُل عبدا فأغل غلة عنه الذي اشتراه ثُمَّ رأى بِهِ عيبا فرده فغلته للمشتري بما ضمن. وكذَلِكَ قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ وقول مَالك والشَّافِعِيّ وأَحْمَد فِي الغلة وكل ما كَانَ من كسب العبد والأمة وغلة الدور والحيوان وغير ذَلِكَ. وكذَلِكَ إَن وهب العبد هبة أَوْ وجد ركازا فكل ذَلِكَ للمشتري

وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وأَبُوْ ثَوْرٍ وعامة أَصْحَابنا: وكذَلِكَ كُلّ ما حدث فِي ملك المشتري من نتاج الماشية وصوفها ووبرها ولبنها وولد الأمة وتمر النخل والشجر فحله للمشتري. وخالفهم أَصْحَاب الرَّأْيِ فقَالُوْا: فِي نتاج الماشية وولد الأمة والثمر أَنَّهُ للبائع إِذَا رد البيع، قَالُوْا: لِأَنَّ نتاج الماشية من الماشية وولد الأمة من الأمة وثمر النخل من النخل. وَقَالَ أَصْحَابُنا: كل هَذَا سواء إنما كَانَ [89/ب] المشتري يوم يرده عَلَى حاله يوم اشتراه فله أن يرد كُلّ ما حدث فِي ملكه لأنه كَانَ مَالكا يوم حدث فِي ملكه فلَيْسَ له أن يرده عَلَى البائع لِأَنَّ البائع لم يملكه. وَقَالَ أَصْحَابُنا: فإن هو غصب عبدا أَوْ حيوانا أَوْ أرضا أَوْ دارا أَوْ غير ذَلِكَ بما له فاستغله أَوْ لم يستغله حَتَّى استحقه

ربه فَإِنَّهُ يقضي عَلَى الغاصب برد شَيْء المغصوب عَلَى ربه وبغلته إن كَانَ استغله وكَانَ مما له غلة فعَلَيْهِ كَذَا مثله من يوم غصبه عَلَى أن يرده وفرقوا بين الغصب والشراء لِأَنَّ المشتري مَالك لما اشترى فلذَلِكَ صارت غلته وما عدت فِي ملكه له والغاصب ضده المشتري لأنهغَيْر مَالك لمغتصب فلما لم يملك الشيء المغصوب بالغصب لم يملك غلته ولا سكناه. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ خلاف ذَلِكَ فقَالُوْا: كُلّ من غصب شيئا فاستغله له غلته وإن لم ستغله استخدم العبد إن كَانَ عبدا أَوْ سكن دارا فلا شَيْء عَلَيْهِ فِي استخدام العبد ولا فِي سكنى الدار لأنه كَانَ ضامنا لذَلِكَ وقاسوا ذَلِكَ عَلَى حَدِيْث النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن الخراج بالضمان. وَقَالَ أَصْحَابُنا: إنما قضى بالحد أم بالضمان فِي رجل اشترى عبدا فاستغله ثُمَّ وجب رده عيبا فرده عَلَى البائع فقضى لِأَنَّ الخراج للمشتري لأنه كَانَ مَالكا ولا يشبه الغصب الشراء لِأَنَّ الغاصب للشيءلايكون مَالكا فِي شَيْء من الأموال والمشتري مَالك لما اشترى فأحدهما ضد الآخر وغير جائز أن يقاس الشيء عَلَى ضده

[اشترى جارية ثم رأى بها عيبا]

[اشترى جارية ثم رأى بِهَا عيبًا] 305- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاابتاع الرَّجُل الجارية فوقع عليها ثُمَّ رأى بهاعيبا فمنهم من يَقُوْل يردها ويرد العشر من ثمنها إن كانت بكرا وإن كانت ثيبا فنصف العشر. ومنهم من يقول: هي له موقوعة عليها ويرد عَلَيْهِ فضل ما بين الصحة والداء وهن أحب عَلَى سُفْيَان. وَهُوَ قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ؛ وبه يَقُوْل إِسْحَاق. والْقَوْل الْأَوَّل قَوْل ابْن أَبِيْ لَيْلَى. وَقَالَ مَالِكٌ والشَّافِعِيّ: إن كانت ثيبا فوطئها ثُمَّ وجد بِهَا عيبا فإن شاء ردها ولا يرجع بشيء لِأَنَّ الْوَطْء لَا ينقصها. وإن كانت بكرا فإن الشَّافِعِيّ قد يلزمه ويرجع بنقصان العيب لأنه قد نقصها بذهاب العذرة. وَقَالَ مَالِكٌ: إن كانت بكرا كَانَ له أن يردها [90/ب] ويرد ما نقصها الْوَطْء. وَقَالَ أَحْمَدُ - إِذَاوطئها وهي ثيب- بمثل قَوْل الشَّافِعِيّ إنه إن شاء ردها ولا يرد معها شيئا. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وهَذَا الْقَوْل عندنا

إذا وجد عيبا في المبيع ثم تعيب عنده

[إذا وجد عيبا في المبيع ثم تعيب عنده] 306- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَااشترى الرَّجُل السلعة فرأى بِهَا عيبا وقد حدث بِهَا عيب عنده فهي للمشتري ويرد عَلَيْهِ البائع فضل ما بين الصحة والداء وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ؛ وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ. وأما ابْن أَبِيْ لَيْلَى فَإِنَّهُ قَالَ: يردها ويرد ما نقصها العيب الذي حدث عنده. وَقَالَ مَالِكٌ: هو بالخيار إن شاء ردها ورد ما نقصها العيب الذي حدث عنده وإن شاء حبسها ووضع عنده بقدر العيب. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد. [إذا ابتاع السلعة من رجلين] 307-قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاابتاع الرَّجُل السلعة من رجلين قد قام نصفها عَلَى أحدهما بخمسين والنصف الآخر بستين فباعهما مرابحة أَوْ بِهِ دوازده أخذ كُلّ واحد منهما رأس ماله والربح بينهما عَلَى المال عَلَى قد رؤوس أموالهما

وإن باعا مساومة فالربح بينهما نصفان. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا باعا السلعة مرابحة فالثمن والربح بينهما عَلَى قدر رؤوس مالهما وإن باعا مساومة فالربح [91/أ] بينهما نصفان ولا ينظر عَلَى الشرى لِأَنَّ كُلّ واحد منهما يملك منها مثل ما يملك صاحبه قِيْلَ له فإن أحدهما أعطى أكثر مما أعطى صاحبه ثُمَّ قَالَ: البس الثوب الساعة بينهما سواء فالثمن بينهما نصفان لِأَنَّ كُلّ واحد منهما يملك الذي يملك صاحبه. وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: إِذَا باعا السلعة مرابحة عَلَى رؤوس أموالهما فإن الوضيعة بينهما عَلَى رؤوس أموالهما كَانَ الثمن بينهما عَلَى رؤوس أمولهما وكذَلِكَ لو باعا عَلَى وضيعة من رؤوس أمولهما فإن الوضيعة بينهما على رؤوس أموالهما وإن باعا مرابحة ولم يسميا رؤوس أموالهما فالربح نصفان.

باب بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة وإذااختلفالنوعان

بَاب بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة وإِذَااخْتَلَفَالنوعان [بيع الذهب بالذهب] 308- قَالَ سُفْيَانُ: الذهب بالذهب وزنا بوزن مثلا بمثل يدا بيد ولا تبعه نسيئة والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل كيلا بكيل يدا بيد ولا يباع نيسئة. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: قد صح الخبر عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه نهى عَن بيع هَذِهِ الستة أشياء أن يباع صنف صنف منها بشيء من صنفه الا مثل بمثل يدا بيد. وَقَالَ: إِذَا اختلف [91/ب] الصنفان فبيعوا كَيْفَ شئتم يدا بيد ولا يصلح لنسيئة. واتفق العلمَاء عَلَى ذَلِكَ. [الاختلاف في البر والشعير] 309- فلم يختلفوا فِي ذَلِكَ إِلَّا فِي البر والشعير فإن مَالكا وأَهْل الْمَدِيْنَة والْأَوْزَاعِيّ جعلوا البر والشعير صنفا واحدا فقَالُوْا: لَا يجوز أن يباع الشعير إِلَّا مثلا بمثل

وقَالَ سُفْيَانُ وأَهْل الْعِرَاق: البر والشعير صنفان مختلفان لَا بَأْسَ أن يباع أحدهما بالآخر متفاضلا يدا بيد ولا يجوز نسيئة وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وإِسْحَاقُ وأَبُوْثَوْرٍ. وحكم هَذِهِ الأنواع الأربعة البر والشعير والملح والتمر إِذَا اختلفت حكم الذهب والفضة فإن الخبر فيها عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحد لِأَنَّ أَصْحَاب الرَّأْيِ فرقوا بين الذهب والفضة وسائر هَذِهِ الأنواع فِي معنى. خالفهم أَصْحَابنا فيه فقَالُوْا: لَا يجوز أن يباع الذهب بالفضة إِلَّا أن يكونا جميعا حاضرين قَالُوْا: لو أن رجلا باع ذهبا بعينه بفضة بعينها إلا أَنَّهُما غائبان عَن مجلسهما الذي ابتاعا فيه وتفرقا من مكانهما قبل أن يحضر الذهب والفضة وتقابضا انتقض الصرف لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الذهب بالفضة ربا إِلَّا هاء وهاء

قَالُوْا: هاء وهاء [92/أ] أن يأخذ ويعطي قبل أن يتفرقا. هكَذَا قَالَ أَصْحَابُنا وَقَالَ أَصْحَابُنا وكذَلِكَ البر والشعير وسائر ما سمى معهما حكم ذَلِكَ كله كحكم الذهب والفضة لِأَنَّ الخبر فيهما عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى معنى واحد. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لو أن رجلا باع قفيرا من بر بعينه بقفير من شعير بعينه وهما غائبين عَن مكانهما الذي تبايعا فيه ثُمَّ تفرقا قبل أن يحضر القفيرين وتقابضا بَعْد التفرق كَانَ البيع جائز ولم ينتقض البيع بتفرقهما قبل التقابض ولم يشترط أحدهما عَلَى الآخر أجلا فيكون البعي قد وقع عَلَى النسيئة. [ما يتحقق فيه الربا] 310- قَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: وكذَلِكَ كلما يكال فحكمه حكم البر والشعير والتمر والملح قياسا عليهما وكلما يوزن فقياس عَلَى الذهب والفضة يوزنان جميعا. قَالَ:

فقس جميع الوزن عليهما قَالُوْا: فلا يجوز أن يبتاع شَيْء مما يكال لَيْسَ من نوعه إِلَّا بمثل يدا بيد فَإِذَا اخْتَلَفَالنوعان فلَا بَأْسَ أن يباع أحدهما بالآخر متفاضلا يدا بيد ولا يصلح نسيئة. وكذَلِكَ لَا يجوز أن يباع شَيْء ما يوزن بشيء من نوعه إِلَّا مثلا بمثل ووزنا بوزن يدا بيد [92/ب] وإِذَااخْتَلَفَالنوعان فلَا بَأْسَ أن يباع أحدهما بالآخر متفاضلا يدا بيد ولا يصلح نسيئة وسواء عندهم كَانَ الذي يكال مما يؤكل ويشرب ولا يؤكل ولا يشرب. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: كُلّ ما كَانَ مما يؤكل ويشرب فقياس عَلَى الأربعة الأشياء التي نهى النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنها. وكذَلِكَ كُلّ ما يوزن مما يؤكل ويشرب فقياس عَلَى هَذِهِ الأربعة الأشياء قَالَ: ولا يجوز أن يقاس عَلَى الذهب والفضة لأنهم قد أجمعوا أَنَّهُ لَا بَأْسَ بأن يشتري بالذهب والفضة جميع الأشياء التي تكال وتوزن يدا بيد ونسيئة. قَالَ: ويلزم من قاس الحديد والرصاص وما يوزن عَلَى الذهب والفضة أن لَا يجيز أن يشتري بالذهب والفضة شيئا من الحديد ولامن سائر ما يوزن نسيئة كما لَا يجوز أن يشتري بقفير من بر قفيرا من حمص نسيئة. ويروى عَن سعيد بْن المسيب أَنَّهُ قَالَ: لا ربا إِلَّا فِي الذهب والفضة أَوْ مما يكال ويوزن ويؤكل ويشرب. فَكَانَ الشَّافِعِيّ يذهب إِلَى هَذَا

وَهُوَ قَوْل أبي ثَوْرٍ وجماعة من أَصْحَابنا. ففي قَوْل سعيد بْن المسيب: لَا بَأْسَ أن يباع كُلّ ما عدا [93/أ] الذهب والفضة وما يكال ويوزن مما يؤكل ويشرب بعضه ببعض يدا بيد ونسيئة اخْتَلَفَالنوعان أَوْ لم يختلفا كَانَ ذَلِكَ مما يكال ويوزن وذَلِكَ نحو الحديد والرصاص والقطن فلَا بَأْسَ أن يباع منا من حديد بعشرين منا من حديد أَوْ رصاص أَوْ قطن يدا بيد أَوْ نسيئة وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وأَصْحَابه. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يجوز أن يباع من من حديد بمنوين من حديد لَا يد بيد ولا نسيئة وكذَلِكَ جميع ما يوزن

بيع الربوي بعضه ببعض

ولا يباع شَيْء منه بشيء من نوع إِلَّا مثلا بمثل يدا بيد كالحديد بالحديد والرصاص بالرصاص والقطن بالقطن. وإِذَااخْتَلَفَالنوعان فلَا بَأْسَ أن يباع أحدهما بالآخر متفاضلا واحدا باثنين يدا بيد ولا يصلح نسيئة. أجمع أَصْحَاب الرَّأْيِ وسُفْيَان عَلَى ذَلِكَ. [بيع الربوي بعضه ببعض] 311- قَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: ما كَانَ من المتاع من نوع واحد كرابيس وطيالسة فكل ما كَانَ من هَذَا من نوع واحد فلَا بَأْسَ أن يباع واحد باثنين يدا بيد ويصلح نسيئة وإِذَااخْتَلَفَأصله ونوعه فلَا بَأْسَ أن يباع واحد باثنين يدا بيد ونسيئة. وفي قَوْل [93/ب] الشَّافِعِيّ وأَصْحَابه: لَا بَأْسَ بأن يباع هَذَا كله بعضه ببعض متفاضلا يدا بيد ونسيئة اخْتَلَفَأصله أَوْ لم يختلف عَلَى حَدِيْث سعيد بْن المسيب لأنه لَيْسَ مما يكال ولا يوزن ولا يؤكل ولا يشرب. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَا أنظر فِي هَذَا عَلَى الكيل والوزن إِذَا كَانَ مما لَا يؤكل ولا يشرب

بيع الشيء قبل قبضه

[بيع الشيء قبل قبضه] 312- قَالَ سُفْيَانُ: ولا تبع بيعا ما لم تقبضه بَعْد حَتَّى يقبضه من صاحبه ولا تبع شيئا من الأشياء ولا تولي منه ولا تشرك فيه مما يكال أَوْ لَا يكال أَوْ بما يوزن أَوْ لَا يوزن أَوْ دابة أَوْ عبدا أَوْ شيئا اشتريته حَتَّى تقبضه. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِغَيْر كبيرهم فَإِنَّهُ وافقهم فِي جميع الأشياء إِلَّا فِي الدور والأرضين فَإِنَّهُ زعم لَا بَأْسَ بأن تباع الدور والأرضون قبل القبض وما سِوَى ذَلِكَ لَا يباع حَتَّى يقبض. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ مثل قَوْل سُفْيَان. وَقَالَ مَالِكٌ: كُلّ شَيْء لَا يكال ولا يوزن فلَا بَأْسَ ببيعه قبل القبض وكذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ وأَبُوْعُبَيْدٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ: كل ما وقع عَلَيْهِ اسم الطعام مما يؤكل ويشرب فلا يجوز أن يباع حَتَّى يقبض وما سِوَى ذَلِكَ فلَا بَأْسَ أن يباع قبل القبض ذهب إلى حَدِيْث النَّبِيّ [94/أ] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ابتاع

طعاما فلا يبعه حَتَّى يقبضه فشبه جميع ما يؤكل ويشرب بالطعام. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ وأَبُوْعُبَيْدٍ. قَوْل أَحْمَد ولم يثبت عَن النَّبِيّ عَلَيْهِ السَّلَامغَيْر الطعام شَيْء بعينه إنما هو فِي الطعام خاص ومن قَالَ: لا تباع جميع الأشياء حَتَّى تقبض جعله قياسا عَلَى الطعام. يروى عَنِ ابْنِ عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ: أما الذي نهى عنه رَسُوْل اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألا يباع حَتَّى يقبض الطعام. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: ولا أحسب كُلّ شَيْء إِلَّا بمنزلة الطعام. ويروى عَن عثمان من حَدِيْث قتادة عَن عبد ربه عَنِ ابْنِ عياض عَن عثمان بْن عفان قَالَ: كل شَيْء لَا يكال ولا يوزن فلَا بَأْسَ ببيعه قبل القبض. ويروى عَن جماعة من التابعين

[دفع الثمن في البيع] 313- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَابعت طعاما أَوْ برا أَوْ دابة أَوْ عبدا فينبغي للبائع أن يدفع المتاع عَلَى الذي باع ثُمَّ يأخذ الدَّرَاهِم منه إِذَا دفعه عليه. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يجب عَلَى البائع تسليم السلعة عَلَى المشتري ما لم يقبض الثمن. وكذَلِكَ قَوْل أَبُوْثَوْرٍ. وحكى الشَّافِعِيّ فِي هَذِهِ المسألة أربعة أقاويل: أشهرها أَنَّهُ قَالَ: قَالَ بعض الْعِرَاقيين يجبر القاضي كُلّ واحد منهما [94/ب] البائع عَلَى أن يحضر السلعة والمشتري عَلَى أن يحضر الثمن ثُمَّ يسلم السلعة عَلَى المشتري والثمن عَلَى البائع ولا يبالي بأيهما بدأ إِذَا كَانَ ذَلِكَ حاضرا. قَالَ: وَقَالَ غيره: لَا أخبر أحدا منهما عَلَى إحضار شَيْء. ولكن أقول أيكما شاء أن أقضي له بحقه عَلَى صاحبه فليدفع عَلَيْهِ ما عَلَيْهِ من قبل أَنَّهُ لَا يجب عَلَى كُلّ واحد منكما دفع ما عَلَيْهِ إِلَّا بقبض ماله. قَالَ: وَقَالَ آخرون:

أنصب لهما عدلا فأجبر كُلّ واحد منهما عَلَى الدفع عَلَى العدل فَإِذَاصار الثمن والسلعة فِي يديه أمرناه أن يدفع الثمن عَلَى البائع والسلعة عَلَى المشتري. قَالَ الشَّافِعِيُُّ: ولا يجوز فيها إلا الْقَوْل الثاني أن يجبر واحد منهما أَوْ قَوْل آخر وَهُوَ أن يجبر البائع عَلَى دفع السلعة عَلَى المشتري بحضرته ثُمَّ ينظر فإن كَانَ له مال أجبرته عَلَى دفع ثمنها من ساعته فإن غاب ماله وقف السلعة وأشهد أَنَّهُ وقفها للمشتري فإن وجد مالا دفعه عَلَى البائع وأشهد عَلَى إطلاق الوقوف عَن الجارية فإن لم يكن له مال فالسلعة عين مال البائع وجدها عِنْدَ مفلس أحق بِهِ إن شاء أخذه. قَالَ: وإنما أشهدنا عَلَى الوقف [95/أ] لأنه إن أَحْدَثَ بَعْد إشهادنا عَلَى وقف ماله فِي ماله شيئا لم يجز. قَالَ: وإنما منعنا من الْقَوْل الذي حكينا أَنَّهُ لَا يجوز غيره أَوْ هَذَا الْقَوْل أخذنا بهَذَا اقول دونه أَنَّهُ لَا يجوز للحاكم عندنا أن يكون الرَّجُل مقرا بأن هَذِهِ الجارية قد خرجت من ملكه ببيع عَلَى مَالكه ثُمَّ لَا يكون له حبسها وكَيْفَ يجوز له حبسها وقد علمنا أن ملكه لغيره ولا يجوز أن يكون رجل قد أوجب عَلَى نفسه ثمنا وماله حاضر فلا يأخذ منه ولا يجوز لرب الجارية أن يطأها ولا يبيعها ولا يعتقها وقد باعها من غيره ولا يجوز للسلطان أن يدع الناس يتدافعون الحقوق وَهُوَ يقدر عَلَى أخذها منهم

[إذا اختلفالبيعان]

[إذا اخْتَلَفَالبيِّعَان] 314-قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا اخْتَلَفَالبيعان فقَالَ هَذَا بعتك بعشرين وَقَالَ الآخر بعته بعشرة ولم يكن بينهما بينة فَالْقَوْل قَوْل البائع إِذَا كَانَ البيع حاضرا بعينه أَوْ يترادان البيع وإن حلف أحدهما ولم يخلف الآخر كَانَ البيع للذي حلف وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَهُوَ قَوْل ابْن أَبِيْ لَيْلَى والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وإِسْحَاق. وَقَالَ [95/ب] مَالِكٌ إن كانت السلعة فِي يد البائع فَالْقَوْل قوله ثُمَّ يحلف المشتري ويبرأ وإن كانت فِي يد المشتري وذَلِكَ قريب لم يتغير فَالْقَوْل قَوْل البائع ويحلفان جميعا وإن كانت السلعة تغيرت وطال ذَلِكَ واخْتَلَفَأسواقها وأرى الْقَوْل قَوْل المشتري إِلَّا أن يأتي من ثمنها بأمر لَا يعرف أن مثلها لَا يباع بِهِ يدعي الشيء اليسير.

وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: الْقَوْل قَوْل المشتري مَعَ يمينه لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: البينة عَلَى المدعي واليمين عَلَى المدعى عليه. وضعف حَدِيْث ابْن مسعود إِذَا اختلفا الخ فقال: قد اضطربوا فيه فأسنده بعضهم وأرسله بعضهم ولم يسنده إِلَّا ابْن أَبِيْ لَيْلَى. وقد اخْتَلَفَفيه عنه أيضا ولو ثبت هَذَا عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقلنا بِهِ وكانت السنة أولى من النظر. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: الْقَوْل عندنا ما قَالَ سُفْيَانُ ومن وافقه

إذا اختلفا والسلعة مستهلكة

وكذَلِكَ القياس والحجة فِي ذَلِكَ قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: البينة عَلَى المدعي واليمين عَلَى المدعى عليه" وكل واحد من هذين مدع وكل واحد مدعى عَلَيْهِ لأنهما قد اتفقا عَلَى أن ملك السلعة كَانَ للبائع ثُمَّ ادعى المشتري أَنَّهُ ملكها عَلَيْهِ بمائة درهم والبائع ينكر دعواه يَقُوْل لم أبعها قط بمائة درهم فالمشتري يدعي عَلَيْهِ وَهُوَ منكر لدعواه والبائع يدعي عَلَى المشتري أَنَّهُ ملكها إياه بألف درهم والمشتري منكر دعواه فيقول لم أمتكلها بألف درهم إنما ملكتها بمائة درهم فعلى البائع أن يحلف للمشتري عَلَى دعواه وهي أن يحلف أني لم أبعك هَذِهِ السلعة بمائة درهم ولم أبعكها بأقل من ألف درهم فَإِذَا حلف عَلَى ذَلِكَ قِيْلَ للمشتري إما أن تأخذها بما أقر بِهِ البائع وحلف عَلَيْهِ وإما أن يحلف عَلَى دعواه عنك لم تشترها منه بأكثر من مائة درهم فإن هو حلف عَلَى ذَلِكَ رد السلعة كاختلافهما لو اختلفا فقَالَ أحدهما: وهبت لي هَذِهِ السلعة. وَقَالَ الآخر: لم أهبها لك ولكن بعتها إياك بمائة درهم فَالْقَوْل فيه عنهما يتحالفان وترد السلعة إلى ربها. [إذا اختلفا والسلعة مستهلكة] 315- فإن كانت السلعة مستهلكة فإنهم اخْتَلَفُوْا فِي ذَلِكَ: فقَالَ سُفْيَانُ: الْقَوْل قَوْل المشتري [96/ب] مَعَ يمينه الا أن يجيء البائع ببينة واخْتَلَفَأَصْحَاب الرَّأْيِ فِي ذَلِكَ. فقَالَ النعمان ويعقوب مثل قَوْل سُفْيَان. وَقَالَ مُحَمَّد: يتحالفان ويترادان

إذا اختلفا في اشتراط الخيار

القيمة. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ. وَقَالَ غيرهم من أَصْحَابنا: إن كَانَ المشتري هو المستهلك السلعة تحالفا وردا القيمة فإن كانت السلعة هلكت مِنْ غَيْرِ استهلاك المشتري تحالفا فَإِذَا حلفا لم يكن عَلَى المشتري شَيْء رد قيمته ولا غيره لأنه لم يكن متعديا فِي أخذ السلعة ولا جانيا عليها وعنما هلكت مِنْ غَيْرِ جنايته ولا يضمن إلا جاني أَوْ متعدي وَهُوَ القياس عِنْدِيْ. [إذا اختلفا في اشتراط الخيار] 316-قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاباع الرَّجُل البيع فقَالَ البائع: بعتك عَلَى أن يكون بالخيار فَالْقَوْل قَوْل المشتري علا أن يجيء البائع ببينة. [إذا اختلفا في النقد والنسيئة] 317- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَااخْتَلَفَالبيعان فقَالَ أحدهما: بعتك نقدا وَقَالَ المشتري: اشتريت بنسيئة. فَالْقَوْل قَوْل البائع إِلَّا أن يجيء المشتري ببينة فإن جاء المشتري ببينة وإلا أخذ بالثمن نقدا. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ:

[هل العرض على البائع يكون رضا؟]

يتحالفان ويترادان. قَالَ أبو عَبْد اللهِ: القياس عَلَى ما قَالَ الشَّافِعِيُُّ. [هل العرض عَلَى البائع يكون رضا؟] 318- قَالَ سُفْيَانُ: إِذَا بعت بيعا بشرط فعرضته عَلَى بيع فَهُوَ لك فقد رضيته. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: لَا يكون العرض عَلَى البائع رضا. قَالَ: وكذَلِكَ إن كانت جارية فاستخدمها أَوْ وطئها قَالَ: فإن كَانَ فعل ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ قد رضي لزمته السلعة ولا يكون رضا إِلَّا أن يَقُوْلَ: قد رضيت أَوْ يمضي لأجل الذي جعل له فيه الخيار وإِذَااشترى الرَّجُل عبدا أَوْ جارية ثُمَّ ظهر بِهِ عيب فعرضه بعدما رآه عَلَى البيع ففي قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ إِذَا عرضه عَلَى البيع لزمه وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: له أن يرد بَعْد العرض ولا يكون عرضه رضا بالعيب.

الخيار في البيع

[الخيار في البيع] 319- قَالَ سُفْيَانُ: ويروى عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إِلَّا ببيع الخيار والخيار أن يَقُوْل: اختر فإن اختار فالبيع جائز وإن لم يتفرقا وأما إِبْرَاهِيْم وأَهْل الْمَدِيْنَة فيقولون: إِذَا تبايعا فَهُوَ جائز وإن لم يتفرقا. وَقَالَ أَصْحَابُ الْحَدِيْث: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أَوْ يتخير أحدهما صاحبه بَعْد البيع وممن قَالَ ذَلِكَ: ابْن الْمُبَارَك وابن عيينة ويحيى القطان وعَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي والشَّافِعِيّ وأَحْمَد وأَبُوْ [97/ب] عُبَيْدٍ وإِسْحَاق وأَبُوْ ثَوْرٍ. والإفتراق أن يفترقا بأبدانهما عَن مقدمهما الذي تبايعا فيه

[اشترى عبدا وأعتقه قبل التفرق]

[اشترى عبدا وأعتقه قبل التفرق] 320- فإن كَانَ المشتري عبدا فأعتقه البائع أَوْ المشتري قبل أن يتفرقا فإن أَصْحَابنا اخْتَلَفُوْا فِي ذَلِكَ: فقَالَ ابْن الْمُبَارَك والشَّافِعِيّ وإِسْحَاق وأَبُوْعُبَيْدٍ: إن أعتقه البائع فعتقه جائز وإن أعتقه المتشري فعتقه باطل. وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: أيهما أعتقه باطل أما البائع فإن العبد قد خرج من ملكه بالبيع وملكه المشتري وله الخيار فِي أن ينقض ملك المشتري فيرد عَلَى ملكه فلما لم يختاره نقض البيع فعتقه فيهغَيْر جائز لأنهغَيْر مَالك وأما المشتري فعتقهغَيْر جائز لِأَنَّ للبائع فيه خيارا ولَيْسَ له أن يبطل خيار البيع. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: لو أن رجلا اشترى عبدا عَلَى أن البائع والمشتري فيه بالخيار ثلاثة أيام فالبيع جائز فِي قَوْل العلمَاء كلهم والخيار ثابت. [أعتق العبد قبل مضي زمن الخيار] فإن أعتق البائع أَوْ المشتري قبل أن يمضي وقت الخيار فإن أَصْحَاب الرَّأْيِ قَالُوْا: عتق البائع جائز لِأَنَّ عنقه اختيار لنقض البيع وعتق المشتري باطل لِأَنَّ للبائع فيه خيارا ولَيْسَ له أن يبطل خيار البائع. وكذَلِكَ قَالَ ابْن الْمُبَارَك [98/أ]

إذا اشترى عبدا بماله

والشَّافِعِيُّ فِي هَذَا. وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: أيهما أعتق فعتقه باطل. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: القياس ما قَالَ أَبُوْثَوْرٍ. [إذا اشترى عبدا بماله] 322- قَالَ سُفْيَانُ: فِي مملوك أتى رجلا فقال: اشتري بما لي من مولاي فاعتقني فاشتراه فأعتقه فإن العتق جائز ويغرم المال مرة أُخْرَى وهَذَا إِذَا لم يشتره بذَلِكَ المال بعينه فإن أخذ المال من العبد وَهُوَ ألف درهم نجا عَلَى سيده فقال: قد اشتريت منك هَذَا العبد بهَذِهِ الألف بعينها. فقال: قد بعتك بِهَا فالبيع باطل لأنه اشترى العبد بما لَا يملك فإن أعتقه بَعْد ذَلِكَ فالعتق باطل لأنه أعتق ما لَا يملك فإن أخذ الألف من العبد ثُمَّ جاء سيده فقال: بعيني عبدك هَذَا بألف درهم ولم يقله بهَذِهِ الألف بعينها فقَالَ السيد: قد بعتك هَذَا العبد بألف درهم فقال: قد أخذته فقد وجب البيع بينهما وملك العبد ووجب عَلَيْهِ ألف درهم فإن هو جاء بتلك الألف التي أخذها من العبد فأداها عَلَى سيد العبد فِي ثمنه ثُمَّ اطلع السيد بَعْد ذَلِكَ عَلَى أن الألف التي أداها عَلَيْهِ أخذها من عبده فله أن يرجع عَلَيْهِ بثمن العبد فيقول: إن الألف التي أديت علي كانت لي فأدي علي ثمن العبد فعَلَيْهِ أن يؤدي ثمن العبد مرة أُخْرَى وعتقه فيه جائز

تعيب العبد ثم باعه مرابحة

[تعيب العبد ثم باعه مرابحة] 323- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاابتاع الرَّجُل العبد فأصابه عنده داء عور أَوْ عمى فلَا بَأْسَ أن يبعه مرابحة قَالَ أَصْحَاب الرَّأْيِ: يبعه مرابحة ولَيْسَ عَلَيْهِ أن يبين إِلَّا أن يكو ن هو الذي جنى عَلَيْهِ العيب إذ ذاك أن يبين فإن لم يبين فالمشتري بالخيار إِذَا علم بذَلِكَ إن شاء رد وإن شاء أمسك. وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: لَيْسَ له أن يبيع مرابحة حَتَّى يبين العيب الذي حدث عنده وسواء حدث من فعله أَوْ فعل غيره. [اشترى شيئًا فوجده أكثر] 324- قَالَ سُفْيَانُ: فِي رجل اشترى جرابا عَلَى أن فيه مائة ثوب أَوْ طعاما عَلَى أَنَّهُ كر فوجد الثياب مِائَتَيْ ثوب والطعام كرين. قَالَ: أما الثياب فمردود وأما الطعام فيكيل له الذي له وما بقي كَانَ له وَقَالَ: كُلّ ما كَانَ شيئا متفرقا فزاد فَهُوَ مردود وأما الكيل والوزن إن زاد أَوْ نقص يترادان. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَهُوَ قَوْل أَحْمَد وأبي ثَوْرٍ. وهَذَا إِذَا وقع الثمن فِي الثياب جملة لم يسم لكل ثوب ثمنا

[اشترى شيئا فوجده أقل]

[اشترى شيئًا فوجده أقل] 325- فإن اشترى جرابا عَلَى أن فيه مائة ثوب كُلّ ثوب بعشرة فوجدها تسعين فإن سُفْيَان قَالَ: المشتري بالخيار [99/أ] إن شاء أخذ وإن شاء رد. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وإن زادت عَلَى مائة فالبيع مردود عَلَى قَوْل سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد فِي المسألتين جميعا. وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: وسمى لكل ثوب ثمنا أَوْ لم يسم فالبيع فاسد إِذَا زادت الثياب أَوْ نقصت إِذَا كانت الثياب مختلفة لِأَنَّ الثوب الزايد والناقص لَا يدري هو من خير الثياب أَوْ رديئها أَوْ وسطها. فإن اشترى جرابا من ثياب عَلَى أن كُلّ ثوب بعشرة والثياب مختلفة فيه ما يساوي عشرين وفيه ما يساوي خمسة فإن أَصْحَاب الرَّأْيِ قَالُوْا: لَا بَأْسَ بأن يخير شرى كُلّ ثوب عَلَى ما سمي من الثمن فيخير بشراء الثوب الذي لَا يساوي إِلَّا خمسة دراهم عشرة دراهم ويبيعه مرابحة وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَك: هَذَا عِنْدِيْ وقطع الطريق قريب من السواء. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وَهُوَ عِنْدِيْ هكَذَا. [إن وجد بأحد الثياب عيبًا] 326- وكذَلِكَ إن وجد بأحد الثياب عيبا رده بالقيمة فِي قَوْل إِسْحَاق ولَيْسَ له أن يرده بالثمن الذي سمى وقَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: يرده بالثمن الذي سمى لكل ثوب وإن كَانَ الذي وجد بِهِ العيب من جياد المتاع أَوْ من شرارها

[اشترى الثياب مجموعة ثم وجد بأحدها عيبا]

[اشترى الثياب مجموعة ثم وجد بأحدها عيبًا] 327- قَالَ: فإن اشترى جرابا من متاع بثمن وأخذ ولم يسم لكل ثوب ثمنا أَوْ اشترى عَبِيْدا صفقة واحدة ثُمَّ وجد بأحد الثياب عيبا أَوْ بأحد الْعَبِيْد شيئا فأراد أن يرده فإن أَهْل العلم اخْتَلَفُوْا فِي ذَلِكَ. فقَالَ شريح والقاسم بْن عَبْد الرَّحْمَن والشعبي وحماد بْن أبي سليمان: يأخذه بِهِ جميعا. وَهُوَ قَوْل أَبِيْ ثَوْرٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ ومُحَمَّد بْن سيرين والحارث العكلي وابن شُبْرُمَةَ وقتادة-وَهُوَ قَوْل سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ-: يرد الذي وجد بِهِ العيب بحصته من الثمن إِلَّا أن يكون المتشري شيئين لَا يصلح أحدهما إِلَّا بالآخر نحو الخفين والنعلين أَوْ بَاب بيت مصراعين فَإِنَّهُ إِذَا وجد بأحدهما عيبا أخذهما جميعا أَوْ ردهما جميعا فِي قولهم. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد وإِسْحَاق. وَقَالَ مَالِكٌ: فيمن اشترى رقيقا صفقة واحدة فوجد بأحدهما عيبا. قَالَ: إن كَانَ ذَلِكَ العبد وجد ذَلِكَ الرقيق أكثر ثمنا أَوْ أجله وَهُوَ الذي فيه الْفَضْل له لو سلم فيما يَرَى الناس فعنه يرد البيع كله وإن لم يكن كذَلِكَ رد ذَلِكَ الذي [100/أ] وجد بِهِ العيب بقيمته من الثمن

[باب السلف]

[بَاب السلف] [شروط السلف] 328- قَالَ سُفْيَانُ: أسلف دراهمك ودنانيرك فِي كيل معلوم ولا تفارقه حَتَّى تدفع عَلَيْهِ الدَّرَاهِم فصفة الشيء الذي تسلف سمى طيبا أَوْ جيدا سمى الم كَانَ الذي يدفعه عَلَيْك فيه. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. قَالَ الشَّافِعِيُُّ: إن اشترط فِي سلم يعني أجلا معلوما فَهُوَ عَلَى أجله وإن لم يشترط أجلا معلوما فَهُوَ حال وَهُوَ يفسد السلم وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْثَوْرٍ.

[الدراهم الزيوف في السلم]

قَالَ الشَّافِعِيُُّ: هو أَحَبُّ إِلَيَّ أن يسمي الم كَانَ الذي يوفيه فيه. وَقَالَ أَحْمَدُ وإِسْحَاقُ وأَبُوْ ثَوْرٍ: إن سمى مكانا يوفيه فيه فعَلَيْهِ أن يوفيه فِي المكَانَ الذي سمى وإن لم يسم المكَانَ فالسلم جائز لأنه لَيْسَ فِي حَدِيْث النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أمر أن يسمي المكَانَ الذي يوفيه فيه. [الدَّرَاهِم الزيوف في السلم] 329- قَالَ سُفْيَانُ: وإن أسلفت دراهم فَكَانَ فيها زيوف فانقص من السلف بقدر الزيوف. وَقَالَ شيخ أَصْحَاب الرَّأْيِ مثل ذَلِكَ إِذَا كَانَ الدَّرَاهِم الذي وجده ستوقا قَالَ: وإن كَانَ زيفا استحببت أن يبدله. قَالَ: وإِذَاكَانَ زيوفا

كلها بطل السلف. وَقَالَ يعقوب: يبدلها والسلف جائز وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: يبطل السلفَ إِذَا كَانَ فِي الدَّرَاهِم رديء. حكى عنه أَبُوْثَوْرٍ. وَقَالَ إِسْحَاق وأَبُوْ ثَوْرٍ: يبدله والسلم جائز. وَقَالَ أَحْمَدُ: أرجو أن يكون جائزا إِذَا أبدله. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: وأخبرني أَبُوْ بكر الأثرم قَالَ: قلت لأبي عَبْد اللهِ: رجل اشترى بدنانير دراهم فوقعت فيها رديئة كَيْفَ يصنع؟ فقال: قد اخْتَلَفَالناس فيها قَالُوْا: فيها أربعة أقوال. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: أما ابْن عُمَر فقال: لَيْسَ له بدل. رواه ابْن جريج عَن خلاد بْن عَطَاء قَالَ: وما أدري من خلاد بْن عَطَاء هَذَا؟. قَالَ: فكَيْفَ يكون هَذَا أعطيك دينار واخذ منك دراهم فيكون الدينار فاسدا أَوْ تكون الدَّرَاهِم رديئة فلا أرد عَلَيْك ولا ترد علي. قَالَ: وكَانَ مَالك يَقُوْل: ينتقض الصرف. قَالَ: وهَذَا شديد يكون قد ذهبت الدَّرَاهِم. قَالَ: وقَالَ سُفْيَانُ: ينتقض من الصرف بقدر ذَلِكَ. قَالَ: ولم أره يعجبه. ثم قَالَ: وما أرى الناس يسلمون مما قَالَ الْحَسَن وقتادة قَالَا: لَا يرد عَلَيْهِ ويأخذ البدل. قلت: فنرجو [101/أ] أن يكون الْقَوْل ما قالا فَهُوَ أسهل عَلَى الناس. قَالَ: أرجو أن يكون قد رواه سعيد عَن قتادة عَن الْحَسَن قَالَ: وَهُوَ قَوْل قتادة قَالَا: لَا بَأْسَ بأن يستبدل. قَالَ أَبُوْ عَبْدِ اللهِ: يروى هَذَا عَنِ ابْنِ

السلم في الثمار

سيرين من حَدِيْث أزهر السمان عَنِ ابْنِ عون عَن مُحَمَّد بْن سيرين. [السلم في الثمار] 330- قَالَ سُفْيَانُ: ولا تسلفن فِي شَيْء من الثمار إِلَّا فِي حينها وسلف فيهاوفي أيدي الناس منها شَيْء نحو العنب أَوْ السفرجل أَوْ التفاح وما يكال ويوزن أشياه الفاكهة ولا تسلفن فِي شَيْء من هَذَا إِلَّا فِي حينه وفي أيدي الناس منه شَيْء. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: لَا بَأْسَ أن تسلف فِي الثمار قبل أن يطلع الثمر إِذَا شرط الأجل عَلَى وقت يكون الثمار فيه موجودا وكذَلِكَ الطعام وسائر الأشياء واحتج بحَدِيْث ابْن عَبَّاس قدم النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِيْنَة وهم يسلمون فِي الثمار السنتين والثلاث فقال: من أسلف فليسلف فِي كيل معلوم ووزن معلوم عَلَى أجل معلوم. قَالَ: فقد أجاز النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يكون الثمر سلفا مضمونا فِي غير [101/ب] حينه الذي يطيب فيه لأنه إِذَا سلف شيئا سنتين وثلاثة كَانَ بعضها

السلم بين ذميين ثم يسلم أحدهما

فيغَيْر حينه. وكذَلِكَ قَالَ إِسْحَاقُ وأَحْمَد وأَبُوْثور. [السلم بين ذميين ثم يسلم أحدهما] 331- قَالَ سُفْيَانُ: وإِذَاأسلف النَّصْرَانِيّ عَلَى النَّصْرَانِيّ فِي الحضر فأسلم أحدهما مما رد عَلَيْهِ رأس ماله وإِذَا أقرضه خمرا فأسلم الذي أقرض الخمر فلا ينبغي له أن يأخذ الخمر ولا قيمته وإِذَاأسلم المستقرض ولم يسلم الآخر رد عَلَيْهِ قيمة الخمر. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وأَبُوْ ثَوْرٍ: لَا يرد عَلَيْهِ شَيْء لأنه لَيْسَ للخمر ثمن ولا قيمة. [السلم في الحيوان] 332- قَالَ سُفْيَانُ: يكره السلف فِي الحيوان. وهكَذَا قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ: لَا بَأْسَ بالسلف فِي الحيوان. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ

وإِسْحَاق وأَبُوْ ثَوْرٍ وعَبْد الرَّحْمَن بْن مهدي ويحيى القطان. واحتجوا بحَدِيْث أبي رافع وأبي هريرة والعرباض بْن سارية أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استلف بكرا. واحتجوا بأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى بالدية عَلَى العاقلة والدية عَلَى مائة من الإبل فأجمعوا أَنَّهُا فِي ثلاث سنين فِي مثل سنة وأنها بأسنان [102/أ] معلومة. واحتجوا بأن أَصْحَاب الرَّأْيِ كلهم قد وافقوهم عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بالْكِتَابة عَلَى الوصفاء فقَالُوْا: إن جازت الْكِتَابة عَلَى الوصفاء فكذَلِكَ جائز أن يستلف فِي الوصفاء. وقد أجاز أَصْحَاب الرَّأْيِ أيضا تزويج الْمَرْأَة عَلَى العبد والأمة الموصوفين فجوزوا أن يكون الحيوان دينا بالصفة

باب الشراء والبيع

بَاب الشراء والبيع [إذا اشترى مالم يره] 333- قَالَ سُفْيَانُ: وكل بيع ابتعته ولم تره فأنت بالخيار إِذَا رأيته. وكذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ. وسواء اشترى البيع عَلَى الصفة فوجده عَلَى الصفة أَوْ عَلَى خلاف الصفة له خيار الرؤية. وَقَالَ مَالِكٌ: لا يجوز بيع إِلَّا بيع عين أَوْ صفة فَإِذَاوصف له سلعة ثُمَّ وجدها عَلَى الصفة فالبيع لازم ولا خيار له. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد وأَبُوْعُبَيْدٍ وإِسْحَاق وأَبُوْثَوْرٍ. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: لَيْسَ البيع إِلَّا بيعين بيع عين يَرَى البائع والمشتري وبيع صفة مضمونة عَلَى البائع وَهُوَ اسلم وكَانَ يبطل ما سِوَى ذَلِكَ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ فِي الرَّجُل يَرَى الدار من خارجه

البائع ضامن للمبيع حتى يسلمه

ويَرَى الثياب مطوية من ظهورها غيَرَى موضع طيها ثُمَّ يشتريها [102/ب] عنه لَا يكون له خيار الرؤية فِي شَيْء من ذَلِكَ. وَقَالَ مَالِكٌ: فِي الساج المدرج فِي جزأيه والثوب القبطي والمدرج فِي طيه لا يجوز بيعها حَتَّى يبشره وينظر مشتريها عَلَى ما فِي أجوافها فإن ابتاعها قبل ذَلِكَ فذَلِكَ من ييع الغرور وَهُوَ كالملامسة. [البائع ضامن للمبيع حتى يسلمه] 334- قَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: كُلّ من باع شيئا مما يكال ويوزن أَوْ لَا يكال ولا يوزن فَهُوَ فِي ضمان البائع حَتَّى يسلمه إِلَى المشتري لَا يسألون من أيهما كَانَ الامتناع من القبض. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ. وَقَالَ مَالِكٌ: فِي كُلّ شَيْء يكال ويوزن فَهُوَ فِي ضمان البائع حَتَّى يسلمه إِلَى المشتري دفعه إِلَيْهِ فيمنعه إياه

وَقَالَ أَحْمَدُ: كل شَيْء يؤكل ويشرب فَهُوَ فِي ضمان البائع حَتَّى يسلمه عَلَى المشتري ولا يجوز بيعه حَتَّى يقبضه وكل ما سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ فِي ضمان المشتري وله أن يبيعه قبل القبض إِلَّا أن يمتعه البائع من القبض بَعْد أن يسأله المشتري فإن تلف بَعْد ذَلِكَ فَهُوَ ضامن [103/أ] لقيمته والثمن عَلَى المشتري. وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: كُلّ من عقد البيع بينهما عَلَى شَيْء فقد انتقل ملك البائع كما باع عَلَى المشتري فعن تلف المبيع بَعْد البيع فِي ملك البائع ولم يكن منعه المشتري من قبضه فَهُوَ مال المشتري وعَلَيْهِ الثمن فإن كَانَ منعه قبضه فَهُوَ متعد فِي منعه فإن تلف بَعْد ذَلِكَ فَهُوَ ضامن لقيمته كانت القيمة أكثر من الثمن أَوْ أقل وَعَلَى المشتري الثمن. واحتج بحَدِيْث ابْن عُمَر ما أدركت الصفقة حيا مجموعا فَهُوَ من مال المبتاع. وقصة عثمان وعَبْد الرَّحْمَن بْن عوف

باب الشهادات

بَاب الشهادات [شهادة القاذف إذا تاب] 335- اخْتَلَفَالناس فِي شهادة القاذفِ إِذَا تاب فقَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا تجوز شهادة القاذف إِذَا جلد عَلَى قذف أبدا تاب أَوْ لم يتب. وَقَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْمَدِيْنَةِ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وأَبُوْعُبَيْدٍ وأَصْحَابنا كلهم: إِذَا تاب القاذف فشهادته جائزة لقول الله تَعَالَى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [4] إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ [النور:4-5} . ويروى عَن عُمَر بْن الخطاب أَنَّهُ قَالَ لأبي بكرة: إن تبت قبلت شهادتك

شهادة القرابات

[شهادة القرابات] 336- واخْتَلَفُوْا فِي شهادات القرابات فقَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا تجوز شهادة الوالدين [103/ب] والولد. وكذَلِكَ الجد والجدة ويجوز شهادة سائر القرابات. وكذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وأَحْمَد. يروى عَن الْحَسَن أَنَّهُ كَانَ يجيز شهادة الابن لأبيه ولا يجيز شهادة الأب لابنه لِأَنَّ للأب أن يأخذ من مال ابنه ما شاء. قَالَ إِسْحَاق وأَبُوْ ثَوْرٍ: شهادة القرابات كلهم جائزة إِذَا كانوا عدولا إِلَّا الأب لابنه والابن لأبيه. يروى ذَلِكَ عَن قتادة عَن أبي بكر بْن عَمْرو ابْن حزم. ويروى عَن عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيْزِ أجاز شهادة الابن لأبيه

شهادة أحدالزوجين للآخر

[شهادة أحدالزوجين للآخر] 337- واخْتَلَفُوْا فِي شهادة الزوجين: فقَالَ أَصْحَاب الرَّأْيِ: لَا تجوز شهادة واحد منهما لصاحبه. وكَانَ ابْن أَبِيْ لَيْلَى يجيز شهادة الزوج لامرأته ولا يجيز شهادتها له. وكذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ. وَقَالَ ابْن شُبْرُمَةَ: شهادة كُلّ واحد منهما لصاحبه جائزة. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وإِسْحَاق وأَبُوْثَوْرٍ. [شهادة العبيد] 338- واخْتَلَفُوْا فِي شهادة الْعَبِيْد فقَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَمَالِكٌ: لَا تجوز شهادة الْعَبِيْد فِي شَيْء. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ. يروى عَن أَنَس بْن مَالك أَنَّهُ قَالَ: شهادة الْعَبِيْد جائزة ما علمت أحد ردها. ويروى عَن شريح ومُحَمَّد بْن سيرين

شهادة النساء مع الرجال

أنهما كانا يجيزان شهادة العبد. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد وإِسْحَاق وأَبُوْثَوْرٍ. [شهادة النساء مع الرجال] 339- واخْتَلَفُوْا فِي شهادة النساء مَعَ الرجال فيما سِوَى الدين وأجمعوا أَنَّهُا جائزة فِي الأموال خاصة: فقَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَة والْأَوْزَاعِيّ: لَا تجوز شهادتهن مَعَ الرجال إِلَّا فِي الأموال خاصة. وكذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ وأَبُوْعُبَيْدٍ وأَبُوْثَوْرٍ. وقَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: شهادتهن مَعَ الرجال

شهادة النساء في الحدود

جائزة وكل شَيْء ما خلا الحدود والقصاص. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: شهادتهن مَعَ الرجال جائزة فِي كُلّ شَيْء من الحدود والقصاص وغيره. ويروى ذَلِكَ عَن عَطَاء بْن أبي رباح. [شهادة النساء في الحدود] 340- وأجمعوا أَنَّهُ لَا تجوز شهادتهن فِي الحدود. وأجمعوا أَنَّهُا جائزة فِي الأموال. [العدد في الشهادة] 341- واخْتَلَفُوْا فِي العدد. يروى عَن الشعبي وحماد بْن أبي سليمان أَنَّهُما كانا لَا يجيزان شهادة رجل عَلَى شهادة رجل حَتَّى يكونا رجلين فَإِذَاشهد رجلان عَلَى شهادة رجل جازت شهادتهما. وكذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وأَصْحَاب الرَّأْيِ. وَهُوَ قَوْل أبي عُبَيْد. ويروى عَن شريح وقتادة أَنَّهُما كانا يجيزان شهادة الرَّجُل عَلَى شهادة الرَّجُل. وَهُوَ قَوْل ابْن أَبِيْ لَيْلَى وابن شُبْرُمَةَ.

[شهادة أهل الملل على بعضهم]

وَقَالَ ابْنُ [104/ب] أَبِيْ لَيْلَى: كَانَ شريح والناس إِلَى يومنا هَذَا يجيزان شهادة الرَّجُل عَلَى شهادة الرَّجُل. وكذَلِكَ قَوْل أَحْمَد وإِسْحَاق. [شهادة أهل الملل عَلَى بعضهم] 342- واخْتَلَفُوْا فِي شهادة أَهْل الملل بعضهم عَلَى بعض: فقَالَ الثَّوْرِيُّ وأَصْحَابُ الرَّأْيِ: الشرك كله ملة واحدة وشهادة بعضهم علي بعض جائزة وَقَالَ ابْن أَبِيْ لَيْلَى والْحَسَن بْن صَالِح وشَرِيْك: لَا تجوز شهادة الْيَهُوْدِيّ عَلَى النَّصْرَانِيّ ولا النَّصْرَانِيّ عَلَى الْيَهُوْدِيّ وتجوز شهادة كُلّ ملة عَلَى ملتهم. يروى هَذَا عَن جماعة من التابعين وَقَالَ أَبُوْ ثَوْرٍ: لَا تجوز شهادة أَهْل الْكِتَاب أصلا عَلَى ملتها

[إذا اختلفالشاهدان في الشهادة]

ملتها وغير ملتها لِأَنَّ الله تعالى قَالَ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ [الطلاق: 2} وَقَالَ: {فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ [المائدة:42} وَقَالَ: {فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ [المائدة: 42} . قَالُوْا: فلَيْسَ لنا أن نحكم بينهم إِلَّا بحكم الإسلام أَنَّهُ لَا تجوز إِلَّا شهادة العدول من المسلمين. قَالَ: وقد أجمعوا أن الفاسقين من المسلمين لو شهدا عَلَى رجل من أَهْل الْكِتَاب بشهادة لم تجز شهادتهما. قَالَ: وفساقنا خير من عدولهم فَإِذَالم تجز شهادة الفاسق منا فشهادتهم أحرى ألا تجوز. [إذا اخْتَلَفَالشاهدان في الشهادة] 343- واخْتَلَفُوْا [105/أ] فِي الرَّجُل يدعي عَلَى الرَّجُل ألفي درهم فيشهد له شاهدان أحدهما بألف والآخر بألفين. فروي عَن شريح أَنَّهُ أجاز شهادتهما عَلَى ألف. وكذَلِكَ ابْن أَبِيْ لَيْلَى. وَقَالَ أَبُوْ حَنِيْفَةَ: لاتجوز شهادتهما لأنهما قد اختلفا قَالَ: ولو شهد أحدهما بألف والآخر بألف وخمس ومائة كَانَ الألف جائزة قَالَ: لأن الشاهدين قد سميا الألف. وَقَالَ

الآخر خمس مائة فصارت هَذِهِ مفصولة. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: إِذَا ادعى الرَّجُل عَلَى الرَّجُل ألفي درهم وجاء بشاهدين فشهد احدهما بالألف والآخر بألفين سألهما فإن زعما أَنَّهُما شهدا عَلَيْهِ بإقراره وزعم الذي شهد بالألف أَنَّهُ شكل فِي الألفين فأثبت ألفا فقد ثبت عَلَيْهِ ألف بشاهدين أَنَّهُ أراد أحدهما بلا يمين وإن أراد الألف الأُخْرَى التي له عليها بشاهد واحد أحدهما يمني مَعَ شاهد فإن كانا اختلفا فقَالَ الذي شهد بألفين: شهدت بما عَلَيْهِ من ثمن عبد قبضه وَقَالَ الذي شهد بالألف: شهدت بِهَا عَن ثمن ثياب فقد ثبت أن أصل الحقين مختلف فلا يأخذ إِلَّا بيمين مَعَ كُلّ واحد منهما. قَالَ الشَّافِعِيُُّ: [105/ب] وسواء ألفين وألف وخمسمائة. وكَانَ الشعبي يَقُوْل: السمع شهادة فمن كتم سمعا كتم شهادة. وكذَلِكَ قَالَ سُفْيَانُ وابْن أَبِيْ لَيْلَى. ويروى عَن عَطَاء وشريح. وَقَالَ ابْن سِيْرِيْنَ فِي الرَّجُل يقَالَ له تعال فانظر بيننا ولا

شهادة أهل الأهواء

تشهد قَالَ: لا يتحمل لهم ذَلِكَ فإن احتيج عَلَيْهِ فليشهد. وَهُوَ قَوْل سُفْيَان الثوري. [شهادة أهل الأهواء] 344- واخْتَلَفُوْا فِي شهادة أَهْل الأهواء: فقَالَ سُفْيَانُ: شهادات أَهْل الأهواء جائزة إِذَا كانوا عدولا وفيما سِوَى ذَلِكَ لَا يستحلون الشهادة فِي أهوائهم. وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، والشَّافِعِيّ قَالَ: إلا الخطابية فإن شهادتهم لَا تجوز هم صنف من الرافضة يشهد بعضهم لبعض بما ادعى. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تجوز شهادة أَهْل الأهواء. وكذَلِكَ قَالَ

[شهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال]

شَرِيْك. وَهُوَ قَوْل أبي عُبَيْد وأبي ثور. [شهادة النساء فيما لَا يطلع عَلَيْهِ الرجال] 345- واخْتَلَفُوْا فِي شهادات النساء فيما لَا يطلع عَلَيْهِ الرجال. فقَالَ سُفْيَانُ وعامة أَصْحَاب الرَّأْيِ: تجوز شهادة امرأة واحدة. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ. يروى عَن علي أَنَّهُ أجاز شهادة القابلة وحدها. قَالَ مَالِكٌ وابْن أَبِيْ لَيْلَى وابن شُبْرُمَةَ: تجوز شهادة امرأتين. وكذَلِكَ قَالَ أَبُوْعُبَيْدٍ وإِسْحَاق، قياسا عَلَى الرَّجُلين [106/أ] أَنَّهُ لَا يجوز رجل واحد ولا تكون الْمَرْأَة أكثر من الرَّجُل. ويروى عَن عَطَاء والشعبي أَنَّهُما قَالَا: لَا يجوز أكثر من أربع نسوة. وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيّ وأَبِيْ ثَوْرٍ.

إذا هلك الرهن عند المرتهن

قَالُوْا: بدل كُلّ رجل امرأتين تقوم مقام شهادة رجل فلما سقط شهادة الرَّجُل أقمنا مقام كُلّ رجل امرأتين. بَاب الرهن [إذا هلك الرهن عند المرتهن] 346- واخْتَلَفُوْا فِي الرهن إِذَا هلك عِنْدَ المرتهن مِنْ غَيْرِ أن يكون [هو] المستهلك: فقَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: إن كَانَ الرهن مثل الدين أَوْ أكثر منه فَهُوَ بما فيه وإن كَانَ أقل من الدين ذهب الدين بقدره ورجع المرتهن عَلَى الراهن بما فضل عَن قيمة الرهن. وَقَالَ شريح والشعبي وغير واحد من الكوفيين: يذهب الرهن بما فيه من الدين كانت قيمته مثل الدين أَوْ أكثر منه أَوْ أقل ولا يرجع أحد منهما عَلَى صاحبه شَيْء فيما بينهما. وَقَالَ ابْن أَبِيْ لَيْلَى وعُبَيْد الله بْن الْحَسَن: يترادان

الْفَضْل بينهما إن كَانَ قيمة الرهن عَلَى المرتهن بما فضل عَن الدين من قيمة الرهن وإن كانت قيمة الرهن أقل من الدين ذهب بقدر قيمة الرهن ورجع المرتهن عَلَى الراهن [106/ب] بالْفَضْل وإن كانت قيمة الرهن مثل الدين ذهب بما فيه. وكذَلِكَ قال إِسْحَاق وأَبُوْعُبَيْدٍ. يروى هَذَا الْقَوْل عَنِ ابْنِ عُمَر وعن علي بْن أبي طالب رضي الله عنهم. وَقَالَ مَالِكٌ والْأَوْزَاعِيُّ: إِذَا كَانَ الرهن مما يخفى هلاكه نحو الذهب والفضة والحلي والمتاع يزاد الْفَضْل بينهما مثل قَوْل ابْن أَبِيْ لَيْلَى. وإن كَانَ الرهن بما يظهر هلاكه نحو الدور والأرضين والحيوان فهلك فَهُوَ من مال الراهن ودين المرتهن ثابت عَلَى حاله. وروى الْأَوْزَاعِيّ هَذَا الْقَوْل عَن يحيى بْن أبي كثير عَن علي بْن أبي طالب. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى من أَهْل الْمَدِيْنَة وأَهْل مكة-منهم الزُّهْرِيّ وغيره-: إِذَا ذهب المرهن مِنْ غَيْرِ جناية للمرتهن فَهُوَ من مال الراهن ودين المرتهن ثابت عَلَى حاله وسواء ما ظهر هلاكه وما خفي. وهَذَا قَوْل الشَّافِعِيّ وأَحْمَد بْن حَنْبَلٍ وأبي ثَوْرٍ وعامة

أَصْحَابنا. واحتجوا بحَدِيْث الزُّهْرِيّ عَن سعيد بْن المسيب أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الرهن لمن رهن له غنمه وعَلَيْهِ غرمه. قالوا: فغنم الرهن نماؤه، وغرمه: نقصانه وذهابه. وأما حَدِيْث ابْن عُمَر الذي احتج بِهِ أولئك فإنما رواه إدريس الأودي عَن إِبْرَاهِيْم بْن عمير عَنِ ابْنِ عمر. وإِبْرَاهِيْم شيخ مجهول. وأما حَدِيْث علي فَإِنَّهُ قد اختلفت الرواية عنه فِي هَذَا البَاب فروي عن علي بْن صَالِح عَن عبد الأعلى عَن مُحَمَّد بْن الحنفية عَن علي مثل قَوْل سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ. وروى سعيد بْن أبي عروبة عَن قتادة عَن خلاس عَن علي أَنَّهُ قَالَ: يترادان الْفَضْل. ولَيْسَ يثبت عَن علي قَوْل صحيح.

إذا كان الرهن عبدا فأعتقه الراهن

[إذا كان الرهن عبدا فأعتقه الراهن] 347- وأجمعوا أَنَّهُ إِذَا رهن رهنا وقبضه المرتهن فلَيْسَ للراهن عَلَيْهِ سبيل والمرتهن أحق بِهِ فإن كَانَ الرهن عبدا فأعتقه الراهن فإنهم اخْتَلَفُوْا فِي عتقه. فقالت طائفة: عتقه باطل لأنه لي له أن يتلف الرهن ولا يخرجه من الرهن وعتقه إياه إبطال للرهن وإخراجه له من الرهن. وممن قَالَ ذَلِكَ: عَطَاء بْن أبي رباح وعَمْرو بْن دينار. وَهُوَ قَوْل أبي ثَوْرٍ وجماعة من أصجابنا. وَقَالَ الْحَسَنُ بْن صَالِح: عتقه جائز ولا يرجع المرتهن عَلَى الراهن كأنه يعني بقيمة الرهن. وكذَلِكَ قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ: عتقه جائز ويؤخذ الراهن للمرتهن بمثل قيمة العبد فيكون رهنا مكانه.

انتفاع المرتهن بالحيوان

قال: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: [107/ب] العتق موقوف فإن أفتك الرهن يوما ما جاز عتقه وإن لم يفتك وأفلس أَوْ مَاتَ بيع العبد فِي ديته وأبطل العتق. [انتفاع المرتهن بالرهن] 348- وأجمعوا فِي الرهن أَنَّهُ لَيْسَ للمرتهن أن ينتفع فيما سِوَى الحيوان. [انتفاع المرتهن بالحيوان] 349- واخْتَلَفُوْا فِي الحيوان: فقالت طَائِفَة من أَصْحَابنا: إِذَا كَانَ الرهن حيوانا شاة أَوْ بقرة أَوْغَيْر ذَلِكَ فله أن يحلب الشاة والبقرة ويركب الحمار بما يعلقه. واحتجوا بحَدِيْث أبي هريرة عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الرهن يركب ويحلب بقدر نفقته وَعَلَى الذي يحلب ويركب نفقته". وَهُوَ قَوْل أَحْمَد وإِسْحَاق. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: لَيْسَ له أن ينتفع بالحيوان ولا بغيره. وَهُوَ قَوْل سُفْيَان وأَصْحَاب الرَّأْيِ.

وكذَلِكَ قَوْل مَالك والشَّافِعِيّ. وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: قَوْل أبي هريرة "الرهن مركوب محلوب": معناه عِنْدِيْ أن الرهن الذي يركبه ويحلبه ويعلفه لأنه ملكه إِلَّا المرتهن. واحتج هو وغيره بحَدِيْث ابْن عُمَر أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا يحلبن أحد ماشية أحد إِلَّا بإذنه. [إذا ضاع الرهن] 350- قَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا رهنت رهنا فدفعت عَلَيْهِ الذي له ولم يقبض الرهن حَتَّى ضاع رد عَلَيْك الذي أخذ منك وَقَالَ الشَّافِعِيُُّ: وكذَلِكَ إِذَا أديت عَلَيْهِ بعضه رد عَلَيْك الذي أخذ منك. قَالَ الشَّافِعِيُُّ وَأَحْمَدُ: لَيْسَ عَلَيْهِ أن يرد مما

باب الصدقة والعمرى والسكنى

أخذ شيئا ويذهب الرهن من مال الراهن إِلَّا أن يكون المرتهن جنى عَلَيْهِ أَوْ تعدى فيه فيكون ضامنا قيمته إن كَانَ أقل من الدين أَوْ أكثر. بَاب الصدقة والعمرى والسكنى [تفضيل بعض الولد في العطية] 351-اخْتَلَفَأَهْل العلم فِي الرَّجُل أن يفضل بعض ولده عَلَى بعض فِي النحل والعطية: فكره ذَلِكَ سُفْيَان وابن الْمُبَارَك وجماعة من أَهْل العلم منهم أَحْمَد وإِسْحَاق. واحتجوا بحَدِيْث النعمان بْن بشير. ورخص فيه آخرون. وممن رخص فِي ذَلِكَ: أَصْحَاب الرَّأْيِ

كيفية التسوية في العطية

وكَانَ الشَّافِعِيّ يَقُوْل: أختار له أن يسوي بينهم ولا يفضل بعضهم عَلَى بعض فإن فعل أجزت ذَلِكَ. واحتج بأنهم قد أجمعوا أن له أن يهب بعض ماله لأجنبي ولا يعطي ولده شيئا فَإِذَااختار أن يعطي أجنبيا ويحرم ولده كلهم كَانَ له أن [108/ب] يعطي بعضهم ويحرم بعضهم. واحتج بحَدِيْث أبي بكر فِي نحله عَائِشَة دون سائر ولده. ويحكى عَنِ ابْنِ الْمُبَارَك فِي حَدِيْث عَائِشَة: لَا بَأْسَ بأن يفضل بعض ولده فِي العطية عِنْدَ نائبة تنوبه، وكلك إِذَا نابت الولد الآخر مثل تلك النائبة أن يعطيه مثل ذَلِكَ ولا يعطيه وَهُوَ يريد بعطيته التفضيل له عَلَى غيره. قَالَ: وَعَلَى هَذَا الوجه حَدِيْث أبي بكر فِي نحله عَائِشَة. وكَانَ إِسْحَاق يذهب إِلَى هَذَا. [كيفية التسوية في العطية] 352- واخْتَلَفَالذين لم يرو التفضيل بعضهم عَلَى بعض فِي العطية فِي الرَّجُل يكون له أولاد ذكور وإناث فأراد أن يعطي كُلّ واحد منهم عطية أيجب عَلَيْهِ أن يسوي بينهم

فيعطي الذكر مثل ما يعطي الأنثى أم يعطي الذكر مثل حظ الأنثيين؟ فقالت طَائِفَة منهم: أن يسوي بين الذكر والأنثى. وممن قَالَ ذَلِكَ: سُفْيَان وابن الْمُبَارَك. قَالَ ابْن الْمُبَارَك: ألا ترى الْحَدِيْث الذي يروى عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: سووا بين أولادكم فلو كنت مؤثرا أحدا عَلَى أحد لآثرت الرجال عَلَى النساء. وَقَالَ طَائِفَة أُخْرَى: بَلْ عَلَيْهِ أن يعطي [109/أ] الذكر مثلي ما يعطي الأنثى لِأَنَّ الله جل ذكره كذَلِكَ قسم الميراث بينهم قَالُوْا: فَإِذَاقسم هو ماله بينهم فِي حياته فعَلَيْهِ أن يقسمه كما قسمه الله بَعْد الموت قياسا عَلَى ذَلِكَ. يروى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ جريج عَن عَطَاء. وكَانَ إِسْحَاق يذهب إِلَيْهِ.

شرط القبض في الهبة

[شرط القبض في الهبة] 353- واخْتَلَفُوْا فِي الهبة هل تجوزغَيْر مقبوضة أم لا: فقَالَ سُفْيَانُ والْكُوْفِيُّوْنَ ومَالك وأَهْل الْمَدِيْنَة والشَّافِعِيّ وإِسْحَاقُ: لَا تجوز الهبة الا مقبوضة واحتجوا بعمر بْن الخطاب أَنَّهُ قَالَ: ما بال أقوام ينحلون أولادهم نحلا ثُمَّ يسلمون له فإن مَاتَ أحدهم قَالَ: مالي وفي يدي لَا نحل الا نحل يجوزه الولد دون الولد. وإن ذَلِكَ شكي إِلَى عثمان بْن عفان فرأى عثمان أن الولد إِذَا كَانَ صغيرا فإن الوالد يقبض له. فقَالُوْا: قد اتفق أَبُوْ بكر وعمر وعثمان عَلَى أن الهبة لَا تجوز إِلَّا مقبوضة. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: الهبة جائزة وإن لم يقبض إِذَا كانت

شرط القبض في الصدقة

معلومة وممن قَالَ ذَلِكَ: أَحْمَد بْن حَنْبَلٍ وأَبُوْ ثَوْرٍ. وجعلوا ذَلِكَ قياسا عَلَى البيع، وَقَالُوْا: كما يصح البيع بالكلام دون [109/ب] القبض فكذَلِكَ الهبة تصح بالكلام دون القبض. ويروى نحو هَذَاالْقَوْل عَن علي بإسنادغَيْر قوي. وتأولوا قول أبي بكر فِي قصة عَائِشَة عَلَى أن تلك الهبة إنما ردها أَبُوْ بكر لأنها لم تكن معلومة لَا لأنها لم تقبض لقوله: إني نحلتك جذاذ عشرين وسقا فلو جزيته واجتزتيه" ولو أن رجلا باع جذاذ عشرين وسقا من نحل له قبل أن يجده لم يجز البيع فيه لِأَنَّ ذَلِكَ مجهول. وكذَلِكَ الهبة والصدقة هي جائزة وإن لم تقبض فِي قَوْل من أجاز الهبةغَيْر مقبوضة. [شرط القبض في الصدقة] 354- واخْتَلَفَالذين رأوا أن الهبة لَا تجوز إِلَّا مقبوضة فِي الصدقة: فسِوَى أكثرهم بين الصدقة والهبة. وفرقت طَائِفَة أُخْرَى بينهما فقالت فِي الهبة: لَا تجوز إِلَّا مقبوضة والصدقة جائزة وإن لم تقبض لِأَنَّ الصدقة يراد بِهَا وجه الله. وكَانَ إِسْحَاق يذهب إِلَى هَذَا. ويروى ذَلِكَ

شرط القسم في الهبة

عن إِبْرَاهِيْم النخعي. وكَانَ الشَّافِعِيّ يَقُوْل بِهِ ثُمَّ رجع عنه. [شرط القسم في الهبة] 355- واخْتَلَفَالذين رأوا الهبة لَا تجوز إِلَّا مقبوضة فيها هل تجوزغَيْر مقسومة أم لا؟ [110/أ] فقَالَ أَصْحَاب الرَّأْيِ: لَا تجوز الهبة إِلَّا مقبوضة مقسومة مفروزة. قَالَ مَالِكٌ وأَهْل الْمَدِيْنَة والشَّافِعِيّ وإِسْحَاق: الهبة جائزة وإن لم تقسم إِذَا كانت معلومة وقبض الهبة إن كانت مشاعاغَيْر مقسومة كقبض المشتري إِذَا كَانَ مشاعاغَيْر مقسوم وَقَالَ: قد أجاز معنا أَصْحَاب الرَّأْيِ عَلَى أن قبض المشاع فِي البيع 00000 جائز قَالُوْا فكذَلِكَ الهبة قياسا عَلَى البيع وكذَلِكَ إجازة المشاع والرهن المشاع جائز فِي قَوْل هؤلاء ويقبض ذَلِكَ كما يقبض فِي البيع

الإجارة والرهن في المشاع

[الإجارة والرهن في المشاع] 356- وفي قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ: لَا تجوز الإجازة ولا الرهن فِي المشاع. [الرجوع في الهبة] 357- واخْتَلَفُوْا فِي الرجوع فِي الهبة إِذَا كانت لغير ذي رحم محرم. وأجمعوا عَلَى أَنَّهُا إِذَا كانت لذي رحم محرم فلا رجوع فيها. 358- قَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: كُلّ من وهب عبدا لغير ذي رحم محرم فله أن يرجع فيها ما لم يثب منها. وكذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ إِلَّا الزوج والْمَرْأَة فإنهما فِي قَوْل أَصْحَاب الرَّأْيِ بمنزلة ذي الرحم ولَيْسَ لواحد أن يرجع فيما أعطى صاحبه. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: لَا رجوع فِي الهبة كانت لذي رحم محرم أَوْ لغير ذي رحم إِلَّا الوالد فيما يعطي ولده فإن له أن

يرجع فيه. يروى هَذَا الْقَوْل عَن الْحَسَن وقتادة. وَهُوَ قَوْل أَحْمَد وأبي ثَوْرٍ. واحتجا بحَدِيْث ابْن عَبَّاس وابن عُمَر عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لا يحل لأحد أن يعطي عطية ثُمَّ يرجع فيها إِلَّا الولد فيما يعطي ولده. واحتجوا بحَدِيْث النَّبِيّ صلىالله عَلَيْهِ وسلم: العائد فِي هبته كالعائد فِي قيئه. قَالَ قتادة فِي عقب هَذَا الْحَدِيْث: ولا أعلم القيىء إِلَّا حراما. وأجمعوا أن الصدقة لَا رجوع فيها إن كانت لذي رحم محرم. واحتج الذين رأوا الرجوع فِي الهبة إِذَا كانت لغير ذي رحم محرم بحَدِيْث عُمَر بْن الخطاب أَنَّهُ قَالَ: من وهب هبة لغير ذي رحم محرم فَهُوَ أحق بهبته ما لم يثب منها. وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: والزوج والْمَرْأَة عندنا بمنزلة ذي الرحم المحرم ولَيْسَ فِي حَدِيْث عُمَر استثناء للزوج والْمَرْأَة وَقَالَ: عم عُمَر بقوله فاستثناء أَصْحَاب الرَّأْيِ الزوج والْمَرْأَة خلافا لحَدِيْث عمر

إذا زادت الهبة عند الموهوب له

وكَانَ إِسْحَاق يَقُوْل: للمرأة أن ترجع فيما تعطي زوجها ولَيْسَ للزوج أن يرجع فيما أعطى امرأته. يذهب إِلَى ما يروى عَن عُمَر أَنَّهُ قَالَ: إن النساء يعطين رغبة ورهبة. ويروى عَن شريح وغيره من التابعين مثل قوله. وَقَالَ هؤلاء فِي قوله: {فَإِن طِبْنَ لَكُمْ [النساء:4} : إِلَى الممات. [إذا زادت الهبة عند الموهوب له] 359- واخْتَلَفَ الذين رأوا الرجوع فِي الهبة إِذَا زادت عِنْدَ الموْهُوْبِ أَوْ نقصت: فقَالَ سُفْيَانُ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: إِذَا زادت الهبة أَوْ نقصت أَوْ هلكت فلا رجوع فيها

باب السير

وَقَالَ- يعني- مَالك: إن شاء الله إِذَا زادت أَوْ نقصت فِي يد الموْهُوْب لم يرجع فيها الواهب وَعَلَى الموْهُوْب له قيمتها يوم قبضها. وكَانَ إِسْحَاق يميل إِلَى هَذَا. بَاب السير [متاع المسلم يحرزه العدو ثم يصيبه المسلم] 360- واخْتَلَفُوْا فِي المتاع من متاع المسلمين يحرره العدو ثُمَّ يصيبه المسلمون بَعْد فِي غنيمة فيجيء صاحبه فيجده قبل أن تقسم أَوْ مابَعْد ما قسم فقَالَ سُفْيَانُ [111/ب] والْأَوْزَاعِيّ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: إن وجده فِي يد رجل قد ابتاعه من العدو أَوْ من المقسم وأقام الذي فِي يده البينة أَنَّهُ ابتاعه أخذه صاحبه بالثمن وإن كَانَ وقع له فِي قسمة أخذه بالقيمة وإن وجده قبل أن تقسم أخذه بلا شَيْء

فقَالَ سُفْيَانُ والْأَوْزَاعِيّ وأَصْحَاب الرَّأْيِ: إن وجده فِي يد رجل قد ابتاعه من العدو أَوْ من المقسم وأقام الذي فِي يده البينة أَنَّهُ ابتاعه أخذه صاحبه بالثمن. وإن كَانَ وقع له فِي قسمة أخذه بالقيمة وإن وجده قبل أن تقسم أخذه بلا شَيْء. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: قد حرم الله دمَاء المسلمين وأموالهم عَلَى المشركين وغيرهم فكل ما أخذ المشركون من أموالهم فغير جائز أخذه ولا ينتقل ملك المسلم عَن ماله بأخذهم إياه ولا يملكوه عَلَيْهِ فمَتَى ما غنم المسلمون شيئا من أموال المسلمين الذي أحرزه العدو فملك المسلم ثابت مَتَى ما وجدوه فِي يد مسلم أخذ قبل القسم وبعده بلا ثمن ولا قيمة. واحتجوا بحَدِيْث عمران بْن حصين فِي قصة العضباء وكَانَ قد أحرزها العدو فنجت عليها الْمَرْأَة ونذرت بأن الله أنجاها عليها لتنحرنها فلما قدمت أتت النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبرته بنذرها فقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بئس ما جزيتيها لَا وفاء لنذر فِي معصية الله ولا فيما لَا يملك ابْن آدم وقبض ناقته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن زال عَن ناقته بإحراز العدو إياها ولم ير للمرأة ولا للعدو ملكا عليها وَقَالَ: لَا يخلو المتاع إِذَا أحرزه العدو من أن يكون ملك صاحبه قد زال عنه وملكه العدو فإن كَانَ كذَلِكَ فإن المسلمين إِذَا غنموه فإنما غنموا مالا من أموال العدو فَهُوَ لهم فإن أدركه صاحبه قبل القسم أَوْ بعده لم يكن فيه شَيْء وكَانَ هو وسائر الناس فيه سواء لأنه قد خرج عن

ملكه وإن لم يكن زال ملكه عنه بإحراز العدو إياها فإن المسلمين إِذَا غنموا مال المسلمين فلا يحل قسمه إن علموا أَنَّهُ لمسلم وإن علموا فقسموا ثُمَّ أدركه صاحبه فعليهم أن يردوه لأنه ماله وقسمهم إياه باطل. وهَذَا قَوْل أبي ثَوْرٍ وطَائِفَة من أَصْحَابنا وَهُوَ القياس. (تم الْكِتَاب وربنا محمود، وله الْفَضْل والعلا والجود، والحمد لله كثيرا عَلَى كُلّ حال وصلى الله عَلَى مُحَمَّد وآله وسلم تسليما كثيرا ولا حول ولا قوة إِلَّا بالله العلي العظيم) .

§1/1