إرشاد الحائر إلى معرفة قبيلة فلان في جنوب الجزائر

محمد باي بلعالم

إرشاد الحائر إلى معرفة قبيلة فلان في جنوب الجزائر تأليف فضيلة الشيخ محمد باي بلعالم إمام وأستاذ ومدرس بأولف ولاية أدرار الجزائر 1433هـ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

المقدمة

المقدمة الحمد لله الذي خلق الإنسان من طين، وصوره وجعل نسله من سلالة من ماء مهين، نحمده ونثني عليه الخير كله، ونشكره على مزيد فضله وآلائه التي عجز اللسان عن تعدادها، وكلَّت الأقلام عن كتابتها وسطرها، هو كما أثنى على نفسه له الحمد والشكر على الخير والشر والنفع والضر. ونصلي ونسلم على من أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون، سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد: فيقول العبد الضعيف القاصر محمد باي بن محمد عبد القادر: بعد أن فرغت من كتابي الذي موضوعه "قبيلة فلان في الماضي والحاضر ومالها من العلوم والمعرفة والمآثر"، واطَّلع عليه جماعة من العلماء والمؤرخين وغيرهم، وقرظوه بأقلامهم، وأبدوا فيه رأيهم السديد، وأول من وضع له تقديماً الدكتور محمد عمر فلاتة رئيس قسم التربية بالجامعة الإسلامية والمشرف على مكتبة أهل الحديث بالمدينة المنورف والذي اقترح مشكوراً تخصيص كتاب عن الفُلاَّنين بالجزائر يتضمن الآتي: • التعريف بالجزائر. • توزع الفُلاَّن بالجزائر. • عددهم التقريبي. • الأفخاذ والبطون (إن وجدت). • القبائل المنصهرة مع القبيلة.

• العادات والتقاليد في الآتي: الطعام، اللباس، الأعياد والاحتفالات، السكن (الأبنية)، التداوي، الضيافة، الزي واللباس، الزواج والطلاق، الألعاب والفنون. • المذاهب الدينية. • المدارس العلمية. • المدارس التعليمية: طرق التدريس، الأوقاف (الحبوس)، المساجد، تراجم القراء، تراجم العلماء، تراجم القضاة، الفهارس. أقول: إنني سأعمل جاهداً في تحقيق رغبته في بعض الفقرات وكما قيل "ما لا يدرك كله لا يترك جله"، ولكن مع هذا فإنني لا ألتزم بالترتيب على الرد، وكما هي عادتي في الكتابين السابقين "قبيلة فلان في الماضي والحاضر"، و"الرحلة العلية في منطقة توات"، فقد قلت في الصفحة (4): وإنني معترف بأن ما جمعته في هذه المجموعة إنما هو قليل من كثير، ونقطة من بحر، وغيض من فيض، وإنني غير ملتزم بالترتيب ولا بالتقديم والتأخير، بل كلما تحصلت على معلوم ألحقته، غير مبال بأنه يحق له أن يتقدم أو يتأخر. وعلم الأنساب بحسب ما ذكرت في مقدمة كتاب "قبيلة فُلاَّن"، قد عرف عند الناس قديماً قبل مجيء الإسلام. وثبت أنهم كانوا يتنافسون فيه، فلما جاء الإسلام أقرهم عليه، فصار مرغباً فيه، كتاباً وسنةً وإجماعاً، ووردت عدة أحاديث وأقوال في الاعتناء به وتعلمه. وهكذا فقد ألَّف المؤرخون فيه في مختلف مراحل التاريخ الإسلامي عن شعوب وقبائل وبطون وأفخاذ يجمعها نسب واحد، وذلك لما علموا من الحاجة إليه واستجابة للضروريات التي تفرضها العوامل الطبيعية والاجتماعية. وقد كتبوا فيه وألفوا من القرن الثاني للهجرة إلى يومنا هذا، وقد ألفت فيه تآليف

عديدة لا يمكن حصرها، والمقصود منها هو التنقيب عن الحقيقة والحفاظ على النسب نظراً لما لهذا العلم من مزايا فقد حث عليه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "تعلموا من أنسابكم ما تصلوا به أرحامكم". ونصه: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عِيسَى الثَّقَفِيِّ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصلُوا بهِ أَرْحَامَكُمْ فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ مَثْرَاةٌ فِي الْمَالِ مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ" (¬1). فهذا الحديث والآية المتقدمة يدلان على وجوب صلة الرحم، وأن الرحم التي تجب صلته لا بد من معرفته، ومعرفته تكون عن طريق تعلم الأنساب، والعناية بها، ونقلها إلى الأجيال ليتواصل الترابط والتراحم بينهم. وأدلة وجوب صلة الرحم، وحرمة قطعها كثيرة، قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (¬2). قال المفسرون: اتقوا الله في أمره ونهيه في حقوق الرحم التي هي أخص من حقوق الإنسانية بأن تصلوا الأرحام التي أمركم بوصلها وتحذروا ما نهاكم عنه من قطعها. وفي صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِنَّ الله خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ الرَّحِمُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهُوَ لَكِ قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَاقْرَءُوا إِنْ شئْتُمْ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} أ. هـ. ¬

_ (¬1) رواه الترمذي. (¬2) سورة النساء، آية 1.

وأما الإجماع فلم يثبت عن أحد من أئمة المسلمين إنكاره، ولقد شهد الصادق المصدوق لخليفته أبي بكر الصديق بأنه أعلم الناس بالأنساب. ودينن1 - كما هو معلوم- دين المساواة والمحبة والأخوة والوئام بين جميع الأجناس، لا يفرِّق بين عربي ولا عجمي. يدل على ذلك ما ذكر القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (¬1)، قال - رحمه الله-: وفي هذه الآية ما يدلك على أن التقوى هي المراعى عند الله تعالى وعند رسوله دون الحسب والنسب. وقرئ (أن) بالفتح. كأنه قيل: لم لا يتفاخر بالأنساب؟ قيل: لأن كرمكم عند الله أتقاكم لا أنسبكم وقال عليه الصلاة والسلام لثابت بن قيس - رضي الله عنه -:"انظر في وجوه القوم" فنظر، فقال: "ما رأيت؟ " قال: رأيت أبيض وأسود وأحمر، فقال: "فإئك لا تفضلهم إلا بالتقوى" (¬2). وقد روى الترمذي أنه - صلى الله عليه وسلم - خطب بمكة فقال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الله قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَاظُمَهَا بِآبَائِهَا فَالنَّاسُ رَجُلَانِ بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى الله وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى الله وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ وَخَلَقَ الله آدَمَ مِنْ تُرَابٍ، قَالَ الله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (¬3). ¬

_ (¬1) سورة الحجر ات، آية: 13. (¬2) الجامع للقرطبي 16/ 341. (¬3) سنن الترمذي، حديث رقم 3193.

المبحث الأول: التعريف بالجزائر

المبحث الأول: التعريف بالجزائر (¬1) ـ[خريطة رقم (1) دولة الجزائر]ـ الجزائر دولة عربية، تشكل - بفضل موقعها - حلقة وصل مهمة بين العالم العربي وبقية الدول الإفريقية وأوربا، في منطقة من أغنى مناطق الحضارة. فسواحلها المطلة على البحر المتوسط، تربطها بعلاقات وثيقة مع أوربا، التي لا تبعد عنها سوى700 كم، وهي قلب المغرب العربي، والجناح الغربي للعالم العربي، كما أنها منطقة اتصال طبيعي بين أوربا وأفريقيا، وكانت تعرف باسم المغرب الأوسط حتى دخولها نحت الحكم العثماني في العقد الثاني من القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي). ¬

_ (¬1) نقلا عن الموسوعة العربية العالمية، الطبعة الثانية، الجزء الثامن، ص: 299.

السكان

وهي ثاني أكبر دول إفريقيا من حيث المساحة بعد السودان، تتبع مناطقها الشمالية إقليم البحر المتوسط مناخاً ونباتاً، ويتركز فيها ثلثا سكان البلاد، وأغلب الأنشطة الاقتصادية والبشرية، كما توجد بها مدينة الجزائر، عاصمة الدولة وإحدى أهم عواصم البحر الأبيض المتوسط وإفريقيا. وفي جنوبها توجد الصحراء التي تغطي ثلاثة أرباع مساحة البلاد، حيث توجد أغنى الموارد والثروات الطبيعية، كالنفط والغاز. السكان: سكان الجزائر مزيج من العرب والبربر، وحَّدهم الدين الإسلامي، وجمعتهم اللغة العربية والعادات والتقاليد، فانصهروا في مجتمع متماسك ومنسجم، خضعت الجزائر للاحتلال الفرنسي طوال 130 سنة وانتزعت استقلالها عام 1962 م بعد كفاح مرير، وتضحيات جسام استشهد فيها مليون ونصف المليون شهيد. وعدد السكان في الجزائر في إحصاء عام (1996 م) بلغ: (28،656،000) نسمة ونسب التوزيع السكاني بين سكان الحضر وسكان الريف في عام 1995 م كانت 55،8% لسكان الحضر، و 44،2% لسكان الريف. وبالرغم من أن الكثافة السكانية العامة تقدر باثني عشر شخصاً في الكيلومتر المربع، إلا أن الظروف الطبيعية والاقتصادية تتحكم في تعديل هذا التوزيع؛ فتتركز الكثافة السكانية المرتفعة في المنطقة الشمالية، حيث تبلغ 223 نسمة/ كم2، في حين تنخفض هذه الكثافة إلى شخص واحد في الكيلومتر المربع في الصحراء.

الأعراق السكانيه في دوله الجزائر

ويتزايد عدد سكان الجزائر بمعدل 2،3% في العام، وهو معدل مرتفع، ويقيم أكثر من نصفهم (55،8%) في مراكز حضرية، والتحضر لا يظهر فقط في تزايد عدد سكان الحضر، وعدد المراكز الحضرية، بل يظهر أيضاً في انتشار نمط الحياة الحضرية في الريف. يتكون سكان الجزائر من عرب وبربر. والبربر عنصر مهاجر، جاء من الشرق الأدنى، في نحو الألف الرابع قبل الميلاد. أما العرب فأصلهم من الجزيرة العربية، جاؤوا مع الفتوحات العربية وقبلها، وقد تمازج كل من العرب والبربر عبر العصور، فظهرت عادات موحدة، وتقاليد مشتركة، وحَّدهم الإسلام واللغة العربية، ولا توجد فوارق أو حواجز عنصرية بينهم، فالتعايش والتزاوج بينهم منذ القدم، أزال الفوارق بالمخالطة والمصاهرة. كل السكان مسلمون يتكلمون اللغة العربية وهي اللغة الرسمية للبلاد. ونسبة عالية منهم يحسنون الفرنسية التي كانت سائدة في البلاد إبان الاحتلال الفرنسي الذي دام 130 سنة، هي عمر الاحتلال الفرنسي للبلاد، كما توجد بعض اللغات المحلية مثل (الأمازيغية) (¬1). الأعراق السكانيه في دوله الجزائر: سكان الجزائر في السابق من الأمازيغ البربر، الليبيون القدامى المهاجرة والجيتول جنوب نوميديا. ¬

_ (¬1) الموسوعة العربية العالمية، الطبعة الثانية، الجزء الثامن، ص: 304.

سبب تواجدهم في المكان تاريحياً غير واضح، وكانت هجرات من غرب أوربا (هناك أمازيغ بيض، زرق الأعين) ومن الشمال الشرقي الليبي، أيضاً من الطرف الصحراوي الإفريقي، شكلت كلها المجتمع الأمازيغي قديماً. لا يلاحظ فرق جسمي واضح بين عرب الجزائر والأمازيغ، يدل هذا على تمازجهم لفترات طويلة. البربري (بتخفيف الراء) كلمة يونانية أطلقت على سكان شمال إفريقيا زمن الوندال، لها علاقة بـ (البرابرة) BARBARES، أطلقها القديس أوغستين على الأمازيغ التي اعتنقت مذهب الدوناتسين لتصبح Berbères ( بربر). تمسك بها الأوربيون منذ القرن 17، عن العربية البربر. لم يعرف المؤرخون العرب أصل الكلمة، فظهرت تأويلاتهم مبنية على الخيال: من كتاب العبر لابن خلدون، الجزء السادس ص 104: يقال إن أفريقش بن قيس بن صيفي من ملوك التبابعة لما غزا المغرب وإفريقية، وقتل الملك جرجيس وبنى المدن والأمصار، وباسمه زعموا سميت إفريقية، لما رأى هذا الجيل من الأعاجم وسمع رطانتهم ووعى اختلافها وتنوعها تعجب من ذلك وقال: ما أكثر بربرتكم فسموا بالبربر، والبربرة بلسان العرب هي اختلاط الأصوات غير المفهومة ومنه يقال بربر الأسد إذا زأر بأصوات غير مفهومة.

وقال الصولي البكري: أن الشيطان نزغ بين بني حام وبني سام، فانجلى بنو حام إلى المغرب ونسلوا به. وقال أيضاً إن حام لما اسود بدعوة أبيه فر إلى المغرب حياء واتبعه بنوه وهلك عن أربعمائة سنة. وكان من ولده بربر بن كسلاجيم فنسل بنوه بالمغرب. وصف الرومانيون للأمازيغ كثر دقة، النوميديون، أو الموري، نعتهم المصريون بـ (ريبو) أو (الليبو) أو المشواش نسبة لأصولهم الليبية. نعتهم الإغريق بالليبين. ظهرت كلمة مازيك زمن البيزنطيين، كتحريف لاسم مازيغ. والتي تمسك بها أهالي المنطقة، نسبة لجدهم الأكبر مازيغ. تعني كلمة إمازيغن: الحر. واجه الأحر ار واختلطوا بالغزو الروماني، البيزنطي، الوندالي قديماً، ثم العربي. العرب قدموا فاتحين على يد أبو المهاجر دينار ثم غزاة تحت وطئ قبائل بني هلال وبني سليم (300000 حسب تقدير ابن خلدون وشارل أندري جوليان وغيرهم) التي أستوطنت تونس وشرق الجزائر ودحرت بربر زناتة شيئاً فشيئاً نحو الغرب. وبينما ظل بربر صنهاجة وزناتة مستقلين، تدفق على الجزائر مئات الآلاف من عرب الأندلس ضاقت بهم مدن الجزائر، حتى اضطر عرب الأندلس في تشييد مدن جديدة كمدينة البليدة ومدينة القليعة. نظراً للتعريب وأسلمة الأمازيغ، صار أكثر أهل الجزائر عربي

اللسان، يشكل الأمازيغ الباقية بأصولهم المختلفة (تفاوت متباين في لهجات الأمازيغية لظروف تاريحية وجغرافية) حوالي 20% من السكان الباقية. نفوذ كِلا الطرفين في الآخر، العربي مع الأمازيغي، تمازجه أيضاً، منع تشكل قالبين منفصلين، إلا في حالات إنعزالية تاريحية، مثلاً: لدى القبائل، نظام العروش، حيث تتحد القرى القبائلية المبنية على قمم الجبال أوقات الشدة، للأمور الطارئة، كالغزو الغربي مثلاً. لدى العروش ما يسمى الجماعة، من نسل واحد، خلية تلتقي بعدة خلايا، مكونة من ذكور العائلة. هذا النظام ديمقراطي، صلب، متين، لم تفلح الدولة في كسره، واصلت الجماعة أداء دورها الاجتماعي خاصة، في أحلك ظروف الاستعمار. الشاوية نصف عدد القبائل، وأقل تجمعاً، استوطنوا جبال الأوراس الوعرة، شرق الجزائر. شكلهم في شمالها كفلاحين، زارعي قمح وشجر فاكهة. في الجنوب، تحدهم شبه رعاة، حين تكثر مواسم بيع الماشية في الصيف. الفرق بين الفئتين غير واضح مؤخراً، نظراً للحركة الداخلية. عاش الشاوية في عزلة أشد من القبائلين، والقليل منهم تعرف على الفرنسية والعربية. اقتصادهم كان مغلقاً، والهجرة كانت محدودة جداً. اعتبرت الأوراس خلال حرب التحرير معقل الثوار، كما عزل أكثر من نصف سكانها في المحتشدات. تخلى الكثير منهم عن عزلته بعد الاستقلال. أقل بكثير من القبائل الشاوية، بني ميزاب، ساكني الخط الشمالي للصحراء، قرب وادي ميزاب، الذي أعطاهم اسمه. واحة غرداية مدينتهم الأهم، ويعرفون بالإباضية. تجار مشهورون، دورهم الكبير في التجارة

اللغه في الجزائر

وراء الصحراء، تحولوا بعدها للشمال أكثر، كالعاصمة، وتملكوا البقالة والجزارة هنالك. تبقى فئة الطوارق الضئيلة، أقلهم مخالطة، يسمون الرجال الزرق، بسبب اللون النيلي للباسهم، كذلك بالرجال المحجبة، نظراً لاستعمال الرجال دون النساء الغطاء، كعادة وحاجز لرمال الصحراء. سكناهم الصحراء، من جنوب غرب ليبيا، إلى مالي. تواجدهم المكثف في الطاسيلي، وقمم الهقار، قدروا أعوام 1970 بين 5000 و10000. متجمعون كقبائل، بثلاث فئات: النبلاء، الوكلاء، العبيد والخدم من زنوج إفريقيا عامة. ربما كانت نساء الطوارق قديماً، أحظ نساء الجزائر، للتشريف الذي تحظى به، والمساواة التي تعامل بها مع الرجال. الطوارق رعاة جمال، أدلة الصحراء، حماة قوافل بين غرب إفريقيا وشمالها، لكن هذا تراجع بعد القرن العشرين، بسبب الاستعمار وتأثير الاستقلال، التقنية، النفط في الصحراء، وأخيراً جفاف الواحات. تغيرت الوضعية، ليصبح الرحالة الطوارق مستوطني تمنراست وجانت. اللغه في الجزائر: تاريحياً كانت الأمازيغية (بتعددها) لغة أهل الجزائر، تغيرت في عهد الرومان ثم البيزنطيين، لتصبح اللاتينية لغة مثقفيها، واللغة الإدارية الرسمية، ثم العربية بعد الفتح الإسلامي وأخذت موطناً في البلد.

والعربية لغة سامية، يتحدثها أغلب المثقفين، البقية لهجة جزائرية أو الدارجة، وتختلف هذه اللهجة نظراً لاتساع رقعة البلاد، فيتكلم باقي السكان الأمازيغ حسب تقسيمهم، الأمازيغية، التي تكتب بـ (التيفيناغ) الظاهرة أصولها في كتابات الطوارق أهل الصحراء، حيث تستعمل الرموز كمعاني أكثر منها للتواصل. الشاوية أقرب للعربية حالياً من غيرها. إلى جانب اللغة العربية يتكلم سكان العاصمة والمدن الكبرى لهجة تختلط فيها العربية بالفرنسية بنسبة كبيرة، فيما يحافظ سكان المناطق الداخلية والصحراء على لهجتهم الأكثر قرباً للفصحى. الدارجة الجزائرية، تسريع للفصحى، يميزها الشين المصري في الأفعال، وفي شرق البلاد، تحذف منها ألف في بداية الكلام، أو تخفيف الإدغام، اختلطت مع البربرية أيضاً، أسماء النبات والحيوان تعريب من الأمازيغية، وأسماء المدن أيضاً. تدرس الفرنسية في المراحل الأولى للتعليم، تتبعها الإنجليزية، ويتم تداول اللغة الفرنسية بشكل واسع في الإدارات العمومية والهيئات الحكومية، لسيطرة الجيل القديم (الجيل الذي تعلم في عهد الاحتلال الفرنسي) على المناصب الحساسة في الدولة وهيئاتها، كما صارت الإنجليزية (لأهميتها) في مراحل متطورة، متغلغلة بين مثقفي البلد.

أقسام المسلمين في الجزائر

طالب الأحزاب الإسلامية بمواصلة سياسة التعريب الشامل، بعد نجاحه على مستوى وزارة العدل خلال السبعينات، تقابله مطالبة الأحزاب القومية بنظام لغتين في التعامل الإداري، ومنهجية الأمازيغية من جديد في التعليم الجزائري. أقسام المسلمين في الجزائر: ـ[السنة]ـ: أغلبية المسلمين في الجزائر من المذهب السني، والمذهب المالكي هو مذهب الإفتاء لدى الدولة. ـ[الصوفية]ـ: منتشرة، لا سيما في المناطق الغربية والداخلية، ومن بين أهم طرقها: التيجانية، القادرية، الشاذلية والمهدية. تغلغلت في المجتمع منذ القدم وعادت مؤخراً إلى البروز، وتحظى حالياً برعاية الدولة. ـ[الإباضية]ـ: أحد ملل الخوارج، يتبعها بني ميزاب، من الأمازيغ المنتشرين في شتى أنحاء البلاد وأساساً في ولاية غرداية الواقعة شمال الصحراء. (تساؤل: تحت أي هذه الفئات الثلاثة يُصنف الفُلاَّنيين؟ وإذا كانوا من السنة فما مذهبهم؟ ومن أشهر الدعاة أو العلماء الذين تأثر الفلانيون بدعوتهم في القديم والحديث؟)

تظاريس الجزائر وتقسيماتها الإدارية

تظاريس الجزائر وتقسيماتها الإدارية: يتكون سطحها من سهول ساحلية في الشمال، وسلاسل جبلية وهضاب في الوسط والصحراء الكبرى في الجنوب، يعتمد اقتصادها على الزراعة والرعي، والمواد المعدنية، ومصادر الطاقة وبعض الصناعات. وقد خضع ساحلها لسيادة "قرطاجة" في القرن السابع قبل الميلاد، ثم احتلها قيصر سنة 42 ق م، وجعلها مقاطعة رومانية (نوميديا) غزاها القاندال (429)، وفتحها المسلمون (682 م)، ثم استولى عليها الفاطميون، ثم الحفصيون، ثم العثمانيون، واحتلها الفرنسيون (1830 م) واستقلت (1962 م)، وفي نفس السنة انضمت إلى جامعة الدول العربية، وهي إحدى دول المغرب العربي.

المبحث الثاني: التعريف بالفلانيين

المبحث الثاني: التعريف بالفُلاَّنيين يرجع نسب الفُلاَّنيين كما ورد في العديد من الروايات والنصوص المكتوبة إلى التابعي الجليل فاتح إفريقيا وباني القيروان عقبة بن نافع الفهري القرشي، نجد ذلك في "إنفاق الميسور في تأريخ بلاد التكرور" للسلطان محمد بلو ابن الحاج عثمان بن فوديو سلطان سكوتو. قال الألوري: "إن فلان من العرب، قول منسوب إلى آل فوديو، وقد نقله الشيخ عثمان وأخوه عبد الله وابنه محمد بلو عن أجدادهم وعلمائهم الثقات، حيث قالوا: إن الجد الأعلى لفلان هو عقبة بن نافع الصحابي، وإن الأم العليا لهم رومية تدعى (بج مع)، وهي بنت ملك بإحدى قبائل الروم تزوجها عقبة، وأنجبت له أربعة أولاد صاروا فيما بعد آباء القبائل الفلانية بأسرها في بلاد ونغارة وغانا ومالي وتكرور وسنغي وبلاد هوسة وبرنو" (¬1). وقد ذكر الشيخ محمد بلو في إنفاق الميسور أن قبائل فلان افترقوا ثلاث فرق ببعض وقائع حدثت هناك في القرن الثالث عشر الميلادي، دخلت فرقة في بلاد فوتاتور، وفرقة أخرى في فوتاجالو وسكنوا هناك، وفرقة عزموا على أن يسيروا إلى الشرق ليدخلوا مع قبائل آبائهم العرب، فمضوا حتى وصلوا إلى هذه البلاد وأقاموا فيها، واستمر بعضهم حتى وصلوا إلى بلاد العرب واندمجوا .. ¬

_ (¬1) كتاب الإسلام في نيجريا، ص: 92.

ومن كتاب تعريف العشائر أيضاً صفحة (9)، قال الشيخ عبد الله بن فودي الفُلاَّني عند تفسير قوله تعالى: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} (¬1) أي جعل الله أو إبراهيم كلمة التوحيد باقية في عقبه أي ذريته، فلا يزال فيهم من يوحد الله، ومن يدعو إلى توحيده، وقال: الحمد لله الذي جعلنا من ذريته على ما نسمع من أنساب سلفنا، وقال في منظومة له في كتابه تزيين الورقات: فتوردبو أخوال الفلانيين إخوة ... لعرب فمن روم ابن عيص تفرعوا وعقبة جد للفلانيين من عرب ... ومن تور كانت أمهم بجمع عوا والمقصود في أبيات الشعر هو: عقبة بن نافع بن عبد القيس بن لقيط بن عامر بن أمية الظرب بن الحارث بن فهر القرشي، كما في إصابة ابن حجر وغيرها .. ، وهو الوالي على إفريقيا، والفاتح لغدامس، وبلاد البربر والسودان، والسوس الأقصى، وودان، والواصل إلى البحر المحيط بالمغرب، وباني القيروان، وأمير المغرب، وخاله عمرو بن العاص، وشهد معه فتح مصر وولاَّه إفريقيا، وبقي من أولاده بمصر والشام وإفريقيا بقية. وأصل الفُلاَّنين يرجع كما ذكر الشيخ مولاي محمد بن مولاي سليمان القائم إلى قبيلة حمير، وهو قول من أقوال عديدة في أصل قبيلة فلان، وقد بينا في كتابنا "قبيلة فلان" (ص 5) الأقوال المتضاربة في أصل نسب فلان مع اتفاق المؤرخين أنهم من العرب، ولقد قلنا في (ص 12) من ¬

_ (¬1) سورة الزخرف، آية: 28.

الكتاب المذكور: من خلال هذه الأدلة المتقدمة إن قبيلة فلان قبيلة عربية وعلمية، ولقد كنا نسمع من أوائلنا أن قبيلة فلان من حمير، ويمكن أن تكون هذه القبيلة متكونة من عدة قبائل، منها ما هو فهري من أولاد عقبة بن نافع، ومنها ما هو من أولاد أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - كما في تاريخ شنقيط للطالب بن المختار بن محمد بن أحمد الطلابي المتقدم الذكر، ومنها ما هو من ذرية جعفر بن أبي طالب كما في كتاب تعريف العشائر والخلان بشعوب وقبائل فلان، ومنها ما هو من أولاد عمر كما في كتاب إيقاظ همم أولي الأبصار عند ذكر نسب الشيخ صالح بن محمد بن نوح كما ذكر في الشجرة المتصلة بعمر بن الخطاب. وأما كون أصلهم من حمير فلقد سمعت هذا القول من خالنا السيد الحاج أحمد بن محمد الحسان ومن شيخنا السيد محمد عبد الكريم المغيلي بن المنوفي، ومن السيد مولاي عبد الرحمن بن مولاي عبد الله الهيباوي مراراً وقد قال لي: أن فلان والأنصار من عرق واحد وأن أصلهم من اليمن، والله أعلم.

المبحث الثالث: الفلانيون في ولاية أدرار

المبحث الثالث: الفُلاَّنيون في ولاية أدرار التعريف بولاية أدرار: ولاية أدرار تقع في الجنوب الغربي للجزائر. هي الولاية رقم (1) في تصنيف الولايات حسب تنظيم الدولة الجزائرية، تتسم بمناخها الصحراوي، وبطيبة سكانها الذين يجيدون العربية بفصاحة بالغة. يهتم معظم سكان ولاية أدرار بالزراعة، وتعتبر من أكبر المصادر الزرا عية بالجزائر منذ أن كرست الدولة جهودها لمساعدة المزارعين بعام 1992 م، كما يهتم السكان بتربية المواشي وخاصة الإبل، وهناك بعض القبائل من الطوارق الذين يسكنون الولاية. ـ[خريطة توضح موقع ولاية أدرار بالنسبة للولايات الجزائرية]ـ

بلدية ساهل أقبلي

وتتكون الولاية من 28 بلدية، ومناخها شديد الحرارة يصل إلى 50 درجة صيفاً، وتوجد بها عدة مناطق أثرية رائعة، أهمها قصور تيميمون وتمنطيط وزاوية كنتة. الخ. وتعرف الولاية بمشايخها وزواياها ومدارسها القرآنية المتعددة، حيث تشتهر المنطقة بحفظ القرآن وكرم سكانها، ومن أهم زوايا المنطقة (زاوية الشيح سيدي محمد بن لكبير، زاوية مولاي التهامي، زاوية الشيخ سيدي علي بن حنيني بزاجلوا مرابطين، زاوية الشيخ الحسان بأنزجمير، زاوية الشيخ باي بأولف ... الخ). وتتكون المجموعة السكانية من قبائل عديدة منها قبيلة الشيخ سيد البكري الذين يتصفون بالجود والكرم، كما لهم مدرسة قرآنية يتخرج منها كل سنة حوالي 20 شخص، ويرأس هذه المدرسة الشيخ الحاج أحمد بن الحاج عبد القادر رحمه الله. وتعتبر أدرار أكبر ولاية في الجزائر وأغناها. وتستقبل الضيوف على مدار العام. وحدودها من الجنوب مع دولة مالي بمدينتي برج باجي المختار وتيمياوين. بلدية ساهل أقبلي: وهم في بلدية أقبلي موجودون في أربع قرى هي: 1 - زاوية الشيخ أبي نعامة: وغالب سكانها كنته، وفرقة من تنلان ومن أولاد الطالب أعلي بختي وغيرهم.

2 - المنصور: وغالب سكانه من الأنصار وأولاد ابن منوفي وأولاد سيدي حسان الأنصاري، وأولاد أوبكي، وأولاد برامة، وأجناس أخرى من الموالي. 3 - أركشاش: وسكانه يتألفون من أولاد منصوري، وإنشيقن، وأولاد لكصاسي، وأولاد ملايحاف، وقبائل أخرى من جهات متعددة مثل أولاد مرموري، وأولاد النوار، وأولاد حينوني، وأولاد حفيدي، وأولاد بجبي، وموالي للشرفاء البريشيين، كما يوجد كذلك فيها شرفاء، وفخذ من تنلان. 4 - ساهل: وهي موطن للفلانيين من أولاد ابن مالك، وأولاد بلعالم، وأولاد المنوفي، وأولاد التكوبة، وأولاد الفقي، وأولاد حفيدي، وأولاد عوماري، وأولاد عرقوب، وبعض الأفراد من قبائل متفرقة. وجدهم الأعلى هو الشيخ محمد بن مالك بن أبي بكر بن أيوب بن حماد بن جلول بن طلحة بن سليم بن جابر بن يود بن أيوب، وهو المؤسس لقرية ساهل، بمعية الشيخ السيد محمد الأمين الكنتي المدفون معه في جوار المسجد القديم بقرية ساهل. وهذا الأخير ترك زاوية وقفاً، وهي صدقة جارية، وتتجلى في نخيل وسقيها من الماء، وهي الآن بيد بعض أبناء الشيخ محمد بن مالك المدفون معه. وهي تعد مركز إشعاع علمي وثقافي خصوصاً ما بين القرنين القرن 13 و 14 الهجريين، وذلك نتيجة نبوغ علمائها في مختلف العلوم الإسلامية

من فقه وحديث وتفسير، وغيرها، وكذا علوم اللغة والنحو والآداب، والمنطق، كل ذلك إلى امتلاكها علماء أجلاء. وكانت الوجهة العلمية لكل طالب علم يريد التضلع في شتى العلوم الشرعية واللغوية، ومع ذلك حاولت هذه المدرسة أن تنقل هذا الإشعاع إلى مختلف مناطق جنوب هذا الوطن كالأغواط، وغرداية، وورقلة، وتمنراست، وخارج الوطن كمالي وتونس وليبيا. كل ذلك بفضل رحلات علمائها إلى تلك المناطق والبلدان. وأصبحت المدرسة القرآنية مؤخراً في المسجد الجديد الذي بُني حديثاً شمال المدينة، وبقيت المدرسة القديمة تواصل مسيرتها، ويلقي الدروس المسجدية في المسجد أحد حفدة الشيخ محمد بن مالك. ومن القرى المجاورة لقرية ساهل زاوية الشيخ أبي نعامة بشطريها الشرقي والغربي، وهي زاوية مشهورة. وتقدم لنا أن سكانها يتشكلون من الكنتيين وفخذ من تنلان وغيرها. ويوجد في هذه القرية ضريح الشيخ السيد محمد بن عبد الرحمن بن أبي نعامة الكنتي، يقول فيها الشيخ عبد الرحمن بن بعمر في رحلته كما في كتابنا "الغصن الداني في ترجمة الشيخ عبد الرحمن بن محمد التنلاني" (ص 62): ثم رحلنا إلى زاوية أبي نعامة ... وزرناه، وهو الذي أحيا سنة الحج من بلاد توات وبلاد التكرور. ثم قال في (ص 65) ونزلنا بقرية إثرغن قبل الزوال وأقمنا بها الاثنين إلى الخميس، وفيه ورد علينا ركب سيدي محمد بن الشيخ أبي نعامة، الذي

كنا ننتظره في هذه القرية. أي قرية زاوية أبي نعامة بأقبلي، كان الحجاج يجتمعون فيها من توات (من تيميمون إلى تيدكلت) ومن هناك يتكون الوفد متوجهين إلى الديار المقدسة. وقد ذكر الشيخ عبد الرحمن التنلاني المراحل التي يقطعها الحجاج من تنلان ثم من أقبلي إلى الديار المقدسة، كما هو مذكور في رحلته المنقولة في مؤلفنا "الغصن الداني" من (ص 60 - 71). كما يوجد في قرية زاوية أبي نعامة أضرحة متعددة للكنتيين وللفلانين فالجد الأعلى لأبناء العالم مقبور بجوار الشيخ أبي نعامة، وكان يعرف بـ: سيدي محمد صاحب الشجرة. وكان في القرية عالم كبير وهو الشيخ عبد الكريم بن التقي التنلاني، وهو من شيوخ الفلانيين، ذكره الشيخ حمزة في إجازاته، كان إماماً وقاضياً ولا زال أحفاده موجودين إلى الآن. والكثير من المخطوطات المتواجدة في خزانة شيخ الركب الموجودة بزاوية أبي نعامة بقلم الفلانين، ويوجد في هذه الخزانة- أي خزانة شيخ الركب- قرابة مائتين وخمسين ما بين مخطوط ومطبوع، وقديم وجديد، وأغلب كتبها مخطوط. ولقد كانت هذه الخزانة مهمشة وتحت جدر هشة، فقيض الله لها بعض المحسنين فأخرجها مما كانت فيه. ومن كتابنا "قبيلة فلان" عند ذكر خزانة ساهل وما كانت تعيش فيه آنذاك من الوضعية السيئة: ونتمنى لها أن تحسن وضعيتها، وأن يزال عنها الغبار، وأن يمدها ذوو النية الحسنة بما يصلح شأنها، كما فعل الشيخ زعباط

من ورقلة لمكتبة شيخ الركب عقباوي بزاوية أقبلي، ولقد بقيت المخطوطات ردحاً من الزمان في إهمال وطعمة للأرضة- دابة الأرض- فبنى لها الشيخ زعباط وأنقذها من الوضعية الرديئة التي عاشتها زمناً طويلاً. وبمناسبة تدشينها قلت وأنا العبد الضعيف محمد باي بن محمد عبد القادر بلعالم الفلاني الأبيات التالية: بشرى لمكتبة العلوم بثوبها ... ثوب الصيانة والعناية والبها قد زال عنك يا خزانة علمنا ... ثوب الغبار والتهمش والدها فالأرضة الخرساء شل جبينها ... والغبرة انقشع الغبار غبارها خزانة العقباوي بان كنزها ... والباحث المجد يجني ثمارها والزائر الملم في جنباتها ... يرى الأمور تغيرت عن حالها يرى الخزانة والرفوف نظمت ... ويرى النظافة جاء دور حياتها ويرى اعتناء المحسنين بشأنها ... أهل المحبة للعلوم وكنزها وترى قوافل المدارس كلها ... ما خلف الأسلاف لأحفادها بشرى لمن صان الخزانة سابقاً ... ولمن بنى بشرى بنيل ثوابها والله يعطي الشيخ ما أراده ... ويجازه الحسنى وخير جزائها والحمد لله الموفق عبده ... لفعل هذا الخير في بنيانها ثم الصلاة على النبي وآله ... مع السلام والتحية تتلها انتهى من كتابنا "قبيلة فلان في الماضي والحاضر".

الفلانيون في قرية المنصور

الفُلاَّنيون في قرية المنصور: ومن القرى التي يتواجد بها الفُلاَّنيون قرية المنصور التي كانت تعرف في الزمن القديم بـ "دابدر". وهكذا سماها الشيخ عبد الرحمن بن عمر التنلاني في رحلته للحج، وكان هذا الاسم يطلق على منطقة أقبلي، وهو اسم لبئر كان في المنصور. وسكان هذه القرية كما سبق من قبائل شتى، ومن أول المؤسسين لها أولاد أوبكي أخوال أولاد الحاج أحمد بن محمد مالك الفلاني، وأولاد الحاج علي الأنصاري. وفي أركشاش والمنصور كان نزول قوافل الطوارق من صحراء مالي والنيجر في زمن الشتاء، وكانت تلك القرى شبه سوق للغنم واللحم وكل ما يجلب من ناحية أزواد؛ لأنها المحطة الأولى في الطريق الرابط بين الصحراء الجنوبية وتوات، فعلى أقبلي الدخول وعليها الخروج. وكان رجال يعرفون بالسماسرة ويعرفون اللغة البربرية يتوسطون بين الطوارق والمواطنين، ونسأل الله تعالى أن يسامحهم على بعض التجاوزات التي كانوا يرتكبونها خلال توسطهم بين القوافل والمواطنين. الفُلاَّنيون في قرية أركشاش: ومن القرى المجاورة لقرية ساهل قرية أركشاش، والتي تقدم ذكر قبائلها شأنها شأن قرية ساهل الفلانية في التخطيط والسكنى والفلاحة والمياه، وكانت فيها قصبة تعرف بقصبة العرب. وكان يسكنها شرفاء من

الفلانيون في دائرة أولف

أولاد مولاي عمر البريشي "منهم الشيخ السيد بريشي" مولاي أحمد البريشي كان واسطة بين علماء أزواد آل الشيخ الكنتي، وعلماء توات، وخصوصاً علماء ساهل، وكان ينسخ مؤلفات شيوخ أزواد، وينشرها في توات والهقار توفي رحمه الله في أواخر الستينات من القرن الرابع عشر للهجرة تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته. انتهى من كتابنا "الرحلة العلية إلى منطقة توات الجزء الثاني ص: 572". ومن بين سكان أركشاش أولاد سيدي محمد علي منصوري، ومنهم الأحياء ومنهم الأموات، ولقد ذكرنا في كتابنا الرحلة العلية ص: 419 - 420 أحد أفراد هذه العائلة وهو الحاج محمد علي، كما يوجد فيها قصبة "تفركرك " موقع المسجد، ويحتفظ في مسجدها بمصحف مخطوط قديم كُتب بطريقة جيدة، وهو أقدم مصحف يوجد في هذه المناطق، يرجع تاريخ نسخه إلى سنة 872 هـ بقلم إسماعيل بن أحمد بن حسن الأزهري، وعدد صفحاته 480 صفحة، ويوجد عليه ختم الطام أبو سعيد تمرنغا. الفُلاَّنيون في دائرة أولف: وهي دائرة تشتمل على أربع بلديات، وهي من دوائر ولاية أدرار، التي هي الولاية الأولى في القطر الجزائري الذي يشتمل على 48 ولاية، وهي من منطقة تيدكلت، وفي السابق كانت تابعة لولاية الواحات، وكانت بلدية من بلديات دائرة عين صالح، وفي سنة 1975 م وقع التقسيم الإداري، وبموجبه التحقت أولف بدائرة رقان، وتم تكوينها دائرة في سنة 1985 م، لما وقع التقسيم الإداري مرة أخرى، وهي تبعد عن مقر الولاية

حسب الطريق المعبد المار على قصور توات بمائتين وأربعين كم، وتكونت فيها أربع بلديات: أولف، تمقطن، تيط، أقبلي، وتشتمل على 24536 كلم 2. وفي المدة الأخيرة قام أحد أبنائها وهو الدكتور عبد المجيد قدي بدراسة تاريخية ثقافية واجتماعية سمي البحث: "صفحات مشرفة من تاريخ أولف العريقة"، تعرض فيه لتسميتها، وموقعها الجغرافي، وتكوينها، وتأسيسها، وسكانها، وتوزيعهم، ولغتهم. كما أنه تعرض لعلاقة المنطقة بأوربا، ولدخول الفرنسيين للمنطقة، ووقائع الاحتلال والمقاومة، وتعرض كذلك للحياة الاقتصادية باختصار، وركز نظام الري التقليدي على الفقاقير، ولم يهمل ثقافة الفقاقير ومشتقاتها ودورها وتاريخ تأسيسها ووضع جدولاً لنشاطاتها وحدده ما بين (1904 - 190 م) وبين في الجدول الفقاقير النشيطة والفقاقير المضمحلة. فمنطقة أولف توجد في تيدكلت كما سبق وتشتمل على أربع بلديات وتيدكلت تطلق على المنطقة التي تبدأ شرقاً من فقارة الزوي من دائرة عين صالح، وتنتهي إلى بلدية تيمقطن بأولف، ومعنى تيدكلت بالبربرية "الكف المبسوط"، ابتداء تيدكلت من انتهاء هضبة تادمايت في الشرق الشمالي بين خطي العرض (28 - 30) و (27 - 30) شمالاً، وخطي الطول (0 - 30) شرقاً و (1 - 30) غرباً بعلو فوق سطح البحر يقدر بـ (290 م 4). وسكانها يتألفون من قبائل متعددة نزحوا لها من شمال الوطن وغربه وشرقه ومن إفريقيا السوداء. فبلدية تيمقطن تقدم لنا ذكر قبائلها المتعددة في قصور أربعة بأولف الوسط يتألف سكانها من: أولاد زنان وأولاد النون ومن الشرفاء أولاد

أسماء قرى أولف

الرقاني وأولاد البريشي منهم (باقلاب) وشرفاء من تيمي منهم أولاد الدولة وأولاد بن مولاي وأولاد حمودة وأولاد نايل، وأولاد عباسي، وأولاد جعفري، والبرامكة، وأولاد دحاج، وقبيلة من الأنصار، وشرائح من توات، وأولاد القرافي، وأولاد سيد الحاج حفصي، وأولاد ملايخاف، وشرائح من واد سوف، وكذلك شرائح من تيط، وشرائح من الشعانبة، والشواودة، وأولاد الطالب على بختي، وأولاد صمادي، وأولاد الفزاري، وأولاد بنيان، وأولاد دحان، وأولاد بوكار، وأولاد بوكادي، وأولاد ابليلة وأولاد قدي، وأولاد الطالب مسعود، وأولاد حبادي، وأولاد حامد لمين، وأولاد سنبير، وطوائف من إفريقيا، وطوارق، والبرابرة، وشرائح من الأغواط والبيض وبطن من قبيلة فلان. أسماء قرى أولف: زاوية حينون- قصبة بلال- عمنات- قصبة ميخاف- الركينة- اجديد- تقراف- قصبة حبادات. وأولف الوسط هي البلدية الأم بالنسبة لبلديات دائرة أولف وهي المركز الرئيس لإدارة الاستعمار البائد أي مقر الحكام العسكريين الفرنسيين المستعمريين. أما بلدية تيمقطن وتيط فلا يوجد بها أي بطن من فلان فلا داعي لذكرها في هذا الموضوع وستأتي الإشارة لهما فيما بعد. ومن المناطق التي بها بطون من فلان تيمادنين.

الفلانيون في تيمادنين

الفُلاَّنيون في تيمادنين: وهي قصر من قصور رقان الجانب الغربي للبلدية، وهي أكبر قصور دائرة رقان، ففيها أولاد بلعالم من الفُلاَّنيين، وأولاد الحاج اعلي، وأولاد بابا عبد القادر، ولهذه البطون مصاهرة مع بعض القبائل المتواجدة في هذه القرية. ولنذكر الآن بعض العائلات على سبيل المثال لا على سبيل الحصر: الهامل، إدريسي، لعروسي، بلعروسي، زنقي، الباشا، بعثمان، اعبلة، ورتي، عكريمي، لكمين، كنتاوي، الملياني، لعبلوا، وقبائل أخرى لم يحضرنا أسماءها. وإن لتيمادنين ارتباطاً قوياً وانصهاراً قديماً مع الفلانيين فالجدة (لالة) زوجة السيد محمد بن مالك وأم أولاده من تيمادنين، كما أن أم أولاد الحاج اعلي محمد ومحمد ومحمد الأمين وإخوانهم أمهم خديجة بنت الحاج محمد المختار بن محمد بن مالك. وللنساء الفُلاَّنيات وقف في تيمادنين موجود إلى الآن ولا يُعرف واقفه، ويقتسم نساء من آل مالك وآل بلعالم في كل عام كراء ذلك الوقف وسممى زرع الفُلاَّنيات. وإمام البلدة السيد بلعالم الطالب محمد بن أحمد بن المختار المزداد بساهل عاش حياته إماماً بتيمادنين وخلفه ابنه الطالب الحاج المختار في الإمامة وتعليم القرآن، وقد بعث إليهم الشيخ حمزة بن الحاج أحمد بن مالك الفلاني قصيدة تنبئ عن الارتباط بين الفلانيين وأهل تيمادنين مطلعها:

الحمد لله الذي من التجا ... لحوله المنيع لا بد نجا ثم الصلاة والسلام السامي ... على النبي وآله الكرام من حمزة العبد الفقير الجاني ... أسير كسبه الفقير العاني إلى الجماعة الهداة المهتدين ... الساكني تيمادنين أجمعين هذا ومن بعد السلام الكامل ... المستدام والثناء الشامل إني بغير ملل أبتهل ... لله في الدعا لكم وأسأل بجاه كل الكتب المنزلة ... وبالقرآن والذي قد أنزله وما حوى من سور مفصلة ... وآية كريمة مفضلة إلى أن قال: يا رب وفقهم جميعاً للهدى ... واحمهم وعذهم من الردى وهب لهم منك نوالاً نافعا ... من فيض فضلك وخيراً واسعا واهدهم وسقهم إلى الرشد ... وعذهم من كل بأس ونكد وأصلح الدنيا لهم والدينا ... وأصلح البنين أجمعينا وغدهم خيراً من أمسهم تقى ... وهكذا يبقى إلى يوم اللقا وافتح على صبيانهم بفتحكا ... واشرح صدورهم لوعي ذكركا وارزفهم حلاوة الايمان ... وعذهم من وصمة الحرمان إلى آخرها وتشتمل على ثلاثة وأربعين بيتاً. وفي تيمادنين فقهاء وحفظة قرآن ورجال كرماء، ولأهل تيمادنين محبةٌ في الدين، فقد كان العلماء يزورونهم، مثل الشيخ حمزة بن الحاج أحمد

الفلاني، والشيخ محمد عبد القادر الفلاني، والشيخ محمد عبد القادر بلعالم، والشيخ مولاي أحمد الطاهري، والشيخ السيد محمد بن الحاج الجعفري، وكان السيد أحمد يقول: لم أرَ أهل قرية من قرى توات مثل تيمادنين، فكلما زارهم عالم من العلماء أقبلوا عليه بطرح الأسئلة في الدين، وكذلك كان يزور القرية الشيخ عبد الرحمن السكوتي، والسيد بن منوفي محمد عبد الكريم المغيلي، والحاج المغيلي بن الشيخ عبد الكريم التدمانيني. وكان بتيمادنين عالم يسمى محمد بن عبد القادر السنديوي وكان من تلامذة علماء ساهل.

المبحث الرابع: الفلانيون في ولاية تمنراست

المبحث الرابع: الفُلاَّنيون في ولاية تمنراست التعريف بولاية تمنراسنت مع أنها تقع في قلب الصحراء فمناخها مختلف يغلب عليه الاعتدال نظراً لتضاريسها الجبلية الكثيرة، وتقع عاصمة الولاية تمنراست على ارتفاع 1400 م عن سطح البحر وهي من كبريات ولايات الجزائر، وتضم سلسلة جبال الهقار التي بها أعلى قمة جبلية بالجزائر وهي الأتاكور 3003 م. ـ[خريطة توضح موقع ولاية تمنراست في الجزائر]ـ بلدية إينغر: إينغر هي بلدية ودائرة من ولاية تمنراست، فقد كان يسكن فيها السيد ابن مالك أحمد محمد بن محمد بن السيد حمزة الفلاني، ويوجد الآن

بها أولاده. وإينغر لها ارتباط مع الفلانيين، ويعتبرونهم شيوخهم مثل العلامة الشيخ محمد سيدي علي بن الحاج جلول. وإينغر كانت أكبر مركز للمقاومة الشعبية في صد العدو الفرنسي عند احتلاله للمناطق الجنوبية. وكانت المعارك الأربعة في إينغر قد حصلت على الانتصار، ولقد تعرضت لذكر هذه المقاومات الشعبية الأربعة في كتابنا الرحلة العلية إلى منطقة توات الجزء الثاني من (ص 9 - 12)، كما تعرضنا لذكر معارك عين غار في مؤلفنا السابق الذكر (ص 321 - 324). وقد بعث لهم الشيخ حمزة بن الحاج أحمد الفُلاَّني قصيدة شكر وتحسيس لما أحرزوا على النصر أولاً فقال: يا أهل إينغريا أنصار دين الهدى ... حزتم جميعاً أعز الفخر والسؤددا مرابطوكم وعربكم بأسرهم ... كذا مواليكم يا ناصرين دين الهدى إخواننا يا حماة الدين فليهنكم ... نصر من الله دائماً لكم أبدا إلى أن قال: أسررتمونا فلن نزال ندعو لكم ... بالنصر والظفر والثبات طول المدى بالمصطفى خير تسليم عليه كذا ... أزكى صلاة تعم الصحب أهل ثم أعاد قصيدة أخرى في نفس المناسبة لأولئكم الأبطال الكماة فقال رحمة الله عليه ويوجد في بعض المخطوطات أن هذه الأبيات للسكوتي:

عين صالح

يا أثبث الناس إسلاماً وإيمانا ... وأرجح الناس في الفخار ميزانا وأصبر الناس في اللقاء يوم الوغى ... وأحرز الناس للخصال ميدانا وأحلم الناس بالمسكين أيا بدا ... وأسمع الناس للقراء قرآنا إلى أن قال: قد أنقذوا المسلمين بعد إشفائهم ... جزاهم الله إحساناً ورضوانا أطال أعمارهم فيما عليهم به ... يرضى ويبدلهم بالخوف أمانا بأشرف الخلق أفضل صلاة وتسـ ... ـليم عليه ومن بدينه دانا ومن الشعر المعاصر الذي يربط إينغر بقرية ساهل الفُلاَّنية قول شاعر إينغر عبد الله العماري: بنو مالك في النائبات ذوو رفق ... وفي البافيات الصالحات ذوو سبق إذا كان في هذي النواحي مغانم ... فقد غنموها بالمغارم والخلق تداولها الآباء عن كل عالم ... حصيف فصيح لامع النجم في الأفق إلى أن قال: يؤمهم الشيخ الإمام بن مالك ... بتقوى وإيمان تغلغل فى العمق فطوبى لقوم أنث فيهم مسود ... وطلاب علم حدثوا عنك بالصدق عين صالح: ومن المناطق التي يوجد بها الفلانيون عين صالح، وهي منطقة شهيرة تابعة لولاية تمنراست، وتبعد عنها بحوالي ستمائة وستين كيلومتراً، وعن أولف بمائة وأربعين كيلومتراً، وعن المنيعة بأربعمائة كيلومتر اً، يحدها

من الشمال هضبة تادامايت، ومن الجنوب أمَّيْدر، وتعتبر عاصمة تديلكت. وكانت تمر منها القوافل التجارية إلى إليزي وغدامس وطرابلس وكانت معبراً للحجاج، ويحدها غرباً إينغر، وشرقاً فقارة الزوي وفقارة العرب وإيقسطن وحاسي الحجاز، ويوجد فيها فخذ من قبيلة فلان يتمثل في الشيخ محمد بن مالك الإمام وابنه أحمد مدير المعهد الإسلامي لتكوين الإطارات الدينية بعين صالح. وتوجد فيها قبائل من أولف منهم الشرفاء وأولاد الرقاني من خيار الشرفاء جوداً وكرماً وتواضعاً، فهم كواكب وشموس في عين صالح، وهم أولاد مولاي اليزيد، وأولاد مولاي محمد، وأولاد إسماعيل أجداد أولاد الطالب عبد الله. ويوجد فيها أهل عزي أصلهم من عزي من فنوغيل وهم من أولاد علي بن أبي طالب. وفيها عرب متعددو الجنسيات، ولها ارتباط وثيق مع قرية ساهل، وقد تولى الإمامة فيها بعض الفُلاَّنين مثل الشيخ محمد عبد القادر بلعالم، وعمه بلعالم، والشيخ محمد بن محمد المختار بن حمزة السابق الذكر. وكان الشيخ محمد عبد القادر بلعالم يمكث فيها المدة فيقوم فيها بحلقات يدرس فيها تارة في الليل وتارة في النهار. ومن قرى عين صالح قرية تسمى (جواليل)، لهم محبة عميقة في العلم والعلماء، وفي كل سنة تقام فيها محاضرة يحضر فيها الشرائح بما فيهم من صبيان وشباب وكهول وشيوخ وهي من قرية الساهلة. وقد أقام أهالي عين صالح معارك ومقاومات ضد فرنسا، مثل معركة الفقيقرة والدغامش، ولقد تطرقت لهذا الموضوع في كتابنا الرحلة العلية إلى

مرتفعات الهقار

منطقة توات في الصفحات الأولى من الجزء الثاني. وبالجملة فإن هذه النبذة قد جمعت قبائل وبطوناً من سكان عين صالح وتيط- تيط بلدية من دائرة أولف ولاية أدرار، تبعد عن أولف حوالي 50 كلم شرقاً. ولا ننسى أن تيط البلدية واقعة بين إينغر وأقبلي لها علاقة ومصاهرة مع الفلانين وخصوصاً أولاد بالعالم فهم منصهرون مع أهيل تيط. ولقد كان في تيط رجال من أهل الجود والكرم أمثال أولاد سيدي بية، وأولاد عبد الدائم والشرفاء من أولاد وايني وأولاد زيداني. ولقد ذكر شيخنا مولاي أحمد الطاهري في كتابه النفحات في ذكر العلماء والأولياء بأرض توات، معلومات عن قرية تيط (¬1). وكان بقرية تيط عوائد خرافية كثيرة، ولكن اختفت بفضل الرجال العظماء، وهم الذين سعوا في تجديد المسجد العتيق، الذي كانت قبلته منحرفة عن الاتحاه الصحيح، فأعيد بناؤه، وتحددت فيه القبلة، وهم الذين بنوا أيضاً المسجد الجديد المعروف باسم مسجد خالد بن الوليد الذي تلقى فيه المحاضرات في 12 رمضان من كل سنة، أسس عام 1373 هـ- 1954 م. مرتفعات الهقار: ومن المناطق التي يوجد فيها بطن من بطون فلان أولاد محمد العم ¬

_ (¬1) صفحة 107 من مخطوطه.

ابن مالك الهقار، وبالضبط قرية "تيفرت"، واسمها لفظ بربري معناه الكلمة والعهد. وهي من قرى بلدية أبلسة دائرة سيلت ولاية تمنراست، وتبعد عن مقر الولاية بحوالي 70 كلم، وكانت مقر الشيخ سيدي أحمد بن محمد (محمد العم) الفُلاَّني وأولاده. وقد زار هقار الكثير من الأعلام من الوطن وخارجه، ومن السواح والرحالة، وألفوا تآليف في حضارة هقار وتاريحها، ومنهم اللواء عبد السلام بوشارب وعنوان الكتاب " الهقار أمجاد وأنجاد"، تكلم فيه عن الطوارق وأصلهم ولهجتهم، وعلى هقار وتوزيعها ووضعها الجغرافي، وعلى جيولوجية الصحراء ومناخها وتربتها ومواردها المائية، وحياتها الثقافية والاجتماعية، وأدب الطوارق والرسوم والنقش والنحت والفنون الحرفية والثقافية والعادات والتقاليد عبر العصور، ونظام الأسرة والنظام القبلي للطوارق والخطوبة والزواج والختان والمآتم، ودخول الإسلام إلى المنطقة وانتشار الثقافة الإسلامية وعلوم الدين في الهقار، ومقاومة الطوارق للمستعمر، وثورة تسيلي، ودسائس الاستعمار من خلال حياة "شال دي فوكو"، وذكر بعض من نشاطاته وسيرته بمساهمة الطوارق في الثورة التحريرية. ثم إنه تعرض لقطاعات التربية والتكوين والثقافة والإعلام والسياحة والآثار وقطاع الفلاحة والري والثروة الحيوانية والتجارة والأشغال العمومية والنقل والطاقة والأبحاث المنجمية. وبالجملة فإنه قد كشف الكثير من الكنوز وذكر الكثير من أعلام الطوارق وأبطالهم.

ويوجد في الهقار قبائل متعددة من الشرفاء أولاد الرقاني أولاد مولاي هيبة، ومن شرفاء توات أولاد السي حمو بالحاج وشرفاء سالي وشرفاء متليلي والكنتيون وآل عزي وقبيلة "وان هيقن" والطوارق وهم قبائل شتى. كما يوجد فيها شرائح من عين صالح وإينغر وتيط وأقبلي ومن توات، وكان فيها من الشيوخ الشيخ الطالب التوهامي الذي كان إماماً وفقيهاً ومعلماً ومربياً، والشيخ الحاج البكاي الذي كان في "تيت" والشيخ مولاي عبد الله الهيباوي دغمولي، والسيد الحاج محمد علي منصوري وأسرته وأسر من الأنصار والشعانية ويوجد فيها أئمة ذكرتهم في كتابنا الرحلة العلية ومنهم الشيخ السيد محمد بن مولاي سليمان القائم المذكور في الرحلة العلية الجزء الثاني (ص 426). ولقد بعث لي في هذه المدة الأخيرة برسالة تتضمن أبياتاً شعرية يقول فيها: هذا ما جادت به القريحة في مدح الشيخ ابن العالم وقبيلته الحميرية الفُلاَّنية العربية اليمنية الجزائرية الصحراوية، يقول القايم محمد بن سليمان بن القايم: إن المكارم والمجد الذي حظيت ... به فلانة مشهود لمن دانا قوم يشار إليهم عند كل نازلة ... الجود ديدنهم سراً وإعلانا وليس فيهم معيب غبر أنهم ... قد شيدوا الدين تصديراً وبرهانا سرات فضل ومن صنعاء جدهم ... أصل العروبة أسلافاً لهم كانا لهم مكارم لا تحصى لكثرتها ... إلا حسا وزكا في العد حسبانا

أصل الروعة من فلان منبعه ... فلا تبال بربذ نقصهم عانا قد أدركوا الفضل بالأمرالذي ... نفس الطغام فباع بيع غبشانا ومن كراماتهم باي الذي برزت ... في أول القرن آثاراً لها صانا مجدد الدين لا تعبأ بحاسده ... فكل في نعمة للطيش قد لانا قد ألف العلم في شتى ميادينه ... عقلاً ونقلاً وتدويناً وتبيانا نيل العلا حصة إن رمت تكسبها ... فلا تكن غافلاً براً وإحسانا والعلم يكسبك المجد الذي عجزت ... عنه المراتب أشرافاً وسقيانا لا يكسب الجد تغرير بمن سبقوا ... ممن له قوله والفعل قد خانا ونسأل الله للشيخ جليل على ... وللبنين ومن يحب فلانا ثم الصلاة على النبي ما عملت ... نفس الكريم بما يرضيك إنسانا وتشمل الآل والأصحاب كلهم ... وحسبنا الله تكميلاً وإتقانا

المبحث الخامس: الفلانيون في ولاية ورقلة

المبحث الخامس: الفُلاَّنيون في ولاية ورقلة التعريف بولاية ورقلة: وهي إحدى أهم الولايات الجزائرية؛ لأنها مصدر الثروة للجزائر. وسميت نسبة لمدينة ورقلة أو وارجلان والتي سكنت منذ فجر التاريخ، وهي العاصمة الإقليمية للجنوب الشرقي منذ الفترة العثمانية. وسميت ولاية الواحات إبان الاستقلال، وضمت جميع مدن الجنوب الشرقي من الأغواط شمالاً إلى تمنراست جنوباً لتكتفي بعد التقسيم الإداري لسنة 1984 بثلاث مدن كبرى هي ورقلة عاصمة الولاية وحاسي مسعود القطب الصناعي وتقرت التي تعتبر قطباً هاماً من أقطاب التجارة. ـ[خريطة تبين موقع ولاية ورقلة في دول الجزائر]ـ

وأهم البلديات بهذه الولاية هي: ورقلة، الرويسات، حاسي مسعود، البرمة، زاوية العابدية، تقرت عين البيضاء، سيدي خويلد، حاسي بن عبد الله، انقوسة، الحجيرة، العالية، بلدة عمر، النزلة، تماسين، الطيبات. ويحد ولاية ورقلة شرقاً ولاية الواد، وغرباً وشمالاً ولاية غرداية، وجنوباً ولاية إليزي. وبالجملة فهي معروفة موقعاً وحدوداً وجغرافيةً، وفيها قبائل كثيرة من العرب والعجم، أي ما يعرف بالمدنية والشعانية والمخادمة واسعيد وبني ثور والقبائل الموجودة في الرويسات وأنقوسا. ولقد كانت ولا زالت تزخر بالعلماء وحفظة القرآن، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر: الشيخ مسروق محمد بن الحاج عيسى، والشيخ محمد لخضر محجوبي، والشيخ عبد القادر بن الحاج النعيمي قريشي، والشيخ عبد القادر بلعالم الفلاني، والشيخ عبد الرحمن السكوتي ملايخافي، والشيخ محمد ناجي قريشي، وابنه الشيخ عبد القادر قريشي، والشيخ حمزة خضران (1909 - 1976 م)، والشيخ عمار بن داود- وهو من أعلام المذهب الإباضي (1923 - 1996 م)، والشيخ علي عياض (1921 - 1992)، والشيخ محمد النقوسي (1892 - 1978)، والشيخ الحاج عمر حقيقة (1903 - 1961م)، والشيخ بوحفص بونوة (1870 - 1853)، الشيخ الداوي عبد القادر بن صالح. كما كان فيها الكثير من معلمي القرآن ذكر منهم الأستاذ إبراهيم بن ساسي في كتابه التاريخ القرآني والعلمي في ورقة: تراجم وآثار.

المبحث السادس: الفلانيون في ولاية غرداية

المبحث السادس: الفُلاَّنيون في ولاية غرداية التعريف بولاية غرداية: الاسم الأصلي البربري تغردايت وأصل تسميتها: تَغَرْدَايْتْ بالمزابية وهي القطعة المستصلحة من الأرض، والواقعة على حافة الوادي، وتوجد عدة قرى تحمل نفس الدلالة في أرجاء المغرب الإسلامي، وهي أول مدينة تُشاهَد عند القدوم من الشمال، حُرِّف اسمها إلى: غرداية. تقع ولاية غرداية شمالي صحراء الجزائر، ومقر الولاية مدينة غرداية تبعدب 600 كلم جنوب العاصمة الجزائر، مساحتها الإجمالية تقدر بـ 86105 كلم 2، امتدادها من الشمال إلى الجنوب 450 كلم، ومن الشرق إلى الغرب من 200 إلى 250 كلم ترتفع عن مستوى سطح البحر بـ 486م. ـ[خريطة توضح موقع ولاية غرداية في الجزائر]ـ

تحد ولاية غرداية كل من: ولاية الجلفة وولاية الأغواط شمالاً، ولاية البيض وولاية أدرار غرباً، ولاية ورقلة شرقاً، وولاية تمنراست جنوباً. تبعد مدينة غرداية عاصمة ولاية غرداية بـ 200 كلم عن عاصمة ولاية الأغواط و200 كلم عن عاصمة ولاية ورقلة، و840 كلم عن عاصمة ولاية أدرار وبـ 1400 كلم عن عاصمة ولاية تمنراست ويعبرها الطريق الوطني رقم واحد الرابط العاصمة الجزائرية بالجنوب الكبير الساحر. وبالنسبة لمناخ الولاية فلكون الولاية واقعة في مناطق صحراوية، فإن مناخ المنطقة صحراوي جاف، المدى الحراري واسع بين النهار والليل، وبين الشتاء والصيف، تتراوح درجة الحرارة شتاء بين 1 إلى 25 درجة، وبين 18 إلى 48 درجة صيفاً. يعتدل الجو في فصلي الربيع والخريف، وتصفو السماء في غالب أيام السنة. معدل سقوط الأمطار بالولاية حوالي 60 ملم سنوياً غالبها في فصل الشتاء كما تهب على المنطقة رياح شمالية غربية باردة في الشتاء وجنوبية غربية محملة بالرمال في الربيع وفي الصيف جنوبية حارة تعرف بالسيروكو. يقدر عدد سكان ولاية غرداية إلى غاية 30 جوان 2003 بـ 334754 نسمة أي بكثافة تقدر بـ 88،3 نسمة كلم 2 حيث نصف السكان متمركز في سهل وادي ميزاب. يتكون النسيج السكاني من العرب (شعانبة ومذابح وأولاد السايح والعطاطشة) الذين استقروا بها منذ القرن العاشر للميلاد. والميزابيين الذين قدموا هاربين من سدراتة بورقلة والتي قدموا إليها هاربين من تيهرت (تيارت) عاصمة دولتهم.

دائرة المنيعة

دائرة المنيعة: وهي دائرة من دوائر ولاية غرداية معروفة الموقع والحدود، ولها ارتباط مع الفلانين، فيوجد فيها أسرة السيد الحاج أحمد بن مالك، والتي يوجد فيها ضريح السيد الشيخ أحمد بن محمد العم الفلاني. وأغلب سكانها من الشعانبة والزوي والماضوية وأولاد سيدي الحاج يحيى والشرفاء، كما كان فيها زميلنا في الدراسة الشيخ العيد حجاج وهو مذكور في كتابنا "الرحلة ص 419"، وكان فيها أيضاً العلامة العبقري الشيخ محمد علان الذي كان يراسل والدنا الحاج عبد القادر بلعالم الفلاني بالقصائد الشعرية.

المبحث السابع: القبائل المنصهرة مع قبيلة فلان

المبحث السابع: القبائل المنصهرة مع قبيلة فلان في قرية ساهل أقبلي دائرة أولف ولاية أدرار الجنوب الجزائري يوجد بها فخذان من قبيلة فلان هما: أولاد محمد بن مالك، وأولاد بلعالم، وكل من الفخذين يوجد في البلاد التالية: أولف، تيمادنين، إينغر، عين صالح، هقار، المنيعة، ورقلة، وفي بعض القرى، ولقد تبادلت المصاهرة بين قبيلة فلان وقبائل وعائلات عدة منها: قبيلة كنتة (الرقادي الهمال) قبيلة الأنصار، وأولاد عبد الرحمن الشرفاء، وقبيلة تاكوبة، وقبيلة بوسلمة، وقبيلة ابن منصور، وقبيلة فرجاني السوفيين، وقبيلة عزي بعين صالح، وأولاد الرقاني، وأولاد العرابي، وأولاد أبكي، وأولاد بن دحان، وقبيلة ابن عبد الكريم بتيط، وقبيلة حفصي، وعائلة حامد لمين، وأولاد ابن هاشم، وقبيلة الزوي، وأولاد عزي بأولف، وعائلة الباشا، وعائلة الفقي، وقبيلة الشعانبة، والمخادمة، والطوارق، وقبائل أخرى من داخل الوطن وخارجه .. وأما في قرية تيمادنين من دائرة رقان ولاية أدرار، فيوجد بها الفخذ الثالث لقبيلة فلان أولاد سيدي علي العالم (فلاني)، والذي تبادل المصاهرة مع قبائل وعائلات منها: قبيلة الهامل، قبيلة الدرسي، وقبيلة زنقي، وعائلة الباشا، وقبيلة بعثمان، وقبيلة اعبلة، وقبيلة ورتي، وقبيلة عكريمي، وأولاد لكمين، وكنتاوي.

وهناك عائلات لها مصاهرة معها خارج تيمادنين وهي: عائلة ابن عزاوي، وعائلة موساوي، وعائلة حريزي، وعائلة باجيندا .. وما ذكرنا هنا على سبيل المثال لا على سبيل الحصر إلا ليعلم الباحث عن هذه القبيلة أن لها المكانة العليا في النسب، بحيث أنها انصهرت مع قبائل شريفة وعالية، مثل الشرفاء آل البيت والزوي آل أبي بكر الصديق، وكنتة آل عقبة بن نافع، والأنصار وأولاد السيد أحمد لعروسي في تيمادنين. ومن القبائل القديمة في المنصور أقبلي، قبيلة أولاد أبكي، وأم الشيخ حمزة وإخوانه المختار وعبد الرحمن والسيد محمد ومحمد عبد الله وأخواتهن هي خديجة بنت أبكي، وهي أول تسكن المنصور (دابدر)، ومنهم أولاد محمد عبد الرحمن بن مبارك ولا زالوا موجودين في المنصور.

المبحث الثامن: العادات والتقاليد

المبحث الثامن: العادات والتقاليد العوائد الخيرية: وأهمها العادات الرمضانية، حيث يتزايد النشاط في شهر رمضان، ويقبل الناس على المساجد والمدارس للعبادة وسماع القرآن والمواعظ، وتضاء المساجد بالأنوار، وتعمر بالذكر وصلاة التراويح، ويجتمع النساء في البيوت ليؤدين سنة التراويح خلف محرم من محارمهن أو أحد المراهقين الحافظين لكتاب الله. ويعمد الأئمة في مساجد دائرة أولف إلى تنظيم برنامج للمحاضرات والدروس في رمضان من كل عام، حيث تُلقى محاضرة أو أكثر في بعض مساجد الدائرة وفق برنامج خاصٍ يعد لهذه المناسبة. ومن العادات الخيرة إرسال الثمار والطعام إلى المساجد لإفطار الصائمين من طرف أهل الخير، ومن الأوقاف الموقوفة على هذا الغرض. ومنها إحياء ليلة القدر في ليلة السابع والعشرين، حيث يهرع الناس إلى المساجد فلا تجد أحد يتخلف، وتحيا الليلة المباركة بقراءة القرآن. كما تشهد المساجد كذلك دروساً وألواناً من الذكر وكانوا في القديم يحيون ليلة عيد الفطر بما يحيون به ليلة القدر من تلاوة وصلاة وذكر. ومنها المواظبة على تلاوة أحزاب من القرآن العظيم في المسجد بعد السحور إلى وقت الصلاف ومثل ذلك في المدارس العلمية.

ومن العادات التي يقوم بها الناس في المواسم ما يأتي: 1 - تبادل أهل البلد الزيارات في عيد الفطر مع إخوانهم في القرى المجاورة، ومواساة الفقراء، ودعوة الأثرياء إخوانهم الفقراء لتناول الطعام. 2 - تهادي اللحوم في عيد الأضحى المبارك، وتبادل الزيارات في الأحياء وتبادل الضيافات، حيث يجتمع جماعة القرية كل يوم في منزل أحدهم لتناول طعام الغداء، وطعام العشاء ابتداءً من يوم العيد، ويستمر ذلك إلى أن ينتهي عدد المتبادلين الضيافة. 3 - وفي موسم عاشوراء يتم تبادل الزيارات بين الأقرباء، وزيارة الأموات، ويسود الفرح والسرور، ويعلو البشر على وجوه الفقراء والمساكين، حيث تدفع إليهم الزكاة من طرف من بلغوها، ومن لم يبلغ الزكاة فإنه يتصدق بما استطاع من دراهم أو خبز أو تمر أو حلوى أو لوز أو أي نوع من أنواع المفرحات للصبيان والفقراء والمساكين. 4 - إقبال الناس على المساجد والمدارس لإنشاد المدائح النبوية، ابتداءً من النصف من شهر صفر بالنسبة لبعض الجهات، أما في بعضها فإن الاستعداد يبدأ من طلوع هلال شهر المولد النبوي، ويستمر ذلك إلى ليلة 12. وفي ليلة الثاني عشر يقام حفل عظيم يُحيا بإلقاء الدروس الدينية، في سيرة صاحب الأخلاق المرضية - صلى الله عليه وسلم - إلى الفجر، وتنشد فيه القصائد المديحية، وتقدم إلى

الأعياد الموسمية

المحتفلين ألوان من الأطعمة والأشربة، وفي بعض الجهات يحتفلون بذكرى يوم سابع المولد بمثل احتفال ذكرى المولد. 5 - القراءة الجماعية للقرآن، وختم القرآن يوم الأحد فيما يعرف بالحزب الراتب، وبخاصة في قرية ساهل الفُلانية وتيمادنين وغيرها. الأعياد الموسمية: ويوم دخول أكتوبر (فصل الشتاء) تقع التوسعة على العيال، وعلى الفلاحين والعمال، ويتم تبادل الأطعمة بين الجيران، ويهرع الناس إلى البساتين زرافات ووحدانا، ليقتطفوا من خضرتها ألواناً فيأكلوها. تظاهرة ختم الحديث النبوي: ومن العوائد الجارية لدى الفلانين في أقبلي (ساهل) وأولف وهي قديمة يعود تاريحها إلى حياة الشيخ محمد بن مالك والشيخ أحمد العالم، مناسبة ختم الحديث النبوي بأقبلي، وهي الآن مقر لمدرسة مصعب بن عمير بحي الركينة، فيتسابق الناس لها من كل ضاحية وناحية، بما في ذلك شيوخ وعلماء المنطقة ورؤساء الأعلام وطلبة العلم في جموع مختلفة، يكسوها جمال الحديث ووقاره وجلاله، فلا تسمع إلا حديثاً حسناً، ولا ترى إلا نظاماً يسود الجميع، خروجاً ودخولاً، وأنه بحق لمشهد مؤثر رائع. فيبدأ الجلسة شيخ المدرسة بعد افتتاحها بآيات من الذكر الحكيم من أحد الطلبة، ثم يتولى الشيخ بنفسه سرد الأبواب الأخيرة من صحيح

الاحتفال بذكرى غزوة بدر

البخاري، أما صحيح مسلم وموطأ الإمام مالك فإن الطلبة يسردون أحاديثها، ويتولى الشيخ التعليق عليها، وشرح ما أمكن منها. ثم يشرع الشيخ في بداية صحيح البخاري للسنة المقبلة. وفي نهاية التظاهرة تعقد عقود الزواج، وتسمى المواليد، وتوزع الجوائز على المتفوقين في الدراسة، وحفظ القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، واللغة تحفيزاً لهم على الاستمرارية والمنافسة، وقد يدوم الحفل إلى الساعة الواحدة زوالاً. وينوه الشيخ بمكانة هذه المدينة المضيافة التي عرفت بالكرم والعلم، ويرتجل كلمات قصيرة ومفيدة يشكر فيها الحاضرين على تلبية الدعوف خصوصاً أولئك الذين تجشموا عناء السفر. ويشارك جميع الحاضرين في مأدبة الغداء التي أقيمت على شرفهم، وهكذا ينتهي الحفل بالتصافح وتبادل التحايا. الاحتفال بذكرى غزوة بدر: يحتفل الناسُ في ليلة السابع عشر من رمضان في كل عام بذكرى غزوة بدر الكبرى، بين المغرب والعشاء، حيث يجتمع رجال القرية وما حولها من القرى بعد صلاة المغرب، وبعد الإفطار تلقى محاضرة تشتمل على جوانب هذه الغزوة، من ابتدائها إلى انتهائها، وتقدم للحاضرين مأدبة الإفطار بين المغرب والعشاء، ثم بعدها صلاة العشاء والتراويح. ويقوم العلماء عند سرد المرويات المتعلقة بغزوة بدر من صحيح الإمام البخاري بشرح أحداث الغزوة من أولها إلى آخرها واستخلاص الدروس والفوائد النافعة منها.

العادات البعدية وما تبقى منها

وأكثر عوائد أهل تيمادنين مثل عوائد قرية ساهل الفلانية مثل القراءة جماعة والحزب الراتب الذي يختم فيه القرآن يوم الأحد، وكذلك بالنسبة لعوائد الزواج والماتم. العادات البعدية وما تبقى منها: لقد سادت منطقة توات عوائد وتقاليد إيجابية وسلبية، وكنت قد أشرت إليها في كتاب "الرحلة العلية"، وأعيد ذكرها في هذا المقام كترداد لتاريخ يذكر، وخبر يذاع وينشر، مع أن السلبيات- ولله الحمد- قد اضمحلت وصارت حبراً على ورق بفضل التوجيهات الدينية التي تلقى في المدارس والمساجد، وفي الخطب وفي المدارسات، وقد بقي بعض العوائد لدى بعض الجهلة، وجل هذه العوائد له مساس بالعقيدة، وأظنه من وضع غير المسلمين الذين كانوا في المنطقة، أو من سكانها الأقدمين، لأن غالب أسماء العوائد غير عربية. ومن العوائد السيئة والمعتقدات الفاسدة في العقيقة قيام بعض الناس في بعض القرى بدفن ربع العقيقة في التراب، وفي بعضها يطبخ الربع المقدم كاملاً بدون فصل العظم عن اللحم، ثم يأكله الأبوان ويعلقون العظام في سقف البيت، أو في نخلة، ومنها إعطاء الرأس والجلد للقابلة أجرة لها، كما أن من عادة قوم آخرين تعليق جلد العقيقة على حائط الدار فلا ينتفع به. ومنها ما اعتاده قوم من ترك بعض الشعر في رؤوس أولادهم من المقدم ومن وسط الرأس ومؤخرته. ومنها إذا صارت الأمراض تصيب

الولد فإنه يباع للعبيد الموجودين، حيث تقدم لهم دعوة ليحضروا، فإذا ما حضروا أجروا العملية يستفتحونها بالرقص أولاً، ثم يطوفون حول الولد وهم يرقصون ويتضاربون برهة من الزمن. ثم يجلسون أمامه فيطلقون عليه اسماً من أسمائهم، ويعاهدون أبويه على أن يمنعوه من كل نوع من الأطعمة المباحة، فتارة تكون الكتف وأحياناً الكبد أو الرأس. ولهم عوائد متنوعة حول هذه الفعلة الشنيعة النكراء التي يزعمون أنها تزيد في الأعمار وتشافي الأسقام!! ومنها ما يزعمه بعض القبائل من أن ولدهم إذا تجاوز قارة البلد التي هو فيها إلى بلدة أخرى قبل أن يكمل الحول يقع له ضرر، إما فقد عضو وإما مرض وإما موت. ومنها التشاؤم بشهر صفر فإذا استهل هلاله فلا يحلقون شعراً، ولا يختنون ولداً، ولا يعقدون نكاحاً، حتى ينسلخ، زعماً منهم أنه مشؤوم، وهو الاعتقاد الفاسد الذي حذر منه من لا ينطق عن الهوى بقوله: "لا صفر". ومنها ما يزعمه بعض الجهلة أن من عزى في ميت لا يدخل داراً فيها مولود جديد (في النفاس) وإلا فإن الولد يصاب بالدمامل المعروفة بالنار الفارسية. ومن المعتقدات الفاسدة أيضاً قولهم: إذا مات لرجل ولد وصلى عليه فإن أولاده كلهم يموتون في حياته، ولا يخلف بعده ولداً، وهذا كذب وافتراء، لأن الله عر وجل جعل لكل حي أجلاً.

عادات الطعام

ومنها ما يقع عند كسوف الشمس وخسوف القمر من الرقص والغناء واللهو برسم طلب الإفراج عن القمر، بل وقد بينت السنة واجب المؤمنين نحو هذا الحادث العظيم، قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة". ومنها ما يقع عند خروج المعتدة من الوفاة من اجتماع النساء لذلك، ثم يخرجن معها في ضجيج ولغط إلى مكان معين خارج البلدة، وهناك تلقي ثيابها وترتدي ثياباً جديدة، ثم تعود للبلد ويزعمن أن من رآها من الرجال حالة خروجها من بيتها قبل غروب الشمس يصاب بمصيبة، وإن كانت امرأة متزوجة فقدت زوجها. ومنها رمي الحشيش وراء المسافر من حين يخرج من بيته إلى أن يتعدى البلد فتملأ الشوارع بالحشيش ويعتقدون أنه سبب له في حصول الربح والغنيمة والسلامة. ومنها صب الماء الفاضل عن دفن الميت على القبور المجاورة له. ومنها إذا حفر القبر يترك فيه المعول إلى أن يوضع فيه الميت لئلا تسكنه الجن حسب زعمهم الفاسد. عادات الطعام: الأكلة الشعبية المفضلة لدى الجزائريين هي الكسكسي، وهي الطبق الوطني الأول دون منازع، وهو يتكون من السميد ويقدم مصحوباً باللحم

والخضروات والمرق الأحمر. وهناك العديد من الأكلات التقليدية، إلا أن الطابع السائد هو المطبخ الفرنسي وبخاصة في المدن. والطعام الذي يصنع في المنطقة من غير تخصيص لقبيلة فلان أو غيرها المستعمل يتكون من القمح والذرة في الزمن السابق، والآن صار أغلب ما يتكون منه الطعام الدقيق والذي يسمى بـ "السميد"، و"الفرينة"، ومن هذه المواد تتكون الوجبة التي تعرف بالكسكس ذا الحب الرقيق جداً، و"المردود" وهذا الأخير يشتمل على نوعين هما: الخالص الذي يصنع من القمح والمحيمصة، والغالب من هذا الأخير يستورد من الشمال، وكذلك المقرون، ومن المواد التي كانت من الأقوات ولا زالت كذلك الشعير، ويصنع منه طعام يسمى باللغة العامية "أطرزَّه "، و"الخبز"، و"تونقال" ويصغ منه أيضاً الخبز في المخابز. وفي هذه السنين كثر استعمال الأرز في الوجبات وهو يستورد من الخارج. ويستعمل من القمح الخبز الرقيق والخبز الغليظ- الكسرة- والحريرة، لكن الحريرة في الغالب تستعمل من القمح أو الشعير أو الذرة التي لم تنضج، ويعرف باللغة الدارجة بـ "زنبوا" ولتم تناول الحريرة في الفطور وفي رمضان عند الإفطار. وهناك أشكال من الطعام متعددة منها: الراضين المردوف- وهو خبز محشو بالتوابل والشحم- والدشيشة، وهي وجبة بين الحريرة والعصيدة، لكن استعمال العصيدة في هذا الزمن نادر. ومن أنواع الأطعمة ما يعرف بـ "الطنجية" وأكثر استعمالها في منطقة

عادات اللباس

توات الغربية، وهي تصنع من اللحم والبصل والتوابل، توضع في القدر وتجعل في وسط النار ويحضر لها حطب من الخشب، ثم الكسرة وبعد الطهي يجتمعان في قدح من الطين أو الحديد، وإلى جانب هذه المواد يأتي التمر فلا يستغنى عنه بها، وكان في الزمن السابق هو أكثر طعام أهل المنطقة، ولهذا كان علماء المنطقة يقولون: إن زكاة الفطر تعطى من التمر، لأنه آنذاك كان هو غالب قوت أهل المنطقة، وقد كان الشيخ حمزة الفلاني يقول في خطبة عيد الفطر: "وغالب قوتنا التمر فلا يجب علينا سواه". ويؤكل في الخريف رطباً، وبعده يؤكل يابساً بعد أن يهرس ويصير قطعاً رقيقة جداً، يسمى بالعامية "السفوف"، وكذلك يصبر ويسمى "البطانة"، وفي هذا الزمن صار يستورد التمر من الصحراء الشرقية- أي الواحات- لأن تمر المنطقة صار لا يغطي الحاجة. وللتمر أنواع كثيرة، وكذلك النخيل، ولقد ذكرنا هذا الموضوع في كتابنا الرحلة العلية الجزء الأول (75 - 77) فليراجع. عادات اللباس: يرتدي الجزائريون في المدن الملابس العصرية، كما يرتدي بعضهم الأزياء التقليدية التي تشكل النمط السائد في الأرياف، وأهم الملابس التقليدية للرجال البرنوس والقشابية، المصنوعان من الصوف والوبر، أما النساء، فيرتدين الحايك أو الملاية، وهو حجاب من القطن الأبيض أو الأسود يغطي كل أجزاء الجسم والوجه.

السكن والأبنية

تساؤلات: 1 - ما وجه الشبه في اللباس بين الزي التقليدي في الجزائر وبعض دول غرب إفريقيا مثل مالي والنيجر والكاميرورن،،، الخ؟ 2 - ما زي العلماء والأمراء في القديم؟ وهل يتميز الفلانيون عن غيرهم في اللباس؟ السكن والأبنية: يتمثل الفن المعماري القديم في بناء القلاع والقصور والسكن باللبن غالباً، إذ مادة الطين تلائم طقس المنطقة الحار، ويطول عمره أكثر من بناء الإسمنت، ولا تؤثر فيه الحرارة، ولقد شاهدنا جدراناً مرت عليها القرون ولا زالت على طبيعتها رغم تعاقب الدهور، والقلعة هي عبارة عن القصر المعروف باسم القصبة، ولا تخلوا قرية أو مدينة غالباً من وجود القلعة المحصنة بالخندق المحيط بها من جوانبها الأربعة، ولا يمكن الدخول إليها إلا بعبور قنطرة أمام الباب، وذلك لأجل التحصين من العدو، فإذا ما خيف هجوم على القصر، من خارج، نزعوا القنطرف ولأجل الدفاع توضع صخور كبيرة، خلال شرفات القصر العالية، وتجعل ثقب في جوانبه الأربعة، فعندما يريد العدو الهجوم على القصر ينقسم السكان إلى طائفتين: طائفة تصعد على الغرف وتقذف عليهم الصخور، والطائفة الأخرى ترميهم من النوافذ .. ويوجد داخل القلعة مسجد للصلاة، ويوجد في أولف مسجد أسس سنة 164 هـ في عهد دولة الرستمين، لم يتجدد إلى سنة 1402 هـ.

عادات التداوي

أما السكن العادي فإنه يشتمل على ثلاثة أجنحة، جناح للسكنى، والآخر للخزن، يسمى الميشار، وجناح للماشية، ودورة المياه، ولا يوجد مسكن إلا وبجواره مقر يستقبل فيه الضيوف، ويكرمون فيه وإن دل ذلك على شيء فإنه يدل على الكرم، الذي يتمتع به أهل المنطقة قديماً وحديثاً. أ. هـ. عادات التداوي: التداوي وهو مذكور في كتابنا الرحلة العلية الجزء الثاني (ص 271 - 272)، ذكرنا فيها أولاً أسماء الأعشاب والأشجار الموجودة في أودية المنطقة، ثم العلاج التقليدي وذكر بعض الأعشاب. عملية الحقنة: الجراحة واستخراج الأمراض من البطن، وخياطة الجرح بعد شق البطن، قد كانت هذه العملية في القرون الماضية في زاوية الشيخ البكري وأنزجمير وبعض القصور، لكنها عملية قليلة جداً. الدفن في التراب للمصابين بالروماتيزم .. الحجامة للدغ العقرب، وغيره الكي .. قطع العين بأنبوبة من القصبة .. كي الضرس بالنار .. اللدد في الأنف ...

أما الصيدلية التقليدية

أما الصيدلية التقليدية فهي تتر كب من الأدوية الطبيعية التالية: ومنها: الشيح- الشونيز- الحلبة- الكمون- العريضة "أم دريكة " - الوزوازة- الكباد- غلاشم- شندقورة- النكد- السنا - الجعدة- الكمأة- تاتيش- العرعار- اليازير- النتل- الملوخية- الفجل- الكزبرة - البسباس- حب الكتان- كرمة الذئب- العك الحاد- الكضم- السدر - الزعتر- الحناء- الأبدخيل- حب الرشاد- الرمث- الحرمل- الحبق - عسل النخل- عسل النحل- الشب .. هذه الأعشاب توجد في المنطقة حاضرة وبادية .. ومن الأدوية التي كانت تستورد من تمبكتو (مالي) وغيرها: الزنينة- أبو فتاش- بوصوصو- عرق السوس- الكست- فري- الأثمد- أحجار- أم الناس .. ومما تتداوى به العين: لبن الآدمية .. هذه الأدوية والأعشاب تعالج بها أمراض مختلفة كالأذن والبطن ووجع الرأس، العسر، لسع العقرب. أما الدواء الكيمائي فهو نادر إلا ما يتركب من هذه الأعشاب مع معرفة الكمية والكيفية، مثل مسحوق العينين، وما يجعل في الحريرة، وما يسمى بالحشائش ..

عادات الضيافة

عادات الضيافة: إن من المعلوم أن منطقة توات كلها مأوى للواردين والصادرين من قديم الزمان، ويتجلى في أهلها الجود والكرم انطلاقاً من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه". والضيافة كانت في السابق تتوزع على بيوتات القرية، فمن القرى من يوزعونها على أيام الأسبوع، فيوم السبت عند دار فلان، ويوم الأحد عند دار فلان، إلى آخر الأسبوع .. ومن القرى من يوزعونها على أيام الشهر، مثل اليوم الأول، ومنهم من يتولى يومين، ومنهم من يتولى ثلاثة أيام .. ويعرف هذا التقسيم بالنوبة، للضيوف الذين ليس لهم معرفة ولا علاقة بأهل القرية. وأما الضيوف الذين يعرفون أهل القرية فإنهم ينزلون عند معارفهم، ولكن الضيف الذي يمكث أكثر من يوم فإن أهل القرية يشتركون في ضيافته غداءً وعشاءً .. وفي بعض الأماكن تكون الضيافة فيها تابعة لوصية أو أوصى بها ميت، وكذلك توجد بيوتات مشهورة بمحط الأضياف فيها المعروفين وغير المعروفين. المعروفين كما هو المعروف في أقبلي وتيط وأولف وفي سائر قصور توات وعين صالح وإينغر وعلى سبيل المثال لا على سبيل الحصر، بيوتات

في ساهل وزاوية الشيخ أبي نعامة شيخ الركب وقرية المنصور معروفة بالضيافة من زمن قديم، وكذلك أركشاش، وزاوية مولاي هيبة، وزاوية أولاد ملوكي قصبة الجنة، وزاوية أدريسي بالمرقب، وزاوية الميمون لأولاد باية، وفي تمقطن بيوتات للضيافة، وفي زاوية حينون أولاد صمادي، أولاد سنبير، وغيرهم .. وبالوافي في أولف، وفي تيط أولاد ابن عبد الكريم، وأولاد بن بية، وغيرهم .. وفي زاوية حينون بأولف دار السيد الرقاني محمد سيدي مولاي زيدان، وفي عمنات دار حفصي، وفي تقراف دار يوسفي وحفصي، وفي الركينة زاوية الركينة ومدرسة مصعب بن عمير، والدار التابعة لها، والتي هي محط لكل الضيوف الصادرين والواردين .. أسسها أولاد فرجاني .. وأما الفلانيون المتواجدون خارج منطقة أولف فهم مشهورون بالضيافة سواء منهم من هو في ولاية تمنراست أو ولاية ورقلة، أو منطقة توات. فالضيف في هذه المناطق لا يحتاج إلى الفنادق والمطاعم، فالأبواب مفتوحة أمامه للإطعام والإيواء، ولقد قلت في تعريفنا للزوايا كما هو في بعض المحاضرات وكذلك في الرحلة العلية من خلال أبيات عطفاً على تعريف الزوايا قلت: فيجد الطالب فيها مثوى ... وهي للضيوف أيضاً مأوى فهي على الجملة دار الدين ... ومنزل للضيف دور مين

عادات الزواج والطلاق

عادات الزواج والطلاق: أما بالنسبة للزواج فالعادة جارية عند الفلانيين وغيرهم في المنطقة تنقسم إلى عوائد حميدة وعوائد سيئة: أما الفلانيون وأتباعهم في المنطة، فإن أنكحتهم موافقة للسنة المحمدية، فيوم عقد النكاح يستدعون جماعة من أهل العلم، وغيرهم من الأخيار، ويقع العقد في بيت ولي الزوجة، وتتم جميع شروط العقد من ولي وشهود وصيغة، وذكر المهر، يتولى العقد أمثلهم في العلم والسن، ويحضر لهم ولي الزوجة مائدة، ويتولى عقد الخطبة الأولى أحد المشايخ والثانية من هو أكبر منه علماً وسناً، وبعد أن يسند له الطرفان ولاية العقد والخطبتان معلومتان مشتملتان على الحمد والصلاة والسلام على رسول الله وآيات من القرآن، وبعد الفراغ من الخطبة الثانية يتوجه الحاضرون بالدعاء للعريسين .. وأما يوم الدخول فإن الزوج هو الذي يقيم الوليمة ويدعو لها أهل القرية، ويدعو أناساً شتى من القرى المجاورة، ويطعمهم في تلك الليلة، وفي صبيحتها حسب الطاقة واليسر، وقد تقع بعض التظاهرات غير الخالية من الموانع كاجتماع الرجال مع النساء، فهذا أمر مخالف للشريعة الغراء. ويوم الدخول يدفع الصداق إذا كان عرضاً ذهباً أو بدله من أوراق البنكنوت، أو عرضاً، وقد يدفع الصداق يوم العقد إن كان من الأوراق البنكية .. ثم إن أهل الزوجة هم الذين يدفعون الشورى لدار العريس، وتتمثل في آليات الطبخ، والشرب وغيرها .. يسمى بالدارجة "العزول".

الفنوق والألعاب

وفي هذا الزمن طرأت مستجدات لم تعهد في الزمن الأول، وهي عبارة عن الآلات الحديثة، مثل المسجلات والتلفزيونات وغرف النوم، وغيرها قد يأتي بها الزوج، وقد تشترى من الصداق. والحاصل أن أجهزة البيت قد تجتمع من صداق الزوجة ومن دفعات الزوج وكل منهما يعرف ماله. وأما الطلاق بالنسبة للفلانين فهو قليل عندهم، وإن وقع فهو بما نصت عليه الشريعة {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}، ولكن وقوعه نادر عند الفلانين، لأنه أبغض الحلال إلى الله، وكذلك مما يلاحظ أن تعدد الزوجات قليل جداً وذلك بمحض الاختيار دون منع. تساؤلات: 1 - هل تزاوج الفلانيون مع غيرهم من القبائل والأجناس؟ 2 - هل هناك قيود في التزاوج؟ 3 - هل هناك تزاوج بينهم وبين جيرانهم في افريقيا السوداء؟ 4 - وإن وجد التزاوج فمع أي الدول أو القبائل؟ ومتى بدأ هذا التزاوج؟ الفنوق والألعاب: أما الفنون والألعاب فإن الفلانين لا يمارسون هذه الثقافات، وهي موجودة عند غيرهم من الموالي مثل: رقصة البارود، ورقصة الطبل، ورقصة دارني، ورقصة المحضرة، ورقصة إيصارة، وأنواع الموسيقى.

المبحث التاسع: المدارس العلمية

المبحث التاسع: المدارس العلمية الزوايا العلمية وطرق التدريس: نضفي على هذين الموضوعين مقتطفات من كتابنا الرحلة العلية من خلال الصفحات (323 - 336) الجزء الأول كما تتناول هاته المقتطفات طرق التدريس: لقد فكر السلف ومن بعدهم الخلف في تأسيس هذه المؤسسات الدينية والمراكز العلمية التي عرفت عبر العصور بالزاوية القرآنية وكانوا يشرفون على شؤونها وينشرون العلم والمعرفة بين جنباتها قديماً في وقت كانوا يعانون فيه من المسغبة والمجاعة الشيء العظيم، ولكنهم كانوا أقوياء بإيمانهم، وأقوياء في إرادتهم، فأسسوا المدارس وابتكروا لها نظاماً باهراً جعلها تعطي الثمرة المرجوة منها في أمد قليل ولقد ساعدها على أداء مهمتها عدم تحديد سن الدخول فهي لا تعتبر ذلك بل تستقبل كل من يرتادها من الطلبة ابتداء من السنة الرابعة من عمر الطفل إلى أن يبلغ ثمانين سنة والباب مفتوح على مصراعيه وهكذا لو انقطع عن الدراسة وأراد مواصلتها لا يمنع من ذلك. أوقات التعليم: تفتح المدارس القرآنية أبوابها في كل يوم من صلاة الصبح إلى قرب الزوال، ثم تغلق للاستراحة ثم تفتح أبوابها بعد صلاة الظهر إلى اصفرار الشمس، وبعد صلاة المغرب والفراغ من الحزب اليومي إلى صلاة العشاء.

الاجتماع لقراءة الحزب اليومي

ففي الفترة الصباحية: يكتب الطلبة ألواحهم، ويصححها لهم المعلم، ثم يرتل لكل طالب ما هو مكتوب في لوحه مرة أو مرتين حتى يتمرن على قراءة ذلك وحده. أما الفترة المسائية: فإنهم يحفظون ألواحهم ويعرضونها على المعلم. وفي فترة الليل: يقرأ لهم المعلم حزبين من القرآن الكريم، وبعضاً من متون العقيدة، هذا في سائر أيام الأسبوع باستثناء يومي الخميس والجمعة، وبهذه الطريقة تخرج الكثير من حفظة القرآن الكريم. الاجتماع لقراءة الحزب اليومي: ومما ساعد الجمهور من عمار المساجد وطلبة المدارس على حفظ القرآن قراءة الحزب اليومي، فقد كان المصلون في المساجد والطلبة في المدارس يجعلون حلقة في كل مساء بعد المغرب وفي كل صباح بعد الفجر لقراءة الحزب اليومي جماعة نقطة وكان لهذا العمل المبرور نتائجه الإيجابية وآثاره الطيبة، حيث إن كثيراً من الأميين قد حفظوا القرآن عن ظهر قلب حفظاً متقناً بفضل مواظبتهم على حضور الحزب، كما أن الكثير من حفظة القرآن الذين اعتراهم نسيانه من جراء شواغل قطعتهم عن استذكار القرآن لما رجعوا إلى قراءة الحزب اليومي أجادوا الحفظ وأتقنوه، وقد بارك هذه السنة الحميدة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده" (¬1). ¬

_ (¬1) رواه مسلم ...

تعليم العلوم الشرعيه في الزوايا

تعليم العلوم الشرعيه في الزوايا: بعد أن يحفظ الطالب القرآن العظيم في المدرسة القرآنية يلتحق بالمدرسة الدينية لتلقي العلوم فيتابع متون العقيدة الإسلامية والفقه والنحو والصرف والفرائض يحفظها ثم يدرس تفسيرها ومعانيها على الأستاذ المدرس المتخصص فيها فيفسرها له بيتاً بيتاً وكلمة كلمة حتى يوقفه على معانيها ويطلعه على أسرارها وبعد إتقان العلوم السالفة الذكر يتنقل الطالب لعلوم الحديث ثم التفسير إلى أن يتخرج من المدرسة وقد تمكن من علوم الشريعة الغراء وفي العلوم اللسانية. هكذا كانت ولا تزال الزوايا تقوم بنشر العلم والمعرفة وتحفيظ القرآن الكريم، وتمد الطلبة يد المساعدة بإيوائهم وإطعامهم وتزويدهم بكل ما يحتاجونه نحو أداء مهمتهم النبيلة. لقد كان المتخرجون من هذه المدارس قديماً وحديثاً وهم الذين يتولون الإمامة والتعليم، وهم الذين يوجهون إلى الجهات العديدة من داخل الوطن وخارجه لنشر العلم وتحفيظ القرآن الكريم نقطة كما أن الكثير من المعلمين في التربية حديثاً تخرجوا من هذه المدارس فهي التي تلقوا منها العلوم التي أهلتهم للمشاركة في التعليم التربوي في سائر مراحلها. كما أن لها الدور الهام في مكافحة الأمية، فلقد رأينا الكثير من الكهول والشيوخ لما انضموا إلى هاته المدارس الدينية المعروفة بالزاوية القرآنية تعلموا الكتابة والقراءة، وتحصلوا على معلومات لا بأس بها في العلوم الدينية، والكثير منهم قد حفظ الأمهات الفقهية وفهم معانيها.

الأوقاف والحبوس

كما تركت تلكم الزوايا ثروة هائلة من المخطوطات والمؤلفات مثل الشروح للكتب الفقهية وغيرها من فنون العلم ومثل القصائد الشعرية والدواوين الأدبية مما هو موجود في الخزائن العلمية. إن التعليم الدينى هو الذي حول شعبنا الجزائري المسلم إلى طود شامخ البنيان راسخ الأركان متماسك الأجزاء لا تهزه العواطف ولا تزعزعه الحوادث، وقد لمسنا هذا وشاهدناه في مواقفه الثابتة في الظروف الحالكة. ومن العادات الحسنة أن الطالب إذا أتقن فناً من الفنون العلمية يمنح إجازة من طرف شيخه بمقتضى ذلك، وحيث أن سنة القراءة قراءة القرآن تلقيها من أفواه الرجال كانت هذه السنة سارية المفعول في الأقطار التواتية التي منها المناطق التي يسكنها الفلانيون. الأوقاف والحبوس: الأوقاف سارية المفعول، فمنها ما هو موقوف على المساجد ويصرف في مصالحها مثل: النخيل، مياه الفقاقير، الديار، الكتب، ومنها ما يكون وصية من بعض المحسنين بنخلات أو حبات من الماء على إنارة المساجد وفطور صيام رمضان عند المساجد. ومنهم من يوصي على غلات ما عقار يصنع من تلك الغلة طعاماً يطعم منه الفقراء والمساكين والقراء والجيران والأقارب في كل سنة وهذه العادة لا زالت جارية عند الفلانين وغيرهم. ومنها الوصية بإطعام المدارس القرآنية بالتمر في شهر ماي (مارس) وهذه العادة قد اختفت من سنين.

ومن الأوقاف: الخزائن العلمية (المكتبات) في بعض القرى، فالغالب أنها تكون وقفاً مثل خزانة الفلانين بساهل أقبلي، وخزانة الكنتيين بزاوية شيخ الركب. ومثل المصاحف القديمة المخطوطة مثل مصحف (تنغ بويا) ومثل مصحف (شيخ الركب)، وهناك من يوقف قراريط من الماء على السقي في الفقارة، لأن السقي كان منها في السابق كما كان يوجد في قرية ساهل أقبلي من فقارة أقبور. ومن المحسنين من يوقف عقاراً على الضيوف وقد تقدم لنا ذكر النوبة للأضياف التي كانت في الزمن الأول. فالأوقاف تتكون من الأحباس والوصايا والهبات لكل الأوقاف والهبات يشترط فيها الحيازة من الواقف والواهب، وتسند إلى منفذ من ناظر أو غيره قبل موت الواقف والواهب، وأما الوصية فإنها تخرج من التركة بعد الموت ..

المبحث العاشر: تراجم العلماء والقضاة من الفلانيين في الجزائر

المبحث العاشر: تراجم العلماء والقضاة من الفُلاَّنيين في الجزائر السيد أحمد بن محمد العم بن الحاج عبد القادر بن محمد بن مالك (1307 هـ -1373 هـ): كان عالماً فقيهاً ومقرئاً وقد تعرضنا لنبذة من حياته في الجزء الثاني من الرحلة العلية إلى توات ص: 405 وفي نفس الصفحة تعرضنا لذكر ولده الشيخ محمد عبد القادر. الشيخ أحمد بن محمد: ازداد الشيخ أحمد بن محمد بقرية ساهل أقبلي سنة 1307 هـ وكان فقيهاً عالماً جليلاً تتلمذ على مشايخ ساهل أمثال الشيخ حمزة والشيخ السكوتي والمختار بالعالم، وكان يجيد حفظ القرآن، وله معرفة جيدة بالروايات وفن التجويد والأداء ولقد رحل من مسقط رأسه إلى هقار، وكان يتولى فيها التعليم والفتوى وفصل الخصام بين المتنازعين، وكانت القرية التي يسكن بها "تفيرت" يرتادها من كل جهة وصوب من العرب والعجم، وكان يعلم العرب بلغتهم والعجم بلغتهم، وكان قبل أن يرحل إلى هقار قد تزوج بالسيدة خديجة بنت محمد بن الشيخ حمزة فولدت له ابن وبنتان، والابن هو السيد محمد عبد القادر الموجود الآن بتيفرت، وهو رجل فقيه وعالم كريم كان خير خلف لخير سلف، ولست مبالغاً إن قلت أنه لا يوجد مثله في بلده وقبيلته في السلوك والأخلاق والكرم، ولا زال على قيد الحياة وقد جاوز التسعين سنة، كرس حياته في العلم والتعليم وتحفيظ القرآن،

وكان شأنه شأن والده في مواصلة الجود والكرم ومحبة أهل الله ومحبة آل بيت رسول الله، وعلى مقام عظيم من الزهد والعفاف والتقوى والعبادة. ثم إن الشيخ سيدي أحمد تزوج في هقار وولد له أربعة أولاد وهم على قيد الحياة منهم الإمام والمعلم والموظف، وهم على الترتيب: محمد الخليفة، ومحمد إبر اهيم وهو إمام ودرس في المدرسة الطاهرية بسالي، ومحمد مالك والذي هو عضو الجمعية الوطنية للزوايا الجزائرية ورئيس المكتب الولائي للزوايا ورئيس الغرفة الفلاحية بولاية تمنراست، ومحمد عبد الرحمن السكوتي الذي كان طالباً في أولف في مدرسة مصعب بن عمير ثم انتقل إلى تمنراست وقد تكلف بعدة مهام في تمنراست وكان ملحقاً في سفارة الجزائر بمالي، وهو الآن بتمنراست، وللسيد أحمد عدد من البنات: اثنان في مسقط رأسه ساهل وأقبلي وأربع بنات في هقار. توفي الشيخ أحمد رحمه الله بمدينة المنيعة ولاية غرداية وهو في طريقه إلى الديار المقدسة سنة 1374 هـ (¬1). وقد سجلنا لهؤلاء الشرائح تراجم في كتابنا قبيلة فلان في الماضي والحاضر، وكتابنا الرحلة العلية إلى منطقة توات، لذكر بعض الأعلام والآثار والمخطوطات والعادات وما يربط توات من الجهات. الشيخ حمزة بن الحاج أحمد (1259 هـ- 1335 هـ): كان معلماً وعالماً وقاضياً .. ¬

_ (¬1) انتهى من قبيلة فلان ص: 53.

الشيخ الطالب محمد التهامي: المزداد بأقبلي سنة 1312 هـ والمتوفى سنة 1403 هـ بتمنراست كان إمام علم وله نشاط كبير في التعليم والتوجيه، وقد ذكرنا رحلتهم إلى تمنراست في الجزء الأول من الرحلة العلية. الشيخ عبد الرحمن السكوتي (1285 هـ- 1332 هـ): هو ابن أخت العالمين السابقين، أمه الزهراء بنت الحاج أحمد بن محمد بن مالك الفلاني، ترجمته في كتاب قبيلة فلان في الماضي والحاضر من ص: 42 إلى ص:48 وفي الرحلة العلية من ص: 240 - 247. وكنا قد جمعنا ما تحصلنا عليه من آثار الشيخ عبد الرحمن السكوتي من نثره ونظمه ومؤلفاته وما تحصلنا عليه سجلناه في الكتابين السابقين الذكر، ولكن الكثير لم نتحصل عليه لكون الشيخ كان يقيم في ورقلة وما تركه من ثروة علمية وغيرها وقعت عليه يد الظلم وغاب الكثير منها، ونحن من ولد هذا الشيخ ومن واجبنا البحث عن مآثر الشيخ، ومما تحصلنا عليه عدد من الخطابات والقصائد اقتطف مطلع إحدى هذه القصائد التي قالها: نأت فمدامعي تسيل على نحري ... من أجل فراقها وقد غمرت صدري كان محيا ضرة الشمس إذا بدت ... غداة تأت مثل اليواقيث والدر وتفتر عن ألمي وعن برد منضدا ... وأقاخ أو لآلئ أو زهر

الشيخ محمد باي بلعالم

ومن أشعاره أيضاً التي يمدح فيها شيخ وخاله الشيخ حمزة بن الحاج أحمد يقول: أيا منبر الدين الحنيفي الأورعا ... منار الهدى السامي المشيد الأورعا حليف الجدى أخا الندا وارث ... ويا مانح العفات علماً وثعثعا ويا واسط الأحساب ريحانة الأدا ... ب حائز شأو السبق في العلم أجمعا الشيخ محمد الحسن بن محمد بن الحاج أحمد الفلاني (1283 هـ- 1353 هـ): كان عالماً قاضياً مؤلفاً ذكرت ترجمته في كتابنا الرحلة العلية إلى منطقة توات، الجزء الأول، ص:247. وهو من أجل علماء توات أعطي من الذكاء والفطنة وحسن الخلق والكرم ما لا يكاد يعد ولا يحصى-، وكان لا يمل من المطالعة ليل نهار، وقد أثرى خزانة أجداده بكثير من الكتب، وتولى الفتوى والقضاء وتوفي ببلدة ساهل أقبلي عام 1352 هـ. الشيخ محمد باي بلعالم: قام الأستاذ يوسف بن حفيظ بكتابة مقال في جريدة البصائر (لسان حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) الصادرة في 25 شعبان 1427 هـ الموافق 18 سبتمبر 2006 م في الصفحة رقم (16)، والمقال بعنوان: (رجال صدقوا) وكتب فيه ما يأتي: الشيخ محمد باي بلعالم: عالم من علماء الإسلام عاش وما يزال للعلم مرابطاً في ثغره النائي البعيد خادماً للعلم الشريف منقطعاً له، فهو

التعريف بالشيخ وسيرته

المؤلف الذي جمع فأوعى فقد ألف عشرات الكتب في شتى العلوم والفنون وهو المعلم المتميز صاحب المدرسة العصرية التي تحفظ القرآن العظيم وتعلم العلم وهو المحاضر والواعظ المتجول للدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وهو بحق من العلماء العاملين الربانيين وسأحاول في هذه العجالة أن أعرِّف بهذا الشيخ الجليل ومؤلفاته الكثيرة الغزيرة العلم والمنفعة وسأحاول التحدث عن مدرسته وأعماله لأنه مع الأسف الشديد لا يقع التعريف برجال العلم إلا عند وفاتهم وكان الأجدر الكتابة عنهم والتنويه بهم وبأعمالهم وهم أحياء يرزقون أخذاً بأيديهم وحمداً على ما قدموا ويقدموا .. التعريف بالشيخ وسيرته: هو الشيخ الجليل سيدي الحاج محمد باي بلعالم ولد سنة 1930 م في قرية (ساهل) من بلدية (أقبلي) دائرة (أولف) ولاية (أدرار) كان والده السيد الحاج محمد عبد القادر من كبار علماء تلك الجهات ترك كتاباً اسمه (تحفة الولدان فيما يجب على الأعيان) رفع فيه لواء السنة وحارب البدعة كما أنه شاعر له عدة قصائد جلها في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم -. بداية علمه: نشأ الشيخ في أسرة علمية متدينة اهتمت بتعليمه فقد أدخل في سن مبكرة إلى كتاب القرية (ساهل أقبلي) لحفظ كتاب الله العزيز فأتم حفظه على يد الشيخ الحافظ لكتاب الله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن المكي بن العالم ثم أخذ على والده المبادئ النحوية والفقهية.

إجازاته وشهاداته

وكذلك على الشيخ محمد عبد الكريم المغيلي ثم انتقل إلى زاوية الشيخ أحمد السباعي ومكث فيها سبع سنوات حصل فيها العلوم الشرعية من فقه وأصول ونحو وفرائض وتفسير وحديث ولم تنقض السنين السبع حتى صار عالماً تام التحصيل وذلك لذكائه الحاد وقابليته الشديدة لتلقي العلوم والمعارف. إجازاته وشهاداته: أجيز الشيخ بإجازات عدة من كبار العلماء داخل الوطن وخارجه، منها: 1 - إجازة عامة من شيخه مولاي أحمد الطاهري بن عبد المعطي عند انتهاء الدراسة. 2 - إجازة عامة من السيد الحاج أحمد الحسن بأسانيد متعددة. 3 - إجازة من السيد علي البوديلمي في الحديث وعلومه. 4 - إجازة من العالم اللبناني الشيخ زهير الشاويش. 5 - وأجيز في مكة المكرمة من الشيخ العالم الشريف السيد محمد علوي المالكي. 6 - وأجيز في المدينة المنورة من الشيخ محمد العربي السنوسي. 7 - كما تحصل على شهادة الإمام الأستاذ من وزارة الشؤون الدينية والأوقاف وشهادة (الليسانس) في العلوم الإسلامية.

حياته العلمية

حياته العلمية: أسس حفظه الله بمدينة أولف مدرسة شرعية- سيأتي الحديث عنها -. التحق بالسلك الدينى إماماً ممتازاً معترفاً به فهو بمدينة أولف المدرس والخطيب والمفتي والقاضي الشعبي يحل المنازعات ويصلح ذات البين -يريد بذلك وجه الله- يجوب طول البلاد وعرضها محاضراً ومدرساً يكتب المقالات بالجرائد وينتدب بين الحين والآخر للتحدث في القضايا الدينية بالإذاعة والتلفزيون ناهيك عن ملاقاته ومدارساته ومناظراته مع العلماء داخل الوطن وخارجه وقد سجل الشيخ الكثير منها. تأسيسه لمدرسة مصعب بن عمير: أسس الشيخ- أيده الله- بمدينة أولف بداية الخمسينات القرن الماضي مدرسة مصعب بن عمير للعلوم الشرعية لتدريس الطلاب والطالبات الأمور الدينية واللغوية للقضاء على الجهل والأمية التي فرضها الاستعمار الغاشم على أبناء وطنه وأقبل أبناء تلك الجهات لطلب العلم بهذه المدرسة وقد كان بها الشيخ المدرس المشرف والمقيم. ولما انتشرت الثورة المباركة وعمت في الجزائر قرر إغلاقها خوفاً على طلبته من بطش المستعمر. وبعد أن أشرقت أرض الجزائر بنور ربها بادر إلى إعادة فتحها من جديد لتحضن الطلاب بأعداد كبيرة وأقبل عليها الطلاب حتى من الأماكن البعيدة مما اضطر الشيخ إلى إضافة النظام الداخلي وذلك سنة 1964 م فأصبح الطلاب بها ينعمون بطلب العلم الصحيح والغذاء

الصحي الوفير والإقامة المريحة وذلك كله بفضل صبر الشيخ ومصابرته وجهاده ومجاهدته فجزاه الله عنهم كل خير ولكي تواكب هذه المدرسة روح العصر وتساير متطلباته جعل لها قانوناً داخلياً ممتازاً ألزم به الطلاب لكي ينظم جدهم واجتهادهم ولم يغفل الجانب الأخلاقي والسلوكي وحتى المظهر الجسمي الهندامي ومثل هذا القانون تفتقر له للأسف مدارسنا الرسمية ما أوقعها فيما أوقع .. تدرس هذه المدرسة أو قل القلعة الإسلامية- إن شئت: 1 - القرآن الكريم وتحفيظه يتم على مستويات تبدأ بالمستوى التحضيري وتنتهي بالمستوى السادس الذي هو ختم القرآن. 2 - الفقه الإسلامي على مذهب الإمام مالك دون تعصب أو انغلاق. 3 - علم التوحيد بيسره وبساطته دون تكلف أو تفلسف معتمدين على كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. 4 - العلوم اللغوية من نحو وصرف وبلاغة. والشيء الملفت للانتباه والجالب للإعجاب أن مراجع الطلاب في هذه المواد المقررة هي من تأليف هذا العالم العامل صاحب المدرسة وهو المؤلف المكثر كما سيأتي وقد تخرج من هذه المدرسة الكثير من الفقهاء والعلماء والأئمة ومعلمي القرآن الكريم وأكثرهم التحق بالسلك الدينى والتعليمي ويؤدي مهامه على أكمل وجه.

تدريسه وعنايته بالحديث الشريف وغيره

تدريسه وعنايته بالحديث الشريف وغيره: من سنن الشيخ- أطال الله بقاءه- منذ أزيد من ثلاثين سنة وهو يعكف على تدريس صحيح البخاري- رواية ودراية- بين شهري شعبان وذي الحجة كل عام كما يختم موطأ مالك تدريساً مرة كل عام وصحيح مسلم كل عامين وقد ختم تدريس تفسير القرآن لمحمد حسن خان ناهيك عن تدريس المتون والكتب التي ألفها. رحلاته خارج الوطن: يحج الشيخ- وفقه الله- كل سنة تقريباً لأداء المناسك ولقاء العلماء وزيارة المكتبات وشهود المنافع وقد اجتمع له في سجل حسناته ما يزيد على ثلاثين حجة عدا العُمَرْ. كما زار عدة دول عربية طلباً للعلم وبحثاً عن المخطوطات ولقاء العلماء ومدارستهم كمصر وتونس والمغرب وليبيا ولعله زار غيرها ومن حسنات هذا الشيخ أنه كتب هذه الرحلات وسجل بها مشاهداته وانطباعاته والعلماء والشخصيات التي اجتمع بها. مؤلفات الشيخ: ألف الشيخ الكثير من الكتب في علوم شتى وفنون كثيرة جمع فيها ما لم يجمع في غيرها على طريقة الأقدمين الصعبة التي لا يطيقها إلا الفحول من العلماء، والمتأمل في مؤلفات الشيخ- أو في بعضها- يدرك غزارة علمه وكثرة مروياته وذكائه الحاد وصبره على جمع أقوال العلماء وسيرهم

وفتاواهم والتحليل والنقد والأخذ والرد وقد بلغت بعض كتبه أجزاء ضخمة عديدة، وإن تعجب فعجبك من أين وجد كل هذا الوقت لتأليف كل هذه الكتب التي بلغت عشرات الأسفار وهو المدرس والإمام الخطيب الواعظ والمفتي والقاضي والمحاضر الذي يسافر أينما دعي للدعوة إلى الله لولا أنها بكرة الوقت التي يمنحها الله سبحانه وتعالى لأوليائه فينجزوا في اليسير من الوقت ما لا ينجزه غيرهم في أضعافه وتلك منة الله. ونذكر في هذه العجالة الفنون التي ألف فيها الشيخ، مثل: 1 - علوم القرآن. 2 - مصطلح الحديث. 3 - علم الفقه. 4 - الفرائض. 5 - أصول الفقه. 6 - النحو. 7 - التاريخ. 8 - السيرة النبوية. 9 - وعدد من الفنون المتنوعة. الشيخ محمد بن الحاج أحمد الفلاني (ت:1296 هـ): كان عالماً وقاضياً في إفريقيا السوداء، وله رسالة في الرد على الشيخ سيدي محمد بن جعفر نظماً ونثراً، وقصيدة موجهة إلى ذي اليدين، وهو من الشخصيات البارزة في القرن 13 الهجري.

ترجمة الشيخ محمد بن مالك الفُلاني: كان عالماً جليلاً أخذ العلم من شيوخ تنلان بأدرار، كما في وثيقة الثبت المسجلة في كتابنا قبيلة فلان في الماضي والحاضر. لقد خلف الشيخ محمد بن مالك ثروة من المخطوطات في خزانة بقلم نساخ من الوطن ومن التكرور، وكتب بقلمه مخطوطات متعددة، ولكن ضاع جلها، ولم يبق منها إلا القليل المخطوط بقلمه أواخر القرن الثاني عشر للهجرة، وأوائل القرن الثالث عشر الذي توفي فيه سنة 1248 هـ ثمان وأربعين ومائتين وألف، فمن ذلك أنه كتب عدة مصاحف، وفي ليلة من الليالي أتم المصحف الذي كتبه ابنه محمد لزوجه ووالده لالة، وقد تماطل شيئاً ما في إتمامه فبدأ الشيخ محمد بن مالك فيه من قوله تعالى: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ} من سورة فاطر إلى آخر القرآن ما بين صلاة العشاء وصلاة الفجر. ومن جملة ما بقي في الخزائن من مخطوطاته: - شرح جمع الجوامع أتمه في شوال 1187 هـ - مختصر في النحو أتمه في 3 جمادي الثاني 1198هـ. - حاشية الحطاب الجزء الثالث أتمه في 3 جمادى الثاني 1199 هـ. - فتح اللطيف للبسط والتعريف أتمه في 8 صفر 1209 هـ. - مختصر المفتاح أتمه في 8 صفر 1209 هـ. - الحطاب على خليل أتمه في 18 جمادى الثانية 1226هـ. - الحواشي على شرح الزرقاني للبناني الجزء الثاني أتمه في 17 ذي القعدة 1235 هـ. - طرد الضوال في حياض مسائل العمل أتمه في 17 رجب ....

الشيخ العلامة الجليل محمد عبد القادر بلعالم (ت 1372 هـ): كان عالماً ومعلماً ومؤلفاً، وقد راسله الشيخ العبقري محمد علان والعلماء من آل الشيخ الكبير، وتوجد مقتطفات من رسائله في قبيلة فلان وفي الرحلة العلية. السيد المختار بن أحمد العالم بن محمد (ت: 1315 هـ): هو العالم المعروف بابا المختار الفُلاَّني، كان يهتم ببناء المساجد، وكل أولاده وأولاد أولاده فقهاء ومن حفظة القرآن الكريم، ومنهم من قام به في بلدة ساهل ومنهم من ارتحل إلى بعض المناطق لنشر العلم وتحفيظ القرآن.

المبحث الحادي عشر: تراجم العلماء الذين قاموا بتعليم القرآن في صحراء مالي والنيجر

المبحث الحادي عشر: تراجم العلماء الذين قاموا بتعليم القرآن في صحراء مالي والنيجر وممن قاموا بتعليم القرآن في صحراء مالي والنيجر: السيد محمد المختار بن محمد بن حمزة وأخوه محمد عبد الله بن محمد بن حمزة الفلاني، وبن مالك محمد العالم بن أحمد بن حمزة الفلاني، هؤلاء الثلاثة كانوا بصحراء مالي والنيجر وماتوا هناك. ومنهم- أي الذين قاموا بنشر العلم وتحفيظ القرآن- ابن مالك محمد بن محمد الحسن الفلاني، الذي كان معلماً للقرآن في بني ثور ورقلة مزداد 1900 م، وتوفي عام 1964 م، وأخوه أحمد بن محمد الحسن الفلاني الذي كان إماماً ومعلماً في المنيعة ازداد سنة 1909 م، وتوفي 13/ 3/ 1995 م. ومنهم محمد بن محمد الحسن الفلاني كان معلماً للقرآن بورقلة ثم قاضياً وموثقاً بعد ذلك، ازداد عام 1917 م، وتوفي 1997 م وكان فقيها نحوياً ويحفظ القرآن حفظاً جيداً وله مستوى عال في الفقه وسائر العلوم الشرعية. باب الزين بن محمد بن الحاج أحمد بن محمد مالك الفلاني كان معلماً للقرآن بولاية الأغواط، وازداد في العقد التاسع من القرن 13هـ وتوفي في العقد السادس من القرن 14 هـ وفي آخر حياته تقلد منصب إمام في مسجد عقبة بن نافع بزاوية شيخ الركب بأقبلي.

ومن الذين قاموا خارج مسقط رأسهم بتعليم القرآن في وادي مزاب الشيخ محمد بابا هو محمد عمار بن محمد بن الحاج أحمد بن محمد بن مالك الفلاني: ازداد بقرية ساهل 1296 هـ كان حافظاً لكتاب الله حفظاً متقناً جيداً وكانت مهمته نسخ الكتب والمصاحف فقد جاهد في سبيل العلم بقلمه نسخ الكثير من الكتب في كل فن ووجد في مذكرته التي يسجل فيها مخطوطاته أنه نسخ بقلمه خمسة وأربعين مصحفاً كاملاً ونسخ الكثير من الأجزاء والأرباع كما أنه نسخ الكثير من نسخ العشرينات في المدائح وغيرها من الأمهات، أخذ إجازة حفظ القرآن عن عمه الشيخ حمزة بن الحاج أحمد ولا ننسى أن أمه من كنتة رقادية اسمها نفيسة بنت الشيخ سيدي عمار الرقادي توفي رحمه الله سنة 1364 هـ انتهى. قبيلة فلان، ص:54. ومنهم- أي ممن قاموا بتحفيظ القرآن خارج البلد- السيد أحمد محمد المزداد في العقد الثاني من القرن 14 هـ والمتوفى في السبعينات من هذا القرن كان معلماً للقرآن في عين أينغر وله أولاد هناك فهم بطن من بطون الفلانين، أي ومنهم الذين قاموا بنشر العلم وتدريسه الشيخ محمد بن محمد المختار بن محمد بن حمزة بن مالك الفلاني في عين صالح ولا زال في مدرسته يواصل التعليم والذي سيأتي لنا ذكره إن شاء الله. وممن قاموا بنشر العلم خارج البلد الشيخ بن مالك أحمد بن محمد العم الفلاني الذي كان يقيم بهقار مزداد 1307 هـ بساهل أقبلي وتوفي 1373 هـ بالمنيعة وهو في طريقه للحج كان من القائمين بنشر العلم بالعربية للعرب والأعجمية للعجم.

ومنهم الشيخ محمد عبد القادر المزداد 1329 هـ والآن هو على قيد الحياة نشر العلم والمعرفة وقام بتحفيظ القرآن بهقار. وممن قام بتعليم القرآن بلعالم أحمد العالم الفلاني في الروسيات حي أولاد بن ساسي بورقلة ثم إنه انتقل إلى وزارة العدل عمل فيها مدة وتقاعد. ومنهم بلعالم محمد عبد الله بن محمد عبد القادر الفلاني إمام وأستاذ بالمسجد العتيق ببني ثور قام بتحفيظ القرآن وبالدروس الدينية والآن تقاعد وخلفه ابنه الأستاذ عبد السلام. وممن قاموا بتحفيظ القرآن خارج البلد بالعالم محمد عبد الرحمن بن أحمد بن المختار كان إماماً ومعلماً للقرآن، بني ثور، الرويسات، المخادمة، بورقلة وهو من مواليد 1883 م وتوفي 1945 م، وسافر إلى ورقلة 1929 م، وهو مقبور بصحراء الغنامي، ومن تلامذته: عياض الطالب علي والطالب محمد بن قدور والطالب عبد القادر قريشي الذي كان إماماً ومعلماً في حي العريمات وتخرج على يده الكثير. ومنهم أخوه محمد الخليفة بأن أحمد بن مختار بلعالم الفلاني المزداد 1885م والمتوفى 1954م، بأقبلي أولف انتقل إلى ورقلة فكان مدرساً وإماماً في بني ثور وحفظ القرآن على يديه زمرة من المعلمين، كما كان أخوهما بلعالم محمد إماماً للقرآن بتيمادين وخلفه الآن ابنه الطالب المختار. ومن قرية ساهل من قبيلة فلان وغيرهم جماعة قاموا بنشر العلم

وتعليم القرآن مثل أولاد بلعالم المختار بن أحمد العالم بن محمد عبد الله وأحمد الخليفة ومحمد الفلانين، ومن أولاد المنوفي الشيخ محمد عبد الكريم المغيلي بن محمد عبد الله الذي كان إماماً في باحو من قرى رقان إماماً ومعلماً وابنه محمد عبد الله الذي كان إماماً ومعلماً للقرآن بالركينة أولف. وابن مالك محمد مالك بن محمد كان إماماً ومعلماً في أولاد الحاج من قرى زاوية كنتة. ومحمد الفقي بن محمد بن عمارة كان معلماً في ورقلة. والسيد بن مالك السيد أحمد بن السيد حمزة بن الحاج أحمد كان إماماً وفقيهاً في زاوية الرقاني وكان مرشداً وموجهاً بقرية إمبلبال والمرقب بأخنوس. وابنه محمد عبد الرحمن كان معلماً للقرآن بورقلة ثم إماماً ومعلماً للقرآن بساهل أقبلي وتخرج على يده العديد من حفظة القرآن: منهم ابنه السيد أحمد الإمام والمدرس بمسجد مصعب بن عمير الركينة أولف وهو المدرس والمشرف على المدرسة القرآنية التابعة للمسجد المذكور والقائم بأعمالها إلى جانب شيخه وشيخ المدرسة الشيخ محمد باي بن محمد عبد القادر بالعالم الفلاني. له مستوى عال في الفقه والنحو والحديث وهو لا زال قائماً بالدروس في المدرسة والنشاط في إدارتها وكذلك يقوم بإلقاء محاضرات بمساجد الدائرة (أولف) من حين لآخر وخصوصاً الدروس الرمضانية كما أنه يتولى في نفس المدرسة تدريس صحيح الإمام البخاري سرداً وشرحاً من آخر شعبان من كل سنة إلى ذي الحجة ويقوم بتدريس الفقه والنحو على مدار السنة في الحلقات العلمية وهو مراقب بالمدرسة ومسؤول عن تسييرها.

ومن علماء دائرة أولف بلدية أقبلي الذين نشروا العلم خارج المنطقة الشيخ السيد بريشي مولاي أحمد بن مولاي عبد الله بن سيدي محمد بن مولاي عبد الواحد من تلامذة الشيخ حمزة بن الحاج أحمد الفلاني، انتقل إلى صحراء أزواد من دولة مالي وكان واسطة بين علماء أزواد آل الشيخ الكنتي وعلماء توات وخصوصاً علماء ساهل نسخ الكثير كما أنه كان يتلقى مؤلفات ومنظومات الشيخ محمد عبد القادر بلعالم الفلاني ويبلغها لآل الشيخ وكان يكاتب الوالد الشيخ محمد عبد القادر الفلاني في مسقط رأسه ساهل وورقلة كما كانت له علاقة مع الشيخ السيد حفصي إبراهيم بن سيدي عيسى إمام مسجد البخاري بأولف ومع الشيخ الطالب محمد التهامي بهقار. توفي رحمه الله في صحراء مالي في أواخر الستينات من القرن 14 هـ. بقية الأعلام الذين نشروا العلم في بعض البلدان الوطنية والعالمية ذكرهم الباحث الدكتور قدي وهم كذلك مذكورون في كتابنا الرحلة العلية إلى منطقة توات والقائمة مفتوحة.

المبحث الثاني عشر: ثبت الإجازة العامة للشيخ محمد بن مالك الفلاني الساهلي القبلوي

المبحث الثاني عشر: ثبت الإجازة العامة للشيخ محمد بن مالك الفُلاَّني الساهلي القبلوي يشتمل هذا الثبت على ثلاثة وثلاثين صفحة، بخط الشيخ محمد بن مالك المذكور الذي أخذه عن شيخه السيد محمد بن عبد الرحمن بن بعمر التنلاني التواتي، وجامع هذا الثبت هو الشيخ أحمد بن عبد العزيز بن الرشيد السجلماسي الهلالي، ويحتوي على الإجازة في الكتاب التالية: - سند صحيح البخاري - رضي الله عنه -. - سند صحيح الإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري - رضي الله عنه -. - سند الموطأ لإمامنا مالك - رضي الله عنه -. - سند سنن الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني - صلى الله عليه وسلم -. - سند جامع الإمام للإمام الحافظ أبي عيسى محمد الترمذي - رضي الله عنه -. - سند سنن الحافظ أبي عبيد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي - رضي الله عنه -. - سند سنن الحافظ أبي عبد الله محمد القزويني المعروف بابن ماجة. - سند مسند الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي - رضي الله عنه -. - سند مسند الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني - رضي الله عنه -. - سند مسند الإمام أبي حنيفة - رضي الله عنه -. - مشارق الأنوار النبوية في صحاح الأخبار المصطفوية.

- الملخص للإمام أبي الحسن القابسي. - الشفاء للإمام عياض - رضي الله عنه -. - الأربعون النووية. - المواهب اللدنية. - الجامع الكبير والصغير لجلال الدين السيوطي. - تفسير الإمام ابن عطية. - تفسير البيضاوي. - تهذيب ابن هشام سيرة ابن إسحاق. - الروض الأنيق. - الاكتفاء في السيرة النبوية. - الكلاعي أرويه إجازة عن شارحه سيد محمد بن عبد السلام بناني رحمه الله. - سيرة سيد الناس من الشيخ الحفناوي عن الشيخ عيد النمرسي. - حرز الأماني في القراءات السبع للشاطبي. - رسالة القشيري بالسند المذكور قبله إلى البابلي عن حجازي الغيطي. - الإحياء للغزالي وسائر تصانيفه. - الحكم العطائية إلى البابلي عن المناوي وسالم بن الغيطي. - تذكرة القرطبي بالسند إلى البابلي عن الشيخ يوسف الزرقاني. - كتاب منازل السائرين للشيخ الأنصاري الهروي.

- كتاب عوارف المعارف للسهروردي. - الفتوحات المكية للإمام ابن العربي. - قوت القلوب لأبي طالب المكي. - الدلائل أجازنيها مولانا مصطفى كمال الدين البكري. - شمائل الترمذي عن الشيخ سيدي محمد بن عبد السلام. - تيسير الوصول إلى جامع الأصول عن الشيخ محمد بن عبد السلام البناني. - جامع الأصول لابن الأثير بالسند إلى مؤلف تيسير الوصول. - الموقف للعصر أجازنيها الشيخ الحفناوي. - شرح المقاصد لسعد الدين إلى البابلي عن المحقق أحمد السنهوري. - كتب السنوسي عن سيدي محمد البناني. - مؤلفات ابن زكري بالسند إلى ابن عثمان الكفيف. - جمع الجوامع للتاج السبكي وسائر مصنفاته عن شيخنا الحفناوي. - فقه الإمام مالك عن شيخنا الحفناوي. - المدونة أجازنيها شيخنا الحفناوي بسند إلى البابلي. - رسالة ابن أبي زيد أخبرني بها شيخنا سيدي محمد بن عبد السلام بناني. - مختصر ابن عرفة بالإجازة بهذا السند إليه. - مختصر خليل وسائر مؤلفاته به عن أبي سالم عن سيدي أحمد بن موسى.

- تأليف ابن الحاجب به عن أبي سالم عن الشيخ عبد الجواد الطريني. - تأليف القرافي بالسند عن زكريا عن العلم البلقيني عن والده عن أبي حيان. - تأليف الإمام الفخر الرازي به عن سالم بن أبي سالم عن الشهاب الخفاجي. - المنهاج في فقه الشافعية للنووي وسائر مؤلفاته عن الحفناوي. - كتاب سيبويه عن شيخنا الحفناوي. - تسهيل الخلاصة وسائر تآليف ابن مالك بالسند إلى البابلي. - المغني والأوضح وسائر مؤلفات ابن هشام إلى البابلي. - الأجرومية به إلى البابلي. - الملحة والمقامات وسائر تصانيف الحريري إلى البابلي. - صحاح الجوهري بالسند إلى البابلي. - القاموس وتصانيفه مؤلفه به إلى البابلي. - تلخيص المفتاح به إلى البابلي. - شرح المكودي على الخلاصة عن سي محمد بناني. - تآليف القلصادي بالسند إلى سيدي عبد الرحمن الفاسي. - الخزرجية عن شيخنا بناني عن أبي عن أبي سالم العياشي. وتوجد بعض الإجازات التي تفرعت من هذا الثبت، ومنها:

- إجازات الشيخ حمزة بن الحاج أحمد الفلاني للسيد الحاج محمد عبد القادر بن محمد الفلاني. - إجازة الشيخ محمد الحسن بن محمد بن الحاج أحمد بن محمد بن مالك الفلاني. - إجازة الشيخ حمزة بن الحاج أحمد الفلاني للشيخ محمد باي بن عمر الكنتي. - إجازة من طرف الشيخ حمزة بن الحاج أحمد الفلاني لابن أخيه السيد محمد عمار بابا في القراءات. - إجازة الشيخ حمزة بن الحاج أحمد الفلاني للسيد أحمد بن محمد بن الحاج عبد القادر بن محمد بن مالك الفلاني في نفس الموضوع السابق للسيد محمد عمار بابا. - إجازة الشيخ أحمد بن محمد بن الحاج عبد القادر بن محمد الفلاني لابنه محمد عبد القادر وإخوانه. - إجازة الشيخ حمزة الفلاني للشيخ محمد الحسن. - إجازة السيد المختار بن إسماعيل بن وديعة الله للسيد محمد الحسن. - إجازة السيد محمد بن أحمد الحبيب البلبالي للسيد محمد الحسن. - إجازة الشيخ عمر بن عثمان الفنكفي الشريف للشيخ محمد عبدالرحمن السكوتي الملايخافي.

- إجازة الحاج أحمد بن محمد الحسن بن محمد بن الحاج أحمد بن محمد بن مالك الفلاني للعبد الضعيف الكاتب محمد باي بن محمد عبد القادر بن محمد بن محمد المختاربن أحمد العالم الفلاني. - إجازة الشيخ علي البوديلمي التلمساني للعبد الضعيف محمد باي بن محمد عبد القادر بن محمد بن محمد المختار بن أحمد العالم الفلاني. - الإجازة العلمية العامة في أسانيد الشيخ محمد بن علوي المالكي الحسني خادم العلم الشريف بالبلد الحرام منحها للعبد الفقير الشيخ محمد باي بن محمد عبد القادر بن محمد بن محمد المختار بن أحمد العالم الفلاني. - إجازة الشيخ زهير الشاويش للشيخ محمد باي بلعالم. - إجازة الشيخ مالك بن العربي بن أحمد الشريف السنوسي للشيخ محمد باي بلعالم.

خاتمة الكتاب

خاتمة الكتاب قد تبين لنا فيما سبق من هذا البحث المتواضع المشتمل على التعريف بقبيلة الفُلاَّنيين في الجزائر أفخاذهم وبطونهم، والقبائل المنصهرة مع القبيلة، والعادات والتقاليد، والطعام، واللباس، والاحتفالات، والتداوي، والمذاهب الدينية، والمدارس العلمية والتعليمية، وطرق التدريس، والمساجد، وتراجم القراء والقضاة، والإجازات العامة والخاصة، وتقاريظ نثرية وشعرية، وخرائط لبعض القرى والمدن التي يسكنها الفُلاَّنيون، وأشياء كثيرة يعسر ذكرها في هذه الخاتمة، وذِكْرُ العلماء الفلانيين الذين نشروا العلم في إفريقيا وفي ربوع الجزائر، وذلك بناءً على طلب نزيل مدينة النبي - صلى الله عليه وسلم - الابن محمد بن عمر الفُلاَّني وفقه لما يحبه ويرضاه. وكان الفراغ من هذا البحث يوم أحد عشر من شوال عام 1428 هـ الموافق ليوم 23 كتوبر 2007 م. والحمد لله رب العالمن .. سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، عملت سوءً وظلمت نفسي فاغفر فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .. كتبه العبد الضعيف محمد باي بن محمد عبد القادر بن محمد بن المختار بن أحمد العالم الفلاني القبلوي

المراجع

المراجع 1) قبيلة فلان في الماضي والحاضر ومالها من العلوم والمعرفة والمآثر، للمؤلف. 2) الرحلة العلية إلى منطقة توات لذكر بعض الأعلام والآثار والمخطوطات والعادات وما يربط منطقة توات من الجهات، للمؤلف. 3) الخرطوم والشعب والدعاة في مقالات الباحثين وكتابات المؤرخين وبحوث المتخصصين تقديم الدكتور عبد الله عبد الماجد إبراهيم. 4) نوازل الشيخ الطالب المختار بن محمد بن أحمد الطلابي السباعي الشنقيطي. 5) تعريف العشائر والخلان، تأليف الشيخ محمد بن أحمد الشهير بالفاهاشم الفوتي. 6) صبح الأعشى، من صفحة 381 إلى صفحة 400. 7) إيقاظ همم أولي الأبصار للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار، تأليف الشيخ الإمام صالح بن محمد بن نوح بن عبد الله بن عمر. 8) الإسلام في نيجريا، تأليف آدم عبد الله الألوري. 9) ضياء التأويل في معاني التنزيل، الجزء الأول. 10) ملامح من تاريخ مدن وشعوب إسلامية، للدكتور حسن حلاق.

11) حياة موريتانيا الجغرافية، جامعة محمد الخامس، منشورات معهد الدراسات الإفريقية بالرباط، معاجم وموسوعات المختار ولد حامد. 12) الغرابة الجماعات التي هاجرت من غرب إفريقيا واستوطنت سودان وادي النيل ودورهم في تكوين الهوية السودانية، تأليف: عبد الله عبد الماجد إبراهيم. 13) إنفاق الميسور في تاريخ بلاد التكرور، تأليف: الإمام محمد بلو بن عثمان بن فودي. 14) كنز الأولاد والذراري في تاريخ الأجداد والديار، لمؤلفه الشيخ محمد ثنب بن أحمد بن مجيل الكلوي. 15) القواعد النفسية بنظم المشكل في قواعد المعرب، للعلامة القاضي محمد الأمين الأنصاري الخزرجي التادمكي، شرح الدكتور علي بن سلطان الحكمي. 16) فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور، تأليف أبي عبد الله الطالب محمد بن أبي بكر الصديغ البرتلي الولاتي. 17) رحلات ابن بطوطة. 18) رحلة الشيخ عمر بن بعمر بلى الديار المقدسة. 19) فهرسة الشيخ عبد الرحمن بن عمر. 20) رد الشيخ محمد الحسن بن محمد على الشيخ بن باد.

21) غنية المقتصد السائل فيما حدث في توات من المسائل. 22) رحلة الشيخ عمر بن عبد القادر العلمية. 23) رحلة الشيخ عبد الرحمن بن إدريس التنلاني إلى الجزائر. 24) أرجوزة الشيخ محمد البكري بن عبد الرحمن. 25) محاضرة بعنوان نبذة عن حياة الشيخ عبد الكريم المغيلي. 26) مقالة الشيخ عمار المهداوي حول من أنشأ الفقاقير. 27) محاضرة دور ممالك الحوصة واليوربا في نشر الإسلام بنيجيريا وغرب إفريقيا في العصر الحديث، بقلم الدكتور: يحيى بو عزيز، جامعة وهران. 28) الحاج عمر الفوتي حياته وثقافته، للأستاذ حسين جاجوا بمعهد اللغة والآداب العربي، تيزي أوزو. 29) الموسوعة العربية العالمية.

§1/1