احتساب الشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله)
مرفت بنت كامل بن عبد الله أسرة
مقدمة
المقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} 1. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} 2. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} 3. أما بعد4. فإن نعم الله تعالى على عباده المؤمنين تترى فلا تعد ولا تحصى, ومن
أعظمها نعمة الإسلام التي لا تضاهيها نعمة, ومن تمام تلك النعمة أن اختص الله عز وجل لأداء رسالته نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة فلم يفارق عليه الصلاة والسلام هذه الدنيا حتى أكمل الله سبحانه وتعالى للناس دينهم الحنيف, قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} 1. بعد ذلك بدأوا يحيدون بعض الشيء عن جادة الطريق, فأصبحوا بحاجة إلى من يأخذ بأيديهم ويردهم إليه. وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بتجديد الدين على رأس كل مائة سنة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدّد لها دينها" 2.
ومن سبل ذلك التجديد الاحتساب على المنكرات, وكان ممن قام به في مجتمع كان الشرك ينخر في كيانه, الشيخ المجدد ناصر السنة وقامع البدعة الذي كان أمة في زمن الغربة محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى. حيث فشى في عصره كثير من البدع والخرافات والشركيات التي عادت بالناس إلى عصر الجاهلية. ولولا فضل الله تعالى ورحمته, ثم احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وإنكاره الدؤوب على كافة صور الشرك والوثنية تارة بسنانه وأخرى بلسانه وثالثة بجنانه, لغرق الناس في مستنقعات الضلال. فالحمد لله عدد ما خلق وذرأ وبرأ حيث سخر للأمة هذا المحتسب المناضل ذا الهمة العالية الذي كان سببا –بفضل الله- في إخراج الناس من الظلمات إلى النور. أهمية الموضوع: نظرا لأهمية الحسبة –والتي تعني الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- في المجتمع المسلم, فهي صمام الأمان فيه, ولا يتحكم في ذلك الصمام إلاّ محتسب صادق باع نفسه لله, لذلك أحببت أن أقدم لكل من سلك طريق الاحتساب نموذجا حيا لمحتسب رشيد هو الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى, وذلك إرشادا للطريق الأمثل في الحسبة.
التعريف بمفردات البحث: تعريف الاحتساب في اللغة: للاحتساب في اللغة عدة تعريفات منها: 1-الاحتساب من الحسب كالاعتداد من العد1 ,و, حسبه عدّه2. 2-والاحتساب طلب الأجر 3 أي احتساب الأجر على الله, تقول: فعلته حِسْبة واحتسب فيه احتسابا 4. والاحتساب في الأعمال الصالحات وعند المكروهات: هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر, أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم منها طلبا للثواب المرجو منها5 واحتسب فلان ابنا له أو بنتا إذا ما مات وهو كبير, فإن مات صغيرا قيل افترطه6. 3-ويأتي احتسب بمعنى ظن7. وحسبه كذا ... ظنّه8.
4- وشيء حساب كاف1. 5-واحتسب فلانا: اختبرت ما عنده 2. 6-والحسبة بالكسر الأجر واسم من الاحتساب 3 فهي مصدر احتسابك الأجر على الله 4. واحتسب فلان عليه: أنكر عليه قبيح عمله ومنه المحتسب, فقال: محتسب البلد5. تعريف الحسبة في الاصطلاح: وردت للحسبة عدة تعريفات في الاصطلاح أذكر منها ما يخص الاحتساب التطوعي دون الرسمي, حيث إنّ احتساب الشيخ الإمام محمد عبد الوهاب رحمه الله ينضوي تحت النوع الأول منهما, ومن تلك التعريفات: أولا: تعريف الماوردي 6 للحسبة: "هي أمر بالمعروف إذا ظهر تركه ونهي عن المنكر إذا أُظهر فعله"7.
ثانيا: تعريف ابن الأخوة1: "هي أمر بالمعروف إذا ظهر تركه ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله وإصلاح بين الناس"2. ثالثا: تعريف الشيزري3: "الحسبة أمر بالمعروف ونهي عن النكر وإصلاح بين الناس"4. وبالنظر إلى التعريفات السابقة يترجح لي أنّ أدقّها وأحسنها تعريف الماوردي5. والله أعلم بالصواب. ومما تجدر الإشارة إليه هنا حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال النووي رحمه الله: وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة6 ا. هـ.
والأدلة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة منها على سبيل المثال: أولا: الدليل من الكتاب: قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} 1. فدلت الآية الكريمة على أنّه إذا كان الانتماء إلى هذه الأمة أمرا متعينا على كل مسلم فإنّ الاتصاف بهذه الصفات التي ذكرتها الآية واجبا عينيا أيضا 2. ثانيا: الدليل من السنة: روى الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن سفيان قال: أول من بدأ بالخطبة يوم العيد مروان فقام رجل فقال: الصلاة قبل الخطبة فقال: قد ترك ما هنالك, فقال أبو سعيد: أما هذا قضى ما عليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" 3. فالأمر في قوله "فليغيره" أمر إيجاب بإجماع الأمة 4مما يدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل مسلم بحسب علمه واستطاعته 5. إلا أن العلماء اختلفوا في نوعية وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على رأيين هما: 1-أنه فرض كفاية وهو رأي الجمهور.
2-أنه فرض عين1. والله تعالى أعلم بالصواب. ثالثا: الدليل من الإجماع: قال ابن حزم رحمه الله: اتفقت الأمة كلها على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا خلاف من أحد منها 2 اهـ. أسباب اختيار الموضوع: أولا: اهتمامي بجانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دفعني للكتابة في مجال الاحتساب. ثانيا: ميلي للقراءة في مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله والكتب التي تناولت سيرته, مما كوّن لدي قناعة تامة بالموضوع. ثالثا: الحاجة إلى معرفة كيفية احتساب الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله على المنكرات حتى يمكن الاستفادة منها. رابعا: سد فراغ في المكتبة الإسلامية بإيجاد دراسة تحليلية متخصصة تبحث في جانب الاحتساب في حياة الشيخ الإمام محمد عبد الوهاب رحمه الله حيث إنّه لم ينم إلى علمي صدور مؤلف أفرد بالدراسة جانب الاحتساب في حياة الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله, لذا عزمت بعد الاستخارة الشرعية على اختيار موضوع " احتساب الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله" ليكون موضوع بحثي لنيل درجة الماجستير والله المستعان.
الدراسات السابقة: بعد البحث والتقصي وقفت على بحث للدكتور علي عبد الحليم محمود بعنوان: " صلة دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب بمذهب السلف سنة 1400هـ" ضمن مجموعة بحوث تحمل العنوان نفسه صدرت عن أمانة أسبوع الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام "1399-1400هـ", حيث اشتمل البحث المذكور والذي كان عدد صفحاته 193 صفحة, على فصل بعنوان: " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في 20 صفحة- من ص 137 إلى 166 وفيه مبحثان: 1-الأمر بالمعروف ويتناول: أ-الأمر بالتزام كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ب-الأمر بعمل الطاعات. 2-النهي عن المنكر ويتناول: أ- النهي عن مخالفة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. ب-النهي عن المعاصي عموما. ح-النهي عن تقليد الكفار في عاداتهم وتقاليدهم على وجه الخصوص1. وبعد الاطلاع على الفصل المشار إليه في ذلك البحث وجدت أنّه تطرق لأمر الشيخ بالمعروف ونهيه عن المنكر من خلال حياته ومؤلفاته بشيء من الإجمال. وأما ما أود أن أضيفه في بحثي فهو التركيز على جانب الاحتساب في
حياة الشيخ الإمام-دون دعوته رحمه الله-, وذلك بتحديد منهجه في الاحتساب ومعرفة آرائه في الحسبة النظرية ثم تسليط الضوء على احتسابه العملي بشيء من التفصيل مع الاستشهاد بأقوال أهل العلم التي تبين أنّه رحمه الله لم يستحدث في الدين شيئا من تلقاء نفسه. حدود البحث: القرن الثاني عشر الهجري وهو القرن الذي عاش فيه الشيخ الإمام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله. منهج البحث: "المنهج التاريخي الاستقرائي". نظرا لأنّه من خلال المنهج التاريخي يتم استرداد أحداث مضت تبعا لما تركته من آثار أيا كان نوعها 1 من أجل الإفادة في الحاضر, رأيت أنّه أنسب المناهج لموضوع بحثي الذي يتناول شخصية مشرِّفة من الماضي لها وزنها في العالم الإسلامي هي شخصية الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله, حيث إنني أتطلع من خلال استقراء جانب الاحتساب في حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلى الإفادة منه في الواقع العملي. المشكلة البحثية: لقد ابتليت الأمة الإسلامية في الأزمنة الأخيرة بانحرافات شتى خاصة في جانب العقيدة, وظهر كثير من البدع والخرافات التي فرقت صفوف المسلمين وشتّت شملهم, وأصيب كثير من المجتمعات الإسلامية بالداء نفسه الذي أصيب به
مجتمع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله, لذلك أحببت إضافة شيء جديد في المكتبة الإسلامية يختص بدراسة جانب الاحتساب في حياة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله دراسة تحليلية تبرز مكانته وجهوده رحمه الله في الحسبة لتكون مشاعل هادية في طريق المحتسبين. تساؤلات البحث: تتركز الأسئلة التي يسعى البحث للإجابة عنها في التساؤلات التالية: 1-ما الأحوال السائدة في عصر الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله؟ 2-من هو الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله؟ 3-ما صفات المحتسب عند الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله؟ 4-ما شروط الاحتساب عند الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله؟ 5-ما درجات الحسبة عند الشيخ الإمام محمد عبد الوهاب رحمه الله؟ 6-كيف كان احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عمليا في جوانب العقيدة؟ 7-كيف كان احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عمليا في بعض العبادات؟ 8-كيف كان احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عمليا في بعض المعاملات؟ 9-كيف كان احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عمليا في بعض الحدود؟ 10-كيف كان احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عمليا في بعض الآداب؟
المنهج المتبع في الرسالة: بتوفيق من الله سبحانه وتعالى سرت في رسالتي على المنهج التالي: 1- قمت بجمع المادة العلمية المتعلقة بهذا الموضوع حسب استطاعتي من مصادرها ومراجعها. 2-عند الحديث عن الاحتساب في حياة الشيخ كنت أعتمد على نقل النصوص أحيانا, وشرح غامضها إذا استدعى الأمر ذلك. 3- قمت بصياغة بعض النقول بأسلوبي والتصرف في النقل. 4-قمت بعزو الآيات القرآنية إلى سورها وأرقامها في المصحف الشريف. 5-قمت بتخريج الأحاديث النوبية من مظانها وذلك بذكر اسم المصدر ثم الكتاب فالباب ورقم الحديث- إن وجد- ثم الجزء والصفحة ثم اسم المؤلف. 6-إذا كان الحديث مما أخرجه البخاري أو مسلم اكتفيت بهما عن غيرهما في التخريج. 7-أما الأحاديث التي لم يروها الشيخان فقد اجتهدت في تخريجها من كتب الحديث المشهور وتتبعتها بحسب استطاعتي, ونقلت حكم أهل العلم عليها من أشهر أصحاب الصناعة الحديثية من المتقدمين والمتأخرين. وقد حرصت على عدم الاستدلال إلا بالأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحة أو الحسن. 8-ذكرت أوجه الاستدلال بالأدلة من الكتاب والسنة إذا لزم الأمر في غير النقول عن الشيخ. 9-خرجت الآثار التي أوردتها عن الصحابة والتابعين والسلف من المصنفات والكتب المختصة بها.
10-عند الإحالة إلى المصادر والمراجع في الهوامش بدأت باسم الكتاب ثم الجزء والصفحة. 11-عند ذكر المصدر أو المرجع للمرة الأولى قمت بكتابة بيانات كاملة عن الكتاب تشمل اسم الكتاب واسم المؤلف واسم الناشر ومكان النشر ورقم الطبعة وتاريخها, وإذا تكرر وذكر الكتاب لأكثر من مرة اكتفيت بذكر اسم الكتاب فقط. 12-ترجمت لمعظم الأعلام من غير المشهورين –فيما أرى- والمعاصرين للشيخ الذين كان لهم نصيب في احتسابه رحمه الله ممن وجدت لهم تراجما, وإذا لم أجد لبعض التراجم ذكرا بعد اجتهادي في البحث والتقصي في الكتب المطبوعة أقول: لم أجده. 13-عرّفت بمعظم الأماكن والبلدان والكلمات المبهمة التي يستدعي المقام التعريف بها وعندما لا أجد لها تعريفا أقول: لم أجده. 14-وردت عبارات ركيكة أو غير مفهومة في بعض النقول وقد صوّبتها في الهامش. 15-وضعت الآيات القرآنية بين قوسين مميزين {} . 16-وضعت الأحاديث الشريفة بين قوسين صغيرين مزدوجين " ". 17-وضعت النقول عن الشيخ بين قوسين مستطيلين [] لتمييزها. 18-وضعت النقول عن غير الشيخ بين القوسين دائريين () . 19-عند الاختصار في النقل وضعت ثلاث نقاط ... مكان الكلام المحذوف. 20-عند إضافة بعض العبارات للكلام المنقول وضعتها بين شرطتين - -. 21-عند الإحالة لمصدر أو مرجع تم الاقتباس منه8 ذكرت كلمة " أنظر".
قبل اسم المصدر أو المرجع. 22-إذا تصرفت في النقول ولو بشيء يسير ذكرت اسم المرجع والصفحة كلمة " بتصرف". 23- لم اقتصر على كلام الشيخ رحمه الله بل أيدته بأقوال اهل العلم المناسبة. 24-ذيلت الرسالة بخاتمة موجزة أجملت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال البحث, ضمنتها عددا من التوصيات المهمة. 25-استخدمت بعض الرموز في الحاشية للتخفيف على الهوامش ومفاتحها على النحو التالي. ص: الصفحة. /: الجزء/الصفحة. هـ: هامش. ق: ورقة. ك: كتاب. ب: باب. أ: أبواب. ح: حديث. ع: عدد. ت: ترجمة. ط: الطبعة. ن: الناشر. و: توزيع. 26
-وضعت في نهاية الرسالة فهرسا للآيات القرآنية ذكرت فيه طرف الآية كما وردت في متن الرسالة, وذكرت عند كل آية اسم السورة ورقم الآية. وفهرسا للأحاديث للأعلام الواردة في متن الرسالة ذكرت فيه أسماء الأعلام من الجنسين, والكنى والألقاب والانساب. وفهرسا للجماعات والطوائف والقبائل والفئات. وآخر للبلدان والأماكن والمواقع, الوارد ذكرها في متن الرسالة. كما وضعت فهرسا للأشعار ذكرت فيه البيت الأول من الشواهد والقصائد وقائله والقافية. وضعت ثبتا للمصادر والمراجع التي استخدمته في الرسالة من الكتاب, ونظرا لتشعب البحث ازداد عدد المراجع. وجميع تلك الفهارس رتبتها حسب الحروف المعجم. وأخيرا وضعت فهرسا للموضوعات ذكرت فيه الفصول والمباحث والمطالب والفروع والمسائل الواردة في الرسالة. تقسيم البحث: اشتمل البحث على ثلاثة فصول: 1-الفصل التمهيدي: مجتمع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
وحياته, وفيه مبحثان: أ-المبحث الأول: مجتمع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. ب-المبحث الثاني: ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. 2-الفصل الأول: الحسبة في فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وفيه ثلاثة مباحث: أ- صفات المحتسب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. ب- شروط الاحتساب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. ج- درجات الاحتساب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. 3-الفصل الثاني: الحسبة العملية للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. وفيه خمسة مباحث: أ- احتسابه في العقيدة. ب-احتسابه في العبادات. ج-احتسابه في المعاملات. د-احتسابه في الحدود. هـ-احتسابه في الآداب. ثم الخاتمة وفيها أهم النتائج والتوصيات. وأخيرا: الفهارس وقد اشتملت على الآتي: 1- فهرس الآيات القرآنية. 2-فهرس الأحاديث النبوية. 3-فهرس الآثار. 4-فهرس الأعلام
5-فهرس الجماعات والطوائف والقبائل والفئات. 6-فهرس البلدان والأماكن والمواقع. 7-فهرس الأشعار. 8-ثبت المصادر المراجع. 9-فهرس الموضوعات. الشكر والتقدير: استجابة لقوله سبحانه وتعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} 1 فإنني أتوجه بالشكر والحمد والثناء كله لله عز وجل على ما أسبغه علي من نعم ظاهرة وباطنة لا أحصي لها عدا, والتي منها تيسيره وعونه على إنجاز هذه الرسالة. فله الحمد جل وعلا في الأولى والآخرة حمدا يليق بجلاله وبعظيم سلطانه. ومن شكر الله عز وجل شكر عباده على إحسانهم. روى الأشعث بن قيس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أشكر الناس لله أشكرهم للناس" 2 فمن هذا المنطلق أتقدم بخالص الشكر والتقدير
لوالدي الكريمين اللذين كان لهما أبلغ الأثر في تنشئتي وتوجيهي لطلب العلم والسعي لتحصيله منذ صغر, سائلة الله عز وجل أن يمد في عمريهما على طاعته وأن يجعل كل حرف في هذه الرسالة في ميزان حسناتهما. ثم الشكر والعرفان لزوجي عادل بن طاهر المقبل الذي كان بتأييده وتشجيعه المستمر لي نعم المعين بعد الله عز وجل, فجزاه الله عني خير الجزاء. وأخص بشكري وتقديري فضيلة الدكتور عبد الله بن محمد الرشيد الأستاذ المساعد بقسم الدعوة والاحتساب والمشرف على رسالتي, الذي كان قمة في العطاء, فلم يدخر وسعا في بذل التوجيه المستمر والنقد البناء طوال سنوات البحث بصدر رحب وخلق كريم, أسأل الله عز وجل أن يجعل ما قدمه لي من عون دؤوب في ميزان حسناته, كما أشكر أهل بيته الكرام الذين ضربوا أروع مثل في حسن التعامل ونبل الأخلاق. كما أرفع شكري لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عامة وكلية الدعوة والإعلام فيها خاصة, ممثلة في فضيلة عميدها ووكيلها وأعضاء مجلس الكلية الموقرين, فضيلة رئيس ووكيل قسم الدعوة والاحتساب وأعضاء مجلس القسم, وكافة الأساتذة الفضلاء على حسن توجيههم. ولا أنسى أن أشكر فضيلة الدكتور أحمد بن محمد أبابطين رئيس قسم الدعوة والاحتساب الذي كان مشرفا موجها لي في مرحلة إعداد المخطط الأولي للبحث على ما بذله معي من جهود متواصلة حينئذ. كما أشكر كلا من فضيلة أستاذي الدكتور فضل إلهي بن شيخ ظهور
إلهي الأستاذ المشارك بقسم الدعوة والاحتساب, وفضيلة الدكتور حمد بن ناصر العمار وكيل كلية الدعوة والإعلام والأستاذ المشارك بقسم الدعوة والاحتساب على تكريمهما بالموافقة على مناقشة هذه الرسالة وتقييمها رغم تعدد مشاغلهما, فأسأل الله عز وجل أن يبارك لهما في علمهما وعملهما وأن يجزل لهما الأجر والمثوبة. كذلك أشكر المسئولين في جامعة الملك سعود على إتاحتهم الفرصة لطالبات الدراسات العليا في شتى الجامعات للإستفادة من مكتباتهاالعامرة. كما أشكر القائمين على مكتبة الملك عبد العزيز على ما يقدمونه من خدمات جليلة لطلاب العلم وطالباته. ولا يفوتني أن أسجل كلمة شكر للمسؤولين في الرئاسة العامة لتعليم البنات على تيسيرهم سبيل إكمال الدراسات العليا لمنسوباتها لكوني واحدة منهن. وفي هذا المقام أقدم امتناني وشكري لكل من أسدى إلي معروفا, أو قدم لي عونا بمشورة, أو معلومة, أو كتاب زودني به إما إهداء أو إعارة أو تصوير, وعلى رأسهم فضيلة الشيخ الوالد: إبراهيم بن عبد الله الغيث وكيل الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نفع الله بعلمه وجهوده وجعله منارا للهدى, والشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان أيده الله وسدد خطاه والأخ إسحاق بن عبد الله العوضي وحرمه وفقهما الله. وغيرهم كثير من الإخوة في الله والأخوات اعتذر عن حصر أسمائهم لضيق المقام ولا أملك لهم إلا الدعاء في ظهر الغيب, كما أشكر بناتي اللاتي تكبدن معي عناء الطريق. واستجابة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه عنه أسامة بن زيد رضي الله عنه أنه قال:
"من صنع إليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء" 1 لا يسعني إلا أن أقول للجميع جزاكم الله خيرا. وختاما فإن هذه الرسالة كغيرها من أعمال البشر لا تخلوا من الزلل والقصور فالكمال لله وحده دون سواه, فما كان فيها من حق وصواب فمن توفيق الله وحده لا شريك له لا أحصي ثناء عليه. وما كان فيها من زلل ونقصان فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان وأسأله جل وعلا العفو والغفران. وحسبي أنني اجتهدت وبذلت فيها وسعي, والله المستعان. وأسأل الله عز وجل أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم, وأن يجعلها عملا صالحا وعلما ينتفع به في حياتي وبعد مماتي. {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} 2 آمين.
الفصل التمهيدي: مجتمع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وحياته.
الفصل التمهيدي: مجتمع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وحياته. الفصل التمهيدي: مجتمع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. المطلب الأول: الأحوال السياسية ... الفصل التمهيدي: مجتمع الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله وحياته. ويشمل هذا الفصل على مبحثين: المبحث الأول: مجتمع السيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وفيه أربعة مطالب: المطلب الأول: الأحوال السياسية. المطلب الثاني: الأحوال الدينية. المطلب الثالث: الأحوال الاجتماعية. المطلب الرابع: الأحوال العلمية. المبحث الثاني: ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وفيه أربعة مطالب: المطلب الأول: مولده ونسبه ونشأته رحمه الله. المطلب الثاني: رحالاته لطلب العلم وشيوخه رحمه الله. المطلب الثالث: تلاميذه ومؤلفاته وثناء العلماء عليه رحمه الله. المطلب الرابع: وفاته ومرثياته رحمه الله.
المبحث الأول: مجتمع الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله المطلب الأول: الأحوال السياسية: في القرن الثالث الهجري قامت في منطقة نجد دولة مستقلة عن دولة الخلافة العباسية يطلق عليها الدولة الأخيضرية" 1 والتي أسسها في اليمامة " محمد الأخيضر" في آخر سنة " 252هـ866م" 2 - والأخيضريون ذوو شوكة ومن فرقة الزيدية 3 يقولون في الأذان: محمد وعلي خير البشر, وحي على خير العمل 4 , واستمر ملكهم على اليمامة إلى أن غلبهم القرامطة 5 في زمن أميرهم محمد السابع والأخير, وذلك سنة " 350هـ"
وبذلك انقرضت دولة بني أخيضير 1 - تلك الدولة التي اعتمت خلال قيامها سماء المنطقة من المعلومات المتكاملة تاريخيا للهم إلا النزر اليسير 2. وبسقوط الدولة الأخيضرية أصبحت بلاد نجد مجزأة إلى إمارات صغيرة يرتبط بعضها بالدويلات التي قامت في منطقة الأحساء: منها الدولة العيونية 3 عام "467هـ" الموافق لعام " 1074م" إلى عام "642هـ الموافق لعام "1244م" والتي قامت في البحرين في الأحساء مسقطة لدولة القرامطة 4. ودولة بني عامر بن عقيل من عام 642هـ الموافق لعام "1244هـ" إلى عام 933هـ الموافق لعام 1526م بالبحرين 5. ثم دولة بني خالد التي قامت عام "1081هـ" الموافق لعام " 1680م" إلى عام " 1208" الموافق لعام " 1793م" 6. وبزوال الأخيضريين لم تحكم اليمامة حكما قويا, ولم تقم أية دولة ذات شأن ليهتم المؤرخون بأمرها 7, والفترة منذ ذلك الوقت إلى أن حطم
الضعف أوصال دولة الخلافة العباسية وأودى بحياتها وقضى على كيانها حتى سقوطها أمام غارات المغول المدمرة عام "656هـ-1258م" كانت فترة مضطربة في حياة نجد, فقد تفرقت بلادها ولم تقم فيها أية إمارة قوية ضابطة ولا رئيس عام قاهر1, ولما حلت سنة " 923هـ-1517م" وظهرت الدولة العثمانية على المسرح السياسي في جزيرة العرب 2 باستيلائها على منطقة الأحساء 3 - وإن كان هذا النفوذ في المنطقة اسما فقط, حيث إن إدارتها الحقيقية أصبحت في يد قبيلة بني خالد4 فالدولة العثمانية لم تتعرض أثناء حكمها للمنطقة لإقليم نجد من قريب ولا من بعيد, ولذلك لم تشهد منطقة نجد خلال تلك الفترة ولاة عثمانيين, ولا حامية 5 تركية تجوب خلال ديارها 6. ومما يدل على هذه الحقيقة التاريخية استقراء تقسيمات الدولة العثمانية الإدارية, فمن خلال رسالة تركية عنوانها " قوانين آل عثمان در مضامين دفتر ديوان": يعني: " قوانين آل عثمان فيما يتضمن دفتر الديوان" ألفها يمين علي أفندي, الذي كان أمينا للدفتر الخاقاني سنة " 1018هـ الموافقة لسنة 1690م" والتي توضح
الإيالات 1 العربية منذ أوائل القرن الحادي عشر وعددها أربع عشرة إيالة وإمارة عربية 2 واحدة ليست من ضمنها بلاد نجد 3. ولعل السبب في ذلك يرجع إلى أن الدولة العثمانية لم يعنها كثيرا أن تخضع هذه المنطقة الداخلية لنفوذها, لأنها لا ترى في ذلك فائدة تذكر 4 نظرا لبعدها عن المناطق الاستراتيجية 5. إذا عرفنا هذا جيدا أدركنا ضلال الفرية التي ألصقت بهتانا بالإمام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله وهي الخروج على دولة الخلافة! ومن الذين أشعلوا نارها ابن عفالق 6 حيث قال: " وأما توحيدكم الذي مضمونه الخروج على المسلمين وتكفيرهم وتضليلهم في صورة أنكم تأمرون بالمعروف وتنهون عن
المنكر فهذا إلحاد لا توحيد" 1 وابن عابدين 2 بقوله: " هم الخارجون عن طاعة الإمام بغير حق"3 والذي فسره نجله في تكملته لحاشية أبيه بقوله: "كما وقع في زماننا من أتباع عبد الوهاب الذين خرجوا من نجد وتغلبوا على الحرمين, وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة لكنهم اعتقدوا أنهم مسلمون وأن من خالف اعتقادهم مشركون, واستباحوا بذلك قتل أهل السنة وقتل علمائهم حتى كسر الله شوكتهم وخرب بلادهم وظفر بهم عساكر المسلمين عام ثلاث وثلاثين ومائتين"4 ودحلان 5 بقوله: "فهؤلاء المنكرون للتوسل والزيارة فارقوا الجماعة والسواد الأعظم"6 وغيرهم. ولقد فند هذه الأقوال المفتراه وغيرها, ورد عليها الدكتور عبد العزيز ابن محمد العبد اللطيف حفظه الله من جهتين أساسيتين هما:
1-أقوال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر: 2-الحقائق التاريخية القاضية بعدم خضوع منطقة نجد للحكم العثماني 1. ومما تجدر الإشارة إليه أن الدولة العثمانية حرصت أشد الحرص على احتواء إقليم الحجاز, لما يضيفيه هذا الإقليم على السلطان العثماني من مجد وفخار, إذ كان أعز الألقاب لديه هو لقب "خادم الحرمين الشريفين وحامي حماهما"2 إلا أنه كان يحكمه الأشراف تحت سلطان الدولة العثمانية وفي ابتداء القرن الثاني عشر كان هؤلاء الأشراف في منازعات بينهم, وحروب كانت تقوم بين الأخ وأخيه والعم وابن أخيه, وتهدر فيهم الدماء, وتستحل الحرمات, فكان معدل ولاية الأمير على مكة سنة أو سنتين, لكثرة الاغتيال والغدر والخلاف, وكان من هوانهم على السلطان العثماني أنه يوكل أمرهم أحيانا إلى واليه على مصر, وكان والي مصر يولي من يشاء ويعزل من يشاء باسم السلطان 3, شأنه في ذلك شأن إقليم نجد الذي كانت فيه العصبيات قائمة على قدم وساق لكل عشيرة دولة ولكل قرية مشيخة تعتز بسلطانها وتشيد باسمها, ولكل حاكم من أولئك حوزته الخاصة يحكمها حكما مطلقا لا تربطه بجاره أية رابطة 4, وهو حكم قبلي يستند إلى العصبيات ويقوم على خرافات ينسبونها إلى الدين وتشوبها الجهالة, وكان الحكم بيد أمراء القبائل وشيوخها وهم:
آل سعود: في الدرعية. آل دواس: في الرياض. آل معمر: في العيينة. آل علي: في حائل. آل حجلان: في القصيم. آل شبيب: في شمال نجد من جنوب العراق. وكثيرا ما تشتعل الحروب والخصومات والفتن بين حكام وشيوخ هذه الإمارات لسبب أو لغير سبب 1, ورؤساء البلدان وظلمتهم لا يعرفون إلا ظلم الرعايا والجور وقتال بعضهم بعضا 2 حتى انتشرت الفوضى في نجد وعم الانقسام, وتوسعت الفرقة وتعددت الإمارات والمشيخات 3 وبسبب انتشار اللصوص في الأماكن ووجود الحرابة 4 في
الدروب والطرقات 1 كانت هذه الإمارات والقرى لا تعرف السكينة والأمن والحرية إلا قليلا 2 وسادتها علاقات الجفاء, تكاد كل إمارة منها أن تكون منعزلة عن غيرها لا تربطها بها روابط سياسية معينة بحكم تجاورها, ولم تكن الروابط التي تجمعها سوى العلاقات التجارية والجوار ووحدة الأصل 3 لأنهم كانوا متعادين متفرقين ليس فيهم ملك ولا إمام ولا يسودهم شرع ولا نظام, يقتل بعضهم بعضا ويأكل قويهم ضعيفهم 4 أتباع أهواء كل حرب لكل 5 فكانت البلاد تعيش في رعب دائم وخوف غير منقطع من جراء عدو يأخذ بالقهر وحليف يأخذ بالغدر 6. خلاصة القول: إن حالة نجد في تلك الأيام كانت شبيهة من الناحية السياسية بحالة ملوك
الطوائف 1 الذين شغل عصرهم من تاريخ إسبانيا المسلمة زهاء سبعين أو ثمانين عاما, منذ إنهيار الخلافة الأندلسية على إثر إنهيار الدولة العامرية سنة " 399هـ1009م" وتفكك الدولة الأندلسية الكبرى وانقسامها إلى وحدات متعددة تقوم في كل وحدة منها دولة أو مملكة من مماليك " الطوائف" تزعم لنفسها الاستقلال والرياسة المطلقة, ولا تربطها بجاراتها أية رابطة إلا أن تكون المنافسة أو الحرب الأهلية في سبيل الغنم والتوسع, وهذا البحر الخضم من المنافسات والمنازعات والحروب الأهلية الانتحارية هو قوام عصر الطوائف 2 وعددها عشرون دولة 3. هذا ما يتعلق بالأحوال السياسية في منطقة نجد, أما عن الأحوال السياسية للعالم الإسلامي بشكل عام في تلك الحقبة من الزمان, فتكفينا نظرة عابرة في كتب التاريخ لتكشف لنا عمق المأساة التي عانت منها الأمة الإسلامية حينئذ. فقد كانت تحكم العالم الإسلامي في القرن الثاني عشر ثلاث دول مهمة: الأولى: الدولة العثمانية التركية: "بدايتها/ عثمان بن أرطغل 687هـ-نهايتها/ السلطان عبد المجيد الثاني1341هـ"
التي أسسها عثمان بن أرطغل عام 687هـ 1 والتي طويت صفحتها في عهد السلطان عبد المجيد الثاني عام 1341هـ, وقد تألبت على الدولة العثمانية دول أوروبا في القرن الثاني عشر حتى انتزعت منها كثيراً من أملاكها في أوروباً, وكان سلاطينها من الضعف بمكان, فلم يكن لهم شيء من الأمر في الدولة, وإنما كان الأمر لوزرائهم ولرؤساء الإنكشارية 2, يولون فيهم ويعزلون 3 , في الوقت الذي كان فيه السلاطين في الجملة منشغلين بملذاتهم وشهواتهم, وكانوا يهملون شؤون دولتهم, وكان كثير منهم يستهل حكمه بقتل إخوته أو حسبهم خوفا على عروشهم4, وكان هم الوالي وموظفيه ورؤساء جنده هو جمع أكبر قدر من المال في أقصر وقت ليرسلوا " صرة" 5 السلطان إلى إسطنبول ويكتنزوا الباقي في جيوبهم على حساب الشعوب التي حرمت
الخدمات وفرضت عليها الضرائب الباهضة 1, وقد تعالى سلاطين هذه الدولة في ترفعهم على الرعية فإذا خاطبوا الرعية كانوا لا يوجهون الخطاب إليهم مباشرة بل يقولون لولاتهم بلغوا عبيد بابنا العالي 2! في حين كانت قصور السلاطين والوزراء وكبار رجال الدولة مملوءة بالجواري والسبايا, وكان بعض أولئك السبايا أجنبيات من بلاد أجنبية فكن عيونا لدولهن على الدولة العثمانية 3. الثانية: الدولة الصفوية ببلاد فارس 4: " بدايتها/الشاه إسماعيل بن الشيخ صفي الدين العلوي 906هـ-نهايتها/1135هـ". وهي دولة رافضية على مذهب الإمامية وكانت تغالي في الرفض 5, أنشأها الشاه إسماعيل ابن الشيخ صفي الدين العلوي الحسني سنة " 906هـ-1500م"6 , واتخذ
مدينة تبريز 1 عاصمة له, وقد اتسعت بعد هذا حتى شملت جميع بلاد فارس والعراق العربي وديار بكر, وامتدت من الخليج الفارسي إلى بحر الخزر وكانت العلاقة سيئة بينهما وبين الدولة العثمانية التركية طوال هذا القرن 2 وقد انتهت هذه الدولة سنة "1135هـ1722م" فاستولى بعض أمراء الأفغان على بلادها ومكث حكمهم فيها إلى سنة " 1142هـ-1729م" وكان نادر شاه هو الذي قضى أخيرا على حكمهم وقد أظهر أولا أنه يريد إعادة الدولة الصفوية, ولكنه لم يلبث أن نادى بنفسه ملكا سنة ط 1149هـ-1736م".. فكون لنفسه مملكة عظيمة تمتد من فارس إلى بلاد الهند ... وقد اضطربت بلاد فارس بعد موته سنة (1160هـ -1749م) ولم تزل في اضطرابها إلى أن قامت فيها الدولة القاجارية 3 سنة " 1193هـ- 1779م" والتي انتهت سنة " 1344هـ-1926م"4. الثالثة: الدولة المغولية أو الدولة التيمورية بالهند5: "بدايتها/ بابر 937- نهايتها 1274م". التي أسسها بابر شاه من نسل تيمورلنك سنة " 910هـ-1504م",
وكانت وفاته سنة "937هـ-1530م"1 وقد اضطرب أمرها في القرن الثاني عشر حتى طمع فيها أمراء الهندوس وأرادوا أن يعيدوا بلاد الهند إلى حكمهم وكان لشركة الهند الشرقية الإنكليزية يد في تلك لاضطرا بات, لتصل إلى مآربها في الهندوس والمسلمين على السواء فاستنجد بعض وزراء هذه الدولة بنادر شاه السابق, فقصد الهند بجيشه حتى استولى على دلهي قاعدة دولتها ولكنه أبقى ملكها محمد شاه على عرشه, واكتفى بإدخاله في حمايته, وكان محمد شاه من أسوأ ملوك الهند, يقضي نهاره في شرب الخمر وليله في الأفيون حتى وهن عزمه, وضعف عقله وقام بعده ملوك ضعاف مثله, فاضطربت البلاد الهندية وقامت فيها الحروب الداخلية, حتى انقسمت إلى ولايات صغيرة ليست للدولة عليها إلا سلطة اسمية, فسهل على الشركة الهندية الإنكليزية الإستيلاء عليها ولاية بعد ولاية وكان آخر هؤلاء الملوك يسمى عالم شاه وقد انتهى حكمه سنة "1221هـ1806م"2 ... وقد مكثت هذه السيادة لها إلى – أن- انتقلت إلى الحكومة الإنجليزية سنة " 1274هـ1857م"3.
بلاد المغرب العربي: كانت تلك الأحوال السياسية العامة لمشرق العالم الإسلامي, أما مغربه فقد ظهر ضعفه في هذا القرن, وكادت بلاده تسقط في يد الإسبانيين والبرتغاليين1 وقد ذهبت فيه دولة بني حفص- التي قامت سنة "603هـ1207م" في تونس والحفصيون ينسبون إلى أبي حفص عمر بن أبي يحيى الهنتاني, وقد انقرض ملكهم سنة"982هـ-1574م" بعد أن حكموا "379سنة" 2 وبني زيان- الذين أسسوا سنة "633هـ-1236م" في مدينتي تلمسان والجزائر سلطنتهم الممتدة إلى نواحي فاس, وجلس على كرسي الملك منهم عشرة ملوك وانقضت أيامهم سنة " 796هـ1394م" 3 -بحكم الدولة العثمانية التركية على تونس والجزائر, وسقطت فيه مراكش دولة بني وطاس- وأول من ولي السلطة منهم أبو عبد الله محمد الشيخ " 876هـ-1471م" فاستولى على فاس إلى أن هزم العباس السلطان أبو حسون على يد السعدي واستولى السعدي أخيرا على فاس سنة " 961هـ1554م" وبمقتل أبي حسون انقرضت دولة الوطاسيين 4 - وقامت دولة السعديين الحسنية العلوية مكانها ولكنها لم تكن من القوة بحيث يمكنها دفع عدوان أوروبا عن المسلمين من هذه الناحية وقد خرج عن سلطانها بعض أهلها واستعانوا عليه ببالبرتغاليين 5.
هكذا انحدرت أحوال العالم الإسلامي السياسية في القرن الثني عشر الهجري حتى بلغت من التدني والتدهور أعظم مبلغه, فأربد جوه أطبقت الظلمة على كل مكان من أرجائه 1 وأصبح كما يسميه المفكر الجزائري مالك بن نبي 2 في حالة " القابلية للإستعمار" 3. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
المطلب الثاني: الأحوال الدينية:
المطلب الثاني: الأحوال الدينية: إن التدهور الشديد الذي آلت إليه حال المسلمين في القرن الثاني عشر الهجري لم يقف عند الجانب السياسي الآنف الذكر بل تعداه إلى ما هو أهم من ذلك وهو الجانب الديني. وإن العين الناظرة في تاريخ المسلمين هنا وهناك قبيل دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لتذرف ماءها بسخاء حزنا على ما أصاب دينهم من أسقام تغلغلت في الأعماق. الأمر الذي كان سببا رئيسيا في احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. وقد وصف لنا المؤرخ ابن غانم 1 رحمه الله حالة المسلمين الدينية في منطقة نجد زمن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فقال: " كان غالب الناس في زمانه متضمخين بالأرجاس, متلطخين بوضر 2 الأنجاس حتى قد انهمكوا في الشرك ... فعدلوا إلى عبادة الأولياء والصالحين, وخلعوا ربقة التوحيد والدين فوجدوا في الاستغاثة بهم في النوازل والحوادث والخطوب المعضلة والكوارث, وأقبلوا عليهم في طلب الحاجات وتفريج
الشدايد والكربات من الأحياء منهم والأموات" 1. ويضيف المؤرخ ابن بشر 2 رحمه الله قائلا: " كان الشرك إذ ذاك قد فشا في نجد وغيرها, وكثر الاعتقاد في الأشجار والأحجار والقبور والبناء عليها والتبرك بها والنذرة لها, والاستعاذة بالجن والذبح لهم ووضع الطعام لهم وجعله في زوايا البيوت لشفاء مرضاهم ونفعهم وضرهم, والحلف بغير الله, وغير ذلك من الشرك الأكبر والأصغر" 3. وعن تفاصيل تلك الشركيات الحادثة في نجد يقول ابن غانم رحمه الله: "وقد مضوا قبل بدو نور الصواب يأتون من الشرك بالعجاب وينسلون إليه من كل باب ويكثر ذلك منهم عند قبر زيد بن الخطاب 4, فيدعونه لتفريج الكرب بفصيح الخطاب, ويسألونه كشف النوب من غير ارتياب {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا
يُشْرِكُونَ} 1 وكان ذلك في الجبيلة 2 مشهورا وبقضاء الحوائج مذكورا وكذلك قريوه 3 في الدرعية يزعمون أن فيها قبورا أصبح فيها بعض الصحابة مقبورا فصار حظهم في عبادتها موفورا فهم في سائر الأحوال عليها يعكفون {أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ} 4. وكان أهل تلك التربة أعظم في صدورهم من الله خوفا ورهبة وأفخم عندهم رجاء ورغبة, فلذلك كانوا في طلب الحاجات منهم يبتدون ويقولون {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} 5. وفي شعيب غبيرا 6 يفعل من الهجر والمنكر ما لا يعهد مثله ولا يتصور ويزعمون أن فيه قبر ضرار بن الأزور 7, وذلك كذب محض وبهتان مزور مثله لهم إبليس وصور ولم يكونوا به يشعرون. وفي بليدة الفدا 8 ذكر النخل المعروف بالفحال يأتونه النساء والرجال ويفدون بالبكر
والآصال ويفعلون عنده أقبح الأفعال ويتبركون به ويعتقدون, وتأتيه المرأة إذا تأخرت عن الزواج ولم يأتها لنكاحها الأزواج فتضمه بيدها بحضور ورجاء الانفراج وتقول: يا فحل الفحول أريد زوجا قبل الحول, هكذا صح عنهم القول {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 1. وشجرة الطرفية 2 تشبث بها الشيطان واعتلق فكان ينتابها للتبرك طوائف وفرق ويعلقون فيها إذا ولدت المرأة ذكرا الخرق لعلهم عن 3 الموت يسلمون. وفي أسفل الدرعية غار كبير يزعمون أن الله تعالى خلقه من الجبل لامرأة تسمى بنت الأمير أراد بعض الفسقة يظلمها فصاحت ودعت الله فانفلق لها الغار بإذن العلي الكبير وكان تعالى لها عن ذلك السوء مجيرا فكانوا يرسلون إلى ذلك الغار اللحم والخبز ويهدون {قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ, وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} 4. وعندهم رجل من الأولياء يسمى تاج سلكوا فيه سبيل الطواغيت في الانتهاج, فصرفوا إليه النذور والدعاء واعتقدوا فيه النفع والضرر والإفراج, وكانوا يأتون إليه
لشأنهم أفواج ويأتي إليهم في الدرعية من بلدة الخرج 1 لتحصيل ماله من النذور والخراج 2 {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} 3 وكان لجميع أهل تلك البلدان وسكان تلك الأماكن والأعطان 4 فيه من الاعتقاد أعظم شأن فيخافه كل حاكم وظالم وشيطان ويهاب أعوانه وحاشيته كل إنسان فلا يتعرضونهم بما يكرهون ويدعون فيه دعاوى فظيعة وينسبون إليه حكايات قبيحة شنيعة, كانت ألسنتهم لها مذيعه ولبهتانها مشيعة وهم لمينها 5 وزورها مصدقون فيزعمون أنه أعمى ويأتي من
بلده الخرج من غير قائد يقوده وغير ذلك من الحكايات التي هي محط رحال المشركين والإعتقادات التي ضلوا بسببها عن الصراط المستقيم وأعرضوا بها عن إخلاص الدعاء لرب العالمين {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} 1 "2. كل ذلك مما يعلم الله ورسوله والموحدون أنه عين الشرك والمحاداة لله ورسوله 3 وتكشف الرسالة التي وجهها اثنان من تلاميذ الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى عبد الله المويس 4 المناهض لدعوة الإمام, عن حقيقه تلك الضلالات ونصها: "من محمد بن غيهب ومحمد بن عيدان إلى عبد الله المويس الباعث للكتاب إخبارك عن ديننا قبل أن يجعل هذا الشيخ لهذا القرن يدعوهم إلى الله وينصح لهم ويأمرهم وينهاهم حتى اطلع الله به شموس الوحي وأظهر به الدين وفرق به أهل الباطل من السادة والكهان والمرتشين, فهو غريب في علماء هذا الزمان هو في شأن وهم في شأن آخر, رفع الله له علم الجهاد فشمر إليه فأمر ونهى ودعا إلى الله تعالى ونصح ووفى
بالعهد لما نقضوه, وشمر عن ساعد الجد لما تركوه, وتمسك بالكتاب المنزل لما نبذوه, فبدعوه وكفروه, فديننا قبل هذا الشيخ المجدد لم يبق منه إلا الدعوى والاسم فوقعنا في الشرك, فقد ذبحنا للشياطين ودعونا الصالحين ونأتي الكهان ولا نفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان, ولا بين توحيد الربوبية الذي أقر به مشركوا العرب وتوحيد الألوهية التي دعت إليه الرسل, ولا نفرق بين السنة والبدعة, فنجتمع لليلة النصف من شعبان لصلاتها الباطلة التي لم ينزل بها من سلطان, ونضيع الفريضة ونقدم قبل الصلاة الوسطى- صلاة العصر- من الهذيان ما يفوتها عن وقت الاختيار إلى وقت الضرورة, هذا وأضعافه من البدع لم ينهنا عنه علماؤنا بل أقرونا عليه وفعلوه معنا, فلا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر ولا ينصحون جاهلا ولا يهدون ضالا والكلام من جهتهم طويل عصمنا الله وإياك من الاقتداء بهم واتباع طريقتهم, فكن منهم على حذر إلا القليل منهم, ويكفيك عن التطويل أن الشرك بالله يخطب به على منابرهم ومن ذلك قول ابن الكهمري 1: اللهم صلى على سيدنا وولينا ملجانا منجانا معاذنا ملاذنا. وكذلك تعطيل الصفات في خطب الطيبي 2 فيشهد أن الله لا جسم ولا عرض ولا جوهر. فقبل هذا الشيخ لا تؤدي أركان الإسلام كالصلاة والزكاة فلم يكن في بلدنا من يزكي الخارج من الأرض حتى جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا" 3.اهـ.
ويعلل ابن بشر رحمه الله انتشار تلك الخرافات والضلالات في حاضرة نجد باتصالهم بأهل البادية الذين فشت فيهم تلك الأمور فيقول: "والسبب الذي أحدث ذلك في نجد والله أعلم أن الأعراب إذا نزلوا في البلدان وقت الثمار صار معهم رجال ونساء يتطببون ويداوون, فإذا كان في أحد من أهل البلد مرض أو في بعض أعضائه أتى أهله إلى متطببه ذلك القطين من البادية فيسألونهم عن دواء علته, فيقولون لهم: أذبحوا له في الموضع الفلاني كذا وكذا إما خروفا أسود وإما تيسا أصمع 1 وذلك ليحققوا معرفتهم عند هؤلاء الجهلة ثم يقولون لهم: لا تسموا الله على ذبحه, واعطوا المريض منه كذا وكذا وكلوا منه كذا وكذا واتركوا كذا وكذا فربما يشفى حتى كثر ذلك في الناس وطال عليهم الأمد, فوقعوا بهذا السبب في عظائم, وليس للناس من ينهاهم عن ذلك فيصدع بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 2. مما حدى بالشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى تكفيرهم لإعراضهم عن الحق, قال رحمه الله: " وإني أفتيت بكفر البوادي الذين ينكرون البعث والجنة والنار وينكرون ميراث النساء مع علمهم أن كتاب الله عند الحضر " 3 , فهم "كفروا بالكتاب كله وتبرؤوا من الدين كله واستهزؤا بالحضر الذين يصدقون بالبعث, وفضلوا حكم الطاغوت على شريعه الله واستهزءوا بها مع إقرارهم بأن محمدا رسول
الله وأن كتاب الله عند الحضر لكن كذبوا واستهزءوا عنادا"1. والحقيقة أن هذه الحالة السيئة لم تكن مقصورة على أهل نجد 2. بل إن عامة الناس قد أشركوا مع الله تعالى أولياء يحجون إلى أضرحتهم ويقدمون إليها الهدايا والنذور التماسا لمنفعة أو دفعا لمضرة 3. وللأسف فشت هذه الاعتقادات الباطلة والمذاهب الضالة والعوائد الجائرة والطرائق الخاسرة, عمت وطمت حتى بلاد الحرمين 4. يقول ابن غنام رحمه الله: " فمن ذلك ما يفعل- بمكة المكرمة- عند قبر المحجوب 5 وقبة أبي طالب6وهم يعملون أنه شريف حاكم متعد غاصب كان يخرج إلى بلدان نجد ويضع عليهم من المال خراجا ومطالب, فإن أعطي
ما أراد انصرف وإلا أصبح لهم معاديا محاربا فيأتون قبره بالسماعات1 والعلامات للاستغاثة عند حلول المصائب ونزول النوب الكوارب, وكذلك عند قبر المحجوب يطلبونه الشفاعة لغفران الذنوب لأنه عندهم المقرب المحبوب, فلهذا كانوا من سره بحذرون وإن دخل متعد أو سارق أو غاضب مال قبر أحدهما لم يتعرض له أحد من الرجال ولا يخشى معاقبة ولا أنكال ولا يتوصل إليه بما يكره ولا ينال, وإن تعلق جان ولو أقل جناية بالكعبة سحب منها بالأذيال فهم في تعظيمها مفرطون {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ, لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} 2 ومن ذلك ما يفعل عند قبر ميمونة بنت الحارث 3 أم المؤمنين رضي الله عنها في سرف 4, وعند قبر خديجة 5 رضي الله
عنها في المعلى 1 مما لا يسوغ لمسلم أن يطلق عليه إباحة وحلا, فضلا عن كونه يراه قربة يدرك بها أجرا وفضلا من اختلاط النساء بالرجال وفعل الفواحش والمنكرات, وارتفاع الأصوات عندهم بالدعوات وحصول الفدية وشهرة الاستغاثات, وعند قبر عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في الطائف من الأمور التي تشمأز 2 منها نفس الجاهل فكيف بالعارف, فيقف عند قبره متضرعا مستغيثا كل مكروب وخايف, وينادي أكثر الباعة في الأسواق من غير نكير ولا زجر على الإطلاق, ويقول بلهجة قلب واحتراق كثير من أهل الشرك والإبلاس, وذوي الفقر والإفلاس: اليوم على الله وعليك يا ابن عباس, ويسألونه الحاجات ويسترزقون {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ} 3 وأما ما يفعل عند قبره عليه الصلاة والسلام من الأمور المحرمة العظام من تعفير الخدود والإنحنا بالخضوع والسجود واتخاذ ذلك القبر
عيدا, وقد لعن عليه الصلاة والسلام فاعله وكفى بذلك زجرا ووعيدا, ونهى عن ما يفعل عنده الآن غالب العلماء نهيا شديدا وغلظوا في ذلك تغليظا أكيدا, فهو مما لا يخفى ولا ينكر, وأعظم من أن يذكر فهو في الشهرة والانتشار كالشمس في رابعة النهار, ويكل اللسان عما يفعل عند قبر حمزة 1 والبقيع 2 وقبا 3 من ذلك القبيل ويعجز القلم عن بيانه على التفصيل, ولو لم يذكر منه إلا القليل"4. قال المتنبي: وليس يصح في الأفهام شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل 5 ويستأنف ابن غنام رحمه الله قائلا:
"وأما ما يفعل في جدة 1 مما عمت به البلوى فقد بلغ من الضلال والفحش الغاية القصوى, وعندهم قبر طوله ستون ذراعا عليه قبة يزعمون أنه قبر حوى وضعه بعض الشياطين من قديم وهيئه 2 سوى, يجبون عنده السدنة من الأموال كل سنة ما لا يكاد يخطر على البال, ولا يدخل يسلم على أمة كل إنسان إلا مسلما دراهم عاجلا من غير توان أيبخل أحد من اللئام فضلا عن الكرام ببذل بعض الحطام ويدع الدخول على أمه والسلام, وعندهم معبد يسمى العلوي, نافسوا في تعظيمه جميع الخلائق وأربوا في الغلو على تلك الطرائق, فلو دخل قبره قاتل نفس أو غاصب أو سارق لم يعترض بمكروه من مؤمن ولا فاسق, ولم يجسر أحد أن يكون مخرج له سائق 3 أو إلى المساعدة إليه مسارع مسابق, فمن استجار بتربته أجير, ولم يعرج عليه حاكم ولا وزير, وفي سنة عشر بعد المائتين 4 والألف اشترى تاجر من أهل جدة شهير من أهل الهند التجار القادمين وأهل الحسا 5.
مال 1 كثير 2 يزيد على سبعين ألف ريال في التقدير, فوقع عليه بعد أيام انكسار وإفلاس وتغيير, ولم يكن عنده ما يقابل شطر الذي عليه فهرب إليه مستجير 3, فلم يتقدم إليه منهم شريف ولا وضيع ولا صغير ولا كبير, وترك بيته وما فيه من مال ولم يرزأ في قليل ولا كثير حتى اجتمع التجار ورأو له منهج الأنظار والتيسير وجعلوا ذلك عليه نجوما في سنين على التأخير, وكان بعض أهل الدين بذلك الحال مشيرا. وأما ما في بلدان مصر وصعيدها من الأمور التي ينزه الإنسان عن ذكرها وتعديدها 4 خصوصا عند قبور الصلحا والعباد من ساداتها وعبيدها كما ذكرها الثقات في نقل الأخبار وتوكيدها, فيأتون قبر أحمد البدوي 5 وكذا قبور غيره من العباد وسائر ترب المشهورين بالخير والزهاد فيستغيثون ويندبون, ويجعلونهم بالإمداد, ويستحثونهم على زوال المصيبة عنهم والإنكار ويتداولون بينهم حكايات وينسبون عنهم قضيات ويحكون في محافلهم ماجريات 6 من أفحش المنكر والضلالات , فيقولون: فلان استغاث
بفلان فأغيث فورا في ذلك الأوان, وفلان شكا لصاحب ذلك القبر حاله وأمره فأغاثه وكشف عنه ضره, وفلان شكا إليه حاجته فأزال عنه فقره وأمثال هذا الهذيان الذي هو زور وبهتان"1. ولقد ذكر المؤرخ الجبرتي 2 قصة فريدة حدثت لواعظ بجامع المؤيد تبين مدى غربة الدين وأهله الموحدين في مصر حينئذ فقال ضمن حوادث عام ثلاثة وعشرين ومائة وألف: " في شهر رمضان قبل ذلك جلس بجامع المؤيد –أي الواعظ- فكثر عليه الجمع وازدحم المسجد وأكثرهم من الأتراك, ثم انتقل من الوعظ وذكر ما يفعله أهل مصر بضرايح الأولياء وإيقاد الشموع والقناديل على قبور الأولياء وتقبيل أعتابهم وفعل ذلك كفر يجب على الناس تركه, وعلى ولاة الأمور السعي في إبطال ذلك, وذكر أيضا قول الشعراني في طبقاته أن بعض الأولياء اطلع على اللوح المحفوظ وأنه لا يجوز ذلك ولا تطلع الأنبياء فضلا عن والتكايا 3 ويجب هدم ذلك, وذكر أيضا وقوف الفقراء بباب زويله 4 في ليالي رمضان فلما سمع حزبه ذلك خرجوا بعد صلاة التروايح
ووقفوا بالنبابيت 1 والأسلحة, فهرب الذين يقفون بالباب, فقطعوا الجوخ والأكر المعلقة وهم يقولون: أين الأولياء, فذهب بعض الناس إلى العلماء بالأزهر وأخبروهم بقول ذلك الواعظ وكتبوا فتوى وأجاب عليها الشيخ أحمد النفراوي والشيخ أحمد الخليفي بأن كرامات الأولياء لا تنقطع بالموت, وأن إنكاره على اطلاع الأولياء على اللوح المحفوظ لا يجوز, ويجب على الحاكم زجره عن ذلك, وأخذ بعض الناس تلك الفتوى ودفعها للواعظ وهو في مجلس وعظه, فلما قرأها غضب وقال: يا أيها الناس إن علماء بلدكم أفتوا بخلاف ما ذكرت لكم, وإني أريد أن أتكلم معهم وأباحثهم في مجلس قاضي العسكر, فهل منكم من يساعدني على ذلك, وينصر الحق؟ فقال له جماعة: نحن معك لا نفارقك, فنزل عن الكرسي واجتمع عليه من العامة زيادة عن ألف نفس ومر بهم من وسط القاهرة إلى أن دخل على بيت القاضي قريب العصر, فانزعج القاضي وسألهم عن مرادهم فقدموا له الفتوى وطلب منه إحضار المفتين والبحث معهما فقال القاضي: اصرفوا هؤلاء الجموع ثم نحضرهم ونسمع دعواهم فقالوا: ما تقول في هذه الفتوى؟ قال: باطله؟ فطلبوا منه أن يكتب لهم حجة ببطلانها فقال: إن الوقت قد ضاق والشهود ذهبوا إلى منازلهم وخرج الترجمان, فقال لهم ذلك فضربوه واختفى القاضي بحريمه فما وسع النائب إلا أن كتب لهم حجة حسب مرادهم ثم اجتمع الناس في يوم الثلاثاء عشرينه 2 وقت الظهر بالمؤيد لسماع
الوعظ على عادتهم, فلم يحضر لهم الواعظ فأخذوا يسألون عن المانع من حضوره فقال بعضهم: أظن أن القاضي منعه من الوعظ فقام رجل منهم وقال: أيها الناس من أراد أن ينصر الحق فليقم معي فتبعه الجم الغفير, فمضى بهم إلى مجلس القاضي فلما رآهم القاضي ومن في المحكمة طارت عقولهم من الخوف, وفر من بها من الشهود, ولم يبق إلا القاضي فدخلوا عليه وقالوا له: أين شيخنا؟ فقال: لا أدري, فقالوا له: قم واركب معنا إلى الدوان ونكلم الباشا 1 في هذا الأمر ونسأله أن يحضر لنا أخصامنا الذين أفتو بقتل شيخنا, ونتباحث معهم, فإن أثبتوا دعواهم نجوا من أيدينا وإلا قتلناهم. فركب القاضي معهم مكرها وتبعوه من خلفه وأمامه إلى أن أطلعوا إلى الديوان, فسأله الباشا عن سبب حضوره في غير وقته, فقال انظر إلى هؤلاء الذين ملاؤوا الديوان والحوش فهم الذين أتوا بي, وعرفه قصتهم وما وقع منهم بالأمس واليوم, وأنهم ضربوا الترجمان وأخذوا مني حجة قهرا, واوتوا اليوم وأركبوني قهرا فأرسل الباشا إلى كتخدا 2 الينكجرية وكتخدا العزب وقال لهما: اسألوا هؤلاء عن مرادهم فقالوا: نريد إحضار النفراوي
والخلفي ليبحثا مع شيخنا فيما أفتيا به عليه, فأعطاهم الباشا بيورلديا 1 على مرادهم ونزلوا إلى المؤيد وأتوا بالواعظ وأصعدوه إلى الكرسي فصار يعظهم ويحرضهم على اجتماعهم في غد بالمؤيد, ويذهبون بجمعيتهم إلى القاضي, وحضهم على الانتصار للدين وقمع الدجالين وافترقوا على ذلك, وأما الباشا فإنه لما أعطاهم البيور لدي أرسل بيورلديا إلى إبراهيم بك 2 وقيطاس بك يعرفهم ما حصل وما فعله العامة من سوء الأدب وقصدهم تحريك الفتن وتحقيرنا نحن والقاضي, وقد عزمت أنا والقاضي على السفر من البلد, فلما قرأ الأمراء ذلك لم يقر لهم قرار وجمعوا الصناجق 3 والأغوات 4 ببيت الدفترادار 5 وأجمعوا رأيهم على أن ينظروا هذه العصبة
من أي وجاق 1 ويخرجوا من حقهم وينفي ذلك الواعظ من البلد وأمروا الآغا أن يركب ومن رآه منهم قبض عليه, وأن يدخل جامع المؤيد ويطرد من يسكنه من السفط 2 فلما كان صبيحة ذلك اليوم ركب الآغا وأرسل الجاويشيه 3 إلى جامع المؤيد فلم يجدوا منهم أحدا, وجعل يفحص ويفتش عن أفراد المتعصبين فمن ظفر به أرسله إلى باب إغاته فضربوا بعضهم ونفوا بعضهم وسكنت الفتنة 4"اهـ. وحسبنا الله ونعما الوكيل. وعن الأحوال الدينية في اليمن يقول المؤرخ ابن غنام: "وأما ما يفعل في بلدان اليمن من الشرك والفتن قبل هذا الوقت في هذا الزمان فأكثر من أن يحسب أو يحصى أو يعد ويستقصى أو يدرك له أقصى, ومن ذلك ما يفعله أهل شرقي صنعا 5 بقبر عندهم يسمى الهادي, والكل على دعوته
والاستغاثة به رائح غادي 1, فتأتيه المرأة إذا تعسر عليها الحمل أو كانت عقيمة, فتقول عنده كلمة قبيحة عظيمة فسبحان من لا يعاجل بالمعاقبة على الجريمة"2. وفي ذلك يقول الإمام الشوكاني- وهو من علماء اليمن المعاصرين للإمام محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله-: زكم قد سرى عند تشييد أبنية القبور وتحسينها من مفاسد يبكى لها الإسلام, ومنها اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام وعظم ذلك فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ورفع الضرر, فجعلوها مقصدا لطلب قضاء الحوائج وملجأ لنجاح المطالب وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم, وشدوا إليها الرحال وتمسحوا بها واستغاثوا, وبالجملة إنهم لم يدعوا شيئا مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه فإنا لله وإنا إليه راجعون, ومع هذا المنكر الشنيع والكفر الفظيع لا نجد من يغضب لله ويغار حمية للدين الحنيف لا عالما ولا متعلما ولا أميرا ولا وزيرا ولا ملكا, وقد توارد إلينا من الأخبار ما لا يشك معه أن كثيرا من هؤلاء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه حلف بالله فاجرا فإذا قيل له بعد ذلك: احلف بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني تلعثم وتلكا وأبي واعترف بالحق, وهذا من أبين الأدلة الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال إنه تعالى ثاني اثنين أو ثالث ثلاثة, فيا علماء الدين ويا ملوك المسلمين أي رزء للإسلام أشد من الكفر وأي بلاء لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله, وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة, وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن هذا الشرك البين واجبا؟!
لقد أسمعت لو ناديت حياً ... ولكن لا حياة لمن تنادي ولو نارا نفخت بها أضاءت ... ولكن أنت تنفخ في رماد 1 2 كما نظم الإمام الصنعاني رحمه الله- وهو من علماء اليمن أيضا المعاصرين للإمام- قصيدته الشهيرة التي أثنى فيها على الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله, وقد تضمنت عدة أبيات تصف الشركيات المنتشرة بين الناس وهي: وقد جاءت الأخبار منه بأنه ... يعيد لنا الشرع الشريف بما يبدي وينشر جهرا ما طوى كل جاهل ... ومبتدع منه فوافق ما عندي ويعمر أركان الشريعة هادما ... مشاهد ضل الناس فيها عن رشد أعادوا بها معنى سواع ومثله ... يغوث وود بئس ذلك من ود وكم عقروا في سوحها من عقيره ... أهلت لغير الله جهرا على عمد وكم طائف حول القبور مقبل ... ومستلم الأركان منهن بالأيدي 3 ويضيف ابن غنام رحمه الله:
" وأما أهل بلد برع 1 فعندهم البرعي رجل يرحل إلى دعوته كل ناء عن محله وبلدته يؤتي إليه من غير إشكال من مسيرة أيام وليال لطلب الإغاثة وشكاية الحال, ويقمون عند قبره للزيارة ويتقربون بالذبائح عنده كما حقق أخباره من شاهد حضرته واحتضاره, وأما أهل الهجرية 2 ومن حذا حذوهم فعندهم قبر يسمى بن علوان, وقد أقبل عليه العامة في نوايب الزمان واستغاث به منهم كل لهفان, فهم يلجأون به في كل وقت وأوان ويسميه غوغاهم منجي الغارقين كما حكاه بعض السامعين, وأغلب أهل البر منهم والبحر يطربون عند سماع ذكره ويستغيثون به وإن لم يصلوا إلى قبره وينذر له في البحر والبر, وعند أهل بلده وتعظيمه ما يزيد على الحصر ويفعلون عند قبره السماعات 3 والموالد, ويجتمع عنده أنواع من المعاصي والمفاسد, فليس في أقطار اليمن في هذا الزمن من يساويه في الاشتهار بل ولا في سائر الأقطار , ولهم في حضرته أمور يفعلونه دينا ويتوخونها حينا, فحينا يطعنون أنفسهم بالسكاكين والدبابيس وقد جعلها لهم عبادة إبليس, ويقولون وهم يرقصون وبما يغنيه طربون قد ملأ الوجد منهم ألبابا وذهنا يا سادتي قلبي بكم معنى.
وأما حضرموت 1 والشحر 2 ويافع 3 وعدن 4 فقد ثوى فيهم الغي وقطن عندهم العيدروس 5, يفعل عند قبره من السفه والضلال الوبيل ما يغني مجمله عن التفصيل, ويقول قائلهم: شيء لله يا عيدروس شيء لله يا محي النفوس. وأما بلدان الساحل فعندهم من ذلك مسائل فعند أهل المخا 6 علي بن عمر الشاذلي 7 أكثرهم بدعوته والاستعانة به قد ابتلي لا تفتر ألسنتهم عن ذكره قعودا وقياما وينتابون تربته وحدانا وقياما. وأما أهل الحديدة 8 فعندهم الشيخ صدّيق أقبل على تعظيمه والغلو فيه كل فريق, وقد أدى بهم الأمر والحال وأوردهم الشيطان في هوة الضلال إلى أنه لا
يمكن أحد يريد ركوب البحر أو يريد منه النزول إلى البر حتى يجيء إليه ويسلم فورا عليه, ويطلب منه الإعانة والمدد فيما أراده وقصد. وأما أهل اللحية 1 فعندهم الزيلعي 2 من غير لبس واسمه عندهم الشمس, لأن قبره ليس عليه قبة بل مكشوف وكان إليه جميع النذر مصروفا وهم فيه أظلم وأجهل وأطغى وفي تعظيمه ودعوته أضل وأبغى, وأهل البادية منهم تؤثر حكاية عنهم وهي أنه كان رسولا في حاجة فأراد أن يدخل بلده والشمس متدلية للغروب, وكان دخول النهار له مقصودا ومطلوبا, فقال للشمس: قفي فوقفت وسمعت قوله وامتثلت وهكذا ذكر بعض الرجال والله أعلم بحقيقة الحال. وقبر رابعة 3 عندهم مشهور لا يحلفون صدق اليمين إلا بها وغير ذلك من الأمور, وعندهم الطامة العظيمة والمعضلة الجسيمة وهي في أراضي نجران 4 وما يليها من البلدان وما حولها من الأعراب والبدوان, وهو الرئيس المعروف عندهم السيد المتقدم في رياستهم وسياستهم والمطلق فيهم والمقيد, فلقد أتوا
من تعظيمه وتوقيره وتقديمه في جميع الأمور وتصديره وقبح الغو فيه والاعتقاد ما أفضى بهم إلى طريقة الضلال والإلحاد, فصرفوا له من أنواع العبادة سهما, وجعلوا فيه للألوهية وسما حتى أن يجعلوه لله ندا وقسما, وكان عندهم بذلك الحال شهيرا فتعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا. وأما ما في حلب ودمشق وأقصى الشام وأدناه فهو مما يوقف له على حد, ولم يمكن ضبط أقصاه ولا يعرف قدره ومنتهاه ولو استفرغ الإنسان في ذلك قصاراه بحسب ما يحكيه من يشاهد ذلك أو يراه من العكوف على عبادة القبور وصرف القربان إليها والنذور والمجاهرة بالفسوق والفجور وأخذ الأمكاس 1 والدستور 2 ووضع الخراج على البغايا من تلك المهور. وفي الموصل وبلدان الأكراد وما يليها من سائر البلاد وكذا في العراق خصوصا المشهد 3 وبغداد ما لا يحتاج إلى حصر وتعداد فيفعل عند قبر الإمام أبي حنيفة ومعروف الكرخي والشيخ عبد القادر ... من الدعاء والإستغاثة بهم, ومنهم في سائر الأوقات والأزمان ما لا يعرف له صفه ولا شان, وتسفح عندهم العبرات والدموع, ويحصل من التعظيم والتذلل عندهم والخضوع أعظم
مما يصدر بين يدي الله في الصلاة في الحضور والخشوع بل كثير ممن فعل ذلك مرار وجرب, هم لقضاء الحوائج ترياق مجرب. وأما مشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد صيرته الرافضة وثنا يعبد ويدعى بخالص الدعاء دون من ذرأ الخلق وأوجد ويصلي له في قبته ويركع ويسجد, وليس في صدور أولئك الضلال وغيرهم من الجهال وذوي الفسق من الضلال من التغطية والهيبة والإجلال لذي الفضل والنوال معشار ما فيها لعلي رضي الله عنه من غير إشكال ولا إسراف ولا إفراط في المقال, فتراهم يحلفون الأيمان الكاذبة بالله ولا يخاف أحدهم مولاه ولا يراقبه سرا وجهرا ولا يخشاه, ولا يحلف بعلي كاذبا أبدا يعظم بذلك حماه فلا ينتهك ذلك ويتعداه, ويجزمون أن عنده مفاتيح الغيب من غير شك- قبحهم الله- ولا ريب, ولهذا يقولون إن زيارته أفضل من سبعين حجة, وكفى بما ذكرناه في خروجهم عن الإسلام حجة وإخراجهم عن واضح السنن والمحجة, ولقد تخلو فيه وأتوا من الشرك القبيح أعظم مما فعل النصارى بالمسيح سوى دعوى الولديه، فلم تصدر من هذه البرية وساووهم أو زادوا عليهم في غيرها من الخصائل الردية, وزخرفوا على قبره الذي يدعونه قبة مذهبة وخالفوا هديه رضي الله عنه ومذهبه, ولقد كان في حياته حرق ممن غلا فيه أناس, فما أغناهم من انتهاج منهج الضلال والإبلاس. ومثل ذلك ما يفعل من الشرك والمنكر والشين 1 عند مشهد الكاظمة 2
ومشهد الحسين 1 فعندهم من التعظيم لهما والعبادة والوقار والملازمة لذلك بالعشي والإبكار والإقبال على ذلك على سائر الأحوال والإكثار أجل وأكثر مما عندهم لله الواحد القهار, ولقد شب فيهم على ذلك الكفر وقبيح ذلك المنكر والفجر الرعاع والأطفال, وشاب عليه الصغار من الرجال فلا يسمع في سائر الاحوال بين أولئك السفلة الانذال والأرذال الضلال ذكر لرب ذي العزة والجلال, وإنما ديدنهم ذكر علي والحسين وبقية الآل. وأما جميع قرى الشط 2 والمجرة 3 فقد لبسوا ثياب الشرك والضلال والمعره بل كانوا أهله وأصله ومقره, وكذلك ما حول البصرة وما توسط فيها من تلك القبب والمشاهد التي أصبح كل إليها مقبلا وقاصدا لا سيما قبر الحسن البصري والزبير رضي الله عنهما, فقد طلبوا الفرج منهما وصرفوا لهما من العبادة الدعا والاستغاثة عند الشدائد وطلبوا منهما جميع الفوائد, وليس لهذا منكر ولا حاجة سوى ما يصدر وما يشاهد في تلك البلدان من المنكرات والفواحش والمفاسد ولا يجحد ذلك إلا مباهت معاند.
أما ما في القطيف 1 والبحرين 2 من البدع الرفضية والأمور القبيحة الشركية والمشاهد المعظمة الوثنية, وما يفعله أولئك الضلال والأنجاس من الضلال والغي والإبلاس وما يأتونه من الشرك والأرجاس, وإذا رأى أفعالهم كل عارف بالإيمان وشاهده بالروية والعيان تبين له غربة الدين في هذا الزمان" 3. وهكذا تبدل حال المسلمين وهبطوا مهبطا بعيد القرار 4 , وانتشرت عندهم البدع واشتهرت حتى صار المعروف منكرا والمنكر معروفا 5, وكان ذلك التدهور الذي عم الأمة الإسلامية حينئذ ينحدر بها مسرعا حتى أن القيم التي اكتسبها المسلمون من دينهم قد اندثرت أو كادت 6 ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
المطلب الثالث: الأحوال الاجتماعية:
المطلب الثالث: الأحوال الاجتماعية: إذا كانت تلك أحوال المسلمين في نجد قبيل عصر الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب السياسية والدينية فإن حالتهم الاجتماعية ليست بأحسن حال من سابقتيها, والصفحات القليلة القادمة ستعطينا تصورا عاما عن الحالة الاجتماعية في نجد في عصر الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. تأثرت الظروف الاجتماعية لأهالي نجد بطبيعة الأرض التي يعيشون عليها, وهي أرض صحراوية تقام في أنحاء متفرقة منها عدة مدن صغيرة حول آبار للمياه وبالقرب من الواحات, ومن ثم فإن السكان ينقسمون إلى بدو وحضر, فالبدو الرحل ينتقلون بأغنامهم وإبلهم وراء المراعي, ومن ثم يتميزون بالخشونة في طباعهم, والاستعداد الدائم للقتال من أجل المراعي والمياه1. اما الحضر, وهم سكان المدن 2 فقد كانت لهم صفه الاستقرار لأنهم يسكنون الواحات والقرى, فهم وإن اختلفت طباعهم باختلاف المناطق التي يعيشون فيها وظروف الحياة التي تحيط بهم 3 إلا أنهم كانوا في الأصل من البدو ثم توطنوا في مساكنهم من زمن قديم 4, لذلك كانت حياتهم متأثرة إلى حد كبير بحياة البدو بالإضافة لما بينهم من صلات القربى والمصاهرة
والتجارة 1 , إلا أن التجارة في الفترة السابقة لقيام الدولة السعودية فقدت أهميتها باعتبارها مورد رزق لبعض سكان نجد نظرا لفقدان الأمن وعدم استقرار النظام وانتشار الفوضى 2, وسكان نجد من البدو والحضر ينتظمون في قبائل تحكمها الأعراف والتقاليد المتوارثة, فإذا كانت القبائل البدوية سمتها عدم الاستقرار والتقاتل والإغارة على من جاورهم أو الهجرة إلى أرض جديدة فإن الحضر انتظموا في مجموعة من الإمارات أو المشيخات التي تتفق مع القبائل البدوية في الطباع الصحراوية, حيث عاد السكان إلى مفاهيم الحياة البدوية الجاهلية التي كانوا عليها قبل الإسلام وعادت العصبيات القبلية تمزق المجتمع وتفتته3, كما عاد الغزو والسلب والنهب ليكون مصدر العيش في الصحراء 4. ورغم ذلك كله فقد بقيت عند أهل نجد عادات العرب الأصلية مثل المروءة والشجاعة 5 كحماية الغريب الذي كان باجترائه على التقدم إلى منطقة قبلية غريبة إنما يعرض نفسه للقتل أو السلب على يد أولئك الاغراب الذين لا يعدون أن يكونوا أعداء له إلا إذا وفق إلى لمس ثياب عدوه أو خيمته أو دخوله إلى منزله فإنه بذلك يكون مستحقا للحماية التامة, وقد تمنح هذه الحماية للمسافر الغريب طوعا وعن طيب نفس 6, هذا إلى جانب علاج
الخلافات اليومية عن طريق المجالس اليومية, والطاعة لشيخ القبيلة والاستماع إلى من هم أكبر سنا واحترام مجلسهم, والتضحية بالأرواح أثناء الحرب وبالأموال أثناء السلم 1, كما أن المجتمع النجدي حينئذ كان مجتمعا قبليا يقوم على القوة وحدها في سبيل الاستيلاء على السلطة والرزق والثراء2 , والتنظيم القبلي كان يعطي لشيخ القبيلة السلطة الكاملة على كل أفراد قبيلته وهو في الغالب أكثر أفراد قبيلته ثروة وأكبرهم مركزا وسنا, ولذلك يعد المسئول عن كل ما يلحق بقبيلتة من إغارات القبائل الأخرى إلى جانب مسئوليته عن تنظيم الأمور المتعلقة بأفراد قبيلته مهما سكنوا في مناطق متفرقة أو في قرى وواحات متباعدة, ومهما اختلفوا من حيث الثراء أو في درجة التحضير فالكل أمام عرف وتقاليد القبيلة سواء3. وبصفة عامة كان مجتمع شبه الجزيرة العربية وما فيه من قبائل وعشائر متنافرة متخاصمة إلى حد كبير4.
المطلب الرابع: الأحوال العلمية:
المطلب الرابع: الأحوال العلمية: تبين مما سبق أن كثيرا من سكان نجد كانوا من البدو الرحل, وأنهم كانوا منسلخين عن دينهم وعقيدتهم لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا. وقد كان حدوث مثل هذا الأمر متوقعا نظرا لسيادة الجهل الديني لديهم1, أما الحاضرة أهل نجد فقد كانوا أحسن وضعا من البادية, لأنه كان بينهم علماء يفهمون أركان الدين2 ويوضح لنا الشيخ ابن بسام أهم المعالم العلمية حينئذ في نجد قائلا: "وفي نجد تميزت مدينتان علميتان قبل دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. المدينة الأولى: أشيقر: أشيقر بالضم ثم الفتح, وياء ساكنة, وكسر القاف, وراء جبل باليمامة وقربة لبني عكل3. إحدى بلدان الوشم4, فقد كانت هذه المدينة من منازل بني تميم منذ العهد
الجاهلي ثم نزل معهم أبناء عمهم من –الرباب- حتى إذا جاء القرن الخامس الهجري اختص بسكناها- آل وهيب- من بني حنظلة من بني تميم ويجاورهم عشائر- الوهبة- في بلدان نجد, فهذه المدينة زخرت بالفقهاء ووجدوا بها حتى كان يجتمع في الوقت الواحد منهم أربعون عالما كلهم يصلحون للقضاء يوم كان القضاء لا يصل إلى مرتبته إلا فطاحل العلماء وكبارهم1 -لذلك- تعتبر أشيقر مركزا من مراكز العلم في نجد آنذاك2. المدينة الثانية العيينة: العيينة بضم العين, فيائين الأولى مفتوحة والثانية ساكنة, فنون مفتوحة, فهاء: تصغير عين ... تقع في ملتقى شعاب وادي حنيفة الرئيسية, التي يتكون منها هذا الوادي3, وتبعد عن مدينة الرياض خمسة وأربعون كيلومترا4. أنشأنها- حسن بن طوق- جد آل معمر في منتصف القرن التاسع الهجري, هذه المدينة أكبر من الأولى من حيث العمران ووفرة السكان والسلطة فلقد أصبحت عاصمة لبلدان نجد قبل نهضة الدرعية5. وقد وجد بها العلماء وكثروا فيها فكان أكثر من ثمانين عالما يدرسون العلم في جوامعها في زمن واحد.
هذا كله قبل دعوة الإصلاحية1 كما أن النصوص التاريخية تدل بوضوح على أن حريملاء2 كانت مدينة علم وعلماء في وقت كانت تخيم فيه الأمية على معظم بلدان نجد3. ويتضح من المصادر أن المذهب الحنبلي كان المذهب السائد في نجد قبل ظهور دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بزمن طويل4 , والمصادر لا تعطينا معلومات عن الوسيلة التي دخل بها هذا المذهب إلى المنطقة, ومن المرجح أن تلك الوسيلة كانت دراسة بعض طلبة العلم من النجديين على كبار علماء الحنابلة في مدن مشهورة مثل دمشق وبغداد والقاهرة وبعد عودتهم إلى بلادهم أخذوا يدرسونه فانتشر في المنطقة وساد, ولم يكن غريبا أن يجد المذهب الحنبلي أرضا خصبة في نجد, فهو أقرب المذاهب الأربعة إلى ظاهر نصوص القرآن والحديث, وهو بهذه الصفة يمثل البساطة إلى حد ما والبساطة من الأمور المحببة لدى الفرد النجدي الذي كان أقل إخوانه في عرب الجزيرة تأثرا بالخارج5.
وكان من عادة طلاب العلم في نجد السفر إلى البلدان المذكورة سابقا للنزود بالعلم والتفقه على علماء المذهب الحنبلي, خاصة إذا لم يكن هناك عالم بارز جدا في منطقتهم. وكثيرا ما كان لعلماء الحنابلة طلاب نجديون ومن أمثلة هؤلاء العلماء شهاب الدين العسكري1 وموسى الحجاوي2 ومنصور البهوتي3 ومرعي
ابن يوسف 1 2. وقد شهد القرن الحادي عشر الهجري وجود كثير من العلماء في نجد بدليل أن أكثر البلدان النجدية كان لها قضاة محليون, وكان من أشهر علماء هذا القرن أحمد بن بسام 3 ومحمد بن إسماعيل 4 وعبد الله
ابن ذهلان 1 وأحمد القصير2 وكان عبد الله بن ذهلان أستاذا لعدد من الطلاب منهم الفقيهان المؤرخان أحمد المنقور 3 ومحمد العوسجي 4 لكن أشهر علماء هذا القرن- حسب ما ذكرته المصادر- كان سليمان بن علي, جد الشيخ محمد بن عبد الوهاب, ومن الواضح أن دراسة علماء نجد في تلك الفترة تركزت على مادة الفقه, أما العلوم الدينية الأخرى فكان حظها من العناية أقل من هذه المادة وربما كان ذلك منسجما مع الهدف الرئيس من التعلم آنذاك, وهو أن يصبح المرء مؤهلا لتولي القضاء, ويبدو أن الفقه كان ينظر إليه على أنه كاف لذلك التأهيل, ومن الذين خرجوا عن هذه القاعدة واهتموا بالعلوم الأخرى عثمان بن قائد5
فكان من بين مؤلفاته رسالة عن التوحيد عنوانها: نجاة الخلف في اعقاد السلف 1 وكتاب التوحيد, منهم أيضا عبد الله بن إبراهيم بن سيف2 لكن ابن قائد- كما ذكر- لم يتوف في نجد وربما كان اهتمامه بالتوحيد أو العقيدة نتيجة لمناقشاته مع بعض العلماء خارج هذه المنطقة والله أعلم3. ومما يدل على عدم اهتمام السواد الأعظم من العلماء حينئذ بتعلم وتعليم التوحيد قول الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "والله الذي لا إله إلا هو لقد طلبت العلم واعتقد من عرفني أن لي معرفة وأنا ذلك الوقت لا أعرف معنى لا إله إلا الله, ولا أعرف دين الإسلام قبل هذا الخير الذي من الله به, وكذلك مشايخي ما فيهم رجل عرف ذلك, فمن زعم من علماء العارض4 أنه عرف معنى لا إله إلا الله أو عرف معنى الإسلام قبل هذا الوقت, أو زعم عن مشايخه أن أحدا عرف ذلك فقد كذب
وافترى ولبس على الناس ومدح نفسه بما ليس فيه" 1. ومهما يكن من أمر فإن هؤلاء العلماء مع قلتهم قد تحول أكثرهم مع الزمن إلى عقول جامدة لا تنشط إلى تفكير جديد ولا محاولة للإصلاح والتجديد2, فقد كانوا بقية لا طاقة لها بالنهي عن الفساد في الأرض أثرهم في ما معهم من علم كأثر من ينقل ولا يعقل ويهرف بما لا يعرف, فوقفوا عند حد حمل الأسفار وترديد المتون مقلدين غير مجتهدين فضلا عن أن غاياتهم من العلم قد انحطت3 وانحصرت في التأهيل لتولي القضاء كما سبقت الإشارة إليه4. هذا باختصار ما يتعلق بالحالة العلمية في منطقة نجد, أما بالنسبة للحالة العلمية في العالم الإسلامي فليست بأحسن حالا منها في نجد, فلقد أخذ الجمود من المسلمين مأخذه حتى أنهم أقاموا لكل مذهب من المذاهب الفقهية فقيها وإماما, وتعددت الجماعات في المسجد الواحد كل ينتصر لمذهبه وكل يصلي خلف إمام مذهبه, وبذلك يقف المسلمون لصلاة الجماعة وراء كثير من إمام حسب المذاهب الموجودة في ذلك المسجد, كما أن الإفتاء في أي مسألة حسب مذهب السائل, وأحاطوا هذه المذاهب بالقدسية والعظمة, وحرم على الناس خروجهم عنها, وأغلق باب الاجتهاد بمغاليق من حديد5 ومن ثم غابت الصفوة من العلماء الذين ينهضون بتكليف الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر, وبغيابهم غاب وجدان الأمة اليقظ1. ومن دلائل غياب العلماء ما ذكره الجبرتي في سياق حديثه عن خبر وفاة عبد الوهاب بن عبد السلام العفيفي أحد مشايخ الطرق الصوفية بمصر عام "1172هـ" حيث قال: " ونزل سيل عظيم, وذلك في سنة "1178هـ" فهدم القبور وعامة الأموات فانهدم قبره وامتلأ بالماء, فاجتمع أولاده ومريده وبنو له قبرا في العلوة على يمين تربة الشيخ المتوفى, ونقلوه إليه قريبا من عمارة السلطان قايتباي وبنوا على قبره قبة معقودة, وعملوا له مقصورة ومقاما من داخلها, وعليه عمامة كبيرة وصيروه مزارا عظيما يقصد للزيارة ويختلط به الرجال والنساء, ثم أنشأوا بجانبه قصرا عاليا, عمره محمد كتخدا أباظة, وسوروا له رحبة متسعة مثل الحوش لموقف الدواب من الخيل والحمير دثروا بها قبورا كثيرة, بها كثير من أكابر الأولياء والعلماء والمحدثين وغيرهم من المسلمين والمسلمات, ثم أنهم ابتدعوا له موسما وعيدا في كل سنة يدعون إليه الناس من البلاد القبلية والبحرية فينصبون خياما كثيرة وصواوين2 ومطابخ وقهاوي ويجتمع العالم الأكبر من أخلاط الناس وخواصهم وعوامهم وفلاحي الأرياف وأرباب الملاهي والملاعب والغوازي3 والبغايا والقرادين4
والحواة1 فيملأون الصحراء والبستان فيطاون القبور ويوقدون عليها النيران ويجتمع لذالك أيضاً الفقهاء والعلماء وينصبون لهم خياما أيضا ويقتدي بهم الأكابر من الأمراء والتجار والعامة من غير إنكار, بل ويعتقدون لذلك قربة وعبادة, ولو لم يكن كذلك لأنكره العلماء فضلا عن كونهم يفعلونه2 , فالله يتولى هدانا أجمعين"3. فإذا كان هذا حال من نسبوا إلى العلم فعلى العوام السلام. والله المستعان.
المبحث الثاني: ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
المبحث الثاني: ترجمة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. المطلب الأول: مولده ونسبه ونشأته: الفرع الأول: مولده رحمه الله: في قلب الصحراء الممتدة على مد البصر, وتحت أديم السماء الصافية صفاء البحر1 ولد رحمه الله تعالى سنة خمس عشرة بعد المائة والألف من الهجرة النبوية- 1115هـ- في بلدة العيينة2 وهي بلدة صغيرة في وادي حنيفة3 شمال غربي مدينة الرياض4 وهي من أعالي نجد5 تبعد عن مدينة الرياض خمسة وأربعين كيلومترا6 صاحبها قبول وعمران وازدحام سكان7 وكانت قاعدة لإمارة آل معمر8.
الفرع الثاني: نسبه رحمه الله:
الفرع الثاني: نسبه رحمه الله: هو الإمام العالم العامل محيي السنة, قامع البدعة, مجدد الدعوة الإسلامية والملة الحنيفية, سيف الله على المبتدعين والمرتدين, وكاشف عورات المشبهين المضلين1 قدوة الموحدين وبقية المجتهدين وناصر سنة سيد المرسلين2 صاحب النهضة الدينية والدعوة السلفية, موقظ الجزيرة العربية من سبات الأوهام ومحررها- رحمه الله- من عقل البدع3 وعبادة الأصنام4. محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن مشرف5 بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب6 بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة بن سنيع بن
نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن زيد ابن مناة بن تميم1 بن مر بن إد بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان2 له خمسة أبناء: حسين وحسن وعلي وعبد الله وإبراهيم3 وتعود شجرة النسب الثابت له إلى ستة عشر جيلا خلت أو قرابة الخمسة قرون4 فهو ينتسب إلى قبيلة تميم النجدية التي كانت قد استوطنت وتركت حياة الرعي واشتغلت بالزراعة والتجارة وقد اشتهرت أسرته من آل مشرف بالعلم5.
ولعله من المناسب هنا أن أنبه على بطلان النسب العجيب الذي افتراه صاحب كتاب لمع الشهاب1 على الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله حيث قال: إن محمد عبد الوهاب هو من قبيلة سنان, قبيلة من تميم فهو محمد بن عبد الوهاب بن محمد بن علي بن سعد بن سلمة ابن فلاح بن عبد الواحد بن حميد بن سالم بن سنان بن عبد الله بن جحلان بن عمر بن وهب بن نافع بن شبيب بن زيدان بن عامر بن مالك بن عدي بن سرداح بن كعب بن زيد بن عبد الله بن جعدة بن معاوية بن قيس بن ربيعة بن صعصعة ابن عامر بن بكر بن هوازن بن امرئ القيس بن زيد بن مناة بن تميم2 قال الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ: هذه السلسلة كذب ليس فيها والله صحيح إلا كما ذكر الدكتور منير العجلاني أولها وهو أن الشيخ محمد هو ابن عبد الوهاب وآخرها وهو أن جده الأعلى زيد بن مناة بن تميم3.
الفرع الثالث: نشأته رحمه الله:
الفرع الثالث: نشأته رحمه الله: من المناسب قبيل الحديث عن نشأته رحمه الله تعالى, أن أسلط بعض الأضواء على أبرز الشخصيات الوضّاءة من ذوي الشيخ لتعطينا هذه التراجم صورة واضحة عن البيئة الأسرية التي نشأ فيها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. أولا: ترجمة الشيخ سليمان بن علي بن مشرف جد الإمام: ولد في بلدة أشيقر1 ونشأ فيها وقرأ على علمائها2 ولازم الشيخ أحمد ابن محمد بن مشرف3 وأكثر الأخذ والقراءة عن العلامة الشيخ محمد ابن أحمد بن إسماعيل الأشيقري4 قرأ الفقه والحديث وأصول الدين ولفرائض وغير ذلك فمهر في ذلك لا سيما الفقه5 وقد جد واجتهد وأكثر القراءة حتى فاق أقرانه6 -وصار- فقيه زمانه متبحرا في علوم المذهب, وانتهت إليه الرياسة في العلم, وكان علماء نجد في زمانه يرجعون إليه في كل مشكلة من الفقه وغيره7.
وقد شرح الإقناع1 فلما حج عام "1049هـ"2 وجد الشيخ منصور البهوتي3 حاجا ذلك العام فاجتمعا وتباحثا وأطلعه الشيخ منصور على شرحه على الإقناع, وكان الشيخ منصور لم ينته من شرحه إلا ذلك العام فتأمله الشيخ سليمان ثم قال: وجدته مطابقا لما عندي إلا مواضع يسيرة وأتلف شرحه عليه, وصنف منسكه المشهور فصار عمدة الحنابلة في مناسكهم. تلاميذه: الشيخ محمد بن عبد الله بن إسماعيل الأشيقري بلدا الثوري السبيعي نسبا, والفقيه الشيخ أحمد بن محمد بن حسن القصير, وابنه الشيخ عبد الوهاب والد الشيخ محمد بن عبد الوهاب4 وفي سنة تسع وسبعين وألف توفي5 رحمه الله تعالى. ثانيا: الشيخ عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن مشرف والد الإمام: ولد في مدينة العيينة- قاعدة بلدان نجد حينذاك- وكان والده علامة نجد في زمنه, وهو قاضي البلد فنشأ في بيت علم وفضل فاشتغل بالعلم من صغره فأخذ عن والده وعن غيره من علماء العيينة نجد كالشيخ محمد بن ناصر6 حتى أدرك لا سيما في الفقه فإنه فقيه كأبيه, ودرس وأفتى وكتب عن بعض المسائل الفقهية كتابات حسنة, وولي قضاء العيينة فمكث فيه مدة
طويلة1 بعد ما مات عبد الله بن معمر2 في الوباء المشهور الذي وقع في العينة وأفناها3 فتولى في البلد بعده ابن ابنه محمد بن حمد الملقب-خرفاش- فوقع بينه وبين عبد الوهاب منازعة4 -وفي سنة "1139هـ"- عزل خرفاش- ابن معمر- الشيخ عبد الوهاب بن سليمان5 وجعل مكانه أحمد بن عبد الله بن عبد الوهاب بن عبد الله فانتقل عبد الوهاب بعدها إلى حريملاء6 7 وتولى القضاء فيها8. تلاميذه: ابنه الشيخ محمد بن عبد الوهاب, وأخوه إبراهيم بن سليمان بن علي فقد كان يصغر عنه كثيرا, وابن أخيه الشيخ عبد الرحمن بن إبراهيم بن علي وغير هؤلاء كثير من المستفيدين, توفي في بلده حريملاء وذلك عام "1153هـ" وخلف ابنين هما: الشيخ محمد, والشيخ سليمان9 رحمه الله تعالى. ثالثا: الشيخ إبراهيم بن سليمان بن مشرف عم الإمام: في سنة سبعين وألف ولد إبراهيم بن سليمان10 في بلدة العيينة وكان والده
قاضيها وعالم بلدان نجد على الإطلاق, وكانت العيينة في ذلك الوقت في اوج عزها بإمارة آل معمر وكان فيها الفقهاء والعلماء1 , توجهت همته إلى الفقه وانصرف إليه بكليته فحصل واستفاد وأفاد وكتب من كتب الفقه شيئا كثيرا بيده وخطه حسن مضبوط2 وقد ولي لقضاء في بلدة أشيقر3 وفي سنة إحدى وأربعين ومائة وألف توفي4 رحمه الله تعالى. رابعا: الشيخ بن محمد بن عزاز خال الإمام: الشيخ سيف بن محمد عزاز"بفتح العين المهملة والزاي المشددة" خال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى, ولد بأشيقر5 ونشأ بها ثم شرع في طلب العلم على فقهائها وأخص مشايخه هو الشيخ عبد الوهاب بن عبد الله بن مشرف6 -قاضي العيينة- وجد واجتهد حتى مهر في الفقه مهارة تامة وتصدى للإفتاء والتدريس فقد أخذ عنه جملة من علماء نجد, وأشهر تلاميذه هو الشيخ محمد بن فيروز7 أول قاضي لبلد الكويت والمتوفى
عام"1135هـ" وهو جد العالم المشهور محمد بن فيروز الأحسائي1 حج –أي الشيخ سيف العزاز- عام"1090هـ" وتوفي في بلدة أشيقر سنة تسع وعشرون ومائة وألف رحمه الله تعالى2. خامسا: الشيخ سليمان بن عبد الوهاب أخو الإمام: ولد في مدينة العيينة حينما كان أبوه قاضيا فيها ولما انتقل والده إلى حريملاء عام "1139" انتقل معه فنشأ بها وقرأ على والده وعلى غيره من علماء نجد حتى أدرك- قافلة العلم- لا سيما في الفقه, وولي القضاء فيما بعد والده3 وله معرفة ودراية4 كان منافيا لأخيه في دعوته رادا عليه5 ومن العلماء من يرى رجوع الشيخ سليمان إلى دعوة التوحيد وانقياده مع أخيه كالشيخ عبد اللطيف ابن عبد الرحمن آل الشيخ, كما يفهم من رسالته التي كتبها- أي الشيخ سليمان- أحمد بن محمد التويجري6 وأحمد ومحمد ابني عثمان بن شبانة7 والتي جاء فيها "....يا إخواني معلومكم ما جرى منا من مخالفة الحق واتباع
سبل الشيطان ومجهدتنا في الصد عن اتباع سبل الهدى, والآن معلومكم لم يبق من أعمارنا إلا اليسير, والأيام معدودة والأنفاس محسوبة والمأمول منا أن نقوم لله, ونفعل الهدى أكثر مما فعلنا من الضلال, أن يكون ذلك لله وحده لا شريك له لا لما سواه, لعل الله سبحانه يمحو عنا السيئات ما مضى وسيئات ما بقي"1. ومنهم من يرجح عدم رجوعه عن معتقده الذي يراه كابن بسام الذي رد على عبد اللطيف آل الشيخ نافيا صحة ثبوت تلك الرسالة بأدلة عقلية بحثة2 والله تعالى أعلم بالصواب. وكانت وفاة الشيخ سليمان في السابع من رجب عام 1208هـ3 رحمه الله. هكذا كانت البيئة الأسرية للشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله, بيئة علم وقضاء وزعامة دينية, فلم تقع عيناه رحمه الله تعالى إلا على قاض او فقيه أو طالب علم, فلا عجب إذن أن يحذو الابن حذو أبيه وجده, بل وسائر ذويه, وأن تظهر عليه آثار تلك المكانة العلمية الرفيعة لأسرته. ولقد ميّزه الله تعالى على ذويه – الذين انحصر نبوغهم في جانب الفقه- بأن فتح عليه بمعرفة التوحيد ونواقضه ووهبه من الجرأة والشجاعة حظا وفيرا, فقدم للأمة ما لم يقدمه لها أحد من علماء زمانه الفضلاء. وعن نشأة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى يحدثنا المؤرخ عثمان بن بشر رحمه الله قائلا: "نشأ في بلدة عيينة عند أبيه
عبد الوهاب بن سليمان القاضي فيها زمن عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن معمر المشهور الذي تزخرفت العيينة في زمنه قبل انتقال عبد الوهاب إلى حريملاء"1. وظهرت عليه علامات النبوغ والتفوق منذ كان صبيا2 والتي بين المؤرخ حسين بن غنام رحمه الله تفاصيلها قائلا: "وبقي بعد سن الطفولية3 زمنا يتعلم في تلك 4 القرآن معتزلا في غالب الأوقات لعب الصبيان ولهو الجهال والعتمان حتى حفظ القرآن عن ظهر قلب قبل بلوغه لعشر, وكان حاد الفهم سريا, وقاد الذهن ذكيا, سريع الحفظ, فصيح اللفظ, ألمعي الفطنة نبيها. اشتغل في العلم على أبيه وجد في الطلب, وأدرك بعض الأدب وهو في بلد العيينة في تلك الحال قبل رحلته لطلب العلم والارتحال وتطوافه في كثير من البلاد حتى نال فيه المراد وفاز بالسعد والإسعاد وحاز الرشد والرشاد, وكان والده قد توسم ذلك فيه ويحدث بذلك ويبديه ويؤمل فيه ويرجوه, كما حدث به سليمان أخوه رحمه الله قال: كان عبد الوهاب أبوه يتعجب من فهمه وإدراكه قبل بلوغه وإدراكه ومناهزته الاحتلام وإفراكه. ويقول أيضا: لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام أو قريبا من هذا الكلام"5.
ولأن أباه أدرك منذ البداية ما يتمتع به ابنه من ملكات علمية فذة1 حيث كان سباقا في عقله وفي جسمه2 كتب –كما قال حسين بن غنام رحمه الله: -إلى بعض إخوانه رسالة نوّه فيها بشأنه يثني فيها عليه وأن له فهما جيدا ولديه ولو يلازم الدرس سنة على الولاية لظهر في الحفظ والإتقان آية, وقد تحققت أنه بلغ الإحتلام قبل إكمال اثنتي عشرة سنة على الإتمام ورأيته أهلا للصلاة بالجماعة والإئتمام, فقدمته لمعرفته بالأحكام وزوجته بعد البلوغ في ذلك العام 3. وهكذا شابهت بداية حياته حياة ابن تيمية –رحمه الله- في البروز المبكر4. ويضيف ابن غنام على لسان أبي الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله: ثم طلب مني الحج5 إلى بيت الله الحرام فأجبته بالإسعاف لذلك المرام, فحج وقضى ركن الإسلام وأدى المناسك على التمام, ثم قصد مدينته عليه الصلاة والسلام وأقام فيها شهرين ثم رجع بعد ذلك فائزا بأجر الزيارة6
والمناسك1. وكان والده آنذاك قاضي العيينة, فقرأ عليه في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل, وكان رحمه الله على صغر سنه كثير المطالعة في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام2. ولما كانت كتب الحنابلة متداولة بين علماء نجد نتيجة لانتشار هذا المذهب في نجد فقد اهتم الشيخ بقراءتها وخاصة قراءة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم3 فشرح الله صدره بمعرفة التوحيد ومعرفة نواقضه التي تضل عن سبيله4. ومن أبرز مواهبه سرعة الكتابة, وفي ذلك يقول ابن غنام رحمه الله: ورزق مع الحفظ سرعة الكتابة, فكان يحير أصحابه بحيث إنه يخط بالخط الفصيح في المجلس الواحد كراس5 من غير سآمة ولا نصب ولا التباس6.
وكتب رحمه الله بخط يده كثيرا من مؤلفات شيخ الإسلام أحمد بن تيمية, ولا تزال موجودة بخط يده في المتحف البريطاني بلندن1. مسألة: منهجه في طلب العلم رحمه الله: أما عن منهجه في طلب العلم فهو الاتباع للكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة, قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله مبينا منهجه وأسس دعوته: فنحن مقلدون الكتاب والسنة وصالح سلف الأمة وما عليه الاعتماد من أقوال الأئمة الأربعة أبي حنيفة النعمان بن ثابت, ومالك ابن أنس, ومحمد بن إدريس, وأحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى"2. وقال رحمه الله في تقرير معتقده: "فنحن ولله الحمد متبعون لا مبتدعون على مذهب الإمام أحمد بن حنبل"3 وكان كثيرا ما يتمثل بهذه الأبيات الثلاثة: بأي لسان أشكر الله إنه ... لذو نعمة قد أعجزت بها شاكر حباني بالإسلام فضلا ونعمة ... علي وبالقرآن نور البصائر وبالنعمة العظمى اعتقاد ابن حنبل ... عليه اعتقادي يوم كشف السرائر4 ولا تعارض بين قوليه السابقين, فرغم أنه رحمه الله متبع للمذهب الحنبلي دون سواه بسبب تلقيه له منذ نعومة أظفاره إلا أنه لا يتعصب لمذهبه ولا ينتصر له,
شأن كثير من أتباع المذاهب الفقهية, إنما يأخذ من مذهب أحمد ما وافق الدليل ويختار من آراء الفقهاء ما ترجح عنده بدليله1. وفي ذلك قال رحمه الله: " وأما مذهبنا فمذهب الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة, ولا ننكر على أهل المذاهب الأربعة إذا لم يخالف نص الكتاب والسنة وإجماع الأمة وقول جمهورها"2, محطما بذلك قيود التقليد الأعمى المجرد عن الدليل والذي حاربه الأئمة الأربعة أنفسهم3 منتهجا محجة أهل
الحديث المتبعين للدليل الموصوفين بالفرقة الناجية1 والطائفة
المنصورة1 وتلك سنة العلماء المخلصين في محاربة
التقليد1. "مسألة": الحالة الاقتصادية لأسرته رحمه الله: لا تذكر المصادر شيئا محددا عن الوضع الاقتصادي لأسرة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب, ولكنه من المرجح أن ذلك الوضع كان فوق متوسط الأسر العادية الأخرى, فكثير من أفراد تلك الأسرة تولوا مناصب قضائية, وكان القضاء وظيفة ذات دخل جيد كما أنه يحتمل تنوع مصادر دخل القضاء وظيفة ذات دخل أسرة الشيخ محمد كان كافيا لإتاحة الفرصة لصغار أفرادها للتفرغ للعلم, وذلك ما كان غير متاح لكثير من أفراد الأسر النجدية في تلك الفترة2 والله أعلم.
المطلب الثاني: رحلته لطلب العلم وشيوخه رحمه الله:
المطلب الثاني: رحلته لطلب العلم وشيوخه رحمه الله: بين يدي الرحلة: تعرفنا قبل قليل على الظروف الحسنة التي كانت محيطة بالشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في نشاته, والتي صقلت استعداداته الشخصية –بتوفيق من الله- في هيئة محتسب صغير بعقل شيخ كبير, فهب رحمه الله منذ نعومة أظفاره محتسبا على ما شاع في نجد من بدع وشركيات , إلا أنه نظر بعين المحتسب الثاقبة فرآى أن من المصلحة أن يضرب في الأرض حينا من الدهر لطلب العلم الذي هو أول لوازم الاحتساب. وفي ذلك يقول ابن غنام رحمه الله: "وسار وجد في الطلب إلى ما يليه من الأمصار وما يحاذيه من الأقطار فزاحم فيه العلماء الكبار وأشرف طالعه واستنار وصار لهلاله أقمار" 1.ا. هـ.
الفرع الأول: الرحلة الاولى:
الفرع الأول: الرحلة الاولى: انطلقت قافلة الخير " فبدأ بحج بيت الله الحرام"1 –حوالي عام 1127هـ- وقد هاله ما رآه من عادات وتقاليد تتبع أثناء الحج لا علاقة لها بما نص عليه الدين الإسلامي2 , فلما قضى حجه سار إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام, فلما وصلها وجد فيها الشيخ العالم عبد الله بن إبراهيم بن
سيف من آل سيف1 رؤساء بلدة "المجمعة"2 المدينة المعروفة في ناحية " سدير"3 في نجد, وهو والد إبراهيم 4 مصنف " العذب الفائض في علم الفرائض" فأخذ الشيخ عنه 5 , وأجازه من طريقين6. قال الشيخ 7 رحمه الله: كنت عنده يوما فقال لي: تريد أن أريك سلاحا أعددته للمجمعة؟ فقلت: نعم فأدخلني منزلا عنده فيه كتب كثيرة وقال: هذا الذي أعددناه لها, ثم أنه مضى به إلى الشيخ العلامة محمد حياة السندي المدني 8 فأخبره بالشيخ محمد وعرفه به وبأهله فأقام عند الشيخ وأخذ عنه 9, واستنكر
الشيخ استغاثة بعض الناس عند مرقد النبي صلى الله عليه وسلم بعبارات وكلمات تقرب من الشرك1 وتعرف الأستاذ ما لدى تلميذه من مواهب نادرة ونفس تواقة إلى تغيير المنكر ونشر التوحيد الخالص البعيد عن الشرك, فأفاد تلميذه وأعطاه ما وسعه من علمه الفياض2. حكي أن الشيخ محمد وقف يوما عند الحجرة النبوية عند ناس يدعون ويستغيثون عند حجرة النبي صلى الله عيله وسلم فرآه محمد حياة فأتى إليه فقال الشيخ رحمه الله: ما تقول في هؤلاء؟ فقال: {إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 3. فأقام في المدينة ما شاء الله ثم خرج منها إلى نجد 4 ومكث بها سنة5 وعند ما عاد إلى أهله في نجد وجد نفسه أكثر التصاقا, بمنهج الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله حيث كان هو منهج والده, فعاود قراءة بعض كتب التفسير والحديث والفقه على أبيه6 وعكف على كتب الشيخين: شيخ الإسلام ابن تيمية, والعلامة ابن القيم رحمهما الله فزادته تلك الكتب القيمة علما ونورا وبصيرة ونفخت فيه روح العزيمة 7.
الفرع الثاني: الرحلة الثانية:
الفرع الثاني: الرحلة الثانية: لم تقف نفس الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله التواقة للعلم والمعرفة عند ذلك الحد الذي وصل إليه في رحلته الأولى, بل كان شابا طموحا امتلأ صدره عزما وحماسا, فقرر أن يسافر إلى أرض العراق لينهل من معين العلم جرعات جديدة تروي ظمأه الشديد إليه, يقول المؤرخ ابن بشر رحمه الله::وتجهز إلى البصرة1 يريد الشام, فلما وصلها جلس يقرأ فيها عند عالم جليل من أهل المجموعة قرية من قرى البصرة في مدرسة فيها ذكر لي أن اسمه محمد المجموعي"2 الذي درس عليه علوم اللغة العربية3 ويستأنف ابن بشر قائلا: فأقام مدة يقرأ عليه فيها وينكر أشياء من الشركيات والبدع وأعلن بالإنكار"4 اهـ. وكانت البصرة آنذاك تعج بالضالين من الذين فتنوا الناس بعبادة الأولياء,
والبدع والخرافات, ورأى الفتى العالم الألمعي ما عليه الناس من الجهل, فأبى عليه دينه وعلمه وتقواه إلا أن يجهر بالإصلاح, ونهى الناس عن المنكرات امتثالا لأمر الله واقتداء بسنة نبيه الهادي المصطفى صلوات الله وسلامه عليه حين قال: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" 1, وقد منحه الله بسطة في العلم وقوة في الجسم ومضاء في العزيمة2 فراح رحمه الله ينشر أعلام التوحيد ويعلن للناس أن الدعوة كلها لله, ويكفر من صرف شيئا منها إلى سواه 3. وفي ذلك يقول ابن غنام رحمه الله: "وإذا ذكر أحد بمجلسه شارات الطواغيت أو الصالحين الذين كانوا يعبدونهم مع رب العالمين نهاه عن ذلك وزجره وبين له الصواب وحذره وقال له إن محبة الأولياء والصالحين إنما هي اتباع هديهم وآثارهم والاستنارة بضياء أنوارهم, لا صرف الحقوق الربانية إلى الأجسام الوثنية, وقد وقع ذلك بمجلسه مرة فأبدى للقائل نهيه وزجره وأظهر عليه إغلاظه ونكرة فتغير وجه القائل, وجال واستغرب من ذلك المقال وقال إن كان يقوله حقا هذا الإنسان فالناس ليسوا على شيء من زمان. قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "وكان ناس من مشركي البصرة يأتون إلي بشبهات يلقونها عليّ فأقول وهم قعود لدي: لا تصلح العبادة كلها إلا لله فيبهت كل منهم
فلا ينطق فاه"1. وقد استحسن شيخه قوله, وقرر له التوحيد 2 وأعانه عليه وأيده وزاد في حماسه3. وكبر على أهل البدع وأنصار الشرك, وعز عليهم أن يسفه آراءهم ويخرجهم عما وجدوا عليه آباءهم4 فآذاه بعض أهل البصرة أشد الأذى, وأخرجوه منها وقت الهجيرة5 ولحق شيخه منهم بعض الأذى6 لمواته للشيخ محمد7 فلما خرج الشيخ من البصرة وتوسط في الدرب فيما بينها وبين بلد الزبير أدركه العطش وأشرف على الهلاك, وكان ماشيا على رجليه وحده فوافاه صاحب حمار مكاري8 يقال له أبو حميدان من أهل الزبير عليه الهيبة والوقار وهو مشرف على الهلاك فسقاه على حماره حتى وصل الزبير, ثم إن الشيخ أراد أن يصل إلى الشام9 متبعا سنن الكثيرين من علمائنا الذين
ضربوا في الأرض وشرقوا وغربوا في سبيل طلب العلم1 ولكن نفقته التي كانت معه ضاعت منه في الطريق فانثنى عائدا إلى نجد, ومر في طريقه إليها بالأحساء2 ونزل فيها على الشيخ العالم عبد الله بن محمد ابن عبد اللطيف الشافعي الأحسائي ثم اتجه منها إلى بلدة حريملاء, وكان أبوه عبد الوهاب قد انتقل إليها من العيينة سنة تسع وثلاثين ومائة3 , وبهذا تنتهي الرحلة الثانية والأخيرة4 التي قام فيها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بطلب العلم. وقد رأى أثناء- رحلتيه هاتين- ما كان عليه المسلمون من التهاون في أمور الدين فاستاء من ذلك استياء شديداً, وصار يشعر بحافز يدفعه إلى المناداة بالإصلاح الديني, والدعوة إلى الرجوع إلى القرآن والسنة, فقفل راجعا إلى نجد وهو مشبع بالفكرة التي رأى من الواجب عليه أن يقوم بتنفيذها والعمل بها5 , وعقد العزم على انتهاج منهج السلف الصالح بالدعوة إلى نبذ البدع وتطهير ما علق بالإسلام من الأوهام والخرافات
وإنقاذ المسلمين من الضلال1. حقا إن الموقف دقيق حرج يحتاج إلى شجاعة ماضية, وإلى إيمان لا يبالي بالأذى في سبيل إرضاء الله2, وهذا بالفعل ما تميز به الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
الفرع الثالث: شيوخه رحمه الله:
الفرع الثالث: شيوخه رحمه الله: عرفنا مما سبق أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أخذ العلم عن عدد من العلماء والفقهاء, ومن أبرز شيوخه تأثر بهم: أولا: في نجد: 1-والده لقاضي الشيخ عبد الوهاب بن سليمان1. 2-عمه القاضي الشيخ إبراهيم بن سليمان2. ثانيا: في الحجاز: ذكر بعض أهل العلم كسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز3 والدكتور إبراهيم الفوزان4 وأحمد عبد الغفور عطار5أخذه رحمه الله عن بعض علماء الحرم الشريف في مكة المكرمة نحو:
3-الشيخ عبد الله بن سالم البصري 1. قال الكتاني في سياق كلامه عن: ثبت حصر الشارد من أسانيد محمد عابد السندي المتوفى بالمدينة سنة "1257هـ": "وروى – أي محمد عابد- كتاب: القرى لقاصد أم القرى2, عن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب النجدي عن أبيه عن البصري" ا. هـ, ثم عقب باستبعاد ذلك3. وقد رد عليه الشيخ الدكتور صالح العبود ردا مقنعا يتلخص في إمكانية لقاء الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالبصري حيث إن الكتاني لم يذكر حج وزيارة الشيخ للمدينة وإقامته بها شهرين وهو في الثانية عشر من عمره الوقت الذي كان الشيخ البصري فيه حيّاً يرزق ويقوم بالتدريس في المدينة مما يبين إمكانية اللقيا بينهما4. كما رد على الكتاني الشيخ إسماعيل الأنصاري رحمه الله وفي رده فوائد عظيمة فليراجع5. أما في المدينة فقد أخذ عن: 4-الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف6.
5-الشيخ محمد حياة السندي1. وقد ذكر ابن بدران2 وابن قاسم3 أخذه رحمه الله عن: 6-الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني4. 7-الشيخ علي أفندي بن صادق الداغستاني5 6.
ثالثا: في العراق: 8-الشيخ محمد المجموعي1. رابعا: في الأحساء: 9-الشيخ عبد اللطيف العفالقي الأحسائي2. 10-الشيخ محمد العفالقي الأحسائي3. 11-الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف بن عفالق4.
المطلب الثالث: تلاميذه ومؤلفاته وثناء العلماء عليه رحمه الله:
المطلب الثالث: تلاميذه ومؤلفاته وثناء العلماء عليه رحمه الله: الفرع الأول: تلاميذه رحمه الله: أخذ عنه العلم مجموعة من خيرة الرجال منهم: 1-الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود والمعروف بسعود الكبير1. 2-ابنه الشيخ حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب2. 3-ابنه الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب3. 4-ابنه الشيخ علي بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب4.
5-ابنه الشيخ إبراهيم بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب1. 6-حفيده الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب2. 7-الشيخ احمد بن ناصر بن عثمان بن معمر3. 8-الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحصين الناصري4. 9-الشيخ محمد بن سويلم5. 10-الشيخ سعيد بن حجي6. 11-الشيخ عبد الرحمن بن خميس7. 12-الشيخ عبد الرحمن نامي8. 13-الشيخ محمد بن سلطان العوسجي9. 14-الشيخ عبد الرحمن بن عبد المحسن أبا حسين10. 15-الشيخ حسن بن عبد الله بن عيدان11.
16-الشيخ عبد العزيز بن سويلم1. 17-الشيخ حمد بن راشد العريني2. 18-الشيخ حسين بن غنام3.
الفرع الثاني: مؤلفاته رحمه الله:
الفرع الثاني: مؤلفاته رحمه الله: لقد أثرى الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله المكتبة الإسلامية بالعديد من الكتب القيمة التي ألفها في شتى علوم الشريعة, وعلى وجه الخصوص مجال العقيدة التي أولاها رحمه الله جل اهتمامه في الدعوة والحسبة والتعليم والتأليف. ومن أهم مؤلفاته ما يلي: أولا: في العقيدة: 1-التوحيد الذي هو حق الله على العبيد: وهو أول وأشمل ما كتب رحمه الله في توضيح عقيدة التوحيد الخالصة من شوائب الشرك, مكون من 66 باباً بدأه بقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} وختمه بباب قوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} مذيلا كل باب بمسائل مهمة. 2-أصول الإيمان: ويتكون من 12 باباً أولها باب: معرفة الله والإيمان به,
وآخرها باب: التجوز في القول وترك التكلف والتنطع. 3- فضل الإسلام: وهو مكون من 13 باباً أولها: باب فضل الإسلام, وآخرها باب: التحذير من البدع. 4-ثلاثة الأصول: اشتمل على المسائل الأربع, والأصول الثلاثة الواجب على كل مسلم ومسلمة تعلمها بأدلتها, والتي فيها إجابات الأسئلة الثلاثة التي يسأل عنها الناس في قبورهم. 5-القواعد الأربع: ذكر فيها أربع قواعد هامة ذكرها الله تعالى في كتابه العزيز يجب معرفتها. 6-مسائل الجاهلية التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية: وهي مائة مسألة, أولها دعاء الصالحين, وآخرها التحاكم إلى الطاغوت وهو مطبوع. 7-الكبائر: ويتكون من 124 باباً أولها باب: أكبر الكبائر, وآخرها باب: ما جاء في أخوة الإسلام وحق المسلم على المسلم. 8-كشف الشبهات: يبين فيه الشيخ مفهوم توحيد العبادة وأثر معرفته في الرد على المشركين التي فندها ورد عليها بالآيات البينات. 9-مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد: يدور الكتاب حول إثبات قضية تكفير المعين بعد بلوغ الحجة بالأدلة وأقوال أهل العلم. 10-رسالة في الرد على الرافضة: فيها 31 مطلبا, أولها مطلب الوصية في الخلافة وآخرها مطلب الخاتمة رزقنا الله حسنها. ثانيا: التفسير: 1-تفسير آيات من القرآن الكريم: بدأه بسورة الفاتحة, وختمه بسورة
الناس, اهتم رحمه الله باستنباط مسائل مهمة في كل سورة. 2-مختصر تفسير سورة الأنفال. 3-كتاب فضائل القرآن: مكون من 18 باباً, أولها باب فضائل تلاوة القرآن وتعلمه وتعليمه, وآخرها باب ما جاء في التغني بالقرآن. ثالثا: الحديث: 1-مجموع الحديث على أبواب الفقه: جمع فيه أحاديث شتى من الكتب الستة وغيرها من كتاب الطهارة إلى كتاب الفتن. 2-احاديث الفتن والحوادث: مبدوءاً بباب الفتن مختوما بباب في خروج الدابة. رابعا: الفقه: 1-مختصر الإنصاف والشرح الكبير: وقد بدأ الشيخ كل باب منه بما اختاره من الشرح, وختمه بما استدركه في الإنصاف1 مبدوءاً بباب المياه منتهيا بباب الإقرار بالمجمل. 2-الطهارة: ويشتمل على 12 باباً أولها باب: أحكام المياه, وآخرها باب: النفايس2. 3-شروط الصلاة وأركانها وواجباتها. 4-آداب المشي إلى الصلاة: ويشتمل على عشرة أبواب, أولها باب: آداب المشي إلى الصلاة, وآخرها باب: الجنائز. 5-الزكاة: ويشتمل على سبعة أبواب, أولها باب: زكاة بهيمة الأنعام,
وآخرها باب: أهل الزكاة. 6-الصيام: ويتضمن باب ما يفسد الصوم. 7-أحكام الصلاة. 8-أحكام تمني الموت. خامسا: السيرة: 1-مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: وهو مختصر من كتاب السيرة النبوية لابن هشام, بدأه بذكر قصة آدم عليه السلام, وختمه بالحديث عن بدء تأليف الكتب. 2-بعض فوائد صلح الحديبية: ذكر فيه 39 فائدة, أولها: تسمية الله تعالى كلمة لا إله إلا الله كلمة التقوى, وآخرها: بركة الطاعة وإن كرهت. 3-السيرة المطولة. سادسا: أصول الفقه: قواعد تدور عليها الأحكام: مجملها ثمان قواعد أصولية. سابعا: المختصرات والملخصات: 1-مختصر زاد المعاد للإمام ابن القيم: بدأه بفصل اختص الله نفسه بالطيب, وختمه بفصل في أحكامه في النكاح وتوابعه. 2-مسائل لخصها الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهما الله وعددها 135 مسألة, أولها: إن قوله: "إنما الأعمال بالنيات" عام ,وآخرها: العلم يحصل في النفس كما يحصل سائر الإدراكات. 3-مبحث الاجتهاد والخلاف: وهي رسالة منقولة باختصار من كتاب أعلام الموقعين لابن القيم يقرر فيها وجوب اتباع الصحابة من 46 وجهاً.
إضافة إلى الفتاوى والخطب والمسائل والرسائل الشخصية عددها 102 فتوى فقهية, 38 خطبة منبرية , وما يربو على 25 مسألة, 51 رسالة شخصية, على وجه التقريب. وقد عقدت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض مؤتمرا باسم أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قامت فيه بجمع كافة مؤلفات الشيخ رحمه الله في "21/4/1400هـ الموافق 8/3/1980م"1.
الفرع الثالث: ثناء العلماء عليه رحمه الله:
الفرع الثالث: ثناء العلماء عليه رحمه الله: لقد فاضت الكثير من الكتب بذكر محاسن الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى وثناء العلماء عليه نثرا وشعرا. كيف لا وهو الرجل الذي نفض تراب الجهل عن وجه الامة الإسلامية, وأعادها إلى المحجة البيضاء بعد طول اغتراب, ولا يتسع المجال الآن لحصر جميع ما كتب عن الإمام رحمه الله. وإنما هي إشارة عابرة لأبرز من كتب في الثناء على الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. منهم: أولا: الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني رحمه الله لما وصلت إليه أخبار الإمام محمد بن عبد الوهاب كتب له قصيدة التالية سنة 1163هـ: سلام على نجد ومن حلَّ في نجد ... وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي قفي واسألي عن عالم حلِّ سوحها ... به يهتدى من ضل عن منهج الرشد محمد الهادي لسنة أحمد ... فيا حبذا الهادي ويا حبذا المهدي
لقد سرني ما جاءني من طريقه ... وكنت أرى هذي الطريقة لي وحدي ويعزى إليه كل ما لا يقوله ... لتنقيصه عند التهامي والنجدي فيرميه أهل الرفض بالنصب فريةً ... ويرميه أهل النصب بالرفض والجحد وليس له ذنب سوى أنه غدا ... يتابع قول الله في الحل والعقد ويتبع أقوال النبي محمد ... وهل غيره بالله في الشرعي من يهدي لئن عدَّه الجهال ذنبا فحبذا ... به حبذا يوم انفرادي في لحدي1 ثانيا: المؤرخ عثمان بن بشر رحمه الله: ومما قاله في تاريخه عنوان المجد عن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "كان الشيخ رحمه الله تعالى كثير الذكر لله قل ما يفتر لسانه من قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر, وكان إذا جلس الناس ينتظرونه يعلمون إقباله إليهم قبل أن يروه من كثرة لهجه بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير, وكان عطاؤه عطاء من وثق بالله لا يخشى الفقر بحيث إنه يهب الزكاة والغنيمة في موضع واحد لا يقوم ومعه منها شيء, ويتحمل الدَّين الكثير لأضيافه, وسائل2 الوافدين إليه. وعليه الهيبة العظيمة التي ما سمعنا بها اتفقت لغيره من العلماء والرؤساء وغيرهم, وهذا شيء وضعه الله في القلوب وإلا فما علمنا أحدا ألين ولا أخفض جنابا منه لطالب العلم أو سائل أو ذي حاجة أو مقتبس فائدة"3.
"وكان1 رحمه الله تعالى من الرأي والفراسة والتدبير ما ليس لغيره, وكان كثرا ما يلهج بقوله تعالى: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} 2"3. ثالثا: الإمام الشوكاني رحمه الله: ذكر في ترجمة غالب بن مساعد4 أمير مكة في كتابه " البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع" ما نصه: "وفي سنة "1215هـ" وصل من صاحب نجد المذكور أي: عبد العزيز بن سعود5 مجلدان لطيفان أرسل بهما إلى حضرة مولانا الإمام حفظه الله, أحدهما يشتمل على رسائل لمحمد بن عبد الوهاب كلها في الإرشاد إلى إخلاص التوحيد والتنفير من الشرك الذي يفعله المعتقدون في القبور, وهي رسائل جيدة مشحونة بأدلة الكتاب والسنة, والمجلد الآخر يتضمن الرد على
جماعة من المعتقدين من سفهاء صنعاء1 وصعدة2 ذكوره في مسائل متعلقة بأصول الدين وبجماعة من الصحابة, فأجاب عليهم جوابات محررة مقررة محققة تدل على أن المجيب من العلماء المحققين العارفين بالكتاب والسنة, وقد هدم عليهم جميع ما بنوه وأبطل جميع ما دنوه, لأنهم مقصرون متعصبون فصار ما فعلوه هزيا عليهم وعلى أهل صنعاء وصعدة, وهكذا من تصدر ولم يعرف مقدار نفسه"3. رابعا: الشيخ محمد بن أحمد الحفظي4 رحمه الله. قال في الثناء على الإمام: الحمد لله حمدا مستحقاً أبداً ... لله رب العالمين سرمداً لما دعا الداعي من المشارق ... بأمر رب العالمين الخالق وبعث الله لنا مجدداً ... من أرض نجد عالماً مجتهدا شيخ الهدى محمد المحمدي ... الحنبلي الأثري الأحمدي فقام والشرك الصريح قد سرى ... بين الورى وقد طغى واعتكر5 وملة الإسلام والأحكام ... في غربة وأهلها أيتام دعا إلى الله وبالتهليله ... يصرخ بين أظهر القبيلة في ذلو وقلة وفي يده ... مهفة تغنيه عن مهنده
قد أذكرتني درة لعمر ... وضرب موسى بالعصي للحجر ولم يزل يدعوا إلى دين النبي ... ليس إلى نفس دعا أو مذهب يعلم الناس معاني أشهد ... أن لا إله غير فرد يعبد "محمد" نبيه وعبده ... رسوله إليكمو وقصده إن تعبدوه وحده لا تشركوا ... شيئا به والابتداع فاتركوا هذي معاني دعوة الشيخ لمن ... عاصره فاستكبروا عن السنن فانقسم الناس فمنهم شارد ... مخاصم محارب معاند ما بين خفاش1 وبين جعل2 ... شاهت وجوه أهل هذا المثل وبعد ما استجيب لله فمن ... حاد في الله تردى وافتتن3 وقال رحمه الله في الدفاع عن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: والحق أولى أن يجاب وإنما ... لم أدر ما حيلولة المتحيل إن كان ظنا أن ذلك مخالف ... فهو البري من الخلاف المبطل أو كان ظنا أن فيه غلاظة ... وفظاظة وشكامة4 لم تجمل فأقول حاشا إن فيه ليونة ... وهيونة للمقبل المستقبل وإذا رأيت مفاسدا من بعضهم ... الشيخ عن ذاك الفساد بمعزل5
خامسا: محمود شكري الآلوسي1 رحمه الله قال في تاريخ نجد عن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ما نصه: "كان شديد التعصب2 للسنة كثير الإنكار على من خالف الحق من العلماء, والحاصل أنه من العلماء الآمرين بالمعروف الناهين عن النكر, وكان يعلم الناس الصلاة وأحكامها وسائر أركان الدين ويأمر بالجماعات, وقد جد في تعليم الناس وحثهم على الطاعة, وأمرهم بتعليم أصول الإسلام وشرائطه وأحكام الصلاة وأركانها وواجباتها وسننها وسائر أحكام الدين, وأمر جميع أهل البلاد بالمذاكرة في المساجد كل يوم بعد صلاة الصبح وبعد العشائين في معرفة الله تعالى ومعرفة دينه الإسلام ومعرفة أركانه وما ورد عليه من أدلة, ومعرفة النبي صلى الله عليه وسلم ونسبه ومبعثه وهجرته, وأول ما دعا الله من كلمة التوحيد وسائر العبادات التي لا تنبغي إلا لله كالدعاء والذبح والنذر والخوف والرجاء والخشية والرغبة والتوكل والإنابة, وغير ذلك, فلم يبق أحد من عوام أهل نجد جاهلا بأحكام دين الإسلام بل كلهم تعلموا ذلك إلى اليوم بعد أن كانوا جاهلا بأحكام دين الإسلام بل كلهم تعلموا ذلك إلى اليوم بعد أن كانوا جاهلين بها إلا الخواص منهم, انتفع الناس به من هذه الجهة الحميدة"3. سادسا: قال عمران بن رضوان4 رداً على بعض الملحدين على الشيخ
محمد بن عبد الوهاب رحمه الله القصيدة التالية: جاءت قصيدتهم تروح تغتدي ... في سب دين الهاشمي محمد فأتت كشهد فيه سم ناقع ... من ذاق منه ففي الهلاك المبعد الشيخ شاهد بعض أهل جهالة ... يدعون أصحاب القبور الهمد تاجا وشمسانا ومن ضاهاهما ... من قبة أو تربة أو مشهد ورأى لعباد القبور تقربا ... بالنذر والذبح الشنيع المفسد ما أنكر القراء والأشياخ ما ... شهدوا من الفعل الذي لم يحمد فأتاهم الشيخ المشار إليه بالنصـ ... ـح المبين وبالكلام الجيد يدعوهم لله أن لا يعبدوا ... إلا المهيمن ذا الجلال السرمدي لا يشركوا ملكا ولا من مرسل ... كلا ولا من صالح أو سيد فتنا فروا عنه وقالوا: ليس ذا ... إلا عجيب عندنا لم يعهد ما قاله آباؤنا أيضا ولا ... أجدادنا أهل الحجى1 والسؤدد2 فالشيخ لما أن رأى ذا الشأن من ... أهل الزمان اشتد غير مقلد ناداهم: يا قوم كيف جعلتم ... لله أندادا بغير تعدد لو أنصفوا لرأو له فضلا على ... أظهار ما قد ضيعوه من اليد ودعو له بالخير بعد مماته ... ليكافئوه على وفاق المرشد لكنهم قد عاندوا وتكبروا ... ومشوا على منهاج قوم حسد ورموه بالبهتان والإفك الذي ... هم يعملون به ومنهم يبتدي كمقالهم: هو للمتابع قاطع ... بدخول جنات وحور خرد3
ماذنبه في الناس إلا أنه ... هدّ القباب وتلك سيرة أحمد قالوا له: يا كافرا يا فاجراً ... ما ضره قول العداة الحسد قالت قريش قبلهم للمصطفى ... ذا ساحر, ذا كاهن, ذا معتدي قالوا له: غشاش أمة أحمد ... وهو النصيح بكل وجه يبتدي هل قال إلاَّ: وحدوا رب السما ... وذروا عبادة ما سوى المتفرد وتمسكوا بالسنة البيضا, ولا ... تتنطعوا بزيادة وتردد هذا الذي جعلوه غشا وهو قد ... بعثت به الرسل الكرام لمن هدي من عهد آدم ثم نوح هكذا ... تترى إلى عهد النبي محمد وكذلك الخلفاء بعد نيهم ... والتابعون وكل حير مهتدي منهاجهم هذا عليه تمسكوا ... من كان مستنا بهم فليقتد1 سابعا: قال الشيخ سليمان بن سمحان 2 رحمه الله في مدح الإمام: وقد قام يدعو الناس في جاهلية ... إلى السيد المعبود بالجد والجهد وقد كان أهل الأرض إلا أقلهم ... على الكفر بالمعبود والجعد للند ينادون أرباب القبور سفاهة ... ويدعون من لا يملك النفع للعبد فجاهد في ذات الإله ولم يخف ... عداوة من قد خالفوه على عمد ولم يثته عن نصرة الحق والهدى ... جناية ذي بغي ولا زيغ ذي صد وتأليب أعداء الشريعة جندهم ... عليه لكي يطفوا من النور ما يبد وأعلن بالتوحيد لله فاعتلت ... به الملة السمحا على كل ذي جحد فأضحى بنجد مهيع الحق ناصعا ... وقد ضاء نور الحق من طالع السعد وأقلع ديجور الضلالة والهوى ... وقد طبق الآفاق من سائر البلد
وجادله الأحبار فيما أتى به ... فألزم كلا عجزه من ذوي الطرد فأبوا وقد خابوا وما أدركوا المنا ... وقد جاهدوا إلى كيده غاية الجهد فأظهره المولى على من بغى ... عليه وأولاه من العز والحمد بما كلت الأقلام عن حصر بعضه ... وأكمد أكباد لبها الحسد المرد فلله من حبر تسامى إلى العلا ... فحل على هام المجرة والسعد فكم سنن أحيا وكم بدع نفى ... وكم مشهد قد شيد أوهاه بالهد وقال أيضا بعد أن ذكر ما كان بنجد من الشرك والبدع: فأظهر مولانا بفضل ورحمة ... وجود وإحسان إماما مفهما تبحر في كل الفنون فلم يكن ... يشق له فيها غبار ولن وما وسباق غايات وطلاع انجد ... وبحر خضم تلاطم أو طما فأطلد للتوحيد ركنا مشيدا ... وأرشد حيرانا لذاك وعلما وحذر عن نهج الردى كل مسلم ... وهو من الإشراك ما كان سما فاتوى وأوهى كل كفر ومعبد ... بنجد وأعلى ذروة الحق فاستما وجادله الأحبار فيما أتى به ... وكل امرئ منهم لدى الحق أحجما فلم يخش في الرحمن لومة لائم ... ولا صده كيد من القوم قد طما وألقمه بالحق والصدق صخرة ... وكان إذا لاقى العداة عثمثما وقد رفع المولى به رتبة الهدى ... بوقت به الكفر أدلهم وأجهما فزالت مهاني الشرك بالدين وانمحت ... وفل حسام كان بالكفر لهذاما وحالت معاني الغي واللهو والهدى ... بإشراق نور الحق لما تبسما1
ثامنا: الجبرتي1 , قال رحمه الله في تاريخه المشهور في حوادث محرم الحرام ابتداء سنة ألف ومائتين وسبع عشرة هجرية ما نصه: وفيه ترادفت الأخبار بأمر عبد الوهاب2 وظهور شأنه من مدة ثلاث سنوات من ناحية نجد, ودخل في عقيدته قبائل من العرب كثيرة وبث دعاته في أقاليم الأرض3. تاسعا: قال سليمان بن سحمان رحمه الله تعالى في الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: وله رحمه الله من المناقب والمآثر ما لا يخفى على أهل الفضائل والبصائر, ومما اختصه الله من الكرامة تسلط أعداء الدين, وخصوم عباد الله المؤمنين على مسبته, والتعرض لبهته وعيبه4. عاشرا: ومن علماء الغرب المستشرقين قال الكاتب الإنكليزي برانجس في تقرير له: لقد أشاع أعداء هذا الرجل العظيم5 وأتباعه بأنهم كفار إلا أن الحقيقة أنهم متبعون تماما للكتاب والسنة, وكانت حركتهم حركة تطهير خالصة في الإسلام, كما أشاع هؤلاء الأعداء أنهم نهوا الناس عن زيارة المدينة, وهذا
ليس صحيح: فإنهم نهوهم فقط عن ارتكاب الأعمال الشركية عند الروضة المطهرة كما نهوا عنها عند قبور الأولياء الآخرين1. أحد عشر: وقال المؤرخ الفرنسي مانجان في كتابه تاريخ مصر: كانت تعاليم هذا المصلح مؤسسة على مبادئ أخلاقية سليمة, تدعو المسلمين إلى عبادة الله وحده, والتوجه إليه وحده بالسؤال والدعاء, وكل شيء دعا إليه محمد بن عبد الوهاب هو من الدين, أي مما أمر به الله ورسوله ولكن المسلمين نسوه أو تناسوه وأهملوه, فقام الشيخ يدعوهم إليه وحملهم عليه أعظم قيام2.
المطلب الرابع: وفاته ومرثياته رحمه الله:
المطلب الرابع: وفاته ومرثياته رحمه الله: الفرع الأول: وفاته رحمه الله: بعد قرابة ثلاثة وخمسين عاما ًقضاها الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الاحتساب انسلت روحه الأبية من جسده المنهك, يذكر ابن بشر أنه كان قد ثقل آخر عمره فكان يخرج لصلاة الجماعة يتهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف1, فصعدت روحه إلى باريها يوم الاثنين آخر ذي القعدة سنة ست بعد المائتين والألف2 - 1206هـ- وله من العمر نحو اثنين وتسعين سنة3. فذرفت العيون ... وحزنت القلوب ... رحل الجسد الطاهر, وبقي الأثر الخالد, منقوشا على صفحات التاريخ بأحرف من نور ليضيء طريق الدعاة والمحتسبين. ونظرا إلى أن هذه الدعوة كانت صادقة ونابعة من نفس طاهرة لا تبتغي إلاَّ نصرة الحق والعمل بما جاء به القرآن الكريم, والأحاديث النبوية الشريفة بقيت إلى اليوم, ولو كان بدعوته شائبة لنسي الناس الشيخ وحركته, ولكنهم إلى اليوم يذكرونه وسيذكرونه إن شاء الله4. لأنه كان إنسانا عظيماً أفنى حياته من أجلهم آمراً بالتوحيد ناهيا عن الشرك,
همّه الوحيد إعادتهم إلى جادة الطريق, وهكذا يعيش العظماء..كالشموع تحترق لتضيء طريق الآخرين. رحمه الله تعالى ... وجزاه على ما قدمه للإسلام والمسلمين الفردوس الأعلى.
الفرع الثاني: مرثياته رحمه الله:
الفرع الثاني: مرثياته رحمه الله: ولقد رثاه عدد من العلماء والأدباء من أرباب القوافي مثل ابن غنام بقصيدة رائعة تدل على مبلغ تأثر الشاعر بفقد الإمام وهي بتمامها موجودة في كتاب: عنوان المجد في تاريخ نجد. قال حسين بن غنام رحمه الله: إلى الله في كشف الشدائد نفزع ... وليس إلى غير المهيمن مفزع لقد كسفت شمس المعارف والهدى ... فسالت دماء في الخدود وأدمع إمام أصيب الناس طرا1 بفقده ... وطاف بهم خطب من البين موجع وأظلم أرجاء البلاد لموته ... وحل بهم كرب من الحزن مفظع شهاب هوى من أفقه وسمائه ... ونجم ثوى في الترب واراه بلقع2 وكوكب سعد مستنير سناؤه ... وبدله في منزل اليمن مطلع وصبح تبدى للأنام ضياؤه ... فداجى3 الدياجى بعده متقشع لقد غاض بحر العلم والفهم والندى ... وقد كان فيه للبرية مرتع -لقد- وجد الإسلام يوم فراقه ... مصابا خشينا بعده يتصدع وطاش ذووا الإسلام والفضل والنهى ... وكادت له الأرواح تترى ونتبع
وطارت القلوب المسلمين بموته ... وظنوا به أن القيامة تقرع فضجوا جميعا بالبكاء تأسفا ... وكادت قلوب بعده تنفجع بكتة ذووا الحاجات يوم فراقه ... وأهل الهدى والحق الدين أجمع يحق لأرواح المحبين أن ترى ... مقوضة لما خلت منه أربع وتتلوا شريرا فوقه قمر الهدى ... وشمس المعالي والعلوم تشيع فيا لك من قبر حوى الزهد والتقى ... وحل به طود من العلم منزع لئن كان في الدنيا له القبر موضعا ... فيوم الجزا يرجى له الخلد موضع وأسكنه بحبوبة الفوز والرضى ... ولا زال بالرضوان فيها يمتع1 وممن رثاه أيضا الإمام محمد بن علي الشوكاني رحمه الله بقصيدة طويلة اخترت منها الأبيات التالية: مصاب دها قلبي فأذكى غلائلي ... وأصمى بهم الافتجاع مقاتلي وخطب به أعشار أحشاي صدعت ... فأمست بفرط الوجد أي ثواكلي ورزء تقاضا صفاء معيشتي ... وأنهلني قسرا أمرا المناهل فقد مات طود العلم قطب رحى العلا ... ومركز أدوار الفحول الأفاضل إمام الورى علامة العصر قدوتي ... وشيخ الشيوخ الحبر فرد الفضائل محمد ذو المجد الذي عز دركه ... وجل مقاما عن لحوق المطاول إلى عابد الوهاب يعزى, وأنه ... سلالة أنجاب زكي الخصائل عليه من الرحمن أعظم رحمة ... تبل ثراه بالضحى والأصائل
ستبكيه أجفاني حياتي وإن امت ... سيبكيه عني جفن طل ووابل وتبكيه أقلامي أسى ومحاربي ... ويبكيه طرسي دائما وأناملي عجبت لقبر ضمه كيف لم يكن ... يميد بحير فائض العلم سائل ومن نعش كان حامل جسمه ... هنيئا له إذ كان أشرف حامل ولا غرو أن يبكي الزمان لفقده ... فقد كان غيث الجود كهف الأرامل فآهاً على ذاك المحيا وحسنه ... وآها على تلك العلوم الجلائل وآها على تحقيقه في دروسه ... وتوضيحه للمعضلات المشاكل فمن للبخاري بعده ولمسلم ... يبيّن المخبا منهما للمحاول ومن ذا لتفسير الكتاب ومن ترى ... لأحكام فقه الدين من للرسائل ومن لمسانيد سمت ومعاجم ... وكشف لثام الحكم عند النوازل ومن للمعالي والبيان ومنطق ... وردع أخي الجهل الغوي المجادل ومن بعده للصدع بالحق قائم ... بجد ولا يخشى ملامة عاذل فوآ أسفي وآ لهف قلبي وحسرتي ... عليه وحزني لأكرم راحل ويا ندمي لو كان يجدي من القضا ... ولكن قضاء الله أغلب حائل ولو كان من ريب المنية مخلص ... لكنت له بالجهد أي محاول فيا سائر الأولاد للشيخ إنني ... أعزيكموا مع ذي انتساب واثل وأوصيكموا بالصبر طرا وبالرضا ... بجاري القضا في عاجل ثم آجل
بتسليم أمر الله ثم احتساب ما ... لديه تعالى من أجور جزائل ومثلكموا لا يعتريه تزلزل ... ولا وهن في فادحات النوازل وأنتم بحمد الله عنه خلائف ... بعلم وأفضل شامخ القدر شامل وإنا لنرجو أن تكونوا أئمة ... بكم يقتدي في دينه كل فاضل ونسأل رب العرش بعظم أجوركم ... ويحميكموا من طارقات الغوائل ويجبر صدع القلب والكسر منكمو ... ويعقبكم طرا جمال المحافل1
الفصل الأول: الحسبة في فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
الفصل الأول: الحسبة في فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله المبحث الأول: صفات المحتسب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله المطلب الأول: الإخلاص. ... الفصل الأول: الحسبة في فكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ويشتمل هذا الفصل على ثلاثة مباحث: المبحث الأول: صفات المحتسب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وفيه ستة مطالب: المطلب الأول: الإخلاص. المطلب الثاني: العلم والعمل. المطلب الثالث: الحكمة. المطلب الرابع: الأناة والتثبت. المطلب الخامس: الرفق. المطلب السادس: الصبر. المبحث الثاني: شروط الاحتساب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وفيه ثلاثة مطالب: المطلب الأول: أن يكون المنكر ظاهرا. المطلب الثاني: ألا يؤدي إنكار المنكر إلى منكر أكبر منه.
المطلب الثالث: ألا يكون الإنكار في مسائل الاجتهاد. المبحث الثالث: درجات الاحتساب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وفيه ثلاثة مطالب: المطلب الأول: التغيير باليد. المطلب الثاني: الإنكار باللسان. المطلب الثالث: الإنكار بالقلب.
المبحث الأول: صفات المحتسب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: المطلب الأول: الإخلاص: قبيل أن يباشر المحتسب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, لا بد له أن يتزود, فالمسير طويل ... وخير ما يتزود به في رحلته..الإخلاص. والإخلاص في اللغة: من خلص الشيء بالفتح وأخلص الشيء اختاره وأخلص لله دينه: أمحضه1 وكل شيء يتصور أن يشوبه غيره, فإذا صفا عن شوبه وخلص سمي خالصا أو يسمى الفعل المصفى إخلاصا2. أما في الاصطلاح فهو: تجريد قصد القرب إلى الله تعالى عن جميع الشوائب3 وتصفية العمل عن شوائب الكدر4 وعن ملاحظة المخلوقين5 فالإخلاص من عمل القلب6 الذي يراد به وجه الله تعالى لا غيره7 بأن يأتي
بالعمل خالصا له تعالى لا يشرك له سواه1. فإذا افترضنا أن العمل الصالح كالجسد, فإن الإخلاص هو روح ذلك الجسد, ولا قيمة للجسد في الحياة إذا فاضت روحه! وهكذا فإن الأعمال التي يستعظمها الناس لا وزن لها عند الله عز وجل إذا فقدت هذه الروح2. قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} 3. ففي الآية الكريمة دلالة على اشتراط الإخلاص في العمل الصالح والله أعلم. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية: "وهو- أي العمل الصالح- الذي يراد به وجه الله وحده لا شريك له, وهذان ركنا العمل المتقبل لا بد أن يكون خالصا لله صوابا على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم"4اهـ. فإذا اختل واحد من هذين الشرطين لم يكن العمل صالحا ولا مقبولا5 وإنما يكون جاعلا له شركا بعبادته إذا رأى بعمله الذي ظاهره أنه لله وهو
مريده به غيره1. وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الاعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ مانوى فمن كان هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" 2. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" 3. فقد دل الحديث الشريف على أن عمل المرائي باطل لا ثواب فيه ويأثم به4 وكذا من يسمع بأعماله. والفرق بين الرياء والسمعة أنَّ الرياء هو العمل لرؤية الناس, والسمعة العمل لأجل سماعهم, فالرياء يتعلق بحاسة البصر, والسمعة بحاسة السمع5. وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز- رحمهما الله- قال: " يا معشر المستترين اعلموا أنَّ عند الله مسألة فاضحة, قال تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 6 7.
وعن عبد الله الجزري1 رحمه الله قال: كانت العلماء إذا التقوا تواصوا بهذه الكلمات وإذا غابوا كتب بعضهم إلى بعض أنه: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته, ومن أصلح ما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وما بين الناس ومن اهتم بأمر آخرته كفاه الله أمر دنياه2. قيل لبعض الحكماء: من المخلص؟ قال: المخلص الذي يكتم حسناته كما يكتم سيئاته, وقيل لبعضهم: ماغاية الإخلاص؟ قال: ألا تحب محمدة الناس3. وعن هذه القاعدة العظيمة يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ضمن حديثه عن فوائد قصة آدم وإبليس: " ومنها4 الشهادة للقاعدة المعروفة في الشريعة أن كل عمل لا يقصد به وجه الله فهو باطل"5. وأضاف رحمه الله قائلا: ومنها معرفة قدر الإخلاص عند الله وحماية لأهله لقول اللعين6: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} 7 فعرف عدو الله أنه لا
سبيل له على أهل الإخلاص"1. كما قال في رسالته التي أرسلها هو والإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود2 سنة "1184هـ" إلى والي مكة الشريف أحمد بن سعيد3 والتي كان مضمونها إرسال طالب علم من طرف الإمام محمد بن عبد الوهاب هو الشيخ عبد العزيز الحصين4 لوالي مكة لمناظرة بعض علمائها أمام الوالي مؤكدا على قضية الإخلاص قبل المناظرة: " ... والواجب على الكل منّا ومنكم أن يقصد بعلمه وجه الله"5. ويتأكد وجوب الإخلاص في حال كون العمل بارزا ظاهرا يراه الناس ويشاهدونه6. كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, لذلك يجب على المحتسب أن يقصد بقوله وفعله وجه الله تعالى وطلب مرضاته, خالص النية لا يشوبه في طويته
رياء ولا سمعة, ويجتنب في رياسته منافسة الخلق, ومفاخرة أبناء الجنس1, وعليه أن يتجرد من حظوظ النفس الأمارة بالسوء من طلب الشهرة وطلب المنزلة في قلوب العامة أو الطمع في تحصيل وظيفة دنيوية, أو شيء من حطام الدنيا الفانيسة أو أن يظهر فضله في دينه أو علمه أو عمله أو عقله على من يأمره وينهاه, ونحو ذلك مما يزينه الشيطان ويكيد به الإنسان ليبطل عمله ويفسد سعيه2 لينشر الله تعالى عليه رداء القبول علم التوفيق, ويقذف له في القلوب مهابة وجلالا ومبادرة إلى قبول قوله بالسمع والطاعة3. وقد نبه الإمام محمد بن عبد الوهاب على أهمية الإخلاص فقال رحمه الله في المسألة الثانية من مسائل باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله: "التنبيه على الإخلاص: لأن كثيرا لو دعا إلى الحق فهو يدعو إلى نفسه"4. وأبرز ما يدل على يده5 فإن الآمر بالمعروف إذا لم يفطن لهذا الجانب فإنه على خطر عظيم لأن الشيطان حريص على أن يفسد عليه عمله6.
ولخطورة القضية نجد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يحتسب على من يقدح في نية من ظهرت منه غيرة على دين الله عز وجل فقام بالإنكار على المنافقين ضمن رسالته التي أرسلها إلى عبد الله بن سويلم1 الذي غضب على ابن عمه أحمد حين اشتد على المنافقين وإليك بعضا منها: " بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الوهاب إلى عبد الله بن سويلم سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فقد ذكر لي ابن زيدان2 أنك يا عبد الله زعل3 على أحمد بعض الزعل لما تكلم في بعض المنافقين, ولا يخفاك أن بعض الأمور كما قال تعالى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} 4 وذلك أنى لا أعرف شيئا يتقرب به إلى الله أفضل من لزوم طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال الغربة, فإن انضاف إلى ذلك الجهاد عليها للكفار والمنافقين كان ذلك تمام الإيمان, فإن أراد أحد من المؤمنين أن يجاهد فأتاه بعض إخوانه فذكر له أن أمرك للدنيا5 أخاف أن يكون هذا من جنس الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات6 فأنتم تأملوا تفسير الآية ثم نزلوه على هذه الواقعة"7. كما بين رحمه الله الأسلوب الأمثل في الاحتساب على من يخشى عليه
الإخلال بالإخلاص ضمن الرسالة نفسها فقال: "فإذا خاف أحد منكم من بعض إخوانه قصدا سيئا فلينصحه برفق وإخلاص لدين الله وترك والقصد الفاسد ولا يفل عزمه عن الجهاد ولا يتكلم فيه بالظن السيء وينسبه إلى ما لا يليق"1. وهذا الاحتساب منه رحمه الله له ثمرته اليانعة في الدعوة, لأن اتهام الإنسان المقبل بحماس على الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في نيته قد يصيب همته بشيء من التراخي والفتور, وربما أدى به الحال إلى الإحباط وهذا جل ما يتمناه الشيطان أعاذنا الله منه. كما أن النوايا أسرار خفية لا يعلمها إلا الله عز وجل, والشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بكلامه السابق يضع ضابطا جوهريا في قضية الحكم على الآخرين, وهو عدم الحكم على نوايا والسرائر بأي حال من الأحوال لأن علمها عند الله عز وجل.
المطلب الثاني: العلم والعمل:
المطلب الثاني: العلم والعمل: العلم بعد الإخلاص أهم ما ينبغي على المحتسب أن يتزود به, فهو المصباح الذي يضيء الطريق لحامله فيبصر من خلال ضوئه طريق الخير وطريق الشر. قال تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} 1. قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "أي: وليعلم الذين أوتوا العلم النافع الذي يفرقون به بين الحق والباطل, والمؤمنون بالله ورسوله أن ما أوحيناه إليك هو الحق من ربك"2اهـ. وليس العلم غاية في حد ذاته إنما هو وسيلة مثلى للغاية الحقيقية من خلق الإنسان وهي عبادة الله عز وجل, فالعلم يورث الإيمان والإخبات والخضوع كما في الآية السابقة ويروث الخشية في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} 3 لذلك وجب طلب ذلك العلم. قال صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" 4.
وبعد أن أدركنا أهمية طلب العلم الشرعي بوجه عام ننتقل إلى خصوصة ذلك بالنسبة للمحتسب, وهو ما أكد عليه الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب في بعض رسائله حيث قال في رسالته التي كتبها إلى أحمد بن محمد بن سويلم1 وثنيان بن سعود2. " الإنسان لا يجوز له الإنكار إلا بعد المعرفة, فأول درجات الإنكار معرفتك أن هذا مخالف لأمر الله"3. ويتأكد وجوب الطلب لمن يتربص به الخصوم قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "وقد يكون لأعداء التوحيد علوم كثيرة وكتب وحجج كما قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} 4 فإذا عرفت ذلك وعرفت أن الطريق إلى الله لابد له من أعداء قاعدين عليه أهل فصاحة وعلم وحجج كما قال تعالى: {وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ... الآية} 5 فالواجب عليك أن تعلم من دين الله ما يصير ذلك لك سلاحا تقاتل به هؤلاء الشياطين"6.
لما كان احتساب الجاهل يفسد أكثر مما يصلح فقد حذر الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب من الاحتساب بغير علم في رسالته التي أرسلها إلى مطاوعة1 أهل الدرعية عند ما كان في بلد العيينة فقال: " ومتى لم تتبين لكم المسألة لم يحل لكم الإنكار على من أفتى أو عمل حتى يتبين لكم خطؤه, بل الواجب السكوت والتوقف, فإذا تحققتم الخطأ بينتموه"2. وقال رحمه الله في رسالته إلى إخوانه من أهل سدير بسبب أمر جرى بين أهل الحوطة من بلدان سدير3, والتي قرر فيها قاعدة أساسية في الاحتساب: " وأهل العلم يقولون الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يحتاج إلى ثلاث: أن يعرف ما يأمر به, وينهى عنه, ويكون رفيقاً فيما يأمر به وينهى عنه, صابرا على ما جاء من الأذى, وأنتم محتاجون للحرص على فهم هذا والعمل به فإنَّ الخلل إنَّما يدخل على صاحب الدِّين من قلة العمل بهذا أو قلة فهمه"4. وقال رحمه الله: "وفي الحديث: من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فينبغي أن يكون عليماً فيما يأمر به, عليما فيما ينهى عنه رفيقاً فيما يأمر به, رفيقاً فيما ينهى عنه, حليماً يما يأمر به حليماً فيما ينهى عنه"5. وهذه القاعدة بعينها قد أصلها بعض علماء السلف رحمهم الله.
عن أبي الربيع قال: " دخلت على سفيان- أي الثوري- بالبصرة فقلت: يا أبا عبد الله إني أكون مع هؤلاء المحتسبة, فندخل على الحنينين1, ونتسلق عليهم الحيطان, قال: أليس لهم أبواب؟ قلت: بلى, ولكن ندخل عليهم كيلا يفروا, فأنكر ذلك إنكارا شديدا, وعاب فعلنا فقال رجل: من أدخل هذا؟ قلت: إنما دخلت إلى الطبيب أخبره بدائي, فانتفض سفيان قال: إنما هلكنا إذ نحن سقمى فسمونا أطباء, ثم قال: لا يأمر بالمعروف, ولا ينهى عن المنكر إلا من كان فيه ثلاث خصال: رفيق بما أمر, رفيق بما ينهى, عدل بما يأمر, عدل بما ينهى, عالم بما يأمر, عالم بما ينهى"2. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فلابد من هذه الثلاثة العلم والرفق والصبر, والعلم قبل الأمر والنهي, والرفق معه, والصبر بعده, وإن كان كل من الثلاثة مستصحبا في هذه الأحوال, وهذا كما جاء في الأثر عن بعض السلف ورووه مرفوعا ذكره القاضي أبو يعلى في المعتمد3: " لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من
كان فقهيا فيما يأمر به, فقيها فيما ينهى عنه, رفيقا فيما يأمر به, رفيقا فيما ينهى عنه, حليما فيما يأمربه حليما فيما ينهى عنه"1 اهـ. ورفعه رحمه الله في موضع آخر قائلا: " كما جاء في الحديث: " ينبغي لمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر أن يكون فقيها فيما يأمر به, فقيها فيما ينهى عنه, رفيقا فيما يأمر به, رفيقا فيما ينهى عنه حليما فيما يأمر به حليما فيما ينهى عنه"2 فالفقه قبل الأمر ليعرف المعروف وينكر المنكر, والرفق عند الأمر ليسلك أقرب الطرق إلى تحصيل المقصود, والحلم بعد الأمر ليصبر على أذى المأمور المنهي, فإنه كثيرا ما يحصل له الأذى بذلك"3. يتضح لنا مما سبق شدة تأثر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بمن سبقه من العلماء خاصة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, حيث إن ما قرره من قواعد نظرية في صفات المحتسب ما هي إلا امتداد لما قعده أهل العلم من قبله. واشتراط العلم في المحتسب أمر في غاية الأهمية, لأنه إن كان جاهلا بالأمر المحتسب فيه فقد يأمر بما ليس بمعروف, وينهى عما ليس بمنكر4 فيفسد من
حيث أراد الإصلاح وفي ذلك يقول ابن حزم: " لا يجوز أن يدعو إلى الخير إلا من علمه ولا يمكن أن يأمر بالمعروف إلا من عرفه, ولا يقدر على إنكار المنكر إلا من ميزه"1 ا. هـ. والعلم بحسب أهميته على درجات: أولا: أهم ما على المحتسب تعلمه التوحيد الذي بتعلمه والعمل به وتعليمه تتحقق الغاية من خلق الإنسان المتضمن لها لقوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} 2, فهو أول ما دعت إليه الرسل قاطبة وأمرت به أقوامها قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} 3. وهو أهم ما بدأ به مجدد التوحيد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب حيث ذكر رحمه الله أنَّ معنى قوله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 4: "شدة الحاجة إلى تعلم التوحيد, فإذا كان الأنبياء يحتاجون إلى ذلك ويحرصون عليه فكيف بغيرهم؟ ففيها رد على الجهال الذين يعتقدون أنهم عرفوه فلا يحتاجون إلى تعلمه"5. ولقد أكد على ذلك في بعض رسائله كرسالته التي أرسلها إلى من تصل إليه من أهل العلم الصابرين حيث قال رحمه الله:
" ... فلا تغفلوا عن طلب التوحيد وتعلمه واستعمال كتاب الله وإجالة الفكر فيه"1. وقال رحمه الله محتسبا على عبد الرحمن بن ربيعة مطوع أهل ثادق2: "فإن استقمت على التوحيد وتبينت فيه ودعوت الناس إليه وجاهرت بعداوة هؤلاء خصوصا ابن يحيى لأنه من أنجسهم وأعظمهم كفرا وصبرت على الأذى في ذلك فأنت أخونا وحبيبنا وذلك محل المذاكرة في المسائل التي ذكرت, فإن بان الصواب معك وجب علينا الرجوع إليك, وإن لم تستقم على التوحيد علماً وعملا ومجاهدة فليس هذا محل المراجعة في المسائل, والله أعلم"3. كما قال رحمه الله أيضا في رسالة جوابية لرجل لم يذكر اسمه في المصادر: "وإن كانت نفسك عليك عزيزة ولا ترضى لها بالهلاك فالتفت لما تضمنت أركان الإسلام من العلم والعمل خصوصا الشهادتين من النفي والإثبات, وذلك ثابت من كلام الله ورسوله"4. وجاء في احتسابه رحمه الله على مطاوعة أهل الدرعية ما نصه: "وإن لم تعلموا وكانت المسألة من الواجبات مثل التوحيد فالواجب عليكم
أن تطلبوا وتحرصوا حتى تفهموا حكم الله ورسوله في تلك المسألة"1. ثانيا: كذلك يجب على المحتسب أن يهتم بطلب العلم الشرعي في الفروع من العبادات والمعاملات. "فإن الفقه في الدين من الأمور الضرورية للمحتسب في عمله"2. وذلك ليستطيع أن يميز بين المعروف والمنكر, حتى يأمر بالأول وينهى عن الثاني3. فلا يتأتى عليه الاحتساب حتى يكون لديه " علم بالمنكرات الظاهرة" 4 وبأدلتها الشرعية, فلا يحكم على أمر بأنه منكر إلا إذا قام عليه دليل من كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم, أو إجماع المسلمين5 فكما أن من يعالج المريض يحتاج إلى فهم بالمرض والدواء أن يكون طبيبا جيدا6 فكذلك المحتسب يحتاج إلى علم وفهم بأمراض المجتمع وانحرافاته فلا بد من العلم بالأمور الآتية: 1-أصل الداء والمرض, 2-طبيعته وأعراضه, 3-الدواء الناجح لعلاجه, وبذلك يستطيع أن يحدد الداء والدواء ليصل إلى الغاية المرجوة
لأقصر طريق1, بإذن الله. ثالثا: من لوازم الاحتساب أيضا أن يتعلم المحتسب كيفية الاحتساب, وهذا ما أشار إليه شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في حديثه عن الرفق في الأمر الآنف الذكر2, كما يتعلم مواقع الحسبة وحدودها ومجالاتها وموانعها ليقتصر على حد الشرع فيها3, فإن إلمامه بالمحيط والظروف والأوضاع الفكرية والاجتماعية التي تحيط بمجال عمله, يمكنه من ممارسته عملية التغير وانتهاج الأسلوب والطريقة المناسبة4, وأهم ما على المحتسب معرفته قبيل احتسابه حال المحتسب عليه "المأمور والمنهي"5. ومما تجدر الإشارة إليه أن على المحتسب التثبت في الرواية فلا يروي حديثا إلا وقد ثبت لديه صحة نسبته للرسول صلى الله عليه وسلم حتى لا يتخبط في احتسابه من حيث لا يشعر فيأمر بخلاف السنة أو ينهى عن بعضها والعياذ بالله. ولقد احتسب الشيخ محمد بن عبد الوهاب على محمد بن عباد6 لما
استدل بحديث: "اطلبوا العلم ولو من الصين" 1 قائلا: "جزمك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اطلبوا العلم ولو في الصين: فلا ينبغي أن يجزم الإنسان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لا يعلم صحته, وهو من القول بلا علم, فلو أنك قلت روي, أو ذكر فلان, أو ذكر في الكتاب الفلاني لكان هذا مناسبا, أما الجزم بالأحاديث التي لا تصح فلا يجوز, فتفطن لهذه المسألة فما أكثر من يقع فيها"2. وبالجملة فإنه لا بد للآمر بالمعروف والناهي عن املنكر أن يطلب العلم ويلحق بركاب العلماء حتى يجد النور ساطعا في كل فج يسلكه, وحتى يعضد أمره ونهيه بالأدلة الشرعية مما يجعل الحجة معه ومن ثم يكون لأمره ونهيه تأثير في المجتمع3 بإذن الله. وتمام العلم العمل به فلا قيمة للعلم بلا عمل ولا قيمة للعمل بدون علم.
قال الإمام الحسن البصري رحمه الله: " إذا كنت آمرا بالمعروف فكن من أأخذ الناس به إلا هلكت وإذا كنت ممن ينهى عن المنكر فكن من أنكر الناس به وإلا هلكت"1. وقد أجمل الإمام ابن الجوزي رحمه الله هذا المعنى بعبارة بليغة قال فيها: "من لم يعمل بعلمه لم يدر ما معه حامل المسك إذا كان مزكوما فلا حظ له فيما حمل"2. ولقد نوه الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلى هذا المعنى بقوله: "وأن يكون مطابقا للأمر"3 أي أن يكون فعل المحتسب مطابقا لأمره حتى إذا وافته المنية وهو في حال إصلاح نفسه, كان خيرا له من أن يموت وهو ساع لإصلاح غيره دون نفسه فيحاسب على ترك واجبات وفرائض4. والوعيد في هذا الباب معلوم بالكتاب والسنة قال تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} 5. فدلت الآية الكريمة على زجر من يأمر الناس بالخير وينسى نفسه من ذلك والله أعلم.
ولكن هذا لا يعني أن يتقاعس المحتسب عن احتسابه إذا رأى في نفسه قصورا فذلك من كيد الشيطان له ليصرفه عن طريق الخير الذي يسلكه. قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية السابقة: " فكل من الأمر بالمعروف وفعله واجب, لا يسقط أحدهما بترك الآخر على أصح قولي العلماء من السلف والخلف. وذهب بعضهم إلى أن مرتكب المعاصي لا ينهى غيره عنها, وهذا ضعيف, وأضعف منه تمسكهم بهذه الآية, فإنه لا حجة لهم فيها, والصحيح أن العالم يأمر بالمعروف, وإن لم يفعله, وينهى عن المنكر وإن ارتكبه ولكنه- والحالة هذه- مذموم على ترك الطاعة وفعله المعصية, لعلمه بها ومخالفته على بصيرة, فإنه ليس من يعلم كمن لا يعلم, لهذا جاءت الأحاديث في الوعيد على ذلك"1 اهـ. عن أبي وائل2: قال: قيل لأسامة لو أتيت فلانا3 فكلمته, قال: إنكم لترون أني لا أكلمه, إلا أسمعكم إني أكلمه في السر دون أن أفتح باباً لا أكون أول من فتحه ولا أقول لرجل أن كان عليَّ أميراً إنه خير الناس بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا وما سمعته يقول؟ قال سمعته يقول: " يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق4 أقتابه5 في النار فيدور كما يدور
الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون أي فلان ما شأنك, أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ قال كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن النكر وآتيه"1. ففي الحديث دلالة على هول العقوبة التي تنتظر الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر إذا لم يعمل بعلمه والله أعلم. وقد نقل الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله قول أحد أهل العلم ولم يسمه: " يجب الأمر بالمعروف لمن قدر عليه ولم يخف على نفسه منه ضرراً ولو كان الآمر متلبسا بالمعصية, لأنه في الجملة يؤجر على الأمر بالمعروف ولا سيّما إن كان مطاعا, أما إثمه الخاص به فقد يغفره الله وقد يؤاخذ به, وأما من قال: لا يأمر بالمعروف إلا من ليست فيه وصمة فإن أراد أنه الأولى فجيد وإلا فيستلزم سد باب الأمر إذا لم يكن هناك غيره"2اهـ. وقال الفقيه السبكي رحمه الله3: " لا يشترط في القيام به- أي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- أن يكون الآمر ممتثلا في نفسه لأنه تعلق به حقان, حق الكف في نفسه, وحق نهي غيره ولا يسقط حق حقا, وهذا لا ينافي أن الكمال أن يكون الآمر عاملاً بما يأمر به مجتنبا ما نهى عنه ليكون
أدعى بالقبول1ا. هـ. إذن على المحتسب أن يبادر للعلم والعمل معا بهمة عالية قبل شروعه في الاحتساب, فإن وجد في نفسه خللاً فلا يثنيه ذلك عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنه من كيد الشيطان ليصده عن هذا الخير العظيم, إنما عليه المبادرة إلى إصلاح نفسه بالتوبة والاستغفار وفعل الطاعات والسير قدما في طريق الإصلاح الوعر بعزم الجبال, إصلاح نفسه وإصلاح الآخرين على حد السواء. روى الخطيب البغدادي رحمه الله2 عن أبي برزة صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه مثل الفتيلة تضيء للناس وتحرق نفسها" 3. وقد ورد في تقسيم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ثمانية أصناف هي: أولهم: أرباب القلوب والعزائم أخذاً بقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ} 4 وهم المقصودون بقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} 5 وهم الصابرون أخذا بقوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ
نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا} 1. وثانيهم: قوم من أهل العلم والعمل متلبسون بكريم الخلق, تاركون لما كره الله, لا تأخذهم في الله لومة لائم, لكن فيهم حدة وصلابة في التعبير,, ففاتهم الرفق الواجب في الأمر والنهي فكانوا دون من قبلهم. ثالثهم: علماء بما يأمرون, وينهون لكنهم غافلون عن الآفات المفسدة للأمر والنهي, فيغلب عليهم سوء الظن بالمسلمين. ورابعهم: قوم صلحاء أخيار, ولكنهم لا يعرفون قواعد الأمر والنهي, ومنهم من يكون رفيقا صبورا على الأذى سراً وجهراً, ومنهم من يأمر وينهى بمقتضى الغيرة, ولكنهم لا يصبرون. وخامسهم: العامة الذين رزقوا حظا من القبول بين الناس يخبطون في الأمر والنهي على غير علم فيفسدون أكثر مما يصلحون. وسادسهم: وهم في الجهل كسابيقهم إلا أنهم غافلون عن كل ما يأمرون وينهون, مقارفون للمعاصي. وسابعهم: دون الذين قبلهم وأخس, لأنهم نصبوا أنفسهم للأمر والنهي رياء وسمعة, واكتسابا للمحامد والرفعة, وتزينوا بزي الصالحين, وأخذوا سمتهم وسيلة لنيل مآربهم. وثامنهم: ليس لهم نية ثابتة صحيحة, فهم يأمرون الضعفاء, ويضعفون عن الأقوياء مع قدرتهم, ويحابى بعضهم الأصحاب وذوي الهيئات لغرض شيطاني
مذموم1. فمن وفقه الله لبلوغ المرتبة الأولى من تلك الأصناف فجاهد نفسه وزكاها حتى أشربت بالإخلاص والعلم والعمل كان هو المحتسب الأمثل: {ذلك فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} 2.
المطلب الثالث: الحكمة:
المطلب الثالث: الحكمة: قال الله عز وجل في محكم التنزيل: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} 1. الحكمة في اللغة بكسر الحاء وإهمال الكاف وضم الميم: العدل2. والحكيم: المتقن للأمور3. والحكيم: العالم4. أما في الاصطلاح فقد ذكر العلماء لها عدة معان منها: 1-عن ابن عباس رضي الله عنهما: يعني المعرفة بالقرآن ناسخة, ومنسوخة, ومحكمه ومتشابهه, ومقدمه, ومؤخره, وحلاله وحرامه, وأمثاله. 2-قال السدي5: الحكمة النبوة. 3-قال أبو مالك: الحكمة السنة. 4-قال أبو العالية6 الحكمة خشية الله.
5-قال إبراهيم النخعي1: الحكمة الفهم. 6-قال زيد بن أسلم2: الحكمة العقل. 7-قال مالك: وإنه ليقع في قلبي أن الحكمة: هو3 الفقه في دين الله, وأمر يدخله الله في القلوب من رحمته وفضله4. 8-قال الراغب الأصفهاني5: الحكمة: إصابة الحق بالعلم والعقل6. 9-قال إسماعيل الهروي: هي وضع الشيء في موضعه7. 10-أما ابن القيم فعرف الحكمة بأنها: فعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي في الوقت الذي ينبغي8. والذي أراه أن الأرجح من هذه الأقوال هو تعريف الإمام ابن القيم والله
تعالى أعلم بالصواب. هذا فيما يتعلق بمفهوم الحكمة على الإطلاق, أما باعتبار خصوصيتها للمحتسب فهي: معيار ضابط للقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باعتبار حال المأمور والمنهي, والأسلوب المناسب له, في الوقت المناسب. فليس كل الناس يصلح لهم أسلوب واحد في الاحتساب, وليست جميع المنكرات يصلح لها الاحتساب نفسه في الوقت نفسه, هذا التفاوت يقتضي استخدام المعيار الضابط لذلك كله وهو الحكمة في جميع الأحوال بحيث يستخدم المحتسب الأسلوب المناسب للاحتساب مع من يناسب من الناس في الوقت المناسب. "فليس من الحكمة استخدام أسلوب واحد في الأمر والنهي مع الكبير والصغير والرجل والمرأة والمثقف والجاهل والأمير والحقير والغضوب والهادئ بل لابد من تنويع أسلوب المخاطبة بما يناسب السن والثقافة والطبيعة النفسية والمركز الاجتماعي لكل فرد"1. لأن الحكمة تعني الإصابة في الأقوال والأفعال ووضع كل شيء في موضعه2. إذن هي لين في وقت اللين فحسب, وشدة في وقت الشدة فحسب3. فهي تعني العلم والوعي وتقدير الموقف ثم التفاعل مع الحدث تفاعلا مثمرا4. وهذا ما أشار إليه الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في رسالته
التي أرسلها إلى إخوانه من أهل سدير حيث قال: " إن بعض أهل الدين ينكر منكرا وهو مصيب لكن يخطئ في تغليظ الأمر إلى شيء يوجب الفرقة بين الإخوان"1. هذا التغليظ ناتج عن عدم انضباط معيار الحكمة في الاحتساب عند بعض الناس, ولقد وضع ابن القيم رحمه الله للحكمة ثلاثة أركان وأضداد فقال: "الحكمة ثلاثة أركان هي: العلم والحلم والأناة وآفاتها وأضدادها: الجهل والطيش والعجلة, فلا حكمة لجاهل ولا طائش ولا عجول"2. ومن حكمة المحتسب أن يجعل لاحتسابه أولويات أساسية يقدم بعضها على بعض حسب الأهمية. "وسلم الأوليات هذه يتطلب االبدء بأمور العقيدة وتقديم الكليات على الجزئيات"3. وهذا نراه جليا في احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب حيث أعطى رحمه الله العقيدة جل اهتمامه في الاحتساب لما لها من الأولية والصدارة والأهمية في كيان الامة الإسلامية, ثم تدرج رحمه الله في الاحتساب بعدئذ إلى الجوانب الفقهية والسلوكية, مما يؤكد أنه رحمه الله كان في احتسابه على جانب كبير من الحكمة, وما ورد في رسالته الجوابية التي أرسلها لعبد الله بن محمد بن عبد اللطيف4 رداً على رسالته التي أغلظ فيها على الشيخ لما خالف رحمه الله
بعض ما ألفه الناس في زمانه من الأمور التي تعارض الحق والدليل فقال رحمه الله: "فإذا خالفت قول عالم لمن هو أعلم منه أو مثله إذا كان معه الدليل ولم آت بشيء من عند نفسي تكلم بهذا الكلام الشديد فإن سمعتم أني أفتيت بشيء خرجت فيه من إجماع أهل العلم توجه علي القول, وقد بلغني أنكم في هذا الأمر قمتم وقعدتم, فإن كنتم تزعمون أن هذا إنكار للمنكر فياليت قيامكم كان في عظائم بلدكم تضاد أصلي الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله منها وهو أعظمها عبادة الأصنام عندكم من بشر وحجر, هذا يذبح له, وهذا ينذر له, وهذا يطلب إجابة الدعوات وإغاثة اللهفات, وهذا يدعوه المضطر في البر والبحر, وهذا يزعمون أن من التجأ إليه ينفعه في الدنيا والآخرة ولو عصى الله, فإن كنتم تزعمون أن هذا ليس هو عبادة الأصنام والأوثان المذكورة في القرآن فهذا من العجب, فإني لا أعلم أحدا من أهل العلم يختلف في ذلك اللهم إلا أأن يكون وقع فيما وقع فيه اليهود من إيمانهم بالجبت والطاغوت, وإن ادعيتم أنكم لا تقدرون على ذلك, فإن لم يقدروا على الكل قدرتم على البعض1, كيف وبعض الذين أنكروا علي هذا الأمر وادعوا أنهم من أهل العلم ملتبسون بالشرك الأكبر ويدعون إليه, ولو يسمعون إنسانا يجرد التوحيد ألزموه بالكفر والفسوق؟ ولكن نعوذ1 بالله من رضاء الناس بسخط الله"2 ا. هـ. ومن حكمة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله استخدامه للهجة العامية في كثير من رسائله لأن كثيرا ممن احتسب عليهم كانوا من العوام فبات من المناسب مخاطبتهم بالأسلوب الذي يفهمونه.
المطلب الرابع: الأناة والتثبت:
المطلب الرابع: الأناة والتثبت: الأناة والأنى: الحلم والوقار1. والحلم بالكسر الأناة2, والتثبت في الأمور وذلك من شعار العقلاء3. والحلم: ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب, وجمعه أحلام4. ولقد وصف الله تعالى إبراهيم عليه السلام بهذه الصفة مادحا له في قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ} 5. وقال الله تعالى: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ} 6 أي عقولهم7. لذلك قال صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس8: " إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة" 9. قال النووي رحمه الله: "وأما الحلم فهو العقل, وأما الاناة فهي التثبت وترك العجلة وهي مقصورة وسبب قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك له ما جاء في حديث الوفد أنهم لما وصلوا المدينة بادروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأقام الأشج عند رحالهم فجمعها وعقل ناقته ولبس أحسن
ثيابه ثم أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأجلسه إلى جانبه ثم قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم تبايعون على أنفسكم وقومكم فقال القوم نعم فقال الأشج: يا رسول الله إنك لم تزاول الرجل على شيء أشد عليه من دينه نبايعك على أنفسنا ونرسل من يدعوهم فمن اتبعنا كان منا ومن أبي قاتلناه. قال: صدقت إنّ فيك خصلتين ... الحديث, قال القاضي عياض1 رحمه الله: فالأناة تربصه حتى نظر في مصالحه ولم يعجل, والحلم هذا القول الذي قاله الدال على صحة عقله وجودة نظره للعواقب2ا. هـ. ولا يعني التأني في الأمور البلادة والكسل! إنما التفكر والحذر من زلل المستعجل, والرغبة في إصابة العاقل3. ولأن المحتسب بأمره ونهيه بخالف المألوف والشهوات الجامحة لدى أصناف المحتسب عليهم, فإنه غالبا ما يكون مرفوضا من قبلهم ممقوتا, مما يدفعهم إلى الإساءة إليه ومعاداته. لذلك يجب على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون حليما حتى لا يثور ويغضب عندما يجابه بشيء لا يرضيه أو لم يتوقعه, فيفسد أكثر مما يصلح, وحتى لا يثأر فيصبح الموضوع انتقاما للنفس وتشفيا لا إنكارا لرضى الله سبحانه وتعالى ورغبة في تصحيح الأوضاع4.
قال الإمام احمد بن حنبل رحمه الله عندما سئل عن كيفية الأمر بالمعروف والنهي عن لمنكر: " إن أسمعوه ما يكره لا يغضب, فيكون يريد ينتصر لنفسه"1 ا. هـ. فإن من يتصدى للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يحمله على عمله ذلك بغض لمن قام بأمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر أو الحمية والتشفي, كلا بل يحمله على ذلك أمور حميدة منها المحبة للمسلمين والرغبة في إسداء الخير إليهم, ومنعهم مما يؤول بهم إلى عصيان الله واستحقاق العقوبة على تلك المعاصي2. قال تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} 3. ففي الآية دلالة على تأديب المسلمين بالعفو عن المعتدين والتجاوز عن المسيئين. ومن هذا المنطلق كان شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله حليما على من عاداه كريما مع من جفاه, لم ينتصر لنفسه, بل كان غضبه كله لله تعالى مثال ذلك رسالته لعبد الله بن محمد بن عبد اللطيف التي ورد فيها: "..فقد وصل إلينا من ناحيتكم مكاتيب فيها إنكار وتغليظ عليّ ولما قيل إنك كتبت معهم وقع في الخاطر بعض الشيء لأن الله سبحانه نشر لك من الذكر الجميل وأنزل في قلوب عباده لك من المحبة ما لم يؤته كثيرا من الناس"4. فتأمل كيف يحلم ويدفع السيئة بالحسنة رحمه الله. هذا عن الحلم والأناة.
أما التثبت فهو كما سبق من مرادفات الأناة, تثبت في الأمر والرأي, واستثبت: تأني فيه ولم يعجل1. والتثبت صفة لأهل اليقين من المؤمنين وبسبب هذه الصفة التي فيهم يبين الله لهم الآيات والعلامات في الأمم التي مضت, حتى يستخرجوا العبر التي تقيهم ما وقع به غيرهم من غضب الله تعالى2. قال تعالى: {قَدْ بَيَّنَّا الآياتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} 3. ففي الآية الكريمة دلالة على بيان الآيات ووضوحها لأهل اليقين والتثبت. قال الإمام الطبري رحمه الله: "وخص الله بذلك القوم الذين يوقنون لأنهم أهل التثبت في الأمور, والطالبون معرفة حقائق الأشياء على يقين وصحة فأخبر جل ثناؤه أنه بين لمن كانت هذه صفته"4. وإذا كانت الأناة والتثبت من الصفات الحميدة فإن ضدها وهي العجلة من أقبح الصفات الذميمة. وقال الإمام ابن القيم رحمه الله محللاً لصفة العجلة: " ... فإنها خفة وطيش وحدة في العبد تمنعه من التثبت والوقار والحلم, وتوجب وضع الأشياء في غير موضعها, وتجلب عليه أنواعا من الشرور وتمنعه أنواعاً من الخير وهي قرين الندامة فقل من استعجل إلا ندم"5.
وذلك تحرزا من الاندفاع وراء تيار اتهام الناس بالباطل قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} 1. يذكر الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أن معنى التبين في الآية هو التثبت2. وقد دلت الآية على أن الله تعالى يأمر بالتثبت في خبر الفاسق ليحتاط له, لئلا يحكم بقوله فيكون في نفس الأمر كاذبا أو مخطئا, فيكون الحاكم بقوله قد اقتفى وراءه وقد نهى الله عن اتباع سبيل المفسدين3. فالمندفع غير المتثبت يكون عرضة للندم ولات حين مندم. قال الكسائي وغيره: التبين التثبت في الأمر4. أوصى أعرابي أولاده فقال:" إياكم والعجلة فإن أبي كان يكنيها أم الندم"5. فعلى الأمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن لا يأخذ القول الذي يأتيه عن وجود منكر قولا مسلما بل عليه بالتحري والتثبت حتى لا يأمر إنسانا بمعروف لم يتركه أو ينهاه عن منكر لم يقترفه6. فإن الإنسان تكتنفه نوازع الخير ونوازع الشر وربما فكر في عمل منكر
لكنه تراجع عنه1. ولقد فطن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لهذا الجانب فأكد عليه مرارا في بعض رسائله النفسية فقال رحمه الله في رسالته لعبد الله بن محمد ابن عبد اللطيف محتسبا عليه: "ينبغي للقاضي أعزه الله بطاعته لما ابتلاه الله بهذا المنصب أن يتأدب بالآداب التي ذكرها في كتابه الذي أنزل ليبين للناس ما اختلفوا فيه هدى ورحمة لقوم يوقنون فمن ذلك لا يستخفنه الذين لا يوقنون ويثبت عند سعايات الفساق والمنافقين ولا يعجل"2.ا. هـ. وجاء في رسالته التي كتبها إلى أحمد بن محمد بن سويلم وثنيان بن سعود: "وهذه مسألة جليلة ينبغي التفطن لها وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} 3 فالواجب عليهم إذا ذكر لهم عن أحد منكر عدم العجلة فإذا تحققوه أتوا صاحبه ونصحوه فإن تاب ورجع وإلا أنكر عليه وتكلم فيه, فعلى كل حال نبهوهم على مسألتين: الأولى: عدم العجلة, ولا يتكلمون إلا مع التحقق فإن التزوير كثير. الثانية: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف المنافقين بأعيانهم ويقبل علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله, فإذا ظهر منهم ما يوجب جهادهم جاهدهم"4ا. هـ. وقد مر آنفا احتسابه على مطاوعة أهل الدرعية حينما كان في بلدة
العيينة حيث- ذكر لهم- أنه لا يحل لهم الإنكار في حالة عدم التين والتثبت من الخطأ1. وهكذا..يضع الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله القواعد النظرية للاحتساب واحدة تلو الأخرى وفق ما تلقاه من أصول علمية راسخة.
المطلب الخامس: الرفق:
المطلب الخامس: الرفق: حد علماء اللغة كلمة الرفق ببعض التعريفات منها: 1-لين الجانب1. 2-لين الجانب ولطافة الفعل2. 3-لين الجانب وهو خلاف الضعف3. وقد بوب له البخاري في صحيحه فقال: " باب الرفق في الأمر كله". موردا فيه حديث عروة بن الزبير رضي الله عنهما4: " أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليكم, فقالت عائشة ففهمتها فقلت: وعليكم السام واللعنة, قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله, فقلت: يا رسول الله أو لم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد قلت: وعليكم" 5. فدل الحديث الشريف على محبة الله عز وجل للرفق في التعامل مع الناس حتى الأعداء منهم والله أعلم.
قال ابن الأثير رحمه الله: الرفق: " لين الجانب وهو خلاف العنف: يقال منه رفق يرفُقُ ويرفِق"1 اهـ. وعن عمرة يعني بنت عبد الرحمن2 عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه" 3. وعن جرير4 عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من يحرم الرفق يحرم الخير" 5. لذلك دعا صلى الله عليه وسلم على من اتصف بضد هذه الصفة ممن ولي من أمور المسلمين شيئاً كما دعا لمن تحلى بالرفق منهم, فعن عبد الرحمن بن شماسة6 قال: أتيت عائشة أسألها عن شيء فقالت: من أنت؟ فقلت: رجل من أهل مصر فقالت: كيف كان صاحبكم لكم في غزاتكم هذه؟ فقال: ما نقمنا منه شيئا وإن كان ليموت للرجل منا البعير فيعطيه البعير والعبد فيعطيه العبد, ويحتاج إلى النفقة فيعطيه النفقة فقالت: أما إنه لا يمنعني الذي فعل في محمد بن أبي بكر, أخي, أن أخبرك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق
بهم فارفق به" 1. وفي هذه الأحاديث دلالة واضحة على فضل الرفق والحث على التخلق به وذم العنف. روى الخلال2 عن أبي عبد الله- أحمد بن حنبل رحمهم الله- أنه سئل عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كيف ينبغي أن يأمر؟ قال يأمر بالرفق والخضوع3. وقال سفيان الثوري رحمه الله: اؤمر بالمعروف في رفق, فإن قبل منك حمدت الله عز وجل وإلا أقبلت على نفسك"4. ولهذا قيل: ليكن أمرك بالمعروف بالمعروف ونهيك عن المنكر من غير منكر5. ولقد تخلق السلف رحمهم الله بهذا الخلق العظيم في احتسابهم قال أحمد ابن حنبل رحمه الله: كان أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه إذا أمروا بقوم يرون منهم ما يكرهون يقولون: مهلا رحمكم الله6. وقد تقدم ذكر القاعدة المشتركة التي قعدها الإمام سفيان الثوري وقررها
الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله في الرفق والحلم والعلم فلتراجع1. كما مر آنفا كلام الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله حول الأسلوب الأمثل في الاحتساب على من يخشى عليه الإخلال بالإخلاص والذي ذكر فيه استخدام الرفق2. وهكذا.. فإن المحتسب إذا كانت شيمته الرفق ولين القول وطلاقه الوجه وسهولة الأخلاق عند أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فإن ذلك أبلغ في استمالة القلوب3. والشواهد على رفق الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالمحتسب عليهم عديدة منها قوله: "وصل كتابك وسر الخاطر جعلك الله من أئمة المتقين ومن الدعاة إلى دين سيد المرسلين ... "4. وقوله رحمه الله: "وصل الخط أوصلك الله ما يرضيه ... "5. وقوله رحمه الله: " وصل إلينا من ناحيتكم مكاتيب فيها إنكار وتغليظ عليّ ولما قيل إنك كتبت معهم وقع في الخاطر بعض الشيء لأن الله سبحانه نشر لك من الذكر الجميل وأنزل في قلوب عباده لك من المحبة مالم يؤته كثيرا من
الناس لما ذكر عنك من مخالفة من قبلك من حكام السوء, وأيضا لما أعلم منك من محبة الله ورسوله وحسن الفهم واتباع الحق ولو خالفك فيه كبار أئمتكم ... فكنت أحكي لمن يتعلم مني ما منّ الله عليك من حسن الفهم ومحبة الله والدار الآخرة فلأجل هذا لم أظن فيك المسارعة في هذا الأمر لأن الذين قاموا فيه مخطؤن على كل تقدير"1. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل الرفق يكون دائما؟؟ أو في بعض الأحيان دون بعض؟ إنّ ما ذكر آنفا.. لا يعني أن الرفق هو الأسلوب الوحيد للاحتساب, أو أنه لا يجوز تركه في بعض الأحيان2 فإنّ المرء قد يداوي أحب الناس إليه بالكي أو ببتر عضو من أعضائه3 فإذا لم ينفع الرفق تحول المحتسب إلى الشدة4. وهذا ما نبه إليه إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله بقوله: " والناس يحتاجون إلى مداراة ورفق في الأمر بالمعروف بلا غلظة إلا رجلا مباينا معلنا بالفسق والردي, فيجب نهيه وإعلانه لأنه يقال: ليس لفاسق حرمة, فهذا لا حرمة له"5.
كذلك في حالة ظهور منكر أو ترك معروف من قبل أشخاص لا يتوقع ذلك منهم, لما عرف من معرفتهم بأمور الدين أو صلاحهم أو ورعهم, فيستخدم معهم أسلوب الشدة والتعنيف كي يكون وقع الإنكار في قلوبهم أبلغ وأشد فيبتعدوا عما صاروا إليه1. ولقد أجمل ذلك كله الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بقوله: "إنا نعمل الزين ونغضب2 الذي يدنا3 عليه وننهى عن الشين ونؤدب الناس عليه"4. هذا التأديب أو هذه الشدة تكون في أضيق الحالات ولنوعية محدودة من أصناف المحتسب عليهم, أما أكثر الناس فالأصل معهم استعمال الرفق.
المطلب السادس: الصبر
المطلب السادس: الصبر الصبر في اللغة: الإمساك في ضيق ... ويضاده الجزع1. وأصل الصبر: الحبس, وكل من حبس شيئا فقد صبره2. وهو في الاصطلاح: كما عرفه ابن القيم رحمه الله: " حبس النفس عن الجزع, واللسان عن التشكي, والجوارح عن لطم الخدود وشق الثياب ونحوهما"3ا. هـ. " وأما حقيقته فهو خلق فاضل من أخلاق النفس يمتنع به من فعل ما لا يحسن ولا يجمل وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها وقوام أمرها"4اهـ. ولقد ميّز رحمه الله بينه وبين القسوة فقال: " والفرق بين الصبر والقسوة أن الصبر خلق كسبي يتخلق به العبد, وهو حبس النفس عن الجزع والهلع والتشكي, فيحبس النفس عن التسخط واللسان عن الشكوى والجوارح مما لا ينبغي فعله, وهو ثبات القلب على الأحكام القدرية والشرعية, وأما القسوة فيبس في القلب يمنعه من الانفعال, وغلظة تمنعه من التأثر بالنوازل, فلا يتأثر لغلظته وقساوته لا لصبره واحتماله"5. قال تعالى: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ
ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} 1. فدلت الآية الكريمة على أهمية اقتران الأمر بالمعروف النهي عن المنكر بالصبر على الأذى في سبيلهما والله أعلم. وقال ابن القيم رحمه الله مقربا معنى الآية: " كقوله يا بني افعل المأمور واجتنب المحظور واصبر على المقدور"2 ا. هـ. والمعنى: اصبر على ما أصابك من المحن والبلايا, أو فيما أمرت به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن الداعي إلى الحق معرض لإيصال الأذى إليه3. وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر, ولهذا جمع الله سبحانه بين الصبر والشكر في قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} 4 5. قال الإمام ابن القيم رحمه الله: قال غير واحد من السلف: " الصبر نصف الإيمان". وقال رحمه الله أيضا: " الإيمان مبني على ركنين: يقين وصبر, وهما الركنان المذكوران في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ} 6 7.
فدلت الآية الكريمة على أنهم لما كانوا صابرين على أمره تعالى وترك زواجره وتصديق رسله وأتباعهم فيما جاءوهم به كان منهم أئمة يهدون إلى الحق بأمره ويدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر1. ولا تأتي الإمامة في الدين والتمكين إلا بعد التمحيص والابتلاء, فمن صبر وثبت عند الابتلاء موقنا بنصر الله نال شرف التمكين. قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "سئل بعضهم أيما الابتلاء أو التمكين؟ فقال: الابتلاء ثم التمكين2. وسئل الشافعي رحمه الله: " أيما أفضل للرجل أن يمكن أو يبتلى؟ فقال: لا يمكن حتى يبتلى, والله عز وجل ابتلى أولى العزم من رسله, فلما صبروا مكنهم"3ا. هـ. وحول ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " الإمامة في الدين موروثة عن الصبر واليقين"4. ويقول الإمام ابن القيم رحمه الله: " بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين"5. ويحلل ذلك فيقول: " فباليقين يعلم حقيقة الأمر والنهي والثواب والعقاب, وبالصبر ينفذ ما أمر به ويكف نفسه عما نهى عنه ولا يحصل له التصديق بالأمر والنهي , إنه من عند الله وبالثواب والعقاب إلا باليقين, ولا يمكنه الدوام
على فعل المأمور وكف النفس عن المحظور إلا بالصبر, فصار الصبر نصف الإيمان والنصف الثاني الشكر بفعل ما أمر به وترك ما نهى عنه"1ا. هـ. فلا بد من الابتلاء والإيذاء لمن حمل لواء الحسبة, ولا يظن المحتسب أن طريقه سيكون مفروشا بالأزهار والرياحين!. بل على النقيض تماما ... طريقه مفروش بالأشواك ومحاط بالأسلاك فلا يستطيع المضي فيه إلا من أوتي حظا وافرا من الصبر واليقين لأن المحتسب بأمره ونهيه بخالف أهواء الناس, ومن يخالف أهواءهم يصوبون سهامهم إليه ويتفننون في إيذائه حتى يحمله ذلك على السآمة أو الفتور وهنا يتألق الإيمان القوي فيرتفع بهمة المحتسب إلى الآفاق ويزيد في تثبيته رغم أشواك الطريق, وتبقى حاجته للصبر كحاجة الإنسان للهواء والماء. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " والصبر يتناول الصبر على المصائب التي منها أذى المأمور والمنهي للآمر الناهي"2. ولقد سبق ذكر القاعدة التي قررها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الحسبة والتي تتضمن حاجة من يامر بالمعروف وينهى عن المنكر إلى العلم والرفق والصبر3. فإذا كان صاحب المزرعة والمصنع والتجارة وطلاب الدنيا يصبرون على ما يجدون من مكروهات وتعب ومشقة من ترك الأهل والأولاد والغربة4 فما
بالك بالمحتسب الذي يرجو ما عند الله والدار الآخرة؟ إن له في الأنبياء والرسل وعلى وجه الخصوص محمد صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه1 وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" 2. فلا نصب ولا حزن ولا انتقام للنفس ولا دعاء بالشر, إنما دعاء بالخير والمغفرة للمعتدي ورباطة جأش وسكينة..تلك هي أخلاق النبوة الراقية التي تسمو بالإنسان إلى أعلى مراتب الإنسانية والتي ارتوى منها الشيخ الإمام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله وعلمها رجاله الأبطال: قال رحمه الله في رسالته التي أرسلها لبعض الإخوان: "بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الوهاب إلى نغيمش وجميع الإخوان سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: إن سألتم عنا فنحمد الله إليكم الله الذي لا إله إلا هو, ونخبركم أنا بخير وعافية, أتمها الله علينا وعليكم في الدنيا والآخرة, وسرّنا والحمد لله ما بلغنا عنكم من الأخبار من الاجتماع على الحق والإتباع لدين محمد صلى الله عليه وسلم وهذا هو أعظم النعم المجموع لصاحبه بين خيري الدنيا والآخرة, عسى الله أن يوفقنا وإياكم لذلك, ويرزقنا الثبات عليه, ولكن يا إخواني لا تنسوا قول الله تعالى:
{وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً} 1. وقوله تعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ, وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} 2. فإذا تحققتم أن من اتبع هذا الدين لا بد له من الفتنة, فاصبروا قليلا ثم ابشروا عن قليل بخير الدنيا والآخرة, واذكروا قول الله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} 3. وقوله: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ, إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ, وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} 4. وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ, كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} 5. فإن رزقكم الله الصبر على هذا وصرتم من الغرباء الذين يتمسكوا بدين الله مع ترك الناس إياه فطوبى أن كنتم ممن قال فيه نبيكم صلى الله عليه وسلم: "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء, قيل يا رسول الله من الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس" 6.
فيا لها من نعمة ويا لها من عظيمة جعلنا الله وإياكم من أتباع الرسول وحشرنا تحت لوائه وأوردنا حوضه الذي يرده من تمسك بدينه في الدنيا, ثم أنتم في أمان الله وحفظه والسلام"1. وقال رحمه الله في رسالته التي أرسلها إلى من تصل إليه من الإخوان: "فاصبروا يا إخواني واحمدوا الله على ما أعطاكم من معرفة الله سبحانه ومعرفة حقه على عباده ومعرفة ملة أبيكم إبراهيم في هذا الزمان التي أكثر الناس منكر لها, وأضرعوا إلى الله أن يزيدكم إيمانا ويقينا وعلما وأن يثبت قلوبكم على دينه, وقولوا كما قال الصالحون الذين أثنى الله عليهم في كتابه: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} 2 3. تلك هي أبرز الصفات التي أكد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب على المحتسب للتحلي بها, فمن وفقه الله للأخذ بها كان هو المحتسب الأمثل.
المبحث الثاني: شروط الاحتساب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
المبحث الثاني: شروط الاحتساب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله المطلب الأول: أن يكون المنكر ظاهرا. هذا الشرط هو حجر الأساس الذي وضعه الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب في بناء الحسبة النظرية. قال رحمه الله في رسالته إلى أحمد بن محمد بن سويلم وثنيان بن مسعود الآنف ذكرها: "فعلى كل حال نبهوهم على مسألتين: الأولى: عدم العجلة, ولا يتكلمون إلا مع التحقق فإن التزوير كثير. الثانية: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف المنافقين بأعيانهم ويقبل علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله , فإذا ظهر منهم ما يوجب جهادهم جاهدهم"1. الشاهد: قوله: ظهر منهم". قال الجوهري2: ظهر الشيء بالفتح ظهورا: تبين ... ز الظاهر خلاف الباطن3 - ويراد بالظهور هنا الانكشاف إما بالرؤية أو السماع أو النقل الموثوق الذي يقوم مقامها فإن ظهر له شيء بأحد هذه الطرق فله الاحتساب في هذه الحال4.
فإذا استبان المنكر وظهر للعيان يكون على المحتسب الإنكار, أما ما توارى عن الأنظار فلا إنكار فيه كما صرح بذلك أهل العلم. قال الماوردي1 رحمه الله: " إن عليه- أي المحتسب- أن يبحث عن المنكرات الظاهرة ليصل إلى إنكارها ويفحص عما ترك من المعروف الظاهر ليأمر بإقامته"2.ا. هـ. برهان ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" 3. وفي رواية الترمذي عن أبي سعيد رضي الله عنه: ... فلينكره بيده ومن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه...." 4. وحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل" 5. وقوله صلى الله عليه وسلم: " من رأى منكم منكرا" , يدل على أن الإنكار متعلق بالرؤية, فلو كان مستورا فلم يره, ولكن علم به, فالمنصوص عن أحمد في أكثر
الروايات أنه لا يعرض له, وأنه لا يفتش على ما استراب به. وعنه في رواية أخرى أنه يكشف المغطى إذا تحققه1. قال القاضي أبو يعلى2 رحمه الله: "وكان- أي الإمام أحمد بن حنبل- يذهب إلى أنه لا يجوز كشف منكر قد استسر به, كما لا يجوز ترك إنكاره مع المظاهرة والمجاهرة به, ويأمر أن يظن بالمسلمين خيرا. كان يقول: إن التواري بالمنكر لا يمنع إنكاره إذا ظهرت رائحة أو صوت"3. روى الخلال عن منصور بن الوليد أن جعفر بن محمد النسائي حدثهم قال: " سمعت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل سئل عن الرجل يمر بالقوم يغنون. قال: إذا ظهر له وهم داخل, قلت: لكن الصوت يسمع في الطريق قال: هذا قد ظهر, عليه أن ينهاهم, ورأى أن ينكر الطبل, يعني إذا سمع حسه"4أهـ. وروى أيضا عن عبد الكريم بن الهيثم العاقولي قال: " سمعت أبا عبد الله سئل عن الرجل يسمع حس الطبل والمزمار ولا يعرف مكانه, فقال: وما عليك؟ وقال: ما غاب فلا تفتش"5. اهـ.
فالمظهر للمنكر استحق الإنكار علانية من الناس1. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " إذا أظهر الرجل المنكرات وجب الإنكار عليه علانية, ولم يبق له غيبة, ووجب أن يعاقب علانية بما يردعه عن ذلك من هجر وغيره, فلا يسلم عليه, ولا يرد عليه السلام, إذا كان الفاعل لذلك متمكنا من ذلك من غير مفسدة راجحة"2.ا-هـ. وقال القاضي أبو يعلى رحمه الله: " فأما ما لم يظهر من المحظورات فليس للمحتسب أن يتجسس عنها3 ولا يهتك الأستار حذرا من الاستسرار بها"4.ا. هـ. وأما تسور الجدران على من علم اجتماعهم على منكر فقد أنكره الأئمة مثل سفيان الثوري5 رحمه الله وغيره, وهو داخل في التجسس المنهي عنه6, ولا يحب على العالم ولا على العامي أن يكشف منكرا قد ستر, بل محظور عليه كشفه7 لقوله تعالى: {وَلا تَجَسَّسُوا} 8 ولحديث أبي برزة
الأسلمي1 رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه! لا تغتابوا المسلمين, ولا تتبعوا عوارتهم فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته, ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في بيته" 2. فكل من الآية والحديث أصل في تحريم التجسس واتباع عورات المسلمين والله أعلم. فإن للبيوت حرمة فلا يجوز دخولها من غير إذن أصحابها3. لذلك لا ينبغي للآمر بالمعروف البحث والتجسس واقتحام الدور بالظنون بل إن عثر على منكر غيره جهده, هذا كلام إمام الحرمين4, فكما أن الحكم على الناس بالكفر أو بالإسلام أو بالفسوق والعدالة أو غيرها إنما يكون على الظهار من أعمالهم5 دون السرائر منها, فإن الاحتساب كذلك لا يتأتى إلا على ما ظهر من أعمالهم, "إلا أن يصله علم ممن يثق به باقتراف منكر يخشى من عدم تداركه شر عظيم"6 ففي هذه الحالة عليه أن يقارن بين حرمة المستترين وحرمة ذلك المنهي عنه ثم يسلك أخف الطريقين في ذلك دفعا
للمفسد وتحقيقا للمصلحة1 مثل أن يخبره من يثق بصدقه أن رجلا خلا برجل ليقتله أو بامرأة ليزني بها, فيجوز له في مثل هذا الحال أن يتجسس ويقدم على الكشف والبحث حذرا من فوات مالا يستدرك من انتهاك المحارم, وارتكاب المحظورات2. ولقد أجمل الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هذه القاعدة الجوهرية في سياق احتسابه على مطاوعة أهل الدرعية المتقدم حيث قال رحمه الله: "ومتى لم تتبين3 لكم المسألة لم يحل لكم الإنكار على من أفتى أو عمل حتى يتبيين لكم خطؤه بل الواجب السكوت والتوقف"4ا. هـ. وعليه فمراد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: متى لم يظهر المنكر لم يحل الإنكار, وذلك تقريرا منه لما تقدم من أقوال أهل العلم.
المطلب الثاني: ألا يؤدي إنكار المنكر إلى منكر أكبر منه:
المطلب الثاني: ألا يؤدي إنكار المنكر إلى منكر أكبر منه: من أهم ضوابط وشروط إنكار المنكر ألا يؤدي إنكاره إلى منكر أكبر منه وقد قرر الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هذه القاعدة الأساسية في حسبته, فقال في رسالته التي أرسلها إلى إخوانه من أهل سدير: "يذكر العلماء أن إنكار المنكر إذا صار يحصل بسببه افتراق لم يجز إنكاره, فالله الله1 في العمل بما ذكرت لكم والتفقه فيه فإنكم إن لم تفعلوا صار إنكاركم مضرة على الدين"2 وقال الشيخ الإمام رحمه الله في الرسالة نفسها معاتبا من يخالف هذه القاعدة: "إن بعض أهل الدين ينكر منكرا وهو مصيب لكن يخطئ في تغليظ الأمر إلى شيء يوجب الفرقة بين الإخوان"3. والشيخ رحمه الله حينما يقرر هذه القاعدة الأساسية في الحسبة لم ينطلق من فراغ ولم يأت بها من تلقاء نفسه إنما كان رحمه الله مرآة صافية تعكس إشعاع العلم الذي أمضى في طلبه حينا من الدهر وهذه القاعدة في فقه إنكار المنكر القاضية بعدم مشروعية الإنكار إذا ترتب عليه حدوث منكر أعظم منه مستمدة من القاعدة الأصولية المعروفة: " درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"4. قال العز بن عبد السلام رحمه الله: "إذا اجتمعت مصالح ومفاسد فإن أمكن
تحصيل المصالح ودرء المفاسد فعلنا ذلك امتثالا لأمر الله تعالى فيهما لقوله سبحانه وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} 1, وإن تعذر الدرء والتحصيل فإن كانت المفسدة أعظم من المصلحة درأنا لمفسدة ولا نبالي بفوات المصلحة"2. ا. هـ. ولقد أشار إلى ذلك الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب قائلا: " القاعدة التي هي خاصية العقل وهو3 ارتكاب أدنى الشرين لدفع أعلاهما وتفويت أدنى الخيرين لتحصيل أعلاهما"4. قال شيخ الإسلام ابن تميمية رحمه الله: "المفسدة إذا عارضتها المصلحة الراجحة قدمت عليها"5. ويضيف قائلا: " فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير ولا دفع أخف الضررين بتحصيل أعظم الضررين, فإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان, ومطلوبها ترجيح خير الخيرين إذا لم يمكن أن يجتمعا جميعا ودفع شر الشرين إذا لم يندفعا جميعا"6ا. هـ.
ثم يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله توضيحا لهذه القاعدة فيقول: : إن تدعو الناس إلى السنة بحسب الإمكان فإذا رأيت من يعمل هذا ولا يتركه إلا إلى أشر منه فلا تدعو إلى ترك منكر بفعل ما هو أنكر منه, أو بترك واجب أو مندوب تركه أضر من فعل ذلك المكروه, ولكن إذا كان في البدعة من الخير فعوض عنه خير المشروع بحسب الإمكان إذ النفوس لا تترك شيئا إلا بشيء ولا ينبغي لأحد أن يترك خيرا إلا إلى مثله أو إلى خير منه"1ا. هـ. وقال الإمام ابن القيم رحمه الله موضحا لهذه القاعدة: " إن النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله, فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره, وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله, وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم, فإنه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر ... , ومن تأمل ما جرى على الإسلام من الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل وعدم الصبر على منكر, فطلب إزالته فتولد منه ما هو أكبر منه, فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرة بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغيرها, بل لما فتح الله مكة وصارت دار سلام عزم على تغيير البيت ورده إلى قواعد إبراهيم ومنعه من ذلك- مع قدرته عليه- خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك لقرب عهدهم بالإسلام وكونهم حديثي عهد بكفر, ولهذا لم يأذن في الإنكار على الأمراء باليد لما يترتب عليه من وقع ما هو أعظم منه, كما وجد سواء, فإنكار أربع درجات:
الأولى: أن يزول ويخلفه ضده. الثانية: أن يقل وإن لم يزل بجملته. الثالثة: أن يخلفه ما هو مثله. الرابعة: أن يخلفه ما هو شر منه. فالدرجتان الأوليان مشروعتان, والثالثة موضع اجتهاد, الرابعة محرمة1 ا. هـ. ومن فقه إنكار المنكر أنه ينبغي للآمر بالمعروف أن يأمر في السر إن كان مستطيعا ليكون أبلغ في الموعظة والنصيحة2. قال الإمام الشافعي رحمه الله: تعمدني بنصحك في انفرادي ... وجنبني النصيحة في الجماعة فإن النصح بين الناس نوع ... من التوبيخ لا أرضى استماعه وإن خالفتني وعصيت أمري ... فلا تجزع إذا لم تلق طاعة3 وذلك مع كافة أصناف المحتسب عليهم ويزداد الأمر وجوبا مع ولاة الأمر. ولقد استوعب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هذه القواعد جيدا لذلك نجده في الرسالة نفسها التي قرر فيها هذه القاعدة الأصولية التي ذكرناها في بداية المطلب يبين فقه إنكار المنكر على ولي الأمر فيقول: " إذا صدر المنكر من أمير أو غيره أن ينصح برفق خفية ما يشترف4 أحد,
فإن وافق وإلا استلحق عليه رجلا يقبل منه بخفية, فإن لم يفعل فيمكن الإنكار ظاهرا إلا إن كان على أمير ونصحه ولا وافق واستلحق عليه ولا وافق فيرفع الأمر يمنا خفية"1. وذلك سدا لذريعة الشر والفتنة فإن إنكار المحتسب على ولي الأمر لا يؤتي أكله وثماره الطيبة إلا إذا كان بطريقة خفية سرية رفيقة لمن هو قادر عليه فإن لم ير له قبولا فيكتفي برفعه للعلماء لتولي هذه المهمة بطريقتهم الخاصة وبذلك تكون قد برئت ذمة المحتسب ولا يحق له استخدام الإنكار العلني في حالة عدم الاستجابة بأي حال من الأحوال. وحول هذا المعنى قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله: " ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة وذكر ذلك على المنابر لأن ذلك يفضي إلى الفوضى وعدم السمع والطاعة في المعروف, ويفضي إلى الخوض الذي يضر ولا ينفع ولكن الطريقة المتبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم وبين السلطان والكتابة إليه أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير, وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل فينكر الزنا وينكر الخمر وينكر الربا من دون ذكر من فعله, ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير أن يذكر فلانا يفعلها لا حاكم ولا غير حاكم ... ولما فتحوا- أي الخوارج- الشر في زمن عثمان رضي الله عنه وأنكروا على عثمان جهرة تمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم, حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية وقتل عثمان بأسباب ذلك وقتل جمع كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب
الإنكار العلني, وذكر العيوب علنا حتى أبغض الناس ولي أمرهم وقتلوه, نسأل الله العافية"1ا. هـ. وفي الحديث: " قيل لأسامة: لو أتيت فلانا فكلمته, قال: إنكم لترون أني لا أكلمه, إلا أسمعكم, إني أكلمه في السر دون أن أفتح باباً لا أكون أول من فتحه ... الحديث"2. يعني المجاهرة بالإنكار على الأمراء في الملأ3. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: أرادوا من أسامة رضي الله عنه أن يكلم عثمان رضي الله عنه وكان من خاصته وممن يخف عليه في شأن الوليد بن عقبة لأنه كان ظهر عليه ريح نبيذ وشهر أمره وكان أخا عثمان رضي الله عنه لأمه وكان يستعمله ... جزم الكرماني بأن المراد أن يكلمه فيما أنكره الناس على عثمان رضي الله عنه من تولية أقاربه وغير ذلك مما اشتهر ... فقال أسامة: قد كلمته سرا دون ما أن أفتح بابا أي باب الإنكار على الأئمة علانية خشية أن تفترق الكلمة ... وقال عياض: مراد أسامة أنه لا يفتح باب المجاهرة بالنكير على الإمام لما يخشى من عاقبة ذلك, بل يتلطف به وينصحه سرا فذلك أجدر بالقبول ... ثم عرفهم أنه لا يداهن أحدا ولو كان أميرا بل ينصح له في السر جهده وذكر لهم قصة الرجل يطرح في النار لكونه كان أمر بالمعروف ولا يفعله ليتبرأ مما ظنوا به من سكوته عن عثمان في أخيه ... فأشار أسامة إلى المداراة المحمودة والمداهنة
المذمومة, وضابط المداراة أن لا يكون فيها قدح في الدين, والمداهنة المذمومة أن يكون فيها تزيين القبيح وتصويب الباطل1. كأن يشكر ظالما على ظلمه أو مبتدعا على بدعته أو مبطلا على إبطاله فهذه مداهنة محرمة, بينما المداراة المشروعة كشكر الظلمة والفسقة الذين يتقى شرهم والتبسم في وجوههم2. والدليل من السنة على وجوب سرية الإنكار على ولاة الأمر حديث شريح بن عبيد الحضرمي3 وغيره قال جلد عياض بن غنم4 رضي الله عنه صاحب دار حين فتحت فأغلظ له هشام بن حكيم رضي الله عنه5 القول حتى غضب عياض ثم مكث ليالي فأتاه هشام بن حكيم فاعتذر إليه ثم قال هشام لعياض ألم تسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إن من أشد الناس عذابا أشدهم عذابا في الدنيا للناس" فقال عياض بن غنم: يا هشام بن حكيم قد سمعنا ما سمعت ورأينا ما رأيت أو لم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أراد أن ينصح السلطان بأمر فلا يبد له علانية ولكن ليأخذ بيده
فيخلو به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه له" , وإنك يا هشام لأنت الجريء إذ تجترئ على سلطان الله فلا خشيت أن يقتلك فتكون قتيل سلطان الله تبارك وتعالى1. وهذا الحديث أصل في إخفاء نصيحة السلطان, وأن المحتسب إذا قام بالإنكار عليه على هذا الوجه فقد برئت ذمته. فولاة الأمر لهم منزلة القيادة في الأمة فينبغي احترامهم2, ومن احترامهم أن يكون أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر بالتعريف والوعظ اللين, فأما تخشين القول نحو يا ظالم, يا من لا يخاف الله3. فليس من منهج السلف الصالح. ومما وعظ به ابن الجوزي الخليفة المستضيء4 بأمر الله قوله: " يا أمير المؤمنين كن لله سبحانه مع حاجتك إليه كما كان لك مع غناه
عنك إنه لم يجعل أحدا فوقك فلا ترضى أن يكون أحد أشكر له منك, فتصدق أمير المؤمنين بصدقات وأطلق مسجونين"1. وهكذا يثمر الإنكار السري والوعظ اللطيف مع الولاة ثمارا طيبة بإذن الله حيث يلين قلب من وفقه الله للحق فيرعوي الظالم عن ظلمه ويقبل المدبر منهم إلى الله إقبالا لأن النفس البشرية جبلت على عدم الاستجابة لمن يقرعها على ملأ من الناس, فما بالك بالأمير والسلطان الذي أتاه الله الرفعة والجاه بين الناس؟ لذلك شدد أهل السنة والجماعة في عدم الإنكار العلني على الولاة واستخدام أسلوب المصادمة أو العنف مع الظلمة منهم درأً لمفسدة أعظم من ظلمهم هي الخروج والفتنة الناجمة عنه. قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: " ولا يحل قتال السلطان ولا الخروج عليه لأحد من الناس, فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق"2 ا. هـ. ولقد فسر ابن الأثير النصيحة لأئمة المسلمين بقوله: " أن يطيعهم في الحق ولا يرى الخروج عليهم بالسيف وإن جاروا"3. لأن لشر الحادث من الخروج الناتج عن الإنكار العلني على الولاة أعظم خطورة من الشر الناتج عن ظلمهم ومنكراتهم.
كما حذر أهل السنة والجماعة من الوقيعة في أعراض الأئمة, والتنقص لهم, أو الدعاء عليهم, لأن هذه الأمور من أسباب وجود الضغائن والأحقاد بين الولاة والرعية, ومن أسباب نشوء الفتن والنزاع في صفوف الأمة1. قال الإمام الطحاوي رحمه الله: " ولا نرى الخروج على أئمتنا ولاة أمورنا وإن جاروا, ولا ندعوا عليهم, ولا ننزع يدا من طاعتهم, ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية , ندعو لهم بالصلاح والمعافاة"2 اهـ. وقال الفضيل بن عياض3 رحمه الله: " لو أن لي دعوة مستجابة ما صيرتها إلا في الإمام, قيل له: كيف ذلك يا أبا علي؟ قال: متى ما صيرتها في نفسي لم تحزني, ومتى صيرتها في الإمام فصلاح الإمام صلاح العباد والبلاد"4. وروى ابن كثير أن رجلا من المبتدعة يقال له: ابن البلخي وشى إلى الخليفة المتوكل شيئا فقال: إن رجلا من العلويين قد آوى إلى منزل أحمد بن حنبل وهو يبايع له الناس في الباطن, فأمر الخليفة نائب بغداد أن يكبس5 منزل أحمد من الليل, فلم يشعروا إلا والمشاعل قد أحاطت بالدار من كل جانب حتى فوق الأسطحة, فوجدوا الإمام جالسا في داره مع عياله, فسألوه عما
ذكر عنه فقال: ليس عندي من هذا علم, وليس من هذا شيء ولا هذا من نيتي وإني لأرى طاعة أمير المؤمنين في السر والعلانية, وفي عسري ويسري, ومنشطي ومكرهي, وأثرة علي وإني لأدعو الله له بالتسديد والتوفيق, في الليل والنهار"1. هكذا يعامل السلف حكامهم على هدي من الكتاب والسنة. ولقد استفاضت الأدلة في وجوب السمع والطاعة لولاة الأمر وإن جاروا والصبر عليهم ولا يتسع المقام لحصرها, ولكن نذكر منها شاهدا من السنة: عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون منهم وتنكرون فمن كره فقد برئ ومن أنكر فقد سلم ولكن من رضي وتابع, قالوا يا رسول الله ألا نقاتلهم؟ قال لا. ما صلوا" 2 قال قتادة: يعني من أنكر بقلبه وكره بقلبه3. ولقد قرر هذا المنهج الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله حيث قال: "مذهب أهل السنة والجماعة أن الأمراء الظلمة مشاركون فيما يحتاج إليهم فيه من طاعة الله فيصلي خلفهم, ويجاهد معهم, ويستعان بهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ومن حكم منهم بعدل نفذ حكمه, وإن أمكن تولية بر لم يجز تولية فاجر
فيجتهدون في الطاعة بحسب الإمكان كما قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} 1, ويعلمون أن الله بعث محمدا بصلاح العباد, فإذا اجتمع صلاح وفساد رجحوا الراجح منهما, وقل من خرج على دين سلطان إلا كان ما تولد عن فعله من الشر أعظم من الخير, فلا أقاموا دينا ولا أبقوا دنيا, وإنكار فيهم خلق من أهل العلم والدين, وهذا مما يبين , أن ما أمر به صلى الله عليه وسلم من الصبر على جور الأئمة هو الأصلح, فالشارع أمر كلا بما هو أصلح له للمسلمين , فأمر الولاة بالعدل والنصح لرعيتهم, وأمر بالصبر على استيثار ومنازعتهم الأمر والفتن في كل زمان بحسب رجاله, والفتنة تمنع معرفة الحق وقصده والقدرة عليه, ففيها من الشبهات ما يلبس الحق بالباطل, حتى لا يتميز لكثير من الناس, ومن الشهوات ما يمنع قصد الحق, ومن قوة الشر ما يضعف القدرة على الخير, ولهذا يقال: "فتنة عمياء صما"2 اهـ. عياذا بالله. وهكذا ... فإن جميع ما سبق ذكره من الأمر بسرية الإنكار على ولي الأمر وترك الإنكار العلني عليه والسمع والطاعة له والصبر على ظلمه وعدم الخروج عليه, ما هي إلا جزئيات للقاعدة الكلية التي قررها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الحسبة, وقعدها من قبله أهل العلم المعتبرون بترك إنكار المنكر إن كان مؤديا إلى منكر أكبر منه. وما ذلك إلا حماية من الشارع الحكيم للأمة الإسلامية من كافة عوارض التمزق والفتن.
المطلب الثالث: ألا يكون الإنكار في مسائل الاجتهاد
المطلب الثالث: ألا يكون الإنكار في مسائل الاجتهاد من دلائل يسر الشريعة الإسلامية وسماحتها أن الله عز وجل يثيب كل مجتهد على اجتهاده الذي توفرت فيه شروط الاجتهاد, ومن ثم فإن الشريعة الإسلامية تصون للمجتهد حرمته أصاب أم أخطأ وتمنع الإنكار في مسائل الاجتهاد , وهذا هو الشرط الثالث والأخير من شروط الاحتساب عند الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. فما هو الاجتهاد.؟ الاجتهاد لغة: الجهد: الطاقة, والجهد: المشقة ... والاجتهاد والتجاهد: بذل الوسع والمجهود1. وهو بذل الوسع في طلب المقصود أو تحصيل الشيء2. واصطلاحا: بذل الجهد في تعرف الأحكام3. واستفراغ الفقيه الوسع في درك الأحكام الشرعية4 الفرعية من أدلتها التفصيلية5.
ويقصد به استفراغ الفقيه الوسع ليحصل به ظن بقضية أو حكم فقهي1. والمراد ببذل الجهد بذل تمام المقدرة والطاقة واستقصاء الوسع بحيث يحس الباذل بالعجز عن بذل المزيد2. والمجتهد: هو من يمكنه تعرف الصواب بدليله, ومن لا يعرفه بدليله يكون مقلدا3. فالمجتهد هو الفقيه المستفرغ لوسعه لتحصيل ظن بحكم شرعي4 فهو من حفظ وفهم أكثر الفقه وأصوله وأدلته في مسائله إذا كانت له أهلية تامة يمكنه معرفة أحكام الشرع فيها بالدليل5. ويشترط في المجتهد عدة شروط منها: 1-أن يكون عالما بنصوص الكتاب والسنة, خاصة بما يتعلق منها بالأحكام. 2-أن يكون عارفا بالناسخ والمنسوخ بحيث لا يخفى عليه شيء من ذلك مخافة أن يقع في الحكم بالمنسوخ. 3-أن يكون عارفا بما يتعلق بصحة الحديث وضعفه كمعرفة الإسناد ورجاله وغير ذلك. 4-أن يكون عالما بلسان العرب بحيث يمكنه تفسير ما ورد في الكتاب والسنة من الغريب ونحوه.
5-أن يكون عالما بطرق الاجتهاد أي أن يعرف الأدلة الشرعية وهي على نوعين ... منها ظاهر ومنها استنباط وكيفية الاستدلال بها. 6-أن يكون عارفا بمسائل الإجماع حتى لا يفتي بخلاف ما وقع الإجماع عليه. 7-أن يكون عالما بعلم أصول الفقه فهو عمود فسطاط الاجتهاد وأساسه الذي يقوم عليه أركان بنائه1. بعد أن تعرفنا على معنى الاجتهاد وشروطه باختصار , أسوق القاعدة لأصولية المتعلقة به التي ذكرها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في رسالته إلىالعلماء الأعلام في بلد الله الحرام حيث قال: " إن كانت مسألة اجتهاد فمعلومكم2 أنه لا إنكار في مسائل الاجتهاد, فمن عمل بمذهبه في محل ولايته لا ينكر عليه"3. كما أشار إليها في المسألة الخامسة من مسائله رحمه الله4. وقال رحمه الله موضحا لهذه القاعدة الأصولية: " وأما المسألة الخامسة وهي قول من قال: لا إنكار في مسائل الاجتهاد ... فإن أراد القائل مسائل الخلاف
كلها فهذا باطل يخالفه إجماع الأمة, فما زال الصحابة ومن بعدهم ينكرون على من خالف أو أخطأ كائنا من كان, ولو كان أعلم الناس وأتقاهم, وإذا كان الله قد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق وأمرنا باتباعه وترك ما خالفه, فمن تمام ذلك أن من خالفه من العلماء مخطئا نبه على خطئه وأنكر عليه. وإن أريد بمسائل الاجتهاد مسائل الخلاف التي لم يتبين فيها الصواب1, فهذا كلام صحيح لا يجوز للإنسان أن ينكر الشيء لكونه مخالفا لمذهبه أو لعادة الناس, فكما لا يجوز للإنسان أن يأمر إلا بعلم لا يجوز أن ينكر إلا بعلم, وهذا كله داخل في قوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} 2"3. وهذه القاعدة قد استفاضت بها كتب أهل العلم في الفقه وأصوله, قال السيوطي رحمه الله:" القاعدة الخامسة والثلاثون: لا ينكر المختلف فيه وإنما ينكر المجمع عليه"4. قال الحجاوي المقدسي رحمه الله: "....فيحكم كل واحد باجتهاده وليس للآخر الاعتراض عليه ولا نقض حكمه"5. وهي نفسها القاعدة الأصولية المعروفة: " الاجتهاد لا ينقض بمثله"6.
والتي حللها شيخ الإسلام ابن تمية رحمه الله قائلا: " مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر, ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه"1. وقال رحمه الله في موضع آخر: " فهذه مسائل الاجتهاد التي تنازع فيها السلف والأئمة, فكل منهم أقر الآخر على اجتهاد, من كان فيها أصاب الحق فله أجران, ومن كان قد اجتهد فأخطا فله أجر, وخطأه مغفور له, فمن ترجح عنده تقليد الشافعي لم ينكر على من ترجح عنده تقليد مالك ومن ترحج عنده تقليد أحمد لم ينكر عليه من ترحج عند تقليد الشافعي ونحو ذلك"2اهـ. وقال القاضي أبو يعلى رحمه الله: " فإن كان الشيء مما اختلف الفقهاء وسوغوا الاجتهاد في حكمه فقال بعضهم إنه جائز, وقال بعضهم إنه غير جائز لم يقدم على إنكاره"3اهـ. وقد قال أحمد في رواية المروذي 4 رحمهما الله: لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه ولا يشدد عليهم5. وقال سفيان الثوري رحمه الله: إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي قد اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه6.
وروى الخطيب البغدادي عنه- أي عن سفيان الثوري رحمهما الله- قوله: "ما اختلف فيه الفقهاء فلا أنهى أحدا من إخواني أن يأخذ به" 1. إلا أن المحور الذي تدور عليه هذه القاعدة هي فروع الشريعة لا أصولها. قال القاضي أبو يعلى رحمه الله: " المصيب واحد من المجتهدين في أصول الديانات وقد نص أحمد رحمه الله في مواضع على تكفير جماعة من المتأولين كالقائلين بخلق القرآن ونفى الرؤية وخلق الأفعال وهذا يمنع إصابتهم في اجتهادهم وهو قول الجماعة"2 مما يسوغ الإنكار على المخطئ من المجتهدين في أصول الدين لأنه لا مجال فيها للاجتهاد كونها توقيفية, بينما لا يسوغ ذلك في فروع الدين الاجتهادية. قال ابن بدران رحمه الله: " لا ينقض حكم حاكم في مسائل اجتهادية عند الأئمة الأربعة ومن وافقهم, وهو معنى قول الفقهاء في الفروع لا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد"3. كما أن هذه القاعدة مقيدة بشرط أساسي هو عدم معارضة الدليل, وقد أشار الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلى ذلك في قوله: " وأما مذهبنا فمذهب أحمد بن حنبل إمام أهل السنة, ولا ننكر على أهل المذاهب الأربعة إذا لم يخالف نص الكتاب والسنة وإجماع الأمة وقول
جمهورها"1. فمتى اختل هذا الشرط امتنع تعميم القاعدة. قال الحجاوي المقدسي رحمه الله: " فإن حكم باجتهاده فليس لأحد منهم الاعتراض عليه وإن خالف اجتهاده إلا أن يحكم بما يخالف نصا أو إجماعا"2اهـ. قال السفاريني رحمه الله: " إنما يتمشى عدم الإنكار في مسائل الاختلاف حيث لم يخالف نصا صريحا في كتاب وسنة صحيحة صريحة وإجماع قديم, وأما متى خالفت ذلك ساغ الإنكار"3اهـ. لإخلالها بشرطها المذكور: " لأن أحد الاجتهادين ليس بأولى بالصواب من الآخر, ونقض الأول بالثاني فتح لباب الفوضى, وعدم الاستقرار"4. ويحلل القاضي أبو يعلى رحمه الله أسباب عدم الإنكار قائلا: " فأما أحكام الفروع فالحق فيها واحد عند الله تعالى, وقد نصب الله على ذلك دليلا إما غامضا أو جليا, وكلف المجتهد طلبته وإصابته بذلك الدليل, فإذا اجتهد وأصابه كان مصيبا عند الله تعالى وفي الحكم, وله أجران: أحدهما على إصابته والآخر على اجتهاد , وإن أخطأ كان مخطئا عند الله وفي الحكم, وله أجر
على اجتهاده, والخطأ موضوع عنه"1. فهو معذور مأجور على اجتهاده2 لأن اجتهاده في طلب الحق عبادة3. وذلك لحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عيه وسلم يقول: " إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران, وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" 4. فهذا الحديث صريح في أن المجتهد يحكم باجتهاده فيخطئ ويؤجر دون أجر المصيب5 كما أنه يدحض قول المعتزلة: " كل مجتهد مصيب"6هذا
المذهب – الذي – أوله سفسطة1 وآخره زندقة2 لأنه في الابتداء يجعل الشيء ونقيضه حقا وبالآخر يخير المجتهدين بين النقيضين عند تعارض الدليلين ويختار من المذاهب أطيبها3. وما أشنع ما قاله هؤلاء الجاعلون لحكم الله عز وجل متعددا بتعداد المجتهدين تابعا لما يصدر عنهم من الاجتهادات, فإن هذه المقالة مع كونها مخالفة للأدب مع الله عز وجل ومع شريعته المطهرة هي أيضا صادرة عن محض
الرأي1 الذي لم يشهد له دليل ولا عضدته شبهة تقبلها العقول وهي أيضا مخالفة لإجماع الأمة سلفها وخلفها, فإن الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم في كل عصر من العصور ما زالوا يخطئون من خالف في اجتهاده2 والله أعلم. وهكذا نجد أن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ينهج في رسمه لطريق الاحتساب منهج أهل العلم خاصة الحنابلة, فلا يقرر قاعدة في فقه إنكار المنكر إلا ولها أصل من الأدلة الشرعية وأقوال العلماء مما يضفي على تلك القواعد حلية المصداقية.
المبحث الثالث: درجات الاحتساب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
المبحث الثالث: درجات الاحتساب عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله المطلب الأول: التغيير باليد. إن القلب المتلألأ بنور الإيمان لا يقنعه القليل من الأعمال, وإذا بدا له منكر ظاهر يستطيع تغييره, فإنه يدفعه بهمة عالية لأقوى درجات الإنكار, وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء, وأعلى درجات الإنكار التغيير باليد. ولما كان الشرك بالله تعالى أعظم المنكرات قاطبة , أعلن الشيخ الإمام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله النكير عليه بكل ما أوتي من قوة وعزيمة ونصرة لدين الله عز وجل وللعقيدة الصحيحة. فقال رحمه الله في معرض حديثه عن فوائد قصة مسجد ضرار1 ضمن اختصاره لكتاب زاد المعاد في هدي خير العباد للإمام ابن القيم رحمه الله: " ومنها2 تحريق أمكنة المعصية كما أحرق مسجد الضرار, وكل مكان مثله فالواجب على الإمام تعطيله, وإما بهدم أو تحريق, وإما بتغيير صورته وإخراجه عما وضع له, وإذا كان هذا شأن مساجد الضرار, فمشاهد الشرك أحق وأوجب, وكذا بيوت الخمارين, وأرباب المنكرات , وقد حرق عمر رضي الله عنه قرية بكاملها يباع فيها الخمر, وحرق حانوت رويشد وسماه فويسقا, وحرق قصر
سعد لما احتجب فيه عن الرعية, وهم صلى الله عليه وسلم بتحريق بيوت تاركي الجمعة والجماعة وإنما منعه من فيها, ممن لا تجب عليهم. ... وعلى هذا فيهدم المسجد الذي بني على قبر كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد, فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر, فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله, وغربته بين الناس كما ترى"1اهـ. وقال أيضا رحمه الله: " لا يجوز إبقاء مواضع الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالها يوما واحدا, فإنها شعائر الشرك والكفر وهي أعظم المنكرات, فلا يجوز الإقرار عليها مع القدرة البتة, وهذا حكم المشاهد التي بنيت على القبور, التي اتخذت أوثانا تعبد من دون الله, والأحجار التي تقصد للتبرك والنذر والتقبيل لا يجوز إبقاء شيء منها على وجه الأرض مع القدرة على إزالته, وكثير منها بمنزلة اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى, بل أعظم شركا عندها وبها والله المستعان"2اهـ. والشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بكلامه السابق يقرر قاعدة أساسية في فقه إنكار المنكر وهي اشتراط القدرة على إزالة المنكر في أولى درجات الإنكار وهي الإنكار باليد, وذلك لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المتقدم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" 3.
وفي رواية الترمذي " ... فلينكره بيده ... " 1. قال القاضي عياض رحمه الله: " الحديث أصل في كيفية التغيير فيجب على المغير أن يغير بكل وجه أمكنه زواله به, فالتغيير باليد أن يكسر آلات الباطل وبريق الخمر وينزع الغصب أو يأمر بذلك"2اهـ. وفي حديث أبي الهياج الأسدي3 رحمه الله قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه " أبعثك على ما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته" 4. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} , {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ} 5 "6. فدل الحديثان الشريفان على مشروعية إنكار المنكر باليد مع القدرة عليه والله أعلم. ولقد ضرب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين أروع مثل في سرعة الاستجابة لشرع الله عز وجل وتغيير المنكر باليد حينما حرم الله تعالى الخمر.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت أسقي أبا عبيدة وأبا طلحة وأبي بن كعب من فضيخ1 زهو وتمر فجاءهم آت فقال: إن الخمر قد حرمت, فقال أبو طلحة: قم يا أنس فأهرقها فأهرقتها"2. هكذا الإيمان حينما تتشربه القلوب الصافية يجعل المبادرة إلى تغيير المنكر باليد فورية لا تحتمل التسويف والتأخير. وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المربد3 فخرجت معه فكنت عن يمينه وأقبل أبو بكر فتأخرت له فكان عن يمينه وكنت عن يساره ثم أقبل عمر رضي الله عنه فتنحيت له, فكان عن يساره, فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم المربد, فإذا بأزقاق4 على المربد فيها الخمر, قال ابن عمر رضي الله عنه: فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدية5, قال: وما عرفت المدية إلا يومئذ فأمر بالزقاق فشقت, ثم قال لعنت الخمر وشاربها, وساقيها, بائعها, ومبتاعها,
وحاملها, الحمولة إليه, وعاصرها, ومعتصرها, وآكل ثمنها" 1. فالتغير باليد لا مندوحة عنه متى وجدت القدرة عليه. قال المروذي: سألت أبا عبد الله – أحمد بن حنبل- " رحمهما الله" قلت: أمر في السوق فأرى الطبول تباع أكسرها؟ قال: ما أراك تقوى, إن قويت يا أبا بكر- أي فافعل- قلت: أدعى أغسل الميت فأسمع صوت الطبل, قال: إن قدرت على كسره وإلا فاخرج2. وقال أيضا رحمه الله: قلت لأبي عبد الله: لو رأيت مسكرا مكشوفا في قنينة أو قربة ترى أن تكسر أو تصب؟ قال: تكسره3. وقال أبو داود رحمه الله: سمعت أحمد يسأل عن قوم يلعبون بالشطرنج فنهاهم فلم ينتهوا, فأخذ الشطرنج فرمى به, قال: قد أحسن, قيل: فليس عليه شيء؟ قال: لا, قيل له: وكذلك إن كسر عودا أوطنبور4؟ قال: نعم5. وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله قال: أبي سئل عن رجل رأى مثل الطنبور والعود, أو الطبل وما أشبه هذا, ما يصنع به؟ قال: إذا كان مغطى فلا, وإذا كان مكشوفا فاكسره6.
وبناء على ذلك فإنه يجوز للناهي عن المنكر أن يتلف الأشياء العينية المحرمة مثل الأصنام المعبودة من دون الله بشتى أنواعها وأيا كانت مادتها من خشب أو ذهب أو نحاس, فله تكسيرها وإتلافها, وكذلك آلات اللهو بشتى أنواعها من عود وآلات موسيقية ونحو ذلك, أو الأشرطة التي سجل فيها أغاني خليعة وموسيقى ماجنة ونحو ذلك, أو الصور الخليعة المحرمة, فله طمسها أو تمزيقها وإتلافها, كل ذلك يجوز له تغييره باليد وإتلافه لكن عليه أن ينظر إلى قواعد الشرع قبل الإقدام على ذلك ومراعاة المصلحة لا يخلف ذلك منكرا أكبر منه1. كما ينضم إلى شرط الاستطاعة شرط آخر وهو ألا يكون الإنكار بالسلاح. روى الخلال عن صالح- بن احمد بن حنبل رحمهم الله- أن أباه قال: التغيير باليد ليس بالسيف والسلاح2. وقال القاضي عياض رحمه الله: " ولا ينكر بسيف إلا مع سلطان"3 اهـ. وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: " الضرب باليد والرجل وغير ذلك مما ليس فيه اشهار سلاح أو سيف يجوز للآحاد بشرط الضرورة والاقتصار على قدر الحاجة فإن احتاج إلى أعوان يشهرون السلاح فلا بد من إذن السلطان على الصحيح"4.اهـ. لأن شهر السلاح بين الناس قد يكون مخرجا إلى الفتنة وآيلا إلى فساد أكثر من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر5, والله المستعان.
المطلب الثاني: الإنكار باللسان:
المطلب الثاني: الإنكار باللسان: اللسان أداة نقل الكلام الذي يدور في عقل الإنسان, وهو من أعظم نعم الله تعالى عليه, ومن تمام شكر هذه النعمة استخدامه في طاعة الله, ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ولإيصال الكلام للمستمعين طريقتان: إما مشافهة باللسان, وإما مكاتبة بالقرطاس والقلم, وكلتا هاتين الوسيلتين تنضويان تحت الدرجة الثانية من ردجات الاحتساب. وهذه الدرجة في الإنكار هي الأوسع نطاقا في احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله, ولقد استفاضت في مؤلفاته بشكل لا يمكن حصره هنا, ولكن على سبيل المثاللا الحصر أذكر بعضا من أقواله قال رحمه الله: "ورأى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن لمنكر على ما توجبه الشريعة المحمدية الطاهرة"1. وما توجب الشريعة هو مجمل الضوابط والقواعد التي عقدها أهل العلم في الحسبة على ضوء الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح. وقال رحمه الله: " الشيء الذي عندنا زين هو عند الناس زين, والذي عندهم شين هو عندنا شين إلا إنا نعمل بالزين ونغصب2 الذي يدنا3 عليه وننهى عن الشين ونؤدب الناس عليه"4.
ولتوضيح مفهومه عن هذه الدرجة في الحسبة قال في رسالته للسويدي1 عالم العراق: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الوهاب إلى عبد الرحمن بن عبد الله سلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أما بعد: فقد وصل كتابك وسر الخاطر, جعلك الله من أئمة المتقين ومن الدعاة إلى دين سيد المرسلين, وأخبرك أني ولله الحمد متبع ولست مبتدع، عقيدتي وديني الذي أدين الله به مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة, لكني بينت للناس إخلاص الدين لله, ونهيتهم عن دعوة الأحياء والأموات من الصالحين وغيرهم, وعن إشراكهم فيما يعبد الله به من الذبح والنذر والتوكل والسجود وغير ذلك مما هو حق لله الذي لا يشركه فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل, وهو الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم, وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة, وبينت لهم أن أول من أدخل الشرك في هذه الأمة هم الرافضة الملعونة الذين يدعون عليا وغيره ويطلبون منهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات, وأنا صاحب منصب في قريتي, مسموع الكلمة, فأنكر هذا بعض الرؤساء لأنه يخالف عادة نشأوا عليها, وأيضا ألزمت من تحت يدي بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وغير ذلك من فرائض الله, ونهيتهم عن الربا وشرب
المسكر وأنواع من المنكرات فلم يمكن الرؤساء القدح في هذا وعيبه لكونه مستحسنا عند العوام فجعلوا قدحهم وعداوتهم فيما آمر به من التوحيد وأنهى عنه من الشرك , ولبسوا على العوام أن هذا خلاف ما عليه أكثر الناس"1. هكذا كان رحمه الله يفهم الإنكار باللسان ويبادر إليه تارة باللطف والرفق كما جاء في إحدى رسائله: "فانظر رحمك الله ما أحدث الناس من عبادة غير الله فتجده في الكتب جعلني الله وإياك ممن يدعوا إلى الله على بصيرة كما قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 2 " 3. وقد ربط شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بين الدعوة والحسبة عند استدلاله بهذه الآية ربطا جميلا فقال رحمه الله: " إن الدعوة نفسها أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فإنَّ الداعي طالب مستدع مقتض لما دعى إليه وذلك هو الأمر به إذ الأمر هو طلب الفعل المأمور به واستدعاء له ودعاء إليه , فالدعاء إلى الله الدعاء إلى سبيله, فهو أمر بسبيله, وسيلة تصديقه فيما أخبر, وطاعته فيما أمر"اهـ. 4. ومن شواهد رفق الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في إنكاره باللسان قوله لمحمد بن عبد اللطيف في رسالته إليه:
" ... فإني أحبك, وقد دعوت لك في صلاتي وأتمنى من قبل هذه المكاتيب أن يهديك الله لدينه القيم, ولا يمنعني من مكاتبتك إلا ظني أنك لا تقبل وتسلك مسلك الأكثر, ولكن لا مانع لما أعطى الله والله لا يتعاظم شيئا اعطاه, وما أحسنك تكون في آخر هذا الزمان فاروقا لدين الله كعمر رضي الله عنه في أوله"1. بينما نجده رحمه الله تارة أخرى يستخدم التغليظ والتوبيخ مع من لا يجدي معه الرفق واللين كاحتسابه على سليمان بن سحيم 2 قائلا: " إنك تقول إني أعرف التوحيد وتقر أن من جعل الصالحين وسائط فهو كافر والناس يشهدون عليك أنك تروح للمولد وتقرأه لهم وتحضرهم وهم ينخون3 ويندبون مشايخهم ويطلبون منهم الغوث والمدد, وتأكل اللقم من الطعام المعد لذلك, فإذا كنت تعرف أن هذا كفر فكيف تروح لهم وتعاونهم عليه وتحضر كفرهم؟ "4. وقوله أيضا في جملة احتسابه على سليمان بن سحيم: " أما مسألة التذكير فكلامك فيها من أعجب العجاب, أنت تقول بدعة حسنة, والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:
"كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار" 1, ولم يستثن شيئا تشير علينا به فنصدقك أنت وأبوك لأنكم علماء ونكذب رسول الله, والعجب من نقلك الإجماع فتجمع مع الجهالة المركبة الكذب الصريح والبهتان"2. وهكذا نجد أن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قد استوعب جيدا هذه الدرجة من الإنكار فاستخدم الكلام اللطيف الرقيق في حينه مشافهة أو مكاتبة والغليظ في مجاله الأمر الذي يعكس عمق إلمام الإمام بفقه إنكار المنكر وفق الدرجات التي أصلها حديث أبي سعيد رضي الله عنه السابق: "فإن لم يستطع فبلسانه ... " 3. ففي الحديث دلالة على أنَّ من لم يستطع تغيير المنكر بيده لضعفه وعدم قدرته, أو خشيته أو يترتب على تغييره باليد مفسدة أشد فليغيره بلسانه, بالأمر والنهي ويكون بلين ورفق ما لم تدع الحاجة إلى الشدة ليكون أقرب إلى تحصيل المطلوب4. قال القاضي عياض: " ... فإن خاف من التغيير باليد مفسدة أشد غير بالقول, فيعظ ويخوف ويندب إلى الخير, ويستحب أن يرفق بالجاهل وذي
العزة الظالم المتقي شره فإنه أدعى للقبول, ولهذا استحب في المغير: أن يكون من أهل الصلاح, فإن القول منه أنفع, ويغلظ على غيرهما"1 بشرط ألا يغلب ظن أن المنهي يزيد عنادا2 ويبدأ في الإنكار بالأسهل فإن زال وإلا أغلظ, فإن زال وإلا رفعه إلى الإمام3. قال المرداوي4: وبالأسهل ابدأ ثم زد قدر حاجة ... فإن لم يزل بالنافذ الأمر فاصدد5 لذلك عقب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في ذيل كتابه الشديد اللهجة الذي أرسله إلى عبد الله بن سحيم موجها كلامه للشخص الذي أرسل معه تلك الرسالة بقوله: " ... وأنت لا تلمني على هذا الكلام, تراني استدعيته أولا بالملاطفة وصبرت منه على أشياء عظيمة, والآن أشرفت منه على أمور ما ظننتها لا في عقله ولا في دينه, منها أنه كاتب إلى أهل الحسا6 يعاونهم على سب دين الله ورسوله"7.
المطلب الثالث: الإنكار بالقلب:
المطلب الثالث: الإنكار بالقلب: لقد أشار الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلي هذه الدرجة النهائية من الإنكار في رسالته لسويدي1 قائلا فيها: "وأنا أرجوا أن يكرمك الله بنصر دينه ونبيه وذلك بمقتضى الاستطاعة ولو بالقلب والدعاء وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم" 2 3. قال الإمام ابن حزم رحمه الله: "واتفقوا في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقلوب"4ا. هـ. لقوله صلى الله عليه وسلم: " ... فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" 5. فالحديث الشريف يدل أنه إن لم يستطع الإنكار بلسانه لوجود مانع كخوف فتنة أو خوف على نفس أو عضو أو مال محترم أو شهر سلاح, فبقلبه ينكره وجوبا بأن يكرهه به ويعزم أنه لو قدر بقول أو فعل فعل, وهذا واجب عينيا على كل أحد بخلاف الذي قبله, فأفاد الخبر وجوب تغيير المنكر بكل
طريق ممكن فلا يكفي الوعظ لمن يمكنه إزالته بيده, ولا القلب لمن يمكنه باللسان1, والإنكار بالقلب وهو الكراهية2 أضعف أعمال الإيمان المتعلقة بإنكار المنكر في ذاته لا بالنظر إلى غير المستطيع فإنه بالنظر إليه هو تمام الوسع والطاقة وليس عليه غيره3 فلا يكتفي به إلا من لا يستطيع غيره4. وفي توضيح معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس وراء ذلك مثقال حبة خردل من إيمان" 5 يقول شييخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " مراده أنه لم يبق بعد هذا الإنكار ما يدخل في الإيمان, حتى يفعله المؤمن بل الإنكار بالقلب آخر حدود الإيمان ليس مراده أن من لم ينكر ذلك, لم يكن معه من الإيمان حبة خردل, ولهذا قال: " ليس وراء ذلك" فجعل المؤمنين ثلاث طبقات, وكل منهم فعل الإيمان الذي يجب عليه, لكن الأول لما كان أقدرهم كان الذي يجب عليه أكمل مما يجب على الثاني, وكان ما يجب على الثاني أكمل مما يجب على الآخر, وعلم بذلك أن الناس يتفاضلون في الإيمان الواجب عليهم بحسب استطاعتهم مع بلوغ الخطاب إليهم كلهم"6 اهـ. وهنا نكتة حول معنى الحديث ينبغي التفطن لها:
كثير من الناس قد يظن أن الحديث في آخره يعني السلبية إذا ترك كل مسلم المجتمع دون أن يعني بالإصلاح لما فسد به, ولكن ذلك مردود بأن السلبية تعني عدم الاهتمام أصلا بما يجري في المجتمع المسلم, بينما الاستنكار أو الإنكار على ما ظهر من فساد هو أول درجات هذا الاهتمام1 لكن هذا الاهتمام خاضع لمعيار القدرة ويتناسب معه تناسبا طرديا, فكلما زاد معيار القدرة زاد اهتمام المحتسب واشتد في إنكاره, والعكس بالعكس. يقول الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله عن درجات الإنكار: هو باليد مع القدرة, وباللسان عند عدم المكنة, وبالقلب عند خوف الفتنة والعجز عن القيام بالفريضة وهو أضعفها2. وسأل إسحاق بن إبراهيم بن هانئ3 الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله: متى يجب على الرجل الأمر والنهي؟ قال: ليس هذا زمان النهي, إذا غيرت بلسانك, فإن لم تستطع فبقلبك, فهو أضعف الإيمان4. قال ابن مسعود رضي الله عنه: إنها ستكون هنات وهنات5 بحسب امرئ إذا رأى
أمرا لا يستطيع له تغييرا أن يعلم الله أن قلبه له كاره1. وعن أبي الطفيل رحمه الله قال: قيل لحذيفة رضي الله عنه ما ميت الأحياء؟ قال: من لم يعرف المعروف بقلبه وينكر المنكر بقلبه2. وبكراهية القلب للمنكر تبرأ ذمة المحتسب إن لم يستطع الإنكار باليد أو اللسان. عن العرس بن عميرة الكندي رضي الله عنه 3 عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها وقال مرة" أنكرها" كان كمن غاب عنها, ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها" 4. قال الشيخ أبو الطيب آبادي رحمه الله في معنى قوله: " كمن غاب عنها" " أي في عدم لحوق الإثم له, وهذا في من يعجز عن إزالتها بيده ولسانه, والأفضل أن يضيف إلى القلب اللسان فيقول: اللهم هذا منكر لا أرتضيه قاله العزيزي"5اهـ. وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: " فمن شهد الخطيئة فكرهها في قلبه كان كمن لم يشهدها إذا عجز عن إنكارها بلسانه ويده, ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها وقدر على إنكارها ولم ينكرها, لأن الرضا بالخطايا من
أقبح المحرمات ويفوت به إنكار الخطيئة بالقلب, وهو فرض على كل مسلم, لا يسقط عن أحد في حال من الأحوال"1اهـ. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما حقيقة الإنكار بالقلب؟ فإن البعض يظن مخطئا أنه ما دام كارها للمنكر فلا بأس عليه بمخالطة فاعله والجلوس معه حال مواقعته للمنكر, أو البقاء في مكان فيه منكر2 مبررا ذلك الفعل بكراهية قلبه لذلك المنكر, وهذا الفعل مخالف لصريح الكتاب والسنة. قال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً} 3. قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية: " ... فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر, لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم والرضا بالكفر كفر"4. وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله: لأنكم رضيتم بكفرهم واستهزائهم, والراضي بالمعصية كالفاعل لها, والحاصل أن من حضر مجلسا, يعصى الله به فإنه يتعين عليه الإنكار عليهم, مع قدرة , أو القيام مع عدمها"5اهـ.
وحديث جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام, ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام بغير إزار, ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر" 1. فدل على تحريم الجلوس في مكان المنكر بدون إنكار له, وأن من علامات الإنكار بالقلب المتضمن لأقل درجات الإيمان مفارقة مكان المنكر. والله أعلم. "وأخرج ابن جرير عن هشام بن عروة رضي الله عنه قال: أخذ عمر بن عبد العزيز قوما على شراب, فضربهم وفيهم صائم, فقالوا: إن هذا صائم فتلا: {فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} 2 3. وهكذا تعتبر هذه المرحلة الإيمانية النهائية, وهي الكراهة أو الإنكار بالقلب الذي يقتضي مفارقة مكان المنكر, حتمية على كل مسلم ومسلمة, ولا رخصة لأحد في تركها البتة. ولقد فطن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لهذا فقام في معرض احتسابه على سليمان بن سحيم الذي استخدم فيه التغليظ والتوبيخ كما مر
في المطلب السابق, بتوبيخه له على حضوره للمولد وأكله من الطعام المعد لذلك1 لما في الجلوس في أماكن المنكرات على افتراض كراهية القلب لها من مخالفة لمفهوم الإنكار بالقلب الذي يعني اقتران البغض القلبي للمنكر بالمفارقة الجسدية للمكان الذي يتواجد فيه ذلك المنكر.
الفصل الثاني: الحسبة العملية للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
الفصل الثاني: الحسبة العملية للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله المبحث الأول: احتسابه في جوانب العقيدة المطلب الأول: احتسابه في توحيد الألوهية: * ... الفصل الثاني: الحسبة العملية للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ويشتمل هذا الفصل على خمسة مباحث: المبحث الأول: احتسابه في جوانب العقيدة, وفيه ثمانية مطالب: المطلب الأول: احتسابه في توحيد الألوهية. المطلب الثاني: احتسابه في توحيد الأسماء والصفات. المطلب الثالث: احتسابه في توحيد الربوبية. المطلب الرابع: احتسابه بإزالة الأوثان. المطلب الخامس: احتسابه على أهل البدع. المطلب السادس: احتسابه على الموالاة والمعاداة. المطلب السابع احتسابه على السحر والتنجيم والكهانة. المطلب الثامن: احتسابه على التمائم والرقى. المبحث الثاني: احتسابه في العبادات. المبحث الثالث: احتسابه في المعاملات وفيه أربعة مطالب: المطلب الأول: احتسابه على الوقف على الأولاد.
المطلب الثاني: احتسابه على بعض صور الربا. المطلب الثالث: احتسابه على الرشوة. المطلب الرابع: احتسابه على العشور والمكوس. المبحث الرابع: احتسابه في الحدود وفيه مطلبان: المطلب الأول: احتسابه برجم المرأة الزانية. المطلب الثاني: احتسابه بقتال المخالفين للعقيدة الصحيحة. المبحث الخامس: احتسابه في الآداب وفيه مطلبان: المطلب الأول: احتسابه في التأدب مع آل البيت. المطلب الثاني: احتسابه على الغناء.
المبحث الأول: احتسابه في جوانب العقيدة: المطلب الأول: احتسابه في توحيد الألوهية: ترتكز عقيدة التوحيد على ثلاثة قواعد أساسية لا تقوم إلا عليها جميعا, أولها وحجر الأساس لها: توحيد الألوهية: فلا يكون المسلم مسلما إلا بتحقيقه لتوحيد الألوهية الذي من أجله خلق الله الثقلين قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} 1. تعريف توحيد الألوهية لغة: التوحيد في اللغة: مصدر وحد يوحد توحيدا2. قال الجوهري: الوحدة: الانفراد3. والواحد هو: الشيء الذي لا جزء له ألبتة4. والإله في اللغة: على وزن فعال بمعنى مفعول لأنه مالوه أي معبود5 والإلاهة والألوهة والألوهية العبادة6. والله: معناه الذي يستحق أن يعبد 7 وحده دون سواه. عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: الله ذو الألوهية والعبودية على
خلقه أجمعين1. وعنه رضي الله عنهما أنه قرأ: {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} 2 قال: عبادتك3. وقال رضي الله عنهما: " والله" معناه الخلق يألهون إليه أي يألهون ويتألهون إليه أي يتضرعون إليه عند الحوائج ونزول الشدائد4. تعريف توحيد الألوهية شرعا: هو إفراد المعبود بالعبادة مع اعتقاد وحدته والتصديق بها ذاتا وصفاتا وأفعالا5 والتأله له والخضوع والذل والحب والافتقار والتوجه إليه تعالى6 ونفي العبادة عن كل ما سواه تعالى كائنا من كان7.
وأصل العبودية في اللغة: الخضوع والذل..يقال طريق معبد1. وفي الشرع عرفها شيخ الإسلام ابن تيمية بأنها: "اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة"2اهـ. والعبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت3.
الفرع الأول: فحوى توحيد الألوهية:
الفرع الأول: فحوى توحيد الألوهية: ولقد فهم المشركون فحوى توحيد الألوهية ومغايرته لتوحيد الربوبية لذلك رفضوا دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم إلى وحدانية الله تعالى مع إقرارهم بربوبيته. قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: " والكفار الجهال يعلمون أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة هو إفراد الله تعالى بالتعلق به والكفر بما يعبد من دونه والبراءة منه فإنه لما قال لهم: "قولوا لا إله إلا الله" قالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} 1. فإذا عرفت أن الجهال الكفار يعرفون ذلك فالعجب ممن يدعي الإسلام وهو لا
يعرف من تفسير هذه الكلمة1 ما عرفه جهال الكفار, بل يظن أن ذلك هو التلفظ بحروفها من غير اعتقاد القلب بشيء من المعاني, والحاذق منهم يظن أن معناها: لا يخلق ولا يرزق إلا الله, ولا يدبر الأمر إلا الله فلا خير في رجل جهال الكفار أعلم منه بلا إله إلا الله"2. وهذا حال مشركي هذا الزمن من عباد الأضرحة والقبور, فهم مع يقينهم بأن الله سبحانه وتعالى هو الخالق الرازق, إلا أنهم يستعينون بأوليائهم, ويتوسلون بهم, ويسجدون على قبورهم, ويطوفون حولها, إلى غير ذلك من مظاهر الشرك المختلفة3. ولقد اهتم الشيخ الإمام الهمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في احتسابه بالإنكار على مظاهر الشرك المناقصة لتوحيد الألوهية بدرجة كبيرة بل إن إنكاره في هذا الجانب هو لب احتسابه ومحوره الأساسي. قال رحمه الله: "وأما ما نهينا الناس عنه فنهيناهم عن الشرك الذي قال الله فيه: {إنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} 4. وقوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم على سبيل التغليظ وإلا فهو منزه هو وإخوانه عن الشرك: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ
مِنَ الْخَاسِرِينَ, بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} 1 "2 ولعل السبب في إعطاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قضية توحيد الألوهية جل اهتمامه في حسبته يعود إلى أمرين: الأول: أن البدء بتصحيح العقيدة وإخلاص توحيد العبادة لله وحده لا شريك له هو السبيل الذي سلكه الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} 3. وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} 4. فأول ما يقرع به كل رسول أسماع قومه قوله: {يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} 5. وهذا هو الذي تضمنه قول: " لا إله إلا الله", فإنما دعت الرسل أممها إلى قول هذه الكلمة واعتقاد معناها لا مجرد نطقها باللسان6. قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "إن التوحيد الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم إفراد الله بالعبادة كلها ليس فيها حق لملك
مقرب ولا نبي مرسل فضلا عن غيرهم"1اهـ. لذلك فإن أول واجب يلزم المسلم تعلمه والعمل به هو إفراد الله بالتوحيد, وقد احتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب على محمد بن عباد في هذا الجانب فقال رحمه الله: "قولك أول واجب على كل ذكر وأنثى النظر في الوجود ثم معرفة العقيدة ثم علم التوحيد, وهذا خطأ وهو من علم الكلام الذي أجمع السلف على ذمه, وإنما الذي أتت به الرسل أول واجب هو التوحيد ليس النظر في الوجود ولا معرفة العقيدة كما ذكرته أنت في الأوراق أن كل نبي يقول لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} 2"3. الثاني: أن العصر الذي عاش فيه رحمه الله كان يسوده هذا النوع من الشرك, لأن الحالة الدينية المتدهورة التي كانت سائدة في عصره رحمه الله4 تحتم عليه ذلك. ومن لوازم احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في توحيد الألوهية احتسابه في كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" فهي أول الأركان ومفتاح الجنان وهي الشجرة الطيبة التي تثمر الأعمال الصالحة قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ, تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ, وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} 5. قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "فالكلمة الطيبة هي
التوحيد وهي كالشجرة, والأعمال ثمارها في كل وقت, وكذلك السيئة هي العمل لغير الله, وهذا هو الشرك"1. وهذا ما ذهب إليه أهل العلم. ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله قول ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية: "هي شهادة أن لا إله إلا الله"2. قال ابن القيم رحمه الله معلقا على هذه الآية: "وإذا تأملت هذا التشبيه رأيته مطابقا لشجرة التوحيد الثابتة الراسخة في القلب التي فروعها من الأعمال الصالحة كل وقت ... والمقصود أن كلمة التوحيد إذا شهد بها المؤمن عارفا بمعناها وحقيقتها نفيا وإثباتا, ومتصفا بموجبها, قائما قلبه ولسانه وجوارحه بشهادته, فهذه الكلمة الطيبة هي التي رفعت هذا العمل من ها الشاهد"3اهـ.
الفرع الثاني: معنى كلمة لا إله إلا الله:
الفرع الثاني: معنى كلمة لا إله إلا الله: قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله موضحا المعنى اللغوي لكلمة لا إله إلا الله: ""لا" هذه النافية للجنس فنفى جميع الآلهة. و"إلا" حرف استثناء يفيد حصر جميع العبادة على الله عز وجل. و"الإله" اسم صفة لكل معبود بحق أو باطل ثم غلب على المعبود على المعبود بحق وهو الله تعالى وهو الذي يخلق ويرزق ويدبر.
"والتأله" التعبد"1. وهذا الذي قرره الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هو الراجح من أقوال النحويين في إعراب "لا إله إلا الله"2 والتي ضربت صفحا عنها خشية الإطالة. معنى لا إله إلا الله شرعا: قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: " معناها: لا معبود بحق إلا الله وحده"3. ويربط رحمه الله بين التعريفين اللغوي والشرعي فيقول: "وحد النفي من الإثبات" لا إله" نافيا جميع ما يعبد من دون الله "إلا الله" مثبتا العبادة لله وحده لا شريك له في ملكه"4. وقد سبقه إلى هذا الإمام الطبري حيث قال رحمه الله في تفسير {لا إله إلا الله} : " لا معبود تنبغي أو تصلح له الألوهية, ويجوز لك وللخلق عبادته إلا الله"5اهـ. وفي معناها تخلية ثم تحلية. قال القرطبي رحمه الله في إيضاح ذلك ضمن تفسيره لها: " نفي وإثبات , أولها كفر وآخرها إيمان, معناه: لا معبود إلا الله"6.
وفسر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الإله بقوله: " هو الذي تأله القلوب عبادة واستعانة ومحبة وتعظيما وخوفا ورجاءً وإجلالا وإكراما والله عز وجل له حق لا يشركه فيه غيره فلا يعبد إلا الله, ولا يدعى إلا الله, ولا يخاف إلا الله ولا يطاع إلا الله"1.اهـ. وقال البقاعي2: {لا إله إلا الله} : أي انتفاء عظيما أن يكون معبودا بحق الملك الأعظم3. وقال ابن رجب: "لإله هو الذي يطاع فلا يعصى هيبة له وإجلالا ومحبة وخوفا ورجاء وتوكلا عليه ... وسؤالا منه ودعاءا له ولا يصلح ذلك كله إلا الله عز وجل"4.اهـ. ويجمل ذلك المعنى الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بقوله: " والإله المألوه والإلهية عمل من الأعمال, وكونه منفيا عن غير الله ترك من التروك"5. وحول معنى " لا إله إلا الله" نكتة لطيفة أوردها الزركشي6 أذكرها للفائدة: "قول: " لا إله إلا الله" فيه خاصيتان: إحداهما: أن جميع حروفها جوفية ليس فيها من الحروف الشفهية.
للإشارة إلى الإتيان بها من خالص جوفه وهو القلب لا من الشفتين. الثانية: أنه ليس فيها حرف معجم1 بل جميعها متجردة عن النقط إشارة إلى التجرد عن كل معبود سوى الله تعالى"2 والله تعالى أعلم بالحق والصواب. ولذيوع الجهل بالمعنى الصحيح لكلمة " لا إله إلا الله" اعترض أحد علماء الضلال على احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب لتصحيح معناها عند الناس فرد على ذلك رحمه الله قائلا3: "أظنك وكثير من أهل الزمان ما يعرف من الآلهة المعبود إلا هبل ويغوث ويعوق ونسرا واللات والعزى ومناة فإن جاد فهمه عرف أن المقامات المعبودة اليوم من البشر والشجر والحجر ونحوها مثل شمسان وإدريس أبو حديدة ونحوهم منها. هذا ما أثمر به الجهل والغفلة والإعراض عن تعلم دين الله ورسوله, ومع هذا يقول لكم شيطانكم المويس إن بنيات حرمة4 وعيالهم يعرفون التوحيد فضلا عن رجالهم, وأيضا تعلم معنى لا إله إلا الله بدعة فإن استغربت ذلك
مني فاحضر عندك جماعة واسألهم عما يسألون عنه في القبر هل تراهم يعبرون عنه لفظا وتعبيرا"1. ومن شدة تواضعه رحمه الله أثناء إنكاره للمنكر كان يخبر قومه عن حاله قبل نيله ما من الله عليه به من خير عظيم مقسما بالله تعالى على أنه رغم طلبه للعم وتزوده به لم يكن يعرف حقيقة معنى لا إله إلا الله, حتى مشايخه لم يكن منهم من يعرف معناها2. وبهذا يضرب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله المثل الأعلى للمحتسب الناصح الصادق الذي لا تكدر حسبته شائبة كبر أو عجب أو تعالم!!. وبالنظر فيما سبق التنويه إليه من جهل الناس بمعنى "لا إله إلا الله", والآثار المترتبة على ذلك من صرف العبادة لغير الله عز وجل من المعبودات من البشر والشجر والحجر, والإشراك بها مع الله جل وعلا, تتضح الحكمة من تصدير الشيخ الإمام حمد بن عبد الوهاب رحمه الله لتوحيد الألوهية في احتسابه على غيره من أنواع التوحيد الأخرى والغاية من إيلائه له جل اهتمامه رحمه الله, والتي سبقت الإشارة إليها قريبا3. لأن العلم بمعنى كلمة: "لا إله إلا الله" هو أساس معرفة التوحيد الذي يجب على كل مسلم ومسلمة تحقيقه, فإذا جهل الإنسان المعنى الحقيقي لهذه الكلمة فإن عقيدته وعبادته تكون على خطر عظيم, لا يجلوه عنه إلا بذل الجهد في
تعلم معناها وما يترتب على معرفتها من أمور. وهذا ما ينبغي للمحتسب أن يسعى إليه في احتسابه, فيأمر الناس بمعرفة المعنى الصحيح لكلمة التوحيد وينهاهم عن كافة المعاني الخاطئة لها.
الفرع الثالث: مقتضى لا إله إلا الله:
الفرع الثالث: مقتضى لا إله إلا الله: إن معنى شهادة أن لا إله إلا الله هو التكلم بها مع المعرفة لمعناها والعمل بمقتضاها باطنا وظاهرا, فلا بد فيه من العلم واليقين والعمل بمدلولها كما قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ} 1 2. ويشير الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى معنى الآية بقوله رحمه الله: "العلم لا يسمى علما إلا إذا أثمر وإن لم يثمر فهو جهل ... والعلم هو الذي يستلزم العمل ومعلوم تفاضل الناس في الأعمال تفاضلا لا ينضبط وكل ذلك بسبب تفاضلهم في العلم ... وسرالمسألة العلم بلا إله إلا الله"3. وسوف يسأل الله عز وجل الناس عن عملهم بمقتضاها: ذكر الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ, عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 4: عن ابن عمر, وعن مجاهد, وعن أنس موقوفا: عن لا إله إلا الله5.
قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: " اعلم ارشدك الله أن الله خلقك لعبادته وأوجب عليك طاعته, ومن أفرض عبادته عليك معرفة لا إله إلا الله علما وقولا وعملا"1. وقال رحمه الله: "المراد من هذه الكلمة معناها لا مجرد لفظها"2. وقال أيضا رحمه الله: " إن النطق بها لا ينفع إلا بالمعلم بمقتضاها وهو ترك الشرك"3. وهو ما أكد عليه أهل العلم قال ابن رجب رحمه الله في هذا الصدد: " ومن قال: لا إله إلا الله بلسانه ثم أطاع الشيطان وهواه في معصية الله ومخالفته فقد كذب فعله قوله, ونقص من كمال توحيده بقدر معصية الله في طاعة الشيطان والهوى, {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ} 4 5ا. هـ. ولقد احتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بشدة على المويس في رسالته إلى عبد الله بن سحيم قائلا: "قوله عن المشرك لا يقول لا إله إلا الله فيا عجبا من رجل يدعي العلم وجاي من الشام يحمل كتب فلما تكلم إذ6 أنه لا يعرف الإسلام من الكفر
ولا يعرف الفرق بين أبي بكر الصديق وبين مسيلمة الكذاب, أما علم أن مسيلمة يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويصلي ويصوم, أما علم أن غلاة الرافضة الذين أحرقهم علي يقولونها وكذلك الذين يقذفون عائشة ويكذبون القرآن, وكذلك الذين يزعمون أن جبريل غلط وغير هؤلاء ممن أجمع أهل العلم على كفرهم منهم من ينتسب إلى الإسلام ومنهم من لا ينتسب إليه كاليهود وكلهم يقولون لا إله إلا الله وهذا بين عند من له أقل معرفة بالإسلام من أن يحتاج إلى بيان, وإذا كان المشركون لا يقولونها فما معنى باب حكم المرتد الذي ذكره الفقهاء من كل مذهب؟ هل الذين ذكروهم الفقهاء وجعلوهم مرتدين لا يقولونها هذا الذي ذكر أهل العلم أنهم أكفر من اليهود والنصارى, وقال بعضهم من شك في كفر أتباعه فهو كافر وذكرهم في "الإقناع" في باب حكم المرتد وإمامهم ابن عربي, أيظنهم لا يقولون لا إله إلا الله 1.
الفرع الرابع: نواقض لا إله إلا الله:
الفرع الرابع: نواقض لا إله إلا الله: إن صرف أي نوع من أنواع العبادة وهي الدعاء, النذر, الذبح, الخوف, الرجاء, التوكل, المحبة, الاستغاثة, الاستعانة الاستعاذة..الخ لغير الله يناقض كلمة لا إله الله لأن كلمة لا إله إلا الله تنفي العبودية عن غير الله تعالى وتثبتها له وحده لا شريك له. بينما صرف أي نوع من أنواع العبادة ينفيها عن الله تعالى ويثبتها لمن صرفت له من المعبودات من دون الله وهو الشرك بعينه الذي قال فيه عز وجل: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 1.
ففي الآية دلالة على إحباط عمل وخسران من صرف العبادة لغيرالله. ولقد عم هذا البلاد وطمّ مما حدا الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله إلى أن يحمل لواء الحسبة قائلا: الذي ننهى عنه في الحرمين والبصرة والحسا هو الشرك بالله"1, الذي يناقض كلمة لا إله إلا الله. وقال رحمه الله مفصلا في الأمر والنهي:"فإن الله تبارك وتعالى أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم إلينا على حين فترة من الرسل فهدى الله به إلى الدين الكامل والشرع التام وأعظم ذلك وأكبره, وزيدته هو إخلاص الدين الله بعبادته وحده لا شريك والنهي عن الشرك وهو أن لا يدعى أحد من دونه من الملائكة والنبيين فضلا عن غيرهم, فمن ذلك أنه لا يسجد إلا لله ولا يركع إلا له ولا يدعى لكشف الضر إلا هو ولا لجلب الخير إلا هو ولا ينذر إلا له ولا يحلف إلا به ولا يذبح إلا له وجميع العبادات لا تصلح إلا له وحده لا شريك له, وهذا معنى قول لا إله الله فإن المألوه هو المقصود المعتمد عليه وهذا أمر هين عند من لا يعرفه كبير عظيم عند من عرفه, فمن عرف هذه المسألة عرف أن أكثر الخلق قد لعب بهم الشيطان وزين لهم الشرك بالله وأخرجه في قالب حب الصالحين وتعظيمهم"2. كما قال رحمه الله: "فمعلوم ما قد عمت به البلوى من حوادث الأمور التي أعظمها الإشراك بالله والتوجه إلى الموتى وسؤالهم النصر على الأعداء وقضاء الحاجات وتفريج الكربات التي لا يقدر عليها إلا رب الأرض والسماوات, وكذلك التقرب إليهم بالنذور وذبح القربان والاستعانة بهم في كشف الشدائد
وجلب الفوائد إلى غير ذلك من أنواع العبادة التي لا تصلح إلا لله"1. وقال أيضا رحمه الله منكرا لتلك الصور الشركية: " فصار ناس من الضالين يدعون ناسا من الصالحين في الشدة والرخاء مثل عبد القادر الجيلاني2 وأحمد البدوي3 وعدي بن مسافر4, وأمثالهم من أهل العبادة والصلاح فأنكر عليهم أهل العلم5 غاية الإنكار وزجرهم عن ذلك, وحذرهم غاية التحذير والإنذار من جميع المذاهب الأربعة في سائر الأقطار والأمصار"6. ويضيف رحمه الله مبينا خطورة شرك عبادة القبور فيقول: "فإن الشرك بقبر الذي يعتقد نبوته أو صلاحه أعظم من الشرك بخشبة أو حجر على تمثاله, لهذا تجد قوما كثيرا يتضرعون عندها, ويتعبدون بقلوبهم عبادة لا يعبدونها في المسجد ولا في السحر فهذه المفسدة هي التي حسم النبي صلى الله عليه وسلم مادتها حين نهى عن الصلاة في المقبرة مطلقا"7.
عن أبي مرثد الغنوي1 رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا تصلوا إلى القبور ولاتجلسوا عليها" 2. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: " نهى نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يبنى على القبور أو يقعد عليها أو يصلى عليها" 3. وما أبلغ ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تعليقه على هذا الموضوع حيث قال: " فإذا كان صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة التي تتضمن الدعاء لله وحده خالصا عند القبور لئلا يفضي ذلك إلى نوع من الشرك بربهم فكيف إذا وجد ما هو نوع الشرك من الرغبة إليهم سواء طلب منهم قضاء الحاجات وتفريج الكرباه4 أو طلب منهم أن يطلبوا ذلك من الله تعالى"5ا. هـ. لهذا بوب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتابه الفريد " التوحيد الذي هو حق الله على العبيد" بابا بعنوان" باب ما جاء في التغليظ في من عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده"6 وذلك سدا لذريعة الشرك. وإنه لمن المضحك المبكي " في آن واحد" أن كثيرا من المزارات التي يزعم عبَّادها
أن فيها فلانا وفلانا بعد ما فحصت وجدت فيها عظام الكلاب والحمير وجثث اليهود والنصارى, وهناك مزارات أخرى خالية من كل شيء كما هو واقع في مزار الحسين في مصر, فلا حسين ولا جسده ولكن المشركين لا يعقلون1. أيضا المشهد الذي بسفح جبل لبنان الذي يقال أنه قبر نوح عليه السلام فإن أهل المعرفة يقولون إنه قبر بعض العمالقة, وقبر أبي بن كعب بدمشق اتفق العلماء على أنهما كذب ومن العلماء من قال إنهما للنصرانيين2. فليت شعري أي غواية شيطانية بعد هذه الغواية ولكن الضلال هو مصير من سلك طريق الشرك قال تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} 3. وكثير ممن وقعوا في هذا الشرك يبررون شركهم بحبهم لمن أشركوهم مع الله في العبادة من المشايخ والصالحين لدينهم وصلاحهم وهذا من مداخل الشيطان على الإنسان وتزيينه للباطل, قال تعالى: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ} 4. نعم للمشايخ حقهم, وحقهم احترامهم وإكرامهم والإحسان إليهم والذب عنهم مما لا يليق بهم وما أشبه ذلك, وليس من الاحترام أن ترفع شخصا إلى
منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم1 أو ترفعه إلى درجة موجدك وخالقك ومعبودك.
الفرع الخامس: تكفير المناقضين لكلمة لا إله الله:
الفرع الخامس: تكفير المناقضين لكلمة لا إله الله: وقد وضع شيخ الإسلام رحمه الله النقاط على الحروف في العلاقة بمشايخ العلم والدين قائلا: " من أثبتهم وسائط بين الله تعالى وبين خلقه ... بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله تعالى حوائج خلقه, فهو كافر مشرك يجب أن يستتاب, فإن تاب, وإلا قتل"1 ا. هـ. وقال رحمه الله: " والمرتد من أشرك بالله تعالى ... أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم"2. وهذا بعينه ما قرره الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في معرض احتسابه على نواقض لا إله إلا الله حيث قال رحمه الله: "فمن عبد الله ليلاً ونهاراً ثم دعا نبياً أو ولياً عند قبره فقد اتخذ إلهين اثنين ولم يشهد أن لا إله إلا الله, لأن الإله هو المدعو كما يفعل المشركون اليوم عند قبر الزبير3 أو عبد القادر4 أو غيرهم, وكما يفعل قبل هذا عند قبر زيد5 وغيره, ومن ذبح لله ألف ضحية ثم ذبح لنبي أو غيره فقد جعل إلهين اثنين كما قال تعالى:
{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 1الآية, والنسك: هو الذبح وعلى هذا فقس, فمن اخلص العبادات لله ولم يشرك فيها غيره فهو الذي شهد أن لا إله إلا الله, ومن جعل فيها مع الله غيره فهو المشرك الجاحد لقول لا إله إلا الله, وهذا الشرك الذي أذكره اليوم قد طبق مشارق الأرض ومغاربها إلا الغرباء المذكورون في الحديث2 وقليل ما هم, وهذه المسألة لا خلاف فيها بين أهل العلم من كل المذاهب. فإذا أردت مصداق هذا فتأمل باب حكم المرتد في كل كتاب وفي كل مذهب, وتأمل ما ذكروه في الأمور التي تجعل المسلم مرتدا يحل دمه وماله منها: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم كيف حكى الإجماع في " الإقناع" على ردته"3اهـ. من هذا المنطلق حكم الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالكفر على دعاة الشرك. قال رحمه الله: " إفتائي بكفر شمسان وأولاده ومن شابههم وسميتهم طواغيت, وذلك أنهم يدعون الناس إلى عبادتهم من دون الله عبادة أعظم من عبادة اللات والعزى بأضعاف, وليس في كلامي مجازفة بل هو الحق لأن عباد
اللات والعزى يعبدونها في الرخاء ويخلصون لله في الشدة وعبادة هؤلاء أعظم من عبادتهم إياهم في شدائد البر والبحر, فإن كان الله أوقع في قلبك هذه الأصول ولو كان أباك أو أخاك فاكتب لي وبشرني لأن هذا ليس مثل الخطأ في الفروع, بل ليس الجهل بهذا فضلا عن إنكاره مثل الزنا والسرقة بل والله ثم والله ثم والله إن الأمر أعظم, وإن وقع في قلبك إشكال فاضرع إلى الله مقلب القلوب أن يهديك لدينه ودين نبيه"1. برهان ذلك قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الأِنْسَانُ كَفُوراً} 2. وقوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ, لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} 3. ومما جاء في قصة إسلام عكرمة بن أبي جهل4 رضي الله عنه أنه لما ذهب فارا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وركب البحر أصابهم عاصف فقال أصحاب السفينة: أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم هاهنا شيئا, فقال عكرمة: والله لئن لم ينجيني في البحر إلا الإخلاص, لا ينجيني في البر غيره, اللهم إن لك علي عهدا إن عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدا حتى أضع يدي في يده فلا أجدنه إلا عفوا كريما, قال فجاء فأسلم5 رضي الله عنه وأرضاه.
مما تقدم تبين شرك المتأخرين وشرك الأولين فروقا أربعة: الأول: أن الأولين لا يشركون في توحيد الربوبية. الثاني: ولا يشركون في الشدة. الثالث: ويريدون الشفاعة والقربة. الرابع: يطلبون من الله سبحانه بواستطهم. بينما مشركي زماننا فقد أشركوا في صفات الربوبية, وفي الشدة, وطلبوا من معبوداتهم المطالب مباشرة1. كل هذا مما يعلم الله ورسوله وأهل التوحيد الخالص أنه وما شاكله عين الشرك والكفر وعين المحادة لله ورسوله..فأي رزء للإسلام أشد من الكفر؟ وأي بلاء لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله؟ وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة؟ وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكاره هذا الشرك البين واجبا؟ 2. قال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} 3. فدلت الآية الكريمة على العاقبة الوخيمة لمن أشرك مع الله غيره. على ضوء ما سبق احتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب على عبد الله ابن سحيم لما لبس على العوام في مسألة تكفير دعاة الشرك فقال رحمه الله:
"..إنما كفرنا هؤلاء الطواغيت أهل الخرج1 وغيرهم بالأمور التي يفعلونها هم منها: أنهم يجعلون آباءهم وأجدادهم وسائط. ومنها: أنهم يدعون الناس إلى الكفر. ومنها: أنهم يبغضون عند الناس دين محمد صلى الله عليه وسلم ويزعمون أن أهل العارض كفروا لما قالوا لا يعبد إلا الله وغير ذلك من أنواع الكفر, وهذا أوضح من الشمس لا يحتاج إلى تقرير, ولكن أنت رجل جاهل مشرك مبغض لدين الله, وتلبس على الجهال الذين يكرهون دين الإسلام ويحبون الشرك ودين آبائهم"2. وقال رحمه الله داحضا لشبهاته التي ضلل بها العوام: " وأما المسألة الثالثة: وهي من أكبر تلبيسك الذي تلبس به على العوام أن أهل العلم قالوا: لا يجوز تكفير المسلم بذنب, وهذا حق ولكن ليس هذا ما نحن فيه, وذلك أن الخوارج يكفرون من زنى أو من سرق أو سفك الدم بل كل كبيرة إذا فعلها المسلم كفر. وأما أهل السنة فمذهبهم: أن المسلم لا يكفر إلا بالشرك, وانت رجل من أجهل الناس تظن أن من صلى وادعى أنه مسلم لا يكفر, فإذا كنت تعتقد ذلك فما تقول في المنافقين الذين يصلون ويصومون ويجاهدون, قال الله تعالى فيهم: {إِنَّ
الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} 1, وما تقول في الخوارج الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد أينما لقيتموهم فاقتلوهم" 2, أتظنهم ليسوا من أهل القبلة؟ ما تقول في الذين اعتقدوا في علي ابن أبي طالب رضي الله عنه مثل اعتقاد كثير من الناس في عبد القادر وغيره فأضرم لهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه نارا فأحرقهم بها, وأجمعت الصحابة على قتلهم لكن ابن عباس أنكر تحريقهم بالنار, وقال يقتلون بالسيف, أتظن هؤلاء ليسوا من أهل القبلة؟ أم أنت تفهم الشرع وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفهمونه لما قاتلوا من منع الزكاة فلما أرادوا التوبة قال أبو بكر لا نقبل توبتكم حتى تشهدوا أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار, أتظن أن أبا بكر وأصحابه لا يفهمون؟ وأنت وأبوك الذين يفهمون! يا ويلك أيها الجاهل الجهل المركب إذا كنت تعتقد هذا, وأنَّ من أم القبلة لا يكفر فما معنى هذه المسائل العظيمة الكثيرة التي ذكرها العلماء في باب حكم المرتد التي كثير منها في أناس أهل زهد وعبادة عظيمة. ومنها طوائف ذكر العلماء أن من شك في كفرهم فهو كافر, ولو كان
الأمر على زعمك لبطل كلام العلماء في حكم المرتد إلا مسألة واحدة وهي الذي يصرح بتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم وينتقل يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا ونحوهم, وهذا هو الكفر عندك يا ويلك ما تصنع بقوله صلى الله عليه وسلم: " لا تقوم الساعة حتى تعبد فئام من أمتي الأوثان" 1, وكيف تقول هذا وأنت تقرأ أن من جعل الوسائط كفر؟ فإذا كان أهل العلم في زمانهم حكموا على كثير من أهل زمانهم بالكفر والشرك أتظن أنكم صلحتم بعدهم يا ويلك؟ "2. فإذا كان الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قد أنكر الصور الشركية التي كانت شائعة في عصره بهذه القوة والشجاعة مع غربته في قومه فإن واقع الأمة الإسلامية اليوم في البلدان الأخرى القاصية والدانية, الذي انتكس فيه المسلمون فمارسوا العديد من الصور الشركية كالطواف حول الأضرحة ودعاء الأموات, والذبح لغير الله استجابة للسحرة, وغير ذلك, يتحتم على العلماء وطلبة العلم الذين كثر سوادهم في الأمة ولله الحمد, وأن يعطوا تلك الشركيات الأولية في الإنكار والتغيير.
المطلب الثاني: احتسابه في توحيد الأسماء والصفات:
المطلب الثاني: احتسابه في توحيد الأسماء والصفات: ثاني القواعد الثلاثة التي تقوم عليها بنيان التوحيد: توحيد الأسماء والصفات. فلا يستقيم اعتقاد المسلم ولا تستقيم عبادته على الوجه المشروع إلا بمعرفة وتحقيق هذا النوع من التوحيد وفق الأصول التي جاء بها الكتاب والسنة, وما هلك الهالكون وضل المبتدعون من أهل الفرق المنحرفة إلا بتخبطهم في توحيد الأسماء والصفات, بينما هدى الله عباده الموحدين المعتصمين بالكتاب والسنة إلى الحق فيما اختلف فيه الضلال. والصفة في اللغة: الحلية1. ومعنى توحيد الأسماء والصفات شرعا: إفراد الله سبحانه وتعالى بما سمى به نفسه ووصف به نفسه في كتابه, أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك بإثبات ما أثبته ونفي ما نفاه من غير تحريف, ولا تعطيل, ومن غير تكييف, ولا تمثيل, بل يؤمن بأن الله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} 2 3. ففي الآية الكريمة دلالة على انتفاء النظر لله عز وجل في أسمائه وصفاته. فالتحريف: تغيير ألفاظ الأسماء والصفات, أو تغيير معانيها كقول الجهمية في "استوى": استولى, وكقول بعض المبتدعة إنَّ: " الغضب في حق الله"
إرادة الانتقام, وأن معنى: " الرحمة" كذلك إرادة الإنعام, وكل هذا تحريف1. والتعطيل لغة: الإخلاء, يقال عطله أي أخلاه, والمراد به هنا نفي الصفات عن الله سبحانه وتعالى2 كقوله تعالى: {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ} 3 أي: مخلاة متروكة 4 وهو مأخوذ من قولهم: جيد معطل أي خال من الحلي, فالجهمية وأشباههم قد عطلوا لله عن صفاته فلذلك سموا بالمعطلة5. أما أهل السنة والجماعة فلا يعطلون أي اسم من أسماء الله, أو أي صفة من صفات الله, ولا يجحدونها, بل يقرون بها إقرارا كاملا6. والتكييف: معناه بيان الهيئة التي عليها الصفات7 وهو أن تذكر كيفية الصفة ... والتكييف يسأل عنه بكيف ... وأهل السنة والجماعة لا يكيفون صفات الله 8 فكما أن له ذاتا ولا نعلم كيفيتها فكذلك له صفات ولا نعلم كيفيتها إذ لا يعلم ذلك إلا هو مع إيماننا بحقيقة معناها9.
روى اللالكائي1 عن جعفر بن عبد الله قال جاء رجل إلى مالك بن أنس رضي الله عنه فقال: يا أبا عبد الله {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 2. كيف استوى؟ قال: فما رأيت مالكا وجد من شيء كموجودته من مقالته وعلاه الرحضاء- يعني العرق- قال: وأطرق القوم وجعلوا ينتظرون ما يأتي منه فيه قال فسرى عن مالك فقال: الكيف غير معقول والاستواء منه غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة, فإني أخاف أن تكون ضالا وأمر به فأخرج3. والتمثيل: ذكر مماثل للشيء وأهل السنة والجماعة يثبتون لله عز وجل الصفات بدون مماثلة يقولون: إن الله عز وجل له حياة وليست مثل حياتنا له علم وليس مثل علمنا, له بصر وليس مثل بصرنا, له وجه وليس مثل وجوهنا, له يد وليست مثل أيدينا, وهكذا جميع الصفات4. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "القول في الصفات كالقول في الذات, فإن الله ليس كمثله شيء, لا في ذاته ولا في صفاته, ولا في أفعاله, فإذا كان له ذات حقيقية, لا تماثل الذوات فالذات متصفة بصفات حقيقية لا تماثل سائر الصفات"5. فكما أنه لا يقال ذات الله مثل ذواتنا, أو شبه ذواتنا, وهكذا فلا يقال في صفاته أنها مثل صفاتنا أو شبه صفاتنا, بل على المؤمن أن يلتزم قوله
تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} 1 و {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} 2 والمعنى لا أحد يساميه أي يشابهه3. وقد ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} : هل تعلم للرب مثلا أو شبها4 وفي ذلك يقول الحافظ ابن منده رحمه الله: " ... إنه عز وجل أزلي بصفاته التي وصف بها نفسه ووصفه الرسول صلى الله عليه وسلم غير زائلة عنه ولا كائنة دونه, فمن جحد صفة من صفاته بعد الثبوت كان بذلك جاحدا, ومن زعم أنها محدثة لم تكن ثم كانت على أي معنى تأوله دخل في حكم التشبيه"5ا. هـ هذه العقيدة الصافية ارتوى من معينها الإمام محمد بن عبد الوهاب ثم قام محتسبا على ما يكدر صفوها من شوائب فقال رحمه الله في رسالته إلى عبد الله ابن سحيم مطوع المجمعة محتسبا على المويس الذي أرسل لأهل الوشم كتابا مليئا بالأخطاء ما نصه: "فإنه – أي المويس- أنكر على أهل الوشم6 إنكارهم على من قال ليس بجوهر ولا جسم ولا عرض"7.
وعن دلالة هذه الألفاظ يقول القاضي أبو يعلى رحمه الله: " الجسم عبارة عن المؤلف, والمؤلف المجتمع, والاجتماع هو تداني الجوهرين على وجه لا يدخل بينهما ثالث, والجوهر هو الجزء الذي لا يتجزأ وهو الحامل للأعراض الشاغلة للحيز, والعرض هو المعنى العارض للجوهر الذي يصح بطلانه منه مع بقاء الحامل له, ومعنى الجزء عبارة عن بعض الأجسام, وحقيقته أنه منفرد من جملة فإذا كان واحدا فهو غير متجزئ"1 ويستأنف الشيخ الإمام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله احتسابه على المويس لما أنكر على أهل الوشم إنكارهم الآنف الذكر فيقول: " وهذا الإنكار جمع فيه بين اثنين: أحداهما: أنه لم يفهم كلام ابن عيدان2 وصاحبه. الثانية: أنه لم يفهم صورة المسألة, وذلك أن مذهب الإمام احمد وغيره من السلف أنهم لا يتكلمون في هذا النوع إلا بما يتكلم الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فما أثبته الله لنفسه أو أثبته رسوله صلى الله عليه وسلم أثبتوه, مثل الفوقية, والاستواء, والكلام, والمجيء, وغير ذلك, وما نفاه الله عن نفسه ونفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم نفوه, مثل: المثل, والند والسمي, وغير ذلك. وأما ما لا يوجد عن الله ورسوله إثباته ونفيه مثل: الجوهر, والجسم, والعرض, والجهة, وغير ذلك لا يثبتونه, ولا ينفونه, فمن نفاه مثل صاحب الخطبة التي أنكرها ابن عيدان وصاحبه فهو عند أحمد والسلف مبتدع, ومن
أثبته مثل هشام بن الحكم1 وغيرهم فهو عندهم مبتدع, والواجب عندهم السكوت عن هذا النوع اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنه هذا معنى كلام الإمام أحمد الذي في رسالة المويس أنه قال: لا أرى الكلام إلا ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم, فمن العجب استدلاله بكلام الإمام احمد على ضده ... وأنا أذكر لك كلام الحنابلة في هذه المسألة: قال الشيخ تقي الدين2 بعد كلام له على من قال إنه ليس بجوهر, ولا عرض ككلام صاحب الخطبة قال رحمه الله: فهذه الألفاظ لا يطلق إثباتها ولا نفيها كلفظ الجوهر, والجسم, التحيز, والجهة, ونحو ذلك من الألفاظ, وهذا لما سئل ابن سريج3 عن التوحيد فذكر توحيد المسلمين قال: وأما توحيد أهل الباطل فهو الخوض في الجواهر والأعراض وإنما بعث النبي صلى الله عليه وسلم بإنكار ذلك, وكلام السلف والأئمة في ذم الكلام وأهله مبسوط في غير هذا الموضع, والمقصود أن الأئمة كأحمد وغيره لما ذكر لهم أهل البدع الألفاظ المجملة كلفظ الجسم, والجوهر, والحيز لم يوافقهم, لا على إطلاق الإثبات, ولا على إطلاق النفي, انتهى كلام الشيخ تقي الدين4.
إذا تدبرت هذا عرفت أن إنكار ابن عيدان وصاحبه على الخطيب الكلام في هذا عين لصواب, وقد اتبعا في ذلك إمامهما أحمد بن حنبل وغيره في إنكارهم ذلك على المبتدعة, ففهم صاحبكم أنهما يريدان إثبات ضد ذلك وأن الله جسم وكذا وكذا تعالى الله عن ذلك, وظن أيضا أن عقيدة أهل السنة هي نفي انه لا جسم, ولا جوهر, ولا كذا ولا كذا, وقد تبين لكم الصواب أن عقيدة أهل السنة هي السكوت, ومن أثبت بدعوه, ومن نفى بدعوه, فالذي يقول ليس بجسم ولا ... ولا ... هم الجهمية والمعتزلة, والذين يثبتون ذلك هو هشام وأصحابه, والسلف بريئون من الجميع من أثبت بدَّعوه, ومن نفى بدعوه, فالمويس لم يفهم كلام الأحياء ولا كلام الأموات, وجعل النفي الذي هو مذهب الجهمية والمعتزلة مذهب السلف, , وظن أن من أنكر النفي أنه يريد الإثبات كهشام وأتباعه, ولكن أعجب من ذلك استدلاله على ما فهم بكلام أحمد المتقدم ومن كلام أبو1 الوفا ابن عقيل 2 قال: أنا أقطع أن أبا بكر وعمر ماتا ما عرفا الجوهر والعرض, فإن رأيت أن طريقة أبي علي الجبائي3 وأبي هاشم خير لك من طريقة أبي بكر وعمر فبئس ما رأيت انتهى, وصاحبكم يدعي أن الرجل لا يكون من أهل السنة حتى يتبع أبا علي وأبا هاشم بنفي الجوهر, والعرض, فإن أنكر الكلام فيها مثل
أبي بكر وعمر عنده على مذهب هشام الرافضي. فظهر بما قررناه أن الخطيب الذي يتكلم بنفي العرض, والجوهر أخذه من مذهب الجهمية والمعتزلة, وأن ابن عيدان وصاحبه أنكرا ذلك مثل ما أنكره أحمد والعلماء كلهم على أهل البدع. وقوله: في الكتاب ومذهب أهل السنة وإثبات من غير تعطيل, ولا تجسيم, ولا كيف, ولا أين إلى آخره, وهذا من أبين الأدلة على أنه لم يفهم عقيدة الحنابلة ولم يميز بينها, وبين عقيدة المبتدعة وذلك أن إنكار الأين من عقائد أهل الباطل وأهل السنة يثبتونه إتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح أنه قال للجارية: أين الله؟ 1 فزعم هذا الرجل أن إثباتها مذهب المبتدعة, وأن إنكارها مذهب أهل السنة كما قيل, وعكسه بعكسه. وأما الجسم فتقدم الكلام أن أهل الحق لا يثبتونه, ولا ينفونه فغلظ عليهم في إثباته, وأما التعطيل والكيف فصدق في ذلك, فجمع لكم أربعة ألفاظ نصفها حق من عقيدة الحق ونصفها باطل من عقيدة الباطل, وساقها مساقا واحدا وزعم انه مذهب أهل السنة فجهل وتناقض. وقوله أيضا: ويثبتون الرسول صلى الله عليه وسلم من السمع والبصر والحياة والقدرة والإرادة والعلم ولكلام, إلى آخره, وهذا أيضا من أعجب جهله, وذلك أن هذا مذهب طائفة من المبتدعة يثبتون الصفات السبع, وينفون ما عداها, ولو كان في كتاب الله ويؤولونه, وأما أهل السنة فكل ما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أثبتوه
وذلك صفات كثيرة لكن أظنه نقل هذا الكلام المبتدعة وهو لا يميز بين كلام أهل الحق من كلام أهل الباطل إذا تقرر هذا فقد ثبت خطؤه من وجوه: الأول: أنه لم يفهم الرسالة التي بعثت إليه. الثاني: أنه بهت 1 أهلها بإثبات الجسم وغيره. الثالث: أنه نسبهم إلى الرافضة, ومعلوم أن الرافضة من أبعد الناس عن المذهب وأهله. الرابع: أنه نسب من أنكر هذه الألفاظ إلى الرفض والتجسيم, وقد بين أن الإمام أحمد وجميع السلف ينكرونه فلازم كلامه أن مذهب الإمام أحمد وجميع السلف مجسمة على مذهب الرفض. الخامس: أنه نسب كلامهما إلىالفرية الجسمية فجعل عقيدة إمامه وأهل السنة فرية جسمية. السادس: أنه زعم أن البدع اشتعلت في عصر الإمام أحمد ثم ماتت حتى أحياها أهل الوشم, فمفهوم كلامه بل صريحة أن عصر الإمام أحمد وأمثاله عصر البدع والضلال, وعصر ابن إسماعيل عصر السنة والحق. السابع: أنه نسبهما إلى التعطيل, والتعطيل إنما هو جحد الصفات. الثامن: بهتهما أنهما نسبا من قبلهما من العلماء إلى التعطيل لكونهما أنكرا على خطيب المبتدعة, وهذا من البهتان الظاهر. التاسع: أنه نسبهما إلى وراثة هشام الرافضي. العاشر: أن المسلم أخو المسلم فإذا أخطأ أخوه نصحه سرا وبين له الصواب
فإذا عاند أمكنه المجاهرة بالعداوة, وهذا لما راسلاه صنف عليهما1 ما علمت وأرسله إلى البلدان أن اعرفوني ... اعرفوني, تراي جاي من الشام. وأما التناقض وكون كلامه يكذب بعضه بعضا فمن وجوه- أربعة-: منها أنه نسبهما تارة إلى التجسيم, تارة إلى التعطيل, ومعلوم أن التعطيل ضد التجسيم, وأهل هذا أعداء لأهل هذا والحق وسط بينهماز ومنها أنه نسبهما إلى الجهمية وإلى المجسمة, والجهمية والمجسمة بينهما من التناقض والتباعد كما بين السواد والبياض, وأهل السنة وسط بينهما. ومنها: أنه يقول مذهب أهل الحق إثبات الصفات ثم يقول ولا أين ولا ولا وهذا تناقض. ومنها: أنه يقول ما أثبته الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أثبت ثم يخص ذلك بالصفات السبع, فهذا عين التناقض, فعقيدته التي نسب لأهل السنة جمعها من نحو أربع فرق من المبتدعة يناقض بعضهم بعضا ويسب بعضهم بعضا ولو فهمت حقيقة هذه العقيدة لجعلتها ضحكة. ومنها: أنه يذكر عن أحمد أن الكلام في هذه الأشياء مذموم إلا ما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنه وتابعيهم رحمهم الله ثم ينقل لكم إثبات كلام المبتدعة ونفيهم ويتكلم بهذه العقيدة المعكوسة ويزعم أنها عقيدة أهل الحق, هذا ما تيسر كتابته عجلا على السراج2 والمأمول فيك3 أنك تنظر فيها
بعين البصيرة, تتأمل هذا الأمر, واعرض هذا عليه1 وأطلب منه الجواب عن كل كلمة من هذا فإن أجابك بشيء فاكتبه وإن عرفته باطلا وإلا فراجعني فيه أبينه لك ولا تستحقر هذا الأمر فإن حرصت عليه جدا عرفت عقيدة الإمام أحمد وأهل السنة وعقيدة المبتدعة وصارت هذه الواقعة أنفع لك من القراءة في علم العقائد شهرين أو ثلاثة بسبب الخطأ والاختلاف مما يوضح الحق"2. هكذا كان احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في قضايا التوحيد أبيا قويا لأن الحق أبلج بين يعلو ولا يعلى عليه..وذلك مصداقا لوقه تعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} 3. ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن علماء السنة من السلف الصالح قد حذروا بشدة من أهل الكلام لمخالفتهم أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة. قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: لا يفلح صاحب كلام أبداً ولا تكاد ترى أحداً نظر في الكلام وفي قلبه دغل4. ويضيف رحمه الله قائلا: علماء الكلام زنادقة5 6
وقال أبو يوسف1: من طلب العلم بالكلام تزندق2. وقال الإمام الشافعي رحمه الله: "رأيي ومذهبي في أصحاب الكلام أن يضربوا بالجريد ويجلسوا على الجمال ويطاف بهم في العشائر والقبائل وينادى عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأخذ في الكلام"3. وقال أحمد بن إسحاق المالكي: " ... كتب أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هي كتب أهل الكلام"4اهـ. ويؤيد ذلك الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب فيأمر بالإعراض عن كتب أهل الكلام فقال رحمه الله: "ومن بصره الله تعالى ونور قلبه أعرض عن أخذ عقائده من كتب هؤلاء الطوائف, وتلقى معرفة إلهه من كتب السلف المشتملة على نصوص الكتاب والسنة"5. ولعل السبب الذي دفع الأئمة من سلفنا الصالح رحمة الله عليهم إلى ذم علم الكلام وقولهم بإضافة بصاحبه إلى الزندقة والبدع وعدم الفلاح6 أن المتكلمين بحثوا في مسائل العقيدة وهم يحملون أفكارا ومقررات غير إسلامية جاءت من المنطق اليوناني, فأخذوا يطيقونها على
العقيدة ومسائلها كمسائل الذات والصفات وغيرها من المسائل التي لم ترد في القرآن والسنة ولا اعتنى بها الجيل الأول والله أعلم1.
المطلب الثالث: احتسابه في توحيد الربوبية:
المطلب الثالث: احتسابه في توحيد الربوبية: القاعدة الثالثة التي لا غنية للتوحيد عنها ليقوم عنها مقامه الصحيح: توحيد الربوية. والرب يطلق في اللغة: على الملك, والسيد والمدبر, والمربى, والقيم, والمنعم ... ولا يطلق غير مضاف إلا على الله عز وجل وإذا أطلق على غيره أضيف1 والذي يعنينا من هذه المعاني: المالك والمربي, قال الجوهري: رب كل شيء مالكه2 وهو مصدر رب يرب فهو راب فمعنى قوله تعالى: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} 3 رابِّ العالمين, فإن الرب سبحانه هو الخالق الموجد لعباده, القائم بتربيتهم وإصلاحهم, المتكفل بصلاحهم من خلق ورزق وعافية وإصلاح دين ودنيا4. وفي هذا المعنى قال الشيخ الإمام محمد عبد الوهاب: " فإذا قيل لك من ربك؟ فقل ربي الله الذي رباني وربي جميع العالمين بنعمه"5. أما تعريف توحيد الربوبية شرعا فهو كما ذكره الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كقوله: "أن الله سبحانه متفرد بالخلق والتدبير عن الملائكة والأنبياء وغيرهم6 وهو الشهادة بأنه لا يخلق ولا يرزق ولا يحي ولا
يميت ولا يدبر الأمور إلا هو"1 سبحانه وتعالى فلا خالق ولا رازق ولا محي ولا مميت ولا موجد ولا معدم إلا الله تعالى2. وهذا النوع من التوحيد قد أقر به الكفار قديما وحديثا, والإقرار به وحده لا يدخل صاحبه في دين الإسلام قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} 3. وقال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} 4. فدلت الآيتان الكريمتان على توبيخ الله عز وجل للمشركين على شركهم مع إقرارهم بتوحيد الربوبية. ولأهمية هذه القضية في تصحيح العقائد أولاها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله اهتماما في احتسابه فقال: " اعظم الكفار كفراً الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهدون به- أي بتوحيد الربوبية- ولم يدخلهم في الإسلام كما قال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ} 5 "6.
وقال رحمه الله عن المشركين: " إن إقرارهم بتوحيد الربوبية لم يدخلهم في الإسلام"1 و"لم يدخلهم في التوحيد الذي دعاهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم"2. وهذا ما قرره أهل العلم قبله: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " أما توحيد الربوبية فقد أقر به المشركون3, وهم مع هذا مشركون حيث أحبوا غير الله كما يحبون الله, وحيث دعوا غير الله, وجعلوه شفيعا لهم, وحيث عبدوا غير الله يتقربون بعبادته إلى الله, فهذا وأمثاله كان شركهم مع إقرارهم بأن الله خالق كل شيء, وأنه لا خالق غيره"4. اهـ. وقال الشيخ المقريزي5 رحمه الله: "إن المشركين إنما كانوا يتوقفون في إثبات توحيد الإلهية لا الربوبية ... وبالجملة فهو تعالى يحتج على منكري الإلهية بإثباتهم الربوبية, والملك هو الآمر الناهي الذي لا يخلق خلقا بمقتضى ربوبيته ويتركهم سدى معطلين لا يؤمرون ولا ينهون, ولا يثابون ولا يعاقبون, فإن الملك هو الآمر الناهي المعطي المانع الضار النافع المثيب المعاقب..
ولذلك جاءت الاستعاذة في سورة الناس وسورة الفلق بالأسماء الحسنى الثلاثة الرب, والملك, والإله"1اهـ. وهذا ما قرره شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بقوله: "الشرك في العبادة ليس في الربوبية"2. وهكذا فإن أهل العلم من علماء السنة السابقين واللاحقين يؤكدون على أن إثبات توحيد الربوبية فحسب لا يدخل الإنسان في دين الإسلام ولا يخرجه من دائرة الشرك, بينما المبتدعة من المعتزلة والصوفية وغرهم يرون أن تحقيق هذا التوحيد فحسب كفيلا بدخول صاحبه في الإسلام. قال ابن أبي العز رحمه الله: "وهو- أي توحيد الربوبية- الغاية عند كثير من أهل النظر والكلام وطائفة من الصوفية" 3.اهـ. وبين الربوبية والألوهية عموم وخصوص ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وإقراره بألوهية الله تعالى دون ما سواه يتضمن إقراره بربوبيته, وهو أنه رب كل شيء ومليكه وخالقه ومدبره, فحينئذ يكون موحدا لله"4. ولقد فرق الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بين الربوبية والألوهية قائلا: "فاعلم أن الربوبية والألوهية يجتمعان ويفترقان, كما في قوله: {قُلْ أَعُوذُ
بِرَبِّ النَّاسِ, مَلِكِ النَّاسِ, إِلَهِ النَّاسِ} 1. وكما يقال رب العالمين وإله المرسلين وعند الإفراد يجتعان كما في قول القائل: من ربك, مثاله الفقير والمسكين نوعان في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} 2 ونوع واحد في قوله صلى الله عليه وسلم: " افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم" 3. إذا ثبت هذا فقول المكلين للرجل في القبر: من ربك؟ معناه من إلهك لأن الربوبية التي أقر بها المشركون ما يمتحن أحد بها, وكذلك قوله: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} 4 وقوله: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبّاً} 5 وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} 6 فالربوبية في هذا هي الألوهية ليست قسيمة لها عند الاقتران, فينبغي التفطن لهذه المسألة"7اهـ. كما احتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على محمد
ابن عباد1 مطوع ثرمدا2 في إقراره بالفرق بين توحيد الربوبية والألوهية بالقول المجرد عن العمل قائلا: " قولك إن المشركين الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقروا بتوحيد الربوبية, ثم أوردت الأدلة الواضحة على ذلك, وإنما قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند3 توحيد الألوهية, ولم يدخل الرجل في الإسلام بتوحيد الربوبية إلا انضم إليه توحيد الألوهية فهذا كلام من أحسن الكلام وأبينه تفصيلا, ولكن العام4 لما وجهنا إليه إبراهيم كتبوا له علماء سدير مكاتبة وبعثها لنا هي عندنا الآن ولم يذكروا فيها إلا توحيد الربوبية, فإذا كنت تعرف هذا فلأي شيء ما أخبرت إبراهيم ونصحته إن هؤلاء ما عرفوا التوحيد, وإنهم منكرون دين الإسلام, ... لأن كثيرا ممن واجهناه وقرأ علينا يتعلم هذا ويعرفه بلسانه فإذا وقعت المسألة لم يعرفها بل إذا قال له بعض المشركين نحن نعرف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا وأن النافع الضار هو الله يقول جزاك الله خيرا. ويظن أن هذا هو التوحيد ونحن نعلمه أكثر من سنة أن هذا هو توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون. فالله الله5 في التفطن لهذه المسألة فإنها الفارقة بين الكفر والإسلام. ولو أن رجلا قال: شروط الصلاة تسعة ثم سردها كلها فإذا رأى رجلا يصلي عريانا بلا حاجة أو على غير وضوء أو لغير القبلة لم يدر أن صلاته فاسدة لم يكن
قد عرف شروط الصلاة ولو سردها بلسانه, ولو قال الأركان أربعة عشر ثم سردها كلها ثم رأى من لا يقرأ الفاتحة ومن لا يركع ومن لا يجلس للتشهد ولم يفطن أن صلاته باطلة لم يكن قد عرف الأركان ولو سردها. فالله الله في التفطن لهذه المسألة"1.
المطلب الرابع: احتسابه بإزالة الأوثان:
المطلب الرابع: احتسابه بإزالة الأوثان: لم يقف احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في توحيد الألوهية عند درجة الإنكار باللسان والقلم فحسب, بل تجاوزه إلى درجة الإنكار باليد لما تحقق له شرط الاستطاعة, فالإنكار باليد لا يجب إلا مع الاستطاعة, كما سبقت الإشارة إليه1 كذلك لم يشرع الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في إزالة الأوثان التي ألفها الناس وتعلقوا بها من دون الله إلا بعد أن تعاضد مع الأمير عثمان بن معمر رحمه الله مستمدا قوته من قوته وهيبته من هيبته, وهذا من فقه الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بقواعد إنكار المنكر. ويذكر المؤرخ ابن بشير رحمه الله في تاريخه قصة كانت سببا مباشرا لانتقال الإمام محمد بن عبد الوهاب من حريملاء إلى العيينة ومن ثم التعاضد مع أمير عثمان بن معمر 2 الذي كان خير عون له بعد الله عز وجل في قيامه بالحسبة وإليك نصها: " ... كان رؤساء أهل حريملاء قبيلتين, أصلهما قبيلة واحدة, وهم رؤساء وكل منهم يدعي القول وليس للأخرى على الثانية قول ولا للبلد رئيس يزع الجميع وكان في البلد عبيد لإحدى القبيلتين يقال لهم
الحميان1. كثير تعديهم وفسقهم. فأراد الشيخ أن يمنعوا من الفساد وينفذ فيهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهمَّ العبيد أن يفتكوا بالشيخ ويقتلوه بالليل سرا. فلما تسوروا عليه جدار علم بهم أناس فصاحوا بهم فهربوا. فانتقل الشيخ بعدها إلى العيينة ورئيسها يومئذ عثمان بن حمد بن معمر. فتلقاه بالقبال2 وأكرمه وتزوج فيها الجوهرة بنت عبد الله بن معمر3. وعرض على عثمان ما قام به ودعا إليه وقرر4 له التوحيد وحاوله على نصرته5 وقال: " إني أرجوإن أنت قمت بنصر لا إله إلا الله أن يظهرك الله تعالى وتملك نجدا وأعرابها, فساعده عثمان على ذلك, فأعلن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وتبعه أناس من أهل العيينة"6اهـ. ولقد مر معنا آنفا كيف فشا الشرك بين الناس متمثلا في عدة صور منها: 1-التبرك ببعض الأشجار كشجرة قريوه والذيب والطرفية والفحال. 2-بناء القباب على بعض القبور كقبة قبر زيد بن الخطاب وقبة قبر أبي طالب7. ولن تكون العودة إلى الحياة الأولى حيث التوحيد والعزة.
الحقة إلا بهدم هذه الأشياء المبتدعة والخرافات1 لذلك كان هدف الإمام محمد بن عبد الوهاب الأول القضاء على كل ما ينافي التوحيد من مظاهر الشرك الوثنية2 فشمر رحمه الله عن ساعديه بعد أن تعاضد مع أمير العيينة عثمان بن معمر وأشهر احتسابه على المنكرات الشركية لإزالة الأوثان ومظاهر الشرك التي كانت على نوعين:
الفرع الأول: قطع الأشجار المعظمة المتبرك بها:
الفرع الأول: قطع الأشجار المعظمة المتبرك بها: قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: " لا يجوز إبقاء مواضع الشرك بعد القدرة على إبطالها يوما واحدا فإنها شعائر الكفر, وهي أعظم المنكرات"1. عن أبي واقد الليثي2 رحمه الله: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج إلى حنين مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط يعلقون عليها أسلحتهم, قالوا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله هذا كما قال قوم موسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} 3 والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان
قبكلم" 1. واستشهد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بكلام الطرطوشي2 بعد أن ساق حديث أبي واقد الليثي الذي عزاه الطرطوشي للبخاري3 قائلا: " فانظر رحمكم الله أينما وجدتم سدرة يقصدها الناس, وينوطون بها الخرق فهي ذات أنواط فاقطعوها"4. ومن فضل الله تعالى ورحمته أن غيب عن عقول وأعين الصحابة رضوان الله تعالى عليهم الشجرة التي تمت تحتها بيعة الرضوان. عن سعيد بن المسيب رحمه الله عن أبيه رضي الله عنه قال: " لقد رأيت الشجرة
ثم أتيتها بعد فلم أعرفها قال محمود 1 ثم أنسيتها بعد"2. وعن طارق بن عبد الرحمن قال انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون قلت: ما هذا المسجد؟ قالوا: هذه الشجرة حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان, فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته فقال سعيد: حدثني أبي أنه كان في من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة قال: فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها, فقال سعيد: " إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يعلموها وعلمتموها انتم؟ فأنتم أعلم"3. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " رجعنا من العام المقبل فما اجتمع منا اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها, كانت رحمة من الله"4. وعن سعيد بن المسيب رحمه الله عن أبيه رضي الله عنه أنه كان ممن بايع تحت الشجرة فرجعنا إليها العام المقبل فعميت علينا"5. بينما جاء في الأثر عن عبد الله بن عون6 عن نافع قال: كان الناس يأتون الشجرة التي يقال لها شجرة الرضوان فيصلون عندها, قال: فبلغ ذلك عمر بن
الخطاب رضي الله عنه فأوعدهم فيها وأمر بها فقطعت1. ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله أن الحكمة من خفاء تلك الشجرة هي: "أن لا يحصل بها افتتان لما وقع تحتها من الخير, فلو بقيت لما أمن تعظيم الجهال لها حتى ربما أفضى بهم إلى اعتقاد أن لها قوة نفع أو ضر كما نراه الآن وشاهداً في ما هو دونها, وإلى ذلك أشار ابن عمر بقوله: " كانت رحمة من الله" أي كان خفاؤها عليهم بعد ذلك رحمة من الله تعالى"2اهـ. وقال الإمام ابن القيم رحمه الله: " فمن الأنصاب ما قد نصبه الشيطان للمشركين من شجرة أو عمود أو وثن أو قبر أو خشبة أو عين ونحو ذلك والواجب هدم ذلك كله ومحو أثره"3. وذلك سداً لذريعة الشرك وحماية لجناب التوحيد. لهذا نجد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بادر بكل بسالة إلى
قطع دابر الشرك المجسد في الأشجار التي كان يتبرك بها كثير من الناس. قال المؤرخ ابن غنام رحمه الله: " أمر الشيخ محمد الأمير عثمان بهدم القبب ... وقطع الأشجار التي كانت الخلق لها في كل ساعة منتابة فبادر عثمان لذلك وامتثل, وخرج الشيخ معه وجماعتهم على عجل وخرجوا بالمعاول والكل للأجر آمل ... وخر ما في العارض من مُعبدات الأشجار كشجرة قريوه وأبي دجانة والذيب فلم يكن أحد إلى التبرك بهما1 ينيب ولم تسألها من لم تتزوج مثل العادات زوجا حبيب2 وليس هذا في تلك الأزمان بغريب وليس وقوع أقبح منه بعجيب, وكان الشيخ رحمه الله تعالى هو الذي باشر قطع شجرة الذيب بيده مع بعض أصحابه فنال من ربه جزيل أجره وثوابه, وقطع شجرة قريره ثنيان بن سعود ومشاري بن سعود وأحمد بن سويلم وجماعة سواهم فأدركوا من الفوز مناهم"3أهـ. وقال ابن بشر رحمه الله: " وكان فيها4 أشجار تعظم وتعلق عليها فبعث إليها سرا من يقطعها بأجرة من ماله, فقطعت, وفي البلد شجرة هي أعظمهن عندهم, وذكر لي أن الشيخ خرج إليها بنفسه سرا يريد قطعها فوجد عندها راعي غنم أهل البلد فأراد ان يمنعها منه أو أنه خاف أن ينم عليه, فأعطاه
الشيخ أحد أسلابه1 الذي عليه وخلى بينه وبينها فقطعها"2اهـ. وكان الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "كلما قطع شجرة من الأشجار التي زعموا أن سر البركة في أغصانها كلما زاد قوة وعزما3؛ لأن العقيدة الصحيحة الصافية التي تسمو بالنفس عن الأحجار والأشجار والأوثان وعبادة العظماء تربي صاحبها على الشجاعة وعدم الخوف من الموت في سبيل الحق وإنكار المنكر مهما كانت التبعات4 وكان من نتائج هذا الإنكار العملي لمظاهر الشرك أن أيد الله الإمام محمد بن عبد الوهاب وأظهره. قال ابن بشر رحمه الله: "ثم صار أمره في ازدياد واجتمع معه عصابة نحو سبيعن رجلا معهم من هو من رؤساء المعامرة5 وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم"6اهـ.
الفرع الثاني: هدم القباب المبنية على قبور المعظمين:
الفرع الثاني: هدم القباب المبنية على قبور المعظمين: قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:" أما بناء القباب عليها1 فيجب هدمها, ولا علمت أنه يصل إلى الأشرك الأكبر, وكذلك الصلاة عنده قصده لأجل الدعاء فكذلك لا أعلمه يصل إلى ذلك, ولكن هذه الأمور من أسباب حدوث الشرك, فيشتد نكير العلماء لذلك كما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" 1, وذكر العلماء أنه يجب التغليظ في هذه الأمور لأنه يفتح باب الشرك"2. من ذلك قول الإمام الشوكاني رحمه الله: " هذه البدعة قد صارت وسيلة لضلال كثير من الناس لا سيما العوام, فإنهم إذا رأوا القبر وعليه الأبنية الرفيعة والستور الغالية وانضم إلى ذلك إيقاد السرج عليه تسبب عن ذلك الاعتقاد في ذلك الميت ولا يزال الشيطان يرفعه من رتبة إلى رتبة حتى يناديه مع الله سبحانه ويطلب منه ما لا يطلب إلا من الله عز وجل ولا يقدر عليه سواه فيقع في الشرك"3اهـ. ويأتي الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بحجج قوية على وجوب هدم القباب المبنية على القبور فقال رحمه الله: "سؤال الأنبياء والأولياء الشفاعة بعد موتهم وتعظيم قبورهم ببناء القباب عليها والسرج والصلاة عندها واتخاذها أعيادا وجعل السدنة والنذور لها فكل ذلك من حوادث الأمور التي أخبر بوقوعها النبي صلى الله عليه وسلم وحذر منها كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان" 4, وهو صلى الله عليه وسلم
حمى جناب التوحيد أعظم حماية وسد كل طريق يوصل إلى الشرك فنهى أن يجصص القبر, وأن يبنى عليه كما ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر1 وثبت فيه أيضا أنه بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأمره أن لا يدع قبرا مشرفا إلا سواه ولا تمثال2 إلا طمسه3, ولهذا قال غير واحد من العلماء4: يجب هدم القبب المبنية على القبور لأنها أسست على معصية الرسول صلى الله عليه وسلم5. واستجابة لأمر الله ورسوله انطلق الشيخ الإمام الهمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بعزيمة الرجال وثبات الجبال لهدم ما قدر عليه من القباب والمشاهد معلنا للتوحيد الخلص مغيرا لأعظم المنكرات. قال المؤرخ ابن غنام رحمه الله في سياق حديثه عن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب والأمير عثمان بن معمر: "أمر الشيخ محمد الأمير عثمان بهدم القبب والمساجد المبنية في الجبيلة على قبور الصحابة ... فبادر عثمان لذلك وامتثل وخرج الشيخ معه وجماعتهم على عجل وخرجوا بالمعاول, والكل للأجر آمل فهدموا تلك المساجد وأزالوا رفيع المشاهد وأزالوا جميع المحظور عن جميع تلك
القبور, وعدلت على السنن المشروع واندرس الأمر الممنوع وهدم رفيع ذلك البناء وبطل ذلك التعظيم والاعتناء وخر شامخ الأحجار ... "1. ويفصل المؤرخ ابن بشر رحمه الله في قصة هدم هذه القبة قائلاً: "إن الشيخ أراد أن يهدم قبة قبر زيد بن الخطاب رضي الله عنه التي عند الجبيلة فقال لعثمان2:"دعنا نهدم هذه القبة التي وضعت على الباطل وضل بها الناس عن الهدى" فقال: دونكها فاهدمها فقال الشيخ: "أخاف من أهل الجبيلة أن يوقعوا بنا ولا أستطيع هدمها إلا وأنت معي" فسار معه عثمان بنحو ستمائة رجل فلما قربوا منها ظهروا عليهم أهل الجبيلة يريدون أن يمنعوها فلما رآهم عثمان علم ما هموا به فتأهب ... فلما رأوا ذلك كفوا عن الحرب وخلوا بينهم وبينها, وذكر لي أن عثمان لما أتاها قال للشيخ نحن لا نتعرضها فقال أعطوني الفأس فهدمها الشيخ بيده حتى ساواها, ثم رجعوا فانتظر تلك الليلة جهال البدو وسفهاؤهم ما يحدث على الشيخ بسبب هدمها فأصبح في أحسن حال"3 ا. هـ. فكان ذلك نصرا عمليا له ولدعوته أقنع بعض المتشككين في أمره بصحة ما يدعو إليه4 وهذا وعد من الله عز وجل لمن نصر دينه قال تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} 5. ويصف لنا ابن غنام رحمه الله حال الناس بعد هذا النصر قائلاً:
"فلم يبق وثن في البلدان التي كانت تحت يد عثمان وشاع ذلك واستبان ونعم بذلك أهل الإيمان وصلحوا حالاً من ذلك المكان وانتشر الحق من ذلك الأوان واشتهر الأمر وبان وسارت بذلك الركبان"1 ا. هـ. ولكن سنة الله في خلقه أن يبتلى ويمحص أهل الحق ويصقلوا بالفتن كما يصقل الذهب بالنار لينقى من الشوائب ويزداد لمعاناً!! لذلك قوبل هذا الاحتساب من الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بكثير من النفور الذي وصفه ابن غنام قائلاً: "فأنكرت ذلك قلوب الذين حقت عليهم كلمة العذاب وقالوا مثل ما قال الأولون ذووا الكفر والإعجاب: {أجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} 2 فأخذوا في رده والإنكار عليه وأتوا بأعظم الأسباب وزجوا الخلق في لجة الضلال والارتياب وضجوا على كلمة الحق بالتكذيب والإكذاب ... – وبهتوا – الشيخ بأنه ساحر ومفتر وكذاب وحكموا بكفره واستحلال دمه وماله وجميع من له من أصحاب: {وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} 3 وأشر الناس ... إنكارا عليه وأعطمهم تشنيعا وسعيا بالشر إليه سليمان ابن سحيم وأبوه محمد فقد أنهم4 في ذلك وأنجد وجد في التحريش
عليه والتحريض, وهيئوا له أسباب الجريض1 وأرسل بذلك إلى الأحساء والحرمين والبصرة فلم ينل من مراده سوى الخزي والعار والحسرة, ولم يحصل من مراده بغير العثرة, ولقد كاد وشنع وعادى وجشر2 علماء السوء ونادى وكذب عليه وبهت وزور وجد في دحض الهدى وشمر وسعى وفي إبطاله3 وما قصر وبعث الطروس4 منزعه بالباطل والمين5 إلى علماء الحسا والبصرة والحرمين فقاموا معه فورا بالإنكار وأفتوا للحكام والسلاطين والأشرار بأن القائم بدعوة التوحيد ... ليس له في الحق تثبت ولا قرار, وأنه من لظى الجحيم والنار على شفا جرف هار، بل جزم أكثر علماء الأمصار في تلك الأزمان والأعصار بأن هذا المبين لآثار السلف الأخيار المتبع لهدي نبيه المختار من أقبح الضلال والفساق والكفار وأشر الخوارج والفجار, وحسبوا أنهم إذا حرشوا عليه الحكام يجدون في قتله ويجتهدون فيفوزون حينئذ بما كانوا يؤملون, ولقد عرفوا أن الذي جاء به الحق ولكنهم كانوا يكتمون: {يُرِيدُونَ أَنْ
يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} 1 فصنفوا المصنفات في تبديعه وتضليله وتغييره للشرع النبوي وتبديله وعدم معرفته بأسرار العلوم وتجهيله, وسطروا فيها الجزم بكفره وبطلان حجته ودليله وأوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون, فأطبق أهل الباطل والضلال على قبيح تلك الأقوال وأرهفوا أسنة المقال والكل خاض في الإفك ونال فآب بالخسران والإذلال ورجع ولله الحمد بخيبة الآمال: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} 2 والذي تول منهم هذا لأمر الكبير, واقتحم لجج موجه الخطير, وشمر فيه أعظم التشمير, وتنادى عليه مع أعوانه لأجل التغيير حسدا وبغيا لفوزه بهذا الفضل الكثير والفخر النابل المنير سليمان ابن سحيم وأبوه محمد من مطاوعة الرياض والموانيس من أهل منيخ3 وعبد الله بن محمد بن عبد اللطيف ومحمد بن عبد الرحمن بن عفالق فصار كل من هؤلاء معاندا مجادلا مشاقق4 وحذروا منه جميع الأنام, وأخرجوه بلا شك من حوزة الإسلام وأغروا به الخاص والعام خصوصا السلاطين والحكام وقطعوا لهم أنه رافض شريعة محمد عليه الصلاة
والسلام, وأنه مغير لمنار السنة والأحكام وليس له منها تمسك والتزام ولا بالدين أخذ واعتصام, فليس له ولا لأصحابه عهد ولا ذمام, ولم يكن له قصد ولا مرام إلا تنفير الخواص والعوام, ملأ قلوب الجهال والطغام بما يبديه لهم من ذلك الكلام فيقوموا بالمشاققة على الحكام والولاة ويكونون عليهم عتاة وبما يأمرونهم به في جميع الأحوال عصاة, فهذا غايته ومناه ومنتهى مراده وأقصاه يخوفونهم بهذه الأقاويل ويجلبون لهم أنواع الأباطيل ويحذرونهم منه أنه إن تمكن أمره في البلاد أزال جميع المنكرات والفساد وقطع جميع ما كان من المظالم معتاد, فكانوا بهذا الكلام لهم يغرون وعن طريقه يحذرون وينفرون, وهو رحمه الله صابر على ما يقولون محتسب الأجر فيما إليه ينسبون متسل بما كابده وقاساه قبله الموحدون وما لقيه من الابتلاء المؤمنون وما سعى به لهم الضلال والمشركون: {ألم, أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} 1 وهذه سنة الله تعالى في عبادة جارية في جميع الأزمان على مراده, يختبر بها أحبابه المؤمنين ويمتحن بها أحزابه المفلحين: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} 2 فيرفع جل وعلا قدر الصابرين ويعلى مرتبة الصادقين ويخفض منزلة المنافقين, ويفضح بإرادته الفاسقين والكاذبين ويحق عليهم كلمة العذاب أجمعين: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} 3 فمضى رحمه
الله تعالى في المناصحة وبذل الجد في الدعوة, والخلق رموا النبال نحوه فصبر متأسيا بسلفه الصالح فكان له بهم أسوة ما كانوا عليه يحزنون: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ, إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ, وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} 1 2ا. هـ. إلا أن صبره لم يكن إطلاقاً يعني السلبية أو الانهزامية بل كان الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يناضل عن الحق الذي يعتقده ويدين الله به بكل ثبات ويقين, فأرسل إلى علماء المسلمين بعض الرسائل يفسر فيها عن الحق والحقيقة لما لبسهما بعض الجهال وأدعياء العلم- الذين ذكر بعضهم ابن غنام رحمه الله في كلامه السابق- على العوام بسبب هدمه للقباب ومما كتبه محتسبا في ذلك- غفر الله- له رسالته التي قال فيها: "من محمد بن عبد الوهاب إلى العلماء الأعلام في بلد الله الحرام نصر الله بهم سيد الانام وتابعي الأئمة الأعلام. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: جرا علينا من الفتنة ما بلغكم وبلغ غيركم وسببه هدم بنيان في أرضنا على قبور الصالحين, فلما كبر هذا على العامة لظنهم أنه تنقيص للصالحين ومع هذا نهيناهم عن دعواهم وأمرناهم بإخلاص الدعاء لله, فلما أظهرنا هذه المسألة مع ما ذكرنا من هدم البنيان على القبور كبر على العامة جدا, وعاضدهم بعض من يدعي العلم لأسباب أخر, التي لا تخفى على مثلكم أعظمها اتباع هوى العوام من أسباب أخر فأشاعوا عنا أنا نسب الصالحين وأنا على غير جادة العلماء, ورفعوا الأمر إلى المشرق والمغرب, وذكروا عنا
أشياء يستحي العاقل من ذكرها, وأنا أخبركم بما نحن عليه خبرا لا أستطيع أن أكذب" بسبب أن مثلكم لا يروج عليه الكذب على أناس متظاهرون1 بمذهبهم عند الخاص والعام لا يروّج, فنحن ولله الحمد2 متبعون غير مبتدعين, على مذهب الإمام أحمد بن حنبل"3. كما قال أيضا رحمه الله في جملة احتسابه على عبد الله بن سحيم: " العجب من قولك أنا هادم قبور الصحابة, عبارة الإقناع في الجنائز يجب هدم القباب التي على القبور لأنها أسست على معصية الرسول4 والنبي صلى الله عليه وسلم صح عنه أنه بعث عليا لهدم القبور5 "6. بمثل هذه القوة والثبات والجرأة في الدفاع عن لحق, يستطيع المحتسب- بإذن الله تعالى- أن يتغلب على ما يعترض طريق احتسابه من معوقات شتى.
الملطلب الخامس: احتسابه على أهل البدع:
الملطلب الخامس: احتسابه على أهل البدع: لا تجتمع السنة والبدعة في آن واحد كما لا يجتمع الليل والنهار سويا, فكلما ازداد المسلم تمسكا بالسنة, ازداد بعدا عن البدعة وإنكار لها. والبدع من أبرز المنكرات العقائدية التي احتسب على أهلها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله, وأولاها في حسبته اهتماما كبيرا, لما ظهر في مجتمعه من صور شتى للبدع والمحدثات. والبدع مفردها بدعة. والبدعة في اللغة: من بدع الشيء يبدعه بدعا وابتدعه: أنشأه وبدأه ... وابتدعت الشيء: اخترعته لا على مثال سابق1. فأصل هذه الكلمة من الاختراع, وهو الشيء الذي يحدث من غير أصل مسبق ولا مثال ولا أُلف مثله عن أهل السنة2. والبدعة في الشرع هي: طريقة في الدين مخترعة تضاهي- الطريقة- الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه3. وهكذا فالمراد بالبدعة ما أحدث في الدين مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه, فأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه, فليس ببدعة شرعا, وإن كان بدعة لغة4 مثل جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد5.
عن عبد الرحمن بن عبد القارئ أنه قال خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع1 متفرقون يصلى الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر رضي الله عنه إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل, ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب, ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم, قال عمر رضي الله عنه نعمة البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون, يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله2. وقد غلب لفظ البدعة على الحدث المكروه في الدين مهما أطلق هذا اللفظ3 وأكثر ما يستعمل المبتدع عرفا في الذم4. والبدعة أنواع: النوع الأول: ما يكون في أصل العبادة بأن يحدث عبادة ليس لها أصل في الشرع, كأن يحدث صلاة غير مشروعة أو صياما غير مشروع أو أعيادا غير مشروعة كأعياد الموالد وغيرها. النوع الثاني: ما يكون في الزيادة على العبادة المشروعة, كما لو زاد ركعة خامسة في صلاة الظهر أو العصر مثلا. النوع الثالث: ما يكون في صفة أداء العبادة بأن يؤديها على صفة
غير مشروعة, ذلك كأداء الأذكار المشروعة بأصوات جماعية مطربة, وكالتشديد على النفس في العبادات إلى حد يخرج عن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم. النوع الرابع: ما يكون بتخصيص وقت للعبادة المشروعة لم يخصصه الشرع, كتخصيص يوم النصف من شعبان, وليلته بصيام وقيام, فإن أصل الصيام والقيام مشروع, ولكن تخصيصه بوقت من الأوقات يحتاج إلى دليل1. وقد حارب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله البدع بكافة أنواعها, ويرى أن الاحتساب عليها من أفضل القربات قال رحمه الله: " ... الأمر بالسنة والنهي عن البدعة أمر بمعروف ونهي عن المنكر, وهو من أفضل الأعمال"2. كما يرى أنه فعل الخير المعلق به الفلاح, قال رحمه الله في سياق تعليقه على قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} 3: " فوالله الذي لا إله إلا هو إن فعل الخير اتباع ما شرع الله, وإبطال4 من غير حدود الله, والإنكار على من ابتدع في دين الله, هذا هو فعل الخير المعلق به الفلاح خصوصا مع قوله صلى الله عليه وسلم: "وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة" 5"6اهـ.
فهذا الحديث قاعدة شرعية كلية بمنطوقها ومفهومها1. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " ... الذين الذي يتقرب العباد به إلى الله, لا بد أن يكون الله أمر به وشرعه على ألسنة رسله وأنبيائه, وإلا فالبدع كلها ضلالة, وما عبدت الأوثان إلا بالبدع"2اهـ. فالإتباع للرسول صلى الله عليه وسلم حصن حصين من الابتداع, وفي الأثر عن الزهري رحمه الله أنه قال: " الاعتصام بالسنة نجاة"3. وفيه تحقيق معنى شهادة أن محمدا رسول الله, المكملة لكلمة التوحيد, فإذا كان معنى " لا إله إلا الله"كما مر سابقا- لا معبود بحق إلا الله4 فإن من معنى " محمدا رسول الله": " لا متبوع بحق إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم"5. وقد قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في بيان معناها: " ... ومعنى شهادة أن محمدا رسول الله: طاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر, واجتناب ما نهى عنه وزجر, وأن لا يعبد الله إلا بما شرع"6 وبتحقيق معناها يغلق باب البدع التي قام الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالاحتساب
عليها, والتي منها:
الفرع الأول: بدعة بناء القباب على القبور:
الفرع الأول: بدعة بناء القباب على القبور: وقد سبق ذكر هذه البدعة التي احتسب عليها الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قريبا1.
الفرع الثاني: بدعة الاحتفال بالمولد النبوي:
الفرع الثاني: بدعة الاحتفال بالمولد النبوي: يحتفل عدد من المسلمين والعلماء المضلين- في كثير من بلاد المسلمين ما عدا بلاد الحرمين حرسها الله- في ربيع الأول من كل سنة مناسبة مولد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فمنهم من يقيم هذا الاحتفال في المساجد, ومنهم من يقيمه في البيوت أو الأمكنة المعدة لذلك وبحضرة جموع كثيرة من عوام الناس1. وأول من أحدث هذه البدعة الفاطميون2 في عهد المعز لدين الله 3مما يضعف قول السيوطي: بأن أول من أحدث فعل ذلك صاحب إربل4الملك
المظفر أبو سعيد كوكبري 1 2 كما ذكر ابن كثير أنه كان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالا هائلا3 ولم يذكر أنه أول من احتفل به. وذكر أبو شامة أن أول من فعله بالموصل الشيخ عمر بن محمد الملاء أحد الصالحين المشهورين وبه اقتدى صاحب إربل4 وكذلك لم يقل أنه أول من احتفل به. بينما لم يحتفل به البتة الرسول صلى لله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعون لهم بإحسان. قال السخاوي: إن عمل المولد حدث بعد القرون الثلاثة5. الأولى المفضلة. ومن ثم فحكمه بدعة منكرة لا أصل لها في الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح6. قال الإمام الفاكهاني7 رحمه الله: " لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا
سنة, ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة, الذين هم القدوة في الدين, المتمسكون بآثار المتقدمين, بل هو بدعة, أحدثها البطالون, وشهوة نفس اعتنى بها الأكالون"1 ولو كان في هذا خير فكيف غفل عنه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة والتابعين وتابعيهم2 وإذا كان هذا الاحتفال ليس معروفا لديهم أو الأئمة الأربعة, فلا شك أنه مردود على قائله آثم فاعله3 لما روته عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى لله عليه وسلم قال: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" 4. ويربط الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بين الاحتفال بالمولد النبوي واحتفال النصارى بمولد المسيح عليه السلام قائلا: " الأعياد من الشرائع فيجب فيها الإتباع, وما أحدث في المولد إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى, وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم, ويصحب هذه الأعمال من الريا5 والكبر والاشتغال عن المشروع ما 6 يفسد حال صاحبها"7اهـ. والحق أن من يحدث بدعة ويقول من أجل محبة الرسول فما فعله ذاك إلا
محاداة لله وللرسول وبغضا للرسول1. ثم إن غالب الاحتفالات بالمولد- مع كونها بدعة- لا تخلو من اشتمالها على منكرات أخرى كاختلاط النساء بالرجال, واستعمال الأغاني والمعازف, وشرب المسكرات والمخدرات وغير ذلك من الشرور2 وهذا بكل أسف ما ابتليت به الأمة الإسلامية في زماننا, فكثير من بلدان المسلمين القاصية والدانية – ما خلا بلاد الحرمين حرسها الله- تعلن وتجاهر بهذه البدعة وكأنها سنة من سنن الهدى! فإلى الله المشتكى. ومما يجدر التنبيه إليه هنا أن جل القصائد والمدائح النبوية التي يتغنى بها في المولد لا تخلو من ألفاظ الشرك وعبارات الغلو الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم3 بقوله: " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم, فإنما أنا عبده فقولوا عبد الله ورسوله" 4 مثل قصيدة البردة5
للبوصيري1 التي حوت من الكفر والشرك ما يندى له الجبين, وقد احتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على شرحها قائلا: " ... وأعجب من ذلك ما رأيت وسمعت ممن يدعي أنه أعلم الناس, ويفسر القرآن ويشرح الحديث بمجلدات ثم يشرح " البردة" ويستحسنها ويذكر في تفسيره وشرحه للحديث أنه شرك, ويموت ما عرف ما خرج من رأسه, هذا هو العجب العجاب"2اهـ. وعليه فتلك الموالد المشتملة على هذه الأمور الشركية أشد إثما وأعظم ذنبا وأولى بالإنكار وأجدر ألا تكون ممن يؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا3. لذلك جاء احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على سليمان بن سحيم قويا لما أنكر عليه حضوره المولد وأكله من الطعام المعد له
مع ما فيه من طلب الغوث والمدد من غير الله1.
الفرع الثالث: بدعة التصوف:
الفرع الثالث: بدعة التصوف: يرجع أصل المسمى التصوف إلى عدة أمور منها: لباس الصوف, وصوفة القفا1, وأهل الصفة, وأهل الصفاء, والصفوة من خلق الله, والصف المقدم بين يدي الله تعالى2. والتصوف طريقة كان ابتداؤها الزهد الكلي ثم ترخص المنتسبون إليها بالسماع والرقص فمال إليهم طلاب الآخرة من العوام لما يظهرونه من التزهد, ومال إليهم طلاب الدنيا لما يرون عندهم من الراحة واللعب3. وللصوفية منهج في العبادة يخالف منهج السلف, فهم يقصرون العبادة على المحبة, ويغالون في أوليائهم وشيوخهم4 ويغالون بترك الحلال تعبدا ويتنطعون في العبادات5. ولهم رؤساء ضالون مضلون من أبرزهم ابن عربي الملقب بالشيخ الأكبر,
يعتبر تفسه خاتم الأولياء, وهو رئيس مدرسة وحدة الوجود1 القائلة بأنه لا شيء سوى هذا العالم وأن الإله أمر كلي لا وجود له إلا في ضمن جزئياته2 فهو عنده يجمع بين النقيضين في ذاته وبين الضدين في صفاته, فهو الوجود الحق وهو العدم الصرف, وهو الخالق وهو المخلوق, وهو عين كل كائن, وصفاته عين صفات كل موجود وكل معلوم, هو المؤمن وهو الكافر, هو الموحد الخالص التوحيد وهو المشرك الأصم الوثنية هو الجماد وهو الحيوان وهو الملاك, وهو الشيطان..تلك هي بعض ذاتيات رب ابن عربي3 4 -العياذ بالله-. ومما حدى بالعلماء الأفذاذ إلى تكفيره5. وقد استدل الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب- رحمه الله- بكلام صاحب الإقناع في تكفير الصوفية في معرض احتسابه عليهم فقال: " وقال أيضا في أثناء الباب: ومن اعتقاد أن لأحد طريقا إلى الله غير متابعة محمد صلى الله عليه وسلم, أو لا يجب عليه اتباعه أو أن لغيره خروجا عن اتباعه, أو قال أنا محتاج إليه في علم الظاهر دون علم
علم الشريعة دون علم الحقيقة أو قال إن من العلماء من يسعه الخروج عن شريعته كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى كفر في هذا كله1, ولو تعرف من قال هذا الكلام فيه وجزم بكفرهم وعلمت ما هم عليه من الزهد ولعبادة وأنهم عند أكثر أهل زماننا من أعظم الأولياء لقضيت العجب2". كما احتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على أحد المتأثرين بابن عربي الصوفي في جملة احتسابه على سليمان بن سحيم فقال رحمه الله: "ولا يخفاك أني عثرت على أوراق عند ابن عزاز3 فيها إجازات4 له من عند مشايخه, وشيخ مشايخه رجل يقال له عبد الغني, ويثنون عليه في أوراقهم, ويسمونه العارف بالله, وهذا اشتهر عنه أنه على دين ابن عربي الذي ذكر العلماء أنه أكفر من فرعون, حتى قال ابن المقرئ الشافعي: من شك في كفر طائفة ابن عربي فهو كافر, فإذا كان إمام دين ابن عربي والداعي إليه هو شيخهم ويثنون عليه أنه العارف بالله فكيف يكون الأمر؟ "5اهـ. وكذا ابن الفارض6 رأس من رؤس أهل الاتحاد7.
وقد رماه بالزندقة نحو من أربعين عالما1. وقد احتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب على أتباع ابن عربي وابن الفارض من متصوفة زمانه فقال رحمه الله: "من أعظم الناس ضلالا متصوفة في معكال2 وغيره مثل ولد موسى بن جوعان وسلامة بن مانع3 وغيرهما يتبعون مذهب ابن عربي وابن الفارض, وقد ذكر أهل العلم أن ابن عربي من أئمة أهل مذهب الاتحادية, وهم أغلظ كفرا من اليهود والنصارى فكل من لم يدخل في دين محمد صلى الله عليه وسلم, ويتبرأ من دين الاتحادية فهو كافر بريء من الإسلام, ولا تصح الصلاة خلفه, ولا تقبل شهادته, والعجب كل العجب أن الذي يدعي المعرفة يزعم أنه لا يعرف كلام الله, ولا كلام رسوله بل يدعي أني أعرف كلام المتأخرين مثل الإقناع وغيره وصاحب الإقناع قد ذكر أن من شك في كفر هؤلاء السادة والمشايخ فهو كافر4, سبحان الله, كيف يفعلون أشياء في كتابهم أن من فعلها كفر, ومع هذا يقولون نحن أهل المعرفة وأهل الصواب وغيرنا صبيان جهال,
والصبيان يقولون اظهروا لنا كتابكم, ويأبون عند إظهاره أما في هذا ما يدل على جهالتهم وضلالتهم؟ "1 اهـ. ويشتد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله للغاية في إنكاره على من ينتحل مذهب ابن عربي وابن الفارض حتى يصل به الإنكار إلى درجة الهجر!. فيقول رحمه الله: " وأما الاتحادي ابن عربي صاحب الفصوص2 المخالف للنصوص وابن الفارض الذي لدين الله محارب وبالباطل للحق معارض, فمن تمذهب بمذهبهما فقد اتخذ مع غير الرسول سبيلا, وانتحل طريق المغضوب عليهم والضالين المخالفين لشريعة سيد المرسلين, فإن ابن عربي وابن الفارض ينتحلان نحلا تكفرهما, وقد كفرهم كثير من العلماء العاملين فهؤلاء يقولون كلاما أخشى المقت من الله في ذكره فضلا عمن انتحله, فإن لم يتب إلى الله من انتحل مذهبهما وجب هجره وعزله عن الولاية إن كان ذا ولاية من إمامة أو غيرها, فإن صلاته غير صحيحة لا لنفسه ولا غيره"3اهـ. وذلك من باب هجر المبتدع, الذي جاءت به الشيعة الإسلامية فيقول رحمه الله في شأن هجر أهل البدع: "ورأى هجر أهل البدع ومباينتهم حتى يتوبوا, وأحكم عليهم بالظاهر وأكل سرائرهم إلى الله, وأعتقد أن كل محدثة في الدين بدعة"4اهـ.
وعلل ذلك بقوله رحمه الله: " هجران أهل البدع والمعاصي الظاهرة وترك السلام عليهم, تحقيرا لهم وزجرا"1. والأصل في هجر المبتدع قوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} 2. قال القرطبي رحمه الله: "وإذا ثبت تجنب المعاصي كما بينا فتجنب أهل البدع والأهواء أولى"3.اهـ. وهجر المبتدع من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة وقد كثرت أقوالهم في هذا الباب وإليك واحدا منها: قال الإمام إسماعيل الصابوني4 رحمه الله في سياق بيانه لعقيدة السلف وأصحاب الحديث: ويبغضون أهل البدع, الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه, ولا يحبونهم, ولا يصحبونهم, ولا يسمعون كلامهم, ولا يجالسونهم, ولا يجادلونهم في الدين ولا يناظرونهم, ويرون صون آذانهم عن سماع أباطيلهم التي إذا مرت بالآذان وقرت في القلوب ضرت, وجرت إليها من
الوسواس والخطرات الفاسدة ما جرت"1 اهـ. وآثار السلف في هذا الباب مستفيضة أذكر بعضا منها على سبيل المثال: قال يحيى بن أبي كثير2 رحمه الله: " إذا رأيت المبتدع في طريق فخذ في غيره"3. وقال إسحاق ابن إبراهيم بن هانئ النيسابوري رحمه الله: سألت أبا عبد الله – أحمد بن حنبل- عن رجل مبتدع, داعية يدعو إلى بدعة, أيجالس؟ قال: لا يجالس ولا يكلم, لعله أن يرجع"4. ويذكر النووي رحمه الله أن هجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السنة مع العلم يجوز دائما والنهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام5 إنما هو في من هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا, أما أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائما6. ولا يقطع الهجر إلا رجوع المبتدع وتوبته عن بدعته.
قال الخطابي1 رحمه الله: " تحريم الهجرة بين المسلمين أكثر إنما هو فيما تكون بينمهما من قبل عتب موجدة, أو لتقصير يقع في حقوق العشرة ونحوها, دون ما كان من ذلك في حق الدين, فإن هجرة أهل الأهواء والبدعة دائمة على مر الأوقات والأزمان, وما لم تظهر منهم التوبة والرجوع إلى الحق"2اهـ. وقد جمع بعضهم أسماء من كان يزجر بالهجر من الصحابة والتابعين فمن بعدهم وذكر منهم: عثمان بن عفان, وسعد بن أبي وقاص, وعبد الرحمن بن عوف, وعائشة أم المؤمنين, وحفصة أم المؤمنين, وعمار بن ياسر رضي الله عنه, وسعيد ابن المسيب, وطاووسا ووهب بن منبه, والحسن البصري, وابن سيرين, وسفيان الثوري رحمهم الله, وخلقا إلى أن ختم بالنووي, فإنه كان يزجر بالهجر ويراه3. وقد عزا الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تشديد السلف في معاداة أهل البدع والضلالة إلى أمرين: "الأول: غلظ البدعة في الدين في نفسها, فهي عندهم أجل من الكبائر4, ويعاملون أهلها بأغلظ مما يعاملون به أهل الكبائر, كما تجد في قلوب الناس أن الرافضي عندهم ولو كان عالما عابدا أبغض وأشد ذنبا من السني المجاهر بالكبائر.
الثاني: أن البدع تجر إلى الردة الصريحة, كما وجد من كثير من أهل البدع"1 اهـ. وموضوع هجر المبتدع يجب أن يفهم ضمن منهج أهل السنة والجماعة بمراعاة مقاصده وأحكامه وضوابطه الشرعية المبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد2 فإن الشرع الشريف يزن الواقعات والأحوال الداخلة تحت قاعدته العامة " الولاء والبراء" بميزان قسط وقسطاس مستقيم, وسطا عدلا بين جانبي الإفراط والتفريط, فلا تزيد عن حدها ولا تنتقص عنه, فتلتقى العقوبة للمبتدع بالهجر مع مقدار بدعته باعتبارات مختلفة, وما يحف بذلك من أحوال تنزل على قاعدة رعاية المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها3, فإذا كانت البدعة مكفرة وجب هجره, وإذا كانت دون ذلك فإننا نتوقف في هجره إن كان في هجره مصلحة فعلناه, وإن لم يكن فيه مصلحة اجتنبناه4, فإن هجر المسلم شأنه خطير, عن أبي خراش السلمي5 رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه" 6.
وفي ذلك يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: و" ... ما صح عن العلماء من أنه لا يكفر أهل القبلة, فمحمول على من لم تكن بدعته مكفرة, لأنهم اتفقت كلمتهم على تكفير من كانت بدعته مكفرة"1 اهـ. ويقول الشاطبي2 رحمه الله مفرقا بين البدعة المكفرة وغيرها: " الاختلاف من جهة كونها كفرا وعدمه فظاهر ... لأن ما هو كفر جزاؤه التخليد في العذاب – عافانا الله- وليس كذلك ما لم يبلغ حكم سائر الكبائر مع الكفر في المعاصي, فلا بدعة أعظم وزرا من بدعة تخرج عن الإسلام, كما أنه لا ذنب أعظم من ذنب يخرج عن الإسلام"3اهـ. لذلك يجزم الإمام أحمد بن حنبل بوجوب الهجر في هذه الحال فقال: " ويجب هجر من كفر, أو فسق ببدعته, أو دعا إلى بدعة مضللة, أو مفسقة, على من عجز عن الرد عليه, أو خاف الاغترار به والتأذي, دون غيره, وقيل يجب هجره مطلقا وهو ظاهر كلام أحمد رضي الله عنه السابق, وقطع ابن عقيل به في معتقده, قال: ليكون ذلك كسرا له واستصلاحا"4 اهـ. والصوفية من أكفر المبتدعة فهم أولى بالهجر من غيرهم, ولقد حذر منهم السلف الصالح. عن عبد الرحمن بن مهدي وذكر الصوفية, فقال: " لا تجالسوهم, ولا
أصحاب الكلام عليكم بأصحاب القماطر1 فإنما هم بمنزلة المعادن مثل الغواص هذا يخرج درة, وهذا يخرج قطعة ذهب"2. وقال ابن عقيل: ما على الشريعة أضر من المتكلمين والمتصوفين, فهؤلاء يفسدون العقول بتوهمات شبهات العقول, وهؤلاء يفسدون الأعمال, ويهدمون قوانين الأديان, قال: وقد خبرت طريق الفريقين غاية هؤلاء الشك, وغاية هؤلاء الشطح, والمتكلمون عندي خير من الصوفية لأن المتكلمين قد يردون الشك, والصوفية يوهمون التشبيه والإشكال والثقة بالأشخاص الضلال3 اهـ. على الرغم مما لدى المعتزلة من الزيغ والضلال والانحراف عن منهاج أهل السنة والجماعة والإحداث في دين رب العالمين, إلا أن بدعة الصوفية الكفرية القائلة بالحلول والاتحاد أشد وبالا وأعظم ضلالا. ومثلما اشتد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب في إنكاره على الصوفية ومن تأثير بأفكارهم الهدامة ينبغي على المسلمين عامة ورجال الحسبة بصفة خاصة أن يشتدوا في الإنكار عليهم وعلى غيرهم من المبتدعة, كل حسب استطاعته, والله المستعان.
المطلب السادس: احتسابه على الموالاة والمعاداة:
المطلب السادس: احتسابه على الموالاة والمعاداة: الموالاة والمعاداة من أهم القضايا العقدية التي احتسب فيها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. وهما كلمتان متضادتان في المعنى: فالموالاة لغة: مصدر من ولي, والي: القرب والدنو..والولي: ضد العدو, والموالاة ضد المعاداة, والولاية: النصرة1. والولي: الصديق والنصير.... قال ابن الأعرابي: الولي: التابع المحب, وتولاه: اتخذه وليا, وأنه لبين الولاة والولية والتولي والولاء والولاية واللاية. والموالاة: المتابعة, وتوليت فلانا أي أتبعته, ورضيت به والتولي الاتباع2. والمعاداة لغة: مصدر من العدو ضد الولي..يقال عدو بين العداوة والمعاداة.. وتعادى القوم تباعدوا3. وعاديت الشيء: باعدته, وعديت له: أبغضته, وتعاديت عنه أي تجافيت. لا يعادني أي: لا يجافيني..وتعادى ما بينهم: اختلف4. ويوازن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بين المعنين قائلا: " أصل الموالاة هي المحبة, كما أن أصل المعاداة البغض فإن التحاب يوجب التقارب
والاتفاق.. والتباغض يوجب العداوة والاختلاف"1اهـ. كما قال ابن القيم رحمه الله: " الولاية تنافي البراءة فلا تجتمع البراءة والولاية أبدا, والولاية إعتزاز فلا تجتمع هي وإذلال الكفر أبدا.. والولاية صلة فلا تجامع معاداة الكافر أبداً"2 اهـ. وأصل الولاء القرب والتقارب بين أهل الإيمان بقلوبهم وإن تباعدت أبدانهم3. أما عن معنى الموالاة والمعاداة في الشرع: فيقول الشيخ سليمان بن عبد الله ابن محمد بن عبد الوهاب4 رحمه الله: " الموالاة5 - في الله- التي هي لازم الحب: النصرة والإكرام والاحترام , والكون مع المحبين باطنا وظاهرا. والمعاداة فيه: أي إظهار العداء بالفعل كالجهاد لأعداء لله والبراءة منهم والبعد عنهم باطنا وظاهرا"6اهـ. ويذكر أهل العلم أن من أصول العقيدة الإسلامية أنه يجب على كل مسلم
يدين بهذه العقيدة أن يوالي أهلها ويعادي أعداءها, فيحب أهل التوحيد والإخلاص ويوالهم, ويبغض أهل الإشراك ويعاديهم1. والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله تعالى: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} 2. وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً} 3. وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} 4. ومما يجب التنبيه عليه أن الموالاة ليست مرادفة للتولي المشار إليه في الآية السابقة بل بينهما اختلاف, وفي ذلك يقول الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف5 رحمه الله: " التولي كفر يخرج من الملة وهو كالذب عنهم وإعانتهم بالمال والبدن والرأي, والموالاة كبيرة من كبائر الذنوب كبل الدواء أو بري القلم أو
التبشش لهم لو رفع السوط لهم"1. ويقول الشيخ سليمان بن سحمان في قصديته" المسماة بحماقة وجهالة": وأصل بلاء القوم حيث تورطوا ... هو الجهل في حكم الموالاة عن زلل فما فرقوا بين التولي وحكمه ... وبين الموالاة التي هي في العمل أخف ومنها ما يكفر فعله ... ومنها يكون دون ذلك في الخلل2 ويذكر أهل العلم أن موالاة الكفار من سمات المنافقين3: فإذا كان الأمر كذلك فهذا كاف في تحريمها4. ويقول الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله مبينا حكم موالاة أعداء الإسلام: "من أطاع الرسول ووحد الله لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب5, ولو كانوا آباءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم"6. قال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 1. بل إن هذا الفعل مناف للإيمان مضاد له, ولا يجتمع هو والإيمان كما لا يجتمع الماء والنار في تصور البشر2. لذلك يربط الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في احتسابه بهذا الخصوص بين الموالاة والمعاداة في الله وبين تحقيق كلمة لا إله إلا الله قائلا: " المراد قولها3 مع معرفتها بالقلب, ومحبتها ومحبة أهلها, ويبغض من خالفها ومعادته"4. وينكر رحمه الله متعجبا على من: " عرفها5 من وجه, وعاداها وأهلها من وجه, وأعجب منه من أحبها وانتسب إلى أهلها, ولم يفرق بين أوليائها وأعدائها, يا سبحان الله العظيم أتكون طائفتان مختلفتين6 في دين الله, وكلهم على الحق كلا والله"7. اهـ.
وإذا كانت البغضاء متعلقة بالقلب, فإنها لا تنفع حتى تظهر آثارها وتتبين علاماتها, ولا تكون كذلك حتى تقترن بالعدواة والمقاطعة, فحينئذ تكون العداوة والبغضاء ظاهرتين, وأما إذا وجدت الموالاة والمواصلة, فإن ذلك يدل على عدم البغضاء1, وهل يتم الدين ويقام علم الجهاد وعلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بالحب في الله والبغض في الله والموالاة في الله والمعاداة في الله؟ 2. وفي ذلك يقول الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "الإنسان لا يستقيم له إسلام- ولو وحد لله وترك الشرك- إلا بعداوة المشركين والتصريح لهم بالعداوة والبغض"3. ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة, ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء لم يكن هناك فرقان بين الحق والباطل, ولا بين المؤمنين والكفار, ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان4. والولاء للمؤمنين يكون بمحبتهم لإيمانهم, ونصرتهم, والنصح لهم, والدعاء لهم, والسلام عليهم, وزيارة مريضهم, وتشييع ميتهم, وإعانتهم, والرحمة بهم, وغير ذلك. والبراءة من الكفار تكون ببغضهم- دينا- ومفارقتهم, وعدم الركون إليهم,
أو الإعجاب بهم, والحذر من التشبه بهم, وتحقيق مخالفتهم شرعا, وجهادهم بالمال واللسان والسنان, نحو ذلك من مقتضيات العداوة في الله1. وذلك بعيدا عن حظوظ النفس ونزغات الهوى التي تعمى عن الحق وتصم بدافع من الشيطان. ويوصي الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله المسلمين بموالاة أهل لا إله إلا الله ومعاداة من حارب التوحيد وأهله قائلا: " فالله الله يا إخواني, تمسكوا بأصل دينكم , وأوله وآخره, وأسه ورأسه شهادة أن لا إله إلا الله, واعرفوا معناها وأحبوها وأحبوا أهلها واجعلوهم إخوانكم ولو كانوا بعيدين, واكفروا بالطواغيت وعادوهم, وأبغضوهم, وأبغضوا من أحبهم, أو جادل عنهم , أو لم يكفرهم"2. وما أحوجنا في هذا الزمن الذي تميعت فيه قضايا التوحيد! إلى الأخذ بوصية الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب النفيسة والعمل بها. ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ممحصا للقضية: المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك, والكافر تجب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك, فإن الله سبحانه بعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله, فيكون الحب لأوليائه, والبغض لأعدائه والإكرام لأوليائه, والإهانة لأعدائه, والثواب لأوليائه, والعقاب لأعدائه"3اهـ.
وهنا تبرز المفاضلة الإيمانية وترتفي بمن يحقق الموالاة والمعاداة لله وحده دون سواه حتى تصل به إلى القمة. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: "أي عرى الإيمان- اظنه قال: أوثق-؟ " قال: الله ورسوله أعلم, قال صلى الله عليه وسلم: " الموالاة في الله والمعاداة في الله, والحب في الله والبغض في الله" 1, والباعث الحقيقي لتلك الموالاة والمعاداة محبة الله عز وجل, فمتى وجدت محبته في القلب تحمل المؤمن حينئذ وتقبل تكاليف هذه المحبة ولوازم عبادته لله تعالى2. وإذا أشرب القلب بالإيمان وتحقق بالتوحيد, ولم يبق فيه محبة لغير الله عز وجل ومحبة ما لا يحبه الله ولا كراهية لغير ما يكرهه الله3. أما من يوالي أعداء الله أو يعادي أولياءه فقد توعده الله بالوعيد الشديد. قال تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ, وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} 4. ففي الآية الكريمة دلالة على أن من اتخذ من دون الله ورسوله أولياء, ويوالي لهم ويعادي لهم, ويرضى لهم, ويغضب لهم, فإن أعماله كلها باطلة يراها يوم
القيامة حسرات عليه مع كثرتها وشدة تعبه فيها ونصبه, إذ لم يجرد موالاته ومعاداته, ومحبته وبغضه, وانتصاره وإيثاره لله ورسوله, فأبطل الله عز وجل ذلك العمل كله وقطع تلك الأسباب, فينقطع يوم القيامة كل سبب وصله ووسيلة ومودة وموالاة كانت لغير الله تعالى1. وقد حذر الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من مغبة معاداة التوحيد وأهله وموالاة الشرك وأهله قائلا: "وأنا أنصحكم لله وانخاكم 2 لا تضيعوا حظكم من الله, وتحبون دين النصارى على دين نبيكم فما ظنكم بمن واجه الله وهو يعلم من قلبه أنه عرف التوحيد دينه ودين رسوله وهو يبغضه ويبغض من اتبعه, ويعرف أن دعوة غيره هو الشرك, ويحبه ويحب من اتبعه أتظنون أن الله يغفر لهذا"3اهـ. فليت شعري لو أن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله موجود بين ظهرانينا تراه ماذا سيقول عن أعياد الميلاد, ورأس السنة, والكنائس المشيدة في بعض البلاد الإسلامية الأخرى, والأضرحة التي يطاف حولها ويدعى أصحابها جهارا في تلك البلاد؟ فإلى الله المشتكى.
المطلب السابع: احتسابه على السحر والتنجيم والكهانة:
المطلب السابع: احتسابه على السحر والتنجيم والكهانة: الفرع الأول: السحر: تعريف السحر لغة: الأخذ, وكل ما لطف مأخذه1. وأصل السحر: صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره, والسحر خديعة, والسحر الفساد2. تعريف السحر اصطلاحا: هو: عزائم ورقى وعقد تؤثر في الأبدان, والقلوب فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه, ويأخذ أحد الزوجين عن صاحبه3. هناك تعريف آخر هو: عقد ورقى وكلام يتكلم به, أو يكتبه, أو يعمل شيئا يؤثر في بدن المسحور, أو قلبه, أو عقله4. وهو عمل يتقرب به إلى الشيطان5 لأنه اتفاق بين ساحر وشيطان على أن يقوم الساحر بفعل المحرمات أو الشركيات مقابل مساعدة الشيطان له وطاعته فيما يطلب منه 6 والعياذ بالله.
الأدلة على ثبوت السحر: والسحر حقيقة ثابتة, قال القرطبي رحمه الله: "ذهب أهل السنة إلى أن السحر ثابت وله حقيقة. وذهب عامة المعتزلة إلى أن السحر لا حقيقة له, وإنما هو تمويه وتخييل وإيهام لكون الشيء على غير ما هو به, وأنه ضرب من الخفة والشعوذة"1. والأدلة على حقيقته ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع, أذكر منها: أولا: الدليل على حقيقة من الكتاب: قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} 2. فلقد دلت الآية الكريمة على تعلم السحر, ولو لم يكن له حقيقة لم يمكن تعليمه ولا أخبر تعالى أنهم يعلمون الناس, فدل أنه حقيقة3.
وقوله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} 1 جاء في الصحيح: {النَّفَّاثَات} : "السواحر, تسحرون تعمون"2. وقال ابن القيم رحمه الله: " هن السواحر اللاتي يعقدون الخيوط وينفثن على كل عقدة حتى تنعقد ما يردن من السحر"3. ثانيا: الدليل على حقيقته من السنة: حديث عائشة رضي الله عنها: " سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني رزيق يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعله حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة وهو عندي لكنه دعا ودعا, ثم قال يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيه فيه؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي, والآخر عند رجلي, فقال أحدهما لصحابه: ما وجع الرجل؟ فقال مطبوب4 قال من طبه؟ قال لبيد بن الأعصم, قال في أي شيء؟ قال في مشط ومشاطة, وجف طلع نخلة ذكر, قال وأين هو؟ قال في بئر ذروان5, فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من أصحابه فقال يا عائشة كأن ماءها نقاعة الحناء أو كأن رؤوس نخلها رؤوس الشياطين, قلت يا رسول الله أفلا أستخرجه؟ قال قد عافاني الله فكرهت أن أثوِّر على الناس فيه شراً
فأمر بها فدفنت" 1. ففي الحديث دلالة واضحة على حقيقة وجود السحر لتأثيره على الرسول صلى الله عليه وسلم. سأل إسحاق الكوسج2 الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله: السحر حق؟ قال بلى أليس قد سحر النبي3. فدل هذا الأثر الملموس للسحر على أنه حقيقة. ثالثا: حقيقته من الإجماع: قال ابن هبيرة4 رحمه الله: "وأجمعوا على أن السحر له حقيقة إلا أبا حنيفة فإنه قال لا حقيقة له"5. وكذلك المعتزلة فإنهم أنكروا حقيقة السحر, قال المتولي الشافعي6 رحمه الله:
"وأنكرت المعتزلة ذلك, قالوا لا أصل له"1. وقال إسماعيل الصابوني في جملة بيانه لمعتقد السلف: " ويشهدون أن في الدنيا سحرا وسحرة إلا أنهم لا يضرون أحدا إلا بإذن الله عز وجل كما قال تعالى: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} 2, والمقصود بالإذن هنا هو الإذن الكوني القدري أي أن السحرة لا يضرون أحدا إلا بمشيئة الله تعالى وتقديره, وليس المراد الإذن الديني الشرعي"3اهـ. وقال المتولي الشافعي: "مذهب أهل الحق أن السحرة حق ومعناه أنه موجود ... , والدليل عليه قصة هاروت وماروت, وهو ظاهر في نص القرآن. والدليل عليه اتفاق أهل التفسير على أن نزول المعوذتين في سحر لبيد بن أعصم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ... والدليل عليه إجماع الفقهاء على السحر واختلافهم في أحكامه حتى تكلموا في وجوب القصاص على من قتل بالسحر, فدل ذلك على أنه موجود"4. حكم السحر والأدلة عليه: أما عن حكم السحر فقد نقله الإمام محمد بن عبد الوهاب عن " الإقناع" قائلا: " ويحرم تعلم السحر وتعليمه وفعله ... ويكفر بتعلمه وفعله سواء اعتقد حرمته أو إباحته"5.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "السحر محرم بالكتاب والسنة والإجماع"1. أما الكتاب فقوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ....} 2. ومن السنة حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اجتنبوا السبع الموبقات3 قالوا يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله, والسحر, وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق, وأكل الربا, وأكل مال اليتيم, والتولي يوم الزحف, وقذف المحصنات الغافلات" 4. في الحديث الشريف: نهى صلى الله عليه وسلم عن السبع المهلكات من الذنوب وثانيها السحر فدل على تحريمه, واقترانه بالشرك يدل على عظم العقوبة. والله أعلم. وذكر الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب أن السحر من خصال الجاهلية5. وقد حكم أهل العلم بتكفير الساحر. قال الذهبي: "الساحر لا بد وأن يكفر"6اهـ. لذلك نجد الفقهاء رحمهم الله بوبوا للسحر في كتاب حكم المرتد, مما حدى بالشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى تصنيفه ضمن نواقض الإسلام العشرة قال رحمه الله: السابع: السحر, ومنه الصرف والعطف, فمن فعله أو رضي به كفر والدليل قوله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ
فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ} 1 2. ولخطورة السحر وتعاطيه احتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بشدة على سليمان بن سحيم بسبب كتابته لشيء من السحر فقال رحمه الله: "إنك تكتب في حجبك طلاسم, وقد ذكر في " الإقناع"3 أنها من السحر, والسحر يكفر صاحبه فكيف تفهم التوحيد وأنت تكتب الطلاسم؟ وإن جحدت فهذا خط يدك موجود"4. ومن هذا المنطلق حكم الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عليه وعلى أبيه بالكفر بسبب اشتغالهما بالسحر فقال رحمه الله: "وأنا أذكر لك كلام صاحب " الإقناع" أنه مكفرك ومكفر أباك في غير موضع من كتابه- إلى أن قال- أنه ذكر أن السحر يكفر بتعلمه وتعليمه والطلاسم من جملة السحر5 ... وهي دينك ودين ودين أبيك, فأما أن تتبرؤوا من دينكم هذا6, وإلا فأجيبوا عن كلام صاحب الإقناع وكلامنا"7. ثم يخفف رحمه الله من حدته مع ابن سحيم للتوازن كفتي الشدة واللين في حسبته فيقول: "فتأمل هذا الكلام, ثم تأمل ما جرى في الناس خصوصا الصرف والعطف
تعرف أن الكفر ليس ببعيد وعليك بتأمل هذا الباب في الإقناع وشرحه وتأمله جيدا, وقف عند المواضع المشكلة, وذاكر فيها كما تفعل في باب الوقف والإجارة يتبين لك إن شاء الله أمر عظيم"1. عقوبة الساحر: ويذكر الإمام الشوكاني رحمه الله أن العلة الموجبة للحكم بالكفر على الساحر ليست إلا الاعتقاد أن الساحر مشارك لله تعالى في علم الغيب2. من هنا يرى أهل العلم أن عقوبة الساحر القتل. قال الخلال رحمه الله: سألت أبا عبد الله- يعني أحمد بن حنبل رحمه الله- ما الحكم في السحر ومن سحر؟ 3. قال: الحكم في الساحر إذا عرف السحر القتل. وقال الإمام مالك رحمه الله: " الساحر الذي يعمل السحر, ولم يعمل ذلك له غيره وهو مثل الذي قال الله تبارك وتعالى في كتابه: {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ} 4 فأرى أن يقتل ذلك إذا عمل ذلك هو نفسه"5اهـ.
وجاء في الإنصاف: " يكفر ويقتل هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب"1. وذلك لقول وفعل الصحابة رضوان الله عليهم. عن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حد الساحر ضربة بالسيف" 2. وعن عبد الله بن أحمد رحمهما الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو وسمعه بجالة3 يقول: كنت كاتبا لجزء بن معاوية عم الأحنف
فأتانا كتاب عمر رضي الله عنه قبل موته بسنة قال: اقتلوا كل ساحر وربما قال سفيان وساحرة, فقتلنا ثلاث سواحر1. قال ابن قدامة: هذا اشتهر فلم ينكر فكان إجماعا2. وذكر السنامي أن رجلا يتخذ لعبة ليفرق بين المرأة وزوجها بتلك اللعبة, قالوا هو مرتد يحكم بردته ويقتل إذا كان يعتقد لها أثرا ويعتقد التفريق من اللعبة لأنه كافر. والساحر إذا تاب قبل ان يؤخذ تقبل توبته وإن أخذ ثم تاب لم تقبل توبته3, هذا في إسقاط الحد عند التوبة, أما فيما بينه وبين الله فلا أحد يحول بينه وبين التوبة إن كانت صادقة4 والله أعلم.
الفرع الثاني: التنجيم:
الفرع الثاني: التنجيم: التنجيم لغة: فهو من نجم الشيء, وينجم نجوما: ظهر وطلع5.
وفي الاصطلاح: الاستدلال بالأحوال الفلكية على حوادث الأرضية1. والمنجم: هو الذي ينظر في النجوم يحسب مواقيتها وسيرها2, بمعنى أن يربط المنجم ما يقع في الأرض, أو ما سيقع فيها بالنجوم بحركتها, وطلوعها, وغروبها, واقترانها, وافتراقها وما أشبه ذلك3. فيستدل مثلا باقتران النجم الفلاني بالنجم الفلاني على أنه سيحدث كذا وكذا. ويستدل بولادة إنسان في هذا النجم أنه سيكون سعيدا. وفي النجم الآخر بأنه سيكون شقيا4 وبهذا نجد أن معنى التنجيم يتضمن معنى العرافة. قال ابن أبي العز الحنفي5 رحمه الله " المنجم يدخل في اسم " العراف" عند بعض العلماء , وعند بعضهم هو في معناه"6. والتنجيم مما ينافي التوحيد ويوقع في الشرك لأنه ينسب الحوادث إلى غير من أحدثها وهو الله سبحانه7.
ويذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن اعتقاد المعتقد بأن نجما من النجوم السبعة هو المتولي لسعده ونحسه اعتقاد فاسد, وإن اعتقد أنه هو المدبر له فهو كافر1. والتنجيم شعبة من السحر: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد" 2. يقول الشيخ الخطابي رحمه الله معلقا على الحديث: " علم النجوم المنهي عنه هو ما يدعيه أهل التنجيم من علم الكوائن والحوادث التي تقع وستقع في مستقبل الزمان كإخبارهم بأوقات هبوب الرياح, ومجيء المطر, وظهور الحر والبرد وتغيير الأسعار وما كان في معانيها من الأمور, يزعمون أنهم يدركون معرفتها بسير الكواكب في مجاريها وباجتماعها وافتراقها, ويدعون لها تأثيرا في السفليات , وأنها تتعرف على أحكامها وتجري على قضايا موجباتها, وهذا منهم تحكم على الغيب وتعاط لعلم استأثر الله سبحانه به لا يعلم الغيب أحد سواه, فأما علم النجوم الذي يدرك من طريق المشاهدة والحس كالذي يعرف به الزوال ويعلم به جهة القبلة فإنه غير داخل فيما نهى عنه"3 ا. هـ. وإذا كان النظر في النجوم من باب التيسير لمعرفة منازل القمر لتحديد أوقات الصلاة والمطر فلا بأس به كما هو رأي أحمد وإسحاق بن راهويه4.
ويقول فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله: "هناك نوع آخر من التنجيم وهو أن الإنسان يستدل بطلوع النجوم على الأوقات, والأزمنة, والفصول, فهذا لا بأس به ولا حرج فيه, مثل أن نقول إذا دخل نجم فلان فإنه يكون قد دخل موسم الأمطار أو قد دخل وقت نضوج الثمار وما أشبه ذلك, فهذا لا بأي به ولا حرج فيه"1 والله تعالى أعلم. وفي الأثر روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: تعلموا من النجوم ما تعرفون به القبلة والطريق ثم أمسكوا"2.
الفرع الثالث: الكهانة ونحوها:
الفرع الثالث: الكهانة ونحوها: أما الكهانة فتعريفها في اللغة: من كهن يكهن ويكْهُنُ وكَهُنَ كهانة, وتكهن وتكهنا: قضى له بالغيب1. وللكاهن عدة تعريفات منها: 1-هو الذي يتعاطى الخبر من الكائنات في مستقبل الزمان ويدعى ومعرفة الأسرار2. 2- هو الذي له رئي من الجن, يأتيه بأخبار3. 3-هو الذي يأخذ من مسترق السمع4.
وبينه وبين الساحر فرق. وذكر الإمام أحمد رحمه الله الفرق بين الساحر والكاهن فقال: الكاهن يدعي الغيب, والساحر يعقد ويفعل1. وتكذيب الكهنة من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة. برهان ذلك حديث معاوية بن الحكم السلمي2 رضي الله عنه قال: " قلت يا رسول الله: أمورا كنا نصنعها في الجاهلية, كنا نأتي الكهان قال: فلا تأتوا الكهان ... " 3 الحديث. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أتى كاهنا فصدقه يما يقول أو أتى امرأة حائضا , أو أتى امرأة من دبرها فقد برئ مما نزل على محمد" 4. وفي رواية: "من أتى حائضا, أو امرأة في دبرها, أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد" 5. فلهذا أكد أهل العلم في معتقدهم على تكذيب الكهنة. قال الإمام الطحاوي رحمه الله: " ولا نصدق كاهنا ولا عرافا, ولا من
يدعى شيئا يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة"1. قال العلامة البابرتي 2 رحمه الله: أما تذكيب الكاهن والعراف فلأن الإطلاع على الغيب مما استأثر الله به نفسه لا يطلع عليه أحد إلا من ارتضاه الله تعالى من أنبيائه بالوحي إليهم على ما قال تعالى: {فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} 3, والكاهن والعراف ليسا من الأنبياء فلا نصدقها"4. وحماية لجناب التوحيد حرم الشارع إتيان الكهان حتى لا تقع الفتنة بتصديقهم. ويقول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله: "وأما سؤال العرافين والمشعوذين والمنجمين وأشباههم ممن يتعاطى الأخبار عن المغيبات فهو منكر لا يجوز وتصديقهم أشد وأنكر بل هو من شعب الكفر"5. قال الإمام البغوي: " ... العراف هو الذي يدعي معرفة الامور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها كالمسروق من الذي سرقها6 ومكان الضالة وتتهم المرأة بالزنى فيقول: من صاحبها ونحو ذلك من الأمور"7اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [العرّاف] اسم عام للكاهن والمنجم والرمَّال ونحوهم ممن يتكلم في تقدم المعرفة بهذه الطرق) ؟ 1 ا. هـ. وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" 2. وعن صفية رضي الله عنها عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تُقبل له صلاة أربعين ليلة" 3. ففي هذا الحديث بيان ذكر عقوبة من أتى العرَّاف المتضمن للكاهن وغيره وهي: عدم قبول صلاته لمدة أربعين ليلة، بينما عقوبته في حديث أبي هريرة المتقدم إخراجه من دائرة الإسلام كُلية (كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) . ولا تعارض بين الحديثين على قول من يقول هو كفر دون كفر4 أما من يقول بظاهر الحديث فيكفر متى اعتقد صدقه بأي وجه كان لاعتقاده أنَّه يعلم الغيب5. ويقول الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين حفظه الله: (العلاقة بين التنجيم والكهانة أنَّ الكل مبني على الوهم والدجل، وأكل أموال الناس بالباطل، وإدخال الهموم والغموم عليهم) 6.
ولما شاع بين الناس إتيان السحرة والكهان الذين يزعمون أنَّ كشفهم عن المُغيَّب من الكرامات! قام الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالاحتساب على أولئك الدجالين قائلاً: [ما يفعله كثير من أتباع إبليس وأتباع المنجمين والسحرة والكهان ممن ينتسب إلى الفقر1 وكثير ممن ينتسب إلى العلم من هذه الخوارق التي يوهمون بها الناس ويشبهونها بمعجزات الأنبياء وكرامات الأولياء، ومرادهم أكل أموال الناس بالباطل والصد عن سبيل الله حتى إنَّ بعض أنواعها يعتقد فيه من يدعي العلم أنَّه من العلم الموروث عن الأنبياء من علم الأسماء وهو من الجبت والطاغوت] 2. ووصف رحمه الله هذه الأفعال بأنَّها تشبُّه بأهل الجاهلية فقال رحمه الله: [وهذه الخصلة الجاهلية موجودة اليوم في كثير من الناس، لاسيما من انتسب إلى الصالحين وهو عنهم بمراحل، فيتعاطى الأعمال السحرية من إمساك الحيات وضرب السلاح والدخول في النيران وغير ذلك مما وردت الشريعة بإبطاله، فأعرضوا ونبذوا كتاب الله وراء ظهورهم واتبعوا ما ألقاه إليهم شياطينهم وادعوا أنَّ ذلك من الكرامات مع أنَّ الكرامة لا تصدر عن فاسق، ومن يتعاطى تلك الأعمال فسقهم ظاهر للعيان] 3 ا. هـ. هكذا احتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على السحر
والشعوذة والكهانة وما يلحق بها، وللمحتسبين فيه أسوة حسنة، فقضية السحر وما يلحق بها من تنجيم وكهانة وعرافة وغيرها من أخطر القضايا العقائدية التي يجب أن يُوليها رجال الحسبة اهتمامهم في الإنكار والتغيير. وقد أكّد سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله على ولاة الأمور وأهل الحسبة وغيرهم ممن لهم قدرة وسلطان بالإنكار على من يأتي إلى السحرة والكهان والعرافين ونحوهم، ومنع من يتعاطى شيئاً من ذلك في الأسواق وغيرها، والإنكار عليهم أشد الإنكار1.
المطلب الثامن: احتسابه على التمائم والرقى:
المطلب الثامن: احتسابه على التمائم والرقى: الفرع الأول: التمائم: ... المطلب الثامن: احتسابه على التمائم والرقى: آخر قضية عقائدية أُوردها في احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب هي قضية التمائم والرقى. الفرع الأول: التمائم: والتمائم في اللغة جمع تميمة وهي: عوذة تعلق على الإنسان1. والتمائم في الاصطلاح: خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم، فأبطلها الإسلام2. أجملها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب في قوله: [التمائم شيء يُعلق على الأولاد يتقون به العين] 3. وقد فسّرها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بقوله: (إنَّ فيها ما يكون من أسماء الشياطين، أو العظام، أو الخرز، أو المسامير، أو الطلاسم وهي الحروف المقطعة، أو أشباه ذلك) 4. حكم تعليق التمائم: ذكر العلماء تحريم تعليق التميمة أو الخرزة أو الخيط ونحوه5. وذلك لورود عدة أحاديث تتضمن الوعيد لفاعلها منها:
حديث عقبة بن عامر الجهني1 رضي الله عنه قال: أنَّه جاء في ركب عشرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبايع تسعة وأمسك عن بيعة رجل منهم، فقالوا: ما شأن هذا الرجل لا تبايعه؟ فقال: إنَّ في عنقه تميمة، فقطع الرجل التميمة فبايعه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "من علق تميمة فقد أشرك" 2. وعلّة تحريم ذلك أنَّ من يستخدم هذه الأشياء يعتمد عليها في جلب المنافع ودفع المؤذيات من غير الله عز وجل3 وهذا ينافي التوكل على الله وتفويض الأمر إليه. وعن زينب- امرأة عبد الله4- قالت: "كانت عجوز تدخل علينا ترقي من الحُمْرةِ وكان لنا سرير طويل القوائم، وكان عبد الله إذا دخل تنحنح وصوَّت، فدخل يوماً فلما سمعت صوته احتجبت منه فجلس إلى جانبي فمسني فوجد خيط، فقال: ما هذا؟ فقلت: رُقى لي فيه من الحُمْرة5، فجذبه وقطعه فرمى به وقال: لقد أصبح آل عبد الله أغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: "إنَّ الرقى والتمائم والتِّوَلة" 1 شرك قلت: فإني خرجت يوماً فأبصرني فلان، فدمعت عيني التي تليه، فإذا رقيتُها سكنت دمعتُها، وإذا تركتُها دَمَعَت قال: ذلك الشيطان إذا أطعتِهِ تركك، وإذا أعصيته طعن بإصبعِهِ في عينك، ولكن لو فعلت كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان خيراً لك وأجدر أن تَشفِين، تنضحين في عينك الماء وتقولين: اذهب البأس، ربَّ الناس، اشفِ، أنت الشافي لا شفاءَ إلاَّ شفاؤك، شفاءً لا يُغادر سَقَماً" 2. وعن سبب الحكم على فاعل ذلك بالشرك يقول ابن الأثير: (إنَّما جعلها شركاً لأنَّهم أرادوا بها دفع المقادير المكتوبة عليهم، فطلبوا دفع الأذى من غير الله الذي هو دافعه) 3. والحكم الشرعي لتعليق التمائم عام يشمل كل ما يندرج تحته قصد الحرز أو جلب النفع أو دفع الضرر كتعليق الحجب والكف والعين الزرقاء وغير ذلك، يقول الألباني حفظه الله: (ومن ذلك تعليق بعضهم نعل الفرس على باب الدار، أو في صدر المكان! وتعليق بعض السائقين نعلاً في مقدمة السيارة أو مؤخرتها، أو الخرز الأزرق على مرآة السيارة التي تكون أمام السائق من الداخل، كل ذلك من أجل العين زعموا) 4. ويقاس على ذلك ما تلبسه بعض النسوة ويُلبسنه البنات الصغيرات من
الحلي على شكل عين زرقاء أو كف، ظناً منهن أنَّها تدفع العين وكل هذه الأشياء وما شابهها مما يجب على المسلمين التحذير منها وعلى رجال الحسبة إنكارها في الأسواق. وقد احتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في هذا الجانب على سليمان بن سحيم قائلاً: [أنَّ تعليقهم التمائم من الشرك بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر تعليق التمائم صاحب (الإقناع) 1 في أول الجنائز، وأنت تكتب الحجب وتأخذ عليها شرطاً حتى إنك كتبت لامرأة حجاباً لعلها تحبل، وشرطت لك أحمرين2 طالبتها تريد الأحمرين فكيف تقول إنّي أعرف التوحيد، وأنت تفعل هذه الأفاعيل؟ وان أنكرت فالناس يشهدون عليك بهذا] 3. أما التمائم التي تكون من القرآن الكريم وأسماء الله وصفاته ثم تعلق فقد اختلف فيها العلماء من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين رحمهم الله ومن بعدهم على قولين: 1- القول الأول: يجوز ذلك وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وغيره، وهو ظاهر ما روي عن عائشة رضي الله عنها، وبه قال أبو جعفر الباقر، وأحمد في رواية، وحملوا الحديث على التمائم الشركية. 2- القول الثاني: لا يجوز ذلك وبه قال ابن مسعود، وابن عباس رضي الله عنهم وهو
ظاهر قول حذيفة، وعقبة بن عامر، وابن عكيم1 رضي الله عنهم، وبه قال جماعة من التابعين منهم أصحاب ابن مسعود، وأحمد في رواية، اختارها كثير من الصحابة، وجزم بها المتأخرون، واحتجوا بهذا الحديث وما في معناه فإنَّ ظاهره العموم لم يفرق بين التي في القرآن وغيرها2. وهذا الخلاف رمز إليه الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قائلاً: [إذا كان المعلق من القرآن فقد رخص فيه بعض السلف، وبعضهم لم يرخص فيه، ويجعله من المنهي عنه منهم ابن مسعود رضي الله عنه] 3. ومما يجدر التنبيه إليه الحذر مما فشى بين الناس من استعمال العزائم المكتوبة بالزعفران، كما جاء في فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء والتي ورد فيها: ( ... وأما كتابة سورة أو آيات من القرآن في لوح أو طبق أو قرطاس وغسله بماء أو زعفران وغيرهما وشرب تلك الغسالة رجاء البركة أو استفادة علم أو كسب مال أو صحة أو عافية ونحو ذلك فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه فعله لنفسه أو غيره ولا أنَّه أذن فيه لأحد من أصحابه أو رخَّص فيه لأمته مع وجود الدواعي التي تدعو إلى ذلك، ولم يثبت في أثر صحيح -فيما علمنا- عن أحد الصحابة رضي الله عنهم أنَّه فعل ذلك أو رخَّص فيه. وعلى هذا فالأولى تركه وأن يستغنى عنه بما ثبت في الشريعة من الرقية بالقرآن وأسماء الله الحسنى، وما صحّ من الأذكار والأدعية
النبوية ونحوها مما يعرف معناه ولا شائبة للشرك فيه..) 1. والمسلم يجب عليه أن يكون على بصيرة من أمره كله فلا يأتي أو يذر أي أمر يعرض له إلاَّ بعد أن يزنه بميزان الشرع2.
الفرع الثاني: الرقى:
الفرع الثاني: الرُّقى: أما الرُّقى فهي جمع رقية. والرُّقية في اللغة: العَوْذَة ... يقال: رَقَى الرَّاقِي رُقْيَةً ورُقِيّاً، إذا عَوَّذ ونَفَث في عُوذته1. وهي العُوذة التي يُرقى بها صاحب الآفة كالحمَّى والصرع وغير ذلك من الآفات2. والرقية شرعاً: (هي التي تسمى العزائم) 3 وهي القراءة، فيقال: رُقي عليه من القراءة ورقى عليه من الصعود4، وهي على نوعين: 1- رقية شرعية. 2- رقية غير شرعية. أولاً: الرقية الشرعية: حكمها: الجواز وقد قيدها أهل العلم بشروط.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: (أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط: 1- أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وبصفاته. 2- وباللسان العرب أو بما يعرف معناه من غيره. 3- وأن يعتقد أنَّ الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى) 1. الدليل على جوازها حديث عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال سألت عائشة رضي الله عنها عن الرقية من الحُمَةِ2 فقالت: "رخَّص النبي صلى الله عليه وسلم الرقية من كل ذي حُمَةٍ"3. قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "رخَّص" فيه إشارة إلى أنَّ النهي عن الرقي كان متقدماً) 4 ا. هـ. وقال الخطَّابي رحمه الله: "وليس في هذا نفي جواز الرقية في غيرها من الأمراض، والأوجاع لأنَّه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم رقى بعض أصحابه من وجع كان به) 5. وقال ابن القيم رحمه الله: (المراد به لا رقية أولى وأنفع منها في العين والحُمة) 6. وعن جابر رضي الله عنه قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرُّقى. فجاء آل عمرو بن حزم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنَّه كانت عندنا رقية نرقي بها
من العقرب. وإنَّك نهيت عن الرقى، قال فعرضوها عليه، فقال: ما أرى بأساً، من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه" 1. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمر أن يُسترقى من العين" 2. وعن عوف بن مالك الاشجعي3 قال: كُنّا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: "اعرضوا عليَّ رقاكم لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك" 4. ثانياً: الرقى غير الشرعية: دلَّ حديث عبد الله بن مسعود المتقدم5 على النوع الثاني من الرقى وهو الرقى الشركية، والتي لا تخلو من الشرك وهي الرقى التي يستعان فيها بغير الله من دعاء غير الله والاستغاثة والاستعاذة به6 ويستخدمها المعزمون والدجالون والعرّافون والمشعوذون7. قال الإمام البغوي رحمه الله: (.. المنهي من الرقى ما كان فيه شرك، أو كان يذكر مردة الشياطين، أو ما كان منها بغير لسان العرب، ولا يُدرى ما
هو، ولعله يدخله سحر، أو كفر) 1. وسئل ابن عبد السلام رحمه الله عن الحروف المقطعة فمنع منها ما لا يعرف، لئلا يكون فيه كفر2. ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (.. ما يقال ويكتب مما لا يعرف معناه فلا يشرع، لاسيما إن كان فيه شرك، فإنَّ ذلك محرم. وعامة ما يقوله أهل العزائم فيه شرك، وقد يقرأون مع ذلك شيئاً من القرآن ويظهورن ويكتمون ما يقولونه من الشرك، وفي الاستشفاء بما شرعه الله ورسوله ما يغني عن الشرك وأهله) 3. وفي هذا المعنى قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: [نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الرقى التي فيها شرك كالتي فيها استعاذة بالجن كما قال تعالى: {وأنَّهُ كان رجالٌ من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهُم رهقاً} 4 ولهذا نهى العلماء عن التعازيم والأقسام التي يستعملها بعض الناس في حق المصروع وغيره التي تتضمن الشرك، بل نهوا عن كل ما لا يعرف معناه من ذلك خشية أن يكون فيه شرك] 5 ا. هـ. وبالنظر إلى حال بعض المشتغلين بالرقية في عصرنا الحاضر ممن يعوزهم العلم الشرعي، والذي يعج بالمخالفات الشرعية يحتم على المحتسبين الإنكار عليهم وتحذير الناس منهم حفاظاً على سلامة عقائدهم.
المبحث الثاني: احتسابه في العبادات:
المبحث الثاني: احتسابه في العبادات: لم يقتصر احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على النواحي العقدية فحسب وإن كان جل اهتمامه منصباً عليها لحاجة مجتمعه - إلى ذلك - إلاَّ أنَّ احتسابه رحمه الله تعداها إلى نواحي العبادة التي تليها مباشرة في الأهمية. وأبرز ما احتسب فيه الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في العبادات أمره بإقامة بقية أركان الإسلام التي جمعها حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بُني الإسلام على خمسٍ شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنَّ محمداً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان" 1. ومن الأمور المهمة التي قام بها الإمام في العُيينة إلزام الناس بالصلاة ومعاقبة من لا يؤدونها جماعة في المسجد2. قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: [ألزمت من تحت يدي بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وغير ذلك من فرائض الله] 3. وقال أيضاً رحمه الله: [وندعو الناس إلى إقام الصلاة في الجماعات على الوجه المشروع وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج بيت الله الحرام، ونأمر بالمعروف وننهي عن المنكر
كما قال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} 1 2. كما أمر رحمه الله أن يصلي بالناس الصلاة إمام واحد، حيث كانت العادة أن يصلي بالجماعة الحاضرة أحد الأئمة من المذاهب الأربعة ثم يعقبه غيره، فأمر بإبطال هذه العادة القبيحة التي فرقت المسلمين، وأن لا يصلي بالجماعة إلاَّ إمام واحد فصار يصلي الصبح إمام الشافعية والظهر إمام المالكية.. وهكذا بقية الأوقات3. ومن أبرز المسائل التي احتسب فيها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب المتعلقة بالصلاة بدعة التذكير. والتذكير هو: التأذين قبل الفجر من التسبيح والنشيد ورفع الصوت بالدعاء ونحو ذلك4، ومنه قراءة سور من القرآن قبل الفجر بصوت مرتفع فيمنع الناس من نومهم ويختلط على المتهجدين قراءتهم5، ومنه قولهم قبل الفجر على المنابر: يا رب عفواً بجاه المصطفى كرماًً6. حكمه: بدعة منكرة في الدين7.
ويذكر الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أنَّه سُئل عن التذكير فقال: [إنَّه بدعة، فذكر1 أنَّ عندنا من لا يعرف الجمعة إلاَّ به، وذكرت له أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم أعلم منّا بمصالح أمته، وهو سنَّ الأذان ونهى عن الزيادة، فلمّا فتح الله لكم باباً في اتباع نبيكم صلى الله عليه وسلم فلا تتثقلوا2 من قطع العادات في طاعة الله ورسوله] 3 ا. هـ. وقال رحمه الله محتسباً على من يرى هذه البدعة: [من العجب كفكم عن نفع المسلمين في المسائل الصحيحة وتقولون لا يتعين علينا الفتيا، ثم تبالغون في مثل هذه الأمور مثل التذكير الذي صرحت الأدلة والإجماع وكلام الإقناع بإنكاره] 4 ا. هـ. وقد اشتد رحمه الله في نكيره على سليمان بن سحيم بشأنها فقال رحمه الله: [.. أما مسألة التذكير فكلامك فيها من أعجب العجاب، أنت تقول بدعة حسنة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "كل بدعة ضلالة ركل ضلالة في النار"5، ولم يستثن شيئاً تشير علينا به فنصدقك أنت وأبوك لأنَّكم علماء ونكذب رسول الله، والعجب من نقلك الإجماع فتجمع مع الجهالة المركبة الكذب الصريح والبهتان فإذا كان في (الإقناع) 6 في باب الأذان قد ذكر كراهيته في مواضع متعددة أتظن أنَّك أعلم من صاحب (الإقناع) أم تظنه مخالفاً
للاجتماع1 وأيضاً لما جاءك -يعضهم- أقررت لهم أن التذكير بدعة مكروهة فمتى هذا العلم جاءك؟،2 ا. هـ ويبلغ احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب في الصلاة والزكاة إلى حد قتال تاركهما. قال رحمه الله: [ونقاتل على ترك الصلاة وعلى منع الزكاة كما قاتل مانعها صديق هذه الأمة أبو بكر الصديق رضي الله عنه] 3. وذلك لعموم حديت ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله" 4. وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. فمن قال: لا إله إلاَّ الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله" فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة؟ حق المال، والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم
على منعه، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: فوالله ما هو إلاَّ أن رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنَّه الحق"1. وحديث جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ بين الرجل والشرك والكفر ترك الصلاة" 2. وقد اتفق العلماء على تكفير تارك الصلاة جحوداً3. أما تاركها تهاوناً وكسلاً ففي تكفيره خلاف بين أهل العلم4. وخروجاً من هذا الخلاف فإنَّ الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله توقف في مسألة التكفير هذه حيث أجاب لما سُئل عما يُقاتل عليه، وعمّا يكفر الرجل به قائلاً: "أركان الإسلام الخمسة أولها الشهادتان ثم الأركان الأربعة إذا أقر بها وتركها تهاوناً فنحن وإن قاتلناه على فعلها فلا نُكفِّره بتركها والعلماء اختلفوا في كفر التارك لها كسلاً من غير جحود ولا نكفر إلاَّ ما أجمع عليه العلماء كلهم وهو الشهادتان] 5 ا. هـ.
وقال رحمه الله: [ولا أُكفِّر أحداً من المسلمين بذنب ولا أُخرجه من دائرة الإسلام] 1 ا. هـ. وقيَّد رحمه الله تكفير تارك الصلاة بالجحود لها حيث قال: [من صدَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل شيء وجحد وجوب الصلاة فهو كافر حلال الدم والمال بالإجماع] 2 ا. هـ. وهو ما أجمع عليه أهل العلم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (أما تارك الصلاة فهذا إن لم يكن معتقداً لوجوبها فهو كافر بالنص والإجماع) 3 ا. هـ. ويقارن رحمه الله بين الجاحد والمتهاون قائلاً: (من كان مُصرِّاً على تركها لا يُصلي قط، ويموت على هذا الإصرار والترك لا يكون مسلماً، لكن أكثر الناس يصلون تارة، ويتركونها تارة، فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها، وهؤلاء تحت الوعيد) 4 ا. هـ. والله تعالى أعلم بالصواب.
المبحث الثالث: احتسابه في المعاملات
المبحث الثالث: احتسابه في المعاملات المطلب الأول: احتسابه على الوقف على الأولاد: لم يقتصر احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على العقيدة والعبادة، إنَّما تعداهما إلى المعاملات مما يعطي تصوراً واضحاً عن شمولية حسبته رحمه الله. ومن أبرز المعاملات التي احتسب فيها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب الوقف على الأولاد الذكور دون الإناث، وبعض الأولاد دون بعض. والوقف في اللغة: من الوقوف، وهو خلاف الجلوس ... ووقَفَ الأرض على المساكين وقفاً: حبسها1. وفي اصطلاح الفقهاء: هو تحبيس مالك مطلق التصرف ماله المنتفع به مع بقاء عينه بقطع تصرف الواقف وغيره في رقبته بصرف ريعه إلى جهة بر تقرباً إلى الله تعالى2 ا. هـ. حكمه: أما عن حكمه فهو قربة مندوب إليها3. وأكثر أهل العلم من السلف ومن بعدهم على القول بصحة الوقف4.
ودليله من السنة: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلاّ من ثلاثة: إلاّ من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" 1. قال النووي: (والصدقة الجارية هي الوقف) 2 ا. هـ. ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما: "أنَّ عمر بن الخطاب أصاب أرضاً بخيبر فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال يا رسول الله: إنّي أصبت أرضاً بخيبر، ولم أُصبِ مالاً قط أنفس عندي منه فما تأمر به، قال: إن شئت حَبست أصلها وتَصدقت بها، قال: فتصدق بها عمر أنَّه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وتصدَّق بها في الفقراء وفي القربى وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويُطعم غير متمولٍ، قال فحدثت به ابن سيرين، فقال غير متأثَّل3 مالاً" 4. وشرطه أن يكون الواقف جائز التصرف وهو الحر البالغ الرشيد5. أما عن حكم الوقف على الأولاد عند الإمام أحمد بن حنبل ففيه روايتان: إحداهما: لا يصح، فإنَّه قال في رواية أبي طالب، وقد سئل عن هذا، فقال: لا أعرف الوقف إلاَّ ما أخرجه لله، وفي سبيل الله.... وثانيتهما: نقل جماعة أنَّ الوقف صحيح، اختاره ابن أبي موسى، قال ابن
عقيل: وهي أصح ... والأول أقيس1. ولما سئل الإمام أحمد بن حنبل: إن وقف على نفسه شيئاً ثم على ولده من بعده فهو جائز؟ قال: نعم هو جائز2. ووجهه: (إن وقف على ولده أو أولاده أو ولد غيره ثم على المساكين فهو لولده الذكور والإناث والخناثي بينهم بالتسوية، للذكر مثل حظ الأنثى) 3. لأنَّ اللفظ يشملهم4. وإن حدث للواقف ولد بعد وقفه استحق كالموجودين ... ويدخل ولد بنيه وجدوا حالة الوقف أو لا، ولا يدخل ولد البنات5 لأنَّهم من رجل آخر6. ويقيد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله جواز الوقف على الأولاد بشرط الحاجة مستدلاً على ذلك قائلاً: [الوقف على المحتاج من ذريته، فهو صحيح ذكره البخاري عن ابن عمر أنَّه وقف نصيبه من دار عمر على المحتاج من آل عبد الله] 7. وهو في الصحيح بنص: " ... وجعل ابن عمر نصيبه من دار عمر سُكْنى لذوي الحاجة من آل عبد الله"8
أما الوقف على من يرث من الأولاد على إطلاقه بلا قيد ولا شرط من غير أن يكونوا محتاجين خاصة ما يُحتال به على حرمان البعض دون الآخر، أو - حرمان الأزواج والعصبة ونسل البنات مما شرعه الله لهم من حق الميراث فقد أنكره الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وسماه وقف الجَنَف والإثم وحكم عليه بأنَّه بدعة ملعونة. قال رحمه الله لما سئل عن وقف المرأة على ولدها وليس لها زوج ... : [إنَّ الوقف على الورثة ليس من دين الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو شرعه لكان أصحابه أسرع الناس إليه سواء شرط على قسم الله أم لا، وهذا في الحقيقة يريد أمرين: الأول: تحريم ما أحل الله لهم في بيعه وهبته والتصرف فيه. الثاني: يحرم زوجات الذكور وأزواج الإناث1 فيشابه مشابهة جيدة ما ذكر الله عن المشركين في سورة الأنعام2 ولكن كون الرسول صلوات الله وسلامه عليه لم يأمر به كافٍ في فساده، صلحت نية صاحبه أم فسدت] 3. وقارن رحمه الله بين ما يراه مشروعاً وغير مشروع من صور الوقف فقال: [ ... إنَّ السلف اختلفوا في الوقف الذي يراد به وجه الله على غير من يرثه مثل الوقف على الأيتام، وصُوَّام رمضان، أو المساكين، أو أبناء
السيبل، فقال شريح1 القاضي: وأهل الكوفة2 لا يصح ذلك الوقف حكاه عنهم الإمام أحمد. وقال جمهور أهل العلم: هذا وقف صحيح واحتجوا بحجج صحيحة صريحة ترد قول أهل الكوفة، فهذه الحجج التي ذكرها أهل العلم يحتجون بها على علماء أهل الكوفة مثل قوله (صدقة جارية) 3، ومثل وقف عمر أوقاف أهل المقدرة من الصحابة على جهات البر التي أمر الله بها ورسوله ليس فيها تغيير لحدود الله. وأما مسألتنا فهي إذا أراد الإنسان أن يقسم ماله على هواه، وفرَّ من قسمة الله وتمرد عن دين الله مثل: أن يريد أن امرأته لا ترث من هذا النخل، ولا تأكل منه إلاَّ حياة عينها4. أو يريد أن يزيد بعض أولاده على بعض فراراً من وصية الله بالعدل. أو يريد أن يحرم نسل البنات. أو يريد أن يحرّم على ورثته بيع هذا العقار لئلا يفتقروا بعده، ويفتي له بعض المفتين أنَّ هذه البدعة الملعونة صدقة برّ تُقرب إلى الله، ويوقف على هذا الوجه قاصداً وجه الله، فهذه مسألتنا فتأمل هذا بشراشر5 قلبك، ثم تأمل ما
نذكره من الأدلة فنقول: من أعظم المنكرات وأكبر الكبائر تغيير شرع الله ودينه والتحيل على ذلك بالتقرب إليه، وذلك مثل أوقافنا هذه إذا أراد أن يحرم من أعطاه الله من امرأة أو امرأة ابن أو نسل بنات أو غير ذلك، أو يعطي من حرمه الله، أو يزيد أحداً عما فرض الله، أو ينقصه من ذلك، ويريد التقرب إلى الله بذلك مع كونه مُبْعِداً عن الله] 1. ويقول رحمه الله محتسباً على من يجيز هذا الأخير: [وسر المسألة أنَّك تفهم أنَّ أهل الكوفة يبطلون الوقف على المساجد، وعلى الفقراء والقرابات الذين لا يرثونهم، فرد عليهم أهل العلم ... ومسألتنا هي إبطال هذا الوقف الذي يُغيِّر حدود الله، وإيتاء حكم الجاهلية وكل ظاهر هذا لا خفاء فيه، ولكن إذا كان الذي كتبه يفهم معناه وأراد به التلبيس على الجهال كما فعل غيره فالتلبيس يضمحل، وإن كان هذا قدر فهمه وأنَّه ما فهم هذا الذي تعرفه العوام فالخلف والخليفة على الله] 2 ا. هـ. ويفند الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب في احتسابه هذا أقوال من يجيز وقف الجنف والإثم ويدحضها بحجج قوية على النحو التالي: أولاً: [يقال لمُدَّعي الصحة إذا كنت تدعي أنَّ هذا مما يحبه الله ورسوله، وفعله أفضل من تركه وهو داخل فيما حضَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقة الجارية وغير ذلك، فمعلوم أنَّ الإنسان مجبول على حبه لولده وإيثاره على غيره حتى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى -لهم- 3: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ
فِتْنَةٌ} 1 فإذا شرع الله لهم أن يوقفوا أموالهم على أولادهم ويزيدوا من شاءوا أو يحرموا النساء والعصبة ونسل البنات فلأي شيء لم يفعل ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأي شيء لم يفعله التابعون، ولأي شيء لم يفعله الأئمة الأربعة وغيرهم؟ أتراهم رغبوا عن الأعمال الصالحة ولم يحبوا أولادهم، وآثروا البعيد عليهم، وعلى العمل الصالح، ورغب في ذلك أهل القرن الثاني عشر! أم تراهم خفي عليهم حكم هذه المسألة، ولم يعلموها حتى ظهر هؤلاء2 فعلموها؟ سبحان الله ما أعظم شأنه وأعز سلطانه، فإن ادعى أحد أنَّ الصحابة فعلوا هذا الوقف فهذا عين الكذب والبهتان] 3. ثانياً: [وأما حديث عمر أنَّه تصدق بالأرض على الفقراء والرقاب والضيف وذوي القربى وأبناء السبيل4 فهذا بعينه من أبين الأدلة على مسألتنا، وذلك أنَّ من احتج على الوقف على الأولاد ليس له حجة إلاَّ هذا الحديث لأنّ عمر رضي الله عنه قال: لا جناح على من وليه أن يأكل بالمعروف، وأنَّ حفصة رضي الله عنها وليته ثم وليه عبد الله بن عمر فاحتجوا بأكل حفصة وأخيها دون بقية الورثة، وهذه الحجة من أبطل الحجج، وقد بينه الشيخ الموفق رحمه الله، والشارح، وذكروا أنَّ أكل الولي ليس زيادة على غيره وإنَّما ذلك أجرة عمله5 كما كان في زماننا هذا
يقول صاحب الضحية لوليها الجلد والأكارع] . ثالثاً: [من وقف من الصحابة مثل عمر وغيره لم يوقفوا على ورثتهم، ولو كان خيراً لبادروا إليه ... فإذا كان وقف عمر على أولاده أفضل من الفقراء، أبناء السبيل فما باله لم يوقف عليهم؟ أتظنّه اختار المفضول على الفاضل؟ أم تظن أنَّه هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمره لم يفهما حكم الله؟] 1. رابعاً: [قولهم تصدق أبو بكر بداره على ولده وتصدق فلان وفلان، وأنَّ الزبير خص بعض بناته، ليس معناه كما فهموا، وإنما معناه أنهم تصدقوا بما ذكر صدقة عامّة على المحتاجين، فكان أولاده إذا قدموا البلد نزلوا تلك الدار لأنَّهم من أبناء السبيل، كما يوقف الإنسان مسقاة ويتوضأ منها، وينتفع بها هو وأولاده مع الناس، وكما يوقف مسجداً ويصلى فيه، وعبارة البخاري في صحيحه2: وتصدق انس بدار فكان إذا قدم نزلها، وتصدق الزبير بدوره، واشترط للمردودة من بناته أن تسكنها، فتأمل عبارة البخاري يتبين لك أن ما ذكر عن الصحابة مثل من وقف نخلاً على المفطرين من الفقراء في هذا المسجد ويقول: إن افتقر أحد من ذريتي فليفطر معهم فأين هذا من وقف الجنف والإثم؟ على أنَّ هذه العبارة كلام3 الحميدي4، والحميدي في زمن القاضي
أبي يعلى، وأجع أهل العلم على أنَّ مراسيل المتأخرين لا يجوز الاحتجاج بها، فمن احتج بها فقد خالف الإجماع، هذا لو فرضنا أنَّه يدل على ذلك، فكيف وقد بينا معناه ولله الحمد؟] 1. خامساً: وهنا يبسط الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الأدلة على رد هذا النوع من الوقف فيقول: [إذاً قلنا: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} 2- {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} 3 وغير ذلك، أو قلنا: "إنَّ الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" 4، أو قلنا إن النبي صلى الله عليه وسلم غلظ القول فيمن5 تصدق بماله كله6 أو
قلنا: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" 1 وادعوا علينا أنَّ الصحابة وقفوا، هل أنكرنا الوقف كأهل الكوفة حتى يحتج علينا بذلك؟] 2 ا. هـ. سادساً: [وأما قول أحمد من رد الوقف فكأنما رد السنّة فهذا حق ومراده وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كما ذكره أحمد في كلامه، وأما وقف الإثم والجنف فمن رده فقد عمل بالسنّة ورد البدعة واتبع القرآن] 3. سابعاً: [وأما قوله: "ابدأ بنفسك ثم بمن تعول" 4 وقوله: "صدقتك على رحمك صدقة وصلة" 5 وقوله: "ثم أدناك
أدناك" 1 وأشباه ذلك فكل هذا صحيح لا إشكال فيه لكن لا يدل على تغيير حدود الله، فإذا قال: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} 2 ووقف الإنسان على أولاده ثم أخرج نسل الإناث محتجاً بقوله: "ثم أدناك أدناك" أو صلة الرحم فمثله كمثل رجل أراد أن يتزوج خالة أو عمة فقيرة فتزوجها يريد الصلة، واحتج بتلك الأحاديث، فإن قال إن الله حرم نكاح الخالات والعمات، قلنا وحرم تعدي حدود الله التي حد في سورة النساء قال تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا} 3 فإذا قال الوقف ليس من هذا قلنا هذا مثل قوله: من تزوج خالته إذا تزوجها لفقرها ليس من هذا، فإذا كان عندكم بين المسألتين فرق فبينوه،4. ثامناً: "وأما القول بأنَّ عمر وقفه على الورثة فيا سبحان الله كيف يكابرون النصوص، ووقف عمر وشرطه ومصارفه ثمغي 5 وغيرها معروفة مشهورة" 6. تاسعاً: "وأما وقف حفصة الحُلي على آل الخطاب فيا سبحان الله! هل وقفت على ورثتها أو حرمت أحداً أعطاه الله؟ أو أعطت أحداً حرمه الله؟ أو استثنت غلته مدة حياتها؟ فإذا وقف محمد بن سعود نخلاً على الضعيف من آل مقرن أو
مثل ذلك هل أنكرنا هذا؟ وهذا وقف حفصة فأين هذا مما نحن فيه؟] . عاشراً: [وأما قولهم إنَّ عمر وقف على ورثته، فإن كان المراد ولاية الوقف فهو صحيح وليس مما نحن فيه، فإن كان مراد القائل إنَّه ظن أنَّه وقف يدل على صحة ما نحن فيه فهذا كذب ظاهر ترده النقول الصحيحة في صفة وقف عمر] . أحد عشر: [وأما كون صفية وقفت على أخ لها يهودي فهو لا يرثها ولا ننكر ذلك] 1. اثنى عشر: [وأما ختمه الكلام بقوله: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} 2 فيا لها من كلمة ما أجمعها ووالله إنَّ مسألتنا هذه من إنكارها، وقد أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلزم حدود الله والعدل ببن الأولاد، ونهانا عن تغيير حدود الله، والتحيل على محارم الله، وإذا قَدَّرنا أنَّ مراد صاحب هذا الوقف وجه الله لأجل من أفتاه بذلك فقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البدع في الدين ولو صحت نيّة فاعلها فقال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وفي لفظ: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" 3، هذا نص الذي قال فيه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} 4. وقال: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} 5، وقال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} 6. فمن قَبِلَ ما آتاه الرسول، وانتهى عما نهى وأطاعه ليهتدي واتبعه ليكون
محبوباً عند الله فليوقف كما أوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما وقف عمر رضي الله عنه وكما وقفت حفصة وغيرهم من الصحابة وأهل العلم، وأما هذا الوقف المحدث الملعون المغير لحدود الله فهذا الذي قال الله فيه بعد ما حدَّ المواريث والحقوق للأولاد والزوجات وغيرهم: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} 1، ا. هـ 2.
المطلب الثاني: احتسابه على بعض صور الربا:
المطلب الثاني: احتسابه على بعض صور الربا: كما احتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب في مسائل أخرى في باب المعاملات كالربا والرشوة: قال رحمه الله في رسالته إلى السويدي عالم العراق: [ونهيتهم عن الربا] 1. والربا لغة: الزيادة، ربا يربو رَبْواً إذا زاد وارتفع2. وفي الشرع: زيادة في أشياء مخصوصة3. وهو محرم لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} 4. ولحديث السبع الموبقات5، وذكر منها الربا. وفي الصحيح أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم وثمن الكلب، وكسب البغيِّ، ولعن آكل الربا وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور 6. والربا على ضربين: ربا الفضل وربا النسيئة 7. والفضل: الزيادة، والنَّساء: التأخير8. قال المرداوي رحمه الله: (فأما ربا الفضل فَيَحْرُمُ في الجنس الواحد من كل
مكيلٍ أو موزون) 1 (وكل مطعوم) 2. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (العلة في تحريم ربا الفضل الكيل أو الوزن مع الطعم وهو رواية عن أحمد) 3. وفي ذلك احتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لما سئل هل الربا يختص بالمطعومات؟ فقال: [مذهب الشيخ 4 وابن القيم5 أنَّ الربا يختص في المكيل والموزون بالمطعوم والذي قال: أنا أعطيك عن ثلاثين هذه الحمر6 التي في ذمة هذا الرجل الغائب عشرين زراً 7 فهذا عين الربا كيف يشكل هذا عليك وقد اجتمع فيه ربا النسيئة وربا الفضل جميعاً] 8.
المطلب الثالث: احتسابه على الرشوة:
المطلب الثالث: احتسابه على الرشوة: كما احتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في باب المعاملات على من يتعاطى الرشوة. والرشوة لغة: الجُعْل والجمع ... والمراشاة: المحاباة 1. والرشوة في الاصطلاح: ما يُعطى بعد طلبه لها2، وقال ابن العربي: الرشوة مال يدفع ليبتاع به من ذي جاه عوناً على ما لا يحل3. والرشوة نوعان: 1- أن يأخذ من أحد الخصمين ليحكم له بباطل. 2- أن يمتنع عن الحكم بالحق للمحق حتى يعطه وهو من أعظم الظلم4. والرشوة محرمة بالكتاب والسنّة، قال تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} 5. وفي الصحيح عن ابن سيرين قال: كان يقال السحت: الرشوة في الحكم 6. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم
الراشي والمرتشي" 1. وفي الصحيح: قال عمر بن عبد العزيز: كانت الهدية في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية واليوم رِشوة2. ومما يُبَيِّن احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على الرشوة قوله: [أنكرنا عليهم أكل السحت والرشا إلى غير ذلك من الأمور] 3. ويخبر ابن غنام رحمه الله أنَّه أنكر على من اعتاد أن يأخذ أجوراً من المتخاصمين مقابل الفصل بينهم واعتبره من الرشوة4. وعند ما سُئل الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عن حقيقة ما قاله سليمان بن سحيم من حل أخذ الرشوة من صاحب الحق أجاب رحمه الله: [سألتم رحمكم الله عن رشوة الحاكم الذي ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه لعن الراشي والمرتشي، وذكر له أنَّ بعض الناس حملها على ما إذا حكم الحاكم بغير الحق، وأما إذا أخذ رشوة من صاحب الحق وحكم له به فهي حلال، مستدلاً بقوله صلى الله عليه وسلم: "أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله" 5، وأنَّكم
استدللتم عليه بقوله تعالى: {وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً} 1 وأجابكم بأنَّها نزلت في كعب بن الأشرف، وبأنَّ الناس فرضوا لأبي بكر لما تولّى الأمر درهمين كل يوم، وكذلك قوله من قال لا أحكم بينكما إلا بجُعْل. فأقول: أما صورة المسألة فهي أشهر من أن تذكر، بل هي تعلم بالاضطرار فإنَّ حكّام زماننا- لما أخذوا الرشوة- أنكرت عليهم العقول والفطر بما جبلها الله عليه من غير أن يعلموا أنَّ الشارع نهى عنها، ولكن إذا جادل المنافق بالباطل فربما يروج على المؤمن فيحتاج إلى كشف الشبهة. والجواب عنها: قد عُلِمَ بالكتاب والسنّة والفِطَر والعقول تحريم الرشوة وقبحها. والرشوة هي ما يأخذ الرجل على إبطال حق وإعطاء باطل، وهذه يسلمها لك منازعك. وهي أيضاً ما يؤخذ على إيصال حق إلى مستحقه، بل يسكت ولا يدخل فيه حتى يعطيه رشوة، فهذه حرام، منهيٌّ عنها بالإجماع، ملعون من أخذها، فمن ادَّعَى حِلّها فقد خالف الإجماع. وقوله: بأي شريعة حكمت بتحريم هذا؟ فنقول: حَكمتْ به شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمع على ذلك علماء أمته، وأحل ذلك المرتشون الملعونون. ومن أنواع الرشوة: الهدايا التي تُدفع إلى الحاكم بسبب الحكم ولو لم يكن لصاحبها غرض حاضر، لا أعلم أحداً من العلماء رخَّص في مثل هذا2
والعجب إذا كان في كتابكم الذي تحكمون فيه: يجب العدل بين الخصمين في لَحْظِهِ ولَفْظه ومجلسه وكلامه والدخول عليه، فأين هذا من أكل عشرة حمران على أحد الخصمين، وإن لم يعطه أخذ بدلها من صاحبه وحكم له؟ سبحان الله أي شريعة حكمت بحِلّ هذا؟ أم أي عقل أجازه؟ ما أجهل من مجادل في مثل هذا، وأقلَّ حياءه، وأقوى وجهه! وأما أدلته التي استدل بها فلا تنس قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} 1 الآية. ولما جادل النصارى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألوهية عيسى، واحتجوا عليه بشيء من القرآن، وكذلك الخوارج يستدلون على باطلهم. متشابه القرآن، وكذلك الذين ضربوا الإمام أحمد يستدلون عليه بشيء من متشابه القرآن، وما أنزل الله: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} إلاّ لما يعلم من حاجة عباده إليها. وأما استدلال هذا الجاهل الظالم بقوله: "أحقُّ ما أخذتم عليه أجراً كتابُ الله"
فجوابه من وجوه: الأول: أنَّ المؤمنين إذا فسروا شيئاً من القرآن بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام المفسرين ليس لهم فيه إلاَّ النقل- اشتد نكيرهم عليهم ويقولون: القرآن لا يحل لكم تفسيره، ولا يعرفه إلاَّ المجتهدون، وتارة تفتري الكذب وتقول: إنَّ ابن عباس إذا أراد أن يفسره خرج إلى البرية خوفاً من العذاب، وأمثال هذه الأباطيل والخرافات ومرادهم بذلك سد الباب، فلا يفتح للناس طريق إلى هذا الخير، فيكون نقلنا لكلام المفسّرين مُنْكراً، وتفسيرك كتاب الله على هواك وتحريفُك الكَلِمَ عن مواضعه حسناً! هذا من أعجب العجاب! الوجه الثاني: أنَّ هذا لو كان على ما أوَّلَته فهو في الأخذ على كتاب الله، وأنتم متبرئون من معرفة كتاب الله والحكم به، وشاهدون على أنفسكم بذلك. الوجه الثالث: أنَّ هذا لو كان فيما ذهبت إليه لكان مخصوصاً بتحريم الرشوة التي أجمع الصحابة على تحريمها. الوجه الرابع: أنَّ حمل الحديث على هذا من الفِرية الظاهرة والكذب البحت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنَّ معنى ذلك في الإنسان الذي يداوي المريض بالقرآن فيأخذ على الطب والدواء، لا على الحكم وإيصال الحق إلى مستحقِّه. ويدّل عليه اللفظ الآخر. "كل فتى أكل برُقية باطل فقد أكل برقية حق" 1 والقصة شاهدة
بذلك توضحه. الوجه الخامس: وهو أن يقال لهذا الجاهل المركب: من استدل قبلك بهذا الحديث على أنَّ الحاكم إذا أراد أن يوصل الحق إلى مستحقه يجوز له أن يشترط لنفسه شرطاً، فإن حصل له وإلاَّ لم يفعل؟ فإن كان وجده في كتاب الله فليبين مأخذه. وما ظنُّه بأهل العلم الأولين والآخرين الذين أجمعوا على ذلك؟ لا يجوز أن يظن أنَّ إجماعهم باطل وأنَّهم لم يفهموا كلام نبيهم حتى فهمه هو. وأما استدلاله بأنَّ الناس فرضوا لأبي بكر رضي الله عنه لمّا ولي عليهم كلّ يوم درهمين، فهذا من أعجب جهله، ومثل هذا مثل من يدّعي حِلّ الزّنا الذي لا شُبْهة فيه، ويستدل على ذلك بأنَّ الصحابة يطأون زوجاتهم! وهذا الاستدلال مثل هذا سواءٌ بسواء! وذلك أنَّ استدلاله بقصة أبي بكر رضي الله عنه تدل على شدة جهله بحال السلف الصالح، فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يعطي العُمّال من بيت المال، وكان الخلفاء الراشدون يأكلون من بيت المال ويفرضون لعُمّالهم: ولا أعلم عاملاً في زمن الخلفاء الراشدين لا يأكل من ذلك، بل الزكاة التي هي للفقراء جعل الله فيها نصيباً للعُمّال الأغنياء، ولكن أبا بكر رضي الله عنه لما ولي واشتغل بالخلافة عن الحرفة، وضع رأس ماله في بيت المال، واحترف للمسلمين فيه، فأكل بسبب وضع ماله في بيت المال وبسبب الحرفة، فأين هذا من أكل الرشوة التي حرمها الله ورسوله؟ وأين هذا من الحاكم الذي إذا وقعت الخصومة فأكثرهم
برطيلاً1 يغلب صاحبه؟ {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} 2. فإن قالوا: لما عُدم بيت المال أكلنا من هذا. قلنا: هذا مثل من يقول: أنا أزني لأنّي أعزب لا زوجة لي. فهو هذا من غير مجازفة وقولهم: نفعل هذا لأجل مصلحة الناس. فنقول: ما على الناس أضر من إبليس ومنكم، أذهبتم دنياهم وآخرتهم والناس يشهدون عليكم بذلك. وهؤلاء أهل شقراء شرطوا لابن إسماعيل كل سنة ثلاثة وثلاثين أحمر، ويسكت عن الناس ويريحهم من أذاه، ولا يحكم بين اثنين، ولا يفتي، فلم يفعل واختار حرفته الأولى. وأما جوابه لمن استدل عليه: {وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً} 3 بقوله نزلت في كعب بن الأشرف4 فهذا ترس قد أعدَّه هؤلاء الجهّال الضّلال لردّ كلام الله- إذا قال لهم أحد: قال الله كذا قالوا: نزلت في اليهود، ونزلت في النصارى، نزلت في فلان. وجواب هذه الشبهة الجاهلة الظالمة الفاسدة من وجوه: الأول: أن يقال: معلوم أنَّ القرآن نزل بأسباب، فإن كان لا يُسْتَدَلُّ به إلاّ في تلك الأسباب بطل استدلاله بالقرآن وهذا خروج من الدين.
الثاني: أنك تقول: لا يجوز تفسير القرآن، فكيف فسرت هذه الآية بأنَّها خاصة بابن الأشرف؟ الثالث: من نقلت عنه من العلماء أن الآية إذا نزلت في رجل كافر أنَّها لا تعمّ من عمل بها من المسلمين؟ من قال بهذا القول قبلك؟ وعمن نقلته؟ الرابع: أنَّ هذا خروج من الإجماع، فما زال العلماء من عصر الصحابة فمن بعدهم يستدلون بالآيات التي نزلت في اليهود وغيرهم على من يعمل بها، ولكن هذا شأن الجاهلين الظالمين الذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم، وعليهم غضب، ولهم عذاب شديد] 1 2. هذا الإسهاب في الإنكار من الإمام محمد بن عبد الوهاب يعكس مدى اهتمامه رحمه الله بالاحتساب على المنكرات المتعلقة بالمعاملات المتفشية في مجتمعه بوجه خاص.
المطلب الرابع: احتسابه على العشور والمكوس:
المطلب الرابع: احتسابه على العشور والمكوس: والعشور في اللغة: النقصان1 وهي جمع العُشْر، والعشر: الجزء من عشرة أجزاء2، والعشر، كانت الملوك تأخذه من أموالهم، والعشّار: قابض العشر3. وفي الحديث عن عثمان بن أبى العاص رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تفتح أبواب السماء نصف الليل، فينادي مناد هل من داعٍ فيستجاب له؟ هل من سائل فيعطى؟ هل من مكروبٍ فيفرج عنه؟ فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلاَّ استجاب الله تعالى له؛ إلاَّ زانية تسعى بفرجها، أو عَشَّاراً" 4. أما المكوس: فهي جمع المَكْس. وهو في اللغة: النقص والمكس: انتقاص الثمن في البِيَاعة ... والمكس: ما يأخذه العشّار، يقول: كل من باع شيئاً أخذ منه الخراج أو العشر5. وفي الاصطلاح هو: الضريبة أو الجباية إلى يأخذها المُكَّاس ممن يدخل البلدان من التجار6، وقد غلب استعمال المَكْس فيما يأخذه أعوان الظلمة
عند البيع والشراء1. وصاحب المكس هر الذي يعشر أموال المسلمين ويأخذ من التجار والمختلفة إذا مرّوا عليه وعبروا به مكساً باسم العشر، وليس هو بالساعي الذي يأخذ الصدقات فقد ولي الصدقات أفاضل الصحابة وكبارهم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم2. وفي حديث المرأة الغامدية التي زنت وجاءت للنبي صلى الله عليه وسلم ليقيم الحد عليها فقال صلى الله عليه وسلم فيها بعد رجمها: " ... لقد تابت توبة لو تابها صاحب مَكْس لغُفر له" 3. وهذا مما يدل على عظم ذنب صاحب المكس وأنه أعظم من ذنب الزنا، والله أعلم. ويدل على تحريم العشور والمكوس عموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} الآية4. وقد احتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على أخذ العشور والمكوس. قال ابن غنام حاكياً عن قومه الذين شكوه إلى سليمان آل محمد رئيس بني خالد والأحساء: (وصاحوا عنده5 وقالوا: إنَّ هذا يريد أن يخرجكم من ملككم، ويسعى في قطع ما أنتم عليه من الأمور ويبطل العشور والمكوس) 6 ا. هـ. ويخبر المؤرخ ابن بشر أنَّه لمّا تعاهد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب مع
الأمير الإمام محمد بن سعود على النصرة والجهاد دار بينهما حوارٌ خالدٌ بدأه الإمام محمد بن سعود والذي جاء فيه: (أريد أن أشترط عليك ... إنَّ لي على الدرعية قانوناً1 آخذه منهم في وقت الثمار وأخاف أن تقول لا تأخذه منهم شيئاً. فقال الشيخ: ... فلعل الله أن يفتح لك الفتوحات فيعوضك الله من الغنائم ما هو خير منها، فوقع تحقيق ظنه رحمه الله تعالى فإنَّه أتى إليه غنيمة عظيمة، فقال الشيخ: هذا أكثر مما أنت تأخذه على أهل بلدك) 2. هذا الإنكار اللطيف من الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب على الأمير محمد بن سعود فيما كان اعتاد أخذه من الضرائب خير شاهد على قوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الحق وقدرته الفائقة على الإقناع واستثارة الهمم فجزاه الله عن الإسلام خير الجزاء.
المبحث الرابع: احتسابه في الحدود المطلب الأول: احتسابه برجم المرأة الزانية: الحد في اللغة: الحاجز بين الشيئين، وحد الشيء منتهاه ... والحد: المنع ... وحددت الرجل: أقمت عليه الحد لأنَّه يمنعه من المعاودة1. وحدود الله محارمه2. والحد في الاصطلاح: عقوبة مقدرة شرعاً3، في معصية4، وجبت لله تعالى زجراً5، سواء كانت حقاً لله أم للعبد6، لتمنع من الوقوع في مثلها7. والمحصن: من وَطِئ امرأته في قُبُلِها في نكاح صحيح، وهما بالغان عاقلان حُرّان8. وأُحصن: تزوجن9. فأما الزنى: فهر كل وطء وقع على غبر نكاح صحيح ولا شبهة نكاح ولا
ملك يمين1. وهو من أعظم المحرمات الموجبة للحد. وحد الزاني المحصن القتل، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلاَّ الله وأنّي رسول الله إلاّ بإحدى ثلاثٍ النفس بالنفس والثيب الزاني والمارق من الدين التارك الجماعة" 2. يدل هذا الحديث على أن حد الزاني المحصن هو القتل. ووسيلة ذلك القتل الرجم بالحجارة حتى الموت، قال الإمام أحمد بن حنبل: (والرجم حق على من زنا وقد أحص إذا اعترف أو قامت عليه بيَنته) 3. وقال الحجاوي رحمه الله: (إذا زنى المحصن وجب رجمه بالحجارة وغيرها حتى يموت) 4. الدليل على ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما الطويل والذي فيه: ".... خرج عمر بن الخطاب فلما رأيته مقبلاً قلت لسعيد بن زيد بن عمرو ابن نفيل لَيَقُولَنَّ العشيَّة مقالةً لم يقلها منذ استُخْلِف، فأنكر عليَّ وقال ما عَسيت أن يقول ما لم يقل قبله، فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله. مما هو أهله، ثم قال أما بعد: فإنّي قائل لكم مقالة قد قُدِّر لي أن أقولها، لا أدري لعلها بين يدي أجلي، فمن عَقِلهَا ووعاها فليحدِّث بها حيث انتهت به راحلتُهُ، ومن خشي أن لا يعقلها فلا أُحلُّ لأحد أن يكذب عليَّ، إن
الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرَّجم فَقَرأناها وعقلناها ووعيناها، رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضةٍ أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حقٌ على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف ... " 1 الحديث. وزاد أبو داود رحمه الله: " ... وأيم الله لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله عز وجل لكتبتها"2. وعند ابن ماجه رحمه الله: " ... وقد قرأتها: {الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبته} ... "3. قال الإمام مالك إمام دار الهجرة رحمه الله: "الشيخ والشيخة يعني الثيب والثيبة"4. وهذه الآية نسخت تلاوتها وبقي حكمه5. قال الإمام الشوكاني رحمه الله: (ونسخ التلاوة لا يستلزم نسخ الحكم) 6 ا. هـ. ويعلل الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله السبب في ذلك فيقول:
(السبب في نسخ تلاوتها لكون العمل على غير الظاهر من عمومها) 1ا. هـ. والله تعالى أعلم. ومن أدلة رجم المحصن ما رواه أبو هريرة وزيد بن خالد رضي الله عنهما قالا: "كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقام رجل فقال أَنشُدُك الله إلاَّ قضيت بيننا بكتاب الله فقام خصمه (وكان أفقه منه) فقال اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي، قال قل: قال إنَّ ابني كان عسيفاً2 على هذا فزنى بامرأته فافتديت منه بمائة شاة وخادم، ثم سألت رجالاً من أهل العلم، فأخبروني أنَّ على ابني جلد مائةٍ وتغريب عام وعلى امرأته الرجم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله جلَّ ذكره المائة شاة والخادم رَدٌّ وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس على امرأة هذا، فان اعترفت فارجمها، فغدا عليها فاعترفت فرجمها.." 3 الحديث. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله إنّي زنيت فأعرض عنه حتى ردد عليه أربع مرات، فلمّا شَهِدَ على نفسه أربع شهادات دعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبك جنون؟ قال: لا، قال: فهل أحصنت؟ قال: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اذهبوا به فارجموه ... " 4 الحديث. سبحان الله ما أشبه الليلة بالبارحة فقد حدثت بين يدي الشيخ الإمام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله قصة شديدة الشبه بهذه القصة، حيث جاءته امرأة
قد تلطخت بالمعصية فجادت بنفسها لله عز وجل فأقرت بذنبها وتكرر منها الإقرار، كما فعل ذلك الرجل مع النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن بشر رحمه الله: (أتت امرأة إلى الشيخ واعترفت عنده بالزنى والإحصان وتكرر منها الإقرار فسأل عن عقلها فإذا هي صحيحة العقل وقال لعلك مغصوبة، فأقرت واعترفت بما يوجب عليها الرجم، فأمر عليها1 فرجمت) 2. ويذكر ابن دقيق العيد أنَّ الفقهاء استحبوا أن يبدأ الإمام بالرجم إذا ثبت الزنا بالإقرار، وكأن الإمام لما كان عليه التثبت والاحتياط قيل له: ابدأ ليكون ذلك زاجراً عن التساهل في الحكم بالحدود، وداعياً إلى غاية التثبت3. ويقول ابن غنام رحمه الله: (وكان أول من رجها عثمان4 نفسه. فلما ماتت أمر الشيخ أن يغسِّلوها وأن تُكفَّن ويُصلى عليها) 5. ولا شك في أنَّ اندفاع هذه المرأة إلى الاعتراف بخطيئتها، وإلحاحها في طلب تطهيرها بإقامة الحد عليها لم يكن إلاَّ أثراً من آثار دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب6 الذي بنشره للعلم والتوحيد أيقظ الضمائر النائمة في سبات المعاصي وأعاد القلوب المريضة إلى رحاب التوبة النصوح فجادت بنفسها
المبحث الرابع: احتسابه في الحدود
المبحث الرابع: احتسابه في الحدود المطلب الأول: احتسابه برجم المرأة الزانية: ... ليكون ذلك كفارة لها كما ورد في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه وكان شهد بدراً وهو أحد النقباء ليلة العقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وحوله عصابةٌ من أصحابه: "بايعوني على ألاَّ تُشركوا بالله شيئاً ولا تَسرِقوا ولا تَزنُوا ولا تقتلوا أولادَكم ولا تأتُوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجُلِكم ولا تَعصوا في معروف فمن وَفَى منكم فأجرُهُ على الله ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقِبَ في الدنيا فهو كفارةٌ له ومن أصاب من ذلك شيئاً ثم ستَرَهُ الله فهو إلى الله إن شاء عفا عنهُ وإن شاء عاقبه فبايعناه على ذلك" 1. ولما رجمت الزانية سرى خبرها سير البرق في البوادي والحضر، فوقع على القلوب وقع الصاعقة2. وتناقل الناس هذا الخبر الغريب عليهم وارتدع العديد منهم عن غوايتهم خوفاً من العقوبة3. قال ابن بشر رحمه الله: (فعظم أمره بعد ذلك وكبرت دولته وفشا التوحيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) 4. وزادت هيبة الشيخ الإمام في النفوس كما أوقدت نار الحسد في قلوب الخصوم، وازدادت مخاوف الرؤساء والأمراء من أن تمتد سلطته إلى بلادهم فيغزو عقول رعاياهم وقلوبهم فيتبعونه فأخذوا ينصبون له ولأتباعه الشباك فيء طي الخفاء بغية إيقاعهم فيها! 5.
ومن أبرزهم أمير الأحساء الذي كان استنكاره لرجم الزانية سبباً في انتقالة كبيرة في حياة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله غيّرت مجرى التاريخ، يحدثنا عنها وعن كيده للإمام رحمه الله بسببها المؤرخ ابن بشر فيقول: (فلمّا صدرت منه هذه، أعني رجم المرأة. اشتهر أمره في الأفاق. فبلغ خبره سليمان بن محمد بن غرير الحميدي1 قائد الأحساء والقطيف وما حوله من العربان وقيل له: إنَّ في بلد العيينة عالماً فعل كذا وكذا وقال كذا وكذا. فأرسل سليمان إلى عثمان كتاباً وقال: إنَّ هذا المطوع الذي عندك فعل وفعل. وتهدد عثمان، وقال اقتله فإن لم تفعل قطعنا خراجك2 الذي عندنا في الإحساء، وخراجه عندهم كثير، قيل لي أنَّه اثنا عشر مائة أحمر3 وما يتبعها من طعام وكسوة، فلمّا ورد عليه كتابه ما وسعه مخالفته واستظم4 أمره في صدره لأنَّه لم يعلم قدر التوحيد ولا ما لمن5 نصره وقام به من العز والتمكين في الدنيا ودخول الجنّة في الآخرة6 فأرسل إلى الشيخ. وقال له: إِنَّه أتانا خط من سليمان قائد الأحساء وليس لنا طاقة بحربه ولا إغضابه. فقال له الشيخ:
إنَّ هذا الذي أنا قمت به ودعوت إليه كلمة لا إله إلاَّ الله وأركان الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن أنت تمسكت به ونصرته فإن الله سبحانه يظهرك على أعدائك، فلا يزعجك سليمان ولا يفزعك فإنّي أرجو أن ترى من الظهور والتمكين والغلبة ما ستملك بلاده وما وراءها وما دونها، فاستحيا عثمان وأعرض عنه) 1. وهكذا بذل الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب كل جهوده في سبيل إقناعه ولكن إذا سيطر على القلوب خوف زوال الدنيا فلا تؤثر حينذاك أي موعظة أو نصيحة2. ويقول ابن بشر: (ثم تعاظم في صدره أمر صاحب الإحساء وباع الآجل بالعاجل. وذلك لمَّا علم الله سبحانه الذي يعلم السر وأخفى يُعِزُّ من يشاء ويُذِلُّ من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير إنَّ نصر هذا الدين والظهور والغلبة والتمكين يكون لغيره وعلى يد غيره. فأرسل إلى الشيخ ثانياً) 3. ويضيف ابن غنام فيقول: (فآثر عثمان الدنيا على الدين، وأمر الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالخروج من العيينة4 فخرج الشيخ سنة سبع أو ثمان وخمسين
ومائة وألف من العيينة إلى بلدة الدرعية1 2. ويستأنف ابن بشر عرضه لقصة خروج الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب من العيينة إلى الدرعية فيقول: (فوصل أعلاها3 وقت العصر فقصد إلى بيت محمد بن سويلم العريني. فلما دخل عليه ضاقت عليه داره، وخاف على نفسه من محمد بن سعود، فوعظه الشيخ وأسكن جأشه، وقال سيجعل الله لنا ولك فرجاً ومخرجاً. فعلم به خصائص من أهل الدرعية فزاروه خفية، فقر لهم التوحيد واستقر في قلوبهم، فأرادوا أن يخبروا محمد بن سعود ويشيروا عليه بنصرته فهابوه، فأتوا إلى زوجته موضي بنت4 وكانت ذات عقل ومعرفة، فأخبروها بمكان الشيخ وصفة ما يأمر به وينهى عنه، فوقر في قلبها معرفة التوحيد وقذف الله في قلبها محبة الشيخ، فلما دخل عليها زوجها محمد أخبرته بمكانه، وقالت إن هذا الرجل أتى إليك وهو غنيمة ساقها الله لك فأكرمه وعظمه واغتنم نصرته، فقبل قولها، وألقى الله سبحانه في قلبه للشيخ المحبة، فأراد أن يرسل إليه، فقالوا سر إليه برجلك في مكانه، وأظهر تعظيمه والاحتفال به. لعل الناس أن يكرموه ويعظموه، فسار إليه محمد، فدخل عليه في بيت ابن سويلم ورحب به وقال: أبشر ببلاد خير من بلادك وأبشر بالعز والمنعة، فقال الشيخ: وأنا أبشرك بالعز والتمكين، وهذه كلمة: (لا إله إلاَّ الله) من تمسك بها وعمل بها
ونصرها ملك بها البلاد والعباد، وهى كلمة التوحيد، وأول ما دعت إليه الرسل، من أولهم إلى آخرهم) 1. وذلك مصداقاً لقوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} 2.
المطلب الثاني: احتسابه بقتال المخالفين للعقيدة الصحيحة:
المطلب الثاني: احتسابه بقتال المخالفين للعقيدة الصحيحة: وقد احتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على المخالفين للعقيدة الصحيحة بالقتال الذي كان وسيلة نهائية وحاسمة مع من لا يُجدي معهم غيرها بعد أن استنفد كافة الوسائل السلمية معهم في أمرهم بالتوحيد ونهيهم عن الشرك. قال عز وجل: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} 1. فدلت الآية الكريمة على أنَّه إذا كان بعض الدين لله وبعضه لغير الله وجب القتال حتى يكون الدين كله لله2. ومن ذلك قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ} 3. وتشير الآية إلى أنَّ مَنْ عدل عن الكتاب قُوِّم بالحديد، ولهذا كان قوام الدين بالمصحف والسيف4. جاء في المطلب السابق تحالف الأمير الإمام محمد بن سعود أمير الدرعية مع الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، بعد أن تخلى عنه عثمان بن معمر أمير العيينة رحمه الله. ويحكي ابن بشر رحمه الله مبايعة الأمير الإمام محمد بن سعود للشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب على النصرة والجهاد فيقول: (فلمّا تحقق
محمد1 معرفة التوحيد وعلم ما فيه من المصالح الدينية والدنيوية قال له: يا شيخ إنَّ هذا دين الله ورسوله الذي لا شك فيه، وأبشر بالنصرة لك ولما أمرت به والجهاد ولمن خالف التوحيد ولكن أريد أن أشترط عليك ... نحن إذا قمنا في نصرتك والجهاد في سبيل الله وفتح الله لنا ولك البلدان أخاف أن ترتحل عنّا وتستبدل بنا غيرنا ... فقال الشيخ: ... فابسط يدك، الدم بالدم، والهدم بالهدم2 ... ثم إن محمداً بسط يده وبايع الشيخ على دين الله ورسوله والجهاد في سبيل الله. وإقامة شرائع الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) 3 ا. هـ. وهكذا جمع الله لدعوة التوحيد ببن سيف مؤمن يجاهد في سبيلها هو سيف الأمير الإمام محمد بن سعود، وبين قلب مؤمن يغذيها ويُعدُّ لها المجاهدين المؤمنين الذي نذروا أنفسهم في سبيل إعلاء كلمة الله هو قلب الإمام محمد بن عبد الوهاب4. فاتحدت دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب بقيادة الأمير الإمام محمد ابن سعود وحدة لا تقبل التجزئة، وحدة قوامها التوحيد حتى أصبحت الدعوة لإقامة الدين الصحيح والحكم بشريعة الله أساس نظامها5. وحدة تهدف إلى إيجاد المناخ المناسب لانتشار دعوة التوحيد وإقامة دولة
إسلامية تؤمن بالإسلام عقيدة وعبادة وشرعة ومنهاجاً ذات سلطة تحمل الناس على الحق1. لأجل ذلك أعلن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب الجهاد. قال ابن بشر رحمه الله: (ثم أمر الشيخ بالجهاد وحضهم إليه فامتثلوا) 2 ا. هـ. وبناء على المعاهدة السابقة فإن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب لم يباشر الجهاد منفرداً إنَّما كان المنفذ له الأمير محمد بن سعود ومن بعده الأمير الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود وجنودهما. مما يعطي تصوراً واضحاً أنَّ المحتسب مهما علا شأنه فإنَّه لا يباشر الإنكار بالسلاح ألبته من تلقاء نفسه3 وإنَّما يكون ذلك لمن بيده زمام الأمور، وبعد سنة تقريباً من بيعة الأمير الإمام محمد بن سعود للإمام محمد بن عبد الوهاب بدأت سلسلة من المعارك لا يتسع المقام لحصرها من عام (1159هـ) بعد سنة من المعاهدة حتى (1206هـ) وهي السنة التي توفي فيها الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله4. ومما يجب التنبيه إليه أن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لم يبادر بقتال أحد لم يثبت لديه بالبرهان القاطع كفره، وإصراره على الشرك ولم يقاتل أحداً لم تُقَم عليه الحجة، وكان يعرض الحق لعدة مرات قبل أن يأمر بالقتال. قال رحمه الله بعد أن أنكر بعض مظاهر الشرك:
[فهذا هو الذي أوجب الاختلاف بيننا وبين الناس حتى آل بهم الأمر إلى أن كفَّرونا وقاتلونا واستحلّوا دماءنا وأموالنا حتى نصرنا الله عليهم وظفرنا بهم وهو الذي ندعوا الناس إليه1 ونقاتلهم عليه بعد ما نقم عليهم الحجة من كتاب الله وسنة رسوله وإجماع السلف الصالح من الأئمة متمثلين لقوله سبحانه: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} 2] 3 ا. هـ. وعن إقامة الحجة يقول الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: [المُعَيَّن لا يكفر إلاَّ إذا قامت عليه الحجة، فإذا كان المعين يكفر إذا قامت عليه الحجة، فمن المعلوم أنَّ قيامها ليس معناه أن يفهم كلام الله ورسوله مثل فهم أبي بكر رضي الله عنه، بل إذا بلغه كلام الله ورسوله وخلا من شيء يعذر به فهو كافر كما كان الكفار كلهم تقوم عليهم الحجة بالقران] 4. وقال رحمه الله: [المسلم إذا أشرك بالله بعد بلوغ الحجة ... إنّا نؤمن بما جاءنا عن الله وعن رسوله من تكفيره] 5. ووضح رحمه الله الفرق بين قيام الحجة وبلوغها قائلاً: [الذي لم تقم عليه الحجة هو الذي6 حديث عهد بالإسلام والذي نشأ ببادية بعيدة، أو يكون ذلك في مسألة خفية مثل الصرف والعطف فلا يكفر
حتى يُعرَّف، وأما أصول الدين التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه فإنَّ حجة الله هو القرآن، فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة، ولكن أصل الإشكال أنَّكم لم تفرقوا بين قيام الحجة وبين فهم الحجة، فإنَّ أكثر الكفار والمنافقين من المسلمين لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم كما قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} 1 وقيام الحجة نوع، وبلوغها نوع آخر وقد قامت عليهم وفهمهم إياها نوع آخر وكفرهم ببلوغها إياهم وإن لم يفهموها] 2 ا. هـ. وحول هذه المسألة وردت فتوى للجنة الدائمة للبحوث العلمية إجابة على السؤال التالي: هل كل من أتى بعمل من أعمال الكفر أو الشرك علما بأنَّه أتى بهذا الشيء جاهلاً هل يعذر بجهله أم لا؟ وما هي الأدلة بالعذر أو عدم العذر؟ ونصها: (لا يعذر المكلف بعبادته غير الله أو تقربه بالذبائح لغير الله أو نذره لغير الله ونحو ذلك من العبادات التي هي من اختصاص الله إلاَّ إذا كان في بلاد غير إسلامية ولم تبلغه الدعوة فيعذر لعدم البلاغ لا مجرد الجهل لما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلاَّ كان من أصحاب النار" 3 فلم يَعذر النبي صلى الله عليه وسلم من سمع، ومن يعيش في بلاد
إسلامية قد سمع بالرسول صلى الله عليه وسلم فلا يعذر في أصول الإيمان بجهله. أما الذين طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم ذات أنواط يعلقون بها أسلحتهم فهؤلاء كانوا حديثي عهد بكفر وقد طلبوا فقط ولم يفعلوا فكان ما حصل منهم مخالفاً للشرع وقد أجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بما يدل على أنهم لو فعلوا ما طلبوا كفروا ... ) 1 ا. هـ. ومن جهة أخرى فإنَّه قد يلجأ إلى القتال من باب الدفاع، قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: [وأما القتال فلم نقاتل أحداً حتى اليوم إلاَّ دون النفس والحرمة وهم الذين أتونا في ديارنا ولا أبقوا ممكناً، ولكن قد نقاتل بعضهم على سبيل المقابلة وجزاء سيئة سيئة مثلها، وكذلك من جاهر بسب دين الرسول بعد ما عرف فإنّا نبيّن لكم أنَّ هذا هو الحق الذي لا ريب فيه وأنَّ الواجب إشاعته وتعليمه النساء والرجال] 2 ا. هـ. ومن جهة ثالثة فإنَّه قد يقاتل من ترك الصلاة والزكاة كما مر معنا قريباً3.
المبحث الخامس: احتسابه في الآداب والسلوك
المبحث الخامس: احتسابه في الآداب والسلوك المطلب الأول: احتسابه في التأدب مع آل البيت: لما كان احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب شاملاً، تطرق فيه للعديد من جوانب الحياة الإسلامية آمراً بالمعروف الذي اختفى وناهياً عن المنكر الذي فشا لم يغب عنه رحمه الله الاحتساب في جانب هام وهو التأدب مع آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن القيم رحمه الله: (والآل والأهل سواء، وال الرجل وأهله سواء وهم الأزواج والذرية) 1. ومحبة آل البيت من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية: (ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم) 2. وذلك لأمرين: للإيمان وللقرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكرهونهم أبداً3. عن زيد بن أرقم4 رضي الله عنه.... قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فينا خطيباً بماءٍ
يُدعى خُمّاً1 بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكّر ثم قال: "أما بعد ألا أيها الناس! فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربى فأجيب وأنا تارك فيكم ثَقَلَيْنِ2: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به"، فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: "وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي"، فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟! أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حُرِمَ الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عَقِيل، وآل جعفر، وآل عباس، قال: كل هؤلاء حُرِمَ الصدقة؟ قال: نعم 3. يقول فضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان حفظه الله معلقاً على وصيته صلى الله عليه وسلم في أهل بيته: (أي أذكّركم ما أمر الله به في حق أهل بيتي من احترامهم وإكرامهم والقيام بحقهم) 4. ومن حقوق أهل البيت أنَّ الله جعل لهم حقاً في الخمس والفيء، وأَمَر بالصلاة عليهم مع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد
مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد" 1 2. ومن احترامهم إنزالهم منزلتهم بلا غلو يقول فضيلة الشيخ محمد بن صالح ابن عثيمين حفظه الله: (فعقيدة أهل السنة والجماعة بالنسبة لآل البيت أنَّهم يحبونهم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية الرسول صلى الله عليه وسلم في التذكير بهم، ولا ينزلونهم فوق منزلتهم، بل يتبرؤون ممن يغلون فيهم، حتى يوصلونهم إلى حد الألوهية) 3. والعياذ بالله. وذلك هو المنهج الوسطي للأمة الإسلامية في كل أمورها فلا إفراط ولا تفريط. وفي ذلك يُفصِّل حفظه الله فيقول: (والذين ضلوا في أهل البيت طائفتان: الأولى: الروافض حيث غلوا فيهم وأنزلوهم فوق منزلتهم حتى ادعى بعضهم أنَّ علياً إله- والعياذ بالله-. الثانية: النواصب وهم الخوارج الذين نصبوا العداوة لآل البيت وآذوهم بالقول وبالفعل) 4. وبهذه الوسطية يأتي احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في التأدب مع أهل البيت، قال رحمه الله محتسباً على أحمد بن سويلم وثنيان
ابن سعود منكراً عليهما شدتهما مع الشريف عبد المحسن1 لأنَّه من آل البيت: [ذُكر لي عنكم أنَّ بعض الإخوان تكلم في عبد المحسن الشريف يقول: إنَّ أهل الحسا يحبون على يدك وأنَّك لابس عمامة خضراء والإنسان لا يجوز له الإنكار إلاَّ بعد المعرفة، فأول درجات الإنكار معرفتك أنَّ هذا مخالف لأمر الله، وأما تقبيل اليد فلا يجوز إنكار مثله، وهي مسألة فيها اختلاف بين أهل العلم2 وقد قبّل زيد بن ثابت يد ابن عباس وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا، وعلى كل حال فلا يجوز لهم إنكار كل مسألة لا يعرفون حكم الله فيها] 3. وفي مسألة تقبيل اليد يقول ابن مفلح رحمه الله في منظومة الآداب: ويُكره منك الأنحناءُ مُسلِّماً ... وتقبيلُ رأسِ المرء حَلَّ وفي اليدِ4 ويقول رحمه الله في شرحها: (وتباح المعانقة وتقبيل اليد والرأس تَدَيُّناً وإكراماً واحتراماً مع أمن الشهوة، وظاهر هذا عدم إباحته لأمر الدنيا) 5. وقال ابن حجر العسقلاني رحمه الله: (وعند ابن مردويه عن كعب بن مالك: "لما نزلت توبتي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقبّلت يده وركبته") 6. وقال المروذي: (سألت أبا عبد الله يعني أحمد بن حنبل رحمه الله عن قبلة
اليد، فقال: إن كان على طريق التديُّن فلا بأس، قبّل أبو عبيدة يد عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وإن كان على طريق الدنيا فلا، إلاَّ رجلاً تخاف سيفه أو سوطه) 1. وقال عبد الله بن الإمام أحمد: رأيت كثيراً من العلماء والفقهاء والمحدثين وبني هاشم وقريش والأنصار يقبّلونه يعني أباه بعضهم يده وبعضهم رأسه ويعظمونه تعظيماً لم أرهم يفعلون ذلك بأحد من الفقهاء غيره، ولم أره يشتهي أن يفعل به ذلك. وقال له إسماعيل بن إسحاق الثقفي: ترى أن يقبّل الرجل رأس الرجل أو يده؟ قال: نعم) 2. هذا لعموم أهل العلم والفضل، أما بالنسبة لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم خاصة. فذكر ابن عبد البر: (صلى زيد بن ثابت على جنازة أمه ثم قربت له بغلة ليركبها، فجاء ابن عباس فأخذ بركابه فقال له زيد: خل عنه يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ابن عباس هكذا يُفْعل بالعلماء والكبراء، وزاد بعضهم في هذا الحديث: أنَّ زيد بن ثابت كافأ ابن عباس على أخذه بركابه أن قبّل يده وقال هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم) 3. ويستأنف الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله احتسابه على أحمد ابن سويلم وثنيان بن سعود قائلاً: [وأما لبس الأخضر فإنَّها أحدثت قديماً تمييزاً لأهل البيت لئلا يظلمهم أحد
أو يُقَصِّر في حقهم من لا يعرفهم وقد أوجب الله لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حقوقاً فلا يجوز لمسلم أن يسقط حقهم ويظن أنَّه من التوحيد، بل هو من الغلو ونحن ما أنكرنا إلاَّ إكرامهم لأجل ادعاء الألوهية فيهم، أو إكرامهم لمدعي لذلك] 1. بهذه الوسطية والاعتدال وهذا المنهج العدل كان الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يحتسب في معاملة أهل البيت والتأدب معهم وذلك مصداقاً لقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} 2. ويذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن أصل الاستقامة لزوم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عليه السلف، تمسكوا بالوسط، ولم ينحرفوا إلى الأطراف3. وما أحوج المسلمين في هذا العصر خاصة طلاب العلم والدعاة والمحتسبين إلى انتهاج الوسطية والاعتدال في كافة قضايا الدعوة والحسبة.
المطلب الثاني: احتسابه على الغناء:
المطلب الثاني: احتسابه على الغناء: مدخل ... المطلب الثاني: احتسابه على الغناء: ومما احتسب عليه الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في باب الآداب الغناء بنوعيه (المصاحب للمعازف والمجرَّد عنها) . ويدل على تحريم الغناء قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} 1. قال ابن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} : (هو والله الغناء) ا. هـ2.
الفرع الأول: احتسابه على الغناء المصاحب للمعازف:
الفرع الأول: احتسابه على الغناء المصاحب للمعازف: جاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلّون الحِرَ1 والحرير والخمر والمعازف ولينزِلنّ أقوام إلى جنب عَلَمٍ يروح عليهم بسارحةٍ لهم يأتيهم يعني الفقير لحاجة فيقولوا: ارجع إلينا غداً فيُبَيِّتُهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة" 2. فدلّ الحديث على تحريم الأمور الواردة فيه ومنها المعازف وهي آلات الغناء، واستحلال أقوام لها مما استوجب نزول العقوبة بهم. وقد استخدم الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أعلى درجات
الإنكار في احتسابه على الغناء المصاحب للمعازف، وهو التغيير باليد. فقد أمر أهل مكة بإحضار آلات الملاهي الموجودة لديهم، ولما أحضروها وكانت بين يديه كالتل القائم، أمر بإحراقها1.
الفرع الثاني: احتسابه على الغناء المجرد عن المعازف:
الفرع الثاني: احتسابه على الغناء المجرد عن المعازف: لما سئل الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله هل يجوز الغناء على رؤوس النخل وبين السواني ... إلخ؟ أجاب على ذلك بقوله: [رفع الصوت بالغناء من الباطل ولا يجوز، وأما الأدب عليه فلا يؤدب عليه إلاَّ إن كان معه منكر كاجتماع النساء والرجال والرقص ونحوهما لترتب المفاسد، فأدِّبوا عليه. مما يردع صاحبه] 2. من الواضح أن المقصود هنا بالغناء السماع المجرد عن المعازف، ففي لسان العرب: الغناء بالكسر من السماع ... وكل من رفع صوته ووالاه فصوته عند العرب غناء3. وقد كره العلماء الغناء المجرد عن آلات اللهو4، قال رجل لابن عباس رضي الله عنهما: "ما تقول في الغناء أحلال هو أم حرام؟ فقال: لا أقول حراماً إلاَّ ما في كتاب الله، فقال: أفحلال هو؟ فقال: ولا أقول ذلك، ثم قال له: أرأيت الحق والباطل، إذا جاء يوم القيامة فأين يكون الغناء؟ فقال الرجل: يكون مع الباطل، فقال له ابن عباس: اذهب فقد أفتيت نفسك"، فهذا
جواب ابن عباس رضي الله عنهما عن غناء الأعراب الذي ليس فيه مدح الخمر والزنا واللواط، والتَّشبيب بالأجنبيات، وأصوات المعازف، وآلات المطربات، فإن غناء القوم لم يكن فيه شيء من ذلك، ولو شاهدوا هذا الغناء لقالوا فيه أعظم قول1 ا. هـ. ومما لابد من التنبيه إليه هنا أنَّ اهتمام الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالاحتساب على منكرات الآداب الفرعية، رغم انشغاله بالاحتساب على منكرات العقيدة التي نهضت في مجتمعه واستغرقت جل وقته وجهده رحمه الله، ينبغي أن يستثير همم طلبة العلم والدعاة والمحتسبين لبذل جل أوقاتهم وقدراتهم في محاربة شتى المنكرات، وألاَّ يشغلهم بعضها عن بعضها الآخر، مهما تعددت مسؤولياتهم في الحياة.
الخاتمة
الخاتمة الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أحمده جل وعلا حمداً يليق بجلاله وبعظيم سلطانه حمداً لا ينبغي لأحد سواه على تيسيره وتوفيقه لي في إعداد هذه الرسالة، وعونه جل وعلا حتى فرغت منها بعد رحلة طويلة وممتعة. هذا وقد توصلت إلى النتائج التالية: أولاً: لقد تدهورت أحوال المسلمين في القرن الثاني عشر الهجري خاصة الحالة الدينية منها حتى كادت أن تتردى بهم إلى الجاهلية الأولى لولا رحمة الله عز وجل الذي هيأ لهذه الأمة المجدد الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله. فلقد هب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله بالاحتساب على الشركيات وسائر المنكرات بكل بسالة وثبات رغم غربته في قومه مما يؤكد على أن قوة المحتسب الحقيقية تكمن في قوة إيمانه ويقينه بالله عز وجل واعتصامه بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. ثانياً: إن الظروف الأسرية التي نشأ فيها المجدد المحتسب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من حفظ لكتاب الله عز وجل منذ نعومة أظفاره، وانشغاله بطلب العلم وارتحاله في سبيله هيأته إلى حد كبير للمهمة السامية التي تحملها بعدئذ. مما يبين أثر التربية الصحيحة والتوجيه السليم في محيط الأسرة على توجُّهات وسلوك الأبناء بوجه عام والمتميزين منهم بوجه خاص.
ثالثاً: إن احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لم يكن خبط عشواء ولا أماني جاشت بها مشاعره! إنَّما كان احتسابه رحمه الله يسير على منهج علمي راسخ نابع من قواعد أصولية مقننة في فقه إنكار المنكر قعّدها العلماء من قبل، ثم قررها رحمه الله بشكل نظري في أقواله ورسائله. الأمر الذي يؤكد على أهمية العلم الشرعي خاصة ما يتعلق بفقه الاحتساب للمحتسب قبل شروعه فيه حتى لا ينهى عن معروف يظنه منكراً أو يأمر بمنكر يخاله معروفاً. رابعاً: كانت المرحلة الحاسمة في احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تمثلت في قيامه بالحسبة العملية على المنكرات التي كانت متفشية في عصره رحمه الله، فكانت بمثابة قارب النجاة الذي نقل فيه المسلمين بفضل الله تعالى إلى شاطئ الأمان بعد أن كادت تغرقهم أمواج الأهواء في بحر المنكرات المظلم. وما سلامة العقيدة وتحكيم الشريعة الإسلامية والأمن والاستقرار الذي أنعم الله تعالى به علينا في هذه البلاد إلا بعض ثمرات احتساب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الذي أيده الله بمؤسس الدولة السعودية الأولى الأمير الإمام محمد بن سعود رحمه الله فلقد أجرى الله على يديهما خيراً عظيماً لا زلنا ننعم به. وأسأل الله أن يديم هذه النعمة على هذه البلاد حتى يوم المعاد. خامساً: ما أنعم الله به على الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من تمكين
وعزة وسؤدد ليس إلاَّ جزاءً لما تميزت به حسبته رحمه الله من نصرة للتوحيد، وذلك مصداقاً لقوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} 1. وأذيل هذه الخاتمة بالتوصيات التالية: 1- أوصي نفسي وكل محتسب وداعية بل كل مسلم بتقوى الله عز وجل في السر والعلن، والاعتصام بالكتاب والسنّة والانشغال بطلب العلم النافع والالتفاف حول العلماء الأعلام. 2- أن يهتم المحتسب حين تسلحه بالعلم الشرعي بفقه إنكار المنكر ليتمثل صفات المحتسب ويعرف شروط الاحتساب ودرجاته وأصوله قبيل مباشرته الأمر والنهي. 3- أن تكون الأولوية في الاحتساب للجانب العقدي وذلك بالأمر بتحقيق التوحيد والنهي عن كافة صور الشرك، فما أصاب الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب من خير وعز وتمكين إلاَّ لنصرته للتوحيد ومحاربته للشرك. 4- تحقيق الشمولية في الاحتساب فلا يعني الاهتمام بالتوحيد إهمال بقية جوانب الدين من العبادات والمعاملات والآداب بل لابد من إيفاء جميع النواحي حقها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالإسلام دين التوازن والشمولية والاعتدال.
5- القراءة في سير الأبطال الذين سطَّر لهم التاريخ أعمالهم المشرِّفة بأحرف من نور أمثال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله للاقتداء بهم والسير على خطاهم في طريق الهدى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وختاماَ أسأل الله عز وجل أن يمن علي بتمام الإخلاص والمتابعة، وأن يجعل هذه الرسالة عملاً صالحاً وعلماً نافعاً ينتفع به في حياتي وبعد مماتي. وصلى الله وسلم على نبينا المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
مصادر ومراجع
مصادر ومراجع ... ثبت المصادر والمراجع -القرآن الكريم 1-آثار البلاد وأخبار العباد تصنيف الإمام العالم زكريا بن محمد بن محمد القزويني "1203-1283م" الناشر دار بيروت- بيروت- طبعة عام 1400هـ-1980م. 2-آثار الشيخ محمد بن عبد الوهاب سجل ببليوجي لما نشر من مؤلفاته ولبعض ما كتب عنه: الدكتور احمد محمد الضبيب- الناشر: دار المريخ- الطبعة 1402هـ-1982م الرياض. 3-الآثار الواردة عن أئمة السنة في أبواب الاعتقاد من كتاب " سير أعلام النبلاء" للذهبي جمعا وتخريجا ودراسة إعداد الدكتور جمال بن أحمد ابن بشير بادي- الناشر: دار الوطن- الرياض- الطبعة الأولى- 1416هـ. 4-الآداب الشرعية والمنح المرعية: تأليف الإمام العلامة شمس الدين أبي عبد الله محمد ابن مفلح المقدسي الحنبلي رحمه الله- الناشر: مكتبة الرياض الحديثة- الرياض- طبعة عام 1391هـ-1971م. 5-أثر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حياة الأمة: عبد الله بن حسن ابن محمد آل قعود- الناشر: دار العاصمة- الرياض- الطبعة الأولى جمادى الأولى 1411هـ. 6-أثر الدعوة الوهابية في الإصلاح الديني والعمراني في جزيرة العرب وغيرها: محمد حامد فقي- طبعة 1354هـ- مطبعة النهضة بمصر. 7-أثر دعوة الغمام محمد بن عبد الوهاب في الفكر الإسلامي الإصلاحي
بالجزائر بقلم الدكتور عبد الحليم عويس- الناشر: مكتبة ابن تيمية البحرين- الطبعة الأولى 1405هـ-1985م. 8-الأحاديث المختارة أو المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما تصنيف الشيخ الإمام العلامة ضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد ابن المقدسي "567-643هـ" دراسة وتحقيق عبد الملك بن عبد الله بن دهيش – الناشر- مكتبة النهضة الحديثة- مكة المكرمة- الطبعة الأولى 1411هـ-1991م. 9-أحكام أهل الذمة: تأليف الإمام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية, حققه وعلق عليه الدكتور صبحي الصالح الناشر: دار العلم للملايين الطبعة الثانية 1401هـ-1981م بيروت. 10-أحكام أهل الملل من الجامع لمسائل الغمام احمد بن حنبل: تأليف الإمام أبي بكر احمد بن محمد الخلال, تحقيق سيد كردي حسن- الناشر: دار الكتب العلمية الطبعة الأولى 1414هـ-1994م. 11-الأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين لفراء الحنبلي المتوفى سنة 458هـ, صححه وعلق عليه محمد حامد فقي رحمه الله- الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت- لبنان- طبعة 1403هـ-1983م. 12-الاحكام السلطانية والولايات الدينية تأليف أبي الحسن علي بن محمد ابن حبيب البصري البغداد الماوردي "450هـ" الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت لبنان. 13-أحكام القرآن تأليف أبي بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص الحنفي المتوفى سنة " 370هـ" الناشر: دار الكتاب العربي- بيروت – لبنان- طبعة مصورة
عن الطبعة الأولى بمطبعة الأوقاف الإسلامية في دار الخلافة سنة 1335هـ. 14-أحكام القرآن لأبي بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي, تحقيق علي محمد البجاوي- الناشر: عيسى البابي وشركاه- الطبعة الثانية 1387هـ-1967م. 15-أحكام القرآن: للإمام الفقيه عماد الدين بن محمد الطبري المعروف بإلكيا الهراس المتوفى سنة "504هـ" تحقيق موسى محمد علي والدكتور عزت علي عيد عطية الناشر: دار الكتب الحديثة- عابدين طبعة مطبعة حسان القاهرة. 16-الأخبار النجدية: محمد الفخاري, دراسة وتحقيق وتعليق د. عبد الله الشبل طبعة مطابع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- الرياض. 17- الأدلة الشرعية في بيان حق الراعي والرعية: تأليف الشيخ محمد بن عبد الله بن سبيل- الناشر: بدون- الطبعة مطابع مؤسسة المدنية للصحافة" دار العلم" جدة. 18-أساس البلاغة: تأليف جار الله أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب 1985م- الطبعة الثالثة. 19-أسد الغابة في معرفة الصحابة تأليف عز الدين ابن الأثير أبي الحسن علي بن محمد أكوزي المتوفى سنة "630هـ" تحقيق وتعليق الشيخ علي محمد معوض الشيخ عادل أحمد عبد الموجود- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت لبنان- الطبعة الأولى 1415هـ-1994م. 20-أسس الحركة الوهابية رد على مقال للدكتور البهي في نقد الوهابية للدكتور محمد خليل هراس- الناشر: دار الكاتب العربي- بيروت
الطبعة مطابع دار الغد. 21-الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية: تأليف الإمام جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة "911هـ" تحقيق محمد المعتصم بالله البغدادي الناشر: دار الكتاب العربي- بيروت لبنان- الطبعة الأولى 1407هـ-1987م. 22-الأصول الثلاثة وأدلتها- شروط الصلاة- القواعد الأربعة تأليف شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب "1115هـ-1206هـ" الناشر: مكتبة السوادي- جدة الطبعة الأولى 1414هـ-1994م. 23-أصول الدعوة: تأليف الدكتور عبد الكريم زيدان – مكتبة القدس- بغداد- دار الوفاء- المنصورة- الطبعة السادسة 1413هـ-1992م خاصة بمصر. 24-أصول الفقه الإسلامي: الدكتور بدران أبو العينين بدران- الناشر: مؤسسة شباب الجامعات بالإسكندرية 1984م. 26-أصول المجتمع الإسلامي: دكتور جمال الدين محمد محمود- الناشر: دار الكتاب المصري- القاهرة, دار الكتاب اللبناني- بيروت- الطبعة الأولى 1413هـ-1992م. 27-الأصول من علم لأصول تأليف فضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين الناشر: مؤسسة الرسالة- بيروت – مكتبة الرشد- الرياض- الطبعة الثالثة 1406هـ1986م. 28-أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن: تأليف الشيخ محمد الأمين بن
محمد المختار الشنقيطي الجكني – الناشر: عالم الكتب- بيروت. 29-أضواء على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: عبده غالب أحمد عيسى- الناشر: دار الجيل- الطبعة الأولى 1407هـ-1987م. 30-أطلس العالم العربي للدكتور الأصم عبد الحافظ أحمد الأصم- الناشر: دار النشر بالمركز العربي لدراسات الأمنية والتدريب بالرياض. 31- إعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة المنصورة: للحافظ الحكمي, تحقيق أحمد علوش- الناشر: مكتبة الرشد- الرياض- الطبعة الثانية 1414هـ. 32-أعلام الموقعين عن رب العالمين تأليف شمس الدين أبي عبد الله محمد ابن أبي بكر المعروف بابن القيم الجوزية المتوفى عام "751هـ" حققه وضبط غرائبه وعلق حواشيه محمد محي الدين عبد الحميد- الناشر: دار الفكر- بيروت لبنان- الطبعة الثانية 1397هـ-1977م. 33-الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين: تأليف خير الدين الزركلي- الناشر: دار العلم للملايين بيروت- الطبعة العاشرة أيلول- سبتمبر 1992م. 34-ألفية السيوطي في علم الحديث بتصحيح وشرح فضيلة الشيخ الأستاذ أحمد محمد شاكر- الناشر: دار المعرفة- بيروت- لبنان. 35-الألقاب الإسلامية في التاريخ والوثائق والآثار تأليف دكتور حسن الباشا- الناشر: دار النهضة العربية 1978م- طبعة مكتب التكنولوجيا الحديث- إسكندرية. 36-الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " أصوله وضوابطه وآدابه": خالد بن عثمان السبت- الناشر: المنتدي الإسلامي- لندن- الطبعة الأولى
1415هـ-1995م. 37-الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في ضوء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إعداد أ. د سليمان بن عبد الرحمن الحقيل- الناشر: دار الشبل – الرياض- الطبعة الثانية 1413هـ-1993م. 38-الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأثرهما في حفظ الأمة: تأليف الدكتور عبد العزيز بن أحمد المسعود- طبعة الثانية 1415هـ -1994م- طبعة خاصة بالمؤلف- طبع بعناية مكتبة التوعية الإسلامية. 39-الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وواقع المسلمين اليوم: صالح درويش الناشر: دار الوطن- الرياض- الطبعة الأولى ربيع ثاني 1412هـ. 40-الامر بالمعروف والنهي عن المنكرك الدكتور محمد عبد القادر أبو فارس- الناشر: دار الفرقان- عمان- الطبعة الثالثة 1404هـ-1984م مطبعة النور النموذجية عمان- الأردن. 41- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: السيد جلال الدين العمري- الناشر: دار القرآن الكريم الطبعة الأولى- الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية 1404هـ-1984م. 42-الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: عبد العزيز عبد الستار- الناشر: المكتب الإسلامي- عمان- طبعة 1403هـ. 43- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: لأبي بكر أحمد بن محد بن هارون الخلال, دراسة وتحقيق عبد القادر أحمد عطا- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت- الطبعة الأولى 1406هـ-1986م- توزيع دار الباز- مكة المكرمة.
50-الإحكام في أصول الأحكام: للحافظ أبي محمد علي بن حزم الأندلسي الظاهري الناشر: زكريا علي يوسف- توزيع دار الاعتصام- طبعة مطبعة العاصمة- القاهرة. 51-الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: اختارها الشيخ أبو الحسن علي بن محمد البعلي الدمشقي, تصحيح الشيخ عبد الرحمن حسن محمود- الناشر: المؤسسة السعدية- بالرياض. 52-الإخلاص والنية: تصنيف ابن أبي الدنيا الإمام الحافظ أبي بكر عبد الله ابن محمد بن عبيد القرشي البغدادي"208هـ-281هـ" حققه وعلق عليه إياد خالد الطباع- الناشر: دار البشائر- دمشق- الطبعة الأولى. 53-الإخلاص: حسين عبيد العوايشة- الناشر: المكتبة الإسلامية عمان الأردن, ودار ابن حزم- بيروت لبنان- الطبعة السابعة 1413هـ-1992م. 54- إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول: تأليف الإمام محمد ابن علي الشوكاني المتوفى سنة "1255هـ" الناشر: دار المعرفة- بيروت- لبنان- الطبعة 1399هـ-1979م- بيروت – لبنان. 55-إرشاد النقاد إلى تيسير الاجتهاد تأليف الإمام محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني "1099-1182هـ" تخريج محمد حلاق- الناشر: مؤسسة الريان – بيروت – لبنان- الطبعة الأولى 1413هـ. 56-إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني- الناشر: المكتب الإسلامي- الطبعة الأولى 1399هـ. 57-الإصابة في تمييز الصحابة: تأليف شهاب الدين أبي الفضل احمد بن
علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة "852هـ" وبهامشه الاستعياب في معرفة الأصحاب لأبي عمر عبد البر النمري القرطبي المتوفى سنة "463هـ" الناشر: دار صادر- بيروت- الطبعة الأولى 1328هـ مطبعة دار السعادة بمصر. 58-إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان: للإمام ابن قيم الجوزية, تحقيق محمد حامد فقي- الناشر: دار المعرفة – بيروت لبنان- الطبعة بدون. 59-الإفصاح عن معاني الصحاح: تأليف الوزير عون الدين أبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة الحنبلي المتوفى سنة "560هـ" رحمه الله تعالى- الناشر: المؤسسة السعيدية- الرياض. 60-إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير الله أو صدق الكهنة والعرافين: سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز- الناشر: رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد- الرياض. 61-اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم تأليف شيخ الإسلام احمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية, تحقيق وتعليق الدكتور ناصر بن عبد الكريم العقل- الناشر: شركة العبيكان- الرياض- الطبعة الأولى 1404هـ. 62- اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي, حققها الشيخ محمد ناصر الدين الألباني- الناشر: المكتب الإسلامي- بيروت – دمشق- الطبعة الخامسة 1404هـ-1984م. 63-إقليم الحجاز وعوامل نهضته الحديثة: الدكتور إبراهيم فوزان الفوزان- مطابع الفرزدق التجارية- الرياض 1401هـ-1981م.
64-الإقناع في فقه الغمام أحمد بن حنبل تأليف قاضي دمشق العلامة المتبحر شيخ الإسلام المحقق أبي النجا شرف الدين موسى الحجاوي المقدسي المتوفى سنة "968هـ", تصحيح وتعليق عبد اللطيف محمد موسى السبكي الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر- بيروت- لبنان- الطبعة بدون. 65-إمام التوحيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب الدعوة والدولة تأليف الشيخ احمد القطان, والأستاذ محمد الزين- الناشر: مكتبة السندس الكويت الدوحة- الطبعة الثانية- ربيع الثاني 1409هـ-ديسمبر1988م. 66-الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب "1115هـ-1206هـ-1703-1792م" تأليف عبد الله بن سعد الرويشد- الناشر: رابطة الأدب الحديث- الطبعة بدون. 67-الإمام محمد بن سعود دولة الدعوة والدعاة- طبعة مطابع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. 68-الإمام محمد بن عبد الوهاب سيرته ودعوته: سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز- الناشر: دار السلام- الرياض- توزيع مؤسسة الجريسي الرياض- الطبعة الثانية 1412هـ. 69-الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء- مالك والشافعي وأبي حنيفة: تأليف الإمام الحافظ أبي عمر يوسف بن عبد البر- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت لبنان. 70-الإنصاف في معرفة الراجح كم الخلاف على مذهب الغمام المبجل أحمد ابن حنبل تأليف شيخ الإسلام الفقيه المحقق علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي الحنبلي تغمده الله برحمته, صححه
وحققه محمد حامد الفقي- الطبعة الأولى جمادى الثانية 1375هـ-يناير 1956م- مطبعة السنة المحمدية- القاهرة. 71-الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والإجحاف: تأليف الشيخ أبي بكر جابر الجزائري- الناشر: دار الطرفين- الطائف. 72-إيران في ظل الإسلام: الدكتور إبراهيم رزقانة- الناشر: معهد الدراسات الإسلامية. 73-إيضاح المسالك إبي قواعد الإمام مالك تأليف أبي العباس أحمد ابن يحيى الونشريسي, تحقيق أحمد أبو طاهر الخطابي- الناشر: اللجنة المشتركة لنشر التراث الإسلامي- الرباط- المغرب 1400هـ-1980م- مطبعة فضالة المحمدية- المغرب. 74-إيقاظ همم أولي الأبصار للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار وتحذيرهم عن الابتداع الشائع في القرى والامصار من تقليد المذاهب مع الحمية والعصبية بين فقهاء الأعصار: تأليف الشيخ الغمام صالح بن محمد بن نوح بن عبد الله بن عمر بن موسى العمري الشهير بالفلاني- الناشر: منير أحمد- كوجر انواله. 75-الإيمان تأليف: شيخ الإسلام ابن تيمية "661-728هـ" الناشر: المكتب الإسلامي- الطبعة الثانية 1401هـ. 76-الاجتهاد ومدى حاجتنا إليه في هذا العصر للدكتور سيد توانا الأفغانستاني- الناشر: دار الكتب الحديثة- مطابع المدني بمصر. 77-الاستعياب في معرفة الأصحاب لأبي عمرو يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر تحقيق علي محمد البجاوي- الناشر: دار الجيل-
بيروت – الطبعة الأولى 1412هـ-1992م. 78- الاعتصام للعلامة المحقق الأصولي النظار الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي الغرناطي رحمه الله- الناشر: مكتبة التجارية الكبرى بمصر- طبعة مطابع شركة الإعلانات الشرقية. 79-الاعتصام والسنة: للإمام ابن حجر العسقلاني, تحقيق الأستاذ خالد عبد الفتاح شبل- الناشر: دار الكتاب العالمي- دار الكتاب المصري الطبعة الأولى 1990م. 80-الاعتقاد على مذهب السلف أهل السنة والجماعة: للإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي المتوفى سنة "458هـ" صححه العلامة السلفي الشيخ أحمد محمد مرسي- الناشر: حديث أكادمي- باكستان الطبعة العربية- باكستان. 81-اعتماد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الكتاب والسنة- أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب في 21/4/1400هـ-8/3/1980م مطابع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- " مجموعة بحوث". 82-انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب خارج الجزيرة العربية تأليف محمد كمال جمعة- الناشر: مطابع دار الهلال للأفست- الرياض محمد كمال جمعة- الناشر: مطابع 1401هـ-1981م. 83-الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث للحافظ ابن كثير "701-774هـ" تأليف أحمد محمد شاكر- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان. 84-الباعث على إنكار البدع والحوادث تأليف الإمام الحافظ القارئ أبي
القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي المعروف بابن أبي شامة المتوفى سنة "665هـ", حققه خرج أحاديثه وعلق عليه بشير محمد عيون الناشر: مكتبة المؤيد- الطائف- مكتبة دار البيان- دمشق- بيروت الطبعة الأولى 1412هـ-1991م. 85-بحوث أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله- الجزء الاول الناشر: والطبعة مطابع جامعة الغمام محم د بن سعود الإسلامية الرياض- الطبعة 1403هـ-1983م. 86- بدائع الفوائد للعلامة الغمام شيخ الإسلام علم العلماء الأعلام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الدمشقي المشتهر بابن القيم الجوزية المتوفى سنة "751هـ" الناشر: والطبعة بدون. 87- بداية المجتهد ونهاية المقتصد: للإمام القاضي أبو الوليد محمد بن احمد ابن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الأندلسي الشهير بابن رشد الحفيد المتوفى سنة "595هـ" الناشر: دار الكتب الحديثة- مصر مطبعة حسان- القاهرة. 88- البداية والنهاية في التاريخ: للإمام العالم الحافظ المفسر عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الشافعي سنة "774هـ-1373م", تحقيق ومراجعة وتعليق وتصحيح محمد عبد العزيز النجار الناشر: مكتبة الفلاح- الرياض- طبعة / مطبعة الفجالة الجديدة القاهرة ج/1, مكتبة الأصمعي- الرياض- طبعة/ مطبعة السعادة القاهرةج/10, طبعة /مطبعة المتوسط- بيروت- لبنان ج/13. 89-البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع: للإمام محمد بن علي
الشوكاني – الناشر: دار المعرفة- بيروت- لبنان. 90-البدع والنهي عنها تأليف محمد بن وضاح القرطبي, تحقيق محمد أحمد دهمان الناشر: دار البصائر- دمشق- الطبعة الثانية 1400هـ-1980م. 91-البدعة تحديدها وموقف الإسلام منها تأليف الدكتور عزت علي عيد عطية – الناشر: دار الكتب الحديثة – القاهرة. 92-البدعة تعريفها , أنواعها, أحكامها: فضيلة الشيخ الدكتور صالح ابن فوزان الفوزان بن عبد الله الفوزان- الناشر: دار العاصمة- الرياض الطبعة الأولى 1412هـ. 93-البدعة وأثرها السيئ في الأمة: سليم الهلالي- الناشر: المكتبة الإسلامية عمان- الأردن – الطبعة الأولى 1404هـ. 94-بذل المجهود في حل أبي داود: تأليف العلامة المحدث الكبير الشيخ خليل احمد السهارنفوري المتوفى سنة "1346هـ" مع تعليق شيخ الحديث حضرة العلامة محمد زكريا بن يحيى الكاندهلوي- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت لبنان. 95-البلاد العربية والدولة العثمانية: ساطع الحصري- الناشر: دار العلم للملايين- بيروت – الطبعة الثالثة- بيروت 1965م. 96-بنو تميم ومكانتهم في الأدب والتاريخ: تأليف عبد العزيز مزروع الأزهري- الناشر: مطابع دار القلم- القاهرة. 97- بهجة القلوب بتوحيد علام الغيوب وعليها تعليقات مهمة كلاهما تأليف الفقير إلى الله تعالى قادري بن أحمد الأهدل- الناشر: رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية.
98-البيان والإشهار لكشف زيغ الملحد الحاج مختار: تأليف فوزان السابق الناشر: مكتبة التوعية الإسلامية لإحياء التراث الإسلامي- مكتبة ابن الجوزي الدمام- الأحساء- الطبعة الثانية ربيع الأول 1410هـ-1989م. 99-تأول مختلف الحديث: للإمام ابن قتيبة – الناشر: دار الكتاب العربي بيروت- الطبعة مطبعة العلوم – لبنان. 100-تاج العروس: للإمام اللغوي السيد محمد مرتضى الزبيدي- الناشر: دار ليبيا- بنغازي " الجزء الاول" الطبعة الأولى بالمطبعة الخيرية المنشأة بجمالية مصر سنة 1306هـ" الجزئين السادس والعاشر" ط/مطابع دار صادر بيروت 1386هـ-1966م. 101-تاريخ إيران بعد الإسلام من بداية الدولة الطاهرية حتى نهاية الدولة القاجرية "205هت-820م-1343هـ-1925م" عباس إقبال نقله عن الفارسية وقدم له وعليق عليه الدكتور محمد علاء الدين منصور راجعه الأستاذ الدكتور السباعي محمد السباعي- الناشر: دار الثقافة القاهرة- طبعة 1410هـ- 1990م. 102-تاريخ ابن خلدون المسمى بكتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر, في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر لوحيد عصره العلامة عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي المغربي المتوفي سنة "808هـ" الناشر: مؤسسة دار إحياء التراث العربي- مؤسسة التاريخ العربي- بيروت لبنان- بيروت لبنان 1391هـ-1971م. 103-تاريخ الإسلام في الهند بقلم عبد المنعم النمر- الناشر: دار العهد الجديد الطبعة الأولى 1378هـ-1959م.
104-تاريخ البلاد العربية السعودية في ثلاثة أجزاء, الجزء الاول الدولة السعودية الاول- القسم الأول- سيرة محمد بن عبد الوهاب ودعوته- سيرة محمد ابن سعود وحروبه الدكتور منير العجلاني- الناشر: مطابع دار الشبل الرياض- الطبعة الثانية 1413هـ-1993. 105-تاريخ الجزيرة العربية في عصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب: حسين خلف خزعل- الناشر: مكتبة عبد المنعم عطية وأولاده- الطبعة الثانية 1392هـ-1972م-مطابع دار الكتب- بيروت- لبنان. 106- تاريخ الدولة السعودية حتى الربع الأول من القرن العشرين: تأليف الدكتورة مديحة أحمد درويش- الناشر: دار الشروق- جدة- الطبعة الثالثة 1405هـ-1985م. 107- تاريخ الشعوب الإسلامية في العصر الحديث تأليف الدكتور عبد العزيز سليمان نوار- الناشر: دار النهضة العربية- بيروت- طبعة 1971م. 108-تاريخ الشعوب الإسلامية: كارل بروكلمان, نقله إلى العربية نبيه أمين فارس, منير البعلبكي- الناشر: دار العلم للملايين- بيروت الطبعة الرابعة 1969م. 109-تاريخ الشيخ أحمد بن محمد المنقور, تحقيق ونشر عبد العزيز الخويطر الطبعة الأولى- الرياض 1390هـ-1970م. 110-تاريخ العرب الحديث والمعاصر: د. عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم الناشر: دار المتنبي- قطر- الطبعة الثالثة 1402هـ-1982م. 111-تاريخ المملكة العربية السعودية في ماضيها وحاضرها: صلاح الدين المختار- الناشر: دار مكتبة الحياة- بيروت.
112-تاريخ المملكة العربية السعودية: الدكتور عبد الله صالح العثيمين الطبعة الأولى 1404هـ-1984م. 113-تاريخ المملكة العربية السعودية: سيد محمد إبراهيم- الناشر دار وهدان للطباعة والنشر- القاهرة. 114-تاريخ الهند الحديث تأليف الدكتور عادل حسين غنيم والدكتور عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم- الناشر: مكتبة الخانجي بمصر الطبعة الأولى 1980م. 115-تاريخ اليمامة ومغاني الديار ما لها من أخبار وآثار للعلامة عبد الله بن خميس- الطبعة الأولى 1408هـ-1988م- مطابع الفرزدق- الرياض. 116-تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد ووفيات بعض الأعيان وأنسابهم وبناء بعض البلدان من "700إلى 1340هـ": تأليف الشيخ إبراهيم ابن صالح بن عيسى "1270-1343هـ" – الناشر: دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر- الرياض- الطبعة الأولى 1386هـ-1966م أشرف على طبعه حمد الجاسر. 117- تاريخ بغداد أو مدينة السلام منذ تأسيسها حتى سنة 463هـ: للحافظ أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي المتوفى سنة 463هـ- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت لبنان. 118-تاريخ دولة أباطرة المغول الإسلامية في الهند: دكتور جمال الدين الشيال- الناشر: منشأة المعارف بالإسكندرية- طبعة 1986م. 119-تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار للعلامة الشيخ عبد الرحمن الجبرتي- الناشر: دار الجيل- بيروت- الطبعة الثانية 1978م.
120-تاريخ نجد المسمى روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام تأليف الشيخ الإمام وعلم الهداة الأعلام حسين بن غنام رحمه الله- الناشر: عبد المحسن بن عثمان أبابطين المكتبة الأهلية بالرياض- الطبعة الأولى 1368هـ-1949م مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر. 121- تاريخ نجد للشيخ الغمام حسين بن غنام حرره وحققه الدكتور ناصر الدين الأسد- الناشر: دار الشروق- بيروت- القاهرة- الطبعة الثانية 1405هـ-1985م. 122-تاريخ نجد ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب: سنت جون فيلبي, تعريب عمر الديراوي- الناشر: منشروات المكتبة الأهلية- بيروت. 123-تاريخ نجد: للشيخ محمود شكري الآلوسي عني بتحقيقه والتعليق عليه محمد بهجة الأثري- الطبعة الثانية- المطبعة السلفية بمصر. 124-تاريخ هجر دراسة شاملة في أحوال الجزء الشرقي من شبه الجزيرة العربية- الأحساء- البحرين وقطر تأليف عبد الرحمن بن عثمان آل ملا الناشر: مكتبة التعاون الثقافي- الأحساء- الهفوف- الطبعة الأولى 1410هـ-1990م. 125-تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد بقلم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني الناشر: المكتب الإسلامي- بيروت- دمشق- الطبعة الثالثة 1398هـ. 126-التحذير من البدع: لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز- الناشر: دار القاسم- الرياض- الطبعة الأولى 1415هـ. المقدسي, تحقيق عبد الرحمن بن محمد سعيد دمشقية- الناشر: دار عالم الكتب- الرياض- الطبعة 1410هـ-1990م.
128-تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي: للغمام الحافظ أبي يعلى محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري 1283-1353هـ ضبطه وراجع أصوله وصححه عبد الرحمن محمد عثمان- الناشر: دار الفكر الطبعة الثالثة 1399هـ-1979م. 129-تحفة المستفيد بتاريخ الأحساء في القديم والجديد: تأليف محمد بن عبد الله ابن عبد المحسن آل عبد القادر الأنصاري الأحسائي, أشرف على طبعه وعلق على بعض الحواشي حمد الجاسر- الناشر: مكتبة المعارف- الرياض- مكتبة الأحساء الأهلية الأحساء- الطبعة الثانية 1402هـ-1982م. 130-تخريج أحاديث منتقدة في كتاب التوحيد تأليف فريح بن صالح البهلال بتقديم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز- الناشر: دار الأثر- الرياض- الطبعة الاولى 1415هـ. 131-تذكرة أولى النهى والعرفان بأيام الله الواحد الديان وذكر حوادث الزمان: تأليف فضيلة الشيخ إبراهيم بن عبيد العبد المحسن " من علماء أهل القصيم في بريدة" الطبعة الأولى مطابع مؤسسة النور للطباعة والتجليد- الرياض. 132-تذكرة أولي الغير بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الشيخ عبد الله بن صالح القصيِّر- الناشر: دار العاصمة- الرياض- الطبعة الأولى ذو القعدة 1411هـ. 133-الترغيب والترهيب من الحديث الشريف تأليف الحافظ أبي محمد زكي
الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري "581-656هـ" الناشر: دار إحياء التراث العربي- بيروت- الطبعة الثالثة 1388-1968م. 134-تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية: د. محمد بن سعد الشويعر الناشر: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع- الرياض- الطبعة الثانية 1413هـ-1993م. 135- تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد: تأليف الإمام العلامة السلفي محمد بن إسماعيل الامير الصنعاني رحمه الله "1099هـ-1182هـ", تحقيق عبد الله بن يسوف- الناشر: دار الخلفاء للكتاب الإسلامي- الكويت الطبعة الأولى 1404هـ-1984م. 136- التعليق المفيد على كتاب التوحيد: سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز- الناشر: مكتبة التراث الإسلامي- القاهرة. 137-التعليقات السلفية لصاحب الفضيلة الأستاذ محمد عطا الله الفوجياني على سنن النسائي: للإمام الحافظ أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي رحمه الله تعالى "215-303هـ"- الناشر والطبعة المكتبة السلفية – لاهور- باكستان. 138-تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير "700-774هـ", تحقيق عبد العزيز غنيم, محمد أحمد عاشور, محمد إبراهيم البنا- الناشر: دار الشعب- القاهرة- الطبعة بدون. 139-التفسير القيم للإمام ابن القيم " 691-751هـ", حققه محمد حامد الفقي الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- طبعه 1398هـ-1978م. 140-تفسير المراغي تأليف صاحب الفضيلة الأستاذ الكير أحمد مصطفى
المراغي- الناشر: شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر الطبعة الخامسة 1394هـ-1974م. 141-تقريب التهذيب: لخاتمة الحفاظ أحم دبن علي بن حجر العسقلاني "773-852هـ", حققه وعلق حواشيه وقدم له عبد الوهاب عبد اللطيف- الناشر: دار المعرفة – بيروت لبنان- الطبعة الثانية 1395هـ-1975م. 142-التقريب لفقه ابن قيم الجوزية – القيم الأول الترجمة الأصول- القواعد مباحث الفروق والمفاضلةك تأليف الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد الطبعة الاولى 1401هـ مطابع دار الهلال للأفست- الرياض. 143- تلبيس إبليس: للحافظ الغمام جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي البغدادي المتوفى سنة " 597هـ" الناشر: دار الكتب العلمية بيروت- لبنان- الطبعة الثانية سنة 1368هـ-إدارة الطباعة المنيرية. 144-تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير لخاتمة الحفاظ شيخ الإسلام أبي الفضل شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد بن محمد ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة "852هـ" عني بتصحيحه وتنسيقه والتعليق عليه محب السنة النبوية وخادمها السيد عبد الله هاشم اليماني المدني بالمدينة المنورة 1384هـ-1964م. 145-التمهيد في أصول الفقه الحنبلي تأليف محفوظ بن احمد بن الحسن أبو الخطاب الكلواذني الحنبلي "433-510هـ", دراسة وتحقيق الدكتور محمد بن علي بن إبراهيم – الناشر: دار المدني – جدة الطبعة الاولى 1406هـ-1985م.
146-تنبيه الغافلين تأليف الفقيه الزاهد الشيخ نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي, تحقيق عبد العزيز محمد الوكيل – الناشر: دار الشرق جدة – الطبعة الأولى 1400هـ-1980م. 147-تنوير الحوالك شرح موطأ الإمام مالك تأليف الإمام جلال الدين عبد الرحمن السيوطي الشافعي رحمه الله تعالى- ملتزم الطبع والنشر عبد الحميد أحمد حنفي- مصر. 148-تنوير المقباس من تفسير ابن عباس لأبي طاهر محمد بن يعقوب الفيروز آبادي الشيرازي الشافعي صاحب القاموس المحيط المتوفى سنة "817هـ" الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر- الطبعة الثانية 1370هـ-1951م. 149-تهذيب التهذيب للغمام الحافظ شيخ الإسلام شهاب الدين أبي الفضل احمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة "852هـ" رحمه الله تعالى- الطبعة الأولى بمطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية الكائن في الهند سنة 1326هـ. 150- تهذيب موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي تأليف محمد جمال الدين القاسمي, راجعه وحقق أحاديثه طائفة من الجامعيين الناشر: دار ابن القيم- الدمام- الطبعة بدون. 151-توالي التأسيس المعالي محمد بن إدريس للحافظ ابن حجر العسقلاني "773-852هـ" حققه أبو الفداء عبد الله القاضي- الناشر: عباس أحمد الباز- مكة المكرمة- دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- الطبعة الأولى 1406هـ-1986م.
152-توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الغمام ابن القيم الموسومة بالكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية: تأليف احمد بن إبراهيم بن عيسى, تحقيق زهير شاويش- الناشر المكتب الإسلامي بيروت- دمشق- الطبعة الثالثة 1406هـ-1986م. 153-التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد عبد الوهاب: تأليف الشيخ سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب- الناشر: دار طيبة- الرياض- الطبعة الأولى 1404هـ-1984م. 154-تيسير التحرير شرح العلامة الكامل والأستاذ الفاضل محمد أمين المعروف بأمير بادشاه الحسيني الحنفي الخراسني البخاري المكي على كتاب التحرير في أصول الفقه الجامع بين اصطلاحي الحنفية والشافعية لكمال الدين الإسكندراني الحنفي المتوفى يوم الجمعة سابع رمضان سنة 861هـ- الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت لبنان- الطبعة 1403هـ-1983م. 155-تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد: تأليف الشيخ سليمان ابن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب المتوفى سنة "1233هـ" الناشر: المكتب الإسلامي- بيروت- دمشق- الطبعة الرابعة 1400هـ. 156-تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير اختصره وعلق عليه واختار أصح رواياته محمد نسيب الرفاعي- الناشر: مكتبة المعارف الرياض- الطبعة 1410هـ-1989م. 157-الثورة الوهابية بقلم عبد الله علي القصيمي- الطبعة الأولى سنة
1354هـ-1936م المطبعة الرحمانية بمصر. 158-جامع الأصول في احاديث الرسول تأليف الإمام مجد الدين أبي السعادات المبارك ابن محمد بن الأثير الجزري "544-606هـ" حقق نصوصه وخرج أحاديثه وعلق عليه عبد القادر الأرناؤوط- الناشر: مكتبة الحلواني مطبعة الملاح- مكتبة دار البيان- طبعه 1392هـ-1972م. 159-جامع البيان في تفسير القرآن: تأليف الإمام الكبير والمحدث الشهير من أطبقت الأمة على تقدمه في التفسير أبي جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة "310هـ" رحمه الله – الناشر: دار المعرفة- بيروت لبنان الطبعة الرابعة 1400هـ-1980م المطبعة الكبرى الأميرية – مصر. 160-جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا من جوامع الكلم تصنيف الغمام الحافظ الفقيه زين الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين البغدادي ثم الدمشقي الشهير بابن رجب الحنبلي " 736-795هـ", تحقيق وتعليق أبو معاذ طارق بن عوض الله بن محمد- الناشر: دار ابن الجوزي – الدمام- الطبعة الأولى 1415هـ-1995م. 161-جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله: للإمام العلامة أبي عمر يوسف بن عبد البر النميري المتوفى سنة 463هـ- الناشر: دار زمزم- الرياض. 162-الجامع لأحكام القرآن: للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي- الناشر: مطبعة دار الكتب المصرية- القاهرة- الطبعة الثانية "1351هـ-1933م" ج/1, "1973هـ-1954م" ج/2, "1356هـ-1937م"ج/5.
163-جزيرة العرب في القرن العشرين تأليف حافظ وهبة- الناشر: مطبعة لجنة التأليف والترجمة- الطبعة الثالثة 1375هـ-1956م. 164-جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام تأليف الإمام ابن قيم الجوزية "691هـ-751هـ" حققه وخرج أحاديثه محي الدين مستو- الناشر: دار ابن كثير- دمشق- بيروت- مكتبة دار التراث- المدينة المنورة الطبعة الاولى 1408هـ-1988م. 165-جمهرة انساب الأسر المتحضرة في نجد: تأليف العلامة حمد الجاسر الناشر: منشورات دار اليمامة- الرياض- الطبعة الأولى 1401هـ1981م مطبعة نهضة – مصر- القاهرة. 166-جواب ابن عفالق على رسالة معمر: صورة مخطوطة زودني بها فضيلة الشيخ الدكتور عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف شكرا لله له, أصلها موجود في مكتبة الدولة في بلرين بألمانيا. 167-جوهرة التوحيد تصنيف العلامة الشيخ إبراهيم اللقاني, مع حاشيتها تحفة المريد تأليف العالم العلامة الشيخ إبراهيم بن محمد البيجوري مطبعة الاستقامة- القاهرة. 168-جيل الفداء: قدري قلعجي- الناشر: دار الكاتب االعربي- طبع في مطابع دار الغد. 169-حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع جمع الفقير إلى الله عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي رحمه الله "1312هـ-1392هـ" الطبعة الثانية 1403هـ. 170- حاشية العطار على جمع الجوامع للعلامة الشيخ حسن العطار على
شرح الجلال المحلى على جمع الجوامع للإمام ابن السبكي تغمده الله برحمته- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت لبنان- الطبعة بدون. 171-حاشية العلامة التفتازاني المتوفى "791هـ" وحاشية الشريف الجرجاني المتوفى "816هـ" على مختصر المنتهى الأصولي: لابن الحاجب- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت لبنان- الطبعة الثانية 1403هـ-1983م. 172-حاشية رد المحتار لخاتمة المحققين محمد أمين الشهير بابن عابدين على الدر المختار شرح تنوير الأبصار في فقه مذهب الغمام أبي حنيفة النعمان ويليه: تكملة ابن عابدين لجل المؤلف- الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي واولاده بمصر- الطبعة الثانية 1386هـ-1966م. 173-حاضر العالم الإسلامي تأليف لوثرب ستودوار الأمريكي نقله إلى العربية الأستاذ عجاج نويهض- الناشر: دار الفكر الطبعة الثالثة 1391هـ-1971م. 174- الحالة العلمية في حريملاء منذ عهد محمد بن عبد الوهاب: بقلم الدكتور عبد العزيز الربيعة- الناشر: دار الوطن للنشر والإعلام الرياض- الطبعة الأولى 1407هـ-1987م. 175- الحاوي للفتاوى في فقه وعلوم التفسير والحديث والاصول والنحو والإعراب وسائر الفنون لعالم مصر وفقيهها الإمام العلامة جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى في سحر ليلة الجمعة تايع عشر جمادى الأولى سنة إحدى عشرة وتسعمائة- الناشر: دار الباز- مكة المكرمة, دار الكتب العلمية- بيروت لبنان- طبعة عام 1402هـ-1982م.
176-حركة التجديد والإصلاح في نجد في العصر الحديث: تأليف الدكتور عبد الله ابن محمد العجلان- الطبعة الأولى 1409هت-1989م- الرياض. 177-الحرك ة الوهابية رد على مقال الدكتور محمد البهي في نقد الوهابية: بقلم الدكتور محمد خليل هراس- الناشر: دار الكاتب العربي- بيروت الطبعة مطابع دار الغد. 178-الحسبة تعريفها, مشروعيتها, وحكمها تأليف الدكتور فضل إلهي الناشر: إدارة ترجمان الإسلام- باكستان- الطبعة الأولى 1410هـ-1990م. 179- الحسبة في الإسلام: تأليف شيخ الإسلام تقي الدين احمد بن تيمية"661هـ-728هـ", تحقيق سيد محمد ابن أبي سعدة- الناشر: مكتبة دار الأرقم- الكويت- الطبعة الأولى 1403هت-1983م. 180- الحسبة في الماضي والحاضر بين ثبات الاهداف وتطور الأسلوب تأليف الدكتور علي بن حسن بن علي القرني- الناشر: مكتبة الرشد الرياض- الطبعة الاولى 1415هـ-1994م. 181- الحسنة والوالسيئة لشيخ الإسلام ابن تيمية "661-728هـ" بتحقيق وتقديم الدكتور محمد جميل غازي- الناشر: مكتبة المدني ومطبعتها – جدة. 182-حقوق آل البيت بين السنة والبدعة لشيخ الإسلام ابن تيمية, تحقيق عبد القادر أحمد عطا- الناشر: مؤسسة المصري للكتاب- دار الصفا الجيزة- طبعة جمادى الآخرة 1401هـ-1981م. 183-حقيقة التصوف وموقف الصوفية من أصول العبادة والدين: فضيلة الدكتور الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان- الناشر: دار
العاصمة- الرياض- المطبعة الأولى شوال 1412هـ. 184- حكم السحر والكهانة وما يتعلق بها تأليف سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز- الناشر: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء وكالة المطبوعات والترجمة- الرياض 1414هـ- وقف لله تعالى. 185-حكم القيام والتقبيل في الإسلام تأليف محمود أحمد الرفاعي تقديم الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي- الناشر: مكتبة الغزالي- دمشق- سوريا. 186-الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى تأليف الفقير إلى الله تعالى سعيد بن علي بن وهف القحطاني- الطبعة الثانية محرم 1413هـ-1992م. 187- الحكمة في الدعوة إلى الله: تأليف الدكتور زيد بن عبد الكريم الزيد الناشر: دار العاصمة- الرياض- الطبعة الأولى المحرم 1412هـ. 188-حلية الأولياء وطبقات الأصفياء للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الصهباني المتوفى سنة "430هـ" الطبعة الأولى بنفقة مطبعة السعادة مصر 1391هـ-1971م. 189- حوار مع المالكي في رد منكراته وضلالته: تأليف الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع- الطبعة الثانية 1403هـ-1983م وقف لله تعالى. 190- حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب: حسين خلف الشيخ خزعل الناشر: دار الكتب- الطبعة الأولى 1968م مطابع دار الكتب بيروت- لبنان. 191- خطبة الحاجة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه تأليف الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله- الناشر: المكتب الإسلامي- دمشق
بيروت- الطبعة الرابعة 1400هـ. 192-خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للعالم الفاضل أديب عصره وفريد دهره المولى محمد المحبي تغمده الله بغفرانه وأسكنه بحبوحة جنانه- الطبعة والناشر: بدون. 193-دائرة المعارف الإسلامية- أصدرها بالإنجليزية والفنسية والألمانية أئمة المستشرقين في العالم- النسخة العربية إعداد وتحرير إبراهيم زكي حورشيد, أحمد الشنتناوي, د. عبد الحميد يونس- الناشر: دار الشعب. 194- دائرة المعارف الإسلامية- الناشر: دار المعرفة- بيروت لبنان. 195-دائرة معارف القرن العشرين: محمد فريد وجدي- الناشر: دار المرعفة – بيروت- الطبعة الثالثة 1971م. 196- داعية التوحيد محمد بن عبد الوهاب: عبد العزيز الاهل- الناشر: دار العلم للملايين- بيروت لبنان- الطبعة الثالثة تشرين الثاني- نوفمبر 1986م. 197- الدر النضيد على أبواب التوحيد تأليف الشيخ سليمان بن عبد الرحمن الحمدان يرحمه الله- الناشر: مكتبة الصحابة – جدة. 198- الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد للإمام العلامة الفقيه المجتهد محمد بن علي الشوكاني علق عليه وخرج أحاديثه أبو عبد الله الحلبي الناشر: دار ابن خزيمة- الطبعة الاولى 1414هـ. 199- دراسات في الحسبة والمحتسب عند العرب- دراسة: الخدمات البلدية في الحضارة العربية للأستاذ سالم الألوسي- الناشر: مركز إحياء التراث العربي بجامعة بغداد- طبعة: العمال المركزية.
200-درجات الصاعدين إلى المقامات الموحدين للعلامة محمد بن أحمد الحفظي ابن عبد القادر البكري, تحقيق وتخريج أبي سعيد عمر بن غرامة العمري- الناشر: مكتبة المعلا- الكويت- الطبعة الاولى 1407هـ. 201- درجات تغيير المنكر د. عبد العزيز بن أحمد المسعود- الناشر: مؤسسة الجريسي- مطبعة سفير- الرياض- الطبعة الاولى 1414هـ- دار الوطن للنشر. 202-الدرر السنية في الأجوبة النجدية, مجموعة رسائل ومسائل علماء نجد الأعلام من عصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى وقتنا هذا جمع الشيخ عبد الرحمن بن قاسم العاصمي القحطاني النجدي- الناشر: دار الإفتاء بالمملكة العربية السعودية- الطبعة الثانية 1385هـ-1965م. 203-الدرر السنية في الرد على الوهابية: أحمد بن زيني دحلان- الناشر: شركة مكتبة ومطبعة البابي الحلبي وأولاده بمصر- الطبعة الثانية 1369هـ-1950م. 204-دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عرض ونقد وإعداد الشيخ عبد العزيز بن محمد بن علي العبد اللطيف- الناشر: دار طيبة- الرياض= الطبعة 1409هـ-1989م. 205-دعوة الحق: عبد الله بوقس- الناشر: الدار السعودية للنشر 1392هـ-1972م. 206-دعوة الرسل إلى الله تعالى تأليف محمد احمد العدوي- الناشر: مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر. 1354هـ-1935م. 207-دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بين المعارضين والمنصفين والمؤيدين
إعداد الشيخ محمد بن جميل زينو- الناشر: دار ابن خزيمة- الطبعة الأولى. 208-دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأثرها في العالم الإسلامي: تأليف الدكتور محمد بن عبد الله بن سليمان السليمان- الناشر: دار البخاري للنشر والتوزيع- بيردة طبعة عام "1407-1408-19871988م" بواسطة وكالة الفرقان. 209-دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومناصروها: الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ- الناشر: المدني- مصر 1384هـ-1964م. 210-الدليل العام للمملكة العربية السعودية 1376هـ-1975م: تأليف وإعداد عبد المعين عثمان بشناق- الناشر: مؤسسة الدليل العربي السعودي الطبعة مطبعة محمد هاشم الكتبي وشركاه- دمشق- سورية. 211-دليل الفاحين شرح رياض الصالحين: محمد بن علان- الناشر: إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد- الطبعةى الثالثة- الرياض. 212-الدليل في ترتيب احاديث وآثار إرواء الغليل, جمع وترتيب أبو عبد الله طالب بن محمود- الناشر: مكتبة دار الأقصى- تونس- الطبعة مطبعة الصحابة الإسلامية- الكويت. 213-الدليل والبرهان على صرع الجن للإنسان: شيخ الإسلام أحمد تقي الدين ابن تيمية, راجعه وخهرج احاديثه محمد بن طاهر الزين- الناشر: مكتبة السندس- الطبعة الثانية رمضان 1409هـ, تموز "يوليو" 1397م. 214-الدول الإسلامية- يبحث عن "181" دولة إسلامية- تأليف ستانلي لين بول مع إضافات وتصحيحات بارتولد وخليل ادهم نقله من التركية إلى
العربية محمد صبحي فرزات, أشرف على ترجمته وعلق عليه محمد أحمد دهمان- الناشر: مكتب الدراسات الإسلامية بدمشق. 215-دول الطوائف منذ قيامها حتى الفتح المرابطي: محمد عبد الله عدنان- الناشر: مكتبة الخانجي بالقاهر- دار الكاتب العربي للطباعة والنشر- القاهرة- الطبعة الثانية 1389هـ-1969م. 216-الدولة السعودية الأولى الجزء الأول "1158-1233هـ-1745-1818م" الدكتور عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم- الناشر: دار الكتاب الجامعي- القاهرة- مطبعة الجبلاوي- الطبعة الرابعة 1402هـ-1982م. 217-ديوان الأمير الصنعاني للإمام محمد بن إسماعيل الأمير الحسيني الصنعاني, قدم له وأشرف على طبعه على السيد صبح المدني- الطبعة الأولى 1384هـ-1964م- مطبعة المدني- القاهرة. 218-ديوان الغمام الشافعي لأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي, جمعه محمد عفيف الزعبي- الناشر: مكتبة المعرفة- سورية- دار القلم جدة- الطبعة الثالثة 1392هـ-1974م. 219-ديوان الإمام الشافعي لأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي, جمعه محمد عفيف الزعبي- الناشر: مكتبة المعرفة – سورية- ودار القلم جدة- الطبعة الثالثة 1393هـ-1973م. 220-ديوان الشوكاني أسلاك الجوهر والحياة الفكرية والسياسة في عصره: تحقيق ودراسة حسين بن عبد الله العمري- الناشر: دار الفكر بدمشق طبعة 1402هـ-1982م.
221-ديوان المتنبي- الناشر: دار صادر- بيروت- الطبعة بدون. 222-ديوان عقود الجواهر المنضدة الحسان شعر علامة الزمان الشهير سليمان ابن سحمان "1266-1349هـ" أشرف على تصحيحه وضبطه وعلق عليه عبد الرحمن بن سليمان الوريشد- الناشر: مؤسسة الدعوة الإسلامية الصحسفة – مطابع الأهرام التجارية. 223-الدر المنثور في التفسير المأثور: للحافظ عبد الرحمن جلال الدين السيوطي- الناشر: دار الفكر- بيروت لبنان- الطبعة الأولى 1403هـ-1983م. 224-الرحلة في طلب الحديث للخطيب البغدادي الغمام الحافظ أبو بكر احمد ابن علي بن ثابت " ولد سنة 392هـ وتوفي سنة 463هـ" رحمه الله, حققه وعلق عليه نور الدين عنتر- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت لبنان- الطبعة الأولى 1395هـ-1975م. 225-الرسالة التبوكية تأليف الإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر ابن القيم الجوزية "691-751هـ"- الناشر: قصي محب الدين الخطيب الطبعة الثالثة 1396هـ. 226-الرسالة التدمرية مجمل اعتقاد السلف تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية الناشر: المكتب الإسلامي- الطبعة الثالثة- 1400هـ-1980م. 227- رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من انكر الحرف والصوت تأليف الشيخ الغمام الحافظ أبي نصر عبيد الله بن سعيد ابن حاتم الوايلي السِّجزي "444هـ", تحقيق ودراسة محمد باكريم باعبد الله- الناشر: دار الراية- الرياض- الطبعة الاولى 1414هـ.
228-الرسالة القبرصية من شيخ الإسلام ابن تيمية "661-728هـ" إلى مالك قبرص بتقديم وتحقيق علي السيد صبح المدني عفا الله عنه 1399هـ1979م- الناشر: مكتبة المدني ومبعتها- جدة- مطبعة المدني- القاهرة. 229- الرسالة المستطرقة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة وما يتبعها من كتب الوسائل التي تنبغي للقاصد والسائل: تأليف العلامة محمد بن جعفر الكتاني- الطبعة الأولى سنة 1332هـ- بيروت على نفقة محمد السيد احمد خرما. 230-رسالة في أحكام الغناء تأليف الحافظ ناصر السنة وقامع البدعة: أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الشهير بابن قيم الجوزية "691-751هـ" تحقيق الشيخ حامد الفقي- الناشر: دار طيبة. 231-رسالة في أصول الديسن: شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية "661-728هـ" اعتنى بها خالد بن عبد اللطيف السبع العلمي- الناشر: دار ابن حزم- بيروت- لبنان- الطبعة الأولى 1415هـ-1995م. 232-رسالة في أصول الفقه للشيخ الإمام العلامة أبي علي الحسن بن شهاب الحسن العكبري الحنبلي المتوفى سنة "428هـ" دراسة وتحقيق وتعليق الدكتور موفق بن عبد الله بن عبد القادر- الناشر: المكتبة المكية- المكتبة البغدادية- الطبعة الأولى 1413هـ-1992م طباعة البشائر الإسلامية- بيروت- لبنان. 233-رسالة في أمراض القلوب تأليف الغمام الحافظ ناصر السنة وقامع البدعة أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الشهير بابن قيم الجوزية "691-
751هـ" تحقيق محمد حامد الفقي- الناشر: دار طيبة- الرياض. 234-رسالة في الرد على الرافضة تأليف الشيخ محمد بن عبد الوهاب , تحقيق الدكتور ناصر بن سعد الرشيد- الناشر: مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي- مكة المكرمة. 235- رسالة في تحريم اتخاذ الضرائح المصنوعة من الخشب والأوراق وغيرها في شهر محرم الحرام للعلامة أبي الطيب محمد آبادي ط1273-1329هـ" الناشر: مؤسسة المجمع العلمي- باكستان 1408هـ-1988م- الطبعة الأولى. 236- الروح للإمام ابن القيم في الكلام على أرواح الأموات والأحياء بالدلائل من الكتاب والسنة والآثار وأقوال العلماء: تأليف الإمام شمس الدين أبي عبد الله ابن قيم الجوزية المتوفى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت لبنان- الطبعة الأولى 1402هت-1982م. 237-الروض المعطار في خير الأقطار معجم جغرافي مع فهارس شاملة تأليف محمد بن عبد المنعم الحميري, حققه الدكتور إحسان عباس- الناشر: مكتبة لبنان- بيروت- الطبعة الثانية 1984م. 238- روضة الطالبين للغمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي الدمشقي ط ولد 631هـ وتوفي 676هـ" رحمه الله تعالى- الناشر: المكتب الإسلامي. 239- روضة الناظر وجنة المناظر في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل: تأليف عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي, تحقيق الدكتور عبد الكريم بن علي النملة- الناشر: مكتبة الرشد- الرياض
الطبعة الثانية 1414هـ-1993م. 240- روضة الناظر عن مآثر علماء وحوادث السنين: محمد بن عثمان بن صالح بن عثمان- الطبعة الأولى 1400هـ-1980م مطبعة الحلبي- القاهرة. 241- زاد المعاد في هدي خير العبادك ابن قيم الجوزية الغمام المحدث المفسر الفقيه شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي "691-751هـ", حقق نصوصه وخرج أحاديثه , وعلق عليه شعيب الأنؤوط, عبد القادر الأرنؤوط- الناشر: مؤسسة الرسالة- بيروت مكتبة المنار الإسلامية- الكويت- الطبعة الثانية 1401هـ-1981م. 242-الزهد: للحسن البصري, تحقيق الدكتور محمد عبد الرحيم محمد- الناشر والطبعة والتوزيع: دار الحديث شارع جوهر القائد أمام جامعة الأزهر. 243- الزهد: للعالم الرباني والصديق الثاني الإمام أبي عبد الله احمد بن محمد ابن حنبل الشيباني "164-241هـ-780-855م" الناشر: دا الكتب العلمية- بيروت- الطبعة الثانية 1414هـ-1994م. 244-سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب: محمد أمين البغدادي الشهير بالسويدي- دار القلم- بيروت لبنان. 245-السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة: محمد عبد الله بن حميد- الناشر: مكتبة الغمام أحمد- الطبعة الأولى 1409هـ-1989م. 246- السحر حقيقته وحكمه والعلاج منه مع مناقشة شبهات منكري سحر النبي صلى الله عليه وسلم: تأليف الدكتور مسفر بن غرم الله الدميني- الطبعة الأولى 1412هـ-1991م.
247-سلسة الاحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني- الناشر: المكتب الإسلامي –دمشق- بيروت- عمان الدار السلفية- الكويت- الطبعة الثانية 1399هـ-1979م المجلد الأول والثاني, والطبعة الأولى 1399هـ-1979م, المجلد الثالث – الطبعة الأولى 1403هـ-1983 المجلد الثالث والرابع. 248-سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة للشيخ محد ناصر الدين الألباني- الناشر: مكتبة المعارف- الرياض- الطبعة الثانية 1408هـ-1988مج/3, وط/1"1399هـ"ج/2"1398هـ" ج/1. 249-السلفية في المجتمعات الإسلامية المعاصرة , أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- الرياض في 21/4/1400هـ-8/3/1980م- مطابع جامعة الغمام محمد بن سعود الإسلامية. 250-سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر أبي الفضل محمد خليل بن علي المرادي- الناشر: دار ابن حزم ودار البشائر الإسلامية- بيروت لبنان- الطبعة الثالثة 1408هـ-1988م. 251-السماع والرقص للإمام شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية "661-728هـ" الناشر: مكتبة عبد العزيز السلفية- الإسكندرية مطبعة المدني- القاهرة. 252-سنن أبي داود للإمام الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي "202-275هـ" ومعه كتاب معالم السنن للخطابي "319-388هـ" وهو شرح عليه مع تخريج أحاديثه وترقيمها إعداد الدكتور
عزت عبيد الدعاس وعادل السيد- الناشر: دار الحديث –حمص- سورية الطبعة الأولى "1388هت-1969م"ج/1و"1389هـ-1969م ج/2 و"1391هت-1971م" ج/3 و"1393هـ-1973م"ج/4. 253-سنن ابن ماجة"207-275هـ", حقق نصوصه ورقم كتبه وأبوابه وأحاديثه وعلق عليه محمد فؤاد عبد الباقي- الناشر والطبعة دار الفكر. 254-سنن الترمذي وهو الجامع الصحيح: للإمام الحافظ أبي عيسى محمد ابن عيسى بن سورة الترمذي ط209-279هـ", ضبطه وراجع أصوله وصححه عبد الرحمن محمد عثمان, حققه وصححه عبد الوهاب عبد اللطيف الناشر: المكتبة السلفية بالمدينة المنورة- طبعة عام 1384هـ-1964م- مطبعة المدني- القاهرة. 255-سنن الدارقطني تأليف شيخ الإسلام حافظ عصره الإمام الكبير علي بن عمر الدارقطني المولود سنة 306هـ والمتوفى سنة 385هـ وبيله التعليق المغني على الدارقطني تأليف المحدث العلامة أبي الطيب محمد آبادي عني بتصحيحه وتنسيقه وترقيمه وتحقيقه السيد عبد الله هاشم يماني المدني "1386هـ-1966م" ملتزم طبعه ونشره السيد عبد الله هاشم يماني المدني- المدينة المنورة- الطبعة الثانية 1415هـ-1994م. 256-السنن الكبرى الإمام المحدثين الحافظ الجليل أبي بكر احمد بن الحسين ابن علي البيهقي المتوفي سنة ثمان وخمسين وأربعمائة- الناشر: دار الفكر- بيروت. 257-سنن النسائي شرح الحافظ جلال الدين السيوطي وحاشية الغمام جلال الدين السيوطي وحاشية الإمام السندي- الناشر: دار الفكر- بيروت
الطبعة الأولى سنة 1348هـ-1930م. 258-السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها: تأليف أبي عمرو عثمان بن سعيد المقري الداني المتوفى سنة "444هـ" , دراسة وتحقيق الدكتور ضياء الله بن محمد بن إدريس المباركفوري- الناشر: دار العاصمة- الرياض- الطبعة الأولى 1416هـ. 259-السنن والآثار في النهي عن التشبيه بالكفار جمع ودراسة وتحقيق سهيل حسن عبد الغفار- الناشر: دار السلف- الرياض- الطبعة الأولى 1416هـ-1995م. 260-السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات والدعوات: محمد عبد السلام خضر الشقيري رحمه الله- الناشر: مكتبة النهضة ومكتبة جمهورية مصر- القاهرة. 261-السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية: شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية- الطبعة الرابعة 1969م دار المعرفة- بيروت لبنان. 262- سير أعلام النبلاء: تصنيف الغمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفي "748هـ-1374م" أشرف على حقيقه وتخريج أحاديثه شعيب الأرناؤوط- من توزيع رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد- وقف لله تعالى- الناشر: مؤسسة الرسالة- بيروت الطبعة الثانية 1402هـ-1982م. 263-السيرة النبوية: ابن هشام حققها وضبطها وشرحها ووضع فهارسها مصطفى السقا- إبراهيم الأبياري- عبد الحفيظ شبلي- الناشر: دار الكنوز الأدبية.
264-السيف المسلول لاستقامة دين الإسلام بالكتاب والسنة وما وافقهما من أقوال العلماء الذين لهم قدم صدق في الدين: تأليف محمد المرزوق ابن عبد المؤمن الفلاني- الطبعة الأولى 1383هـ-1964م مطابع المكتب الإسلامي بدمشق. 265-السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار: لشيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني "1173-1250هـ", تحقيق محمود إبراهيم زايد- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت لبنان- توزيع دار الباز- مكة المكرمة- الطبعة الأولى 1405هـ-1985م- بيروت لبنان. 266-شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز: خير الدين الزركلي- الناشر: دار العلم للملايين- بيروت- الطبعة الثالثة نيسان إبريل 1985م. 267-شبه جزيرة العرب نجد: محمود شاكر- الناشر: المكتبالإسلامي الطبعة الثالثة 1401هـ-1981م. 268- الشبهات التي أثيرت حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومماثلتها بشبهات أثيرت حول دعوة الشيخ المودودي رحمهما الله د. عبد الرحمن عميرة- أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب- الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 21/4/1400هـ-8/3/1980م- مطابع جامعة الغمام محمد بن سعود الإسلامية. 269-شذرات الذهب في أخبار من ذهب للمؤرخ الفقيه الأديب أبي الفلاح عبد الحي ابن العماد الحنبلي المتوفي سنة "1089هـ" الناشر: دار المسيرة- بيروت- الطبعة الثانية 1399هـ-1979م. 270-شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع
الصحابة والتابعين من بعدهم تأليف الشيخ الإمام الحافظ أبي القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري اللالكائي "418هـ", تحقيق الدكتور أحمد سعد حمدان- الناشر: دار طيبة والتوزيع- الرياض الطبعة الثانية 1411هـ. 271-شرح السنة تأليف الإمام المحدث المفسر الفقيه محي السنة أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي " 436-516هـ" حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه شعيب الأرناؤوط ومحمد زهير شاويش- الناشر: المكتب الإسلامي- الطبعة الأولى 1390هت-1971م. 272-شرح الصدور بتحريم رفع القبور تأليف الغمام العلامة محمد بن علي الشوكاني "1172-1250هـ" صححه وراجع أصوله عبد الرحمن بن محمد عثمان- الناشر: المكتبة السلفية – المدينة المنورة- مكتبة القاهرة- مصر. 273-شرح العقيدة الطحاوية للعلامة ابن أبي العز الحنفي الطحاوي, حققها وراجعها جماعة من العلماء- خرج أحاديثها محمد ناصر الدين الألباني الناشر: المكتب الإسلامي- الطبعة الأولى 1392هـ. 274-شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام احمد بن تيمية رحمه الله: تأليف الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان- الناشر: مكتبة المعارف الرياض- الطبعة السادسة 1413هـ-1993م. 275-شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية شرحه: فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين, خرج أحاديثه واعتنى به سعد بن فواز الصميل الناشر: دارابنالجوزي مكتبة شمس- الطبعة الثانية ذوالقعدة 1415هـ. 276-شرح القواعد الفقهية: تأليف الشيخ احمد الزرقاء, نسقه وراجعه
وصححه د. عبد الستار أبو غدة- الناشر: دار الغرب الإسلامي الطبعة الأولى 1403هـ-1983. 277-الشرح الكبير على متن المقنع تأليف الغمام شمس الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن قدامة المقدسي المتوفى سنة "682هـ" كلاهما على مذهب إمام الأئمة إمام الأئمة " أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني" مع بيان خلاف سائر الأئمة وأدلتهم رضي الله عنهم- الناشر: جامعة الإمام محمد ابن سعود الإسلامية- كلية الشريعة بالرياض. 278-شرح المنهاج للبيضاوي في علم الأصول لشمس الدين محمود بن عبد الرحمن الأصفهاني "674-749هـ" الناشر: مكتبة الرشد الرياض- الطبعة الأولى 1410هـ. 279-شرح ثلاثة الأصول لفضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين حفظه الله – إعداد: فهد بن إبراهيم السليمان- الناشر: دار الثريا- الرياض- الطبعة الأولى "1414هـ-1994م". 280-شرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد تأليف العلامة محمد السفارييني الحنبلي – الناشر: المكتب الإسلامي- الطبعة الثالثة 1399هـ- بيروت. 281- شرح رياض الصالحين للإمام النووي: شرحه وحققه الدكتور الحسيني عبد المجيد هاشم- الناشر: دار الكتب الحديثة- مصر- مطبعة الكيلاني. 282-شرح عقيدة أهل السنة والجماعة " العقيدة الطحاوية لأبي جعفر أحمد ابن محمد بن سلامة الطحاوي ت: "321هـ" تأليف محمد بن أحمد البابرتي "712-786هـ", تحقيق عارف أيتكن- الطبعة الأولى 1409هـ-1989م.
283-شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى الرشاد لموفق الدين عبد الله أحمد بن قدامة المقدسي"541-620هـ" بقلم الشيخ محمد صالح العثيمين- الناشر: دار عالم الكتب- الرياض- الطبعة الثانية 1408هـ-1988م. 284-شرح نواقض التوحيد لا إله إلا الله تأليف أبي أسامة حسن بن علي العواجي- الناشر: مكتبة لينة- دمنهور- الطبعة الأولى 1413هـ-=1993م- أضواء المنار- المدينة المنورة- المنصورة. 285-شرف أصحاب الحديث: الحافظ المؤرخ أبي بكر أحمد علي بن ثابت الخطيب البغدادي, بتحقيق الدكتور: محمد سعيد خطيب أوغلي الناشر: دار إحياء السنة النبوية- الطبعة بدون. 286-شروط النهضة: مالك بن نبي, ترجمة عمر كامل مسقاوي, عبد الصبور شاهين- الناشر: دار الفكر- دمشق إصدار ندوة مالك بن نبي- طبعة 1399هـ-1979م. 287-الشريعة للإمام أبي بكر محمد بن الحسين الآجري المتوفى سنة ستين وثلاثمائة رحمه الله, بتحقيق محمد حامد الفقي- الناشر: أنصار السنة المحمدية – لاهور- الطبعة بدون. 288-شعب الإيمان أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي "384-458هـ" تحقيق أبي هاجر محمد السيد بن بسيوني زغلول- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- الطبعة الاولى 1410هـ-1990م.. 289-شعر عمرو بن معد يكرب الزبيدي جمعه وحققه مطاع الطرابيشي الناشر: مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق- الطبعة 1394هـ-1974م.
290-شعراء هجر من القرن الثاني عشر إلى القرن الرابع عشر: د. عبد الفتاح محمد الحلو- الناشر: دار العلوم 1401هـ-1981م. 291-الشفاء في مواعظ الملوك وخلفاء: الإمام عبد الرحمن بن الجوزي المتوفى 597هـ-ينشر لأول مرة- تحقيق الدكتور فؤاد عبد المنعم احمد, مراجعة محمد السيد الصفطاوي- الناشر: مؤسسة شباب الجامعة الإسكندرية 1398هـ-1983م. 292-الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة "1115-1206هـ": د. آمنة محمد نصر- الناشر: دار الشروق القاهرة- الطبعة الاولى 1403هـ-1983م. 293- الشيخ محمد بن عبد الوهاب حياته وفكره: د. عبد الله الصالح العثيمين الناشر: دار العلوم للنشر 1406هـ-1986م- الطبعة الثانية. 294-الشيخ محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه: بقلم العلماء عليه: بقلم العلامة الشيخ أحمد بن حجر بن محمد آل بوطامي ابن علي, قدم له وصححه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الناشر: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية- الطبعة الثانية- مطابع الفلاح- الرياض. 295- الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مرآة علماء الشرق والغرب: إعداد محمد مهدي الإستنبولي- الناشر: بدون- الطبعة 1400هـ-1980م. 296- الصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار تأليف وحيد عبد السلام بالي الناشر: مكتبة التابعين- القاهرة- الطبعة الثالثة 1412هـ-1992م. 297-صبح الأعشى في صناعة الإنشاء تأليف أحمد بن علي القلقشندي
المتوفى سنة "821هـ-1418هـ", الناشر: الهيئة المصرية للكتاب 1405هـ-1985م- مطابع كوستاسوماس وشركاه- ج. م.ع. 298-الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية: تأليف إسماعيل بن حماد الجوهري, تحقيق احمد عبد الغفور عطار- الناشر: دار العلم للملايين بيروت- لبنان- الطبعة الثالثة- 1404هـ-1984م. 299-صحيح البخاري- الناشر: دار إحياء التراث العربي- بيروت لبنان مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده 1378هـ-1958م. 300-صحيح البخاري بحاشية السندي- دار المعرفة- بيروت. 301-صحيح الجامع الصغير وزيادته: تأليف الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله الناشر: المكتب الإسلامي "ج1-2", الطبعة الأولى 1388هـ-1969م- "ج3-" الطبعة الثانية 1399هـ-1979م, "ج5-6" الطبعة الثانية 1399هـ-1979م. 302-صحيح سنن أبي داود باختصار السند صحح أحاديثه: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني, اختصر أسانيده وعليق عليه وفهرسه زهير الشاويش- الناشر: مكتب التربية العربي لدول الخليج- الرياض- الطبعة الأولى 1409هـ-1989م. 303-صحيح سنن ابن ماجة باختصار السند: تأليف الشيخ محمد ناصر الدين لألباني- أشرف على طبعه والتعليق عليه وفهرسته زهير الشاويش الناشر: مكتب التربية العربي لدول الخليج- الرياض- الطبعة الثالثة 1408هـ-1988م توزيع المكتب الإسلامي- بيروت. 304-صحيح سنن الترمذي باختصار السند: تأليف الشيخ محمد ناصر الدين
الألباني- أشرف على طبعه والتعليق عليه وفهرسته زهير الشاويش- الناشر: مكتب التربية العربي لدول الخليج- الطبعة الأولى 1408هـ-1988م. 305-صحيح سنن النسائي باختصار السند, صحح أحاديثه: الشيخ محمد ناصر الدين الألباني, أشف على طباعته والتعليق عليه وفهرسته زهير الشاويش- الناشر: مكتب التربية العربي لدول الخليج- الرياض الطبعة 1409هـ-1988م. 306-صحيح مسلم بشرح النووي- الناشر: دار الفكر- طبعة 1401هـ1981م-المطبعة المصرية. 307-صحيح مسلم للإمام أبي الحسين بن الحجاج القشيري النيسابوري "206-261هـ", تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي- الناشر: دار إحياء التراث العربي- بيروت لبنان الجزأين الأول والثاني بدون طبعة, الجزء الثالث الطبعة الأولى "1375هـ-1955م", الجزء الرابع الطبعة الثانية "1972", الجزء الخامس الطبعة الأولى "1375هـ-1956م". 308-صفات الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر: الدكتور عبد العزيز بن أحمد المسعود- الناشر: دار الوطن- الرياض- الطبعة الأولى 1414هـ. 309-صفة الفتوى والمفتي والمستفتي: الإمام أحمد بن حمدان الحراني الحنبلي, خرج أحاديثه وعلق عليه محمد ناصر الدين الألباني- الناشر: المكتب الإسلامي- الطبعة الثالثة 1397هـ بيروت- دمشق. 310-صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها: تأليف الشيخ محمد ناصر الدين الألباني- المكتب الإسلامي- بيروت ودمشق- الطبعة الحادية عشر 1403هـ-1983م.
311-صلة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بمذهب السلف: د. علي عبد الحليم محمود سنة 1400هـ أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب 1400هـ-1980م- مطابع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الرياض في 21/4/1400هـ-8/3/1980م. 312-الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة, ويليه كتاب تطهير الجنان واللسان عن الخطورة والتفوه بثلب سيدنا معاوية بن أبي سفيان كلاهما تأليف المحدث الفقيه أحمد بن حجر الهيتمي المكي المتوفى سنة "974هـ"- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت- الطبعة الثالثة 1414هـ-1993م. 313- الصواعق المرسلة الشهابية على التشبه الداحضة الشامية تأليف: الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله تعالى- طبعه 1376هـ-1956م مطابع الرياض. 314- الصوفية في ميزان الكتاب والسنة وإعداد الشيخ محمد جميل زينو الناشر: دار المحمدي- جدة- الطبعة الأولى-1415هـ-1995م. 315-الصوفية والفقراء: شيخ الإسلام ابن تيمية "661-728هـ", الناشر: مطبعة المدني- المؤسسة السعودية بمصر. 316-صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان تأليف العلامة الكبير المحدث الفقيه النحرير: محمد بشير السهسواني الهندي "1252هـ-1326هـ. الطبعة الثالثة 1378هـ. 317-الضياء الشارق في رد شبهات الماذق المارق تأليف: الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله "1266-1349هـ" تحقيق عبد السلام بن برجس
ابن ناصر آل عبد الكريم- الناشر: دار العليان- بيرده- دار العاصمة الرياض- الطبعة الرابعة 1412هـ-1992م. 318-طاعة ولي الامر بقلم د. عبد الله الطريقي- الناشر: دار المسلم الرياض- الطبعة الأولى 1414هـ-1994م. 319-الطب النبوي لابن قيم الجوزية الإمام المحدث المفسر الفقيه شمس الدين أبي عبد الله محمد أبي بكر الزرعي الدمشقي "691-751هـ" حقق نصوصه, وخرج أحاديثه, وعلق عليه شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط- الناشر: مؤسسة الرسالة- بيروت- مكتبة المنار الإسلامية الكويت- الطبعة الثانية- 1401هـ-1981م. 320-طبقات الحنابلة للقاضي أبي الحسين محمد بن أبي يعلى –الناشر: دار المعرفة- بيروت- توزيع دار المؤيد- الرياض. 321-طبقات الفقهاء الشافعية للإمام تقي الدين أبو عمرو بن عبد الرحمن الشهرزوري المعروف بابن الصلاح "577-643هـ", الناشر: دار البشائر الإسلامية- الطبعة الأولى- بيروت لبنان 1413هـ-1992م. 322-الطبقات الكبرى: لابن سعد- الناشر: دار صادر- بيروت. 323-العالم الإسلامي الحديث ولمعاصرة: د. جلال يحيى- الناشر: المكتب الجامعي الحديث- الطبعة العصرية- إسكندرية. 324-العالم الإسلامي: عمر رضا كحالة- الناشر: الشركة المتحدة للتوزيع- سوريا- الطبعة الثالثة " 1404هـ-1984م". 325- العبودية تأليف شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن عبد الحليم بن تيمية
الحراني الدمشقي المتوفى سنة "728هـ", الناشر: المكتب الإسلامي بيروت- لبنان- الطبعة الخامسة 1399هـ بيروت. 326-عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين للعلامة الإمام شيخ لإسلام علم العلماء الأعلام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الدمشقي المشتهر بابن قيم الجوزية المتوفى سنة "751هـ" بتصحيح الناشر: زكريا علي يوسف- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- طبعة مطبعة الإمام- مصر. 327-العدة في أصول الفقه تأليف القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفراء البغدادي الحنبلي "380هـ-458هـ" حققه وعلق عليه الدكتور أحمد ابن علي مسير المباركي – الناشر: مؤسسة الرسالة – الطبعة الأولى 1400هـ-1980م. 328-عقيدة التوحيد في القرآن الكريم تأليف الدكتور محمد أحمد محمد عبد القادر ملكاوي- الناشر: دار ابن تيمية- الطبعة الأولى 1405هـ-1985م- مطابع الفرزدق- الرياض. 329- عقيدة السلف وأصحاب الحديث أو الرسالة في اعتقاد أهل السنة وأصحاب الحديث والأئمة تأليف الإمام أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني "373-449هـ", دراسة وتحقيق الدكتور ناصر ابن عبد الرحمن بن محمد الجديع- لناشر: دار العاصمة – الرياض الطبعة الأولى 1415هـ. 330- العقيدة السلفية في مسيرتها التاريخية وقدرتها على مواجهة التحديات القسم الخامس- قسم مواقف السلف- السنة التاسعة والسبعون- مالك ابن أنس تأليف محمد بن عبد الرحمن المغرواي- الناشر: دار المنار- الخرج
الطبعة الأولى 1412هـ-1992م. 331-عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية وأثرها في العالم الإسلامي: تأليف الدكتور صالح بن عبد الله بن عبد الرحمن العبود- الطبعة الأولى 1408هـ- الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة-طبعة مطابع الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. 332-العقيدة الصحيحة وما يضادها تألأيف سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز الناشر: الرئاسة العامة لإدارات البحوث العليمة والإفتاء والدعوة والإرشاد- الرياض " وقف لله تعالى" 1403هـ-1983م. 333-عقيدة الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة تأليف شيخ الدعوة الإسلامية الإمام محمد بن عبد الوهاب- الناشر: المكتب الإسلامي الطبعة الثالثة 1397هـ. 334-عقيدة الموحدين والرد على الضلال المبتدعين جمع وترتيب الشيخ عبد الله بن سعدي الغامدي العبدلي- الناشر: مكتبة الطرفين- الطائف- الطبعة الأولى 1411هـ-1991م. 335- العقيدة الواسطية حاشية العلامة الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع, تعليق سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز, اعتنى بها أبو محمد أشرف بن عبد المقصود- الناشر: مكتبة دار الطبرية- الرياض أصداء المجتمع – بريدة- الطبعة الأولى 1415هـ-1995م. 336-العلاقات بين لدولة السعودية الأولى والكويت تأليف د. عبد الله الصالح العثيمين- الناشر: شركة العبيكان- الرياض- الطبعة الثانية الرياض 1411هـ-1990م.
337-العلم فضله, أسباب تحصيله, آداب طلابه تأليف عبد الواحد بن عبد الله بن عبد المحسن المهيدب- الناشر: دار العاصمة- الرياض الطبعة الثانية 1415هـ. 338-علماء الدعوة: الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ 1386هـ-1966م- مطبعة المدني. 339- علماء نجد خلال ستة قرون تأليف فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح البسام- الناشر: مكتبة ومطبعة النهضة الحديثة مكة المكرمة- الطبعة الأولى 1398هـ. 340-عمدة القارئ شرح صحيح البخاري للشيخ العلامة بدر الدين محمد محمود بن أحمد العيني المتوفي سنة "855هـ" عنيت بنشره وتصحيحه والتعليق عليه شركة من العلماء بمساعدة إدارة الطباعة المنيرية لصاحبها ومديرها محمد منير عبده أغا الدمشقي- الناشر: دار إحياء التراث العربي- بيروت لبنان. 341-عنوان المجد في تاريخ نجد تألأيف العلامة المحقق عثمان بن بشر النجدي الحنبلي رحمه الله- الناشر: مكتبة الرياض الحديثة- الرياض- الطبعة بدون. 342-عون المعبود شرح سنن أبي داود للعلامة أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي مع شرح الحافظ ابن قيم الجوزية, تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان- الناشر: دار الفكر- بيروت- الطبعة الثالثة 1399هـ-1979م. 343- غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام تأليف الشيخ محد ناصر الدين الألباني- الناشر: المكتب الإسلامي- الطبعة الأولى 1400هـ-1980م – دمشق- بيروت.
344-غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى تأليف الفقيه العلامة مرعي بن يوسف الحنبلي المتوفى سنة "1033هـ", علق عليه محمد زهير الشاويش- الناشر: مؤسسة دار السلام- الطبعة الأولى على نفقة الشيخ علي بن الشيخ عبد الله بن قاسم الثاني. 345-غريب الحديث المجلدة الخامسة للإمام أبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي "198-285هـ"- الناشر: دار المدني- جدة- الطبعة الأولى 1405هـ-1985م. 346- غريب الحديث تألأيف الشيخ الإمام شيخ لإسلام أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي, وثق أصوله وخرج حديثه وعلق عليه الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت لبنان- الطبعة الأولى 1405هـ-1985م. 347-غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي المتوفى سنة 224هـ-838م",الناشر: دار الكتاب العربي-بيروت- الطبعة الأولى- إدارة المعارف العثمانية يحدر آباد سنة 1384هـ-1965م. 248- الغنية لطالبي طريق الله عز وجل للشيخ عبد القادر الجيلاني الحسني, تحقيق ودراسة فرج توفيق الوليد- الناشر: مكتبة الشرق الجديد- بغداد توزيع المركز العربي للثقافة والعلوم- بيروت- الطبعة بدون. 349-الغنية في أصول الدين تأليف سعيد عبد الرحمن النيسابوري المعروف بالمتولي الشافعي سنة "478هـ", تحقيق الشيخ عماد الدين أحمد حيدر- الناشر: مؤسسة الكتب الثقافية بيروت- لبنان- الطبعة الأولى 1406هـ-1987م.
350-فتاوى إسلامية لأصحاب الفضيلة العلماء سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز- فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين- فضيلة الشيخ عبد لله ابن عبد الرحمن بن جبرين إضافة إلى اللجنة الدائمة وقرارات المجمع الفقهي, جمع وترتيب محمد المسند- الناشر: دار الوطن- الرياض الطبعة الثانية 1414هـ-1994م. 351- فتاوى السبكي- الناشر: مكتبة القدس –الاهرة- الطبعة سنة 1356هـ. 352- الفتاوى الكبرى: لابن تيمية أبي العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم الناشر: دار المعرفة- بيروت- طبعة 1397هـ-1978م. 353-فتاوى المراة المسلمة لأصحاب الفضيلة العلماء محمد بن إبراهيم آل الشيخ- عبد الرحمن السعدي- عبد الله بن حميد- عبد العزيز بن باز- ابن عثيمين- ابن جبرين- ابن فوزان, اعتنى بها ورتبها أبو محمد أشرف بن عبد المقصود- الناشر: مكتبة دار طبرية- الرياض- ومكتبة أضواء السلف- الطبعة الثانية 1416هـ-1995م. 354- فتح الباري شرح صحيح البخاري: للإمام احمد بن علي بن حجر العسقلاني "773-852هـ", رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه واستقصى أطرافه مرتبة على أرقامها في كل حديث محمد فؤاد عبد الباقي, إخراج محي الدين الخطيب- دار المعرفة- بيروت- لبنان. 355-فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين تأليف الدكتور عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار والشيخ سامي بن سلمان المبارك الناشر: دار الوطن- الطبعة الثانية 1415هـ. 356-الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني مع مختصر
شرحه بلوغ الاماني من أسرار الفتح الرباني كلاهما تأليف أحمد عبد الرحمن البنا- دار الشهاب- القاهرة. 357-فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير تأليف الإمام محمد بن علي الشوكاني – الناشر: دار الفكر. 358-فتح المجيد شرح كتاب التوحيد تأليف الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ, راجع حواشيه وصححه وعلق عليه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بنم باز- الناشر: دار الخير- بيروت- الطبعة الأولى 1413هت-1993م. 359-فتح المغيث في السحر والحسد ومس إبليس تأليف أبي عبيدة ماهر بن صالح آل مبارك- الناشر: دار علوم السنة- الرياض- الطبعة الأولى 1415هـ-1995م. 360-فتنة الوهابية: احمد زيني دحلان- الناشر: حسين حلمي بن سعيد إستنبولي. 361-الفرق بين الفرق تألأيف صدر الإسلام الأصولي العالم المتفنن عبد القهار بن طاهر بن محمد البغدادي الإسفرائيني التميمي المتوفى في عام "1429هت-1037م", حقق أصول وفصله وضبط مشكله وعلق حواشيه محمد محي الدين عبد الحميد- الناشر: دار المعرفة- بيروت لبنان- الطبعة بدون. 362-الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان تألأيف شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله, حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه الدكتور عبد الرحمن بن عبد الكريم اليحيى- الناشر: دار الطويق- الرياض- الطبعة الاولى 1414هـ. 363-الفروع: الشيخ محمد بن مفلح- الناشر: عالم الكتب- بيروت- الطبعة الرابعة 1405هـ-1985م.
364-الفروق للإمام العلامة شهاب الدين أبي العباس الصنهاجي المشهور بالقارفي رحمه الله, يليه فهرس تحليلي لقواعد الفروق, وضعه أ. د محمد رواس قلعه جي وبأسفلها حاشية إدرار الشروق على أنوار الفروق: لابن الشاط مع تهذيب الفروق والقواعد السنية في أسرار الفقهية: لمحمد علي ابن حسين- الناشر: دار المعرفة- بيروت- لبنان- الطبعة بدون. 365-فصل الخطاب في بيان عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما وردت في كتبه ورسائله: استخلصها ورتبها أحمد بن عبد الكريم نجيب- الطبعة الاولى 1415هـ-1994م. 366- الفصل بين الملل والأهواء والنحل تأليف الإمام أبي محمد علي بن أحمد المعروف بابن حزم الظاهري المتوفي سنة "456هـ", تحقيق الدكتور محمد إبراهيم نصر والدكتور عبد الرحمن عميرة- الناشر: شركة متبات عماظ- جدة- الطبعة الأولى 1402هـ-1982م. 367-الفقه الإسلامي وأدلته الشامل للأدلة الشرعية والآراء المذهبية وأهم النظريات الفقهية وتحقيق الاحاديث النبوية وتخريجها وفهرسة ألفبائية للموضوعات وأهم المسائل الفقهية تألأيف الدكتور وهبة الزحيلي الناشر: دار الفكر دمشق- الطبعة الثانية 1405هـ-1985م. 368-فقه الدعوة في إنكار المنكر تألأيف عبد الحميد البلالي, مراجعة المستشار سالم البهنساوي- الناشر: دار الدعوة- الكويت الطبعة الرابعة 1411هـ-1991م. 369- الفقيه والمتفقه للحافظ أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي ولد سنة ط 392هـ" وتوفي سنة "463هـ", رحمه الله قام بتصحيحه
والتعليق عليه فضيلة الشيخ إسماعيل الأنصاري- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- الطبعة الثانية 1400هـ-1980هـ. 370-الفكر العربي في مائة سنة: الجامعة الأمريكية " بحوث مؤتمر هيئة الدراسات العربية المنعقدة في تشرين الثاني 1966م في الجامعة الامريكية في بيروت" أشرف على تحريره فؤاد صروف ونبيه أمين فارس- الناشر: الدار الشرقية للطباعة والنشر- بيروت 1967م. 371-فهرس الفهارلاس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات تأليف عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني, باعتناء الدكتور إحسان عباس الناشر: دار الغرب الإسلامي في بيروت- الطبعة الثانية 1402هـ-1982م- دار الغرب الإسلامي- بيروت. 372- الفوائد المجموعة في الاحاديث الموضوعة: لشيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني , بتحقيق العلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني- الناشر: المكتب الإسلامي- بيروت- دمشق – الطبعة الثالثة 1402هـ- بيروت. 373-الفوائد: للإمام ابن القيم- الناشر: دار النفائس- بيروت- الطبعة الأولى 1399هـ-1979م. 374-فوات الوفيات والذيل عليها تألأيف محمد بن شاكر الكتبي "764هـ", تحقيق الدكتور إحسان عباس- الناشر: دار الثقافة- بيروت- لبنان طبعة مطابع دار صادر- يروت "مارس" 1974م. 375-الفواكه العذاب في الرد على من لم يحكم السنة والكتاب تألأيف العالم العلامة حمد بن ناصر بن عثمان آل معمر التميمي الحنبلي "1160-1225هـ" عاتنى بنشرها وتحقيقها وتخريج أحاديثها عبد السلام بن
برجس بن ناصر آل عبد الكريم "وقف لله تعالى", الناشر: دار العاصمة الرياض- الطبعة الأولى 1407هـ. 376-في آداب الحسبة تأليف الفقيه أبي عبد الله محمد بن أبي محمد بن أبي السقطي المالقي الأندلسي- الناشر: دار الفكر الحديث- بيروت- لبنان- الطبعة الأولى 1409هـ-1989م- الرياض. 377-في تاريخ العرب الحديث: د. رأفت الشيخ- الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر- القاهرة- طبعة 1977م. 378-في عقائد الإسلام من رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهاب ويليه جواب أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والزيدية لمؤلفه الشيخ عبد الله ابن محمد بن عبد الوهاب المعروف بابن الشيخ- الناشر: دار الآفاق الجديدة- بيروت الطبعة الأولى 1401هـ-1981م. 379-فيض القدير شرح الجامع الصغير: للعلامة المناوي وهو شرح نفيس للعلامة المحدث محمد المدعو بعبد الرؤوف المناوي على كتاب " الجامع الصغير" من أحاديث البشير النذير للحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي- الناشر: دار المعرفة- بيروت- لبنان- الطبعة الثانية 1391هـ-1972م. 380-قاعدة أهل السنة والجماعة في رحمة أهل البدع والمعاصي ومشاركتهم في صلاة الجماعة تأليف شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله تعالى المتوفى سنة "728هـ"- الناشر: مكتبة قرة عيون الموحدين- الجبيل- الطبعة الأولى محرم 1411هـ. 381-قاعدة عظيمة في الفرق بن عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات
أهل الشرك والنفاق تأليف شيخ الإسلام تقي الدين أبي العباس أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى’ تحقيق سليمان الغصن- الناشر: دارالعاصمة الرياض الطبعة الأولى محرم 1411هـ- مطابع الفرزدق. 382-قاعدة في المحبة: لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية, تحقيق وتعليق الدكتور محمد رشاد سالم- الناشر: مكتبة التراث الإسلامي- القاهرة. 383-قاموس إلياس الجامعي عربي/ إنجليزي تأليف إدوار إلياس إلياس الناشر: شركة إلياس العصرية- لقاهرة- مطبعة دار العالم العربي. 384-قاموس الشرطة إنجليزي/ عربي تأليف اللواء شفيق عصمت- الناشر: معهد الدراسات العليا لضباط الشرطة- الطبعة الأولى يونيه 1970م. 385-القاموس العربي الشامل عربي/ عربي إعداد هيئة الأبحاث والترجمة بالدار- دار الراتب- الناشر: دار الراتب الجامعية. 386- القاموس الفقهي لغة واصطلاحاك سعدي أبو حبيب- الناشر: دار الفكر- دمشق- الطبعة الأولى 1402هـ-1982م. 387- قاموس اللهجة العامية المصرية عربي- إنجليزي- تأليف سقراط سبيروط- الناشر: مكتبة لبنان- بيروت- طبعة 1973م. 388-القاموس المحيط للفيروز آبادي- الناشر: دار الفكر- بيروت 1398هـ-1978م. 389- القصيدة النونية الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية للغمام ابن قيم الجوزية – الناشر دار المعرفة- بيروت- طبعة مطبعة التقدم العلمية- بمصر. 390-قلب جزيرة العرب بقلم فؤاد حمزة- الناشر: مكتبة النصر
الحديثة – الرياض- الطبعة الثانية 1388هـ-1968م. 391-قواعد الأحكام في مصالح الأنام للإمام المحدث الفقيه سلطان العلماء أبي محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي المتوفى سنة "660هـ"- الناشر: دار المعرفة- بيروت لبنان- طبعة المكتبة التجارية الكبرى- مصر. 392-قواعد الأصول ومقاعد الفصول " مختصر تحقيق الأمل في علمي الأصول والجدل" تأليف صفي الدين عبد المؤمن بن كمال الدين عبد الحق البغدادي الحنبلي "658-739هـ", تصحيح ومراجعة أحمد محمد شاكر- الناشر: عالم الكتب- الطبعة الأولى 1406هـ-1986م. 393-القواعد الفقهية الكبرى وما تفرع عنها للشيخ الدكتور صالح بن غانم السدلان- الناشر: دار بلنسية – الرياض- الطبعة الأولى "1417هـ". 394-القواعد النورانية الفقهية تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغفر له "661-728هـ", بتحقيق محمد حامد فقي- الطبعة الأولى 1370هـ-1951م مطبعة السنة المحمدية- القاهرة. 395- القول البين الأظهر في الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تأليف الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي- الناشر: مكتبة دار السلام- الرياض- الطبعة الأولى 1412هـ. 396- القول الجلي في حكم التوسل بالنبي والولي تأليف السلفي محمد بن أحمد بن محمد بن عبد السلام خضر رحمه الله تعالى, قام بتصحيحه وإضافة بعض تعليقات عليه فضيلة الشيخ إسماعيل الأنصاري الناشر: رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
بالمملكة العربية السعودية. 397-القول الفصل في حكم الاحتفال بمولد خير الرسل صلى الله عليه وسلمك تأليف فضيلة الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري – الناشر: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد- الرياض 1416هـ-1995م "وقف لله تعالى". 398- القول القيم مما يرويه ابن تيمية وابن القيم يحتوي على أقوال شيخي الإسلام في فضائل أهل البيت النبوي- الناشر: دار مكتبة الحياة- بيروت. 399-القول المفيد على كتاب التوحيد شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين- الناشر: دار العاصمة- الرياض- الطبعة الأولى 1415هـ. 400-القول النفيس في الرد على المفتري داود بن جرجيس تأليف العالم الرباني والمجدد الثاني الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الغمام محمد بن عبد الوهاب ابن سليمان رحمهم الله "1193هـ-1285هـ"- الناشر: دار الهداية الرياض 7/شوال1405هـ. 401- قول على قول: حسن سعيد الكرمي- الناشر: دار لبنان- بيروت الطبعة الأولى حزيران "يونيه" 1968م. 402- قيام الدولة السعودية العربية: د. عبد الكريم الغرابية- الناشر: المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم- معهد البحوث والدراسات العربية قسم البحوث والدراسات التاريخية والجغرافية 1974م مطبعة الجبلاوي- مصر. 403-الكافي في فقه الغمام المبجل أحمد بن حنبل تأليف شيخ الإسلام أبي محمد موفق الدين عبد الله بن قدامة المقدسي, تحقيق زهير
شاويش- الناشر: المكتب الإسلامي- الطبعة الخامسة 1408هـ. 1988م- بيروت- لبنان. 404- الكامل في ضعفاء الرجال للإمام أبي عبد الله بن عدي الجرجاني "277-365هـ" الناشر: دار الفكر- بيروت- لبنان- الطبعة الثالثة" السبت 1محرم 1409هـ-13آب 1988م". 405-كتاب " المناسك وأماكن طرق الحج ومعالم الجزيرة" تحقيق حمد الجاسر- الناشر: دار اليمامة – الرياض- طبعة 1389هـ-1969م. 406-كتاب الإيمان تصنيف الحافظ أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة العبسي, وحققه محمد ناصر الدين الألباني- طبعة مطبعة المدني المؤسسة السعودية بمصر. 407- كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد: الشيخ إمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله, الناشر: مكتبة الكوثر- الطبعة الاولى 1413هـ-1993م. 408- كتاب التوحيد ومعرفة أسماء الله عز وجل وصفاته على الإتفاق والتفرد تأليف الغمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده رحمه الله " 310هـ-395هـ", حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه الدكتور علي بن محمد بن ناصر الفقيهي- الناشر: مكتبة الغرباء الأثرية- المدينة المنورة- الطبعة الثانية 1414هـ-1994م. 409-كتاب التوحيدك تأليف الدكتور الشيخ صالح بن فوزان الفوزان مطابع لحميضي- " وقف لله تعالى". 410-كتاب الجرح والتعديل تأليف الغمام الحافظ شيخ الغسلام ابن أبي حاتم
محمد بن إدريس بن المنذر التميمي الحنظلي الرازي المتوفى سنة سبع وعشرين وثلاثمائة رحمهم الله تعالى- الناشر: دار إحياء التراث العربي بيروت- الطبعة الأولى بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الهند سنة 1372هـ-1952م. 411-كتاب الحوادث والبدع تأليف الغمام أبي بكر محمد بن الوليد ابن محمد الطرطوشي المعروف بابن رندقة المتوفى سنة "520هـ", حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه بشير محمد عيون- الناشر: مكتبة المؤيد- الطائف, مكتبة دار البيان- دمشق- الطبعة الثانية 1412هـ-1991م.- دمشق- بيروت. 412-كتاب الزهد ويليه كتاب الرقائق للإمام شيخ الإسلام عبد الله بن المبارك المروزي المتوفي سنة "181هـ" رحمه الله, حققه وعلق عليه الأستاذ المحدث حبيب الرحمن الأعظمي- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت لبنان. 413- كتاب السنة تأليف الغمام عبد الله بن احمد بن حنبل الشيباني رحمه الله "ت290هـ", الناشر: دار الكتب العلمية- دلهي- الهند- الطبعة الثانية 1404هـ-1984م. 414-كتاب السنة للحافظ أبي بكر عمرو بن أبي عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني المتوفى سنة "287هـ" ومعه ظلال الجنة في تخريج السنة بقلم محمد ناصر الدين الألباني- الناشر: المكتب الإسلامي- بيروت دمشق- الطبعة الاولى 1400هـ-1980م. 415- كتاب السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار لشيخ الإسلام محمد
ابن علي الشوكاني " 1173-1250هـ", تحقيق محمود إبراهيم زايد الناشر: دار البار- مكة المكرمة- دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان الطبعة الأولى 1405هـ-1985م. 416- كتاب الضعفاء والمتروكين تأليف الإمام أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني المتوفى سنة "385هـ", حققه وعلق عليه السيد صبحي البدري السامرائي- الناشر: مؤسسة الرسالة- بيروت- لبنان. 417-كتاب الكبائر تأليف مؤرخ الإسلام الحافظ شيخ الإسلام شمس الدين الذهبي- الناشر: المكتبة الثقافية- بيروت- لبنان. 418-كتاب اللطف في الوعظ للإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى, صححه وضبطه جماعة من العلماء- الناشر: دار الكتب العلمية بيروت- لبنان- الطبعة الأولى 1405هـ ت1984م. 419-الكتاب المصنف في الأحاديث والآثار للغمام الحافظ عبد الله بن محمد بن أبي شيبة بن عثمان بن أبي بكر بن أبي شيبة الكوفي العبسي المتوفى سنة "235هـ"- الناشر: الدار السلفية- الهند الطبعة الأولى 1402هـ-1982م. 420-كتاب المعتمد في أصول الدين للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد الفراء الحنبلي البغدادي المتوفى عام "458هـ-1066م", حققه وقدم له الدكتور وديع زيدان حداد- الناشر: دار المشرق- بيروت- لبنان- طبعة إدارة معهد الىداب الشرقية. 421-كتاب الموضوعات: للعلامة السلفي الإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن
علي بن الجوزي القرشي " 510-597هـ", ضبط وتقديم عبد الرحمن محمد عثمان- الناشر: محمد عبد المحسن صاحب المكتبة السلفية بالمدينة المنورة- الطبعة الأولى 1386هـ-1966م. 422-كتاب الورع: عن لإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل رضي الله عنه, تحقيق الدكتورة زينب إبراهيم القاروط- الناشر: دار الكتب العلمية بيروت لبنان- الطبعة الاولى 1403هـ-1983م. 424-كتاب بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع تأليف الغمام علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكساني الحنفي الملقب بملك العلماء المتوفي سنة "587هـ", الناشر: دار الكتبالعلمية- بيروت- لبنان- الطبعة الثانية 1406هـ-1986م. 425-كتاب تأويل مختلف الحديث في الرد على أعداء الحديث, والجمع بين الأخبار التي ادعوا عليها التناقض والاختلاف- الجواب عما اورده من الشبه على بعض الاخبار المتشابهة أو المشكلة بائ الرأي تأليف الغمام ابن قتيبة الدينوري المتوفى سنة "276هـ", الناشر: دار الكتاب العربي- بيروت- مطبعة العلوم- لبنان. 426- كتاب دارئرة المعارف وهو قاموس عام لكل فن وطلب تأليف المعلم بطرس البستاني- الناشر: دار المعرفة- بيروت- لبنان. 427- كتاب غذاء الألباب بشرح منظومة الىداب تأليف الشيخ الغمام والحبر
البحر الهمام الشيخ محمد السفاريني الحنبلي عامله الله بلطفه الخفي الناشر: مكتبة الرياض الحديثة بالرياض- طبعة دار الاتحاد العربي. 428-كتاب الفردوس الاخبار بمأثور الخطاب المخرج على كتاب الشهاب تأليف الحافظ شيرويه الديلمي "445هـ-1509م" ومعه تسديد القوس للحافظ ابن حجر العسقلاني, قدم له وحققه وخرج احاديثه فوزا أحمد زمرلي, محمد المعتصم بالله البغدادي- الناشر: دار الكتاب العربي- بيروت لبنان- الطبعة الأولى "1407هـ-1987م". 429-كتاب معالم القربة في أحكام الحسبة تأليف محمد بن محمد بن أحمد القرشي عرف بابن الاخوة غفر الله له ولوالديه ط648هـ-1250م 429هـ-1239م", تحقيق د. محمد محمود شعبان- صديق أحمد عيسى المطيعي- الناشر: الهيئة االمصرية العامة للكتاب 1976م. 430-كتاب مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد تأليف شيخ الإسلام مجدد الدعوة المحمدية الشيخ محمد بن عبد الوهاب أجزل الله له الثواب وأدلخه الجنة بغير حساب, قام بتحقيقه ومقابلة أصوله ومقارنتها بمصادرها والتعليق عليها فضيلة الشيخ إسماعيل بن محمد الأنصاري. 431- كتابات الرحالة الأجانب كمرجع لدراسة الحركة الوهابية في القرن التاسع عشر الميلادي: بقلم لي ديفيد كوبر, ترجمة وتعليق د. عبد الله بن ناصر الوليعي- الناشر: دار روتايزنت للطباعة 1412هـ-1991م. 432-كتابات الملك الراشد: عبد المنعم الغلامي, عني بإعادة طبعه مؤيد الغلامي الناشر: دار اللواء- الرياض- الطبعة الثانية 1400هـ-1980م. 433-كشاف القناع عن متن الإقناع للشيخ العلامة فقيه الحنابلة منصور
ابن يونس بن إدريس لبهوتي فرغ من تأليفه سنة 1406هـ- راجعه وعلق عليه هلال مصيلحي مصطفى هلال- الناشر: دار الفكر لبنان- ط"1402هـ-1982م". 434-كشف الأسرار شرح المصنف على المنار للإمام أبي البركات عبد الله بن أحمد بن أحمد المعروف بحافظ الدين النسفي المتوفى سنة "710هـ", مع شرح نور الأنوار على المنار للحافظ شيخ الإسلام المعروف بملاجيون بن أبي سعيد بن عبيد اله الحنفي الصديقي الميهوي المتوفى سنة "1130هـ"- الناشر: دار الباز مكة المكرمة الطبعة الأولى 1406هـ-1986م. 435-كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للمفسر المحدث الشيخ إسماعيل بن محمد العلجوني الجراحي المتوفى سنة "1162هـ", الناشر: دار إحياء التراث العربي- بيروت لبنان- الطبعة الثالثة 1351هـ الجزء الأول, وسنة 1352هـ- الجزء الثاني. 436- كشف الشبهات للإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى, حققه وخرج احاديثه وعلق عليه أبو أنس الحسين بن عمر مروزي, راجعه وقدم له فضيلة الشيخ سفر بن عبد الرحمن الحوالي, وفضيلة الشيخ وصي اللخ محمد عباس- الناشر: دار الوطن- الرياض الطبعة الأولى 1413هـ. 437-كشف الكربة في وصف حال أهل الغربة تأليف الغمام الجليل الحافظ ابن رجب الحنبلي "736هـ-795هـ", تحقيق محمد أحمد عبد العزيز الناشر: المكتبة القيمة- مصر والسودان- طبعة 1402هـ-1982م.
438-كلمة الإخلاص وتحقيق معناها تأليف الحافظ ابن رجب الحنبلي, تحقيق زهير الشاويش- الطبعة الرابعة- الناشر: المكتب الإسلامي 1397هـ-بيروت. 439-كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال للعلامة علاء الدين علي المتقي ابن حسام الدين الهندي البرهان فوري المتوفى سنة "975هـ", الناشر: مكتبة التراث الإسلامي- حلب- مؤسسة الرسالة. 440-الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة: للشيخ نجم الدين الغزي, حققه وضبط نصه الدكتور جبرائيل سليمان جبور- الناشر: دار الآفاق الجديدة- بيروت- الطبعة الثانية 1979م. 441-الآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة: للإمام جلال الدين عبد الرحمن السيوطي المتوفى سنة "911هـ" الناشر: دار المعرفة بيروت- لبنان- الطبعة الثالثة 1401هـ-1981م. 442-اللجام المكين والزمام المتين من مصادر الدولة السعودية الأولى حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في جنوبي الجزيرة العربية: تأليف محمد بن أحمد بن عبد القادر الحفظي, تحقيق الدكتور عبد الله بن محمد ابن حسين أبو داهش- الطبعة الأولى 1405هـ-1985م. 443- لسان العرب لابن منظور, تحقيق عبد الله علي الكبير, محمد أحمد حسب الله, هاشم محمد الشاذلي- الناشر: دار المعارف- القاهرة. 444-لسان الميزان للإمام الحافظ شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة "852هـ", الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات- بيروت لبنان- الطبعة الثانية 1390هـ-1971م.
445- لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب, تحقيق وتعليق الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ- مطبوعات دارة الملك عبد العزيز- المطابع الأهلية للأفست- الرياض. 446-لوائع الأنوار السنية ولواقح الأفكار السنية شرح قصيدة ابن أبي داود الحائية في عقيدة أهل الآثار السلفية تأليف الغمام العلامة محمد بن أحمد ابن سالم السفاريني الحنبلي المتوفى سنة "118هـ", دراسة وتحقيق عبد الله بن محمد بن سليمان البصيري- الناشر: الرشد- الرياض الطبعة الأولى 1415هـ-1994م. 447-لوامع الانوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية شرح الدرة المضية في شرح عقيدة الفرقة المرضية تأليف العلامة الشيخ محمد بن أحمد السفاريني الحنبلي- الناشر: المكتب الإسلامي- بيروت, دار الخاني الرياض- الطبعة الثالثة 1411هـ-1991هـ. 448-مؤلفات الشيخ الغمام ممد بن عببد الوهاب: صنفها وأعدها عبد العزيز الرومي, د. محمد بلتاجي, د. سيد حجاب, الناشر والطبعة: جامعة الغمام محمد بن سعود الإسلامية- أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب. 449-ما أنا عليه وأصحابي دراسة في أسباب افتراق الأمة ومقومات وحدتها الشرعية والكونية من خلال حديث الافتراق: أحمد سلام- الناشر: ابن حزم- بيروت- لبنان الطبعة الأولى- 1415هـ-1995م. 450-المبدع في شرح المقنع لأبي إسحاق برهان الدين إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح المؤرخ الحنبلي ولد "816هـ" وتوفي "884هـ", الناشر: المكتب الإسلامي- دمشق – بيروت- الطبعة الأولى
"1399هـ-1979م". 451-متن العقيدة الطحاوية للغمام أبي جعفر الطحاوي الحنفي- الناشر: المكتب الإسلامي- الطبعة الأولى. 452-متن العقيدة الواسطة لشيخ الإسلام ابن تيمية- الناشر: مكتبة السوادي- طبعة 1413هـ. 453-مثير الوجد في أنساب ملوك نجد: راشد الحنبلي- الناشر: مطبوعات دارة الملك عبد العزيز- الطبعة الأولى 1399هـ-1979م- مطابع الهلال للأفست- الرياض. 454-المجددون في الإسلام من القرن الأول إلى الرابع عشر "100هـ-1370م" عبد المتعال الصعيدي- الناشر: مكتبة الآداب ومطبعتها بالجماميز- طبعة 1382هـ-1962م- دار الحمامي. 455-مجمع الأمثال لأبي الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم النيسابوري الميداني المتوفي سنة "518هـ" حققه وعلق عليه نعيم حسين زرزور-ن دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- الطبعة الأولى "1408هـ-1988م". 456-مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي بتحرير الحافظين الجليلين العراقي وابن حجر- الناشر: دار الكتاب العربي- بيروت- لبنان- الطبعة الثالثة 1402هـ-1982م. 457-مجمل تاريخ الجزيرة العربية- عمر عبد الجبار- الناشر: مكتبة الثقافة مكة- مطبعة حجازي بالقاهرة. 458-المجموع الثمين من فتاوى فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين- الناشر:
دار الوطن- الرياض- الطبعة الأولى 1410هـ. 459-المجموع شرح المهذب: للإمام العلامة الفقيه المحقق الحافظ أبي زكريا محي الدين بن شرف النووي المتوفى سنة "676هـ" التكملة الثانية الناشر: زكريا علي يوسف- مطبعة الإمام- القاهرة. 460-مجموع فتاوى شيخ الإسلام احمد بن تيمية, جمع وترتيب الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي الحنبلي- دار عالم الكتب- الرياض- طبعة عام 1412هـ-1991م. 461-مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين, فتاوى العقيدة- جمع وترتيب فهد بن ناصر بن إبراهيم السلمان- الناشر: دار الثريا- الرياض- مؤسسة الجريسي- الطبعة الثانية 1414هـ-1994م. 462-مجموعة التوحيد تحتوي على كتب ورسائل الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ولبعض أبنائه وأحفاده وغيرهم من العلماء, أمر بطبعه حضرة صاحب السعادة الشيخ محمد العبيكان- شركة العبيكان- الرياض-"وقف لله تعالى". 463-مجموعة الرسائل والمسائل النجدية لبعض علماء نجد رحمهم الله تعالى الناشر: مكتبة الإمام الشافعي- الرياض- الطبعة الثانية 1408هـ. 464-المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان- الناشر: مركز صالح بن صالح الثقافي 1407هـ-1987م. 465-مجموعة كتب ورسائل العلامة حمد بن علي بن عتيق رحمه الله عني بتصحيحها ومراجعتها الشيخ إسماعيل بن سعد بن عتيق- الناشر: دار
القرآن الكريم- بيروت 1400هـ-. 466 محاضرات في العقيدة والدعوة بقلم الشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، الجزء الأول- الناشر: دار العاصمة الرياض- الطبعة الأولى 1413هـ. 467 محمد بن عبد الوهاب أو انتصار المنهج السلفي لعبد الحليم الجندي الناشر والطبعة: دار المعارف- القاهرة. 468 محمد بن عبد الوهاب داعية التوحيد والتجديد في العصر الحديث: الشيخ محمد بهجة الأثري- الطبعة شعبان 1404هـ- مايو 1984م جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- إدارة الثقافة والنشر. 469 محمد بن عبد الوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه تأليف الأستاذ مسعود الندوي رحمه الله، ترجمة وتعليق عبد العليم عبد العظيم البستوي، مراجعة وتقديم الدكتور محمد تقي الدين الهلالي، أشرفت على طباعته ونشره إدارة الثقافة والنشر بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية 1404هـ- 1984م. 470 محمد بن عبد الوهاب: تأليف الشيخ أحمد عبد الغفور عطار- الناشر: بدون- الطبعة السادسة 1397هـ- 1977م مكة المكرمة. 471 محيط المحيط قاموس مطوَّل للغة العربية تأليف المعلم بطرس البستاني الناشر: مكتبة لبنان- بيروت- الطبعة 1987م. 472 مختار الصحاح تأليف العلامة محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي المتوفي سنة (666هـ) ، الناشر: دار الكتاب العربي- بيروت- لبنان الطبعة الأولى 1979م.
473 مختصر المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة تأليف الإمام محمد بن عبد الباقي الزرقاني المتوفي سنة (1122هـ) ، تحقيق الدكتور محمد بن لطفي الصباغ- الناشر: مكتب التربية العربي لدول الخليج- الرياض 1401هـ- 1981م. 474 مختصر سنن أبي داود للحافظ المنذري ومعالم السنن للخطابي، وتهذيب ابن القيم، بتحقيق أحمد شاكر، ومحمد حامد فقي- الناشر: دار المعرفة- بيروت لبنان- الطبعة 1400هـ- 1980م. 475 مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري، تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني- الناشر: المكتب الإسلامي- الطبعة الثالثة 1397هـ 1977م. 476 مختصر طبقات الحنابلة تأليف العلامة الشيخ محمد جميل بن عمر البغدادي المعروف بابن شطّي، دراسة فوّاز الزمرلي- الناشر: دار الكتاب العربي- بيروت- الطبعة الأولى 1406هـ- 1986م. 477 مدارج السالكين بين منازل ((إياك نعبد وإياك نستعين)) للإمام السلفي العلامة المحقق ابن قيم الجوزية (691- 751هـ) ، بتحقيق محمد حامد فقي- الناشر: دار الكتاب العربي- بيروت- لبنان- الطبعة الثانية 1393هـ- 1973م. 478 المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل ة تأليف العلامة عبد القادر بن بدارن الدمشقي، صححه وقدم له وعلّق عليه الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي- الطبعة الثانية 1401هـ- 1981م مؤسسة الرسالة- بيروت. 479 مدينة الرياض عبر أطوار التاريخ بقلم: حمد الجاسر- منشورات
دار اليمامة للبحث والطباعة والنشر سنة 1386هـ- الرياض مطبعة النهضة- مصر. 480 المذهب الأحمد والمذهب الإمام أحمد تألف الإمام محي الدين يوسف بن الشيخ جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد ... ابن أبي بكر الصديق القرشي التميمي ... الحنبلي المعروف بابن الجوزي رحمه الله (580- 656هـ) ، الناشر: المؤسسة السعيدية- الرياض- الطبعة الثانية. 481 مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات للإمام ابن حزم، ويليه نقد مراتب الإجماع لابن تيمية- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- توزيع دار الباز- مكة- الطبعة بدون. 482 مراصد الإطّلاع على أسماء الأمكنة والبقاع لصفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق المتوفي سنة (739هـ) وهو مختصر معجم البلدان لياقوت، تحقيق وتعليق على محمد البجاوي- الناشر: دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي وشركاه- الطبعة الأولى 1374هـ- 1955م. 483 مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري المتوفي سنة (275هـ) ، تحقيق زهير الشاويش- الناشر: المكتب الإسلامي- بيروت- دمشق- الطبعة 1400هـ- بيروت. 484 المسائل التي لخصها شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من فتاوى ابن تيمية تأليف الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب- الناشر: دار عالم الكتب- الرياض- الطبعة الأولى 1408هـ- 1988م. 485 مسائل الجاهلية التي خالف فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الجاهلية ألّف
أصلها الإمام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وتوسع فيها على هذا الوضع علاّمة العراق السيد محمود شكري الألوسي- الناشر: الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة- طبعة مؤسسة مكة للطباعة والإعلام. 486 المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة جمع عبد الله بن سلمان بن سالم الأحمدي- الناشر: دار طيبة- الرياض الطبعة الأولى 1412هـ- 1991م. 487 المستدرك على الصحيحين للإمام الحافظ الكبير إمام المحدثين أبي عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بالحاكم النيسابوري الحافظ المتوفي في صفر سنة خمس وأربعمائة رحمه الله وبذيله تلخيص المستدرك للإمام الحافظ الحجة شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي المتوفي سنة ثمان وأربعين وثمان مائة رحمه الله الناشر: دار الفكر بيروت 1398هـ- 1978م. 488 المستصفى من علم الأصول تأليف الإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي وبذيله فواتح الرحموت بشرح مسلّم الثبوت في الفقه- الناشر: دار العلوم الحديثة- بيروت- لبنان- الطبعة بدون. 489 مسند أبي داود الطيالسي للحافظ الكبير سليمان بن داود الجارود الفارسي البصري الشهير بأبي داود الطيالسي المتوفي سنة (204هـ) ، الناشر: دار المعرفة- بيروت- لبنان. 490 مسند أبي يعلى- الناشر: دار المأمون للتراث- دمشق- الطبعة الأولى 1404هـ-1984م. 491 مسند الإمام أحمد بن حنبل وبهامشه منتخب كنز العمال في سنن
الأقوال والأفعال للمتقي الهندي وفي أوله فهرس رواة المسند من الصحابة وضعه محمد ناصر الدين الألباني- الناشر: المكتب الإسلامي بيروت- الطبعة الرابعة- بيروت 1403هـ- 1983م. 492 المسند: للإمام أحمد بن محمد بن حنبل (164- 241هـ) ، شرحه ووضع فهارسه أحمد محمد شاكر- الطبعة الرابعة- دار المعارف بمصر 1391هـ- 1971م- الطبعة الثانية. 493 المسودة قي أصول الفقه تتابع على تصنيفه ثلاثة من أئمة آل تيمية: 1- مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن الخضر. 2- شهاب الدين أبو المحاسن عبد الحليم بن عبد السلام. 3- شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية، جمعها الفقيه الحنبلي أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الغني الحراني الدمشقي المتوفي سنة (745هـ) - الناشر: بدون- طبعة مطبعة المدني- المؤسسة السعودية بمصر. 494 مشاهير علماء نجد وغيرهم: تأليف عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ، بإشراف دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر الطبعة الثانية 1394هـ. 495 مشكاة المصابيح: تأليف محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي، تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني- الناشر: المكتب الإسلامي- بيروت دمشق- الطبعة الثانية 1399هـ- 1979م- بيروت. 496 المصباح المضيء في خلافة المستضيء للإمام العلامة أبي الفرج بن علي الجوزي البكري الصديقي البغدادي المتوفي سنة (597هـ 1201م) ، تحقيق ناجية عبد الله إبراهيم- مطبعة الأوقاف- بغداد
1396هـ- 1976م. 497 المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي تأليف العلامة أحمد بن محمد بن علي المُقري الفيّومي المتوفى عام (770هـ) الناشر: المكتبة العلمية- بيروت- لبنان. 498 مصرع التصوف أو تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي تأليف العلامة برهان الدين البقاعي (809- 885هـ) ، تحقيق وتعليق عبد الرحمن الوكيل- الناشر: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء- الرياض 1415هـ (وقف لله تعالى) . 499 المصنف للحافظ الكبير أبي بكر بن عبد الرزاق بن همّام الصنعاني ولد سنة (126هر) وتوفي سنة (211هـ) رحمه الله تعالى، عني بتحقيق نصوصه وتخريج أحاديثه والتعليق عليه الشيخ المحدث حبيب الرحمن الأعظمي- الناشر: المكتب الإسلامي- الطبعة الثانية 1403هـ- 1983م. 500 المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية للحافظ ابن حجر أحمد بن علي العسقلاني (773- 852هـ) ، تحقيق الأستاذ المحدِّث الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي- الناشر: التراث الإسلامي (إدارة الشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة الكويت) . 501 المعاصي وآثارها على الفرد والمجتمع تأليف حامد بن محمد بن حامد المصلح- الناشر: مكتبة الضياء- جدة- الطبعة الثالثة 1412هـ- 1992م. 502 معالم أثرية في العراق- الناشر: وزارة الإعلام- مديرية الآثار العامّة- بغداد 1971م.
503 المعتمد من فقه الإمام أحمد جرى فيه الجمع نيل المآرب بشرح دليل الطالب للعلامة الشيخ عبد القادر بن عمر الشيباني ومنار السبيل في شرح الدليل للعلامة الشيخ إبراهيم بن عمد بن ضوّيان ويضم ملخص تخريجات ((إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل)) أعده وعلّق عليه علي عبد الحميد بلطه جي ومحمد وهبي سليمان، دققه وقّدم له محمود الأرناؤوط- الناشر: المكتبة التجارية- مكة المكرمة- الطبعة الأولى (1412هـ- 1991م) . 504 معجزة فوق الرمال: أحمد عسّه- الطبعة الثانية 1386هـ- 1966م المطابع الأهلية اللبنانية. 505 معجم ألفاظ العقيدة تصنيف أبي عبد الله عامر عبد الله فالح- الناشر- مكتبة العبيكان- الرياض- الطبعة الأولى (1417هـ- 1997م) . 506 معجم الألفاظ الفارسية المُعرَّبة: السَّيّدادّي سير- الناشر: مكتبه لبنان- بيروت- طبعة 1980م. 557 المعجم الأوسط للحافظ الطبراني (260- 360هـ) ، تحقيق الدكتور محمود الطحان- الناشر: مكتبة المعارف- الرياض- الطبعة الأولى 1406هـ- 1986م. 508 معجم البلدان للشيخ الإمام شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي- الناشر: دار صادر- دار بيروت- بيروت 1404هـ- 1984م. 509 معجم البلدان والقبائل اليمنية إعداد إبراهيم أحمد المقحفي- الناشر: دار الحكمة- صنعاء- طبعة 1985م.
510 المعجم الجغرافي لدول العالم لأبي معاوية هزّاع بن عيد الشمري- طبعة 1404هـ- 1984م- الرياض- مطبعة المعرفة. 511 المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية المنطقة الشرقية (البحرين قديماً) القسم الأول تأليف العلامة حمد الجاسر- الناشر: دار اليمامة- الرياض الطبعة الأولى 1399هـ- 1979م. 512 المعجم الجغرافي للبلاد العربية السعودية تأليف العلامة حمد الجاسر- منشورات دار اليمامة- الرياض. 513 معجم الرائد تأليف جبران مسعود- الناشر: دار العلم للملايين بيروت- الطبعة الأولى 1964م. 514 المعجم الصغير للحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني المتوفي سنة (360هـ) ، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت- لبنان- طبعة 1403هـ- 1983 م- بيروت- لبنان. 515 المعجم العربي الأساسي تأليف جماعة من اللغويين العرب (لاروس) . 516 المعجم العربي الحديث لاروس تأليف الدكتور خليل الجُرّ- الناشر: مكتبة لاروس بباريس. 517 المعجم الكبير للطبراني (260- 360هـ) ، حققه وخرّج أحاديثه حمدي عبد الحميد السلفي- الناشر: مكتبة ابن تيمية- القاهرة. 518 معجم المؤلفين تراجم مصنفي الكتب العربية: تألف عمر رضا كحّالة- الناشر: المكتبة العربية بدمشق- مطبعة الترقي بدمشق 1376هـ- 1957م. 519 المعجم المفهرس لألفاظ الحديث من الكتب الستة ومن مسند
الدارمي وموطأ مالك ومسند أحمد بن حنبل رتبه ونظمه من المستشرقين: أ. ي. ونسنك- مطبعة بريل- ليدن 1969م. 520 المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم: وضعه محمد فؤاد عبد الباقي الناشر: دار إحياء التراث العربي- بيروت- لبنان- طبعة دار الكتب المصرية 1364هـ- 1945م. 521 المعجم الوسيط- الطبعة الثانية، قام بإخراج هذه الطبعة الدكتور إبراهيم أنس- الدكتور عبد الحليم منتصر- مطبعة الصوالحي- محمد خلف الله أحمد- طبعة مطابع دار المعارف بمصر 1392هـ- 1972م. 522 معجم اليمامة تأليف عبد الله بن محمد بن خميس- الطبعة الثانية 1400هـ -1980م. 523 معجم غريب القرآن مستخرجاً من صحيح البخاري وفيه ما ورد عن ابن عباس من طريق ابن أبي طلحة خاصة وضعه محمد فؤاد عبد الباقي- الناشر: دار المعرفة- بيروت- لبنان- الطبعة الثانية. 524 معجم مدينة الرياض تأليف خالد بن أحمد السليمان- الطبعة الأولى 1404هـ -1983م. 525 معجم معالم الحجاز تأليف المقدم عاتق بن غيث البلاديُّ- الناشر: دار مكة- الطبعة الأولى 1399هـ- 1979م ((الجزء الثاني)) 1404هـ- 1981م ((الجزء السادس)) . 526 معرفة علوم الحديث: تصنيف الإمام الحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ النيسابورى تصحيح وتعليق الأستاذ الدكتور السيد معظم حسين- الطبعة الخامسة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر
آباد- الهند 1385هـ- 1966م- مطبعة دار الكتب المصرية. 527 المعلوم من واجب العلاقة بين الحاكم والمحكوم تأليف سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز إعداد أبي عبد الله بن إبراهيم آل بليطيح الوايلي- الناشر: دار المنار- الرياض- الطبعة الأولى 1414هـ. 528 معنى لا إله إلاّ الله للإمام العمدة الفاضل بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي (ت 794هـ) ، دراسة وتحقيق علي محي الدين علي القرة داغي- الناشر: دار الاعتصام- القاهرة- الطبعة دار البشائر الإسلامية- بيروت- لبنان. 529 المغانم المُطابة في معالم طابة: مجد الدين الطاهر محمد بن يعقوب الفيروز آبادي (726- 823هـ- 1329- 1415م) ، تحقيق حمد الجاسر- الناشر: منشورات دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر الرياض- الطبعة الأولى سنة 1389هـ- 1969م. 530 المغني لموفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الجمّاعيلي الدمشقي الصالحي الحنبلي (541- 620هـ) ، تحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي والدكتور عبد الفتاح محمد الحلو- الناشر: هجر- القاهرة- الطبعة الثانية 1413هـ- 1992م. 531 مفاتيح الفقه الحنبلي تأليف الدكتور سالم علي الثقفي- الطبعة الأولى 1398هـ- 1978م- مطابع الأهرام التجارية. 532 مفتاح الصحيحين بخاري ومسلم للحافظ محمد الشريف بن مصطفى التوقادي- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- الطبعة الثانية 1395هـ- 1975م.
533 مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة للعلامة الإمام شيخ الإسلام علم العلماء الأعلام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر الدمشقي المشتهر بابن قيم الجوزية المتوفي سنة (751هـ) - الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- توزيع دار الباز- مكة المكرمة. 534 مفتاح كنوز السنة وضعها باللغة الإنجليزية الدكتور أ. ي. فنسنك، ونقله إلى العربية محمد فؤاد عبد الباقي- الناشر: سُهيل أكيديمي- لاهور (1391هـ- 1971م) . 535 المفردات في غريب القرآن تأليف أبي القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الإصفهاني (502هـ) ، تحقيق وضبط محمد سيد كيلاني- الناشر: دار المعرفة- بيروت- لبنان- الطبعة بدون. 536 مقاصد أهل الحسبة إعداد خالد بن عبد الرحمن الشايع- الناشر: دار بلنسيه- الرياض- الطبعة الأولى 1414هـ- 1993م. 537 المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة تأليف العلامة الشيخ محمد عبد الرحمن السخاوي المتوفي سنة (902هـ) ، دراسة وتحقيق محمد عثمان الخشت- الناشر: دار الكتاب العربي- بيروت- لبنان- الطبعة الثانية 1414هـ- 1994م. 538 مقاصد المكلفين فيما يتعبد به رب العالمين أو ((البينات في العبادات)) : الدكتور عمر الأشقر- الناشر: مكتبة الفلاح- الكويت الطبعة الأولى 1401هـ- 1981م. 539 المقنع في فقه إمام السنة أحمد بن حنبل الشيباني رضي الله عنه تأليف شيخ الإسلام أبي محمد موفق الدين عبد الله بن قدامة المقدسي- الطبعة
الثالثة 1393هـ على نفقة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني. 540 الملل والنحل تأليف أبي الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبي بكر أحمد الشهرستاني (379- 458هـ) ، تحقيق محمد سيد كيلاني- الناشر: دار المعرفة- بيروت- لبنان. 541 المملكة العربية السعودية أمام قدرها الكبير، مشاهدات، معلومات وإحصائيات: عبد الكريم غزال- الطبعة الأولى 1400- 1401هـ 1980- 1981م المطبعة التعاونية- دمشق. 542 المملكة العربية السعودية تاريخ ووقائع: دكتور حمدي الطاهري الناشر: شركة دار الإشعاع للطباعة. 543 المملكة العربية السعودية في إطار تاريخ الوطن العربي الكبير في العصور الحديثة: د. حسن سليمان محمود وسيد محمد إبراهيم الناشر: مكتبة مصر- الطبعة الأولى مطبعة السنة المحمدية- القاهرة. 544 من أخبار الحجاز ونجد من تاريخ الجبرتي: تأليف محمد أديب غالب طبع بإشراف دار اليمامة للبحث والترجمة والنشر- الطبعة الأولى 1395هـ-1975م. 545 من صفات الداعية الرفق واللين: الدكتور فضل إلهي ظهير- الناشر: إدارة ترجمان الإسلام سي 336 باكستان- الطبعة الأولى 1411هـ 1991م- مطبعة سفير- الرياض. 546 مناهج الاجتهاد في الإسلام في الأحكام الفقهية والعقائدية تأليف الدكتور محمد سلام مدكور- الناشر: جامعة الكويت- طبعة 1974م. 547 مناهج البحث العلمي لعبد الرحمن بدوي- الناشر: وكالات المطبوعات
- الكويت الطبعة الثالثة (1977م) . 548 مناهج العلماء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تأليف فاروق عبد المجيد حمود السامرائي- الناشر: مكتبة دار الوفاء- جدة- طبعة مطابع دار المطبوعات الحديثة بجدة. 549 المنتخب في ذكر أنساب قبائل العرب: تأليف عبد الرحمن بن حمد بن زيد المغيري اللامي الطائي، تحقيق د. إبراهيم بن محمود الزيد- الطبعة الثانية 1407هـ-1985م. 550 المنجد في اللغة والآداب والعلوم تأليف لويس معلوف- الطبعة التاسعة عشرة- المطبعة الكاثوليكية- بيروت. 551 منح الشِّفا الشافيات في شرح المفردات تأليف العلامة تاريخ الإسلام وقدوة الأنام منصور بن يونس بن إدريس البهوتي- الناشر: المطبعة السلفية ومكتبتها (وقف لله تعالى) . 552 المنحة المحمدية في بيان العقائد السلفية تأليف السلفي محمد بن أحمد بن محمد بن عبد السلام خضر- الناشر: دار الكتب العلمية بيروت- لبنان- الطبعة الأولى 1407هـ- 1987م. 553 منطقة الأحساء عبر الأطوار التاريخ تأليف خالد بن جابر الغريب- الناشر: الدار الوطنية الجديدة- الخبر- الطبعة الأولى 1407هـ - 1986م. 554 منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية أبي العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم، تحقيق الدكتور محمد رشاد سالم- الناشر: مكتبة ابن تيمية- القاهرة- الطبعة الثانية 1409هـ- 1989م.
555 منهاج الطب عن مشاهير قبائل العرب، ويليه المجموعة المختارة من الحكم نظماً ونثراً: تأليف الراجي عفو ربه محمد بن عثمان بن صالح القاضي الطبعة الأولى 1406هـ- 1986م- مطبعة الحلبي- القاهرة. 556 المنهج الأسعد في ترتيب أحاديث مسند الإمام أحمد، معه الفتح الرباني للساعاتي وشرح الحافظ أحمد شاكر إعداد عبد الله ناصر رحماني الناشر: دار طيبة- الرياض- الطبعة الأولى 1411هـ. 557 المنهل المورود شرح سنن الإمام أبي داود للإمام الجليل المحقق والعارف الرباني المدقق محي السنة وقامع البدعة صاحب الفضيلة والإرشاد الشيخ محمود محمد خطّاب السبكي- الناشر: المكتبة الإسلامية- الطبعة الثانية 1394هـ- 1974م. 558 المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار المعروف بالخطط المقريزية تأليف المقريزي- الناشر: مكتبة المثنى- بغداد- طبعة 1970م. 559 الموالاة والمعاداة في الشريعة الإسلامية تأليف محماس بن عبد الله بن محمد الجلعود- الناشر: دار اليقين- المنصورة- ودار الفرقان الطبعة الأولى 1407هـ- 1987م. 560 المورد العذب الزلال في نقض شبه أهل الضلال للعلامة المجدد الثاني الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب- الناشر: دار الهداية- الرياض- طبعة دار المعرفة للطباعة. 561 المورد في عمل المولد (حكم الاحتفال بالمولد النبوي) تصنيف الشيخ الإمام أبي حفص تاج الدين الفاكهاني المتوفي سنة (734هـ) ، الناشر: مكتبة المعارف- الرياض- الطبعة الأولى 1407هـ- 1987م.
562 موسوعة أخلاق القرآن للدكتور أحمد الشرباصي- الناشر: دار الرائد العربي- بيروت- لبنان- الطبعة الأولى 1410هـ-1981م. 563 الموسوعة الثقافية- الناشر: مؤسسة فرانكلين- القاهرة 1972م طبعة مطابع دار الشعب. 564 موسوعة الحضارة العربية الإسلامية بحوث في علم أصول الدين، العقل والنقل، د. حسن حنفي- القرآن وعلومه، الحديث وعلومه د. محمد أحمد خلف الله- الفقه الإسلامي، القضاء والحسبة د. على عبد القادر- نظرية الخلافة، السلفية- الثورة، الفرق الإسلامية د. محمد عمارة- الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت- الطبعة الأولى 1986م. 565 الموسوعة الفقهية- الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الكويت- الطبعة الثانية 1410هـ- 1990م- طباعة ذات السلاسل- الكويت. 566 الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة: الندوة العالمية للشباب الإسلامي- الناشر: الندوة العالمية للشباب الإسلامي الرياض- الطبعة الثانية 1409هـ- 1989 م. 567 موسوعة فقه عبد الله بن عمر، عصره وحياته تأليف الدكتور محمد روّاس قلعه جي- الناشر: دار النفائس- بيروت- الطبعة الأولى 1406هـ- 1986م. 568 موطأ الإمام مالك وشرحه تنوير الحوالك تأليف إمام الحفاظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي الشافعي المتوفي سنة (911هـ) رحمه الله تعالى- الناشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده
بمصر- الطبعة الأخيرة (1370هـ- 1951م) . 569 ميزان الاعتدال في نقد الرجال تأليف الحافظ أبى عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفي سنة (748هـ) ، تحقيق علي محمد البجاوي- الناشر: دار المعرفة- بيروت- الطبعة الأولى 1382هـ 1963م- توزيع دار الباز- مكة المكرمة. 570 نجد قبل (250) سنة الدكتور محمد بن سعد الشويعر- الناشر: إصدارات النخيل 1412هـ- 1992 م- مطابع الفرزدق التجارية- الرياض. 571 النذير العريان لتحذير المرضى والمعالجين بالرقى والقرآن تأليف فتحي بن فتحي الجندي- الناشر: دار طيبة- الطبعة الأولى 1415هـ- 1995م. 572 نزهة الخاطر العاطر: للشيخ عبد القادر بن أحمد بن مصطفى بدران الدّومي ثم الدمشقي شرح كتاب روضة الناظر وجُنّة المناظر في أصول الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل لشيخ الإسلام موفق الدين أبي محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي الدمشقي الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت- لبنان- الطبعة بدون. 573 نزهة المتقين شرح رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين تأليف مصطفى سعيد الخن، الدكتور مصطفى البُغا، محي الدين مستو، على الشربجي، محمد أمين لطفي- الناشر: مؤسسة الرسالة- بيروت الطبعة الأولى 1397هـ- 1977م. 574 نصاب الاحتساب لعمر بن محمد بن عوض السنامي المتوفي في
الرابع الأول من القرن الثامن الهجري، تحقيق ودراسة الدكتور مريزن سعيد عسيري- الناشر: دار الوطن- الرياض- الطبعة الأولى 1414هـ- 1993م. 575 نصيحة الملوك تأليف أبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي المتوفي سنة (450هـ- 1058م) ، تحقيق خضر محمد خضر- العاشر: مكتبة الفلاح- الكويت- الطبعة الأولى 1403هـ- 1983م. 576 نظام الحسبة في العراق حتى عصر المأمون نشأته وتطوره رشاد عباس معتوق- الناشر: تهامة- الطبعة الأولى 402 1هـ- 1982 م، مطابع دار البلاد. 577 نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للإمام برهان الدين أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي المتوفى سنة (885هـ) خرّج أحاديثه ووضع حواشيه عبد الرزاق غالب المهدي- الناشر: دار الكتب العلمية- بيروت- الطبعة الأولى 1415هـ- 1995م. 578 النعت الأكمل وأصحاب الإمام أحمد بن حنبل من سنة (901- 1207هـ) ، تأليف محمد كمال الدين بن محمد الغزي العامري المتوفى سنة (1214هـ) وعليه زيادات واستدراكات حتى نهاية القرن الرابع عشر الهجري، تحقيق وجمع محمد مطيع الحافظ- نزار أباطة- الناشر: دار الفكر- الطبعة 1402هـ- 1982م. 579 النقود والمصارف للدكتور ناظم محمد نوري الشمري- نشر وطبع وتوزيع مديرية دار الكتب للطباعة والنشر- الموصل الجمهورية العراقية 1988م.
580 نهاية الرتبة في طلب الحسبة تأليف عبد الرحمن بن نصر الشيزري- الناشر: دار الثقافة- بيروت- لبنان- الطبعة الثانية 1401هـ- 1981م. 581 نهاية الرتبة في طلب الحسبة لابن بسام المحتسب، حققه وعلق عليه حسام الدين السامرائي- الناشر: مطبعة المعارف- بغداد 1968م. 582 النهاية في غريب الحديث والأثر للإمام مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري بن الأثير (544- 606هـ) ، الناشر: دار إحياء التراث العربي- بيروت- لبنان- المكتبة الإسلامية لصاحبها الحاج رياض الشيخ. 583 نواقض الإيمان القولية والعملية الدكتور عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف- الناشر: دار الوطن- الرياض- الطبعة الثانية 1415هـ. 584 نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار بشرح منتقى الأخبار للشيخ الإمام المجتهد العلامة الرباني القطر اليماني محمد بن علي الشوكاني المتوفي سنة (1255هـ) - الناشر: دار الجيل- بيروت لبنان- طبعة 1973 م- بيروت. 585 نيل الوطر في تراجم رجال اليمن في القرن الثالث عشر تأليف محمد بن محمد بن يحيى زبارة اليمني الصنعاني- الناشر: المطبعة السلفية ومكتبتها طبعة 1350هـ- القاهرة. 586 هجر المبتدع تأليف الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد- الناشر: دار ابن الجوزي- الدمام- الأحساء- الطبعة الثانية 1410هـ- 1989م. 587 الهجر في الكتاب والسنة أو إضاءة الشموع في بيان هجر الممنوع والمشروع تأليف مشهور حسن محمود سلمان- الناشر: دار ابن القيم -الدمام- الطبعة الأولى 409 1هـ- 1989م.
588 هجران أهل البدع أو (الزجر بالهجر) تأليف الحافظ جلال الدين السيوطي (849- 911هـ) ، حققها وضبط نصوصها وخرّج أحاديثها وعلّق عليها أبو أسامة سليم ابن عيد الهلالي- الناشر:- دار السلف الرياض- الطبعة الأولى 1415هـ- 1995م. 589 هداية المريد لتحصيل معاني كتاب تجريد التوحيد للشيخ الإمام تقي الدين أحمد بن علي المقريزي المتوفى عام (845هـ) نقحه وعلّق عليه وضبطه أحمد بن محمد طاحون- الناشر: مكتبة التراث الإسلامي القاهرة 1414هـ- 1993م. 590 الهدية السنية والتحفة الوهابية النجدية لجميع إخواننا الموحدين من أهل الملة الحنيفية والطريقة المحمدية تأليف الفقير إلى الله عز شأنه سليمان بن سحمان النجدي غفر الله له ولوالديه وللمسلمين الناشر: مطبعة المنار بمصر- الطبعة الأولى 1342هـ. 591 هذا هو كتاب سيرة الإمام محمد بن عبد الوهاب: أمين سعيد الناشر: شركة التوزيع العربية في بيروت- شركة الصحافة والمطبوعات المتحدة في مكة- الطبعة الأولى. 592 هذه بلادنا (17) شقراء تأليف محمد بن إبراهيم بن عبد الله العمار- الناشر: الرئاسة العامة لرعاية الشباب- عام (1408هـ- 1988م) مطابع جامعة الملك سعود (1408هـ) . 593 هذه بلادنا (19) مكة المكرمة إعداد إبراهيم أحمد حسن كيفي الناشر.: الرئاسة العامة لرعاية الشباب- الرياض (08 4 1هـ- 1988م) مطابع جامعة الملك سعود 1408هـ.
594 هذه بلادنا (24) القطيف تأليف محمد سجد سالم- الناشر: الرئاسة العامة لرعاية الشباب- الطبعة الأولى- الرياض 1410هـ- 1989م. 595 هذه هي الصوفية تأليف عبد الرحمن الوكيل- الناشر: دار الكتب العلمية- الطبعة الثالثة 1399هـ- 1979م. 596 هل المسلم ملزم بإتباع مذهب معين من المذاهب الأربعة؟ بقلم محمد سلطان المعصومي الخندجي المكي- الناشر: شركة الأصدقاء للطباعة والتجارة- الطبعة الثالثة 1401هـ- 1981م. 597 الواسطة بين الحق والخلق تأليف شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية، تحقيق وإعداد رياض مصطفى عبد الله- الناشر: المكتبة التجارية مكة المكرمة- مطابع دار الطباعة والنشر الإسلامية- القاهرة. 598 وشي الحلل في مراتب العلم والعمل (رسالة في فقه الدعوة وتزكية النفوس) : حسين العوايشة- الناشر: دار الهجرة- الثقبة- الرياض- الطبعة الأولى 1412هـ- 1991م. 599 الوصية الكبرى تأليف شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق حماد علامة راجعه الدكتور محمد عويضة- الناشر: مكتبة المنار- الأردن- الطبعة الأولى 1409هـ- 1988م. 600 وفيات الأعيان وأنباء الزمان لأبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان (608- 681هـ) ، حققه الدكتور إحسان عباس- الناشر: دار صادر- بيروت- طبعة 1398هـ- 1978م. 601 الولاء والبراء في الإسلام من مفاهيم عقيدة السلف تأليف الشيخ محمد بن سعيد القحطاني- الناشر: دار طيبة- الرياض- الطبعة الأولى.
602 الولاء والبراء في الإسلام: الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان الناشر: دار الوطن- الرياض- طبعة 1411هـ. 603 الوهابيين والحجاز طائفة من مقالات نشرت في المنار والأهرام بقلم السيد محمد رشيد رضا- الناشر: مطبعة المنار بمصر- الطبعة الأولى 1344هـ.