إيضاح المدارك في الإفصاح عن العواتك

الزبيدي، مرتضى

إيضاح المدارك في الإفصاح عن العواتك

جَميعُ الحُقُوقِ مَحْفُوظَةٌ الطّبْعَةُ الأولى 1421 هـ - 2000 م دَارُ البَشَائِر الإسْلَامِيَّة للطباعة والنشر والتوزيع هاتف: 702857 - فاكس: 704963/ 009611 بيروت - لبنان ص. ب: 5955/ 14 e-mail: [email protected]

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة التحقيق

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة التحقيق الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيِّدنا محمَّد وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد: فهذه رسالة لطيفة في تحقيق أُمَّهات رسولنا - صلى الله عليه وسلم - من العواتك من بني سليم، قال مؤلفها رحمه الله تعالى: "خدمت بذلك جنابه الشريف صلَّى الله عليه وسلَّم ومجَّد وعظَّم، رجاء أن أكون من جملة منسوبيه، وفي عداد الخدم في ضمن محسوبيه ... " إلخ. وأنا في عنايتي وإخراجي لهذه الرسالة ما أردتُ إلاَّ ذلك، ورغبةً في خدمته - صلى الله عليه وسلم - وقيل شفاعته صلوات ربِّي وسلامه عليه. وقد قمتُ بضبط النص، وتخريج الأحاديث، وترجمة المؤلِّف، وترجمة مختصرة لبعض الأعلام عزوفًا عن التطويل. وقد أهداني وحثَّني على العناية بهذه الرسالة شيخنا الشيخ/ نظام يعقوبي حفظه الله، فجزاه الله أوفى الجزاء. والمخطوط الذي اعتمدتُ عليه من مخطوطات دار الكتب المصرية

برقم (20108)، وهي صحيحة النسبة لمؤلِّفها رحمه الله، خطُّها عادي، وعدد أوراقها (19) ورقة، قياس الورقة (23 × 15)، وعدد الأسطر (15). أسألُ الله سبحانه وتعالى أن يَنفعني بها وينفع بها .. والحمد لله ربَّ العالمين.

ترجمة المؤلف

ترجمة المؤلف هو محمَّد مرتضى بن محمَّد بن محمَّد بن عبد الرزاق الحسيني العلوي، الزَّبيدي النسب، وينتهي نسبه إلى الحسين بن عليّ رضي الله عنهما، العراقي أصلاً، الهندي مولدًا، الزَّبيدِيّ تعلُّمًا وشُهرة، المصريّ وفاةً، خاتمة الحفَّاظ بالدِّيار المصرية. وُلِد عام 1145 هـ، وتوفي عام 1205 هـ شهيدًا بالطاعون. ليس له عقب من ذكر أو أنثى. كان نادرة الدنيا في عصره ومصره، كاتب أهل الأقطار البعيدة بفاس وتونس والشام والعراق واليمن، وكاتبوه. كما كاتبه ملوك النواحي من الترك والحجاز والهند واليمن والمغرب والسودان. وممن أخذ عنه من ملوك الأرض: خليفة الإِسلام في وقته السلطان عبد الحميد، ووزيره الأكبر محمد باشا بالمكاتبة. واستُدعِي للآستانة للحضور فاعتذر، وكان يعرف اللسان الفارسي والتركي. وقد حرص على جمع الفنون التي أغفلها المتأخِّرون، كعلم الإنساب، والأسانيد، وتَخاريج الأحاديث، واتِّصال طرائق المحدِّثين

المتأخِّرين بالمتقدمين. كما أحيا إملاء الحديث على طريق السلف في ذِكر الأسانيد والرُّواة والمخرِّجين من حفظه على طُرق مختلفة. ووصلت أماليه إلى نحو أربعمائة مجلس، وكان يجلس كل اثنين وخميس. أما شيوخه رحمه الله: فقد ذكرهم في معجمه الصغير، ونقلهم الكتاني، وهم يزيدون على مائة نفس، منهم: وليّ الله الدهلوي، وأحمد بن عبد اللطيف الحسني الشهير بزرّوق، والحافظ البابلي المتوفى عام 1078 هـ. أما كتبه: فأكبرها معجمه الأكبر، وهو في مكتبة شيخ الإِسلام في المدينة المنورة، وألفية السند في ألف وخمسمائة بيت وشرحها، وعقد بالجوهر الثمين في الحديث المسلسل بالمحمَّدين، والعقد المكلَّل بالجوهر الثمين في طرق الإِلباس والذكر والتعليق، وعقد الجمان في أحاديث الجان، وحلاوة الفانيد في إرسال حلاوة الأسانيد، وإكليل الجواهر الغالية في رواية الأحاديث العالية، وقلنسوة التاج في بعض أحاديث صاحب المعراج، ومناقب أصحاب الحديث منظومة في مائتين وخمسين بيتًا، والجواهر المنيفة في أصول أدلَّة مذهب أبي حنيفة، والابتهاج بختم صحيح مسلم بن الحجاج، وتحفة الودود في ختم سنن أبي داود. وله تآليف في فنون كثير غير الحديث، كاللغة، والفقه، والأنساب، وغيرها، منها: تاج العروس شرح القاموس، ورسالتنا هذه في العواتك، وغيرها.

ولمَّا توفِّي السيِّد قُوِّمت مؤلَّفاته بخمسة وعشرين ألفًا، فبلغ الخبر إلى السلطان التركي فقال: لقد بخستموها، فجعل لها خمسة وسبعين ألفًا وجعلها حبسًا على طلبة العلم بمصر. ومن مآثره: أنَّ سلطان المغرب بعث بصِلَة جزيلة مع شيخ الحجيج، فلمَّا بلغته الرسالة ومَكَّنه منها قال له: إني سائلك، هل علماء المغرب يستوفون حصَّتهم من بيت المال؟ قال: نعم، قال: فهل أشرافهم وضعفاءهم ليس بهم خصاصة؟ فسكت وقال: لا يحلُّ لي أخذ شيء من ذلك وإني في غير إيَّالته. اهـ. بتصرف من فهرس الفهارس والإثبات، لعبد الحيّ بن عبد الكبير الكتاني (1/ 526 - 543).

صورة صفحة غلاف المخطوط

صورة الورقة الأولى

صورة الورقة الأخيرة

تمهيد

بسم الله الرحمن الرحيم تمهيد الحمدُ لله الذي اصطفى نبيَّه - صلى الله عليه وسلم -، واختار نسبه من بين الأنساب، وزاده سموًّا ورفعةً واعتلاءً وتشريفًا مدى الأحقاب. ووصل حبل من اتصل به متمسكًا بعلِّي ذلك الجَناب. فصلَّى الله عليه وعلى آله الأطهار، وأصحابه الأخيار الأنجاب، صلاةً وسلامًا دائمين متلازمين، ما اتصل حبل العترة بالكتاب حتى يرِدان الحوض في يوم المآب. أمَّا بعد: فهذه نبذة حجمها صغير ولكن نفعها إن شاء الله كبير، تتضمَّن بيان أمهاته - صلى الله عليه وسلم - من العواتك من بني سُليم وغيرهم، خدمت بذلك جنابه الشَّريف صلَّى الله عليه وسلَّم وشرَّفَ ومَجَّدَ وعَظَّمَ؛ رجاء أن أكون من جملة منسوبيه وفي عِداد الخدم في ضمن محسوبيه. ورَتَّبْتُها على: مقدِّمة، ومهمَّة، وخاتمة. وسمَّيتها: "إيضاح المدارك في الِإفصاح عن العواتك". وعلى الله توكُّلي، ومنهُ أسأل الِإعانة والتوفيق؛ لسلوك سداد الطريق، وهو الله لا إله غيره، ولا خير إلاَّ خيره.

المقدمة

المقدمة أمَّا المقدِّمة، ففي تحقيق لفظ عاتكة واشتقاقه ومعناه: قال أئمة اللُّغة: العَتْك بالفتح فسكون: الكرُّ والحملُ الشديد في القتال، والإِقدام على الشيء، والعصيانُ، والغلبةُ، والاشتدادُ، واليُبسُ، والميلُ، والترؤسُ، والاستقامةُ، والكرمُ، والخلوصُ، واللّجاج، كالعُتوك بالضم. قال الأصمعي (¬1): في القتال كرٌّ. وقال ابن دريد (¬2): عَتَكَ عليه: أرهقه. ¬

_ (¬1) الأصمعي: عبد الملك بن قريب بن علي الباهلي "أبو سعيد الأصمعي"، راوية العرب واحد أئمة العلم باللُّغة والشعر والبلدان. وُلِد وتوفي بالبصرة، كان يحفظ أكثر من عشرة آلاف أرجوزة. له: "الإِبل"، و"الأضداد"، و"المترادف"، و"الخيل"، وغيرها. توفي سنة 216 هـ. انظر: "بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة" (2/ 112)، ومصادر ترجمته في "الأعلام" للزركلي (4/ 307). (¬2) ابن دريد: محمد بن الحسن بن دريد الأزدي، من أزد عمان، أبو بكر، من أئمة اللغة والأدب. كانوا يقولون: إن ابن دريد أشعر العلماء وأعلم الشعراء. له: "الاشتقاق في الإنساب"، و"الجمهرة في اللغة"، و"ذخائر الحكمة"، و"أدب الكاتب"، وغيرها. توفي سنة 321 هـ. انظر: "بغية الوعاة" (1/ 76)، ومصادر ترجمته في: "الأعلام"، للزركلي (6/ 310).

وقال الحِرمَازِيُّ (¬1): عَتَكَ إلى موضع كذا: مَالَ وعَدلَ. وقال ابن الأعرابي (¬2): عَتَكَت المرأةُ على زَوجِها: نَشزَتْ، وعلى أَبيها: عَصَتْ. وقال ابن دريد: عَتكَتْ القوسُ: قَلُمت فاحمارَّ عودها. وقال أبو زيد (¬3): العاتِك من اللَّبن: الحازر (¬4). ¬

_ (¬1) الحِرمَازيُّ: هو الحسن بن علي الحرمازي، أبو علي، مولى لبني هاشم. نزل البصرة في بني حرماز فنسب إليهم، وكان شاعرًا راوية. وله من الكتب: كتاب "خلق الإِنسان". ولم يذكروا له وفاة. انظر: "بغية الوعاة" (1/ 515)، ومصادر ترجمته في: "معجم الأدباء"، لياقوت (2/ 931). * قلت: ومن عجيب ما وقع لي وأنا أبحث في ترجمته، ما ذكره ابن منظور في "مختصر تاريخ دمشق"، حيث ذكر: زياد بن أسامة الحِرمَازِي البصري (9/ 64)، ويعني به زياد بن أبيه أو زياد بن عبيد (سميِّه)، وهو الذي ألحقه معاوية رضي الله عنه بنسبه لما ثبت ذلك، ولم ينسبه أحد من المترجمين إلى الحِرمَازِي غير ابن منظور! (¬2) ابن الأعرابي: محمد بن زياد، أبو عبد الله. راوية ناسب، علَّامة باللغة، من أهل الكوفة. قال ثعلب: لزمته بضع عشرة سنة، ما رأيت بيده كتابًا قط. له: "أسماء الخيل وفرسانها"، و"تاريخ القبائل"، و"النوادر في الأدب"، وغيرها. توفي سنة 231 هـ. انظر: "بغية الوعاة" (1/ 105)، و"الأعلام"، للزركلي (6/ 366). (¬3) أبو زيد: سعيد بن أوس الأنصاري، من صليبة الخزرج. عالم بالنحو. قال المبرِّد: أعلم من الأصمعي وأبي عبيدة بالنحو. ترك مصنفات كثيرة، منها: "النوادر"، و"إيمان عثمان"، و"المطر والمياه"، و"غريب الأسماء"، وغيرها. توفي سنة 215 هـ. انظر: "الفهرست" 86، و"هدية العارفين" (5/ 387). (¬4) قلت: لا زال أهل الخليج يستعملونه، يقولون: (لبن حَزِر).

وقال ابن دريد: نبيذ عاتك: إذا صفا. وقال ابن عباد (¬1): عَتكَت المرأة: شرفت ورأست. وقال: وأعتك بُنيَته: استقام لوجهِهِ. والعاتِكُ: الكريم من كل شيء، والخالص من كل لون. وقال ابن الأعرابي: هو اللَّجُوج الذي لا ينثني عن الأمر. وقال أبو مالك (¬2): هو الراجع من حال إلى حال. وهذا خلاصة ما ذُكر في العتك، وما عداه من المعاني يرجع إليه. ¬

_ (¬1) ابن عباد: إسماعيل بن عباد بن العباس، الصاحب ابن عباد، استوزره مؤيد الدولة ابن بويه الديلمي. وُلِد في الطالقان وتوفي بالري. له: "المحيط في اللغة"، و"الوزراء"، و"عنوان المعارف"، و"ذكر الخلائف"، وغيرها. توفي سنة 385 هـ. انظر: "سير أعلام النبلاء" (17/ 527)، ومصادر ترجمته في "الأعلام"، للزركلي (1/ 312). (¬2) أبو مالك: هو عمرو بن كركرة، أعرابي كان يعلِّم في البادية ويورّق في الحاضرة، مولى بني سعد، راوية أبي البيداء، يقال: كان يحفظ اللغة كلها. قال الجاحظ: أحد الطيَّاب، يزعم أن الأغنياء عند الله عزَّ وجَلّ أكرم من الفقراء، ويقول: إن فرعون عند الله أكرم من موسى!! * قلت: إن يكن هو، وإن يكن النقل عنه صحيح؛ فما هو بخليق للنقل عنه، وما ذُكر عنه كفر وتكذيب للقرآن!. له من الكتب: كتاب "خلق الإِنسان"، وكتاب "الخيل". انظر: "الفهرست" لابن النديم 69، و"هدية العارفين" (5/ 802)، و"بغية الوعاة" (2/ 233)، ولم يذكروا له وفاة.

واختلف في اشتقاق العاتكة من النساء على أقوال

والعاتكة من النخيل: التي لا تقبل الإِبار. عن اللَّحياني (¬1) وقال غيره: هي الصّلود تحمل الشيص (¬2). * * * واختلف في اشتقاق العاتكة من النساء على أقوال: قيل: سُمِّيت به؛ من قولهم: امرأة عاتكة، بها رِدْعُ طِيب. قال السُّهَيْلي (¬3) في "الروض": عاتكة: اسم منقول من الصفات، يقال: امرأة عاتكة، وهي المصفرَّة من الزعفران. وفي "القاموس": هي المحمرَّةُ من الطيبِ، أي: احْمَرَّ لونُها من كثرةِ استعمالِ الطيبِ. ¬

_ (¬1) اللحياني: هو علي بن الحسين، وقيل: ابن المبارك الختلي، أبو الحسن البغدادي، المعروف باللحياني، من بني لحيان، غلام الكسائي. توفي في حدود 210 هـ. له: كتاب "النوادر المشهورة"، ذكره في "كشف الظنون" (5/ 668). انظر مصادر ترجمته في: "الفهرست" (76)، و"معجم المؤلفين" (2/ 490). (¬2) "الصلود": بمعنى الصلبة، و"الشيص": البلح الذي لا يؤكل لجفافه ويبسه، ولا زالت تُستعمل في وقتنا الحاضر. (¬3) السُّهيلي: عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد الخثعمي السُّهيلي، حافظ عالم باللغة والسير. وُلِد في مالقة، وعمي وعمره 17 سنة. ومن لطيف شعره: يا من يرى ما في الضمير ويسمع ... أنت المعد لكل ما يتوقع له: "الروض الأنف في شرح سيرة ابن هشام"، و"التعريف والإِعلام فيما أبهم من القرآن من الأسماء والأعلام"، وغيرها. وتُوُفي سنة 581 هـ. انظر مصادر ترجمته في: "الأعلام" للزركلي (4/ 86)، و"شذرات الذهب" (6/ 445).

ويؤيده قول ابن قتيبة (¬1): هي من عتكت القوس إذا احمرَّت. وهذه الأقوال كلها راجعة إلى قول واحد، وهو: تغيير لونها من استعمال الطيب، سواء بصُفرة -كما قال السُّهيلي-، أو بحُمرة -كما قاله ابن قتيبة-، ولا تخالف فيها عند التأمُّل. وقال ابن عباد في "المحيط": هو من عتكت المرأة؛ إذا شرفت ورأست، أي: على قومها وعشيرتها؛ فتسمَّوا بهذا الاسم تفاؤلًا على عادتهم. وقيل: سُمِّيَت لصفائها، من قولهم: نبيذ عاتك؛ إذا صفا: وهو قول ابن دريد. وقال ابن سعد (¬2) في "الطبقات" (¬3): العاتكة: الطاهرة، أي في ¬

_ (¬1) ابن قتيبة: عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري "أبو حميد"، من أئمة الأدب ومن المصنفين المكثرين. وُلِد في بغداد، وسكن الكوفة، ولي قضاء الدينور ونسب إليها. توفي في بغداد. له: "تأويل مختلف الحديث"، و"أدب الكاتب"، و"عيون الأخبار"، و"الشعر والشعراء"، و"المشتبه في الحديث والقرآن"، وغيرها. توفي سنة 276 هـ. انظر مصادر ترجمته في: "الأعلام" للزركلي (4/ 280)، و"سير أعلام النبلاء" (14/ 565). (¬2) ابن سعد: محمد بن سعد الزهري، أبو عبد الله. مؤرِّخ فقيه، من حفَّاظ الحديث. وُلِد في البصرة وسكن بغداد، وتوفي فيها. صحب الواقدي زمانًا فكتب له وروى عنه. له: "طبقات الصحابة" المعروف بـ "طبقات ابن سعد". توفي سنة 230 هـ. انظر: "كشف الظنون" (5/ 445)، ومصادر ترجمته في "الأعلام" للزركلي (6/ 7). (¬3) طبقات ابن سعد (1/ 60).

نسبها وحسبها. وكانت خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها تُكْنَى في الجاهلية بالطَّاهرة؛ نظرًا لذلك. وقيل: من عتكت على بعلها؛ إذا نشزت. وهذا قول ابن الأعرابي، وفيه بُعْد. وأبعد من ذلك قول من قال: إنها من عتكت النخلة؛ إذا لم تقبل الإِبار. فهذا مجموع ما يتعلَّق بتحقيق اللَّفظ.

[المهمة]

[المهمَّة] (¬1) وأمَّا المهمَّة ففيها ثلاثة مطالب: المطلب الأول في بيان الحديث الذي ورد فيه هذا اللَّفظ قال الحافظ جلال الدِّين السيوطي في "الجامع الصغير": أخرج الطبراني في "المعجم الكبير" عن سِيَابَة بن عاصم رضي الله عنه، رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنا ابن العواتك من سُليم" (¬2). ¬

_ (¬1) ليست في الأصل، وأضفتها لتمام الإِخراج والتقسيم. "المحقق". (¬2) قال الشيخ مشهور حسن سلمان: (أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (ص 88 - 89/ ق 1 - "السيرة النبوية"، أو 3/ 157 - ط دار الفكر) من طريق المصنف، به). والنص بتمامه في: "غريب الحديث" (2/ 67 - 68) لابن الجوزي، و"فيض القدير" (3/ 38) للمناوي، و"حياة الحيوان" (2/ 109 - 110) للدميري. وأخرجه أيضًا كما في المتن: ابن أبي عاصم في "الجهاد" (2/ 605/ رقم 255)، و"الآحاد والمثاني" (3/ 95/ رقم 1413)، والطبراني في "المعجم الكبير" (7/ 201/ رقم 6724)، وأبو حاتم الرازي -كما في الإِصابة (3/ 234) -، وابن قانع في "معجم الصحابة" (1/ 302/ رقم 368)، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والبيهقي في "دلائل النبوة" (5/ 136)، وأبو نعيم في "الدلائل" أيضًا (1/ ق 311/ أ)؛ من طرق عن هشيم، عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن سعيد بن العاص، عن سَيابة بن عاصم؛ قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم حنين ... وذكره. وصرَّح هشيم بالتحديث عند الطبراني وفي "الآحاد والمثاني". وتصحَّف "سيابة" في مطبوع "الدلائل" للبيهقي إلى: "شبابة"؛ فليصحَّح. وعزاه الدَّميري في "حياة الحيوان الكبرى" (2/ 109) لابن قانع في "معجمه"، وأبي طاهر السِّلفي، وقال: "سيانه"، وضبطها بقوله: "بسين مهملة ثم مثناة من تحت وبعد الألف نون ثم هاء"!! والصحيح أنه بباء موحدة لا بنون؛ كما في "الإِكمال" (5/ 14)، و "المشتبه" (2/ 387)، و "التبصير" (2/ 767)، و"التوضيح" (5/ 271)، و"أسد الغابة" (2/ 495)، و"الإِصابة" (3/ 233) وغيرها. وقال البيهقي عقبه: "وقد فيل عن هشيم عن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص". * قلت: نعم، رواه كذلك عن هشيم: إسحاق بن إدريس -وهو ضعيف-، كما في "الإِصابة" (3/ 233 - 234). ولوين محمد بن سليمان. أخرجه البغوي -كما في "الإِصابة" (3/ 234) -، والعسكري في "تصحيفات المحدِّثين" (3/ 1375). واختلف فيه على لوين. أخرجه الدارقطني في "المؤتلف والمختلف" (3/ 1375)، فقال: حدَّثنا هشيم عن عمرو بن يحيى بن سعيد بن العاص، عن رجل، عن سيابة، فقال في هذه الرواية: "عمرو بن يحيى بن سعيد"، فخالف الروايتين السابقتين!! وذكر ابن عبد البر طريقًا أخرى أغرب فيها على هشيم، وتعقَّبه ابن حجر في

قال الشيخ: عبد الرؤوف المناوي في شرحه "الكبير": سيابة -بمهملة مكسورة ومثناة تحتية ثم باء موحدة، بضبط المصنِّف بخطه، تبعًا لابن حجر-[ابن عاصم] (¬1) ابن شيبان السلمي، له صحبة. ¬

_ = "الإِصابة" (3/ 233)، ورجح أبو حاتم في "العلل" (1/ 32/ رقم 963) رواية سعيد بن منصور، وقال عنها: "وهذا أشبه، وعل هذا الحديث بدليل أنَّ سيابة ليس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال الهيثمي في "المجمع" (8/ 219): "ورجاله رجال الصحيح". وأخرجه سعيد بن منصور في (سننه (رقم 2840)، والبيهقي في "الدلائل" (5/ 136) عن قتيبة بن سعيد، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (ص 88/ ق 1 - "السيرة النبوية") عن ليث بن حماد الصفار؛ ثلاثتهم عن أبي عوانة، عن قتادة رفعه. قال قتيبة بن سعيد عقبه: "كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث جدَّات من سُليم، اسمهن عاتكة، فكان إذا افتخر قال: أنا ابن العواتك". قال البيهقي عقبه: "قلت: بلغني أنَّ إحداهن أم عبد مناف، والأخرى أم هاشم، والثالثة جدَّته من قبل زهرة". وأخرجه ابن وهب في "الجامع في الحديث" (1/ 43/ رقم 11) عن عقيل، عن ابن شهاب رفعه. وأورد له شيخنا الألباني في "الصحيح" (رقم 1569) شاهدًا عن جابر رفعه عند ابن عساكر، وقال: "وبالجملة؛ فالحديث بهذه الطرق حسن على أقل الدرجات"!! والخبر في "أنساب الأشراف" (2/ 195 - ط دار الفكر) للبلاذري. انظر: "المجالسة وجواهر العلم" للدينوري، تحقيق الشيخ مشهور حسن 6/ 69 - 71. (¬1) ساقطة ونقلتها من الأصل - فيض القدير بشرح الجامع الصغير 2/ 39.

قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. وقال الذهبي كابن عساكر [في التاريخ] (¬1): اختلف على هشيم فيه، انتهى. قلت: مقتضى سياق الذهبي في كتابه "المشتبه" أن سيابة بالفتح كسحابة. ولكن في "التبصير" (¬2) للحافظ ابن حجر: أنه بالكسر، كما نقله السيوطي، فهو إذًا خالف شيخه في الضبط، أو أن الذهبي لم يضبطه لشهرته. وفي "التجريد" للحافظ الذهبي و"معجم الصحابة" للحافظ تقي الدِّين ابن فهد ما نصّهما: سيابة بن عاصم بن شيبان السُّلمي، له وفادة. روى حديثه عن عمرو بن سعيد، قوله: "أنا ابن العواتك" (¬3). وأما هُشيم الذي قال فيه الذهبي وابن عساكر: أنه اختلف عليه في هذا الحديث، فهو: أبو معاوية هُشيم بن بشر بن القاسم دينار السُّلمي (¬4). روى له الجماعة. وُلِد سنة خمس ومائة، وتوفي سنة ثلاث وثمانين ومائة. روى عن الزهري. وروى عنه من القدماء: الثوري، وشعبة، ومالك. وهو أثبت الناس في حديث منصور بن زاذان، ويونس وسيار وحصين. ¬

_ (¬1) ساقطة ونقلتها من الأصل - فيض القدير بشرح الجامع الصغير 2/ 39. (¬2) التبصير لابن حجر 2/ 67. (¬3) تجريد أسماء الصحابة للذهبي 1/ 250. (¬4) قلت: هكذا جاء ضبطه في الأصل، ولكن في "تهذيب الكمال في أسماء الرجال" للمزي؛ ما نصه: (هشيم بن بشير بن القاسم بن دينار السلمي - أبو معاوية بن أبي حازم) (7/ 418).

المطلب الثاني في تأويل هذا الحديث وبيان نسب بني سليم

المطلب الثاني في تأويل هذا الحديث وبيان نسب بني سُليم قال المناوي: قال الحليمي (¬1): لم يُرِدْ بذلك فخرًا، بل تعريف منازل المذكورات، كمن يقول: "كان أبي فقيهًا"، لا يريد به إلَّا تعريف حاله. قال: ويمكن أنه أراد به الإِشارة بنعمة الله في نفسه وآبائه وأمهاته، انتهى. قال بعضهم (¬2): وبنو سليم تفخر بهذه الولادة. قلت (¬3): بنو سُليم، بالضَّم مصغَّر، قبيلة كبيرة من قبائل قيس بن عيلان من مضر (¬4). ¬

_ (¬1) الحليمي: الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الجرجاني، أبو عبد الله، فقيه شافعي، كان رئيس أهل الحديث فيما وراء النهر. مولده بجرجان ووفاته في بخارى. له: "المنهاج في شعب الإِيمان". توفي سنة 403 هـ. انظر مصادر ترجمته في: "الأعلام" للزركلي (2/ 253)، "سير أعلام النبلاء" (17/ 231). (¬2) صنيع المصنف يُشعر بأنه ساقه أو نقله من كتاب آخر، أو أنَّ ما بعد قوله: "انتهى" من كلامه، مع أنه متصل بما قبله من كلام المناوي نفسه، كما هو في شرح الجامع بدون قوله: (انتهى)، فتأمل. (¬3) أي: المؤلف الزبيدي. (¬4) قال ابن حزم: "وقد قال قوم: قيس بن عيلان بن مضر. والصحيح: قيس عيلان". قال نصر بن سيار: أنا ابن خندف ينميني قبائلها ... للصالحات وعمي قيس عيلان =

وعيلان اختلف فيه كثيرًا، فقيل: لقب، واسمه: الناس. وكان الوزير المغربي (¬1) يشدِّد السين. وقيل: اسم غلام لأبيه، حضنه؛ فيجعل قيسًا مضافًا إلى عيلان لا ابنًا له، وهذا بعيد جدًّا. والصحيح: ما اتفق عليه النسَّابة من أن قيسًا ولد لعيلان، وهو ولد لمضر. وقيل: سُمِّي بفرس له قد سابق عليه، أو بكلب له. والصحيح ما قدَّمناه، ويدل له قول زهير بن أبي سُلمى: إذا ابتدرتَ قيس بن عيلان غاية ... من المجد من يسبق إليها يسبق (¬2) فالعقب من قيس هذا في ثلاثة: خصفة -بالخاء المعجمة بحركة-، وسعد، وعمرو. والعقب من خصفة من بطنين: عكرمة، ومحارب. والعقب من عكرمة بن خصفة في: منصور بن عكرمة -وهو البيت الأول من قيس، وفيه العدد-، وسعد، وأبي مالك، وعامر. ¬

_ = "قلائد الذهب في جمهرة أنساب العرب" (ص 30) تحقيق الجبوري - المكتبة العلمية ببغداد. (¬1) هو أبو القاسم الحسين بن علي بن محمد بن يوسف بن بحر، المعروف بابن المغربي أو الوزير المغربي. توفي سنة 418 هـ. له مؤلَّفات، منها: "رسالة القاضي والحاكم"، و"الإِيناس في علم الإنساب". انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء 17/ 394، معجم المؤلفين 1/ 624. (¬2) لم أجده في ديوان زهير المطبوع.

والعقب من منصور في: هوازن، وسليم، وسلامان، ومازن. ومن سُليم في: بُهتة بن سليم، ومنه تفرَّعت القبائل على ما هو مشروح في كتب الإنساب. ولبني سُليم مفاخر، منها: أنها ألَّفت (¬1) يوم فتح مكة، أي: شهده منهم ألف، وأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قدَّم لواءهم يومئذ على الألوية، وكان أحمرَ. ومنها: أنَّ عمرًا رضي الله عنه (¬2) كتب إلى أهل الكوفة والبصرة ومصر والشام: أنِ ابعثوا إليَّ من كل بلد بأفضله رجلًا، فبعث أهل البصرة بمجاشع بن مسعود السُّلمي، وأهل الكوفة بعتبة بن فرقد السُّلمي، وأهل مصر بمعن بن يزيد بن الأخنس السُّلمي، وأهل الشام بأبي الأعور السُّلمي. ¬

_ (¬1) قال الدميري: روى عبد الباقي بن قانع في معجمه، والحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السِّلفي -وبعد أن ساق الحديث المذكور ومآثر بني سُليم-، قال: كذا قاله جماعة، والصواب: أن بني سُليم كانوا يوم الفتح تسعمائة، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل لكم في رجل يعدل مائة فيوفيكم ألفًا"، قالوا: نعم. فوفاهم بالضحاك بن سفيان، وكان رئيسهم، وإنما جعله عليهم لأن جميعهم من قيس عيلان. * حياة الحيوان (2/ 10). (¬2) ذكره ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق (3/ 107).

المطلب الثالث في تفصيل أسمائهن

المطلب الثالث في تفصيل أسمائهن قال الجوهري (¬1) في "الصَّحاح"، والصاغاني (¬2) في "العُباب": العواتك في جدَّات النبي - صلى الله عليه وسلم - تسع، وإياهم تبع صاحب "القاموس"، واقتصروا على ذلك. ¬

_ (¬1) الجوهري: صاحب الصَّحاح، إسماعيل بن حماد، أبو النصر. أول من حاول الطيران ومات في سبيله. لغوي من الأئمة. من أشهر كتبه: "الصَّحاح" في مجلدين، وله في العروض والنحو. ومات في نيسابور، وذلك أنه صنع جناحين من خشب، وربطهما بحبل، وصعد سطح داره ونادى في الناس: لقد صنعت ما لم أُسبق إليه، وسأطير الساعة. فازدحم أهل نيسابور ينظرون إليه، فتأبط الجناحين ونهض بهما، فخانه اختراعه فسقط إلى الأرض قتيلًا. توفي سنة 393 هـ. انظر: "بغية الوعاة" (1/ 446)، ومصادر ترجمته في "الأعلام" للزركلي (1/ 309). (¬2) الصاغاني: الحسن بن محمد بن الحسن العدوي العمري الصاغاني، نسبة إلى صاغان قرية بمرو. أعلم أهل عصره في اللغة، كان فقيهًا ومحدِّثًا. وُلِد في لاهور في الهند، وتوفي في بغداد. له تصانيف كثيرة، منها: "مجمع البحرين"، و"التكملة" في ستة مجلدات جعلها تكملة لـ "صَحاح" الجوهري، و"العباب" معجم في اللغة، وغيرها. انظر: "بغية الوعاة" (1/ 519)، ومصادر ترجمته في "الأعلام" للزركلي (2/ 233).

وقال ابن الأثير (¬1)، وابن بري (¬2) في "حاشية الصَّحاح": هن اثنتا عشرة نسوة. وقال العتبي (¬3): قال أبو اليقظان (¬4): العواتك ثلاث نسوة من بني سُليم، تُسَمَّى كل واحدة منهن عاتكة. إحداهن: عاتكة بنت هلال بن فالج -بالجيم- بن ذكوان بن ¬

_ (¬1) ابن الأثير: هو علي بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري أبو الحسن. مؤرِّخ من علماء النسب، كان منزله مجمع الفضلاء. له: "الكامل"، و"أسد الغابة في معرفة الصحابة" و"اللباب مختصر أنساب السمعاني". توفي سنة 630 هـ. انظر: "سير أعلام النبلاء" (22/ 353)، ومصادر ترجمته في "الأعلام" للزركلي (5/ 153). (¬2) ابن برِّي: عبد الله بن برِّي بن عبد الجبار، المقدسي الأصل، المصري أبو محمد، من علماء العرب النابهين. وُلِد ونشأ وتوفي بمصر. له: "شرح شواهد الإِيضاح حواش على صَحاح الجوهري". توفي سنة 582 هـ. انظر: "بغية الوعاة" (2/ 34)، ومصادر ترجمته في "الأعلام" للزركلي (4/ 200). (¬3) العتبي: هو محمد بن عبيد الله بن عمرو، أبو عبد الرحمن الأموي من بني عتبة بن أبي سفيان، أديب كثير الأخبار من أهل البصرة ووفاته بها. له: "الأخلاق"، و"أشعار الأعاريب"، و"الخيل". توفي في حدود 228 هـ. انظر ترجمته في: "الفهرست" لابن الندي، و"وفيات الأعيان" 1/ 522، و"الأعلام" للزركلي 7/ 139. (¬4) أبو اليقظان: هو عامر بن حفص. عالم بالإنساب، يلقب بسحيم. له مصنفات، منها: "أخبار تميم"، وكتاب "النسب الكبير". توفي سنة 190 هـ. انظر: "الفهرست" لابن النديم (151) ولم يذكر له وفاة، ومصادر ترجمته في "الأعلام" للزركلي (4/ 17).

ثعلبة بن بهتة بن سليم، وهي أم جدّ هاشم. كذا وقع في "الصَّحاح"، و "العباب" و"القاموس"، أي: أم عبد مناف بن قصي، وهكذا نقله العتبي عن أبي اليقظان. وقال شيخنا المرحوم أبو عبد الله محمد بن الطَّيِّب الفاسي (¬1) في "حاشيته على القاموس" عند قوله: "أم جد هاشم"، ما نصُّه: الصواب أم والد هاشم، أو أم عبد مناف، انتهى. وهو ظاهر. ثم إنَّ هذا القول الذي أجمعوا عليه خالفهم فيه شيِخ النسب الزبير بن بكار (¬2) في كتاب "أنساب قريش"، حيث قال: "فوَلَدُ قُصي عبدَ مناف وعبدَ العزى وعبدَ الدار وعبدَ وبرّه وتَخْمُر (كتنصُر). وأمهم: حُبَّي (تأنيث الأحب) ابنة حُليل (كزبير) بن حُبشية -بالضمِّ- بن سلول بن كعب بن عمرو بن خزاعة. ¬

_ (¬1) محمد الطيب الفاسي: محمد بن الطيب محمد بن محمد بن محمد الشرقي الفاسي المالكي، نزيل المدينة، أبو عبد الله. محدِّث، علّامة باللغة. وُلِد بفاس وتوفي بالمدينة، شيخ المؤلف. له: "المسلسلات في الحديث"، و"إضاءة الراموس حاشية على قاموس الفيروزآبادي"، و"شرح كافية ابن مالك"، وغيرها. توفي سنة 1170 هـ. انظر: "كشف الظنون" (6/ 331)، ومصادر ترجمته في "الأعلام" للزركلي (7/ 47). (¬2) الزبير بن بكَّار: أبو عبد الله القرشي الأسدي المكي من أحفاد الزبير بن العوام أبو عبد الله، عالم بالإنساب وأخبار العرب. وُلِد بالمدينة وتوفي بمكة. له تصانيف، منها: "أخبار العرب وأيامها"، و"نسب قريش وأخبارها"، و"الموفقيات"، و"أخبار ابن ميادة"، وغيرها. توفي سنة 256 هـ. انظر: "سير أعلام النبلاء" (12/ 311)، ومصادر ترجمته في "الأعلام" للزركلي (3/ 74).

وتبعه ابن الجواني (¬1) النَّسابة في "المقدمة الفاضلية"، مقتصرًا عليه، وكذا ابن عَنبَةَ (¬2) نسَّابة العراق في "عمدة الطالب". ¬

_ (¬1) الجوَّاني: شرف الدين أبو علي محمد أسعد بن علي، علوي، أصله من الموصل، مالكي، عالم بالإنساب. وُلِد وتوفي بمصر، وَلِيَ نقابة الأَشراف فيها. له: "طبقات الطالبيين"، و"تاج الأنساب". وله في دار الكتب المصرية: "تحفة ظريفة ومقدمة لطيفة وهدية منيفة في أصول الأحساب وفصول الإنساب" من تأليفه. قال الزركلي: لعله "تاج الأنساب". توفي سنة 588 هـ. انظر: "الوافي بالوفيات" (2/ 202)، ومصادر ترجمته في "الأعلام" للزركلي (6/ 256)، ومعجم المؤلفين (3/ 128). (¬2) ابن عَنَبَةَ: هو جمال الدين أحمد بن علي بن حسين بن علي بن مهنا الحسيني، المعروف بابن عنبة، ويقال: الداودي والطالبي، نسابة عراقي شيعي، مؤرِّخ. توفي في 828 أو 827 هـ بكرمان. قال سركيس في "معجم المطبوعات العربية" (1/ 193): "ابن عنبسة الحسيني". وهو غلط، مع أنه ذكر أن جرجي زيدان ذكر اسمه ابن عنبة الداودي. وفي "كشف الظنون" (2/ 1167): "ابن عقبة"، وفي "هدية العارفين" (5/ 123): "ابن عنبسة". قال الشيخ بكر أبو زيد في "طبقات النسابين" ترجمة 364 (حاشية): ذكره في الأول -يعني "الكشف"- "ابن عقبة"، وفي الثاني -يعني "هدية العارفين" - "ابن عتبة"، ثم قال: كلاهما غلط. * قلت: والذي في "هدية العارفين": "ابن عنبسة" وليس "عتبة". وذكره أيضًا إدوارد فنديك في "اكتفاء القنوع بما هو مطبوع" صفحة 100 باسم أحمد بن علي بن عتبة الأصفر الداودي. له: "عمدة الطالب في أنساب أبي طالب" مطبوع في الهند -لكنهو، وفي النجف- دار الأندلس، وفي بيروت -دار الحياة، وفي الأخيرة كتب اسمه على الغلافين "ابن عتبة" وترجم له المحققون ترجمة طويلة، وله: "عمدة الطالب =

قال الزبير: وحدثني إبراهيم بن المنذر، عن الواقدي، عن موسى بن يعقوب الزّمعي، عن أبيه، عن جدِّه قال: سمعتُ أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول: لمَّا نكح قُصيّ حُبَّى ابنة حُليل الخزاعي؛ ولدت: عبد الدار بن قصي، وعبد مناف، وعبد العزى. فهذا السياق دالّ على أنَّ أم عبد مناف خزاعية لا سُلمية، فتأمل ذلك (¬1). الثانية: عاتكة ابنة مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة بن بهتة بن سُليم. وهي أم هاشم بن عبد مناف، وهو ثالث (¬2) جَدّ لسيِّدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. والثالثة: عاتكة ابنة الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج بن ذكران بن ثعلبة بن بهتة بن سليم. وهي أم وهب بن عبد مناف بن زهرة والد آمنة أم النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنها. هكذا أوردوه. وفي الأخيرة خلاف؛ فقد نقل ابن الجواني في "المقدمة الفاضلية" أنَّ أم وهب بن عبد مناف والد آمنة أم النبي - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ = الصغرى"، وله أيضًا: "بحر الأنساب"، وله أيضًا: "التحفة الجمالية في الإنساب" بالفارسية. انظر ترجمته في: "معجم المؤلفين" (1/ 201)، "أعيان الشيعة" محسن أمين (9/ 97). * قلت: وفي "تاج العروس" (13/ 60) ابن عقبة النسابة، وهو خطأ. (¬1) قلت: الذي في جميع كتب الأنساب، ولا خلاف عليه، أنَّ أم عبد مناف (واسمه: المغيرة) هي حُبَّي ابنة حُليل الخزاعي. (¬2) هامش في الأصل: قلت: صوابه ثالث أب كما قاله محققه شيخنا الحجَّة محمد محمود التركزي حفظه الله.

قيلة (¬1) بنت جزء بن غالب بن عامر بن الحارث بن غسان الخزاعي، فتأمل ذلك. قالوا: الأولى من العواتك عمَّة الوسطى، والوسطى عمَّة الأخرى، وهذه صورة ذلك: عاتكة (وأمها هوزانية وأمها مذحجية) = (بنت) عاتكة (وأمها قحطانية وأمها مذحجية) = (بنت) = عاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان والجدَّات البواقي من غير بني سُليم. فعلى قول الجوهري والصَّاغاني: ست، وعلى قول ابن برّي: تسع، وهن: اثنتان من قريش، واثنتان من عدوان، وكنانية، وأسدية، وهذلية، وقضاعية، وأزدية، انتهى. قلت: أمّا العدوانية الأولى، فهي: عاتكة ابنة عبد الله بن وائل بن ظرب بن عمرو بن عائذ بن يشكر بن الحارث -وهو: عدوان (كسحبان) لأنه عدا على أخيه، فقتله-. وهي الجدَّة الخامسة لعبد الله والد النبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) قلت: لا خلاف بَين كتب الأنساب في أن أم وهب -والد آمنة أم الرسول - صلى الله عليه وسلم - اسمها: قيلة وليست عاتكة. انظر: "بحث مختصر في الشجرة النبوية" لمحمد نبيل القوتلي ص 229.

والثانية: عاتكة بنت الحارث -وهو عدوان- أخت يشكر، وهي عمَّة الجد الخامس لعاتكة السابعة، وهي أم مالك بن النضر بن كنانة الجدّ الثاني عشر لسيِّدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فهاتان عدوانيتان، وعدوان من قبائل قيس، فإذا قلنا: اثنتان قيسيتان؛ لايضر. وأمَّا الكنانية فهي عاتكة ابنة يخلد بن النضر بن كنانة، أم لؤي ابن غالب الجدّ التاسع لسيِّدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأمَّا القُرشية: فيحتمل أنها عاتكة ابنة أبي همهمة، واسمه: حبيب بن عبد العزى بن عامر بن عميرة بن وديعة بن الحارث بن فهو: الجدَّة الخامسة لفاطمة ابنة أسد، أم علي رضي الله عنهما، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: هي أمي بعد أمي (¬1)، فتأمَّل! ¬

_ (¬1) الحديث أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط عن أنس بن مالك قال: لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم أم علي بن أبي طالب دخل عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلس عند رأسها فقال: "رحمك الله يا أمي، كنت أمي بعد أمي وتشبعيني وتعريني وتكسيني وتمنعين نفسك طيِّبًا وتطعميني، تريدين بذلك وجه الله والدار الآخرة، ثم أمران تغسل ثلاثًا، فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده وأخرج ترابه بيده، ثم خلع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قميصه فألبسها إياه وكفنها ببرد فوقه، ثم دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلامًا أسود يحفرون، فحفروا قبرها، فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخرج ترابه بيده، فلما فرغ دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاضطجع فيه ثم قال: "الله الذي يحيى ويميت وهو حي لا يموت، اغفر لأمي فاطمة بنت أسد ولقِّنها حجَّتها، ووسِّع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي =

وأم أبي همهمة: قلابة بنت عبد مناف (تكميل). روى ابن عساكر في التاريخ قول النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين: "أنا ابن الفواطم" (¬1). قال صاحب "القاموس": والفواطم اللاتي ولدن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قرشية، وقيسيتان، ويمانيتان، وأزدية، وخزاعية. -هكذا هو نصّه- فهن سبع. ونصّ الصاغاني في "التكملة على الصحاح": قُرشية، وقيسيتان، ويمانيتان -أزدية وخزاعية- فالأخيرتان بدل من قوله: و"يمانيتان"، والأزد وخزاعة كلاهما من اليمن، فعلى هذا هن خمس لا سبع، والواو العاطفة في سياق "القاموس" إما سهو أو زيادة من النسَّاخ. ¬

_ = فإنك أرحم الراحمين، وكبَّر عليها أربعًا وأدخلوها اللحد هو والعباس وأبو بكر الصدِّيق رضي الله عنهم. قال محققه حمدي السلفي: ورواه المصنف في الأوسط (356 - 357 مجمع البحرين) وقال: لم يروه عن عاصم إلَّا سفيان، تفرد به روح بن صلاح، وثقه ابن حبان والحاكم، وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح، ورواه أبو نعيم من طريق المصنف في الحلية (3/ 121). واعترض شيخنا في "السلسلة الضعيفة" (رقم 23) على قول الحافظ الهيثمي في المجمع: وبقية رجاله رجال الصحيح، بأنَّ أحمد بن حماد وإن كان ثقة في نفسه، فإنه لم يرو له أصحاب الصحيح وإنما روى له النسائي فقط ... إلخ، ثم قال -أي الشيخ الألباني-: فالحديث ضعيف. انظر: "المعجم الكبير" للطبراني (24/ 351 - 352). (¬1) أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (3/ 158) طبعة دار الفكر، بسنده المذكور عن بعض الطالبيين، ثم ذكره وهو بلاغ ولم يدرك هذا الطالبي النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو لم يصح.

فأمَّا القرشيَّة فهي جدَّته أم أبيه وعمِّه أبي طالب: فاطمة ابنة عائذ بن عمران بن مخزوم. وفي "الروض" للسُّهيلي، هي: فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم. وأمَّا الأزدية: فهي فاطمة بنت سعد بن شيَل بالتحتية محركة، من بني عثمان بن عامر الجادر (¬1)، من أزد شنوءة. ولم أعرف الثلاث البواقي. وفي حديث آخر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى عليًّا حُلَّة سِيَراء، وقال: شققها خُمُرًا بين الفواطم" (¬2). قال العتبي: إحداهن سيدة النساء فاطمة الزهراء، والثانية: فاطمة بنت أسد أم علي وإخوته رضي الله عنهما. قال: ولا أعرف الثالثة. وقال ابن الأثير: هي فاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب. وقال الصاغاني: هي فاطمة أم أسماء بنت حمزة. ¬

_ (¬1) قلت: سُمِّي الجادر لأنه أول من صنع جدارًا للبيت الحرام ليقيه السيول. هكذا ذكروه في كتب الأنساب. (¬2) حديث عليّ بن أبي طالب قال: إن أكيدر دومة أهدى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثوب حرير فأعطاه عليًّا، فقال: "شققه خُمرًا بين الفواطم". وورد بروايات أخرى، ذكرها مسلم في صحيحه في كتاب اللباس. قال القاضي عياض في "نقل إكمال المعلم بفوائد مسلم" (6/ 578): * قلت: والحلة السِيَراء هي: الموشاة بالذهب والحرير. ذكره ابن منظور في "اللسان" (2/ 253).

وفي قول الأزهري (¬1): هي فاطمة بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس خالة معاوية، قال: وأُراه أراد فاطمة بنت حمزة؛ لأنها من أهل البيت. قلت: وهند بنت عتبة كانت زوجًا لعقيل بن أبي طالب. وفي "الروض" للسهيلي: ورواه عبد الغني بن سعيد بَينَ الفواطم الأربع. وذكر فاطمة بنت حمزة مع اللتين تقدَّمتا، وقال: لا أدري من الرابعة، قاله في كتاب: "الغوامض والمبهمات". وفي "المبهمات" لابن بشكوال (¬2)، يقال: الرابعة هي فاطمة ابنة ¬

_ (¬1) محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي -أبو منصور، أحد الأئمة في اللغة والأدب. وُلِد وتوفي بخراسان، ونسبته إلى جده الأزهر. له: "تهذيب اللغة"، و"غريب الألفاظ"، و"تفسير القرآن"، وغيرها. توفي سنة 370 هـ. انظر: "بغية الوعاة" (1/ 19)، ومصادر ترجمته في "الأعلام" للزركلي (6/ 202). (¬2) واسم كتابه: "الغوامض والمبهمات"، وهو مطبوع. وابن بشكوال هو: خلف بن عبد الملك بن سعود بن بشكوال الخزرجي، أبو القاسم أندلسي، مؤرِّخ وبحَّاثة، من أهل قرطبة ولادةً ووفاةً. له: "الصلة في تاريخ رجال الأندلس"، و"الغوامض والمبهمات" في مجلدين، و"رواة الموطأ"، و"الفوائد المنتخبة والحكايات المستغربة" في عشرين جزءًا، وغيرها. توفي سنة 578 هـ. انظر: "كشف الظنون" (5/ 349)، ومصادر ترجمته في "الأعلام" للزركلي (2/ 359). * قلت: جاء في هامش الصفحة ما نصّه: قلت: قول السيِّد محمد مرتضى هذا: "وهند بنت عتبة كانت زوجًا لعقيل بن أبي طالب" تحريف واضح، وإفك مبين فاضح. والصواب وهو الحق اليقين المجمع عليه: أن زوج عقيل أختها فاطمة بنت عتبة لا هند، وإنما هند زوجة أبي سفيان أم معاوية، لم يتزوجها أحد بعده ولا قبله إلَّا الفاكه بن المغيرة، وقصتهما مع الكاهن معلومة عند أهل =

الأصم أم خديجة. قال: ولا أُراها أدركت هذا الزمان. تنبيه: قال ابن بري: وقيل للحسن والحسين: ابنا الفواطم؛ فاطمة أمهما، وفاطمة بنت أسد جدَّتهما، وفاطمة بنت عمرو المخزوميَّة جدَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبيه. قلت: والجدَّة الثالثة لفاطمة بنت أسد هي: فاطمة بنت هرم بن رواحة العامرية. والجدَّة الخامسة لهما أيضًا: فاطمة بنت عُبيد بن منقذ العامرية. وأم جدَّتهما خديجة: فاطمة ابنة الأصم. ¬

_ = العلم. وكتبه محققه شيخنا وأستاذنا العلامة الثقة محمد محمود التركزي، لطف الله تعالى به، آمين.

خاتمة في بيان العواتك من الصحابيات

خاتمة في بيان العواتك من الصحابيات فمنهن: عاتكة بنت أُسيد بن أبي العَيص الأموية، أخت عتاب، أسلمت يوم الفتح. وعاتكة بنت خالد الخزاعية، صاحبة الخيمتين (¬1) ¬

_ (¬1) وقصَّة أم معبد كما ذكرها ابن هشام وأصحاب السِّير أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على خيمتها هو وأبو بكر ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة ودليلهما، وكانت أمُّ مَعبد بَرَزة جَلِدَةَ تختبئ بفناء القباء، تُسقي وتُطعم، فسألوها لحمًا وتمرًا يشترونه منها، فلم يصيبوا عندها شيئًا، وكان القوم مزمِلِين مُسنِتين، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى شاة بكسر الخيمة، فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد؟ قالت: شاة خَلَّفها الجُهد عن الغنم، فقال: هل بها من لبن؟ قالت: هي أجود من ذلك؟ قال: أتأذنين لي أن أحلبها؟ قالت: بأبي أنت وأمي! إن رأيت بها حلبًا فاحلبها. فدعا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمسح بيده ضرعها، فسمى الله تعالى، ودعا لها في شأنها، فتفاجت عليه، ودرَّت واجترَّت. ودعا بإناء يُريضُ الرهط، فحلب فيه ثجًّا، حتى علاه لبنها، ثم سقاها حتى رويت، وسقى أصحابه حتى روَوا، وشرب آخرهم، ثم أراضوا. ثم صبَّ به ثانية بعد بدء حتى ملأ الإِناء، ثم غادره عندها. ثم بايعها على الإِسلام، ثم ارتحلوا عنها، فما لبثت حتى جاء زوجها أبو مَعْبَد =

وعاتكة (¬1) بنت زيد بن عمرو بن نفيل، أخت سعيد. وعاتكة بنت عبد المطلب، عمَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، صاحبة الرؤيا المشهورة (¬2). ذكرها الزبير في كتاب "أنساب قريش". ¬

_ = يسوق أَعنزًا عجافًا، فلما رأى أبو معبد اللبن عجيب وقال: من أين لك هذا اللبن يا أم معبد؟ والشاة عازب حِيال، ولا حَلوبَ في البيت؟ قالت: لا والله، إلَّا أنه مرَّ بنا رجل مبارك، من حاله كذا وكذا؛ قال: صفيه يا أم معبد، فوصفته له بكلام طويل كله حق؛ قال أبو معبد: هذا والله صاحب قريش، الذي ذُكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، لقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلًا. سيرة ابن هشام 2/ 487. (¬1) وهي زوجة أربعة من الشهداء، هم: عبد الله بن أبي بكر، وزيد بن الخطاب، وعمر بن الخطاب أمير المؤمنين، والزبير بن العوام رضي الله عنهم جميعًا. (¬2) ذكر ابن هشام وغيره من أصحاب السِّير أنَّ عاتكة بنت عبد المطلب رأت قبل قدوم ضَمْضَمْ مكةَ بثلاث ليالٍ، رؤيا أفزعتها، فبعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب، فقالت له: يا أخي، والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني، وتخوَّفت أن يَدْخُل على قومك منها شرٌّ ومصيبةٌ، فاكتم عنِّي ما أحدِّثك به، فقال لها: وما رأيتِ؟ قالت: رأيت راكبًا أقبل على بعيرٍ له، حتى وقف بالأبطح، ثم صرخ بأعلى صوته، ألا انفروا يا لغُدْر لمصارعِكم في ثلاث، فأرى الناس اجتمعوا إليه، ثم دخل المسجد والناس يتبعونه، فينما هم حوله مَثَلَ به بعيره على ظهر الكعبة، ثم صرخ بمثلها: ألا انفروا يا لغُدَرْ لمصارعكم في ثلاث. ثم مَثَلَ به بعيره على رأس أبي قُبيس، فصرخ بمثلها. ثم أخذ صخرة فأرسلها، فأقبلت تهوي، حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارْفَضَّتْ، فما بقي من بيوت مكة، ولا دار إلَّا دختها منها فَلَقَة؛ قال العباس: والله إن هذه لرؤيا، وأنت فاكتميها، ولا تذكريها لأحد. "سيرة ابن هشام" (2/ 608). * في قلت: والغريب قول الحافظ الذهبي في "السير" في ترجمة صفية رضي الله =

وعاتكة بنت عوف، أخت عبد الرحمن. وعاتكة بنت الوليد، أخت خالد بن الوليد. وعاتكة بنت نعيم بن عبد الله العدوية، روت عنها زينب بنت أبي سلمة في العدَّة (¬1). وعلى هذا القدر (¬2) وقع الاقتصار، واسترسل القلم عن الإِكثار في المضمار، تسهيلًا للطالب الراغب، وتوصيلًا للفوائد والغرائب. والحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات، وبشكره تزداد البركات، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم ومجَّد وكرَّم وعظَّم. ¬

_ = عنها: (والصحيح أنه ما أسلم من عمَّات النبي - صلى الله عليه وسلم - سواها)، مع أنه ذكر في ترجمتها وترجمة أروى أنهما أسلمتا؟ انظر: سير أعلام النبلاء (2/ 269) وقد أثبتها في الصحابة ابن حجر في الإِصابة وابن منده والعقيلي وابن سعد. (¬1) وقد أورد ابن حجر الحديث في "الإِصابة" في ترجمة عاتكة بنت نعيم. قال: "جاءت -يعني عاتكة- رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت أنَّ ابنتها تُوُفِّي عنها زوجها فحدَّت عليه، فرمدت رمدًا شديدًا، وخشيت على بصرها، أفتكتحل؟ قال: لا، إنما هي أربعة أشهر وعشرًا، فقد كانت المرأة منكن تحدّ سنة ثم تخرج فترمي بالبعرة على رأس الحول"، ثم قال: أخرجه الطبراني، "الإِصابة" (4/ 358). * قلت: والحديث أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (23/ 347)، وهو في "الصحيحين" و"السنن" في كتاب الطلاق من رواية أم سلمة دون ذكر عاتكة. (¬2) قلت: زاد ابن حجر في "الصحابيات" من اسمهن عاتكة في القسم الأول منه (4/ 356 - 358): (أ) عاتكة بنت أبي أزيهر. (ب) عاتكة بنت أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب. (ج) عاتكة بنت أبي الصلت الثقفية. والله أعلم.

وقال مؤلِّفه: فرغ من تحرير هذه الأسطر مُهذبها العبد الفقير محمد مرتضى الحسيني في مجلسين، آخرهما في يوم الأحد لأربع مضين من ربيع الثاني سنة 1194 هـ. يقول ناسخها الفقير محمد أبو النصر هاشم الجعفري النابلسي: قد وقع الفرك من نسخها في 16 جُمادى الثانية سنة 1321 هـ بمصر القاهرة، برسم شيخنا ومولانا الحجَّة الثقة العلاَّمة الشَّيخ محمد محمود التركزي الشنقيطي (¬1)، حفظه الله (¬2). ¬

_ (¬1) محمد محمود التركزي الشنقيطي: علاَّمة عصره في اللُّغة والأدب، شاعر أمويّ النسب. وُلِد بشنقيط وتوفي بالقاهرة. له: "الحماسة السنية في الرحلة العلمية"، و"عذب المنهل" أرجوزة، و"تصحيح الأغاني". توفي سنة 1322 هـ. انظر ترجمته في: "الأعلام" للزركلي (7/ 311). (¬2) قابلتُ منسوختي لمخطوطة هذا الكتاب النفيس مع مصوَّرة الأصل المخطوط والمهداة لي من الشيخ نظام يعقوبي حفظه الله، وذلك في يوم الجمعة وهو يوم عرفة من عام 1419 هـ، بمسجد نمرة بعد انتهاء الإِمام من خطبة يوم عرفة، والأصل المخطوط المصوَّر بيد الشيخ نظام يعقوبي حفظه الله ونفع به، وأنا أقرأ في منسوختي عليه مع تصحيحها من السَّقط والأخطاء. كما تمَّت مقابلته ثانيًا في الحرم الشريف، في الصَّحن قبالة الكعبة المشرَّفة، وذلك يوم السابع والعشرين من رمضان عام 1420 هـ، مع أخي الشَّيخ رمزي دمشقيَّة وفَّقه الله. والحمد لله ربِّ العالمين.

§1/1