إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك

الوَنْشَرِيسي

بمناسبة مطلع القرن الخامس عشر الهجرى بسم الله الرحمن الرحيم {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} صندوق إحياء التراث الإسلامي المشترك بين المملكة المغربية والإمارات العربية المتحدة إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك تأليف: أبي العباس أحمد بن يحيى الونشريسى تحقيق أحمد بو طاهر الخطابي خريج دار الحديث الحسنية - الرباط مع دراسة لحياة المؤلف وآثاره وعصره طبع هذا الكتاب بإشراف اللجنة المشتركة لنشر التراث الإسلامي بين حكومة المملكة المغربية وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة الرباط - 1400 هـ - 1980 م

مقدمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم تقديم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين. أما بعد فإن كتاب "إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك". لمؤلفه العلامة الشهير أبي العباس أحمد بن يحيى بن محمد بن عبد الواحد بن علي الونشريسي تغمده الله برحمته, الذي نقدمه للقراء الكرام يعتبر بحق من أبرز وأنفس وأثمن وأجمع كتب الفقه المالكي التي اهتمت اهتماما بالغا بدراسة موضوعات قواعد فقه المذهب المالكي فهو ذخيرة علمية تضاف إلى لبنات ذخائر فقهنا الإسلامي الهادف، الذي تزدان بمختلف فروعه مكتباتنا الإسلامية زيادة على أنه قد جمع بين التحقيق والتدقيق والتنقيح والبيان والإحاطة في العمق والشمول لعدد غير قليل من الأصول والنوازل والفروع والقواعد والشروح والتنبيهات الفرضية منها والكلية. فرسم بذلك لهذه المعلمة الفقهية المالكية صورة واضحة المعالم والمنهج مستنبطة من كتاب الله عز وجل أولا، ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ثانيا. يلمس ذلك القارئ من خلال تتبعه لهذا الكتاب كما يلمس بوضوح وجلاء ما للمغاربة القدامى من تضلع وتمكن في هذا الفن بالذات وسبر لأغواره عبر التاريخ مخلفين كشاهد على

ذلك مجلدات كثيرة تزخر بها مكتباتنا الفقهية العامة منها والخاصة. واعتبارا لما ذكر في هذه العجالة عن الكتاب وأهميته البالغة وقيمة موضوعاته العلمية والفقهية النادرة وأثرها في هذا التراث المتألق في سماء موقعنا الغربي الإسلامي وما أنجبه هذا الغرب الإسلامي من عباقرة شوامخ في هذه الحلبة وفي غيرها ما يزال واسطة عقد القلادة في فقه هذا المذهب المالكي بهذه الديار. من أجل ذلك ارتأت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية أن تقدم هذه الدراسة كاملة في كتاب تضعه كباقة فواحة العبير شهية الأخذ والتناول لعشاق هذا الفن الإسلامي هدية بمناسبة مطلع القرن الخامس عشر الهجري، بعد اتفاقها مع الأستاذ أحمد بو طاهر الخطابي على نشر هذه الدراسة الجامعية التي قدمها لنيل دبلوم الدراسات العليا في العلوم الإسلامية من دار الحديث الحسنية بالرباط - ومنحت لها لجنة المناقشة ميزة "حسن جدا" تقديرا لما بذله الأستاذ من جهود مضنية في إخراج كتاب "الإيضاح". فريد نوعه في الكيف والمضمون والنوع. وتم الطبع تحت إشراف اللجنة المشتركة لنشر التراث الإسلامي بين حكومة المملكة المغربية وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة. صندوق إحياء التراث الإسلامي المشترك بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة الرباط في عام 1400 هـ موافق 1980 م

تمهيد

بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد الحمد لله حمدا يليق بجماله وجلاله, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه إن من نعم الله الكبرى على الأمة الإسلامية، تكريمها بالرسالة المحمدية، الخاتمة للشرائع السماوية, الجامعة للمصالح البشرية, الواردة بالأصول الكلية -لطفا منه سبحانه ورحمة بعباده- لتستنبط منها الأحكام الملائمة لكل جيل وبيئة، تاركة المجال فسيحا لذوي المؤهلات الاجتهادية، مواصلة التشريع الفرعي والجزئي لكل نازلة. وإيجاد حلول شرعية لمختلف القضايا المتجددة، في نطاق النصوص الكلية للشريعة السمحة، دون الخروج عن أهدافها العامة، ومقاصدها السامية. وقد طبق -عمليا- خدام الشريعة هذه المنهجية السليمة عبر المراحل التي مر فيها الفقه الاسلامي، الذي بلغ القمة في عهد الأئمة الكبار، انطلاقا من ظهور مدارسه التي تبلورت إلى مذاهب، كل له منهاجه في الاستنباط، وتلاميذه وأتباعه، يمدهم بالرواية والدراية الفقهية, ويدرس النوازل الواقعة، بل منهم من تناول الفرضية منها، والكل يستنطق الينبوع الأساسي للتشريع الإسلامي کتاب الله أولا، وسنة رسول الله -ثانيا، ثم المصادر الأخرى- ثالثا. وهنا اختلفت الآراء إلا أن الاختلاف لم يكن -في الواقع- في ذات الدين، ولا في لب - أ -

أهم المذاهب الفقهية

الشريعة، وإنما اختلاف في فهم نصوصها، وتطبيق كلياتها على الفروع، وأخذ كل بما استقام في نظره، وبما رآه جديرا أن يعتبر كمصدر، فمنهم من وسع في هذا الشأن، ومنهم من اقتصر، ومما لا ريب فيه أن البيئة الطبيعية، والاجتماعية، والسياسية - التي كانت تحيط بكل إمام- لعبت دورا بارزا في اختلاف النظر الى الوقائع، وفي تقدير الأدلة وفهمها وتأويلها مما أدى إلى تعدد المذاهب. أهم المذاهب الفقهية يمكن تقسيم المذاهب الفقهية عموما إلى نوعين سني، وغير سني، وكل نوع يتفرع إلى عدة فروع، ويهمنا منها النوع السني الذي يتفرع بدوره -باعتبار الانتشار والاندثار- إلى ثلاثة فروع أ - فرع نشأ لكنه لم يكتب له البقاء والانتشار، كمذهب محمد بن ابي ليلى (ت 148 هـ)، ومذهب سفيان الثوري (ت 161 هـ)، ومذهب الليث بن سعد (ت 175 هـ)، ومذهب سفيان بن عيينة (ت 198 هـ)، وغيرها من المذاهب التي اندثرت بموت أصحابها. ب - فرع تكون واستمر لوقت محدود, كمذهب عبد الرحمان الأوزاعي (ت 136 هـ)، ومذهب داوود الظاهري (ت 170 هـ). ومذهب محمد بن جرير الطبري (ت 310 هـ). ج - أما الفرع الثالث الذي أسعده الحظ في الاستمرار والانتشار, ووقف التقليد عنده في سائر الأقطار -إلى حد الآن- فينحصر في المذاهب التالية 1 - المذهب الحنفي وإمامه أبو حنيفة النعمان، ولد بالكوفة (80 هـ) وتوفي ببغداد (150 هـ)، وقد انتشر مذهبه بالكوفة والعراق، والشام، ومصر، والجزيرة - ب -

2 - المذهب المالكي

العربية، وشمال إفريقيا، وغيرها من البلدان الَّتِي كان منفردا فيها، إلا أنه سرعان ما نافسته المذاهب الأخرى حينما بزغت، فتقلص في بعضها، واضمحل في بعضها الآخر، ورغم ذلك فلا زال معمولا به في العراق مطلقا، وفي الفتيا والقضاء -فقط- في جل البلدان الَّتِي كانت خاضعة للدولة العثمانية، كمصر، وسوريا، ولبنان ... كما لازال مذهب الأغلبية- في الأمور الدينية- لدى مسلمي تركيا، وباكستان، وأفغانستان، والهند، وروسيا، وغيرها من البلدان الَّتِي لا زال له فيها اتباع- عدا المغرب، رغم أنه من أولى المذاهب الَّتِي دخلت إليه. 2 - المذهب المالكي وإمامه مالك بن أنس، ولد بالمدينة المنورة (93 هـ)، وبها توفي (179 هـ)، وهو مستغن بشهرته عن التعريف به، وقد أورد القاضي عياض في "المدارك"، والسيوطي في "تزيين المسالك"، والزواوي في "مناقب مالك" وغيرهم، من ثناء الأئمة عليه علما، ودينا، وورعا، وثباتا .. ما فيه كفاية. وقد انتشر مذهبه في الحجاز، ومصر، والسودان، والكويت، والبحرين، وتونس، والجزائر، والأندلس، والمغرب الأقصى - البلد الوحيد الذي أضحى فيه بدون منافس، وله أتباع في جل البلدان الإسلامية الأخرى. 3 - المذهب الشافعي وإمامه محمد بن إدريس الشافعي، ولد بغزة (150 هـ) ونشأ بمكة، وربي بهذيل، وتوفي بمصر (204 هـ). وانتشر مذهبه الثاني في مصر، والأردن، وسوريا، ولبنان، وفلسطين، وباكستان، والهند، واندنيسيا، ولدى السنيين في إيران، واليمن، وغيرها من البلدان الَّتِي لا زال له فيها أتباع - عدا المغرب. - جـ -

4 - المذهب الحنبلي

4 - المذهب الحنبلي وإمامه أحمد بن حنبل، ولد وتوفي ببغداد (164 - 241) وكان إماما في الحديث بدون منازع، وانتشر مذهبه في المشرق عموما، غير أنه مع مر الأيام كاد أن يندثر -حيث لم يبق له حتى في البلدان الَّتِي انتشر فيها غير صدي خافت- لو لم يحيه محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عَشر الهجري، ومنذئذ انتعش، وأصبح له أتباع في بعض البلدان الإسلامية كالحجاز، والشام .... عدا المغرب. من هذا يتضح أن المذاهب الفقهية السنية الَّتِي كتب لها البقاء، كانت -ولا زالت- منتشرة ومتنافسة في جل البلدان الإسلامية، باستثناء المغرب الأقصى الذي تسنم عرشه المذهب المالكي منذ أن تقلده المغاربة، رغم محاولة بعض ملوك الموحدين القضاء عليه- لكن بدون جدوى، الشيء الذي يدعو إلى طرح الأسئلة التالية لماذا انفرد المذهب المالكي بالنفوذ في المغرب؟ وما هي البواعث الَّتِي دفعت أهله إلى التمسك به تمسك الرضيع بأمه؟ وهل ذلك عن اختيار واقتناع بصلاحيته؟ أم فرض عليهم بالقوة- كما يدعي البعض؟ أم أن ذلك كان كنتيجة حتمية لعدم تعرفهم على المذاهب الأخرى؟ وأن المستنطق لتاريخ المغاربة سيجد أنهم كانوا يتسمون بالصلابة في الرأي، والتروي في اتخاذ المواقف الحاسمة، وعدم إقبالهم -بلهفة على كل جديد، وعدم تأثرهم بسرعة بكل وارد -كما هو ملاحظ اليوم- إلا بعد اختبارهم إياه، والتثبت منه بأنه يتلاءم مع مزاجهم، وبيئتهم الاجتماعية والعرفية، والعقلية والنفسية ... وهذا الموقف نفسه وقفوه ازاء الإسلام حيث لم يعتنقوه اعتناقا صادقا، وآمنوا به إيمانا عميقا امتزج بدمهم ولحمهم، إلا في الكرة الثانية عشرة- كما يذكر ذلك ابن أبي زيد القيرواني- حينما تيقنوا أنه ليس له مثيل، - د -

عوامل تمسك المغاربة بمذهب مالك

ومنذئذ لم يرضوا به بديلا، وصاروا يدافعون عنه -ولا زالوا- بكل ما أوتوا من قوة، وكفاهم فخرا أنهم كانوا في طليعة الناشرين له في أوربا وأفريقيا. وإذا كان هذا موقفهم مع الإسلام، فليس بصحيح ما ادعاه ابن حزم من أن المذهب المالكي لم ينتشر في الأندلس والمغرب إلا بالسلطة، ويفند زعمه هذا بالنسبة للمغرب ما قام به بعض ملوك الموحدين، وخاصة يعقوب المنصور من محاولات لمحو المذهب المالكي منه، بإحراق كتبه بالجملة، وإلزام المغاربة بالتخلي عنه رهبة، إلا أن النتيجة كانت عكسية، حيث ازداد المغاربة تمسكا به، نعم قد تكون السلطة سببا مكملا لحماية الإرادة الشعبية من تشكيكها في عقيدتها الأشعرية ووحدتها المذهبية، والعمل على تنقيتها من الطفيلات الشاذة. كما ليس بصحيح -بتاتا- الظن بأن السبب في انتشار مذهب مالك واستمراره بالمغرب يرجع إلى عدم تعرف أهله على المذاهب الأخرى، لأن التاريخ يثبت بكيفية قاطعة، أن كثيرا من المذاهب السنية وغير السنية وفدت على المغرب، وعاشت فيه مدة، وحاولت التمركز فيه قبل وبعد إدخال المذهب المالكي إليه، غير أن المغاربة تخلوا عنها لسبب أو لآخر، وتمسكوا بمذهب مالك، وذلك لعدة عوامل عوامل تمسك المغاربة بمذهب مالك ليس من اليسير في هذه العجالة تقصي كل العوامل والأسباب الَّتِي حفزت المغاربة إلى التشبث بمذهب مالك، لذا سأكتفي بالاشارة إلى البعض منها 1 - نشوء المذهب بالديار المقدسة. 2 - ورود الأثر في صاحب المذهب. 3 - إشادة مختلف الأئمة به. - هـ -

1 - بزوغ المذهب بالبقاع المقدسة

4 - تشابه البيئتين المغربية والحجازية. 5 - طبيعة المذهب نفسه وخصائصه. 1 - بزوغ المذهب بالبقاع المقدسة: من المسلم به أن كل مسلم له ارتباط وثيق -عقيديا وروحيا- بالديار المقدسة منبع الرسالة المحمدية، منذ اعتناقهم الإسلام، وظهور مذهب فقهي سني في دار الهجرة، هدف صاحبه خدمة السنة النبوية بتدوينها وحمايتها من الشوائب، وتوطيء فقهه بها في مسجد الرسول الأكرم، وبجوار قبره -عليه الصلاة والسلام- وتعاقب الوفود من التلاميذ والحجيج باستمرار - على المدينة المنورة، يرتوون ويروون، ثم انتشارهم انتشار الشعاع في شتى الأصقاع، مبلغين أصداء هذا المذهب ومزاياه إلى كثير من بقاع العالم الإسلامي- ومنه المغرب، واقترن طول عمر الإمام، وكثرة العلم، بعظمة المكان ذاته بيت الله الحرام، ومسجد رسول الله، وهيبة قبره، ومغداه ومرحاه، وأبنائه, وأبناء أصحابه، والأثر والذكر العطر بنوره, بلدة طيبة، وعلم زاخر ... كل ذلك وغيره، أهَّلَ الديار المقدسة - بصفة عامة، والمدينة المنورة بوجه خاص- أن تكون بذاتها وبروحها عاملا مهما لانتشار واستمرار مذهب مالك بالمغرب، وتمسك أهله به، تمسكهم بالعروة الوثقى، وذلك لعدة أسباب، منها: أ- خروج المذهب على يد تلامذة مالك، وادخالهم إياه إلى بلدانهم وغيرها، وكان أول من أدخله إلى شمال افريقيا تلميذ مالك أبو الحسن علي بن زياد التونسي (ت 183 هـ). ب- توافد الحجيج كل سنة على تلك البقاع المقدسة، وإعجابهم بالمذهب الذي وجدوه امتدادا لنهج السلف عقيدة، وعملا. - و -

2 - ورود الأثر في صاحب المذهب

ج- توارد الوفود تلو الوفود من الفقهاء وغيرهم على المغرب من القيروان والأندلس، وخاصة في عهد مولاي إدريس الثاني، وكان أول وفد ورد عليه مكونا من عرب قيس، والأزد، ومذحج، ويحصب وغيرهم، واستقضى منهم عامر بن محمد بن سعيد القيسي، الذي كان من تلامذة مالك، فانتشر مذهب مالك بالمغرب وعم أرجاءه، لا سيما حين أدخلت مدونة سحنون على يد أبي ميمونة دراس بن اسماعيل الجراوي الفاسي شيخ أبي الحسن القابسي، وابن أبي زيد القيرواني وغيرهما. (ت 357 هـ). 2 - ورود الأثر في صاحب المذهب: لعل من أهم العوامل الَّتِي حدت بالمغاربة إلى اتباع مذهب مالك وتفضيله على غيره، - ما وقع من اجماع الأمة على إمامة صاحبه، وما ورد فيه من أثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يُوشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ -وفي رواية- يَلْتَمِسُونَ الْعِلْمِ، فَلَا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ". ورواه أبو موسى الأشعري بلفظ "يَخْرُجُ النَّاسُ مِنَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، فَلَا يَجِدُونَ عَالِمًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ". وعلق سفيان بن عيينة على هذا الحديث- قائلا "نرى أن المراد بهذا الحديث مالك بن أنس". وعضده كثير من أهل العلم كالقاضي أبي محمد عبد الوهاب الذي قال ما معناه لا يمكن أن ينازعنا في هذا الحديث أحد من أهل المذاهب الأخرى، لكون السلف والخلف كانوا إذا قالوا "عالم المدينة" لا يقصدون بذلك إلا مالك بن أنس. - ز -

3 - إشادة مختلف الأئمة بمالك

3 - إشادة مختلف الأئمة بمالك: وربما كان من العوامل التي جعلت المغاربة يتشبثون بمذهب مالك إشادة مختلف الأئمة بعلم مالك، وورعه ورجاحة عقله، وتعمقه في فهم أسرار الشريعة، و ... فهذا الإمام الشافعي يقول في حقه "مالك أستاذي وعنه أخذت العلم، وما أحد أمّنَّ عليَّ من مالك، وجعلته حجة بيني وبين الله". وقال في حق موطئه "أصح كتاب بعد کتاب الله موطأ مالك". وقال ابن مهدي "ما رأيت أحدا أتمَّ عقلا، ولا أشدَّ تقوى من مالك". و"ما بقي على وجه الأرض آمنُ على حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من مالك". وقال سفيان بن عيينة "كان مالك سراجا، وحجة في زمانه". وقال أحمد بن حنبل- "مالك سيد من سادات أهل العلم، وهو إمام في الحديث والفقه". 4 - تشابه بيئة البلدين: لقد أورد لنا ابن خلدون تعليلا دقيقا لانتشار مذهب مالك في المغرب والأندلس، منطلقا من حسه الاجتماعي الفياض، قائلا: "إن أهل المغرب والأندلس، كانوا إلى أهل الحجاز أميل، لمناسبة البداوة التي كانت غالبة عليهم، ولم يكونوا يعانون من الحضارة التي لأهل العراق ... ". وبهذا المنظر الخلدوني، يُمكِن أن ندرك أثر البيئة المادية، والمعنوية في تقبل هذا المذهب أو ذاك، فالبداوة، والحضارة، والخصب، والجدب، والغني، والرخاء، والنعيم، والبؤس، والأخلاق، والأعراف، والتقاليد وغيرها من المظاهر البيئية التي يتشابه في جلها البلدان الحجاز - حـ -

5 - طبيعة المذهب نفسه، وخصائصه

والمغرب - كل ذلك كان له أثر فعال، مِمَّا يجعَل أن يسلم تعليل ابن خلدون بدون جدال. 5 - طبيعة المذهب نفسه، وخصائصه: إن النفوس ميالة -إلى اتباع مذهب ما- بطبيعتها، لما يتوفر عليه من يسر ومرونة في أُصوله وقواعده، ومنهجه في الاستنباط، وطريقته في معالجة الحوادث النازلة، ومدى توخيه المصلحة، ودفع المشقة، اللذين هما لباب الدين- مقصدا ومنهجا، ومنهما يفوح شذي السنة الأرج، وما يتراءاه العباد فيها من سهولة وسماحة، امتثالا لغير ما آية من كتاب الله جل علاه {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ... } {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} ولقول الرسول عليه السلام "إنَّ الدِّيْنَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ هَذَا الدِّيْنَ أَحُدٌ إِلَّا غَلَبَهُ" وقوله "يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُا" الحديث. ومذهب مالك -بدون شك- يتسم بما سلف وبكثير من الخصائص الأخرى، منها: 1 - كونه يعتبر الممثل الأصيل لفقه الفقهاء السبعة، الذي التزمه أهل مدينة الرسول، فهو امتداد طبيعي، عضوي، فكري، وتاريخي لأيام الرسالة واقترانه بفكرة إتباع السنة، وترصده عمل السلف الصالح، ورسوخ ذلك كله في أذهان المغاربة، جعلتهم يقبلون عليه بشغف كبير، استمساکابعامل الأمان، حتى لا يتورطوا في مستحدثات الأمور ومبتدعاتها، ورأوا أن الاتباع منجاة لهم من الوقوع فيما لا تحمد عقباه في دينهم ودنياهم، والإمام الذي وهب نفسه لخدمة السنة المطهرة، جدير أن تهفو الأفئدة لاتباعه، واتخاذه قدوة، وتطمئن إليه الفئة العاجزة عن استنباط الأحكام بنفسها من ينبوع الشريعة الإسلامية. - ط -

2 - سلوكه مسلكا وسطا

2 - سلوكه مسلكا وسطا: أظن أن المغاربة فضلوا المذهب المالكي، وتمسكوا به تمسكا فريدا، لسلوكه مسلكا وسطا لا إفراط فيه ولا تفريط، بحيث لا يعتمد على الرأي والقياس، بقدر ما يعتمد على النصوص، ويتبع ما أجمع عليه أهل المدينة، ويبتعد عن كل ما ليس فيه مصلحة راجحة للعباد وهو بهذا كله ينسجم مع طبيعة المغاربة التي تتشبث بالنقول الثابتة, والنصوص الصريحة، وتنفر من التأويلات البعيدة، والتشديدات المنفرة، والتعقيدات السقيمة، خوفا من الوقوع في الشبهات "الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشَبِّهَاتٌ ... " الحديث. 3 - خصوبة مصادره، وتعدد أجواء الاجتهاد فيه لا شك أن أي مذهب تنمو فروعه، وتتسع آفاق التفكير فيه بتعدد أصوله، وخصوبة مصادره، ومدى سعة تفكير الساهرين عليه من بعد إمامهم، وتعدد أجواء الاجتهاد فيه .. ومذهب مالك متوفر على هذا كله, فأصوله كثيرة، وقواعده خصبة، ومناهجه متنوعة، وتلاميذ الإمام ومن بعدهم قد وسعوا تفكيرهم في تطبيق أصول إمامهم في مختلف الميادين، وتفننوا في وضع القواعد وتنويعها، وجمع عدة أحكام تحت كل واحدة منها، وبذلك تركوا لنا ذخائر من التراث الفقهي الأصيل، المبني على القواعد والأصول، لا يقدر بأي ثمن. 4 - التمسك به جمعا للكلمة، وصونا للوحدة: ولعل من أهم الأسباب البارزة التي جعلت المغاربة يتشبثون بمذهب واحد، أنهم أخذوا درسا مِمَّا وقع فيه غيرهم من بعض البلدان الإسلامية، ولا زالوا -مع الأسف- من براثن النزعات الطائفية، والخلافات المذهبية، التي شتتت أوصال البلد الواحد، بل مزقت أواصر الأسرة الواحدة، مع أن الدين واحد، وهدف الأئمة -رضوان الله عليهم- - ي -

واحد، وتصيد الرخص حرام بالإجماع وتفاديا لذلك، اتفقت كلمتهم على اتباع مذهب واحد، ووحدوا صفوفهم عليه، مفضلين العيش في أمان ووئام، تحت لواء الإسلام، ملتزمين الصف الواحد، والرأي الواحد، في كنف العقيدة الأشعرية، والوحدة المذهبية، مرددين مع الشاعر نظرنا في المذاهب ما رأينا ... كمذهب مالك للناظرينا ومذهبه اتباع لا ابتداع ... كما اتبع الكريم الأكرمينا وعندي كل مجتهد مصيب ... ولكن مالك في السابقينا - كـ -

تحقيق "إيضاح المسالك"

تحقيق "إيضاح المسالك": فقد عانيت في البداية ما يعانيه كل باحث مبتدئ في اختيار موضوع البحث، وظلت أمواج الحيرة تقذف بي هنا وهناك مدة، إلى أن أضناني التردد، ووجدتني منساقا إلى تحقيق كتاب "إيضاح المسالك" لعدة أسباب؛ منها: 1 - تحقيق أمل طالما حلمت به، وهو أن أساهم مساهمة رمزية في إحياء ما تركه لنا أمجادنا من ذخائر التراث، ولا سيما في المجال الفقهي، حتى يتسنى للأجيال الصاعدة أن تقف على أصالة التراث الفقهى، وما يزخر به من نظريات وحلول لمختلف القضايا النازلة، بل قد يوجد فيه حلول لقضايا، فرضية ربما لا تخطر على البال. 2 - توقعي أن أجد إجابة -في هذا المخطوط- عن التساؤل الذي كثيرا ما خامرني -وربما ساور غيري-: إذا كان الاختلاف بين المذاهب يبدو له مبرراته -تبعا لاختلافهم في بعض الأصول- فلم الاختلاف في المذهب الواحد- مع أن أصوله واحدة؟ .

3 - أنبنى ضميري حينما رأيت المستشرقين يتهافتون على تحقيق التراث الإسلامي، بينما المنتمون إليه تنكروا له -لسبب أو لآخر- إلا القليل منهم، وهذا عقوق منا لأسلافنا، ولما خلفوه لنا من تراث ثري بكل ما نحتاج إليه في عصرنا الحاضر، علما بأن المستشرقين -جلهم- لا يقدمون على ذلك إلا لحاجة في نفس يعقوب، الرامية إلى تحقيق أهداف خاصة. 4 - تأثري العميق بإرشاد أستاذي الدكتور عبد الواحد وافي، أثناء تقديمى له مشروع بحث غير هذا، وبمجرد ما قرأ عنوان البحث نظر إلي وقال: مالي أراكم تفرون كلكم عن تراثكم الذي أصبح يتلاشى يوما عن يوم! ! فمن الأحسن أن تبحث عن مخطوط ملائم، فأنا رهن الإشارة للإشراف عليه. ومن يومئذ تركت البحث -الذي كنت أنفقت في تهييء مشروعه مدة ليست بقصيرة- جانبا، وقررت أن أبحث عن موضوع فقهي، ربما لميلي إلى الفقه منذ زمن التلمذة، وتصفحت كثيرا من المخطوطات قبل أن أقف على "إيضاح المسالك" وحينما عثرت عليه -صدفة- تفاءلت باسمه، فبادرت إلى تسجيله، وكنت أعتقد أنه سهل كما يوحي بذلك عنوانه، ولكن سرعان ما فوجئت بعقبات متنوعة اعترضت سبيلي كدت أقف معها في البداية -رغم أن نسخ الكتاب متعددة، بيد أن جلها لم تستوف متطلبات المنهجية الحديثة: من صيغ التمليك، واسم ناسخها، وتاريخ نسخها، ومكانه ... إلا أن أحد أساتذتي الكرام -جزاه الله خيرا- كان يستحثني على مواصلة البحث والعمل باستمرار، ولكن كيف أواصل؟ .

خطة البحث

فها هو ذا عصر المؤلف -الذي هو العصر الوطاسي- قد طوته كتب التاريخ طيا، ولا يكاد يذكر إلا لماما. ولا أبالغ إن قلت: إنه حلقة مفقودة -أو كادت- في تاريخ المغرب، والأسف أن بعض مميزات هذا العصر أضيفت- خطأ- إلى العصر الذي يليه- وهو العصر السعدي، وإلى اللحظة التي أحرر فيها هذه السطور لم أقف على أية محاولة جدية تسلط الأضواء عليه. ثم إن موضوع القواعد الفقهية في مذهب مالك -كباقي المذاهب- لم ينل حظه من عناية الباحثين- على كثرة ما كتبوا في أصول الفقه، لذا كانت المراجع فيه جد ضئيلة. ورغم الصعوبات الجمة والمتنوعة -التي واجهتني- فقد اقتحمت الموضوع، وصرت أتردد على المكتبات العامة والخاصة- أتصفح أمهات الفقه، باحثا عن الشوارد التي تضمنتها كل قاعدة من قواعد الإيضاح، واسترشدت بكثير من رجال العلم والبحث والتحقيق، الذين يهدون التائهين -مثلي- في متاهات بحوثهم. خطة البحث: قد جعلت موضوع الرسالة يتكون من جزءين: الجزء الأول: دراسة عن أبي العباس الونشريسي: مؤلف الإيضاح وفيه خمسة فصول: الفصل الأول: عصر المؤلف. الفصل الثاني: حياته. الفصل الثالث: آثاره.

الفصل الرابع: دراسة تحليلية للكتاب. الفصل الخامس: القواعد وأهميتها. الجزء الثاني: نص المخطوط. فالفصل الأول: تحدثت فيه عن الفترة التي عاشها أبو العباس بتلمسان (¬4) وفاس، وحاولت أن أستشف من أحداث التاريخ الظروف والأسباب التي دفعت السلطة الجزائرية إلى طرد صاحبنا -الونشريسي- ونهب داره وكتبه. وربما وقفت طويلا مع الناحية الفكرية والاجتماعية، وشفيعي في ذلك، أن هذا العصر لم ينل حظه من عناية الدارسين، بل ظل يكتنفه كثير من الغموض، وأبرزت مزايا لهذا العصر- وقد أضيفت-خطأ- إلى العصر الذي يليه -كما أومأت إلى ذلك آنفا. والفصل الثاني: تناولت فيه نشأته وحياته الدراسية والعلمية، وفحصت الراويات والأخبار الواردة في نسبه ومكان ولادته، ونبهت على أخطاء وقع فيها كثير من المؤرخين، سواء منهم القدامى والمحدثون. ¬

_ (¬4) (تلمسان) اسم بربري، مركب من كلمتين اثنتين؛ أولاهما: (تلم) بكسر التاء، ومعناها تجمع- والثانية (سان) ومعناها اثنين، فهو إذن إسم وصفي للمدينة باعتبار موقعها الطبيعي الجامع بين الصحراء والتل، ويقول ابن خلدون: يعنون إلى البر والبحر ... انظر تاريخ الجزائر العام- ج- 2 - ص: 125 تعليق 3.

وعملت على إبراز شخصيته وصفاته الخلقية والخلقية، ومكانته العلمية، وآراء الناس فيه، وتقويمهم لشخصيته وثقافته. والفصل الثالث: عقدته لآثاره ومؤلفاته، وتتبعت فهارس المخطوطات وكتب التراجم، واستطعت أن أثبت أن له أربعا وعشرين مؤلفا، ولم يكن معروفا منها إلا عدد ضئيل؛ وقد ذكرتها إجمالا، ثم حللت أهمها تحليلا موجزا، وعرفت بالمخطوط والمطبوع منها، وصححت أخطاء لبعض المفهرسين وأصحاب التراجم في أسمائها وعناوينها، وأثبت صورة من خط يد المؤلف وتوقيعه. أما الفصل الرابع: فقد خصصته لدراسة كتاب "إيضاح المسالك" دراسة تحليلية، إذ وثقت عنوان الكتاب، وأثبت تاريخ تأليفه، والباعث على تدوينه، وذكرت مضمونه وفحواه، وحاولت تقييمه، بإبراز أهم محاسنه، وما يوخذ عليه. وفي الفصل الخامس: تناولت فيه القواعد وأثرها في الدراسات الفقهية والتشريع. حيث عرفت فيه بالقاعدة، وأحصيت أنواعها، ولمحت إلى الفرق بين القواعد الأصولية والفقهية، وأعطيت لمحة تاريخية عن تدوينها، والأطوار التي مرت بها، وأبرزت أهميتها في الدراسات الفقهية، وأثرها في التشريع الحديث، وختمت هذه الدراسة بمصادر ومراجع عدت إليها أثناء إعداد هذه الفصول، وقسمتها إلى مخطوطات، ومطبوعات، وصحف ومجلات، وبعض مصادر أجنبية أثبتها آخر الكتاب.

أما الجزء الثاني: فهو نص المخطوط، وقد قدمت له بمقدمة، عرفت فيها بالنسخ الخطية للكتاب، ورسمت مشجرا بينت فيه النسخة (الأم) والفروع التي تفرعت عنها، سواء منها القديم والحديث، وأوضحت المنهج الذي سرت عليه في التحقيق، وهو أنه يرمى إلى توثيق النص، واخراجه كما أراده المؤلف أو قريبا من ذلك. ووضعت حاشيتين: إحداهما للفروق، والأخرى للتعاليق، وذيلت الكتاب بفهارس مفصلة، تلقي أضواء كاشفة عن موضوعاته، وأهم محتوياته. وأرجو أن أكون قد وفقت فيما بذلت، وحققت ما أملت، وعلى الله قصد السبيل والاتكال، في الحال والمآل.

[الفصل الأول: عصر المؤلف]

أبو العباس الونشريسي 1: عصره فالحديث عن حياة أي إنسان، وما خلفه من تراث أو ذكر أو مقام. .. يستلزم الإلمام بمصره، والبيئة التي نشأ فيها، والظروف التي واكبته من البداية إلى النهاية، وأبرز أحداث وقته، ومكونات شخصيته وثقافته، والتيارات الموجهة لتفكيره، والحوافز التي حفزته إلى إنجاز ما أنجزه من إنتاج علمي، أو ما قام به من عمل أو ترحال ... ليتأتى بذلك تحديد مكانه بين أهل زمانه، وإعطاء صورة مكتملة عنه، إلا أن تناول، هذه الجوانب كلها؛ بالنسبة لأبي العباس (أحمد الونشريسي)، تكاد تكون -مع الأسف- من ضرب المستحيل- ما دام المؤرخون وأصحاب التراجم أبوا إلا أن يغضوا الطرف تماما عن جل هذه النواحي لسبب أو لآخر! ! مع أن أبا العباس لم يكن من أولئك المغمورين؛ حتى ينسى أو يتناسى، إذ واجه أحداثا سياسية خطيرة، كان ينبغي الوقوف معها طويلا، بالإضافة إلى تنقلاته، وحياته العلمية الخصبة التي دامت: زهاء ثمانين عاما. ورغم ذلك فعلى ضوء ما هناك من لمحات تاريخية، وإشارات عابرة، يمكن لنا تقسيم العصر الذي عاشه إلى فترتين:

1 - الحياة السياسية في كلا البلدين

- فترة ما بين (834 - 874 هـ) (1431 - 1469 م) - وهي التي قضاها بمسقط رأسه (الجزائر)، وتصور طور طفولته وشبابه من حياته. - وفترة ما بين (874 - 914 هـ) (1469 - 1508 م) - وقد عاشها بالمغرب (فاس) وتمثل طور الكهولة والشيخوخة. ويبدو أن لكل من العصرين، أو الفترتين -على الأصح- أثره الخاص في نفس صاحبنا، سواء من الناحية السياسية، أو الاجتماعية، أو الفكرية؛ لذا سأحاول تسليط بعض الأضواء على هذه النواحي الثلاث: 1 - الحياة السياسية في كلا البلدين: أ- الحالة السياسية بالجزائر: شاءت الأقدار الإلهية أن يرى أبو العباس الونشريسي نور الحياة -والدولة الزيانية الحاكمة-آنذاك- بالجزائر تمر بأحلك فتراتها، وتعاني أشد ما تعاني من الفوضى، والاضطرابات الداخلية، والتمزقات السياسية: نتيجة ضعف جل ملوك هذه الدولة، وانهماكهم في التنافس والتهالك على تسنم العرش الجزائري، الذي أضحى تحت رحمة ملوك الحفصيين منذ أن

تخلت عنه -لظروف قاهرة- دولة بني مرين في حدود (812 - 827 هـ) (¬6). وحاول الزيانيون -غير مرة- التخلص من سيطرتهم، وإبعاد هذا الكابوس الجاثم على صدورهم، وإزالة الخناق المطوق لرقابهم، لكن بدون طائل. فهذا أبو العباس أحمد الزياني الملقب بـ (المعتصم بالله) رغم أن الحفصيين هم الذين ولوه عرش تلمسان (866 - 866 هـ) (¬7) (1431 - 1461 م) (¬8) - فإنه لم يكد يستوي على قدميه حتى ثار ضدهم، وأعلن رفض دعوتهم سنة (837 هـ- 1433 م) (¬9) متخيلا أنهم سيتغاضون عن محاولته الاستقلال عنهم، وأنهم سيعدلون عن سياستهم المتبعة: القتل، أو حبس كل من سولت له نفسه الخروج عن طاعتهم وتعيينهم -في محله- من يخطب باسمهم، ويأتمر بأمرهم.! ! فلم يصدق تخيله. لكون أبي فارس الحفصي بمجرد ما وصله الخبر، زحف بجيش جرار على الجزائر، قاصدا العاصمة (تلمسان) بيد أنه- ¬

_ (¬6) الاستقصا للناصري ج- 4 - ص: 91 طبع دار الكتاب- الدار البيضاء المغرب، وتاريخ الجزائر العام للجيلالي- ج- 2 ص: 189، طبع مكتبة الحياة- بيروت. (¬7) من الصدق أنه ولوه في نفس السنة التي ولد فيها الونشريسي. (¬8) تاريخ الجزائر العام-ج- 2 - ص: 189. (¬9) نفس المصدر- ج- 2 - ص: 191.

من سوء حظه، وحسن حظ خصمه- أنه وافاه أجله قبل الوصول إليها، فاضطر جيشه إلى الرجوع إلى تونس (¬10)، فتنفس أبو العباس (العاقل) الصعداء، وراح ينعم بشيء من الاستقرار، لكن هذا الاستقرار لم يدم طويلا، إذ سرعان ما فوجئ بعصيان أخيه (أبي يحيى) وإعلان الثورة عليه، تسانده بعض القبائل التي سئمت حكم السلطان، فهرع إلى تلمسان مع أنصاره، وحاصرها مدة، وحينما استعصمت عليه اتجه إلى وهران، فاحتلها سنة (840 هـ) (¬11) (1437 م) - بغير قتال، وحاول السلطان- مرارا مطاردته، إلا أن النجاح لم يحالفه في البداية، لصمود أخيه، واستماتة أنصاره، وانشغال السلطان بمقاومة ثورة أخرى شنها عليه أبو زيان محمد (المستعين بالله) الذي زودته حكومة تونس بالجند والعتاد، وتمكن من السيطرة على كثير من الولايات، واتخذ مدينة الجزائر مركزا لإنشاء دولته، وكاد أن يستفحل أمره، لو لم يقض عليه أبو يحيى (صاحب وهران) واستولى على ما كان بيده، وأحس أبو العباس (العاقل) -أكثر من ذي قبل- بالخطر الذي يهدد ملكه، وصمم العزم على القضاء على أخيه (أبي يحيى) قبل أن يقضى عليه، فاحتدمت بينهما حروب منهكة، إلى أن رجحت كفة أبي العباس في النهاية، بالانتصار على أخيه، واستيعادته جميع الولايات إلى حظيرة مملكته، ¬

_ (¬10) تاريخ الجزائر العام ج- 2 - ص: 191. (¬11) نفس المصدر.

واعتقد بذلك أنه قضى علي كل الثورات المتلاحقة وأنه سينعم بشيء من الطمأنينة، ولم يكن يتوقع أن أبا ثابت (المتوكل علي الله) (حفيد أخيه) سيقوم بثورة عارمة ضده، وأن نهاية حكمه ستكون علي يده. وفعلا فقد نزل أبو ثابت المتوكل علي العاصمة (تلمسان) كالصاعقة سنة (866 هـ-1461 م) (¬12) وطرد منها السلطان (عم أبيه) ونفاه إلى الأندلس، وفي نفس الوقت أعلن استقلاله عن الدولة الحفصية، (¬13) وما كادت تصل هذه الأنباء إلى تونس، حتى هب سلطانها أبو عمرو عثمان الحفصي بجيش عارم؛ مكتسحا به جل الولايات والقبائل الجزائرية، وبدل أن يحاول أهلها رد زحفه ومقاومته، صاروا يقدمون له التمر والحليب، معلنين بذلك ترحابهم به، وسخطهم علي حكم السلطان أبي ثابت الذي وجد نفسه مهددا بالخطر، وأن حكمه وشيك الانهيار إن لم يتدارك الأمر عن عجل، فلم يجد حيلة تنقده من تلك الورطة خيرا من إيفاده نخبة من كبار العلماء، ليتشفعوا له لدى السلطان الحفصي، فنفذها ونجحت حيلته، ثم قفل السلطان الحفصى راجعا إلى عاصممة ملكه، (¬14) بعد أن عين بعض الولاة والقواد بنفسه، غير أن أبا ثابت لم يأخذ العبرة بهذه الهزيمة، إذ ما لبث أن عاد إلى التمرد، بإعلانه رفض الدعوة الحفصية للمرة الثانية، ¬

_ (¬12) تاريخ الجزائر العام ج 2 ص 193. (¬13) نفس المصدر ص 193. (¬14) نفس المصدر ص 194.

سنة (868 هـ 1463 م) (¬15) فقام الجيش الحفصي بحملة تأديبية، واسعة النطاق، أخضع لسلطته كثيرا من الجهات، ثم يمم العاصمة (تلمسان) فأحاط بها إحاطة السوار بالمعصم، فما كان من أبي ثابت إلا الاستسلام، وإهداء بنته لأحد الأمراء الحفصيين كعربون على إخلاصه، وكتابة البيعة -للسلطان الحفصي- بيده، جاء فيها: "شهد على نفسه عبد الله المتوكل عليه، محمد لطف الله به، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأعطى بنته بكرا للمولى أبي زكرياء يحيى بن المولى المسعود دون خطبة ... (¬16) ". هكذا كانت عجلة الأحداث تسير في الجزائر خلال هذه الحقبة، عراك وفتن داخلية، وثورات مضنية متتالية، والتطاحن على الملك والرئاسة -أصبح شيئًا مألوفا- بين الإخوة تارة، وبين الملوك المتجاورين تارة أخرى، والإسبان يخططون في خفاء، لاحتلال القواعد والثغور الإسلامية، والمراكز الاستراتيجية على البحرين: المتوسط والأطلسي، حتى لا تقع النجدة لمسلمي الأندلس، الذين كانوا يعيشون محنتهم الأخيرة، فاحتل الإسبان (فعلا) مدينة بونة (عنابة (¬17)) تمهيدا للسطو على المراكز الأخرى، والبرتغاليون -بدورهم- اشرأبت أعناقهم لأخذ حقهم في الغنيمة، فأخذوا ¬

_ (¬15) نفس المصدر ص 195. (¬16) نفس المصدر ص 195. (¬17) عنابة مدينة تقع في أقصى الطرق الشرقي للجزائر على بعد 100 كيلو متر من حدود تونس مع الجزائر، وتبدل اسمها عدة مرات من (هبو) و (هبونة) و (زاوة) و (بونة) إلى اسمها الحالي عنابة. انظر مجلة العربي ع 178 ص: 83.

يستعدون للاستيلاء على ميناء وهران- للمرة الثانية- دون أن يحرك حكام الجزائر- آنئذ- ساكنا للدفاع عن ثغورهم التي صارت تتساقط في يد العدو تباعا، ولا التفتوا إلى تضرعات أهل الأندلس، واستغاثاتهم المتكررة، وربما انتقد أبو العباس الونشريسي- وقد عرف بصراحته وتصلبه في الحق، وغيرته على الإسلام- موقف أبي ثابت السلبي إزاء نداءات الأندلس، وسياسته الفاشلة لعدم تبصره بتصريف الأمور بتعقل وحكمة، فلو عامل السلطان الحفصي بدهاء وحنكة، لما لحقته تلك الهزيمة والإهانة، بل ولاستماله إلى التعاون معه على محاربة العدو الأكبر، الذي كان يعيث فسادا في الأندلس المسلمة، ويستعمل كل الوسائل البشعة لاستئصال أهلها وقلع جذور الإسلام منها، وهاهو ذا بلغت به الجرأة إلى اقتحامه الشواطيء الجزائرية وغيرها- تحديا واستكبارا، وربما غضب الونشريسي لذلك، واستنكر على السلطان مواقفه المزرية جهارا، فحملته أنفة الملوك على طرد صاحبنا من تلمسان، وانتهاب داره. كما يحتمل أن الونشريسي أتهم بالتحريض على مشايعة الملك الحفصي، ومبايعته له، أو على الأقل كان من ضمن الذين رحبوا به أثناء قيامه بحملة تأديبية، معلقين عليه آمالهم أن يعمل على طرد العدو من شواطئهم بعد أن يئسوا وتيقنوا من عجز أبي ثابت وسلبيته إزاء الأندلس، وتوفير الأمن الداخلي، والذود عن حوزة الوطن ... ومن الغريب أن كتب التراجم تمر بهذا الحادث مر الكرام دون أن تذكر أي سبب أو تعليل، بل وحتى إسم السلطان، الذي

ب- الحالة السياسية بالمغرب

صدر عنه ذلك لم تشر إليه، وإنما اكتفت بالقول: "إنه حصلت له كائنة مع السلطان، وتعرضت داره للنهب (¬18) ". وكيفما كان السبب، فقد أصدر الأمر بنفي صاحبنا من تلمسان، ومصادرة أملاكه، فغادرها في غرة محرم سنة (876 هـ- 1469 م (¬19)) قاصدا فاس، فوجد بها أصدقاءه من علمائها الذين رحبوا به أيما ترحاب، وأضفوا عليه من التقدير والتكريم ما أنساه المصاب، وكيف لا؟ وقد عرفوه من خلال كتاباته وفتاواه الكثيرة، إذ كانت تجري بين علماء فاس وتلمسان -من حين لآخر- محاورات علمية، وتساؤلات وإيجابات متبادلة؛ في أعوص المسائل الفقهية وأدقها، وتبادلوا الإجازات بالمراسلة، والونشريسي نفسه يذكر أنه أخذ عن بعض شيوخ فاس بالمكاتبة (¬20). ب- الحالة السياسية بالمغرب: لم يكن الوضع السياسيى بالمغرب-آنذاك- أحسن مما كان عليه بالجزائز بل كان على أسوا حال، فالدولة المرينية القوية التي كانت بالأمس القريب، تصول وتجول، قد أصابها داء الشيخوخة والهرم، الذي يصيب أكثر الأمم -كما يقول ابن خلدون (¬21) - وكان آخر ملوكهم الضعفاء السلطان عبد الحق ¬

_ (¬18) انظر (فهرسة) المنجور ص: 50، ونيل الابتهاج ص: 87، والبستان ص: 53 ولقط الفرائد ص: 254. (¬19) نفس المصدر. (¬20) انظر وفيات الونشريسي (ألف سنة من الوفيات في ثلاثة كتب) لحجى ص: 149. (¬21) المقدمة ص: 304 - 307. نشر دار الكتاب اللبناني.

الذي سود صحيفة بني مرين بتسليمه دواليب الحكم لليهوديين (هرون، وشاويل) اللذين تعسفا في حكمهما وصبا مختلف ألوان العذاب على الأبرياء بدون شفقة ولا رحمة، فهاج الشعب واستشاط غضبا، ولم يهدأ له بال حتى قتل عبد الحق وبيادقه سنة (869 هـ- 1464 م (¬22)) وبمصرعه انتهى حكم بني مرين نهائيا، بعد أن استمر زهاء مائتي عام. فبويع أبو عبد الله الحفيد محمد بن علي الإدريسي الجوطي، إلا أن تصرفاته أثبتت عدم صلاحيته لهذا الأمر الجسيم، لكون البلاد لم تزد في عهده إلا تدهورا وانحطاطا، فعزل سنة (875 هـ- 1470 م (¬23)) وفي عهده حط الرحيل صاحبنا بفاس، فما كان عليه إلا أن يشارك أهل الحل والعقد حماسهم في تنحية الحفيد. والواقع أن المغرب أصبح -منذ انفلات الزمام من يد قادته المتبصرين- عرضة لنهب الناهبين، وطعمة سائغة للطامعين، فابن الأحمر استولى على ثغور بني مرين بالأندلس، واحتضنها لتسلم إلى الإسبان -بعد حين- والبرتغال دفعتهم مطامعهم التوسعية إلى احتلال أهم شواطيء المغرب على المحيط الأطلسي، بعد أن استولوا على المراكز الاستراتيجية في البحر الأبيض المتوسط، فاحتلوا سبتة سنة ¬

_ (¬22) الاستقصا ج 4 ص: 99 - 100، طبع دار الكتاب، الدار البيضاء سنة 1955. (¬23) نفس المرجع ج 4 ص: 114 - 115.

(818 هـ-1415 م (¬24)) وقصر المجاز (862 هـ-1457 م)، ثم طنجة (869 هـ-1464 م (¬25)) وأنفا (الدار البيضاء) (872 هـ- 1467 م (¬26)) وأصيلة (876 هـ-1471 م). وحاول مؤسس الدولة الوطاسية محمد الشيخ الوطاسي أن يتدارك الموقف باستلائه على فاس سنة (876 هـ- 1471 م (¬27)) وطرد الحفيد منها، والقضاء على الفتن الداخلية وتصديه للجهاد، وكان شجاعا مقداما، وسياسيا ماهرا، غير أن ما وجده من المشاكل المتراكمة المترسبة، وما فاجأه من أحداث جديدة ومتنوعة، كان فوق طاقته، لم تنفع فيه شجاعته، ولا مهارته السياسية .. ، فمن تلك الاحداث: ¬

_ (¬24) كذا عند غير واحد من المؤرخين، أمثال ابن القاضي في (لقط الفرائد) ص 240 طبع دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر سنة 1396 هـ. والناصري في (الاستقصا) ج 4 ص: 110، والذي عند ابن حجر في (أنباء الغمر) ج 3 ص: 41. طبع مصر، وابن العماد في (الشذرات) ج 7 ص: 124 أن احتلال سبتة كان سنة 817، وفي أزهار الرياض ج 1 ص: 46 أنه كان سنة 819 هـ. (¬25) الاستقصا ج 4 ص 110. طبع دار الكتاب. الدار البيضاء سنة 1955. (¬26) انظر "عروسة المسائل" ص: 13 تعليق (5) وبحث الأستاذ المنوني المنشور في "مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق" ج 4 م 51 ص: 832. وتردد صاحب الاستقصا في تاريخ احتلال آنفا، فذكر في ج 4 ص: 110 أنه كان في نفس التاريخ يعني (876 هـ) أو قبله بيسير، ثم عاد في صفحة 116 من نفس الجزء فقال إنه وقف في تواريخ الأفرنج على أن احتلالها كان في حدود (874 هـ). وقارن كل هذا مع ما في دائرة المعارف الإسلامية ج 9 ص: 77 من أن احتلالها كان في حدود (1458 م). (¬27) كذا في (المرآة) ص: 211. وتابعه على ذلك صاحب الاستقصا ج 4 ص: 120 وهو الذي في (الجذوة) ج 1 ص: 131. لابن القاضي، وفي (لقط الفرائد) ص: 204 - أن بيعة محمد الشيخ الوطاسي بفاس، وخلع أبي عبد الله الحفيد كان سنة (875 هـ).

- فتن داخلية متأججة كثورة عمرو السياف بالجنوب، التي دامت نحو عشرين عاما (¬28). - سطو البرتغال على أهم شواطئ المغرب- كما أسلفت. - سقوط غرناطة آخر معقل من معاقل الإسلام بالأندلس- في أيدي الأسبان سنة (897 هـ-1491 م (¬29)) وتوارد مسلمي الأندلس على المغرب، بعد طردهم بقسوة من ديارهم وأراضيهم (¬30) أفواجا أفواجا. - استيلاء الأسبان على مليلية (902 هـ- 1496 م (¬31)) وحجر بادس (914 هـ- 1508 م (¬32)) - بعد أن خربوا تطوان القديمة (¬33)، وتيجيساس (¬34) وسواهما من المدن الواقعة على البحر الأبيض المتوسط (مقابل عدوة الأندلس) على يد الطاغية الريكي الثالث (¬35). - احتلال البرتغال لمدينة الجديدة: وتخريبهم أسوارها سنة (907 هـ-1502 م (¬36)) كانت هذه الوقائع -وحدها- كافية في تثبيط عزيمة محمد الشيخ وقطع الآمال في طرد ¬

_ (¬28) انظر تفصيل هذه الثورة في الاستقصا ج 4 ص: 122 - 123. (¬29) انظر (نبذة العصر) ص: 42 - 44. ولقط الفرائد ص: 272 والنفح 4/ 525. وأزهار الرياض ج 1 ص: 66. والاستقصا ج 4/ 104. (¬30) انظر (نبذة العصر) ص: 46 - 48، والنفح، ج 4 ص: 528. (¬31) لقط الفرائد ص: 276. (¬32) نفس المرجع. (¬33) الاستقصا 4/ 89. وتاريخ تطوان 1/ 82. (¬34) انظر الوزاني تاريخ المغرب 1/ 177. (¬35) كان ذلك عام 803 هـ- 1400 م- انظر تاريخ تطوان 1/ 82، والوزاني تاريخ المغرب 1/ 177. (¬36) الاستقصا ج 4، ص: 110.

الغزاة الذين أحاطوا به من كل جانب، فضلا عما تحدثه في الأمة من بلبلة الأفكار وإثارة الاضطرابات، وضعف الهمة، وتلاشي العزيمة. ومع ذلك، فقد قاد معركة الجهاد، وأبلى البلاء الحسن في مقارعة العدو (¬37) إلى آخر نفس من حياته (¬38) (910 هـ- 1504 م)، فخلفه ولده محمد الملقب بـ (البرتغالى (¬39))، وكان يتحلى بكثير من سمات أبيه، إلا أنه ابتلي منذ اعتلائه العرش بثورة ابن عمه مسعود بن الناصر- حاكم مكناس- عليه، وظهور مؤسس الدولة السعدية محمد القائم بأمر الله، وزادت البلاد تضعضعا واضطرابا، مما شجع البرتغال على تنفيذ مخططهم الخاص باحتلال المراسي المغربية الباقية، تمهيدا لاحتلال المغرب كله، فاستولوا على العرائش (¬40)، وأكادير (¬41) سنة (910 هـ- 1504 م) بدون مقاومة تذكر. ثم احتلوا آسفي سنة (912 هـ-1506 م (¬42))، وأزمور (914 هـ-1509 م (¬43)) والمعمورة (920 هـ-1515 م (¬44)). وبذل أبو عبد الله محمد البرتغالي، أقصى المستطاع في استرداد الشواطي المغربية، واستخلاصها من مخالب ¬

_ (¬37) انظر عروسة المسائل ص: 15 - 17. (¬38) جذوة الاقتباس 1/ 131، ولقط الفرائد ص: 278، وعروسة المسائل ص 20 والاستقصا 4/ 140. (¬39) لقب بذلك لأنه وقع في أسر البرتغال لما أخذوا ثغر أصيلا وبقي عندهم نحو 7 سنين إلى أن افتكه والده. (¬40) عروسة المسائل ص: 22 - 24. (¬41) و (¬42) و (¬43) و (¬44) انظر الاستقصا ج 4 ص: 110.

2 - الحياة الاجتماعية

الاستعمار لكن محاولاته كلها باءت بالفشل، لأسباب عدة منها: أن إمكانيات المغرب -وقتئذ- كانت محدودة، فالعتاد قديم وقليل للغاية، والجيش منهوك القوى في إخماد الفتن الداخلية، ومشتة هنا وهناك، والشعب تسرب إليه اليأس في جمع الكلمة، وتوحيد الخطة في استرجاع مجده الغابر، وتلاشت معنوياته الجهادية تماما إلا عند القليل، وكيف لا؟ وهو يرى تقلص رقعة مملكته، وتتوارى يوما عن يوم، كما يتوارى الفلم على الشاشة، بعد أن كانت تشمل الجزائر وتونس، والأندلس، في كثير من الأحيان (¬45). واستبدل قوة بضعف، وأمنا باضطراب، وعزا بذل، وسبحان الدائم العزة والقوة: {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاولُهَا بَينَ النَّاسِ} (¬46). 2 - الحياة الاجتماعية: عاش أبو العباس أحمد الونشريسي مدة طفولته وشبابه في بلد آبائه بالجزائر، ثم حكمت عليه الأقدار -لسبب أو لآخر- أن يغادرها قهرا، ملتجئا إلى فاس، كما أشرت إلى ذلك آنفا، لذا وذاك سألم ببعض صور الحياة العامة في كلا البلدين: ¬

_ (¬45) كنون: مدخل إلى تاريخ المغرب ص: 94. (¬46) الآية 140 سورة آل عمران.

أهل المغرب

أهل المغرب: لا يكاد يختلف سكان المغربين: -الأوسط والأقصى- في عاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم، وطبائعهم، ومشاربهم عن بعضهم البعض، إذ ضمتهم راية واحدة في أكثر حقب التاريخ: (¬47). في المعاش والعمران: عرفت فاس (¬48) وتلمسان (¬49) نوعا من الرخاء المادي والاقتصادي، فانتشرت -في العاصمتين- الفنادق، والحمامات، ودور الدباغة، ومصانع الصابون، والقيسريات ودور سك العملة والصناعة (¬50) ... مما يؤكد رخاء البلدين، وازدهار المجتمعين، إلا أنهما شغلا - معظم هذا القرن (التاسع الهجري، والرابع عشر الميلادي) - باضطرابات وفتن داخلية، وحروب غير متكافئة القوى مع العدو، مما جعل نضارة العيش تكتئب، والاقتصاد الداخلي يتدهور فالفلاحة قليلة، والصناعة تكاد تكون معدومة، لعدم توفر الأمن والاستقرار والتجارة الخارجية متقلصة للغاية، نتيجة احتلال المرافئ المغربية الهامة، واحتكار المحتلين للمبادلات التجارية مع الخارج، وتدفق بضاعاتهم ¬

_ (¬47) تدخل الجزائر في تاريخها المشترك مع المغرب في بداية الدولة الإدريسية سنة 172 هـ- 788 م- انظر الأنيس المطرب 1/ 22 طبع الرباط، وتاريخ الجزائر العام 1/ 146 - 147، والاستقصا 1/ 157. (¬48) انظر وصف فاس لليون الإفريقي- حياة الوزان الفاسي وآثاره ص: 77 - 80 - المطبعة الاقتصادية الرباط. (¬49) انظر وصف تلمسان وحضارتها- تاريخ الجزائر العام ج 2 ص 245 - 246. (¬50) انظر بحث الأستاذ المنوني (ملامح من تطور المغرب العربي) السالف الذكر.

- الروح الدينية

على الداخل بأثمان باهضة، علاوة على ما أخذ المغرب يتحمله من تكاليف حرب دفاعية طويلة المدى (¬51)، ولا سيما حينما رأى المحتل يقضي على المعالم الحضرية المغربية، بتخريبه المدن الواقعة على ساحل المتوسط والأطلسي، (¬52) ويعيد بناءها على الطراز الأجنبي (¬53). - الروح الدينية: كان لسقوط غرناطة -آخر معقل لدولة الإسلام بالأندلس- في أيدي إسبانيا المتعصبة، وتحويل المساجد الإسلامية إلى كنائس مسيحية، وإدخال أهلها قسرا في حظيرة النصرانية، وصب أبشع أساليب التعذيب والتنكيل على من آثر الاحتفاظ بدينه، وما تلا ذلك من مآسي مروعة، تندمل لها القلوب الحية. وتصاعد الحملات الصليبية على أقطار المغرب العربي، وانتصارها في أغلب الأحيان؛ كان لذلك كله- أثره الفعال في نفوس المسلمين عامة، ومسلمي المغرب العربي بصفة خاصة؛ إذ تزعزعت عقيدة الكثيرين منهم، وضعفت فيهم الروح الدينية، وجرفتهم روح الجاهلية، بالتجائهم إلى القبور والأضرحة، وتنجيسهم لها بدم ذبائح النذور والتمسح بجدرانها ... للاستغاثة بها، كأنهم لم يسمعوا قول الله جل علاه: ¬

_ (¬51) المرجع السابق. (¬52) فعلى شاطئ المتوسط، خرب الأسبان تطوان القديمة، وتيجيساس، وبادس القديمة، وعلى المحيط الأطلسي، خرب البرتغال مدينة آنفا والجديدة وسواهما. (¬53) راجع بحث الأستاذ المنوني السالف الذكر.

{قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا} (¬54) ". وانبث الأدعياء وأهل الضلال والشعوذة، في جهات مختلفة، وكمثال على ذلك ظهور عمرو بن سليمان السياف الذي ادعى ادعاءات، من ضمنها: "أن أحكام الكتاب والسنة ارتفعت، ولم يبق إلا ما يقوله له قلبه (¬55)! {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَال أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيهِ شَيءٌ} ". (¬56). وفي نفس التاريخ أطل من جبل (ونشريس) دعى آخر (¬57)، يضرب على نفس الوتر؛ فانساقت الغوغاء وراء كل ناعق وكفر من كفر، {وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيئًا} (¬58). وإلى جانب ذلك، ظهرت مدارس للتصوف الإسلامي، وبتعبير أصح، مدارس سلفية بعيدة عن الزيف والتضليل، جعلت وكدها إصلاح المجتمع وانقاذه من أدعياء الزيغ والكفريات، وتطهير العقول من البدع والخزعبلات، وصقل القلوب باتباع الشريعة المحمدية، أمثال مدرسة الجزولي (¬59) - ¬

_ (¬54) الآية (11) سورة الفتح. (¬55) انظر الاستقصا ج 4 ص: 122 - 123. (¬56) الآية (93) سورة الأنعام. (¬57) انظر المعيار للمترجم له ج 2 - 301. (¬58) الآية (144) سورة آل عمران. (¬59) انظر "ممتع الأسماع" ص: 3 - 6 و "المرآة" ص: 193 - 194.

- الدعوة إلى الإصلاح

التي تخرج منها نخبة من العلماء السلفيين، كالتباع (¬60) والغزواني (¬61)، ثم مدرسة الشيخ زروق (¬62) -بالمغرب- وأبي عبد الله السنوسي (¬63)، والشيخ إبراهيم التازي التسولي (¬64) بالجزائر. ويعدد الناصري الأمور التي ظهرت في هذا العهد قائلا: " ... منها: ظهور الأولياء، وأهل الصلاح من الملامتية وأرباب الأحوال والجذب -في بلاد الشرق والغرب- لكنه انفتح به للمتسورين على النسبة، وأهل الدعوى، باب متسع الخرق، متعسر الرتق، فاختلط المرعى بالهمل، وأدعى الخصوصية من لا ناقة له فيها ولا جمل، وصعب على جل الناس التمييز بين البهرج والإبريز ... (¬65). - الدعوة إلى الإصلاح: واستتبعت هذه النكسة انحلالا خلقيا، وانحرافا عن الطريق المستقيم، وتشويها لتعاليم الإسلام، فانتشرت البدع والمنكرات، واستشرى الفساد وتفاقم في كثير من الجهات، فتحركت الغيرة الدينية في نفوس العلماء المصلحين، الذين وهبوا أنفسهم لخدمة الدين الحنيف وتجديد الدعوة السلفية، لتوعية الجماهير الشعبية -رجالا ونساء- بالتعريف بالعقيدة ¬

_ (¬60) "ممتع الأسماع" ص: 34 و "الدوحة" ص: 99. (¬61) "ممتع الأسماع"، ص: 37، و "الدوحة" ص: 70. (¬62) انظر "الدوحة" ص: 38: 40. (¬63) انظر نفس المصدر ص: 89. (¬64) انظر "نيل الابتهاج"، ص: 54 - 57. (¬65) انظر "الاستقصا" ج 4، ص: 163 - 164.

الإِسلامية الصحيحة، وتوضيح مزاياها في إصلاح المجتمعات الإسلامية بصفة خاصة، والمجتمعات الإنسانية عامة. وربما كان من دواعي هذه الحركة الإصلاحية -أيضًا- بروز ظاهرة التبشير التي واكبت الغزو البرتغالي والإسباني، وبتعبير أصح، الحروب الصليبية التي استهدفت المغرب العربي، (¬66) وجعلت تغزوه ماديا ومعنويا، فتوجس المصلحون خيفة من هذا التبشير، الذي صار يسحر بمغرياته -المتنوعة- الأعمى والبصير. وممن تبنى هذه الدعوة الإصلاحية -بالمغرب- أبو محمد عبد الله الهبطي (ت 963 هـ- 1555 م (¬67)) الذي أعلنها حربا شعواء على الجهل والضلال، بمختلف الوسائل، فألف عدة رسائل، شرح فيها عقيدة المسلم، مجردة عن البراهين والدلائل، وبسطها بسطا يفهمها الكبير والصغير، ولم يكتف بالقلم فقط، بل قام بمحاربة البدع والمنكرات عمليا، وظل ينتقل من بلد لآخر يعلم الناس شؤون دينهم، ويحذرهم من عواقب التفريط في شريعتهم، والبدع التي امتزجت بحياتهم، واقتحمت بيوتاتهم، وأسواقهم ومعاملاتهم، وكل مجالات حياتهم، حتى أنستهم تعاليم شريعتهم "فنفع الله به خلقا كثيرا، وطهر -البلاد- في أكثر الجهات- من رجس البدع والضلالات (¬68) " "لأن ¬

_ (¬66) انظر بحث الأستاذ المنوني الآنف الذكر. (¬67) انظر (دوحة الناشر) ص: 7 - 8. (¬68) (مقنع المحتاج) لابن عرضون، مخطوط الخزانة المنامة بالرباط رقم: (1026 ك) و (دوحة الناشر) ص: 12.

يَهْدِيَ الله بكَ رَجْلًا خَير لَكَ مِنْ أنْ تَكونَ لَكَ حُمْر النَّعم (¬69) ". وفي الجزائر تصدى لأداء هذه الأمانة الإصلاحية أبو عبد الله محمد بن يوسف السنوسي، عالم تلمسان وإمامها، حيث قام بتأليف عدة مولفات في العقيدة الإسلامية، لم يقتصر نفعها على الجزائر وحدها، بل عم شعاعها سائر الأقطار الإسلامية. وأشهر مؤلفاته في هذا الشأن، العقيدة الكبرى، والصغرى، والوسطى، وصغرى الصغرى، وله عليها شروح عدة (¬70). ومثل هؤلاء الدعاة الذين ليس لهم طمع في زخرف الحياة، ولا هوى في دنيا الناس، ولا رغبة في جزاء، ولا شكور ... مثل هؤلاء خليقون بأن لا ترد لهم دعوة، ولا يضيع لهم نداء، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين أحسن الجزاء، متضرعا إليه سبحانه، أن يجود بأمثالهم في هذا الزمان الذي كثر فيه الإلحاد، وطغت فيه الماديات على الروحيات. ¬

_ (¬69) أخرجه الشيخان: البخاري، ومسلم. (¬70) انظر (نيل الابتهاج) ص: 228، والبستان) ص: 237، و (معجم المطبوعات) ص: 1058، وبحث الأستاذ المنوني السالف الذكر.

- حركة الجهاد

- حركة الجهاد: لقد أذكت الحملات الصليبية: -البرتغالية، والإسبانية- على شواطيء المغرب العربي- روحا نضالية جديدة، وازداد حماس الناس بتصاعد نفي الأندلسيين بالجملة، وتوافدهم عليهم في أفواج متتابعة، فتحركت الغيرة الدينية والوطنية في النفوس، وتنافس رؤساء العشائر والجماعات في إنشاء الثغور واتخاذ رباطات لهم على التناوب، ونشبت كثير من المعارك -في بداية الأمر- على النطاق الشعبي "امتدادا من المغرب الأقصى إلى ليبيا (¬71). ثم ركز العدو حملاته على الشواطيء المغربية قصد احتلالها قبل غيرها، ربما للأسباب التالية: أ- إنه يعرف -مسبقا- أن الشواطيء المغربية، هي التي كانت منطلقا لفتح الأندلس، من لدن الفاتحين الأولين، وربما لذلك قرر أن يقتص من أهلها، ويرد لهم السلف. ب- أن الشواطي المغربية قريبة من شواطئه، الشيء الذي يسهل عليه نقل الجيش والعتاد إليها بسرعة، وشعوره بضعف الجيش المغربي، وانشغاله بإخماد الفتن الداخلية، بين آونة وأخرى. ج- لعله كان يرى أن استيلاءه على الشواطئ المغربية، سيفسح له المجال للاستيلاء على شمال إفريقيا بأسره، ثم يتوغل في إفريقيا كلها. ¬

_ (¬71) انظر بحث الأستاذ المنوني الآنف الذكر.

- دور العلماء في هذه الانتفاضة

د -كما يحتمل أنه كان يتخوف أن تجمع الدول الإسلامية شملها، وتستجيب لنداءات الأندلسيين، وتمدهم بالمساعدة اللازمة، ولا يكون ذلك إلا عن طريق الشواطئ المغربية، لقربها من شواطئه، كما أسلفت آنفا ... إلى غيرها من الأسباب التي يمكن أن تكون هي الدافعة بالعدو إلى تضييق الخناق على الشواطئ المغربية، وانهاك قوى أهلها مدة طويلة، علهم يسأمون، ويضطرون إلى الاستسلام، إلا أن المغاربة الذين جبلوا على الجهاد والتضحية في سبيل الله والوطن، قاوموا ذلك ببسالة نادرة، ورابط على الثغور- الصغير والكبير، والعالم والجاهل، حتى استنزفوا قوى العدو. وعن هذه الانتفاضة المغربية يقول الناصري: "ولما نزل بأهل المغرب الأقصى ما نزل، من غلبة عدو الدين واستيلائه على ثغور المسلمين، تباروا في جهاده وقتاله، وأعملوا الخيل والرجل في مقارعته ونزاله. (¬72). - دور العلماء في هذه الانتفاضة: أدرك العلماء بصفة عامة والفقهاء بوجه أخص عن عمق ويقين أنهم أصحاب رسالة، وأنهم مكلفون بالدعوة إلى الإسلام بأي وسيلة، وبالدفاع عنه بالنفس والنفيس -ولصد العدوان عليه مهما كان الثمن- مرددين قول الله جل علاه: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} (¬73) "الآية. ¬

_ (¬72) الاستقصا ج- 4 - ص: 111 - 112. (¬73) الآية (111) - سورة التوبة.

من خلال هذه المعاني اندفع العلماء إلى الجهاد بعزائم قوية، وصاروا يواجهون الشدائد بقلوب ثابتة في ساحة الوغى بعد أن بذلوا ما في وسعهم في الحض على الجهاد والترغيب فيه، وألفوا في ذلك تأليف حماسية رائعة، وتنافس الخطباء والوعاظ في إيقاظ همم الشعب، ونظم الشعراء والأدباء دررا من القصائد. وممن ألف في ذلك وأفاد، وأكثر في نظم القصائد وأجاد: أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن يجبش التازي (ت 920 هـ (¬74)). وأبو عبد الله محمد بن يحيى البهلولي (ت 936 هـ (¬75))، وغيرهما ممن بينوا مزايا الاستشهاد في سبيل الإسلام والوطن، ونبهوا العوام أن مناط النجاة -في الإسلام- ليس مجرد الانتساب إليه، بل يجب أن تظهر آثار تعاليمه على معتنقيه في أحرج ساعات الضيق والشدة، ولي أوقات رفاهية النفس ... وضربوا أروع الأمثلة بأنفسهم، فقاتلوا وقتلوا وأسروا وأُسروا، وبذلك أدوا الرسالة المنوطة بهم- رحمهم الله. وفي شأن هؤلاء وغيرهم يقول الناصري: "فكم من رئيس قوم قام لنصرة الدين غيرة واحتسابا، وكم من ولى عصر، أو ¬

_ (¬74) (أضواء عن ابن يجبش التازي) ص: 123 - 153. (¬75) (الدوحة) ص: 45 - 47، والاستقصا ج 4 ص: 112 - 113.

3 - الحياة الفكرية

عالم مصر باع نفسه من الله ... حتى لقد استشهد (¬76) منهم أقوام، وأُسر آخرون ... (¬77) ". وعلى ما يظهر فإن أولي العزائم القوية من الفقهاء، استخدموا مختلف الوسائل في الحث على الجهاد، وجلب الناس إلى الاستشهاد، وخوض المعارك مع العدو طوعا أو كرها، وكفى على ذلك دليلا، إعادة الشيخ البهلولي صلاة الجنازة على زوجته، حين عودته- مع أصحابه من إحدى غزواته، فتعجب الناس من فعله، وأكثروا النكير عليه، فأجابهم بأن صلاتكم فاسدة، لكونها كانت بغير إمام، ومن شروط الإمام الذكورة، وإمامكم -ما دام لم يتقلد سيفا في سبيل الله- فهو من جملة النساء (¬78)! 3 - الحياة الفكرية: كان للحملات الصليبية -التي استهدفت المغرب العربي أثناء هذه الحقبة، والاضطرابات الداخلية المتلاحقة؛ التي كان المغرب مسرحا لها -من حين لآخر- أثرها البالغ على الثقافة عموما، والناحية الفكرية بوجه خاص، إذ العلم لا ينمو ويترعرع إلا في ظل الهدوء والاطمئنان، ورغم ذلك احتفظت ¬

_ (¬76) وممن استشهد: أبو الحسن الشاوي، وعيسى المصباحي، وأبو الفضل فرج المكناسي، وأبو عبد الله محمد القصري .. انظر غيرهم في الاستقصا ج- 4 ص: 111 - 112. (¬77) وممن أسر الشيخ أبو عبد الله الكوش، وابن عسكر، وصاحب جذوة الاقتباس وغيرهم انظر نفس المصدر. (¬78) الاستقصا ج 4 - ص: 113.

فاس وتلمسان بنشاط ملحوظ في بعض مجالات الفكر، وعرفتا انتعاشا رائعا في الإقبال على التعليم والتعلم، ولا سيما في عهد أبي العباس (المعتصم) (834 - 866 هـ)، وأبي ثابت (866 - 890 هـ) - بالجزائز وأبي عبد الله محمد الشيخ الوطاسي (876 - 910 هـ) - بالمغرب، فكلهم كانوا محبين للعلم، مشجعين لأهله بمختلف الوسائل (¬79)، وخاصية منهم محمد الشيخ الذي بذل ما في وسعه لاكتساب رضي العلماء بتقريبهم إليه، بوصفهم أهل الحل والعقد في الأمة، وكرد الجميل لهم على مبايعتهم إياه- حاول توفير الجو الملائم لهم في أداء رسالتهم التعليمية والتوجيهية، فعين أبرزهم في الكراسي العلمية المشهورة، وكان هذا المنصب يوازي الوزارة في الأهمية. وممن حظي بهذه الحظوة أبو العباس أحمد الونشريسي، الذي أسند إليه الكرسي المخصص لتدريس المدونة بالمدرسة المصباحية (¬80)، فكان نبراسا يحتذى في التبليغ والفصاحة والاستحضار واستفاد منه العامة والخاصة، وعندما توفي خلفه نجله عبد الواحد، ثم صار الكرسي إلى الشيخ الحميدي. كما اهتم السلطان (محمد الشيخ) بالخطباء والأئمة، وممن عينهم في أداء هذه المهمة، الإمام أبو عبد الله محمد بن غازي (¬81)، الذي قيل أنه استدعاه (¬82) من مكناس إلى فاس سنة ¬

_ (¬79) انظر الاستقصا -ج- 4 - ص: 124، وتاريخ الجزائر العام ج- 2 ص: 100 - 101. (¬80) انظر فهرس المنجور ص: 53. (¬81) ستأتي ترجمته. (¬82) الاستقصا ج 4 - ص: 124.

(891 هـ) وأسند إليه الخطابة بجامع فاس الجديد، ثم الإمامة والخطابة بجامع القرويين، وصار شيخ الجماعة بها. ويدلنا على ما كان في تلمسان من حركة علمية، ما تذكره بعض كتب التراجم من أنها كانت زاهرة بالعلماء، وأن طلاب العلم والمعرفة كانوا يتوافدون عليها باستمرار وكمثال على ذلك نذكر أن أبا الفضل محمد بن محمد بن أبي القاسم المشذالي (¬83) (ت 865 هـ) ارتحل إلى تلمسان في حدود سنة (840 هـ) ليأخذ عن مشايخها، ويغترف من مناهل العرفان بها فأخذ عن ابن مرزوق (الحفيد) التفسير والحديث، والفقه، والأدب، والمنطق، والفلسفة، والهندسة، والطب، . .. وأخذ عن أبي القاسم بن سعيد العقباني الفقه وأصوله ... وعن أبي العباس أحمد بن زاغو التفسير، والفقه، والمعاني، والبيان، والحساب، والفرائض، والهندسة، والتصوف ... وأخذ الأصول عن أبي عبد الله محمد بن النجار المعروف بساطور القياس- لشدة معرفته بهذا الفن، وكان مما قرأه عليه -أيضًا- مختصر ابن الحاجب الأصلي ... كما أخذ عن أبي الربيع البوزيدي الفقه ... وعن أبي يعقوب يوسف- الرياضيات، والفرائض، وأخذ عن أبي الحسن علي بن القاسم علم الهيئة (¬84). وبعد أن أخذ المشذالي عن هؤلاء وسواهم عاد إلى بلده -بجاية- بعلم غزير سنة 844 هـ، ثم دفعه طموحه إلى الرحلة ¬

_ (¬83) انظر ترجمته في: "نيل الابتهاج" ص: 314 - و "الضوء اللامع" ج- 8 - ص: 95، وتاريخ الجزائر العام ج-2 - ص: 271 - 279. (¬84) انظر تاريخ الجزائر العام ج- 2 - ص: 271.

إلى المشرق، فدخل مصر، والشام، والحجاز، رجال في كثير من البلدان، فأعجب الناس بغزارة علمه، وسعة أفقه، وتتلمذ له الكثير من علماء تلك البلدان، بل صار مضرب الأمثال (¬85). ويصور لنا أبو الحسن علي بن ميمون الغماري (ت 917 هـ (¬86)) الحياة العلمية بفاس تصويرا دقيقا -على هذا العهد- فيقول: " ... ما رأيت مثلها (فاس) ومثل علمائها في حفظ ظاهر الشرع العزيز بالقول والفعل، وغزير الحفظ لنصوص مذهبهم: الإمام مالك (ض)، وحفظ سائر العلوم الظاهرة من: الفقه، والحديث، والتفسير، وحفظ نصوص كل علم، مثل النحو، والفرائض، والحساب، وعلم التوقيت، والتوحيد، والمنطق، والبيان، وسائر العلوم العقلية ... (¬87) ". ويقول في سياق آخر " ... فمذ خرجت من فاس في جمادى الثانية سنة (901 هـ) (1496 م) إلى تاريخ هذا الكتاب (916 هـ- 1511 م) ما رأيت مثلها، ومثل علمائها -فيما أذكر- في سائر مدن المغرب، ولا في تلمسان، ولا في بجاية، ولا تونس، ولا إقليم الشام بأسره، ولا بلاد الحجاز ولا مصر؛ على ما تقرر عندي من العلم اليقين بمشاهدة أناس من أهلها، وبرؤية كتب بعض أرباب الوقت، وأحوالهم، وأشتغالهم في العلم ... دخلت هذه المدينة المباركة (فاسا) فالتزمت علماءها، ¬

_ (¬85) انظر (الضوء اللامع) ج 8 ص: 90، و (نيل الابتهاج) ص: 315. (¬86) انظر في ترجمته: (دوحة الناشر) ص: 23، و (الكواكب السائرة) ج 1 ص: 271. (¬87) انظر "الرسالة الموجزة في معرفة الإجازة" مخطوط خاص.

وبقيت في المدرسة متجردا نحوا من سبعة أعوام ... (¬88) "ثم يسترسل في وصف خزائن الكتب، وكيفية المطالعة بها، ويقارن بينها وبين ما شاهده في مصر والشام والحجاز وبلاد الترك (¬89). أما ابن الوزان (ليون الإفريقي) (ت 926 هـ (¬90) فيقدم لنا وصفا أكثر وضوحا واستيعابا للحركة الفكرية والعلمية بفاس- أثناء وصفه لها "وبالمدينة مسجد أعظم يسمى (جامع القرويين) توجد بداخله، وعلى طول جدرانه الأربعة- سلسلة من الكراسي العلمية لمختلف الفنون، يتصدرها الفقهاء والأساتذة، لتثقيف الشعب والطلبة في شؤون الدين، والحقوق الواجبة، ومن هذه الدراسة ما يبتدئ يوميا بعد صلاة الصبح لينتهي بعد ساعة من طلوع الشمس؛ وفيها ما يشرع فيه على إِثر ذلك؛ ولا بد في الأستاذ المشرف على هذه الدروس أن يكون مستوعبا للمادة التي وكلت إليه ... وهذا هو توقيت ¬

_ (¬88) انظر (رسالة الإخوان من أهل الفقه وحملة القرآن) مخطوط بالخزانة العامة بالرباط رقم: (1780 - ك). (¬89) نفس المصدر وانظر (مجلة المغرب) س-6 - 1 (1356 هـ 1937 م)، و (مجلة رسالة المغرب) ع- 5 - غشت 1943 م، ص: 41 - 42، والكتاب الذهبي، ص: 170. (¬90) أبو علي الحسن بن محمد الوزان الفاسي ولد بغرناطة، ثم انتقل مع أسرته إلى فاس، وبها درس، رحل إلى الشرق فأدى فريضة الحج سنة 823 هـ، ثم عاد، وفي طريقه إلى طرابلس الغرب عام 924 - 1913 م أسره نابولي، وأهداه إلى "بابا ليون" العاشر حيث نصر -فيما يقال- وأصبح معلما للغة العربية في جامعة "بولونيا" ومن كتابه (وصف إفريقيا). نقلت هذه الفقرات، انظر ترجمته "ابن الوزان" "اللحجوى" ومجلة المغرب- عدد دجنبر 1934، ودعوة الحق، عدد دجنبر سنة 1960.

الدروس في الفصول المعتدلة؛ أما في فصل الحر -والحر في فاس شديد- فإن المجالس العلمية تتحول إلى ندوات ليلية بحيث أنها تبتدئ في المساء وتستغرق طيلة ساعات الليل إلى منتصفه ... وكل طبقة من طبقات العلماء، سواء منهم الذين يشتغلون نهارا، أو ليلا، لهم مخصصات مشرفة ومهمة، لا لحاجتهم وحدها، ولكن للترفيه عليهم أيضًا ... وقد وضعت رهن إشارة عميد الجامعة موارد وهبت في الأصل للضعفاء من الطلبة، من تلك الموارد ما يوزع نقدا، ومنها ما يوزع عينا: مواد غذائية -في الأعياد- كل على قدر تكاليفه العائلية. وقد زود العميد بتعويضات يومية ملائمة، من شأنها أن تساعده على ميزانية الجامع وما يتبعه من فروع أخرى منتشرة في مختلف جهات المدينة ... ففي فاس إحدى عشرة مدرسة داخلية، يقيم فيها الطلاب الذين يردون عليها من مختلف الآفاق، وتعد هذه المدارس من أتقن البناءات فيها وأحكمها، وبخاصة مدرسة السلطان أبي عنان، وفي كل مدرسة من تلك المدارس عدد من الأساتذة في شتى المواد، فيهم من يلقي دروسه صباحا، وفيهم من يفضل إلقاءها مساء، والكل يتقاضى أجور مغرية ... إلى أن يقول: هذه المدينة التي نشأت فيها وتعلمت، تعتبر خلاصة ما بإفريقيا كلها؛ بما تضمه من عيون العلماء، الذين بلغوا الغاية في المعرفة واللياقة ... (¬91). ¬

_ (¬91) انظر "وصف إفريقيا" ص: 187 و "جامع القرويين"، للدكتور عبد الهادي التازي ج 22، ص: 414 - 415.

ومن هذه البيانات الدقيقة، وإزاء هذه الصورة الكاشفة عن خبايا كثيرة، والنبذة المشرقة التي يقدمها لنا هذان العالمان -وهما شاهدا عيان- تتبدد تلك الغيوم القاتمة، التي اعتاد أكثر الباحثين أن يضفوها على الحركة الفكرية لهذا العهد، والضحالة التي يصورونها بها، وربما لهم عذرهم في ذلك لندرة ما سجل عن تاريخ هذا العصر، بكيفية متسلسلة، وإنما هي عبارة عن إشارات وتلميحات خاطفة -هنا وهناك- بحيث لا تكفي لإعطاء صورة مكتملة عن الحركة الفكرية في هذا العهد. والشئ الذي يبدو جليا في هذا العصر -كثرة العلوم وتنوعها، والتي كان لها حظ الأسد هي العلوم الشرعية، وبالأحرى الفقه المالكي منها، والظاهرة التي اتسم بها الشغوفون به- في الغالب الأعم- هي العكوف على ذلك التراث الضخم، والانكباب عليه انكباب الظمآن، لتحصيله وفهمه، وتفهيمه، ثم تناوله بالشرح والإطناب تارة، واختصار ما تسعه صفحات في أقصر عبارة تارة أخرى، ومن حاول الاجتهاد منهم لم يعد اجتهاده ترجيح قول على قول في إطار مذهبه، كما سيتضح ذلك بعد بحول الله. - أشهر فقهاء هذا العصر: ومن الفقهاء البارزين في هذا العهد -بالمغرب الأقصى-: - أبو عبد الله محمد قاسم القوري، شيخ الإسلام، وأحد جهابذة العلم، له فتاوي مشهورة، وشرح مختصر خليل في ثمان

مجلدات ضخمة (ت 872 هـ (¬92)). - أبو محمد عبد الله الورياكلي الفاسي، إمام العصر، بلغ رتبة الاجتهاد أو كاد، كان يقرئ المذاهب الأربعة، إلا أنه كان ينتصر لمذهب مالك، تولى رئاسة العلم بفاس -سنين طويلة- وبها توفي سنة (894 هـ (¬93)). - أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي الفاسي الشهير بـ (زروق) كان فقيها مستوعبا، ومحدثا بارعا، وصوفيا مخلصا، له شرحان على الرسالة، وآخر على مختصر خليل، وشرح على إرشاد ابن عسكر، وشرح القرطبية، والوغليسية، والغافقية (ت 899 هـ) (¬94). - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله اليفرني الفاسي، قاضي الجماعة بها، شهر بالمكناسي، تولى قضاء فاس أزيد من ثلاثين سنة لعدله ومهارته الفقهية، وأشهر مؤلفاته "مجالس القضاة والحكام" و "التنبيه والإعلام، فيما أفتاه المفتون، وقضى به القضاة من الأوهام" (ت 917 هـ (¬95)). ¬

_ (¬92) انظر في ترجمته: "جذوة الاقتباس" ص: 202 - "الروض الهتون" ص: 69 - و "السلوة" ج- 2 - ص: 116 - و "الاستقصا" ج- 4 - ص: 101 - و "الإتحاف ... " ج- 3 - ص: 595 و "شجرة النور" ص: 261 - و"الفكر السامي" ج- 4 - ص: 95 و"مجلة البحث العلمي" عدد دجنبر 1964 ص: 37. (¬93) انظر ترجمته في: "دوحة الناشر" ص: 25، و "نيل الابتهاج " ص: 169 - و "الفكر السامي" ج- 4 - ص: 97 - و "شجرة النور": 266. (¬94) انظر الدوحة، ص: 38، "جذوة الاقتباس" ص: 63 و "البستان" ص: 45 - 50 و "نيل الابتهاج"، ص: 84، و "الضوء اللامع" ج 1 ص: 222، و "شذرات الذهب" ج 7، ص: 363 و "شجرة النور" ص: 267، و "الفكر السامي" 4/ 98، و "السلوة" 3/ 183، و "الكتاب الذهبي" ص: 170. (¬95) وفي نيل الابتهاج، ص: 333: أنه توفي سنة 918 هـ، وانظر ترجمته في "شجرة النور"ص: 275، و "الفكر السامي" 4/ 99.

أبو الحسن علي بن قاسم التجبي الشهير بالزقاق، مؤلف نظم "المنهج المنتخب، في أصول المذهب"، و "لأمية في أحكام فقهية"، جرى بها عمل فاس (ت 912 هـ (¬96)). - أبو عبد الله محمد بن غازي العثماني المكناسي، ثم الفاسي، شيخ الجماعة بها، انتهت إليه رواية السنة بإفريقيا الشمالية، له "شفاء الغليل، لشرح مختصر خليل" و "تكميل التقييد على المدونة" و "حل مشكلات كلام ابن عرفة" وسواها (ت 919 هـ (¬97)). - أما أبرز الشخصيات العلمية بالمغرب الأوسط -الجزائر- فهي: - أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم الشذالي، فقيه بجاية وإمامها والد أبي الفضل الشذالي، السالف الذكر- له فتاوي، نقل بعضها الونشريسي في "المعيار" والمازوني في "الدرر المكنونة" وله تكملة حاشية الوانوغي على المدونة، ومختصر البيان والتحصيل لابن رشد، رتبه على مسائل ابن الحاجب، وجعله شرحا له، رد فيه كل مسألة إلى أصلها، فجاء في غاية الاستيعاب والإتقان، وله: "اختصار أبحاث ابن عرفة" وسواها، (ت 866 هـ (¬98)). ¬

_ (¬96) انظر "الجذوة" ص: 902، و "السلوة" 2/ 102، و "الاستقصا" 4/ 164. (¬97) انظر "نيل الابتهاج" ص: 133، و "الجذوة"، ص: 202، و "الروض الهتون" ص: 73، و "الاستقصا" 4/ 124، و "الفكر السامي" 4/ 100، وابن عاشور مجلة المغرب عدد دجنبر سنة 1965. (¬98) انظر تعريف الخلق 1/ 105، ولقط الفرائد ص 259، ونيل الابتهاج ص: 314، وشجرة النور ص: 263.

- وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن عيسى المغيلي التلمساني (الشهير بالجلاب) له: فتاوي نقل كثيرا منها في "المعيار و "الدرر المكنونة" (ت 875 هـ (¬99)). - وأبو زكرياء يحيى بن موسى المازوني، توفى بتلسمان سنة (883 هـ (¬100)) له كتاب "الدرر المكنونة، في نوازل مازونة"، نال شهرة فائقة. - وأبو عبد الله محمد بن يوسف السنوسي التلمساني، عالم تلمسان وإمامها، له مؤلفات عدة في العقيدة الإسلامية أشرت إليها آنفا. ومن مؤلفاته في الفقه المالكي: "تعليق على "مختصر ابن الحاجب الفقهي"، ومنظومة في الفرائض، و "المقرب المستوفى" شرح على الحوفية (ت 895 هـ (¬101)). - وأبو العباس أحمد بن محمد بن زكري المانوي التلمساني، الإمام الحافط المتقن. له تآليف في مسائل القضاء، والفتيا، وفتاوى كثيرة، نقل جلها في "المعيار" (ت- 899 هـ (¬102)). ¬

_ (¬99) انظر نيل الابتهاج ص: 321، ومعجم أعلام الجزائر ص: 144. (¬100) نيل الابتهاج ص: 359، وتعريف الخلق 1/ 186، وتاريخ الجزائر العام ج 2 ص: 286. (¬101) انظر في ترجمته: البستان ص: 237، وتعريف الخلق 1/ 176 ونيل الابتهاج ص: 325. (¬102) انظر نيل الابتهاج ص: 84، والبستان ص: 38، ومعجم المؤلفين 2/ 103، وشجرة النور ص: 364، وتعريف الخلق 1/ 38، وكشف الظنون ص: 1157، والفكر 4/ 98.

مميزات العصر الوطاسي

أما منزلة مترجمنا (أبي العباس الونشريسي) - في أعلام عصره، فإنه لا يقل شأنا عن هؤلاء، وأولئك، وربما فاق الكثير منهم في الفقه، وكيف لا؟ - وقد حمل لواء المذهب المالكي- في عهده بدون منازع، وكفى دليلا- شهادة ابن غازي القائل فيه: "لو أن رجلا حلف بطلاق زوجته أن أبا العباس الونشريسي، أحاط بمذهب مالك: أصوله وفروعه، لكان بارا في يمينه (¬103) ". مميزات العصر الوطاسي: والعصر الوطاسي -رغم قصره- يمتاز بمميزات، منها: 1 - ازدهار علوم القراءات في هذا العصر، الذي يعتبر -بحق- عصرها الذهبي، سواء في ذلك الحواضر والبوادي، ومن القراء البارعين في هذا المضمار أبو عبد الله محمد بن أبي جمعة السماتى الهبطي (ت 930 هـ (¬104)) الذي وضع وقف القرآن، وانتشر بسرعة فائقة، ولا زال عمل الناس به إلى اليوم (¬105). 2 - حركة التأليف في: الجهاد والحض عليه، وأبرز من ألف في هذا الباب، العالم الصوفي المتفنن: أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم، المعروف بابن جبيش التازي ¬

_ (¬103) انظر "دوحة الناشر" ص: 37. (¬104) انظر في ترجمته: الجذوة ص: 204، والسلوة 2/ 67، والأستاذ سعيد أعراب مجلة دعوة الحق س 11 ع 4 ص: 91 وع 8 ص 104، وع- 9 - 10 ص: 126. (¬105) انظر نفس المصدر.

(ت 920 هـ (¬106)) ويحمل تأليفه هذا عنوان: "تنبيه الهمم العالية على الصدقة والانتصار للملة الزكية، وقمع الشرذمة الطاغية (¬107) ". قال في حقه صاحب -دوحة الناشر-: (إنه مما ينبغي أن يتناول باليدين، ويكتب -دون المداد- باللجين، أودعه نظما ونثرا (¬108)). 3 - أدب المقاومة، ومن الأدباء المشهورين في هذا الشأن، أبو عبد الله محمد بن يحيى البهلولي (ت 930 هـ (¬109)). 4 - التأليف في: البدع، ونقد المجتمع المغربي- على سائر المستويات، وممن برز في هذا الصدد وأفاد، أبو محمد الهبطي (ت 963 هـ)، وأشهر مؤلفاته: "الألفية السنية، في تنبيه العامة والخاصة، على ما غيروا في الملة الإسلامية"- مع إنظام ورسائل نثرية، كتبها إلى سائر القبائل، يحارب فيها البدع، ويندد بالمبتدعين (¬110)؛ وهي دراسة اجتماعية لها قيمتها التاريخية والعلمية. ¬

_ (¬106) انظر في ترجمته: دوحة الناشر ص: 91، والاستقصا ج 4 ص: 112 وأضواء على ابن يجبش التازي. (¬107) انظر مخطوط خ ع- بالرباط مجموع رقم ق 336. (¬108) دوحة الناشر ص: 91. (¬109) انظر في ترجمته: دوحة الناشر ص: 45، والاستقصا ج 4 - 113، والسلوة 3/ 230. (¬110) انظر في ترجمته: دوحة الناشر ص: 6، ومنظومة ولده محمد الصغير، "والمعرب الفصيح عن سيرة الشيخ النصيح" (مصورة خاصة)، ومقال الأستاذ سعيد أعراب بجريدة الميثاق س 1 ع 3، ص: 8.

5 - نقد الطرق الصوفية بنوع خاص، وألف في ذلك أبو العباس أحمد زروق كتابيه: "عدة المريد الصادق من أسباب المقت، في بيان الطريق القاصد، وذكر حوادث الوقت" و"النصح الأنفع، والجنة للمعتصم من البدع بالسنة (¬111) ". 6 - التأليف في العقيدة الإسلامية، علي مستوى الجماهير الشعبية .. وممن حاز قصب السبق في هذا المجال- أبو عبد الله محمد السنوسي وأبو محمد الهبطي، فلكل منهما. مؤلفات في هذا الشأن أشرت إلى بعضها سابقًا. 7 - دراسة فلسفية في أصول الخلاف في المذهب المالكي (¬112)، وفي طليعة من تصدى لهذا النوع من الدراسة من علماء هذا العصر- مترجمنا، وسيأتي مزيد بيان لهذا الموضوع في الفصل الخامس من هذه الدراسة، بحول الله. ¬

_ (¬111) انظر "نيل الابتهاج" ص: 85، ومخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم- ق- 710، آخر مجموع مع رقم (ق-1045) -أول مجموع. (¬112) انظر "الفكر السامي" 4/ 99.

[الفصل الثاني: حياته]

2: حياته اسمه ونسبه: أحمد بن يحيى بن عبد الواحد بن علي الونشريسي (¬1)، كذا ثبت بخط يد المؤلف في بعض كتبه (¬2)، وعليه أكثر الذين ترجموا له، (¬3) وشذ الكتاني في فهرس الفهارس (¬4) بزيادته محمدا ثانيا- بعد محمد (الجد الأول) هكذا: أحمد بن محمد (بن محمد) بن عبد الواحد ... ¬

_ (¬1) نسبة إلى (ونشريس) بفتح الواو وسكون النون، وفتح الشين، المعجمة، وكسر الراء، وسكون الياء بعدها سين مهملة، هكذا ضبطها ابن خلكان في الوفيات ج 2/ 146 - نشر محيي الدين عبد الحميد. ورسمتها بعض المصادر بزيادة ألف بعد الواو (وانشريس) وهي بلدة من أعمال بجاية بين باجة وقسنطينة. انظر وفيات الأعيان 4/ 146، والأنيس المطرب ج 1 ص: 158 - نشر الفلالي ونفاضة الجراب ص: 374 - تحقيق العبادي. ومقدمة المعيار ج 1 ص: 3 وقارن ذلك مع ما في أزهار الرياض ج 1 ص: 66 خ رقم (4) تحقيق الأبياري ومن معه. (¬2) صدر به كتابيه (المنهج الفائق) المطبوع على الحجر بفاس عام 1299 هـ و (نظم الدرر المنثورة) مخطوط الخزانة العامة بتطوان رقم 147 وهي بخط يد المؤلف، كما ذيل به كتابيه (المعيار) و (إيضاح المسالك). (¬3) انظر نيل الابتهاج ص 187، والبستان ص: 53، والسلوة ج 2 ص: 153. (¬4) انظر ج 433: 4.

بلده ومولده

بلده ومولده: ولد أبو العباس الونشريسي في بلده (¬5) (ونشريس): أصله الأول (¬6)، وموطن آبائه وأجداده، ويبدو أنه انتقل مع أسرته إلى (العاصمة) -تلمسان- وهو بعد حدث صغير لم يتجاوز الخامسة أو السادسة من عمره، ولعل الاضطرابات المتكررة التي عرفها جبل ونشريس، وعدم توفر الأمن والطمأنينة فيه، واستيلاء الحفصيين عليه مرات عديدة، وإرغام أهله على طاعتهم في كل مرة، مما دفع بأسرة أبي العباس إلى مغادرة بلدها (ونشريس) بعد أن سئمت الحياة المضطربة فيه، وحطت الرحال بـ (تلمسان) العاصمة الإدارية والعلمية آنذاك، واستقرارها بها نهائيا. ¬

_ (¬5) في أزها الرياض ج 3: 65 - : (الونشريسي الأصل والمولد، التلمساني المنشأ والقراءة، الفاسي الاستيطان) وتابعه على ذلك صاحب السلوة ج 2/ 153، واقتصر المقري في النفح ج 5/ 340 على قوله: (الونشريسي، ثم التلمساني، نزيل فارس) ولعله أخذ ذلك من عبارة أبي العباس نفسه، في كتابه "المنهج الفائق" ص: 2 الونشريسي الأصل، التلمساني المنشأ، الفاسي الاستطيان والقرار، وفي "نظم الدر" الونشريسي الأصل، الفاسي الاستطيان. وعليه فما ذكره الكتاني في فهرس الفهارس ج 2 ص: 438، والحجوي في الفكر السامي ج 4 ص: 99، وكحالة في معجم المؤلفين ج 2 ص: 205 - من أنه تلمساني الأصل- وهم، وأبعد في النجعة صاحب هدية العارفين ج 1 ص 138 فذكر أنه تلمساني الأصل والوفاة ولعل هذا ما أوقع الأستاذ حجي في خطأ، حيث ذكر في مقدمة كتاب (ألف سنة من الوفيات) ص: 4 أن أبا العباس الونشريسي ولد بتلمسان. (¬6) قال في "المعيار" ج 2 ص: 301 "سؤال ورد على تلمسان سنة 875 - من بلدنا (جبل ونشريس). وقال في "المنهج الفائق" ص 8 م 44 (سئل بلدينا أبو علي الحسن بن عطية الونشريسي.

تاريخ ولادته

تاريخ ولادته: لم أهتد إلى السنة التي ولد فيها بالضبط، رغم جهد مضن لكن بدون جدوى، لأن كتب التراجم ضربت عن تاريخ ولادته صفحا، وصمتت عليه صمتا مطبقا، عدا أحمد بابا، فإنه احتفظ لنا بنص عن الشيخ القصار يذكر فيه، أن أبا العباس الونشريسي توفي سنة 914 هـ وعمره نحو الثمانين (¬7) سنة، وذلك يدلنا على أنه ولد في حدود سنة (834 هـ- 1430 م (¬8)). أسرته: نكاد نجهل كل شيء عن حياة أبي العباس في أسرته، فلا نعرف عن والده، أو والدته، أو أي عنصر يتصل بأهله وعشيرته -أي شيء؛ ويبدو أنها لم تكن ذات صلة بجاه، أو علم أو نباهة، فكتب التراجم لا تصف والده، أو أحد أجداده أو أقاربه بعلم ولا رئاسة؛ عدا ما حلى به بعضهم والده -بعد انتقاله إلى جوار ربه- إذ يقول فيه: "إنه الشيخ الفقيه المنعم المبرور المقدس المرحوم أبو زكرياء (¬9) ". وهي أوصاف تجعله من متوسطي الناس، ولا ترقى به إلى مستوى أهل العلم والشهرة، وربما كان في هذه التحلية كثير من المجاملة. أما والدته فلسنا نعرف عن اسمها أو نسبها شيئًا، ¬

_ (¬7) انظر نيل الابتهاج ص: 88. (¬8) وهو الذي ذكره صاحب معجم المطبوعات ص: 1923 ومعجم المؤلفين ومعجم أعلام الجزائر ص: 49، وحجي في مقدمة كتابه (ألف سنة من الوفيات) ص: 4. (¬9) انظر المعيار ج- 4 - ص: 263.

وكل ما هناك أن أبا العباس -صاحبنا- يشير في كتابه (الوفيات (¬10)) -إلى أن واضع بن فركون- القاضب العدل -من أقاربه- ولعله يعني أنه من أسرة والدته (أخواله)، فتكون والدته من العائلة الفركونية المغراوية الشهيرة بالعلم والفضل. هذا بالنسبة لأسرته الكبيرة، أما عن أسرته الصغيرة، فيبدو أن انكبابه على تحصيل العلم بشغف كبير، وانغماسه في لذاته، أنسته ملذات الحياة، بحيث لم يحاول إنشاء أسرته إلا بعد أن مضى نحو نصف عمره، إذ لم يتزوج إلا قبل رحلته إلى المغرب ببضع سنوات، ولكن من هاته التي تزوجها؟ ما إسمها؟ وما نسبها؟ وما عدد الأولاد الذين أنجبتهم له؟ تلك أسئلة لا نستطيع الجواب عنها، وكل ما نعرف أن أبا العباس أنجب ولده أبا محمد أو أبا مالك: عبد الواحد -بعد انتقاله إلى فاس- في حدود سنة (880 هـ (¬11))، ولا نعرف له ولدا آخر سواه، ولعله الولد الوحيد للمترجم، وربما سماه عن جده عبد الواحد الونشريسي- على عادة الناس في الحفاظ على أسماء آبائم وأجدادهم. ولم يكن أبو محمد -في حياة أبيه- ذا جد في الطلب، بل كان يؤثر الراحة، فزوجه والده سنة (عشر أو إحدى عشرة ¬

_ (¬10) انظر "ألف سنة من الوفيات ص: 145. (¬11) كذا في نيل الابتهاج- ص: 188، واضطرب قول المنجور في فهرسته، فذكر أولًا في ص: 50 أنه ولد بفاس- بعد انتقال والده إليها سنة (874 هـ) وعاد مرة أخرى فقال في ص: 54 - : "ولا أعلم عام ولادته، غير أن الغالب على ظني أنه في سن (70) أو ما يقرب منها" -أي سنة (870 هـ). ولعل ما في نيل الابتهاج أدق، لقد ذكر أنه توفي سنة (955 هـ) عن سبعين سنة.

وتسعمائة هجرية) أي قبل وفاته بأربع سنوات، ولما زفت إليه عروسه، أطلق القاضي (آنئذ) - أبو عبد الله المكناسي يده على الشهادة، وقال لأبيه: إنها هدية مني لهذا العروس، وكانت الشهادة -عنده- بالمكان الرفيع، لا يوليها إلا من ومن. . وكان يقول: "من طلبها لي، فكأنما خطب منى إبنتي"! ! . (¬12). وكان أبو محمد هذا عالما أديبا، وفقيها متضلعا، وخطيبا مصقعا، ومنشئا بارعا، فاق أهل زمانه في عقد الشروط والوثائق، وفي المكاتبات السلطانية، لا يكاد يجاريه فيها أحد؛ وخلف والده على كرسي المدونة بالمصباحية، وتولى لضاء فاس ثمان عشرة سنة، وكان من خاصة المقربين للسلطان أبي العباس الوطاسي، لا يبرم أمرا إلا برأيه ومشورته (¬13). وعندما حاصر محمد الشيخ السعدي مدينة فاس، وبذل كل ما في وسعه لدخولها دون جدوى، قيل له: لا سبيل لك إليها، إلا إذا بايعك ابن الونشريسي- يعنون أبا محمد، فبعث إليه سرا ووعده ومناه، إلا أن أبا محمد الذي تأثر بمواقف أبيه الصلبة "ومن يشابه أباه فما ظلم" أجابه بان بيعة هذا السلطان -يعني أبا العباس الوطاسي- في رقبتي، ولا يحل لي خلعها إلا بموجب شرعي- وهو غير موجود ... ولما بلغ محمد الشيخ ذلك، أبى إلا أن يستعمل الدسائس والقوة في تلبية رعبته، فأوعز إلى جماعة من المتلصصين بأن يأتوا به إليه مكبلا، ¬

_ (¬12) انظر فهرس المنجور ص: 52 - 53. (¬13) الاستقصا: ج- 4 - ص: 158 - 159.

ومن الصدف أن وجدوا الشيخ عبد الواحد يقرئ صحيح البخاري بجامع القرويين فلم يهب، القاسية قلوبهم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تأثروا بها، ولو لم يخشوا على أنفسهم لاقتحموا عليه مجلسه لا محالة، فاضطروا إلى انتظار فراغه منه بفارغ الصبر وعندما خرج باغتوه عند باب المسجد، فاعتصم بإحدى عاضدتيه، فقطعوا يده، وأجهزوا عليه، فتوفي -شهيدا- سنة (¬14) (955 هـ) - رحمة الله عليه. وسنذكره في جملة تلاميذ أبيه. أوليته ودراسته: لقد بذلت جهدا جهيدا علني أعثر على وثيقة واحدة، أو مصدر واحد، يصرح أو يلمح -على الأقل- إلى نشأة أبي العباس وتربيته بين أحضان والديه، أو يعطينا صورة- ولو مقتضبة عن مراحل طفولته، وشبابه، أو صلاته بإخوته، أو اتصالاته بإخوانه وذويه عموما ... لكن لم أهتد إلى ذلك، وحتى المصادر التي حاولت أن تترجم له؛ لم تأت بما يشفي الغليل، ويبعث على الارتياح والاطمئنان، ولا أشارت إلى شيء مفيد في هذا الشأن، وكم كنا نود- لو أنه قدم لنا-بنفسه- ترجمة ذاتية على غرار ما يفعله المحدثون، لكنه فضل الإمساك عن الإشارة إلى نشأته، وأين؟ وكيف، والتزم الصمت عن كل ذكر لماضيه وأهله! ! مما يدفعنى إلى الظن بأنه- ربما- فقد كل شيء في عهد مبكر، فاجتنب ذكر ذلك، كي لا يزداد بذكره ¬

_ (¬14) الاستقصا 4 ج- 5 - ص: 22 - 23.

وتذكره ألما، أو أنه لم يجد في مراحل طفولته، أو شبابه، ما يحبب لنفسه الخوض فيه، أو الإشارة إليه. رغم أن العادة تقضي -غالبا- أن الإنسان يشتاق دائما إلى ما مضى من عمره، ويحن بلهفة إلى ذكريات طفولته وشبابه مع أهله وأخلائه، ويتمنى أن لو يعود ذلك الماضي، حتى ولو قضاه في ضيق وحاجة، وكرب وشدة. ألا ليت الشباب يعود يوما ... فأخبره بما فعل المشيب كما يحتمل أنه لم يتعرض -لماضيه- لا لهذا السبب، ولا لذاك، وإنما لعادة متبعة مألوفة عند المؤلفين القدماء، من تحاشيهم ذكر الأجداد والآباء، ولسان حالهم يردد قول الشاعر: ليس الفتى من يقول كان أبي ... وإنما الفتى من يقول ها أنذا وعلى أي فقد عاش أبو العباس طفولة غامضة، يحتمل أن تكون معذبة، ويحتمل أن تكون سارة منعه الحياء من الخوض فيها- استنكافا أو تواضعا، فاكتفى بالصمت الذي هو أبلغ من كل كلام في بعض الأحيان، وربما كان ذلك سببا في التجائه إلى الدرس والتحصيل، كي يجد فيه تعويضا عن بعض ما فاته من نعم الحياة، فكان له ما أراد. إلا أنه ترك كل من حاول استقصاء حياته -الأولى- حائرا وتائها في متاهات الاحتمالات، معتمدا على الفرضيات والتخمينات، عله يصل إلى الحقيقة أو بعضها، لكن بغير طائل.

وكل ما عرف عنه أنه ولد بونشريس، وغادرها صغيرًا إلى تلمسان وبها نشأ وتعلم، وتردد على الكتاب، فحفظ القرآن وجوده، وأتقن رسمه وضبطه، وربما ألم بشيء من القراءات التي اشتهرت في هذا العهد، إلى جانب قراءة ورش- التي من الشأن أن يبتدئ المتعلم بها في بلاد المغرب. ثم انكب على تحصيل التصانيف وحفظها انكباب الظمآن، حتى حاز قصب السبق بين الأقران. شيوخه: أخذ أبو العباس عن جل شيوخ تلمسان، ذكر بعضهم في فهرسته (¬15) التي أجاز بها تلميذه أبا عبد الله محمد بن عبد الجبار الورتدغيري، (¬16) وأثبت طائفة منهم في كتابه (الوفيات). وأرى من الأنسب والمفيد أن أورد بعضهم -هنا- وأذكرهم حسب ترتيب وفياتهم، مع بطاقة تعريف بهم. 1 - أبو الفضل قاسم بن سعيد العقباني، الحافظ الحجة، بلغ درجة الاجتهاد، وله اختيارات خالف فيها المذهب، ونازعه في كثير منها ابن مرزوق (الحفيد) رحل إلى المشرق سنة (830 هـ) وحضر إملاء ابن حجر، ثم استجازه فأجازه. ¬

_ (¬15) انظر فهرس المنجور ص: 12. (¬16) وذكر صاحب فهرس الفهارس ج- 2 ص: 438 - أنه ألفها باسمه.

ولي قضاء تلمسان مدة، ثم تفرغ للتدريس والإفتاء إلى أن توفي عن سن عالية، سنة (854 هـ-1450 م) (¬17) -وربما كان أول شيخ جلس إليه أبو العباس- وهو بعد في طور الحداثة، وقد تأثر به، ونقل في كتابه (المعيار) كثيرا من أرائه، وفتاواه؛ قال فيه أبو العباس: (شيخنا وشيخ شيوخنا، الإمام المفتي ... ) (¬18). 2 - أبو عبد الله محمد بن علي بن قاسم الأنصاري، شهر بالمري، قال فيه أبو العباس: شيخنا ومفيدنا المقدم (ت 864 - 1459) (¬19). 3 - أبو عبد الله محمد بن العباس بن محمد بن عيسى العبادي، شهر بـ (ابن العباس)، من أكابر علماء تلمسان، وأحد أئمتها الأعلام؛ قال فيه أبو العباس: "شيخ المفسرين والنحاة، العالم على الإطلاق، شيخ شيوخنا" (¬20) (ت 871 - 1466). (¬21). ¬

_ (¬17) انظر ترجمته في: (الوفيات للونشريسي) ص: 144، والضوء اللامع ج- 6 ص: 223، والبستان ص: 147. (¬18) انظر الوفيات (ألف سنة من الوفيات) ص: 144. (¬19) انظر وفيات الونشريسي ص: 145. وأورد له ترجمة مختصرة صاحب لقط الفرائد ص: 258"ألف سنة من الوفيات" وفد أغفله ابن مريم في البستان، وصاحب معجم أعلام الجزائر. (¬20) كذا أوردت هذه العبارة في وفيات الونشريسي ص: 145، ونقلها كذلك بالحرف في نيل الابتهاج ص: 118 ولم يذكر مشيخته له، وصرح بذلك في المعيار ج 2 ص: 3 وص: 301، وهو الذي ذكره غير واحد ممن ترجموا له. (¬21) انظر ترجمته في: الوفيات للونشريسي ص: 145، ولقط الفرائد ص: 262 والضوء اللامع ج 7 ص: 278، والبستان ص: 223، وكشف الظنون ص: 1536، وهدية العارفين ج 2 ص: 205 وشجرة النور ص: 264.

4 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن قاسم بن سعيد العقباني (حفيد أبي الفضل) الفقيه العالم الرحالة، قاضي الجماعة بتلمسان، قال فيه أبو العباس: "شيخنا الحاج الإمام القاضي العلامة (¬22) " (ت 871 - 1466). (¬23) 5 - أبو عبد الله محمد بن قاسم القوري شيخ الإسلام بفاس، وقاضي الجماعة بها، كان أبو العباس شديد الاتصال به كتابة، يستشيره في القضايا التي تعرض له، وقد أفاد منه كثيرا؛ قال في حقه: "الشيخ الحافظ شيخنا- مكاتبة" (¬24) (ت 872 - 1467) (¬25). 6 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عيسى العقيلي شهر بالجلاب، (¬26) قال فيه أبو العباس: "شيخنا المحصل الحافظ (¬27) " (ت 875 - 1470) (¬28). 7 - أبو سالم إبراهيم بن الشيخ الإمام قاسم بن سعيد العقباني، قال فيه أبو العباس: "شيخنا الإمام، القاضي ¬

_ (¬22) انظر وفيات الونشريسي ص: 148. (¬23) وانظر في ترجمته: نيل الابتهاج ص، 318، والبستان ص: 224، ولقط الفرائد ص: 262. (¬24) انظر كتابه (الوفيات) ص: 149. (¬25) انظر ترجمته في نيل الابتهاج ص، 318 - 319، وجذوة الاقتباس ج 2 ص 202، ولقط الفرائد ص، 263، وشجرة النور ص: 261، والفكر السامي ج 4 ص: 94. (¬26) كذا ذكرته كتب التراجم، وفي وفيات الونشريسي، نشر حجي ص: 179 (أبي الجلاب) ولعله تحريف. (¬27) انظر الوفيات ص: 149. (¬28) انظر نيل الابتهاج ص: 321، والبستان ص، 236، وشجرة النور ص، 264.

الفاضل" (¬29) وقد نقل كثيرا من فتاويه في كتابه (المعيار). (ت 880 - 1475) (¬30). 8 - أبو عبد الله محمد بن محمد بن حرزوزة من آل عبد القيس، قال فيه أبو العباس: "شيخنا (¬31) الفقيه الأصولي، الصالح الخطيب الأكمل" (ت 883 - 1478) (¬32). 9 - أبو العباس أحمد بن زكري المانوي، علامة تلمسان ومفتيها، قال فيه أبو العباس: "الفقيه المحصل، العالم المشارك، المؤلف النظام" (¬33) (ت 899 - 1493) (¬34). 10 - أبو عبد الله محمد بن محمد بن مرزوق الكفيف، العالم المسند الرواية، أخذ عنه أبو العباس الونشريسي مرويات سلفه: الجد، والوالد، والحفيد، وقال في حقه: "شيخنا الفقيه الحافظ الخطيب المصقع (¬35) " (ت 901 - 1496) (¬36). ¬

_ (¬29) انظر (الوفيات) ص: 150. (¬30) انظر في ترجمته: نيل الابتهاج ص: 57، البستان ص: 57، تعريف الخلف ج. 2 ص: ولقط الفرائد ص: 150، وشجرة النور ص: 265. (¬31) كذا عند الونشريسي في وفياته، ولم تذكره كتب التراجم في جملة شيوخه. (¬32) انظر الوفيات ص: 151، ولقط الفرائد ص: 267. (¬33) انظر الوفيات ص: 153. (¬34) انظر في ترجمته: نيل الابتهاج ص: 34، ولقط الفرائد ص: 274، والبستان ص: 38 وكشف الظنون 1157، وتعريف الخلف ج 1 ص: 38، وشجرة النور ص: 267، والفكر السامي ج 4 ص: 98، والاعلام للزركلي ج 1 ص: 220، ومعجم المؤلفين 2/ 103، ومعجم أعلام الجزائر ص: 40. (¬35) انظر الوفيات ص: 154. (¬36) انظر في ترجمته: نيل الابتهاج ص: 330، ولقط الفرائد ص: 275، والبستان ص: 250، والضوء اللامع ج 9 ص: 46، النفع ج 5 ص: 419، وشجرة النور ص: 268.

11 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله اليفرني المكناسيي، قاضي الجماعة بفاس مكث قاضيا بها أزيد من ثلاثين سنة - لعدله وسياسته وكفاءته، وقد أعجب به أبو العباس الونشريسي أيما إعجاب، لذا -نراه بعد قدومه على فاس- يحضر مجالسه، وقد نقل في كتابه (المعيار) بعض فتاويه وأحكامه، (ت 917 - 1511) (¬37). 12 - الغرابلي- ذكرته كتب التراجم في جملة شيوخه، (¬38) ولم أقف على ترجمته. 13 - وذكر ابن القاضي في جذوة الاقتباس (¬39) من بين شيوخ أبي العباس -أبا موسى عيسى بن محمد بن محمد بن الإمام- ولعله وهم، فأبو موسى ابن الإمام المشهور توفي قبل مولد أبي العباس بنحو (58) سنة، (¬40) ويحتمل أن يكون أحد حفدته. وهناك جملة من شيوخ أبي العباس أخذ عنهم بالإجازة (¬41). ¬

_ (¬37) انظر في ترجمته: درة الحجال ج 2 ص: 146، ولقط الفرائد ص: 282، وشجرة النور ص 275، والفكر السامي 4/ 99، ونيل الابتهاج ص: 333 وسماه (محمد بن أحمد بن عبد الله) وقال إن وفاته سنة (918 هـ). (¬38) انظر نيل الابتهاج ص: 88، والبستان ص: 53، وجذوة الاقتباس 2 ج 1 ص: 79، والسلوة جـ 2 ص: 154، وشجرة النور ص: 275. (¬39) ج 1 ص: 79. (¬40) انظر ترجمة ابن الإمام في تعريف الخلف ج 1 ص: 201 - 213، وشجرة النور ص: 220. (¬41) وهو ممن استجاز لهم الشيخ زروق من بلاد المشرق- انظر كنون ذكريات مشاهير رجال المغرب - الحلقة 23 ص: 9.

تلاميذه

تلاميذه: كرس أبو العباس حياته للعلم والتعلم منذ الصغر, وحرص حرصا شديدا علي تحصيل كل ما يقرأ أو يسمع -من شيوخه- حفظا أو تدوينا، إلى أن أتقن وأحكم كثيرا من العلوم الإسلامية، وخاصة الفقه منها، باستيعابه إياه أصولا وفروعا، حتى أضحى فيه إماما مشهورا، مما أهله إِلى أن يتبوأ كرسي تدريس المدونة في أقدم عاصمة علمية -بالمغرب- (فاس) في أزهى وأخصب فتراتها بجهابذة العلماء والفقهاء، كالشيخ القوري وزروق، والحباك، وابن غازي، وغيرهم ممن كانوا لا يشق لهم غبار، ومع ذلك لم يجد بعضهم بدا من الاعتراف بإمامة أبي العباس، في الفقه والنحو وكفي دليلا علي ذلك ما نقله -لنا- بعض من ترجموا له في الفقرات التالية: "إِنه لما قدم علي فاس إنكب علي تدريس المدونة، ومختصر ابن الحاجب الفرعي، وكان مشاركا في فنون العلم، إِلا أنه لما لازم تدريس الفقه، ظن من لا يعرفه، أنه لا يحسن غيره، وكان فصيح اللسان والقلم، حتى كان يقول من يحضره، لو رآه سيبوبه لأخذ النحو من فيه" (¬41). وعلى ما يبدو فإن صاحبنا كان ذا طريقة مغرية في التبليغ والإفادة، وموهبة فائقة في جلب سامعيه إِلي دروسه، مع فصاحة اللسان وقوة الذاكرة، ومن الطبيعي أن من كان هذا شأنه ونهجه -أيام كانت حرية اختيار الأستاذ والمادة موكولة ¬

_ (¬41) انظر "جذوة الاقتباس" ج 1 ص: 79، و "السلوة" ج 2 ص: 154.

إِلى ميل الطالب- أن يتهافت الطلاب علي دروسه من كل جانب، ويقع الإقبال عليه، وتتوافد الوفود تلو الوفود، للاقتباس من معارفه الفياضة، فأخذ عنه جم عفير من الطلبة، سنقتصر علي ذكر من لازمه مدة طويلة، ومن أولئك: 1 - الفقيه المحدث أبو عبد الله محمد بن عبد الجبار الورتدغيري، لازم أبا العباس مدة ليست بالقصيرة، ثم التحق بتلمسان بعد أن أجازه بفهرسته، التي ضمنها أسماء شيوخه ومروياتهم، (¬42) ويذكر صاحب فهرس الفهارس أنه ألفها باسمه (¬43). 2 - الفقيه النوازلي، أبو عياد بن فليح اللمطي، قرأ عليه مختصر ابن الحاجب الفرعي ولازمه فيه حتى فهمه، وتفقه عليه، (¬44) (ت 936 هـ 1530 م).) (¬45) 3 - أبو زكرياء يحيي السوسي، لازمه إِلي أن صار فقيها متفننا. (¬46) 4 - الفقيه العابد الصالح، أبو محمد الحسن بن عثمان الجزولي، لازمه إِلى سنة 908 هـ حيث قرر الرحيل، فخرج الشيخ لتوديعه بنفسه (تـ 932 هـ (¬47) 1525 م). ¬

_ (¬42) انظر فهرسة المنجور ص: 12 - نشر حجي. (¬43) "فهرس الفهارس" ج 2 ص: 438. (¬44) انظر "فهرسة المنجور" ص: 50. (¬45) انظر "لقط الفرائد" ص: 293. (¬46) انظر "فهرسة المنجور" ص: 51. (¬47) انظر "الفهرسة" ص: 5 و "لقط الفرائد" ص: 291.

5 - الفقيه أبو محمد عبد السميع المصمودي، من جبل (درن) لازمه في دروس مختصر ابن الحاجب الفقهي، ثم عاد إِلى بلده، وسمع عليه كثيرون. (¬48) 6 - الفقيه الحسيب، سليل العلماء، قاضي فاس، أبو عبد الله محمد بن الفقيه القاضي ناظر القرويين، أبي عبد الله محمد الغرديسي التغلبي، تفقه علي أبي العباس ولازمه إلي أن عاجله الموت بسبب طاعون (¬49) جارف (ت 897 هـ-1491 م) (¬50). 7 - أبو الحسن علي بن هارون المظغري عالم فاس، وفقيهها، وإمامها، وحامل لواء المذهب بها - رواية (تـ 951 - 1544). (¬51) 8 - ولده الإمام الشهيد، أبو محمد عبد الواحد الونشريسي (تـ 955 - 1548) (¬52). 9 - أبو القاسم محمد بن عبد الرحمن الكراسي، قاضي تطوان (تـ 964 - 1556). (¬53) - ويشير الشيخ المنجور في فهرسته (¬54)، إِلي أن هناك تلاميذ مشارقة أخذوا عن أبي العباس الونشريسي، ولعله يعني ¬

_ (¬48) انظر "فهرسة المنجور" ص: 51. (¬49) ويعرف بطاعون سمورة- المرجع السابق. (¬50) انظر "الفهرسة" ص: 51. (¬51) انظر في ترجمته "الفهرسة" ص: 40 - 45، "وشجرة النور" ص: 278، و "الفكر السامي" 4/ 151. (¬52) انظر في ترجمة الفهرسة ص: 50 و 52، وشجرة النور ص 282، والفكر السامي ج 4/ 101. (¬53) انظر دوحة الناشر ص، 17، وتاريخ تطوان ج 1 ص: 144. (¬54) صفحة 51.

أنهم استجازوه فأجازهم، كلما وصلته هو إجازة بعض الشيوخ المشارقة بواسطة الشيخ زروق، كما أشرت إِلي ذلك آنفا. وفاته: أجمعت المصادر التي ترجمت لأبي العباس، علي أنه توفي (¬55) بفاس سنة (914 هـ): وصاحب المعيار زار قبره ... في عام (غيد) فعليه الرحمة (¬56) وبالضبط يوم الثلاثاء، عشري صفر سنة (¬57) (914 - 1508 م). إذا استثنينا ابن عسكر في الدوحة (¬58) الذي لم يستطع تحديد تاريخ وفاته- علي عادته في أكثر الوفيات التي ذكرها، واقتصر علي القول بأنه توفي في العشر الأولى -يعني من القرن العاشر الهجري. ¬

_ (¬55) رثاه أبو عبد الله محمد بن الحداد الوادي آشي الغرناطي نزيل تلمسان بقصائد مؤثرة, انظرها في أزهار الرياض ج 3 ص: 306 - 307. (¬56) انظر حاشية أبي الشتاء الصنهاجي علي الزقاقية ج 2 ص: 207. (¬57) أورد هذا التاريخ بالتحديد (اليوم والشهر والسنة) صاحب أزهار الرياض ج 3 ص: 307. (¬58) انظر ص: 37.

شخصيته وثقافته

ودفن بباب الفتوح (¬59) - قرب ضريح الولي الصالح محمد بن عباد. (¬60) شخصيته وثقافته إذا كان المراد بالشخصية عند علماء النفس: "هو جميع الصفات الجسمانية والوجدانية والعقلية والخلقية في حالة تفاعلها بعضها مع بعض، وتكاملها في شخص معين يعيش في بيئة اجتماعية معينة (¬61) "، فتطبيق هذا للتعرف والتعريف بشخصية أبي العباس الونشريسي، يكاد يكون من ضرب المستحيلات، لكون حل المصادر الموجودة بين أيدينا لم تشر إلي تلك الجوانب، ولا لمراحل حياته -في بيئته الأولى وحتي التي حاولت ذلك فأنها شحيحة لغاية، بحيث لا تكفي لتقديم صورة- ولو شبه متكاملة، ومع ذلك سأحاول- في هذه العجالة القصيرة- أن أستشف بعض الملامح الجسمانية والخلقية ¬

_ (¬59) أشار إلي ذلك الشيخ المدرع في منظومته حين يقول- وهو يذكر المقبورين داخل باب الفتوح: والعالم العلامة المدقق ... الواصل المقرب المحقق أحمد الونشريسي الحبر الكبير ... حصن الشريعة المعظم الخطير انظر "السلوة" ج 2 ص: 154. (¬60) وفي مقدمة "المعيار" ج 1 ص - 5 - أن بعض فضلاء فاس زكر أن قبره بكدية البراطيل قرب ضريح سيدي محمد بن عباد علي حافة الطريق المار إلي باب الفتوح من جهة باب الحمراء، وقد تجدد موقع قبره بعد الاستقلال حيث كتب عليه في لوحة نصبت علي مقدمته. (¬61) الدكتور يوسف مراد، "مباديء علم النفس العام" دار المعارف، الطبعة الأولى - سنة 1948 ص: 337.

أ- صفاته الجسمية والخلقية

وتحليلها علي ضوء الفقرات القليلة الواردة في بعض المصادر ثم اتبع ذلك بصورة موجزة عن عناصر ثقافته، ومقوماته العلمية. أ- صفاته الجسمية والخلقية: عبثا حاولت العثور علي وثيقة، أو مصدر يصف -لنا- أبا العباس وصفا جسمانيا كي نعرف -علي الأقل- أكان طويل الجسم، أم قصيره، أبدينه أم نحيفه؟ أوسيم الوجه أم غير ذلك؟ - لكن بدون جدوى، وكل ما ذكرته بعض المصادر في هذا الشأن- أنه كان أصلع، (¬62)، ولست أدري ما المغزي من ايراد هذا الوصف فقط؟ دون التعرض لوصف آخر؛ وربما ليوحي لنا بالحكم علي طبيعة -صاحبنا- من خلال هذا الوصف القصير الذي يدل -كما يقول البعض- علي طهارة الضمير، ونقاء السريرة، والتحلي بمكارم الأخلاق ... (¬63) وعلي أي فإذا كنا لا نملك أخبارا مفصلة عن صفاته الجسمية، فباستطاعتنا أن نستخلص من سلوكه وآثاره بعض صفاته الخلقية، التي يتجلي أهمها -في نظري- فيما يلي: - علو الهمة، فقد كان طموحا إلي المعالي، ويتمثل ذلك في إقباله علي الدرس والتحصيل، والتبحر في مختلف أبواب المعرفة، فأكثر الشيوخ الذين أخذ عنهم، وجثا بين أيديهم، يمثلون الطبقة العالية في العلم، وسمو الأخلاق، كأبي الفضل ¬

_ (¬62) انظر الدوحة ص: 37. (¬63) انظر تاج العروس (صلع).

العقباني، وأبي عبد الله القوري، وابن زكري المانوي، وابن مرزوق العجيسي- الكفيف ... وهو في أبحاثه ودراسته، لا يرضي بالرجوع إلي المصادر الثانوية، والمختصرات الصغيرة، وإنما يعتمد علي الأمهات (¬64) (الينابيع الصافية). ومن أخلاقه -التي تتمثل في سلوكه- الشجاعة الأدبية، فقد كان صليبا في الحق، لا يخشي في الله لومة لائم، (¬65) وقد طردته السلطة الجزائرية، لا لشيء إِلا لكونه لم يرض عن الوضع المتردي الذي كانت عليه البلاد، "فانتهبت داره، وضاعت أسبابه وكتبه، (¬66) فلحق بالمغرب (¬67) (وطنه الثاني). وهنا يتبادر إلي الذهن بعض تساؤلات، لماذا اختار المغرب الأقصي - لهجرته دون سائر الأقطار الإسلامية؟ ولماذا فضل فاسا عن المدن المغربية الأخرى؟ أما يخشي أن يجد مضايقة في المدينة التي كانت تعج بالعلماء؟ أما كان من الأحسن له أن يتجه إلى غيرها- علما بأن المغرب عموما، وفاسا خصوصا، كانت آنئذ في حالة متدهورة للغاية؟ ! . فالإجابة عن هذه الآسئلة تحتمل عدة احتمالات منها: - أن شدة حبه لوطنه وتعلقه به، طغي علي كل شيء، فأرغمه علي التنقل إلي -أقرب المسافة- المغرب الأقصي، ¬

_ (¬64) انظر أزهار الرياض ج 3 - ص: 33 - 36. (¬65) انظر دوحة الناشر ص: 38. (¬66) انظر مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم (76) - اللوحة (1 - ب). (¬67) ذكر في جذوة الاقتباس ج 1 ص: 79 أنه نزل علي الأستاذ الصغير، العالم المقريء، فبالغ في بره وإكرامه.

الذي كان بالأمس القريب وطنا لكثير من أهل تلمسان، كما يحتمل أن قلة الزاد، وعدم ميله للمغامرة، كان لهما دورهما في اختيار المغرب، وكونه فضل فاسا علي عيرها، يحتمل لوجود بعض أهل ونشريس بها، ومعرفته السابقة لكثير من علمائها، وتبادله معهم المكاتبات، وبعض المراسلات والاستفتاءات، فحفزه ذلك إلي اختيار فاس ليأنس بهم، وينسوه عربته، وطبعا لم يخش آية مضايقة لأنه كان مؤمنا بمقدرته العلمية، ومهارته الفائقة في المذهب المالكي أصوله وفروعه، ولم يكن من ذلك النوع الذي يتسابق علي الشهرة، وجمع حطام الدنيا عن طريق الإفتاء حتى يقصد مدينة أخرى. ومهما يكن فإنه كان يعرف -مسبقا- أن الحالة في فاس مضطربة، وأن الحياة فيها ليست هادئة، والدليل علي ذلك ما أنشده أثناء سيره إليها من تلمسان: لبلدة فاس حرك السير واسرعا (¬68) ... وأرض تلمسان أرفضن أيما رفض علي أنه لا يرتضي الكل منهما ... ولكن (بعضن الشر أهون من بعض) (¬69) ومنها: ورعه وتدينه المتين، (¬70) وميله إلي الحياة البسيطة، والزهد في ملذات الدنيا، فقد عاش في دويرة صغيرة ¬

_ (¬68) حذف همزة القطع لضرورة الوزن. (¬69) كذا وجد هذان البيتان - في كناشة خاصة- منسوبين للإمام أبي العباس الونشريسي، وهما أقرب إلي روحه، وعليهما طابع فقيه. (¬70) انظر شجرة النور ص: 274.

ب- ثقافته ومكانته العلمية

للأحباس، (¬71) يلبس الخشن، (¬72) ويرضي بالدون من العيش. (¬73) ويعزف عن البذخ والإسراف، ويمقت الظهور بمظهر البؤس والاستعطاف. ومنها: تواضعه وأدبه الجم، فقد كان يجلس- علي جلالة قدره- في حلقات الدرس لبعض العلماء بفاس، (¬74) وكان يخرج لقضاء بعض حوائجه علي أتان له، يحمل عليها أمتعته وكتبه، (¬75) ولا سيما عندما يخرج إلي ضيعته الصغيرة ولا يري في ذلك غضاضة. وكما يبدو أن أبا العباس نشأ في بيئة تتسم بطابع البد والوقار إلي حد التزمت، فقد عاش ميالا إلي العزلة، بعيدا عن مباهج الحياة، ولذا لم يكن له كبير اتصال بذوي السلطان والجاه، (¬76) إلا لضرورة ملحة، في حين كانت تربطه صلات وثيقة بالعلماء ذوي الخشية. (¬77) ب- ثقافته ومكانته العلمية: ليس بغريب علي من اتخذ العلم مهنته الوحيدة -منذ نعومة أظفاره ومواصلة البحث والتدوين هويته- أن تكون ¬

_ (¬71) انظر فهرسة المنجور ص: 59. (¬72) انظر الدوحة ص: 38. (¬73) انظر فهرسة المنجور ص: 53. (¬74) انظر جذوة الاقتباس ج 1 ص: 79. (¬75) الدوحة ص: 38. (¬76) الدوحة ص: 38. (¬77) أمثال الشيخ زروق، والإمام أبي عبد الله السنوسي، والعلامة ابن غازي، وله معهم مكاتبات كثيرة.

ثقافته واسعة، ومكانته العلمية فائقة، وخاصة في الميادين الفقهية، وأن يأتي إنتاجه الفكري خصبا وافرا، ويعجب به، ويعترف له كثير من العلماء، منهم ابن غازي الذي زكى فقهه تزكية غريبة، لو صدرت من غيره، لقلنا فيه نوع من المبالغة، لكن ابن غازي لا يطلق الكلام جزافا، وإنما يعني كل ما يقول: "لو أن رجلا حلف بطلاق زوجته علي أن أبا العباس الونشريسي أحاط بمذهب مالك: أصوله وفروعه، لبر في يمينه، ولا تطلق عليه زوجته، لتبحره وكثرة اطلاعه، وحفظه وإتقانه، وكل من يطالع أجوبته وتواليفه، يقضي بذلك) (¬78). ومن هنا سماه المقري بعالم المغرب، (¬79) وربما سماه حافظ الحفاظ (¬80). وكفاه شرفا، وتنويها بعلمه، وتخليدا لذكره -أن سمي كرسي المدونة (¬81) بفاس- باسمه، وبقي كذلك إِلي أن أدخل علي القرويين نظامه الجديد. وكتب إِليه ابن غازي رسالة مطولة، يجيبه فيها عن مسائل علمية، تتصل بالتاريخ والسير، وكلها تنويه وتقدير -لأبي العباس- سماها: "الإشارات الحسان إلي حبر فاس وتلمسان" (¬82). وأعتقد أن لا حاجة تدعو إلي نقل جميع الآراء التي قيلت في شأنه، وفي تقويم شخصيته وثقافته -وهي كثيرة- ¬

_ (¬78) الدوحة ص: 37. (¬79) انظر النفح ج 5 ص: 340. (¬80) انظر أزهار الرياض ج 4 اللوحة 121. (¬81) انظر فهرسة المنجور ص: 50 و 53. (¬82) انظر أزهار الرياض ج 3 ص: 66 - 87.

ما دام الكل متفقا على الإطراء والثناء عليه، لذا سأقتصر على نقل رأيين اثنين فيه -علاوة على رأي ابن غازي السالف الذكر-: أحدهما لابن عسكر المصباحي -وهو يمثل رأي معاصريه فيه- إذ يقول: "الشيخ الإمام المصنف الأبرع، الفقيه الأكمل الأرفع، البحر الزاخر، والكوكب الباهر, حجة المغاربة علي أهل الأقاليم، وفخرهم الذي لا يجحده جاهل ولا عالم ... كان رحمه الله- من العلماء الراسخين، والأئمة المحققين، ألف (المعيار المعرب) فبز فيه الأوائل والأواخر، ولقد رأيته مر يوما بالشيخ ابن غازي بجامع القرويين فقال ابن غازي لمن كان حوله: "لو أن رجلا حلف بطلاق زوجته أن أبا العباس الونشريسي أحاط بمذهب مالك أصوله، وفروعه (¬83) ... إلي آخر النص الآنف الذكر، أما الثاني فهو رأي أبي عبد الله محمد بن جعفر الكتاني -وهو من الطبقة المتأخرة- قال في السلوة: ( ... الفقيه الكبير، الحافظ المحصل الشهير, العلامة المشارك القدوة، المنصف الأسوة، حامل لواء المذهب المالكي، علي رأس المائة التاسعة، وإمام المغرب والمشرق (¬84) ... ). تلك بعض ملامع شخصية أبي العباس وثقافته، مستخلصة من شذرات واصفي حياته وسلوكه، وآراء غيره في مكانته ¬

_ (¬83) انظر الدوحة ص: 38. (¬84) ج 2، ص: 153.

العلمية. وإذا كانت تلك الملامح لم تعطنا صورة مكتملة لشخصيته، فقد ساعدتنا -على الأقل- في تبيان خطوطها العامة، ومعالمها الكبرى.

[الفصل الثالث: آثاره]

3 - آثاره: عاش أبو العباس نحو ثمانين عاما -وقد عكف خلال هذه الحقبة الطويلة علي الدرس وتحصيل العلوم المختلفة، وخالط شيوخ العلم وأئمة المعرفة- في المغربين- الأوسط والأقصي, كما أفاد من المكتبات التي اطلع عليها في كلا القطرين سواء منها العامة (¬1) والخاصة، (¬2) وأقبل علي تأليف الكتب العديدة، وأكثرها في الفقه المالكي، ويذكر لنا بعض معاصريه وصفا دقيقا عن الحياة الصوفية التي عاشها أبو العباس في محراب التأليف فيقول: "كانت كتبه كلها مورقة غير مسفرة وكانت له عرصة يمشي إليها في كل يوم -ويجعل- (يأخذ) حمارا يحمل عليه أوراق الكتب، في كل كتاب ورقتين أو ثلاثا، فإذا دخل العرصة جرد ثيابه، وبقي في قشابة صوف يحزم عليها بمضمة جلد، ويكشف رأسه، وكان أصلع، ويجعل تلك الأوراق على حدة في صفين، والدواة في حزامه، والقلم في يد، والكاغد في أخرى، وهو يمشي بين الصفين يكتب النقول من كل ورقة، ¬

_ (¬1) وقد اعتكف طويلا بخزانة القرويين التي كانت مورد الباحثين والدارسين عبر عصور التاريخ، انظر (أزهار الرياض) ج 3 ص: 36. (¬2) ومن أهم الخزائن التي أفاد منها كثيرا، خزانة تلميذه محمد بن الغرديس قاضي فاس، وهي من الخزائن التاريخية بالمغرب. انظر فهرسة المنجور ص: 51 - 52.

حتى إذا فرغ من جلبها -على المسألة- قيد ما عنده وما يظهر له من الرد والقبول (¬3) ". ويلاحظ أن الذين ترجموا له لم يذكروا كتبه كلها، فابن عسكر صاحب الدوحة، لم يذكر له إِلا كتابين (¬4) فقط، وإسماعيل باشا البغدادي -في إيضاح المكنون- (¬5) ذكر له ثلاثة كتب، وفي هدية العارفين (¬6) نفس العدد، إلا أنه زاد ونقص والتبس غليه الأمر فجعل أقضية المعيار في التاريخ، و (المعيار) - في الفقه - (¬7) وهما كتاب واحد. وابن القاضي في الجذوة ذكر له خمسة (¬8) كتب، ونقل ذلك مخلوق في (شجرة النور الزكية)، (¬9) وصاحب معجم المؤلفين (¬10) ولم يزيدوا علي ذلك شيئًا. أما أحمد بابا لقد أورد له في (نيل الابتهاج) (¬11) ستة، وعليها اقتصر ابن مريم في (البستان)، (¬12)، والحجوي في (الفكر السامي)، (¬13) والزركلي في (الأعلام) (¬14)، بيد أن هذا ¬

_ (¬3) انظر الدوحة ص: 33. (¬4) نفس المصدر. (¬5) ج 1 ص 157. (¬6) ج 1 ص: 138. (¬7) نفس المصدر. (¬8) ج 1 ص: 79. (¬9) ص: 275. (¬10) ج 2 ص: 205. (¬11) ص: 88. (¬12) ص: 53. (¬13) ج 4 ص: 99. (¬14) ج 1 ص: 256.

الأخير زاد ونقص، وقد وهم فجعل (القواعد) و (إيضاح المسالك) كتابين، (¬15)، وهما- في الواقع - اسمان لمسمي واحد. وأوصلها البوعزاوي في مقدمة (المعيار) (¬16) إلي ثلاثة عشر, إِلا أنه هو الآخر وقع في نفس الوهم، حيث جعل (القواعد) و (الإيضاح ... ) كتابين، (¬17) وعلي نفس العدد اقتصر صاحب (معجم أعلام الجزائر) (¬18) مع الزيادة والنقصان -وهو بدوره وقع في خطإ فجعل (المعيار) و (نوازل المعيار) - كتابين اثنين (¬19). وأول ما يلفت النظر أن أكر مؤلفاته تحمل عناوين طويلة ومسجوعة. وفيما يلي نستعرض هذه المؤلفات، ثم نفصل القول فيها- ما بين مخطوط ومطبوع: 1 - كتاب "الواعي لمسائل الإنكار والتداعي" أشار إِليه (¬20) في كتابه "إيضاح المسالك"، (¬21) وهو من أولي مؤلفاته علي ما يظهر. 2 - كتاب "الأسئلة والأجوبة" ضمنه أسئلة واستشكالات، كان بعث بها إلي أستاذه أبي عبد الله القَوْري ¬

_ (¬15) نفس المصدر. (¬16) ج 1 ص: 3. (¬17) نفس المصدر. (¬18) ص: 49. (¬19) نفس المصدر. (¬20) وذكره في مقدمة المعيار ج 1/ 3. (¬21) انظر ص: 270 من هذه الرسالة.

بفاس سنة (871 هـ) (¬22) فأجابه عنها، ثم جمعها أبو العباس في شكل كتاب، وقد أورد طائفة منها في كتابه (المعيار) , (¬23) وتوجد نسخة منها بالخزانة العامة بالرباط ضمن مجموع رقم: (د-2197)، وتقع في 18 ورقة. 3 - كتاب "الأجوبة" جمع فيها أجوبته، أو جمعت له على الأصح، وأضيفت إليها (54) مسألة كان وجهها إلي فاس أبو عبد الله القلعي، فأحابه عنها أبو العباس الونشريسي، وتعرف بالمسائل القلعية، أشار إليها ابن مريم في البستان، (¬24) وتوجد نسخة من كتاب الأجوبة في الخزانة العامة بالرباط رقم (ك- 684)، وأخري بخزانة تطوان رقم: 654. 4 - "مختصر أحكام البرزلي" وهو من أولي مؤلفات أبي العباس، ونسخه كثيرة بالمكتبات العامة والخاصة، وتوجد بالخزانة العامة بالرباط - منه نسختان رقم: (ق 6581) ورقم: (ك 634) وبالخزانة الملكية نسختان أخريان رقم: (9843) و (8462). 5 - "إيضاح المسالك إلي قواعد الإمام أبي عبد الله مالك". وهذا الكتاب هو الذي قمت بتحقيقه، واخترته موضوع رسالتي هاته. ¬

_ (¬22) انظر المعيار ج 4 ص، 283. (¬23) ج 4 ص: 283 وج 6 ص: 334. (¬24) ص: 27.

6 - "نظم الدرر المنثورة، وضم الأقوال الصحيحة المأثورة، في الرد علي من تعقب بعض فصول جوابنا علي نازلة صلح السيفي وأبي مدورة". رسالة في 25 صفحة، كتبها عام (882 هـ) وتوجد نسخة منها بخط يد المؤلف في الخزانة العامة بتطوان رقم (147) وأدرجها في (المعيار). (¬25) 7 - "تنبيه الطالب الدراك، علي توجيه الصلح بين ابن صعد والحباك". رسالة في 16 صفحة، كتبها عام (886 هـ) وقد أدرجها في (المعيار) (¬26). 8 - "عدة البروق، في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق". طبع علي الحجر بفاس، وتوجد نسخة منه بالخزانة الملكية رقم: 1563. 9 - "أسني المتاجر في بيان أحكام من غلب علي وطنه النصارى ولم يهاجر, وما يترتب عليه من العواقب والزواجر". رسالة في 14 صفحة أدرجها في (المعيار) (¬27)، وتوجد نسخة منها بالأسكريال رقم: 1758. 15 - "الولايات" في الخطط الشرعية، طبع بالمطبعة الجديدة بالرباط سنة (1356 - 1937 م). ¬

_ (¬25) ج 6 ص: 417. (¬26) ج 6 ص: 390. (¬27) ج 2 ص: 95.

11 - "الفهرسة" ضمنها شيوخه ومروياته، أجاز بها تلميذه أبا عبد الله محمد بن عبد الجبار الورتدغيري، وألفها باسمه في حدود (809) ذكرها المنجور في فهرسته (¬28)، ووقف عليها صاحب السلوة ونقل منها (¬29). 12 - "تنبيه الحاذق الندس، علي خطأ من سوى بين القرويين والأندلس"- رسالة كتبها عام (911 هـ) وأدرجها في المعيار (¬30). 13 - "إضاءة الحلك في الرد علي من أفتي بتضمين الراعي المشترك". رسالة صغيرة في 8 صفحات طبعت علي الحجر بفاس. 14 - "الوفيات" نشرته أخيرا دار المغرب للتأليف والترجمة والنشر ضمن كتاب "ألف سنة من الوفيات- لي ثلاثة كتب" لحجي. 15 - تأليف في التعريف بأبي عبد الله المقري- ذكره في النفح (¬31) ولم أقف عليه. 16 - تعليق علي مختصر ابن الحاجب الفقهي- في ثلاثة أسفار ذكره ابن القاضي في "الجذوة" (¬32) وأحمد بابا في ¬

_ (¬28) ص: 50. (¬29) ج 2 ص: 80. (¬30) ج 1 ص: 211. (¬31) ج 5 ص: 340. (¬32) ج 1 ص: 79.

(نيل الابتهاج) (¬33) وابن مريم في "البستان" وقال: إنه وقف علي بعض أسفاره (¬34). 17 - "القصد الواجب، في معرفة اصطلاح ابن الحاجب"- ذكره إسماعيل باشا البغدادي في "هدية العارفين" (¬35) ولم يشر أحد غيره إِليه (¬36). 15 - "الدرر القلائد، وغرر الدرر والفوائد" جمع فيه ما قيده أبو عبد الله المقري علي مختصر ابن الحاجب الفرعي، وزاد عليه ما يناسبه (¬37). 19 - كتاب "الفوائد المهمة" وهي في فنون، توجد نسخة منه مبتورة. الأول- بالخزانة العامة بالرباط- ضمن مجموع رقم: (2197 د) وفيه فوائد جليلة. 20 - "المعيار المعرب، والجامع المغرب، عن فتاوي علماء إفريقية والأندلس والمغرب"- في اثني عشر جزءًا، طبع علي الحجر سنتي (1314 - 1315 هـ). 21 - "المنهج الفائق، والمنهل الرائق، والمغني اللائق، بآداب الموثق، وأحكام الوثائق"- لم يكمل، طبع علي الحجر. 22 - "عنية المعاصر والتالي، في شرح وثائق الفشتالي"، طبع علي الحبر. ¬

_ (¬33) ص: 88. (¬34) ص: 53. (¬35) ج 1 ص، 138. (¬36) وربما كان هو نفس (تعليق علي مختصر ابن الحاجب) الذي ذكروه، فيكون صاحب "هدية العارفين" تبرع باسمه فقط. (¬37) انظر مقدمة المعيار للبوعزاوي ج 1 ص: 3.

[الكتاب الأول]

23 - كتاب "حل الربقة، عن أسير الصفقة" - لم يكمله، ذكره ميارة في تأليف له في الصفقة (¬38). 24 - حواشي (¬39) علي تأليف (الإِعلام للقريب والنائي، في بيان خطإِ عمر الجزنائي (¬40)) لبعض تلاميذه (¬41) الفاسيين، ذكره المقري في أزهار الرياض، وأورد جملا منه (¬42). تفصيل في أهم كتبه: بعد أن تعرضت لمؤلفاته علي وجه الإِجمال، أري من الأفيد الرجوع إلي أهمها، لألقي نظرة شبه تفصيلية عنها، حتى يتضح لنا علي الأقل غرض المؤلف من تأليفه، ومضمنه، ومنهجه، ومصادره، وقيمته، وتاريخ تأليفه ... ويأتي في طليعة كتبه المهمة: 1 - "المعيار المعرب، والجامع المغرب، عن فتاوي علماء إفريقية والأندلس والمغرب". ¬

_ (¬38) انظر مخطوط الخزانة العامة بتطوان رقم 619، ضمن مجموع صفحة 307. (¬39) وله تعاليق، وحواشي أخرى، منها ما كتبه علي رسالة ابن الخطيب "مثلي الطريقة، في ذم الوثيقة" انظر نفح الطيب ج 6 ص: 278. (¬40) انظر ترجمته في "نيل الابتهاج" صفحة 197. (¬41) لم يذكر اسمه في أزهار الرياض، وبحثت عنه قدر المستطاع فلم أقف علي ترجمته. (¬42) انظر "أزهار الرياض" ج 4 ص: 262 - 270.

غرض الكتاب

هذا العنوان الطويل، اختصرته أكثر كتب التراجم، وأثبته -كاملًا- صاحب "هدية العارفين (¬43) ". و"المعيار" أشهر كتب أبي العباس، وأكثرها ذيوعا وشهرة، وأضخمها مادة وحجما، طبع علي الحبر بفاس في "اثني عشر" جزءًا (¬44)، ونشر المستشرق الفرنسي الأستاذ أميل أمار (EMILE AMAR) شرحا عليه، بالفرنسية، طبع بباريز سنة (1958 م) (¬45). غرض الكتاب: عنوان الكتاب يلمح إلي غرضه، ولذا نجد المؤلف يقول في مقدمته: (جمعت فيه من أجوبة متأخريهم العصريين ومتقدميهم ما يعسر الوقوف علي أكثره في أماكنه، واستخراجه من مكامنه، لتبدده وتفريقه، وانبهام محله وطريقه ... ) (¬46). ¬

_ (¬43) ج 1 ص: 138. (¬44) وقد اختلفت كتب التراجم في عدد أسفاره، فصاحب الدوحة ص: 37 جعله في ستة أسفار بينما جعله أحمد بابا في (نيل الابتهاج) ص: 88 في سبعة أسفار والأجزاء الاثنا عشر تكون ستة مجلدات ولك أن تجعلها ستة أسفار أو وسبعة. (¬45) (1) EMILE AMAR, La pierre de Touche - des fetwas - Echos de Consult a tous juridiques du magu Tabuit ot unalyses Paris 908 - voir Archives Marocaines, Tome xll et xlll. (¬46) انظر ج- 1 ص: 2.

أبواب الكتاب

أبواب الكتاب: رتبه علي أبواب الفقه، يبتديء بنوازل الطهارة وينتهي بنوازل الأقضية، والشهادات، والدعاوي والأَيمان، ثم ذيل ذلك بجامع في مسائل متفرقة، في التفسير وعلوم الحديث، والتصوف. منهاجه: يورد المؤلف علي كل نازلة ما ورد فيها من أجوبة الفقهاء، ثم يعقب علي ذلك -في الغالب الأعم- بما يراه من القبول والرد، وهو في ردوده يعود بك إلي المصادر الأولى، ثم يتدرج إلي أن يصل إلي آراء الفقهاء المتأخرين، وما جري به عمل المفتين والحاكمين. مصادره: يعتمد -بالدرجة الأولى- علي كتب النوازل، مثل أجوبة ابن رشد، وابن الحاج، وابن لبابة، وابن زرب، وابن سهل، وابن سراج، والحفار وأبي إسحاق الشاطبي -في الأندلس: وأبي صالح، ومصباح اليالصوتي، وأبي الحسن الصغير والعبدوسي، والقباب والوغليسي، والقوري، والمكناسي، وابن عقاب، وابن مرزوق (الحفيد)، والمشذالي، وأبي الفضل العقباني، والمازوني، والشريف التلمساني- بالمغرب؛ وسحنون، والقابسي، وابن أبي زيد، والسيوري، والتونسي، والمازري، والبرزلي، وابن عرفة- في تونس. وغيرها من المصادر التي اعتمدها المؤلف في

قيمة الكتاب

تأليفه هذا الكتاب الضخم الذي تجاوزت صفحاته أربعة آلاف وخمسمائة صفحة. قيمة الكتاب: يعد كتاب (المعيار) موسوعة فقهية كبري، قل نظيرها في المذهب المالكي جمع فأوعي، وحصل فوعي -علي حد تعبير بعضهم (¬47). وقد نوه بشأنه الكثيرون. (¬48) عدا الشيخ المسناوي، فإنه انتقده بقوله: "مؤلف المعيار يترك التعقيب علي النوازل، ويجمع بين غثها وسمينها من غير تفريق ... ". (¬49) وقال الهلالي: "المعيار هو أجمع ما رأينا من كتب النوازل، لكن فيه بعض الفتاوي ضعيفة ... (¬50) "والحقيقة أن المعيار يحتاج إلي تنقيع في لغته وأسلوبه ومضمونه. تاريخ تأليفه: والمعيار من آخر ما ألف أبو العباس، وجاء في نهاية النسخة المطبوعة من الكتاب: (فرغ منه عام واحد وتسعمائة (¬51) ... ). ¬

_ (¬47) انظر نيل الابتهاج ص: 88. (¬48) انظر (الدوحة) ص: 37، و (نيل الابتهاج) ص: 88، و (الجذوة) ج 1 - ص: 79. (¬49) انظر نوازل أبي عبد الله المسناوي ص: 42 ط 1343. حجري. (¬50) انظر (نور البصر) للهلالي ص: 2 م 21. (¬51) انظر ج 12 ص: 262.

الكتاب الثاني

وهو عندي خطأ لأمرين: أ- أحدهما أن الشيخ المسناوي ذكر في بعض أجوبته أن المؤلف عاجله الموت قبل تنقيحه وتحريره (¬52) - (أي المعيار). ب- والثاني ما أشار إِليه المؤلف نفسه في غضون الكتاب عند حديثه عن قضية القرويين والأندلس، حيث قال: ( ... كان كتب إلي قبل هذه السنة، التي هي سنة احدي عشرة وتسعمائة (¬53). وأعتقد أن فراغه من تأليف هذا الكتاب كان في حدود سنة إحدى عشر وتسعمائة (911 هـ)، ولعل أصل العبارة (عام أحد عشرة وتسعمائة) فتحرف إلى (واحد وتسعمائة). وقد اختصره المجلدي. انظر مخطوط غ- ع رقم (ك 882) بالرباط. الكتاب الثاني: " عدة البروق في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق"، ولعل المؤلف اقتبس هذا العنوان من كتاب أبي العلاء الحسن بن محمد البصري (¬54) في الجموع والفروق. ¬

_ (¬52) انظر مقدمة البوعزاوي للمعيار ج 1 ص: 3. (¬53) انظر المعيار ج 1 ص: 209. (¬54) انظر في ترجمته (مدارك عياض) ج- 4 - ص: 763.

غرض الكتاب

غرض الكتاب: يشير المؤلف في مقدمة الكتاب إلي أن الغرض من تأليفه أن ( ... يستعان به على حل كثير من المتناقضات، الواقعة في المدونة وغيرها من أمهات الروايات) (¬55). أبوابه: حاذي به أبواب الفقه، يبتديء بفروق كتاب الطهارة، وينتهي بفروق كتاب الجراحات. مصادره: من المصادر التي اعتمدها في هذا الكتاب: فروق القرافي، ومحاسن الشريعة للشاشي، والقبس للقاضي ابن العربي، والبيان والتحصيل لابن رشد، والأحكام لعبد الحق، وتبصرة اللخمي، وجامع ابن يونس. قيمة الكتاب: لعل القيمة التي يمتاز بها هذا الكتاب، أنه حاول أن يستوفي جموع وفروق كل باب من أبواب الفقه، في أتم تحرير، وأكمل بيان. ¬

_ (¬55) ص: 2.

تاريخ تأليفه

تاريخ تأليفه: ألف أبو العباس هذا الكتاب أولًا، ثم ضاع منه، فأعاده ثانية فجاء -كما يقول-: "أبهي من الأول وأبهج"، (¬56) وقد فرغ منه عام (885 هـ). الكتاب الثالث: " المنهج الفائق، والمنهل الرائق، والمغني اللائق، بآداب الموثق، وأحكام الوثائق" (¬57) لم يكمل- كما يقول أحمد بابا في (نيل الابتهاج) (¬58). غرض الكتاب: يقول أبو العباس في المقدمة: (لما رأيت علم الوثائق من أجل ما سطر في قرطاس، وأنفس ما وزن في قسطاس، وأشرف ما به الأموال والأعراض والدما, والفروج تستباح وتحمي ... وضعت مقالة جامعة، في طريقتها المثلي (¬59) نافعة (¬60) ... ) ¬

_ (¬56) ص: 2. (¬57) نسبه خطأ- في كشف الظنون ج 2 ص: 882 - إلي أبي العباس أحمد بن يحيى بن أبي محلة التلمساني (تـ 776 هـ). (¬58) ص: 88. (¬59) لعله يعرض بابن الخطيب في كتابه "مثلي الطريقة في ذم الوثيقة" وله تعليق عليه كما سيأتي. (¬60) ص: 2.

أبوابه

أبوابه: ضمنه ستة عشر بابا في صناعة التوثيق وأحكام الوثائق، يبتدئ بباب في حكم الكتب والإشهاد، وينتهي بباب فيما لا يسع إِهماله من عيون الفتاوي في أحكام كل باب، وأورد منه، في بابي: النكاح والطلاق فقط -مائتين وأربعين فتوي، استغرقت أكثر من نصف الكتاب، ولو تتبع فتاوي كل باب، لم تسعه مجلدات، ولعل ذلك ما جعله يقف عند هذا الحد من فتاوي الكتاب، وقد استوفاها في كتابه الكبير (المعيار). وربما كان الأنسب أن يستغني عن هذا الباب، بما ذكره في الأبواب السالفة من فقه وأحكام. مصادره: عاد أبو العباس إلي كثير من كتب التوثيق والأحكام، ومن أهمها: وثائق ابن مزين، وابن العطار وابن أبي زمنين، وابن الهندي، وابن مغيث، وابن فتوح، والجزيري، والمتيطيي، والغرناطي، وأحكام ابن سهل، وغرائب الأحكام لأبي المطرف الشعبي، ومختصر ابن عرفة، وتبصرة ابن فرحون. قيمة الكتاب: هذا الكتاب هو عمدة الموثقين الذين أتوا بعده، حتى أن بعضهم نقل أكثر فصوله بالحرف (¬61). ¬

_ (¬61) كما هو صنيع ابن عرضون في كتابه (اللائق لمعلم الوثائق).

الكتاب الرابع

الكتاب الرابع: " غنية المعاصر والتالي، في شرح وثائق الفشتالي". غرض الكتاب: شرح بعض فصول وثائق الفشتالي، وتحرير مواضع الخلاف فيها، وإكمال ما كان فيها من نقص، مع التنبيه علي ما وقع فيه المؤلف من اوهام، وتوضيح ما كان هناك من إِجمال أو إِبهام. مصادر الكتاب: والمصادر التي اعتمدها المؤلف في هذا الكتاب تكاد تكون هي نفسها التي استقي منها في كتابه "المنهج الفائق" الآنف الذكر، وربما كان الأسبق في التأليف. قيمة الكتاب: فصول مهمة في التوثيق والأحكام، في غاية التحرير والإتقان، قال الوقلاوي في شأنها: "إنها من أفضل ما كتب في الموضوع، ولعل المؤلف اخترمته المنية قبل إتمامه (¬62) ". ¬

_ (¬62) انظر الدرر واللآلي، في ترتيب وثائق الفشتالي، وتطريزها بغنية المعاصر والتالي مخطوط الخزانة الملكية بالرباط رقم: 368.

الكتاب الخامس

الكتاب الخامس: " مختصر أحكام البرزلي" عني أبو العباس بكتب النوازل، يقرؤها ويلخصها، ومن أهمها: "أحكام البرزالي" وهو في مجلدات، ولا تكاد توجد نسخة كاملة منه إلي الآن. غرض الكتاب: جاء في نهاية الكتاب: "انتهي ما رمته من استخراج بعض الفروع مما لا بد منه، مع زيادة من بعض تواليف أحمد بن إدريس القرافي، وتاريخ الصدفي، وكتاب الشيرازي، وما تلقيته عن الشيخ الإمام ... أبي عبد الله القوري (¬63) ". قيمة الكتاب: كتاب الأَحكام للبرزالي، من المؤلفات التي لها مكانها المرموق في المذهب المالكي، وقد لخصه أبو العباس، وأضاف إِليه إضافات لها أهميتها. تاريخ جمعه: جمعه أبو العباس في حدود سنة (868 هـ) -أي في حياة شيخه أبي عبد الله القوري، بدليل أننا نجده يدعو له بطول البقاء والعمر (¬64). ¬

_ (¬63) انظر اللوحة الأخيرة من مخطوط الخزانة الملكية رقم 9843. (¬64) انظر اللوحة الأخيرة من مخطوط الخزانة الملكية رقم: 9843.

الكتاب السادس: "الولايات"

الكتاب السادس: "الولايات" غرض الكتاب: التعريف بالخطط الشرعية، ومناصب الحكومة الإسلامية. مضمنه: ضمنه المؤلف سبع عشرة ولاية (¬65): 1) الولاية العظمي. 2) ولاية الوزارة. 3) ولاية القضاء- وتوسع فيها كثيرا. 4) ولاية الشرطة. 5) ولاية الإمارة علي البلاد. 6) ولاية المظالم. 7) ولاية الإمارة علي الجهاد. 8) ولاية الحسبة والسوق. 9) ولاية الرد. 10) ولاية المدينة. 11) ولاية عقود النكاح والفسوخ. 12) ولاية التحكيم. ¬

_ (¬65) واستدركت عليه ثلاث ولايات: أ- ولاية النظر علي الأحباس. ب- ولاية المواريث. ج- ولاية النقابة علي الأشراف. انظر حاشية الصنهاجي علي الزقاقية ج 1 ص: 63 - 64.

مصادره

13) ولاية جباية الصدقة. 14) ولاية الخرص 15) ولاية صرف النفقة. 16) ولاية القسم والكتب والترجمة والتقديم. 17) ولاية الحكمين في جزاء الصيد والمحكومين. مصادره: ومن أهم مصادره: الأحكام السلطانية للماوردي، وكتاب ابن الأمين القرطبي في الموضوع، والبيان والتحصيل لابن رشد، وأحكام ابن سهل، والمتيطية، ومختصر ابن الحاجب، وفروق القرافي. قيمة الكتاب: لعله أوسع تأليف في الموضوع، وقد اعتنى بنشره وترجمته إلي الفرنسية- مع ابداء ملاحظات عليه- المحامي الفرنسي (هنري برانوا) والأستاذ (جود فروة مولبين) العضو بالمعهد الفرنسي بباريز. الكتاب السابع: "الوفيات" ويعرف بـ (وفيات الونشريسي)

غرض الكتاب: ترجم فيه لأعلام القرنين: الثامن، والتاسع للهجرة مبتدئا من عام (701 هـ) حتى عام (912 هـ) وركز أكثر علي رجالات الفكر والدين بالمغرب العربي. منهجه: يقتصر علي المهم في الترجمة، فيذكر الاسم والنسب، واللقب، والمولد، والوفاة وبعض ما يمتاز به المترجم له من صفات، وربما توسع في بعض التراجم، فيشير إلي مؤلفاته وأعماله الإدارية. قيمة الكتاب: أزاح الستار عن كثير من أعلام الفكر الذين عاشوا هذه الفترة بالمغرب الكبير، وهو عمدة الذين أتوا بعده، وقد أفاد منه التنبكتي في نيل الابتهاج، وابن القاضي في (لقط الفرائد) وسواهما. تاريخ تأليفه: لم يحدد المؤلف بالضبط تاريخ كتابته، ولكن الوفيات التي ذكرها فيه لم تتجاوز سنة (912 هـ) فهو مما ألفه في أخريات حياته، وربما أدركته المنية وهو يعمل فيه.

الكتاب الثامن

الكتاب الثامن: " أسنى المتاجر, في بيان أحكام من غلب النصارى علي وطنه ولم يهاجر، وما يترتب عليه من العاقب والزواجر". كتيب صغير، وأصله فتوي، كتب إِليه في شأنها يسأله أبو عبد الله بن قطية وقد أدرج السؤال والجواب في كتابه "المعيار"، (¬66) ونقل الفتوي مفتي مصر الشيخ عليش في نوازله فقها مسلما (¬67). غرض الكتاب: بيان موقف الإسلام من طائفتين: - إِحداهما هاجرت من دار الكفر إِلي دار الإسلام، لكنها ضاقت عليها سبل العيش، فأرادت الرجوع إلي دار الذل والهوان. - والثانية لم تهاجر -وفي إِمكانها ذلك- وقد آثرت البقاء تحت راية الكفر. مصادره: اعتمد أبو العباس في فتواه هذه، علي الكتاب والسنة وآراء أئمة الفقه. ¬

_ (¬66) ج 2 ص: 92 - 106. (¬67) ج 1 ص: 313 - 324 طبعة مصطفى محمد.

ومن المصادر التي عاد إليها: أحكام القرآن للقاضي ابن العربي، وعارضة الأحوذي علي صحيح الترمذي له أيضًا، ومعالم السنن لأبي سليمان الخطابي، وإكمال المعلم للقاضي عياض، وشرح مسلم للنووي، ومقدمات ابن رشد، ونوازل ابن الحاج، وسواها. تاريخ كتابته: فرغ من كتابته في 19 ذي القعدة عام ستة وتسعين وثمانمائة (896 هـ). قيمته: لهذه الفتوي التي جعلها أبو العباس في شكل كتيب، قيمتها العلمية والتاريخية، وحاول بعض الباحثين المعاصرين أن يقلل من شأنها مصرحا بأنها "فتوى تقليدية، تلتمس الحجج -على الترتيب- من القرآن الكريم، والحديث الشريف، ثم أقوال الفقهاء، وفيي أثناء ذلك تتأول وتفسر كما تريد (¬68) ... ". وهو انتقاد لا يقوم علي أساس. والبحث النزيه يفرض عليه أن يذكر هذه التفسيرات والتأويلات التي حاد بها أبو العباس عن روح النص- في زعمه، وإلا فيبقي مجرد كلام، (¬69). ¬

_ (¬68) انظر "صحيفة الدراسات الإسلامية"، في مدريد، المجلد 5 ع 1 - 2 ص: 146. (¬69) وقد تكفل بالرد عليه -زميلي- الأستاذ العافية، في بحث له مطول نشر بمجلة "المناهل" ع 4 ص: 306 - 326.

وقد مر آنفا أن الشيخ عليش مفتي مصر اعتمدها في نوازله، واستشهد بها في مواضع من كتابه، وكفي به حجة. ولنا وقفة قصيرة مع قوله -بعد أن أعطانا عرضا موجزا عن الموريسكوس بالجزيرة الإبيرية-: " ... ولقد ظلت بقايا قليلة من هذه الجماعة محتفظة -رغم القيود والإِرهاب- بدينها، وحروف لغتها حتى أواخر القرن السادس عشر الميلادي، وربما السابع عشر، ونجم من بينها -رغم كل شيء- رؤساء علي جانب كبير من الشهامة، وكرم الأرومة وثبات الدين ... وهؤلاء هم الذين تصفهم فتوي الشيخ الونشريسي بالكفر والعصيان، ويفتي في أمر إِيمانهم وهو متبحبح في داره في فاس! ! وقد فاته أن ضعفاء الناس أكثر من الأقوياء وأن العاجزين عن الرحلة والهجرة، هم الغالبية العظمي (¬70) .. ". هذا كلام لا يمثل الحقيقة في شيء، ففتوي الونشريسي لم تكن موجهة إلي تلك البقايا القليلة الضعيفة المستضعفة، التي لا حول لها ولا طول -كما زعم الكاتب- بل استثنتها كما استثناها القرآن الكريم بقوله: {إلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْولْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} (¬71) ". وموضوع الفتوي -كما هو واضع جلي- تلك الكثرة الكاثرة المتواجدة بغرناطة وما حولها -بعد اتفاق الجماعة- العامة منهم والخاصة- علي التسليم لملك فشتالة في حدود ¬

_ (¬70) انظر "صحيفة الدراسات الإسلامية" م 5 ع 1 - 2 ص: 144 - 145. (¬71) الآية 97 - 98 - سورة النساء.

سنة (896 - 1491)، (¬72) فوقعوا في حيص بيص، لا يدرون ما يفعلون، فوجه إليهم أبو العباس الونشريسي نداء الله، وقد استجاب إِليه الكثير - (¬73) رغم المغريات التي كانت تقدمها إليهم الكنيسة ليدخلوا في حظيرة الكفر وتنصيرهم، ورغم الامتيازات التي كانت تمنحها الدولة للمتنصرة منهم (¬74). وقد توالت الهجرات في فترات من التاريخ، فكانت أول هجرة بعد سقوط غرناطة في حدود سنة (398 - 1492) (¬75)، وكان لها دورها الفعال في تاريخ المغرب البطولي، والحضاري، - ثم تصاعدت الهجرات فكان منها دفعة قوية سنة (902 - 1496) (¬76) توزعت في سائر أنحاء المغرب العربي، ثم تلتها دفعة أخرى عام (970 - 1563) (¬77). والكاتب يعرف هذا جيدا، ولكنه مع ذلك أبى إلا أن يقول -في تعنت وإصرار- "ولقد كان لفتوى الونشريسي وأمثالها أسوأ الأثر علي مصير الجماعات الإسلامية الباقية في الأندلس (¬78) ... ". ¬

_ (¬72) انظر "نهاية الأندلس" ص: 227 لمحمد عبد الله عنان- الطبعة 2. (¬73) "نبذة العصر" ص: 68. (¬74) انظر "نهاية الأندلس" ص: 296 - 297، وص: 303 - 304. (¬75) انظر أخبار العصر ص: 48 - 49، والنفح ج 4 ص: 525. (¬76) خاتمة كتاب الأنوار السنية، في أنباء خير البرية، تأليف محمد بن عبد الرفيع الشريف الأندلسي، مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم: ك 1238. (¬77) نفس المصدر. (¬78) انظر "صحيفة الدراسات الإسلامية" م 5 ع 1 - 2 ص: 146.

وأما قوله: " ... وهو -أي الشيخ الونشريسي- متبحبح في داره في فاس ... " فهذا ليس هو الونشريسي الذي تذكره كتب التراجم بالزهد والورع، والدين المتين، عاش حياة التقشف يركب الحمار ويلبس الخشن، وظل يسكن دويرة للحبس، يؤدي كراءها إلي أن لقي ربه، وكان شديد الشكيمة، بعيدا عن أهل الجاه والسلطة والشهرة، صليبا في الحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، -وإنما هو ونشريسي آخر- في مخيلة الكاتب، يصوره له وهمه -كما أراد! ! والناس أكيس من أن يمدحوا رجلا ... ما لم يروا عنده آثار إحسان

[الفصل الرابع: دراسة تحليلية للكتاب]

4 - دراسة تحليلية لكتاب: إيضاح المسالك إلي قواعد الإمام مالك بعد إلقاء نظرة علي ما تركه لنا المؤلف من تراث، رأيت من اللازم تخصيص هذا الفصل لكتابه "إيضاح المسالك، إلي قواعد الإِمام أبي عبد الله مالك" كي أقدم للقاريء الكريم صورة مقتضبة عن تاريخ تأليف الكتاب، وعرضه، ومنهاجه، ومضمونه، ومصادره، ثم تقييمه، وبه أختم المطاف عن آثار المؤلف -رحمه الله. توثيق عنوان الكتاب: أثبت المؤلف- نفسه- هذا العنوان في كتابه (المنهج الفائق (¬1)) وعليه أكثر النسخ التي عثرت عليها في المكتبات العامة والخاصة، وأورده بهذا الاسم جل من ترجموا للمؤلف. ¬

_ (¬1) انظر الملزمة 4 - صفحة 6.

غرض الكتاب وسبب تأليفه

تاريخ تأليفه: حسبما يبدو أن أبا العباس كتب صورة مختصرة لهذا الكتاب، بتاريخ سبعين وثمانمائة هجرية- وقد احتفظت بهذه الصورة نسخة فريدة- فيما أعلم- بالخزانة العامة بتطوان رقم (619). ثم ظلت يده تعمل فيه بالتنقيح والتحرير مدة، وأهم زيادة أضيفت إِليه هي المسائل والصور الفقهية التي أدرجت تحت كل قاعدة، حتى صار علي الصورة التي عليها الآن، ولهذا نراه اختلفت نسخه ما بين زيادة ونقصان، وهذا ليس ببدع، فجل المؤلفين ساروا علي هذا المنوال في تأليفهم، فلنأخذ مثلًا موطأ الإمام مالك، فإن الباحث إذا ما قارن بين صورته الأولى التي كتبت عنه في البداية، ورواها عنه تلاميذه -وهم كثيرون- والصورة الأخيرة التي سمعها عنه يحيى بن يحيى الليثي- وهي التي اشتهرت روايتها بالمغرب، وشرحها الكثيرون، سيجد- لا محالة- البون الشاسع بين هذه الصورة وتلك. غرض الكتاب وسبب تأليفه: يفهم غرض الكتاب وسبب تأليفه، مما استهله به مؤلفه " ... فإنك سألت أيها الفاضل الشريف، الرفيع القدر الأعلى المنيف ... أن أجمع لك تلخيصا مهذب الفصول، محكم المباني

والأصول، يسهل عليك أمره، ويخف عن الأسماع والقلوب ذكره (¬2) ... ". ومن هذه الفقرات القليلة، يتضح أن المؤلف وضع هذا الكتاب تلبية لرغبة سائله، هادفا منه اختيار مجموعة من القواعد الهامة، وإدراج تحت كل قاعدة منها زمرة من الفروع والمسائل الملائمة لها، وبذلك يكون قد سهل الأمر علي الفقيه المختص، والمهتم بالميادين الفقهية- على السواء، ويكفيهم عناء البحث عن المسائل التي تندرج تحت كل قاعدة. منهاجه: لقد نهج المؤلف نهج التنويع في إيراده للقواعد، وصيغها، والمسائل التي أدرجها تحت جل منها. 1 - تنويعه للقواعد: أورد المؤلف في كتابه "الإيضاح" نوعين من القواعد: نوع عام، ونوع خاص، ولكل منهما فروعه الخاصة، وسيأتي مزيد بيان، في الفصل الخامس بحول الله. 2 - تنويعه لصيغ القواعد: في غالب الأحيان ما يورد القاعدة في صيغة الاستفهام، للدلالة علي الخلاف المذهبي في أصل القاعدة، كقوله -مثلًا-: "الظن هل ينقض بالظن أم لا؟ (¬3) ""الصور الخالية من ¬

_ (¬2) انظر الملزمة 4 - ص: 6. (¬3) انظر القاعدة (7) ص: 156.

المعنى، هل تعتبر أم لا؟ (¬4) ""الشفعة هل هي بيع أو استحقاق؟ (¬5) ". وفي بعض الاحيان يأتي بالقاعدة في صيغة جملة خبرية, إيحاء منه بأن القاعدة مسلمة لا خلاف فيها بين الفقهاء، كـ "الذمة إذا عمرت بيقين، فلا تبرأ إلا بيقين" (¬6). و "الشك في الزيادة كتحققها (¬7) ". و "الضرورات تبيع المحظورات (¬8). ثم يتبع كل قاعدة بالمسائل والصور الفقهية، التي تقبل الاندراج تحتها، وبتعبير أدق يقوم بتطبيق عملي بالنسبة لكل قاعدة غالبا. 3 - تنويعه في الفروع والصور: تري المؤلف يطوف بالباحث في رحلة ممتعة وشاقة في آن واحد- علي مختلف أبواب الفقه، باحثا عن المسائل التي يدرجها تحت قاعدة ما، لا سيما إذا كانت من القواعد العامة، خذ مثلًا قاعدة "الدوام علي الشيء هل هو كابتدائه أم لا؟ (¬9) ". فإنك ستجد المؤلف يتجول بك في أبواب شتي بدون مراعاة أي ترتيب؛ الإيمان، الصلاة، الطلاق، الحج، العمرة، ¬

_ (¬4) القاعدة (66) ص: 288. (¬5) القاعدة (106) ص: 390. (¬6) القاعدة (26) ص: 206. (¬7) القاعدة (27) ص: 208. (¬8) القاعدة (97) ص: 372. (¬9) القاعدة (12) ص: 170.

البيوع، النكاح، الصيد، الضمان، الغصب، الصيام، الكفارات، الظهار الردة، الزكاة ... الخ. أما إذا كانت القاعدة من القواعد الخاصة، فغالبا ما يقتصر علي تصيد مسائلها وصورها من باب واحد، كقاعدة: "النكاح من باب الأقوات، أو من باب التفكهات؟ (¬10) "فإن جميع الأمثلة التي أوردها كتطبيق علي القاعدة، لم تخرج عن إطار باب النكاح. والشيء الذي يلفت النظر، أن المؤلف يكاد يحصي كل قضية وصورة جري فيها الخلاف المذهبي، من هذا القبيل أو ذاك، وقد يشير إلي الخلاف العالي، وينتهيي في بعض الأحيان- بذكر المذهب الصحيح، والقول الراجع، أو المشهور في المسألة. مضمن الكتاب: ضمن أبو العباس كتابه "الإيضاح"، ثمان عشرة ومائة قاعدة، يبتديء بقاعدة: "الغالب هل هو كالمحقق أم لا (¬11)؟ " وينتهي بقاعدة: "كل ما أدي اثباته إلي نفيه، فنفيه أولي (¬12) ". وبين هذه وتلك اورد المؤلف أربعة أقسام من القواعد (¬13)، أودع في كل منها- غالبا- قضايا متعددة، وفروعا ¬

_ (¬10) القاعدة (69) ص: 294. (¬11) القاعدة (1) ص: 143 (¬12) القاعدة (118) ص: 412 (¬13) انظر الفصل الخامس ص: 82 - 84.

مختلفة، تصل في مجموعها إلي نحو ألفي مسألة وصورة، جلها خلافية- بالإضافة إلي المقدمة، وتقريظه للإيضاح بنفسه في النهاية، واستطراده بعض التنبيهات، والفوائد والحكايات- رغم صغر حجم الكتاب، وهنا تلعب لغة الرموز والتلميحات دورها الفعال، فيضمنه هذا القدر من الأحكام، الذي قد لا يخطر علي بال، وتتزاحم المسائل، وتتشابك الصور والفروع ... ! ! مصادر الكتاب: اعتمد أبو العباس في تأليفه هذا الكتاب -بالدرجة الأولى- كتب القواعد الفقهية، ثم الأمهات، فسائر دواوين الفقه الهامة، ويمكن ترتيبها حسب إفادته منها- كثرة وقلة -كما يلي: 1 - قواعد المقري. 2 - فروق القرافي. 3 - مختصر ابن الحاجب الفقهي. 4 - التوضيح للشيخ خليل. 5 - شرح ابن عبد السلام لمختصر ابن الحاجب. 6 - مدونة الإمام مالك (رواية سحنون). 7 - مختصر ابن عرفة. 8 - نوادر ابن أبي زيد القيرواني. 9 - البيان والتحصيل لابن رشد. 10 - المقدمات لابن رشد أيضًا. 11 - نوازل البرزلي. 12 - أحكام ابن سهل.

13 - تبصرة اللخمي 14 - تعليق المازري 15 - جامع ابن يونس 16 - المفيد لابن هشام 17 - المتيطية لأبي الحسن المتيطيي. 18 - تعليق أبي عمران الفاسي علي المدونة. 19 - تعليق السيوري. 20 - تقييد أبي الفضل راشد الوليدي. 21 - كتاب "الخصال" لابن زرب 22 - شرح التهذيب للشار مساحي 23 - العارضة للقاضي ابن العربي 24 - أحكام القرآن له أيضًا 25 - تفسير ابن عطية "المحرر الوجيز" 26 - إحكام الفصول .. للباجي 27 - لب الألباب، في مناظرة القباب- للعقباني 28 - منتهي السول والأمل .. (المختصر الأصلي) لابن الحاجب. 29 - المجموعة لابن فتوح 30 - الكافي لابن عبد البر 31 - الواضحة لابن حبيب.

تقييم الكتاب: علي رغم ما تكون بيني وبين (إيضاح المسالك) من علاقة وتعاطف- ولو أنها كانت تتكدر في بعض الأحيان، نظرا لما كان يكلفني به من إرهاق ومتاعب قد لا تحتمل- فإن الواجب العلمي يحتم علي تقييمه ووضعه في الميزان- وطبعا - بعد تجردي من كل عاطفة، أو حزازة إزاءه، حتى يكون التقييم نزيها، والبحث يأخذ توازنه بمحاولة إبراز ما للكتاب من مزايا وخصائص، وما عليه من مآخذ وملاحظ. مزاياه: لا أدعي تقصي كل خصائص الإيضاح ومزاياه، وإنما سأكتفي برصد أهمها فيما يتصل بالمنهج، والمضمون، والأسلوب: من حيث المنهج: 1 - قيامه بالتطبيق العملي (من الكل إِلي الجزء): ولتنفيذ هذه الخطة نجد المؤلف تارة يجعل القواعد هي المدار والمعيار، فيعرض المسائل والصور الفقهية عليها، فما وجده تنطبق عليه قاعدة ما أدرجه تحتها، وإلا أبعده وعرضه علي قاعدة أخرى، وهكذا دواليك. وهذه الطريقة في الواقع- صعبة، بعيدة المنال، لا يسلكها إلا ذووا المهارة الفائقة، والموهبة الخاصة، لمعرفة مظان كل

مسألة، في أبواب الفقه المتعددة والمتنوعة، وتشخيصها أمام عينيه كلها، بحيث تجده يستحضر لقاعدة واحدة- غالبا- مسائل عديدة من أبواب متنوعة، تد تصل في بعضها إِلي نحو ثلاثين مسألة. وهذا يوحي بأن مؤلف الإيضاح كان له باع طويل، واطلاع واسع في مجال الفقه عموما، والفقه المالكي بوجه خاص، وموهبة نادرة، في معرفة مظان كل مسألة مسألة. وطورا آخر يجعل الباب الواحد من أبواب الفقه هو المدار للقاعدة والأمثلة ولا يتعداه، وهذا -غالبا- ما سلكه في القواعد الخاصة -كما أشرت إِلي ذلك آنفا. وخذ مثلًا قاعدة "من أَخر ما وجب له عد مسلفا (¬14) " فإن الأمثلة التي ضمنها لهذه القاعدة تدور في فلك باب الديون. 2 - إدماجه قاعدتين أو أكثر- تنكيتا علي المقري ضمنيا - في قاعدة واحدة، وإدراجه سائر الأمثلة تحتها، عكس صنيع المقري الذي يورد لكل قاعدة أمثلتها الخاصة، حتى تبدو أحيانا وكأنها تكرار، أو شبه متداخلة مع بعضها البعض، كقاعدة "الملحقات بالعقود، هل تعتبر كجزئها، أو إنشاء ثان (¬15) .. " أدمج فيها ثلاث قواعد من قاعد المقري مع أمثلتها. وكذلك ¬

_ (¬14) انظر القاعدة (88) ص: 345. (¬15) انظر القاعدة (55) ص: 265.

قاعدة "نوادر الصور هل يعطي لها حكم تفسها أو حكم غالبها (¬16)؟ " أدمج فيها قاعدتي: (761) و (864) من قواعد المقري مع أمثلتها، وكثيرا ما يفعل المؤلف هذا أو ذاك-تفاديا من التكرار وهادفا إلي الضبط والتركيز والاختصار. المضمون: قد يعجب القاريء حينما يقارن حجم كتاب (إيضاح المسالك) - بما تضمنه من ثروة فقهية غزيرة تجل عن الوصف، وما حوته كل قاعدة -غالبا- من مسائل وفروع فقهية تفوق الحصر- بشكل لم يسبق ولم يلحق له نظير- فيما أعلم، وإن كان المقري حاول أن يفعل ذلك، إلا أن المسائل التي أدرجها تحت كل قاعدة لا تتعدي الخمس أو السبع- علي الأكثر. أما صاحبنا فلعله كاد يستوعب ويستقرئ كل المسائل والصور التي تندرج تحت قاعدة ما، وبالأحري المسائل الخلافية منها، الشيء الذي يدعوني إلي القول بأن هذا النوع من الدراسة الفقهية وليد، والبحث فيه طريف وجديد- بغض الطرف عن صعوبته، وحق أن ينسب إلي أبي العباس الونشريسي لما بذل فيه من جمع وتنسيق، وهو مجهود جبار لا ينكر. - جمع ونسق المؤلف- في الإيضاح- خلاصة ولب ما تفرق في عشرات أمهات الفقه، بعد أن حقق ودقق جل القواعد ¬

_ (¬16) انظر القاعدة (54) ص: 263.

والمسائل - إلى حد بعيد، وحرر الكثير منها أتم تحرير، مما جعل البعض يصف كتاب (الإيضاح) بـ "أنه دراسة محررة لأهم القواعد الفقهية، التي بنى عليها خلاف المذهب المالكي (¬17). ويذكر البعض الآخر أنه "فلسفة فقهية مفيدة (¬18) ... " وهو تقييم له مغزاه وأبعاده، وبعد هذا وذاك، فلا غرابة إن قلت إن "إيضاح المسالك" نادر الوجود عزيز المثال، قد لا يستغني عنه أي فقيه، أو باحث في أسرار الفقه والتشريع. الأسلوب: وبتصفح كتاب (الإيضاح) وتتبع قواعده ومسائله، يدرك القارئ أن أسلوب المؤلف يتنوع بتنوع القواعد وصورها، ففي بعض القواعد ومسائلها سيلمح فيها أسلوب الونشريسي بارزا واضحا، يتمنى أن لو يسترسل على تلك الوتيرة من السلاسة والسجع الغير الممل، المعروف به في كثير من تآليفه وفتاواه وتعاليقه، كتعليقه - مثلًا، على كتاب "مثلى الطريقة، في ذم الوثيقة (¬19) " الذي يقول فيه: ... قد كد نفسه في شيء لا يعني الأفاضل، ولا يعود عليه في القيامة ولا في الدنيا بطائل، وأفنى طائفة من نفيس عمره في التماس مساوئ طائفة بهم تستباح الفروج، وتملك مشيدات الدور والبروج، ¬

_ (¬17) انظر البستان -لابن مريم ص: 54. (¬18) انظر الفكر السامي ج - 4 ص: 99. (¬19) تأليف لابن الخطبيب.

وجعلهم أضحوكة لذوي التهتك والمجانة، وانتزع عنهم جلباب الصدق والديانة (¬20) ... ". وسيجد نفس الأسلوب في الإيضاح، وبالأحرى في بدايته ونهايته: "فإنك سألت أيها الفاضل الشريف، الرفيع القدر الأعلى المنيف، وصل الله سعدك، ويمن قصدك، وحرس كنفك، وأعز الأثيل شرفك، وأجمل بمنه صونك وأحسن على ما رمته من التحصيل عوني وعونك (¬21) ... ". وجاء في خاتمة الكتاب: " ... هذا نهاية ما قيدت، مما إليه قصدت، وبه وعدت، وإياه أردت، وفيه اجتهدت، من القواعد المحكمة الكافية، الجليلة النافعة الشافية، جمعتها لك هنا من أماكنها، وأبرزتها من مكامنها، على وفق ما سألت، بل فوق ما أملت (¬22) " ... وربما سيجد هذا الأسلوب مبثوثا بين ثنايا الإيضاح - هنا وهناك - كقوله: "وجرى بيني وبين من نحا منحى ابن بشير - في الجواب من أعيان الفقهاء - نزاع كبير، وبحث أثير، يضيق هذا الملخص عن حمل سطوره، وضم منثوره (¬23) ... " إلا أنه سرعان ما تشعر - فجأة - أن ذلك الأسلوب البارع قد توارى واختفى تماما، وأنك أمام أسلوب من نوع آخر، ولنا معه وقفة بعد قليل. ¬

_ (¬20) انظر أزهار الرياض ج 2 - 297 - للمقري. (¬21) انظر صفحة: 140. (¬22) انظر صفحة: 426. (¬23) انظر صفحة: 319.

مأخذنا على الإيضاح

مما يؤكد أن الكتاب فريد نوعه - في منهاجه، ومضمونه، وأسلوبه. وليس معنى هذا أن "إيضاح المسالك" قد خلا من كل هفوة، وارتفع عن كل مأخذ وزلة؟ . إن الحديث اللاحق سيتكفل برصد بعض هناته، ومأخذنا عليه. مأخذنا على الإِيضاح: على الرغم من المرتبة التي احتلها مؤلف الإيضاح في الميادين الفقهية بشهادة كثير من جهابذة فقهاء عصره، كابن غازي، وابن عسكر، وسواهما - فإن (حامل لواء المذهب المالكي في عصره (¬24) ... ) قد انزلق وارتكب هنات في كتابه "الإيضاح"، وهي جلية واضحة للعيان، يمكن رصد أهمها فيما يلي: 1 - في طليعة ما يؤخذ عليه: إهماله النهج التأليفي الصحيح، وأداء الأمانة العلمية - بعدم نسبته النقول إلى أهلها، والسكوت عن مصادرها - غالبًا، إذ تراه يعتمد - في الدرجة الأُولى - على قواعد المقري، ثم فروق القرافي، فمختصر ابن الحاجب، والتوضيح: ومع ذلك لا يشير إليها إلا نادرًا، ولا سيما قواعد المقري التي افتن في النقل منها، فتراه - تارة - ينقل القواعد وأمثلتها بالحرف، كالقواعد التالية مثلًا ¬

_ (¬24) انظر السلوة ج 2 ص: 153 لأبي عبد الله محمد بن جعفر الكلتاني.

"الكفارة هل تتعلق باليمين أو بالحنث (¬25) " "الجهل هل ينتهض عذرا أم لا (¬26)؟ " "الأصل منع المواعدة، بما لا يصح وقوعه في الحال حماية (¬27) "إلى غير ذلك - وهو كثير. وتارة تراه ينقل منها بعض الأمثلة فقط، وأحيانًا أخرى ينقلها مع تصرف بسيط (¬28). وتجده في قاعدة "تقديم الحكم على شرطه، هل يجزئ ويلزم أم لا؟ " يقتبس جميع الأمثلة من فروق القرافي (¬29)، كما أخذ قاعدة: "الترك هل هو كالفعل أم لا؟ " و"الشك في النقصان كتحققه" من مختصر ابن الحاجب دون أمثلتها (¬30). وكذلك قاعدة، التخيير في الجملة، هل يقتضي التخيير في الأبعاض أم لا؟ " (¬31) نقلها من التوضيح دون أمثلتها؛ كل ذلك دون أن يشير - لا من قريب ولا من بعيد إلى المصدر الَّذي اقتبس منه، أو نقل عنه. 2 - وقوعه فيما انتقده - مرارًا - على المقري ضمنيًا - من تكراره للقواعد، ناسيًا أو متناسيًا أنَّه هو بدوره وقع في ذلك، ¬

_ (¬25) المقري: القاعدة (773) - اللوحة (49 - ب). (¬26) انظر قواعد المقري: القاعدة (780) - اللوحة (50 - أ). (¬27) انظر قواعد المقري: القاعدة (890) - اللوحة (56 - أ). (¬28) تتبع ذلك في تعاليق التحقيق، وهناك نبهت عليها. (¬29) الفرق (33) ج - 1 - ص: 196 - 200. (¬30) انظر مختصر ابن الحاجب - اللوحة (20 - ب). (¬31) انظر التوضيح ج - 1 - ورقة (139).

كما يتضح ذلك جليا، في الأمثلة التالية: أ -"الموجود شرعا، هل هو كالموجود حقيقة أم لا؟ " "الموجود حكما، هل هو كالموجود حقيقة أم لا؟ " (¬32). ب - "المعدوم معنى، هل هو كالمعدوم حسا أم لا؟ " "النهي هل يصير المنهى عنه كالمعدم أم لا؟ " (¬33) ج - "من الأصول المعاملة بنقيض المقصود الفاسد" "من استعجل الشيء قبل أوانه، فإنه يعاقب بحرمانه" (¬34). إلى غيرها من القواعد التي كررها - وكان الأجدر به أن لا يفعل، ولكن سبحان الَّذي لا يغفل ولا ينسى. 3 - لم يوف بما التزم به في مقدمة الكتاب: " ... أجمع لك تلخيصا مهذب الفصول ... " - باستطراده بعض الحكايات - ولو أَنها قليلة، وكان من الأليق الاستغناء عنها. 4 - إغفاله بعض القواعد الهامة، ولا سيما ما كان أصلها أحاديث نبوية مثل: "الأمور بمقاصدها (¬35) " "العادة ¬

_ (¬32) انظر ص: 148 و 339. (¬33) انظر ص: 289 و 377. (¬34) انظر ص: 322. (¬35) أصل هذه القاعدة قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات ... " الحديث أخرجه الأئمة الستة وغيرهم من حديث عمر بن الخطاب، وينبني على هذه القاعدة كثير من الأحكام انظر الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 12 و 27، والأشباه والنظائر للسيوطي ص: 28 وما بعدها.

محكمة (¬36) " "الحدود تسقط بالشبهات" (¬37) "الضرر يزال (¬38) " "الميسور لا يسقط بالمعسور (¬39) ". إلى غير ذلك من القواعد العامة التي يتفرع عن كل منها قواعد فقهية فرعية وأحكام كثيرة. 5 - إيراده بعض القواعد في صيغ مطولة - عكس ما تعارف عليه الفقهاء من صوغهم للقواعد، في أقصر عبارة، وأوسع دلالة - مثل ما فعل في القواعد الآتية: أ- "المترقبات إذا وقعت، هل يقدر حصولها يوم وجودها؛ كأنها فيما قبل كالعدم؟ أو يقدر أنها لم تزل حاصلة من حين حصلت أسبابها التي أثمرت أحكامها وأسند الحكم إليها (¬40)؟ . ¬

_ (¬36) محكمة بتشديد الكاف المفتوحة، اسم مفعول من التحكيم. وأصل هذه القاعدة قوله صلى الله عليه وسلم: "ما رآه المسلمون حسنًا، فعند الله حسن". أخرجه أحمد في مسنده، وقيل من قول عبد الله بن مسعود موقوفًا عليه. والمراد بالعادة في هذه القاعدة هو المعرف بنوعيه: اللفظي والعملي. ويتفرع عنها كثير من القواعد الفرعية كقولهم: "المعروف عرفًا، كالمشروط شرطا" و"المعروف بين التجار، كالمشروط بينهم" و"التعيين بالعرف، كالتعيين بالنص". انظر الأشباه والنظائر للسيوطي ص: 40، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص: 46 - 52. (¬37) أصلها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "ادرأوا الحدود بالشبهات". انظر الأشباه والنظائر لابن نجيم ص: 64 - 65، والأشباه للسيوطي ص: 67. (¬38) أصلها حديث الرسول (ص): "لا ضرر ولا ضرار" رواه مالك في الموطأ، وابن ماجه، والدارقطني وغيرهم. انظر ابن نجيم ص: 43، والسيوطي ص: 47. (¬39) أصلها قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم .. " .... الحديث". انظر السيوطي ص: 85 وما بعدها. (¬40) القاعدة (32) ص: 219.

ب - "من عجل ما لم يجب عليه، هل يعد مسلفا ليقتضي من ذمته إذا حل الأجل إلا في المقاصة: - وهو المشهور أو مؤديًا - ولا سلف ولا اقتضاء - وهو المنصور لأنَّه إنما قصد إلى البراءة والقضاء (¬41)؟ ". ج - العوض الواحد إذا قابل محصور المقدار وغير محصوره، هل يفضل عليهما أو يكون للمعلوم، وما فضل للمجهول وإلا وقع مجانا (¬42)؟ ". 6 - اعتماد المؤلف على أكثر من ثلاثين مصدرا فقهيا، والتقاطه عدة أمثلة لقاعدة واحدة - غالبا - من مختلف أبواب الأمهات، ونقله أحيانا نفس العبارات ... جعل الكتاب صعبًا للغاية، أو على الأقل - بالنسبة لمن كان مثلى ذا بضاعة مزجاة في الميادين الفقهية. 7 - كم من واحد ينخدع بالمظاهر والعناوين الجذابة و ... ذلك ما حدث لي بالضبط مع "إيضاح المسالك" إذ لم أشعر - في الواقع - أني خودعت، إلا بعد أن بدأت في التحقيق و ... لذا أوصي القارئ - مقدما - أن لا يغتر بالعنوان، فإنه بعد أن يقرأ الديباجة، والتقديم الموجز، الذي يتسم بسمة المقدمات؛ من: السجع والتشويق والصنعة سيفاجأ بأسلوب معقد، ومسائل صعبة التطبيق، ومنهج وعر المسالك، صعب المرتقى، حتَّى بلغ تطبيقه في بعض القواعد - حد الإعجار مما جعل جل ما تضمنه الكتاب، أقرب إلى الرموز والألغاز منه إلى الإيضاح ¬

_ (¬41) القاعدة (89) ص: 346. (¬42) القاعدة (71) ص: 297.

والبيان، فصاحبنا لا يعرف الملل، ولا يسأم الترحال المتواصل! ! فتراه يتجول بالباحث في عالم الفقه كلّه - مرة تلو الأخرى - منقبًا بعقله الوقاد في كل باب ودرب، عن الفروع الواردة، والمسائل الشاردة - التماسًا لراحتها من نقاش الفقهاء الحاد، وتشريحها بينهم من جديد! ! - حتَّى إذا ما عثر عليها قادها ليربطها بقاعدة ما - طوعا أو كرها - بسلاسل من الأدلة، وقد يضع عليها علامة الاستفهام، تارة يصرح، وأخرى يلمح إلى مصادرها، والقول الراجح فيها، وفي أغلب الأحيان يلتزم الصمت المطبق "ولست أدري أكان يتعمد ذلك ليختبر كفاءة وذكاء من يحأول تعقب أثره ليتركه يتيه في متاهات مظانها، متصفحا أمهات الفقه - الواحدة تلو الأخرى، أياما وربما أسابيع وشهورًا؟ أو أن طبيعة المسائل وتشتتها هي التي أرغمته أن يتجه هذا الاتجاه الصعب، المنهك للقوى والأعصاب؟ ! ! ورغم هذا كلُّه فلا أعتقد أن هذه المأخذ ستغض من قيمة الكتاب، وتنقص من محاسنه ومزاياه، ما دام قدم لنا ذخيرة فقهية هائلة، لا تقدر بثمن، وطبقها تطبيقا عمليا على القواعد والأصول، ولا يخفى ما للتطبيق العملي من أهمية قصوى، ومزايا لا تحصى - في عصرنا الحاضر وحتى لو لم يكن له من المحاسن إلا هاتان؛ لرجحتا على كل هفوة قيلت فيه، أو يمكن أن تقال، علاوة على أن الخطأ والنسيان، لا ينجو منهما أي إنسان مهما كان: ومن ذا الَّذي ترضى سجاياه كلها .. كفى المرء نبلًا أن تعد معايبه.

[الفصل الخامس: القواعد وأهميتها]

5: القواعد وأثرها في الدراسات الفقهية والتشريع: يتضمن هذا الفصل؛ تعريف القواعد الفقهية، وأنواعها، والفرق بينها وبين القواعد الأصولية ونبذة تاريخية عنها؛ ودورها في الدراسات الفقهية والتشريع الوضعي. تعريف القاعدة لغة واصطلاحا: القاعدة تجمع على قواعد، وهي لغة أسس الشيء وأصوله، معنويا كان ذلك الشيء أو حسيا، يقال قواعد الإسلام، وقواعد البيت أي دعائم وأسس كل منهما، ومن هذا القبيل قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيتِ وَإِسْمَاعِيلُ (¬1).}، وقوله جل علاه: {قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ (¬2).} الآية. وفي الاصطلاح يتنوع مفهومها بتنوع العلوم، ويتعدد اصطلاحها بتعدد المجالات التي يتناولها، فهناك قواعد أصولية، ونحوية، وقانونية، وهندسية. .. وعشرات من العلوم التي لكل منها قواعدها واصطلاحاتها الخاصة، ويهمنا هنا ¬

_ (¬1) الآية 127 - سورة البقرة. (¬2) الآية 26 - سورة النحل.

اصطلاح فقهاء الإسلام الذين عرفوا القاعدة الفقهية بتعاريف عدة، أهمها قول أبي البقاء: "القاعدة اصطلاحا: قضية كلية من حيث اشتمالها بالقوة على أحكام جزئيات موضوعها (¬3) ". وقول تاج الدين السبكي: "القاعدة الأمر الكلي الَّذي ينطبط عليه جزئيات كثيرة تفهم أحكامها منها .. منها ما لا يختص بباب .. ومنها ما يختص (¬4). وعرفها المقري بقوله: "ونعني بالقاعدة، كل كلي هو أخص من الأصول، وسائر المعاني العقلية العامة، وأعم من العقود، وجملة الضوابط الفقهية الخاصة: (¬5) ". وبالتأمل في هذه التعاريف يتضح أن الأول - رغم أنَّه جامع - لكنه غير مانع من دخول، قواعد غير فقهية في التعريف، وكذلك الشأن بالنسبة للتعريف الثاني، مما اضطر صاحبه أن يدخل التقسيم فيه. أما تعريف المقري فلا يصدق إلا على القواعد الفقهية العامة دون الخاصة منها. وعليه، فمن الصعب إيجاد تحديد للقواعد الفقهية - في صيغة واحدة - يشمل العامة والخاص: معًا، وإنما يمكن أن يعرف كل منهما على حدة، لاختلاف خواصهما. ¬

_ (¬3) انظر "الكليات" لأبي البقاء الحسيني الكفوي ج 2 = ورقة 107 حرف (ق) مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم: 3204 - د. (¬4) انظر هامش "الأشباه والنظائر" للسيوطي ص: 23. مطبعة الترقي الماجدية ... سنة 1331 هـ. (¬5) انظر قواعد المقري - اللوحة الأولى - أ.

أنواع القواعد

أنواع القواعد: وعلى ضوء التعاريف السالفة، وبتتبع صيغ القواعد المختلفة، وما تضمنتها من أحكام شرعية لفروع كثيرة، بعضها من باب واحد، وبعضها الآخر من أبواب شتى - يمكن أن نستنتج أن القواعد الفقهية نوعان: نوع عام، ونوع خاص. أ - النوع العام هي تلك القواعد الجامعة لأحكام عدة - من أبواب مختلفة - غالبًا - يصح في مضمونها أن يطلق عليها - بلغة العصر - النظريات العامة للفقه الإسلامي لاستيعابها أحكاما لا تحصى - في أقصر عبارة، وأوسع دلالة. وهذا النوع يتفرع إلى فرعين: فرع متفق عليه، وفرع مختلف فيه. فالفرع الأول يراد به تلك القواعد العامة التي اتفق الفقهاء عليها - كقاعدة، وعلى أغلبية أحكام المسائل المدرجة تحتها، لذا كانت صيغها خبرية، مثل، قاعدة "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح (¬6) "، و"الأصل منع المواعدة بما لا يصح وقوعه في الحال حماية (¬7) "و"الضرورات تبيح المحظورات (¬8) ". ولم يذكر الونشريسي في كتابه "إيضاح المسالك ... " من قواعد هذا الفرع إلا نحو سبع عشرة قاعدة. ¬

_ (¬6) القاعدة (34) من إيضاح المسالك ص: 226. (¬7) القاعدة (65) من إيضاح المسالك ص: 285. (¬8) القاعدة (97) من إيضاح المسالك ص: 372.

أما الفرع الثاني، فأعني به تلك القواعد العامة التي اختلف الفقهاء في شأنها، وفي أحكام القضايا المدرجة أو القابلة للاندراج تحتها، لذا ترد صيغها مقرونة بالاستفهام، كقولهم: "الظن هل ينقض بالظن أم لا (¬9)؟ و "العقد هل يتعدد بتعدد المعقود عليه أم لا (¬10)؟ ، و"مضمن الإقرار هل هو كصريحة أم لا؟ (¬11) ". وجل قواعد إيضاح المسالك من هذا القبيل. ب - النوع الخاص - من القواعد -: أعني به تلك القواعد التي تندرج تحتها أحكام متشابهة لنوازل كثيرة من باب واحد - غالبًا. وقواعد هذا النوع -أيضًا- منها ما اتفق عليه، كقولهم؛ "كل كفارة سببها معصية فهي على الفور (¬12) "، و"كل ماء لم يتغير أحد أوصافه طهور (¬13) ". و"كل طير مباح الأكل (¬14) ". ومنها ما اختلف فيه، كقولهم: "كل عضو غسل يرتفع حدثه أولًا، إلا بالكمال والفراغ (¬15) " و"كل جزء في الصلاة قائم بنفسه، أو صحة أولها متوقف على صحة آخرها (¬16) ". ¬

_ (¬9) القاعدة (7) من إيضاح المسالك ص: 155. (¬10) القاعدة (56) من إيضاح المسالك ص: 269. (¬11) القاعدة (114) من إيضاح المسالك ص: 405. (¬12) انظر المنجور ص: 2 م - 2. (¬13) انظر شرح المنجور على المنهج المنتخب م - 2 ص: 2. (¬14) نفس المصدر (¬15) انظر القاعدة (17) ص: 187. (¬16) انظر القاعدة (29) ص: 210.

ومما تقدم يمكن تقسيم القواعد الفقهية إلى أربعة أقسام: أ - قواعد فقهية عامة مسلمة لا خلاف فيها، يندرج تحتها أحكام لمسائل من أبواب شتى - غالبا. ب - قواعد فقهية عامة، كسابقتها، بيد أنَّه اختلف فيها، وفي أحكام القضايا التي تندرج تحتها، وهي أصول الخلاف في المذهب. ج - قواعد خاصة مسلمة، لا اختلاف فيها، ولا في فروعها - غالبا - وتندرج تحتها أحكام متشابهة من باب واحد غالبا. وهذه القواعد الخاصة يسميها البعض ضوابط، وعرفت عند المتأخرين بالكليات، وألفوا فيها (¬17). د - قواعد خاصة كسابقتها، لكنها اختلف فيها، وفي فروعها، وتجمع أحكاما متشابهة من باب واحد غالبا. ولا يفهم من هذا كلّه أن أحكام القواعد الفقهية أمر مطرد، بل إنها أغلبية، شأنها في ذلك شأن قواعد علوم أخرى، إذ لكل قاعدة شواذها، وربما القواعد الفقهية أكثر من غيرها في هذا الشأن، بحيث قلما تجد قاعدة ليس لها استثناءات في فروع الأحكام التطبيقية، لكون الفقهاء يرون أن تلك المسائل، أو الصور المستثناة من قاعدة ما، هي أليق بالتخريج على قاعدة أخرى، أو أنها تستدي أحكامًا استحسانية خاصة، مثلًا قاعدة "لا ينسب إلى ساكت قول"، استثنى الفقهاء منها عدة مسائل، يكون السكوت فيها كالنطق، كسكوت البكر عند استئمارها، ¬

_ (¬17) وممن ألف فيها المقري، وابن غازي.

الفرق بين أصول الفقه وقواعد الفقه

وسكوت الشفيع عن طلب الشفعة حين علم البيع ... لذا تمم البعض القاعدة السالفة بقوله "ولكن السكوت في معرض الحاجة بيان (¬18) ". الفرق بين أصول الفقه وقواعد الفقه: تعريف أصول الفقه: لقد عرف الأصوليون (أصول الفقه) بتعاريف، منها: قول صاحب المنهاج: "أصول الفقه معرفة دلائل الفقه إجمالا، ومعرفة كيفية الاستفادة منها، ومعرفة حال المستفيد (¬19) "، (19) وقول الخضري: "أصول الفقه هي القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام الشرعية من الأدلة (¬20) ". ويؤخذ من التعريف الأول أن مدلول أصول الفقه هو معرفة العناصر الثلاثة الواردة فيه، وبعبارة أخرى اعتبر مدلول الأصول (العلم) نفسه لا المعلوم بينما الثاني عكس بجعله مدلول أصول الفقه نفس القواعد والدلائل، وربما لهذا الاعتبار أو ذاك نرى الأصوليين يطلقون "أصول الفقه" على ¬

_ (¬18) انظر (مصادر الحق في الفقه الإسلامي) ج 1 - ص: 126 - 127. للدكتور عبد الرزاق السنهوري. مطابع دار المعارف بمصر. (¬19) انظر المنهاج للبيضاوي بشرح الإسنوي. (¬20) انظر (أصول الفقه) ص: 13 - المكتبة التجارية الكبرى بمصر الطبعة السادسة.

الأدلة التي يحتج بها في الأحكام، وهي الكتاب، والسنة، والإجماع ... كما يطلقونها على القواعد التي بها يتوصل إلى معرفة الأحكام الشرعية. وإزاء هذا التجاوز يمكن أن يفرق بين (أصول الفقه) و (قواعد أصول الفقه)، بأن أصول الفقه هي تلك المصادر أو المنابع التي هي مناط استنباط الأحكام الشرعية منها، أما قواعد أصول الفقه فهي تلك المناهج والمعايير التي تستخدم لأجل استنباط الأحكام، كالأمر إذا أطلق ينصرف للوجوب، والنهي للتحريم، والنص يقدم على الظاهر، والظاهر على المؤول، والمنطوق على المفهوم، والمبين على المجمل، وغيرها من القواعد التي وضعت لتعرض عليها الأدلة الجزئية، فما انطبقت عليه حكم بقبوله وما لا فلا. أما القواعد الفقهية فقد سبق تعريفها، وهي التي أخذت من كلام إمام من أئمة الاجتهاد، فمثلًا المالكية استنبطوا مذهبهم من كلام إمامهم مالك بن أَنس، ودونه في موطئه أو نقل عنه في المدونة، والنوادر والبيان والتحصيل، وسواها، ونظير ذلك تخريج الأقاويل. وعلى أي فأصول الفقه باعتبارها مصادر للفقه الإسلامي نوعان: نوع مشترك أجمع عليه أئمة المذاهب في الاستنباط منه، هو الكتاب والسنة والإجماع. ونوع خاص اعتمده بعض الأئمة فقط، مثل الاستصلاح والاستحسان ...

أصول مذهب مالك

وكنتيجة حتمية لاختلافهم - في النوع الخاص - تفاوتت الأصول المعتمدة في استنباط الأحكام لدى كل مذهب، فكان المذهب المالكي أكثر اتساعا، كما يتضح ذلك من استعراضها فيما يلي: أصول مذهب مالك: ذكر أبو الفضل راشد بن أبي راشد الوليدي (ت 765 هـ) - في كتابه (الحلال والحرام) عن شيخه أبي محمد صالح (ت 631 هـ) - أن الأصول التي بنى عليها مالك مذهبه ستة عشر: نص الكتاب، وظاهر الكتاب (وهو العموم)، ودليل الكتاب (وهو مفهوم المخالفة (¬21))، ومفهوم الكتاب، (وهو مفهوم الموافقة (¬22))، وتنبيه الكتاب، (وهو التنبيه على العلة)، كقوله تعالى: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّهِ بِهِ} (¬23) الآية، فإِنه تنبيه على علة الحكم، فهذه خمسة، ومثلها في السنة النبوية والمجموع عشرة. ثم الإجماع والقياس، والاستحسان، وسد الذرائع، وعمل أهل المدينة، وقول الصحابي، فهذه ستة عشر. واختلف في (مراعاة الخلاف) هل يعد من أصوله أم لا؟ فمرة يراعيه، ومرة لا يراعيه (¬24). ¬

_ (¬21) كذا في الفكر السامي ج 2/ 162، وفي شرح التسولي على التحفة ج 2/ 33 أنَّه مفهوم الموافقة. (¬22) كذا في الفكر السامي ج 2/ 162، وفي شرح التسولي ج 2/ 133، أنَّه مفهوم المخالفة. (¬23) الآية 145 - سورة الأنعام. (¬24) انظر شرح التسولي على التحفة 2/ 133.

وزاد بعضهم العوائد: (العرف)، والأخذ بالأحوط، والبراءة الأصلية، وشرع من قبلنا شرع لنا، والمصالح المرسلة، والاستصحاب، والاستقراء (¬25). وقد أورد جملة منها أبو بكر بن العربي في كتابه (القبس، في شرح موطإِ مالك بن أَنس (¬26)). وناقش بعض الأئمة مالكا في هذه الأصول التي اعتبرها مصادر لفقهه، فتصدى الليث (ت 175 هـ) (¬27) للرد عليه - في رسالته المشهورة (¬28)، كما رد عليه الشافعي، إذ أنَّه أنكر عليه الاستحسان، والقول بالمصالح المرسلة، والقول بعمل أهل المدينة (¬29). وذكر ابن السبكي - في (الطبقات) - أن أصول مذهب مالك تزيد على الخمسمائة - ويعنى بذلك القواعد التي استخرجت من فروعه المذهبية، التي تفرعت عن هذه الأصول الستة عشر، أو النيف والعشرين، علما بأن الإمام مالك، لم ينص - في الواقع - إلا على بعض القواعد القليلة، أما الأغلبية منها، فإنها أخذت من طريقته، وطريقة أصحابه في الاستنباط (¬30). وتعليل الأحكام وإدراج كل زمرة تحت القاعدة التي تلائمها. ¬

_ (¬25) انظر هامش (النور المقتبس في قواعد مالك بن أَنس) لأبي محمد الونشريسي (نجل المؤلف) - مخطوط الخزانة العامة بتطوان رقم 542. (¬26) انظر مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم كـ -1916) ورقم: (ج - 25). (¬27) انظر ترجمته في: (وفيات الأعيان) 1/ 438، و (تهذيب التهذيب) 8/ 459، و (تذكرة الحفاظ) 1/ 207، و (الجواهر المضيئة) 2/ 416. (¬28) انظر الفكر السامي 2/ 148. (¬29) انظر المرجع السابق 2/ 177. (¬30) انظر الفكر السامي 2/ 165.

تدوين القواعد الفقهية

تدوين القواعد الفقهية من الصعوبة بمكان تحديد تاريخ ظهور هذه القواعد بدقة، وإثبات أطوار الصيغ المتعاقبه على كل قاعدة، ما دامت لم توضع دفعة واحدة ولا في وقت واحد، وإنما تكونت مفاهيمها، وصيغت نصوصها بالتدرج - عبر عصور ازدهار الفقه الإسلامي ونهضته، على يد جهابذة الفقه من أهل التخريج والترجيح استنباطا من دلالات النصوص الشرعية العامة، ومبادئ أصول الفقه، ومراعاة علل الأحكام، إلى أن اكتسبت صيغتها الأخيرة المأثورة: عن طريق التداول والصقل والتحرير. وكانت تسمى - في البداية - أصولا حسبما يذكر القرافي في الفروق: "إن الشريعة المحمدية اشتملت على أصول وفروع، وأن أصولها قسمان: - أحدهما المسمى (أصول الفقه) وأغلب مباحثه قواعد الأحكام ... - والثاني هو القواعد الكلية الفقهية، وهي جليلة لها من فروع الأحكام ما لا يحصى (¬31). ولعل أول محاولة في تدوينها ما قام به أبو طاهر الدباس (¬32) - إمام الحنفية وراء النهر - وهو ممن عاش في القرنين: ¬

_ (¬31) انظر ج 1 - ص: 3. (¬32) انظر ترجمته في الفوائد البهية ص: 159 - و 187.

الثالث والرابع للهجرة - حيث جمع سبع عشرة قاعدة كلية (¬33)، وصار أبو الحسن الكرخي (ت 340 هـ) يضيف إليها إلى أن أوصلها إلى 37 قاعدة، (¬34)، ثم جاء الإمام أبو زيد عبيد الله بن عمر الدبوسي الحنفي (ش 438 هـ) فدون كتابه (تأسيس النظر) ضمنه طائفة مهمة من القواعد الفقهية العامة والخاصة، مع التفريع على كل منها فوائد جمة، واستطرادات كثيرة، وكان لهذا الكتاب صداه البعيد بالغرب الإسلامي (¬35) ثم جاء ابن نجيم (ت 970 هـ) فألف كتابًا هاما سماه (الأشباه والنظائر) ضمنه كثيرًا من القواعد. وأشهر مؤلفات الشافعية في هذا الباب -كتاب "قواعد الأحكام، في مصالح الأنام" للإمام عز الدين بن عبد السلام (ت 660 هـ) الَّذي يعتبر كتابه من أنفس الكتب في تبيان أسرار التشريع وحكمه، وكتاب "الأشباه والنظائر" للإمام جلال الدين عبد الرحمن السيوطي الشافعي (ت 911 هـ). وأشهر من دون القواعد الفقهية من الحنابلة الفقيه عبد الرحمن بن رجب (ت 795 هـ) الَّذي سمى كتابه (القواعد). ¬

_ (¬33) انظر (الأشباه والنظائر) لابن نجيم ص: 7 - مطبعة واد النيل سنة 1298 هـ وكذلك (الأشباه والنظائر) لجلال الدين السيوطي ص: 4 - 5 مطبعة الترقي سنة 1331 هـ. (¬34) القواعد التي جمعها (الكرخي) - طبعت في آخر صفحات كتاب (تأسيس النظر) للفقيه الدبوسي - المطبعة الأدبية بمصر. (¬35) وربما كان القاضي أبو بكر بن العربي أول من أدخله إلى المغرب. انظر بحث الأستاذ سعيد أعراب عن القاضي ابن العربي المنشور بمجلة دعوة الحق، س (18) ع - 1 ص: 80.

أما بالنسبة للمذهب المالكي، فربما كان أول من كتب في ذلك أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي (ت 684 هـ) الَّذي ضمن كتابه (الفروق) ثمانية وأربعين وخمسمائة قاعدة. كما صرح بذلك في مقدمة الكتاب، ثم جاء بعده أبو عبد الله محمد بن محمد المقري (ت - 758 هـ)، فألف كتابه "القواعد في أصول مسائل الخلاف" استهله بقوله: " ... قصدت إلى تمهيد ألف ومائتي قاعدة، هي الأصول القريبة لأمهات مسائل الخلاف (¬36) ... ". إلَّا أن جملة منها متداخلة، وهي في صيغها - على العموم - غامضة، تحتاج إلى مجهود جبار لتنقيحها وتحريرها، وفكر وقاد لإبراز محتواها العلمي والفقهي. فجاء أبو العباس الونشريسي، فانتقى أهم القواعد، وضمنها هذا المختصر الَّذي أسماه "إيضاح المسالك، إلى قواعد الإمام أبي عبد الله مالك". وجمع تحت كل قاعدة - غالبًا - مجموعة هائلة من المسائل والأحكام، بحيث لو تتبعها الباحث لاستخرج منها - وحدها - مجلدًا ضخما من المسائل الفقهية، وربما حاول أن يضفي عليها شيئًا من الوضوح، إلا أن طبيعة القواعد، والمسائل المدرجة تحت كل قاعدة ومحاولة استيعابها - لم تسمح له بذلك. لهذا كلّه، كان هذا الكتاب فريد نوعه، في مادته، ومنهجه كما أشرت إلى ذلك آنفا. ¬

_ (¬36) اللوحة الأُولى (أ).

أثر هذه القواعد في الدراسات الفقهية

أثر هذه القواعد في الدراسات الفقهية لقد لعبت القواعد الفقهية دورا هاما في تنظيم فروع الفقه الإسلامي بصفة عامة، وفي التفقه والتفقيه، واكتساب الملكة العلمية بصفة خاصة: بما تقوم به من تصوير بارع للمبادئ الفقهية، وكشف آفاقها الواسعة، وحصر مسالكها المتشعبة، وضبطها لفروع الأحكام العملية بضوابط وقوانين في شكل مجموعات، على أساس اشتراك كل مجموعة في العلل، أو تجمعها وحدة المناط، سواء اختلفت موضوعاتها وأبوابها أو اتحدت. وما أشبه عمل الأصولي بعمل الفقيه في هذا الشأن، إذ الأصولي يعتبر القواعد الأصولية هي المعايير الصحيحة لاستنباط الأحكام الشرعية من منابعها الأساسية، فكذلك الفقيه يعتبر القواعد الفقهية معيارا لتنظيم فروع الفقه، وجمع أحكامها المتنوعة والمتشعبة في زمر متعددة، بمراعاته وحدة المناط؛ وبذا ضبطت مسائل الفقه ضبطا محكما، بحيث لو لم توجد هذه القواعد لبقيت الأحكام الفقهية فروعًا مشتة، تتعارض ظواهرها دون أصول تمسك بها في الأفكار وتبرز فيها العلل الجامعة، وتعين اتجاهاتها التشريعية، وتمهد بينها طريق المقايسة والمجانسة (¬37). ¬

_ (¬37) انظر المدخل الفقهي لمصطفى الزرقاء ج - 2 - ص: 29.

ويكفي في أهمية هذه القواعد ما يذكره القرافي في فروقه إذ يقول: " ... وهذه القواعد مهمة في الفقه، عظيمة النفع؛ وبقدر الإحاطة بها، يعظم قدر الفقيه ويشرف، ويظهر رونق الفقه ويعرق، وتتضح مناهج الفتوى وتكشف، فيها تنافس العلماء، وتفاضل الفضلاء، وبرز القارح على الجذع، وحاز قصب السبق من فيها برع، ومن جعل يخرج الفروع بالمناسبات الجزئية دون القواعد الكلية، تناقضت عليه الفروع واختلفت، وتزلزلت خواطره فيها واضطربت، وضاقت نفسه لذلك وقنطت، واحتاج إلى حفظ الجزئيات التي لا تتناهى، وانتهى العمر ولم تقض نفسه من طلب مناها: ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات، لاندراجها في الكليات، واتحد عنده ما تناقض عند غيره وتناسب (¬38) ... ". وعلى وجه الإجمال فإن القواعد الفقهية لها أثر بالغ في الدراسات الفقهية ويتجلى ذلك فيما يلي: 1 - أنها تساعد على التفقه، وفهم أسرار التشريع، واكتساب الملكة العلمية؛ باستقصاء كل صور الفقه التي تستلزم إدراجها تحت قاعدة ما. 2 - أنها تسهل على كل باحث، والمفتي - بصفة أخص - تتبع جزئيات الأحكام واستخراجها من موضوعاتها المختلفة، وحصرها في موضوع واحد، وبذلك يتفادى التناقض في الأحكام المتشابهة. ¬

_ (¬38) انظر المجلد الأول ص: 3.

التشريع الحديث، وأثر القواعد الفقهية فيه

3 - تفسح المجال لدارس الفقه من الارتقاء بدراسة الجزئيات إلى دراسة النظريات العامة بطريقة عملية، بحيث يمكن له تطبيق ذلك على كل القضايا المتجددة في التشريع. التشريع الحديث، وأثر القواعد الفقهية فيه: أ- تعريف التشريع وخصائصه: يراد بالتشريع الحديث: "مجموعة من القواعد التي تنظم الروابط الاجتماعية والتي تقسر الدولة الناس على اتباعها - ولو بالقوة عند الاقتضاء (¬39) ". ويبدو من هذا التعريف أن القواعد الفقهية، والقواعد القانونية يتفقان في ثلاث خصائص: قواعد - تنظيم الروابط الاجتماعية - مصحوبة بجزاء. ولكنهما يختلفان من حيث المصدر والشمول، والغاية، والجزاء ... 1 - من حيث المصدر: فالقواعد الفقهية انبثقت - أساسًا - من تشريع إلهي بحيث من المستحيل أن تجد حكما تضمنته من غير أن يكون مستمدا من كتاب الله، أو سنة رسوله عليه السلام، أو مستلهما من روح الشريعة ومقاصدها ... أما قواعد التشريع الحديث، فإنها منبثقة من عقل الإنسان وقوانين الطبيعة -كما يقولون - لذا كان تشريعًا ناقصًا - كواضعه - ما دام لم يستند إلى تشريع إلهي. ¬

_ (¬39) انظر "أصول القانون" ص: 12 للدكتورين: عبد الرزاق السهوري وأحمد حشمت أبو شتيت. - طبع لجنة التأليف بالقاهرة عام 1950 م.

ب - أثر القواعد الفقهية في التشريعات الحديثة

2 - من حيث الشمول: القواعد المستمدة من شرع الله أشمل وأعم وأصلح، لكونها ترمي إلى تهذيب سلوك الإنسان مع خالقه، وسلوكه مع الأفراد والجماعة؛ وترسم طريق الإصلاح والصلاح للإنسان في العاجل والآجل ... بينما قواعد التشريع الحديث لا تهتم إلا بتنظيم علاقة الأفراد فيما بينهم، وعلاقتهم بالجماعة، وبالمصلحة الدنيوية فقط. 3 - من حيث الغاية: القواعد المستنبطة من تشريع الله غايتها تحقيق العدل والعدالة معا، لذا نراها تخاطب وجدان الإنسان، - في حين قواعد التشريع الحديث هدفها تحقيق العدل فقط: إلى غيرها من الامتيازات التي امتازت بها القواعد الفقهية المستنبطة من الشريعة المحمدية، التي سادت جميع الأقطار الإسلامية، وقامت في ظلها حضارة فريدة، لم تعرفها الإنسانية من قبل؛ - علاوة على ما امتازت به مسطرتها القضائية من التبسيط وعدم التعقيد، وما تميز به قضاؤها من سرعة البت والتنفيذ. ب - أثر القواعد الفقهية في التشريعات الحديثة: لقد استمر التشريع الإسلامي متبوئًا عرش القضاء - في البلدان الإسلامية - خلال قرون طويلة، من غير أن ينافسه قانون سابق، أو لاحق، ولم يتزحزح عن مركزه القيادي، إلا بعد الاحتلالات السياسية والعسكرية للأقطار الإسلامية، ومنذئذ

انسحب التشريع الإسلامي من ميدان القضاء، إلا فيما يسمى بالأحوال الشخصية، وترك المجال فسيحًا - قهرًا - للقانون الفرنسي في بعض البلدان، وللقانون الإنجليزي في بعضها الآخر. ولقد حاولت كثير من الدول الإسلامية - بعد أن من الله عليها بالاستقلال - أن تشرع قانونا يلبي احتياجاتها، وضمنته كثيرًا من الأحكام الفقهية؛ إلا تلك التشريعات جاءت على وتيرة الأسلوب الغربي - غالبًا - بحيث لم تتضمن القواعد الفقهية الإسلامية - كمواد تشريعية إلا نادرا، واستثناء من هذه الحالة، نجد بعض التشريعات الحديثة تضمنت قواعد فقهية بنفس الصيفة التي صاغها بها الفقهاء؛ ولعل أول محاولة - من هذا النوع - بدأت بإصدار مجلة الأحكام العدلية، في عهد الدولة العثمانية سنة (1286 هـ) لكانت شبه قانون مدني، يحتوي على (1851) مادة، تتصدرها (99) قاعدة من القواعد الفقهية، في شكل مواد ذات أرقام متسلسلة كالقوانين الحديثة، ثم صدر مرسوم سنة (1293 هـ) يلزم العمل بها، وتطبيق أحكامها في محاكم الدولة؛ وبذلك أصبحت المجلة قانونًا مدنيا عاما منتخبا من الأحكام الفقهية، (¬40) تتوجه القواعد الفقهية بصيغها المأثورة. ¬

_ (¬40) انظر "المدخل الفقهي العام" ج 1 - ص: 210 للدكتور مصطفى أحمد الزرقاء - المطبعة التاسعة. مطبعة طربين - دمشق سنة 1387 هـ - 1968 م.

إن الشريعة الإسلامية التي ختم الله بها الشرائع السماوية - ما ضاقت نصوصها - يوما - ولن تضيق عن تلبية حاجات الناس كافة، ولا وقفت عقبة في سبيل تحقيق مصلحة أو عدالة، بل نراها وسعت مصالح الناس على اختلافهم، وكفى دليلا على ذلك أن الدولة الإسلامية استظلت برايتها - في عصورها الذهبية - أمم متباينة الأجناس والأديان، ومختلفة العادات والأعراف والأوطان، ورغم ذلك استطاعت أن تنظم شؤون تلك الأمم على أحسن ما يرام، وأوجدت حلولا لكل نزاع أو خصام، وما حدثنا التاريخ - قط - أن المسلمين اضطروا إلى الالتجاء إلى تشريع غيرهم، بل كانوا كلما فتح الله لهم أرضا؛ إلا وفتع العلماء أبوابا من الاجتهاد والاستنباط، وما عجزوا - قط - عن إيجاد حلول لكل ما استجد من مشاكل الحياة، ولا وجدوا أن الشريعة السمحة - أهملت مصلحة من مصالح العباد. فالتشريع الإسلامي الَّذي أصلح أول الأمة - وجعلها خير أمة أخرجت للناس - كفيل أن يصلح آخرها - إن هي عادت إلى كتاب الله، واستلهمته في وضع قوانينها وأحكامها، وآمنت إيمانا عمليا بقول الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنِ احْكُمْ بَينَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} (¬44) "، وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَينَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} (¬45) ... " وقوله: " {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَينَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} (¬46) ... ". ¬

_ (¬44) الآية 49 - سورة المائدة. (¬45) الآية 105 - سورة النساء. (¬46) الآية 56 - سورة النور.

تحقيق الكتاب

تحقيق الكتاب حينما اخترت كتاب "إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك" -لأبي العباس الونشريسي- موضوعًا جامعي، وجب علي أن أقرأ الكتاب قراءة مقارنة، وكان البحث عن أصول الكتاب المخطوطة وصلتها بالمؤلف، من أولى الخطوات في هذا السبيل، وأعني بالصلة أن تكون النسخة مخطوطة المؤلف، أو مقروءة عليه - تحمل دليلا على هذه القراءة، أو مكتوبة على نسخة مباشرة، أو بواسطة معارضتها عليها - على الأقل. ولكن تحقيق هذه الصلة ليس بالأمر الهين، فالزمان بحوادثه - قد ألحق بالجمهرة من عيون التراث الإسلامي ما لا يجهله كل باحث في هذا الميدان، من ألوان التبديد والإفناء. نسخ الكتاب واختلافها: ورغم ذلك، فإن المكتبات - سواء منها العامة أو الخاصة - حفظت لنا نسخًا عديدة منه ومختلفة، ولكنها - وياللأسف - ليست هناك واحدة منها لها صلة بالنسخة (الأم)، والظاهرة التي تطبع هذه النسخ جميعها، أنها كلما كانت أقدم صدورا عن المؤلف، كانت أوجز وكلما كانت حديثة العهد بالمؤلف، كانت أكثر تفصيلا للمسائل، وأوسع استيعابًا للنوازل. وعلى وجه التقريب، يمكن أن نقسم النسخ التي صدرت عن المؤلف إلى أصول ثلاثة:

1 - أصل قديم الصدور عن المؤلف - وهو موجز. 2 - أصل متوسط يزيد قليلا عن سابقه، وينقص الكثير من التفصيلات عن الَّذي يليه. 3 - ثم حديث العهد بالمؤلف. ويقوم هذا الكتاب على أن هناك أما أولى لهذه النسخ جميعا، وهي التي كتبها المؤلف - وهو بالجزائر - في حدود سنة (870 هـ ـ) ولعلها كانت من ضمن ما ضاع من كتبه حين انتهبت داره (¬48)، وعنها تتفرع سائر الأصول التي تتمثل في مجموعات، يسهل تصور أطوارها - عن أصولها وأمهاتها في الرسم التالي: النسخة الأم: • فرع قديم -> نسخة ت • فرع متوسط -> عقيم • فرع حديث -> [نسخة (الأصل) (د)، نسخة ق، نسخة خ] ¬

_ (¬48) انظر قسم الدراسة (الفصل الأول) ص: 18 من الرسالة.

والذي يظهر أن الأصل الحديث من هذه الأصول، هو الَّذي بقي بين يدي المؤلف حتَّى الأيام الأخيرة من حياته، فظل التنقيح يلاحقه، وأضاف إليه كثيرًا من المسائل والفروع؛ وبذلك أصبح ناسخًا للأصول التي كانت قبله، معبرًا عن الصورة الأخيرة للكتاب. ومن هنا كان البحث عن الأصول الحديثة - أساسا أوليا لتحقيق هذا الكتاب. أما الأصول القديمة والمتوسطة، فقد نسخها ما جاء بعدها من الأصول: ولذلك أسقطتها من الحساب، حتَّى لا أثقل الكتاب بكثير من الحواشي بدون فائدة. والنسخ التي اعتمدتها في تحقيق هذا الكتاب ثلاث: الأولى: صورة عن نسخة مخطوطة محفوظة بالخزانة العامة بالرباط رقم (د - 2611) وهي التي اعتبرتها الأصل، لأنَّها مقابلة على نسخة مصححة لأبي محمد عبد الواحد الونشريسي (¬49) (ولد المؤلف)، وقد كتبت في حياته (¬50) وليس فيها أي بتر، عدا تآكل حرف أو حرفين من بعض سطروها الأوائل - في بعض لوحاتها، وقد كتبت بخط مغربي جميل، ودقيق للغاية، استوعبتها ثلاث عشرة لوحة. مقياسها (18× 12) سم، سطورها (37) غالبا، في كل سطر نحو ثلاث وعشرين كلمة. الثانية صورة عن نسخة مخطوطة مودعة بالخزانة العامة بالرباط رقم (76 - ق) وهي التي أرمز لها بحرف (ق) وقد ¬

_ (¬49) ويشير كثيرا إلى هذا الأصل أبو العباس المنجور في شرحه على المنهج المنتخب. (¬50) كما يدل على ذلك ما جاء في آخر النسخة من الدعاء له بطول البقاء.

منهج التحقيق والمصطلحات

كتبت بخط مغربي عادى سنة (963 هـ). وهي في سبع وعشرين لوحة، مقياسها (15 × 15) سم. سطورها ما بين (25 و 27)، وفي كل سطر ما بين (15 و 18) كلمة. الثالثة صورة عن نسخة مخطوطة خاصة، انفردت بزيادات لا توجد بغيرها، وهي التي أرمز لها بحرف (خ). وقد كتبت بخط مغربي واضح - نسبيًا - وعدد لوحاتها أربع وعشرون، ومقياسها (17 × 11) سم، سطورها (25) غالبا، وفي كل سطر ما بين 19 و 22 كلمة. منهج التحقيق والمصطلحات: والمنهج الَّذي اخترته لتحقيق الكتاب يتمثل في - محاولتي - إخراج النص كما أراده المؤلف: أو قريبا من ذلك على الأصل - ومحاولتي - إرجاع كل نص إلى أصله، وذكر القول الراجح، أو المشهور في كل مسألة خلافية - ما وسعنى ذلك. وربما عززت ذلك ببعض الأحاديث والآثار وقد أعطيت للقواعد أرقاما متسلسلة، وضعتها في عناوين جانبية، مفصولة بهلالين عن النص. "" وجعلت أسفل المتن حاشيتين: إحداهما للفروق، وهي خاضعة لحروف (أبجد ... ) وربما أثبت في صلب المتن بعض زيادات انفردت بها إحدى النسخ، أو اقتضاها المقام، وجعلتها بين قوسين (). والحاشية الأخرى خصصتها للتعاليق، ورمزت لها بالأرقام العربية (1 - 2 - 3).

وترجمت للأعلام الواردة في النص تراجم مقتضبة، مكتفيا بالإحالة على مصادرها، لمن أراد الاستيعاب، وبينت أرقام الآيات وسورها. وبالنسبة للمصادر اكتفيت بالإشارة إلى الجزء والصفحة - في التعاليق - ورمزت بحرف (ج) للجزء من كتاب ذي أجزاء متعددة. وبحرف (ص) للصفحة، وأحيانا أكتفي بذكر رقم الجزء، ورقم الصفحة فقط، مفصولا بينهما بخط مائل هكذا مثلًا - (الحطاب 4/ 99). وإذا كان الكتاب طبع على الطبعة الحجرية، فأرمز بحرف (م) للملزمة، وبحرف (ص) للصفحة. أما الكتب المخطوطة، فأذكر بدل الصفحة (الورقة) - في المخطوط - و (اللوحة) في المصور منها. وتفاديًا للتكرار اكتفيت بإثبات عناوين المصادر ومؤلفيها، والمطبعة، ومكان وتاريخ طبعها ... في فهرس مصادر التحقيق. ووضعت فهارس مفصلة آخر الكتاب تلقي أضواء كاشفة عن موضوعاته وأبحاثه. أحمد بو طاهر الخطابي الرباط فاتح صفر 1398 18 يناير 1978

مقدمة المؤلف

"مقدمة المؤلف" "إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك" بسم الله الرحمن الرحيم صلى (أ) الله على سيدنا ومولانا (ب) محمد، وعلى (ج) إله وصحبه وسلم. قال الشيخ الفقيه الإمام العالمُ العلامة المدرس، أبو العباس: أحمد بن يحيى بنِ محمد بن عبد الواحدِ بنِ علي الونشريسي -رحمه الله-: الحمد لله الَّذي أعلى دين الهدى والحق على كل (¬1) الدين (5)، الحكم العدلِ العلي المبين، والصلاة والسلام الأكملان على سيدنا ومولانا محمدٍ النبي المهيمنِ الأمينِ، خاتمِ الأنبياء والمرسلين، وسيدِ الأمة وكافةِ الخلقِ أجمعين، وعلى آله وأزواجه وذريته المقربين الأكرمين، وأصحابه وحزبِهِ وعِتْرته (¬2) وعشيرته الاقربين (¬3)؛ صلاةً وسلامًا نجدهما يوم الدين. وبعد: _______ (أ) ق (وصلى) ممحوة في خ. (ب) ساقطة في ق. (ج) ساقطة في ق. (د) خ "دين"، وربما كانت أنسب. ¬

_ (¬1) لعله تلميح إلى قوله عَزَّ وَجَلَّ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}. الآية 33 - سورة التوبة. (¬2) عترة الرجل: أسرته، وفصيلته. واختلفوا في معنى عترته صلى الله عليه وسلم، فقيل: أهله الأدنون، وقيل: أهل بيته ... انظر التاج (عتر). (¬3) اقتباس من قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} الآية 214. سورة الشورى.

فإنك سألتَ أيها الفاضل الشريف، الرفيع القدر الأعلى المنيف؛ وَصَل الله سعدَك، ويَمَّنَ قصْدَك، وحَرسَ كنَفك (¬4)، وأعزَّ الأثيل (¬5) شرفك؛ وأجملَ - بمنه (أ) صَوْنَك، وأحسن على ما رمتَه من التحصيل عوني وعونك؛ -: أن أجمعَ لك تلخيصًا مهذب الفصول، محكمَ المباني والأصول (¬6): يسهل عليك أمره (¬7)، ويخِف على الأسماع والقلوب ذكره؛ فكلَّفتني من ذلك عقبةَ لا يقطعها بازل (¬8)، فكيف بمن عن (ب) سنّه نازل؟ وإذا صادفت الوقت في تقاسم بال، وتمانع أحوال، وتعذُّر آمال؛ وملازمة أفكار وتوفُّر أنكاد (¬9)، تذهب الرأي السديدَ أو تكاد! _______ (أ) ساقطة في خ. (ب) خ (سنه عن سنه) - بزيادة (سنه). ¬

_ (¬4) كنفك: جانبك. (¬5) الأثيل: الأصيل، أو القديم، أي شرفك الأثيل، وهو من باب تقديم الصفة على الموصوف. (¬6) كأنه ينظر إلى قول أبي عبد الله المقري في قواعده: "قصدت إلى تمهيد ألف قاعدة ومائتي قاعدة، هي الأصول لمن سمت به الهمة إلى طلب المباني .. " اللوحة الأُولى -أ-. (¬7) ربما يلمح إلى قواعد المقري التي قال فيها الونشريسي - صاحبنا - حسبما يذكره أبو العباس المقري: "إنه كتاب غزير العلم، كثير الفوائد، بيد أنَّه يفتقر إلى عالم فتاح". - انظر "نفح الطيب" 5/ 284 - تحقيق إحسان عباس. (¬8) البازل من الإبل: الَّذي انشق نابه وقوى، ويقال على الرجل الكامل الخبرة والتجربة. (¬9) جمع نكد، "وهو ماجر على صاحبه شرورا وهموما؛ ويبدو أن المؤلف كان يعيش - وقت تأليفه هذا الكتاب - ظروفًا قاسية، وأحداثا أليمة، كانت لها انعكاسات على نفسيته وحياته.

إلى الله منها الشكوى والمفزَع، فعساه يجيب الدعاء ويَسمَع. {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} (¬10) "إذا استدعاه، لا إله إلا هو ربي، عليه توكلت وهو حسبي (¬11). لكن المسارعةَ إلى مرضاة شرفِك الواضح الجبين، من الحق الواجب المتحتم المبين: فجمعت لك - هنا (أ) - هذا النزرَ الَّذي سمح به الفكر الموزع، والقلب الكسير (¬12) المجزع (¬13): معتمدا في قبوله وملاحظته بعين الرضى والإغضا (¬14)، وسلوك السنن الأَجمل الأَرضى؛ - على جميلِ أوصافك، وحسنِ إنصافك؛ وسميته بـ (إيضاحَ المسالك إلى قواعد (¬15) الإِمام _______ (أ) ساقطة في ق. ¬

_ (¬10) اقتباس من قوله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} الآية 62 سورة النمل. (¬11) ضمنه قوله سبحانه: {فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إلا هُوَ عَلَيهِ تَوَكَّلْتُ} الآية 129 سورة التوبة. (¬12) الكسير: المنكسر، وفي الحديث: "أنَا عِنْدَ الْمُنْكَسِرَةِ قُلُوُبهُمْ منَ أَجْلِي". ذكره الغزالي في البداية، وهو حديث ضعيف - انظر الأسرار المرفوعة، في الأخبار الموضوعة - للملَّا القارى ص: 117 - 118. (¬13) لعله أراد به الضعيف القوى. انظر الأساس (جزع). (¬14) الإغضاء - بالهمز - وقصره لضرورة السجع. (¬15) يعني القواعد التي استنبطها جهابذة علماء المذهب من طريقة مالك، وهي أصول وأسس لمسائل الخلاف، وليس المراد بها القواعد الأصولية العامة التي بنى عليها مالك -رحمه الله- مذهبه. انظر قسم الدراسة (الفصل الخامس).

أبي عبد الله مالك" (¬16)، ومن الله أسأل المثوبةَ عليه، والتوفيقَ للأَعمال الصالحة التي تقرب إليه: وهو المسؤولُ أن يجعلنا ممن أحبَّ في ذاته وودَّ وعقد على المصافاة في مرضاته وشدَّ، وسعى في كون صلته طاعة لله وجدّ (¬17)؛ لا إله إلا هو السميع البصيرُ، فنعم المولى ونعم النصير. ¬

_ (¬16) أبو عبد الله مالك بن أَنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحرث الأصبحي المدني، فقيه الأمة، وإمام دار الهجرة، وأحد الأئمة الأربعة عند أهل السنة، كان صلبا في دينه، لا يخاف في الله لومة لائم، ولا سلطة جائر؛ وهب نفسه لخدمة السنة النبوية، وتثبيت الشريعة الإسلامية، وحاول اكتناه أسراراها، والغوص على لآلئها، وتقنين فقهها، قال الإمام الشافعي في حقه: "إذا ذكر العلماء فمالك النجم"! . وكفاه تقديرًا وثقة أن أصح الأسانيد -كما قال البخاري -: ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر، وهو الإسناد المعروف عند المحدثين بالسلسلة الذهبية. وكتابه "الموطأ" يقول فيه ابن العربي: "أنه أول كتاب ألف في الإسلام، بناه عل تمهيد الأصول للفروع، ونبه فيه على معظم أصول الفقه. وقد تتبع ذلك القاضي ابن العربي في كتابه "القبس" واستخرج من نصوصه (الموطأ) الأصول التي بنى عليها مالك مذهبه. ولد مالك -رحمه الله- سنة (93 هـ) على الأصحّ، وتوفي سنة (179). انظر في ترجمته: تذكرة الحفاظ للذهبي ج 1 ص: 207. الانتقاء ص: 47 - 9. ترتيب المدارك ج 1 ص: 104 - 193. الديباج 7 1 - 30. تهذيب التهذيب ج 15 ص: 5. مفتاح السعادة ج 2 ص: 86. (¬17) هذه العبارات: "أحب في ذاته" "عقد على المصافاة في مرضاته". "وسعى في كون صلته طاعة لله ... ، "تبدو عليها نفحة صوفية، علما بأن عصره قد طغت عليه روح التصوف، وبزغ فيه علماء متصوفة، كأبي عبد الله السنوسي، والعلامة الشيخ أحمد زروق الفاسي .... وكان للمؤلف - مع بعضهم - صلات وثيقة، وخاصة: الأخير منهم.

(القاعدة الأولى) الغالب هل هو كالمحقق أم لا؟

(القاعدة الأُولى) الغالب هل هو كالمحقق أم لا؟ (¬1) وعليه سؤر ما عاداته استعمال النجاسة (¬2)، ولباس الكافر، وغير المصلي (¬3) (وإرسال الجارح وليس في (أ) يده) (¬4) ومن أدرك الصيد منفوذ (¬5) _______ (أ) ما بين قوسين زيادة من نسخة (خ) وهي من أمثلة ابن الحاجب في مختصره والمقري في قواعده - وهما من المصادر الأُولى التي اعتمدها المؤلف في هذا الكتاب ولذا أثبتها في الصلب، وجعلتها بين هلالين. ¬

_ (¬1) المراد بالغالب: ما كان احتمال حصوله أقوى من عدمه، والمحقق: ما كان حصوله ثابت الوقوع بدون احتمال. وقد سوى بينهما البعض بحيث ألحق الغالب بالمحقق، وأعطاه حكمه، والبعض الآخر لم يلحقه به ولم يعطه حكمه، والمشهور من مذهب مالك أنهما متساويان في الحكم. انظر مختصر ابن الحاجب. اللوحة (59 - أ)، وقواعد المقري ق: 17 اللوحة: 2 - أ. (¬2) في المسألة ثلاثة أقوال: المشهور أنَّه يراق الماء دون الطعام، والوضوء به مكروه، ولعل ذلك جمعا بين الأحاديث المتعارضة في هذا الشأن. انظر البيان والتحصيل ج 1 ورقة 2 - ب. والمقدمات ج [- ص: 58 - 59. وبداية المجتهد 1 ص: 28 - 30. (¬3) المشهور أنَّه لا يصلي بلباس الكافر وغير المصلي. انظر المدونة ج 1 ص: 35، ومختصر ابن الحاجب بشرح التوضيح ج 1، ورقة 4 - أ، والمعيار ج أص: 3 - 4 - الملزمة 1. (¬4) في المسألة ثلاثة أقوال: والمختار إباحة أكل ما اصطاده. قال ابن الحاجب: "فلو أرسله وليس بيده ففيها - (المدونة) - يوكل" ثم رجع واختير الأول، وثالثها إن كان قريبا أكل - المختصر - اللوحة 59 - أ. وانظر التوضيح ج 1 ورقة 126 - أ. (¬5) لعله من نفذ السهم الرمية، فهي منفوذة، وإلا فكتب الفقه - حسبما وقفت عليه لا تذكر الفعل منه إلا رباعيًّا: (انفذت مقاتله) كما يأتي في نص المدونة.

المقاتل وظن أنَّه المقصود (¬6)، أو اشترك (¬7) مع معلم (ب) وظن أن المعلم القاتل (¬8)، ومن علق الطلاق بالحيض (¬9) أو الحمل في التنجيز والتأخير. _______ (ب) خ - (مع غير المعلم). ¬

_ (¬6) قال في المدونة 2/ 53: "أرأيت إن أدركه وقد أنفذ الكلب مقاتله أو سهمه أو بازه، فأدركه على تلك الحال يضطرب، أيدعه حتى يموت أو يذكيه؟ قال: يفري أوداجه فذلك أحسن، وإن تركه حتى يموت أكله ولا شيء عليه". (¬7) أي اشترك غير معلم مع معلم. وأصل العبارة لابن الحاجب في مختصره - اللوحة 59 ب: "ويعتبر في غير المعلم الذبح كغير الصيد، ولو اشترك مع معلم وظن أن المعلم القاتل قولان". (¬8) ولم يرجح في التوضيح ج 1 - ورقة 126 - أي القولين - واكتفى بالإحالة على قاعدة سابقة له وهي: إذا حصل ما يقتضي الإباحة وعدمها، فإن تيقن أن الصيد مات بالمبيح كل اتفاقًا، وإن شك لم يؤكل اتفاقا؛ وإن ظن أنه مات بالمبيح، فالمشهور عدم الأكل وعليه، فالمرجح في هذه المسألة عدم الأكل، ويؤيده حديث عدي بن حاتم - وهو حديث متفق عليه - قال: (قلت يا رسول الله إني أرسل الكلاب المعلمة فيمسكن علي وأذكر اسم الله؟ قال: "إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليه، فكل ما أمسك عليك. قلت وإن قتلن؟ قال: وإن قتلن - ما لم يشركها كلب ليس معها". انظر فتح الباري ج 12 - ص: 19 - 20. ونيل الأوطار ج 8 ص: 135 - 136. (¬9) ابن الحاجب: "وإن كان محتملا غالبا، مثل إذا حضت أو طهرت تنجز على المشهور. انظر مختصرة - اللوحة 88 - ب، والمدونة ج 3 - ص: 2. قال في التوضيح ج 2 ورقة 164: (وأتى المصنف بهذا المثال في الغالب، لأن الغالب على النساء الحمل). يعني أنه يعتبر الطلاق ناجزا، لأن الغالب على النساء الحيض والحمل.

(القاعدة الثانية) المعدوم شرعا هل هو كالمعدوم حسا أم لا؟

(القاعدة الثانية) المعدوم شرعا هل هو كالمعدوم حسا أم لا؟ (¬1) وعليه إذا تجاوز الرعاف الأنامل العليا هل يعتبر في الزائد قدر الدرهم أو أكثر أم لا؟ (¬2) وإذا فقد الحاضر الماء - وقلنا ليس من أهل التيمم (¬3) - قال التونسي (¬4): يجرى على حكم من لم يجد ماء ولا ترابا (¬5)، وإذا قتل محرمًا صيدا فهو ¬

_ (¬1) المشهور في مذهب مالك، أن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا حقيقة. انظر قواعد المقري - القاعدة (108) - اللوحة - 8 - ب. (¬2) ابن رشد: (وأما أن يجاوز الدم الأنامل الأولى وحصل منه في الأنامل الوسطى قدر الدرهم، فيقطع ويبتدئ؛ لأنه صار بذلك حامل نجاسة). انظر المقدمات ج 1 - ص: 71، وقواعد المقري - القاعدة الآنفة الذكر. (¬3) هو قول مالك في "الموازية" انظر التوضيح ج 1 - ورقة 18 - ب. (¬4) أبو إسحاق إبراهيم بن حسن التونسي إمام جليل من كبار فقهاء المالكية، له شروح حسنة على كتاب ابن المواز، والمدونة (ت 443 هـ) انظر ترجمته في: ترتيب المدارك ج 4 ص: 766 - 769، والديباج المذهب ص: 88 - 89، وشجرة النور الزكية، ص: 108، والفكر السامي ج 4 - ص: 43. (¬5) انظر قواعد المقري - القاعدة (159) - اللوحة 8 - ب وقد حرر القول في هذه المسألة الشيخ ميارة في شرحه الكبير ص: 125.

ميتة (¬6)، خلافا للشافعي (¬7)، وإذا حلف ليطأنها فوطئها حائضا (¬8)، أو ليتزوجن فتزوج تزويجا فاسدا، أو ليبيعن العبد أو الأمة فباعهما بيعا فاسدا، أو ألفيت حاملا (¬9)، أو حلف ليأكلن هذا الطعام ففسد ثم أكله (¬10)، أو حلف على فعل معصية من قتل، أو شرب، ثم تجرأ وفعله (¬11)، وإذا جار في القسم فلا يحاسب ¬

_ (¬6) ابن الحاجب "وما صاده المحرم إن ذبحه فكالميتة للحلال والحرام"، . انظر مختصره - اللوحة 54 - ب. قال في التوضيح - ج 1 ورقة 118 - أ: (وهو مذهب الجمهور وذهب جماعة إلى أنه ليس بميتة، ودليلنا قوله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}. والنهي يقتضي الفساد. وقد أطال ابن العربي - نفسه - في توجيه مذهب الجمهور، وتوهين رأى الشافعي - انظر الأحكام ج 1 - ص: 174. (¬7) أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع الهاشمي القرشي المطلي، نسيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وناصر سنته، أحد الأئمة الأربعة، وإليه نسبت الشافعية. قال إسحاق بن راهويه: قال لي أحمد بن حنبل - بمكة -: تعال حتى أريك رجلا لم تر عيناك مثله، فأقامني على الشافعي. وكان - مع إمامته في الفقه والحديث - حجة في اللغة والشعر، وأيام العرب حاذقا للرمي ... وله مصنفات، أشهرها: (الأم) في الفقه - سبع مجلدات، و (الرسالة)، وتعتبر أول مُؤَلَّف في أصول الفقه، وهذا لا ينافي أن مالكا هو أول من تكلم في أصول الفقه. ولد الشافعي سنة 150 هـ، وتوفي - بمصر - سنة 204 هـ. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 1/ 329، تهذيب التهذيب 9/ 95، الوفيات 1/ 447، تاريخ بغداد 2/ 156، الانتقاء ص: 66، طبقات الشافعية 1/ 185. (¬8) ابن الحاجب - اللوحة 54 - أ: "ولو حلف ليطأنها فوجدها حائضا ... فلو وطئها فقولان". والمشهور الحنث كما في التوضيح ج - أ - ورقة 142 - أ. (¬9) في المسألة قولان: المنصوص عليه الحنث. - انظر المدونة ج 3 - ص: 4، ومختصر ابن الحاجب - اللوحة 54 - ب. (¬10) في المسألة قولان -أيضًا-، والحنث قول مالك في رواية ابن نافع. انظر التوضيح ج - أ - ورقة 142 - أ. (¬11) قال في المدونة: ج - 2، ص: 113: (أرأيت الرجل يقول: والله لأضربن فلانًا، أو لاقتلن فلانًا، قال: يكفر يمينه ولا يفعل، فإن فعل ما حلف عليه فلا كفارة عليه).

ويبتدئ، (¬12) واستقرى (¬13) اللخمي (¬14) خلافا (¬15) (أ)، ولا يحلل وطء الحائض (¬16) ولا يحصن، ولا يوجب رجعة، ولا يكون فيئة - خلافا لعبد الملك (¬17)، وعليه عدم انتقال ضمان المشترى فاسدا إلى المشتري (¬18) - ولو فات المبيع بيده، كوديعة عنده (¬19). _______ (أ) خ (خلافه). ¬

_ (¬12) لأن هذه القسمة معدومة شرعا، وما دامت كذلك فيستأنف فيها القسم. انظر المواق لدى قول خليل - في القسمة -: "ونظر في دعوى جور أو غلط ... ) هامش الحطاب ج - 5 - ص: 345. (¬13) أي خرج خلافا في ذلك. من قرا البلاد يقروها: تتبعها - يخرج من أرض إلى أرض، كاقتراها واستقراها. - انظر لسان العرب، وتاج العروس (قرا). (¬14) هو أبو الحسن علي بن محمد الربعي، المعروف باللخمي القيرواني، الحافظ العمدة، رئيس الفقهاء في وقته (ت 478 هـ) له تعليق على المدونة، أسماه (التبصرة) مشهور معتمد عند الفقهاء، إلا أنه أورد فيه بعض آراء واختيارات خرج بها عن المذهب. انظر الحلل السندسية في الأخبار التونسية. ص: 336. الديباج ص: 203. شجرة النور الزكية، ص: 117. (¬15) لعل تخريج اللخمي للخلاف يرجع إلى الأمثلة التي لم يذكر لها المؤلف مقابلا: "وإذا حلف الخ ... " انظر التوضيح ج - 1 - ورقة 142 - أوورقة: 145 - ب. (¬16) أي على القول المشهور، خلافا لابن الماجشون. انظر مختصر ابن الحاجب - اللوحة 75 - أ. (¬17) أبو مروان عبد الملك بن الماجشون، من أقطاب الفقه المالكي، دارت عليه الفتيا بالمدينة في زمانه (ت 212 هـ). انظر في ترجمته: طبقات الشيرازي، ص: 148. ترتيب المدارك ج 1، ص: 360، وفيات الأعيان ج 2 - ص: 340. الانتقاء ص: 57. (¬18) ابن الحاجب - اللوحة 114 - أ: (قال ابن القاسم: لا ضمان في الفاسد إلا بالقبض). وانظر الحطاب لدى قول خليل: "وإنما ينتقل ضمان الفاسد بالقبض" ج - 4 - ص: 380. والزرقاني ج 5 - ص: 92 - 93. (¬19) أي فلا تضمن إلا بتعد.

(القاعدة الثالثة) وعكس هذه القاعدة قاعدة: الموجود شرعا هل هو كالموجود حقيقة أم لا؟

(القاعدة الثالثة) وعكس هذه القاعدة قاعدة: الموجود شرعا هل هو كالموجود حقيقة أم لا؟ (¬1) وعليه إذا صلى الإمام الراتب وحده، هل لا يعيد ولا يجمع في مسجده لتلك الصلاة أم لا؟ (¬2) وصرف ما في الذمة، (¬3) ثالثها المشهور - إن حل (¬4) أو كان حالا - جاز. ¬

_ (¬1) ذهب المقري في قواعده - القاعدة (205) - اللوحة 16 - ب إلى أن الموجود شرعا هو كالموجود حقيقة. (¬2) المذهب أنه لا يعيد، ولا يجمع في مسجده ة قال المقري في القاعدة السالفة - اللوحة 16 - ب: (فمن ثم قال المالكية إذا صلى الإمام الراتب وحده لا يعيد، ولا يجمع في مسجده لتلك الصلاة). وهو الذي تفيده عبارة المدونة، ج - 1 - ص: 89، ويشير إليه قول خليل: "والإمام الراتب كالجماعة"، - انظر المختصر بشرح الخرشي ج - 2 - ص: 20. ونقل المنجور عن ابن عبد البر في كتابه (الكافي) - "إن في الجمع بعد الإمام قولين". - انظر شرحه على المنهج المنتخب ص: 5 م 2. وقارنه مع مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم (د 554) ورقة: 13 - أ. (¬3) أورده المقري مثالا للقاعدة (883) - (الموجود حكما هل هو كالموجود حقيقة) - اللوحة (55) - ب. والمؤلف -كما ترى - أتى به مثالا لقاعدة (الموجود شرعا .... ) فالموجود حكما - عنده - من قبيل الموجود شرعا، ولذا جعلهما قاعدة واحدة، وهذه عادته في كثير من قواعد هذا الكتاب. (¬4) في كل النسخ (إن حلا) بألف التثنية، ولعل الصواب ما أثبته، وأصل العبارة للمقري في قواعده - القاعدة (883) - اللوحة (55) ب وقد جاءت فيها على الوجه الصحيح (إن حل) وأوردها كذلك المنجور في شرحه ص: 6 - م 2. قال ابن رشد - الحفيد -: "اختلفوا في الرجلين يكون لأحدهما على صاحبه دنانير، وللآخر عليه دراهم، هل يجوز أن يتصارفاها وهي في الذمة؟ فقال مالك: ذلك جائز إذا كانا قد حلا معا، وقال أبو حنيفة: يجوز في الحال وفي غير الحال، وقال الشافعي والليث: لا يجوز ذلك حلا أو لم يحلا. وحجة من لم يجزه أنه غائب بغائب، وأما مالك فأقام حلول الأجلين في ذلك مقام الناجز بالناجز، شريطة أن يكونا حالين معا، وإلا يصبح بيع الدين بالدين. انظر (البداية) ج 2، ص: 200.

(القاعدة الرابعة) انقلاب الأعيان، هل له تأثير في الأحكام أم لا؟

(القاعدة الرابعة) انقلاب الأعيان، (¬1) هل له تأثير في الأحكام أم لا؟ (¬2) وعليه الخمر إذا تخلل أو تحجر (¬3)، ورماد الميتة، والمزبلة، (¬4) ولبن الجلالة، وبيضها، وعرقها، وبولها، ¬

_ (¬1) حكى المنجور اعتراضا على المؤلف - بصيغة التمريض - قائلا: عبر الونشريسي بانقلاب الأعيان. قيل: وليس ببين، وعبر غيره بانقلاب الأعراض، وهي عبارة ابن بشير، وابن شاس، وابن الحاجب، والقرافي ... المنجور ص: 7 م 2. إلا أننا إذا دققنا النظر - ربما - نجد تعبير المؤلف سليما، لأن الانقلاب والتغير يحصلان - هنا للذوات لا للأعراض، فالخمر مثلًا إذا نظرنا إليه بمكبرة نجده يحتوي على المواد الكيماوية التي تسكر، وإذا انعدمت فيه قيل آنئذ: أن الخمر تخلل أو تحجر، وبالتالي ينقلب من ذات نجسة إلى ذات طاهرة، وهذا ما تفيده عبارات شراح خليل لدى قوله: ". وخمر تحجر أو خلل ... " - انظر الزرقاني ج 1 ص: 27، والرهوني ج 1 ص: 73 - 74 - والخرشي خ: 1 - ص: 88، والدردير خ: 1 - ص: 52 علاوة على أن المؤلف لم ينفرد بهذا التعبير، للشيخ زروق -رحمه الله- في شرحه على مختصر خليل، ذكر أن للشيوخ في قطره الحمام قولين - قال: "ومبناهما انقلاب الأعيان" - انظر الحطاب ج: 1 ص: 107. (¬2) يفصل في ذلك بين أن تنقلب إلى صلاح، أو فساد -كما سترى ذلك في الأمثلة الآتية في النص، . وانظر قواعد المقري - القاعدة (49) اللوحة: 4 - ب. (¬3) ذكره خليل في جملة الأعيان الطاهرة: (وخمر تحجر أو خلل) انظر المواق خ - 1 - ص: 97. والزرقاني ج - 1، ص.: 27. والرهوني ج 1، ص: 73 - 74. (¬4) المشهور عدم طهارته، قال في الشامل: "ورماد النجس نجس" - انظر الحطاب ج 1/ 207، والزرقاني بحاشية البناني ج 1 ص: 31، والرهوني ج 1، ص: 77 - 78 لدى قول - خ - "ورماد نجس ودخانه" ص: 5.

ولحمها، (¬5) وعرق السكران، ولبن المرأة الشاربة، (¬6) والزرع والبقول تسقى بماء نجس، (¬7) وعسل النحل الآكلة للعسل المتنجس (أ) (¬8) وقطرة الحمام (¬9) - وهي كثيرة جدًّا. _______ (أ) في جميع النسخ (المنجوس) والتصويب من شرح المنحور. ¬

_ (¬5) هو مما يندرج في قول خ - عاطفًا على الأعيان الطاهرة: "والحي، ودمعه، وعرقه، ولعابه، ومخاطه، وبيضه، ولو أكل نجسا ... " المختصر ص: 5 وانظر نفس الشروح السالفة الذكر. (¬6) ذكر ابن الحاجب في عرق السكران، ولبن المرأة الشاربة - قولين؛ وقال خليل: "والذي اختاره المحققون - الطهارة". انظر مختصر ابن الحاجب بشرح التوضيح ج - 1 ورقة 3 - ب. (¬7) المشهور طهارتهما. المواق ج - أ - ص: 97: "ابن يونس والماء النجس يسقى به شجر أو بقل فالثمرة والبقل طاهرتان"، وذكر في التوضيح ج - 1 ورقة 4 - أ - أنه قول يحيى بن عمر. (¬8) هو مما يستحيل إلى صلاح كبيض الحيوان، ولبنه. انظر المنجور - ص: 6 م 2. (¬9) ذكر البرزلي عن ابن قداح، أن الصحيح طهارة عرق الحمام، وما سقط من سقفه. انظر الحطاب 1/ 107.

(القاعدة الخامسة) المخالط المغلوب هل تنقلب عينه إلى عين الذي خالطه، أو لا تنقلب، وإنما خفى عن الحس فقط؟

(القاعدة الخامسة) المخالط المغلوب هل تنقلب عينه إلى عين الذي خالطه، أو لا تنقلب، وإنما خفى عن الحس فقط؟ (¬1) وعليه الخلاف في مخالطة النجاسة بقليل (أ) الماء، (¬2) أو بكثير الطعام المائع؛ (¬3) وبالأول (¬4) قال أبو حنيفة، (¬5) وبالثاني (¬6) قال الشافعي (¬7) - رضي الله عنهما. _______ (أ) ق - (لقليل) ولعلها أصوب. ¬

_ (¬1) قال مالك وأبو حنيفة: تنقلب عينه إلى عين الذي خالطه، وقال الشافعي: يخفى عن الحس، ولا ينقلب إليه. انظر قواعد المقري (القاعدة 509) اللوحة 34 - ب. (¬2) في المسألة ثلاثة أقوال، والمشهور طهارته، إلا أنه يكره استعماله مع وجود غيره - جمعا بين الأحاديث المتعارضة في ذلك. انظر بداية المجتهد 1/ 24 - 25. ومختصر ابن الحاجب بشرح التوضيح 1 / ورقة 3 - ب. (¬3) في المسألة قولان، والمشهور تأثير قليل النجاسة في الطعام الكثير. خليل: (وينجس كثير طعام مائع بنجس قليل) - انظر المختصر بشرح الحطاب 1/ 108 - 159. والتوضيح ج 1 - ورقة 4 - ب. (¬4) أي بانقلاب عين المخالط المغلوب إلى عين الذي خالطه، ومر أنه قول مالك، وأبي حنيفة. (¬5) هو النعمان بن ثابت التيمي الكوفي الفقيه المجتهد أحد الأئمة الأربعة (ت 150 هـ). انظر في ترجمته: الجواهر المضيئة 1/ 26، والانتقاء ص: 122 - 171، ومفتاح السعادة 2/ 63 - 83. (¬6) أي القول بأن المخالط المغلوب لا تنقلب عينه إلى عين الذي خالطه، وإنما خفي عن الحس. قال المقري - اللوحة (43 - ب): (والحق أنه يخفيه ولا ينقله). (¬7) تقدمت ترجمته في ص: 146 رقم 7.

وعليه الخلاف أيضًا في اللبن المخلوط بغيره، إذا كان اللبن مغلوبا وغيره غالبا؛ ومذهب ابن القاسم (¬8) وأبي حنيفة لغوه وعدم انتشار الحرمة به، (¬9) ومذهب أشهب (¬10) والشافعي (¬11) اعتباره ونشر الحرمة به (أ) (ب). (¬12) _______ (أ) ساقطة في (خ). ¬

_ (¬8) أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقي المصري من أقطاب الفقه المالكي، جمع بين العلم والزهد، تفقه على مالك ونظرائه، وانتهت إليه الرئاسة بمصر (ت 191 هـ) - انظر الانتقاء ص: 50، والمدارك 2/ 433، والديباج ص: 146، وشجرة النور ... ص: 58. (¬9) أي لعدم التغذية به، وهو القول المشهور، لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنما الرضاعة من المجاعة". انظر بداية المجتهد ج 2 / ص: 18، والتوضيح 2 - ورقة 231 - ب. (¬10) أبو عمرو أشهب بن عبد العزيز بن داوود القيسي العامري البعدي، فقيه الديار المصرية، صحب مالكا وأخذ عنه. قال الشافعي: "ما أخرجت مصر أفقه من أشهب" (توفي 204 هـ). انظر الانتقاء ص: 51 وص: 112. وترتيب المدارك ص: 2 - 447. والديباج ص: 98 وتهذيب التهذيب 1/ 359. (¬11) وهو [قول] ابن حبيب ومطرف من أصحاب مالك. انظر بداية المجتهد - ج: 2/ 38. (¬12) أي لأن اللبن المخلوط عندهم بمنزلة ما لو انفرد، فعينه لم تذهب، وإنما خفي عن الحس، فيبقى له حكم الحرمة. انظر بداية المجتهد ج 2 / ص: 38، والتوضيح 2 - ورقة 231 - ب.

(القاعدة السادسة) العلة إذا زالت هل يزول الحكم بزوالها أم لا؟

(القاعدة السادسة) العلة إذا زالت هل يزول الحكم بزوالها أم لا؟ وعليه الخلاف إِذا زال تغير النجاسة، (¬1) وصحة النكاح بصحة الناكح في المرض قبل الفسخ، (¬2) ولزوم النزول بعد الراحة في ركوب الهدى، (¬3) وإباحة الشبع أو الاقتصار على سد الرمق في المضطر لأكل الميتة، (¬4) وإذا باع الشقص الذي يستشفع به، (¬5) وإذا عتق العبد قبل أن تختار، (¬6) وإذا طلق على الزوج بجنون أو جذام أو برص - ثم برئ في العدة، وإذا ¬

_ (¬1) اختلف في ذلك على قولين: لمن رأى أن الحكم بالنجاسة، إنما هو لأجل التغير - وقد زال، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما - حكم بطهوريته، ومن رأى أن الأصل في زوال النجاسة إنما يكون بالماء، وليس هو حاصلا حكم ببقاء النجاسة. وهذا الرأي اختاره ابن يونس - انظر التوضيح 1 / ورقة 3 - أ. والحطاب على خليل 1/ 84 - 85 عند قول المصنف: "وإن زال تغير النجس ... ". (¬2) ابن الحاجب "فلو صح المريض منهما (يعني الزوجين) قبل الفسخ مضى ورجع إليها، - انظر مختصره بشرح التوضيح - 2 - ورقة 38 - ب. (¬3) المشهور أنه ليس عليه النزول، خليلا، فلا يلزم النزول بعد الراحة" انظر المختصر بشرح الحطاب 3/ 194 - 195. (¬4) اختلف في ذلك على قولين، والمشهور إباحة الشبع، وهو قول مالك في الموطأ ص: 334. وانظر توجيه ذلك في أحكام ابن العربي 1/ 24. (¬5) خليل: "وسقطت (الشفعة) إن قاسم أو اشترى ... أو باع حصته" - انظر المختصر بشرح المواق 5/ 321. والزرقانى بحاشية بناني ج - 5 - ص: 180. (¬6) ابن الحاجب: "فلو أعتق قبل أن تختار سقط" لكون الموجب لخيارها رقه وقد زال، وإذا زالت العلة، زال المعلول -أي خيارها. انظر مختصره بشرح التوضيح ج 2 - ورقة 51.

شرط لزومته إن غاب عنها أزيد من ستة أشهر فأمرها بيدها فغاب ثمانية أشهر فلم تقض حتى قدم، وإذا أحضر ضامن الوجه مضمونه بعد الحكم وقبل الغرم، (¬7) وإذا بتَّل في مرضه تبرعا ثم صح، (¬8) وإذا لم يعلم السيد بنكاح عبده حتى باعه، (¬9) أو الزوج بتبرع زوجته بأكثر من الثلث حتى تأيمت، (¬10) وغير ذلك. (تنبيه) لم يختلفوا إذا زال العيب قبل الرد - أَن لا رد، (¬11) كما لم يختلفوا إذا بطلت رائحة الطيب أنه لا يباح بعد الإحرام، لأن حكم المنع قد ثبت فيه - والأصل استصحابه، (¬12) وليس من (أ) هذا الأصل نكاح المحرم والموافق لنداء الجمعة، _______ (أ) ساقطة من (خ). ¬

_ (¬7) في المسألة قولان؛ والمشهور أنه لا يسقط عليه الضمان بإحضاره، ورب الدين مخير في اتباع الغريم الحاضر، أو الحميل المحكوم عليه بالغرم. - انظر مختصر خليل بشرح الحطاب ج - 5 ص: 115. والزرقاني بحاشية بناني - ج 5 - ص: 37 - 38. والمنجور ص: 15. (¬8) الجمهور على أن تبرعه صحيح. - انظر بداية المجتهد ج 2 ص: 327. والمنجور. ص: 3 م - 3. (¬9) المختار، الإمضاء - انظر المنجور ص: 8 - م 2. (¬10) خليل: "فمضى إن لم يعلم الزوج حتى تأيمت" - انظر المختصر بشرح المواق ج - 5 - ص: 97، والزرقاني ج - 5 - ص: 306. (¬11) قيده المنجور بما إذا كان غير محتمل العود، كذهاب بياض عين، أو موت ولد، ونحو ذلك؛ أما محتمل العود كانقطاع البول في الفراش - ولم يمض عليه كثير السنين، فهذا له الرد فيه اتفاقا - انظر شرح المنجور على المنهج المنتخب ص: 8 - م - 2. (¬12) انظر مختصر خليل بشرح الحطاب 3/ 158 - 159، والزرقاني ج - 2 - ص: 396 و 398.

لأن المنع فيهما لنفس الإحرام والوقت، لا لأمر بان عدمه؛ - قاله ابن رشد، (¬13) وانظر إذا تحمل الأب الصداق عن ابنه في مرضه، وفرعنا على أحد قولي مالك بفساد النكاح، ثم صح الأب؛ هل يجري فيه من الخلاف ما في نكاح المريض إذا صح أم لا؟ في ذلك نظر واضطراب (¬14). ¬

_ (¬13) انظر المقدمات 1/ 371. (¬14) لست أدري لماذا هذا الاضطراب - مع أن النص في المدونة صريح كل الصراحة على أن ذلك جائز، وتحمل الأب لازم له: قال مالك فيما ضمن الأب عن ابنه في مرضه: "لا يعجبني هذا النكاح"، قال " إن صح الأب الذي زوج ابنه في مرضه وضمن عنه الصداق. أيجوز ما ضمن عنه. إن صح في قول مالك؟ قال: إذا صح فذلك جائز، وذلك ضمان عليه، لازم له". انظر المدونة ج - 2 - ص 222.

(القاعدة السابعة) الظن هل ينقض بالظن أم لا؟

(القاعدة السابعة) الظن هل يُنقض بالظن أم لا؟ وعليه تغيُّر الاجتهاد في الأواني، والثياب، والقبلة، (¬1) والحُكم، والفتوى (¬2). (تنبيهان): الأول: قال ابن الحاجب (¬3) - في مختصر "منتهى السول والأمل" (¬4) -: لا ينقض الحكم في الاجتهاديات منه ولا من غيره. - باتفاق - للتسلسل، فتفوت مصلحة نصب الحاكم (¬5). ¬

_ (¬1) أي كاجتهاده في أحد الأواني النجس بعضها، ثم تغير اجتهاده، هل ينتقل أم لا؟ ، وكذلك الثياب النجس بعضها، والقبلة إذا اجتهد في جهتها، ثم تغير اجتهاده، ففي إعادته قولان؛ والمذهب أنه يعيد في الوقت استحبابًا. انظر قواعد المقري القاعدة (125) - اللوحة 15 - أ، والتوضيح 1 / ورقة 33 - ب. (¬2) وكذلك إذا حكم القاضي بعد أن اجتهد، ثم تغير اجتهاده إلى حكم آخر، ومثله المفتي يفتي في نازلة - ما - فيتغير اجتهاده فيها. (¬3) أبو عمرو عثمان بن أبي بكر المعروف بابن الحاجب المصري الدمشقي، ثم الإسكندري، من كبار فقهاء المالكية، كان حجة ثبتًا، ورعًا، ذا أخلاق عالية، ركنًا من أركان العلم والعمل، له مؤلفات في: الفقه، والأصول، وعلوم العربية، أهمها في الفقه مختصراه: الأصلي والفرعي (ت 646 هـ) انظر (وفيات الأعيان) ج 2 - ص: 413، مفتاح السعادة 1/ 117، شجرة النور الزكية ص: 167، و"الفكر السامي" 4/ 65. (¬4) العنوان الكامل (منتهى السول والأمل، في علمي الأصول والجدول). (¬5) انظر صفحة 161.

وفي مختصره الفقهي (¬6): فلو حكم قصدا فظهر (أ) أن غيره أصوب، فقال ابن القاسم: "يفسخ الأول، وقال ابن الماجشون، وسحنون (¬7): لا يجوز فسخه، وصوبه الأئمة (¬8) ". فتأمل ما يكون جوابا عن معارضة نقليه (¬9). الثاني: حكم الحاكم، ينقض في أَربعة أشياء: - إذا خالف الإجماع، أو القواعد، أو القياس الجلي، أو النص الصريح (¬10)، _______ (أ) - ق - (فظن). ¬

_ (¬6) من المختصرات المشهورة في فقه مالك، استخرجه - مؤلفه - من نحو ستين كتابًا، شرحه ثلاثة أعلام من تونس في عصر واحد، وهم: ابن راشد القفصي، وابن عبد السلام، وابن هارون، وأشهر شروحه (التوضيح) للشيخ خليل. ومختصر ابن الحاجب من المصادر الأولى لأبي العباس الونشريسي في هذا الكتاب، وهو مخطوط توجد منه نسخة بالخزانة العامة بالرباط، تحت رقم (515 - ك). (¬7) أبو محمد عبد السلام بن سعيد بن حبيب التنوخي، المشهور بسحنون، انتهت إليه رئاسة العلم بإفريقية، في وقته، وكان زاهدًا ورعًا، لا يهاب أحدا في قول الحق - مهما كانت النتائج والمشاق، وكتابه (المدونة الكبرى) التي سمعها من ابن القاسم هو عمدة المذهب، أفردت ترجمته بالتاليف (ت 240 هـ). وانظر المدارك 2/ 585، معالم الإيمان 2/ 49، الحلل السندسية ص: 05 1. (¬8) انظر باب الأقضية - اللوحة (149 - ب). (¬9) علق أبو عبد الله المقري على الكلام ابن الحاجب في مختصره الأصلي قائلا: (لا يصح هذا الاتفاق .... ) انظر شرح المنجور على المنهج المنتخب ص: 1 م 5. (¬10) قال المقري في قواعده: (كل حكم خالف النص أو الإجماع، أو كان عن غير دليل، أو أخطأ المذهب المقصود، وقيل أو القواعد، أو القياس الجلي فإنه يفسخ). انظر القاعدة 1141 - اللوحة: 61 - أ. وانظر القرافي، الفرق (223) القسم الثاني، ينقض لفساد المدرك، وهو الحكم الذي خالف أحد أربعة أمور: إذا حكم على خلاف الإجماع، ينقض قضاؤه، أو خلاف النص السلم عن المعارض، أو القياس الجلي السالم عن المعارض، أو قاعدة من القواعد السالمة عن المعارض .... ج 4 ص: 40.

(القاعدة الثامنة) الواجب الاجتهاد أو الإصابة؟

(القاعدة الثامنة) الواجب الاجتهادُ أو الإصابة؟ (¬1) وعليه الخطأ في القبلة، (¬2) ومساكين الزكاة والكفارة، (¬3) وجزاء الصيد، (¬4) وفدية الأذى، (¬5) وخطأ الخارص، (¬6) ومن ظن فراغ الإمام بعد غسل دم الرعاف فأتم مكانه ¬

_ (¬1) في قواعد المقري - القاعدة (124) - اللوحة 10 - أ: (اختلف المالكية في المطلوب: أهو الحكم، أم الإصابة، أم استفراغ الوسع المستلزم لها غالبا؟ ). (¬2) اختلف في ذلك على قولين: قيل تلزمه الإعادة - بناء على أن الواجب الإصابة، وبه قال المغيرة، وابن سحنون، وهو مذهب الشافعي. وقيل لا تلزمه الإعادة - بناء على أن الواجب الاجتهاد، وهو قول مالك وأبي حنيفة، بيد أن مالكًا استحب - الإعادة في الوقت. انظر بداية المجتهد 1/ 111 - 112، وقواعد المقري - اللوحة 10 - أ. والتوضيح 1/ 33 - أ. (¬3) أي اجتهد فظنهم فقراء فأعطاهم من الزكاة أو الكفارة، ثم تبين خطؤه فهل تجزئه أم لا؟ قولان. والمشهور عدم الاجزاء -كما في التوضيح 1 / ورقة 81 - ب، قالوا، وهذا إذا لم يل الوالي تفرقتها، وإلا أجزأت اتفاقا -كما يأتي للمؤلف. (¬4) أي إِذا حكم به عدلان فتبين خطؤهما، وأنه يساوي أكثر مما حكما به، لهل يجزئه ذلك أم لا؟ قولان، والمشهور أنه ينقض حكمهما. انظر مختصر ابن الحاجب بشرح التوضيح 1 / ورقة 124 - أ. (¬5) فديه الأذى: هي ما أشار إليه قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} الآية 96 سورة البقرة. وفي الحديث: (صُمّ ثلاثة أيَام، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِين - مُدَينِ لِكُلِّ إنْسَانِ أَوْ نُسُكْ بشاة) - أخرجه الستة عن كعب ابن عجرة. (¬6) أَي خارص التمر والعنب، فتبين غلطه بأن زاد ذلك على تخريصه، هل يزكي الزائد أم لا؟ . والمشهور أنه يزكي الزائد، ويعتبر حكمه خطأ. انظر المدونة 1/ 342، ومختصر ابن الحاجب بشرح التوضيح أ / - ورقة 81 - أ.

ثم أخطأ ظنه، (¬7) ومن تحرى صلاة الإمام وذبحه ثم تبين الخطأ، هل يجزيه ذبحه أم لا؟ . (¬8) وهي قاعدة: (¬9) الحكم بما ظاهره الصواب والحق، وباطنه خطأ وباطل؛ هل يغلب حكم الظاهر على حكم الباطن فتنفذ الأحكام، أو يغلب حكم الباطن على حكم الظاهر فترد الأحكام؟ وعليها ما ذكره في استحقاق المدونة في الموصي ينكشف أنه مملوك بعد نفوذ وصاياه وحكم برقه (¬10). ومن حُكم لموته فجاء حيا، (¬11) أو حُكم بشهادة من اعتقد أنه عدلٌ، ثم ثبت بعد الحكم أنه كان مستجرحًا هل ينقض الحكم أم لا؟ (¬12) وإذا باع القاضي سلع رجل غائب في دين قضاه لمن أثبت الدين على الغائب، ثم أتى الغائب فأثبت ¬

_ (¬7) المذهب أن صلاته صحيحة، هو قول ابن القاسم في المبسوط. انظر التوضيح أ / ورقة 9 - أ، والحطاب على مختصر خليل 1/ 488. (¬8) ابن الحاجب (فإن تحرى فأخطأ، أجزأ على المشهور) - انظر مختصره الفقهي بشرح التوضيح 1/ 135 - ب، والمواق على مختصر خليل 3/ 244 - هامش الحطاب. (¬9) يشير المؤلف بهذا إلى أن قاعدة، (الحكم بما ظاهره الصواب ... )، هي في معنى ما قبلها، وكأنهما قاعدة واحدة، وجعلهما في المنهج المنتخب قاعدتين، انظر المنجور على المنهج المنتخب، ص 604. (¬10) قال في المدونة: 5/ 392 - : (أرأيت لو أن رجلا هلك فأوصى أن يحج عنه، فأنفذ الوصي ذلك، ثم أتى رجل فاستحق رقبة الميت، هل يضمن الوصي أو الحاج عن الميت المال؟ - قال - أرى إن كان الميت حرا عند الناس يوم يباع ماله فلا يضمن له الوصي شيئًا، ولا الذي حج عن الميت). (¬11) قال خليل: ( .... كمشهود بموته إن غذرت بينته، وإلا فكالغاصب وما فات فالثمن) - انظر المواق على الشيخ خليل 5/ 309. (¬12) قال ابن رشد في البداية 2/ 474: (فإن جرحها -أي البينة - المدعى عليه بعد الحكم لم ينتقض عند مالك، وقال الشافعي ينتقض).

أنه قد قضى الدين؛ هل يأخذ سلعه بغير ثمن أو بثمن؟ (¬13) - وسيأتي من فروع هذه القاعدة مزيد بيان (¬14) - إن شاء الله تعالى. (تنبيه (¬15)) - قيد الشيوخ الخلاف في مسألة الزكاة فيما إذا ظهر أن آخذها غير مستحق، كالغني، والعبد، والكافر؛ - بما (أ) إذا كان دافعها لهم ربها. وأما إن كان المتولي لدفعها لكل واحد من هؤلاء - الإمام، فإنها تجزئ ولا غرم عليه ولا على ربها، لأنها محل اجتهاد، واجتهاده ماض نافذ. _______ (أ) ساقطة في ق. ¬

_ (¬13) المشهور أنه لا يأخذ شيئًا مما بيع عليه، حتى يدفع الثمن للمشتري، قاله ابن يونس. انظر المواق على مختصر خليل 5/ 309 - هامش الحطاب. (¬14) انظر قاعدة: (الحكم هل يتناول الظاهر والباطن، أم لا يتناول إلا الظاهر فقط) - في آخر هذا الكتاب. (¬15) الأنسب ذكر هذا التنبيه عند قاعدة (الواجب الاجتهاد، أم الإصابة) لأنه تقييد لبعض أمثلتها؛ وكأن المؤلف اعتبرهما قاعدة واحدة، ولذا آخره إلى هنا.

(القاعدة التاسعة) النسيان الطارئ هل هو كالأصلي أم لا؟

(القاعدة التاسعة) النسيان الطارئ هل هو كالأصلي أم لا؟ وعليه لو رأى نجاسة (في ثوبه) (أ) في الصلاة ثم نسيها، (¬1) وإذا ذكر الموالاة ثم نسيها، (ب) (¬2) ومن أُمر أن يعيد في الوقت فنسى بعد أن ذكر. (القاعدة العاشرة): كل مجتهد في الفروع الظنية مصيب، أو المصيب واحد لا بعينه؟ اختلفوا فيه، ومن ثم أجمعوا (¬3) على إجزاء (ج) صلاة المالكي خلف الشافعي وبالعكس - وإن اختلفا في مسح الرأس وغيره من الفروع. _______ (أ) ق زيادة (في ثوبه) وهي الأنسب. (ب) جملة (وإذا ذكر الموالاة ثم نسيها) ساقطة في - خ -. (ج) كلمة (إجزاء) ساقطة في - خ -. ¬

_ (¬1) اختلف في ذلك على قولين: قال ابن حبيب تبطل صلاته - وهو الباري على مذهب المدونة، وقيل لا تبطل - واختاره ابن العربي. انظر التوضيح أ / ورقة - ب. والحطاب 1/ 141. (¬2) في المسألة قولان؛ وظاهر المدونة أنه لا يعذر بالنسيان الثاني انظر المدونة 1/ 16 - 17 - ، والحطاب 1/ 228. (¬3) حكى هذا الإجماع، المازري وخرج اللخمي الخلاف في جواز ائتمام أهل المذهب في الفروع الظنية. انظر المنجور ص: 6 - 7 م - 8.

(تنبيه) - قد تقرر مذهبا أنه لا يجوز تقليد أحد المجتهدين للآخر في مسألة القبلة والأواني، (¬4) وجاز ذلك في أكثر المسائل الفرعية، قيل إن الشافعي -رحمه الله سئل عن هذه المسألة، فقيل له: لم جاز أن يصلي المالكي خلف الشافعي وبالعكس- وإن اختلفا في كثير من المسائل والفروع، ولم يجز لكل واحد من المجتهدين في الكعبة (¬5) والأواني - أن يصلي خلف المجتهد الآخر؟ فسكت ولم يجب عن ذلك؛ وأجاب الشيخ عز الدين بن عبد السلام (¬6) -رحمه الله تعالى- عن ذلك بأن قال: "الجماعة للصلاة مطلوبة للشارع، فلو قلنا بالامتناع من الائتمام خلف من يخالف في المذهب؛ - لأدى إلى تعطيل (أ) الجماعات إلا في حالة القلة، أو قلة الجماعات؛ وإذا منعنا من ذلك في القبلة ونحوها، لم يخِلّ ذلك بالجماعة كبير خلل، لندرة وقوع مثل هذه المسائل، وكثرة وقوع الخلاف في مسائل الفروع؛ وهو جواب حسن. قال القاضي أبو الدعائم _______ (أ) ق (تبطيل). ¬

_ (¬4) أي النجس بعضها - وقد اشتبهت فلم يعرف الطاهر من غيره، والصحيح أنه يتحرى ويجتهد، كما سبق في القاعدة السابعة. (¬5) أي في الصلاة إلى القبلة. (¬6) أبو محمد عز الدين بن عبد السلام بن أبي القاسم الدمشقي، الملقب بسلطان العلماء، فقيه شافعي المذهب، بل بلغ رتبة الاجتهاد - ومؤلفاته سارت بها الركبان، من أشهرها: قواعد الشريعة، والإلمام في أدلة الاحكام، وقواعد الأحكام في إصلاح الأنام (ت 660 هـ). انظر فوات الوفيات 1/ 287، وطبقات الشافعية 5/ 80 - 107، والنجوم الزاهرة 7/ 208، ومفتاح السعادة 2/ 212.

سندُ بنُ عنان المصري (¬7): "إنما صحت صلاة أرباب المذاهب بعضهم خلف بعض، لاعتقادهم أنهم يفعلون ما اختلفوا فيه؛ فالشافعي مثلًا، وإن لم يوجب إلا شعرة واحدة من مسح الرأس، (¬8) فإنه يمسح المجموع، وكذلك الحنفي، وإن لم يوحب الفاتحة إلا في ركعة (¬9) (فإنه يقرأ في كل ركعة) (أ) قال: ولذا قال ابن القاسم: لو علمت أن أحدا يترك القراءة في الأخيرتين ما صليت وراءه. فائدة: قال الشيخ العلامة الضابط الرحال: أبو عبد الله محمد بن رشيد (¬10) -بضم الراء، وفتع الشين المعجمة- في _______ (أ) عبارة: (فإنه يقرأ في كل ركعة) ساقطة في الأصل و (ق). ¬

_ (¬7) ويكنى أبا علي سند بن عنان بن إبراهيم الأسدي المصري الفقيه الإمام (ت 541 هـ) الديباج 126، شجرة النور الزكية 125. (¬8) انظر بداية المجتهد 1/ 12، وقوانين ابن جزى ص: 18. (¬9) الذي عند ابن رشد في البداية ج - 1 - ص: 126 أن الواجب عند أبي حنيفة هو قراء القرآن، أي آية اتفقت، والذين رأوا أنها تجزئ في ركعة هم: الحسن البصري، وكثير من فقهاء الكوفة، وانظر الفقه على المذاهب الأربعة ج - 1 - ص: 229. (¬10) أبو عبد الله محمد بن عمر الفهري السبتي المعروف بابن رشيد الإمام المحدث المتبحر في علوم الإسناد والرواية، الحافظ، الرحالة، رحل لأداء فريضة الحج سنة 683 هـ ودخل أفريقيا ومصر والحجاز، والشام، وأخذ عن كثير من الأئمة، وقد دون رحلته هذه، وأسماها بـ "ملء العيبة فيما جمعته بطول الغيبة، في الوجهة الوجيهة إلى مكة وطيبة" - (ت 721 هـ) انظر ترجمته في: "الدرر الكامنة" ج 4 - ص: 229، "ددرة الحجال " ج 2 - ص: 96، "شجرة النور" ص: 215.

(رحلته) - وهو كتاب حسن، عزير النفع، جليل الفوائد؛ (¬11) -: لقيت الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، (¬12) أول يوم رأيته بالمدرسة الصالحية دخلها لحاجة عرضت له، فسلمت عليه وهو قائم، وقد حف به جمع من طلاب العلم، وعُرضت عليه ورقة سئل فيها عن البسملة في قراءة (أ) فاتحة الكتاب في الصلاة، وكان السائل - فيما ظننته - مالكيا، فمال الشيخ في جوابه إلى قراءتها للمالكي، خروجا من الخلاف في إبطال الصلاة بتركها، وصحتها مع قراءتها، فقلت يا سدي، أذكر في المسألة ما يشهد لاختياركم، فقال: (وما هو؟ ) فقلت ذكر أبو حفص - وأردت أن أقول (الميانشي) (¬13) فغلطت وقلت. ابن شاهين (¬14) - إنه _______ (أ) كلمة (قراءة) ساقطة في (ق) ح. ¬

_ (¬11) توجد نسخة منها مصورة عن نسخة (الاسكوريال) بمعهد مولاي الحسن بتطوان تحت رقم (43). (¬12) أبو الفتح محمد بن أبي الحسن علي بن دقيق العيد، الإمام المالكي الشافعي: المفتي في المذهبين (ت 702 هـ) له تصانيف منها، "إحكام الأحكام" - مجلدان في الحديث. "الإمام في شرح الإلمام" - انظر ترجمته في "الدرر الكامنة"ج 4 ص: 91، و "مفتاح السعادة" ج 2 ص: 219، وفوات الوفيات ج 2 ص: 244. (¬13) أبو حفص عمر بن عبد المجيد بن عمر القرشي الميانشي، جاور بمكة، لم أعثر على تاريخ ولادته، ولا تاريخ وفاته، وإنما الثابت أنه كان حيا سنة (579 هـ) وله مؤلفات منها: "ما لا يسع المحدث جهله" و"المجالس المكية". انظر حاجي خليفة كشف الظنون 1575، وكحالة "معجم المؤلفين" ج 7 ص: 295، وعبد الحفيظ الفاسي "استنزال السكينة الرحمانية؛ بالتحديث بالأربعين البلدانية" ص: 50 طبع تطوان. (¬14) لعله يعني أبا حفص عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين، من حفاظ الحديث، له نحو ثلاثمائة مصنف (ت 385 هـ) انظر في ترجمته "غاية النهاية" ج 1 ص: 588، و"لسان الميزان" ج 4 ص: 283.

قال: صليت خلف الإمام أبي عبد الله المازري، فسمعته يقرأ "لبسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ... )، ولما خلوت به، قلت له: يا سيدي سمعتك تقرأ في صلاة الفريضة كذا، فقال: أو قد تفطنت لذلك؟ فقلت له: ياسيدي، أنت اليوم إمام في مذهب مالك، ولا بد أن تخبرني؟ فقال لي: اسمع يا عمر، قول واحد في مذهب مالك، أن من قرأ "بسم الله الرحمن الرحيم" - في الفريضة لا تبطل صلاته؛ وقول واحد في مذهب الشافعي، أن من لم يقرأ "لبسم الله الرحمن الرحيم" بطلت صلاته؛ فأنا أفعل ما لا تبطل به صلاتي في مذهب إمامي، وتبطل بتركه في مذهب غيره - لكي أخرج من الخلاف. فتركني شيخنا - رضي الله عنه - حتى استوفيت الحكاية - وهو مصغ لذلك، فلما قطعت كلامي، قال: هذا حسن، إلا أن التاريخ يأبى ما ذكرت (¬15)، فإن ابن شاهين لم يلق المازري، فقلت: إنما أردت الميانشي، فقال: الآن صح ما ذكرته. انتهى (¬16). تنبيه: ظاهر هذه الحكاية يدل على أن التقليد لا يرفع الخلاف، وهو خلاف ما صرح به شهاب الدين (¬17) ¬

_ (¬15) في الرحلة (ذكرته). (¬16) انظر "الرحلة" المجلد الثالث - اللوحة 58 - ب. مخطوط معهد مولاي الحسن بتطوان رقم 43. (¬17) أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي الصنهاجي المصري المعروف بشهاب الدين، الإمام (الحافظ) شيخ الشيوخ، وعمدة أهل التحقيق. له مؤلفات جليلة في الفقه والأصول، منها: (أنوار البروق في أنواء الفروق - في أربعة أجزاء، و (الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام وتصرف القاضي والإمام)، و (الذخيرة) - وهي من الكتب المعتمدة في الفقه المالكي. (ت 684 هـ). - انظر الديباج ص: 62، والفكر السامي 4/ 68.

في قواعده، (¬18) وابن عبد السلام (¬19) في شرحه، وذكر حافط المغرب القاضي أبو الفضل راشد (¬20) - في بعض ما قيد في المسألة - قولين: أحدهما أن أحد الخصمين إذا التزم قوك مالك في نفي حكم أو إثباته، أو في نفي ضمان عن أحد الخصمين، وثبوته على الآخر وفي الحادثة قولان: (أحدهما) (أ) أن تراضيهما بذلك، كقول مجمع عليه قد التزماه، وليس لأحدهما نزوع عن ذلك. والثاني، أن الخلاف لا يرفعه من ذلك إلا الحاكم إذا نزع أحدهما وعزاه إلى محمد بن عمر بن لبابة. (¬21) _______ (أ) (أحدهما هذه الزيادة يقتضيها المقام، ولا توجد في أية نسخة من النسخ. لذا جملتها بين قوسين. ¬

_ (¬18) انظر الفروق ج - 2 ص: 100. (¬19) أبو عبد الله محمد بن عبد السلام الهواري التونسي، قاضي الجماعة بها، الحافظ المتبحر، ومن كتبه: (شرح جامع الأمهات) لابن الحاجب في الفقه المالكي و (ديوان فتاوي) - (ت 749 هـ). انظر الديباج: 336، والحلل السندسية ج 1 - ق 3/ 594، وشجرة النور ص 210، ونيل الابتهاج ص: 242. (¬20) أبو الفضل راشد بن أبي راشد الوليدي، حافظ المغرب -كما يسميه المؤلف، ومن مؤلفاته كتاب: (الحلال والحرام) و (حاشية على المدونة)، (ت 677 هـ) - انظر نيل الابتهاج، ص: 117. شجرة النور ... ص: 201. الفكر السامي ج 4، ص: 7. جذوة الاقتباس ص: 123. (¬21) أبو عبد الله محمد بن عمر بن لبابة القرطبي، كان إماما في الفقه، مقدما على أهل زمانه في حفظ الرأي (ت 314 هـ) - انظر ترجمته في: تاريخ علماء الأندلس ج 2 ص: 34. جذوة الاقتباس ص: 71. الديباج 245. شجرة النور ... 86.

وما للمتيطي (¬22) في النكاح والسلم، وغير موضع من هذا النمط معلوم. والقول بمراعاة الخلاف قد عابه جماعة من الفقهاء، ومنهم اللخمي، وعياض، (¬23) وغيرهما من المحققين؛ حتى قال عياض: القول بمراعاة الخلاف (¬24) لا يعضده القياس. وللشيخ المحقق أبي عبد الله بن عرفة (¬25) -رحمه الله- في القول بمراعاة الخلاف جواب كبير يطول بنا جلبه. وأجاب الشيخ شهاب الدين -رحمه الله- عن مسألة الشافعي بجواب ينبني على قاعدة - وهي: أن قضاء القاضي متى خالف ¬

_ (¬22) أبو الحسن علي بن عبد الله المتيطي، فقيه محقق، عارف بالنوازل، ألف كتابًا كبيرا في الوثالق سماه: (النهاية والتمام في معرفة الوثائق والأحكام) - اعتمده المفتون، والحكام واختصره كثيرون. منهم ابن هارون (ت 570 هـ) - انظر نيل الابتهاج ص (199. شجرة النور 163. الفكر السامي ج 4 - ص 604. (¬23) أبو الفضل عياض بن موسى اليحصبي السبتي، عالم المغرب وإمام أهل الحديث في وقته؛ ألف في مختلف العلوم والفنون، وكتبه في غاية التحرير والإتقان؛ منها: - في الفقه - "التنبيهات المستنبطة، على الكتب المدونة والمختلطة" - في عشرة أجزاء، و"الأجوبة فيما نزل في أيام قضائه من نوازل الأحكام"، (ت 544 هـ). - انظر في ترجمته: "التعريف" لولده أبي عبد الله ص: 2، وأزهار الرياض - ج 1، ص: 23، والوفيات ج 1، ص: 392، وقضاة الأندلس ص: 101، وقلائد العقيان ص: 222، وبغية الملتمس ص: 425، والمعجم لابن الأبار 294، وجذوة الاقتباس ص 227، ومفتاح السعادة ج 2 - ص: 19. (¬24) انظر قواعد المقري (القاعدة 12) - اللوحة 2 - أ. (¬25) أبو عبد الله محمد بن محمد بن عرفة الورغمي إمام تونس وعالمها، له تآليف رائعة في شتى الفنون والمعرفة، منها: مختصره الشهير - في الفقه المالكي، و (الحدود الفقهية)، شرحها الرصاع، واختصار فرائض الحوفي وسواها (ت 803) انظر ترجمته في: نيل الابتهاج ص: 274. البستان ص: 190. الضوء اللامع 9/ 24. شجرة النور ص: 227. الفكر السامي ج 4، ص: 84.

إجماعا، أو قياسا جليا، أو نصا صريحا، أو القواعدة فإنا ننقضه (¬26) كما سلف تقريره (¬27). فإذا كنا لا نقر حكما تأكّد بقضاء القاضي، فأولى أن لا نقره إذا لم يتأكد؛ فعلى هذا لا يجوز التقليد في حكم هو بهذه المثابة لأنا لا نقره شرعا، وما ليس بشرع لا يجوز التقليد فيه؛ فعلى هذه القاعدة كل من اعتقدنا أنه خالف الإجماع، لا يجوز تقليده؛ فإذا كانت القاعدة هذه، حصل الفرق باعتبارها، وبيانه بذكر أربع مسائل. تأمل تمامه في الفرق السادس والسبعين (¬28). تنبيه: قد نظم بعض النبلاء المواضع الأربعة التي ينقض فيها حكم الحاكم فقال: إذا قضى حاكم يوما بأربعة ... فالحكم منتقض من بعد إبرام خلاف نص وإجماع وقاعدة ... ثم قياس جلي دون (أ) إبهام _______ (أ) الأصل (قدك إفهام) خ (دون إبرام). (ق) (دون إبهام) وهي الصواب. ¬

_ (¬26) انظر قواعد المقري (قاعدة 1141) - اللوحة 71 - ب. (¬27) انظر القاعدة السابعة ص: 156 وما بعدها. (¬28) انظر الفروق ج 2 - ص 100.

(القاعدة الحادية عشرة) العصيان هل ينافي الترخص أم لا؟ (أ)

(القاعدة الحادية عشرة) العصيان هل ينافي الترخص أم لا؟ (أ) وعليه تيمم العاصي بسفره وقصره وفطره وتناوله الميتة، (¬1) ومسح المحرم العاصي بلبسه (¬2). _______ (أ) - (تأخير). ¬

_ (¬1) الأصح أنه لا يترخص للعاصي إلا في تناوله الميتة - حفظا للنفوس. انظر مختصر ابن الحاجب بشرح التوضيح ج 1 - ورقة 48 - أ. (¬2) مذهب ابن القاسم أنه لا يمسح على الخفين محرم، لعصيانه بلبسهما. - انظر المواق على خليل ج 1، ص: 320.

(القاعدة الثانية عشرة) الدوام على الشيء هل هو كابتدائه أم لا؟

(القاعدة الثانية عشرة) الدوام على الشيء هل هو كابتدائه أم لا؟ (¬1) وعليه خلاف القابسي، (¬2) وابن أبي زيد (¬3) فيمن أحدث قبل تمام غسله، (¬4) ثم غسل ما مر من أعضاء وضوئه ولم يجدد نية؛ (¬5) وإذا حلف لا دخل الدار - وهو فيها، أو لا ركب ¬

_ (¬1) قيده المقري - في قواعده - (القاعدة 56) - اللوحة 4 - ب. بما إذا لم يتعلق الحكم بلفظ وضع للقدر المشترك بينهما، وإلا فيتفقون. (¬2) أبو الحسن علي بن محمد القابسي القيرواني، كان فقيها أصوليا، حافظا للحديث، عارفا برجاله وعلله (ت 403 هـ) - انظر المدارك ج 4، ص 616 معالم الإيمان ج 3، ص: 168. الديباج ص: 199. شجرة النور ص: 97. (¬3) أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد القيرواني. إمام المالكية في عصره، وكان يلقب بمالك الصغير من مؤلفاته (الرسالة) التي بارك الله له فيها، ويتجلى ذلك في إقبال الناس عليها شرقا وغربا. وهي - في نظري - أحسن كتاب يمكن أن يقدم لكل من يرغب في التزود من الفقه الإسلامي وعصارته، خاليا من التعقيدات المضنية والاختلافات المتشعبة ... وله (النوادر والزيادات على المدونة) - في عدة مجالات. و(مختصر المدونة)، وعلى كتابيه هذين يعتمد أهل المذهب كثيرا. وكتاب (تهذيب العتبية)، وكتاب (الذب عن مذهب مالك) (ت 386 هـ) - انظر المدارك ج 4 ص: 492. معالم الإيمان جزء 3 ص: 135 - 151.الديباج ص: 136 شجرة النور ... ص: 96.شذرات الذهب ج 3 ص: 131 كشف الظنون 841. دائرة المعارف الإسلامية 1/ 80. (¬4) يعني بعد تمام وضوئه وقبل تمام غسله. (¬5) اختلف في ذلك على قولين، والمختار أنه لا يحتاج إلى تجديد نية بناء على أن الدوام على الشيء ليس كابتدائه- انظر مختصر ابن الحاجب بشرح التوضيح ورقة 10 - أ. وقواعد المقري 56 - اللوحة: 4 - ب. والمنجور على المنهج المنتخب ص: 3 م 10.

الدابةَ وهو عليها، أو لا لِبس الثوب وهو لابسه؛ (¬6) أو اقتدى مريض بمثله فصح المقتدي، (¬7) أو قال إذا حملت فأنت طالق - وهي حامل، (¬8) أو فاته الوقوف بعرفة بخطإ في العدد، أو مرض، أو عدم دليل، أو رفيق، أو مركوب؛ فأراد التحلل بأفعال العمرة فتراخى إلى أشهر الحج من قابل، فإنه لا يتحلل؛ فإن تحلل فقال ابن القاسم: يمضي، وقال أيضًا: لا يمضي تحلله، وهما على القاعدة: فعلى أن الدوام كالابتداء فلا يمضي تحلله، وعلى أن لا، فيمضي. (¬9) أو اشترى زوج أمه، أو زوجة أبيه، ولزوم النزول عن الهدى بعد الراحة، (¬10) ووجود الطول بعد نكاح الأمة، (¬11) والماء بعد التيمم، (¬12) ¬

_ (¬6) المشهور في هذه الصور الثلاث أن الدوام كالابتداء، لأن العرف يقتضي ذلك. - انظر مختصر ابن الحاجب بشرح التوضيح ج 1 - ورقة 140 - ب. (¬7) اختلف في ذلك على قولين، قيل يخرج من الصلاة ويتم لنفسه، إذ لا يجوز لقائم أن يأتم بقاعد؛ وقيل: يتمادى مراعاة لمن أجاز ذلك ابتداء، وهو قول يحيى بن عمر، انظر التوضيح ج 1 - ورقة 44 - ب. (¬8) انظر التوضيح 2 - ورقة 146 - ب. (¬9) يبدو من كلام المؤلف أن في المسألة قولين، والذي في التوضيح أنها ثلاثة أقوال: قيل يمضي بناء على أن الدوام كالابتداء، وقيل لا يمضي بناء على أنه ليس كالابتداء. وثالثها يمضي وهو متمتع. - انظر التوضيح 1 / ورقة 119 - ب 120 - أ. (¬10) مر في القاعدة (6): العلة إذا زالت، هل يزول الحكم بزوالها أم لا؟ - أنه لا يلزمه النزول بعد الراحة على المشهور. انظر ص: 153 الحاشية رقم: 3. (¬11) في المسألة ثلاثة أقوال. انظر الحطاب 3/ 474. (¬12) يفصل في ذلك: فإن وجد الماء قبل الصلاة - وكان الوقت متسعا - بطل، وإن وجده أثناء الصلاة لم يبطل. انظر مختصر ابن الحاجب بشرح التوضيح 1 / ورقة 20 - أ.

والإحرام بعد الصيد، (¬13) وكالحدث، فلا يبنى عند الجمهور (¬14)، والخبث في قول المالكية المشهور؛ (¬15) وضمان المغصوب هل يضمن بأرفع القيم؟ كما يقوله ابن وهب، (¬16) وأشهب، وابن الماجشون - بناء على أنه في كل حين كالمبتدئ للغصب، فهو ضامن في كل وقت ضمانا جديدا؛ أو إنما يضمن يوم الغصب كما يقوله المشهور - بناء على أن الدوام ليس كالابتداء؟ . ومن أسلم - وتحته مجوسية أو أمة كتابية (¬17). . (تنبيه) لم يجعلوا الدوام كالإنشاء في البناء في الرعاف، لأنه رخصة؛ (¬18) ولا في طرو اليسر بعد صوم أيام من كفارة الظهار؛ (¬19) وجعلوه كالإنشاء فيمن ألقت الريح الطيب ¬

_ (¬13) اختلف في ذلك على قولين: قيل يزول ملكه عنه ويجب عليه إرساله - وهو المشهور. ومذهب المدونة، وقيل لا يزول وإنما يرسله فقط - وهو قول الأجهوري، وابن القصار. انظر مختصر ابن الحاجب بشرح التوضيح 1 / ورقة 117 - ب. (¬14) أي إذا أحدث في الصلاة فلا يبنى عند الجمهور، لأن الحدث يقطع الصلاة، وقيل يبني - وهو مذهب أبي حنيفة. انظر بداية المجتهد 1/ 179. (¬15) يعني أن النجاسة التي يتذكرها المصلى اثناء صلاته، أو تطرأ عليه غير الرعاف - فهل يبني أم لا؛ المشهور أنه لا يبني. انظر بداية المجتهد 1/ 75 - 76، وص: 179. (¬16) أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم الفهري المصري من أصحاب مالك، جمع بين الفقه والحديث والعبادة. (ت 197 هـ). انظر تذكرة الحفاظ 1/ 279، وتهذيب التهذيب 6/ 7، والانتقاء 58، والوفيات 1/ 249، والديباج 132، وشجرة النور الزكية 58. (¬17) أي فهل يقر عليهما أم لا؟ - قولان. انظر بداية المجتهد 2/ 49. والتوضيح 2 / ورقة 27. (¬18) انظر المقدمات لابن رشد 1/ 72 - 74. (¬19) انظر مختصر ابن الحاجب بشرح التوضيح 2 / ورقة 182 ب.

عليه وتراخى في إزالته وهو محرم، (¬20) وفيمن رأى مصحفا في نجاسة ولم يرفعه مختارا في أنه ردة. (¬21) وانظر إذا أخذ العبد الزكاة ولم تزل بيده إلى أن عتق وبقيت عنده بعد العتق، هل تجزيه - بناء على أن الدوام كالابتداء، أولا؟ (¬22). وإذا عجل الزكاة قبل الحول بكثير، وبقيت إلى حلول الحول؛ (¬23) وقالوا في الفقير يأخذها ثم يستغني: إنه لا يردها - نظرا إلى أن الدوام ليس كالابتداء، (¬24). وقالوا في الغارم يأخذها لقضاء دينه ثم يستغني قبل أدائه -: إشكال. (¬25) قال اللخمي: ولو قيل تنزع (أ) منه، لكان له وجه (¬26). _______ (أ) خ (تنتزع). ¬

_ (¬20) انظر مختصر ابن الحاجب بشرح التوضيح 2 / ورقة 114. (¬21) أي ويجب على من وجده بالقذر أن يخرجه منه ولو كان جنبا. انظر حاشية العدوي على الخرشي 8/ 62. (¬22) ابن الحاجب: (ولو ظهر أن آخذها غير مستحق بعد الاجتهاد، وتعذر استرجاعها فقولان كالكفارة). - اللوحة 40 - ب. قال في التوضيح 1 / ورقة 82 - ب: "والمشهور عدم الإجزاء، وفرق بعضهم: فقال بالإجزاء في الغنى، وبعدمه في العبد والكافر، لأنه ينسب فيهما إلى التفريط، لأن حالهما لا يخفى غالبا". فها أنت ترى أنهم كادوا يتفقون على عدم الإجزاء في العبد. (¬23) قال الحطاب لدى قول: خ: (أو قدمت في عين وماشية) 2/ 361: "ولا أعلم في عدم الإجزاء إذا قدمت قبل الحول بكثير - خلافا في المذهب -كما صرح بذلك الرجراجي في شرح المدونة". (¬24) اللخمي: ومن أخذ الزكاة لفقره لم يردها أن استغنى قبل إتلافها. انظر المواق ج 2/ 352. (¬25) خليل: "وفي غارم يستغنى تردد" - انظر شرح المواق 2/ 352. (¬26) انظر نفس المصدر.

(القاعدة الثالثة عشرة) الأصغر هل يندرج في الأكبر أم لا؟

(القاعدة الثالثة عشرة) الأصغر هل يندرج في الأكبر أم لا؟ (¬1) وعليه إجزاء غسل الرأس عن مسحه (¬2)، والغسل عن الوضوء، (¬3) وإخراج بعير عن خمسة أبعرة، (¬4) واندراج عهدة الثلاث ¬

_ (¬1) المقري (القاعدة 676) اللوحة 44 ب -: "الأصل عدم التداخل، لأن الأصل أن يترتب على كل سبب مسببه؛ لكن أجمعت الأمة على التداخل رفقا بالعباد؛ وقع ذلك للمالكية في الأحداث في الجملة". وانظر فروق القرافي ج 2 - ص: 29، حيث أطال النفس في قاعدة تداخل الأسباب، وقاعدة تساقطها. (¬2) في المسألة ثلاثة أقوال: قيل يجزيه - وهو المشهور الأقوى حتى ادعى ابن العربي الاتفاق عليه؛ وقيل لا يجزيه - لكون حقيقة الغسل ليست هي حقيقة المسح المأمور به، فلا يجزئ أحدهما عن الآخر؛ وقيل يكره - إعمالا لدليل الجواز - مراعاة للخلاف. قال ابن عبد السلام: والأظهر الكراهة. وعن ابن راشد أن القول بعدم الإجزاء أصح. - انظر مختصر ابن الحاجب بشرح التوضيح ج 1 - ورقة 12 ب. ومختصر خليل بشرح الحطاب 1/ 211. (¬3) قال ابن الحاجب في مختصره اللوحة 5 - ب: "ويجزئ في الغسل اتفاقا" - يعني أن المغتسل للجنابة إذا لم يمسح راسه واكتفى بغسله، يجزيه عن الوضوء اتفاقا، لقول عائشة رضي الله عنها: "وأي وضوء أعم من الغسل"؟ إلا أن ابن عبد السلام اعترض هذا الاتفاق، لذا تساءل المؤلف هل يندرج الأصغر في الأكبر أم لا؟ - انظر التوضيح ج 1 - ورقة 12 - ب وورقة 13 - أ. والحطاب ج 1 ص: 211 و 318. والمنجور على المنهج المنتخب ج 1 - ص: 4 - الملزمة: 10. (¬4) خليل: "الإبل في كل خمس ضائنة ... والأصح إجزاء بعير .. " ص: 48، وعلل ذلك بأنه مواساة من جنس المال بأكثر مما وجب عليه. الخرشي ج 2 ص: 149. وذهب القاضي ابن العربي في العارضة: ج 3 - ص: 112 إلى أنه لا يجوز إعطاء بعير عن خمسة أبعرة بدلا من الشاة الواجبة فيها. - وانظر الحطاب ج 2 - ص: 258.

في السنة، (¬5) والعمرة في الحج للقارن، (¬6) ودية الأعضاء في النفس، ومن لزمته حدود وقتل، (¬7) ومن شفع الإقامة غلطا. قال المازري عن بعض أصحابنا - وعزاه ابن يونس لأصبغ؛ بالإجزاء، والمشهور لا، (¬8) وإذا أبان الرأس في الذبح، (¬9) وإخراج زكاة الفطر بالمد الأكبر. ¬

_ (¬5) العهدة في اللغة: الإلزام والالتزام، وفي الاصطلاح: تعلق المبيع بضمان بائعه مدة معينة، والعهدة نوعان: عهدة الثلاث -أي الثلاثة أيام بعد يوم الشراء- وهي صغرى في الزمان، كبرى في الضمان؛ ويرجع ليها المشتري بكل ما حدث فيه عنده في زمانها. وعهدة السنة، وهي كبرى في الزمان صغرى في الضمان، ويرجع ليها بالعيوب الثلاثة. خليل: "ورد في عهدة الثلاث ... وفي عهدة السنة بجذام وبرص وجنون ... أن شرطا أو اعتيد" انظر المختصر بشرحي: المواق والحطاب ج - 4، ص: 473، وص: 475، والخرشي ج - 5، ص: 153 - 155. (¬6) ابن الحاجب (اللوحة 48 - أ): "فتندرج العمرة في الحج". وانظر التوضيح ج 1 - ورقة 100 - أ. (¬7) القرافي: (تفريع)، على هذا يدخل القليل مع الكثير كدية الأصبع مع النفس، والكثير مع القليل، كدية الأطراف مع النفس. - انظر الفرق 57 من فروقه ج -2، ص: 30. (¬8) أي فلا بد من إعادة الإقامة مع الوترية. - وانظر بداية المجتهد ج - 1 ص: 110، والحطاب ج 1، ص: 461. (¬9) اختلف في جواز ذلك، قال في المدونة ج 2، ص: 66: "أرأيت أن سبقت يده في ذبيحته فقطع رأسها، أيأكلها أم لا في قول مالك؟ . قال مالك: لا يجوز لهم أن يفعلوا ذلك بها، قال: فإن فعلوا ذلك بها أكلت، وأكل ما قطع منها". ابن رشد: "أن مالكا كره التمادي في القطع - ولم ينو قطع النخاع من أول الأمر لأنه أن نوى ذلك فكأنه نوى التذكية على غير الصفة الجائزة، وقال مطرف، وابن الماجشون: لا تؤكل أن قطعها متعمدا دون جهل، وتؤكل أن قطعها ساهيا أو جاهلا". انظر البداية ج - 1، ص: 446، ومختصر ابن الحاجب بشرح التوضيح ج - 1 - ورقة 132 - أ، ومختصر خليل بشرح المواق 3/ 222.

(تنبيه): وليس من هذه المسائل من فرضه التيمم، فتجشم المشقة واغتسل بالماء؛ ولا من فرضه الفطر فصام، ولا من فرضه الإيماء فسجد (¬10) على الجبهة؛ خلافا لبعض الأئمة واعتل بأنه كان منهيا عن ذلك، والمنهي عنه لا يجزئ عن المأمور. ¬

_ (¬10) أورد صاحب التوضيح هذه المسائل الثلاث فقال: (فرع) قال المازري فإن زاد على ما أمر به، مثل من بجبهته قروح تمنعه السجود عليها فإنه مأمور بالإيماء .... فمن ترك الرخصة وركب المشقة فإنه يعتد بما فعل، كمتيمم أبيح له التيمم لعذر فتحمل المشقة واغتسل بالماء فإنه يجزيه". ثم تردد في إجراء الخلاف في المسألة الثالثة قائلا: (قد تقدم أن من فرضه التيمم - واغتسل - الإجزاء، وكذلك من فرضه الفطر فصام؛ ولم يذكروا خلافا، فهل يمكن أن يخرج فيه الخلاف من هذه المسألة، قيل لا ... ) - التوضيح ج 1، ورقة 34 - أ. وانظر فروق القرافي - الفرق 85 - ج 2 ص 123 مع حاشية ابن الشاط، والمواق على مختصر خليل ج 2 - ص: 4، والخرشي ج 1 - ص: 297. هذا وقد بحث مع المؤلف في المسألة من فرضه الفطر في رمضان فصام - بأنها ليست مما يصح أن يبنى على هذا الأصل حتى يستثنى، إذ لا مناسبة بين الفطر والصوم. قال المنجور: وبحثه: ظاهر. - انظر شرحه على المنهج المنتخب ج -1 ص: 6 - م 10.

(القاعدة الرابعة عشرة) ما قرب من الشيء هل (أ) له حكمه أم لا؟

(القاعدة الرابعة عشرة) ما قرب من الشيء هل (أ) له حكمه أم لا؟ (¬1) وعليه العفو عما قرب من محل الاستجمارا (¬2) وتقدم العقد على الإذن بالزمن اليسير، (¬3) ولزوم طلاق المراهق وحده وقتله، واعتبار إسلامه وإسهامه، وصحة إنكاحه وليته لقربه من البلوغ، وتسلف أحد المصطرفين بخلاف تسلفهما معا _______ (أ) خ - يعطى حكمه. ¬

_ (¬1) قال المقري: "قاعدة: اختلف المالكية في إعطاء ما قرب من الشيء حكمه أو بقائه على أصله" - القاعدة 87 - اللوحة 7 - أ. (¬2) أصل هذه العبارة للمقري كذلك، وفي المسألة قولان: ابن الحاجب: "فإن كان قريبا جدا فقولان" - قال في التوضيح ج 1 - ورقة 24 - أ: "والقولان مبنيان على الخلاف فيما قرب من الشيء هل يعطى له حكمه أم لا؟ - قال: " وهذه القاعدة كثيرا ما يذكرها الفقهاء، ولم أجد دليلا يشهد لعينها، فأما إعطاؤه حكم نفسه فهو الأصل، وأما إعطاؤه حكم ما قاربه، فإن كان مما لا يتم إلا به كإمساك جزء من الليل فهذا متجه. وإن كان على خلاف ذلك فقد يحتج بحديث: "مولى القوم منهم"، وبقوله عليه الصلاة والسلام: "المرء مع من أحب". ونقل المواق في شرحه - على المختصر ج 1، ص: 284 - عن ابن حارث، وابن رشد والشيخ: "أن ما قرب جدا من المخرج كالمخرج، الجلاب وبه أقول". (¬3) المدونة ج 2 - ص: 157؛ قال ابن القاسم: "ولقد سمعت مالكا يقول في الرجل يزوج أمته الثيب أو البكر - ولا يستأمرها، ثم تعلم بذلك فترضى فبلغني أن مالكا كان يقول: أن كانت المرأة بعيدة عن موضعه، فرضيت إذا بلغها لم أر أن يجوز، وإن كانت معه في البلد فبلغها ذلك فرضيت، جاز ذلك". ابن الحاجب - اللوحة 72 - أ "وإذا تقدم العقد على الإذن فثالثها المشهور: إن تعقبه قريبا صح". - وانظر التوضيح ج 2 - ورقة 12، والمواق لدى قول =

لطول الأمر فيه غالبا. (¬4) وتقديم الزكاة قبل الحول بيسير، (¬5) والنية قبل محلها في الوضوء، (¬6) والصلاة بيسير (¬7) ¬

_ = خليل وصح أن قرب رضاها بالبلد" ج 3 - ص: 434. ابن رشد: "وأما تراخى القبول من أحد الطرفين عن العقد، فأجاز مالك من ذلك التراخي اليسير، ومنعه قوم؛ وأجازه قوم وذلك مثل أن ينكح الولي إمرأة بغير إذنها ليبلغها النكاح فتجيزه، وممن منعه مطلقا الشافعي، وممن أجازه مطلقا أبو حنيفة .. وسبب الخلاف هو: هل من شرط الانعقاد وجود القبول من المتعاقدين في وقت واحد معا؟ أم ليس ذلك من شرط، - انظر البداية ج 2/ 8. (¬4) أي بالقرب من عقد الصرف بخلاف الطول، أو تسلفهما معا لطول الأمر فيه غالبا. (¬5) وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم: "أرخص لعمه العباس في تعجيل صدقته" - انظر صحيح الترمذي بشرح عارضة الأحوذي، للقاضي ابن العربي ج 3 - ص: 195 و 192. وفي المدونة ج 1 - ص: 284 ما لفظه: "أرأيت الرجل يعجل زكاة ماله في الماشية، أو في الإبل، أو في الزرع، أو في المال، - السنة أو السنتين أيجوز ذلك؟ فقال لا ... إلا أن يكون قرب الحول أو قبله بشيء يسير، فلا أرى بذلك بأسا وأحب إلي أن لا يفعل حتى يحول عليه الحول". وذكر ابن رشد أن مالكا منع إخراج الزكاة قبل الحول، وجوز ذلك أبو حنيفة، والشافعي - معللا ذلك بأن سبب الخلاف: هل هي عبادة، أو حق واجب للمساكين ... ؟ فمن قال عبادة وشبهها بالصلاة، لم يجز إخراجها قبل الوقت، ومن شبهها بالحقوق الواجبة المؤجلة، أجاز إخراجها قبل الأجل على جهة التطوع. - البداية ج 1 - ص: 274. (¬6) ابن الحاجب - اللوحة: 6 - أ "وفي الفصل اليسير بينهما قولان". أي بين النية ومحلها. قال ابن عبد السلام: "الأشهر عدم التأخير، ومقتضى الدليل خلافه، والأصح في النظر عدم الإجزاء. ابن بزيزة: وهو المشهور". وانظر التوضيح ج 1 - ورقة 10 - أ. (¬7) في المسألة قولان؛ والمشهور عدم الإجزاء، وهو مذهب عبد الوهاب، وابن الجلاب، وابن أبي زيد، واختار ابن رشد، وابن عبد البر الإجزاء. قال ابن عات: وهو ظاهر المذهب. - انظر المقدمات لابن رشد - الجد - ج 1 - ص: 110، والتوضيح ج 1 - ورقة 32 أ، وشرحي المواق، والحطاب ج 1 - ص: 242 - لدى قول خليل (وفي تقدمها بيسير خلاف).

وإفادتة المبيع بالثنيا (¬8) والعهدة والخيار (أ) (¬9) بعد زمنهما بيسير، (¬10) وتعدي المكتري المسافة بالشيء اليسير، (¬11) وإذا _______ (أ) خ - (والخيار والعهدة). ¬

_ (¬8) اختلفوا في معنى بيع الثنيا، فابن رشد عممه في كل بياعات الشروط المنافية للمقصود، والأكثر خصه بمعنى قول المدونة: "من ابتاع سلعة على أن البائع متى رد الثمن فالسلعة له" وهذا ما ضمنه صاحب التحفة في قوله: والشرح للثنيا رجوع ملك ... من باع إليه عند إحضار الثمن وتمنع الثنيا أن كانت في العقد، لنهيه - عليه السلام - عن بيع الثنيا لصيرورته تارة ثمنا، وتارة سلفا - والحديث أخرجه مسلم - انظر نيل الأوطار ج / 160. فإن تطوع بها بعد العقد جاز: صاحب التحفة: وجاز إن وقع بعد العقد ... طوعا بحد وبغير حد. التاودي: فإن كان إلى أجل لم يجز للمشتري ليه تفويت بيع ولا غيره، فإن فعل فسخ إن جاء البائع بالثمن في الأجل أو قربه كاليوم ونحوه. انظر شرحي التاودي والتسولي على التحفة ج 2 - ص: 63. (¬9) وتشمل العهدة عهدة الثلاث، وعهدة السنة، وإذا حدث العيب بعد انقضاء زمنها بالقرب. انظر المنجور على المنهج المنتخب ج - 1 - ص: 4 - م 5. (¬10) قال في المدونة ج - 4 - ص: 198 "قلت لما قول مالك في رجل باع سلعة على أن المشتري بالخيار ثلاثة أيام، فقبض المشتري السلعة فلم يردها حتى مضت أيام الخيار، ثم جاء بها يردها ... أيكون له أن يردها أم لا؟ قال: إن أتى بها بعد مغيب الشمس من آخر أيام الخيار أو من الغد أو قرب ذلك بعد ما مضي الأجل رأيت أن يردها". وانظر شرحي المواق والحطاب على خليل لدى قوله: "ورد كالغد". ج - 4 - ص: 416. (¬11) خليل: "إلا أن يحبسها كثيرا فله كراء الزائد أو قيمتها". ومفهوم كثيرا أنه لو حبسها يسيرا كاليوم ونحو. ليس له إلا كراء الزائد. انظر الخرشي ج - 7، ص: 42. ابن رشد قال مالك: "رب الدابة بالخيار في أن يأخذ كراء دابته في المسافة التي تعدى فيها، أو يضمن له قيمة الدابة" فها أنت ترى أن ابن رشد حكى قول مالك مطلقا بدون تقييد لا باليسير، ولا بالكثير؛ وبعد أن ذكر قول الشافعي وأحمد بإلزامهما المكتري أداء كراء المسافة التي تعدى فيها أو عدم الأداء فيها في مذهب أبي حنيفة - وأورد دليل كل - استصوب قول الشافعي، وضعف قول مالك، واستبعد قول أبي حنيفة. - انظر البداية ج - 2، ص 231 - 232.

أرسل بقرب الحرم على صيد فقتله قبل أن يدخل الحرم، (¬12) وتأخر (أ) رأس مال السلم اليومين (ب) والثلاثة (¬13) والمعين إليها، (¬14) والمكتري يدعي دفع الكراء بعد انقضاء الوجيبة بيسير، (¬15) والشريك في الزرع يدعي الدفع لشريكه بعد رفع الإصابة بيسير، والصانع يدعي بقرب دفع المصنوع إلى ربه كاليومين ونحوهما أنه لم يقبض الأجرة، (¬16) والوكيل يدعي _______ (أ) خ - (تأخير). (ب) خ - زيادة (اليوم). ¬

_ (¬12) ابن الحاجب - اللوحة 55 - ب: "ولو أرسله بقرب الحرم فدخل ثم خرج فقتله، فالجزاء، وإن كان بعيدا فلا جزاء". - انظر التوضيح ج -1 - ورقة 118 - أ. (¬13) خليل. ص: (178) "أو تأخيره ثلاثا ولو بشرط". وفي المواق -4 - ص: 514 "ابن رشد المشهور جواز تأخير رأس مال السلم ثلاثة أيام لما دونها بشرط". انظر البداية ج - 2، ص: 202، والمواق ج 4 - ص: 514. (¬14) قال في الجواهر: "أما تأخيره (المعين) فالشرط زيادة على الثلاث يفسد العقد" - انظر الحطاب ج -4 - ص: 516. (¬15) في الوثائق المجموعة، "فإن قام رب الدار عد المكتري يدعي أنه لم يقبض الكراء بعد انقضاء الشهر أو السنة، فإن قام بقرب ذلك كان على الساكن أن يثبت دفع ذلك، وإلا حلف رب الدار وقبض منه، أو رد عليه اليمين فحلف فبرئ". انظر الحطاب 4/ 516. وذكر المنجور في شرحه على المنهج المنتخب - نقلا عن المكناسي في مجالسه: "أنه جرى العمل بفاس على أن القول قول المكتري في سالف المدة، ما عدا الشهرين والثلاثة". وانظر شرح ولد ناظم التحفة ج -2 - ورقة 74 - أ (مخطوط خاص)، والتسوي على التحفة ج - 2 ص: 185. (¬16) في المنتخب لابن أبي زمنين، قال ابن القاسم: ليل لمالك، فالصناع إذا دفعوا ما استعملوا فيه إلى من استعملهم، ثم أتوا يطلبون حقوقهم؟ قال: القول قولهم إذا قاموا بحدثان ما دفعوا المتاع. =

الدفع لموكله بحدثان الوكالة، (¬17) والوصي يدعي الدفع للوارث بعد الإطلاق بالزمن اليسير (¬18) وإذا أسلم الوكيل السلعة للموكل؛ ثم زعم بالقرب من زمن تسليم السلعة للموكل أنه زاد فيها زيادة تلزم الآمر (¬19) فإنه يقبل منه، وإن ادعاه بعد طول لم يقبل منه، وإذا زاد الوكيل في الثمن زيادة يسيرة (أ) فأنه لازم للآمر، بخلاف إذا نقص اليسير من الثمن في البيع؛ _______ (أ) ساقطة من (ق). ¬

_ = قال ابن رشد: والأصل في الصناع أن لا ضمان عليهم، وأنهم مؤتمنون، لأنهم أجراء، وقد أسقط النبي صلى الله عليه وسلم - الضمان عن الأجير؛ وخصص العلماء من ذلك الصناع وضمنوهم - نظرًا واجتهادا لضرورة الناس ... انظر المواق لدى قول خليل: "أو صانع في مصنوعه ... " ج -5 - ص: 430. قال ابن عاصم: والقول للأجير إن كان سأل ... بقرب من فراغه أجر العمل بعد يمينه لمن يناكر .... انظر شرح ولد الناظم ج -2 - ورقة 78 - ب. (¬17) في المسألة أربعة أقوال؛ ثالثها أن كان بقرب صدق الوكيل بيمنيه، وإن طال الأمر جدا صدق بدون يمين. - انظر الحطاب 5/ 210. (¬18) المشهور أنه لا يصدق، لأنه ادعى الدفع لغير من ائتمنه خلافا لابن الماجشون. وعللوا ذلك بأن الله أمر الأوصياء بالإشهاد أثناء الدفع إلى غير اليد التي ائتمنتهم - وهم الأيتام - قال سبحانه: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيهِمْ أَمْوَالهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيهِمْ} [النساء: 6]. خليل: "والقول له في قدر النفقة لا في تاريخ الموت، ودفع ماله بعد بلوغه". انظر شرحي المواق والحطاب ج -5 - ص: 505. (¬19) خليل: "أو اشترائه بأكثر كثيرا إلا كدينارين في أربعين، وصدق في دفعهما وإن أسلم ما لم يطل". انظر شرحي المواق والحطاب ج -5 - ص: 197.

والفرق أن الشراء لا يتأتى غالبا بما يحده الآمر حتى لا يزيد عليه شيئًا، وغرضه تحصيل المشتري، ولا يحصل إلا بتمكين الوكيل من زيادة يسيرة بخلاف البيع فإنه لا يلزم الموكل لكونه يتأتى بما حد (أ) له، أو يرد على الموكل ما وكله على بيعه، وقيل النقصان اليسير من الثمن كالزيادة فيه، (¬20) وإذا ابتاع الوكيل سلعة مبيعة عيبا خفيفا يغتفر مثله، فالشراء لازم لموكله إذا كان نظرا وفرصة، (¬21) ويحمل عن الشفيع ما حط للمبتاع إذا كان يشبه حطيطه البيع (¬22). _______ (أ) (ق) حده. (ب) في هامش .. خ: باع. ¬

_ (¬20) سمع عيسى بن القاسم أن أمره أن يبيعها بعشرة نقدا فباعها بخمسة أن عليه تمام العشرة لإتمام القيمة. ابن بشير "إذا وكل على بيع فباع بأقل فهو معتد ولو نقص اليسير" انظر المواق لدى قول خليل "أو بيعه بأقل" ج -5 - ص: 196. (¬21) المدونة: ج 4/ 224 قال مالك: "إن أمرته بشراء سلعة فابتاعها معيبة فإن كان عيبا خفيفا يغتفر مثله، وقد كان شراؤها به فرصة لزمتك". وانظر شرحي المواق والحطاب لدى قول خليل: "كذي عيب إلا أن يقل وهو فرصة".ج-5 - ص: 197. (¬22) قال ابن شاس في الجواهر: "ولو اطلع على عيب قبل أخذ الشفيع - إلا أنه حدث عنده عيب يمنع من الرد فأخذ أرشه - فذلك الأرش محطوط عن الشفيع قولا واحدا". خليل "وحُط ما حط لعيب". ص: 217. ابن عاصم: وما بعيب حط بالإطلاق ... عن الشفيع حط باتفاق انظر شرح ولد الناظم ج -2 - ورقة: 56 - أ. والمواق ج -5 - ص: 331.

واستحقاق اليسير من المقوم لا يوجب الفسخ، بخلاف الكثير (¬23)، ويغتفر قطع اليسير من ذنب الأضحية وأذنها (¬24). وإذا صالح على الإنكار ثم استحق ما أخذ المدعي بقرب الصلح فإنه ينتقض، ويرجع على دعواه؛ وإن طال، رجع بقيمته إن كان مقوما، وبمثله إن كان مثليا (¬25) والمرأة تعطي لزوجها (أ) مالا على أن لا يتزوج عليها، أو على أن لا يطلقها، ثم يتزوج، أو يطلقها بالقرب. _______ (أ) ق - "زوجها". ¬

_ (¬23) خليل "وإن استحق بعض فكالعيب ورجع للتقويم". انظر شرحي المواق والحطاب ج -5 - ص 304. (¬24) ابن الحاجب - اللوحة 62 - أ "ويغتفر اليسير - وهو ما دون الثلث، وفي الثلث قولان". وانظر التوضيح ج -1 - ورقة 134 - ب. (¬25) سحنون، أن استحق ما قبض المدعي في الصلح على الإنكار فليرجع بقيمة ما قبض، وبمثله أن كان يوجد له مثل ابن يونس: هذا هو الصواب لا الرجوع إلى الخصومة. خليل "كإنكار على الأرجع لا إلى الخصومة". انظر المواق ج -5 - ص: 305.

(القاعدة الخامسة عشرة) الأمر هل يقتضي التكرار أم لا؟

(القاعدة الخامسة عشرة) الأمر هل يقتضي التكرار أم لا؟ (¬1) وعليه إذا تعدد الولوغ هل يتعدد الغسل بتعدده أم لا؟ (¬2) وإذا تعدد المؤذنون هل تتعدد الحكاية بتعددهم أم لا؟ والمشهور فيهما نفي التعدد، وإذا تكرر دخول المسجد (¬3) وقراءة السجدة (¬4). ¬

_ (¬1) هذه القاعدة من القواعد الأُصولية التي جعلها المؤلف ضمن القواعد الفقهية، وقد تعرض لها الغزالي في كتابه المستصفى ج -2 - ص: 2 - 3 فقال "الأمر بالإضافة إلى المقدار يتردد بين المرة الواحدة، واستغراق العمر، وقد قال قوم هو للمرة، ويحتمل التكرار وقال قوم للتكرار، والمختار أن المرة الواحدة معلومة، وحصول براءة الذمة بمجردها مختلف فيه ... ". (¬2) ابن الحاجب: "ولا يتعدد الغسل بتعدده على المشهور". - اللوحة -5 - أ. قال في التوضيح: ابن هارون؛ "وهذا الخلاف أيضًا في تعدد حكاية المؤذنين، ورجع بعضهم عدم التعدد - وهو المشهور، لأن الأسباب إذا تساوت موجباتها اكتفي بأحدها" - انظر التوضيح ج 1 - ورقة 7 - أ. (¬3) ورد في الحديث كما في الصحيحين: "إذا دخل أحَدُكُم المَسجدَ فَليركع رَكعتين قَبلَ أن يَجلسَ". قال أبو مصعب: إلا أن يكثر دخوله فيجزيه ركوعه الأول، نقله اللخمي ونحوه في الجلاب. انظر التوضيح ج -1 - ورقة 56 - ب. (¬4) قال المازري: إذا قرأ آية سجدة بعد ما سجد، فإنه يسجد عندنا وعند الشافعي. وقال أبو حنيفة: لا يسجد. وقال اللخمي: وهذا الذي ذكرته من تكرر السجود هو أصل المذهب عندي، إلا أن يكون القارئ ممن يتكرر ذلك عليه غالبا كالمعلم والمتعلم ففيه قولان، إذا كانا بالغين. انظر التوضيح ج 1 - ورقة 58 - أ، والحطاب ج 2 - ص: 55 - 56.

(القاعدة السادسة عشرة) إذا تعارض الأصل والغالب، هل يؤخذ بالأصل أو الغالب؟

(القاعدة السادسة عشرة) إذا تعارض الأصل والغالب، هل يؤخذ بالأصل أو الغالب؟ (¬1) فيه قولان، وعليه في المذهب فروع ومسائل، منها: - الخلاف بين مالك، وابن حبيب في دعوى المبتاع الجهل بالعيب الظاهر، فمالك قبل دعوى المبتاع بيمين، وابن حبيب والموثقون لم يقبلوها إذا كان العيب في موضع ظاهر لا يخفى غالبا (¬2). تنبيه: قال القرافي: هذا ليس على اطلاقه، بل أجمعت الأمة (أ) على اعتبار الأصل وإلغاء الغالب في دعوى الدين _______ (أ) ق - (الأيمة). ¬

_ (¬1) ذهب المقري في قواعده (القاعدة 1057) - اللوحة 67 - ب إلى أن الغالب مقدم على الأصل، في حين أن القرافي فرق في ذلك بين الأصل والغالب - في مسائل عدة. انظر ج 4 - ص: 104 - 111. (¬2) ولذا يزيد الموثقون في إثبات العيوب ( ... عيبا قديما أقدم من أمد التبايع لا يخفى على المشتري عند التقليب ... ) -كما في وثائق ابن سلمون وغيرها. انظر التسولي على التحفة ج -2 - ص: 98 - 101.

ونحوه، فإن القول قول المدعى عليه، وإن كان الطالب أصلح الناس وأتقاهم لله، ومن الغالب عليه أن لا يدعى إلا ماله، فهذا الغالب ملغى إجماعا. واتفق الناس على تقديم الغالب وإلغاء الأصل في البينة إذا شهدت، فإن الغالب صدقها، والأصل براءة ذمة المشهود عليه، وألغي الأصل ها هنا بالإجماع عكس الأول، فليس الخلاف على الإطلاق (¬3). ¬

_ (¬3) نقله بتصرف من فروق القرافي. انظر الفرق (239) - ج 4 - ص: 104 - 111.

(القاعدة السابعة عشرة) كل عضو غسل يرتفع حدثه أولا إلا بالكمال (أ) والفراغ

(القاعدة السابعة عشرة) كل عضو غسل يرتفع حدثه أولًا إلا بالكمال (أ) والفراغ (¬1) وعليه تفريق النية على الأعضاء، (¬2) ولا بس أحد (ب) الخفين قبل غسل الأخرى عند قوم (¬3). تنبيهات: الأول استشكل ابن راشد (¬4) تصوير مسألة _______ (أ) - خ "بالإكمال". (ب) -خ - (إحدى) وفي الأصل ساقطة. ¬

_ (¬1) قال المقري في قواعده (القاعدة 54) - اللوحة (4 - ب): "اختلف المالكية في الحدث هل يرتفع عن كل عضو بالفراغ منه كما يخرج منه الخطايا أو بالإكمال". وأصل العبارة لابن الحاجب - اللوحة 3 - أ: "ولو فرق النية على الأعضاء فقولان، بناء على رفع الحدث عن كل عضو أو بالإكمال، ومنه لابس أحد الخفين قبل غسل الأخرى". (¬2) في المسألة قولان، وظاهر المدونة عدم الصحة، واستظهر ابن رشد الإجزاء، وعزاه لابن القاسم. خليل: "أو فرق النية على الأعضاء، والأظهر الصحة". - انظر التوضيح ج 1 - ورقة 10 - أ، وشرحي المواق والحطاب على مختصر خليل خ -1/ 239. (¬3) ابن بشير: إن غسل رجلا فأدخلها في الخف، ثم غسل الأخرى فأدخلها، فالمشهور أنه لا يمسح، وهو قول الشافعي، وأحمد وإسحاق. ابن رشد: من رأى أنه كلما غسل عضوا من أعضاء الوضوء طهر ذلك العضو، أجاز له أن يمسح على خفيه إذا لبسهما بعد أن غسل رجليه للوضوء، وإن كان ذلك قبل أن يستكمل وضوءه؛ وهذا قول ابن القاسم عن مالك، قال (أي ابن رشد): وجواز المسح أظهر على القول بأن كل عضو يطهر بانفراده لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذَا تَوَضَّأَ العَبْدُ المؤمِن خرَجَت الخَطايا مِنْ فِيه". وهو قول أبي حنيفة والثوري والطبري وداوود ... وانظر دليل كلا الفريقين في بداية المجتهد ج - 2 ص: 22. (¬4) تقدمت ترجمته في ص: 166 تعليق 20.

(أ) تفريق النية على الأعضاء، وذكر عن بعض أشياخه أنه كان ينكر القاعدة التي يبنى عليها خلاف المسألة، ويقول: لا أصل لها. ابن عبد السلام: (¬5) ولا معنى لإنكاره له (ب) بعد نقل جماعة كثيرة، والمسائل الدالة عليه. ابن عمران: (¬6) وما زال الحذاق من الشيوخ يبنون عليه، وتظهر فائدته في مسائل؛ وذلك كاف في ثبوت الخلاف في مثله، وكثير من الأصول في المذهب لا تجد الخلاف منصوصا في أصلها، مع كونهم يذكرون الخلاف ويبنون عليه؛ وذلك مثل (ج) قولهم في عقد الخيار هل هو منحل حتى ينعقد أو بالعكس (¬7). _______ (أ) - ساقطة في (ق). (ب) - خ - (لها). (ج) - ساقطة في (خ). ¬

_ (¬5) تقدمت ترجمته في صفحة 166 رقم 19. (¬6) لعله يعني به ابا العباس الخطيب أحمد بن عمران البجائي، كات معاصرا لابن عبد السلام، وابن هارون وغيرهما من أقطاب الفقه المالكي في عصره، وله شرح على ابن الحاجب في ثلاثة أسفار، ترجم له أحمد بابا في نيل الابتهاج ولم يذكر تاريخ ولاته. - انظر ص: (69). (¬7) قال المقري في قواعده (قاعدة 582 - اللوحة (38 - أ): اختلف المالكية في عقود الخيار أهي منحلة حتى تنعقد أو منعقدة حتى تنحل ... وستأتي للمؤلف هذه القاعدة.

الثاني أنكر ابن العربي (¬8) وجود القول بأن كل عضو يطهر بانفراده، قال: وإنما تقوَّله الشافعية، (¬9) وهو مع ذلك أصل فاسد، فإنه يلزم عليه أن يجوز مس المصحف لمن غسل وجهه ويديه - وهو خلاف الإجماع، (¬10) وأجاب ابن عرفة - رحمه الله - بأنه لا يلزم، لأنا وإن قلنا بإن كل عضو يطهر ¬

_ (¬8) أبو بكر محمد عبد الله بن العربي المعافري الأشبيلي، من حفاظ الحديث، وإمام من أئمة الفقه المالكي، ذو الفكر الواسع، والنقد البارع ... ولقد بلغ رتبة الاجتهاد في علوم الدين عامة، وله مؤلفات عدة في جل فنون الشريعة، مما يدل على اتساع أفق تفكيره ومعرفته، سواء أكان ذلك في التفسير، أو الحديث، أو الأصول والتشريع ... منها: (أنوار الفجر) و (قانون التأويل) - في التفسير و (عارضة الأحوذي على صحيح الترمذي) و (القبس في شرح موطأ مالك بن أنس) و (المسالك في شرح موطأ مالك) و (أحكام القرآن) و (الإنصاف في مسائل الخلاف) (ت 543 هـ). انظر ترجمته في: (الصلة) لابن بشكوال ص: 558، و (قضاة الأندلس) ص 105، وجذوة الاقتباس ص: 160، والديباج ص: 281. (¬9) ذكره في العارضة ..... ج - 1، ص: 163 - 164. والذي في بداية المجتهد ج 1 ص: 22 أن القائل بذلك أبو حنيفة. أما الشافعي فمنع ذلك كمالك. (¬10) تأمل حكايته للإجماع مع اختلاف الأئمة في ذلك، وقد روى عن أبي حنيفة، أنه يجوز مسه للمحدث، وحكى ذلك ابن العربي نفسه في الأحكام ج -4 - ص: 1727 - وهو مذهب جماعة من السلف، منهم: ابن عباس، والشعبي، وغيرهما. وروى عن الحكم، وحماد، وداود بن علي الظاهري: أنه لا بأس بحمله، ومسه للمسلم، والكافر - طاهرا، أو محدثا، إلا أن داود منع مسه للمشرك. وفي نيل الأوطار، ج 1 - ص: 227: "أنه وقع الإجماع على أنه لا يجوز للمحدث حدثا أكبر أن يمس المصحف، وخالف في ذلك داود". وانظر تفسير ابن جرير الطبري ج 27 - ص: 119. وفتح القدير للشوكاني ج -5 - ص: 160. والقرطبي ج 17 - ص: 226 - 227.

بانفراده، فإنا إنما نعرف ذلك بإكمال الوضوء؛ فإتمام الوضوء كاشف بأن العضو قد طهر، ولا يمس المصحف قبل تبين الكاشف. قال بعض (¬11) حذاق تلامذته: ولا يخفى عليك ما في الجواب من التكلف، ثم هو غير سديد؛ فإن القائل بذلك يرى أن العضو بنفس الفراغ منه طهُر دون انتظار شيء، ولذا أجروا عليه صحة تفريق النية على الأعضاء، واحتجوا له بحديث: إذَا توَضَّأَ الْعَبْدُ فَغَسَلَ وَجْههُ خَرَجَت الْخَطَايا مِنْ وَجهه" (¬12) - الحديث الخ. قالوا: لأن خروج الخطايا من العضو إنما يكون بعد طهارته في نفسه، دون نظر إلى شيء، ويلزم على ما ذكر أن لا يَصدق أن الخطايا خرجت بغسل الوجه. قال: وأَبين من جوابه أن المشترط في مس المصحف طهارة الشخص لا طهارة العضو لقوله تعالى: " {لَا يَمَسُّهُ إلا الْمُطَهَّرُونَ} " (¬13) فالعضو قد طهر بالفراغ منه. ¬

_ (¬11) يعني به الأبي كما عند المنجور في شرح المنهج المنتخب ج -1 - ص: 3 ملزمة 7. (¬12) والحديث أخرجه مالك في الموطأ، وأحمد في المسند، والنسائي، وابن ماجه في السنن، وصححه الحاكم. كلهم من طريق الصنابحي. وانظر التمهيد لابن عبد البر ج - 4 - ص: 30 - 43. والزرقاني على الموطأ ج -1 - ص: 68. (¬13) الآية (79) - سورة الواقعة.

ولا يمس المصحف حتى يطهر الشخص وبنحو هذا أجاب ابن عطية، (¬14) وشهاب الدين (¬15) - والله أعلم. الثالث: استبعد ابن عبد السلام القول بأن الحدث لا يرتفع إلا بالإكمال قال: وهذا يوجب أن بقية الأعضاء لا حدث عليها حتى إنه يجوز للمحدث أن يمس المصحف بغير أعضاء الوضوء، إذ الحدث وارتفاعه إنما يكون فيها وعنها. وألزم عليه أيضًا عدم تأثير (أ) الحدث في الطهارة إلا بعد الفراغ منها، لأنه إذا لم تحصل الطهارة فلا معنى لنقضها، فإذن من توضأ ثم بال بعد غسل الرجل اليمنى لم يلزمه غير غسل الرجل اليسرى، وذلك شيء لا يقال به. _______ (أ) - ق - (تاثر). ¬

_ (¬14) أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عطية المحاربي من أهل غرناطة، حاز قصب السبق في ميادين التفسير والحديث والفقه. (ت 541 هـ). ومن مؤلفاته: كتاب (المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز) الذي قال فيه أبو حيان: إنه من أجل التفاسير. انظر ترجمته في (الصلة) لابن بشكوال ج -1 - ص: 367، و (معجم أصحاب الصدفي) لابن الأبار ص: 169. و (الديباج) لابن فرحون ص: 174. (¬15) يعني به القرافي. انظر الفرق الثاني والثمانين ج - 2 - ص: 114 - 116.

(القاعدة الثامنة عشرة) الشيء إذا اتصل بغيره هل يعطى له حكم مباديه أو حكم محاذيه؟

(القاعدة الثامنة عشرة) الشيء إذا اتصل بغيره هل يعطى له حكم مباديه أو حكم محاذيه؟ (¬1) وعليه الخلاف في وجوب غسل ما طال من اللحية، والأظفار، وشعر الرأس، (¬2) ونجاسة أعلى القرن، والسن، والظلف، (أ) (¬3) وناب الفيل، (ب) ومسح باطن الأذنين، لأنهما - _______ (أ) (خ) زيادة (والظفر). (ب) (خ) زيادة عبارة (وأكل ما على اللحم من عقد). ¬

_ (¬1) لخص المؤلف هذه القاعدة وأمثلتها من قاعدتي (30 - و - 79) من قواعد المقري قال في قاعدة (79) - اللوحة 7 - أ: "إذا اختلف الحكم بالمنبت والمحاذاة، فقد اختلف المالكية بماذا يعتبر، كغسل ما طال من اللحية، ومسح ما طال من شعر الرأس، وكشجرة في الحرم يصاد على غصنها الذي في الحل ما تثبت حرمة المحل كالعكس فيتفقون". (¬2) ابن الحاجب - اللوحة (5 - ب): "ويجب غسل ما طال من اللحية على الأظهر كمسح الرأس". (¬3) ابن الحاجب - اللوحة 3 - أ: "والقرن والعظم، والظلف، والسن نجس، وقال ابن وهب: طاهر، وقيل بالفرق بين طرفها وأصلها، وكذلك ناب الفيل، وقيل: إن صُلق طهر". بمعنى أن هذه الأشياء الأربعة التي أوردها ابن الحاجب نجسة على المشهور، أما ناب الفيل فقيل حكمه حكم الأشياء السالفة، وقيل: إن صُلق صار طاهرا، وابن وهب قال بطهارة الجميع، وقيل بطهارة طرف القرن دون أصله. انظر التوضيح ج -1 - ورقة 3 - ب.

في أصلهما كالوردة، وميتة ما تطول حياته في البر من البحر، (¬4) والملح يذوب في الماء، (¬5) وشجرة الحرم يُصاد (ج) ما على غصنها الذي في الحل، وفي عكسه يجب الجزاء باتفاق. (¬6) _______ (ج) (خ) زيادة (لمن) وخ - (يصطاد). ¬

_ (¬4) ابن الحاجب: اللوحة 3 - أ: "المشهور أن السلحفاة، والسرطان، والضفدع ونحوه مما تطول حياته في البر بحري كغيره". قال ابن القاسم في رواية عيسى، وإن كان يرعى في البر. - انظر التوضيح ج 1 - ورقة 3 - أ. (¬5) المقري (القاعدة 30 - اللوحة 3 - أ): إذا اختلف حكم الشيء بالنظر إلى أصله وحاله، فقد اختلف المالكية، بماذا يعتبر منهما كميتة ما تطول حياته في البر من البحر، والملح يذوب في الماء. ومنه القولان في أطراف القرون، والأظلاف، وفي باطن الأذنين، لأنهما في أصلهما كالوردة". (¬6) انظر المقري، القاعدة (79) مع تصرف المؤلف في العبارة الأخيرة منها.

(القاعدة التاسعة عشرة) من جرى له سبب يقتضي المطالبة بالتمليك هل يعطى (أ) حكم من ملك أم لا؟ وهو المعبر عنه: بمن ملك أن (ب) يملك هل يعد مالكا أم لا؟

(القاعدة التاسعة عشرة) من جرى له سبب يقتضي المطالبة بالتمليك هل يُعطى (أ) حكم من ملك أم لا؟ (¬1) وهو المعبر عنه: بمن ملك أن (ب) يملك هل يعد مالكا أم لا؟ وعليه فروع، كمن يقبل التداوي، أو يقدر على التسري في الإسلاس، (¬2) ومن وهب له الماء - وقد تيمم، (¬3) وأَخذ الزكاةَ لمن لا مال له ويقدر على التكسب، (¬4) أو أُجرى عليه _______ (أ) - خ - زيادة (له). (ب) - ق - (أن) ساقطة. ¬

_ (¬1) المقري (القاعدة 90 - اللوحة: 8 - أ): "اختلف المالكية فيمن جرى له سبب يقتضي المطالبة بالتمليك، هل يُعطي حكم من ملك أم لا؟ وهو المعبر عنه بمن ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا؟ . (¬2) القرافي في الفروق - الفرق: (121) ج -3 - ص: 20: "ومن قدر على المداواة في السلس أو التزويج، هل يجب عليه الوضوء أم لا" قولان، بناء على أن من ملك أن يملك هل يعد مالكا أم لا؟ ". ابن الحاجب: اللوحة 8 - أ: "وإن كثر المذي لعزبة، أو للتذكر، فالمشهور الوضوء، وفي قابل التداوي قولان"، وانظر التوضيح ج 1 ورقة 15 - أ. (¬3) القرافي ج -3 - ص: 20: "إذا وهب له الماء في التيمم، هل يبطل تيممه - بناء على أنه يعد مالكا، أم لا يبطل - بناء على أنه لا يعد مالكا؟ ". ابن الحاجب، اللوحة: (9 - ب): "فإن وهب له لزمه قبوله على المشهور". (¬4) ابن الحاجب: "وفي اشتراط عجز التكسب قولان". قال في التوضيح ج- ورقة 81 - أ: "المشهور أنه لا يشترط، واشترطه يحيى بن عمر، وهو أظهر، لقوله - عليه السلام -: "لا تحل الصدقة لغني، ولا لذى مرة سوى".

نفقة، (¬5) والمشهور عدم اشتراط القدرة في جواز (أ) أخذها، (¬6) ومن ابتاع عشرة ثياب فاستحق منها ثمانية، فأراد أن يتمسك المشتري بالاثنين الباقيين منها، فإنه منع ذلك في المدونة، وأجازه في واضحة ابن حبيب. (¬7) والخلاف فيها على من ملك أن يملك هل يعد كالمالك أو لا يعد إلا إذا اختار أحد الوجهين اللذين خير بينهما فإن تمسك بالثوبين الباقيين بعد _______ (أ) - خ - (وجوب). ¬

_ (¬5) انتقد المنجور - في شرحه على المنهج المنتخب ج 1 - ص: 6 م - عبارة (أو أجرى عليه نفقة). وقال: الصواب (وأجرى - بالواو -) (وعليه نفقة الوالدين لا نفقة فقط). وهذا الذي صوبه المنجور هو تعبير المقري في قواعده: اللوحة 8 - أ "وأخذ من له مال، ويقدر على التكسب للزكاة، وأجرى عليه نفقة الأبوين، والمنصوص اشتراط عدم القدرة في وجوبها. ولعل عبارة الونشريسي أشمل، بحيث تصدق على صورتين: 1 - ما إذا كان لا مال له، ويقدر على التكسب، فهذا يعطى له الزكاة على المشهور. 2 - ما إذا كان لا مال له، وأجرى عليه نفقة الأبوين. وكذلك قوله (نفقة) هكذا بالتنكير، ربما كانت أنسب لتشمل نفقة الأبوين وغيرهما. (¬6) قال المنجور: "صواب العبارة (في وجوبها - بدل - في جواز أخذها". يمكن إرجاع قوله: والمشهور عدم اشتراط القدرة ... إلى الصورة الأولى: (ويقدر على التكسب) فتصح حينئذ عبارة المؤلف، ويسقط انتقاد المنجور. (¬7) والمشهور مذهب المدونة، وعلل ذلك بأنه لما استحق الأكثر انتقضت الصفقة، وتمسك المشتري بالباقي كإنشاء عقد بثمن مجهول، إذ لا يعلم ما ينوب الباقي من الثمن إلا بعد تقويم ... ابن حبيب إنما أجاز ذلك لأنه رأى أن ذلك جهالة طارئة بعد تمام العقد فصارت كالجهالة إذا اطلع على عيب بالمبيع. ورد بأنه يقتضي أن العيب يخالف الاستحقاق وليس كذلك. انظر شرحي المواق والحطاب لدى قول خليل: "ولا يجوز التمسك بأقل استحق أكثره" ج -4 - ص: 461.

علمه بمقدار ما ينوبهما من الثمن جاز باتفاق القولين (¬8). ومن سرق من الغنيمة قبل القسم، (¬9) وكذلك عامل القراض وجد في حقه سبب يقتضي المطالبة بالقسمة وإعطاء نصيبه من الربح، فهل يعد مالكا بالظهور أم لا (أ) يملك إلا بالقسمة؟ وهو المشهور قولان في المذهب، (¬10) وكذلك إذا باع أحد الشريكين تحقق للشريك سبب يقتضي المطالبة بأن يملك الشقص المبيع بالشفعة. قال القرافي: "ولم أر خلافا في أنه غير مالك" (¬11). تنبيه: قال ابن رشد: وكان شيخنا القرافي ينكر هذه القاعدة ويقول: أرأيت من كانت عنده (ب) خمر وهو يقدر على شربها، وكذلك السرقة (¬12). _______ (أ) - ق - (أو). (ب) - خ - (له). ¬

_ (¬8) ابن يونس: "وأنا استحسن إذا استحق الكثير ورضي المبتاع أن يأخذ ما بقي بصحته من الثمن - أن لا يأخذ إلا بعد التقويم، ومعرفة حصة ما بقي من الثمن، فيأخذ بذلك أو يرد، فيسلم مما كرهه ابن القاسم وغيره. انظر المواق ج - 4 - ص: 461. (¬9) قال القرافي في الفروق - الفرق (121) ج 3/ 21 - بعد ذكر قاعدة من ملك أن يملك: "قد يختلف في هذا الأصل في بعض الفروع، ولذلك مسائل: المسألة الأولى: إذا حيزت الغنيمة فقد انعقد للمجاهدين سبب المطالبة بالقسمة والتمليك، فهل يعدون مالكين لذلك أم لا؟ قولان، فقيل يملكون بالحوز والأخذ وهو مذهب الشافعي، وقيل لا يملكون إلا بالقسمة، وهو مذهب مالك. (¬10) القرافي - ج 3 - ص: 21: "المسألة الثانية؛ العامل في القراض وجد في حقه سبب يقتضي المطالبة بالقسمة، وإعطاء نصيبه من الربع، فهل يعد مالكا بالظهور، أو لا يملك إلا بالقسمة - وهو المشهور، قولان في المذهب". (¬11) المرجع السابق. (¬12) لعله ذكر ذلك في بعض كتبه كالذخيرة وغيرها، ولم تأت هذه الفقرة في الفروق.

قال في الفرق الحادي والعشرين والمائة: (¬13) وبيان بطلانها أن الإنسان ملك (¬14) أن يملك أَربعين شاة (فهل) (أ) يتخيل أحد أن (¬15) يعدَّ مالكا (¬16) قبل شرائها حتى تجب عليها الزكاة (¬17) - على أحد القولين، وإذا كان الآن قادرا على أن يتزوج فهل يجري في وجوب الصداق والنفقة عليه قولان - قبل أن يخطب المرأة، (¬18) ولأنه (¬19) ملك أن يملك خادما ودابة، (ب) فهل يقول له أحد أنه يعد مالكا لهما الآن فتجب عليه نفقتهما (¬20) على قول من الأقوال الشاذة أو الجادة؟ ، بل هذا لا يتخيله من عنده أدنى مسكة من العقل والفقه، وكذلك الإنسان ملك (¬21) أن يشترى أقاربه فهل يعده أحد من الفقهاء مالكا لقريبه فيعتق عليه قبل شرائه - على أحد القولين في هذه القاعدة - على زعم من اعتقدها؟ ، بل هذا كله _______ (أ) - ق - زيادة (فهل). (ب) - ق - (أو). ¬

_ (¬13) الجزء 3 / ص: 20. (¬14) في النسخة المطبوعة من الفروق (يملك). (¬15) في الفروق (أنه). (¬16) في الفروق زيادة (الآن - يعد (مالكا). (¬17) في الفروق (تجب الزكاة عليه). (¬18) أسقط المؤلف هذه الجملة: (لأنه ملك أن يملك عصمتها) - وهي ثابتة في الفروق. (¬19) في الفروق (والإنسان ملك أن يملك). (¬20) في الفروق: (كلفتهما ومؤونتهما). (¬21) في الفروق: (يملك).

باطل بالضرورة، (¬22) ولا يمكن أن يجعل هذا من قواعد الشريعة - البتة، بل القاعدة التي يمكن أن تجعل قاعدة شرعية - ويجرى الخلاف في بعض فروعها لا في كلها - أن من جرى له سبب يقتضي المطالبة بالتمليك هل يُعطى حكم من ملك أم لا؟ (¬23) - انتهى. تنبيه: لم يجعلوا من فروع القاعدة جبر الغرماء المفلس على انتزاع مال مدبره، ومستولدته، ومعتقه إلى أجل، وما وهب لولده، (¬24) وإن ملك انتزاع ذلك واعتصاره؛ لأن الغرماء لم يعاملوه على أن يلزموه انتزاع ذلك. كما لا يلزمه قبول ما بذل له من المعروف كسلف ووصية وهبة وصدقة، (¬25) وكذلك لم يختلف المذهب فيمن قال لعبده أنت حر - إن شئت - أن له أن يرق نفسه ولا يختار الحرية. ¬

_ (¬22) أسقط المؤلف هذه الفقرة (ونظائر هذه الفروع كثيرة لا تعد ولا تحصى). (¬23) عبارة (أم لا) من زيادة المؤلف، وهي ساقطة في النسخة المطبوعة من الفروق. (¬24) ابن الحاجب: "ولا ينتزع مالهما (مدبره ومستولدته) ولا أن يعتصر ما وهب ولده. انظر التوضيح - ج 2 - ورقة 460. (¬25) ابن الحاجب: "ولا يتسلف ولو بذل له". التوضيح: ج -2 - ورقة 461 (وكذلك لا يلزمه صدقة أو وصية).

(القاعدة العشرون) الشك في الشرط مانع من ترتب المشروط

(القاعدة العشرون) الشك في الشرط مانع من ترتب المشروط ومن ثم وجب الوضوء على من تيقن الطهارة وشك في الحدث، (1) وامتنع القصاص من الأب في قتل ابنه. (2) _______ (1) في المسألة خمسة أقوال، والمشهور وجوب الوضوء. ابن الحاجب: اللوحة (8 - ب): "ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث، ففيها فليعد وضوءه .. وقال اللخمي خمسة" -يعني أقوالا خمسة. وانظر التوضيح ج 1 - ورقة 18 - ب. وفروق القرافي ج -1 - ص: 111. وفي التمهيد لابن عبد البر ج - 5 - ص: 26 - 27 قول مالك (من شك في الحدث بعد يقينه بالوضوء فعليه (الوضوء) - لم يتابعه على هذا القول أحد من أهل الفقه - علمته - إلا أصحابه ومن قلدهم في ذلك، وقد خالفه عبد الله بن نافع ... وأجمع العلماء أن من أيقن في الحدث وشك في الوضوء، أن شكه لا يفيد فائدة ... " - انظره. (2) المدونة: ج -6 - ص: 306 "قال مالك: شبه العمد لا أعرفه، إنما هو عمد أو خطأ، ولا تغلظ الدية إلا في فعل المدلجي بابنه، فإن الأب إذا قتل ابنه بحديدة حذفه بها، أو بغيرها مما يقاد من غير الوالد فيه، فإِن الأب يدرأ عنه القود، وتغلظ عليه الدية. وذكر ابن هشام في (المفيد) أن الأصل في ذلك قضاء عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على المدلجي إذ حذف ابنه بالسيف - أدبا وغضبا - فمات من جرحه .... ". انظر شرح ابن الناظم على التحفة ج 2 - ورقة 165 - أ.

(القاعدة الواحدة والعشرون) الشك في المانع لا أثر له

(القاعدة الواحدة والعشرون) الشك في المانع لا أثر له (¬1) ومن ثم لم يلزم الطلاق، (¬2) والعتاق والظهار وحرمة الرضاع (¬3). ¬

_ (¬1) قال ابن العربي: الشك ملغى بالإجماع - انظر قواعد المقري القاعدة (650) - اللوحة (42 - ب). (¬2) لأنه شك في حصول المانع من استصحاب العصمة، والشك في المانع لا يوجب التوقف بوجه. وفرق بين الشك في الطلاق والحدث بأمرين: - أحدهما: المشقة الناشئة من الطلاق لو أمر به، ويسارة الوضوء. - وثانيهما: كل مشكوك يجب طرحه، فالشك في الوضوء شك في المشروط، وذلك يمنع من الدخول في الصلاة، والشك في الطلاق شك في حصول المانع من استصحاب العصمة، فيطرح المانع. انظر فروق القرافي (الفرق العاشر) - ج 1 - ص: 111 - 112. وقواعد المقري، القاعدة (650) - اللوحة: 43 - أ. (¬3) الرضاع من الموانع التي يمنع وجودها وجود الحكم ابتداء وانتهاء، فهو يمنع ابتداء النكاح، ويقطع استمراره - إذا طرأ عليه - كان يتزوجها من المهد وترضع من أمه فتصير اخته، فيبطل النكاح بينهما؛ فإذا شك في وجود المانع وهو الرضاع - لم يوثر على القاعدة "الشك ملغى". وقد يقال إن الأحوط التنزه عن ذلك، وقد ذكروا أنه لا ينبغي للشخص أن يقدم إلا على فرج مقطوع بحليته، وفي الحديث الصحيح - عن عقبة بن الحارث أنه تزوج بنت أبي لهب، فجاءت أمه سوداء فقالت: قد ارضعتكما، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فأعرض عني، قال: فتنحيتُ فذكرت ذلك له، فقال: كيف وقد زعمت أنها أرضعتكما؟ دعها عنك - رواه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه - انظر ذخائر المواريث ج 3 - ص: 3. ابن الحاجب: (ويستحب التنزه ولو بأجنبية لم يفش من قولها) اللوحة 20 - ب. ويمكن الفرق بين المسألتين، أن في هذه المسألة الشبهة قائمة، بخلاف مسألتنا، ولكن التعليل يبقى قائما في كلتيهما (لا ينبغي للشخص أن يقدم إلا على فرج مقطوع بحليته). وانظر التوضيح - ج 2 - ورقة 238 - أب.

(القاعدة الثانية والعشرون) التقدير بأولى المشتركتين أم (أ) بالأخيرة؟

(القاعدة الثانية والعشرون) التقدير بأولى المشتركتين أم (أ) بالأخَيرة؟ وعليه إذا قدم المسافر، (¬1) أو طهرت الحائض لأربع قبل الفجر (¬2). (القاعدة الثالثة والعشرون) نية عدد الركعات هل تعتبر أم لا؟ وعليه لو نوى القصر فأتم (ب) وعكسه، (¬3)، ومن ظن الظهر جمعة وعكسه (¬4). _______ (أ) -ق - (أو). (ب) - خ - (وأتم). ¬

_ (¬1) ابن الحاجب: - اللوحة 14 - أ "ولو قدم لخمس فحضريتان، ولما دونها فالعصر حضرية". (¬2) ابن الحاجب: اللوحة 13 - ب: "والمشتركتان الظهر والعصر، والمغرب والعشاءَ" لا يدركان معا إلا بزيادة ركعة على مقدار الأولى عند ابن القاسم وأصبغ. وعلى مقدار الثانية عند ابن عبد الحكم ... وعليها اختلفوا إذا طهرت الحائض لأربع قبل الفجر. قال أصبغ سألت ابن القاسم آخر مسألة فقال: أصبت وأخطأ ابن عبد الحكم، وسئل سحنون فعكس. (¬3) ابن الحاجب - اللوحة 24 - أ: "أن أتم وقصر ففي الصحة قولان ... على أن نية عدد الركعات معتبرة أو لا؟ ". (¬4) ابن الحاجب - اللوحة 61 - ب: "وفيمن ظن الظهر جمعة وعكسه مشهورها يجزئ في الأولى"، ووجه المشهور أن شروط الجمعة أخص من شروط الظهر، ونية الأخص تستلزم نية الأعم بخلاف العكس. انظر التوضيح ج -1 - ورقة 52 - ب.

(القاعدة الرابعة والعشرون) نية الأداء هل تنوب عن نية القضاء وعكسه أم لا؟

(القاعدة الرابعة والعشرون) نية الأداء هل تنوب عن نية القضاء وعكسه أم لا؟ (¬1) وعلى الأول مسألة الأسير إذا التبست عليه الشهور فصام شعبان يعتقد أنه رمضان، (¬2) هل يجزئ شعبان السنة الثانية عن رمضان السنة الأولى أم لا؟ (¬3). ¬

_ (¬1) قال الباجي: "وهل تجزئ نية الآداء عن نية القضاء فيتخرج من ذلك وجهان على اختلاف أصحابنا في الأسير إذا التبست عليه الشهور فصام ثعبان أعواما يعتقد أنه رمضان". فذكر القولين، ثم قال (الباجي): "وأما إجزاء نية القضاء عن نية الأداء، فيتخرج في ذلك أيضًا وجهان - على اختلاف أصحابنا فيمن صام رمضان قضاء عن رمضان .... انظر التوضيح ج 1 - ورقة (86) - أ. (¬2) يعني بالأول نية الأداء عن نية القضاء. (¬3) المدونة ج 1 - ص: 206: "أرأيت الأسير في أرض العدو إذا التبست عليه الشهور، فصام شهرا ينوي به رمضان، فصام قبله؟ قال: بلغني عن مالك - ولم أسمع منه - أنه قال: إن صام قبله لم يجزه، وإن صام بعده أجزأه". ابن الحاجب - اللوحة 42 - أ "فإن تحرى (أي الأسير) وأخطأ بما بعده أجزأه، وإن أخطأ بما قبله لم يجزه الأول اتفاقا، وفي وقوع الثاني، والثالث قضاء عن الأول والثاني قولان". قال في التوضيح 1 - ورقة 86 - أ: "واختلف هل شعبان من السنة الثانية قضاء عن السنة الأولى، وشعبان الثالثة عن السنة الثانية، حكى المصنف (ابن الحاجب) وغيره قولين، والإجزاء لعبد الملك. قال في البيان: والصحيح عدم الإجزاء، ابن هارون وهو المشهور، ابن أبي زمنين، وهو الصواب عند أهل النظر".

ومن استيقط بعد طلوع الشمس، ولم يعلم بطلوعها فصلى الصبح أداءً، ثم تبين له الطلوع، (¬4) وعلى الثاني (¬5) من صام رمضان عن رمضان (¬6). تنبيه: حكى بعض الشيوخ أن نية الأداء والقضاء في الصلاة لا تشترط اتفاقا، فإذا نوى القضاء في الأداء (أ) أو العكس، ففي البطلان قولان (¬7). _______ (أ) - خ - (الأداء في القضاء). ¬

_ (¬4) ذكر في التوضيح ج 1 - ورقة 186 - أعن سند وابن عطاء الله أن من استيقظ، ولم يعلم بطلوع الشمس أجزأه وفاقا. وانتقد صاحب التوضيح هذا الاتفاق وقال: إنه يمكن فيه تخريج القولين، كما يقتضيه كلام الباجي. (¬5) يعني نية القضاء عن الأداء. (¬6) ابن الحاجب - اللوحة (43 - ب): "ولو نوى القضاء برمضان عن رمضان، ثالثها لا يجزئ عن واحد منهما". وعلل في التوضيح 1 - ورقة: 89 - ب: عدم الإجزاء - بكونه لم ينوه. ابن الجلاب: وهو الصحيح. قال ابن رشد: وهو الصواب عند أهل النظر كلهم. (¬7) مر عن التوضيح أنه يخرج الخلاف في الصلاة -كما يقتضيه كلام الباجي. وذكر عن سند وابن عطاء الله انهما قالا: إننا لا نعرف في إجزاء نية الأداء عن نية القضاء في الصلاة خلافا. انظر الحاشية رقم 1 و 4 - ص: 202 قبل هذه.

(القاعدة الخامسة والعشرون) الشك في النقصان كتحققه

(القاعدة الخامسة والعشرون) الشك في النقصان كتحققه (¬1) ومن ثم لو شك أصلى ثلاثا أم أربعا، أتى برابعة، (¬2) أو شك في بعض أشواط (¬3) الطواف أو السعي (¬4) أو شك هل أتى ¬

_ (¬1) ابن الحاجب - اللوحة (20 - ب): "الشك في النقصان كتحققه ... ". (¬2) يعني - وسجد، والمشهور في مذهب مالك: أن عليه السجود بعد السلام، ابن الحاجب - اللوحة (19 - أ): "وسجود المتم للشك بعده على المشهور". وفي التوضيح ج - 1 ورقة 37 - أ " ... وقال ابن لبابة يسجد قبل السلام لحديث أبي سعيد الصحيح". ومثله في شرح المنجور على"المنهج المنتخب" ص: 3 - م 29. قال: والحديث الصحيح يشهد للشاذ، وهو قول ابن لبابة. فلا ينبغي العدول عنه. ولفظه: "إذا شَكَّ أحَدُكمُ في صَلَاتِه فَلمَ يَدْرِ كَم صَلى أَثَلاثًا أمَ أربَعًا، فَليصَلِ ركْعَة، وَيسْجُدْ بسَجدَتينِ، وَهُو جَالِس قَبْلَ التَّسلِيم". رواه مالك في الموطأ مرسلًا. قال ابن عبد البر: "وهو حديث متصل، مسند صحيح". انظر التمهيد ج - 5 - ص: 18. (¬3) قال مالك في الموطأ ص: 258: "من شك في طوافه بني على ما استيقن". خليل (ص: 58) "وعلى الأقل الشك". وانظر المنتقى للباجي على الموطأ ج - 2 - ص: 304. والتوضيح ج - 1 ورقة 104. وشرحي المواق والحطاب على الشيخ خليل ج 3 - ص: 80. (¬4) ابن الحاجب "فإن تركه (السعي) أو شوطا منه؛ في صحة، أو عمرة صحيحين، أو فاسدين رجع إليه من بلده ... ". اللوحة: 50 - ب. قال في التوضيح ج - 1 ورقة 106 - أ "أي على المشهور وروى عن ابن القاسم أنه خفف في ترك الشوط، أو الشوطين، ثم رجع. قال: وكذلك إن شك".

بالثالثة في الوضوء أم لا؟ (¬5). وفيها (أ) بين الشيوخ تنازع، (¬6) وهل ظن الكمال (ب) كذلك أم لا؟ (ج) (¬7). _______ (أ) خ - (ففيها). (ب) ق - (هذا الكمال). (ج) خ - (أو). ¬

_ (¬5) قال في التوضيح ج -1 - ورقة 13 - أ: "ولو شك هل غسل اثنتين أو ثلاثا فقولان للشيوخ، فقيل يأتي بالأخرى قياسا على الصلاة، وقيل: لا، خوفا من الوقوع في المحظور ويشير إلى النهي الوارد في الحديث الصحيح عن الزيادة فيما سنه الشرع "فمَنْ زَاد عَلَى هَذَا فقَد أسَاءَ وَتَعَدى وظلَمَ". انظر سنن النسائي بشرح السيوطي ج -1 ص: 88، وسنن أبي داود ج 1 - ص: 29 - 30. (¬6) في ذلك قولان حكاهما اللخمي، ومذهب مالك -كما قال الباجي - أنه لا يبنى إلا على اليقين. ومذهب أبي حنيفة البناء على الظن، فمن ظن أنه أكمل صلاته هل تجزئه أم يزيد واحدة كالشك - قولان. ابن الحاجب - اللوحة 19 - ب: "ويعمل الظان على ظنه" وقبله ابن راشد، ونازعه ابن عبد السلام. (¬7) قال المقري - في قواعده (القاعدة 66) - اللوحة 5 - ب: "وأما إتمام الصلاة فالمعتبر عند الشافعي والباجي اليقين، وعند ابن الحاجب والنعمان الظن، ولعل مراد ابن الحاجب الظن الغالب الذي تسكن إليه النفس، ويطمئن به القلب، إذ هو المراد من اليقين هاهنا، لا العلم الذي لا يحتمل النقيض، لأن الأصل في الصلاة عمارة الذمة المتيقنة".

(القاعدة السادسة والعشرون) وهي قاعدة: الذمة إذا عمرت بيقين، فلا تبرأ إلا بيقين

(القاعدة السادسة والعشرون) وهي قاعدة (¬1): الذمة إذا عمرت بيقين، فلا تبرأ إلا بيقين ومنها الشك (¬2) في إخراج ما عليه من الزكاة، (¬3) والكفارة، والهدى، وقضاء رمضان، (¬4) والواجب غير المعين ¬

_ (¬1) جعل الزقاق في (المنهج المنتخب) - هل ظن الكمال كتحققه، قاعدة على حدة: " .... وهل ظن كمال كتحقق نقل". ولم يذكر قاعدة: الذمة إذا عمرت بيقين ... استغناء بذلك. انظر شرح المنجور على المنهج المنتخب ج 1، ص: 2 - م 19 وقد أدمج أبو محمد الونشريسي (ولد المؤلف) - في نظمه - كلتا القاعدتين في قاعدة: الشك في النقصان، والزيادة، والشرط، والمانع ... - انظر اللوحة 7 - ب. (¬2) ربما كان أنسب - للمؤلف - أن يمثل بالظن لينطبق عليه قوله: "وهي قاعدة الذمة إذا عمرت بيقين" فهي تصدق على من إذا ظن، أو شك، وقد أتى به في المنهج المنتخب كمثال للظن (ونقل في زكاة وقضا ... ). وأورد معه مثال، من ظن أنه أكمل صلاته، فهل تجزئه، أم يزيد واحدة كالشك؟ . (¬3) قال القرافي - في الفرق (44) - من قواعده ج 2، ص: 225: "ومن شك هل أخرج الزكاة أم لا؟ فإنه يجب عليه إخراج الزكاة، وينوي التقرب ... ". (¬4) أورده في المنهج المنتخب - مثالا لقاعدة: (هل ظن الكمال كتحققه أم لا؟ ) قال شارحه: وعلى هذا الأصل كذلك مسألة من ظن أنه قضى ما وجب عليه من رمضان، ومر أنه اختلف في ذلك على قولين، ومذهب مالك أنه يبني على اليقين، ومذهب أبي حنيفة البناء على الظن. انظر المنجور على المنهج المنتخب ج 1 - ص: 2 - م 29.

بخلاف المعين (¬5) - على المشهور ومن شك في قضاء ما عليه من الدين، وفي تحليف ربه إذ ذاك (أ) قولان (¬6). _______ (أ) - خ - زيادة (هل يحلف رب الدين إذا شك المدين في القضاء). (¬6) ¬

_ (¬5) ينقسم الواجب، عند الأصوليين، إِلى قسمين: واجب معين، وواجب غير معين، وهو المعبر عنه بالمخير؛ • فالواجب المعين: هو الذي يكون المطلوب فيه واحدا، كأداء الدين، والولاء بالعقد، واداء الزكاة، وغير ذلك مما يتعين فيه المطلوب. • أما الواجب غير المعين -وإن شئت قلت الواجب المخير: فهو الذي لا يكون فيه الواجب واحدا بعينه، بل يكون واحدا من اثنين أو ثلاثة، ككفارة اليمين مثلًا، فإنه قد خير الحانث فيها بين عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام. انظر الأحكام للآمدى ج 1 - ص: 94، والموافقات للشاطبي ج 1 - ص: 156 - 160، وأصول الفقه لأبي زهرة ج 1 - ص: 32 - 34. (¬6) قال المقري في قواعده - القاعدة 69 اللوحة 6 - ب "إذا استند الشك إلى أصل كالحلف، وكان سالم الخاطر أمر بالاحتياط ... وللمالكية في وجوبه قولان، فإن لم يستند لم يجب على المعروف".

(القاعدة السابعة والعشرون) وعكس هذه القاعدة قاعدة: الشك في الزيادة كتحققها (أ)

(القاعدة السابعة والعشرون) وعكس هذه القاعدة قاعدة: الشك في الزيادة كتحققها (أ) ومنها الشك في حصول التفاضل في عقود الربا، (¬1) والشك في عدد الطلاق، ومذهب الكتاب (¬2) لزوم الثلاث، (¬3) وقيل واحدة رجعية - بناء على أنه تحقق التحريم، وحل الرجعة مشكوك، أو تحقق ملك الثلاث، وسقوط اثنتين مشكوك (¬4). _______ (أ) في سائر النسخ (كتحققه) - وهو تصحيف ظاهر. ¬

_ (¬1) ابن الحاجب - اللوحة (107) - أ) - "ولطلب تحققها (أي المماثلة) منع بيع دينار ودرهم أو غيره بدينار. التوضيح ج 1 - ورقة 291 - "ولأجل أنه لا بد منها (أي المماثلة) منع ما يوجب شكا فيها". قال المنجور - في شرحه على المنهج المنتخب ج 1 - ص: 3 م 29: "وهو قول الشيوخ: الشك في التماثل، كتحقق التفاضل". وفي صحيح مسلم (ج - 5 - ص: 44) عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل سواء بسواء" الحديث. وانظر بداية المجتهد ج 2 - ص: 128 - 133. (¬2) يعني المدونة. (¬3) ولفظ المدونة "أرأيت لو أن رجلا طلق امراته، فلم يدركم مرة طلقها، أواحدة أم اثنتين، أم ثلاثا، كم هذا - في قول مالك -؟ قل: قال مالك: "لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره" ج 3 - ص: 13. (¬4) وهو مذهب الشافعي، قال القرافي - في الفرق (44) ج 1 ص: 225: "ومن شك هل طلق ثلاثا أم اثنتين، ألزمه مالك الطلقة المشكوك فيها، دون الشافعي".

(القاعدة الثامنة والعشرون) التخيير في الجملة هل يقتضي التخيير في الأبعاض أم لا؟

(القاعدة الثامنة والعشرون) التخيير في الجملة هل يقتضي التخيير في الأبعاض (¬1) أم لا؟ (¬2) وعليه تبعيض (¬3) الكفارة، وإذا افتتح النفل قائما، ثم شاء الجلوس وفيها قولان لابن القاسم، وأشهب بخلاف العكس (¬4). _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) بمعنى أن ما ثبت من الخيار للكل، هل يثبت للبعض أم لا؟ . (¬2) وأصل هذه القاعدة للشيخ خليل في التوضيح ج - 1 - ورقة 139 - ب: "ومنشأ الخلاق: هل التخيير في الجمل، يقتضي التخيير في الأبعاض"؟ . (¬3) وهي أن تلفق من جنسين أو أكثر، كان يطعم خمسة، ويكسو خمسة مثلًا: وفي ذلك قولان، والمشهور عدم التبعيض. وأجازه ابن القاسم في الموازية. انظر التوضيح لدى قول ابن الحاجب: (ولو أطعم وكسا ... ) ج 1 - ورقة 139 - ب. (¬4) أصل هذه العبارة لابن الحاجب - اللوحة 17 - ب "فلو افتتحها" (النافلة) قائما ثم شاء الجلوس، فقولان لابن القاسم وأشهب بخلاف العكس". ابن فرحون العكس - وهو إذا صلى جالسا، ثم شاء القيام فله ذلك بلا خلاف، لأنه انتقل من الأدنى إلى الأعلى. وانظر الحطاب ج - 2 - ص: 6. خليل: ص: 25 "ولمتنفل الجلوس ولو في أثنائها" ولعله رد بلو على أشهب، ومذهب ابن القاسم، أنه يجوز له ذلك. وانظر المدونة - ج - 1 ص: 79.

(القاعدة التاسعة والعشرون) كل جزء من الصلاة قائم بنفسه أو صحة أولها متوقفة على صحة آخرها

(القاعدة التاسعة والعشرون) كل جزء من الصلاة قائم بنفسه أو صحة أولها متوقفة على صحة آخرها اختلفوا فيه والأول قول الشافعي، (¬1) وعليه طرو (¬2) العتق في الصلاة لمنكشفة الرأس، (¬3) والنجاسة على المصلي، (¬4) وأمكن السِّتر أو النزع بسرعة: (¬5) هل تقطع أم لا؟ ، (أ) _______ (أ) ق - (أولًا). ¬

_ (¬1) المقري في قواعده - القاعدة (172) - اللوحة: 14 - ب: "اختلف المالكية: هل كل جزء من الصلاة قائم بنفسه - كالشافعي، أو صحة أولها متوقف على صحة أخرها"؟ . (¬2) نقل المؤلف هذه المسائل الثلاث: ( ... طرو العتق في الصلاة لمنكشفة الرأس، والنجاسة على المصلي ... وكذلك العريان يجد ثوبا ... ) - عن قواعد المقري - القاعدة الآنفة الذكر. (¬3) ابن الحاجب - اللوحة (15 - أ - ب): (ولو طرأ علم بعتق في الصلاة لمنكشفة الرأس، فقال ابن القاسم تتمادى ولا إعادة عليها، إلا أن يمكنها الشر فتترك، سحنون تقطع, أصبغ: إن كان العتق قبل الصلاة فكالمتعمدة تعيد في الوقت، وإلا لم تعد مطلقا. وانظر التوضيح ج أ - ورقة 30 - أ. (¬4) ابن الحاجب - اللوحة (5 - أ): "فلو رأى نجاسة في الصلاة ففيها (المدونة) ينزعه (ثوبه) وليستأنف ولا يبنى. ابن الماجشون: يتمادى مطلقا، ويعيد في الوقت إن لم يمكن نزعه. مطرف: فإن أمكن تمادى، وإن لم يمكن استأنف". وانظر التوضيح ج أ - ورقة 8 - أ - ب. (¬5) بحث بعض الشيوخ في تنزيل القاعدة على المسألتين، فذكر أن مسألة الأمة فيها متوقف على صحة أولها، إذ يصدق عليها أنها صلت صلاة بعضها بقناع - وهو الأخير، وبعضها بغير قناع - وهو الأول. =

وكذلك العريان يجد ثوبا؛ (¬6) وأما لو بلغها (¬7) فقولان (¬8) أيضًا على حكم النسخ، هل يلزم بالوقوع، أو بالبلاغ؛ (¬9) وعليه تصرف الوكيل، والقاضي وأمام الجمعة، وستأتي (¬10). _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ومسألة النجاسة هي على العكس من مسألة الأمة، إذا يصدق عليها أن بعضها صلى بنجاسة، وهي حين وقوع النجاسة وهو الأخير، وبعضها صلى بغير نجاسة - وهو الأول: فالأول في هذه موقوف على الآخر، فعلى هذا ينبغي أن يقال في القاعدة: هل كل جزء من الصلاة أم بعضها متوقف على بعض؟ . قال المنجور في شرحه على المنهج المنتخب 1/ 8 - م 7 - : "وبحثه ظاهر، وقد عبر البرزلي عن هذه القاعدة بمثل ما اختار هذا الشيخ، وذلك أنه قال إثر ذكر مسألة الأمة: وتتخرج عندي على (كل جزء من الصلاة هل هو مستقل بذاته، أو كلها كشئ واحد). (¬6) في المسألة قولان، والمشهور أنه يستر ويتمادى في صلاته. ابن الحاجب (اللوحة- 15 - أ)، "وكذلك العريان يجد ثوبا وقيل يتمادى ويعيد"- وانظر التوضيح ج أ- ورقة (30 - أ). (¬7) أي لو بلغ الأمة (العتق) - وهي مكشوفة الرأس فقولان، بناء على أن النسخ يلزم بالبلاغ، أو بالوقوع -كما سيأتي. (¬8) لابن القاسم وسحنون - انظر التوضيح ج أ - ورقة 3 - أ. (¬9) التوضيح "وهو على اختلافهم في المنسوخ، هل يكون بلفظ الناسخ أم وصول العلم به ... " - انظر نفس المصدر. (¬10) انظر القاعدة (60) ص: 275 "النسخ هل يثبت حكمه بالنزول أو بالوصول" من قواعد المؤلف.

(القاعدة الثلاثون) الترك هل هو كالفعل أم لا؟

(القاعدة الثلاثون) الترك هل هو كالفعل (¬1) أم لا؟ (¬2) وعليه فروع، كمن مر بصيد وقد رماه آخر، وأمكنته الذكاة وتركها حتى مات، هل يضمن المار أم لا؟ (¬3) ومن قدر على تخليص نفس أو مال؛ ولو بشهادة أو وثيقة أو مواساة واجبة كالشربة، والخيط للجائفة، (¬4) وإرسال فضل الماء، وإعطاء ما يقيم به حائطه من عمد وآجر؛ (¬5) والولي القريب إذا رجع عليه بصداق المرأة لعيبها فألفي فقيرا، ففي إغرامها إياه قولان، (¬6) وما إذا ترك المرتهن كراء الدار ولم يكرها _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) هذه القاعدة من القواعد الأصولية العامة، التي أوردها المؤلف في هذا الكتاب - ضمن قواعد أصول الخلاف في المذهب المالكي، وقد ذكرها ابن الحاجب في مختصريه: الأصلي، والفرعي، وهي القاعدة (445) من قواعد المقري - اللوحة: 30 - ب. (¬2) قال المقري: والصحيح أن الترك فعل، وبه كلفنا في النهي - عند المحققين. انظر قواعده - اللوحة (30 ب) الآنفة الذكر. (¬3) ابن الحاجب - اللوحة (60 أ) ولو مر إنسان وأمكنته الذكاة فتركها فمات، فالمنصوص لا يؤكل، ويضمنه المار وقيل في ضمان المار قولان - بناء على أن الترك كالفعل أو لا؟ . وانظر التوضيح ج - 1 - ورقة 28 - أ. (¬4) الجائفة: الإصابة في الجوف. (¬5) هذه الأمثلة ( ... ومن قدر على تخليص نفس ... من عمد وآجر لخصها المؤلف من مختصر ابن الحاجب الفقهي - اللوحة (50 - أ). (¬6) هذه المسألة ذكرها المقري في قواعده - اللوحة (30 - ب) ولم يرجح أي القولين.

حتى حل الأجل، ولكرائها خطب وبال. وما إذا عطل الوصي ربع اليتيم عن الكراء مع إمكانه، أو ترك جنات (أ) محجوره وكرومه، وأرضه حتى تبورت ويبست. وما إذا دفعت إليه دابة وعلفها وقيل له اعلفها واسقها حتى أرجع من سفري فتركها بلا علف حتى ماتت فهل يضمن أم لا؟ قال ابن سهل (¬7): نعم. وفي نوادر الشيخ (¬8) لا (¬9) وقد تجري على الغرور القولي، (¬10) وانظر مسألة السجان والقيد والقفص والسارق والدواب في اللقطة (ب). _______ (أ) خ - (جنة). (ب) (واللقطة). ¬

_ (¬7) أبو الأصبغ عيسى بن سهل الأسدي القرطبي، الفقيه النوازلي المشاور، كان حافظا للرأي، ذاكرا لمسائله، يستظهر المدونة والمستخرجة، ألف كتاب "الإِعلام بنوازل الأَحكام" اعتبره الشيوخ من المراجع الهامة في هذا الميدان. (ت 486 هـ). انظر الصلة ج - 2 - 415. الديباج 182. شجرة النور 128. (¬8) يعني به أبا محمد بن أبي زيد القيرواني، تقدمت ترجمته في ص: 170 تعليق (3). (¬9) الظاهر أن الخلاف بين ابن سهل والشيخ ابن أبي زيد إنما يرجع لمسألة الدابة، وهي التي يتصور فيها التغرير القولي. ذكر المنجور في شرحه على المنهج المنتخب ج - 1 ص: 1 - م 11 - : أن مما يدخل في هذه القاعدة (الترك هل هو كالفعل) - مسألة السجان، والقيد، والقفص، والسارق، والدواب. (¬10) اختلفوا في التغرير بالقول، والمشهور أنه لا يوجب غرما، بخلاف التغرير بالفعل. انظر التوضيح ج - 2 - ورقة 47 - أ.

تنبيه: ولا يختلف في وجوب الضمان إِذا قطع له وثيقة بحق قد ثبت، (أ) وأما إذا لم تثبت (ب) الوثيقة فلا يغرم سوى قيمة الرق قال الشيوخ، (¬11) ودون تلك المسائل أن يقتل شاهدي حق، ولذلك احتمل دون الخلاف فيكون متعديا على السبب، فيضعف الضمان، وهو جار على قاعدة: التعدي على السبب هل هو كالتعدي على المسبب (¬12) أم لا؟ (، ) وعليها في المذهب - مسائل (¬13). _______ (أ) ق - زيادة (له). (ب) خ - (كالمتعدي). (ج) ق - (أو ... ). ¬

_ (¬11) ابن الحاجب - اللوحة (60 - أ): "أما لو قطع وثيقة حق فضاع ما فيها ضمن". وانظر التوضيح ج - 1 - ورقة 128 - أ. (¬12) هذه المسألة نقلها في التوضيح ج - أ - ورقة 138 - أ. عن ابن بشير قال: "ودون هذا في المرتبة" -يعني تقطيع وثيقة حق- أن يقتل شاهديه اللذين يشهدان بالحق له، فإن هذا لم يتعد على نفس الشهادة بالحق، وإنما تعدى على سببها، وهو - بلا شك - أضعف من الأول. (¬13) انظر قواعد المقري - اللوحة (30 - ب).

(القاعدة الواحدة والثلاثون) النظر إلى المقصود، أو إلى الموجود؟

(القاعدة الواحدة والثلاثون) النظر إلى المقصود، أو إلى الموجود؟ وعليه لو ظن عدم فراغ الإِمام بعد غسل دم الرعاف فصلى مكانه ثم أخطأ ظنه؛ (¬1) أو أَرسل المحرم كلبه على أسد فقتل صيدا، ففي الجزاء قولان؛ (¬2) فمن نظر إلى المقصود أسقط، ومن نظر إلى الموجود - وهو الإرسال - أوجب؛ (¬3) أو تزوج من يظنها معتدة فإذا هي بريئة، (¬4) أو تزوج إمراة زوجها غائب - وهذا الزوج لم يعلم بموت الزوج الغائب، فلم يفسخ نكاحه حتى ثبت أن الزوج الغائب مات وانقضت (أ) عدة الزوجة قبل عقد هذا الثاني نكاحها، هل يمضي النكاح لما صادف محله أو لا؟ (¬5). _______ (أ) خ - (أو). ¬

_ (¬1) تقدمت هذه المسألة في القاعدة الثامنة: "الواجب الاجتهاد أو الإصابة، ص: 158. (¬2) مذهب المدونة: الوجوب، وقال أشهب: لا جزاء عليه، اللخمي وهو أبين. ابن الحاجب - اللوحة (55 - أ): (ولو أرسل كلبه على أسد فقتل صيدا فقولان) - وانظر التوضيح ج -1 - ورقة 117 - أ. (¬3) صاحب التوضيح: "ومنشأ الخلاف النظر إلى الإِرسال - وهو فاعله، أو إلى قصده - وهو لم يقصد الصيد - المرجع السابق. (¬4) انظر قواعد المقري - القاعدة (558) - اللوحة (37 - ب). (¬5) ذكر الباجى في (المنتقى) -باب الرعاف من الطهارة ج أ - ص: 83 عن ابن حبيب - أن من تزوج امرأة لها زوج غائب لا يدري أحي هو أو ميت، ثم تبين أنه مات، لمثل ما تنقضي فيه عدتها قبل نكاحها، فنكاحها ماض. وانظر شرحي المواق والحطاب على مختصر خليل ج 4 ص: 158 - 159، والزرقاني مع حاشية بناني ج - 4 - ص: 214.

أو تزوج بخمر فإذا هي خل، نظرا إلى ما دخل عليه أو انكشف الأمر به (¬6)، وكمن دخل خلف من يصلي (أ) الظهر، فإذا به يصلي العصر؛ (¬7) أو صام يوم الشك، فإذا هو من رمضان؛ (¬8) أو افتتح الصلاة متيقنا للطهارة، ثم شك في الصلاة وتمادى عليها، ثم تبين أنه متطهر؛ أو افتتح بتكبيرة الإحرام ثم شك فيها وتمادى (ب) حتى أكمل، ثم تبين أنه أصاب؛ أو قام إلى خامسة في الرباعية عمدا فإذا به قد فسدت عليه ركعة يجب قضاؤها، أو سلم شاكا في إكمال صلاته ثم تبين الكمال. أو شك في دخول الوقت، ثم تبين أنه الوقت، أو حلف على ما لا يتيقنه، ثم تبين الصدق، ومن أفطر يوم ثلاثين من رمضان متعمدا منتهكا، ثم تبين أنه العيد، هل عليه كفارة أم لا _______ (أ) خ - (يظنه). (ب) خ - (أو). ¬

_ (¬6) انظر قواعد المقري - اللوحة (39 - ب). (¬7) ذكر ابن الحاجب - من شروط الاقتداء - اللوحة (42 - ب): "أن يتحد الفرضان في ظهرية وغيرها". وانظر التوضيح ج أ - ورقة 44 - ب. (¬8) ابن الحاجب - اللوحة (42 - أ): (ولو صامه احتياطًا ثم ثبت لم يجزه وعليه العمل. قال أشهب: كمن صلى شاكا في الوقت ثم تبين أنه الوقت، ورده اللخمي بأن الصوم بالشك مأمور، بخلاف من شك في الوقت؛ وقال: هي مثل من تطهر أو توضأ شاكا ثم تبين الوجوب؛ وفيها قولان. والصواب مع أشهب). وقد ورد في الحديث الصحيح النهي عن صوم يوم الشك من حديث عمار بن ياسر: (مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَد عَصَى أَبَا القَاسِمِ). رواه أبو داوود، والنسائي، وابن ماجه، والترمذي وصححه.

والقولان حكاهما ابن القصار (¬9) وانظر من استهلك لرجل زرعا لم يبد صلاحه، فغرم قيمته على الغرر ثم بعد ذلك نزل ما أذهب زرع جميع البلد أن الغرم لازم، ومن صلى للقبلة بغير اجتهاد ثم صادف (¬10). وهي قاعدة فساد الصحة بالنية (¬11). وعليها لو اشترى عنبا على أن يعصره خمرا، أَو أكرى دارا ممن يبيع فيها الخمر، فصرفه إلى غير الخمر من زبيب أو خل، أو لم يبع حتى انقضت المدة (¬12). _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬9) أبو الحسن علي بن أحمد البغدادي الأبهري قاضي بغداد (ت 398 هـ)، له كتاب في مسائل الخلاف لا يعرف للمالكيين كتاب في الخلاف أكبر منه. انظر ترجمته في شجرة النور ص: 92. (¬10) المواق -نقلا عن نوازل ابن رشد- " ... وانظر من صلى قبل دخول الوقت، فتبين أنه صلى في الوقت، لهذا نظائر، وللوجه الآخر نظائر؛ من ذلك: الحالف متعمدا للكذب، فصادف أنه صادق، وتعمد الأكل يوم ثلاثين من رمضان، فجاء الثبت أنه العيد، ومن صام يوم الشك احتياطا، فجاء الثبت أنه رمضان، ومن قالت غدا يوم حيضتي فأصبحت تفطر فصادف حيضتها، كمن سلم على شك، فتبين أنه أكمل، ومن صلى لغير القبلة فتبين أنه صلى لها ... ". انظر شرح المواق على خليل ج - 4 - ص: 157. (¬11) قواعد المقري - القاعدة (568) - اللوحة 37 - ب: "اختلف المالكية في فساد الصحيح بالنية، كمن تزوج من يظنها معتدة، فإذا هي بريئة؛ أو بخمر فإذا هي خل؛ - نظرا إلى ما دخلا عليه، أو انكشف الأمر به؛ وهي قاعدة: (النظر إلى المقصود أو الموجود). (¬12) أورد المؤلف لكل من قاعدة (النظر إلى المقصود أو إلى الموجود)، وقاعدة (فساد الصحة بالنية) - أمثلة خاصة، وكأنهما قاعدتان؛ وصنيع المقري يقتضي أنهما قاعدة واحدة لها إطلاقان؛ - على أن الأمثلة التي أوردها الونشريسي في قاعدة: النظر إلى المقصود، أو إلى الموجود، ذكرها المقري في قاعدة: فساد الصحيح بالنية؛ وزاد قاعدة ثالثة تدخل في هذا الباب، وهي قاعدة (174) - اللوحة 24 - ب: (قال المازري: إذا شك في الإحرام أو في الطهارة، أو زاد ركعة عامدا أو ساهيا، أو أتم بنية النافلة أو فريضة=

ومسألة ناصح، ومرزوق، (¬13) وحفصة وعمرة، (¬14) ومسألة لو مرت برجل إمرأة في ظلام ليل، (أ) فوضع يده عليها ظانا أنها زوجته فقال لها: أنتِ طالق إن وطئتكِ الليلةَ - فوطئها - فإذا هي غير امرأته، في لزوم الطلاق قولان. _______ (أ) ق - (الليل). ¬

_ = أخرى، ثم تبين الصواب، في ذلك قولان؛ والبطلان في الثالثة، والخامس - أصح لفساد النية، وهما على الالتفات إلى حصول الصواب أو إلى عدم تعميم المصلي. (¬13) قال في المدونة ج - 3 - ص: 174: "أرأيت إن دعا عبدا له فقال له ناصح، فأجابه مرزوق، فقال: أنتَ حر - وهو يظن أنه ناصح وشهد عليه بذلك؛ قال: يعتقان عليه بذلك جميعا، يعتق مرزوق بما شهد له، ويعتق ناصح بما أقر له مما نوى، وأما فيما بينه وبين الله، فلا يعتق إلا ناصح". قال ابن القاسم: "فإن لم تكن عليه بينة لم يعتق إلا إذا أراد. وقال أشهب: لا أرى لناصح عتقا إلا أن يحدث له العتق، والمعتق غيره، وهو يظنه أنه هو، قد رق هذا، وحرم هذا". (¬14) خليل: "أو قال يا حفصة فأجابته عمرة فطلقها - فالمدعوة، وطلقتا مع النية". قال المواق - نقلا عن ابن شاس ج 4 ص: 44: "وبالجهل كما إذا قال: يا عمرة، فأجابته حفصة فقال أنت طالق، ثم قال، حسبتها عمرة، طلقت عمرة، وفي طلاق حفصة قولان، قال ابن راشد: والخلاف في هذا قائم من مسألة ناصح ومرزوق المذكورة في كتاب العتق من المدونة. وانظر الزرقاني ج - 4 - ص: 85 - 86.

(القاعدة الثانية والثلاثون) المترقبات إذا وقعت، هل يقدر حصولها يوم وجودها وكأنها فيما قبل كالعدم، أو يقدر أنها لم تزل حاصلة من حين حصلت أسبابها التي أثمرت أحكامها، واستند الحكم إليها

(القاعدة الثانية والثلاثون) المترقبات إذا وقعت، هل يقدر حصولها يوم وجودها وكأنها فيما قبل كالعدم، أو يقدر أنها لم تزل حاصلة من حين حصلت أسبابها التي أثمرت أحكامها، واستند الحكم إليها (¬1) - وهي: قاعدة "التقدير والانعطاف". وعليها بيع الخيار إذا أمضى - كأنه لم يزل الإمضاء من حين العقد - في أحد القولين؛ (¬2) والرد بالعيب، كأن العقد لم يزل منقوضا (¬3): وإجازة الورثة الوصية كأنها لم تزل جائزة (¬4) - على الخلاف في هاتين. وتقدير الربح مع أصله - في أول الحول، أو يوم الشراء. في باب الزكاة، (¬5) وصيام التطوع بنية قبل الزوال من اليوم المصوم، فإنه ينعقد الصوم بها عند الشافعي، وأبي _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) المقري في قواعده - القاعدة (975) - اللوحة (61 - أ). "اختلفوا في المترقبات، هل تعد حاصلة أم لا؟ ". (¬2) تقدمت هذه المسألة في التنبيه الأول من القاعدة (17) ص: 188 وستأتي من بين قواعد هذا الكتاب. (¬3) انظر المواق لدى قول خليل: "ويلزم بانقضائه، ورد كالغد". ج -4 - ص: 415 - 416. (¬4) انظر المدونة ج - 6 - ص: 75. (¬5) ابن الحاجب - اللوحة (32 - أ): "وعلى المشهور في تقديره (الربح) موجودا مع مال أنفق بعد أن حال حوله مع أصله حين الشراء، أو حين الحصول، أو حين الحول، ثلاثة لابن القاسم وأشهب والمغيرة". انظر التوضيح ج 1 - ورقة 65 - أ.

حنيفة، وتنعطف النية على ما قبل وقتها من اليوم، (¬6) وعليها لو خاصم مستحق الأرض في الإبان، وحكم له بعد ذهابه في كون الكراء للأَول، أَو للمستحق. (¬7) ومن أعتق عبده في سفره ثم قدم فأنكره، وقدم من شهد عليه فحكم عليه، هل يقدر الحكم يوم أعتق أو الآن وقع. تنبيه: قال المازري في مسألة الاستحقاق (¬8) قد يقال: إن مدافعة المستحق إِن كانت بتأويل ووجه شبهة، فإِنه يحسن القضاء بإسقاط حقه في الكراء. وإن كانت المخاصمة له بباطل واضح فإن الكراء يكون له. _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬6) والأصل في ذلك حديث عائشة قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم: "يا عائشة هل عندكم شيء؟ قالت: قلت يا رسول الله ما عندنا شيء. قال: فإني صائم". رواه مسلم في صحيحه ج 3 ص: 160. وانظر بداية المجتهد ج 1 ص: 294، والتوضيح ج 1 - ورقة 135 - ب. (¬7) انظر تفصيل المسألة في شرح المواق ج - 5 - ص: 294 لدى قول خليل "وإن زرع فاستحقت، فإن لم ينتفع بالزرع أخذ بلا شيء ... " وحاشية البناني على الزرقاني ج 6، ص: 158. (¬8) وهي التي أشار إليها. في المدونة ج 5/ 374 - حيث يقول: "وإن كانت أرضا تزرع في السنة مرة، فاستحقها - وهي مزروعة قبل فوات إبان الزرع، فكراء تلك السنة للمستحق، وليس له قلع الزرع، لأن المكتري زرع فيه بشبهة" - فالمدونة -كما ترى- أطلقت، والمازري يريد أن يقيد ذلك بغير ذي شبهة، ولست أدري هل له مستند في ذلك أم لا؟ ولعله قاسها على مسألة امرأة دعت زوجها للدخول فأنكر النكاح، فأثبتته عليه، وقد أفتى فيها شيخه أبو الحسن اللخمي بأنه إن كانت مدافعته لها في النكاح بتأويل وشبهة فلا يطالب بالنفقة أيام الخصام. وانظر شرحي الحطاب، والمواق ج - 5 - ص: 296 عند قول خليل "وإلا فكراء السنة كذي شبهة، أو جهل حاله".

وقد حضرت مجلس الشيخ أَبي الحسن اللخمي -رحمه الله - وقد استفتاه القاضي في امرأة دعت زوجها للدخول فأنكر النكاح فأثبتته عليه، فأفتاه بأنه يعتبر مدافعته لها في النكاح هل كان من الزوج بتأويل وشبهة، فلا يطالب بالنفقة أيام الخصام، أو دافعها بباطل واضح فيكون كالغاصب لها حقها في النفقة، فيقضى لها بذلك، وهذا نحو مما أشرنا إليه نحن في هذه المسألة.

(القاعد الثالثة والثلاثون) وعكس هذه القاعدة: قاعدة الظهور والانكشاف

(القاعد الثالثة والثلاثون) وعكس هذه القاعدة: قاعدة الظهور والانكشاف وعليها لو قال لزوجته أنتِ طالق يوم يقدم فلان فقدم نصف النهار فإذا قدم تبين حينئذ أَن الطلاق كان قد وقع في أول اليوم، وانكشف ما كان مستورا، وعلم ما كان مجهولا، فتجري أحكام الطلاق من أول اليوم على حقائقها، (¬1) واسترجاع النفقة المدفوعة إلى المرأة - بناء على ثبوت الحمل وإذا ظهر بعد ذلك أنه كان ريحا على المشهور (¬2). ووجوب رد قسمة ميراث المفقود في أرض الإسلام - في الأجل أو قبله - بعد ما أنفق أولاده على أَنفسهم من ماله. قال مالك فيها: بوجوب رد النفقة، وخولف (¬3). _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) ابن الحاجب - اللوحة (95 - أ): (فإن قال بعد قدوم زيد بشهر طلقت عند قدومه). وانظر التوضيح ج - 2 - ص: 120 - ب. والمواق على خليل ج - 4 - ص: 68. (¬2) وهو قول ابن الماجشون، وروايته، واختاره ابن المواز، وعليه اقتصر خليل في مختصره: "وردت النفقة كانفشاش الحمل ... ". انظر شرحي المواق والحطاب ج 4 - ص: 195، والزرقاني مع حاشية بناني ج - 4 - ص: 256. (¬3) انظر شرح ولد ناظم التحفة في فصل أحكام المفقودين ج 1 - ص: 329 - 330.

ومن قال: آخر امرأة أتزوجها طالق، فإنه يكف عن كل امرأة يتزوجها حتى يتزوج أخرى لانكشاف صحة العصمة، لأنها ليست بآخر امرأة، فإذا مات عن امرأة لم يتزوج بعدها غيرها صار الترك والموت كاشفين كونهما آخر امرأة، فاسدنا الآن هذا الوصف إلى حال عقد نكاحها (¬4). وعليها أيضًا من ضمن عن رجل دينا فأدى الغريم إلى غريمه عنه عرضا وسقط ضمان الضامن، ثم استحق العرض من يد الغريم، ولم يوجد المضمون، أو وجد عديما. قال فضل (¬5): نزلت بقرطبة وأُفتيت فيها بأن لا رجوع للغريم على الضامن، لأن الدين إنما لحق بعد انحلال الضامن عن الضمان كالعبد إذا باع سلعة ثم أعتقه سيده، واستحقت السلعة ووقع الحكم بخلاف ذلك فأغرم الضامن. ومنها إذا فلس (أ) الغائب ثم قدم مليا، هل تبقى الديون إلى أجلها أو حكم مضى (¬6). _______ (أ) خ - (أفلس). ¬

_ (¬4) ابن الحاجب - اللوحة (87 - ب): "ولو قال آخر امرأة اتزوجها طالق، لقال ابن القاسم: لا شيء عليه، والحق أن يوقف على الأولى حتى ينكح ثانية، فتحمل له الأولى، ثم يوقف عن الثانية كذلك، وهو في الموقوفة كالمولي". وانظر التوضيح 2 - ورقة 123 - أ. (¬5) أبو سلمة فضل بن جرير الجهني البجاني، فقيه. حافظ للرأي ومسائله، له مختصر المدونة، واختصر الواضحة - وهو من أحسن كتب المالكية، واختصر الموازية، وله كتاب جمع فيه الموازية، والمستخرجة (ت 319 هـ). انظر في ترجمته: تاريخ علماء الأندلس ص: 352. جذوة الاقتباس، ص: 308. الديباج ص: 217. شجرة النور ص: 82. (¬6) لقد فصل فيها ابن رشد، وانظر شرح ولد ناظم التحفة ج - 2 ص: 78 لدى قوله: "والخلف في التفليس مع علم الملإ".

ومنها إذا أُحضر ضامن الوجه مضمونه بعد الحكم بغرمه وقبل أن يغرم (¬7). ومنها إذا آلى العبد فوقف شهرين، وأبى أن يفئ فطلق عليه، ثم ثبت أنه حر؛ قال فيها أبو عمران (¬8): الذي يظهر لي أن الطلاق ينتقض، (أ) لأنه ممن أجله أربعة أشهر. ومنها لو غرم الصانع قيمة المصنوع لدعواه الضياع ثم يوجد (ب). صرح ابن هشام (¬9) عن الكافي (¬10). وغيره عن ابن وضاح (¬11) أنه حكم مضى. _______ (أ) ق - (ينقض). (ب) خ - (وجد). ¬

_ (¬7) تقدمت هذه المسألة في القاعدة السادسة: "العلة إذا زالت هل يزول الحكم بزوالها" ص: 153 تعليق (7) وقلنا هناك أن في المسألة قولين ... (¬8) موسى بن عيسى بن أبي حجاج الغفجومي الفاسي فقيه محدث، له كتاب (التعليق) - على المدونة، وهو كتاب جليل لم يكمل وخرج من عوالي أحاديثه نحو مائة ورقة (ت 430 هـ). انظر الديباج ص: 344. وشجرة النور ص: 106. والفكر السامي ج - 4 - ص: 41. (¬9) لعله: يعني به أبا الوليد هشام بن أحمد بن هشام الغرناطي صاحب المفيد (ت 530 هـ). وفي كشف الظنون 2/ 1778 - إنه هشام بن عبد الله الأزدي المالكي المتوفى 606. انظر شجرة النور ص: 132. (¬10) يعني كتاب (الكافي) لابن عبد البر، وهو من كتب الفقه المالكي المحررة، وتوجد منه نسخ بالخزائن العامة بالمغرب. (¬11) أبو عبد الله محمد بن وضاح بن يزيد القرطبي، الفقيه المحدث، الراوية .. ألف ابن مفرج كتابًا في مناقبه، له تأليف منها: (العباد والعوابد) و (رسالة السنة) وكتاب الصلاة في النعلين (ت 287 هـ). انظر ترجمته في (الصلة) ج 1 ص: 118، وبغية الملتمس ص: 40، وشجرة النور ص: 86.

ومنها العبد يهلك فلا يدرى أفي العهدة أو بعدها فترادا الثمن، ثم يأتي العبد. قال ابن رشد (¬12) إن حكم عليهما بذلك حاكم وجب أن يرد العبد للمبتاع لانكشاف خطإ الحاكم وهو مما لا اختلاف فيه. ومنها إذا تعدى المكتري والمستعير المسافة بالدابة فضلت، ثم. وجدت بعد أخذ القيمة (¬13). _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬12) أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي، قاضي الجماعة، وزعيم الفقهاء في عصره، اعترف له بصحة النظر، ودقة التفكير، والبراعة في التأليف (ت 520 هـ). ومن أشهر مؤلفاته: "البيان والتحصيل" وهو من الكنوز الثمينة في التشريع الإسلامي، وتوجد منه عدة نسخ بالمغرب، منها نسخة بالخزانة الملكية تحت رقم: 1543 وهو أجدر بأن تقوم لجنة من نخبة العلماء بتحقيقه. و"المقدمات" وقد طبع منه جزآن، والباقي لم يطبع بعد، ولست أدري لم لم يتم مع أنه من أنفس الكتب. و"الأسئلة والأجوبة" يقوم بتحقيقه أحد الزملاء. (¬13) تقدمت هذه المسألة في قاعدة 14 "ما قرب من الشيء هل له حكمه أم لا؟ " ص: 179 تعليق (11).

(القاعدة الرابعة والثلاثون) درء المفاسد مقدم على جلب المصالح

(القاعدة الرابعة والثلاثون) درء المفاسد مقدم (¬1) على جلب المصالح (¬2) ومن ثم كرهت الغسلة الثالثة إن شك فيها، (¬3) وصوم يوم عرفة إن شك فيه؛ هل هو العيد أم لا؟ ورجح المكروه على المندوب، كإعطاء فقير من القرابة لا تلزمه (أ) نفقته وليس في عياله - من الزكاة (¬4) وكره مالك قراءة السجدة في الفريضة، لأنها تشوش على المأموم، فكرهها للإمام ثم للمنفرد حسما _______ (أ) خ (تلزم). ¬

_ (¬1) هذه القاعدة من القواعد الأصولية التي أوردها المؤلف ضمن القواعد الفقهية في هذا الكتاب. (¬2) المقري - في قواعده - القاعدة (200) - اللوحة 16 - أ "عناية الشارع بدرء المفاسد، أشد من عنايته بجلب المصالح، فإن لم يظهر رجحان الجلب قدم الدرء، فيترجح المكروه على المندوب"، وقال في قاعدة (1035) اللوحة 65 - أ "مراعاة درء المفاسد أهم من مراعاة جلب المصالح". (¬3) تقدمت هذه المسألة في القاعدة (25) ص: 205 "الشك في النقصان كتحققه". حاشية (5). (¬4) ابن الحاجب - اللوحة (40 - أ) "وإن كانوا قرابة لا تلزمه، وليسوا في عياله فثلاثة: الجواز، والكراهة، والاستحباب ... ". وانظر التوضيح ج 1، ورقة 80 - أ.

للباب، (¬5) والحق الجواز للحديث (¬6) كالشافعي، وكره الانفراد بقيام رمضان إذا أفضى إلى تعطيل إظهاره، أو تشويش خاطره، (¬7) ونهى عن إفراد يوم الجمعة بالصوم لئلا يعظم تعظيم أهل الكتاب للسبت، وأجازه مالك قال الداودي (¬8): لم يبلغه الحديث، (¬9) وكره ترك العمل فيه لذلك؛ وكره إتباع رمضان _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬5) ابن الحاجب - اللوحة (29 - أ) "وفي الفريضة تكره قراءتها على المشهور جهرا أو سرا، فإن قرأ فقولان". (¬6) وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الجهر والسر. انظر فتح الباري ج - 3 - ص: 213. ونيل الأوطار ج 5 - ص: 106 - 107. ولفظ الحديث عن أبي رافع الصائغ قال: صليت مع أبي هريرة العتمة، فقرأ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، فسجد فيها، فقلت ما هذه؟ فقال: سجدت بها خلف أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم. (¬7) ابن الحاجب - اللوحة (28 - أ): (والمنفرد لطلب السلامة أفضل على المشهور إلا أن تتعطل). وانظر التوضيح ج - أ - ورقة 65 - ب. (¬8) أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي الأسدي، من أئمة المالكية بالمغرب، وهو أول شارح للبخاري، وله كتاب (الواعي) في الفقه، وكتاب (الأموال) (ت 404 هـ). انظر ترتيب المدارك ج - 4 - ص: 623. (¬9) قال عليه الصلاة والسلام، "لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِلا أنْ يَصْومَ يَومًا قبْلَهُ أَوْ بَعْدَه"، وقال: "لَا تَخْتَصُّوُا يَوْمَ الجُمُعةِ بالْقِيامِ من بَينِ اللّيَالي، وَلَا يَوْمَ الجُمُعةِ بصِيامٍ منْ بَينِ الأيَّامِ"، ودخل على جُوَيرِية بنت الحارث - يوم الجمعة وهي صائمةٌ - فقال: "أصُمْتِ أمْسِ؟ فقالت: لا، فقال: "أتُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غدًا؟ قالتْ، لَا، قال: فأفْطِري" - انفرد به البخاري. قال مالك - في الموطأ ص: (211): "لم أسمع أبدًا من أهل العلم والفقه ومن يقتدي به عن صيام يوم الجمعة، وصيامه حسن، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه، وأراه كان يتحراه". قيل: وهو محمد بن المنكدر وقيل، صفوان بن سليم. وانظر شرح الزرقاني على الموطأ ج - 2 - ص: 203، وشرح التوضيح على مختصر ابن الحاجب ج 1 - ورقة (91 - ب).

بست من شوال (¬10) - وإن صح فيه الخبر (¬11) - لتوقع ما وقع بعد طول الزمان من إيصال العجم الصيام والقيام، (أ) وكل ما يصنع في رمضان إلى آخرها (ب) واعتقاد جهلتهم أنها سنة؛ كذا ذكره الشيخ شهاب الدين (¬12) عن زكي الدين عبد العظيم المحدث (¬13). تنبيه: قال الشيخ شهاب الدين -رحمه الله- شاع عند عوام مصر أن الصبح ركعتان إلا في يوم الجمعة فإنه ثلاث ركعات، لأجل أنهم يرون الإمام يواظب على قراءة السجدة يوم == (أ) خ - (القيام والصيام). (ب) ق - (آخره). ¬

_ (¬10) ابن الحاجب - اللوحة (44 - ب): "وكره مالك صيام ستة أيام بعد يوم الفطر وإن ورد - للعمل". (¬11) جاء في صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ صَامَ رَمَضَان وَأَتْبَعَه سِتًّا مِنْ شَوّال كَانَ كَصِيامِ الدّهِر" - انظر شرح النووي على هامش القسطلاني ج 5/ 162. قال مالك في الموطأ ص: 211 "لم أر أحدا من أهل العلم والفقه يصومها، ولم يبلغني ذلك عن السلف، وإن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته، وأن يلحق برمضان ما ليس منه أهل الجهالة والجفاء ... ".- انظر شرح الزرقاني على الموطأ ج -2/ 202، والتوضيح على ابن الحاجب ج 1 - ورقة 91 - ب. (¬12) يعني به القرافي - وقد ذكر ذلك في فروقه: الفرق (106) ج 2 ص: 191. (¬13) أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، عالم بالحديث، من الحفاظ المؤرخين، له كتاب (الترغيب والترهيب) و (أربعون حديثًا) و (مختصر صحيح مسلم) و (مختصر سنن أبي داوود)، و (التكملة لوفيات النقلة) (ت 656 هـ).- انظر البداية والنهاية ج -13 ص: 212 وفوات الوفيات ج 1 ص: 296، وطبقات الشافعية 5/ 108.

الجمعة ويسجد، . ويعتقدون أَن تلك ركعة أخرى واجبة، وسد هذه الذرائع متعين في الدين، وكان مالك - رحمة الله - شديد المبالغة فيها. انتهى (¬14). قال بعض الشيوخ: ومضى عمل الشيوخ بالجامع الأعظم من تونس على قراءتها في صبح الجمعة - ولا أكثر من جماعته! ! وذلك لأجل التخليط لتقرير العادة بذلك، حتى صار ترك قراءتها موجبا للتخليط. _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬14) انظر الفروق ج - 2 - ص: 191.

(القاعدة الخامسة والثلاثون) الجهل هل ينتهض عذرا أم لا؟

(القاعدة الخامسة والثلاثون) الجهل هل ينتهض عذرا أم لا؟ (¬1) اختلفوا فيه، وعليه الخلاف في إلحاقه بالناسي في العبادات، (¬2) ومن ابتدأ صيام الظهار جاهلا بمر أيام الأضحى في أثنائه، فعلى العذر أفطرها وقضاها متتابعة. _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) هذه القاعدة نقلها المؤلف - من قواعد المقري - بأمثلتها وتعليلاتها. انظر اللوحة (50 - أ) القاعدة (780): "اختلفوا في الجهل هل ينتهض عذرا أم لا؟ وعليه إلحاقه بالناسي في العبادات .... لأن الله تعالى أمر من يعلم أن لا يكتم، ومن لا يعلم أن يسأل. وأصل ذلك للقرافي في فروقه. انظر الفرق (93)، والفرق (94) ج - 2 - ص: 148 - 150. (¬2) والمشهور أنه لا يلحق بالناسي للفرق الواضح بينهما، قال القرافي في فروقه - الفرق (93) بين قاعدة النسيان في العبادات لا يقدح، وقاعد الجهل يقدح - إن الفرق بين هاتين القاعدتين مبنى على ما حكي من الإجماع أن المكلف لا يجوز له أن يقدم على لعل حتى يعلم حكم الله فيه. فيكون طلب العلم واجبا عليه، قال صلى الله عليه وسلم: "طَلَبُ العِلم فَرِيضَةٌ على كُلِّ مُسْلِم". وإذا كان العلم بما يقدم الإنسان عليه واجبا كان الجاهل في الصلاة عاصيا بترك العلم، فهو كالمتعمد الترك بعد العلم بما وجب عليه؛ فهو وجه قول مالك -رحمه الله-: أن الجهل في الصلاة كالعمد، والجاهل كالمتعمد لا كالناسي. وأما الناسي فمعفو عنه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "رُفِعَ عَنْ أُمّتَي الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكرِهُوا عَلَيهِ". وفرق ثان أن النسيان يهجم على العبد قهرا لا حيلة له في دفعه عنه، والجهل له حيلة في دفعه عنه بالتعلم ... انظر ج - 2 ص: 148 - 149. وعلل اليقوري ذلك أنه إنما كان آثما بالجهل، دون النسيان، من حيث أن النسيان لا يتصور الاحتراز منه، والجهل يتصور الاحتراز منه.- انظر المنجور على المنهج المنتخب صفحة 3 - م - 12.

وعلى أَن لا فلا، (¬3) والحق إن وجب العلم (¬4) ولم يشق مشقة فادحة لم يعذر (¬5) وإِلا فيعذر؛ لأن الله (أ) امر من يعلم بأن لا يكتم، (¬6) ومن لا يعلم بأن يسأل (¬7). _______ (أ) ق - زيادة (تعالى). ¬

_ (¬3) ابن الحاجب - في آخر باب الظهار - اللوحة (95 - ب): "وفي الجاهل قولان". وفي التوضيح - نقلا عن البيان والتحصيل لابن رشد أنه إذا صام ذا القعدة، وذا الحجة - لظهار عليه أو قتل نفس خطأ لم يجز إلا من فعل بجهالة وظن أنه يجزيه، فعسى أن يجزيه، وما هو بالبين - وأحب إلي أن يبتدئ ونحوه لابن وهب، إن كان عالما ابتداء، وإن كان جاهلا فلا شيء عليه، وقال أشهب وسحنون: لا يجزيه، وانظر التوضيح - ج - 2 - ورقة 185 - أ. (¬4) قال في الفروق نقلا عن الغزالي 2/ 148: "فمن باع وجب عليه أن يتعلم ما عينه الله وشرعه في البيع، ومن أجر وجب عليه أن يتعلم ما شرعه الله تعالى في الإجارة، ومن قارض وجب عليه أن يتعلم حكم الله تعالى في القراض، ومن صلى وجب عليه أن يتعلم حكم الله تعالى في تلك الصلاة وكذلك الطهارة وجميع الأقوال والأعمال. (¬5) ذكر القرافي في الفرق (94) ج - 2 ص: 149 - 150: أن صاحب الشرع قد تسامح في جهالات فعفا عن مرتكبها، وأخذ بجهالات فلم يعف عن مرتكبها. قال: وضابط ما يعفى عنه من الجهالات الجهل الذي يتعذر الاحتراز عنه عادة وما لا يتعذر الإحتراز عنه ولا يشق لم يعف عنه، ومن أمثلة ما يشق مشقة فادحة ويعذر صاحبه بالجهل: من وطئ امرأة أجنبية بالليل يظنها امرأته فإنه يعفى عنه، لأن الفحص عن ذلك مما يشق على الناس. وكذلك من أكل طعاما نجسا يظنه طاهرا، أو شرب اشربة نجسة، أو شرب خمرا يظنه جلابا، فإنه لا إثم عليه في جهله بذلك، وكذلك من قتل مسلما في صف الكفار يظنه حربيا، وغيرها من صور الجهل التي يتعذر الاحتراز عنها. (والجلاب): العسل أو السكار المعقود بماء الورد. (¬6) يشير إلى قوله تعالى في سورة البقرةِ: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}. الآية 159. (¬7) يلمح إلى قوله تعالى - في سورة النمل-: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.

(القاعدة السادسة والثلاثون) تقديم الحكم على شرطه هل يجزئ ويلزم أم لا؟ .

(القاعدة السادسة والثلاثون) تقديم الحكم على شرطه هل يجزئ ويلزم أم لا؟ (¬1). وعليه إخراج الزكاة قبل الحول بيسير، (¬2) والكفارة بين اليمين والحنث (¬3) وإسقاط الشفعة قبل البيع، والقصاص قبل _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) قال المقري - في قواعده - القاعدة (479) - اللوحة (32 - ب): "لا يجوز تقديم الحكم على سببه اتفاقا، كتقديم العفو على الجراحة، وإسقاط الشفعة قبل البيع - في تقدمه على شرطه - قولان للمالكية، فمتى تأخر عنهما أو تقدم عليهما أو على السبب بطل، وعلى الشرط قولان". وفي شرح المنجور على المنهج المنتخب (ج- 1 - ص: 6 م 9): "تأمل ما ذكره المقري من الاتفاق على عدم الجواز في تقديم العفو على الجراحة مع قول ابن الحاجب": ولو قال القائل: "أن قتلتني فقد وهبت لك ذمتي - فقولان". لقد تعرض القرافي لهذه القاعدة في الفرق (33) وأورد فيه ثماني مسائل، ومنه اقتبس المؤلف جل الأمثلة التي ذكرها في هذه القاعدة مع بعض تصرف.- انظر ج - 1 ص: 196 - 197 - 198. (¬2) تقدم الكلام عن هذه المسألة في القاعدة (14) "ما قرب من الشيء هل له حكمه أم لا؟ " ص: 178 تعليق 5. (¬3) في المسألة ثلاثة أقوال: المشهور أنه تجوز قبل الحنث، لكن استحب مالك في المدونة كونها بعده. ابن الحاجب - اللوحة (63 - ب): "وفي الكفارة قبل الحنث، ثالثها أن كان على حنث جاز ... وفيها ولو كفر قبل الحنث اجزأ، كمن حلف بعتق رقبة غير معينة لا يطأ فاعتق، لإسقاط الإيلاء فقال مالك: يجزيه، وأحب إلي بعد الحنث. ". وذكر ابن عبد البر في (الكافي) قولا رابعا في المسألة. أما الشافعي فقال بالجواز مطلقا - كانت الكفارة بعد الحنث أو قبله، وأبو حنيفة قال: لا يرتفع الحنث إلا بالتكفير الذي يكون بعد الحنث لا قبله. =

الموت، (أ) ونفقة المستقبل، ورد الإيصاء في حياة الموصي، وإسقاط المفوضة الصداق قبل التسمية والدخول. (تنبيه): لم يختلف (ب) في عدم إجزاء الصلاة قبل الوقت لأن وقتها سبب. _______ (أ) خ - (الموتة). (ب) خ - (يختلفوا). ¬

_ = ابن رشد: "وسبب اختلافهم شيئان: أحدهما: اختلاف الرواية في قوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلفَ عَلَى يَمينٍ فَرأى غيرَها خيرا منها فليَأتِ الذي هو خيرٌ ولْيُكَفِّرْ عَن يَمِينه". وفي روَاية أخرى "فليُكَفِّرْ عَن يَمينهِ، ولْيأتِ الذي هو خيرٌ". وظاهر هذه الرواية جواز الكفارة قبل الحنث، وظَاهر الثانية أنها بعد الحنث، والسبب الثاني: اختلافهم: هل يجزئ تقديم الحق الواجب قبل وقت وجوبه. البداية: ج - 1/ 420. انظر حكم باقي الأمثلة في الفرق (33) من فروق القرافي ج - 1 - ص: 196 - 198.

(القاعدة السابعة والثلاثون): الكفارة هل تتعلق باليمين أو بالحنث؟

(القاعدة السابعة والثلاثون): الكفارة هل تتعلق باليمين أو بالحنث؟ وعليه من حلف بظهار ثم ظاهر ظهارا مطلقا، فإن كان قد حنث في اليمين بالظهار قبل الظهار فكفارة واحدة، لأنه وصفها بما هي به موصوفة، وإن لم يحنث فقولان (¬1) - على الأصل والقاعدة. _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) هذا نص عبارة المقري - في قواعده - القاعدة (773) - اللوحة (49 - ب): "اختلف المالكية في الكفارة هل تتعلق باليمين، أو بالحنث، فمن حلف بظهار، ثم ظاهر ظهارا مطلقا، فإن كان قد حنث في اليمين بالظهار - قبل الظهار، فكفارة واحدة، لأنه إنما وصفها بما هي به موصوفة، وإن لم يحنث فقولان". وانظر بداية المجتهد لابن رشد ج - 1 - ص: 420، وج - 2 ص: 113 - 114 - الطبعة الثالثة سنة (1379 هـ - 1960 م).

(القاعدة الثامنة والثلاثون) الاستثناء هل هو رفع للكفارة أو حل لليمين من أصله؟

(القاعدة الثامنة والثلاثون) الاستثناء هل هو رفع للكفارة أو حل لليمين من أصله؟ اختلفوا فيه: ابن القاسم: رفعٌ, وعبد الملك: حلّ. وعليه من حلف لا وطئ امرأته واستثنى، فقال ابن القاسم في المدونة: هو مولٍ وله أن يطأ (¬1) - ولا كفارة عليه، وقال غيره: ليس بمول. قال الشرمساحي (¬2) - في شرح التهذيب: قول ابن _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) قال في المدونة ج 3 - ص: 85 - 85: "قلت أرأيت إن حلف بالله أن لا يقرب امرأته - إن شاء الله -أيكون موليا- وقد استثنى في يمينه؟ قال سألت مالكًا عنها فقال: هو مول؛ قال سحنون: وقال غيره: أنه لا يكون موليا؛ قال: أرأيت هذا الذي استثنى في يمينه هل له أن يطأ بغير كفارة، في قول مالك؟ قال نعم. قلت: فإذا كان له أن يطأ بغير كفارة، فلم جعله مالكا موليا - وهو يطأ بغير كفارة؟ قال: لأنه إذا تركها أربعة أشهر ولم يطأها، فلها أن توقفه، لأن اليمين التي حلف بها في رقبته، إلا أن فيها استثناء، فهو مول منها بيمين فيها استثناء، فلا بد من التوقيف إذا مضت الأربعة أشهر - إذا طلبت امراته ذلك، وإن كان له أن يطأ بغير كفارة، لأن اليمين لازمة له، ولم تسقط عنه، وإنما تسقط عنه بالجماع. (¬2) أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن عمر الشرمساحي الأسكندري، كان إماما فقيها في مذهب مالك، رحل إلى بغداد، فتلقاه الخليفة المستنصر بالله بالترحيب والإجلال، وقيل أن بعض الفقهاء أرادوا اختبار كفاءته فألقوا عليه عدة أسئلة عويصة، فأجاب عليها بمهارة أدهشتهم، فما وسعهم إلا أن يعترفوا بفضله وعلمه. =

القاسم هو بناء على أن الاستثناء رافع للكفارة، وقول الغير بناء على أنه حل لليمين، والآخر (أ) أحسن. أما في قول ابن القاسم فلان كونه موليا فرع عن انعقاد اليمين، والاستثناء رفع للكفارة. وأما في قول الغير فلان كونه ليس بمول هو فرع عن انحلال اليمين بالاستثناء. قال بعض الشيوخ: وكان الشيوخ يعدون هذا الإجراء من محاسن الشرمساحي، وقال بعضهم: تظهر فائدته أيضًا فيما إذا حلف واستثنى، ثم حلف أنه ما حلف، فعلى أنه حل لا يحنث، وعلى أنه رفع للكفارة يحنث؛ وقبل هذا البناء حذاق الشيوخ. (تنبيه): قول الفاكهاني (¬3): ولم يظهر لي الآن أين تظهر ثمرة الخلاف، وابن عبد السلام لا يكاد يظهر لهذا الخلاف في اليمين - بالله - فائدة إلا بتكلف ليس بظاهر، لظهور فائدته دون تكلف. _______ (أ) خ - (والأخير). ¬

_ = ومن تأليفه كتاب الدرر - في اختصار المدونة - اختصرها على وجه غريب، وشرحه بشرحين، وله أيضًا كتاب (الفوائد) في الفقه، وكتاب (التعليق في علم الخلاف). (ت 669 هـ). انظر ترجمته في: الديباج ص: 4142. شجرة النور ص: 187. الفكر السامي ج 4 ص: 67. (¬3) أبو حفص عمر بن أبي اليمن اللخمي الأسكندراني الشهير بالفاكهاني، فقيه متفنن، له شرح على العمدة في الحديث، لم يسبق إلى مثله (ت 734 هـ). انظر في ترجمته: الديباج ص: 186. شجرة النور الزكية ص: 204 - 205.

(القاعدة التاسعة والثلاثون) الملك إذا دار بين أن يبطل بالجملة أو من وجه، هل الثاني أولى، أو لا؟

(القاعدة التاسعة والثلاثون) الملك إذا دار بين أن يبطل بالجملة أو من وجه، هل الثاني أولى، أو لا؟ (¬1) فيه خلاف، وعليه المضطر إلى الطعام إذا وجب عليه أكل طعام الغير، وجب رفع يد مالكه عنه، هل تلزمه قيمة أم لا؟ (¬2). وإجبار الجار على إرسال فضل مائه على جاره الذي انهدمت بيره وله زرع يخاف عليه، والثمن أقرب إِلى الأصل وأجمع بين القاعدتين؛ ومن ثم قال أشهب: لو قدر الربح قبل الحصول اجتمع تقديران، والتقدير على خلاف الأصل. _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) المقري - في قواعده، القاعدة (792) - اللوحة (50 - أ): إذا دار الملك بين أن يبطل بالجملة، أو من وجه، فالثاني أولى؛ لأنه أقرب إلى الأصل، وللمالكية قولان ... ". (¬2) في المسألة قولان، والأشهر أداء القيمة. قال القرافي: إذا اضطر إلى طعام غيره فأكله في المخمصة جاز وهل يضمن له القيمة أو لا؟ قولان: أحدهما لا يضمن، لأن الدفع كان واجبا على المالك، والواجب لا يؤخذ له عوض، والقول الثاني يجب، وهو الأظهر والأشهر، لأن إذن المالك لم يوجد، وإنما وجد إذن صاحب الشرع، وهو لا يوجب سقوط الضمان، وإنما ينفي الإثم، والمؤاخذة بالعقاب، ولأن القاعدة أن الملك إذا دار زواله بين المرتبة الدنيا، والمرتبة العليا حمل على الدنيا استصحابا للملك بحسب الإمكان، وانتقال الملك بعوض هو أدنى رتب الانتقال، وهو أقرب لموافقة الأصل من الانتقال بغير عوض".- انظر الفروق - الفرق 32 ج 1 - ص: 196. ابن الحاجب اللوحة (60 - أ): "أو بترك المواساة الواجبة عليه بفضل طعام، أو ماء لحاضر، أو مسافر، أو لزرع ... ".

وإذا أدى عن غيره دينا صدق في التبرع على الأصح. وإذا قال أعتقتك على مال، وقال العبد بغير شيء، فقال في الكتاب (¬3) قول العبد. وقال أشهب: (قول) (أ) السيد، كما لو قال أنت حر وعليك كذا، بخلاف الزوجة، (¬4) ولهذا رجح بيع الحبس والتعويض به عند القيام بضرر الشركة على إبطاله رأسا خلافا للخم، وهما قولان معروفان (¬5). _______ (أ) زيادة من نسخة خ. ¬

_ (¬3) يعني المدونة. (¬4) قال في المدونة - ج - 3 - ص: 225: "قلت أرأيت لو أن رجلا قال: قد أعتقت عبدي أمس، فبتت عتقه على مائة دينار جعلتها عليه، وقال العبد: بل بتَّت عتقي علي غير مال؛ قال: القول قول العبد عندي، ولم أسمعه من مالك، قلت: أيحلف العبد للسيد؟ قال: نعم؛ ألا ترى أنها تحلف الزوجة للزوج؟ . وقال أشهب: القول قول السيد ويحلف، ألا ترى أنه يقول لعبده: أنت حر وعليك مائة دينار فيعتق، وتكون المائة عليه، وليس هو مثل الزوجة يقول لها: أنت طالق وعليك مائة دينار فهي طالق ولا شيء عليها. (¬5) أصل هذه العبارة "ولهذا رجح بيع الحسبس ... إلى قوله: قولان معروفان" للمقري - في قواعده - القاعدة الآنفة الذكر اللوحة (50 - أ).

(القاعدة الأربعون) إمكان الأداء هل هو شرط في الأداء أو في الوجوب؟

(القاعدة الأربعون) إمكان الأَداء هل هو شرط في الأداء (¬1) أو في الوجوب؟ اختلفوا فيه، وعليه تعلق الزكاة بالذمة إذا (تلفت) (أ) بعد الحول وقبل الإمكان، (¬2) والمشهور لا تتعلق، وثالثها تعلقها بالباقي فقط، وإن كان دون النصاب (¬3). _______ (أ) في الأصل و (خ) (تلف) ولعل الصواب ما في نسخة (ق). ¬

_ (¬1) قال ابن عبد السلام: اصطلاحهم في الغالب أن ما كان من فعل الله كدخول الوقت، أو ما لا يطلب من المكلف وعليه أمر، سمي شرط وجوب، وما كان من المكلف ومطلوبا به، سمي شرط أداء - كسترة العورة والخطبة في الجمعة. المقري - القاعدة (285) - اللوحة (21 - ب): "اختلف المالكية في إمكان الأداء هل هو شرط في الوجوب أو لا؟ ". (¬2) ابن رشد (الحفيد): "إذا ذهب بعض المال بعد الوجوب، وقبل تمكن إخراج الزكاة، فقوم قالوا يزكى ما بقي، وقوم قالوا: حال المساكين، وحال رب المال، حال الشريكين يضيع بعض مالهما، والسبب في اختلافهم تشبيه الزكاة بالديون - أعني أن يتعلق الحق فيها بالذمة لا بعين المال، أو تشبيهها بالحقوق التي تتعلت بعين المال لا بذمة الذي يده على المال كالأمناء وغيرهم، فمن شبه مالكي الزكاة بالأمناء، قال: إذا أخرج فهلك المخرج فلا شيء عليه، ومن شبههم بالغرماء قال يضمنون، ومن فرق بين التفريط، ولا تفريط، ألحقهم بالأمناء من جميع الوجوه".- انظر بداية المجتهد ج - 1 ص: 249. (¬3) هذه العبارة: (وعليه تعلق الزكاة .... وإن كان دون النصاب) نقلها المؤلف من قواعد المقري - اللوحة (21 - ب).

(القاعدة الواحدة والأربعون) الفقراء هل هم كالشركاء أم لا؟

(القاعدة الواحدة والأربعون) الفقراء هل هم كالشركاء أم لا (¬1)؟ وعليه إذا باع الثمار بعد الوجوب فأفلس، فقيل يؤخذ من المشتري مقدار الزكاة كمن وجد ماله، أو يتبع البائع بذلك فقط، (¬2) وإذا ضاع جزء من النصاب قبل التمكن من الأداء (¬3) كما مرفوق هذا (¬4). _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) المقري - في قواعده - القاعدة (286) - اللوحة (21 - ب): "اختلف المالكية في كون المساكين كالشركاء أم لا؟ ". (¬2) هذه العبارات "وعليه إذا باع ... فقط" للمقري في القاعدة الآنفة الذكر - اللوحة (21 - ب). (¬3) ابن الحاجب - اللوحة (31 - 32 - ب- أ) "فلو ضاع جزء من النصاب، ولم يمكن الأداء لقولان، بناء على أنهم كالشركاء أولًا، ولذلك قال الموجب: ربع عشر الباقي ... " وانظر بداية المجتهد ج - 1 - ص: 248 - 249. (¬4) يعني في قاعدة: إمكان الأداء، هل هو شرط في الأداء أو في الوجوب قبل هذه. ص: 239.

(القاعدة الثانية والأربعون) إذا تقابل مكروهان أو محظورن أو ضرران ولم يمكن الخروج عنهما وجب ارتكاب أخفهما

(القاعدة الثانية والأربعون) إذا تقابل مكروهان أو محظورن أو ضرران (¬1) ولم يمكن الخروج عنهما وجب ارتكاب أخفهما (¬2) وقد يختلف في بعضها كالعراة في الضوء، قيل يجلسون ويومئون، وقيل يقومون ويغضون؛ (¬3) وكإمام الخوف في الحضر يصلي بإحدى الطائفتين، قيل ينتظر الثانية - جالسا استصحابا - وقيل قائما، لأنه فرض، ويقبل الطول؛ ثم اختلفوا هل يقرأ، أو يسبح والأصل القراءة، (¬4) وكبقر الميت رجاء _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) من القواعد الأصولية التي تذكرها كتب القواعد الفقهية قاعدة: "إذا اجتمع ضرران أو محظوران ارتكب أخفهما". (¬2) المقري في قواعده - القاعدة (262) - اللوحة 17 - أ "إذا تقابل مكروهان أو محظوران، أو ضرران - إن لم يمكن الخروج عنهما وجب ارتكاب اخفهما، وقد يختلف فيه ... ". وقال في قاعدة أخرى: "ترجح المصلحة على المفسدة، فيسقط اعتبارها ارتكابا لأخف الضررين عند تعذر الخروج عنهما". وكأن المؤلف استغنى بالقاعدة الأولى عن القاعدة الثانية، وادمج أمثلتها فيها. (¬3) ابن الحاجب - اللوحة (15 - ب): "فإن اجتمعوا (العرايا) في ضوء انفردوا، فإن لم يمكن فقولان". انظر التوضيح ج 6 ورقة (30 ب). (¬4) انظر التوضيح لدى قول ابن الحاجب: "قال ابن القاسم: ثم ساكتا أو داعيا" ج 1 - ورقة (54 - ب). وشرحي المواق والحطاب لدى قول خليل: "فإن لم يكن صلوا قياما غاضين أمامهم وسطهم". ج - 1 - ص: 507.

الولد والمال النفيس، (¬5) وكأكل المضطر ميتة الآدمي، (¬6) وكإنفاذ المالكية ما سوى ابن عبد الحكم (¬7) والمغيرة (¬8) وابن مسلمة (¬9) ورواية حمديس (¬10) عن مالك، _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬5) ابن الحاجب - اللوحة (30 - ب): "وإذا رجى الولد ففي جواز بقر البطن قولان، وكذلك لو كان في بطنه مال له بال ببينة". (¬6) أكثر نصوصهم على أن المضطر لا يأكل ميت الآدمي، ومنهم من أجازه، قال ابن عبد السلام: وهو الظاهر. وخرج الجواز، على مسألة بقر البطن للولد. انظر التوضيح لدى قول - ابن الحاجب -: "وخرج المضطر إلى أكل ميتة الآدمي" - ج - 1 - ورقة - أ. ونقل المواق عن الباجي أنه قال: لا يجوز للمضطر أكل لحم ابن آدم الميت، وإن خاف الموت خلافا للشافعي. انظر شرح المواق لدى قول خليل: "وللضرورة ما يسد غير آدمي". ج - 3 - ص: 233. (¬7) أبو محمد عبد الله بن عبد الحكم الفقيه الحافظ الحجة ... له عدة تأليف، من أهمها: المختصرات الثلاثة: الكبير، والأوسط، والصغير، وكتاب "القضايا"، وكتاب "المناسك" (ت 214 هـ). انظر ترجمته في: الانتقاء: 52 - 53. وترتيب المدارك ج 2 ص: 523. والديباج ص: 134. وشجرة النور ص: 59. (¬8) أبو هاشم المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي الإمام الفقيه، أحد الأعلام الذين دارت عليهم الفتوى - بالمدينة - بعد مالك، وهو الثقة الأمين خرج له البخاري (ت 188 هـ). انظر ترجمته في: الانتقاء ص: 53. وشذرات الذهب ج 4 ص: 310. وتهذيب التهذيب ج 10 - ص: 474. وشجرة النور ص: 56. (¬9) أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة القعنبي، ويسمى بالراهب لكثرة عبادته وتدينه وفضله، إمام جليل، وأحد الأعلام الثقات الأثبات، قال فيه مالك: هو خير أهل الأرض! ! خرج له البخاري ومسلم، ورويا عنه (ت 221 هـ). انظر في ترجمته: الانتقاء ص: 61. ترتيب المدارك ج 1 ص: 379. تهذيب التهذيب ج - 6 - ص: 31. الديباج - ص: 131. شجرة النور ص: 57. (¬10) أبو جعفر أحمد بن محمد الأشعري المعروف بحمديس، العالم العامل، الفقيه الثقة، من كبار فقهاء تونس، تفقه بسحنون ورحل إلى المشرق، فأخذ عن أصحاب ابن القاسم، وابن وهب، وسواهما (ت 289 هـ).=

واختيار ابن لبابة، (¬11) وقول الشافعي، وأكثر العلماء والأئمة - نكاح الثاني في مسألة الوليين بالدخول، (¬12) وكإنفاذهم به ما فسد لصداقه بصداق المثل، (¬13) وما عقد بالولاية العامة أو الخاصة، وليست بولاية إِجبار وبالطول، وكونه صوابا ونظرا، (¬14) أو ينتقل حكما كفوات البيع الفاسد بالقيمة. _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وانظر ترجمته في: المدارك ج - 3 / ص: 254. والديباج ص: 31. ومعالم الإيمان ج - 2 / ص: 201. وشجرة النور الزكية ص: 71. (¬11) تقدمت ترجمته في ص: 166 تعليق رقم: 21. (¬12) خليل: "وإن أذنت لوليين لعقدا فللأول، إن لم يتلذذ الثاني بلا علم ... ". قال الحطاب ج / 3 - ص: 440: فإن تلذذ فهي للثاني. (¬13) المدونة ج 2 - ص: 216: "من نكح على آبق أو شارد أو جنين. . فسخ النكاح في ذلك كله قبل البناء، وثبت بعده ولها صداق المثل". (¬14) خليل: ص: 101 "وصحح بها (الولاية العامة) - في دنية مع خاص لم يجبر، كشريفة دخل وطال". وانظر شرحي المواق والحطاب ج - 3 - ص: 430.

(القاعدة الثالثة والأربعون) الحياة المستعارة هل هي كالعدم أم لا؟

(القاعدة الثالثة والأربعون) الحياة المستعارة هل هي كالعدم أم لا؟ (¬1) وعليه من أنفذت مقاتله في المعترك هل يصلى عليه أم لا؟ (¬2) وأكل ما بلغ بالتردى ونحوه ذلك المبلغ، (¬3) ومن أنفذ مقاتل رجل، ثم أجهز (عليه) (أ) آخر: ففي تعيين ذي القصاص من ذي العقوبة قولان لابن القاسم (¬4). _______ (أ) كذا في (خ) وساقطة في الأصل و (ق). ¬

_ (¬1) قال المقري في قواعده - القاعدة (239) - اللوحة (19 - أ): "الحياة المستعارة كالعدم على الأصح". (¬2) ابن الحاجب عاطفا على الشهيد - اللوحة ("3 - ب "ومن أنفذت مقاتله ولم يحيى حياة بينة كذلك". (¬3) المدونة ج - 2 ص: 68: "قلت أرأيت إن تردت من جبل أو غير ذلك فاندق عنقها، أو اندق منها ما يعلم أنها لا تعيش من ذلك، أتؤكل أم لا في قول مالك، قال، قال مالك ما لم يكن قد نخعها ذلك فلا بأس به". (¬4) أورد هذه المسألة صاحب التوضيح لدى قول ابن الحاجب: "والموقوذة وما معها وغيرها مما أنفذت مقاتله، بما ينافى الحياة المستمرة". انظر ج - 1 - ورقة 132.

تنبيه: إذا قال الإمام من قتل قتيلا فله سلبه (¬5)، فأنفذ رجل مقتل علج وأجهز عليه آخر، فسلبه للأول دون الثاني - قاله (¬6) سحنون، ولا يتخرج كونه للثاني من أحد قولي ابن القاسم لصيرورته بالإنفاذ أسيرا، ولا سلب في قتل الأسير، بل يتخرج عليهما حرمانهما معا - والله أعلم. ¬

_ (¬5) أي بعد القتال لا قبله، ابن الحاجب - اللوحة (69 - ب): "ويجوز أن ينص الإمام - بعد القتال - على أن سلب المقتول ونحوه للقاتل، فلو نص قبله لم يجز". قال في المدونة ج 2 / ص: 29.: "قال مالك: لم يبلغني أن ذلك كان إلا في يوم حنين". القرافي ج - 1 - ص: 208 "قوله صلى الله عليه وسلم: من قتل قتيلا فله سلبه" اختلف العلماء في هذا الحديث. وانظر التوضيح ج - 1 - ورقة (160 - أ). (¬6) ابن عرفة: "والشركة في موجب السلب، يوجبها فيه سحنون من أنفذ مقتل علج، وأجهز عليه غيره، فسلبه للأول، ولو جرحه ولم ينفذ مقتله فسهما ... ". انظر الحطاب ج - 3 - ص: 368.

(القاعدة الرابعة والأربعون) رمضان هل هو عبادة واحدة أو عبادات؟ .

(القاعدة الرابعة والأربعون) رمضان هل هو عبادة واحدة أو عبادات؟ (¬1). اختلفوا فيه؛ وعليه تجديد النية أو الاكتفاء بها في أول ليلة، (¬2) ولا منافاة بين الاتحاد والتكرير عند بعض كبراء (¬3) الشيوخ. _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (325) - اللوحة: (24 - ب): "اختلف المالكية في كون رمضان عبادة واحدة، أو عبادات كثيرة، وينبني عليها تكرير النية، ولا منافاة بين الاتحاد, والتكرير - عندي وهو المختار". (¬2) ابن الحاجب - اللوحة (42 - ب): "والمشهور الاكتفاء في أول ليلة من رمضان لجميعه". قال في التوضيح ج 1 ورقة 85 ب: "وبه قال أحمد بن حنبل وجماعة - بناء على أن الشهر كله عبادة واحدة، ألا ترى إلى قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}. قال سند: ولهذا قال: "ثم أتموا الصيام إلى الليل". ابن رشد (الحفيد): "وهل يجب تجديدها (أي النية) في كل يوم من أيام رمضان أم يكفي في ذلك النية الواقعة في اليوم الأول ... فإن مالكًا قال: لا بد في ذلك من تعيين صوم رمضان. وقال أبو حنيفة: إن اعتقد مطلق الصوم أجزأه ... وسبب اختلافهم، هل الكافي في تعيين النية - في هذه العبادة - هو تعيين جنس العبادة، أو تعيين شخصها، وذلك أن كلا الأمرين موجود في الشرع. ". انظر بداية المجتهد ج - 1 - ص: 292 - 293. (¬3) يعني به أبا عبد الله المقري - صاحب القواعد الفقهية التي اعتمد عليها الونشريسي كثيرا. ومال خليل - في التوضيح - إلى التكرير وتجديد النية كل ليلة حيث قال: والشاذ أن ثبت ظاهر في النظر، لأن أيام الشهر عبادات متعددة، بدليل أن فساد اليوم لا يوجب فساد ما بقي، وبه قال أبو حنيفة، والشافعي. انظر التوضيح ج 1 - ورقة 25 - ب. وشرحي المواق والحطاب لدى قول خليل: "وكفت نية لما يجب تتابعه" ج 2 - ص: 419.

(القاعدة الخامسة والأربعون) النزع هل هو وطء أم لا؟

(القاعدة الخامسة والأربعون) النزع هل هو وطء أم لا؟ (¬1) وعليه الفطر به؛ ومن قال: إن وطئتكِ فأنتِ طالق (¬2) ثلاثا، هل يمكّن من الوطء أم لا؟ لأنها تحرم بالإيلاج أو به وبالإنزال معا على الأخذ بأول الاسم أو آخره (¬3). _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) المقري القاعدة (326) - اللوحة: (24 - ب): "اختلفوا في كون النزع وطئا" وهذه القاعدة ذكرها صاحب التوضيح لدى قول ابن الحاجب: "فإن طلع (الفجر) وهو يجامع نزع، ولا كفارة على المشهور، وفي القضاء قولان". التوضيح ج - 1 - ورقة 87 - ب: "ومنشأ الخلاق: هل النزع وطء أم لا؟ ". (¬2) مثل المقري لذلك بمن قال: أن وطئتك فأنت علي كظهر أمي وربما ذكر ذلك للرد على ابن الحاجب الذي حكى الاتفاق على التمكين في الظهار. انظر المنجور على المنهج المنتخب ج - 1 - ص: 6 - م 11. (¬3) جعل ذلك المقري قاعدة خاصة حيث قال: "قاعدة؛ الحكم المرسل على اسم والمعلق بأمر، هل يتعلق بأقل ما يصدق عليه حقيقة أو بأكثرة اختلف المالكية فيه، ويسمونه الأخذ بأوائل الأسماء، أو بأواخرها". وهو الذي ذكره الزقاق في المنهج المنتخب. والأخذ بالاسم يركن بأول أو آخر ..... وانظر شرح المنجور ج - 1 - ص: 7 - م 11.

(القاعدة السادسة والأربعون) المشبه لا يقوى قوة المشبه به

(القاعدة السادسة والأربعون) المشبه لا يقوى قوة المشبه به فمن ثم كان المشهور - مذهب مالك: أن لا جزاء في صيد المدينة (¬1). (القاعدة السابعة والأربعون) إذا تعارض القصد واللفظ أيهما يقدم؟ - اختلفوا فيه. وعليه من نذر صوم يوم يقدم فلان فقدم نهارا، قيل يقضي، لأن المقصود صيام يوم شكرا، وقيل لا، (¬1) وبابها _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (366) - اللوحة (27 ب): "من الأقوال المشهورة، أن المشبه لا يقوى قوة المشبه به، فمن ثم كان المشهور مذهب مالك: أن لا جزاء في صيد المدينة". ابن الحاجب - اللوحة (55 ب) "والمدينة ملحقة بمكة لي تحريم الصيد والشجر، ولا جزاء على المشهور". انظر التوضيح ج - 1 - ورقة 118 - ب. والمواق لدى قول خليل: "ولا جزاء كصيد المدينة" ج - 3 - ص: 178. (¬1) ذكر ابن الحاجب هذه المسألة في كتاب الصيام - اللوحة 44 - ب قال: "ولو نذر يوم يقدم فلان فقدم ليلا صام يومه، وإن قدم نهارا فلا قضاء عليه على المشهور. انظر التوضيح ج - 1 - ورقة: 91 - أ.

الإيمان، والظهار كمن ظاهر قاصدا للطلاق ففي اللازم (أ) منهما قولان (¬2). أما إن لم يقصد شيئًا فعلى الخلاف في لزوم اليمين المجرد (ب). _______ (أ) خ - ق - (اللزوم). (ب) ساقطة في (خ). ¬

_ (¬2) ابن الحاجب - اللوحة (94 - أ): "وينوي في الطلاق" وانظر التوضيح 2 - ورقة 74 - أ.

(القاعدة الثامنة والأربعون) اللفظ المحتمل إذا لم يقترن بالقصد هل يحمل على الأقل أو على الأكثر؟ فيه خلاف

(القاعدة الثامنة والأربعون) اللفظ المحتمل إذا لم يقترن بالقصد هل يحمل على الأقل أو على الأكثر (¬1)؟ فيه خلاف وعليه من نذر شهرا أو نصف شهر، (¬2) ومن احتمل لفظه التمليك أو التوكيل؛ (أ) وفائدته: أن له العزل في التوكيل، وليس له ذلك في التمليك، لأن لها فيه حقا، وكالحرام هل _______ (أ) - خ - (التوكيل أو التمليك). ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (732) - اللوحة (47 - أ): "اختلف المالكية فيما يلزم باللفظ المحتمل إذا لم يقترن بالقصد، فقيل الأكثر حتى يترجح غيره، لأن الذمة لا تبرأ يقينا إلا به، وقيل: الأقل؛ - لأن الأصل انتفاء الزائد حتى يثبت، وقال أيضًا: "قاعدة: اختلف المالكية في المحتمل هل يحمل على الأقل أو على الأكثر". والمؤلف -كما نلاحظ- أدمج القاعدتين، وأتى بأمثلة كل منهما لها. (¬2) ابن الحاجب - اللوحة (44 - ب): "وإن كان اللفعل محتملا لأقل وأكثر ففي براءته بالأقل قولان، مثل نذر شهر أو نصف شهر، وفيها (المدونة) أن صام شهرا بالهلال أجزأه ناقصا، وأما بغيره فليكمل". وانظر التوضيح ج - 1 - ورقة (95 - ب). انظر المسألة في التوضيح لدى قول ابن الحاجب - اللوحة (91 - أ): "التفويض توكيل وتمليك. ففي التوكيل يرجع قبل أن توقع ... ". انظر ج 2 - ورقة 129.

يحمل على بائنه أو على الثلاث. وقال عبد العزيز (¬3) وخلية، لأنها تفيد التحريم، (¬4) وكمن حلف ليتزوجن، هل يبر بالعقد، أو لا يبر إلا بالدخول - وهو المشهور (¬5)؟ . _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬3) لعله يعني به ابن بزيزة، وستأتي ترجمته. (¬4) المدونة ج - 2 - ص: 393: "أرأيت الرجل إذا قال لامرأته انت علي حرام ... قال هي ثلاث أن كان دخل بها، قال مالك: وكذلك الخلية". وانظر التوضيح لدى قول ابن الحاجب: (وأنت حرام وخلية ... ) ج - 2 - ورقة 129. وبداية المجتهد ج 2 - 76 - 77 - والفرق 161 من فروق القرافي ج - 3 ص: 152 - 162. والحطاب على مختصر خليل ج 4 - ص: 54 - 56. (¬5) هذه العبارة: (وكالحرام هل يحمل على بائنه ... وهو المشهور) نقلها المؤلف من قواعد المقري القاعدة الآنفة الذكر.

(القاعدة التاسعة والأربعون) الحكم بالإسهام هل علق على القتال، أو على كون المحكوم له معدا لذلك؟

(القاعدة التاسعة والأربعون) الحكم بالإسهام هل علق على القتال، أو على كون المحكوم له معدا لذلك؟ (¬1) وعليه هل يسهم للعبد، والمرأة إن قاتلا أم لا؟ (¬2) (القاعدة الخمسون) الغنيمة هل تملك بالفتح أو بالقسمة على الغانمين؟ (¬1) وعليه من لحق بالجيش قبل القسمة. أو أسلم، أو عتق، (أ) أو بلغ، (¬2). _______ (أ) - خ - (أعتق). ¬

_ (¬1) المقري في قواعده - القاعدة (413) - اللوحة (29 - أ): اختلف المالكية في الحكم بالسهم، هل علق على القتال فقط، أو على كون المحكوم له معدا لذلك وهو الحد المانع. (¬2) هي نفس عبارة المقري في القاعدة الآنفة الذكر، واصل ذلك لابن الحاجب في مختصره: "والذمي كالعبد، ثالثها يسهم له أن احتيج له، وفي المرأة أن قاتلت قولان". وانظر التوضيح ج - 2 - ورقتي: 155 ب و 156 - أ. (¬1) المقري - القاعدة (413) - اللوحة (29 - أ). (¬2) يشاركهم على الأول وهو مذهب مالك والثاني، دون الثاني وهو مذهب أبي حنيفة.

(القاعدة الواحدة والخمسون) إعطاء الموجود حكم المعدوم، والمعدوم حكم الموجود

(القاعدة الواحدة والخمسون) إعطاء الموجود حكم المعدوم، والمعدوم حكم الموجود (¬1) فمن الأول الغرر اليسير في البيع لتعذر الاحتراز منه، (¬2) وكل ما يعفى عنه من النجاسات، والأحداث وغيرها. (أ) (¬3) ومنفوذ المقاتل فإنه لا يرث من مات بعده بل هو للموروث (¬4). _______ (أ) - خ - (وغيرهما). ¬

_ (¬1) هذه القاعدة ليست من قواعد أصول الخلاف، بل تذكر جمعا للنظائر التي تدخل تحت هذا الأصل، وقد نبه على ذلك المنجور في شرحه على المنهج المنتخب ج 2 / ص: 7 - م - 3. والقاعدة ذكرها القرافي في فروقه - الفرق (171) ج 3 ص: 189، والمقري في قواعده - القاعدة (645) - اللوحة 42 ب. (¬2) ابن الحاجب - اللوحة 159 - أ: "وبعضه (أي الغرر) معفو، قال الباجي اليسير. وزاد المازري غير مقصود - للحاجة إليه ... ". (¬3) هي عبارة المقري في القاعدة الآنفة الذكر: (كالغرر اليسير في البيع لتعذر الاحتراز منه، وكل ما يعفى عنه من النجاسات في الأحداث وغيرها). وأصل ذلك للقرافي في الفرق الآنف الذكر. وانظر البداية ج - 2 - ص: 156 - 157. (¬4) حكى ابن رشد في رسم سماع ابن القاسم من كتاب الديات الخلاف في ذلك، وذكر ابن ناجي في شرح الرسالة عن ابن يونس أنه صوب قول من قال: أنه لا يرث. انظر الحطاب لدى قول خليل: (ولا من جهل تأخر موته) ج - 6 - ص: 423 - 424.

ومن الثاني تقدير ملك الدية قبل زهوق الروح حتى تورث، فإنها إنما تجب بالزهوق، والمحل حينئذ لا يقبل الملك، ولم (أ) يملكها في الحياة، لأنه مالك لنفسه حينئذ، فلا يجمع له بين العوض والمعوض (منه) (ب) فيقدر الشرع ملكه لها قبل موته بالزمن الفرد ليصع التوريث فيتعين التقدير، (¬5) وتقدير ملك المعتق عنه عن العتق بالزمن الفرد ليكون (ج) الولاء له. (¬6). وتقدير دوران الحول على الربح (¬7) والسخال، (¬8) وكالحكم للإمام بحكم الجماعة إذا صلى وحده، (¬9) وكالجماعة _______ (أ) - ق - (ولا). (ب) - ق - زيادة (منه) والمعنى يقتضيها، ولذا أثبتها في الصلب. (ج) - خ - (فيكون) بالفاء المعجمة. ¬

_ (¬5) القرافي في الفرق (171) ج 3 ص: 189 (والثاني كتقدير الملك في الدية، فقد ملك قبل زهوق الروح في المقتول خطأ حتى يصح فيها الإرث، فإنها لا تجب إلا بالزهوق، وحينئذ لا يقبل المحل المذكور والميراث فرع ملك الموروث، فيقدر الشارع الملك متقدما قبل الزهوق بالزمن الفرد حتى يصح الإرث)، وانتقده ابن الشاط - هامش الفروق - قائلا: (الصحيح فيها - عندي - أنها يملكها بإنفاذ المقاتل لا بالزهوق، ولكن لا يجب أداؤها إلا بالزهوق. (¬6) هذه المسألة ذكرها في المدونة -باب العتق ج 3 ص: 73 ويرد فيها اعتراض ابن الشاط، واليقوري السالف الذكر في مسألة تقدير ملك الدية. انظر المنجور ج - 2 - ص: 4 - م - 4. (¬7) المقري في قواعده (القاعدة 258) - اللوحة (20 - أ): (إذا ثبت حكم عند ظهور سببه أو شرطه، فإن أمكن تقديرهما تعين ... وكتقدير دوران الحول على السخال والربح). وهذه المسألة سبقت في قاعدة (المترقبات). وانظر فروق القرافي (الفرق 33) بين قاعدة تقدم الحكم على سببه دون شرطه، - ج 1 ص: 198. (¬8) السخال جمع سخلة، وهي الصغيرة حين تنتج. انظر موطأ مالك -باب ما جاء فيما يعتد به من السخل في الصدقة ص: 177 - طبع دار النفائس. (¬9) هذه المسألة تقدمت في قاعدة (الموجود شرعا).

تقتل قتيلا فانها تقتل به- وكأن كل واحد منهم باشر القتل، (¬10) وكالجنين ما دام في البطن لا يقسم مال (¬11) موروثه - إعطاء للمعدوم حكم الموجود وتسمى بقاعدة التقديرات الشرعية (¬12). _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬10) خليل (ويقتل الجمع بواحد) ص: (258). وانظر كتاب المحاربين من المدونة - ج- 6 - ص: 300. قال ابن رشد: "أن جمهور فقهاء الأمصار قالوا تقتل الجماعة بالواحد، منهم مالك وأبو حنيفة، والشافعي، والثوري، وأحمد، وأبو ثور، وغيرهم، سواء كثرت الجماعة أو قلت، وبه قال عمر، حتى روى أنه قال: لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعا. وقال داوود واهل الظاهر: لا تقتل الجماعة بالواحد، وهو قول ابن الزبير، وروى عن جابر. البداية - ج 2 - ص: 339 - 400. (¬11) خليل: (ووقف القسم للحمل ص: (299). وانظر شرح المواق ج 6/ 423. (¬12) المقري - القاعدة (259) - اللوحة (20 - ب): التقديرات الشرعية، وهي إعطاء الموجود حكم المعدوم وبالعكس، مثل نما مر آنفا. وهي عبارة القرافي في الفروق - الفرق 79 - كما مر قريبا. القرافي في الفرق 108 ج 2 - ص: 199 - 203 - بعد أن أورد عدة أمثلة قال: "وهذه القاعدة تعرف بقاعدة التقديرات، وهو إعطاء الموجود حكم المعدوم، وإعطاء المعدوم حكم الموجود ...... وهي يحتاج إليها إذا دل دليل على ثبوت الحكم مع عدم سببه أو شرطه أو مانعه، وإذا لم تدع الضرورة إليها لا يجوز التقدير حينئذ لأنه خلاف الأصل، وههنا لما دل الأثر على وجوب الزكاة في الأرباح تعين تقدير الربح والسخال في الماشية في أول الحول تحقيقا للشرط في وجوب الزكاة وهو دوران الحول، فإن الحول لم يدر عليهما ...

(القاعدة الثانية والخمسون) الاتباع هل يعطى لها حكم متبوعاتها أو حكم أنفسها؟

(القاعدة الثانية والخمسون) الاتباع هل يُعطى لها حكم متبوعاتها أو حكم أنفسها؟ (¬1) وعليه المالان: أحدهما مدار والآخر غير مدار - وهما غير متساويين، (¬2) وبيع المصحف، والخاتم، والثوب الذي لو سبك خرج منه عين، واستعمال الذهب في خاتم الرجال، والسيف المحلى إذا كانت حلية الجميع تبعا، فإنه جائز بصنف التبع نقدا - على المشهور؛ خلافًا لابن عبد الحكم، وممتنع به نسيئة - على المشهور خلافا لسحنون، وكان يستحب فيه النقد، ويمضي التأجيل بالعقد (¬3). _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (294) - اللوحة (22 - أ): اختلف المالكية في الاتباع هل تعطى حكم أنفسها أو حكم متبوعاتها؟ . (¬2) ابن رشد (الحفيد): وقال الجمهور: الشافعي وأبو حنيفة، وأحمد والثوري والأوزاعي وغيرهم: المدير، وغير المدير حكمه واحد، وانه من اشترى عرضا للتجارة فحال عليه الحول قومه وزكاه، وإنما لم يوجب الجمهور على المدير شيئًا لأن الحول إنما يشترط في عين المال لا في نوعه، وأما مالك فشبه النوع هاهنا بالعين لئلا تسقط الزكاة رأسا على المدير ... انظر البداية ج -1 - ص: 269 - 270. (¬3) المقري في القاعدة الآنفة الذكر (كمالين: أحدهما مدار، والآخر غير مدار، وهما غير متساويين، وكبيع السيف المحلى إذا كانت حليته تبعا بالنسيئة منعه في المشهور، واشترط النقد، وأجازه سحنون، وقيل يستحب فيه النقد، ويمضى التأجيل بالعقد). ونلاحظ أن المؤلف نقل عبارة المقري مع تصرف بسيط.

ومن بذل صداقا ظانا أن للمرأة مالا، وانكشف الغيب بخلافه (¬4)؛ فإن قلنا بالأول فله الفسخ لفوات مقصود عين الانتفاع، وإن قلنا بالثاني أمكن أن يقال لا قسط لها من الثمن، فيسقط مقابله، أولها قسط، فيحط عنه بقدر ما فاته من المقصود - قياسا على الاستحقاق في البياعات. - أن المستحق (أن) (أ) كان تبعا فلا يفسخ العقد في الجميع - وفيه خلاف، وبيع الحلي المتبوع بصنف التابع، وفيه عن مالك روايتان (¬5). والخنثى إذا بال من المحلين، هل ينظر إلى الأكثر فيحكم له به، أو لا؟ ، أجراه ابن يونس على هذا الأصل (¬6). والأجرة على الإمامة تمنع مفردة، وتجوز مع الأذان في مشهور مذهب مالك (¬7). وما يسقى من الزرع والثمار _______ (أ) (ساقطة من الأصل). ¬

_ (¬4) هي نفس عبارة المقري في القاعدة الآنفة الذكر - (كمن بذل صداقا ظانا أن للمرأة مالا فانكشف. . فلا يفسخ العقد في الجميع وفيه خلاف على القاعدة - اللوحة 22 - أ). (¬5) ابن الحاجب: (وفي صنف التابع قولان) ومذهب المدونة أنه لا يباع به. انظر التوضيح ج 2/ 294 - ب. (¬6) خليل: (فإن بال من واحد أو كان أكثر أو أسبق) ص: (295) وانظر الحطاب ج - 6 - ص: 430، والزرقاني ج - 8 ص: 234، والخرشي مع حاشية العدوي ج - 5 - ص: 471 - 475. (¬7) قال في نظم مقدمة ابن رشد: وآخذ على الصلاة أجرا ... في كل ذاكره شهير يدرى ويفهم من تخصيصه الكراهة بالصلاة، أنها لو كانت عليها مع الأذان لم تكره وقيدوه كذلك بما إذا لم تعمل من بيت المال كما قال ناظم المقدمة. إلا إذا يعطيه بيت المال ... فذاك - قل من أطيب الحلال وانظر التتائي في شرحه على المنظومة بهامش شرح ميارة الكبير ص: 178.

بالوجهين (¬8) وتفاوتا، وبياض المساقاة مع السواد، (¬9) وإذا ثبت أكثر الغرس أو أقله، فللأقل حكم الأكثر، فإن ثبت أكثره، فللغارس فيما ثبت وفيما لم يثبت، وإن ثبت أقله فلا شيء للغارس في الجميع؛ وقيل له سهمه في الثابت- وإن قل، وإذا أطعم بعض الغرس فإن كان أكثر سقط عنه العمل، وإلا فلا، وله ما أطعم دون رب الأرض، وقيل بينهما (¬10). وإذا جد (¬11) المساقي (أ) بعض الحائط فإن كان أكثره فلا سقي عليه، وإلا فعليه. وإذا كان بالحائط، أنواع مختلفة حل بيع بعضها- وهو الأقل، جازت مساقاة جميعها، وإن كثر لم تجز فيه ولا في غيره، وإن كان بعض العاقلة بالبادية وبعضها (ب) بالحاضرة فإنه يضاف الأقل منها إلى الأكثر عند عبد المالك (ج) وأشهب (¬12). _______ (أ) في الأصل (المساقا) وهو تصحيف. (ب) - خ - (بعضهم). (ج) - خ- زيادة غير. وفي (ق) عند ابن الحكم. ¬

_ (¬8) يعني ما سقي بمشقة، وما سقي بغير مشقة. (¬9) قال في المدونة ج 5/ 20: (أرأيت أن ساقى الرجل زرعا وفي وسط الزرع أرض بيضاء لرب الزرع قليله، وهي تبع للزرع، فاشترط العامل تلك الأرض لنفسه يزرعها؟ قال لم أسمع من مالك فيه شيئًا، ولا أرى فيه بأسا). (¬10) انظر تفصيل ذلك في شرح ولد ناظم التحفة لدى قوله- في باب المغارسة: وليس للعامل مما عملا ... شيء إلى ما جعلاه أجلا (مخطوط خاص) والشيخ التاودى ج-2/ 197. (¬11) أي قطع ثمرته. (¬12) خليل ص- 265 (ولا دخل لبدوى مع حضري).

وإذا حبس أو تصدق على الأصاغر فإن حاز الأكثر صح الجميع، وإن حاز الأقل بطل الجميع، وإن حاز النصف صح ما حيز، وبطل ما لم يحز (¬13). وإذا استحق الأكثر (¬14) أو وجد به عيب رد الجميع، وإن كان بالأقل (ج) فليس له رد ما لم يستحق وما ليس فيه عيب. وإذا اجتمع الضأن والمعز فإن الزكاة من أكثرهما عند سحنون، ولابن القاسم تفصيل (¬15). والشاة في الشنق (¬16) من جل غنم البلد، (¬17) والفطرة والكفارة من جل عيش البلد والحلي المنظوم بالجوهر وما أبر بعضه من الثمار (¬18) وبيع شاة فيها لبن _______ (ج) - خ - (الأقل). ¬

_ (¬13) خليل (ودار سكناها إلا أن يسكن أقلها، ويكري له الأكثر، وإن سكن النصف بطل فقط، والأكثر بطل الجميع). انظر شرح المواق ج- 6 - ص: 60. (¬14) تقدمت هذه المسألة في قاعدة (ما قرب من الشيء هل له حكمه أم لا؟ ) ص: (182). (¬15) ابن الحاجب- اللوحة (36 - ب): "وإذا كانا (أي الضأن والمعز) متساويين، فقال ابن القاسم: إن كان في أقلهما عدد الزكاة- وهو غير وقص فمنهما، وإلا فمن الأكثر، وقال سحنون: من الأكثر فقط". وانظر التوضيح ج 1 - ورقة (74 - أ). (¬16) الشنق بالشين المثلثة وفتح النون -هو ما يزكي من الإبل بالغنم كما فسر ذلك مالك. (¬17) ابن الحاجب- اللوحة (36 - أ)، "والغنم في الشنق الضأن إلا أن يكون جل غنم البلد المعز فيقبل، وإن كان غنمه مخالفا لها على المشهور ... ". انظر التوضيح ج- أ- ورقة 73 - أ. (¬18) الباجي: (إن أبر بعض الشجر دون بعض، فإن كان أحد الأمرين- أكثر، فقال مالك القليل يتبع الكثير). انظر المواق على مختصر خليل (ولا الشجر المؤبر) 4/ 496. وانظر بداية المجتهد ج- 2 - ص: 157.

بلبن إلى أجل، والمختار أن تأخر اللبن فهو مزابنة بخلاف ما إذا تقدم. ويجوز العسل بالنحل إذا كان لا عسل في النحل، فبعض هذه المسائل تجوز تابعة تغليبا لحكم المتبوع، ولا تجوز مستقلة، ومنها اشتراط خلفة القصيل، والثمرة والزرع، ومال العبد، (¬19) وهي أيضًا من قاعدة الأقل (¬20) يتبع الأكثر. ¬

_ (¬19) خليل: (كالمنعقد ومال العبد وخلفة القصيل). انظر شرحي المواق والحطاب ج- 4 - ص: 496، وستأتي في القاعدة التالية (الاتباع هل لها سقط من الثمن)؟ . (¬20) وهذه القاعدة كقواعد أخرى ذكرها المقري. أمثال: قاعدة اختلفوا في كون الاتباع مقصودة أو لا؟ وقاعدة هل الأقل يعتبر في نفسه أو يتبع الأكثر- أدمجها المؤلف في قاعدة الباب، واكتفى بإيراد أمثلتها، وكأنه رآها قواعد متداخلة، مع أنها كما يبدو قواعد مستقلة، وقد ذكرها غير واحد.

(القاعدة الثالثة والخمسون) الأتباع هل لها قسط من الأثمان (أ) أم لا؟

(القاعدة الثالثة والخمسون) الأتباع هل لها قسط من الأثمان (أ) أم لا؟ (¬1) وعليه الرهن، والحميل، (¬2) وحلية المصحف، والخاتم، والسيف، واشتراط خلفة القصيل والثمرة (ب) والزرع، ومال _______ (أ) - ق - (الثمن) ولعلها أصوب. (ب) - ق - (التمرة). ¬

_ (¬1) ذكر المقري في هذا الباب قاعدتين: - الأولى: الاتباع: هل لها قسط من الثمن أم لا في الاستحقاق وغيره. - الثانية: قاعدة: شرط ما هو من مصلحة كالرهن والحميل، هل له قسط من الثمن أم لا؟ وأورد لكل قاعدة أمثلتها الخاصة، والمؤلف اقتصر على القاعدة (295) الاتباع هل لها قسط من الثمن أم لا؟ وأدرج تحتها أمثلة القاعدة الأخرى. (¬2) جعلهما المقري من أمثلة القاعدة (962) - اللوحة (60 ب) شرط ما هو من مصلحة كالرهن والحميل. قال في التوضيح ج 2 - ورقة 209 - أ: "وظاهر المذهب أن الرهن لا حصة له من الثمن. وانظر شرح الحطاب ج - 4 ص: 376 - 377 لدى قول خليل: "كشرط رهن وحميل".

العبد (¬3) والدالية، والسدرة (¬4) (أ) والإمامة مع الآذان، (¬5) وتظهر الثمرة (¬6) في الغرر والاستحقاق والعيب والجائحة (¬7) والعطلة (¬8). _______ (أ) - خ - (الشجرة). ¬

_ (¬3) مرت هذه الأمثلة في القاعدة قبل هذه. وانظر المنجور ج- 1 ص: 5 - م- 21. وبداية المجتهد ج 2 ص: 195 - 191. (¬4) أي إذا كانتا في الدار التي تكترى، فسيشترى المكتري عنب الدالية، ونبق السدر، فإن ذلك يجوز إذا كان تبعا للكراء، بأن تكون قيمته من الجميع الثلث فما دون. انظر المنجور ج 1 ص: 5 - م 21. (¬5) مرت هذه المسألة في القاعدة قبل هذه. (¬6) أي نتيجة ذلك. (¬7) أي فلا يرد البيع في الغرر اليسير، واستحقاق القليل، وكذلك العيب والجائحة.- انظر تفصيل ذلك في شرح المنجور على المنهج المنتخب ج 1 - ص: 6 - 7 م- 21. وبداية المجتهد ج 2 - ص: 154 - 159. (¬8) أي عطلة أمام الصلاة أياما قلائل، فلا تحسب عليه، ويأخذ أجرته كاملة.

(القاعدة الرابعة والخمسون) نوادر الصور هل يعطى لها حكم نفسها أو حكم غالبها؟

(القاعدة الرابعة والخمسون) نوادر الصور هل يُعطى لها حكم نفسها أو حكم غالبها؟ (¬1) وعليه نفقة الزَّمِنِ بعد بلوغه، (¬2) فعلى المراعاة لا تنقطع، وعلى أن لا تنقطع. وعليه أيضًا أجراء ابن بشير (¬3) الربا في الفلوس ثالثها يكره؛ ورد إجراء اللخمي، إياه على أنه في العين غير معلل، أو العلة الثمنية (¬4) والقيمة - بقول أشهب: إن ¬

_ (¬1) أورد المقري في هذا الباب قاعدتين: - القاعدة (864 اللوحة 54 - ب) (اختلفوا في مراعاة نوادر الصور) وأورد لها أمثلتها. - القاعدة (761 اللوحة 48 - ب) "اختلف المالكية في مراعاة النادر في نفسه، أو إجراء حكم الغالب عليه". واتى لها بأمثلتها الخاصة. والمؤلف جعلهما قاعدة واحدة- على عادته في إدماج القواعد المتداخلة في بعضها البعض- مراعاة للاختصار وتفاديا للتكرار، وللمقري كثير من هذا القبيل. (¬2) أتى به المقري مثالا للقاعدة (864) "اختلفوا في مراعاة نوادر الصور. (¬3) أبو المطرق عبد الرحمن بن بشر مولى فطيس، المعروف بابن الحصار, كان أجل علماء وقته، ولى الشورى والقضاء ... تفقه عليه ابن عتاب وكتب بين يديه، وكان يصفه بالعلم البارع، والدين والفضل والتفنن في العلوم (ت 422 هـ). انظر في ترجمته: الديباج ص: 149. وشجرة النور الزكية ص: 113. (¬4) ابن الحاجب- اللوحة (106 ب): "النقود العلة غلبتها، وقيل الثمينة وعليهما في الفلوس يكره". انظر التوضيح ج 2 - ورقة 181 - أ.

القائسين مجمعون على التعليل- وإن اختلفوا في عين العلة. وعليه أيضًا الخلاف في العنب الذي لا يزبب، والرطب الذي لا يثمر، ووجوب غسل النفساء إذا ولدت بغير دم) (¬5). (تنبيه): قالوا: إذا عم الجراد المسالك فلا جزاء (¬6) (أ). _______ (أ) عبارة (الجراد المسالك فلا جزاء) ساقطة في نسخة (خ). ¬

_ (¬5) ابن الحاجب- اللوحة (9 - أ): "فإن ولدت بغير دم فروايتان". التوضيح 1 ورقة 17 - أ: الظاهر من القولين الوجوب- حملا على الغالب، قال: ومنشأ الخلاف: هل الصور النادرة يعطى لها حكم نفسها أو غالبها. (¬6) وكان هذه المسألة مستثناة من الخلاف الجاري في الصور النادرة: هل تعطى حكم نفسها أو غالبها؟ . ابن الحاجب- اللوحة (55 - ب) "ولو عم الجراد المسالك سقط الجزاء". وانظر التوضيح ج- 1 - ورقة 117 - ب.

(القاعدة الخامسة والخمسون) الملحقات بالعقود هل تعد كجزئها أو إنشاء ثان؟ - فيه خلاف

(القاعدة الخامسة والخمسون) الملحقات بالعقود هل تعد كجزئها أو إنشاء ثان؟ (¬1) - فيه خلاف وعليها (أ) فروع ومسائل، كمن أسلم في مائة قفيز فزاد مثلها قبل الأجل، فإن إلحقناه جاز، وهو مذهب المدونة، (¬2) وإن قطعناه امتنع، لأنه (ب) هدية مديان- وهو مذهب سحنون: وجه مذهب المدونة بأنه رفع التهمة بالكثرة. وكابتياع خلفة القصيل والثمرة، والزرع، ومال العبد- بعد الأصل والرقبة؛ (¬3) وكالزيادة في الصرف، وثمن السلعة، وصداق المرأة- بعد العقد؛ _______ (أ) - ق - (وعليه). (ب) في الأصل ممحوة، وفي (خ) (كأنه). ¬

_ (¬1) المقري القاعدة: "اختلفوا في الملحقات هل تعد كجزئها أو كالهبة قال: وهذه قاعدة إلحاق ما بعد العقود بها، أو قطعه عنها؛ ثم اختلفوا هل تعد كالمقارن أم لا؟ . وقال أيضًا: قاعدة (947) - اللوحة (59 - أ) "الواقع بعد العقد بسببه، هل يعد واقعا معه فيضاف إلى وقوعه، أو كأنه إنشاء ثان؟ اختلفوا في ذلك". والمؤلف أدمج هذه القواعد الثلاث في قاعدة واحدة، واستوفى مسائلها وصورها. (¬2) انظر ج 4/ 68. (¬3) تقدمت هذه المسائل في القاعدتين السابقتين قبل هذه مباشرة انظر التوضيح 2 / ورقة 74 - ب.

وكاشتراط ضمان المبيع الغائب على الصفة عقب العقد على من ليس عليه من بائع، أو مبتاع حيث يجوز؛ (¬4) وكما لو أوجب الخيار للمبتاع بعد البت- باعتبار تعلق الضمان أمن البائع أم من المبتاع؟ (أ) فيه قولان، أَصلهما ما أصل؛ (¬5) وكاشتراء (ب) الثمرة بعد (بدو) (ج) صلاحها، ثم الأصل هل في الثمرة جائحة -وهو المنصوص أولًا- تخريجا على الأصل والقاعدة؟ (¬6). _______ (أ) - خ - (المشترى). (ب) - خ - (وكاشتراط). (ج) (بدو) ساقطة في الأصل و (ق). ¬

_ (¬4) ابن الحاجب: "وفي ضمان الغائب بعد العقد ثالثها من البائع إلا أن يشترطه، ورابعها إن كان عقارا ضمن المشتري". انظر التوضيح 2 / ورقة 280 - ب. (¬5) ابن الحاجب (اللوحة 162 - أ) "وفيها الخيار -بعد البت- لأحدهما لازم، وقيل إن فقد وإلا أدى إلى خيار بيع الدين، وفي ضمانه حينئذ قولان". قال في التوضيح 2 / ورقة 338 - ب: ففي المدونة الخيار للمشتري لأنه صار بائعا. ابن يونس والمازري وغيرهما: وظاهرها سواء جعل البائع الخيار للمشتري أو العكس، قالا: وروى عن المخزومي أنه قال: إن جعله البائع للمشري فالضمان عنه، لأنه خيار ألحقه بعقده فكأنه فيه، وإن جعله المشري للبائع فالضمان منه، لأنه صار بائعا؛ وعلى هذا فإن جعله المشتري فالضمان منه اتفاقا، وإن جعله البائع فقولان- بناء على أن الملحقات للعقد هل تعد واقعة فيها أو لا؟ . (¬6) ابن الحاجب: قال ابن القاسم: إذا كان بقاؤها لينتهي طيبها فلو انتهت كالعنب يطيب والبقول والقصيل فلا جائحة كالتمر على النخل وقال سحنون: فيه الجائحة. انظر التوضيح 2 - ورقة 384 - أ.

تنبيه: لم يطردوا هذه القاعدة في مسائل كثيرة كشروط النكاح، (¬7) ونفقة الربيب، (¬8) وبيع الدور المطبلة، (¬9) والأملاك الموظفة، (أ) (¬10)، والأمتاع والثنيا، وتسليف أحد الشريكين صاحبه بعد العقد والشروع، أو تطوعه بزيادة في العمل أو في المال أو فيهما بعده، (¬11) والطوع بعيوب المبيع بعد العقد، وبنقد الثمن في الخيار والعهدة، والمواضعة والمبيع الغائب (ب) على صفة صاحبه، وبيع الحيوان والعروض البعيدة الغيبة على الصفة، ومسائل الجعل والإجارة على حرازة زرع، واشتراط تأخير دابة معينة لتركب بعد شهر، وكراء الأرض غير المأمونة كأرض الأندلس والمغرب. (¬12) وكذلك الجنات والأرحى والأرض المبيعة على التكسير، ومقتضى القول إن الملحق بالعقد يعد كجزئه فساد هذه العقود، كما هي إشارة صاحب التوضيح في مسألة الشركة. _______ (أ) - خ - (الموضفة) بالضاد. (ب) كلمة (الغائب) ساقطة في (خ). ¬

_ (¬7) ابن الحاجب: "وإذا شرطا ما يناقض العقد، مثل إن لا يقسم عليها ... ". انظر التوضيح 2 / ورقة "55 - أ"ح. (¬8) انظر المواق لدى قول خليل: "كولد صغير لأحدهما إن كان له حاضن إلا أن يبني وهو معه". ج 4 / ص: 186. والزرقاني ج 4 - ص: 249. (¬9) أي التي تؤدى عليها ضرائب. والطبل: الخراج. انظر الأساس "طبل". (¬10) أي التي عليها وظائف وجرايات تؤدى عليها. (¬11) خليل: "وله التبرع والسلف والهبة بعد العقد". انظر شرحي المواق والحطاب ج - 5 - ص: 129. وحاشية البناني على الزرقاني ج 5 - ص: 48. (¬12) انظر المواق لدى قول خليل: "وبشرط نقد كالغائب، وعهدة ثلاث، ومواضعة وأرض لم يؤمن ربها، وجعل وإجارة بجزء زرع وأجير تأخر شهرا". ج 4 - ص: 417. والزرقانى- مع حاشية بناني ج 5 ص: 114 - 115.

ومقتضى ذلك القول أيضًا دخول طرق البراءة وأقوالها العديدة التي في الطوع بعيوب المبيع. نعم أشار بعض أصحاب النوازل إلى عدم اللزوم فيها تخريجا على إسقاط الشيء قبل وجوبه، ومن نمطه في المذهب المالكي كثير. وقد مر تقرير بعضه في هذا الملخص (أ) واستوفينا ما ورد من (ب) ذلك في كتاب (ج) الطلاق من كتابنا المترجم بـ "الواعي لمسائل الأحكام والتداعي" (د). تنبيه: في صحة تخريج هذا الشيخ على إسقاط الشيء قبل وجوبه نظر، لأن المخرج هنا وهو الطوع بالعيوب تمنع (¬13) أن يكون (هـ) من باب إسقاط الشيء قبل وجوبه، بل هو من باب إسقاط الشيء بعد وجوبه، وقبل العلم به فهو أقوى فتأمله. وقد نحا القاضي أبو الوليد بن رشد -رحمه الله- إلى هذا المعنى في نظيرة هذه - والله أعلم. _______ (أ) - ق - (المختص). (ب) - خ - (من) ساقطة. (ج) - خ - (كتابنا). (د) في -خ- زيادة "ومقتضى ذلك القول أيضًا فساد النكاح بالطوع بالامتناع. ونفقة الربيب وفساد البيع بالثنيا وأداء الوظيف" وقد جاءت هذه الزيادة قبل قوله (تنبيه). (هـ) عبارة (لأن المخرج هنا .... يكون ساقطة في نسخة (خ). ¬

_ (¬13) كذا في سائر النسخ بالتاء المثناة فوق، والأنسب (يمنع) بالمثناة تحت.

(القاعدة السادسة والخمسون) العقد هل يتعدد بتعدد المعقود عليه أم لا؟

(القاعدة السادسة والخمسون) العقد هل يتعدد بتعدد المعقود عليه أم لا؟ (¬1) فيه خلاف، وعليه الصفقة إذا جمعت حلالا وحراما، (¬2) ومقارنة البيع للصرف أو النكاح، أو الجعل أو القراض، أو المساقاة أو الشركة، وأما القرض فإجماع: (أ) فمن نظر إلى الاتحاد منع، لاختلاف أحكام المعقود عليه: ومن التفت إلى التعددي جاز (¬3). _______ (أ) - ق - (بإجماع). ¬

_ (¬1) المقري- القاعدة (858) - اللوحة (84 - أ) اختلف المالكية في كون تعدد المعقود كتعدد العقد، فكأنهما عقدان مفترقان أو لا". (¬2) المقري: "قال الغزالي: هذا كما لو قال قائل: رأيت زيدا وعمرا فإن التكذيب في أحدهما لا يسري إلى التكذيب في الآخر، (قلت) إلا أنه يسري إلى الخبر وهو واحد. وقولهم في مثل محمد ومسيلمة صادقان- أنهما خبران - وهم. قال ابن بشير: وقد يصح قول الغزالي إذا كان المعقود عليهما مختلفين، قال: وعليه تجري مسائل من الاستحقاقات والشفعة. (¬3) قال القرافي في الفرق (156) ج- 3، ص: 142: "اعلم أن الفقهاء سموا أسماء العقود التي لا يجوز اجتماعها مع البيع في قولك (جص مشنق)، فالجيم للجعالة، والصاد للصرف، والميم للمساقاة، والشين للشركة، والنون للنكاح، والقاف للقراض. والسر في الفرق أن للمعقود أسبابا لاشتمالها على تحصيل حكمتها في مسبباتها بطريق المنافسة. والشئ الواحد بالاعتبار الواحد لا يناسب المتعاقدين، لكل عقدين بينهما تضاد لا يجمعهما عقد واحد؛ فلذلك (امتنعت العقود التي لا يجوز اجتماعها مع البيع بالتضاد، ومالا تضاد فيه يجوز اجتماعه مع البيع كالإجارة). وانظر قواعد المقري- اللوحة 35 - أ. ونظم بعضهم العقود التي لا يجوز اجتماعها مع البيع فقال: عقود منعناها مع البيع ستة ... ويجمعها في اللفظ (جص مشنق. فجعل وصرف والمساقي وشركة ... نكاح قراض منع هذا محقق

والمختار إن كان مناب الحلال معلوما بأول وهلة صح القول بالجواز، وإلا امتنع- لأنه انعقد على غرر (¬4). وأما لو أعراه عرايا من حوائط في شراء أكثر من عرية؛ (¬5) ثالثها إن كانت بلفظ واحد لم يجز، والأولان على الأصل والقاعدة. تنبيه: حصل بعض مشايخ المذهب في الصفقة إذا جمعت حلالا وحراما تسعة (أ) أقوال: الأول- فسخ الجميع. الثاني- فسخ (ب) ما قابل الحرام، وصحة ما قابل الحلال. الثالث- يتبع الأقل الأكثر. الرابع- الفرق بين أن يعلما معا بالفساد فيبطل جميعها، أو لا فيبطل ما قابل الحرام، ويصح ما قابل الحلال. الخامس- الفرق بين ما يصح تملكه فلا يبطل إلا ما قابل الحرام، وبين ما لا يجوز تملكه فيبطل جميعه. _______ (أ) - ق - (سبعة) بالباء الموحدة وهو تصحيف ظاهر. (ب) - خ - (يفسخ). ¬

_ (¬4) هي نفس عبارة المقري في قواعده- اللوحة (54) - أ. (¬5) ابن الحاجب- اللوحة (117 - أ): "ولو أعراه عرايا من حوائط ففي شراء أكثر من عرية، ثالثها إن كانت بلفظ واحد منع، وبيعها على مقتضى البيوع للمعرى وغيره قليلة أو كثيرة جائز". فقد أجازه ابن القاسم في الوجهين، ومنعه يحيى بن عمر فيهما- بناء على أن العقد يتعدد بتعدد المعقود عليه أم لا، وفرق ابن الكاتب فمنع في الأول، وأجاز في الثاني، ورجحه ابن يونس. انظر التوضيح 2 / ورقة (383) - أ.

السادس: الفرق بين أن يسميا لكل سلعة ثمنا فيبطل ما قابل الحرام، أو لا فيبطل جميعها. السابع- الفرق بين أن تكون السلعة لمالك واحد فيبطل جميعها، أو لمالكين، فيبطل ما قابل الحرام ويمضى ما قابل الحلال؛ وبه قال اللخمى -رحمه الله-. الثامن - (أ) إن كان مناب الحلال معلوما لأول وهلة، صح ما قابل الحلال، وإلا فلا. التاسع- إن كان لحق الله بطلت كلها، وإن كانت لحق المخلوق بطل الحرام فقط. _______ (أ) الثامن والتاسع ساقطان في نسخة (ق).

(القاعدة السابعة والخمسون) الكفارة هل تفتقر إلى نية (أ) أو لا؟

(القاعدة السابعة والخمسون) الكفارة هل تفتقر (¬1) إلى نية (أ) أو لا؟ (¬2) وعليه إجزاء عتق الغير عنه، ومن فرق بين أن يكون بإذنه أولًا؟ فعلى توهم استقرار الملك أولًا، ثم العتق بعده، أو عدم استقراره، لأنه لم يملكه إلا إلى حرية؛ كالقولين فيمن اشترى بشرط العتق جاهلا. وفيمن قال إن اشتريته فهو حر عن ظهاري، بخلاف العالم أر المعلق لقصدهما إلى الحرية لا عن ظهار (¬3). _______ (أ) - خ - (أم لا). ¬

_ (¬1) ابن الحاجب: "والإجماع على وجوب النية في محض العبادات وعلى نفي الوجوب فيما تمحض لغيرها، كالديون والودائع والغصوب، واختلف فيما فيه شائبتان كالطهارة والزكاة. والمذهب افتقارها في قوله فيمن كفر عن إحدى كفارتين بعينها ثم كفر عنها غلطا أنها لا تجزئه، وأخذ نفيه من أنها تؤخذ في الممتنع كرها وتجزئه ومن الشاذ في أنهم شركاء". وأجاب ابن القصار بأنه يعلم فتحصل النية، وألزم إذا لم يعلم. انظر المنجور على المنهج المنتخب ج- 1 - ص: 1 م- 10. (¬2) المقري- القاعدة (779) - اللوحة (49 - ب): "اختلف المالكية في افتقار الكفارة إلى نية. (¬3) هذه العبارات: "وعليه أجزاء عتق الغير عنه ... لا عن ظهار" نقلها المؤلف عن المقري بالحرف - في القاعدة الآنفة الذكر- اللوحة (49 - ب).

(القاعدة الثامنة والخمسون) لا يثبت الفرع والأصل باطل، ولا يحصل المسبب والسبب غير حاصل

(القاعدة الثامنة والخمسون) لا يثبت الفرع والأصل باطل، (¬1) ولا يحصل المسبب والسبب غير حاصل ومن ثم قال أشهب -وهو الصحيح- فيمن أقر بزوجة في صحته ثم مات وليس بطارئ، أو أقر بوارث وليس له وارث معروف: لا ميراث. وقال ابن القاسم: بالميراث، ورآه إقرارا بالمال. ¬

_ (¬1) فيلزم من سقوط الأصل سقوط الفرع، ولا عكس، أي لا يلزم من سقوط الفرع سقوط الأصل، فلو أبرأ الدائن المدين برئ كفيله أيضًا، وسقط رهنه، إن كان الدين موثوقا بكفيل أو رهن. بخلاف ما لو أبرأ الدائن الكفيل، أو رد الرهن، فإن دين المدين لا يسقط. وفي الأشباه والنظائر للسيوطي ص: (65): "قد يثبت الفرع مع عدم ثبوت الأصل، ومثال ذلك ما لو ادعى شخص على اثنين، أن أحدهما استقرض منه مبلغا، وأن الثاني قد كفله، فاعترف الكفيل، وأنكر الآخر، وعجز المدعى عن إثبات القرض عليه، يؤخذ المبلغ من الكفيل- لأن المرأة مؤاخذ بإقراره. وانظر المدخل الفقهي العام للزرقاء ج- 2 - ص: 1015.

(القاعدة التاسعة والخمسون) بيت المال هل هو وارث أو مرد (أ) للأموال الضائعة؟

(القاعدة التاسعة والخمسون) بيت المال هل هو وارث أو مرد (أ) للأموال الضائعة؟ (¬1) وعليه نفوذ الوصية بجميع المال- وهي رواية الطابثي (¬2) عن مالك، ورد ما زاد على الثلث وهو المعروف، (¬3) وإذا أقر بوارث وليس له وارث معروف (¬4). تنبيهه: قد لا يختلف في كون بيت المال وارثا كميراث السائبة والمعتق من الزكاة (¬5). _______ (أ) - خ - (جائز). ¬

_ (¬1) المقري- القاعدة (589) اللوحة (39 - أ): بيت المال هل هو وارث أو مرجع للضياع، أو على أنه كالوارث المعروف العين -وهو قول محمد أو لا- وهو قول النعمان، وللمالكية قولان. (¬2) أبو الحسن علي بن قاسم بن محمد الطابثي البصري نزيل مصر، له كتاب في الفقه مشهور. يروى عنه أبو العباس العذري كتاب التفريع لابن الجلاب كما في فهرسة ابن خير ص: 243. انظر ترجمته في ترتيب المدارك 4/ 695 طبع لبنان، وتصحف فيه بالطافي. والديباج ص: 202. (¬3) قال في نوازل البرزولي: وبه عمل القضاة، وهو مشهور مذهب مالك. انظر المواق لدي قول خليل: "ثم بيت المال" ج- 6 - ص: 414. (¬4) هو قول ابن القاسم- انظر المواق ج- 6 - ص: 414. (¬5) ابن الحاجب في كلامه على مصارف الزكاة- اللوحة (40 - أ): "والرقاب: الرقيق يشترى ويعتق والولاء للمسلمين".

(القاعدة الستون) النسخ هل يثبت حكمه بالنزول أو بالوصول؟

(القاعدة الستون) النسخ هل يثبت حكمه بالنزول أو بالوصول؟ (¬1) وعليه تصرف الوكيل بعد الموت أو العزل؛ (¬2) وتجر عامل القراض بعد موت ربه وقبل علمه إذا خسر، هل يضمن أم لا؟ (¬3) وقدوم وال على آخر في خطبة الجمعة، (¬4) ومن طرأ عليها (أ) العلم بعتق في الصلاة وهي منكشفة الرأس، (¬5) وإذا _______ (أ) - خ - (عليه). ¬

_ (¬1) المقري- القاعدة (615) اللوحة (40 ب): "اختلف قول مالك في الوكيل هل ينعزل بالموت والعزل، أو ببلوغهما إليه- على الخلاف في النسخ هل يتقرر حكمه بالنزول أو بالوصول؟ ". (¬2) انظر المواق لدى قول خليل: "وانعزل بموت موكله إن علم، وإلا فتأويلان". ج- 5 - ص: 214 - 215. والزرقاني مع حاشية بناني ج- 6 - ص: 91. (¬3) قال في المدونة ج 5 / ص: 130: "أرأيت أن مات رب المال والمال في يدي المقارض ولم يعلم به بعد؟ قال: قال مالك: لا ينبغي أن يعمل به، ويؤخذ منه. (قلت) فإن لم يعلم العامل بموت رب المال حتى اشترى بالمال بعد موت رب المال؟ قال: هو على القراض حتى يعلم بموته". وانظر المواق على خليل ج- 5 - ص: 365. (¬4) قال ابن القاسم: "وبلغنا عن مالك أنه قال في إمام خطب بالناس، فلما فرغ من خطبته قدم وال سواه فدخل المسجد، قال: لا يصلي بهم بالخطبة الأولى: خطبة الإمام الأول، ولكن يبتدئ لهم الخطبة هذا القادم".- انظر المدونة 1/ 156 ومختصر ابن الحاجب بشرح التوضيح 1 / ورقة 52 ب. (¬5) تقدمت هذه المسألة في القاعدة (29): "كل جزء من الصلاة قائم بنفسه أو صحة أولها متوقف على صحة آخرها". انظر ص: 210 رقم: 3.

وكلت وكليلين فزوجاها فدخل الثاني ولم يعلم: فإن قلنا بالأول فللأول، لانفساخ وكالة الثاني بالعقد، وإن قلنا بالثاني فللثاني، وهو المشهور لقضاء عمر، (¬6) ومعاوية، (¬7) من غير نكير، وإن كان إمضاء نكاح محصنة، وفسخ عقد مسلم بغير موحب؛ وقال ابن عبد الحكم: السابق بالعقد أولى، (¬8) والبيع كذلك، خلافا للمغيرة- لعدم حرمته، والحق ردهما. ¬

_ (¬6) أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، ثاني الخلفاء الراشدين، وأول من لقب بأمير المؤمنين، الصحابي الجليل صاحب الفتوحات، يضرب بعدله المثل (ت 23 هـ). ألف في ترجمته جماعة منهم: ابن الجوزي، وصاحب (أشهر مشاهير الإسلام)، وعباس محمود العقاد، وبشير يموت، والشيخ علي الطنطاوي، ومحمد حسين هيكل، وشبلي النعماني- بالأردية، ونقل إلى الإنكليزية. وانظر ابن الاثير 3/ 19. والطبري 1/ 187 - 217. والاستيعاب ص: 1144. والإصابة ترجمة 5738. وحلية الأولياء 1/ 38. وأخبار القضاء لوكيع 1/ 105. (¬7) معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي مؤسس الدولة الأموية في الشام، وأحد دهاة العرب الكبار (ت 60 هـ). انظر في ترجمته: ابن الأثير 2/ 4. والطبري 6/ 180. واليعقوبي 2/ 192. والبدء والتاريخ 6/ 5. ومروج الذهب للمسعودي 2/ 42. (¬8) ابن الحاجب- اللوحة (72 - أ): "وفيها وإذا أذنت لوليين فعقدا على شخصين فدخل الثاني ولم يعلم الأول فهي له، قضى بذلك عمر بحضرة الصحابة -رضي الله عنهم- ولم ينكروا، ومعاوية للحسن رضي الله عنهما - على ابنه يزيد. وقال ابن عبد الحكم- السابق بالعقد أولى. أما لو دخل بعد علمه، لم ينفعه الدخول وكانت للأول ... ". وانظر شرحي المواق والحطاب لدى قول خليل: "وإن أذنت لوليين فعقدا للأول إن لم يتلذذ الثاني بلا علم .. ". ج - 3 ص- 440. والزرقاني ج - 3 - ص: 185.

تنبيه: ليس الكراء كالبيع في هذا بل هو للأول على كل حال، لأنه لا يدخل في ضمان من قبضه، - قاله ابن دحون، (¬9) وصححه ابن رشد في رسم نذر من سماع ابن القاسم من كتاب "البضائع والوكالات"، وإليه مال المازري رحمه الله، وعلله بأن ما يأتي من المنافع التي يطلب المكتري الأول أخذها لم تخلق ولم تقبض، وبأن ضمان المنافع من رب الدار وضمان السلعة المقبوضة في البيع من قابضها. قال المازري (¬10) -رحمه الله- لكن نزل هذا السُّؤَال وأنا حاضر في مجلس الشيخ أبي الحسن المعروف باللخمي -رحمه الله- فأفتى بكون الساكن أَولى، وإن تأخر عقده، ورأى سكناه شبهة على ما يقتضيه المشهور من المذهب عنده. وذكر أن بعض أصحابه خالفه في هذا، لأجل ما ذكرناه من فقد الضمان للمنافع، بخلاف الأعيان التي تضمن بالقبض، مع كون القبض لما سيخلق من المنافع غير حاصل الآن. ¬

_ (¬9) أبو محمد عبد الله بن يحيى بن أحمد الأموي المعروف بابن دحون، من أهل قرطبة، كان من جلة الفقهاء وكبرائهم، عارفا بالفتوى، حافظا للرأى على مذهب مالك وأصحاب، عارفا بالشروط وعللها، بصيرا بالأحكام مشاورا فيها. (ت 431 هـ). انظر ترجمته في: "ترتيب المدارك" ج-4/ 729، و "الصلة" ص: 260، و"الديباج" - ص: 140، و "شجرة النور ... " ص: 114. (¬10) أبو عبد الله محمد بن علي التميمي المازرى، نسبة إلى (مازر) بجزيرة صقلية، من كبار فقهاء المالكية، توفي بالمهدية (536 - 1141) من مؤلفاته: "المعلم بفوائد مسلم" و "التلقين في الفروع" و "الكشف والأنباء، في الرد على الأحياء للغزالي، و "إيضاح المحصول في علم الأصول" انظر في ترجمته: وفيات الأعيان 1/ 486، ولحظ الألحاظ ص: 73، وأزهار الرياض 3/ 165.

وذكر أن الشيخ أبا القاسم السيورى (¬11) -رحمه الله- ورد (أ) جوابه بموافقة ما ذهب إليه طردا لأصل المذهب. ورأى أن سكنى الساكن حيازة، وقبض يوجب ترجيح جانبه، كما يترجع بقبض الأعيان. _______ (أ) - خ (رد). ¬

_ (¬11) أبو القاسم عبد الخالق بن عبد الوارث التجيبي القيرواني الشهير بالسيوري، آخر طبقة علماء تونس الكبار، وخاتمة أئمة القيروان، كان زاهدا ضابطا دينا، يحفظ دواوين المذهب حفظا جيدا، وخالف مالكا في مسائل، منها: التدمية، وقال بخيار المجلس، ومال أخيرا إلى المذهب الشافعي. له تعليق على نكت في المدونة (ت 460 هـ). انظر ترتيب المدارك ج- 4 - ص: 770، وشجرة النور ص: 116، والفكر السامي ج- 4 - ص: 47 - 48.

(القاعدة الواحدة والستون) المخاطب هل يدخل تحت عموم الخطاب أم لا؟

(القاعدة الواحدة والستون) المخاطب هل يدخل تحت عموم الخطاب أم لا؟ وعليه عزل الوكيل عن نفسه، ومن في ولايته، أو يُتهم عليه، (¬1) والوصي يشتري من مال يتيمه (¬2) وهي قاعدة: (اليد الواحدة هل تكون قابضة دافعة، أم لا (¬3). ¬

_ (¬1) المواق -نقلا عن اللخمي ج- 5 - ص: 200: "قال ابن القاسم فيمن وكل رجلا ليسلم له في طعام، فأسلم ذلك إلى نفسه، أو إلى ابنه الصغير، أو إلى من يليه من يتيم، أو صغير سفيه لم يجز، وإن أسلمه إلى زوجته، أو ابنه الكبير، أو عبده المأذون له في التجارة أو مكاتبه، أو إلى شريك غير مفاوض- جاز ما لم يكن فيه محاباة. وقال سحنون: أن أسلمه إلى ابنه الذي في حجره أو إلى يتيمه جاز، لأن العهدة في أموالهم. ثم قال المواق: "وانظر لم يمنع أن يسلم لنفسه، هل لعدم دخول المخاطب تحت الخطاب أو لأنه مظنة تهمة؟ ". (¬2) المقري- القاعدة (961) - اللوحة (57 - ب): "المأذون له في العقد لا يملك عقدا لنفسه، كالوكيل من نفسه بمثل الثمن، والوصي لا يشتري من مال يتيمه، كذلك قال المالكية: الوكيل معزول عن نفسه. وهذه عمدة الشافعي في منع تولي الطرفين. قالت الحنفية: ولاية شرعية، ليتملك بها تولي الطرفين. قال محمد: فلم جعلتم ذلك للوكيل على النكاح. القرافي ج - 1 ص: 75: "من القواعد أن من تصرف فيما يملك وفيما لا يملك نفذ تصرفه فيما يملك دون ما لا يملك". (¬3) لم يأت لها المؤلف بالأمثلة على عادته في كل قاعدة، لأنها من معنى القاعدة السابقة "المخاطب هل يدخل ... " وجعلها المقري قاعدة على حدة وأورد لها أمثلتها الخاصة، قال: قاعدة اختلف المالكية في اليد الواحد هل تكون دافعة قابضة. قال ابن بشير: وهذا الذي يعبر عنه أصحابنا باختلاف النية، هل يؤثر مع اتحاد اليد أو لا؟ وعليه الخلاف في بيع المقبوض على التصديق على ذلك، وعليه جواز اقتضاء طعام السلم على تصديق المسلم إليه بخلاف بيع النقد، فإنه فيه جائز، والغرض بأنه فيه ممنوع. انظر قواعد المقري- القاعدة (911) اللوحة (57 - ب).

وقاعدة: (¬4) اعتبار جهتي الواحد فيقدر اثنين (¬5). فلذلك يتولى طرفي العقد في النكاح والبيع، (¬6) ويرث الأب مع البنت بالفرض والتعصيب، (¬7) ويشفع من نفسه (¬8) - وعلى هذا فيؤخذ من الشخص الواحد باعتبار غناه، ويرد عليه باعتبار فقره (¬9) أو يترك له، ويقدر الأخذ والترك كالمقاصة- على الخلاف في العمل في هذه القاعدة (¬10). ¬

_ (¬4) حاولت في البداية أن أعدها قاعدة مستقلة- مثل ما فعل المقري في قواعده، والزقاق في (المنهج المنتخب) ج- 1 - ص: 6 م- 14 إلا أني عدلت عن ذلك. لأني وجدت كل الأمثلة التي أوردها المؤلف (هنا) تنطبق على القاعدة السالفة. (¬5) المقري- القاعدة (306) - اللوحة (23 - أ): "أصل مالك اعتبار جهتي الواحد فيقدر اثنين فلذلك يتولى طرفي العقد في النكاح والبيع ... " (¬6) ويذكر المنجور عن المقري أنه: "لا يمتنع في الشخص الواحد اجتماع استحقاق كالزوج يكون ابن عم فيرث المال أو جهتي قيام كالزوج يكون وصيا فينكحها من نفسه، وهو المعبر عنه بتولي طرفي العقد". انظر ج- 1 من شرحه على المنهج المنتخب ص: 7 م -14. (¬7) خليل ص: 292: "ويرث بفرض وعصوبة الأب، ثم الجد مع بنت وإن سفلت". وانظر المواق ج- 5 - ص: 414. والخرشي ج - 5 - ص: 473. والزرقاني 8/ 213. (¬8) خليل 2 ص 216: "وشفع" أي الوصي أو الأب" لنفسه بنفسه أو ليتيم آخر". وانظر شرحي: المواق والحطاب ج- 5 - ص: 324. والزرقاني ج- 6 - ص: 183. والخرشي ج- 4 ص: 389. والرهوني ج- 6 - ص: 388. (¬9) ابن الحاجب- اللوحة (40 - أ) "وفي اشتراط انتقاء ملك النصاب قولان". انظر التوضيح ج- 1 - ورقة 80 - (ب) والحطاب ج- 2 - 346 و 347. وبداية المجتهد ج - 1 ص: 276. وانظر التمهيد لابن عبد البر ج - 4 - ص: 95 - 105 (الحديث 12) لزيد بن أسلم، والحديث (47) ج 5 - ص: 294 - 297. (¬10) عبارات "فلذلك يتولى طرفي العقد ... إلى ... هذه القاعدة" نقلها المؤلف- من قواعد المقري- القاعدة (306) الآنفة الذكر.

(القاعدة الثانية والستون) تبدل النية مع بقاء اليد على حالها هل يتبدل الحكم بتبدلها أم لا؟

(القاعدة الثانية والستون) تبدل النية مع بقاء اليد على حالها هل يتبدل الحكم بتبدلها أم لا؟ (¬1) وعليه من نوى تسلف الوديعة أو اللقطة أو القراض -ليصرفها ولم يحركها، والوكيل يمسك المال عن موكله- تعديا ولم يحركه. وعليه الخلاف في صرف الوديعة، فإن قلنا بالتبادل، جاز - لأنه قبض الآن لنفسه، وإن قلنا بنفيه امتنع، للتأخير (أ) حتى يقبض لنفسه (¬2). وعليه الخلاف في ضمان السلعة المشتراة شراء فاسدا إذا هلكت بيد المشتري، وقد كانت في أمانته قبل. _______ (أ) - خ - (التأخير). ¬

_ (¬1) المقري- القاعدة (951) - اللوحة (56 - ب): "إذا تبدلت النية واليد على حالها هل يتبدل الحكم أو لا؟ - قولان للمالكية. (¬2) أي وكأنه تسلفها الآن ثم صارف، وإن قلنا بنفيه (أي التبدل)، امتنع للتأخير حتى يقبض لنفسه- وهو المشهور، فإن كانت حاضرة جاز على القولين. انظر قواعد المقري -القاعدة الآنفة الذكر- اللوحة (57 - أ). والمنجور على المنهج المنتخب ج- 1 ص: 8 م- 25.

وعليه لو أسلف الوصي اليتيم من عنده مالا وقبض سلعة من سلع اليتيم من نفسه، واعتقد بقاءها في يده رهنا فيما أسلفه؛ فابن القاسم لا يراه حوزا (أ) - لأنه لا يحوز من نفسه لنفسه، ولم يحصل له إلا بنية تبدلت. وأشهب يراه حوزا إذا أشهد؛ وعليه الخلاف في بيع الطعام المقبوض على تصديق المسلم إليه، بخلاف بيع النقد فإنه فيه جائز، والقرض فإنه ممنوع (¬3). _______ (أ) في الأصل (حوز) بالرفع وهو تصحيف ظاهر. ¬

_ (¬3) انظر شرح المنجور على (المنهج المنتخب ج- 1 - ص: 8 - ملزمة 26).

(القاعدة الثالثة والستون) يد الوكيل هل هي كيد الموكل أم لا؟ (1)

(القاعدة الثالثة والستون) يد الوكيل هل هي كيد الموكل أم لا؟ (1) وعليه الوكالة (¬2) على قبض الصرف ويذهب, بخلاف الحوالة فإنه يقتضي لنفسه، والحمالة. والمشهور إذا تولى الوكيل قبض الصرف دون عقده بحضرة الموكل (¬3) صح. _______ (أ) المقري- القاعدة (868) - اللوحة (57 - أ): "اختلفوا في يد الوكيل، هل هي كيد الموكل أو لا؟ ". ¬

_ (¬2) ابن الحاجب- اللوحة (227 - ب): "الوكالة فيما لا يتعين فيه المباشرة، فتجوز في الكفالة، والوكالة، والحوالة، والجعالة، والنكاح، والطلاق، والخلع، والصلح". وذكر المواق أن ابن شاس جوز الوكالة في أنواع البيع، والشركة، والمساقاة، وسائر العقود والفسوخ ... انظر المواق لدى قول خليل: "صحت الوكالة في قابل النيابة من عقد وفسخ. وقبض حق وعقوبة وحوالة" ج- 5 - ص: 181. والزرقاني ج- 6 - ص: 72 والخرشي ج- 4 - ص 284 والرهوني ج- 6 - ص: 108. (¬3) هذه الفروع " ... الوكالة على قبض الصرف. . . ... دون عقده بحضرة الموكل نقلها المؤلف من قواعد المقري القاعدة الآنفة الذكر- بالحرف. انظر اللوحة (57 - أ).

(القاعدة الرابعة والستون) الأمر هل يخرج ما في الذمة إلى الأمانة فيرتفع الضمان أم لا؟

(القاعدة الرابعة والستون) الأمر هل يخرج ما في الذمة إلى الأمانة فيرتفع الضمان أم لا؟ (¬1) وعليه من أمر أن يصرف دينا عليه، ويعمل به قراضا- وهو لا يجوز، (¬2) فإن فعل ثم ضاع، فعلى القاعدة. ومن قال -لمن أسلم إليه في طعام-: كله في غرائرك، فقال: أكلته وضاع ولم تقم بينة (¬3). ¬

_ (¬1) المقري- القاعدة (872) اللوحة (55 - أ) (¬2) خليل ص: (220): (القراض توكيل على تجر في نقد مضروب مسلم بجزء من ربحه أن علم قدرهما ولو مغشوشا، لا بدين عليه، واستمر ما لم يقبض، أو يحضره أو يشهد". وانظر شرحي المواق والحطاب- ج- 5 - ص 357 - 359. (¬3) المدونة قال مالك: إن كان رأس المال عرضا أو طعاما بعينه وتأخر قبضه الأيام الكثيرة أو إلى الأجل، ولم يكن شرط, وكان هربا من أحدهما، فالبيع نافذ مع كراهية مالك لهما. ابن يونس قال بعض أصحابنا: إنما كان البيع نافذا مع الكراهية، لأنه لو هلك بغير بينة لانفسخ السلم. انظر المواق ج- 4 - ص: 517. والزرقاني ج- 5 ص: 206.

(القاعدة الخامسة والستون) الأصل منع المواعدة بما لا يصح وقوعه في الحال حماية

(القاعدة الخامسة والستون) الأصل منع المواعدة بما لا يصح وقوعه في الحال حماية (¬1) ومن ثم منع مالك المواعدة في العدة، (¬2) وعلى بيع الطعام قبل قبضه، (¬3) ووقت نداء الجمعة (¬4) وعلى ما ليس عندك، ¬

_ (¬1) المقري- القاعدة (890) - اللوحة (56 - أ): "أصل مالك منع المواعدة بما لا يصع وقوعه في الحال حماية ... " (¬2) ابن الحاجب- اللوحة (75 - أ): "وتصريح خطبة المعتدة حرام، والتعريض جائز، قالوا ومثل إني فيك لراغب ... تعريض، فإن صرح كره له تزويجها بعد العدة، فإن تزوج فالمشهور يستحب له فراقها بطلقة, ثم تعتد منه أن دخل، ثم يخطبها -إن شاء- وروى أشهب يفرق بينهما ... ". ونقل المواق والحطاب -عند قول خليل، عاطفا على المحرمات "وصريح خطبة معتدة ومواعدتها"- عن ابن عرفة أن ابن رشد قال: المواعدة أن يعد كل واحد منهما صاحبه، لأنها مفاعلة لا تكون إلا من اثنين- تكره في العدة ابتداء إجماعا، والتعريض بها جائز". وقيل يمكن حمل قول ابن رشد على الكراهة لا على المنع، والأصل في ذلك قوله تعالى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: 235]- البقرة. وانظر شرحي المواق والحطاب 3/ 412 - 413. (¬3) وسيأتي نص اللخمي على أن المواعدة على بيع الطعام قبل قبضه كالمواعدة على الصرف. انظر الحطاب ج- 4 - ص: 310. ابن العربي، قال: علماؤنا إذا حرم الوعد في العدة -بالنكاح لأنه لا يجوز- كان ذلك دليلا على تحريم الوعد في التقابض في الصرف في وقت لا يجوز إلى وقت يجوز فيه التقابض، ومنه قول عمر: وإن استنظرك إلى أن يلج بيته فلا تنظره. انظر الأحكام ج 1 - ص: 215. (¬4) ابن الحاجب- اللوحة (110 - ب): "ومنه (أي النهي) الذي يدل على الفساد إلا بدليل، البيع بعد نداء الجمعة الموجب للسعى للمتبايعين أو لأحدهما، =

وفي الصرف مشهورها المنع، (¬5) وثالثها الكراهة، وشهرت أيضًا لجوازه في الحال، وشبهت بعقد فيه تأخير، وفسرت به المدونة (¬6). (تنبيه): قال اللخمي: المواعدة في بيع الطعام قبل قبضه كالصرف، وقد اختلف فيها (¬7) فيه (أ) (¬8). ابن رشد فتكون فيها ثلاثة أقوال (¬9) - وليس كما قال: والفرق أنها في الصرف إنما يتخيل فيها وقوع عقد فيه تأخير. _______ (أ) (فيه) ساقطة من (خ). ¬

_ = فإن وقع فالمشهور الفسخ ... " والأصل في ذلك قوله تعالى- الآية 62 - سورة الجمعة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيعَ}. انظر التوضيح ج- 2 ورقة 318 - ب. (¬5) قال صاحب التوضيح عند شرحه قول ابن الحاجب: "وفي المواعدة مشهورها المنع". إن في المواعدة على الصرف ثلاثة أقوال: المنع والجواز، والكراهة، والمنع ظاهر المذهب. ابن عبد السلام وهو المشهور، والكراهة محمولة على الجواز، وظاهرها المنع، ونسب اللخمي الكراهة لمالك وابن القاسم، وصرح المازري بأنها المشهور في المذهب والجواز لابن نافع، وابن عبد الحكم، والمنع لأصبغ، ويفسخ إن وقع. انظر التوضيح ج- 2 - ورقة 281 - ب. (¬6) نقل المؤلف هذه القاعدة وأمثلتها من المقري (كالمواعدة في العدة .... وفسرت به المدونة). (¬7) أي المواعدة. (¬8) أي الصرف. (¬9) ولفظ عبارته-: حسبما نقله المواق في شرحه على مختصر خليل ج 4/ 309: "لا يجوز في الصرف مواعدة ولا كفالة ولا حوالة، ثم قال: وأما المواعدة فتكره، فإن وقع ذلك وتم الصرف بينهما على المواعدة لم يفسخ عند ابن القاسم، وقال أصبغ يفسخ وقاسه على المواعدة في العدة. وانظر الزرقاني مع حاشية بناني ج- 5 - ص: 43. ابن رشد (الحفيد): "اتفق العلماء على أن من شرط الصرف أن يقع ناجزا واختلفوا في الزمان الذي يحد هذا المعنى: فقال أبو حنيفة والشافعي: =

وهي في الطعام قبل قبضه كالمواعدة على النكاح في العدة، وإنما منعت فيهما لأن إبرام العقد محرم فيهما فجعلت المواعدة حريما له وليس إبرام (أ) العقد في الصرف بمحرم, فتجعل المواعدة حريما له (ب). وقد ذكر هذا الفرق لمن يعتني بالفقه فلم يفهمه- وهو ظاهر. _______ (أ) - خ - (بإبرام). (ب) - خ - (لهما). ¬

_ = الصرف يقع ناجزا ما لم يفترق المتصارفان تعجل أو تأخر القبض، وقال مالك: إن تأخر القبض في المجلس بطل الصرف- وإن لم يفترقا حتى كره مالك المواعدة فيه. انظر البداية ج- 2 ص: 197.

(القاعدة السادسة والستون) الصور الخيالية من المعنى هل تعتبر أم لا؟

(القاعدة السادسة والستون) الصور الخيالية من المعنى هل تعتبر أم لا؟ (¬1) وعليه الذهب المستهلك في الثياب، بحيث لو أحرقت (أ) لم يخرج منها شيء، هل يمنع من بيعها بالذهب أم لا؟ (¬2) وكالربا بين السيد وعبده، لأنه في المعنى انتزع منه شيئًا، أو وهبه شيئًا، والمشهور المنع فيهما (¬3). _______ (أ) - خ - (احترقت). ¬

_ (¬1) القاعدة وأمثلتها نقلها المؤلف عن المقري- قاعدة (886) اللوحة (55 - ب) بالحرف الواحد. وما ذكره المقري -وتبعه المؤلف- من أن المشهور المنع فيهما، هو خلاف ما ذهب إليه الشيخ خليل في مختصره ص: (159) ونصه: "وجاز محلى، وإن ثوبا يخرج منه أن سبك بأحد النقدين" وهو الذي اختاره الزقاق في المنهج المنتخب. انظر شرح المنجور على المنهج المنتخب ج 1 ص: 7 م 16. (¬2) الحطاب: " ... لما كان المحلى على قسمين، منه ما تكون حلية قائمة ظاهرة كالسيف ... ومنه ما تكون حليته منسوجة كالثياب المنسوجة بذلك ... نبه على المحلى الشامل للقسمين، بشرط أن يكون هذا الثاني يخرج منه أن سبك شيء، وأما لو لم يخرج منه شيء فلا عبرة بالحلية ... انظر ج - 4 ص: 330. (¬3) المواق نقلا عن ابن بشير: "ويلحق بالمحلى الثياب المعلمة إذا كانت أعلامها إذا أحرقت خرج منها ذهب. فيكون حكمها حكم السيف المحلى، فإن كان أعلامها لو أحرقت لم يخرج منها شيء، فقد تردد اللخمي هل يعتبر ما فيها من الذهب أو لا يعتبر لأنه كالمستهلك". انظر نفس المصدر ص: 331. وانظر الزرقاني ج- 5 - ص: 35.

(القاعدة السابعة والستون) المعدوم معنى هل هو كالمعدوم حقيقة أم لا؟

(القاعدة السابعة والستون) المعدوم معنى هل هو كالمعدوم حقيقة أم لا؟ (¬1) وعليه من وجد في الصرف رصاصا، أو نحاسا، هل له الرضى به ويكون كالزائف، (¬2) أو يكون كالعدم فيفسخ الصرف لتأخير البعض- قولان، ومن وجد رأس مال السلم نحاسا، أو رصاصا، أبدله ولا ينتقض. قال سحنون: معناه أنه مغشوش لا محض نحاس، وقيل على ظاهره (¬3) وهي مسألة السلم منها (¬4). ¬

_ (¬1) المقري- القاعدة (889) - اللوحة (56 - أ): "اختلفوا في المعدوم معنى، هل هو كالمعدوم حقيقة أو لا؟ (¬2) انظر "فروق" القرافي. (الفرق 188) ج 3 ص: 158 - 159. (¬3) هي عبارة المقري "وجد في الصرف رصاصا، أو نحاسا، هل له الرضى به، ويكون كالزائف أو يكون كالعدم فيفسخ الصرف قولان". وكذلك مسألة كتاب السلم الأول، إن وجد رأس المال، بعد شهر نحاسا أو رصاصا أبد له ولا ينتقض. قال سحنون إنه مغشوش لا محض نحاس، وقيل على ظاهره. انظر اللوحة (56 - أ). (¬4) يعني المدونة - انظر كتاب السلم الأول ج 4/ 30 - 31.

(القاعدة الثامنة والستون) الكفار هل هم مخاطبون بفروع الشريعة أم لا؟

(القاعدة الثامنة والستون) الكفار هل هم مخاطبون بفروع الشريعة أم لا؟ (¬1) وعليه صحة أنكحتهم وفسادها، فعلى الأول تحل الكتابية بوطء الكافر، وعلى الثاني لا، (¬2) وإذا عقد على أم وابنتها ثم أسلم- ولم يصبهما، هل يفسخ أو يختار (¬3) وإذا تزوجهما (أ) _______ (أ) - ق - (تزوجها بخمر وقبضتها). ¬

_ (¬1) القرافي- الفرق (46) ج- 1 - ص: 218 - 219: "في كون الكفار مخاطبين بفروع الشريعة ثلاثة أقوال: مخاطبون ليسوا مخاطبين, الفرق بين النواهي، فهم مخاطبون بها دون الأوامر ... واتفقوا على أنهم مخاطبون بالإيمان وبقواعد الدين -المقري- القاعدة (227) - اللوحة (18 - ب) "الإجماع على خطاب الكفار بالإيمان، وظاهر مذهب مالك أنهم مخاطبون بالفروع كالشافعي, وفيه قولان. (¬2) القرافي: قال ابن يونس: أنكحتم عندنا فاسدة، وإنما الإسلام يصححها ... وضابط مذهب مالك أن كل مفسدة تدوم كالجمع بين الأختين أو لا تدوم، لكن أدركه الإسلام كالزواج في العدة فيسلم فيها فهو مبطل، وإن عري نكاحهم عن هذين القسمين صح بالإسلام. وقال الشافعي وابن حنبل عقودهم صحيحة. واعلم أن قولنا -أيها المالكية- أن أنكحتهم فاسدة مشكل، فإن ولاية الكافر للكافر صحيحة، والشهادة عندنا ليست شرطا في العقد ..... غاية ما في الباب إن صداقهم قد يقع بما لا يحل من الخمر والخنزير، وقد يقع ذلك للمسلمين فتختل بعض الشروط ... ما صادق الأوضاع الشرعية به صحيح أسلموا أم لا؟ وعلى هذا القانون كان ينبغي أن لا يخير بين الأم وابنتها إذا أسلم عليهما، بل نقول: إن تقدم عقد البنت صحيحا تعينت من غير تخيير ... ". انظر الفرق (152) ج- 3 - ص: 132 - 133. (¬3) المقري- اللوحة (18 - ب) "والصحيح أن فروعه كثيرة منها الحكم بصحة أنكحتهم وفسادها، وعليهما لزوم الطلاق والظهار ... ".

بخمر ثم أسلما ولم يدخل، فالمشهور أن لهما (أ) شيئًا، بناء على الخطاب، فقيل صداق المثل، وقيل: قيمة الخمر، وقيل: ربع دينار، والشاذ لا شيء لها (¬4). وعليه إكراء الدابة منهم (¬5) ليركبوها لأعيادهم، وبيع شاة منهم (¬6) لعيدهم؛ فعلى الخطاب، فهم عاصون بإقامة عيد لأنفسهم، فيكون المسلم عاصيا في إعانته لهم على معصيتهم، وعلى أن لا فلا، وعليهما حمل المسلم أمه الذمية إلى الكنيسة، ولزوم الإحداد وعدة الوفاة من المسلم، (¬7) وطلاقه وعتقه؛ والعتق بالمثلة، (¬8) وغرم من أتلف له خمرا أو خنزيرا، (¬9) _______ (أ) - خ - (لها). ¬

_ (¬4) المقري: "وأصل هذه القاعدة (يعني القاعدة السالفة) الخلاف في أنهم مخاطبون بالفروع، وفيها ثلاثة أقوال، ثالثها أنهم مخاطبون بمقتضى الكف أو الترك دون الإتيان أو الفعل، وإذا تزوج بخمر فقبضتها، ثم أسلم، ولم يدخل بها، فالمشهور أن لها شيئًا على الخطاب فقيل صداق المثل، وقيل قيمة، وقيل ربع دينار ... ". (¬5) و (¬6) أي لهم حسبما يظهر من السياق. (¬7) أي هل تعتد بأربعة أشهر وعشر كالمسلمة، أو أنها تستبرئ بثلاث أقراء، وهل تلزم بالإحداد كالمسلمة أولًا؟ بناء على القاعدة، ويحتمل أن يكون عدم الإحداد لكونها لم تدخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لامْرَأة تؤمن باللهِ وَاليَوم الآخِرِ أنْ تَحد علَى ميّتٍ فَوْق ثَلَاثٍ إِلا عَلَى زَوْجٍ أربَعةَ أشهرٍ وَعَشْرًا". انظر المنجور على المنهج المنتخب ج- 1 ص: 6 م - 16. (¬8) بمعنى أن طلاق الكافر في حال الكفر هل يلزمه أم لا؟ وكذلك إعتاقه لعبده، هل يلزمه العتق -فلا يكون له الرجوع- أم لا؟ وكذا لو مثل بعبده، هل يعتق عليه أم لا؟ بناء على القاعدة. (¬9) أي فالمسلم يضمن لهم ما أتلف منها، وإن قلنا أنهم مخاطبون، لأنهم أقروا على تمليكها.

وإباحة (أ) وطئها لزوجها المسلم (¬10) يقدم في نهار رمضان وجبرها على الاغتسال لزوجها المسلم، وتمكين المستأمن من بيع خمر لذمي (ب). (تنبيه): قال ابن العربي: لا خلاف في مذهب مالك أن الكفار مخاطبون، (ج) وقد بين الله في قوله تعالى: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ} (¬11) ... " فإن كان ذلك خبرا عما نزل على محمد في القرآن، وأنهم دخلوا في الخطاب فيها ونعمت، وإن كان خبرا عما أنزل الله على موسى في التوراة، وأنهم بدلوا وحرفوا، (د) وعصوا وخالفوا، (هـ) فهل تجوز لنا معاملتهم، والقوم قد أفسدوا أموالهم في دينهم أو لا؟ ، فظنت طائفة أن معاملتهم لا تجور وذلك لما في أموالهم من هذا الفساد، والصحيع جواز معاملتهم مع رباهم، واقتحام ما حرم الله سبحانه عليهم، فقد قام الدليل القاطع على ذلك قرآنا وسنة، - (و) قال (ز) الله تعالى: " ... {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (¬12) ". _______ (أ) - خ - (أ). (ب) - خ - (الذمي). (ج) - خ- زيادة (بفروع الشريعة). (د) - خ - (أو حرفوا). (هـ) ناقصة في (خ). (و) - خ - (سنة وقرآنا). (ز) - خ - (فقال). ¬

_ (¬10) إذا قدم من سفر في نهار رمضان. (¬11) الآية 160 - سورة النساء. (¬12) الآية 5 - سورة المائدة.

وهذا نص (¬13) وقد عامل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود، ومات ودرعه مرهونة عند يهودي في شعير أخذه لعياله، (¬14) والحاسم لذلك الشك (أ) والخلاف، اتفاق الأمة على جواز التجارة مع أهل الحرب، وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم تاجرًا إليهم، وذلك من سفره أمر قاطع على جواز السفر إليهم، والتجارة معهم، فإن قيل: كان ذلك قبل النبوة. قلنا: إنه لم يتدين قبل النبوة بحرام، ثبت ذلك تواترا، ولا اعتذر (ب) عنه إذ بعث، ولا منع منه إذ نبيء، ولا قطعه أحد من الصحابة في حياته، ولا أحد من المسلمين بعد وفاته، فقد كانوا يسافرون في فك الأسارى، وذلك واجب، وفي الصلح، كما أرسل عثمان وغيره، وقد يجب، وقد يكون ندبا. فأما السفر إليهم لمجرد التجارة فمباح (ج) (¬15). _______ (أ) ساقطة في (خ). (ب) - خ - (اعتذر) وهو الثابت في نسخ الأحكام، وفي الأصل و (ق) (اعتذار) ولعله تصحيف. (ج) - خ - (انتهى) وهذه الزيادة من قوله "تنبيه قال ابن العربي .. فمباح" ساقطة في نسخة (ق). ¬

_ (¬13) أي مخاطبتم بفروع الشريعة كما في الأحكام. (¬14) انظر هذا على شهرته مع ما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أصر بتفريق سبعة دنانير كانت له عند عائشة- وهو محتضر ... انظر نهاية الأرب ج- 8 - ص: 380. (¬15) انظر كتابه (أحكام القرآن) ج- 1 ص: 214 - مطبعة السعادة.

(القاعدة التاسعة والستون) النكاح من باب الأقوات، أو من باب التفكهات؟

(القاعدة التاسعة والستون) النكاح من باب الأقوات، أو من باب التفكهات؟ (¬1) وعليه تزويج الوالد على ولده إن احتاج، (¬2) والمملوك، على المالك، وعليه أيضًا دخول الزوجة في قوله كل ما أعيش فيه حرام. (¬3) وفي تزويج الابن أمه نظر، (أ) لأن فرق ما بينها وبين الأب.- العار الذي يلحق الأبن بها دونه (ب). _______ (أ) - خ - (وقد). (ب) - ق - (يلحق الأب دونه). ¬

_ (¬1) المقري- القاعدة (763) - اللوحة (49 - أ): "اختلف المالكية في كون الزوجة من باب الأقوات، أو من باب التفكهات، أي أهو من الحاجيات أو الكماليات؟ . (¬2) قال المقري في قواعده- اللوحة (49 - أ) وقيل الصحيح أنه خلاف في حال. (¬3) ابن الحاجب: "وأما وجهي من وجهك حرام. أو ما أعيش فيه حرام، فقيل ظاهر، وقيل محتمل". قال في التوضيح ج- 2 - ورقة 130 - ب- 131 - أ: "فعلى أنهما من الكنايات الظاهرة تأتي الستة الأقوال، وعلى أنهما من المحتمل فيقبل قوله في نفيه وعدده -قال: وأما كل ما أعيش فيه حرام- ولا نية له، فقال محمد: لا شيء عليه، قال في تهذيب الطالب: وأعرف فيها قولا آخر: إن زوجته تحرم عليه، ورأيت في بعض التعاليق لأبي عمران أنه سئل عن القائل كل ما أعيش فيه حرام، فقيل له قد صار هذا عند الناس طلاقا في عادتهم، ويقصدون به تحريم الزوجة، فقال: إن صار ذلك عادة لزم الطلاق.

(تنبيه): تردد الأدباء والكتاب فيمن تزوجت أمه هل يهنأ، أو يعزى، فرأى بعضهم أن التعزية جفاء والتهنئة استهزاء، فكتبوا أما بعد: فإن أحكام الله تعالى تجرى على غير مراد المخلوقين، والله تعالى يختار لعباده، فخار الله لك فيما أراد من ذلك والسلام (¬4). ¬

_ (¬4) هي عبارة المقري في قواعده- اللوحة (49 - أ): "وانظر الأم لأن فرق ما بينها وبين الأب العار الذي يلحق الابن بها دونه، ولذا تردد الكتاب فيمن تزوجت أمه، هل يعزى أو يهنأ، وقد رأى الحذاق أن التعزية جفاء، والتهنئة استهزاء، فكتبوا، أما بعد؛ فإن أحكام الله عزَّ وجلَّ تجري على غير مراد المخلوقين. والله يختار لعباده، فخار الله لك فيما أراد والسلام.

(القاعدة السبعون): من فعل فعلا لو رفع إلى الحاكم (أ) لم يفعل سواه، هل يكون فعله بمنزلة الحكم أم لا؟

(القاعدة السبعون): من فعل فعلا لو رفع إلى الحاكم (أ) لم يفعل سواه، هل يكون فعله بمنزلة الحكم أم لا؟ (¬1) فيه قولان (¬2)، وعليهما من أسلم في طعام سلَما فاسدا مختَلَفا في فساده، فأراد أن يأخذ عنه من صنفه فإن ذلك لا يجوز، ما لم يحكم حاكم بالفساد، فإن قررا ذلك بينهما وأشهدا به فقولان عليهما؛ وكذلك إن أراد أن يؤخره برأس المال، فإن كان السَّلَم مجمعا على فساده وحكم الحاكم بفسخه جاز, فإن قررا (ب) ذلك بينهما وأشهدا به فعلى القاعدة. _______ (أ) - خ - (حاكم). (ب) - ق - (ترادا). ¬

_ (¬1) المقري- القاعدة (918) - اللوحة (58 - أ): "من فعل فعلا لو رفع إلى الحاكم لم يزد عليه، فهل يكون فعله بمنزلة الحكم أو لا؟ - قولان للمالكية. (¬2) حكى المقري القولين ولم يرجح أيا منهما، وقلده المؤلف الذي نقل عنه بالحرف ولم يزد عليه أي شيء.

(القاعدة الواحدة والسبعون): العوض الواحد إذا قابل محصور المقدار وغير محصوره هل يفض عليهما أو يكون للمعلوم، وما فضل للمجهول، وإلا، وقع مجانا

(القاعدة الواحدة والسبعون): العوض الواحد إذا قابل محصور المقدار وغير محصوره هل يفض عليهما أو يكون للمعلوم، وما فضل للمجهول، وإلا، وقع مجانا (¬1) وعليه من صالح عن موضحتي (¬2) العمد والخطإ، قال ابن القاسم: بينهما. وقال ابن نافع: (¬3) للخطإ، ومن خالع على آبق ويزيد ألفا، فعلى الأول يرد الألف، ويرد نصف العبد. ¬

_ (¬1) المقري- القاعدة (558) - اللوحة (44 - أ): "إذا قابل العوض الواحد محصور المقدار وغير محصوره، فهل يفض عليهما، أو يكون للمعلوم، وما فضل للمجهول، وإلا وقع مجانا". (¬2) الموضحة هي التي كشفت عن العظم. المدونة: "حد الموضحة ما أفضى إلى العظم ولو بقدر إبرة، وعظم الرأس محلها، وحد ذلك منتهى الجمجمة، وموضحة الخد كالجمجمة". انظر ج- 6 - ص: 246 منها. (¬3) يعني به أبا محمد عبد الله بن نافع الصائغ، الذي قال: صحبت مالكا أربعين سنة، ما كتبت عنه شيئًا، وإنما كان حفظا أتحفظه وكان يفتى أهل المدينة برأي مالك، وهو الذي يسمع منه سحنون وكبار اتباع أصحاب مالك، وسماعه مقرون بسماع أشهب في العتبية، وروايته في المدونة نفيسة. وله تفسير على الموطأ، رواه عنه يحيى بن يحيى الليثيى المغربي، توفى على الصحيح سنة (206 هـ) كما في طبقات ابن سعد ج - 5 ص: 438، وطبقات الشيرازي ص: 147، والانتقاء ص: 56، وتهذيب التهذيب ج- 6 - ص: 51، والخلاصة ص: 216، والشذرات ج - 2 ص: 14 وفي ترتيب المدارك ج - 1 ص: 17 - طبع الرباط، أنه توفي (186) وتبعه على ذلك الديباج ص: 131، وشجرة النور ص: 55، والفكر السامي ج - 2 - ص: 116 - 117، وهو سبق قلم.

وعلى الثاني يرد الألف (أ)، ويرد ما في مقابلتها من العبد والزائد إن كان له بالخلع، وإلا كان كمن خالع مجانا (¬4). (تنبيه): قال ابن شاس (¬5) في هذه المسألة: وأما على مقتضى قول ابن القاسم في قسمة المأخوذ بين الموضحتين، فيكون نصف العبد هنا في مقابلة نصف الألف فيفسخ البيع فيه، ويرد نصف الألف إلى آخره. قال القاضي أبو عبد الله المقري (¬6) -رحمه الله تعالى ورضي عنه- في قواعده _______ (أ) جملة ويرد نصف العبد، وعلى الثاني يرد الألف ساقطة من (خ). ¬

_ (¬4) هي نفس عبارة المقري في قواعده- اللوحة (44 - أ) "كمن صالح عن موضحتي عمد وخطأ ... وإلا كان كمن خالع مجانا" بنصها وفصها وانظر الفرق (24) من فروق القرافي ج- 1 - ص: 150. (¬5) أبو محمد عبد الله بن نجم بن شاس الجذامي السعدي، الفقيه الإمام العمدة، "صاحب الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة" صنفه على ترتيب "وجيز" الغزالي- دل على غزارة علمه، وكان من أبناء الأمراء، توفي مجاهدا بدمياط سنة (610 هـ). انظر "الديباج" ص: 411 - وشجرة النور ص: 165 - والفكر السامي ج- 4 - ص: 64. (¬6) أبو عبد الله محمد بن محمد المقري التلمساني- قاضي الجماعة بفاس، وأحد مجتهدي مذهب الأثبات. له مؤلفات عدة منها، كتاب "القواعد" في أصول المذهب المالكي، اشتمل على ألف قاعدة ومائتي قاعدة، وهو كتاب غزير العلم، لم يسبق إليه، استقى المؤلف منه كثيرا في هذا الكتاب، بل أحيانا ينقل منه القاعدة وأمثلتها باللفظ. (ت 756 هـ). انظر في ترجمته: البستان ص: 154. تعريف الخلف ج- 2 - ص: 493، الإحاطة ج- 2 - ص: 136، شجرة النور ص: 232، شذرات الذهب ج- 6 - ص: 193، نيل الابتهاج ص: 249، الفكر السامي ج- 4 - ص: 93.

الفقهية: الصواب حذف نصف في الموضعين، كما جود اختصاره ابن الحاجب (¬7). والعجب من القرافي مر على ما في الجواهر ولم ينتبه (أ) إليه بابن الحاجب، ولا بمن قبلهما كاللخمي، وابن بشير، وهو دليل على أنه ربما نقل ما لا تأمل (¬8) انتهى. ورأيت له رحمه الله- على هذا الموضع من قول (ب) ابن الحاجب: ردت الزيادة ما نصه: يعني جملة الألف. وفي الجواهر ترد نصف الألف، ولا معنى له على القولين جميعا، وما أرى لفظة النصف إلا زلة وقعت له فثبتت (ج)، إذ حكاية اللخمي وابن بشير موافقة لحكاية المؤلف، ولله دره حيث قلد الجواهر فنقلها على حسب ما وجدها ولم يتفطن لها. انتهى. _______ (أ) - خ - (يتنبه). (ب) كلمة (قول) ساقطة في (ق). (ج) - ق - (فتثبت). ¬

_ (¬7) أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس المعروف بابن الحاجب. الإمام الفقيه الأصولي، المشارك في كثير من العلوم، ولذا ألف في كثير منها، أشهرها المختصران: الأصلي الموسوم بـ "منتهى السول والأمل، في علمي الأصول والجدل". والفرعي "جامع الأمهات في الفقه المالكي". ولقد أشرت -آنفا- إلى أهمية هذا الكتاب النفيس، الذي ليس له منافس، لذا اعتنى العلماء شرقا وغربا بشرحه، وقد أفاد منه المؤلف كثيرا (ت 646 هـ). انظر في ترجمته: وفيات الأعيان ج- 1 - ص: 314، الطالع السعيد ص: 188، خطط مبارك 8/ 62، غاية النهاية ج- 1 - ص: 508، مفتاح السعادة ج- 1 - ص: 117، الديباج ص: 189 - 191، شجرة النور ص: 167، الفكر السامي ج- 4 - ص: 65، دائرة المعارف الإسلامية ج 1 - ص: 126. (¬8) كذا في سائر النسخ، وفي شرح المنجور على المنهج المنتخب (حالا) ولعل أصل العبارة "ما لا تأمل له فيه".

وعلى هذا الأصل قول ابن الماجشون- في النكاح والبيع: يجعل الثمن للسلعة، فإن بقي ربع دينار صح النكاح عند قوم (¬9). ¬

_ (¬9) مرت في القاعدة (56): العقد هل يتعدد بتعدد المعقود عليه أم لا؟ - أنه لا يجتمع البيع والنكاح في عقد واحد، لأن أحدهما مبني على المكايسة، والآخر مبني على المكارمة. انظر ص: 269. وانظر بداية المجتهد ج- 2 - ص: 18 - 20.

(القاعدة الثانية والسبعون) الطول هل (أ) هو المال، أو وجود الحرة في العصمة؟

(القاعدة الثانية والسبعون) الطول هل (أ) هو المال، أو وجود الحرة في العصمة؟ (¬1) وعليه لو حلف ليتزوجن على زوجته، فتزوج أمَة في بره، قولان مبنيان على كون الحرة طولا، فلو تزوج غير كفء، فعلى تعارض اللفظ والقصد، (¬2) فإن لم يدخل، فعلى الأقل والأكثر، (¬3) وعلى أن النكاح هل هو حقيقة في العقد أم لا؟ (¬4). _______ (أ) ساقطة في (خ). ¬

_ (¬1) ابن الحاجب- اللوحة (76 - ب) "والطول قدر ما يتزوج به الحرة المسلمة، وقيل أو يشتري به أمة. وقال ابن حبيب: وقدرته على النفقة، وقيل أو وجود الحرة في عصمته ... وقيل الطول ما يتوصل به إلى دفع العنت .. " وانظر التوضيح ج- 2 - ورقة 10 - أ. (¬2) قال في التوضيح- لدى قول ابن الحاجب: "أو حلف ليتزوجن فيتزوج تزويجا فاسدا ... ج- 1 - ورقة (144 - ب): "فرع فإن تزوج عليها دنيئة ليست من نسائه، أو كتابية، فقال مالك لا يبر، وسهل في ذلك ابن القاسم، ورجع بعضهم قول ابن القاسم، لأن العادة في مثل هذا جارية بتزويج الدنيئة، وبأن المقصود نكاية المرأة الأولى وهو حاصل". انظر القاعدة (49) السابقة الذكر. (¬3) المقري- القاعدة (50) "اللفظ المحتمل إذا لم يقترن بالقصد هل يجمل على الأقل أو على الأكثر". وانظر التوضيح لدى قول ابن الحاجب: "وإن كان اللفظ شاملا لمتعدد محتملا لأقل أو أكثر حنث بالأقل، وبالبعض" ج- 1 ورقة (140 - أ). (¬4) انظر قواعد المقري- القاعدة (945) - اللوحة (48 - أ).

(القاعدة الثالثة والسبعون) المهر هل يتقرر جميعه بالعقد أم لا؟

(القاعدة الثالثة والسبعون) المهر هل يتقرر جميعه بالعقد أم لا؟ ثالثها يتقرر النصف، ثم يتكمل بالدخول أو الموت (¬1)، وعليه الخلاف في غلته، والخلاف في ضمانه إذا قامت البينة بعد الطلاق على تلفه، هل عليها غرم النصف (¬2) أولًا؟ (أ) والخلاف في نكاحه أمَة الصداق، وحده إذا وطئها قبل الدخول، وقطعه إذا سرق شورته قبله، والخلاف إذا استحق نصف ماشية بعينها بالطلاق في كونه كالخليط، أو كالفائدة (¬3)، ورجوع شهود الطلاق قبل البناء، هل يغرمون النصف أم لا؟ . _______ (أ) في الأصل (أولًا) بالتنوين وهو تصحيف. ¬

_ (¬1) ابن الحاجب- اللوحة (82 - ب) "ويتقرر بالوطء ولو كانت محرمة أو حائضا ... وللمرأة منع نفسها من الدخول ومن الوطء بعده، ومن السفر معه حتى تقبض ما وجب من صداقها ... ويتقرر كماله بوطء البالغ أو موت أحدهما". المقري- القاعدة (515) - اللوحة (35 - أ): "اختلف المالكية في تقرر المهر بالعقد، ثالثها يتقرر النصف، ثم يتكمل بالدخول أو بالموت" وإلى هذا القول الأخير يشير خليل بقوله: "وتقرر بوطء وإن حرم وموت ... " ص: 112. وانظر شرحي الحطاب والمواق ج 3 - ص: 506 - 507. (¬2) المقري: "وعليه الخلاف في غلته، وإذا قامت البينة بعد الطلاق على تلفه، فهل عليها غرم النصف أم لا؟ والمشهور لا يتقرر شيء والمنصور الجميع، ثم يتشطر بالطلاق". انظر القاعدة الآنفة الذكر. (¬3) أي فالفائدة تضم إلى ما قبلها بخلاف الخليط. ابن الحاجب "وفائدة الماشية بشراء، أو غيره إن صادفت نصابا قبلها ضمت إليه ... الخلطة في الصحيح، ولا يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة"، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان ويترادان بينهما بالسوية ... ". انظر التوضيح ج- 1 - ورقة (75 - أ).

تنبيه: لا خلاف أن على المرأة قبل البناء زكاة الفطر على رقيق الصداق وزكاة الشجر، والمعين من الماشية، وإن لم تقبضه، وزكاة العين إن (أ) قبضته، لأن ضمان هذه الأشياء إن هلكت قبل البناء منها، وله الدخول بها (ب) من غير شيء؛ كان الصداق بيدها أو بيده، ولها البيع والهبة والصدقة، والإعتاق- ما لم يزد (ج) على ثلث مالها، ولها غلته. والمنصوص أن لا شيء لها بالفسخ قبل البناء بملك أحدهما صاحبه، أوردته، ولا خلاف أن الضمان منهما بعد الطلاق فيما لا يغاب عليه إن كان بيد الزوج، وفي كون ضمانه منها أو منهما (د) إن كان بيدها قولان، وفي ضمان ما يغاب عليه إن قامت البينة -قولان لأشهب وابن القاسم- بناء على أن الضمان للتهمة أو للأصالة، واختلف ابن القاسم وعبد الملك في الرجوع عليها بالغلة بعد الطلاق خاصة. فابن القاسم يوجبه بناء على أنه بالطلاق تبين بقاء ملكه على نصفه، وعبد الملك لا يوجبه بناء على أنه رجع بعد أن ملكته (¬4). _______ (أ) - خ - (وإن). (ب) (من) ساقطة في (خ). (ج) - ق - (تزد). (د) - خ - (منهما ومنها). ¬

_ (¬4) خليل ص: 115: "وهل تملك بالعقد النصف فزيادته كنتاج وغلة ونقصانه لهما وعليهما أولًا خلاف". وانظر شرح المواق ج- 3/ 519. والزرقاني مع حاشية بناني ج- 4 ص: 28 - 29.

(القاعدة الرابعة والسبعون) الطوارئ هل تراعى أم لا؟ ثالثها تراعى القريبة فقط

(القاعدة الرابعة والسبعون) الطوارئ هل تراعى أم لا؟ ثالثها تراعى القريبة فقط (¬1) وعليه توقع عدم المناجزة في اجتماع البيع والصرف محاذرة (أ) الاستحقاق الناقض للصرف لا للبيع، (¬2) واقتضاء المحمولة من السمراء لارتفاعها في وقت الزراعة، وإبدال الناقص الرديء بالكامل الجيد لنفاقه في بعض البلاد ورخائه في بعض الأزمان؟ (¬3) وتزويج العبد ابنة سيده، كرهه مالك _______ (أ) - خ - (بحاذرة). ¬

_ (¬1) المقري- القاعدة (597) - اللوحة (39 - ب): "اختلفوا في مراعاة الطوارئ ثالثها تراعى القريبة فقط". (¬2) جعل المقري لهذه المسألة وأشباهها قاعدة خاصة فقال: "قاعدة اختلفوا في كون توقع عدم المناجزة لتحققه أم لا؟ كالبيع والصرف محاذرة الاستحقاق الناقض للصرف لا للبيع" قال: وهو على مراعاة الطوارئ البعيدة أيضًا. (¬3) ذكر المقري هذه المسألة ضمن قاعدة ثالثة في هذا الباب (898) اللوحة (56 - ب): "من أصول المالكية في المراطلة والمبادلة والاقتضاء ونحوها، أنه كلما دار الفضل في الحال من الطرفين امتنعت، وفي اعتبار المال قولان، كاقتضاء المحمولة من السمراء لارتفاعها في وقت الزراعة، وإبدال الناقص الردئ بالكامل الجيد لنفاقه في بعض البلاد، ورخائه في بعض الأزمان". وقد أدمج المؤلف هذه القواعد في قاعدة (الطوارئ هل تراعى أولًا؟ ) وأدرج فيها سائر أمثلتها.

خشية أن ترثه فيؤول الأمر إلى فسخ النكاح، بخلاف الابن أمة (أ) أبيه لبقاء الوطء له. ورد بأن النكاح يفسخ والشركة تمنع -قال ابن محرز (¬4): وإنما تعليل الكراهة في الإبنة لأنه (ب) ليس من مكارم الأخلاق، (¬5) وقد يشق عليها، كما كره الفارهة للوغد، (¬6) وكره من جهة الدناءة أن يزوج أم ولده، والمختارة نفسها على الشاذ، لأنه قد يعتق. والمرتد لأنه قد يتوب، ولم يعتبره في المشهور لأنه من بعيد الطواريء. _______ (أ) - خ- زيادة (في) أمة. (ب) - خ - (أنه). ¬

_ (¬4) أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن محرز القيرواني، فقيه محدث، رحل إلى المشرق فسمع من شيوخ جلة (ت 450 هـ). له تصانيف حسنة منها: تعليق على المدونة سماه "التبصرة" وكتاب كبير أسماه "القصد والإيجاز". انظر شجرة النور الزكية ص: 110. (¬5) وفي الحديث: "بعثت لأتمم حسن الأخلاق" -رواه مالك في الموطأ- باب حسن الخلق رقم 1634 ص: 651 - طبع دار النفائس. (¬6) المقري - القاعدة (599) - اللوحة (39 - ب): "توخى القيم: الرفق بمن تحت أمره، وتجنب ما يشق عليه مما له مندوحة من فعله، فمن ثم كره للولي أن يزوج وليته من الذميم والشيخ الكبير، وطلب منه تحصيل الكفاءة، ومن المالك الرفق بالمملوك؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته- الحديث ... ".

(القاعدة الخامسة والسبعون) اشتراط ما يوجب الحكم خلافه مما لا يقتضي فسادا هل يعتبر أم لا؟

(القاعدة الخامسة والسبعون) اشتراط ما يوجب الحكم خلافه مما لا يقتضي فسادا هل يعتبر أم لا؟ (¬1) وعليه اشتراط الرجعة في الخلع، فقيل بائن للعوض، وقيل رجعية للشرط؛ (¬2) ومن اشترط أن لا رجوع له في الوصية، (¬3) ومن اشترط الاعتصار في الصدقة أو التزم عدمه في الهبة، ومن اشترط الضمان فيما لا يغاب عليه من العواري ¬

_ (¬1) المقري- القاعدة (710) - اللوحة (47 - أ): "اشتراط ما يوجب الحكم خلافه، هل يعتبر أو لا؟ - اختلفوا فيه ... ". (¬2) المقري- اللوحة (47 - أ): "كمن اشترط الرجعة في الخلع، فقيل بائن للعوض، وقيل رجعية للشرط- ولم يرجع أي القولين. (¬3) قال أبو إسحاق التونسي: لو قال في الوصية: لا رجوع لي فيها، أو فهم عنه إيجاب ذلك على نفسه، لكانت كالتدبير ولم يكن له رجوع عن ذلك، وعلى هذا القول اقتصر ابن الحاجب، وابن سلمون، ونقل عن ابن عرفة أنه قال في مختصر "الحوفية": فلو التزم لزمه على الأصح، وفي مختصره الفقهي: فلو التزم عدم الرجوع ففي لزومه خلاق بين متأخري فقهاء تونس. انظر شرحي المواق والحطاب لدى قول خليل: "وبرجوع فيها وإن بمرض" ج- 6/ 369. وانظر الزرقاني مع حاشية بناني ج- 8 - ص: 180، ويأتي للمؤلف أن التزام ما يخالف سنة العقود شرعا من ضمان وعدمه ساقط على المشهور.

والرهان، ونفيه فيما يغاب عليه منهما؛ ومن اشترط الضمان في الوديعة والقراض والمستأجر، ومن اشترط أن لا قيام بجائحة. (تنبيه): نص الفقهاء -رضي الله عنهم- على أن التزام ما يخالف سنة العقود شرعا من ضمان أو عدمه ساقط على المشهور وكالوديعة على الضمان، والاكتراء كذلك. وحمل القاضي محمد بن يبقى بن زرب (¬4) -رحمه الله- ما قالوه على ما إذا كان الالتزام عند العقد حتى يكون ذلك على الوجه المناقض للشرع فيجب حينئذ أن يبقى الحكم تابعا للمشروع. قال ابن زرب: فلو تبرع بالضمان وطاع به بعد تمام الاكتراء، لجاز (أ) ذلك. قيل له فيجب على هذا القول الضمان في مال القراض إذا طاع به قابضه بالتزام الضمان. فقال إذا التزم الضمان طائعا بعد أن شرع في العمل فما يبعد (ب) أن يلزمه. _______ (أ) - خ - (لحاز) بالحاء المهملة. (ب) - خ - (بعيد). ¬

_ (¬4) أبو بكر محمد بن يبقى بن زرب القرطبي، قاضي الجماعة، وأحفظ أهل زمانه لمذهب مالك، لذا قيل له: "لو رآك ابن القاسم لأعجب بك". له كتاب الخصال في فقه مالك مشهور، عارض به كتاب "الخصال" لابن كائس الحنفي، وهو في غاية الإتقان والدقة (ت 381). انظر في ترجمته: ترتيب المدارك ج - 4/ 631. جذوة المقتبس ص: 93. تاريخ قضاة الأندلس. المرقبة العليا ص: 77. فهرسة ابن خير ص: 246. المغرب في حلى المغرب 1/ 209. الديباج ص: 268. شجرة النور ص: 100.

ونقل ابن عتاب (¬5) عن شيخه أبي المطرف بن بشير أنه أملى عقدا بدفع الوصي مال السفيه (أ) قراضا إلى رجل على جزء معلوم، وإن العامل طاع بالتزام ضمان المال وغرمه. وصحح ابن عتاب مذهبه في ذلك، ونصره بحجج بسطها، وأدلة قررها، ومسائل استدل بها، وقال بقوله فيها، واعترض غيره من الشيوخ ذلك وأنكره، وقال: التزامه غير جائز، وفي سماع ابن القاسم ما يشهد لصحة الاعتراض على ابن بشر، وفي رسم الجواب من سماع ابن القاسم ما يؤيد صحة قوله. انظر أحكام ابن سهل (¬6). _______ أ) - خ - (للسفيه). ¬

_ (¬5) أبو عبد الله محمد بن عتاب القرطبي شيخ المفتين، وإمام المحققين في عصره، صحب القاضي ابن بشير أزيد من اثني عشر عاما، وكتب له في مدة قضائه، له فهرسة. تتلمذ له ابن سهل صاحب الأحكام وغيره (ت 462 هـ). انظر ترتيب المدارك 4/ 810. الديباج ص: 274. شجرة النور ص: 119. (¬6) انظر مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم (ق 68) ورقة (58 - ب) ج - 1.

(القاعدة السادسة والسبعون) اشتراط ما يفيد هل يجب الوفاء به أم لا؟

(القاعدة السادسة والسبعون) اشتراط ما يفيد هل يجب الوفاء به أم لا؟ (¬1) وعليه لو وكله على البيع بعشرة فباع باثني عشر، أو قال بع نسيئة فباع نقدا، هل له الرد أم لا؟ والحق أن لا رد للعادة، إلا أن يتبين غرض في النسيئة؛ (¬2) ومن خالعته على ثلاث فطلق واحدة، والمذهب أن لا كلام لها. وصحح ابن بشير تخريج اللخمي الخلاف على القاعدة، (¬3) واختار بعضهم (¬4) أنه شرط يفيد تقية غلبة الشفاعة لها في مراجعته على كراهة منها (¬5)، وتعيين الدنانير والدراهم بالتعيين (¬6) واشتراط المتحمل له على حميل الوجه أن يحضر له غريمه ببلد سماه، ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (877) - اللوحة (55 - ب): "اختلفوا في الوفاء بشرط ما لا يفيد". (¬2) المقري - في القاعدة السالفة الذكر - اللوحة (55 - ب): ومما بينى عليه، إذا وكله على البيع بعشرة، فباع باثنى عشر، أو قال بع بنسيئة فباع نقدا، هل له الرد أو لا، والحق أن لا رد للعادة، إلا أن يتبين غرض النسيئة". (¬3) هي نفس عبارة المقري أيضًا. انظر اللوحة (55 - ب). (¬4) يعني بهذا البعض المقري وابن عبد السلام -كما صرح بذلك المنجور في شرحه على المنهج المنتخب. (¬5) وعلل ابن الحاجب لزوم الخلع بأن مقصودها قد حصل -يعني البينونة. انظر مختصره - اللوحة (86 - ب). (¬6) أي من شرط عليه نقد بعينه، هل له أن يعطي غير المعين أم لا؟ قال المقري - اللوحة (55 - أ): "قاعدة اختلفوا في اعتبار شرط ما لا يفيد، ومما بينى عليه تعيين الدنانير والدراهم بالتعيين أو الدفع". انظره.

فأحضره بغيره من البلاد مما تأخذه فيه الأحكام، ولا مضرة تلحق المحتمل له في أخذه هناك (¬7). واشتراط المكري داره على المكتري أن لا يسكن داره إلا بعدد معلوم فأراد المكتري الزيادة في العدد، فهل يمكن من ذلك إذا لم يلحق صاحب الدار منه ضرر أم لا؟ ، واشتراط المتحمل له على الحميل إحضار الغريم ببلد تأخذه فيه الأحكام فخرب ذلك البلد وصار مما لا تجري فيه الأحكام، فأحضر الحميل الغريم في البلد، هل يبرأ الحميل، لأنه وفي بما اشترط له (أ) عليه، أو لا يبرأ - لأن المقصود حين الاشتراط التمكن من أخذ الحق من الغريم. وإذا صار البلد المشترط لا تجرى فيه الأحكام بطل المقصود بالحمالة، فلا تسقط (¬8)، وإذا أراد من أسلم إليه في _______ (أ) (له) ساقط في (خ). ¬

_ (¬7) خليل ص: (197): "وبغير مجلس الحاكم أن لم يشترط وبغير بلده - أن كان به حاكم". الحطاب ج - 5/ 115 (ولعل المصنف رجع هذا القول لقول المازري أنه يلاحظ فيه مسألة الشروط التي لا تفيد، وكونه قد يفيد في بعض الصور - كما ذكر ابن عبد السلام لا يمنع ذلك لأن الصورة النادرة لا تراعى. والمعنى أنه إذا اشترط الطالب على الحميل أن يحضر له المديان ببلده فأحضره في غيره، فإنه يبرأ - إذا كان الموضع الذي أحضره فيه تأخذه ليه الأحكام. وانظر الزرقاني مع حاشية بناني ج - 6 - ص: 37. (¬8) وخلاصة حكم المسألة أن الشرط لا بد من تنفيذه، وأن الضامن لا تبرأ ذمته إلا بإحضار الغريم إلى البلد المشترط، أن كان لا زال تبرى فيه الأحكام، وأما أن خرب، فسلم الضامن الغريم لصاحب الحق في البلد المخرب، فهل يبرأ بذلك أم لا؟ قولان - حسبما ورد في التوضيح نقلا عن صاحب الكافي، ومبنى القولين، هل المراعي اللفظ أو القصد؟ وانظر المدونة ج - 5 - ص: 254.

ثمر (أ) حائط بعينه، أو نسل حيوان بعينه أن يعطي الثمر (ب) والنسل من غيرهما على الصفة، وإذا باع على حميل بعينه غائب فلم يرض الحميل، ورضى المشتري أن يأتي بحميل مثل الأول، هل يلزم البائع قبوله إذا كان مثله في الثقة والوفاء وقلة اللدد، أو لا؟ وإذا باع على رهن بعينه غائب فهلك الرهن في غيبته، فهل للمبتاع أن يأتي برهن سواه ويلزمه البائع أم لا؟ (ج) والمشهور ومذهب (د) المدونة فيهما (¬9) أن لا، وهما على القاعدة. ومن اشترى عبدًا أميا فألفاه كاتبا، أو جاهلا فألفاه عالما، أو أمة على أنها ثيب فألفاها بكرا، أو أنها نصرانية فوجدها (هـ) مسلمة؛ قال الإمام أبو عبد الله المازري -رحمه الله- إلا أن يعتل المشتري بأنه إنما اشترط كونها نصرانية لكونه أراد أن يزوج عبدا له نصرانيا منها، فإن هذا إذا علم منه صحة عذره كان له الرد، وكذلك إن اعتذر أنه سبقت منه يمين أن لا يملك مسلمة (¬10). _______ (أ) - ق - (تمر). (ب) - ق - (التمر). (ج) - ق - (البيع أو لا؟ ). (د) - خ - (مذهب) بدون واو العطف. هـ - خ - (أولًا) وهو تصحيف (هـ) - (فألفاها). ¬

_ (¬9) انظر المدونة ج - 4 - ص: 163. (¬10) انظر شرحي المواق والحطاب لدى قول خليل: "كثيب بيمين فيجدها بكرا" ج - 4 - 427. والزرقاني مع حاشية بناني ج - 5 - ص: 167.

(تنبيه) قيل للشيخ أبي بكر بن عبد الرحمن (¬11) إن النصرانية عند أهل صقلية أغلى ثمنا من المسلمة، فقال: إذا اشترط كونها نصرانية فوجدها مسلمة - والأمر كذلك عندهم - فإن له الرد. وأنا استعظم أن أجعل الإسلام عيبا. ¬

_ (¬11) أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الخولاني القيروانى، شيخ الفقهاء في وقته، حافظا متقنا، انتهت إليه الرئاسة في الفقه بالمغرب - مع صاحبه أبي عمران الفاسي. كان أصحابه نحو المائة والعشرين كلهم يقتدى به وتفقهوا عليه (ت 432 هـ). انظر الديباج ص: 39. وشجرة النور ص: 107.

(القاعدة السابعة والسبعون) البتة هل تتبغض أم لا؟

(القاعدة السابعة والسبعون) البتة هل تتبغض أم لا؟ (¬1) وعليه صحة الاستثناء، واختلاف الحكمين إذا قضى أحدهما بواحدة، والآخر بالبتة، هل تلزمه واحدة أولًا؟ (أ)، وإذا شهد واحد بواحدة وآخر بالبتة، هل تلزمه واحدة ويحلف على البتات، أو يحلف على تكذيب كل واحد منهما، ولا يلزمه شيء قولان - على الأصل والقاعدة (ب). _______ (أ) (ق) (الواحدة أم لا؟ ) (ب) في نسخة (خ) زيادة "والقيمة هل هي بيع أم لا؟ وعليه تقويم طعام من بيع، وجواز أخذ العوض في اختلاط الأضاحي بعد الذبح أو جزئها". وهي قاعدة خاصة ولم أثبت هذه الزيادة في الصلب، لأنها غير موجودة في نظم ولده. ¬

_ (¬1) ابن الحاجب "وكذلك البتة، على الأصح، بناء على أنها تتبعض أو لا؟ ... ". قال في التوضيح ج - 2 - ورقة (135 - ب): يعني أن الأصح أن البتة مرادفة للثلاث، فإذا قال: أنت طالق البتة الإثنتين إلا واحدة طلقت اثنتين، وبه قال أشهب، وسحنون وقال سحنون أيضًا، لا يصح الاستثناء منها ويلزمه الثلاث.

(القاعدة الثامنة والسبعون) النظر إلى الجزاف هل هو قبض أم لا؟

(القاعدة الثامنة والسبعون) النظر إلى الجزاف (¬1) هل هو قبض أم لا؟ وعليه في بيعه قبل قبضه قولان. (القاعدة التاسعة والسبعون) بيع الخيار هل هو منحل أو منبرم (¬2)؟ فعلى الأول يصح النكاح والصرف، إذ لا عقد يخاف من جريان الأحكام فيه، وعلى الثاني فلا، إذ لا تجرى فيه أحكام النكاح من الموارثة ونحوها، ويكون متراخيا في الصرف. وعليه لو باع المسلم عبده الكافر من كافر على أن الخيار ¬

_ (¬1) الجزاف مثلث الجيم، فارسي معرب، وهو بيع الشيء بلا كيل ولا وزن ولا عدد. ابن عرفة بيع الجزاف، بيع ما يمكن، علم قدره دون أن يعلم، والأصل منعه، وخفف فيما شق علمه، أو قل جهله. خليل ص: 157 "وجزاف إن رئ) - انظر شرحي الحطاب والمواق ج - 4 ص 285 - 286. والزرقاني مع حاشية بناني ج - 5 ص: 31 - 32. (¬2) المقري - القاعدة (582) اللوحة (38 - أ) "اختلف المالكية في عقود الخيار، أهي منحلة حتى تنعقد، وإنما ملك من ملكه ربط العقد، فيصح في النكاح والصرف إذ لا عقد يخاف من جريان الأحكام فيه أو تراخى القبض أو منعقدة حتى تنحل، وإنما ملك من هوله نقضه، فلا يصح فيهما، إذ لا تجرى فيه أحكام النكاح من الموارثة ونحوها أو يكون متراخيا ...

للبائع، ثم أسلم العبد في مدة الخيار هل يجوز للمسلم امضاء البيع أم لا؟ قولان، بناء على أنه منبرم فيجور أو منحل فلا يجور لأنه كابتداء بيع. وعليه إذا اشترى أباه بالخيار له، هل يعتق عليه، وهو قول أصبغ وابن حبيب عمن رضي أولًا؟ - وهو مذهب المدونة قولان. (تنبيه): اتفقوا على أن ما حدث في أيام الخيار من غلة، كلبن وبيض وثمرة (أ) ونحو ذلك للبائع، (¬3) كما اتفقوا على أَن الضمان منه، (¬4) والنفقة وصدقة الفطر عليه، وكذلك اتفقوا على أن لا شفعة في الخيار إلا بعد الإمضاء. ابن عبد السلام: ولا فرق على المذهب في الخيار بين أن يكون للبائع أو للمشتري أو أجنبي، وخالف جماعة إذا كان الخيار لغير البائع (ب). _______ (أ) - خ - (وتمرة) بالتاء. (ب) - خ - (للبائع). ¬

_ (¬3) ابن الحاجب "والغلة للبائع إذ الخراج بالضمان" والأصل في ذلك ما رواه الترمذي وصححه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "الخراج بالضمان". قال في التوضيح ج - 2 - ورقة (338 - ب) "والضمان من البائع اتفاقا". (¬4) المرجع السابق.

(القاعدة الثمانون) الخيار الحكمي هل هو كالشرطي أم لا؟ (1)

(القاعدة الثمانون) الخيار الحكمي هل هو كالشرطي أم لا؟ (1) وعليه العبد والمحجور يتزوجان بغير إذن الحاجز ثم يجيز ومسألة الصرف في الخلخالين يباعان بعين ثم يستحقان، للمستحق إمضاء البيع ما لم يفترق المتبايعان (2). وقال أشهب: القياس؛ الفسخ، وإن تفرقا فللمستحق الإمضاء - إن قلنا بانبرام عقد الخيار وإن قلنا بانحلاله لم يكن له الإمضاء، وهكذا يجري (أ) الأمر في اشتراط حضور الخلخالين. قال ابن محرز إن كانت الإجازة كابتداء بيع، اشترط رضي المشتري، وإن كان ذلك تتميما لما تقدم، لم يشترط حضور الخلخالين، فالمسألة معترضة. _______ (أ) - خ - (يجزى) بالزاى وهو تصحيف واضح. _______ (1) المقري - القاعدة (583) - اللوحة (38 - ب): "اختلفوا في كون الخيار الحكمي كالشرطي أولًا؟ فإذا كان في النكاح خيار بسبب سابق على العقد، فالمشهور أنه يفسخ بطلاق، بناء على النفي، أو على أن الخيار منعقد، والشاذ بغير طلاق، بناء على أنه منحل، والمشهور أن للسيد إمضاء نكاح العبد بناء عليهما أيضًا، وكيل لا، لأنه منحل؛ بخلاف الأمة على المشهور لحق الله عزَّ وجلَّ، ومن ثم قيل: إن ولت غيرها فله الإجازة. (2) المرجع السابق.

قال ابن بشير: العذر عن حضور الخلخالين عد الإمضاء كالابتداء وعن عدم اشتراط رضي المشتري عد المصرف (أ) كالوكيل على الصرف، إذ لا مضرة على المشتري في الإمضاء لدخوله على ذلك (¬3). (تنبيه): ناقض اللخمي والمازري، وأبو الطاهر (¬4) قول أشهب في مسألة الخلخالين بقوله في العبد يتزوج حرة (ب) بغير إذن سيده أو المحجور (ج) بغير إذن وليه، ويدخل بها ثم _______ (أ) الأصل (المعرف) - ق - (المشتري) - خ - المصرف ولعلها الصواب. (ب) ساقطة في (خ). (ج) - خ - (والمحجور). ¬

_ (¬3) هي نفس عبارة المقري في القاعدة (919) اللوحة (56 - أ) هكذا يجري الأمر في اشتراط حضور الخلخالين، قال ابن محرز ... لدخوله على ذلك، قال: (قلت) هذه قاعدة عامة -أعني الإجازة، والامضاء، هل هما تنفيذ أو ابتداء. كإجازة الورثة وصية الوارث، أو الزائد على الثلث - قبل تنفيذه فلا يفتقر إلى قبض، وقيل ابتداء عطية ليفتقر إلى القبض. وقاعدة إجازة الورثة ستأتي للمؤلف. (¬4) لعله أبو الطاهر إسماعيل بن بكر بن إسماعيل بن عيسى بن عوف، الإمام صدر الإسلام، كان إمام عصره في الفقه على مذهب مالك، وعليه مدار الفتيا، مع الورع والزهد، وبيته بالأسكندرية بيت شهير بالعلم والفضل. وأبو الطاهر هذا ربيب أبي بكر الطرطوشي الأندلسي - نزيل الأسكندرية، روى عنه وبه تفقه. رحل صلاح الدين الأيوبي إلى السماع عليه فسمع منه الموطأ وكان عنده أصل بسماع الرشيد على مالك وهو من الأصول العزيزة الوجود، البعيدة المنال. ألف أبو الطاهر مؤلفات منها: التذكرة في أصول الدين انتفع الناس به (ت 581 هـ). انظر الديباج ص: 95. شجرة النور ص: 144.

توجد تزني - أن رجمها موقوف على إجازة السيد والولي - النكاح، فإن أجازه كانت محصنة ورجمت، وإن لم يجزه، لم ترجم، وحدت حد البكر. وأجاب الشيخ أبو الطاهر عن أشهب بما معناه، أن المناجزة المطلوبة في باب الصرف أضيق منها في باب النكاح، فلذا جعل الخيار الحكمي في الصرف: كالشرطي لضيقه (أ) بخلاف النكاح. وأجاب الشيخ الفقيه القاضي العلامة المحصل الأدرى: أبو عبد الله محمد بن محمد بن عقاب الجذامي التونسي (¬5) - رحمه الله ورضي عنه وأرضاه - ومن خطه نقلت - لما سأله الجواب عن المناقضة المذكورة، وعن عدة مسائل شيخ شيوخنا الشيخ الفقيه المحصل الحافظ: أبو الربيع سليمان بن الحسن البوزيدي (¬6) تغمده الله (ب) برضوانه: بأن إجازة _______ (أ) - خ - (يضيقه). (ب) - خ - (تغمده برضوانه). ¬

_ (¬5) قاضي الجماعة بها، وإمامها وخطيبها بجامعها الأعظم، ذكره القلصادي في رحلته فقال في شأنه: "شيخنا وبركتنا أوحد زمانه، العديم النظراء في عصره وأوانه؛ الفقيه المحدث الأستاذ المقرئ، الإمام القاضي العدل، قال: كان إماما في الفقه والأصلين، تتلمذ له كثيرون، وله أجوبة مفيدة، أطال الثناء عليها الإمام القلصادي (ت 851 هـ). انظر نيل الابتهاج ص: 308 - 309. (¬6) الشريف التلمساني، قال فيه أبو البركات: شيخنا الفقيه المحقق، كان قائما على المدونة وابن الحاجب، مستحضرا لفقه ابن عبد السلام، وأبحاثه بين عينيه (ت 854 هـ). انظر نيل الابتهاج ص: 121، ولقط الفرائد ص: 252. وشجرة النور ص: 246.

السيد نكاح العبد من باب رفع المانع لحصول المقتضى - وهو أركان (أ) النكاح بجملتها، وإنما بقي إذن السيد - وعدم إذنه مانع. وأما إجازة المستحق فهي من باب المقتضى، لأن أحد العاقدين - وهو المالك للخلخالين - مفقود من العقد الأول، والعاقد غير المالك للخالين مفقود من العقد الأول والعاقد غير المالك، فلم تكمل أركان البيع، فهو من باب عدم بمقتضى؛ وقد علمت أن وجود المانع مع قيام المقتضى أخف من فقدان المقتضى؛ فلذلك ضعف الخيار في الأول فلم يتنزل منزلة الشرطي، وقوى في الثاني فتنزل منزلة الشرطي - والله أعلم. قال المؤلف -غفر الله له -: وجرى بيني وبين من نحا منحى ابن بشير في الجواب من أعيان الفقهاء نزاع كبير، وبحث أثير، يضيق هذا الملخص عن حمل سطوره، وضيم منثوره، ولعلنا نثبته في غير هذا التقييد - إن شاء الله تعالى. _______ (أ) - ق - (أن كان).

(القاعدة الواحدة والثمانون) إجازة الورثة هل هو تقرير أو إنشاء عطية

(القاعدة الواحدة والثمانون) إجازة الورثة هل هو (¬1) تقرير أو إنشاء عطية (¬2) فيه خلاف؛ وعليه إجازة الورثة الوصية للوارث، أو الزائد على الثلث، فعلى التنفيذ لا يفتقر إلى قبض، وعلى أنه ابتداء عطية فيفتقر إلى القبض قبل الحجر (¬3)، وهي قاعدة المترقبات إذا وقعت، هل يقدر وقوعها يوم الأسباب التي اقتضت أحكامها - وإن تأخرت الأحكام عنها - أم لا؟ (¬4) وعليها بيع الخيار إذا أمضى (أ) -كما مر تقريره (¬5). _______ (أ) - خ - (مضى). ¬

_ (¬1) كذا في سائر النسخ، وفي قواعد المقري - اللوحة (72 - ب): إجازة الورثة - أهي تنفيذ أم ابتداء عطية؟ . ومثله لولد المؤلف في نظمه: الإجازة هل هي تقرير أو إنشاء عطية - ورقة (207) مخطوط الخزانة العامة بتطوان - ضمن مجموع رقم 542 ومهما يكن، فمثل هذا التركيب يجوز فيه الوجهان: التذكير والتأنيث. (¬2) المقري القاعدة (1174) - اللوحة (72 - ب): "اختلف المالكية في إجازة الورثة، أهي تنفيذ أم ابتداء عطية .. ؟ . وأصل العبارة لابن الحاجب - في مختصره الفقهي - اللوحة (179 - أ). (¬3) ابن الحاجب - اللوحة (179 - أ): "وتقف على إجازة الورثة كزائد الثلث لغيره، وفي كونه بالإجازة تنفيذا أو ابتداء عطية منهم قولان". (¬4) انظر القاعدة (32) ص: 219 من هذا الكتاب. (¬5) انظر القاعدة (79) ص: 314 من هذا الكتاب.

(تنبيه): نص أبو عمران (¬6) على أن للغرماء منع المفلس من إجازة الوصية للوارث، وبأكثر من الثلث، (¬7) ولم يحك فيه خلافًا وهو بين على القول بأن الإجاز إنشاء عطية - وهو المشهور (¬8) والجاري على أنه تقرر أن لا يمنعوه - والله أعلم. ¬

_ (¬6) تقدمت ترجمته، انظر ص: 82 رقم: 3. (¬7) الموطأ ص: 543: "السنة الثابتة عندنا التي لا اختلاف فيها أنه لا تجوز وصية لوارث، إلا أن يجيز له ذلك ورثة الميت". (¬8) خليل ص: (268): "وبطلت بردة وإيصاء بمعصية، ولوارث كغيره بزائد الثلث". وانظر شرحي المواق والحطاب 6/ 368. والزرقاني مع حاشية بناني ج - 8 - ص: 179.

(القاعدة الثانية والثمانون) من الأصول: المعاملة بنقيض المقصود الفاسد

(القاعدة الثانية والثمانون) من الأصول: المعاملة بنقيض المقصود الفاسد (¬1) وعليه حرمان القاتل عمدا من الميراث، وتوريث المبتوتة في المرض المخوف، وجبر الثيب بالزنى إذا قصدت به رفع الإجبار، (¬2) وابتياع الزوجة زوجها قاصدة حل النكاح، (¬3) وقاصدة الإحناث على قول أشهب، (¬4) والوصية للوارث وبأكثر من الثلث (¬5) وقاصد الإفاتة في البيع الفاسد بالبيع الصحيح على طريق عياض لا اللخمي، (¬6) وقاصد الفساد في البيع ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (638) - اللوحة (41 - ب): "من أعمول المالكية المعاملة بنقيض المقصود الفاسد". (¬2) المقري - اللوحة (41 - ب): " .. كحرمان القاتل من الميراث، وتوريث المبتوثة في المرض المخوف، قال بعضهم: إنما تجبر الثيب بالزنى إذا قصدت بذلك رفع الإجبار .. ". (¬3) انظر التوضيح ج - 2 - ورقة 18 - ب. (¬4) أي فيمن حلف على زوجه بالطلاق أن لا تخرج فخرجت قاصدة تحنيثة، فلا يحنث عند أشهب، والمشهور الحنث. انظر المواق لدى قول خليل: "أو أحنثته فيه" ج 4/ 28. (¬5) مرت هذه المسألة في القاعدة السابقة قبل هذه. انظر ص: 320. (¬6) انظر شرحي المواق والحطاب لدى قول خليل: "لا أن قصد بالبيع الإقالة" ج - 4 ص: 387 - 388.

الصحيح كمن اشترى قصيلا (¬7) فاستغلاه (أ) فأبى البائع من الإقالة فتركه حتى تحبب على رأي ابن يونس (¬8): ومن هرب برأس المال فيتأخر (ب) (¬9)، ومن أقال في السلم فهرب قبل قبض رأس مال السلم قاصدا فسخ الإقالة، (¬10) ومن أبدل ماشية فرارا من الزكاة، (¬11) ومن ارتحل من البلدة التي وجبت فيها الدية على الجاني قبل فرضها - فرارا منها، فإنه يلحقه حكمها حيثما - كان عند ابن القاسم وغيره. _______ (أ) - ق - فاستقاله ولعلها الصواب. (ب) - ق - (ليتأخر وفي - خ - (فتأخر). ¬

_ (¬7) انظر المواق لدى قول خليل: "وخلفة القصيل" ج -4/ 496. وانظر الزرقاني مع حاشية بناني ج - 5 ص: 183 - 184. (¬8) أبو بكر محمد بن عبد الله بن يونس التميمي الصقلي، الإمام الحافظ، الفقيه الفرضي أحد أئمة الترجيح في المذهب المالكي؛ لازم الجهاد على الثغور، وكان موصوفا بالشجاعة وكامل النجدة؛ ألف في الفرائض، وله كتاب حافل على المدونة، أضاف إليها غيرها من الأمهات، لذا سماه "الجامع" عليه اعتماد الفقهاء ... (ت 451 هـ). انظر ترتيب المدارك 4/ 800. الديباج ص: 274. شجرة النور ص: 111. (¬9) وإذا كان رأس مال السلم عرضا أو طعاما أو حيوانا بعينه فتأخر قبضه الأيام الكثيرة أو الشهر، أو إلى أجل، وإن كان ذلك بشرط، فسد البيع، وإن لم يكن بشرط - وكان ذلك هروبا من أحدهما فالبيع نافذ مع كراهة مالك لهما في ذلك التأخير البعيد بغير شرط ... انظر الحطاب ج -4/ 516. (¬10) المرجع السابق ج - 4/ 488. (¬11) ابن الحاجب - اللوحة (37 - أ): "ومن أبدل ماشية فرارا من الزكاة لم تسقط الزكاة اتفاقا، ويؤخذ بزكاتها، وقال ابن شعبان بزكاة ثمنها". قال في التوضيح ج - أ - ورقة (74 - ب): "معاملة له بنقيض قصده".

وإذا اشترى قوم قلادة ذهب على النقد وفيها لؤلؤ (أ) فلم (ب) ينقدوا حتى فصلت وتقاوموا اللؤلؤ وباعوا الذهب، فلما وضعوا أرادوا نقض البيع لتأخير النقد. قال ابن المواز (¬12) عن ابن القاسم: لا يفسد ذلك لأنه باع على النقد، ولم يرض بتأخيرهم، إنما هو رجل مغلوب، وجودها سحنون. ومن تصدق عليه بصدقة فقام بطلبها فمنعه المتصدق من قبضها فخاصمه فيها فلم يقبضها حتى مات المتصدق أو فلس، فإنه يقضى لربها بعد الفلس والموت إذا أثبتها بالبينة المرضية، (¬13) وسارق النصاب في كرات (ج) وهو يقدر على إخراجه من الحرز في دفعة واحدة (¬14)، والتي ترتد معتزية (د) (¬15) فسخ ¬

_ (أ) - خ - (اللؤلؤ). (ب) في (خ) (ولم). (ج) - خ - (مرات). (د) - خ - (معزية) وفي الأصل (مغتزية) والصواب ما في نسخة (ق) (معتزية).

النكاح في رواية علي، (¬16) وبه أفتى الحوفي (¬17) حين نزلت ببجاية، وبه قال يحيي بن يحيي (¬18) في نقل ابن كوثر (¬19) عنه، ونصه: وإذا تنصرت المرأة راجية بذلك فراق زوجها لكراهتها فيه، ضربت ضربا وجيعا، ثم ردت إليه - أحبت أو كرهت، وإنما تفارقه وتملك نفسها إذا ارتدت كراهية في الإسلام، وحرصا على الدين الذي دخلت فيه، فلما استتيبت رجعت إلى الإسلام، فحينئذ يكون زوجها خاطبا من الخطاب، وتفعل في نفسها ما شاءت، وتأخذ صداقها كله عند محله - إذا ¬

_ (¬16) لعله يعني به علي بن زياد التونسي من الطبقة الأولى من أصحاب مالك من أهل تونس ثقة خيار متعبد، بارع الفقه، وهو معلم سحنون في الفقه، وكان سحنون لا يقدم عليه أحدا من أهل عصره، وكان علماء القيروان إذا اختلفوا في مسألة ما التجأوا إليه (ت 183 هـ). انظر في ترجمته: المدارك ج - 1/ 325. والديباج ص: 192. وشجرة النور ص: 60. (¬17) أبو القاسم أحمد بن محمد بن خلف الحوفي إشبيلي، كان من بيت علم وعدالة، فقيها حافظا مستحضرا لمسائل الفقه، استقضى على إشبيلية مرتين، وكان مثال العدل والنزاهة، له تعاليق في الفرائض كبير ووسط، وصغير - كلها في غاية الجودة (ت 588 هـ). الديباج ص: 53. شجرة النور ص: 159. الفكر السامي 4/ 62. (¬18) أبو محمد يحيي بن يحيي الليثي المصمودي - من مصمودة طنجة - سمع مالكا، والليث وابن وهب، وكان لقاؤه لمالك سنة 79 هـ وهي السنة التي توفي فيها مالك، ثم عاد فحج ولقي جلة أصهحاب مالك، وتفقه على ابن القاسم، انتهت إليه رئاسة العلم بالأندلس، وبيحيي الليثي انتشار مذهب مالك في ربوع المغرب (ت 234 هـ). انظر في ترجمته: ترتيب المدارك ج - 2 ص: 534. الانتقاء ص: 57 - 58 طبقات الشيرازي ص: 52 - 53. الديباج ص: 350. شجرة النور ص: 63. (¬19) القاضي أبو القاسم خلف بن كوثر، ينقل عنه المؤلف في كتابه (المنهج الفائق). انظر الملزمة 2 - ص: 8.

كان ذلك بعد الدخول. وخالف يحيى بن عمر (¬20) وقال: الردة تزيل العصمة كيف كانت، وتوقف فيها ابن زرب؛ والذي يرتد في مرضه - وقد علم أنه قصد الفرار بماله من الورثة لبغض معروف، على دليل المدونة، واجبار المطلق في الحيض على الرجعة (أ) (¬21). وهي قاعدة: _______ (أ) في (خ) زيادة (ومنع المطلق في الحيض من الطلاق في الطهر الذي يليه، لأنه استعجل الطلاق، حيث لا يجوز. فمنع منه حيث يجوز) ولم أثبت هذه الزيادة في الصلب. لأن ولده لم يذكرها في نظمه - وهو الحجة في هذا الباب. ¬

_ (¬20) أبو زكرياء يحيى بن عمر بن يوسف بن عامر الكناني، وقيل البلوي، مولى بني أمية من أهل جيان، وعداده في الأفريقيين، سكن القيروان ثم سوسة، تعلم بالأندلس على ابن حبيب وغيره، ثم بتونس على سحنون وجماعة، ثم رحل إلى الشرق فسمع من كثير من المشايخ أصحاب ابن وهب، وابن القاسم، وأشهب، ثم عاد بعلم غزير، وأصبح من أكابر الأئمة في الفقه المالكي، سكن القيروان فهب الطلاب يغترفون من علمه، قيل ولم يعرفوا الموطأ والمدونة إلا عنه، خلف نحو (40) مؤلفاه منها: كتاب "الرد على الشافعي" و "اختصار المستخرجة" المسمى بـ (المنتخبة) وكتاب "اختلاف ابن القاسم وأشهب" وسواها (ت 289). انظر ترتيب المدارك ج - 3 ص 234، والديباج ص: 351، وشجرة النور ص: 73. (¬21) ابن الحاجب - اللوحة (86 - ب) وإذا وقع في حيض، أو نفاس ابتداء، أو حنثا، أجبر على الرجعة ما يبقى في العدة شيء. وقال أشهب: ما لم تطهر في الثانية" والأصل في ذلك ما خرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر أنه طلق امرأته فذكر ذلك عمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الله عليه وسلم فتغيظ، ثم قال: مره فليراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر - الحديث. وانظر التوضيح ج - 2 - ورقة (114 - ب).

من استعجل الشيء قبل أوانه فإنه يعاقب بحرمانه (¬22). وعليها تأبيد تحريم المتزوجة في العدة، (¬23) والمخلقة (¬24) على رأي ابن ميسر، (¬25) واختيار الشيوخ وحرمان المدبر القاتل سيده (أ) عمدا من العتق والموصى له يقتل الموصي (ب). _______ (أ) - خ - (لسيده). (ب) - خ - (الوصى). ¬

_ (¬22) هذه القاعدة أورد لها. المؤلف أمثلتها - وكأنها قاعدة خاصة - على خلاف عادته، فكثيرا ما يدمج عدة قواعد في قاعدة واحدة، ويدرج تحتها سائر الأمثلة - عكس صنيع المقري الذي يجعل لكل قاعدة أمثلتها الخاصة، حتى تبدو أحيانا وكأنها شبه تكرار أو متداخلة بعضها مع بعض، على أنه (أي المقري) لم يعط لها - هنا - اسم القاعدة، ولم يترجم لها على عادته بل اكتفى بالقول: أنها حكمة الشرع في بعض تصرفات الناس فإنهم يستعجلون، ومن استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، وهو النهج الذي سلكه الزقاق في "المنهج المنتخب" ج - 2/ 8 م 4. (¬23) المقري - اللوحة (42 - أ): "وقال آخرون: إنما منع المطلق في الحيض من الطلاق في الطهر الذي يليه، لأنه استعجل الطلاق حيث لا يجوز، فمنع منه حيث يجوز وقيل أن الرجعة إنما تكون للوطء، فإن لم يفعل صارت للطلاق، فانصرفت عن مقصدها الشرعي. قال وقد اختلفوا في النكاح على الطلاق أهو من باب المتعة فيمنع، أو لا فيصح، وغير المالكية يخالفهم في أصل هذه القاعدة، ولا يراها معتدة في الشرع، وحكمتها أن من استعجل الشيء قبل أوانه فإنه يعاقب بحرمات، ولذلك أبدوا تحريم المتزوجة في العدة على تفصيل في مذهبهم ... (¬24) يعني بها التي صرفت عن زوجها. (¬25) أبو بكر أحمد بن خالد بن ميسر الأسكندري، الفقيه الإمام العمدة، انتهت إليه الرئاسة بمصر بعد ابن المواز. ألف كتاب الإقرار والإنكار - (ت 339 هـ) انظر الديباج ص: 37. وشجرة النور ص: 80.

(تنبيه): خالفوا هذا الأصل في المتصدق بكل المال لإسقاط فرض الحج، ومنشئ السفر في رمضان للإفطار ومؤخر الصلاة إلى السفر للتقصير، أو إلى الحيض للسقوط، ومؤخر قبض الدين فرارا من الزكاة، وبائع الماشية بعد الحول فرارا من زكاة عينها، (¬5) وصائغ الدنانير والدراهم حليا لإسقاطها، وذات الزوج تقصد بعطية الثلث فدون الإضرار - وفيها ثلاثة أقوال، وانظر إذا قتل السيد أمته، أو زوج أمته، أو المرأة نفسها أو زوجها قبل البناء، فالمنصوص تكميل الصداق، لأن التهمة فيه أضعف، وكذلك أم الولد تقتل سيدها، فلا تبطل بذلك حريتها، وكذلك الطالب بالدين إذا قتل مطلوبه قبل حلول أجل دينه، فإنه يحل بموته، ولا يتهم بتعجيله؛ (أ) وكذلك السيد يقتل مكاتبه فإن الكتابة تحل بموته؛ وكذلك من أعتق عبده إلى موت دابة فقتلها العبد، فقالوا تعمر الدابة ويعتق العبد بعد ذلك. وانظر على هذه لو أعتقه إلى موت فلان لقتل العبد فلانًا، وكذلك أن أوصى لعبد رجل، أو لولده، (ب) أو زوجته، فقتله _______ (أ) - خ - (تعجيل) بدون باء. (ب) ق - (ولده). ¬

_ (¬5) ابن الحاجب - اللوحة (37 - أ): "وكذلك لو باعها بعد الحول قبل مجيء الساعي في تزكية الثمن عاجلا قولان". وانظر التوضيح ج 1 - ورقة (74 - ب).

السيد أو الأب، أو الزوج، قالوا لأنه لا يتهم أحد أن يقتل من أوصى لأبيه، أو لابنه، أو لغيره، أو لزوجته، لعل أن يعطيه منه شيئًا.

(القاعدة الثالثة والثمانون) الموزون إذا دخلته صنعة هل يقضى فيه بالمثل أو بالقيمة؟

(القاعدة الثالثة والثمانون) الموزون إذا دخلته صنعة هل يقضى فيه بالمثل أو بالقيمة؟ (¬1) اختلفوا فيه، وهي من تعارض حكم المادة والصورة المباحة، فمالك والشافعي يقدمان الصورة فيجعلانه كالعرض، والحنفية وبعض المالكية يقدمان المادة فيجعلانه كالتبر، وعليه إذا بيع الحلي أو الغزل بيعا فاسدا، فقد اختلف المالكية هل تفيته الحوالة أم لا كالمثلى (¬2)؟ . وكذلك إذا استهلك هل يقضى فيه بالمثل أم بالقيمة - على هذه القاعدة (¬3). ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (897) اللوحة (56 - ب): "اختلف المالكية فيما دخلته صنعة من بعض الموزون، هل يقضى فيه بالمثل أو بالقيمة؟ وهي من تعارض حكم المادة والصورة". (¬2) المقري: "إذا تقابل حكم المادة والصورة المباحة فمالك ومحمد يعني الشافعي - يقدمان الصورة فيجعلانه كالعرض، والنعمان - أبو حنيفة - المادة فيجعلها كالتبر، وإذا بيع بيعا فاسدا، قد اختلف المالكية هل تفيته الحوالة أو لا كالمثلي؟ فها أنت ترى أن المؤلف استغنى بالقاعدة الأولى عن القاعدة الثانية، وكأنه رأى أنهما متداخلتان، على أنه استوفى أمثلة كلتا القاعدتين. (¬3) المقري - اللوحة (56 - ب): "وإذا استهلك فقد اختلفوا أيضًا هل يقضى فيه بالمثل أو بالقيمة - على هذه القاعدة".

وكذلك إذا استحق - وكان ثمنا، هل ينفسخ البيع أو لا؟ (أ). وهذا كله في الصورة المباحة، وأما الممنوعة لقد مر أن المعدوم شرعا كالمعدوم حسا (¬4). (تنبيه): الأصل (ب) أن من أتلف مثليا فعليه مثله إلا في المصرة (¬5) لأجل اختلاط لبن البائع بلبن المشتري، وعدم تمييز (ج). المقدار وفي الجزاف (¬6) وغاصب الماء في المعاطش ومحل عزته، (د) ومتسلفه في موضع غلائه (هـ) - على الشاذ المنصور والأصل أن من أتلف مقوما فعليه قيمته إلا في مسألة الحلي المتقدمة على قول مالك وأشهب، والغزل - على ما سلف من الخلاف، والجدار ومن دفن في قبر متعديا - على رأى سحنون (¬7). _______ (أ) - في (أم لا). (ب) في (خ) (والأصل) بالواو. (ج) في (خ) (تميز). (د) عبارة (ومحل عزته) ساقطة في (خ). (هـ) في الأصل (غلا به) وفي (خ) (غلاثه). ¬

_ (¬4) انظر القاعدة الثانية ص: 147. (¬5) المصرة: هي التي يترك اللبن في ضرعها، ثم تباع وقد درت بحلابها، فلم يحلبوها. (¬6) انظر المدونة ج - 4/ 286 - 288. (¬7) ابن الحاجب - اللوحة (71 - أ): "وإذا حفر القبر في ملك أحد فدفن فيه متعد فلمالك إخراجه". وانظر التوضيح 1 / ورقة (63 - أ).

(تنبيهان): الأول م قام غير واحد من المحققين كابن سهل، والباجي، وابن رشد، من مسألتى جلد البعير والشاة، اللتين في التجارة والصناع (أ) وغيرها من مسائل المدونة - القضاء بالمثل في العروض (ب) كمسألة الرفو في كتاب الغصب، (¬8) ومسألة المخدمة في كتاب أمهات (¬9) الأولاد: من أخدم "أمته رجلا سنين ثم وطئها فحملت منه، كانت له أم ولد في ملائه، وتؤخذ (ج) منه مكانها أمة تخدم في مثل خدمتها، وقيل تؤخذ منه قيمتها فيؤاجر منها خادم، وبهذا الرأي -أعني القضاء بالمثل في المقوم (د) - كان يحكم آخر المجتهدين بفاس القاضي أبو يحيى أبو بكر بن خلف المواق (¬10) - فيما _______ (أ) - خ - (الضياع). (ب) - خ - (العرض). (ج) - خ - (يوخذ). (د) - عبارة (المقوم) ساقطة في (خ). ¬

_ (¬8) انظر المدونة خ - 5 - ص: 341. (¬9) المرجع السالف ج -3/ 346. (¬10) من أهل قرطبة، سكن مدينة فاس، وولى قضاءها إلى أن توفي بها، وكان حافظا حافلا في علم الفقه والخلاف. له تنبيهات، وكتابات جيدة في المكايل والأوزان، وعنى بالحديث على جهة التفقه والتعليل، والبحث عن أسانيد الرجال , والزيادات، وما يعارض أو يعاضد .. (ت 599 هـ). انظر التكملة 1/ 221 طبع مصر، وجذوة الاقتباس ج 1/ 103، والسلوة ج 1/ 224.

حكى الشيخ أبو الحسن الصغير، (¬11) عن أبي محمد صالح (¬12) عن شيخه أبي محمد بن تاعزيزت، (أ) وصرح القاضي أبو الوليد الباجي (¬13) -رحمه الله تعالى- بأنها رواية عن مالك. وفي صحة الاعتراض عليه - عند الحذاق - نظر لأنه ثقة راسخ القدم. الثاني (ب) قال بعضهم (¬14): الأصل قضاء ما في الذمة بمثله، فإن تعذر أو تعسر، رجع إلى القيمة، وهذا أصل مذهب _______ (أ) - خ - تاغريزت) وفي - ق - (عزيرت). (ب) - ق - (قول). ¬

_ (¬11) أبو الحسن علي بن عبد الحق الزرويلي الشهير بالصغير، انتهت إليه رئاسة الفقه في عصره، وهو أحد الأقطاب الذين دارت عليهم الفتيا بالمغرب، ولى قضاء فاس، وكان مثالا لتطبيق الحق والعدل (ت 719 هـ). انظر في ترجمته: جذوة الاقتباس ص: 299، وشجرة النور ص: 215، والاستقصا 2/ 49، والفكر السامي 4/ 66. (¬12) أبو محمد صالح بن محمد الهسكوري الفاسي شيخ المغرب في وقته علما وعملا، كان يضرب به المثل في العدالة والصلاح، له تأليف في الفقه مشهورة (ت نحو 665 هـ). انظر ترجمته في: شجرة النور ص: 185 - والفكر السامي ج 4/ 66. (¬13) أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد التجبيي القرطبي المعروف بالباجي. رحل إلى المشرق، فأخذ عن أئمة الفقه والحديث، ورجع إلى وطنه بعلم غزير، واستفاد منه خلق كثير (ت 474 هـ). ومن أهم مؤلفاته (المنتقى في شرح الموطأ) و (شرح المدونة) و (التعديل والتجريح، لمن روى عنه البخاري في الصحيح) و (إحكام الفصول - في علم الأصول) ... انظر (الديباج) ص: 120، و (شجرة النور) ص: 120، و (الوفيات) ج 1/ 175، و (تهذيب ابن عساكر) ج 5/ 248. (¬14) يعني به أبا عبد الله المقري الذي قال في القاعدة (895) - اللوحة (56 - أ): "الأصل قضاء ما في الذمة بمثله، فإذا تعذر أو تعسر .... إلى آخر ما أورده المؤلف ... والشاذ القيمة".

مالك في ضمان ما سوى المكيلات والموزونات والمعدودات بالقيمة، أعني التعذر أو التعسر وتأول حديث القصعة، (¬15) وهو معترض بالقرض، وبثبوته في الذمة سلما، فإن انقطع اعتباره كالفلوس بترك التعامل بها، فمشهور مذهبه القضاء (أ) بالمثل والشاذ القيمة. _______ (أ) كلمة (القضاء) ساقطة في (خ). ¬

_ (¬15) وحديث القصعة ذكره أحمد في المسند ج - 6/ 111، وابن ماجة في السنن ج 2/ 55 ولفظه - كما عند ابن ماجة: "عن عائشة قالت. . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحاب فصنعت له طعاما، وصنعت له حفصة طعاما، قالت: فسبقتنى حفصة، فقلت للجارية: انطلقي فاكفئي قصعتها، فلحقتها - وقد همت أن تقع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم - فأكفأتها فانكسرت القصعة وانتشر الطعام، قالت: فجمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم - وما فيها من الطعام على النطع فأكلوا، ثم بعث بقصعتي فدفعها إلى حفصة، فقال: خذوا ظرفا مكان ظرفكم، وكلوا ما فيها، قالت: فما رأيت ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(القاعدة الرابعة والثمانون) ما في الذمة هل هو كالحال أم لا؟

(القاعدة الرابعة والثمانون) ما في الذمة هل هو كالحال أم لا؟ (¬1) اختلفوا فيه، وعليه صرف الدين المؤجل، والمشهور المنع، وزكاة دين المدين (أ) المؤجل هل بالقيمة وهو المشهور أو بالعدد وهو الشاذ (¬2) وعليه ما إذا كان له دين - وعليه دين، هل يجعل ما عليه في عدد ماله فيزكى ما بيده من العين، أو يجعله في قيمته. وعليه إذا (ب) أخذ شقصا عن دين هل الشفعة فيه بالقيمة أو بالعدد (¬3). _______ (أ) - خ - (المدير) - بالراء. (ب) - ق - (أن) - بدل إذا. ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (284) - اللوحة (21 - ب): "ما في الذمة، هل يعد كالحال أم لا؟ - اختلف المالكية فيه. .". (¬2) عبارة المقري في القاعدة الآنفة الذكر: "وعليه زكاة (دين) المدين المؤجل بالقيمة، وهو المشهور، أو بالعدد". ابن الحاجب - اللوحة (33 - ب) "ودين المدين أن كان للنماء مرجوا فالمشهور كسلعة، لا كالدين، وعلى المشهور إن كان نقدا حالا زكى عدده، وإن كان مؤجلا زكى قيمته على المشهور". انظر التوضيح ج - أ - ورقة (86 - أ). (¬3) ابن الحاجب "وقيمة الشقص، فيجيء في الشفيع القولان". اللوحة (35 - أ).

(القاعدة الخامسة والثمانون) ما في الذمة هل يتعين أم لا؟

(القاعدة الخامسة والثمانون) ما في الذمة هل يتعين أم لا؟ (¬1) وعليه براءة ذمة الغريم الذي أخذ منه دين لرجل آخر غصبا، وعدم براءته قولان لمتأخري فقهاء تونس؛ وعلى تعيينه أفتى ابن عرفة (¬2) حين سئل عمن في ذمته دينار - ثمن ثوب، ودينار ثمن طعام لرجل واحد، هل يصح أخذ الطعام عن ثمن الثوب ويكون متميزا بشحصه كما تميز بنوعه أم لا؟ قال: نعم كقول المدونة في عدم دخول أحد الشريكين فيما اقتضى من دينهما مقسوما في ذمة رجل (¬3). ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (149) - اللوحة (12 - ب): "المعين لا يستقر في الذمة، وما تقرر في الذمة لا يكون معينا، فالأداء لا يتخلد في الذمة، لأنه معين بوقته، بخلاف القضاء؛ والمتعين لا يتأخر قبضه لما لا يضطر إليه، بخلاف تأخر كيل الطعام، إذا غشيها الليل إلى الغد عند مالك، ولذلك لا يسلم فيه، ولا في كل ما يتعين بحصر الأوصاف المعتبرة كالعقار، ويفسخ البيع والكراء باستحقاق المعين دون السلم والمضمون، ومن شرط الانتقال إلى الذمة تعذر المعين". (¬2) تقدمت ترجمته في ص: 157 رقم 25. (¬3) انظر المدونة - 5 - ص: 74.

(تنبيه): لم يحفظ القاضي الإمام أبو عثمان العقباني (¬4) -رحمه الله- خلافا في أن ما في الذمة لا يتعين، فقال (أ) في "لباب اللباب" في مناظرته مع القباب (¬5): "الدين يتعلق بالذمة، والغصب يتعلق بعين الشيء المغصوب , ولا مزاحمة بينهما؛ ولذلك لم يقل أحد: إن من عليه دين يبرأ بغصب الغاصب له، ولو صرح الغاصب بأن يقول: إنما غصبت ذلك الدين، بل ينصرف الغصب إلى عين ما غصب، ويبقى الدين في الذمة. انتهى. _______ (أ) - ق - (قال). ¬

_ (¬4) سعيد بن محمد بن محمد التجيبي التلمساني، إمامها وعلامتها المتزن، الفقيه المتفنن، ولي القضاء في عدة جهات من المغرب، ودامت ولايته نحو أربعين سنة. له: شرح الحوفية في الفرائض، وشرح على مختصر ابن الحاجب الأصلي، واللباب في مناظرة القباب. (ت 811 هـ). انظر وفيات الونشريسي ص: 637 نشر حجي. الديباج ص: 124. والنيل ص: 125. البستان ص: 106. تعريف الخلف ص: 153. (¬5) أبو العباس أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن الشهير بالقباب، الفقيه، الإمام الحافظ الزاهد، العمدة المفتن، تولى القضاء بجبل الفتح وتصدر للفتيا بفاس. له اختصار أحكام النظر لابن القطان، وشرح قواعد عياض، وبيوع ابن جماعة، وله مباحث مشهورة مع الإمام الشاطبي في مسألة مراعاة الخلاف في المذهب، ووقعت بينه وبين الإمام أبي عثمان العقباني مناظرات ومراجعات - في مسائل، جمعها العقباني وسماها (لباب اللباب في مناظرة القباب) (ت 778 هـ). انظر في ترجمته: وفيات ابن قنفذ ص: 85. ووفيات الونشريسي ص: 28. ونيل الابتهاج ص: 72. شجرة النور ص: 235.

وما قاله العقباني -رحمه الله- هو الذي يظهر من الفرق السابع والثمانين من قواعد (¬6) شهاب الدين القرافي (¬7) - رحمه الله - ومثله في قواعد القاضي (أ) أبي عبد الله المقري (¬8) -رحمه الله- ولفظه "المعين لا يستقر في الذمة، وما تقرر في الذمة لا يكون معينا" (¬9). _______ (أ) كلمة (القاضي) ساقطة في (ق). ¬

_ (¬6) انظر الفروق ج - 2 - ص: 633. (¬7) تقدمت ترجمته. انظر ص: 155 رقم 67. (¬8) تقدمت ترجمته. انظر ص: 298 رقم 6. (¬9) انظر القاعدة (149) - اللوحة (12 - ب).

(القاعدة السادسة والثمانون) الموجود حكما هل هو كالموجود حقيقة أو لا؟

(القاعدة السادسة والثمانون) الموجود حكما هل هو كالموجود حقيقة أو لا؟ (¬1) وعليه صرف ما في الذمة كما مر (¬2). ¬

_ (¬1) المقري. القاعدة (883) - اللوحة (55 - ب)، "اختلف المالكية في الموجود حكما، هل هو كالموجود حقيقة أم لا؟ كصرف ما في الذمة، ثالثها المشهور أن حل، أو كان حالا جاز.؟ . (¬2) أورد المؤلف هذا المثال - هنا، وفي القاعدة الثالثة (الموجود شرعا هل هو كالموجود حقيقة) - إشارة إلى أنهما في المعنى شيء واحد، ولا أدري لماذا أعاد - هذه القاعدة هنا - إذ شأنه إدماج القواعد المتداخلة في قاعدة واحدة، مع استيفاء أمثلة كل قاعدة، اللهم إذا قلنا أن هناك فرقا بين الموجود شرعا، والموجود حكما. وظاهر صنيع ولده في نظمه أنهما شيء واحد.

(القاعدة السابعة والثمانون) البيع هل هو العقد فقط؟ أم العقد والتقابض عن تعاوض؟

(القاعدة السابعة والثمانون) البيع هل هو العقد فقط؟ أم العقد والتقابض (¬1) عن تعاوض؟ وعليه ضمان ما في المكيل بعد التقدير، وقبل مضي مقدار التمكين، أهو من البائع، أم من المشتري؟ (¬2) وإذا هلك بعد العقد وقبل القبض، فعلى أن البيع التعاقد، فالضمان من المبتاع، وعلى أنه التقابض عن تعاوض، فالضمان من البائع (¬3). وعليه ما إذا غصب شيئًا ثم باعه وقبض ثمنه ثم افتقر، وقد أجاز المستحق البيع؛ فعلى أن البيع التعاقد والتقابض معا، لا يكون له على المبتاع ثمن، وعلى أن البيع التعاقد فقط، فقد أجاز البيع دون القبض، فله أن يأحذ من المبتاع الثمن ثانية (أ) (¬4). _______ (أ) عبارة (فله أن يأخذ من المبتاع الثمن ثانية) ساقطة من (ق). ¬

_ (¬1) المقري، القاعدة (839) - اللوحة (53 - أ): "اختلف إلى المالكية في البيع، أهو العقد فقط؟ أم العقد والتقابض؟ . (¬2) هي عبارة المقري في القاعدة الآنفة الذكر (وعليهما ضمان ما في المكيال والميزان. أهو من البائع أو من المشتري". (¬3) انظر بداية المجتهد ج - 2 - ص: 185 - 186. (¬4) انظر أجوبة ابن رشد - اللوحة 43 - ب.

تنبيه: قال المازري (¬5) -رحمه الله تعالى- ويبعد أن يعتقد أحد من أهل - المذهب أن حقيقة البيع هو التقابض عن تعاوض. ابن عبد السلام (¬6): وهذا القول قد أنكر وجوده في المذهب بعض كبار الشيوخ وحفاظهم، ويبنى (أ) على هذا الإنكار تخطئة ما يثبته الموثقون وغيرهم من الحكم على البائع بإنزال المشترى في الربع المبيع، وتطواف الشهود عليه؟ وقال: لو كان هذا لازما للبائع، لما كان ذلك حق تولية، فيكون ضمان الدار المبيعة من بائعها حتى يقبضها المشتري. وأثبت بعضهم هذا القول في المذهب ورأى أن القول بإنزال المشتري مبني عليه (¬7). وبالجملة فهو قول مختلف في ثبوته بين الشيوخ، وأصول المذهب تأباه. _______ (أ) في الأصل (ويبني) وفي - خ - (وبناء) ولعل الصواب ما في نسخة (ق) (وبنى) بدليل ما بعده (قال). ¬

_ (¬5) تقدمت ترجمته في ص: 277 رقم 10. (¬6) تقدمت ترجمته في ص: 166 رقم 19. (¬7) قال ابن سلمون - في وثائقه، هامش تبصرة ابن فرحون: " ... المشاور أن ابتاع رجل ملكا من رجل قد اشتراه معروفا لغيره، فعليه إنزاله فيه، ودفع وثائق الشراء إليه، أو نسخها بخطوط البينة التي فيها، فإن أبى وظهرت الوثائق، جبره الحاكم على دفعها أو نسخها".

ابن رشد (8) في نوازل سحنون من كتاب جامع البيوع: شراء الرجل من الرجل الدار أو (أ) الأرض لا يخلو من أربعة أوجه: - أحدها: أن يكون المبتاع مقرا للبائع باليد والملك. - والثاني: أن يقر له بالملك، ولا يقر له باليد. - والثالث: أن يقر له باليد ولا يقر له بالملك. - والرابع: أن لا يقر له بيد ولا ملك. فأما إذا كان مقرا له باليد والملك، فلا يلزمه أن يحوزه ما باع منه، ويسلمه إليه، وينزله فيه، وإن (ب) دفعه دافع عن النزول في ذلك أو استحقه منه مستحق بعد النزول فيه، في مصيبة نزلت به في قول سحنون. والصواب أنه يلزمه (ج) أن ينزله فيما باع منه ويسلمه إليه بمنزلة إذا كان مقرا له بالملك، غير مقر له باليد - مخافة أن ينهض لينزل فيه فيمنعه وكيله فيه، أو أمينه عليه من النزول فيه، ويقول له: لا أدري صدق ما تدعيه من شرائه، فإن نزل فيه وصار بيده على الوجهين فاستحقه منه مستحق كانت _______ (أ) في - خ - (أو) وهو الأنسب. (ب) في - ق - (وإذا). (ج) ساقطة في (خ). _______ (8) تقدمت ترجمته في ص: 225 رقم 12.

مصيبة نزلت به على قول سحنون، وعلى ما في سماع عيسى (¬9) عن ابن القاسم من كتاب "الاستحقاق"؛ وخلاف قول أشهب في المجموعة. (¬10) وقد قيل: إنه خلاف ما يقوم من سماع عبد الملك (¬11) في كتاب (الكفالة والحوالة) في قول ابن وهب، وأشهب، وليس ذلك - عندي - بصحيح. وأما إذا كان مقرا له باليد غير مقر له بالملك، فعلى مذهب سحنون لا يلزم البائع أن يحوزه ما باع منه. والصواب أن ذلك يلزمه - على ما ذكرناه - للعلة التي وصفناها، فإن استحق من يده شيء من ذلك وجلب له الرجوع بذلك على البائع. وأما إذا كان غير مقر له باليد ولا بالملك، فلا اختلاف أنه يلزمه أن يحوزه ما باع منه وينزله فيه مخافة أن ينهض لقبض ذلك والنزول ليه، فيمنعه منه (أ) مانع؛ فإن استحق من _______ (أ) (منه) ساقطة في (خ). ¬

_ (¬9) أبو محمد عيسى بن دينار بن وهب القرطبي، الفقيه العابد القاضي المتفاني في تحقيق الحق والعدل، وكان يلقب بفقيه الأندلس، وبه وبيحيى الليثي انتشر علم مالك بالأندلس، رغم أنه لم يسمع من مالك مباشرة، وإنما سمع من تلميذه ابن القاسم الذي صحبه ولازمه مدة، وله عشرون كتابًا في سماعاته عنه، ألف في الفقه كتاب "الهدية" مكون من عشرة أجزاء (ت عام 212 هـ). انظر ترجمته في: تاريخ علماء الأندلس، لابن الفرضي 1/ 271، وطبقات الشيرازي ص: 161 - 162، والانتقاء ص: 59، وتاريخ علماء الأندلس ج - أ - ص: 271، وبغية الملتمس ص: 389، والديباج ص: 178، وشجرة النور ص: 64. (¬10) لعله يعني الوثائق المجموعة لابن فتوح. (¬11) يعني ابن الماجشون.

يده شيء من ذلك وجب له به الرجوع على البائع أيضًا، وضمان ما يطرأ على ذلك بعد العقد - وإن كان قبل القبض في الوجوه كلها: من غضب، أو غرق أو هدم، أو حرق، (أ) وما أشبه ذلك - من المبتاع، إلا على القول بان السلعة المبيعة في ضمان البائع، وإن كان قبض الثمن وطال الأمر ما لم يقبضها المبتاع، أو يدعوه (ب) البائع إلى قبضها فيأبى - وهو قول أشهب. فللخروج من هذا الاختلاف (ج)، يقول الموثقون في وثائقهم: ونزل المبتاع فيما ابتاع، وأبرأ البائع من درك الإنزال، لأنه بنزوله فيما ابتاع يسقط الضمان عن البائع باتفاق، ولكل واحد من المتبايعين حق في الإنزال على صاحبه. إذا دعا إليه وجب أن يحكم له به عليه البائع، ليسقط عنه الضمان المختلف في لزومه إياه، والمبتاع ليجد السبيل إلى الرجوع عليه بما يستحق من يده. انتهى (¬12). وتأمل الكلام على الإنزال، وصفته في أحكام ابن سهل، وكتب الموثقين، كالمجموعة والمتيطية (¬13) وغيرهما. _______ (أ) - ق - (حرز أو) وهو تصحيف. (ب) - ق - (يدعو). (ج) - خ - (الخلاف). ¬

_ (¬12) إلى هنا انتهى كلام ابن رشد. (¬13) اشتهرت بالمتيطية نسبة إلى مؤلفها، أبي الحسن علي بن عبد الله المتيطي، الذي تقدمت ترجمته في 167 رقم 22 وعنوان كتابه الذي يحيل عليه المؤلف "النهاية والتمام، في معرفة الوثائق والأحكام".

(القاعدة الثامنة والثمانون) من أخر ما وجب له عد مسلفا

(القاعدة الثامنة والثمانون) من أخر ما وجب له عد مسلفا (¬1) ومن ثم لم يجز أن يأمره بصرفه، ولا أن يسلمه لئلا يكون تأخيرا بمنفعة، وإن أسلمه إلى نفسه، ففسخ دين في دين (¬2). ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (73 هـ) - اللوحة (55 - أ): "قال المالكية: من أخر ما وجب له عد مسلفا". (¬2) هي عبارة المقري في القاعدة الآنفة الذكر: (ومن ثم لم يجز أن يأمره بصرفه ... ففسخ دين في دين). وانظر بداية المجتهد ج - 2 ص: 206.

(القاعدة التاسعة والثمانون) من جعل ما لم يجب عليه هل يعد مسلفا ليقتضي من ذمته إذا حل الأجل إلا في المقاصة - وهو المشهور، أو مؤديا - ولا سلف ولا اقتضاء وهو المنصور لأنه إنما قصد إلى البراءة والقضاء؟

(القاعدة التاسعة والثمانون) من جعل ما لم يجب عليه هل يعد مسلفا ليقتضي من ذمته إذا حل الأجل إلا في المقاصة - وهو المشهور، أو مؤديا - ولا سلف ولا اقتضاء وهو المنصور لأنه إنما قصد إلى البراءة والقضاء؟ (¬1) وعليه صرف المؤجل، ومسألة الفرس في بيوع الآجال أن يسلم فرسا في عشرة أثواب إلى أجل، ثم يشتريه بخمسة منها ويسترد معه خمسة. قال في المدونة (¬2): لا يجوز، لأنه إن كان يساوي دون الخمسة يدخله ضع وتعجل، أو فوقها (فحط الضمان)، ولأنه بيع بخمسة، والخمسة الأخرى سلف من المعجل يأخذها (أ) من ذمته (¬3). _______ (أ) - خ - (يأخذه). ¬

_ (¬1) المقري القاعدة (873) - اللوحة (55 - أ): "المشهور من مذهب مالك أن المعجل كالمسلف يقبض من ذمته إذا حل الأجل - إلا في المقاصة، والمنصور أنه مؤد، ولا سلف ولا اقتضاء، لأنه إنما قصد إلى القضاء والبراءة". (¬2) انظر ج 4/ 123. (¬3) هي عبارة المقري في القاعدة الآنفة الذكر: "وعليه مسألة الفرس في بيوع الآجال ... والخمسة الأخرى سلف من المعجل يأخذها من ذمته".

(القاعدة التسعون) المستثنى هل هو مبيع أو مبقى؟

(القاعدة التسعون) المستثنى هل هو مبيع أو مبقى؟ (¬1) وعليه لو باع شجرا واستثنى ثمرتها، هل يمنع من بيع المستثنى قبل قبضه أو لا؟ (أ) - قولان لمالك، ونصَرَ ابن عبد الحكم، والأبهري (ب) (¬2) - الجوازَ، ولا ضمان هاهنا على المشتري (¬3) باتفاق. ومن استثنى من الثمرة كلا فاجيح بما يعتبر هل يوضع من المستثنى (ج) بقدره أم لا؟ - قولان. ¬

_ (أ) - خ - (أم لا). (ب) - ق - (الأبهري وابن عبد الحكم). (ج) - خ - (عن المشتري).

روى ابن القاسم وأشهب وابن عبد الحكم أنه يحط، وبه أخذ ابن القاسم وأصبغ - بناء على أنه مشترى، وروى ابن وهب أنه لا يحط - بناء على أنه مبقى، وكأنه إنما باع من حائطه ما بقي بعدما استثنى، لأن الذي استثناه أبقاه على ملكه، وإذا أكرى داره أو أرضه - وفيها شجر، فاستثنى رب الأرض أو الدار منها شجرا بأعيانها لنفسه، وأدخل ما عداه في الكراء؟ منعه ابن العطار، (¬4) وأجازه ابن أبي زمنين (¬5) - بناء على أن المستثنى مبيع أو مبقى، وإذا مات ما استثنى (أ) منه معينا، (ب) هل يضمن المشتري أم لا؟ (¬6) - قولان على القاعدة، _______ (أ) - خ - (اشترى). (ب) - ق - (معين) وهو أصح. ¬

_ (¬4) أبو عبد الله محمد بن أحمد المعروف بابن العطار الأندلسي، الإمام الفقيه، المتفنن في الشروط (أي الوثائق). له كتاب فيها، عليه معول الناس (ت 399 هـ). انظر ترتيب المدارك ج - 4 ص: 650. والديباج ص: 269، وشجرة النور ص: 151. (¬5) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي زمنين المريسي القرطبي، الفقيه الحافظ، إمام المحدثين في عصره، وقدوة العلماء الراسخين، كان من أجل أهل زمانه قدرا في العلم والرواية والحفظ، مع التفنن في العلوم والزهد، والاستنان بسنة النبي الكريم (ت 399 هـ). خلف آثارا علمية قيمة؛ منها (اختصار تفسير يحيى بن سلام، والمقرب في اختصار المدونة وشرح مشكلها ليس في مختصراتها مثله، والمنتخب في الأحكام، والمذهب، واختصار شرح ابن مزين للموطأ، وأصول الوثائق. انظر في ترجمته: ترتيب المدارك ج - 4 ص: 674. والديباج ص: 269. وشجرة النور ص: 101. (¬6) خليل: ص 157: "ولو مات ما استثنى منه معين ضمن المشتري جلدا وساقطا لا لحما". انظر شرح المواق 4/ 284.

فعلى أنه مبقى لا ضمان، وعلى أنه مبيع فالضمان، ولابن القاسم القولان. وإذا باع دارا واستثنى سكناها سنة فانهدمت، أو باع دابة واستثنى ركوبها يومين فهلكت، قال مالك: لا ضمان للسكنى والركوب، وقال أصبغ (¬7) بالضمان - بناء على القاعدة. (تنبيه): قال الشيخ أبو القاسم بن محرز: (¬8): قول ابن القاسم هو الصواب، ولا معنى لقول أصبغ، ومذهب أصبغ يدل على أن المستثنى - عنده - على ملك المشتري، وهذا مما يعلم بطلانه ضرورة، وذلك أن المشتري ما ملك قط المستثنى، ولا بيع منه، إنما بيع منه ما سواه، فكيف يقال أنه ملكه، وإنه باعه حتى تكون عليه فيه عهدة؟ هذا لا ينبغي لمن له تحصيل أن يذهب إليه، وهذا - عندنا - وهم من أصبغ -رحمه الله، ولو كان المستثنى يستوفى على ملك المشتري، للزم في الصبرة إذا استثنى البائع منها كيلا مثله، أن يكون ضمان ذلك ¬

_ (¬7) أبو عبد الله أصبغ بن الفرج بن سيد بن نافع المصري، الإمام الثقة، الفقيه المحدث، العمدة - قال ابن الماجشون في حقه: ما أخرجت مصر مثل أصبغ! ! له تآليف حسان، منها كتاب الأصول، وتفسير حديث الموطأ، وكتاب سمعه من ابن القاسم، وكتاب المزارعة، وكتاب آداب القضاء، وكتاب الرد على أهل الأهواء. (ت 225 هـ). انظر ترجمته في: ترتيب المدارك ج - 2 - ص: 561، ووفيات الأعيان ج - 1 ص: 79، وشجرة النور الزكية ص: 66. (¬8) تقدمت ترجمته. انظر ص: 305 رقم 4.

الكيل (أ) من المشتري حتى يوفيه البائع، هذا مما لا يقول به أحد (¬9). وأما مسألة مالك في الذي استثنى من ثمرته التي باع كيلا، وكراهيته في أحد قوليه: أن يبيع ما استثنى حتى يكال له ويستوفيه، فإنما كرهه خوف الالتباس، لئلا (ب) يراه من (ج) يعقد فيه بيعا لم يكتله، فيتوهم أنه يشتريه من المشتري، ولا يعلم أصل المعاملة كيف كانت، ولعله ممن يقتدى به فكرهه لذلك. تنبيه ثان: قال ابن رشد -رحمه الله-: لم يختلف قول مالك -رحمه الله- ولا قول أحد من أصحابه - فيما علمت - أنه لا يجوز بيع الأمة ولا بيع شيء من الحيوان، واستثناء ما في بطنه، لأنهم رأوا البائع مبتاعا للجنين بما وضع من قيمة الأم بمكان (د) استثناء الجنين، فكأنه على مذهبه ومذهبهم بالثمن (هـ) الذي سمى، وبالجنين الذي استثنى؛ وإن كان قد اختلف قوله وأقوالهم في المستثنى هل هو مبقى على ملك البائع، أو هو بمنزلة المشترى في غير مسألة، فيأتي على _______ (أ) خ وق (المكيل) (ب) خ (لأنه). (ج) خ (من) ساقطة وعطف بالواو. (د) - خ - (لمكان). (هـ) - ق - زيادة (بيع). ¬

_ (¬9) انظر شرحي المواق والحطاب لدى قول خليل (وصبرة وثمرة، واستثناء قدر ثلث" ج - 4/ 282 - 283. والزرقاني مع حاشية بناني ج - 5 ص: 27 - 28. الرهوني مع اختصار كنون ج - 5 - ص: 69 - 70.

القول في المستثنى أنه مبقى (ج) على ملك البائع - إجازة بيع الحامل واستثناء ما في بطنها، وعلى هذا أجازه من أجازه من أهل العلم، فمنهم الأوزاعي، (¬10) والحسن، (¬11) واحمد بن حنبل، (¬12) وإسحاق (¬13) بن راهويه، وداوود، (¬14) وروى ذلك _______ (ج) - خ - زيادة (هل هو). ¬

_ (¬10) أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي إمام الديار الشامية في الفقه والزهد، وكان أمره فيهم أعز من أمر السلطان ... له كتاب السنن في الفقه والمسائل، وكانت الأندلس على مذهبه إلى زمن الحكم بن هشام (ت 157 هـ). انظر ابن النديم 1/ 227، وحلية الأولياء 6/ 135، وتهذيب الأسماء واللغات ج 1 - ص: 298، والمعارف ص: 217. (¬11) يعني به الحسن البصري، إمام البصرة، وحبر الأمة في زمنه، وأحد العلماء الأفذاذ في الفقه والزهد والورع، لا يخشى في الله لومة لائم، ولا سلطة جائر، كان يدخل على الولاة ليأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر (ت 110 هـ). انظر تهذيب التهذيب 2/ 253، وميزان الاعتدال 1/ 254، وحلية الأولياء ج - 2/ 131، وذيل المذيل ص: 93، وأمالي المرتضى 1/ 106. (¬12) الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني، إمام المذهب الحنبلي، وأحد الأئمة الأربعة، صنف المسند في ستة مجلدات، يحتوي على ثلاثين ألف حديث، وله كتب في التاريخ، والناسخ والمنسوخ، والرد على من ادعى التناقض في القرآن، والأشربة، والمسائل، وعلل الحديث وسواها (ت 241 هـ). ومما صنف في سيرته (مناقب الإمام أحمد) لابن الجوزي، وابن حنبل لأبي زهرة. انظر تذكرة الحفاظ ج - 2 - ص: 431. (¬13) أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن راهويه الحنظلي التميمي المروزي، عالم خرسان في عصره، قال الدارمي: "ساد إسحاق أهل المشرق والمغرب بصدقه"، وقال فيه الخطيب البغدادي: اجتمع له الحديث والفقه (ت 238 هـ). انظر ترجمته في: تهذيب ابن عساكر ج - 2 - ص: 409، وتهذيب التهذيب ج - 1 ص: 215. (¬14) يعني داوود الظاهري وستأتي ترجمته في آخر الكتاب.

عن عبد الله بن عمر (¬15) - رضي الله عنه - فإذا باع الرجل الحامل واستثنى ما في بطنها؛ فهو على مذهب مالك وأصحابه بائع للأمة، ومبتاع لما في بطنها في صفقة واحدة؛ فوجب أن تكون البيعتان فاسدتين انتهى (¬16). فتأمله مع ما لابن محرز، ولعل اتفاق المالكية على المنع في هذه حجة على ابن محرز فيما تعقبه (أ) على أصبغ. _______ (أ) - خ - (يعقبه). ¬

_ (¬15) الصحابي الجليل، نشأ في الإسلام، وهاجر إلى المدينة مع أبيه، شهد فتح مكة، غزا أفريقيا مرتين، وكف بصره في آخر حياته، من حفاظ الصحابة والمكثرين في الفتيا، والرواية والمحاولين اتباع سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في كل شذة وفذة (ت 73 هـ). انظر ترجمته في: طبقات ابن سعد 4/ 105، والاستيعاب 1/ 950، والإصابة. 4825، ومعالم الإيمان 1/ 70، والوفيات 1/ 246، ونكت الهيمان ص: 183، وتهذيب الأسماء 1/ 278. (¬16) إلى هنا انتهى كلام ابن رشد.

(القاعدة الواحدة والتسعون) الإقالة هل هي حل للبيع الأول أو ابتداء بيع ثان؟

(القاعدة الواحدة والتسعون) الإِقالة هل هي حل للبيع الأول أو ابتداء بيع ثان؟ (¬1) وعليه لو باع تمرا (أ) بعد زهوه ثم أقال منه بعد يبسه، فإن كانت حلا جار لأنه على عين الشيء، وليس من بيع طعام (ب) واقتضاء غيره، وإن كانت ابتداء امتنع لأنه كاقتضاء طعام ثان من ثمن طعام، فلو فلس المشتري لجاز أخذ اليابس اتفاقا لبعد التهمة، (¬2) وعليه جوزاها في ذي الطبل، والوظيف، (¬3) وبالمنع قال ابن العطار (ج) وبالجواز قال ابن سعيد الهندي (¬4). _______ (أ) - خ - (ثمرا) بالثاء المثلثة. (ب) خ وق (الطعام). (ج) خ وق زيادة (وابن زرب). ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (938) - اللوحة (59 - أ): "اختلفوا في كون الإقالة حلا للبيع الأول، أو ابتداء بيع ثان". (¬2) هي عبارة المقري في القاعدة الآنفة الذكر (ومما ينبني عليه أن يبيع تمرا بعد زهوه، ثم يقيل منه بعد يبسه، فإن كانت حلا جاز. .. لبعد التهمة). (¬3) أي الذي تؤدى عليه الضرائب والجرايات. (¬4) أبو عمر أحمد بن سعيد بن إبراهيم الهمداني المعروف بابن الهندي، الفقيه العالم بالوثائق والأحكام، أقر له بذلك فقهاء الأندلس، وكان ثقة عمدة. ألف كتابًا في الشروط (الوثائق) جامعا مفيدا، يحتوي على علم كثير، وعليه اعتماد الموثقين والحكام (ت 399 هـ). انظر ترتيب المدارك 4/ 649، الديباج ص: 38، شجرة النور ص: 101.

وعليه أيضًا ثبوت العهدة وعدمها، فعلى أنها كابتداء بيع فالعهدة، وعلى أن لا فلا؛ ولم يرتض (أ) الإمام أبو عبد الله المازري -رحمه الله- القول بوجوب العهدة في الإقالة - على القول بأنها كابتداء بيع، معتلا بأن هذا بيع قصد فيه إلى المعروف، فلم يلحق بالعقود المقصود فيها (ب) المعاوضة على جهة المكايسة. (تنبيه) الإقالة عندنا - بيع من البيوع، إلا في ثلاث مسائل (¬5): - الإقالة في المرابحة. - والإقالة في الطعام. - والإقالة في الشفعة. _______ (أ) - خ - (يرض). (ب) - خ - (بها). ¬

_ (¬5) خليل: "والإقالة بيع إلا في الطعام والشفعة والمرابحة". قال الحطاب: اختلف في الإقالة، هل هي حل بيع، أو بيع مبتدأ، والمشهور ما ذكره المصنف أن الإقالة بيع من البيوع، إلا في الطعام فليست بيع، وإنما هي حل للبيع السابق، ولذلك جازت الإقالة منه قبل قبضه، وإلا في الشفعة أيضًا، وذلك أن من باع حصة من عقار مشترك، فللشريك الأخذ بالشفعة ولو تعدد البيع مرة بعد أخرى، وله الخيار في الأخذ بأي بيع شاء ... ونقل المواق عن ابن عرفة أنه قال: المرابحة بيع. انظر شرحي الحطاب والمواق ج - 4 - ص: 485 - 486.

(القاعدة الثانية والتسعون) الرد بالعيب هل هو نقض للبيع من أصله أو كابتداء بيع؟

(القاعدة الثانية والتسعون) الرد بالعيب هل هو نقض للبيع من أصله أو كابتداء بيع؟ (¬1) وعليه من اشترى أمة على المواضعة، (¬2) ثم ردها بعيب بعد خروحها من المواضعة، هل يجب على المشتري أيضًا مواضعتها كما وجب له ذلك على البائع أم لا؟ (¬3). ومن اشترى عبدا كافرا من كافر، ثم أسلم العبد فاطلع على عيب به، هل له الرد على بائعه الكافر أم لا؟ - قولان على القاعدة. ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (584) اللوحة (28 - ب) "اختلفوا في الرد بالعيب، أهو نقض للبيع من أصله، أو من حينه". قال القرافي: "لقد حضرت يوما في مجلس فيه فاضلان كبيران - من الشافعية، فقال أحدهما للآخر: ما معنى قول العلماء الرد بالعيب رفع للعقد من أصله، أو من حينه - قولان؛ أما من حينه فمسلم معقول، وأما من أصله فغير معقول ... ". وبعد أن أورد النقاش الذي دار بينهما تصدى للإجابة عن السؤال لقال: "والعقد واقع ولا سبيل إلى رفعه، لكن من قواعد الشرع التقديرات، وهي: إعطاء الموجود حكم المعدوم، والمعدوم حكم الموجود، فهذا العقد - وإن كان واقعا - لكن يقدره الشرع معدوما، أي يعطيه الآن حكم عقد لم يوجد، لا أنه يرفع بعد وجوده، فاندفع الإشكال، وفائدة الخلاف تظهر في ولد الجارية والبهائم المبيعة لمن تكون، وكذلك الغلات عند من يقول بذلك؛ هل تكون في الزمان الماضي للبائع أن قدرناه معدوما من أصله، أو المشتري أن جعلناه مرفوعًا من حينه ... ". انظر الفرق (56) ج 1 ص: 25 - 27 من فروقه. وانظر المقدمات ج - 2 - ص: 581. (¬2) المواضعة: أن توضع الجارية على يد امرأة عدلة حتى تحيض، فإن حاضت تم البيع فيها. وانظر الحطاب ج - 5 - ص: 383. (¬3) انظر "المقدمات" لابن رشد ج - 2 - ص: 281.

ابن القاسم: نعم، أشهب وعبد الملك: لا - واختاره ابن حبيب (¬4). ومن رد بعيب ثم تلف قبل القبض، ففي ضمانه قولان؛ فعلى أنه حل للبيع من أصله، يكون الضمان من البائع؛ وعلى أنه كابتداء بيع، يعود الأمر إلى اعتبار تعلق الضمان بمجرد العقد للبيع، أو بمجرد العقد مع اعتبار مضي إمكان التسليم بعده؛ إلى غير هذا مما قيل فيه. وعليه أيضًا رد السمسار الجعل، فعلى أنه نقض للبيع من أصله يرد - وهو مذهب المدونة (¬5)، وعلى أنه كابتداء بيع لا يرد؛ ومن باع سلعة من أهل الذمة في غير قطره، ثم ردت عليه بعيب، في إعطائه العشر قولان - بناء عليهما. وما في تفليس العتبية: إذا أوصى بخيار أمة في عتقها وبيعها، فاختارت البيع فبيعت، ثم ردت بعيب فأرادت الرجوع للعتق؛ هل لها (أ) ذلك أم لا؟ . ابن وهب نعم، وغيره لا - بناء على القاعدة. _______ (أ) - خ - (ولهما). ¬

_ (¬4) خليل: ص: 155 "وجاز رده عليه بعيب ... ". وانظر شرحي المواق والحطاب ج - 4 - ص: 255. والزرقاني مع حاشية بناني ج - 5 - ص: 13. (¬5) انظر المدونة ج -4/ 455. وانظر شرح ولد الناظم لدى قول والده. وأجرة السمسار تسترد ... حيث يكون للبيع رد فقد نقل عن ابن دحون القول: بأن الجعل يرده السمسار باتفاق، كما نقل عن ابن المواز أنه قال: قال مالك: ومن باع ثوبا بجعل له، ثم رد بعيب فليرد الجعل على ربه، قال أصبغ: إلا أن يكون دلس فلا يرد عليه شيئًا. ثم تساءل ولد الناظم قائلا: أين الاتفاق الذي ادعاه ابن دحون، مع قول أصبغ؟ . ج - 2 ورقة (99) من شرح ولد الناظم.

وعليه الماشية ترد بعيب في بناء ربها على ما تقدم أو استقباله - قولان (¬6). وعليه إن حلف بعتق عبده إن كلم فلانًا ثم باعه، ثم كلمه، ثم رد بعيب، هل يحنث بالكلام الواقع منه قبل أن يرد عليه أم لا؟ - قولان على القاعدة. وعليه إذا حاص البائع الغرماء في الفلس لفوات السلعة، ثم ردت بعيب. (¬7). وعليه لو خالعها فتبين أن به عيب خيار، ففي رجوعها عليه - قولان - على القاعدة (أ). تنبيه: ضعف كون الرد بالعيب كابتداء بيع بأنه لو كان كذلك لتوقف على رضي البائع، ولوجبت الشفعة للشريك إذا رد المشترى بالعيب والعهدة فيه - إذا رد به، ولا يجب الجميع _______ (أ) في نسخة (ق) زيادة (وعليه إذا لم يقم الشفيع بالشفعة حتى رد المبتاع الشقص بعيب فعلى أنه بيع. فله الأخذ. وعلى أنه فسخ فلا). وهذه الزيادة لم يذكرها ولد المؤلف في نظمه. ولذا لم أثبتها في الصلب. ¬

_ (¬6) ابن الحاجب - اللوحة (37 - أ): "وأما الماشية ترد بعيب أو تؤخذ بفلس في بناء ربها على ما تقدم، أو استقباله - قولان". قال في التوضيح ج - أ - ورقة (75 - أ): ففي كتاب سحنون يبنى على ما مضى من الحول، وإن رجعت إليه بعد تمامه، زكاها مكانها. قال ابن يونس: وعلى القول بأن الرد بالعيب بيع حادث، يجب أن يستقبل بها حولا. (¬7) ابن الحاجب - اللوحة (113 - ب) "لو حاص لعدمها، ثم ردت بعيب فله رد المحاصة وأخذها". انظر شرح المواق لدى قول خليل: "ونقض المحاصة أن ردت بعيب وردها ... " ج - 5 - ص: 52. والخرشي ج - 5 - ص: 194. والزرقاني مع حاشية بناني ج - 5 - ص: 285.

باتفاق؛ وإن (أ) قيل إن الرد بالعيب كابتداء بيع على طريق ابن دحون، (¬8) لا على طريق ابن رشد في حكايته الخلاف على القاعدة في العهدتين معا -أعني عهدة الثلاث، وعهدة السنة؛ (ب) (¬9) ولكن قال المازري: هذا - وإن قيل فهو بيع أوجبه الشرع بغير اختيار من رجع إليه المبيع، فخرج عن العقود الاختيارية المقصود فيها المكايسة، واستشكل القول بأنه نقض للبيع من أصله، باتفاقهم على أنه كابتداء بيع فيمن ابتاع أمة بعبد فأعتق الأمة، ثم رد العبد بعيب - أنه لا يكون له نقض العتق، وإنما له قيمة الأمة، وبتطابق فقهاء الأمصار كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وغيرهم - على أنه لا يرد الغلة، حتى إن كثيرا من العلماء ينكر وجود الخلاف؛ فقد قال الأبهري: لا خلاف بين أهل العلم - أن الاغتلال للمشتري، ولا يرده إذا رد بالعيب (¬10). وقال ابن الجهم: (¬11) إذا آجر العبد _______ (أ) - خ - (ولو). (ب) عبارة (على طريق ابن دحون. لا على طريق ابن رشد .... السنة) ساقطة في (ق). ¬

_ (¬8) تقدمت ترجمته. انظر ص: 277 رقم 9. (¬9) تقدم معنى العهدتين في القاعدة (13) ص: 175 رقم 5. (¬10) خليل: "والغلة له (المشتري) للفسخ ولم يرد". قال ابن يونس: ولا خلاف في هذا. انظر شرحي المواق والحطاب ج - 4 - ص: 462 - 463. (¬11) لعله أبو بكر محمد بن أحمد بن الجهم المعروف بابن الوراق المروزي الإمام الثقة، العالم بأصول الفقه وأحكامه، القاضي العدل، ذو التأليف الجليلة في مذهب مالك، منها: كتاب (بيان السنة)، وكتاب (مسائل الخلاف)، و (الحجة في مذهب مالك)، و (شرح مختصر ابن الحكم الصغير). (ت 329 هـ). انظر الديباج - ص: 243. شجرة النور - ص: 78.

بأجرة كثيرة، أو زوج الأمة بصداق كثير أو قليل، ثم رد بالعيب فإنه لا يرد ما أخذ من إجارة أو صداق، قال: ولا خلاف بين الناس في هذا. وهكذا ذكر ابن داوود (¬12) أنه لا خلاف بين العلماء في هذا أيضًا: ولم يخالف في ذلك إلا شريح، (¬13) وعبيد (¬14) الله بن الحسن العنبري في حكاية الجوزي (¬15) ونقل المازري. (تنبيه): للمشتري الغلة في خمس مواضع: - الرد كالعيب، والبيع الفاسد، والاستحقاق، والشفعة، والتفليس. قال المؤلف -غفر الله له: وقد نظمتها فقلت: ولا يرد مشتر (أ) غلة ما ... قد اشتراه فاحفظنه واعلما في الرد بالعيب والاستحقاق ... وفاسد البيع بلا شقاق _______ (أ) في (ق) (المشتري). ¬

_ (¬12) ستأتي ترجمته في آخر الكتاب. (¬13) أبو أمية شريح بن الحارث الكندى من أشهر القضاة الأفذاذ، والفقهاء الكبار، في صدر الإسلام - وكان ثقة في الحديث مأمونا في القضاء (ت 78 هـ). انظر في ترجمته: طبقات ابن سعد 6/ 90. الوفيات 1/ 224. حلية الأولياء 4/ 132. (¬14) في سائر النسخ (عبد الله) والصواب ما أثبته، وهو عبيد الله بن الحسن بن الحصين العنبري، القاضي الفقيه المحدث الثقة كما وصفه بها النسائي (ت 168 هـ). انظر ترجمته في تهذيب التهذيب 7/ 7، وذيل المذيل ص: 106. (¬15) لعله يعني به ابا بكر محمد بن علي المعافري، المعروف بابن الجوزي، خال القاضي عياض: الفقيه الإمام، أخذ عن أبي الأصبغ بن سهل وغيره، ورحل إلى أفريقيا، فأخذ عن عبد العزيز الديباجي، وروى عنه كتبه (ت 483 هـ). انظر ترجمته في "شجرة النور الزكية" - ص: 121.

وفلس وشفعة - يا طالب ... مكملين عدة المطالب (¬16) ففي المقدمات (¬17) ذا مذكور ... وفي خليل مثله مشهور (¬18) واختلف المشهور بماذا تكون الغلة للمشتري في هذه المواضيع إن (أ) لم تفارق الأصول فاحفظها كما ضبطها بعضهم بهذه الحروف: (تجد عفازا (ب) شسيا) فالتاء من تجد للتفليس، والجيم، للجداد، فالمشهور أنها لا تكون للمشتري في التفليس إلا بالجداد، والعين والفاء من (عفاز) للرد بالعيب والبيع الفاسد، والزاي للزهو، فالمشهور أنها لا ترد مع اصولها إذا أزهت، ولم تجد، ولا يبست في الرد بالعيب، وفي البيع الفاسد، والشين والسين من (شسيا) للشفعة والاستحقاق، والياء لليبس، فالمشهور أنها ترد مع أصولها وإن أزهت ما لم تيبس في الشفعة والاستحقاق. _______ (أ) في (ق) (إذا). (ب) في (خ) (عفز). ¬

_ (¬16) ولا يخفى ضعف المؤلف في نظمه، كما يتجلى ذلك في الحشو الذي نجده في هذه الأبيات (فاحفظنه) (واعلما) (بلا شقاق) (يا طالب) (مكملين عدة المطالب). (¬17) انظر ج - 2 - ص: 586 - 589. (¬18) خليل ص: 171 "والغلة له للفسخ ولم ترد ... ". وانظر شرحي المواق والحطاب ج - 4 - ص: 462 - 463. والخرشي مع حاشية العدوي ج - 5 - ص: 60 - 61. والزرقاني ج - 5 - ص: 152.

(القاعدة الثالثة والتسعون) رد البيع الفاسد هل هو نقض له من أصله أو من حين رده؟

(القاعدة الثالثة والتسعون) رد البيع الفاسد هل هو نقض له من أصله أو من حين رده؟ (¬1) وعليه فطرة العبد يمضي عليه يوم الفطر عند المشتري، أهي (أ) منه أم من البائع؟ وفروعه كثيرة (¬2). _______ (أ) - خ - (أهو). ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (313) - اللوحة (23 - ب): اختلف المالكية في رد البيع الفاسد، هل هو نقض له من الأصل، أو من حين الرد؟ . (¬2) هي عبارة المقري في القاعدة الآنفة الذكر (وعليه فطرة العبد يمضي عليه يوم الفطر عند المشتري، أهى منه أم من البائع؟ وفروعه كثيرة). وانظر التوضيح لدى قول ابن الحاجب: (والعبد شراء فاسد على المشتري. ج 1 / ورقة 82 - ب).

(القاعدة الرابعة والتسعون) البيع المجمع على فساده هل ينقل شبهة الملك لقصد المتبايعين أم لا؟ - لكونه على خلاف الشرع اختلفوا فيه

(القاعدة الرابعة والتسعون) البيع المجمع على فساده هل ينقل شبهة الملك لقصد المتبايعين أم لا؟ - لكونه على خلاف الشرع (¬1) اختلفوا فيه وعليه هل يفوت بالتغيير وفوات العين أو في (أ)؟ (¬2) ومنهم من يحكيه في البيع الفاسد مطلقا. _______ (أ) - خ - (أم لا). ¬

_ (¬1) قال ابن ناجي في شرح المدونة في كتاب الهبة عند قولها: (ومن باع عبده بيعا فاسدا، ثم وهبه لرجل قبل تغيره في سوق أو بدن جازت الهبة). المازري يؤخذ من قولها بعد أن البيع بينكما مفسوخ - أن البيع الفاسد لا ينقل الملك، وفي العتق الأول خلافه. انظر الحطاب ج - 4/ 380. (¬2) خليل ص: 163: (وإنما ينتقل ضمان الفاسد بالقبض) وهو قول ابن القاسم. قال في التوضيح: أما الملك فلا ينتقل بالقبض بل لا بد من ضميمة الفوات. انظر شرحي المواق والحطاب ج - 4/ 380. والزرقاني مع حاشية بناني ج - 5 - ص: 92 - 93.

(القاعدة الخامسة والتسعون) من خير بين شيئين فاختار أحدهما هل يعد كالمتنقل أو لا؟ (أ) وكأنه ما اختار قط غير ذلك الشيء؟

(القاعدة الخامسة والتسعون) من خير بين شيئين فاختار أحدهما هل يعد كالمتنقل أو لا؟ (أ) وكأنه ما اختار قط غير ذلك الشيء؟ (¬1) وعليه من أسلم على أختين ولم يطأهما فاختار إحداهما، فإن كان كالمتنقل لزمه نصف صداق الأخرى، لأنه كالمطلق، وإلا، لم يلزمه شيء. ومن غصب جارية ثم اشتراها - وهي غائبة، فإن قلنا بالأول، فلا تشترى إلا بما تشترى به قيمتها - وهو قول أشهب. وإن قلنا بالثاني لم تراع القيمة، وهو ظاهر (¬2) الكتاب. (¬3) ومن سرق شاة لذبحها فوجبت على السارق قيمتها لربها، فإنه لا يجوز لربها أخذ شاة حية عن هذه القيمة، لأنه لما قدر على أخذ عين اللحم فعدل عنه إلى أخذ شاة، صار كبيع لحم بحيوان من جنسه - بناء على الانتقال، وإن حق _______ (أ) - ق - (أم لا؟ ). ¬

_ (¬1) المقري القاعدة (626) - اللوحة (41 - أ): "اختلفوا فيمن خير بين شيئين فاختار أحدهما، هل يعد كأَنه متنقل، أو كأنه ما اختار قط غير ذلك الشيء؟ . (¬2) هي نفس عبارة المقري في القاعدة الآنفة الذكر: (فإذا أسلم على أختين ولم يطأهما فاختار إحداهما. وهو ظاهر الكتاب". (¬3) يعني المدونة - انظر ج - 5/ 348 - 349.

المغصوب منه تعلق بعين ما أتلفه الغاصب، ولو بنينا على عدم الانتقال، وفرضنا أن حقه سقط في العين - وإنما وجبت له القيمة له لم يمنع (4). ومن أسلم على عشر لم يكن بنى بكل واحدة منهن، فاختار أربعا، هل للبواقي نصف الصداق أم لا؟ (5). _______ (4) ابن رشد في أجوبته - اللوحة (63 - ب)، عاطفا على الأشياء المغصوبة "أن كانت لا زالت قائمة بعينها عند أخذها فإنها ترد إلى ربها ... وكذلك أيضًا لو أفاته الغاصب إفاتة لا تقطع تخيير صاحبه في هذه، مثل أن تكون شاة فيذبحها ... أو ثوبا فيخيطه أو ما أشبه ذلك، ولو أفاته إفاتة - تلزمه بها القيمة، أو المثل فيما له المثل ... ". ابن الحاجب اللوحة (132 - ب) "وإذا ذبح الشاة ضمن قيمتها وقال محمد إذا لم يشوها فلربها أخذها مع أرشها". المواق نقلا عن الجلاب "من غصب شاة لذبحها ضمن قيمتها، وكان له أكلها، وسمع يحيى بن القاسم من ذبح لرجل شاة، فيلزمه غرم قيمتها، لا يجوز لربها أن يأخذ فيها شيئًا من الحيوان الذي لا يجوز أن يباع بلحمها ... ". وانظر شرح الحطاب لدى قول خليل " ... وضمن بالاستيلاء، وإلا فتردد ... أو ذبح شاة" ج - 5 - 276. والزرقاني ج - 6 ص: 178 - 179. (5) ابن الحاجب - اللوحة (77 - ب) "وإذا أسلم على عشر، اختار أربعا - أوائل كن أو أواخر، فإن كان لم يدخل بواحدة منهن فلا مهر للبواقي، وقال ابن المواز: لكل واحدة خمس صداقها، لأنه لو فارق الجميع لزمه صداقان. وقال ابن حبيب نصف صداقها، لأنه في الأخبار كالمطلق ... ". ولعله يشير بـ "الأخبار" إلى حديث غيلان الذي أسلم، وله عشر نسوة أسلمن معه، فسأل الرسول صلى الله عليه وسلم في أمرهن، فقال له صلى الله عليه وسلم: "أمْسِك أرْبعًا، وَفارِقْ سَائِرَهن". انظر التوضيح ج - 1 - ورقة 33. وفي الفقر (71) ج - 2 - ص 91 من فروق القرافي، أن أبا حنيفة قال: "إن عقد عليهن عقودا مرتبة، لم يجز له أن يختار من المؤخرات لفساد عقودهن؛ بعد أربع عقود، فإن الخامسة وما فوقها باطل، والخيار في الباطل لا يجوز ... وقال الشافعي ومالك: الحكم في ذلك سواء، وله الخيار في الحالين، لأنه - عليه السلام - أطلق القول في هذه القضية ... ".

ومن غصب حليا فتغيب عنده واختار المغصوب منه القيمة، في جواز المصارفة عليها قولان، فعلى الانتقال لا يجوز صرف واحد منهما، وعلى أن لا فيجوز - وهو المشهور (¬6). ومن اشترى على اللزوم - تمر (أ) نخلة يختارها من نخلات. ومن وكله رجل على أن يسلم له في طعام أو غيره فوكل غيره على ذلك فإنه لا يلزم الموكل ما فعله الوكيل الثاني لكونه لم يلتزم ما عقد عليه إلا إذا فعله من أذن له فيه، وهو لم يأذن لوكيل الوكيل، فإذا قلنا للموكل الخيار في نقض ما فعله الوكيل الثاني فله النقض، والإجازة إذا شعر به قبل دفع رأس المال أو بعد دفعه ولم يغب عليه من هو في يديه ممن أسلم إليه، ولو لم يشعر به إلا بعد أن غاب عليه المسلم إليه، فهل للموكل الإجازة أم لا؟ منع ذلك في الكتاب (¬7)، ورآه كفسخ دين في دين: وقيل يجوز، والقولان على الأصل والقاعدة (ب). _______ (أ) كذا في (ق) (تمر) وفي (الأصل و (خ) (ثمر) والأول أنسب. (ب) كلمة (القاعدة) ساقطة في (خ). ¬

_ (¬6) ابن الحاجب - في باب الغصب - اللوحة (131 - ب): "فإن أتلف حليا فقيمته، وقيل مثله، ولو كسره أخذه وقيمة الصياغة، ولو أعاده على حاله أخذه بغير غرم، وقيل قيمته، وعلى غيرها فقيمته. ولو اشترى غير عالم بغصبه فكسره ورده على حاله لم يأخذه بغير غرم". (¬7) يعني المدونة - انظر ج - 4 - ص: 51 - 52.

تنبيه: قال ابن عطية (¬8) عند قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالةَ بِالْهُدَى}: قيل الشراء هنا استعارة وتشبيه، لما تركوا الهدى وهو معرض لهم، ووقعوا بذلك في الضلالة، واختاروها، شبهوا بمن اشترى، فكأنهم دفعوا في الضلالة هداهم إذا كان لهم أخذه، وبهذا المعنى تعلق مالك في منع أن يشترى الرجل ما تختلف آحاد جنسه، ولا يجوز فيه التفاضل. انتهى (¬9). _______ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ (¬8) تقدمت ترجمته - انظر ص: 191 رقم 14. (¬9) خ -1 - ص: 127 - 128 - نشر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.

(القاعدة السادسة والتسعون) قبض الأوائل هل هو كقبض الأواخر أم لا؟ . وقد يعبر عنها: بقبض أول متصل الأجزاء، هل هو قبض لجميعه أو لا (أ)؟

(القاعدة السادسة والتسعون) قبض الأوائل هل هو كقبض الأواخر أم لا؟ . وقد يعبر عنها: بقبض أول متصل الأجزاء، هل هو قبض لجميعه (¬1) أو لا (أ)؟ وعليه من أخذ عن دينه دابة يركبها إلى موضع ما، أو عبدا يخدمه إلى أجل ما، أو دارا يسكنها إلى أجل ما، أو ما تأخر جداده من الثمار والبقول. قال ابن القاسم - وهو المشهور -: بالمنع، (¬2) وقال أشهب وهو المنصور، واختيار ابن المواز -: بالجواز. وقال به ابن القاسم مرة، واختلف فيه قول مالك. وعليه من أجر نفسه لثلاث سنين بستين دينارا فقبضها ومر له حول، هل يزكي الستين كلها بمضي حول واحد، لأن _______ (أ) - خ - (أم لا). ¬

_ (¬1) وهي عبارة المقري في قواعده - القاعدة (606) اللوحة (40 - أ)، وذكر أثناء كلامه على القاعدة (605) اللوحة (40 - أ) أن من يعتبر القبض في لزوم الهبة، قد يعتبر قاعدة، وهو قبض أول متصل الأجزاء، هل هو قبض لجميعه أو لا؟ وعليهما اختلاف المالكية في فسخ الدين في الكراء. (¬2) انظر المدونة ج - 4 - ص: 128 - 129.

بقية الثلاث كالمقبوض (أ) أو لا؟ (¬3). وعليه لو مات المكتري قبل حلول أجل الكراء، هل يحل الكراء بموته قبل استيفاء السكنى أم لا؟ إلا أنه يلزم على طرده - أن المكتري إذا شرع في السكنى، أو الركوب أن يجب عليه نقد الكراء - على قول أشهب - أن لم يكن عرف ولا شرط، ولا نعلم من يقوله. ومن اكترى دابة مضمونة وشرع في ركوبها، جاز تأخير النقد على القول بأن قبض الأوائل قبض للأواخر، وعلى أن لا، فلا، لأنه ابتداء دين بدين (¬4). وكذلك إن (ب) هلكت المعينة في بعض الطريق، واتفقا على دابة أخرى - وقد انتقد الكراء - لم يجز عند ابن القاسم، لأنه دين في دين، إذ بقية الكراء قد صار دينا على رب الدابة، فلا يصلح أن يدفع فيه كراء دابة؛ وجاز عند أشهب، وإن _______ (أ) - خ - (كقبض). (ب) في (ق): (إذا). ¬

_ (¬3) ابن الحاجب، اللوحة (34 - أ): "ولو آجر نفسه لثلاث سنين بستين دينارا فقبضها فمر حول، فرابعها يزكى الجميع". ونقل في التوضيح 1 - ورقة 69 - أ. - عن ابن يونس أن الصواب زكاة الجميع. (¬4) خليل: ص: 227: "أو في مضمونة لم يشرع فيها إلا كراء حج فاليسير". انظر المواق ج - 5 - 393 - 394. والزرقاني مع حاشية بناني ج - 6 - ص: 3 - 4. والخرشي ج - 5 - ص: 3 - 4.

لم ينتقد جاز باتفاق - إذا علما ما يخص ما بقى من المسافة (¬5). (تنبيهان): الأول قول ابن القاسم بالمنع، في هذه مقيد بما إذا لم يكن في مفازة، وأما أن كان فيها، أو في محل لا يجد الكراء فيه، فإنه يجوز للضرورة. قال ابن حبيب (¬6): كما يجوز للمضطر أكل الميتة، انظر رسم أسلم من سماع عيسى من كتاب (جامع البيوع). ¬

_ (¬5) ابن رشد: "كراء الرواحل والدواب على وجهين: معينا، ومضمونا، فأما المعين ليجوز في النقد والأجل إذا شرع في الركوب". وهذا الكراء المعين ينفسخ فيه الكراء بموت الدابة، فإن ماتت أثناء الطريق، فأراد أن يعطيه دابة أخرى بعينها يبلغ عليها إلى منتهى غايته؛ فإن كان لم ينقد جاز لأنه كراء مبتدأ، وإن كان نقده لم يجز - لأنه يصبح فسخ دين في دين؛ إلا أن يكون في مفازة فيجوز للضرورة، إلا على مذهب أشهب فيجوز مطلقا - لأن قبض الأوائل عنده كقبض الأواخر. انظر شرح المواق لدى قول خليل - في باب الإجارة ج - 5 - ص: 425: "ودابة لركوب، وإن ضمنت لجنس ونوع وذكورة". وفصل كراء الدواب عند قوله: "وكراء دابة شهرا إن لم ينقد، والرضا بغير المعينة الهالكة أن لم ينقد، أو نقد واضطر .... " ج - 5 - ص: 436. والزرقاني مع حافية بناني ج - 7 - ص: 24. (¬6) أبو مروان عبد الملك بن حبيب السلمي القرطبي الفقيه الأديب الثقة، العالم المشاور، انتهت إليه رئاسة العلم في الأندلس بعد يحيى بن يحيى. ألف كتبا كثيرة في الفقه، والأدب، والتاريخ، منها: "الواضحة" في الفقه والسنة، لم يؤلف مثلها فيما أعلم، وكتاب في تفسير "الموطأ" وكتاب "طبقات الفقهاء والتابعين" ... (ت 238 هـ). انظر في ترجمته: طبقات الشيرازي ص: 162. المدارك 3/ 30. الديباج ص: 154. شجرة النور ص: 74.

الثاني: كان الشيخ أبو محمد عبد الحميد الصائغ (¬7) - رحمه الله - يشير إلى التردد في إجراء من اكترى دارا مدة معلومة من مشتريها، فأتى مستحق فاستحقها بعد أن مضى بعض مدة الكراء - على هذا الأصل في كراء ما بقي من المدة. هل يكون للمشتري المكرى (أ) المستحق من يديه، أو للمستحق، لأجل أنه إذا أكرى المشتري الدار، وانتقد الكراء - وهي مأمونة صارت بقية السنة كالمقبوض، كما قالوا في أرض النيل إذا رويت (¬8) أن المنافع كالمقبوضة، وإذا كانت بقية السنة في الدار المأمونة كالمقبوضة منافعها، صار ذلك كما لو أتى المستحق وقد انتقضت جميع السنة؛ قال الإمام أبو عبد الله المازري -رحمه الله-: وهذا الذي تردد فيه بعيد، كما تقتضيه جميع (ب) روايات المذهب في أحكام الاستحقاق، لأن ذلك إنما يتصور فيه قبض ما لم يوجد في أعوام (ج) أخر، مثل لو اكترى (د) داره خمس سنين بخمسين دينارا، هل _______ (أ) ساقطة في (خ). (ب) كلمة (جميع) ساقطة في (خ). (ج) في الأصل و (ق) (أحكام). وفي (خ) (أعوام) ولعلها الصواب. (د) - خ - (أكرى). ¬

_ (¬7) أبو محمد عبد الحميد بن محمد الهروي المعروف بالصائغ، الإمام المحقق، له تعليق مهم على المدونة أتم فيه الكتب التي بقيت على أبي إسحاق التونسي (ت 485 هـ). انظر الديباج - ص: 159. شجرة النور - ص: 117. (¬8) انظر الحطاب والمواق - ج - 5 - ص: 441. والزرقاني مع حاشية بناني ج 7 - ص: 47 لدى قول خليل "ويجب (النقد) في مأمونة النيل إذا رويت".

يزكي الخمسين كلها إذا مضى حول واحد، لأن بقية الخمس سنين كالمقبوض، ولا خلاف أن السنين كلها لو انقضت لوجبت زكاة الخمسين دينارا، أو يقال: لا تلزمه (أ) زكاة الخمسين دينارا، لجواز أن تنهدم الدار فيجب رد بعض ما انتقد من الكراء، ففي مثل هذا يحسن الخلاف فيما بين المكتري والمكري (¬9). وأما المستحق فلم يختلف فيه أنه من يوم الاستحقاق ملك المنافع التي توجد فيها بعد، وإذا لم يختلف في ملكه لها، لم يختلف في استحقاقه لما قابلها من النقد والكراء. _______ (أ) كذا في نسختى: ق وخ. وفي الأصل (ولا يقال تلزمه) وهو تصحيف ظاهر. ¬

_ (¬9) ابن الحاجب - اللوحة (34 - أ): ولو آجر داره كذلك (أي ثلاث سنين وقبضها ومر حول) فخامسها (أي الأقوال) تقوم سالمة، وسادسها تقوم مهدومة ... ). وانظر التوضيح ج - أ / ورقة (69 - أ).

(القاعدة السابعة والتسعون) الضرورات تبيح المحظورات (6)

(القاعدة السابعة والتسعون) الضرورات تبيح المحظورات (6) ومن ثم جاز للمضطر أكل الميتة، وشرب الخمر للغصة، ومال الغير، (2) واختلف في إباحتها للربا ونحوه كالمسافر يأتي إلى دار الضرب بتبر فيدفعه وأجرة العمل ويحسب ما نقص، ثم يأخذ في مقابلة (أ) الباقي مسكوكا، وكمسألة دار الاشقالة، (3) والسفاتج، (4) والسائس بالسالم في المسغبة، والدقيق والكعك للحاج بمثله في بلد آخر. (5) قال مالك: يتسلف ولا يشترط، والأخضر في وقت الحصاد، باليابس في المجاعات، وبيع النجاسات، ثالثها المشهور يجوز ما اختلف _______ (أ) في - خ - (مقابله). _______ (1) المقري - القاعدة (893) - اللوحة (56 - أ): من الأقوال الجمهورية: "الضرورات تبيح المحظورات". وهذه القاعدة من القواعد الأصولية الفقهية الهامة التي تنبني عليها أحكام كثيرة. انظر كتاب "الأشباه والنظائر" لشيخ زين بن نجيم ص: 43. (2) المقري في القاعدة السالفة - "وأصل ذلك ثابت في الميتة والخمر والغصة ... ". (3) دار الوزن. من شقل الدراهم وزنها. (4) السفاتج، جمع سفتجة، وهي أن تعطي مالا لرجل، فيعطيك خطا يمكنك من استرداد ذلك المال من عميل له قلب مكان آخر. وانظر شرح المواق - ج - 4 - ص: 318 - لدى قول خليل: " ... بخلاف تبر يعطيه المسافر، وأجرته دار الضرب ليأخذ زينته ... ". (5) هي نفس عبارة المقري في القاعدة الآنفة الذكر.

في نجاسته، (¬6) لا ما أجمع عليه؛ ومن ثم قيل: المشتري أعذر فيها من البائع، وأصله القياس على الرخص المباحة للضرورة كالقرض، والقراض، والجعل، والعرية، والشركة، والمساقاة (¬7). ¬

_ (¬6) ابن رشد (الحفيد): "والنجاسات على ضربين: ضرب اتفق المسلمون على تحريم بيعها، وهي الخمر، وأنها نجسة ... والميتة ... والخنزير. وأما القسم الثاني وهي النجاسات التي تدعو الضرورة إلى استعمالها كالرجيع والزبل الذي يتخذ في البساتين، فاختلف في بيعها في المذهب فقيل بمنعها مطلقا، وقيل بإجازتها مطلقا، وقيل بالفرق بين العذرة والزبل. ". انظر بداية المجتهد ج - 2 - ص: 126. (¬7) هي عبارة المقري - اللوحة (56 - أ): "قال مالك يتسلف ولا يشترط ..... والجعل والعرية والشركة والمساقاة".

(القاعدة الثامنة والتسعون) المبهمات مترددات بين الصحة والفساد، هل تحمل على الصحة أو الفساد؟

(القاعدة الثامنة والتسعون) المبهمات (¬1) مترددات بين الصحة والفساد، هل تحمل على الصحة أو الفساد؟ وعليه من اكترى كراء مضمونا، وليس العرق التقديم ولا شرطاه، فابن القاسم يفسده، وعبد الملك (¬2) والمدنيون يصححونه. ومن اشترى الثمار قبل بدو الصلاح ولم يشترط القطع ولا التبقية، فظاهر المدونة الصحة، (¬3) وقال العراقيون بالفساد. ومن ابتاع ثيابا، (أ) وسمى لكل واحد ثمنا، ولم يشترط الرجوع عند العيب والاستحقاق بالقيمة ولا بالتسمية، قال ابن القاسم - ورواه عن مالك، وقاله سحنون وأصبغ: التسمية لغو، والبيع صحيح. _______ (أ) - خ - (أثوابا). ¬

_ (¬1) أي العقود المبهمة المترددة بين الصحة والفساد، هل ترد إلى صحة أو فساد قولان. (¬2) يعني به ابن الماجشون. (¬3) أورد في التوضيح ج - 2 / ورقة 381 نص المدونة فقال: "ومن اشترى ثمرا فجده قبل زهائه، فالبيع جائز إذا لم يشترط تركه إلى زهائه". وقد نقله بالمعنى، ولفظ المدونة ج - 4/ 148: "أرأيت أن اشترى ثمرة نخل قبل أن يبدو صلاحها فجدها قبل أن يبدو صلاحها، قال: البيع جائز، إذا لم يكن كان في البيع شرط أن يتركها حتى يبدو صلاحها". ابن الحاجب - اللوحة (116 - ب): "وبيع الثمار ونحوها قبل بدو الصلاح على القطع يصح، وعلى التبقية يبطل، فإن أطلق فظاهر المدونة يصح، وقال العراقيون يبطل".

وروى ابن القاسم أيضًا أن التسمية مراعاة والبيع فاسد. ومن باع سلعة بثمن على أن يتجر له بثمنها سنة، أو آجره على أن يتجر له بهذه المائة سنة، أو يرعى له غنما بعينها سنة، ولم يشترط الخلف ولا عدمه، فابن القاسم يمنع - على أصله في المبهم، وابن الماجشون وأشهب، وابن حبيب، وأصبغ، وسحنون (أ) يجيزون، والحكم يوجب الخلف عندهم. ومن استؤجر على حمل طعام إلى بلد كذا بنصفه - ولم يشترط نقده في الحال، ولا تأخيره (¬4). _______ (أ) عبارة (أصبغ وسحنون) ساقطة في (خ). ¬

_ (¬4) المدونة ج -4/ 411 - 412.

(القاعدة التاسعة والتسعون) الدعوى هل تتبعض أم لا؟

(القاعدة التاسعة والتسعون) الدعوى هل تتبعض أم لا؟ (¬1) وعليه من (أ) أقر بالطلاق وادعى أنه على شيء وأنكرته، فقيل يلزم الطلاق بعد أن تحلف على ما قاله، وقيل القول قوله فيحلف ويستحق. (¬2) ومن قال: طلقت وأنا مجنون، أو صغير. قال ابن القاسم: لا يلزم، إذا (ب) علم أنه مجنون، وألزمه اللخمي وسحنون - وأصله تبعيض الدعوى. ومن وجدا في بيت فقالا نحن زوجان وهما غير طارئين (¬3). ومن قال: أعتقتك على مال، وقال العبد بغير شيء، فقال في الكتاب (¬4) قول العبد، وقال أشهب: السيد، كما لو قال: أنت حر وعليك كذا بخلاف الزوجة (¬5). _______ (أ) - خ - (إن). (ب) - ق - (إن). ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (716) - اللوحة (46 - ب) "اختلفوا في تبعيض الدعوى. (¬2) هي عبارة المقري "كمن أقر بالطلاق وادعى أنه على شيء وأنكرته ... فيحلف ويستحق. فالأول رآه مقرا مدعيا، والثاني رآه مقرا على صفة فلا يؤخذ إلا بها وهما أصلان" - القاعدة السالفة (اللوحة 46 - ب). (¬3) انظر الحطاب لدى قول خليل: "بخلاف الطارئين" ج 3/ 535. (¬4) يعني المدونة. (¬5) اختصر المؤلف نص المدونة، ولفظها ج -3/ 225: "أرأيت لو أن رجلا قال: أعتقت عبدي أمس فبتت عتقه على مائة دينار جعلتها عليه، وقال العبد: بل بتت عتقى على غير مال؛ القول قول العبد - عندي، ولم أسمع من مالك، قلت: أفيحلف العبد للسيد، قال: نعم، إلا ترى أنها تحلف الزوجة للزوج. وقال أشهب: القول قول السيد، ويحلف؛ إلا ترى أنه يقول لعبده أنت حر، وعليك مائة دينار فيعتق وتكون المائة عليه، وليس هو مثل الزوجة - يقول لها أنت طالق، وعليك مائة دينار فهي طالق ولا شيء عليها".

(القاعدة المائة) النهي هل يصير المنهى عنه كالعدم أم لا؟

(القاعدة المائة) النهي هل يصير المنهى عنه كالعدم أم لا؟ وعليه لو حلف ليتزوجن، فنكع نكاحا فاسدا في بره قولان، وقد تقدمت فروعه (¬1). (القاعدة الواحدة والمائة) إذا اجتمع ضراران أسقط الأصغر للأكبر (¬2) ومن ثم جبر الحق (أ) المحتكر على البيع، (¬3) وجار المسجد إذا ضاق، وجار الطريق، والساقية إذا أفسدهما السيل، وبيع الماء لمن به عطش، أو خاف على زرعه ومعه الثمن، وصاحب الفدان في قرن الجبل إذا احتاج الناس إليه. _______ (أ) - خ - (الحر). ¬

_ (¬1) راجع القاعدة الثانية "المعدوم شرعا، هل هو كالمعدوم حقيقة أم لا؟ ص: 139. (¬2) لم يذكر المقري هذه القاعدة ولعل جل مسائلها مما يدخل تحت قاعدة (212) اللوحة (17 - أ) "إذا تقابل محظوران أو مكروهان ... "، وبعض مسائل هذه القاعدة أدرجها في قاعدة (989) اللوحة (62 - أ): "شرط انعقاد البيع الرضى" إلا أنه استثنى منها من أجبره الحق على البيع لعارض من العوارض. (¬3) أي يجبر المحتكر على بيع طعامه.

وصاحب الجارية والفرس يطلبهما السلطان، (¬4) فإن لم يفعل جبر (أ) الناس (¬5) وخلع الحكمين، والأسير الكافر يطلب شراءه من ربه من له أسير مسلم بيد العدو ليفديه به، أو شرط عليه الأسير في (ب) الفداء فامتنع من هو بيده. ومن تغليب أحد الضررين ثور وقع بين غصنين، أو دينار وقع في محبرة (ج) رجل، أو دجاجة لقطت فصا، فيجبر صاحب القليل منهم على البيع لصاحب الكثير (¬6) وانظر مسألة الخوابي، والازيار (¬7) والجملين، والسنور والجدار وكذلك السفينة إذا خافوا غرقها، فإنه يرمى منها ما ثقل من المتاع ويغرم أهل السفينة ما رموا به على قيمة ما معهم من المتاع؛ (¬8) وأصل _______ (أ) في نسختي: ق - و - خ (جبر) وفي الأصل (خير) بالياء ولعله تصحيف. (ب) (في) ساقطة في (خ). (ج) في (خ) (مجمرة). ¬

_ (¬4) عبارة المقري في القاعدة الآنفة الذكر (989) "كبيع الماء لمن يعطش، أو ضاق على زرعه، والمحتكر، وجار المسجد، وصاحب الفرس أو الجارية يطلبها السلطان فإن لم يفعل جبر الناس". (¬5) عقب المقري على هذا بقوله: "هكذا في الذخيرة -يعني للقرافي وفي الإجماع لابن حزم أن هذا لا يجبر إجماعا". انظر اللوحة (62 - أ). (¬6) وانظر باقي المسائل في شرح المنجور ج - 2/ 7 - 8 م 6. (¬7) قال في التوضيح: "فرع" لو كان في الدار ازيار ونحوها فأراد البائع إخراجها فلم يسعها الباب، أو كان فيها بعير صغير فكبر ولم يخرج من الباب فقال ابن عبد الحكم: ليس على صاحب الباب قلعه، ويذبح هذا بعيره، ويكسر جداره. انظر شرح المنجور ج - 2/ 8 - م 6 - 7. (¬8) انظر الفرق الخامس والمائتين من فروق القرافي ج - 4 - ص: 8 - 10.

الشريعة قضاء العامة على الخاصة، كما في هذه المسائل. ولهذا قال المالكية تباع الدواب العادية في (أ) الزرع بموضع لا زرع فيه تتقى عليه، فإن تعذر تقدم إلى أصحابها أن يضمنوا ما أصابت ليلا أو نهارا، وإلا، فليلا - لأن عليهم حفظها (ب)، لا نهارا، (ج) لأن الغالب على أرباب الحوائط حفظها بالنهار، (¬9) وانظر (د) المعيان، (¬10) والساحر والضارب على المخطوط (¬11). _______ (أ) - خ العادية (به) في، ولعل زيادة به تحريف. (ب) - خ - (حفظهما) (ج) (لا) ساقطة في (خ). (د) - ق - (انظر). ¬

_ (¬9) المقري - القاعدة (991) - اللوحة (62 - أ): "أصل الشريعة القضاء للعامة على الخاصة، كما في هذه المسائل ولهذا تباع الدواب ... لأن الغالب على أرباب الحوائط حفظها بالنهار". (¬10) المازرى قال العلماء: ينبغي أن يتجنب من عرف بإصابته للعين ويحترز منه، لينبني للإمام أن يمنعه من مداخلة الناس، وأن يلزم بيته. انظر المنجور على المنهج المنتخب 2/ 2 - م 7. (¬11) ابن عرفة: وكان القضاة ببلدنا ينفون من ظهر عليه الضرب على المخطوط بعد تأديبه ... المرجع السابق.

(القاعدة الثانية والمائة) السكوت على الشيء هل هو إقرار به أم لا؟ وهل هو إذن فيه أم لا؟

(القاعدة الثانية والمائة) السكوت على الشيء هل هو إقرار به أم لا؟ وهل هو إذن فيه أم لا؟ (¬1) اختلفوا (أ) فيه. ومن فروعه سقوط الفخار من يد مقلبه إذا أخذه بغير إذن ربه، وتركه وهو ينظر إليه ويراه، هل يضمن أو لا؟ أو يضمن إن عنف، أو أخذها من غير مأخذها (¬2) ومنها سقوط المكيال بعد (ب) امتلائه من يد المبتاع، وقد قال بغير إذن البائع، وقلنا الكيل عليه - وهو حاضر ساكت (¬3). ومنها إذا _______ (أ) - خ - (واختلفوا). (ب) -خ - (بغير). ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (633) - اللوحة (41 - ب): "اختلف قول ابن القاسم في السكوت على الشيء هل هو إقرار به وإذن فيه أو لا؟ . (¬2) ابن عاصم: ومن يقلب ما يفيت شكله ... لم يضمن إلا حيث لم يؤذن له وقال ولده في شرح هذا البيت: من قلب ما يفيت شكله عن غير اختيار منه ولا تفريط، فلا ضمان عليه في إفاتة ذلك الشكل إلا حيث لم يؤذن له في التقليب؛ ففي سماع سحنون: وسألت ابن القاسم عن الرجل يأتي الزجاج، أو القلال ... فيقع ذلك منه فينكسر وينكسر ما تحته من الزجاج أو القلال، قال ما أرى عليه ضمان ما ناوله، ويضمن ما انكسر. قلت: فإن تناول ذلك بغير إذنه فيجعل يساومه ولم يناوله صاحب المتاع فتقع منه فتنكسر، قال: هو ضامن لما أخذ ولما انكسر أسفل منه. انظر ج 2 - ورقة 22 (مخطوط خاص). (¬3) ابن الحاجب - اللوحة (113 - ب): "والسكوت من غير عذر، والفعل الدال على الرضى كالقول".

غرس في أرض شخص أو بنى فيها، أو غرس على مائه - وهو ساكت ثم أراد المنع، فإن قلنا سكوته كالإذن، جرى الأمر في ذلك على العارية المبهمة في الجدار والعرصة، وإن قلنا (أ) ليس بإذن، فله ذلك بعد أن يحلف، وفروعه في المذهب كثيرة. قال ابن أبي زيد: وقد جعل أصحابنا السكوت كالإقرار في أمور: منها أن يقول: قد راجعت (ب) فتسكت، ثم تدعى من الغد أن عدتها كانت قد (ج) انقضت فلا قول لها. ومنها من حاز شيئًا يعرف لغيره فباعه - وهو يدعيه لنفسه والآخر عالم ساكت لا ينكر بيعه - لذلك يقطع دعواه. ومنها أن يأتي ببينة إلى رجل فيقول اشهدوا لي أن عنده كذا وكذا وهو ساكت فذلك يلزمه. ومنها مسألة الإيمان والنذور فيمن حلف لزوجته أن لا يأذن لها إلا في عيادة مريض فخرجت بغير إذنه لم يحنث، قالوا: إلا أن يسكت بعد ما رآها فإنه يحنث. ومنها مسألة كتاب اللعان في الذي يرى حمل زوجته فلم ينكره ثم ينفيه بعد ذلك حد ولا يلاعن. ومنها مسألة كتاب كراء الدور والأرضين في الذي زرع أرض رجل بغير إذنه وهو عالم ولم ينكر ذلك عليه. _______ - (أ) - ق - (وإذا قلنا). - (ب) - خ - (راجعتك). - (ج) - خ و - ق - (قد) ساقطة.

ومنها إذا تجر العبد بمعرفة مولاه وعلمه، ولا يغير ذلك ولا ينكره. ومنها إذا علم الأب والوصي بنكاح من إلى نظرهم وسكتوا. ومنها إذا سكت الغرماء عن عتق الغريم وطال ذلك، أو سكتوا حتى قسم الورثة تركة الغريم ولا مانع. ومنها مسألة الابن الصامت. (تنبيه): قال ابن رشد - في كتاب الدعوى والصلح من البيان -: لا خلاف أن السكوت ليس برضى، لأن الإنسان قد يسكت مع كونه غير راض، وإنما اختلف في السكوت هل هو إذن أم لا؟ ورجح كونه ليس بإذن بقوله (أ) - عليه السلام - في البكر: "إذنُها صُمَاتهَا (¬4) " فدل ذلك على أن ذلك خاص بها. أبو محمد صالح (¬5): ولا (ب) يختلف في السكوت الكثير، وإنما الخلاف في السكوت القريب. ابن عبد السلام الذي تدل عليه مسائل المذهب أن كل ما يدل على ما في نفس الإنسان من غير النطق فإنه يقوم مقام النطق، نعم يقع الخلاف في المذهب في فروع هل حصل فيها دلالة أم لا؟ . _______ (أ) - ق - (لقوله). (ب) - خ - (ولم). ¬

_ (¬4) وهو حديث متفق عليه. انظر منتقى الأخبار بشرح نيل الأوطار ج -6 - ص: 129. (¬5) تقدمت ترجمته. انظر ص: 333 تعليق 12.

(القاعدة الثالثة والمائة) الكتابة هل هي شراء رقبة أو شراء خدمة؟ (1)

(القاعدة الثالثة والمائة) الكتابة هل هي شراء رقبة أَو شراء خدمة؟ (1) وعليه الخلاف في زكاة فطره، (2) وإجباره على النكاح، (3) واستبرائها إذا عجزت وكانت تتصرف. وعليه من حلف بحرية عبده ليضربنه ثم لم يضربه حتى كاتبه هل يبر أم لا؟ . ابن القاسم: يبر، أشهب: لا. وعليه من ظاهر من مكاتبته ثم عجزت، فإن قلنا بالأول، فقد رجعت على ملك مستأنف فلا يلزمه الظهار، وإن قلنا بالثاني لزمه، (4) وعليه الخلاف أيضًا في غلة المكاتب إذا كان _______ (1) المقري القاعدة (771) - اللوحة (49 - ب): "اختلف المالكية في الكتابة أهي شراء رقبة أم شراء خدمة؟ " (2) ابن الحاجب: (اللوحة 41 - أ): "وتجب على سيد المكاتب على المشهور". (3) ابن الحاجب: "وجبر المالك أمة وعبدا بلا أضرار". ابن عبد السلام: مراده بالمالك الجنس فيدخل فيه الذكر والأنثى، والحر والعبد، ومن فيه عقد حرية إذا كان له النظر في ماله وهو المكاتب. انظر الحطاب ج - 3/ 424. (4) خليل: 137: "لا مكاتبة ولو عجزت على الأصح". وانظر المواق ج -4 - ص: 115 والخرشي مع حاشية العدوي ج 4 - ص: 166.

للتجارة هل تلزمه فيه الزكاة أم لا؟ (¬5) ومن أعتق أمة مكاتبه ثم عجز هل تعتق بذلك العتق الأول، أو تفتقر إلى استئناف عتق آخر. (¬6) وعليه إذا أوصى بعتق عبده، أو أوصى به لرجل، ثم كاتبه، ثم عجز في حياة السيد هل تعود الوصية فيه أم لا؟ - قولان على القاعدة. وعليه لو اشترى أحد الزوجين كتابة الآخر هل يفسخ النكاح قبل العجز (أ) أم لا؟ - بناء على أنه ملك رقبة أم لا؟ فإن عجز انفسخ اتفاقا. وعليه من كاتب عبدا صار إليه في المقاسم أو ابتاعه من دار الحرب - وعلم أنه لمسلم، وقلنا إن لربه أن يأخذه، فهل يحاسب بما أخذ من الكتابة أم لا؟ ، فإن قلنا أن الكتابة شراء رقبة كان للمستحق أن يحاسب المشتري بقدر ما أخذ من الكتابة، وإن قلنا أنها شراء خدمة لم يحاسب فيما أخذ، ولم يكن للمستحق أن يأخذه إلا بعد دفع الثمن، وعليه مكاتبة الكافر المسلم (¬7)، وعليه أيضا إذا عجز - وكان قبل الكتابة _______ (أ) - ق - (الفسخ) هو تصحيف. ¬

_ (¬5) ابن الحاجب - اللوحة (33 - ب): "وعبد التجارة يكاتب فيعجز فيباع مثله لو لم يكاتب". (¬6) قال في التوضيح ج - 1 ورقة 57 - ب: وعجزه عن الكتابة ليس باستئناف. (¬7) انظر المدونة ج - 3/ 266.

مأذونا له، هل يبقى على ما كان عليه من الإذن أو يعود محجورا عليه، وهل يعود منتزع المال أم لا؟ (¬8). (تنبيه) لم يختلفوا - فيما علمت - فيمن قال: إن كلمت فلانًا فعبدي حر، فكاتبه، ثم كلم فلانًا أنه يعتق عليه، وهو نص العتق الأول من الكتاب، (¬9) والجاري على أن الكتابة شراء رقبة أن لا عتق، كما لو باعه ثم كلم فلانًا، إلا أن يعرف بالاحتياط للعتق، ومراعاة للقول بأن الكتابة شراء خدمة. وانظر إذا مثل بعبد (¬10) مكاتبه ثم عجز بعد أن أدى السنين أرش الجناية للمكاتب. وانظر إذا وطئ أمة مكاتبه قبل العجز هل يحد أم لا؟ . ¬

_ (¬8) انظر التوضيح لدى قول ابن الحاجب - في باب الزكاة -: "وعبد التجارة يكاتب فيعجز ... " ج 1 / ورقة 57 - ب. (¬9) انظر المدونة ج - 3/ 156. (¬10) يعني مثلة غير فاسدة، وإلا فيعتق عليه كما في المدونة. انظر - ج - 3/ 219.

(القاعدة الرابعة والمائة) الكتابة هل هي من ناحية العتق، أو من ناحية البيع؟

(القاعدة الرابعة والمائة) الكتابة هل هي من ناحية العتق، أو من ناحية البيع؟ وعليه كتابة المأذون، (¬1) والمديان، (¬2) والمريض، (¬3) والمكاتب، (¬4) والأب، (¬5) والوصى، فعلى أنها من ناحية العتق فلا تجوز كتابة واحد منهم، وعلى أنها من ناحية البيع فتجوز، (أ) ولم يختلفوا في عدم جواز مكاتبة أحد المتفاوضين عبدا لتجارة، (¬6) ورأوها من ناحية العتق، والجاري على أنها بيع - الجواز واللزوم (¬7). وعليه لزوم كتابة الذمي عبده (¬8)، فعلى العتق لا تلزم، وعلى البيع تلزم. _______ (أ) -خ - (فيجوز). ¬

_ (¬1) انظر المدونة ج - 3 - ص: 259. (¬2) انظر المدونة ج - 3 - ص: 264. (¬3) انظر المدونة ج - 3 - ص: 278. (¬4) انظر المدونة ج - 3 - ص: 264. (¬5) انظر المدونة ج - 3 - ص: 260. (¬6) انظر المدونة ج - 3 - ص: 260. (¬7) انظر المدونة -باب الشركة ج -5/ 80. (¬8) انظر المدونة ج - 3 - ص: 267.

(تنبيه): قال الشيخ أبو الحسن اللخمي -رحمه الله-: أما إن كانت الكتابة على الخراج أو ما قاربه، فهي من ناحية العتق، والعتق بابه باب الهبات، وما لم يخرج على (أ) عوض فله الرجوع عنه، ولا يجبر على الوفاء به؛ وإن كان (ب) أكثر من الخراج بالشئ الكثير، كانت من ناحية البياعات والمعاوضات، فيحكم بينهم إذا امتنع السيد من الوفاء، كما يحكم في البيع. _______ (أ) - ق - (عن). (ب) - ق - (كانت).

(القاعدة الخامسة والمائة) القسمة هل هي تمييز حق أو بيع؟

(القاعدة الخامسة والمائة) القسمة هل هي تمييز حق أو بيع؟ (¬1) وعليه إذا اشترى أحد (أ) الورثة قدر ماله من الحلى وكتبه على نفسه وتفاصلوا، فإن قلنا بالتمييز جاز، وإن قلنا بالبيع امتنع لتراخي المحاسبة. قال في الكتاب: ولأنه لو تلف بقية المال لرجع على المشتري فيما أخذ (¬2)، وعليه أيضا قسم الورثة أضحية موروثهم أو انتفاعهم (ب) بها شركة، (¬3) وجواز قسمها رواية مطرف، وابن الماجشون، عن مالك؛ _______ (أ) - خ - (واحد). (ب) - خ - (وانتفاعهم). ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (875) اللوحة (55 - أ) "اختلف المالكية في القسمة هل بيع أم تمييز حق؟ " (¬2) انظر المدونة -كتاب الصرف ج 3/ 413. (¬3) ابن الحاجب: "ثم في جواز قسمتها (الأضحية) والانتفاع بها بشركة - قولان، بناء على أن القسمة تمييز حق أو بيع. انظر التوضيح ج 1 - ورقة 133 - أ.

وعيسى عن ابن القاسم، ومنعه في كتاب محمد (¬4). وعليه أيضًا قسمة الشريكين ما ملكاه (أ) من معدن الذهب، أو الفضة (ب) كيلا، فإن قلنا هي بيع من البيوع فيحاذر فيه الوقوع في الربا، لأنه قد يصفو لأحدهما من الذهب أكثر مما يصفو للآخر أو أقل، وإن كلنا بأنها تمييز حق فيتساهل في ذلك. _______ (أ) - ق - (صنعاه). (ب) - خ - (والفضة). ¬

_ (¬4) هذه عبارة خليل في التوضيح ج -1 - ورقة 133 - أ: "وأما قسمتها فروى مطرف، وابن الماجشون عن مالك، وعيسى عن ابن القاسم إجازة ذلك ومنع منه في كتاب محمد". ولعله يعني بمحمد هذا - ابن المواز صاحب كتاب الموازية وقد تقدمت ترجمته - انظر ص: 181 رقم: 3.

(القاعدة السادسة والمائة) الشفعة هل هي بيع أو استحقاق؟

(القاعدة السادسة والمائة) الشفعة هل هي بيع أو استحقاق؟ اختلفوا فيه - والمشهور الأول، وعليه من ابتاع شقصا من دار وعروضا صفقة، والشخص جل الصفقة، هل للمبتاع رد العرض على البائع إذا أخذ الشفيع بالشفعة لاستحقاق جل صفقته، بناء على أنها استحقاق، أولًا - لأنها بيع مبتدأ؛ (¬1) وعليه أيضًا هل يشفع قبل معرفة ما ينوب الشقص من الثمن أم لا؟ فعلى أنها بيع لا، وعلى أنها استحقاق نعم. وهذا (أ) اختيار اللخمي، والأول اختيار عبد الحق (¬2). وعليه لو اختلعت لزوجها بشقص هل للشفيع الشفعة قبل معرفة القيمة أم لا؟ (¬3). _______ (أ) خ - (هذا) بدون واو. ¬

_ (¬1) انظر المدونة ج - 5/ 407. (¬2) أبو محمد عبد الحق بن محمد بن هارون الصقلي الإمام الفقيه الحافظ تفقه بشيوخ القيروان وصقلية، ثم رحل إلى المشرق فحج ولقى كبار المشايخ وأخذ عنهم، ثم حج ثانية فلقي إمام الحرمين بمكة سنة 450 هـ فباحثه وسأله عن مسائل ذكرها المؤلف في كتابه (المعيار). ولعبد الحق تأليف منها: كتاب النكت والفروق لمسائل المدونة، وكتاب تهذيب الطالب، وله أيضًا استدراكات على (تهذيب) البرادعي وقد تولى سنة 466 هـ. انظر ترجمته في: ترتيب المدارك ج 4/ 474، والديباج ص: 174، وشجرة النور ص: 117. (¬3) المشهور أنه لا يجوز له الاستشفاع إلا بعد معرفة القيمة. انظر الحطاب والمواق ج 5/ 317 لدى قول خليل: "أو قيمة الشقص في كخلع". والخرشي مع حاشية العدوي ج 4 - ص: 381.

وعليه من ابتاع دارا ثم استحق شقص منها بعد أن نقضها المبتاع، وباع النقض، هل يفوت النقض بالبيع، ويأخذ الشفيع الشفعة بما ينوبها من الثمن أو لا تفوت الأنقاض بالبيع، وللشفيع أخذها بالشفعة من يد مشتريها من مشتري الدار الناقض لها، ؟ لعلى أنها بيع تفوت الأنقاض بالبيع، وعلى أنها استحقاق لا تفوت بالبيع (¬4). وعليه من ابتاع شقصا قد بذره البائع هل يدخل البذر في الشفعة - وهو الأصح، أم في (أ)؟ وكذا أن بذره المبتاع ولم ينبت، فعلى أنها بيع فللشفيع، وعلى أنها استحقاق فللمبتاع، وعليه الوصى إذا ترك الأخذ بالشفعة لمن إلى نظره - والأخذ نظر (¬5). (تنبيه) قالوا: ولا يلزم المفلس أن يشفع (¬6) وإن كان في الأخذ بالشفعة، ربح لأنه تكسب وتجر، وهو غير لازم، ولأنه تلزمه العهدة بالشفعة، والجاري على أنها استحقاق اللزوم فانظره. _______ (أ) ق. د (أو لا؟ ). ¬

_ (¬4) ابن الحاجب - اللوحة (134 - أ): "وفي بيع الحصة المستشفع بها قولان". خليل: ص: 216 "أو باع صحته". وانظر الحطاب ج - 5 ص: 321، والخرشي مع حاشية العدوي ج - 4 ص: 387، والزرقاني مع حاشية البناني ج 6 ص: 181. (¬5) قال عمران: وهو ظاهر المدونة، وهو نص المجموعة: لا شفعة للمحجور إذا رشد، لأنه لا يلزمه أن يتجر له، فجعلها من ناحية البيع. ولابن فتوح الأخذ بالشفعة، فجعلها استحقاقا. وانظر الحطاب ج - 5 - ص: 321. (¬6) ابن الحاجب - اللوحة (123 - أ): "ولا يشفع ولا يتسلف ولو بذل له ... ".

(القاعدة السابعة والمائة) المصنوع هل يكون قابضا للصنعة، وإن لم يقبضه وبه أو لا يستقل بقبض الصنعة إلا بقبض ربه؟

(القاعدة السابعة والمائة) المصنوع هل يكون قابضا للصنعة، وإن لم يقبضه وبه أو لا يستقل بقبض الصنعة إلا بقبض ربه؟ وعليه خلاف ابن المواز، وابن القاسم في وجوب الأجرة إذا ثبت ضياع المصنوع (¬1). ¬

_ (¬1) يعني بالصانع هنا الصانع العام الذي نصب نفسه لجميع الناس، وهو الذي يضمن، إلا أن تقوم بينة بتلفه بغير سببه؛ أما الصانع الخاص فإنه لا ضمان عليه وهو مصدق. انظر شرح ولد ناظم التحفة لدى قوله: (وصانع لم ينتصب للعمل ... ) ج -2 ورقة (115 - أ). ابن رشد (الحفيد): اختلف أصحاب مالك إذا قامت البينة على هلاك، المصنوع، وسقط الضمان عنهم (الصناع) هل تجب لهم الأجرة أم لا؟ إذا كان هلاكه بعد إتمام الصنعة، أو بعد تمام بعضها فقال ابن القاسم: لا أجرة لهم، وقال ابن المواز: لهم الأجرة ووجه ما قال ابن المواز: أن المصيبة إذا نزلت بالمستاجر فوجب أن لا يمضى عمل الصانع باطلا، ووجه ما قال ابن القاسم: أن الأجرة إنما استوجبت في مقابلة العمل ... وقول ابن المواز أقيس. وقول ابن القاسم أكثر نظرا إلى المصلحة ... انظر بداية المجتهد ج -2 - ص: 233.

(القاعدة الثامنة والمائة) الأصل بقاء ما كان على ما كان

(القاعدة الثامنة والمائة) الأصل بقاء ما كان على ما كان (¬1) فإذا اختلفا في القبض، فالقول قول البائع في الثمن، والمبتاع في المثمون، إلا أن يبين بنحو البقل واللحم مما العادة فيه سرعة القبض، فإن القول قوله - عند مالك - في دفع الثمن، فإن قبض ولم يبين فقولان للمالكية، أو يأتي من الزمان ما لا يمكن الصبر إليه، أو ما ينكر مثله في ذلك البيع، فالقول قول المشتري في دفع الثمن عندهم أيضا: ويرجع في قبض المثمون إلى العادة، وإذا اختلفا في انقضاء الأجل وانقطاع الخيار فالقول قول مشترطه، إلا بقول أو فعل يدل على إسقاطه، فإن احتمل فالأصل البقاء (¬2). وكذلك إذا اختلف البائع والمبتاع في مضى أمد العهدة فإن فيه قولين: - أحدهما تصديق البائع، لأن المشتري يحاول نقض بيع قد انعقد. ¬

_ (¬1) ابن الحاجب - اللوحة (118 - أ): "وإذا اختلفا في قبض الثمن أو السلعة فالأصل بقاؤهما، ويحكم بالعرف في بعضها كاللحم والبقل ... ويرجع إلى العواند، والمثمون كذلك ... " وانظر التوضيح ج -2 - ورقة 391 - 392. (¬2) ابن الحاجب - اللوحة (118 - أ): "وإذا اختلفا في انتهائه (الأجل) فقط فالقول منكر التقضي".

- والآخر أن القول قول المشتري - استصحابا للأصل - وهو كون الضمان من البائع (¬3). وكذلك لو باع عبدا فتبرأ في العقد من الإباق (¬4) ففيه قولان: - أحدهما أن إثبات خروجه سالما من العهدة على - البائع - استصحابا لحال الضمان، وهي رواية ابن نافع عن مالك في المدونة (¬5). - والثاني أن على المشتري إثبات (أ) أنه قد هلك في العهدة، وبه أخذ ابن القاسم (¬6). وكذلك لو اختلف المتبايعان في عبد بالخيار: هل مات في أيام الخيار أو بعد ذهابها، ففيه أيضًا قولان: سببهما استصحاب حال كون البيع منعقدا، أو استصحاب حال ثبوت الضمان؛ وكذلك لو اختلفا في تاريخ انعقاد البيع وتداعيا في _______ (أ) كلمة (إثبات) ساقطة من (خ). ¬

_ (¬3) انظر التوضيح لدى قول ابن الحاجب: "وما يطرأ أو احتمل فيها أو بعدها فمن المشتري على الأصح" ج 2 / ورقة 361 - أ. (¬4) انظر شراح التحفة لدى قول الناظم: والبيع مع براءة أن نصت ... ................. (¬5) انظر المدونة ج -4 - ص: 348، وشرحي الحطاب والمواق ج - 4 ص: 473 - 475. (¬6) انظر حاشية بناني على الزرقاني ج -5 - ص: 133.

قدم البيع وحدوثه - أن القول قول البائع - استصحابا لكون البيع منعقدا، فلا ينتقض بالدعوى؛ وكذلك لو زعم المشتري على رؤية متقدمة - أن المبيع تغير عن حالته الأولى إلى ما هو أدون، فقال ابن القاسم: القول قول البائع، وقال أشهب: قول المشتري (¬7) - بناء على أن الأصل بقاء ما كان على ما كان، أو الأصل براءة ذمة المشتري من الثمن. ¬

_ (¬7) اللخمي: من ابتاع سلعة على رؤية تقدمت، فلما رآها قال: تغيرت، فإن قرب ما بين الرؤيتين بحيت لا يتغير في مثله، فالقول قول البائع مع يمينه، وإن بعد بحيث لا يبقى على حاله قبل قول المشتري، وإن أشكل الأمر، فقال ابن القاسم: القول قول البائع، خلافا لأشهب ... انظر المواق والحطاب ج -4 - ص: 295 - والزرقاني مع حاشية بناني ج -5 ص: 37 لدى قول خليل: "وبقاء الصفة أن شك".

(القاعدة التاسعة والمائة) المعرى هل يملك العرية بنفس العطية أو عند كمالها؟

(القاعدة التاسعة والمائة) المعرى هل يملك العرية بنفس العطية أو عند كمالها (¬1)؟ وعليه من عليه (أ) السقي والزكاة، والأصل كونها على ملك المعطي (¬2) إلا أن تثبت (ب) عادة فتكون على المعطى (¬3). _______ (أ) عبارة (من عليه) ساقطة في (خ). (ب) -خ - (يثبت). ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (980) - اللوحة (61 - ب): "اختلفوا متى يملك المعرى العرية، أبنفس العطية، أم عند كمالها؟ " (¬2) المعطي - الأولى بالكسر، والمعطى الثانية - بالفتح كما لا يخفى. (¬3) هي عبارة المقري في القاعدة الآنفة الذكر: (وعليه الخلاف فيمن عليه السقي والزكاة، والأصل كونها على ملك المعطى، إلا أن يثبت عادة، فتكون على المعطى، ولهذا التفت من فرق بين أن تكون في يد المعطى أو في يد غيره).

(القاعدة العاشرة والمائة) من ملك ظاهر الأرض هل يملك باطنها أم لا؟

(القاعدة العاشرة والمائة) من ملك ظاهر الأرض هل يملك باطنها أم لا (¬1)؟ وهو المشهور - وعليه الركاز والحجارة المدفونة، والزرع الكامن (¬2) بخلاف المخلوقة فإنها تندرج في لفظ الأرض، والزرع الظاهر فإنه لا يندرج كمأبور (¬3) الثمار (¬4). ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (1090) - اللوحة (63 - ب): اختلف المالكية فيمن ملك ظاهر الأرض هل يملك باطنها أو لا؟ (¬2) ابن الحاجب - اللوحة (116 - ب): "ولا يشمل الزرع الظاهر، وفي الباطن روايتان، ولا الحجارة المدفونة على الأصح". وانظر التوضيح ج - 2 - ورقة 379 - ب. (¬3) ابن الحاجب - اللوحة (116 - ب): "ولا يندرج المأبور والمنعقد إلا بشرط". وانظر التوضيح ج - 2 / ورقة (379 - أ). (¬4) هي عبارة المقري في القاعدة الآنفة الذكر: (وعليه الحجارة المدفونة، والزرع الكامن بخلاف المخلوقة فإنها تندرج في لفظ الأرض، والزرع الظاهر فإنه لا يندرج كمأبور الثمار". القرافي: قال صاحب الجواهر وغيره ... وبيع الأرض يندرج تحته الأشجار والبناء، دون الزرع الظاهر - كمأبور الثمار، فإن كان كامنا في الأرض اندرج على إحدى الروايتين، كما تندرج الحجارة المخلوقة فيها دون المدفونة، إلا على القول بأن من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها ... انظر الفرق 199 من فروق القرافي ج 3 ص: 283، 289.

(تنبيه) من ملك أرضا ملك أعلاه - ما أمكن، ولم يخرج عنه إلا إخراج الرواشن والأجنحة على الحيطان إلى طريق المسلمين إذا لم تكن مسندة الأسفل، لأن الأفنية (أ) هي بقية الموات الذي كان قابلا للإحياء، وإنما منع الإحياء فيه لضرورة السلوك، وربط الدواب وغير ذلك؛ ولا ضرورة في الهوى فيبقى على حاله مباحا في السكة (ب) النافذة. _______ (أ) - خ - (الأبنية). (ب) - ق - (السكك).

(القاعدة الحادية عشرة والمائة) العادة هل هي كالشاهد، أو كالشاهدين؟

(القاعدة الحادية عشرة والمائة) العادة هل هي كالشاهد، أو كالشاهدين (¬1)؟ وعليه من أنكح ابنه البالغ - وهو ساكت حتى إذا فرغ أنكر بحدثان ذلك، فاستحلف أنه لم يرض فنكل، فإن قلنا كالشاهدين لزمه النكاح، وعليه نصف الصداق وإلا لم يلزمه وعليه أيضًا لزوم اليمين لمن قضى له من الزوجين بما يعرف أنه له (¬2). ومن قضى له بالجدار للقمط (¬3) والعقود، والوكاء، والطاقات، ومغارز الخشب، ووجوه الحيطان، ومعرفة العفاص، (¬4) والوكاء (¬5) في اللقطة وإرخاء الستر (¬6) - مع التنازع في المسيس (¬7). ¬

_ (¬1) المقري - القاعدة (596) - اللوحة (39 - ب): "اختلفوا في العادة، هل هي كالشاهد أو كالشاهدين ... ". (¬2) المقري في القاعدة السالفة "فإذا أنكح ابنه البالغ وهو ساكت ... ومن هذه لزوم اليمين لمن قضى له من الزوجين بما يعرف أنه للنساء أو للرجال ... ". ابن الحاجب - اللوحة (74 - أ): "ومن زوج ابنه البالغ أو أجنبيا حاضرا أو غائبا فقال: ما أمرته حلف وسقط الصداق، فإن نكل؛ فقيل يلزمه النكاح، وقيل: لا يلزمه شيء، وقيل: تطلق عليه، ويلزمه نصف الصداق ... ". (¬3) القمط جمع قماط، يراد به هنا ملتقى الجدارين ... فيحكم للذي تليه معاقط القمط، ومنه حديث شريح - انظر التاج (قمط). (¬4) العفاص، الوعاء أو الكيس الذي تكون فيه اللقطة. (¬5) الوكاء: جمع أوكية: وهو رباط القربة ونحوها، أو كل ما شد رأسه من وعاء ونحوه. انظر الزرقاني ج -4 - ص: 111، والخرشي ج -5 - ص: 121 عند قول خليل - في باب اللقطة: "ورد بمعرفة مشدود فيه، وبه ... ". (¬6) كناية عن الاختلاء بالزوجة. (¬7) ابن الحاجب - اللوحة (76 - أ): "فلو ادعت الوطء بعد الدخول وأنكره فثالثها لابن القاسم؛ إن كان بعد الطلاق فالقول قولها، ورابعها يبنى على المسيس في الصداق".

والرهن مع الاختلاف في قدر الدين، (¬8) وتعلق المرأة بالرجل - وهي تدمي، هل لها صداق، أو لا صداق لها (¬9) - وإن كان أشر من عبد الله الأزرق في زمانه، ؟ (¬10) ثم هل بيمين، أو بغير يمين - قولان على القاعدة؟ . واليد مع مجرد الدعوى، أو مع تكافؤ البينات، ونكول المدعى عليه، وبنى هذا أيضًا على الخلاف في النكول هل هو كالإقرار أم لا؟ (¬11). (تنبيه): قال بعضهم (¬12): العادة عند مالك كالشرط، تقيد المطلق، وتخصص العام، وخالفه غيره. فإن ناقضت أصلا ¬

_ (¬8) انظر شرح ولد الناظم ج -1 - ورقة 173 - عند قول والده: وفي اختلاف راهن ومرتهن ... في عين رهن كان في حق رهن (¬9) انظر المواق ج - 5 ص: 292، والزرقاني ج -6 - ص: 155 - عند قول خليل "وإن ادعت استكراها على غير لائق". (¬10) مسألة أبي الخير - عبد الله الأزرق - الملقب بأبي الشر وقعت أيام الحكم المنتصر بالله - في الأندلس. انظر تفاصيلها في نوازل ابن سهل، مخطوط الخزانة العامة بالرباط رقم (ق 86) وراجع أزهار الرياض - للمقري - ج -1 - ص: 221. (¬11) جعلها المقري قاعدة خاصمة وهي القاعدة (595) - اللوحة (39 - ب): "واختلفوا في النكول، هل هو كالإقرار أم لا؟ ". (¬12) يعني به المقري - صاحب القواعد، إذ قال في القاعدة (635) - اللوحة (41 - ب) "العادة عند مالك كالشرط، تقيد المطلق، وتخصص العام، وخالفه غيره، لاختلاف الأقاليم، في كونه معرة أم لا؟ ".

شرعيا كغلبة الفساد، مع أصل الصحة فقولان، وقد تختلف فيختلف لذلك، ككفارة المولى، والعبد، والفقير، لاختلاف الأقاليم في كونه معرة (¬13) أو في (أ)؟ . _______ (أ) - خ - (أم لا). ¬

_ (¬13) ذكر الحافظ ابن حجر - في الفتح، عند كلامه على "باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم - نقلا عن القاضي الحسين الشافعي أنه قال: "أن الرجوع إلى العرف إحدى القواعد الخمس التي ينبني عليها الفقه.". فانظره.

(القاعدة الثانية عشرة والمائة) زيادة العدالة هل هي كالشاهد أو كالشاهدين؟

(القاعدة الثانية عشرة والمائة) زيادة العدالة هل هي كالشاهد أو كالشاهدين؟ وعليه القضاء بالأعدل في النكاح، وفيما ليس بمال (¬1). (القاعدة الثالثة عشرة والمائة) الجزء المشاع هل يتعين أم لا (¬2)؟ وعليه من حلف بحرية شقص له في عبد - إن فعل كذا، ثم باع شقصه من غير شريكه، ثم اشترى شقص شريكه، ثم فعل ذلك هل يعتق عليه أم لا (¬3)؟ ومن غلبت عليه الخوارج، (¬4) فأخذوا زكاته، أو خراجه، هل يؤخذ منه ثانيا أم لا". ¬

_ (¬1) ابن الحاجب - اللوحة (72 - ب): "ولو شهدت بينتان منتاقضتان تساقطتا، ولا يقضى بالأعدل -يعني في النكاح- بخلاف البيع. وقال سحنون: يقضي بالأعدل كالبيع، إذا اختلف المتبايعان في الثمن، وأقاما بينتين، قضى بأعدلهما، وفي اليمين منه قولان على الأصل". وانظر شرح المواق ج -6 - ص: 207 لدى قول خليل: "وبمزيد - عدالة لا عدد ... ". (¬2) أي هل يتميز في الحكم أم لا" (¬3) قال في المدونة ج -3 - ص: 157 "ولا يعتق عليه". (¬4) أطلق المؤلف، والصواب تقييده بالمتأولين، كما للشارمساحي على المدونة، وفسر أبو الحسن الصغير الخوارج -هنا- بالذين خرجوا على أهل السنة. قال الشارمساحي: هم من يدعي أنهم أولى بالإمامة لنسبه أو علمه، وهؤلاء متأولون. انظر المنجور على المنهج المنتخب ج -1 - ص: 5 م 24.

ومن باع نصف عبد يملك جميعه، ثم استحق نصفه، هل يجري الاستحقاق فيما بيع وفيما بقي؟ (أ) أو إنما يقع الاستحقاق في الباقي - والبيع منعقد في النصف المبيع؟ (¬5) ومن غصب جزءًا مشاعا هل يتعين ذلك الجزء بالغصب، أو الغصب طرأ على الجميع؟ وكذلك من ارتهن جزءًا مشاعا (ب) أو وهب له، أو تصدق به عليه، ولم يرفع الراهن ولا الواهب، ولا المتصدق - يده، هل يصح حوزه أم لا؟ . ومن ساق إلى زوجه نصف أملاكه مشاعا، (ثم باع جزءًا منها مشاعا) (ج)، أفتى ابن القطان (¬6) بأن البيع شائع في الجميع، وإن للمرأة أن ترجع في نصف المبيع. وأفتى ابن عتاب (¬7) أن كان الذي باع الزوج على ملكه النصف فأقل فلا كلام لها إلا في الشفعة، وإن كان أكثر من النصف - مثل أن يبيع ثلاثة أرباع، فلها الرجوع في الزائد على نصف المبيع، وما كان فعلى هذا الترتيب. ¬

_ (أ) - خ - (وإنما). (ب) عبارة (هل يتعين ذلك الجزء ... مشاعا) ساقطة في (خ) ولعل الناسخ أغفلها. (ج) ما بين قوسين ساقط في الأصل، ثابت في ق - خ.

(تنبيه): على هذا الخلاف، جاء جواب الشيخ أبي محمد بن أبي زيد -رحمه الله وعفر له- قال في غرائب الأحكام": (¬8) سئل ابن أبي زيد عن دار بين رجلين مشاعة، فعدا على أحدهما غاصب قاهر فغصبه نصيبه مشاعا، هل للآخر أن يكرى نصيبه أو يبيعه أو يقاسم فيه؟ فأجاب: إنه لا سبيل إلى القسم فيه - ما دام الأمر ممتنعا في الأحكام، وله أن يبيع نصيبه أو يكريه؛ وقد اختلف في الكراء والثمن هل للمغصوب منه فيه مدخل؟ فقيل: إنه يدخل معه فيه إذا لم يتميز نصيب المغضوب، وقيل: لا مدخل له معه - إذ غرض الغاصب هذا دون هذا - وهذا أشبه بالقياس. (تنبيه): ثان: لم يزل نكير (أ) الشيوخ يشتد على الشيخ أبي الحسن الصغير في قوله لم أقف على نص في مسألة الغاصب إلا (ب) ما يستقرأ من هذه النظائر، فإنها في أسئلة (ج) القفصي وذكر فيها قولين، وإن الصحيح لا يمتاز، والقياس عند أبي محمد الامتياز، وبعد وقوفك على هذا لا يخفى عليك ما على الشيخ أبي الحسن -رحمه الله- من درك القصور - والله أعلم. _______ (أ) - خ - (تنكير). (ب) - خ - (ولا). (ج) في الأصل وخ (أسؤلة). ¬

_ (¬8) من مؤلفات أبي مطرف الشعبي، ذكره الونشريسي - صاحبنا - ضمن مراجع كتابه (المنهاج الفائق). انظر الملزمة 5 - صفحة 2.

(القاعدة الرابعة عشرة والمائة) مضمن الإقرار هل هو كصريحه أم لا؟

(القاعدة الرابعة عشرة والمائة) مضمن الإقرار هل هو كصريحه أم لا؟ وعليه من أنكر أمانة ثم ادعى ضياعها أو ردها لما قامت عليه البينة، ثالثها يقبل في الضياع دون الرد، (¬1) ومن أنكر شيئًا في الذمة، (أ) أو أنكر الدعوى في الربع، أو ما (ب) يفضى إلى الحدود، ثم رجع عن إنكاره - لأمر ادعاه، وأقام عليه بينة، ثالثها يقبل منه في الحدود دون غيرها، ورابعها وفي الأصول دون الديون وغيرها من المنقولات، ومن شهد أن شريكه في العبد أعتق حصته (¬2) والشريك موسر، هل يكون نصيب الشاهد حرا - لأنه أقر أن ما له على الشريك المعتق - قيمة (ج)، _______ (أ) في - خ - (ثم). (ب) في - خ - (فيما). (ج) - خ - (إلا القيمة). ¬

_ (¬1) في المسألة ثلاثة أقوال: الأول، القبول مطلقا، الثاني عدم القبول مطلقا، الثالث القبول في التلف دون الرد، وإلى تشهير القولين الأولين أشار الشيخ خليل بقوله - في باب الوديعة -: "وبجحدها ثم في قبول بينة الرد خلاف ... ". وانظر شرح المواق ج - 5 ص: 258، وشرح الزرقاني مع حاشية بناني 6/ 119، والخرشى مع حاشية العدوي ج - 4 ص: 329. (¬2) يعني وأنكر الشريك.

أو لا يكون حرا؟ قولان في المدونة (¬3) وهما على القاعدة. ومن أقر أو شهد أن أباه أعتق هذا العبد في صحته، أو في مرضه - والثلث يحمله، والورثة منكرون لم تجز شهادته، ولا إقراره، ولا يقوم عليه إذا لم يعتق، وجميعه رقيق؛ وهل له استخدامه في يومه (أ) أو لا؟ قولان (¬4) على القاعدة. والشريكان في العبد يحلف أحدهما بحريتها إن كان دخل المسجد، ويحلف الآخر لقد دخل. فإن قلنا مضمن الإقرار كصريحه عتق عليهما - إن كانا موسرين، لأن كل واحد منهما يقطع بحنث صاحبه، وإنما له عليه قيمة حصته، وإن قلنا أن مضمن الإقرار ليس كصريحه فلا عتق وهو المشهور (¬5) في هذه. _______ (أ) - خ - (أم لا). ¬

_ (¬3) قال في المدونة ج - 3/ 226: "أن كان الذي شهد عليه موسرا، لم أر أن يسترق نصيبه، ورأيت يعتقه لأنه جحده قيمة نصيبه منه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقوم عليه، وإن كان الذي شهد عليه معسرا، لم أر أن يعتق عليه في نصيبه شيء لأنه لا قيمة عليه ... قال: وهذا أحسن ما سمعت. قال سحنون - وقد قال هو وغيره: لا تجوز الشهادة - كان المشهود عليه موسرا أو معسرا، وهو أجود قوله، وعليه جميع الرواة ... ". خليل: ص: 279: وإن شهد على شريكه بعتق نصيبه، فنصيب الشاهد حر - أن أيسر شريكه، والأكثر على نفيه - كعسره". وانظر المواق 6/ 340. (¬4) خليل ص: 279: "وإن شهد أحد الورثة أو أقر أن أباه أعتق عبدا لم يجز، ولم يقوم عليه". وانظر المواق 6/ 340، والزرقاني مع حاشية بناني ج - 8/ 141، والخرشي 5/ 374. (¬5) انظر المدونة ج - 3 ص: 174.

(القاعدة الخامسة عشرة والمائة) الأرض هل هي مستهلكة (أ) أو مربية؟

(القاعدة الخامسة عشرة والمائة) الأرض هل هي مستهلكة (أ) أو مربية؟ وعليه كراؤها بما تنبت غير الخشب وبالطعام مطلقا (¬1). (القاعدة السادسة عشرة والمائة) الحكم هل يتناول الظاهر والباطن، أم لا (ب) يتناول إلا الظاهر فقط؟ - وهو الصحيح (¬2) وعليه إذا قضى للمطلقة بالنفقة (ج) لظن الحمل، ثم تبين أن لا حمل، في نقض (¬3) القضاء قولان (¬4). _______ (أ) - خ - (أم). (ب) - ق - (أو). (ج) - خ - زيادة (للمطلقة). ¬

_ (¬1) ابن الحاجب - اللوحة (139 - ب): "ولا يجوز كراء الأرض بشيء من الطعام كان مما تنبته، الأرض أو مما لا تنبته، ولا بما تنبته من غير الطعام كالقطن والكتان ... ويجوز بالقصب والخشب ... " وعليه فالمشهور عدم الجواز وانظر المنجور ج 2، ص: 5 م 2. (¬2) المقري - القاعدة (631) - اللوحة (41 - أ): "اختلف المالكية في الحكم هل يتناول الظاهر والباطن أو لا يتناول إلا الظاهر فقط؟ وهو الصحيح". (¬3) أي لأنه لا يحل حراما، ولا يحرم حلالا، كما في الحديث الصحيح. (¬4) المقري في القاعدة الآنفة الذكر (اللوحة 41 - أ): "فإذا قضى للمطلقة بنفقة لظن الحمل، ثم تبين أن لا حمل، ففي نقص القضاء قولان قال: ويلزم المجيز ومذهب الحنفية الشنيع ... ".

وعليه من أوصي له بنفقة عمره، فدفعت له نفقة سبعين سنة بالتعمير، ثم زاد عليها عمره؛ في نقض القضاء ورجوعه علي الورثة أو أهل الوصايا، قولان لأشهب وابن القاسم. وعليه لو كان (أ) مال السيد مأمونا أضعاف قيمة المدبر، والموصي بعتقه، وقلنا بحريتهما بنفس الموت من غير نظر في الثلث، ثم أجيح المال بعد ذلك؛ ففي إمضاء العتق ونقضه قولان لابن القاسم وأشهب. وعليه إذا أسلم عبد النصراني -وسيده بعيد الغيبة- فباعه السلطان، ثم قدم فأثبت أنه أسلم قبله، (¬5) فقال في الكتاب ينقض البيع، وإن عتق نقض عتقه. ومن ابتاع أمة ولم يعلم بعيبها حتى كاتبها فأخذ قيمة العيب ثم عجزت، قال بعض القرويين ذلك حكم مضي. وعليه إذا ابتاع عبدا ثم باعه بمثل الثمن فأكثر، ثم رجع إليه بشراء أو ميراث أو هبة- وهو بحاله لم يتغير، فأراد رده بالعيب علي بائعه وقد كان حكم عليه قبل أن يرجع إليه- أن لا يرجع بشيء لخروجه من يده بالبيع بمثل الثمن فأكثر (¬6). _______ (أ) كلمة (مال) ساقطة في (خ). ¬

_ (¬5) أي أسلم السيد النصراني قبل إسلام عبده فوجب نقض البيع الذي تولاه السلطان في غيبته. (¬6) أي فلا قيام له، وإن لم يكن حكم عليه فله القيام. قاله ابن حبيب. أبو محمد: هذا بعيد من أصولهم. ابن يونس: يريد أبو محمد أن له الرد مطلقا. لارتفاع الحكم بارتفاع علته. انظر المنجور علي المنهج المنتخب ج- 1/ 2 م 4.

وعليه إذا ابتاع عبدا ثم باع نصفه من أجنبي، ثم علم بالعيب فاختار البائع أن يفرم نصف قيمة العيب؛ (أ) ثم بعد غرمه لنصف (ب) القيمة، رجع العبد إلي يد المشتري؛ هل للبائع أن يقول: إنما غرمت لك نصف قيمة العيب لتبعيض العبد- والآن قد صار في يدك جميعه، فإن شئت فرد إلي جميعه- وخذ ثمنك، أو احبس ورد علي نصف قيمة العيب التي أخذت مني؟ وللمشتري أيضا أن يفعل ذلك- وإن أباه البائع، أو حكم مضي ليس لأحدهما نقضه، في ذلك قولان (¬7). وعليه من ابتاع عبدا بالبراءة من الإباق، فأبق في الثلاث، وقلنا ضمانه من البائع حتى يخرج من الثلاث سالما، فترادا الثمن بعد الاستيفاء، (ج) ثم وجد العبد، هل يرجع إلي ما كشف الغيب، ويلزم المشتري ولا ينتقض (د) البيع، أو يلزم البائع؟ -وقد انتقض البيع- قولان للخمي ومحمد (¬8) - وهما علي القاعدة، وقاعدة إذا جري الحكم علي موجب التوقع، هل يرتفع بالوقوع لأنه تحقيق، والتوقع كالإيقاف أو لا؟ لأنه نفذ، قولان للمالكية. _______ (أ) - خ - (العبد). (ب) - ق - (نصف). (ج) في (خ) الاستثناء. (د) - ق - (ينقض). ¬

_ (¬7) حكاهما ابن يونس، وهما جاريان علي قول ابن حبيب وأبي محمد في المسألة السالفة. (¬8) لعله يعني به محمد بن المواز.

وعليها (أ) الزرع يغرم قيمته ثم يعود، والسن يغرم عقلها (ب) ثم تنبت، والعين يغرم قيمتها ثم تبرأ (¬9)، والدابة يتعدي بها المكتري فتضل فيغرم قيمتها ثم توجد. وعليه لو انقطع ماء الرحي المكتراة ففاسخه الكراء، وهو يرى أنه لا يعود عن قرب، فعاد، هل يمضي الفسخ، كحكم مضي، أو ترجع الإجازة علي حالها، واستحسن اللخمي أن تعود للخطأ في التقدير، وقد مرت نظائرها أول الكتاب. _______ (أ) - خ - (وعليهما) - (ق) (وعليه). (ب) - خ - (قلعها). ¬

_ (¬9) ابن الحاجب- اللوحة (65 - أ): "فلو أخذ المنفعة المثغور الأرش في الخطأ فنبت، فلا يراد شيئًا، فإن نبتت قبل الأخذ، فقال ابن القاسم توخذ كالجرحات الأربعة المقدرة، بخلاق الأذق، وقال أشهب، لا شيء عليه كغيرها من الجراح، وأما في العمد فالقصاص، ولو عاد البصر استرد منه. ابن القاسم بخلاف السن، وقال أشهب: لا يرد ... ". وانظر شرح المواق ج- 6 - ص: 264 - لدي قول خليل: "وإن نبتت لكبير قبل أخذ عقلها، أخذه كالجراحات الأربعة، ورد في عودة البصر ... "

(القاعدة السابعة عشرة والمائة) الانتشار هل هو دليل للاختيار أم لا؟

(القاعدة السابعة عشرة والمائة) الانتشار هل هو دليل للاختيار أم لا (¬1)؟ وعليه الخلاف في حد المكره (¬2) علي الزنا، ثالثها إن انتشر حد، بخلاف المكرهة (¬3). ¬

_ (¬1) ومن أمثلة هذه القاعدة، الخلاف في وجوب الكفارة علي المكره -بفتح الراء- على الجماع في رمضان، ابن الحاجب- اللوحة (43 - ب) "والمشهور وجوبها على المكره ... وفي مكره جماع الرجل قولان، والمشهور وجوبها". خليل ص: 60: "وفي تكفير مكره رجل ليجامع قولان". (¬2) ولعل هذا الخلاف مبني علي الخلاق الأصولي في التكليف ولا تكليف إلا بفعل اختياري، والمكره غير مختار. قال ابن السبكي في جمع الجوامع-: "والصواب امتناع تكليف الغافل، والملجأ، وكذلك المكره علي الصحيح. انظر المحلى ج أ- ص: 68 - 76. (¬3) قال ابن العربي: المكره علي الزنا- لا حد عليه وكذلك المكرهة علي التمكين لا تحد. قال ابن القصار: أن انتشر قضيبه حد. انظر المواق ج- 5 - ص: 294. ابن الحاجب- اللوحة (169 - ب): "وفي المكره، ثالثها أن انتشر حد، بخلاف المكرهة، فإنها لا تحد".

(القاعدة الثامنة عشرة والمائة) كل ما أدي إثباته إلي نفيه فنفيه أولي؟

(القاعدة الثامنة عشرة والمائة) كل ما أدي إثباته إلي نفيه فنفيه أولي (¬1)؟ ومن ثم إذا جعل رقبة العبد صداقا لزوجته فسد النكاح، لأن صحة كونه صداقا يلزم منه ملكها له، ويلزم منه فسخ النكاح، ويلزم من فسخه ارتفاع الصداق، لأنه قبل البناء، ويلزم منه عدم كونه صداقا، (¬2) وإذا زوج عبده من حرة بصداق ضمنه لها، ثم باع منها العبد بالصداق قبل الدخول، فإنه لا يصح البيع؛ لأنه لو صح لملكت زوجها، ولو ملكته لفسخ النكاح: ولو فسخ لسقط مهرها، وإذا سقط المهر بطل البيع (¬3)، وإذا أعتق عبديه فادعاهما غيره فشهد له العبدان، قال مالك: لا تقبل شهادتهما، لأنه لو قبلناها لصارا (أ) رقيقين، وبالرق تبطل الشهادة، فلو صحت لبطلت فتبطل، (¬4) وإذا زوج أمته وقبض صداقها وتصرف فيه ثم أعتقها قبل البناء، فلا خيار لها _______ (أ) - خ - (صار). ¬

_ (¬1) قال المقري - في قواعده (القاعدة 530) - اللوحة (35 - ب): "كل حكم يقتضي إثباته رفعه أو رفع موجبه، فهو باطل". (¬2) المدونة ج- 2/ 251. وانظر التوضيح ج - 2 / ورقة 17 - أ، والمواق ج- 3/ 471. (¬3) المدونة 2/ 252 - 253. وانظر التوضيح 2 / ورقة 142 - ب. (¬4) انظر التوضيح 2 / ورقة 142 - ب و 143 - أ، والحطاب ج- 6 - 159.

لأن ثبوت الخيار يرفعه، إذ لو اختارت لسقط الصداق، وإذا سقط بطل عتقها بصيرورة السيد مدينا، وإذا بطل عتقها بطل خيارها (¬5). وإذا عدله رجلان فلا يجوز له تجريحه لأحدهما مع غيره بجرحة قديمة قبل تعديله، لأن في ذلك إبطال تعديله. وإذا توفي وله أمة حامل وعبدان، وورثه عاصب فيعتق العاصب العبدين، وتلد الأمة ابنا ذكرا، فشهد (أ) العبدان -بعد عتقهما- أن الأمة كانت حاملا من سيدها المتوفى، فإن شهادتهما لا تجوز، لأن في إجازة شهادتهما إبطال عتقهما. وإذا اشتري اثنان عقارا دفعة واحدة، فلا شفعة لأحدهما علي صاحبه، لأنها لو وجبت لأحدهما لوجبت للآخر، ولو وجبت لهما لزم أن لا تجب لهما (¬6). وإذا شهد رجل مع آخر علي عتق عبد فعتق وقبلت شهادته، وشهد ذلك الرجل مرة أخرى، فردت شهادته بجرحة، فشهد العبد المعتق فيه بالجرحة، فلا تقبل شهادته، لأنه إن (ب) قبلت شهادته ثبتت جرحة الشاهد، فإذا ثبتت، بطل عتق العبد، وإذا بطل، سقطت شهادته، وإذا سقطت، لم يصح تجريحه للشاهد، وإذا لم يصح تجريحه ثبتت شهادته، وإذا ثبتت صح عتق العبد، وإذا صح عتقه، صحت شهادته، وإذا صحت، صح تجريحه- ودارت المسألة أبدا. _______ (أ) - خ - (فيشهد). (ب) - ق - (إذا). ¬

_ (¬5) انظر التوضيح 2 - ورقة 142 - ب. (¬6) انظر الحطاب ج- 5 - ص: 326.

وإذا قال: متى طلقتك فأنت طالق- قبله ثلاثا، (¬7) وهي الملقبة بالسريجية (¬8) قال تاج الدين: وقد كثرت. فيها التصانيف، واشتهر أشكالها من زمن زيد بن ثابت (¬9) - رضي الله عنه، وقيل الشافعي، وقيل المزني، (¬10) وقيل ابن سريج (¬11)، وأخطأ من ظنها من مولدات ابن الحداد (¬12) - وإن كانت ¬

_ (¬7) ابن الحاجب- اللوحة (95 - أ): "ومن قال متى طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثا فقبله لغو". وانظر الفرق الثالث من فروق القرافي ج- 1 ص: 74. (¬8) قال الطرطوشي: هذه المترجمة بالسريجية، قال دهاء الشافعية: لا يقع عليها طلاق أبدا، وهذا قول ابن سريج وقال طائفة منهم: يقع المنجز دون المعلق، منهم أبو العباس المروزي، وأبو العباس القاضي. وقال طائفة: يقع مع المنجز تمام الثلاث- من المعلق، قاله أبو حنيفة، ومن الشافعية؛ أبو عبد الله المعروف بالحسن وغيره، وأبو نصر الصباغ من خيار متأخريهم، وهذا الذي نختاره، وليس لأصحابنا في هذه المسألة ما نعول عليه ... ". انظر الحطاب ج - 4/ 64. (¬9) أبو سعيد زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري الصحابي الجليل، كاتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد الذين جمعوا علي عهد النبي عليه السلام- القرآن، وعرضه عليه العرضة الأخيرة، والذي كتبه في المصحف لأبي بكر، ثم لعثمان- حين جهز المصاحف إلى الأمصار (ت 45 هـ). انظر غاية النهاية ج 1/ 296. صفوة الصفوة 1/ 294. الاستيعاب ج- 2/ 539. الإصابة ج- 3 - ق- 1 ص: 22. (¬10) أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني، صاحب الإمام الشافعي، من أهل مصر، كان زاهدا عالما مجتهدا، قوي الحجة. قال الشافعي في حقه: المزني، ناصر مذهبي (ت 264 هـ). انظر الانتقاء ص: 111. وفيات الأعيان ج - 1/ 71. طبقات السبكي ج- 1/ 238. (¬11) ستأتي ترجمته عند المؤلف. (¬12) أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن الحداد المصري، أحد فقهاء الشافعية الكبار، وأحد القضاة الذين طبقوا الحق في السراء والضراء ... من مؤلفاته كتاب (الفروع) في فقه الشافعية، شرحه كثيرون (ت 344 هـ). انظر: (الولاة والقضاة) ص: 551، و (الوفيات) ج 1 ص: 458، و (مفتاح السعادة) ج / 2 ص: 175، و (طبقات السبكي) ج 2 ص: 112.

تعريف وبيان

في فروعه، (¬13) فليس كل ما في فروعه مما ولده، وإنما نسبت لابن سريج (¬14) لقوله هو ودهماء الشافعية: لا يلزمه شيء، لأنه لو وقع، مشروطه- وهو تقديم الثلاث، ولو وقع مشروطه لمنع وقوعه، لأن الثلاث تمنع ما بعدها، (¬15) ومذهبنا أن قوله: قبله لغو، فيقع عليه المباشر وتمام الثلاث من المعلق، (أ) قال الأستاذ الطرطوشي (¬16): وهو الذي نختاره (¬17). تعريف وبيان: ابن سريج هذا هو أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج الشافعي المذهب، يلقب بـ (الباز الأشهب)؛ (¬18) _______ (أ) في خ (المعلق من الثلاث). ¬

_ (¬13) قال الغزالي- في الوسيط، لا يلزمه شيء عند ابن الحداد، لأنه لم يقع مشروطه- وهو تقدم الثلاث. انظر الفروق ج- 1 ص: 75. (¬14) وفي المواق ج- 4 ص: 64 "قيل هذه المسألة تسمي الشريحية، قال ابن شريح": وهو علي ما يبدو تصحيف. (¬15) مر عن الغزالي في الوسيط. انظر فروق القرافي ج- 1 ص: 74. (¬16) أبو بكر محمد بن الوليد القرشي الفهري المعروف بابن أبي رندقة الطرطوشي الفقيه الحافظ، الإمام الثقة (ت 520 هـ). من مؤلفاته: (سراج الملوك) وكفي به دليلا علي فضله، ومختصر تفسير الثعلبي، وكتاب كبير في مسائل الخلاف يعرف بـ (التعليقة). انظر في ترجمته: وفيات الأعيان 1/ 479، والديباج ص: 276، وبغية الملتمس ص: 125، وحسن المحاضرة 1/ 256، ودائرة المعارف الإسلامية ج- 1 - ص: 77، وشجرة النور ص: 124. (¬17) واعتمده ابن شاس، وابن الحاجب، وخليل في مختصره، وقال في التوضيح ج- 2 - ورقة 143 "هو الصحيح". وانظر شرحي المواق والحطاب ج- 4 ص: 64. (¬18) توفي سنة 306 هـ. انظر ترجمته في: طبقات السبكي ج - 2/ 87، والبداية والنهاية ج 11/ 129، وتاريخ بغداد ج- 4/ 287، والوفيات ج 1/ 17.

قال ابن خلكان (¬19): فهرسة كتبه تشتمل علي أربعمائة مصنف، قام بنصرة المذهب الشافعي، وعنه (أ) انتشر مذهب الشافعي في جميع آفاق الأرض. قال أبو حامد الإسفرايني: نحن نجري مع أبي العباس في ظواهر الفقه دون دقائقه. وقال الشيخ فتح الدين- في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ يَبْعَثُ عَلى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ (¬20) مَنْ يُجَدِّدُ لِهَذِهِ الأُمَّة دِينَها (¬21). _______ (أ) - خ - (وعنه) وفي الأصل و (ق): (عنه) ونسخة (خ) أنسب. ¬

_ (¬19) أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد المشهور بابن خلكان، المؤرخ الحجة، صاحب كتاب (وفيات الأعيان)، وهو أشهر كتب التراجم، ومن أحسنها ضبطا وإحكاما (ت 681 هـ). انظر ترجمته في: فوات الوفيات ج 1/ 55، النجوم الزاهرة ج- 7 - ص: 353، دائرة المعارف الإسلامية ج - 1 ص: 157. (¬20) سقطت كلمة (سنة) في سائر النسخ، والرواية على إثباتها. (¬21) والحديث أخرجه أبو داود في سننه، والحاكم في مستدركه، والبيهقي في كتاب المعرفة. ولفظه -كما في سنن أبي داود- ج 2 ص: 424 - ؛ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أن الله يبعث لهذه الأمة- علي رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها". وقد ذكره السيوطي في الجامع الصغير، ورمز له بعلامة الصحة، وقال فيه الزين العراقي وغيره: سنده صحيح- ورأس السنة -هنا- آخرها. انظر فيض القدير علي الجامع الصغير ج- 2/ 281 - 282 - وعون المعبود علي سنن أبي داود ج - 4/ 178.

بعث (أ) الله علي رأس المائة الأولى عمر بن عبد العزيز، (¬22) وعلي الثانية (ب) الشافعي، (¬23) وعلي رأس المائة الثالثة أبا العباس بن سريج (¬24)، وعلي رأس المائة الرابعة أبا حامد الإِسفرايني (¬25)، وعلي رأس المائة الخامسة أبا حامد الغزالي، (¬26) _______ (أ) - ق - (فبعث). (ب) - خ- وعلي (المائة). ¬

_ (¬22) أبو حفص عمر بن عبد العزيز الخليفة العادل، سليل عمر بن الخطاب من أمه وربما قيل له خامس الخلفاء الراشدين- تشبيها له بهم، وهو من ملوك الدولة المروانية الأموية بالشام (ت 101 هـ)، وأفردت ترجمته بتأليف، وقد كتب في سيرته ابن الجوزي، وعبد الله بن عبد الحكم، وعبد الرؤوف المناوي. ومن الكتاب المحدثين: أحمد زكي صفوت وعبد العزيز سيد الأهل. وانظر ترجمته في: تهذيب التهذيب ج 7/ 475، فوات الوفيات ج- 2/ 105، حلية الأولياء ج- 5/ 253، ابن الاثير 5/ 22 ابن خلدون 3/ 76، الطبري 8/ 137، المسعودي 2/ 131. (¬23) تقدمت ترجمته في صفحة 146 تعليق 7. (¬24) ستأتي ترجمته عند المؤلف. (¬25) أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفرايني الفقيه المدقق، الشافعي المذهب، انتهت إليه رئاسة العلماء ببغداد في عصره، وكان يحضر مجلسه أكثر من ثلاثمائة فقيه، علق على مختصر المزني تعاليق مهمة، كما له التعليقة الكبرى- في المذهب الشافعي (ت 406 هـ). انظر في ترجمته: الوفيات ج 1/ 55. طبقات السبكي 3/ 24، طبقات الشيرازي ص: 23، الأعلام للزركلي ج- 1 ص: 203. (¬26) أبو حامد محمد الغزالي الطوسي -حجة الإسلام- الفيلسوف المتصوف (ت 505 هـ) له نحو مائتي مصنف منها: (إحياء علوم الدين)، والمستصفي، و (المنخول) - في علم أصول الفقه، و (الوجيز) في فروع الشافعية وسواها. وممن كتب في سيرته طه عبد الباقي سرور، ويوحنا قمير، وجميل صليبا، وكامل عياد، ومحمد رضا وأحمد فريد الرفاعي، وأبو بكر عبد الرزاق، وزكي مبارك، وسليمان دنيا، ومحمد الخضري، ورضاء الدين بن فخر الدين، وهذا الأخير كتب عنه بالتركية. =

وعلى رأس المائة السادسة الإمام فخر الدين الرازي، (¬27) وعلى رأس المائة السابعة، الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد. قال ابن خلكان: وكان الشيخ أبو العباس بن سريج -رحمه الله تعالى- يناظر أبا بكر محمد بن داود بن علي (أ) الظاهري قال له أبو بكر يوما أبلعني ريقي، (¬28) قال: (ب) أبلعتك دجلة. وقال له يوما: امهلني ساعة. قال: أمهلتك إلي أن تقوم الساعة. وقال له يوما: أجيئك من الرِّجل فتجيئني (ج) من الرأس، فقال له: هكذا عادة البقر إذا حفيت أظلافها دهنت قرونها (¬29). واجتمعا يوما في مجلس الوزير ابن الجراح فتناظرا في الإيلاء، فقال له ابن سريج: أنت بقولك من كثرت لحظاته، _______ (أ) - خ - (محمد بن علي بن داوود) (ب) - ق- خ - (له) أبلعتك بزيادة له. (ج) - ق - (لتجئني). ¬

_ = وانظر في ترجمته: وفيات الأعيان 1/ 463، طبقات الشافعية ج 4/ 101 شذرات الذهب 4/ 10، الوافي بالوفيات 1/ 277، مفتاح السعادة 2/ 191، معجم المطبوعات 1408. (¬27) أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري الفخر الرازي الإمام المفسر، أوحد زمانه في المعقول والمنقول، وعلوم الأوائل (ت 606 هـ) أغني المكتبة الإسلامية بمؤلفاته، منها: تفسير القرآن الكريم، والمحصول في علم الأصول، والمسائل الخمسون في أصول الكلام وسواها. انظر ترجمته في طبقات الأطباء 2/ 23، والوفيات 1/ 474، ومفتاح السعادة 1/ 445، ولسان الميزان ج-4/ 426. (¬28) يعني تمهل علي، وتأن حتى أبلع ريقي. (¬29) انظر هذه القصة في وفيات الأعيان ج- 1 - ص: 50.

دامت حسراته؛ - أبصر منك بالكلام في الإِيلاء. فقال له أبو بكر: لئن قلت ذلك، فإني أقول: أنزه في روض المحاسن مقلتي ... وأمنع نفسي أن تنال محراما وأحمل من ثقل الهوى ما لو أنه ... يصب على الصخر الأصم تهدما وينطق طرفي عن مترجم خاطري ... فلولا اختلاسي ردد لتكلما رأيت الهوى دعوى من الناس كلهم ... فما إن أرى حبا صحيحا مسالما فقال له ابن سريج: ولم تفتخر علي (أ)، ؟ ولو شئت -أنا أيضًا- لقلت: ومسامر (¬30) بالغنج من لحظاته ... قد بت أمنعه لذيذ سناته صبا (ب) (¬31) بحسن حديثه وعتابه ... وأكرر الألحاظ (¬32) في وجناته حتى إذا ما الصبح لاح عموده ... ولي بخاتم ربه وبراته (¬33) (ج) فقال أبو بكر يحفظ الوزير هذا عليه، حتى يقيم شاهدي عدل أنه ولي بخاتم ربه وبراته (د). فقال أبو العباس: يلزمني في ذلك ما يلزمك في قولك: "انزه في روض المحاسن مقلتي ... وأمنع نفسي أن تنال محراما _______ (أ) في هامش نسخة- خ- علي (بهذا وأنا القائل) ولو. (ب) - ق - (أصب). (ج) - ق - (وبرآته). (د) في الأصل (وبراءته) والصواب ما أثبته. ¬

_ (¬30) في الوفيات: (ومساهر). (¬31) في الوفيات: (ضنا) أي بخلا. (¬32) في الوفيات: (اللحظات). (¬33) أراد براءته فخفف الهمز بقلبها ألفا لانفتاحها، ثم حذف الألف لما اجتمع ألفان، ويعني بذلك أنه عاد بطهارته وعفته، وبراءته من الدنس.

فضحك الوزير، وقال: لقد جمعتما ظرفا ولطفا، وعلما وفهما (¬34). وتوفي أبو بكر هذا -رحمه الله- سنة سبع (¬35) وتسعين ومائتين، (¬36) وعمره اثنان وأربعون سنة؛ ولما بلغت وفاته ابن سريج، كان يكتب في كراس فرمي بيده، وقال: مات من كنت أتعب نفسي وأجهدها في الاشتغال بمناظرته ومقاومته. ولما مات أبو أبي بكر (أ) داوود بن علي الظاهري الإصبهاني (¬37) -رحمه الله- وجلس في حلقته ولده أبو بكر هذا، وكان علي مذهب أبيه، استصغره أصحاب أبيه فدسوا إليه من يسأَله عن حد السكر، ومتي يكون الإنسان سكرانا (¬38) فقال: إذا عزبت عنه الهموم، (ب) وباح بسره المكتوم، واختل كلامه المنظوم، ومشيه المعلوم، ... فعلموا موضعه من العلم، _______ (أ) في- ق - (أبو بكر داوود) وفي- خ - (أبو بكر بن داود). (ب) في- خ - (الفهوم). ¬

_ (¬34) انظر ابن خلكان ج- 3/ 390، والشريشي علي المقامات الحريرية 1/ 166. (¬35) كذا في سائر النسخ (سبع) بالباء الموحدة، والذي في كتب التراجم (تسع) بتقديم التاء المثناه فوق، وفي تاريخ المسعودي سنة (ست). (¬36) انظر في ترجمته: النجوم الزاهرة 3/ 171، والوفيات 1/ 478، وتاريخ بغداد 5/ 256، والوافي بالوفيات 3/ 58، والمسعودي 8/ 254 - طبع باريز. (¬37) قيل له الأصبهاني، لأن أمه أصبهانية، وهو كان عراقيا كما في لسان الميزان 2/ 422. (¬38) كذا في سائر النسخ: والمتفق عليه -كما يقول الأشموني منعه من الصرف، ولغة بني أسد صرفه. انظر الأشموني لدي قول صاحب الخلاصة: وزائدا فعلان في وصف سلم ... من أن يرى بتاء تأنيث ختم. ج- 3 - ص: 232 - 233.

واستحسنوا ذلك منه. وكان داوود بن علي - فيما ذكره القاضي ابن خلكان من العلم والدين، والزهد، والورع بمكان، ذكر أنه كان يحضر مجلسه أربعمائة صاحب طيلسان أخضر (¬39)! ! ! وذكر ابن سيد الناس (¬40) أن البردعي (أ) سار الي الحج، فلما وصل إلى بغداد (ب) وجد داوود الظاهري في مجلسه- وهو يقول: أجمعنا علي أن بيع أم الولد- قبل حملها- جائز، فكذلك بعد وضعها أخذا بالاستصحاب، فقال له البرذعي: أجمعنا علي أن بيعها حالة العلوق لا يجوز فكذلك بعده- أخذا بالاستصحاب، فانقطع، قال: فخرجت وأنا استخير الله تعالى لتعليم العلم، وترك الحج لغلبة مذهب داوود علي غيره. فرأيت (ج) في المنام قارئا يقرأ قوله تعالى: " {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} (¬41). _______ (أ) في- ق - (البردعي) بالدال المهملة. (ب) في- ق- و- خ- "بعذاذ" بالذالين المعجمتين. والجاري علي الألسن "بغدا" بدالين مهملتين. (ج) في- خ- و- ق- زيادة عبارة (في تلك الليلة). ¬

_ (¬39) وكان ذلك شعار كبار العلماء في ذلك العصر -كما في الوفيات 2/ 26 - 27. (¬40) أبو الفتح محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن سيد الناس اليعمري الربعي، أندلسي الأصل، استوطن والده مصر، وحدث ونشر علمه بها، وكان أبو الفتح مؤرخا، عالما بالأدب، ومن حفاظ الحديث (ت 734 هـ). انظر فوات الوفيات 2/ 169 وذيل تذكرة الحفاظ ص: 16 و 350، والوافي بالوفيات 1/ 289، والبداية والنهاية 14/ 169، والدرر الكامنة 4/ 208، والنجوم الزاهرة 9/ 303. (¬41) الآية 12 - 13 - سورة الرعد.

فلما استيقضت فإذا بصارخ: ألَا إن داوود الظاهري قد مات! ! ، فجلست للناس وتركت الحج. وقال بعض من قيد علي رسالة الشيخ أبي محمد (¬42): زعم بعضهم الإجماع علي المنع من بيع أم الولد، وقدح فيه بعضهم؛ وكذلك بيعها حاملا من سيدها علي ما حكاه البرذعي (أ) في احتجاجه السابق علي داوود، وقدح فيه أيضًا بعضهم علي قول من يجيز بيع الحامل ويستثني جنينها. قال المؤلف - عفا الله عنه -: رأيت في فصل استصحاب الحال من كتاب: "إحكام الفصول، في أحكام الأصول" (¬43) - للقاضي الحافظ أبي الوليد سليمان بن خلف بن سعد (ب) بن أيوب الباجي -رحمه الله تعالى- عن داوود بن علي الظاهري وأتباعه، ومحمد (¬44) بن سحنون، وأبي جعفر أحمد بن نصر الداودي- جواز الإِقدام علي بيعها، وبه تندفع عندي حكاية من زعم (ج) الإجماع والله تعالى أعلم. _______ (أ) في (خ) (البراذعي). (ب) في (خ) و (ق) (سعيد) - وهو تصحيف. (ج) عبارة (من زعم) ساقطة في (خ). ¬

_ (¬42) يعني به ابن أبي زيد القيرواني. (¬43) انظر مخطوط الخزانة الملكية رقم 976 - ورقة 210 يقع في 227 صفحة، وهو بخط مغربي جميل، وموضوعه (أصول الفقه). (¬44) أبو عبد الله محمد بن عبد السلام سحنون القيرواني، له مؤلفات كثيرة؛ منها: أجوبته في الفقه ... (ت 256 هـ). انظر في ترجمته: معالم الإيمان 2/ 79، والوافي بالوفيات 3/ 86، وشجرة النور ص: 70.

وإذا (أ) قلنا بمشهور المذهب، ومعروفه ووقع بيع أم الولد فإنه يفسخ وليتحفظ (ب) منه عليها لئلا يعود الي بيعها، ولا يمكن من السفر بها، وإن خيف عليها، وتعذر التحفظ أعتقت عليه، (¬45) كقول مالك ليمن (ج) باع زوجته أنه لا يكون بيعها طلاقا، وتطلق عليه إن خيف عليه لذلك (د). وفي مدارك القاضي أبي الفضل عياض (¬46) ومن نوادر ما أفتي به أبو عمر أحمد بن عبد الملك الإشبيلي المعروف بابن المكوي (¬47) في امرأة حرة بقرطبة لها ابنة (هـ) مملوكة صبية باعها مولاها من رجل خرج بها من قرطبة، وشكت أمها _______ (أ) في- ق - (وإن). (ب) في ق- خ - (ويتحفظ). (ج) في- خ - (من). (د) في- خ (ذلك). (هـ) في- خ- ق - (بنت). ¬

_ (¬45) ذكر صاحب التوضيح وغيره أنها تباع في ست مسائل، ونظمها في "المنهج المنتخب" فقال: وبيع أم ولد ممنوع ... الابست بيعها مشروع رهن وتفليس قراض شركه ... جناية كوطء من بتركه انظر شرح المنجور علي المنهج المنتخب ج - 2 ص: 1 - م 23 (¬46) تقدمت ترجمته، انظر ص: 167 رقم 23. (¬47) أبو عمر بن عبد الملك المعروف بابن المكوي، الإمام الحافظ شيخ الأندلس في وقته، وهو الذي تمم مع المعيطي كتاب "الاستيعاب ... " في رأي مالك علي غرار كتاب (الباهر) الذي جمع فيه أبو بكر بن الحداد أقوال الشافعي (ت 401 هـ). انظر في ترجمته: ترتيب المدارك 4/ 535، جذوة المقتبس ص: 123، الصلة 1/ 28. الديباج ص: 39. شجرة النور ص: 102.

ذلك، أن يمنع من إخراجها، وتباع علي مشتريها، وخالفه في ذلك القاضي ابن زرب (48) وغيره من فقهاء وقته، وأخذ ابن أبي عامر (49) بقول ابن المكوي (50). وذكر الشيخ أبو عبد الله السطيي (51) -رحمه الله تعالى- أنه وقف علي حاشية في رسالة الشيخ ابيي محمد بخط من يعتد به أن علي بن زياد أمضي بيعها بعد الوقوع. (تنبيه): والبرذعي (52) -بسكون الراء- هو أبو سعيد أحمد بن الحسين البرذعي الحنفي الخراساني تلميذ أبي علي _______ (48) تقدمت ترجمته. انظر 307 رقم 4. (49) المنصور محمد بن عبد الله أمير الأندلس في دولة المؤيد الأموي، وأحد الشجعان الدهاة الذين أعادوا للإسلام اعتباره بجزيرة الأندلس، وعظمت مكانته في القلوب غزا بلاد الإفرنج (56) غزوة، لم ينهزم له فيها جيش، ولم تنكس له راية (ت 392 هـ). ألف في سيرته ابن حيان المؤرخ الأندلسي، ومن الكتاب المحدثين عبد السلام الرفاعي، وانظر في ترجمته: تاريخ قضاة الأندلس ص: 80، ونفح الطيب 1/ 189، وابن خلدون 4/ 147، وابن الأثير 9/ 61، وبغية الملتمس ص: 105، وغزوات العرب ص: 192، والبيان المغرب 2/ 301، والمغرب في حلي المغرب 1/ 194، والوافي بالوفيات 3/ 312. (50) انظر القصة بتمامها في ترتيب المدارك 4/ 639. (51) أبو عبد الله محمد بن سليمان السطي، حافظ المغرب، وشيخ الفتوي، وإمام مذهب مالك (ت 750 هـ)، له تعليق على المدونة، وشرح علي الحوفية، وآخر علي جواهر ابن شاس. انظر في ترجمته: نيل الابتهاج ص: 243، وجذوة الاقتباس ص: 142، وشجرة النور ص: 221. (52) ذكره المؤلف (البرذعي) - بالذال المعجمة، وترجم له في الجواهر المضية ج 1 ص: 66. وقال: إنه البردعي- بالدال المهملة، نسبة إلى برذعة، بلدة في أقصى بلاد أذربيجان، وذكرها في معجم البلدان ج- 1 - ص: 379 (برذعة) بالذال المعجمة، قال: وقد رواه أبو سعيد بالدال المهملة والعين مهملة عند الجميع، بلد في أقصي أذربيجان، قال حمزة (برذعة) معرب برده دار.

الدقاق، ذكره ابن سيد الناس الأندلسي وغيره، (¬53) واشتد نكير بعض الأشياخ على الزناتي (¬54) شارح المدونة، وصاحب الحلل- في قوله: إنه أبو سعيد البراذعي، وخطأه- وإنه لجدير بالتخطئة والإنكار- لأن أبا سعيد البراذعي لم يكن في عصر داوود، وإنما كان في الرابع من القرون (¬55). والظاهري -رحمه الله تعالى- توفي ببغداذ، وبها نشأ سنة سبعين ومائتين في ذي القعدة، وقيل في شهر رمضان، ومولده بالكوفة سنة اثنتين، وقيل سنة إحدي ومائتين (¬56). قال العبد المتوكل علي المبديء المعيد، جامع هذا الملخص الجامع المفيد، الذي لا محيص لأعيان النجباء (أ) عنه ولا محيد؛ عبيد مولاه وشاكره علي الذي أولاه، أحمد بن _______ (أ) - خ - (النجباء الأعيان). ¬

_ (¬53) انظر ترجمته في الجواهر المضية ج- أ- ص: 66. (¬54) ولعله صاحب شرح الرسالة الموسوم بـ (حل المقالة، في شرح الرسالة) يوجد الجزء الأول منه بباريز رقم 5336. انظر بركلمان ج- 3 - 289. (¬55) وهو أبو القاسم خلف بن أبي القاسم الأزدي المعروف بالبرادعي بالدال المهملة -كما في شجرة النور الزكية، وهو المشهور علي الألسنة، أو الذال المعجمة كما في معالم الإيمان، والديباج؛ له تأليف مشهورة منها: "التهذيب" اختصار المدونة، الذي اعتمده المتأخرون، حتى كاد يتناسي معه الأصل (المدونة الكبرى) (توفي في حدود "400 هـ"). انظر معالم الإيمان ج- 3 - ص: 184، والديباج ص: 112، وشجرة النور ص: 105. (¬56) وانظر في ترجمته: فهرسة ابن النديم ج- 1 - ص: 216، وفيات الأعيان ج - 1 ص: 175، تذكرة الحفاظ ج 2 ص: 136 ميزان الاعتدال ج - 1 ص: 321، تاريخ بغداد ج - 8 - ص: 369.

يحيى بن محمد بن عبد الواحد بن علي الونشريسي -منحه الله هداه، وألزمه تقواه- هذا نهاية ما قيدت، مما إليه قصدت، وبه وعدت، وإياه (أ) أردت، وفيه اجتهدت؛ من القواعد المحكمة الكافية، الجليلة النافعة الشافية؛ جمعتها لك هنا من أماكنها، وأبرزتها من مكامنها؛ علي وفق ما سألت، بل فوق (ب) ما أملت؛ والله سبحانه يدخلنا بفضله وطوله -في سعة رحمته، ويوسعنا- بمنه وكرمه- فضل عفوه ومغفرته؛ وهو المسؤول سبحانه وتعالى أن يصل أخوتكم الكريمة في ذاته، وابتغاء مرضاته؛ وصلى الله علي سيدنا ومولانا محمد، وعلي آله وأصحابه، وأزواجه (ج) وذرياته صلاة وسلاما نجدهما يوم شفاعته (¬57). _______ (أ) خ - (إليه) (ب) - خ - (وفوق) (ج) (وأزواجه) ساقطة في (ق). ¬

_ (¬57) وجاء في آخر نسخة تطوان رقم (619) ما يلي: "وكان الفراغ منه والتمام، في أخريات شهر الله المحرم الحرام؛ عام سبعين وثمانمائة من هجرة خير الأنام، سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة، وأزكي السلام؛ علي يد مؤلفه العبد الفقير، المعتر الحقير ... ". وهي النسخة الوحيدة التي ذكرت -فيما أعلم- تاريخ تأليف الكتاب - علي كثرة ما وقفت عليه من النسخ. وقد أسقطتها من الحساب -رغم هذه المزية التي احتفظت بها- لكثرة ما فيها من نقص، وأقدر ذلك بنحو ربع (الكتاب)، ولعلها أول صورة لمحاولة تأليف كتاب "إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام أبي عبد الله مالك". انظر مقدمة التحقيق.

قال المؤلف -عفا الله عنه، وغفر له، وأَنجح في سبيل رضاه (أ) أمله- ومما قلت (ب) في هذا الكتاب- نفعنا الله به يوم (ج) المآب-: عليك بإيضاح المسالك أولا ... فقد ضم أنفاسا نفائس واعتلى وبرز في مجلى الجمال وحيدها (د) ... وأحرز اشتات المحاسن واجتلى وأوضح أشكالا جليلا فما تري ... غموضا وقل كل المناهج ذللا وهذب ألقاب القواعد كلها ... ورتب أنواع المباني وفصلا وقرب ما قد كان ينبو عن الورى ... وقيد ما قد كان في الكتب مسجلا جنى من ثمار العلم ما قد رأيته ... وحاز من السحر الحلال حلاحلا (¬58) عليك بحفظ ما حواه فإنه ... جليل مبين (هـ) قد أبان وحصلا وتدعو لعبد مذنب متذلل ... عبيد الإله نجل يحيى على الولا وصلّ وسلم ثم صل وسلمن ... على خير رسل الله ثمت من تلا (¬59) _______ (أ) في- ق - (رضي الله). (ب) في- ق - (قيدت) وفي (ج) (قلته). (ج) في- خ - (في يوم). (د) في- خ - (وجيدها) بالجيم المعجمة. (هـ) في نسختي: خ وق (مفيد) وهو أنسب. ¬

_ (¬58) جمع حلحل، وهو الكريم المنتقي من كل شيء. (¬59) وكتب في نسخة الأصل- علي الجانب الأيسر بخط دقيق ما يلي: بلغت مقابلته جهد الاستطاعة - من الأصل المنقول منه، وهو بخط الشيخ الفقيه العالم العلم، القاضي الأجل، أبي محمد عبد الواحد الونشريسي- ولد المؤلف- أبقى الله تعالى بركته والانتفاع به. وقد خمس هذا التقريظ جماعة من علماء هذا العصر، وسواهم، من بينهم: أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم بن يجبش، وأبو محمد عبد الواحد الونشريسي (ولد المؤلف) وأبو العباس الحباك، وابن خروف، وآخرون. وجاء في خاتمة النسختين: (ق) و (خ) ما يلي: .

ولما وقف الطالبان النجيبان، الفقيهان، النبيهان، الفاضلان، الوجيهان، الخيران، الكوكبان النيران، الشاعران المفلقان، الصاحبان الرفيقان، الأعطفان الشقيقان ... أبو زيد عبد الرحمن بن محمد الجذامي الشهير بالبردعي، وأبو جعفر أحمد الأَغرناطي الشهير بالأندلسي؛ أعلي الله مقدارهما، وشرف مآثرهما السنية وآثارهما؛ علي ما قلت وقيدت فوقه من الأبيات، زوداها بتخميس من أجل المحاسن والعطيات، فقال الأول- وكل منا يقول علي قدر وسعه، ورقة شمائله وطبعه. وبعد أن أورد التخميسين -قال: "ولما وقف فقيه تازا، وفاضلها الذي لا يوازي؛ الفقيه الإمام، العالم العلامة العلم؛ الصالح البركة الكامل، أبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم الشهير بابن يجبش؛ علي هذه الأبيات، كتب إلي- أعزه الله مخمسا لها ... ". وقد أوردت النسختان هذه التخميسات جميعها، عدا تخميس ابن خروف الذي انفردت به نسخة الخزانة العامة بالرباط رقم (كـ: 696) وهي من النسخ الجيدة، وكنت آثرت أن أجعلها من بين الأصول المعتمدة في تحقيق الكتاب، لكن عند مقابلتها مع النسختين: الأصل و (ق) ألفيتها لا تزيد عليهما شيئًا، على أن تاريخ نسخها متأخر عنهما جدا؛ ولذا لم أعتمد عليها ولم أشر إليها في مقدمة التحقيق، والله الموفق، والهادي إلى أقَوم طريق.

شكر وتقدير

شكر وتقدير بمشاعر فياضة بالثناء، أتقدم بالشكر والامتنان، المفعمين بالتقدير والاحترام، إلى أستاذي مولاي مصطفي العلوي علي تفضله بالإشراف علي هذه المحاولة العلمية، وعلي ما أسداه لي من توجيهات قيمة، وإرشادات سديدة، داعين الله له بالسعادة الأبدية. واعترافا بالجميل، يفرض علي الواجب العلمي أن أقف وقفة إعجاب وتقدير، لأقدم شكري الجزيل إلي البحاثين الجليلين: الأستاذ سعيد أعراب، والأستاذ محمد المنوني- عن كرمهما العلمي، وسمو أخلاقهما المثالي، فكلاهما أخذت من وقته الثمين الشيء الكثير، وخاصة العلامة السيد سعيد أعراب الذي لا استطيع إحصاء كم مرة أزعجته بالضغط علي جرس داره، وفي كل مرة كنت أتوقع أنه سيخرج إلي ممتعضا بيد أنه -والحق يقال- كان دائما يخرج والابتسامة الصادقة لا تفارق محياه. ويأذن لي بالدخول إلي مكتبته العامرة بالنفائس النادرة، ويفتح لي فكره الوقاد، ولا أغادر معبده العلمي إلا بعد أن أجد -عنده- الحلول لمختلف المشاكل التي أوقفتني عن المضي في بحثي المتواضع. أما الأستاذ المنوني فقد أمدني بكثير من المعلومات، لا سيما فيما يخص الدراسة، حيث دلني على مصادر ومراجع -ربما- لم أكن لأَهتدي إليها لولا توجيهه، فجزاهما الله عني وعن كل قاصدهما أحسن الجزاء، وأمد الله لنا في عمرهما للاستفادة من خبرتهما العلمية.

كما لا يفوتني أن أعرب عن وافر امتناني للأساتذة: الشيخ أحمد بن تاويت، والدكتور رشدي فكار، وصديقي السيد محمد القري، وإلى كل من أفادني، أو أمدني بأي نوع من المساعدة لإِخراج هذا المجهود المتواضع الذي تطلب مني إنجازه ما ينيف عن ألف يوم وليلة، لأقدمه إلى عشاق لآلئ الفقه الإِسلامي، مبتهلا إليه سبحانه أن ينفعنا به "يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم". صدق الله العظيم.

§1/1