إسبال المطر على قصب السكر نظم نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر

الصنعاني

قصب السكر نظم نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر

قصب السكر نظم نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر تأليف الإمام محمد بن إسماعيل الأمير "الشهير بالصنعاني" (1099 - 1182 هـ) تحقيق وتعليق: عبد الحميد بن صالح بن قاسم آل أعوج سبر الناشر: دار ابن حزم - بيروت الطبعة: الأولى 1427هـ - 2006م

المقدمة

المقدمة 1 - حمدًا لِمَنْ يُسندُ كُلُّ حَمْدِ ... إليه مرفُوعًا بِغَيْرِ عَدِّ 2 - متصلٌ لَيْس لهُ انقطاعُ ... مَا فِيْه كَذّابٌ وَلاَ وضَّاعُ 3 - ثُمَّ صلاةُ اللهِ تَغْشَى أحْمَدَا ... وآله وصَحَبَه أَهل الهُدَى 4 - وبَعدُ فَالنُّخْبة في عِلْم الأثرْ ... مُخْتصرٌ يَا حَبَّذَا مِن مخْتصَرْ 5 - ألفها الحافِظُ في حَال السّفرْ ... وهو الشّهابُ بْنُ علِّي بْنُ حجرْ 6 - طالعَتُها يوماً مِن الأيَّامِ ... فاشْتقتُ أن أُودِعَها نِضَامِي 7 - فتمَّ من بكرةِ ذاكُ اليومِ ... إِلى المسَا عِنْد وُفودَ النومِ 8 - مُشْتمِلاً عَلَى الَّذِي حَواهُ ... فَالْحَمْدُ للرَّحْمن لاَ سِوَاه تقسيم الخبر إلى متواتر وآحاد 9 - وكلُّ ما يُروَى مِن الأخْبَارِ ... إِمَّا بحَصْر أَوْ بِلاَ انْحِصَارِ 10 - فَالأولُ المَروِي بفوقِ اثْنَيْنِ ... أو بِهمَا أوْ واحدٍ فِي الْعَيْنِ 11 - ثَانِيْهِمَا يَدْعُونَه التّوَاتُرا ... تَرَى بِه عِلْمَ الْيَقِينِ حَاضِرَا

تعريف خبر الواحد وأنواعه

تعريف خبر الواحد وأنواعه 12 - بِشَرْطِهِ وأولُ الأَقْسَامِ ... سمَّوه مشهوراً وَفِي الأَعْلامِ 13 - مَنْ قَالَ هذَا مُستَفْيِضٌ اسْما ... ثَانِيهُمَا لَهُ الْعَزيزُ وَسْمَاَ 14 - وَليسَ شَرطاً لِلصَّحِيْح فاعْلِم ... وَقَدْ رُمِي مَنْ قَال بالتَّوهُّمِ 15 - ثَالثُها يَدْعُونه الغَريْبَا ... وَالْكُلُّ آحادٌ تَرَى ضُروبا تقسيم خبر الآحاد إلى مقبول ومردود 16 - فِيهَا أتَى الْمَقْبولُ والْمَرْدُودُ ... إذْ هِيَ فِي اْلأحْكَام لاَ تُفِيدُ 17 - حَتَّى يَتِمَّ الْبحْثُ عَنْ ثِقَاتِهَا ... وَطْرحُ مَن ضُعِّفَ مِن رُوَاتِهَا 18 - وَقدْ يُفِيد العِلْمَ أَعْنِي النَّظَرِيْ ... إِذَا أَتتْ قَرائِنٌ لِلْخَبرِ تقسيم الغريب إلى مطلق ونسبي 19 - هَذَا علَى الْمُخْتَار والْغَرابَهْ ... قِسْمَانِ فِيما قالَ ذُو الإِصَابَهْ 20 - الأولُ الحَاصِلُ فِي أَصْلِ السَّندْ ... فسَمِّهِ الْمُطْلَقَ والثَّانِيْ وَرَدْ 21 - فيْما عَدَاه سمِّهِ بالنِّسْبِي ... وَهْوُ قَلِيْلٌ ذِكرُه فِي الكُتْبِ تقسيم الخبر المقبول إلى صحيح وحسن 22 - وَهْوَ بِنَقلِ الْعَدْل ذِي التَّمَامِ ... فِيْ ضَبْطِ مَا يُروَى عن الأْعلامِ 23 - مُتَّصِلاً إسْنادُ مَا يَرْوِيْهِ ... لاَ عِلَّةٌ ولاَ شُذُوْذٌ فِيه 24 - يُدْعَى الصَّحِيْحَ فِي الْعُلومِ عُرْفَا ... لِذَاتِهِ وَإِنْ نَظَرْتَ الوَصْفَا

حكم زيادة الثقة وتقسيم الحديث إلى محفوظ وشاذ ومعروف ومنكر

25 - وجَدْتَ فِيه ثابِتًا وأَثْبتَا ... لأجلِ هَذا قدَّمُوا مَا قَدْ أَتَى 26 - عَنِ الْبُخارِيْ مِن صَحِيْحٍ أَلَّفَا ... وَبَعْدَهُ لِمُسْلمٍ مُصَنَّفَا 27 - وَبَعد ذَا شَرطُهما وإنَّ مَنْ ... يَخِفُّ ضَبْطًا فَالذيْ يَروِي الحَسَنْ 28 - لِذاتِهِ وقَدْ يَصِحُّ إن أتَتْ ... طُرقٌ له بِكَثْرةٍ تَعَدَّدَتْ 29 - وَإنْ تَرَ الرَّاوِيْ لَه قَدْ جَمَعَا ... فِي الْوصْفِ بِالصّحَّةِ وَالْحُسْنِ مَعا 30 - فَإنَّه عِنْدَ انْفِراَدِ مَنْ رَوَى ... تَردَّدَ الْعَالِمُ فِي هَذَا وَذا 31 - مَا لَمْ يكُنْ فوَصْفُه بِذَينِ ... كَان اعْتِبَاراً مِنه لإِسْنادَينِ حكم زيادة الثقة وتقسيم الحديث إلى محفوظ وشاذ ومعروف ومنكر 32 - وَإنْ أتَتْ زِيَادَةٌ لِلرَّاوِيةْ ... فَإنَّهَا تُقْبلُ لا الْمُنافِيَة 33 - لأَوثقٍ مِنهْ وَمَهما خُولِفَا ... بأَرجحٍ فَسمِّهِ مُعَرِّفَا 34 - بِلَفْظَةِ الْمَحْفُوظِ وَالْمُقَابِلَهْ ... بِالشَّاذِّ والَمْحفوظُ إنْ يُقابِلهْ 35 - مَا ضعَّفُوا فَذلِكَ الْمَعروفُ ... قابَلَهُ المنكرُ والضَّعِيْفُ الاعتبار والتابع والشاهد 36 - والفردُ نِسْبيّاً إذَا مَا وَافَقَهْ ... سِواه سُمِّىْ عِنْدَهُمْ مَا رافَقَهْ 37 - بَتابعٍ بَوَزْنِ لفظِ الوِاحِدِ ... وَمتْنُ ما شَبَهه بِالشَّاهِدِ 38 - تَتَبُّعُ الطُرْقِ لِذيْنِ يُدْعَى ... بِالاعتِبَارِ نِلْتَ مِنه نَفعا 39 - وَهذه الأقْسَامُ للِمَقْبُولِ ... قَالَ بِها جَماعةُ الفُحولِ

الخبر المردود وأسباب رده وأقسامه

40 - إنْ لَم يُعارَضْ سمِهِ بِالمُحكمِ ... أو مثلُه عارَضَهَ فَلْتَعْلَمِ 41 - بِأنَّه إنْ أَمْكَنَ الجَمْعُ فقُل ... مُختِلفُ الحَدِيث أَوْ لاَ فَلْتَسَل 42 - عن الأخيرِ مِنْهما إنْ ثَبَتَا ... كَانَ هُو النَّاسِخُ وَالثَّانِيْ أَتَى 43 - في رَسْمِه المَنْسوخُ أو لم يُعْرفِ ... فَاِرجِعْ إِلَى التَّرجِيْح فِيه أَوْ قِفِ الخبر المردود وأسباب رده وأقسامه 44 - ثُمَّ لِمَا قَابَلَه أقْسَامُ ... أَكْثَرُ مِنْه عدَّهَا الأعْلامُ 45 - فَردُّه إمَّا لِسَقْطٍ فِي السَّندْ ... أوْ كَانَ عَنْ طَعْنٍ فَقُلْ فِيْمَا وَرَدْ *إنَّ السَّقُوطَ وَاضِحٌ وخَافِيْ ... فَوَاضحٌ إنْ فُقِدَ التَلافِيْ *ومِنْ هُنَا احْتِيجَ إلَى التَّارِيْخِ ... مُعرِّفاً مَلاَقِيَ الشُّيُوخِ 46 - فَالسَّقْطُ إن كَان مِنَ المَبَادِي ... مِنَ الذيْ صَنَّفَ بِالإِسْنَادِ 47 - فَإنَّهمْ يَدْعُونه مُعلَّقَا ... أوْ كَانَ مِنْ آخرِهِ نِلْت التُّقَى 48 - وَكَان بَعْدَ التابِعِي فيُدْعَى ... بالمُرْسَلِ المعروفِ أو كَان سِوى 49 - هَذَيْنِ فَانْظُرْ إنْ يكُنْ بِاثْنينِ ... فَصَاعِدًا مَعَ الْوِلاَ فِي ذَيْنِ 50 - فِإنَّه المُعْضَلُ ثُمّ الْمنقطِعْ ... مَا لاَ تَوَالَى فِي السُّقُوْطِ فَاسْتمِعْ 51 - إنَّ السَّقُوطَ وَاضِحٌ وخَافِيْ ... فَوَاضحٌ إنْ فُقِدَ التَلافِيْ 52 - ومِنْ هُنَا احْتِيجَ إلَى التَّارِيْخِ ... مُعرِّفاً مَلاَقِيَ الشُّيُوخِ 53 - وسمَّوُا الخَافي بالمُدَلَّسِ ... وَرُبَّمَا يَأتِيكَ بِاْلمُلتَبِسِ 54 - كعَنْ وقال مِنْ كلاٍم يَحْتملْ ... لِقاءَه لِنَاقِل عنه نَقَل 55 - والمُرسَلُ الخافِي مِنَ المُعاصِرِ ... لمْ يَلْقَ مَنْ عَاصَره فَذاكِرِ أنواع الخبر المردود بسبب الطعن في الراوي 56 - وَالطَّعْنُ إِمَّا أنْ يكون بالكَذِبْ ... فسمِّهِ المَوْضوعَ والتَّركُ يَجِبْ 57 - أو تُهْمةٍ كانتْ بهِ لِمنْ رَوَى ... فإنه المَتْروكُ اسماً لاَ سِوَى

_ * قال معد الكتاب للشاملة: هذين البيتين ليسا في المطبوع وهما في (الجوامع للمتون العلمية) للشمراني 1/ 478

58 - أو غَلطٍ فِيْه يَكُون فَاحِشاً ... أو غَفْلَةٍ، أو يفعلُ الفَوَاحِشَا 59 - مما به يَفْسُقُ فادْعُ الكُلاَّ ... بِمنكَرٍ أو وَهْمِهِ فِي الإِمْلا 60 - والوَهمُ إن عرِفَ بالقَرَائنِ ... والجمْعَ للطُرْقِ مَعَ التبايُنِ 61 - فَسمِّهِ معلَّلاً وإنْ طُعِنْ ... بأنه خَالَف مَوثوقاً أُمِنْ 62 - فَإنْ يَكُنْ غيَّرَ فِي السِّياقِ ... فْمُدْرَجُ الإِسْنادِ باتِّفَاقِ 63 - أوْ أَدْمَجَ المَوْقوفَ بالمَرَفُوعِ ... فُمْدرجُ المتن لَدى الجَمِيعِ 64 - أَو كاَن بالتَّقْديمِ وَالتَّأخِيْرِ ... فإنه الْمَقْلُوبُ فِي المَأثورِ *وَرُبَّما لِلامْتِحَانِ يُفْعَلُ ... عَمْداً وَفيه قِصَّةٌ لا تُجهَلُ 65 - أوْ زِيدَ راوٍ سمِّهِ المَزيْدَ فِيْ ... مُتَّصِلِ الإِسْنَادِ فِيْه واكْتفِي 56 - وَالطَّعْنُ إِمَّا أنْ يكون بالكَذِبْ ... فسمِّهِ المَوْضوعَ والتَّركُ يَجِبْ 57 - أو تُهْمةٍ كانتْ بهِ لِمنْ رَوَى ... فإنه المَتْروكُ اسماً لاَ سِوَى 58 - أو غَلطٍ فِيْه يَكُون فَاحِشاً ... أو غَفْلَةٍ، أو يفعلُ الفَوَاحِشَا 59 - مما به يَفْسُقُ فادْعُ الكُلاَّ ... بِمنكَرٍ أو وَهْمِهِ فِي الإِمْلا 60 - والوَهمُ إن عرِفَ بالقَرَائنِ ... والجمْعَ للطُرْقِ مَعَ التبايُنِ 61 - فَسمِّهِ معلَّلاً وإنْ طُعِنْ ... بأنه خَالَف مَوثوقاً أُمِنْ 62 - فَإنْ يَكُنْ غيَّرَ فِي السِّياقِ ... فْمُدْرَجُ الإِسْنادِ باتِّفَاقِ 63 - أوْ أَدْمَجَ المَوْقوفَ بالمَرَفُوعِ ... فُمْدرجُ المتن لَدى الجَمِيعِ 64 - أَو كاَن بالتَّقْديمِ وَالتَّأخِيْرِ ... فإنه الْمَقْلُوبُ فِي المَأثورِ " ... وَرُبَّما لِلامْتِحَانِ يُفْعَلُ ... عَمْداً وَفيه قِصَّةٌ لا تُجهَلُ 65 - أوْ زِيدَ راوٍ سمِّهِ المَزيْدَ فِيْ ... مُتَّصِلِ الإِسْنَادِ فِيْه واكْتفِي 66 - أوْ كاِنَ إبْدَالاً بِلا مرُجَّحِ ... فسمِّهِ مُضْطَرِبًا واطَّرِحِ 67 - وربَّمَا للامتحان يُفْعَلُ ... عمداً وَفيِهِ قصَّةٌ لا تٌجهَلُ 68 - أوْ كَان بالتَّغْيِيرِ لِلْحُرُوفِ ... معَ بَقَا سِيَاقِهِ المَعْرُوفِ 69 - فسمِّهِ المُصحَّفَ الْمُحرَّفَا ... هَذا وَحَرِّمْ مِنْهمُ التَّصَرُّفَا 70 - بِالَنّقْصِ والمُرادفِ الشَّهِيْرِ ... لِلْمَتْنِ عَمْدًا فِيْهِ بِالتَّغْيِيْر 71 - إِلاَّ لِمَنْ يَعْلَمُ المَعَانِيْ ... ومَا يُحِيْلُ اللَّفْظَ والمَبَانِيْ 72 - فإنْ خَفِي معَنْاهُ احْتِيْجَ إلَى ... شَرْحِ غَرِيْبٍ مُوضِحٍ مَا أشْكَلاَ 73 - أَوْ جَهْلُهُ لأَجْلِ نَعْتٍ يَكثُرُ ... وجَاءَ بِالأْخَفْى وَمَا لا يَشْهَرُ 74 - وَصَنَّفُوا الْمُوضِحَ فِي ذَا الْمَعْنَى ... أزَالَ مَا أشْكَلَ مِنه عَنَّا 75 - أو أَنَّه كَان مُقِلا ثمَّ لا ... يكثُرُ عنه الآخِذُون النُبَلاَ 76 - وَصنَّفُوا الوُحْدَانَ فِي هَذَا فَإنْ ... لم يُذْكَرِ الاسِمُ اخْتِصارًا فاسْتَبِن 77 - وَالمُبْهمَاتُ صُنِّفتْ فِي هَذَا ... وفِي سوِاهَا لَم نَجِدْ مَلاَذا 78 - والمُبهمُ الرَاويُّ فِي الْمَقْبُولِ ... ولَوْ أَتَى بِلَفْظَةِ التَّعْدِيْلِ 79 - لا يُقْبلَنْ علَى الأصَحِّ حُكْمَا ... وإنْ يكُنْ مَن قدْ رَوىَ مُسَمَّى 80 - فإِنْ تَرَا الآخِذَ عَنه واحِدَا ... أو كانَ اثْنَيْنِ رَوَواْ فَصَاعِدَا 81 - فَالأَولُ الْمَجْهُولُ أعْنِي عَيْنَا ... والثانِيُ المَجهُولُ حَالاً فِيْنَا 82 - وَهْوَ الذِي يَدْعُونَه الْمَسْتُورَا ... إنْ لم يُوثَّقْ سَلْ به خَبِيْرَا

_ * قال معد الكتاب للشاملة: هذا البيت ليس في المطبوع وهو في (الجوامع للمتون العلمية) للشمراني 1/ 478

تقسيم الخبر إلى مرفوع وموقوف ومقطوع

83 - وَالابتداعُ بِالذِي يُكَفِّرُ ... يُرَدُّ مَنْ لابَسه وَيُزْجَرُ 84 - لاَ بِالذِيْ فُسِّقَ فَهو يُقْبَلُ ... ما لم يَكُن دَاعِيةً ويَنْقُلُ 85 - رِوايَةً تُقوِّيْ ابِتدَاعَه ... هَذا الذِي اخْتَارَه الجَماعَه 86 - صَرّحَ بِهْ شَيخُ الإِمَامِ النسَّائِيْ ... الِجَوْزجَانِيْ ثُم خُذْ مِن نَبَائِيْ 87 - بانَّ سُوءَ الْحِفظِ فِي الرُّواةِ ... قِسْمانِ فِي مَقَالَةِ الأَثْبَاتِ 88 - مُلاَزِمٌ فَالشَّاذُ مَا يَرْوِيْهِ ... فِي رَأي بَعْضٍ والذِيْ يَلِيْهِ 89 - طارٍ وَذَا مُخْتلِطٌ وِفَاقَا ... وَكُلُّ مَا نَظْمِيْ لَه قد سَاقَا 90 - مِنْ سَيِّئ الْحِفْظِ ومِنْ مَستُورْ ... وَمُرْسِلٍ مُدَلِّسٍ مَذكُورْ 91 - إنْ تُوبِعَتْ بِمَنْ يُرى مُعتَبَرا ... حُسِّنَ مَجْمُوعُ الذِيْ قَد ذُكِرَا تقسيم الخبر إلى مرفوع وموقوف ومقطوع 92 - وإنْ تَجِدْه يَنْتَهي الإِسنادُ ... إلَى الرَّسُولِ خَيْرِ منَ قَد سَادُوا 93 - إمَّا صَريِحًا أو يَكُون حُكْما ... مِنْ قَوْلِه أو أخَوَيْهِ جَزْما 94 - أَوْ يَنْتهِيَ إلَى الصَّحَابِيِّ الّذِي ... باِلوصْفِ بِالإِيْمانِ قَد لاَقَى النَّبِيْ 95 - وَمَاتَ بَعدُ مُسلِماً وإنْ أتَى ... بِرِدَّةٍ تخَلَّلَتْ أوِ انْتَهَى 96 - الِتابِعِيٍّ هو مَنْ يُلاقِيْ ... أَيَّ صَحَابِيّ مَعَ الْوِفاَقِ 97 - واَلكلُّ بِالتَّصرِيْحِ أوْ بِالْحُكْمِ ... كمَا تَقضَّى آنِفاً فِيْ نَظمِيْ 98 - فَالأَوَّلُ المَرْفُوعُ والمَوْقُوْفُ ... يُدعَى بِهِ الثَّانِي وَالْمَعْرُوفُ 99 - تَسْمِيَةُ الثَّاِلثِ بِالْمَقْطُوْعِ ... وَفِيْ سِوَاهُ لَيْس بِالْمَمْنُوْعِ 100 - وَقدْ يُسَمُّونَ الأخِيْرَيْنِ الأْثَرْ ... وَالمُسنَدُ المَذكورُ فِيْ 96 - الِتابِعِيٍّ هو مَنْ يُلاقِيْ ... أَيَّ صَحَابِيّ مَعَ الْوِفاَقِ 97 - واَلكلُّ بِالتَّصرِيْحِ أوْ بِالْحُكْمِ ... كمَا تَقضَّى آنِفاً فِيْ نَظمِيْ (1) 98 - فَالأَوَّلُ المَرْفُوعُ والمَوْقُوْفُ ... يُدعَى بِهِ الثَّانِي وَالْمَعْرُوفُ 99 - تَسْمِيَةُ الثَّاِلثِ بِالْمَقْطُوْعِ ... وَفِيْ سِوَاهُ لَيْس بِالْمَمْنُوْعِ 100 - وَقدْ يُسَمُّونَ الأخِيْرَيْنِ الأْثَرْ ... وَالمُسنَدُ المَذكورُ فِيْ نَوْع الخَبَرْ

_ هذا البيت في مطبوعات هذه المنظومة وكذا في مطبوع شرحها رغم عدم وجوده في النسختين المعتمد عليهما في تحقيق هذه المنظومة، ويزداد الأمر غرابة كون إحدى هاتين النسختين راجعه المؤلف (الناظم) ابن الأمير -رحمه الله-!!

نوع الخبر

101 - ما كَانَ مرفُوعَ الصَّحَابِيِّ الذِيْ ... فِيْهِ اتَّصَالٌ ظَاهِرٌ غَيْرُ خَفِيْ العلو والنزول 102 - نَعمْ وإنْ قَلَّ الرُّوَاةُ عَدَدَا ... ثُمّ انْتَهَى إلَى الرَّسُولِ أحْمَدَا 103 - فهُو الْعُلوُّ مُطْلقًا أو انْتَهَى ... إلىَ فَتىً كَشُعْبةٍ فِي النُّبَهَا 104 - فَإنَّه النِّسْبِيْ وَفْيِه مَا تَرَى ... مِنْ كْل قِسْمٍ بَيَّنتْهُ الْكُبَرَا 105 - أوَّلُهَا يَدْعُونَه المُوافَقَهْ ... وَبَعْدَهَا اْلإِبْدَالُ فِيْمَا حَقَّقَهْ 106 - إذَا وَصَلَ الرَّاوِيْ إلى شَيْخ أحَدْ ... مُصَنِّفِي الأْخْبَار لَكِنِ انْفَرَدْ 107 - بِطُرْقِهِ عَنْ طَريقِ الْمُصَنِّفِ ... فهذِهِ الأُولى بِلا تَوقُّفِ 108 - ثَانِيُّهَا اْلإِبْدَالُ وَهْيَ مِثْلُه ... لَكِن شَيْخَ الشَّيخِ كاَنَ وَصْلَه 109 - أو اْستَوَى الْعَدَدُ فِي الرُّواَةِ ... مَعْ وَاحِد مُصَنِّفٍ وَيأتِيْ 110 - فَإنَّهَا معنى الْمُسَاوَاة وَمَا ... يَتْبعُها مُصافَحَاتُ العُلَمَا 111 - وهِي الْمُسَاواةُ مَعْ تِلْمِيذِ مَنْ ... صَنّفَ بالشَّرطِ فخُذْهَا واسْمَعَنْ 112 - مُقَابِلُ الْعُلُّوِ فِيْ أقْسَامِهْ ... هُوَ النُّزولُ خُذْهُ مِنْ أحْكَامِهْ الأقران والمدبّج 113 - إنْ شَارَك الرَّاوِيَّ مَنْ عَنْه رَوَى ... في السِّنِ أوْ كَانَ اشْتِراكَاً فِي الِّلقَا 114 - فَسَمِّهِ اْلأقْرَانَ ثُم إنْ أتَى ... يَرْوِيْهِ ذَا عَنْ ذَا وَهَذَا عَنْه ذَا 115 - فَإنَّه مُدبًجٌ هَذَا ومَنْ ... يَرويْهِ عَمَّنْ دُونَه فلْتَعلَمَنْ رواية الأكابر عن الأصاغر والعكس 116 - بِأَنَّه رِوايَةُ الأَكَابرِ ... كَالأْبِ عَنْ ابْنٍ عَنْ الأْصَاغِرِ

معرفة السابق واللاحق

117 - وعَكْسُه هُوَ الطَّرِيْقُ الْغَالِبُ ... أمْثَالَهُ بَحْرٌ فَلاَ يُغَالَبُ معرفة السابق واللاحق 118 - وَاثْنَانِ إنْ يَشْتَرِكَا عَن الرَّاوِيْ ... ومَاتَ فَرْدٌ مِنْهُمَا فَالثَّاوِيْ 119 - إذَا رَوَى عَنْه فَهَذَا السَّابِقُ ... فِيْ رَسمِه عِنْدَهُمو وَاللاَّحِقُ معرفة المُهمل والفرق بينه وبين المُبهم 120 - وإَنْ روى عن رجُليَن اتَفقا ... اسْماً ومَا مُيِّزَا مَا يَفْترِقا 121 - بِه فَباخْتِصَاصِه بِوَاحِد ... تَبَيُّنُ الْمُهْمِلِ عِندَ النَّاقِدِ من حَدَّثَ ونسِيْ 122 - وَالشَّيخُ إنْ أَنْكَرَ جَزْماً مَا رَوَى ... رُدَّ عَلَى رَاوِيْهِ ما عَنهُ أَتَى 123 - أوِ احْتِمَالاً فَالأَصَحُّ أنَّهُ لاَ ... يُرَدُّ مَا يَرْويْهِ عَنْهُ نَقَلا 124 - وفِيْهِ مَنْ حَدَّثَ قَوْمُا وَنَسِيْ ... هَذَا وَإنْ يَتَّفِقِ المُؤَدِّي المُسَلْسَلُ 125 - مِمَّن رَوَوْا فِيْ صِيَغ من الأَدَا ... أوْ غَيرِهَا مِنْ أيَّ حَالٍ أورَدَا 126 - فَإنَّهمُ يَدْعُونَه المُسَلْسَلاَ ... ولِلأدَا كَمْ صِيغَةٍ بَيْن الْمَلاَ

صيغ الأداء وتحمل الحديث

صِيَغُ الأَدَاءِ وتحَمُّلِ الحَدِيثِ 127 - سَمِعْتُه حَدَثَّنِيْ لِمَنْ سَمِعْ ... مِنْ لَفظ شَيْخٍ باِنْفرَادِ الْمُسْتَمِعْ 128 - حَدثنا لهُ أتَى مَع غَيرهِ ... والأَول الأصَرحُ فِي تَعبِيرِهِ 129 - أرْفَعُهَا مَا كَانَ عِنْدَ اْلإِمْلاَ ... وَثَانِيُ اْلألْفَاظِ فِيْ حَالِ الأَدَا 130 - أخْبَرَنِيْ قَرأتُه هَذَا لِمَنْ ... بِنَفْسِه أَمْلَى عَلَى مَنْ يَسْمَعَنْ 131 - فَإنْ جَمَعتَ فِي الضَّمِيْرِ كَانَا ... [له مع الغير] عَلَيه وأنَا 132 - أسْمَعُ مِنْه ثُمَّ لَفْظُ أنْبَا ... مِنْ صِيَغَ اْلأدَاء ثُم الإِنْبَا 133 - مراَدِفُ الإِخْبَارِ لاَ فِي الْعُرفِ ... فهو لِمَا أجَزْتَه فاسْتكْفِ 134 - بِه كَعَنْ إلاَّ مِنَ الْمُعاصِرِ ... فَعَنَ لِمَا يُسْمعُ عِنْد النَّاضِرِ 135 - إلاَّ إذَا كَانَ مِنَ المُدَلِّسِ ... فَلاَ سَمَاعَ عِندَ ذَاكَ الْمُلْبِسِ 136 - وَقيل قَالُوا وهُوَ الْمُختَارُ ... إنَّ اللِّقاَ شَرْطٌ لَه يُختَارُ 137 - وَلَوْ يَكُونُ مَرَّةً فِي الْعُمْرِ ... وَفِيْه تَفصيلٌ لَدَيْنَا يَجرِيْ 138 - نَاوَلَنِيْ يُطلَقُ فِي الْمُنَاوَلَه ... واَشتَرَطُوا الإِذْنَ لِمن قَدْ نَاوَلَه 139 - بِأنَّه يَروي وَتِي الإِجَازَه ... أَرفَعُ أنْواعٍ لِمَا أجَازَه 140 - شَافَهَنِيْ تُطلَقُ فِي الإِجَازَة ... بِاللَّفْظِ لاَ فِي تِلْك بِالْكِتَابَة 141 - وَإنَّما فِيهَا يُقَالُ كَتَبَا ... فَاحْفظْ هُدِيتَ مَا تَرى مُرتَّبَا 142 - هَذَا وَشَرْطُ الإذْنِ أيضاً لاَزِمُ ... فِيمَا أتَى مِمَّا يَرَاهُ الْعَالِمُ 143 - وِجَادَةً وَصِيَّتهْ إعْلاَمَهْ ... إلاَّ فَلاَ كَمَنْ أجَازَ الْعَامَّهْ 144 - أَو كَان لِلمَجهولِ والمَعدومِ ... هَذَا أصحُّ الْقَوْلِ فِيَ العُلُومِ

_ (1) صورة ما بين الحاصرتين في مطبوعة المنظومة هي [ثُمّ قُرِي يَوْماً] والمثبت من أصل المخطوط

معرفة المتفق والمفترق والمؤتلف والمختلف

معرفة المتفق والمفترق والمؤتلف والمختلف 145 - ثُم أسَامِي مَنْ رَوَى إنَ تتَفِقْ ... باسْم آبَاءٍ لَهُم فالمُتَّفِقْ 146 - يدْعُونَه فِيْ عُرفِهِمْ والمُفتَرِق ... أوْ تَتَّفِق خَطّاً وَلَمَّا تَتَّفِق 147 - لَفْظاً فَهذَا سَمِّهِ بالمُؤتْلِف ... فِيْ عُرفهِم أيْضاً وَضُمَّ الْمُخْتَلِف معرفة المُتشابه 148 - هَذَا وَإنْ تَتَّفِقُ الأسْمَاءُ ... واَخْتَلَفت فِي ذَلِك الآبَاءُ 149 - وَعكْسُهُ فَهوَ الذِيْ تَشَابَها ... فِي عُرفِه فَافْهَمْهُ فْهماً نابِهَا 150 - وَإنْ تَجِدْ اسم الْبَنِيْنِ وَاْلأبِ ... مُتَّفِقاً مُخْتَلِفاً فِي النَّسبِ 151 - فَإنَّه مِنْه وَمِنْهُ يُخرَجُ ... مَع الَّذي مِنْ قَبْلِه تُستَخْرَجُ 152 - عِدَّةُ أنْواَعٍ عَلَى الْحُرُوفِ ... تُبنَى وفِيهِ الْعَدُّ بالألُوْفِ معرفة طبقات الرواة ووفياتهم ومواليدهم وبلدانهم وأحوالهم جرحًا وتعديلاً 153 - خَاتِمَةٌ عَدَّوا مِنَ الْمُهِمّ ... لِمَنْ له أنْسٌ بِهذَا الْفَنّ 154 - عِرفَانُ ما يُعْزَى إلَى الرُّواةِ ... مَنْ طَبَقاتٍ وَكَذَا الْوفَاَةِ 155 - مَعَ الْمَوالِيْدِ مَعَ الْبُلْدَانِ ... وَكُلُّ وَصْفٍ قَامَ بالإِنْسَانِ 156 - عَدَالَةً جَهَالَةً وَجَرْحًا ... وَهْوَ عَلَى مَرَاتِبٍ وَأنْحَا مَراتِبُ الْجَرْح 157 - أسْوَؤهَا الْوَصْفُ بِلَفْظ أفْعَلُ ... كَأكْذَبِ النَّاسِ وهَذِّا الأَوَّلُ

مراتب التعديل

158 - ثَانِيُّهَا دَجّالٌ أو وَضَّاعُ ... وَمِثْلهُ الْكَذَّابُ قَدْ أضَاعُوا 159 - وَالأسْهَلُ الأدْوَنُ فِيْها لَيِّنٌ ... أو سَيِّئُ الْحِفْظِ لِمَن لاَ يُتْقِنُ 160 - أو فِيهْ أو فِيْمَا نَقَلُوا مَقَالُ ... وَأرفَعُ التَّعْدِيْلِ فِيْما قَالُوا مرَاتِبُ التَّعدِيل 161 - كَأوْثَق النَّاسِ وْبَعدَهَا مَا ... كَرَّرَه لَفظاً أوِ الْتِزَامَا 162 - هَذَا وأدْنَاهَا الَّذِي قَدَ أشْعَرَا ... بِالقُربِ مِن تَجْرِيْحِهم فِيْما تَرَى 163 - كَقَوْلِهم شَيْخٌ وكلُّ عَارِفٍ ... يَقْبَلُ مَن زَكَّاه ذُو الْمَعَارِفِ أحكام تتعلق بالجرح والتعديل 164 - وَلَو مِنَ الْوَاحِدِ فِي الأْصَحِّ ... والَحُكْمُ إنْ يَخْتَلِفَا لِلْجَرْح 165 - فَإنَّه مُقَدّمٌ إذَا صدَر ... مُبَيِّناً مِنْ عَارِفٍ وَافِي النَّظَرَ 166 - فَإنْ خَلاَ الرَّاوِي عَنْ التَّعْدِيْلِ ... فَالْجَرْحُ مَقْبولٌ بِلاَ تَفْصِيْل معرفة الأسماء والكُنى والأنساب والألقاب والموالي 167 - هَذا عَلَى المُختَارِ ثُم ههُنَا ... مُهِمَّةٌ فَليَسْمَعَهَا مُتْقِنا 168 - مَعْرِفَةُ الأْسْمَاء وَأسْماءِ الْكُنَى ... وَمَنْ سُمِّيْ بِهِ الذّي اكْتَنَى 169 - ومَنْ كُنَاه اختَلَفَتْ وَمَن غَدَتْ ... كِثيْرة كُناه إذْ تَعَدَّدَتْ 170 - أو وافَقْت كُنيتَهُ اسْمَ الأبِ ... أوَ عَكْسهُ أمثالُهُ فِي الكُتُبِ

_ (1) صورة ما بين الحاصرتين في مطبوعة المنظومة هي [فَلتَسْمَعَنْهَا] والمثبت من أصل المخطوط

آداب الشيخ والطالب وصفة كتابة الحديث والتصنيف فيه

171 - أو كُنيةَ الزّوجَةِ أو كَان اسمُ مَن ... عَنه رَوَى اسمِ أبِيه فَاسْمَعَنْ 172 - ومَنْ إلَى غَيرْ أبيِه نُسبَا ... أو أُمّهِ فِيْ نِسْبَةٍ كَانَتْ أبَا 173 - أو غَيْر مَن فِي الفَهمِ مِنْه يَسْبِقُ ... أو اسْمُّه وَأصْلُه يَتَّفِقُ 174 - أبوُه وَالجَدُّ وهَذَا كَالْحسَن ... ابْنِ الْحَسَن ابْنِ الْحسَنْ فاسْتَخْبِرَنْ 175 - أو اسْمُهُ وشَيْخُهُ فَصَاعِدَا ... أو شَيْخُهُ ومن إليْهِ أسْنَدَا 176 - وَلْتَعْرفِ الأْسْمَا الّتِيْ تَجَرَّدَا ... كَذَا الْكُنَى تَعْرِفُهَا واَلمُفرَدَا 177 - وَمِثْلُهَا الأْلْقَابُ وَاْلأنْسَابُ ... فِي كَثْرةٍ يَعْرِفُهَا الطُّلابُ 178 - إلَى الْبِلاَدِ أوْ إلَى الْقَبَائِلِ ... أوْ وَطَنٍ أو ضَيْعَةٍ فَسَائِلِ 179 - إلَى صَنْعَةٍ أَوْ حِرْفَة أو سِكَّةِ ... أوْ غَيْرِهَا مِن صْاحِبٍ أو جِيْرَةِ 180 - وَرُبَّما فِيْهَا أتَى اتِّفَاقُ ... أو اشْتِبَاهٌ فِيْه وَافْتِرَاقُ 181 - وَرُبَّما قَدْ وَقَعَتْ ألْقَابَا ... واعْرِفْ لِكُلّ مَا تَرَى اْلأسْبَابَا 182 - ثُم الْمَوَالِيْ كُن بِهِم ذَا عُرْفِ ... بِالرِّقِّ وَالإسلامِ أوْ بِالحِلْفِ 183 - مِن أسْفَلٍ وَأعْلَى وَكُنْ بِالإِخْوَةِ ... وَالأخَواتِ عَارِفاً ذَا فِطْنَةٍ آداب الشيخ والطالب وصفة كتابة الحديث والتصنيف فيه 184 - كَذاكَ آدابُ شُيُوخ الْعِلْمِ ... وَطَالِبِ الْعِلْم وَسَنِّ الْفَهْمِ 185 - لِلْحَمْلِ عَنه وَالأدَا وَلْتَعْرِفِ ... كَتْب الْحَدِيْثِ مِثلُ كَتْبِ الْمُصْحَفِ 186 - ثم سَمَاعُ ما تَرَى سَمَاعَه ... وعَرضَهُ إنْ شِئْتَ أو إسْمَاعَه 187 - وَرِحْلَةُ الطَّالِبِ وَالتَّصْنِيفَا ... عَلَى الْمَسَانِيْدِ والتَّألِيفَا أنواع المصنفات في الحديث 188 - فِيهِ عَلى الأبوابِ أو عَلَى العِلَل ... وَإنْ يَشَأ تألَيِفَ اْلأطرافِ فَعَل 189 - وَتَعْرِف اْلأسْبَابَ لِلْحَدِيْثِ ... فَإنَّه عَوْنُ عَلَى التَّحديْثِ

خاتمة

190 - وغَالِبُ اْلأنْوَاعِ فِيْها ألَّفُوْا ... وَالكُلُّ نَقْلٌ ظَاهِرُ مُعَرَّفُ 191 - لَيس بِمُحتَاجٍ إلَى التَّمْثِيْلِ ... وَلاَ إلَى التَّكْثِيْرِ وَالتطْوِيْلِ خاتمة 192 - والَحَمْدُ لِلّهِ عَلَى مَا أنعَمَا ... عَلَّمَنَا مَا لَم نَكُنِ لِنَعْلمَا 193 - أحْمدُهُ فَلَمْ يَزَلْ إلَينَا ... موَاصِلاً أفضَالَه عَلَيْنَا 194 - عَلَّمَني وَكُنتُ قَبلُ جَاهِلاَ ... طَوَّقَنِيِ مِنه وَكُنْتُ عَاطِلاَ 195 - كُنْتُ فقِيْراً فأتَانِي بِالغِنَى ... أغْنَى وَأقْنَى فَلَهْ كُلُّ الثَّنا 196 - وَكُنتُ فَرداً فأتَانِي بِالْوَلَد ... أسألُه صَلاَحَهم إلَى الأبَد 197 - عَلَّمَنِيْ سُنَّةَ خَيرِ الرُّسُلِ ... المصطَفَى أصْلِيْ وَأصْلُ نَسْلِيْ 198 - وَذادَ عَنِّي كَيْدَ كُلّ كَائِدِ ... وَرَدَّ شَرّ كُلِّ شَرِّ قَاصِدِ 199 - وَالمُرتْضَى جَدِّي وَلِي فِي مَدحِهِ ... نَظْمٌ بَديْعٌ كَامِلٌ بِشَرْحِهِ 200 - بَيْنِيْ وبَيْنَ الْحَاسِدِ المَعَادُ ... والَمُصطفَى والَمُرْتَضَى أشهَادُ 201 - فإنَّها تُبْلَى بِهِ السَّرائِرُ ... وَيَبْرُزُ المَكْنُونُ وَالضَّمائِرُ 202 - ثُم صَلاَة الله والَسَّلاَمُ ... عَلَى الذِيْ لِلأنْبِيَا خِتَامُ 203 - وَآله وَأسْألُ الَّرحْمانَا ... حُسْنَ خِتَامٍ يُدْخِلُ الْجِنَانَا [تمت] وبهذا أكون قد أكملت تحقيق هذه المنظومة العظيمة ، أسأل الله بمنه وكرمه أن يجعل ما بذلته من جهد في ميزان حسناتي وأن ينفع بهذه المنظومة. وبالله التوفيق.

إسبال المطر على قصب السكر

الكتاب: إسبال المطر على قصب السكر (نظم نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر) تأليف: الإمام محمد بن إسماعيل الأمير "الشهير بالصنعاني" (1099 - 1182 هـ) تحقيق وتعليق: عبد الحميد بن صالح بن قاسم آل أعوج سبر الناشر: دار ابن حزم - بيروت الطبعة: الأولى 1427هـ - 2006م عدد الأجزاء: [1] [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد [وآله] [الطاهرين]. وبعد: فهذا شرح على منظومتنا "قصب السكر" نظم " نخبة الفكر " حل مبانيها وأبان معانيها مع اختصار واعتصار ووفاء ببيان القواعد (والمختار). [المقدمة:] (1) حمدا لمن يسند كل حمد ... إليه مرفوعا بغير عد نصب على المصدرية بفعل واجب حذفه، لما تقرر من أن كل مصدر بين فاعله بالإضافة نحو: كتاب الله (و) صبغة الله، أو بين مفعول بها نحو: ضرب الرقاب، وسبحان الله، ومعاذ الله، أو بين فاعله بحرف الجر نحو (سحقا له أي: شدة) أو بين مفعوله بحرف الجر نحو شكرا لك

وحمدا لك فإنه يحذف ناصبه قياسا كما قاله الفاضل الرضي (من) أن الضابط هاهنا، ما ذكرنا من ذكر الفاعل أو المفعول بعد المصدر، مضافا إليه، أو بحرف الجر (لا) لبيان النوع إلى آخر (ما ذكره). وهنا قد بين مفعول الحمد بالأم أي: حمدا مني. وقوله: "يسند" في القاموس: سند إليه سنودا، وساند: استند وفي الجبل صعد، كأسند وأسندته (انتهى). فالمراد: يصعد كل حمد إليه تعالى، من قوله (تعالى): (إليه يصعد الكلم الطيب) ولما كان الحمد له أفراد لا تنحصر باعتبار لفظه ومعناه وقائليه أتى بكلمة "كل " المفيدة للشمول، أما لفظه فالعبارات عنه واسعة جدا، بالجمل الاسمية: الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي خلق السموات والأرض، وهي في أوائل خمس سور من القرآن بها، والفعلية: حمدت الله ونحمده وغير ذلك. وأما معناه: فإنه تابع لاختلاف ألفاظه. وأما القائلون: فرب العالمين يحمد نفسه: "أنت كما أثنيت على نفسك". وملائكته: (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك).

(وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم) وأنبياءه: قال لنوح: (فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين)، وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم (قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى) الآية، ومعلوم أن أنبياءه يقولون ما أمروا به. [وقال الخليل: (الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق) وسكان جنانه فيها: (وقالوا)] (الحمد لله الذي هدانا لهذا) وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) (وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء) أي: أرض الجنة. وإذا عرفت ذلك فكل حمد من أي قائل وبأي عبارة وفي أي مقام وفي أي دار دار الدنيا ودار الآخرة يسند إليه (تعالى)، لأنه الذي أمر به والذي علم عباده وهداهم و (لذا) قال الصحابي في حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم: والله لولا الله ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا

وقلت من أبيات: لك الحمد إذا علمتني الحمد والثناء ... ولولاك لم أعرفه لفظا ولا معنى ولي أبيات إلاهية: فالكل يعجز عن ثنا ما ناله ... بل شكرهم فيه لك النعماء يثنى بجارحة وأنت وهبتها ... وعبارة هي من يديك عطاء لولاك ما نطق اللسان بلفظة ... ولكان أفصحنا هم البكماء ولنا من أبيات إلالهية: فلله كل الحمد في كل حالة ... ومن فضله إجراؤه الحمد في فينا وقوله: "مرفوعا" في القاموس: رفعه كمنعه، ضد وضعه، فقوله: مرفوعا من قوله تعالى: (والعمل الصالح يرفعه)، فهو يصعد إليه تعالى. ومرفوعا منصوب على الحالية من فاعل يسند أي: يصعد إليه كل حمد حال كونه مرفوعا (و) قوله: ": بغير عد" متعلق به حال أيضا عنه أي: كل حمد يرفع حال كونه بغير عد يحصره، إذ لا يعلم عدة الحمد وعدة الحامدين إلا رب العالمين. ويحتمل تعلقه بقوله: "حمدا" أي: أحمده حمدا بغير عد، (وهو أقرب ويحتمل التنازع فيه بينهما لقوله متصل كما يأتي) هذا والمسند من الحديث: ما أسند إلى قائله كما في القاموس، وفي تعريفات الشريف: المسند: خلاف المرسل وهو الذي اتصل إسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

متصل ليس له انقطاع ... ما فيه كذاب ولا ضاع

والمرفوع من الحديث النبوي ما أخبر به الصحابي من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم - ويراد - أو فعله أو تقريره أو وصفه أو همه (وفيهما) براعة استهلال. قال في التعريفات: براعة الاستهلال، هي: كون (ابتداء) الكلام مناسبا للمقصود وهي تقع في ديباجات الكتب كثيرا: (2) متصل ليس له انقطاع ... ما فيه كذاب ولا ضاع قوله: "متصل" خبر مبتدأ محذوف أي: هو، أي حمدا إلى آخره. متصل لا ينقطع ولذا كان بغير عد (والجملة مستأنفة استئنافا بيانيا كأنه قيل لم كان بغير عد) قال: لأنه متصل لا ينقطع (حتى ينفد كل معدود ومحدود). والاتصال ضد الانقطاع فقوله: "ليس له انقطاع "وصف تأكيدي مثل "نفخة واحدة"، وقوله " ما فيه كذاب " فعال صيغة مبالغة من الكذب، وحقيقته: الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه عمدا كان أو سهوا، واشترط المعتزلة "العمدية". وفي الحديث: "من كذب علي متعمدا "والمبالغة هنا أريد بها ما أريد بها في قوله تعالى: (وما ربك بظلام) (للعبيد) على أحد الوجوه: من أنه لو وقع كذب في الحمد وقصور لكان أبلغ الكذب، كما أنه لو وقع منه تعالى ظلم لكان أبلغ ظلم.

ثم صلاة الله تغشى أحمدا ... وآله وصحبه أهل التقى

وتحقيقه أن الحمد (لله) لا يتصور فيه جهة كذب أصلا لأنه دائما مطابق للواقع -"والوضاع" مثله في نكتة المبالغة وفي البيت، الإشارة إلى ما يتضمنه التأليف. (3) ثم صلاة الله تغشى أحمدا ... وآله وصحبه أهل التقى أردف الثناء على الله تعالى بالدعاء لرسوله صلى الله عليه وسلم وأتى بحرف الترتيب للإشارة إلى تقديم الحمد على ذلك، لأن المشروع البداية بالثناء على الله لحديث: "كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه" الحديث. والعطف للجملة (الخبرية) الاسمية على الخبرية الفعلية وهما خبريتان لفظا إنشائيتان معنى كما قال القاضي زكريا: إن المقصود بها إيجاد الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كما أن المقصود بالأولى إيجاد الثناء على الله تعالى. وفسر القاضي زكريا الصلاة بالرحمة وهو تابع لغيره ممن فسرها بذلك وقال ابن القيم: إنه ضعيف كالقول بأن صلاة الله مغفرته، وهو رواية عن الضحاك. (ووجه ضعفه) الأول: أنه تعالى عطف الرحمة على الصلاة في قوله: (ألئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة) والأصل فيه المغايرة وإن وقع خلافه فنادر (شاذ) (و) لا يحمل عليه أفصح الكلام.

والثاني: أن صلاته تعالى خاصة بأنبيائه ورسله والمؤمنين وأما رحمته فوسعت كل شيء فليست مرادفة لها، لكن الرحمة من لوازم الصلاة وموجباتها وثمراتها فمن فسرها بالرحمة فهو: تفسير ببعض ثمراتها. (و) الثالث: أنه لا خلاف في جواز الترحم على المؤمنين بخلاف الصلاة على غير الأنبياء ففي جوازها خلاف على ثلاثة أقوال. الرابع: أنها لو كانت الرحمة بمعناها لقامت مقامها في امتثال الأمر وأسقطت الوجوب عند من قال بوجوبها، إذا قال: "اللهم ارحم محمدا " وليس كذلك وعد خمسة عشر وجها في رد القول: بأن الصلاة الرحمة هنا، واختار أنها ثناء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم والعناية به، وإظهار شرفه، وفضله، وحرمته. وذكر البخاري في صحيحه عن أبي العالية قال: " صلاة الله على رسوله ثناءه عليه عند الملائكة". وقوله تغشى أحمدا هو اسم علم له صلى الله عليه وسلم كما قال عيسى - روح الله وكلمته - (ومبشرا برسول يأتي من بعدى اسمه أحمد) وكما ثبت في حديث جبير بن مطعم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن لي أسماء أنا محمد (وأنا) أحمد (وأنا) الماحي الذي يمحو الله بي الكفر"، إذا عرفت هذا فاسماه

الأولان مشتقان من الحمد، والفرق بين محمد وأحمد من وجهين: الأول أن محمدا هو المحمود حمدا بعد حمد، فهو دال على كثرة حمد الحامدين له. وذلك مستلزم كثرة موجبات الحمد فيه وأحمد أفعل تفضيل من الحمد يدل على أن الحمد الذي يستحقه أفضل مما يستحقه غيره. فمحمد زيادة حمد في الكمية وأحمد زيادة (حمد) في الكيفية فيحمد أكثر حمد وأفضل حمد حمده البشر. (و) الثاني أن محمدا هو المحمود حمدا متكررا وأحمد هو الذي حمده لربه أفضل من حمد الحامدين غيره فدل محمد على كونه محمودا ودل أحمد على كونه أحمد الحامدين لربه تعالى. وقوله: "وآله" عطف على أحمد، أتى بهم لما ثبت في حديث الصحيحين في بيان كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم التي أمر الله تعالى بها عباده فإنه علمهم الكيفية بذكر الآل. لما قالوا له صلى الله عليه وسلم: كيف نصلي عليك، قال: "قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد " الحديث، فأمرهم بهذا اللفظ الشامل للآل. (و) أما من هم الآل ففيه أربعة أقوال: الأول من حرمت عليهم الصدقة وفيهم ثلاثة أقوال: الأول: بنو هاشم وبنو المطلب، والثاني: بنو هاشم خاصة، الثالث: بنو هاشم ومن فوقهم إلى غالب، فيدخل فيهم بنو المطلب وبنو أمية وبنو نوفل ومن فوقهم إلى غالب، الأول للشافعي ورواية عن أحمد، الثاني لأبي حنيفة ورواية أيضا عن أحمد، الثالث لأشهب من أصحاب مالك.

الثاني: من الأربعة الأقوال أن (الآل) هم ذريته وأزواجه خاصة لحديث أبي حميد مرفوعا: "اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته"، مع ثبوت رواية حديث "وآله" فدل هذا المفصل أنهم المرادون بالآل. الثالث منها: أنهم أتباعه صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة حكاه ابن عبدالبر عن بعض أهل العلم وأقدم من روي عنه هذا القول جابر بن عبدالله ذكره البيهقي ورجحه النووي في شرح مسلم. الرابع منها: أن آله صلى الله عليه وسلم الأتقياء من أمته ودلائل الأقوال مبسوطة في محلها. وأقربها القول بأنهم من حرمت عليهم الصدقة لما رواه البخاري من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه) أن أحد الحسنين أخذ تمرة من الصدقة فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرجها من فيه وقال: "أما علمت أن آل محمد لا يأكلون الصدقة ".

وبعد فالنخبة في علم الأثر ... مختصر يا حبذا من مختصر

ورواه مسلم بلفظ: "إنا لا تحل لنا الصدقة"، ولحديث مسلم أيضا عن زيد بن أرقم في قصة غدير خم، وفيه أنه [صلى الله عليه وسلم] قال: "أذكركم الله في أهل بيتي" كررها ثلاثاً. فقال حصين بن سبرة: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساءه من أهل بيته؟ قال: إن نساءه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم [عليهم] الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس. قال: أكل هؤلاء حرم عليهم الصدقة؟ ... الحديث والصحابي أعرف بتفسير ما رواه. وقوله: وصحبه جمع صاحب، كما في القاموس حيث قال: وهم أصحاب وأصاحيب وصحبان، وصحاب وصحب انتهى ويأتي الخلاف في مسماه عرفاً، وهذا العطف مبني على جواز الصلاة على غير الأنبياء عليهم السلام تبعاً لهم. (4) وبعد فالنخبة في علم الأثر ... مختصر يا حبذا من مختصر بعد من الظروف الغايات، له ثلاث حالات، ذكر ما يضاف إليه فيعرب كسائر المعربات، وحذفه مع إرادته فيبنى على الضم وحذفه نسيا

فيعرب منوناً، كما عرف في النحو وهي هنا من القسم الثاني أي بعد الحمد والصلاة. والفاء في حيزها مبنية على توهم أما التي تلازمها غالباً والنخبة بالضم وكهمزة المختار. وانتخبه اختاره كما في القاموس، فهي علم نقل من ذلك. و"في علم الأثر" متعلق بها بتقدير "المؤلفة في علم الأثر" وفي نسخة "الخبر"وهو مبني على ترادفهما كترادف الحديث والخبر. وقيل: الأثر يطلق على ما كان موقوفاً على الصحابة فمن بعدهم والخبر يختص بما كان مأثوراً عن النبي صلى الله عليه وسلم. كما أنه قد قيل بالفرق بين الخبر والحديث أن الحديث ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم والخبر ما جاء عن غيره وقوله جاء عنه صلى الله عليه وسلم أي من قول أو فعل أو تقدير أو همٍ أو صفة. واعلم أنه لا غنى عن معرفة رسمه وموضوعه وغايته وقد رسموه فقيل: إنه علم يبحث فيه عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم إسناداً ومتناً لفظاً ومعنى من

ألفها الحافظ في حال السفر ... وهو الشهاب بن علي بن حجر

حيث القبول والرد وما يتبع ذلك من كيفية تحمل الحديث وروايته وكيفية ضبطه وكتابته وأدب راويه وطالبيه. وقيل في رسمه ما هو أخصر وهو أنه علم يعرف به حال الراوي والمروي من جهة القبول والرد. وموضوعه: الراوي والمروي من هذه الجهة. وغايته معرفة ما يقبل وما يرد من ذلك، والمصنف ابن حجر رحمه الله [تعالى] يرى ترادف الخبر والأثر كما دل له تسمية كتابه [هذا] "نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر"فلذا جعلها الناظم نسختين. والاختصار [وهو] حذف الفضول من الشيء كما في القاموس. وقولنا: يا حبذا حذف المنادى: أي يا قوم - أو- يا علماء، وحبذا من أفعال المدح كما عرف في النحو. (5) ألفها الحافظ في حال السفر ... وهو الشهاب بن علي بن حجر ذكر الإمام العلامة محمد بن إبراهيم المعروف بابن الوزير، وكان معاصرا للحافظ ابن حجر: أن الحافظ كتب في سفره إلى مكة سنة سبع

عشرة وثمانمائة مختصرا بديعا في علوم الحديث قال: فوقفت عليه وقوف شحيح ضاع في التراب خاتمه فوجدته كما قيل: أبلغ العلم وأشفاه ... لأدواء الفؤاد اختصار في جلاء ... وبلوغ في مراد (قلت): البيتان ينسبان إلى نشوان بن سعيد الحميري. قال السيد محمد: "لكنه بقي [عليه] فيه ما يقيه من العين ولا يشعر بمثله إلا في سواد العين) كفوقة الظفر لا يدري بموضعها ومثلها في سواد العين مشهور (قلت): الفوقة نقطة بيضاء تكون في الأظفار. قال: "وذلك لكثرة اشتغاله في أوان ارتحاله لا لقصور [في] عرفانه، فهو إمام زمانه فرأيت أن أقلل مما وقع نقدي عليه فأما الإحصاء فلا سبيل إليه، إذ السهو والخطأ والنسيان من صفة كل إنسان. وأتدلل (قلت: بالدال المهملة من الإدلال على من لك عنده منزلة) عليه بزيادة يسيرة أو تحرير عبارة عدلا لا عدوا لاعترافي أن الكتاب كتابه لفظا ومعنى ونصا لا فحوى، ليس لي فيه حق ولا رجوى ولا شبهة ولا دعوى إلا ما زدته عليه من الدلائل غيرة على دعاويه العواطل من مشابهتها للدعاوى البواطل " انتهى. وإنما نقلته بطوله لأني - إن شاء الله - سأذكر ما انتقده ذهنه الوقاد وحرره من الأدلة وزاد.

طالعتها يوما من الأيام ... فاشتقت أن أودعها نظامي

وفي قوله وهو الشهاب إلى آخره من البديع الاطراد، وقد ألف الحافظ السخاوي كتابا حافلا في ترجمة [الحافظ] ابن حجر سماه الجواهر والدرر. (6) طالعتها يوما من الأيام ... فاشتقت أن أودعها نظامي (7) فتم من بكرة ذاك اليوم ... إلى المسا عند وفود النوم كان ذلك في شهر صفر سنة [ثلاث وسبعين] ومائة وألف في الروضة البهية. (8) مشتملا: على الذي حواه ... فالحمد للرحمن لا سواه مشتملا: حال من فاعل تم، وضمير حواه للمؤلف الذي أريد نظمه. ... [مسألة تقسيم الخبر إلى المتواتر والآحاد:] (9) وكل ما يروى من الأخبار ... إما بحضر أو بلا انحصار الأخبار: جمع خبر وهو قسم من الكلام يأتي في تعريفه وقدمنا [الكلام في أنه] هل [هو] مرادف للحديث أو لا؟ ووجه الانحصار قد

أفاده قوله إما بحصر: أي في طرقه والحصر فيهما [أي المتواتر والآحاد] صرح به إمام الحرمين في الورقات [حيث] قال: والآحاد يقابل التواتر، قال شارح شرحه: تصريح بانحصار الخبر في القسمين: المتواتر والآحاد، إذ معنى مقابلته له أنه ما عداه، فلا ثالث لهما [انتهى]. والطرق: وهي الأسانيد، والإسناد: حكاية طريق المتن ويأتي قريبا تقسيم طرق [الحصر - أي الطرق التي ينحصر الخبر الأحادي فيها وأنها ثلاث طرق] وهو القسم الأول والثاني وهو قوله أو بلا انحصار: أي بأن يروي الحديث جماعة لا ينحصرون في عدد معين، بل تكون العادة قد أحالت تواطؤهم على الكذب: أي توافقهم عليه، فلا معنى لتعيين العدد، [وهذا] على الصحيح الذي ذهب إليه الجمهور قالوا: [سواء] كانوا كفارا أو فساقا وأهل بلد واحد ودين واحد أو لا، ولذا قلنا في بغية الآمل: "وحاصل بفاسق أو كافر". وقلنا فيها في ترجيح كلام الجمهور والقول القوي: فقد اعتبار العدد المحصور بل ما أفاد علمنا الضروري ولابد أن تكون الجماعة كذلك من ابتدائه إلى انتهائه، والمراد بالاستواء أن لا تنقص الكثرة المذكورة في بعض المواضع، لا أن لا تزيد، إذ الزيادة [هنا] مطلوبة من باب الأولى. وأن يكون مستند انتهائه الأمر المشاهد أو المسموع لا ما ثبت بقضية

مسألة: تقسيم الآحاد إلى ثلاثة أقسام:

العقل الصرف فإذا جمع هذه الشروط الأربعة قال الحافظ: "وهي عدد كثير أحالت العادة تواطؤهم وتوافقهم على الكذب ورووا ذلك عن مثلهم من الابتداء إلى الانتهاء وكان مستند انتهائهم الحس وانضاف إلى ذلك أن يصحب خبرهم إفادة العلم لسامعه فهذا هو المتواتر". واعلم أن الحافظ جعل الرابع انضياف العلم وقد استشكل، لأن كون المتواتر موجبا للعلم يقتضي تقدمه بالذات على حصول العلم منه، فإنه أثر من آثاره المترتبة عليه، والشيء يتقدم بالذات على أثره فكيف يعد حصول العلم [به] من شروطه، قيل: إلا أن يتأول بأن مراده من شرطه العلم بأنه متواتر ويأتي ذكره. ... [مسألة: تقسيم الآحاد إلى ثلاثة أقسام:] (10) فالأول المروي بفوق اثنين ... أو بهما أو واحد في العين انقسمت الآحاد وهي جمع أحد، كبطل وأبطال إلى ثلاثة بقوله: فالأول أي: المروي بحصر في رواته، فالتعريف للعهد الخارجي، لأنه المذكور في اللف الأول فهو لا يخلو عن ثلاثة أقسام: الأول: أن يرويه ثلاثة فصاعدا ما لم تجتمع شروط التواتر وهذا هو المشهور أو المستفيض، كما يأتي، والثاني: أن يرويه اثنان عن اثنين إلى منتهاه، فلا يرد بأقل منهما في رواية فإن ورد بأكثر في بعض المواضع من السند فلا يضر، إذ الأقل في هذا يقضي على الأكثر أي: يغلب، وهذا هو العزيز، والثالث: أن يرويه واحد في أي موضع وقع التفرد، وإن زاد في غيره، وهذا هو الغريب ويأتي [تفصيل] الثلاثة.

مسألة التواتر

[مسألة التواتر] (11) ثانيهما يدعونه التواترا ... ترى به العلم اليقيني حاضراً أي ثاني ما في اللف - وهو قوله: "بلا انحصار" فإنهم يسمونه المتواتر؛ والتواتر لغة: التتابع، وهو كون الشيء بعد الشيء بفترة، وضبطه إمام الحرمين بأنه ما يوجب العلم أي بنفسه إيجابا عاديا ولذا قلنا: "ترى به العلم اليقيني حاضرا"، أي أنه لا يختلف عنه من هذه الحيثية. وفي النخبة: أنه المفيد للعلم اليقيني بشروطه، واليقين هو الاعتقاد الجازم المطابق وهذا هو المعتمد، أن خبر التواتر يفيد العلم الضروري وهو الذي يضطر الإنسان إليه بحيث لا يمكنه دفعه وبه قيدناه في النظم [كما] في أصله، وقيل: إنه لا يفيد العلم إلا نظريا. قال الحافظ: "وليس بشيء لأن العلم بالتواتر حاصل لمن ليس له أهلية النظر كالعامي إذ النظر: ترتيب أمور معلومة أو مظنونة يتوصل بها إلى علوم، أو ظنون وليس في العامي أهلية ذلك، فلو كان نظريا لما حصل لهم" انتهى وفي شرح شرح الورقات أن إمام الحرمين يقول: "إنه نظري"، وفسر كونه نظريا بتوقفه على مقدمات حاصلة عند السامع، وهي المحققة لكون الخبر متواترا من كونه خبر جمع وكونهم بحيث يمتنع تواطؤهم على الكذب وكونه خبرا عن محسوس لا أنه يحتاج إلى نظر عقب سماع الخبر. قال المحلي - في شرح جمع الجوامع -: "فلا خلاف في المعنى أنه ضروري لأن توفقه على تلك لا ينافي كونه ضروريا" انتهى ولا يخفى أن المتواتر على هذه الكيفية ليس من مباحث علم الإسناد إذ علم الإسناد: ما يبحث فيه عن صحة الحديث، أو ضعفه ليعمل به أو يترك من حيث صفات الرجال وصيغ الأداء والمتواتر: لا يبحث عن رجاله بل يجب العمل به من غير بحث.

واعلم أن قولنا: إلى أن ينتهي إلى المخبر عنه - المراد إلى الواقعة التي أخبر بوقوعها، سواء: كانت بعينها مضمون خبرهم، ويسمى الخبر - حينئذ - متواترا تواترا لفظيا أو قدرا مشتركا بين أخبارهم ويسمى حينئذ متواتر تواترا معنويا كما إذا [أخبر واحد] عن حاتم، أنه أعطى دينارا وآخر أنه أعطى فرسا، [وآخر أنه أعطى فقيرا كذا وكذا] فقد اتفقوا على معنى كلي، وهو الإعطاء. ولذا قلنا في "بغية الآمل": واللفظ لا يختص بالتواتر ... بل جاء في المعنى كإقدام الوصي كرم ربي ذلك الوجه الرضي، وذلك ما ثبت من الروايات المتكاثرة بأنه قتل يوم بدر كذا، ويوم خيبر كذا، ويوم أحد كذا، وبأنه لا يعلم أنه فر عن زحف من الزحوف وهذه دلالة قطعية بأنه شجاع. وقد ذكر الأئمة أن أكثر الأحاديث النبوية التي تواترت من القسم الثاني، والأقل من القسم الأول، وعد منه حديث: "من كذب علي متعمدا" رواه من الصحابة نحو مائة، وقيل: مائتين وحديث: "تقتلك يا عمار الفئة الباغية"، قال الذهبي - في ترجمة عمار من النبلاء -: "حديث متواتر" قال الحافظ ابن حجر: "ومن أحسن ما يقرر به كون المتواتر موجودا وجود كثرة في الأحاديث أن الكتب المشهورة المتداولة بأيدي أهل لعلم شرقا وغربا المقطوع عندهم بصحة نسبتها إلى مصنفيها إذا اجتمعت على إخراج حديث وتعددت طرقه تعددا تحيل العادة تواطؤهم على الكذب إلى آخر الشروط، أفاد العلم اليقيني بصحة نسبته إلى قائله. ومثل ذلك في الكتب المشهور كثير" انتهى قال السخاوي: "ذكر شيخنا [يريد ابن حجر] الأحاديث التي وصفت بالتواتر: حديث الشفاعة، والحوض فإن عدد رواتهما من الصحابة

زادوا على الأربعين وممن وصفهما بذلك عياض في الشفا، وحديث "من بنى لله مسجدا"، وحديث "الأئمة من قريش"، وحديث حنين الجذع، وحديث النهي عن الصلاة في معاطن الإبل كما قاله فيه ابن حزم، وحديث اهتزاز العرش لموت سعد، وحديث انشقاق القمر" انتهى. [و] قال الحاكم أبو سعيد: "حديث الموالاة، وحديث غدير خم رواه جماعة من الصحابة وتواتر النقل به حتى دخل في حد التواتر". وذكر محمد بن جرير: حديث غدير خم وطرقه من خمسة وسبعين طريقا، وأفرد له كتابا سماه "كتاب الولاية" وصنف الذهبي جزءا في طرقه وحكم بتواتره، وذكر أبو العباس ابن عقدة - حديث غدير خم من مائة وخمسين طريقا وأفرد له كتابا. وذكر السيد محمد رحمه الله في التنقيح من أمثلة المتواتر - حديث رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام بالصلاة؛ فإنه روي من طرق كثيرة قال ابن عبدالبر: رواه ثلاثة عشر من الصحابة وقال السلفي: أربعة عشر وقال ابن كثير: عشرون، وجمع زين الدين رواته فبلغوا خمسين، فيهم العشرة- رضي الله عنهم - وكذلك قال الحاكم ابن البيع: "إن العشرة اجتمعوا على روايته وجعل ذلك من خصائص [هذه] السنة الشريفة" ومن أمثلة ذلك أحاديث المسح على الخفين قال صاحب الإمام: "عن ابن المنذر: روينا عن الحسن البصري أنه قال: حدثني سبعون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين"، وذكر ابن عبدالبر أنه من السنن المتواترة قال زين الدين: "رواه أكثر من ستين من الصحابة منهم العشرة رضي الله عنهم"انتهى.

مسألة المشهور والمستفيض

وقد جمع أئمة ما تواتر لهم من الأحاديث النبوية آخرهم - فيما علمت - العلامة المقبلي نزيل حرم الله - رحمه الله - جمعها في الأحاديث التي تكلم فيها على مسائل شتى. واعلم: أن السيد محمد عرف المتواتر في مختصره الذي أشرنا إليه سابقا بقوله: " الحديث إما تعلم صحته بكثرة رواته فهو المتواتر"، فعرفه بعلم من بلغه صحته بكثرة رواته، فجعل لازمه العلم بصحته الناشئ عن كثرة رواته ولا يخفى أن العلم بالصحة لا يستلزم العلم اليقيني؛ فإن الآحاد قد تعلم صحته ولا يلزم العلم اليقيني بمضمونه. ويأتي بقية كلامه. ... [مسألة المشهور والمستفيض] (12) بشرطه وأول الأقسام ... سموه مشهورا وفي الأعلام (13) من قال هذا المستفيض اسما ... ثانيهما له العزيز وسما قوله: " بشرطه" يتعلق بقوله: ترى به العلم ... الخ والمراد أنه يفيد اليقين بشرطه، كما قال الحافظ: " المفيد للعلم اليقيني بشروطه"، وأفردنا الشرط إرادة للجنس، وتقدم أنه أربعة. [وقولنا] "وأول الأقسام" أي أولها في اللف حيث قيل: فالأول: المروي بفوق الاثنين أي بثلاثة فصاعدا وهو أول أقسام الآحاد سماه

وليس شرطا للصحيح فاعلم ... وقد رمي من قال بالتوهم

أئمة الأحاديث بالمشهور - أي عند المحدثين - لوضوحه، وقد يطلق المشهور على ما اشتهر على الألسنة فيشمل ماله إسناد واحد فصاعدا. وعلى ما ليس له إسناد أصلا، بل قد يشتهر على الألسنة وهو موضوع، وقد صنف السخاوي في ذلك كتابا جيدا - سماه المقاصد الحسنة - في بيان كثير من الأحاديث الدائرة على الألسنة. وقولنا: "وفي الأعلام من قال"الخ أي [أن] من العلماء - وهم جماعة من الفقهاء - قالوا: إن هذا هو [المستفيض يسمى بذلك لانتشاره - من فاض الماء يفيض فيضا - ومنهم من غاير بين] المستفيض والمشهور، [بأن] الأول: يكون في ابتدائه وانتهائه سواء، والمشهور أعم من ذلك. ومنهم من غاير على كيفية أخرى وهي: أن الأول ما تلقته الأمة بالقبول دون اعتبار عدد، وقال الصيرفي: "إنه هو والمتواتر واحد"انتهى. ولذا قال الحافظ: "إنه على هذه الكيفية ليس من مباحث هذا الفن؛ لأنه صار كالمتواتر [وهو] ليس من مباحثه كما عرفت. وقولنا: "ثانيها له العزيز وسما" أي ثاني الثلاثة الأقسام، من الآحاد، وهو الثالث: بالنظر إلى قسم المتواتر وقد أتى "له" أي لهذا القسم الذي له طرق محصورة بأكثر من اثنين لفظ العزيز وسما أي اسما وعلامة قيل: يسمى بذلك إما لقلة وجوده فإنه يعز أن يستمر لكل راو راويان من أوله إلى آخره وإما لكونه عز - أي: قوي - لمجيئه من طريق أخرى. (14) وليس شرطا للصحيح فاعلم ... وقد رمي من قال بالتوهم أي: ليس هذا القسم - وهو: العزيز- شرطا لصحيح البخاري، كما قاله القاضي أبو بكر ابن العربي المالكي في أوائل شرح البخاري فإنه: ادعى أن ذلك شرط البخاري ورد عليه العلماء [ذلك] و [ذكروا] أنه وهم. قال ابن رشد في كتاب "ترجمان التراجم": "ولقد كان يكفي القاضي

في بطلان ما ادعى أنه شرط البخاري أول حديث مذكور فيه أي في صحيح البخاري - يعني فإنه مروي بالآحاد يريد به: حديث "إنما الأعمال بالنيات" فإنه تفرد به محمد بن إبراهيم عن علقمة، ثم تفرد به يحيى بن سعيد عن محمد، وتفرد به أيضا عمر". (قلت): قد تنبه ابن العربي [لهذا] فقال: " فإن قيل حديث الأعمال بالنيات فرد لم يروه عن عمر إلا علقمة قلنا: قد خطب به عمر على المنبر بحضرة الصحابة فلولا أنهم يعرفونه لأنكروه"، كذا قال. وتعقب بأنه لا يلزم من كونهم سكتوا عنه أن يكونوا سمعوه من غيره، وبأن هذا لو سلم في عمر منع في تفرد علقمة، ثم في تفرد محمد بن إبراهيم عن علقمة، ثم [في] تفرد يحيى بن سعيد به عن محمد، وقد أورد عليه أيضا آخر حديث في البخاري وهو حديث: "كلمتان خفيفتان على اللسان" فإنه تفرد به أبو هريرة عنه صلى الله عليه وسلم وتفرد به عنه أبو زرعة، وتفرد به عمارة بن القعقاع، وتفرد به عنه محمد بن فضيل، وعنه انتشر فبطل قول ابن العربي، فلذا قلنا: "وقد رمي من قال" أي: بأن العزيز شرط الصحيح بالتوهم، فإنه قول مبني على التوهم [أن ذلك شرطه] لا على التحقيق على أنه حكى الحازمي عن الحاكم، وهو من أجل علماء الحديث أن شرط الشيخين العدد. (قلت): وقد حققنا ذلك في شرح "تنقيح الأنظار" ويأتي الكلام في ذلك. وقد زعم ابن حبان أن رواية اثنين عن اثنين لا توجد أصلا، قال

مسألة الغريب

الحافظ ابن حجر: قلت: "إن أرادوا اثنين فقط عن اثنين فقط [إلى أن ينتهي] لا توجد أصلا؛ فيمكن أن يسلم وأما صورة العزيز الذي حررناه فموجودة بأن لا يرويه أقل من اثنين عن أقل من اثنين". ومثاله: ما رواه الشيخان من حديث أنس، والبخاري وحده من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده" الحديث قلت: تمامه: "والناس أجمعين" رواه عن أنس قتادة وعبد العزيز بن صهيب ورواه عن قتادة شعبة وسعيد [ورواه عن عبد العزيز] إسماعيل بن علية، وعبد الوارث، ورواه عن كل جماعة انتهى، ونسبوا إلى أبي علي الجبائي المعتزلي القول: "بأن هذا شرط كون الحديث صحيحا". ... [مسألة الغريب] (15) ثالثها يدعونه الغريبا ... والكل آحاد ترى ضروبا هذا ثالث أقسام الآحاد - وهو رابع أصل القسمة بالنظر إلى المتواتر - وهذا هو الذي يتفرد بروايته شخص واحد في أي موضع وقع التفرد في السند - على ما سيقسم إليه الغريب المطلق والغريب النسبي كما يأتي. وقولنا: "والكل آحاد"أي: الأقسام الثلاثة آحاد، وهي: المشهور، والعزيز، والغريب كل واحد منها من أخبار الآحاد. وخبر الواحد في اللغة: ما يرويه

واحد، وفي الاصطلاح ما لم يجمع شروط التواتر، وإن رواه أكثر من واحد وقولنا: "ترى ضروبا" جمع ضرب، وهو: المثل، كما في القاموس ويفسره ما بعده من الأبيات. واعلم: أنه استدل السيد محمد رحمه الله في "مختصره"للعمل بالآحاد بقوله: " والعمل به واجب لإجماع الصحابة المعلوم ولإرساله (صلى الله عليه وسلم) الآحاد وتقريره صلى الله عليه وسلم المسلمين على قبوله ولحسن العمل بالظن عقلا"انتهى. فهذه أربعة أدلة، فيها رد [على] من زعم، "إنها لا تقبل أخبار الآحاد" والقائل بذلك الإمامية، والبغدادية، والظاهرية والخوارج. فالدليل الأول: إجماع الصحابة على العمل بأخبار الآحاد، وشيوع ذلك بينهم من غير نكير، - والقضايا فيه لا تدخل تحت حصر- ولذا قال: "المعلوم" أي: أنه إجماع معلوم -[لا أنه] مظنون والقول بأن عمر لم يقبل خبر أبي موسى في الاستئذان ولا قبل أبو بكر خبر المغيرة في ميراث الجدة، حتى أتيا معهما بمن يشهد لهما فالجواب أن هذا - بعد الإتيان بمن شهد لهما - لم يخرج عن خبر الآحاد وقد [عمل به عمر في غيره - أي في غير خبر الاستئذان] بأخبار عدة من الآحاد وإنما استثبت في ذلك، فلا يتم فعل عمر دليلا لمن منع قبول الآحاد؛ بل هو دليل لمن قبلها. وكذلك ما روي عن أن أمير المؤمنين عليا - رضي الله عنه - كان يستخلف الراوي، فإن حلف قبل روايته؛ فإنه مجرد استثبات منه - لا لريبة في روايته - فإنه لا يدفعها يمينه؛ لجواز أنه فاجر فيها. وإنما كان - عليه السلام - يرى الأخذ بالأقوى من الظن، وقبول الرواية مع اليمين أقوى ظنا من قبولها مع عدمها، ومع ذلك فلم يخرج العمل بها -[بعد] اليمين - عن الآحاد، فهو دليل لنا على قبول الآحاد.

والثاني إرساله صلى الله عليه وآله وسلم للآحاد إلى الملوك وغيرهم يدعونهم إلى الإيمان ويعلمونهم الشرائع، وهذا أيضا معلوم، يعرفه - يقينا - من عرف السنن النبوية والسير المحمدية - وكانت تقوم بذلك الحجة على المرسل إليه، ويقبل صلى الله عليه وسلم خبر الرسل الآحاد بإخبارهم بإسلام من أسلم وامتناع من امتنع، ويرتب [صلى الله عليه وسلم] على ذلك الأحكام الشرعية في الفريقين، ولم يقل أحد ممن أرسل إليه صلى الله عليه وسلم الآحاد هذا خبر واحد لا يجب علي العمل به "، وقد أشرنا إلى هذين الدليلين في بغية الآمل، حيث قلنا: لبعثة المختار للآحاد ... وما أتى عن صحبه الأمجاد وشاع فيهم عملا وذاعا ... فكان إذ لم ينكروا إجماعا والمسألة مبسوطة في أصول الفقه. الثالث: قوله: وتقريره صلى الله عليه وسلم المسلمين على قبوله فإنه لا يشك [ناظر] أنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم عمل أصحابه بأخبار الآحاد في عدة قضايا - لا تنحصر - ولم ينكر عليهم، بل يقرهم [على ذلك] فهذان دليلان من السنة فعله صلى الله عليه وسلم وتقريره. والرابع: قوله: " ولحسن العمل بالظن عقلا"وهذا دليل عقلي بعد الثلاثة النقلية - وتقريره: أنا نعلم بالضرورة أن من أحضر إليه طعام وأخبره من يظن صدقه أن فيه سما، أو في الطريق - التي يريد سلوكها - سبعا أو لصا، فإن العقل يقضي بحسن ترك ذلك الطعام أو الطريق، وأنه إن أقدم على ذلك لامه العقلاء، وحسن ذمة عندهم. قال السيد محمد: "ولأن راده -[أي]: من رد العمل بالآحاد - تمسك في رده بالظن أي كان دليله على عدم قبوله أدلة ظنية - وإنما فر - أي إنما فر عن العمل بالآحاد - لأنها لا

فيها أتى المقبول والمردود ... إذ هي في الأحكام لا تفيد

تفيد إلا الظن، قلنا: فقد عملت بالظن في رد العمل بها، إذ لا دليل معك قطعي في رد العمل [بهذا] " فهذا ما أشار إليه من الاستدلال - وهو مما زاده على "النخبة" كما أفاده قوله في الديباجة: "إلا ما زدته عليه من الدلائل غيرة على دعاويه العواطل". وقال إمام الحرمين: وهو - أي الخبر - الآحادي - يوجب العمل - أي - بشروطه من العدالة وغيرها أي يكون سببا في وجوب العمل بمضمونه. واختلفوا، فقيل: إن الوجوب بالعقل وإن دل السمع عليه - أيضا -وذلك لأنه لو لم يجب العمل به لتعطلت وقائع الأحكام المروية بالآحاد - وهي كثيرة جدا ولا سبيل إلى القول بذلك. وقيل بالسمع دون العقل؛ وذلك لبعثه صلى الله عليه وسلم الآحاد - كما قدمناه - ولعمل الصحابة إلى آخر ما سقناه وساقه شارح "الورقات" ولما قلنا: "ضروبا" بينا ذلك بقولنا: (16) فيها أتى المقبول والمردود ... إذ هي في الأحكام لا تفيد (17) حتى يتم البحث عن ثقاتها ... وطرح من ضعف من رواتها هذا بيان قوله: "ضروبا" فالمقبول - وهو: من عدلت رواته - ضرب من الآحاد والمردود، وهو - الذي لم يرجح صدق المخبر به - ضرب، والمتوقف فيه ضرب. قال الحافظ: وإنما وجب العمل بالمقبول منها؛ لأنها إما أن يوجد فيها أصل صفة القبول، وهو: ثبوت صدق الناقل أو أصل صفة الرد، وهو: كذب الناقل، أو لا، فالأول: يغلب على الظن صدق الخبر لثبوت صدق ناقله - فيؤخذ به، والثاني: يغلب على الظن كذب الخبر لثبوت كذب ناقله فيطرح والثالث إن وجدت قرينة تلحقه بأحد القسمين التحق وإلا فيتوقف فيه انتهى وقد عرفت أن المتوقف فيه في حكم المردود فقد شمل البيتان الثلاثة الضروب والحاصل أن كل خبر يحتمل

مسألة: إفادة الآحاد العلم النظري بالقرائن

الصدق والكذب من حيث أنه خبر فلا بد لترجيح أحد الاحتمالين من مرجح كما أشير إليه وإذا فقد بقي على الاحتمال ... [مسألة: إفادة الآحاد العلم النظري بالقرائن:] (18) وقد تفيد العلم أعني النظري ... إذا أتت قرائن للخبر وقد تفيد أي أخبار الآحاد المنقسمة إلى الثلاثة العلم النظري هذا إشارة إلى أن الخبر الآحادي لا يفيد إلا الظن وفيه خلاف قد أوضحناه وبسطنا القول فيه في شرح تنقيح الأنظار وفي قوله قد تفيد إشارة إلى قلة إفادته العلم وقد عرفت أن العلم نظري وضروري فالمراد هنا الأول كما قيدناه به وعرفت أنا قيدنا إفادة التواتر العلم بنفسه وبالضروري فخرج المقيد له بالقرائن عن التواتر والمراد من القرائن هي الزائدة على القرائن التي لا تنفك عن الخبر وهي ما يلزمه عادة من أحوال في نفس الخبر كالهيئات المقارنة الموجبة لتحقق مضمونه وفي المخبر أي المتكلم ككونه موسوما بالصدق مباشرا للأمر الذي أخبر به والمخبر عنه أي الواقعة التي أخبروا بوقوعها لكونه أمرا قريب الوقوع فيحصل أي العلم بعدد أقل وبعيده فيفتقر إلى أكثر فإنه من المتواتر وإن كان العلم بمعونة مثل هذه القرائن وبذلك يتفاوت عدد التواتر هذا حاصل ما في العضد وحاشيته وغيرهما ولكن كلامنا في القرائن غيرها وهي ما اشتهر المثال بها وهو خبر ملك بموت ولد له مشرف على الموت وانضم إليه قرائن الصراخ والجنازة وخروج المخدرات على حال منكرة وغير معتادة دون موت مثله وخروج الملك وأكابر مملكته فإنا

نقطع بصحة ذلك الخبر ونعلم به موت الولد نجد ذلك من أنفسنا وجدانا ضروريا لا يتطرق إليه الشك واعترض بأن العلم بذلك لم يحصل بالخبر بل بالقرائن وأجيب بأنه حصل بضميمة القرائن إذ لولا الخبر لجوزنا موت شخص آخر ويحصل العلم بغير القرائن كالعلم بمضمون الخبر بالضرورة كقولنا الواحد نصف الاثنين أو بالنظر كقولنا العالم حادث وقال السيد محمد في مختصره ويعز وجوده أي الخبر المحفوف بالقرائن قلت بل قال عضد الدين في شرح المختصر إن ذلك لا يوجد في الشرع وإنه لا يشترط عدالة المخبر فيما يعلم بالقرائن انتهى قلت وقد عد الحافظ للخبر المحتف بالقرائن أنواعا منها ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما مما لم يبلغ حد التواتر فإنه احتفت به قرائن منها جلالتهما في هذا الشأن وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول وهذا التلقي وحده أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر إلا أن هذا يختص بما لم ينتقده أحد من الحفاظ مما في الكتابين وبما لم يقع التخالف بين مدلوليه مما وقع في الكتابين حيث لا ترجيح لاستحالة أن يفيد المتناقضان العلم بصدقهما من غير ترجيح لأحدهما على الآخر وما عدا ذلك فالإجماع حاصل على تسليم صحته فإن قيل إنما اتفقوا على وجوب العمل لا على صحته منعناه وسند

المنع أنهم متفقون على وجوب العمل بكل ما صح ولو لم يخرجه الشيخان فلم يبق للصحيحين في هذا مزية والإجماع حاصل على أن لهما مزية فيما يرجع إلى نفس الصحة وممن صرح بإفادة ما خرجه الشيخان العلم النظري الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني ومن أئمة الحديث أبو عبدالله الحميدي وأبو الفضل بن طاهر وغيرهما ويحتمل أن يقال المزية المذكورة كون أحاديثهما أصح الصحيح انتهى كلام الحافظ واعلم أنه قال ابن الصلاح ما أخرجه الشيخان مقطوع بصحته والعلم اليقيني النظري واقع به خلافا لمن نفى ذلك محتجا بأنه لا يفيد بأصله إلا الظن وإنما تلقته الأمة بالقبول لأنه يجب عليهم العمل بالظن والظن قد يخطئ وقد كنت أميل إلى هذا وأحسبه قويا ثم بأن لي أن المذهب الذي اخترناه أولا هو الصحيح لأن ظن من هو معصوم الخطأ لا يخطئ والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ ولهذا كان الإجماع المبتنى على الاجتهاد حجة مقطوعا بها وأكثر إجماعات العلماء كذلك قال النووي ما قاله ابن الصلاح خلاف ما قاله المحققون والأكثرون فإنهم قالوا أحاديث الصحيحين التي ليست بمتواترة إنما تفيد الظن فإنها الآحاد والآحاد إنما يفيد الظن على ما تقرر ولا فرق بين البخاري ومسلم وغيرهما في ذلك وتلقي الأمة إنما أفاد وجوب العمل بما فيهما من غير توقف على النظر فيه بخلاف غيرهما فلا يعمل به حتى ينظر ويوجد فيه شرط الصحيح ولا يلزم من إجماع العلماء على ما فيهما إجماعهم على القطع بأنه كلام النبي صلى الله عليه وسلم وحكي تغليط مقالة ابن الصلاح عن ابن

برهان وكذا عابه ابن عبدالسلام قلت وقد أشار النووي إلى مزية الصحيحين على غيرهما أنه وجوب العمل بما فيهما من غير توقف على النظر فيه فهذه هي المزية التي قال ابن حجر إن الإجماع حاصل أن لهما مزية لا ما قاله من أنها إفادة العلم انتهى ما قاله الهروي ولا يخفى أن الحافظ ابن حجر قد جعل أحاديث الصحيحين غير ما استثناه مما يفيد العلم النظري لاحتفافهما بالقرائن وأعظمهما تلقي الأمة قال فإنه أقوى في إفادة العلم من مجرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر فقد جعل التلقي كما جعله ابن الصلاح طريق إفادة العلم بأحاديثهما وقد علله ابن الصلاح بأن الأمة معصومة في إجماعها من الخطأ وقال النووي إن الأمة إنما أجمعت على وجوب العمل بما فيهما قلت الإجماع على وجوب العمل يقضي بأن أحاديثهما صحيحة أو حسنة إذ لا يجب العمل إلا بذلك فهو إجماع بأنه كلام النبي إذ صلى الله عليه وسلم لا يجب العمل بكلام غيره من أفراد الأمة واعلم أن السيد محمد جعل المتلقى بالقبول قسيما للمعلوم بالقرائن وأنه مما يعلم بالنظر فقال إن الحديث إما إن يعلم صحته بكثرة رواته فهو المتواتر أو بالقرائن على قول فهو المعلوم بالقرائن ويعز وجوده في الشرع أو بالنظر وهو ما حكم بصحته المعصوم ظنا على قول وهو المتلقى بالقبول والصحيح الذي عليه المحققون أنه ظني كما عزاه النووي إلى المحققين والأكثرين قال سر المسألة هل تجويز الخطأ في ظن المعصوم يناقض العصمة والحق أنه لا يناقضها حيث يكون خطأه فيما طلب لا فيما وجب ولا يوصف خطأه حينئذ بقبح كتحري القبلة ووقت

الفطرة والصلاة وعدالة الشاهد ورمي الكافر لنا لو وجب القطع بانتفائه لبطل كونه ظنا والفرض أنه ظن هذا خلف ولوجوب الترجيح عند تعارض المتلقى بالقبول ولا ترجيح مع القطع ومن السمع قول يعقوب في قصة أخي يوسف {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيل} كما قال ذلك في قصة يوسف وقوله تعالى {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} وحديث إنما أقطع له قطعة من نار وأحاديث سهو النبي (صلى الله عليه وسلم) في الصلاة ولا يمتنع أن يدخل الظن في استدلال الأمة ثم يجب القطع باتباعهم كخبر الواحد وطرق الفقه ولذلك يسمى الفقه علما فبطل القطع بأن حديث البخاري ومسلم معلوم كما ظنه ابن الصلاح وابن طاهر وأبو نصر انتهى كلامه رحمه الله تعالى وإذا عرفت ما ذكره فهو محتاج إلى إيضاح وتحقيق الحق وقد كنت بسطت الكلام على كلامه هذا في رسالة حل العقال عما في رسالة الجلال في الزكاة من الإشكال لأنه نقل كلام السيد محمد هذا ورتب عليه

بحثه في كلامه ولننقل خلاصة ما كتبنا عليه فأقول المراد من قوله هل يجوز الخطأ في ظن المعصوم أراد بهم أهل الإجماع فإن الأمة معصومة وذكره للرسل عليهم السلام استطرادا وإلا فالبحث في عصمة أهل الإجماع وإنما ذكر الرسل وما وقع لهم من الخطأ لأنه يعلم أن وقوعه من الأمة أولى ثم إنه قسم العصمة إلى أمرين بالنظر إلى المطلوب فقال العصمة إنما هي عن مخالفة المعصوم فيما أوجبه الله عليه لا عن مخالفته ما طلبه مثاله الرسول وجب عليه أن يحكم بين الخصمين بالبينة فهذا قد عصم عن مخالفته فإنه لا يحكم إلا حكما جامعا لشرائط الصحة وأما المطلوب له وهو موافقة الحق في نفس الأمر فهذا لم يعصم عن مخالفته لأنه يجوز أن يكون الحكم على خلاف ذلك ولذلك قال فإنما أقطع له قطعة من نار وكذلك من تحرى القبلة الواجب عليه التحري والمطلوب له بيان العين والممتنع وقوعه من المعصوم مخالفته الأول دون الثاني وخلاصته أنه عصم عما وجب عليه أن يخل به ولم يعصم عن الإخلال بما يطلبه ويريده من الإتيان بالواجب على الوجه المطابق لما في نفس الأمر فإنه يطلب الإتيان به عليه لكنه لم يعصم عن أن يخطئه قلت ولك أن تقول من أين أن المطلوب له ما في نفس الأمر بل مطلوبه ما أرشد إليه الدليل طابق أو لم يطابق واعلم أن المدعى فيه جواز الخطأ من الرسل هو فيما كان عن اجتهاد لا ما كان عن وحي من الله يبلغونه إلينا فإنه لا يجوز فيه عليهم الخطأ ولا يقول أحد بجوازه قلت ومن هنا نقول حكم الرسول صلى الله عليه وسلم بالبينة التي نص الله عليها بقوله {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} الآية ليس من الاجتهاد بل من النص

فلا يجري فيه الخطأ وقوله صلى الله عليه وسلم فإنما أقطع له قطعة من نار ليس إعلاما بأنه قد يخطئ في حكمه بل قاله صلى الله عليه وسلم إعلاما بأن الله ناط الأحكام الشرعية بأمر ظاهر ليس فيه إطلاع على حقيقة ما في نفس الأمر فلا يغتر من حكم له ببينة يعرف المحكوم له عدم صحتها أنه قد صار ما حكم له به حلالا هذا وأقول قول يعقوب يحتمل أن مراده ما نسبتم إليه من قولكم {إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ} من تزيين النفس وتسويلها لكم لا أنه سرق حقيقة كما جزمتم به وقد كان كذلك فإنه لم يسرق بل وضع الصواع في متاعه ووجدانه فيه لا يدل على سرقته له فما كان لهم أن يجزموا ويقولوا {إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ} ويقولوا ليوسف {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} فهذا كله يشعر أنه من تسويل نفوسهم وأنه كان فيها شيء على أخيهم سيما بعد قولهم {وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} أي ليس من شأننا الاتصاف بذلك وقوله وأحاديث سهو النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة يقال الكلام في جواز الخطأ في الاجتهاد والنسيان ليس من ذلك وإن كانت عبارته في قوله تجويز ظن الخطأ عامة لكن الخطأ غير النسيان لقوله صلى الله عليه وسلم رفع عن أمتي الخطأ والنسيان أو نحو هذا اللفظ ثم لنا ههنا بحث وهو أنا نسلم جواز خطأ المعصوم لما ذكره السيد

محمد رحمه الله من الأدلة ولكنا نقول إنه لا يخفى أن اتباع المعصوم قطعي الوجوب على المكلفين سواء أصاب ما في نفس الأمر أو أخطأه لا فرق في وجوب الإتباع فإن مناطه ثبوت المعجزة لمدعي النبوة وثبوت دليل عصمة الأمة في حجية الإجماع فاتباعه قطعي الوجوب اتفاقا فيما كان عن الله كذلك اتباعهم فيما جوزنا أنه غير مطابق لما في نفس الأمر وكان عن اجتهاد لأن اتباعهم واجب قطعا معلوم من ضرورة الدين سواء كان عن وحي أو اجتهاد كما يدل له {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وقوله {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ولم يقيده بوحي ولا اجتهاد ولذا قال السيد إبراهيم في الفصول وأما مخالفته أي المعصوم إذا جوز خطأه فيحرم إجماعا انتهى إذا عرفت هذا عرفت أولا أنه لا وجه لتجويزنا خطأه وثانيا على تقدير الخطأ أنه لا فرق في وجوب الاتباع بين الأمرين وأنه قطعي فيهما وأن من قال له الرسول صلى الله عليه وسلم افعل كذا وجب عليه امتثاله قطعا سواء قاله عن اجتهاد أو عن وحي وأما النظر إلى إصابة ما في نفس الأمر أو عدمها فلا تكليف به وإذا عرفت هذا فقد جعل السيد محمد عصمة الأمة كعصمة الرسل فالحكم واحد فيما أجمع عليه وفيما صدر عن الرسل لأن الكل حجة

ثم إن الأصل في حكم المعصوم مطابقته لما في نفس الأمر للعلم القطعي بأن ما طابق ما في نفس الأمر من أفعال الرسل أكثر مما خالف فإن المخالف أندر شيء بالنسبة إلى ما طابق على أنه لا سبيل لنا إلى العلم بأن المعصوم أخطأ ما في نفس الأمر إلا بوحي ولا يخفى أن كلامه هنا في عصمة الإجماع وأنه يجوز فيه الخطأ وقد علمت أنه لا إجماع إلا بعد عصر النبوة كما علم من حقيقة الإجماع وحينئذ فلا يعلم ولا يظن خطأ إجماع لما طلب أصلا والأصل المطابقة وبعد تحقيقك ما قررناه تعلم أن هذا السر الذي ذكره السيد محمد في كتبه لا طائل تحته ومراده الرد على من ذكره من القائلين بان ما أخرجه الشيخان مقطوع بصحته فإنهم استدلوا بأن ظن من هو معصوم من الخطأ لا يخطئ والأمة في إجماعها معصومة من الخطأ والسيد محمد رحمة الله رد هذا الدليل بتجويز خطأ المعصوم في ظنه وأورد ما دل على وقوعه من الرسل مع عصمتهم يريد والخطأ يجوز في الإجماع فإنه لم يناف العصمة قلت وإن لم يعلم وقوعه من الأمة لما عرفت من أنه لا يعلم خطأ المعصوم إلا بالوحي ولا إجماع إلا بعد انقطاعه وعلمت وجوب اتباع المعصوم وحجية ما قاله على الأمة وإن جوز أنه خطأ وهذا قد أفاده قول السيد محمد ولا يمتنع أن يدخل الظن في الاستدلال ثم يجب القطع باتباعهم فيقال حينئذ قد وجب القطع

باتباع الأمة في تلقيها أحاديث الصحيحين بالقبول سواء قلنا برأي ابن الصلاح أو برأي النووي فلا فرق فضاع إبداء هذا السر ولم ينفع فيما أريد نفعه فتأمل قلت إلا أن لنا هاهنا أبحاثا الأول أن أحاديث عصمة الأمة إنما وردت بما يفيد عصمتها عن الضلال لا عن الخطأ كما عرف من مجموعها وقد ساقها أئمة الأصول في بيان حجية الإجماع وهذا سهل لأنه بعد ثبوت حجية الإجماع يجب اتباعه وإن جوز أنه خطأ الثاني ظاهر كلام الجميع ممن قدمنا ذكره من الأعلام أن الأمة أي مجتهديها لأنهم المعتبرون في الإجماع تلقوا كل حديث من أحاديث الصحيحين بالقبول ولذا قال الحافظ وهذا أي التلقي يختص بما لم ينتقده أحد من الحفاظ إلى آخره ويقال عليه إنه لا بد من إقامة البينة على هذه الدعوى وهذه هي دعوى الإجماع الذي قال فيه أحمد بن حنبل إن من ادعاه فهو كاذب ثم إنه يغلب في الظن أو يحصل القطع بأن في مجتهدي الأمة من لا يعرف أحاديث الصحيحين فإن معرفتهما بخصوصهما ليست شرطا في الاجتهاد قطعا بل صرح إمام الشافعية الغزالي أنه يكفي فيه سنن أبي داود وصرح السيد محمد في كتابه القواعد إنه يكفي فيه التلخيص الحبير فكيف تروج دعوى أن كل مجتهد في مشارق الأرض ومغاربها وجنوبها وعدنها قد فتش

مسألة الغريب المطلق والغريب النسبي

عن كل فرد فرد من أحاديث الصحيحين ثم تلقاه بالقبول بأن يكون عاملا به أو متأولا له إذ هذا معنى التلقي بالقبول عند أهل الأصول والسيد محمد رسمه في كتبه بأنه ما حكم المعصوم بصحته ضمنا وهو يوافق رسمهم لأنه لا عمل ولا تأويل إلا لما صح وقد بسطنا هذا في شرح التنقيح ورسالة ثمرات النظر في علم الأثر ولا تستطيل ما ذكرناه فإنا رأينا تطبيق الأئمة الجهابذة النقاد على ذلك فاستبعدناه الثالث أنه لو تم الدعوى لما تم الجزم بالصحة لأن الحسن يعمل به كما يأتي فالتلقي بالقبول شمله فيدل التلقي على الصحة أو الحسن لا على الصحة خاصة ولعله يأتي في بحثه. [مسألة الغريب المطلق والغريب النسبي:] (19) هذا على المختار والغرابة ... قسمان فيما قال ذو الإصابة قد عرفت أن الغريب أحد الثلاثة الآحادية وهو ما تفرد بروايته شخص واحد في أي موضع من السند وإذا قد عرفت ذلك فإن الغرابة انقسمت إلى قسمين الأول أفاده قولنا (20) الأول الحاصل في أصل السند ... فسمه المطلق والثاني ورد (21) فيما عداه سمه بالنسبي ... وهو قليل ذكره في الكتب المراد بأصل السند الموضع الذي يدور عليه الإسناد ويرجع ولو تعددت الطرق إليه وهو طرفه الذي فيه الصحابي وذلك بأن يرويه تابعي واحد عن صحابي ولا يتابعه غيره في روايته عن ذلك الصحابي سواء تعدد الصحابي في تلك الرواية أو لا وأما انفراد الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم فليس

غرابة إذ ليس في الصحابة ما يوجب قدحا فهذا القسم يسمى بالغريب المطلق قال السيد محمد في مختصره ويقل وجوده انتهى قلت ولم أجد هذا في غيره وقال ابن حجر إن أمثلة الفرد المطلق كثيرة وساق منها في كتابه النكت كثيرا فينظر في كلام السيد ثم قال الحافظ هنا ومثلوه بحديث النهي عن بيع الولاء وعن هبته تفرد به عبدالله بن دينار عن ابن عمر وقد يتفرد به راو عن ذلك المنفرد كحديث شعب الإيمان تفرد به أبو صالح عن أبي هريرة وتفرد به عبدالله بن دينار عن أبي صالح ولفظه الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان قال الحافظ وفي مسند البزار والمعجم الأوسط للطبراني أمثلة لذلك كثيرة انتهى قلت وقد قسموه إلى غريب السند وغريب المتن وإلى صحيح وغير صحيح ومثال الصحيح ما رواه ابن وهب متفردا به فقال أخبرني محمد يعني الرعيني عن ابن جريج عن ابن شهاب عن يحيى بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت سأل أناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان فقال ليسوا بشيء وأمثال هذا من أفراد الصحيح وأما الغريب الذي ليس بصحيح فكثير وهو الذي حذر منه الأئمة كما قال الإمام أحمد لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب فإنها مناكير وأكثرها عن الضعفاء وأمثلة ذلك كثيرة

وقد عدوا من أنواع الغريب غريب ألفاظ الحديث قالوا وأول من صنف فيه النضر بن شميل وقيل أبو عبيدة معمر بن المثنى وما زال التأليف فيها وأجمعها النهاية لأبي السعادات المبارك بن محمد بن الأثير وصنف بعد النهاية كتابا فائقا في شرح غريب الأحاديث والآثار الطوال ونحوها سماه منال الطالب في شرح طوال الغرائب ذكر هذا ابن ناصر الدين في كتابه علوم الحديث ويأتي بحث غريب ألفاظ الحديث هذا والثاني هو ما أفاده قولنا والثاني ورد إلى آخره فهذا هو القسم الثاني من الغريب ويسمى بالنسبي بكسر النون وسكون السين المهملة وموحدة ومثناة تحتية مشددة في آخره سموه نسبيا لكون التفرد حصل بالنسبة إلى شخص معين وإن كان الحديث في نفسه مشهورا بأن يكون مرويا من أوجه أخر لم ينفرد فيها راو قال الحافظ ويقل إطلاق الفرد عليه ولذا قلنا وهو قليل ذكره في الكتب أي على الفرد النسبي بل يقال له الغريب غالبا قال لأن الغريب والفرد يترادفان لغة واصطلاحا إلا أن أهل الاصطلاح غايروا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته فالفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي هذا من حيث إطلاق الاسمية عليهما وأما من حيث استعمالهم الفعل المشتق فلا يفرقون فيقولون في المطلق والنسبي تفرد به فلان أو أغرب به فلان انتهى زاد هنا السيد محمد فإن وافقه أي الفرد النسبي غيرة فهو المتابع بكسر الموحدة وإن وجد متن يشبهه فالشاهد وتتبع الطرق لذاك الاعتبار انتهى ويأتي تحقيقها

مسألة في الصحيح وتعريفه وأقسامه

[مسألة في الصحيح وتعريفه وأقسامه:] (22) وهو بنقل العدل ذي التمام ... في ضبط ما يروي عن الأعلام (23) متصلا إسناد ما يرويه ... لا علة ولا شذوذ فيه (24) يدعى الصحيح في العلوم عرفا ... لذاته وإن نظرت الوصفا قوله وهو أي خبر الآحاد وهذا أول تقسيم المقبول إلى أربعة أنواع لأنه إما يشتمل من صفات القبول على أعلاها أو لا الأول الصحيح لذاته وهو فعيل بمعنى فاعل من الصحة وهي حقيقة في الأجسام واستعمالها فيه مجازا واستعارة والثاني إن وجد ما يجبر ذلك القصور ككثرة الطرق فهو الصحيح أيضا لكن لا لذاته وحيث لا جبر فهو الحسن لذاته وإن قامت قرينة ترجح جانب قبول ما يتوقف فيه فهو الحسن أيضا لكن لا لذاته وقدم الصحيح لذاته لعلو رتبته والمراد بالعدل على ما قاله الحافظ ابن حجر من له ملكة تحمله على ملازمة التقوى والمروة والمراد بالتقوى اجتناب الأعمال السيئة من شرك أو فسق أو بدعة انتهى كلامه واعلم أنا قد كتبنا على تفسير الحافظ للعدالة كغيره بما ذكر رسالة سميناها ثمرات النظر في علم الأثر ولنشر إلى شيء مما اشتملت عليه وإلا فهي بسيطة مشتملة على فوائد شريفة فنقول

تفسير العدالة بما ذكر وإن تطابقت عليه كتب أصول الفقه وعلوم الحديث وكتب وقد يحذف البعض قيد الابتداع إلا أنهم الكل اتفقوا أنها ملكة .. إلى آخره ثم لا يخفى أن في عبارة الحافظ في رسمه للتقوى قصورا حيث قال والمراد بالتقوى .. الخ فإنه لا بد من زيادة قيد واجتناب المقبحات إذا عرفت تطابقهم على أنها ملكة والملكة هي كيفية راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة يمتنع بها عن اقتراف كل فرد فرد من الكبائر وصغائر الخسة كسرقة لقمة والتطفيف بحبة والرذائل الجائزة كالبول في الطرقات وأكل غير السوقي فيه فأقول ولا ريب أن هذا تشديد في العدالة لا يتم إلا في حق المعصومين وأفراد من خلص المؤمنين بل جاء في الحديث أن كل بني آدم خطاؤون وخير الخطائين التوابون وفي حديث آخر أخرجه البزار المؤمن واه راقع أي واه لدينه بالذنب راقع له بالتوبة تمامه فالسعيد من مات على رقعة وفي الحديث الآخر ما من نبي إلا عصى أو هم الحديث وحديث لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم حديث صحيح

ولا يخفى أن حصول هذه الملكة في كل راو من رواة الحديث عزيز لا يكاد يتفق ومن طالع تراجم الرواة علم ذلك ثم إن الذي عرفوا العدالة بما ذكر لم نجد لهم دليلا على ما قالوه ولا تعرضوا للدليل على ذلك وحيث لا دليل لهم فالبحث لغوي يجب علينا النظر حينئذ لمعناها لغة فرجعنا إلى اللغة فوجدنا في القاموس قال العدل ضد الجور وهو في هذه الألفاظ قليل الإفادة لأنه يقول والجور نقيض العدل فيدور وفي النهاية العدل الذي لا يميل به الهوى وهو وإن كان تفسيرا للعادل فقد أفاد المراد وفي غيرها العدل الاستقامة ولأئمة التفسير في قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} أقوال قال الإمام الرازي بعد سرده الأقوال أنه عبارة عن الأمر المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط قلت هو قريب من تفسيره بالاستقامة وقد فسر الاستقامة الصحابة وهم أهل اللغة بعدم الرجوع إلى عبادة الأوثان وأنكر أبو بكر الصديق رضي الله عنه على من فسرها بعدم الإتيان بذنب وقال حملتم الأمر على أشده وفسرها أمير المؤمنين علي عليه السلام بالإتيان بالفرائض انتهى وقال تعالى في الشهود {ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} و {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} وهو كالتفسير للعدل بالمرضي والمرضي من تسكن النفس إلى خبره ويرضى به القلب ولا يضطرب ومنه {تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} وفي كلام أمير المؤمنين علي عليه السلام حدثني رجال

مرضيون وأرضاهم عمر وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فانكحوه وإذا عرفت هذا فقد قال الشافعي في العدالة قولا استحسنه كثير من العقلاء بعده قال لو كان العدل من لم يذنب لم نجد عدلا ولو كان كل ذنب لا يمنع من العدالة لم نجد مجروحا ولكن من ترك الكبائر وكانت محاسنه أكثر من مساويه فهو عدل انتهى قلت وهو قول حسن ويؤيده تفسير أهل اللغة للعدل بنقيض الجور وليس الجور عبارة عن ملكة راسخة توجب إتيان كل معصية ولا الجائر لغة من يأتي بكل معصية بل من غلب جوره على عدله وشره على خيره فالعدل حينئذ هو من قارب وسدد وكان خيره أكثر من شره ثم قد أخد الحافظ عدم البدعة في رسم العدالة وأن المبتدع ليس بعدل ولكنه بعد ذلك كما يأتي يقول بقبول خبر المبتدع الذي لا تقتضي بدعته التكفير وهو يناقض ما هنا ويأتي الكلام عليه ثم قال في تفسير ألفاظ الرسم والضبط ضبط صدر وهو أن يثبت ما سمعه بحيث يتمكن من إحضاره متى شاء وضبط كتاب وهو صيانته لديه منذ سمعه وصححه إلى أن يؤدي منه وقيد بالتام إشارة إلى المرتبة العليا في ذلك والمتصل ما سلم إسناده من سقوط فيه بحيث يكون كل من رجاله سمع ذلك المروى من شيخه والسند تقدم تعريفه والمعلل لغة ما فيه علة واصطلاحا ما فيه علة خفيه قادحة

والشاذ لغة الفرد واصطلاحا ما يخالف الراوي من هو أرجح منه وله تفسير آخر سيأتي انتهى كلام الحافظ وقوله والمروءة هي بضم الميم والراء بعدها واو ساكنة ثم همزة وقد تبدل وتدغم ولم يفسرها الحافظ وفسرها غيره فقال وهي كمال الإنسان من صدق اللسان واحتمال عثرات الإخوان وبذل الإحسان إلى أهل الزمان وكف الأذى عن الجيران وقيل المروءة التخلق بأخلاق أمثاله وأقرانه ولداته في لبسه ومشيه وحركاته وسكناته وسائر صفاته قاله الهروي وقوله وقيد بالتمام .. إلخ قيل عليه إن كان هذا هو التمام فلا تتحقق المراتب فإن من لم يكن له هذه الحيثية فهو سيء الحفظ أو ضعيفه ثم الضبط بالكتاب لا يتصور فيه تمام وقصور وبالجملة ففي التعريف تجهيل انتهى وقال السيد محمد في رسم الصحيح والصحيح من الآحاد نقل عدل تام الضبط متصل السند غير معل وعند من يقبل المرسل نقل عدل غير مغفل بصيغة الجزم دون صيغة التمريض والبلاغ انتهى قلت ذكر الحافظ خمسة شروط للصحيح ثلاثة وجودية واثنين عدمية وهي الاتصال وعدالة الراوي وهي ترجع إلى الدين وضبطه وهي ترجع إلى الحفظ والفطنة والعدميان عدم الشذوذ وعدم العلة وقيدها بكونها خفية قادحة لأن العلة الظاهرة ترجع إلى ضعف الراوي أو عدم اتصال السند وقد تقدم الاحتراز عنهما بقوله متصل السند بنقل العدل الضابط فإذا عدم أحدهما

عدما ظاهرا سمي باسمه من انقطاع أو ضعف أو نحوهما من أول وهلة فلا تكون العلة أمرا ظاهرا إلا إذا كانت مع قدحها خفية وفي كلام الحافظ في نكته على ابن الصلاح زاد أهل الحديث أي في تعريف الصحيح قيدي عدم الشذوذ والعلة لأن أحدا لا يقول أن الحديث يعمل به وإن وجدت فيه علة قادحة غايته أن بعض العلل التي ذكروها لا يعتبرها الفقهاء فهم إنما يخالفونهم في تسمية بعض العلل علة لا في أن العلة توجد ولا تقدح وأهل الحديث يشترطون في الحديث الذي اجتمعت فيه الثلاثة الأصناف مزيد تفتيش حتى يغلب أنه سالم من الشذوذ والعلة والفقهاء لا يشترطون ذلك بل متى اجتمعت الثلاثة الأوصاف سموه صحيحا ثم متى ظهر أنه شاذ ردوه قال فلا خلاف بينهما في المآل إنما الخلاف في تسميته في الحال بعد وجود الأوصاف الثلاثة والفريقان مجمعون على أن العلة القادحة متى وجدت ضرت قلت وقد قيل إن مرادهم بعدل الرواية عدل يضبط مرويه كما أن عدل الشهادة يشترط فيه مع العدالة أن يكون ضابطا لما يشهد به فالمغفل متوقف فيه رواية وشهادة وإن كان عدلا في الدين فمن يكون كثير الخطأ فاحش الغلط لا يكون عدلا في شهادة ولا رواية فالاقتصار على العدالة حينئذ كاف عن التقييد بالضبط وبهذا القيد أي قيد العدالة اكتفى الخطابي إذا عرفت هذا فلا وجه لحذف قيد الشذوذ في رسم السيد محمد فإنه قيد معتبر وإن أراد أنه حد الصحيح على اصطلاح الفقهاء فلا وجه لزيادة قيد عدم العلة ولا لحذف وصفها بأنها خفية قادحة كما قاله الحافظ كما أنه لا وجه لزيادته في رسم

وجدت فيه ثابتا وأثبتا ... لأجل هذا قدموا ما قد أتى

المرسل ووصف العدل بأنه غير مغفل فإن المغفل لا يقبل في مسند ولا مرسل ولكن قوله غير معل قد أفاد إخراج العلة القادحة الخفية لأن المعل ما فيه علة قادحة خفية ولا يكون معلا إلا إذا اشتمل على علة موصوفة بالوصفين كما قاله البقاعي وبهذا يندفع إيراد أنه لا وجه لحذف وصفها بالخفاء والقدح وقولنا وإن نظرت الوصفا أي الذي يقتضي التصحيح في القوة وهي قيود التعريف فإنها درجات بعضها فوق بعض بحسب الأمور المقوية وإلى إفادة ذلك [أتى قولنا:] (25) وجدت فيه ثابتا وأثبتا ... لأجل هذا قدموا ما قد أتى (26) عن البخاري من صحيح ألفا ... وبعده لمسلم مصنفا وجدت فيه أي في الصحيح ثابتا أي صحيحا وأثبتا أي أصح قال الحافظ إنها لما كانت الأوصاف مفيدة لغلبة الظن الذي عليه مدار الصحة اقتضت أن يكون لها درجات بعضها فوق بعض بحسب الأمور المقوية فإذا كان كذلك فما يكون راويه في الدرجة العليا من العدالة والضبط وسائر الصفات التي توجب الترجيح كان أصح مما دونه وهنا ذكر الحافظ ما قيل في أصح الأسانيد وقد نقل ذلك السيد محمد في التنقيح وأوضحناه في شرحه التوضيح فلا حاجة إلى ذكره هنا لأنه

ليس من القواعد التي يفتقر إلى معرفتها إنما هي أفراد وأمثلة كل من الأئمة قال ما رجح عنده قالوا ومن المراتب العلية ما جعلوه بعدما قيل فيه أصح الأسانيد على ما اتفق الشيخان على تخريجه بالنسبة إلى ما انفرد به أحدهما وما انفرد به البخاري بالنسبة إلى ما انفرد به مسلم لاتفاق العلماء بعدهما على تلقي كتابيهما بالقبول واختلاف بعضهم في أن أيهما أرجح فما اتفقا عليه أرجح من هذه الحيثية مما لم يتفقا عليه وقد صرح الجمهور بتقديم البخاري في الصحة ولم يوجد عن أحد التصريح بنقيضه ولا يقال إن الاختلاف في أن أيهما أرجح تصريح بالنقيض لأنا نقول كأنهم لم يصرحوا به وإنما أخذ من إطلاقاتهم وما يفهم من كلامهم ولم يكن منهم تصريح بذلك وأما ما نقل عن أبي علي النيسابوري أنه قال ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم فلم يصرح بأنه أصح من صحيح البخاري لأنه إنما نفى وجود كتاب أصح من كتاب مسلم إذ المنفي إنما هو ما تقتضيه صيغة أفعل من زيادة صحة في كتاب شارك كتاب مسلم في الصحة يمتاز بتلك الزيادة عليه ولم ينف المساواة هذا تأويل الحافظ لكلام أبي علي قلت ولا يخفى بعد تسليمه أنه آل معنى كلام أبي علي أن كتاب البخاري ومسلم سواء في أنه ليس تحت أديم السماء أصح منهما وليس هذا

محل النزاع ولا هو المطلوب بل المطلوب أن كتاب البخاري أصح من كتاب مسلم قال البقاعي إنه قد حقق السعد التفتازاني هذا البحث في شرح المقاصد بما حاصله إن هذه الصيغة تارة تستعمل على مقتضى أصل اللغة فتنتفي الزيادة فقط وتارة على مقتضى ما شاع من العرف فتنتفي المساواة فمثل قوله صلى الله عليه وسلم ما طلعت ولا غربت على أحد بعد النبيين أفضل من أبي بكر ذكره المحب الطبري في مناقب العشرة عن الدارقطني والمخلص الذهبي من حديث أبي الدرداء وإن كان ظاهره نفي أفضلية الغير لكنه إنما سيق لأفضلية المذكور والسر في ذلك أن الغالب من حال كل اثنين هو التفاضل دون التساوي فإذا نفي أفضلية أحدهما ثبت أفضلية الآخر وبمثل هذا ينحل الإشكال المشهور على قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم وغيره واللفظ له من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ذلك أو زاد عليه لأنه في معنى أن من قال ذلك فقد أتى بأفضل مما جاء به كل أحد إلا أحدا قال مثل ذلك أو زاد فالاستثناء بظاهره من النفي والتحقيق أنه من الإثبات ويصير ذلك كالحديث الذي رواه البزار من رواية جابر الجعفي عن أبي المنذر الجهني قال قلت يا نبي الله علمني أفضل الكلام قال يا أبا المنذر قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده

الخير وهو على كل شيء قدير مائة مرة فإنك يومئذ أفضل الناس عملا إلا من قال مثل ما قلت انتهى قال الحافظ فالصفات التي تدور عليها الصحة في كتاب البخاري أتم منها في كتاب مسلم وأشد وشرطه فيها أقوى وأشد أما رجحانه من حيث الاتصال فلاشتراطه أن يكون الراوي قد ثبت له لقاء من روى عنه ولو مرة واكتفى مسلم بمطلق المعاصرة وأما رجحانه من حيث العدالة والضبط فلأن الرجال الذين تكلم فيهم من رجال مسلم أكثر عدداً من الرجال الذين تكلم فيهم من رجال البخاري مع أن البخاري لم يكثر من إخراج حديثهم بل غالبهم من شيوخه الذين أخذ عنهم ومارس حديثهم بخلاف مسلم في الأمرين وأما رجحانه من حيث عدم الشذوذ والإعلال فلأن ما انتقد على البخاري من الأحاديث أقل عددا مما انتقد على مسلم هذا مع اتفاق العلماء أن البخاري كان أجل من مسلم في العلوم وأعرف بصناعة الحديث منه وأن مسلما تلميذه وخريجه ولم يزل يستفيد منه ويتبع آثاره حتى لقد كان يقول الدارقطني لولا البخاري لما راح مسلم ولا جاء انتهى وقد بينا في شرح التنقيح ما في كلام الحافظ وشرحناه مفصلا فهذه الوجوه التي بها قدم صحيح البخاري ثم بعده مسلم لمشاركته للبخاري في تلقي العلماء كتابه بالقبول أيضا إلا ما علل قالوا ثم يقدم ما وافقه شرطهما قال الحافظ لأن المراد به أي

شرطهما رواتهما مع ما في شروط الصحيح ورواتهما قد حصل الاتفاق على القول بتعديلهم بطريق اللزوم فهم مقدمون على غيرهم في رواياتهم وهذا أصل لا يخرج عنه إلا بدليل فإن كان الخبر على شرطهما معا كان دون ما أخرجه مسلم كذا قال قيل عليه الذي يقتضيه النظر أنه إذا كان على شرطهما وليس له علة مقدم على ما أخرجه مسلم وحده لأن قوة الحديث إنما هي النظر إلى رجاله لا بالنظر إلى كونه في كتاب كذا قلت بل ويقتضي أنه مقدم على ما أخرجه البخاري أيضا وحده لأنه لما كان الخبر على شروطهما معا صار كالمتفق عليه عندهما وهو مقدم على ما انفرد به واحد منهما إلا أنه قال البقاعي إنما تأخر ما هو على شرطهما عما أخرجه أحدهما لأن الذي أخرجه أحدهما تلقته الأمة بالقبول بخلاف ما كان على شرطهما ولم يخرجاه واعلم أن الحافظ جزم هنا أن شرط الشيخين رواتهما وقد اختلف أئمة الحديث في شرطهما لأنهما لم يذكرا شرطا قال النووي إنه ليس لهما شرط في كتابيهما ولا في غيرهما قلت إنما العلماء الباحثون تتبعوا ما فيهما حتى تحصل لكل ناظر ما عده شرطا واختلفوا في ذلك اختلافا كثيرا قد بسطناه وما يرد عليه في شرحنا على تنقيح الأنظار مالم يسبق به النظار وقررنا أنه إذا لم يعرف شرطهما إلا بالتخمين والتنحيت فالأحوط للورع أن يتوقف

ويمسك عن الجزم بوصف حديث لم يخرجاه في كتابيهما بأنه على شرطهما لأن شرطهما غير معلوم جزما فكيف يجزم بوصف حديث بذلك ويصححه مع الشك فيما يوجبه ويتفرع عنه تصحيحه والشك لا يتفرع عنه يقين وأحسن ما يحمل عليه من قال في حديث لم يخرجاه أنه على شرطهما أي في ظنه أن لهما شرطا وأنه ما ظنه فكيف يقال إنه يستحق التقديم ما وصف بأنه على شرطهما فإنه إن كان تقديمه بالنسبة إلى الظان من المجتهدين بأنه شرطهما فهو مخاطب بظنه ومأمور بالعمل به ما لم يجد رتبة أرفع من الظن وإن كان بالنسبة إلى غيره من المقلدين أو المجتهدين فلا يلزمهم ظن غيرهم ولا يجوز العمل به والحافظ وغيره يسوقون هذا أي تقديم ماهو على شرطهما مساق التقيد كما يسوقون تقديم ما اتفقا عليه أو ما انفرد به البخاري ثم مسلم لكن هذا قد ذكروا دليله وهو تلقي الأمة بالقبول على ما فيه مما أسلفناه آنفا بخلاف ما هو على شرطهما فإنهم لم يتفقوا على شرط لهما ولا صرحا هما بأن لهما شرطا وكلام السيد محمد في مختصره مثل كلام الحافظ فإنه قال ثم شرطهما عملا بالغالب عند الجهل انتهى فاستدل لما قاله من تقديم ما هو على شرطهما بعدهما بأنه عمل بالغالب كأنه يقول فإن غالب شرطهما الصحة لكنا نقول نعم لو علم لكنه في حيز الدعوى عليهما أولا ثم في حيز الجهالة ثانيا كما عرفت فتحصل كما قال الحافظ ستة أقسام ما اتفقا عليه ما أخرجه البخاري ما أخرجه مسلم ما كان على شرطهما معا على شرط البخاري وحده على شرط مسلم وحده إلا أنه قد أورد على هذا أقسام زائدة على ما عده هي من الصحيح الأول المتواتر فيكون أعلى الأقسام وأجيب بأنه لا يرد لأنه لا يشترط فيه عدالة الراوي والكلام في الصحيح الذي سبق تعريفه

الثاني المشهور الذي فقد فيه بعض شروط التواتر الثالث ما اتفق عليه الستة قال الحافظ ولا يرد منهما إلا المشهور وأنا متوقف في رتبته هل هي قبل ما اتفقا عليه أو بعده وأما ما أخرجه الستة فلا يرد فإنه قسم لا قسيم إذ قد اندرج تحت ما أخرجاه وقد تعقب البقاعي كلام شيخه الحافظ بما فيه طول. [تنبيه] قال ابن الهمام الحنفي في شرح الهداية وقول من قال أصح الأحاديث ما في الصحيحين ثم ما انفرد به البخاري ثم ما انفرد به مسلم ثم ما اشتمل على شرطهما تحكم لا يجوز التقليد فيه إذ الأصحية ليست إلا لاشتمال رواتهما على الشروط التي اعتبراها فإذا فرض وجود تلك الشروط في رواة حديث في غير الصحيحين الكتابين أفلا يكون الحكم بأصحية ما في الكتابين عين التحكم ثم حكمهما أو أحدهما بأن الراوي يجمع تلك الشروط مما لا يقطع فيه بمطابقة الواقع فيجوز كون الواقع خلافه وقد أخرج مسلم عن كثير في كتابه ممن لم يسلم من غوائل الجرح وكذا في البخاري جماعة تكلم فيهم فمدار الأمر في الرواة على اجتهاد العلماء فيهم وكذا في الشروط حتى أن من اعتبر شرطا وألغاه آخر يكون ما رواه الآخر مما ليس فيه الشرط مكافيا بمعارضته الذي اشتمل على ذلك الشرط وكذا فيمن ضعف راويا ووثقه الآخر نعم تسكن نفس غير المجتهد ومن لم يجد أمرا بنفسه إلى ما أجمع عليه الأكثر أما المجتهد فلا يرجع إلا إلى رأي نفسه فإذا صح في غير الكتابين عارض ما في الكتابين انتهى قلت وهنا يذكرون عدة أحاديث البخاري قال الحافظ في

مقدمة شرح البخاري إنه عده بنفسه فبلغت أحاديثه بالمكرر سوى المعلقات والمتابعات سبعة آلاف وثلاثمائة وسبعة وتسعين حديثا وبلغ ما فيه من التعاليق ألفا وثلاثمائة وإحدى وأربعين حديثا فجميع ما في الكتاب على هذا بالمكرر تسعة آلاف واثنان وثمانون حديثا وهذه العدة خارجة عن الموقوفات على الصحابة والمقطوعات على التابعين فمن بعدهم وبلغت أحاديثه بلا تكرار ألفين وخمسمائة وثلاثة وعشرين نقل هذا البقاعي إلا أنه قال إنه راجع نسخته من المقدمة وقد قرأها على الحافظ فوجدها بلفظ فجميع مافي صحيح البخاري من المتون الموصولة بلا تكرير على التحرير ألف حديث وستمائة حديث وحديثان ومن المتون المعلقة المرفوعة التي لم يوصلها في موضع آخر من الجامع المذكور مائة وتسعة وخمسون حديثا فجميع ذلك ألفا حديث وسبعمائة حديث وأحد وستون حديثا قال الحافظ في النكت ذكر النووي عدة أحاديث مسلم فقال إن عدة أحاديثه نحو أربعة آلاف بإسقاط المكرر ولم يذكر عدته بالمكرر وهو يزيد على عدة كتاب البخاري لكثرة طرقه وقد رأيت عن أبي الفضل أحمد بن سلمة أنه اثنا عشر ألف حديث قال البقاعي ومما نقل عن خطة شيخنا أن الجوزقي قال إن عدة الأحاديث التي اتفق الشيخان عليها ألفا حديث ومائتا حديث وذكر نحو هذا القاضي أبو بكر بن العربي فقال أحاديث الأحكام التي اشتمل عليهما الصحيحان نحو ألفا حديث انتهى قلت إلا أنه خصها بأحاديث الأحكام والأول بالمتفق عليه

مسألة القسم الثاني الحسن

[مسألة القسم الثاني الحسن:] أشار إليه قولنا: (27) وبعد ذا شرطهما وإن من ... يخف ضبطا فالذي يروي الحسن (28) لذاته وقد يصح إن أتت ... طرق له بكثرة تعددت قد عرفت معنى قوله وبعد ذا شرطهما وهو شامل لثلاثة أقسام من الصحيح وإن لم يفصله النظم فالسياق قد أفهم المراد قال الحافظ خف ضبطه أي قل يقال خف القوم خفوفا قلوا والمراد مع بقية الشروط المتقدمة في حد الصحيح يريد من اتصال السند والعدالة وعدم الشذوذ والعلة فهذا هو الحسن لذاته لا لشيء خارج وهو الذي يكون حسنه بحسب الاعتضاد نحو حديث المستور إذا تعددت يريد الراوي الذي لم تحقق عدالته ولا جرحه قال السخاوي المستور من لم ينقل فيه جرح ولا تعديل وكذا إذا نقلا ولم يترجح أحدهما قال ويخرج باشتراط باقي الأوصاف الضعيف وهذا القسم من الحسن مشارك للصحيح في الاحتجاج به ومشابه له في انقسامه إلى مراتب بعضها فوق بعض انتهى كلام الحافظ وأقول اعلم أن أقوال الأئمة قد اختلفت في الحديث الحسن فقال الخطابي هو ما عرف مخرجه واشتهر رجاله وعليه مدار أكثر الحديث وهو الذي يقبله أكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء قال الترمذي ما ذكرنا في هذا الكتاب يعني كتاب السنن حديثا حسنا فإنما أردنا حسن إسناده وهو كل حديث يروى ولا يكون في

إسناده من يتهم بالكذب ولا يكون الحديث شاذا ويروى من غير وجه نحو ذلك فهو عندنا حديث حسن انتهى وقد اعترض القولان وأوضحنا في شرح التنقيح ما قيل في ذلك وما رد به عليه قال ابن الصلاح وقد أمنعت النظر في ذلك جامعا بين أطراف كلامهم فاتضح لي أن الحسن قسمان أحدهما لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته على أنه ليس مغفلا كثير الخطأ ولا متهما بالكذب في الحديث ولا بفسق ويكون متن الحديث قد عرف بمتابع أو شاهد فيخرج عن كونه شاذا أو منكرا وكلام الترمذي على هذا يتنزل الثاني أن يكون رواته من المشهورين بالصدق والأمانة لكن لا يبلغ درجة الصحيح لكونهم أنقص منهم في الحفظ والإتقان مع سلامة الحديث وهو مع ذلك يرتفع عمن يعد ما ينفرد به منكرا ويعتبر في كل هذا مع سلامة الحديث من الشذوذ والنكارة سلامته من أن يكون معللا وعلى هذا يتنزل كلام الخطابي انتهى قلت والسيد محمد جمع تعريف الحافظ مع زيادة بعض قيود ابن الصلاح فقال في مختصره فإن خف الضبط وكان من جنسه تابع أو شاهد فالحسن انتهى ولم يقل لذاته هذا ولا يخفى أن خفة الضبط أمر فيه جهالة فهو رسم لمجهول ثم قال السيد وأدلة قبول الآحاد تشمله وإن انفرد أي خفيف الضبط عند الأصوليين خلافا للبخاري وإن توبع قوله تشمله أي لكونه مظنون العدالة مظنون الصدق

وقوله وإن انفرد أي فإنه يعمل به عند أهل الأصول لكونه خبرا آحاديا قد قام الدليل على قبوله وخالف البخاري فقال لا يعمل به في التحليل والتحريم وإن وجد له متابع والحاصل أن كلام العلماء مضطرب في رسم الحسن ولا سلم رسم من الاعتراض حتى قيل لا يطمع بأن للحسن قاعدة تندرج كل الأحاديث الحسان تحتها فإنا على إياس من ذلك قاله الذهبي نقله عنه ابن ناصر الدين ثم قال وما أحسن ما قال شيخنا شيخ الإسلام البلقيني نوع الحسن لما توسط بين الصحيح والضعيف عند الناظر كان شيئا ينقدح في نفس الحافظ قد تقصر عبارته عنه كما قيل في الاستحسان فلذلك صعب تعريفه وقوله وقد يصح إلى آخره قال الحافظ وإنما يحكم له بالصحة عند تعدد الطرق لأن للصورة المجموعة قوة تجبر القدر الذي يضر به ضبط راوي الحسن عن راوي الصحيح وقال السيد محمد وبكثرة طرقه يصح اجتهادا وإنما قيده بالاجتهاد لأن المجتهد هو الذي يتمكن من معرفة الطرق ويرتقي عنده إلى رتبة الصحيح والحسن كما قال ابن ناصر الدين نوع متجاذب بين الصحة والضعف قال وقد أدرجه جماعة في قسم الصحيح لأنه إن قوي ارتفع إلى الصحة كسماك عن عكرمة عن ابن عباس وهو أدنى مراتب الصحيح وإن لم يقو ينحط عن مرتبة الصحيح ويرتفع عن الضعف كبهز عن أبيه عن جده وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ومحمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة ومحمد بن إسحاق عن جده إبراهيم التيمي عن أشياخه ونحو ذلك ودونه في المرتبة أحاديث الحارث الأعور وعاصم بن ضمرة وحجاج بن أرطاة وحصيف وأمثالهم فبعضهم يحسنها وآخرون يضعفونها انتهى

وإن ترى الراوي له قد جمعا ... في الوصف بالصحة والحسن معا

(29) وإن ترى الراوي له قد جمعا ... في الوصف بالصحة والحسن معاً لما وقع للحافظ الترمذي وصف كثير من الأحاديث بالصحة والحسن معا مع أنهما متغايران رسما وقد يزيد الوصف بالغرابة تكلم العلماء في توجيه ذلك قال الحافظ في النخبة فإن جمعا فللتردد كما أفاده قولنا (30) فإنه عند انفراد من روى ... تردد العالم في هذا وذا أي أنه تردد المجتهد في الراوي هل اجتمعت فيه شروط الصحة أو قصر عنها وهذا حيث يحصل منه التفرد يتلك الرواية قال الحافظ وعرف بهذا جواب من استشكل الجمع بين الوصفين فقال الحسن قاصر عن الصحيح ففي الجمع بين الوصفين إثبات لذلك القصور ونفيه ومحصل الجواب أن تردد أئمة الحديث في حال ناقله اقتضى للمجتهد أن لا يصفه بأحد الوصفين فيقال فيه حسن باعتبار وصفه عند قوم صحيح باعتبار وصفه عند قوم غاية ما فيه أنه حذف منه حرف التردد لأن حقه أن يقول حسن أو صحيح وعلى هذا فما قيل فيه حسن صحيح دون ما قيل فيه صحيح لأن الجزم أقوى من التردد وهذا حيث حصل التفرد فإن لم يحصل التفرد بل حصل التعدد وأطلق الوصفين معا على الحديث فقد أفاد جوابه قولنا (31) ما لم يكن فوصفه بذين ... كان اعتبار منه لاسنادين ما لم يكن أي يوجد التفرد بل حصل التعدد في الرواة ووصف بالأمرين فإنه وصف بهما اعتباراً للاسنادين فإن أحدهما صحيح والآخر حسن وعلى هذا فما قيل فيه حسن صحيح فوق ما قيل فيه صحيح فقط إذا كان فردا لأن كثرة الطرق تقوي ولكنه لما كان

الترمذي هو الذي يجمع بين الوصفين لا يتم هذا الجواب الآخر على رأيه إذ مبناه على تعدد الطرق والحال أنه قد يصرح الترمذي نفسه بأنها غير متعددة بل ويضيف إلى تفرد الراوي وصف الحديث بالغرابة فيقول حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه فكيف يتم هذا التوجيه الآخر قلنا قال الحافظ فإن قيل قد صرح الترمذي بان شرط الحسن أن يروى من غير وجه فكيف يقول في بعض الأحاديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه فالجواب أن الترمذي لم يعرف الحسن مطلقا وإنما عرفه بنوع خاص منه وقع في كتابه وهو ما يقول فيه حسن من غير صفة أخرى وذلك أنه يقول في بعض الأحاديث حسن وفي بعضها صحيح وفي بعضها غريب وفي بعضها حسن صحيح وفي بعضها حسن غريب وفي بعضها صحيح غريب وفي بعضها حسن صحيح غريب وتعريفه إنما وقع على الأول فقط وعبارته ترشد إلى ذلك حيث قال في أواخر كتابه وما قلنا في كتابنا حديث حسن فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا لأن كل حديث يروى لا يكون راويه متهما بالكذب ويروى من غير وجه نحو ذلك ولا يكون شاذا فهو عندنا حديث حسن فعرف بهذا أنه إنما عرف الذي يقول فيه حسن فقط أما ما يقول فيه حسن صحيح أو حسن غريب أو حسن صحيح غريب فلم يعرج على تعريفه كما لم يعرج على تعريف ما يقول فيه صحيح فقط أو غريب فقط وكأنه ترك ذلك استغناء بشهرته عند أهل الفن واقتصر على تعريف ما يقول فيه في كتابه حسن فقط إما لغموضه وإما لأنه اصطلاح جديد ولذلك قيده بقوله عندنا ولم ينسبه إلى أهل الحديث كما فعل الخطابي وبهذا التقرير يندفع كثير من الإيرادات التي طال البحث فيها ولم يسفر وجه توجيهها فلله الحمد على ما ألهم وعلم انتهى وهو كلام حسن

إذا تم أنه لا يقول الترمذي لا نعرفه إلا من هذا الوجه إلا فيما وصفه بأي صفة من صحيح أو غريب أو حسن مع أيهما أو معهما وهذا يفتقر إلى تتبع الترمذي في أبواب سننه وحديثهما هذا وقال السيد محمد فإن وصف الحديث بالصحة والحسن معا فأقول يريد أقوالا لأئمة الحديث في توجيه ذلك ثم ذكرها فقال أحدها باعتبار إسنادين قلت هو الجواب الثاني للحافظ وثانيها أن يكون باعتبار اللغة يشير إلى جواب ابن الصلاح عن الإشكال فإنه قال غير مستنكر أن يراد بالحسن معناه اللغوي دون الاصطلاحي ولما أورد على هذا الجواب أنه يلزم عليه الحديث الموضوع إذا كان حسن اللفظ دفعه بقوله هذا الإلزام عجيب فإن ابن الصلاح إنما فرض المسألة حيث يقول القائل حسن صحيح فحكمه بالصحة يمنع معه أن يكون موضوعا وأجاب السيد محمد في التنقيح عن إشكال الجمع بين الوصفين بقوله ويمكن أن الترمذي يريد صحيح الإسناد حسن الاحتجاج به فلا يرد الموضوع لأنع لا يحسن الاحتجاج به قلت الإيراد للشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد على من قال إنه يريد الحسن اللغوي فالجواب بأنه يمكن أنه أراد الترمذي حسن الاحتجاج خروج عن محل الإيراد ولأنه إذ قد وصفه بالصحة علم حسن الاحتجاج به فلا حاجة إلى التصريح به وثالثها أي الأقوال إنه يريد العرف وهو أن يكون أراد صحيح الإسناد والمتن حسنهما ويدخل الحسن تحت الصحيح دخول النوع تحت الجنس كالإنسان تحت الحيوان جعلناه ثالث الأقوال التي أشار إليها السيد وإن كان لم يصرح بأنه الثالث بل عطفه على اللغة عطف النسق لكن لا يخفى أن معناه العرفي غير معناه اللغوي فهو قسيم له لا أنه هو ولا قسم منه وقد حققنا ما أشار إليه وبحثنا في هذا في شرح التنقيح وقال ابن العربي في شرحه

على الترمذي لما قال في أول حديث حسن صحيح قال ونحن نبين معنى قوله هذا زائدا على بيانه أما قوله صحيح فإن الصحيح من الأحاديث له عشر مراتب أولها صحيح مطلق وهو الذي لا خلاف فيه ولا كلام عليه وهو قليل جدا عزيز في الباب الثاني صحيح بنقل عدل واحد الثالث صحيح شاذ بغير شواهد والقسم الثاني ينقسم إلى قسمين نقل عدل واحد عن الصحابي أو نقل عدل واحد عن التابعي ويدخل عليهما ثالث وهو حديث تفرد به واحد من الأئمة فهذه خمسة أقسام ذكر جميعها أبو عيسى واقتصر الجعفي يريد البخاري والقشيري يريد مسلما على الأربعة دون الشاذ السادس المراسيل ذكر الإمامان منها شيئا يسيرا وأهل الحديث ينكرونها والصحيح قبولها على وجه بيناه في أصول الفقه السابع الحديث المدلس اتفق أهل العلم على ذكره والعمل به والتدليس على أقسام لا نطول بذكرها منها حديث يرويه راو عن أحد قد لقيه لم يسمعه منه لكن لا يقول حدثنا فلان إنما يقول عن فلان أو قال فلان الثامن صحيح خولف راويه فيه وفي كل كتاب جملة منها التاسع حديث مبتدع لا يدعو إلى بدعته وفي الصحيح منه جملة في الشواهد ونادر في الأصول لا سيما في غير الأحكام العاشر حديث فيه راو صدوق غير حافظ وليس يصحح أبو عيسى مثله وفي الصحيح مثله في الشواهد وأما قوله حسن فإن بعض أهل العلم قال الحسن ما عرف مخرجه واشتهر رجاله كحديث البصريين عن قتادة والكوفيين عن أبي إسحاق السبيعي والمدنيين عن ابن شهاب والمكيين عن عطاء وعليه مدار الحديث وقد أكثر منه أبو داود وأبو عيسى وقال أبو عيسى في آخر

كتابه أردت بقولي حسن من لا يكون في سنده متهم بالكذب ولا يكون شاذا ويروى من غير وجه وأما قولي غريب فمعناه أن لا يروى إلا من طريق واحد وقد يروى من طريق فيستغرب إذا جاء من طريق منفردة غيرها انتهى كلام ابن العربي وقد توسع في مسمى الصحيح وكأنه اصطلاح للمالكية وزاد السيد محمد فإن وصف بالغرابة والحسن فباعتبار انقسام رجال الإسناد ومثل أن يكون إسناد الحديث إلى أحد الحفاظ حسنا عن غير واحد لكن ذلك الحافظ تفرد به فهو عنه حسن غير غريب ومنه إلى فوق صحيح غريب انتهى واعلم أنا قد قدمنا الدليل على العمل بالحديث الحسن إنما وقع البحث في الحسن الذي يحكم عليه الترمذي بالحسن بل وما حكم عليه بالصحة وقد أورده السيد محمد سؤالا في التنقيح فقال فإن قيل هل يجوز العمل بما حكم الترمذي بتحسينه وبتصحيحه فإن ابن حزم قد زعم أنه مجهول وإن الحفاظ قد يعترضونه في بعض ما يحسنه أو يصححه ثم ذكر بعض ما بنكر من تصحيحه ثم قال قلنا قد قال الذهبي في ترجمة الترمذي في الميزان أنه حافظ علم ثقة مجمع عليه ولا التفات إلى قول أبي محمد ابن حزم إنه مجهول فإنه ما عرفه ولا درى بوجود الجامع ولا العلل التي له انتهى كلامه وفيه ما يدل على جواز الاعتماد على تحسين الترمذي وتصحيحه لانعقاد الإجماع على ثقته وحفظه في الجملة ولكنه لما ندر منه الغلط الفاحش استحسنوا اجتناب ما صحح أو حسن انتهى إلا أنه نقل السيد محمد عن الذهبي قبيل هذا أنه قال لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي ذكره في ترجمة كثير بن عبدالله فقال السيد محمد مراد الذهبي أنهم لا يعتمدون عليه في تصحيحه لحديث كثير بن

مسألة في زيادة العدل

عبدالله بخصوصه لا بكل ما صححه قال وهوخطأ نادر والعصمة مرتفعة من الأئمة الحفاظ والعلماء ثم أطال في ذكر عذر الترمذي في تصحيحه لحديث كثير وقرر العمل بما صححه أو حسنه وقد أوضحناه في شرح التنقيح. ... [مسألة في زيادة العدل:] (32) وإن أتت زيادة للرواية ... فإنها تقبل لا المنافيه (33) لأوثق منه ومهما خولفا ... بأرجح فسمه معرفا قال الحافظ وزيادة راوي أيهما أي الصحيح والحسن مقبولة ما لم تقع منافية لرواية من هو أوثق منه ممن لم يذكر هذه الزيادة فقوله زيادة أي في الصحيح والحسن إذ الكلام فيهما فهو غني عن التقييد بهما مع أن التعريف في الرواية دال عليه إذ المراد به رواية الصحيح والحسن وقولنا للراويه صيغة دالة على أنه الذي عرف بالرواية وشهرتها بين الأئمة وهو العدل لأنه لا يتصف الحديث بأيهما إلا حديث العدل وقيدنا قبولها بعدم المنافاة لرواية من هو أوثق من لأن الزيادة إما أن تكون لا تنافي بينهما وبين رواية من لم يذكرها فهذه تقبل مطلقا لأنها في حكم الحديث المستقل الذي تفرد به الثقة ولا يرويه غيره وإما أن تكون منافية بحيث يلزم من قبولها رد الرواية الأخرى فهذه هي التي يقع الترجيح بينها وبين معارضها فيقبل الراجح ويرد المرجوح

واشتهر عن جمع من العلماء القول بقبول الزيادة مطلقا من غير تفصيل ولا يتأتى ذلك على طريق المحدثين الذين يشترطون في الصحيح أن لا يكون شاذا ثم يفسرون الشذوذ بمخالفة الثقة من هو أوثق منه والعجب ممن أغفل ذلك مع اشتراطهم لانتفاء الشذوذ في حد الحديث الصحيح وكذا الحسن والمنقول عن أئمة الحديث المتقدمين وعد جماعة منهم ثم قال وغيرهم اعتبار الترجيح فيما يتعلق بالزيادة وغيرها ولا يعرف عن أحد منهم إطلاق قبول الزيادة انتهى وزاد السيد محمد قيدا أو جعله على قيد الحافظ وهو عدم منافاتها رواية من هو أوثق يعني وإن لم تناف رواية الأوثق فإنها ترد للعلة وكأن الحافظ لم يذكر هذا القيد للعلم به لاستفادته من السياق فإن الكلام في زيادة العدل في روايته حديثا صحيحا أو حسنا وقد عرف من تعريفهما عدم العلة فالزيادة المعلولة لا تتصف بما اتصف به المزيد عليه وكلامنا في زيادة بصفتها ليصح اسمها زيادة وإلا فهي حديث منفرد مستقل واعلم أن لأهل أصول الفقه كلاما في الزيادة فإن صادمت ما رواه الثقات بحيث يتعذر الجمع بينهما فإنها ترد وأما لا تصادم فينظر فإن تعدد المجلس فإنها تقبل اتفاقا لاحتمال أنه صلى الله عليه وسلم قد ذكر الزيادة في أحد المجلسين دون الآخر وإن اتحد فإن كان غير راوي الزيادة من الرواة في الكثرة بحيث لا يتصور غفلة مثلهم عن مثل تلك الزيادة لم تقبل وإن كانوا ممن يجوز عليهم الذهول والغفلة عن مثلها فالجمهور من المحدثين وأهل الأصول والفقهاء أنها مقبولة وذهب بعض المحدثين وأحمد بن حنبل في رواية عنه إلى أنها لا تقبل احتج الأولون بأن راوي الزيادة عدل جازم بالرواية في حكم ظني فوجب قبولها وسكوت غيره عن نقل ما نقله لا يمنع قبوله ولا يقدح في روايته لجواز الغفلة عن سماعها أي غفلة من

بلفظه المحفوظ والمقابلا ... بالشاذ والمحفوظ أن يقابلا

لم يروها وثمة تفاصيل في الزيادة في أصول الفقه هذا وقولنا ومهما خولفا إلى قولنا مسألة المحفوظ والشاذ (34) بلفظه المحفوظ والمقابلا ... بالشاذ والمحفوظ أن يقابلا فإنه يتعلق بقولنا فسمه وهو إشارة إلى تقسيم آخر للخبر الآحادي إلى محفوظ وغيره قال الحافظ فإن خولف أي الراوي بأرجح منه بمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات فالراجح يقال له المحفوظ أي يسمى به لأن الغالب أنه حفظ عن الخطأ وقولنا ومهما خولفا بأرجح فسمه معرفا أي حال كونك بالتسمية معرفا له بها وقولنا والمقابلا عطف على ضمير سمه أي سم ما قابله وهو المرجوح بالشاذ أي سمه شاذا في عرف أئمة الحديث فالشاذ ما رواه المقبول مخالفا لمن هو أولى منه لأنه بعد عن رواية بقية الرواة وبعد عن أسباب الترجيح قال الحافظ مثاله ما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من طريق ابن عيينه عن عمرو بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس أن رجلا توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدع وارثا إلا مولى هو أعتقه الحديث قلت تمامه فجعل صلى الله عليه وسلم ميراثه له وتابع ابن عيينه على وصله ابن جريح وغيره وخالفهم حماد بن زيد فرواه عن عمرو بن دينار عن عوسجة ولم يذكر ابن عباس

قال أبو حاتم المحفوظ حديث ابن عيينه انتهى فحماد بن زيد من أهل العدالة والضبط ومع ذلك رجح أبو حاتم رواية من هم أكثر عددا منه وعرف بهذا التقرير أن الشاذ ما رواه المقبول مخالفا لمن هو أولى منه وهذا هو المعتمد في تعريف الشاذ بحسب الاصطلاح انتهى وفي التنقيح نقل كلام الناس في الشاذ ثم قال آخره إن ابن الصلاح قال إن الأمر فيه أي الشاذ على تفصيل نبينه فنقول إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه فإن كان مخالفا لما رواه من هو أحفظ منه لذلك وأضبط كان ما تفرد به شاذا مردودا وإن لم يكن فيه مخالفا لما رواه غيره فينظر في هذا المنفرد فإن كان عدلا ضابطا معتدا بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به ولم يقدح الانفراد فيه وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده به خارما له مرجوحا مزحزحا له عن مرتبة الصحيح ثم هو بعد ذلك دائر بين مراتب متفاوتة بحسب الحال فيه فإن كان المتفرد به غير بعيد من درجة الحافظ المتقن المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك ولم نحطه إلى قبيل الضعيف وإن كان بعيدا من ذلك رددنا ما انفرد به وكان من قبيل الشاذ قال فخرج من ذلك أن الشاذ المردود قسمان أحدهما الفرد المخالف والثاني الفرد الذي ليس في روايه من الثقة والضبط ما يقع جابرا لما يوجب الشذوذ وقال ابن الصلاح أيضا وإطلاق الحكم على التفرد بالرد والنكارة والشذوذ موجود في كلام كثير من أهل الحديث والصواب فيه التفصيل الذي بيناه قال السيد محمد فثبت بهذا أن قدح أهل الحديث بالشذوذ والنكارة مشكل وأكثره ضعيف إلا ما يتبين فيه سبب النكارة والشذوذ انتهى ثم ذكر موقع ذلك من المحدثين وقد زدناه إيضاحا في التوضيح شرحنا على التنقيح إذا

مسألة المنكر

عرفت هذا فكلامنا في المقابل للمحفوظ مع كونه أي المقابل من رواية المقبول وسيناه شاذا وأما إذا كان راوي المقابل غير مقبول بل ضعيفا لسوء حفظه أو جهالته أو نحوهما فقد ألم به قولنا والمحفوظ أن يقابلا. ... [مسألة المنكر:] (35) ما ضعفوا فذلك المعروف ... قابله المنكر والضعيف قال الحافظ ومع الضعف فالراجح يقال له المعروف أي لكونه معروفا عندهم وهو الذي سموه محفوظا لما قابله الشاذ ومقابله يقال له المنكر لأنهم أنكروه قال السخاوي فالمنكر ما رواه الضعيف مخالفا قال الحافظ مثاله أي المنكر ما رواه ابن أبي حاتم من طريق حبيب بن حبيب قلت الأول بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة وتشديد التحتية مكسورة والثاني بفتح فكسر وهو أخو حمزة بن حبيب الزيات المقري عن أبي إسحاق عن العيزار قلت بفتح العين المهملة وسكون التحتية وألف بين زاي وراء بن حريث بضم المهملة وراء مفتوحة وياء ساكنة بعدها مثلثة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أقام الصلاة وآتى الزكاة وحج وصام وقرا الضيف دخل الجنة قال أبو حاتم هو منكر لأن غيره من الثقات رواه عن أبي إسحاق موقوفا أي عن ابن عباس وقد رواه حبيب مرفوعا وهو أي الوقف المعروف

قال الحافظ وعرف بهذا أن بين الشاذ والمنكر عموما وخصوصا من وجه لأن بينهما اجتماعا في اشتراط المخالفة وافتراقا في أن الشاذ راويه ثقة أو صدوق والمنكر راويه ضعيف وقد غفل من سوى بينهما انتهى قلت اعترض بعض تلاميذ الحافظ هذا وقالوا بينهما التباين الكلي ونقل عن الحافظ أنه قال مراده بذلك ما فسره به وهو أن بينهما اجتماعا وافتراقا قال فشرط العموم والخصوص موجود هنا وهو وجود مادة يصدق فيها كل منهما لأن لنا راويا واحدا يكون حديثه شاذا ومنكرا شاذ باعتبار أنه صدوق ومنكر باعتبار أنه سيء الحفظ أو مغفل أو فاحش الغلط أو مبتدع فهو ضعيف بهذه الاعتبارات إذ كل واحد من هذه الأوصاف يضعف بها الراوي ولا ينافي أن يكون صدوقا انتهى وهذا الذي سوى بينهما هو ابن الصلاح وقولنا والضعيف زيادة بيان أن المنكر ضعيف لا أنه سماه في النخبة هنا ضعيفا واعلم أنه زاد السيد محمد بعد ذكر هذين القسمين قوله والمساوي منهما أي في الروايتين أي إذا تساوت الروايتان ولم يترجح إحداهما على الأخرى في المتن أو في السند فهو المضطرب وأمثلته معروفة وعبارة السيد بلفظ والمساوي منهما المضطرب فمزجناها بتفسيرها

مسألة المتابع والشاهد

[مسألة المتابع والشاهد:] (36) والفرد نسبيا إذا ما وافقه ... سواه سمي عندهم ما رافقه (37) متابعا بوزن لفظ الواحد ... والمتن ما شابهه بالشاهد هذا عود إلى بيان حال ما تقدم من الفرد النسبي أنه إن وجد بعد ظن كونه فردا قد وافقه غيره فهو المتابع بكسر الموحدة كما قلنا بلفظ الواحد وقدمنا لك عبارة السيد محمد أن الفرد النسبي إن وافقه غيره فهو المتابع كما هنا هذا والمتابعة على مراتب إن حصلت للراوي نفسه أي دون شيخه فهي التامة وإن حصلت لشيخه أي دون الراوي نفسه فمن فوقه فهي القاصرة ويستفاد منها أي تامة كانت أو قاصرة التقوية مثال المتابعة أي الشاملة للتامة والقاصرة ما رواه الشافعي في الأم عن مالك عن عبدالله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين فهذا الحديث بهذا اللفظ ظن قوم أن الشافعي تفرد به عن مالك فعدوه في غرائبه لأن أصحاب مالك رووه عنه بهذا الإسناد بلفظ فإن غم عليكم فاقدروا له لكن وجدنا للشافعي متابعا وهو

عبدالله بن مسلمة القعنبي كذلك أخرجه البخاري عنه عن مالك وهذه متابعة تامة ووجدنا له أيضا متابعة قاصرة في صحيح ابن خزيمة من رواية عاصم بن محمد عن أبيه محمد بن زيد عن جده عبدالله بن عمر بلفظ فكملوا ثلاثين وفي صحيح مسلم من رواية عبدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر بلفظ فاقدروا ثلاثين ولا اقتصار في هذه المتابعة سواء كانت تامة أو قاصرة على اللفظ بل لو جاءت بالمعنى لكفى لكنها مختصة بكونها من رواية ذلك الصحابي أي فلا يقال إنها تفاوتت هنا الألفاظ ففي الأولى منهما فكملوا ثلاثين بدل قوله فأكملوا العدة ثلاثين وفي الثانية منهما فاقدروا ثلاثين بدله والعبرة بالمعنى كما عرفت وقولنا والمتن ما شابهه بالشاهد عطف على قوله ما وافقه أي وسمي عندهم المتن الذي يشابه متن الفرد النسبي بالشاهد كما قال الحافظ فإن وجد متن يروى من حديث صحابي آخر يشبهه في اللفظ والمعنى أو في المعنى فقط فهو الشاهد ومثاله في الحديث الذي قدمناه ما رواه النسائي من رواية محمد بن حنين عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثل حديث عبدالله بن دينار عن ابن عمر سواء فهذا باللفظ وأما بالمعنى فمثل ما رواه البخاري من رواية محمد بن زياد عن أبي هريرة بلفظ فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين وخص قوم المتابعة بما حصل باللفظ سواء كان من رواية ذلك الصحابي أم لا والشاهد بما حصل بالمعنى كذلك وقد تطلق المتابعة على الشاهد وبالعكس والأمر فيه سهل انتهى

مسألة الاعتبار

[مسألة الاعتبار:] قولنا: (38) تتبع الطرق لذين يدعى ... بالاعتبار نلت منه نفعا إشارة إلى الاعتبار فإنه عبارة عن تتبع طرق الحديث من الجوامع وهي الكتب التي جمع فيها الأحاديث على ترتيب كتب الفقه كالكتب الستة أو ترتيب الحروف الهجائية ومن المسانيد وهي الكتب التي جمع فيها مسند كل صحابي على حدة على اختلاف في مراتب الصحابة وطبقاتهم والتزم نقل جميع مروياتهم صحيحا كان أو ضعيفا ومن الأجزاء وهي ما دون فيها حديث شخص واحد أو أحاديث جماعة في مادة واحدة فإذا تتبعت طرق الحديث الذي ظن أنه فرد ليعلم هل له متابع أم لا فإن هذا التتبع يسمى ويدعى ويقال له الاعتبار قال الحافظ وجميع ما تقدم من أقسام المقبول تحصل فائدة تقسيمه باعتبار مراتبه عند المعارضة قلت الأقسام التي مرت له هي المحفوظ والشاذ والمعروف والمنكر وأما الفرد النسبي فقد قسمه إلى قسمين ما له متابع وما له شاهد. ... [مسألة في المقبول والمحكم ومختلف الحديث:] (39) وهذه الأقسام للمقبول ... قال بها جماعة الفحول (40) إن لم يعارض سمه بالمحكم ... أو مثله عارضه فلتعلم (41) بأنه إن أمكن الجمع فقل ... مختلف الحديث أولا فلتسل هذا تقسيم أيضا للمقبول إلى معمول به وغير معمول لأنه إن سلم من

معارضة حديث آخر ناقضه فإنه يسمى المحكم كما قلنا فسمه بالمحكم وأمثلته واسعة وإن ناقضه حديث آخر في المعنى فلا يخلو إما أن يكون معارضه مقبولا مثله أو يكون مردودا فالثاني لا أثر له لأن القوي لا يؤثر فيه مخالفة الضعيف وإن كان للمعارض مثله كما قلنا أو مثله عارضه أي أو عارضه مثله فهو فاعل لفعل محذوف أو مبتدأ خبره عارضه أو من باب ما أضمر عامله فهذا القسم لا يخلو إما أن يمكن الجمع بين مدلوليهما بغير تعسف أو لا فإن أمكن الجمع فهذا هو النوع المسمى مختلف الحديث بفتح اللام أي مختلف مدلول حديثه ويناسبه ما يقابله وهو الناسخ وضبطه بعضهم بفتح اللام على أنه مصدر ميمي ويناسبه قوله فيما بعد بالترجيح ومثل له ابن الصلاح بحديث لا عدوى ولا طيرة مع حديث فر من المجذوم فرارك من الأسد وكلاهما في الصحيح فظاهرهما التعارض وذكر الحافظ جمع ابن الصلاح ثم قال والأولى في الجمع بينهما أن يقال إن نفيه صلى الله عليه وسلم للعدوى باق على عمومه أي على نفيه طبعا وسببا وقد صح قوله صلى الله عليه وسلم لا يعدي شيء شيئا وقوله صلى الله عليه وسلم لمن عارضه أن البعير الأجرب يكون في الإبل الصحيحة فيخالطها فتجرب حيث رد عليه بقوله صلى الله عليه وسلم فمن أعدى الأول يعني أن الله تعالى قد ابتدأ ذلك في الثاني كما ابتدأه في

عن الأخير منهما إن ثبتا ... كان هو الناسخ والثاني أتى

الأول وأما الأمر بالفرار من المجذوم فمن باب سد الذرائع لئلا يتفق للشخص الذي يخالطه شيء من ذلك بتقدير الله ابتداء لا بالعدوى المنفية فيظن أن ذلك بسبب مخالطته فيعتقد صحة العدوى فيقع في الحرج فأمر بتجنبه حسما للمادة هذا كلام الحافظ إلا أنه أورد عليه اجتنابه صلى الله عليه وسلم عن المجذوم عند إرادة المبايعة مع أن منصب النبوة بعيد من أن يورد لحسم مادة ظن العدوى كلاما يكون مادة لظنها أيضا فإن الأمر بالتجنب أظهر في قبح مادة ظن أن العدوى لها تأثير بالطبع وعلى كل تقدير فلا دلالة أصلا على نفي العدوى سببا فإنه إذا ظن أن الجذام حصل بسبب المخالطة واعتقد صحة العدوى بالتأثير السببي لا حرج فيه وإن أريد أنه بسبب المخالطة يعتقد صحة العدوى بالطبع فيرد عليه أنه يجب حينئذ على كل أحد أن يجتنب ما يتعلق بالأسباب كالمعالجة بالأدوية بل مزاولة الأطعمة والأشربة حيث يحتمل أنه يظن أن الأدوية ونحوها لها تأثير بطبعها فيعتقد الطبيعية فيخرج عن الملة الحنيفية انتهى هذا حيث أمكن الجمع بين المختلفين فإن تعذر فلا يخلوا إما أن يعرف التاريخ أو لا إن عرفت فهو الذي أفاده قولنا فلتسل عن الأخير إلى آخره وهي مسألة الناسخ كما قلنا: (42) عن الأخير منهما إن ثبتا ... كان هو الناسخ والثاني أتى

في رسمه المنسوخ أو لم يعرف ... فارجع إلى الترجيح فيه أو قف

أي أولا يمكن الجمع فسل عن الأخير من الحديثين فإن ثبت المتأخر فهو الناسخ وحقيقة النسخ رفع حكم شرعي بدليل شرعي متأخر عنه والناسخ ما دل على الرفع المذكور وتسميته ناسخا مجاز من باب إضافة الفعل إلى السبب والدليل لأن الناسخ في الحقيقة هو الله تعالى ويعرف النسخ بأمور ثلاثة الأول وهو أصرحها ما ورد في النص كحديث بريدة مرفوعا في صحيح مسلم كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر بالآخرة وهذا الحديث من غرائب الناسخ والمنسوخ حيث شملهما والغالب أن يكونا حديثين بينهما فصل وثانيهما ما يجزم الصحابي بأنه متأخر كقول جابر كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مسته النار أخرجه أصحاب السنن والثالث ما يعرف بالتاريخ وهو كثير وهذه الوجوه المتفق عليها وقد ذكر غيرها مما لا ينهض وقولنا والثاني أتى أي الذي عرف تقدمه عن ناسخه وفاعل أتى قولنا المنسوخ وفي رسمه متعلق يأتي (43) في رسمه المنسوخ أو لم يعرف ... فارجع إلى الترجيح فيه أو قف أي أنه سمى الأول بالمنسوخ كما سمى الآخر بالناسخ هذا كله مع معرفة التاريخ فإن لم يعرف المتأخر منهما فله تقسيم آخر لأنه لا يخلو

مسألة في أقسام المردود

إما أن يمكن ترجيح أحدهما على الآخر بوجه من الوجوه المرجحة المتعلقة بالمتن أو بالإسناد أولا فإن أمكن الترجيح تعين المصير إليه وإلا فلا فصار ما ظاهره التعارض واقعا على هذا الترتيب الجمع إن أمكن وإلا فاعتبار الناسخ والمنسوخ وإلا فالترجيح ثم التوقف عن العمل بأحد الحديثين وقد شمل النظام جميع الأقسام قال الحافظ والتعبير بالتوقف أولى من التعبير بالساقط لأن خفاء ترجيح أحدهما على الآخر إنما هو بالنسبة للمعتبر في الحالة الراهنة مع احتمال أن يظهر لغيره ما خفي عليه قلت يريد أنه اشتهر على الألسنة أن الدليلين إذا تعارضا تساقطا أي تساقط حكمهما وهو يوهم الاستمرار مع أن الأمر ليس كذلك لأن سقوطه إنما هو لعدم ظهور ترجيح أحدهما حينئذ ولا يلزم استمرار الساقط مع أن إطلاق الساقط على الأدلة الشرعية خارج عن سنن الآداب السنية وإلى هاهنا انتهى الكلام في المقبول وأقسامه من قولنا ومهما خولفا ويقابله المردود وله أقسام واسعة. ... [مسألة في أقسام المردود:] وقد أشار إليها قولنا: (44) ثم لما قابله أقسام ... أكثر منه عدها الأعلام

فرده إما لسقط في السند ... أو كان عن طعن فقل فيما ورد

(45) فرده إما لسقط في السند ... أو كان عن طعن فقل فيما ورد أي لما قابل المقبول وهو المردود أقسام ستمر بك وهي أكثر من أقسام المقبول كما قلنا أكثر منه لأنهم قسموا وجه رده إلى قسمين ألم بهما قولنا إما لسقط في السند أو بطعن أي في رواته فالسقط له أقسام الأول المعلق تضمنها قولنا: (46) فالسقط إن كان من المبادي ... من الذي صنف بالإسناد (47) فإنهم يدعونه معلقا ... أو كان من آخره نلت التقى أي أن الرد بالسقط ينقسم أقساما لأن السقط إن كان من مبادئ الإسناد من تصرف من مصنف أو من آخره أي الإسناد بعد التابعي أو غير ذلك فالذي كان سقطه من مبادئ السند فإنهم يسمونه معلقا سواء كان الساقط واحدا أو أكثر ويأتي ما بينه وبين المعضل من النسبة فالمعلق لابد أن يكون من تصرف المصنف من مبادئ السند والتعليق في البخاري كثير جدا وفي مسلم في موضع واحد في التيمم وموضعان في الحدود والبيوع والذي في البخاري من ذلك موصول في موضع آخر من كتابه وإنما أورد معلقا اختصارا ومجانبة للتكرار والذي لم يصله في موضع آخر مائة وستون حديثا وصلها شيخ الإسلام في مؤلف لطيف سماه التوفيق ومن صوره أن يحذف جميع السند ويقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صوره أن يحذف إلا الصحابي أو إلا التابعي والصحابي معا

ومن صوره أن يحذف من حدثه ويضيفه إلى من فوقه فإن كان من فوقه شيخا لذلك المصنف فقد اختلف هل يسمى تعليقا أو لا والصحيح في هذا التفصيل فإن عرف بالنص والاستقراء أن فاعل ذلك مدلس قضى به وإلا فتعليق واعلم أنهم إنما ذكروا التعليق في قسم المردود للجهل بحال المحذوف وقد يحكم بصحته إن عرف بأن يسمى من وجه آخر فإن قال جميع من أحذفه ثقات جاءت مسألة التعديل على الإبهام وعند الجمهور لا يقبل حتى يسمى قالوا لاحتمال أن يكون ثقة عنده دون غيره فإذا ذكر علم حاله ورد بأنه تقديم للجرح المتوهم على التعديل الصريح ودفع بأن التعديل الصريح على المبهم المجهول كلا تعديل لكنه قال ابن الصلاح هنا إن وقع الحذف في كتاب التزمت صحته كالبخاري فما أتى فيه بالجزم أي قيل فيه روى فلان وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دل على أنه ثبت إسناده عنده قلت وذلك لأنه لا يجوز أن يجزم بذلك عنه إلا وقد صح عنده وإنما حذفه لغرض من الأغراض وما أتى فيه بغير الجزم أي نحو يروى ويذكر مجهولا ففيه مقال قاله الحافظ ابن حجر على كلام ابن الصلاح إنه لا وجه للاستدراك فإن الجمهور إذا لم يقبلوا تصريح راوي المعلق بأن جميع من أحذفه ثقة وكذا قول من يقول حدثني الثقة كيف يقبلون من التزم صحة كتابه ويذكر فيه تعليقات ولم يصرح بأن تعليقه صحيح أم لا فإنه لو صرح به لكان من قبيل ما سبق والحال أنه يحتمل أنه حذفه لغرض من الأغراض سواء ذكره بصيغه الجزم أو بصيغة التمريض نعم صيغة المجهول أبعد من المعلوم في كونه مقبولا إذا عرفت هذا فهذا القسم الأول من المردود بالسقط وهو ما كان

مسألة المرسل

من مبادئ السند والقسم الثاني ما أفاده قولنا أو كان من أخره مع قولنا وهي: ... [مسألة المرسل:] (48) أو كان بعد التابعي فيدعى ... بالمرسل المعروف أو كان سوى أي أنه إذا كان السقط من آخره من بعد التابعي فإنه القسم المعروف عند العلماء بالمرسل وصورته أن يقول التابعي صغيرا كان أو كبير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أو فعل كذا أو فعل بصيغة المجهول بحضرته كذا أو نحو ذلك وأنما ذكر في قسم المردود للجهل بحال المحذوف لأنه يحتمل أن يكون صحابيا ويحتمل أن يكون تابعيا وعلى الثاني يحتمل أن يكون ضعيفا ويحتمل أن يكون ثقة وعلى الثاني يحتمل أن يكون حمل عن صحابي ويحتمل أن يكون حمله عن تابعي آخر وعلى الثاني فيعود الاحتمال السابق ويتعدد إما بالتجويز العقلي فإلى ما لا نهاية له هكذا قاله الحافظ قيل عليه محال عند العقل أن يجوز بين التابعي وبين النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يتناهى كيف وقد وقع التناهي في الوجه الخارجي بذكر النبي صلى الله عليه وسلم وأجيب بأنه أراد الكثرة وأتى بما لا نهاية له مبالغة إذ من

المعلوم عند العقلاء أن الانتساب إلى آدم أمر متناه فكيف إلى نبينا صلى الله عليه وسلم ثم قال وإما بالاستقراء فإلى ستة أو سبعة وهو أكثر ما وجد من رواية بعض التابعين عن بعض وتعرض الحافظ للخلاف في قبول المرسل هنا فقال فإن عرف من عادة التابعي أنه لا يرسل إلا عن ثقة فذهب جمهور المحدثين إلى التوقف لبقاء الاحتمال وهو أحد قولي أحمد وثانيهما وهو قول المالكيين والكوفيين يقبل مطلقا وقال الشافعي يقبل إن اعتضد بمجيئه من وجه آخر يباين الطريق الأولى مسندا كان أو مرسلا ليترجح كون المحذوف ثقة في نفس الأمر ونقل أبو بكر الرازي من الحنفية وأبو الوليد الباجي من المالكية أن الراوي إذا كان يرسل عن الثقات وغيرهم لا يقبل مرسله اتفاقا انتهى وقال النووي في التقريب وفي شرحه للسيوطي ثم المرسل حديث ضعيف لا يحتج به عند جماهير المحدثين كما حكاه عنهم مسلم في صدر صحيحه وابن عبدالبر في التمهيد وكثير من الفقهاء وأصحاب الأصول والنظر للجهل بحال المحذوف وإن اتفق أن المرسل لا يروي إلا عن ثقة فالتوثيق مع الإبهام غير كاف ولأنه إذا كان المجهول المسمى لا يقبل فالمجهول عينا وحالا أولا وقال مالك في المشهور عنه وأبو حنيفة في طائفة منهم أحمد في المشهور عنه صحيح قال في شرح المهذب وقيد ابن عبدالبر وغيره ذلك بما إذا لم يكن مرسله ممن لا

يحترز ويرسل عن غير الثقات فإن كان فلا خلاف في رده وقال غيره محل قبوله عند الحنفية إذا كان مرسله من أهل القرون الثلاثة الفاضلة فإن كان من غيرها فلا لحديث ثم يفشو الكذب صححه النسائي وقال ابن جرير اجمع التابعون بأسرهم على قبول المراسيل ولم يأت عنهم إنكاره ولا عن أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المائتين قال ابن عبدالبر كأنه يعني أن الشافعي أول من رده وبالغ بعضهم فقواه على المسند وقال من أسند فقد أحالك ومن أرسل فقد تكفل لك فإن صح مخرج المرسل لمجيئه أو نحوه من طريق آخر مسندا أو مرسلا أرسله من أخذ العلم عن غير رجال المرسل الأول كان صحيحا هكذا نص عليه الشافعي في الرسالة مقيدا له بمرسل كبار التابعين ومن إذا سمى من أرسل عنه سمى ثقة وإذا شاركه الحفاظ المأمونون لم يخالفوه وزاد في الاعتضاد أن يوافق قول صحابي أو يفتي أكثر العلماء بمقتضاه فإن فقد شرط مما ذكر لم يقبل مرسله ويتبين بذلك صحة المرسل وإنهما أي المرسل وما عضده صحيحان لو عارضهما صحيح من طريق واحدة رجحناهما عليه بتعدد الطرق إذا تعذر الجمع بينهما انتهى ثم قال هذا في غير مرسل الصحابي أما مرسله كإخباره عن شيء فعله النبي صلى الله عليه وسلم مما يعلم أنه لم يحضره لصغر سنه أو تأخر إسلامه فمحكوم بصحته على المذهب الصحيح الذي جزم به الجمهور من أصحابنا وغيرهم وأطبق عليه المحدثون المشترطون للصحيح القائلون بضعف المرسل وفي الصحيح من ذلك مالا يحصى لأن أكثر روايتهم عن الصحابة وكلهم عدول وروايتهم عن غيرهم نادرة وإذا رووها بينوها بل أكثر ما رواه الصحابة عن التابعين ليس أحاديث مرفوعة بل إسرائيليات أو حكايات أو موقوفات

مسألة في المعضل

[مسألة في المعضل:] قال النووي إنه بفتح الضاد من أعضله فهو معضل قال ابن الصلاح وهو اصطلاح مشكل المأخذ من حيث اللغة أي لأن مفعلا بفتح العين لا يكون إلا من ثلاثي لازم عدي بالهمزة وهذا لازم معها قال وبحثت فوجدت له ثلاثيا من قولهم أمر عضيل أي مستغلق شديد وفعيل بمعنى فاعل يدل على الثلاثي فعلى هذا يكون لنا عضل قاصرا أو أعضل متعديا كما قالوا ظلم الليل وأظلم انتهى وإلى حقيقته أشار قولنا وهي مسألة المعضل (49) هذين فانظر إن يكن باثنين ... فصاعدا مع الولى في ذين فقولنا هذين متصل بقولنا في آخر ما قبله سوى أي غير هذين وهما ما كان السقط من مباديء السند أو من آخره إذ حكمهما تقدم وما سواهما مما سقط من إسناده فإنه ينظر فإن كان السقط من الإسناد اثنين فصاعدا أي فأكثر منهما مع التوالي فقولنا مع الولى أي التوالي في ذين فيما سقط اثنان فصاعدا فجعلناهما شيئين لأنهما في الخارج كذلك وإن كان مرجعهما إلى شيء واحد هو السقط فهذا القسم كما قلنا (50) فإنه المعضل ثم المنقطع ... مالا توالي في السقوط فاستمع فالمعضل ما اتفق التوالي فيمن سقط من إسناده وإلا يتوالى السقط بل كان اثنين غير متواليين فهذا هو المنقطع كما قلنا ثم المنقطع ما لا

إن السقوط واضح وخافي ... فواضح إن فقد التلاقي

توالي وكذا إن سقط واحد فقط أو أكثر من اثنين بشرط عدم التوالي وقولنا (51 إن السقوط واضح وخافي ... فواضح إن فقد التلاقي هو مفعول فاستمع أي استمع إلى ما قالوه في اصطلاحهم من تقسيم السقوط إلى قسمين الأول واضح يحصل الاشتراك في معرفته لكون الراوي مثلا لم يعاصر من روى عنه والثاني خفي لا يدركه إلا الأئمة الحفاظ المطلعون على طرق الحديث وعلل الأسانيد فالأول يدرك أي يعرف أنه سقط من الحديث بعدم التلاقي بين الراوي وشيخه لكونه لم يدرك عصره أو أدركه لكن لم يجتمعا وليست له من إجازة ولا وجادة ومن ثمة احتيج إلى التاريخ لتضمنه تحرير مواليد الرواة ووفياتهم وأوقات طلبهم وارتحالهم وقد افتضح أقوام ادعوا الرواية عن شيوخ ظهر بالتاريخ كذب دعواهم ولذا قلنا (52) ومن هنا احتيج إلى التاريخ ... معرفا ملاقي الشيوخ قال السيد محمد ومعرفته أي السقط ثمرة معرفة تاريخ الوفايات فهذا القسم الأول الواضح وأما الثاني وهو: ... [مسألة المدلس:] فأشرنا إليه بقولنا: (53) وسموا الخافي بالمدلس ... وربما يأتي بالملتبس (54) كعن وقال من كلام يحتمل ... لقاءه لناقل عنه نقل

مسألة المرسل الخفي

هذا القسم الثاني وهو الخفي يقال له المدلس بفتح اللام سمي بذلك لكون الراوي لم يسم من حدثه وأوهم سماعه للحديث ممن لم يحدثه واشتقاقه من الدلس بالتحريك وهو اختلاط الظلام لاشتراكهما في الخفاء ولما كان قد يرد المدلس بصيغة من الصيغ التي توهم اللقاء نحو عن وقال أشرنا إليه بما سمعته قال الحافظ ومتى وقع بصيغة صريحة كان كذبا وحكم من ثبت عنه التدليس إذا كان عدلا أن لا يقبل منه إلا ما صرح فيه بالتحديث على الأصح ... [مسألة المرسل الخفي:] قد بيناه بقولنا: (55) والمرسل الخافي من معاصر ... لم يلق من عاصره فذاكر فهذا هو المرسل الخفي وهو ما رواه عن معاصر لم يقع له لقاءه بل بينه وبينه واسطة قال الحافظ والفرق بين المدلس والمرسل الخفي دقيق يحصل تحريره بما ذكرنا هنا وهو أن التدليس يختص بمن روى عمن عرف لقاءه إياه فأما إن عاصره ولم يعرف أنه لقيه فهو المرسل الخفي ومن أدخل في تعريف التدليس المعاصرة ولو بغير لقيا لزمه دخول المرسل الخفي في تعريفه والصواب التفرقة بينهما ثم قال ويعرف عدم الملاقاة بإخباره عن نفسه بذلك أو بجزم إمام مطلع ولا يكفي أن تقع في بعض الطرق زيادة راو بينهما لاحتمال أن يكون من المزيد ولا يحكم في هذه الصورة بحكم كلي لتعارض احتمال الاتصال والانقطاع انتهى

وقال السيد محمد بعد هذا وكذلك اشترط البخاري تحقق اللقاء أي لمن روى عن المعاصرين حتى يؤمن الانقطاع واكتفى مسلم بعدم العلم بانتفائه أي اللقاء فإنه إذا كان معاصرا له وروى عنه دل عنده أنه قد اتفق به إذ حمل الثقة على السلامة أولى انتهى مع تفكيك عبارته وأبسط منه ما في التقريب وشرحه قال وفي اشتراط ثبوت اللقاء وعدم الاكتفاء بإمكانه وطول الصحبة وعدم الاكتفاء بثبوت اللقاء ومعرفته بالرواية عنه وعدم الاكتفاء بالصحبة خلاف منهم من لم يشترط شيئا من ذلك واكتفى بإمكان اللقاء وعبر عنه بالمعاصرة وهو مذهب مسلم بن الحجاج وادعى فيه الإجماع ومنهم من شرط اللقاء وحده وهو قول البخاري وابن المديني والمحققين ومنهم من شرط طول الصحبة بينهما ولم يكتف بثبوت اللقاء وهو أبو المظفر السمعاني ومنهم من شرط معرفته بالرواية عنه وهو أبو عمرو الداني انتهى قلت وقد بسطنا القول في هذا في شرح التنقيح واعلم أنها سبقت إشارة إلى قبول المرسل ورده وقد أشار السيد محمد في مختصره إلى أدلة قبوله ومراده ما يشمل المعضل وغيره فقال ولقابليه أدلة الأول إجماع الصحابة والخصم لا ينازع في قبوله يريد فإنه لا يرسل الصحابي إلا عن صحابي مثله والصحابة عدول ويمنع أي الخصم القياس عليه أي على قبول مرسل الصحابة بإبداء الفارق بين الصحابة ومن بعدهم وهو أي الفارق غلبة الديانة في الصحابة وورود الثناء عليهم كتابا وسنة وهو أي الفارق صحيح فبطل القياس الثاني من أدلة قابلي المرسل إجماع التابعين على قبوله كما نقله محمد بن جرير وقدمنا كلامه ومنع المخالف الذي لا يقبل المرسل صحته أي إجماع التابعين لأنه سكوتي فإن غايته أنه قبله البعض وسكت البعض والسكوت لا يدل على أن الساكت قائل بصحة ما قاله غيره لأن

المسألة ظنية أي مسألة قبول المرسل ولا يجب النكير فيها فلا يعلم موافقة الساكت بوجه إذ الظنيات لا نكير فيها فسكوته لا يدل على قوله بقبوله ولا قائل بأن هذا الإجماع قولي بل هو سكوتي قطعا ولأنا لا نسلم إجماع التابعين لثبوت الخلاف فيه عن محمد بن سيرين والزهري فإنهما لا يقبلانه فأين الإجماع وهما من أئمة التابعين ولو سلم فهو خاص بالتابعين ولا يصح قياس غيرهم عليهم لوجود الفارق كالصحابة أي كوجود الفارق بين الصحابة وغيرهم والفارق هنا بين التابعين وغيرهم ثبوت أنهم من خير القرون كما ثبت به الحديث وقد ذكر المنصور بالله أنه لا يسأل عن عدالة ثلاثة قرون وأن ذلك معلوم لأهل الفقه ولا يقال يقاس عليهم من هو مثلهم في العدالة لأن القصد ظن عدالة الوسائط الساقطة قالوا أي قابلوا المرسل الإرسال المجزوم بمنزلة التعديل المطلق وقد قال الجويني والباقلاني إنه يحرم أي الجزم في مواضع الخلاف على العالم والجواب عن هذا من وجوه الأول أنه مخبر عن اعتقاده لا عن الأمة ولذا لم تحل حكاية الإجماع بأن يقول إجماعا لأنها حكاية عن نفسه فلا تدليس منه إلا لو قالوا إجماعا

الثاني من الأجوبة أنه قد لا يعلم الخلاف في المسألة فلا يلزم أنه تدليس الثالث من الأجوبة أن تحريم الإرسال أو التعديل المطلق عليه ظني فيجوز أن يخالفه الرابع من الأجوبة أنه يلزم مثل ذلك في جميع مواضع الخلاف كالرواية بالمعنى فإن فيها خلافا والفتوى فيلزم أن تحرم الرواية بالمعنى والفتوى لأنها رواية بالمعنى ولا يقولون به الخامس من الأجوبة أنه يلزمه أي المانع أن لا يقبل إلا مرسل العالم بمواضع الخلاف لأنه الذي يصدق عليه ما ذكرتم والحق أن عادات العلماء والثقات قد اختلفت في ذلك بالتجربة بتجربتنا لطرائقهم في ذلك فتكون العادة متبعة في ذلك فمن عرفت عادته بشيء أقيم عليها دون مجرد الاحتمال من غير عادة يريد أن احتمال سقوط عدالة الساقط لا تقابل ما علم من اعتقاد اختلاف العلماء في قبول ذلك المرسل لأنه أي الاحتمال لا يحصل به ظن مع العلم باختلافهم في ذلك والله أعلم الثالث من أدلة قابلي المرسل تناول أدلة قبول الآحاد التي قدمناها للمرسل لأنه داخل في الآحاد وأجيب بالمنع أي بمنع جعل المرسل من الآحاد في السمعيات فإن الأدلة السمعية إنما دلت على قبول الصدر الأول من الصحابة والتابعين دون غيرهم وأما الدليل العقلي فمن اعتقد صحته أي صحة

الاستدلال بالعقل على قبول الآحاد لزمه قبول ما أفاد الظن من المراسيل والظاهر أن ما أفاد الظن أوجب العمل به ولذلك أجمعوا على قبول مراسيل الصحابة وقال الجمهور بصحة تعاليق البخاري المجزوم بها وكأن من أوجب الإسناد يرى وجوب طلب الظن الأقوى ومن قبل المرسل يكتفي لمجرد الظن بهذا القوي عند حصول الظن الرابع من أدلة القابلين حمل الراوي على السلامة موجب قبول مرسله ونكتة الجواب أن طريق المرسل أي الشخص المرسل إلى اعتقاد صحة ما أرسله ظني اجتهادي والتقليد في الاجتهاديات محرم على المجتهدين إلا عند الضرورة أي وقبول المراسيل تقليد لمرسلها وهو محرم على المجتهد كالجرح والتعديل وإنما وجب قبول الخبر أي من الراوي لأنه نقل لا اجتهاد له فيه بل هو ناقل عن غيره ولذلك يترك الاجتهاد للخبر وقد علمت من هذا الجواب حجة من أوجب الإسناد ولهم أي الذين أوجبوا الإسناد أيضا أن قبوله أي المرسل يستلزم قبول مرسل من يقبل المجاهيل أي وهو منكر أشد الإنكار وقبول سائر المختلف فيهم لأن قابل المرسل لا يدري من سقط بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم ثم قال السيد محمد وقد يسند بعض الأئمة محيلا للغير على النظر في الإسناد فيذهب بعض من أتباعه أو غيرهم إلى أن روايته إلى من أسند الحديث إليهم يقضي بصحة الحديث عنده وتعديله لرجال إسناده فيحذف الأسانيد اختصارا ويرسل الحديث بصيغة الجزم وهذا مذهب بعض أصحاب الشافعي أن الرواية عن الرجل تقتضي تعديله وعليه عمل بعض مصنفي الزيدية كأنه يريد أحمد بن سليمان وصاحب الشفا والمهدي

مسألة الموضوع

وهو مذهب ضعيف جدا لما علم من رواية الثقات عن الضعفاء انتهى كلام السيد محمد مبينا بزيادات لطيفة تحل المعاني وإلى هنا انتهى ما يرد به الحديث من حيث السقط وقد انحصر في المعلق والمرسل والمعضل والمنقطع وهو قسمان واضح وخفي ومرسل خفي من معاصر لم يلق والقسم الثاني مما يرد به الحديث وهو الطعن ويكون بأحد عشرة أشياء الأول ما أفاده قولنا: ... [مسألة الموضوع:] (56) والطعن إما أن يكون بالكذب ... فسمه الموضوع والترك يجب قال الحافظ الطعن يكون بعشرة أشياء بعضها أشد في القدح من بعض خمسة تتعلق بالعدالة وخمسة تتعلق بالضبط

الأول الموضوع قال في التقريب وهو المختلق المصنوع وهو شر الضعيف وأقبحه وتحرم روايته مع العلم به في أي معنى كان إلا مبينا أي مقرونا ببيان وضعه ومثله قاله الذهبي قال الحافظ والحكم عليه بالوضع إنما هو بطريق الظن الغالب لا بالقطع قلت هذا ليس خاصا بالموضوع بل بكل حديث وصف بصحة أو حسن أو ضعف فليس إلا بالنظر إلى ما وصل إلى علم واصفه ولعله في نفس الأمر بخلافه ولكنه لا تكليف بما في نفس الأمر قال السيد محمد ويعرف أي الوضع بإقرار الراوي على نفسه بالوضع ومثله قال الحافظ وقال قال ابن دقيق العيد لكن لا يقطع بذلك لاحتمال أن يكون كذب في ذلك الإقرار انتهى وفهم منه بعضهم أن لا يعمل بذلك الإقرار أصلا وليس ذلك مراده وإنما نفي القطع بذلك ولا يلزم من نفي القطع نفي الحكم لأن الحكم يقع بالظن الغالب وهو هنا كذلك ولولا ذلك لما ساغ قتل المقر بالقتل ولا رجم المعترف بالزنا لاحتمال أن يكونا كاذبين فيما اعترفا به انتهى قلت لا يخفى أنه قد أقر أنه كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه قد قال الجويني إن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كفر وفي شفاء الأوام أن

الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم الإجماع منعقد على كفر قائله وفاعله فقد انتفى شرط قبول الرواية قطعا سواء كان إقراره صدقا أو كذبا فلا فائدة تظهر في الخلاف وأما قول الحافظ إنه يحتمل إقرار المقر بأنه قتل أو أنه زنا الكذب فاحتمال في غاية من البعد لا يلتفت إليه ولا يعول عليه وكذا احتمال أنه أقر الراوي بأنه كذب لا يحتمل أنه كاذب في هذا الإقرار إلا احتمال لا يعول عليه بل قد جعل الله الإنسان على نفسه بصيرة وعلق الإيمان بالقول حتى يقولوا ولم يؤمر بالتفتيش عن القلوب فهذه الاحتمالات ليست من وظائف التكليف حتى نشتغل بذكرها وممن أقر بالوضع أبو عصمة نوح بن أبي مريم المروزي قاضي مرو قيل له من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة وليس عند أصحاب عكرمة هذا قال إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق فوضعت ذلك حسبة وكان يقال لأبي عصمة نوح الجامع قال ابن حبان جمع كل شيء إلا الصدق وروى ابن حبان في الضعفاء عن ابن مهدي قال قلت لميسرة ابن عبد ربه من أين جئت بالأحاديث من قرأ كذا فله كذا قال وضعتها أرغب الناس بها وكذا حديث ابن أبي الطويل في فضائل قراءة القرآن سورة سورة فروى عن المؤمل بن إسماعيل أنه قال حدثني به شيخ فقلت للشيخ من حدثك قال حدثني رجل بالمدائن وهو حي فصرت إليه فقلت له

من حدثك قال حدثني شيخ بواسط وهو حي فصرت إليه فقلت من حدثك قال حدثني شيخ بالبصرة فصرت إليه فقلت من حدثك فقال حدثني شيخ بعبادان فصرت فأدخلني بيتا فإذا فيه قوم متصوفة معهم شيخ فقال هذا الشيخ حدثني فقلت يا شيخ من حدثك فقال لم يحدثني أحد ولكنا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث لينصرفوا إلى القرآن قال السيوطي ولم أقف على تسمية هذا الشيخ إلا أن ابن الجوزى أورده في الموضوعات من طريق بزيغ بن حبان عن علي بن زيد بن جدعان وعطاء بن أبي ميمونة عن زر بن حبيش عن أبي قال والآفة فيه من بزيغ ثم أورده من طريق مخلد بن عبدالواحد عن علي وعطاء ثم قال الآفة فيه من مخلد فكأن أحدهما وضعه والآخر سرقه أو كلاهما سرقه من ذلك الشيخ الواضع انتهى قال النووي وقد أخطأ من ذكره من المفسرين قال السيوطي كالثعلبي والواحدي والزمخشري والبيضاوي قلت وأبو السعود وغير هؤلاء قال العراقي لكن من أبرز إسناده كالأولين فهو أبسط لعذره إذ أحال ناظره على الكشف عن سنده وإن كان لا يجوز السكوت عليه وأما من لم يبرز سنده وأورده بصيغة الجزم فخطأه أفحش انتهى وقال النووي في التقريب بإقراره أو معنى إقراره قال السيوطي في

شرحه عبارة ابن الصلاح وما يتنزل منزلة إقراره وقال العراقي كأن يحدث بحديث عن شيخ ويسأل عن مولده فيذكر تاريخ يعلم وفاة ذلك الشيخ قبله ولا يعرف ذلك الحديث إلا عنده فهذا لم يعترف بوضعه لكن اعترافه بوقت مولده يتنزل منزلة إقراره بالوضع لأن ذلك الحديث لا يعرف إلا برواية هذا عنه انتهى وقد ذكر الحافظ من القرائن التي يدرك بها الوضع ما يوجد من حال الراوي كما وقع لمأمون بن أحمد أنه وقع بحضرته الخلاف في كون الحسن سمع من أبي هريرة أولا فساق في الحال إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال سمع الحسن من أبي هريرة ومنها ما يؤخذ من حال المروي كأن يكون مناقضا لنص القرآن أو السنة المتواترة أو الإجماع القطعي أو صريح العقل حيث لا يقبل شيء من ذلك التأويل قلت ومن المخالف للعقل ما رواه ابن الجوزي من طريق عبدالرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده مرفوعا إن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا وصلت عند المقام ركعتين قال ابن الجوزي إذا رأيت الحديث ينافي المعقول أو يخالف المنقول أو يناقض الأصول فاعلم أنه موضوع وقال الربيع بن خيثم إن للحديث ضوءا كضوء النهار نعرفه وظلمة كظلمة الليل ننكره وقال ابن الجوزي الحديث المنكر يقشعرله جلد الطالب للعلم وينفر عنه قلبه في الغالب ثم قال والحامل للواضع على الوضع إما عدم الدين كالزنادقة قلت روى العقيلي بسنده إلى حماد بن زيد قال وضعت الزنادقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة عشر ألف حديث منهم عبدالكريم بن أبي العرجاء الذي قتل وصلب في زمان المهدي قال ابن عدي لما أخذ ليضرب عنقه قال وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال وأحلل فيها الحرام ثم قال الحافظ أو غلبة الجهل كبعض

المتعبدين قال النووي إن أعظم الواضعين ضررا قوم ينتسبون إلى الزهد وضعوه حسبة أي احتسابا للأجر عند الله في زعمهم فقبلت موضوعاتهم ثقة بهم قلت كواضع حديث فضائل السور كما عرفت قال السيوطي واعلم أن السور التي صحت الأحاديث في فضلها الفاتحة والزهراوان والأنعام والسبع الطوال مجملا والكهف ويس والدخان والملك والزلزلة والنصر والكافرون والإخلاص والمعوذتين وما عداها لم يصح فيها شيء قال وقد جمعت في ذلك كتابا لطيفا سميته خمائل الزهر في فضائل السور وقال السيوطي كان أبو داود النخعي أطول الناس قياما بليل وأكثرهم صياما بنهار وكان يضع وقال ابن حبان كان أبو بشر أحمد بن محمد الفقيه المروزي من أصلب أهل زمانه في السنة وأذبهم عنها وأقمعهم لمن خالفها ومع هذا كان يضع الحديث وقال ابن عدي كان وهب بن حفص من الصالحين مكث عشرين سنة لا يكلم أحدا وكان يكذب كذبا فاحشا قال الحافظ أو فرط العصبية كبعض المقلدين أي أو يكون الحامل فرط العصبية من مقلد لمن قلده ولما قاله إمامه كما قيل لمأمون بن أحمد الهروي ألا ترى الشافعي ومن تبعه بخراسان فقال حدثنا أحمد بن

عبدالله ثنا عبدالله بن معدان الأزدي عن أنس مرفوعا يكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس أضر على أمتي من إبليس ويكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي وقيل لمحمد بن عكاشة الكرماني إن قوما يرفعون أيديهم في الركوع وفي الرفع منه فقال حدثنا المسيب بن واضح ثنا ابن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزهري عن أنس مرفوعا من رفع يديه في الركوع فلا صلاة له قال الحافظ أو اتباعا لهوى بعض الرؤساء قلت كما ذكره الحافظ قبل هذا أن غياث بن إبراهيم دخل على المهدي فوجده يلعب بالحمام فساق في الحال إسنادا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر أو جناح فزاد في الحديث أو جناح فعرف المهدي أنه كذب لأجله فأمر بذبح الحمام انتهى زاد في التدريب وقال أنا حملته على ذلك وذكر أنه لما قام قال أشهد أن قفاك قفا كذاب أسنده الحاكم وأسند عن هارون بن أبي عبدالله عن أبيه قال قال لي المهدي ألا ترى ما يقول لي مقاتل قال إن شئت وضعت لك أحاديث في العباس قلت لا حاجة لي فيها انتهى قلت وفي تاريخ ابن عساكر قال زكريا الساجي بلغني أن أبا البختري دخل على الرشيد وهو يطير الحمام فقال هل تحفظ في هذا شيئا قال حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطير الحمام فقل هارون اخرج عني ثم قال لو أنه من قريش لعزلته انتهى ثم قال الحافظ والإغراب لقصد الاشتهار قال السيد محمد وقد يطلق أي الموضوع على غير العمد

أي من الراوي بل على طريق الوهم والسهو وقد أطلق بعض المحدثين الكذاب على من هو كاذب في اعتقاده أو غالط وقد استوفينا البحث في شرح التنقيح قال الحافظ وكل ذلك حرام بإجماع من يعتد به إلا أن بعض الكرامية وبعض المتصوفة نقل عنهم إباحة الوضع في الترغيب والترهيب وهو خطأ من فاعله نشأ عن جهل لأن الترغيب والترهيب من جملة الأحكام الشرعية واتفقوا على أن تعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم من جملة الكبائر وبالغ أبو محمد الجويني فكفر من تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم واتفقوا على تحريم رواية الموضوع إلا مقرونا ببيانه لقوله صلى الله عليه وسلم من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين انتهى واستدل من أجاز الوضع للترغيب والترهيب بما روي في بعض طرق الحديث من كذب علي متعمدا ليضل به الناس وحمل بعضهم حديث من كذب علي أي قال إنه شاعر أو مجنون وقال بعضهم إنما يكذب له لا عليه وقال محمد بن سعيد المصلوب الكذاب الوضاع لا بأس إذا كان كلام حسن أن تضع له إسنادا قلت ومحمد بن سعيد هو الذي وضع الزيادة في حديث أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي إلا أن يشاء الله وضع هذا الاستثناء لما كان يدعو إليه من الإلحاد والزندقة والدعوة إلى التبني قال النووي في التقريب وقد أكثر جامع الموضوعات أعني أبا الفرج ابن الجوزي فذكر كثيرا مما لا دليل على وضعه بل هو ضعيف قال السيوطي في شرحه بل فيها الحسن بل والصحيح وأغرب من ذلك أن فيها حديثا من صحيح مسلم قال الذهبي وربما ذكر ابن الجوزي في الموضوعات أحاديث حسانا قوية وقال الحافظ ابن حجر غالب ما في كتاب ابن الجوزي موضوع والذي ينتقد عليه بالنسبة إلى الذي

مسألة المتروك

لا ينتقد قليل جدا انتهى إذا عرفت هذا فهذا القسم الأول من العشرة التي يطعن بها في الحديث ويكون بها مردودا. ... [مسألة المتروك:] وهذا القسم الثاني من العشرة أفاده قولنا: (57) أو تهمة كانت به لمن روى ... فإنه المتروك اسما لا سوى قوله أو تهمة عطف على قوله بالكذب أي أو يكون الطعن في الرواية بتهمة الراوي بالكذب بأن لا يروى ذلك الحديث إلا من جهته مع المخالفة للقواعد المعلومة أو عرف بالكذب في كلامه في غيره وإن لم يظهر منه الكذب في الحديث فإن هذا عند أهل الحديث هو المسمى بالمتروك وهو أخف من الموضوع. ... [مسألة في المنكر:] وهو ثالث العشرة التي يطعن بها أشار إليه قولنا: (58) أو غلط فيه يكون فاحشا ... أو غفلة أو يفعل الفواحشا هذه ثلاثة من المطاعن الأول فحش غلط من الراوي أي كثرته

مما به يفسق فادع الكلا ... بمنكر أوهمه في الإملا

والثاني غفلته عن الإتقان والثالث فسقه بفعل أو قول مما لا يبلغ الكفر وقد فسره قولنا: (59) مما به يفسق فادع الكلا ... بمنكر أوهمه في الإملا فقولنا مما به يفسق بيان لقوله للفواحش وقد شمل القول إن كان المبين فعل الفواحش لكنه كما يفسق بالفعل يفسق أيضا بالقول فهذه الثلاثة تسمى بالمنكر قال الحافظ والثالث وهو من فحش غلطه المنكر على رأي من لا يشترط في المنكر قيد المخالفة وكذا الرابع يريد من به غفلة والخامس يريد من هو فاسق قال فمن فحش غلطه أو كثرت غفلته أو ظهر فسقه فحديثه منكر انتهى. ... [مسألة في المعلل:] وقد أفاده قولنا أو وهمه في الإملا والمراد به الرواية فهذا هو القسم السادس من العشرة والوهم يعرف بما يفيده قولنا: (60) والوهم إن يعرف بالقرائن ... والجمع للطرق مع التباين (61) فسمه معللا وإن طعن ... بأنه خالف موثوقا أمن قال الحافظ والوهم إن اطلع عليه بالقرائن الدالة على وهم راويه من وصل مرسل أو منقطع أو إدخال حديث في حديث أو نحو ذلك من الأشياء القادحة ويحصل ذلك بكثرة التتبع وجمع الطرق فهذا هو

المعلل وهو من أغمض أنواع الحديث وأدقها ولا يقوم به إلا من رزقه الله فهما ثاقبا وحفظا واسعا ومعرفة تامة بمراتب الرواة وملكة قوية بالأسانيد والمتون ولهذا لم يتكلم فيه إلا القليل من أهل هذا الشأن كعلي بن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري ويعقوب بن أبي شبية وأبي زرعة والدارقطني وقد تقصر عبارة المعلل عن إقامة الحجة على دعواه كالصيرفي في نقد الدينار والدرهم انتهى فهذا القسم السابع يسمى معللا وفي عبارة البخاري والترمذي والحاكم والدارقطني يسمونه المعلول قال النووي وهو لحن وذلك لأن اسم المفعول من أعل الرباعي لا يأتي على مفعول قال السيوطي والأجود فيه المعل بلام واحدة لأنه مفعول أعل قياسا وأما معلل فمفعول علل وهو لغة بمعنى ألهاه بالشيء وشغله وليس هذا الفعل بمستعمل في كلامهم انتهى قال النووي والعلة عبارة عن سبب غامض خفي قادح مع أن الظاهر السلامة منه تتطرق إلى الإسناد الجامع شروط الصحة وقال السيد محمد أو يرد الحديث لوهمه أي الراوي مع ثقته فإن اطلع عليه بالقرائن وجمع الطرق فالمعل وهو جنس يدخل تحته الشاذ والمنكر والمضطرب ويشبهه ما ترده الحنفية بعدم شهرته مع مسيس الحاجة إليه قلت كما قالوه في حديث نقض الوضوء بمس الذكر فإنهم يعلونه

بعدم اشتهاره قالوا"ولو كان صحيحاً لكان مشهوراً" وقد رد ما قالوه في أصول الفقه ثم قال لكنه صار كالمعلل من غير بحث ووجه المسألة أن ظن صدق الراوي الثقة إن كان أقوى عمل عليه وهو الغالب وإن كان أضعف أعل بفساد رجحان الصحة وهي العلة في الموضعين أي في القبول والترك وهذا نادر لكنه غير مقطوع بامتناعه انتهى كلامه وقوله وهذا أي الطرف الآخر وهو قوله وإن كان أضعف نادر لأن خبر الثقة في الغالب يحصل به الظن القوي لا العكس وقوله لكنه أي هذا النادر غير مقطوع بامتناعه. واعلم أنه قال النووي "وقد تطلق العلة على غير مقتضاها الذي قدمناه ككذب الراوي وغفلته وسوء حفظه ونحوها من أسباب ضعف الحديث وسمى الترمذي النسخ علة"انتهى. قال وتقع العلة في الإسناد وهو الأكثر وقد تقع في المتن وما وقع في الإسناد قد يقدح فيه وفي المتن كالإرسال والوقف وقد يقدح في الإسناد خاصة ويكون المتن معروفاً صحيحا كحديث يعلى بن عبيد أي الطنافسي أحد رجال الصحيح عن سفيان أي الثوري عن عمرو بن دينار عن ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم "البيعان بالخيار" غلط على سفيان في قوله عمرو بن دينار إنما هو عبدالله بن دينار قال السيوطي رحمه الله هكذا رواه الأئمة من أصحاب سفيان كأبي نعيم الفضل بن

دكين ومحمد بن يوسف الفريابي ومخلد بن يزيد وغيرهم قال ومثال العلة في المتن ما انفرد به مسلم في صحيحه من رواية الوليد بن مسلم وساق سنده إلى أنس بن مالك أنه حدثه قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم لا في أول القراءة ولا في آخرها ثم رواه من رواية الوليد عن الأوزاعي أخبرني إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة أنة سمع أنساً يذكر ذلك وروى مالك في الموطأ عن حميد عن أنس قال صليت وراء أبي بكر وعمر وعثمان وكلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وزاد فيه الوليد بن مسلم عن مالك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث معلول أعله الحفاظ بوجوه فأما رواية حميد فأعلها الشافعي بمخالفة الحفاظ مالكا فقال في سنن حرملة فيما نقله عنه البيهقي فإن قال قائل قد روى مالك فذكره قيل له خالفه سفيان بن عيينه والفزاري والثقفي وعدد لقيتهم سبعة أو ثمانية متفقين مخالفين له والعدد الكثير أولى بالحفظ من واحد ثم رجح روايتهم بما رواه عن سفيان عن أيوب عن قتادة عن أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين قال الشافعي يعني يبدؤون بقراءة أم القرآن قبل مايقرأ بعدها ولا يعني أنهم يتركون بسم الله الرحمن الرحيم قال الدارقطني وهذا هو المحفوظ عن قتادة عن أنس قال البيهقي وكذلك رواه عن قتادة أكثر أصحابه كأيوب وشعبة والدستوائي

وشيبان بن عبد الرحمن وسعيد بن أبي عروبة وأبي عوانة وغيرهم قال ابن عبد البر فهؤلاء حفاظ أصحاب قتادة وليس في روايتهم لهذا الحديث ما يوجب سقوط البسملة وهذا هو اللفظ المتفق عليه في الصحيحين وهو رواية الأكثرين ورواه كذلك أيضاً عن أنس ثابت البناني وإسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة وما أوله به الشافعي مصرح به في رواية الدارقطني بسند صحيح وكانوا يفتتحون بأم القرآن قال ابن عبد البر ويقولون إن أكثر رواية حميد عن أنس إنما سمعها من قتادة وثابت عن أنس ويؤيد ذلك أن ابن عدي صرح بذكر قتادة بينهما في هذا الحديث فتبين انقطاعها ورجوع الطريقين إلى واحدة وأما رواية الأوزاعي فأعلها بعضهم بأن الراوي عنه وهو الوليد يدلس تدليس التسوية وإن كان قد صرح بسماعه من شيخه وإن ثبت أنه لم يسقط بين الأوزاعي وقتادة أحد فقتادة ولد أكمه فلا بد أن يكون أملى عليه من كتب إلى الأوزاعي ولم يسم هذا الكاتب فيحتمل أن يكون مجروحا أوغير ضابط فلا تقوم به الحجة مع ما في أصل الرواية بالكتابة من الخلاف وإن بعضهم يرى انقطاعها وقال ابن عبد البر اختلف في ألفاظ هذا الحديث اختلافاً كثيراً متدافعا مضطرباً منهم من يقول صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان ومنهم من يذكر عثمان ومنهم من يقتصر على أبي بكر وعمر ومنهم من يقتصر على أبي بكر وعمر وعثمان ومنهم من قال وكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم ومنهم من قال وكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم ومنهم من قال فكانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين ومنهم من قال وكانوا يقرؤون بسم الله الرحمن الرحيم وهذا اضطراب لا تقدم معه حجة انتهى من شرح التقريب للسيوطي

مسألة مدرج الإسناد

[مسألة مدرج الإسناد:] أشرنا إليها بقولنا وإن طعن بأنه خالف موثوقا أمن إشارة إلى السابع مما يطعن به وهو مخالفة الراوي للثقات ولما كانت المخالفة بأمور ذكرناها بأسمائها فقلنا (62) فإن يكن غير في السياق ... فمدرج الإسناد باتفاق هذا أول الأقسام من أقسام المخالفة من الراوي للثقات وهو أن يغير في سياقه الإسناد فالواقع فيه ذلك التغيير يسمى مدرج الإسناد قال الحافظ وهو أقسام الأول أن يروي جماعة الحديث بأسانيد مختلفة فيرويه عنهم راو فيجمع الكل على إسناد واحد من تلك الأسانيد ولا يبين الاختلاف الثاني أن يكون المتن عند راو إلا طرفا منه فإنه عنده بأسانيد مختلفة فيرويه راو إلا طرفا منه فإنه عنده بإسناد آخر فيرويه راو عنه تاما بالإسناد الأول ومنه أن يسمع الحديث من شيخه إلا طرفا منه فيسمعه عن شيخه بواسطة فيرويه عنه تاما بحذف الواسطة الثالث أن يكون عند الراوي متنان مختلفان بإسنادين مختلفين فيرويهما راو عنه مقتصرا على أحد الإسنادين أو يروي أحد الحديثين بإسناده الخاص به لكن يزيد فيه من المتن الآخر ما ليس في الأول الرابع أن يسوق الإسناد فيعرض له عارض فيقول كلاما من قبل نفسه فيظن بعض من سمعه أن ذلك الكلام هو متن ذلك الإسناد فيرويه عنه كذلك هذه أقسام مدرج الإسناد انتهى كلام الحافظ والسيد محمد ذكر بعض هذه الأقسام في متن مختصره وقد بيناها وأمثلتها في شرحنا على التنقيح

مسألة مدرج المتن

الثامن من أقسام المخالفة. ... [مسألة مدرج المتن:] وأشار إليه قولنا: (62) أو أدمج الموقوف بالمرفوع ... فمدرج المتن لدا الجميع وهذا مدرج المتن وهو أن يقع في المتن كلام ليس منه بل من كلام الصحابة أومن بعدهم يتصل بالمرفوع من كلامه صلى الله عليه وسلم من غير فصل بينهما فتارة يكون في أوله وتارة في أثناءه وتارة في آخره وهو الأكثر لأنه يقع بعطف جملة على جملة قال الحافظ ويدرك الإدراج بوجود رواية مفصلة للقدر المدرج مما أدرج فيه أو بالتنصيص على ذلك من الراوي أو من بعض الأئمة المطلعين أو باستحالة كون النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك وقد صنف الخطيب في المدرج كتابا سماه تقريب المنهج في ترتيب المدرج ولخصته وزدت عليه قدر ما ذكر مرتين أو أكثر انتهى قلت في التقريب للنووي وصنف فيه الخطيب كتابا قال السيوطي في شرحه أي في نوع المدرج وسماه الفصل للوصل المدرج في النقل قال النووي شفى وكفى أي الخطيب قال السيوطي وقد لخصه شيخ الإسلام يريد الحافظ ابن حجر وزاد عليه قدره مرتين أو أكثر في كتاب سماه تقريب المنهج في ترتيب المدرج انتهى وكأنه وقع ما ذكره سهوا وقول الحافظ بوجود رواية

مفصلة ومثاله ما رواه أبو داود ثنا عبدالله بن محمد النفيلي ثنا زهير ثنا الحسن بن الحر عن القاسم بن مخيمرة قال أخذ علقمة بيدي فحدثني أن عبدالله بن مسعود وذكر تعليمه له صلى الله عليه وسلم للتشهد وفيه إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد فقوله إذا قلت إلى آخره وصله زهير بن معاوية بالحديث المرفوع في رواية أبي داود قال النووي في الخلاصة اتفق الحفاظ على أنها مدرجة وقد رواه شبابة بن سوار عن زهير ففصله فقال قال عبد الله فإذا قلت إلى آخره رواه الدارقطني وقال شبابة ثقة وقد فصل آخر الحديث وجعله من قول ابن مسعود وهو أصح من رواية من أدرج وهو أشبه بالصواب لأن ابن ثوبان رواه عن الحسن كذلك مع اتفاق كل من روى التشهد عن علقمة وعن غيره عن ابن مسعود على ذلك وكذلك ما أخرجه الشيخان من طريق ابن أبي عروبة وجرير بن حازم عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة من أعتق شقصا وذكرا فيه الاستسعاء قال الدارقطني فيما انتقده على الشيخين قد رواه شعبة وهشام وهما أثبت الناس في قتادة فلم يذكرا فيه الاستسعاء ووافقهما همام وفصل الاستسعاء من الحديث وجعله من قول قتادة قال الدارقطني وذلك أولى بالصواب وقول الحافظ أو

باستحالة كون النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك ومثاله ما في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعا للعبد المملوك أجران والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك فقوله والذي نفسي بيده إلى آخره من كلام أبي هريرة لأنه ممتنع منه صلى الله عليه وسلم أن يتمنى الرق ولأن أمه لم تكن إذ ذاك موجودة حتى يذكر برها وقول الحافظ تارة في أوله لأن الراوي يقول كلاما فيريد أن يستدل عليه بالحديث فيأتي به بلا فصل فيتوهم أن الكل حديث مثاله ما رواه الخطيب من رواية أبي قطن وشبابة فرقهما عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار فقوله أسبغوا الوضوء مدرج من قول أبي هريرة كما في رواية البخاري عن آدم عن شعبة إلى قوله عن أبي هريرة أنه قال أسبغوا الوضوء قال أبو القاسم ويل للأعقاب من النار قال الخطيب وهم أبو قطن وشبابة في روايتهما عن شعبة وقد رواه الجم الغفير كرواية آدم ومثال المدرج في الوسط حديث عائشة في بدء الوحي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحنث في غار حراء وهو التعبد الليالي ذوات العدد فقوله وهو التعبد مدرج من قول الزهري وحديث فضالة أنا الزعيم

مسألة المقلوب

والزعيم الحميل ببيت في ربض الجنة الحديث فقوله والزعيم الحميل مدرج من تفسير ابن وهب والأمثلة كثيرة والثالث من أقسام المخالفة تضمنها قولنا: ... [مسألة المقلوب:] (64) أو كان بالتقديم والتأخير ... فإنه المقلوب في المأثور عطف على قولنا فإن يكن غير في السياق أي أو كان الراوي للمخالف غير في الرواية بالتقديم والتأخير في الأسماء كمرة بن كعب أو كعب بن مرة لأن اسم أحدهما اسم أبي الآخر ونحو حديث مشهور عن سالم جعله عن نافع ليرغب فيه لغرابته قال ابن دقيق العيد وهذا هو الذي يطلق عل رواية أنه سرق الحديث فهذا هو المقلوب وعبارة شرح التقريب في هذا قال أن يؤخذ إسناد متن فيجعل على متن آخر وبالعكس وهذا قد يقصد به أيضا الإغراب فيكون كالوضع قال الحافظ وللخطيب فيه كتاب رفع الارتياب قال وقد يقع القلب في المتن أيضا كحديث أبي هريرة عند مسلم في السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظل عرشه ففيه ورجل تصدق بصدقة أخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفقه شماله فهذا مما انقلب على أحد الرواة وإنما هو حتى لا

مسألة متصل الأسانيد

تعلم شماله ما تنفق يمينه كما في الصحيحين. الرابع منها: [مسألة متصل الأسانيد:] أشار إليها قولنا: (65) أو زاد راو سمه المزيد في ... متصل الإسناد فيه واكتفي فقولنا راو من باب ولو أن واش وهو أيضا عطف على ما قبله أي أو كان الراوي المخالف زاد في أثناء الإسناد راويا والذي لم يزده أتقن فهذا يسمى المزيد في متصل الأسانيد. [مسألة المضطرب:] قد ألم به قولنا: (66) أو كان إبدالا بلا مرجح ... فسمه مضطربا واطرح هذا خامس ما تقع به المخالفة وهو معطوف على ما تقدمه من أقسامها الأربعة أي أو كان الراوي خالف غيره بإبداله براو آخر ولا مرجح لإحدى الروايتين على الأخرى فهذا عندهم يقال له المضطرب قال الحافظ وهو يقع في الإسناد غالبا وقد يقع في المتن لكن قل

أن يحكم المحدث على الحديث بالاضطراب بالنسبة إلى الاختلاف في المتن دون الإسناد انتهى كلام الحافظ واعلم أنه أجمل فيما تكلم به في هذا القسم وقد بسطه النووي في التقريب وشرحه للسيوطي فننقل ما قالا فقال المضطرب هو الذي يرد على أوجه مختلفة من راو واحد مرتين أو أكثر أو من راو ثان أو من رواة متقاربة وعبارة ابن الصلاح متساوية وعبارة ابن جماعة متقاومة بالواو والميم أي ولا مرجح فإن رجحت إحدى الروايتين أو الروايات بحفظ راويها مثلا أو كثرة صحبته المروي عنه أو غير ذلك من وجوه الترجيح فالحكم للراجحة ولا يكون الحديث مضطربا لا الرواية الراجحة كما هو ظاهر ولا المرجوحة بل هي شاذة أو منكرة والاضطراب يوجب ضعف الحديث لإشعاره بعدم الضبط من رواته الذي هو شرط في الصحة أو الحسن ويقع الاضطراب في الإسناد تارة وفي المتن أخرى ويقع فيهما أي الإسناد والمتن معا من راو واحد أو راويين أو جماعة مثاله في الإسناد حديث أبي بكر أنه قال يا رسول الله أراك شبت قال شيبتني هود وأخواتها قال الدارقطني هذا مضطرب فإنه لم يرو إلا من طريق أبي إسحاق وقد اختلف فيه عليه على نحو عشرة وجوه فمنهم من رواه عنه مرسلا ومنهم من رواه موصولا ومنهم من جعله من مسند أبي بكر ومنهم من جعله من مسند سعد ومنهم من جعله من مسند عائشة وغير ذلك ورواته ثقات لا يمكن ترجيح بعضهم على بعض

مسألة جواز الإبدال عمدا للامتحان

ومثال مضطرب المتن فيما أورده العراقي حديث فاطمة بنت قيس قالت سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الزكاة فقال إن في المال لحقا سوى الزكاة رواه الترمذي هكذا من رواية شريك عن أبي حمزة عن الشعبي عن فاطمة ورواه ابن ماجه من هذا الوجه بلفظ ليس في المال حق سوى الزكاة قال فهذا الاضطراب لا يحتمل التأويل وقد عورض التمثيل بهذا بأن شيخ شريك ضعيف فهو مردود لضعف رواية لا لاضطرابه قيل وأحسن منه في التمثيل حديث البسملة الذي قدمناه. [مسألة جواز الإبدال عمدا للامتحان:] قد تضمنها قولنا: (67) وربما للامتحان يفعل ... عمدا وفيه قصة لا تجهل ضبط لقول الحافظ وقد يقع الإبدال عمدا امتحانا وقولنا وفيه قصة لا تجهل إشارة إلى ما وقع للبخاري من القصة المشهورة لما امتحنه علماء بغداد وأبدلوا له ما أوردوه عليه وذلك فيما رواه الخطيب بسنده إلى أبي أحمد بن عدي يقول سمعت عدة مشائخ بحلوان أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم بغداد فسمع به أصحاب الحديث فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر ودفعوها إلى

عشرة أنفس إلى كل رجل عشرة وأمروهم إذا حضروا المجلس يلقون ذلك على البخاري وأخذوا الوعد للمجلس فحضر المجلس جماعة أصحاب الحديث من الغرباء من أهل خراسان وغيرهم ومن البغداديين فلما اطمأن المجلس انتدب إليه رجل من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث فقال البخاري لا أعرفه فسأله عن آخر فقال لا أعرفه فما زال يلقي عليه واحدا بعد واحد حتى فرغ من عشرته والبخاري يقول لا أعرفه فكان الفهماء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون الرجل فهم ومن كان منهم على غير ذلك يقضي على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم ثم انتدب إليه رجل أخر من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث المقلوبة فقال البخاري لا أعرفه ثم انتدب إليه الثالث والرابع إلى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة والبخاري لا يزيدهم على لا أعرفه فلما علم البخاري أنهم قد فرغوا التفت إلى الأول منهم فقال أما حديثك الأول فهو كذا وحديثك الثاني فهو كذا والثالث والرابع حتى أتى على تمام العشرة فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه وفعل بالآخرين مثل ذلك ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها وأسانيدها إلى متونها فأقر له الناس بالحفظ وأذعنوا له بالفضل وقد بسط القصة الحافظ في مقدمة فتح الباري وهذه

مسألة المصحف والمحرف

[مسألة المصحف والمحرف:] وهو السابع منها أشار إليها قولنا: (68) أو كان بالتغيير للحروف ... مع بقا سياقه المعروف (69) فسمه المصحف المحرفا ... هذا وحرم منهم التصرفا أي أو كان الراوي خالف بتغيير حرف أو حروف مع بقاء صورة الخط في السياق وجعلوه قسمين الأول إن كان بالنسبة إلى النقط فالمصحف وإن كان بالنسبة إلى الشكل فالمحرف قال الحافظ ومعرفة هذا النوع مهمة وقد صنف فيه العسكري والدارقطني وغيرهما وأكثر ما يقع في المتون وقد يقع في الأسماء التي في الأسانيد انتهى مثال ما وقع في المتن ما رواه الدارقطني أن أبا بكر الصولي أملى حديث من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فقال شيئا بالشين المعجمة والتحتانية ومنه ما رواه ابن لهيعة عن كتاب موسى بن عقبة بإسناده عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في المسجد وإنما هو احتجر بالراء أي اتخذ حجرة من حصير أو نحوه يصلي عليها

ومن التصحيف في الإسناد العوام بن مراجم بالراء والجيم صحفه ابن معين فقال مزاحم بالزاي والحاء ويكون في المعنى كقول محمد بن المثنى العنزي نحن قوم لنا شرف نحن من عنزة صلى إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى عنزة فتوهم أنه صلى إلى قبيلتهم وإنما العنزة هنا الحربة تنصب بين يديه وأعجب من ذلك ما ذكره الحاكم عن أعرابي أنه زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى شاة صحف عنزة بسكون النون ثم رواه بالمعنى فكان خطأ من وجهين في اللفظ والمعنى وهذا باب واسع يقع في القرآن والحديث ومخاطبات الناس قال النووي وطريقه في السلامة من التصحيف الأخذ من أفواه أهل المعرفة والتحقيق أي لا من بطون الكتب وإذا وقع في روايته لحن أو تحريف فقال ابن سيرين وابن سخبرة يرويه كما سمعه أي ملحونا محرفا محافظة على اللفظ وهذا غلو في ذلك قال النووي والصواب وقول الأكثرين يرويه على الصواب انتهى

مسألة جواز النقص من الرواية والرواية بالمعنى

[مسألة جواز النقص من الرواية والرواية بالمعنى:] قد ألم بهما قولنا: (70) بالنقص والمرادف الشهير ... للمتن عمدا فيه بالتغيير (71) إلا لمن يعلم بالمعاني ... وما يحيل اللفظ والمباني هذا إلمام بمسألتين وهو منع التصرف في الحديث بالنقص منه ومنع روايته بلفظ يرادفه إلا لمن ذكر قال الحافظ ولا يجوز تغيير صورة المتن مطلقا ولا الاختصار منه بالنقص ولا إبدال اللفظ المرادف باللفظ المرادف له إلا لعالم بمدلولات الألفاظ بما يحيل المعاني على الصحيح في المسألتين أما اختصار الحديث فالأكثرون على جوازه بشرط أن يكون الذي يختصره عالما لأن العالم لا ينقص من الحديث إلا ما لا تعلق له بما يبقيه منه بحيث لا تختلف الدلالة ولا يختل البيان حتى يكون المذكور والمحذوف بمنزلة خبرين أو يدل ما ذكره على ما حذفه بخلاف الجاهل فإنه قد ينقص ماله تعلق كترك الاستثناء زاد النووي أما من رواه تاما فخاف إن رواه ثانيا ناقصا أن يتهم بزيادة فيما رواه أولا أو نسيان لغفلة أو قلة ضبطه ثانيا فلا يحوز له النقصان ثانيا ولا ابتداء إن تعين عليه قال وأما تقطيع المصنف الحديث الواحد في الأبواب أي بحسب الاحتجاج به في المسائل فهو إلى الجواز أقرب قال الشيخ يعني ابن الصلاح ولا يخلو عن كراهة قال النووي وما أظنه أي ابن

الصلاح يوافق عليه أي على قوله بالكراهة قال السيوطي فقد فعله الأئمة مالك والبخاري وأبو داود والنسائي وغيرهم وأما الرواية بالمعنى فالخلاف فيها شهير والأكثرون على الجواز أيضا ومن أقوى حججهم الإجماع على جواز شرح الشريعة للعجم بلسانهم للعارف به فإذا جاز الإبدال بلغة أخرى فجوازه باللغة العربية أولى وقيل إنما يجوز في المفردات دون المركبات وقيل إنما يجوز لمن يستحضر اللفظ ليتمكن من التصرف فيه وقيل إنما يجوز لمن كان يحفظ الحديث فنسي لفظه وبقي معناه مرتسما في ذهنه فله أن يرويه بالمعنى لمصلحة تحصيل الحكم بخلاف من كان مستحضرا للفظه وجميع ما تقدم يتعلق بالجواز وعدمه ولا شك أن الأولى إيراد الحديث بألفاظه دون التصرف فيه قال القاضي عياض ينبغي سد باب الرواية بالمعنى لئلا يتسلط من لا يحسن ممن يظن أنه يحسن كما وقع لكثير من الرواة قديما وحديثا والله الموفق انتهى وقال النووي إنه قال جمهور السلف والخلف قال السيوطي منهم الأئمة الأربعة تجوز الرواية بالمعنى في جميع هـ إذا قطع بأداء المعنى قال السيوطي في شرحه لأن ذلك هو الذي تشهد به أحوال الصحابة والسلف ويدل عليه روايتهم للقصة الواحدة بألفاظ مختلفة وقد ورد في المسألة حديث مرفوع رواه ابن مندة في معرفة الصحابة والطبراني في الكبير من حديث يعقوب بن عبدالله بن سليمان بن أكيمة

الليثي قال قلت يا رسول الله إني أسمع منك الحديث لا أستطيع أن أرويه كما أسمع منك يزيد حرفا أو ينقص حرفا فقال إذا لم تحلوا حراما ولم تحرموا حلالا وأصبتم المعنى فلا بأس فذكر ذلك للحسن فقال لولا هذا ما حدثنا واستدل الشافعي لذلك بحديث أنزل القرآن على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه قال فإذا كان الله لرأفته بخلقه أنزل كتابه على سبعة أحرف علما منه بأن الحفظ علما منه بأن الحفظ قد يزل لتحل لهم قراءته وإن اختلف لفظهم فيه مالم يكن في اختلافهم إحالة معنى كان ما سوى كتاب الله أولى أن يجوز فيه اختلاف اللفظ مالم يختل معناه وروى البيهقي عن مكحول قال دخلت أنا وأبو الأزهر على واثلة بن الأسقع فقلنا له يا أبا الأسقع حدثنا بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه وهم ولا مزيد ولا نقصان فقال هل أحد فيكم يقرأ من القرآن شيئا فقلنا نعم وما نحن له بحافظين جدا إنا لنزيد الواو والألف وننقص قال فهذا القرآن مكتوب بين أظهركم لا تألونه حفظا وأنتم تزعمون أنكم تزيدون وتنقصون فكيف بأحاديث سمعناها من رسول الله صلى الله عليه وسلم عسى أن لا يكون سمعناه منه إلا مرة واحدة حسبكم إذا حدثنا بالحديث على المعنى قال النووي وهذا أي الخلاف في الرواية بالمعنى إنما يجري في غير المصنفات ولا يجوز تغيير مصنف وإن كان بمعناه وذلك لأن الرواية بالمعنى إنما جازت لما تعذر ضبط اللفظ وذلك غير موجود في الكتب فليس له تغيير تصنيف غيره قال وينبغي للراوي بالمعنى أن يقول عقبيه أو

مسألة الاحتياج إلى معرفة غريب لفظ الحديث

كما قال أو نحوه أو شبهه أو ما أشبه هذا من الألفاظ قال السيوطي وقد كان قوم من الصحابة يفعلون ذلك وهم أعلم الناس بمعاني الكلام خوفا من الزلل لمعرفتهم ما في الرواية بالمعنى من الخلل روى ابن ماجه وأحمد والحاكم أن ابن مسعود قال يوما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاغرورقت عيناه وانتفخت أوداجه ثم قال أو مثله أو نحوه أو شبيه به فائدة قال النووي قال الشيخ يريد ابن الصلاح الظاهر أنه لا يجوز تغيير قال النبي صلى الله عليه وسلم إلى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عكسه وإن جازت الرواية بالمعنى لاختلافه أي اختلاف معنى الرسول والنبي إذ الأول من أوحي إليه للتبليغ والثاني من أوحي إليه للعمل قال النووي والصواب جوازه لأنه لا يختلف به هنا معنى وهذا مذهب أحمد بن حنبل وحماد بن سلمة والخطيب وهذا إذا كان المعنى ظاهرا فإن كان خفيا فقد أرشد إلى ما يزيل خفاه قولنا: [مسألة الاحتياج إلى معرفة غريب لفظ الحديث:] تضمنها قولنا: (72) فإن خفي معناه احتيج إلى ... شرح غريب موضح ما أشكلا جعل النووي في التقريب هذا النوع الثاني والثلاثون فقال غريب

الحديث وهو ماوقع في الحديث من لفظة غامضة بعيدة من الفهم لقلة استعمالها وهو فن مهم والخوض فيه صعب فليتحر خائضه وكان السلف يتثبتون فيه أشد تثبت قال السيوطي في شرحه فقد روينا عن أحمد أنه سئل عن حرف منه فقال سلوا أصحاب الغريب فإنني أكره أن أتكلم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظن وسئل الأصمعي عن حديث الجار أحق بسقبه فقال أنا لا أفسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن العرب تزعم أن السقب اللزيق ثم ذكر النووي من ألف فيه من الأئمة ثم قال ولا يقلد فيها إلا ما كان مصنفوها أئمة جلة قال السيوطي كمجمع الغرائب لعبد الغافر الفارسي وغريب الحديث لقاسم السرقسطي والفائق للزمخشري والغريبين للهروي وذيله للحافظ أبي موسى المديني ثم النهاية لابن الأثير وهي أحسن كتب الغريب وأجمعها وأشهرها الآن وأكثرها تداولا وقد فاته الكثير فذيل عليه الصفي الأرموي بذيل لم نقف عليه وقد شرعت في تخليصها تلخيصا حسنا مع زيادات جمة والله أسأل الإعانة على تمامه انتهى قلت قد أعان الله على تمامه وسماه الدر النثير في مختصر نهاية ابن الأثير قال النووي وأجود تفسير ما جاء مفسرا في الحديث قال شارحه كحديث الصحيحين في قوله صلى الله عليه وسلم لابن صياد خبأت لك خبيئا فما هو قال الدخ

مسألة أسباب الجهالة

فالدخ هنا هو الدخان وهو لغة فيها حكاها الجوهري وغيره لما روى أبو داود والترمذي من رواية الزهري عن سالم عن ابن عمر في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له خبأت لك خبيئا وخبأ له (يوم تأتى السماء بدخان مبين) قال المديني والسر في كونه خبأ له الدخان أنه عيسى عليه السلام يقتله بجبل الدخان فهذا هو الصواب في تفسير الدخ هنا وقد فسره غير واحد على غير ذلك فأخطأ انتهى وقال الحافظ وإن كان اللفظ مستعملا بكثرة لكن في معناه دقة احتيج إلى الكتب المصنفة في شرح معاني الأخبار وبيان المشكل منها وقد أكثر الأئمة من التصانيف وذلك كالطحاوي والخطابي وابن عبدالبر وغيرهم انتهى والبيت في النظم قد ألم بالأمرين لقوله شرح غريب موضح ما أشكلا فإن إيضاح الإشكال يشملهما والسيد محمد قال فإن خفي المعنى احتيج إلى بيان ويسمى شرح الغريب وبيان المشكل والغريب أي ويسمى بيان المشكل والغريب فجعلهما قسما واحداً. [مسألة أسباب الجهالة:] وهو السبب الثامن للطعن في رواية الحديث أشرنا إليه بقولنا: (73) أو جهلة لأجل نعت يكثر ... وجاء بالأخفى وما لا يشهر

مسألة الموضح

عطف على قوله أو جهله على قوله بالكذب وهو أول أسباب الطعن أي يكون الطعن بجهل الراوي قال الحافظ ثم الجهالة بالراوي سببها أمران أحدهما أن الراوي قد تكثر نعوته من اسم أو كنية أو لقب أو صفة أو حرفة أو نسب فيشتهر بشيء منها فيذكر بغير ما اشتهر به لغرض من الأغراض فيظن أنه آخر فتحصل الجهالة بحاله انتهى وقد فهمت معنى البيت وإلمامه بالمراد إلا ذكر كونه لغرض قال النووي وهو فن عويص أي صعب تمس الحاجة إليه لمعرفة التدليس. [مسألة الموضح:] قد أشرنا إلى ما يزيل الجهالة بقولنا: (74) وصنفوا الموضح في ذا المعنى ... أزال ما أشكل منه عنا أي الموضح لأوهام الجمع والتفريق أجاد فيه الخطيب وسبقه إليه عبد الغني بن سعيد المصري وهو الأزدي ثم الصوري سمى كتابه إيضاح الإشكال ومن أمثلته محمد بن السائب بن بشر الكلبي نسبه بعضهم إلى جده فقال محمد بن بشر وسماه بعضهم حماد بن السائب وكناه بعضهم أبا النضر وبعضهم أبا سعيد وبعضهم أبا هشام فصار يظن أنه

أو أنه كان مقلا ثم لا ... يكثر عنه الآخذون النبلا

جماعة وهو واحد ومن لا يعرف حقيقة الأمر لا يعرف شيئا من ذلك ذكره الحافظ قال النووي ومثله سالم الراوي عن أبي هريرة وأبي سعيد وعائشة فإنه سالم أبو عبدالله المدني وهو سالم مولى مالك بن أوس وهو سالم مولى شداد بن الهاد وهو سالم مولى النصريين وهو سالم مولى المهري وهو سالم أبو عبدالله الدوسي وهو سالم مولى دوس وهو أبو عبد الله مولى شداد وهذا هو الأمر الأول من سببي الجهالة والأمر الثاني من سبب الجهالة أفاده قولنا: (75) أو أنه كان مقلا ثم لا ... يكثر عنه الآخذون النبلا أي السبب الثاني من الجهالة أن الراوي يكون مقلا من الحديث فلا يكثر الآخذون عنه وقد بين الأئمة هذا بما يفيده قولنا (76) وصنفوا الوحدان في هذا وإن ... لم يذكر الاسم اختصار فاستبن أي أنهم صنفوا الوحدان وهو من لم يرو عنه إلا واحد ولو سمي فممن جمعه مسلم والحسن بن سفيان وغيرهما فمن الصحابة جماعة مثل عامر بن شهر وعروة بن مضرس ومحمد بن صفوان ومحمد بن صيفي لم يرو عنهم غير الشعبي ومثل قدامة بن عبدالله لم يرو عنه غير أيمن بن نائل ومثل المسيب بن حزن القرشي لم يرو عنه إلا ابنه سعيد بن المسيب وغير ذلك كثير

وفي التابعين جماعة منهم الزهري تفرد عن نيف وعشرين من التابعين لم يرو منهم غيره وكذا انفرد مالك عن زهاء عشرة من شيوخ المدينة وقد أنكر بعضهم حصول ذلك في الصحيحين وهو مردود بأحاديث فيها ليس لها إلا راو واحد منها حديث قيس بن أبي حازم عن مرداس الأسلمي يذهب الصالحون الأول فالأول لا راوي له غير قيس أخرجه البخاري وكذا أخرج مسلم حديث رافع بن عمرو الغفاري ولم يرو عنه غير عبدالله بن الصامت وكذا أخرجا جميعا حديث المسيب بن حزن في وفاة أبي طالب مع أنه لا راوي له غير ابنه سعيد كما سبق فهذا تمام شرح الأمر الثاني من سببي الجهالة وأما قولنا وإن لم يذكر الاسم إلى آخره فإنه إشارة إلى كونه لا يسمى الراوي من روى عنه اختصارا من الراوي كقوله أخبرني فلان أو شيخ أو رجل أو بعضهم أو ابن فلان ويستدل على معرفة اسم المبهم بوروده من طريق أخرى مسمى وقد اعتنى به الأئمة وبالتفتيش عنه بما أشرنا إليه وهي

مسألة المبهمات

[مسألة المبهمات:] تضمنها قولنا: (77) والمبهمات صنفت في هذا ... وفي سواها لم نجد ملاذا أي في غير المبهمات من الكتب التي يعين فيها المبهم لا نجد ما نلوذ به أي لم نجد فيها وأما قبول المبهم أو عدمه فيستفاد من قولنا (78) والمبهم الراوي في القبول ... ولو أتى بلفظه التعديل (79) لا يقبلن على الأصح حكما ... وإن يكن من قد روى مسمى قال الحافظ ولا يقبل حديث المبهم ما لم يسم لأن شرط قبول الخبر عدالة راويه ومن أبهم اسمه لا تعرف عينه فكيف عدالته وكذا لا يقبل خبره ولو أبهم بلفظة التعديل كأن يقول الراوي عنه أخبرني الثقة لأنه قد يكون ثقة عنده مجروحا عند غيره وهذا على الأصح في المسألة ولهذه النكتة لم يقبل المرسل ولو أرسله العدل جازما به لهذا الاحتمال بعينه وقيل يقبل تمسكا بالظاهر إذ الجرح على خلاف الأصل وقيل إن كان القائل عالما أجزأ ذلك في حق من يوافقه في مذهبه انتهى وقد أفهم معنى النظم أنه لا يقبل المبهم ولو أتى من أبهمه بلفظ التعديل وهذا على الأصح وفيه ما سمعت من الخلاف وزاد السيد محمد بعد قوله على الأصح لما مضى في المرسل من المنع من دخول التقليد في الأخبار في مواضع الاجتهاد وهذا منها ولهذا رد بعضهم تعاليق

مسألة مجهول العين ومجهول الحال وأقسامه

الصحيح المجزومة لأن ذلك يؤدي إلى تقليد المجتهد للمجتهد في الاجتهاد وقولنا وإن يكن من قد روى مسمى هو إشارة إلى: [مسألة مجهول العين ومجهول الحال وأقسامه:] كما يرشد إليه قولنا: (80) فإن ترى الآخذ عنه واحدا ... أو كان اثنين رووا فصاعدا (81) فالأول المجهول أعني عينا ... والثاني المجهول حالا فينا (82) وهو الذي يدعونه المستورا ... إن لم يوثق سل به خبيرا قال الحافظ فإن سمي الراوي وانفرد راو واحد بالرواية عنه فهو مجهول العين كالمبهم إلا أن يوثقه غير من انفرد عنه على الأصح وكذا من ينفرد عنه إذا كان متأهلا لذلك قلت فهذا هو القسم الأول والثاني من القسمين هو أن يروي عنه اثنان فصاعدا ولم يوثق فهذا مجهول الحال وهو المستور وهو الذي أفاده قولنا والثاني المجهول حالا إلى آخره وقال النووي المستور هو عدل الظاهر خفي الباطن قال الحافظ وقد قبل روايته جماعة وردها الجمهور والتحقيق أن رواية المستور ونحوه مما فيه الاحتمال لا يطلق القول بردها ولا بقبولها بل

يقال هي موقوفة إلى استبانة حاله كما جزم به إمام الحرمين ونحوه قال ابن الصلاح فيمن جرح بجرح غير مفسر انتهى وظاهر كلامه أن الخلاف فيمن روى عنه اثنان وقال السيد محمد فإن سمى المجهول وانفرد واحد عنه فمجهول العين والحق عند الأصوليين أنه إذا وثقه الراوي أو غيره قبل خلافا لأكثر المحدثين والقول قول الأصوليين ووجه قول المحدثين أنه يتنزل منزلة التوثيق المبهم إذا كان اسم الرجل وعينه لم يثبت إلا من جهة من وثقه فكأنه قال حدثني الثقة وكأنه لو اشتهر لأمكن القدح فيه كالمبهم والجواب أن الضرورة إذا ألجأت إلى التقليد جاز بناء الاجتهاد عليه كالتقليد في توثيق المعين وجرحه قلت قد اختلفت كلامه في التوثيق والجرح فسماه هنا تقليدا وفي موضع من تنقيح الأنظار مثل هذا إنه تقليد وفي آخر إنه من باب قبول أخبار الآحاد وإنه من قسم الاجتهاد وقد حققنا الحق هنالك ثم قال فإن أوجبوا يريد المحدثين طلب الظن الأقوى فذلك مما لم يثبت عليه دليل وقد قبل علي عليه السلام حديث من اتهمه بعد أن استحلفه والحق أن مراتب الظن غير منحصرة فلا يتحقق قدر الظن الأقوى وحينئذ يجب الرجوع إلى مطلق الظن أي عند التعارض فيعمل بمجرد الرجحان وإن قاسوه أي أهل الحديث على الشهادة فمردود بوجود

الفارق انتهى أي بين الشهادة والرواية فلا يصح قياس أحدهما على الآخر قال السيوطي من الأمور المهمة تحرير الفرق بين الرواية والشهادة وقد خاض المتأخرون وغاية ما فرقوا به الاختلاف في بعض الأحكام كاشتراط العدد وغيره وذلك لا يوجب تخالفا في الحقيقة قال العراقي أقمت مدة أطلب الفرق بينهما حتى ظفرت به في كلام المازري فقال الرواية هي الإخبار عن أمر لا ترافع فيه إلى الحكام وخلافه الشهادة قال وأما الأحكام التي يفترقان فيها فكثيرة لم أر من تعرض لجمعها وأنا أذكر منها ما تيسر الأول العدد لا يشترط في الرواية بخلاف الشهادة وذكر ابن عبدالسلام في مناسبة ذلك أمورا أحدها أن الغالب مهابة المسلمين للكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف شهادة الزور الثاني قد ينفرد بالحديث راو واحد فلو لم يقبل لفات على أهل الإسلام تلك المصلحة بخلاف فوت حق واحد على شخص واحد الثالث إن بين كثير من المسلمين عدوانا يحملهم على شهادة الزور بخلاف الرواية عنه صلى الله عليه وسلم الرابع لا يشترط الذكورة فيها مطلقا بخلاف الشهادة في بعض المواضع الخامس لا يشترط الحرية فيها بخلاف الشهادة مطلقا السادس تقبل شهادة التائب من الكذب دون روايته

مسألة البدعة

السابع من كذب في حديث واحد رد جميع حديثه السابق بخلاف من تبين شهادته بالزور في مرة لا ينقض به ما شهد به قبل ذلك الثامن لا تقبل شهادة من جرت شهادته لنفسه نفعا أو دفعت عنه ضررا ويقبل من روى ذلك ثم عد وجوها من الفروق انتهت إلى عشرين لا حاجة إلى ذكرها هنا. [مسألة البدعة:] وهي التاسع من أسباب الطعن في الراوي وهو ما ألم به قولنا: (83) والابتداع بالذي يكفر ... يرد من لابسه ويزجر قال المناوي في التعريفات البدعة الفعلة المخالفة للسنة وفي الحديث كل محدث بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار انتهى قال الحافظ ثم البدعة إما أن تكون بمكفر كأن يعتقد ما يستلزم الكفر أو بمفسق فالأول لا يقبل صاحبها الجمهور قال وقيل يقبل مطلقا وقيل إن كان لا يعتقد حل الكذب لنصرة مقالته قبل والتحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدعة لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة وقد تبالغ فتكفر مخالفيها فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع معلوما من

مسألة البدعة بمفسق

الدين بالضرورة وكذا من اعتقد عكسه فأما من لم يكن بهذه الصفة وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه فلا مانع من قبوله انتهى وفي التقريب للنووي ومن كفر ببدعته لم يحتج به بالاتفاق قال شارحه كالمجسم ومنكر علم الجزئيات وناقشه في دعوى الاتفاق بما قاله الحافظ من الخلاف واعلم أن قول ابن حجر فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع معلوما من الدين بالضرورة يقال عليه أما هذا فإنه كافر تصريح لأنه مكذب للشارع ومكذبه كافر وكذا معتقد عكسه فليسا من أهل الإسلام والكلام في رواة هم من أهل الإسلام ارتكبوا بدعة في الدين وقد ألفنا رسالة ثمرات النظر في علم الأثر على هذه المسألة التي تكلم عليها الحافظ فيما يتعلق بالبدعة وقد حققناه تحقيقا شافيا وأضفنا إليه فوائد نافعة لمن أرادها وقد عرف من كلام الحافظ أنه اعتمد قبول رواية من ابتدع بمكفر إذا كان ضابطا ورعا تقيا ثم هذا مبني على التكفير بالإلزام وهو باطل وعلى أنه يكفر أهل القبلة بالبدعة وهو خلاف مذهب الأشعرية. [مسألة البدعة بمفسق:] قد أتى بها قولنا:

لا بالذي فسق فهو يقبل ... مالم يكن داعية أو ينقل

(84) لا بالذي فسق فهو يقبل ... مالم يكن داعية أو ينقل (85) رواية تقوي ابتداعه ... هذا الذي يختاره الجماعه (86) صرح به شيخ الإمام النسائي ... الجوزجاني ثم خذ من نبائي اعلم أن هذه مسألة قبول فساق التأويل كما أن الطرف الأول في رواية كفار التأويل قال الحافظ والثاني وهو ما لا تقتضي بدعته التكفير أصلا قد اختلف في قبوله ورده فقيل يرد مطلقا وهو بعيد وأكثر ما علل به أن في الرواية عنه ترويجا لأمره وتنويها بذكره وعلى هذا فينبغي أن لا يروى عن مبتدع شيء يشاركه فيه غير مبتدع وقيل يقبل مطلقا إلا إن اعتقد حل الكذب كما تقدم قلت أما اعتقاد حل الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو رد لما تواتر من حديث من كذب علي فهو كفر وقيل يقبل ما لم يكن داعية إلى بدعته لأن تزيين بدعته قد يحمله على تحريف المرويات وتسويتها على ما يقتضيه مذهبه وهذا في الأصح وأغرب ابن حبان فادعى الاتفاق على قبول غير الداعية من غير تفصيل نعم الأكثر على قبول غير الداعية إلا أن يروي ما يقوي بدعته فيرد على المذهب المختار وبه صرح الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني شيخ أبي داود والنسائي في كتابه معرفة الرجال فقال في وصف الرواة ومنهم زائغ عن الحق أي عن السنة صادق اللهجة فليس فيه حيلة إلا أن يؤخذ من حديثه ما لا يكون منكرا إذا لم يقو به بدعته انتهى وما قاله متجه لأن العلة التي بها يرد حديث الداعية ظاهرة فيما إذا كان المروي يوافق مذهب المبتدع ولو لم يكن داعية والله أعلم انتهى وقد

ألمت بمعناه الأبيات وقال السيد محمد في مختصره وقد يرد المسلم بارتكاب الكبائر تصريحا وهو إجماع وشذ من قبل الصدوق منهم ويرد بكون مساويه أكثر من محاسنه وإن اجتنب الكبائر وقد يرد الراوي بالبدعة وهي إما بمكفر فلا يقبله الجمهور أو بمفسق فيقبل من لم يكن داعية في الأصح ويرد الداعية عند المحدثين قال والقوي في الدليل قبوله إلا فيما يقوي بدعته وتقوي القرائن تهمته ولا يتابع وقد ادعى جماعة حلة الإجماع على قبول المتأولين مطلقا وهو مذهب جمهور أهل البيت حجة من ردهم التهمة بالبدعة وحجة من قبلهم ظن الصدق مع عدم المانع منه ورواية الثقات للإجماع على ذلك منهم القاضي زيد في شرحه والمنصور بالله في المهذب والصفوة والإمام يحيى بن حمزة في الانتصار وعبدالله بن زيد في المنظومة وأبو الحسين في المعتمد والشيخ الحسن الرصاص في كتابه وحفيده أحمد في الجوهرة والحاكم في شرح العيون وما يلزم من ردهم من تعطيل علم الحديث والأثر كما يعلم ذلك من بحث عن رجال الصحيحين مع بلوغ الجهد في تنقية رواتهما وقد أوضحت ذلك في العواصم وعلوم الحديث انتهى كلامه وفيه قبول فساق التأويل مطلقا وهو الذي استدل له بالإجماع وغيره سواء كان داعية أو لا قوت روايته بدعته أو لا والنووي قوى في التقريب قبول المبتدع غير الداعية وقال إنه قول الكثير أو الأكثر وقال إن صاحبي الصحيحين احتجا بكثير من المبتدعة غير الدعاة وقال العراقي بل احتجا أي الشيخان بالدعاة فاحتج البخاري بعمران بن حطان وهو

مسألة الشاذ والمختلط

من الدعاة واحتجا بعبدالحميد بن عبدالرحمن الحماني وكان داعية إلى الإرجاء وأجاب بأن أبا داود قال ليس في أهل الأهواء أصح حديثا من الخوارج ثم ذكر عمران بن حطان وأبا حسان الأعرج قال ولم يحتج مسلم بعبدالحميد بل أخرج له في المقدمة وقد وثقه ابن معين انتهى قلت إذا قد قيل بأصحية حديث عمران بن حطان الخارجي الداعية المادح لقاتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لأجل أنه صادق في حديثه فليقبل كل مبتدع صدوق ويجعل الصدق هو المعيار في قبول الرواية ويطرح رسم العدالة وغيره وقد أودعنا ثمرات النظر أبحاثا نفيسة تعلق بهذا وهذا كله يقوي القول بقبول المبتدع مطلقا إذا كان صدوقا وقد نصرناه في شرح التنقيح وغيره. [مسألة الشاذ والمختلط:] وهو السبب العاشر من أسباب الطعن في الرواة وهو آخر المطاعن وقد أشرنا إليه بقولنا ثم خذ من نبائي فإنه يتعلق به قولنا: (87) بأن سوء الحفظ في الرواة ... قسمان في مقالة الأثبات (88) فلازم فالشاذ ما يرويه ... في رأي بعض والذي يليه (89) طار وذا مختلط وفاقا ... وكلما نظمي له قد ساقا المراد بسيئ الحفظ من لم يرجح جانب إصابته على جانب خطئه وهو

على قسمين الأول إن كان لازما للراوي في جميع حالاته فهو الشاذ على رأي بعض أهل الحديث الثاني أن يكون سوء الحفظ طارئا على الراوي إما لكبره أو لذهاب بصره أو لاحتراق كتبه أو عدمها بأن كان يعتمدها فرجع إلى حفظه فساء حفظه فهذا يقال له المختلط وقد ألمت الأبيات بذلك والحكم في الثاني إنما حدث به قبل الاختلاط إذا تميز قبل وإذا لم يتميز توقف فيه وكذا من اشتبه الآمر فيه وإنما يعرف ذلك باعتبار الآخذين عنه واعلم أنه قد تقدم أن الشاذ مقابل المحفوظ وهو ما رواه المقبول مخالفا لما هو أولى منه قال الحافظ وهذا هو المعتمد في تعريف الشاذ بحسب الاصطلاح وهنا جعل الشاذ رواية من كان سوء الحفظ ملازما له في جميع حالاته وهو غير ما تقدم فلذا قيل هنا على رأي ولأئمة الحديث في الشاذ كلام كثير قد أودعناه شرح التنقيح وننقل هنا عبارة النووي في التقريب ففيها تقريب قال النوع الثالث عشر الشاذ وهو عند الشافعي وجماعة من علماء الحجاز ما روى الثقة مخالفا لرواية الناس لا أن يروي ما لا يروي غيره وقال الخليلي والذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ به ثقة أو غيره فما كان عن غير ثقة فمتروك وما كان عن ثقة توقف فيه ولا يحتج به

وقال الحاكم هو ما انفرد به ثقة وليس له أصل متابع وما ذكراه مشكل بإفراد العدل الضابط كحديث إنما الأعمال بالنيات والنهي عن بيع الولاء وغير ذلك مما في كتابي الصحيح فالصحيح التفصيل فإن كان الثقة بتفرده مخالفا من هو أحفظ منه وأضبط كان شاذا مردوداً وإن لم يخالف فإن كان عدلاً حافظاً موثوقاً بضبطه كان تفرده صحيحا وإن لم يوثق بحفظه ولم يبعد عن درجة الحافظ كان حسنا وإن بعد كان شاذا منكرا مردودا والحاصل أن الشاذ المردود هو الفرد المخالف والفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما يجبر تفرده انتهى كلامه فجعل في الشاذ صحيحا وحسنا ومردودا وأما هذا القسم وهو ما رواه من كان سوء الحفظ ملازما له فما عده منه وقال السيد محمد وقد يرد لسوء الحفظ فإن كان ملازما فالضعيف واشترط الأصوليون أن يكون خطأه أكثر من صوابه أو مساويا للقطع بتجويز الخطأ على الثقات وتعيين العمل بالراجح وقال المحدثون متى كثر خطأه لا يحتج به وإن كان صوابه أكثر إما لعدم حصول الظن المطلق وهذا أقوى أو لأنهم لا يتمسكون من الظنون إلا بما ثبت عندهم من الإجماع عليه ويلزم من لم يتمسك بالعقل وإما لعدم حصول الظن الأقوى وفيه نظر كما تقدم في المرسل ومنهم من يعرف حديث الضعيف بالشاذ فإن كان سوء الحفظ طارئا

فالمختلط انتهى وفيه ما تراه من زيادة التفصيل واعلم أنه قد يحسن بعض ما ذكر مما وجد فيه مطعن ما تضمنه قولنا: .................................... ... وكلما نظمي له قد ساقا (90) من سيء الحفظ ومن مستور ... ومرسل مدلس مذكور (91) إن توبعت بمن يرى معتبرا ... حسن مجموع الذي قد ذكرا قولنا حسن أي ما ذكر من المعتبر ما ذكر من الأحاديث المطعون فيها يعني عن زيادة لا لذاته قال الحافظ ومتى توبع السيء الحفظ بمعتبر كأن يكون فوقه أو مثله أي في الدرجة لا في الصفة لا دونه وكذا أي توبع المختلط الذي لم يتميز وكذا أي إذا توبع المستور والإسناد المرسل وكذا المدلس إذا لم يعرف المحذوف منه صار حديثهم لا لذاته بل وصفه بذلك باعتبار المجموع من المتابع والمتابع لأن كل واحد منهما في احتمال كون روايته صواب أو غير صواب على حد سواء فإذا جاءت من المعتبرين رواية موافقة لأحدهم رجح أحد الجانبين من الاحتمالين المذكورين ودل ذلك على أن الحديث محفوظ فارتقى من درجة التوقف إلى درجة القبول والله سبحانه أعلم ومع ارتقائه إلى درجة القبول فهو منحط عن رتبة الحسن لذاته وإنما توقف بعضهم عن إطلاق اسم الحسن عليه انتهى وعبارة السيد محمد ومتى توبع سيئ الحفظ والمستور والمرسل والمدلس بمعتبر صار حديثهم حسنا بالمجموع انتهى فعرفت أن هؤلاء الأربعة إن توبعوا برواية معتبرة صار ما رووه حسنا لغيره فقوله مدلس

مسألة المرفوع

معطوف على مرسل حذف حرف عطفه للضرورة وهو جائز فلا يتوهم أنه صفة لمرسل وأن الأقسام ثلاثة إذا عرفت أن هذا هو جملة ما يتعلق بالمتن من حيث القبول والرد فإنه انقضى البحث فيه فاعلم أنه هنا أقساما باعتبار الإسناد وهو الطريق الموصلة إلى المتن والمتن هو غاية ما ينتهي إليه الإسناد من الكلام فهو باعتبار ما ينتهي إليه أقسام الأول: [مسألة المرفوع:] وقد اشتمل عليها قولنا: (92) وإن تجده ينتهي الإسناد ... إلى الرسول خير من قد سادوا (93) إما صريحا أو يكون حكما ... من قوله أو أخويه جزما قولنا أخويه أي الفعل والتقدير لأنهما أخوا القول من حيث أن الثلاثة أقسام السنة وهو إما تصريحا أو حكما قال الحافظ مثال المرفوع من القول تصريحا أن يقول الصحابي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلمي قول كذا أو حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا أو يقول هو أو غيره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا أو نحو ذلك ومثال المرفوع من الفعل تصريحا أن يقول الصحابي رأيت

رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كذا أو يقول هو أو غيره كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل كذا ومثال المرفوع من التقرير ان يقول الصحابي فعلت بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا أو يقول هو أو غيره فعل فلان بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم كذا ولا يذكر إنكاره لذلك ومثال المرفوع من القول حكما لا تصريحا أن يقول الصحابي الذي لم يأخذ عن الإسرائيليات ما لا مجال للاجتهاد فيه ولا له تعلق ببيان لغة أو شرح غريب كالإخبار عن الأمور الماضية من بدء الخلق وأخبار الأنبياء عليهم السلام أو الآتية كالملاحم والفتن وأحوال يوم القيامة وكذلك الإخبار عما يحصل بفعله ثواب مخصوص أو عقاب مخصوص وإنما كان له حكم المرفوع لأن إخباره بذلك يقتضي له مخبرا وما لا مجال للاجتهاد فيه يقتضي موقفا للقائل به ولا توقف للصحابة إلا النبي صلى الله عليه وسلم أو بعض من يخبر عن الكتب القديمة فلهذا وقع الاحتراز عن القسم الثاني وإذا كان فله حكم مالو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مرفوع سواء كان سمعه منه أو عنه بواسطة ومثال المرفوع من الفعل حكما أن يفعل الصحابي ما لا مجال للاجتهاد فيه فينزل ذلك على أن ذلك عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الشافعي في صلاة علي عليه السلام في الكسوف في كل ركعة أكثر من ركوعين ومثال المرفوع من التقرير حكما أن يخبر الصحابي أنهم كانوا يفعلون في زمان النبي صلى الله عليه وسلم كذا فإنه يكون له حكم الرفع من جهة أن الظاهر

اطلاعه صلى الله عليه وسلم على ذلك لتوفر دواعيهم على سؤاله على أمور دينهم ولأن ذلك الزمان زمان نزول الوحي فلا يقع من الصحابة فعل ويستمرون عليه إلا وهو غير ممنوع الفعل وقد استدل جابر وأبو سعيد على جواز العزل بأنهم كانوا يفعلونهم والقرآن ينزل ولو كان مما ينهى عنه لنهى عنه القرآن ويلتحق بقولي حكما ما ورد بصيغة الكناية في موضع الصيغ الصريحة بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم كقول التابعي عن الصحابي يرفع الحديث ويرويه أو ينميه أو يبلغ به أو رواية أو رواه وقد يقتصرون على القول مع حذف القائل ويريدون به النبي صلى الله عليه وسلم كقول ابن سيرين عن أبي هريرة قال تقاتلون قوما الحديث وفي كلام الخطيب أنه اصطلاح خاص بأهل البصرة ومن الصيغ المحتملة قول الصحابي من السنة كذا فالأكثرون على أن ذلك مرفوع ونقل ابن عبدالبر فيه الاتفاق قال وإذا قالها غير الصحابي فكذلك ما لم يضفها إلى صاحبها كسنة العمرين وفي نقل الاتفاق نظر فعن الشافعي في أصل المسألة قولان وذهب إلى أنه غير مرفوع أبو بكر الصيرفي من الشافعية وأبو بكر الرازي من الحنفية وابن حزم من الظاهرية واحتجوا بأن السنة تتردد بين النبيصلى الله عليه وسلم وبين غيره وأجبيوا بأن احتمال إرادة غير النبي صلى الله عليه وسلم بعيد وقد روى البخاري في صحيحه من حديث ابن شهاب عن سالم بن عبدالله بن عمر عن أبيه في

قصته مع الحجاج حيث قال إن كنت تريد السنة فهجر بالصلاة قال ابن شهاب قلت لسالم أفعله النبي صلى الله عليه وسلم قال وهل يعنون بذلك إلا سنته فنقل سالم وهو أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة وأحد الحفاظ من التابعين عن الصحابة أنهم إذا أطلقوا السنة لا يريدون بذلك إلا سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأما قول بعضهم إن كان مرفوعا فلم لا يقولون فيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فجوابه أنهم تركوا الجزم بذلك تورعا واحتياطا ومن هذا قول أبي قلابة عن أنس من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا أخرجاه في الصحيح قال أبو قلابة لو شئت قلت إن أنسا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أي لو قلت لم أكذب لأن قوله من السنة هذا معناه لكن إيراده بالصيغة التي ذكرها الصحابي أولى ومن ذلك قول الصحابي أمرنا بكذا ونهينا عن كذا فالخلاف فيه كالخلاف في الذي قبله لأن مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى من له الأمر والنهي وهو الرسول صلى الله عليه وسلم وخالف في ذلك طائفة وتمسكوا باحتمال أن يكون غيره كأمر القرآن أو الإجماع أو بعض الخلفاء أو الاستنباط

مسألة حقيقة الصحابي والموقوف

وأجيبوا بأن الأصل قال هو الأول وما عداه محتمل لكنه بالنسبة إليه مرجوح وأيضا من كان في طاعة رئيس إذا قال أمرت لا يفهم عنه أن آمره إلا رئيسه وأما قول من يحتمل أن يظن ما ليس بأمر أمرا فلا اختصاص له بهذه المسألة بل هو مذكور فيما لو صرح وقال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وهو احتمال ضعيف لأن الصحابي عدل عارف باللسان فلا يطلق ذلك إلا بعد التحقيق ومن ذلك قوله كنا نفعل كذا فله حكم الرفع أيضا كما تقدم ومن ذلك أن يحكم الصحابي على فعل من الأفعال أنه طاعة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم أو معصية كقول عمار من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم فلهذا حكم الرفع أيضا لأن الظاهر أن ذلك مما تلقاه عنه صلى الله عليه وسلم انتهى كلام الحافظ بطوله لاشتماله على مهمات من مسائل علوم الحديث إذا عرفت هذا القسم الأول من أقسام الإسناد فالقسم الثاني: [مسألة حقيقة الصحابي والموقوف:] هي ما أفهمه قولنا: (94) أو ينتهي إلى الصحابي الذي ... بالوصف بالإيمان قد لاقا النبي (95) ومات بعد مسلما وإن أتى ... بردة تخللت أو انتهى

قولنا أو ينتهي عطف على قولنا وإن تجده ينتهي الإسناد 000إلى آخره أو تجده ينتهي الإسناد إلى الصحابي كذلك في كون اللفظ يقتضي التصريح بأن المنقول هو من قول الصحابي أو من فعله أو من تقريره وتأتي تسميته هو وما قبله قال الحافظ ولما كان هذا المختصر شاملا لجميع أنواع علوم الحديث استطردت منه إلى تعريف الصحابي من هو فقلت وهو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام ولو تخللت ردة على الأصح انتهى وقد ألم به قولنا بالوصف بالإيمان إلى قولنا تخللت وزاد السيد محمد قوله وفي اشتراط طول الملازمة خلاف وفي تقريب النووي اختلف في حد الصحابي والمعروف عند المحدثين أنه كل مسلم رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحاب الأصول أو بعضهم أنه من طالت مجالسته للنبي صلى الله عليه وسلم على طريق التتبع وذكر قول من اشترط أن يقيم معه صلى الله عليه وسلم سنة أو سنتين أو يغزو غزوة أو غزوتين ورده انتهى فلذا قال الحافظ هنا على الأصح قال والمراد باللقاء ما هو أعم من المجالسة والمماشاة ووصول أحدهما إلى الآخر وإن لم يكالمه ويدخل فيه رؤية أحدهما الآخر سواء كان بنفسه أو بغيره والتعبير باللقاء أولى من قول بعضهم الصحابي من رأى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه يخرج ابن أم مكتوم وغيره من العميان وهم صحابة بلا تردد واللقاء في هذا التعريف كالجنس

وقولي مؤمنا كالفصل يخرج من حصل له اللقاء المذكور لكن في حال كونه كافرا وقولي به فصل ثان يخرج من لقيه مؤمنا لكن بغيره من الأنبياء لكن هل يخرج من لقيه مؤمنا بأنه سيبعث ولم يدرك البعثة فيه نظر وقولي ومات على الإسلام فصل ثالث يخرج من ارتد بعد أن لقيه مؤمنا ومات على الردة كعبيدالله بن جحش وابن خطل وقولي ولو تخللت ردة أي بين من لقيه مؤمنا به وبين موته على الإسلام فإن اسم الصحبة باق له سواء رجع إلى الإسلام في حياته أو بعده سواء لقيه ثانيا أم لا وقولي في الأصح إشارة إلى الخلاف في المسألة ويدل على رجحان الأول قصة الأشعث بن قس فإنه كان ممن ارتد وأتي به إلى أبي بكر الصديق أسيرا فعاد إلى الإسلام فقبل منه ذلك وزوجه أخته ولم يتخلف أحد عن ذكره في الصحابة ولا عن تخريج أحاديثه في المسانيد وغيرها انتهى شرح تعرفه قوله أولى من قول بعضهم من رأى إلى آخره قلت وهو بناء على أنه فاعل الرؤية الصحابة وقيل فاعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال السيوطي فيدخل فيه جميع الأمة فإنه كشف له صلى الله عليه وسلم عنهم ليلة الإسراء وغيرها ورآهم

وقوله إشارة إلى الخلاف في المسألة لأنه قال العراقي فيمن ارتد بعده ثم أسلم ومات مسلما في دخوله في الصحابة نظر فقد نص الشافعي وأبو حنيفة على أن الردة محبطة للعمل قال والظاهر أنها محبطة للصحبة السابقة كقرة بن ميسرة والأشعث بن قيس أما من رجع إلى الإسلام في حياته صلى الله عليه وسلم كعبدالله بن أبي سرح فلا مانع من دخوله في الصحبة واعلم أن شرطهم أن يلاقيه مؤمنا به يشكل بجماعة من الصبيان لاقوه ومات صلى الله عليه وسلم قبل بلوغهم كالحسن والحسين وابن الزبير وغيرهم إذ الإيمان إنما يتصف به المكلف فلو قيل من لقيه مسلما أو على الفطرة لكان أشمل قالوا والمراد من رآه في عالم الشهادة فلا تطلق الصحابة على من رآه من الملائكة والنبيين وقد استشكل ابن الأثير عد مؤمني الجن في الصحابة دون من رآه من الملائكة وهم أحق بالذكر من هؤلاء قيل وليس كما زعم لأن الجن من جملة المكلفين الذين تشملهم الرسالة والبعثة فكان ذكر من عرف اسمه ممن رآه منهم حسنا نعم وأما معرفة الصحبة فقال الحافظ يعرف بالتواتر أنه صحابي أو الاستفاضة أو الشهرة أو بإخبار بعض الصحابة أو

بعض ثقات التابعين أو بإخباره عن نفسه بأنه صحابي إذا كان دعواه ذلك يدخل تحت الإمكان قال وقد استشكل هذا الأخير جماعة من حيث أن دعواه ذلك نظير دعوى من قال إنه عدل ويحتاج إلى تأمل انتهى قوله يدخل تحت الإمكان قلت قال السيوطي فإن ادعاه بعد مائة سنة من وفاته فإنه لا يقبل وإن ثبتت عدالته قبل ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أرأيتكم هذه فإنه بعد مائة سنة لا يبقى أحد ممن على ظهر الأرض يريد انخرام ذلك القرن قال ذلك سنة وفاته صلى الله عليه وسلم وشرط الأصوليون في قبوله أن تعرف معاصرته له وقوله وقد استشكل هذا الأخير يعني قبول دعواه أنه صحابي قلت جزم الآمدي ورجحه أبو الحسن القطان أنه لا يقبل نقله السيوطي واعلم أن الصحابة وإن شملهم تعريف واحد فإن رتبهم متفاوتة قال الحافظ لا خفاء برجحان من لازمه صلى الله عليه وسلم وقاتل معه أو قاتل تحت رايته على من لم يلازمه أو يحضر معه مشهدا أو على من كلمه يسيرا أو ماشاه قليلا أو رآه على بعد أو في حالة الطفولية وإن كان شرف الصحبة حاصلا للجميع ومن ليس له سماع منه فحديثه مرسل من حيث الرواية

وهم مع ذلك معدودون في الصحابة لما نالوه من شرف الصحبة انتهى قلت قال النووي اختلف في عدد طبقاتهم وجعلهم الحاكم اثني عشر طبقة قال السيوطي في شرحه الأولى قوم أسلموا بمكة كالخلفاء الأربعة الثانية أصحاب دار الندوة الثالثة مهاجرة الحبشة الرابعة أصحاب العقبة الأولى الخامسة أصحاب العقبة الثانية وأكثرهم أنصار السادسة أول المهاجرين الذين وصلوا إليه بقباء قبل دخوله المدينة السابعة أهل بدر الثامنة الذين هاجروا بين بدر والحديبية التاسعة أهل بيعة الرضوان العاشرة من هاجر بين الحديبية وفتح مكة كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص الحادية عشر مسلمة الفتح الثانية عشرة صبيان وأطفال رأوه يوم الفتح وفي حجة الوداع وغيرهما انتهى قال أبو زرعة الرازي قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مائة ألف وأربعة عشر ألفا من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه فقيل له هؤلاء أين كانوا وأين سمعوا قال أهل المدينة وأهل مكة وما بينهما والأعراب ومن شهد معه حجة الوداع كل رآه وسمع منه أخرجه الخطيب وقد قيل كيف يعرف تحديد ذلك مع تفرق الصحابة في البلدان والقرى وقال النووي الصحابة كلهم عدول من لابس الفتن وغيرهم بإجماع من يعتد به قلت وقد ذكر أدلة هذه الدعوى

مسألة تعريف التابعي

ابن عبدالبر في أول كتابه التمهيد وقد سردنا ذلك في شرح التنقيح وذكرنا أن هذا العموم مخصص عند المحدثين بمن قدحوا فيه وذكر الخلاف في رتب الأفضل منهم بما يطول وليس من علوم أصول الحديث فهذا هو القسم الثاني من أقسام منتهى الإسناد ويأتي تسميته وإلى الثالث أعني: [مسألة تعريف التابعي:] أشار قولنا أو انتهى فإنه يتعلق به قولنا: (96) لتابعي وهو من يلاقي ... أي صحابي مع الوفاق اللام بمعنى إلى كما في قوله تعالى (سقناه لبلد ميت) أو انتهى غاية الإسناد إلى التابعي وعرفناه بقولنا وهو من لقي أي صحابي مع الوفاق أي مع موافقته له في أنه لقيه مؤمنا بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى آخر ما سلف قال الحافظ إن هذا التعريف للتابعي هو المختار خلافا لمن اشترط في التابعي طول الملازمة أو صحة السماع أو التمييز قال وبقي بين الصحابة والتابعين طبقة اختلف في إلحاقهم بأي القسمين وهم المخضرمون الذين أدركوا الجاهلية والإسلام ولم يروا النبي صلى الله عليه وسلم فعدهم ابن

عبدالبر في الصحابة وادعى عياض وغيره أن ابن عبدالبر عدهم في الصحابة وفيه نظر لأنه أي ابن عبدالبر أفصح في خطبة كتابة بأنه إنما أوردهم ليكون كتابه جامعا مستوعبا لأهل القرن الأول والصحيح أنهم معدودون في كبار التابعين سواء عرف أن الواحد منهم كان مسلما في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كالنجاشي أم لا لكن إن ثبت أن النبي ليلة الإسراء كشف له عن جميع من في الأرض فرآهم فينبغي أن يعد من كان مؤمنا به في حياته صلى الله عليه وسلم وإن لم يلاقه في الصحابة لحصول الرؤية من جانبه صلى الله عليه وسلم انتهى قوله المخضرمون واحدهم مخضرم بفتح الراء وهذا مصطلح أهل الحديث فيه لأنه متردد بين طبقتين لا يدري من أيهما وهو من قولهم مخضرم لا يدري أذكر هو أو أنثى كما في المحكم والصحاح وطعام مخضرم لا حلو ولا مر حكاه ابن الأعرابي وقوله وإن لم يلقه لحصول الرؤية جانبه صلى الله عليه وسلم فدل على أنه يرى الحافظ رؤيته تكفي في كون المرئي صحابيا فيرد قوله سابقا أن الأولى لقيه لئلا يخرج ابن أم مكتوم لأنه يقال قد رآه صلى الله عليه وسلم وإن لم يره هو واعلم أنه قال النووي إن الحاكم قال إن التابعين خمس عشرة

مسألة المقطوع

طبقة الأولى من أدرك العشرة ثم عد جماعة منهم وإذا عرفت هذه الثلاثة الأقسام فقد سموا كل قسم باسم يخصه وقد أشرنا إليه في عنوان المسائل إلا المقطوع فلم نقدم له مسألة فهذه: [مسألة المقطوع:] أتى به قولنا: (98) فالأول المرفوع والموقوف ... يدعى به الثاني والمعروف (99) تسمية الثالث بالمقطوع ... وفي سواه ليس بالممنوع الأول ما ينتهي غاية الإسناد إليه يقال له المرفوع سواء كان ذلك الانتهاء بإسناد متصل أو لا والثاني وهو الذي ينتهي الإسناد فيه إلى الصحابي يقال له الموقوف والثالث وهو الذي ينتهي غاية إسناده إلى التابعي يقال له المقطوع قال الحافظ ومن دون التابعي من أتباع التابعين فمن بعدهم فيه أي في التسمية مثله أي مثل ما ينتهي إلى التابعي في تسمية جميع ذلك مقطوعا انتهى وهذا مرادنا بقولنا وفي سواه ليس بالممنوع أي فيما سوى التابعي وهو تابع التابعي ليس الاسم بالمقطوع ممنوعا عنه بل يسمى مقطوعا قال وإن شئت قلت موقوف على فلان فحصلت التفرقة في الاصطلاح بين المقطوع والمنقطع فالمنقطع من مباحث الإسناد والمقطوع من مباحث المتن كما ترى

مسألة الأثر والمسند

وقد أطلق بعضهم هذا في موضع هذا والعكس تجوزا عن الاصطلاح انتهى. [مسألة الأثر والمسند:] ولما كانوا يطلقون على الموقوف والمقطوع اسم الأثر أشار إليه قولنا: (100) وقد يسمون الأخيرين الأثر ... والمسند المذكور في نوع الخبر قولنا والمسند مبتدأ شروع فيما يسمونه مسندا حيث يقولون هذا حديث مسند وخبره قولنا (101) ما كان مرفوع الصحابي الذي ... فيه اتصال ظاهر غير خفي قال الحافظ والمسند مرفوع صحابي مسند ظاهر الاتصال فقولي مرفوع كالجنس وقولي صحابي كالفصل يخرج ما رفعه التابعي يريد بأن يترك التابعي الصحابي من الوسط فإنه مرسل أو من دونه يريد دون التابعي بأن يترك الصحابي والتابعي أيضا من الوسط فإنه معضل أو معلق وقولي ظاهره الاتصال يخرج ما ظاهره الانقطاع ويدخل ما فيه الاحتمال وما توجد فيه حقيقة الاتصال من باب الأولى ويفهم من التقييد بالظهور أن الانقطاع الخفي كعنعنة المدلس والمعاصر الذي لم يثبت لقيه لا يخرج الحديث عن كونه مسندا لإطباق الأئمة الذين خرجوا المسانيد على ذلك وهذا التعريف موافق لقول الحاكم المسند ما رواه المحدث عن شيخ يظهر سماعه منه وكذا شيخه عن شيخه متصلا إلى صحابي إلى

مسألة العلو المطلق والعلو النسبي

رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما الخطيب فقال المسند المتصل فعلى هذا الموقوف إذا جاء بسند متصل يسمى عنده مسندا لكن قال إن ذلك قد يأتي بقلة وأبعد ابن عبدالبر حيث قال المسند المرفوع ولم يتعرض للإسناد فإنه يصدق على المرسل والمعضل والمنقطع إذا كان المتن مرفوعاً ولا قائل به انتهى قلت ابن عبدالبر قد قسم المسند إلى متصل ومنقطع حيث قال فأما المسند فهو ما رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم خاصة فالمتصل من المسند مثل مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال والمنقطع من المسند مثل مالك عن يحيى بن سعيد عن عائشة وعد أمثلة من القسمين. [مسألة العلو المطلق والعلو النسبي:] ثم لما كان ينقسم باعتبار قلة عدد الرواة وكثرتهم أشرنا إليه بقولنا (102) نعم وإن قل الرواة عددا ... ثم انتهى إلى الرسول أحمدا (103) فهو العلو مطلقا أو انتهى ... إلى فتى كشعبة في النبلا (104) فإنه النسبي وفيه ما ترى ... من كل قسم بينته الكبرا قال الحافظ وإن قل عدده فإما أن ينتهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك العدد القليل بالنسبة إلى سند آخر يرد به ذلك الحديث بعينه بعدد كثير أو ينتهي إلى إمام من أئمة الحديث ذي صفة علية كالحفظ والضبط والفقه والتصنيف

مسألة الموافقة والإبدال

وغير ذلك من الصفات المقتضية للترجيح كشعبة ومالك والثوري والشافعي والبخاري ومسلم ونحوهم فالأول وهو ما ينتهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم العلو المطلق فإن اتفق أن يكون سنده صحيحا كان الغاية القصوى وإلا فصورة العلو فيه موجودة ما لم يكن موضوعا فهو كالعدم والثاني العلو النسبي وهو ما يقل العدد فيه إلى ذلك الإمام ولو كان العدد من ذلك الإمام إلى منتهاه كثيرا انتهى فعرفت أنه انقسم العلو إلى قسمين علو مطلق وعلو نسبي واشتمل عليهما النظم ثم انقسم العلو النسبي عندهم أربعة أقسام الأولان. [مسألة الموافقة والإبدال:] تضمنها وفيه ما ترى من كل قسم بينته الكبرا فأول الأقسام قولنا: (105) أولها يدعونه الموافقة ... وبعدها الإبدال فيما حققه (106) إن وصل الراوي إلى شيخ أحد ... مصنفي الأخبار لكن انفرد (107) بطرقه عن طرق المصنف ... فهذه الأولى بلا توقف (108) ثانيهما الإبدال وهي مثله ... لكن شيخ الشيخ كان وصله فهذان قسمان بتعريفهما واسمهما قال الحافظ وفيه أي العلو النسبي الموافقة وهي الوصول إلى شيخ أحد المصنفين من غير طريقه

مسألة المساواة والمصافحة

أي الطريق التي تصل إلى ذلك المصنف المعين مثاله روى البخاري في صحيحه عن قتيبة عن مالك حديثا فلو رويناه من طريقه كان بيننا وبين قتيبة ثمانية ولو روينا ذلك الحديث بعينه من طريق أبي العباس السراج عن قتيبة مثلا لكان بيننا وبين قتيبة فيه سبعة فقد حصلت لنا الموافقة مع البخاري في شيخه بعينه مع علو الإسناد على الإسناد إليه انتهى فهذا هو القسم الأول وهذا هو ما أفاده قولنا أولها إلى بلا توقف والثاني من القسمين هو ما تضمنه ثانيهما 000الخ قال الحافظ وفيه أي العلو النسبي البدل وهو الوصول إلى شيخ شيخه كذلك كأن يقع لنا ذلك الإسناد على الإسناد بعينه من طريق أخرى عن القعنبي عن مالك فيكون القعنبي بدلاً فيه من قتيبة وأكثر ما يعتبرون الموافقة والبدل إذا قارنا العلو وإلا فاسم الموافقة والبدل واقع بدونه فهذان قسمان من الأربعة والقسمان الآخران هما: [مسألة المساواة والمصافحة:] أفادهما قولنا: (109) أو استوى في عدد الرواة ... مع واحد مصنف وياتي (110) فإنهما هي المساواة وما ... يتبعها مصافحات العلما (111) وهي المساواة مع تلميذ من ... صنف بالشرط فخذها واسمعن

مسألة النزول

قال الحافظ وفيه أي العلو النسبي المساواة وهي استواء عدد الإسناد من راو إلى آخره أي الإسناد مع إسناد أحد المصنفين كأن يروي النسائي مثلا حديثا يقع بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم أحد عشر نفسا فيقع لنا ذلك الحديث بعينه بإسناد آخر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقع بيننا وبين النبي فيه أحد عشر نفسا فنساوي النسائي من حديث العدد مع قطع النظر عن ملاحظة ذلك الإسناد الخالص وهو إسنادنا للحديث المتساوي من طريق النسائي فإن طريقه نازلة فلو نظرنا فيها كان الحديث من طريق نازلا ومن طريقنا عاليا وخرج عن المساواة انتهى قال تلميذ الحافظ تقدم أن العلو النسبي أن ينتهي الإسناد إلى إمام ذي صفة علية وهذه المساواة ليست كذلك بالتفسير والتمثيل فحقها أن تكون من العلو المطلق انتهى وهو كما قال فهذا ثالث أقسام العلو النسبي ورابعها هو ما أفاده قولنا آنفا يتبعها إلى قولنا فخذها وقال الحافظ فيها وفيه أي العلو النسبي المصافحة وهي الاستواء مع تلميذ ذلك المصنف على الوجه المشروح أولا وسميت مصافحة لأن العادة جرت في الغالب بالمصافحة بين من تلاقيا ونحن في هذه الصورة كأنا لقينا النسائي فكأنا صافحناه فهذا آخر أقسام العلو الأربعة ويقابله النزول في أقسامه. [مسألة النزول:] أفادها قولنا: (112) مقابل العلو في أقسامه ... هو النزول خذه من احكامه

مسألة الأقران والمدبج

قال الحافظ ويقابل العلو بأقسامه المذكور النزول فيكون كل قسم من أقسام العلو يقابله قسم من أقسام النزول. [مسألة الأقران والمدبج:] ولما جعل أئمة الحديث من أنواع علومه الأقران والمدبج وجعلوهما نوعين منه أشرنا إليهما بقولنا: (113) إن شارك الراوي من عنه روى ... في السن أو كان اشتراكا في اللقا (114) فسمه الأقران ثم كل إن أتى ... يوري ذا عن ذا وهذا عنه ذا (115) فإنه مدبج هذا ومن ... يروي عمن دونه فلتعلمن هذان نوعان من أنواع علوم الحديث الأول القران قال الحافظ فإن شارك الراوي ومن روى عنه في أمر من الأمور المتعلقة بالرواية مثل السن واللقاء وهو الأخذ عن المشائخ فهو النوع الذي يقال له رواية الأقران لأنه حينئذ يكون راويا عن قرينه انتهى قال السيوطي من فوائد معرفة هذا النوع أن لا يظن الزيادة في الإسناد أو إبدال عن بالواو وقال: قال العراقي وأول من سماه بذلك الدارقطني فيما أعلم قال إلا أنه لم يقيده بكونهما قرينين بل كل اثنين روى كل منهما عن الآخر يسمى بذلك وإن كان أحدهما أكبر وذكر منه رواية النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر وعمر وسعد بن عبادة وروايتهم عنه ورواية عمر بن كعب عنه انتهى

مسألة عن الأصاغر

والثاني ما ألم به قولنا ثم كل إن أتى إلى قولنا مدبج وهو بضم الميم وفتح الدال المهملة وتشديد الباء الموحدة وآخره جيم قال الحافظ وإن روى كل منهما أي القرينين عن الآخر فهو المدبج وهو أخص من الأول فكل مدبج أقران وليس كل أقران مدبجا وقد صنف الدارقطني في ذلك وصنف أبو الشيخ الأصبهاني في الذي قبله وإذا روى الشيخ عن تلميذه صدق أن كلا منهما يروي عن الآخر فهل يسمى مدبجا فيه بحث والظاهر لا لأنه من رواية الأكابر عن الأصاغر والتدبيج مأخوذ من ديباجتي الوجه فيقتضي أن يكون ذلك مستويا من الجانبين فلا يجيء منه هذا انتهى فقولنا ثم كل أي من القرينين إن أتى يروي ذا وهو أحدهما عن ذا وهو الآخر وذا وهو الآخر يروي عنه ذا وهو أحدهما وقال النووي فإن روى كل واحد منهما عن صاحبه كعائشة وأبي هريرة يريد في الصحابة قال شارحه والزهري وأبي الزبير في الأتباع ومالك والأوزاعي يريد في أتباع التابعين فهو المدبج ومن أنواع علوم الحديث رواية الأكابر عن الأصاغر. [مسألة عن الأصاغر:] قد ألم بها قولنا هذا: (ومن يروى عمن دونه فلتعلمن) يتعلق به قولنا:

بأنه رواية الأكابر ... كالأب عن ابن عن الأصاغر

(116) بأنه رواية الأكابر ... كالأب عن ابن عن الأصاغر قوله عن الأصاغر يتعلق بقوله رواية الأكابر وقوله كالأب عن ابن اعتراض يفيد تمثيله قال الحافظ وإن روى الراوي عمن هو دونه في السن أو في اللقاء أو في المقدار فهذا النوع هو رواية الأكابر عن الأصاغر ومنه أي من هذا النوع وهو أخص من مطلقه رواية الآباء عن الأبناء والصحابة عن التابعين والشيخ عن تلميذه ونحو ذلك انتهى قلت ولما أدمج رواية الآباء عن الأبناء في هذا النوع مع أنه أفرده غيره أدخلناه فيه بالمثال حيث قلنا كالأب عن ابن قال السيوطي والأصل فيه رواية النبي صلى الله عليه وسلم عن تميم الداري حديث الجساسة وهي عند مسلم قال النووي في التقريب وشارحه ومن فائدته أي فائدة معرفة هذا النوع أن لا يتوهم أن المروي عنه أفضل وأكبر من الراوي لكونه الأغلب تنزيلا لأهل العلم منازلهم للأمر بذلك في حديث عائشة أخرجه أبو داود وغيره ومثله ذكر الحافظ ومنها أن لا يظن في السند انقلابا قالا ثم هو أقسام أحدها

مسألة رواية الأصاغر عن الأكابر

أن يكون الراوي أكبر سنا وأقدم طبقة كالزهري عن مالك وكالأزهري عن تلميذه الخطيب البغدادي وهو إذ ذاك شاب والثاني أن يكون الراوي أكبر قدرا لا سنا كحافظ عالم روى عن شيخ مسن لا علم عنده كمالك في روايته عن عبدالله بن دينار الثالث أن يكون الراوي أكبر من المروي عنه من الوجهين معا كعبدالغني بن سعيد الحافظ في روايته عن محمد بن علي الصوري تلميذه وكالبرقاني في روايته عن الخطيب ومنه رواية الصحابة كالعبادلة وغيرهم عن كعب الأحبار ومنه رواية التابعي عن تابعيه كالزهري والأنصاري عن مالك وكعمرو بن شعيب ليس تابعيا وروى عنه منهم من التابعين أكثر من عشرين نفسا وقيل أكثر من سبعين انتهى. [مسألة رواية الأصاغر عن الأكابر:] ولما قال الحافظ وفي عكسه أي وهو رواية الأصاغر عن الأكابر كثرة أرشد إليه قولنا: (117) وعكسه هو الطريق الغالب ... أمثاله بحر فلا يغالب قال الحافظ لأنه الجادة المسلوكة الغالبة قال وقد

مسألة السابق واللاحق

صنف الخطيب في رواية الآباء عن الأبناء تصنيفا وأفرده جزءا لطيفا في رواية الصحابة عن التابعين وجمع صلاح الدين العلائي من المتأخرين مجلدا كبيرا في معرفة من روى عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم وقسمه أقساما فمنه ما يعود الضمير في قوله عن جده على الراوي ومنه ما يعود الضمير فيه على أبيه وبين ذلك وحققه وخرج في كل ترجمة حديثا من مرويه وقد لخصت كتابه المذكور وزدت عليه تراجم كثيرة جدا وأكثر ما وقع فيه ما سلسلت فيه الرواية عن الآباء بأربعة عشر أبا انتهى هذا ومن أنواع علوم الحديث: [مسألة السابق واللاحق:] تضمنها قولنا: (118) واثنان إن يشتركا عن راوي ... ومات فرد منهما فالثاوي (119) إذا روى عنه فهذا السابق ... في رسمه عندهم واللاحق قولنا الثاوي بالمثلثة اسم الفاعل من ثوى في القاموس ثوى تثوية مات قال الحافظ وإن اشترك اثنان عن شيخ وتقدم موت أحدهما على الآخر فهو السابق واللاحق قال وأكثر ما وقفنا عليه ما بين الراويين فيه في الوفاة مائة وخمسون سنة وذلك أن الحافظ السلفي سمع منه أبو علي البرداني أحد مشائخه حديثا رواه عنه ومات على

مسألة تبيين المهمل

رأس الخمسمائة ثم كان آخر أصحاب السلفي بالسماع سبطه أبو القاسم عبدالرحمن بن مكي وكانت وفاته سنة خمسين وستمائة ومن قديم ذلك أن البخاري حدث عن تلميذه أبي العباس السراج أشياء في التاريخ وغيره ومات سنة ست وخمسين ومائتين وآخر من حدث عن السراج بالسماع هو أبو الحسين الخفاف ومات سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وغالب ما يقع ذلك أن المسموع منه قد يتأخر بعد أحد الراويين عنه زمانا حتى يسمع منه بعض الأحداث ويعيش بعد السماع منه دهر طويلا فيحصل من مجموع ذلك نحو هذه المدة والله سبحانه الموفق انتهى قال النووي ومن فوائده حلاوة الإسناد أي في القلوب قال السيوطي وأن لا يظن سقوط شيء من الإسناد قلت عد هذا نوعا من أنواع علوم الحديث قليل الجدوى عديم الفائدة وهذه الحلاوة التي ذكرت ما أظن عارفا يذوقها ثم ليس اسما لرتبة معينة كرواية الآباء عن الأبناء والأكابر عن الأصاغر ونحوهما. [مسألة تبيين المهمل:] تضمنها قولنا (120) وإن روى عن رجلين اتفقا ... اسما وما ميز ما يفترقا (121) به فباختصاصه بواحد ... تبين المهمل عند الناقد

إلمام بقول الحافظ وإن روى الراوي عن اثنين متفقي الاسم ولم يتميزا فباختصاصه بأحدهما يتبين المهمل هذا لفظ النخبة وقال في شرحها أو مع اسم الأب أو اسم الجد أو النسبة ولم يتميزا بما يخص كلا منهما فإن كانا ثقتين لم يضر ومن ذلك ما وقع في البخاري من روايته عن أحمد غير منسوب عن ابن وهب فإنه إما أحمد بن صالح أو أحمد بن عيسى أو عن محمد غير منسوب عن أهل العراق فإنه إما محمد بن سلام أو محمد بن يحيى الذهلي وقد استوعبت ذلك في مقدمة شرح البخاري قلت والذي يضر أن يكون أحدهما ضعيفا من ذلك قول وكيع حدثنا النضر عن عكرمة وهو يروي عن النضر بن عربي وهو ثقة وعن النضر بن عبدالرحمن وهو ضعيف ونحو ذلك من الأمثلة قال الحافظ ومن أراد لذلك ضابطا كليا يمتاز به أحدهما عن الآخر فباختصاصه أي الشيخ المروي عنه بأحدهما يتبين المهمل ومتى لم يتبين ذلك أو كان مختصا بهما معا فإشكاله شديد فيرجع فيه إلى القرائن والظن الغالب انتهى فالنظم ألم بما في النخبة وأما الشرح فإنه فصل زيادة على ما فيها وقولنا تبين هو مصدر مبتدأ خبره فباختصاصه المقدم عليه وقولنا وما ميز ما يفترقا به هو معنى قول النخبة ولم يتميزا

مسألة إنكار الشيخ رواية التلميذ عنه

[مسألة إنكار الشيخ رواية التلميذ عنه:] (122) والشيخ إن أنكر جزما ما روى ... رد على راويه ما عنه أتى (123) أو احتمال فالأصح أن لا ... يرد ما يرويه عنه نقلا فهو ضبط لقول الحافظ وإن روى فجحد الشيخ مرويه جزما رد أو احتمالا قبل في الأصح فقد قسم جحد الشيخ رواية تلميذه عنه إلى قسمين الأول أن يجزم الشيخ بالتكذيب كأن يقول كذب علي أو ما رويت هذا أو نحو ذلك فإنه ترد الرواية عنه لكذب واحد منهما لا بعينه ولا يكون ذلك قادحا في واحد منهما للتعارض الثاني أن يكون جحده لروايته عنه احتمالا كأن يقول ما أذكر هذا ولا أعرفه فالأصح قبول ذلك الحديث لأن ذلك يحتمل نسيان الشيخ وقيل لا يقبل لأن الفرع تبع للأصل في إثبات الحديث بحيث إذا أثبت الأصل الحديث ثبتت رواية الفرع فكذلك ينبغي أن يكون فرعا عليه وتبعا له في النفي وفي التحقيق وهذا متعقب بأن عدالة الفرع تقتضي صدقه وعدم علم الأصل لا ينافيه فالمثبت العالم مقدم على النافي الشاك وأما قياس ذلك بالشهادة ففاسد لأن شهادة الفرع لا تسمع مع القدرة على شهادة الأصل بخلاف الرواية فافترقا ومن أمثلة ذلك ما روي أن أبا هريرة كان يحدث بحديث لا عدوى ولا طيرة ويحدث أيضا بحديث لا يورد ممرض على مصح ثم إنه اقتصر على رواية حديث لا يورد وأمسك عن رواية حديث لا عدوى فروجع فيه وقالوا إنا سمعناك تحدث به فأبى أن يعترف به ومثله حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا في قصة الشاهد واليمين قال الدراوردي حدثني به ربيعة عن سهيل قال فلقيت سهيلا فسألته عنه فلم يعرفه فقلت له إن ربيعة حدثني عنك بكذا

مسألة من حدث ونسي

فكان سهيل بعد ذلك يقول حدثني ربيعة عني أني حدثته عن أبي قال عبدالعزيز وقد كان سهيل أصابته علة أذهبت بعض عقله فنسي بعض حديثه وقد خالف بعض الحنفية وردوا حديث أبي هريرة في الشاهد واليمين. [مسألة من حدث ونسي:] هي قولنا: (124) وفيه من حدث قوما ونسى ... ............................ فهو إشارة إلى أن هذا النوع قد صنف فيه العلماء فصنف فيه الدارقطني قال الحافظ وفيه ما يدل على تقوية المذهب الصحيح لكون كثير منهم حدثوا بأحاديث فلما عرضت عليهم لم يتذكروها لكنهم لاعتمادهم على الرواة صاروا يروونها عن الذي رواها عنهم عن أنفسهم كما عرفت مما سقناه. [مسألة المسلسل:] هي ما في قولنا: ........................ ... هذا وإن يتفق المؤدى

ممن رووا في صيغ من الأدا ... أو غيرها من أي حال أوردا

(125) ممن رووا في صيغ من الأدا ... أو غيرها من أي حال أوردا (126) فإنهم يدعونه المسلسلا ... ........................... إشارة إلى نوع من أنواع علوم الحديث يسمونه المسلسل وهو قسمان الأول الاتفاق في صيغ الأداء قال الحافظ فإن اتفق الرواة في إسناد من الأسانيد في صيغ الأداء كسمعت فلانا قال سمعت فلانا أو حدثنا فلان قال حدثنا فلان وغير ذلك من الصيغ انتهى فهذا هو الذي ألم به قولنا وإن يتفق إلى آخره والمؤدى اسم مفعول في عبارتنا وهذا هو الأول والثاني قولنا أو غيرها من أي حال أوردا فإنه إتيان بقول الحافظ أو غيرهما من الحالات قال في شرحه القولية كسمعت فلانا يقول أشهد بالله لقد حدثني فلان إلى آخره أو الفعلية كقوله دخلت على فلان فأطعمنا تمرا إلى آخره أو القولية والفعلية معا كقوله حدثني فلان وهو آخذ بلحيته قال آمنت بالقدر الخ انتهى فقولنا أو غيرها من أي حال أوردا يلم بالجميع ثم قال فهو المسلسل وهو من صفات الإسناد وقد يقع التسلسل في معظم الإسناد كالحديث المسلسل بالأولية فإن السلسلة فيه تنتهي إلى سفيان بن عيينة فقط ومن رواه مسلسلا إلى منتهاه فقد وهم انتهى

فقوله أشهد بالله كأنه إشارة إلى ما أخرجه الحافظ أبو نعيم قال أشهد الله وأشهد بالله لقد حدثني القاضي أبو الحسن علي بن محمد القزويني قال أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني محمد بن أحمد بن قضاعة قال أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني القاسم بن العلا الهمداني قال أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني الحسن بن محمد بن علي بن الرضى قال أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني أبي علي بن موسى بن جعفر قال أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني أبي العدل الصالح موسى بن جعفر قال أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني أبي جعفر بن محمد قال أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني علي بن موسى الرضا قال أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني أبي محمد بن علي قال أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني أبي علي بن الحسين قال أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني أبي الحسين بن علي قال أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني أبي علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين قال أشهد بالله وأشهد لله لقد حدثني

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أشهد بالله وأشهد لله قال لي جبريل يا محمد مدمن خمر كعابد وثن قال أبو نعيم هذا حديث صحيح رواته العترة الطيبة ولم نكتبه بهذا الشرط بالشهادة إلا عن هذا الشيخ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير طريق ومدمن الخمر مستحله انتهى وأما الذي أشار إليه من الحديث المسلسل بالأولية فأقول أجاز لي شيخي الشيخ عبدالخالق بن الشيخ الزين إجازة عن أبيه الشيخ الزين إجازة منه عن شيخه الشيخ أحمد النخلي المكي قال حدثنا بمكة الشيخ يحيى بن محمد بن محمد بن محمد بن عيسى بن البركات المالكي سنة خمس وثمانين وألف بحديث الرحمة المسلسل بالأولية وهو أول حديث سمعناه منه قال نفعنا الله به أخبرنا الشيخ سعيد بن إبراهيم الجزائري المفتي الشهير بقدورة قال وهو أول حديث سمعته منه ثم ساقه مسلسلا إلى سفيان بن عيينة قال وهو أول حديث سمعته منه عن عمرو بن دينار عن أبي قابوس مولى عبدالله بن عمرو عن عبدالله بن عمرو أن رسول صلى الله عليه وسلم قال الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء فهذا الحديث المسلسل بالأولية المعروف بين أئمة الحديث الذي أشار إليه الحافظ وهو لنا رواية بالإجازة عمن ذكرنا ولم نستوف طريقه لأنها معروفة موجودة في إجازتنا

مسألة في صيغ الأداء

بحمد الله وهو كما قال الحافظ إن السلسلة بالأولية إلى سفيان بن عيينة فقط. [مسألة في صيغ الأداء:] ولما ذكرت صيغ الأداء آنفا وكانت من علوم الحديث أشرنا إليها وإلى عددها بقولنا: () ....................... ... وللأدا كم صيغة بين الملا (127) سمعته حدثني لمن سمع ... من لفظ شيخ بانفراد المستمع قولنا كم صيغة استفهامية أو خبرية وهي ثماني صيغ الأولى ما أفاده قولنا سمعت وحدثني أي بأيهما عبر فهي أرفع الصيغ وهذان اللفظان صالحان لمن سمع وحده من لفظ الشيخ ولذا قلنا لمن سمع من لفظ شيخ بانفراد المستمع قال الحافظ فاللفظان الأولان من صيغ الأداء وهما سمعت وحدثني صالحان لمن سمع وحده من لفظ الشيخ وتخصيص التحديث بما سمع من لفظ الشيخ هو الشائع بين أهل الحديث اصطلاحا ولا فرق بين التحديث والإخبار من حيث اللغة وفي ادعاء الفرق بينهما تكلف شديد لكن لما تقرر

حدثنا له أتى مع غيره ... والأول الأصرح في تعبيره

الاصطلاح صار ذلك حقيقة عرفية تتقدم على الحقيقة اللغوية (128) حدثنا له أتى مع غيره ... والأول الأصرح في تعبيره الرتبة الثانية والأول إلى آخره إلمام بما قال الحافظ فإن جمع الراوي أي أتى بصيغة الجمع في الصيغة الأولى كأن يقول حدثنا أو سمعنا فلانا يقول فهو دليل أنه سمع منه مع غيره وقد تكون النون للعظمة لكن بقلة وأولها أي المراتب أصرحها أي أصرح صيغ الأداء في سماع قائلها لأنها لا تحتمل الواسطة ولأن حدثني قد تطلق في الإجازة تدليسا ثم قال الحافظ وأرفعها مقدارا ما يقع في الإملاء لما فيه من التثبت والتحفظ انتهى. [مسألة في أرفع الرتب:] أشرنا إلى هذا بقولنا: (129) أرفعهما ما كان عند الإملا ... ......................... قال الحافظ لما فيه من التثبت والتحفظ وقال الخطيب

مسألة المرتبة الثانية والثالثة

أرفعها أي العبارة في ذلك سمعت ثم حدثنا وحدثني قال السيوطي فإنه لا يكاد أحد يقول سمعت في الإجازة ولا في المكاتبة بخلاف حدثنا فإن بعض أهل العلم كان يستعملها في الإجازة. [مسألة المرتبة الثانية والثالثة:] هي إشارة إلى ما في قولنا: () ............................. ... وثاني الألفاظ في حال الأدا (130) أخبرني قرأته هذا لمن ... بنفسه أملى على من يسمعن إشارة إلى ما قال الحافظ إن المرتبة الثانية أخبرني وقرأت عليه وقال إنهما لمن قرأ بنفسه على الشيخ وقولنا: (131) فإن جمعت في الضمير كأنا ... له مع الغير ثم عليه وأنا إلمام بما قاله الحافظ بأنه جمع الضمير في العبارتين فقال أخبرنا أو قرأنا عليه قال وهو الخامس أي من الصيغ لأن الأول سمعت والثاني حدثني وهما المرتبة الأولى ثم أخبرني وقرأت عليه هما ثالثها ورابعها وهي الرتبة الثانية فإن جمع الضمير فهي الصيغة الخامسة والرتبة

مسألة في الرتبة الرابعة

الثالثة هي ما قولنا ثم عليه وأنا أي ثم قرئ عليه وأنا فالمتعلق محذوف وقرينة المقام تشعر بالمحذوف وقولنا وأنا فيه ضرورة شعرية جائزة وهو مبتدأ خبره ما بعده وهي جملة حالية. [مسألة في الرتبة الرابعة:] (132) أسمع منه ثم لفظ أنبا ... من صيغ الأدا ثم الإنبا قال الحافظ ثم أنبأني وهي الرابعة وقولنا ثم الإنبا مبتدأ وخبره قولنا (133) يرادف الإخبار لا في العرف ... فهو لما أجزته فاستكفي (134) به كعن إلا من المعاصر ... فعن لما يسمع عند الناظر قال الحافظ والإنباء من حيث اللغة واصطلاح المتقدمين بمعنى الإخبار لا في عرف المتأخرين فهو للإجازة كعن لأنها في عرف المتأخرين للإجازة وعنعنة المعاصر محمولة على السماع بخلاف غير المعاصر فإنها تكون مرسلة أو منقطعة فشرط حملها على السماع ثبوت المعاصرة انتهى فعرفت أنه تضمن النظم أن الإنباء مرادف للإخبار في غير عرف المتأخرين بل في اللغة وعرف المتقدمين وأنه في عرف المتأخرين للإجازة كما قلنا فهو لما أجزته فاستكفي به عند الأداء عن الإجازة فإنه في عرفهم لها كما أن عن في عرفهم لها في غير المعاصرة فإن

مسألة عن المدلس

عن عند التحديث عن المعاصر محمولة على السماع منه وهذا هو الذي أفاده الحافظ إلا أن عن إذا عبر بها من عرف بأنه مدلس ففي تعبيره بها خلاف كما قلنا. [مسألة عن المدلس:] (135) إلا إذا كانت من المدلس ... فلا سماع عند ذاك الملبس أي الذي ألبس على السامعين بتدليسه فلا يحمل على السماع عمن عاصره قال الحافظ إلا من المدلس فإنها أي عن ليست محمولة على السماع. [مسألة اشتراط اللقاء في العنعنة:] ولما كان فيه خلاف أشرنا إليه بقولنا (136) وقيل قالوا وهو المختار .. إن اللقا شرط له يختار قال الحافظ وقيل يشترط في حمل عنعنة المعاصر على السماع ثبوت لقائهما أي الشيخ والراوي عنه ثم قال ولو مرة واحدة

ولو يكون مرة في العمر ... وفيه تفصيل لدينا يجري

ليحصل الأمن في باقي العنعنة عن كونه من المرسل الخفي وهو المختار تبعا لعلي بن المديني والبخاري وغيرهما من النقاد فأشرنا إليه بقولنا (137) ولو يكون مرة في العمر ... وفيه تفصيل لدينا يجري أي إنهم قالوا يكفي مرة في العمر ويحمل كل ما رواه على السماع وقد يكون مرة اللقاء فإن كان زمن اللقاء يتسع لما يسند إلى سماعه قبل وإلا كان تدليسا وقد بسطنا البحث هنالك في شرح التنقيح فعرفت أن لكلمة عن ثلاثة أحوال تحمل على الإجازة إلا من المعاصر فتحمل على السماع إلا من المدلس إلا إذا ثبت له اللقاء وقولنا: [مسألة في الرتبة الخامسة:] (138) ناولني يطلق في المناوله ... واشترطوا الإذن لمن قد ناوله إشارة إلى الرتبة الخامسة قلت والأصل في المناولة ما عقله البخاري أي في العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب لأمير السرية كتابا وقال لا تقرأه حتى تبلغ مكان كذا وكذا فلما بلغ ذلك المكان قرأه على الناس وأخبرهم بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وصله البيهقي

بأنه يروي وفي الإجازه ... أرفع أنواع لها مجازه

والطبراني بسند حسن قال السهيلي احتج به البخاري على صحة المناولة فكذلك العالم إذا ناول التلميذ كتابا جاز له أن يروي عنه ما فيه قال وهو فقه صحيح قال البلقيني وأحسن ما يستدل به عليها ما استدل به الحاكم من حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه إلى كسرى مع عبدالله بن حذافة وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى ذكره السيوطي قال الحافظ واشترطوا في صحة الرواية بالمناولة اقترانها بالإذن بالرواية ولذا علقنا به قولنا: (139) بأنه يروي وفي الإجازه ... أرفع أنواع لها مجازه قال الحافظ وهي إذا حصل هذا الشرط أرفع أنواع الإجازة لما فيها من التعيين والتشخيص وصورتها أن يدفع الشيخ أصله أو ما قام مقامه للطالب أو يحضر الطالب الأصل للشيخ أي أصل نسخته فيتأمله الشيخ وهو عارف متيقظ للشيخ ويقول له في الصورتين هذا روايتي عن فلان فاروه عني وشرطه أن يمكنه منه إما بالتمليك أو بالعارية لينقل منه ويقابل عليه وإلا فإن ناوله واسترده في الحال فلا تتبين لنا زيادة مزية على الإجازة المعينة وهي أن يجيزه الشيخ رواية كتاب معين ويعين له كيفية روايته له وإذا خلت المناولة عن الإذن لم يعتبر بها عند الجمهور قلت وهذا سماه جماعة من الأئمة عرضا قال النووي إنها تسمى عرض

مسألة الرتبة السادسة

المناولة وجنح من اعتبرها إلى أن مناولته إياه تقوم مقام إرساله إليه بالكتاب من بلد إلى بلد وقد ذهب إلى صحة الرواية بالكتابة المجردة جماعة من الأئمة ولو لم يقترن ذلك بالإذن بالرواية كأنهم اكتفوا في ذلك بالقرينة ولم يظهر لي فرق قوي بين مناولة الشيخ الكتاب من يده للطالب وبين إرساله إليه بالكتاب من موضع إلى موضع آخر إذا خلا كل منهما عن الإذن انتهى إذا عرفت فهذه: [مسألة الرتبة السادسة:] هي ما تضمنه قولنا: (140) شافهني تطلق في الإجازة ... باللفظ لا في تلك بالكتابة قال الحافظ وأطلقوا المشافهة في الإجازة المتلفظ بها تجوزا فقولنا باللفظ أي إذا كان الإجازة من الشيخ باللفظ جاز أن يقول الراوي عنه شافهني عند الرواية عنه مع أنه مجاز من إطلاق الجزء على الكل فإنه لا مشافهة له منه فيما يرويه عنه بل في لفظ أجزتك مثلا وقولنا لا في تلك اسم الإشارة للإجازة أي إذا كانت الإجازة بأن كتب إليه الشيخ بأنه أجازه ولا يقول شافهني بل يقول ما أفاده

مسألة المكاتبة

[مسألة المكاتبة:] هي ما اشتمل عليه قولنا: (141) وإنما يقال فيها كتبا ... فاحفظ هديت ما تراه رتبا قال الحافظ ثم كتب إلي أي بالإجازة وهي السابعة قلت قال النووي القسم الخامس من أقسام التحمل الكتابة وهو أن يكتب الشيخ مسموعه لحاضر أو غائب قال وهي ضربان مجردة عن الإجازة ومقرونة بأجزتك ما كتبت لك أو إليك ونحوه من عبارات الإجازة قال وهذا في الصحة والقوة كالمناولة المقرونة أي بالإجازة وأما المجردة أي عن الإجازة فمنعها قوم ثم قال وأجازها كثير من المتقدمين والمتأخرين وغير واحد من الشافعيين وأصحاب الأصول وهو الصحيح المشهور بين أهل الحديث ويوجد في مصنفاتهم كتب إلي فلان قال حدثني فلان والمراد به هذا وهو معمول به عندهم معدود في الموصول لإشعاره معنى الإجازة وزاد السمعاني فقال هي أقوى من الإجازة قال السيوطي في شرحه قلت وهو المختار بل وأقوى من أكثر صور المناولة وفي صحيح البخاري في الأيمان والنذور وكتب إلي محمد بن بشار وليس فيه بالمكاتبة عن شيوخه غيره قال النووي

مسألة في الوجادة والوصية والإعلام

ثم الصحيح أنه يقول في الرواية بها كتب إلي فلان قال حدثنا فلان أو أخبرني فلان مكاتبة أو كتابة أو نحوه ولا يجوز إطلاق حدثنا وأخبرنا انتهى وهذا كما تراه مخالف لما قاله الحافظ إنه الأصح وأشرنا إليه بقولنا هذا أصح القول في العلوم ثم إنه جعل الكتابة الرتبة السابعة وجعلها النووي خامسة وجعل السادسة إعلام الشيخ الطالب وجعل السابعة الوصية وجعل الثامنة الوجادة وأما الحافظ فإنه لم يصرح بالثامنة ثم عد الوجادة والوصية والإعلام مما يشترط فيه الإذن ولم يذكر لها رتبا والأمر هين هذه اصطلاحات تتميز بها المرويات وقد بسطنا القول في هذه الصيغ في شرحنا على تنقيح الأنظار. [مسألة في الوجادة والوصية والإعلام:] ولما كان الإذن شرطا في الوجادة والوصية والإعلام قلنا: (142) هذا وشرط الإذن أيضا لازم ... فيما أتى مما يراه العالم (143) وجادة وصية إعلامه ... ما لم فلا كمن أجاز العامه فقولنا هذا إشارة إلى ما سلف من قوله أرفع أنواع أي هذا وهو أن

أرفع أنواع الإجازة المناولة مع الإذن من الشيخ ولك أن تجعله استئنافا نحويا أي خذ هذا وقولنا وشرط الإذن مبتدأ ولازم خبره وقولنا فيما أتى يتعلق بـ - لازم وقولنا مما يراه العالم من بيانية لما وقولنا وجادة مفعول يراه ووصية وإعلامه معطوفان عليه والمراد أنه لابد من الإذن في الرواية بالوجادة أو الوصية أو بالإعلام ويأتي تحقيقها فإن خلا أيها عن الإذن فلا عبرة بها وصارت كالإجازة العامة ويتضح بكلام الحافظ فإنه قال وكذلك اشترطوا الإذن في الوجادة وهي أن يجد بخط يعرف كاتبه فيقول وجدت بخط فلان ولا يسوغ فيه إطلاق أخبرني لمجرد ذلك إلا إذا كان منه إذن بالرواية عنه وأطلق قوم ذلك فغلطوا وكذا الوصية بالكتاب وهو أن يوصي عند موته أو سفره لشخص معين بأصله أو أصوله فقد قال قوم من المتقدمين يجوز له أن يروي تلك الأصول عنه بمجرد هذه الوصية وأبى ذلك الجمهور إلا إن كان له منه إجازة واعلم أنه قد ذكر المصنف الحافظ أنواعا من صيغ الأداء واشترط الإذن وهو الإجازة من المناول وهي في الوجادة والوصية والإعلام والإذن هو الإجازة من المناول وقد تكلم النووي في وجه اشتقاقها وأقسامها فإنه لا غنى عن معرفة ذلك قال قال أبو الحسين بن فارس الإجازة مأخوذة من جواز الماء الذي تسقاه الماشية والحرث يقال استجزته وأجازني إذا أسقاك ماءا لماشيتك وأرضك كذا طالب العلم

يستجيز العالم علمه فيجيزه فعلى هذا يجوز أن يقال أجزت فلانا مسموعاتي ومن جعل الإجازة إذنا وهو المعروف يقول أجزت له رواية مسموعاتي ومتى قال أجزت له مسموعاتي فعلى الحذف انتهى قال والإجازة أضرب وعدها سبعة الأول إجازة معين لمعين كأجزتك البخاري وهذا أعلى أضرب المجردة عن المناولة قال والصحيح جواز الرواية والعمل بها قال شارحه وادعى أبو الوليد الباجي وعياض الإجماع عليها وأبطلها جماعات من الطوائف وقالوا من قال لغيره أجزت لك أن تروي عني ما لم تسمع فكأنه قال أجزت لك أن تكذب علي لأن الشرع لا يبيح رواية ما لم يسمع وقال ابن حزم إنها بدعة غير جائزة نقله عنه السيوطي قال وقال ابن الصلاح وفي الاحتجاج لتجويزها غموض ويتجه أن يقال إذا أجاز له أن يروي عنه مروياته فقد أخبره بها جملة وقال الخطيب احتج العلماء لجوازها بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب

سورة براءة في صحيفة ودفعها لأبي بكر ثم بعث علي بن أبي طالب فأخذها منه ولم يقرأها عليه ولا هو أيضا حتى وصل إلى مكة ففتحها وقرأها على الناس انتهى قلت واستدل الميانجي على صحتها بأنهصلى الله عليه وسلم بعث عبدالله بن جحش وبعث معه ثمانية من المهاجرين وكتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضي كما أمره فامتثل أمره وعمل بمضمونه قال فهذا وشبهه حجة في المناولة والإجازة ذكره ابن عبدالبر في كتاب العلم قال والضرب الثاني أن يجيز معينا غيره أي معين كأجزتك مسموعاتي فالخلاف فيه أقوى وأكثر والجمهور من الطوائف على جواز الرواية وأوجبوا العمل بها الثالث يجيز غير معين بوصف العموم كأجزت المسلمين أو كل أحد أو أهل زماني وفيه خلاف للمتأخرين فإن قيده بوصف خاص كأجزت طلبة العلم ببلد كذا فأقرب إلى الجواز من غير المقيدة قال القاضي عياض ما أظنهم اختلفوا في جواز ذلك ولا رأيت منعه لأحد لأنه محصور موصوف كقولك لأولاد فلان الرابع إجازة بمجهول أي من الكتب أو المجهول من الناس

كأجزتك كتاب السنن وهو يروي كتبا في السنن أو أجزتك بعض مسموعاتي فهي باطلة الخامس الإجازة للمعدوم كأجزت لمن يولد لفلان ومن يولد له أولك ولعقبك ما تناسلوا فأولى بالجواز مما إذا أفرده بالإجازة قياسا على الوقف فإنه يصح عليه وفعل الثاني ابن أبي داود وأجاز الخطيب الأول وألف فيه جزءا وقال إنه أجاز أصحاب مالك وأبي حنيفة الوقف على المعدوم وإن لم يكن أصله موجودا السادس إجازة ما لم يتحمله المجيز بوجه من سماع أو إجازة ليرويه المجاز له إذا تحمله المجيز قال القاضي عياض إنه منعه قاضي قرطبة أبو الوليد قال وهو أي المنع الصحيح فإنه يأذن له بالتحديث بما لم يحدث به ويبيح له ما لم يعلم أنه لا يصح له الإذن فيه قال النووي وهذا هو الصواب السابع إجازة المجاز كأجزتك مجازاتي قال النووي والصحيح الذي عليه العمل جوازه وبه قطع الحفاظ انتهى بتلخيص وبعض زيادة من شرحه للسيوطي وقولنا ما لم فلا أي ما لم يأذن له فلا يصح ما ذكر ويكون كالإجازة العامة قال الحافظ في المجاز له لا في المجاز به كأن يقول أجزت لجميع المسلمين أو من أدرك حياتي أو لأهل الإقليم الفلاني أو لأهل البلدة الفلانية وهو أقرب إلى الصحة لقرب الانحصار انتهى

مسألة الإجازة للمجهول والمعدوم

[مسألة الإجازة للمجهول والمعدوم:] تضمنها قولنا: (144) أو كان للمجهول والمعدوم ... هذا أصح القول في العلوم عطف على قولنا كمن أجاز العامة قال الحافظ وإلا فلا عبرة بذلك كالإجازة العامة وكذا الإجازة للمجهول كأن يكون مبهما أو مهملا وكذا الإجازة للمعدوم كأن يقول وكذا الإجازة للمعدوم كأن يقول أجزت لمن سيولد لفلان وقيل إن عطفه على موجود صح كأن يقول أجزت لك ولمن سيولد لك والأقرب عدم الصحة أيضا وكذا الإجازة لموجود أو معدوم علقت بشرط مشيئة الغير كأن يقول أجزت لك إن شاء فلان أو أن يقول أجزت لمن شاء فلان لا أن يقول أجزت لك إن شئت انتهى وقد دخلت هذه الصورة فيما نقلناه عن النووي بزيادة وقولنا هذا أصح القول في العلوم إلمام بقول الحافظ على الأصح في جميع ذلك قال وقد جوز الراوية بجميع ذلك سوى المجهول ما لم يتبين المراد منه الخطيب وحكاه عن جماعة من مشائخه قلت قد قدمنا من كلام النووي وشارحه أنه ألف في جوازها جزءا وقوله جماعة من مشائخه ذكر منهم ابن الفراء وابن عمروس الأول حنبلي والثاني مالكي ونسبه عياض لمعظم الشيوخ قال الحافظ واستعمل الإجازة للمعدوم أبو بكر بن أبي داود

قلت قال السيوطي وإنه قال وقد سئل الإجازة قد أجزت لك ولأولادك ولحبل الحبلة يعني الذين لم يولدوا بعد قال وأبو عبدالله بن منده واستعمل المعلقة منهم أيضا أبو بكر بن خيثمة قلت هو صاحب التاريخ حفيد يعقوب بن شيبة ويريد الحافظ بالمعلقة أجزت إن شاء فلان قال النووي إن فيها جهالة وتعليقا قال والأظهر بطلانه وبه قطع أبو الطيب الشافعي قال الخطيب وحجتهم القياس على تعليق الوكالة قال وصححه ابن الفراء الحنبلي وابن عمروس المالكي وقالا إن الجهالة ترتفع عند وجود المشيئة ويتعين المجاز له عندها قال الخطيب وسمعت ابن الفراء يحتج لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم لما أمر زيدا على غزوة مؤتة فإن قتل زيد فجعفر فإن قتل جعفر فابن رواحة فعلق التأمير قال وسمعت أبا عبدالله الدامغاني يفرق بينهما وبين الوكالة بأن الوكيل ينعزل بعزل الموكل بخلاف المجاز قال الحافظ وروى بالإجازة العامة جمع كثير جمعهم بعض الحفاظ في كتاب ورتبهم على حروف المعجم لكثرتهم وكل ذلك كما قال ابن الصلاح توسع غير مرضي لأن الإجازة الخاصة المعينة بلا قراءة شيء عليه مختلف في صحتها

اختلافا قويا عند القدماء وإن كان العمل استقر على اعتبارها عند المتأخرين فهي دون السماع بالاتفاق فكيف إذا حصل فيها الاسترسال المذكور فإنها تزداد ضعفا لكنها في الجملة خير من إيراد الحديث معضلا والله أعلم انتهى قال البلقيني وما قيل من أن أصل الإجازة العامة ما ذكره ابن سعد في الطبقات ثنا عفان ثنا حماد ثنا علي بن زيد عن أبي رافع أن عمر بن الخطاب قال من أدرك وفاتي من سبي العرب فهو حر ليس فيه دلالة لأن العتق النافذ لا يحتاج إلى ضبط وتحديث بخلاف الإجازة ففيها تحديث وعمل وضبط فلا يصح أن يكون ذلك دليلا لهذا ولو جعل دليله ما صح من قول النبي صلى الله عليه وسلم بلغوا عني الحديث لكان له وجه قوي انتهى واعلم أن الحافظ جمع صيغ الأداء أولا لفا ثم نشرها وذكر شرائط ما له شرط منها ونحن في النظم لم نسلك ذلك بل جمعنا فأتبعنا كل لف نشره رأيناه أقرب إلى الفهم قال الحافظ وإلى هنا انتهى الكلام في أقسام صيغ الأداء قال ثم الرواة إن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم فصاعدا واختلفت أشخاصهم فهو المتفق والمفترق

مسألة المتفق والمفترق

[مسألة المتفق والمفترق:] (145) ثم أسامي من روى إن تتفق ... باسم آباء لهم فالمتفق (146) يدعونه في عرفهم والمفترق ... ..................... قال الحافظ سواء اتفق في ذلك اثنان أو أكثر وكذلك إذا اتفق اثنان فصاعدا في الكنية والنسبة فهو النوع الذي يقال له المتفق والمفترق وفائدة معرفته خشية أن يظن الشخصان شخصا واحدا وقد صنف فيه الخطيب كتابا حافلا وقد لخصته وزدت عليه شيئا كثيرا وهذا عكس ما تقدم من النوع المسمى بالمهمل لأنه يخشى منه أن يظن الواحد اثنين وهذا يخشى منه أن يظن الاثنان واحدا انتهى قال النووي وهو أقسام الأول من اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم كالخليل بن أحمد ستة أولهم شيخ سيبويه وعدهم ثم قال والثاني من اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم وأجدادهم كأحمد بن جعفر بن أحمد أربعة كلهم يروون عمن يسمى عبدالله وكلهم في عصر واحد وعدهم الثالث ما اتفق في الكنية والنسبة كأبي عمران الجوني اثنان وأبوبكر بن عياش ثلاثة الرابع عكسه أي اتفق الاسم وكنى الأب كصالح ابن أبي صالح أربعة

الخامس من اتفقت أسماءهم وأسماء آبائهم وأنسابهم كمحمد بن عبدالله الأنصاري اثنان السادس في الاسم أو الكنية فقط كحماد قال السيوطي لا ندري هو ابن زيد أو ابن سلمة ويعرف بحسب من روى عنه قال النووي ومن ذلك عبدالله يعني إذا أطلق وشبهه قال سلمة بن سليمان إذا قيل بمكة عبدالله فهو ابن الزبير وبالمدينة فابن عمر وبالكوفة فابن مسعود وبالبصرة فابن عباس وبخراسان فابن المبارك قال السيوطي فائدة صنف الخطيب في هذا كتابا مفيدا سماه المكمل في بيان المهمل وأفرد الناس التصنيف فيما وقع في صحيح البخاري من ذلك السابع أن يتفقا في النسبة كالآملي قال السمعاني أكثر علماء طبرستان من آملها وشهر بالنسبة إلى آمل جيحون عبدالله بن حماد شيخ البخاري ومن ذلك الحنفي إلى بني حنيفة وإلى المذهب وكثير من المحدثين ينسبون إلى المذهب الحنفي بزيادة ياء ووافقهم من النحويين ابن الأنباري وحده أي وأباه غير من النحويين قال السيوطي إن الصواب مع ابن الأنباري قال وقد اخترته في كتاب جمع الجوامع في العربية فقد قال صلى الله عليه وسلم بعثت بالحنيفية السمحة فأثبت الياء في اللفظة المنسوبة إلى الحنيف فلا مانع من ذلك انتهى ما ذكره النووي من أقسام المتفق والمفترق

مسألة في المؤتلف والمختلف

[مسألة في المؤتلف والمختلف:] يشملها قولنا: () ............................. ... أو تتفق خطا ولما تتفق (147) لفظا فهذا سمه بالمؤتلف ... في عرفهم أيضا وضم المختلف وإلمام بقول الحافظ وإن اتفقت الأسماء خطا واختلف لفظا فهو المؤتلف والمختلف ومعرفته من مهمات هذا الفن حتى قال علي بن المديني أشد التصحيف ما يقع في الأسماء ووجهه بعضهم بأنه شيء لا يدخله القياس ولا قبله شيء يدل عليه ولا بعده وقد صنف فيه أبو أحمد العكسري لكن أضافه إلى كتاب التصحيف له ثم أفرده بالتأليف عبدالغني بن سعيد فجمع فيه كتابين كتابا في مشتبه الأسماء وكتابا في مشتبه النسبة وجمع شيخه الدارقطني في ذلك كتابا حافلا ثم جمع الخطيب ذيلا مفردا ثم جمع الجميع أبو نصر بن ماكولا في كتابه الإكمال واستدرك عليهم في كتاب آخر جمع فيه أوهامهم وبينها وكتابه من أجمع ما جمع في ذلك وهو عمدة عند كل محدث بعده وقد استدرك عليه أبو بكر بن نقطة ما فاته وتجدد بعده في مجلد ضخم ثم ذيل عليه منصور بن سليم بفتح السين في مجلد لطيف وكذلك أبو حامد ابن الصابوني وجمع الذهبي في ذلك كتابا مختصرا جدا اعتمد فيه على الضبط بالقلم فكثر فيه الغلط والتصحيف المغاير لموضوع الكتاب وقد يسر الله تعالى توضيحه بكتاب سميته تبصير المنتبه بتحرير المشتبه وهو مجلد واحد وضبطته بالحروف على الطريقة المرضية وزدت عليه شيئا كثيرا مما أهمله أو لم يقف عليه ولله الحمد على ذلك انتهى

مسألة المتشابه

قال النووي بعد ذكر نحو ما ذكره الحافظ وهو منتشر لا ضابط في أكثره وما ضبط منه قسمان أحدهما على العموم كسلام كله مشدد إلا خمسة عبدالله بن سلام ومحمدبن سلام شيخ البخاري الصحيح تخفيفه وقيل مشدد قال وعمارة قال ليس فيه بكسر العين إلا أبي بن عمارة الصحابي ومنهم من ضمه ومن عداه جمهورهم بالضم وفيهم جماعة بالفتح وتشديد الميم ثم عد أسماء من هذا النحو وقد ذكر في مقدمات شرحه على مسلم نحو هذا وعد جماعة من هذا النوع. [مسألة المتشابه:] قال الحافظ فإن اتفقت الأسماء واختلفت الآباء أو بالعكس فهو المتشابه وإليه أشار قولنا: (148) هذا وإن تتفق الأسماء ... واختلفت في ذلك الآباء (149) وعكسه فهو الذي تشابها ... في عرفهم فافهمه فهما نابها والمراد اتفقت الأسماء خطا ونطقا واختلفت الآباء نطقا مع اتفاقهما خطا كمحمد بن عقيل بفتح العين ومحمد بن عقيل بضمها فالأول نيسابوري والثاني فريابي وهما مشهوران وطبقتهما واحدة متقاربة

وإن تجد اسم البنين والأب ... متفقا مختلفا في النسب

وقولنا وعكسه وذلك بأن تختلف الأسماء نطقا وتتآلف خطا وتتفق الآباء خطا ونطقا كشريح بن النعمان وسريج بن النعمان الأول بالشين المعجمة والحاء المهملة وهو تابعي يروي عن علي رضي الله عنه والثاني بالسين المهملة والجيم وهو من شيوخ البخاري فهو النوع الذي يقال له التشابه وقولنا (150) وإن تجد اسم البنين والأب ... متفقا مختلفا في النسب (151) فإنه منه ومنه يخرج ... مع الذي من قبله تستخرج يتضمن قول الحافظ وكذا إن وقع الاتفاق في الاسم واسم الأب والاختلاف في النسبة وقد صنف فيه الخطيب كتابا حافلا سماه تلخيص المتشابه ثم ذيل عليه هو أيضا بما فاته أولا وهو كثير الفائدة انتهى فهذا أيضا من المتشابه كما عرفت من قوله وكذا إن وقع فإنه منه أي فإن هذا القسم من المتشابه وقولنا (152) عدة أنواع على الحروف ... تبنى وفيه العد بالألوف فاعل تستخرج عدة أنواع معنى قول الحافظ ويتركب منه أي من نوع المتشابه وما قبله أي من المؤتلف والمختلف أنواع منها أن يحصل الاتفاق والاشتباه في الاسم واسم الأب مثلا إلا في حرف أو حرفين فأكثر من أحدهما أو منهما ثم إنه بينه في شرحه وقسمه فقال وهو قسمان إما أن يكون الاختلاف بالتغيير مع نقصان بعض الأسماء عن بعض

فمن أمثلة الأول محمد بن سنان بكسر السين المهملة ونونين بينهما ألف وهم جماعة منهم العوقي بفتح العين والواو ثم القاف شيخ البخاري ومحمد بن سيار بفتح السين المهلمة وتشديد التحتانية وبعد الألف راء وهم أيضا جماعة منهم اليمامي شيخ عمرو بن يونس ومنهم محمد بن حنين بضم الحاء المهملة ونونين أولهما مفتوحة بينهما ياء تحتانية تابعي يروي عن ابن عباس وغيره ومحمد بن جبير بالجيم بعدها باء موحدة وآخره راء وهو محمد بن جبير بن مطعم تابعي مشهور أيضا ومن ذلك معرف بن واصل كوفي مشهور ومطرف بن واصل بالطاء بدل العين شيخ آخر يروي عنه أبو حذيفة النهدي ومنه أيضا أحمد بن حسين صاحب إبراهيم بن سعيد وآخرون وأحيد بن حسين مثله لكن بدل الميم ياء تحتانية وهو شيخ بخاري يروي عنه عبدالله بن محمد البيكندي ومن ذلك حفص بن ميسرة شيخ مشهور من طبقة مالك وجعفر بن مسيرة شيخ لعبيد الله بن موسى الكوفي الأول بالحاء المهملة والفاء بعدها صاد مهملة والثاني بالجيم والعين المهملة بعدها فاء ثم راء ومن أمثلة الثاني عبدالله بن زيد جماعة منهم في الصحابة صاحب الأذان واسم جده عبد ربه وراوي حديث الوضوء واسم جده عاصم وهما أنصاريان وعبدالله بن يزيد بزيادة ياء في أول اسم الأب والزاي مكسروة وهم

مسألة في الخاتمة

أيضا جماعة منهم أيضا في الصحابة الحطمي يكنى أبا موسى وحديثه في الصحيحين ومنهم القاري له ذكر في حديث عائشة وقد زعم بعضهم أنه الحطمي وفيه نظر ومنها عبدالله بن يحيى وهم جماعة وعبدالله بن نجي بضم النون وفتح الجيم وتشديد الياء تابعي معروف يروي عن علي أو يحصل بالتقديم والتأخير ونحو ذلك انتهى كلام الحافظ وقد أطال النووي هنا في التقريب بذكر شيء كثير من ذلك ثم لما فرغ الحافظ من هذه الأبحاث ذكر خاتمة. [مسألة في الخاتمة:] تضمنها قولنا: (153) خاتمة عدوا من المهم ... لمن له أنس بهذا العلم (154) عرفان ما يعزى إلى الرواة ... من طبقات وكذا الوفاة قال الحافظ خاتمة ومن المهم عند المحدثين معرفة طبقات الرواة قال في شرحه وفائدته الأمن من تداخل المشتبهين وإمكان الاطلاع على تبيين المدلسين والوقوف على حقيقة المراد من العنعنة والطبقة في اصطلاحهم عبارة عن جماعة اشتركوا في السن ولقاء

المشائخ وقد يكون الشخص الواحد من طبقتين باعتبارين كأنس بن مالك فإنه من حيث صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم يعد في طبقة العشرة مثلا ومن حيث صغر السن يعد في طبقة من بعدهم فمن نظر إلى الصحابة رضي الله تعالى عنهم من حيث الصحبة جعل الجميع طبقة واحدة كما صنع ابن حبان وغيره ومن نظر باعتبار قدر زائد كالسبق إلى الإسلام وشهود المشاهد الفاضلة جعلهم طبقات وإلى ذلك جنح صاحب الطبقات أبو عبدالله محمد بن سعد البغدادي وكتابه أجمع ما جمع في ذلك وكذلك من جاء بعد الصحابة وهم التابعون من نظر إليهم باعتبار الأخذ من بعض الصحابة فقط جعل الجميع طبقة واحدة كما صنع ابن حبان أيضا ومن نظر إليهم باعتبار اللقاء قسمهم كما فعل محمد بن سعد ولكل منهما وجه قال ومن المهم أيضا معرفة مواليدهم ووفياتهم لأن بمعرفتهما يحصل الأمن من دعوى المدعي للقاء بعضهم وهو في نفس الأمر ليس كذلك قال النووي وقد ادعى قوم الرواية عن قوم فنظر في التاريخ فظهر أنهم زعموا الرواية عنهم بعد وفاتهم بسنين قال السيوطي كما سأل إسماعيل بن عياش رجلا اختبارا أي سنة كتبت عن خالد بن معدان قال سنة ثلاث عشرة ومائة فقال أنت تزعم أنك سمعت منه بعد موته بسبع سنين وسأل الحاكم محمد بن حاتم الكسي عن مولده لما حدث عن عبد بن حميد فقال سنة ستين ومائتين

مسألة في معرفة المواليد وغيرها

فقال هذا سمع من عبد بعد موته بثلاث عشرة سنة قال سفيان الثوري لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ. [مسألة في معرفة المواليد وغيرها:] مما في قولنا: (156) مع المواليد مع البلدان ... وكل وصف قام بالإنسان (156) عدالة جهالة وجرحا ... وهو على مراتب وأنحا قال الحافظ ومن المهم أيضا معرفة بلدانهم وأوطانهم وفائدته الأمن من تداخل الاسمين إذا اتفقا نطقا لكن افترقا بالنسب ومن المهم أيضا معرفة أحوالهم تعديلا وجرحا وجهالة لأن الراوي إما أن تعرف عدالته أو يعرف فسقه أو لا يعرف فيه شيء من ذلك انتهى والضمير في قولنا وهو عائد إلى الجرح لأنه الذي ذكروا مراتبه وأنحاءه كما تراه مفصلا قال الحافظ ومن أهم ذلك بعد الإطلاع معرفة مراتب الجرح والتعديل لأنهم قد يجرحون الشخص بما لا يستلزم رد حديثه كله وقد بينا أسباب ذلك فيما مضى وحصرناها في عشرة وتقدم شرحها مفصلا

مسألة في مراتب الجرح

والغرض هنا ذكر الألفاظ الدالة في اصطلاحهم على تلك المراتب انتهى. [مسألة في مراتب الجرح:] (157) أسوأها الوصف بلفظ أفعل ... كأكذب الناس وهذا الأول قال الحافظ وللجرح مراتب قلت هي خمس على ما قال الذهبي وجعلها ابن أبي حاتم أربعا وجعلها الحافظ ستا أسوءها الوصف بما دل على المبالغة فيه وأصرح ذلك التعبير بأفعل كأكذب الناس وكذلك قولهم إليه المنتهى في الوضع وهو ركن الكذب أو نحو ذلك (158) ثانيها دجال أو وضاع ... ومثله الكذاب قد أضاعوا أي أضاعوا روايته عن القبول قال لأنها وإن كان فيها نوع مبالغة لكنها دون التي قبلها. [مسألة في أسهل مراتب الجرح:] (159) والأسهل الأدون فيها لين ... أو سيء الحفظ لمن لا يتقن (160) أوفيه فيما نقلوا مقال ... ...............................

قال الحافظ وبين أسوء الجرح وأسهله مراتب لا تخفى كقولهم متروك أو ساقط أو فاحش الغلط أو منكر الحديث أشد من قولهم ضعيف أو ليس بالقوي أو فيه مقال انتهى وقال السيد محمد ومراتب الجرح خمس الأولى الوصف بأفعل كأكذب الناس وإليه انتهى في الكذب وهو ركن الكذب ونحوه ثم دجال أو وضاع أو ما يفيد هذا المعنى صريحا المرتبة الثانية متهم بالوضع أو ساقط هالك ذاهب الحديث متروك تركوه لا يعتبر به ليس بالثقة ليس بمأمون لا ينبغي أن يروى عنه وكذلك من قال البخاري فيه نظر أو سكتوا عنه الثالثة فلان يرد حديثه ضعيف جدا واه بمرة مطرح الحديث ارم به ليس بشيء لا يساوي شيئا ونحوه وكل أهل هذه المراتب الثلاث لا يحتج بهم ولا يعتبروا ولا يستشهدوا ولا يصح حديثهم وإن كثروا ما لم يتواتر بخلاف من بعدهم الرابعة ضعيف منكر الحديث مضطرب واه ضعفوه لا يحتج به هذا عرفهم يريد المحدثين إلا ابن معين فإذا قال ضعيف فليس بثقة فلا يعتبر بحديث من قال ذلك فيه الخامسة فلان فيه مقال وليس بذالك أو فيه ضعف أو يعرف وينكر وليس بذاك القوي أوليس بالمتن أو ليس بحجة وليس بالقوي أو بعمدة أو بالمرضي أو إلى الضعف ما هو أو فيه خلاف أو طعنوا فيه أو مطعون فيه أو سيء الحفظ أو لين أو تكلموا فيه أو نحو ذلك وأهل

مسألة في رتب التعديل

المرتبة الرابعة والخامسة إذا اجتمعوا حسن حديثهم أو صح اجتهادا وعند أهل الأصول يجب العمل بحديث أحدهم ما لم يعرف أن خطأه أكثر من صوابه قيل أو مثله انتهى كلامه وهو مفيد وعند الفراغ من رتب التجريح أخذنا في رتب التعديل: [مسألة في رتب التعديل:] أشرنا إلى أرفعها فقلنا: () ........................... ... وأرفع التعديل فيما قالوا (161) كأوثق الناس وبعدها ما ... كرره لفظا أو التزاما قال الحافظ ومراتب التعديل أرفعها الوصف بأفعل كأوثق الناس أو أثبت أو إليه المنتهى في التثبت ثم ما أكد بصفة من الصفات الدالة على التعديل أو صفتين كثقة ثقة أو ثقة ثبت أو ثقة حافظ أو عدل ضابط أو نحو ذلك انتهى فقولنا كرره لفظا نحو ثقة ثقة أو التزاما نحو ثقة ثبت وقال السيد محمد وأمثلة مراتب التعديل أربع الأولى ذكر أفعل كأصدق الناس وأوثقهم وتكرير اللفظ كثقة ثقة أو ثقة ثبت أو ثبت حجة أو حافظ متقن أو نحوها الثانية ثقة حافظ حجة متقن وكذا قولهم في الراوي العدل حافظ أو ضابط

مسألة في أدنى مراتب التعديل

الثالثة لا بأس به صدوق مأمون خيار إلا ابن معين فقوله لا بأس به للتوثيق الرابعة قال ابن معين إذا قلت لا بأس به فهو ثقة ومحله الصدق ورووا عنه إلى الصدق ما هو أو شيخ أو وسط أو صالح أو مقارب أو جيد الحديث أو حسن الحديث أو صويلح أو صدوق إن شاء الله أو أرجو أنه لا بأس به ويكتب حديثه أو ينظر فيه وأهل الثالثة والرابعة هنا هم أهل الرابعة والخامسة في مراتب الجرح انتهى. [مسألة في أدنى مراتب التعديل:] وقولنا: (162) هذا وأدناها الذي قد أشعرا ... بالقرب من تجريحهم فيما ترى (163) كقولهم شيخ وكل عارف ... يقبل من زكاه ذو المعارف قد فهم معناه مما سقناه عن السيد محمد وأما قولنا وكل عارف 000إلى آخره فهو إلمام بقول الحافظ وهذه أحكام تتعلق بذلك ذكرتها لتكملة الفائدة فأقول تقبل التزكية من عارف بأسبابها لا من غير عارف لئلا يزكي بمجرد ما يظهر له ابتداء من غير ممارسة واختبار ولو كانت التزكية صادرة من مزك واحد على الأصح انتهى وإليه أشرنا بقولنا

ولو من الواحد في الأصح ... ................................

(164) ولو من الواحد في الأصح ... ................................ خلافا لمن شرط أنها لا تقبل إلا من اثنين إلحاقا لهما بالشهادة في الأصح أيضا والفرق بينهما أن التزكية تنزل منزلة الحكم فلا يشترط فيها العدد والشهادة تقع من الشاهد عند الحاكم فافترقا ولو قيل يفصل بين ما إذا كانت التزكية في الراوي مستندة من المزكي إلى اجتهاده أو إلى النقل من غيره لكان متجها لأنه إن كان الأول فلا يشترط العدد أصلا لأنه حينئذ يكون بمنزلة الحاكم وإن كان الثاني فيجري فيه الخلاف وتبين أيضا أنه لا يشترط العدد لأن أصل النقل لا يشترط فيه العدد فكذا ما تفرع عنه والله سبحانه أعلم وينبغي أن لا يقبل الجرح والتعديل إلا من عدل مقسط متيقظ فلا يقبل جرح من أفرط فيه فجرح بما لا يقتضي رد حديث المحدث كما لا تقبل تزكية من أخذ بمجرد الظاهر فأطلق التزكية وقال الذهبي وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة انتهى ولهذا كان مذهب النسائي أنه لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه وليحذر المتكلم في هذا الفن من التساهل في الجرح والتعديل فإنه إن عدل بغير تثبت كان كالمثبت حكما ليس بثابت فيخشى عليه أن يدخل في زمرة من روى حديثا وهو يظن أنه كذب وإن جرح بغير تحرز أقدم على الطعن في مسلم بريء من

مسألة في تقديم الجرح على التعديل إذا كان مبينا هذا

ذلك ووسمه بميسم سوء يبقى عليه عاره أبدا والآفه تدخل تارة في هذا من الهوى والغرض الفاسد وكلام المتقدمين سالم من هذا غالبا وتارة من المخالفة في العقائد وهو موجود كثيرا قديما وحديثا ولا ينبغي إطلاق الجرح بذلك فقد قدمنا تحقيق الحال في العمل برواية المبتدعة انتهى كلام الحافظ. [مسألة في تقديم الجرح على التعديل إذا كان مبينا هذا:] وإذا تعارض الجرح والتعديل فقد أشرنا إليه بقولنا: () ........................... ... والحكم إن يختلفا للجرح (165) فإنه مقدم إذا صدر ... مبينا من عارف وافي النظر فأفاد أن الجرح مقدم عند التعارض قال الحافظ وأطلق ذلك جماعة لكن محله إذا صدر مبينا من عارف بأسبابه لأنه إن كان غير مفسر لم يقدح فيمن ثبتت عدالته وإن صدر من غير عارف بأسبابه لم يعتبر به أيضا انتهى وقال السيد محمد في غير مختصره واعلم أن أكثر هذه العبارات في التجريح غير مبينة السبب فتكون غير مفيدة للجرح لكن موجبة للريبة والوقف في غير المشاهير بالعدالة والأمانة فلا تؤثر فيهم ولا يغتر بقولهم الجرح مقدم على التعديل فذلك الجرح المبين السبب وقال فإن

فإن خلا الراوي عن التعديل ... فالجرح مقبول بلا تفصيل

قلت فأي هذه الألفاظ جرح مبين السبب قلت ليس فيها صريح في ذلك ولكن أقربها إلى ذلك قولهم وضاع ويضع الحديث فإنها مستعملة فيمن عرف بتعمد الكذب ويليهما في الدلالة على التعمد متهم بالوضع وأما كذاب فقد اختلف عرفهم فيها اختلافا لا تحصل معه طمأنينة بأن من قيلت فيه فإنه متعمد الكذب لأن كثيرا منهم يقول ذلك في حق صالحين كثر خطأهم وقولنا: (166) فإن خلا الراوي عن التعديل ... فالجرح مقبول بلا تفصيل هو معنى قول الحافظ فإن خلا أي المجروح عن التعديل قبل الجرح فيه مجملا غير مبين السبب إذا صدر من عارف على المختار لأنه إذا لم يكن فيه تعديل كان في حيز المجهول وإعمال قول المجرح أولى من إهماله ومال ابن الصلاح في مثل هذا إلى التوقف وقد عرفت معنى قولنا (167) هذا على المختار ثم هاهنا ... مهمة فليستمعها متقنا قال الحافظ ومن المهم في هذا الفن معرفة كنى المسمين ممن اشتهر باسمه وله كنية لا يؤمن أن يأتي في بعض الروايات مكنيا لئلا يظن أنه آخر ومعرفة أسماء المكنيين وهو عكس ما قبله

مسألة في معرفة الأسماء وأسماء الكنى

[مسألة في معرفة الأسماء وأسماء الكنى:] وإليه أشرنا بقولنا: (168) معرفة الأسما وأسماء الكنى ... ومن يسمى بالذي به اكتنى الكنية ما صدر بأب أو أم وقولنا معرفة بدل من مهمة وقد ألم البيت بثلاثة أنواع من علوم الحديث الأولى معرفة الأسماء والثانية معرفة الكنى والثالثة من سمي بكنيته قال ابن الصلاح النوع الموفي خمسين معرفة الأسماء والكنى وكتب الأسماء والكنى كثيرة منها كتاب علي بن المديني وكتاب النسائي وكتاب الحاكم الكبير أبي أحمد الحافظ ولابن عبدالبر في أنواع منه كتب لطيفة رائقة والمراد بهذه الترجمة بيان أسماء ذوي الكنى والمصنف في ذلك يبوب كتابه على الكنى مبينا أسماء أصحابها وهذا فن مطلوب لم يزل أهل العلم بالحديث يعنون به ويتحفظونه ويتطارحونه فيما بينهم وينتقصون من جهله وقسم ذلك أضربا ومثلها وأما من اسمه كنيته فقسمهم قسمين أحدهما من له كنية أخرى سوى الكنية التي هي اسمه فصار كأن للكنية كنية وذلك غريب عجيب وذلك كأبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي أحد فقهاء المدينة السبعة اسمه أبو بكر وكنيته أبو عبدالرحمن وكذلك أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري يقال إن اسمه أبو بكر

مسألة فيمن اختلفت كناه أو تعددت

وكنيته أبو محمد ولا نظير لهذين في ذلك قاله الخطيب انتهى قلت ولذا قال الحافظ إن من اسمه كنيته قليل ثم قال الثاني من هؤلاء من لا كنية له غير الكنية التي هي اسمه مثاله أبو بلال الأشعري الراوي عن شريك وغيره روي عنه أنه قال ليس لي اسم اسمي كنيتي ثم عد ابن الصلاح ضروبا من هذا النوع. [مسألة فيمن اختلفت كناه أو تعددت:] أشار إليها قولنا: (169) ومن كناه اختلفت ومن عدت ... كثيرة كناه إذ تعددت وهو إشارة إلى قول الحافظ ومعرفة من اختلف في كنيته وهم كثير ومعرفة من كثرت كناه كابن جريج له كنيتان أبو الوليد وأبو خالد انتهى وهذان من الضروب التي ذكرها ابن الصلاح قال الضرب الخامس

مسألة من وافقت كنيته اسم أبيه وعكسه

من اختلف في كنيته فذكر له على الاختلاف كنيتان أو أكثر واسمه معروف ولعبدالله بن عطاء الأزدي فيه مختصر مثاله أسامه بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل كنيته أبو زيد وقيل أبو محمد وقيل أبو عبدالله وقيل أبو خارجة وجعل من كثرت كناه الضرب الرابع ومثله بما مثله به الحافظ من ابن جريج ويدخل تحت قولنا إذ تعددت من كثرت نعوته وألقابه بنوع تجوز. [مسألة من وافقت كنيته اسم أبيه وعكسه:] وقولنا: (170) أو وافقت كنيته اسم الأب ... أو عكسه أمثاله في الكتب قال الحافظ ومعرفة من وافقت كنيته اسم أبيه كأبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق المدني أحد أتباع التابعين وفائدة معرفته نفي الغلط عمن نسبه إلى أبيه فقال أخبرنا ابن إسحاق فنسب إلى التصحيف وأن الصواب أخبرنا أبو إسحاق قال أو بالعكس كإسحاق بن أبي إسحاق السبيعي انتهى. وأما قولنا: (71) أو كنية الزوجة أو كان اسم من ... عنه روى اسم أبيه فاسمعن فهو عطف على كنية اسم الأب أي أو وافقت كنيته كنية زوجته وهو ما أفاده قول الحافظ أو وافقت كنيته كنية زوجته كأبي أيوب الأنصاري وأم أيوب صحابيان مشهوران وقولنا أو كان اسم من عنه

مسألة في من نسب إلى غير أبيه

روى اسم أبيه أي أو وافق اسم أبي الراوي اسم شيخه قال الحافظ كالربيع بن أنس عن أنس هكذا يأتي في الروايات فيظن أنه يروي عن أبيه كما وقع في الصحيح عن عامر بن سعد عن سعد وهو أبوه يريد أنه عامر بن سعد بن أبي وقاص قال وليس أنس شيخ الربيع والده بل أبوه بكري أي منسوب إلى بكر بن وائل وشيخه أنصاري وهو أنس بن مالك الصحابي المشهور وليس الربيع المذكور من أولاده انتهى. [مسألة في من نسب إلى غير أبيه:] (172) ومن إلى غير أبيه نسبا ... أو أمه في نسبة كانت أبا قال الحافظ كالمقداد بن الأسود نسب إلى الأسود الزهري لكونه تبناه وإنما هو المقداد بن عمرو وقولنا أو أمه في نسبة كانت أبا أي أو نسب إلى أمه دون أبيه فكانت أمه كالأب في أنه نسب الابن إليها قال الحافظ وذلك كابن علية وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم أحد الثقات وعلية أمه اشتهر بها وكان لا يحب أن يقال له ابن علية ولهذا كان يقول الشافعي أخبرنا إسماعيل الذي يقال له ابن علية انتهى

أو غير من في الفهم منه يسبق ... أو اسمه وأصله يتفق

قوله وكان لا يحب قال المحشي لعله لذكر أمه فإنه مكروه طبعا وعادة ومروءة أو لكون النسبة إليها يوهم خلل نسبه وعلى التقديرين أشكل تعليله بقوله ولهذا كان يقول 000الخ والظاهر أن يقال ولهذا أي لكونه اشتهر بها وكان لا يحب أن يقال له كان يعبر الشافعي بنسبة التقليب إلى غيره براءة لذمته وأيضا فالمراد أبيه ومن المنسوبين إلى أمه من الصحابة وغيرهم بلال بن حمامة واسم أبيه رباح ومنه سهل وسهيل ابنا بيضاء وأبوهما وهب ومنه عبدالله بن بحينة وأبوه مالك ومحمد بن الحنفية وأبوه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام قال النووي ومنهم مننسب إلى جدته كيعلى بن منية صحابي بضم الميم وسكون النون وتخفيف التحتية وهي أم أبيه وقيل أمه ومنهم من نسب إلى جده وقد أطال النووي هنا في عد ذلك. وقولنا: (173) أو غير من في الفهم منه يسبق ... أو اسمه وأصله يتفق قال الحافظ كالحذاء ظاهره أنه منسوب إلى صناعتها أو بيعها وليس كذلك وإنما كان يجالسهم فنسب إليهم وكسليمان التيمي لم يكن من بني التيم ولكن نزل فيهم وكذا من نسب إلى جده فلا يؤمن التباسه بمن وافق اسمه اسمه أو اسم أبيه اسم الجد المذكور وقولنا (174) أبوه والجد وهذا كالحسن ... بن الحسن بن الحسن فاستخبرن

أو اسمه وشيخه فصاعدا ... أو شيخه ومن إليه أسندا

قال الحافظ ومعرفة من اتفق اسمه واسم أبيه واسم جده كالحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام وقد يقع أكثر من ذلك وهو من فروع المسلسل وقد يتفق الاسم واسم الأب مع اسم الجد واسم أبيه فصاعدا كأبي اليمن الكندي وهو زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن انتهى فقولنا أبوه بدل من قولنا: (وأصله) وقولنا: (175) أو اسمه وشيخه فصاعدا ... أو شيخه ومن إليه أسندا نريد أو اتفق اسم الراوي واسم شيخه فأكثر وهذا معنى ما في البيت قال الحافظ أو يتفق اسم الراوي واسم شيخه وشيخ شيخه فصاعدا كعمران عن عمران عن عمران الأول يعرف بالقصير والثاني أبو رجاء العطاردي والثالث ابن الحصين الصحابي وكسليمان عن سليمان عن سليمان الأول ابن أحمد بن أيوب الطبراني والثاني ابن أحمد الواسطي والثالث ابن عبدالرحمن الدمشقي المعروف بابن بنت شرحبيل وقد يقع ذلك للراوي ولشيخه معا كأبي العلاء العطار الهمداني مشهور بالرواية عن أبي علي الأصبهاني الحداد وكل منهما اسمه الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد فاتفقا في ذلك وافترقا في

مسألة في معرفة الأسماء المجردة والكنى والأسماء المفردة

الكنية والنسبة إلى البلد والصناعة وصنف فيه أبو موسى المديني جزءا حافلا وقولنا أو شيخه ومن إليه أسند قال الحافظ ومعرفة من اتفق اسم شيخه والرواي عنه قال وهو نوع لطيف لم يتعرض له ابن الصلاح وفائدته رفع اللبس عمن يظن أن فيه تكرارا أو انقلابا فمن أمثلته البخاري روى عن مسلم وروى عنه مسلم فشيخه أي شيخ البخاري مسلم بن إبراهيم الفراديسي البصري والراوي عنه أي عن البخاري مسلم بن الحجاج القشيري صاحب الصحيح ثم عد أمثلة كثيرة ثم قال وأمثلتة كثيرة. [مسألة في معرفة الأسماء المجردة والكنى والأسماء المفردة:] أفادها قولنا: (176) ولتعرف الأسما التي تجردا ... كذا الكنى تعرفها والمفردا فإنه إلمام بثلاث مسائل الأولى ما أفاده قول الحافظ ومن المهم في هذا الفن معرفة الأسماء المجردة وقد جمعها جماعة من الأئمة فمنهم من جمعها بغير قيد كابن سعد في الطبقات وابن أبي خيثمة والبخاري في تاريخهما وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل

ومنهم من أفراد الثقات كالعجلي وابن حبان وابن شاهين ومنهم من أفرد المجروحين كابن عدي وابن حبان أيضا ومنهم من قيدها بكتاب مخصوص كرجال البخاري لأبي نصر الكلاباذي ورجال مسلم لأبي بكر بن منجويه ورجالهما معا لأبي الفضل بن طاهر ورجال أبي داود لأبي علي الجياني وكذا رجال الترمذي ورجال النسائي لجماعة من المغاربة ورجال الستة الصحيحين وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه لعبدالغني المقدسي في كتابه الكمال ثم هذبه المزي في تهذيب الكمال وقد لخصته وزدت عليه أشياء كثيرة وسميته تهذيب التهذيب وحاصل ما اشتمل عليه من الزيادات نحو ثلث الأصل انتهى قلت وقد لخص الحافظ تهذيبه بكتاب سماه التقريب متداول بين الناس فقولنا التي تجردا صفة للأسماء لأن الجمع يؤنث ويذكر وإفراد تجردا ملاحظة لمفردها والثانية قولنا كذا الكنى فإنه إشارة إلى قوله وكذا معرفة الكنى المجردة والمفردة والألقاب وهي تارة تكون بلفظ الاسم وتارة

تكون بلفظ الكنية وتقع بسبب عاهة أو حرفة قلت جعلها النووي النوع الثاني والخمسون قال ومن لا يعرفها قد يظنها أسامي فيجعل من ذكر باسمه في موضع وبلقبه في آخر شخصين وألف فيه جماعة قال السيوطي منهم أبو بكر الشيرازي وأبو الفضل الفلكي قال وآخرهم شيخ الإسلام أبو الفضل ابن حجر وتأليفه أحسنها وأخصرها وأجمعها قال النووي وما كرهه من الألقاب لا يجوز وما لا يكرهه يجوز ثم سرد ألقابا والثالثة قولنا والمفرد إشارة إلى قول الحافظ ومن المهم أيضا معرفة الأسماء المفردة قال وقد صنف فيها الحافظ أبو بكر البرديجي ثم عد الحافظ من ذلك أمثلة وقال النووي إنه فن حسن يوجد في أواخر الأبواب ثم عده أقساما الأول في الأسماء فمن الصحابة أجمد بالجيم ابن عجيان بضم المهملة وسكون الجيم وتحتية كسفيان وقيل كعليان وعد جماعة من الصحابة ومن غيرهم وهي موجودة في كتب الرجال

مسألة في معرفة الأنساب والألقاب

[مسألة في معرفة الأنساب والألقاب:] تضمنها قولنا: (177) ومثلها الأنساب والألقاب ... في كثرة يعرفها الطلاب (178) إلى البلاد أو إلى القبائل ... أو وطن أو صنعة فسائل هو ما عناه الحافظ بقوله وكذا الأنساب وهي تارة تقع على القبائل وهي في المتقدمين أكثر بالنسبة إلى المتأخرين وتارة إلى الأوطان وهذا في المتأخرين أكثر بالنسبة إلى المتقدمين والنسبة إلى الوطن أعم من أن تكون بلادا أو ضياعا أو سككا أو مجاورة وتقع إلى الصنائع كالخياط والحرف كالبزاز ويقع فيها الاتفاق والاشتباه كالأسماء وقد تقع الأنساب ألقابا كخالد بن مخلد القطواني وكان يغضب منها انتهى ومن هنا يعرف معنى قولنا: (179) أو ضيعة أو حرفة أو سكة ... أو غيرها من صاحب أو جيرة (180) وربما فيها أتى اتفاق ... أو اشتباه فيه وافتراق (181) وربما قد وافقت ألقابا ... واعرف لكل ما ترى الأسبابا قال الحافظ أي الألقاب والنسب التي باطنها على خلاف ظاهرها انتهى.

مسألة في معرفة الموالي

قلت جعلها النووي نوعا فقال النوع الثامن والخمسون النسب التي على خلاف ظاهرها قال السيوطي قد ينسب الراوي إلى نسبة من مكان أو وقعة به أو قبيلة أو صنعة وليس الظاهر الذي يسبق إلى الفهم من تلك النسبة مرادا فال النووي كأبي مسعود البدري لم يشهدها في قول الأكثرين بل نزلها وعد من هذا أمثلة وممن ذكر سبب تلقيبه بلقب صاعقة محمد بن عبدالرحيم لقب به لشدة حفظه ومنه بندار محمد بن بشار شيخ الشيخين قال ابن الصلاح قال الفلكي لقب به لأنه كان بندار الحديث أي حافظه ومنه غنجار قال ابن الصلاح لقب به لحمرة وجنتيه وعد من الألقاب التي على خلاف ظاهرها معاوية الضال ضل في طريق مكة وكان رجلا عظيما وعبدالله بن محمد الضعيف كان ضعيفا في جسمه لا في حديثه وقد عد ابن الصلاح جملة من ذلك. [مسألة في معرفة الموالي:] شملها قولنا: (182) ثم الموالي كن بهم ذا عرف ... بالرق والإسلام أو بالحلف (183) من أسفل أو أعلى وكن بالإخوة ... والأخوات عارفا ذا فطنة

هو إشارة إلى ما أجملة الحافظ وفصله ابن الصلاح فقال النوع الرابع والستون معرفة الموالي من الرواة والعلماء وأهم ذلك معرفة الموالي المنسوبين إلى القبائل بوصف الإطلاق فإن الظاهر في المنسوب إلى قبيلة كما إذا قيل فلان القرشي إنه منهم صليبة فإذن بيان من قيل فيه قرشي من أجل كونه مولى لهم مهم واعلم أن فيهم من يقال له مولى فلان أو لبني فلان والمراد به العتاقة وهذا هو الأغلب في ذلك ومنهم من أطلق عليه لفظ المولى والمراد به ولاء الإسلام وعد جماعة منهم البخاري فإنه مولى الجعفيين لأن جده أسلم على يد اليمان بن أخنس الجعفي ومنهم من هو مولى بولاء الحلف والموالاة وعد جماعة من ذلك ثم قال روينا عن الزهري قال قدمت على عبدالملك بن مروان قال من أين قدمت يا زهري قلت من مكة قال فمن خلفت بها يسود أهلها قلت عطاء بن أبي رباح قال فمن العرب أم من الموالي قلت من الموالي قال فبم سادهم قلت بالديانة والرواية قال إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا فمن يسود أهل اليمن

قلت طاوس بن كيسان قال فمن العرب أم من الموالي قلت من الموالي قال وبم سادهم قلت بما ساد به عطاء قال إنه لينبغي فمن يسود أهل مصر قلت يزيد بن أبي حبيب قال فمن العرب أم من الموالي قلت من الموالي قال فمن يسود أهل الشام قلت مكحول قال فمن العرب أم من الموالي قلت من الموالي عبد تولى عتقه امرأة من هذيل قال فمن يسود أهل الجزيرة قلت ميمون بن مهران قال فمن العرب أم من الموالي قلت من الموالي قال فمن يسود أهل خراسان قلت الضحاك بن مزاحم قال فمن العرب أم من الموالي قلت بل من الموالي

قال فمن يسود أهل البصرة قلت الحسن بن أبي الحسن قال فمن العرب أم من الموالي قلت من الموالي قال ويلك فمن يسود أهل الكوفة قلت إبراهيم النخعي قال فمن العرب أم من الموالي قلت من العرب قال ويحك يا زهري فرجت عني والله ليسودن الموالي على العرب حتى يخطب لها على المنابر والعرب تحتها قال قلت يا أمير المؤمنين إنما هو أمر الله ودينه من حفظه ساد ومن ضيعه سقط انتهى وقولنا وكن بالإخوة 000إلى آخره هذا إشارة إلى نوع عده الحافظ جعله النووي الثالث والأربعين معرفة الإخوة قال هو أحد معارفهم أفراده بالتصنيف علي بن المديني ثم النسائي ثم السراج وغيرهم مثال الأخوين في الصحابة عمر وزيد ابنا الخطاب وعبدالله وعتبة ابنا مسعود ومن التابعين عمرو وأرقم ابنا شرحبيل ومثال الثلاثة في الصحابة علي وجعفر وعقيل بنو أبي طالب وسهل وعثمان وعباد بنو حنيف ثم ذكر مثال الخمسة والستة والسبعة وزاد السيوطي

مسألة في آداب الشيخ والطالب

مثال الثمانية والعشرة أولاد العباس بن عبدالمطلب وأما الأخوات فقال النووي في التابعين اثنتين فقط وهي كثيرة لمن تتبع. [مسألة في آداب الشيخ والطالب:] (184) كذاك آداب شيوخ العلم ... وطالب العلم وسن الفهم إشارة إلى قول الحافظ ومن المهم أيضا معرفة آداب الشيخ والطالب وسن التحمل والأداء انتهى ولذا قلنا: (185) للحمل عنه والأدا ولتعرف ... ..................... قال الحافظ إنه يشترك الشيخ والطالب في تصحيح النية والتطهر من أعراض الدنيا قلت أما هذا فعام لكل علم لحديث من تعلم علما مما ينبغي به وجه الله لا يتعلمه إل ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة أخرجه القاضي عياض في الإلماع قال الحافظ وتحسين الخلق

وينفرد الشيخ بأن يسمع إذا يسمع احتيج إليه ولا يحدث ببلد فيه من هو أولى منه بل يرشد إليه ولا يترك إسماع أحد لنية فاسدة وأن يتطهر ويجلس بوقار ولا يحدث قائما ولا عجلا ولا في الطريق إلا إن اضطر إلى ذلك وأن يمسك عن التحديث إذا خشي التغير أو النسيان لمرض أو هرم وإذا اتخذ مجلس الإملاء أن يكون له مستمل يقظ وينفرد الطالب بأن يوقر الشيخ ولا يضجره ويرشد غيره لما يسمعه ولا يدع الاستفادة لحياء أو تكبر ويكتب ما سمعه تاما ويعتني بالتقييد والضبط ويذاكر بمحفوظه ليرسخ في ذهنه انتهى وقال النووي وقريب منه لابن الصلاح علم الحديث شريف يناسب مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم وهو من علوم الآخرة من حرمه حرم خيرا عظيما ومن رزقه نال فضلا جسيما ثم ذكر قريبا من كرم الحافظ السابق وقولنا وسن الفهم للحمل إلمام بقول الحافظ ومن المهم أيضا معرفة سن التحمل والأداء والأصح اعتبار سن التحمل بالتمييز هذا في السماع وقد جرت عادة المحدثين بإحضارهم الأطفال مجالس الحديث ويكتبون لهم أنهم حضروا ولابد في مثل ذلك من إجازة المسمع والأصح في سن الطالب بنفسه أن يتأهل لذلك ويصح تحمل الكافر أيضا إذا أداه بعد الإسلام وكذا الفاسق من باب الأولى إذا أداه بعد توبته وثبوت عدالته وأما حالة الأداء فقد تقدم أنه لا اختصاص لها بزمن معين بل بعد الاحتياج والتأهل لذلك وهو مختلف

مسألة في كتابة الحديث

باختلاف الأشخاص انتهى وقد وسع النووي في آداب الشيخ والطالب بما يطول. [مسألة في كتابة الحديث:] أفادها قولنا: .......................... ... كتب الحديث مثل كتب المصحف كتب المصحف فإنه مصدر كتب وذلك بأن يكتب الحديث مبينا موضحا ومفسرا يشكل المشكل منه وينقطه كذا قال الحافظ وغير هذا مما استوفى في المطولات واستوفيناه في شرح التنقيح. [مسألة السماع والإسماع والعرض وغير ذلك:] مما يشمله قولنا: (186) ثم سماع ما ترى سماعه ... وعرضه إن شئت واستماعه (187) ورحلة الطالبة والتصنيفا ... على المسانيد أو التأليفا (188) فيه على الأبواب أو على العلل ... وإن يشأ تأليف الاطراف فعل هذه الثلاثة الأبيات إشارة إلى خمسة أنواع من أنواع علوم الحديث

قال الحافظ وصفه عرضه أي ومن المهم معرفة صفة عرضه وهذا أولها وهو مقابلته مع الشيخ المسمع أو مع ثقة غيره أو مع نفسه شيئا فشيئا والثاني صفة إسماعه أي الطالب بأن لا يتشاغل بنسخ أو حديث أو نعاس والثالث صفة استماعه أي الشيخ كذلك أي بأن لا يتشاغل إلى آخره وأن يكون ذلك من أصله الذي سمع منه أو من فرع قوبل على أصله فإن تعذر فليجبره بالإجازة لما خالف إن خالف والرابع صفة الرحلة فيه قال الحافظ حيث يبتدي بحديث أهل بلده فيستوعبه ثم يرحل فيحصل في الرحلة ما ليس عنده ويكون اعتناؤه بتكثير المسموع أولى من اعتنائه بكثرة الشيوخ والخامس صفة تصنيفه وهو على أربعة أنواع إليها الحافظ كلها الأول على المسانيد بان يجمع مسند كل صحابي على حدة فإن شاء رتبه على سوابقهم وإن شاء رتبه على حروف المعجم وهو أسهل تناولا قال السيوطي قال الدارقطني أول من صنف مسندا نعيم بن حماد النووي فيجمع في ترجمة كل صحابي ما عنده من حديثه صحيحه وضعيفه وعلى هذا له أن يرتبه على الحروف أو على القبائل فيبدأ ببني هاشم ثم الأقرب فالأقرب نسبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو على السوابق فالعشرة ثم أهل بدر ثم الحديبية ثم المهاجرين ثم أصاغر الصحابة ثم النساء

مسألة في معرفة أسباب الحديث

قال الحافظ في الثاني أو على الأبواب الفقهية أو غيرها بأن يجمع في كل باب ما ورد فيه مما يدل على حكمه إثباتا ونفيا والأولى أن يقتصر على ما صح أو حسن فإن جمع فليبين علة الضعيف وأشار إلى الثالث بقوله أو تصنيفه على العلل فيذكر المتن وطرقه وبيان اختلاف نقلته والأحسن أن يرتبها على الأبواب ليسهل تناولها قال النووي ومن أحسنه أي التصنيف تصنيفه معللا بأن يجمع في كل حديث أو باب طرقه واختلاف رواته الرابع قال الحافظ أو يجمعه على الأطراف فيذكر طرف الحديث الدال على بقيته ويجمع أسانيده إما مستوعبا وإما مقيدا بكتب مخصوصة وقد أشرنا في الأبيات إلى الأربعة المذكورة. [مسألة في معرفة أسباب الحديث:] (189) ويعرف الأسباب للحديث ... فإنه عون على التحديث

وغالب الأنواع فيها ألفوا ... والكل نقل ظاهر معرف

(190) وغالب الأنواع فيها ألفوا ... والكل نقل ظاهر معرف (191) ليس بمحتاج إلى التمثيل ... ولا إلى التكثير والتطويل يقيد معنى قول الحافظ ومن المهم معرفة سبب الحديث وقد صنف فيه بعض شيوخ القاضي أبي يعلى الحنبلي العكبري وقد ذكر الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد أن بعض أهل عصره شرع في جمع ذلك وكأنه ما رأى تصنيف العكبري المذكور وصنفوا في غالب هذه الأنواع كما أشرنا إليه غالبا وهي أي هذه الأنواع المذكورة في هذه الخاتمة نقل محض ظاهرة التعريف مستغنية عن التمثيل فليراجع لها مبسوطاتها ليحصل الوقوف على حقائقها والله تعالى الموفق والهادي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه أنيب وحسبنا الله ونعم الوكيل والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا مباركا طيبا انتهى آخر النخبة متنا وشرحا وقد تضمنها النظم وشرحه مع زيادات وهاهنا نكتة ساقها السيوطي بسنده إلى البخاري وقد ذكرها القاضي عياض وأنا أنقل لفظ القاضي وهوأنه قصد البخاري من يريد أخذ الحديث عنه فقال له البخاري يا بني لا تدخل في أمر إلا بعد معرفة حدوده والوقوف على مقاديره فقلت عرفني رحمك الله حدود ماق صدتك له ومقادير ما سألتك عنه فقال لي اعلم أن الرجل لا يصير محدثا كاملا في حديثه إلا بعد أن يكتب أربعا مع أربع مثل أربع عند أربع بأربع

على أربع عن أربع لأربع وكل هذه الرباعيات لا تتم إلا بأربع مع أربع فإذا تمت له كلها هانت عليه أربع وابتلى بأربع فإذا صبر على ذلك أكرمه الله في الدنيا بأربع وأثابه في الآخرة بأربع قلت له فسر لي رحمك الله ما ذكرت من أحوال هذه الرباعيات من قلب صاف بشرح كاف وبيان شاف طلبا للأجر الوافي قال نعم أما الأربعة التي يحتاج إلى كتبها فهي أخيار الرسول وشرائعه والصحابة ومقاديرهم والتابعين وأحوالهم وسائر العلماء وتواريخهم مع أسماء رجالها وكناهم وأمكنتهم وأزمنتهم كالتحميد مع الخطب والدعاء مع الترسل والبسملة مع السور والتكبير مع الصلوات مثل المسندات والمرسلات والموقوفات والمقطوعات في صغره وفي إدراكه وفي كهولته وشبابه وعند فراغه وعند شغله وعند فقره وعند غناه بالجبال والبحار والبلدان والبراري على الأحجار والأصداف والجلود والأكتاف إلى الوقت الذي يمكنه نقلها إلى الأوراق عمن هو فوقه وعمن هو مثله وعمن هو دونه وعن كتاب أبيه تيقن أنه بخط أبيه دون غيره لوجه الله طالبا لمرضاته والعمل بما وافق كتاب الله منها ونشرها بين طالبيها ومحبيها والتأليف في إحياء ذكره بعده ثم لا تتم هذه الأشياء إلا بأربع التي هي من كسب العبد أعني معرفة الكتابة واللغة والصرف والنحو مع أربع التي هي من عطاء الله أعني القدرة والصحة والحرص والحفظ فإذا تمت هذه الأشياء هان عليه أربع الأهل والولد والمال والوطن

والحمد لله على ما أنعما ... علمنا ما لم نكن لنعلما

وابتلي بأربع شماتة الأعداء وملامة الأصدقاء وطعن الجهلاء وحسد العلماء فإذا صبر على هذه المحن أكرمه الله في الدنيا بأربع بعز القناعة وبهيبة اليقين وبلذة العلم وحياة الأبد وأثابه في الآخرة بأربع بالشفاعة لمن أراد من إخوانه وبظل العرش حيث لا ظل إلا ظله ويسقي من أراد من حوض نبيه وبجوار النبيين في أعلى عليين في الجنة فقد أعلمتك يا بني مجملا جميع ما كنت سمعته من مشائخي متفرقا فاقبل الآن على ما قصدتني إليه أو دع انتهى من الإلماع بلفظه وإنما نقلناها ليعرف طالب هذا الشأن أنه أمر عظيم وخطر خطير أجره كبير وتحصيله عسير إلا لمن يسره من كل شيء عليه يسير وهو على كل شيء قدير. وقولنا: (192) والحمد لله على ما أنعما ... علمنا ما لم نكن لنعلما حمدا لله وثناءا على جزيل إفضاله بما علم مما لولاه لما علمنا

أحمده فلم يزل إلينا ... مواصلا إفضاله علينا

وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله قال الله ممتنا على رسوله صلى الله عليه وسلم {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} وقال تعالى {وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا} وقال {وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} وقالت الملائكة {لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} فكل علم وتعليم فهو من الله قال في الكتابة {أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} وقال {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ}. وقولنا: (193) أحمده فلم يزل إلينا ... مواصلا إفضاله علينا بيناه بقولنا: (194) علمني وكنت قبل جاهلا ... طوقني منه وكنت عاطلا قال الله تعالى {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} وهذا تحدث بنعم الله قال تعالى {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} وقال صلى الله عليه وسلم (أنا سيد ولد آدم ولا فخر وقال سليمان نبي الله {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا

كنت فقيرا فأتاني بالغنا ... أغنى وأقنى فله كل الثنا

مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} وقال نبي الله يوسف الصديق {رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} إلى قوله {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} ويأتي من الآثار عن السلف في شرح البيت الثاني ما يزيد هذا بيانا فلذا قلنا اعترافا لله بعطاياه وشكرا لما أسداه ما لا تحصيه الأقلام ولا الأفواه (195) كنت فقيرا فأتاني بالغنا ... أغنى وأقنى فله كل الثنا قال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} أخرج البيهقي عن الحسن قال أكثروا ذكر هذه النعم فإن ذكرها شكرها وأخرج أيضا عن أبي الحواري قال جلس فضيل بن عياض وسفيان بن عيينة ليلة إلى الصباح يتذكران النعم أنعم الله علينا في كذا أنعم الله علينا في كذا وأخرج الطبراني عن أبي الأسود الديلي وزاذان الكندي قالا قلنا لعلي حدثنا عن أصحابك فذكر مناقبهم قلنا فحدثنا عن نفسك قال مهلا نهى الله عن التزكية قال له رجل فإن الله يقول {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} قال فإني أحدث بنعمة ربي "كنت والله إذا سئلت أعطيت وإذا سكت ابتديت (196) وكنت فردا فأتاني بالولد ... أسأله صلاحهم إلى الأبد خصصنا هذه الهبة لأن إبراهيم الخليل كان

علمني سنة خير الرسل ... المصطفى أصلي وأصل نسلي

يطلب الولد فقال {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ} قال الله تعالى {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} وقال {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ} وقال زكريا {هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى} الآية وقال تعالى عن آدم وحواء {لَئِنْ آَتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} وبشر الله مريم البتول بالولد {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ} الآية والولد الصالح أحد ما بقي للميت يجري له أجره بعد وفاته وسؤال صلاحهم اقتداء بما حكاه الله من قول عباد الرحمن {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} وقوله حاكيا عمن بلغ أشده وبلغ أربعين سنة أنه قال {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ} وغير ذلك وقوله إلى الأبد سؤال لصلاح من تناسل وأدمج فيه سؤال أن لا ينقطع نسله. وقولنا: (197) علمني سنة خير الرسل ... المصطفى أصلي وأصل نسلي

. فيه اعترف بنعمتين عظيمتين يقصر عن شكرهما كل لسان ويعترف بشرفهما الثقلان الإنس والجان الأولى تعلم السنة النبوية وهذا تخصيص لها بعد التعميم بقولنا علمني وكنت قبل جاهلا وقولنا علمنا ما لم نكن لنعلم وذلك لشرفها على كل علم فإنها الوحيان فالقرآن داخل في سنة خير المرسلين لأن السنة الطريقة والطريق التي أتى بها صلى الله عليه وسلم وهدى إليها هي طريق كتاب الله وسنته صلى الله عليه وسلم وإن كان لفظ السنة إذا أطلق يتبادر منه أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته وغيرها والسنة النبوية هذه أحد الوحيين فإنه تعالى قال {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} واعلم أن الله وله الحمد والثنا في الآخرة والأولى من علي أعظم منة وهداني إلى علم السنة وفطرني فطرة على محبتها والارتداء بحلتها والإتباع لنحلتها والاستيطان لمحلتها والتفيؤ في ظلها الظليل والإيثار لأقوالها على جميع الأقاويل والميل بالكلية إليها وحث العباد بكل ممكن عليها مع أن الأوطان التي نشأت بها ودرجت والربوع التي حللت بها وولجت والأرض التي هي أول أرض مس جلدي ترابها ليس لهذا الفن فيها ذكر ولا لطائره فيها وكر ولا لكتبه بها طي ولا نشر وقد أغلق عن ذكره كل باب فلا يفتح فيها له كتاب ولا يخوض في بحره ذوو الأباب ولما جبلت على حبه ولم أجد مساعدا ولا معينا ولا عاضدا بل وجدت بعضهم عدوا وحاسدا وسمت قول من قال

إن علم الحديث علم رجال ... تركوا الابتداع للإتباع فإذا جن ليلهم كتبوه ... وإذا أصبحوا غدوا للسماع قلت: قد أردنا السماع لكن فقدنا ... من يفيد الأسماع بالإسماع فرجعنا إلى الوجادة لما ... لم نجد عارفا به في البقاع فلسان الكتاب يملي وعنه ... يتلقى سراً لسان اليراع ثم قبض الله بعد ذلك الأخذ عن أفواه الشيوخ لبعض كتب السنة والإجازة لنا فيها لما رحلنا إلى مكة المشرفة ثم شرعنا في نشر ذلك والدعاء إليه من سنة اثنين وثلاثين ومائة وألف فشن علينا غارات الملامات أقوام وسعوا بنا إلى خلفية عصرنا الإمام المتوكل على الله القاسم بن الحسين رحمه الله بأنا خالفنا المذهب وكان منه الإرسال إلينا والعتب علينا ثم سد سمعه عن اللائمين وأعرض عن خوض الخائضين ومازال اللوم من كل من درج ودب ونحن صابرون وعلى ربنا متوكلون ومتكلون وفوضت إلى الله الأمر وعذت به من شر كل ذي شر فكفانا وله الحمد وكلانا وكل بلاء حسن أبلانا كما قلنا

وذاد عني كيد كل كائد ... ورد شر كل شر قاصد

(198) وذاد عني كيد كل كائد ... ورد شر كل شر قاصد فإنها ما زالت عقارب ذوي الشر تدب وأفاعي مكائدهم تثب تارة بالهجاء بالأشعار وتارة بالتهديد بالقتل وإلهاب كل نار ففي سنة خمس وخمسين ومائة وألف وكنا ندرس في التفسير في جامع صنعاء الكبير ونمزجه بالوعظ والتذكير والدعاء إلى سنة البشير النذير وكان الإملاء على الكرسي وبحضرة جم غفير من أعيان العلماء والكبراء وكل كبير وصغير فترسل علينا جماعة وأبلغوا إلى خليفة عصرنا المنصور بالله الحسين بن القاسم المتوكل على الله رحمهما الله تعالى تلك الرسالات وطلبنا إلى حضرته وأمدنا الله وله الحمد بنصرته حتى تبين للخليفة خطأ المترسلين فمزق إحداهما بيده وأمرني بالجواب على الأخرى وأجبنا برسالة سميناها السهم الصائب في نحر القول الكاذب وآخر المكائد وأعظمها في سنة ستة وستين ومائة وألف وكنت أخطب في جامع صنعاء من ستة إحدى وخمسين ومائة وألف فتجمع أعيان من الكبراء وبيت الملك وممن ساعدهم وقصدوا إزهاق روح الخطيب واشتعلت نار الفتنة وعظمت فألهم الله المدافع عن الذين آمنوا أن ألقى في قلب خليفة عصرنا المهدي

لدين الله العباس بن المنصور بالله أصلح الله له وبه أمور الجمهور إيداع الخطيب وجماعة من آل الإمام السجن فسكنت تلك النار وأطفئت شرر الأشرار وما قلته في السجن تحدثا بالنعمة: شكر لربي دائما ... أبدا وحمدا شكرا لما لا أستطي ... ع لعشره حصرا وعدا جاء العدا وتجمعوا ... لأذيتي بغيا وحسدا وأرادوا الأمر العظي ... ـم جهالة منهم وحقدا سفك الدم المعصوم بال ... إيمان عدوانا وعمدا فكفى إلهي شرهم فله ... الثنا ما عشت يهدا يا أيها الإخوان إني ... ما أتيت بخطبتي إمرا وإدا لم أنه إلا عن مخالفة ... الرسول وآله العالين جدا فهم النجوم لمهتد ... وهم الرجوم لمن تعدا ونهيت عن جمع الصلا ... ة بخارج الأوقات عمدا ونهيت عن بدع القبور ... ونداء من قد حل لحدا وعن النجوم وإن فيـ ... ها عندهم نحسا وسعدا قل للمنجم ما الذي ... تغني النجوم إذا تردا عرفتكم سنن الهدى ... وأبنتها رسما وحدا وعلى المنابر والكرا ... سي لم أدع للنصح جهدا

أملي الكتاب وسنة الـ ... مختار تفصيلا وسردا ومفسرا لكلام ربـ ... ـي من به البلغاء تحدا أبرزت فيه نفائسا ... أوضحتها حلا وعقدا ومزجته بالوعظ حتـ ... ـى لان قلب كان صلدا ومبلغا عن أحمد ... خير الورى علما وزهدا حتى ملأت بسنة الـ ... مختار أغوارا ونجدا تبع السعيد طريقتي ... فنجا ونال هدى ورشدا كان الحديث بأرضكم ... مستغربا والله جدا حتى نشرت فنونه ... وجلوت منه ما تصدا فلدرسه ولأخذه ... من بعدنا كل تصدا وتنافس الكبراء في ... كتب الحديث هوى ووجدا هذا بتنسيخ وذا ... بشرائها بالمال نقدا ما قلت ذا فخرا ولا ... أرجو بنشر العلم جدا بل قلته متحدثا ... بنعيم من أعطى وأجدا رب السماوات العلا ... من كلنا آتيه فردا بالله قل لي يا عذول ... علام تعذلني مجدا أعلى الرسول وحبه ... وهدايتي حراً وعبدا أم لم نشرت حديثه ... وعلى سواه طويت بردا أم لم نهيت عن القبائـ ... ـح من بها جهلا تردا أم لم أزهد في الدنا ... وأصد عنها الناس صدا أم لم نهيت عن ابتدا ... ع هد ركن الدين هدا

لم كيف شئت فقد سددت ... مسامعي عن ذاك سدا كافوا بترك ملامتي ... إن لم يكن شكرا وحمدا من لامني من بعد ذا ... كافيته عكسا وطردا بيني وبين عواذلي ... إتياني الرحمن وفدا ومساق من هو مجرم ... لجهنم والله وردا فلديه يجتمع الخصو ... م وكل خاف فيه يبدا وهناك ألقى أحمد الـ ... مختار أوفى الخلق عهدا فأبث شكوى ما لقيـ ... ـت لأجله ممن تعدا صلى الإله على الرسول ... وآله الزاكين مجدا ما صافحت نسمات ... نجد في الربا وردا ورندا والثانية الاتصال نسبا بأشرف من أخرجه الله إلى الدنيا وأفضل من أسرى به على البراق إلى السموات العلى فالاتصال به منة تقصر عنها المنن ونعمة يعرف قدرها كل من كان من أهل الفطن فأخرج الطبراني في الكبير والحاكم وصححه والبيهقي عن عمر بن الخطاب مرفوعا كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي

والمرتضى جدي ولي في مدحه ... نظم بديع قد أتى بشرحه

وأخرجه الطبراني في الكبير عن ابن عباس مرفوعا وأخرج أحمد والحاكم من حديث المسور مرفوعا فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها فإن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري وشرف الاتصال به صلى الله عليه وسلم أمر لا يجهله أحد من العباد ويقر بشرفه أهل الأغوار والأنجاد وقولنا (199) والمرتضى جدي ولي في مدحه ... نظم بديع قد أتى بشرحه إخبار بمبدأ سبب الاتصال بالنسب النبوي والمرتضى لقب لعلي عليه السلام مشهور يقال محمد المصطفى وعلي المرتضى وإنما كان أولاده أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أخرجه الطبراني في الكبير عن جابر بن عبدالله مرفوعا إن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه وجعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب وأخرجه أيضا الخطيب من حديث ابن عباس وثبتت تسميته صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين بأنهما ابناه في روايات صحيحة ومنها في الحسن إن ابني هذا سيد الحديث وثبت أنهما دخلا مسجده وهو على منبره فنزل وحملهما وتلا قوله تعالى {أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ}

بيني وبين الحاسد المعاد ... والمصطفى والمرتضى أشهاد

وقولنا ولي في مدحه000 إلى آخره إشارة إلى الأبيات التي مدحنا بها أمير المؤمنين عليه السلام المسماة بالتحفة العلوية وشرحناها بالروضة الندية وتسمى أيضا بالنفحة المسكية وقولنا (200) بيني وبين الحاسد المعاد ... والمصطفى والمرتضى أشهاد تفويض إلى عالم السرائر والمطلع على الضمائر ولذا قلنا (201) فإنها تبلى به السرائر ... ويبرز المكنون والضمائر فإنه قد رمانا الباغض بالنصب ومخالفة أهل البيت بكل حجر ومدر أمكنه (202) ثم صلاة الله والسلام ... على الذي للأنبيا ختام هو محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم فإنه ليس للأنبياء ختام وخاتم سواه قال الله تعالى (وخاتم النبين) ووقع إجماع الأمة أنه لا نبي بعده كما وردت به النصوص النبوية فالتعبير عنه بما ذكرنا مغن عن التصريح باسمه قولنا (203) وآله وأسال الرحمانا ... حسن ختام يدخل الجنانا عطف على الذي فالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وعلى آله هي التي ورد بها حديث التعليم في الصحيحين وغيرهما فمن يصلي عليه صلى الله عليه وسلم دون آله كما

هو واقع في كتب كثيرة من كتب الحديث وعند إملاء الكثير من العلماء ليس هو المأمور به ولا الذي علمه صلى الله عليه وسلم أصحابه لما قالوا له كيف نصلي عليك بل حذف الآل بدعة ومخالفة لأمره صلى الله عليه وسلم حيث قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد الحديث وقد اعتذرنا للمحدثين في حواشي شرح العمدة بما نرجو أنه مرادهم وأما المتأخرون فلا أجد لهم عذرا من علماء الحرمين ومصر والشام وغيرها فإن الخطباء والمحدثين لا يصلون عليه صلى الله عليه وسلم الصلاة التي أمر بها ولا تجد أحدا يصليها منهم ولا ناصحا يناصحهم بل قد دخل الغش في الأديان من كل عالم في كل مكان ولذا أقول من أبيات: فقد غش في الأديان من كان عالما ... وصوب من أخطا الصواب وسلما وقد أخذ الرحمن جل جلاله ... على من حوى علم الرسول وعلما بنصح جميع الخلق فيما ينوبهم ... ولا سيما فيما أحل وحرما فناصح بني الدنيا بترك ابتداعهم ... فقد صيروا نور الشريعة مظلما وقد فتحوا باب العداوت بينهم ... على بدع كل بها قد تحكما فجانب مهاوي الابتداع متابعا ... لما سنه المختار فيها مسلما فما الحق إلا ما أتى عن محمد ... فصلى عليه الله عز وسلما وصل على الآل الكرام فإنه ... بهم قد أتانا في الصلاة معلما كما قد روى الشيخان هذا وصححا ... فتابع في هذا البخاري ومسلما وقد حذفوا في اللفظ والخط آله ... فهل نسخوا ما في الصحيحين محكما

والحمد لله رب العالمين حمدا يدوم بدوام الله على جمع نعم الله عدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته ورضا نفسه وصلاته وسلامه على رسوله المختار وعلى آله الأطهار كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله. قال المؤلف حفظه الله وأمتع بحياته وبارك في أيامه وأوقاته ما لفظه انتهى ما أردت شرحه من نظم نخبة الفكر صباح الأربعاء سابع عشر شهر رجب سنة ثلاثة وسبعين ومائة وألف.

§1/1