اختلاف أقوال مالك وأصحابه

ابن عبد البر

السفر الأول من كتاب اختلاف أقوال مالك وأصحابه تأليف الفقيه الحافط أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي رضي الله عنه المتوفى 463 هـ تحقيق وتعليق حميد محمد لحمر- جامعة فاس/ المملكة المغربية ميكلوش موراني - جامعة بون / ألمانيا دار الغرب الإسلامي

2003 دار الغرب الإسلامي الطبعة الأولى

تقديم

تقديم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد. إن المكتبة العربية الإسلامية لتزخر بالأصول العلمية التراثية التي لا زالت بعد لم تنل حظها من العناية والاهتمام، لتعرف طريقها إلى القراء. ومن هذا التراث، مجال أبدع فيه فقهاء المدرسة الأندلسية، وهو مجال الفقه على مذهب السادة المالكية. وقد تركوا فيه مؤلفات في غاية الأهمية، هي محل إعجاب وتقدير. ومن الأصول العلمية الفقهية التي يسرنا تقديمها للقراء المهتمين بالتراث الفقهي المالكي على الخصوص، كتاب يعود تاريخ تأليفه إلى القرن الخامس الهجري، وهو: كتاب اختلاف أقوال مالك وأصحابه لابن عبد البر القرطبي النمري الأندلسي (ت 463 هـ). هذا الكتاب الذي - على أهميته في دائرة تأليفه - لا زال بعد، لم ينل حظه من الدراسة والبحث فيه، حتى الآن. ولأهمية الكتاب وقيمته العلمية، حرصنا في هذا العمل المشترك المتواضع على تقديمه أولا، وذلك بإنقاذ ما تبقى منه، وتقريبه من الباحث، ليكون رهن إشارته. على أن هناك جوانب فيه، تحتاج إلى إيضاح وتبيان، ودراسة مفصلة قد نقف عندها، بعد العثور على البقية المتبقية من مادة الكتاب، إن شاء الله. وقد قدمنا لهذا الكتاب، بأربع فقرات بمنتهى الإيجاز، وهي: 1 - نبذة عن حياة صاحب الكتاب. 2 - توثيق نسبة الكتاب إلى صاحبه: ابن عبد البر. 3 - قيمة الكتاب العلمية. 4 - وطف النسخة المعتمدة. وكل ذلك بعبارة واضحة، مختصرة تفي بالمقصود، ملتمسين العذر من القراء الكرام عن كل تقصير. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

صاحب الكتاب

صاحب الكتاب: هو الحافظ يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم، أبو عمر النمري القرطبي الأندلسي المالكي. ولد الحافظ ابن عبد البر يوم الجمعة لخمس بقين من ربيع الثاني سنة 368 بمدينة قرطبة، وتوفي رحمه الله يوم الجمعة في آخر يوم من ربيع الثاني سنة 463 بمدينة شاطبة، شرق بلاد الأندلس (¬1). ويحكي ابن فرحون في الديباج المذهب، أن ابن عبد البر رثى نفسه قبل وفاته بأبيات شعر، قال فيها: تذكرت من يبكي علي مداوما ... فلم ألف إلا العلم بالدين والخبر علوم كتاب الله والسنن التي ... أتت عن رسول الله في صحة الأثر وعلم الألى قرن فقرن وفهم ما ... له اختلفوا في العلم بالرأي والنظر (¬2). أما عن علو مكانته وقيمته بين أبناء قومه، ومنزلته فيقول في حقه الذهبي في سير أعلام النبلاء: ((قلت: كان إماما دينيا، ثقة، متقنا، علامة، متبحرا، صاحب سنة واتباع، وكان أولا أثريا ظاهريا فيما قيل، ثم تحول مالكيا مع ميل بين إلى فقه الشافعي في مسائل، ولا ينكر له ذلك، فإنه ممن بلغ رتبة الأئمة المجتهدين، ومن نظر في مصنفاته بان له منزلته من سعة العلم وقوة الفهم، وسيلان الذهن، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله (ص)، ولكن إذا أخطأ إمام في اجتهاده لا ¬

_ (¬1) أنظر: كتاب الصلة، 2/ 679؛ وفيات الأعيان، 7/ 71؛ الديباج المذهب، 2/ 367؛ ترتيب المدارك، 8/ 127؛ سير أعلام النبلاء، 18/ 153؛ جذوة المقتبس، 367. (¬2) الديباج المذهب، 2/ 370.

ينبغي لنا أن ننسى محاسنه، ونغطي معارفه، بل نستغفر له، ونعتذر عنه)) (¬1). وقال عنه الحميدي في جذوة المقتبس: ((أبو عمر فقيه حافظ مكثر، عالم بالقراءات وبالخلاف في الفقه، وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع، كثير الشيوخ، على أنه لم يخرج من الأندلس، ولكنه سمع من أكابر أهل الحديث بقرطبة وغيرها، ومن الغرباء القادمين إليها)) (¬2). نسبة الكتاب إلى ابن عبد البر: لا اختلاف في نسبة كتاب: اختلاف أقوال مالك وأصحابه لابن عبد البر القرطبي؛ فقد أجمعب المصادر التي ترجمت له على نسبة هذا الكتاب إليه، كما ذكره وأحال عليه هو نفسه، في بعض مؤلفاته. يقول القاضي عياض في ترتيب المدارك أثناء حديثه عن مؤئفات ابن عبد البر: ((... وكتاب الاختلاف في أقوال مالك وأصحابه، عشرون كتابا ...)) (¬3). ويقول ابن عبد البر نفسه في كتابه الاستذكار: ((وقد ذكرنا اختلاف قول مالك وأصحابه في هذه المسألة في كتاب جمعناه في اختلافهم)) (¬4). قيمة الكتاب العلمية: تعود قيمة هذا الكتاب، إلى الفن الذي ينتمي إليه، وهو الخلاف الفقهي؛ وقد ذهب أغلب الفقهاء إلى أن المراد بالخلاف الفقهي: تغاير أحكام الفقهاء في مسائل الفروع. ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء، 68/ 157. (¬2) جذوة المقتبس، 367. وأنظر أيضا: الصلة لابن بشكوال، 2/ 677؛ الديباج المذهب، 2/ 257. (¬3) ترتيب المدارك، 8/ 129 - 130. (¬4) الاستذكار، 3/ 329؛ وقال في مكان آخر: ((وعلى ما قد ذكرناه في كتاب اختلاف أقوال مالك وأصحابه ...)). 16/ 58 - 59؛ وأنظر أيضا: 17/ 77؛ 21/ 72؛ 22/ 186؛ 24/ 107؛ 25/ 223؛ 310.

وواضح من هذا التعريف، أن الخلاف ليوصف بالفقهي، ينبغي أن يكون واقعا من أهله وهم الفقهاء، أهل النظر والكفاءة العلمية، لا غيرهم. وفي محله، وهو أحكام مسائل الفروع، كأوصاف التصرفات الشرعية العملية من طهارة، وصلاة، وزكاة، وغيرها، لا أحكام مسائل الأصول كالاعتقادات من: إيمان بالله وملائكته ورسله، وما إلى ذلك. ثم إن الخلاف في الفروع أمر مشروع، لا مسوغ لإنكاره ولا موجب للحذر منه إن وقع من أهله وفي محله وشروطه (¬1). وعلى العموم، فما كان سبيل العلم به هو الاجتهاد، فالاختلاف فيه ممكن ومقبول؛ ذلك لأنه يقع في الفروع، لا في الأصول. وفي الجزئيات، لا في الكليات. وفي الظنيات، لا في القطعيات. كما أنه ناشئ عن أسباب موضوعية دعت الضرورة إليها، وهي ترجح في جملتها إلى اختلاف المدارك والعقول والأفهام، إضافة إلى احتمالية النصوص الشرعية، في ثبوتها ودلالتها على الأحكام. ولأهمية الخلاف - أو علم الخلاف الشرعي - قال يحيى بن سلام (ت 200 هـ): ((لا ينبغي لمن لا يعلم الاختلاف أن يفتي، ولا يجوز لمن لا يعرف الأقاويل أن يقول: هذا أحب إلي)) (¬2). والكتاب الذي بين أيدينا، هو كتابة في الموضوع من صميم المتناول، كتاب ينتمي إلى علم الخلاف والتحرر العقلي وإطلاق الفكر للاجتهاد، كما أنه في الفروع الفقهية، لا الكليات. وتزداد قيمته في أنه يبرز الخلاف بين الإمام مالك بن أنس وتلامذته. ¬

_ (¬1) أنظر الدراسة المفصلة في هذا الموضوع في مقدمة كتاب تهذيب المسالك في نصرة مذهب مالك لابن دوناس الفندلاوي (ت 543 هـ)، بتحقيق الدكتور أحمد البوشيخي. طبع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. المملكة المغربية، 1998. (¬2) الموافقات للشاطبي، 4/ 105. مراجعة عبد الله دراز. طبع دار المعرفة، بيروت (بدون تاريخ).

والحافظ ابن عبد البر مسبوق بالتأليف في هذا النوع من الفن؛ فقد ألف أبو عبيد الجبيري (ت 378 هـ) كتابا سماه: التوسط بين مالك وابن القاسم في المسائل التي اختلفا فيها من مسائل المدونة (¬1). كما ألف يحيى بن إسحاق بن يحيى الليثي الأندلسي (ت 303 هـ) الكتب المبسوطة في اختلاف أصحاب مالك وأقواله (¬2)؛ وهذا الأخير يعتبر من الأصول العلمية المفقودة المعتمدة عند ابن عبد البر في مؤلفه هذا (¬3). وألف يحيى بن عمر الكناني، وهو من كبار علماء القيروان في القرن الثالث الهجرى، كتابا في اختلاف ابن القاسم وأشهب (¬4). بل، امتد هذا الاتجاه فى التأليف إلى أول عهد المتأخرين، فألف الخشني كتاب: الإتفاق والاختلاف في مذهب مالك، وكتاب: رأي مالك الذي خالفه فيه أصحابه (¬5). وإذا كان ابن عبد البر قد فاته شرف السبق قي التأليف في هذا الباب، فإنه حاز شرف المشاركة والاستفادة والانتقاء من السابقين، مع حصره لدائرة الاختلاف الفقهي بين إمام المذهب وتلامذته. ولهذه الأسباب جميعا، وإنقاذا لما تبقى من هذا الكتاب التراثي الأندلسى النفيس، قررنا تحقيق الكتاب وإخراجه إلى النور ليسلك طريقه إلى الباحثين في مجال الخلاف الفقهي - النازل ¬

_ (¬1) من هذا الكتاب نسخة مخطوطة في خزانة الجامع الكبير بمكناس؛ قام بتحقيقه الأستاذ حسن حمدوشي بجامعة محمد الخامس لنيل دبلوم الدراسات العليا في الدراسات الإسلامية. والكتاب لا زال لم ينشر بعد. (¬2) هدا الكتاب اختصره محمد وعبد الله ابنا أبان بن عيسى، ثم اختصر ذلك الاختصار أبو الوليد بن رشد؛ أنظر الديباج المذهب، 2/ 357. ومن مختصر ابن رشد هذا نصوص كثيرة بهامش نسخة مخطوطة من المدونة لسحنون بن سعيد بخزانة القرويين بفاس، تحمل رقم 797، وفي الخزانة العامة بالرباط (الكتاني، 343). أنظر: الكتب الفقهية لسحنون بن سعيد؛ نشأتها وروايتها، لميكلوش موراني (باللغة الألمانية) stuttgart 1999. (¬3) انظر ص 89؛ الحاشية 1. (¬4) انظر الديباج المذهب، 2/ 355. والكتاب حققه حسن حسني عبد الوهاب وطبع 1975. (¬5) انظر شجرة النور الزكية، 94.

والعالي - بصفة خاصة، وإلى المهنمين بهذا التراث العظيم بصفة عامة. وإن الفضل في التشجيع على إنقاذ ما تبقى من هذا الكتاب، يعود بالأساس إلى الزميل والصديق المحترم: ميكلوش موراني الأستاذ بجامعة بون/ ألمانيا والخبير في شؤون التراث المالكي، الذي اطلع عل الكتاب وأعجب به ثم قام بتصويره من الخزانة العامة بالرباط سنة 1998 وزودني بنسخة منه، واقترح علي في نفس الوقت، أن نعمل معا على تحقيقه ونشره في أقرب وقت ممكن. فاستحسنت الاقتراح؛ وقد اجتهدنا خلال هذه الفترة في إخراج الكتاب حتى جاء في صورة قريبة جدا من أصله مع ترميم ما سقط منه. وصف النسخة المعتمدة: اعتمدنا في تحقيقنا لكتاب اختلاف أقوال مالك وأصحابه لابن عبد البر على نسخة فريدة ووحيدة، وهي محفوظة بالخزانة العامة بالرباط، المملكة المغربية، تحمل رقم 3369 (المكتبة الكتانية). وتشتمل نسختنا هذه على كتابين فقط؛ الأول: كتاب الوضوء، وهو تام؛ والثاني: كتاب الصلاة، وهو مبتور الأخير؛ ينتهي عند معالجة مسألة: السهو في الصلاة. ويبدو من بعض الوجوه أن النسخة الموجودة بين أيدينا كانت تشتمل على كتب أخرى غير ما ذكر؛ من ذلك ما سجل على أول ورقة الكتاب (ق 1 أ) أسفل عنوانه، وفيه: السفر الأول من اختلاف أقوال مالك وأصحابه، تأليف الفقيه الحافظ أبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري رضي الله عنه. وفيه الوضوء والصلاة والجنائز والصيام والاعتكاف والصيد والذبائح والجهاد والحج والنذور (¬1). ¬

_ (¬1) انظر مصورة المخطوط.

مسطرة المخطوط

مسطرة المخطوط: الكتاب يشتمل على 49 ورقة من كتاب الوضوء وكتاب الصلاة. كل ورقة تحتوي على 97 - 69 سطرا، وكل سطر تتراوح عدد كلماته ما بين 9 - 60 كلمات. وقد سقطت بعض الكلمات والحروف من السطور الأولى عند كل صفحة تقريبا؛ وما كان في إمكاننا أن نكمله في النص المحقق وضعناه بين قوسين معقوفين []. وما تعذر علينا الوقوف عليه وإثباته. ولم تتبين حقيقته تركنا مكانه فارغا بين قوسين معقوفين. أما عدد النقط الموجودة بين المعقوفين فهي تشير إلى عدد الحروف الساقطة من الأصل حسب تقديرنا [...]. والكتاب عار عن اسم الناسخ وتاريخ نسخه. وراويه. وكتب بخط نسخي جيد مقروء. وفي خاتمة هذه المقدمة لا يسعنا إلا أن نقدم الشكر الخالص الجزيل للفاضل المحترم، السيد: الحاج الحبيب اللمسي، صاحب دار الغرب الإسلامي في بيروت، الذي أشرف على طبع هذا الكتاب، وحرص على إخراجه في صورة مشرفة. وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم. حميد محمد لحمر مدينة فاس المحروسة، في رجب 1423 الموافق سبتمبر / أيلول 2002

مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم 3369

الورقة الأولى من مخطوطة كتاب اختلاف أقوال مالك

الورقة الأخيرة من مخطوطة كتاب اختلاف أقوال مالك

السفر الأول من كتاب اختلاف أقوال مالك وأصحابه

السفر الأول من كتاب اختلاف أقوال مالك وأصحابه تأليف الفقيه الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد الله محمد ابن عبد البر النمري القرطبي رضي الله عنه المتوفى 463 هـ

(ق 1 ب) بسم الله الرحمن الرحيم [الحمد] لله [..] فا [..........] وحراما علم وفهم و [صلى الله عـ]ـلى محمد [وعلى] آله وسلم. هذا كتاب أذكر فيه إن شاء الله ما حضرني ذكره [من اختـ]ـلاف أقوال مالك وأصحابه وأتباع مذاهبهم في مشكلات [... ا] لفقه والأحكام وشبهات الحلال والحرام. [...] لم أستوعب فيه كتب أصحابنا المالكية، ونيتي أن أعطف (¬1) على ذلك فأستوعبه إن شاء الله، وعسى الله أن يعين عليه، [فهو] عوني وهو حسبي وعليه توكلي. ¬

_ (¬1) كذا في الأصل؛ ولعل صوابه: أعكف على ذلك.

باب في الماء

باب في الماء قال عبد الله بن عبد [الحكم] حاكيا عن مالك رحمه الله: من توضأ بماء غير طاهر أعاد. قال (¬1): لا يتوضأ بماء وقعت فيه ميتة إلا أن يكون كثيرا [لم (¬2) يتـ]ـغير منه ريح ولا طعم، فلا بأس بذلك. قال: وإذا وقـ[ـعت في بئر دجـ]ـاجة فماتت فإنه ينزف منها حتى تصفو ويغسل من الثياب [...] سل به، وتعاد الصلاة منه في الوقت؛ ولا يؤكل طعام عجن به وإن [أخر] جت منه حين ماتت [ولم] يتغير فليشرب (¬3) منه، ثم يتوضأ [منه]. وروى عنه ابن الماجشون (¬4): الفرق بين ما وقع ميتا في الماء [فـ]ـمات فيه كأنه أشد كراهة لما مات فيه. ¬

_ (¬1) انظر النوادر والزيادات، 1/ 74 من المختصر لابن عبد الحكم: ولا يتوضأ بماء وقعت فيه ميتة إلا أن يكون كثيرا جدا لا تغير منه ريحا ولا طعما فلا بأس به. (¬2) خرم بالأصل، والإكمال من النوادر والزيادات. (¬3) فليشرب منه: كذا في الأصل. وفي النوادر والزيادات: فلينزف منه. (¬4) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، يشار إليه في أغلب المصادر عادة بابن الماجشون. أما والده فهو عبد العزيز وغالبا ما يخلط بعض الباحثين بين الأب والإبن. ولعبد العزيز كتب في الفقه، يوجد منها نسختان في المكتبة العتيقة بالقيروان برواية سحنون بن سعيد؛ نشر منها الدكتور موراني قطعة قديمة في فقه أهل المدينة. وعلق عليها (باللغة الألمانية)، 1984 Stuttgart.

وروى علي [بن زياد] (¬1) عن مالك قال: من توضأ بماء وقعت فيه ميتة فتغير [لونه وطعامـ]ـه (¬2) وصلى أعاد الصلاة وإن ذهب الوقت. وإن كان (ق 2 أ) [لم يتغير لونه أو] طعمه أعاد ما دام في الوقت. وقال عنه ابن [.....] معينة اغتسل فيها جنبه لأنه لا يفسدها. قال: وقال مالك (¬3) في الحياض التي تسقى منها الدواب: لو اغتسل فيها جنب أفسدها إلا أن يكون قد غسل فرجه قبل [....] موضع الأذى منه. وكره اغتسال الجنب في الماء الدائم، فـ[ـقال]: ولو اغتسل فيه لم ينجسه إذا كان معينا. وقال أبو مصعب (¬4) عن مالك: الماء طهور كله إلا ما تغير ريحه أو طعمه أو لونه من نجس أو غيره وقع فيه، معينا كان أو غير معين (¬5). ¬

_ (¬1) هو علي بن زياد التونسي، أبو الحسن العبسي، توفي سنة 183؛ انظر ترجمته في تراجم أغلبية، ص 21 - 26؛ ورياض النفوس، 1/ 234؛ والديباج المذهب، 2/ 192 إتحاف السالك برواة الموطأ عن الإمام مالك لابن ناصر الدين، ص 270 (تحقيق: سيد كسروي حسن. بيروت 1995). روى عن مالك الموطأ وسماعه عنه. وعليه يعتمد سحنون في المدونة في كثير من المسائل. وروى أيضا الجامع الكبير في الفقه والاختلاف لسفيان الثوري وبروايته انتشر هذا الكتاب في الأندلس: فهارس ابن خير، ص 137. (¬2) المدونة، 1/ 25 في هذه الرواية: [لونه أو طعمـ]ـه. (¬3) المدونة، 1/ 27. (¬4) هو أبو مصعب، أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث الزهري المدني، توفي سنة 242: انظر ترجمته في ترتيب المدارك، 3/ 347؛ والديباج المذهب، 1/ 140؛ وسير أعلام النبلاء، 11/ 436؛ والمزي، 6/ 278 وإتحاف السالك لابن ناصر الدين، ص 173 , له رواية الموطأ لمالك بن أنس (بتحقيق بشار عواد معروف ومحمود محمد خليل، طبع مؤسسة الرسالة، بيروت 1993). كما له المختصر في الفقه، منه نسخة فريدة في مكتبة القرويين (تحت الرقم 874 في 348 صفحة)، كتب في آخره: ((كتبه حسين بن يوسف عبد الإمام الحكم المستنصر وقابله أمير المؤمنين أطال الله بقاءه وأدام خلافته في شعبان من سنة 359)). (¬5) في النوادر والزيادات 6/ 76: ((قال أبو الفرج: روى أبو مصعب عن مالك ... الخ)).

وهو قول ابن القاسم وسالم (¬1) وابن شهاب (¬2) وربيعة (¬3) وسائر علماء أهل المدينة، وإليه ذهب مطرف (¬4) وابن وهب. وقال إسماعيل بن إسحاق (¬5) في قول الله عز وجل: {وأنزلنا من السماء ماء طهورا} (¬6)، الذي يجب، والله أعلم، في الماء إذا خالطه شيء فلم يتغير طعمه ولا لونه ولا ريحه؛ إن الماء على أصل حكمه طاهر. ¬

_ (¬1) هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، توفي بين 105 - 106؛ انظر ترجمته في تهذيب التهذيب، 3/ 436؛ وسير أعلم النبلاء، 4/ 458؛ المزي، 10/ 145. (¬2) هو محمد بن مسلم بن عبيد الله، ابن شهاب الزهري، توفي سنة 124؛ انظر ترجمته في تهذيب التهذيب 9/ 445/ 451، والمزي 26/ 419، وسير أعلم النبلاء، 5/ 326، وابن عساكر، 55/ 294 - 387، وحلية الأولياء، 3/ 360. (¬3) هو ربيعة بن أبي عبد الرحمان التيمي المدني، توفي سنة 136: انظر ترجمته في تهذيب التهذيب، 3/ 258؛ وسير أعلام النبلاء، 6/ 89؛ والمزي 9/ 123. كان ربيعة الرأي من أبرز الفقهاء بالمدينة في عصره، عليه تفقه مالك بن أنس والماجشون وغيرهما. (¬4) هو مطرف بن عبد الله بن مطرف المدني، توفي سنة 214 تقريبا؛ كان مطرف من أهم رواة مالك، روى عنه الموطأ. وروى عنه عبد الملك بن حبيب الأندلسي كثيرا في كل من الواضحة والسماع. أنظر ترجمته في ترتيب المدارك، 3/ 133؛ وتهذيب التهذيب، 10/ 175؛ والمزي، 28/ 70، وإتحاف السالك برواة الموطأ عن الإمام مالك لابن ناصر الدين القيسي 83 - 89. لقد اعتمد محقق هذا الكتاب، وهو سيد كسروي حسن، على نسخة حصل عليها هدية من محمود محمد محمود حسن نصار في يوم عرفة من سنة 1414 ويقول إن المخطوط كان في رصيد مكتبة الشيخ حمد أحمد أبو بكر: أنظر مقدمة المحقق، ص 23 - 24. وفي هذا الكلام نظر لأن المخطوط الذي قام بتحقيقه الأستاذ الفاضل سيد كسروي حسن في رصيد مكتبة الأزهر بالقاهرة، ضمن مجاميع تحت رقم 1003، الإمبابي، رقم 49091. ولقد جاء وصف هذا المخطوط مفصلا في: دراسات في مصادر الفقه المالكي لميكلوش موراني. (¬5) هو إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد الجهضمي القاضي، توفي سنة 282؛ انظر ترجمته في ترتيب المدارك، 4/ 276؛ والديباج المذهب، 1/ 282؛ وتأريخ بغداد، 6/ 284؛ وسير أعلام النبلاء 13/ 339. قاضي المالكيين في بغداد. (¬6) سورة الفرقان، الآية: 48.

الطير التي تأكل الجيف

قال: ومعنى طهور: أي قد طهر [...] خالطه؛ وكذلك كل نجاسة أصابت ثوبا أو بدنا أو موضعا [خا] لطها الماء فأذهب لون النجاسة وطعمها وريحها منه طهرها، ولو ظهرت النجاسة في الماء وعـ[ـلمـ (؟)]ـه كان نجسا. ومذهب إسماعيل هو مذهب المدنيين كلهم من أصحاب مالك وغيرهم؛ وهو قول بن وهب، ولا أعلم مخالفا من أصحاب مالك المدنيين إلا عبد الملك (¬1). ذكر ابن سحنون عن أبيه في الماء الذي [وقعت] فيه (ق 2 ب) الدابة أنه من الماء المشكوك فيه لم يجـ[..........] بما عاب عليه من الطهارات أنه غير مطهر، ومن [......] غير متـ[ـو] ضئ يعيد أبدا كما يفعل بالذي غلبت عليه النجاسة سواء. الطير التي تأكل الجيف في المدونة (¬2): قال [مالك] في الماء الذي تشرب منه الطير التي تأكل الجيف والأنجال أنه لا يتوضأ به. قال ابن القاسم: ولو شربت في لبن لم يلق. قال: وكذلك سائر الطعام، وليس مثل الذي يلقى ولا يتوضاء به. ومن المجموعة (¬3): رو [ى عـ]ـلي بن زياد عن مالك في الماء الذي تشرب منه الطير التي تأكل الجيف: إن تيقنت أن في منقارها نجسا فاطرح الماء وإلا فهو طاهر. قال: وقال سحنون: سبيل هذا الماء سبيل الماء المشكوك فيه، يتيمم ويصلي، ثم يتوضأ به ويصلي. ¬

_ (¬1) يعني عبد الملك بن عبد العزيز، هو ابن الماجشون كما سبق ذكره. (¬2) المدونة، 1/ 5. (¬3) من أهم الأمهات في المذهب، تأليف محمد بن إبراهيم بن عبدوس (توفي 260)؛ راجع: دراسات في مصادر الفقه المالكي لموراني، ص 140 - 148.

في سؤر النصراني

ومن المدونة (¬1): قال ابن القاسم في السبع التي تأكل الجيف أنه لا يتوضأ بالماء الذي تشرب منه، وهو بمنزلة الـ[ـدجا] ج المخلاة. ورواية أبي مصعب عن مالك وأهل المدينة خلاف هذا، وهو اختيار إسماعيل. في سؤر النصراني في المدونة (¬2): قال مالك: لا يتوضأ بسؤر النصراني ولا بما (¬3) أدخل يده فيه. وذكر ابن عبد الحكم عنه قال: وترك الوضوء بفضل ما شرب منه النصراني أحب إلي، وإن توضأ به فلا شيء عليه. قال: ولا يتوضأ بفضل الـ[ـجنب] (¬4). وفي المستخرجة (¬5) اختلاف في قول مالك في سؤر النصراني (ق 3 أ) [.........] لم ير به بأسا. كذلك اختلف قول سحنون (¬6) [........] في سؤر النصراني، فمرة قال: التيمم أحب إلي من الوضوء بسؤر النصراني، وهو بمنزلة الدجاج المخلاة التي تأكل الأقذار؛ ومرة قال: إذا أمنت أن يشرب خمرا أو يأكل خنزيرا فلا بأس بالوضوء من سؤره. ¬

_ (¬1) المدونة، 1/ 5. (¬2) المدونة، 1/ 14؛ وانظر أيضا: الواضحة، ص 119؛ والنوادر والزيادات 1/ 71 عن ابن حبيب. (¬3) بما: كذا في الأصل وفي المدونة؛ وفي بعض الروايات: بماء. وكلاهما يؤديان إلى نفس المعنى. (¬4) النوادر والزيادات، 1/ 71 - 72: ولا بأس بفضل الجنب والحائض. (¬5) انظر اختلافهم في هذه المسألة في البيان والتحصيل، 1/ 33؛ 138؛ 172 - 173؛ والنوادر والزيادات، 1/ 69 - 73. (¬6) البيان والتحصيل، 1/ 33؛ 172 - 173.

في سؤر الدواب والسباع والكلاب

وعند المدنيين: الماء على أصل طهارته حتى تظهر النجاسة فيه؛ وهو الحق عندي إن شاء الله (¬1). في سؤر الدواب والسباع والكلاب قال ابن عبد الحكم (¬2) عنه: لا بأس بفضل الدواب كلها أن يتوضأ منه والطير كلها إذا لم يكن بموضع يصيب فيه الأذى. ولا بأس بفضل الهر إذا لم يكن بخطمه أذى. ولا يتوضأ بفضل الخنزير، وهذه جملة يختلف عن مالك وأصحابه في شيء منها. قال ابن عبد الحكم: ولا يتوضأ بفضل الكلب الضاري ولا غير الضاري. وقد مضى في باب سؤر الطير قول ابن القاسم في سؤر سباع الطير أنه مثل سؤر الدجاج المخلاة لا يتوضأ به. وروى أبو زيد (¬3) عن ابن القاسم أنه قال له في الحياض تكون في الفيافي يشرب منها الكلاب والخنازير، فقال: لا بأس بالوضوء منه إذا كانت الكلاب تشرب منها، وإن كانت الخنازير تشرب منها فلا يتوضأ منها. وذكر ابن حبيب عن أصحابه أن لا بأس (ق 3 ب) بالوضوء في حياض البرك التي تردها [............] عمر وحديث ابن زيد. وفي المدونة (¬4) من رواية [ابن وهب وعلـ]ـي بن زياد عن مالك: لا ¬

_ (¬1) رواه المؤلف في الاستذكار، 2/ 128، رقم 1689. (¬2) النوادر والزيادات، 1/ 71 من المختصر لابن عبد الحكم: ((ولا بأس بالوضوء بفضل جميع الدواب والطير، إلا أن تكون بموضع يصيب فيه الأذى)). (¬3) انظر ما جاء في البيان والتحصيل، 1/ 215 - 216. وأبو زيد هو عبد الرحمان ابن عمر بن أبي الغمر، توفي سنة 234, وهو راوي الأسدية، وألف عليها مختصرا، كما له سماع من ابن القاسم أدخله العتبي في المسخرجة، أنظر: ترتيب المدارك، 4/ 22. (¬4) المدونة، 1/ 6 برواية ابن وهب وعلي بن زياد عن مالك. وزيادة علي بن زياد تسبق هذه الفقرة في المدونة، ونصه: ((لا أرى عليه إعادة وإن علم في الوقت)).

يعجبني الوضوء بفضل الكلب إذا كان الماء قليلا، ولا بأس به إذا كان الماء كثيرا كهيئة الحوض؛ وزاد علي عنه: وإن توضأ به وصلى فلا إعادة عليه في وقت ولا في غيره. وفي المجموعة: لعبد الملك بن الماجشون أنه رأى عليه الإعادة في الوقت. وروى أبو زيد عن أصبغ (¬1) قال: يتوضأ به ولا يتيمم، ولا إعادة عليه في وقت ولا غيره. قال: وهو قول مالك. وقال ابن القاسم عن مالك (¬2): لا يغسل الإناء الذي يلغ فيه الكلب إلا من الماء وحده، ويؤكل الطعام الذي يلغ فيه ولا يلقى شيء منه. وروى ابن وهب عنه أنه يغسل من الطعام ومن الماء وغيره سبعا ويؤكل الطعام. وذكر الأبهري (¬3) أن مطرفا ومعنا (¬4) رويا عن مالك (¬5) أن الإناء يغسل من ولوغ الخنزير سبعا. ¬

_ (¬1) هو أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع المصري، توفي سنة 225، روى عنه ابن أبي زيد القيرواني كتبه برواية الحسن بن نصر عن خالد بن نصر: الجامع، الرقم 287 انظر: ترتيب المدارك، 4/ 17، والديباج المذهب، 1/ 299، وتهذيب التهذيب 1/ 72، وسير أعلام النبلاء، 10/ 656، والمزي 3/ 304، والمقفى الكبير للمقريزي، 2/ 214. (¬2) انظر الاستذكار، 2/ 211، رقم 2094. وانظر اختلاف أقوال مالك في هذه المسألة في النوادر والزيادات، 1/ 72 - 73. (¬3) هو محمد بن عبد الله بن محمد، أبو بكر الأبهري، توفي سنة 375، من كبار فقهاء المالكيين بالعراق. له شرح المختصر الكبير لابن عبد الحكم، توجد منه أجزاء في مكتبة الأزهر وفي مكتبة الدولة في جوتا/ ألمانيا (تحت رقم 1143)، وما ذكر فؤاد سزجين في تأريخ التراث، 1/ 464 (الأصل، باللغة الألمانية) فهو خطأ. (¬4) هو معن بن عيسى بن يحيى بن دينار، أبو يحيى القزاز المدني، توفي سنة 198 بالمدينة، من كبار أصحاب مالك وراوي الموطأ عنه انظر ترجمته في ترتيب المدارك، 3/ 148، والديباج المذهب 3/ 144، وسير أعلام النبلاء، 9/ 304، والمزي 28/ 336، وإتحاف السالك برواة الموطأ عن الإمام مالك، 80. (¬5) انظر التمهيد، 18/ 270 - 271.

ومن كتاب ابن سحنون عن أبيه (¬1): من لم يجد إلا ماء مشكوكا فيه كما وقعت فيه نجاسة أو ماتت فيه دابة أو ما ولغ فيه كلب، قال: يتيمم ويدعه، وقد قال مرة: يتوضأ به، ثم يتيمم. وفي المجموعة: لابن القاسم عن مالك إن توضأ بسؤر الكلب أجزأه. وذكر ابن وهب في موطأه (¬2) عن مالك لا يتوضأ بفضل الكلب وما ولغ فيه ضاريا كان أو غير ضار إلا أن يكون كبعض الحياض ويغسل الإناء منه (ق 4 أ) [......]. قال: إن توضأ بماء ولغ فيه الكلب وصلى [.....] ولا إعادة عليه ضاريا كان أو غير ضار إلا أن يرى في حين ولوغه في فمه نجاسة، فيكون حكمه حكم الماء النجس. وروي عن المغيرة بن عبد الرحمان المخزومي (¬3) أنه قال: من توضأ بماء ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي زيد في النوادر والزيادات، 1/ 91 مختصرا من كتاب ابن سحنون عن أبيه. (¬2) أي في الموطأ من تأليف ابن وهب، وهو غير روايته لموطأ مالك بن أنس. يوجد جزء من الموطأ لابن وهب، فيه كتاب المحاربة، في رصيد المكتبة العتيقة بالقيروان، تم تحقيقه ونشره في دراسة خاصة تحت العنوان: عبد الله بن وهب؛ حياته وفقهه. لموراني. وطبع في ألمانيا سنة 1992. كما يوجد جزء آخر من الموطأ لابن وهب، فيه كتاب القضاء في البيوع، رواية سحنون بن سعيد عن ابن وهب، وفي آخره سماع في منزل عيسى بن مسكين سنة 290. هذا، والجدير بالذكر أن النسخة الموجودة في مكتبة Chester Beatty، رقم 3497، التي نشرت مؤخرا بتحقيق د. هشام بن إسماعيل (طبع دار ابن الجوزي 1999) ليست جزءا من الموطأ لابن وهب، كما يزعم البعض، وإنما هو مختصر لأحاديث ابن وهب لمحمد بن يعقوب بن يوسف، أبي العباس الأصم (ت 346). وهناك جزء آخر في مكتبة الظاهرية ينتمي إلى نسخة Chester Beatty المذكورة من حيث روايته، وهو في ((المجاميع))، 40، من ق 156 أإلى 171 ب برواية أبي العباس الأصم أيضا عن تلميذي ابن وهب وهما: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وبحر بن نصر بن سابق الخولاني. (¬3) من كبار فقهاء أهل المدينة، توفي سنة 186؛ انظر ترجمته في ترتيب المدارك، 2/ 3، =

في الماء المستعمل

في إناء قد ولغ فيه كلب وصلى فعليه الإعادة في الوضوء والصلاة، ويغسل ما أصاب ثوبه من ذلك الماء على كل حال. وبه كان يقول يحيى بن يحيى الأندلسي، وذكر أنه قول الليث (¬1). وروى ابن وهب عن الليث (¬2) في الرجل يصيب ثوبه من لعاب الكلب، قال: يغسله ويعيد الصلاة منه لأن النبي (ص) أمر بغسل الإناء من ولوغ الكلب فيه (¬3). قال ابن وهب: وهو أحب إلي. في الماء المستعمل في المدونة (¬4): قال ابن القاسم: إذا كان الذي توضأ به طاهرا فلا إعادة على من توضأ به إذا صلى. ¬

_ = والديباج المذهب، 2/ 343؛ وتهذيب التهذيب، 10/ 264؛ والمزي، 28/ 384. كان يفتي بالمدينة في حياة مالك وتنسب إليه كتب فقه كانت متداولة بين أيدي الناس. يذكره ابن أبي زيد القيرواني في النوادر والزيادات مرارا. هذا، ويخبرنا الخشني أن محمد بن بسطام القيرواني (توفي سنة 313) قد أدخل القيروان من فقه رجال مالك كتبا غريبة مثل كتب المغيرة وكتب ابن كنانة وكتب ابن دينار وكان يغرب بمسائلها، أنظر طبقات علماء إفريقية، تحقيق محمد بن شنب، ص 168؛ راجع أيضا تراجم أغلبية 384؛ والديباج المذهب، 2/ 188. (¬1) انظر الاستذكار، 2/ 221، رقم 2088. (¬2) انظر الاستذكار، 2/ 221، رقم 2090. وهو الليث بن سعد المصري، توفي سنة 175؛ من أصحاب مالك وعلى مذهبه ثم اختار لنفسه مذهبا وكان يكاتب مالكا ويسأله. وله من الكتب: كتاب التأريخ وكتاب المسائل في الفقه؛ انظر الفهرست لابن نديم، ص 252 (تحقيق رضاء تجدد، طهران). (¬3) أخرجه البخاري، في كتاب الوضوء، باب 33؛ ومسلم، في كتاب الطهارة، باب 27؛ وابن ماجه في كتاب الطهارة، باب 31؛ والدارمي في كتاب الوضوء، باب 59. انظر أيضا المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي، ج 7، ص 320. (¬4) المدونة، 1/ 4.

في الماء المشكوك فيه

قال: وقال مالك: لا يعجبني الوضوء به ولا خير فيه؛ وكان يرى الوضوء به إذا لم يجد غيره أحسن من التيمم. وقال أصبغ بن الفرج: لا يجوز الوضوء به، وحكمه حكم الغسالة، ومن لم يجد غيره تيمم فإذ لم يفعل وتوضأ به أعاد الصلاة أبدا في الوقت. في الماء المشكوك فيه ذكر محمد بن سحنون عن أبيه (¬1) في الماء المشكوك فيه أنه يتيمم ولا يصلي به؛ وقال مرة أخرى: يتيمم ويتوضأ، ثم يصلي. قال محمد: وأنا أرى أن يتيمم (ق 4 ب) ويصلي، ثم يتوضأ ويصلي ولا يبدأ بالوضوء [.........] (¬2). وذكر ابن عبدوس عن سحنون أنه يتيمم ويصلي، ثم [....]ـى. وروى أبو زيد بن إبراهيم عن ابن الماجشون في الماء يلغ فيه الكلب أنه يتوضأ به ويتيمم، ثم يصلي ورآه من الماء المشكوك فيه. وللماء المشكوك فيه عند ابن الماجشون وسحنون هو الذي تدخله شبهة، أعملوا فيه الشك ولم يحملوا على أصله حتى يستيقنوا النجاسة فيه. هذه رواية أبي زيد الأندلسي عن ابن الماجشون. قال ابن الماجشون وسحنون في إنائين أحدهما طاهر والآخر حلت فيه نجاسة لا يدري بعينه، فقالا: يتوضأ لكن واحدة مرة، ويصلي به صلاة هذا مرة؛، وهذا مرة. هذه رواية أبي زيد الأندلسي عن ابن الماجشون. ¬

_ (¬1) النوادر والزيادات، 1/ 91: من كتاب ابن سحنون عن أبيه. (¬2) لعل ما سقط من النص هو المثبت في النوادر والزيادات قال: ((فلعله ينجس أعضاءه وهو من أهل التيمم)).

باب

وروى أحمد بن المعذل (¬1) عنه أن الماء على أصل طهارة طاهر ويجزي فيهما، ولا شيء عليه. وقال ابن سحنون: يتحرى في الإنائين لإجماعهم على التحري في القبلة. باب لم يختلفوا فيما لا دم له من خشاش الأرض ودواب الماء تموت في الماء أنه لا ينجسه إلا في الضفدع؛ فإن في المدونة (¬2) عن مالك أنه لا ينجس الماء إن مات فيه لأنه من صيد البحر. وقال عبد الله بن نافع: ليس الضفدع كغيره من خشاش الأرض ولا الحيتان وهو ينجس الماء إن مات فيه؛ ذكره العتبي عنه. (ق 5 أ). [.......] يؤكل لحمه أو ما يؤكل [.......] مما لا يأكل الأنجاس. لم يختلف عن مالك وأصحابه في بول ما يؤكل لحمه ورجيعه من الأنعام والوحش والطير التي لا تأكل الأقذار أنه غير نجس. وذكر ابن عبد الحكم (¬3) عنه أن أبوال الخيل والبغال والحمير وخرو الطير التي تأكل الجيف ينجس الثوب. ¬

_ (¬1) أحمد بن المعذل بن غيلان بن حكم، أبو العباس البصري؛ من شيوخ المالكيين، ومن الطبقة الأولى الذين انتهى إليهم فقه مالك. تفقه بابن الماجشون وغيره وكان من شيوخ إسماعيل بن إسحاق القاضي: ترتيب المدارك، 4/ 279. انظر ترجمته أيضا في: سير أعلام النبلاء، 11/ 519. وقد أهمل الناسخ إعجام الدال في ((المعدل))، والصحيح إعجامها، راجع المشتبه للذهبي، 2/ 600. (¬2) المدونة، 1/ 5. (¬3) النوادر والزيادات، 1/ 85 وفيه: ((ومن المختصر: ولا يصلي ببول الخيل والدواب)).

وكذلك في المدونة (¬1) وغيرها عن مالك وأصحابه إلا ما حكاه أبو إسحاق البرقي (¬2) عن أشهب فإنه قال عنه: خرو الطير كله طاهر غير نجس أكل الأنجاس أو لم يأكل. وذكر ابن إسحاق (¬3) عن أصبغ عن ابن القاسم في ذرق البازي أنه نجس وإن كان ما يأكل ذكيا. قال أصبغ: لا يعجبني قوله: ((إذا كان ما يأكل ذكيا)) فذرقه طاهر. وذكر العتبي (¬4) عن ابن القاسم في ذرق البازي أنه طاهر إذا كان يأكل ذكيا. وقال سحنون (¬5) فيما ذكر العتبي عنه في لبن الأنعام التي تشرب الماء النجس أنه لا يؤكل وهو نجس (¬6). ¬

_ (¬1) المدونة، 1/ 5. (¬2) هو إبراهيم بن عبد الرحمان بن عمرو، ابن أبي الفياض، أبو إسحاق البرقي من تلاميذ أشهب بن عبد العزيز، توفي سنة 245, أنظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 4/ 154؛ والمقفى الكبير للمقريزي، 1/ 214. روى عنه يحيى بن عمر الجزء الأول من مجالس أشهب سمعه خلال رحلته لمصر كما يروي عنه كتاب الدعوى واليبنات من تصنيف أشهب. منه جزء كامل بالقيروان في 18 ورقة من الكاغذ. وفي آخره إشارة إلى مقابلة النسخة، مؤرخة سنة 273 في حلقة يحيى به عمر. (¬3) البيان والتحصيل، 6/ 189 ذكره ابن حارث في كتاب يحيى بن إسحاق من رواية أصبغ عن ابن القاسم بهذا النص. وهو يحيى بن إسحاق بن يحيى بن يحيى الليثي، روى عن محمد بن أصبغ بن الفرج وغيره. وله كتاب سماه بالمبسوطة في اختلاف أصحاب مالك وأقواله. توفي سنة 303. ويغلب على الظن أن ابن عبد البر كان ينقل من هذا الكتاب مباشرة. أما صاحب البيان والتحصيل، أبو الوليد بن رشد فإن روايته في هذا الموضع قد ترجع إلى كتاب ابن الحارث الخشني المسمى بالاتفاق والاختلاف بين الإمام مالك وأصحابه، توجد منه 16 ورقة فقط تشتمل على كتاب الإجارات، في رقادة بالقيروان. (¬4) البيان والتحصيل، 1/ 89. (¬5) انظر النوادر والزيادات، 1/ 85 وفيه: ((وقال سحنون: إذا شربت الأنعام مما نجس فبولها نجس)). وانظر أيضا البيان والتحصيل، 1/ 155. (¬6) قارن بما جاء في البيان والتحصيل، 1/ 155.

في الدم

وقال العتبي: هو عندي طاهر كالعسل، النجس تأكله النحل وما تأتي به من العسل طاهر. في الدم قال مالك في المدونة (¬1): الدم كله واحد، دم الحيضة وسائر الدماء القليل النزر منه معفو عنه، لا إعادة على من صلى به في وقت ولا غيره، والكثير تعاد منه الصلاة في الوقت ويغسل (ق 5 ب) من الثوب والبدن. قال ابن حبيب [.....] وابن عبد الحكم وأصبغ. وروى البرقي عن [أشهب أ] ن دم الحيضة مخالف لسائر الدماء، وسبيله سبيل البول؛ وهو قول ابن وهب، ويغسل قليله وكثيره لأنه من مخرج البول. في جلود الميتة بعد الدباغ هل يتوصأ بما فيها من الماء، وهل يسقى بها الماء، وكيف حكم طهارتها ذكر ابن عبد الحكم: ومن اشترى جلد ميتة فدبغه نعالا لم يبعه حتى يبين. وقال ابن القاسم: البيع مفسوخ في جلد الميتة وهو نجس قبل الدباغ، لا يحل بيعه ولا استعماله في شيء؛ وهو قول مالك وعامة أصحابه. وقال ابن عبد الحكم وابن القاسم عن مالك: ينتفع بجلود الميتة إذا دبغت في الجلوس عليها وامتهانها وافتراشها والغربلة بها في الأشياء اليابسـ[ـة] كلها، ولا يباع ولا يصلى عليها. زاد ابن القاسم (¬2): فقلت له: أيستقى بها؟ فقال: أما أنا فأبقيها في خاصة نفسي، وما أحب أن أضيق على الناس. ¬

_ (¬1) المدونة 1/ 21: قال (يعني ابن القاسم): ((وما رأيت مالكا يفرق بين الدماء)). (¬2) انظر البيان والتحصيل، 1/ 100.

وإلى هذا ذهب سحنون وابن حبيب في الصلاة عليها وبيعها، أن ذلك غير جائز فيها؛ وهو قول مالك ومذهبه الذي عليه يناظر أصحابه. وروى زونان (¬1) عن ابن وهب: لا بأس بجلود الميتة إذا دبغت أن يصلى عليها، ولا بأس ببيعها. وذكره (ق 6 أ) [...... عـ]ـن ابن وهب؛ وذكر ابن وهب في موطأه عن يونس [بن (¬2) يزيد] أنه قال: لا نرى بأسا بالسقاء فيها إذا دبغت. قال: ولا بأس ببيعها إذا بين بائعها. قال ابن شهاب: وعامة الفراء منها (¬3). وعن يحيى بن أيوب (¬4) عن يحيى بن سعيد الأنصاري (¬5) أنه قال: دباغها ¬

_ (¬1) هو عبد الملك بن الحسن بن محمد بن رزيق القرطبي، يعرف بزُونان، وأيضا: زَوْنان، توفي سنة 232. سمع في رحلته من أشهب وابن القاسم وابن وهب وغيرهم من الفقهاء المدنيين. ولي القضاء في طليطلة وقد أدخل العتبي سماعه عن ابن وهب في المستخرجة وكذلك يروي عنه أن أبي زيد القيرواني في النوادر والزيادات من طريق العتبي. أنظر ترجمته: ابن الفرضي، الرقم 863؛ ترتيب المدارك، 4/ 110 - 111؛ والديباج المذهب، 2/ 19. (¬2) هو يونس بن يزيد بن أبي النجاد الأيلي، توفي سنة 159. من شيوخ ابن وهب المشهورين وقد روى عنه ابن وهب في موطئه كثيرا، يذكر في المدونة من طريق ابن وهب , أنظر ترجمته: تهذيب التهذيب لابن حجر، 11/ 450؛ وسير أعلام النبلاء، 6/ 297؛ والمزي، 32/ 551. (¬3) قارن بما جاء في المصنف لعبد الرزاق، 1/ 65، الرقم 699 - 200. (¬4) يحيى بن أيوب الغافقي، أبو العباس المصري، من مصادر موطأ ابن وهب؛ يذكره سحنون برواية ابن وهب في المدونة مرارا؛ توفي سنة 168. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب لابن حجر، 11/ 186؛ وسير أعلام النبلاء للذهبي، 8/ 5؛ وتذكرة الحفاظ، 227؛ والمزي، 31/ 233؛ أنظر أيضا رواياته في المدونة من طريق ابن وهب في الدراسة المفصلة: ((عبد الله بن وهب؛ حياته وفقهه)). ومعه تحقيق كتاب المحاربة من الموطأ لعبد الله بن وهب. لميكلوش موراني، ص 199 - 200 [بالطبعة الأصلية]. 1992 Wiesbaden. (¬5) يحيى بن سعيد الأنصاري، أنظر ترجمته في: المزي، 31/ 346؛ وتهذيب التهذيب، =

في عظام الميتة

طهورها فلا بأس بشرائها. وعن ابن القاسم وسالم مثل ذلك، وهو قول محمد بن عبد الله بن عبد الحكم (¬1). قال محمد بن عبد الحكم: لا بأس بالصلاة عليها وبيعها لأن دباغها طهورها. وقال أشهب في كتابه: أكره بيع جلود الميتة بعد الدباغ، وإن نزل لم أفسخه؛ قال: وإن اجتمعا جميعا على فسخه فهو أحب إلي. وقال ابن حبيب: إن بيع جلد الميتة بعد دباغه فسخ البيع ما كان قائما؛ فإذا فات مضى لاختلاف الناس فيه. وذكر سحنون عن ابن القاسم أنه قال: لا تلبس وإن دبغت. وذكر سحنون: لا بأس بلباسها إذا دبغت ما لم يصل فيها. وقال ابن حبيب في هذه المسألة: أرى قول ابن القاسم في أنه لا يجوز لباسها ولا بيعها ولا الصلاة عليها. في عظام الميتة وذكر ابن حبيب أن ابن وهب كان يجيز بيع ناب الفيل إذا طبخ، ويرى طبخه بمنزلة دباغ الجلد. قال: وكان ابن الماجشون ومطرف يرخصان في الانتفاع بعظام الميتة، لأن ذلك إنما يعمل من نابها؛ وقد (ق 6 ب) رخص فيه ربيعة. وروى ابن القاسـ[ـم ......]: لا ينتفع بشيء من عظام الميتة ولا يتجر بها، و [.... طعـ]ـام ولا شراب ولا يمشط بها، ولا يدهن فيها، وينتفع ¬

_ = 11/ 211؛ وسير أعلام النبلاء، 5/ 468؛ والتمهيد لابن عبد البر، 23/ 88. (¬1) توفي سنة 268، من فقهاء أهل مصر المشهورين، انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب، 9/ 260؛ والديباج المذهب، 2/ 163؛ وطبقات الشافعية للسبكي، 2/ 67.

في جلود السباع والحمير المذكاة لجلودها

بشعرها وصوفها، لأن ذلك يؤخذ منها وهي حية. وروى العتبي (¬1) عن سحنون في الطعام يطبخ بعظام الميتة أو بأرواث الدواب: أكره ذلك بدءا، فإن فعل لم أر بأكله بأسا. في جلود السباع والحمير المذكاة لجلودها في المدونة (¬2) لابن القاسم عن مالك: أن السباع إذا ذكيت لجلودها حل بيعها ولبسها والصلاة بها وينتفع بها؛ وكذلك ذكر ابن عبد الحكم. وقال ابن حبيب (¬3): إنما ذلك في السباع المختلف فيها، وأما المتفق عليها فلا يجوز بيعها ولا لبسها ولا الصلاة بها، وينتفع بها في غير ذلك كجلود الميتة إذا دبغت سواء. قال أشهب: أكره بيع جلود السباع وإن ذكيت ودبغت، وإن لم تدبغ فأرى أن يفسخ البيع فيها والارتهان ويؤدب فاعل ذلك إلا أن يعذر بالجهالة، لأن النبي (ص) حرم (¬4) أكل كل ذي ناب من السباع بالذكاة فيها ليست بذكاة. قال ابن حبيب: ولو أن الدواب والخيل والبغال والحمير ذكيت لجلودها لما حل بيعها ولا الانتفاع بها ولا الصلاة بها ولا (ق 7 أ) [.......] فإنه لو ذكي لحل بيع جلده أو الانتفاع به للصلاة و [.....] ف الناس في تحريم أكله. وذكر العتبي (¬5) عن أشهب عن مالك أن ما لا يؤكل لحمه من الدواب فلا يطهر جلده بالدباغ. ¬

_ (¬1) البيان والتحصيل 1/ 95. (¬2) المدونة 3/ 74 في كتاب الضحايا. (¬3) البيان والتحصيل 3/ 357. (¬4) راجع صحيح البخاري، كتاب الطب، باب 57؛ والموطأ، رواية يحيى، 2/ 496؛ وسنن ابن ماجه، كتاب الصيد، باب 13؛ وسنن الترمذي، كتاب الصيد، باب 9؛ ومسند ابن حنبل، 1/ 147؛ 4/ 193 - 194. (¬5) البيان والتحصيل 3/ 355 - 356.

في الانتفاع بما ماتت فيه الفأرة من الزيت

وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: لا يجوز تذكية السباع، وإن ذكيت لم يحل جلودها إلا أن تدبغ. وقال ابن القاسم: لا يصلى على جلد الحمار وإن ذكي؛ وروي ذلك عن مالك. في الانتفاع بما ماتت فيه الفأرة من الزيت ذكر ابن عبد الحكم وابن القاسم وابن وهب عن مالك أنه ينتفع به في الوقيد وحده، ولا يحل بيعه ولا أكله. وذكر ابن حبيب مثل ذلك عن مالك وطائفة من أصحابه، ثم قال: وقال ابن الماجشون (¬1): لا يحل الانتفاع به إلا للاستصباح ولا لغيره. قال ابن حبيب: لا بأس أن يستصبح به ويجعل صابونا، وإن بيع فسخ البيع إن أدرك قائما، وإن فات رد الثمن. وذكر العتبي (¬2) قال: روى أشهب عن مالك أنه لا يجوز أن يباع وإن من به. وذكر عن أصبغ عن ابن القاسم (¬3) قال: بلغني عن مالك في بان طبخ فوجد فيه فأرة، قال: يطبخ بماء طيب. وروى يحيى بن عمر (¬4) عن محمد بن عبد الحكم أنه قال: العجب من ¬

_ (¬1) دليل ابن الماجشون أن حكمه، حكم الميتة لنجاسته. أنظر البيان والتحصيل 1/ 170. (¬2) البيان والتحصيل 3/ 297. وأنظر أيضا 1/ 170 و 339 من نفس المصدر. (¬3) البيان والتحصيل 1/ 198. (¬4) هو يحيى بن عمر بن يوسف بن عامر الكناني، أبو زكرياء الأندلسي، نزيل القيروان، توفي سنة 289، من أشهر تلاميذ سحنون ومن رواة المدونة والمختلطة بالقيروان. روى كثيرا عن المصريين: عن أشهب وأصبغ ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وغيرهم. ألف كتاب أحكام السوق (حققه حسن حسني عبد الوهاب وفرحات الدشراوي وطبع بتونس 1975). وله كتاب اختلاف ابن القاسم وأشهب راجع المقدمة، ص: 10، =

في النية للوضوء

قول أصحابنا وأصحاب أبي حنيفة حيث يقولون: أن يستصبح بالزيت الذي تموت فيه الفأرة ويتحفظ منه وقال: (ق 7 ب) هذا لا يحل كما لا يحل في شحم الميتة. قال [.......] زيت كثيرة أدخل الرجل يده فيها واحدا بعد و [......] ان، أن الأول فيه فأر ميت أنه لا تفسد منها إلا الثالثة ونحوها. قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: تفسد منها كلها ولو كانت مائة، فذكر له قول من قال: بعد الثالثة طاهر، فأنكره وقال: النجاسة لا يطهرها إلا الماء. في النية للوضوء لم يختلف عن مالك وأصحابه أن الوضوء للنافلة، أو لمس المصحف والجنازة يصلى به المكتوبة، والأصل في ذلك أن كل ما لا يستباح إلا بوضوء فالوضوء له يرفع الحدث ويصلى به كل صلاة. واختلف في من توضأ للنوم أو للدخول على الأمير، هل يصلي به نافلة أو مكتوبة؛ فروي عن مالك فيه روايتان: إحداهما تجوز، والثانية لا تجوز. واختلف أشهب وسحنون فيمن توضأ للصبح من حدث وصلاها، ثم توضأ للظهر من غير حدث وصلى الظهر والعصر، ثم ذكر مسح رأسه من أحد

_ = يذكره ابن أبي زيد في النوادر، وكتاب الحجة في الرد على الشافعي، يوجد منه الجزء 12 سماع أخيه محمد، أنظر المكتبة الأثرية بالقيروان للشيخ محمد البهلي النيال (تونس 1963)، ص 38. وقد اكتشفنا أوراقا متفرقة ضمن خروم من كتابه في البدعة، جاءت الإشارة إليها في الدراسات البيوغرافية والببليوغرافية لميكلوش موراني، ص 96 وما بعدها (الطبعة الأصلية) 1998 Wiesbaden. قرئ عليه جزء من أحاديث سفيان بن عيينة في مسجد الجامع بالقيروان سنة 272، كما روى أيضا كتبا لأشهب بن عبد العزير كما سبق ذكره. انظر ترجمته: تراجم أغلبية، 261، ورياض النفوس، 1/ 490؛ ومعالم الإيمان، 2/ 233 والديباج المذهب، 2/ 354 وابن الفرضي، الرقم 1566؛ وسير أعلام النبلاء، 13/ 462.

في غسل اليد قبل إدخالها في الإناء للوضوء

الوضوئين ولا يدريه بعينه، فقال: يمسح برأسه ويعيد الصبح فقط. وقال ابن سحنون عن أبيه: يعيد الصلوات كلها لأنه قصد بالوضوء الثاني النافلة. في غسل اليد قبل إدخالها في الإناء للوضوء (ق 8 أ) [....] وأشهب وابن وهب عن مالك أنه كره أن يدخل أحـ[ـد يده في] وضوءه قبل أن يغسلها إذا كان محدثا، وإن كانت يده طاهرة؛ وكذلك لو كان حدثه في خلال وضوءه، فإن فعل ويده طاهرة لم يضر ذلك وضوءه؛ هذا معنى ما تحصلت عليه رواياتهم عن مالك في ذلك. وقال عند ابن عبد الحكم (¬1): من استيقظ من نومه أو مس فرجه أو كان جنبا أو امرأة حائض فأدخل أحدهم يده في وضوءه، فليس ذلك يفسده إلا أن يكون في يده نجاسة، كان ذلك الماء قليلا أو كثيرا. قال: ولا يدخل أحد منهم يده في وضوءه حتى يغسلها. قال: ومن انتقض وضوءه ويده طاهرة فليغسلها قبل أن يدخلها في وضوءه، فإن لم يفعل فلا شيء عليه. وفي كتاب العتبي (¬2): لابن القاسم عن مالك في الذي يستيقظ فيدخل يده في الإناء أنه لا بأس بذلك. وذكر عن ابن وهب وأصبغ أنهما كرها ذلك. وقال أشهب: ليس على المتوضئ غسل يده إذا كانت طاهرة وكان يحضره الوضوء. وقال ابن مزين (¬3): كان يحيى بن يحيى لا يرى على المتوضئ غسل يده قبل إدخالها في وضوءه. ¬

_ (¬1) حكاه ابن أبي زيد القيرواني في النوادر والزيادات، 1/ 16. (¬2) البيان والتحصيل 1/ 67. (¬3) هو أبو زكرياء يحيى بن إبراهيم بن مزين نزيل قرطبة وموطنه طليطلة، توفي سنة 259. =

في التسمية بذكر الله عز وجل على الوضوء

في التسمية بذكر الله عز وجل على الوضوء قال علي بن زياد: قال مالك (¬1): ما أعرف التسمية في الوضوء وأنكرها، واستحب ذلك علي بن زياد قال: وقاله سفيان. وذكر (ق 8 ب) ابن حبيب (¬2) قال: وما روي أنه لا وضوء لمن لم يسم [الله .....] أن تكون نيته، ويحتمل تسمية الله سبحانه في ابـ[ـتدائه وأحب] إلي أن يسمى. في تخليل اللحية في الوضوء وغسل الجنابة ذكر ابن عبد الحكم (¬3) قال: وإن كان شعر لحيته كثيرا فليحركها ولا يخللها أحب إلينا؛ وإن كان جنبا حرك لحيته قليلة كانت أو كثيرة، ويخللها أحب إلينا، لأن رسول الله (ص) كان يخلل أصول شعرها في الجنابة (¬4). ¬

_ = له تفسير للموطأ لمالك بن أنس، توجد منه أجزاء في القيروان، ومنها تفسير كتاب الجهاد في جزء كامل، قرئ على أبي الحسن القابسي. أنظر ترجمته عند ابن الفرضي، الرقم 1556؛ وفي ترتيب المدارك، 4/ 239. أخذ كتبه ابن أبي زيد القيرواني من طريق يوسف بن يحيى المغامي وأدخلها في الجامع، وهو الجزء الأخير لمختصر المدونة والمختلطة. أنظر الإشارة إلى هذه الرواية في الجامع، الرقم 291. (¬1) النوادر والزيادات، 1/ 20. سفيان: هو سفيان بن عيينة (ت 196 هـ). (¬2) الواضحة، 162 (ق 3 أ) ونصها: عن أنس بن مالك أن رسول الله (ص) قال: لا إيمان لمن لم يؤمن بي ولا صلاة إلا بوضوء ولا وضوء لمن لم يسم الله , قال عبد الملك: يعني بالتسمية النية أن ينوي بوضوءه طهر الصلاة ... هذا، وراجع الحديث عند ابن ماجه، 1/ رقم 397؛ والدارمي، 1/ رقم 691؛ والترمذي، 1/ رقم 25 - 26؛ وابن حنبل، 2/ 418؛ 3/ 41؛ 4/ 70؛ 5/ 381؛ 6/ 382؛ والبيهقي، 1/ 41؛ 43، بألفاظ مختلفة. وأنظر ما ذكر الحطاب في المواهب 1/ 226 عن ابن حبيب في نفس المسألة. وأنظر الحديث أيضا في النوادر والزيادات، 1/ 20 برواية ابن حبيب، وإكمال الخرم من هناك. (¬3) النوادر والزيادات، 1/ 34. (¬4) انظر الموطأ، رواية يحيى، 1/ 44، رقم 67؛ وفي رواية أبي مصعب، 1/ 50، رقم 120؛ وفي رواية الحدثاني، 66، رقم 50؛ والاستذكار، 3/ 62؛ رقم 2702؛ والمعجم المفهرس 2/ 56.

وفي المدونة (¬1): قال مالك: ليس على المتوضئ أن يخلل لحيته. وفي المجموعة: روى ابن وهب وابن نافع (¬2) عن مالك (¬3): واللحية من الوجه وليمر عليها من فضل ماء الوجه، ولا يجدد لها ماء. قال سحنون (¬4): من لم يمر عليها الماء أعاد ولم تجزه صلاته. وفي المستخرجة (¬5): لأشهب عن مالك أن الواجب تخليل اللحية في الغسل من الجنابة ولا يجب ذلك في الوضوء. وإلى هذا ذهب ابن حبيب (¬6) وذكره عن مالك. ومحمد بن عبد الحكم (¬7) يرى تخليلها في الوضوء. وفي العتبية (¬8) أيضا لابن القاسم عن مالك أن تخليل اللحية غير واجب في الغسل من الجنابة. ¬

_ (¬1) المدونة، 1/ 17. (¬2) ابن نافع: أثبته الناسخ بالهامش. (¬3) النوادر والزيادات، 1/ 33. (¬4) النوادر والزيادات، 1/ 33؛ وانظر الاستذكار، 1/ 19، رقم 1200: ((هو بمنزلة من لم يمسح رأسه، وعليه الإعادة)). (¬5) البيان والتحصيل، 1/ 98. (¬6) الواضحة، 166 - 167، ونصه بلفظه: ((قال عبد الملك: وتخليل اللحية عند الوضوء رغبة وليس بواجب، وإنما اللحية من الوجه فإنما عليك أن تمر يديك بالماء على لحيتك كما تمرهما على وجهك، وإن كثر شعر اللحية حركتها وذلك عند الوضوء)). وفي نفس المصدر أيضا: 167 (ق 4 ب): ((قال عبد الملك: ومن خلل لحيته عند الوضوء فحسن مستحب مرغوب فيه وهو الذي آخذ به، قد كان رسول الله (ص) يخلل ويرغب في التخليل من غير إيجاب)). (¬7) النوادر والزيادات، 1/ 34. (¬8) البيان والتحصيل، 1/ 59 وعبارته: سئل مالك عن الجنب إذا اغتسل أيخلل لحيته، قال: ليس ذلك عليه.

في توقيت الغسلات في الوضوء

في توقيت الغسلات في الوضوء وفي المدونة (¬1) لابن القاسم: لم يكن مالك يؤقت في الوضوء مرة ولا (ق 9 أ) [اثنتين ولا ثلاثا ولكـ]ـنه كان يقول: يتوضأ ويغتسل ويسبغ ذلك. وذكـ[ـر ابن عبد الـ]ـحكم (¬2) عنه أنه قال: ليس في الوضوء حد معلوم، إنما قال الله تعالى: {فاغسلوا} (¬3)، ولم يذكر عده. فما عم من ذلك فهو يجزئ، ولا يجب أن يقصر من اثنتين إذا عمتا. وذكر ابن حبيب (¬4) عن مطرف عن مالك أنه قال: الوضوء واسع مرتين وثلاثا ولا أحب الواحدة إلا من العالم بالوضوء. قال مالك (¬5): ولا أحب أن ينقص من اثنتين ولا يزاد على الثلاث إلا في مسح الرأس فإنه لا يستحب أن يزاد فيه على واحدة. في إدخال المرفقين والكعبين في الغسل في المدونة (¬6) لابن القاسم في الذي يقطع يده من المرفق أنه إن كان بقي من المرفقين شيء يعرفه العرب والناس فليغسل، وإذا ذهبت المرفقان مع الدراعين لم يكن عليه أن يغسل موضع القطع لأن القطع قد أتى على جميع الذراعين والمرفقين. ¬

_ (¬1) لم نقف عليه في المدونة. (¬2) النوادر والزيادات، 1/ 31. (¬3) سورة المائدة، الآية: 6. (¬4) الواضحة، 165 (ق 4 أ) ونصه: ((وأخبرني مطرف أنه سمع مالكا يقول: الوضوء واسع مرتين مرتين وثلاثا ثلاثا، قيل له: فالواحدة، قال: لا أحبها إلا من العالم بالوضوء)). أنظر أيضا النوادر والزيادات، 1/ 36 عن ابن حبيب. (¬5) الواضحة، 165 (ق 4 أ) ونصه: ((قال مالك: ولا أحب أن ينقص من إثنتين ولا يزاد على الثلاث إلا مسح الرأس، فإنه لا يستحب أن يزاد على واحدة؛ وغسل القدمين فإنه لا حد لغسلهما في عدد)). وانظر أيضا النوادر والزيادات، 1/ 36 عن ابن حبيب. (¬6) المدونة، 1/ 24.

في تخليل أصابع اليدين والرجلين

قال: وأما الأقطع الكعبين فلا بد أن يغسل ما بقي من الكعـ[ـبين] لأن الكعبين يبقيان في الساقين فيغسل الكعبين وموضع القطع أيضا. وفي المجموعة (¬1): قال ابن نافع: قال مالك: ليس عليه تجاوز المرفـ[ـقين] ولا الكعبين بالغسل، وإنما عليه أن يبلغ إليهما. في تخليل أصابع اليدين والرجلين في المدونة (¬2): (ق 9 أ) قال مالك: ليس على المتوضئ أن يخلل أصابعـ[ـه ...........]. قال سحنون: إن لم يخلل فهو بمنزلة لمعة باقية من [.....]. وقال ابن حبيب (¬3): تخليل أصابع اليدين عند الوضوء حسن مرغوب فيه، وكذلك تخليل أصابع القدمين، غير أن تخليل أصابع اليدين ألزم. قال: وتخليل أصابع القدمين في الغسل من الجنابة واجب، ومن تركه فلا غسل له، وهو كمن ترك لمعة من جسده لم يغسلها. وروى عبد الله بن وهب (¬4) قال: سئل مالك عن تخليل الأصابع في الوضوء فأنكر ذلك وعابه. قال ابن وهب: فقلت له: فإن أخاك ابن لهيعة يروي أن النبي (ص) كان ¬

_ (¬1) النوادر والزيادات، 1/ 34 من المجموعة لابن عبدوس. (¬2) لم نقف عليه في المدونة؛ ولكن له ما يؤيده في العتبية، وهو من سماع ابن القاسم عن مالك في البيان والتحصيل، 78/ 1، ونصه: ((وسئل مالك عمن توضأ ولم يخلل أصابع رجليه، قال: يجزئ عنه)). (¬3) الواضحة. 167 (ق 4 ب) ونصه: ((قال عبد الملك: فالتخليل عند الوضوء رغبة وليس بلازم كما أعلمتك إلا في الاغتسال. قال عبد الملك وكذلك تخليل أصابع القدمين عند الوضوء رغبة وليس بلازم)). وفي النوادر والزيادات، 1/ 35 بلفظ قريب من هذا المعنى. وانظر أيضا تعليق ابن رشد في البيان والتحصيل، 1/ 78. (¬4) النوادر والزيادات، 1/ 36: ((قال ابن وهب: وهذا يبرق وجهه)).

في مسح بعض الرأس

يخلل أصابعه في الوضوء (¬1)؛ قال: فسمعته بعد ذلك يسأل عن تخليل الأصابع فيوجبه وبقي به. في مسح بعض الرأس في المدونة (¬2): قال مالك: المرأة في مسح الرأس بمنزلة الرجل تمسح على رأسها كله، وإن كان معقوصا فلتمسح على ضفرها. وذكر ابن عبد الحكم عنه قال: ويمسح رأسه مسحة واحدة بدء بمقدم رأسه إلى قفاه بيديه جميعا، ثم يردهما إلى حيث بدأ. وروى ابن القاسم وأشهب عن مالك: من ترك مسح بعض رأسه فهو بمنزلة من ترك بعض وجهه أو بعض ذراعيه. قال ابن القاسم (¬3): ويعيد صلاته أبدا إن لم يمسحه كله. قال محمد بن مسلمة المخزومي (¬4): إذا (ق 10 أ) كان [.....] رأس ¬

_ (¬1) لعله يقصد بذلك ما رواه الترمذي في سننه، 1/ 57 - 58 ب برواية ابن لهيعة المشار إليها في هذا الموضع: عن يزيد بن عمرو عن أبي عبد الرحمان الحبلي عن المستورد بن شداد الفهري قال: رأيت النبي (ص) إذا توضأ دلك أصابع رجليه بخنصره. قال عيسى: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة. ورواه ابن حبيب في الواضحة، 167 - 168 بهذا الإسناد؛ راجع أيضا البيهقي، 1/ 76. (¬2) المدونة، 1/ 16، وانظر الاستذكار، 2/ الرقم 1274 ونصه: ((والمرأة عند جميع الفقهاء في مسح رأسها كالرجل سواء)). (¬3) النوادر والزيادات، 1/ 40، انظر أيضا: البيان والتحصيل، 1/ 193. والملاحظ أن المؤلف لم يشر هنا إلى المستخرجة كمصدر له عند ذكر قول ابن القاسم. وقد أثبتنا مصدر هذا القول اعتمادا على ما جاء عند ابن أبي زيد القيرواني. موسى [بن معاوية الصمادحي] عن ابن القاسم. وهذا الأخير من مصادر العتبية. (¬4) النوادر والزيادات، 1/ 40 عن محمد بن مسلمة؛ وانظر أيضا البيان والتحصيل. 1/ 104، والاستذكار، 2/ الرقم 1253. محمد بن مسلمة المخزومي المدني، توفي سنة 216 هـ؛ انظر ترجمته في ترتيب المدارك 3/ 131، والديباج المذهب، 2/ 156.

في مسح الرأس ببلل اللحية

الأقل فما دونه وكان الممسوح الأكثر الثلثين [.....] أجزأ. وروى أبو إسحاق البرقي عن أشهب (¬1): إن ترك مسح بعض الرأس لم يضره. وروى ذلك عن ابن عمر وصلاته مجزئة عنه. وذكر أبو الفرج عن مالك قال: وصفة المسح بالرأس أن يبدأ الماسح بمقدمه حتى يأتي إلى مؤخره، ثم يرجع إلى حيث بدأ منه ماسحا كل ذلك أو أكثره. قال: وقد اختلف متأخرو أصحابنا في ذلك، فقال بعضهم: إذا كان الممسوح أكثر الرأس أجزأ ترك سائره؛ وقال آخرون: إذا مسح الثلث (¬2) فصاعدا أجزأه، وإن كان المتروك مسحه أكثر الرأس. قال أبو الفرج (¬3): وهو أشبه القولين عندي، وأولاهما من قبل أنه قد جعل الثلث فما فوقه من خير الكثير في غير موضع من كتبه. في مسح الرأس ببلل اللحية في المدونة (¬4): قال ابن القاسم: لا يمسح رأسه ببلل اللحية. قال: وقال لي مالك: لا يجزئه أن يمسح بذلك البلل، ولكن يأخذ الماء لرأسه. وإن كان في صلاة ابتدأ صلاته بعد مسح رأسه. فإن كان ناسيا وخف وضوءه لم يكن عليه أن يغسل رجليه. ¬

_ (¬1) البيان والتحصيل، 1/ 103 ونصه: ((سئل عمن مسح مقدم رأسه مثل ما صنع ابن عمر، فقال: ما يدريك أن [ابن] عمر مسح مقدم رأسه، فقال: أرى أن يعيد الصلاة. قال أشهب: لا إعادة عليه ...)). وفي النوادر والزيادات، 1/ 40: ((وقال البرقي عن أشهب: لا يعيد، وقال: أما من مسح بعض رأسه فليعد)). انظر أيضا الاستذكار، 2/ الرقم ... 1249. (¬2) قارن بما جاء في النوادر والزيادات، 1/ 17. (¬3) قارن بما جاء في النوادر والزيادات، 1/ 40: ((وقال أبو الفرج: إن مسح ثلثه أجزأه. قاله بعض أصحاب مالك)). (¬4) المدونة، 1/ 16.

وذكر ابن حبيب عن ابن الماجشون (¬1) أنه قال: إذا نفد الماء عنه مسح رأسه ببلل لحيته. قال ابن حبيب. وقول ابن الماجشون أحب إلي (¬2). (ق 10 ب) هل يجدد الماء لأذنيه؟ [......] إن شاء جدد لهما الماء وإن شاء مسحهما بما مسح به [رأسـ]ـه. وقال ابن حبيب (¬3): من مسح أذنيه بالماء الذي مسح به رأسه فهو كمن لم يمسحها. فيمن نسي مسنون الوضوء حتى صلى ذكر ابن عبد الحكم (¬4) قال: من نسي المضمضة والاستنشاق حتى صلى فلا إعادة عليه. ¬

_ (¬1) الواضحة، 184 - 185 (ق 10 أ) ونصه: ((وقد سألت ابن الماجشون عن الرجل ينسى المسح برأسه وفي لحيته بلل فأراد أن يمسح برأسه ببلل لحيته، فقال لي: إن كان الماء منه قريبا فلا يفعل وليأخذ الماء لرأسه وإن بعد عنه فلا بأس أن يفعل إذا كان بللا بينا ... قال عبد الملك: وقد قال ابن القاسم في مسح الرأس ببلة الرش ولم يقله في مسح الرأس ببلل اللحية، وقول ابن الماجشون فيه أحب إلي وأبين عندي)). وفي الاستذكار، 2/ رقم 1273: ((وذكر ابن حبيب عن ابن الماجشون أنه قال: إذا نفد الماء عنه مسح رأسه ببلل لحيته، واختاره ابن حبيب)). وانظر أيضا النوادر والزيادات، 1/ 40. (¬2) أحب إلي: أثبته الناسخ في أدنى هامش هذه الصفحة. (¬3) كذا في النوادر والزيادات، 1/ 41. وفي الواضحة، 184 (ق 10 أ): ((ومن جهل أو نسي فمسح أذنيه بالماء الذي أخذه لرأسه فهو كمن لم يمسح أذنيه فعليه أن يأخذ الماء لأذنيه لما يستقبل, ووضوءه تام وصلاته تامة إن كان صلى به)). (¬4) انظر النوادر والزيادات، 1/ 42: ((قال مالك في المختصر في من ترك المضمضة والاستنشاق، بأثر الوضوء، فليتمضمض، ويستنشق، ولا يعيد بعد ذلك، بخلاف ما ينسى من الفروض)).

فيمن نسي شيئا من مفروض الوضوء

وفي المستخرجة (¬1): ليحيى بن يحيى عن ابن القاسم أنه قال: أحب إلي أن يعيد في الوقت. وقال ابن حبيب: العامد والناسي (¬2) في ذلك سواء ولا إعادة عليه وصلاته مجزئة عنه. وفي الموطأ (¬3): سئل مالك عن رجل نسي أن يتمضمض أو يستنثر حتى صلى، قال: ليس عليه أن يعيد صلاته وليتمضمض ويستنثر لما يستقبل إن كان يريد أن يصلي. فيمن نسي شيئا من مفروض الوضوء قال ابن عبد الحكم: من نسي مسح رأسه أو غسل وجهه أو يديه أو رجليه فليغسل الذي نسي وحده بعينه ويعيد صلاته إن كان صلى. وقال ابن القاسم في المدونة (¬4): يغسل ذلك إذا ذكره فقط إذا كان قد جف وضوءه وتباعد. وذكر ابن حبيب (¬5) عن ابن الماجشون ومطرف أنهما قالا: لا يبتدئ ¬

_ (¬1) البيان والتحصيل، 1/ 163: قال: ((... أما الناسي فلا شيء عليه، وأما العامد فأحب إلي أن يعيد ما كان صلى في الوقت ولا أرى ذلك واجبا عليه)). (¬2) في الأصل: العامر والماشي. انظر صوابه في الواضحة، 180 (ق 9 أ)، ونصه: ((قال عبد الملك: من نسي أو جهل فنكس وضوءه ولم يتابعه على الفريضة مثل أن يغسل وجهه قبل أن يتمضمض أو يغسل ذراعيه قبل أن يغسل وجهه ويغسل رجليه قبل أن يمسح برأسه ثم صلى فصلاته مجزية لا إعادة عليه لا في وقت ولا في غيره)). راجع أيضا: مواهب الجليل، 1/ 166 - 167؛ 250؛ 252 - 253. (¬3) الموطأ، رواية يحيى، 1/ 19، رقم 4. (¬4) المدونة، 1/ 16. (¬5) انظر الواضحة، 182 (ق 9 ب) ونصها: ((وإن كان ما نسي من مفروض الوضوء وهو مما يغسل مثل الوجه أو الذراعين أو الرجلين فعليه ابتداء الوضوء ولا يجزيه أن يغسل من نسي فقط، وإن كان ما نسي مما يمسح مثل الرأس أو الخفين، فإنما يقضي ذلك =

فيمن نكس وضوءه

الوضوء إذا كان المنسي مغسولا، وإن كان ممسوحا كالرأس مسح رأسه فقط. (ق 11 أ) [.......] من نسي من مفروض الوضوء شيئا حتى صلى أنه يعيد [.... الصـ]ـلاة أبدا. فيمن نكس وضوءه في الموطأ (¬1): ... سئل مالك عن رجل نسي فغسل وجهه قبل أن يمضمض، أو غسل ذراعيه قبل أن يغسل وجهه، فقال: أما الذي غسل وجهه قبل أن يتمضمض فليمضمض، ولا يعد غسل وجهه، وأما الذي غسل ذراعيه قبل وجهه فليغسل وجهه، ثم ليعد غسل ذراعيه حتى يكون غسلهما بعد وجهه، إذا كان في مكانه وبحضرة ذلك. فهذا يدلك على الترتيب عنده، لا يراعي في المسنون مع المفروض وإنما يراعي في المفروض بعضه قبل بعض. وذكر ابن عبد الحكم قال: ومن قدم بعض وضوءه قبل بعض فإن كان ذلك في مجلسه أعاد ما أخره، ثم غسل ما بعده، وإن كان قد صلى فلا إعادة عليه، وإن كان الذي في المضمضة والاستنثار فليمضمض ويستنثر ولا يعيد وضوءه إن كان في مكانه. وفي المدونة (¬2): لابن القاسم عن مالك فيمن نكس و [ضوء] هـ: أحب إلي أن يعيد الوضوء ولا أدري ما وجوبه. وفي المجموعة (¬3): لعلي بن زياد عن مالك أنه قال: يعيد الوضوء ¬

_ = وحده وليس عليه أن يبتدئ له وضوءه وعليه في الوجهين جميعا في نسيان ما كان غسلا أو مسحا أن يعيد الصلاة في الوقت وبعده إن كان صلى قبل أن يذكر ما نسي؛ وهكذا أخبرني مطرف وابن الماجشون عن مالك في ذلك حين سألتهما عنه)). (¬1) الموطأ، رواية يحيى، 1/ 20، رقم 7؛ الاستذكار، 2، الرقم 1384. (¬2) المدونة، 1/ 14. (¬3) انظر ما جاء في الإستذكار، 2/ 56، الرقم 1384 في هذه المسألة برواية علي بن زياد.

والصلاة، قال: ثم رجع فقال: لا إعادة عليه في الصلاة. وقال ابن حبيب (¬1): إذا نكس وضوءه جاهلا أو عامدا وصلى فلا إعادة عليه في الصلاة. وقال ابن حبيب: إذا نكس وضوءه جاهلا (ق 11 ب) أو عامدا وصلى فلا إعادة عليه في الصلاة [كان ذلك من مـ]ـسنون الوضوء أو من مفروضه كان عالما بخطئه أو [جاهلا (؟)] به. قال (¬2): وأما النسيان في الوضوء فإن كان ناسيا فلا شيء عليه من تنكيس المسنون، وأما المفروض فعليه إعادة ذلك الشيء وما بعده مثل أن يقدم الرأس على الذراعين فإنه يعيد مسح الرأس وما بعد ذلك. قال (¬3): وقد قال ابن القاسم: إن كان بالحضرة أصلح وضوءه فأخر ما قدم وغسل ما بعده، وإن كان قد تطاول ذلك غسل ما نسي وحده. قال ابن حبيب (¬4): ولا يعجبني ذلك، لأنه إذا فعل ذلك فقد أخر من ¬

_ (¬1) قال في لفظه في باب ((العمل في النسيان في الوضوء)) من الواضحة، 180 - 181 (ق 9 أ): ((قال عبد الملك: من نسي أو جهل فنكس وضوءه لم يتابعه على الفريضة والسنة، مثل أن يغسل وجهه قبل أن يتمضمض، أو يغسل ذراعيه قبل أن يغسل وجهه، أو يغسل رجليه قبل أن يمسح رأسه، ثم صلى صلاته مجزية لا إعادة عليه لها لا في وقت ولا في غيره، غير أنه إن كان فعل ذلك متعمدا جاهلا بصوابه، أو عالما بخطئه فعليه ابتداء وضوءه لما كان يستقبل كان ذلك في مسنون الوضوء، أو في مفروضه)). أنظر أيضا النوادر والزيادات، 1/ 32. (¬2) الواضحة، 181 (ق 9 أ) قال بلفظه: ((وليس عليه أن يبتدئه ولا يصلح منه شيئا لأنه صار في تقديمه ما قدم من مسنون الوضوء أو تأخيره كأنه كان نسيه ثم ذكره، فإنما يأخذ الماء به وحده وإذا كان تقديمه ما قدم من وضوءه أو تأخيره إنما وقع في مفروض الوضوء فلا بد له ... الخ)). (¬3) الاستذكار، 2، الرقم 1385: عن ابن حبيب عن ابن القاسم. (¬4) الواضحة، 182 (ق 9 ب): وفيها ((قال عبد الملك: وهذا خطأ [...] سل (؟) ما بعده لأنه إذا اقتصر على تقديم ما أخر أو تأخير ما قدم فقط، ولا يغسل ما بعده لا بد له من أن يكون قد تقدم من وضوءه ما ينبغي أن يكون بعد هذا)). =

في تفريق الوضوء

الوضوء ما ينبغي أن يقدم؛ والصواب غسل ما بعده إلى تمام الوضوء. قال: وكذلك قال لي مطرف وابن الماجشون. في تفريق الوضوء في المدونة (¬1): لابن القاسم عن مالك فيمن توضأ فعجزه الماء فقام لأخذه إن كان قريبا بنى، وإن تطاول ذلك وتباعد وجف وضوءه، ابتدأ الوضوء من أوله. قال: وقال مالك فيمن نسي في غسله لمعة من بدنه حتى صلى، أنه إن كان عامدا لذلك ابتدأ غسله من أوله وأعاد صلاته، وإن كان ناسيا غسل الموضع وحده وأعاد صلاته، وإن لم يغسلها الناسي حين ذكر كان عليه أن يعيد الغسل من أوله. وذكر عنه ابن عبد الحكم قال: [...] يفرق الرجل وضوءه، وإن عجز الماء عنه فبعث من يأتيه به فلا بأس (ق 12 أ) أن [.........]ـطل. وذكر عنه أبو الفرج قال: يستحب له غسل الـ[....] في مقام واحد، وإن فرق غسله أجزته طهارته إلا أن يكون تفريقا فاحشا يخرج به من أن يكون متتابعا لغسلها فلا يجزئه حينئذ، وعليه أن يستأنف طهارته مبتدأة. ومن المجموعة (¬2): روى علي بن زياد عن مالك فيمن أخر مسح خفيه في الوضوء فليمسحهما ويصلي ولا يخلع. وقال ابن القاسم فيمن التصق بذراعيه شيء من عجين فلم يصل إلى ما ¬

_ = وانظر أيضا في النوادر والزيادات، 1/ 33: قال ابن حبيب: ((وبالأول أقول، وهو قول مطرف وابن الماجشون)). وانظر الاستذكار 2/ الرقم 1386. (¬1) المدونة، 1/ 16. (¬2) النوادر والزيادات، 1/ 43 بهذه الرواية عن علي بن زياد عن مالك من المجموعة لابن عبدوس.

مسألة

تحته الماء: عليه إعادة الوضوء والصلاة. وقال ابن كنانة: إن كان يسيرا فلا يضره ذلك. مسألة وقال محمد بن عبد الحكم: ترك تفريق الوضوء عند مالك اختيار، ومن فرق وضوءه ناسيا عنده أجزأه. قال: ولو كانت المتابعة من شرط صحة الوضوء وجب أن يكون تركها ناسيا يفسده، ولهذا ينكسر عليه بالتكلم في الصلاة ناسيا وبالإفطار في شهري التتابع ناسيا، لم يختـ[ـلفوا] في أنه لا يجوز المسح على العمامة، فإن مسح عليها أحد عامدا أو جاهلا. فقال سحنون: يبتديء الوضوء من أوله. وروى علي بن زياد عن مالك في المجموعة: إن فعل ذلك سهوا أو جاهلا فليمسح برأسه ويعيد الصلاة. في الاستنجاء ذكر ابن عبد الحكم عن مالك (¬1): لا (ق 12 ب) يستنجى بعظم ولا بروث، ويستحب الحجارة. [قال ابن القاسـ]ـم في المدونة عن مالك (¬2): من تغوط واستنجى بالحـ[جارة، ثم توضأ] ولم يغسل ما هنالك بالماء أجزأه، وليغتسل بالماء لما يستقبل. وهو معنى ما ذكر ابن عبد الحكم سواء. وذكر أبو الفرج عن مالك: فإن استجمر بشماله بثلاثة أحجار لا يجزئه ما دونها لا عظم فيها ولا روث للغائط والبول. ¬

_ (¬1) في البيان والتحصيل، 1/ 55: ((سمعت مالكا يكره أن يستنجى بالعظم والروث)). (¬2) المدونة 1/ 8.

قال ابن القاسم عن مالك في المدونة (¬1): إنما يغسل مخرج الأذى فقط من البول والغائط. وقال عنه ابن عبد الحكم (¬2): من استنجى فأصاب الأذى بغير المخرج أو ما لا بد له منه فليعد في الوقت، ولا يستنجي أحد بيمينه. وفي المستخرجة (¬3): لأشهب عن مالك أنه سئل عن الاستنجاء بالروث والحممة، فقال: ما سمعت فيه بنهي عام، فقيل له: أفترى به بأسا؟ قال: ما أراه. وكذلك ذكر ابن عبدوس (¬4) عن مالك. قال ابن حبيب (¬5): كان مالك يكره الاستنجاء بالعظم والروث، ويستحب ما سوى ذلك (¬6). قال أصبغ (¬7): ومن استجمر بعود أو فحم، وهي الحممة، أو بخرق أعاد الصلاة في الوقت، ووقته وقت الصلاة المفروضة. وعن ابن نافع: إن ترك الاستنجاء بالعظم والروث استحبابا ا [....]ـما. وقال محمد بن عبد الحكم: من استنجى بما نهي عنه فصلاته باطلة (¬8) إن صلى قبل أن يغتسل أو يستنجي. قال ابن حبيب (¬9): (ق 13 أ) و [......] بما نهي عنه أجزأه ورخصه ¬

_ (¬1) المدونة، 1/ 8. (¬2) انظر النوادر والزيادات، 1/ 25: قال في المختصر: لا يستنجي بيمينه. (¬3) البيان والتحصيل، 1/ 110 وفيه: ((وسألته عن الاستنجاء بالعظم والحممة، فقال.)) الخ. (¬4) انظر النوادر والزيادات 1/ 23 وفيها: ((قال في المجموعة في الروث والحممة: ما سمعت فيه بنهي عام، وقد سمعت ما يقال: وأما في علمي فما أرى به بأسا)). (¬5) الواضحة، 226 (23 ب)، وكذا عند ابن عبد البر. (¬6) في الواضحة، ص 226 (ق 23 ت): يستخف ما سوى ذلك. كذا أيضا في مواهب الجليل، 1/ 288. (¬7) انظر النوادر والزيادات، 1/ 23 - 24. (¬8) في الأصل: باطل، وهو خطأ بين. (¬9) نص المسألة في الواضحة، 226 (ق 23 ب): ((ومن جهل فاستنجى بما نهي عنه أو =

فيما فعل. قال: وكذلك إذا [استنـ]ـجى بحجر واحد فقد أساء، ولا إعادة عليه لصلاته إذا بالغ ولم يعد المخرج، فإن أصاب شيئا من ذلك غير المخرج وما قارب ذلك كان عليه أن يغسله بالماء ويعيد الصلاة. قال: وهو قول مالك. قال ابن حبيب: وقد ترك مالك الاستنجاء بغير الماء ورجع إلى الماء، فلسنا نجيز الاستنجاء بغير الماء إلا لمن لم يجد الماء، لأن من مضى كانوا يبعرون، والناس اليوم يثلطون (¬1). وفي المستخرجة (¬2): لأبي زيد بن أبي الغمر عن ابن القاسم: سألت مالكا عن من استنجى بالحجارة، ثم توضأ وصلى عليه الإعادة، فقال: لا إعادة عليه في وقت ولا غيره. قال: وقد كان بعض الناس يقول: إن عدا المخرج؛ فسألت مالكا عنها فلم يذكر عدا المخرج ولا غيره، وقال: فإن قال قائل: إن الناس كانوا يبعرون فيما مضى، فالحجة عليه أن يقال له البول منا ومنهم واحد، وقد كانوا يستنجون في البول وغيره بالحجارة. وقال محمد بن عبد الحكم: من استنجى بما نهي عنه لم يجزه، وإن صلى فصلاته باطلة (¬3). ¬

_ = استنجى بأقل من ثلاثة أحجار وإن لم يستنح إلا بحجر فقد أساء ولا إعادة عليه لصلاته إذا بالغ ولم يعد ذلك المخرج، فإن كان أصاب شيئا من ذلك غير المخرج مما قارب ذلك لم يجز غير الماء، وكان عليه أن يغسل ذلك بالماء ويعيد الصلاة، وكذلك قال مالك. قال عبد الملك وقد ترك الاستنجاء بغير الماء ورجع الأمر والعمل إلى الماء، فلسنا نحب الاستنجاء بالحجارة اليوم إلا لمن لم يجد الماء، فأما من وجد الماء فلا نحب ذلك له ولا نبيح الطهر به ...)) الخ. (¬1) يروي ابن حبيب في الواضحة، 227 (ق 23 ب) عن الحزامي عن الواقدي أن علي بن أبي طالب قال: إن من مضى كانوا يبعرون بعرا وأنتم تثلطون ثلطا [...]. سقط الباقي من نسخة القرويين. (¬2) البيان والتحصيل 1/ 211 - 210. (¬3) في الأصل: باطل.

وقال الأبهري: الاستنجاء عند مالك واجب بالسنة. قال: والحجارة وكل ما كان في معناها من المدر والخرق والخشب، وكل الإنزال به الأذى من الشيء الطاهر، فجائز الاستنجاء به، إلا أن يكون من المأكول، فلا يجوز الاستنجاء به. قال: وإن استنجى (ق 13 ب) بعظم أو روث أو بشيء من الأنجاس أو بيمينه أو شيء [......] فقد أساء، ولا شيء عليه، وأجزأه إذا أنقى ما هنالك؛ قـ[ـال: ... ما أ] عرف هذا عن مالك وأصحابه نصا، ولكن أقوله على ما يوجبه أصل مالك. قال: فأما عدد ما يستنجى به فلست أعرف عن مالك فيه نصا، هل يجوز أن يقتصر على أقل من ثلاثة أحجار إذا أنقى، والذي أدركت شيوخنا يقولون إنه يجوز أن يستنجى بأقل من ثلاثة أحجار إذا أنقى، إلا أبا الفرج المالكي، فإنه قال في الكتاب الحاوي (¬1): لا يقتصر على أقل من ثلاثة أحجار. قال: والذي عنده أنه إذا أنقى بحجر أو حجرين أجزأه. في الشك في الحدث في المدونة (¬2): لابن القاسم: قال مالك فيمن توضأ فشك في الحدث فلا يدري أحدث بعد الوضوء أم لا، إنه يعيد وضوءه [بمنز] لة من شك في صلاته ¬

_ (¬1) هو أبو الفرج، عمر بن محمد بن عمرو الليثي البغدادي (ت 331 هـ)؛ صحب إسماعيل ابن إسحاق القاضي وتفقه عليه وغيره من المالكيين. ولي القضاء في الثغور. وله الكتاب المعروف بالحاوي في الفقه وكتاب اللمع في أصول الفقه. انظر ترجمته في ترتيب المدارك، 5/ 22 والديباج المذهب، 2/ 127. هذا ويذكر ابن أبي زيد القيرواني كتاب الحاوي في ((الرسالة في طلب العلم))، وهي محفوظة ضمن كتابه الذب عن مذهب مالك بن أنس (مخطوط Chester Beatty، رقم 475؛، ق 107 ب) قائلا: والكتاب الحاوي لأبي الفرج إن كسبته، ففيه فوائد. (¬2) المدونة 1/ 13 - 14.

في الجنب يغتسل في الماء الراكد

فلم يدر (¬1) أثلاثا صلى أم أربعا، فإنه يلغي الشك. قال: وقال مالك فيمن شك في بعض وضوءه يعرض له هذا كثيرا، قال: يمضي ولا شيء عليه، وهو بمنزل الصلاة. وفي المجموعة (¬2): لابن نافع عن مالك فيمن وجد بللا في الصلاة، قال: لا ينصرف حتى يوقن به فينصرف، وإنما يتمادى المستنكح. قال ابن نافع: قال مالك: من وجد بللا بعد أن تنظف فلم يدر من الماء هو أم من البول، فأرجو أن لا شيء عليه، وما سمعت بمن أعاد الوضوء من مثل. (ق 14 أ) [وفي الـ[ـموطأ (¬3) قال مالك: من وجد بللا ما في ثوب يبيت فيه و [.....] إنما يعيد من أحدث نوم نامه كما صنع عمر (¬4). وقال ابن حبيب (¬5): بل يعيد من أول نوم نامه. في الجنب يغتسل في الماء الراكد في المدونة (¬6): لمالك أنه كره له ذلك وإن غسل ما به من الأذى. وقال ابن القاسم (¬7): إن كان الماء كثيرا فلا بأس أن يغتسل فيه، وإن لم يغسل الأذى عن نفسه، وإن كان الماء قليلا غسل الأذى عنه فلا بأس به. وذكر ابن عبد الحكم (¬8) قال: ولا يغتسل الجنب في الماء المعين ولا ¬

_ (¬1) في الأصل: لم يدري. وهو خطأ. (¬2) انظر النوادر والزيادات 1/ 51. (¬3) انظر الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، 1/ 50. (¬4) راجع عمل عمر بن الخطاب بالاستذكار، 3/ 110 - 111. (¬5) الاستذكار، 3/ 119، رقم 3014: الوضوء عليه واجب ويقول في هذه المسألة: يلزمه أن يعيد ما صلى من أول نوم نامه في ذلك الثوب إذا كان عليه، لا يلبس معه غيره. (¬6) المدونة، 1/ 27. (¬7) قارن بالنص الذي في البيان والتحصيل، 1/ 163 رواية ابن القاسم. (¬8) النوادر والزيادات، 1/ 68، من المختصر. أما الجملة في آخر المسألة: ((التي تكون بين =

في المرأة تطهر من حيضتها في السفر حيث لا ماء هل لزوجها وطئها بالتيمم

الماء الدائم لا بركة ولا بئر، إلا أن يكون مثل البرك العظام التي تكون بين مكة والمدينة، فلا بأس بذلك. في المرأة تطهر من حيضتها في السفر حيث لا ماء هل لزوجها وطئها بالتيمم في المدونة (¬1): قال مالك: لا يطأ المسافر امرأته ولا جاريته إلا ومعه ماء. وقال في موضع آخر: لا يجوز له أن يمسها إلا أن يكون معـ[ـهما مـ]ـن الماء ما يتطهران به جميعا. قال سحنون: لا يجوز له أن يطأها إلا أن يكون معهما من الماء ما تغتسل به المرأة غسلين (ق 14 ب) اثنين، وما يغتسل به الرجل غسلا واحدا لأنـ[ـه لا يجوز] له أن يمس امرأته إذا طهرت من الحيضة حتى تتـ[ـطهر بمـ]ـاء، وطهارة التيمم منتقضة عند أول تلاقيهما فيصير باقي الوطء في حائض لم تتطهر بالماء. وقال محمد بن عبد الحكم: لا بأس أن يطأها وإن لم يكن معها ماء، لأن فرضها التيمم عند عدم الماء. في غسل اليد بالنخالة ذكر العتبي (¬2) عن سحنون أنه كرهه، وذكر عن ابن نافع أنه لا بأس به. وذكر ابن عبد الحكم (¬3) عن ابن وهب قال: سئل مالك عن الدقيق يغسل ¬

_ = مكة والمدينة، فلا بأس بذلك))، فقد سقطت من النوادر والزيادات؛ وقد يكون ابن أبي زيد اختصرها من المختضر. أو ليست من رواية ابن عبد الحكم أصلا، بل من زيادات ابن عبد البر في هذا الموضع. (¬1) المدونة، 1/ 31. (¬2) البيان والتحصيل، 1/ 131: وروى محمد بن خالد عن ابن نافع أنه لا بأس بالوضوء بالنخالة؛ راجع أيضا البيان والتحصيل، 6/ 173. (¬3) انظر المختضر لابن عبد الحكم، نسخة مكتبة القرويين، رقم 810، كتاب الجامع =

في الزوجة الكتابية هل تجبر على الغسل من الحيضة

به اليد، فقال: غيره أعجب إلي، فإن فعله لم أر به بأسا. قال ابن وهب: وسمعت مالكا يقول في الجلبان والفول وما أشبهه من الطعام: لا بأس أن يتوضأ به ويتدلك به في الحمام. في الزوجة الكتابية هل تجبر على الغسل من الحيضة في المدونة (¬1): لابن القاسم عن مالك يجبرها على الاغتسال ليجد الـ[ـسـ]ـبيل إلى ما يجب له من الوطء. وفي المستخرجة (¬2): لعيسى عن ابن القاسم مثله: يجبرها. ولأشهب عن مالك أنه لا يجبرها. وبه قال محمد بن عبد الحكم: والنصرانية لا يجبرها على الغسل من الجنابة. في غروب النية عند الغسل من الجنابة لعيسى (¬3) عن ابن القاسم (¬4) في الرجل يدخل الحمام للغسل من الجنابة ويـ[ـتـ]ـطهر (ق 15 أ) [... خـ (؟)]ـروج ناسيا للجنابة، أن ذلك يجزئه؛ ¬

_ = وبنفس اللفظ؛ ورواه ابن شاس في كتابه الجواهر الثمينة، كتاب الجامع، 6/ 1397. تحقيق حميد لحمر. وقال الشيخ الأبهري في شرحه لمختصر ابن عبد الحكم: ((وإنما قال ذلك لأن فعل هذا مباح لأن فيه صلاحا ومنفعة للإنسان)). انظر أيضا البيان والتحصيل، 1/ 131 والجامع لابن أبي زيد القيرواني، ص 250. (¬1) المدونة، 1/ 32 خلاف ذلك. (¬2) قارن بما جاء في البيان والتحصيل، 1/ 121؛ وفي النوادر والزيادات، 1/ 61: ((قال أشهب عن مالك: لا يكره المسلم امرأته النصرانية على الغسل من الحيضة، وبه قال محمد بن عبد الحكم)). (¬3) هو عيسى بن دينار، أبو محمد توفي سنة 212 هـ؛ من أهل قرطبة، سمع من ابن القاسم في رحلته. وسماعه من ابن القاسم عشرون كتابا، وألف كتابا يسمى بكتاب الهدية. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 4/ 105 - 110، وابن الفرضي، رقم 973. (¬4) البيان والتحصيل، 1/ 141.

في الحائض تغتسل للجنابة ولا تذكر الحيض

وهو على أصل [مالك (؟)] (¬1). وقال محمد بن عبد الحكم: لا يجزئه ذلك الغسل إلا أن ينوي به الجنابة في حين التطهر. وقال عيسى عن ابن القاسم (¬2) فيمن أمر أن يصب له الماء ليغتسل من الجنابة، فنسي أو ذهب إلى النهر أو البحر فنسي عند التطهر جنابته، إن ذلك يجزئه. وقال سحنون (¬3): يجزيء الذي ذهب إلى البحر أو النهر، ولا يجزئ الذي ذهب إلى الحمام. في الحائض تغتسل للجنابة ولا تذكر الحيض قال ابن القاسم عن مالك: يكفيها غسل واحد عنهما جميعا إذا طهرت من الحيض، فلا غسل حتى تطهر من حيضتها. وقال ابن سحنون عن أبيه: إن طهرت للحيضة ولم تذكر الجنابة أجزأها، وإن طهرت للجنابة ولم تذكر الحيض لم يجزئها. وقال غيره: يجزئها لأنه فرض ينوب عن فرض. في الجنب يغتسل للجمعة ولا يذكر الجنابة في المدونة (¬4): لابن القاسم عن مالك في الرجل يغتسل للجمعة وهو جنب، ولم ينو بغسل الجمعة الجنابة، أن ذلك لا يجزئه من غسل الجنابة. ¬

_ (¬1) انظر هذه العبارة في ص 62. (¬2) قارن بما جاء في ذلك بالبيان والتحصيل، 1/ 141 من سماع عيسى عن ابن القاسم. وانظر أيضا النوادر والزيادات، 1/ 46. (¬3) البيان والتحصيل، 1/ 141: ((قال محمد بن رشد: قد روي عن سحنون أن ذلك يجزئه في النهر ولا يجزئه في الحمام)). (¬4) المدونة، 1/ 32.

وقال ابن عبد الحكم: ولا يجزئ الجنب (ق 15 ب) إلا غسل ينوي به الجنابة، وإن اغتسل تبردا لم يجزئه. [قال ا] بن حبيب (¬1): إن ابن عبد الحكم وأصبغ كانا يقولان: بقول [مالك أن] الجنب يغتسل للجمعة ولا ينوي الجنابة، أن ذلك لا يجزئه (¬2). وذكر (¬3) أن مطرفا وابن الماجشون وابن كنانة وابن نافع وابن وهب وأشهب كانوا يقولون: إن غسل الجمعة يجزئ من غسل الجنابة، وإنهم كلهم رووا ذلك عن مالك (¬4). قال ابن حبيب: ولم يختلف مالك ولا من علمت من أصحابه أنه من اغتسل لجنابته وهو ناس لجمعته أن ذلك يجزئه عن غسل الجمعة، لأن الجمعة لا يكون أمرها إلا بنية. واختاره ابن حبيب وقاسه على الوضوء لمس المصحف والجنابة والنوم. وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: غسل الجنابة يغني عن غسل الجمعة، ولا يجزئ غسل الجمعة عن غسل الجنابة. وقال الأبهري: إذا لم يجز غسل الجمعة عن غسل الجنابة من قبل أن غسل الجنابة مفترض، وغسل الجمعة مندوب إليه ليس بفرض. قال: وليس الوضوء للجنازة، وللقراءة في المصحف كذلك، لأنه تصح الجمعة من غير أن يغتسل لها، ولا تصح الصلاة على الجنائز ولا القراءة في المصحف إلا بوضوء فلم يشبها غسل الجمعة. ¬

_ (¬1) انظر ما روى ابن حبيب في هذه المسألة في النوادر والزيادات، 1/ 47 مفصلا. (¬2) انظر الاستذكار، 3/ الرقم 2758. (¬3) وذكر: أي: وذكر ابن حبيب في الواضحة أو في السماع. (¬4) انظر الاستذكار، 3/ الرقم 2758: وفيه: ((... إلا ما ذكره محمد بن عبد الحكم وأبو إسحاق البرقي عن أشهب أنه قال: يجزئه غسل الجنابة من غسل الجمعة)).

فيمن وطأ فلم ينزل واغتسل لمجاوزة الختان (ق 16 أ) [ثـ]ـم ينزل بعد الغسل والصلاة

فيمن وطأ فلم ينزل واغتسل لمجاوزة الختان (ق 16 أ) [ثـ]ـم ينزل بعد الغسل والصلاة في [المستـ]ـخرجة (¬1): لابن دينار عن ابن القاسم أنه يتوضأ ولا غسل عليه. ولابن سحنون عن أشهب مثله وقال: إنما ذلك الإنزال بمنزلة البول. وذكر ابن سحنون (¬2) عن أبيه أنه يعيد الغسل ثانية. قال سحنون: وقد قال بعض أصحابنا أنه إن صلى أعاد الغسل والصلاة. وقال آخرون: يعيد الغسل ولا يعيد الصلاة. وقد أخبرني علي بن زياد عن مالك (¬3) أنه سئل عن رجل لاعب امرأته وجد اللذة ولم يخرج منه المني، ثم توضأ وصلى، وخرج منه المني، أنه يغتسل ويعيد الصلاة. وقاله أصبغ (¬4): إن الماء قد زايل موضعه. وقال ابن المواز (¬5): يغتسل ويعيد الصلاة، لأنه إنما صار جنبا بخروج الماء. وسئل سحنون أو ابنه عن خياطين تسابقا في خياطة فسبق أحدهما الآخر، فأمنى، فقال: عليه الغسل. ¬

_ (¬1) البيان والتحصيل، 1/ 160؛ وانظر أيضا النوادر والزيادات، 1/ 66. (¬2) انظر النوادر والزيادات، 1/ 67: وقاله سحنون في كتاب ابنه؛ (في النسخة المحققة: ((في كتاب أبيه)) وهو خطأ مطبعي). (¬3) انظر النوادر والزيادات، 1/ 67: ((وكذلك روى علي بن زياد عن مالك في المجموعة ...)). (¬4) انظر النوادر والزيادات، 1/ 67 من المجموعة لابن عبدوس. (¬5) انظر النوادر والزيادات، 1/ 67؛ وفيها: ((وقال ابن المواز: يغتسل، ولا [كذا!] يعيد الصلاة ...)) الخ؛ مع إثبات لام النفي الساقطة في نص ابن عبد البر.

في الوضوء في المسجد

قال علي (¬1): وقال مالك: من اغتسل من جنابة ثم خرج منه بقية مني وقد بال أو لم يبل فليغسل ذلك وليتوضأ. قال عنه ابن القاسم: ويعيد الصلاة. ومن كتاب ابن سحنون: ومن لدغ أو ضرب بسيف فأمنى فلا غسل عليه، وإنما ذلك على من خرج منه الماء للذة. وقال فيمن به حكة فينزل في الحوض ويحتك فيمني أنه عليه الغسل. ولابن وهب في موطأه عن مالك في (ق 16 ب) الرجل ينزل فيغتسل، ثم يخرج بقية مائه من احـ[ـليله ...] الغسل أنه ليس عليه إلا الوضوء. وذكر مثله [عـ]ـن ابن شهاب. وقال ابن عبد الحكم (¬2): من خرج منه ماء بعد غسله فعليه الوضوء ولا غسل عليه. في الوضوء في المسجد في المستخرجة (¬3): لموسى (¬4) عن ابن القاسم أنه استخفه وقال: لا بأس به. ¬

_ (¬1) انظر النوادر والزيادات، 1/ 67 من المجموعة. (¬2) في النوادر والزيادات، 1/ 67: ومن المختصر قال: من خرج منه الماء بعد غسله فليس عليه إلا الوضوء. (¬3) البيان والتحصيل، 1/ 195. (¬4) هو موسى بن معاوية الصمادحي، أبو جعفر (ت 225 هـ)؛ رحل من إفريقية في طلب العلم، وانصرف إلى القيروان سنة 189 هـ. وله من الكتب: كتاب الزهد وكتاب المواعظ، مسائل من ابن القاسم العتقي. روى موطأ مالك بن أنس برواية علي بن زياد التونسي بالقيروان. انظر ترجمته في تراجم أغلبية مستخرجة من مدارك القاضي عياض (تحقيق: محمد الطالبي. تونس 1968)، ص 141، ورياض النفوس، 1/ 376، ومعالم الإيمان، 2/ 51، وسير أعلام النبلاء للذهبي، 12/ 108.

في التدلك في الغسل من الجنابة

وكرهه سحنون (¬1) ... وقال: لا يجوز. في التدلك في الغسل من الجنابة قال ابن القاسم عن مالك: لا يجزئه إلا أن يتدلك، وإن لم يقدر على ذلك أمر من يفعل ذلك به؛ وأكثر أصحاب مالك على ذلك. وقد روي عن مروان بن محمد الطاطاري (¬2) عن مالك أنه لم ير على من اغتسل ولم يتدلك من الجنابة وصلى إعادة وضوء ولا غسل. وقال أبو الفرج القاضي: إن انغمس في الماء من هو جنب، فعم جسده كله بذلك ولم يتدلك أجزى عنه. وأضاف ذلك إلى مالك، وبه قال محمد بن عبد الحكم. وحكى ابن زرب (¬3) في الخصال أنه قد قيل ذلك عن مالك. فيمن مس ذكره ناسيا في المدونة (¬4): لابن القاسم (ق 17 أ) [....] إن مسه بباطن كفه ¬

_ (¬1) البيان والتحصيل؛ 1/ 195. (¬2) في الأصل: الطاهري وهو خطأ. هو مروان محمد بن حسان الدمشقي الأسدي الطاطاري، أبو عبد الرحمان، ويقال أبو بكر، ويقال أبو حفص، توفي سنة 210. صحب مالك بن أنس وروى عنه مسائل، ونسب إلى الإرجاء. انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء للذهبي، 9/ 510؛ وتهذيب التهذيب لابن حجر، 10/ 95؛ والمزي 27/ 398؛ وترتيب المدارك، 3/ 225. (¬3) هو القاضي أبو بكر محمد بن يبقى بن محمد بن زرب بن يزيد بن مسلمة القرطبي من أحفظ أهل زمانه وأفقههم في مذهب مالك وأصحابه. له كتاب الخصال في الفقه على مذهب مالك. توفي سنة 381. انظر ترجمته في ترتيب المدارك، 7/ 114؛ وابن الفرضي الرقم 1361؛ والديباج المذهب، 2/ 230. وروي كثير من مسائله ونوازله في الأحكام الكبرى لعيسى بن سهل، أبي الأصبغ وبعده في المعيار المعرب للونشريسي. (¬4) المدونة، 1/ 8؛ قارن بما جاء في البيان والتحصيل، 1/ 127.

متى يعيد من مس ذكره وصلى قبل أن يتوضأ

انتقض وضوءه وإن مسه بظاهر الـ[ـكف] أو الذراع لم ينتقض وضوءه. ولأشهب عن مالك مثل ذلك، ولم يفرق ما بين الناسي والعامد. وفي المستخرجة (¬1): لعيسى عن ابن وهب عن مالك أنه يجب الوضوء على من مس ذكره ناسيا. وقال ابن وهب: لا وضوء عليه إذا مسه ناسيا. وقال ابن عبد الحكم: لا وضوء على من مس فرجه بعقبه ولا ذراعه ولا ظاهر كفه. وقال ابن حبيب: الوضوء واجب على من مس ذكره ناسيا أو عامدا على ظاهر الحديث (¬2)، لأنه لم يقل فيه عامدا ولا ناسيا. وذهب إسماعيل وأبو الفرج والأبهري وسائر المالكيين البغدادين (¬3) إلى أن من مس ذكره فوجد شهوة ولذة انتقض وضوءه مع الحائل وغير الحائل قياسا على من مس النساء، ويعيد منه في الوقت وبعده إن صلى قبل أن يتوضأ من ذلك. متى يعيد من مس ذكره وصلى قبل أن يتوضأ في المستخرحة (¬4): لأشهب عن مالك أنه قال: لا آمره بإعادة، ثم رجع، فقال: يعيد في الوقت. وقال فيها سحنون: لا إعادة عليه، وذكر أن ابن القاسم كان يضعف الإعادة. ¬

_ (¬1) البيان والتحصيل، 1/ 162؛ وقارن بما جاء في تعليق أبي الوليد بن رشد بنفس المصدر، 1/ 77 - 78. (¬2) يقصد بذلك قول ابن عمر أنه كان يقول: إذا مس أحدكم ذكره فقد وجب عليه الوضوء؛ وقول عروة بن الزبير برواية هشام بن عروة بمعناه: الموطأ، رواية يحيى 1/ 42 - 43؛ وانظر ما جاء في الاستذكار 3/ ص 32 - 36. وانظر أيضا المعجم المفهرس، 6/ 207. (¬3) قارن بما جاء في الاستذكار، 3/ الرقم 2569. (¬4) انظر البيان والتحصيل، 1/ 453.

في مس المرأة فرجها

ولسحنون أيضا في المستخرجة (¬1) عن ابن القاسم روايتان، إحداهما: لا إعادة عليه في وقت ولا غيره، ولكنه يعيد وضوءه (ق 17 ب) لما يستقبل؛ والأخرى: يعيد صلاته في الوقت. وقال [ابن نا] فع وأصبغ وعيسى بن دينار: يعيد في الوقت وبعده، وذكـ[ـره ابن مـ]ـزين عنهم. وقال ابن حبيب (¬2): اختلف قول مالك فيمن مس ذكره وصلى ولم يتوضأ، فروى المدنيون عنه: ألا إعادة عليه في الوقت وبعده، واحتجوا أن مالكا روى عن نافع عن ابن عمر أنه أعاد من ذلك صلاة الصبح بعد طلوع الشمس؛ وروى عنه المصريون أنه استخف إعادة الصلاة من ذلك إلا في الوقت. قال: ورأيت أصبغ أخذ برواية المدنيين وأحب ما فيه إلي أن يعيد في الوقت وبعده إن مسه عامدا، وإن كان إنما خطرت يده عليه غير متعمد بجسه أعاد في الوقت (¬3). في مس المرأة فرجها في المدونة (¬4): لابن القاسم أنه بلغه عن مالك أن لا وضوء عليها. وقال ابن عبد الحكم (¬5): يستحب للمرأة أن تتوضأ من مس فرجها. ¬

_ (¬1) انظر البيان والتحصيل، 1/ 165 - 166. (¬2) الواضحة، 191 (ق 62 أ)، ونصه: ((قال عبد الملك: ومن ترك الوضوء من مس الذكر حتى صلى فقد اختلف فيه قول مالك، وروى المدنيون عنه أنه قال: عليه الإعادة في الوقت وبعده ...)) إلخ. (¬3) انظر خلاف ذلك في النوادر والزيادات، 1/ 54: وقال عيسى عن ابن وهب: وإذا خطرت يده على الذكر من غير تعمد فلا وضوء عليه. قال: ومالك يرى عليه الوضوء. (¬4) المدونة، 1/ 9، وأنظر النوادر والزيادات 1/ 55. (¬5) النوادر والزيادات، 1/ 55، من المختصر لابن عبد الحكم.

وروى ابن حبيب (¬1) عن أصبغ عن ابن وهب عن مالك أن عليها الوضوء. قال ابن حبيب: إلا أنها عندي أخف من الرجل؛ قال ابن حبيب: وهي عندي مثل الرجل. قال أبو عمر: الحجة في ذلك حديث بسرة (¬2) عن النبي (ص): من مس فرجه فليتوضأ. وروى علي بن زياد عن مالك في المرأة تمس فرجها أن الوضوء واجب عليها. وروى محمد بن عبد الحكم عن أشهب: إذا ألطفت فلتتوضأ، (ق 18 أ) ير [يد بـ] ألطفت قال: تدخل أصابعها في فرجها؛ قال محمد و [قال ما] لك: إذا ألطفت فأحب إلي أن تتوضأ. وقيل: معنى ألطفت: التذت. ¬

_ (¬1) الواضحة 192 (ق 12 ب) ونصه: ((وأخبرني أصبغ بن الفرج عن ابن وهب أنه سمع مالكا يرى ذلك ويستحسنه إلا أنها عنده في ذلك أخف من الرجل. قال عبد الملك: وما هي في ذلك إلا كالرجل لأن رسول الله (ص) أمرها بذلك كما أمر الرجل)). هذا، ويقصد ابن حبيب بهذا الإشارة إلى ما جاء قبل ذلك في الواضحة ونصه: ((حدثني أصبغ بن الفرج عن ابن وهب عن إبراهيم بن نشيط عن خالد بن يزيد أن امرأة قالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق إذا مست إحدانا فرجها، أعليها الوضوء، فقال لها رسول الله (ص) نعم، فلتتوضأ)). (¬2) هي بسرة بنت صفوان عن رسول الله (ص): ((إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ)). انظر الموطأ، رواية يحيى، 1/ 42؛ ورواية أبي مصعب، 1/ الرقم 111، ورواية القعنبي، الرقم 61، ورواية الحدثاني، الرقم 48؛ أنظر أيضا: مسند الموطأ للجوهري، الرقم 495، والنسائي 1/ 216؛ وابن ماجه 1/ رقم 479؛ والدارمي 1/ 199 - 200 عن بسرة بنت صفوان؛ وابن حنبل 6/ 406 في مسند بسرة بنت صفوان؛ وابن ماجه 1/ رقم 481: عن أم حبيبة عن رسول الله (ص) من مس فرجه فليتوضأ؛ الطبقات الكبرى لابن سعد، 8/ 179: روت بسرة بنت صفوان عن رسول الله (ص) حديثا في مس الذكر: صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلجان، 3/ الرقم 1114 - 1116. راجع هذه الروايات بالاستذكار 3/ 26 - 36. وهكذا في الواضحة، 189 (ق 11 ب) عن بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله (ص) يقول: ((من مس ذكره فليتوضأ)).

في القبلة

قال ابن سحنون عن أبيه (¬1): لا وضوء عليها في مس فرجها، وأنكر رواية علي بن زياد عن مالك أن عليها الوضوء (¬2). في القبلة ذكر ابن حبيب (¬3) عن مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم: من قبل امرأته للذة انتقض وضوءه، وإن استغفلته فقبلته ولم تلتذ بذلك، فلا وضوء عليه. قال: وقال أصبغ (¬4): الوضوء على من قبل امرأته وعلى من قبلته امرأته، وإن استكره واستغفل، للآثار (¬5) التي جاءت أن الوضوء من القبلة مجملا. وذكر محمد بن سحنون عن أبيه: من قبل امرأته لشهوة أو مس ذكره وصلى قبل أن يتوضأ أنه يعيد صلاته ما لم يطل ذلك جدا، فإن طال ذلك وجاوز اليوم واليومين لم أر أن يعيد. وروى عيسى عن ابن القاسم (¬6) فيمن قبل لشهوة وصلى قبل أن يتوضأ أنه يعيد أبدا. وفي المدونة (¬7): لابن القاسم فيمن قبلته امراته على غير فيه، على جبهته أو ظهره أو يده أن ذلك من الملامسة، إن التذ الرجل أو أنعظ فعليه الوضوء، وإن لم يلتذ فلا شيء عليه؛ وكذلك هو أيضا إن قبلها أو لمسها على غير الفم ¬

_ (¬1) النوادر والزيادات، 1/ 55 من كتاب ابن سحنون قال سحنون. (¬2) انظر ذلك في المدونة، 1/ 9: ((قال وبلغني أن مالكا قال في مس المرأة فرجها أنه لا وضوء عليها)). (¬3) قارن بما جاء في الواضحة، 186 (ق 10 ب)؛ والنوادر والزيادات، 1/ 52. (¬4) قارن بما جاء في النوادر والزيادات 1/ 52 من قول أصبغ بن الفرج. وانظر أيضا البيان والتحصيل، 1/ 113 - 114. (¬5) انظر الآثار المشار إليها، عند ابن حبيب في الاستذكار، 3/ 44 - 57. (¬6) انظر النوادر والزيادات، 1/ 56. (¬7) المدونة 1/ 13.

فيمن مس امرأته من فوق الثوب دون حائل والتذ

فالتذت هي لذلك، فعليها الوضوء، وإن لم تلتذ لذلك ولم تشته فلا وضوء عليها. فيمن مس امرأته من فوق الثوب دون حائل والتذ (ق 18 ب) فلا خلاف عن مالك وأصحابه في ذلك، وكذلك عنـ[ـد ابن حبيـ]ـب، وجمهور الروايات التي عليها يناظر البغداديون أن [...] اللذة فوق الثوب ودون الثوب، ولا يراعون الحائل مع القصد إلى اللذة. ووجودها في المدونة (¬1) عن مالك قال: إذا مست المرأة الرجل للذة فعليها الوضوء، وكذلك إذا مسها الرجل بيده للذة فعليه الوضوء، وإن مسته لمرض أو نحوه لغير شهوة فلا وضوء عليها. وفي المستخرجة (¬2): لمالك في مس المرأة فوق الثياب مثل ذلك. وذكر العتبي (¬3) عن سحنون قال: كان علي بن زياد يروي عن مالك أنه إن كان الثوب كثيفا ولا يصل إلى جسدها فلا وضوء عليه، وإن كان خفيفا يصل إلى جسدها فعليه الوضوء. وقال ابن حبيب (¬4) في الملامسة: يجب عليها الوضوء، وإن كان عليهما ثيابهما إذا التذا. وذكر ابن سحنون عن أبيه فيمن قبل امرأته لشهوة وصلى قبل أن يتوضأ أنه يعيد أبدا ما لم يطل، وكذلك صلاتين بتيمم واحد يعيد الثانية ما لم يطل، فإذا جاوز اليوم أو اليومين وأكثر لم يعد. روى عيسى عن ابن القاسم في القبلة أنه يعيد أبدا. ¬

_ (¬1) المدونة، 1/ 13. (¬2) انظر البيان والتحصيل، 1/ 75. (¬3) البيان والتحصيل، 1/ 172 في تعليق أبي الوليد بن رشد؛ وانظر أيضا 1/ 75. (¬4) الواضحة، 186 (ق 10 ب) ونصه: ((إذا لامست المرأة زوجها ففعلت هي به شيئا من هذا فعليهما جميعا الوضوء)).

في الدود تخرج من الدبر والدم

في الدود تخرج من الدبر والدم قال ابن عبد الحكم (¬1): من خرج من دبره دود أو دم فلا وضوء عليه. وكذلك روى ابن القاسم عن مالك في المدونة (¬2). وقال سحنون (¬3): من (ق 19 أ) خر [ج من] دبره دود فعليه الوضوء لأنه لا يسلم من بلة. قال يحيى بن [عمر] (¬4): وكذلك كان يقول محمد بن عبد الحكم. وروى ابن وهب في موطأه عن مالك فيمن خرج من دبره دم أنه لا وضوء عليه. في المسح على الخفين ذكر أبو بكر (¬5) الأبهري قال: اختلف قول مالك في المسح على الخفين، فذكر عنه ابن عبد الحكم وغيره أنه [يـ]ـمسح المقيم والمسافر من غير توقيت. قال: وهذا القول المشهور عنه الصحيح، قاله في الموطأ (¬6) ونقله عنه أكثر أصحابه؛ وقد قال: أنه يمسح المسافر، ولا يمسح الحاضر. وروى عنه ابن وهب في سماعه (¬7) وابن القاسم في الأسدية. ¬

_ (¬1) النوادر والزيادات 1/ 48 بلفظ قريب من هذا. وقارن بما جاء في الاستذكار، 2/ الرقم 1544. (¬2) المدونة، 1/ 10: لا شيء عليه عند مالك؛ وقارن بما جاء في البيان والتحصيل 1/ 97 عن مالك. (¬3) أنظر الاستذكار، 2، الرقم 1545. (¬4) وليحيى بن عمر الكناني تعليق آخر على هذه المسائل في النوادر والزيادات 1/ 49. (¬5) في الأصل: أبو بكر: مكرر من الناسخ، وهو خطأ. (¬6) راجع اختلافهم في الاستذكار، 2/ 243 - 255؛ و 2/ الرقم 2203. (¬7) قال ابن ناصر الدين في كتابه إتحاف السالك برواة الموطأ عن الإمام مالك، ص 91: =

قال: وقد روي عن مالك أنه لا يمسح المسافر ولا الحاضر في المدونة (¬1). قال مالك: لا يمسح المقيم على خفيه. قال ابن القاسم: وقد كان يقول قبل ذلك: يمسح عليهما، قال: ويمسح المسافر، وليس لذلك وقت. وفي المستخرجة (¬2): لابن القاسم عن مالك أنه سئل عن المسح على الخفين في الحضر، فقال: لا، ما أقول ذلك، ثم قال لي: إني لأقولن مقالة ما قلتها قط في جماعة من الناس: أقام رسول الله (ص) في المدينة عشر سنين، وأبو بكر وعمر وعثمان خلافتهم، فذاك خمس وثلاثون سنة، فلم يرهم أحد يمسحون؛ قال: وإنما هي هذه (ق 19 ب) الأحاديث (¬3)، وكتاب الله أحق أن يتبع. وقال ابن حبـ[ـيب (¬4): الـ]ـمسح على الخفين حسن جائز للمقيم، والمسافر، لم يختلف [فيه أ] هل السنة، وليس فيه شك ولا يرتاب فيه إلا مخذول أو صاحب بدعة. قال: وسألت مطرفا وابن الماجشون عن المسح على الخفين فقالا لي: ¬

_ = ولابن وهب مؤلفات منها كتاب سماعه من مالك ثمانون كتابا. هذا، وذكر أبو مصعب الزهري أن مسائل ابن وهب عن مالك صحيحة؛ وأغلب الظن أنه يقصد بهذه المسائل سماع ابن وهب. انظر تهذيب التهذيب لابن حجر، 6/ 72؛ وسير أعلام النبلاء للذهبي، 9/ 226. (¬1) المدونة 1/ 41؛ وانظر أيضا البيان والتحصيل، 2/ الرقم 2182. (¬2) البيان والتحصيل، 1/ 82. (¬3) الأحاديث في المسح على الخفين كثيرة: راجع على سبيل المثال صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب 48 والتعليق الجيد لابن حجر على هذا الحديث في فتح الباري، 1/ 305 - 306؛ كتاب الصلاة، باب 7؛ وصحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب 22؛ والموطأ، رواية يحيى بن يحيى، 1/ 35 - 37؛ والاستذكار، 2/ 224 - 258. (¬4) قارن بالنص الذي جاء في النوادر والزيادات، 1/ 94 عن ابن حبيب.

جائز قوي في السفر والحضر، والحضر معمول به ببلد الرسول (ص) ودار التنزيل وموضع الصحابة والتابعين غير مختلف فيه، ولا نعلم مالكا ولا غيره من علمائنا قط تركه، ولا نهى عنه في فتياه. وذكر يحيى بن إسحاق بن يحيى الأندلسي في كتابه (¬1) عن أصبغ ابن الفرج قال: اختلف قول مالك في المسح على الخفين بأقاويل ثلاثة (¬2)، أخبرنا بها ابن القاسم وأشهب وابن وهب، مرة قال: لا يمسح في حضر ولا سفر، ومرة قال: يمسح في السفر ولا يمسح في الحضر، ومرة قال: يمسح على كل حال في السفر والحضر ولا يوقت وقتا ولا غيره، وهو أعم قوله في موطأه (¬3) وغيره. قال أصبغ (¬4): وسمعت ابن وهب يرد قوله في استثقاله المسح ردا شديدا بالآثار والسنة، وقد مسح يوما وأنا إلى جنبه فقال: اشهد علي بالمسح. قال: وسمعت ابن القاسم يضعف قوله في ترك المسح فقال: أنا أصلي خلف من يمسح، ومن صلى خلفه فلا إعادة عليه. وقال ابن نافع: يمسح في الحضر والسفر؛ قال ابن نافع: وقت (ق 20 أ) ذلك في الحضر من الجمعة إلى الجمعة. ومن المجموعة (¬5): قال ابن نا [فع عن] مالك في المسح للحاضر من الجمعة إلى الجمعة. ¬

_ (¬1) ألف يحيي بن إسحاق (توفي سنة 303) الكتب المبسوطة في اختلاف أصحاب مالك وأقواله؛ انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 1/ 160 - 161، والديباج المذهب، 2/ 357، وابن الفرضي، الرقم 1571؛ وأخبار الفقهاء للخشني، ص 379؛ والغنية، فهرست شيوخ القاضي عياض، ص 54 , وقد اختصر أبو الوليد بن رشد هذه الكتب المبسوطة كما يذكرها في البيان والتحصيل في أماكن متعددة. (¬2) بخصوص هذا الموضوع راجع ما جاء في الاستذكار، 2/ الرقم 2208 - 2211. (¬3) انظر الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، 1/ 36 - 37. (¬4) انظر البيان والتحصيل، 1/ 201 - 202. (¬5) كذا أيضا في النوادر والزيادات، 1/ 93 من طريق المجموعة لابن عبدوس.

فيمن لبس خفيه وقد نسي مسح رأسه ثم ذكر فمسح رأسه ولم ينزعهما، هل يمسح عليهما

فيمن لبس خفيه وقد نسي مسح رأسه ثم ذكر فمسح رأسه ولم ينزعهما، هل يمسح عليهما ذكر أبو زيد عبد الرحمان بن إبراهيم عن أصبغ أنه لا يمسح، وخفف مسح الرأس في ذلك. وذكر ابن حبيب أنه سمع ابن الماجشون ومطرف بن عبد الله وابن عبد الحكم وأصبغ يقولون: لا يجوز له أن يمسح على خفيه لأنه لبسهما قبل أن تكمل طهارته؛ وهذا عندي هو الحق عن ابن الماجشون وغيره. وما ذكره أبو زيد وهم وغلط، والله أعلم. وقد قال مالك في موطأه (¬1): إنما المسح على الخفين من أدخل رجليه فيهما طاهرتين بطهر الوضوء. فيمن لبس الخف في رجله اليمنى بعد غسلها في وضوءه وقبل أن يغسل الأخرى هل يمسح عليهما ذكر العتبي (¬2) عن سحنون في هذه المسألة وفي التي قبلها أنه لا يمسح عليهما. قال سحنون: ولا يجوز المسح في الوجهين إلا أن يكون الوضوء كاملا، ويكون اللبس للخفين جميعا بعد كمال (20 ب) الطهارة. وفي المستخرجة (¬3) قال مطرف: جائز للذي أدخل اليمنى في الخف قبل أن يغسل اليسرى أن يمسح [عليـ]ـهما لأنه لم يدخل كل رجل منهما إلا بعد طهارتها. وذكر ابن حبيب عن ابن الماجشون ومطرف وابن عبد الحكم وأصبغ: لا يمسح، مثل قول سحنون. ¬

_ (¬1) الموطأ، رواية يحيى، 1/ 37. (¬2) انظر البيان والتحصيل، 1/ 144 - 145. (¬3) انظر البيان والتحصيل، 1/ 145.

فيمن لبس خفية بطهر التيمم، هل يمسح عليهما

فيمن لبس خفية بطهر التيمم، هل يمسح عليهما ذكر أبو زيد بن إبراهيم عن أصبغ إجازة ذلك، وعن ابن الماجشون أنه قال: لا يجوز، لأن طهارة التيمم إنما هي طهارة إلى وقت الفراغ من الصلاة وليست كطهارة الوضوء بالماء. وذكر ابن سحنون عن أبيه في ذلك مثل قول ابن الماجشون: لا يجوز. فيمن نزع إحدى خفيه هل يخلع الأخرى في المستخرجة (¬1): لأشهب عن مالك أنه يغسل تلك الرجل فقط، وليس عليه خلع الخف الأخرى. وفي سماع عيسى عن ابن القاسم (¬2) مثل ذلك. وقال ابن حبيب: لا بد أن يخلع الأخرى ويغسل رجليه جميعا. وذكر ابن عبد الحكم قال: إن خرجت القدم خروجا فاحشا نزعهما جميعا وغسل رجليه. قال: وإن نزع خفيه أو أحدهما غسل رجليه، فإن أخر ذلك عن فوره مكانه أعاد الوضوء. (ق 21 أ) في المر [أة تـ]ـلبس خفيها على الخضاب لتمسح [.....] الخضاب ذ [كر ابـ]ـن سحنون قال: قال بعض أصحابنا: يكره ذلك لها، فإن فعلت فلا شيء عليها. قال: وقال سحنون: تؤدب بإعادة الصلاة. قال: وقد روى علي بن زياد عن مالك أنه ليس لها أن تصلي بعد ما خضبت بالحناء حتى تنزعها. ¬

_ (¬1) انظر البيان والتحصيل، 1/ 136 - 137. (¬2) انظر البيان والتحصيل، 1/ 143 - 144.

فيمن اقتصر على مسح أعلى الخف فقط وعلى أسفله فقط

فيمن اقتصر على مسح أعلى الخف فقط وعلى أسفله فقط في المدونة (¬1): لابن القاسم إن مسح الظهور دون البطون لم أر عليه الإعادة إلا في الوقت. وكذلك قال سحنون: يعيد في الوقت. وقال ابن مزين عن عيسى بن دينار أنه يعيد في الوقت وبعده. وذكر ابن سحنون في كتابه عن ابن نافع أنه يعيد في الوقت وبعده. وأجمعوا أنه لا يجوز الاقتصار على مسح أسفل الخف، وأرى من فعل ذلك فلم يمسح وعليه الإعادة أبدا، إلا أشهب، فإنه أجاز ذلك فيما روي عنه، وقال: يعيد في الوقت. فيمن تيمم بضربة واحدة للوجه واليدين قال ابن عبد الحكم: من تيمم بضربة واحدة لوجهه وليديه إلى المرفقين، ثم صلى فلا إعادة عليه. وذكر ابن وهب في موطأه أنه عليه الإعادة في الوقت وبعده. وفي المستخرجة (¬2): لابن القاسم (ق 21 ب) عن مالك أرجو أن يجزئه، ولا إعادة عليه؛ و [قال ابن] القاسم: لا [إعادة] عليه. وقال ابن حبيب: عليه الإعادة في الوقت بمنزلة من تيمم إلى الكوعين. وفي كتاب يحيى بن إسحاق: قال ابن كنانة: من صلى بذلك التيمم أعاد الصلاة في الوقت وبعده، وهو بمنزلة من توضأ بغرفة واحدة للوجه واليدين. ¬

_ (¬1) المدونة، 1/ 39: لأن عروة بن الزبير كان يمسح ظهورها ولا يمسح بطونها. قال ابن القاسم: أخبرنا بذلك مالك. (¬2) البيان والتحصيل، 1/ 94؛ وكذا في النوادر والزيادات، 1/ 104.

فيمن تيمم إلى الكوعين

وذكر ابن سحنون عن ابن نافع مثل قول ابن كنانة: يعيد أبدا؛ قال: وقال سحنون: يعيد في الوقت. فيمن تيمم إلى الكوعين قال ابن عبد الحكم (¬1): إن تيمم إلى الكوعين أعاد في الوقت. وكذلك لابن القاسم عن مالك في المدونة (¬2): يعيد في الوقت. وكذلك ذكر ابن حبيب عن ابن القاسم، قال: وبه آخذ. وذكر ابن سحنون عن ابن نافع أنه يعيد في الوقت وغيره. وقال سحنون: يعيد في الوقت. وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: من تيمم بضربة واحدة للوجه واليدين وتيمم إلى الكوعين أعاد أبدا في الوقت وغيره. فيمن تيمم على الثلج في المدونة (¬3): قال ابن القاسم: بلغني أن مالكا أوسع في ذلك. وكذلك روى علي بن زياد (¬4) عن مالك أنه تيمم على الثلج. وقال أشهب: لا يتيمم على الثلج لأنه ليس من الصعيد. وذكر ابن حبيب (¬5) عن مالك إجازة (ق 22 أ) التيمم على الثلج. قال: وقال ابن عبد الحكم: لا يجوز التيمم على الثلج و [إن لم (؟)] يجد غيره. ¬

_ (¬1) كذا في النوادر والزيادات، 1/ 104؛ نقلا من المختصر لابن عبد الحكم. (¬2) المدونة، 1/ 43 - 44. (¬3) المدونة، 1/ 46. (¬4) انظر النوادر والزيادات، 1/ 107 نقلا من المجموعة لابن عبدوس وعن ابن حبيب. (¬5) النوادر والزيادات، 1/ 107 عن ابن حبيب.

هل يتيمم الصحيح في الحضر لخوف خروج الوقت

قال ابن حبيب: وهو أحب إلي، قال (¬1): وإن وجد الصعيد أعاد في الوقت. قال: وكذلك قال لي عبد الله بن عبد الحكم أنه يعيد في الوقت. وقال ابن وهب: لا بأس بالتيمم على الثلج والماء الجامد إذا لم يجد الصعيد. وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: هذا تبديل في التيمم على الثلج. هل يتيمم الصحيح في الحضر لخوف خروج الوقت في المدونة (¬2): لابن القاسم عن مالك في المقيم يعالج الماء فيعسر عليه أمره حتى يخاف طلوع الشمس، قال مالك: يتيمم ويصلي، ورآه مثل المسافر. قال ابن القاسم: وقد كان مرة يقول في الحضري أنه يعيد إذا قدر على الماء. وفي المستخرجة (¬3): لعيسى عن ابن القاسم أنه يعالج الماء وإن طلعت الشمس؛ قال: وقد قال: يتيمم ويصلي إذا خاف طلوع الشمس. وذكر ابن حبيب عن مالك أنه يتيمم ويصلي، ثم يعيد في الوقت وبعده؛ قال: ثم رجع مالك عن قوله في الإعادة بعد خروج الوقت. قال ابن حبيب (¬4): وبذلك أقول، لأنه حاضر، ليس بمسافر. قال: وقد كان ابن القاسم يخفف ذلك ورآه كالمسافر، وليس هو كذلك عندنا. قال ابن حبيب: وكذلك أهل السجن يعيدون في الوقت إن تيمموا. ¬

_ (¬1) النوادر والزيادات، 1/ 107، وفيها: ((قال ابن حبيب: من صلى بذلك فإن وجد الصعيد في الوقت أعاد ولا يعيد بعد الوقت، ولو فعله واجدا للصعيد أعاد أبدا)). (¬2) المدونة، 1/ 44. (¬3) البيان والتحصيل، 1/ 147. (¬4) انظر ما جاء في هذه المسألة في روايات ابن حبيب بالنوادر والزيادات، 1/ 110.

فيمن نسي الماء في رحله وتيمم

وذكر ابن (ق 22 ب) عبد الحكم قال: ومن رجا ماء فخاف أن تطلع عليه الشمس قبل أن يدركه فيتيمم وليصل (¬1)، ومن ظن أنه يدركه فليعاجله ما لم يخف الفوات. وقال محمد بن عبد الحكم: لا يجوز للحاضر التيمم إلا أن يكون مريضا وإن خاف فوات الوقت. قال: وقد اختلف فيه قول مالك. فيمن نسي الماء في رحله وتيمم ذكر ابن عبد الحكم قال: ومن تيمم فوجد الماء في رحله فلا إعادة عليه، وإن أعاد فحسن وعليه أن يطلب الماء في رفقته ممن يليه وممن يظن أنه يعطيه. وقال ابن القاسم عن مالك: يعيد في الوقت؛ قال: وإن ذكر وهو في الصلاة، قطع وتوضأ بالماء. وذكر ابن حبيب (¬2) عن ابن الماجشون ومطرف وابن عبد الحكم وأصبغ فيمن ترك الماء في رحله نسيه أو خفي عليه موضعه وتيمم، ثم وجده أنه يعيد في الوقت وبعده. قال ابن حبيب: لأنه ليس من أهل التيمم. قال ابن حبيب (¬3): ولو وجد الماء في الرفقة التي هو فيها فإن كانت الرفقة عظيمة جدا فلا إعادة عليه في وقت ولا غيره، وإن كانت صغيرة مثل الرجل والرجلين فعليه الإعادة في الوقت وبعده؛ وحكى هذا عن أصبغ. ¬

_ (¬1) وليصل: في الأصل: وليصلي. (¬2) انظر النوادر والزيادات، 1/ 113 عن ابن حبيب؛ وقارن بما جاء في الاستذكار، 3/ الرقم 3153 عن ابن حبيب أيضا. (¬3) انظر ما جاء في النوادر والزيادات، 1/ 113 عن ابن حبيب عمن ذكر من أصحاب مالك وأصبغ بن الفرج.

فيمن صلى مكتوبتين بتيمم واحد

وروى أبو زيد بن أبي الغمر عن ابن القاسم (¬1) في المسافر لا يكون معه ماء وهو يعلم مع رفقائه الماء، فإن (ق 23 أ) ظن أنهم يعطونه وتيمم ولم يسألهم أعاد في الوقت وبعده. قال ابن القاسم (¬2): وقال لي مالك في قوم نزلوا في صحراء لا يحسبون بها ماء فتيمموا وصلوا ثم وجدوا بئرا أو غديرا قريبا منهم أنهم يعيدون ما صلوا في الوقت. فيمن صلى مكتوبتين بتيمم واحد في المستخرجة (¬3): روى يحيى عن ابن القاسم فيمن صلى صلوات كثيرة بتيمم واحد أنه يعيد ما زاد على واحدة في الوقت، واستحب أن يعيد أبدا. وروى أبو زيد بن أبي الغمر (¬4) عن ابن القاسم أنه يعيدها أبدا. وذكر أبو الفرج (¬5) فيمن ذكر صلوات: إن قضاهن بتيمم واحد أجزأه. وذكر ابن عبدوس (¬6): لابن نافع عن مالك في الذي يجمع بين الصلاتين أنه يتيمم لكل صلاة. وروى أبو زيد بن إبراهيم عن مطرف وعبد الملك أنهما سمعا مالكا يقول: من صلى مكتوبتين بتيمم واحد كان عليه أن يعيد الثانية في الوقت وبعده. ¬

_ (¬1) انظر البيان والتحصيل، 1/ 211. (¬2) انظر البيان والتحصيل، 1/ 211. (¬3) الاستذكار، 3/ الرقم 3294. (¬4) البيان والتحصيل 1/ 202. (¬5) الاستذكار، 3/ الرقم 3298 ... فلا شيء عليه. ويقول ابن عبد البر في هذا الموضع (الرقم 3299): ((وقد ذكرنا اختلاف قول مالك وأصحابه في هذه المسألة في كتاب جمعناه في اختلافهم)). وهو يقصد كتابه هذا الذي بين يدينا. (¬6) كذا أيضا في الاستذكار، 3/ الرقم 3297.

قال: وسمعت أصبغ يقول (¬1): إنما يعيد الثانية أبدا إذا كان وقتها منفصلا من وقت الأولى مثل المغرب من العصر والظهر من الصبح، وأما إذا كانت ظهرا أو عصرا فإنه إنما يعيد الثانية ما دام في الوقت، فإذا ذهب الوقت فلا إعادة عليه. وذكر العتبي (ق 23 ب) عن أصبغ مثل ذلك (¬2). وكذلك حكى ابن حبيب عن أصبغ سواء. هل يصلى الوتر بتيمم الفريضة ذكر ابن عبد الحكم قال: لا بأس أن تصلى النافلة بتيمم الفريضة، ولا تصلى الفريضة بتيمم النافلة ولا تصلى صلاتان (¬3) بتيمم واحد، ولا بأس أن يتنفل الرجل ما شاء بتيمم واحد ما لم يقطع ذلك ويطول، ومن تيمم لركعتي الفجر فلا يصلي به مكتوبة. ومن تيمم لركعتي الفجر لنافلة فلا بأس أن يصلي به ركعتي الفجر ويوتر به. وذكر ابن سحنون عن أبيه (¬4) فيمن تيمم للعشاء وصلاها، أنه يتيمم للوتر تيمما ثانيا. ابن عبدوس عن سحنون أنه إن صلى الوتر بأثر العشاء نسقا فلا يحدث لهما تيمما، وإن قام من مجلسه أو تباعد أحدث للوتر تيمما آخر. ¬

_ (¬1) قارن بما جاء في الاستذكار، 3/ الرقم 3296 عن أصبغ بن الفرج. (¬2) لم نقف عليه في سماع أصبغ وفي نوازله في البيان والتحصيل. (¬3) في الأصل: صلاتين. (¬4) قارن بما جاء في النوادر والزيادات، 118/ 1: ((وقال في كتاب ابنه: لا يوتر بتيمم العشاء فإن فعل فلا شيء عليه)).

هل يتيمم من خاف على ماله دون نفسه

هل يتيمم من خاف على ماله دون نفسه قال مالك: أكره له ذلك. وقال ابن القاسم: إن تيمم وصلى أعاد في الوقت وبعده. وقال عبد الملك وابن عبد الحكم: لا إعادة عليه في الوقت ولا غيره لأن المال من النفس. وقال يحيى بن يحيى: يقول ابن القاسم: لأنه ترك الماء تخوفا من شيء لعله لا يكون. متى يتيمم المريض والخائف والمسافر (ق 24 أ) في المدونة (¬1): قال مالك في المريض والخائف والمسافر أنهم [يتيمـ]ـمون في وسط الوقت، إلا أن يكون المسافر على يأس من الماء فيتـ[ـمـ]ـم في أول الوقت؛ قال: فإن وجدوا الماء في أول الوقت أعاد المريض والخائف ولا إعادة على المسافر. وذكر ابن عبد الحكم قال: وإذا لم يجد المريض (¬2) من يناوله الماء تيمم، ويعيد في الوقت أحب إلينا. وذكر ابن سحنون عن ابن نافع قال: صلاة المريض الذي لا يجد من يناوله الماء تامة ولا يعيد. وذكر ابن عبدوس في المجموعة عن المغيرة (¬3) في المحصور: يتيمم، ثم ¬

_ (¬1) المدونة 1/ 42. (¬2) وفي النوادر والزيادات، 1/ 115 تعليق لابن أبي زيد القيرواني على هذه المسألة قال فيه: ((قال عبد الله: يعني بالمريض هاهنا الذي يجد الماء ولم يجد من يناوله إياه)). انظر أيضا ما جاء في البيان والتحصيل، 1/ 70 عن مالك بن أنس في تفسير الآية 43 من سورة النساء. (¬3) قارن بما جاء عن المغيرة في النوادر والزيادات، 1/ 115.

ينطلق في الوقت أنه لا إعادة عليه. وقال ابن حبيب: أما المريض الذي يكون في معنى المخدور المحصوب والمجروح الذي عمت الجراح جسده فلا يستطيعون مس الماء، فإن هؤلاء فرضهم التيمم في أول الوقت وفي وسطه وفي آخره حاله واحد؛ وأما المريض الذي يستطيع مس الماء إلا أنه لا يجد من يناوله أو لا يجد من يوصيه فإنه ينتظر ما بينه وبين آخر الوقت، ثم يتيمم؛ وكذلك الخائف، فإن قدر على الوضوء بالماء في بقية الوقت كان عليهما الإعادة، وإن ذهب الوقت فلا إعادة عليهما. قال (¬1): وأما المسافر الذي يجد الماء فإن كان عالما بالمكان يائسا من الماء فإنه يتيمم في أول الوقت، الوقت الذي يصلي فيه اليائس، وإن كان راجيا للماء أو جاهلا بالمكان فإنه يؤخر (ق 24 ب) التيمم ما بينه وبين آخر الوقت، إن كانت الظهر، فإلى أن يكون الظل مثل صاحبه، والعصر إلى أن يكون ظل كل شيء مثليه، [والمـ]ـغرب إلى مغرب الشفق، والعشاء إلى ثلث الليل. قال ابن حبيب: فإن جهل من هؤلاء من أمر بالتأخير إلى آخر الوقت فتيمم وصلى في أول الوقت، ثم وجد الماء في الوقت فإنه يعيد الصلاة، فإن لم يفعل فقد أساء، ولا شيء عليه. قال: وهكذا فسر لي مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ. وروى ابن وهب في موطأه عن مالك أن كل شيء من لم يجد الماء فلا يتيمم إلا في آخر الوقت. وهكذا ذكر ابن عبدوس في المجموعة عن ابن كنانة؛ قال: وقال المغيرة: إن كان في رجاء ففي آخر الوقت. وذكر ابن حبيب عن ابن القاسم في الذي يعلم أنه يصل إلى الماء قبل خروج الوقت، أن عليه الانتظار إلى آخر الوقت، فإن لم يفعل وتيمم وصلى في ¬

_ (¬1) انظر ما جاء في المسافر المؤيس (كذا، وفي نسخة أخرى: اليائس) من الماء في النوادر والزيادات، 1/ 115 من طريق ابن حبيب.

في الذي لا يستطيع على الماء ولا على التيمم

أول الوقت، ثم وصل إلى الماء في الوقت أو بعده فعليه الإعادة أبدا. قال ابن حبيب: لا يعجبنا ذلك، ولا إعادة عليه في الوقت ولا بعد الوقت. في الذي لا يستطيع على الماء ولا على التيمم في المستخرجة (¬1): عن أصبغ قال ابن القاسم في المحبوس إذا لم يجد ماء ولم يقدر على الصعيد، صلى كما هو وأعاد أبدا إذا قدر على الماء (ق 25 أ) أو على الصعيد. وقال أشهب في المتعذر عليه والمجبوس والمربوط والمصلوب حيا، لا صلاة على واحد منهم حتى يقدروا على الماء أو على الصعيد، فإن قدروا صلوا. وقال ابن خويز منداد (¬2): روى المدنيون عن مالك في كل من لم يقدر على الماء ولا على الصعيد حتى خرج الوقت، أنه يصلي ولا إعادة عليه كالمغمى عليه، والصلاة عنهم ساقطة، قال: وهو الصحيح في مذهب مالك. وروى أبو زيد عن معن عن مالك في الذي يكتفه الوالي ويمنعه من الصلاة حتى خرج وقتها، أنه لا إعادة عليه (¬3). في الذي يخاف فلا يقدر على النزول عن دابته إنه يصل على حالته ويعيد الصلاة بعد ذلك في الوقت وبعده. وروى أبو زيد أيضا عن مطرف أنه يصلي إيماء ويعيد الصلاة في الوقت وبعده. ¬

_ (¬1) البيان والتحصيل 1/ 206 بلفظ قريب من هذا. (¬2) ابن خويز منداد: في الأصل: ابن خولد بنداد أو ما يشبهه؛ وقد أثبتناه كما جاء في ترتيب المدارك 7/ 77. له كتاب في الخلاف وفي أصول الفقه وغيرهما كما ذكر القاضي عياض. وراجع أيضا الديباج المذهب، 2/ 229. (¬3) حكاه ابن رشد في البيان والتحصيل، 2/ 180 وزاد قائلا: ((إلا ما أدركوا وقته)).

وقال ابن حبيب في الخائف: قال مطرف وابن عبد الحكم وابن الماجشون: يصلي بذلك ويعيد أبدا، وكذلك؛ الأسير والمريض. وقال أصبغ: لا يصلي. وقال ابن المواز عن ابن القاسم في الهارب من العدو أو من اللصوص: إن صلى بغير وضوء أعاد أبدا. قال أصبغ: إلا أن يتيمم. وكذلك مريض لا يجد من يناوله ماء ولا ترابا، ولا جدار عنده، فإن صلى كذلك أعاد أبدا. (ق 25 ب) في الجنب يتيمم للصلاة ولا يذكر الجنابة ذكر ابن عبد الحكم: ومن تيمم وهو جنب لا [ينوي] به الجنابة، فليعد حتى يتيمم بنيه الجنابة، ثم يعيد ما كان في الوقت. وفي بعض المختصر: في الوقت وبعده. وكذلك قال ابنه محمد: يعيد في الوقت وبعده. وروى محمد بن مسلمة عن مالك أنه يجزئه. وروى ابن القاسم عنه أنه إن تيمم بنية الحدث لم يجزه حتى يتيمم بنية الجنابة. في الحائض يتمادى بها الدم فتزيد على أيامها المعروفة في المدونة (¬1): لابن القاسم عن مالك أنها تقعد عن الصلاة إلى تمام خمسة عشر يوما، ثم تغتسل وتصلي. قال: ثم رجع عن قوله وقال: تستظهر بثلاثة أيام بعد أيام حيضتها ثم تغتسل وتصلي. ¬

_ (¬1) المدونة 1/ 49 - 50.

في الصفرة والكدرة

وذكر ابن حبيب (¬1) عن مالك مثل ذلك، ثم قال: فأخذ بقول مالك الأول أنها تقعد خمسة عشر يوما الأكابر من أصحابه: ابن أبي حازم وابن دينار والمغيرة وابن نافع ومطرف وابن الماجشون، وأخذ بقول مالك الآخر أنها تستظهر بثلاثة أيام: ابن كنانة وابن وهب وابن القاسم وأشهب وابن عبد الحكم وأصبغ. قال ابن حبيب: وهو أحب إلي وأقرب إلى الحيطة في الصلاة. في الصفرة والكدرة في المدونة (¬2) في المرأة التي ترى الصفرة والكدرة في أيام حيضتها أو في غير (ق 26 أ) أيام حيضـ[ـتها]، وقال مالك: ذلك حيض وإن لم [تـ]ـر مع ذلك دما. وفي المجموعة: قال علي عن مالك: وما رأ [ته] المر [أة] من الصفرة والكدرة في أيام الحيض أو أيام الاستظهار فهو كالدم، وما رأته بعد ذلك فهو استحاضة. إذا اختلفت حيضتها على أيها يكون استظهارها في المدونة (¬3): تستظهر على أكثر أيام حيضتها. وروى أبو زيد عن أصبغ أنها تستظهر على أقل أيام حيضتها لأن الاحتياط في الصلاة واجب (¬4). هل تستظهر من حيضتها خمسة عشر يوما لا تستظهر عند مالك وجمهور أصحابه إلا ابن نافع، فإنه ذكر ابن سحنون ¬

_ (¬1) انظر ما جاء مختصرا في النوادر والزيادات، 1/ 131 من الواضحة. (¬2) المدونة 1/ 50. (¬3) المدونة 1/ 50 - 51. (¬4) في الأصل: اختلاط: وانظر ما جاء في هذه المسألة بالبيان والتحصيل، 1/ 214 - 215؛ والنوادر والزيادات، 1/ 132.

في المبتدأة بالحيض يتمادى بها الدم

في كتابه عنه أنها إن كانت حيضتها خمسة عشر يوما تستظهر على ظاهر الخبر. وأنكر سحنون أن يكون قول ابن نافع هذا من قول مالك (¬1). في المبتدأة بالحيض يتمادى بها الدم في المدونة (¬2): لابن القاسم: تقعد خمسة عشر يوما، ثم تغتسل، ثم تصلي. وفيها روى علي بن زياد عن مالك أنها تقعد قدر أيام لداتها، ثم هي مستحاضة. وقال ابن حبيب (¬3): في هذه ما في الكبيرة من الاختلاف من قال في الكبيرة: تقعد خمسة عشر يوما؛ قال في هذه: بخمسة عشر (ق 26 ب) يوما، [قال في هذه] (¬4)، ومن قال في الكبيرة بالاستظهار قال في هذه: تقعد أيام لداتها. قال ابن حبيب: ثم اختلفوا في الاستظهار على أيام لداتها. فقال ابن كنانة وابن عبد الحكم وأصبغ بن الفرج: تستظهر على أيام لداتها بثلاثة أيام. وقال ابن القاسم: لا تستظهر إلا على أيام معروفة. قال ابن حبيب: وهذا أحب إلي احتياطا للصلاة. هل يستحب للمستحاضة غسل فرجها مع الوضوء وقال سحتون: ليس عليها غسل الفرج. ¬

_ (¬1) النوادر والزيادات، 1/ 132 وفيها: ((ولابن نافع عن مالك في كتاب ابن سحنون رواية منكرة ...)) الخ. (¬2) المدونة، 1/ 49 - 50. (¬3) انظر ما جاء في النوادر والزيادات، 1/ 134 - 135 عن ابن حبيب وغيره. (¬4) [قال في هذه] عبارة مكررة في الأصل ولا معنى لها.

في المستحاضة المميزة لأيام حيضتها واستحاضتها يزيد دم حيضتها على أيامها المعروفة لها

قال ابن حبيب: ويستحب لسلس البول والمستحاضة أن يتوضأ لكل صلاة مع غسل الفرج. في المستحاضة المميزة لأيام حيضتها واستحاضتها يزيد دم حيضتها على أيامها المعروفة لها ذكر ابن حبيب: قال لي مطرف: تقعد خمسة عشر يوما، ثم تغتسل وتصلي. قال ابن القاسم وقال ابن الماجشون وأصبغ: بل تستظهر ثلاثة أيام، يعني على أيامها المعروفة لها في حيضتها من استحاصتها. قال ابن حبيب: فقال ابن الماجشون: بالخمسة عشر يوما في أول دمها؛ وقال بالاستظهار في آخره. وفي المستخرجة (¬1): لعيسى عن ابن القاسم أنها تستظهر. وروى أصبغ عن ابن القاسم أنها لا تستظهر. وفي كتاب يحيى بن إسحاق قال: قال غيرهما (ق 27 أ) من أصحاب مالك: إن تمادى الدم المستنكر استظهرت، وإن دم الاستحاصة أن تستظهر. وذكر ابن مزين عن أصبغ يقول: تستظهر تغير الدم أم لم يتغير. هل تعتد المستحاصة قرءا بالأيام التي تترك فيها الصلاة لتمييزها لدم حيضتها من دم استحاصتها في المدونة (¬2): إن كانت معتدة كان حكم ذلك الدم الذي لا تترك فيه الصلاة حكم القرء واعتدت به من الطلاق. ¬

_ (¬1) انظر ما جاء في البيان والتحصيل 1/ 148 - 149، وراجع الشرح المفصل لأبي الوليد ابن رشد. (¬2) المدونة، 1/ 56.

في علامة الطهر

وفي المجموعة أن ابن الماجشون وسحنون قالا: يدخل ذلك الدم في عدتها ولا تعتد به. وهو قول أشهب؛ وبه قال ابن المواز، يريد: عدتها سنة. في علامة الطهر في المدونة (¬1): قال مالك: إن كانت ممن ترى القصة البيضاء فلا تطهر حتى تراها، وإن كانت ممن لا تراها فحتى ترى الجفوف؛ وذلك أن تدخل الخرقة فتخرجها جافة. وفي المجموعة (¬2): إن رأت الجفوف فهي ممن ترى القصة البيضاء فلا تصلي حتى تراها إلا أن يطول ذلك بها. وذكر ابن حبيب أنها تطهر بالجفوف، وإن كانت ممن ترى الجفوف فلا تطهر بالقصة، وذكره عن عبد الله بن عبد الحكم. في المستحاضة ينقطع دمها، هل تغتسل (ق 27 ب) في المدونة (¬3): لابن القاسم عن مالك: لا غسل عليها، ثم رجع عن ذلك فقال: [أحـ]ـب إلي أن تغتسل. قال ابن القاسم (¬4): هو أحب قوله إلي. واختار سحنون قوله الأول: لا غسل عليها. وقال ابن حبيب: أحب إلي أن تغتسل ولـ[ـيس] عليها ذلك بالواجب. ¬

_ (¬1) المدونة، 1/ 50 - 51. (¬2) انظر النوادر والزيادات، 1/ 128 من المجموعة ومن قول ابن حبيب. (¬3) المدونة، 1/ 52. (¬4) انظر النوادر والزيادات، 6/ 129: وقال ابن القاسم في المجموعة: إذا قلن مثلها لا تحيض، فلا غسل عليها منه.

في المستحاضة تترك الصلاة في أيام استحاضتها جاهلة

في المستحاضة تترك الصلاة في أيام استحاضتها جاهلة لابن القاسم عن مالك: لا تعيد تلك الصلوات. قال ابن القاسم: ولو أعادتها كان أحب إلي؛ رواها أبو زيد عن ابن القاسم. وقال أصبغ: الإعادة عليها واجبة لكن ما تركت الصلاة فيه جاهلة. وأنكر سحنون رواية أبي زيد عن ابن القاسم عن مالك (¬1) في المستحاضة تدع الصلاة بعد أيام حيضتها، وبعد الاستظهار أياما جاهلة، قال: لا تقضيها. قال سحنون: لا تعذر في الصلاة بالجهل. وقال ابن خويز منداد: اختلف قول مالك في المستحاضة تترك الصلاة شهرا جاهلة، فمرة لم ير عليها إعادة. وقد قال: عليها القضاء. قال: وهو الصحيح في مذهبنا، وبه قال أبو حنيفة والشافعي. في الحامل ترى الدم ذكر ابن عبد الحكم عن مالك قال (¬2): وإذا رأت الحامل الدم فلتكف عن الصلاة قدر أيام حيضتها، ثم تستظهر بثلاث، ثم تصلي. قال: وإذا رأت المرأة الحامل العرق من الدم أو الكدرة أو الصفرة فلتدع (ق 28 أ) الصلاة حتى ينقطع ذلك عنها. وذكر ابن حبيب أ [ن] أشهب وابن عبد الحكم وأصبغ قالوا: تدع الصلاة أيام حيضتها وتستظهر بثلاث؛ قالوا: وحكمها وحكم التي ليست بحامل واحد. وكذلك روى أبو زيد عن أصبغ قال: الحامل وغير الحامل سواء. ¬

_ (¬1) انظر البيان والتحصيل، 1/ 214؛ والنوادر والزيادات، 1/ 133. (¬2) انظر ما جاء في باب ((في الحامل ترى الدم على حملها)) في النوادر والزيادات، 1/ 136 - 138.

وكذلك روى أشهب عن مالك. في المدونة (¬1): لابن القاسم عن مالك: ليس أول الحمل كآخره، إن رأت الدم في أول الحمل أمسكت عن الصلاة قدر ما يجتهد لها فيه، وليس في ذلك حد. قال ابن القاسم: إن رأت ذلك وقد مضى لها ثلاثة أشهر أو نحو ذلك تركت الصلاة خمسة عشر يوما، فإن رأته وقد جاوزت الستة الأشهر تركت الصلاة ما بينها وبين عشرين يوما. وفي المجموعة (¬2): روى علي بن زياد عن مالك في الحامل ترى الدم ويتمادى بها أنها تمسك عن الصلاة أقصى ما تمسك الدم الحوامل حتى ترى أن ذلك سقم ليس بعرض للحوامل، ولم يؤقت فيه شيء. وفي الواضحة لابن حبيب عن مطرف عن مالك قال: تمسك عن الصلاة قدر أيام حيضتها، ثم تستظهر بثلاث إن كان ذلك في أول الشهر، وإن كان في الثاني قعدت عن الصلاة ضعفي ذلك ولا تستظهر، وإن كان ذلك في الشهر الثالث أمسكت عن الصلاة ثلاثة أضعاف، ذلك ما بينها وبين ستين يوما. قال مطرف: استحسنا ذلك من قوله، ورأيت كثيرا (ق 28 ب) [من؟] (¬3) أصحابه يستحسنون ذلك ويقولون به. وروى أبو زيد عن أصبغ [....]ـه رواية مطرف هذه، فقال: هذا قول له حلاوة، غير أنه إذا كثرت الأيام تفاحش فليس بشيء. وقال ابن حبيب: الذي أقول [به] أن الحامل والحائض غير الحامل سواء تستظهران، وأول الحمل كآخره سواء. وروى أبو زيد عن مطرف قال: سألت مالكا عن الحامل ترى الدم، قال: ¬

_ (¬1) المدونة، 1/ 54 - 55. (¬2) النوادر والزيادات، 1/ 137 من المجموعة برواية علي بن زياد. (¬3) [من؟]: زيادة اقتضاها السياق.

في أقصى مدة دم النفاس المانع من الصلاة والصوم وغشيان الزوج

تعرف ما مضى من أول حملها وتحسب كم كان يمسكها الدم في حيضتها لو لم تكن حاملا، وكم أحتقن فيها الدم حيضة أو حيضتين أو ثلاث، ثم تجمع ذلك كله وتترك الصلاة عدد أيامه ما لم تجاوز الستين يوما، فأي الأمرين انقضى قبل صاحبه عدد الأيام التي أحتقن فيها الحيض، أو الستون يوما تطهرت وصلت. وذكر ابن عبدوس (¬1) عن سحنون أنه أنكر رواية مطرف في الحامل تبني أيام حيضتها في الشهور، وقال: ليس هذا من قول مالك، وهذا خطأ ولا تكون نفساء إلا بعد ولادة، والاستحاضة أملك بها. وقال أبو زيد: قال عبد الملك بن الماجشون: تقعد أيام حيضتها لو لم تكن حاملا، ثم تغتسل وتصلي ولا تستظهر. قال: ولقد قال أكثر الناس إن الحامل إذا رأت الدم لم تمسك عن الصلاة لأن الحامل عندهم لا تحيض، فلذلك رأيت ألا تستظهر. وروي عن المغيرة (ق 29 أ) أنه كان يقول: الحامل وغيرها سواء؛ وبذلك يقول أصبغ. وروى ابن حبيب عن ابن الماجشون في الحامل [تر] ى الدم أنها تقعد خمسة عشر يوما ولا تنظر إلى أول الحمل ولا إلى آخره، وذكر عنه في اعتلائه نحو ما ذكر أبو زيد أنه قال: كثير من العلماء لا يرون ذلك حيضا. في أقصى مدة دم النفاس المانع من الصلاة والصوم وغشيان الزوج في المدونة (¬2): لابن القاسم: قال مالك في النفساء: تقعد أقصى ما تمسك النساء الدم ستين يوما، ثم رجع فقال: سئل النساء عن ذلك وأهل المعرفة فتقعد أقصى ذلك. ¬

_ (¬1) قارن بما جاء في النوادر والزيادات، 1/ 137 - 138: ((وأنكر ابن الماجشون في المجموعة قول مطرف هذا ...)) الخ. (¬2) المدونة، 1/ 53.

فيمن وضعت ولدا وبقي في بطنها آخر

وروى ابن وهب عن مالك (¬1) أنه قال: ليس أمر النفساء في ذلك واحد، ولكن يسعها اجتهاد العالم لها. وروى ابن وهب أيضا في موطأه عن مالك أنه قال: تحبس أيضا ما تحبس النساء دم النفساء. قال ابن وهب: وذلك ستون ليلة. وكذلك روى أشهب عن مالك (¬2) أنه قال: ستون ليلة وهو أقصاه. وذكر ابن حبيب قال: قال لي عبد الملك بن الماجشون عن أبيه أنه قد سأل عن ذلك النساء فقلن: أقصى ذلك الستون إلى السبعين. قال ابن حبيب: والإقتصار عندي على الستين عدل حسن، ولا تسأل (ق 29 ب) عن ذلك نساء أهل زماننا لقلة معرفتهن. قال: وقال لي مطـ[ـرف]: بذلك رأيت مالكا يفتي. فيمن وضعت ولدا وبقي في بطنها آخر في المدونة (¬3): لابن القاسم: حكمها حكم النفساء ولزوجها عليها الرجعة ما لم تضع الثاني. قال سحنون: وقد قيل: حكمها حكم الحامل. وقال ابن خويز منداد: اختلف أصحابنا في ذلك، فقيل: الدم دم نفاس، كما لو خرج بعض الولد كان الدم دم نفاس، وقيل: الدم دم حيضة والنفاس من الولد الثاني؛ وهذا على أصل المذهب في أن الحامل تحيض فكأنها حامل قذفت دما، ولما كان لزوجها عليها الرجعة كان النفاس الأول كلا نفاس. ¬

_ (¬1) المدونة، 1/ 53. (¬2) انظر قول مطرف عن مالك في رواية ابن حبيب بالنوادر والزيادات، 1/ 137. (¬3) المدونة، 1/ 54.

في بول الصبي والصبية

في بول الصبي والصبية في المدونة (¬1): قال مالك: يغسل بول الصبي والصبية أكلا الطعام أم لم يأكلا، وبولهما نجس كالكبير. وذكر عبد الله بن عبد الحكم قال: ويغسل الثوب من بول الصبي والصبية. وقال محمد بن عبد الحكم: لا يغسل الثوب من بول الصبي والصبية ما لم يأكلا الطعام؛ قال: ولم يثبت عن النبي عليه السلام في بول الصبية شيء. تم كتاب الوضوء بحمد الله وعونه وصلى الله على محمد ¬

_ (¬1) المدونة، 1/ 27.

كتاب الصلاة

(ق 30 ب) بسم الله الرحمن الرحيم. توكلت على الله. كتاب الصلاة في وقت من وجب عليه الإعادة (¬1) في الوقت في المدونة (¬2): لابن القاسم عن مالك فيمن صلى بثوب نجس أنه يعيد ما دام في الوقت. قال: وجعل مالك وقته إلى اصفرار الشمس، قال: وكذلك من صلى على موضع نجس، ومن صلى إلى غير القبلة مجتهدا وقت هؤلاء اصفرار الشمس. قال: وفرق مالك بينهم وبين الذي يسلم قبل مغيب الشمس، كان يقول: النهار كله حتى تغيب الشمس وقت هؤلاء. وفي سماع ابن وهب: قال لي مالك: من نسي فصلى بثوب غير طاهر أو صلى إلى غير القبلة فإنه يعود لصلاته ما كان في الوقت؛ قال: والوقت لهما، النهار كله حتى تغيب الشمس، في الظهر والعصر، فإذا غابت الشمس ذهب الوقت والليل كله، وقت للمغرب والعشاء ما لم يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر فقد ذهب وقت المغرب والعشاء. وذكر ابن حبيب عن عبد الملك بن الماجشون وعبد الله بن عبد الحكم أن الوقت في الظهر والعصر إلى غروب الشمس. قال ابن حبيب: وهي السنة. وقال عبد الله بن وهب والمغيرة بن عبد الرحمان المخزومي (ق 31 أ) ويحيى بن يحيى الأندلسي: ما يجب على المرء إعادته من الصلوات في الوقت وجب عليه بعد الوقت. ¬

_ (¬1) الإعادة: سقطت من الأصل وأثبتها الناسخ في الهامش. (¬2) المدونة، 1/ 36.

في اعتبار القامتين في الوقت المختار للعصر

في اعتبار القامتين في الوقت المختار للعصر قال ابن عبد الحكم عن مالك: وآخر وقت العصر أن يكون ظل كل شيء مثليه بعد المثل الذي زالت عليه الشمس. وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: القامتان في وقت العصر مذكورتان عن النبي (ص) وبعض أصحابه (¬1)، وهو قول مالك وأصحابه وبه نأخذ. وقال ابن حبيب: آخر الوقت للتيمم في الظهر مبلغ الظل مثله والعصر مثليه. وقاله مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ. وفي المدونة: قال ابن القاسم: لم يكن مالك يذكر القامتين في وقت العصر، ولكنه كان يقول: والشمس بيضاء نقية. في الحائض تطهر في آخر الليل أو آخر النهار والمغمى عليه يفيق والمسافر يخرج أو يقدم والكافر في ذلك الوقت يسلم [ذكـ]ـر ابن عبد الحكم عن مالك (¬2) قال: إذا طهرت المرأة من حيضتها وكان بقي عليها بعد فراغها من غسلها وما يصلحها من الأمر اللازم (ق 31 ب) لها من النهار ما تصلي فيه خمس ركعات، صلت الظهر والعصر، وإن كان [أقـ]ـل من ذلك صلت العصر؛ وإن كان ذلك في الليل فكان ما بقي عليها قبل الفجر أربع ركعات صلت المغرب والعشاء، وإن كان ذلك بعد الفجر وكان عليها قبل طلوع الشمس ما تصلي ركعة صلت الصبح، وإن لم يكن فلا شيء عليها. ¬

_ (¬1) انظر على سبيل المثال ما جاء في المسند لابن حنبل، 3/ 30. (¬2) انظر ما روى ابن أبي زيد القيرواني من المسائل في هذا الباب في النوادر والزيادات، 1/ 271 - 277.

وكذلك المغمى عليه يفيق في هذه الأوقات كما وصفت لك في الحائض. قال: ومن سافر وهو في وقت صلاة، فإن كان في النهار فخرج وقد بقي عليه من النهار مقدار ثلاث ركعات فليصل الظهر والعصر ركعتين ركعتين، وإن كان أقل من ذلك فليصل الظهر صلاة حضر والعصر صلاة سفر، وإن كان ذلك في الليل وقد بقي عليه مقدار أربع ركعات قبل الفجر فليصل المغرب، ثم يصلي العشاء صلاة سفر، وإن كان أقل من ذلك صلاهما جميعا صلاة حضر. وذكر ابن حبيب في مسافرة طهرت وقد بقي عليها من الليل ثلاث ركعاب فقال: قال ابن القاسم وأشهب وأصبغ: تصلي العشاء ولا شيء عليها للمغرب؛ قال: وبه أقول. وقال عبد الله بن عبد الحكم وسحنون: عليها الصلاتان جميعا. وذكر العتبي (¬1) عن أصبغ قال: هذه آخر مسألة سمعت من ابن القاسم، وذلك أني اختلفت فيها مع عبد الله بن عبد الحكم، فقال عبد الله: نصلي صلاتين، (ق 32 أ) وقلت: إنا لا نصليها إلا العشاء. وخرج ابن القاسم إلى الحج، فشيعته إلى جب عميرة (¬2) وسألته عنها، وأخبرته بقولي وقول عبد الله بن عبد الحكم، فقال لي: أصبت وأخطأ. وقد روي عن القاسم أنه قال فيها بقول عبد الله بن عبد الحكم. وذكر ابن سحنون في كتابه عن الماجشون (¬3) أنه قال: العصر في آخر النهار وقت لا يدخل فيه الظهر، وكذلك من آخر الليل للعشاء. وقال سحنون: آخر الوقت للفائتة منهما. ¬

_ (¬1) البيان والتحصيل، 2/ 182 - 183. (¬2) الجب: البئر التي لم تطو؛ وجب عميرة ينسب إلى عميرة بن تميم بن جزء التجيبي: بئر قريبة من فسطاط مصر. انظر: معجم البلدان لياقوت، 1/ 100. (¬3) الماجشون: لعل صوابه ابن الماجشون، وإلا فهو عبد العزيز بن عبد الله ابن أبي سلمة الماجشون، والد ابن الماجشون، وقد سبق ذكرهما.

وقال عيسى عن ابن القاسم (¬1): قال مالك في الحائض ترى الطهر قبل غروب الشمس، فلما فرغت من طهرها ظنت أنها لا تدرك إلا العصر فصلت العصر، فلما فرغت منها بقي من الشمس قدر ركعة أو ركعتين، قال: تصلي الظهر والعصر، وإن غربت الشمس. وذكر ابن عبد الحكم عن مالك قال: وإن قدم مسافر وقد نسي الظهر والعصر وقد بقي عليه من النهار مقدار خمس ركعات فليصل الظهر والعصر صلاة حضر، وإن كان أقل من ذلك فليصل الظهر صلاة سفر والعصر صلاة حضر. وفي المجموعة: روى علي بن زياد عن مالك في النصراني يسلم، وقد بقي عليه من الليل أربع ركعات أنه يصلي المغرب والعشاء. قال سحنون: وأعرف في أصحابنا من يقول: آخر الوقت لآخر الصلاتين، ولا شيء عليها غير العشاء. وفي العتبية (¬2) من سماع (ق 32 ب) يحيى أنه اختلف قول ابن القاسم في ذلك، فقال مرة: آخر الوقت لآخر الصلاتين ولا شيء عليها غير العشاء. وفي العتبية من سماع يحيى أنه اختلف قول ابن القاسم في ذلك، فقال مرة: آخر الوقت لآخر الصلاتين، وقال مرة أخرى: الوقت للفائتة منهما. وذكر ابن المواز (¬3) عن أصبغ في المسافر يذكر صلاة العصر وقد بقي عليه من النهار قدر ركعة، فيقوم إلى صلاة العصر فيصلي منها ركعة، وتغرب الشمس، ثم ينوي الإقامة قبل تمام الصلاة. قال أصبغ: تفسد عليه صلاته لأنه في وقتها ويعيدها سفرية. ¬

_ (¬1) انظر هذه المسألة في البيان والتحصيل، 2/ 71 - 72 وما جاء في النوادر والزيادات، 1/ 277. (¬2) لم نقف على هاتين المسألتين في سماع يحيى بن يحيى عن ابن القاسم في البيان والتحصيل. (¬3) انظر النوادر والزيادات، 1/ 278 - 279 عن ابن المواز.

في الجمع بين الصلاتين للمسافر

وقال ابن سحنون: يتمادى فيها سفرية، ولا شيء عليه. في الجمع بين الصلاتين للمسافر في المدونة (¬1): لابن القاسم عن مالك: لا يجمع بينهما إلا أن يجد به السير أو يخاف فوات أمر في حج كان أو غير حج، فإن كان السير قد جد به أو خاف فوات أمر جمع في آخر وقت الظهر وأول وقت العصر، وكذلك في المغرب والعشاء إلا أن يدخل عند الزوال فليجمع حينئذ في المرحلة بين الظهر والعصر، ولم يذكر في المغرب والعشاء الجمع عند الرحيل في أول الوقت. وقال سحنون: هما كالظهر والعصر. وقال ابن حبيب (¬2): السنة في الجـ[ـمع] للمسافر أن يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء (ق 33 أ)، وإن لم يخف شيئا ولم يبادره. وذكر أبو الفرج عن مالك: ومن اختار الجمع في سفره بين الصلاتين جمع بينهما، إن شاء أخر الأولى فصلاها في آخر وقتها، وصلى الآخرة في أول وقتها، وإن شاء في وقت الآخرة منهما كجواز الجمع بين الظهر والعصر بعرفة، وبين المغرب والعشاء بالمزدلفة. في جمع المريض بين الصلاتين في المدونة (¬3): قال مالك: المريض أولى بالجمع من المسافر وغيره لشدة ذلك عليه. قال: وقال مالك: إذا خاف أن يغلب على عقله فلا بأس أن يجمع بينهما عند الزوال، ولا يجمع قبل ذلك. ¬

_ (¬1) المدونة، 6/ 116 - 117. (¬2) انظر النوادر والزيادات، 1/ 264 عن ابن حبيب. (¬3) المدونة، 1/ 116. أنظر قول مالك أيضا في النوادر والزيادات، 1/ 262 من المختصر لابن عبد الحكم بهذا المعنى.

في الجمع بين الصلاتين في الحضر من غير عذر

وروى محمد بن خالد (¬1) عن ابن نافع وذكره محمد بن مزين عن ابن نافع أنه قال: لا يجمع المريض بين الصلاتين قبل وقت الآخرة وإن خشي أن يغلب على عقله، وإن غلب على عقله فلا شيء عليه في إعادة الظهر والعصر إذا لم يفق في بقية من وقتهما، وإن لم يغلب وسلم صلاهما في وقتهما كل واحدة منهما في وقتها حين يجب عليه. وفي المدونة (¬2) في المريض إذا كان أرفق به أن يجمع بين الصلاتين جمع بينهما في وسط الظهر. قال أشهب وسحنون: يجمع بينهما في آخر وقت الظهر وأول وقت العصر. في الجمع بين الصلاتين في الحضر من غير عذر (ق 33 ب) قال مالك وابن القاسم: لا يجمع بين الصلاتين في الحضر لغير مر [ض] ولا مطر. وقال أشهب: لا بأس بذلك وإن كانت الصلاة في أول الوقت أفضل. في الجمع بين الصلاتين ليلة المطر ذكر ابن عبد الحكم عن مالك قال: وجمع الصلاتين في مساجد العشائر ليلة المطر المغرب والعشاء سنة، تؤخر المغرب، ثم يصلى، ثم يؤذن الموذن بالعشاء ويطولون حتى يقرب مغيب الشقق أو معـ[ـه]، ثم يصلي ولا يتنفل بينهما. قال: ويجمع وإن انقطع المطر، إذا كان الوحل والطين. ¬

_ (¬1) هو محمد بن خالد بن مرتنيل الأشج، القرطبي، توفي سنة 220 أو 224 هـ. رحل وسمع من ابن القاسم وابن وهب وأشهب وابن نافع غيرهم من المدنيين والمصريين. وله ذكر في المستخرجة. انظر ترجمته في ترتيب المدارك، 4/ 117؛ وابن الفرضي، رقم 1099؛ والديباج المذهب، 2/ 163، ودراسات في مصادر الفقه المالكي لميكلوش موراني، (بيروت، 1988)، ص 59. (¬2) المدونة، 1/ 116.

وفي المدونة (¬1): ويجمع بين المغرب والعشاء في المساجد ليلة المطر، وكذلك يجمعون إن كان الطين والظلمة توخر المغرب شيئا، ثم يجمع قبل مغيب الشفق لينصرفوا وعليهم أسفار. وفي سماع زياد (¬2) عن مالك: قال مالك: وأظن أن النبي (ص) جمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المطر لأن المسجد كان لا يحبس المطر، وكان يقصد من مواضع بعيدة، ولم يكن في المدينة مسجد غيره، فكره أن يعري المسجد. قال: ولو ترك الناس الجمع في المطر اليوم لم أر ذلك خطأ، ولو ترك في غير المدينة لم يكن بذلك بأس. وليس مسجد رسول الله (ص) كغيره (¬3). وقال محمد بن (ق 34 أ) عبد الحكم: الجمع ليلة المطر في وقت المغرب، ولا تـ[ـؤخر] المغرب لأنه إن أخرت المغرب لم يصل واحدة [منـ]ـهما في وقتها، ولأن يصلي في وقت أحدهما أولى وينصرفون مبصرين. ¬

_ (¬1) المدونة، 1/ 115. (¬2) هو زياد بن عبد الرحمان بن زياد يلقب بشبطون (ت 204 هـ). سمع من مالك الموطأ ورواه قبل رواية يحيى بن يحيى بالأندلس. وله سماع من مالك معروف بسماع زياد. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 3/ 116، وإتحاف السالك برواة الموطأ عن الإمام مالك لابن ناصر الدين، ص 251 - 254، وابن الفرضي، الرقم 456، والديباج المذهب، 1/ 370؛ أنظر أيضا: Fierro: Tres familias andalusies de epoca omeya apodadas «Banu Ziyad». Estudios Onomastico-biograficos de al-Andalus. V.85 - 141. ويوجد من سماع زياد جزء صغير يتكون من تسعة أوراق رق في المكتبة العتبية بالقيروان، يحتوي على سؤالاته مالكا وعثمان بن عيسى بن كنانة؛ بخط أبي العرب التميمي (ت 333 هـ). (¬3) انظر الاستذكار، 6/ 30 - 31؛ وقارن بما جاء في النوادر والزيادات، 1/ 267: قال يحيى بن عمر وغيره ويجمع معهم المعتكف في المسجد، قيل لمالك: أيجمع في مساجد المدينة ليلة المطر، قال: لا أدري، فأما مسجدنا هذا فيجمع فيه؛ قال: ولا بأس بغير المدينة أن يجمع في غير الجامع من مساجد العشائر وليس ذلك كالمدينة.

من صلى في بيته المغرب ليلة المطر ثم أتى المسجد فوجدهم يصلون العشاء

وقال المغامي (¬1): وسمعت يحيى بن مزين يقول: لا أرى الجمع بين المغرب والعشاء بأرض الأندلس، لأن المطر فيها أبدا معتا [د]، وليس كذلك بالحجاز في أمطارها. في المدونة (¬2): ينصرفون وعليهم أسفار. وفي كتاب ابن عبد الحكم ما يدل على أنهم ينصرفون مع مغيب الشفق. من صلى في بيته المغرب ليلة المطر ثم أتى المسجد فوجدهم يصلون العشاء في المدونة (¬3): لابن القاسم: جائز أن يصليها معهم، قال: ولو وجدهم قد جمعوا لم يجز له أن يصلي العشاء قبل مغيب الشفق. وذكر ابن عبد الحكم عن مالك (¬4) قال: ومن أتى المسجد وقد فاتته الصلاة ليلة الجمع فليؤخر العشاء حتى يغيب الشفق؛ قال: وإن صلى في بيته المغرب، ثم وجد الناس لم يصلوا العشاء فلا يصلي حتى يغيب الشفق، إلا أن يكون ذلك في مسجد مكة والمدينة لما يرجى فيهما من الفضل. قال: وإذا جمعت الصلاة، فمن قرب منزله أو بعد في الجمع سواء. وقال يحيى بن عمر (¬5): وللمعتكف في المسجد أن يجمع مع الناس ليلة المطر. ¬

_ (¬1) هو يوسف بن يحيى بن يوسف بن محمد المغامي القرطبي، نزيل القيروان، توفي سنة 288. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 4/ 430 - 433؛ والديباج المذهب، 2/ 365؛ وابن الفرضي، الرقم 1615؛ وسير أعلام النبلاء للذهبي، 13/ 336. وهو من رواة الواضحة لابن حبيب. وفي رصيد المكتبة العتيقة بالقيروان قطع من كتب ابن حبيب بروايته التي اعتمد عليها ابن أبي زيد القيرواني في كتاب النوادر والزيادات. (¬2) المدونة، 1/ 115. (¬3) المدونة، 1/ 115. (¬4) عن مالك: أضافه الناسخ في الهامش. (¬5) انظر قول يحيى بن عمر في النوادر والزيادات، 1/ 267.

(ق 34 ب) في حد أذان وقت الفجر

(ق 34 ب) في حد أذان وقت الفجر وذكر العتبي (¬1): لعبد الملك بن الحسن عن ابن وهب قال: لا يؤذن لها إلا في السحر، فقيل له: وما السحر عندك، فقال: السدس الآخر. قال ابن حبيب (¬2): أول وقت الأذان للفجر آخر وقت العشاء، وذلك نصف الليل. في أذان من لم يحتلم في المدونة (¬3): قال مالك: لا يؤذن إلا من احتلم. وذكر عنه ابن عبد الحكم قال: لا يؤذن إلا من يؤم. قال ابن حبيب: إلا ألا يوجد غيره. وقال أشهب: إن أذن الصبي أو المرأة أجزأهم. وذكر أبو الفرج جواز أذان غير البالغ، وقال مالك: ليس على المرأة أذان ولا إقامة، وإن أقامت فحسن. وفي سماع زياد قال مالك: لا يصلي أحد بأذان الصبي حتى يحتلم. قال: ثم استجاز مالك أذان الصبي عند الضرورة، إذا لم يوجد غيره. في استدارة المؤذن في أذانه في المدونة (¬4): لابن القاسم: أنكر مالك الاستدارة للمؤذن إنكارا شديدا. قال ابن القاسم: وبلغني عنه أنه قال: إن كان يريد أن يسمع فلا بأس به. ¬

_ (¬1) البيان والتحصيل، 2/ 165. انظر أيضا النوادر والزيادات، 1/ 160، برواية عبد الملك ابن الحسن عن ابن وهب. (¬2) النوادر والزيادات، 1/ 160 عن ابن حبيب. (¬3) المدونة، 1/ 59. (¬4) المدونة، 1/ 58.

في كلام المؤذن في أذانه

وفي المدنية: لابن نافع قال: أرى أن يدور ويلتفت حتى يبلغ (حي على الصلاة). وكذلك قال ابن الماجشون (ق 35 أ) ورآه من حد الأذان. في كلام المؤذن في أذانه وفي كتاب ابن عبد الحكم عن مالك (¬1): ولا يتكلم المؤذن ولا يرد السلام، ولا يأمر بحاجة وهو يؤذن. قال ابن القاسم (¬2): قال مالك: لا يتكلم المؤذن في أذانه؛ قال ابن القاسم: فإن تكلم بنى ولم يبتدئ. قال ابن حبيب (¬3): إن اضطر إلى الكلام في أذانه تكلم وتمادى ولا يبتدئ، ولا يجوز له أن يفعل ذلك من غير اضطرار. قال: وقد كان عبد العزيز بن أبي سلمة يقول: لا بأس للمؤذن بالكلام، وبرد السلام، وكذلك الملبي والخطيب. فيمن ترك الإقامة في المدونة (¬4): من صلى بغير إقامة ناسيا فلا شيء عليه، وإن تعمد فليستغفر، ولا إعادة عليه. وقال ابن كنانة (¬5): عليه الإعادة. ¬

_ (¬1) انظر النوادر والزيادات، 1/ 168: قال مالك في المختصر ... الخ. (¬2) انظر النوادر والزيادات، 1/ 168 - 169: من المجموعة قال ابن القاسم ... الخ، ولم يذكر فيه مالكا. (¬3) في النوادر والزيادات، 1/ 169: ((قال ابن حبيب: وإن عرضت له حاجة مهمة فليتكلم، ويبني)). (¬4) المدونة، 1/ 61. (¬5) في النوادر والزيادات، 1/ 160: ((وذكر ابن سحنون أن ابن كنانة قال: من صلى بغير إقامة عامدا فليعد الصلاة)).

من أراد أن يقيم فأذن

وقال يحيى بن يحيى مثله، وكذلك ذكر ابن عبد الحكم عن مالك. من أراد أن يقيم فأذن ذكر ابن حبيب عن مالك أنه يعيد الإقامة؛ قال: وقال أصبغ: يجزئه لأن من الناس من يرى أن يشفع الإقامة. واختار ابن حبيب قول مالك وذكر أنه رواه عنه أصحابه المدنيون والمصريون. قال (¬1): وأما إذا أراد أن يؤذن فأخطأ وأقام فإنه يبتدئ الأذان. وفي المدونة (¬2): قال مالك في مؤذن (ق 35 ب) [أذ] ن فأقام، قال: لا يجزئه ويعيد الآذان من أوله. هل يقول مثل ما يقول المؤذن من كان في الصلاة في المدونة (¬3): قال مالك: إن كنت في فريضة فلا تقل مثل ما يقول المؤذن، وإن كنت في نافلة فقل. وفي الواضحة (¬4): كان ابن وهب يقول: لا بأس أن تقول كما يقول المؤذن وإن كان في فريضة. قال ابن حبيب: وبذلك أقول، لأنه تهليل وتكبير جائزان، يقوله في صلاته وإن لم يسمع أذانا. وفي المجموعة لابن عبدوس عن سحنون (¬5) أنه كان يقول: لا يقل أحد كما يقول المؤذن إذا كان في صلاة فريضة كانت أو نافلة. وقال محمد: إن قال: (حي على الصلاة، حي على الفلاح) عامدا أو ¬

_ (¬1) انظر النوادر والزيادات، 6/ 169 عن ابن حبيب. (¬2) المدونة، 1/ 59. (¬3) المدونة، 1/ 59 - 60. (¬4) النوادر والزيادات، 1/ 166 برواية ابن حبيب عن ابن وهب. (¬5) في النوادر والزيادات، 1/ 166: ((قال سحنون: لا يقول كقوله في فرض ولا نافلة)).

فيمن أذن قاعدا

(الصلاة خير من النوم) بطلت صلاته. فيمن أذن قاعدا في المدونة (¬1): قال مالك: لم يبلغني أن أحدا أذن قاعدا، وأنكره إنكارا شديدا، وقال: إلا من عذر، يؤذن لنفسه إذا كان مريضا. وذكر أبو الفرج عن مالك (¬2): لا بأس أن يؤذن الرجل قاعدا أو راكبا وجنبا ومحدثا، وأن يؤذن غير بالغ، ولا يقيم على شيء من هذه الأحوال. إلى أين ينتهي قول من يقول مثل ما يقول المؤذن (ق 36 أ) في المدونة (¬3): لمالك أنه يقول مثل ما يقول المؤذن إلى فر [اغ] التشهد. وكذلك ذكره ابن حبيب عن مالك. قال ابن حبيب: ولو قال: لا حول ولا قوة إلا بالله بعد التشهد، ثم عاد فقال مثل ما يقول المؤذن إلى فراغ الأذان، كان حسنا وكان أ [قر؟] ب لمعنى الحديث (¬4). قال ابن حبيب: وإن شاء السامع أن يدع القول بذلك حتى يفرغ المؤذن، فيقوله، وإن شاء قاله مع المؤذن. في كيفية الأذان والإقامة بعرفة والمزدلفة لم يختلف عن مالك أن الصلاتين بعرفة والمزدلفة يؤذن لكل واحدة منهما ¬

_ (¬1) المدونة، 1/ 59. (¬2) النوادر والزيادات، 1/ 167: من كتاب أبي الفرج البغدادي. (¬3) المدونة، 1/ 60. (¬4) راجع على سبيل المثال: الصحيح للبخاري، كتاب الأذان، باب 7.

في أم الولد هل تستر رأسها وقدميها في الصلاة

وتقام وتصلى الصلاتين في كلا الموضعين بأذانين وإقامتين (¬1)، وكذلك كل صلاتين مجموعتين. وقال ابن حبيب (¬2): الحديث (¬3) جاء في الصلاة بعرفة والمزدلفة بأذان واحد وإقامتين؛ قال: وبذلك يقول عبد الملك بن الماجشون. وذكر أبو الفرج عن ابن الماجشون مثله. في أم الولد هل تستر رأسها وقدميها في الصلاة في المدونة (¬4): قال مالك: لا تصلي إلا مستترة كالحرة. وقال محمد بن عبد الحكم: أحكامها أحكام الأمة، فلا بأس أن تصلي بغير سترة. وذكر ابن عبد الحكم عن مالك قال: ولا (ق 36 ب) [تصـ]ـلي أم الولد ورأسها مكشوف، فإن فعلت، فأنا أحب لها أن تعيد في الوقت، قال: ولو صلت المرأة الحرة بغير خمار أعادت في الوقت. قال محمد بن عبد الحكم: عليها الإعادة أبدا إذا كانت قادرة على الخمار ناسية أو عامدة. فيمن صلى داخل الكعبة أو على ظهرها قال ابن القاسم في المدونة (¬5): بلغني عن مالك أنه يعيد في الوقت بمنزلة من صلى إلى غير القبلة. ¬

_ (¬1) المدونة 1/ 173. (¬2) النوادر والزيادات، 1/ 489 عن ابن حبيب. (¬3) انظر على سبيل المثال ما جاء في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه في صحيح مسلم، 2/ الرقم 1218: كتاب الحج، باب حجة النبي (ص) برواية أبي بكر بن أبي شيبة. (¬4) المدونة، 1/ 94؛ وانظر ما جاء في باب في لباس المرأة والأمة في الصلاة في النوادر والزيادات، 1/ 205 - 207. (¬5) المدونة، 1/ 92 - 93.

(ق 37 أ) في سترة المصلي

وقال محمد بن عبد الحكم (¬1): من صلى في الكعبة فلا إعادة عليه، وهو قول أشهب، وصلاته مجزئة عنه. قال محمد (¬2): ومن صلى على ظهر الكعبة أجزأه، ولو صلى على أبي قبيس (¬3) أجزأه. قال: وقد رأيت على أبي قبيس مسجدا، وذكر لي أنه مسجد إسماعيل (¬4). وقال أبو الفرج عن مالك: من صلى فوق سطحها فريضة أعادها في الوقت، وإن صلى تطوعا جاز ذلك، وإن ولاها ظهره أعاد، وإن خرج الوقت إذا كان معاينا لها أو قادرا على التوجه نحوها، وأما من غابت عنه واجتهد في طلبها فأخطأها وصلى مستديرا لها أو مشرقا أو مغربا أعاد في الوقت، وإن تيامن أو تياسر قليلا فلا شيء عليه. وهكذا ذكره عبد الله بن عبد الحكم عن مالك؛ قال عبد الله: ومن صلى على ظهر الكعبة أعاد الصلاة (¬5). (ق 37 أ) في سترة المصلي قال ابن عبد الـ[ـحكم] عن مالك: ويصلي في الصحراء إلى غير سترة إذا لم يجد، ولا بأس بالصلاة إلى أهل الطواف من غير سترة - ومن صلى إلى سترة فزالت وهو ساجد أو جالس فليتمم ولا يقم، وإن كان قائما فلا بأس أن يتقدم أو يتأخر، وإن لم يجد إلا يمـ[ـينا أو] شمالا فلا بأس إذا كان قريبا. ¬

_ (¬1) انظر النوادر والزيادات، 1/ 221. (¬2) انظر النوادر والزيادات، 1/ 221. (¬3) اسم الجبل المشرف على مكة المكرمة: معجم البلدان، 1/ 80. (¬4) يقول الأزرقي في أخبار مكة، 1/ 2 ما يلي: ((فكان أول جبل وضع فيها أبو قبيس ... ؛ ومسجد على جبل أبي قبيس يقال له مسجد إبراهيم)) وفي هذا الكلام نظر كما روى ذلك الأزرقي في أخبار مكة 2/ 164. (¬5) انظر النوادر والزيادات، 1/ 221 من المختصر لابن عبد الحكم.

فيمن مشى إلى الصف راكعا أو قائما

قال ابن القاسم: قال مالك: الخط باطل (¬1). وقال محمد بن عمر بن لبابة: الخط حق، واحتج فيه بحديث أبي هريرة (¬2). قال ابن القاسم: إذا أمن أن يمر بين يديه أحد فلا بأس أن يصلي إلى غير سترة. وقال ابن حبيب (¬3): أخبرني مطرف وابن الماجشون عن مالك أنه قال: لا يصلي المصلي إلا إلى سترة في حضر أو سفر أمن أن يمر بين يديه مار أو لم يأمن. قال ابن حبيب: وبهذا أقول، لأنه يؤمن بالسترة من أجل المار فقط، ولكنها سنة الصلاة وهيئتها. فيمن مشى إلى الصف راكعا أو قائما في المدونة (¬4): لابن القاسم: سئل مالك عن من ركع خشية أن تفوته الركعة دون الصف ودب حتى وصل الصف؛ قال: فإن كان قريبا فلا بأس إذا طمع أن يصل إلى الصف قبل رفع الإمام، قلت: فإن لم يطمع فركع، قال: يجزئه ذلك. ¬

_ (¬1) انظر النوادر والزيادات، 1/ 196 برواية ابن وهب والليث بن سعد. (¬2) انظر الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال: إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا، فإن لم يجد فلينصب عصا، فإن لم يكن معه عصا فليخطط خطا، ثم لا يضر ما مر أمامه. انظر أيضا سنن أبي داود، 1/ الرقم 689، كتاب الصلاة، باب الخط إذا لم يجد عصا؛ وسنن ابن ماجه، 1/ الرقم 943، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما يستر المصلي، من حديث أبي هريرة، ومسند ابن حنبل، 2/ 249 و 225 في مسند أبي هريرة، والمصنف لعبد الرزاق الصنعاني 2/ الرقم 2286، وصحيح ابن حبان بترتيب ابن بلجان، 6/ الرقم 2361 و 2376 كلهم عن أبي هريرة. (¬3) النوادر والزيادات، 1/ 194 كقول ابن حبيب. (¬4) المدونة 1/ 69 - 70.

في قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في الفريضة والنافلة

وفي العتبية (¬1) (ق 37 ب): [قال] أشهب عن مالك إنه لا يمشي إلى الصف حتى يفرغ من الركعة لسجودها، ولا يجعل بين الركوع والسجود عملا. في قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في الفريضة والنافلة (¬2) قال ابن القاسم (¬3): قال مالك: لا يقرأ بها في الفريضة، والشأن تركها. وذكر ابن عبد الحكم (¬4): لا يسر بسم الله الرحمن الرحيم ولا يجهر بها في نافلة ولا مكتوبة إلا رجل يعرض القرآن عرضا في نوافله، فيستفتح في كل سورة بسم الله الرحمن الرحيم إن شاء. وذكر إسماعيل بن إسحاق عن أبي ثابت (¬5) عن ابن نافع عن مالك أنه قال: لا بأس أن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في الفريضة والنافلة. وروى يحيى بن يحيى عن ابن نافع قال: لا أرى أن يتركها في فريضة ولا في نافلة. وفي المدونة (¬6): قال مالك فيمن أسر فيما يجهر فيه أو جهر فيما يسر فيه أنه يسجد للسهو، فقلت له: فإن قال بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، ونحو ذلك جهرا في صلاة السر، ثم أسر، قال: هذا خفيف ولا سهو عليه. ¬

_ (¬1) قارن هذه المسألة بما جاء في البيان والتحصيل 1/ 491 - 492. (¬2) انظر كلام ابن عبد البر في كتابه الذي ألفه في هذا الموضع: الإنصاف فيما بين علماء المسلمين في قراءة ((بسم الله الرحمن الرحيم)) في فاتحة الكتاب من الاختلاف. دراسة وتحقيق: عبد اللطيف بن محمد الجيلاني المغربي. الرياض 1997. (¬3) المدونة، 1/ 64. (¬4) النوادر والزيادات، ق 28 ب: قال في المختصر: ولا بأس لمن يعرض القرآن في نوافله أن يقرأ ما يريد بين السور. (¬5) هو محمد بن عبيد الله المدني القرشي: انظر ترجمته في: المزي: 26/ 46؛ وتهذيب التهذيب لابن حجر، 9/ 324. يروي عنه إسماعيل بن إسحاق القاضي كثيرا في كتابه ((أحكام القرآن)) منه نسخا متفرقة في المكتبة العتيقة بالقيروان. (¬6) المدونة، 1/ 140.

في القراءة خلف الإمام فيما أسر فيه

وفي العتبية (¬1): لعبد الملك بن الحسن عن ابن وهب في الذي يقرأ سورتين في نافلة أنه يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في افتتاح السورة الثانية ولا يدعها، وذلك في النوافل وقيام رمضان. وروى عبد الله بن محمد بن خالد (¬2) عن أصبغ قال: كان ابن وهب يذهب أن الجهر بـ ((بسم الله (ق 38 أ) الرحمن الرحيم))، ثم رجع إلى الإسرار بها. في القراءة خلف الإمام فيما أسر فيه قال إسماعيل بن إسحاق: القراءة خلف الإمام في مذهب مالك فيما أسر فيه مستحبة ليست بواجبة (¬3). وحدثني أحمد بن سعيد بن بشر (¬4): أخبرنا ابن أبي دليم (¬5) قال: حدثنا ابن وضاح (¬6): حدثنا أبو الطاهر (¬7) أن ابن وهب وأشهب كانا يأخذان بترك ¬

_ (¬1) البيان والتحصيل، 2/ 152. (¬2) هو عبد الله بن محمد بن خالد بن مرتنيل، أبو محمد القرطبي، قد سبق ذكر أبيه. سمع من سحنون الأسدية قبل تدوينها بالقيروان، كما سمع من أصبغ بن الفرج وغيره في مصر, ولي الصلاة بقرطبة وتوفي بها سنة 266 هـ. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 4/ 239، ابن الفرضي، الرقم 633. (¬3) انظر ما جاء من اختلاف السلف في هذه المسألة في: النوادر والزيادات، 1/ 178 - 180. (¬4) هو أحمد بن سعيد بن محمد بن بشر بن الحصار، أبو العباس القرطبي (ت 392 هـ). انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 7/ 195، وابن الفرضي، الرقم 196. (¬5) هو محمد بن عبد الله بن عبد الملك بن أبي دليم القرطبي، توفي في رمضان سنة 338، وأكثر رواياته عن محمد بن وضاح. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 5/ 210. (¬6) هو محمد بن وضاح بن بزيع، أبو عبد الله القرطبي، توفي سنة 287، من أشهر فقهاء زمانه بالأندلس، تفقه على سحنون وغيره في رحلتيه إلى المشرق. ألف كتاب البدع، الذي حققته المستشرقة الإسبانية M.Fierro وطبع في مدريد، 1988، كما حققه بعد ذلك بدر عبد الله البدر، الرياض، 1996. وانظر ترجمته في مقدمة هذين التحقيقين مفصلة. (¬7) هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمر بن السرح، من كبار رواة عبد الله بن وهب في =

في تأمين الإمام

القراءة خلف الإمام فيما أسر فيه وفيما جهر؛ قال: وهو قول مالك. وقال أشهب بعقب ذلك: لا أرى ذلك عليه. في تأمين الإمام في المدونة (¬1): قال مالك: لا يقول الإمام آمين، وإنما يقول ذلك من خلفه. وفي الواضحة (¬2) قال ابن حبيب: سألت مطرفا وابن الماجشون عن رواية ابن القاسم عن مالك في آمين أنه لا يقولها الإمام، فأنكروا ذلك، وقالوا: سمعنا مالكا يقول: الإمام وغيره في قول آمين سواء. هل يقول الإمام: ربنا ولك الحمد لا يقولها عند مالك وجمهور أصحابه، وهو المعروف في مذهبه، ويقولها المأموم والمنفرد. وذكر ابن مزين عن يحيى عن ابن نافع أنه كان يستحب للإمام أن يقول: ربنا ولك الحمد وأن يقول: آمين؛ وقال: هو والمأموم في ذلك سواء. (ق 38 ب) هل يقول آمين من لا يسمع القراءة قال ابن نافع: لا يقول آمين إلا إذا سمع قراءة الإمام، وسمع: ولا الضـ[ـالين]. ¬

_ = مصر، توفي سنة 250 أو سنة 255 هـ. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 4/ 173؛ والديباج المذهب، 1/ 166؛ والمزي، 1/ 415؛ وسير أعلام النبلاء للذهبي، 12/ 62. (¬1) المدونة، 1/ 71. (¬2) في النوادر والزيادات، (ق 30 أ): ((وروى ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون عن مالك أن الإمام يقول: آمين كالمأموم على حديث أبي هريرة)). ويقصد بحديث أبي هريرة عن النبي (ص) ما جاء في الموطأ، رواية يحيى 1/ 87: إذا أمن الإمام فأمنوا ... راجع: المعجم المفهرس 1/ 121.

هل توضع اليمنى على اليسرى في المكتوبة

وقال ابن عبدوس: يتحرى ويقولها كما يتحرى المريض وقت الرمي عنه فيكبر. وقال يحيى بن عمر: لا يتحرى ولا يقولها إلا إذا سمع الإمام، لأنه كلام ولا يوضع في غير موضعه، وليس المريض في صلاة. هل توضع اليمنى على اليسرى في المكتوبة في المدونة (¬1): لابن القاسم عن مالك: إنما ذلك في النوافل من طول القيام ولا أحبه في المكتوبة. وفي الواضحة لابن حبيب: سألت عن ذلك مطرفا وابن الماجشون فقالا: لا بأس بذلك في النافلة والمكتوبة، وروياه عن مالك، وقالا: كان مالك يستحسنه. قال ابن حبيب: وروى أشهب عن مالك أنه لا بأس به في المكتوبة والنافلة، وكذلك يقول ابن نافع قال: وذلك من السنة. وذكر ابن مزين قال: وروى أشهب وابن نافع وابن وهب عن مالك إجازة ذلك في الفرائض. في رفع اليدين في المدونة (¬2): قال مالك: لا أعرف رفع اليدين في شيء من تكبير الصلاة، لا في خفض، ولا رفع إلا في افتتاح الصلاة، يرفع شيئا خفيفا. قال ابن القاسم: ورفع اليدين عند مالك في كل شيء ضعيف. وفي العتبية (¬3): روى أشهب وابن نافع عن مالك أنه قال: يرفع المصلي يديه إذا قال: سمع الله لمن حمده (ق 39 أ)؛ فقيل له: متى يرفع، إذا قال: ¬

_ (¬1) المدونة، 1/ 74. (¬2) المدونة، 1/ 68. (¬3) البيان والتحصيل، 1/ 470.

في رفع الأيدي في التكبير على الجنازة

سمع الله لمن حمده، أو إذا قال: ربنا، لك الحمد، قال: إذا رفع رأسه من الركوع. قال: وليس رفع اليدين باللازم، وفي ذلك سعة. وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: الذي آخذ به أن يرفع المصلي يديه إذا أحرم، وإذا رفع رأسه من الركوع. قال: وليس يروي أحد عن مالك مثل رواية ابن القاسم عنه في رفع اليدين. وروى ابن وهب عن مالك أنه يرفع يديه للركوع وبعد أن يرفع رأسه في الركوع. في رفع الأيدي في التكبير على الجنازة قال ابن القاسم (¬1): ما رأيت مالكا يرفع يديه في أول تكبيرة ولا في غيرها في الصلاة على الجنازة. وروى أشهب عنه أنه قال: أستحب له أن يرفع يديه عند كل تكبيرة من صلاة الجنائز. وروى ابن وهب (¬2) عنه أنه كان يرفع يديه في التكبير على الجنازة مع كل تكبيرة؛ قال: وربما لم يرفع. وقال أبو الفرج: لا بأس عند مالك بترك رفع الأيدي في التكبير على الجنازة. في الصلاة في الطين قال ابن عبد الحكم عن مالك: ومن أدركه الوقت وهو في ماء وطين فليصل على قدر طاقته، إن لم يقدر يسجد أومأ وهو جالس، وإن لم يستطع أن يومئ وهو جالس فليومئ وهو قائم، وإن كان يقدر أن يضع (ق 39 ب) جبهته على الطين وضعا خفيفا فليفعل. ¬

_ (¬1) المدونة، 1/ 176. (¬2) انظر النوادر والزيادات، 1/ 589: وقال عنه ابن وهب في سماعه ... الخ.

إذا قام المصلي ولم يعتمد على يديه

وقال ابن حبيب (¬1) ومذهب مالك وأصحابه أنه يومئ، إلا عبد الله ابن عبد الحكم، فإنه كان يقول: [يسجـ]ـد عليه ويجلس فيه إذا كان لا يغم وجهه، ولا يمنعه من ذلك إلا إحراز ثيابه. قال: وبالأول أقول، إنه أشبه الله في الدين، وإنه لا طاعة له في تلويث الثياب بالطين. وفي العتبية (¬2): روى أشهب عن مالك أنه يجلس في الطين ولا يقف فيومئ ويجلس جالسا على الطين على قدر طاقته. إذا قام المصلي ولم يعتمد على يديه في العتبية (¬3): لمالك من سماع ابن القاسم: لا بأس بذلك، ثم كرهه بعد. في القنوت لم يختلف عن مالك وأصحابه في أنهم كانوا يأخذون بالقنوت في صلاة الصبح إلا يحيى بن يحيى، فإنه كان لا يرى القنوت ويميل فيه إلى قول الليث بن سعد. وذكر ابن عبد الحكم قال: ولا يترك القنوت في صلاة الصبح، وإن قنت قبل الركعة وبعدها فذلك كله واسع. واختار ابن القاسم القنوت قبل الركوع. وروى ابن وضاح عن زيد بن البشر (¬4) عن ابن وهب أنه قال: القنوت بعد ¬

_ (¬1) انظر النوادر والزيادات، 1/ 254، وفيه يروي ابن حبيب هذه المسألة عن ابن عبد الحكم. (¬2) البيان والتحصيل، 1/ 427؛ انظر أيضا النوادر والزيادات، 1/ 254، من العتبية عن أشهب. (¬3) البيان والتحصيل، 1/ 345. (¬4) هو زيد بن [الـ]ـبشر بن زيد بن عبد الرحمان الأزدي، يكنى أبا بشر، من أهل مصر، =

هل يرد على الإمام من فاته بعض الصلاة

رفع الرأس من الركوع أحب إلي. قال ابن وضاح: وهو رأي الليث وأشهب وسحنون. قال ابن وضاح: وعلى ذلك رأيت أهل مكة والمدينة وأهل دمشق وأهل مصر في مساجد الجماعات ومع الأئمة. وقال لي سحنون به (ق 40 أ). هل يرد على الإمام من فاته بعض الصلاة ذكر ابن عبدوس في المجموعة أنه اختلف قول مالك في ذلك، فمرة قال: يرد على الإمام، ومرة قال: لا يرد. واختار ابن القاسم [الرد] عليه. في السلام من سجدتي السهو قال مالك (¬1): يعلن بذلك السلام كما يفعل بالسلام من الصلاة. وقال ابن كنانة: لا يعلن بذلك السلام، ويسلم الإمام سرا، ثم يقوم، فإذا رآه الناس قد قام سلموا وقاموا. ¬

_ = نزيل تونس، توفي بها سنة 242 هـ. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 4/ 98 (اسم أبيه هناك بشير وهو خطأ)، وسير أعلام النبلاء للذهبي، 11/ 521 - 522. وذكره الكندي في كتاب القضاة (أنظر هناك الفهارس). كما ذكره أبو العرب التميمي في كتاب المحن (ص 458) قائلا: منع من الفتيا والسماع واستخفى في بيته أيام ابن داود في وقت المحنة، ثم خرج إلى أفريقية فنزل القيروان ورحل منها إلى مدينة تونس فسكنها حتى مات. وانظر كتاب البدع لابن وضاح، ص 190، 203، 218 (تحقيق Fierro) ، حيث أثبتت علاقته بابن وضاح: ((حدثنا محمد بن وضاح قال: قرأ علينا أبو البشر ونحن نسمع ...)) إلخ. (¬1) انظر ما جاء في النوادر والزيادات، 1/ 394: من المجموعة قال علي عن مالك: وليسمع الإمام من التكبير في سجدتي السهو والسلام منهما ... الخ.

هل يجمع مرتين في مسجد له إمام

هل يجمع مرتين في مسجد له إمام ذكر ابن عبد الحكم قال: ولا تجمع صلاة في مسجد مرتين إذا كان له إمام راتب. وكذلك قال ابن القاسم. وقال أشهب: لا بأس بذلك. وروى ابن مزين عن أصبغ قال: دخلت المسجد مع أشهب وقد صلى الإمام، فقال لي: يا أصبغ، إئتم بي وتنح إلى زاوية فائتم به. وفي العتبية (¬1): روى أشهب وابن نافع عن مالك في مسجد له إمام راتب في بعض الصلوات دون بعض أنه لا بأس أن يجمع فيه من الصلوات مرتين ما لا يجمع بإمام راتب. وروى ابن القاسم عن مالك أنه لا تجمع فيه صلاة مرتين إلا من الصلوات التي تجمع بإمام راتب ولا من غيره. في تزويق المساجد كره مالك (¬2) تزويق المساجد، وذكر أن ذلك يشغل المصلي عن صلاته. وقال في المدونة: (ق 40 ب) يتصدق بثمن ما تجمر به المساجد و [ما] (¬3) تخلق أحب إلي. وقال ابن نافع (¬4): أما ما قل من التزويق فلا بأس به. ¬

_ (¬1) البيان والتحصيل، 1/ 307. (¬2) المدونة، 1/ 109. (¬3) [ما]: سقط من الأصل؛ أنظر المدونة، 1/ 107: يتصدق بثمن ما يجمر به المسجد وما يخلق به أحب إلي من تجمير المسجد وتخليقه. (¬4) راجع هذه المسألة في شرح أبي الوليد بن رشد، نقلا عن المبسوطة، بالبيان والتحصيل 1/ 270.

في الصلاة [خلـ]ـف أهل البدع

في الصلاة [خلـ]ـف أهل البدع في المدونة (¬1) قال مالك: لا يصلى خلف القدري؛ قال ابن القاسم: قلت له: ولا الجمعة؟ قال: ولا الجمعة. قال: وإن اتقيت على نفسك صليتها معه وأعدتها ظهرا أربعا. قال ابن القاسم: ورأيته إذا قيل له في إعادة الصلاة خلف أهل البدع يقف ولا يجيب. قال ابن القاسم (¬2): فأرى الإعادة من ذلك في الوقت. وقال أصبغ: يعيد في الوقت وبعد الوقت. وقال ابن حبيب (¬3): إن كان واليا صاحب صلاة ونحو ذلك، فالصلاة وراءه جائزة، ولو أعاد من صلى خلفه في الوقت فحسن؛ وأما إذا كان يجد منه بدا فعليه الإعادة في الوقت وبعده. وقال ابن عبد الحكم: لا يؤم أحد من أهل الأهواء والبدع. وقال سحنون: لا إعادة على من صلى وراءه لأن صلاته لنفسه جائزة، وليس بمنزلة النصراني لأن صلاة النصراني لنفسه لا يجوز. وقال ابن وضاح: قلت لسحنون: وابن القاسم يرى (¬4) الإعادة في الوقت على من صلى خلف أهل الأهواء. وقال أصبغ: يعيد أبدا، فما تقول أنت، فقال: لقد جاء الذي رأى عليه الإعادة أبدا ببدعة أشد من بدعة صاحب البدعة. ¬

_ (¬1) المدونة، 1/ 84. وانظر أيضا الاستذكار، 26/ الرقم 38854. (¬2) المدونة، 1/ 84. (¬3) انظر ما جاء في النوادر والزيادات، 1/ 289 - 290 من الواضحة لابن حبيب. (¬4) في الأصل: وقال ابن وضاح قلت لسحنون وابن القاسم ترى (كذا!) الإعادة .. . الخ. لا يستقيم هذا الكلام لأن ابن وضاح لم يجتمع بابن القاسم، ولا يصح سياق الكلام إلا كما أثبتناه.

في الأمي يؤم الأميين

وقال محمد بن عبد الحكم: من صلى خلف أحد من أهل الأهواء والبدع أعاد أبدا في الوقت وبعده. ومن سب أبا بكر وعمر أو واحدا من أصحاب رسول الله (ق 41 أ) (ص)، فلا يصلى خلفه، ومن صلى خلفه أعاد أبدا. في الأمي يؤم الأميين ذكر ابن حبيب عن ابن القاسم وابن الماجشون ومطرف وأصبغ أنهم قـ[ـالوا: لا يـ]ـجوز للأميين أن يأتموا بالأمي إلا أن لا يجدوا قارئا. وذكر ابن سحنون عن أبيه أنه قال: لا بأس أن يأتم الأمي بالأميين. في صلاة الجالس مريضا بالمرضى جلوسا وذكر ابن عبد الحكم قال: ولا يؤم أحد قاعدا إلا من ضرورة تنزل به، وبمن معه مثل أهل البحر ومن أشبههم فلا يقدرون على القيام. وفي العتبية (¬1): لموسى بن معاوية عن ابن القاسم أنه لا يجوز لأحد أن يؤم قاعدا بعد النبي (ص) لا نافلة ولا فريضة. ومن أم قاعدا أجزأه وأعاد القوم. وقال ابن وهب: إذا لم يقدروا في السفينة على القيام فلا بأس أن يؤمهم جالس وهم جلوس. في صلاة المريض الجالس بقيام أصحابه قال ابن القاسم: لا يأتم القائم بالجالس في فريضة ولا نافلة، ولا بأس أن يأتم الجالس بالقائم وإن عرض لإمام ما يمنعه من القيام استخلفه. وروى الوليد بن مسلم (¬2) عن مالك أنه أجاز للإمام المريض أن يصلي ¬

_ (¬1) البيان والتحصيل، 1/ 513. (¬2) هو الوليد بن مسلم القرشي، أبو العباس الدمشقي (ت 196 هـ)، من حفاظ أهل دمشق، روى عن مالك والأوزاعي وغيرهما. ذكره ابن ناصر الدين في إتحاف السالك برواة الموطأ عن الإمام مالك، ص 115 - 117؛ انظر ترجمته أيضا في: المزي، 31/ 86 - =

فـ[ـي الإ] مام لا يرى الوضوء من القبلة أو من مس الذكر

جالسا بالأصحاء قياما، وقال: وأحب إلي أن يكون إلى جنبه من يعلمهم بصلاته (ق 41 ب) كما صنع أبو بكر (¬1) مع النبي (ص). فـ[ـي الإ] مام لا يرى الوضوء من القبلة أو من مس الذكر ذكر ابن سحنون عن أشهب أنه قال: على من صلى خلفه الإعادة لأن القبلة من الملامسة التي ذكر الله تعالى (¬2). قال: وقال سحنون: إنما عليه الإعادة بحدثان ذلك. قال: وقال أشهب (¬3): ولو كان الإمام لا يرى الوضوء من مس الذكر لم يكن على من صلى خلفه الإعادة، وفرق بينه وبين القبلة. وقال سحنون: هما سواء، وعليه الإعادة بحدثان ذلك. في إمامة الصبي في النافلة ذكر ابن عبد الحكم قال: ولا يؤم الصبي إذا لم يحتلم في المكتوبة، ولا بأس به في قيام رمضان في البيوت للنساء. وفي المدونة (¬4): قال مالك: لا يؤم الصبي في النافلة الرجال ولا النساء. وفي العتبية (¬5): لأشهب عن مالك أنه لا بأس أن يؤم الصبي في النافلة وفي قيام رمضان. ¬

_ = 99؛ وسير أعلام النبلاء للذهبي، 9/ 211، وتهذيب التهذيب لابن حجر، 6/ 98، وتاريخ دمشق لابن عساكر، 63/ 274 - 295. (¬1) انظر على سبيل المثال ما جاء في ذلك في صحيح البخاري، كتاب الأذان، باب من قام إلى جنب الإمام لعلة: فتح الباري، 2/ الرقم 683. (¬2) سورة النساء، الآية 43؛ سورة المائدة، الآية 6، وهي قوله تعالى: {أو لامستم النساء}. (¬3) النوادر والزيادات، 1/ 288: وقال سحنون عن أشهب. (¬4) المدونة، 1/ 84. (¬5) انظر ما جاء مفصلا في البيان والتحصيل، 1/ 395 و 486.

في إمامة العبد والخصي

وقال ابن نافع بعقب ذلك: لا يؤم إلا بالغ. في إمامة العبد والخصي ذكر ابن عبد الحكم قال: لا يكون المملوك إماما راتبا ولا أحب أن يؤم الخصي في مساجد الجماعات، ولا بأس به فيما سواها. وقال ابن حبيب: كره مالك أن يكون المملوك والخصي إمامين راتبين. وقال ابن الماجشون (¬1) (ق 42 أ): لا بأس أن يكون كل واحد منهما إماما راتبا؛ ورأى الخصي بمنزلة الأعرج والأقطع وشبه ذلك، واستثنى في العبد أنه لا يصلي بالناس الجمعة لأنه ليست عليه جمعة. قال: وكذلك [قال] ابن نافع (¬2): لا بأس أن يكون الخصي إماما راتبا. وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: لا بأس بإمامة الخصي راتبا كان أو غير راتب، وهو مثل الأعور. وقاله عبد الله بن عبد الحكم أيضا من رأيه. في إمامة ولد الزنى في المدونة (¬3): قال مالك: لا يؤم ولد الزنى. وذكر ابن عبد الحكم قال: ولا بأس بإمامه ولد الزنى ما لم يكن إماما راتبا. وروى يحيى عن ابن نافع أنه سأله: ما وجه ما كره مالك من إمامه ولد الزنى، فقال ابن نافع: لا أدري لم كرهه، ولا أرى به بأسا؛ قلت: وإن كان ¬

_ (¬1) قال في النوادر والزيادات، 1/ 285: ((وأجاز ابن الماجشون إمامة الخصي راتبا إلا في الجمعة.)) الخ. (¬2) في النوادر والزيادات، 1/ 285 خلاف ذلك عن مالك: ((قال ابن نافع عن مالك في المجموعة: لا أرى أن يؤم الخصي، وليس بالإمام التام)). (¬3) المدونة. 1/ 85.

ما يجزيء من التكبير في افتتاح الصلاة وهل يفتتح بالعجمية

إماما راتبا، قال: وإن كان إماما راتبا. ما يجزيء من التكبير في افتتاح الصلاة وهل يفتتح بالعجمية في المدونة (¬1): قال مالك: تحريم الصلاة التكبير وتحليلها التسليم. قال ابن القاسم (¬2): ولا يجزئ عند مالك في السلام من الصلاة إلا (السلام عليكم)، ولا يجزئ من الإحرام إلا (الله أكبر). ودليل ما في المدونة فيمن افتتح بالعجمية وهو لا يحسن العربية. أن ذلك مكروه عند مالك في قياس ابن القاسم. وذكر أبو الفرج عن مالك قال: من كان (ق 42 ب) من العجم فلا يجزئه غير التكبير مما يدخل به في صلاته أو بالحرف الذي أسلم به. ولم يختلف قول مالك وأصحابه أنه لا يجزئ في افتتاح الصـ[ـلاة ..] (الله أكبر). وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم في الذي يقول: (ألله الأكبر)، أنه لا يجزئ من إحرامه. وكذلك قال الأبهري وأصحابه. قال محمد: ولو قال: ((الله الأكبر)) في تكبير الركوع كان بمنزلة من لم يكبر. وذكر لمحمد قول ابن القاسم فيمن افتتح بالعجمية، فقال: لمالك خلاف هذا، أنه لا بأس به أن يعلم العجمي التلبية بلسانه إذا لم يحسن العربية، وكل شيء يدعو به ربه إلا القرآن، ويقول: (الله أكبر) بالعجمية ولا يقرأ القرآن بالعجمية ويدعو بالعجمية إذا لم يعرف غير ذلك. ¬

_ (¬1) المدونة، 1/ 62. (¬2) المدونة، 1/ 62 - 63.

فيمن نسي تكبيرة الإحرام من مأموم أو إمام شك هل أحرم

فيمن نسي تكبيرة الإحرام من مأموم أو إمام شك هل أحرم لا خلاف عن مالك وأصحابه فيمن ترك تكبيرة الإحرام ناسيا أو عامدا أو كان إماما أو منفردا، أنه لم تنعقد له صلاة، وليس في صلاة، وأنه لا صلاة لإمام ولا لمنفرد إلا بإحرام. واختلفوا في مأموم نسي تكبيرة الإحرام. وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: من نسي الإحرام (¬1) وهو وراء الإمام قطع متى ما ذكر، وسواء ركع أو لم يركع، وابتدأ الإحرام ساعة يذكر. قال: ولست آخذ فيه بقول أصحابنا ولا بحديث ابن المسيب، (ق 43 أ) قيل له: أيقطع بسلام أم بغير سلام، قال: بغير سلام لأنه ليس في صلاة إذا لم يكن أحرم. قال: وقد كان ربيعة ينسى الإحرام وهو وراء الإمام فيحرم إذا ذكر ويبتدئ صلاته، وبه آخذ ببلدنا. وذكر ابن المواز عن ابن القاسم في المنفرد يشك هل أحرم أم لا بعد عقد ركعة، أنه يقطع بمنزلة الناسي. قال: وقال عبد الملك: يتمادى ويتذكر، وليس كالناسي. قال ابن المواز: والناسي يقطع باتفاق منهم. وفي المدونة (¬2): قال مالك: من دخل مع الإمام فنسي تكبيرة الإحرام، ¬

_ (¬1) لعل صوابه: تكبيرة الإحرام، وسقطت كلمة ((تكبيرة)) بسبب غفلة الناسخ، حيث جاء في المختصر الصغير لمحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ما يلي: من نسي تكبيرة الإحرام مع الإمام فذكر فكبر من بعد ما صلى ركعة، فإنه يمضي مع الإمام، ثم يعيد صلاته. (عن قطعة في المكتبة العتيقة بالقيروان، بدون رقم). وكذلك أيضا في رواية المختصر الصغير لأبي إسحاق البرقي بزيادات اختلاف فقهاء الأمصار (نسخة أسد أفندي، في المكتبة السليمانية، رقم 966، ق 13 أوق 13 ب). (¬2) المدونة، 1/ 63.

قال: إن كبر للركوع ينوي بذلك تكبيرة الافتتاح أجزأته صلاته، وإن لم ينو بتكبيرة الركوع تكبيرة الإحرام، فليمض مع الإمام حتى إذا فرغ الإمام أعاد الصلاة. قال: إنما أمرته بالتمادي مع الإمام لقول سعيد أنه يجزئه إذا كبر للركوع. وكان ربيعة يرى الإعادة على من نسي تكبيرة الإحرام فقال: أرى له التمادي على قول سعيد؛ وأرى عليه الإعادة على قول ربيعة احتياطا. قال ابن القاسم: وقال مالك فإن لم يكبر المأموم للإحرام ولا للركوع حتى ركع مع الإمام ركعة، ثم ذكر ابتداء الإحرام وكان الآن داخلا في الصلاة. وقال عيسى عن ابن القاسم في الذي يحرم قبل الإمام ونسي تكبيرة الركوع ويعلم ذلك بعد ركعة أنه يقطع بسلام ويحرم ويكون كالداخل. وروى ابن وهب عن مالك أنه سئل عن المأموم إذا لم (ق 43 ب) يكبر تكبيرة الإحرام ولا كبر للركوع، فقال: أرجو أن يجزئ عند إحرام الإمام، وأفضل ذلك عندي الاحتياط في الصلاة. وروى أشهب عن مالك أنه إذا نسي تكبيرة الإحرام خلف الإمام حتى صلى بعض صلاته، قال: أرى الاحتياط إعادة الصلاة، ولا أدري أذلك عليه أم لا. وذكر ابن مزين قال: روى ابن نافع عن مالك أنه إذا لم يكبر للإحرام وكبر للركوع تكبيرا ينوي به تكبير الإحرام أنه يمضي مع الإمام ويستأنف. قال ابن نافع: وأنا أرى أن يقطع ويبتدئ. وروى غيره: عن ابن نافع في ذلك روايتان، أحدهما أنه قال بقول ابن المسيب أنه يجزئه وإن لم ينو بتكبيرة الركوع الإحرام، والأخرى أنه يقطع متى ما ذكر. وذكر أبو الفرج عن مالك قال: من ترك تكبيرة الإحرام عامدا أو ناسيا حتى قضى بعض صلاته ابتدأ من حين ذكر من غير قطع بتسليم، فإن ذكر ذلك من بعد القراءة وقبل الركوع فأراد أن يجعل تكبيرة الركوع للإحرام والركوع، لم

أول صلاته يدرك مع الإمام أو آخرها [إذا] فاته [بعضها]

يكن ذلك إلا أن يكون وراء الإمام فيجزئه أن يجعل التكبير للركوع والإحرام جميعا، ولا يجزئ من سواه من إمام أو منفرد، فإن فعل ذلك من ليس له فعل إلغاء الركعة التي فعل فيها ذلك. قال ابن المواز: ولو كان مأموما فشك في إحرامه فإن ابن القاسم روى عن مالك أنه إن طمع أن يلحق الإمام لم يرفع رأسه، رجع فكبر، وانحط للركوع، والإمضاء على صلاته؛ ولم يعجب ذلك ابن القاسم (ق 44 أ). قال ابن المواز: ولا يعجبني، والصواب أن يتمادى. أول صلاته يدرك مع الإمام أو آخرها [إذا] فاته [بعضها] في المدونة (¬1) قال مالك: ما أدرك مع الإمام هو أول صلاته إلا أنه يقضي مثل الذي فاته. وفي العتبية (¬2): لعيسى عن ابن القاسم قال: سألت مالكا عن ذلك، فقال: الذي أدرك آخر صلاته. قال سحنون بعقب ذلك: بل، هو أول صلاته، وهو الذي لم يعرف خلافه، وهو قول مالك، أخبرني به غير واحد، ويقضي كما فاته. وفي الواضحة: قال ابن حبيب: الذي أدرك هو آخر صلاته، والذي يقضي هو أولها لأنه لا يستطيع أن يخالف إمامه فيكون له أولى وللإمام ثانية أو ثالثة. فيمن أدرك بعض صلاة الإمام هل يكبر إذا قام للقضاء ذكر ابن عبد الحكم قال: ومن أدرك الإمام جالسا فكبر وجلس معه ونوى بذلك الافتتاح أجزأه ذلك، فإن كان في صلاة الجمعة ابتدأ بتكبيرة أخرى أحب إلينا. ¬

_ (¬1) المدونة، 1/ 97. (¬2) البيان والتحصيل، 2/ 46 - 47.

فيمن اجتمع عليه بناء وقضاء

قال: ومن وجد الإمام في آخر صلاته جالسا فليكبر ويجلس أحب إلينا. وفي الواضحة: قال مالك: إذا حبسه الإمام للجلوس في غير موضع جلوسه لو كان منفردا، قام إذا سلم الإمام لقضاء ما عليه بغير تكبير لأن التكبيرة التي رفع رأسه بها من السجود هي تكبيرة القيام (ق 44 ب) إلا أن الإمام حبسه. قال ابن حبيب: فأعلمت بذلك ابن الماجشون فلم يره صوابا، وقال: إذا لزمه الجلوس والتشهد فحكمه حكم الإمام فـ[...] لسه، ثم يجب أن يكبر لنهوضه بتكبيرة النهوض. قال ابن حبيب: وعلى قول ابن الماجشون في ذلك أكثر أصحاب مالك. وفي المدونة: لابن القاسم عن مالك كما ذكر ابن حبيب عنه. وقال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: لا يقوم إلا بتكبير. فيمن اجتمع عليه بناء وقضاء قال ابن حبيب: هما مسألتان لا نظير لهما في المسائل، إحداهما: رجل فاته الإمام بركعة وصلى معه ثانية، ثم رعف في الثالثة وفاتته الرابعة أو أدركها، ثم سلم الإمام وقام المأموم إلى قضاء ما عليه؛ والثانية: مقيم دخل في صلاة مسافر وقد فاتته ركعة فصلى معه الركعة التي أدرك، ثم سلم الإمام. فقال ابن حبيب: يبدأ بالبناء قبل القضاء، لأنه إنما يقضي بعد فراغ الصلاة، وفراغ الصلاة بفراغ البناء. وقال محمد بن سحنون: قلت لسحنون: إن بعض الأندلسيين يقول: يبدأ بالبناء قبل القضاء، فقال: هو قد خرج عن حكم الإمام، فإنما يبدأ بالقضاء قبل البناء.

ما الذي يقرأ به في ركعته من ذكر وهو في آخر صلاته أنه (ق 45 أ) أسقط السجدة من أولها وحكم سجوده لسهوه [ذلك؟]

ما الذي يقرأ به في ركعته من ذكر وهو في آخر صلاته أنه (ق 45 أ) أسقط السجدة من أولها وحكم سجوده لسهوه [ذلك؟] وفي العتبية (¬1) لعيسى عن ابن القاسم أنه يقرأ في الركعة الذي تأتي بها بأم القرآن فقط، ويسجد للسهو قبل السلام لأ [نه؟] نقصان وزيادة. وقال ابن وهب بعقب ذلك: يقرأ فيها بأم القرآن وسورة ويسجد للسهو بعد السلام، لأنه زيادة كله. في عمل من فاته بعض صلاة الإمام إذا استخلفه لتمامها وكيف يصنع في السلام قال ابن القاسم وأصبغ: إذا فرغت صلاة الإمام ولم يبق إلا السلام أشار المستخلف إلى القوم الذين خلفه أن اجلسوا، ثم قام فقضى ما عليه، ثم يسلم بهم بعد ذلك. قال محمد بن عبدوس: وهذا مذهب جل أصحابنا إلا المغيرة فإنه يقول: يستخلف من يصلح، يسلم بالقوم لأنه لا ينبغي له أن يقضي وقد بقي من صلاة الإمام شيء. قال: والأول أعم لأن المستخلف قام مقام الإمام، فلا يجوز له أن يخرج إلا ما يحدث. وذكر ابن حبيب قول المغيرة هذا فنسبه إلى ابن الماجشون ومطرف، لم يختلفوا أنه لا يجوز للمستخلف أن يقضي ما فاته حتى يفرغ بصلاة الإمام. ¬

_ (¬1) انظر المسألة في الييان والتحصيل، 1/ 511.

فيمن حاله حال المستخلف، هل يؤتم به فيما يقضيه لنفسه

فيمن حاله حال المستخلف، هل يؤتم به فيما يقضيه لنفسه (ق 45 ب) ذكر ابن عبدوس (¬1) قال: من أصحابنا من قال في إمام صلى وحده ركعة من صلاته، ثم أتى الناس فدخلوا معه فأحدث، واستخلف رجلا منهم فقام صلاة إمامه، ثم قام يقضي لنفسه، أنهم يقعدون ينتظرون تمامه لما عليه، فإذا سلم قاموا فأتموا لأنفسهم؛ ومنهم من قال: يقومون فيتمون لأنفسهم كما يتم المستخلف لنفسه ولا يأتمون به، فإن فعلوا أبطلوا على أنفسهم. من فاته عقد الركعة مع الإمام واستخلفه هل يؤتم به وهل يصح استخلافه قال ابن القاسم: استخلافه جائز. وقال أشهب وسحنون (¬2): لا يجوز ذلك الاستخلاف لأن الإمام لما رفع رأسه قبل أن يحرم هذا، ولم تنعقد له ركعته معه، ثم أحدث واستخلفه لم يجز للقوم أن يتبعوه، لأنهم يأتمون به فيما لا يعتد به من السجود ولا يؤدي عنه فرضا، وكأنهم صلوا خلف متنفل؛ ولكن ينبغي لمن كانت هذه حاله واستخلف أن يستخلف غيره، فإن لم يفعل فصلاة القوم باطلة (¬3). فيمن صلى المغرب في بيته وحده ثم دخل فيها مع الإمام في المدونة (¬4): قال ابن القاسم: قد فعل ما لا يجب، وقد ينبغي له أن يضيف إليها ركعة إذا سلم إمامه؛ كذلك بلغني عن مالك. ¬

_ (¬1) ذكر ابن أبي زيد القيرواني مسائل في هذا الباب، غير أنه لم يرو ما جاء عند ابن عبد البر في هذا الموضع من رواية ابن عبدوس؛ انظر النوادر والزيادات، 1/ 309 - 313. (¬2) في النوادر والزيادات، 1/ 318: وروى سحنون عن أشهب؛ وانظر أيضا البيان والتحصيل، 2/ 87. (¬3) باطلة: في الأصل: باطل. (¬4) المدونة، 1/ 87.

فيمن أعاد صلاته مع الإمام، ثم ذكر أن الأولى كانت على غير وضوء

(ق 46 أ) وفي المجموعة (¬1): لسحنون عن ابن وهب عن مالك أنه يعيد المغرب ثالثة. قال سحنون: أنكر بعض أصحابنا أن يضيف إليها ركعة من أجل ما جاء في الحديث (¬2)، ويجعل صلاته أيتهما شاء، وإذا أضاف إليها ركعة فقد أبطلها، ولكن يعيدها ثالثة. فيمن أعاد صلاته مع الإمام، ثم ذكر أن الأولى كانت على غير وضوء ذكر ابن حبيب عن ابن القاسم أنه تجزئه صلاته مع الإمام. وذكر ابن عبد الحكم قال: من صلى الظهر في بيته على غير وضوء ناسيا ووجد الناس في تلك الصلاة، فدخل معهم، فذكر أن الأولى كانت على غير وضوء، أن الثانية تجزئه. وروى ابن وهب عن مالك أنها لا تجزئه. قال ابن حبيب: وذكرت ذلك لابن الماجشون فأنكره وقال: إن التي صلى مع الإمام إنما صلاها على وجه السنة ولم يصلها على وجه أداء الفريضة؛ قلت له: فأين قول ابن عمر وابن المسيب للذي سألهما أيتهما صلاتي (¬3)، فقالا له: أوذلك إليك، إنما ذلك إلى الله تعالى، فقال: هذا في التنفل، وليس في الأداء ولا الاعتداد بها. ¬

_ (¬1) النوادر والزيادات، 1/ 325. (¬2) المدونة، 1/ 89 والحديث رواه سحنون عن بسر بن محجن، والحديث في الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، 1/ 132: باب إعادة الصلاة مع الإمام، الرقم 8؛ وأنظر شرحه في الاستذكار، 5/ 339 - 358. (¬3) انظر ما جاء في الموطأ، رواية يحيى بن يحيى، 1/ 133، الرقم 9 و 10؛ وانظر شرحه في الاستذكار، 5/ 362 - 367.

(ق 46 ب) فيمن أعاد في جماعة فأحدث

وقال أشهب: إن كان في حين دخوله ذاكرا للأولى فلا تجزئه هذه، وإن لم يكن ذاكرا أجزته هذه. وكذلك قال محمد بن عبد الحكم. وذكر محمد بن سحنون عن أبيه لا تجزئه هذه لأنه لم يرد بها الأداء عن الأولى. (ق 46 ب) فيمن أعاد في جماعة فأحدث ذكر ابن سحنون عن ابن القاسم أنه قال: إذا أحدث في الثانية مع الإمام أجزته الأولى التي صلى وحده، ولا شيء عليه. قال: وقال ابن كنانة: يعيدها لأنه لا يدري أيتهما صلاته. قال: وقال سحنون: يعيدها لأنها وجبت عليه بدخوله فيها. قال: وكذلك قال مالك. قال ابن سحنون: وروى علي بن زياد عن مالك أنه قال: إن كان في دخوله قبل أن يحدث نوى أن يجعل هذه فريضة، والتي كانت في يده نافلة فإنه يعيدها؛ وكذلك إن كان دخل فيها على أن يكون أمرهما إلى الله. قال: وقال سحنون عن عبد الملك: إذا أحدث في الثانية قبل عقد ركعة فلا إعادة عليه، وإن كان بعد عقد ركعة فأرى عليه الإعادة. وقاله سحنون أيضا مثله. من أعاد مع الإمام للفضل ثم ذكر أنه لم يكن صلى قال ابن القاسم: يجزئه. وقال أشهب: لا يجزئه.

فيمن دخل في المسجد يصلي فأقيمت عليه الصلاة قبل أن يعقد ركعة

فيمن دخل في المسجد يصلي فأقيمت عليه الصلاة قبل أن يعقد ركعة في المدونة (¬1): لابن القاسم: يقطع ولو عقد ركعة أضاف إليها أخرى؛ قال: وهو قول مالك. وفي المستخرجة: لأشهب عن مالك أنه يتم الركعتين إلا أن يخاف أن يسبقه الإمام. (ق 47 أ) فيمن [أقـ]ـيمت عليه صلاة المغرب وقد صلى بعضها في المدونة (¬2): لابن القاسم: إذا لم يعقد منها شيئا أو عقد منها ركعة قطع، ودخل مع الإمام، وإن عقد اثنتين سلم منهما وجعلهما نافلة، ودخل مع الإمام، وإن كان عقد الثلاث سلم وأن يدخل مع الإمام. ولبعض رواة في هذه المسألة (¬3) عن ابن القاسم في المدونة (¬4) أنه إذا عقد اثنتين أضاف إليهما ثالثة وخرج. وقال يحيى بن عمر: قال أشهب: يسلم من اثنتين ويدخل مع الإمام، وهو أحب إلي. وذكر ابن سحنون عن ابن القاسم أنه إن كان عقد ركعة أضاف إليها أخرى وسلم، وإن كان لم يعقد ركعة عقدها وأضاف إليها أخرى وسلم ودخل مع الإمام. ¬

_ (¬1) قارن بما جاء في النوادر والزيادات، 1/ 329 - 330. (¬2) المدونة، 1/ 87. (¬3) انظر النوادر والزيادات، 1/ 329 - 330. (¬4) المدونة، 1/ 88.

فيمن صلى بقوم وهو جنب عامدا

فيمن صلى بقوم وهو جنب عامدا قال مالك وجمهور أصحابه أنه تبطل عليهم صلاتهم. وذكر محمد بن عبد الحكم عن أشهب أنه لا إعادة عليهم. وقد روي عن ابن نافع مثل ذلك، ولم يختلفوا أنه كان ناسيا أنهم تجزئهم صلاتهم ويعيد هو وحده. فيمن أحدث بعد التشهد و [....] إمام فسلم بالقوم في العتبية (¬1): لعيسى عن ابن القاسم: أرى أن يجزئ من خلفه صلاتهم. قال عيسى: بل، يعيد ويعيدون؛ وعلى قول عيسى جماعة المالكيين. (ق 47 ب) وكذلك ذكر ابن عبد الحكم وغيره عن مالك. جواب ابن القاسم ها هنا إنما هو في القوم خاصة، وهو خلاف أصله وأصل مالك، ولم يختلف قوله أن صلاة الإمام المحدث قبل السلام فاسدة، وعليه الإعادة أبدا. في نصراني صلى بمسلمين صلوات ثم ظفر به ما الحكم فيه وما حكم صلاتهم خلفه من كتاب المرتدين من العتبية (¬2): لسحنون أنه إن كان في موضع يخاف فيه على نفسه فلا شيء عليه، ويعيد القوم صلاتهم، وإن لم يكن بمكان يخاف فيه على روحه أستتيب، فإن تاب لم يعد القوم صلاتهم، وإن لم يتب قتل وأعاد القوم صلاتهم. ¬

_ (¬1) راجع تفاصيل المسألة في البيان والتحصيل، 2/ 44. (¬2) البيان والتحصيل، 16/ 426.

في إمام ترك سجدة فسبح به فلم يفقه و [....]

وقال أصبغ: يعيد القوم صلاتهم كلها ما جهر فيه منها وما أسر لأنه كافر، ولا أبلغ به القتل ولكن النكال. وقال سحنون: يعيدون فيما أسر فيه بالقراءة، وأما ما جهر فلا يعيدون. ومن العتبية (¬1) أيضا: قال يحيى: سمعت مالكا يقول: لا يقتل. وقال [ابن الماجـ]ـشون: يقتل لأنه أظهر الإسلام. قال أشهب: يقتل إلا أن يكون مظلوما قد استجار بالإسلام. وقال يحيى بن يحيى: أرى أن ينكل ويطال حبسه ولا يبلغ به القتل. في إمام ترك سجدة فسبح به فلم يفقه و [....] (ق 48 أ) قال سحنون (¬2) عن ابن القاسم أنهم ينتظرون رجوعه إلى السجود ما لم يعقد (¬3) الركعة الثانية، فإذا عقد الركعة الثانية بطلت الأولى على الإمام وعليهم، وكانت الثانية أول صلاته، فإن جلس في غير موضع جلوس فلا يجلسون، وإن قام في غير موضع قيام لم يتبعوه واتبعوه في الرابعة إن قعد قاموا، فإذا سلم أتوا بركعة. وفي العتبية: لعيسى عن ابن القاسم في إمام ترك من الركعة الأولى من صلاته سجدة فسبح به فلم يفقه، قال: يسجد القوم السجدة الثانية، فإن ذكر ذلك الإمام في آخر صلاته وقام إلى خامسة يقضي بها الركعة الأولى لم يتبعه القوم، فإذا سجد لسهو سجدوا معه. قال ابن القاسم: وأحب إلي أن يعيدوا الصلاة احتياطا. وقال أصبغ: لا أدري ما هذا ولا يعجبني، وإن رجع الإمام إلى السجدة ¬

_ (¬1) البيان والتحصيل، 16/ 426. (¬2) النوادر والزيادات، 1/ 385 - 386: من المجموعة قال سحنون ... ؛ بلفظ قريب من هذا. (¬3) يعقد: في الأصل: يعتقد.

متى يبني الراعف

التي نسي قبل أن يركع في الثانية رأيت أن تجزئهم، وإلا فلا. قال أصبغ: وهذا فقه هذه المسألة. متى يبني الراعف ذكر ابن عبد الحكم عن مالك قال: إنما يبني في الرعاف من صلى ركعة بسجدتيها. وكذلك روى ابن القاسم عن مالك أنه لو ركع وسجد واحدة ورعف فلم يسجد الثانـ[ـية ر] جع فعقـ[ـد ......] انصرف فابتدأ الركعة. وذكـ[ـر (¬1) ...........] بين أصحا [ب مالـ]ـك أنه إذا رعف [.................] إمامه يجزئـ[ـه؟ ............] (ق 49 أ) فبنى على ما صلى، وأن الجمعة وغيرها في ذلك سواء. قال: و [....] يخالف الجمعة غيرها أن الراعف لا يبني في الجمعة حتى يعقد الر [كعة]، ثم يرجع بعد غسل الدم فيبني في المسجد؛ وأما في غير الجمعة فيبني على القراءة، وإن لم يعقد الركعة وعلى الركعة وعلى السجدة؛ ذكر ذلك كله عن ابن الماجشون. وروى غيره عن ابن الماجشون وأشهب أنه إنما يبني على الركعة وعلى السجدة وعلى القراءة من تقدم له قبل ذلك ركعة بسجدتيها. وعن أشهب رواية أخرى أنه يبني أبدا ولا يبالي إن كان لم يعقد ركعة قبل ذلك. وهو قول محمد بن مسلمة (¬2) أيضا فإنه يبني على القليل والكثير. ¬

_ (¬1) ربما ترجع هذه الفقرات إلى ابن حبيب كما جاء في النوادر والزيادات، 1/ 243 - 244 حيث يقول: ((وهكذا فسر لي ابن الماجشون في كل ما فسرت لك من القول في الرعاف، وقاله مل لقيت من أصحاب مالك وكذلك بلغني عن من لم ألق منهم)). (¬2) في الأصل: محمد بن سلمة؛ ولعل الصواب كما أثبتناه. محمد بن مسلمة بن محمد =

مسألة

مسألة ولم يختلف قول ابن القاسم وسحنون في أنه لا يبني الراعف إلا أن يعرض له رعافه بعد عقد ركعة تامة بسجدتيها. واختلفا فيمن أحرم ولم يكمل ركعة حتى رعف، فخرج وغسل الدم، وانصرف ولم يتكلم، هل يبني على إحرامه أم لا، فقال ابن القاسم (¬1) يبتدئ الإحرام. وهو قول أشهب. وقال سحنون: لا يبتدئ الإحرام ويجزئه أن يبني على إحرامه. [...........] تكلم ساها، هل يبني [...........] وغيره في الراعف [....] كلم في خروجه [................]، لا شيء عليه [.................]. ¬

_ = هشام المدني أحد فقهاء المدينة من أصحاب مالك بن أنس، توفي سنة 216 هـ أنظر ترجمته في: ترتيب المدارك، 3/ 131 - 132، والديباج المذهب، 2/ 156 (تاريخ وفاته عند ابن فرحون: سنة 206 هـ). يذكره ابن عبد البر في الاستذكار مرارا. (¬1) النوادر والزيادات، 1/ 241.

§1/1