إخبار العلماء بأخبار الحكماء

القفطي، جمال الدين

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله خالق الكل وعالم مَا قلّ وجلّ وواهب العدل. وباعث مخلوقاته يوم الفصل. وصلى الله عَلَى أنبيائه الأكرمين. وأخص بصلاته وتحيته نبيه محمد الَّذِي شفعه يوم الدين اختلف علماء الأمم فِي أول من تكلم فِي الحكمة وأركانها من الرياضة والمنطق والطبيعي والإلهي فكل فرقة ذكرت الأول عندها وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى إدريس النبي صلى الله عليه وسلم وكلّ الأوائل المذكورة عند العالم نوعاً هم من تلاميذه أَوْ تلاميذ تلاميذه الأقرب فالأقرب وَقَدْ عزمت بتأييد الله عَلَى ذكر من اشتهر من الحكماء من كل قبيلة وأمة قديمها وحديثها إِلَى زماني وَمَا حفظ عنه من قول انفرد بِهِ أَوْ كتاب صنفه أَوْ حكمة علية ابتدعها ونسبت إِلَيْهِ فإني رأيت ذَلِكَ من الأمور الَّتِي جهلت والتواريخ الَّتِي هجرت وَفِي مطالعة هَذَا اعتبار بمن مضى وذكر من خلف وهو اعتبار أرجو بِهِ الثواب لي ولقارئه إِن شاء الله تعالى وَقَدْ قفيته ليسهل تناوله والله الموفق.

حرف الهمزة في أسماء الحكماء

حرف الهمزة فِي أسماء الحكماء إدريس النبي صلى الله عليه وسلم. قَدْ ذكر أهل التواريخ والقصص وأهل التفسير من أخباره مَا أنا فِي غنى من إعادته وأنا ذاكر مَا قاله الحكماء خاصة اختلف الحكماء فِي مولده ومنشئه وهمن أخذ العلم قبل النبوة فقالت فرقة ولد بمصر وسموه هرمس الهرامسة ومولده بمنف وقالوا هو باليونانية أرميس وعرب بهرمس ومعنى أرميس عطارد وقال آخرون اسمه باليونانية طرميس وهو عند العبرانيين اسمه خنوخ وعرب أخنوخ وسماه الله عزّ وجلّ فِي كتابه العربي المبين أدونيس وقال هؤلاء ام معلمه اسمه الغوثاذيمون وقيل وقيل اغثاذيمون المصري وَلَمْ يذكروا من كَانَ هَذَا الرجل إِلاَّ أنهم قالوا أنه كَانَ أحد الأنبياء اليونانيين والمصريين وسموه أيضاً أورين الثاني وإدريس عندهم أورين الثالث وتفسير غوثاذيموس السعيد الجد وقالوا خرج هرمس من مصر وجاب الأرض كلها ثُمَّ عاد إِلَيْهَا ورفعه الله إِلَيْهِ بِهَا وذلك بعد اثنين وثمانين سنة من عمره وقالت فحرقة أخرى أن إدريس ولد ببابل ونشأ وأنه أخذ فِي أول عمره بعلم شيث بن آدم وهو جد جد أبيه لإدريس بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش قال الشهرستاني أن أغثاذيمون هو شيث ولما كبر إدريس آتاه الله النبوة فنهى المفسدين من بني آدم عن مخالفتهم شريعة آدم وشيث فأطاعه أقلهم وخالفهم جلهم تنوي الرحلة عنهم وأمر من أطاعه منهم بذلك الثقل عليهم الرحيل عن أَوْطانهم فقالوا لَهُ وأين نجد إِذَا رحلنا مثل بابل وبابل بالسريانية النهر وكأنهم عنوا بذلك دجلة والفرات فقال إِذَا هاجرنا لله رزقنا غيره فخرج وخرجوا وساروا إِلَى أن وافوا هَذَا الإقليم الَّذِي سمي بابليون فرأوا النيل وراؤه وادياً خالياً من ساكن فوقف إدريس عَلَى النيل

وسبح الله وقال لجماعته بابليون واختلف فِي تفسيره فقيل نهر كبير وقيل نهر كنهركم وقيل نهر مبارك وقيل أن بون فِي السريانية مثل افعل الَّتِي للمبالغة فِي كلام العرب وكأن معناه نهراً كبر فسمى الإقليم عند جميع الأمم بابليون وسائر فرق الأمم عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ العرب فأنهم يسمونه إقليم مصر نسبة إِلَى مصر بن حام النازل بِهِ بعد الطوفان والله أعلم بكل ذَلِكَ. وأقام إدريس ومن مع بمصر يدعو الخلائق إِلَى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطاعة الله عزّ وجلّ وتكلم الناس فِي أيامه باثنين وسبعين لساناً وعلمه الله عزّ وجلّ منطقهم ليعلم كل فرقة منهم بلسانهم ورسم لَهُ تمدين المدن وجمع لَهُ طالبي العلم بكل مدينة فعرفهم السياسة المدنية وفرو لهم قواعدهم فبنت كل فرقة من الأمم مدناً فِي أرضها وَكَانَتْ عدة المدن الَّتِي أنشأت فِي زمانه مائة مدينة وثماني وثمانين مدينة أسفرها الرها وعلمهم العلوم .. وهو أول من استخرج الحكمة وعلم النجوم فإن الله عزّ وجلّ أفهمه سر الفلك وتركيبه ونقطة اجتماع الكواكب فِيهِ وأفهمه عدد السنين والحساب ولولا ذَلِكَ لَمْ تصل الخواطر لاستقرائها إِلَى ذَلِكَ وأقام للأمم سنناً فِي كل إقليم تليق كل سنة بأهلها وقسم الأرض أربعة أرباع وجعل عَلَى كل ربع ملكاً بسوس أمر المعمور من ذَلِكَ الربع وتقدم إِلَى كل ملك بأن يلزم أهل كل ربع بشريعة سأذكر بعضها وأسماء الأربعة الملوك الذين ملكوا. الأول إيلاوس وتفسيره الرحيم. والثاني أوس. والثالث سقلبيوس والرابع أوس آمون وقيل أيلاوس أمون وقيل بَسيلوخَس وهو آمون الملك. ذكر بعض مَا سنة لقومه المطيعين لَهُ. دعا إِلَى دين الله والقول بالتوحيد وعبادة الخالق وتخليص النفوس من العذاب فِي الآخرة بالعمل الصالح فِي الدنيا وحض عَلَى الزهد فِي الدنيا والعمل بالعدل وأمرهم بصلوات ذكرها لهم عَلَى صفات بينها وأمرهم بصيام أيام معروفة من كل شهر وحثهم عَلَى الجهاد لأعداء دينهم وأمرهم بزكاة الأموال معونة للضعفاء بِهَا وغلظ عليهم فِي الطهارة من الجناية وحرم عليهم لحم الحمار والكلب وحرم السكر من كل شيء من المشروبات وشدد فِيهِ أعظم

التشديد وجعل لهم أعياداً كثيرة فِي أوقات معروفة وقربانات منها لدخول الشمس رؤوس البروج ومنها لرؤية الهلال وكلما صارت الكواكب فِي بيوتها وشرفها وناظرت كواكب أخر. ذكر مَا أمر بِهِ من القرابين .. أمر بتقريب ثلاثة أشياء البخور والذبائح والخمر وتقريب كل باكورة فمن الرياحين الورد ومن الحبوب الحنطة ومن الفواكه العنب ووعد أهل ملته بأنبياء يأتون من بعده عدة وعرفهم صفة النبي صلى الله عليه وسلم فقال يكون برياً من المذمات والآفات كلما كامل في الفضائل الممدوحات لا يقصر عن مسألة يسأل عنها مما فِي الأرض والسماء ومما فِيهِ دواء وشفاء من كل ألم وأن يكون مستجاب الدعوة فِي كل مَا يطلبه وأن يكون مذهبه ودعوته المذهب الَّذِي يصلح بِهِ العالم ولما ملك إدريس الأرض رقب الناس ثلاث طبقات كهنة وملوكاً ورعية وجعل مرتبة الكاهن فَوْقَ مرتبة الملك لأن الكاهن يسأل الله فِي نفسه وَفِي الملك وَفِي الرعية وَلَيْسَ للملك أن يسأل الله إِلاَّ فِي نفسه وَفِي ملكه وَفِي العرية وَمَا لَهُ أن يسأله فِي الكاهن أقرب إِلَى الله منه فقد نقصت منزلة الملك بهذا عن منزلة الكاهن وَلَيْسَ للرعية أن تسأل الله فِي شيء إِلاَّ فِي نفسها لأن الملك أجل منزلة عنها عند الله الَّذِي ملكه عَلَى الرعية فنقصوا بذلك مرتبة عن الملك ومرتبتين عن الكاهن فلز يزالوا عَلَى هَذِهِ القاعدة من الفعل فِي العبادة وآداب الأثمار بهذه الشريعة إِلَى أن رفع الله إدريس إِلَيْهِ وخلفه أصحابه عَلَى شريعته وَكَانَ أقوى الملوك عزماً من الأربعة اسقلبيوس فإنه اجتهد لحفظ الكلمة وقوانين الشريعة الإدريسية وحَزِن لرفه إدريس من بين أظهرهم وصورته فِي الهياكل وصورة رفعه وَكَانَ اسقلبيوس ملكاً فِي الجهة الَّتِي ملكها يونان بعد الطوفان فوجدوا صورة أدريس ورفعه وعلموا علو قدر إسقلبيوس وتدوينه الحكم لهم فِي الهياكل الَّتِي لَمْ يفسدها الطوفان فظنوا أن إسقلبيوس هو الَّذِي ارتفع إِلَى السماء وغلطوا فِي ذَلِكَ غلطاً بيناً لأنهم أخذوه بالحدس وسيأتي بعض ذَلِكَ فِي أخبار إسقلبيوس إِن شاء الله تعالى وشريعته يعني إدريس هي

الممكة الحقيقية وتعرف فِي ملة الصابئين بالقيمة وطبقة المعمور من الأرض وَكَانَتْ قبلته إِلَى حقيقة الجنوب عَلَى خط نصف النهار. صورة هرمس الهرامسة وهو إدريس قيل أنه كَانَ عَلَيْهِ السلام رجل آدم تام القامة أجلح حسن الوجه كث اللحية مليح الشمائل والتخاطيط تام الباع عريض المنكبين ضخم العظام قليل اللحم براق العينين أكحلهما متأنياً فِي كلامه كثير الصمت ساكن الأعضاء إِذَا مشي أكثر نظره إِلَى الأرض كثير الفكرة بِهِ عبسة وإذا اغتلظ احتد يحرك سبابته إِذَا تكلم وكانت مدو مقامه فِي الأرض اثنين وثمانين سنة وَكَانَ عَلَى فص خاتمه الصبر مع الإيمان بالله يورث الظفر وَعَلَى المنطقة الَّتِي يلبسها فِي الأعياد حفظ الفروض والشريعة من تمام الدين وتمام الدين كمال المروءة وَعَلَى المنطقة الَّتِي يلبسها وقت الصلاة عَلَى الميت السعيد من نظر لنفسه وشفاعته عند ربه أعماله الصالحة وَكَانَتْ لَهُ مواعظ وآداب استخرجها كل فرقة بلسانها تجري مجرى الأمثال والرموز فاذكر بعضه إِن شاء الله تعالى فمن ذَلِكَ. قوله لن يستطيع أحد أن ينكر الله عَلَى نعمه بمثل الأنعام عَلَى خلقه. وقال من أراد بلوغ العلم وصالح العمل فليترك من يده أداة الجهل وسيئ العمل كما ترى الصانع الَّذِي يعرف الصنائع كلها إِذَا أراد الخياطة أخذ ألئها وترك النجارة فحب الدنيا وحب الآخرة لا يجتمعان فِي قلب أبدا. وقال خير الدنيا حسرة وشرها ندم. وقال إِذَا دعوتم الله سبحانه وتعالي فأخلصوا النية وكذا الصيام والصلاة فافعلوا. وقال لا تحلفوا كاذبين ولا تهجعوا عَلَى الله سبحانه وتعالى باليمين ولا خلفوا الكاذبين فتشاركوهم فِي الإثم. وقال تجنبوا المكاسب الدنيئة. وقال أطيعوا واخضعوا لأكابركم واملؤوا أفواهكم بحمد الله.

وقال حياة النفس فِي الحكمة. وقال اجتنبوا مصاحبة الأشرار. وقال لا تحسدوا الناس عَلَى مواتاة الخط فإن استمتاعهم بِهِ قليل. وقال من تجاوز الكفاف لَمْ يغنه شيء. قال سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل الهرامسة ثلاثة أولهم هرمس الَّذِي كَانَ قبل الطوفان ومعني هرمس لقي كما يقال قيصر وكسرى وتسميه الفرس فِي سيرها ابُهَجُل وتذكر الفرس إِن وجد جيومرت وتسميه العبرانيون خنوخ وهو عندهم إدريس أيضاً قال أبو معشر وهو أول من تحكم فِي الأشياء العلوية من الحركات النجومية وهو أول من بنى الهياكل ومجد الله فِيهَا وهو أول من نظر فِي الطب وتكلم فِيهِ وألف لأهل زمانه قصائد موزونة وأشعاراً معلومة فِي الأشياء الأرضية والعلوية وهو أول من أنذر بالطوفان وذلك أنه رأى أن آفة سماوية تلحق الأرض من الماء والنار وَكَانَ مسكنه صعيد مصر تخير ذَلِكَ فبنى هياكل الأهرام ومدائن البرابي وخاف ذهاب العلم بالطوفان فبنى البرابي وصور فِيهَا جميع الصناعات وصانعيها نقشاً وصور جميع آلات الصناع وأشار إِلَى صفات العلوم برسوم لمن بعده خشية أن يذهب رسم تِلْكَ العلوم وثبت فِي الأثر المرويّ عن السلف أن إدريس أول من درس الكتب ونظر فِي العلوم وأنزل الله عَلَيْهِ ثلاثين صحيفة وهو أول من خاط الثياب ولبسها ورفعه الله إِلَيْهِ مكاناً علياً وحكى عنه أبو معشر حكايات شنيعة أتيت بأخفها وأقربها لتقضي كلام ابن جلجل. أمون الملك الحكيم هَذَا لقب لَهُ واسمه الحقيقي بسيلوخس وهو أحد الملوك الأربعة الَّذِينَ أخذوا الحكمة عن هرمس الأول وَكَانَ هرمس قَدْ ولاه ربع الأرض وَكَانَ أمون هَذَا معدوداً فِي الحكماء إِلاَّ أنه لَمْ يخرج من كلامه شيء إِلَى العربية ولما ولاه رمس الملك أوصاه بوصايا خرج بعضها وترجم أنه قال فمنه أنه قال أَول مَا أوصيك بِهِ تقوى الله عزّ وجلّ وإيثار طاعته ومن توليه أمور الناس فيجب عَلَيْهِ أن يكون ذاكراً ثلاثة أشياء أولها أن يده تكون عَلَى قوم كثير والثاني أن الذين يده مطلقة عليهم أحرار لا عبيد والثالث أن سلطانه لا يلبث

وقال لَهُ وإياك وأن تهمل الحرب والجهاد لمن لا يؤمن بالله جل اسمه ولا يتبع سنتي وشريعتي وأعلم أن الرعية تسكن إِلَى من أحسن إِلَيْهَا وتنفر عمن أساء والسلطان برعيته فإذا نفروا عنه كَانَ سلطان نفسه. أصلح آخرتك تصلح لَكَ دنياك. اكتم السر واستيقظ فِي الأمور وجد فِي الطلب وإذا هممت فافعل. وعليك بحفظ أهل الكيميا العظمى وهم الفلاحون فإن الجند بهم يكثرون وبيوت الأموال تعمر. وأكرم أهل العلك وقدمهم لئلا تجهل الرعية حقهم من طلب العلم أكرم ليصفو ذهنه. من قدح فِي الملك اضرب عنقه وشهره ليحذر سواه فإن الملك إِذَا فسد فسدت الرعية. ومن سرق اقطع يده. ومن قطع الطريق اضرب عنقه. ومن وجدته ذكر مثله فحرقه بالنار. ومن وجدته مظلوماً فخذ بيده. تعهد أمر المحبوسين فِي كل شهر تأمن سجن المظلوم. شاور من علمته عاقلاً تأمن خلل الانفراد. لا تعاجل صغار الذنوب بالعقوبة واجعل بَيْنَهما للاعتذار طريقاً ثُمَّ قال لَهُ عند انفصاله عنه سبيل الملك أن يبتدئ بسلطانه عَلَى نفسه ليستقيم لَهُ سلطانه عَلَى غيره. إسقلبيوس الحكيم وربما قيل إسقلابيوس وربما قيل اسقلبياذس. وهذا هو أحد الملوك الأربعة الَّذِين صحبوا هرمس وأخذوا عنه الحكمة وَكَانَ هَذَا أكثرهم أخذاً لها وأشهرهم بذكرها وولاه هرمس ربع الأرض المعمورة يومئذ وهذا الربع هو الَّذِي ملكته اليونانيون بعد الطوفان وَكَانَ هرمس لما رفعه الله إِلَيْهِ وبلغ إسقلبيوس هَذَا من أمره حزن لذلك حزناً شديداً تأسفاً عَلَى مَا فات أهل الأرض من بركته وعلمه وصر صورته فِي هيكل

عبادته وَكَانَتْ الصورة عَلَى غاية مَا يمكن من إظهار أهبة الوقار عَلَيْهَا والعظمة فِي هيأتها ثُمَّ صوره مرتفعاً إِلَى السماء وَكَانَ إِذَا دخل الهيكل جلس بَيْنَ يدي الصورة معظماً لَهَا كحالته فِي حالة الوجود وَلَمْ يزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن مات وَقَدْ قيل أن هَذَا سبب عبادة الأصنام فإن صاب بن إدريس وقيل ابن ملك عظم الأصنام وجعلها آلهة لتعظيم إسثقلبيوس لهذه الصورة الَّتِي وجدت فِي هيكله ولما استولى اليونانيون بعد الطوفان عَلَى الأرض الَّتِي بِهَا إسقلبيوس ملكاً ورأوا الهيكل والصورة فِي حالة جلوسها عَلَى كرسيها وحالة ارتفاعها إِلَى السماء ظنوا أنها صورة اسقلبيوس وبعد عليهم حديث هرمس فعظموا إسقلبيوس وظنوه أول من تكلم فِي الحكمة عَلَى الإطلاق ونسبوا أنه أول من تكلم بِهَا فِي أرضهم لا غير حَتَّى قال جالينوس فِي ذكره أنه لَمْ يكن بحث المتقدمين من يونان عن إسقلبيوس بحثاً يسيراً ولقد أقسمت بِهِ يونان عَلَى متعلميهم مقترناً بالقسامة بالله تعظيماً لَهُ قال بقراط فِي عهوده أقسم عليكم معاشر الأولاد بخالق الموت والحياة وبأبي وأبيكم إسقلبيوس هكذا رأيته فِي تراجم كتاب العهود قال جالينوس فِي تفسيره لهذا الكتاب الَّذِي يتناهى إلينا من قصة إسقلبيوس قولان أحدهما لغز والآخر طبيعي أما اللغز فيذهب فِيهِ إِلَى أنه قوة الله تبارك واشتق وتعالى واشتق لهذا الاسم من فعلها وهو منع اليبس وذكر ابن جلجل أن إسقلبيوس هَذَا تلميذ لهرمس المصري وَكَانَ مسكنه أرض الشام وذكر جالينوس فِي كتابه الَّذِي ألفه فِي الحث عَلَى الطب أن الله أوحى إلي اسقلبياذس لأن اسميك ملكاً أقرب من أن أسميك إنساناً وكر بقراط فِي كتاب إيمانه وعهده أن هَذَا الاسم أعني إسقلبياذس فِي لسان اليونانيين مشتق من البهاء والنور والطب صناعة إسقلبيوس وأنه لا يجب تعاطيها إِلاَّ لمن كَانَ عَلَى سيرة إسقلبيوس من الطهارة العفاف والتقى وأنه لا بجل أن يعلم الشرار ولا ذوي الأنفس الخبيثة وإنما يجب أن يتعلمها الأشراف والمتألهون أعني العارفين بالله عزّ وجلّ وذكر بقراط فِي هَذَا الكتاب أنه ارتفع إِلَى الهواء فِي عمود من نور وذكر جالينوس فِي مقالته الأولى إِلَى اغلوقن الفيلسوف فقال لو كنت

أقدر أن أكون مثل إسقلبيوس وقال جالينوس أيضاً فِي صدر كتاب حيلة البرء مما يجب أن يحقق الطب عند العامة مَا يرونه من الطب الإلهي فِي هيكل إسقلبيوس عَلَى مَا حكاه هروسيس صاحب القصص أن بيتاً كَانَ فِي مدينة رومية كَانَتْ فِيهِ صورة تكلمهم ويسألونها وَكَانَ المستنبط لَهَا فِي القديم إسقلبيوس وزعم مجوس رومية أن تِلْكَ الصورة كَانَتْ منصوبة عَلَى حركات نجومية وأنه كَانَ فِيهَا روحانية كوكب من الكواكب السبعة وَكَانَ دين أهل رومية قبل النصرانية عبادة النجوم هكذا حكاه هروسيس. ولإسقلبيوس أخبار شنيعة سائرة ذكرنا أقربها إِلَى العقل قال أفلاطون فِي كتابه المعروف بالنواميس أن إسقلبيوس كَانَ مشتغلاً فِي هيكل بالتقديس إذ تحاكم إِلَيْهِ رجل وامرأة فِي جنين كَانَ فِي بطن المرأة قال إسقلبيوس للمرأة أنه كَانَ زوجك فِي هيكل عبدة الشمس يدعو لَكِ بالبقاء والسلامة وأنت قَدْ واقعك غلام من بني فلان وستلدين بعد ثلاث خلفاً مشوهاً فولدت لَهُ فِي صدره يدان ثُمَّ عطف عَلَى الرجل فقال يَا هَذَا عقدت نكاح هَذِهِ المرأة عَلَى مَا لا ينبغي فحصدت منها أكثر مما زرعت. وحكي عنه أنه أيضاً أفلاطون فِي هَذَا الكتاب أن رجلاً خبأ لَهُ مالاً فقال يَا نور الألباب ضاع لي مال فأثره لي فنهض معه إِلَى منزله فأثاره لَهُ ثُمَّ قال للرجل حقبق لمن يسخر بأنعم الله أن يسلبه إياها وسيذهب لَكَ هَذَا المال ثو لا يعود وَكَانَ كذلك. وذكر بقراط أن عصا إسقلبيوس كَانَتْ من شجرة الخطمى معتدلة فِي الحر والبرد وَكَانَ يراعى فِي أموره الاعتدال فلم ير أن يتخذ عصا إِلاَّ من شجرة معتدلة وإنما صور حولها حية لأنها من بين جميع الحيوانات أطولها عمراً فجعل ذَلِكَ مثالاً للعلم الَّذِي لا يدثر ولا يبيد وَلَهُ أخبار عند النصارى وَفِي كتبهم تجري مجرى الأسمار لا يلامسها العقل فأضربت عن ذكرها. واعلم وفقك الله أن الكلام فِي أولية الطب ومن أحدثه وَفِي أي زمن وجد عسِر جداً وذلك أن الذين يقولون يقدم العالم يقولون أن الطب قديم

بقدم العالم لأن الطب ملازم للإنسان فِي حالة وجوده والإنسان قديم فالطب قديم. والفرقة الأخرى الَّتِي تعتقد حدوث الأجسام تقول الطب محدث لأن الأجسام الَّتِي يستعمل فِيهَا الطب محدثة وأصحاب الحدوث ينقسمون فِي القول فالقسم الواحد يقول أن الطب خلق مع الإنسان إذ كَانَ من الأشياء الَّتِي بِهَا صلاحه وبعضهم يقول أن الطب خلق بعد خلق الإنسان فأما سقلبيوس هَذَا فليس حديثه إِلاَّ عَلَى سبيل السمر هَذَا مع إجماع الأطباء عَلَى أنه أول من استخرج الطب واستنبطه وقالوا جاءه الطب عَلَى سبيل الوحي فأما حصر زمانه وزمان من جاء بعده فقد ذكروا من عدة السنين مما بينه وبين جالينوس مَا يزيد عَلَى خمسة آلاف سنة فهذا يدل عَلَى أنه كَانَ قبل الطوفان وكل مَا هو قبل الطوفان لا تعلم حقيقته لعدم المخبر بِهِ على الوجه ومن ادعى النسبة إِلَيْهِ مثل مَا قيل فِي بقراط أنه من نسله فهو كلام لا يصح لأن الإجماع من الجمهور واقع عَلَى أن نسل آدم انقطع إِلاَّ من نسل أولاد نوح الثلاثة وهم سام وحام ويالث فلا يصح اتصال ينسب إِلَى إسقلبيوس الأول والله أعلم .. وذكر يحيى النحوي أول من أظهر عَلَى مَا تناهى إلينا فِي الكتب المكتوبة والأحاديث المشهورة من العلماء بذلك الثقات هو إسقلبيوس الأول وهو الَّذِي استخرج الطب بالتجربة ومن إسقلبيوس إِلَى جالينوس خاتم الطباء من الأطباء ثمانية وهم إسقلبيوس الأول وغورس وميلس وبرماغيذس وأفلاطون الطبيب وإسقلبيوس الثاني وبقراط وجالينوس ومدة مَا بَيْنَ ظهور أولهم وإلى وفاة أخرهم خمسة آلاف وخمسمائة وستون سنة منها الفترات بَيْنَ كل واحد من هؤلاء الأطباء الثمانية منذ وقت وفاته بموجب مَا فضل يكون خمسة آلاف وإحدى عشر سنة وإلى ظهور الآخر أربعة آلاف وثمانمائة وتسع وثمانون سنة من ذَلِكَ منذ وقت وفاة إسقلبيوس الأول وإلى ظهور غورس ثمانمائة وست وخمسون سنة ومنذ وقت وفاة غورس وإلى ظهور ميلس خمسمائة وستون سنة ومنذ وقت وفاة ميلس وإلى ظهور برمانيذس

سبعمائة وخمس عشر سنة ومنذ وقت وفاة برمانيذس وإلى ظهور أفلاطون سبعمائة وخمس وثلاثون سنة ومنذ وقت وفاة أفلاطون وإلى ظهور إسقلبيوس الثاني ألف وأربعمائة وعشرون سنة ومنذ وقت وفاة إسقلبيوس الثاني وإلى ظهور بقراط ستون سنة ومنذ وقت وفاة بقراط وإلى ظهور جالينوس ستمائة وخمس وستون سنة ومنها مَا عاش كل واحد من هؤلاء الأطباء الثمانية منذ وقت مولده وإلى وقت وفاته ستمائة وثلاث عشرة سنة من ذَلِكَ إسقلبيوس الأول عاش تسعين سنة صبي وفتى وقبل أن تفتح لَهُ القوة الإلهية خمسين سنة عالم معلم ثلاثين سنة ميلس عاش أربعاً وثمانين سنة صبي ومتعلم أربعاً وستين سنة عالم معلم عشرين سنة برمانيذس عاش أربعين سنة صبي ومتعلم خمساً وعشرين سنة عالم معلم خمس عشرة سنة أفلاطون عاش ستين سنة صبي ومتعلم أربعين سنة عالم معلم عشرين سنة إسقلبيوس الثاني عاش مائة وعشر سنين صبي ومتعلم خمس عشرة سنة عالم متعلم تسعين سنة عطل خمس سنين بقراط عاش خمساً وتسعين سنة صبي ومتعلم ست عشرة سنة عالم معلم تسعاً وسبعين سنة جالينوس عاش سبعاً وثمانين سنة صبي ومتعلم ست عشرة سنة عالم معلم إحدى وسبعين سنة ولكل واحد من هؤلاء الأطباء الأصول من علموه هَذِهِ الصناعة وخلفوه بعدهم لثبات ذكرهم من الأولاد والتلاميذ من بين العصبة والكلالة إذ كَانَتْ بينهم العهود والمواثيق ألا يعلموا هَذِهِ الصناعة غريباً عَلَى رسم إسقلبيوس الأول وخلف إسقلبيوس من التلاميذ من بين ولد وقرابة ستة وهم ماغينوس

وسقراطون وأخروسيوس الطبيب ومهراريس المكذب عَلَيْهِ والمزور نفسه فِي الكتب أنه لحق سليمان بن داود وبينهما ألوف سنين وصور بذوس وميساوس وَكَانَ كل واحد من هؤلاء يتاحل رأي أستاذه إسقلبيوس وهو رأى التجربة إذ كَانَ الطب خرج لَهُ بالتجربة وقال جالينوس فِي صورة إسقلبيوس الَّتِي يجدونها فِي هياكلهم أنه صورة رجل ملتحي متزين بجمة ذات ذوائب قال وإذا تأملته وجدته قائماً مشمراً مجموع الثياب فيدل هَذَا الشكل عَلَى أنه ينبغي للأطباء أن يتفلسفوا فِي جميع الأوقات قال وثري الأعضاء منه الَّتِي يستحي من تكشفها مستورة والأعضاء الَّتِي تحتاج إِلَى استعمال الصناعة بِهَا معراة مكشوفة قال ويصور آخذ بيده عصا معوجة ذات شعب من شجرة الخطمى فيدل بذلك عَلَى أنه يمكن فِي صناعة الطب ان يبلغ من استعملها من السن أن يحتاج إِلَى عصا يتكئ عَلَيْهَا وبالعصا أيضاً ينبه النيام وأما تصويرهم تِلْكَ العصا من شجرة الخطمى فلأنه يطرد بِهَا وينفي كل مرض وقال حنين ابن إسحاق نبات الخطمى لما كَانَ دواه يسخن إسخاناً معتدلاً تهيأ فِيهِ أن يكون علاجاً كثير المنافع إنما إذَا استعمل مفرداً وحده وإذا خلط بما هو أسخن منه أَوْ أبرد ولهذا تجد اسمه فِي اللسان اليوناني مشتقاً من اسم العلاجات وذلك بأنهم يدلون بهذا الاسم عَلَى أن الخطمى فِيهِ منافع كثيرة قال جالينوس أما اعوجاجها وكثرة شعبها فيدل عَلَى كثرة الأصناف والتفنن الموجود فِي صناعة الطب ولست تجدهم أيضاً تركوا هَذِهِ العصا بغير زينة ولا تهيئة لكنهم صوروا عَلَيْهَا صورة حيوان طويل الشعر يلتف عَلَيْهَا وهو التنين ويقرب هَذَا الحيوان من إسقلبيوس لأسباب كثيرة أحدها أنه حيوان حاد النظر كثير السهر لا ينام فِي وقت من الأوقات وَقَدْ ينبغي لمن قصد تعلم صناعة الطب أن لا يتشاغل عنها بالنوم ويكون فِي غاية الذكاء ليمكنه أن يتقدم فينذر بما هو حاضر وبما من شأنه أن يحدث وقالوا هَذَا الحيوان أعني التنين طويل العمر جداً حَتَّى أن حياته يقال أنها الدهر كله وَقَدْ يمكن فِي المستعملين لصناعة الطب أن تطول أعمارهم قال وإذا صور إسقلبيوس جعل عَلَى رأسه إكليل يتخذ من شجرة الغار لأن من شأن هَذِهِ الشجرة أن تذهب بالحزن ولهذا تجد هرمس إذَا سمى المهيب كليل بمثل هَذَا الإكليل ولذلك ينبغي للأطباء أن يصرفوا عنهم الحزان لأن إسقلبيوس كلل بإكليل يذهب بالحزن ولأن الشجرة هَذِهِ أيضاً فِيهَا قوة تشفي الأمراض من ذَلِكَ أنك تجدها إذَا ألقيت فِي موضع هربت من ذَلِكَ الموضع الهوام وذوات السموم. لأعضاء الَّتِي تحتاج إِلَى استعمال الصناعة بِهَا معراة مكشوفة قال ويصور آخذ بيده عصا معوجة ذات شعب من شجرة الخطمى فيدل بذلك عَلَى أنه يمكن فِي صناعة الطب ان يبلغ من استعملها من السن أن يحتاج إِلَى عصا يتكئ عَلَيْهَا وبالعصا أيضاً ينبه النيام وأما تصويرهم تِلْكَ العصا من شجرة الخطمى فلأنه يطرد بِهَا وينفي كل مرض وقال حنين ابن إسحاق نبات الخطمى لما كَانَ دواه يسخن إسخاناً معتدلاً تهيأ فِيهِ أن يكون علاجاً كثير المنافع إنما إذَا استعمل مفرداً وحده وإذا خلط بما هو أسخن منه أَوْ أبرد ولهذا تجد اسمه فِي اللسان اليوناني مشتقاً من اسم العلاجات وذلك بأنهم يدلون بهذا الاسم عَلَى أن الخطمى فِيهِ منافع كثيرة قال جالينوس أما اعوجاجها وكثرة شعبها فيدل عَلَى كثرة الأصناف والتفنن الموجود فِي صناعة الطب ولست تجدهم أيضاً تركوا هَذِهِ العصا بغير زينة ولا تهيئة لكنهم صوروا عَلَيْهَا صورة حيوان طويل الشعر يلتف عَلَيْهَا وهو التنين ويقرب هَذَا الحيوان من إسقلبيوس لأسباب كثيرة أحدها أنه حيوان حاد النظر كثير السهر لا ينام فِي وقت من الأوقات وَقَدْ ينبغي لمن قصد تعلم صناعة الطب أن لا يتشاغل عنها بالنوم ويكون فِي غاية الذكاء ليمكنه أن يتقدم فينذر بما هو حاضر وبما من شأنه أن يحدث وقالوا هَذَا الحيوان أعني التنين طويل العمر جداً حَتَّى أن حياته يقال أنها الدهر كله وَقَدْ يمكن فِي المستعملين لصناعة الطب أن تطول أعمارهم قال وإذا صور إسقلبيوس جعل عَلَى رأسه إكليل يتخذ من شجرة الغار لأن من شأن هَذِهِ الشجرة أن تذهب بالحزن ولهذا تجد هرمس إذَا سمى المهيب كليل بمثل هَذَا الإكليل ولذلك ينبغي للأطباء أن يصرفوا عنهم الحزان

لأن إسقلبيوس كلل بإكليل يذهب بالحزن ولأن الشجرة هَذِهِ أيضاً فِيهَا قوة تشفي الأمراض من ذَلِكَ أنك تجدها إذَا ألقيت فِي موضع هربت من ذَلِكَ الموضع الهوام وذوات السموم. أبيذقليس حكيم كبير من حكماء يونان وهو أول الحكماء الخمسة المعروفين بأساطين الحكمة وأقدمهم زماناً والخمسة هم أبيذقليس هَذَا ثُمَّ فيثاغورس ثُمَّ سقراط ثُمَّ أفلاطون ثُمَّ ارسطوطاليس بن نيقوماخس الغبثاغوري الجهراسني فهؤلاء الخمسة هم المجمع عَلَى استحقاقهم اسم الحكمة عند اليونانيين ولغة اليونانيين ولغة اليونانيين تسمى الإغريقية وهي من أوسع اللغات وأجلها وكانت رامة اليونانيين صابئة يعظمون الكواكب ويدينون بعبادة الأصنام وعلماؤهم يسمون فلاسفة وأحدهم فيلسوف وهو اسم معناه باللغة العربية محب الحكمة وفلاسفة اليونانيين من أرفع الناس طبقة وأجل أهل العلم منزلة لما ظهر منهم من الاعتناء الصحيح بفنون الحكمة من العلوم الرياضية والمنطقية والمعارف الطبيعية والإلهية والسياسات المنزلية والمدنية .. فأما أبيذقليس هَذَا لكان فِي زمن داود النبي عليه السلام عَلَى مَا ذكره العلماء بتواريخ الأمم وقيل أنه أخذ الحكمة عن لقمان الحكيم بالشام ثُمَّ انصرف إِلَى بلاد اليونانيين فتكلم فِي خلقة العالم بأشياء تقدح ظواهرها فِي أمر المعاد فهجره بعضهم وله تصنيف فِي ذَلِكَ رأيته فِي كتب الشيخ أبي الفتح نصر ابن إبراهيم المقدسي الَّتِي وقفها عَلَى البيت المقدس الشريف وأرسطوطاليس عَلَيْهِ كلام وردود ومن الفرقة الباطنية من يقول برأيه وينتمي فِي ذَلِكَ إِلَى مذهبه ويزعمون أن لَهُ رموزاً قلما يوقف عَلَيْهَا وهي فِي غالب الظن إيهامات منهم فاتنا مَا رأينا شيئاً منها والكتاب الَّذِي رأيته لَيْسَ فِيهِ شيء مما زعموه. ومن المشتهرين فِي الملة الإسلامية بالانتماء إِلَى مذهبه محمد بن عبد الله الجبلي الباطني من أهل قرطبة كَانَ كلاماً بفلاسفته ملازماً لدراستها وهو محمد بن عبد الله بن ميسرة بن تجبح القرطبي أبو عبد الله سمع من أبيه ومن ابن وضاح والخشني وخرج إِلَى المشرق فارّاً لما اتهم بالزندقة لإكثاره من النظر فِي فلسفة أبيذقليس ولهجه بِهَا وتردد فِي المشرق مدة واشتغل بملاحاة أهل

الجدل وأصحاب الكلام والمعتزلة ثُمَّ عاد إِلَى الأندلس وأظهر النسك والورع واغتر الناس بظاهره واختلفوا إِلَيْهِ وسمعوا منه ثُمَّ ظهروا عَلَى معتقده وقبح مذهبه فانقبض عنه بعض ولازمه ودانوا بنحلته وَكَانَ لَهُ لسان خلوب يتوصل بِهِ إِلَى مراده وَكَانَ مولده ليلة الثلاثاء لسبع مضين من شعبان سنة تسع وستين ومائتين وتوفي يوم الأربعاء لأربع خلون من شوال سنة تسع عشرة وستمائة وهو ابن خمسين سنة وثلاثة أشهر والمشتهر من أمر أبيذقليس أنه أول من ذهب إِلَى الجمع بَيْنَ معاني صفات الله تعالى وأنها كلها تؤدي إِلَى شيء واحد وأنه إن وصف بالعلم والجود والقدرة فليس هو ذا معان متميزة تختص بهذه الأسماء المختلفة بل هو الواحد بالحقيقة الَّذِي لا يتكثر بوجه مَا أصلاً بخلاف سائر الموجودات فإن الوحدانيات العالمية معرضة للتكثر إما بأجزائها وإما بمعانيها وإما بنظائرها وذات الباري سبحانه وتعالى متعالية عن هَذَا كله إِلَى هَذَا المذهب فِي الصفات ذهب أبو الهذيل محمد بن الهذيل العلاّف البصري أفلاطون بن أرسطون أحد أساطين الحكمة الخمسة من يونان كبير القدر فيهم مقبول القول بليغ فِي مقاصده أخذ عن فيثاغورس اليوناني وشارك سقراط فِي الأخذ عنه وَلَمْ يشتهر ذكره بَيْنَ علماء يونان إِلاَّ بعد موت سقراط وَكَانَ أفلاطون شريف النسب فِي بيوت يونان من بيت علم واحتوى عَلَى جميع فنون الطبيعة وصنف كتباً كثيرة مشهورة فِي فنون الحكمة وذهب فِيهَا إِلَى الرمز والإغلاق واشتهر جماعة من تلاميذه المتخرجين عَلَيْهِ وسادوا بانتسابهم إِلَيْهِ وَكَانَ يعلم الطالبين الفلسفة وهو ماش وسمى الناس فرقته المشائين وفوض فِي آخر عمره المفاوضة والتعليم والتدريس إِلَى أرشد أصحابه وانقطع إِلَى العبادة والاعتزال وعاش ثمانين سنة وَكَانَ أفلاطون فِي قديم يميل إِلَى الشعر وأخذ منه بخط متوفر ثُمَّ حضر مجلس سقراط فرآه يذم الشعر وأهله ويقول هي خيالات تشعر بالخلائق لا

عَلَى الحقيقة وطلب الحقائق أولي فتركه عند ذَلِكَ أفلاطون ثُمَّ انتقل إِلَى قول فيثاغورس فِي الأشياء المعقولة ويقال أنه عاش إحدى وثمانين سنة وعنه أخذ أرسطوطاليس وخلفه بعد موته وقال إسحاق أنه أخذ عن سقراط وتوفي أفلاطون فِي السنة الَّتِي ولد فِيهَا الإسكندر وعي السنة الثالثة عشر من ملك الأوخس وكان ملك مقدونية فِي ذَلِكَ الوقت فلبس وهو أبو الإسكندر. وَقَدْ ذكر ثاؤن مَا صنفه أفلاطون من الكتب ورتبه وهو كتاب السياسة فسره حنين بن إسحاق فِي كتاب النواميس ثقله حنين ويحيى بن عدي وَكَانَ يسمي كتباً بأسماء الرجال الطالبين لَهَا وهي فِي فنون متعددة منها. كتاب الجنس فِي الفلسفة. كتاب لاخس فِي الشجاعة. كتاب أرسطوطاليس فِي الفلسفة. كتاب خرميذس فِي العفة. كتابان سماهما الفيناذس فِي الجميل. كتاب أوثوذيمس فِي الحكمة. كتابان سماهما اقتاه. كتاب غورجياس. كتاب أوتوفرن. كتاب أسين. كتاب فاذن. كتاب قريطن. كتاب ثالطلطس. كتاب قيلوطوقن. كتاب قراطولس. كتاب سوفسطس. كتاب طيماؤس أصلحه يحيى بن عدي. كتاب فرمانيذس. كتاب فدرس. كتاب ماثن. كتاب مينس. كتاب أبرخيس. كتاب مانكسانس. كتاب أطليطغرس. كتاب طيماؤس ثلاث مقالات. كتاب المناسبات. كتاب التوحيد. كتاب فِي العقل والنفس والجوهر والعرض. كتاب الحس واللذة. كتاب مسطسطس. كتاب تأديب الأحداث كتاب أصول الهندسة وله رسائل موجودة. وقال ثاؤن أفلاطون يرتب كتبه فِي القراءة وهو أن يجعل كل مرتبة أربعة كتب يسمي ذَلِكَ رابوعاً وعُرفَ أفلاطون وشُهر فِي زمن أرطخشاشت من ملوك الفرس وهو المعروف بالطويل اليد وهو يشتاسف الملك الَّذِي خرج إِلَيْهِ زرداشت واله أعلم. وقال ثاؤن أن أفلاطون بن أرسطون بن أرسطوقليس من أهل أثنيس وكانت أمه فاريقطيوني ابنة غلوقون وكان من كلا الوالدين شريف الآباء وأمه هَذِهِ المذكورة من نسل سولن الَّذِي وضع نواميس لأهل أثينس ورد عليهم مدينة سلمينا الَّتِي انتزعها منهم أهل ماغارا وَكَانَ لسولون أخ يقال لَهُ ذرونيذس يذكره أفلاطون كثيراً فِي شعره وَكَانَ لذرونيذس ابن يقال لَهُ أقريطس وَقَدْ ذكره أفلاطون فِي كتاب طيماؤس وابن أقريطس فلسخروس وابن المسخوري

غلوقن وابن غلوقن خرميذس وأخت خرميذس فاريقطيوني وتسمى أيضاً يقطعوني وأفلاطون ابنها فأفلاطون سادس من سولن وأما جنس أبيه أرسطون فإنه ينتهي فِي النسب إِلَى قودرس بن مالنتوس المنتسب إِلَى فيسذون وكان مالنتوس جده شجاعاً مقداماً ذا رأي وخديعة ولما حارب أهل بواطيا أهل اثينس لفساد جرى بينهم ودامت الحرب فيما بينهم وقتل المقاتلة فيما بَيْنَ الفريقين ملّ كل وتحد منهم مَا هو فِيهِ وَكَانَ المستولي يومئذ عَلَى ملك بواطيا اقسانتس وَعَلَى اثينتس أوموطي فطلب اقسانتس مبارزة أوموطي فذل وَلَمْ يبارزه وجبن عن ذَلِكَ فخرج مالنتوس حدثنا أفلاطون من اثينس وقال أنا أبلوزه عَلَى شرط أن غلبته ملّكت فرضي أوطوي بذلك اقسالتس ملك بواطيا وبارزه مالنتوس بعد أفلاطون فلما تقاربا قال لَهُ مالنتوس انطلق ثُمَّ عد إليّ فلها حوّل اقسانتس وجهه ضربه مالنتوس من خلفه خدعة فقتله ومن ذَلِكَ الوقت عمل ذَلِكَ اليوم عيداً عند أهل اثينتس وسمى عيد الخدعة وَكَانَ يسمى فِي ذَلِكَ الوقت باليونانية أبا طينوريا والآن يسمى أباطوريا وَكَانَ هَذَا الأمر سبب هَذَا العيد وابنه قودرس سلم نفسه إِلَى العدو ليخلص أهل مدينته ورضي بأن يلبس لباساً رثاً وأم يموت دونهم. ويونان يبالغون فِي أفلاطون ويعظمونه ويقولون كَانَ مولده إلهياً وَكَانَ طالعه طالعاً جليلاً ويحكون فِي ذَلِكَ حكايات هي بالأسمار أشبه فأضربت عن ذكرها وقالوا أنه لما عزم عَلَى ترك الشعر الَّذِي كَانَ يعانيه ويبالغ فِي تعلمه عندما سمع عن سقراط مَا سمعه فِي أمره عزم عَلَى المضي إِلَى سقراط والأخذ عنه فلسفة فيثاغورس وذد كَانَ شاركه فِيهَا عَلَى فيثاغورس إِلاَّ أنه لَمْ يبالغ فِيهَا لاشتغاله بالشعر وأن سقراط رأى فِي المنام كَأَنَّ رخ كركي قاعد عَلَى حجره وأنه زغب وطلع ريشه للوقب فطار نحو السماء وهو يصوت بصوت إلهي مطرب جميع الناس فلما جاءه أفلاطون للتعلم تأوله ذَلِكَ الطائر وأن صوته وكلامه سيشغل الناس بهما عن غيرهما وَقَدْ قيل أنه فِي أول أمره اشتغل بالشعر إِلَى أن بلغ فِيهِ الغاية وصنف وسمع كلام فيثاغورس وهو ابن دون العشرين سنة ووضع كتباً فِي الألحان ثُمَّ بعد ذَلِكَ أراد الفلسفة فمشى إِلَى أصحاب أراقليطوس وَكَانَتْ لهم طريقة فِي الفلسفة وهي اليوم مجهولة فسمع منهم وتحقق أن طريقتهم فِي الحكمة يتعين

عَلَيْهَا الرد وأراد أن يجاهد نفسه فِي طلب الفلسفة الحقيقية فقصد سقراط لأن فيثاغورس كَانَ قَدْ مات وتصدر بعده سقراط فصادف سقراط وهو يخطب الجماعة المجتمعة إِلَيْهِ وَكَانَ قَدْ جمعهم إِلَيْهِ ذبونوسيوس فلما سمع كلامه حرص كل الحرص عَلَى طلب الحكمة الفيثاغورية وترك مَا كَانَ عَلَيْهِ وأحرف كتب الشعر والأحاديث وأنشأ يقول: يَا أَيُّها أدنى من أفلاطون ... فإن بِهِ الآن إِلَيْكَ حاجة مَا وهذه طريقة الشعر اليوناني وَكَانَ عمره إذ ذَاكَ عشرين سنة وسمع من سقراط بعد ذَلِكَ ولازمه مدة خمسين سنة حَتَّى بلغ فِي الأمور العقلية إِلَى منزلة فيثاغورس وَفِي سياسة المدينة الفاضلة إِلَى مرتبة سقراط وشهد لَهُ بذلك أهل العلم فِي زمانه وَكَانَ لرغبته فِي العلم شديد الطلب لَهُ كثير الحث والبحث فِي تحصيله منفقاً فِي تحصيل الكتب بما يمكنه حَتَّى أنه أمر ديون أن يبتاع لَهُ من فيلولاؤس ثلاثة كتب مخزونة عنده من كتب فيثاغورس فابتاعها لَهُ بمائة دينار ولشدة طلبه فِي العلم وحرصه عَلَى جميع الكتب سافر إِلَى صقلية ثلاث دفعات ليحصل عَلَى أسرار حكمة الأمور الإلهية فأول دفعة سافر فِيهَا إِلَيْهَا كَانَ لعزمه أن يري النار الَّتِي تخرج هناك من الأرض دائماً تخف فِي الصيف وتزيد فِي الشتاء وَكَانَ المستولى عَلَى صقلية فِي ذَلِكَ الوقت رجل يوناني قَدْ تغلب عَلَيْهَا اسمه دبونوسيوس وَكَانَ جباراً قَدْ ملك البلاد باليد لا بالإعالة ولما سمع بقدوم أفلاطون أمر بإحضاره فلما حضر إِلَيْهِ صادف عنده سقراط وَقَدْ جمع لَهُ علماء الجزيرة وهو يخطبهم عَلَى مَا تقدم ذكره وشرحه ولما حضر أفلاطون المجلس طلب منه جبار صقلية هَذَا المذكور أن يتكلم بشيء من خطبه وشعره فخطب خطباً كثيرة بحضرته وَكَانَ فصيحاً عذب الألفاظ محكماً لما يورده من طريقته الَّتِي هو عَلَيْهَا وقال فِي بعض خطبه أن أجود السير وأفضلها الَّتِي تكون عَلَى الناموس والسنن وطن الجبار ذيونوسيوس أنه قصده بهذا القول لأجل تغلبه بغير استحقاق لما وليه فأسرها فِي نفسه وَلَمْ يبدها وَكَانَ هَذَا الجبار يعاني الشعر وشيئاً من الحكمة الغير محققة وَلَهُ تلاميذ فِي ذَلِكَ وأصحاب وإذا سمع بعالم تحيل فِي إحضاره ومناظرته وإقامة الحجة عَلَى صحة قصده الَّذِي هو عَلَيْهِ

واتفق أن قال لأفلاطون هلا ترى فِي أصحابي سعيداً وظن أن أفلاطون سيقول بحضور الجمع أنك سعيد فيحصل لَهُ بهذا القول مرتبة توجب لَهُ الاستحقاق لما تغلب عَلَيْهِ فقال لَهُ أفلاطون غير محاش لَهُ لَيْسَ فِي أصحابك سعيد فسأله بعد ذَلِكَ وقال فهل ترى أنه كَانَ من القدماء سعيد فقال كَانَ فيهم سعداء غير مشهوريين وأشقياء اشتهروا وعناه بذلك فأسرها الجبار وَلَمْ يبدها لَهُ ثُمَّ قال لَهُ الجبار فأراك علي هَذَا القول لا ترى أن أرقليس من أهل السعادة أيضاً وأرقليس هَذَا كَانَ شاعراً من شعراء يونان وَكَانَ قَدْ عمل أشعاراً وذكر فِيهَا هَذَا الجبار ووصفه ولحّن تِلْكَ الأشعار وجعلها فِي هياكل جزيرة صقلية يذكر بِهَا فِي كل وقت وَكَانَ هَذَا الجبار يعظم الشعر والشعراء لأجل ذَلِكَ يثبت لمدحه أصلاً فقال لَهُ أفلاطون مجيباً عن سؤاله أن كنا ترى أن أرقليس كَانَ كالذي ينبغي أن يكون من كَانَ من نسل أذيا يعني المشترى فباضطرار ينبغي أن تظن بِهِ أنه سعيد وأما إِن كَانَ كما وصفتموه أنتم معاشر الشعراء وَكَانَتْ سيرته عَلَى مَا تذكرون فإنه عندي من الأشقياء وذوي رداءة البخت فلما سمع ذبونوسيوس الجبار منه هَذَا القول لَمْ يحتمل جرأته وأمر بِهِ فدفع إِلَى بوليذس الَّذِي كَانَ من أهل الاقاذامونيا وَكَانَ قَدْ وفد عَلَى هَذَا الجبار ليهادنه عَلَى بلاده وأمره الجبار بقتل أفلاطون فأخذه بوليذ وذهب بِهِ إِلَى أثينا مدينته وأبقى عَلَيْهِ وَلَمْ يقتله وباعه من رجل من أهل النهروان اسمه أناقرس وَكَانَ هَذَا الرجل يحب أفلاطون وينشبه بأخلاقه وإن لَمْ يره قبل ذَلِكَ وإنما كَانَ يسمع مَا يُنقل إِلَيْهِ من أخباره وَكَانَ الثمن الَّذِي ابتاعه بِهِ ثلاثين مناقضة وَكَانَ لذيونوسيوس الجبار نسيب اسمه ذيون قَدْ حضر مجالس أفلاطون بصقلية وسمع كلامه ومال إِلَيْهِ كل ميل ولما سمع مَا جرى عَلَى أفلاطون عزّ عَلَيْهِ وَلَمْ يمكنه مجاهرة الجبار فسيَّر فِي السر ثمن أفلاطون وهو ثلاثون مناً إِلَى النهرواني مبتاعه وسأل بيعه منه فلم يفعل النهرواني ذَلِكَ وقال هَذَا حكيم مطلق لنفسه وإنما وزنت المال لأنقذه من أسره وسيصير إِلَى بلاده فِي سلامة وخير فلما سمع ذيون نسيب الجبار هَذَا القول استرجع الثمن وسيره إِلَى أقاذاميا واشترى بِهِ بساتين هناك ووهبها لأفلاطون فمنها كَانَتْ معيشته مدة حياته ولما تحقق ذيونزسيوس خلاص أفلاطون وسلامته ندم عَلَى فعله وتحيل

فِي استصلاحه وكتب إِلَيْهِ يستميله وتعذر إِلَيْهِ من فعله ويسأله أن لا يذكره بشر فِي خطبه وأشعاره فأجابه أفلاطون بأن قال لَيْسَ عندي هَذَا الفراغ ولا يمكنني أن أتفرغ لَهُ ولا أجد زماناً خالياً أذكر فِيهِ ذيونوسيوس وسار أفلاطون إِلَى صقلية مرة ثانية ليأخذ من الجبار المقدم ذكره كتاباً فِي النواميس كَانَ وعده بِهِ وَلَمْ يعطه إياه وَكَانَ أفلاطون قَدْ عزم عَلَى تصنيف كتاب فِي السير وهذا الكتاب من مواده فلما وصل إِلَى صقلية وجد ذيونوسيوس الجبار مضطرب الأمر ذد فسدت عَلَيْهِ البلاد والرجال وهو فِي شغل عما قصده بسببه فتركه وعاد ثُمَّ سار إِلَى صقلية دفعة ثالثة وسببه أن ذيون نسيب الجبار قام عَلَيْهِ وتغلب عَلَى أكثر البلاد وَكَانَ ام يستولي وعلم أفلاطون بذلك فسار مصلحاً بَيْنَ الجبار ذيونوسيوس ونسيبه ذيون لعلمه بمحبة ذيون لَهُ وقبوله من قوله وَكَانَ أفلاطون يرى أن إصلاح المدن من الفساد الداخل عَلَيْهَا من المتكلمين لازم لَهُ من طريق الحكمة والسياسة المدنية ويريد بذلك إيصال الراحة إِلَى الرعية فلما وصل إِلَى صقلية أصلح بَيْنَ الرجلين ونزل كل واحد منهما منزلته ووعظهما فاتعظا وعاد إِلَى بلاده وَقَدْ كَانَ أهل بلاده اثينس عَلَى سيرة وسياسة لا يرضاها أفلاطون فقيل لَهُ لِم لَمْ تغيرها فقال هَذِهِ سياسة قديمة قَدْ مرَّت عَلَيْهَا الدهور ونقلهم عنها فِيهِ عناء شديد وربما أدى إِلَى قيل وقال أحتاج أن أستعين فِيهِ عَلَى قومي بغيرهم فيكون ذَلِكَ سبب هلاكهم بوساطتي فلا أفعل ثُمَّ حبسهم فثاروا فسكنهم وثبتهم وتركهم عَلَى مَا هم عَلَيْهِ وانبسط عذره عند من قال لَهُ مَا قال ولازم مدرسته وارتزق من مغل البساتين وتزوج امرأتين إحداهما يقال لَهَا الستانيا من بلاد ارقاديا والأخرى اقسوئيا بلاد فليوس وَكَانَتْ نفسه فِي التعليم مباركة تخرج عَلَيْهِ جماعة علماء اشتهروا من بعده فمنهم اسبوسبتوس من أهل أثينس وهو ابن أخت أفلاطون واقسنوطراطيس من أهل خلقيدونا وأرسطوطاليس من أهل اسطاغيرا وبرقلوس من أهل نيطس واسطياؤس من بارنتوس وارخوطس من أهل طارلطيني وذيون من سوراقوسا وامقلاس من أهل اسطنادس وأرسطوس وقورسقس من أهل اسكبسيس وطيمالاؤس من أهل قوزيقوس وأواؤن من لمساقون ومناديموس من أهل أراثرس وأراقليدس من إيوس وتيانالس وقالبّوس من أينس وديمطريوس من انفيبوليس وغير هؤلاء كثير وَكَانَ أفلاطون إِذَا حضره أصحابه للتعلم قام عَلَى رجليه وألقى عليهم الدروس من العلم وهو يمشي حول البساتين الَّتِي وقفها عَلَيْهِ ذيون فيأخذون عنه مَا يلقيه عليهم وهم عَلَى تِلْكَ الحالة فسموا المشائين بذلك. فعله وتحيل فِي استصلاحه وكتب إِلَيْهِ يستميله وتعذر إِلَيْهِ من فعله ويسأله أن لا يذكره بشر فِي خطبه وأشعاره فأجابه أفلاطون بأن قال لَيْسَ عندي هَذَا الفراغ ولا يمكنني أن أتفرغ لَهُ ولا أجد زماناً خالياً أذكر فِيهِ ذيونوسيوس وسار أفلاطون إِلَى صقلية مرة ثانية ليأخذ من الجبار المقدم ذكره كتاباً فِي النواميس كَانَ وعده بِهِ وَلَمْ يعطه إياه وَكَانَ أفلاطون قَدْ عزم عَلَى تصنيف كتاب فِي السير وهذا الكتاب من مواده فلما وصل إِلَى صقلية وجد ذيونوسيوس الجبار مضطرب الأمر ذد فسدت عَلَيْهِ البلاد والرجال وهو فِي شغل عما قصده بسببه فتركه وعاد ثُمَّ سار إِلَى صقلية دفعة ثالثة وسببه أن ذيون نسيب الجبار قام عَلَيْهِ وتغلب عَلَى أكثر البلاد وَكَانَ ام يستولي وعلم أفلاطون بذلك فسار مصلحاً بَيْنَ الجبار ذيونوسيوس ونسيبه ذيون لعلمه بمحبة ذيون لَهُ وقبوله من قوله وَكَانَ أفلاطون يرى أن إصلاح المدن من الفساد الداخل عَلَيْهَا من المتكلمين لازم لَهُ من طريق الحكمة والسياسة المدنية ويريد بذلك إيصال الراحة إِلَى الرعية فلما وصل إِلَى صقلية أصلح بَيْنَ الرجلين ونزل كل واحد منهما منزلته ووعظهما فاتعظا وعاد إِلَى بلاده وَقَدْ كَانَ أهل بلاده اثينس عَلَى سيرة وسياسة لا يرضاها أفلاطون فقيل لَهُ لِم لَمْ تغيرها فقال هَذِهِ سياسة قديمة قَدْ مرَّت عَلَيْهَا الدهور ونقلهم عنها فِيهِ عناء شديد وربما أدى إِلَى قيل وقال أحتاج أن أستعين فِيهِ عَلَى قومي بغيرهم فيكون ذَلِكَ سبب هلاكهم بوساطتي فلا أفعل ثُمَّ حبسهم فثاروا فسكنهم وثبتهم وتركهم عَلَى مَا هم عَلَيْهِ وانبسط عذره عند من قال لَهُ مَا قال ولازم مدرسته وارتزق من مغل البساتين وتزوج امرأتين إحداهما يقال لَهَا الستانيا من بلاد ارقاديا والأخرى اقسوئيا بلاد فليوس وَكَانَتْ نفسه فِي التعليم مباركة تخرج عَلَيْهِ جماعة علماء اشتهروا من بعده فمنهم اسبوسبتوس من أهل أثينس وهو ابن أخت أفلاطون واقسنوطراطيس من أهل خلقيدونا وأرسطوطاليس من أهل اسطاغيرا وبرقلوس من أهل نيطس واسطياؤس من بارنتوس وارخوطس من أهل طارلطيني وذيون من سوراقوسا وامقلاس من أهل اسطنادس وأرسطوس وقورسقس من أهل اسكبسيس وطيمالاؤس من أهل قوزيقوس وأواؤن من لمساقون ومناديموس من أهل أراثرس وأراقليدس من إيوس وتيانالس

وقالبّوس من أينس وديمطريوس من انفيبوليس وغير هؤلاء كثير وَكَانَ أفلاطون إِذَا حضره أصحابه للتعلم قام عَلَى رجليه وألقى عليهم الدروس من العلم وهو يمشي حول البساتين الَّتِي وقفها عَلَيْهِ ذيون فيأخذون عنه مَا يلقيه عليهم وهم عَلَى تِلْكَ الحالة فسموا المشائين بذلك. ولما استكمل إحدى وثمانين سنة من عمر مات وذفن بالبساتين فِي اقاذاميا وتبع جنازته كل من كَانَ بأثينس والذي خلفه من التركة البساتين المذكورة وخلف مملوكين وقدحاً وجاماً وقرطاً من ذهب كَانَ يلبسه وهو غلام وهو لباس أشراف يونان فِي ذَلِكَ الزمان وأما مَا صار إِلَيْهِ من ذيونوسيوس جبار صقلية ومن غيره من الأصدقاء فإنه أنفقه فِي تزويج بنات أخته وَفِي الإحسان إِلَى الأصدقاء لأنه كَانَ من أهل الرياضة والإينار يعلم غيره الساسة فكيف لا يستعملها ولما قبر كتب عَلَى قبره بالرومي مَا تفسيره بالعربي ههنا موضع رجل وهو ارستوقليس الإلهي وَقَدْ تقدم الناس وعلاهم بالعفة وأخلاق العدل فمن كَانَ يمدح الحكمة أكثر من سائر جميع الأشياء فإنه يمدح هَذَا جداً لأن فِيهِ أكثر الحكمة وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حد هَذَا من الجهة الواحدة عَلَى القبر ومن الجهة الأخرى أما الأرض فإنها تغطى جسد أفلاطون هَذَا وَمَا نفسه فإنها فِي مرتبة من لَمْ يموت. وذكر حنين بن إسحاق الترجمان وأبو نصر محمد بن محمد الفارابي المنطقي وغيرهما من العلماء بالفلسفة أن فلاسفة اليونانيين سبعت فرق سميت بأسماء اتقت لَهَا من سبعة أشياء أحدها من اسم الرجل المعلم الفلسفة والثاني من اسم البلد الَّذِي كَانَ فِيهِ مبدأ ذَلِكَ العلم والثالث من اسم الموضع الَّذِي كَانَ يعلم فِيهِ والرابع من التدبير الَّذِي كَانَ يتدبر بِهِ والخامس من الآراء الَّتِي كَانَ يراها فِي علم الفلسفة والسادس من الآراء الَّتِي كلن يراها فِي الغرض الَّذِي كَانَ يقصد إِلَيْهِ فِي تعلم الفلسفة والسابع من الأفعال الَّتِي كَانَتْ تظهر عَلَيْهِ فِي تعليم الفلسفة أما الفرقة المسماة من اسم الرجل المعلم الفلسفة فشيعة فيثاغورس وأما الفرقة المسماة من اسم البلد الَّذِي كَانَ فِيهِ الفيلسوف فشيعة ارسطيِّس من أهل قورينا وأما الفرقة المسماة من اسم الموضع الَّذِي كَانَ يعلم فِيهِ الفلسفة فشيعة كرسبس وهم أصحاب المظلة سموا بذلك لأن تعلمهم كَانَ فِي رواق

هيكل مدينة أثينة وأما الفرقة المسماة من تدبير أصحابها وأخلاقهم فشيعة ذيوجالس ويعرفون بالكلابية وسموا بذلك لأنهم كانوا يرون إطراح الفرائض المفترضة فِي المدن عَلَى الناس ومحبة أقاربهم وبُغض غيرهم من ستائر الناس وإنما يوجد هَذَا الخلق فِي الكلاب وأما الفرقة المسماة من الآراء الَّتِي كَانَ يراها أصحابها فِي الفلسفة فشيعة وأما الفرقة المسماة من الآراء الَّتِي كَانَ يراها أصحابها فِي الغرض الَّذِي كَانَ يقصد إِلَيْهِ فِي تعلم الفلسفة فشيعة افيفورس ويسمون أصحاب اللذة لأنهم كانوا يرون الغرض المقصود إِلَيْهِ فِي تعلم الفلسفة اللذة التابعة لمعرفتها وأما الفرقة المسماة من الأفعال الَّتِي كَانَتْ تظهر عَلَيْهَا فشيعة أفلاطون وشيعة أرسطوطاليس ويعرفون بالمشائين لأنهم كانوا يعلمون الناس وهم يمشون كيما يرتاض البدن مع رياضة النفس فهذه فرق الفلاسفة اليونانيين وأجلهم فرقتان فرقة فيثاغورس وفرقة أفلاطون وأرسطوطاليس وهما ركنا الفلسفة وعموداها وَكَانَ حكماء يونان ينتحلون الفلسفة الأولى الطبيعية الَّتِي كَانَ يذهب إِلَيْهَا فيثاغورس وثاليس الملطيّ وعوام الصائبة من اليونانيين والمصريين ثُمَّ مال متأخروهم إِلَى الفلسفة المدنية كسقراط وأفلاطون وأرسطوطاليس وأشياعهم وَقَدْ ذكر ذَلِكَ أرسطوطاليس فِي كتابه فِي الحيوان فقال لما كَانَ منذ مائة سنة وذلك منذ زمن سقراط مال الناس عن الفلسفة الطبيعية إِلَى الفلسفة المدنية وانتهى إِلَى أفلاطون رئاسة علوم اليونانيين. وبتان أمه عظيمة القدر فِي الأمم ظاهرة الذكر فِي الآفاق فخمة الملوك عند جميع الأقاليم منهم الإسكندر بن فيلبس الماقدوني المعروف بذي القرنين الَّذِي غزا دارا بن دارا ملك الفرس فِي عقر داره فاستلبه ملكه بعد إهلاكه وتخطاه إِلَى المشرق من الهند والصين فجرى لَهُ من الاستيلاء عَلَى تِلْكَ الجهات مَا شهدت بِهِ التواريخ. ثُمَّ ملك بعد الإسكندر البطالمة وربما قيل البطالسة ودان لهم الملك وذلت لهم الرقاب واستمروا واحداً بعد واحد إِلَى أن ملكتهم الروم فتنقرض ملكهم من الأرض وانتظمت مملكتهم مع مملكة الروم فصارت مملكة واحدة مثل مملكة الفرس والبابليين وَكَانَتْ بلاد يونان فِي الربع الغربي الشمالي من الأرض فحدها من جهة الجنوب البحر الرومي والثغور الشامية والثغور الجزرية ومن جهة الشمال بلاد

اللان وَمَا حاذاها من ممالك الشمال ومن جهة المغرب تخوك بلاد اليمانية الَّتِي قاعدتها مدينة رومية من جهة المشرق تخوم بلاد أرمينية وباب الأبواب والخليج المعترض مَا بَيْنَ بحر الروم وبحر نيطس الشمال يتوسط بلاد اليونانيين ولغة اليونانيين تسنى الإغريقية وهي من أوسع اللغات وأجلها وَكَانَتْ عامة اليونانيين صابئة معظمة للكواكب دائنة بعبادة الأصنام وعلماءهم يسمون الفلاسفة وأحدهم فيلسوف وهو اسم معناه باللغة اليونانية محب الحكمة واليونانيين أحد الأمم الثمان الذين عوا بالعلم واستنباطه وهم الهند والفرس والكلدانيون واليونانيون والروم وأهل مصر والعرب والعبرانيون وهذه الأمم المذكورة هم الَّذِي اعتنوا بالعلوم واستخراجها وباقي الأمم لَمْ تعن بشيء من ذَلِكَ ولا ظهر لَهَا شيء منه حالها كحال البهائم تأكل وتشرب وتنكح لا غير. وَكَانَ دعاء أفلاطون يلووحاتيني بالروح الأعلى تضرعي إِلَى العلة الَّتِي أنت معلولة من جهتها لتتضرع عني إِلَى العقل الفعال فِي صحة مزاجي مَا دمت فِي عالم التركيب. أرسطوطاليس بن نيقوماخس الفيثاغوري الجهراشني وتفسير أرسطوطاليس تام الفضيلة وَكَانَ أرسطوطاليس تلميذ أفلاطون المتصدر بعده بعهده فِي الموضعين اللذين تقدم بهما أصحابه ولازم أفلاطون ليتعلم منه مدة عشرين سنة وَكَانَ أفلاطون يؤثره عَلَى سائر تلاميذه ويسميه العقل وإلى أرسطوطاليس انتهت فلسفة اليونانيين وهو خاتمة حكماءهم وسيد علماءهم وهو أول من خلص صناعة البرهان من سائر الصناعات المنطقية وصورها بالأشكال الثلاثة وجعلها آلة للعلوم النظرية حَتَّى لقب بصناعة المنطق وَلَهُ فِي جميع العلوم الفلسفية كتب شريفة كلية وجزئية فالجزئية رسائله الَّتِي يُتعلم منها معنى واحد فقط والكلية بعضها تذاكير يتذكر بقراءتها مَا قَدْ علم من علمه وهي السبعون كتاباً الَّتِي وضعها لأوفارس وبعضها تعاليم يتعلم منها ثلاثة أشياء أحدها علوم

الفلسفة والثاني أعمال الفلسفة والثالث الآلة المستعملة فِي علم الفلسفة وغيره من العلوم فالكتب الَّتِي فِي علوم الفلسفة بعضها فِي العلوم التعليمية وبعضها فِي العلوم الطبيعية وبعضها فِي العلوم الإلهية وأما الكتب الَّتِي فِي العلوم التعليمية لكتابه فِي المناظر وكتابه فِي الخطوط وكتابه فِي الحيل وأما الكتب الَّتِي فِي العلوم الطبيعية فمنها مَا يُتعلم منه الأمور الَّتِي تخص كل واحد من الطبائع ومنها مَا يُتعلم منه الأمور الَّتِي تعم جميع الطبائع فالتي يُتعلم منها الأمور الَّتِي تعم جميع الطبائع هي كتابه المسمى بسمع الكيان فهذا الكتاب يعرّف بعدد المبادئ لجميع الأشياء والني هي كالمبادئ وبالأشياء التوالي للمبادئ المشاكلة للتوالي وأما المبادئ فالعنصر والصورة وأما الَّتِي هي كالمبادئ فليست مبادئ بالحقيقة بل بالتقريب كالعدم وأما التوالي فالزمان والمكان وأما المشاكلة للتوالي فالخلاء وَمَا لا نهاية لَهُ وَعَلَى هَذَا الترتيب تترتب كتبه كلها لمن ينعم النظر فِيهَا ولما لَمْ يكن التاريخ محل ذكر ذَلِكَ أضربت عن ذكر ترتيبها إذ هو شرط تأليف آخر يمنع من سطرها جهل المعاصرين وبلادة الشركاء فِي الطلب والله المستعان. وَكَانَ أرسطوطاليس معلم الإسكندر بن فيلبس ملك مقدونية وبآدابه عمل فِي سياسة رعيته وسيرة ملكه وانقمع بِهِ الشرك فِي بلاد اليونانيين وظهر الخير وقاض العدل ولأرسطوطاليس إِلَيْهِ رسائل كثيرة معروفة مدونة وبسبب أرسطوطاليس كثرت الفلسفة وغيرها من العلوم القديمة فِي البلاد الإسلامية. شرح السبب فِي ذَلِكَ. حكى محمد بن إسحاق النديم فِي كتابه أن المأمون رأى فِي منامه كَأَنَّ رجلاً أبيض مشرباً بحمرة واسع الجبين مقرون الحاجبين أجلح الرأس أشهل العينين حسن الشمائل جالس عَلَى سريره قال المأمون وكأني بَيْنَ يديه وَقَدْ ملئت لَهُ هيبة فقلت لَهُ من أنت فقال أنا أرسطوطاليس فسررت بِهِ وقلت أَيُّها الحكيم أسألك قال سل قلن مَا الحسن قال مَا حسن فِي العقل قلت ثُمَّ مَاذَا قال مَا حسن فِي الشرع فقلت ثُمَّ مَاذَا ثُمَّ لا ثُمَّ قلت زدني فقال من يصحبك فِي الذهب فليكن عندك كالذهب وعليك بالتوحيد

فلما استيقظ المأمون من منامه حدثته نفسه وحثته همته عَلَى تطلب كتب أرسطوطاليس فلم يجد منها شيئاً ببلاد الإسلام قال غير ابن إسحاق فراسل المأمون ملك الروم وَكَانَ قَدْ استطال عَلَيْهِ وأذل دين الكفر وطلب منه كتب الحكمة من كلام أرسطوطاليس فطلبها ملك الروم فلم يجد لَهَا ببلاده فاغتم لذلك وقال يطلب مني ملك المسلمين علم سلفي من يونان فلا أجده أي عذر يكون لي أم أي قيمة تبقى لهذه الفرقة الرومية عند المسلمين وأخذ فِي السؤال والبحث فحضر إِلَيْهِ أحد الرهبان المتقطعين فِي بعض الأديرة النازحة عن القسطنطينية وقال لَهُ عندي علم مَا تريد فقال لَهُ أدركني فقتال إِن البت الفلاني فِي موضع كذا الَّذِي يقفل كل ملك عَلَيْهِ قفلاً إِذَا ملك مَا فِيهِ عَلَى مَا يقال مال الملوك وكل ملك يجيء يقفل عَلَيْهِ حَتَّى لا يقال قَدْ احتاج إِلَى مَا فِيهِ لسوء تدبيره ففتحه فقال لَهُ الراهب لَيْسَ الأمر كذلك وإنما فِي ذَلِكَ الموضع هيكل كَانَتْ يونان تتعبد فِيهِ قبل استقرار ملة المسيح فلما تقررت ملته بهذه الجهات فِي أيام قسطنطين بت الثلاثة جمعت كتب الحكمة من أيدي الناس وجعلت فِي ذَلِكَ البيت وأغلق بابه وقفل الملوك عَلَيْهِ أقفالاً كما سمعت فجمع الملك مقدمي دولته وعرفهم الأمر واستشارهم فِي فتح البيت فأشاروا بذلك فاستشار الراهب فِي تسييرها إِذَا وجدت إِلَى بلد الإسلام وَعَلَى عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ خطر فِي الدنيا أم إثم فِي الأخرى فقال لَهُ الراهب سيرها فإنك تثاب عَلَيْهِ فإنها مَا دخلت فِي ملة إِلاَّ وزلزلت قواعدها فسار إِلَى البيت وفتحه ووجد الأمر فِيهِ كما ذكر الراهب ووجدوا فِيهِ كتباً كثيرة فأخذوا من جانبها بغير علم ولا فحص خمسة أحمال وسيرت إِلَى المأمون فأحضر لَهَا المأمون المترجمين فاستخرجوها من الرومية إِلَى العربية ثُمَّ تنبه الناس بعد ذَلِكَ عَلَى تطلبها بعد المأمون وتحيلوا إِلَى أن حصلوا منها الجملة الكثيرة ولما سيرت الكتب إِلَى المأمون جاء بعضها تاماً وبعضها ناقصاً فالناقص منها ناقص إِلَى اليوم لَمْ يجد أحد تمامه وقال أبو سليمان المنطقي السجستاني نزيل بغداد وَكَانَ نبيهاً فِي هَذِهِ الفرقة أن بني المنجم كانوا يرزقون جماعة من النقلة منهم حُنين بن إسحاق وحبيش بن الحسن وثابت بن قرة وعيهم لهم فِي الشهر خمسمائة دينار لنقل

والترجمة والملازمة وممن يُعنى بإخراج الكتب بعد ذَلِكَ من بلاد الروم محمد وأحمد والحسن بنوا موسى بن الشاكر المنجم وسيجيء خبرهم فِي تراجمهم وبذلوا فِي ذَلِكَ الرغائب وأحضروا الغرائب منها فِي الفلسفة والهندسة والموسيقى والارثماطيقي والطب وغيرها وَكَانَ قُسطا بن لوقا البعلبكي لما حضر إِلَى بغداد قَدْ أحضر معه منها شيئاً ونقله من لغة إِلَى لغة ونقل لَهُ أيضاً وذكر محمد بن إسحاق النديم قال سمعت أبا إسحاق بن شهرام يحدث فِي مجلس عام أن ببلد الروم هيكلاً قديم البناء عَلَيْهِ باب لَمْ يرقط أعظم منه بمصراعي حديد كَانَ اليونانيون قديماً عند عبادتهم يعظمونه ويدعون فِيهِ قال فسألت ملك الروم أن يفتحه أي فامتنع عن ذَلِكَ لأنه أغلق منذ وقت تنصرت الروم فلم أزل بِهِ أراسله وأسأله شفاهاً عند حضور مجلسه قال فتقدم بفتحه وإذا ذَلِكَ البيت من المرمر والصخر العظام ألواناً وعليه من الكتابات والنقوش ما لَمْ أر وَلَمْ أسمع بمثله كثرة وحسناً وَفِي هَذَا الهيكل من الكتب القديمة مَا يحمل عَلَى عدة أحمال وكثر ذَلِكَ حَتَّى قال عَلَى ألف جمل بعض ذَلِكَ قَدْ أخلق وبعضه عَلَى حاله وبعضه قَدْ أكلته الأرضة قال ورأيت فِيهِ من آلات القرابين من الذهب وغيره أشياء ظريفة قال وأغلق الباب بعد خروجي وامتن عَلي بما يفعل معي من ذَلِكَ قال وذلك فِي أيام سيف الدولة رحمه الله قال والبيت عَلَى ثلاثة أيام من القسطنطينية والمجاورون لذلك البيت قوم من الصابئة الكلدانيين قَدْ أقرهم الروم عَلَى مذهبهم ويأخذون منهم الجزية وذكر محمد بن إسحاق النديم فِي كتابه أرسطوطاليس فقال معنى اسمه محب الحكمة ويقال الفاضل الكامل ويقال التام الفاضل وهو أرسطوطاليس بن نيقوماخس بن ماخاؤن من ولد اسقلبياذس الَّذِي أخرج الطب لليونانيين كذا ذكر بطليموس الغريب وَكَانَ اسمه اقسطيا ويرجع إِلَى اسقلبياذس وَكَانَ من مدينة لليونانيين تسمي اسطاغاريا وَكَانَ أبوه نيقومتخس متطبباً لفليس أبي الإسكندر وهو من تلاميذ أفلاطون وقال بطليموس الغريب أن تسليم أرسطوطاليس إِلَى أفلاطون كَانَ يوحي من الله ي هيكل بوثيون قال ومكث فِي التعليم عشرين سنة وإنه لما غاب أفلاطون إِلَى صقلية كَانَ أرسطوطاليس يخلفه عَلَى دار التعليم ويقال أنه نظر فِي الفلسفة بعد أن أتي عَلَيْهِ من عمره ثلاثون سنة وَكَانَ بليغ اليونانيين ومترسلهم وأجل علماءهم بعد أفلاطون عظيم المحل عند الملوك وعن رأيه كَانَ الإسكندر يمضي الأمور ولما توجه الإسكندر إِلَى محاربة الأمم تخلى أرسطوطاليس وتبتل وصار إِلَى أبنية حديثة منها موضع التعليم وهو الموضع الَّذِي ينسب إِلَيْهِ الفلاسفة المشائين وأقبل عَلَى العناية بمصالح الناس ورفد الضعفاء وجدد بناء مدينة ناميطا وأحدث فِيهَا غيون وتوفى أرسطوطاليس فِي أول ملك بطليموس لاغوس وخلفه عَلَى التعليم ثاؤقرسطس بن أخته. ن عَلي بما يفعل معي من ذَلِكَ قال وذلك فِي أيام سيف الدولة رحمه الله قال والبيت عَلَى ثلاثة أيام من القسطنطينية والمجاورون لذلك البيت قوم من الصابئة الكلدانيين قَدْ أقرهم الروم عَلَى مذهبهم ويأخذون منهم الجزية وذكر محمد بن إسحاق النديم فِي كتابه أرسطوطاليس فقال معنى اسمه محب الحكمة ويقال الفاضل الكامل ويقال التام الفاضل وهو أرسطوطاليس بن نيقوماخس بن ماخاؤن من ولد اسقلبياذس الَّذِي أخرج الطب لليونانيين كذا ذكر بطليموس الغريب وَكَانَ اسمه اقسطيا ويرجع إِلَى اسقلبياذس وَكَانَ من مدينة لليونانيين تسمي اسطاغاريا وَكَانَ أبوه نيقومتخس متطبباً لفليس أبي الإسكندر وهو من تلاميذ أفلاطون وقال بطليموس الغريب أن تسليم أرسطوطاليس إِلَى أفلاطون كَانَ يوحي من الله ي هيكل بوثيون قال ومكث فِي التعليم عشرين سنة وإنه لما غاب أفلاطون إِلَى صقلية كَانَ أرسطوطاليس يخلفه عَلَى دار التعليم ويقال أنه نظر فِي الفلسفة بعد أن أتي عَلَيْهِ من عمره ثلاثون سنة وَكَانَ بليغ اليونانيين ومترسلهم وأجل علماءهم بعد

أفلاطون عظيم المحل عند الملوك وعن رأيه كَانَ الإسكندر يمضي الأمور ولما توجه الإسكندر إِلَى محاربة الأمم تخلى أرسطوطاليس وتبتل وصار إِلَى أبنية حديثة منها موضع التعليم وهو الموضع الَّذِي ينسب إِلَيْهِ الفلاسفة المشائين وأقبل عَلَى العناية بمصالح الناس ورفد الضعفاء وجدد بناء مدينة ناميطا وأحدث فِيهَا غيون وتوفى أرسطوطاليس فِي أول ملك بطليموس لاغوس وخلفه عَلَى التعليم ثاؤقرسطس بن أخته. ولما حضرته الوفاة قال إني قَدْ جعلت وصيتي أبداً فِي جميع مَا خلفت إِلَى انطيبطرس والي أن يقدم نيقاتر فليكن أرسطوطاليس وطيمرخس وأبرّخس وذيوطاليس عانين يتفقد مَا يحتاج إِلَى تفقده والعناية بما ينبغي أن يعنوا بِهِ من أمر أهل بيتي وأربلس خادمي وسائر جوارئ وعبيدي وَمَا خلفت وإن سهل عَلَى ثاؤفرسطس وأمكنه القيام معهم فِي ذَلِكَ كَانَ معهم ومتى أدركت ابنتي فولى أمرها نيقائر وإن حدث بِهَا حدث الموت قبل أن تتزوج أَوْ بعد ذَلِكَ من غير أن يكون لَهَا ولد فالأمر مردود إِلَى نيقاتر فِي أمر ابني نيقوماخس ووصيتي إياه فِي ذَلِكَ أن يجري التدبير فيما يعمل بِهِ عَلَى مَا يشتهي وَمَا يليق بِهِ وإن حدث بنيقاتر حدث الموت قبل تزويج ابنتي أَوْ بعد تزويجها من غير أن يكون لَهَا ولد فأوصى نيقاتر فيما خلفت بوصية فهي جائرة نافذة وإن مات نيقاتر عن غير وصية فسهل عَلَى ثاؤفرسطس وأحب أن يقوم فِي الأمر مقامه فِي أمر ولدي وغير ذَلِكَ مما خلفت وإن لَمْ يحب ثاؤفرسطس القيام بذلك فليرجع الأوصياء الذين سميت إِلَى انطيبطرس فليشاوروه فيما يعملونه فيما خلفت وليمضوا الأمر عَلَى مَا ينفقون عَلَيْهِ وليحفظني الأوصياء ونيقاتر فِي أربلس فإنها تستحق مني ذَلِكَ لما رأيت من عنايتها بخدمتي واجتهادها فيما وافق مسرتي وليعنوا لَهَا بجميع مَا تحتاج إِلَيْهِ وإن هي أحبت التزويج فلا توضع إِلاَّ عند رجل فاضل وليدفع إِلَيْهَا من الفضة سوي مَا لَهَا طالنطن واحد وهو مائة وخمسة وعشرون درهماً ومن الإماء ثلاثة ممن تختار مع جاريتها الَّتِي لَهَا وغلامها وإن أحبت المقام بخلقيس فلها السكني فِي داري دار الضيافة الَّتِي إِلَى جانب البستان وإن اختارت السكنى فِي المدينة باسطاً غيرا فلتسكن فِي منازل آبائي وأي المنازل اختارت فليتخذ الأوصياء لَهَا فِيهِ مَا تذكر أنها محتاجة إِلَيْهِ وأما أهلي وولدي فلا حاجة أي إِلَى أن أوصيهم بحفظهم والعناية بأمرهم وليعن نيقاتر بمرقس الغلام حَتَّى يرده إِلَى بلده ومعه جميع ماله عَلَى الحال الَّتِي يشتهيها ولتضق

جاريتي أمارقيس وإن هي بعد العتق أقامت عَلَى الخدمة لابنتي إلي أن تتزوج فليدفع إِلَيْهَا خمسمائة درخى وجاريتها ويدفع إِلَى ثاليس الصبية الَّتِي ملكناها قريباً غلام كم مماليكنا وألف درخي ويدفع إِلَى سيمس ثمن غلام يبتاعه لنفسه سوى الغلام الَّذِي كَانَ دفع إِلَيْهِ ثمنه ويوهب لَهُ سوى ذَلِكَ مَا يرى الأوصياء ومتى تزوجت ابنتي فليعتق غلماني ثاخن وفيلن وأولمبيوس ولا يباع ابن أولمبيوس ولا يباع أحد من غلماني ولكن يقرون فِي الخدمة إِلَى أن يدركوا مدرك الرجال فإذا بلغوا فليعتقوا وبفعل بهم فيما يوهب لهم عَلَى حسب مَا يستحقون. قال إسحاق بن حنين عاش أرسطوطاليس سبعاً وستين سنة والله أعلم. أما ترتيب تصانيفه فهي عَلَى أربع مراتب المنطقيات. الطبيعيات. الإلهيات. الخلفيات الكلام عَلَى كتبه المنطقيات وذكر من نقلها من عبارة إِلَى أخرى ومن شرحها واختصرها حسب مَا أدى إِلَيْهِ النظر والاجتهاد. قاطيغورياس معناها لمقولات. باري أرميلياس ومعناه الصبارة. أنولوطيقا الأول ومعناه تحليل القياس. أبو ديقطيقا وهو أتولوطيقا الثاني ومعناه البرهان. طوبيقا ومعناه الجدل. سوقسطيقا ومعناه المغالطون ويقال الحكمة المموهة. ويطوريقا ومعناه الخطابة. أبو طيقا ويقال بوطيقا ومعناه الشعر. الكلام عَلَى قاطيغورياس ومن نقله وشرحه نقله من الرومية إِلَى العربية حنين بن إسحاق وشرحه وقسره من بوتان ومن العرب منهم فرفوريوس يوناني اصطقن ابن إسكندراني رومي الليس رومي يحيى النحوي بطرك الإسكندرية أمونيوس رومي ثامسكيوس رومي ثاؤفرسطس يوناني سنبليقيوس ولرجل يعرف بناؤن سرياني وعربي ومن غريب تفاسيره قطعة منه لأمليخس. قال أبو زكريا يحيى بن عدي ينبغي أن يكون هَذَا منحولاً إِلَى أمليخس لأني رأيت فِي تصانيف الكلام قال الإسكندر قلت وهذا الكلام غير مانع فإنه يحتمل أن يكون بعض المتأخرين قَدْ أضاف كلام الإسكندر إِلَى كلام الآخر

وَلَيْسَ بممتنع وقال أبو سليمان المنطقي السجستاني استقل هَذَا الكتاب أبو زكريا يحيى ابن عدي بتفسير القروديسيّ يعني الإسكندر فِي نحو ثلاثمائة ورقة وممن فسر هَذَا الكتاب من فلاسفة المسلمين أبو نصر الفارابي وأبو بشر متى ولهذا الكتاب مختصرات وجوامع مشجرة وغير مشجرة لجماعة منهم ابن المقفع وابن بهرين والكندي وإسحاق بن حنين وأحمد بن الطيب والرازي. الكلام عَلَى باريرميلياس وهو العبارة نقل النص حنين إِلَى السرياني وإسحاق إِلَى العربي والذين تولوا تفسيره الإسكندر الأفروديسيّ وَلَمْ يوجد ويحيى النحوي وأمليخس وفرفوريوس جوامع اصطفن وهو غريب غير موجود ولجالينوس تفسير وقويري وأبو بشر متي والفارابي وثاؤقرسطس والذين اختصروه حنين وابن المقفع والكندي وابن بهرين والرازي وثابت بن قرة وأحمد بن الطيب. الكلام عَلَى أنولوطيقا الأول وهو تحليل القياس نقله نياذورس إِلَى العربي ويقال عرضه عَلَى حنين فأصلحه ونقل حنين قطعة إِلَى السرياني ونقل إسحاق الباقي إِلَى السرياني ذكر من فسره فسر الإسكندر إِلَى الأشكال الجميلة تفسيرين أحدهما أتم من الآخر وفسر ثامسطيوس المقالتين فِي ثلاث مقالات وفسر يحيى النحوي إِلَى الأشكال أيضاً وفسر أبو بشر متى المقالتين جميعاً وللكندي تفسير هَذَا الكتاب. الكلام عَلَى أنولوطيقا الثاني وهو البرهان نقل حنين بعضه إِلَى السرياني ونقل إسحاق الكل إِلَى السرياني ومقل متى نقل إسحاق إِلَى العربي ذكر من فسره شرح ثامسطيوس هَذَا الكتاب شرحاً تاماً وشرحه الإسكندر وَلَمْ يوجد

وشرحه يحيى النحوي ولأبي يحيى المروزي الَّذِي قرأه عَلَيْهِ متى كلام فِيهِ وشرحه متى والفارابي والكندي. الكلام عَلَى طوبيقا وهو الجدل نقله إسحاق إِلَى السرياني ونقل يحيى بن عدي الَّذِي نقله إسحاق إِلَى العربي ونقل الدمشقي منه سبع مقالات ونقل إبراهيم بن عبد الله الثامنة وَقَدْ توجد بنقل قديم الشارحون لَهُ قال يحيى بن عدي فِي أول تفسير هَذَا الكتاب أني لَمْ أجد لهذا الكتاب تفسيراً لمن تقدم إِلاَّ تفسير الإسكندر لبعض المقالة الأولى والمقالة الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة وتفسير أمونيوس للمقالة الأولى والثانية

والثالثة والرابعة فعولت لما قصدت فِي تفسيري هَذَا عَلَى مَا فهمته من تفسير الإسكندر وأمومونيوس وأصلحت عبارات النقلة لهذين التفسيرين والكتاب بتفسير يحيى نحو ألف ورقة ومن غير كلام يحيى شرح أومونيوس المقالات الأربع الأول والإسكندر الأربع الأواخر إِلَى الاثني عشر موضعاً من المقالة الثانية وفسر ثامسطيوس المواضع منه وللفارابي تفسير هَذَا الكتاب وَلَهُ مختصر وفسر متى المقالة الأولى والذي فسره أومونيوس والإسكندر من هَذَا الكتاب مقله إسحاق وَقَدْ ترجم هَذَا الكتاب أبو عثمان الدمشقي. الكلام عَلَى سوفسطيقا وهو الحكمة المموهة نقله ابن ناعمة وأبو بشر متي إِلَى السرياني ونقله يحيى بن عدي إِلَى العربي الذين تولوا تفسيره فسره قُوَيَوي ونقل إبراهيم بن بكوش العشاري هَذَا الكتاب مما نقله ابن ناعمة إِلَى العربي عن طريق الإصلاح وللكندي تفسير هَذَا الكتاب. الكلام علة ويطوريقا وهو الخطابة يصاب بنقل قديم وقيل أن إسحاق نقله إِلَى العربي ونقله إبراهيم بن عبد الله وفسره الفارابي أبو نصر وروى ذا الكتاب بخط أحمد ابن الطبيب

الكلام على كتبه الطبيعيات

السرخسي فِي نحو مائة ورقة وهو خط قديم. الكلام عَلَى أبو طيقا ومعناه الشعر نقله أبو بشر متى من الشرياني إِلَى العربي ونقله يحيى بن عدي وقيل أن فِيهِ كلاماً لثامسطيوس ويقال أنه منحول إِلَيْهِ وللكندي مختصر فِي هَذَا الكتاب .. ثُمَّ الكلام فِي المنطقيات. الكلام عَلَى كتبه الطبيعيات كتاب السماع الطبيعي وهو المعروف يسمع الكيان وهو ثماني مقالات الموجود من تفسير الإسكندر الأفروديسي لهذا الكتاب المقالة الأولى من نص كلام أرسطوطاليس فِي مقالتين والموجود منهما مقالة وبعض الأخرى ونقلها أبو روح الصابي وأصلح هَذَا النقل يحيى بن عدي والمقالة الثانية من نص كلام أرسطوطاليس ف مقالة واحدة ونقلها من اليوناني إِلَى السرياني حنين ونقلها من السرياني إِلَى العربي يحيى بن عدي وَلَمْ يوجد شرح المقالة الثالثة من نص كلام أرسطوطاليس فأما المقالة الرابعة ففسرها فِي ثلاث مقالات والموجود منها المقالة الأولى والثانية وبعض الثالثة إِلَى الكلام فِي الزمان ونقل ذَلِكَ قسطاً والظاهر الموجود ونقل الدمشقي والمقالة الخامسة من كلام أرسطوطاليس فِي مقالة واحدة نقلها قسطا بن لوقا والمقالة السادسة فِي مقالة واحدة والموجود منها النصف وأكثر قليلاً والمقالة السابعة فِي مقالة واحدة ترجمة قسطا والمقالة الثامنة فِي مقالة واحدة والموجود منها أوراق يسيرة فأما ترجمة قسطا من هَذَا الكتاب فهي تعاليم وَمَا ترجمه عبد المسيح بن ناعمة فهو غير تعاليم والذي ترجمه قسطا النصف الأول وهو أربع مقالات والنصف الآخر وهو أيضاً أربع مقالات ترجمه ابن ناعمة فأما من فسره فجماعة من فلاسفة متفرقين يوجد تفسير فرفوريوس للأولى والثانية والثالثة والرابعة نقل ذَلِكَ بسيل ولأبي بشر متى نقل تفسير ثامسطيوس لهذا الكتاب بالسرياني يتقص شيء من المقالة الأولى وفسر أبو أحمد بن كرتيب بعض المقالة الأولى وبعض المقالة الرابعة وهو إِلَى الكلام فِي الزمان وفسر ثابت بن قرة بعض المقالة الأولى وترجم إبراهيم بن الصلت المقالة الأولى من هَذَا الكتاب رؤيت بخط يحيى بن عدي ولأبي الفرج قدامة بن جعفر بن قدامة تفسير بعض المقالة الأولى من السماع الطبيعيّ وفسره بكماله ثامسطيوس عَلَى سبيل الجوامع لَمْ يبسط القول فِيهِ وفسره يحيى النحوي ونقل من الرومي إِلَى العربي وهو كتاب كبير ملكته دفعة عشر مجلدات وَكَانَ قَدْ حشاه جوجرس البيرودي بكلام ثامسطيوس وَكَانَتْ هَذِهِ النسخة قَدْ ملكها عيسى بن الوزير علي بن عيسى بن الجراح وقرأها عَلَى يحيى بن عدي وحشاه بما سمعه من الفوائد من يحيى بن عدي عند قرائه عَلَيْهِ وَكَانَ خطه فِي غاية الجودة والصحة ولابن المسيح عَلَى هَذَا الكتاب شرح كالجوامع وَقَدْ شرحه جماعة بعد هؤلاء من فلاسفة الملة الإسلامية وغيرهم يطول ذكرهم. كتاب السماء والعالم لَهُ والكلام عَلَيْهِ وهو أربع مقالات نقل هَذَا الكتاب ابن البطريق ونقل أبو بشر متي بعض المقالة الأولى وشرح الإسكندر الأفروديسي من هَذَا الكتاب بعض المقالة الأولى ولثامسطيوس شرح الكتاب كله نقله وأصلحه يحيى بن عدي ولحنين وفيه شيء وهو المسائل لبست عشر ولأبي زيد البلخي شرح صدر هَذَا الكتاب كتبه إِلَى أبي جعفر الخازن ولأبي هاشم الجبائي عَلَيْهِ كلام وردود سماه التصفح أبطل فِيهِ قواعد أرسطوطاليس وأخذه بألفاظ زعزع بِهَا قواعده الَّتِي أسسها وبنى الكتاب عَلَيْهَا وسمعت أن يحيى بن عدي حضر مجلس بعض الوزراء ببغداد فِي يوم هناء واجتمع فِي المجلس جماعة من أهل الكلام فقال لهم الوزير تكلموا مع الشيخ يحيى فإنه رأس متكلمي الفرقة الفلسفية فاستعفاه يحيى فسأله عن السبب فقال يحيى هم لا يفهمون قواعد عبارتي وأنا لا أفهم اصطلاحهم وأخاف أن يجرى لهم معهم مَا جرى للجبائي فِي كتاب التصفح فإنه نقض كلام أرسطوطاليس ورد عَلَيْهِ بمقدار مَا تخيل لَهُ من فهمه وَلَمْ يكن عالماً بالقواعد المنطقية ففسد الرد عَلَيْهِ وهو يظن أنه قَدْ أتي بشيء ولو علمها لَمْ يتعرض لذلك الرد فأعفاه لما سمع كلامه واعتقد فسه الإنصاف.

كتاب الكون والفساد لَهُ نقله حنين إِلَى السرياني ونقله إسحاق إِلَى العربي ونقله الدمشقي إِلَى العربي وذكر ابن بكوش نقله وشرح هَذَا الكتاب كله الإسكندر وللامقيذ ورس شرح لهذا الكتاب بنقل اسطاث نقله متى ونقل المقالة الأولى قسطا وأما نقل متى فأصلحه أبو زكريا يحيى بن عدي عند نظره فِيهِ وشرحه يحيى النحوي ووجد شرحه بالسرياني فنقل إِلَى العربي وقال أهل العلم بالسرياني أنه بالسرياني فَوْقَ العربي فِي الجودة ولا شك فِي أن ناقله إِلَى العربي قصر فِي الترجمة والله أعلم. كتاب الآثار العلوية وللامقيذوس شرح كبير لهذا الكتاب نقله أبو بشر الطبري ولإسكندر شرح نقل إِلَى العربي وَلَمْ ينقل إِلَى السرياني ونقله يحيى بن عدي فيما بعد كتاب النفس لَهُ وهو ثلاث مقالات نقله حنين إِلَى السرياني تاماً ونقله إسحاق إِلاَّ شيئاً يسيراً ثُمَّ نقله إسحاق نقلاً ثانياً جود فِيهِ وشرح ثامسطيوس هَذَا الكتاب بأسره المقالة الأولى فِي مقالتين والثانية فِي مقالتين والثالثة فِي ثلاث مقالات وللامقيذورس تفسير جيد ويوجد تفسير جيد ينسب إِلَى سلبليقيوس سرياني وعمله أيضاً أتاه والس وَقَدْ يوجد عربياً وللإسكندر تلخيصه نحو مائة ورقة ولا بن البطريق جوامع هَذَا الكتاب وإن إسحاق نقل مَا حرره ثامسطيوس إِلَى العربي من نسخة ردية ثُمَّ أصلحه بعد ثلاثين سنة بالمقابلة إِلَى نسخة جيدة. كتاب الحس والمحسوس لَهُ وهو مقالتان لا يعرف لهذا الكتاب نقل يعول عَلَيْهِ ولا يذكر وإنما الموجود من ذَلِكَ هو شيء يسير عُلق عن أبي بشر متي بن يونس. كتاب الحيوان لَهُ وهو تسع عشرة مقالة نقله ابن البطريق وَقَدْ يوجد سريانياً نقلاً قديماً أجود من العربي وله جوامع قديمة ذكر ذَلِكَ يحيى بن عدي ولنيقولاؤس اختصار لهذا الكتاب ونقله أبو علي بن زرعة إِلَى العربي وصححه وملكت منه نسخة واحدة والحمد لله تعالى. كتاب الإلهيات ويعرف بالحروف وبما بعد الطبيعة ترتيب هَذَا الكتاب عَلَى ترتيب حروف اليونانيين وأوله الألف الصغرى ونقلها إسحاق والموجود منه إِلَى حرف مو ونقل هَذَا الحرف أبو زكريا يحيى بن عدي وَقَدْ يوجد حرف تو باليونانية وهذه الحروف نقلها اسطات الكندي وله خبر فِي

ذَلِكَ ونقل أبو بشر متي مقالة اللام وهي الحادية عشر من الحروف إِلَى العربي ونقل حنين بن إسحاق هَذِهِ المقالة إِلَى السرياني وفسر ثامسطيوس مقالة اللام أيضاً ونقلها أبو بشر متي بتفسير ثامسطيوس ونقلها شملى ونقل إسحاق بن حنين عدة مقالات وفسر سوريانوس مقالة الباء وعربت ذكر ذَلِكَ يحيى بن عدي. الخلقيات كتاب الأخلاق لَهُ فسره فرفوريوس وهو اثنا عشر مقالة نقله حنين ابن إسحاق وَكَانَ عند أبي زكريا يحيى بن عدي بخط إسحاق بن حنين عدة مقالات تفسير ثامسطيوس وخرجت سرياني. كتاب المرآة لَهُ ترجمة الحجاج بن مطر. كتاب أثولوجيا فسره الكندي. كتاب قول الحكماء فِي الموسيقى. كتاب اختصار الخلاق. " ثبت كتب أرسطوطاليس عَلَى مَا ذكره رجل يسمى بطليموس فِي كتابه إِلَى أغلس " كتابه الَّذِي يحض فِيهِ عَلَى الفلسفة ثلاث مقالات ويسمي باليونانية وطريقيس فيلسوفيس. كتابه المعروف بسوقسطس مقالة واحدة. كتابه فِي العدل ويسمي باليونانية فاري ذيقا أَوْ سونيس أربع مقالات. كتابه فِي الرياضة والأدب المصلحين لحالات الإنسان فِي نفسه ويسمي باليونانية فاري فاذيس أربع مقالات. كتابه فِي شرف الجنس ويسمى باليونانية قاري أوغانيس خمس مقالات. كتابه فِي الشعراء ثلاث مقالات. كتابه فِي الملك ويسمى فاري فاسليس ست مقالات.

كتابه فِي الخير ويسمى فاري أغاثو خمس مقالات. كتابه الملقب بارخوطس ثلاث مقالات. كتابه الَّذِي يتكلم فِيهِ عَلَى الخطوط الَّتِي غير منقسمة ويسمى فاري طون أطو من غرمون ثلاث مقالات. كتابه فيما يقع عَلَيْهِ صفة العدل ويسمى فاري ديقاؤن أربع مقالات. كتابه فِي التباين والاختلاف ويسمي فاري دياقوراس أربع مقالات. كتابه فِي أمر العشق ويسمى أرطيقون ثلاث مقالات. كتابه فِي الصور هل هي موجودة أو لا ويسمى فاري أيدولن ثلاث مقالات. كتابه الَّذِي اختصر فِيهِ قول أفلاطون فِي تدبير المدن ويسمى أفلاطونس فوليطس مقالتان. كتابه فِي اللذة ويسمى فاري أيد والسماطا عشر مقالات. كتابه فِي الحركات ويسمي فاري قيليساؤن ثمان مقالات. كتابه الموسوم بمسائل حيلية ويسمى ميخانيقا فربليماطا مقالتان. كتابه فِي صناعة الشعر عَلَى مذهب فيثاغورس وأصحابه مقالتان. كتابه فِي الروح ويسمى فاري بنوماطس ثلاث مقالات. كتاب لَهُ رسمه فِي المسائل يسمى بروبليماطن ثلاث مقالات. كتاب لَهُ رسمه فِي نيل مصر ويسمي فاري طونيل ثلاث مقالات. كتابه فِي اتخاذ الحيوان مَا يتخذ من المواضع ليأوي إليها ويكمن فِيهَا ويسمى فاري طوفولين مقالة. كتاب لَهُ اسمه جوامع الصناعات ويسمى فاري طخنون سوناغوغي مقالة. كتاب لَهُ رسمه فِي المحبة ويسمي فيليس ثلاث مقالات. كتابه المعروف بباريد مينياس وهو الثاني من كتب المنطق مقالة. كتابه المعروف بأنالوطيقا مقالتان. كتابه المعروف بأقود قطبقا مقالتان. كتاب لَهُ فِي السوقسطائيين مقالة.

كتابه الَّذِي رسمه المقالات الكبار فِي الأخلاق ويسمى ايثيقون ماغالن مقالتان. كتابه الَّذِي رسمه المقالات الصغار فِي الأخلاق الَّتِي كتبها لاؤذيمس ويسمى ايثيقون أوذيمس ثمان مقالات. كتابه فِي تدبير المدن ويسمى فوليطيقون ثمان مقالات. كتابه فِي صناعة ريطوري وهي الخطابة ثلاث مقالات. كتابه فِي سمع الكيان ثمان مقالات. كتابه فِي السماء والعالم أربع مقالات. كتابه فِي الكون والفساد مقالتان. كتابه فِي الآثار العلوية أربع مقالات. كتابه فِي النفس ثلاث مقالات. كتابه فِي الحس والمحسوس مقالة. كتابه فِي الذكر والنوم مقالة. كتابه فِي حركة الحيوان وتشريحها ويسمي قيناؤس طين زواؤن أناطومن سبع مقالات. كتابه فِي طبائع الحيوان عشر مقالات. كتابه الَّذِي رسمه فِي الأعضاء الَّتِي بِهَا الحياة ويسمى زوايقون موريون أربع مقالات. كتابه فِي كون الحيوان ويسمى فاري زواغناساؤس خمس مقالات. كتابه فِي حركات الحيوان المكانية عَلَى الأرض ويسمي فاري بوريس مقالة واحدة. كتابه فِي طول أعمار الحيوان وقصرها مقالة. كتابه فِي الحياة والموت مقالة. كتابه فِي النبات مقالتان. كتابه فِيما بعد الطبيعة ثلاثة عشر مقالة. كتابه الَّذِي رسمه مسائل هيولانية مقالة.

كتابه الَّذِي رسمه مسائل طبيعية أربع مقالات. كتابه الَّذِي رسم القسم ستة وعشرون مقالة. ويذكر فِي هَذَا الكتاب أقسام الزمان وأقسام النفس وأقسام الشهوة وأمر الفاعل والمتفعل والفعل وأمر المحبة وأنواع الخيرات وإن منها مَا هو معقول ومنها مَا هو فِي النفس ومنها مَا يكون عن النفس ويذكر أمر الخيرورة والشرارة ويذكر أنواع العلوم ولأنواع الحركات وأنواع مَا يقع عَلَيْهِ القول وأنواع الموجودات وَمَا تنقسم إِلَيْهِ ويسمي ذياراسيس. كتابه الَّذِي رسمه فسم أفلاطون ست مقالات. كتابه الَّذِي رسمه قسمة الشروط الَّتِي تشترط فِي القول وتوضع ثلاث مقالات. كتابه الَّذِي رسمه فِي مناقضة القول بأن تؤخذ مقدمات النقيض من نفس القول ويسمى أفيخيراماطي تسعة وثلاثون مقالة. كتابه الَّذِي رسمه موضوعات عشقية ويسمي ثاسيس أروطيقا مقالة. كتابه الَّذِي وضعه موضوعات طبيعية ويسمى ثاسيس فوسيفا مقالة. كتابه الَّذِي عنوانه ثبت الموضوعات ويسمى ثاساؤن الغرا. كتابه الَّذِي رسمه كتاب الحدود ويسمي أورى ستة عشر مقالة. كتابه الَّذِي رسمه بالأشياء التحديدية ويسمى أورسطا أربع مقالات. كتابه الَّذِي رسمه فِي التحديد الطوبيقي مقالة. كتابه الَّذِي رسمه تقويم حدود مستعملة فِي طوبيقا ويسمي بروس أورس طوبيوقون ثلاث مقالات. كتابه الَّذِي رسمه كتاب الموضوعات تقوم بِهَا حدود من الحدود ويسمى بروس أورس ثاسيس ابيخيريماطا مقالتان. كتابه الَّذِي رسمه فِي تقويم التحديد ويسمي بروسطس أورسمس مقالتان. كتابه الَّذِي رسمه كتاب المسائل ويسمي بروبليماطا ثمانية وستون مقالة. كتابه الَّذِي رسمه مقدمات للمسائل ويسمى بروبليماطن برواغراوا ثلاث مقالات.

الكتب التي وجدت في خزانة الرجل الذي يسمى ابليقون

كتابه الَّذِي رسمه المسائل الدورية وهي تستعمل للمعلمين ويسمى بروبليماطا انقفليا أربع مقالات. كتابه الَّذِي رسمه كتاب الوصايا ويسمى بارلغلماطا أربع مقالات. كتابه الَّذِي رسمه كتاب التذكرات ويسمى ايبومنيماطا مقالتان. كتابه الَّذِي رسمه أصناف مسائل من الطب ويسمى بروبليماطا قاطندي اياطريقا خمس مقالات. كتابه الَّذِي رسمه فِي تدبير الغذاء ويسمي باريدياناطس مقالة. كتابه الَّذِي رسمه فِي الفلاحة عشر مقالات ويسمى غاريقون .. ومن ذَلِكَ قوله فِي الرطوبات مقالة ويتلو ذَلِكَ مقالة رسمها فِي اليبوسات ويتلو ذَلِكَ مقالة رسمها فِي الأعراض العامية ويتلو ذَلِكَ ثلاث مقالات رسمها فِي الآثار العلوية ويتلو ذَلِكَ مقالتان رسمها فِي تناسل الحيوان ويتلو ذَلِكَ فِي المعنى مقالتان ويسمى غارغيقون. كتابه الَّذِي رسمه فِي المقدمات ويسمى بروطاسيس ثلاثة وثلاثون مقالة ويتلو ذَلِكَ كتاب فِي معناه إِلاَّ أنه فِي مقدمات أخر سبع مقالات. كتابه الَّذِي رسمه سياسة المدن ويسمى بوليطيا وهو كتاب ذكر فِيهِ سياسة أمم ومدن كثيرة من مدن اليونانيين وغيرها ونسبها وعدد الأمم والمدن الَّتِي ذكر مائة وإحدى وسبعون. كتاب لَهُ رسمه تذكرات ويسمى ايبومنيماطا ستة عشر مقالات. كتاب آخر فِي مثل ذَلِكَ مقالة. كتابه الَّذِي رسمه كتاب آخر فِي المناقضات ويسمى أبيخبريماطن مقالة. كتابه الَّذِي رسمه كتاب آخر فِي المضاف ويسمى باري طن سي مقالة. كتابه الَّذِي رسمه كتاب آخر فِي الزمان ويسمى باري خرونر مقالة. الكتب الَّتِي وجدت فِي خزانة الرجل الَّذِي يسمى ابليقون كتاب لَهُ رسمه بذكر آخر. كتاب جمع فِيهِ رجل يسمى أرطا من رسائل لأرسطوطاليس فِي ثمانية

أجزاء. كتاب لَهُ فِي سير المدن ويسمى بوليطيا مقالتان. ورسائل أخر وجدها أندرونيقس فِي عشرين جزءاً وكتب فِيهَا تذكرات لَمْ يراع الناس تحديدها عددها وأوائلها فِي المقالة الخامسة من كتاب أندرونيقس فِي فهرست كتب أرسطوطاليس. كتابه فِي مسائل من عويص سهمعر أوميرس فِي عشرة أجزاء. كتابه فِي جميع مغاني الطب ويسمى أباطريقيس. ثُمَّ عدد كتبه حسب مَا ذكره بطليموس إِلَى أغلس ولله الحمد كثيراً دائماً والصلاة عَلَى نبيه سيدنا محمد وآله الطاهرين. ورأيت فِي بعض التصانيف صورة أرسطوطاليس قالوا وَكَانَ أبيض أجاج قليلاً حسن القامة عظيم العظام صغير العينين والفم عريض الصدر كث اللحية أشهل العينين أقنى الأنف يشرع فِي مشيته إذَا خلا ويبطئ إذَا كَانَ مع أصحابه ناظراً فِي الكتب دائماً ويقف عند كل كلمة ويطيل الإطراق عند السؤال قليل الجواب ينتقل فِي أوقات النهار فِي الفيافي ونحو الأنهار محباً لاستماع الألحان والاجتماع بأهل الرياضيات وأصحاب الجدل تنصف من نفسه إذَا خصم ويعترف بموضع الإصابة والخطأ معتدلاً فِي الملابس والمأكل والمشرب والمنكح والحركات يتناول بيده آلة النجوم والساعات ومات وله ثمان وستون سنة ولما مات فيلبس وقام ولده الإسكندر بعده وشخص عن ماقذونية لمحاربة الأمم وجاز بلاد آسيا صار أرسطوطاليس إِلَى التبتل والتخلي عن خدمة الملوك والاتصال بهم وبنى موضع التعليم الَّذِي ذكرناه قبل وأقبل عَلَى العناية بمصالح الناس ورفد الضعفاء وتزويج الأيامى ونقد الملتمس للعلم والتأديب ممن كانوا وأي نوع كانوا ونقد الملتمس للعلم والتأديب ممن كانوا وأي نوع كانوا وإقامة المصالح فِي المدن وجدد بناءَ مدينة أسطاغيرا وَكَانَ جليل القدر فِي الناس وكانت لَهُ من الملوك كرامات عظيمة ومنزلة رفيعة ونقل أهل مدينة أسكاغيرا رمته وجمعوا عظامه بعد مَا بليت وصيروها فِي إناء من نحاس ودفنوها فِي الموضع المعروف بالأرسطوطاليس وصيروه مجمعاً لهم يجتمعون فِيهِ للمشاورة فِي جلائل الأمور وَمَا يحزنهم ويستريحون إِلَى قبره فإذا أصابهم صائب وصعب عليهم شيء من فنون الحكمة

والعلم أتوا ذَلِكَ الموضع وجلسوا إِلَيْهِ وتناظروا فيما بينهم حَتَّى يستنبطوا مَا أشكل عليهم ويصح لهم مَا شجر بَيْنَهم وكانوا يرون أن مجيئهم إِلَى الموضع الَّذِي فِيهِ عظام أرسطوطاليس يذكي عقولهم ويصحح فكرهم ويلطف أذهانهم وأيضاً يكون تعظيماً لَهُ بعد موته وأسفاً عَلَيْهِ وَعَلَى شدة فراقه وَمَا فقدوه من ينابيع حكمته. وَكَانَ كثير التلاميذ من الملوك وأبناء الملوك وغيرهم من الأفاضل المشهورين بالعلم المعروفين بشرف النسب وخلف من الولد ابناً يقال لَهُ نيقوماخس صغيراً وابنة صغيرة وخلف مالاً كثيراً ولو أردت استيفاء أخباره وحكمه لجاء مجلدات وفيما ذكرته ههنا مقنع ومناسبة لهذا المختصر وأقول. اعلم وفقك الله أن الحكماء هم الَّذِين نظروا فِي الأصول الأمور من الموجودات وبحثوا عن أوصاف الخالق الواجبة لَهُ يقدر نظرهم وزعموا تحقيق الأوائل الَّتِي يسموها طبيعيون وإلاهيون .. فأما الدهريون فهم فرقة قدماء جحدوا الصانع المدبر للعالم وقالوا يزعمهم أن العالم لَمْ يزل موجوداً عَلَى مَا هو عَلَيْهِ بنفسه لَمْ يكن لَهُ صانع صنعه ولا مختار أختاره وأن الحركة الدورية لا أول لَهَا وأن الإنسان من نطفة والنطفة من إنسان والنبت من حبة والحبة من نبت وأشهر حكماء هَذِهِ الفرقة تاليس الملطي وهو أقدم من علم بهذه المقالة وسيأتي خبره عند اسمه فِي حرف الثاء إِن شاء الله تعالى وهذه الفرقة ومن يقول يقولها ويتبعها عَلَى رأيها يسمون الزنادقة .. والفرقة الثانية الطبيعيون وهم قوم بحثوا عن أفعال الطبائع وانفعالها وَمَا صدر عن تفاعيلها من الموجودات حيوان ونبات وفحصوا هم خواص النبات وتشريح الحيوانات وتركيب الأعضاء وَمَا نتج عن اجتماعها وتركيبها من القوي فمجدوا الله عزّ وجلّ وعظموه وتحققوا بمخلوقاته أنه فاعل مختار قادر حكيم عليم أصدر الموجودات عن حكمته وقدر عَلَى قدر علمه وإرادته إِلاَّ أنهم لما رأوا قوام الموجودات من الأصول الَّتِي جعلوها مبادئ ورأوا فساد كثيرها عنه انتهائه إِلَى غايته الَّتِي اقتضتها قوة استمداده من الطبائع المتفاعلة حكموا بأن الإنسان كسائر الموجودات وأنه يقيم بقدر استمداده ثُمَّ يتحلل ويفني ويذهب كغيره من الموجودات الكائنة لكونه وأنكروا الرجعة فِي الدار الآخرة والوجود

بعد العدم والنشور بعد الفناء ورأوا أن النفس تهلك بهلاك الجسد وأن الأمور المندوب إِلَيْهَا فِي هَذَا الوجود عَلَى ألسن الأنبياء والأولياء والأوصياء المراد بِهَا حفظ السياسة المدنية الَّتِي يتكلف بِهَا هَذَا النوع عن الَّذِي فضلوا وأضلوا فهؤلاء زنادقة لأن المؤمنين هم الذين آمنوا بالله وباليوم الآخر وبالبعث والنشور وَمَا جاءت بِهِ الكتب عن الله عَلَى لسان نبي نبي .. والفرقة الثالثة الإلهيون وهم المتأخرون من حكماء يونان مثل سقراط وهو أستاذ أفلاطون وأفلاطون وأرسطوطاليس تلميذ أفلاطون وأرسطوطاليس هو مرتب هَذِهِ العلوم ومحررها ومقرر قواعدها ومزين فوائدها ومخمر فطيرها ومنضج قديدها وموضح طريق الكلام وتحقيق قوانينه والراد عَلَى من تقدمه من الفرقتين الدهرية والطبيعية والمندد القائم بإظهار فضائحهم وَكَانَ غيره من علماء الفرق بالكلام معهم وشغل الزمان بمناظرتهم ومشاجرتهم ثُمَّ أن أرسطوطاليس رأى كلام شيخه أفلاطون وشيخ شيخه سقراط فِي مناظرة القوم فوجد كلام شيخه مدخول الحجج متزلزل القواعد غير محكم البينة فِي الرد والمنع فهذبه ورتبه وحققه ونمقه وأسقط مَا ضعف منه وأتي فِي الجواب بالأقوى وسلك فِي كل ذَلِكَ سبيل المجاهدة والتقوى فجاء كلامه أنصع كلام وأسد كلام وأحكم كلام وكفى المؤمنين القتال مع تِلْكَ الفرق الأنذال غير أنه لما جال فِي هَذَا البر برأيه غير مستند إِلَى كتاب منزل ولا إِلَى قول نبي مرسل ضل فِي الطريق وفاتته أمور لَمْ يصل عقله إِلَيْهَا حالة التحقيق وهي بقايا استبقاها من رذائل كفر المتقدمين فكفر بِهَا وزادته فكرته عند النظر فِي كلامهم شهياً وإذا أنعم المنصف النظر فِي كلام أرسطوطاليس المنقول إلينا تحقق مَا ذكرته وتبين حقيقة مَا سطرته من نقل كلامه من اليونانية إِلَى الرومية وإلى السريانية وإلى الفارسية وإلى العربية حرّف وجزّف وظن بنقله الأنصاف وَمَا أنصف وأقرب الجماعة حالا فِي تفهيم مقاصده فِي كلامه الفارابي أبو نصر وابن سينا فإنهما دققا وحققا فحملا علمه عَلَى الوجه المقصود وأعذبا منه لوارده مهله المورود ووافقاه عَلَى شيء من أصوله فكفروا بكفره وجعل قدرهما بيم أهل الشهادة كقدره ولو قصدوا الرد عَلَيْهِ كما فعل صاحب المعتبر لسلما ولكن مَا الحيلة فِي رد القدر.

وكلام أرسطوطاليس وكلامهما ينقسم ثلاثة أقسام قسم يجب تكفيرهم بِهِ وقسم يجب التبديع بِهِ وقسم لا يجب إنكاره أصلاً وهذه الأقسام الثلاثة تتوجه إِلَى ستة وجوه وهي الرياضة والمنطقية والطبيعية والإلهية والسياسة المدنية والمنزلية والسياسة الخلقية أما الرياضة فتتعلق بعلم الحساب والهندسة وعلم هيئة العالم وَلَيْسَ فِي هذه شيء يتعلق بالعلوم الدينية نفياً وإثباتاً بل هي أمور برهانية لا سبيل إِلَى جحدها بعد فهمها وتعريفها ولكنها توصل إِلَى آفة ضارة وذلك أن الناظر فِيهَا إِذَا رأى دقائقها وقواطع أدلتها ظن أن جميع علوم الحكمة فِي الإيقان كهي فيضل وَلَيْسَ الأمر كذلك وأما المنطقيات فلا تتعلق بشيء منها بالدين نفياً وإثباتاً بل هو نظر فِي طرق الأدلة والمقاييس وشروط مقدمات البرهان وكبقية تركيبها وشروط الحد ليصح بِهِ المحدود وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا ينبغي أن ينكر إِلاَّ أنه يؤدي إِلَى نوع تحصل بِهِ شبهة تدفع إِلَى الكفر وهو أن البرهان من هَذَا النوع وأنهم يحملونه شروطاً يعلم أنها تورث اليقين لا محالة فإذا وصلوا عند المقاصد الدينية لا يمكن الوفاء بتلك الشروط فيتساهلون غاية التساهل فتزل أقدامهم وأقدامهم التابعين لهم ويخفي موضع المغالطة عَلَى الغير ويبنى الأمر فِي هَذِهِ الصورة عَلَى أنها عَلَى مَا تقدم من الحقيقة البرهانية وَلَيْسَ الأمر عند إنعام النظر كذلك وأما الطبيعيات فتقدم القول فِيهَا وَفِي الأمر الموجب لفساد عقيدة المعتقد لَهَا ومن أَيْنَ دخل عَلَيْهِ الوهم المفسد لدينه مع تظاهره بالإيمان فِي تقديس الموحد والطبيعيات هي مقدمات الكلام فِي الإلهيات وأما الإلهيات ففيها أكثر الأغاليط إذ العجز واقع عن الوفاء بالبراهين عَلَى مَا شرطوه فِي المنطق ولذلك كثر الاختلاف فِي هَذَا النوع بَيْنَ القوم وَقَدْ قرب من أرسطوطاليس فِي قوله الفارابي وابن سينا فبحق كفر من يقول بقول أرسطوطاليس فِي ثلاث مسائل خالف فِيهَا كافة الإسلاميين وهو أن الأجساد لا تحشر وإن المثاب والمعاقب هي الأرواح المجردة والعقوبات روحانية لا جسمانية وكتابية فِي صفة الله عزّ وجلّ بأنه يعلم الكليات دون الجزئيات فهو كفر صريح لأن الله لا يعزب عن علمه مثقال ذرة فِي السماوات ولا فِي الأرض وَقَدْ تابعه صاحب المعتبر بعد اعتباره عَلَى نوع من هَذَا ويحتج القول لتعارض الأدلة وَلَمْ يمكنه الانفصال عنه عَلَى الوجه ومن ذَلِكَ قولهم بأزلية العالم وقدمه وأن تعللوا بعلل فِي قدمه بنسبة ومرة فِي حدوثه بنسبة فما يرحوا فِي الحيرة وأما سبع عشرة مسألة فهم فِيهَا أهل بدعة وَلَيْسَ هَذَا موضع تعديدها وأما السياسات فكلامهم فِيهَا أمر حكمي يرجع إِلَى المصالح المدنية والأمور الدنيوية من الترتيبات السلطانية وهي مأخوذة من كتب الله المنزلة عَلَى الأنبياء المرسلة وأما الخليقات فالقصد بِهَا الرجوع إِلَى حصر صفات النفس وأخلاقها وذكر أجناسها وأنواعها وكيفية معالجتها ومجاهدتها وهي مأخوذة من أخلاق أهل التصوف ومنقولة عنهم وهم المتألهون المثابرون عَلَى ذكر الله تعالى عَلَى مخالفة الهوى وسلوك الطريق إِلَى الله سبحانه وتعالى بالإعراض عن ملاذ الدنيا لأنهم بالمجاهدة أطلعوا عَلَى أخلاق النفس ومعانيها ومواضع هواها فأهملوا من ذَلِكَ الطالح واتبعوا الفعل الصالح نفعنا الله بهم وسلك بِنَا طريق الحق الَّذِي هو طريقهم وحسبنا الله ونعم الوكيل. وإثباتاً بل هي أمور برهانية لا سبيل إِلَى جحدها بعد فهمها وتعريفها ولكنها توصل إِلَى آفة ضارة وذلك أن الناظر فِيهَا إِذَا رأى دقائقها وقواطع أدلتها ظن أن جميع علوم الحكمة فِي الإيقان كهي فيضل وَلَيْسَ الأمر كذلك وأما المنطقيات فلا تتعلق بشيء منها بالدين نفياً وإثباتاً بل هو نظر فِي طرق الأدلة والمقاييس وشروط مقدمات البرهان وكبقية تركيبها وشروط الحد ليصح بِهِ المحدود وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا ينبغي أن ينكر إِلاَّ أنه يؤدي إِلَى نوع تحصل بِهِ شبهة تدفع إِلَى الكفر وهو أن البرهان من هَذَا النوع وأنهم يحملونه شروطاً يعلم أنها تورث اليقين لا محالة فإذا وصلوا عند المقاصد الدينية لا يمكن الوفاء بتلك الشروط فيتساهلون غاية التساهل فتزل أقدامهم وأقدامهم التابعين لهم ويخفي موضع المغالطة عَلَى الغير ويبنى الأمر فِي هَذِهِ الصورة عَلَى أنها عَلَى مَا تقدم من الحقيقة البرهانية وَلَيْسَ الأمر عند إنعام النظر كذلك وأما الطبيعيات فتقدم القول فِيهَا وَفِي الأمر الموجب لفساد عقيدة المعتقد لَهَا ومن أَيْنَ دخل عَلَيْهِ الوهم المفسد لدينه مع تظاهره بالإيمان فِي تقديس الموحد والطبيعيات هي مقدمات الكلام فِي الإلهيات وأما الإلهيات ففيها أكثر الأغاليط إذ العجز واقع عن الوفاء بالبراهين عَلَى مَا شرطوه فِي المنطق ولذلك كثر الاختلاف فِي هَذَا النوع بَيْنَ القوم وَقَدْ قرب من أرسطوطاليس فِي قوله الفارابي وابن سينا فبحق كفر من يقول بقول أرسطوطاليس فِي ثلاث مسائل خالف فِيهَا كافة الإسلاميين وهو أن الأجساد لا تحشر وإن المثاب والمعاقب هي الأرواح المجردة والعقوبات روحانية لا جسمانية وكتابية فِي صفة الله عزّ وجلّ بأنه يعلم الكليات دون الجزئيات فهو كفر صريح لأن الله لا يعزب عن علمه مثقال ذرة فِي السماوات ولا فِي

الأرض وَقَدْ تابعه صاحب المعتبر بعد اعتباره عَلَى نوع من هَذَا ويحتج القول لتعارض الأدلة وَلَمْ يمكنه الانفصال عنه عَلَى الوجه ومن ذَلِكَ قولهم بأزلية العالم وقدمه وأن تعللوا بعلل فِي قدمه بنسبة ومرة فِي حدوثه بنسبة فما يرحوا فِي الحيرة وأما سبع عشرة مسألة فهم فِيهَا أهل بدعة وَلَيْسَ هَذَا موضع تعديدها وأما السياسات فكلامهم فِيهَا أمر حكمي يرجع إِلَى المصالح المدنية والأمور الدنيوية من الترتيبات السلطانية وهي مأخوذة من كتب الله المنزلة عَلَى الأنبياء المرسلة وأما الخليقات فالقصد بِهَا الرجوع إِلَى حصر صفات النفس وأخلاقها وذكر أجناسها وأنواعها وكيفية معالجتها ومجاهدتها وهي مأخوذة من أخلاق أهل التصوف ومنقولة عنهم وهم المتألهون المثابرون عَلَى ذكر الله تعالى عَلَى مخالفة الهوى وسلوك الطريق إِلَى الله سبحانه وتعالى بالإعراض عن ملاذ الدنيا لأنهم بالمجاهدة أطلعوا عَلَى أخلاق النفس ومعانيها ومواضع هواها فأهملوا من ذَلِكَ الطالح واتبعوا الفعل الصالح نفعنا الله بهم وسلك بِنَا طريق الحق الَّذِي هو طريقهم وحسبنا الله ونعم الوكيل. الإسكندر الأفروديسي كَانَ فِي زمن ملوك الطوائف بعد الإسكندر بن فيلبس ورأى جالينوس الطبيب وعاصره وكان يلقب جالينوس رأس البغل لأنه اجتمع بِهِ وناظره وجرت بينهما محاورات ومشاغبات ومخاصمات فسمي جالينوس إذ ذَاكَ رأس البغل لقوة رأسه حالة المناظرة والمنافرة وَكَانَ هَذَا الإسكندر فيلسوف وقته شرح من كتب أرسطوطاليس الكثير وَكَانَتْ شروحه يرغب فِيهَا فِي الأيام الرومية وَفِي الملة الإسلامية وإلى زماننا هَذَا عند من يعنى بهذا الشأن قال يحيى بن عدي الفيلسوف أن شرح الإسكندر للسماع الطبيعي كله ولكتاب البرهان رأيتهما فِي تركة إبراهيم بن عبد الله الناقد النصراني وأن الشرحين عرضا علي بمائة دينار وعشرين ديناراً فمضيت لأحتال بالدنانير وعدت وأصبت القوم قَدْ باعوا الشرحين فِي جملة كتب علي رجل خراساني بثلاثة آلاف دينار وقال غير يحيى أن هَذِهِ الكتب الَّتِي وأشار إِلَيْهَا كَانَتْ تحمل فِي الكم

وقال يحيى ابن عدي المذكور التمست من إبراهيم بن عبد الله الناقد المقدم ذكره قص سوفسطيا وفص الخطابة وفص الشعراء بنقل إسحاق بخمسين ديناراً فلم يبعها وأحرقوها وقت وفاته قلت فانظر إِلَى همة الناس فِي تحصيل العلوم والاجتهاد فِي حفظها والله لو حضرت هَذِهِ الكتب المشار إِلَيْهَا فِي زماننا هَذَا وعرضت عَلَى مدعي علمها مَا أدوا فِيهَا عشر مَا ذكر. وللإسكندر من الكتب أيضاً كتاب النفس مقالة كتاب الرد عَلَى جالينوس فِي التمكن مقالة كتاب الأصول العالية مقالة كتاب عكس المقدمات مقالة كتاب العناية مقالة كتاب فِي الفرق بَيْنَ الهيولي والجنس مقالة كتاب الرد عَلَى من قال أنه لا يكون شيء إِلاَّ من شيء كتاب الرد عَلَى من يقول أن الأبصار لا تكون إِلاَّ بشعاعات تنبعث من العين كتاب الكون مقالة كتاب الفصل عَلَى رأي أرسطوطاليس مقالة كتاب الثاؤلوجيا. أفلاطون صاحب الكي يقال أنه كَانَ أحد من أخذ عنه جالينوس وَلَهُ تصانيف منها كتاب الكي مقالة لا يعرف بَيْنَ الأطباء من نقلها. أقريطون المعروف بالمزين كَانَ زمانه قبل جالينوس وبعد بقراط وَلَهُ كتاب الزينة. الإسكندر هَذَا هو الإسكندر الطبيب وَكَانَ قبل جالينوس ومن تصانيفه كتاب علل العين وعلاجاتها ثلاث مقالات ينقل قديم كتاب البرسام نقل ابن البطريق للقحطمي كتاب الحيات والديدان الَّتِي تتولد فِي البطن بنقل قدم مقالة. أوليطراؤس الطرسوسي طبيب كَانَ يلقب بالهلال يعد يحيى النحوي فِي أوائل الشريعة الإسلامية ولقب بالهلال لأنه كَانَ يلازم بيته ويتشاغل بالعلوم والتصنيف ولا يرى إِلاَّ فِي كل حين فلقب بالخلال لكثرة استثاره وظهوره فِي الأحايين. أريباسيوس طبيب إسكندراني بعد يحيى النحوي فِي أول الشريعة افسلامية بالديار المصرية وَكَانَ فاضلاً مصنفاً فِي صناعة الطب وَلَهُ عدة كنانيش مشهورة بَيْنَ أهل هَذِهِ الصناعة ويعرف بصاحب الكنانيش. أصطفن الحراني طبيب فِي فنه مذكور ذكره ابن بختيشوع فِي

تاريخه وَلَمْ يذكر سوى اسمه إِلاَّ أنه طبيب. أريباسيوس آخر وَكَانَ يعرف بالقوابلي وسمي بهذا الاسم لأنه كَانَ كثيراً مَا يشاور فِي أمور المساء فسمي بذلك ذكره ابن بختيشوع. أقرن طبيب رومي ذكره ابن بختيشوع فِي جملة الأطباء الذين بعد زمن يحيى النحوي وَلَمْ يذكر لَهُ خبراً. إبراهيم بن حبيب الفزاري الإمام العالم المشهور المذكور فِي حكماء الإسلام وهو أول من عمل فِي الإسلام اصطرلاباً وَلَهُ كتاب فِي تسطيح الكرة منه أخذ كل الإسلاميين وَكَانَ من اولاد سمرة بن جندب وَكَانَ ميله إِلَى علم الفلك وَمَا يتعلق بِهِ وَلَهُ تصانيف مذكورة منها كتاب القصيدة فِي علم النجوم وكتاب المقياس للزوال وكتاب الزيج عَلَى سنى العرب وكتاب العمل بالإصطرلابات ذوات الحلق وكتاب العمل بالإصطرلاب المسطح. إبراهيم بن يحيى النقاش أبو إسحاق المعروف بولد الزرقيال الأندلسي أبصر أهل زمانه بأرصاد الكواكب وهيئة الأفلاك واستنباط الآلات النجومية وَلَهُ صفيحة الزرقيال المشهورة فِي أيدي أهل هَذَا النوع الَّتِي جمعت من علم الحركات الفلكية كل بديع مع اختصارها ولما وردت عَلَى علماء هَذَا الشأن بأرض المشرق حاروا لَهَا وعجزوا عن فهمها إِلاَّ بعد التوفيق وَلَهُ أرصاد قَدْ رصدها ونقلت عنه فممن أخذ أرصاده وبني عَلَيْهَا ابن الحماد الأندلسي عمل عَلَيْهَا ثلاثة أزياج أحدها سماه الكور عَلَى الدور والآخر الأمد عَلَى الأبد واختصرهما وسماه المقتبس. إبراهيم بن سنان بن ثابت بن قره الصابي الحراني يكنى أبا إسحاق كَانَ ذكياً عاقلاً فهماً عالماً بأنواع الحكمة والغالب عَلَيْهِ فن الهندسة

وهو مقدم فِي ذَلِكَ وَلَمْ ير أذكى منه وَلَهُ مصنفات حسان فِي هَذَا الشأن ظفرت لَهُ برسالة فِي ذكر مَا صنفه فمن تصانيفه عَلَى مَا حكى فِي الرسالة فِي أمر علم النجوم ثلاثة كتب أولها كتاب سماه كتاب آلات الإظلال كَانَ بدأ بعمله فِي السنة السادسة عشر أَوْ السابعة عشر منذ أول عمره وأطال فِيهِ إطالة كرهها بعد ذَلِكَ فخففها وقررها عَلَى ثلاث مقالات وصححه فِي السنة الخامسة والعشرين من عمره والثاني الَّذِي بين أمر الرخامات كلها وذلك أنه جمع جميع أعمال الرخامات الَّتِي بسائطها مسطحة إِلَى عمل واحد يعمها وأقام عَلَيْهِ البرهان مع أشياء بينها كالحال فِي عمل واحد والثالث فِي الظل وَمَا يسأل العوام منه وأمر الرخامة الَّتِي لا يطول فِيهَا الظل ولا يقصر وغير ذَلِكَ مما يحتاج إِلَيْهِ فِي نصب الرخامات واستخراج السطوح لَهَا وخطوط أنصاف النهار وغير ذَلِكَ ثُمَّ عمل بعد ذَلِكَ كتاباً فيما كَانَ بطليموس القلوذي استعمله عَلَى سبيل التساهل فِي استخراج اختلافات زحل والمريخ والمشتري فإنه أفرد لذلك مقالة تممها فِي السنة الرابعة والعشرين من عمر وبين أنه لو عدل عن ذَلِكَ الطريق إِلَى يره لاستغني عن التساهل الَّذِي استعمله وسلك فِيهِ غير سبيل القياس وعمل فِي الهندسة ثلاث عشرة مقالة منها إحدى عشرة مقالة فِي الدوائر المتماسة بين فِيهَا عَلَى أي وجه تتماس الدوائر والخطوط الَّتِي تجوز عَلَى النقط وغير ذَلِكَ وعمل بعد ذَلِكَ مقالة أخرى تممه ثلاث عشر مقالة فِيهَا إحدى وأربعون مسألة هندسية من صعاب المسائل فِي الدوائر والخطوط والمثلثات والدوائر المتماسة وغير ذَلِكَ سلك فِيهَا طريق التحليل من غير أن ذكر تركيباً إِلاَّ فِي ثلاث مسائل احتاج إِلَى تركيبهم وعمل مقالة ذكر فِيهَا الوجه فِي استخراج المسائل الهندسية بالتحليل والتركيب وسائر الأعمال الواقعة فِي المسائل الهندسية وَمَا يعرض للمهندسين ويقع عليهم من الغلط من الطريق الَّذِي يسلكونه فِي التحليل إِذَا اختصروه عَلَى حسب مَا جرت بِهِ عادتهم وعمل أيضاً مقالة لطيفة فِي رسم القطوع الثلاثة بين فِيهَا كَيْفَ توجد نقط كثيرة بأي عدد شئنا تكون عَلَى أي قطع أدرنا من قطوع المخروط.

إبراهيم بن الصباح وأخواه محمد والحسن كانوا جميعاً من حذاق المنجمين العالمين بعلوم الهيئة والأحكام وَكَانَتْ لهم تآليف يصطلحون عَلَى تأليفها فلا ينفرد الواحد عن الآخر إِلاَّ فِي القليل فمن تصانيفهم كتاب برهان الاصطلاح لَمْ يتمموه وتممه إبراهيم منهم كتاب عمل نصف النهار بالهندسة عمله محمد فتممه الحسن كتاب محمد فِي صنعة الرخامات كتاب الكرة للحسن كتاب العمل بذات الحلق للحسن. أثافروديطس فيلسوف رومي ذكره يحيى بن عدي وذكر أنه صنف كتاباً فِي الآثار العلوية وهو كتاب تفسير كلام أرسطوطاليس فِي مقالة قوس قزح نقله ثابت بن قرة. أرسطن هَذَا فيلسوف طبيعي رومي دل عَلَى فلسفته تصنيفه وهو كتاب النفس. أوذيمس دحكيم من حكماء الروم متصدر فِي وقته إفادة هَذَا الشأن قيم بعلم أرسطوطاليس مصنف فِي شرح بعض كتبه. أرميلس فيلسوف رومي بهذا الشأن أفاد أهل زمانه وشرح بعض كتب أرسطوطاليس. أيامليخس فيلسوف رومي معروف فِي وقته متعرض لشرح بعض كتب أرسطوطاليس نقلت كتبه المصنفة فِي شيء من ذَلِكَ إِلَى السريانية وخرج بعضها إِلَى العربية. أراسيس رجل رومي مذكور بالحكمة صنف فِي شرح بعض كتب أرسطوطاليس وخرج كلامه إِلَى العربية. انكساغورس حكيم مشهور مذكور كَانَ قبل أرسطوطاليس وعاصره وهو من مشاهير الفلاسفة ومذكور بهم وَلَهُ مقالات منقولة فِي مدارس التعليم. أفليمون فاضل كبير فِي فن من فنون الطبيعة وَكَانَ معاصراً لبقراط وأظنه شامي الدار كَانَ خبيراً بالفراسة ملماً بِهَا إِذَا رأى الشخص وتركيبه استدل بتركيبه عَلَى أخلاقه وَلَهُ فِي ذَلِكَ تصنيف مشهور خرج من اليونانية إِلَى العربية

وَلَهُ قصة مع أصحاب بقراط ظريفة تذكر فِي ترجمة بقراط فِي حرف الباء إِن شاء الله تعالى. أبلونيوس النجار رياضي قديم العهد وهو أقدم من إقليدس بزمان طويل وَلَهُ كتاب المخروطات المؤلف فِي علم أحوال الخطوط المنحنية ليست بمستقيمة ولا مقوسة ولما أخرجت الكتب من بلاد الروم إِلَى المأمون أخرج من هَذَا الكتاب الجزء الأول لا غير يشتمل عَلَى سبع مقالات ولنا ترجم الكتاب دلت مقدمته عَلَى أنه ثمان مقالات وأن المقالة الثامنة تشتمل عَلَى معاني المقالات السبع وزيادة واشترط فِيهَا شروطاً مفيدة وفوائد يرغب فِيهَا ومن ذَلِكَ الزمان وإلى يومنا هَذَا يبحث أهل الشأن عن هَذِهِ المقالة فلا يطلعون لَهَا عَلَى خبر ولا شك أنا كَانَتْ من ذخائر الملوك لعزة هَذِهِ العلوم عند ملوك يونان وكنت قَدْ ذاكرت بعض من يعاني شيئاً من هَذَا العلم فِي زماننا أَوْ يدعيه بأمر هَذِهِ المقالة فقال لي قَدْ وجدت وأخذ فِي وصفها فذكر مَا لَمْ يطابق كلام مؤلفها فِي وصفها فعلمت أنه يجهل الأصل والفرع فأضربت عنه وتركته بجهله وهذا الكتاب أعني المخروطات لابلونيوس هَذَا وكتاب آخر من تصنيفه فِي هَذَا النوع هما كانا السبب فِي تصنيف إقليدس كتابه بعد زمن طويل عَلَى مَا سيأتي ذكره فِي ترجمة إقليدس إِن شاء الله تعالى فإنه ألبق بذلك الموضع. وذكر بنو موسى بن شاكر فِي أول كتاب المخروطات أن ابلونيوس كَانَ من أهل الإسكندرية وذكروا أن كتابه فِي المخروطات فسد لأسباب منها استصعاب نسخه وترك الاستقصاء لتصحيحه والثاني أن الكتاب درس وانمحي ذكره وحصل متفرقاً فِي أيدي الناس إِلَى أن ظهر رجل بعسقلان يعرف بأوطيقوس وَكَانَ هَذَا مبرزاً فِي علم الهندسة معلماً وقال بنو موسى أن لهذا الرجل كتباً حسنة فِي الهندسة لَمْ يخرج منها إلينا شيء البتة فلما أن جمع مَا قدر عَلَيْهِ من الكتاب أصلح منه أربع مقالات وقال بنو موسى أن الكتاب ثماني مقالات والموجود منه سبع مقالات وبعض الثامنة وترجم الأربع المقالات الأولة بَيْنَ يدي أحمد بن موسى هلال بن هلال الحمصي والثلاث الأواخر ثابت بن قرة الحراتي والذي يصاب من المقالة الثامنة أربعة أشكال

فالذي تحرر من كتبه كتاب المخروطات سبع مقالات وبعض الثامنة كتاب قطع الخطوط عَلَى نسبة مقالتان كتاب فِي النسبة للحدود مقالتان أصلح الأولى ثابت والثانية منقولة إِلَى العربي غير مفهومة كتاب قطع السطوح عَلَى نسبة مقالة كتاب الدوائر المماسة وذكر ثابت بن قرة أن لَهُ مقالة فِي أن الخطين إِذَا أخرجا عَلَى أقل من زاويتين قائمتين يلتقيان. إقليدس المهندس النجار الصوري وهو ابن نوقطرس بن برنيقس المظهر للهندسة المبرز فِيهَا ويعرف بصاحب جومطريا واسم كتابه فِي الهندسة باليوناني الاسطروشيا ومعناه أصول الهندسة حكيم قديم العهد يوناني الجنس شامي الدار صوري البلد تجار الصنعة لَهُ يد طولى فِي علم الهندسة وكتابه المعروف بكتاب الأركان هَذَا اسمه بَيْنَ حكماء يونان وسماه من بعده الروم الاستقصات وسماه الإسلاميون الأصول هو كتاب جليل القدر عظيم النفع أصل فِي هَذَا النوع لَمْ يكن ليونان قبله كتاب جامع فِي هَذَا الشأن ولا جاه بعده إِلاَّ من دار حوله وقال قوله وَقَدْ عني بِهِ جماعة من رياضي يونان والروم والإسلام فمن بين شارح لَهُ ومشكل عَلَيْهِ ومخرج لفوائده وَمَا فِي القوم إِلاَّ من سلم إِلَى فضله وشهد بغزير نبله ولقد كَانَتْ حكماء يونان يكتبون عَلَى أبواب مدارسهم لا يدخلن مدرستنا لَمْ يكن من مرتاضاً يعنون بذلك لا يدخلنها من لَمْ يقرأ كتاب إقليدس ولإقليدس أيضاً فِي هَذَا النوع كتاب المفروضات وكتاب المناظر وكتاب تأليف اللحون وغير ذَلِكَ. وقال يعقوب بن إسحاق الكندي فِي بعض رسائله وَكَانَ كثير الاطلاع أن بعض ملوك اليونانيين وجد فِي خزائن الكتب كتابين منسوبين إِلَى أبلونيوس النجار ذكر فيهما صنعة الأجسام الخمسة الَّتِي لا تحيط كرة بأكثر منها فطلب من يفك لَهُ الكتابين فلم يجد فِي أرض يونان من يعلم ذَلِكَ فسأل القادمين عَلَيْهِ من الأقاليم فأخبره بعض المسؤولين أنه رأى رجلاً يصور اسمه إقليدس وصنعته النجارة يتكلم فِي هَذَا الفن ويقوم بِهِ فكاتب الملك ملك الساحل يومئذ وسير إِلَيْهِ نسخة الكتابين المقدم ذكرهما وطلب منه سؤال إقليدس عن

فكهما ففعل ملك الساحل ذَلِكَ وتقدم إِلَى إقليدس بِهِ وَكَانَ إقليدس أعلم أهل زمانه بالهندسة فبسط لَهُ أمر الكتابين وشرح لَهُ غرض ابلونيوس فيهما ثُمَّ وضع لَهُ صدراً للوصول إِلَى معرفة هَذِهِ المجسمات الخمس فقام من ذَلِكَ المقالات الثلاثة عشر المنسوبة إِلَى إقليدس ووصله بعد إقليدس من وصله بمقالتين ذكر فيهما مَا لَمْ يذكره أبلونيوس من نسب بعض هَذِهِ المجسمات الخمس إِلَى بعض ورسم بعضها فِي بعضها ومنهم من ينسب هاتين المقالتين إِلَى غير إقليدس وأنهما ألحقتا بالكتاب. وذكر بعض أهل العلم بالتاريخ أنه كَانَ أقدم من أرشميدس وغيره وهو من الفلاسفة الرياضيين وأما كتابه فِي أصول الهندسة فقد نقله الحجاج بن يوسف بن مطر الكوفي نقلين أحدهما يعرف بالهاروني وهو الأول والنقل الثاني هو المسمى بالمأموني وعليه يعول ونقله إسحاق بن حنين وأصلحه ثابت بن قبرة الحراني ونقل أبو عثمان الدمشقي منه مقالات قال ابن نديم رأيت منها العاشرة بالموصل فِي خوانة علي بن أحمد العمراني واحد علمائه أبو الصقر القبيصي ويقرأ عَلَيْهِ المجسطي فِي زماننا هَذَا يعني سنة سبعين وثلاثمائة وحل شكوك هَذَا الكتاب ايرن وشرحه النيريزي ولرجل يعرف بالكرابيسي سيمر ذكره فِي أثناء هَذَا التصنيف إِن شاء الله تعالى شرح لهذا الكتاب وللجوهري شرح هَذَا الكتاب من أوله إِلَى آخره وتمر أخبار الجوهري أيضاً وللماهاني شرح المقالة الخامسة من الكتاب وذكر نظيف المتطبب أنه رأى المقالة العاشرة من إقليدس رومية وهي نزيد عَلَى مَا فِي أيدي الناس أربعين شكلاً والذي بأيدي الناس مائة وتسعة أشكال وإنه عزم عَلَى إخراج ذَلِكَ إِلَى العربي وذكر يوحنا القس أنه رأى الشكل الَّذِي ادعاه ثابت فِي المقالة الأولى وزعم أن لَهُ فِي اليوناني وذكر نظيف أنه أراه إياه ولأبي حفص الحارث الخراساني وسيمر ذكره فِي شرح كتاب إقليدس ولأبي الوفاء البوزجاني شرح هَذَا الكتاب وَلَمْ يتمه وفسر أبو القاسم الأنطاكي الكتاب كله وَقَدْ خرج وهو موجود بَيْنَ أظهر الطلبة وَكَانَ سند ابن علي قَدْ فسره وأتى منه عَلَى تسع مقالات وبعض العاشرة وفسر العاشرة أبو يوسف الرازي وجوده لابن العميد وذكر الكندي فِي رسالته فِي أغراض كتاب إقليدس أن هَذَا الكتاب ألفه رجل يقال لَهُ لبلّينس النجار وأنه رسمه خمسة عشر قولاً فلما تقادم عهد هَذَا الكتاب فأهمل تحرك بعض ملوك الإسكندرانيين لطلب علم

الهندسة وَكَانَ عَلَى عهده إقليدس بإصلاح هَذَا الكتاب وتفسيره ففعل وفسر منه ثلاثة عشر مقالة فنسبت إِلَيْهِ ثُمَّ وجد بعد ذَلِكَ ابسقلاؤس تلميذ إقليدس مقالتين وهما الرابعة عشر والخامسة عشر فأهداهما إِلَى الملك فانضافتا إِلَى الكتاب وكل ذَلِكَ بالإسكندرية ولأبي علي الحسن بن الحسن بن الهيثم البصري نزيل مصر شرح مصادرات هَذَا الكتاب وَلَهُ أيضاً ذكر شكوك هَذَا الكتاب والجواب عن الشكوك ورأيت شرح المقالة العاشرة لرجل يوناني قديم اسمه بليس وَقَدْ خرجت إِلَى العربي وملكتها بخط ابن كاتب حليم وهي عندي والحمد لله ورأيت شرح العاشرة للقاضي أبي محمد بن عبد الباقي البغدادي الفرضي المعروف بقاضي البيمارستان وهو شرح جميل حسن مثل فِيهِ الأشكال بالعدد وعندي هَذِهِ النسخة بخط مؤلفها والحمد لله وحده .. وذكر أبو الحسن القشيري الأندلسي رحمه الله أن لبعض الأندلسيين شرحاً لهذا الكتاب وسماه وأنسيته وَكَانَ قوله هَذَا لي فِي البيت المقدس الشريف فِي شهور سنة خمس وتسعين وخمسمائة. ولإقليدس كتب متعددة صنفها منها غير هَذَا الكتاب كتاب الظاهرات كتاب اختلاف المناظر كتاب المعطيات كتاب النغم ويعرف بالموسيقى متحول كتاب القسمة إصلاح ثابت كتاب الفوائد منحول كتاب القانون كتاب الثقل والخفة كتاب التركيب منحول كتاب التحليل منحول. اليانوس الروماني هَذَا شيخ من شيوخ يونان ذكره جالينوس وادعى أنه شيخه وقال لَمْ يكن لَهُ تطبب فِي العلم سماه شيخه وحكي عنه أنه قال أصاب أهل أنطاكية مرة من الزمان وباء شديد عمها وجلب عَلَى أهلها مرضاً حاداً سريعاً فأهلك أناساً كثيراً حَتَّى صار أطباؤها وسلاطينها إِلَى الفزع والخوف وأن رجالاً من أهل العلم أشاروا عَلَى أهل البلد فِي العلاج بالدرياق والكنف عما سواه من الأدوية كلها فشربه الناس عن آخرهم فأما من شربه بعد حصول المرض فِي جسمه فإن منهم من تخلص من مرضه ومنهم من هلك وأما الَّذِين شربوه قبل حلول المرض بهم فإنهم تخلصوا من المرض بأسرهم. ارشميدس الحكيم الرياضي يوناني كَانَ بمصر وبها حقق علمه

وأخذ عن المصريين أنواعاً من فنون الهندسة لأنهم كانوا قائمين بِهَا من قديم وَلَهُ كتب جميلة جليلة .. وحكى لي الخطيب أمين الدين أبو الحسن علي بن أحمد بن جعفر بن عبد الباقي الأباني لعثمان الأموي القفطي وَكَانَ أجمل من رأيت نباهة وفضلاً وبلاغة ومشاركة قال أدركت جُلة المشايخ من أجلاء بلادنا وهم مجمعون عَلَى أن الَّذِي أردم أراضي أكثر قرى مصر وأسس الجسورة المتوصل بِهَا من قرية إِلَى قرية فِي زمن النيل هو ارشميدس فعل ذَلِكَ لبعض ملوكها وسببه أن أكثر القرى بمصر كَانَ أهلها إِذَا جاء النيل تركوها وصعدوا إِلَى الجبال المقابلة لَهَا فأقاموا بِهَا إِلَى أن يذهب النيل خوفاً من الغرق وإذا أخذ النيل فِي النقص نزل كل قوم إِلَى أراضيهم وشرعوا فِي الزرع فكان مَا تطامن من الأرض يمنعهم مَا انحبس فِيهِ من الماء عن الوصول إِلَى مَا علا فلا يوصل إِلَيْهِ إِلاَّ بعد جفافه فلا يمكن زرعه فيذهب بذلك مغل كثير ولما علم ارشميدس بذلك فِي زمنه قاس أراضي أكثر القرى عَلَى أعلى مَا يكون من النيل وأردم ردوماً وبنى عَلَيْهَا القرى وعمل الجسورة مَا بَيْنَ القرى وَفِي أوساط الجسورة قناطر ينقذ الماء منها من أرض قرية إِلَى أخرى فزرع مل واحد منهم الزرع فِي وقته من غير فوات ووقف من كل ضيعة أرضاً معينة يصرف مغلها فِي كل سنة إِلَى إصلاح ههذ الجسورة فهي إِلَى الآن معلومة ولها ديوان مفرد بمصر يعرف بديوان فدن الجسورة وعليها احتراز كثير وعناية كثيرة وأعرف وأنا طفل وفد أضيفت هَذِهِ الجهة بالأعمال الشرقية من جوف مصر إِلَى والدي رحمه الله نظراً وَلَهُ نواب وسمان ومشدون وَكَانَ العمل فِيهَا أتعب من جميع الأعمال وصنف ارشميدس مصنفات عدة فِي هَذَا النوع وَمَا يتنصل بِهِ مثل. كتاب المسبع فِي الدائرة وكتاب مساحة الدائرة. وكتاب الكرة والاسطوانة. وكتاب تربيع الدائرة مقالة. وكتاب الدوائر المتماسة مقالة. وكتاب المثلثات مقالة. وكتاب الخطوط المتوازية. وكتاب المأخوذات فِي أصول الهندسة. وكتاب المفروضات مقالة. وكتاب خواص المثلثات القائمة الزوايا مقالة. وكتاب ساعات آلات الماء الَّتِي ترمى بالبنادق مقالة. وذكر محمد بن إسحاق النديم فِي كتابه قال أخبرني الثقة أن الروم

أحرقت من كتب ارشميدس خمسة عشر حملاً قال ولذلك خبر يطول شرحه وَلَمْ يذكر الخبر بطوله. أوميرس الشاعر اليوناني كَانَ هَذَا الرجل من رجال يونان الذين عانوا الصناعة الشعرية من أنواع المنطق وأجادها وجاءه أتابو الماجس فقال اهجني لأفتخر بهجائك إذ لَمْ أكن أهلاً لمذبحك فقال لَهُ لست فاعلاً ذَلِكَ أبداً قال فإني أمضي إِلَى رؤساء اليونانيين فأشعرهم بنكولك قال أوميرس مرتجلاً بلغنا أن كلباً حاول قتال أسد بجزيرة قبرص فامتنع عَلَيْهِ أنفة منه فقال لَهُ الكلب إنني أمضي فأشعر السباع بضعفك قال لَهُ الأسد لأن تعيرني السباع لتكون عني مبارزتك أحب إليّ من أن ألوث شاربي بدمك. اصطفن البابلي أحد حكماء الكلدانيين وَكَانَ عند مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وَكَانَ عالماً بتسيير الكواكب وأحكام النجوم وَلَهُ كتاب جليل فِي أحكام النجوم. اخريميدس حكيم يوناني رياضي بعد إقليدس علم الناس فِي زمنه علم إقليدس وتصدر لذلك وعرف بِهِ وصنف فِي فوائده وتلمذ لَهُ عالم من الروم وحكوا أقواله فِي فن الرياضة. أبوسندرينوس الحكيم الرياضي فِي وقته كَانَ بعد أقليدس وَكَانَ قيماً يعلوم الرياضة متصدراً فِي تعليمها ببلاد الروم وعنه أخذ جماعة من فضلائها وَكَانَ ملوك وقته يستعينون بعلمه فيما يحدثونه من عمارة. اقطيمن الحكيم الرياضي الفاضل الكامل فِي فنه من أهل الإسكندرية فِي أيام اليونانية كَانَ عالماً بالرياضة محققاً للأرصاد خبيراً بعمل آلاتها اجتمع هو وميطن عَلَى الرصد بمدينة الإسكندرية من الديار المصرية ورصدا وأثبتا مَا تحققاه وتداوله العلماء بعدهم إِلَى زمن بطليموس القلوذي الراصد بعدهما بالإسكندرية وَكَانَ زمانهما قبل زمانه بخمسمائة وإحدى وسبعين سنة. امليخون حكيم قديم العهد أظنه يونانياً وهو الَّذِي صنف كتاب

الفراسة وذكره أبو معشر فِي بعض كلامه. إبّرخس ويقال إيبرخس الفاضل الكامل فِي علم الرياضة فِي زمن يونان وهو حكيم عالم من حكماء الكلدانيين وَكَانَ قيماً بعلم الأرصاد وعمل آلاتها ورصد الرصد الحقيقي وبحث فِيهِ المباحث الصحيحة وأقام الحجج والبراهين المحكمة وعمل الآلات الجليلة وَكَانَ زمانه بعد زمان ميطن واقطيمن بقريب من ثلاثمائة سنة وعليه اعتمد بطليموس اليوناني القلوذي فِي أرصاده وكثيراً مَا يذكره فِي كتاب المجسطي وَلَهُ من التصنيف. كتاب أسرار النجوم فِي معرفة الدول والملل والملاحم وَقَدْ خرج هَذَا الكتاب إِلَى العربي ومن وقف عَلَيْهِ رأى كتاباً جليلاً فِي معناه يشهد لمؤلفه بتبحر فِي هَذَا النوع وإن كَانَ مذهب البابليين فِي حركات النجوم وصورة هيئة الفلك لَمْ يصل إِلَى من بعدهم عَلَى الوجه لأسباب اعترضت القوم من فساد دولهم ولا علم من آرائهم ولا من أرصادهم غير الأرصاد الَّتِي نقلها عنهم بطليموس فِي كتاب المجسطي فإنه اضطر إِلَيْهَا فِي تصحيح حركات الكواكب المتحيرة إذ لَمْ يجد لأصحابه اليونانيين فِي ذَلِكَ أرصاداً يثق بِهَا. ابرخس الشاعر اليوناني هَذَا رجل من يونان كَانَ قَدْ أحكم النوع الشعري من الصناعة المنطقية وتفاخر هو وأوميرس الشاعر اليوناني ففخر عَلَى أوميرس بكثرة الشعر وسرعة عمله وخيره ببطاء عمله وقلة شعره فقال أوميرس بلغنا أن خنزيرة بأنطاكية عيرت لبوة بطول ومن الحمل وقلة الولد وافتخرت عَلَيْهَا بضد ذَلِكَ فقالت اللبوة لقد صدقت إني ألد الولد بعد الولد ولكن أسداً. ارسطيفن من أهل قورينا وقيل أن قورينا فِي القديم هي رفنية بالشام عند حمص والله أعلم وَقَدْ رأيته مكتوباً فِي موضع الرفني هَذَا من فلاسفة اليونانيين لَهُ ذكر وتصدر وَكَانَتْ لَهُ شيعة وفلسفته الأولى قبل أن تتحقق الفلسفة وَكَانَتْ فرقته من الفرق السبع الَّتِي ذكرناهم فِي ترجمة أفلاطون وكانوا أصحابه يعرفون بالقورينائيين نسبة إِلَى البلد وجهلت فلسفتهم فِي آخر الزمان لما تحققت فلسفة المشائين وَلَهُ من الكتب المصنفة. كتاب الجبر يعرف بالحدود نقل هَذَا الكتاب وأصلحه أبو الوفاء محمد بن محمد الحاسب. وَلَهُ أيضاً شرحه وملله بالبراهين الهندسية. وكتاب قسمة الأعداد.

ارسطرخس يوناني إسكندراني خبير بعلم الفلك قيم بِهِ مصنف فِيهِ صنف كتاب حد الشمس والقمر. انبون البطريق حكيم رياضي مهندس عالم بصناعة الآلات الفلكية كَانَ فِي حدود مبدأ الإسلام قبله أَوْ بعده فمن تصنيفه كتاب العمل بالاسطرلاب المسطح. انقيلاؤس الإسكندراني حكيم فاضل طبائعي مصري الإقليم إسكندراني المنزل وهو أحد الإسكندرانيين الذين عنوا بجمع كلام جالينوس واختصار كتبه وتأليفها عَلَى المسألة والجواب ودل حسن اختصارهم عَلَى معرفتهم بجوامع الكلام وإتقانهم لصناعة الطب وَكَانَ انقيلاؤس هَذَا رئيسهم وهو الَّذِي جمع من منثور كلام جالينوس ثلاث عشرة مقالة فِي أسرار الحركات ألفها فيمن جامع وبه علة مزمنة وذكر مَا يولد عَلَيْهِ ذَلِكَ وَمَا يدفع بِهِ ضرره وانقيلاؤس هَذَا هو المرتب للكتب والمستخرج لأكثرها حَتَّى أن أكثر الناس ينسبون الجوامع إليه وَقَدْ ذكر هَذَا حنين بن إسحاق فِي نقله لَهَا من اليوناني إِلَى السرياني والإسكندرانيون هم الذين رتبوا بالإسكندرية دار العلم ومجالس الدرس الطبي وكانوا يقرؤون كتب جالينوس ويرتبونها عَلَى هَذَا الشكل الَّذِي يقرأ اليوم عَلَيْهِ وعملوا لَهَا تفاسير وجوامع تختصر معانيها ويسهل عَلَى القارئ حفظها وحملها فِي الأسفار فأولهم عَلَى مَا رتبه إسحاق بن حنين اصطفن الإسكندراني ثُمَّ جاسيوس وانقيلاؤس ومارينوس فهؤلاء الأربعة عمدة الأطباء الإسكندرانيين وهم الذين عملوا الجوامع والتفاسير وانقيلاؤس هو المرتب للكتب والمستخرج لَهَا عَلَى مَا تقدم شرحه. أبلّن الرومي حكيم طبائعي ويقال هو أول حكيم تكلم فِي الطب ببلد الروم وَكَانَ فِي الزمن القديم وهو أول من استنبط حروف اللغة الإغريقية عمل ذَلِكَ لمنافيس الملك تكلم فِي الطب وقاسه وعمل بِهِ وَكَانَ زمنه بعد زمن موسى بن عمران النبي عَلَيْهِ السلام وقيل كَانَ فِي زمان براق الحكيم ورأيت لَهُ أخباراً كثيرة مهولة شنيعة قَدْ ألفها الروم وأجروه فِيهَا مجري اسقلابيوس يونان. اندروماخس حكيم فيلسوف فِي زمن الإسكندر وَلَمْ تكن لَهُ شهرة غيره وَقَدْ أخذ عنه شيء من هَذَا النوع وَلَهُ مقالات مذكورة فِي مدارس هَذَا

العلم وَكَانَ رئيس الأطباء بالأردن وهو الَّذِي وقف عَلَى معجون المثروديطوس وزاد فِيهِ ونقص منه فكان مما زاد فِيهِ لحوم الأفاعي تنفع من لسع الأفاعي زيادة عَلَى منافعه المستقرة. ابسقلاؤس حكيم فِي وقته خبير بالرياضة قائم بِهَا من حكماء اليونان وَلَهُ ذكر مشهور بَيْنَ أهل هَذِهِ الصناعة وهو بعد زمن إقليدس وَلَهُ تصانيف شريفة فِي هَذَا النوع وتنبيهات مفيدة فمن تصانيفه. كتاب الأجرام والأبعاد. كتاب المطالع وهو الطلوع والغروب مقالة وأصلح من كتاب إقليدس المقالة الرابعة عشر والخامسة عشر. أوطوقيوس مهندس يوناني إسكندراني فاضل فِي فنه مذكور ومصنف بعد ارشميدس وبطليموس وذكره فِي مدارس علم الرياضة. مشهور وَلَهُ تصانيف منها شرح المقالة الأولى من كتاب ارشميدس فِي الكرة والاسطوانة. كتاب فِي الخطين وبين جمع ذَلِكَ من أقاويل الفلاسفة المهندسين. كتاب تفسير المقالة الأولى من كتاب بطليموس فِي القضاء عَلَى النجوم. أوطولوقس مهندس رياضي يوناني مشهور مذكور فِي وقته مصنف تصانيف مشهورة متداولة بَيْنَ العلماء فمن تصانيفه. كتاب الكرة المتحركة إصلاح الكندي. كتاب الطلوع والغروب ثلاث مقالات. إبرن المصري الرومي الإسكندراني عالم بفنون أهل ذَلِكَ الزمان صنف كتبه فأفاد ونبه عَلَى أسرار هَذِهِ الصناعة فمن تصانيفه. كتاب فِي حل شكوك كتاب إقليدس. كتاب الحيل الروحانية. ارستجالس طبيب مذكور قبل جالينوس وَلَهُ تقدم فِي وقته وتصنيف وَقَدْ ذكره جالينوس فِي بعض تصانيفه وحكى أقواله وتناوله بالاستنقاص وقطعه ومزقه كل ممزق وزيف قياسه فِي هَذِهِ الصنعة وَلَهُ كتاب فِي الطب يعرف بكتاب طبيعة الإنسان. أوريباسيوس الطبيب اليوناني لا يعلم أهو قبل جالينوس أَوْ بعده وَلَمْ يمر ذكره فِي تواريخ الأطباء وإنما دلت عَلَيْهِ مصنفاته وهي. كتاب إِلَى ابنه اسطات تسع مقالات نقل حنين. كتاب تشريح الأعضاء مقالة. كتاب الأدوية المستعملة نقل اصطفن بن بسيل. كتاب السبعين مقالة نقلها حنين وعيسى بن

يحيى السرياني. إبراهيم بن فزارون هَذَا الرجل من ولد فزارون الكاتب كَانَ طبيباً مذكوراً فِي زمانه واختص بصحبة غسان بن عباد وخرج معه إِلَى بلد السند وأقام بِهِ ثُمَّ عاد بعد برهة وذكر أنه مَا أكل بالسند لجماً استطابه إِلاَّ لحوم الطواويس قال إبراهيم بن فزارون وذكر غسان أن فِي النهر المعروف بمهران بأرض السند سمكة تشبه الجدي وأنها تصاد ثُمَّ يطين رأسها وجميع بدنها إِلَى موضع مخرج التفل منها ثُمَّ يجعل مَا يطين منها عَلَى الجمر ويمسكها ممسك حَتَّى يشتوى منها مَا كَانَ موضوعاً عَلَى الجمر ويتضح ويؤكل منها مَا نضج أَوْ يرمي بِهِ وتلقى السمكة فِي الماء مَا لَمْ ينكسر العظم الَّذِي صلب السمكة فنعيش السمكة وينبت عَلَى عظمها اللهم وإن غسان أمر بحفر بركة فِي داره وملأها ماء وأمرهم بامتحان مَا بلغه قال إبراهيم فكنا نؤتى فِي كل يوم بعدة من السمك فتشويه عَلَى الحكاية المذكورة لَنَا ونكسر من بعضه عظم الصلب ونترك بعضه لا نكسره وَكَانَ مَا كسرنا عظمه يموت وَمَا لَمْ نكسر عظمه يسلم وينبت عَلَيْهِ اللحم ويستوي عَلَيْهِ الجلد إِلاَّ أن جلدة تِلْكَ السمكة تشبه جلد الجدي الأسود وَكَانَ مَا قشرنا من جلد السمك الَّتِي شويناها ورددناها إِلَى الماء يكون عَلَى غير لون الجلدة الأولى ويضرب إِلَى البياض. إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن هارون الصابي أبو إسحاق صاحب الرسائل أصل سلفه من حران ونشأ إبراهيم ببغداد وتأدب بِهَا وَكَانَ بليغاً فِي صناعتي النظم والنثر وَلَهُ يد طولى فِي علم الرياضة وخصوصاً الهندسة والهيئة ولما عزم شرف الدولة بن عضد الدولة عَلَى رصد الكواكب ببغداد واعتمد فِي ذَلِكَ عَلَى وَيجن بن رستم القوهي كَانَ فِي جملة يحضروه من العلماء بهذا الشأن إبراهيم بن هلال وكتب بخطه فِي المحضر الَّذِي كتب بصورة الرصد وإدراك موضع الشمس من نزولها فِي الأبراج

وَلَهُ مصنف رأيته بخطه فِي المثلثات وَلَهُ عدة رسائل فِي أجوبة مخاطبات لأهل العلم بهذا النوع وخدم ملوك العراق من بني بُوَيه وتقدم بالرسائل والبلاغة وديوان رسائله مجموع واختلفت بِهِ الأيام مَا بَيْنَ رفع ووضع وتقديم وتأخير واعتقال وإطلاق وأشد مَا جرى عَلَيْهِ مَا عامله بِهِ عضد الدولة فإنه عند دخوله إِلَى العراق الدفعة الأولى أكرمه وقدمه وحاضره وذاكره وسامه الخروج معه إِلَى فارس فعزم عَلَى ذَلِكَ ووعده بِهِ ثُمَّ نظر فِي عاقبة الأمر وأن أحوال أهله والصابئة تفسد بغيبته فتأخر عنه ولما تقرر الصلح بينه وبين ابن عمه عز الدولة بختيار تقدم عز الدولة إِلَى الصابي بإنشاء نسخة يمين فأنشأها واستوفي فِيهَا الشروط حق الاستيفاء فلم يجد عضد الدولة مجالاً فِي نكثها وألزمته الضرورة الحلف بِهَا فلما عاد إِلَى العراق وملكها آخذه بما فعله وسجته مدة طويلة فقال إِن أراد الخروج من سجنه فليصنف مصنفاً فِي أخبار أل بويه فصنف. الكتاب التاجي فظهرت بلاغته فِي العبارة وَلَهُ إِلَيْهِ من سجنه عدة قصائد وَلَمْ يزل فِي أيام عضد الدولة ووزرائهم يتولى الإنشاء إِلَى أن توفي ببغداد فِي يوم الاثنين الثاني عشر من شوال سنة أربع وثمانين وثلاثمائة ودفن ف الموضع المعروف بالجنينية المجاور للشونيزية وَكَانَ مولده فِي ليلة يوم الجمعة لخمس خلون من شهر رمضان سنة ثلاث عشر وثلاثمائة وللشريف الرضي أبي الحسن الموسوي فِيهِ مراثي منها: أعَلمت من حملوا عَلَى الأعواد ... أرأيت كَيْفَ خبا ضياء النادي وهي قصيدة طويلة ولما سمع المرتضى أخو الرضى وَكَانَ متقشفاً هَذَا المطلع قال نعم علمنا أنهم حملوا عَلَى الأعواد كلباً كافراً عجل بِهِ إِلَى نار جهنم. إبراهيم بن زهرون الحراني المتطبب أبو إسحاق أظنه جد إبراهيم بن هلال الكاتب ذكره ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة فِي كتابه فقال وَفِي ليلة الخميس لإحدى عشر ليلة بقيت من صفر سنة تسع وثلاثمائة مات أبو إسحاق إبراهيم بن زهرون الجراني المنطقي.

إبراهيم قويري يكنى أبا إسحاق ممن أخذ عنه علم المنطق وعليه قرأ أبو بشر متي بن يونان وَكَانَ مذكوراً فِي وقته وَلَهُ تصانيف منها. كتاب تفسير قاطيغورياس مشجر. كتاب بارير مينياس مشجر. كتاب انالوطيقا الأولى. مشجر وكتبه مطرحة مجفوة لأجل عبارته فإنها كَانَتْ غلقة. أحمد بن محمد بن مروان بن الطيب السرخسي أحد فلاسفة الإسلام وهو تلميذ يعقوب بن إسحاق الكندي وَكَانَ أحمد هَذَا أحد المتفننين فِي علوم الفلسفة وَلَهُ تآليف جليلة فِي الموسيقى والمنطق وغير ذَلِكَ حلوة العبارة جيدة الاختصار وَكَانَ متفنناً فِي علوم كثيرة من علوم القدماء والعرب حسن المعرفة جيد القريحة بليغ اللسان مليح التصنيف وَكَانَ أولاً معلماً للمعتضد بالله ثُمَّ نادمه وخص بِهِ وَكَانَ يفضي إِلَيْهِ بأسراره ويستشيره فِي أمور مملكته وَكَانَ الغالب عَلَى أحمد علمه لا عقله وَكَانَ سبب قتل المعتضد إياه اختصاصه بِهِ فإنه أفضى إِلَيْهِ بسر يتعلق بالقاسم بن عبيد الله وبذر غلام المعتضد فأذاعه بحيلة من القاسم عَلَيْهِ مشهورة فسلمه المعتضد إليهما فاستصفيا مَالَهُ ثُمَّ اودعاه المطامير فلما كَانَ فِي الوقت الَّذِي خرج فِيهِ المعتضد لفتح آمد وقتال أحمد بن عيسى بن شيخ أفلت من المطامير جماعة من الخوارج وغيرهم والتقطهم مولس الفحل وَكَانَ إِلَيْهِ أمر الشرطة وخلافة المعتضد عَلَى الحضرة وأقام أحمد فِي موضعه ورجا بذلك السلامة وَكَانَ قعوده سبباً لمنيته وأمر المعتضد القاسم بإثبات جماعة ممن ينبغي أن يقتلوا ليستريح من تعلق القلب بهم فأثبتهم ووقع المعتضد بقتلهم فأدخل القاسم اسم أحمد فِي جملتهم فيما بعد فقتل وسأل عنه المعتضد فذكر لَهُ القاسم قتله وأخرج إِلَيْهِ الثبت فلم ينكره ومضى بعد أن بلغ السماء رفعة. وَلَهُ من الكتب. كتاب قاطيغورياس. كتاب باربر مينياس. كتاب انولوطيقا. كتاب عش الصناعات. كتاب اللهو والملاهي. كتاب السياسة. كتاب المدخل إِلَى صناعة النجوم. كتاب الموسيقى الكبير مقالتان. كتاب الموسيقى الصغر. كتاب المسلك والممالك. كتاب الارثماطيقي والجبر

والمقابلة. كتاب المدخل إِلَى الطب. كتاب المسائل. كتاب فضائل بغداد. كتاب الطبيخ. كتاب زاد المسافر. كتاب المدخل إِلَى علم الموسيقى. كتاب الجلساء والمجالسة. كتاب جوابات ثابت. كتاب النمش والكلف. كتاب الشاكين وطريق اعتقادهم. كتاب منفعة الجبال. كتاب وصف مذهب الصابئين. كتاب فِي أن المبدعات لا متحركة ولا ساكنة. أحمد بن محمد بن كثير الفرغاني أحمد منجمي المأمون وصاحب المدخل إِلَى علم هيئة الأفلاك وحركات النجوم وهو كتاب لطيف الجرم عظيم الفائدة مضمن ثلاثين باباً احتوت عَلَى جوامع كتاب بطليموس بأعذب لفظ وأبين عبارة. أحمد بن يوسف المنجم رجل مشهور فِي العلم بهذا الشأن فمن تصانيفه. كتاب النسبة والتناسب وَلَهُ فِي أحكام النجوم كتاب شرح الثمرة لبطليموس. أحمد بن محمد الصاغاني أبو حامد الاصطرلابي كَانَ فاضلاً فِي الهندسة وعلم الهئية يسلم إِلَيْهِ ذَلِكَ فِي وقته وَكَانَ ببغداد يحكم صناعة الاصطرلاب والآلات الرصدية غاية الأحكام وآلاته مذكورة بأيدي أرباب هَذَا الشأن معروفة ف يذلك الزمان وَفِي هَذَا الأوان ونبغ لَهُ تلاميذ ينسبون إِلَيْهِ ويفخرون بلك وَلَهُ زيادة فِي الآلات القديمة فاز بِهَا دون غيره من أهل هَذَا النوع ولما تقدم شرف الدولة بن عضد الدلوة ببغداد برصد الكواكب السبعة واعتمد فِي ذَلِكَ عَلَى ويجن بن رستم الكوهي وبنى بيت الرصد فِي طرف بستان دار المملكة ورصد كتب محضر بن بصورة الرصد وَكَانَ ممن شاهد ذَلِكَ وكتب خطه بتصحيح نزول الشمس فِي برجين أحمد بن محمد الصاغاني هَذَا فِي جملة من كتب من القضاة والشهود عَلَى مَا استوفيناه ذكره فِي ترجمة ويجن وتوفي أبو حامد في ذي القعدة أَوْ فِي ذي الحجة سنة تسع وسبعين وثلاثمائة ببغداد.

أحمد بن عمر الكرابيسي من أفاضل المهندسين وعلماء المهندسين وعلماء أرباب العدد تقدم فِي هَذَا الشأن لَهُ فِيهِ أمكن إمكان صنف فِي ذَلِكَ التصانيف العربية منها. كتاب شرح إقليدس كتاب حساب الدور. كتاب الوصايا. كتاب مساحة الحلقة. كتاب الحساب الهندي. إسحاق بن حنين بن إسحاق أبو يعقوب بن أبي زيد العبادي النصراني فِي منزلة أبيه فِي الفضل وصحة النقل من اللغة اليونانية والسريانية وَكَانَ فصيحاً يزيد عَلَى أبيه فِي ذَلِكَ وخدم من خدم أبوه من الخلفاء والرؤساء وَكَانَ منقطعاً فِي آخر أيامه إِلَى القاسم بن عبيد الله وخصيصاً بِهِ مقدماً يفشي إِلَيْهِ أسراره وتوفي فِي شهر ربيع الأول من سنة ثمان وتسعين ومائتين وَكَانَ قَدْ لحقه فالج ومات بِهِ وَلَهُ من الكتب سوى مَا نقل من الكتب القديمة. كتاب الأدوية المفردة. كتاب كناش الخف. كتاب تاريخ الأطباء. أهرن القس فِي صدر الملة وكناشه بالسريانية ونقله ماسرجيس من السريانية إِلَى العربية وهو ثلاثون مقالة وزاد عَلَيْهَا ماسرجيس مقالتين. أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الحكيم أبو الصلت المغربي وحيد عصره وفريد دهره والمتفرد بفرائد نظمه ونثره ذو يد قوية فِي علم الأوائل وعارضة عريضة فِي أكثر الفضائل تأدب ببلاده وتفلسف وسار فِي الآفاق وطوف ودخل مصر فِي أيام أفضلها فلم ينل منها أفضالاً وقصده للنيل فلم يجد لديه نوالاً فِي شعره يشتكى مصر ونزوله بِهَا. وكم تمنيت أن ألقى بِهَا أحداً ... يسلى من الهم أَوْ يعدى عَلَى النوب فما وجدت سوى قوم إِذَا صدقوا ... كَانَتْ مواعيدهم كآلال فِي الكذب وَكَانَ لي سبب قَدْ كنت أحسبني ... أحظى بِهِ فإذا دائي من السبب فما مقلم أظفاري سوى قلمي ... ولا كتائب أعدائي سوى كتبي

وَلَهُ فِي الاصطرلاب وهو حسن: أفضل مَا أستصحب النبيل وَلَمْ ... يعدلْ بِهِ فِي المُقام والسفر جرم إِذَا مَا التمست قيمته ... جل عن التبر وهو من صفر مختصر وهو إِذَا تفتشه ... عن مُلح العلم غير مختصر ذو مقلة تستبين مَا رمقت ... عن صائب اللحظ صادق الأثر تحمله وهو حامل فلكاً ... لو لَمْ يدر بالبنان لَمْ يَدر مسكنه الأرض وهو منبئنا ... عن جل مَا فِي السماء من خبر أبدعه رب فكرة بعدتْ ... غايتها أن تقاس بالفكر فاستوجب الشكر والثناء لَهُ ... من كل ذي فطنة من البشر فهو لذي اللب شاهد عجب ... عَلَى اختلاف العقول والفطر وإن هَذِهِ الجسوم بائنة ... بقدر مَا أعطيت من الصور إخوان الصفا وخلان الوفا هؤلاء جماعة اجتمعوا عَلَى تصنيف كتاب فِي أنواع الحكمة الأولى ورتبوه مقالات عدتها إحدى وخمسون مقالة خمسون منها فِي خمسين نوعاً من الحكمة ومقالة حادية وخمسون جامعة لأنواع المقالات عَلَى طريق الاختصار والإيجاز وهي مقالات مشوقات غير مستقصاة ولا ظاهرة الأدلة والاحتجاج وكأننا للتنبيه والإيماء إِلَى المقصود الَّذِي يحصل عَلَيْهِ الطالب لنوع من أنواع الحكمة. ولما كتم مصنفوها أسماءهم اختلف الناس فِي الَّذِي وضعها فكل قوم قالوا قولاً بطريق الحدس والتخمين فقوم قالوا هي من كلام بعض الأئمة من نسل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه واختلفوا فِي اسم الإمام الواضع لَهَا اختلافاً لا يثبت لَهُ حققة وقال آخرون هي تصنيف بعض متكلمي المعتزلة فِي العصر الأول وَلَمْ أزل شديد البحث والتطلب لذكر مصنفها حَتَّى وقفت عَلَى كلام لأبي

حيان التوحيدي جاء فِي جواب لَهُ عن أمر سأله عن وزير صمصام الدولة بن عضد الدولة فِي حدود سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة وصورته قال أبو حيان حاكياً عن الوزير المذكور حدثني عن شيء هو أهم من هَذَا إِلَي وأخطر عَلَى بالي أني لا أزال أسمع من زيد بن رفاعة قولاً يربيني ومذهباً لا عهد لي بِهِ وكناية عما لا أحقه وإشارة إِلَى مَا لا يتوضح شيء منه يذكر الحروف ويذكر النقط ويزعم أن الباء لَمْ تنقط من تحت واحدة إِلاَّ لسبب والتاء لَمْ تنقط من فوق اثنتين إِلاَّ لعلة والألف لَمْ تعجم إِلاَّ لغرض وأشباه هَذَا وأشهد منه فِي غرض ذَلِكَ دعوى يتعاظم بِهَا وينتفخ بذكرها فما حديثه وَمَا شأنه وَمَا دِخلته فقد يلغي يَا أبا حيان أنك تغشاه وتجلس إِلَيْهِ وتكثر عنده ولك معه نوادر معجبة ومن طالت عشرته لإنسان صدقت خبرته وأمكن اطلاعه عَلَى مستكن رأيه وخافي مذهبه فقلت أيها الوزير أنت الَّذِي تعرفه قبلي قديماً وحديثاً بالاختيار والاستخدام وَلَهُ منك الإمرة القديمة والنسبة المعروفة فقال دع هَذَا وصفه لي فقلت هناك ذكاء غالب وذهن وقاد ومتسع فِي قول النظم والنثر مع الكتابة البارعة فِي الحساب والبلاغة وحفظ أيام الناس وسماع المقالات وتبصر فِي الآراء والديانات وتصرف فِي كل فن إما بالشدو والموهم وإما بالتوسط المفهم وإما بالتناهي المفخم قال فعلى هَذَا مَا مذهبه قلت لا ينسب إِلَى شيء ولا يعرف برهط لجيشانه بكل شيء وعليانه بكل باب ولاختلاف مَا يبدو من بستطه ببيانه وسقوطه بلسانه وَقَدْ أقام بالبصرة زماناً طويلاً وصادف بِهَا جماعة لأصناف العلم وأنواع الصناعة منهم أبو سليمان محمد بن معشر البيستي ويعرف بالمقدسي وأبو الحسن علي بن هارون الزنجاني وأبو أحمد المهرجاني والعوفي وغيرهم فصحبهم وخدمهم وَكَانَتْ هَذِهِ العصابة قَدْ تألفت بالعشرة وتصافت بالصداقة واجتمعت عَلَى القدس والطهارة والنصيحة فوضعوا بينهم مذهباً زعموا أنهم قربوا بِهِ الطريق إِلَى الفرز برضوان الله وذلك أنهم قالوا أن الشريعة قَدْ دنست بالجهالات واختلطت بالضلالات ولا سبيل إِلَى غسلها وتطهيرها إِلاَّ بالفلسفة لأنها حاوية للحكمة الاعتقادية والمصلحة الاجتهادية وزعموا أنه متى انتظمت الفلسفة اليونانية والشريعة العربية فقد حصل الكمال

وصنفوا خمسين رسالة فِي جميع أجزاء الفلسفة علميها وعمليها وأفردوا لَهَا فهرساً وسموه رسائل إخوان الصفا وكتموا فِيهِ أسماءهم وبنوها ي الوراقين ووهبوها للناس وحشوا هَذِهِ الرسائل بالكلمات الدينية والأمثال الشرعية والحروف المحتملة والطرق المموهة قال الوزير فهل رأيت جملة منها وهي مبثوثة من كل فن بلا إشباع ولا كفاية وفيها خرافات وكنايات وتلفيقات وتلزيقات وحملت عدة منها إِلَى شيخنا أبي سليمان المنطقي السجستاني محمد بن بهرام وعرضتها عَلَيْهِ فنظر فِيهَا أياماً وتبحرها طويلاً ثُمَّ ردها عليّ وقال تعبوا وَمَا أغنوا ونصبوا وَمَا أجدوا وحاموا وَمَا ردوا وغنوا فما أطربوا ونسجوا فهلهلوا ومشطوا ففلفلفوا ظنوا مَا لا يكون ولا يمكن ولا يستطاع ظنوا أنه يمكنهم أنهم يدسوا الفلسفة الَّتِي هي علم النجوم والأفلاك والمقادير والمجسطي وآثار الطبيعة والموسيقى الَّذِي هو معرفة النغم والإيقاعات والنقرات والأوزان والمنطق الَّذِي هو اعتبار الأقوال بالإضافات والكميات والكيفيات فِي الشريعة وأن يربطوا الشريعة فِي الفلسفة وهذا مرام دونه حدد وَقَدْ تورك عَلَى هَذَا قبل هؤلاء قوم كانوا أحد أنياباً وأحضر أسباباً وأعظم أقداراً وأرفع أخطاراً وأوسع قوي وأوثق عرى فلم يتم لهم مَا أرادوه ولا بلغوا منه مَا أملوه وحصلوا عَلَى لوثات قبيحة ولطخات واضحة موحشة وعواقب مخزية فقال لَهُ البخاري ابن العباس ولم ذَلِكَ أَيُّها الشيخ فقال إِن الشريعة مأخوذة عن الله عزّ وجلّ بوساطة السفير بينه وبين الخلق من طريق الوحي وباب المناجاة وشهادة الآيات وظهور المعجزات وَفِي أثنائها مَا لا سبيل إِلَى البحث عنه والغوص فِيهِ ولا بد من التسليم المدعو إِلَيْهِ والمنبه عَلَيْهِ وهناك يسقط لِم ويبطل كَيْفَ ويزول هلا ويذهب لو لويت فِي الريح لأن هَذِهِ المواد عنها محسوسة وجملتها مشتملة عَلَى الخير وتفصيلها موصول عَلَى حسن التقبل وهي متداولة بَيْنَ متعلق بظاهر مكشوف وصحيح بتأويل معروف وناصر باللغة الشائعة وحام بالجدل المبين وذاب بالعمل الصالح وضارب للمثل السائر وراجع إِلَى البرهان الواضح متفقة فِي الحلال والحرام ومستند إِلَى الأثر والخبر المشهورين بَيْنَ أهل الملة وراجع إِلَى

اتفاق الأمة لَيْسَ فِيهَا حديث المنجم فِي تأثيرات الكواكب وحركات الأفلاك ولا حديث صاحب الطبيعة الناظر فِي آثارها وَمَا يتعلق بالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة وَمَا الفاعل وَمَا المنفعل منها وكيف تمازجها وتنافرها ولا فِيهَا حديث المهندس الباحث عن مقادير الأشياء ولوازمها ولا حديث المنطقي الباحث عن مراتب الأقوال ومناسب الأسماء والحروف والأفعال قال فعلى هَذَا كَيْفَ يسوغ لإخوان الصفا أن ينصبوا من تلقاء أنفسهم دعوة تجمع حقائق الفلسفة فِي طريق الشريعة عَلَى أن وراء هَذِهِ الطوائف جماعة أيضاً لهم مأخذ من هَذِهِ الأغراض كصاحب العزيمة وصاحب الكيمياء وصاحب الطلسم وعابر الرؤيا ومدعى السحر ومستعمل الوهم فقال ولو كَانَتْ هَذِهِ جائرة لكان الله تعالى ينبه عَلَيْهَا وَكَانَ صاحب الشريعة يقوم شريعته بِهَا ويكملها باستعمالها ويتلافي نقصها بهذه الزيادة الَّتِي تجدها فِي غيرها أَوْ يحض المتفلسفين عَلَى إيضاحها بِهَا ويتقدم إليهم بإتمامها ويفرض عليهم القيام بكل مَا يذب عنها حسب طاقتهم فِيهَا وَلَمْ يفعل ذَلِكَ بنفسه ولا وكله إِلَى غيره من خلفائه والقائمين بدينه بل نهي عن الخوض فِي هَذِهِ الأشياء وكره إِلَى الناس ذكرها وتوعدهم عَلَيْهَا وقال من أتى عرافاً أَوْ كاهناً أَوْ منجماً يطلب غيب الله منه فقد حارب الله ومن حارب الله حُرِب ومن غالبه غلبْ وحتى قال لو أن الله حبس عن ذَلِكَ الناس القطر سبع سنين ثُمَّ أرسله لأصبحت طائفة كافرين يقولون مطرنا بتؤ المجدح وهذا كما ترى - والمجدح - الدبران ثُمَّ قال ولقد اختلفت الأمة ضروباً من الاختلاف فِي الأصول والفروع وتنازعوا فِيهَا فنوناً من التنازع فِي الواضح والمشكل من الأحكام والحلال والحرام والتفسير والتأويل والعيان والخبر والعادة والاصطلاح فما فزعوا فِي من شيء ذَلِكَ إِلَى منجم ولا طبيب ولا منطقي ولا هندسي ولا موسيقي ولا صاحب عزيمة وشعبذة وسحر وكيمبياء لأن الله تعالى تمم الدين بنبيه صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يحوجه بعد البيان الوارد بالوحي إِلَى بيان موضوع بالرأي وقال وكما لَمْ نجد هَذِهِ الأمة تفزع إِلَى أصحاب الفلسفة فِي شيء من أمورها فكذلك مَا وجدنا أمة موسى صلى الله عليه وسلم وهي اليهود تفزع إِلَى الفلاسفة فِي شيء من دينها وكذلك أمة عيسى صلى الله عليه وسلم وهي النصارى وكذلك المجوس

قال ومما يزيدك وضوحاً أن الأمة اختلفت فِي آرائها ومذاهبها ومقالاتها أصنافاً فِيهَا وفرقاً كالمعتزلة والمرجئة والشيعة والسنية والخوارج فما فوعت طائفة من هَذِهِ الطوائف إِلَى الفلاسفة ولا حققت مقالتها بشواهدهم وشهادتهم وكذلك الفقهاء الذين اختلفوا فِي الأحكام من الحلال والحرام منذ أيام السفر الأول إِلَى يومنا هَذَا لَمْ تجدهم تظاهروا بالفلاسفة واستنصروهم وقال وأين الآن الدين من الفلسفة وأين الشيء المأخوذ بالوحي النازل من الشيء المأخوذ بالرأي الزائل فإن أدلوا بالعقل فالعقل من هبة الله عز وجل لكل عبد ولكن بقدر مَا يدرك بِهِ مَا يعلوه كما لا يخفى عَلَيْهِ مَا يتلوه وَلَيْسَ كذلك الوحي فإنه عَلَى ثورة المنتشر وبيانه المتيسر قال ولو كَانَ العقل يكتفي بِهِ لَمْ يكن للوحي فائدة ولا غناء عَلَى أن منازل الناس متفاوتة فِي العقل وأنصباؤهم مختلفة فِيهِ فلو كنا نستغني عن الوحي بالعقل كيْفَ كنا نصنع وَلَيْسَ العقل بأسره لواحد منا فإنما هو لجميع الناس فإن قال قائل بالعنت والجهل كل عاقل موكول إِلَى قدر عقله وَلَيْسَ عَلَيْهِ أن يستفيد الزيادة من غيره لأمه مكفيّ يه وغير مطالب بما زاد عَلَيْهِ قيل لَهُ كفاك عاراً فِي هَذَا الرأي أنه لَيْسَ لَكَ فِيهِ موافق ولا عَلَيْهِ مطابق فلو استقل إنسان واحد بعقله فِي جميع حالاته فِي دينه ودنياه لاستقل أيضاً بقوته فِي جميع حاجاته فِي دينه ودنياه ولكان وحده يفي بجميع الصناعات والمعارف والمعارف وَكَانَ لا يحتاج إِلَى أحد من نوعه وجلسه وهذا قول مرذول ورأي مخذول قال البخاري قَدْ اختلفت أيضاً درجات النبوة بالوحي وإذا ساغ هَذَا بالاختلاف بالوحي وَلَمْ يكن ذَلِكَ تالماً لَهُ ساغ أيضاً فِي العقل فقال يَا هَذَا اختلاف درجات أصحاب الوحي لَمْ يخرجهم عن الثقة والطمأنينة بمن اصطفاهم بالوحي وخصهم بالمناجاة واجتباهم للرسالة وهذه الثقة والطمأنينة مفقودتان فِي الناظرين بالعقول المختلفة لأنهم عَلَى بعد من الثقة والطمأنينة إِلاَّ فِي الشيء القليل وعوار هَذَا الكلام ظاهر وخطل هَذَا المتكلم بَيْنَ قال الوزير فما سمع شيئاً من هَذَا المقدسي قلت بلى قَدْ ألقيت إِلَيْهِ هَذَا وَمَا أشبهه بالزيادة والنقصان وبالتقديم والتأخير فِي أوقات كثيرة بحضرة الوراقين بباب الطاق فسكت وَمَا رآني أهلاً للجواب لكن الحريري غلام بن طرارة هيجه يوماً فِي الوراقين بمثل هَذَا الكلام فاندفع فقال الشريعة طب المرضى والفلسفة طب الأصحاء والأنبياء يطبون المرضى حَتَّى لا يتزايد مرضهم وحتى يزول المرض بالعافية فقط وأما الفلاسفة فإنهم يحفظون الصحة عَلَى أصحابها حَتَّى لا يعتريهم مرض أصلاً وبين مدبر المريض وبين مدبر الصحيح فرق ظاهر وأمر مكشوف لأن غاية تدبير المرض أن ينتقل بِهِ إِلَى الصحة هَذَا إذَا كَانَ الدواء ناجعاً والطبع قابلاً والطبيب ناصحاً وغاية تدبير الصحيح أن يحفظ الصحة فقد أفاده كسب الفضائل وفرغه لَهَا وعرضه لاقتنائها وصاحب هَذِهِ الحال فائز بالسعادة العظمى وَقَدْ صار مستحقاً للحياة الإلهية والحياة الإلهية هي الخلود والديمومة وأن كسب من يبرأ من المرض بطب صاحب الفضائل أيضاً فليست تِلْكَ الفضائل من جلس هَذِهِ الفضائل لأن إحداهما تقليدية والأخرى برهانية وهذه مظنونة وهذه مستيقنة وهذه روحانية وهذه جسمية وهذه دهرية وهذه زمانية. اً فِي هَذَا الرأي أنه لَيْسَ لَكَ فِيهِ موافق ولا عَلَيْهِ مطابق فلو استقل إنسان واحد بعقله فِي جميع حالاته فِي دينه ودنياه لاستقل أيضاً بقوته فِي جميع حاجاته فِي دينه ودنياه ولكان وحده يفي بجميع الصناعات والمعارف والمعارف وَكَانَ لا يحتاج إِلَى أحد من نوعه وجلسه وهذا قول مرذول ورأي مخذول قال البخاري قَدْ اختلفت أيضاً درجات النبوة بالوحي وإذا ساغ هَذَا بالاختلاف بالوحي وَلَمْ يكن ذَلِكَ تالماً لَهُ ساغ أيضاً فِي العقل فقال يَا هَذَا اختلاف درجات أصحاب الوحي لَمْ يخرجهم عن الثقة والطمأنينة بمن اصطفاهم بالوحي وخصهم بالمناجاة واجتباهم للرسالة وهذه الثقة والطمأنينة مفقودتان فِي الناظرين بالعقول المختلفة لأنهم عَلَى بعد من الثقة والطمأنينة إِلاَّ فِي الشيء القليل وعوار هَذَا الكلام ظاهر وخطل هَذَا المتكلم بَيْنَ قال الوزير فما سمع شيئاً من هَذَا المقدسي قلت بلى قَدْ ألقيت إِلَيْهِ هَذَا وَمَا أشبهه بالزيادة والنقصان وبالتقديم والتأخير فِي أوقات كثيرة بحضرة الوراقين بباب الطاق فسكت وَمَا رآني أهلاً للجواب لكن الحريري غلام بن طرارة هيجه يوماً فِي الوراقين بمثل هَذَا الكلام

فاندفع فقال الشريعة طب المرضى والفلسفة طب الأصحاء والأنبياء يطبون المرضى حَتَّى لا يتزايد مرضهم وحتى يزول المرض بالعافية فقط وأما الفلاسفة فإنهم يحفظون الصحة عَلَى أصحابها حَتَّى لا يعتريهم مرض أصلاً وبين مدبر المريض وبين مدبر الصحيح فرق ظاهر وأمر مكشوف لأن غاية تدبير المرض أن ينتقل بِهِ إِلَى الصحة هَذَا إذَا كَانَ الدواء ناجعاً والطبع قابلاً والطبيب ناصحاً وغاية تدبير الصحيح أن يحفظ الصحة فقد أفاده كسب الفضائل وفرغه لَهَا وعرضه لاقتنائها وصاحب هَذِهِ الحال فائز بالسعادة العظمى وَقَدْ صار مستحقاً للحياة الإلهية والحياة الإلهية هي الخلود والديمومة وأن كسب من يبرأ من المرض بطب صاحب الفضائل أيضاً فليست تِلْكَ الفضائل من جلس هَذِهِ الفضائل لأن إحداهما تقليدية والأخرى برهانية وهذه مظنونة وهذه مستيقنة وهذه روحانية وهذه جسمية وهذه دهرية وهذه زمانية. قال المؤلف ثُمَّ أن أبا حيان ذكر تمام المناظرة بينهما فأطال فتركه إذ لَيْسَ ذَلِكَ من شرط هَذَا التأليف والله الموفق.

حرف الباء الموحدة في أسماء الحكماء

حرف الباء الموحدة فِي أسماء الحكماء بُرقلس ديدوخس أفلاطوني من أهل أطاطولة وهو بُرقلس القائل بالدهر الَّذِي تجرد للرد عَلَيْهِ يحيى النحوي بكتاب كبير صنفه فِي ذَلِكَ وهو عندي ولله الحمد والمنة عَلَى كل خير وذكر يحيى النحوي فِي المقالة الأولى من الرد عَلَيْهِ أنه كَانَ فِي وكان دقلطياتوس القبطي وَكَانَ برقلس متكلماً عالماً بعلوم القوم أحد المتصدرين فِيهَا. وله تصانيف كثيرة فِي الحكمة منها. كتاب حدود أوائل الطبيعيات. كتاب شرح أفلاطون أن النفس غير مائتة ثلاث مقالات. كتاب الثاؤلوجيا وهي الربوبية. كتاب تفسير وصايا فيثاغورس الذهبية. كتاب برقلس ويسمى ديادوخس أي عقيب أفلاطون فِي العشر المسائل. كتاب فِي المثل الَّذِي قاله أفلاطون فِي كتابه المسمى غرغياس سرياني. كتاب برقلس الأفلاطوني الموسوم باسطوخوسيس الصغرى وغيرها. قال المختار بن عبدون بن بطلان الطبيب النصراني البغدادي أن برقلس هَذَا كَانَ من أهل اللاذقية وابن بطلان كثير المطالعة لعلوم الأوائل وكتبهم وأخبارهم غير منهم فيما ينقله. بطليموس الغريب هَذَا رجل حكيم فِي وقته فيلسوف ببلاد الروم فِي زمانه لَيْسَ هو مؤلف المجسطي وَكَانَ هَذَا يوالي أرسطوطاليس ويحبه وينتصر لَهُ عَلَى من عاداه ويفيد علومه لمن طلبها وَكَانَ لَهُ ذكر فِي أوانه واشتهار بهذا الشأن والبطالسة من الملوك والعلماء جماعة وكانوا يخصصون كل واحد بصفة زائدة عَلَى التسمية ليتميز بِهَا ومن كثرة عناية هَذَا الحكيم بأرسطوطاليس صنف. كتاب أخبار أرسطوطاليس ووفائه ومراتب كتبه. برانيوس هَذَا فيلسوف رومي مذكور فِي زمانه بهذا الشأن بَيْنَ أهل عصره يتعرض لشرح كتب أرسطوطاليس وذكره المترجمون فيمن شرح شيئاً من ذَلِكَ.

بقراط بن إبراقلس إمام فهم معروف مشهور معنى ببعض علوم الفلسفة وهو سيد الطبعيين فِي عصره وَكَانَ فبل الإسكندر بنحو مائة سنة وله فِي الطب تآليف شريفة موجزة الألفاظ مشهورة فِي جميع العالم بَيْنَ المتعنين بعلم الطب ويقال أنه من أهل اسقلبياذس قلت إن كَانَ من ولد اسقلبيوذس الثاني فممكن وإن كَانَ من الأول فمستحيل لأن الجم الغفير من المؤرخين عَلَى أن النسل انقطع بالطوفان إِلاَّ من ولد نوح وهم سام وحام ويافث وإذا صح مَا ذكر بَيْنَ زمن اسقلبيوس الأول وبين زمن بقراط وهو آلاف سنين كَانَ اسقلبيوس قبل الطوفان وَقَدْ انقطع نسله بِهِ فلا سبيل لأحد أن ينسب إِلَيْهِ بوجه إِلاَّ من ينكر عموم الطوفان من الطوائف القائلة بذلك والله أعلم وَكَانَ مسكنه بمدينة فيروها وهي مدينة حمص من بلاد الشام وَكَانَ يتوجه إِلَى دمشق ويقيم فِي غياضها للرياضة والتعلم والتعليم وَفِي بساتينها موضع يعرف بصفة بقراط إِلَى الآن وَكَانَ فاضلاً متألهاً ناسكاً يعالج المرضى احتساباً طوافاً فِي البلاد جوالاً عَلَيْهَا وَكَانَ فِي زمن اردشير من ملوك الفرس وهو جد دارا وذكر جالينوس فِي رسالته الَّتِي ترجمها عن الفاضل بقراط أن اردشير دعاه إِلَى معالجته من مرض عرض لَهُ فأبى عَلَيْهِ إذ كان أردشير عدواً لليونانيين وأن ملكين من ملوك يونان دعاه كل واحد منهما إِلَى علاج نفسه فأجابهما إِلَى ذَلِكَ إذ كانا حسني السيرة ولما عوفيا من مرضيهما لَمْ يقم عندهما تنزهاً عن الدنيا وأهلها وقيل أن أردشير لما اشتد مرضه بذل لبقراط ألف قنطار من الذهب عَلَى أن يحضر إِلَيْهِ ويعافيه من مرضه فأبي عَلَيْهِ بقراط وَلَمْ يجب سؤاله وذكر أن أفليمون صاحب الفراسة كَانَ يزعم فِي زمانه أنه يستدل بتركيب الأسنان عَلَى أخلاق نفسه فاجتمع تلاميذ بقراط وقال بعضهم لبعض هل تعلمون فِي زماننا هَذَا أعلم من هَذَا المرء يعنون بقراط فقالوا لا

فقالوا تمتحن بِهِ أفلاطون فيما يدعي من الفراسة فصوروا صورة بقراط ثُمَّ نهضوا بِهَا إِلَى أفليمون وكانت يونان تحكم الصورة بحيث تحكيها عَلَى الوجه فِي قليل أمرها وكثيره وسبب ذلك أنهم كانوا يعظمون الصورة ويعبدونها فأحكموا لذلك التصوير وكل الأمم تبع لهم فِي ذَلِكَ ويظهر التقصير من التابعين فِي التصوير ظهوراً بيناً فلما حضروا عند أفليمون وقف عَلَى الصورة وتأملها وأنعم النظر فِيهَا ثُمَّ قال هَذَا رجل يحب الزنا وهو لا يدري من هو المصور فقالوا كذبت هَذِهِ صورة بقراط فقال لا بد لعلمي أن يصدق فاسألوه فلما رجعوا إِلَى بقراط أخبروه الخبر فقال صدق أفليمون أحب الزنا ولكنني أملك نفسي. ولبقراط فِي صدور كتبه وصايا جميلة من التحنن والشفقة عَلَى النوع وتطهير الأخلاق من الكبر والعجب والحسد ولما كَانَتْ كتب بقراط أقدم كتب الطب المنقولة إلينا وهو أشهر الأطباء الَّذِين انتهت إليهم صناعة الطب وَكَانَ بعده فِي الشهرة جالينوس رأيت أن أذكر أول الطب ومن تكلم عَلَيْهِ وَمَا قاله الناس فِي أوليته ثُمَّ أسوقه إِلَى زمن بقراط إن شاء الله تعالى. اختلف فِي أول من استنبط الطب وَفِي أول الأطباء قال إسحاق بن حنين فِي تاريخه قال قوم ان أهل مصر استخرجوا الطب والسبب فِي ذَلِكَ أن امرأة كَانَتْ بمصر وَكَانَتْ شديدة الحزن والهم مبتلاة بالغيظ ومع ذَلِكَ كَانَتْ ضعيفة المعدة وصدرها مملوء أخلاطاً وَكَانَ حيضها محتبساً فاتفق أن أكلت الراسن بشهوة منها لَهُ فذهب عنها جميع مَا كَانَ بِهَا ورجعت إِلَى صحتها وجميع من كَانَ بِهِ شيء مما بِهَا استعمله وبرأ بِهِ واستعمل الناس التجربة عَلَى سائر الأوجاع. وقال آخرون أن هرمساً استخرج جميع الصنائع والفلسفة والطب مما استخرجه هو وبعضهم يقول أن أهل قوس ويقال استخرجوها وبعضهم يقول ذَلِكَ أن الأدوية الَّتِي ألفتها القابلة للملك الذي كَانَ لَهَا وبعض يقول المستخرج لَهَا السحرة وقيل أهل بابل وقيل أهل فارس وقيل الهند وقيل اليمن وقيل الصقالبة. فأما يحيى النحوي الإسكندري فإنه ذكر فِي تاريخه عَلَى الولاء من تولي

الطب رئاسة إِلَى زمن جالينوس ومانوا ثمانية وهم اسقلبيوس الول. غورس. ميلس. برمانيذس. أفلاطون الطبيب. اسقلبيوس الثاني. بفراط. جالينوس. قال يحيى النحوي وعدد السنين منذ وقت ظهر فِيهِ اسقلبيوس الأول إِلَى وفاة جالينوس خمسة آلاف وخمسمائة وستون سنة وبين هَذِهِ السنين فترات بَيْنَ كل واحد من الرؤساء الثمانية وبقراط رأس الأطباء فيزمانه وهو من تلاميذ اسقلبيوس الثاني لما مات اسقلبيوس خلف ثلاثة تلاميذ وهم ماغاريس وفارخس وبقراط فلما مات ماغاريس وفارخس انتهت الرئاسة إِلَى بقراط قال يحيى النحوي الإسكندري الأسقف بِهَا فِي أول الإسلام بقراط وحيد دهره الكامل الفاضل المبين المعلم لسائر الأشياء الَّذِي يضرب بِهِ المثل الطبيب الفيلسوف وبلغ بِهِ الأمر إلى أن عبده الناس وسيرته طويلة وقوى صناعة القياس والتجربة قوة عجيبة لا يتهيأ لطاعن أن يتكلم فِيهَا وهو أول من علم الغرباء الطب وجعلهم شبيهاً بأولاده لما خاف عَلَى الطب أن يفنى من العالم كما ذكر ذَلِكَ فِي كتاب عهده إِلَى الأطباء الغرباء الذين علمهم مَا دعاه إِلَى ذَلِكَ وذكر غير يحيى النحوي أن بقراط كَانَ فِي أيام بهمن بن أردشير وَكَانَ بهمن قَدْ اعتل فأنفذ إلى أهل بلد بقراط يستدعيه فامتنعوا من ذَلِكَ وقالوا إن خرج بقراط من مدينتنا خرجنا بأجمعنا وقتلنا فرق لهم بهمن وأقره عندهم وظهر بقراط سنة ست وتسعين لبخت نصر وهي سنة عشرة لملك بهمن. وقال يحيى النحوي وبقراط هو السابع من الثمانية الذين من اسقلبيوس الأول مخترع الطب على الولاء وجالينوس الثامن وإليه انتهت الرئاسة وَلَمْ يلقه جالينوس بل كَانَ بَيْنَهما ستمائة وخمس وستون سنة وعاش بقراط خمساً وتسعين سنة منها طبياً ومتعلماً. ست عشرة سنة وعالماً ومعلماً تسعاً وسبعين سنة وخلف من الأولاد لصلبه ثلاثة وهم ناسلوس. دارقن. ماثاريسا. وهي ابنته وَكَانَتْ أبرع من ابنيه ومن ولد ولد بقراط من ناسلوس وبقراط بن دارقن ونقل من خط إسحاق عاش بقراط اسعين سنة. ومن تلاميذ بقراط لاذن. ماسرجس. ساوري. فولوس. وهو أجل تلاميذه وخليفته اسطاث غورس.

أسماء المفسرين لكتب بقراط بعده إِلَى أيام جالينوس سنبلقيوس. نسطاس. ديقوريدس الأول. طيماؤس الفلسطيني. مانطياس. ارسراطس الثاني القياسي. بلاذيوس. ونقل تفسير الفصول جالينوس. ذكر مَا فسره جالينوس من كتب بقراط. كتاب عهد بقراط تفسير جالينوس ترجمه حنين من اليونانية وأضاف إِلَيْهِ شيئاً من جهته وعيسى ين يحيى إِلَى العربية. كتاب الفصول تفسير جالينوس ترجمه حنين إِلَى العربية وترجم عيسى التفير إِلَى العربية. كتاب الكسر تفسير جالينوس ترجمه حنين إِلَى العربية لمحمد بن موسى أربع مقالات. كتاب الأمراض الحادة تفسير جالينوس وهو خمس مقالات والذي ترجمه إِلَى العربي عيسى بن يحيى ثلاث مقالات. كتاب جراحات الرأس مقالة واحدة. كتاب ابيذيميا سبع مقالات وفسره جالينوس الأولى فِي ثلاث مقالات والثانية فِي ثلاث مقالات والثالثة فِي ثلاث مقالات والرابعة والخامسة والسابعة لَمْ يفسرها جالينوس فأما السادسة وهي ثمان مقالات فسر ذَلِكَ إِلَى العربي عيسى بن يحيى. كتاب الأخلاط تفسير جالينوس ثلاث مقالات نقلها عيسى بن يحيى إِلَى العربي لأحمد بن موسى. كتاب قاصيطرون تفسير جالينوس ثلاث مقالات ترجمه حنين إِلَى العربية لمحمد بن موسى. كتاب الماء والهواء تفسير جالينوس ثلاث مقالات ترجم حنين اثنتين إِلَى العربية والتفسير حُبيش بن الحسن. كتاب طبيعة الإنسان تفسير جالينوس ثلاث مقالات فسر الفص حنين إِلَى العربي وتولى التفسير عيسى بن يحيى. بواس حكيم يوناني طبيعي قديم العهد مشهور الذكر نقل الأطباء قوله فِي كتبهم إِلاَّ أنه كَانَ ضعيف النظر فِي ذَلِكَ لأن هَذِهِ الصناعة فِي وقته لَمْ تكن محققة كتحقيقها فِي الزمن الأخير وقد رد عَلَيْهِ أرسطوطاليس كلامه فِي أثناء كتبه فِي الطبيعيات بحجج واضحة وتبعه فِي الرد عَلَيْهِ جالينوس أيضاً وأوضح حجج الرد ووجوه البراهين.

بطليموس القلوذي هو صاحب كتاب المجسطي وغيره إمام فِي الرياضة كامل فاضل من علماء يونان كَانَ فِي أيام أندرياسيوس وَفِي أيام أنطميوس من ملوك الروم وبعد أبرخس بمائتين وثمانين سنة وكثير من الناس ممن يدعي المعرفة بأخبار الأمم بخيله أحد البطالسة وربما قيل البطالمة اليونانيين الذين ملكوا الإسكندرية وغيرها بعد الإسكندر وذلك غلط بَيْنَ وخطأ واضح لأن بطليموس ذكر فِي كتاب المجسطي فِي النوع الثامن من المقالة الثالثة منه الجامعة لجميع حركات الشمس وأرصادها وسائر أحوالها أنه رصد فِي سنة تسع عشرة من سني اذريانوس فذكر أنه تجمع فِي أول سني بخت نصر إِلَى وقت هَذَا الاعتدال الخربقي ثمانمائة سنة وتسع وسبعون سنة وستة وستون يوماً وست ساعات وجزأ هَذِهِ السنين فقال أنه يجتمع من أول سني بخت نصر إِلَى موت الإسكندر يعني أول ملوك الروم مائتي سنة وأربع وتسعون سنة ومن أول سنة من سني ملك أوغسطس إِلَى وقت الرصد الخربقي المذكور مائة سنة وإحدى وستون سنة وسن وستون يوماً وساعتان فبين هَذَا التفصيل والتجميل حقيقة وقته وأن عصره كَانَ بعد عصر أوغوسطس بمائة سنة وإحدى وستين سنة وأجمع أهل العلم بأخبار الأمم السالفة والمعرفة بتواريخ الأجيال الخالية أن أوغوسطس هَذَا ملك رومي وأنه تغلب عَلَى قلوبطرة آخر ملوك البطالسة اليونانيين وَكَانَ امرأة أعني قلوبطرة وإن بتغلبه عَلَيْهَا انقرض ملك اليونانيين من الدنيا وَفِي هَذَا بيان خطأ من ظن أنه من الملوك البطالسة وَفِي هَذَا كفاية إِن شاء الله تعالى وإلى بطليموس هَذَا انتهى علم حركات النجوم ومعرفة أسرار الفلك وعنده اجتمع مَا كَانَ متفرقاً من هَذِهِ الصناعة بأيدي اليونانيين والروم وغيرهم من ساكني أهل الشق المغربي من الأرض وبه انتظم شتيتها وتجلى غامضها وَمَا أعلم أحداً بعده تعرض لتأليف مثل كتابه المعروف بالمجسطي ولا تعاطي معارضته بل تناوله بعضهم بالشرح والتبيين كالفضل بن أبي حاتم النيريزي

وبعضهم بالاختصار والتقريب كمحمد بن جابر التباني وأبي الريحان البيروني الخوارزمي مصنف كتاب القانون المسعودي ألفه المسعود بن محمود بن سبكتسكين وحذا إِلَيْهِ حذو بطليموس وكذلك كوشيار بن لبان الجيليّ فِي ويجه وإنما غاية العلماء بعد بطليموس الَّتِي يجرون إليها وثمرة عنايتهم الَّتِي يتنافسون فِيهَا فهم كتابه عَلَى مرتبته وإحكام جميع أجزائه عَلَى تدريجه ولا يعرف كتاب ألف فِي علم من العلوم قديمها وحديثها فاشتمل عَلَى جميع ذَلِكَ العلم وأحاط بأجزاء ذَلِكَ الفن غير ثلاثة كتب أحدها كتاب المجسطي هَذَا فِي علم هيئة الفلك وحركات النجوم والثاني كتاب أرسطوطاليس فِي علم صناعة المنطق والثالث كتاب سيبويه البصري فِي علم النحو العربي. قال محمد بن إسحاق النديم فِي كتابه بطليموس صاحب كتاب المجسطي فِي أيام أذريانوس وأنطونيس الملكين المستوليين عَلَى مملكة يونان فِي زمانهما رصد الكواكب ولأحدهما عمل كتاب المجسطي وهو أول من عمل الاصطرلاب الكري والآلات النجومية وسطح الكرة والمقاييس وآلات الأرصاد ويقال رصد النجوم قبله جماعة منهم ابرخس وقيل أنه أستاذه وهو قول واهم فإن بَيْنَ الرصدين تسعمائة سنة وَكَانَ بطليموس أجل راصد وأتقن صانع لآلات الرصد والرصد لا يتم إِلاَّ بآلة والمبتدي بالرصد هو الصانع للآلة. فأما كتاب المجسطي فهو ثلاثة عشر مقالة وأول من عُي بتفسيره وإخراجه إِلَى العربية يحيى بن خالد بن برمك وفسره لَهُ جماعة فلم يتقنوه وَلَمْ يرضَ بذلك فندب لتفسيره أبا حسان وسلمان صاحبا بيت الحكمة فأتقناه واجتهدا فِي تصحيحه بعد أن أحضرا النقلة المجودين فاختبر نقلهم وأخذ بأفصحه وأوضحه وَقَدْ قيل أن الحجاج بن مطر نقله أيضاً وَمَا نقله النبريزي وأصلح ثابت الكتاب كله بالنقل القديم غير مرضي ونقل إسحاق هَذَا الأول لأن إصلاحه الأول أجود. ومما اشتهر من كتب بطليموس وخرج إِلَى العربية كتاب كتبه إِلَى سوري تلميذه نقله إبراهيم بن الصلت وأصلحه حنين بن إسحاق وفسر المقالة الأولى الطرقيوس وجمع المقالة الأولى ثابت وأخرج معانيها وفسره أيضاً عمر بن الفرحان وإبراهيم بن الصلت والتبريزي والبناني. كتاب المواليد. كتاب الحرب

والقتال. كتاب استخراج السهام. كتاب تحويل سنى العالم. كتاب المرض وشرب الدواء. كتاب سير السبعة. كتاب الأسرى والمحبسين. كتاب فِي اشتراء السعود واصطناعها. كتاب الخصمين أَيُّهما يفلح. كتاب القرعة مجدوَل. كتاب اقتصاص أحوال الكواكب. كتاب الجغرافيا فِي المعمورة من الأرض وهذا الكتاب نقله الكندي إِلَى العربية نقلاً جيداً ويوجد سريانياً. برقطوس الإسكندري فاضل عالم بعلم العدد مذكور فِي وزمانه مشهور فِي مدارس علم الرياضة وهو صاحب كتاب المقالات الأربع فِي طبائع العدد خواصه ومن وقف عَلَى تصنيفه علم بِهِ مقداره فِي العلم ومحله من هَذِهِ الصناعة. بطليموس بدلس ملك من ملوك اليونان بعد الإسكندر وهو واحد البطالسة وَكَانَ حريصاً عَلَى العلم وَكَانَ كثير البحث عن أمر الملوك وسيرهم وحرص عَلَى علم أولية بليان بابل وخبر خلقة العالم وجد النمروذ ونسبته فبحث عن ذَلِكَ فوجد رغبته عند بني إسرائيل فِي بيت المقدس وذلك فِي دولتهم الثانية فترجموا لَهُ التوراة من العبراني إِلَى اليوناني فوجد فِيهَا ذكر النمروذ وهي الَّتِي ترجمها حنين بن إسحاق من اليونانية إِلَى العربية وبث فِي جميع عمله الفلاسفة ليأخذوا لَهُ قطر الأرض وجهاتها المعمورة وغيرها ونظر فِي النجوم وتكلم فِي الهيئة حَتَّى وهم قوم وقالوا هو بطليموس صاحب المجسطي وهو خطأ وَقَدْ بينا فِي ترجمة بطليموس ذَلِكَ وإنما هَذَا كَانَ يعرف من البطالسة بمحب الحكمة والله أعلم وملك تمانياً وثلاثين سمة وَكَانَ معلمه أرسطوس المنجم. باذينوس رومي تكلم فِي علم الفلك وَمَا تحدث الكواكب وَلَهُ تصانيف منها كتاب الطوفان. كتاب الكواكب المذنبة. بنس الرومي كَانَ عالماً بعلم الرياضة خبيراً بغوامض الهندسة مقيماً بالإسكندرية وزمنه بعد زمن بطليموس القلوذي ومن تصانيفه تفسير. كتاب بطليموس فِي تسطيح الكرة نقله ثابت إِلَى العربي. تفسيرر المقالة العاشرة من كتاب إقليدس مقالتان. ثاذروغوغيا هندي رومي جيلي لَهُ كتاب استخراج المياه وهو ثلاثة أبواب كل باب مقالتان.

البقراطزن سئل ثابت بن قرة الحراني كم البقراطون فقال الأول الَّذِي من نسل اسقلبيوس وهو المشهور المذكور وبقراط الثاني وهو ابن أبرقليدس وبينه وبين الأول تسعة آباء وقيل بينه وبين اسقلبيوس تسعة آباء وَكَانَ بقراط الثاني قَدْ أدرك فِي منتهى سنة حرب القوم المعروفين بكبولونيساس وبقراط الثالث هو ابن دراقن بن بقراط الثاني ومنه إِلَى اسقلبيوس أحد عشر جدّاً وبقراط الرابع هو ابن عم بقراط الثالث ولما وقف المترجمون عَلَى كتبهم مزجزها وشرحوها وفسروها وَلَمْ يميزوا واحداً منهم من الآخر لتقارب علمهم وأخذ الخلف عن السلف منهم وَقَدْ قيل أن أول من كتب الطب بقراط الأول وهو ابن اغنوبهوهوس. بختيشوع بن جورجيس بن بختيشوع الجد يسابوري كَانَ نصرانياً فِي أيام أبي العباس السفاح وصحبه وعالجه وعاش إِلَى أيام الرشيد وَكَانَ جليلاً فِي صناعة الطب موقراً فِي بغداد لعلمه وصحبته للخليفة ويكنى أبا جبرائيل. وَقَدْ ذكر محمد بن إسحاق النديم فِي كتابه بختيشوع فقال هو مشهور مقدم عند الملوك خدم الرشيد والأمين والمأمون والمعتصم والواثق والمتوكل وكسب بالطب مَا لَمْ يكسبه أحد وَكَانَتْ الخلفاء تثق بِهِ عَلَى أمهات أولادهم وَلَهُ من الكتب. كتاب التذكر عمله لابنه جبرائيل والحقيقة من أمر بختيشوع بن جورجيس أنه من أهل جند يسابورة وأنه مَا رأى السفاح ولا المنصور وإنما أيوه جورجيس رأى المنصور وعالجه عَلَى مَا يرد فِي بره وأما بختيشوع بن جورجيس فما زال مقيماً بجند يسابور والمارستان نيابة عن غيبته وحضوره إِلَى أيام المهدي ومرض ولده الهادي بن المهدي فاستدعى بختيشوع من جند يسابور وداواه وعز عَلَى أم الهادي الهيزران أن استدعاه وَلَمْ يستطب أبا قريش طبيبها وأخذت هي وأبا قريش فِي مناكدة بختيشوع ومضاربته وعلم المهدي بفعلها ذَلِكَ فأعادوه مكرماً إِلَى جند يسابور فأقام عَلَى حالته فِي تدبير المارستان هناك وَلَمْ يزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى سنة إحدى وسبعين ومائة مرض الرشيد من صداع لحقه فقال ليحيى بن خالد هؤلاء

الأطباء ليسوا يفهمون شيئاً فقال لَهُ يحيى يَا أمير المؤمنين أبو قريش طبيب والدك ووالدتك قال الرشيد لَيْسَ هو بصيراً بالطب وإنما استطببناه إكراماً لَهُ لتقدم حرمته وينبغي أن تطلب لي طبيباً ماهراً فقال لما مرض أخوك الهادي أرسل والدك إِلَى جند يسابور وأحضر رجلاً يعرف بختيشوع فقال لَهُ كَيْفَ أعاده وتركه قال لما رأى والدتك وعيسى أبا قريش يحسدانه أذن لَهُ بالانصراف إِلَى بلده قال لَهُ أرسل البرد فِي مله إِن كَانَ حياُ ولما كَانَ بعد أيام ورد بختيشوع بن جورجيس ودخل عَلَى الرشيد فأكرمه وخلع عَلَيْهِ خلعة سلية ووهب لَهُ مَالاً وافراً وقال لَهُ تكون رئيس الأطباء ولك يسمعون ويطيعون. بختيشوع بن جبرائيل بن بختيشوع كَانَ طبيباً حاذقاً ابن ابن طبيب ولما ملك الواثق الأمر كَانَ محمد بن عبد الملك الزيات وابن أبي داود يعاديان بختيشوع لسراته وظهور مروءته ونبله وحسن معرفته وكثرة وصلاته وكانا يضرمان عَلَيْهِ الواثق حَتَّى نكبه وقبض أملاكه ونفاه إِلَى جند يسابور ولما اعتل الواثق بالاستسقاء وبلغ الشدة فِي مرضه أنفذ من يحضر بختيشوع فمات الواثق قبل أن يوافى بختيشوع ولما ولي المتوكل صلحت حال بختيشوع حَتَّى بلغ فِي الجلالة والرفعة وعظم المنزلة وحسن الحال وكثرة المال وكمال المروءة ومباراة الخليفة فِي اللباس والزي والطيب والفرش والضيافات والتفسح فِي النفقات مبلغاً يفوق الوصف. ومن أخباره أن المعتز بالله اعتل فِي أيام أبيه المتوكل علة من حرارة امتنع معها من أخذ شيء من الأدوية والأغذية فشق ذَلِكَ عَلَى المتوكل كثيراً واغتم لع غماً شديداً فَصار إِلَيْهِ بختيشوع والأطباء عنده وهو عَلَى حاله فِي الامتناع وقوة المرض فحادثه ومازحه فأدخل المعتز يده فِي كم جبة وشيء يماني مثقلة كَانَتْ عَلَى بختيشوع وقال مَا أحسن هَذَا الثوب فقال لَهُ بختيشوع يَا مولانا مَا لَهُ والله نظير فِي الحسن وثمنه عليّ ألف دينار كُل تفاحتين وخذ الجبة فدعا المعتز بتفاحتين وأكلهما فقال بختيشوع

تحتاج الجبة إِلَى ثوب يكون معها وعندي ثوب هو أخ لَهَا فاشرب شربة سكنجبين وخذه فشرب شربة سكنجين وأخذهما فوافق ذَلِكَ اندفاع طبيعة المعتز وبرئ وَكَانَ المتوكل يشكر هَذَا الفعل أبداً لبختيشوع ويعتقد بِهِ لَهُ قال بعض الرواة ومما يدل عَلَى لطف منزلة بختيشوع عند المتوكل وانبساطه لديه مَا حدثنا بِهِ بعض شيوخنا قال دخل بختيشوع يوماً إِلَى المتوكل وهو جالس عَلَى سدة فِي وسط دار الخاصة فجلس بختيشوع عَلَى عادته معه عَلَى السدة وَكَانَ عَلَيْهِ دراعة ديباج رومي وَكَانَ قَدْ انفتق ذيلها قليلاً فجعل المتوكل يحادث بختيشوع ويعبث بذلك الفتق حَتَّى بلغ إِلَى حد النيفق ودار بينهما كلام اقتضي أن سأل المتوكل بختيشوع بماذا تعلمون أن الموسوس يحتاج إِلَى الشد والقيادة قال بختيشوع إذَا بلغ فِي فتق دراعة طبيبه إِلَى حد النيفق شددناه فضحك المتوكل حَتَّى استلقى عَلَى ظهره وأمر لَهُ فِي الوقت بخلع حسنة ومال جزيل وَكَانَ بختيشوع يهدي البخور ومعه فِي درج آخر فحم يتخذ لَهُ من قضبان الكرم والأترج والصفصاف المرشوش عليه عند إحراقه ماء الورد المخلوط بالمسك والكافور وماء الخلاف والشراب العتيق ويقول أنا أكره أن أهدي بخوراً بغير فحم فيفسده فحم العامة ويقال هَذَا عمل بختيشوع وقال الكتوكل يوماً لبختيشوع ادعني قال نعم وكرامة فأضاف المتوكل وَكَانَ الوقت صائفاً واطهر من التجمل والثروة وأنفق فِي الإضافة مَا أعجب المتوكل والحاضرين واستكثر المتوكل لبختيشوع مَا رآه من نعمته وكمال مروءته فانصرف من داره وأخذ شيئاً وجده من ثياب بدنه وحقد عَلَيْهِ ونكبه بعد أيام يسيرة فأخذ لَهُ مالاً كثيراً ووجد لَهُ فِي جميع كسوته أربعة آلاف سراويل ديبقي فِي جميعها يكك أبريسم أرمني وحضر الحسين بن مخلد فختم عَلَى خزانته وحمل إِلَى دار السلطان مَا صلح منها وباع شيئاً كثيراً وبقي بعد ذَلِكَ خطب وفحم ونبيذ وأمثال ذَلِكَ فاشتراه الحسين بن مخلد بستة آلاف دينار وذكر أنه باع من جملته باثنتي عشرة ألف دينار ثُمَّ حسده حمدون ووشى إِلَى السلطان وبذل فيما بقي فِي يده مما ابتاعه ستة آلاف دينار فأجيب إِلَى ذَلِكَ وسلم إِلَيْهِ فباعه بأكثر من الضعف وَكَانَ هَذَا فِي سنة أربع وأربعين ومائتين للهجرة

وتوفي بختيشوع يوم الأحد لثمان بقين من صفر سنة ست وخمسين ومائتين ولما توفي خلف عبيد الله ولده وخلف معه ثلاث بنات وَكَانَ الوزراء يضادونهم ويطالبونهم بالأموال فتفرقوا وسأذكر حديث عبيد الله بن بختيشوع وبختيشوع هَذَا كَانَ طبيباً مشهوراً فِي وقته وكان من أطباء المتقي وَكَانَ هو وعلي ابن الراهبة وأتوش وثابت ب سنان بن ثابت مشتركين فِي طب المتقي. بختيشوع بن يحيى من بني بختيشوع كَانَ طبيباً حاذقاً خدم المقتدر الخليفة واختص بِهِ وارتفعت منزلته لديه واشترك فِي طبه هو وسنان بن ثابت بن قرة الصابي والد ثابت بن سنان صاحب التاريخ وَلَمْ يكن فِي أطباء المقتدر أخص بِهِ من هذين.

حرف التاء المثناة في أسماء الحكماء

حرف التاء المثناة فِي أسماء الحكماء تينكلوش البابلي وربما قيل تنكلوشا والأول أصح هَذَا أحد السبعة العلماء الذين رد إِلَيْهِم الضحاك البيوت السبعة الَّتِي بينت عَلَى أسماء الكواكب السبعة وَقَدْ كَانَ عالماً فِي علماء بابل وله تصنيف وهو كتاب الوجوه والحدود كتاب مشهور بَيْنَ أيدي الناس موجود. تياذوق طبيب فِي صدر الإسلام مشهور فِي الدولة الأموية واختص بخدمة الحجاج بن يوسف وله تلاميذ أجلة تقدموا بعده ومنهم من أدرك الدولة العباسية كفرات بن شحناتا طبيب عيسى بن موسى مات فِي زمن المنصور. توفيق بن محمد بن الحسين بن عبد الله بن محمد أصله من المغرب يكنى أبا محمد وَكَانَ ساكناً بدمشق مهندس منجم أديب كَانَ من تلامذته بدمشق مشايخ يصفونه بالعلم والفهم وَكَانَ معلماً وله تصانيف وشعر ومحمد بن نصر بن صغير القيسراني الشاعر أحد تلامذته فِي الحكمة والأدب وَكَانَتْ وفاته بدمشق فِي صفر سنة ست عشرة وخمسمائة. التميمي المقدسي الطبيب واسمه محمد بن أحمد بن سعيد ونسبه بَيْنَ الأطباء أشهر من اسمه فلهذه العلة ذكرته فِي التاء وجده سعيد كَانَ طبيباً وَكَانَ من البيت المقدس وقرأ علم الطب بِهِ وبغيره من المدن الَّتِي ارتحل إليها واستفاد من هَذَا الشأن جزأ متوفراً وأحكم مَا علمه منه غاية الإحكام وَكَانَ لَهُ غرام وعناية تامة فِي تركيب الأدوية وعنده غوص عَلَى أمور هَذَا النوع واستغراق فِي طلب غوامضه وهو الَّذِي أكمل الترياق الفاروق بما زاده فِيهِ من المفردات وذلك بإجماع الأطباء وله فِي الترياق عدة تصانيف مَا بَيْنَ كبير ومتوسط وصغير وقد كَانَ

مختصاً بالحسن بن عبيد الله بن طغج المستولي عَلَى مدينة الرملة وَمَا المضاف إليها من البلاد الساحلية وَكَانَ مغرماً بِهِ وبما يعالجه من المفردات والمركبات وعمل لَهُ عدة معاجين ولخالخ طيبة دافعة للأوباء ثُمَّ أدرك الدولة العلوية عند دخولها فِي الديار المصرية وصحب الوزير يعقوب بن كلس وزير المعز والعزيز وصنف لَهُ كتاباً كبيراً فِي عدة مجلدات سماه مادة البقاء بإصلاح فساد الهواء والتحرز من ضرر الأوباء وكل ذَلِكَ بالقاهرة المعزية ولقي الأطباء بمصر وحاضرهم وناظرهم واختلط بأطباء الخاص القادمين من أرض المغرب فِي صحبه المعز عند قدومه والمقيمين بمصر من أهلها وكان متصفاً فِي مذكراته غير راد على أحد إِلاَّ بطريق الحقيقة وَكَانَ التميمي هنا موجوداً بمصر فِي حدود سنة سبعين وثلاثمائة.

حرف الثاء المثلثة في أسماء الحكماء

حرف الثاء المثلثة فِي أسماء الحكماء ثؤفرسطس الحكيم كَانَ ابن أخي أرسطوطاليس واحد تلاميذه الآخذين الحكمة عنه واحد الأصفياء الأوصياء الذين وصي إليهم أرسطوطاليس وهو الَّذِي تصدر بعد للإقراء بدار التعليم وَكَانَ فهماً عالماً حاذقاً مقصوداًَ لهذا الشأن وقرئت عَلَيْهِ كتب عمه وصنف التصانيف الجليلة واستُفيدت منه ونقلت عنه. وتصانيفه. كتاب الآثار العلوية مقالة واحدة. كتاب الأدب مقالة واحدة. كتاب مَا بعد الطبيعة مقالة واحدة نقلها يحيى بن عدي. كتاب الحس والمحسوس نقل إبراهيم بن بكوس أربع مقالات. كتاب أسباب النبات نقله إبراهيم بن بكوس ومما ينحل إِلَيْهِ. كتاب قاطيغورياس. ثاليس الملطي حكيم مشهور فِي زمانه أقاويله مذكورة وآراءه فِي الفلسفة بَيْنَ أهلها مشهورة صحب فيثاغورس وأخذ عنه ورحل إِلَى مصر وأخذ عن علمائها علم الطبيعة والفلسفة وهو أول من قال أن الوجود لا موجد لَهُ تعالى الله العظيم واحتج لَهُ أصحابه أن الَّذِي حمله عَلَى ذَلِكَ مَا شاهده فِي هَذَا العالم من الاختلاف فتحقق أن الموصوف بالصفات الحسنى لا تصدر عنه هَذِهِ الأمور المختلفة فقال بذلك وَعَلَى هَذَا القول جمهور أهل الهند. ثامسطيوس كَانَ فيلسوفاً فِي حسب مَا ذكرته تصانيفه فِي تفاسير كتب أرسطوطاليس وَكَانَ كاتباً لليوليانس المرتد إِلَى مذهب الفلاسفة عن النصرانية وزمانه بعد زمان جالينوس وَلَهُ من الكتب بعد التفاسير الَّتِي ذكرناها. كتاب ليوليانس فِي التدبير. كتاب الرسالة إِلَى ليوليان الملك. ثاذوسيوس من الحكماء الرياضيين والمهندسين المشهورين من حكماء يونان وَلَهُ تصانيف حسان فِي الرياضة والهندسة وَلَهُ الكتاب المشهور الَّذِي هو أجل الكتب المتوسطات بَيْنَ كتاب إقليدس والمجسطي وهو كتاب الاكر. ثاؤن الإسكندراني المصري مهندس رياض فِي زمانه مذكور فِي

عصره ومصره وغير مصره سارت فِي الآفاق تصانيفه وهو بعد بطليموس والذي لَهُ من الكتب. كتاب العمل بذات الخلق. كتاب جداول زيج بطليموس المعروف بالقانون المسير. كتاب العمل بالاصطرلاب. كتاب المدخل إِلَى المجسطي. ثيوذوفروس رياضي مهندس يوناني بعد زمن بطليموس كَانَ بالإسكندرية وَلَهُ تصانيف نقلت منها. كتاب الاكر ثلاث مقالات. كتاب المساكن مقالة. كتاب الليل والنهار مقالتان. ثاذون الطبيب هَذَا رجل كَانَ فِي صدر دولة الإسلام وَكَانَ طبيباً للحجاج بن يوسف وَلَهُ كناش كبير عمله لابنه ومن أخباره مع الحجاج أنه دخل إِلَيْهِ يوماً فقال لَهُ الحجاج أي شيء دواء الطين فقال لَهُ عزيمة مثلك أَيُّها الأمير فرمي الحجاج بالطين وَلَمْ يعد إليها بعدها. ثيستاس الخطيب اليوناني تلميذ غراب الصقلي من خطباء يونان الذين تعلموا من أنواع الفلسفة الخطابة المفيدة للإقناع قرأ عَلَى غراب الصقلي وأخذ منه جزءاً متوفراً من الخطابة فلما أحكمها عَلَيْهِ ناظره فِي الأجزاء الَّتِي قررها لَهُ مناظرة خطابية قَدْ استوفيت ذكرها فِي حرف الغين عند ذكر اسم معلمه غراب. ثوسيوس الشاعر اليوناني قَدْ أحكم الطريقة الشعرية وَلَما بلغ ثوسيوس هَذَا أن عدواً لَهُ اغتابه بأمر فظيع ارتجز متمثلاً عَلَى طريقة يونان وقال بلغنا أن كلباً وقرداً اجتازا بمقبرة سباع فقال القرد للكلب اصعد بِنَا لنترحم عَلَى هؤلاء الموتى قال الكلب ومن أَيْنَ بينكما معرفة قال القرد سبحان الله أما تعلم أن هؤلاء مماليكنا فقال الكب والله مَا أعلم شيئا من هَذَا ولكنني كنت أحب أن يكون أحدهم حاضراً وتقول هَذَا. ثوفيل بن ثوما النصراني المنجم الرهاوي وَكَانَ هَذَا المنجم بغدادي وهو رئيس منجمي المهدي وَكَانَ خبيراً بحوادث النجوم وَلَهُ فِي أحكام

النجوم إصابات عجيبة وَقَدْ ناهز تسعين سنة من عمره. ثابت بن سنان بن قرة كَانَ فِي أيام المطيع لله وَفِي أمارة الأقطع أحمد بن بويه أبو الحين وقبل ذَلِكَ كَانَ مختصاً بخدمة الراضي وَكَانَ بارعاً فِي الطب عالماً بأصوله فكاكاً للمشكلات وَكَانَ يتولى تدبير المارستان ببغداد فِي وقته وهو كَانَ خال هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابي الكاتب البليغ وعمل ثابت هَذَا. كتاب التاريخ المشهور فِي الآفاق الَّذِي مَا كتب فِي التاريخ أكثر مما كتب وهو من سنة نيف وتسعين ومائتين والي حنين وفاته ف شهور ثلاث وستين وثلاثمائة وعليه ذيل ابن أخته هلال بن المحسن بن إبراهيم ولولاهما لجهل شيء كثير من التاريخ فِي المدتين وإذا أردت التاريخ متصلاً جميلاً فعليك بكتاب أبي جعفر الطبري رضي الله عنه فإنه من أول العالم والي سنة تسع وثلاثمائة ومتى شئت أن تقرن بِهِ كتاب أحمد بن أبي طاهر وولده عبيد الله فنعم مَا تفعل لأنهما قَدْ بالغا فِي ذكر الدولة العباسية وأتيا من شرح الأحوال بما لَمْ يأتِ بِهِ الطبري بمفرده وهما فِي الانتهاء قريبا المدة والطبري أزيد منهما قليلاً ثُمَّ يتلو ذَلِكَ كتاب ثابت فإنه يداخل الطبري فِي بعض السنين ويبلغ إِلَى بعض سنة ثلاث وستين وثلاثمائة فإن قرنت بِهِ كتاب الفرغاني الَّذِي ذيل بِهِ كتاب الطبري فنعم الفعل تفعله فإن فِي كتاب الفرغاني بسطاً أكثر من كتاب ثابت فِي بعض الأماكن ثُمَّ كتاب هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابي فإنه داخل كتاب خاله ثابت وتمم عَلَيْهِ إِلَى سنة سبع وأربعين وأربعمائة وَلَمْ يتعرض أحد فِي مدته إِلَى ما تعرض لَهُ من أحكام الأمور والاطلاع عَلَى أسرار الدول وذلك أنه أخذ ذَلِكَ عن جده لأنه كاتب الإنشاء ويعلم الوقائع وتولى هو الإنشاء أيضاً فاستعان بعلم الأخيار الواردة عَلَى جمعه ثُمَّ يتلوه كتاب ولده غرس النعمة محمد بن هلال وهو كتاب حسن إِلَى بعد سنة سبعي وأربعمائة بقليل وقصر فِي آخر الكتاب لمانع منعه الله أعلم بِهِ ثُمَّ داخله ابن الهمذاني

وتممه إِلَى بعض سنة اثنتي عشرة وخمسمائة وكمل عَلَيْهِ أبو الحسن بن الراغوني فأتي بما لا يشفي العليل إذ لَمْ يكن ذَلِكَ من صناعته فأوصله إِلَى سنة سبع وعرين ثُمَّ كمل عَلَيْهِ العفيف صدقة الحداد إِلَى سنة نيف وسبعين وخمسمائة ثُمَّ كمل عَلَيْهِ ابن الجوزي إِلَى بعد سنة ثمانين ثُمَّ كمل عَلَيْهِ ابن القادسي إِلَى سنة ست عشرة وستمائة. قال هلال بن المحسن ابن أخته وَفِي ليلة يوم الأربعاء لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة يعني سنة خمس وستين وثلاثمائة توفي أبو الحسن ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة الصابي صاحب التاريخ. ثابت بن إبراهيم بن زهرون الحراني الصابي كنيته أبو الحسن وهم عم أبي إسحاق بن إبراهيم بن هلال الصابي الكاتب كَانَ ببغداد طبيباً حاذقاً مصيباً وَكَانَ ضنيناً بما يحسنه من ذَلِكَ وَلَهُ مصنفات منها .. إصلاح مقالات من كتاب يوحنا بن سرافيون. كتاب جوابات مسائل سئل عنها وذكر أبو الحسن هلال بن المحسن أن ابن بقية الوزير هجمت عَلَيْهِ علة في وزارته لعز الدولة باختيار بن معز الدولة أحمد بن بويه أشرف منها عَلَى الموت وَكَانَتْ العلة دموية حارة فقصد فِي اليوم الثاني منها فما أمسي إِلاَّ ذاهب العقل بقي بخور خوار الثور لا يسيغ طعام ولا شراباً ولا يسمع خطاباً ولا يحير جواباً وظهر من فمه رغوة واختلج وجهه وعلا نفسه وثاله الفواق الشديد واجتمعت فِيهِ أعراض الموت وغلبت عَلَى الطمع فِيهِ وركب عز الدولة إِلَيْهِ ليعوده فلما شاهده عَلَى تِلْكَ الحال رق لَهُ وحر أبو الحسن ثابت بن إبراهيم الصابي الحراني هَذَا وجميع الأطباء الذين كانوا ببغداد وخاضوا فِي الليل وتناظروا عَلَى علته وكانوا إِلَى اليأس منه أقرب منهم إِلَى الرجاء لَهُ وأشار أبو الحسن هَذَا بقصده ثانياً فلم يرَ ذَلِكَ الأطباء الباقون فقال لهم بحضرة عز الدولة أترون لَهُ تماسكاً أَوْ فِيهِ طمعاً إن لَمْ يقصد قالوا لا قال فإذا كنتم مجتمعين عَلَى اليأس منه فتجربة الَّذِي أراه من التوقف عنه فأمر عز الدولة بفصده ففصده فما شد عرقه حَتَّى هدأت أطرافه فظهر سكونه وتزايد إصلاحه إِلَى أن أفاق وهو ساكت

ومضي يومان وبعد الربع تكلم ورجع إِلَى عادته عَلَى تدريج وركب إِلَى دار عز الدولة عَلَى الرسم وَقَدْ كَانَ ثابت وعده بيوم ركوبه وَكَانَ كذلك وخلع عز الدولة عَلَى أبي الحسن ثابت وأعطاه مَالاً جزيلاً وكذلك فصل ابن بقية بِهِ. وحكى أبو علي بن مكنجا النصراني الكاتب قال لما وافي عضد الدولة فِي سنة أربع وستين وثلاثمائة إِلَى مدينة السلام استدعاني أبو منصور نصر بن هارون وَكَانَ قَدْ ورد معه إذ ذَاكَ وسألني عن أطباء بغداد وَكَانَ السبب فِي ذَلِكَ أن عضد الدولة قال لَهُ تويه أن تنظر أحذق طبيب ببغداد فتقدم إِلَيْهِ أن يحضر دارنا ويتأمل أمرنا ويقول لَكَ مَا عنده فِي موافقة هَذَا البلد لَنَا وغير ذَلِكَ قال ابن مكنجا فاجتمعت مع عبد يشوع الجاثليق وسألته عنهم قال ههنا جماعة لا نعول عليهم والمنظر إِلَيْهِ أبو الحسن الحراني وهو رجل عاقل لا مثل لَهُ فِي صناعته وفيروز وهو قليل التحصيل وأبو الحسن صديقي وأنا أبعثه عَلَى الخدمة وأشير عَلَيْهِ بالملازمة لَهَا وخاطب الجاثليق أبا الحسن عَلَى قصد أبي منصور نصر بن هارون فقصده فنقدم إِلَيْهِ بأن يحضر دار عضد الدولة ويتأمل حاله وَمَا يدبر بِهِ أمره فتلقى ذَلِكَ بالسمع والطاعة وشرط أن يعرف صورته فِي مأكله ومشربه وبواطن أكره وطالع أبو منصور عضد الدولة بالصورة وحضر أبو الحسن الدار وعرف جميع مَا سأل عنه وأحضر إِلَيْهِ بالتماسه فراش خاص خبير بأمر الملك فسأله فِي مدة ثلاثة أيام عَلَى أحواله وتصرفه فِي خلواته فأخبره وتردد أياماً ثُمَّ انقطع واجتمع مع الجاثليق فعاتبه الجاثليق عَلَى انقطاعه وعرفه وقوع الإنكار لَهُ فقال لَهُ لا فائدة فِي مضي ولست أراه صواباً لنفسي وللملك أطباء فضلاء عقلاء وَقَدْ عرفوا من تدبيره وطبعه مَا يستغني بهم عن غيرهم فِي ملازمته وخدمته فألح الجاثليق عَلَيْهِ وسأله عن علة مَا هو عَلَيْهِ فِي هَذَا الفعل والاحتجاج فِيهِ بمثل هَذَا العذر فقال لَهُ قَدْ جربت أمر هَذَا الملك وهو متى أقام ببغداد سنة عَلَى مَا هو عَلَيْهِ من ملازمة السهر والاجتهاد فِي تدبير الملك وكثرة الأكل والشرب والنكاح قَدْ عقله ولست أوثر أن يجرى ذَلِكَ عَلَى يدي وأنا مدبره وطبيبه ثُمَّ أن قال للجاثليق إن أنهيت هَذَا القول عنه جحدته وحلفت بالله والبراءة من ديني مَا قلته وَكَانَ عَلَيْكَ فِي ذَلِكَ مَا تعلمه فأمسك الجاثليق وكتم هَذَا الحديث فلما عاد عضد الدولة إِلَى العراق في الدفعة الثانية كَانَ الأمر عَلَى مَا أنذر بِهِ فِيهِ.

وذكر أبو الحسن بن أبي الفرج بن أبي الحسن بن سنان وَكَانَ أبو الحسن هَذَا المخبر أوحد زمانه فِي الطب لا يقصر عن متقدميه من الأهل قال حدثني أبو الفرج أبي قال حدثني أبو الحسن أب قال كنت وأبو الحسن الحراني يوماً فِي دار أبي محمد المهلبي الوزير فقدم أبو عبد الله بن الحجاج الشاعر إِلَى الحراني وأعطاه لَهُ مجسه فقال لَهُ قلت لَكَ غلظ غذاءك وأظنك أسرفت فِي ذَلِكَ حَتَّى أكلت مضيرة بلحم عجل فقال كذاك والله كَانَ وعجب هو والجماعة ومد إِلَيْهِ أبو العباس بن المنجم يده فأخذ مجسه وقال وأنت يَا سيدي أسرفت فِي التبريد أيضاً وأظنك قَدْ أكلت إحدى عشرة رمانة فقال أبو العباس هَذِهِ نبوة لا طب وزاد العجب والتفاوض فِي ذَلِكَ من الجماعة الحاضرة وكنت أنا أيضاً أكثرهم استطرافاً وتعجباً وبلغ المجلس الوزير فاستدعانا وقال يَا أبا الحسن مَا هَذِهِ المعجزات الظاهرة لَكَ فدعا لَهُ وجرى التفاوض لذلك وأنا ممسك لا ادري مَا أقول فِيهِ وخرجنا وقلت لَهُ يَا سيدي يَا أبا الحسن صناعة الطب معروفة بيننا لا يخفى عني شيء منها فبين لي من أَيْنَ ذَلِكَ النص عَلَى أن المضيرة كَانَتْ بلحم عجل لا بقرة ولا ثور ومن أَيْنَ لَكَ الدليل عَلَى أن عدد الرمان إحدى عشرة فقال هو شيء يخطر ببالي فينطق بِهِ لساني فقلت صدقتني والله إذاً أرني مولدك وجئت معه إِلَى داره فأخرج لي مولده ونظرت فِيهِ فرأيت سهم الغيب فِي درجة الطالع مع درجة المشتري وسهم السعادة فقلت لَهُ يَا عزيزي هَذَا تكلم لا أنت وكل مَا تصيب فِي الطب من مثل هَذَا الحدس والقول فهذا سببه وأصله. وذكر المحسن بن إبراهيم الصابي قال أصابتني حمى حادة كَانَ هجومها عليّ بغتة فحضر أبو الحسن عمنا وأخذ بحسي ساعة ثُمَّ نهض وَلَمْ يقل شيئاً فقال لَهُ والدي مَا عندك يَا عمي فِي هَذِهِ الحمى فقال لَهُ سراً لا تسألني عن ذَلِكَ إِلَى أن يجوزه خمسون يوماً فوالله لقد فارقتني فِي اليوم الثالث والخمسين. وتوفي أبو الحسن ثابت بن إبراهيم فِي آخر نهار يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من شوال سنة تسع وستين وثلاثمائة ببغداد وَكَانَ مولده بالرقة ليلة يوم الخميس لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة ثلاث وثمانين ومائتين.

ثابت بن قرة بن مروان بن ثابت بن كريا بن إبراهيم بن كريا بن مارينوس بن سالامانس أبو الحسن الحراني الصابي من أهل حران انتقل إِلَى مدينة بغداد واستوطنها وَكَانَ الغالب عَلَيْهِ الفلسفة وَكَانَ فِي دولة المعتضد وَلَهُ كتب كثيرة فِي فنون من العلم كالمنطق والحساب والهندسة والتنجيم والهيئة وَلَهُ. كتاب مدخل إِلَى كتاب إقليدس عجيب. وكتاب مدخل إِلَى المنطق. وهو ترجم كتاب الأرثماطيقي. واختصر كتاب حيلة البرء وهو من المقدمين فِي علمه ومولده فِي سنة إحدى وعشرين ومائتين بحران وَكَانَ صيرفياً بِهَا اصطحبه محمد بن موسى بن شاكر لما انصرف من بلد الروم لأنه رآه فصيحاً وقيل أنه قدم عَلَى محمد بن موسى فتعلم فِي داره فوجب عَلَيْهِ حقه فوصله بالمعتضد وأدخله فِي جملة المنجمين وهو أدخل رئاسة الصابئة إِلَى أر العراق فثبتت أحوالهم وعلت مراتبهم وبرعوا وبلغ ثابت بن قرة هَذَا مع المعتضد أجل المراتب وأعلى المنازل حَتَّى كَانَ يجلس بحضرته ف كل وقت ويحادثه طويلاً ويضاحكه ويقبل عَلَيْهِ دون وزرائه وخاصته وأما أسماء مصنفاته الَّتِي صنفها فقد وجدت أوراقاً بخط أبي علي المحسن بن إبراهيم بن هلال الصابي تشتمل عَلَى ذكر نسب أبي الحسن ثابت بن قرة بن مروان هَذَا وَعَلَى ذكر مَا صنفه من الكتب عَلَى استيفاء واستقصاء فألحقتها نلو هَذِهِ لكونها حجة فِي ذَلِكَ والله الموفق. ثبت مَا صنفه أبو الحسن ثابت بن قرة الصابي الحراني ونقله وأصلحه. كتابه فِي السكون بَيْنَ حرمتي الشريان مقالتان صنف هَذَا الكتاب سريانياً لأنه أومأ فِيهِ إِلَى الرد عَلَى الكندي ونقله إِلَى العربي تلميذ لَهُ يعرف بعيسى بن

أسيد النصراني وأصلح ثابت العربي وذكر ثوم أن الناقل لهذا الكتاب حبيش بن الحسن الأعسم وذلك غلط وَقَدْ رد أبو أحمد الحسين بن إسحاق المعروف بابن كرتيب علي ثابت فِي هذا الكتاب بعد وفاة ثابت بما لا فائدة فِيهِ ولا طائل وهذا الكتاب أنفذه لما صنفه إِلَى إسحاق بن حنين فاستحسنه إسحاق استحساناً عظيماً وكتب فِي آخره بخطه يقرظ أبا الحسن ثابتاً ويدعو لَهُ ويصفه. وكتابه فِي شرح السماع الطبيعي. وكتابه فِي قطوع الاسطوانة وبسيطها. وكتابه فِي السبب الَّذِي لَهُ جعلت مياه البحر مالحة. وكتابه فِي اختصار جالينوس فِي الأغذية ثلاث مقالات. كتابه فِي أن الخطين المستقيمين إِذَا خرجا عَلَى أقل من زاويتيه قائمتين فِي جهة خروجهما. كتاب لَهُ آخر فِي مثل ذَلِكَ. كتابه فِي استخراج المسائل الهندسية. كتابه فِي المربع وقطره. كتابه فيما يظهر فِي القمر من آثار الكسوف وعلاماته. كتابه فِي علة كسوف الشمس والقمر عمل أكثره ومات وَمَا تممه وهو من كتبه الموصوفة وَقَدْ رام تتميمه قوم من أهل عصرنا فلم يستطيعوا. جواب لَهُ عن كتاب أحمد بن الطيب إِلَيْهِ. كتابه إِلَى ابنه سنان فِي الحث عَلَى تعليم الطب والحكمة. جوابان عن كتابي محمد بن موسى بن شاكر إِلَيْهِ فِي أمر الزمان. كتابه فِي المسائل المشوقة. كتابه فِي أن سبيل الأثقال الَّتِي تعلق علة عمود واحد مفصلة هي سبيلها إِذَا جعلت ثقلاً واحداً مثبوتاً فِي جميع العمود عَلَى تساوٍ. كتابه فِي مساحة الأشكال الهندسية المسطحة وسائر البسط والأشكال المجسمة. كتاب فِي طبائع الكواكب وتأثيراتها. مختصر لَهُ فِي الأصول من علم الأخلاق. كتابه فِي مسائلة الطبيب العليل. كتابه فِي سبب خلق الجبال. كتابه فِي إبطاء الحركة فِي فلك البروج وسرعتها وتوسطها بحب الموضع الَّذِي يكون فِيهِ من الفلك الخارج المركز. ثلاثة كتب لَهُ فِي سبيل المجسطي أحدها لَمْ يتممه وهو أكبرها وأجودها. كتاب فِي الأعداد المتحابة. كتابه فِي آلات الساعات الَّتِي تسمى رخامات. كتابه فِي عمل شكل مجسم ذي أربع عشرة قاعدة تحيط بِهِ كرة معلومة. كتابه فِي إيضاح الوجه الَّذِي ذكر بطليموس أنه بع استخرج من تقدمه مسيرات القمر الدورية وهي المستوية. كتابه فِي صفة استواء الوزن واختلافه وشرائط ذَلِكَ. كتابه فيما سأله أبو الحسن علي بن يحيى المنجم من أبواب علم الموسيقى. جوامع عملها لكتاب نبقومتخس فِي الأرثماطيقي مقالتان. مقالة فِي الموسيقى. أشكال لَهُ فِي الحيل. جوامع عملها

للمقالة الأولى من الأربع لبطليموس. جوامع عملها لبلرير ميلياس. جواباته عن مسائل سأله عنها أبو سهل النوبتي. كتابه فِي قطع المخروط المكافئ. كتابه فِي مساحة الأجسام المتكافئة. كتابه فِي مراتب قراءة العلوم. كتابه فِي سنة الشمس. كتابه فِي رؤية الأهلة بالجنوب. كتابه فِي رؤية الأهلة من الجداول. كتابه فِي العمل بالكرة. كتابه فِي اختصار أيام البحر أن لجالينوس ثلاث مقالات. كتابه فِي النبض. مختصر لَهُ في الاستطباب لجالينوس .... كالسرر ..... كتابه فِي اختلاف الطول. كتابه فِي أشكال طرق الخطوط الَّتِي يمر عَلَيْهَا ظل المقياس. كتابه فِي الشكل الملقب بالقطاع. مقالة فِي الهندسة ألفها لإسماعيل بن بلبل. كتابه فِي وجع المفاصل والنقرس وكتابه فِي صفة كون الجنين. كتابه فِي المولدين لسبعة أشهر. جوامع عملها لكتاب بقراط فِي الأهوية والمياه والبلدان. كتابه فِي البياض الَّذِي يظهر فِي البدن. كتابه فِي العروض. جوامع عملها لكتاب جالينوس فِي الذبول والدوية المنقية والمرة والسوداء وسوء المزاج المختلف وتدبير الأمراض الحادة عَلَى رأي بقراط. كتابه فِي الكرة. جوامع عملها لكتاب جالينوس فِي الأعضاء الآلمة. كتابه فِي أوجاع الكلى والمثانة وأوجاع الحصي. كتابه فِي جوامع أنالوطيقا الأول. ثلاث مختصرات لَهُ فِي المنطق. مقالة فِي اختيار وقت لسقوط النقطة. مَا وجد من كتابه فِي النفس. كتابه فِي التصرف فِي أشكال القايس. كتابه فيما أغفله ثاؤن فِي حساب كسوف الشمس والقمر. مقالة فِي حساب كسوف الشمس والقمر. كتابه فِي الأنواء. كتابه فِي الطريق إِلَى اكتساب الفضيلة. كتابه فِي النسبة المؤلفة. رسالته فِي العدد الوفقي. مقالة فِي تولد النار بَيْنَ حجرين. مقالة فِي النظر فِي أمر النفس. كتاب فِي العمل بالممتحن. وترجمة مَا استدركه عَلَى حبيش فِي الممتحن. كتابه فِي مساحة قطع الخطوط. كتابه فِي آلة الزمر. جوامع عملها لكتاب جالينوس فِي الأدوية المفردة. عدة كتب لَهُ فِي الأرصاد عربي وسرياني. كتاب فِي تشريح بعض الطيور وأظنه مالك الحزين. كتابه فِي أجناس مَا تنقسم إِلَيْهِ الأدوية. كتابه فِي أجناس مَا توزن بِهِ الأدوية. كتابه فِي هجاء السرياني وإعرابه ومن العربي. مقالة فِي تصحيح مسائل الجبر بالبراهين الهندسية. كتابه فِي الصفار وأصنافه وعلاجه. إصلاحه للمقالة الأولى من كتاب ابلونيوس فِي قطع النسبة المحدودة وهذا الكتاب مقالتان أصلح ثابت الأولى إصلاحاً جيداً وشرحها وأوضحها وفسرها والثانية لَمْ يصلحها وهي غير مفهومة. أصلح ثابت النسخة الَّتِي نقلها إسحاق بن حنين من المجسطي إِلَى العربي إصلاحاً قضى فِيهِ حق من سأله ذَلِكَ أَوْ حق إسحاق. ثُمَّ أنه نقل هَذَا الكتاب نقلاً جيداً وأصلحه واوضحه والدستور بخطه عندنا ثُمَّ إنه. اختصر كتاب المجسطي اختصاراً نافعاً وَلَمْ يختصر المقالة الثالثة عشر وهي الأخيرة وسألت بعض مشايخنا عن سبب ذَلِكَ فقال لَمْ يجد فِيهَا مَا يختصره. وَقَدْ شره من هَذَا الكتاب أولى وثانية وانتحل ذَلِكَ قوم من أهل عصرنا وادعوه. وأصلح كتاب أقليدس. ونقله أيضاً إِلَى العربي إصلاحين الثاني خير من الأول. وشرح وأوضح الرابعة عشر والخامسة عشر كذا بخط المحسن بن إبراهيم الصابي. وَلَهُ عدة مختصرات فِي النجوم والهندسة رأيتها بخطه وترجمتها بخطه مَا عمله ثابت للفتيان أبقاهم الله وأظنه يعني أولاد محمد بن موسى بن شاكر. جوابات فِي جزئين نحو المائتي ورقة عن مسائل سأله عنها المعتضد. رسالة فِي عدد البقارطة. كلام فِي السياسة وجد من تصنيفه فنقل إِلَى العربي. جواب لَهُ عن سبب الخلاف بَيْنَ زيج بطليموس وبين الممتحن. جوابات لَهُ عن عدة مسائل سأل عنها سند بن علي. رسالة فِي حل رموز كتاب السياسة لأفلاطون. اختصاره لقطاغورياس وباريرمانياس والقياس. ة فِي حساب كسوف الشمس والقمر. كتابه فِي الأنواء. كتابه فِي الطريق إِلَى اكتساب الفضيلة. كتابه فِي النسبة المؤلفة. رسالته فِي العدد الوفقي. مقالة فِي تولد النار بَيْنَ حجرين. مقالة فِي النظر فِي أمر النفس. كتاب فِي العمل بالممتحن. وترجمة مَا استدركه عَلَى حبيش فِي الممتحن. كتابه فِي مساحة قطع الخطوط. كتابه فِي آلة الزمر. جوامع عملها لكتاب جالينوس فِي الأدوية المفردة. عدة كتب لَهُ فِي الأرصاد عربي وسرياني. كتاب فِي تشريح بعض الطيور وأظنه مالك الحزين. كتابه فِي أجناس مَا تنقسم إِلَيْهِ الأدوية. كتابه فِي أجناس مَا توزن بِهِ الأدوية. كتابه فِي هجاء السرياني وإعرابه ومن العربي. مقالة فِي تصحيح مسائل الجبر بالبراهين الهندسية. كتابه فِي الصفار وأصنافه وعلاجه. إصلاحه للمقالة الأولى من كتاب ابلونيوس فِي قطع النسبة المحدودة وهذا الكتاب مقالتان أصلح ثابت الأولى إصلاحاً جيداً وشرحها وأوضحها وفسرها والثانية لَمْ يصلحها وهي غير

مفهومة. أصلح ثابت النسخة الَّتِي نقلها إسحاق بن حنين من المجسطي إِلَى العربي إصلاحاً قضى فِيهِ حق من سأله ذَلِكَ أَوْ حق إسحاق. ثُمَّ أنه نقل هَذَا الكتاب نقلاً جيداً وأصلحه واوضحه والدستور بخطه عندنا ثُمَّ إنه. اختصر كتاب المجسطي اختصاراً نافعاً وَلَمْ يختصر المقالة الثالثة عشر وهي الأخيرة وسألت بعض مشايخنا عن سبب ذَلِكَ فقال لَمْ يجد فِيهَا مَا يختصره. وَقَدْ شره من هَذَا الكتاب أولى وثانية وانتحل ذَلِكَ قوم من أهل عصرنا وادعوه. وأصلح كتاب أقليدس. ونقله أيضاً إِلَى العربي إصلاحين الثاني خير من الأول. وشرح وأوضح الرابعة عشر والخامسة عشر كذا بخط المحسن بن إبراهيم الصابي. وَلَهُ عدة مختصرات فِي النجوم والهندسة رأيتها بخطه وترجمتها بخطه مَا عمله ثابت للفتيان أبقاهم الله وأظنه يعني أولاد محمد بن موسى بن شاكر. جوابات فِي جزئين نحو المائتي ورقة عن مسائل سأله عنها المعتضد. رسالة فِي عدد البقارطة. كلام فِي السياسة وجد من تصنيفه فنقل إِلَى العربي. جواب لَهُ عن سبب الخلاف بَيْنَ زيج بطليموس وبين الممتحن. جوابات لَهُ عن عدة مسائل سأل عنها سند بن علي. رسالة فِي حل رموز كتاب السياسة لأفلاطون. اختصاره لقطاغورياس وباريرمانياس والقياس. وأما مَا نقله من لغة إِلَى لغة فكثير وَفِي أيدي الناس كناش عربي جيد يعرف بالذخيرة منسوب إِلَى ثابت. ورسالة عربية منسوبة إِلَيْهِ فِي شرح مذهب الصابئين وسألت أبا الحسن ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة عن هَذِهِ الرسالة والكناش فقال لَيْسَ ذَلِكَ لثابت ولا وجدته فِي كتبه ولا دساتيره وَلَهُ بالسريانية مَا يتعلق بمذهبه. رسالة فِي الرسوم والفروض والسنن. رسالة فِي تكفين الموتى ودفنهم.

رسالة فِي اعتقاد الصابئين. رسالة فِي الطهارة والنجاسة. رسالة فِي السبب الَّذِي لأجله ألغز الناس فِي كلامهم. رسالة فيما يصلح من الحيوان للضحايا وَمَا لا يصلح. رسالة فِي أوقات العبادات. رسالة فِي ترتيب القراءة فِي الصلاة وصلوات الابتهال إِلَى الله عزّ وجلّ. وَكَانَ عندنا لَهُ كتاب سرياني لَمْ يخرج إِلَى العربي فِيهِ. كتابه فِي الموسيقى يشتمل عَلَى نحو خمسمائة ورقة والذي لَهُ فِي الموسيقى من الكتب والرسائل كثير وكذلك مَا لَهُ من المسائل الهندسية. وحكى أبو الحسن بن سنان قال يحكي أحد أجدادي عن جدنا ثابت بن قرة أنه اجتاز يوماً ماضياً إِلَى دار الخليفة فسمع صياحاً وعويلاً فقال مات القصاب الَّذِي كَانَ فِيهِ هَذَا الدكان فقالوا لَهُ أي والله يَا سيدنا البارحة فجأة فقال مَا مات خذوا بِنَا إِلَيْهِ فعدل الناس معه وحملوه إِلَى دار القصاب فتقدم إِلَى النساء بالإمساك عن اللطم والصياح وأمرهن بأن يعملن مزورة وأومأ إِلَى بعض غلمانه بأن يضرب القصاب عَلَى كعبه بالعصا وجعل يده فِي مجسه وَمَا زال ذَلِكَ يضرب كعبه إِلَى أن قال حسبك واستدعى قدحاً وأخرج من ششكة فِي كمه دواء فذاقه فِي القدح بقليل من ماء وفتح فم القصاب وسقاه إياه فأساغه ووقعت الصيحة والزعقة فِي الدار والشارع بأن الطبيب قَدْ أحيا الميت فتقدم ثابت يغلق الباب وفتح القصاب عينه وأطعمه مزورة وأجلسه وقعد عنده ساعة فإذا بأصحاب الخليفة قَدْ جاؤوه يدعونه فخرج معهم والدنيا قَد انقلبت والعامة حوله يتعادون إِلَى أن دخل دار الخلافة ولما مثل بَيْنَ يدي الخليفة قال لَهُ يَا ثابت مَا هَذِهِ المسيحية الَّتِي باغتتنا عنك قال يَا مولاي كنت أجتاز عَلَى هَذَا القصاب وألحظه يشرح الكبد ويطرح عَلَيْهَا الملح ويأكلها فكنت أستقذر فعله أولاً ثُمَّ قدرت أن سكتة

ستلحقه فصرت أراعيه وإذ علمت عاقبته انصرفت وركبت للسكتة دواء استصحبه معي فِي كل يوم فلما اجتزت اليوم وسمعت الصياح قلت مات القصاب قالوا نعم مات فجأة البارحة فعلمت أن السكتة قَدْ لحقته فدخلت إِلَيْهِ وَلَمْ أجد لَهُ نبضاً فضربت كعبه إِلَى أن عادت حركة نبضه وسقيته الدواء ففتح عينيه وأطعمته مزورة والليلة يأكل رغيفاً بدراج وَفِي غد خرج من بيته. مات ثابت بن قرة وهو جد ثابت بن سنان صاحب التاريخ يوم الخميس السادس والعشرين من صفر سنة ثمان وثمانين ومائتين ورثاه أبو أحمد يحيى بن علي بن يحيى النجوم النديم وَكَانَتْ بينهما صداقة بأبيات منها: ألا كل حي مَا خلا الله مائت ... ومن يغترب يؤمل ومن مات فائت أرى من مضى عنا وخيم عندنا ... كسفر ثوا أرضاً فسارٍ وبائت نعاه العلوم الفلسفيات ملها ... عداها التماع النور مذ مات ثابت وأصبح أهلوها حيارى لفقده ... وزال بِهِ ركن من العلم ثابت ولما أتاه الموت لَمْ يغن طبه ... ولا ناطق مما حواه وصامت فلو أنه يسطاع للموت مدفع ... لدافعه عنه حماة مصالت ثقات من الإخوان يصفون وده ... وَلَيْسَ لما يقضي الله لافت أبا حسن لا تبعدن وكلنا ... لهلكك مفجوع لَهُ الحزن كابت

حرف الجيم في أسماء الحكماء

حرف الجيم فِي أسماء الحكماء جالينوس الحكيم الفليسوف الطبيعي اليوناني من أهل مدينة فرغاموس من أرض اليونانيين إمام الأطباء فِي عصره ورئيس الطبيعيين فِي وقته ومؤلف الكتب الجليلة فِي صناعة الطب وغيرها من علم الطبيعة وعلم البرهان وَقَدْ ضم جالينوس أسماء تآليفه فهرستاً يشتمل عَلَى عدة أوراق وذكر مرتبة قراءتها ونبه عَلَى طريق تعليمها وهي تزيد عَلَى مائة تأليف. وقال أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي كَانَ جالينوس بعد المسيح بنحو مائتي سنة وبعد بقراط بنحو ستمائة سنة وبعد الإسكندر بنحو خمسمائة سنة ونيف ولا أعلم بعد أرسطوطاليس أعلم بالطبيعي من هذين الفاضلين أعني بقراط وجالينوس. وقال ابن جلجل الأندلسي بلد جالينوس من بلاد آسيا شرقي قسطنطينية وَكَانَتْ مدينة جالينوس اسمها فرغميس ويقال فرغمين وَكَانَتْ موضع سجن الملوك وهنالك كانوا يسجنون من غضبوا عَلَيْهِ قال وجالينوس هَذَا كَانَ فِي دولة نيون قيصر وهو السادس من القياصرة الذين ملكوا رومية وطاف جالينوس البلاد وجالها وتنقل إِلَى مدينة رومية مرتين وسكنها وغزا مع ملكها لتدبير الجرحي وبرع فِي الطب والفلسفة وجميع العلوم الرياضية وهو ابن سبع عشرة سنة وأوفى وهو ابن أربع وعشرين سنة وجدد من علم بقراط وشرح كتبه مَا كَانَ قَدْ درس وفاق أهل زمانه وَكَانَتْ لَهُ بمدينة رومية مجالس مقامية خطب فِيهَا وأظهر من علمه بالتشريح مَا عرف بِهِ فضله وبان بِهِ علمه وَكَانَ أبوه ماسحاً لَمْ يكن فِي زمانه أعلم منه بعلم المساحة وَكَانَتْ الديانة النصرانية قَدْ ظهرت فِي أيامه فقيل لَهُ أن رجلاً قَدْ ظهر فِي آخر الدولة

قيصر ببيت المقدس يبري الأكمه والأبرص ويحيي الموتى فقال أهنالك بقية ممن صحبه فقيل نعم فخرج من رومية يريد بيت المقدس فجاز إِلَى صقلية وهي يومئذ سلطانية فمات هنالك وقبره بِهَا وعاش ثمانياً وثمانين سنة وهو مفتاح الطب وباسطه وشارحه بعد المتقدمين وَلَهُ فِي الطب سنة عشر ديواناً كلها معلقة بعضها ببعض شرط عَلَى طالب الطب حفظها والاحتفال بِهَا أن طلب علم الطب من غير برهان وَكَانَ جالينوس عالماً بطريق البرهان خطيباً وَلَهُ كتاب ناقض بِهِ الشعراء وكتاب فِي لحن العامة وَلَمْ يسبقه أحد إِلَى علم التشريح وألف فِيهِ سبع عشرة مقالة وَكَانَ فِي زمانه قوم يمسبون إِلَى علم أرسطوطاليس وهم المسمون المعروفون بأصحاب المظلة وهم الروحانيون وألف عليهم كتاباً فِي الأسباب الملكة إذ كانوا يزعمون أن الروح سبب ماسك زناقض اسقلبياس فِي الفصد ورد عَلَيْهِ وَعَلَى كثير من القدماء وناقض السوفسطائيين وألف كتاباً عَلَى أصحاب الحيل فِي الطب وقال فِي كتابه فِي الأمراض العسرة البرء أنه كَانَ ماراً بمدينة رومية إذ هو برجل قَدْ حلق حوله جماعة من السفهاء وهو يقول أنا رجل من أهل حلب لقيت جالينوس وعلمني علومه أجمع هَذَا دواء ينفع الدود فِي الأضراس وَكَانَ الخبيث قَدْ أخذ بندقة معمولة من اللبان والقطران وَكَانَ يضعها عَلَى الجمر ويبخر بِهَا فم الَّذِي لَهُ الأضراس المدودة بزعمه فلا يجد بداً من غلق عينيه فإذا أغلقها دس فِي فمه دوداً قَدْ أغده فِي حق ثُمَّ يخرجها من فم صاحب الضرس فلما فعل ذَلِكَ ألقى إِلَيْهِ السفهاء بما معهم ثُمَّ تجاوز إِلَى أن قطع العروق عَلَى غير مفاصل قال جالينوس فلما رأيت ذَلِكَ أبرزت وجهي للناس وقلت لهم أنا جالينوس وهذا سفيه ثُمَّ حذرت منه واستعديت عَلَيْهِ السلطان فملكه فلذلك ألف جالينوس كتاباً فِي أصحاب الحيل وذكر فِي كتاب قاطاجالس أنه دير فِي الهيكل بمدينة رومية فِي نوبة الشيخ المقدم الَّذِي كَانَ يداوي الجرحى وذلك الهيكل هو البيمارستان فبرئ كل من دبره من الجرحى قبل غيرهم وبان بذلك فضله وظهر علمه وَكَانَ لا يقنع من علم الأشياء بالتقليد دون المباشرة وشخص جالينوس إِلَى قبرص ليرى القلقطار فِي معدنه وكذلك شخص إِلَى جزيرة لمنوس ليرى الطين المختوم وبار كل ذَلِكَ بنفسه وصححه وَلَمْ

يكن فِي زمانه أدأب منه فِي قراءة كتاب عَلَى مَا ذكره من نفسه وَكَانَ يأخذ نفسه كل يوم بقراءة جزء من الحكمة ونهض بالعشي للمعلمين يعرض ذَلِكَ عليهم حَتَّى كَانَ أصحابه وإخوانه يلقبونه بالبديع القول وقولب الأوابد وَلَمْ يأخذ من أحد الملوك شيئاً ولا واكلهم ولا داخلهم كما ذكر فِي صدر كتابه فِي حيلة البرء وَكَانَ متصفحاً لكلام جميع المؤلفين فلم يسلم أحد من القدماء منه إِلاَّ مشدوخاً ولولا هو مَا بقي للعلم ولدرس ودثر من العالم جملة ولكنه أقام آوده وشرح غامضه وبسط مستصحبه وَكَانَ فِي زمانه فلاسفة مات ذكرهم عند ذكره فلم يعرفوا لخمول أسماءهم. وقال محمد بن إسحاق النديم فِي كتابه ظهر جالينوس بعد ستمائة وخمس وستين سنة من وفاة بقراط وانتهت إِلَيْهِ الرئاسة فِي عصره وهو الثامن من الرؤساء الذين أولهم اسقلبياذس مخترع الطب وَكَانَ معلم جالينوس أرمينس الرومي وأخذ عن اغلوقن وَلَهُ إِلَيْهِ مقالات وبينة وبينه مناظرات وقال جالينوس فِي المقابلة الأولى من كتابه فِي الأخلاق وذكر الوفاء واستحسنه وأتى فِيهِ بذكر القوم الذين نكبوا بأخذ صاحبهم وابتلوا بالمكاره يلتمس منهم أن يبوحوا بمساوئ أصحابهم وذكر معايبهم فامتنعوا من ذَلِكَ وصبروا عَلَى غلظ المكاره وإن ذَلِكَ كَانَ فِي سنة أربع عشرة وخمسمائة للإسكندر وهذا أصح مَا ذكر من أمر جالينوس ووقته وموضعه من الزمان. وقال قوم آخرون أن جالينوس كَانَ فِي زمن ملوك الطوائف فِي أيام قبان بن شايور بن اصغان ومنذ وفاة جالينوس إِلَى عهدنا هَذَا وهو سنة اثنين وثلاثين وستمائة عَلَى مَا أوجبه الحساب الَّذِي ذكره يحيى النحوي وإسحاق بن حنين بعده ألف ومائة وستون سنة تقريباً. وَكَانَ جالينوس وجيهاً عند الملوك كثير الوفادة عليهم كثير التنقل فِي البلدان طالباً لمصالح الناس وأكثر أسفاره كَانَ إِلَى مدينة رومية لأم ملكها كَانَ فِي أيامه مجذوماً وَكَانَ يستحضره كثيراً وَكَانَ جالينوس كثيراً مَا يلتقي مع الإسكندر والأفروديسي وَكَانَ الإسكندر يلبه برأس البغل وَقَدْ تقدم ذكر ذَلِكَ قالوا وإنما لقبه بذلك لعظم رأسه وتوفي جالينوس فِي أيام ملوك الطوائف وبين المسيح وبينه سبع وخمسون سنة المسيح عَلَيْهِ السلام أقدم منه. وسأل رجل عبيد الله بن جبرائيل بن عبيد الله بن بختيشوع المتطبب عن

أمر جالينوس وزمانه واختلاف الناس فِيهِ وطلب منه تحقيق ذَلِكَ فأجابه عبيد الله بن جبرائيل برسالة أطنب وطول الكلام فِيهَا بذكر اختلافات المؤرخين فِي التواريخ وعول فِيهَا فِي ذكر جالينوس عَلَى تاريخ لهارون بن عزون الراهب وعدد الملوك والقياصرة فِيهِ من عهد الإسكندر ومدة مملكة كل واحد منها فمن هَذِهِ الرسالة ثُمَّ ملك طريانوس قيصر تسع عشرة سنة وهو الَّذِي ارتجع أنطاكية من الفرس وكتب إِلَى خليفته عَلَى فلسطين يقول لَهُ إني كلما قتلت النصارى ازدادوا رغبة فِي الدين فأمره برفع السيف عنهم وَفِي السنة العاشرة من مملكته ولد جالينوس ثُمَّ ملك بعده ادريانوس إحدى وعشرين سنة ثُمَّ وَفِي أيام هَذَا الملك ظهر جالينوس وهو الملك الَّذِي استخدمه .. وهذا قول جالينوس ف صدر مقالته الأولى من كتاب عمل التشريح وهذا قوله بعينه قال جالينوس قَدْ كنت وضعت فيما تقدم فِي علاج التشريح كتاباً فِي مقدمتي الأولى إِلَى مدينة رومية وذلك فِي أول ملك انطوتينوس الملك فِي وقتنا هَذَا .. ومنها أعني من الرسالة المذكورة لعبد الله بن جبرائيل فمن موجب هَذَا يكون مولد جالينوس فِي السنة العاشرة أَوْ نحوها من ملك طريانوس الملك لأنه وعم أن وضعه لكتاب علاج التشريح كَانَ فِي مقدمته الأولى إِلَى رومية وذلك فِي ملك أنطونينوس كما ذكر وأنه لَهُ من عمره علي مَا ذكرنا ثلاثون سنة مضى منا مدة ملك اذريانوس إحدى وعشرون سنة وَكَانَ مدة طريانوس قيصر تسع عشرة سنة وإذا كَانَ هَذَا هكذا أصح ام مولد جالينوس كَانَ فِي السنة العاشرة من ملك طريانوس فتكون المدة الَّتِي من صعود المسيع عَلَيْهِ السلام إِلَى السماء وهي من سنة تسع عشرة من ملك طاباريوس قيصر وإلى السنة العاشرة من ملك طريانوس الَّتِي ولد فِيهَا جالينوس عَلَى موجب التاريخ المذكور ثلاث وسبعين سنة وعاش جالينوس عَلَى مَا ذكره إسحاق بن حنين فِي تاريخه ونسبه إِلَى يحيى النحوي سبعاً وثمانين سنة منها صبي ومتعلم سبع عشرة سنة وعالم ومعلم سبعون سنة وقال إسحاق أن بَيْنَ وفاة جالينوس إِلَى سنة تسعين ومائتين للهجرة ثمانمائة وخمس عشرة سنة ويضاف إليها مدة عمر جالينوس وَمَا كَانَ مضى من

تسمية كتب جالينوس ونقولها وشروحها

تاريخ الملك مائة وستون سنة فيكون جميع ذَلِكَ إِلَى زماننا مَا قدمت ذكر هَذَا أعدل مَا يمكن علمه والله أعلم بالحقيقة في ذَلِكَ. ومما يشهد بأن المسيح عَلَيْهِ السلام كَانَ قبل جالينوس فِي كتاب تفسيره لكتاب أفلاطون فِي السياسة المدنية وهذا نص قوله قال جالينوس قَدْ ترى القوم الذين يدعون النصارى إنما أخذوا إيمانهم بالرموز والمعجز وَقَدْ يظهر منهم أفعال المتفلسفين أيضاً وذلك عفافهم عن الجماع وأن منهم قوماً لا رجال فقط لكن نساء أيضاً قَدْ أقاموا أيام حياتهم ممتنعين عن الجماع ومنهم قوم قَدْ بلغ من ضبطهم لأنفسهم فِي التدبير فِي المطعم والمشرب وشدة حرصهم عَلَى العدل أن صاروا غير مقصرين عن الذين يتفلسفون بالحقيقة فبهذا القول قَدْ علم أن النصارى لَمْ يكونوا ظاهرين فِي زمن المسيح بهذه الصورة أعني الرهبنة التى نعتها جالينوس فأشار بِهَا إِلَى الانقطاع إِلَى الله تعالى لكن بعد المسيح عَلَيْهِ السلام بمائة سنة انتشرت الرهبنة هَذَا الانتشار حَتَّى زادوا عَلَى الفلاسفة فِي طلب الخير وفعله وأربوا بالعدل والتفضل والعفاف وفازوا بتصديق المعجز وتحصل لهم الحالان وورثوا المنزلتين واغتبطوا بالسعادتين أعني السعادة الشرعية والسعادة العقلية فمن هَذَا وشبهه يتبين لَكَ أسعدك الله صحة تاريخ جالينوس. تسمية كتب جالينوس ونقولها وشروحها قال محمد بن إسحاق النديم فِي كتابه من سعادات حنين أن مَا نقله حبيش بن الحسن الأعسم وعيسى بن يحيى وغيرهما إِلَى العربي ينحل إِلَى حنين وإذا رجعنا إِلَى فهرست كتب جالينوس الَّذِي عمله حنين إِلَى علي بن يحيى علمنا أن الَّذِي نقل حنين أكثره إِلَى السرياني وربما أصلح العربي من نقل غيره أَوْ من تصفحه ثبت الكتب الستة عشر الَّتِي يقرأها المتطببون متوالية. كتاب الفرق نقل حنين مقالة. كتاب الصناعة نقل جنين مقالة. كتاب إِلَى طوثرن فِي النبض نقل حنين مقالة. كتاب إِلَى اغلوقن فِي التأني لشفاء الأمراض نقل حنين مقالتان. كتاب المقالات الخمس فِي التشريح نقل حنين. كتاب الاسطقصات نقل حنين مقالة. كتاب المزاج نقل حنين ثلاث مقالات. كتاب القوى الطبيعية نقل حنين ثلاث مقالات. كتاب العلل والإعراض

كتب جالينوس الخارجة عن الستة عشر المتقدم شرحها

نقل حنين ست مقالات. كتاب تعرف علل الأعضاء الباطنة نقل حنين ست مقالات. كتاب النبض الكبير نقل حبيش شت عشرة مقالة وهو أربعة أقسام ونقل حنين مقالة إِلَى العربي. كتاب الحميات نقل حنين مقالتان. كتاب أيام البحران نقل حنين ثلاث مقالات. كتاب حيلة البرء نقل حبيش إِلَى العربي وأصلح حنين الست الأول والكتاب أربع عشرة مقالة وأصلح الثمان الأواخر قبله محمد بن موسى. كتاب تدبير الأصحاء نقل حبيش ست مقالات هَذِهِ الكتب الستة عشر عَلَى الولاء. كتب جالينوس الخارجة عن الستة عشر المتقدم شرحها كتاب التشريح الكبير خمس عشرة مقالة نقل حبيش. كتاب اختلاف التشريح نقل حبيش مقالتان. كتاب تشريح الحيوان الميت نقل حبيش مقالة. كتاب تشريح الحيوان الحي نقل حبيش نقالتان. كتاب علم بقراط بالتشريح نقل حبيش خمس مقالات. كتاب علم أرسطوطاليس فِي التشريح نقل حبيش ثلاث مقالات. كتاب تشريح الرحم نقل حبيش إِلَى العربي مقالة. كتاب حركات الصدر والرئة نقل اصطفن ابن بسيل إِلَى العربي وإصلاح حنين ثلاث مقالات. كتاب علل النفس نقل اصطفن أيضاً وإصلاح حنين لولده مقالتان. كتاب حركة العضل نقل اصطفن أيضاً وإصلاح حنين مقالة. كتاب الصوت نقل حنين لمحمد بن عبد الملك الزيات إِلَى العربي أربع مقالات. كتاب الحاجة إِلَى النبض نقل حبيش مقالة. كتاب الحركة المجهولة نقل حبيش الى العربي مقالة. كتاب الحاجة إِلَى النفس نقل اصطفن نصفه ونقل حنين نصفه مقالة. كتاب آراء بقراط وأفلاطون نقل حبيش عشر مقالات. كتاب منافع الأعضاء نقل حبيش إِلَى العربي وإصلاح حنين لإسقاطه سبع عشرة مقالة. كتاب خصب البدن نقل حنين مقالة. كتاب أفضل الهيئات نقل حنين إِلَى السرياني والعربي مقالة. كتاب سوء المزاج المختلف نقل حنين مقالة. كتاب الامتلاء ترجمة اصطفن مقالة. كتاب الأدوية المفردة نقل حنين إحدى عشر مقالة. كتاب الأورام ترجمة إبراهيم بن الصلت مقالة. كتاب المنى نقل حنين مقالتان. كتاب المولود لسبعة أشهر

ترجمة حنين مقالة. كتاب المرة السوداء نقل اصطفن مقالة. كتاب رداءة التنفس نقل حنين لولده ثلاث مقالات. كتاب تقدمة المعرفة نقل عيسى بن يحيى مقالة. كتاب الذبول نقل حنين مقلة. كتاب الفصد نقل عيسى بن يحيى ترجمة اصطفن مقالة. كتاب صفات لصبي يصرع نقل الصلت إِلَى السرياني والعربي مقالة. كتاب التدبير بقراط للأمراض الحادة نقل حنين مقالة. كتاب الكيموس نقل ثابت وشملي وحبيش إِلَى العربي مقالة. كتاب الأدوية المقابلة للإدواء نقل عيسى بن يحيى مقالتان. كتاب تركيب الأدوية نقل حبيش الأعسم سبع عشر مقالة. كتاب إِلَى ثراسابولوس نقل حنين مقالة. كتاب الترياق إِلَى قيصر نقل يحيى بن البطريق مقالة. كتاب فِي أن الطبيب الفاضل فيلسوف نقل حنين. كتاب الرياضة بالكرة الصغيرة نقل حبيش مقالة. كتاب فِي تركيب بقراط الصحيحة نقل حنين مقالة. كتاب الحث عَلَى تعلم الطب نقل حبيش مقالة. كتاب محنة الطبيب نقل حنين مقالة. كتاب مَا يعتقده رأياً نقل ثابت مقالة. كتاب البرهان خمس عشرة مقالة الموجود بعضه. كتاب تعريف المرء عيوبه ترجمة توما وإصلاح حنين مقالة. كتاب الأخلاق نقل حبيش أربع مقالات. كتاب انتفاع الخيار بأعدائهم نقل حنين مقالة. كتاب مَا ذكره أفلاطون فِي طيماؤس الموجود منه عشرون مقالة بنقل حنين وترجم إسحاق الثلاثة الباقية. كتاب فِي أن المحرك الأول لا يتحرك نقل حنين مقالة ونقل عيسى بن يحيى وإسحاق. كتاب فِي أن قوى النفس تابعة لمزاج البدن نقل حبيش مقالة. كتاب عدد المقاييس نقل اصطفن وإسحاق أيضاً لعلي بن يحيى ولمحت فِي كتاب الفصد لجالينوس وَلَيْسَ بالرسالة الصغيرة المشهورة وهذا كتاب أكبر من الرسالة قَدْ خرجه حنين بن إسحاق من اليونانية إِلَى العربية وهذيه وزاد فِيهِ مقدمة فيما يجب عَلَى الطبيب اعتماده فِي الصنعة والعلاج وتلاه بكلام جالينوس فِي الفصد نص فِيهِ كلاماً عن جالينوس مثاله أنه قال أخبرك أني رأيت فِي بعض البوادي فِي ناحية النوبة قوماً من رجال ونساء يفصد بعضهم بعضاً عَلَى غير معرفة وَكَانَ الرجال يفصدون النساء والنساء يفصدون الرجال فرأيت من قلة بصرهم بالفصد مَا أخبرك بِهِ رأيت رجلاً فصد رجلاً عرقاً من ذراعه أسفل من عرق الباسليق وهي شعبة تنشعب منه

فضربه ضربة بزجاجة وَكَانَتْ عروق ذَلِكَ الرجل صعبة صلبة كأنها أعصاب إذَا اشتدت لا تمتلئ عند الشد وإذا حلت لا تنضم عند الحل فضربه ضربة كسرت الزجاجة فِي جوف العرق ثُمَّ وسع جالينوس الكلام فِي ذَلِكَ قلت وهذا دليل عَلَى أن جالينوس دخل الإقليم المصري وسلكه إِلَى آخر. فإن النوبة وبواديهم عَلَى طرف إقليم مصر من ناحية الجنوب. جبرائيا بن بختيشوع بن جورجيس بن بختيشوع الجند يسابوري كَانَ طبيباً حاذقاً نبيلاً لَهُ تآليف فِي الطب وخدم الرشيد الخليفة ومن بعده وحل محل أبيه بختيشوع عند الخلفاء ونشأ فِي دولتهم وجبرائيل من أجل جند يسابور وأهل جند يسابور من الأطباء فيهم حذق بهذه الصناعة وعلم من زمن الأكاسرة وذلك سبب وصولهم إِلَى هَذِهِ المنزلة هو أن سابور بن أزدشير كَانَ قَدْ هادن فيلبس قيصر ملك الروم بعد تغلبه عَلَى بلد سوريا وافتتاحه أنكاكيه فطلب منه أن يزوجه ابنته عَلَى شيء تراضياً بِهِ ففعل قيصر ذَلِكَ وقبل أن تنقل إِلَيْهِ بني لَهَا مدينة عَلَى شكل قسطنطينية وهي مدينة جند يسابور وذكر فِي سيرهم أنها كَانَتْ قرية لرجل يعرف بجندا وأن سابور لما اختار موضعها ليبنيه مدينة بذل لَهُ ثمنها مالاً جزيلاً فأبى أن يبيعها فقال دعني أبنيها فأبى إِلاَّ أن يشاركه فِي البناء وَكَانَ المجتازون يسألون الصناع من يعمرها فيقولون جندا وسابور يعمرانها فصار اسمها جند يسابور ولما نقل إليها ابنة قيصر انتقل معها من كل صنف من أهل بلدها ممن هي محتاجة إِلَيْهِ فانتقل معها أطباء أفاضل ولما أقاموا بِهَا بدؤوا يعلمون أحداثاً من أهلها وَلَمْ يزل أمرهم يقوى فِي العلم ويتزايدون فِيهِ ويرتبون قوانين العلاج عَلَى مقتضي أمزجة بلدانهم حَتَّى برزوا فِي الفضائل وجماعة يفضلون علاجهم وطريقتهم عَلَى اليونانيين والهند لأنهم أخذوا فضائل كل فرقة فزادوا عَلَيْهَا بما استخرجوه من قبل نفوسهم فرتبوا لهم دساتير وقوانين وكتباً جمعوا فِيهَا كل حسنة حَتَّى أن فِي سنة عشرين من ملك كسرى اجتمع أطباء جند يسابور بأمر الملك وجرى بينهم مسائل وأجوبتها وأثبتت عنهم وَكَانَ أمراً مسهوراً واسطة المجلس جبرائيل دوستاباذ لأنه كَانَ طبيب كسرى

والثاني السوفسطائي وأصحابه ويوحنا وجماعة من الطباء وجرى بينهم من المسائل والتعريفات مَا إذا تأملها القارئ لَهَا استدل عَلَى فضلهم وغزارة عالمهم وَلَمْ يزالوا كذلك حَتَّى ولي المنصور الخلافة وبنى مدينة السلام فعرض لَهُ مرض فاستدعى منهم جورجيس ابن بختيشوع عَلَى مَا يرد فِي خبره إن شاء الله تعالى. ولما كَانَ فِي سنة خمس وسبعين ومائة مرض جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك فتقدم الرشيد إِلَى يختيشوع بأن يخدمه وذلك أن من أدب الطبيب إذَا كَانَ خاصاً بالملك أن لا يخدم أحداً من أصحابه إِلاَّ بأمره ولما أفاق جعفر من مرضه قال لبختيشوع أريد أن تختار لي طبيباً ماهراً أكرمه وأحسن إِلَيْهِ قال لَهُ بختيشوع لست أعرف فِي هؤلاء أحذق من ابن جبرائيل وهو أمهر مني فِي الصناعة فقال لَهُ جعفر أحضرنيه فلما أحضره شكى إِلَيْهِ مرضاً كَانَ يخفيه فدبره فِي مدة ثلاثة أيام وبرأ فأحبه جعفر مثل نفسه وَكَانَ لا يصبر عنه ساعة ومعه يأكل ويشرب. وفي بعض الأيام تمطت حظية للرشيد ورفعت يدها فبقيت منبسطة لا يمكنها ردها والأطباء يعالجونها بالتمريخ والأدهان فلا ينفع ذَاكَ شيئاً فقال الرشيد لجعفر بن يحيى قَدْ بقيت هَذِهِ الصبية بعلتها قال لَهُ جعفر لي طبيب ماهر وهو ابن بختيشوع تدعوه وتخاطبه فِي معنى هَذَا المرض فلعل عنده حيلة فِي علاجه فأنمر بإحضاره ولما حضر قال لَهُ الرشيد مَا اسمك قال جبرائيل قال أي شيء تعرف من الطب قال أبرد الحار وأسخن البارد وأرطب اليابس وأجفف الرطب الخارج عن الطبع فضحك الرشيد وقال هَذَا غاية مَا يحتاج إِلَيْهِ فِي صناعة الطب ثُمَّ شرح لَهُ حال الصبية فقال جبرائيل إن لَمْ يسخط علي أمير المؤمنين فلها عندي حيلة قال لَهُ الرشيد مَا هي قال تخرج الجارية إِلَى ههنا بحضرة الجميع حَتَّى أعمل مَا أريده وتمهل علي ولا تعجل بالسخط فأمر الرشيد بإحضار الجارية فخرجت وحين رآها جبرائيل أسرع إليها ونكس رأسه وأمسك ذيلها كأنه يريد أن يكشفها فانزعجت الجارية ومن شدة الحياء والانزعاج استرسلت أعضائها وبسطت يدها إِلَى أسفل وأمسكت ذيلها فقال جبرائيل قَدْ برأت يَا أمير المؤمنين فقال الرشيد للجارية ابسطي يدك يمنة ويسرة ففعلت فعجب الرشيد وكل من كَانَ حاضراً وأمر لجبرائيل فِي الوقت بخمسمائة ألف درهم وأحبه وجعله رئيساً عَلَى جميع

الأطباء ولما سئل عن سبب العلة قال هَذِهِ الجارية انصب إِلَى أعضائها وقت المجامعة خلق رقيق بالحركة وانتشار الحرارة ولأجل أن سكون حركة الجماع يكون بغتة جمدت الفضلة فِي بطون الأعصاب وَكَانَ كَانَ يحلها إِلاَّ حركة مثلها فاحتلت حَتَّى انبسطت حرارتها وحلت الفضلة فبرأت وهذا من الحيلة فِي البرء ولهذا قيل فِي كتاب امتحان الطبيب أنه يجب أن يكون الطبيب متيقظاً ذكياً لَهُ قدرة عَلَى استعمال القياس يستخرج للعلاج من تلقاء نفسه. وَكَانَ محلو يقوى ويعلو فِي كل وقت حَتَّى أن الرشيد قال لأصحابه كل من كَانَتْ لَهُ حاجة إلي فليخاطب فِيهَا جبرائيل لأني أفعل كل مَا سألنيه ويطلبه مني فكان القواد يقصدونه فِي كل امورهم وحاله يتزايد ومنذ يوم خدم الرشيد وإلى أن انقضت مدته خمس عشرة سنة لَمْ يمرض الرشيد فحظي عنده وَفِي آخر أيام الرشيد عند حصوله بطوس مرض المرضة الَّتِي توفي فِيهَا وسنذكرها إن شاء الله تعالى. قال يوسف بن إبراهيم مولى إبراهيم بن المهدي سأل مولاي أبو إسحاق إبراهيم بن المهدي جبرائيل بن بختيشوع عن مسكن جالينوس أَيْنَ كَانَ من أرض الروم فذكر أن مسكنه كَانَ متوسطاً لأرض الروم وأنه فِي هَذَا الوقت فِي طرف من أطرافها وذكر أن حد الروم كَانَ فِي أيام جالينوس من ناحية المشرق مما يلي الفرات القرية المعروفة ينقبا من طسوج الأتبار وكانت مسلحة يجتمع جند فارس والروم ونواظرهما فِيهَا وَكَانَ الحد من ناحية دجلة دارا إِلاَّ فِي بعض الأوقات فإن ملوك فارس كَانَتْ تغلبهم عَلَى مَا بَيْنَ دارا ورأس العين وَكَانَ الحد فيما بَيْنَ فارس والروم من ناحية الشمال أرمينية ومن ناحية المعرب مصر إِلاَّ أن الروم قَدْ كَانَتْ تغلب فِي بعض الأوقات عَلَى أرمينية فتلقيت قوله بالإنكار لَهُ وجحدت أن تكون الروم غلبت عَلَى أرمينية إِلاَّ عَلَى الموضع الَّذِي تسمى بأرض الروم أرميناس فإن الروم يسمون أهل هَذَا البلد إِلَى هَذِهِ الغاية الأرمن فشهد لَهُ مولاي أبو إسحاق إبراهيم بن المهدي بالتصديق وأتي بالدليل عَلَى ذَلِكَ لَمْ أدفعه وهو نمط أرمني كأحسن مَا رأيت من الأرمني صنعة فِيهِ صور جوار يلعبن فِي بستان بأصناف الملاهي الرومية وهو مطرز مسمى باسم ملك الرزم فسلمت لجبرائيل ورجع الحديث إِلَى القول فِي جالينوس قال واسم البلد الَّذِي ولد فِيهِ

وَكَانَ يسكنه جالينوس سرنا وقيل سمرنا وكان منزله بالقرب من قرة بينه وبينها فرسخان قال جبرائيل ولما نزل الرشيد عَلَى قرة ورأيته طيب النفس فقلت لَهُ يَا أمير المؤمنين أطال الله بقاك منزل أستاذي الكبر عَلَى فرسخين فإن رأى أمير المؤمنين أن يطلق لي الذهاب إِلَيْهِ حَتَّى أطعم وأشرب وأصول بذلك عَلَى متطببي أهل دهري وأقول إني أكلت وشربت فِي منزل أستاذي فاستضحك الرشيد من قولي ثُمَّ قال لي ويلك يَا جبرائيل أتخوف أن يخرج جيش الروم أَوْ منسر من مناسرهم فتخطفك فقلت لَهُ من المحال أن يقدم منسر الروم عَلَى القرب من معسكرك هَذَا القرب كله فأحضر إبراهيم بن عثمان بن نهيك وأمره أن يضم إلي خمسمائة رجل حَتَّى أوافي الناحية فقلت لَهُ مَا بي إِلَى النظر إِلَى منزل جالينوس حاجة فازداد ضحكاً ثُمَّ قال وحق المهدي لينفذن ألف فارس قال جبرائيل فخرجت وأنا أشد الناس غماً وأكسفهم بالاً وقد أعددت لنفسي مَا لا يكفي عشرة أنفس من الطعام والشراب قال فما استقر فِي الموضع حتى وافاني من الخبز والمطاعم المعدة للمسافر مَا عم من معي وفضل كثير فأقمت فِي ذَلِكَ الموضع قطعت فِيهِ ومضى فتيان الجند فأغاروا إلى مواضع خمور الروم فأكلوا اللحم كباباً بالخبز وشربوا الخمور وانصرفوا فِي آخر النهار وسأل إبراهيم بن المهدي جبرائيل هل تبين فِي رسم منزل جالينوس مَا يدل أنه كَانَ لَهُ سرو فقال لَهُ أما الرسم فكبير ورأيت لَهُ أبياتاً شرقية وأبياتاً عربية وأبياتاً قبلية وَلَمْ أرى لَهُ بيتاً فراتياً هَذَا يدل عَلَى أن الفرات كَانَ شمالي المدينة ثُمَّ قال وكذلك كَانَتْ فلاسفة الروم تجعل بيوتها وكذلك كَانَتْ ترى عظماء فارس وكذلك أرى أنا إذَا صدقت نفسي وعملت بما تحب لأن كل بيت لا تدخله الشمس يكون وبيئاً وإنما كان جالينوس عَلَى حكمته خادماً لملوم الروم وملوك الروم أهل قصد فِي جميع أمورهم فإذا قست منزل جالينوس عَلَى حكمته بمنازل الروم رأيت من كبر خطته وكثرة بيوته وأن كنت لَمْ أرها إِلاَّ خراباً عَلَى أنني قَدْ وجدت منها أبياتاً مسقفة استدللت بِهَا عَلَى أنه ذا مروءة فسكت عنه إبراهيم فقلت يَا أبا عيسى أن ملوك الروم عَلَى مَا ذكرت فِي القصد وَلَيْسَ قصدهم فِي هباتهم وعطاياهم إِلاَّ مثل قصدهم فِي مروآت أنفسهم فالنقص يدخل المخدوم

والخادم فإذا نظرت إلي قصد ملوك الروم وموضع جالينوس ثُمَّ نظرت إِلَى فضل أمير المؤمنين ومنزلك يكون نسبة منزل جالينوس إِلَى منزل ملك الروم مثل نسبة منزلك إِلَى منزل أمير المؤمنين وكان جبرائيل أحياناً يعجب مني لكثرة السؤال والاستقصاء فِيهِ ويمدحني بِهِ عند مولاي إبراهيم بن المهدي وأحياناً يغضب حَتَّى يكاد يطير غيظاً فقال لي وَمَا معنى ذكرك النسبة فقلت أردت بذكر النسبة أنها لفظة يتكلم بِهَا حكماء الروم وأنت رئيس تلامذة أولئك الحكماء فأردت التقرب إِلَيْكَ بمخاطبتك بألفاظ أستاذيك وإنما معنى قولي نسبة دار جالينوس إِلَى دار ملك الروم مثل نسبة دارك إِلَى دار أمير المؤمنين أنها إن كَانَتْ دار جالينوس مثل نصف أَوْ ثلث أَوْ ربع أَوْ خمس أَوْ قدر من الأقدار من دار ملك الروم هل يكون قدرها من دار ملك الروم مثل قدر دار من دار أمير المؤمنين أَوْ أقل فإن دار أمير المؤمنين إن كَانَتْ فرسخاً فقدر دارك عُشر فرسخ ثُمَّ أن دار ملك الروم أن كَانَتْ عشر فرسخ ودار جالينوس عُشر عشر فرسخ كَانَ قدر دار جالينوس من دار ملك الروم مثل مقدار دارك من أمير المؤمنين .. قال قدر مَا عاينته من ذَلِكَ بكثير فقلت لَهُ أتخبر عما أسأل فقال لست آبي عَلَيْكَ فقلت إنك قَدْ أخبرت عن صاحبك أنه كان أنقص مروءة منك فغضب وقال إن عيش جبرائيل وبختيشوع أبيه وجورجيس جده لَمْ يكن من الخلفاء فقط وإنما كَانَ من الخلفاء وولاة العهد وإخوة الخلفاء وعمومتها وقرابتها ووجوه مواليها وقوادها وكل ملك الروم ففي ضنك من العيش وقلة ذات يد فكيف يمكن أن أكون مثل جالينوس وَلَمْ يكن لَهُ متقدم نعمة لأن أباه كَانَ زراعاً وصاحب أجنة وكروم فكيف يمكن من كَانَ معاشه من أهل هَذَا المقدار أن يكون مثلي ولي أبوان قَدْ خدما خلفاء وأفضلوا عليهما وأفضل عليهما غيرهم ممن هو دونهم وَقَدْ أفضل عليّ الخلفاء ورفعوني من حد الطب إِلَى المعاشرة والمسامرة وأنه لَيْسَ لأمير المؤمنين أخ ولا قرابة ولا قائد ولا عامل إِلاَّ وهو يداريني إن لَمْ يكن مائلاً بمحبته إلي وشاكراً لي عَلَى علاج ومحضر جميل حضرته لَهُ ووصفته وصفاً حسناً عند الخليفة فنفعته وكل واحد من هؤلاء يفضل عليَّ ويحسن إليَّ وإذا قدر داري من دار الخليفة عَلَى جزء من عشرة أجزاء وَكَانَ قدر دار جالينوس من دار ملك الروم عَلَى قدر جزء من مائة جزء فهو اعظم مني مروءة فقال لَهُ إبراهيم بن المهدي أرى حدتك عَلَى إبراهيم مولاي إنما كَانَتْ لأنه قدمك فِي المروءة عَلَى جالينوس فقال أجل والله لعن الله من لا يشكر النعم ولا يكافئ عَلَيْهَا بكل مَا أمكنه أي والله إني لأغضب أن أساوي بجالينوس فِي حالة من الحالات وأشكر عَلَى تقديمه علي فِي كل الحالات فاستحسن ذَلِكَ منه إبراهيم بن المهدي وأزهر استصوابه لَهُ وقال هَذَا لعمري الَّذِي يحسن بالأحرار والأدباء فانكب جبرائيل عَلَى قدم أبي إسحاق إبراهيم بن المهدي يقبلها فمنعه من ذَلِكَ وضمه إِلَيْهِ. ما معنى قولي نسبة دار جالينوس إِلَى دار ملك الروم مثل نسبة دارك إِلَى دار أمير المؤمنين أنها إن كَانَتْ دار جالينوس مثل نصف أَوْ ثلث أَوْ ربع أَوْ خمس أَوْ قدر من الأقدار من دار ملك الروم هل يكون قدرها من دار ملك الروم مثل قدر دار من دار أمير المؤمنين أَوْ أقل فإن دار أمير المؤمنين إن كَانَتْ فرسخاً فقدر دارك عُشر فرسخ ثُمَّ أن دار ملك الروم أن كَانَتْ عشر فرسخ ودار جالينوس عُشر عشر فرسخ كَانَ قدر دار جالينوس من دار ملك الروم مثل مقدار دارك من أمير المؤمنين .. قال قدر مَا عاينته من ذَلِكَ بكثير فقلت لَهُ أتخبر عما أسأل فقال لست آبي عَلَيْكَ فقلت إنك قَدْ أخبرت عن صاحبك أنه كان أنقص مروءة منك فغضب وقال إن عيش جبرائيل وبختيشوع أبيه وجورجيس جده لَمْ يكن من الخلفاء فقط وإنما كَانَ من الخلفاء وولاة العهد وإخوة الخلفاء وعمومتها وقرابتها ووجوه مواليها وقوادها وكل ملك الروم ففي ضنك من العيش وقلة ذات يد فكيف يمكن أن أكون مثل جالينوس وَلَمْ يكن لَهُ متقدم نعمة لأن أباه كَانَ زراعاً وصاحب أجنة وكروم فكيف يمكن من كَانَ معاشه من أهل هَذَا المقدار أن يكون مثلي ولي أبوان قَدْ خدما خلفاء وأفضلوا عليهما وأفضل عليهما غيرهم ممن هو دونهم وَقَدْ أفضل عليّ الخلفاء ورفعوني من حد الطب إِلَى المعاشرة والمسامرة وأنه لَيْسَ لأمير المؤمنين أخ ولا قرابة ولا قائد ولا عامل إِلاَّ وهو يداريني إن لَمْ يكن مائلاً بمحبته إلي وشاكراً لي عَلَى علاج ومحضر جميل حضرته لَهُ ووصفته وصفاً حسناً عند الخليفة فنفعته وكل واحد من هؤلاء يفضل عليَّ ويحسن إليَّ وإذا قدر داري من دار الخليفة عَلَى جزء من عشرة أجزاء وَكَانَ قدر دار جالينوس من دار ملك الروم عَلَى قدر جزء من مائة جزء فهو اعظم مني مروءة فقال لَهُ إبراهيم بن المهدي أرى حدتك عَلَى إبراهيم مولاي إنما كَانَتْ لأنه قدمك فِي المروءة عَلَى

جالينوس فقال أجل والله لعن الله من لا يشكر النعم ولا يكافئ عَلَيْهَا بكل مَا أمكنه أي والله إني لأغضب أن أساوي بجالينوس فِي حالة من الحالات وأشكر عَلَى تقديمه علي فِي كل الحالات فاستحسن ذَلِكَ منه إبراهيم بن المهدي وأزهر استصوابه لَهُ وقال هَذَا لعمري الَّذِي يحسن بالأحرار والأدباء فانكب جبرائيل عَلَى قدم أبي إسحاق إبراهيم بن المهدي يقبلها فمنعه من ذَلِكَ وضمه إِلَيْهِ. وذكر جبرائيل فِي جملة مَا ذكره لإبراهيم بن المهدي يوماً أنه دخل ذات يوم عَلَى الفضل بن سهل ذي الرئاساتين بعد إسلامه وهو مخنتن وبين يديه مصحف قرآن وهم يقرأ فِيهِ قال فقلت جون بيني نامه إيزد فقال خوش وجون كليلة ودمنة تفسيرها هَذَا الكلام قال جبرائيل قلت لَهُ كيْفَ ترى كتاب الله فقال طيب ومثل كليلة ودمنة. ولما حصل الرشيد بطوس وقوي عَلَيْهِ المرض قال لجبرائيل لَمْ لا تبرئني قال لَهُ قَدْ كنت أنهاك دائماً عن التخليط وكثرة الجماع ولا تسمع منى والآن سألتك أن ترجع إِلَى بلدك فإنه أوفق لمزاجك فلم تقبل وهذا هو مرض شديد وأرجو أن الله بعافيتك فأمر بحبسه عنه وقيل أن بفارس أسقفاً يفهم الطب فوجه إِلَيْهِ وأحضره ولما حضر ورآه قال لَهُ الَّذِي عالجك لَمْ يكن يفهم الطب فزاد ذَلِكَ فِي إيعاء جبرائيل وَكَانَ الفضل بن الربيع يحب جبرائيل ورأى الأسقف كذاباً يريد إقامة السوق وَكَانَ الأسقف يعالج الرشيد ومرضه يزيد ويقول فِيهِ أنت قريب من الصحة ثُمَّ قال لَهُ هَذَا المرض كله من خطأ جبرائيل فاغتاظ الرشيد وأمر الفضل بن الربيع بقتله فلم يقبل منه الفضل لأن جبرائيل كَانَ قَدْ قال للفضل أنه يموت بعد أيام يسيرة واستبقى جبرائيل وعرض للفضل بن الربيع قولج صعب يئس الأطباء منه فعالجه جبرائيل بألطف علاج فبرئ الفضل وازدادت محبته لجبرائيل وأعجب بِهِ. وملك محمد الأمين ووافى إِلَيْهِ جبرائيل فقبله أحسن قبول وأكرمه ووهب لَهُ أموالاً جليلة أكثر مما كَانَ أبوه يهبه وَكَانَ الأمين لا يأكل ولا يشرب إِلاَّ بإذنه فلما كَانَ من أمر الأمين مَا كَانَ وولي المأمون كتب إِلَى بغداد بحبس جبرائيل ولما مرض الحسن بن سهل فِي سنة ثلاث ومائتين مرض مرضاً شديداً وعالجه الأطباء فلم ينتفع فأخرج جبرائيل وعالجه فبرئ فِي أيام يسيرة

فوهب لَهُ وافراً وكتب إِلَى المأمون يعرفه خبر علته وكيف برئ عَلَى يد جبرائيل وسأله فِي أمره فأجابه بالصفح عنه ولما دخل المأمون الحضرة فِي سنة خمس ومائتين أمر بحبس جبرائيل فِي منزله وأن لا يخدم ووجه من أحضر ميخائيل المتطبب وهو صهر جبرائيل وجعله مكانه وأكرمه إكراماً وافراً كياداً لجبرائيل ولما كَانَ فِي ستة عشر ومائتين مرض المأمون مرضاً صعباً وَكَانَ وجوه الأطباء يعالجونه ولا يصلح فقال لميخائيل هو ذا تزيدني الأدوية الَّتِي تعطيني شراً فاجمع وشاورهم فِي أمري فقال أخوه أبو عيسى يَا أمير المؤمنين نحضر جبرائيل فإنه يعرف أمزجتنا منذ الصبا فتغافل عن كلامه وأحضر أبو إسحاق أخوه يوحنا بن ماسويه فثلبه ميخائيل ووقع فِيهِ فلما ضعفت قوة المأمون عن أخذ الدوية أذكروه بجبرائيل فأمر بإحضاره ولما حضر غير تدبيره كله فاستقام وبعد ثلاثة أيام صلح فسر بِهِ المأمون سروراً عظيماً ولما كَانَ بعد أيام صلح صلاحاً تاماً وأذن لَهُ جبرائيل فِي الأكل والشرب ففعل ذَلِكَ فقال لَهُ أخوه أبو عيسى يوماً وهو جالس عَلَى الشراب معه مثل هَذَا الرجل الَّذِي لَمْ يكن مثله ولا يكون سبيله أن يكرم فأمر لَهُ المأمون بألف ألف درهم ورد عَلَيْهِ سائر ما قبض عنه من الأملاك والضياع وصار إذَا خاطبه كناه بأبي عيسى جبرائيل وأكرمه زيادة عَلَى مَا كَانَ أبوه يكرمه وانتهى بن الأمر فِي إجلاله إِلَى أن كَانَ كل من تقلد عملاً لا يخرج إلى عمله إِلاَّ بعد أن يلقى جبرائيل ويكرمه. وَفِي سنة ثلاث عشرة ومائتين مرض جبرائيل مرضاً شديداً فلما رآه المأمون ضعيفاً التمس منه إنفاذ ابنه بختيشوع معه إِلَى بلد الروم فأحضره وَكَانَ مثل أبيه فِي الفهم والعقل ولما خاطبه المأمون فرح بِهِ فرحاً شديداً وأكرمه غاية الإكرام ورفع منزلته وأخرجه إِلَى بلد الرزم وطال مرض جبرائيل إِلَى أن بلغ الموت فصل وصية إِلَى المأمون تشتمل عَلَى سبعمائة ألف دينار هَذَا بعدما نُهب لَهُ وَمَا أنكره أصحاب الودائع وَمَا أخذه الأمين وَمَا بذله فِي الكفالات والمصادرات والنفقات وشراء الضياع والأملاك عَلَى ذكر مَا فِي الدرج الَّذِي وجد بخطه ودفع الوصية إِلَى ميخائيل صهره ومات وَكَانَتْ جنازته مشهورة ودفن فِي دير مارسرجس بالمداين ولما عاد المأمون من بلد الروم دفع الوصية

جميعها إِلَى بختيشوع ابنه فعمد بختيشوع إِلَى الدير فعمره وجمع لَهُ رهباناً وأجرى عليهم الحرايات والنفقات .. وهذا ثبت مَا كان لجبرائيل من الرزق والرسوم والصلات ذكر أن رزقه كَانَ برسم العامة فِي كل شهر من الورق عشرة آلاف درهم وبرسم الخاصة فِي المحرم فِي كل سنة من الورق خمسون ألف درهم وثياب بقيمة عشرة آلاف درهم ولفصد الرشيد دفعتين فِي السنة مائة ألف درهم ولشرب الدواء دفعتين فِي السنة مائة ألف درهم ومن أصحاب الرشيد كل سنة عَلَى مَا فصل مع مَا فِيهِ من قيمة الكسوة وثمن الطيب والدواب من الورق أربعمائة ألف درهم .. تفصيل ذَلِكَ عيسى بن جعفر خمسون ألف درهم زبيدة أم جعفر خمسون ألف درهم العباسة خمسون ألف درهم فاطمة سبعون ألف درهم إبراهيم بن عثمان ثلاثون ألف درهم الفضل بن الربيع خمسون ألف درهم كسوة وطيب ودواب مائة ألف درهم ومن غلة ضياعه بجند يسابور والسوس والبصرة والسواد فِي كل سنة ثمانمائة ألف درهم ومن فضل المقاطعة سبعمائة ألف درهم وَكَانَ يصير إِلَيْهِ من البرامكة فِي كل سنة من الورق ألفا ألف وأربعمائة ألف درهم .. تفصيل ذَلِكَ يحيى بن خالد ستمائة ألف درهم جعفر بن يحيى الوزير ألف ألف ومائتا ألف درهم الفضل بن يحيى ستمائة ألف درهم فيكون جميع ذَلِكَ فِي خدمته للرشيد وهي ثلاث وعشرون سنة وخدمته للبرامة وهي ثلاث عشر سنة سوى الصلات الجسام فإنها لَمْ تذكر فِي هَذَا المدرج من الورق ثمانية ألف ألف درهم وثمانمائة ألف درهم الخرج من ذَلِكَ فِي النفقات والصلات والكفالات والصدقات عَلَى مَا تضمنه المدرج من العين تسعمائة ألف دينار ومن الورق سبعون ألف ألف وستمائة ألف درهم ثُمَّ بعد ذَلِكَ وصى لابنه يختيشوع وجعل المأمون الوصي فِيهَا كما ذكرنا سالفاً سبعمائة ألف دينار وذكر إبراهيم بن المهدي أنه تخلف عن مجلس محمد الأمين فِي أيام خلافته عشية من العشايا لدواء وَكَانَ أخذه وإن جبرائيل باكره غداة اليوم الثاني فأبلغه سلام الأمين وسأله عن حاله كيْفَ كَانَتْ فِي دوائه ثُمَّ دنا منه فقال أمير المؤمنين فِي تجهيز علي بن عيسى إِلَى خراسان ليأتيه بالمأمون أسيراً فِي قيد من

فضة وجبرائيل برئ من النصرانية إن لَمْ يغلب المأمون محمداً ويقتله ويحوز ملكه قال فقلت لَهُ ويحك ولِم قلت هَذَا القول قال لأن الخليفة الموسوس قَدْ سكر فِي هَذِهِ الليلة فدعا أبا عصمة السبيعي صاحب حرسه وأمره بسواد فنزع عنه وألبسه ثيابي وزناري وقلنسوتي وألبسني أقبيته وسيفه ومنطقته وأجلسني فِي مجلس صاحب الحرس إِلَى وقت طلوع الفجر وأجلسه فِي مجلسي وقال لكل واحد مني ومن أبي عصمة قَدْ قلدتك مَا كَانَ يتقلده صاحبك فقلت أن الله مغير مَا بِهِ من نعمة لتغيره مَا بنفسه منها وأنه إذَا جعل حجبته وحراسته إِلَى رجل نصراني والنصرانية أذل الأديان لأنه لَيْسَ فِي عقد دين غيرها التسليم لما يراد بِهِ من عدوه من المكروه مثل الإذعان لمن سخره بالسخرة ميلاً وإن لعلم لَهُ قَدْ حول الأخر ليعلم فقضيت أعزك الله أن عز الرجل زائل وقضيت أنه حين أجلس فِي مجلس متطببه الحافظ عنده لحياته والقائم بمصالح بدنه والخادم لطبيعته أبا عصمة الذي لا يفهم من ذَلِكَ قليلاً ولا كثيراً بأنه لا عمر لَهُ وأن نفسه تالفة قال إبراهيم بن المهدي فكان الأمر شهد الله عَلَى مَا قال جبرائيل. ومن أخبار جبرائيل أنه اجتمع فِي بعض الأوقات مع عشرة أطباء من أهل زمانه وفيهم ابن داوود بن سرافيون وتحادثوا طويلاً وجرى حديث شرب الماء عند الأنبياء من النوم فقال ابن داوود بن سرافيون مَا فِي الدنيا أحمق ممن يشرب الماء عند الانتباه من نومه فقال جبرائيل أحمق منه من يتضرم نار عَلَى كبده فلا يطفئها فقال لَهُ الغلام فكأنك تطلق شرب الماء عند الانتباه من النوم فقال لَهُ جبرائيل أما المحرور المعدة ومن أكل طعاماً مالحاً فأطلقه لَهُ وأمنع المرطوبي المعدة وأصحاب البلغم المالح فإن فِي منعهم شفاء لما يجدونه فقال الحدث وَقَدْ بقيت الآن واحدة وعي أن يكون العطشان يفهم من الطب مثل فهمك فيعرف عطشه من مرارة أَوْ من بلغم مالح فضحك جبرائيل وقال متى عطشت ليلاً فأبرز رجلك من دثارك فاصبر قليلاً فإن تزيد عطشك فهو من حرارة أَوْ من طعام تحتاج إِلَى شرب الماء عَلَيْهِ فاشرب وإن نقص عطشك فأمسك من شرب الماء فإنه بلغم مالح. وقال يوسف بن الحكم دخلت دار جبرائيل يوماً والمائدة بَيْنَ يديه يأكل فِي يوم من تموز وعليها فراخ طيور مسرولة كبار وَقَدْ عملت كردناك بفلفل فأكل منها وطالبني أن آكل منها فقلت لَهُ كيْفَ آكل فِي مثل هَذَا الوقت من السنة

وسني من الشباب فقال مَا الحمية عندك فقلت تجنب الأغذية الردية فقال لي غلطت لَيْسَ مَا ذكرت حمية ثُمَّ قال لا أعرف أحداً أعظم قدرة ولا أصغر يصل إِلَى الإمساك عن غذاء من الأغذية كل دهره إِلاَّ أن يكون ببغضه ولا تتوق نفسه إِلَيْهِ لأن الإنسان قَدْ يمسك عن أكل شيء برهة ثُمَّ يضطره إِلَى أكله عدم سواء لعلة من العلل أَوْ لمساعدة صديق أَوْ شهوة تتجدد لَهُ فمتى أكله وَقَدْ احتمى منه مدة طويلة لَمْ تقبله طبيعته ونفرت منه فأحدث فِي بدن آكله مرضاً صعباً والأصلح للأبدان تدربها عَلَى الأغذية الردية حَتَّى تألفها وأن تأكل منها كل يوم شيئاً واحداً ولا تجمع بَيْنَ شيئين رديين فِي يوم واحد وإذا أكلت شيئاً منها فِي يوم لَمْ تعاوده فِي غد ذَلِكَ اليوم لأن الأبدان إذَا تربت عَلَى استعمال هَذِهِ الأشياء ثُمَّ اضطر الإنسان إِلَى الإكثار من بعضها لَمْ تنفر من استعماله وإنا قَدْ رأينا الأدوية المسهلة إذَا أدمتها مدمن وألفها بدنه فإن فعلها فِيهِ وَلَمْ تسهله وأهل الأندلس إذَا أراد أحدهم إسهال طبيعته أخذ من السقمونيا وزن ثلاثة دراهم حَتَّى يلين طبيعته مقدار مَا يلينها وزن نصف درهم فِي بلدته وإذا كَانَتْ الأبدان تألف الأدوية حَتَّى تمنعها من فعلها فهي بالأغذية وغن كَانَتْ ردية أشد إلفاً قال يوسف فحدثت بهذا الحديث بختيشوع أباه فسألني إملاءه عَلَيْهِ فكتبه عني بخطه. جبرائيل بن عبيد الله بن بختيشوع بن جبرائيل كَانَ والده عبيد الله بن بن بختيشوع منصرفاً ولما ولي المقتدر استخصه لخدمته وأقام فِي خدمة المقتدر مدة ثُمَّ مات وخلف ولده جبرائيل هذا وأختاً لَهُ صغيرين وانفذ المقتدر ليلة موت عبيد الله بن بختيشوع ثمانين فراشاً حملوا الموجود فِي بيته من رحل وأثاث وآنية وبعد مواراته فِي القبر اختفت امرأته وَكَانَتْ ابنة إنسان عامل من أجلاء العمال يعرف بالجرشون فقبض عَلَى والدها بسببها وطلب منه ودائع ابنته وأخذ منه مال كثير فخرجت ابنته ومعها ولدها جبرائيل وأخته وهما صغيران إِلَى عكبرا مستترة من السلطان فتزوجت برجل طبيب فأقامت مديدة عند ذَلِكَ الرجل وماتت وأخذ الرجل جميع مَا كَانَ معها ودفع ولدها عنه فدخل جبرائيل بغداد وَمَا معه إِلاَّ شيء يسير وقصد طبيبها وَكَانَ يعرف بهرمزد فلازمه وقرأ عَلَيْهِ

وَكَانَ من أطباء المقتدر وقرأ عَلَى ابن يوسف الواسطي الطبيب ولازم البيمارستان والعلم والدرس وَكَانَ يأوي إِلَى أخوال لَهُ ثلاثة وكانوا يسكنون بدار الروم وكانوا يسيئون عشرتهم عَلَيْهِ ويلومونه عَلَى تعرضه للعلم والصناعة ويمجنون معه بأنه يريد أن يكون مثل جديه بختيشوع وجبرائيل مَا يرضى أن يكون مثل أخواله وهو لا يلتفت وهو لا يلتفت إِلَى أقوالهم واتفق أنه جاء رسول من كرمان إِلَى معز الدولة وحمل إِلَيْهِ الحمار المخطط والرجل الَّذِي طوله سبعة أشبار والآخر الَّذِي طوله شبران وكتاب الهدايا المعروفة واتفق أنه نزل قصر فرج من الجانب الشرقي فِي قريب من الدكان الذي كَانَ يجلس جبرائيل فِيهِ وصار ذَلِكَ الرسول يجلس إِلَيْهِ كثيراً ويحادثه ويباسطه فلما كَانَ فِي بعض الأيام استدعاه وشاوره فِي الفصد فأشار بِهِ وفصده وتردد إِلَيْهِ يومين فانفذ إِلَيْهِ الرسول عَلَى رسم الديلم الصينية الَّتِي كَانَتْ فِيهَا العصائب والطشت والإبريق وجميع الآلة ثُمَّ استدعاه وقال لَهُ أدخل إِلَى هؤلاء القوم فانظر مَا يصلح لهم وَكَانَ مع الرسول جارية يهواها قَدْ عرض لَهَا نزف الدم وَمَا بقي بفارس ولا بكرمان ولا بالعراق طبيب مذكور إِلاَّ وعالجها ولك ينجع فِيهَا العلاج فلما رآها رتب لَهَا تدبيراً وعمل لَهَا معجوناً وسقاها إياه فما مضي إِلاَّ مديدة حَتَّى برئت وصلح جسمها وفرح بذلك سيدها فرحاً عظيماً ولما كَانَ بعد مدة يسيرة استدعاه الرسول وأعطاه ألف درهم ودراعة سقلاطون وثوباً توزياً وعمامة قصب وقال ادخل إليهم وطالبهم بحقك فأعطته الجارية ألف درهم وقطعتين من كل نوع من الثياب وحمل عَلَى بغلة بمركب واتبع ذَلِكَ بمملوك زنجي فخرج وهو أحسن الناس حالاً ولما رآه أخواله وثبوا لَهُ وتلقوه لقياً جميلاً فقال لهم للثياب تكرمون لَيْسَ لي. ولما مضى الرسول ذكره بفارس وكرمان بما عمل وَكَانَ ذَلِكَ داعياً إِلَى خروجه إِلَى شيراز وكان هَذَا أول مَا نبغ عضد الدولة وولي شيراز ولما دخل رفع خبره فاستدعي وسئل عن عصبتي العين فتكلم فِيهَا بكلام حسن موقعه فاغتبط بِهِ وقر لَهُ دار وجراية طافيتان ثُمَّ أنه عرض لكوكبين خال عضد الدولة فلما وصل إِلَيْهِ أكرمه وأجعله وَكَانَ بِهِ وجع المفاصل والنقرس وضعف الأحشاء فركب لَهُ جوارش تفاحي وذلك فِي سنة سبع وخمسين وثلاثمائة فانتفع بِهِ منفعة عظيمة فأعطاه وأجزل إعطاءه ورده إِلَى شيراز مكرماً ثُمَّ أن

عضد الدولة دخل إِلَى بغداد وهو معه فِي خاصته وجدد البيمارستان فصار يأخذ رزقين وهما برسم الخواص ثلاثمائة درهم شجاعية وبرسم البيمارستان ثلاثمائة درهم شجاعية سوى الجراية وكانت نوبته فِي الأسبوع يومين وليلتين لملازمته الدار. واتفق أن الصاحب أبا القاسم بن عباد عرض لَهُ معرض صعب فِي معدته فكاتب عضد الدولة يلتمس منه طبيباً فأمر عضد الدولة بجميع الأطباء البغداديين وغيرهم ومشاورتهم فيمن يصلح أن ينفذ إِلَيْهِ قال الأطباء البغداديون عَلَى سبيل الإبعاد لَهُ من بينهم وحسداً لَهُ عَلَى تقدمه مَا يصلح أن يلقي مثل ذَلِكَ الرجل إِلاَّ أبو عيسى لأنه متكلم جيد الحجة عالم باللغة الفارسية فوقعه هَذَا القول موافقاً لعضد الدولة فأطلق لَهُ مالاً ألح أمره وحمل إِلَيْهِ مركوباً جميلاً وبغالاً للحمل وأنفذه ولما وصل إِلَى الري تلقاه الصاحب تلقياً جميلاً وأنزل فِي دار قَدْ أعدت لمثله بفراش وطباخ وخازن ووكيل وبواب وغير ذَلِكَ ولما أقام عنده أسبوعاً استدعاه يوماً وَقَدْ جمع عنده أهل العلم من أصناف العلوم ورتب لمناظرته إنساناً من أهل الري قَدْ قرأ طرفاً من الطب فسأله عن أشياء من أمر النبض فبدأ وشرح أكثر مما تحتمله المسألة وعلل وتعليلات لَمْ يكن فِي الجماعة من سمع بِهَا وأورد شكوكاً ملاحاً فلك يكن فِي الحاضرين إِلاَّ من أكرمه وعظمه وخله عَلَيْهِ صاحب فِي ذَلِكَ اليوم خلعاً حسنة وسأله أن يعمل لَهُ كناشاً يختص بذكر الأمراض الَّتِي تعرض من الرأس وإلى القدم ولا يخلط بِهَا غيرها فعمل كناشة الصغير فحسن موقعه عند الصاحب ووصله بشيء قيمته ألف دينار وَكَانَ دائماً يقول صنفت مائتي ورقة أخذت عنها ألف دينار ورفع خبره إِلَى عضد الدولة فأعجب بِهِ وزاد موضعه فلما عاد من الري دخل إِلَى بغداد بزي جميل صالح وأمر وغلمان وخدم وصادف من عضد الدولة كل مَا سره وقال من يوثق بِهِ أنه دخل الأطباء عَلَيْهِ ليهنئونه بوروده وسلامته فقال أبو الحسن بن كشكرايا المعروف بتلميذ سنان يَا أبا عيسى زرعنا فأكلت أردناك تبعد فازددت قرباً فضحك جبرائيل من قوله وقال لَيْسَ الأمور إلينا لَهَا مدبر وصاحب. وأقام جبرائيل ببغداد مدة ثلاث سنين واعتل خشروشاه ملك الديلم ونحف جسمه وقوي استشعاره وَكَانَ عنده أطباء كلما عالوه ازداد مرضه

فأنفذ إِلَى الصاحب يلتمس منه طبيباً فقال مَا أعرف من يصلح لهذا غير جبرائيل فكاتب الصاحب عضد الدولة وسأله إنفاذه فأنفذه مكرماً ولما وصل إِلَى الديلمان أقام عند الملك وباشر بتدبيره وعلاجه وعاد بأمر الله إِلَى حال الصحة وقابله بما يحتمله ملك فِي حق مثله وسأله أن يعمل لَهُ صورة المرض وتدبيراً يعول عَلَيْهِ ويعمل ب فعمل. مقالة ترجمها فِي ألم لدماغ بمشاركة المعدة والحجاب يعني الحجاب الفاصل بَيْنَ آلات الغذاء وآلات التنفس المسمى ذيالرغما ولما اجتاز بالصاحب سأله عن أفضل اسطقسات البدن فقال هَذَا الدم فسأله أن يعمل لَهُ كتاباً يبرهن فِيهِ عَلَى علل ذَلِكَ فعمل لَهُ. مقالة مليحة بيّن فِيهَا البراهين الَّتِي تدل عَلَى هَذَا ودعاه إِلَى بغداد وعمل. كناشه الكبير ووسمه بالكافي ووقف منه نسخة عَلَى دار العلم ببغداد وعمل فِي البيمارستان عَلَيْهَا وأنه عرف بذلك الكتاب فيقال أبو عيسى صاحب الكناش وعمل. كتاب المطابقة بَيْنَ قول الأنبياء والفلاسفة وهو كتاب لَمْ يعمل للشرع مثله لكثرة احتوائه عَلَى الأقاويل وذكر المواضع الَّتِي استخرجت منها وعمل. مقالة فِي الرد عَلَى اليهود جمع فِيهَا أشياء منها شهادات عَلَى صحة مجيء المسيح عَلَيْهِ السلام وأنه قَدْ كَانَ ويطل انتظارهم ومنها صحة القربان بالخبز والخمر ومناه لم جعل من الخمر قربا وأصلحه محرم رأيان علل التحليل والتحريم. وعرض لَهُ أن سافر إِلَى أرض المقدس وصام بِهِ يوماً واحداً ومضى منه إِلَى دمشق واتصل خبره بالعزيز بن المعز العلوي المستولي عَلَى مصر وكوتب من حضرته بكتاب جميل واستدعي فامتنع واحتج بأن لَهُ ببغداد أسباباً ينجزها ويعود إِلَى الحضرة قاصداً ليفوز بحق القصد ولما عاد إِلَى بغداد أقام بِهَا وعدل عن المضي إِلَى مصر ثُمَّ أن ممهد الدولة أنفذ إِلَيْهِ ولاطفه حَتَّى توجه إِلَيْهِ إِلَى ميافارقين لأسقاها الله ولا المستولى عَلَيْهَا صوب الغيث وأخجله وجد لَهُ ولا جدّ لَهُ ولا أهمله بعد أن أمهله أعني المستولي عَلَيْهَا الآن ولما وصل إِلَيْهِ إكراماً مشهوراً ومن ظريف مَا جرى لَهُ مه أنه أول ستة ورد فِيهَا سقى الأمير مسهلاً وقال لَهُ يجب أن نأخذ الدواء سحراً فعمد الأمير وأخذه أول الليلي فلما أصبح ركب إِلَى الدار ودخل إِلَيْهِ وأخ نبضه وسأله عن الدواء فقال مَا عمل معي شيئاً امتحاناً لَهُ فقال لَهُ جبرائيل النبض يدل عَلَى نفاذ دوائي والأمير أصدق فضحك وقال لَهُ كم ظنك بالدواء فقال يعمل مع الأمير خمسة وعشرين مجلساً ومع غيره زائداً وناقصاً فقال قَدْ عمل إِلَى

الساعة ثلاثة وعشرين فقال هو يعمل تمام مَا قلت ورتب لَهُ مَا يستعمله وخرج من عنده وأمر بأن يشد رحله ويصلح أسباب الانصراف فبلغ ممهد الدولة ذَلِكَ فأنفذ إِلَيْهِ يستعلم سبب انصرافه فقال مثلي لا يجرب لأنني أشهر من أن أحتاج إِلَى تجربة فترضاه وحمل إِلَيْهِ بغلة ودارهم لَهَا قدر. وَفِي هَذِهِ المدة كاتبه ملك الديلم بكتب جميلة يسأله فِيهَا أن يزوره وكاتب ممهد الدولة يسأله فِي ذَلِكَ فمنعه من المضي وأقام فِي الخدمة ثلاث سنين وتوفي فِي يوم الجمعة ثامن شهر رجب سنة ست وتسعين وثلاثمائة للهجرة وَكَانَ عمره خمساً وثمانين سنة ودفن فِي المصلى خارج ميافارقين. جبرائيل الكحال المأموني كَانَ كحالاً واختص بخدمة المأمون وَكَانَتْ وظيفته فِي كل شهر ألف درهم وَكَانَ المأمون يستخف يده وَكَانَ أول من يدخل إِلَيْهِ فِي كل يوم عند تسليمه من صلاة الغداة ويغسل أجفانه ويكحل عينيه وإذا انتبه من قيلولته فعل مذل ذَلِكَ ثُمَّ سقطن منزلته بعد ذَلِكَ فسئل عن سبب ذَلِكَ فقيل أن الحسين الخادم اعتل فلم يكن ياسر عيادته لاشتغاله بالخدمة إِلَى أن وافى ياسر باب الحجرة الَّتِي كَانَ فِيهَا المأمون وَقَدْ خرجت من عند المأمون فسألني ياسر عن خبر المأمون فأخبرته أنه قَدْ أغفى فغنم ياسر مَا أخبرته من نوم المأمون فسار إِلَى الحسين فعاده وانتبه المأمون قبل انصراف ياسر فسأله المأمون عن سبب نخلفه فقال ياسر أخبرت بنوم أمير المؤمنين فسرت إِلَى الحسين فعدته فقال لَهُ المأمون زمن أخبرك برقادي فقال ياسر جبرائيل قال جبرائيل فأحضرني ثُمَّ قال يَا جبرائيل اتخذتك كحالاً أَوْ عاملاً للأخبار عليّ أخرج عن داري فأذكرته حرمتي فقال أن لَهُ حرمة فليقتصر بِهِ عَلَى إجراء مائة وخمسين درهماً فِي الشهر ولا يؤذن لَهُ فِي الوصول فلم يخدم جبرائيل المأمون بعدها حَتَّى توفي. جعفر بن محمد بن عمر أبو معشر البلخي عالم أهل الإسلام بأحكام النجوم وصاحب التآليف الشريفة والمصنفات المفيدة فِي صناعة الأحكام

وعلم التعديل وَكَانَ أعلم الناس بسير الفرس وأخبار سائر الأمم فمن كتبه فِي صناعة الأحكام. كتاب الطبائع. كتاب الألوف. كتاب المدخل الكبير. كتاب الفرانات. كتاب الدول والملل. كتاب الملاحم. كتاب الأقاويل والأقاليم. كتاب الهيلاج والكذخداه كتبه إِلَى ابن البازيار. كتاب المقالات فِي المواليد. كتاب النكث تحاويل المواليد وغير ذَلِكَ ومن كتبه. زيجه الكبير وهو كثير وجامع أكثر العلم بالفلك بالقول المطلق المجرد من البرهان. وكتاب الزيج الصغير وهو المعروف بزيج القرانات يتضمن معرفة أوساط الكواكب لأوقات اقتران زحل والمشتري مذ عهد الطوفان. وَكَانَ أبو معشر مدمناً عَلَى شرب الخمر مشتهراً بمعاقرتها وَكَانَ يعتريه صرغ عند أوقات الامتلاءات القمرية وَكَانَ معاصراً لأبي جعفر محمد بن سنان البثاني وَكَانَ منجماً للموفق أخي المعتمد وَكَانَ معه فِي محاصرته الزنج بالبصرة وَلَهُ إصابات حسنة فِي أحكام النجوم مذكورة بَيْنَ العلماء بهذا النوع وَقَدْ قيل أن أبا معشر كَانَ فِي أول أمره من أصحاب الحديث ومنزله فِي الجانب الغربي بباب خراسان وَكَانَ يضاغن الكندي ويغري بِهِ العامة ويشنع عَلَيْهِ بعلوم الفلاسفة فدس عَلَيْهِ الكندي من حسن لَهُ النظر فِي علم الساب والهندسة فدخل فِي ذَلِكَ فلك يكمل لَهُ فعدل إِلَى علم الأحكام وانقطع شره عن الكندي ويقال أنه تعلم النجوم بعد سبع وأربعين سنة من عمره وَكَانَ فاضلاً حسن القريحة وضربه المستعين أصواتاً لأنه أصاب فِي شيء خبر بِهِ قبل وقته وَكَانَ يقول أصبت فوقعيت وجاوز أبو المعشر المائة من عمره ومات بواسط فيما قيل وَلَهُ من التصانيف غير مَا تقدم ذكره. كتاب المدخل الصغير. كتاب زيج الهزارات نيف وستون باباً. كتاب المواليد الكبير وَلَمْ يتمه. كتاب هيئة الفلك. كتاب الاختيارات. كتاب الاختيارات عَلَى منازل القمر. كتاب الطبائع الكبير. كتاب السهمين وأعمار الدول. كتاب اقتران النحسين فِي برج السلطان. كتاب الصور والحكم عَلَيْهَا. كتاب المزاجات. كتاب الأنواء. كتاب المسائل. كتاب إثبات علم النجوم. كتاب الكامل والشامل لَمْ يتمه. كتاب الجمهرة جمع فِيهِ أقوال الناس فِي المواليد. كتاب الأصول وادعاه أبو العنبس. كتاب تفسير المنامات من النجوم. كتاب القواطع عَلَى الهيلاجات. كتاب المواليد الصغير مقالتان. كتاب

زيج القرانات والاحتراقات. كتاب الأوقات عَلَى اثني عشرية الكواكب. كتاب السهام سهام المأكولات والملبوسات. كتاب طبائع البلدان. كتاب الأمطار والرياح. حكاية نقلها الناقل لَهَا من خط ابن المكتفي قال قرأت بخط ابن الجهم مَا هَذِهِ حكايته كتاب المدخل اسند بن علي وهبه لأبي معشر فانتحله أبو معشر لأن أبا معشر تعلم النجوم عَلَى كبر وَلَمْ يبلغ عقل أبي معشر إِلَى صنعة هَذَا الكتاب ولا لسبع مقالات فِي المواليد ولا لكتابي القرانات هَذَا كله لسند بن علي. جعفر بن المكتفي بالله أبو الفضل من أولاد الخلفاء فاضل كبير القدر بعلوم متعددة من علوم الأوائل متحقق بذلك أتم تحقيق يرفعه عن التبذل فِي تعليمه مَا هو عَلَيْهِ من علو النسب وَكَانَتْ لَهُ فِي العلوم القديمة تعاليق جميلة ومعرفة بأخبار الأوائل من الحكماء وبأخبار المحدثين منهم وبأحوالهم ومقدار مَا يعلمه كل واحد منهم وَمَا يدعيه مَا لا يعلمه قال هلال بن المحسن وَفِي سحرة يوم الثلاثاء الرابع من صفر سنة سبع وسبعين وثلاثمائة توفي أبو الفضل جعفر بن المكتفي بالله ومولده فِي سنة أربع وتسعين ومائتين وَكَانَ فاضلاً عاقلاً عارفاً بكثير من العلوم القديمة ولما قدم عضد الدولة إِلَى بغداد اشتاقت نفسه إِلَى جعفر بن المكتفي بالله ولقائه فسير إِلَيْهِ سراً وَكَانَ يجتمع بِهِ من خفية ويأتيه فِي خف وإزار فإذا حصل فِي داره أقعد فِي موضع خال بغير أزار خلا عضد الدولة استدعاه فإذا شاهده تطاول لَهُ فِي القيام وأكرمه وخلا بِهِ وسأله عن فنه من علم أحكام النجوم وأخبار الحدثان فيخبره من ذَلِكَ بما يعجب منه ولا يبعد وقوعه. قال غرس النعمة محمد بن الرئيس هلال بن المحسن الصابي فِي كتابه وجدت بخط جعفر بن المكتفي بالله مَا يتضمن ذكر مَا حدث من الكواكب ذوات الأذناب فِي أوقاتها مَا كَانَ من تأثيراتها فنسخته ثقة بهذا الرجل وتقدمه فِي هَذِهِ الصناعة وتبريزه فِيهَا إِلَى ابعد غاية ثُمَّ أورد المؤلف رسالته ههنا بأجمعها منها وَفِي خمس وعشرين ومائتين فِي خلافة المعتصم ظهرت فِي الشمس نكتة سوداء قريب منن وسطها وذلك فِي يوم الثلاثاء التاسع عشر من رجب سنة خمس وعشرين ومائتين فلما كَانَ بعد يومين من هَذَا التاريخ وذلك بعد إحدى وعشرين يوماً من رجب حدثت الحوادث وذكر الكندي أنها لبثت هَذِهِ النكتة فِي الشمس إحدى وتسعين يوماً ومات المعتصم بعدها وَقَدْ كَانَ أيضاً طلع كوكبان من كواكب الأذناب قبل موت المعتصم كما طلع منها جماعة

قبل موت الرشيد وذكره الكندي أيضاً أن مدة النكتة كَانَتْ كسوف الزهرة للشمس ولصوقها بِهَا هَذِهِ المدة المذكورة ويقال أنه لما شاء الله فِي ذَلِكَ كلام سبيله أن يتأمل ليوقف عَلَى علة هَذِهِ النكتة عَلَى حقها إِن شاء الله تعالى إِلَى ها هنا من رسالة ابن المكتفي ثُمَّ بعدها ذكر فِي هَذِهِ الرسالة تأثيرات كواكب الأذناب عَلَى طلوعها فِي كل شهر من الشهور السريانية. جعفر القطاع المدعو بالسديد البغدادي كَانَتْ لَهُ معرفة تامة بالكلام والمنطق والهندسة واطلاع عَلَى علوم الأوائل وأقوالهم ومذاهبهم وَلَهُ يد طولى فِي قسمة الأدور وعماراتها وَكَانَ متظاهر بالتشيع وتوفي فِي يوم السبت سادس عشر ربيع الآخر سنة اثنتين وستمائة ببغداد ودفن بداره بقراح ظفر وَقَدْ جاوز السبعين. جرجيس الفيلسوف الأنطاكي نزيل مصر يزعم أنه قرأ عَلَى علماء بلده واستوطن مصر وطب لَهَا وأدركه أبو الصلت أمية المغربي بمصر وذكره فقال وَكَانَ بمصر طبيب من أنطاكية يسمى بجرجيس ويلقب بالفيلسوف عَلَى نحو مَا قيل فِي الغراب أبي البيضاء وَفِي اللديغ سليم وَقَدْ تفرغ للتولع بأبي الخير سلامة بن رحمون اليهودي الطبيب المصري والأزراء عَلَيْهِ وَكَانَ يزور فصولاً طبية وفلسفية يبرزها فِي معارض ألفاظ القوم وهي محال لا معنى لَهَا وفارغة لا فائدة فِيهَا ثُمَّ ينفذها إِلَى من سأله عن معانيها ويستوضحه أغراضها فيتكلم عَلَيْهَا ويشرحها بزعمه دون تيقظ ولا تحفظ باسترسال واستسجال وقلة اكتراث وإهمال يوجد فِيهَا عنه مَا يضحك منه وأنشدت لجرجيس هَذَا فِي أبي الخير سلامة وهو من أحسن مَا سمعته فِي هجو طبيب مشؤوم أن أبا الخير عَلَى جهله ... يخف فِي كفته الفاضل عليله المسكين من شؤمه ... فِي بحر هلك مَا لَهُ ساحل ثلاثة تدخل فِي دفعة ... طلعته والنعش والغاسل جورجيس بن بختيشوع الجند يسابوري ابن بختيشوع فِي صدر الدولة العباسية كَانَ فاضلاً مذكوراً وَلَهُ من الكتب كتاب الكناش وَكَانَ

المنصور فِي صدر أمره عندما بنى مدينة السلام بغداد فِي سنة ثمان وأربعين ومائة للهجرة أدركه ضعف فِي معدته وسوء استمراء وقلة شهوة وكلما عالجه الأطباء ازداد مرضه فتقدم إِلَى الربيع بجمعهم فلما اجتمعوا قال لهم المنصور أريد من الأطباء فِي سائر المدن طبيباً ماهراً فقالوا مَا فِي عصرنا أفضل من جورجيس بن بختيشوع رئيس أطباء جند يسابور فإنه ماهر فِي الطب وَلَهُ مصنفات جليلة فتقدم المنصور بإحضاره فأنفذه العامل بجند يسابور إِلَى حضرة الخلافة بعد مَا امتنع عن الخروج وأكرهه العامل فخرج ووصى ولد بختيشوع بالبيمارستان وأموره الَّتِي تتعلق بِهِ هناك واستصحب معه إبراهيم وسرجيس تلميذيه فقال لَهُ ولده بختيشوع ولا تدع ها هنا عيسى بن شهلافا فإنه يؤذي أهل البيمارستان فترك سرجيس وأخذ عيسى عوضه ولما وصل إِلَى مدينة السلام أمر المنصور بإحضاره فلما وصل إِلَى الحضرة دعا لَهُ بالفارسية والعربية وعجب المنصور من حسن منطقه ومنظره وأمره بالجلوس وسأله عن أشياء أجابه عنها بسكون فقال قَدْ ظفرت منك يَا جورجيس بما كنت أطلب وخبره بابتداء علته وكيف جرى أمره منذ ابتداء المرض وإلى وقته ذَلِكَ فقال لَهُ جرجيس أنا أديرك بمشيئة الله وعونه فأمر لَهُ فِي الوقت بخلعة جليلة وتقدم إِلَى الربيع بإنزاله فِي أجمل موضع من دوره وإكرامه كما يكرم أخص الأهل وَلَمْ يزل جرجيس يتلطف لَهُ فِي تدبيره حَتَّى برئ المنصور وعاد إِلَى الصحة وفرح بِهِ فرحاً شديداً وأمر أن يجاب إِلَى كل مَا يسأل وقال لَهُ يوماً من يخدمك ها هنا فقال تلامذتي فقال الخليفة سمعت أنه ليست لَكَ امرأة فقال لي زوجة كبيرة ضعيفة ولا تقدر عَلَى النهوض من موضعها وانصرف من الحضرة ومضى إِلَى البيعة فأمر المنصور خادمه سالماً أن يختار لَهُ من الجواري الروميات الحسان ثلاثاً ويحملهن إِلَى جورجيس مع ثلاثة آلاف دينار ففعل ذَلِكَ فلما انصرف جورجيس إِلَى منزله عرفه عيسى بن شهلافا تلميذه بما جرى وأراه الجواري فأنكر أمرهن وقال لعيسى يَا تلميذ الشيطان لَمْ أدخلت هؤلاء إِلَى منزلي أردت أن تتجسني امضِ وردهن إِلَى أصحابهن ثُمَّ ركب جورجيس معه عيسى مع الجواري ومضى إِلَى دار الخليفة وردهن عَلَى الخادم فلما اتصل الخبر بالمنصور أحضره وقال لِم رددت الجواري قال لا يجوز أن يكون مثل هؤلاء فِي منزلي لأنا نعشر النصارى لا نتزوج أكثر من امرأة واحدة مَا دامت المرأة حية لا نأخذ غيرها فحسن موقع هَذَا من الخليفة وأمر فِي الوقت أن يدخل جورجيس إِلَى حظاياه

وحرمه بلا إذن وزاده موضعه عنده وهذا ثمرة العفة. ولما كَانَ فِي سنة اثنتين وخمسين ومائة مرض جورجيس مرضاً صعباً وَكَانَ المنصور يرسل إِلَيْهِ فِي كل يوم يتعرف خبره ولما اشتد مرضه أمر بحمله عَلَى سرير إِلَى دار العامة وخرج ماشياً إِلَيْهِ وتعرف خبره وسأله عن حاله فخبره جورجيس بِهَا وقال أن رأي أمير المؤمنين أن يأذن لي فِي الانصراف إِلَى بلدي لأنظر أهلي وولدي فإن مت قبرت مع آبائي فقال لَهُ يَا جورجيس اتقِ الله وأسلم وأنا أضمن لَكَ الجنة فقال لَهُ رضيت حَيْثُ آبائي فِي الجنة أَوْ فِي النار فضحك المنصور من قوله ثُمَّ قال لَهُ إني منذ رأيتك وجدت رائحة من الأمراض الَّتِي كَانَتْ تعتادني فقال جورجيس أنا أخلف بَيْنَ يدي أمير المؤمنين عيسى وهو تلميذي وتربيتي فقال كَيْفَ علمه فِي الصناعة قال ماهر قال المنصور ألا أحضرت لَنَا ولدك بختيشوع قال جورج البيمارستان بجند يسابور محتاج إِلَيْهِ ومفتقر إِلَى مثله وأهل البلد كذلك فأمر المنصور بإحضار عيسى بن شهلافا فلما مثل بَيْنَ يديه سأله عن أشياء فوجده ماهراً فأمر لجورجيس بعشرة آلاف دينار وأذن لَهُ فِي الانصراف وأنفذ معه خادماً وقال لَهُ إِن مات فِي الطريق فاحمله إِلَى منزله ليدفن هناك كما أحب فوصل إِلَى بلده حياً. جابر بن حيان الصوفي الكوفي كَانَ متقدماً فِي العلوم الطبيعية بارعاً منها فِي صناعة الكيمياء وَلَهُ فِيهَا تآليف كثيرة ومصنفات مشهورة وَكَانَ مع هَذَا مشرفاً عَلَى كثير من علوم الفلسفة ومتقلداً للعلم المعروف بعلم الباطن وهو مذهب المتصوفين من أهل الإسلام كالحارث بن أسد المجاشي وسهل بن عبد الله التستري ونظرائهم .. وذكر محمد بن سعيد السرقسطي المعروف بابن المشاط الاصطرلابي الأندلسي أنه رأي لجابر بن حيان بمدينة مصر تآليفاً فِي عمل الاصطرلاب يتضمن ألف مسألة لا نظير لَهُ.

حرف الحاء المهملة في أسماء الحكماء

حرف الحاء المهملة فِي أسماء الحكماء الحارث بن كلدة بن عمر بن علاج الثقفي طبيب العرب فِي وقته أصله من ثقيف من أهل الطائف رحل إِلَى أرض فارس وأخذ الطب عن أهل تِلْكَ الديار من أهل جند يسابور وغيرها فِي الجاهلية وقبل الإسلام وجاد فِي هَذِهِ الصناعة وطب بأرض فارس وعالج وحصل لَهُ بذلك مال هناك وشهد أهل بلد فارس ممن رآه بعلمه وَكَانَ قَدْ عالج بعض أجلائهم فبرأ وأعطاه مالاً وجارية سماها الحارث سمية ثُمَّ أن نفسه اشتاقت لبى بلاده فرجع إِلَى الطائف واشتهر طبه بَيْنَ العرب وسمية جاريته هي أم زياد بن أبيه الَّذِي ألحقه معاوية بنسبه وذكر أن أبا سفيان وطئ سمية بالطائف سفاحاً فحملت بِهِ منه وولدت ولدين قبل زياد أحدهما أبو بكرة ونافع أخوه فانتسبا إِلَى الحارث بن كلدة وادعيا أنه وطئ مولاته سمية فولدتهما منه وأدرك الحارث بن كلدة الإسلام وَكَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر من كَانَتْ بِهِ علة أن يأتيه فيسأله عن علته. قال سعد مرضت فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني فوضع يده بَيْنَ ثديي حَتَّى وجدت بردها عَلَى فؤادي فقال أنك رجل مفؤد ائت الحارث بن كلدة أخا ثقيف فإنه يتطبب فمره فليأخذ سبع ثمرات فليجأهن بنواهن وليدلك بهن رواه صدقة المروزي عن أبي عتيبة. وروى محمد بن إسحاق عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال مرض سعد وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي حجة الوداع فعاده رسول الله فقال يَا رسول الله مَا أراني إِلاَّ لما بي فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني لأرجو أن يشفيك الله حَتَّى يضربك قوم وينتفع بك آخرون ثُمَّ قال للحارث بن كلدة عالج سعداً مما بِهِ فقال والله إني أرجو شفاءه فيما معه فِي رحله هل معكم

من هَذَا الثمر العجوة شيء قالوا نعم فخلط لَهُ الثمر بالحلبة ثُمَّ أوسعها سمناً ثُمَّ أحساه إياه فكأنما أنشط من عقال. قال عبد الرحمن بن أبي بكرة قال الحارث بن كلدة وَكَانَ من أطب العرب من سره البقاء ولا بقاء فليباكر الغداء وليخفف الرداء وليقل غشيان النساء .. قال محمد بن زياد الأعرابي وَكَانَ لَهُ فِي النحو واللغة خفة الرداء أن لا يكون عَلَيْهِ دين. قال أبو عمرو ومات الحارث بن كدلة فِي أول الإسلام وَلَمْ يصح إسلامه قال وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص بأن يأتيه فيستوصفه فِي مرض نزل بِهِ فيدل أمه جائز أن يشاور أهل الكفر فِي الطب إذ كَانَ من أهله والله أعلم وَكَانَ الحارث بن كلدة يضرب العود تعلم ذَلِكَ أيضاً بفارس واليمن وبقي إِلَى زمن معاوية فقال لَهُ معاوية مَا الطب يَا حارث فقال الأزم يَا معاوية يعني الجوع. الحارث المنجم كَانَ منقطعاً إِلَى الحسن بن سهل وَكَانَ فاضلاً يحكى عنه أبو معشر وَلَهُ تصانيف مذكورة. الحسن بن أحمد بن يعقوب أبو محمد الهمداني من قبيلة همدان صاحب كتاب الإكليل المؤلف فِي أنساب حمير وأيام ملوكها وهو كتاب عظيم الفائدة يشتمل عَلَى عشرة فنون وَفِي أثناء هَذَا الكتاب جمل حسان من حسان القرانات وأوقاتها ونبذ من علم الطبيعة وأصول أحكام النجوم وآراء الأوائل فِي قدم العالم وحدوثه واختلافهم فِي أدواره وَفِي تناسل الناس ومقادير أعمارهم وغير ذَلِكَ وَلَهُ تآليف بعد هَذَا حسان منها. كتاب سرائر الحكمة وغرضه التعريف بجمل هيئة الأفلاك ومقادير حركات الكواكب وتبين علم أحكام النجوم واستيفاء ضروبه. كتاب القوى. كتاب اليعسوب فِي القسي والرمي والسهام والنضال وَلَهُ زيجه المعروف وعليه اعتماد أهل اليمن وهذا الرجل أفضل من ظهر ببلاد اليمن وَقَدْ ذكرت قطعة من خبره وشعره فِي كتاب النحاة

لأنه كَانَ من أهل اللغة يدل عَلَى ذَلِكَ قصيدته الدامغة وشرحها يتضمنها مجلد كبير وتوفي أبو محمد الهمداني يسجن صنعاء فِي سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة. الحسن بن مصباح المنجم لَهُ يد فِي الحساب والتسيير وَلَهُ زيج أثبت فِيهِ أوساط الكواكب نبه فِيهَا عَلَى مذهب السند هند وتعاديلها عَلَى مذهب بطليموس وميل الشمس عَلَى مَا يؤذي إِلَيْهِ الرصد فِي زمانه. الحسن بن عبيد الله بن سليمان بن وهب من البيت المشهور بالرئاسة وَلَهُ نفس فاضلة فِي علم الهندسة وَكَانَ مشاركاً نعم المشاركة وَلَهُ من التصنيف. كتاب شرح المشكل من كتاب إقليدس فِي النسبة مقالة. الحسن بن سوار بن بابا بهرام أبو الخير المعروف بابن الخمار بغدادي فاضل منطقي قرأ عَلَى يحيى بن عدي وهو فِي نهاية الذكاء والفطنة والاطلاع عَلَى علوم أصحابه ومولده فِي شهر ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة. وَلَهُ تصانيف مذكورة. كتاب الهيولى مقالة. كتاب الوفاق بَيْنَ قول الفلاسفة والنصارى ثلاث مقالات. كتاب تفسير ايساغوجي مشروح. كتاب تفسير ايساغوجي مختصر. كتاب الصديق والصداقة مقالة. كتاب سيرة الفيلسوف مقالة. كتاب الآثار المخلفة فِي الجو الحادثة عن البخار .. والذي نقله من السرياني إِلَى العربي. كتاب الآثار العلوية مقالة. كتاب اللبس فِي الكتب الأربعة فِي المنطق الموجود فِي ذَلِكَ. كتاب مسائل ثاؤفرسطس. كتاب فِي الأخلاق مقالة. الحسن بن سهل بن نوبخت كَانَ مشاركاً فِي هَذِهِ العلوم وآل نوبخت كلهم فضلاء لهم فكرة صالحة ومشاركة فِي علوم الأوائل ولهذا المذكور تصنيف وهو كتاب الأنواء. الحسن بن الخصيب أحد الحذاق بصناعة النجوم وهو فارسي النسب وَقَدْ تكلم فِي ذَلِكَ وصنف وَلَمْ يكن لَهُ فِي سهم الغيب فإن أخباره فِي الحدثان لا تكاد تصدق وَلَهُ. كتاب فِي أحكام النجوم سماه الكارمهتر حكم فِيهِ

بأحكام اختبر بِهَا فلم يصح منها شيء فمنها أنه قال إِذَا نزل زحل فِي دقائق من أول درجة من الجوزاء يموت ملك مصر فِي ذَلِكَ الأوان ورأيت هَذَا فِي عمري دفعتين وَلَمْ يصح شيء منه إِلَى أمثال ذَلِكَ وَلَهُ من التصانيف غير ذَلِكَ. كتاب المدخل إِلَى علم الهيئة. كتاب تحويل سني العالم. كتاب المواليد. كتاب تحويل سني المواليد. كتاب المنثور عمله ليحيى بن خالد. كتاب قضيب الذهب. كتاب النكت. الحسن بن الحسن بن الهيثم أبو علي المهندس البصري نزيل مصر صاحب التصانيف والتآليف المذكورة فِي علم الهندسة كَانَ عالماً بهذا الشأن متقناً لَهُ متفنناً فِيهِ قيماً بغوامضه ومعانيه مشاركاً فِي علوم الأوائل أخذ الناس عنه واستفادوا منه وبلغ الحاكم صاحب مصر من العلويين وَكَانَ يميل إِلَى الحكمة خبره وَمَا هو عَلَيْهِ من الإتقان لهذا الشأن فتاقت نفسه إِلَى رؤيته ثُمَّ نقل عنه أنه قال لو كنت بمصر لعملت فِي نيلها عملاً يحصل بِهِ النفع فِي كل حالة من حالاته من زيادة ونقص فقد بلغني أنه ينحدر من موضع عالٍ وهو فِي طرف الإقليم المصري فازداد الحاكم إِلَيْهِ شوقاً وسير إِلَيْهِ سراً جملة من مال وأرغبه فِي الحضور فسافر نحو مصر ولما وصلها خرج الحاكم للقائه والقيا بقرية عَلَى باب القاهرة المعزية تعرف بالخندق وأمر بإنزاله وإكرامه وأقام ريثما استراح وطالبه بما وعد بِهِ من أمر النيل فسار ومعه جماعة من الصناع المتولين للعمارة بأيديهم ليستعين بهم عَلَى هندسته الَّتِي خطرت لَهُ ولنا سار إِلَى الإقليم بطوله ورأى آثار من تقدم من ساكنيه من الأم الخالية وهي عَلَى غاية من أحكام الصنعة وجودة الهندسة وَمَا اشتملت عَلَيْهِ من أشكال سماوية ومثالات هندسية وتصوير معجز تحقق أن الَّذِي يقصده لَيْسَ بممكن فإن من تقدمه لن يعزب عنهم علم مَا علمه ولو أمكن لفعلوا فانكسرت همته ووقف خاطره ووصل إِلَى الموضع المعروف بالجنادل قبلي مدينة أسوان وهو موضع مرتفع ينحدر منه ماء النيل فعاينه وباشره واختبره من جانبيه فوجد أمره لا يمشي عَلَى موافقة

مراده وتحقق الخطأ عما وعد بِهِ وعاد خجلاً منخذلاً واعتذر بما قبل الحاكم ظاهره ووافقه عَلَيْهِ ثُمَّ أن الحاكم ولاه بعض الدواوين فتولاها رهبة لا رغبة وتحقق الغلط فِي الولاية فإن الحاكم كَانَ كثير الاستحالة مريقاً للدماء بغير سبب أَوْ بأضعف سبب من خيال يتخيله فأجال فكرته فِي أمر يتخلص بِهِ فلم يجد طريقاً إِلَى ذَلِكَ إِلاَّ إظهار الجنون والخبال فاعتمد ذَلِكَ وشاع فأحيط عَلَى موجوداته بيد الحاكم ونوابه وجعل برسمه من يخدمه ويقول بمصالحه وقيد وترك فِي موضع من منزله وَلَمْ يزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن تحقق وفاة الحاكم وبعد ذَلِكَ بيسير أظهر العقل وعاد إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وخرج من داره واستوطن قبة عَلَى باب الجامع الأزهر أحد جوامع القاهرة وأقام بِهَا متمسكاً مقتنعاً وأعيد ماله من تَحْتَ يد الحاكم واشتغل بالتصنيف والنسخ والإفادة وَكَانَ لَهُ خط قاعد فِي غاية الصحة وذكر لي يوسف الناشئ الإسرائيلي الحكيم نزيل حلب قال سمعت أن ابن الهيثم كَانَ ينسخ فِي مدة سنة ثلاثة كتب فِي ضمن أشغاله وهي إقليدس والمتوسطات والمجسطي ويستكملها فِي مدة السنة فإذا شرع فِي نسخها جاءه من يعطيه فيهم مائة وخمسون ديناراً مصرية وصار ذَلِكَ كالرسم الَّذِي لا يحتاج فِيهِ إِلَى مواكبة ولا معاودة قول فيجعلها مؤنثه لسنته وَلَمْ يزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن مات بالقاهرة فِي حدود سنة ثلاثين وأربعمائة أَوْ بعدها بقليل والله أعلم ورأيت بخطه جزءاً فِي الهندسة وَقَدْ كتبه فِي سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة وهو عندي لله المنة. وأما تصانيفه فمنها. تهذيب المجسطي. المناظر. مصادرات إقليدس. الشكوك عَلَيْهِ أيضاً. مساحة المجسم المتكافئ. الأشكال الهلالية. صورة الكسوف. العدد والمجسم. قسمة الخط الَّذِي استعمله أرشميدس فِي الكرة. اختلاف منظر القمر. استخراج مسألة غددية. مقدمة ضلع المسبع. رؤية الكواكب. التنبيه عَلَى مَا فِي الرصد من الغلط. تربيع الدائرة. أصول المساحة. أعداد الوفق. مسألة فِي المساحة. أعمدة المثلثات. عمل المسبع فِي الدائرة. حل شك من المجسطي. حل شك من إقليدس. حركة القمر. استخراج أضلع المكعب. علل الحساب الهندي. مَا يرى من السماء أعظم

من نصفها. خطوط الساعات. أوسع الأشكال المجسمة. خط نصف النهار. الكرة المحرقة. هيئة العالم. الجزء الَّذِي لا يتجزأ مساحة الكرة. كيفية الأرصاد. حساب المعاملات. الهالة وقوس قزح. المجرة. ماهية المجرة. جواب من خالف المجرة. مسألة هندسية. شرح قانون إقليدس. استخراج خط نصف النهار بظل واحد. أصول الكواكب. بركاز الدوائر العظام. جمع الأجزاء. قسمة المقدارين. التحليل والتركيب. حساب الخطئين. شكل بني موسى. المرايا المحرقة. استخراج أربعة خطوط. حركة الالتفات. حل شكوك الالتفات. الشكوك عَلَى بطليموس. حل شكوك المجسطي. اختلاف المناظر. ضوء القمر. المكان. الخلاق. السمت. سمت القبلة بالحساب. ارتفاع القطر. ارتفاعات الكواكب. كيفية الأظلال. الرخامات الأفقية عمل البنكام. مقالة فِي الأثر الَّذِي فِي القدر. تعليق فِي الجبر. كتاب البرهان عَلَى مَا يراه الفلكيون فِي أحكام النجوم. الحسن بن الأمير أبي علي بن نظام الملك ببغداد وله معرفة حسنة بالعلوم الحكمية والنجومية وَلَمْ يزل محترماً لأجل جده ببغداد إِلَى أن توفي فِي يوم السبت ثامن صفر سنة ثلاث عشر وستمائة. الحسن بن محمد بن أبي نعيم أبو علي الطيب طبيب فاضل مذكور فِي زمانه كَانَ مقيماً بالبيت المقدس وهو أجل مشايخ التميمي الترياقي المقدسي وعنه أخذ من هَذِهِ الصناعة نوعاً متوفراً. الحسين بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الكاتب أبو الحسن بن أبي الحسين وقيل أبو أحمد ويعرف بابن كرتيب كَانَ من جلة المتكلمين ببغداد ويذهب بذهب الفلاسفة الطبيعيين وَكَانَ أخوه أبو العلاء يتعاطى علم الهندسة ونحن نذكره فِي موضعه إن شاء الله تعالى فأما أبو أحمد الحسين هَذَا فكان فِي نهاية الفضل والمعرفة واطلاع بالعلوم الطبيعية القديمة وله تصانيف منها. كتاب الرد عَلَى ثابت بن قرة فِي نعته وجود سكون بَيْنَ كل حركتين متساويتين. كتاب فِي الأجناس والأنواع وهي الأمور العامية. كتاب كيْفَ يعلم مَا مضى من النهار من ساعة من قبل الارتفاع.

الحموموس ويقال الحومتيوس قال إسحاق بن حنين أنه من الفلاسفة الَّذِي بعد جالينوس وَقَدْ فسر كتب أرسطوطاليس وَقَدْ ذكرت الموجود منها عند ذكر كتب أرسطوطاليس وله تصانيف غير تِلْكَ منها. كتاب شرح مذهب أرسطوطاليس فِي الصنائع. كتاب فِي أغراض أرسطوطاليس فِي كتبه. كتاب حجة أرسطوطاليس فِي التوحيد. حبش الحاسب المروزي الأصل وهو لقب لَهُ واسمه أحمد بن عبد الله بغدادي الدار كَانَ فِي زمن المأمون والمعتصم بعده وله تقدم فِي حساب تسيير الكواكب وشهرة بهذا النوع وله ثلاثة أزياج. أولها المؤلف عَلَى مذهب السند هند خالف فِيهِ الفزاري والخوارزمي فِي عامة الأعمال واستعماله لحركة إقبال فلك البروج وإدباره عَلَى رأي ثاؤن الإسكندراني ليصح لَهُ بِهَا مواضع الكواكب فِي الطول وَكَانَ تأليفه لهذا الزيج فِي أول أمره أيام كَانَ يعتقد حساب السند هند. والثاني المعروف بالممتحن وهو أشهر مَا لَهُ ألفه بعد أن رجع إِلَى معاناة الرصد وضمنه حركات الكواكب عَلَى مَا يوجبه الامتحان فِي زمانه والثالث الزيج الصغير المعروف بالشاه وله. كتاب حسن فِي العمل بالاصطرلاب وبلغ من عمره نحو مائة سنة وله من التصانيف. كتاب الزيج الدمشقي. كتاب الزيج المأموني. كتاب الأبعاد والأجرام. كتاب عمل الاصطرلاب. كتاب الرخائم والمقاييس. كتاب الدوائر المتماسة وكيفية الاتصال إِلَى عمل السطوح المتوسطة والقائمة والمائلة والمنحرفة. حنين بن إسحاق الطبيب النصراني أبو زيد العبادي كَانَ تلميذاً ليوحنا ماسوية وَكَانَ طبيباً حسن النظر فِي التأليف والعلاج ماهراً فِي صناعة

الكحل وقعد فِي جملة المترجمين لكتب الحكمة واستخراجها إِلَى السرياني وإلى العربي وَكَانَ فصيحاً فِي اللسان اليوناني وَفِي اللسان العربي بارعاً شاعراً خطيباً فصيحاً لسناً ونهض من بغداد إِلَى أرض فارس ودخل البصرة ولزم الخليل بن أحمد حَتَّى برع فِي اللسان العربي وادخل كتاب العين ببغداد واختبر الترجمة وائتمن عَلَيْهَا وَكَانَ المتخير لَهُ المتوكل عَلَى الله وجعل لَهُ كتاباً تحارير عالمين بالترجمة كانوا يترجمون ويصفح مَا ترجموا كاصطفن بن بسيل وموسى بن بسيل وموسى بن خالد الترجماني ويحيى بن هارون وخدم بالطب المتوكل وَكَانَ يلبس الزنار وتعلم لسان اليونانية بأصله وَكَانَ جليلاً فِي ترجمته وهو الَّذِي أصبح معاني كتب بقراط وجالينوس ولخصها أحست تلخيص وكشف مَا استغلق منها وله تآليف نافعة بارعة مثقفة وعمد إِلَى كتب جالينوس فاحتذى حذو الإسكندرانيين وصنفها عَلَى سبيل المسألة والجواب وأحسن فِي ذَلِكَ وله. كتاب فِي المنطق أحسن فِيهِ التقسيم. وألف فِي الأغذية كتاباً عجيباً وله. كتاب فِي تدبير الناقهين فِي الأدوية المسهلة والأغذية عَلَى تدبير الصحة لَمْ يسبقه إِلَيْهِ أحد وله. كناش اختصره من كتاب بواس وألف غيرها كثيراً. وله ولدان أحدهما اسمه داود والثاني اسمه إسحاق فأما إسحاق فخدم عَلَى الترجمة وتولاها وأتقنها وأحسن فِيهَا وَكَانَ نفسه أميل إِلَى الفلسفة وهو ترجم كتاب النفس لأرسطوطاليس تفسير ثامسطيوس وأما داود فكان طبيباً. ومات حنين بالغم من ليلته وذلك أن المتوكل خرج يوماً وبه خمار فقعد مقعده فأخذته الشمس وَكَانَ بَيْنَ يديه الطيفوري النصراني الكاتب وحنين بن إسحاق فقال لَهُ الطيفوري يَا أمير المؤمنين الشمس تضر بالخمار فقال حنين الشمس لا تضر بالخمار فلما تناقضا بَيْنَ يديه قال حنين يَا أمير المؤمنين الخمار حال المخمور فقال المتوكل لقد أحرز حنين من طبائع الألفاظ وتحديد المعاني مَا بان بِهِ عن نظرائه فوجم الطيفوري فلما كَانَ بعد ذَلِكَ اليوم أخرج حنين من كتبه كتاباً فِيهِ صورة المسيح مصلوباً وصوَر ناس من حوله فقتل لَهُ الطيفوري أهؤلاء صلبوا المسيح قال نعم ابصق عليهم قال لا أفعل قال ولِم قال لأنهم ليسوا الذين صلبوا المسيح وإنما هي صور وأشهد عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الطيفوري ورفعه إِلَى المتوكل وسائله إباحة الحكم عَلَيْهِ لديانة النصرانية فبعث إِلَى الجاثليق والأساقفة وسئلوا عن ذَلِكَ فأوجبوا لعنة

حنين فلعن سبعين لعنة بحضرة الملأ من النصارى وقطع زناره وأمر المتوكل أن لا يضل إِلَيْهِ دواء من عند حنين حتى يشرف عَلَيْهِ الطيفوري ويحضر عمله فانصرف إِلَى داره ومات من لينته وقيل مات غماً أَوْ سقى نفسه سماً فهذه قصة موته فجأة والله أعلم. ونسبته إِلَى العباد وهم قوم من النصارى من قبائل شتى اجتمعوا وانفردوا عن الناس فِي قصور ابتنوها لأنفسهم بظاهر الحيرة وتدينوا بدين النصرانية وقالوا نزيد أن نتسمى بعبيد الله ثُمَّ قالوا العبيد اسم يشارك فِيهِ المخلوق الخالق فِي التسمية لأنه يقال عبيد الله وعبيد فلان والعباد اسم اختص الله بِهِ فيقال عباد الله ولا يقال عباد فلان فتسموا بالعباد ومنهم عدي بن زيد العبادي المشهور صاحب القصة مع النعمان بن المنذر. ودخل حنين إِلَى بلاد الروم لأجل تحصيل كتب الحكمة وتوصل فِي تحصيلها غاية إمكانها وأحكم اليونانية عند دخوله إِلَى تِلْكَ الجهات وحصل نفائس هَذَا العلم وعاد يلازم بني موسى ابن شاكر ورغبوه فِي النقل من اللسان اليوناني إِلَى العربي وغرموا عَلَى ذَلِكَ الجمل العظيمة وَلَمْ يزل معظماً مكرماً فِي زمانه مشاراً إِلَيْهِ فِي هَذَا الشأن إِلَى أن توفي يوم الثلاثاء لست خلون من صفر سنة ستين ومائتين وهو أول يوم من كانون الأول سنة ألف ومائة وخمس وثمانين للإسكندر. وله من الكتب الَّتِي ألفها سوى مَا نقله من كتب الحكماء القدماء. كتاب أحكام الأعراب عَلَى مذهب اليونانيين مقالتان. كتاب المسائل فِي الطب للمتعلمين وزاد فِيهَا حبيش الأعسم تلميذه. كتاب الحمام مقالة. كتاب اللين عقلة. كتاب الأغذية ثلاث مقالات. كتاب تقاسيم علل العين مقالة. كتاب اختيار أدوية علل العين مقالة. كتاب مداواة أمراض العين بالحديد مقالة. كتاب آلات الغذاء ثلاث مقالات. كتاب الأسنان واللثة مقالة. كتاب الباء مقالة. كتاب معرفة أوجاع المعدة وعلاجها مقالتان. كتاب تدبير الناقهين مقالة. كتاب المد والجزر مقالة. كتاب السبب الذي صارت لَهُ مياه البحر مالحة. كتاب الألوان مقالة. كتاب المولودين لستة أشهر مقالة عمله لَمْ المتوكل. كتاب فِي البول عَلَى طريق المسألة والجواب ثلاث مقالات. كتاب قاطيغورياس على رأي ثامسطيوس مقالة. كتاب قرص الورد. كتاب القرح

وتولده مقالة. كتاب الآجال مقالة. كتاب تولد الحصاة مقالة. كتاب تولد النار بَيْنَ حجرين مقالة. كتاب اختيار الأدوية المحرقة مقالة. كتاب استخراج كمية كتب جالينوس كتبه إِلَى ابن المنجم .. وَكَانَ إسحاق والد حنين سيد لانيا من أهل الحيرة من ولد العباد الذيت اجتمعوا عَلَى النصرانية فلما نشأ حين أحب العلم فدخل بغداد وحضر مجلس يوحنا بن ماسوية وجعل يخدمه ويقرأ عَلَيْهِ وَكَانَ حنين صاحب سؤال وَكَانَ يصعب عَلَى يوحنا فسأله حنين فِي بعض الأيام مسألة مستفهم فجرد يوحنا وقال مَا لا هل الحيرة والطب عَلَيْكَ ببيع الفلوس فِي الطريق وأمر بِهِ فأخرج من داره فخرج حنين باكياً وهذا عمله يوحنا لأن هؤلاء الجند يسابوريين كانوا يعتقدون أنهم أهل هَذَا العلم ولا يخرجونه عنهم وعن أولادهم وجنسهم وغاب حنين سنين ثُمَّ ذكر يوسف الطبيب أنه كَانَ يوماً عند إسحاق بن الحسين حَتَّى يصر بإنسان لَهُ شعر قَدْ ستر وجهه عنه ببعضها وهو يمشي وينشد شعراً بالرومية لا وميرس الشاعر قال يوسف الطبيب فشبهن نغمته بنغمة صبي كنت أعرفه فصحت بِهِ فأجاب وقال ذكر يوحنا ابن الفاعلة أنه كَانَ من المحال أن يتعلم الطب عبادي فإنا برئ من دين النصرانية إن رضيت أن أنعم الطب حَتَّى أحكم إنسان يوناني وأنا أسألك أن تستر أمري فبقيت منذ ثلاث سنين لَمْ أره ثُمَّ دخلت يوماً عَلَى جبرائيل ابن بختيشوع فوجدت عنده حنيناً وَقَدْ ترجم لَهُ أقساماً قسمها بعض الروم فِي كتاب من كتب التشريح لجالينوس وجبرائيل يخاطبه بالتبجيل فأعظمت مَا رأيت وتبين ذَلِكَ جبرائيل مني فقال لي لا تستكثر هَذَا مني فِي أمر هَذَا الفتى فوالله لئن مد لَهُ فِي العمر ليفضحن سرجيس وسرجيس هَذَا هو الرأس عيني ممن نقل علوم اليونانيين إِلَى السرياني وخرج حنين من عنده ثُمَّ خرجت فإذا حنين قائم ينتظرني فقال لي قَدْ كنت سألتك ستر أمري وأنا الآن أسألك إظهار مَا سمعت من أبي عيسى جبرائيل فقلت لَهُ أخبر يوحنا مَا سمعت من مدحك فأخرج من كمه نسخة وقال تدفع هَذَا إِلَى يوحنا فإذا رأيته قَدْ اشتد إعجابه بِهَا أعلمه أنها إخراجي ففعلت ذَلِكَ من يومي فلما قرأ يوحنا تِلْكَ الفصول وهي المسماة بالجوامع كثر تعجبه وقال ترى أوحى الله تعالى فِي دهرنا إِلَى أحد فقلت لَهُ كيْفَ قال هَذَا إِلاَّ

إخراج مؤيد بروح القدس فقلت هَذَا إخراج حنين بن إسحاق الَّذِي طردته من مجلسك وأمرته أن يبيع فلوساً وحدثته بما سمعته من جبرائيل فتحير وسألني التلطف فِي إصلاح مَا بينهما ففعلت ذَلِكَ فأفضل عَلَيْهِ يوحنا وأحسن إِلَيْهِ. ولم يزل أمره يقوى وعلمه يتزايد وعجائبه تطهر فِي النقل والتفاسير حَتَّى صار ينبوعاً للعلوم ومعدناً للفضائل فلما انتشر ذكره بَيْنَ الأطباء اتصل خبره بالخليفة فأمر بإحضاره ولما حضر أقطع إقطاعاً سنياً وقرر لَهُ جارٍ جيد وَكَانَ الخليفة يسمع علمه ولا يأخذ بقوله دواء يصفه حَتَّى يشاور غيره وأحب امتحانه ليزيل مَا فِي نفسه عَلَيْهِ إذ ظن أن ملك الروم ربما كَانَ قَدْ عمل شيئاً من الحيلة فاستدعاه وأمر بأن يخلع عَلَيْهِ وأخرج توقيعاً لَهُ فِيهِ إقطاع يشتمل عَلَى خمسين ألف درهم فشكر حنين هَذَا الفعل ثُمَّ قل لَهُ بعد أشياء جرت أريد أن تصف لي دواء يقتل عدواً تريد قتله وَلَيْسَ يمكن إشهار هَذَا وتريده سراً فقال حنين مَا تعلمت غير الأدوية النافعة ولا علمت أن أمير المؤمنين يطلب مني غيرها فإن أحب أن أمضي وأتعلم فعلت فقال هَذَا شيء يطول ورغبه وهدده وهو لا يزيد عَلَى مَا قال إِلَى أن أمر بحبسه فِي بعض القلاع ووكل بِهِ من يرفع خبره إِلَيْهِ وقتاً بوقت فحبس سنة وَكَانَ ينقل ويفسر ويصنف وهو غير مكترث بما هو فِيهِ ولما كَانَ بعد سنة أمر الخليفة بإحضاره وإحضار أموال يرغبه فِيهَا وإحضار سيف وقطع وسائر آلات العقوبات ولما حضر قال هَذَا شيء قَدْ طال ولا بد لي مما قلته لَكَ فإن أنعمت فزت بهذا المال وَكَانَ لَكَ عندي إضعافه وإن امتنعت عاقبتك وقتلتك فقال حنين قَدْ قلت لأمير المؤمنين إنني مَا أحسن غير الشيء النافع ولا تعلمت غيره قال الخليفة فإنني أقتلك فقال حنين إِلَى رب يأخذ بحقي غداً فِي الموقف الأعظم فإن اختار أمير المؤمنين أن يظلم نفسه فتبسم الخليفة وقال لَهُ يَا حنين طب نفساً وثق بنا فهذا الفعل منا كَانَ لامتحانك لأننا حذرنا من كيد الملوك فأردنا الطمأنينة إِلَيْكَ والثقة بك لننفع بعلمك فقبل حنين الأرض وشكر لَهُ فقال الخليفة مَا الَّذِي منعك من الإجابة مع مَا رأيته من صدق الأمر منا فِي الحالين قال حنين شيئان يَا أمير المؤمنين قال وَمَا هما قال الذين والصناعة قال وكيف قال الذين يأمرنا باستعمال الخير والجميل مع أعدائنا فكيف ظنك بالأصدقاء والصناعة

تمنعنا من الأضرار بأبناء الجنس لأنها موضوعة لنفعهم ومقصورة عَلَى معالجتهم ومع هَذَا فقد جهل فِي رقاب الأطباء عهد مؤكد بإيمان مغلظة أن لا يعطوا دواء قتالاً فلم أر أن أخالف هذين الأمرين الشريفين ووطنت نفسي عَلَى القتل فإن الله تعالى مَا كَانَ يضيع لي بذل نفسي فِي طاعته فقال الخليفة أنهما شرعان جليلان وأمر بالخلع فأفيضت عَلَيْهِ وحمل المال معه فخرج وهو أحسن الناس حالاً وجاهاً فانظر إِلَى ثمرة الدين والعلم مَا أحلاهما وأحسن منظرهما وفخرهما جعلنا الله وإياك من الشاكرين بهما والمثابين عليهما. حبيش بن الحسن الأعسم كَانَ نصرانياً أحد تلاميذ حنين والناقلين من اليوناني إِلَى السرياني إلى العربي وَكَانَ حنين يقدمه ويعظمه ويصفه ويرضى نقله وقيل من جملة سعادة حنين صحبة حبيش لَهُ فإن أكثر مَا نقله حبيش نسب إِلَى حنين وكثيراً مَا يرى الجهال شيئاً من الكتب القديمة مترجماً بنقل حبيش فيغان الغر منهم أن الناسخ أخطأ فِي الاسم ويغلب عَلَى ظنه أنه حنين وَقَدْ صحف فيكشطه ويجعله لحنين. ولحبيش هَذَا من التصانيف سوى مَا خرجه من اليوناني إِلَى العربي. كتاب الزيادة فِي المسائل الَّتِي لحنين. حنون النصراني الزهاوي الطبيب قرأ الطب عَلَى أطباء الرها ورحل إِلَى ديار بكر فلقي من كَانَ بِهَا بآمد وميافارقين من الحكماء ثُمَّ خدم الناس بطبه وتنقل فِي البلاد بصناعته ورحل إِلَى مملكة قلج أرسلان بن مسعود بن قلج أرسلان بن سليمان ابن قتلمش بن إسرائيل بن سلجوق فخدم أمراء دولته ثُمَّ خرج عن تِلْكَ الديار تِلْكَ ديار بكر وخدم من حصل هناك من البيت الشاه الأرمني وَقَدْ جاء بعده من هزار ديناري ومن خلفه ثُمَّ الداخلين عَلَى تِلْكَ الديار من البيت الأيوبي ورجع إِلَى الرها ثُمَّ جاء إِلَى حلب وقضى نحبه بحلب فِي سنة خمس عشرة وستمائة. الحقير النافع هَذَا جرائحي مصري يهودي كَانَ فِي زمن الحاكم ومن ظريف أمره أنه كَانَ يرتزق بصناعة مداواة الجراح فِي غاية الخمول واتفق أن عرض لرجل الحاكم عقر زمن وَلَمْ يبرأ وَكَانَ ابن مقشر طبيب الحاكم

والحظي عنده وغيره من أطباء الخاص المشاركين لَهُ يتولون علاجه فلا يؤثر ذَلِكَ إِلاَّ شراً فِي العقر فأحضر لَهُ هَذَا اليهودي فلما رآه طرح عَلَيْهِ دواء يابساً فنشفه وشفاه فِي ثلاثة أيام فأطلق لَهُ ألف دينار وخلع عَلَيْهِ ولقبه بالحقير النافع وجعله من أطباء الخاص. الحكم بن أبي الحكم الدمشقي الطبيب هَذَا طبيب كَانَ فِي صدر الدولة العباسية وَكَانَ من المعمرين وأبوه أبو الحكم كَانَ طبيباً فِي صدر الإسلام وسيره بن أبي سفيان مع ولده يزيد طبيباً إِلَى مكة عندما سير يزيد أميراً عَلَى الحج فِي أيامه قال الحكم هَذَا خرج أبي مع يزيد بن معاوية إِلَى مكة طبيباً وخرجت أنا مع عبد الصمد بن علي ابن عبد الله بن العباس طبيباً إِلَى مكة وبين وفاة يزيد بن معاوية وعبد الصمد بن علي مائة ونيف وعشرون سنة والحكم هَذَا هو والد عيسى بن الحكم الطبيب المشهور وتوفي الحكم هَذَا بدمشق وعبد الله بن طاهر يومئذ بدمشق فِي سنة عشر ومائتين فطلب عبد الله متطببيه فِي وقت غذائه فلم يصب أحداً منهم فسأل عنهم فأخبر بوفاة الحكم وحضورهم جنازته فعاتب عبد الله متطببه أيوب بعد منصرفه عَلَى تركه حضور طعامه فاعتذر أيوب بوفاة الحكم وأعلمه أنه مَا يعرف أحداً بلغ من السن فلم يتغير عقله وَلَمْ ينقص علمه غيره فسأله عبد الله عن سنه فأعلمه أنه عمر مائة سنة وخمس سنين فقال عبد الله عاش الحكم نصف التاريخ. وقال عيسى بن الحكم ركبت مع أبي الحكم فِي مدينة دمشق فاجتزنا بحاثوت حجام قَدْ وقف عليه بشر كثير فلما بصر بنا بعض الجماعة قالوا أفرجوا هَذَا الحكم المتطبب وعيسى ابنه فلما أفرج القوم فإذا برجل فد فصده الحجام فِي العرق الباسليق فصداً واسعاً وَكَانَ الباسبيق عَلَى الشريان فلم يحسن الحجام أن يعلق العرق فأصاب الشريان وَلَمْ يكن عند الحجام حيلة فِي قطع الدم فاستعملنا الحيلة فِي قطعه بالرفائد ونسج العنكبوت والوبر فلم ينقطع فسأل الحكم ولده عيسى مَا الحيلة فأعلمه أن لا حيلة عنده قال عيسى فدعا أبي بفستقة مشقوقة فأمر بفتحها وطرح مَا فِيهَا ثُمَّ أخذ أحد نصفي القشرة فجعله عَلَى موضع الفصد ثُمَّ أخذ حاشية كتان غليظ فلف

بِهَا موضع الفصد عَلَى قشر الفستقة لفاً شديداً كَانَ يستغيث المتفصد من شدته ثُمَّ شد ذَلِكَ بعد اللف شداً شديداً وأمر بحمل الرجل إِلَى نهر بردى فأدخل يده فِي الماء ووطأ لَهُ عَلَى شط النهر ونومه عَلَيْهِ وأمر فحسامّحات بيض ووكل بِهِ تلميذين من تلاميذه وأمرهما بمنعه من إخراج يده من موضع الفصد من الماء إِلاَّ عند وقت الصلاة أَوْ يتخوف عَلَيْهِ الموت من شد البردة فإن تخوف أذنا لَهُ فِي إخراج يده هنيهة ثُمَّ أمراه بردها ففعلا ذَلِكَ إِلَى الليل ثُمَّ أمر بحمله إِلَى منزله ونهاه عن تغطية موضع الفصد وعن حل الشد فيل استتمام خمسة أيام ففعل ذَلِكَ إِلاَّ أنه سار إِلَيْهِ فِي اليوم الرابع وَقَدْ ورم عضده وذراعه ورماً شديداً فنفس من الشد شيئاً يسيراً وقال الرجل الورم أسهل من الموت فلما كَانَ فِي اليوم الخامس حل الشد فوجدنا قشر الفستقة ملتصقاً بلحم الرجل فقال والدي للرجل بهذا نجون من الموت وإن قلعت هَذَا القشر قبل انخلاعه وسقوطه من غير فعل منك تلفت نفسك قال عيسى فسقط القشر فِي اليوم السابع وبقي فِي مكانه دم يابس فِي خلقة الفستقة فنهاه أبي عن العبث بِهِ أَوْ حك مَا حوله أَوْ فت شيء من ذَلِكَ الدم فلم يزل ذَلِكَ الدم يتحات حَتَّى انكشف موضع الفصد فِي أكثر من أربعين ليلة وبرأ الرجل.

حرف الخاء المعجمة في أسماء الحكماء

حرف الخاء المعجمة فِي أسماء الحكماء الخاقاني المنجم وَكَانَ موصوفاً بعلم النجوم وتسييرها وحل أزياجها والكلام عَلَى طبائعها وأحكام الحوادث الصادرة عنها وَلَهُ اشتهار بذلك توفي فِي العشر الثالث من سني المائة الخامسة للهجرة.

حرف الدال المهملة في أسماء الحكماء

حرف الدال المهملة فِي أسماء الحكماء دياقرطيس كَانَ فيلسوفاً فِي وقته من فلاسفة يونان وتكلم فِي الإلهيات وصنف فِي ذَلِكَ كتاباً لديمقراطيس فِي إثبات الصانع ذكر ذَلِكَ يحيى بن عدي. ديمقراطيس طبيب يوناني قديم عالم معالج حكيم مشهور فِي زمانه وَكَانَ قَدْ ركب لنفسه شراباً حفظ بِهِ مزاجه من الأمراض طول حياته وهو شراب نافع لضعف الكبد والمعدة وغلظ الطحال وفساد المزاج البارد وَقَدْ ذكر شابور اقرابا ذينة أخلاطه. داود المنجم كَانَ هَذَا بالعراق فِي الدولة البويهية مقدماً فِي صناعة النجوم وحل الأزياج وتسيير الكواكب قيماً بالأحكام مشهوراً بالكلام فِي علم الحدثان لَهُ تقدم فِي الدولة توفي فِي حدود سنة ثلاثين وأربعمائة.

حرف الذال المعجمة في أسماء الحكماء

حرف الذال المعجمة فِي أسماء الحكماء ذومقراطيس فيلسوف يوناني صاحب مقالة فِي الفلسفة متصدر فِي زمانه لإفادة هَذَا الشأن بأرض يونان وقوله مذكور فِي مدارس علومهم هناك وَقَدْ ذكره المترجمون ونقلوا أقاويله وهو القائل بانحلال الأجسام إِلَى جزء لا يتجزأ وَلَهُ فِي ذَلِكَ تآليف نقلها المترجمون إِلَى السريانية ثُمَّ إِلَى العربية ورسائل حسنة مهذبة وَكَانَ فِي زمن سقراط وَكَانَ نسبه رومياً إغريقياً كذا ذكر ابن جلجل. ذيوجالس الكلابي هَذَا فلسوف معروف مشهور الذكر فِي أرض يونان وهو من جملة أصحاب الفرق السبع من فرق حكماء يونان الذين ذكرنا نسب أسمائهم فِي ترجمة أفلاطون وَكَانَ ذيوجالس هَذَا قَدْ راض أصحابه برياضة فارق فِيهَا اصطلاح أهل المدن فِي إطراح التكلف الَّذِي اقتضاه الإصلاح فكان أحدهم يتغوط غير مستتر عن الناس وينكح فِي الطريق إِذَا أراد استنزال الماء الفاسد ويقبل الحسناء من النساء قدام الجمع يأتيه غير متوقف ويقول فيما يأتيه من ذَلِكَ لا يخلو إما أن يكون مَا تفعله قبيحاً عَلَى الإطلاق فلا يحسن فِي موضع دون موضع وَعَلَى صورة وإن كَانَ مما يحسن فِي موضع دون موضع وَعَلَى صورة غير صورة فهذا أمر اصطلاحي لا ضروري فلا أقف معه وزادوا عَلَى ذَلِكَ أنهم كانوا يحبون من قرب منهم ويكرهون من بعد عنهم فقال أهل الزمان الذين كانوا فِيهِ هَذِهِ الأفعال تشبه أفعال الكلاب فسموهم بذلك وَقَدْ جاءت فِي زماننا هَذَا فرقة من فرق البطالين فعلوا مثل ذَلِكَ وتسموا

بأصحاب الملامة أي أنهم يأتون من الأفعال الخارجة عن الاصطلاح مَا يلامون عَلَيْهِ وَكَانَتْ فلسفة ذيوجالس من الفلسفة الأولى الَّتِي لَمْ تتحقق قواعدها. ذياسقوريذوس العين زربي حكيم فاضل كامل من أهل مدينة عين زربة شامي يوناني حشائشتي كَانَ بعد بقراط وفسر من كتبه كثيراً وهو أعلم من تكلم فِي أصل علاج الطب وهو العلامة فِي العقاقير المفردة وتكلم فِيهَا عَلَى سبيل التجنيس والتنويع وَلَمْ يتكلم فِي الدرجات وألف. كتاب الخمس مقالات قال جالينوس تصفحت أربعة عشر مصحفاً فِي الأدوية المفردة لأقوام شتى فما رأيت فِيهَا أتم من كتاب ذياسقوريذوس وعليه احتذى كل من احتذى بعده وخلد فِيهَا منّي نافعاً وعلماً جماً. ومعنى اسمه فِي اليونانية شجار الله لأن ذيلاسقوريذوس الله أي ملهم الله عَلَى القول فِي الأشجار والحشائش وَلَهُ فِي السمائم. كتابان مقالتان أتي فيهما بقول حسن وَكَانَ ذياسقوريذس هَذَا يهال لَهُ السائح فِي البلاد ويحيى النحوي الإسكندراني يمدحه فِي كتابه فِي التاريخ ويقول تفديه الأنفس صاحب النفس الزكية النافع للناس المنفعة الجليلة المتعوب المنصوب السائح فِي البلاد المقتبس لعلوم الأدوية المفردة من البراري والجزائر والبحار والمصور لَهَا المعدد لمنافعها ويقال أن المقالتين المضافتين إِلَى الخمس مقالات محلتا إِلَيْهِ. ذروئيوس رياضي رومي مذكور لَهُ يد طولى فِي علم الأفلاك والأحكام النجومية وتصانيف مشهورة عند أهل هَذَا النوع فمن تصانيفه. كتاب الخمسة يحتوي عَلَى عدة كتب الأول فِي المواليد والثاني فِي التواريخ والأدوار والثالث فِي الهيلاج والكدخداه والرابع فِي تحويل سني المواليد

والخامس فِي ابتداء الأعمال والكتاب السادس والكتاب السابع فِي المسائل والمواليد وَلَهُ الكتاب السادس عشر فِي تحويل سني المواليد وهذه الكتب فسرها عمر بن الفرخان الطبري. يوفنطس اليوناني الإسكندراني فاضل كامل مشهور فِي وقته وتصليفه وهو صناعة الجبر كتاب مشهور مذكور خرج إِلَى العربية وعليه عمل أهل هَذِهِ الصناعة وإذا تبحره الناظر رأي بحراً فِي هَذَا النوع. ذيسقوريذس الكحال يقال أنه أول من انفرد واشتهر بصناعة الكحل ذكره ابن بختيشوع فِي تاريخه وَلَمْ يزد عَلَى ذَلِكَ. ذو النون بن إبراهيم الإخميمي المصري من طبقة جابر بن حيان فِي انتحال صناعة الكيمياء وتقلد علم الباطن والأشراف عَلَى كثير من علوم الفلسفة وَكَانَ كثير الملازمة لبرّباً بلدة إخميم فإنها بيت من بيوت الحكمة القديمة وفيها التصاوير العجيبة والمثالات الغريبة الَّتِي تزيد المؤمن إيماناً والكافر طغياناً ويقال أنه فتح عَلَيْهِ علم مَا فِيهَا بطريق الولاية وَكَانَتْ لَهُ كرامات.

حرف الراء المهملة في أسماء الحكماء

حرف الراء المهملة فِي أسماء الحكماء روفس حكيم طبائعي خبير بصناعة الطب فِي وقته متصدر للتعليم والمعاناة للطب وَلَهُ فِي ذَلِكَ تصانيف وآراء إِلاَّ أنه كَانَ ضعيف النظر مدخول الأدلة وَكَانَ قديم العهد من مدينة أفسس قبل جالينوس ردّ عَلَيْهِ أكثر أقواله أرسطوطاليس فِي كتبه الطبيعيات وردّ عَلَيْهِ جالينوس أيضاً مثل ذَلِكَ وأقاموا الحجج الواضحة عَلَى غلطه والبراهين المحققة عَلَى خطأه وسهوه وَلَمْ تكن الصناعة تحققت فِي زمنه تحققها فِي زمن هذين الفاضلين وَلَهُ تصانيف كثيرة فِي الطب نقلت إِلَى العربية. رَوْشَمْ المصري هَذَا الرجل كَانَ بمصر قبل الإسلام وهو قيم بعلوم الكيمياء وأصولها وتفضيلها وأحكام أمر تركيبها وإبانة الأدلة عَلَى وجودها وَلَهُ فِي ذَلِكَ كتب جليلة مشهورة عند علماء هَذَا النوع يتنافسون فِي تحصيلها والظفر بِهَا. رزق الله المنجم النحاس المصري قال أبو الصلت أمية هو رجل يعرف برزق الله النحاس وَلَهُ فِي فروع النجامة بعض دربة وبتجرباتها بعض خبرة وهو شيخ أكثر المنجمين بمصر وكبيرهم الَّذِي علمهم السحر فجميعهم إِلَيْهِ منسوب وَفِي جريدته مكتوب وبفضله معترف وهو شيخ مطبوع يتطايب. ومن حكاياته الظريفة عن نفسه قال سألتني امرأة مصرية أن أنظر لَهَا فِي مسألة تخصها فأخذت ارتفاع الشمس للوقت وحققت درجة الطالع والبيوت الاثني عشر ومراكز الكواكب ورسمت ذَلِكَ كله بَيْنَ يدي فِي تخت الحساب وجعلت أتكلم عَلَى بيت بيت منها عَلَى العادة وهي ساكتة فوجمت لذلك وأدركتني فترة وَكَانَتْ قَدْ ألقت إليّ درهماً قال فعاودت الكلام وقلت أرى عَلَيْكَ قطعاً من بيت مالك فاحتفظي واحترمي فقالت الآن أصبت وصدقت

قَدْ كَانَ والله مَا ذكرت قلت وهل ضاع لَكَ شيء قالت نعم الدرهم الَّذِي ألقيت بِهِ إِلَيْكَ وتركتني وانصرفت. ربن الطبري الطبيب اليهودي المنجم هَذَا رجل من أهل طبرستان كَانَ حكيماً طبيباً عالماً بالهندسة وأنواع الرياضة وحل كتباً حكمية من لغة إِلَى لغة أخرى وَكَانَ ولده علي طبيباً مشهوراً انتقل إِلَى العراق وسكن سر من رأى وربن هَذَا كَانَ لَهُ تقدم فِي علم اليهود والربن والربين والراب أسماء لمقدمي شريعة اليهود وسئل أبو معشر عن مطارح الشعاع فذكرها وساق الحديث إِلَى أن قال أن المترجمين لنسخ المجسطي المخرجة من لغة يونان مَا ذكروا الشعاع ولا مطارحه ولا يوجد ذَلِكَ إِلاَّ فِي النسخة الَّتِي ترجمها ربن المتطبب الطبري وَلَمْ يوجد فِي النسخ القديمة مطرح شعاع بطليموس وَلَمْ يعرفه التراجمة.

حرف الزاء المعجمة في أسماء الحكماء

حرف الزاء المعجمة فِي أسماء الحكماء زكريا الطيفوري هَذَا ولد إسرائيل متطبب الفتح بن خلقان وَكَانَ فِي خدمة الافشيين وحكى حكاية أسندها إِلَى أحمد بن موسى المنجم أنه اجتمع فِي بعض الأوقات مع أصدقاء لَهُ عَلَى قصد بستان بقطربل والمقام فِيهِ ففعلوا فأكلوا وشربوا وتوسطوا شربهم إذ دخل عليهم صديق من بغداد فأكل بقية وابتدأ بالشرب فحين شرب أقداحاً سقط ميتاً من أمره واتهموا الطعام والشراب وقلبوا الدن الذين كانوا يشربون والرجل منه فوجدوا أفعى قَدْ انتفخت فِيهِ ولما فه ولما مضى عليهم ثلاث ساعات وَلَمْ يصبهم شيء علموا أنهم ق تخلصوا وفكروا فِي أمرهم فإذا قَدْ أكلوا فِي صدر نهارهم عند دخولهم البستان من التفاح الجلفت شيئاً كثيراً فسلموا لذلك وسمع هَذَا الحديث يوحنا تلميذ جهاز بخت فحكى عن أستاذه أنه قال التفاح الجلفت شفاء من الأفاعي والحيات بنواحي خراسان فإنهم يتخذونه فِي وقته ويصيرونه فِي سمن البقر ويعالجون بِهِ كما يعالج بالترياق قال وهو ذا يستعمله أهل عسكر مكرم فِي لسع الجرور وظهر هَذَا بالعراق وصار دواء مقاوماً للسموم وذكر اللبوس فِي كتابه خواص الحيوان أن الأيل إِذَا أكل حية يخشى سمها عند إِلَى شجرة التفاح الجلفت فيأكل منها فيسلم وذكر زكريا الطيفوري قال كنت مع الافشيين فِي معسكره وهو فِي محاربة بابك فلما بلغت القراءة بالقارئ إِلَى موضع الصيادلة قال لي يَا زكريا ضبط هؤلاء الصيادلة عندي أولى مما تتقدم فِيهِ فامتحنهم حَتَّى تعرف منهم من الناصح ومن غير الناصح ومن لَهُ دين ومن لا دين لَهُ فقلت أعز الله الأميران يوسف لقوة الكيميائي كَانَ يدخل عَلَى المأمون كثيراً ويعمل بَيْنَ يديه فقال لَهُ يوماً ويحك يَا يوسف لَيْسَ فِي الكيمياء شيء فقال بلى يَا أمير

المؤمنين الصيدلان لا يطلب منه شيء من الأشياء كَانَ عنده أَوْ لَمْ يكن اأخبر بأنه عنده ودفع إِلَى طالبه شيئاً من الأشياء التي عنده وقال هَذَا الَّذِي طلبت فإن رأي أمير المؤمنين أن يضع اسماً من الأسماء لا يعرف ويوجه إِلَى جماعة من الصيادلة فِي طلبه لابتياع فليفعل فقال المأمون قَدْ وضعت الاسم وهو شفطيثا وشفطيثا ضيعة من الضياع بقرب مدينة السلام فسير المأمون جماعة إِلَى الصيادلة يسألهم عن شفطيثا فكل ذكر أنه عنده وأخذ الثمن ودفع شيئاً من حانوته فصاروا إِلَى المأمون بأشياء مختلفة فمنهم من أتى بقطعة حجر ومنهم من أتى بقطعة وتد ومنهم من أتى ببعض البزور فاستحسن المأمون نصح يوسف لقوة عن نفسه قال زكريا للافشين فإن رأى الأمير أن يمتحن هؤلاء الصيادلة بمثل محنة المأمون فليفعل فدعا الافشين بدفتر من دفاتر الأسروشنية فأخرج منه نحواً من عشرين اسماً ووجه إِلَى الصيادلة من يطلب منهم أدوية مسماة بتلك الأسماء لبعض أنكرها وبعض ادعى معرفتها وأخذ الدراهم من الرسل ودفع إليهم شيئاً من حانوته فأمر الافشين بإحضار جميع الصيادلة فمن أنكر معرفة تِلْكَ الأسماء أذن لهم فِيهَا بالمقام فِي معسكره ونفى الباقين عن المعسكر ونادى فِي معسكره بذلك وكتب إِلَى المعتصم يلتمس بعثه إِلَيْهِ بصيادلة لهم أديان ومتطببين مثل ذَلِكَ فاستحسن المعتصم فعله ووجه إِلَيْهِ بمن سأل.

حرف السين المهملة في أسماء الحكماء

حرف السين المهملة فِي أسماء الحكماء سليمان بن حسان الطبيب الأندلسي المعروف بابن جلجل ذكي لَهُ تفرد بصناعة الطب وَلَهُ ذكر فِي عصره ومصره وَكَانَ لَهُ تطلع عَلَى علوم الأوائل وأخبارهم وَلَهُ تصنيف صغير فِي تاريخ الحكماء لَمْ يشف فِيهِ عليلاً وكيف وَقَدْ أورد من الكثير قليلاً ومع هَذَا فقد كَانَ حسن الإيزاد. سنان بن الفتح من أهل حران كَانَ مقدماً فِي صناعة الحساب والأعداد مشهور فِي زمانه بذلك وصنف فِي ذَلِكَ تصانيف مشهورة. سنان بن ثابت بن قرة الحراني أبو سعيد كَانَ طبيباً مقدماً كأبيه وَكَانَ طبيب المقتدر خصيصاً بِهِ ثُمَّ خدم القاهر وإليه يرجع وَعَلَى وصفه يعتمد قَدْ سكنت نفسه إِلَيْهِ ووثق بِهِ بعنايته ولكثرة اغتباط القاهر بِهِ أراده عَلَى الإسلام فامتنع امتناعاً كثيراً فتهدده القاهر فخافه لشدة سطوته فأسلم وأقام مدة ثُمَّ رأى من القاهر أنه إِذَا أمره أمراً أخافه فانهزم إِلَى خراسان وعاد وتوفي ببغداد مسلماً فِي سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة وَكَانَ أمره قَدْ ظهر فِي أيام المقتدر وعظمت منزلته حَتَّى صار رئيساً عَلَى الأطباء. وَفِي سنة تسع عشرة وثلاثمائة اتصل بالمقتدر أن رجلاً من الأطباء غلط عَلَى رجل فمات فأمر بإبطيحة محتسبه بمنع جميع الأطباء إِلاَّ من امتحنه سنان وكتب لَهُ رقعة بما يطلق لَهُ التصرف فِيهِ من الصناعة وأمر سناناً بامتحانهم وان

يطلق لكل واحد منهم مَا يصلح أن يتصرف فِيهِ من الصناعة وبلغ عددهم فِي الجانبين من بغداد ثمانمائة ونيفاً وستين رجلاً سوى من استغنى عن امتحانه باشتهاره بالتقدم فِي الصناعة وسوى من كَانَ فِي خدمة السلطان ومن ظريف مَا جرى فِي امتحان الأطباء أنه أحضر إِلَى سنان رجل مليح البزة والهيئة ذو هيبة ووقار فأكرمه سنان عَلَى موجب منظره ورفعه وصار إِذَا جرى أمر التفت إِلَيْهِ وَلَمْ يزل كذلك حَتَّى انقضى شغله فِي ذَلِكَ اليوم ثُمَّ التفت إِلَيْهِ سنان فقال قَدْ اشتهيت أن أسمع من الشيخ شيئاً أحفظ عنه وأن يذكر شيخه فِي الصناعة فأخرج الشيخ من كمه قرطاساً فِيهِ دنانير صالحة ووضعها بَيْنَ يدي سنان وقال مَا أحسن أن أكتب ولا أقرأ ولا قرأت شيئاً جملة ولي عيال ومعاشي دار دائرة وأسألك أن لا تقطعه عني فضحك سنان وقال عَلَى شريطة أنك لا تهجم علي مريض لما لَمْ تعلم ولا تشير بفصد ولا بدواء مسهل إِلاَّ لما قرب من الأمراض قالا الشيخ هَذَا مذهبي مذ كنت وأحضر إِلَيْهِ غلام شاب حسن البزة مليح الوجه ذكيّ فنظر إِلَيْهِ سنان وقال لَهُ علي من قرأت قال علي أبي قال ومن أبوك قال الشيخ الَّذِي كَانَ عندك بالأمس قال نعم الشيخ وأنت مذهبه قال نعم قال لا تتجاوزه وانصرف مصاحباً. ومن أخباره أنه لما مات الراضي استدعي بجكم سناناً وَكَانَ بواسط العراق وسأله الانحدار إِلَيْهِ وَلَمْ يتمكن من الطلوع فِي ذَلِكَ قبل موت الراضي لملازمة سنان بخدمته فانحدر إِلَيْهِ وأكرمه ووصله وقال لَهُ أريد أن أعتمد عَلَيْكَ فِي تدبيري وتفقد جسمي والنظر إِلَى مصالحه وَفِي أمر أخلاقي لثقتي بعقلك وفضلك ودينك ومروءتك فقد غلبني الغضب وغمني ذَلِكَ حَتَّى أنني أخرج إِلَى مَا أندم عَلَيْهِ عند سكوته من ضرب أَوْ قتل وأسألك أن تتفقد عيوبي وتصدقني فِيهَا وترشدني إِلَى علاجها لتزول عني فقال سنان إنما بحيث يأمر الأمير ولكن أنك أَيُّها الأمير قَدْ أصبحت وَلَيْسَ فَوْقَ يدك يد لأحد من المخلوقين وإنك مالك لكل مَا تريده قادر عَلَيْهِ أي وقت أردته ولا يمكن لأحد منعك والغضب والغيظ يحدثان سكراً أشد من سكر النبيذ وكما أن الإنسان يفعل فِي سكره مَا لا يقوله ولا يذكره إِذَا صحا ويندم عَلَيْهِ إِذَا حدث بِهِ استحياء كذلك يحدث لَهُ ي سكر الغضب والغيظ بل اشد فإذا بدأ بك

الغضب وحسست بِهِ فضع فِي نفسك قبل أن يشتد ويقوى ويخرج الأمر من يدك أن تؤخر العقوبة إِلَى غد واثقاً بأم مَا تريد أن تعمله فِي الوقت لا يفوتك عمله فِي غد وَقَدْ قيل من لَمْ يخف فوتاً حلم فإنك إِذَا فعلت ذَلِكَ ذهب السكر وتمكنت من العقل والرأي الصحيح وَقَدْ قيل أصح مَا يكون الإنسان رأياً إِذَا استدبر ليله واستقبل نهاره فإذا صحوت من سكرك الغضبى فتأمل الَّذِي أغضبك ولا تشف غضبك بما يؤتمك فقد قيل مَا شفى غيظه من إثم بذنبه واذكر قدرة الله عَلَيْكَ وإنك محتاج إِلَى عفوه ورحمته وخاصة فِي أوقات الشدائد واذكر دائماً قوله تعالى وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم وقوله تعالى وإن تعفوا أقرب للتقوى فإن أوجبت الحال العفو فاعف وإن أوجبت العقوبة كَانَ الأمر إِلَيْكَ ولا تتجاوز قدر العقوبة فِي الذنب فيذهب ويقبح فِي الناس ذكرك وإذا أخذت نفسك بهذه مرة وثانية وثالثة صارت بعد ذَلِكَ سجية لَكَ وعادة فاستحسن بحكم ذَلِكَ منه وَلَمْ يزل يصلح أخلاقه شيئاً فشيئاً حَتَّى صلحت واستقامت واستطابت فعل الخير ودفع الظلم والجور وبأن لَهُ أن العدل أربح للسلطان فعمل بواسط وقت المجاعة دار ضيافة وببغداد مارستانا وأكرم سناناً غاية الإكرام وعظمة نهاية التعظيم. وَكَانَتْ منزلة سنان كبيرة عند المراء والوزراء فمن ذَلِكَ أن الوزير علي بن عيسى بن الجراح وقع إِلَيْهِ فِي سنة كثرت فِيهَا الأمراض والوباء توقيعاً نسخته فكبرت مد الله فِي عمرك فِي أمر من فِي الحبوس وانهم لا يخلون مع كثرة عددهم وجفاء أماكنهم أن تنالهم الأمراض وهم معوقين من التصرف فِي منافعهم ولقاء من يشاورونه من الأطباء فِي أمراضهم فينبغي أكرمك الله أن تفرد لهم أطباء يدخلون إليهم فِي كل يوم ويحملون معهم الأدوية والأشربة وَمَا يحتاجون إِلَيْهِ من المزورات وتتقدم إليهم بأن يدخلوا سائر الحبوس ويعالجوا من فِيهَا من المرضى ويريحوا عالمهم فيما يصفونه لهم إن شاء الله تعالى ففعل سنان ذَلِكَ ثُمَّ وقع إِلَيْهِ توقيعاً آخر فكرت فيمن بالسواد من أهله وأنه لا يخلو من أن يكون فِيهِ مرضى لا يشرف متطبب عليهم لخلو السواد من الأطباء فتقدم مد الله فِي عمرك بإنفاذ متطببين وخزانة من الأدوية والأشربة يطوفون فِي السواد

ويقيمون فِي كل صقع منه مدة مَا تدعو الحاجة إِلَى مقامهم ويعالجون من فِيهِ ثُمَّ ينقلون إِلَى غيره ففعل سنان ذَلِكَ وانتهى أصحاب إِلَى سورا والغالب عَلَى أهلها اليهود فكنب سنان إِلَى الوزير علي بن عيسى يعرفه ورود كتب أصحابه عَلَيْهِ من السواد بأن اكثر من بسورا ونهر ملك يهود وانهم استأذنوا فِي المقام عليهم وعلاجهم أَوْ الانصراف عنهم إِلَى غيرهم وأنه لا يعلم بما يجيبهم بِهِ إذ كَانَ لا يعرف رأيه فِي أهل الذمة وأعلمه أن الرسم فِي بيمارستان الحضرة قَدْ جرى للملي والذمي فوقع الوزير توقيعاً نسخته فهمت مَا كتبت بِهِ أكرمك الله وَلَيْسَ بيننا خلاف فِي أن معالجه أهل الذمة والبهائم صواب ولكن الَّذِي يجيب تقديمه والعمل بِهِ معالجة الناس قبل البهائم والمسلمين قبل أهل الذمة فإذا فضل عن المسلمين مَا لا يحتاجون إِلَيْهِ صرف فِي الطبقة الَّتِي بعدهم فاعمل أكرمك الله عَلَى ذَلِكَ واكتب إِلَى أصحابك بِهِ ووصى بالتنقل فِي القرى والمواضع الَّتِي فِيهَا الوباء الكثيرة الأمراض الفاشية وإن لَمْ يجدوا بذرقة توقفوا عن المسير حَتَّى يصح لهم الطريق ويصلح السبيل فإنهم إذَا فعلوا هَذَا وفقوا إن شاء الله تعالى. وفي سنة ست وثلاثمائة أشار سنان بن ثابت هَذَا عَلَى المقتدر بأن يتخذ بيمارستان ينسب إِلَيْهِ فأمره باتخاذه فاتخذه لَهُ فِي باب الشام وسماه البيمارستان المقتدري وأنفق عَلَيْهِ من ماله فِي كل شهر مائتي دينار. وفي أول محرم سنة ست وثلاثمائة فتح سنان بن ثابت بيمارستان السيدة الَّذِي اتخذه لَهَا بسوق يحيى وجلس فِيهِ ورتب المتطببين وَكَانَتْ النفقة عَلَيْهِ فِي كل شهر ست مائة دينار عَلَى يدي يوسف بن يحيى المنجم لأن سناناً لَمْ يدخل يده فِي شيء من نفقات البيمارستان. ولسنان تصانيف جيدة وَكَانَ قوياً فِي علم الهيئة وَلَهُ فِي ذَلِكَ أشياء ظاهرة تغني عن الإطالة بذكرها ومن تصانيفه مَا نقل من خط المحسن بن إبراهيم بن هلال الصابي. رسالة فِي تاريخ ملوك السرياني. رسالة فِي الاستواء. رسالة إِلَى بجكم. رسالة إِلَى ابن رائق. رسالة إِلَى علي بن عيسى الوزير. الرسائل السلطانيات والإخوانيات. رسالة فِي النجوم. رسالة فِي شرح مذهب الصابئين. رسالة فِي قسمة أيام الجمعة عَلَى الكواكب السبعة كتبها إِلَى أبي إسحاق إبراهيم بن هلال الصابي ورجل آخر. رسالة فِي الفرق بَيْنَ المترسل

والشاعر. رسالة فِي أخبار آبائه وأجداده. ونقل إِلَى العربي نواميس هرمس والسور والصلوات الَّتِي يصلي بِهَا الصابئون. إصلاحه لكتاب أفلاطون فِي الأصول الهندسية وزاد فِي هَذَا الكتاب شيئاً كثيراً. مقالة أنفذها إِلَى عضد الدولة فِي الأشكال ذوات الخطوط المستقيمة متى تقع فِي الدائرة وعليها استخراجه للشيء الكثير من المسائل الهندسية. إصلاحه لعبارة أبي سهل الكوهيّ فِي جميع كتبه وَكَانَ أبو سهل سأله ذَلِكَ. إصلاحه وتهذيبه لما نقله من كتاب يوسف القس من السرياني إِلَى العربي من كتاب أرشيميدس فِي المثلثات. سهل بن بشر بن حبيب بن هانئ ويقال هنا الإسرائيلي المنجم أبو عثمان كَانَ صاحب تآليف فِي أحكام النجوم وادعاء لعلم الحدثان وَكَانَ يخدم طاهر بن الحسين الأعور ثُمَّ الحسن بن سهل وتآليفه مشهورة فِي الأحكام. سهل بن سابور بن سهل ويعرف بالكوسج هَذَا ولد سابور الَّذِي يأتي ذكره إن شاء الله تعالى وكان بالأهواز وَفِي لسانه خوزية وخدم بالطب فِي أيام المأمون وَمَا بهدها وَكَانَ إذَا اجتمع مع يوحنا بن ماسوية وجورجيس بن بختيشوع وعيسى بن الحكم وزكريا الطيفوري وأمثالهم من الأطباء قصر عنهم فِي العبارة وَلَمْ يقصر عنهم فِي العلاج وَكَانَ انقطاعه إِلَى الأبرش ومات سهل قبل وفاة المأمون بأشهر. ومن دعابات سهل الكوسج أنه تمارض فِي سنة تسع ومائتين وأحضر شهوداً يشهدهم عَلَى وصيته وكتب كتاباً أثبت فِيهِ أولاده فأثبت فِي أوله جورجيس وأمه مريم بنت بختيشوع بن جورجيس أخت جبرائيل والثاني يوحنا بن ماسوية وذكر أنه أصاب أم جورجيس وأم يوحنا زنا فأحبلها بهما وتلاحى سهل يوماً هو وجورجيس فِي حمى ربع فعرفه سهل فِي المجلس بثمل مَا شهد

لَهُ بِهِ عَلَى نفسه فِي الوصية فعرض لجورجيس زَمعٌ من الغيظ وَكَانَ كثير الالتفات فصاح سهل صري وهك المسيه أخروا فِي أذنه آية خرسى أراد بالعجمية الَّتِي فِيهِ أن يقول صرع وحق المسيح اقرؤوا فِي أذنه آية الكبرى. ومن دعاباته انه خرج فِي يوم الشعانين يريد دير الجاثليق والمواضع الَّتِي يخرج إليها النصارى يوم الشعانين فرأى يوحنا بن ماسوية فِي هيئة أحسن من هيئته وَعَلَى دابة أقره من دابته ومعه غلمان لهم روقة فحسده عَلَى الظاهر من نعمته فسار إِلَى صاحب مسلحة الناحية فقال لَهُ أن ابني يعقني وَقَدْ أعجبته نفسه وربما أخرجه ذَلِكَ العجب بنفسه ونعمته إِلَى جحود أبوتي وغن أنت بطحته وضربته عشرين دره موجعة أعطينك عشرين ديناراً ثُمَّ أخرج الدنانير فدفعها إِلَى رجل وثق بِهِ صاحب المسلحة وقال هَذَا ابني يعفني ويستخف بي فجحد أن يكون ابنه فلم يكلمه وضربه عشرين مقرعة ضرباً موجعاً مبرحاً. سمليس هَذَا فيلسوف رومي مذكور فِي وقته مشهور فِي جملة الشارحين لكتب أرسطوطاليس. سوريانوس حكيم وقته شارح لكتب أرسطوطاليس مذكور فِي جملة من تعرض لهذا الشأن. سقراط يعرف بسقراط الحب لأنه سكن حباً وهو الدن مدة عمره وَلَمْ ينزل بيتاً الحكيم المشهور الفاضل الكامل النزه المنخلي عن تنزهات هَذَا العالم الفاني الناظر إِلَى مَا فِيهِ يعين الحقيقة كَانَ من تلاميذ فيثاغورس واقتصر من الفلسفة عَلَى العلوم الإلهية وأعرض عن ملاذ الدينا ورفضها وأعلن بمخالفة اليونانيين فِي عبادتهم الأصنام وقابل رؤسائهم بالحجج والأدلة فثوروا عَلَيْهِ العامة واضطروا ملكهم إِلَى قتله فأودعه ملكهم الحبس توصلاً إِلَى قلوبهم وتسكيناً لتبرئتهم ثُمَّ أسقاه السم تفادياً من شرهم بعد مناظرات جرت لَهُ مع الملك محفوظة وَلَهُ وصايا شريفة وآداب

فاضلة وحكم مشهورة ومذاهب فِي الصفات قريبة من مذاهب فيثاغورس وأبيذقليس إِلاَّ أن لَهُ فِي شأن المعاد آراء ضعيفة بعيدة عن محض الفلسفة خارجة عن المذاهب المحققة. وذكر بعض من لَهُ عناية بالتاريخ أن سقراط شامي وَكَانَ الغالب عَلَيْهِ الفلسفة والنسك والتأله لَمْ يكن لَهُ تآليف فِي الكتب ومات مقتولاً قتله ملك زمانه إذ زجره عن القبائح والفحشاء وَلَمْ يبن داراً ولا اتخذ سكناً وَكَانَ يأوي إِلَى دنّ وَكَانَ يشتمل بكساء وَلَمْ يتخذ لنفسه غيره ومر بِهِ ملك ناحيته فقال لَهُ الملك أنت عبد لي قال سقراط وأنت عبد لعبدي قال وكيف قال لأني رجل أملك شهوتي المردية وأنت لا تملك شهوتك فأنت عبد عبدي قال لَهُ الملك فما حملك عَلَى اتخاذ الدنّ قال لَهُ سقراط قطعت عن نفسي مؤونة كل دائر ودارس قال فإن انكسر الدنّ قال سقراط ثُمَّ المكان فانصرف الملك عنه ثُمَّ تكلم فِي أمره سراً مع خاصته وكانوا عَلَى المجوسية وَعَلَى عبادة النجوم فأشاروا عَلَيْهِ بقتله فبلغ سقراط ذَلِكَ فلم يزل عن مكانه وقال الموت لَيْسَ بشر ولكنه خير وحالة الإنسان بعد الموت أتم واخذ وأتى بِهِ الملك وشهد عَلَيْهِ سبعون شيخاً أنه أفسد القول فِي آلهتهم فأمر بِهِ إِلَى القتل فبكت زوجته فقال لَهَا مَا يبكيك قالت تقتل بلا حق قال لَهَا وإنما طلبت أن أقتل بحق وقال لَهُ بعض تلاميذه قيد لنا علمك فِي المصاحف قال مَا كنت العلم فِي جلود الضأن وقال لَهُ رجل مَا مَاهية الرب فقال القول فيما لا يحاط بِهِ جهل وسأله رجل الَّتِي خلق لَهَا العالم فقال مَا العلة جود الله. وَكَانَ سقراط فِي زمن أفلاطون ولما أكثر سقراط عَلَى أهل بلده الموعظة وردهم إِلَى الالتزام بما تقتضيه الحكمة السياسية ونهاهم عن الخيالات الشعرية وحثهم عَلَى الامتناع عن اتباع الشعراء عز ذَلِكَ عَلَى أكابرهم وذوي الرئاسة منهم واجتمع عَلَى أذاه عند الملك والإغراء بِهِ أحد عشر قاض من قضاتهم فِي ذَلِكَ الزمن فتكلموا فِيهِ بما أفسد عَلَيْهِ قلب الملك وزينوا لَهُ قتله والراحة منه ميلوا لَهُ أنه بقي فِي دولته أفسدها وربما يخرج الملك بأقواله عن يده فقال الملك إن قتلته ظاهراً ساءت سمعتي واستجهلني أهل مملكتي والمجاورون لي فإن قدر الرجل لديهم كبير وذكره فِي الآفاق سائر فقالوا

نتحيل لَهُ فِي سم نسقيه فأسجنه أياماً فأمر بسجنه ولما حبس الملك سقراط بقي فِي الحبس أشهراً بعد فتيا قضاة مدينة اثيلس بقتله فقال فاذن للذي سأله واسمه خقراطيس يَا خقراطيس قَدْ كَانَ الخبر عَلَى مَا أبلغك وذلك أنه قضى عَلَيْهِ القضاة بالقتل وَقَدْ كلل مؤخر المركب الَّذِي يبعث فِي كل سنة إِلَى الهيكل المرسوم بهيكل ايرعون وكانوا إذَا كللوا مؤخر المركب الَّذِي يحمل فِيهِ مَا يحمل فِي كل سنة إِلَى ذَلِكَ الهيكل لَمْ تتلف نفس علانية بإراقة دم ولا غيره حَتَّى يرجع المركب إِلَى اثينس وأنه عرض للمركب فِي البحر عارض منعه من المسير فأبطئ فتله تِلْكَ الشهور فلم يقتل حَتَّى انصرف المركب قال فإذن وكنا جماعة من أصحابه تختلف إِلَيْهِ تتوافى فِي كل يوم فِي الغلس فإذا فتح باب السجن دخلنا إِلَيْهِ فأقمنا عنده أكثر نهارنا فلما أن كَانَ قبل قدوم المركب بيوم أَوْ يومين وافيت الغلس فأصبت اقريطون قَدْ سبقني فلما فتح الباب دخلنا معاً فصرنا إِلَيْهِ فقال لَهُ اقريطون أن المركب داخل غداً أَوْ بعد غد وَقَدْ أزف الأمر وَقَدْ سعينا فِي أن تدفع عنك مالاً إِلَى هؤلاء القوم وتخرج خفياً فتصير إِلَى رومية فتقيم بِهَا حَيْثُ لا سبيل لهم عَلَيْكَ فقال سقراط يَا اقريطون قَدْ نعلم أنه لا يبلغ ملكي أربعمائة درهم وأيضاً فإنه يمنع من هَذَا الفعل مَا لا يجوز أن يخرج عنه فقال لَهُ اقريطون لَمْ أقل هَذَا القول عَلَى أنك تغرم شيئاً وإنا لنعلم أنه لَيْسَ لَكَ ولا فِي وسعك مَا سأل القوم ولكن أموالنا متسعة لَكَ بذلك وبمثله أضعافاً كثيرة وأنفسنا طيبة لنجا لمن وإلا نفجع بك فقال يأبى قريطون هَذَا البلد الَّذِي فعل بك مَا فعل هو بلدي جنسي وَقَدْ نالني فِيهِ من جنسي مَا قَدْ رأيت وأوجب عَلَى فِيهِ القتل وَلَمْ يوجب علي لشيء أستحقه بل لمخالفتي الجور وطعني على الأفعال الجائرة وأهلها والحال الَّتِي وجب عليّ بِهَا عندهم القتل هي معي حَيْثُ توجهت وغني لا أدع نصرة الحق والطعن عَلَى أهل الباطل والمبطلين وأهل رومية أبعد مني رحماً من أهل مدينتي فهذا الأمر إذَا كَانَ باعثه عَلَى الحق ونصرة الحق حَيْثُ توجهت واجبة عَلَى فغير مأمون هناك عَلَى مثل مَا أنا فِيهِ ثُمَّ لا يعطف واحداً منهم عَلَى رحم يفديني بِهَا فقال لَهُ اقريطون فتذكر ولدك وعيالك وَمَا تخاف عليهم من الضيعة وارحمهم إن لَمْ تشفق عَلَى نفسك فقال الَّذِي يلحقهم من الضيعة برومية كذلك ولكنهم ها هنا أحرى بأن لا يضيعوا معكم خبرني يَا اقريطون لَوْ أن الناموس مثّل رجلاً فقال بل يَا سقراط أليس بي اجتمع أبواك وبي كَانَ تأديبك وبي تدبير حياتك أكنت أقول لا

أم أقول الحق الَّذِي هو الإقرار بذلك فقال لَهُ بل الحق قال سقراط فرأيت إن قال لي أفي العدل يظلمك ظالم فتظلم آخر أفكان يجوز أن أقول نعم فقال اقريطون لا يجوز أن تقول نعم قال لَهُ فإن قال لي يَا سقراط فإن ظلمك القضاة الحد عشر فألزموك مَا لا تستحق يجب أن تظلمني فتلزمني مَا لا استحق فهل يجوز لي أن أقول نعم قال لَهُ قريطون لا يجوز ذَلِكَ قال لَهُ سقراط فإن قال أفخروجك من الصبر عَلَى مَا حكم بِهِ الحاكم خروج عن الناموس ونقص لَهُ أن لا أيجوز أن أقول لَيْسَ بنقص وخروج عن الناموس فقال لَهُ اقريطون لا يجوز ذَلِكَ فقال لَهُ سقراط فإذاً لا يجب إن ظلمني هؤلاء القضاة أن اظلم الناموس ودار بينهما فِي ذَلِكَ كلام كثير فقال لَهُ قريطون إن كنت تريد أن تأمر بشيء فتقدم فِيهِ فإن الأمر قَدْ أزف فقال يشبه أن يكون كذلك لأني قَدْ رأيت فِي منامي قبل أن تدخل عليّ مَا يدل على ذَلِكَ. ايدل على ذَلِكَ. فلما كَانَ ذَلِكَ اليوم الَّذِي عزموا فِيهِ عَلَى قتله بكرنا كالعادة فلما جاء قيم السجن فرآنا فتح الباب وجاء القضاة الأحد عشر فدخلوا ونحن مقيمون عَلَى الباب فلبثوا ملياً فخرجوا من عنده وَقَدْ قطعوا حديده ثُمَّ داءنا السجان فقالوا ادخلوا فدخلنا وهو عَلَى سرير كَانَ يكون عَلَيْهِ فسلمنا وقعدنا فلما استقر بِنَا المجلس نزل عن السرير ونزل معنا أسفل منه وكشف عن ساقيه فمسحهما وحكهما ثُمَّ قال مَا أعجب فعل السياسة الإلهية كَيْفَ قرنت الأضداد بعضها ببعض فإنه لا يكون لذة إِلاَّ وتبعها ألم ولا ألم إِلاَّ وتبعته لذة فإنه قَدْ عرض لَنَا بعد الألم الَّذِي كنا نجده من ثقل الحديد فِي موضعه لذة وَكَانَ هَذَا القول منه سبباً للقول فِي الأفعال النفسانية ثُمَّ اطرد القول بينهم فِي النفس حَتَّى أتي عَلَى جميع مَا سئل عنه من أمرها بالقول المتقن المستقصى ووافي ذلك منه عَلَى مثل الحال الَّتِي كَانَ يعهد عَلَيْهَا فِي حال سروره من البهج والمزح فِي بعض المواضع وكلتا تتعجب منه أشد التعجب من صرامة نفسه وشدة استهانته بالنازلة الَّتِي قَدْ نهكتنا لَهُ ولفراقه وبلغت منا وشغلتا كل الشغل وَلَمْ يشغله عن تقصي الحق فِي موضعه وَلَمْ يزل شيء من أخلاقه وأحوال نفسه الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي زمن أمنه الموت وقال لَهُ سيماس فِي بعض مَا يقول لَهُ وأمسك بعض الإمساك عن السؤال أن التقصي فِي السؤال عَلَيْكَ مع هَذِهِ الحال لثقل علينا شديد وسماجة

فاحشة وأن الإمساك عن التقصي فِي البحث لحسرة علينا غداً عظيمة لما نعدم فِي الأرض من وجود الفاتح لما تريده فقال لَهُ يَا سيماس لا تدعنَّ التقصي لشيء أردته فإن تقصيك لذلك هو الَّذِي أسر بِهِ وَلَيْسَ بَيْنَ هَذِهِ الحال عندي وبين الحال الأخرى فرق فِي الحرص عَلَى تقصي الحق فإنا وإن كنا نعدم أصحاباً ورفقاء إشرافاً محمودين فاضلين فإنا أيضاً إذ كنا معتقدين متيقنين بالأقاويل الَّتِي لَمْ تزل منا نصير إِلَى إخوان فاضلين إشراف محمودين منهم اسلاؤس واملوس وارقيليس وجميع من سلف من ذوي الفضائل الإنسانية وعدد أقواماً غير من ذكرنا فلما تصرم القول فِي السفس وبلغوا من سؤالهم الغرض الَّذِي أرادوا سألوه عن هيئة العالم وَمَا عنده من الخبر فِي ذَلِكَ فقال أما مَا اعتقدناه وبيناه فهو أن الأرض كروية وأن الأفلاك محيطة بِهَا ومحيط بعضها ببعض الأعظم بالذي يليه فِي العظم وأن لَهَا من الحركات مَا قَدْ جرت العادة بالقول بِهِ وسمعتموه منا كثيراً فأما مَا وصف أناس آخرون فإنهم وصفوا شيئاً كثيراً ثُمَّ قص قصصاً طويلة فِي ذَلِكَ مما ذكره الشعراء اليونانيون القائلون فِي الأشياء الإلهية كاوميروس وارقاؤس وأسيدوس وابيذقليس ثُمَّ قال أما مَا قلنا فِي النفس وَفِي هيئة الأرض والأفلاك فلم نخدع فِيهِ وَلَمْ نقل غير الحق فأما هَذِهِ الأشياء الأخر فإنه لَيْسَ بحثها من فعل رجل حكيم فلما فرغ من ذَلِكَ قال أما الآن فأظنه قَدْ حضرت الساعة الَّتِي ينبغي أن نستجم فِيهَا فلا نكلف النساء إحمام الموتى فِي صيوان الحكم فإن الأمر يأتي يعني السياسة قَدْ دعتنا ونحن ماضون إِلَى اذوس فإن الأمر فانٍ ونحن ماضون إِلَى تراوس وأما أنتم فتنصرفون إِلَى أهاليكم ثُمَّ نهض ودخل بيتاً يستحم فِيهِ فأطال اللبث فِيهِ ونحن نتذاكر مَا نزل بِنَا من فقده وإنا نعدم أباً شفيقاً وتبقى بعده كاليتامى ثُمَّ خرج إلينا وَقَدْ استحم فجلس ودعا بولده ونسائه فأتى بهم وَكَانَ لَهُ ابنان صغيران وابن كبير فودعهم وأوصاهم بالذي أراد وأمر بصرفهم فقال لَهُ قريطون مَا الَّذِي تأمرنا بِهِ أن نفعله فِي ولدك وأهلك وغير ذَلِكَ من أمرك فقلت لست آمركم بشيء جديد بل هو الَّذِي لَمْ أزل آمركم بِهِ من الاجتهاد فِي إصلاح أنفسكم فإنكم إِذَا فعلتم ذَلِكَ سررتموني وسررتم كل من هو مني بسبيل فقال لَهُ اقريطون فما الَّذِي تأمرنا بك أن نعمل إِذَا مت فضحك ثُمَّ

التفت إِلَى جماعتنا فقال أن قريطون لا يصدق بجميع مَا سمع مني ولا أن الَّذِي يخطب ويخاطبه منذ اليوم هو سقراط ولا يظن أن الَّذِي يفعل ذَلِكَ بِهِ لَيْسَ الأجد سقراط وأنا أظن الآن أنني سأفر منكم بعد ساعة فإن وجدتني يَا قريطون فافعل بي مَا تشاء فأقبل خادم الأحد عشر قاضياً فوقف بَيْنَ يدي سقراط فقال لَهُ يَا سقراط إنك حري معها أرى وَمَا عرفته منك قديماً أن لا تسخط عليّ عندما آمرك بِهِ من أخذ الدواء اللازم باضطرار لأنك تعلم أتي لست علة موتك وأن علة موتك قضاء الحد عشر وإني مأمور بذلك مضطر إِلَيْهِ وإنك أفضل من جميع من صار إِلَى هَذَا الموضع فاشرب الدواء بطيبة نفس واصبر عَلَى الاضطرار اللازم ثُمَّ رزقنا بعينيه وانصرف عن الموضع الَّذِي كَانَ واقفاً فِيهِ بَيْنَ يدي سقراط فقال سقراط نفعل ذَلِكَ ثُمَّ التفت إلينا فقال مَا أهيأ هَذَا الرجل قَدْ كَانَ يدخل إِليّ كثيراً فأراه فاضلاً فِي مذهبه ثُمَّ التفت إِلَى اقريطون فقال لَهُ مر الرجل أن يأتي بشربة موتى غم كَانَ قَدْ سحقها وإن كَانَ لَمْ يسحقها فليجد سحقها وليأت بِهَا فقال اقريطون الشمس بعد عَلَى الجدار وعليك من النهار بقية فقال لَهُ سقراط قل للرجل حَتَّى يأتي بالشربة فدعا اقريطون غلاماً لَهُ فأصغى إِلَيْهِ بشيء فخرج الغلام مسرعاً فلم يلبث أن دخل ومعه الرجل وَفِي يده الشربة فنظر إِلَيْهِ كما ينظر الثور الفحل إِلَى مَا يهابه ثُمَّ مد يده فتناولها والتفت إِلَيْهِ وقال لَهُ يمكن أن تخلف من هَذِهِ الشربة شربة لإنسان آخر فقال إنما تدق منها مَا يطفي الرجل الواحد فقال لَهُ أنت عالم بما ينبغي أن يعمل إِذَا شربت فأمر بذلك قال لَيْسَ هو إِلاَّ أن تتردد بعد شربها فإذا وجدت ثقلً فِي رجليك استلقيت فشربها فلما رأيناه قَدْ شربها رهقنا من البكاء والأسف مَا لَمْ نملك معه أنفسنا وعلت أصواتنا بالبكاء فأقبل علينا يلومنا ويعظنا ثُمَّ قال إنما صرفنا النساء لئلا يكون مثل هَذَا فأما الآن فقد كَانَ منكم أعظم فأما أنا فسترت وجهي وكنت أبكي بكاء شديداً عَلَى نفسي إذ عدمت صديقاً مثله ثُمَّ سكتنا استحياء منه وأخذ فِي التردد هنيهة ثُمَّ قال للرجل قَدْ ثقلت رجلاي فأمره بالاستلقاء وجعل يجس قدميه ثُمَّ غمرهما فقال لَهُ هل تحس غمزي قال لا ثُمَّ غمزه غمزاً شديداً فقال لَهُ هل تحس غمزي قال لا ثُمَّ غمز ساقيه وجعل يسأله ساعة بعد ساعة هل تحس فيقول لا ورأيناه يجمد أولاً فأولاً ويشتد برده حَتَّى انتهى إِلَى حقوبه ثُمَّ غمزه فلم يحس بذلك فكشف عنه وقال لَنَا إِذَا انتهى هَذَا البرد إِلَى قلبه قضى عَلَيْهِ ثُمَّ قال سقراط لقريطون اسفلابيوس عندما ديك فأعطوه إياه وعجلوه فقال لَهُ اقريطون نفعل ذَلِكَ وإن كنت تريد شيئاً آخر فقل فلم يجبه وشخص ببصره فأطبق قريطون عينيه وشد لحيته فهذا خير سقراط صاحبنا الَّذِي لا نعلم أحداً فِي دهرنا من اليونانيين كَانَ أفضل منه فقال لَهُ خقراطيس فمن كَانَ حاضراً فقال جماعة كثيرة من أصحاب سقراطيس فقال هل أكان أفلاطون حاضركم قال لا لأنه كَانَ مريضاً لا يقدر عَلَى الحضور. َهُ يَا سقراط إنك حري معها أرى وَمَا عرفته منك قديماً أن لا تسخط عليّ عندما آمرك بِهِ من أخذ الدواء اللازم باضطرار لأنك تعلم أتي لست علة موتك وأن علة موتك قضاء الحد عشر وإني مأمور بذلك مضطر إِلَيْهِ وإنك أفضل من جميع من صار إِلَى هَذَا الموضع فاشرب الدواء بطيبة نفس واصبر عَلَى الاضطرار اللازم ثُمَّ رزقنا بعينيه وانصرف عن الموضع الَّذِي كَانَ واقفاً فِيهِ بَيْنَ يدي سقراط فقال سقراط نفعل ذَلِكَ ثُمَّ التفت إلينا فقال مَا أهيأ هَذَا الرجل قَدْ كَانَ يدخل إِليّ كثيراً فأراه فاضلاً فِي مذهبه ثُمَّ التفت إِلَى اقريطون فقال لَهُ مر الرجل أن يأتي بشربة موتى غم كَانَ قَدْ سحقها وإن كَانَ لَمْ يسحقها فليجد سحقها وليأت بِهَا فقال اقريطون الشمس بعد عَلَى الجدار وعليك من النهار بقية فقال لَهُ سقراط قل للرجل حَتَّى يأتي بالشربة فدعا اقريطون غلاماً لَهُ فأصغى إِلَيْهِ بشيء فخرج الغلام مسرعاً فلم يلبث أن دخل ومعه الرجل وَفِي يده الشربة فنظر إِلَيْهِ كما ينظر الثور الفحل إِلَى مَا يهابه ثُمَّ مد يده فتناولها والتفت إِلَيْهِ وقال لَهُ يمكن أن تخلف من هَذِهِ الشربة شربة لإنسان آخر فقال إنما تدق منها مَا يطفي الرجل الواحد فقال لَهُ أنت عالم بما ينبغي أن يعمل إِذَا شربت فأمر بذلك قال لَيْسَ هو إِلاَّ أن تتردد بعد شربها فإذا وجدت ثقلً فِي رجليك استلقيت فشربها فلما رأيناه قَدْ شربها رهقنا من البكاء والأسف مَا لَمْ نملك معه أنفسنا وعلت أصواتنا بالبكاء فأقبل علينا يلومنا ويعظنا ثُمَّ قال إنما صرفنا النساء لئلا يكون مثل هَذَا فأما الآن فقد كَانَ منكم أعظم فأما أنا فسترت وجهي وكنت أبكي بكاء شديداً عَلَى نفسي إذ عدمت صديقاً مثله ثُمَّ سكتنا استحياء منه وأخذ فِي التردد هنيهة ثُمَّ قال للرجل قَدْ ثقلت رجلاي فأمره بالاستلقاء وجعل يجس قدميه ثُمَّ غمرهما فقال لَهُ هل تحس غمزي قال لا ثُمَّ غمزه غمزاً شديداً فقال لَهُ هل تحس غمزي قال لا ثُمَّ غمز ساقيه وجعل يسأله ساعة بعد ساعة هل تحس فيقول لا ورأيناه يجمد أولاً فأولاً ويشتد برده حَتَّى انتهى إِلَى حقوبه ثُمَّ غمزه فلم يحس بذلك فكشف عنه وقال

لَنَا إِذَا انتهى هَذَا البرد إِلَى قلبه قضى عَلَيْهِ ثُمَّ قال سقراط لقريطون اسفلابيوس عندما ديك فأعطوه إياه وعجلوه فقال لَهُ اقريطون نفعل ذَلِكَ وإن كنت تريد شيئاً آخر فقل فلم يجبه وشخص ببصره فأطبق قريطون عينيه وشد لحيته فهذا خير سقراط صاحبنا الَّذِي لا نعلم أحداً فِي دهرنا من اليونانيين كَانَ أفضل منه فقال لَهُ خقراطيس فمن كَانَ حاضراً فقال جماعة كثيرة من أصحاب سقراطيس فقال هل أكان أفلاطون حاضركم قال لا لأنه كَانَ مريضاً لا يقدر عَلَى الحضور. سنبليقيوس مهندس رياضي كَانَ بعد زمن إقليدس وَكَانَ فِي زمنه مذكوراً وعلمه من هَذَا النوع موفوراً تصدر لإفادة هَذَا الشأن بأرض يونان واشتهر هناك ذكره وعلا أمره وَكَانَ لَهُ أصحاب وأتباع يعرفون وَكَانَ رومي الجنس وَلَهُ تصانيف مشهورة منها كتاب شرح كتاب إقليدس وهو المدخل إِلَى علم الهندسة وغيره. سند بن علي المنجم المأموني منجم فاضل خبير بتسيير النجوم وعمل آلات الأرصاد والاصطرلاب وَكَانَ واحد الفضلاء فِي وقته اتصل بخدمة المأمون وندبه المأمون إِلَى إصلاح آلات الرصد وأن يرصد بالشماسية ببغداد ففعل ذَلِكَ امتحن مواضع الكواكب وَلَمْ يتمم الرصد لأجل موت المأمون ولسند هَذَا زيج مشهور يعمل بِهِ المنجمون إِلَى زمننا هَذَا وَكَانَ يهودياً وأسلم عَلَى يد المأمون وهو الَّذِي بني الكنيسة الَّتِي فِي ظهر باب الشماسية فِي حريم دار معز الدولة وجعله المأمون ممتحناً للأرصاد لما تقدم بعملها ثقة ببصره وَلَهُ تصانيف فِي النجوم والحساب مشهورة. سابور بن سهل صاحب بيمارستان جند يسابور وَكَانَ فاضلاً عالماً متقدماً فِي هَذَا النوع وَلَهُ تصانيف مفيدة مشهورة منها كتاب الاقرباذين المعمول عَلَيْهِ فِي

البيمارستانات ودكاكين الصيادلة اثنان وعشرون باباً وتوفي نصرانياً فِي يوم الاثنين لتسع بقين من ذي الحجة سنة خمس وخمسين ومائتين. سلمويه بن بنان كَانَ طبيباً فاضلاً فِي وقته خدم المعتصم وخص بِهِ حَتَّى أن المعتصم لما مات سلمويه سألحق بِهِ لأنه كَانَ يمسك حياتي ويدبر جسمي ولما ملك المعتصم فِي سنة ثماني عشرة ومائتين اختار لنفسه سلمويه هَذَا وأكرمه. وقال حنين أن سلمويه كَانَ عالماً بصناعة الطب ولما مرض عاده المعتصم وبكى عنده وقال لَهُ أشر عليَّ بعدك بمن يصلحني فقال عَلَيْكَ بهذا الفضولي يوحنا بن ماسويه وإذا وصف شيئاً فخذ أقله أخلاطاً ولما مات امتنع المعتصم عن الأكل فِي ذَلِكَ اليوم وأمر بإحضار جنازته إِلَى الدار وأن يصلى عَلَيْهَا بالشمع والبخور عَلَى رأي النصارى ففعل ذَلِكَ وهو يراهم وكان المعتصم قوياً وَكَانَ سلمويه يقصده فِي السنة مرتين ويسقيه عقيب كل فصد دواء فلما باشره يوحنا أراد عكس مَا كَانَ يفعله سلمويه فسقاه الدواء قبل الفصد فلما شرب الدواء حمي دمه وحم وَمَا زال جسمه ينقص حَتَّى مات وذلك بعد عشرين شهراً من وفاة سلمويه. وَكَانَتْ بَيْنَ الحسين بن عبد الله وبين سلمويه مودة فقال دخلت عَلَيْهِ يوماً فوجدته قَدْ خرج من الحمام وهو متململ والعرق يسيل من جبينه فجلس وجاءه خادم بمائدة صغيرة عَلَيْهَا دراج مشوي وشيء أخضر فِي زبدية وثلاث رقاقات وَفِي سكرجة خلّ فأكل الجميع واستدعى مقدار وزن درهمين سراباً فمزجه وشربه وغسل يده بماء ثُمَّ أخذ فِي تغيير ثيابه والبخور أقبل يحادثني فقلت لَهُ مَا صنعت فقال أنا أعالج السل منذ ثلاثين سنة لَمْ آكل فِي جميعها غير مَا رأيت وهو دراج مشوي وهندياً مسلوقة مطجنة بدهن اللوز وهذا المقدار من الخل

وإذا خرجت من الحمام احتجت إِلَى مبادرة الحرارة بما يسكنها لئلا تعطف عَلَى بدني فتأخذ من رطوبته فأشغلها بالغذاء ليكون عطفها عَلَيْهِ ثُمَّ أتفرغ لغيره وَكَانَ سلمويه قَدْ اكتسب من خدمة الخلفاء سياسة اقترنت بعقله فحدث لَهُ منها حسن الرأي والنظر فِي العواقب لنفسه ولغيره ممن يستنصحه. السموأل بن يهوذا المغربي الحكيم اليهودي أظنه من الأندلس قدم هو وأبوه إِلَى المشرق وَكَانَ أبوه يشدو شدواً شيئاً من علم الحكمة وَكَانَ ولده السموأل هَذَا قَدْ قرأ فنون الحكمة وقام بالعلوم الرياضية وأحكم أصولها وفوائدها ونوادرها وَكَانَ عددياً هندسياً حقيقياً وَلَهُ فِي ذَلِكَ مصنفات رأيت منها كتاب المثلث القائم الزاوية وَقَدْ أحسن فِي تمثيله وتشكيله وعدة صوره ومبلغ مساحة كل صورة منها صنفه لرجل من أهل حلب يدعي الرف وصنف منبراً فِي مساحة أجسام الجواهر المختلطة لاستخراج مقدار مجهولها وصنف كتباً فِي الطب. وارتحل إِلَى أذربيجان وخدم بَيْنَ البهلوان وأمراء دولتهم وأقام بمدينة المراغة وأولد أولاداً هناك سلكوا طريقته فِي الطب وأسلم فحسن إسلامه وصنف كتاباً فِي إظهار معائب اليهود وكذب دعاويهم فِي التوراة ومواضع الدليل عَلَى تبديلها وأحكم مَا جمعه فِي ذَلِكَ ومات بالمراغة قريباً من سنة سبعين وخمسمائة. سلامة بن رحمون أبو الخير اليهودي المصري قالوا أبو الصلت وأنبه من رأيته منهم يعني أطباء مصر وأدخلهم فِي عداد الأطباء رجل من اليهود يدعى أبا الخير سلامة ابن رحمون فإنه لقي أبا الوفاء المبشر بن فاتك وأخذ عنه شيئاً من صناعة المنطق تخصص بِهِ وتميز عن إضرابه

وأدرك الكثير البرقاني تلميذ أبي الحسن بن رضوان وقرأ عَلَيْهِ بعض كتب جالينوس ثُمَّ نصب نفسه لتدريس كتب المنطق جميعها وجميع كتب الفلسفة الطبيعية والإلهية وشرح بزعمه وفسر ولخص وَلَمْ يكن هنالك فِي تحصيله وتحقيقه بل كَانَ يكثر كلامه فيضل ويسرع فِي جوابه فيزل ولقد سألته أول لقائي لَهُ واجتماعي بِهِ عن مسائل استفتحت مباحثته بِهَا مما يمكن أن يفهمها من لَمْ يمتد فِي العلم باعه فأجاب عنها بما أبان عن تقصيره وأعرب عن سوء تصوره وفهمه وَكَانَ مثله فِي عظيم ادعائه وقصوره عن أيسر مَا هو متعاطيه كقول الشاعر: يثمر للج عن ساقه ... ويغمره الموج فِي الساحل وكما قال الآخر: تمنيتم مائتي فارس ... فردكم فارس واحد وَكَانَ سلامة هَذَا موجوداً فِي حدود سنة عشر وخمسمائة فغن الوقت الَّذِي دخل فِيهِ أبو الصلت إِلَى مصر هو ذَلِكَ الزمان.

حرف الشين المعجمة في أسماء الحكماء

حرف الشين المعجمة فِي أسماء الحكماء شجاع بن أسلم بن محمد بن شجاع الحاسب المصري أبو كامل كَانَ فاضل وقته وعالم زمانه وحاسب أوانه وهل تلاميذ تخرجوا بعلمه وصنف فِي هَذَا النوع التصانيف الجليلة. شكح المنجم الأعمى البغدادي كَانَ هَذَا الرجل ببغداد يتكلم فِي أحداث النجوم وأحكامها وَلَمْ يكن عند أهل هَذَا النوع بالطائل وَكَانَ لَهُ غلام يمشي معه ويأخذ لَهُ طالع وقت السؤال ويتكلم هو بعد ذَلِكَ قال غرس النعمة محمد بن هلال حدثني أب قال ركبنا جماعة فيما أبو علي بن الحواري وأبو الحسن الديلمي وأبو طاهر الطبيب العلوي وغيرهم إِلَى دعوة أبي القاسم الوتار فلقينا أبو الحسن البتي وسألنا أن نمضي معه إِلَى مؤيد الملك أبي عَلَى الرخحي وزير الوقت فِي حاجة لَهُ إِلَيْهِ فرأينا شكحاً المنجم الأعمى وَكَانَ لا يعرف من النجوم كثير شيء إِلاَّ أنه كَانَ فهماً ومهماً قال فقلنا لَهُ لا بد من أن تأخذ طالع الوقت وتحسب لَنَا فيما نمضي وَمَا يجري لَنَا فِيهِ اليوم فقال أنتم بطرون أمضوا فِي طريقكم فقلنا مَا نبرح إِلاَّ بعد ذَلِكَ فأخذ لَهُ طالع الوقت غلام كَانَ معه فقال أنتم أضياف فقلنا طريق

فقال يقدم إِلَيْكَم فِيهَا السماء بنجومها وللأستاذ أبي الحسن الَّذِي معكم حاجة لا تنقضي فقال لَهُ البتي لا بشرك الله بخير ويلك مَا هَذَا مما تدل عَلَيْهِ النجوم غير أنك قَدْ رزقت حذقاً ردياً لا حياك الله ولا بياك ثُمَّ فارقناه وقصدنا مؤيد الملك فما قضى الحاجة وخرق الرقعة الَّتِي للبتي لما عرضناها عَلَيْهِ فعرفناه خير شكح المنجم وَمَا قاله لَنَا طلباً لأن يرجع عن فعله فما رجع ومضينا إِلَى ابن الوتار ونحن نتوقع السماء الَّتِي ذكرها فقدم إلينا فِي آخر الطعام مقلي النرجسية وَقَدْ صبغ بياض البيض والباقلاء واللحم بالنيل حَتَّى صار كزرقة السماء وطرح صفار البيض عَلَيْهِ فصار كالنجوم فعجبنا من ذَلِكَ واستظرفناه وَلَمْ نشتغل عند ابن الوتار فِي الدعوة ذَلِكَ اليوم إِلاَّ بحديث شكح المنجم.

حرف الصاد المهملة في أسماء الحكماء

حرف الصاد المهملة فِي أسماء الحكماء ساعد بن يحيى بن هبة الله بن توما النصراني أبو الكرم البغدادي كَانَ طبيباً حسن العلاج كثير الإصابة ميمون المعاناة فِي الأكثر لَهُ سعادة فِي هَذَا الشأن وَكَانَ من ذوي المروآت والأمانات تقدم فِي أيام الناصر إِلَى أن كَانَ بمنزلة الوزراء واستوثقه عَلَى حفظ أموال خواصه وَكَانَ يودعها عنده ويرسله فِي أمور خفية إِلَى وزرائه ويظهر لَهُ فِي كل وقت وَكَانَ حسن الوساطة قضيت عَلَى يده حاجات واستكفيت بوساطته شرور وَلَمْ ير لَهُ غير شاكر وَكَانَ الخليفة الناصر فِي آخر أيامه قَدْ ضعف بصره وأدركه سهو فِي أكثر أوقاته لأحزان تواترت عَلَى قلبه ولما عجز عن النظر فِي القصص ولأنها آتٍ استحضر امرأة من النساء البغداديات تعرف بست نسيم وقربها وَكَانَتْ تكتب خطاً قريباً من خطه وجعلها بَيْنَ يديه تكتب الأجوبة والرقاع وشاركها فِي ذَلِكَ خادم قريب اسمه تاج الدين رشيق ثُمَّ تزايد الأمر بالناصر فصارت المرأة تكتب فِي الأجوبة بما تراه فمرة تصيب ومرة تخطئ ويشاركها رشيق فِي مثل ذَلِكَ واتفق أن كتب الوزير القمي المدعو بالمؤيد مطالعة وحملها وعاد جوابها وفيه اختلال بين فتوقف الوزير وأنكر ثُمَّ استدعي الحكيم صاعد بن توما وأسر إِلَيْهِ مَا جرى وسأله تفصيل الحال فعرفه مَا الخليفة عَلَيْهِ من عدم البصر والسهو الطارئ فِي أكثر الأوقات وَمَا تتعمده المرأة والخادم من الأجوبة فتوقف الوزير عن العمل بأكثر الأمور الواردة عَلَيْهِ وتحقق الخادم والمرأة ذَلِكَ وَقَدْ كَانَتْ لهما أغراض يرديان أن تمشيتها لأجل الدنيا واغتنام الفرصة فِي نيلها فحدثا أن الحكيم هو الَّذِي دله عَلَى ذَلِكَ فقرر رشيق مع رجلين من الجند فِي الخدمة أن يقتلا الحكيم ويقتلاه وهما رجلان يعرفان بولدي قمر الدولة من الأجناد الواسطية وَكَانَ أحدهما فِي الخدمة والآخر بطالاً فرصدا الحكيم فِي بعض الليالي إِلَى أن أتى دار الوزير وخرج منها عائداً إِلَى دار الخلافة وتبعاه إِلَى أن وصل إِلَى باب درب الغلة المظلمة ووثبا عَلَيْهِ بسكينيهما فقتلاه وَكَانَ بَيْنَ يديه مشعل وغلام وانهزم الحكيم لما وقع بحرارة الضرب إِلَى الأرض إِلَى أن وصل

إِلَى باب خربة الهراس والقاتلان تابعان لَهُ فبصر بهما واحد وصاح خذوهما فعاد إِلَيْهِ وقتلاه وجرحا النقاط الَّذِي كَانَ بن يدي الحكيم وحمل الحكيم إِلَى منزله ميتاً ودفن بداره فِي ليلته ونفذ من البدرية من حفظ داره وكذلك من دار الوزير لأجل الودائع الَّتِي كَانَتْ عنده للحرم والحشم الخاص وبحث عن القاتلين فعرفا فأمر بالقبض عليهما وتولى القبض والبحث إبراهيم بن جميل بمفرده وحملهما إِلَى منزله ولما كَانَ فِي بمرة تِلْكَ الليلة أخرجا إِلَى موضع القتل وشق بطناهما وصلبا عَلَى باب المذبح المحاذي لباب الغلة الَّتِي حرج بِهَا الحكيم وَكَانَ قتله وموته فِي ليلة الخميس ثامن عشر جمادى الأولى سنة عشرين وستمائة. صاعد بن هبة الله بن المؤمل أبو الحسين النصراني الحظيري المتطبب أصله من الحظيرة ونزل بغداد وَكَانَ اسمه أيضاً ماري وهو من أسماء الكنيسة عند النصارى فإنهم يسمون أولادهم عند الولادة بأسماء فإذا أعمدوهم سموهم عند المعمودية باسم من أسماء الصالحين منهم خدم أبو الحسين هَذَا بالدار العزيزة الناصرة وتقرب قرباً كثيراً وكسب بخدمته وصحبته الأموال وَكَانَتْ لَهُ الحرمة الوافرة وَلَهُ معرفة تامة بالمنطق والفلسفة وأنواع الحكمة وَكَانَ فِيهِ كبر وحمق وتيه وينسب إِلَى ظلم مفرط وَلَمْ يزل عَلَى أمره ينسخ بخطه كتب الحكمة ويتصرف فيما هو بصدده من الطب وَعَلَى حالته فِي القرب إِلَى أن مات فِي يوم العشرين من ذي الحجة سنة إحدى وتسعين وخمسمائة ببغداد. صالح بن بهلة الهندي طبيب مذكور فِي أيام الرشيد هندي الطب حسن الإصابة فيما يعانيه ويخبر بِهِ من تقدمه بالمعرفة عَلَى طريق الهند ومن عجيب مَا جرى لَهُ أن الرشيد فِي بعض الأيام قدمت لَهُ الموائد فطلب جبرائيل بن بختيشوع ليحضر أكله عَلَى عادته فِي ذَلِكَ فطلب فلم يوجد فلعنه الرشيد وبينما هو فِي لعنته إذ دخل عَلَيْهِ فقال لَهُ إِن اشتغل أمير المؤمنين بالبكاء عَلَى ابن عمه إبراهيم بن صالح وترك تناولي بالسب كَانَ أشبه فسأله عن خبر إبراهيم فأعلمه أنه خلفه وبه رمق ينقضي آخره وقت صلاة العتمة فاشتد جزع الرشيد من ذَلِكَ وأمر بدفع الموائد وكثر بكاؤه فقال جعفر بن يحيى يَا أمير المؤمنين جبرائيل طبه رومي

وصال بن بهلة الهندي فِي العلم بطريقة أهل الهند فِي الطب مثل جبريل فِي العلم بمقالات الروم فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بإحضاره ويوجهه إِلَى إبراهيم بن صالح ليفهمنا عنه فعل فأمر الرشيد جعفراً بإحضاره وتوجيهه وبالمصير إِلَيْهِ بعد منصرفه من عند إبراهيم ففعل ذَلِكَ ومضى صالح بن بهلة إِلَى إبراهيم حَتَّى عاينه وجس عرقه وصار إِلَى جعفر فدخل جعفر عَلَى الرشيد فأخبره بحضور صالح بن بهلة فأمره الرشيد بإدخاله إِلَيْهِ فدخل ثُمَّ قال يَا أمير المؤمنين أنت الإمام وعاقد ولاية القضاء للأحكام ومهما حكمت بِهِ لَمْ يجز لحاكم فسخه وأنا أشهدك وأشهد عَلَى نفسي من حضرك أن إبراهيم بن صالح إِن توفي فِي هَذِهِ الليلة أَوْ فِي هَذِهِ العلة ام كل مملوك لصالح بن بهلة حر لوجه الله وكل دابة لَهُ فحبيس فِي سبيل الله وكل مال لَهُ فصدقة عَلَى المساكين وكل امرأة لَهُ فطالق ثلاثاً فقال الرشيد حلفت يَا صالح بالغيب فقال صالح كلا يَا أمير المؤمنين إنما الغيب مَا لا دليل عَلَيْهِ ولا علم بِهِ وَلَمْ أقل مَا قلت إِلاَّ بدلائل بينة وعلم واضح فسرى عن الرشيد مَا كَانَ يجد وطعم وأحضر لَهُ النبي فشرب فلما كَانَ وقت العتمة ورد كتاب صاحب البريد بمدينة السلام بوفاة إبراهيم بن صالح علي الرشيد فاسترجع وأقبل عَلَى جعفر بن يحيى باللوم فِي إرشاده إياه إِلَى صالح بن بهلة وأقبل يلعن الهند وطبهم ويقول واسوأتا من الله أن يكون ابن عمي يتجرع غصص الموت وأنا أشرب النبيذ ومزجه بالماء وألقى فِيهِ من الملح شيئاً وأخذ يشرب منه ويتقيأ حَتَّى قذف مَا كَانَ فِي جوفه من طعامه وشرابه وبكر إِلَى دار إبراهيم فقصد الخدم بالرشيد إِلَى رواق فِيهِ الركاسي والمساند والنمارق فاتكأ الرشيد عَلَى سيفه ووقف وقال لا يحسن الجلوس فِي المصيبة بالأحبة عَلَى أكثر من البساط وصارة سنة لبني العباس من ذَلِكَ وَلَمْ تكن السنة كذلك ووقف صالح بن بهلة بَيْنَ يدي الرشيد فلم ينطق أحد إِلَى أن سطعت روائح المجامر فصاح صالح بن بهلة عند ذَلِكَ الله الله يَا أمير المؤمنين أن تحكم عليّ بطلاق زوجتي فيتزوجها من لا تحل لَهُ الله الله أن تخرجني من اسمتي وَلَمْ يلزمني حنث الله الله أن تدفن ابن عمك حياً فوالله مَا مات فأطلق لي الدخول عَلَيْهِ وانتظر إِلَيْهِ وهتف بهذا القول مرات فأذن لَهُ بالدخول عَلَى إبراهيم ثُمَّ سمع الجماعة تكبيراً فخرج صالح بن بهلة وهو يكبر ثُمَّ قال يَا أمير المؤمنين قم حَتَّى أريك عجباً فدخل إِلَيْهِ الرشيد ومعه جماعة من خواصه فأخرج صالح

إبرة كَانَتْ معه وأدخلها بَيْنَ ظفر إبهام يده اليسرى ولحمه فجذب إبراهيم يده وردها إِلَى بدئه فقال صالح يَا أمير المؤمنين هل يحس الميت الوجع فقال يَا أمير المؤمنين أخاف إِن عالجته فأفاق وهو فِي كفن يجد منه رائحة الحنوط أن ينصدع قلبه فيموت موناً حقيقياً ولكن مر بتجريده من الكفن ورده إِلَى المغتسل وإعادة الغسل عَلَيْهِ حَتَّى يزول منه رائحة الحنوط ثُمَّ يلبس مثل ثيابه الَّتِي كَانَ يلبسها فِي حال صحته ويطيب بمثل ذَلِكَ الطيب ويحول إِلَى فراش من فرشه الَّتِي كَانَ يجلس وينام عَلَيْهَا حَتَّى أعالجه بحضرة أمير المؤمنين فإنه يكلمه من ساعته قال أبو سلمة فوكلني الرشيد بالعمل بما حد صالح بن بهلة ففعلت ذَلِكَ قال ثُمَّ سار الرشيد وأنا معه ومسرور إِلَى الموضع الَّذِي فِيهِ إبراهيم ودعا صالح بن بهلة بكندس ومنفخة من الخزانة ونفخ من الكندس فِي أنفه فمكث مقدار سدس ساعة ثُمَّ اضطرب بدنه وعطس وجلس فكلم الرشيد وقبل يده وسأله الرشيد عن قضيته فذكر أنه كَانَ نائماً نوماً لا يذكر أنه نام مثله قط طيباً إِلاَّ أنه رأى فِي منامه كلباً قَدْ أهوى إِلَيْهِ فتوقاه بيده فعض إبهام فِيهَا الإبرة وعاش إبراهيم بعد ذَلِكَ دهراً ثُمَّ تزوج العباسة بنت المهدي وولى مصر وفلسطين وتوفي بمصر وقبره بِهَا. ده وسأله الرشيد عن قضيته فذكر أنه كَانَ نائماً نوماً لا يذكر أنه نام مثله قط طيباً إِلاَّ أنه رأى فِي منامه كلباً قَدْ أهوى إِلَيْهِ فتوقاه بيده فعض إبهام فِيهَا الإبرة وعاش إبراهيم بعد ذَلِكَ دهراً ثُمَّ تزوج العباسة بنت المهدي وولى مصر وفلسطين وتوفي بمصر وقبره بِهَا.

حرف الطاء المهملة في أسماء الحكماء

حرف الطاء المهملة فِي أسماء الحكماء طوريوس الطيفوري حكيم طبيعي مجهول الزمان والمكان دل عَلَى حكمته تصنيفه وهو كتاب الرؤيا مقالة. طيمورخاس حكيم رياضي يوناني عالم بهيئة الفلك وصناعة آلات الأرصاد رصد الكواكب فِي زمانه وحقق مواضعها وَقَدْ ذكر بطليموس أرصاده فِي كتابه المسمى بالمجسطي وذكر أن وقته كَانَ متقدماً لوقته بأربعمائة وعشرين سنة. طينقروس البابلي هو أحد السبعة الموكلين بسدانة البيوت وهو فِي الأغلب صاحب بيت المريخ كذا ذكر فِي بعض الكتب وَلَهُ تصانيف منها. كتاب المواليد عَلَى الوجود والحدود. الطيفوري المتطبب نقل لَهُ حنين عد كتب فِي الطب وَكَانَ مقدماً فاضلاً حاذقاً واسمع عبد الله وهو حد إسرائيل بن زكريا الطيفوري مطبب الفتح بن خاقان ولقب بالطيفوري لأنه كَانَ طبيباً لطيفور مولى الخيزران أم الهادي والرشيد وَكَانَ أحظى الناس عند الهادي حكى يوسف بن إبراهيم مولى إبراهيم بن المهدي قال سألت الطيفوري عما يذكر العوام من فتح موسى الهادي فاه حتى يقول الموكل بِهِ أطبق فأنكر ذَلِكَ أشد إنكار وحلف أنه مَا عاين أحداً كَانَ أحسن من الهادي وجهاً وصمتاً ونطقاً ومبسماً فحدثت بهذا الحديث مولى إبراهيم بن المهدي فقال صدق الطيفوري.

حرف العين المهملة في أسماء الحكماء

حرف العين المهملة فِي أسماء الحكماء العباس بن سعيد الجوهري المنجم خبير بصناعة التسيير وحساب الفلك قيم بعمل آلات الأرصاد صحب المأمون وندبه إِلَى مباشرة الرصد فِي جملة الجماعة المتولين لذلك بالشماسية ببغداد وحقق مواضع بعض الكواكب السيارة والنيرين وعمل عَلَى ذَلِكَ زيجاً مشهوراً مذكوراً عند أهل هَذَا الشأن فهو ورفقته سندين علي وخالد بن عبد الملك المر والروزي ويحيى بن أبي منصور أول من رصد فِي الملة الإسلامية ثُمَّ تبعهم الناس بعد ذَلِكَ عَلَى مَا سيأتي فِي خبر رجل منهم وَلَهُ تصانيف منها كتاب الزيج. كتاب تفسير كتاب إقليدس. كتاب الأشكال الَّتِي فِي المقالة الأولى عن كتاب إقليدس. عبد الله بن المقفع كَانَ فاضلاً كاملاً وهو أول من اعتنى فِي الملة الإسلامية بترجمة الكتب المنطقية لأبي جعفر المنصور وهو فارسي النسب ألفاظه حكيمة ومقاصده من الخلل سليمة ترجم كتب أرسطوطاليس المنطقية الثلاثة وهي كتاب قاطيغورياس وكتاب باري أرمينياس وكتاب أنالوطيقا ترجم ذَلِكَ بعبارة سهلة وترجم مع ذَلِكَ الكتاب الهندي المعروف بكتاب كليلة ودمنة وَلَهُ تآليف حسنة منها. رسالته فِي الأدب والسياسة. ورسالته المعروفة باليتيمة فِي طاعة السلطان. عبد الله بن مسرور النصراني غلام أبي معشر البلخي المنجم

هَذَا الرجل صحب أبن معشر المدة الطويلة واستفاد من علومه إِلَى أن اشتهر اسمه وذكر فِي وقته وانتهى إِلَى درجة التصنيف فِيهَا يعانيه ومن تصانيفه. كتاب مطرح الشعاع. كتاب تحاويل سني المواليد. كتاب تحاويل سني العالم. عبد الله بن أماجور أبو القاسم الهروي من أولاد الفراعنة وَكَانَ فاضلاً مذكوراً فِي زمنه لَهُ مكانة من هَذَا الشأن ومنزلة مذكورة وَلَهُ تصانيف مفيدة منها كتاب زاد المسافر. كتاب الزيج المعروف بالخالص. كتاب الزيج المعروف بالخالص. كتاب الزيج المعروف بالمزئرة. كتاب الزيج البديع. كتاب زيج السند هند. كتاب فِي الممرَّات. كتاب زيج المريخ عَلَى التاريخ الفارسي. عبد الله بن الحسن الصيدلاني المنجم هَذَا رجل اشتهر بعلوم النجامة والهندسة وَكَانَ ميله إِلَى الحساب أكثر وَلَهُ تصانيف. عبد الله بن علي النصراني المعروف بالدنداني يكنى أبا علي وَكَانَ منجماً قديم العهد مشهوراً فِي زمانه بهذه الصناعة وصنف فِيهَا. عبد الله بن سهل بن توبخت المنجم هَذَا منجم مأموني كبير القدر فِي صناعته يعلم المأمون قدره فِي ذَلِكَ وَكَانَ لا يقدم إِلاَّ عالماً مشهوداً لَهُ بعد الاختبار وَكَانَ المأمون قَدْ رأى آل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب متخشين مختفين من خوف المنصور وَقَدْ جاء بعده من بني العباس ورأى العوام قَدْ خفيت عنهم أمورهم بالاختفاء فظنوا بهم مَا يظنونه بالأنبياء ويتفوهون فِي صفتهم بما يخرجهم عن الشريعة من التغالي فأراد معاقبة العامة عَلَى هَذَا الفعل ثُمَّ فكر أنه إِذَا فعل هَذَا بالعوام زادهم إغراء بِهِ فنظر فِي هَذَا الأمر نظراً دقيقاً وقال لو ظهروا للناس ورأوا فسق الفاسق منهم وظلم الظالم لسقطوا من أعينهم ولا تقلب شكرهم لهم ذماً ثُمَّ قال إذ أمرناهم بالظهور خافوا واستتروا وظنوا بنا سوء وإذاً فالرأي أن تقدم أحدهم ولا يظهر لهم غماماً فإذا رأوا هَذَا أنسوا وظهروا وأظهروا مَا

عندهم من الحركات الموجودة فِي الآدميين فيتحقق للعوام حالهم وَمَا هم عَلَيْهِ مما خفي بالاختفاء فإذا تحقق ذَلِكَ أولت من أقمته ورددت الأمر إِلَى حالته الأولى وقوي هَذَا الرأي عنده وكتم باطنه عن خواصه وأظهر للفضل بن سهل أنه يريد أن يقيم إماماً من آل أمير المؤمنين عَلي صلوات الله وأفتكر هو وهو فيمن يصلح فوقع إجماعهما عَلَى الرضا فأخذ الفضل بن سهل فِي تقرير ذَلِكَ وترتيبه وهو لا يعلم باطن المر وأخذ فِي اختيار وقت لبيعة الرضا فاختار طالع السرطان وفيه المشتري. قال عبد الله بن سهل بن نوبخت هَذَا أردت أن اعلم نية المأمون فِي هَذِهِ البيعة وأن باطنه كظاهره أم لا لأن الأمر عظيم فأنفذت إِلَيْهِ قبل العقد رقعة مع ثقة من خدمه وَكَانَ يجيء فِي مهم أمره وقلت لَهُ أن هَذِهِ البيعة فِي الوقت الَّذِي اختاره ذو الرياستين لا تتم بل تنقض لأن المشتري وغن كَانَ فِي الطالع فِي بيت شرفه فإن السرطان برج منقلب وَفِي الرابع وهو بيت العاقبة المريخ وهو نخس وَقَدْ أغفل ذو الرياستين هَذَا فكتب إليَّ قَدْ وقفت عَلَى ذَلِكَ أحسن الله جزاءك فاحذر كل الحذر أن تنبه ذا الرياستين عَلَى هَذَا فإنه إن زال عن رأيه علمت أنك أنت المنبه لَهُ فهم ذي الرياستين بذلك فما زلت أصوب رأيه الأول خوفاً من اتهام المأمون لي وَمَا غفلت أمري حَتَّى مضى أمر البيعة فسلمت من المأمون. عبد الله بن الطيب أبو الفرج الفيلسوف عراقي فيلسوف فاضل مطلع عَلَى كتب الأوائل وأقاويلهم مجتهد فِي البحث والتفتيش وبسط القول واعتنى بشروح الكتب القديمة فِي المنطق وأنواع الحكمة من تآليف أرسطوطاليس ومن الطب كتاب جالينوس وبسط القول فِي الكتب الَّتِي تولى شرحها بسطاً شافياً قصد بِهِ التعليم والتفهيم حَتَّى لقد رأيت من ينتحل هَذَا الصناعة يذمه بالطويل وَكَانَ هَذَا العائب يهودياً ضيق الفطن قَدْ وقف عَلَى عبارة ابن سينا فأما أنا وكل متصف فلا تقول إِلاَّ أن أبا الفرج بن الطيب قَدْ أحيى من هَذِهِ العلوم مَا دثر وأبان منها مَا خفي وَقَدْ تلمذ لَهُ جماعة سادوا وأفادوا منهم المختار بن

الحسن بن عبدون المعروف بابن بطلان قال ابن بطلان وشيخنا أبو الفرج عبد الله بن الطيب بقي عشرين سنة فِي تفسير مَا بعد الطبيعة ومرض من الفكر فِيهِ مرضة كَاد يلفظ نفسه فِيهَا وهذا يدلك عَلَى حرصه واجتهاده وطلب العلم لعينه ولولا ذَلِكَ لما تكلف عاش إِلَى بعد العشرين والأربعمائة وقيل لي مات سنة خمس وثلاثين وأربعمائة. عبد الله بن شاكر بن أبي المطهر المعداني يلقب شمس الدين فاضل كامل لَهُ يد طولى فِي الهندسة وعلم النجوم وَلَهُ أدب وشعر فارسي حسن وعربي لا بأس بِهِ مات فِي حدود سنة سبعين وخمسمائة بأصبهان. عبيد الله بن الحسن أبو القاسم المعروف بغلام زحل المنجم مقيم ببغداد من أفاضل لحساب والمنجمين أصحاب الحجج والبراهين وَلَهُ يد طولى فيما يعانيه من هَذَا الشان وَكَانَ صديقاً لأبي سليمان المنطقي ومحاضراً لَهُ وَكَانَ أبو سليمان المنطقي كثير الشكر لَهُ والذكر لما يورد فمن ذَلِكَ مَا ذكر أنه اجتمع يوماً عند أبي سليمان جماعة من سادة علماء علم الأوائل وأخذوا فِي المذاكرة فذكروا علم النجامة وقالوا هي من العلوم الَّتِي لا تجدي فائدة ولا يصح لَهَا حكم وكان فِي الجماعة أبو زكريا الضيمري والنوشجاني أبو الفتح وأبو محمد العروضي والمقدسي والقومسي وغلام زحل وكل واحد من هؤلاء إمام فِي شأنه وفرد فِي صناعته فأطالوا القول فِي ذَلِكَ واحتجوا وأخذ بهم القول فِي كل مسلك فقال النوشجاني أَيُّهَا القوم اختصروا الكلام وقربوا البغية فإن الإطالة مصدة عن الفائدة مضلة للفهم والفطنة هل تصح الكلام فقال غلام زحل عن هَذَا جواب يستتب عَلَى كل وجه فقيل وَلَمْ بَيْنَ فقال لأن صحتها وبطلانها متعلقان بآثار الفلك وَقَدْ يقتضي شكل الفلك فِي زمان أن لا يصح منها شيء وإن غيص عَلَى دقائقها وبلغ إِلَى أعماقها وَقَدْ يزول ذَلِكَ الشكل فيجيء زان لا يبطل منها شيء فِيهِ وإن قورب فِي الاستدلال وقد يتحول هَذَا الشكل فِي وقت آخر إِلَى أن يكثر الصواب فِيهَا أَوْ الخطأ ويبقى زماناً ومتى وقف الأمر عَلَى هَذَا الحد لَمْ ينبت عَلَى قول قضاء ولا وثق بجواب فقال أبو سليمان المنطقي هَذَا احسن مَا يمكن أن يقال فِي الباب

ولغلام زحل من التصانيف. كتاب التسييرات مقالة. كتاب الشعاعات مقالة. كتاب أحكام النجوم. كتاب التسييرات والشعاعات الكبير. كتاب الاختيارات. كتاب الجامع الكبير. كتاب الأصول المجردة وقال هلال بن المحسن فِي كتابه فِي سنة ست وسبعين وثلاثمائة فِي يوم السبت الثالث من المحرم توفي أبو القاسم عبيد الله بن الحسن المعروف بغلام زحل المنجم وَكَانَ محذقاً. عبد الرحمن بن إسماعيل بن بدر المعروف بالإقليدس الأندلسي كَانَ هَذَا الرجل متقدماً فِي علم الهندسة معتنياً بصناعة المنطق وَلَهُ تآليف مشهورة فِي اختصار الكتب المنطقية الثمانية حكى ابن أخته أبو العباس أحمد بن أبي حاتم انه رحل عن الأندلس إِلَى المشرق فِي أيام الحاجب المنصور بن أبي عامر وتوفي هناك. عبد الرحمن بن محمد بن عبد الكريم بن يحيى بن واقد اللخمي الأندلسي أحد أشراف أهل الأندلس عني عنائة بالغة بقراءة كتب جالينوس وطالع كتب أرسطوطاليس وغيره من الفلاسفة وتمهر بعلم الأدوية المفردة حَتَّى فهم مَا تضمنه كتاب ذيوسقوريذس وكتاب جالينوس المؤلفين فِي الأدوية المفردة ورتبه أحست ترتيب وهو مشتمل عَلَى قريب من خمسمائة ورقة وَلَهُ فِي الطب منزع لطيف ومذهب ظريف وذلك أنه لا يرى التداوي بالأدوية مَا أمكن التداوي بالأغذية أَوْ مَا كَانَ منها قريباً فإذا دعت الضرورة إِلَى الأدوية فلا يرى التداوي بمركبها مَا وصل إِلَى الشفاء بمفردها فإن اضطر إِلَى المركب منها لَمْ يكثر التركيب بل اقتصر عَلَى مَا يمكنه منه وَلَهُ نوادر محفوظة وغرائب مشهورة فِي الإبراء من العلل الصعبة بأيسر علاج وأقربه وَكَانَ قريباً من وسط المائة الخامسة متوطناً طليطلة وذكر أنه ولد فِي ذي الحجة سنة تسع وثمانين وثلاثمائة. عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سهل الصوفي أبو الحسين

الرازي الفاضل الكامل النبيه النبيل صاحب الملك عضد الدولة فناخسرو شاهنشاه بن بويه ومصنف الكتب الجليلة فِي علم الفلك وَكَانَ من أهل لسا فارسي النسبة ولد بالري وَكَانَ عضد الدولة يقول إذَا افتخر بالعلم والمعلمين معلمي فِي النحو أبو علي الفارسي النسوي ومعلمي فِي حل الزيج الشريف ابن الأعلم ومعلمي فِي الكواكب الثابتة وأماكنها وسيرها الصوفي. ومن تصانيفه. كتاب الكواكب الثابتة مصوراً. كتاب الأرجوزة فِي الكواكب الثابتة مصوراً. كتاب التذكرة ومطارح الشعاعات. قال هلال بن المحسن فِي كتابه فِي سنة ست وسبعين وثلاثمائة فِي الثالث عشر من المحرم يوم الثلاثاء توفي أبو الحسين عبد الرحمن بن عمر الصوفي فِي منجم عضد الدولة وَكَانَ مولده بالري فِي الليلة الَّتِي صيحتها يوم السبت الرابع عشر من المحرم سنة إحدى وتسعين ومائتين. عبد الرحمن بن عبد الكريم السرخسي الطبيب المدعو بثقة الدين شرف الإسلام طبيب فِي زمننا هَذَا الأقرب من أهل سرخس انتهت إِلَيْهِ رئاسة هَذِهِ الصناعة فِي تِلْكَ المدينة ولما اجتاز بِهِ ابن خطيب الري المدعو بالفخر الرازي وذلك فِي حدود سنة ثمانين وخمسمائة نزل عَلَيْهِ فأكرمه وقام بحقه مدة مقامه بسرخس وذلك حين اجتيازه إِلَى مَا وراء النهر لقصد بني مازة ببخارى طالباً منهم مَا يقوم بأمره وَلَمْ يجد عندهم ذَلِكَ ولما أكرمه هَذَا الطبيب أراد أن يفيده مما لديه فشرع لَهُ فِي الكلام عَلَى القانون وشرح المستغلق من ألفاظه ووسمه باسمه وذكره فِي مقدمته ووصفه وأنني عَلَيْهِ وقال فرتبته وجعلته باسم الشيخ الإمام الفاضل الحكيم المحقق ثقة الدين شرف الإسلام سيد الحكماء والأطباء عبد الرحمن بن عيد الكريم السرخسي حرس الله أيامه فإنه بعد أن تحلى بالعلم الكثير والفضل الغزير والطريقة الفاضلة الرضية والسنة السنية كثر إحسانه إليَّ وإنعامه عليّ وطال انجذاب خاطره إِلَى مَا يتعلق بصلاح حالي وفراغ بالي حالتي إقامتي وترحالي فأردت أن أكتب هَذَا الكتاب باسمه لأغراض ثلاثة الأول أن كثيراً من هَذِهِ المباحث تلخصت بمحاورته وتهذبت بمناقشته ومشافهته والثاني ليكون قضاء لبعض حقوقه والثالث لوثوقي بقوته فِي هَذَا العلم وأصوله لا سيما عَلَى أبواب هَذَا الكتاب وفصوله فعرفت أنه الَّذِي يعرف قدر مَا استخرجته من النكت العلمية والغرائب الحمية الَّتِي لا توجد في شيء من المصنفات الَّتِي

للقدماء والمتأخرين وَلَمْ يشتمل عَلَيْهَا كتاب أحد من السالفين والسابقين. عبد الودود الطبيب الأندلسي ولد فِي بلنسية وهاجر إِلَى العراق وخراسان وعرف عند السلاطين فِي عصر السلطان محمد بن ملكشاه وهو الَّذِي يقول فِيهِ بعض أهل العصر وَقَدْ ضمن شعره شيئاً من شعر المتنبي: عبد الودود طبيب طبه حسن ... أحيا وأيسر مَا قاسيت مَا قتلا لولا تطببه فينا لما وجدت ... لَهَا المنايا إِلَى أرواحنا سبلا عبد السلام بن عبد القادر بن أبي صالح جنكي دوست بن أبي عبد الله الجيلي البغدادي المدعو باركن من بيت تصوف وتعبد وخبره مشهور مذكور وَكَانَ عبد السلام هَذَا قَدْ قرأ علوم الأوائل وأجادها واقتنى كتباً كثيرة فِي هَذَا النوع واشتهر بهذا الشأن شهرة تامة وَلَهُ تقدم فِي الدولة الإمامية الناصرية وحصل لَهُ بتقدمه حسد من أرباب الشر فثلبه أحدهم بأنه معطل وانه يرجع إِلَى أقوال أهل الفلسفة فِي قواعد هَذَا الشأن فأوقعت الحفظة عَلَيْهِ وَعَلَى كتبه فوجد فِيهَا الكثير من علوم القوم وبرزت الأوامر الناصرية بإخراجها إِلَى موضع ببغداد يعرف بالرحبة وأن تحرق بحضور الجمع الجم منها ففعل ذَلِكَ وأحضر لَهَا عبيد الله التيمي البكري المعروف بابن المارستانية وجعل لَهُ منبر صعد عَلَيْهِ وخطب خطبة لعن فِيهَا الفلاسفة ومن يقول بقولهم وذكر الركن عبد السلام هَذَا بشر وَكَانَ يخرج الكتب الَّتِي لَهُ كتاباً كتاباً فيتكلم عَلَيْهِ ويبالغ فِي ذمه وذم مصنفه ثُمَّ يلقيه من يده لمن يلقيه فِي النار. اخبرني الحكيم يوسف السبتي الإسرائيلي قال كنت ببغداد يومئذ تاجراً فحضرت المحفل وسمعت كلام ابن المارستانية وشاهدت فِي يده كتاب الهيئة لابن الهيثم وهو يشير إِلَى الدائرة الَّتِي مثل بِهَا الفلك وهو يقول وهذه الداهية والداهية والنازلة الصماء والمصيبة العمياء وبعد تمام كلامه خرقها وألقاها إِلَى النار قال فاستدللت عَلَى جهله وتعصبه إذ لَمْ يكن فِي الهيئة كفر وإنما هي طريق إِلَى الإيمان ومعرفة قدرة الله

جل وعز فيما أحكمه ودبره واستمر الركن عبد السلام فِي السجن معاقبة عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن أفرج عنه فِي يوم السبت رابع عشر شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وخمسمائة وأعيد عَلَيْهِ مَا كَانَ لَهُ بعد الَّذِي ذهب وعاش بعد ذَلِكَ عمراً طويلاً. عبد الرحيم بن علي بن المرزبان أبو أحمد الطبيب المرزباني كَانَ من أهل أصبهان عالماً فاضلاً بعلم الشريعة وعلم الطبيعة تقدم فِي الدولة البويهية وَكَانَ قاضياً بتستر وخوزستان وكان إِلَيْهِ أمر البيمارستان بمدينة السلام وَلَمْ يزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن توفي بتستر فِي جمادى سنة ست وتسعين وثلاثمائة. عبد الحميد بن واسع أبو الفضل هَذَا رجل حاسب عالم بصناعة الحساب مقدم فِيهَا مذكور بَيْنَ أهلها ويعرف بابن ترك الجيلي ويكنى أبا محمد أيضاً لَهُ فِي الحساب تصانيف مشهورة مستعملة منها. كتاب الجامع فِي الحساب يحتوي عَلَى ستة كتب. كتاب نوادر الحساب وخواص الأعداد. علي بن عبد الرحمن بن يونس بن عبد العلي المصري المنجم كَانَ والده عبد الرحمن بن يونس محدث مصر ومؤرخها وأحد العلماء المشهورين بِهَا وجده يونس بن عبد الأعلى صاحب الشافعي وَعَلَى هَذَا من المتخصصين بعلم النجوم وَلَهُ مع هَذَا أدب وشعر اختص بصحبة الحاكم وألف لَهُ الزيج الكبير عليه السلام رصد رصده وَكَانَ قصده فِيهِ تحرير زيج جامع كبير يدل عَلَى أن صاحبه كَانَ أعلم الناس بالحساب والتسيير. علي بن أماجور وريما قيل فِي اسم أبيه ماجور بغير همزة أحد العلماء بحركات الكواكب والمعانين لأرصادها وأهل هَذَا الشأن يستدلون بقوله ويرجعون إِلَى مَا رصده وحققه.

علي بن رين الطبري الطبيب أبو الحسن فاضل فِي صناعة الطب وَقَدْ كَانَ بطبرستان يتصرف فِي خدمة ولاتها ويقرأ علم الحكمة وانفرد بالطبيعيات وجرى بطبرستان فتنة أخرجه أهلها إِلَى الري فقرأ عَلَيْهِ محمد بن زكريا الرازي واستفاد منه علماً كثيراً ثُمَّ رحل إِلَى سر من رأى فأقام بِهَا وصنف كتابه المسمى بفردوس الحكمة وهو كتاب مختصر جميل التصنيف لطيف التأليف وهو سبعة أنواع يحتوي عَلَى ثلاثين مقالة والمقالات تحتوي عَلَى ثلاثمائة وستين كتاباً وَلَهُ كتاب. تحفة الملوك. كتاب كناش الحضرة. كتاب منافع الأطعمة والأشربة والعقاقير. وذكره محمد بن إسحاق النديم فِي كتابه فقال أبو الحسن علي بن ربن وهو ابن سهل الطبري وربن اسم سهل لأنه كَانَ من ربين اليهود وَكَانَ عَلَى هَذَا يكتب للمازيار بن قارن فلما اسلم عَلَى يد المعتصم قربه وظهر بالحضرة فضله وأدخله المتوكل فِي جملة ندمائه. علي بن العباس المجوسي طبيب فاضل كامل فارسي الأصل يعرف بابن المجوس قرأ عَلَى شيخ فارسي يعرف بابن ماهر وطالع هو واجتهد لنفسه ووقف عَلَى تصانيف المتقدمين وصنف للملك عضد الملك الدولة فناخسرو بن بويه كناشة المسمى بالملكي وهو كتاب جليل وكناش نبيل اشتمل عَلَى علم الطب وعمله حسن الترتيب مال الناس إِلَيْهِ فِي وقته ولزموا درسه إِلَى أن ظهر كتاب القانون لابن سينا فمالوا إِلَيْهِ وتركوا الملكي بعض الترك والملكي فِي العمل أبلغ والقانون فِي العلم أثبت.

علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح الأندلسي أبو محمد أصل آبائه من قرية إقليم الرواية من كورة نبلة من غرب الأندلس وسكن هو وأبوه قرطبة وتالا فِيهَا جاهاً عريضاً وَكَانَ أبوه عمر أحمد بن سعيد أحد سعيد العظماء من وزراء المنصور محمد بن عبد الله بن أبي عامر ووزر لابنه المظفر بعده وَكَانَ ابنه الفقيه أبو محمد هَذَا وزيراً لعبد الرحمن المستظهر بالله بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر لدين الله ثُمَّ نبذ هَذِهِ الطريقة وأقبل عَلَى قراءة العلوم وتقييد الآثار والسنن وعني بعلم المنطق وألف فِيهِ كتاباً سماه كتاب التقريب لحدود المنطق بسط فِيهِ القول عَلَى تبيين طرق المعارف واستعمل فِيهِ أمثلة فقيهة وجوامع شرعية وخالف أرسطوطاليس واضع هَذَا العلم فِي بعض أصوله مخالفة من لَمْ يفهم غرضه فكتابه من أجل هَذَا كثير الغلط بَيْنَ السقط وأوغل بعد هَذَا فِي الاستكثار من علوم الشريعة حَتَّى نال منها مَا لَمْ ينله أحد قط بالأندلس قبله وصنف فِيهِ مصنفات كثيرة العدد شريفة المقصد معظمها فِي أصول الفقه وفروعه عَلَى مذهبه الَّذِي ينتحله وهو مذهب داود بن علي بن خلف الأصفهاني ومن قال بقوله من أهل الظاهر وذكر ابنه أبو رافع الفضل أن مبلغ تآليف أبي محمد هَذَا فِي الفقه والحديث والأصول والتاريخ والنحل والملل ولادب وغير ذَلِكَ نحو أربعمائة مجلد تشتمل عَلَى قريب من ثمانين ألف ورقة وَلَهُ نصيب وافر من النحو واللغة وقرض الشعر والخطابة ولد فِي آخر يوم من شهر رمضان سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وتوفي سلخ شعبان سنة ست وخمسين وأربعمائة. علي بن أحمد العمراني الموصلي العالم بالحساب والهندسة

وَكَانَ فاضلاً جماعاً للكتب يقصده الناس للاستفادة منه ومنها يأتي إِلَيْهِ الطلبة من البلاد النازحة للقراءة عَلَيْهِ توفي فِي سنة أربع وأربعين وثلاثمائة وَلَهُ من الكتب. كتاب شرح كتاب الجبر والمقابلة لأبي كامل شجاع بن أسلم الحاسب المصري. كتاب الاختيارات. عدة كتب فِي النجوم وَمَا يتعلق بِهَا. علي بن عبد الله بن أماجور كَانَ فاضلاً هذبه أبوه وادبه بهذا الشأن وَلَهُ تصانيف. علي بن أحمد الأنطاكي أبو القاسم المجتبي من أهل أنطاكية واستوطن بغداد إِلَى أن توفي بِهَا وَكَانَ من أصحاب عضد الدولة بن بويه المقدمين عنده يقوم بعلم العدد والهندسة غير مدافع فِي ذَلِكَ وَلَهُ من هَذَا النوع تصانيف جليلة وَكَانَ مشاركاً فِي علوم الأوائل مشاركة جميلة وَكَانَ فصيح اللسان عذب البيان إِذَا سئل أبان وأتى بالمعاني الحسان وَلَهُ تصانيف شريفة منها. كتاب التخت الكبير فِي الحساب الهندي. كتاب الحساب عَلَى التخت بلا محو. كتاب تفسير الارتماطيقي. كتاب شرح إقليدس. كتاب استخراج التراجم. كتاب الموازين العددية. كتاب الحساب بلا تخت بل باليد. وذكر هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابئ فِي كتابه ف سنة ست وسبعين وثلاثمائة فِي يوم الجمعة الثالث عشر من ذي الحجة توفي أبو القاسم علي بن أحمد الأنطاكي الحاسب المهندس. عَلَى الرقي هَذَا طبيب مذكور عالم بصناعة الطب وَقَدْ فسر مسائل حنين بن إسحاق فِي الطب وذكر عنه أنه مَا كَانَ يفسر إِلاَّ إِذَا سكر وهذا الفعل نادر وسبب ذَلِكَ أن يكون الدماغ مائلاً إِلَى البرد فإذا أسخنه بخار النبيذ تحرك وقوي عَلَى الفعل. علي بن الحسن أبو القاسم العلوي المعروف بابن الأعلم صاحب الزيج رجل شريف عالم بعلم الهيئة وصناعة التسيير مذكور مشهور فِي

وقته وَكَانَ قَدْ تقدم عند عضد الدولة يقف الملك عند إشاراته فِي الاختيارات ويرجع إِلَى قوله فِي أنواع التسييرات وعمل زيجه المشهور الَّذِي عَلَيْهِ أهل زمانه فِي وقته وبعد زمانه إِلَى أواننا ها ولما توفي عضد الدولة تقصت حاله وتأخر أمره عند صمصام الدولة ولده القائم بالأمر من بعده فانقطع عنهم وأقام منقطعاً وحج فِي شهور سنة أربع وسبعين وثلاثمائة وقضى الحج وعاد فمات بمنزلة تعرف بالعسيلة فِي يوم الأحد الثامن من المحرم سنة خمس وسبعين وثلاثمائة رحمه الله تعالى. علي بن الراهبة كَانَ طبيباً للمتقى وهو كبير القدر يكرمه المتقى ويحترمه وَكَانَ هو وبختيشوع وأتوش وثابت بن سنان بن ثابت يشتركون فِي طب المتقى. علي بن إبراهيم بن بكش أبو الحسن كَانَ طبيباً فاضلاً ماهراً بصناعة الطب متقناً لَهَا غاية الإتقان ولما عمر عضد الدولة البيمارستان ببغداد جمع الأطباء من الآفاق فاجتمع فِيهِ أربعة وعشرون طبيباً وَكَانَ من جملتهم أبو الحسن عَلَى هَذَا وَكَانَ يدرس فِيهِ الطب ويفيده الطالبين وَكَانَ مكفوفاً وَكَانَ قليل التصنيف إِلاَّ أنه عمل مقالات صغاراً ولوالده كناش متوسط مَا بَيْنَ الكبير والصغير. وذكر هلال بن المحسن الصابئ فِي كتابه قال وَفِي ليلة الجمعة لأربع بقين من ذي القعدة سنة أربع وتسعين وثلاثمائة توفي أبو الحسن علي بن إبراهيم بن بكش المتطبب وَكَانَ عارفاً محذقاً وَقَدْ قرأ من الكتب شيئاً كثيراً وَلَمْ يخلف بعده مثله لكنه كَانَ بصيراً فإذا أراد معرفة سحنات الوجوه وجال بول المرضى عول عَلَى من يكون معه من تلامذته فِي وصف ذَلِكَ لَهُ وَكَانَ لا يرى ولا يتصرف إِلاَّ شارب نبيذ وهو مع هَذِهِ المناقضة منه مبرز فِي علمه وعمله. علي بن إسماعيل أبو الحسن الجوهري المنعوت بعلم الدين البغدادي المعروف بالركاب سالار علم فِي العلم والذكاء والفهم بارع فِي علم الهندسة والرياضيات من ظرفاء بغداد وفضلائها حكيم النفس فيما يعمله ويستعمله من الآلات الفلكية والملح الهندسية وبأيدي الناس من عمله ومستعمله كل طرفة لطيفة وتحفة ظريفة وَلَهُ شعر فائق وأدب رائق ومن شعره: تحسن بأفعالك الصالحات ... ولا تعجبن بحسن بديع

فحسن النساء جمال الوجوه ... وحسن الرجال جميل الصنيع وَلَهُ أيضاً: فلا تحسبوا أتي تغيرت بعدكم ... عن العهد لا كَانَ الغير للعهد غرامي غرامي والهوى ذَلِكَ الهوى ... ووجدي لكم وجدي وودي لكم ودي وَلَيْسَ محباً من يدوم وداده ... مع الوصل لكن من يدوم مع الصد علي الطبيب الإفريقي مرتزق بالطب فِي الدولة الحمادية وَلَهُ شعر وأدب فمن شعره: يَا جملة الحسن هب لي منك إحساناً ... إني أحبك أسراراً وإعلانا أصبحت عبدك أبغي بكم بدلاً ... ولا أحب سواك الدهر إنسانا علي بن النضر المعروف بالأديب هَذَا القاضي من الصعيد الأعلى وَلَهُ فِي علوم الأوائل والأدب القدح الأعلى والقدر الأغلى مشهور الذكر سائر النظم والنثر ولما ذكر أبو الصلت فِي رسالته منجمي مصروعاً بهم قال وأما المنجمون الآن بمصرفهم أطباؤها كما حذيت النعل بالنعل لا يتعلق أمثلهم من علم النجوم بأكثر من زائجة يرسمها ومراكز يقومها وأما التبحر ومعرفة الأسباب والعلل والمبادئ الأول فليس منهم من يرقي إِلَى هَذِهِ الدرجة ويسمو إِلَى هَذِهِ المنزلة ويحلق فِي هَذَا الجو ويستضيء بهذا الضوء مَا خلا القاضي أبا الحسن علي بن النضر المعروف بالأديب فإنه كَانَ من الأفاضل الأعيان المعدودين من حسنات الزمان ذوي الأدب الجم والعلم الواسع والفضل الباهر والنثر الرائع والنظم البارع وَلَهُ فِي سائر أجزاء الحكمة اليد الطولى والتربة الأولى ولقد كَانَ ورد يلتمس من وزيرها الملقب بالأفضل تصرّفاً وخدمة فخاب فِيهِ أمله وأخفق سعيه فقال من قصيدة يعاتب فِيهَا الزمان ويشكو الخيبة والحرمان: بَيْنَ التعزز والتذلل مسلك ... بادي المنار لعين كل موفق فاسلكه فِي كل المواطن واجتنب ... كبر الأبيّ وذلة المتملق ولقد جلبت من الصنائع خيرها ... لأجل منار وأكرم منتقي ورجوت خفض العيش تَحْتَ ظلاله ... لا بد أن نفقت وإن لَمْ تنفق ظناً شبيهاً باليقين وَلَمْ أخل ... أن الزمان بِهَا سقاني مشرقي ومنها بعد أبيات:

لأقارعن الدهر دون مروئي ... وحرمت عز النفس إِن لَمْ أصدق علي بن أحمد بن علي أبو الحسن يعرف بابن الهبل الطبيب ولد ببغداد ونشأ بِهَا وقرأ فِيهَا الأدب والطب وسمع وروى عن مشائخ وقته ثُمَّ سار إِلَى الموصل وخرج إِلَى أذربيجان وأقام بخلاط عند صاحبها شاه أرمن يطببه وقرأ الناس عَلَيْهِ هناك الحكمة والأدب وفارق تِلْكَ الديار لسبب وهو أن بعض الطشت دراية قال لَهُ يوماً وَقَدْ نظر إِلَى قارورة الملك فِي بعض أمراضه يَا حكيم لولا تذوقها فسكت عنه فلما انفصل عن المجلس قال لَهُ فِي خلوة قولك هَذَا اليوم عن أصل من قول غيرك أَوْ من شيء خطر لَكَ فقال إنما خطر لي لأني سمعت أن ذوق القارورة من شروط اختبارها فقال لَهُ الأمر كذلك ولكن لا فِي كل الأمراض وَقَدْ أسأت إليَّ بهذا القول لأن الملك إِذَا سمع هَذَا ظن أنني قَدْ أخللت بشرط واجب من شروط خدمته وقوانين الصناعة فِيهَا ثُمَّ أنه عمل عَلَى الخروج لأجل هَذِهِ الحركة والخوف من عاقبتها بعد أن رشي الطشت دار حَتَّى لا يعود إِلَى مثلها وخرج وعاد إِلَى الموصل وَقَدْ تمول فأقام بِهَا إِلَى حين وفاته وحدث بِهَا وأفاد وعمر حنة عجز عن الحركة فلزم منزله قبل وفاته بسنين وَكَانَ الناس يترددون إِلَيْهِ ويقرؤون عَلَيْهِ وسئل عن مولده فقال ولدت ببغداد بباب الأزج فِي الثالث والعشرين من ذي القعدة سنة خمس عشر وخمسمائة وتوفي بالموصل ليلة الأربعاء ثالث عشر من المحرم سنة عشر وستمائة وَلَهُ كتاب فِي الطب سماه المختار رأيته فِي أربع مجلدات وَلَهُ غير ذَلِكَ. علي بن يقظان السبتي طبيب شاعر أديب أصله من سبتة ذكره بعض أهل مصر فقال ورد إِلَى البلاد المصرية سنة أربع وأربعين وخمسمائة ومضى منها إِلَى اليمن وسافر إِلَى الشرق وزار العراق ودار الآفاق وَلَهُ من قصيدة فِي الوزير الجواد جمال الدين أبي جعفر محمد بن علي بن أبي المنصور الأصفهاني بالموصل:

أإخواننا مَا حلت عن كرم العهد ... فيا ليت شعري هل تغيرتم بعدي وكم من كؤوس قَدْ أدرت بودكم ... فهل لي كأس بينكم دار فِي ودي أحي إِلَى مصر حنين متيم ... بِهَا مستهام القلب محترق الكبد أراهم بلحظ الشوق فِي كل بلدة ... كأنهم بالقرب مني أو عندي ول أن طعم الصبر جرعت فيهم ... لفضلته للحب فيهم علي الشهد فكم قَدْ قطعنا من مفاوز بعدهم ... وخضنا بِهَا الصعب المرام من الوهد إِلَى أن وصلنا الموصل الآن فانتهت ... بِنَا لجمال الدين القصد علي بن أحمد بن علي بن محمد بن دواس القنا الواسطي أبو الحسن قرأ علم الأوائل وانفرد بمعرفة علم النجوم وأجاد فِي ذَلِكَ واشتهر بِهِ ورحل إِلَى بغداد وأقام بِهَا أخذ عنه جماعة من أهلها وعرف بهذا النوع وتوفي ببغداد فِي شهر ربيع الآخر سنة اثني عشر وستمائة. علي بن علي بن أبي علي السيف الآمدي من أهل آمد ولد بِهَا بعد سنة خمسين وخمسمائة وقرأ عَلَى مشائخ بلده مذهب الشافعي ورحل إِلَى العراق وأقام فِي الطلب ببغداد مدة وصحب ابن بنت المنى المكفوف وأخذ عنه وأجاد عَلَيْهِ الجدل والمناظرة وأخذ علم الأوائل عن جماعة من نصارى الكرخ ويهودها وتظاهر بذلك فجفاه الفقهاء وتحاموه ووقعوا فِي عقيدته وخرج من العراق إِلَى مصر فدخلها فِي ذي القعدة من سنة اثنين وتسعين وخمسمائة ونزل فِي المدرسة المعروفة بمنازل العز الَّتِي كَانَ يتولى تدريسها الشهاب الطوسي وناظر وحاضر وأظهر بِنَا تصانيفه فِي علوم الأوائل ونقلت عنه وقرأها عَلَيْهِ من رغب فِي شيء من ذَلِكَ وقرئ عَلَيْهِ تصنيفه فِي أصول الدين وأصول الفقه ثُمَّ خرج عن مصر إِلَى الشام واستوطن دمشق بِهَا التدريس فِي مدرسة من

مدارسها وَلَمْ يزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى سنة إحدى وثلاثين وستمائة وَفِي هَذِهِ السنة استولى الملك الكامل عَلَى مدينة آمد فأخبر أن صاحبها الَّذِي انتقلت عنه كَانَ قَدْ راسل السيف فِي السر أن يصير إِلَيْهِ ويوليه قضاء آمد فأنكر عَلَيْهِ ذَلِكَ وكونه روسل وَلَمْ ينه ذَلِكَ فرفعت يده عن المدرسة وتعطل وأقام بمنزله شهوراً قليلة ومات وتصانيفه فِي الآفاق مرغوب فِيهَا فمن ذَلِكَ. كتاب الباهر فِي علم الأوائل خمس مجلدات. كتاب أبكار الأفكار فِي أصول الدين أربع مجلدات. كتاب الحقائق فِي علوم الأوائل ثلاث مجلدات. كتاب المأخذ عَلَى فخر الدين بن خطيب الري فِي شرح الإشارات مجلد. عمر بن الفرخان أبو حفص الطبري أحد رؤساء التراجمة والمتحققين بعلم حركات النجوم وأحكامها قال أبو معشر البلخي كَانَ عمر بن الفرخان الطبري عالماً حكيماً وَكَانَ منقطعاً إِلَى يحيى بن خالد بن برمك ثُمَّ انقطع إِلَى الفل بن سهل وَكَانَ بَيْنَ القمر والمريخ فِي مولد جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك درجات يسيرة فضربها عمر فِي اثني عشر فصح حكمه وَلَمْ يكن المنجمون يلتفتون إِلَى هَذَا الباب حَتَّى عمله عمر فصح ذَلِكَ وذكره أيضاً أبو معشر فِي كتاب المذكرات لشاذان بن بحر أن ذا الرياستين الفضل لبن سهل وزير المأمون استدعى عمر بن الفرخان من بلده ووصله بالمأمون فترجم لَهُ كتباً كثيرة وحكم بأحكام موجودة إِلَى اليوم فِي خزائن السلطان وألف لَهُ كتباً كثيرة فِي النجوم وغير ذَلِكَ من فنون الفلسفة منها. كتاب تفسير الأربع مقالات لبطليموس من نقل ابن يحيى البطريق. كتاب المحاسن. كتاب اتفاق الفلاسفة واختلافهم فِي خطوط. عمر بن محمد بن خالد بن عبد الجبار بن عبد الملك المرو الروذي لَهُ زيج مختصر عَلَى المذهب الَّذِي ظهر عَلَى يدي جده خالد بن عبد الملك المرو الروزي المتولي للرصد المأموني هو وسند بن علي ويحيى بن أبي

منصور والعباس بن سعيد الجوهري وَكَانَ عمر هَذَا أيضاً بعد من أصاب الأرصاد وَلَهُ من الكتب. كتاب تعديل الكواكب. كتاب صناعة الاصطرلاب المسطح. عمر بن عبد الرحمن بن أحمد بن علي الكرماني القرطبي الأندلسي أبو الحكم أحد الراسخين فِي علم العدد والهندسة رحل إِلَى ديار المشرق وانتهى منها إِلَى حران من بلاد الجزيرة وعني هنالك بطلب الهندسة والطب ثُمَّ رجع إِلَى الأندلس واستوطن مدينة سرقسطة من ثغرها وجلب معه الرسائل المعروفة برسائل إخوان الصفا وَلَمْ يعلم أن أحداً أدخلها الأندلس قبله وَلَهُ عناية بالطب وتجارب فاضلة فِيهِ ونفوذ مشهور فِي الكي والقطع والشق والبط وغير ذَلِكَ من أعمال الصناعة الطبية وتوفي بسرقسطة سنة ثمان وخمسين وأربعمائة وَقَدْ بلغ تسعين سنة أَوْ جاوزها بقليل. عمر بن أحمد بن خلدون أبو مسلم الحضرمي الإشبيلي الأندلسي من أشراف أهل إشبيلية كَانَ متصرفاً فِي علوم الفلسفة مشهوراً بعلم الهندسة والنجوم والطب متشبهاً بالفلاسفة فِي إصلاح أخلاقه وتعديل سيرته وتقويم سياسته وتوفي ببلده سنة تسع وأربعين وأربعمائة. عمر الخيام إمام خراسان وعلامة الزمان يعلم علم يونان ويحث عَلَى طلب الواحد الديان بتطهير الحركات البدنية لتنزيه النفس الإنسانية ويأمر بالتزام السياسة المدنية حسب القواعد اليونانية وَقَدْ وقف متأخر الصوفية عَلَى شيء من ظواهر شعره فنقلوها إِلَى طريقتهم وتحاضروا بِهَا فِي مجالساتهم وخلوتهم وبواطنها حيات للشريعة لواسع ومجامع للأغلال جوامع ولما قدح أهل زمانه فِي دينه وأظهروا مَا أسره من مكنونه خشي عَلَى دمه وأمسك من عنان لسانه وقلمه وحج متقاة لا تقية وأيدي أسرار من الأسرار غير نقية ولما حصل ببغداد سعى إِلَيْهِ أهل طريقته فِي العلم القديم فسد دونهم الباب النادم لا سد النديم

ورجع من حجه إِلَى بلده بروح إِلَى محل العبادة ويغدو ويكتم أسراره ولا بد أن تبدو وَكَانَ عديم القرين فِي علم النجوم والحكمة وبه يضرب المثل فِي هَذِهِ الأنواع لو رزق العصمة وَلَهُ شعر طائر تظهر خفياته عَلَى خوافيه وتكدر عرق قصده كدر خافيه فمنه: إِذَا رضيت نفسي بميسور بلغة ... يحصلها بالكد كفي وساعدي أمنت تصاريف الحوادث كلها ... فكن يَا زماني موعدي أَوْ مواعدي أليس قضي الأفلاك من دورها بأن ... تعيد إِلَى نحس جميع المساعد فيا نفس صبراً عن مقيلك إنما ... تخر ذراه بانقضاض القواعد عيسى بن علي بن عيسى بن داود بن الجراح أبو القاسم ولد الوزير إمام فِي فنون متعددة سمع الحديث الكثير ورواه وحضر مجلس روايته أجلاء الناس وَكَانَ قيماً يعلم الأوائل قرأ المنطق عَلَى يحيى بن عدي وأكثر الأخذ عنه وتحقق بِهِ وأفاد جماعة من الطلبة وناظر وحقق وسئل فِيهِ فأجاب أجوبة سادة لَمْ يخرج فِيهَا عن طريقة القوم ورأيت نسخة من السماع الطبيعي الَّتِي قرأها عَلَى يحيى بن عدي شرح يحيى النحوي وهي فِي غاية الجودة والحسن والتحقيق وَكَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا حواشٍ حصلت بالمناظرة حالة القراءة وهي يخطه وَكَانَ أشبه شيء يخط أبي علي بن مقلة فِي القوة والجران والطريقة وَكَانَتْ هَذِهِ النسخة فِي عشرة مجلدات كبار وَقَدْ حشاها بعد ذَلِكَ جورجيس اليبرودي بشرح ثامسطيوس للكتاب وَقَدْ كَانَ عيسى بن علي هَذَا تقدم فِي الدولة وخدم بعض الخلفاء كتابة وتوفي ببغداد فِي سحرة يوم الجمعة لليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة. عيسى بن أبي زرعة بن إسحاق بن زرعة بن مرقس بن زرعة بن يوحنا أبو علي النصراني المنطقي أحد المتقدمين فِي علم المنطق والفلسفة وأحد

النقلة المجودين ومولده ببغداد فِي ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة وَلَهُ تصانيف مذكورة منها. كتاب اختصار كتاب أرسطوطاليس فِي المعمور من الأرض. كتاب أغراض كتب أرسطوطاليس المنطقية. كتاب معاني ايساغوجي مقالة. كتاب فِي العقل مقالة لَمْ يخرج مما مقله من السرياني. كتاب النميمة مقالة. كتاب الحيوان لأرسطوطاليس. كتاب منافع أعضاء الحيوان بتفسير يحيى النحوي. كتاب سوقسطيا النص لأرسطوطاليس. مقالة مجهولة فِي الأخلاق. كتاب خمس مقالات من كتاب نيقولاؤس فِي فلسفة أرسطوطاليس قال هلال بن المحسن بن إبراهيم فِي كتابه فِي يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان من سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة توفي أبو علي بن زرعة النصراني المنطقي. عيسى بن أسيد النصراني العراقي تلميذ ثابت بن قرة الحراني وعنه أخذ وبه برع فِي فنونه وَكَانَ خبيراً بالنقل من السرياني إِلَى العربي وَكَانَ يتولى النقل بحضور ثابت بن قرة أستاذه وصنف. عيسى بن ماسه كَانَ طبيباً من الأطباء المتقدمين وَلَهُ تصانيف فِي ذَلِكَ منها. كتاب قوى الأغذية. كتاب من لا يحضره طبيب وَكَانَ مليح الطريقة فِي العلاج وكتابه فِي الأغذية يستدل منه عَلَى حسن طريقته فِي صناعته. عيسى بن قسطنطين أبو موسى الطبيب من أفاضل الأطباء المذكورين متصدر فِي هَذَا النوع مصنف. عيسى بن ماسرجيس طبيب لَهُ تصانيف منها. كتاب الألوان. كتاب الروائح والطعوم.

عيسى بن علي من تلاميذ حنين وَكَانَ فاضلاً مصنفاً مشهور التصنيف من ذَلِكَ. كتاب تذكرة الكحالين وعليها عمل أطباء النوع فِي كل زمان. كتاب المنافع الَّتِي تستفاد من أعضاء الحيوان. عيسى بن يحيى بن إبراهيم من تلاميذ حنين والناقلين المجيدين من اليوناني إِلَى العربي وَلَهُ تصنيف فِي الطب. عيسى بن صهاربخت طبيب من أهل جند يسابور لَهُ ذكر فِي وقته وتقدم فِي زمانه ومصنفات فِي الطب وهو تلميذ جورجيس بن بختيشوع الطبيب ولما طلب المنصور جورجيس بعد رجوعه إِلَى جند يسابور مريضاً وعوفي وجد عند الطلب ضعيفاً من سقطة سقطها من سطح داره فاعتذر من ذَلِكَ وتقدم إِلَى عيسى هَذَا بالمضي إِلَى المنصور فامتنع فسير عوضه إبراهيم تلميذه وبقي عيسى هَذَا فِي البيمارستان بجند يسابور مقيماً. عيسى بن شهلافا الجند يسابوري تلميذ جورجيس بن بختيشوع وَقَدْ تقدم ذكر عيسى هَذَا فِي أخبار جورجيس بن بختيشوع طبيب المنصور عند إحضاره من جند يسابور إِلَى بغداد وأحضر معه تلميذه هَذَا عيسى ولما مرض جورجيس واستأذن فِي العود إِلَى بلده جند يسابور خلف تلميذه هَذَا فِي خدمة المنصور فبدأ ببسط يده فِي التشاور والأذية خاصة عَلَى الأساقفة والمطارنة ومطالبتهم بالرشي وأخذ أموالهم وَكَانَ فِيهِ شرارة وطمع ولما خرج المنصور فِي بعض سفراته وصل إِلَى قريب نصيبين فكتب عيسى إِلَى مطران نصيبين يتهدده ويتوعده إِن منع عنه مَا التمسه وَكَانَ عيسى قَدْ التمس أن ينفذ لَهُ من آلات البيعة أشياء جليلة ثمينة لَهَا قدر وكتب فِي كتابه إِلَى المطران أليس تعلم أن أمر الملك فِي يدي إن أردت أمرضته وإن أردت شفيته فلما وقف المطران عَلَى الكتاب احتال فِي التوصل إِلَى الربيع وشرح لَهُ صورة الحال وأقرأه الكتاب وأوصله الربيع إِلَى الخليفة ووقفه عَلَى حقيقة الأمر فأمر المنصور بأخذ جميع مَا يملكه عيسى المتطبب وتأديبه ونفيه ففعل بِهِ ذَلِكَ وتقى

أقبح لقى وهذا ثمرة الشر. عيسى الطبيب البغدادي المعروف بسوسة كَانَ هَذَا الطبيب فِي أيام المقتدر وقبلها ببغداد كَانَ يتطبب لزيدان القهرمانة وَكَانَ قبل ذَلِكَ يخدم أبا ... ابن الفرات وخدم بعده أخاه أبا الحسن الوزير وكان يحمل الرقاع بَيْنَ الوزراء وربما حملها إِلَى القهرمانة بوقيعة بعضهم فِي بعض ليعرض ذَلِكَ عَلَى الخليفة. عيسى بن الحكم هَذَا رجل من أهل دمشق من أرض الرشيد وَكَانَ خبيراً بالطب حسن المباشرة والمعالجة قال يوسف بن إبراهيم مولى إبراهيم المهدي نزلت عَلَى عيسى بن الحكم بمنزلة بدمشق فِي سنة خمس وعشرين ومائتين وبي منزلة صعبة فكان يغذوني بأغذية طيبة ويسقيني الماء بالثلج فكنت أنكر ذَلِكَ وأعلمه أن تِلْكَ الأغذية مضرة بالنزلة فيعتل عَلي بالهواء ويقول أنا أعلم بهواء بلدي وهذه الأشياء المضرة بالعراق نافعة بدمشق وكنت بما يغذوني فلما خرجت عن البلد خرج مشيعاً لي حَتَّى صرنا إِلَى الموضع المعروف بالراهب وهو الموضع الَّذِي فارقني فِيهِ فقال لي أعددت لَكَ طعاماً يحمل معك مخالف الأطعمة الَّتِي كنت تأكلها فِي منزلي وآمرك أن لا يشرب ماء بارداً أصلاً فلمته عَلَى مَا فعل فيما غذاني بِهِ فقال إنه لا يحسن بالعاقل أن يلزم قوانين الطب مع ضيفه فِي منزله قال يوسف بن إبراهيم قال لي عيسى بن الحكم وَقَدْ شيعني وهو آخر كلام دار بيني وبينه أن والدي توفي وهو ابن مائة وخمسين سنة وَلَمْ يتشنج لَهُ وجه وَلَمْ يتغير ماء وجهه لأشياء كَانَ يفعلها فاعمل أنت بِهَا وهي أن لا تذوق القديد ولا تغسل يديك ورجليك عند خروجك من الحمام إِلاَّ بماء بارد مَا يمكنك فالزم ذَلِكَ فإنك تنتفع بِهِ. عيسى بن يوسف المعروف بابن العطارة كَانَ متطبب القاهر وَكَانَ ثقته ومسيره وسفيره بينه وبين وزرائه وتقدم فِي وقته تقدماً كثيراً وشاركه فِي الطب سنان بن ثابت بن قرة وَكَانَ خصيصاً بالقاهر وَكَانَ عيسى أشد تقدماً منه. عيسى النفيسي الطبيب كَانَ من أطباء الأمير سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان وَكَانَ سيف الدولة إِذَا أكل الطعام وقف عَلَى مائدته أربعة

وعشرون طبيباً وَكَانَ فيهم من يأخذ رزقين لأجل تعاطيه علمين ومن يأخذ ثلاثة لتعاطيه ثلاثة علوم وَكَانَ فِي جملتهم عيسى هَذَا يأخذ أرزاق رزقاً للنقل من السرياني إِلَى العربي ورزقين آخرين بسبب علمين آخرين. عطارد بن محمد الحاسب رجل مشهور بأنواع علوم الهيئة مذكور فِي وقته مصنف وَلَهُ من التصانيف. كتاب تركيب الأفلاك. كتاب المرايا المحرقة. عبدوس بن زيد صاحب التذكرة كَانَ طبيباً حاذقاً خبيراً بعلامات الأمراض منذراً بِهَا قبل وقوعها جميل التحيل للبراء ولما اعتل القاسم بن عبيد الله فِي حياة أبيه وَكَانَ بِهِ مرض حاد فِي تموز وحصل بِهِ قولنج صعب وانفرد بعلاجه عبدوس بن زيد وسقاء ماء أصول الكرفس والرازاتج ودهن الخروع وطرح عَلَيْهِ شيئاً من ايارج فلما شربه سكن وجعه وقلقه وجاءه مجلسان وأفاق ثُمَّ أعطاه من غد ذَلِكَ اليوم ماء الشعير فاستظرف هَذَا منه. علوي الديري المنجم من أهل قرية من قرى صعيد مصر تعرف بدير البلاص شمالي فوص بنصف نهار فِي لحف جبل بوقيراط قرية نزهة غربي النيل لَهَا بساتين ونخل وَكَانَ علوي مقيماً بِهَا وَلَمْ يزل فِيهَا فِي دار لَهُ يقصده من يأخذ عنه علمه ويعمل التقاويم ويسيرها إِلَى أجلاء أهل البلد فيبر من جهتهم ويسير المواليد ويدقق النظر فِي ذَلِكَ ويعرف من المنطق كتاب ايساغوجي شرح متى لا يتعداه فِي سواه ويدعي أنه رصد كوكباً ووقف لَهُ وأخدمه الكوكب بعض روحانيته وَكَانَ يقول أن اسم الروحاني أبو الورد وَكَانَ يدعي أنه يستخدم الجن ويبرئ المعتوه من المس واجتمعت بِهِ بدير البلاص لإبراء نسيب لي كَانَ قَدْ أسكت وأدركته بهتة فلم يأت بشيء وكنا قَدْ مضينا بِهِ إِلَى الدير فنزلنا بمسجد فِيهِ رجل مغربي بعلم الصبيان فلما كَانَ آخر النهار طلبنا مَا نعلفه الدواب فلم نجده بالقرية وتغير أهلها عنه خسة منهم وَلَمْ يكن الشيخ ممن يطلب منه شيء من ذَلِكَ لانقطاعه إِلَى سبب ضعيف فِي الارتزاق فسيرنا إِلَى قرية أخرى قاطع النيل اسمها ابنون من أحضر مَا أردناه بعد ليل وبتنا بالمسجد فلما كَانَ فِي أثناء الليل دق باب

المسجد ففتحناه فإذا رجل مشدود الوسط وبيده ضوء ومعه من يحمل جفنة كبيرة وَقَدْ عمل فِيهَا نبالة بدجاج متعدد وبيض إِلَى غير ذَلِكَ وأخذ فِي الاعتذار فسألناه من هو فقال أنا رجل غريب من أهل مصر نزلت هَذِهِ الضيعة من مدة مديدة ولي زوجة تغشى أهلكم بقفط ويشملها بركم اسمها أم سراج وَمَا علمت بقدومكم إِلاَّ بعد ليل وهي تعتذر من الغفلة فشكرناه عَلَى ذَلِكَ وأخذت لوحاً من ألواح الصبيان وكتبت فِيهِ عَلَى سبيل الهذل لا الجد: جزيت أم سراج كل مكرمة ... فليس فِي الدير للأضياف إلاك ولا سقى الله أرضاً قَدْ حللت بِهَا ... ودمت فِي نعمة الباري وحياك فأنت كالورد حل الشوك جانبه ... أباد ربي شوكاً حل مغناك وقرأها الجماعة وضحكوا منها وأردت محوها من اللوح وأنسبتها ورحلنا بصاحبنا بكرة النهار وهو عَلَى حاله لَمْ يزل عنه الألم ولما حضر الصبيان إِلَى الكتاب بعدنا رأوا الأبيات فقرؤوها وحفظوها وأنشدوها فِي طرقهم وسمعها المشائخ فعز عليهم مَا جرى وركبوا بجملتهم وجاؤوا مشايخ فقط شاكين من القول فيهم وأظهروا جزعاً من الهجو لعربية منهم فاعتذر الجماعة إليهم وعادوا منكرين ومات علوي فيما بلغني فِي حدود سنة خمس وتسعين وخمسمائة وَكَانَ لَهُ هناك ذكر.

حرف الغين المعجمة في أسماء الحكماء

حرف الغين المعجمة فِي أسماء الحكماء غراب الخطيب الصقلي هَذَا رجل من حكماء يونان من أهل جزيرة صقلية وَكَانَ عني من الفلسفة بصناعة الخطابة المنتجة للإقناع وقام بِهَا إِلَى أن مهر فِيهَا وتقدم عَلَى أهل زمانه وسار إِلَيْهِ الطلبة لاستفادة ذَلِكَ منه وَكَانَ من جملة قاصديه فتى من يونان يقال لَهُ تيسناس ورغب إِلَيْهِ فِي تعلم الخطابة وضمن لَهُ عن ذَلِكَ مالاً معيناً فأجاب برغبته وعلمه فلما لقتها حاول الغدر بِهِ ورام فسخ مَا وافقه عَلَيْهِ فقال لَهُ يَا معلم حد لي الخطابة فحد بأنها مفيدة الإقناع فتمسك بالحد وبنى عَلَيْهِ قياساً وقال إنني أناظرك الآن فِي الأجرة فإن أقنعتك بأني لا أدفعها إِلَيْكَ لَمْ أدفعها إذ قَدْ أقنعتك بذلك وأن لَمْ أقدر عَلَى إقناعك فلست أعطيك شيئاً لأني لَمْ أتعلم منك الخطابة الَّتِي هي مفيدة الإقناع فأجابه المعلم وقال أنا أيضاً أناظرك فإن أقنعتك بأنه يجب لي حقي منك أخذته أخذ من أقنع وإن لَمْ أقنعك فيجب أيضاً أخذه منك إذ قَدْ أنشأت تلميذاً يستظهر عَلَى معلمه فقال من حضر بيض ردي لغراب ردي أي تلميذ نكد ومعلم نكد.

حرف الفاء في أسماء الحكماء

حرف الفاء فِي أسماء الحكماء الفضل بن حاتم النبريزي إحدى بلاد فارس وتشبه بتبريز وَكَانَ الفضل متقدماً فِي علم الهندسة وهيئة الأفلاك وحركات النجوم وَلَهُ تآليف مشهورة منها. كتاب الَّذِي شرح فِيهِ كتاب المجسطي. وكتابه فِي شرح كتاب إقليدس. وزيج كبير عَلَى مذهب السند هند. وكتاب الزيج الصغير. كتاب سمت القبلة. كتاب تفسير كتب الأربعة لبطليموس. كتاب أحداث الجوالفّه للمعتضد. كتاب الآلة الَّتِي يعرف بِهَا بعد الأشياء. الفضل بن محمد بن عبد الحميد بن واسع أبو برزة الجبلي عالم بصناعة الحساب مقدم فِيهَا مقصود لأجلها مصنف فِي ذَلِكَ كتباً مفيدة منها. كتاب المعاملان. كتاب المساحة. الفضل بن نوبخت أبو سهل الفارسي الأصل مذكور مشهور من أئمة المتكلمين وذكر فِي كتب المتكلمين واستوفي نسبه من ذكره كمحمد بن إسحاق النديم وأبي عبد الله المرزباني وَكَانَ فِي زمن هارون الرشيد وولاه القيام بخزانة كتب الحكمة وَكَانَ ينقل من الفارسي إِلَى العربي مَا يجده من كتب الحكمة الفارسية ومعوله فِي علمه وكتبه عَلَى كتب الفرس وَلَهُ من التصنيف كتاب البهطمان فِي المواليد. كتاب الفأل النجومي. كتاب المواليد مفرد. كتاب التشبيه والتمثيل. كتاب المنتحل من أقاويل المنجمين فِي الأخبار والمسائل والمواليد وغيرها. فرات بن شحناثا اليهودي طبيب فاضل كامل فِي وقته متقدم

العهد ومات تياذوق الطبيب يرفعه عَلَى تلاميذه وَكَانَ قَدْ شاخ وكبر وخدم الحجاج بن يوسف وهو حدث وصحب فِي آخر عمره عيسى بن موسى العباسي ولي العهد فِي أيام المنصور وَكَانَ يشاوره فِي كل أموره ويعجبه عقله ورأيه وصواب قصده وَقَدْ مرت قطعة من رأيه ومشورته عَلَيْهِ فِي ترجمة موسى بن إسرائيل الكوفي اقتضى ذَلِكَ الموضع ذكرها ومات فرات هَذَا فِي أيام المنصور وَكَانَ عيسى بن موسى يتذكره بعد وفاته كلما وقع لَهُ شيء من الأمور الَّتِي كَانَ ينذره بوقوعها ويقول أبا فرات سقى عهدك كأنك كنت شاهداً يومنا هَذَا. الفتح بن نجبة الاصطرلابي مقيم ببغداد فاضل فِي عمل الآلات الفلكية منفرد فِي وقته بعمل الاصطرلاب وإحكامه وإجادة صنعته إِلَى أن كَانَ لا يعرف إِلاَّ بالاصطرلابي وتوف فِي ليلة يوم الأربعاء السادس من جمادى الأولى سنة خمس وأربعمائة. فرخانشاه بن نضير بن فرخانشاه المنجم هَذَا أعجمي نزل بغداد فِي الأيام الديلمية وَكَانَ خبيراً بصناعة النجامة متكلماً فِي علم حدثاتها توفي ببغداد لأربع بقين من جمادى الأولى سنة سبع وستين وثلاثمائة كذا ذكر هلال بن المحسن فِي كتابه. فرفوريوس الصوري من أهل مدينة صور من ساحل الشام وقيل كَانَ اسمه أمونيوس وغير وَكَانَ بعد زمن جالينوس وَلَهُ النباهة فِي علم الفلسفة والتقدم فِي معرفة كلام أرسطوطاليس وَقَدْ فسر من كتبه مَا ذكرناه فِي ترجمة أرسطوطاليس شكوا إِلَيْهِ ذَلِكَ من الأماكن النازحة عنه وذكروا سبب الخلل الداخل عليهم ففهم ذَلِكَ وقال كلام الحكيم يحتاج إِلَى مقدمة قصر عن فهمها طلبة زماننا لفساد أذهانهم وشرع فِي تصنيف كتاب ايساغوجي فأخذ عنه وأضيف إِلَى كتب أرسطوطاليس وجعل أولاً لَهَا وسار مسير الشمس إِلَى يومنا هَذَا. فمن تصانيفه. كتاب ايساغوجي. كتاب المدخل إِلَى القياسات الحملية نقله أبو عثمان الدمشقي. كتابان لَهُ إِلَى أن أتابوا. كتاب الرد لبخيوش فِي العقل والمعقول تسع مقالات يوجد سريانياً. كتاب أخبار الفلاسفة وجدت منه المقالة الرابعة بالسرياني. كتاب لاسطقسات مقالة يوجد بالسرياني.

فلوطرخس كَانَ فيلسوفاً مذكوراً فِي عصره يعلم جزءاً متوفراً من هَذَا الشأن وَلَهُ تصانيف مذكورة بَيْنَ فرق الحكماء منها. كتاب الآراء الطبيعية يحتوي عَلَى آراء الفلاسفة فِي الأمور الطبيعية خمس مقالات. كتاب الغضب. كتاب فيما دل عَلَيْهِ مدارة العدو والانتفاع بِهِ. كتاب الرياضة نقله قسطاً مقالة. كتاب فِي النفس مقالة. فلوطرخس آخر غير الأول كَانَ فيلسوفاً فِي وقته مصنفاً متفنناً صنف كتاب الأنهار وخواصها وَمَا فِيهَا من العجائب والجبال وغير ذَلِكَ. فلوطين هَذَا الرجل كَانَ حكيماً مقيماً ببلاد يونان لَهُ ذكر وشرح شيئاً من كتب أرسطوطاليس وذكره المترجمون فِي هَذَا النوع فِي جملة الشارحين لكتبه وخرج شيء من تصانيفه من الرومي إِلَى السرياني ولا أعلم أن شيئاً منها خرج إِلَى العربي والله أعلم. فيثاغورس الفيلسوف المشهور المذكور من فلاسفة يونان وحكمائهم كَانَ بعد أبيذقلس الحكيم زمان وأخذ الحكمة عن أصحاب سليمان بن داود النبي بمصر حين دخلوا إليها من بلاد الشام وَقَدْ كَانَ أخذ الهندسة قبلهم عن المضربين ثُمَّ رجع إِلَى بلاد يونان فأدخل إليهم علم الهندسة وَلَمْ يكونوا يعلمونها قبل ذَلِكَ وأخل إليهم علم الطبيعة أيضاً وعلم الدين واستخرج بذكائه علم الألحان وتأليف النغم وأوقعها تَحْتَ النسب العددية وادعى أنه استفاد ذَلِكَ من مشكاة النبوة وَلَهُ فِي نضد العالم وترتيبه عَلَى خواص العدد ومراتبه رموز عجيبة وأغراض بعيدة وَلَهُ فِي شأن المعاد مذاهب قارب فِيهَا أبيذقلس من أن عالماً فَوْقَ عالم الطبيعة روحانياً نورانياً لا يدرك العقل حسنه وبهاءه وأن الأنفس الزكية تحتاج إِلَيْهِ وأن كل إنسان أحسن تقويمه بالتبرؤ من العجب والتجبر والرياء والحسد وغيرها من الشهوات الجسدانية فقد صار أهلاً أن يلحق بالعالم الروحاني ويطلع عَلَى مَا شاع من جواهره من الحكمة الإلهية وأن الأشياء الملذة للنفس تأتيه حشداً إرسالاً كالألحان الموسيقية الآتية إِلَى حاسة السمع فلا يحتاج إِلَى أن يتكلف لَهَا طلباً ولفيثاغورس تآليف شريفة فِي الارتماطيقي والموسيقى وغير ذَلِكَ ومن تلاميذه المعروفين بِهِ حَتَّى نسب إِلَيْهِ طلباً لا زماناً فإن فيثاغورس قديم نيقورماخس أبو الفضل أرسطوطاليس وأخذ عنه علم العدد والنغم واشتهر

بعد ذَلِكَ ولا يعرف بَيْنَ حكماء يونان إِلاَّ بالفيثاغوري. فسطون العددي وبعهم يجعل موضع الفاء قافاً حكيم يوناني فِي آخر مملكة يونان وَكَانَ ذا يد باسطة فِي نوعي العدد والمساحة وَلَهُ فِي ذَلِكَ مصنفات مشهورة بَيْنَ أظهر أهل الشأن وَكَانَ فِي ومن بطليموس يدلس الملك المعروف بمحب الحكمة وكتابه معروف عند العجم بكتاب فسطون فِي الحساب إِلَى قلاوبطرة الملكة ولها القانون المنسوب إِلَيْهَا المختصر وهو قانون مبسوط سهل قريب المأخذ والمنفعة ويقال أنه من تصنيف فسطون لَهَا وتحلها إياه فادعته والله أعلم. فورون اللَّذِي هَذَا فيلسوف من فلاسفة يونان وَكَانَتْ حكمته هي الحكمة الأولى الَّتِي لَمْ يستقر أساسها وَكَانَ صاحب فرقة وَلَهُ جمع يتعلمون من الفلسفة الأولى الطبيعية الَّتِي كَانَ يذهب إِلَيْهَا فيثاغورس وثالس الملطي وعوام الطلبة من اليونانيين والمصريين وَكَانَتْ هَذِهِ الفلسفة شائعة من يونان إِلَى قبل زمن أرسطوطاليس بمائة سنة ذكر هَذَا أرسطوطاليس فِي كتابه فِي الحيوان فقال لما كَانَ منذ مائة سنة وذلك منذ زمن سقراط مال الناس عن الفلسفة الطبيعية إِلَى الفلسفة المدنية والفلسفة المدنية هي فلسفة سقراط وأفلاطون وأرسطوطاليس وَقَدْ صنف أناس من المتأخرين كتباً عَلَى مذهب فيثاغورس وأشياعه وانتصروا بِهَا للفلسفة الطبيعية القديمة وممن صنف فِي ذَلِكَ محمد بن زكريا الرازي لأنه كَانَ شديد الانحراف عن أرسطوطاليس لرأي ضعيف كَانَ يراه سأذكره فِي ترجمته إِن شاء الله تعالى وفرقة فورون هَذَا يعرفون بأصحاب اللذة لأنهم كانوا يرون أن الغرض المقصود إِلَيْهِ فِي تعلم الفلسفة اللذة التابعة لمعرفتها وهم من جملة الفرق السبع الذين ذكرنا أسباب ألقابهم فِي ترجمة أفلاطون. فنون الإسكندري وأحد علماء مصر فِي الزمن الأول من أهل الإسكندرية إمام فِي علم الرياضة قيم بعلم الأفلاك وحركات النجوم وهو صاحب الكتابين الجليلين فِي فنها أحدهما. كتاب القانون فإنه اختصر فِي تعديل الكواكب ومؤامرة تقويمها عَلَى رأي بطليموس فِي كتاب المجسطي وزاد فِيهِ حساب حركة إقبال الفلك وإدباره عَلَى رأي صاحب الطلسمات. والكتاب الآخر كتاب الأفلاك وذكر فِيهِ هيئة الفلك وعدد الأفلاك وكمية حركات الكواكب ذكرا

مرسلا مجرداً من البرهان عَلَى مَا ذهب إِلَيْهِ بطليموس فِي كتاب المجسطي وهو غاية فِي التقريب والإفهام. فاليس المصري وربما قيل واليس الرومي كَانَ حكيماً فاضلاً فِي الزمن الأول بعلوم الرياضة وأحكام وَلَهُ فِي ذَلِكَ المؤلفات الجميلة المشتملة من هَذَا النوع عَلَى المقاصد الجليلة وهو مؤلف الكتاب المشهور بَيْنَ أهل هَذِهِ الصناعة المسمى بالبريدج الرومي وفسره بزجمهر وَلَهُ تآليف فِي المواليد وَمَا يتقدمها من المدخل إِلَى علم أحكام المجوم وذكر عند الايدغر فِي كتابه المؤلف فِي المواليد أن كتبه العشرة فِي المواليد جامعة لقوة سائر الكتب ومن ادعى شيئاً خارجاً عن كتبه هَذِهِ فلا أصدق أنه كَانَ أَوْ يكون وَلَهُ من التصانيف غير مَا ذكرناه كتاب المسائل الكبير من كل نوع. كتاب السلطان. كتاب الأمطار. كتاب تحويل سني العالم. فليفريوس طبيب يوناني لَمْ يعلم فِي لي زمان كَانَ ولا ذكر أحد من المؤرخين لَهُ خبراً وإنما دلت عَلَيْهِ تصانيفه الَّتِي ذكرها وأثبتها فِي آخر جزء بخطه عمرو بن الفتح. فوليس الأجانيطي ويعرف بالقوتبلي طبيب مذكور فِي زمانه وَكَانَ خبيراً بعلل النساء كثير المعاناة لهن والقوابل يأتينه ويسألنه عن الأمور الَّتِي تحدث للنساء عقيب الولادة فينعم الجواب لهن ويجيبهن عن شكواهن بما يفعلنه تسمي بالقوابلي وزمنه بعد زمن جالينوس ومقامه بالإسكندرية وَكَانَ زمانه بعد زمن يحيى النحوي وكأنه فِي أول الملة الإسلامية ومن تصنيفه. كتاب الكناش فِي الطب نقل حنين سبع مقالات ويعرف بكناش الثرياء كتاب فِي علل النساء. فافليس الآمدي طبيب مذكور.

حرق القاف في أسماء الحكماء

حرق القاف فِي أسماء الحكماء قسطا بن لوقا البعلبكي فيلسوف شامي نصراني فِي الملة الإسلامية ثُمَّ فِي أيام بني العباس دخل إِلَى بلاد الروم وحصل من تصانيفهم الكثير وعاد إِلَى الشام واستدعى إِلَى العراق ليترجم كتباً ويستخرجها من لسان يونان إِلَى لسان العرب وعاصر يعقوب بن إسحاق الكندي وَكَانَ قسطاً متحققاً بعلم العدد والهندسة والنجوم والمنطق والعلوم الطبيعية ماهراً فِي صناعة الطب وَلَهُ تصانيف مختصرة بارعة فمنها. كتاب المدخل إِلَى الهندسة عَلَى المسألة والجواب بارع فِي فنه. كتاب المدخل إِلَى الهيئة وحركات الأفلاك والكواكب. كتاب الفرق بَيْنَ النفس والروح. أربعة كتب فِي الأخلاط الأربعة. كتاب المرايا المحرقة. كتاب الأوزان والمكاييل. كتاب السياسة ثلاث مقالات. كتاب موت الفجأة. كتاب الأعداء. كتاب أيام البحران. كتاب العلة فِي اسوداد الحبش وغيرهم. كتاب المروحة بالكرة النجومية. كتاب شرح مذاهب اليونانيين. كتاب قوانين الأغذية. كتاب شكوك كتاب إقليدس. كتاب الحمام. كتاب الفردوس فِي التاريخ. كتاب استخراج المسائل العددية. كتاب نوادر اليونانيين وذكر مذاهبهم وَلَهُ تصانيف غير مَا ذكرنا قال محمد بن إسحاق النديم كَانَ قسطا بن لوقا بارعاً فِي علوم كثيرة منها الطب والفلسفة والهندسة والأعداد والموسيقى لا يطعن عَلَيْهِ فصيحاً فِي اللغة اليونانية جيد العبارة العربية وتوفي بأرمينية عند بعض ملوكها ومن ثُمَّ أجاب أبا عيسى بن المنجم عن رسالته فِي نبوة محمد عَلَيْهِ الصلاة والسلام وثم عمل الفردوس فِي التاريخ

وقال بعض المؤرخين كَانَ قسطا بن لوقا فاضلاً فِي العلوم مليح الطريقة فِي التصنيف اجتذبه سنحاريب إِلَى أرمينية وأقام بِهَا وَكَانَ بِهَا أبو الغطريف البطريق من أهل العلم والفضل فحمل إِلَيْهِ قسطا كتباً كثيرة جليلة فِي أصناف العلوم سوى مَا حماه إِلَى غيره من أصناف شتى ومات هناك وبني عَلَى قبره قبة إكراماً لَهُ كإكرام قبور الملوك أَوْ رؤساء الشرائع قال فلو قلت حقاً أنه أفضل من صنف كتاباً لما احتوى عَلَيْهِ من العلوم والفضائل وَمَا رزق من اختصار الألفاظ وجمع المعاني. قينون الطبيب أبو نصر كَانَ طبيباً مذكوراً فِي وقته خصيصاً بخدمة الأمير عز الدولة بختيار فقال لَهُ يَا أبا نصر لست والله تبرح من عندي أَوْ تبرئ عيني وأريدها تبرأ فِي يوم واحد فقال لَهُ أبو نصر إِن أردت أن تبرأ فتقدم إِلَى الفراشين والغلمان أن يأتمروا بأمري دونك فِي هَذَا اليوم واحلف لهم أن من خالفني فِي أمري قتلته ففعل بختيار ذَلِكَ فأمر أبو نصر بإحضار اجاتة فِيهَا عسل الطبرزد فلما حضرت غمس يد بختيار فِيهَا ثُمَّ بدأ يداوي عينه بالشياف الأبيض وَمَا يصلح للرمد وجعل بختيار يصيح بالغلمان فلا يجيبه أحد وَلَمْ يزل كذلك إِلَى آخر النهار وذكر أنه كحله عشرة آلاف ميل وبرئ وَكَانَ هو السفير بَيْنَ بختيار والخليفة. قنطوان البابلي فاضل كامل فِي زمانه عالم بصناعة الموسيقى قيم بِهَا ومن تصانيفه كتاب الإيقاع. القصراني نسبته أشهر من اسمه وقصران إحدى قرى الري فيما قيل وهو منجم فاضل حكام كَانَ مقيماً بالري يصحب بِهَا الملوك والأمراء وَلَهُ إصابات فِي الأحكام قَدْ أخبر يها فِي كتاب المسائل لَهُ وهو كتاب جليل ملكته بخط الطهراني الرازي وهذا الكتاب يشتمل من ملح هَذِهِ الصناعة عَلَى أنواع عجيبة غريبة.

حرف الكاف في أسماء الحكماء

حرف الكاف فِي أسماء الحكماء كرسفس هَذَا فيلسوف مشهور الذكر فِي زمانه بأرض يونان يفيد الفلسفة الأولى الَّتِي لَمْ تتحقق قواعدها وَلَمْ تعذب مواردها وأصحابه الذين ينسبون إِلَى القراءة عَلَيْهِ والأخذ عنه هم أصحاب المظلة من جملة الفرق السبع الذين ذكرناهم فِي ترجمة أفلاطون وإنما سموا بذلك لأنه كَانَ يعلمهم فِي رواق هيكل مدينة اثينية الحكماء بأرض يونان. كنكة الهندي وربنا قيل كبكة قال أبو معشر فِي وصفه فِي كتابه المسمى بالألوف أنه يعني كنكة المقدم فِي علم النجوم عند جميع العلماء من الهند فِي سالف الدهر وَلَمْ يبلغنا تاريخ عصره ولا شيء من أخباره ولبعد داره واعتراض الممالك بيننا وبين بلاده والهند هم الأمة الأولى كثيرة العدد فخمة الممالك قَدْ اعترف لَهَا بالحكمة وأقر بالتبريز فِي فنون المعرفة كل الملل السالفة وَكَانَ ملوك الصين يقولون أن ملوك الدنيا خمسة وسائر الناس أتباع لهم فيذكرون ملك الصين وملك الهند وملك الترك وملك الفرس وملك الروم وكانوا يسمون ملك الصين ملك الناس لأن أهل الصين أطوع الناس للملكة وأشدهم انقياداً للسياسة وكانوا يسمون ملك الهند ملك الحكمة لفرط عنايتهم بالعلوم وكانوا يسمون ملك الترك ملك السباع لشجاعة الترك وشدة بأسهم وكانوا يسمون ملك الفرس ملك الملوك لفخامة مملكته وجلالتها ونفاسة خطرها لأنها حازت الملوك وسط المعمورة من الأرض واحتوت دون سائر الممالك عَلَى أكرم الأقاليم وكانوا يسمون ملك الروم ملك الرجال لأن الروم الناس وجوهاً وأحسنهم أجساماً وأشدهم أمراً فكان الهند عند جميع الأمم عَلَى مر الدهور معدن الحكمة وينبوع العدل والسياسة ولبعد الهند من بلادنا قلت تآليفهم عندنا فلم يصل إلينا إِلاَّ طرف من علومهم ولا سمعنا إِلاَّ بقليل من علمائهم فمن مذاهب الهند فِي علوم النجوم المذاهب الثلاثة المشهورة عندهم وهي مذهب السند هند ومذهب الارجبهر ومذهب الاركند وَلَمْ يصل إلينا عَلَى التحصيل إِلاَّ مذهب السند هند وهو المذهب الَّذِي تقلده جماعة من علماء الإسلام وألفوا فِيهِ

الزيجة كمحمد بن إبراهيم الفزاري وحبش بن عبد الله البغدادي ومحمد بن موسى الخوارزمي والحسين بن محمد بن حميد المعروف بابن الآدمي وغيرهم وتفسير السند هند الدهر الداهر كذا حكى الحسين بن الآدمي فِي زيجه ومما حصل إلينا من علومهم فِي الموسيقى الكتاب المسمى بالهندية بيافر وتفسيره ثمار الحكمة فِيهِ أصول اللحون والجوامع تأليف النغم ومما وصل إلينا من علومهم فِي إصلاح الأخلاق وتذيب النفوس. كتاب كليلة ودمنة وهو المشهور المعروف ومما وصل إلينا من علومهم حساب العدد الَّذِي بسطه أبو جعفر محمد بن موسى الخوارزمي وهو أوجز حساب وأخصره وأقربه تناولاً وأسهله مأخذاً يشهد للهند بذكاء الخواطر وحسن التوليد وبراعة الاختيار والاختراع ومن تصانيف كنكة الهندي الَّتِي اشتهرت عنه. كتاب النمو دار فِي الأعمار. كتاب أسرار المواليد. كتاب القرانات الكبير. كتاب القرانات الصغير. كثيفات الطبيب النصراني البغدادي هَذَا طبيب من أهل بغداد معروف بالعمل غير موصوف بعلم ارتفع بصائب معالجته خدم الفساسيري وأن الفساسيري لما خرج عن بغداد مغاضباً للقائم ولوزيره ابن المسلمة رئيس الرؤساء تعقب رئيس الرؤساء أصحاب الفساسيري وفيهم هَذَا الطبيب كثيفات. كعب العمل الحاسب البغدادي هَذَا رجل عراقي فِي زمننا هَذَا الأقرب وَكَانَ قيماً بعلم الحساب وفنونه مقصوداً لأجلله مشتهر الذكر بِهِ غلب عَلَيْهِ هَذَا اللقب فلا يعرف إِلاَّ بِهِ توفي ببغداد فِي شهور سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة. كيسان بن عثمان بن كيسان أبو سهل الطبيب النصراني المصري هَذَا طبيب كَانَ بمصر فِي الأيام المعزية والأيام العزيزية وَكَانَ مشهور الذكر معروف الصنعة والمعالجة خدم الدولة القصرية وتقدم فِيهَا توفي فِي السادس من شعبان سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة ساكن القصر فِي أيام العزيز.

حرف اللام في أسماء الحكماء

حرف اللام فِي أسماء الحكماء ليبلون المتعصب كَانَ هَذَا الرجل حكيماً فيلسوفاً فِي بلاد يونان قيماً بالفلسفة مفيداً لَهَا طالباً مذكوراً بهذا الشأن يقرأ فلسفة أفلاطون وينتصر لَهَا ولما أكثر من لَكَ سمي المتعصب لأفلاطون ولكثرة لهجه بذلك صنف كتاب مراتب كتب أفلاطون وأسماء مَا صنفه. لوقيس هَذَا رجل رومي فيلسوف وقته خبير بهذا النوع مذكور فِي جملة الفلاسفة الذين تعرضوا لشرح كتب أرسطوطاليس وعدوه من جملة الشارحين لكتبه حسب مَا ذكرهم عَلَى جزء عتيق بخط عتيق والله أعلم.

حرف الميم في أسماء الحكماء

حرف الميم فِي أسماء الحكماء مبشر بن فاتك أبو الوفا هَذَا رجل أصله من دمشق وموطنه مصر وهو من الحكماء الأماثل فِي علم الأوائل صاحب فضل بارع وخاطر لجميع الفضائل جامع يدعي بالأمير قرأ عَلَيْهِ فضلاء زمانه فسادوا واستمطروا جوده فِي علوم فجدوا وأجادوا وَكَانَتْ لَهُ ابنة عمرت بعده وروت بالإسكندرية أحاديث نبوية وَكَانَ فِي آخر المائة الخامسة للهجرة. مبشر بن أحمد بن علي بن أحمد بن عمرو الرازي الأصل البغدادي المولد والدار أبو الرشيد الحاسب الملقب بالرهان هَذَا رجل فِي زمننا الأقرب ببغداد كَانَ أوحد فِي زمانه فاضلاً كثير المعرفة بالحساب وخواص الأعداد والجبر والمقابلة وعلم الهندسة والهيئة وقسمة التركات وحوى من سائر العلوم طرفاً وَكَانَ يقرأ عَلَيْهِ ويأخذ عنه وَلَمْ يزل متصدراً لذلك وتميز فِي أيام الناصر لدين الله أبي العباس أحمد وقرب منه واعتمد فِي اختيار الكتب الَّتِي وقفها بالرباط الخاتوني السلجوقي وبالمدرسة النظامية وبداره المسناة فإنه أدخله إِلَى خزائن الكتب بالدار الخليفية وأفرده لاختيارها وَكَانَ مقرباً إِلَى أوفياء الدولة محبباً عندهم محباً للعلوم وكسب المال الكثير وَلَمْ يزل عَلَى حاله فِي الإقراء والإفادة إِلَى أن سيره الخليفة الناصر لدين الله فِي رسالة إِلَى الملك العادل بن أبي بكر بن أيوب عند مَا قصد بلاد الموصل فلقيه عَلَى نصيبين أَوْ دتيسر ومات هناك فِي شهور سنة تسع وثمانين وخمسمائة وَكَانَ مولده فِي سنة ثلاثين وخمسمائة.

محمد بن إبراهيم الفزاري فاضل فِي علم النجوم متكلم فِي حوادث الحدثان خبير بتسيير الكواكب وهو أول من عني فِي الملة الإسلامية وَفِي أوائل الدولة العباسية بهذا النوع وَقَدْ ذكر الحسين بن محمد بن حميد المعروف بابن الآدمي فِي زيجه الكبير المعروف ينظم العقد أنه قدم عَلَى الخليفة فِي سنة ست وخمسين ومائة رجل من الهند قيم بالحساب المعروف بالسند هند فِي حركات النجوم مع تعاديل معمولة عَلَى كردجات محسوبة لنصف درجة مع ضروب من أعمال الفلك من الكسوفين ومطالع البروج وغير ذَلِكَ فِي كتاب يحتوي عَلَى عدة أبواب وذكر أنه اختصره من كردجات منسوبة إِلَى ملك من ملوك الهند يسمى فيفر وَكَانَتْ محسوبة لدقيقة فأمر المنصور بترجمة ذَلِكَ الكتاب إِلَى العربية وأن يؤلف منه كتاب تتخذه العرب أصلاً فِي حركات الكواكب فولى ذَلِكَ محمد بن إبراهيم الفزاري وعمل منه كتاباً يسميه المنجمون السند الهند الكبير وتفسير السند الهند باللغة الهندية الدهر الداهر وَكَانَ أهل ذَلِكَ الزمن أكبر من يعملون بِهِ إِلَى أيام الخليفة المأمون فاختصره لَهُ أبو جعفر محمد بن موسى الخوارزمي وعمل منه زيجه المشهور ببلاد الإسلام وعول فِيهِ عَلَى أوساط السند هند وخالفه فِي التعاديل والميل فجعل تعاديله عَلَى مذهب الفرس وميل الشمس فِيهِ عَلَى مذهب بطليموس واخترع فِيهِ من أنواع التقريب أبواباً حسنة لا تقى بما احتوى عَلَيْهِ من الخطأ البين الدال عَلَى ضعفه فِي الهندسة فاستحسنه أهل ذَلِكَ الزمان من أصحاب السند هند وطاروا بِهِ فِي الآفاق وَمَا زال نافعاً عند أهل العناية بالتعديل إِلَى زماننا هَذَا ولما أفضت الخلافة إِلَى عبد الله المأمون بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر عبد الله المنصور وطمحت نفسه الفاضلة إِلَى كرد الحكمة وسمت بِهِ همته للشريفة إِلَى الأشراف عَلَى عموم الفلسة ووقف العلماء فِي

وقته عَلَى كتاب المجسطي وفهموا صورة آلات الرصد الموصوفة فِيهِ تقدم إِلَى علماء زمانه بإصلاح آلات الرصد ففعلوا عَلَى مَا سيأتي ذكره فِي خبر كل واحد منهم إِن شاء الله تعالى. محمد بن زكريا أبو بكر الرازي طبيب المسلمين غير مدافع وأحد المشهورين فِي علم المنطق والهندسة وغيرهما من علوم الفلسفة وَكَانَ فِي ابتداء أمره يضرب بالعود ثُمَّ ترك ذَلِكَ وأقبل عَلَى تعلم الفلسفة فنال منها كثيراً وألف كتباً كثيرة يأتي ذكرها إِن شاء الله تعالى أكثرها فِي صناعة الطب وسائرها فِي ضروب من المعارف الطبيعية والإلهية إِلاَّ أنه توغل فِي العلم الإلهي وَمَا فهم غرضه الأقصى فاضطرب لذلك وتقلد أرامسخيفة وانتحل مذاهب خبيثة وذم أقوام لَمْ يفهم عنهم ولا هدي سبيلهم ودير مارستان الري ثُمَّ مارستان بغداد زماناً ثُمَّ عمى فِي آخر عمره وتوفي قريباً من سنة عشرين وثلاثمائة هَذَا قول القاضي صاعد بن الحسن الأندلسي وذكر ابن شيراز فِي تاريخه أنه توفي سنة أربع وستين وثلاثمائة وذكره ابن جلجل الأندلسي فِي كتابه فقال أبو بكر محمد بن زكريا الرازي مسلم النحلة أديب طبيب مارستاني دير مارستان الري ثُمَّ مارستان بغداد طويلاً وَكَانَ فِي ابتداء أمره يضرب بالعود ثُمَّ نزع عن لَكَ وأكب عَلَى النظر فِي الطب والفلسفة وبرع فيهما براعة المتقدمين وألف فِي الطب كتباً كثيرة بديعة منها. كتابه الَّذِي سماه الجامع وهو سبحون مقالة ومنها. كتابه الَّذِي بعث بِهِ إِلَى منصور بن خاقان. وكتابه الَّذِي سماه كتاب الأقطاب. وكتابه إِلَى علي بن وهوذان صاحب طبرستان وسماه الطب الملكي. وكتاب فِي التقسيم والتشجير. وكتابه فِي الدساكسير والعزل. وكتابه فِي الطب الروحاني. وكتابه فِي النفس. وكتابه فِي الجدري والحصبة. وكتابه المعروف بالفصول. وألف عَلَى جالينوس

وبقراط كتاباً سماه كتاب الشكوك وأحسن صناعة الكيمياء فيما قيل وذكر أنها أقرب إِلَى الممكن منها إِلَى الممتنع وألف فِيهَا اثني عشر كتاباً وعمي فِي آخر زمانه بماء نزل عَلَى عينيه فقيل لَهُ لو قدحت قال لا قَدْ أبصرت من الدنيا حَتَّى مللت لَمْ يسمح لعينيه بالقدح وَكَانَ فِي دولة المكتفي قلت وَفِي بعض زمن المقتدر. وذكره محمد بن إسحاق النديم فِي كتابه فقال أبو بكر محمد بن زكريا الرازي من أل الري أوحد دهره وفريد عصره قَدْ جمع المعرفة بعلوم القدماء لا سيما الطب وَكَانَ ينتقل فِي البلدان وبينه وبين منصور بن إسماعيل صداقة وَلَهُ ألف كتاب المنصوري قال أبو الحسن الوراق قال لي رجل من أهل الري شيخ كبير سألته عن الرازي فقال كَانَ شيخاً كبير الرأس مسقطه وَكَانَ يجلس فِي مجلسه ودونه التلاميذ ودونهم تلاميذهم ودونهم تلاميذ آخرون وَكَانَ يجيء الرجل فيصف مَا يجد لأول من يلقاه منهم فإن كَانَ عنده علم وإلا تعداه إِلَى غيره فإن أصابوا وإلا تكلم الرازي فِي ذَلِكَ وَكَانَ كريماً متفضلاً باراً بالناس حسن الرأفة بالفقراء والإعلاء حَتَّى كَانَ يجري عليهم الجرايات الواسعة ويمرضهم قال وَلَمْ يكن يفارق النسخ إما يسود أَوْ يبيض وَكَانَتْ فِي بره رطوبة لكثرة أكله الباقلاء وَفِي آخر عمره عمي. فإما تصانيف الرازي المنقولة من فهرسته فهي هَذِهِ. كتاب البرهان مقالتان. كتاب الطب الروحاني. كتاب فِي أن للإنسان خالقاً حكيماً. كتاب سمع الكيان مقالة. كتاب ايساغوجي وهو المدخل إِلَى المنطق. كتاب جمل معاني قاطيغورياس. كتاب جمل معاني أنالوطيقا الأولى إِلَى تمام القياسات الجميلة. كتاب هيئة العالم. كتاب الرد عَلَى من استقل بفصول الهندسة. كتاب اللذة مقالة. كتاب السبب قي قتل ريح السموم مقالة. كتاب فيما جرى بينه وبين سقليس المناني. كتاب الخريف والربيع. كتاب الفرق بَيْنَ الرؤيا المنذرة وبين سائر ضروب الرؤيا. كتاب الشكوك عَلَى جالينوس. كتاب كيفيات الأبصار. كتاب الرد عَلَى الناشئ فِي نقضه الطب. كتاب فِي أن صناعة الكيمياء إِلَى الوجوب أقرب منها إِلَى الامتناع. كتاب الباء مقالة. كتاب المنصوري فِي الطب عشر مقالات. كتاب الحاوي فِي الطب ويسمى الجامع

الحاصر لصناعة الطب اثنا عشر قسماً. كتاب فِي إدراك مَا بقي من كتب جالينوس مما لَمْ يذكره حنين ولا جالينوس فِي فهرسته مقالة. كتاب فِي أن الطين المنتقل بِهِ فِيهِ منافع مقالة. كتاب فِي أن الحمية المفرطة تضر الأبدان. كتاب فِي الأسباب المعيلة لقلوب الناس عن أفاضل الأطباء إِلَى أخسائهم. كتاب فيما يقدم من الفواكه والأغذية وَمَا يؤخر. كتاب الرد عَلَى أحمد بن الطيب فيما رده عَلَى جالينوس من أمر الطعم المر. كتاب الرد عَلَى المسمعي المتكلم فِي رده عَلَى أصحاب الهيولي. كتاب الرد عَلَى جرير الطبيب فيما خالف فِيهِ من أمر التوت الشامي بعقب البطيخ. كتاب الخلاء والملاء والزمان والمكان. كتاب تفسيره كتاب أناتو إِلَى فرفوريوس فِي شرح مذهب أرسطوطاليس فِي العلم الآلهي. كتاب الصغير فِي العلم الآلهي. كتاب إِلَى أبي القاسم البلخي فِي الزيادة عَلَى جوابه وَعَلَى جواب هَذَا الجواب. كتاب الهيولى المطلقة والجزئية. كتاب الرد عَلَى أبي القاسم البلخي فِي نقضه المقالة الثانية فِي العلم الآلهي. كتاب الحصى فِي الكلى والمثانة. كتاب الجدري والحصبة. كتاب الأدوية الموجودة بكل مكان. كتاب الطب الملوكي. كتاب التقسيم والتشجير. كتاب اختصار النبض الكبير لجالينوس. كتاب الرد عَلَى الجاحظ فِي نقض الطب. كتاب مناقضة الجاحظ فِي كتابه فِي فضل الكلام. كتاب الفالج. كتاب اللقوة. كتاب النقرس والعرق المدني. كتاب هيئة العين. كتاب الانثيين. كتاب هيئة القلب. كتاب هيئة الصماخ. كتاب أوجاع المفاصل. كتاب فِي الخيار المر فصلا. كتاب اقراباذين والتحرير عَلَى المجسطي. كتاب المثبت الانتقاد والتحرير عَلَى المعتزلة. كتاب فِي الخيار. كتاب سبب وقوف الأرض فِي وسط السماء. كتاب فِي أن الجسم محرك من ذاته وأن الحركة منه طبيعية. كتاب نقض الطب الروحاني. كتاب فِي أنه لا يمكن العالم أن يكون لَمْ يزل عَلَى مثال مَا يشاهد. كتاب فِي أن الحركة ليست مرئية بل معلومة. كتاب فِي شكوك عَلَى برقلس. كتاب تقسيم الأمراض وعلاجاتها. كتاب تفسير كتاب فلوطرخس فِي تفسير كتاب طيماؤس. كتاب نقضه علي سبيل البلخي فيما ناقضه بِهِ فِي اللذة. كتاب العلة الَّتِي يحدث لَهَا الورم من الزكام فِي رؤوس بعض الناس. كتاب التلطف فِي إيصال العليل إِلَى بعض شهواته. كتاب العلة فِي لسباع والهوام. كتاب الرد عَلَى ابن اليمان فِي نقضه عَلَى المسمعي فِي الهيولى. كتاب النقض عَلَى الكيال فِي الإمامة. كتاب

نقض كتاب التدبير. كتاب اختصار كتاب جالينوس فِي حيلة البرء. كتاب تلخيصه لكتاب العلل والأعراض. كتاب تلخيصه لكتاب المواضع الآلمة. كتاب نقض النقض عَلَى البلخي فِي العلم الإلهي. كتاب رسالته ف قطر المربع. كتاب فِي السيرة الفاضلة. كتاب فِي جواهر الأجسام. كتاب فِي وجوب الأدعية. كتاب الحاصل فِي العلم الإلهي. كتاب دفع مضار الأغذية. كتاب رسالته فِي العلم الإلهي لطيفة. كتاب فِي علة جذب حجر المغناطيس. كتاب الرد عَلَى سهيل فِي إثبات المعاد. كتاب فِي أن النفس ليست بجسم. كتاب النفس الصغير. كتاب ميزان العقل. كتاب فِي الشكر مقالتان. كتاب القولنج مقالة. كتاب تفسير كتاب تفسير جالينوس لفصول بقراط. كتاب الفصول ويسمى المرشد. كتاب فِي الاشتقاق عَلَى أهل التحصيل من المتكلمين والمنطقيين. كتاب فِي الابنة وعلاجها. كتاب نقض كتاب الوجود لمنصور بن طلحة. كتاب ايدعي من عيوب الأولياء. كتاب فِي آثار الإمام الفاضل المعصوم. كتاب فِي الأوهام والحركات والعشق. كتاب فِي استفراغ المحمومين قبل النضيح. كتاب فِي الإمام والمأموم المحقين. كتاب شروط النظر. كتاب خواص التلاميذ. كتاب الآراء الطبيعية. كتاب ترتيب أكل الفواكه. كتاب خطأ غرض الطبيب. كتاب مَا يعرض فِي صناعة الطب. كتاب صفة مداد معجون لا نظير لَهُ. كتاب ثقل الأنثيين. لحائن فِي الشعر. قصيدة فِي العظة اليونانية. رسالة فِي الجبر. رسالة فيما لا يلصق مما لا يقطع من البدن. رسالة فِي تعطيش السمك والعلة فِيهِ. رسالة فِي تدبير الماء والثلج. رسالته فِي غروب الشمس والكواكب. رسالة فِي أنه لا يوجد شراب يفعل فعل الشراب الصحيح فِي البدن. رسالة فِي المنطق. رسالته فِي أنه لا تصور لمن لا رياضة لَهُ بالبرهان أن الأرض كروية. رسالته فِي استدارة الكواكب. رسالة فِي كيفية النحو. رسالته فِي البحث عن الأرض الطبيعية هي الطين أم الحجر. رسالة فِي العادة. رسالته فِي العطش وزيادة الحرارة لذلك. رسالته فِي الثلج وقول بعض الجهال أنه يعطش. رسالته فِي علة ضيق الناظر فِي النور وتوسعه فِي الظلمة. كتاب أطعمة المرضى. كتاب فِي أن العلل اليسيرة أعسر تفرقاً من الغليظة فِي بعضها. كتاب فِي قدم الأجسام وحدوثها. كتاب فِي أن بعض الناس ترك الطبيب. رسالة فِي العلل المشكلة. كتاب فِي أن الطبيب الحاذق لا يقدر عَلَى إبراء جميع العلل. كتاب العلل القاتلة. رسالة فِي صناعة الطب ووصفها

وتمييزها. رسالة لم صار جهال الأطباء والنساء فِي المدن أكثر من العلماء. كتاب المشجر فِي الطب عَلَى سبيل كنأش. كتاب فِي امتحان الطبيب. مقالة فيما يمكن أن يستدرك فِي أحكام النجوم عَلَى رأي الفلاسفة الطبيعيين ومن لَمْ يقل منهم أن الكواكب أحياء. دعي من عيوب الأولياء. كتاب فِي آثار الإمام الفاضل المعصوم. كتاب فِي الأوهام والحركات والعشق. كتاب فِي استفراغ المحمومين قبل النضيح. كتاب فِي الإمام والمأموم المحقين. كتاب شروط النظر. كتاب خواص التلاميذ. كتاب الآراء الطبيعية. كتاب ترتيب أكل الفواكه. كتاب خطأ غرض الطبيب. كتاب مَا يعرض فِي صناعة الطب. كتاب صفة مداد معجون لا نظير لَهُ. كتاب ثقل الأنثيين. لحائن فِي الشعر. قصيدة فِي العظة اليونانية. رسالة فِي الجبر. رسالة فيما لا يلصق مما لا يقطع من البدن. رسالة فِي تعطيش السمك والعلة فِيهِ. رسالة فِي تدبير الماء والثلج. رسالته فِي غروب الشمس والكواكب. رسالة فِي أنه لا يوجد شراب يفعل فعل الشراب الصحيح فِي البدن. رسالة فِي المنطق. رسالته فِي أنه لا تصور لمن لا رياضة لَهُ بالبرهان أن الأرض كروية. رسالته فِي استدارة الكواكب. رسالة فِي كيفية النحو. رسالته فِي البحث عن الأرض الطبيعية هي الطين أم الحجر. رسالة فِي العادة. رسالته فِي العطش وزيادة الحرارة لذلك. رسالته فِي الثلج وقول بعض الجهال أنه يعطش. رسالته فِي علة ضيق الناظر فِي النور وتوسعه فِي الظلمة. كتاب أطعمة المرضى. كتاب فِي أن العلل اليسيرة أعسر تفرقاً من الغليظة فِي بعضها. كتاب فِي قدم الأجسام وحدوثها. كتاب فِي أن بعض الناس ترك الطبيب. رسالة فِي العلل المشكلة. كتاب فِي أن الطبيب الحاذق لا يقدر عَلَى إبراء جميع العلل. كتاب العلل القاتلة. رسالة فِي صناعة الطب ووصفها وتمييزها. رسالة لم صار جهال الأطباء والنساء فِي المدن أكثر من العلماء. كتاب المشجر فِي الطب عَلَى سبيل كنأش. كتاب فِي امتحان الطبيب. مقالة فيما يمكن أن يستدرك فِي أحكام النجوم عَلَى رأي الفلاسفة الطبيعيين ومن لَمْ يقل منهم أن الكواكب أحياء. محمد بن محمد بن طرخان أبو نصر الفارابي الفيلسوف من الفاراب إحدى مدن الترك فيما وراء النهر فيلسوف المسلمين غير مدافع دخل العراق واستوطن بغداد وقرأ بِهَا العلم الحكمي عَلَى يوحنا بن جيلاد المتوفى بمدينة السلام فِي أيام المقتدر واستفاد منه وبرز فِي ذَلِكَ عَلَى أقرانه وأربي عليهم فِي التحقيق وشرح الكتب المنطقية وأظهر غامضها وكشف سرها وقرب متناولها وجمع مَا يحتاج إِلَيْهِ منها فِي كتب صحيحة العبارة لطيفة الإشارة منبهة عَلَى مَا أغفله الكندي وغيره من صناعة التحليل وأنحاء التعليم وأوضح القول فِيهَا عن طرق المنطق الخمسة وأفاد الامتناع بِهَا وعرف طرق استعمالها وكيف يصرف صورة القياس فِي كل مادة منها فجاءت كتبه فِي ذَلِكَ الغاية الكافية والنهاية الفاضلة ثُمَّ لَهُ بعد هَذَا كتاب شريف فِي إحصاء العلوم والتعريف بأغراضها لَمْ يسبق إِلَيْهِ ولا ذهب أحد مذهبه فِيهِ ولا يستغني طلاب العلوم كلها عن الاهتداء بِهِ وتقديم النظر فِيهِ وَلَهُ كتاب فِي أغراض أفلاطون وأرسطوطاليس يشهد لَهُ بالبراعة فِي صناعة الفلسفة والتحقق بفنون الحكمة وهو أكبر عون عَلَى تعلم طريق النظر وتعرف وجه الطلب اطلع فِيه عَلَى أسرار العلوم وثمارها علماً عاماً وبين كَيْفَ التدرج من بعضها إِلَى بعض شيء شيء ثُمَّ بدأ بفلسفة أفلاطون يعرف بغرضه منها وسمى تواليفه فِيهَا ثُمَّ أتبع ذَلِكَ بفلسفة أرسطوطاليس فقدم لَهَا مقدمة جليلة عرف منها يتدرجه إِلَى فلسفته ثُمَّ بدأ يوسف أغراضه فِي

تواليفه المنطقية والطبيعية كتاباً كتاباً حَتَّى انتهى بِهِ القول فِي النسخة الموجدة إِلَى أول العلم الإلهي والاستدلال بالعلم الطبيعي عَلَيْهِ فلا أعلم كتاباً إحدى عَلَى طلب الفلسفة منه فإنه يعرف بالمعاني المشتركة لجميع العلوم والمعاني المختصة يعلم علم منها ولا سبيل إِلَى فهم معاني قاطيغورياس وكيف هي الأوائل الموضوعة الجميع العلوم إِلاَّ منه بعد هَذَا فِي العلم الآلهي وَفِي العلم المدني كتابان لا نظير لهما أحدهما المعروف بالسياسة المدنية والآخر المعروف بالسيرة الفاضلة عرف فيهما بجمل عظيمة من العلم الآلهي عَلَى مذهب أرسطوطاليس فِي المبادئ الست الروحانية وكيف يوجد عنها الجواهر الجسمانية عَلَى مَا هي عَلَيْهِ من النظام واتصال الحكمة عرف فيهما بمراتب الإنسان وقواه النفسانية وفرق بَيْنَ الوحي والفلسفة ووصف أصناف المدن الفاضلة واحتياج المدنية إِلَى السير الملكية والنواميس النبوية .. وَكَانَ أبو نصر الفارابي معاصراً لأبي بشر متي بن يونس إِلاَّ أنه كَانَ دونه فِي السن وقوفه فِي العلم وَعَلَى كتب متي بن يونس فِي علم المنطق تعويل العلماء ببغداد وغيرها من أمصار المسلمين بالمشرق لقرب مأخذها وكثرة شرحها وَكَانَتْ وفاة أبي بشر ببغداد فِي خلافة الراضي .. وقدم أبو نصر الفارابي عَلَى صيف الدولة أبي الحسن علي بن أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان إِلَى حلب وأقام فِي كنفه مدة بزي أهل التصوف وقدمه سيف الدولة وأكرمه وعرف موضعه من العلم ومنزلته من الفهم ورحل إِلَى صحبته إِلَى دمشق فأدركه أجله بِهَا فِي سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة وهذه أسماء تصانيفه. كتاب البرهان. كتاب القياس الصغير. كتاب الأوسط. كتاب الجدل. كتاب المختصر الصغير. كتاب المختصر الكبير. كتاب شرائط البرهان. كتاب النجوم. تعليق كتاب فِي القوة. كتاب الواحد والوحدة. كتاب آراء المدينة الفاضلة. كتاب مَا ينبغي أن يتقدم الفلسفة. كتاب المستغلق من كلامه فِي قاطيغورياس. كتاب فِي أغراض أرسطوطاليس. كتاب فِي الجزء. كتاب لَهُ فِي العقل. كتاب فِي المواضع المنتزعة من الجدل. كتاب شرح المستغلق فِي المصادرة الأولى والثانية. كتاب تعليق ايساغوجي عَلَى فرقوريوس. كتاب إحصاء العلوم. كتاب الكتابة. كتاب الرد عَلَى ابن النحو. كتاب الرد عَلَى جالينوس. كتاب فِي أدب الجدل. كتاب الرد عَلَى

الراوندي. كتاب فِي السعادة الموجودة. كتاب التوطئة فِي المنطق. كتاب المقاييس. مختصر كتاب السفر. شرح كتاب المجسطي. كتاب شرح البرهان لأرسطوطاليس. كتاب شرح الخطابة لَهُ. كتاب شرح المغالطة لَهُ. كتاب شرح المقياس لَهُ وهو الكبير. كتاب شرح المقولات تعليق. كتاب شرح باربرميلياس صدر لكتاب الخطابة. كتاب شرح السماع. كتاب المقدمات من موجود وضروري. كتاب شرح مقالة الإسكندر فِي النفس. كتاب شرح السماء والعالم. كتاب الأخلاق. كتاب شرح الآثار العلوية. تعليق كتاب الحروف. كتاب المبادئ الإنسانية. كتاب الرد عَلَى الرازي. كتاب فِي المقدمات. كتاب فِي العلم الإلهي. كتاب فِي اسم الفلسفة. كتاب فِي الفحص. كتاب فِي اتفاق آراء أرسطوطاليس وأفلاطون. كتاب فِي الجن وحال وجودهم. كتاب فِي الجوهر. كتاب فِي الفلسفة وسبب ظهورها. كتاب فِي التأثيرات العلوية. كتاب الخيل كتاب النواميس. كتاب فيمن لَهُ نسبة إِلَى صناعة المنطق. كتاب السياسة المدنية. كتاب فِي أن حركة الفلك سرمدية. كتاب فِي الرؤيا. كتاب إحصاء القضايا. كتاب فِي القياسات الَّتِي تستعمل. كتاب الموسيقى. كتاب فلسفة أفلاطون وأرسطوطاليس. كتاب شرح العبارة لأرسطوطاليس عَلَى جهة التعليق. كتاب الإيقاعات. كتاب مراتب العلوم. كتاب الخطابة. كتاب المغالطين. وَلَهُ جوامع لكتب المنطق وَلَهُ رسالة سماها نيل السعادات. وَلَهُ الفصول المنتزعة من الأخبار. ضروري. كتاب شرح مقالة الإسكندر فِي النفس. كتاب شرح السماء والعالم. كتاب الأخلاق. كتاب شرح الآثار العلوية. تعليق كتاب الحروف. كتاب المبادئ الإنسانية. كتاب الرد عَلَى الرازي. كتاب فِي المقدمات. كتاب فِي العلم الإلهي. كتاب فِي اسم الفلسفة. كتاب فِي الفحص. كتاب فِي اتفاق آراء أرسطوطاليس وأفلاطون. كتاب فِي الجن وحال وجودهم. كتاب فِي الجوهر. كتاب فِي الفلسفة وسبب ظهورها. كتاب فِي التأثيرات العلوية. كتاب الخيل كتاب النواميس. كتاب فيمن لَهُ نسبة إِلَى صناعة المنطق. كتاب السياسة المدنية. كتاب فِي أن حركة الفلك سرمدية. كتاب فِي الرؤيا. كتاب إحصاء القضايا. كتاب فِي القياسات الَّتِي تستعمل. كتاب الموسيقى. كتاب فلسفة أفلاطون وأرسطوطاليس. كتاب شرح العبارة لأرسطوطاليس عَلَى جهة التعليق. كتاب الإيقاعات. كتاب مراتب العلوم. كتاب الخطابة. كتاب المغالطين. وَلَهُ جوامع لكتب المنطق وَلَهُ رسالة سماها نيل السعادات. وَلَهُ الفصول المنتزعة من الأخبار. محمد بن جابر بن سنان أبو عبد الله الحراني المعروف بالبناني. وَفِي كتاب القاضي صاعد الأندلسي هو أبو جعفر محمد بن سنان بن جابر الحراني المعروف بالبناني أحد المشهورين برصد الكواكب والمتقدمين فِي علم الهندسة وهيئة الأفلاك وحساب النجوم وصناعة لأحكام وَلَهُ زيج جليل ضمنه أرصاد النيرين وإصلاح حركاتها المثبتة فِي كتاب بطليموس المعروف بكتاب المجسطي وذكر فِيهِ حركات الخمسة المحيرة عَلَى حسب مَا أمكنه من إصلاحها وسائر مَا يحتاج إِلَيْهِ من حساب الفلك وكان بعض أرصاده الَّتِي

سماها فِي زيجه سنة تسع وستين ومائتين من الهجرة ومن ذَلِكَ فِي سنة سبع وثمانين ولا يعلم أحد فِي الإسلام بلغ مبلغه فِي تصحيح أرصاد الكواكب وامتحان حركاتها وَلَهُ بعد ذَلِكَ عناية بأحكام النجوم أدته إِلَى التأليف فِي لَكَ فمن تواليفه فِيهَا كتابه ف شرح المقالات الأربع لبطليموس وَكَانَ أصله من حران صابئاً وابتدأ عَلَى مَا ذكره جعفر بن المكتفي أنه سأله فأخبره أنه ابتدأ فِي سنة أربع وستين ومائتين إِلَى سنة ست وثلاثمائة وأثبت الكواكب الثابتة فِي زيجه لسنة تسع وتسعين ومائتين وورد إِلَى بغداد مع بني الزيات من أهل الرقة فِي ظلامات كَانَتْ لهم فلما رجع مات فِي طريقه بقصر الحصن سنة سبع عشرة وثلاثمائة وَلَهُ من الكتب. كتاب الزيج نسختان. كتاب مطالع البروج. كتاب أقدار الاتصالات عمله لأبي الحسن بن الفرات. كتاب شرح الأربعة لبطليموس. محمد بن إسماعيل التنوخي المنجم لَهُ عناية بهذا الشأن وشدة بحث عنه رحل فِي طلبه إِلَى الآفاق ودخل الهند فِي ذَلِكَ وصدر عنها بغرائب من علم النجوم حركة الإقبال والإدبار وغير ذَلِكَ. محمد بن خالد بن عبد الملك المنجم المرو الروزي منجم خبير بتسيير الكواكب فحقق فِي هَذَا الباب ووالده كَانَ منجم المأمون ومتولي الرصد لَهُ الشماسية بدمشق عَلَى جبل قاسيون. محمد بن الحسين بن حميد المعروف بابن الآدمي العالم بهذا الشأن المعروف فِي هَذِهِ الصناعة بالبحث والبيان شرع فِي تصنيف زيجه الكبير ومات وَلَمْ يتمه وهو فِي غاية الاستيفاء والجودة والتحقيق وأكمله بعد وفاته تلميذه القاسم بن محمد بن هاشم المدائني المعروف بالعلوي وسماه نظم كتاب العقد وشهره فِي سنة ثمان وثلاثمائة وهو كتاب جامع لصناعة التعديل يشتمل عَلَى أصول علم هيئة الأفلاك وحساب حركات النجوم عَلَى مذهب السند هند وذكر فِيهِ من حركة إقبال الفلك وإدباره مَا لَمْ يذكره أحد قبله وَقَدْ كَانَ يسمع قبل ظهور هَذَا الكتاب من هَذِهِ الحركة مَا لا يعقل ولا ينضم إِلَى قانون حَتَّى وَقَدْ

هَذَا الكتاب وفهم منه صورة هَذِهِ الحركة الغريبة وَكَانَ لَكَ سبب التفرس بِهَا قال اعد بن الحسن الأندلسي قاضي طليطلة وَقَدْ ظهر لي منها عند مطالعة هَذَا الكتاب مَا لا أظنه زهر لغيري إِلَى وقتي وتعقبت فِيهَا أسباباً قَدْ أثبتها فِي كتابي المؤلف فِي إصلاح حركات النجوم. محمد بن طاهر بن بهرام أبو سليمان السجستاني المنطقي نزيل بغداد قرأ عَلَى متي ابن يونس وأمثاله وتصدر لإفادة هَذَا الشأن وقصده الرؤساء والأجلاء وَكَانَ منزله مقيلاً لأهل العلوم القديمة وَلَهُ أخبار وحكايات وسؤالات وأجوبة فِي هذتا الشأن وَكَانَ عضد الدولة فناخسرو شاهنشاه يكرمه ويفخمه وَلَهُ كتب صنفها منها. رسالة فِي مراتب قوى الإنسان. ورسائل إِلَى عضد الدولة عدة فِي فنون مختلفة من الحكمة. وشرح كتاب أرسطوطاليس وَكَانَ أبو سليمان أعور وبه وضح نسأل الله السلامة وَكَانَ ذَلِكَ سبب انقطاعه عن الناس ولزومه منزله فلا يأتيه إِلاَّ مستفيد وطالب علم وَكَانَ يشتهي الاطلاع عَلَى أخبار الدولة وعلم مَا يحدث فِيهَا بمكان من يغشاه من الأجلاء ينقل إِلَيْهِ بعض أخبارها وَكَانَ أبو حيان التوحيدي من بعض أصحابه المعتصمين بِهِ وَكَانَ يغشى مجالس الرؤساء ويطلع عَلَى الأخبار ومهما علمه من ذَلِكَ نقله إِلَيْهِ وحاضره بِهِ ولأجله صنف كتاب الإمتاع والمؤانسة ثقله لَهُ فِيهِ مَا كَانَ يدور فِي مجلس أبي الفضل عبد الله بن العارض الشيرازي عندما تولى صمصام الدولة بن عضد الدولة وهو كتاب ممتع عَلَى الحقيقة لمن لَهُ مشاركة فِي فنون العلم فإنه خاض كل بحر وغاص كل لجة وَمَا أحسن مَا رأيته عَلَى ظهر نسخة من كتاب الإمتاع بخط بعض أهل جزيرة صقلية وهو ابتدأ أبو حيان كتابه صوفياً وتوسطه محدثاً وختمه سائلاً ملحفاً .. وللبديهي فِي أبي سليمان المنطقي يهجوه ويعرض بعيوبه: أبو سليمان عالم فطن ... مَا هو فِي علمه بمنتقص لكن تطيرت عند رؤيته ... من عور موحش ومن يرص

ويأتيه مثل مَا بوالده ... وهذه قصة من القصص وسئل أبو سليمان عن النحو العربي والنحو اليوناني وأصل استنباطهما كَيْفَ كَانَ فقال نحو العرب فطرة ونحونا فطشة. محمد بن الجهم قال أبو معشر كَانَ محمد بن الجهم أميناً جليل القدر عالماً بالمنطق والتنجيم ألف كتاباً للمأمون فِي الاختيارات قريب المأخذ صحيح المعاني جداً. محمد بن عيسى أبو عبد الله الملعاني من علماء أصحاب الأعداد والمهندسين وَلَهُ قدر معروف بَيْنَ علماء هَذَا الشأن وَكَانَ ببغداد وَلَهُ تصانيف فِي هَذَا النوع منها. كتاب عروض الكواكب. كتاب فِي النسبة. كتاب فِي ستة وعشرين شكلاً من المقالة الأولى من إقليدس الَّتِي لا يحتاج إِلَى الخلف. محمد بن عمر بن الفرخان أبو بكر فاضل ابن فاضل لَهُ اليد الطولى فِي زمانه فِي علم الكواكب وصناعة التنجيم شهد أهل صنعته بفضله ونبله وصنف فِي ذَلِكَ كتباً منها. كتاب المقياس. كتاب المواليد. كتاب العمل بالاصطرلاب. كتاب المسائل. كتاب المدخل. كتاب الاختيارات. كتاب المسائل الصغير. كتاب تحويل سني المواليد. كتاب التسييرات. كتاب المثالات. كتاب تحويل سني العالم. محمد بن موسى المنجم الجليس وَلَيْسَ بالخوارزمي كَانَ هَذَا رجلاً عالماً بالنجوم خبيراً بمجالسة الملوك ومحاضرتهم وَكَانَ فِي زمن المأمون وبعده. محمد بن عبد الله بن محمد أبو عبد الرحمن العنقي المنجم الغيريابي الإفريقي نزيل مصر هَذَا رجل فاضل كامل متفنن فِي عدة علوم والغالب عَلَيْهِ علم النجوم والنظر وهو من أهل إفريقية وقدم منجماً مع أبي تميم القيرواني المستولي

عَلَى مصر وَكَانَ عدلاً بمصر وَلَهُ قرية من الملوك القصرية بالديار المصرية وَلَمْ يزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى أيام العزيز بن المعز واتفق أن صنف كتاباً تاريخاً ذكر فِيهِ أخبار بني أمية وبني العباس وذكر فِيهِ أشياء من محاسن القوم وجميل أفعالهم عَلَى عادة المؤرخين وأطلع الوزير يعقوب بن كلس وزير العزيز عَلَى شيء من ذَلِكَ فأنهاه إِلَى العزيز فِي شهور سنة سبع وسبعين وثلاثمائة فوبخ عَلَى ذَلِكَ وتوادع للعتقي مؤلفه وجمع الوزير الناس إِلَى داره وخاطبهم وذم العتقي فلزم العتقي منزله وقبضت ضيعة كَانَتْ لَهُ وَفِي يده وَلَمْ يزل ملازماً لمنزله تَحْتَ الغضب إِلَى أن توفي يوم الثلاث لأربع خلون من شهر رمضان سنة خمس وثمانين وثلاثمائة وله تصانيف كثيرة فِي كل فن منها. كتب فِي النجوم وأحكامها. وكتاب التاريخ الجامع الَّذِي صنفه إِلَى بعض أيام مولانا العزيز بن مولانا المعز صلوات الله عليهما. كتاب فِي النحو حسن سماه كتاب السبب لعلم العرب وَقَدْ أنار ابن المهذب كاتب بيت المال بالقاهرة المعزية عَلَى الاسم وجعله لكتاب صنفه فِي اللغة كبير عَلَى وزن الأفعال سماه السبب لحصر كلام العرب وكانا متعاصرين. محمد بن موسى الخوارزمي أصله من خوارزم وَكَانَ منقطعاً إِلَى خزانة كتب الحكمة للمأمون وهو من أصحاب علم الهيئة وَكَانَ الناس قبل الرصد وبعده يعولون عَلَى زيجه الأول والثاني ويعرف بالسند هند وهل من الكتب. كتاب الزيج الأول. كتاب الزيج الثاني. كتاب الرخامة. كتاب العمل بالاصطرلاب. كتاب التاريخ. كتاب الجبر والمقابلة. محمد بن عبد الله بن عمر بن البازيار كَانَ هَذَا الرجل تلميذاً لحبش بن عبد الله وتخرج عَلَيْهِ إِلَى أن صار فاضل وقته فِي صناعة النجوم وَمَا يتعلق بحوادثها وصنف فِي ذَلِكَ فمن تصانيفه. كتاب الأهوية سبع مقالات. كتاب الزيج. كتاب القرانات وتحويل سني العالم. كتاب المواليد وتحويل سنيها. محمد بن عبد الله بن سمعان غلام أب معشر أخذ عنه وتميز

بصحته وصنف. محمد بن كثير الفرغاني كَانَ منجماً فاضلاً صانعاً فِي علم الحدثان كثير الإصابة لَهُ سهم صائب فِي سهم الغيب مقدماً فِي صناعة النجومية وَلَهُ من الكتب. كتاب الفصول. كتاب اختصار المجسطي. كتاب عمل الرخامات. محمد بن عيسى بن أبي عباد أبو الحسن خبيراً فِي وقته بعمل آلات الارتفاع والرصد ومن تصانيفه. كتاب العمل بذات الشعبتين. محمد بن ناحية الكاتب لَهُ مشاركة فِي الهندسة وصنف فِي ذَلِكَ كتاب المساحة. محمد بن أكثم بن يحيى بن أكثم القاضي كَانَ يعاني علم الحساب وتقدم فِيهِ وبرع ووجد من القوة فِي هذا النوع مَا حمله إِلَى التأليف فِيهِ فمن تصنيفه. كتاب مسائل الأعداد. محمد بن لزة الأصفهاني الحاسب رجل فاضل فِي أهل هَذِهِ الصناعة مذكور فِي عصره ومصره وَلَهُ. كتاب الجامع في الحساب. محمد بن محمد بن يحيى بن إسماعيل بن العباس أبو الوفاء البوزجاني مولده بالبوزجان من بلد نيسابور فِي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة يوم الأربعاء مستهل شهر رمضان وانتقل إِلَى العراق وقرأ العدد والهندسة عل أبي يحيى البارودي وأبي العلاء بن كرتيب وَكَانَ انتقاله إِلَى العراق فِي سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة وقرأ عَلَيْهِ الناس واستفادوا ونقلوا وممن قرأ عَلَيْهِ عمه المعروف بابن عمرو المعازلي وقرأ عَلَيْهِ أيضاً خاله المعروف بأبي عبد الله محمد بن عنبسة وَكَانَ من العدديات والحسابيات وصنف كتباً جمة فمن جملة تصنيفه. كتاب المنازل فِي الحساب وهو كتاب جميل كتاب تفسير. كتاب الخوارزمي فِي الجبر والمقابلة. كتاب تفسير كتاب ديوفتطس فِي الجبر كتاب

تفسير كتاب أبرخس فِي الجبر. كتاب المدخل إِلَى الرثماطيقي مقالة. كتاب فيما ينبغي أن يحفظ قيل كتاب الارثماطيقي. كتاب البراهين عَلَى القضايا فيما استعمله ديوفنطس فِي كتابه عَلَى مَا استعمله هو فِي التفسير. كتاب استخراج مبلغ المكعب بمال مال وَمَا يتركب منها مقالة. كتاب الكامل وهو ثلاث مقالات. كتاب المجسطي. كتاب العمل بالجدول الستيني وَلَمْ يزل أبو الوفاء البوزجاني مقيماً ببغداد إِلَى أن توفي بِهَا فِي ثالث رجب سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. محمد بن عبد الله أبو النصر الكلوازي بغدادي عالم بعلم الحساب والهندسة والهيئة أدرك ولاية عضد الدولة بالعراق وعاش بعد ذَلِكَ ومن تصنيفه. كتاب التخت والحساب. محمد بن عيسى بن المنعم أبو عبد الله الصقلي من أهل صقلية من أصحاب العلم بعلمي الهندسة والنجوم ماهر فيهما قيم بهما مذكور بَيْنَ الحكماء هناك بأحكامخما وَلَهُ شعر رائق ومن شعره: كتمت الَّذِي بي فانتفعت بكتماني ... وأعلنت حالي فأتهمت بإعلاني وَمَا خلت أن الأمر يقضي إِلَى الَّذِي ... رأيت ولكن كل شيء يرى فاني ومن شعره: أنا والله عاشق لَكَ حَتَّى ... لَيْسَ لي عنك يَا مني النفس صبر وحياتي إِن تم لي منك وصل ... ومماتي إِن دام لي منك هجر محمد بن مبشر بن أبي الفتوح نصر بن أبي يعلى بن أبي البشائر بن أبي يعلى بن مبشر وكيل الباب العدي بغدادي كَانَ فاضلاً متميزاً عارفاً بعلوم الأوائل والهندسة والفلسفة وعلم النجوم والحساب والفرائض وتولى وكالة الأمير علاء الدين أبي نصر محمد ابن الإمام الناصر لدين الله أبي العباس أحمد وتوفي ببغداد وهو عَلَى منزلته وخدمته فِي يوم الاثنين رابع رجب سنة ثمان عشرة وستمائة ودفن بمشهد موسى بن جعفر.

محمد بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن عبد الساتر المقدسي ثُمَّ المارديني ذكره أيضاً أبو حفص عمر بن الخضر بن اللمش بن درمش التركي المتطبب الدتيسري فِي كتابه حلية السريين وقال كَانَ أبوه قاضي ماردين وجده قاضي دتيسر هو فخر الدين بن المشهدي فاضل وقته فِي علوم الحكمة والطب والمرجوع إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ قرأ الطب عَلَى هبة الله بن صاعد بن التلميذ ببغداد وبلغني أن ابن التلميذ لما رأى غزارة فهمه فِي علوم الحكمة أشار عَلَيْهِ بالطب لتعجيل الراحة منه ضرورة حاجة الإنسان إِلَيْهِ فبلغ منه الغاية حَتَّى أن الملوك كَانَتْ تخطبه من النواحي والأقطار وَكَانَ عَلَى علو السن يكرر عَلَى كتب الكبار وقرأ عَلَيْهِ الشهاب السهروردي شيئاً من الحكمة وَلَمْ يبلغني أنه صنف كتاباً مع غزارة علمه وتمكنه وحسن تصرفه فِيهِ إِلاَّ أنه شرح أبيات الشيخ الرئيس أبي علي بن سينا وهي الَّتِي أولها: هبطت إِلَيْكَ من المحل الأرفع وأقام بدتيسر عند أبي محمد القاسم بن هبة الله الحريري مدة وَلَمْ أجتمع بِهِ توفي فِي يوم السبت حادي عشر ذي الحجة سنة أربع وتسعين وخمسمائة. قال أبو الخير المسيحي بن العطار البغدادي زمن اشتغالي عَلَيْهِ بالطب ببغداد أن عندكم من هو المرجوع إِلَيْهِ فِي هَذَا الشأن وغير وذكر لي محمد بن عبد السلام وَكَانَ يفخم أمره ويعظم شأنه فأخبرته بوفاته رحمه الله تعالى. محمد بن عمر بن الحسين أبو الفضل الفخر الرازي المعروف

بابن الخطيب كَانَ فِي زمننا الأقرب قرأ علوم الأوائل وأجادها وحقق علم الأصول ودخل خراسان ووقف عَلَى تصانيف أبي علي بن سينا والفارابي وعلم من ذَلِكَ علماً كثيراً ورحل إِلَى جهة مَا وراء النهر لقصد بني مازة ببخارا وَلَمْ يلق منهم خيراً وَكَانَ فقيراً يومئذ لا جدة لَهُ وذكر لي داود الطبي التاجر المدعو بالنجيب وَكَانَ يشارك فِي أخبار الناس قال رأيت ابن الخطيب ببخارا مريضاً فِي بعض المدارس المجهولة وشكا إِلَى إقلاله فاجتمعت بالتجار المستعربين وأخذت منهم شيئاً من زكاة أموالهم وأرفقته بذلك وخرج من بخارا وقصد خراسان واتفق اجتماعه بنحو ارزمشاه محمد بن تكش فقريه وأدناه ورفع منزلته وأسنى رزقه واستوطن مدينة هراة وتملك بِهَا ملكاً وأولد أولاداً وأقام بِهَا حَتَّى مات ودفن بظاهر هراة عند جبل قريب منها وأظهر ذَلِكَ والحقيقة أنه دفن فِي داره وَكَانَ يخشى أن العوام يمثلون بجنته لما كَانَ يظن بِهِ من الاتحال. وَلَهُ تصانيف فِي الأصول وتصانيف فِي المنطق وفسر القرآن تفسيراً كبيراً وَكَانَ علمه محتفظاً من تصانيف المتقدمين والمتأخرين بعلم لَكَ من يقف عَلَيْهَا ورأيت فِي تاريخ لبعض المتأخرين ذكر فخر الدين بن الخطيب فقال محمد بن عمر بن الحسين الرازي أبو المعالي المعروف بابن خطيب الري فخر الدين كَانَ من أفاضل أهل زمانه ي القدماء فِي الفقه وعلم الأصول والكلام والحكمة ورد عَلَى أبي علي بن سينا واستدرك عَلَيْهِ وَكَانَ عظيم الشأن بخراسان وسارت مصنفاته فِي الأقطار واشتغل بِهَا الفقهاء وَكَانَ يطعن عَلَى الكرامية ويبين خطأهم فقيل أنهم توصلوا إِلَى إطعامه السم فهلك وَكَانَ يركب وحوله السيوف المجذبة وَلَهُ المماليك الكثيرة والمرتبة العالية والمنزلة الرفيعة عند السلاطين الخوارزمشاهية وعن لَهُ أن تهوس بعمل الكيمياء وضيع فِي ذَلِكَ مالاً كثيراً وَلَمْ يحصل عَلَى طائل ومولده فِي سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة وتوفي فِي ذي الحجة سنة ست وستمائة. ومن تصانيفه كتاب تفسير القرآن الكبير سماه مفاتيح الغيب سوى تفسير الفاتحة وأفرد لَهَا تصنيفاً اثني عشر مجلداً بخطه الدقيق. كتاب تفسير القرآن الصغير سماه أسرار التنزيل وأنوار التأويل. كتاب نهاية العقول. كتاب المحصول فِي علم الأصول. كتاب المحصل. كتاب الملخص فِي الحكمة.

كتاب شرح عيون الحكمة. كتاب المباحث المشرقية. كتاب لباب الإشارات. كتاب المطالب العالية فِي الحكمة. كتاب شرح الإشارات. كتاب الأربعين فِي أصول الدين. كتاب تنبيه الإشارة فِي الأصول. كتاب المعالم فِي الأصلين. كتاب سراج القلوب. كتاب يدة الأفكار وعمدة النظار. كتاب الجامع الكبير الملكي فِي الطب. كتاب مناقب الإمام الأعظم الشافعي. كتاب تفسير أسماء الله الحسنى. كتاب السر المكتوم. كتاب تأسيس التقديس. كتاب الرسالة الكمالية بالفارسية. كتاب الطريقة فِي الجدل. كتاب شرح سقط الزند. كتاب رسالة فِي السؤال. كتاب منتخب تنكلوشاه كتاب مباحث الوجود والعدم. كتاب مباحث الجدل. كتاب جواب الفيلاني. كتاب النبض. كتاب شرح كليات القانون لَمْ يتممه مجلد. كتاب تفسير الفاتحة مجلد. كتاب سورة البقرة مجلدة عَلَى الوجه العقلي لا النقلي. كتاب شرح الوجيز للغزالي لَمْ يتم حصل منه العبادات والنكاح فِي ثلاث مجلدات. كتاب الطريقة العلائية فِي الخلاف أربع مجلدات. كتاب لوامع البينات فِي شرح أسماء الله والصفات. كتاب فِي إبطال القياس لَمْ يتم. كتاب شرح نهج البلاغة لَمْ يتمه. كتاب فضائل الصحابة الراشدين. كتاب القضاء والقدر. كتاب رسالة الحدوث مجلد. كتاب تهجين تعجيز الفلاسفة بالفارسية. كتاب البراهين النهائية بالفارسية. كتاب اللطائف الغياثية. كتاب شفاء العي من الخلاف. كتاب الخلق والبعث. كتاب الخمسين فِي أصول الدين بالفارسية. كتاب الأخلاق. كتاب الرسالة الصاحبية. كتاب الرسالة المجدبة. كتاب عصمة الأنباء. كتاب فِي الرمل. شرح مصادرات إقليدس. كتاب فِي الهندسة. كتاب رسالة نفثة المصدور. كتاب رسالة فِي ذم الدنيا. كتاب الاختيارات العلائية فِي التأثيرات السماوية. كتاب أحكام الأحكام. كتاب الرياض المؤتقة فِي الملل والنحل. كتاب رسالة فِي النفس. كتاب المحصل فِي شرح كتاب المفصل لأبي القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري النحوي. محمد بن علي الطيب أبو الحسين المتكلم البصري كَانَ إماماً عالماً بعلم كلام الأوائل قَدْ أحكم قواعده وقيد أوابده وتصيد شوارده

وَكَانَ يتقي أهل زمانه فِي التظاهر بِهِ فأخرج مَا عنده فِي صورة متكلمي الملة الإسلامية وأحكم مَا أتى بع من ذَلِكَ ومن وقف عَلَى تصانيفه تحقق مَا أشرت إِلَيْهِ من أمره وَلَمْ يزل عَلَى التصدر والتصنيف والإملاء والإفادة لمذهب الاعتزال والتحقيق لما انفرد بِهِ من الأقوال حَتَّى أتاه أجله فِي يوم الثلاث الخامس من شهر ربيع الآخر سنة ست وثلاثين وأربعمائة وَكَانَ متميزاً بالقناعة والكفاف طول مدته. المختار بن الحسن بن عبدون الحكيم أبو الحسن الطبيب البغدادي المعروف بابن بطلان طبيب منطقي نصراني من أهل بغداد قرأ عَلَى علماء زمانه من نصارى الكرخ وَكَانَ مشوه الخلقة غير صبيحها كما شاء الله فه وفضل فِي علم الأوائل يرتزق بصناعة الطب وخرج عن بغداد إِلَى الجزيرة والموصل وديار بكر ودخل حلب وأقام بِهَا مدة وَمَا حمدها وخرج عنها إِلَى مصر وأقام بِهَا مدة قريبة واجتمع فِيهَا بابن رضوان المصري الفيلسوف فِي وقته وجرت بينهما منافرة أحدثتها المغالبة فِي المناظرة وخرج ابن بطلان عن مصر مغضباً عَلَى ابن رضوان وورد أنطاكية راجعاً عن مصر فأقام بِهَا وَقَدْ سئم كثرة الأسفار وضاق خطته عن معاشرة الأغمار فغلب عَلَى خاطره الانقطاع فنزل بعض ديرة أنطاكية وترهب وانقطع إِلَى العبادة إِلَى أن توفي بِهَا فِي شهور سنة أربع وأربعين وأربعمائة شاهدت فِي كتاب الربيع لمحمد بن هلال بن المحسن نسخة سفرته إِلَى الرئيس هلال بن المحسن بن إبراهيم نسخته. " بسم الله الرحمن الرحيم " أنا لما أعتقده من خدمة سيدنا الأجل أطال الله بقاه وكبت أعداءه دانياً وقاصياً وافترضه من طاعته مقيماً وظاعناً أضمرت عند وداعي حضرته العالية وَقَدْ ودعت منها الفضل السؤدد والمجد والفخر والمحتد أن أتقرب إليها وأجدد ذكري عندها بالمطالعة مما استطرفه من أخبار البلاد التي أطرقها واستغر بِهِ من غرائب الأصقاع الَّتِي أسلكها خدمة للكتاب الذي هو تاريخ

المحاسن وديوان المعاني والمآثر ليودعه أدام الله تمكينه منها مَا يراه ويلحق مَا يستوقفه ويرضاه وَعَلَى ذكره فما رأيت أحداً بمصر وهذه الأعمال أكثر من الراغب فِيهِ وكل رئيس فِي هَذِهِ الديار متشوق إِلَيْهِ متشوف لوصوله مترقب متوقع ولو وصلت منه نسخة بلغ الجالب لَهَا أمنيته فِي ريحها ونفعها وإلى الله تعالى أرغب فِي نشر فضيلته الباهرة ومحاسنه الزاهرة بجوده وكنت خرجت من بغداد وبدأت بلقاء مشايخ البلاد وخواصها واستملاء مَا عندهم من آثارها وعجائبها فذكر لي أخبار مستطرقة وعجائب غريبة وأقطاع من الشعر رائفة ولضيق الوقت وسرعة الرسول أضربت عن أكثره واقتصرت عن أقله وكنت خرجت عَلَى اسم الله تعالى وبركته مستهل شهر رمضان سنة أربعين وأربعمائة مصعداً فِي نهر عيسى عَلَى الأنبار ووصلت إِلَى الرحبة بعد تسع عشرة رحلة وهي مدينة طيبة وفيها من أنواع الفواكه مَا لا يحصى وبها تسعة عشر نوعاً من الأعناب وهي متوسطة بَيْنَ الأنبار وحلب وتكريت والموصل وسنجار والجزيرة وبينها وبين قصر الرصافة مسيرة أربعة أيام ورحلنا من الرصافة إِلَى حلب فِي أربع رحلات وهي بلد بالحجر الأبيض فِيهِ ستة أبواب وَفِي جانب السور قلعة فِي أعلاها مسجد وكنيستان وَفِي إحداهما مكان المذبح الَّذِي كَانَ قرب عَلَيْهِ إبراهيم عَلَيْهِ السلام وَفِي أسفل القلعة مغارة كَانَ يخبأ فِيهَا غنمه وإذا حليها أضاف بلبتها الناس فكانوا يقولون حلب أم لا ويسأل بعضهم بعضاً عن ذَلِكَ فسميت حلب وَفِي البلد جامع وست بيع وبيمارستان صغير والفقهاء يفننون عَلَى مذهب الإمامية وشرب أهل البلد من صهاريج وَعَلَى بابه نهر يعرف بقويق يمد فِي الشتاء وينضب فِي الصيف وَفِي وسط البلد دار علوة صاحبة البحتري وهو قليل الفاكهة والبقول والنبيذ إِلاَّ مَا يأتيه من الروم وَمَا بحلب موضع خراب ومنه خرجنا من حلب طالبين أنطاكية وبين حلب وبينها يوم وليلة فبتنا فِي بلدة للروم تعرف بعم فِيهَا عين جارية يصاد منها السمك ويدور عَلَيْهَا رحا وفيها من الخنازير والنساء العواهر والزنا والخمور أمر عظيم وفيها أربع كنائس وجامع يؤذن فِيهَا سراً والمسافة الَّتِي بَيْنَ حلب وأنطاكية أرض مَا فِيهَا خراب أصلاً إِلاَّ أرض زرع للحنطة والشعير بجنب شجر الزيتون وقراها متصلة ورياضها مزهرة ومياهها متفجرة وأنطاكية بلد عظيم ذو سور وفصيل ولسوره ثلاثمائة وستون برجاً يطوف عَلَيْهَا بنوبة أربعة آلاف حارس ينفذون من القسطنطينية من حضرة الملك فيضمنون حراسة

البلد سنة ويستبدلهم بهم فِي الثانية وشكل البلد كنصف دائرة قطرها يتصل بجبل والسور يصعد الجبل إِلَى قلته ويستتم دائرة وَفِي رأس الجبل داخل السور قلعة تبين تبعدها من البلد صغيرة وهذا الجبل يستر عنها الشمس فلا تطلع عَلَيْهَا إِلاَّ فِي الساعة الثانية وللسور المحيط بِهَا دون الجبل خمسة أبواب وَفِي وسطها قلعة القسياني وَكَانَتْ دار قسيان الملك الَّذِي أحيا ولده بطرس رئيس الحواريين وهو هيكل طوله مائة خطوة وعرضه ثمانون وعليه كنيسة عَلَى أساطين ودائر الهيكل أروقة يجلس فِيهَا القضاة للحكومة ومعلمو النحو واللغة وَعَلَى أحد أبواب هَذِهِ الكنيسة فنجان الساعات يعمل ليلاً ونهاراً دائماً اثني عشر وهو من عجائب الدنيا وَفِي أعلاه خمس طبقات فِي الخامسة منها حمامات وبساتين ومقاصير حسنة وتخر منها المياه وهناك من الكنائس مَا لا يجد كثرة كلها معمولة بالفص المذهب والزجاج الملون والبلاط المجزع وَفِي البلد بيمارستان يراعي البطريك المرضي فِيهِ بنفسه وَفِي المدينة من الحمامات مَا لا يوجد مثله فِي مدينة من اللذاذة والطيبة فاز وقودها من الآس وماؤها سيح وَفِي ظاهر البلد نهر يعرف بالمقلوب يأخذ من الجنوب إِلَى الشمال وهو مثل نهر عيسى وخارج البلد دير سمعان وهو مثل نصف دار الخليفة يضاف فِيهَا المجتازون يقال إِن دخله فِي السنة أربعمائة ألف دينار ومنه يصعد إِلَى جبل اللكام وَفِي هَذَا الجبل من الديارات والصوامع والبساتين والمياه المتفجرة والأنهار الجارية والزهاد والسياح وضرب النواقيس فِي الأسحار وألحان الصلوات مَا يتصور معه الإنسان أنه فِي الجنة وَفِي أنطاكية شيخ يعرف بأبي نصر بن العطار قاضي القضاة فِيهَا لَهُ يد فِي العلوم مليح الحديث والإفهام وخرجت من أنطاكية إِلَى اللاذقية وهي مدينة يونانية ولها ميناء وملعب وميدان للخيل مدور وبها بيت كَانَ للأصنام وهو اليوم كنيسة وَكَانَ فِي أول الإسلام مسجداً وهي راكبة البحر وفيها قاض للمسلمين وجامع يصلون فِيهِ وأذان فِي أوقات الصلوات الخمس وعادة الروم إِذَا سمعوا الآذان أن يضربوا الناقوس وقاضي المسلمين الَّذِي بِهَا من قبل الروم ومن عجائب هَذَا البلد أن المحتسب يجمع القحاب والغرباء المؤثرين للفساد من الروم فِي حلقة وينادي عَلَى كل واحدة منهن ويزايد الفسقة فيهن لليلتها تِلْكَ ويؤخذون إِلَى الفنادق الَّتِي هي الخانات لسكنى الغرباء بعد أن تأخذ كل واحدة منهن خاتماً هو خاتم المطران حجة بيدها من تعقب الوالي لَهَا فإنه متى وجد خاطباً مع خاطبة بغير ختم المطران ألزمه جناية وَفِي البلد من الحبساء والزهاد فِي الصوامع والجبال كل فاضل يضيق الوقت عن ذكر أحوالهم والألفاظ الصادرة عن صفاء عقولهم وأذهانهم ومن مشاهير تصانيف ابن بطلان كتاب تقويم الصحة فِي قوى الأغذية ودفع مضارها مجدول. كتاب دعوة الأطباء مقامة ظريفة. رسالة اشتراء الرقيق. ة أربعمائة ألف دينار ومنه يصعد إِلَى جبل اللكام وَفِي هَذَا الجبل من الديارات والصوامع والبساتين والمياه المتفجرة والأنهار الجارية والزهاد والسياح وضرب النواقيس فِي الأسحار وألحان الصلوات مَا يتصور معه الإنسان أنه فِي الجنة وَفِي أنطاكية شيخ يعرف بأبي نصر بن العطار قاضي القضاة فِيهَا لَهُ يد فِي العلوم مليح الحديث والإفهام وخرجت من أنطاكية إِلَى اللاذقية وهي مدينة يونانية ولها ميناء وملعب وميدان للخيل مدور وبها بيت كَانَ للأصنام وهو اليوم كنيسة وَكَانَ فِي أول الإسلام مسجداً وهي راكبة البحر وفيها قاض للمسلمين وجامع يصلون فِيهِ وأذان فِي أوقات الصلوات الخمس وعادة الروم إِذَا سمعوا الآذان أن يضربوا الناقوس وقاضي المسلمين الَّذِي بِهَا من قبل الروم ومن عجائب هَذَا البلد أن المحتسب يجمع القحاب والغرباء المؤثرين للفساد من الروم فِي حلقة وينادي عَلَى كل واحدة منهن ويزايد الفسقة فيهن لليلتها تِلْكَ ويؤخذون إِلَى الفنادق الَّتِي هي الخانات لسكنى الغرباء بعد أن تأخذ كل واحدة منهن خاتماً هو خاتم المطران حجة بيدها من تعقب الوالي لَهَا فإنه متى وجد خاطباً مع خاطبة بغير

ختم المطران ألزمه جناية وَفِي البلد من الحبساء والزهاد فِي الصوامع والجبال كل فاضل يضيق الوقت عن ذكر أحوالهم والألفاظ الصادرة عن صفاء عقولهم وأذهانهم ومن مشاهير تصانيف ابن بطلان كتاب تقويم الصحة فِي قوى الأغذية ودفع مضارها مجدول. كتاب دعوة الأطباء مقامة ظريفة. رسالة اشتراء الرقيق. ولما جرى لابن بطلان بمصر مع ابن رضوان مَا جرى كتب إِلَيْهِ ابن بطلان رسالة يفظعه فِيهَا ويذكر معائبه ويشير إِلَى جهله بما يدعيه من علم علوم الأوائل وصدرها بهذه الديباجة بسم الله الرحمن الرحيم الانتساب إِلَى الصنائع والاشتراك فِي البضائع موخاة وذمم وحرمات وعصم أدنى حقوقها بذل الإنصاف وأحد فروضها اجتناب الحيف والإسراف ويتصل بي عن الشيخ أدام الله توفيقه وأوضح إِلَى الحق طريقه بلاغات إِذَا قايستها بِنَا ألفيته من حدة طباعه بِهَا وأن عزوته إِلَى مَا خصه الله بِهِ من العلم قطعت بكذبها وَفِي كلا الحالين فإنني أرى الإغضاء هما أمض من كلامه وأرمض من فعاله من الفعال الواجب والمفروض اللازب إذ كنت أثق برجوعه إِلَى الحق وإن مال فِي شعب الباطل لا سيما أني لَمْ أوجده سبيلاً إِلَى المباينة ولا سعيت إِلاَّ فيما أكد أسباب المودة والمحافظة وَلَمْ أتخذه بمسألة سهلة ولا صعبة وهو أدام الله توفيقه جهينتي فِي هَذِهِ الدعوى وَقَدْ كَانَتْ وردت منه إِلَى مسائل وأحبت فِي الحال عنها وتراخيت إِلَى هَذِهِ الغاية عن إنفاذها إبقاء عَلَى هَذِهِ المودة وبلغني بعد ذَلِكَ أنه قال عَلَى سبيل المباهلة يسألني عن ألف مسألة وأسئلة واحدة ولو شئت أن أفصح وأوضح لفعلت ولكن قومي هم قتلوا أميم أخي ... فإذا رميت يصيبني سهمي لأني أعتقده والجماعة يجرون مني مجرى الأعضاء تمرض تارة وتصح أخرى وَلَمْ أزل عَلَى هَذِهِ المشاكلة إِلَى أن أوعز إليّ من بعض الجهات الجليلة بما لَمْ يسعني خلافه ولا أمكنني الاجتناب عنه فِي عمل هَذِهِ المقالة وعي سبعة فصول الأول فِي فِي فضل من لقي الرجال من درس فِي الكتاب الثاني فِي أن الَّذِي علم المطالب من الكتب علماً ردياً شكوكه بحسب علمه يعسر حلها الثالث فِي أن إثبات الحق فِي عقيل لَمْ يثبت فِيهِ المحال أسهل من إثباته عند

من ثبت فِي عقله المحال الرابع فِي أن من عادات الفضلاء عند قراءتهم كتب القدماء أن لا تعلموا فِي علمائها يظن إذَا رأوا فِي المطلب تباينها وتناقضاً لكن يخلدون إِلَى البحث والتطلب الخامس فِي مسائل مختلفة صادرة عن براهين صحيحة فِي المقدمات صادقة تلتمس أجوبتها بالطريقة البرهانية السادس فِي تصفح مقالته فِي المباهلة الَّتِي ضمن فِيهَا أنني أسأله ألف مسألة ويسألني مسألة واحدة السابع فِي تتبع مقالته فِي النقطة الطبيعية والتعيين عَلَى موضع الشبهة فِي هَذِهِ التسمية فامتثلت المرسوم معتذراً إِلَيْهِ غير أنني أسأله بإله السماء وتوحيد الفلاسفة إذَا هو طلق عنان القلم واستخدم فِي بيانه برهان الهمم وأبرز النتيجة كالبدر من حندس الظلم أعفى عبده من السفه الَّذِي حظه فِي سماعه أكثر من حظ الشيخ فِي مقاله وعدل بِهِ إِلَى الجواب عن نفس السؤال يما يبين بِهِ الصواب بقلب طاهر تقي خال من دون الغضب فثامسطيوس يقول قلوب الحكماء هياكل الرب فيجب أن تنظف بيوت عبادته وفيثاغورس يقول أن العوام تظن أن الباري تعالى فِي الهياكل فقد فتحسن سيرتها فِيهَا كذلك يجب عَلَى من علم الله فِي كل مكان أن تكون سيرته فِي كل مكان كسيرة العامة العاملة والله يعينه عَلَى كسر العصبية ويرشدنا إِلَى المضي بموجب الناطقة ويعينه عَلَى الملتمس ومن هَذِهِ الرسالة المذكورة الفصل الثاني فِي أن الَّذِي علم المطالب من الكتب علماً ردياً شكوكه بحسب علمه يعسر حلها فِي أن العالم بالمطالب علماً ردياً شكوكه لا تنحل أن الشك أتى من تقصيره بالعلم وكلما فسد العلم قوي الشك وكلما قوي الشك فسد العلم فضعف العلم يؤدي إِلَى قوة الشك وقوة الشك تؤدي إِلَى ضعف العلم وهما شيئان كل واحد منهما علة لصاحبه كالسوداء الَّتِي هي سبب لرداءة الفكر ورداءة الفكر سبب لاحتراق الأخلاط وانقلابها إِلَى السوداء والسوداء كلما قويت أفسدت الفكر والفكر كلما فسد قويت السوداء ولأن الفاسد الفكر لا يتصور فساد فكره فلا يسرع فِي زوال مرضه كالذي بِهِ عضة كلب كلب يعتقد أن الماء يقتله وفيه حياته وكلما امتنع منه أدى إِلَى هلاكه وهذا هو الداء العياء الَّذِي يعجز عن طبه وبرئه الأطباء كذلك المعتقد فِي الآراء الماحلة أنها صحيحة لا يشعر برداءتها فيلتمس علتها عَلَى الحقيقة ولعدم علمه بالتقصير لا يزيل شكه العالمون ولا يرجي لنفسه برء منه إِلاَّ بلطف من رب العالمين ومن ههنا تتولد الآراء الفاسدة السقيمة ويثقلها

الضعيف الطباع عن مطلب الحقائق ويتقلدها محبو الكسل والرفاهة فتتخيل لهم كأنها طباع وغريزة فيألفونها وينشئون عَلَيْهَا ويكرهون مفارقتها للعادة ويسابقون عَلَيْهَا ويتعصمون هالتها العلوم الصحيحة فيحدث فِي العقول وباء عن ميل النفس مع الهوى فتموت القرائح الذكية عَلَى مثال مَا تموت الأجسام عن فساد جوهر الهواء ولهذا قال أرسطوطاليس الإنسان الجاهل ميت والمتجهل عليل والعالم حي صحيح فهذا مقنع لمن حاد عن طباع العقل وفيه كفاية لمحبي الحق وبيان الدعوى أن الَّذِي علم من الكتب علماً ردياً شكوكه بحسب علمه يعسر حلها وهو مَا أردنا أن نبين. ومنه الفصل الرابع أن من عادات الفضلاء إِذَا قرؤوا كتب القدماء أَن لا يقطعوا فِي علمائها يظن دون معرفة الأمر عَلَى الحقيقة إذ من عادات القدماء إِذَا وقفت عليهم المطالب ولاح فِيهَا تباين وتناقض أن يعودوا إِلَى التطلب ولا يتسرعوا إلى إفساد المطالب فإن أرسطوطاليس بقي يرصد القوس الكائن عن القمر أكثر عمره غما رآه إِلاَّ دفعتين وجالينوس واظب عَلَى السكون الَّذِي بعد الانقباض فِي النبض سنين كثيرة حَتَّى أدركه وأبو الخير بن الخمار وأبو علي بن زرعة ماتا بحسرة مقالة يحيى بن عدي فِي المخرسات المبطلة لكتاب القياس وشيخنا أبو الفرج عبد الله بن الطيب بقي عشرين سنة فِي تفسير مَا بعد الطبيعة ومرض من الفكر فِيهِ مرضة كاد يلفظ فِيهَا وَمَا فيهم رحمهم الله إِلاَّ من أنفق عمره فِي العلم طلباً لإدراك الحق هَذَا والي فِي عقولهم مما بالفعل أكثر مما بالقوة ونحن وَمَا بالقوة فينا أكثر مما بالفعل أخلدنا إِلَى الطعن عليهم ضحك الحق منا وخسرنا أشرف مَا فينا ولهذا يجب عَلَى كل نسمة عالمة دونهم فِي الرتبة إِذَا رأت أقاويلهم متباينة أن لا تقطع بقول فيهم إِلاَّ بعد الثقة ولا ترتب إِذَا رأيت أرسطوطاليس يعتقد أن القلب منشأ الأعصاب والعروق والشرايين والعظام وجميع القوى ثُمَّ رأيت جالينوس ينسب مبدأ كل واحد من القوى إِلَى واحد واحد من الأعضاء الثلاثة أعني الدماغ والقلب والكبد ويقول كل واحد منها ينشأ ينظر خوادمها ولا تقطع بصواب أحدهما لأن أرسطوطاليس ينظر فِي القوى من جهة طباعها وجالينوس ينظر فِيهَا من جهة استقراء الفعل المحسوس فِي العضو الخاص لَهَا وإذا رأينا جالينوس يقسم الأعضاء إِلَى المتشابهة والآلية وليست هَذِهِ الطريقة تعديداً ولا قسمة صحيحة لأن المتشابهة أيضاً آلية إِذَا كَانَ العصب آلة لجريان الروح النفساني والحركة

الإرادية والشرايين آلة لجريان الروح والقوى الحيوانية والأوردة آلة لجريان الدم والقوى الطبيعية والتعديد والقسمة الصحيحة هي الَّتِي قسمها أرسطوطاليس إِلَى البسيطة والمركبة والمتشابهة وغير المتشابهة لَمْ يجز لَنَا أن نتسرع إِلَى الرد عَلَيْهِ لأنا إِذَا نظرنا أدانا النظر إِلَى أنه فعل ذَلِكَ لأن شأنه أن يشتق للأمراض أسماء منها لأن الأعضاء المتشابهة تمرض أمراضاً بسيطة ومركبة والدليل عَلَى أنه لَمْ يخف عَلَيْهِ أن العرق آلة لجريان الدم عدد السدة فِي الأمراض الآلية وإذا رأينا أرسطوطاليس يبين فِي كتاب السماء أن طبيعة الكواكب خامسة وأنها غير كائنة ولا فاسدة ورأيناه فِي كتاب الحيوان يظهر من قوله أن طبيعة المر من الاسطقسات الأربعة لَمْ يجز أن تتسرع وتقول أنه ناقض نفسه أَوْ نسي رأيه ومذهبه وكذلك إِذَا رأيناه يتكلم فِي بقاء العقل الهيولاني كلاماً يناقض كلامه فيما بعد الطبيعة وجب علينا أن نعلم أن فعله بوجهين اثنين لا ينظر واحد لأنه هو الَّذِي علمنا شروط النقيض وإذا رأينا أرسطوطاليس يعتقد فِي الريح أنها حارة يابسة ثُمَّ يأخذ فِي قسمتها إِلَى الحارة والباردة وجب علينا أن نعلم أن قسمته بحسب الجهات والنواحي وإن كَانَتْ مادتها حارة يابسة إِلاَّ أنها إِذَا هبت من الطريقة المحترقة وأوردت هَذَا لأنه بلغني أن فِي نفسه من هَذِهِ المسألة شبهة فآثرت زوالها وَمَا يجب لَنَا ولا يبلغ قدرتنا إِذَا رأينا أرسطوطاليس يعطينا قانوناً فِي النتيجة ويقول أنها تتبع فِي الكم الصغرى وَفِي الكيف الكبرى ثُمَّ نراه ينتج الضرب الَّذِي من كبرى ضرورية وصغرى ممكنة نتيجة ممكنة أن نسيء الظن بِهِ ونقول أنه نقض قانونه وخالف رأيه وجعل النتيجة غير المطلب وأوردها تتبع فِي الكيف الصغرى لكنا تبحث فإنا نعلم حسن هَذَا الفعل منه ومن هَذَا الفصل فيما ظن الشيخ بأناس يجرون فِي العالم مجرى الأنجم الزهر أبصارنا عند بصائرهم تجري مجرى الخفاش عند عيون العقبان فِي ضوء النهار لا سيما المؤيد حنين بن إسحاق الَّذِي منح الله البشر علوم القدماء عَلَى يده فالعقول فِي ضيافته إِلَى اليوم يمتارون من فضله ويعيشون فِي بره ويحسب هَذَا لَمْ أوثر للشيخ أن يدفع العيان ويخرق ويكذب بما شهدت بِهِ الأذهان وصدق بِهِ البرهان من فضله ونور مطارح شعاعه ففي فعله هَذَا نخاز كثيرة منها نقض ميثاق بقراط صاحب الصناعة الَّذِي عهده إِلَى الأطباء ووصى فِيهِ بإكرام العلماء ومنها التظاهر بكفر النعمة وجحود الصنيعة لمن لولاه لما فهم أحد ولا فهم الشيخ من الطب لفظة واحدة ومنها أن المعلم أب روحاني وما كنت

أحب للشيخ التظاهر بعقوق الآباء بل أن يجريه أقل الأجسام مجرى سيده عَلَيْهِ رحمة الله ومنها أنه قل من تعرض لمن قدمه الله تعالى إِلاَّ وحرم التوفيق ووقع من التعذير فِي بحر عريض عميق ولهذا قال أفلاطون لا تعادوا الدول المقبلة فتدبروا بإقبالها وهذا القسم إِذَا تفطن الشيخ فِيهِ علم نصحي لَهُ فلا يثقل عَلَيْهِ إِذَا كَانَ الدواء إِذَا لنحت غايته عذبت مرارته والعرب تقول مبكياتك ولا مضحكاتك وأخوك من نصحك وكثير مَا ينتفع الإنسان بأعدائه وبحسب هَذِهِ المعددة يجب عَلَى الشيخ الرجوع عما ثلب بِهِ أئمة الصناعة ولا يصر عَلَى الفكر بهذه الطريقة يل يستغفر الله تعالى مما جنى ويسأله الإقالة ليلقى الحق مبيض الوجه فِي القيامة فلا يكون سبباً لضلال إحداث الأطباء بما يودع نفوسهم من مثالب القدماء فيثبتهم عن قراءة كتب الصناعة فيؤدي ذَلِكَ إِلَى هلاك المرضى ومن هَذَا الفصل أنني حضرت مع تلميذ من تلاميذه الشيخ ظاهر التجمل بادي الذكاء إن صدقت الفراسة فِيهِ بحضرة الأمير الأجل أبي علي بن جلال الدولة بن عضد الدولة فناخسرو أطال الله بقاه ورحم أسلافه وإياه فِي خامس مرضة عرضت لَهُ من حمى نائبة أخذت أربعة أيام ولاء تبدأ ببرد وتقشع بنداوة وَقَدْ سقاه ذَلِكَ الطبيب دواء مسهلاً وهو عازم عَلَى فصده من بعد عَلَى عادة المصريين فِي تأخير الفصد بعد الدواء وإطعام المريض القطائف بجلاب فِي نوب الحمى فسألت الطبيب مستخبراً عن الحمى فقال بلفظة المصريين نعم سيدي عرضت لَهُ حمى يوم مركبة من دم وصفراء نائبة أربعة أيام فلما سقيناه الدواء تحلل الدم وبقيت الصفراء ونحن عَلَى فصده لَنَا من الصفراء بمشيئة الله فذهبت ولا أعلم مم أعجب أمن كون حمي يوم تنوب أربعة أيام بعلامات المواظبة أم من كونها من أخلاط مركبة أم من الدواء الَّذِي حلل الدم الغليظ وترك الصفراء اللطيفة وَمَا أشبه تِلْكَ الحكاية إِلاَّ بما حدثني بِهِ الشيخ أبو النصر بن العطار بأنطاكية فإنه ذكر أن طبيباً رومياً شارط مريضاً بِهِ غب خالصة عَلَى برئه دراهم معلومة وأخذ فِي تدبيره بما غلظ المادة فصارت شطر غب بعد مَا كَانَتْ خالصة فأنكرنا ذَلِكَ عَلَيْهِ ورمنا صرفه فقال إني أستحق عليكم نصف الكراء لأن الحمى قَدْ ذهب نصفها وظن من جهة التسمية أن الشطر قَدْ ذهب من الحمى ولا زال يسألنا عما كَانَتْ فنقول غباً وعما هي الآن فنقول شطراً فيظلم ويقول ولم منعتموني نصف القبالة. ِ بإكرام العلماء ومنها التظاهر بكفر النعمة وجحود الصنيعة لمن لولاه لما فهم أحد ولا فهم الشيخ من الطب لفظة واحدة ومنها أن المعلم أب روحاني وما كنت أحب للشيخ التظاهر بعقوق الآباء بل أن يجريه أقل الأجسام مجرى سيده عَلَيْهِ رحمة الله ومنها أنه قل من تعرض لمن قدمه الله تعالى إِلاَّ وحرم التوفيق ووقع من التعذير فِي بحر عريض عميق ولهذا قال أفلاطون لا تعادوا الدول المقبلة فتدبروا بإقبالها وهذا القسم إِذَا تفطن الشيخ فِيهِ علم نصحي لَهُ فلا يثقل عَلَيْهِ إِذَا كَانَ الدواء إِذَا لنحت غايته عذبت مرارته والعرب تقول مبكياتك ولا مضحكاتك وأخوك من نصحك وكثير مَا ينتفع الإنسان بأعدائه وبحسب هَذِهِ المعددة يجب عَلَى الشيخ الرجوع عما ثلب بِهِ أئمة الصناعة ولا يصر عَلَى الفكر بهذه الطريقة يل يستغفر الله تعالى مما جنى ويسأله الإقالة ليلقى الحق مبيض الوجه فِي القيامة فلا يكون سبباً لضلال إحداث الأطباء بما يودع نفوسهم من مثالب القدماء فيثبتهم عن قراءة كتب الصناعة فيؤدي ذَلِكَ إِلَى هلاك المرضى ومن هَذَا الفصل أنني حضرت مع تلميذ من تلاميذه الشيخ ظاهر التجمل بادي الذكاء إن صدقت الفراسة فِيهِ بحضرة الأمير الأجل أبي علي بن جلال الدولة بن عضد الدولة فناخسرو أطال الله بقاه ورحم أسلافه وإياه فِي خامس مرضة عرضت لَهُ من حمى نائبة أخذت أربعة أيام ولاء تبدأ ببرد وتقشع بنداوة وَقَدْ سقاه ذَلِكَ الطبيب دواء مسهلاً وهو عازم عَلَى فصده من بعد عَلَى عادة المصريين فِي تأخير الفصد بعد الدواء وإطعام المريض القطائف بجلاب فِي نوب الحمى فسألت الطبيب مستخبراً عن الحمى فقال بلفظة المصريين نعم سيدي عرضت لَهُ حمى يوم مركبة من دم وصفراء نائبة أربعة أيام فلما سقيناه الدواء تحلل الدم وبقيت الصفراء ونحن عَلَى فصده لَنَا من الصفراء بمشيئة الله فذهبت ولا أعلم مم أعجب أمن كون حمي يوم تنوب أربعة أيام بعلامات المواظبة أم من كونها من أخلاط مركبة أم من الدواء الَّذِي حلل الدم الغليظ وترك الصفراء اللطيفة وَمَا أشبه تِلْكَ الحكاية إِلاَّ بما حدثني بِهِ الشيخ أبو النصر بن العطار بأنطاكية فإنه ذكر أن طبيباً رومياً شارط مريضاً بِهِ غب خالصة عَلَى برئه دراهم معلومة وأخذ فِي تدبيره بما غلظ المادة فصارت شطر غب بعد مَا كَانَتْ خالصة فأنكرنا ذَلِكَ عَلَيْهِ ورمنا صرفه فقال إني أستحق عليكم نصف الكراء لأن الحمى قَدْ ذهب نصفها وظن من جهة التسمية أن الشطر قَدْ ذهب من الحمى ولا زال يسألنا عما كَانَتْ فنقول غباً وعما هي الآن فنقول شطراً فيظلم ويقول ولم منعتموني نصف القبالة.

ومن هَذَا الفصل فِي آخره فقد بان مَا رمنا بيانه وهو أن الواجب عَلَى كل نسمة يقف بِهَا مطلب من كتب القدماء أن لا يتسرع إِلَى رد مذهب بل يعود إِلَى البحث والطلب ولهذا نرى المفسرين الجلة إِذَا وردوا هَذِهِ الموارد ورأوا فِيهَا تبايناً لائحاً وتناقضاً واضحاً قالوا عن صاحب الصناعة أنه أورده مجازاً عَلَى مذهب آخرين كأنابو المصري فِي مقالته فِي العناية واجتمعوا أنه ن غلط الناسخ أَوْ سهو الناقل أَوْ جوازه فِي اللغة المنقول عنها دون المنقول إليها كالاسم الَّذِي لَيْسَ بمذكر ولا مؤنث فِي لغة اليونانيين أَوْ أنه وجد فِي الحاشية عَلَى جهة التعليق وَلَيْسَ من الكتاب وربما كَانَ زائداً عَلَى مَا ينبغي قالوا أورده مبالغة كقول بقراط فقار الظهر وكما يقول الشعراء لبناً أبيض ودهناً رطباً أَوْ عَلَى جهة الجدل والخطابة كما فعل يحيى النحوي فِي نقائضه وإن تكرر لفظ مَا قالوا أورده للتأكيد احتجوا فِيهِ بعادة اليونانيين فِي الأسماء كعادتهم فِي تسمية كل مرض حار فكفموتي أَوْ نمط الكتاب فإن كَانَ فِي التصنيف مثال لا يطابق الممثل لَهُ كما يوجد فِي كتاب القياس قالوا أن من عادته الاستهانة فِي الأمثلة وإن رأوا فِي قضية تناقضاً جعلوا محمولها اسماً مشتركاً أَوْ منعوه أحد شروط النقيض ليبطل التناقض وجعلوه بوجهين اثنين لا من جهة واحدة وإن رأوا المصنف تكلم فِي أحد الضدين كما فعل أرسطوطاليس فِي الأسماء قالوا ترك الآخر ليفهم من ضده وأن قسم شيئاً وَلَمْ يستوفِ أقسامه قالوا ذكر منها مَا احتاج إِلَيْهِ فِي المكان وإن سمى صاحب الصناعة أسماء غير دالة عَلَيْهَا كما سمى الأطباء فم المعدة فؤاداً والقولنج فِي جميع المعاء وإن لَمْ يكن فِي القولون قولنجاً ومفاصل الورك عرق النسا قالوا هَذِهِ للقدماء أن يسموا بعض الأشياء من أسماء أمور بينها شركة واتصال أَوْ مشابهة وإن كرر المصنف كلاماً فِي أول الكتاب قالوا لما أطال الشيخ إعادة ليتصل الكلام كما يوجد فِي ايساغوجي وإن كَانَ فِي آخر الكتاب قالوا أورده عَلَى جهة النتيجة والتمرة مل هَذَا لعلم العقل الناقص البريء من الهوى أنه غير كامل لَمْ يبلغ عقل المصنف الواضع للصناعة. ومنه الفصل الخامس .. فِي مسائل مختلفة صادرة عن براهين صحيحة فِي مقدمات صادقة يلتمس أجوبتها بالطريقة البرهانية. المسألة الأولى .. وهي تتعلق بالبلاد والأهوية يجري هكذا لم صار

الحبشة والصقالبة وبلادهم وطباعهم متضادة يغتذي كل سهم بالأغذية الحارة اليابسة ويشربون الخمر ويتفلفلون بالمسك والعنبر ووجب أن يجرى فيهم عَلَى خلاف هَذَا التدبير عَلَى أنه لَيْسَ للشيخ أن يقول أن الصقالبة يستعملونه دواء والحبشة غذاء ذَلِكَ للمضادة وهذا للمشابهة لئلا يلزمه أن يستعمل مثل ذَلِكَ فِي الصيف والشتاء فنسبة الصيف إِلَى بلاد الحبشة نسبة الشتاء إِلَى بلاد الصقالبة ونحن نرى أن الأمر يجري عَلَى خلاف هَذَا لأنا تستعمل فِي الصيف الأغذية الباردة وَفِي الشتاء الأغذية الحارة وَفِي هَذَا أيضاً شك عَلَى اغتذائها فِي الشتاء بالأغذية الحارة والحر كامن فينا وَفِي الصيف الأغذية الباردة والبرد فِي الباطن مستول علينا لانفشاش الحرارة من مسامنا وهذا ضد قانون الصناعة وأطرف من كون الغذاء حاراً مع كون أجوافنا فِي الشتاء حارة خروج البول أبيض وحدود الأمراض البلغمية وخروج البول نضحاً فِي الصيف وحدوث الأمراض الصفراوية مع برد أجوافنا فِي الصيف. والمسألة الثانية .. لم صار الإنسان بما نام وهو حاقن فرأى كأنه يبول فلا يبول وانتبه وَقَدْ حضرته البولة للخروج فنهض فبال ثُمَّ أنه بري ذَلِكَ الإنسان فِي منامه أنه يجامع فلا يتملك حَتَّى ينزل فينتبه وَقَدْ أفرغ منيه فِي ثوبه ليت شعري مَا الَّذِي منع البول من الخروج عَلَى حدته وأمهله إِلَى الانتباه مع كثرته وأرسل المني عَلَى قلته وحضره فِي المنام فلم يمهله إِلَى الانتباه وهما جميعاً فضلتان وهذه المسألة وغن كَانَتْ حقيرة فهي نافعة فِي كشف منتحلي هَذِهِ الصناعة وَقَدْ ذكرناها فِي الدعوة الطبية. المسألة الثالثة .. تتعلق بالسماع الطبيعي لأني عرفت أن الشيخ نشر هَذَا الكتاب وتجري هكذا أرسطوطاليس حد المكان بأنه نهاية الجسم الحاوي المقعرة المماسة لنهاية الجسم المحو المحدبة وهذا حد لا ريب فِيهِ إِلاَّ أنه يلزم منه إحدى ثلاث شناعات إما أن يكون خارج العالم مكاناً فيلزم المضي إِلَى مَا لا نهاية أَوْ يكون حركة فِي المكان لا فِي مكان فيلزم من ذَلِكَ اجتماع النقيضين معاً وإما أن يكون أرسطوطاليس ومعاذ الله غلط فِي حد المكان وإما كَيْفَ ذَلِكَ فيجري هكذا الفلك المحيط يتحرك بأجزائه الخارجة لأن كل جزء منه يأخذ من نقطة ويعود إليها ولنفرض جزءاً من أجزائه الخارجة متحركاً وتنظر هَذَا الجزء إِذَا تحرك فإنه لا يخلو إما أن يكون خارجه مكاناً

يتحرك فِيهِ كما يتحرك رجل فِي السطح الداخل فِي فلك الثابتة فيلزم أن يكون خارج العالم جسماً ويمضي هَذَا بلا نهاية وإما أن لا يكون خارجه جسماً أن يتحرك الجزء الخارج من الفلك المحيط حركة مكانية لا فِي مكان يجتمع النقيضان معاص وهذا محال وإما أن يتحرك الجزء الخارج من المحيط بمواصلته للأجزاء الداخلة منه فِي مقبب الفلك الَّذِي تحته فيلزم أن يكون المتمكن لا يماس المكان أَوْ تكون الأجزاء الخارجة هي الأجزاء الداخلة وبينهما من البعد مَا تشهد بِهِ التعاليم وينكسر الحد .. فنقول أن حد المكان هو نهاية الجسم المحوي المحدبة المماسة لنهاية الجسم الحاوي المقعرة فإن لَمْ ينكسر صار للمتمكن وهو جوهر المكان وهو عرض فيكون الجوهر والعرض فتبقى حائرين إِن أثيتنا الحركة المكانية لزم كون العالم فِي مكان وإن أبطلنا كون العالم فِي مكان لزم وجود حركة مكانية لا فِي مكان والخلاص من هَذِهِ الشبهة يكون بتغليط أرسطوطاليس فِي حد المكان والكفر بتأييد الله لَهُ وبقاء الحد بجعل الجوهر هو العرض من جهة عدم مناسبة حركة المتمكن فِي المكان. المسألة الرابعة من كتاب النفس وهي من المسائل العظيم محلها العسر حلها وتجرى هكذا قَدْ بان فِي الكتب الإلهية أن النفس الناطقة باقية فلا تخلو بعد فساد الموضوع بالموت أن تقوم بنفسها أَوْ فِي موضوعها أَوْ فِي موضوع آخر فإن قامت بنفسها لزم أن تكون صورة غير الباري قائمة بنفسها وإن قامت فِي موضوعها الفاسد وَقَدْ انحل إِلَى الاسطقسات لزم أن تكون مفارقة معاً وغير مفارقة ويكون الميت هو الحي وهذا محال وإن انتقلت إِلَى موضوع آخر لا يخلو إما أن يكون مناسباً أَوْ غير مناسب فإن كَانَ مناسباً لزم أن تتحرك النفس إِلَيْهِ فِي المكان وليست جسماً والحركة من صفات الأجسام وإن كَانَ غير مناسب أن يحل أي صورة اتفقت فِي أي هيولى اتفقت وهذا شك من قبيل عدم مناسبة الهيولى لجوهر الصورة وإن صح والعياذ بالله بطل عنا بشفاء الفلسفة. ومنه من الفصل السادس .. ذكروا أن فيلسوفاً أودع بعض أمناء قضاة أثينية ثوباً فضاع عنده فاغتم لَهُ الفيلسوف غماً شديداً فعير بذلك فقال بلغنا أن خطافة عششت فِي مجلس قاض فسرقت الحية فراخها فعزاها الطير فلم تتعز

فأنكر ذَلِكَ عَلَيْهَا فقالت والله مَا بكائي لتفردي دون الطير بهذه الرزية إنما بكائي لما يأتي علي من الجور فِي مجلس الحكم .. ومن هَذَا الفصل وَفِي هَذِهِ المقالة يأمرني الشيخ بتصفح تصانيفه لأهدي إِلَى الناس عيوبه وَمَا أجده من أغلوطاته ومعاذ الله فإن قدره يجل عن هَذَا غير أنني اتبعت غرضه والتمست منها فوجدتها لَمْ تنتشر بأيدي الناس بمصر فنسبت ذَلِكَ إِلَى ضنته بِهَا ثُمَّ أتحفني بعض أصدقائي برده عَلَى المؤيد أبي زيد حنين بن إسحاق فِي مسائله الَّتِي انتزعها لولده من كتب جالينوس فقرأت ترجمتها وإذا بِهِ قَدْ وسمها بأغلوطات حنين فعلمت أن الله يمهل عبده لخطائه إلي وقت يشاء تصفحتها فرأيت كلامه فِيهَا كلام من لَمْ يحط بشيء مما فِيهَا علماً لعدم قراءتها عَلَى معلمي الصناعة وَقَدْ سلك فِي بعضها ضد المعرفة فكان كمن رام إدراك الألورا بحاسة الذوق والأصوات بحاسة الشم فلم يدرك شيئاً وتطلبت فِي جميعها مَا لا يجوز أن يجاب عنه فلم أجد إِلاَّ مسألة واحدة عَلَى مَا حكى لي الثقة الأمين من جملة مَا وجدها بخط ابن بكش فأخذها الشيخ وادعاها .. والمسألة صفتها هَذِهِ الصفة قال المؤيد حنين فِي قسمة الصفراء أن المح يكون من مخالطة البلغم للمرار الأحمر ولهذا صار أبرد من الحمراء وقال جالينوس أن المحبة تحدث من غلبة الحمراء فهي أسخن وأجف منها وهذا يظن مضاداً لذلك ومخالفاً لَهُ وحل هَذِهِ الشبهة يأتي بأهون سعي ذَلِكَ أن المحبة اسم مشترك يقع عَلَى الحمراء إِذَا نضجت بنفسها وهذه حارة ويقع عَلَيْهَا إِذَا خالطها البلغم فيردها بمخالطته لَهَا ولهذا عين حنين عَلَى مخالطة البلغم لَهَا وجالينوس أفردها بنفسها ولهذا لا يكونان اختلفا والدليل عَلَى أن اسم المحية مشترك أنه لو أفردنا إحداهما لَمْ يكن للآخر اسم وإذا كَانَ الأمر عَلَى هَذَا فما تعاندا فِي المعنى لكن اختلفا فِي دلالة الأسماء وَفِي الحقيقة المحية مشتقة من مح البيضة والمح يقع عَلَى الصفرة وَعَلَى البياض والصفرة فمن سمى الجملة محا فقد أطلق حكم الجزء عَلَى الكل كما فعل حنين ومن سمى الصفرة مجا جاز كما فعل جالينوس ولو سئل حنين عما قاله جالينوس لقال بقوله ومثل ذَلِكَ كما يقال فِي كل صورة بقياس الهيولى عرضاً وبقياس المركب جوهراً ولا يصح هَذَا إِذَا كَانَ لَيْسَ إِلاَّ

من جهة واحدة وأنت تعلم أنهما يتضادان إِن لن يتضادا من نظرك إِلَى الموضوع فإن الموضوع إِن كَانَ واحداً واختلاف فِي الحكم فقد تضادا لأن الأضداد موضوعها واحد وإن لَمْ يكن الموضوع واحداً فما تضادا فِي الحقيقة وإن اختلفا بوجود البلغم وعدمه فِي حكمهما فقد بطل بكون عدم الموضوع واحداً أن يكونا تضادا ومثل ذَلِكَ يوجد فِي علوم كثيرة فإن أبا حنيفة وصاحبيه أبا يوسف ومحمد اختلفوا فِي نكاح الصابئة وأكل ذبائحهم فحرمها أبو حنيفة وأحلها صاحباه فقال أصحابهم أنه لَيْسَ بخلاف عَلَى الحقيقة وإنما هو خلاف فِي الفتوى لأن أبا حنيفة سئل عن الصابئين الحرانيين وهم معروفون بعبادة الكواكب فأجرهم مجرى عبدة الأوثان فِي تحريم المناكحة والذباحة وصاحباه سئلا عن الصابئين السكان بالبطيحة وهم فرقة من النصارى يؤمنون بالمسيح عَلَيْهِ السلام فأجابا بجواز ذبائحهم ومناكحتهم ولو سئل أبو حنيفة عن هؤلاء لأفتى بفتوى صاحبيه ولو سئل صاحباه عن الفرقة لأولي لافنيا بمثل قوله وَفِي هَذِهِ الأشياء يظهر فضل التلبث والارتياء عَلَى الطيش والعجلة وإني لأعجب من الشيخ كَيْفَ أخذ عَلَى حنين هَذَا وَلَمْ يأخذ عَلَى جالينوس ثلاث سؤالات مبهمة الأول منها أنه سماها مرة ةهي حلوة فإن قلت أنه فعل ذَلِكَ مجازاً لَمْ يجوز ذَلِكَ لجالينوس ولا يجوز لحنين كون المحية مائلة إِلَى البرودة والثاني أنه سماها صفراء من القسم الخارج من الطبيعة وَلَمْ يسمها من الطبيعي حمراء الثالث أن عددها أربعة وأسقط الزنجاري منها فإن كَانَ عند الشيخ لجالينوس عذر فليعتذر بمثله لحنين فِي تقصيره قسمة البلغم إِلَى خمسة إِن كَانَ عَلَى قولك سبعة وهبها سبعة وليست لأن جالينوس عددها خمسة فِي كتاب القوى وحنين اتبعه فِي هَذَا العدد نعوذ بالله من المضي مع لهوي المعتضى إِلَى طرق الردى فلنترك هَذَا الفن فإنه يخرجنا إِلَى الهذيان والإطالة ونأخذ فِي تصفح بقية المقالة. أن جالينوس عددها خمسة فِي كتاب القوى وحنين اتبعه فِي هَذَا العدد نعوذ بالله من المضي مع لهوي المعتضى إِلَى طرق الردى فلنترك هَذَا الفن فإنه يخرجنا إِلَى الهذيان والإطالة ونأخذ فِي تصفح بقية المقالة. ومنه من الفصل السابع .. فِي تتبع مقالته فِي النقطة الطبيعية وكف مَا دخل عَلَيْهِ من الشبهة فِيهَا

أما الحد الَّذِي أورده عن إقليدس للنقطة فقال أن النقطة هي شيء مَا لا جزء لَهُ فأنا أحب أن أسأله فِي أول مصادرات إقليدس لما منحه الله من العلوم الَّتِي خصه بِهَا فأقول أن عَلَى فهمنا فِي هَذَا الاسم شكوك الأول منها لم حد إقليدس النقطة عَلَى جهة السلب والحدود والرسوم الصحيحة تكون عَلَى جهة الإيجاب ليكون الحد مطابقاً لما ابتنى عَلَيْهِ الأمر وإن رسم شيء عَلَى جهة السلب فإنما يكون ذَلِكَ لأمر لَهُ شركة مع أمور محصورة بالعدد قَدْ عرف جميعها فيجد سلبها كما فعل فرفوريوس فِي العرض والثاني لم رسم النقطة رسم لا يميزها مما سواها فإن رسمها يصلح للوحدة والآن وذلك أن كل واحد من هَذِهِ هو شيء مَا لا جزء لَهُ والثالث مَا العلة الَّتِي من أجلها ضم فِي حد النقطة الصورة إِلَى الهيولى وَفِي الخط ذكر الصورة فقط والرابع مَا الفائدة بدخول نقطة مَا فِي الحد وَمَا المضرة الَّتِي كَانَتْ تكون بإسقاطها مع إبهام المحدود وعموم الحد فِي الجميع والخامس فِي سؤاله حرسه الله مَا الفرق بَيْنَ التلفظ بالحد والقول الجازم فإن ظهر الحد أنه قول جازم محموله مركب فإنك تضع الإنسان وتحكم عَلَيْهِ بأنه حيوان ناطق فكذلك النقطة فهذا مَا التمس جوابه فِي حد النقطة فإن سامحني بهذه السؤالات تفضلاً منه وإلا فليحتسب بِهَا من جملة الألف مسألة الَّتِي فسح فِي تحديه بِهَا .. ومن هَذَا الفصل فأما اعتقاده أن جذب المغناطيس للحديد يكون بخطوط تخرج من الحجر فيلزم منه أن يكون كلما جذب الحجر الحديد نقصان الحجر وزيادة الحديد إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الخطوط لَهَا ميل طبيعي ولأنها أجسام طبيعية يلتزم تحركها إِلَى المكان لا فِي زمان وهذا محال وَقَدْ خطر ببالي سؤال يحتسب بِهِ الشيخ من جملة الألف مسألة وهو هل الحديد يطلب الحجر شوقاً إِلَيْهِ أم الحجر يجذبه إِلَيْهِ بقسر منه وقبيح بِنَا أن لا نعلم ذَلِكَ ضرورة ونحن نشاهده حساً وهذا سؤال إِن لَمْ نرجع فِيهِ إِلَى مَا قاله ذَلِكَ المؤيد حنين صاحب الأغلوطات بقينا حيارى نعوذ بالله من الميل مع الهوى والانخراط فِي سبيل الشيطان المغوى وعصيان القوة الناطقة .. ووجدت الشيخ فِي فصل من المقالة قَدْ حمى طبعه واحتد غضبه ونشف

ريقه ودرت عروقه وصرخ بسبي ولوح باسمي وَلَمْ يقضِ فِي حق الصناعة ولا رعي فِي حرمة الدراعة ونسبني إِلَى الغباء وقطع بأنني لَمْ أقرأ شيئاً من علوم القدماء وقال أنه لو قرأ العلم أن ابن بكش وهو من مشايخ الأطباء ويقول فِي كناشه أن فِي القلب نقطة منها تنبعث الحياة إِلَى البدن وأنا أقول للشيخ أعزه الله لقد استعجلت عَلَى عادتك وظننت أن ابن بكش هَذَا هو الناقل للكتب المدرس للطب وَلَمْ تعلم أن هَذَا ولد لَهُ ضرير محب للخمر كثير الغرام بالسكر وهو الَّذِي يقول فِيهِ ابن الخمار فِي مقالته فِي امتحان الأطباء أن الطب آل أمره ببغداد إِلَى أن صار من قاد ضريراً شهرين وَقَدْ فتح دكاناً وأرتسم بطب الأبدان وهذا ابن بك أبعد عن البيمارستان وتحامى طبه الناش لثلاث خصال لفساد عقله بمواصلة السكر ولارتعاش يده عن تأمل المجس ولامتناع بصره عند رؤية القوارير وهو صاحب الشكوك الَّتِي وقعت إِلَى الشيخ عَلَى مسائل حنين فقدم فِي صدرها خطبة ووضع لَهَا الأغلوطات ترجمة وأنا أدل الشيخ عَلَى جهله عَلَى شغف مولاي بِهِ فِي هَذَا الكناش يذكر فِيهِ الكلام عند الفطام أن الرجل ينقص ضلعاً عن المرأة وَلَمْ يعلم أن هَذَا لو صحت فِيهِ الرواية كَانَ فِي آدم دون سائر البشر فليس قول ابن بكش حجة فِي وجود نقطة طبيعية فهذا مَا انتهى إِلَيْهِ من الكلام خوفاً من التعرض لأسباب الملام وبإجابة مولاي عن فصول هَذِهِ المقالة وإقامته عَلَى مَا خالف فِيهِ المتقدمين البرهان والدلالة فرق بَيْنَ السديد الفاضل والناقص الجاهل فليتصفح الشيخ مَا أوردته تصفح ذوي الألباب ويجيب عن فصل فصل وباب باب ببراهين يزول معها الارتياب وليتحقق أن اللذة يمضغ الكلام لا تفي بغصة الجواب وأن لَنَا موقف حساب ومجمع ثواب وعقاب تتظلم فِيهِ المرضى إِلَى خالقهم ويطالبون الأطباء بالأغلاط القاضية بهلاكهم وأنهم لا يسامحون الشيخ كما سامحته بسبي ولا يغضون عنه كما أغضيت عن ثلب عرضي فليكن من لقائهم عَلَى يقين ويتحقق أنهم لا يرضون منه إِلاَّ بالحق المبين والله يوفقنا وإياه للعمل بطاعته والتقرب إِلَيْهِ بابتغاء مرضاته وهو حسبي ونعم الوكيل. أغضيت عن ثلب عرضي فليكن من لقائهم عَلَى يقين ويتحقق أنهم لا يرضون منه إِلاَّ بالحق المبين والله يوفقنا وإياه للعمل بطاعته والتقرب إِلَيْهِ بابتغاء مرضاته وهو حسبي ونعم الوكيل. وَقَدْ كَانَ ابن بطلان هَذَا أكبر أصحاب أبي الفرج بن الطيب البغدادي وَكَانَ أبو الفرج يجله ويعظمه ويقدمه عَلَى تلاميذه ويكرمه ومنه استفاد وبعلمه تخرج وَقَدْ رأيت مثال خط أبي الفرج لَهُ عَلَى كتاب ثمار البرهان من شرحه

وهو قرأ عَلَى هَذَا الكتاب من أوله إِلَى آخره الشيخ الجليل أبو الحسن المختار بن الحسن أدام الله عزه وفهمه غاية الفهم وكتب عبد الله بن الطيب ولما دخل ابن بطلان إِلَى حلب وتقدم عند المستولي عَلَيْهَا سأله رد أمر النصارى فِي عبادتهم إِلَيْهِ فولاه ذَلِكَ وأخذ فِي إقامة القوانين الدينية عَلَى أصولهم وشروطهم فكرهوه وَكَانَ بحلب رجل كاتب طبيب نصراني يعرف بالحكيم أبي الخير بن شرار وَكَانَ إِذَا اجتمع بِهِ وناظره فِي أمر الطب يستطيل عَلَيْهِ ابن بطلان بما عنده من التقاسيم المنطقة فينقطع فغي يده وإذا خرج عنه حمله الغيظ عَلَى الوقيعة فِيهِ ويحمل عَلَيْهِ نصارى حلب فلم يمكن ابن بطلان المقام بَيْنَ أظهرهم وخرج عنهم وَكَانَ ابن شرارة بعد ذَلِكَ يقول لَمْ يكن اعتقاده مرضياً ويذكر عن راهب أنطاكي أنه حكى لَهُ أن الموضع الَّذِي فِيهِ قبر ابن بطلان من الكنيسة الَّتِي كَانَ قَدْ استوطنها وجملها معبداً لنفسه متى مَا أوقد فِيهِ سراج انطفأ ويقول عنه أمثال هَذِهِ الأقوال وللحلبيين النصارى فِيهِ هجو قالوه عندما تولى أمرهم فِي كنائسهم وتقرير صلواتهم وعبادتهم عَلَى أصولهم. موسى بن شاكر مقدم فِي علم الهندسة هو وبنوه محمد بن موسى وأحمد أخوه والسن أخوهما وكانوا جميعاً متقدمين فِي النوع الرياضي وهيئة الأفلاك وحركات النجوم وَكَانَ موسى بن شاكر هَذَا مشهوراً فِي منجمي المأمون وَكَانَ بنوه الثلاثة أبصر الناس بالهندسة وعلم الحيل ولهم فِي ذَلِكَ تآليف عجيبة تعرف بحيل بني موسى وهي شريفة الأغراض عظيمة الفائدة مشهورة عند الناس وهم مم تناهى فِي طلب العلوم القديمة وبذل فِيهَا الرغائب وَقَدْ أتعبوا نفوسهم فِيهَا وأنفذوا إِلَى بلاد الروم من أخرجها إِلَيْهِم فأحضروا النقلة من الأصقاع والأماكن بالبدل السني فأظهروا عجائب الحكمة وَكَانَ الغالب عليهم من العلوم الهندسة والحيل والحركات والموسيقى والنجوم وتوفي ولده محمد بن موسى وهو الأجل فِي سنة تسع وخمسين ومائتين فِي شهر ربيع الأول وَكَانَ لأحمد بن موسى ولد يقال لَهُ مطهر قليل الأدب ودخل فِي جملة ندماء المعتضد

ولي موسى من الكتب. كتاب الفرسطون. كتاب الحيل لأحمد بن موسى. كتاب الشكل لمدور المستطيل للحسن بن موسى. كتاب حركة الأفلام الأولى مقالة لمحمد بن موسى. كتاب مخروطات لمينوس لمحمد. كتاب الشكل الهندسي الَّذِي بَيْنَ جالينوس أمره. كتاب الجزء لمحمد. كتاب فِي أول العدل لمحمد. كتاب فِي إنكار أن تم كرة تاسعة الأفلاك لأحمد بن موسى. كتاب لمسألة الَّتِي ألقاها أحمد بن موسى عَلَى سند ابن علي. كتاب مساحة الكرة وقسمة الزاوية بثلاث أقسام متساوية. موسى بن إسرائيل الكوفي هَذَا الرجل طبيب من أهل الكوفة خدم أبا إسحاق إبراهيم بن المهدي واختص بخدمته وتقدم عنده وَلَهُ ذكر مشهور بَيْنَ الأطباء وَكَانَ قليل العلم بالطب إِذَا قيس إِلَى من كَانَ فِي دهره من مشايخ المتطببين إِلاَّ أنه كَانَ أملأ لمجلسه منهم بخصال اجتمعت فِيهِ منها فصاحة اللهجة مع علم النجوم ومعرفة بأيام الناس ورواية للأشعار وَكَانَ مولده فِي سنة تسع وعشرين ومائة ووفاته سنة اثنين وعشرين ومائتين وَكَانَ أبو إسحاق إبراهيم بن المهدي يحتمله لهذه الخلال ولأنه كَانَ طيب العشرة جداً يدخل فِي كل مَا يدخل فِيهِ منادمو الملوك وَكَانَ قَدْ خدمه وهو حدث عيسى بن موسى وخدم معه عيسى بن موسى متطيب يهودي يقال لَهُ فرات بن شحنانا الَّذِي كَانَ تياذوق المتطبب يقدمه عَلَى جميع تلامذته وَكَانَ عيسى بن موسى يشاور هَذَا للمتطبب اليهودي فِي كل أمر ينويه وروى موسى بن إسرائيل هَذَا حكايات من مشاورات عيسى لهذا المتطبب وإشاراته عَلَى عيسى بالآراء الصائبة. موسى بن سيار أبو عمران طبيب فاضل مشهور مذكور فِي وقته لَهُ خبرة تامة بالمعالجة ويد طولى فِي النظر والبحث كَانَ مشاركاً لأبي الطيب إبراهيم ابن نصر يتفقان عَلَى أمور المرضى ولهما تعليق فِي كناش بوحنا. موسى بن ميمون الإسرائيلي الأندلسي كَانَ هَذَا الرجل من أهل

الأندلس يهودي النحلة قرأ علم الأوائل بالأندلس وأحكم الرياضات وأخذ أشياء من المنطقيات وقرأ الطب هناك فأجاده علما وَلَمْ يكن لَهُ جسارة عَلَى العمل ولما نادى عبد المؤمن بن علي الكومي البربري المتولي عَلَى المغرب فِي البلاد الَّتِي ملكها بإخراج اليهود والنصارى منها وقدر لهم مدة وشرط لمن أسلم منهم بموضعه عَلَى أسباب ارتزاقه مَا للمسلمين وعليه مَا عليهم ومن بقى عَلَى رأي أهل ملته فلما أم يخرج قبل الأجل الَّذِي أجله وَمَا أن يكون بعد الأجل فِي حكم السلطان مستهلك النفس والمال ولما استقر هَذَا الأمر خرج المخفون وبقى من ثقل ظهره وشح بأهله وماله فأظهر الإسلام وأسر الكفر فكان موسى بن ميمون ممن فعل ذَلِكَ ببلده وأقام ولما أظهر شعار الإسلام التزم بجزئياته من القراءة والصلاة لفعل ذَلِكَ إلى أن مكنته الفرصة من الرحلة بعد ضم أطرافه فِي مدة احتملت ذَلِكَ وخرج عن الأندلس إلى مصر ومعه أهله ونزل مدينة الفسطاط بَيْنَ يهودها فأظهر دينه وسكن محله تعرف بالمصيصة وارتزق بالتجارة فِي الجوهر وَمَا يجري مجراه وقرأ عَلَيْهِ الناس علوم الأوائل وذلك فِي أواخر أيام الدولة المصرية العلوية وراموا استخدامه فِي جملة الأطباء وإخراجه إلى ملك الإفرنج بعسقلان فإنه طلب منهم طبيباً فاختاروه فامتنع من الخدمة والصحبة لهذه الواقعة وأقام عَلَى ذَلِكَ ولما ملك المعز مصر وانقضت الدولة العلوية اشتمل عَلَيْهِ القاضي الفاضل عبد الرحيم ابن علي البيساني ونظر إليه وقرر لَهُ رزقا فكان يشارك الأطباء ولا ينفرد برأيه لقلة مشاركته وَلَمْ يكن رقيقاً فِي المعالجة وتزوج بمصر أختا لرجل كاتب من اليهود يعرف بأبي المعالي كاتب أم نور الدين عَلَى المدعو بالأفضل بن صلاح الدين يوسف ابن أيوب وأولدها ولداً هو اليوم طبيب بعد أبيه بمصر وتزوج أبو المعالي أخت موسى وأولدها أولادا منهم أبو الرضى طبيب ساكن عاقل يخدم آل قليج أرسلان ببلاد الروم ومات موسى بن ميمون بمصر فِي حدود سنة خمسين وستمائة وتقدم إلى مخلفيه أن يحملوه إذا انقطعت رائحته إلى بحيرة طبرية ويدفنوه هناك طلباً لما فِيهَا من قبور بني إسرائيل ومقدميهم فِي الشريعة ففعل بِهِ ذَلِكَ وَكَانَ بشريعة اليهود وأسرارها وصنف شرحاً للتلمود الَّذِي هو شرح التوراة وتغيرها وبعضهم يستجيده وغلبت عَلَيْهِ النحلة الفلسفية فصنف رسالة إبطال المعاد الشرعي وأنكر عَلَيْهِ مقدمو اليهود أمرها فأخفاه إلا عمن يرى رأيه فِي ذَلِكَ وصنف

مختصراً لأحد وعشرين كتاباً من كتب جالينوس بزيادة جمة عَلَى ستة عشر فجاءه فِي غاية الاختصار وعدم الفائدة لَمْ يفعل فِيهِ شيئاً وهذب كتاب الاستكمال لابن أفلح الأندلس فِي الهيئة فأحسن فِيهِ وَقَدْ كَانَ فِي الأصل تخليط وهذب كتاب الاستكمال لابن هود فِي علم الرياضة وهو كتاب جامع جميل يحتاج إلى تحقيق فحققه وأصلحه وقرئ عَلَيْهِ وابتلى فِي آخر زمانه برجل من الأندلس فقيه يعرف بأبي العرب بن معيشة وصل إلى مصر واجتمع بِهِ وحاققه عَلَى إسلامه بالأندلس وشنع عَلَيْهِ وأدام أذاه فمنعه عنه عبد الرحيم بن علي الفاضل وقال لَهُ رجل مكره لا يصح إسلامه شرعاً. موسى بن العيزار كَانَ طبيباً عالماً بصناعة العلاج وتركيب الأدوية وطبائع المفردات وهو الَّذِي ألف شراب الأصول وذكر أنه بفتح السدد ويحلل الرياح الشراسيفية والامغاص العارضة للنساء عند حضور طمئهن ويدور الطمث وينقى الرحم من الفضول المانعة لَهَا من قبول النطفة ومن الأخلاط اللزجة الَّتِي تكون سبب إسقاط الأجنة وينفخ الكلى والمثانة وينقيها من الفضول الغليظة المتكون منها الحصى وبطرق الأدوية الكبار حَتَّى يوصلها إلى عمق الأعضاء الألمة ويحل الماء الأصفر من البطن ويخرجه بالبول وَكَانَ موسى بن العيزار وربما قيل ابن العازر طبيباً بالديار المصرية وخدم المعز العلوي عند قدومه من المغرب وركب لَهُ أدوية كثيرة ورزق توفيقاً ومما ركب للمعز شراب التمر ندي واشترط فِيهِ شروطاً كثيرة من النفع وصحت وذكر التميمي المقدسي صورة التركيب فِي .... ماء البقاء. مقسطراطيس هَذَا الرجل فيلسوف من حكماء يونان وَلَهُ قوة تعرض بِهَا إلى شرح كتب أرسطوطاليس وَقَدْ خرج شيء من شروحه وذكر المترجمون أخباره فيمن شرح أقوال الحكيم أرسطوطاليس. ماكسيمس فيلسوف حكيم رومي معروف بشرح شيء من كتب أرسطوطاليس ذكره المترجمون فِي جملة الفلاسفة الذين تعرضوا لشرح كتبه. ميلاؤس حكيم رياضي خبير بالهندسة وَلَهُ فِيهَا مصنفات وَلَهُ

شهرة عند أهل هَذَا الشأن. ميسطن الاسكندري كَانَ هَذَا الرجل إماماً فِي علوم الفلك فيما يعلم الأرصاد وعمل آلائها أصولها وَكَانَ هو وافطيمن قَدْ اجتمعا بالإسكندرية عَلَى أحكام آلاف الرصد ورصدا مَا أحيا من الكواكب لتحقيق مواضعها عَلَى زمنهما ورصدا بالإسكندرية وَكَانَ زمنهما قبل زمن بطليموس صاب المجسطي بخمسمائة سنة وسبعين سنة. منالاؤس الرياضي من أئمة الهندسة فِي زمانه يوناني قبل زمن بطليموس الرصدي فإنه ذكره فِي كتاب المجسطي وَكَانَ متصدراً لافادة هَذَا الشأن فِي مدينة الإسكندرية وقيل بمنف وخرجت كتبه مرة إلى السرياني ثُمَّ إلى العربي وَلَهُ من التصانيف كتاب معرفة تمييز الإجرام المختلط عمله إلى طوماطباؤس الملك. مورطس ويقال مورسطس حكيم يوناني لَهُ رياضة ونحيل وَلَهُ تصانيف فمن ذَلِكَ كتاب فِي الآلة المصوتة المسماة بالأرغنن للبوقي واتلارفنن الزمري يسمع عَلَى ستين ميلاً. مرايا البابلي ذكره أبو معشر المنجم ورؤى مكتوباً أن هَذَا كَانَ منجم بخت نصر وَلَهُ من الكتب عَلَى مَا ذكره أبو معشر كتاب الملل والدول والقرانات والتحاويل مفلس طبيب مذكور من أهل حمص من تلاميذ بقراط وبلدته وَلَهُ ذكر فِي زمانه وهو أقدم من جالينوس وَلَهُ تصانيف منها كتاب البول مقالة. ماغنس طبيب من أهل الإسكندرية وزمانه بعد زمن يحيى النحوي فِي أول الملة الإسلامية وَلَهُ بَيْنَ أهل هَذِهِ الصناعة ذكر وَمَا رأيت لَهُ تصنيفاً وَقَدْ ذكره عبيد الله ابن يخنبشوع. متى بن يونس النصراني أبو البشر نزيل بغداد عالم بالمنطق شارح لَهُ مكثر مطيل للكلام قصده التعليم والتفهيم وَعَلَى كتبه وشروحه

اعتماد أهل هَذَا الشأن فِي عصره ومصره وَكَانَ ببغداد فِي خلافة الراضي بعد سنة عشرين وستمائة وقيل سنة ثلاثين وَلَهُ مناظرة جرت بينه وبين أبي سعيد السبرافي النحوي فِي مجلس عام يحضره الفضل بن الفرات المعروف بابن خرابة ذكره محمد بن إسحاق النديم فِي كتابه فقال أبو بشر متى بن يونس من أهل دير قني نشأ فِي أسكول مرماري قرأ عَلَى قويري وَعَلَى روفيل وبنيامين وَعَلَى أبي أحمد بن كرينب وإليه انتهت رياسة المنطقيين فِي عصره ومن تصانيفه كتاب تفسير الثلاث مقالات الأواخر فِي تفسير تامسيطوس كتاب نقل كتاب البرهان الفص كتاب نقل سوفسطيفا الفص كتاب نقل كتاب الشعراء الفص كتاب نقل كتاب السكون والفساد بتفسير الإسكندرية كتاب نقل اعتبار الحكم وتعقيب المواضع لتامسطيوس كتب نقل تفسير الاسكندر لكتاب السماء وأصلحه أبو زكريا يحيى بن عدي وفسر متي الكتب الأربعة فِي المنطق بأسرها وعليها يعول أناس فِي القراءة وَلَهُ تفسير كتاب ايساغوخي لفرفوربوس وهو المدخل إلى المنطق كتاب انالوطيقا كتاب المقاييس الشرطية. منروذيطوس هَذَا طبيب حكيم لاه أمر كالملوك وهو الذي ركب المعجون المشهور المنسوب باسمه وَكَانَ معنياً بتجربة الأدوية المفردة الَّتِي تضاد السمومات القاتلة إلى القائل منها وَكَانَ يمتحن قواها فِي شرار الناس الذين قَدْ وجب عليهم القتل فمنها مت وجد موافقاً للدغة الرتيلاء ومنها مَا وجد ينفع من لدغ العقارب ينفع من لسع الحيات ومنها مَا ينفع من خانق الذئب ومنها الأرنب البحري ومنها مَا ينفع لغير هَذِهِ السمومات وَكَانَ مثروذيطوس يخلط هَذِهِ كلها ويعمل منها دواء واحداً رجاء أن يكون نافعاً من جميع السموم القاتلة وأن أندروماخس رئيس الأطباء بالأردن لمازاد فِي هَذِهِ الأدوية المعمول منها المثروذيطوس ونقص منها عمل المعجون المسمي بالدرياق وسار الدرياق نافعاً من لسع الأفاعي فَوْقَ منفعة مثروذيطوس. ماسرجويه الطبيب البصري كَانَ إسرائيلياً فِي زمن عمر بن عبد العزيز وربما قيل فِي اسمه ماسرجيس وَكَانَ عالماً بالطب تولى لعمر بن عبد

العزيز ترجمة كتاب اهرن القس فِي الطب وهو كناش فاضل من أفضل الكنانيش القديمة وقال ابن جلجل الأندلسي ماسرجويه كَانَ سريانيا يهودي المذهب وهو الَّذِي تولى فِي أيام مروان فِي الدولة المروانية تفسير كتاب أهرن القس بن أعين إلى العربية ووجده عمر بن عبد العزيز فِي خزائن الكتب وأمر بإخراجه ووضعه فِي مصلاه واستخار الله فِي إخراجه إلى المسلمين لينفع بِهِ فلما تم لَهُ فِي ذَلِكَ أربعون يوماً أخرجه إلى الناس وبثه فِي أيديهم فقال ابن جلجل حدثني أبو بكر محمد بن عمر بهذه الحكاية فِي مسجد القرموني سنة تسع وخمسين وثلاثمائة ولماسرجويه من التصانيف كتاب قوي الأطعمة ومنافعها ومضارها كتاب قوي المقاقير ومنافعها ومضارها وذكر أيوب بن الحكم البصري حاجب محمد بن طاهر بن الحسين وَكَانَ ذا أدب ومروة وعلم بأخبار الناس قال كَانَ أبو نواس الحسن بن هانيء يعشق جارية لامرأة من ثقيف تسكن الموضع المعروف بحكمان من أرض البصرة يقال لَهَا جنان وَكَانَ للمعروف بأبي عثمان وأبي مية من ثقيف قرابة بمرآة الجارية وَكَانَ أبو نواس يخرج فِي كل يوم من البصرة يتلقى من يقدم من ناحية حكمان فيسألهم عن أخبار جنان قال فخرج يوما وخرجت معه وَكَانَ أول من طلع علينا ماسرجويه المتطبب فقال لَهُ أبو نواس كَيْفَ خلفت أبا عثمان وأبا مية فقال ماسرجويه جنان صالحة فأنشأ أبو نواس يقول: أسأل القادمين فِي حكمان ... كَيْفَ خلفتم أبا عثمان وأبامية للهذب والمأ ... مول والمرتجى لريب الزمان فيقولون لي جنان كما سر ... ك حالها فل عن جنان مَا لهم لا يبارك الله فيهم ... كَيْفَ لَمْ يخف عنهم كتماني وحدث أيوب بن الحكم أنه كَانَ جالساً عند ماسرجويه وهو ينظر فِي قوارير البول إذ أتاه رجل من الخوز فقال إني بليت بداء لَمْ يبل أحد مثله فسأله عن دائه فقال أصبح وبصري مظلم عَلَى أنا أصيب مثل حس الكلام فِي معدتي فلا تزال هَذِهِ حالي حَتَّى أطعم شيئاً فإذا طعمت سكن عني مَا أجد إلى وقت انتصاف النهار ثُمَّ يعاودني مَا كنت فِيهِ فإذا عاودت الأكل سكن مَا بي إلى وقت صلاة العتمة ثُمَّ يعاودني فلا أجد لَهُ دواء إلا معاودة الأكل فقال

ماسرجويه عَلَى دائك هَذَا غضب الله فإنه قَدْ أساء لنفسه الاختيار حين قرنها بسفلة الناس ولوددت أن هَذَا الداء تحول إلي وإلى صبياني فكنت أعوضك مما نزل بك مثل نصف مَا أملك فقال لَهُ مَا أفهم عنك فقال لَهُ ماسرجويه هَذِهِ صحة لا تستحقها أسأل الله نقلها عنك إلى من هو أحق بِهَا منك. مسلمة بن أحمد أبو القاسم المعروف بالمجريطي الأندلسي كَانَ إمام الرياضيين بالأندلس وأعلم من كَانَ قبله بعلم الأفلاك وحركات النجوم وَكَانَتْ لَهُ عناية بأرصاد الكواكب وشغف بتفهيم كتاب المجسطي وَلَهُ كتاب حسن فِي ثمار العدد وهو المعنى المعروف بالأندلس بالمعاملات وكتاب اختصر فِي تعديل الكواكب من زيج البتاني وعنى بزيج محمد بن موسى الخوارزمي ونقل تاريخه الفارسي إلى التاريخ العربي ووضع أوساط الكواكب لأول تاريخ الهجرة وزاد فِي جداول حسنة عَلَى أنه اتبعه عَلَى خطأه فِيهِ وَلَمْ ينبه عَلَى مواضع الغلط منه وتوفي مسلمة قبل الفتنة بالأندلس فِي سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة وَقَدْ أنجب لَهُ تلاميذ جلة. مَا شاء الله المنجم اليهودي واسمه ميشى بن أبرى كَانَ يهودياً زمن المنصور وعاش إلى المأمون وَكَانَ فاضلاً أوحد زمانه فِي الأخبار بأمور الحدثان وَكَانَ لَهُ حظ قوي فِي سهم الغيب اشتهر ذَلِكَ عنه وروى أن سفيان الثوري لقي مَا شاء الله فقال لَهُ أنت تخاف زحل وأنا أخلف زحل وأنت ترجو المشتري وأنا أرجو رب المشتري وأنت تغدو بالاستشارة وأنا أغدو بالاستخارة فكم بيننا فقال مَا شاء الله كثير مَا بيننا حالك أرجى وأمرك أنجح وأحجى. ولما شاء الله من التصانيف كتاب المواليد الكبير كتاب القرانات والأديان والملل كتاب المعاني كتاب صنعة

الاصطرلاب والعمل بِهَا كتاب ذات الحلق كتاب الأمطار والرياح كتاب السهمين الكتاب المعروف بالسابع والعشرين كتاب ابتداء الأعمال فِي الأول الكتاب الثاني فِي دفع التدبير الكتاب الثالث فِي المسائل الكتاب الرابع فِي مشهودات الكواكب الكتاب الخامس فِي الحدود محفوظ بن عيسى بن المسيحي الحكيم أبو العلاء الطبيب النصراني فِي النيلي نزيل واسط كَانَ طبيباً فاضلاً نبيلاً مذكوراً فِي وقته عالماً بصناعة الطب مرتزقاً بِهَا جميل المشاركة محمود المعالجة وَلَهُ مع ذَلِكَ أدب طرى وخاطر فِي النظم سري وَكَانَ موجوداً بالعراق سنة تسع وخمسين وخمسمائة. المظفر بن أحمد الطبيب الكامل أبو الفضل الأصفهاني المعروف بالتزدي فارق أصفهان طفلاً وأقام بالشام حَتَّى تعلم الطب والأدب ونظم الشعر ورجع إلى أصفهان فِي أيام ملكلشاه وهجا بلده أصفهان فقال هي تربتي لكنني فارقها ... طفلاً وَلَمْ أعبق بلوم ترابها شبانها ككهولها وكهولها ... كشيوخها وشيوخها ككلابها وَلَهُ أيضاً: إذا لَمْ يكن لي منك جاه ولا غنى ... ولا عند مَا يغتالني الدهر موئل فكل سلام لي عَلَيْكَ تكرم ... وكل التفات لي إليك تفضل وعارض الحماسة كل بيت من قوله وهذه النسخة فِي خزانة الكتب بمدرسة النظام بأصفهان ميخائيل بن مالسويه أخو يوحنا كَانَ أبوهما ماسوية يعمل فِي دق الأدوية فِي بيمارستان جند يسابور المدينة المشهورة ببلاد خوزستان وَكَانَ ماسويه لا يقرأ حرفاً واحداً بلسان من الألسنة إلا أنه عرف الأمراض وعلاجها بالدربة والمباشرة وخبر الأدوية فأخذ جبرائيل بن بختيشوع وأحسن إليه وعشق ماسويه جارية لدواد بن سرافيون فابتاعها لَهُ جبرائيل بثلاثمائة درهم ووهبها لَهُ فرزق منها ميخائيل هَذَا وأخاه يوحنا ولما نشأ ميخائيل صار فِي خدمة المأمون وَكَانَ لا يستعمل السكنجين والورد المربى إلا بالعسل ويجري فِي جميع أموره عَلَى سنة اليونانيين ولان لا يوافق أحداً من المتطبيين ممن حدث منذ مائة سنة وسئل

يوماً عن الموز فقال مَا رأيت لَهُ ذكوراً فِي كتب الأوائل وَمَا كَانَتْ هَذِهِ حالة لا أقدم عَلَى أكله ولا عَلَى إطعامه للناس وَكَانَ المأمون يكرمه غاية الإكرام ولا يشرب دواء إلا من تركيبة وإصلاحه وَكَانَ جميع المتطبين بمدينة السلام يجلونه تيبيلا لَمْ يكونوا يظهرونه لغيره. وحكى ميخائيل بن ماسويه قال لما قدم المأمون بغداد نادم طاهر بن الحسين فقال لَهُ يوماً وبيم أيديهم نبيذ قطربل يَا أبا الطيب هل رأيت مثل هَذَا الشراب قال نعم قال أين قال ببوشنج قال فاحمل إلينا منه فكتب طاهر إلى وكيله فحمل منه ورفع صاحب الخبر بالنهروان إلى المأمون إن لطفاً وافي طاهراً من بوشنج فعلم الخبر وتوقع حمل طاهر لَهُ فلم يفعل فقال لَهُ المأمون بعد أيام يَا أبا الطيب لَمْ يواف النبيذ فيما وافى فقال أعيذ أمير المؤمنين بالله أن يقيمني مقام خزي فضيحة قال وَلَمْ قال ذكرت لأمير المؤمنين شراباً شربته وأنا صعلوك وَفِي قرية كنت أتمنى أن أملكها فلما ملكني أمير المؤمنين أكثر مما كنت أتمنى وحضر ذَلِكَ الشراب وجدته فضيحة من الفضائح قال فاحمل فأمر أن يصير فِي الخزانة ويكتب عَلَيْهِ الطاهري ليمازحه بِهِ من افراط رائته وأقام سنين واحتاج المأمون إلى أن يتقيأ بنبذ رديء فقال بعضهم لا يصاب بالعراق أردأ من الطاهري فأخرج فوجد مثب القطربلي أو أجود إذا هواء العرق قَدْ أصلحه كما يصلح مَا نبت وعصر فِيهِ المبارك بن شرارة أبو الخير الطبيب الكاتب الحلبي هَذَا رجل كاتب طبيب من أهل حلب نصراني يعرف من الطب أوائله وَلَمْ يكن لَهُ يد فِي علم المنطق وَكَانَ ارتزاقه بطريق الكتابة وَلَهُ جرائد مشهورة بحلب عند أهلها يحفظونها لأجل الخراج المستقر عَلَى الضياع وَكَانَ قوي الصنعة فِي علم الكتابة وتعرف جرائده بالجرائد الحكميات وإذا اختلف النواب فِي شيء من هَذَا النوع رجعوا إليها وَكَانَ هَذَا أبو الخير قَدْ اجتمع بابن بطلان الطبيب عند ورود إلى حلب وجرت بينهما مذاكرات أدت إلى المنافرة وقدم ذكرها فِي ترجمة ابن بطلان وَلَمْ يزل ابن شرارة هَذَا مقيماً بحلب يتقلب فِي صناعته إلى أن دخلت

دولة الترك وأيها رضوان بن تتش وحضر يوماً عنده وهو يشرب فحمله السكر عَلَى أن قال لَهُ أسلم فامتنع فضربه بسيف كَانَ فِي يده أثر فِي جسمه بعض أثر ونزل من بَيْنَ يديه وَلَمْ يعد إلى داره ومر عَلَى وجهه إلى أنطاكية وخرج عنها إلى مدينة ودفن بِهَا فِي حدود سنة تسعين وأربعمائة ولأبي الخير هَذَا كتاب فِي التاريخ ذكر فِيهِ حوادث مَا قرب من أيامه يشتمل عَلَى قطعة حسنة من أخبار حلب فِي أوانه وَلَمْ أحد منه سوى مختصر جاءني من مصر اختصره بعض المتأخرين اختصاراً لم يأت فِي بطائل المنجم الخارجي المصري هَذَا رجل كَانَ بمصر يعرف أحكام النجوم ويتكلم فِي الحدثان وزعم أنه رأى لنفسه أنه سيملك فخرج بصعيد مصر فِي سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة فِي أيام العزيز بن المعز عليهما السلام واستغوى وذكر أنه يدعو المهدي وأنه فِي الجبل وأخذ العد بذلك عَلَى ثلاثمائة نفس وثلاثين ولسبع خلن من صفر ورد الخبر من الصعيد بأخذه وحصوله فِي الأسر وحمل إلى الحضرة فوصل عَلَى يد القائد أبي الفتوح الفضل بن صالح فِي يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من صفر وحبس فِي السجن ثُمَّ ضربت رقبته بعد أيام. مسكويه أبو علي الخازن من كبار فضلاء العجم وأجلاء فارس لَهُ مشاركة حسنة فِي العلوم الأدبية كَانَ خازناً للملك عضد الدولة بن بوبه مأموناً لديه أثيراً عنده وَلَهُ مناظرات ومحاضرات وتصانيف فِي العلوم فمن تصانيفه كتاب أنس الفريد وهو أحسن كتاب صنف فِي الحكايات القصار والفوائد اللطاف وكتاب تجارب الأمم فِي التاريخ بلغ فِيهِ إلى لعض سنة اثنتين وثلاثمائة وهي السنة الَّتِي مات فِيهَا عضد الدولة بن بويه صاحبه وهو كتاب جميل كبير يشتمل عَلَى كل مَا ورد فِي التاريخ مما أوجبته

التجربة وتفريط من فرط وحزم من استعمل الحزم وَلَهُ فِي أنواع علوم الأوائل كتاب الفوز الكبير وكتاب الفوز الصغير وكتاب فِي الأدوية المفردة وكتاب فِي تركيب الباجات من الأطعمة أحكمه غاية الإحكام وأتى فِيهِ من أصول علم الطبيخ وفروعه بكل غريب حسن وعاش زماناً طويلاً إلى أن قارب سنة عشرين وأربعمائة وقال أبو علي ابن سينا فِي بعض كتبه وَقَدْ ذكر مسألة فقال فهذه المسألة حاضرت بِهَا أبا علي بن مسكويه فاستعادها كرات وَكَانَ عسر الفهم فتركته وَلَمْ يفهمها عَلَى الوجه هَذَا معنى مَا قاله ابن سينا لنني كتبت الحكاية من حفظي. مسيحي بن أبي البقاء بن إبراهيم الطبيب النصراني النيلي نزيل بغداد أبو الخير ويعرف بابن العطار طبيب فِي زماننا هَذَا الأقرب خبير بالعلاج قيم بِهِ لَهُ ذكر وقرب من دار الخلافة يطبب النساء والحواشي ويطأ بساط الخليفة لأجل ذَلِكَ وتيمن الناس بعلاجه وتباركوا بمباشرته فِي الأكثر ورفع قدره التخصيص بالعتبات النبوية وَكَانَ الإمام الناصر لدين الله أبو العباس احمد يقدمه عَلَى أمثاله وطلب مرة لمباشرة زعيم الموصل من بيت أتابك زنكي فسير إِلَى هناك وَكَانَ قَدْ قنى كتباً كثيرة فِي الحكمة وَمَا يتعلق بِهَا بحيث خرجت فِي الكثرة عن الحصر وقيل أنه كَانَ إذَا وقعت فِي يده نسخة من كتاب وخشي المزايدة فِيهِ بحزمة لينقص قسمته ويبتاعه واشتهر هَذَا عنه ورموه بقلة الدين لأجل ذَلِكَ وعاش طويلاً وحصل مالاً جزيلاً ومات ببغداد فِي يوم الخميس ثاني عشر شهر رمضان سنة ثمان وستمائة وخلف ولداً طبيباً لَمْ يكن رشيداً ولا محمود الطريقة فيما قيل وأحدث لَهُ سوء تدبيره وقله دينه أمراً أوجب فساد حاله واستنفاداً كثر ماله فذهبت ذخائره عَلَى ذَلِكَ فسبحان القادر عَلَى كل شيء. قال قثم بن طلحة الزينبي المعروف بابن الألفي فِي تاريخه أخبرني أبو الخير مسيحي المتطبب بان امرأة عرض لَهَا فتق ب بان امرأة عرض لَهَا فتق فِي نواحي سرتها خرق جلد بطنها والغشاء والمعاء وان زوجها أخبره بأن البزار دام خروجه من ذَلِكَ الفتق حدود شهرين وان الموضع التحم وانقطع مَا كَانَ يخرج منه وعاد إِلَى المخرج الأول وانصلحت المرأة وَلَمْ يبق بِهَا إِلاَّ ألم يسير بظاهر بطنها فسبحان المدبر الحكيم. مسعود بن أبي محمد أبو الفتوح المعروف بابن الغضائري

ويعرف بابن الجوبان هَذَا رجل من أهل بغداد فِي زماننا هَذَا الأقرب من أهل باب البصرة كَانَ فيلسوفاً متكلماً أديباً شاعراً حنبلي المذهب يتظاهر بمذهب الاعتزال ويبطن اعتقاد الحكماء وَكَانَ تاركاً للصلاة فيما قيل وتوفي يوم السبت سابع ربيع الآخر سنة ست عشرة وستمائة. المكفوف الملاحمي المصري هَذَا رجل كَانَ بمصر وَكَانَ مكفوفاً ينسب إِلَى قبيل الملاحمي يتكلم فِي علم الحدثان ويصيب فِي الأكثر قال الحسن بن رافع الكاتب جلست فِي بعض الدكاكين الشارعة عَلَى طريق أحمد بن طولون قبل أن يدخل مصر بساعة والناس مجتمعون لتأمله عند دخوله وجلس معي فِي الدكان شاب مكفوف ينسب إِلَى قبيل صاحب الملاحم قال فسأله رجل كَانَ معنا عما يجده فِي كتبهم لَهُ فقال هَذَا رجل صفته كذا وكذا ويتقلد وولده قريباً من أربعين سنة قال الحسن بن رافع فما تم كلامه حَتَّى مر بنا أحمد بن طولون وَكَانَتْ صفته كما ذكر لَمْ يغادر شيئاً منه واتفق أن نظر بعض المنجمين فِي مصر طالع الدخول فِي الاصطرلاب فكان ثلاث عشرة درجة من برج العقرب فقال بعض من لَهُ يد فِي الحكم النجومي هَذَا طالع من قامت بِهِ دولة بني العباس فغن صدق الحكم يملك هَذَا البلد ويملكه قوم من نسله قرانين وهو قريب من أربعين سنة فعجب الحاضرون من اتفاق القولين فِي ذَلِكَ وَكَانَ الأمر كما قيل فإنه ملك وولده وولد منه ثمانياً وثلاثين سنة. منصور بن مقشر الطبيب المصري أبو الفتح النصراني كَانَ ابن مقشر هَذَا من الأطباء المتقدمين فِي الدولة القصرية بالديار المصرية وَلَهُ منزلة سامية من أصحاب القصر ولا سيما فِي أيام العزيز منهم واعتل منصور بن مقشر هَذَا فِي أيام العزيز فِي سنة خمس وثمانين وثلاثمائة وتأخر عن الركوب وَكَانَ العزيز وجع الرجل فلما تماثل أَيْنَ مقشر كتاب إِلَيْهِ العزيز بخطه: بسم الله الرحمن الرحيم طبيبنا سلمه الله الطبيب وأتم النعمة عَلَيْهِ وصلت إلينا البشارة بما وهبنا الله من عافية الطبيب وبرئه والله العظيم لقد عدل عندنا مَا رزقنا نحن من الصحة فِي جسمنا فتمم الله عَلَيْكَ النعمة وكمل لنا صحتك وعجل بِهَا ولا أشمت بناقيك عدواً ولا حاسداً ورد كيد من يريد الكيد فِي نحره وابتلاه بما لا طاقة لَهُ بعد الكفاية فيك وإقالتك العثرة ورجوعك إِلَى

أفضل مَا عودك من صحة الجسم وطيبة النفس وخفض العيش بحوله وقوته والسلام عَلَيْكَ وصلى الله عَلَى خيرته من خلقه محمد النبي وآله وسلم تسليماً. مخرج الضمير المنجم هَذَا رجل اشتهر بهذا الاسم وَكَانَ يدعي المعجز فِي إخراج الضمير فانطلق عَلَيْهِ ذَلِكَ حكى ابن نصر الكاتب أن مخرج الضمير هَذَا هاتره بعض الحاضرين وخاطره عَلَى دنانير فِي إخراج مَا قَدْ خبأ لَهُ وأشهدنا عَلَى نفسه أنه متى أخرج ذَلِكَ فالدنانير لَهُ فخط فخرج الضمير الزايرجة وَلَمْ يزل يقول خبأت جوهراً من جواهر الأرض لا طعم لَهُ ولا رائحة ثُمَّ قال وهو حجر ثُمَّ رمى عمامته عن رأسه ومضى إِلَى السوق عَلَى تِلْكَ الحال وعاد وقال خبأت مسناً كذها ورمى من يده قطعة من مسن وأخذ الدنانير فلما سكن قلنا لَهُ كل شيء قَدْ عرفناه إِلَى أن عدوت مكشوف الرأس قال دلني كوكب عَلَى لون وكوكب آخر عَلَى لون غيره وتقابلت الدالتان فلم تعلق إحداهما بالأخرى وَلَمْ أدرِ إذَا امتزجا مَا اللون الَّذِي يخرج منهما وبينهما وحمى قلبي من الفكر فكشفت رأسي وعدوت إِلَى الصباغ وقلت لَهُ إذَا مزجت اللون الفلاني باللون الفلاني أي شيء يخرج بينهما قال مسني فقت هو مسن زجراً وتخميناً فخرج الحدس صحيحاً.

حرف النون في أسماء الحكماء

حرف النون فِي أسماء الحكماء نبقلاؤس كَانَ فيلسوفاً فِي وقته من فلاسفة يونان وَلَهُ تقدم فِي معرفة الحكمة وشرح شيئاً من كتب أرسطوطاليس وَلَهُ من التصانيف بعد ذَلِكَ. كتاب فِي جمل فلسفة أرسطوطاليس. كتاب النبات وخرج منه مقالات. كتاب الرد عَلَى جاعل العقل والمعقولات شيئاً واحداً. كتاب اختصار فلسفة أرسطوطاليس وَكَانَ نيقولاؤس هَذَا من أهل اللاذقية بِهَا ولد وبها قومه ومنها أصله ذكر ذَلِكَ ابن بطلان وَكَانَ كثير الاطلاع عالماً بما ينقله. نيقوماخس بن ماخاؤن والد أرسطوطاليس كَانَ شريفاً فِي يونان ينسب من جانبي أمه وأبيه إلى اسقلبياذس الَّذِي وضع الطب اليوناني كذا ذكره بطليموس الغريب فِي كتابه وَكَانَ فِي مدينة لليونانيين سمى اسطاغاريا من أعمال يونان يسمى جهرانش وَكَانَ نيقوماخس فيثاغوري المذهب قَدْ درس علومه حَتَّى كَانَتْ يونان لا تعرفه إِلاَّ بالفيثاغوري وَكَانَ متطبباً لفيلبس والد الإسكندر وهو من تلاميذ أفلاطون وَلَهُ من التصانيف. كتاب الاثماطيقي فِي علم العدد. كتاب النغم. نسطاس كَانَ طبيباً مصرياً تحريراً نصرانياً وَكَانَ فِي دولة الاخشيد محمد بن طفج ابن جف. وَلَهُ رسالة إِلَى زيد بن رومان الأندلسي النصراني فِي البول وَلَهُ. كناش فِي الطب حسن وَكَانَ عالماً بهذا الشأن فهماً. نظيف النفس الرومي كَانَ طبيباً عالماً بالنقل من اليوناني إِلَى العربي وَلَمْ يكن سعيد المباشرة ولا منجح المعالجة وَكَانَ عضد الدولة يتطير بِهِ وَكَانَ الناس يولعون بِهِ إذَا دخل إِلَى مريض حَتَّى انه حكي فِي بعض أوقاته أن عضد الدولة أنفذه إِلَى بعض القواد ليعوده من مرض كَانَ عرض لَهُ فلما خرج

من عند القائد استدعى القائد ثقته وانفذه إِلَى حاجب عضد الدولة يستعلم منه نية الملك فِيهِ ويقول إن كَانَ ثُمَّ تغير نية فليأخذ لَهُ الأمان فِي الانصراف والبعد فقد قلق لما جرى وسأل الحاجب الغلام عن سبب هَذَا السؤال فقال مَا أعرف أكثر من أنه جاءه نظيف الطبيب وقال لَهُ مولانا أنفذني لعيادتك فمضي الحاجب وأعاد بحضرة عضد الدولة هَذَا القول فضحك وأمره بإعلامه حسن نية الملك فِيهِ وحملت إِلَيْهِ خلع سنية سكنت نفسه معها وبعد ذَلِكَ قرره عضد الدولة فِي البيمارستان الَّذِي عمره ببغداد فِي جملة أربعة وعشرين طبيباً قرروا فِيهِ ورتبوا لمعالجة المرضى.

حرف الهاء في أسماء الحكماء

حرف الهاء فِي أسماء الحكماء هارون بن علي بن هارون بن يحيى بن أبي منصور المنجم مذكور مشهور خبير بعلم الهيئة والعمل لآلاتها وَلَهُ تاريخ مشهور يعمل الناس بِهِ وهو من أهل يبت فِي هَذَا الشأن وتقدم فِي أيام الديلم ببغداد بعلم الحكام والنظر فِي علم الحدثان وَكَانَ لَهُ نصيب فِي سهم الغيب وعمر أربع وسبعين سنة يعاني هَذَا الشأن وتوفي ببغداد فِي يوم الأحد لليلة خلت من ذي الحجة سنة ست وسبعين وثلاثمائة. هارون بن صاعد بن هارون الصابي الطبيب أبو النصر كَانَ هَذَا من صابئة بغداد المقيمين بها وَلَهُ يد فِي التطبب واشتهر بالصلاح والمعاناة وَكَانَ مقدم الأطباء وساعورهم فِي البيمارستان العضدي فِي وقته وَلَهُ ذكر فِي بلده توفي فِي ليلة يوم الخميس الثالث من شهر رمضان سنة أربع وأربعين وأربعمائة. هبة الله بن الحسين البديع أبو القاسم البغدادي الاصطرلابي كَانَ بديع الزمان هبة الله هَذَا وحيد زمانه فِي عمل الآلات الفلكية وَقَدْ اطلع عَلَى أسرارها وعرف بِهَا مقدار مسير أنوارها وأقام عَلَى صحة أعماله الحجج الهندسية وأثبت مَا صنعه منها بالقوانين الإقليديسية وصغر قدر من تقدمة من صناعها وأعرب بل أغرب فِي طرق استنباطها وابتداعها وقام بأمور عجز عنها المتقدمون وإعانته يده عَلَى اتخاذ آلات وهم عنها غافلون فمن ذَلِكَ مَا زاده فِي الكرة ذات الكرسي مما كمل عملها الَّذِي مرت السنون عَلَى نقصه وأخذه العلماء المتقدمون

ممن لَمْ يقدر عَلَى تكميله وَلَمْ يستقصه فقوي عمادها وقوم منارها وعمل لذلك رسالة أقام فِيهَا الحجج والبراهين ليدفع بذلك رد كل نذل مهين ومن ذَلِكَ مَا فعله فِي الآلات الشاملة حَتَّى صارت بعد نقصها كاملة وذلك أن مبدعها الخجندي جعلها لعرض واحد وأقام الدليل اللفظي عَلَى أنه لا يمكن أن يكون لعروض متعددة ولما وصلت هَذِهِ الآلات إِلَى البديع أبي القاسم هبة الله وتأملها وأعمل فكره الذكي فِي أمرها وصنع منها عدة حملها إِلَى أجلاء زمانه أحدث لَهُ العمل طريقاً فِي عملها لعروض متعددة واختبر ذَلِكَ بالقواعد الهندسية فصح اختباره وظهرت لَهُ بعد أن خبت عن غيره تارة فأحكمها لعروض وأتي فِي ذَلِكَ بالمسنون من هَذِهِ الصناعة والمفروض وعمل لَهَا رسالة مؤيدة بالبراهين القطعية فأما غير ذَلِكَ مما كَانَ يعانيه فِي المساطر والبواكير وغير ذَلِكَ فقد صارت فِي أيدي الناس من ذخائر الجواهر وعانى عمل الطلسمات ورصد مَا يوافقها من مختار الأوقات وحمل إِلَى الملوك والأمراء والرؤساء والوزراء وجربوها فصحت تجربتها وحصلت لَهُ بما كَانَ من صنائعه الأموال الكثيرة وذلك فِي أيام المسترشد ولما مضى لسبيله تحقق أهل الفضيلة أنه لَمْ يخلف مثله وَلَهُ شعر فائق رائق. هبة الله بن صاعد بن التلميذ الطبيب النصراني البغدادي طبيب وقته وفاضل زمانه وعالم أوانه خدم الخلفاء من بني العباس وتقدم فِي خدمتهم وارتفعت مكانته لديهم وَكَانَ مؤلفاً فِي المباشرة والمعالجة عالماً بقوانين هَذِهِ الصناعة وصنف فِيهَا عدة مصنفات وانتهت إِلَيْهِ رئاستها. ولقد ذكره بعض المتأخرين فقال سلطان الحكماء أمين الدولة أبو الحسن هبة الله بن صاعد الطبيب النصراني يعرف بابن التلميذ البغدادي وابن التلميذ هو جد لأمه حكيم معتمد الملك أبو الفرج يحيى بن التلميذ النصراني البغدادي ولما توفي امين الدولة هبة الله بن صاعد مقامه وهو ابن ابنته

فنسب إِلَيْهِ وَكَانَ هبة الله هَذَا فِي العلم والعمل من الطب بقراط عصره وجالينوس زمانه ختم بِهِ هَذَا العلم وَلَمْ يكن فِي الماضين من بلغ مداه فِي الطب عمر طويلاً وعاش نبيلاً جليلاً رآه بعض معاصرينا وهو شيخ بهي المنظر حسن الرواء عذب المجتلى والمجتنى لطيف الروح ظريف الشخص بعيد الهم عالي الهمة زكي الخاطر مصيب الفكر حازم الرأي شيخ النصارى وقسيسهم ورأسهم ورئيسهم وَلَهُ فِي نظم الشعر كلمات راقية شافية وشائقة تعرب عن لطافة طبعه فمن ذَلِكَ مَا قاله ملغزاً فِي مجمرة البخور كل نار للشوق تضرم بالهج ... ر وناري تشب عند الوصال فإذا الصد راعني سكن الوج ... د وَلَمْ يخطر الغرام ببالي ومن مشهور شعره يَا من رماني عن قوس فرقته ... بسهم هجر غلا تلافيه أرض لمن غاب عنك غيبته ... فذاك ذنب عقابه فِيهِ وله أيضاً: من كَانَ يلبس كلبه ... وشياً ويقنع لي بجلدي فالكلب مني عنده ... خير وخير منه عندي ومن شعره أيضاً: كَانَتْ بتهنئة الشبيبة سكرة ... فصحوت واستأنفت سيرة مجمل وقعدت أرتقب الفناء كراكب ... عرف المحل فبات دون المنزل وَكَانَ أبو الحسن بن التلميذ يحضر عند المقتفي كل أسبوع مرة فيجلسه لكبر سنه وَكَانَتْ دار القوارير ببغداد مجراة فِي إقطاعه فحلها الوزير يحيى بن هبيرة فِي ولايته فحضر أبو الحسن بن التلميذ يوماً عند الخليفة عَلَى عادته فلما أراد الانصراف عجز عن القيام لضعفه الكبر فقال لَهُ المقتفي كبرت يَا حكم قال نعم كبرت وتكسرت قواريري وهذا مثل يتماجن بِهِ أهل بغداد لمن عجز وبطل ففطن الخليفة وقال رجل عمر فِي خدمتنا مَا تماجن قط بحضرتنا ولهذا يتماجن سر ثُمَّ فكر ساعة وسأل عن دار القوارير فقيل لَهُ قَدْ حلها الوزير ابن هبيرة عنه وأخذها منه فأنكر المقتفي عَلَى ذَلِكَ إنكاراً شديداً وردها إِلَيْهِ وزاده إقطاعاً آخر وتوفي هبة الله بن صاعد فِي صفر سنة ستين

وخمسمائة وَقَدْ قارب المائة وذهنه بحاله. هبة الله بن الحسين بن علي الحكيم أبو القاسم الطبيب الأصفهاني من أهل أصفهان ذكره محمد بن محمد بن حامد فقال كَانَ معاصر عمي وطبيبه من محاسن الدهر ومعادن الدر وأفاضل العصر ذا فضائل لا تدخل تَحْتَ الحصر فِي أقران البديع الاصطرلابي والقاضي الأرجاني عند طبه لا يشتري بقراط بقيراط ولا يستقيم سقراط عَلَى السراط وحق لحق ابن بطلان البطلان وقام بفضله من حذقه البيان والبرهان وتوفي سنة نيف وثلاثين وخمسمائة بسكتة إصابته ودفن فِي سرداب داره وهو مسكت وفتح بابه بعد أشهر لينقل فوجد جالساً فوجد جالساً عند الدرجة وهو ميت وَلَهُ شعر حلو منه مَا قاله يصف حماماً فِي دار صديق لَهُ: ودخلت وجنته وزرت جحيمه ... وشكرت رضواناً ورأفة مالك والبشر فِي وجه الغلام نتيجة ... لمقدمات ضياء وجه المالك هبة الله بن ملكا أبو البركات اليهودي فِي أكثر عمره المهتدي فِي آخر أمره أَوْحد الزمان طبيب فاضل عالم بعلوم الأوائل من يهود بغداد قريب العهد من زماننا كَانَ فِي وسط المائة السادسة وَكَانَ موفق المعالجة لطيف الإشارة وقف عَلَى كتب المتقدمين والمتأخرين فِي هَذَا الشأن واعتبرها واختبرها فلما صفت لديه وانتهى أمرها إِلَيْهِ صنف فِيهَا كتاباً سماه المعتبر إخلاء من النوع والرياضي وأتى فِيهِ بالمنطق والطبيعي والإلهي فجاءت عبارته فصيحة ومقاصده فِي ذَلِكَ الطريق صحيحة وهو احسن كتاب صنف فِي هَذَا الشأن فِي هَذَا الزمان ولما مرض أحد السلاطين السلجوقية استدعاه من مدينة السلام وتوجه نحوه ولاطفه إِلَى أن برئ فأعطاه العطايا الجمة من الأموال والمراكب والملابس والتحق وعاد إِلَى العراق عَلَى غاية مَا يكون من التجمل والغنى

وسمع أن ابن أفلح قَدْ هجاه بقوله: لنا طبيب يهودي حماقته ... إذَا تكلم تبدو من فِيهِ يتيه والكلب أعلا منه منزلة ... كأنه بعد لَمْ يخرج من التيه فلما سمع ذَلِكَ علم أنه لا يجل بالنعمة الَّتِي أنعمت عَلَيْهِ إِلاَّ بالإسلام فقوي عزمه عَلَى ذَلِكَ وتحقق أن لَهُ بناتاً كباراً وأنهن لا يدخلن معه فِي الإسلام وأنه متى كَانَ لا يرثنه فتضرع إِلَى خليفة وقته فِي الإنعام عَلَيْهِن بما لا يخلّفه وإن كن عَلَى دينهن فوقع لَهُ بذلك ولما تحققه اظهر إسلامه وجلس للتعليم والمعالجة وقصده الناس وعاش عيشة هنية وأخذ الناس عنه مما تعلمه جزأ متوفراً قال لي بعض أهل الفضل أن أَوْحد الزمان أبا البركات هَذَا كَانَ جالساً فِي مجلسه للإقراء وعليه ثوب أطلس مثمن أحمر اللون من خلع السلجوقي إذ دخل عَلَيْهِ رجل من أوساط أهل بغداد وشكا إِلَيْهِ سعالاً أدركه وَقَدْ طالت مدته وَلَمْ ينجح فِيهِ دواء فأمره بالقعود فقال لَهُ إذا سعلت وقطعت شيئاً فلا تنقله حَتَّى أقول لَكَ مَا تصنع فقعد ساعة وقطع فاستدعاه إِلَيْهِ وادخل يده فِي كم ذَلِكَ الثوب الأطلس وقال لَهُ اتفل فِيهِ فتوقف خشية عَلَى موضع يده من الثوب فانتهزه فتفل وضم أوحد الزمان يده عَلَى مَا فِيهَا من الثوب والتفلة وأخذ قيماً من استفهام وإفهام ساعة ثُمَّ فتح يده ونظر الثوب وموضع التفلة منه ساعة يقلبه ويتأمله ثُمَّ قال لبعض الحاضرين اقطع من هَذِهِ الشجرة نارنجة وأحضرها وَكَانَ فِي داره شجره تاريخ حاملة ففعل الرجل المأمور ذَلِكَ فلما أحضر النارنجة قال للرجل الشاكي كل هَذِهِ فقال لَهُ أَيُّهَا الحكيم متى أكلته مت فقال إن أردت العافية فقد وصفتها لَكَ فشرع الرجل وأكل منها إِلَى أن استنفدها فقال لَهُ امض وانظر مَا يكون فِي ليلتك فمضى الرجل ولما كَانَ فِي اليوم الثاني حضر وهو متألم فقال مَا جرى لَكَ قال مَا نمت لكثرة مَا نالني من السعال فقال لأحد الجماعة أحضر لي نارنجة من تِلْكَ الشجرة فأحضره إياها فقال للشاكي كلها أيضاً فقال إذَا أكلتها مَا يبقى فِي الموت شك فقال كلها فهي الدواء فأكل الرجل ومضى فلما كَانَ فِي اليوم الثالث جاء فسأله عن حاله فقال بت خير مبيت وَلَمْ أسعل فقال لَهُ برئت ولله الحمد وإياك وأكل النارنج بعدها إِن تأكل بعدها نارنجة أخرى

يحصل لَكَ مَا لا يرجى لَكَ برؤه وأمره بما يستعمل فِي المستقبل فلما قام من عنده سأله الجماعة عن السبب فقال أخذت ثفلته فِي الثوب الأطلس الأحمر وأحميتها فِي كفي ساعة ونظرت فِيهَا هل بقي بعد مَا نشر بِهِ الثوب مما ثفل كالقشور والنخالة فلم أجده ولو وجدته دلني عَلَى أن السعال من قرح فِي الرئة أَوْ فِي الصدر وكلاهما صعب فلما لَمْ أجد شيئاً من ذَلِكَ علمت أنه بلغم لزج زجاجي وَقَدْ لحج بقصبة الرئة وآلات التنفس فأردت جلاءه من هناك وأمرته بتناول النارنجة فلما عاد إلي ووجد شدة علمت أنها قَدْ جلت وقطعت مَا هناك وَلَمْ تستنفده فأمرنه بتناول الأخرى فجلت مَا بقي ونهيته عن استعمال الأخرى لئلا يقرح الموضع بكثرة الجلاء فيقع فيما احترزنا منه فاستحسن الحاضرون ذَلِكَ من صناعته اللطيفة وَكَانَ الأطباء فِي وقته يسألونه عن مسائل من الأمر فيجيب عنها بخطه فيسطرون ذَلِكَ عنه إِلَى أن صار مؤلفاً يتناقلونه بينهم وَلَمْ يزل سعيداً إِلَى أن قلب لَهُ الدهر ظهر المجن ووضع من سنائه بعد أن أسن فأدركته علل قصر عن معاناتها طبه واستولت عَلَيْهِ آلام لَمْ يطق حملها جسمه ولا قلبه وذلك أنه عمي وطرش وبرص وتجذم فنعوذ بالله من استحالة الأحوال وضيق المجال وسوء المآل ولما أحس بالموت أوصى إِلَى من يتولاه أن يكتب عَلَى قبره مَا مثاله هَذَا قبر أوحد الزمان أبي البركات ذي العبر صاحب المعتبر فذكر بعض من رأى قبره بهذه الصنعة فسبحان من لا تغلبه غالب ولا ينجو من قضائه متحيل ولا هارب نسأل الله فِي حياتنا العافية وخاتمة خير فِي العاقبة ري قَدْ أحسنت فيما مضى فأسألك أن تحسن إلينا فيما بقي سؤال عبدك الضعيف المضطر فاستجب لَهُ ولا ترده عن بابك خائباً يَا الله .. وَفِي كبر أبي البركات أوحد الزمان وتواضع أمين الدولة أبي الحسن بن التلميذ يقول البديع هبة الله الاصطرلابي: أبو الحسن الطبيب ومقتفيه ... أبو البركات فِي طرفي نقيض فذاك من التواضع فِي الثريا ... وهذا بالتكبر فِي الحضيض وذكر ابن الزاغواني أن إسلام أبي البركات كَانَ سببه أنه كَانَ فِي صحبة السلطان محمود ببلاد الجبل وإلى محمود ولاية العراق وَكَانَتْ زوجته

الخاتون بنت عمه سنجر وَكَانَ لَهَا مكرماً محباً معظماً واتفق أن مرضت وماتت فجزع جزءاً شديداً ولما عاين أبو البركات ذَلِكَ الجزع من محمود خاف عَلَى نفسه من القتل إذ هو الطبيب فأسلم طلباً لسلامة نفسه. هرمس الثاني هَذَا هو هرمس الثاني بلا شك وهو هرمس البابلي شهدت التواريخ بذلك من أهل بابل سكن مدينة الكلدانيين وهو كلوذا وينسبون إليها كلدانياً عَلَى خلاف الأصل وَكَانَ بعد الطوفان وهو أول من بنى مدينة بابل بعد نمروذ بن كوش وَكَانَ بارعاً فِي علم الطب والفلسفة وعارفاً بطبائع الأعداد وَكَانَ تلميذ فيثاغورس لارثماطيقي وهرمس هَذَا جدد من علم الطب والفلسفة وعلم العدد وَمَا كَانَ قَدْ درس بالطوفان ببابل ذكر ذَلِكَ أبو معشر ومدينة الكلدانيين هَذِهِ مدينة الفلاسفة من أهل المشرق وفلاسفتهم أول من حدد الحدود ورتب القوانين وهم فلاسفة الفرس حذاق. هرمس الثالث المصري والصحيح الَّذِي دلت عَلَيْهِ الأخبار وتواترت أن هَذَا هو الثالث وهو الَّذِي سمى المثلث بالحكمة لأنه جاء ثالث الهرامسة الحكماء والبابلي هو الثاني فافهم ذَلِكَ ترشد إِن شاء الله وهذا رجل من حكماء مصر بعد الطوفان وَكَانَ فيلسوفاً جوالاً إِلاَّ فِي البلاد قديم العهد عالماً بالبلاد ونصبها وطبائع أهلها وَلَهُ. كتاب جليل فِي صناعة الكيمياء. وكتاب فِي الحيوانات ذوات السموم وهو من علماء هَذَا الإقليم وأمة إقليم مصر من الأمم المذكورة وكانوا أهل ملك عظيم وهز قديم فِي الدهور الخالية والأزمان السالفة دل عَلَى ذَلِكَ آثارهم وعمائرهم وهياكلهم وبيوت علمهم الموجود أكثرها فِي الإقليم إِلَى يومنا هَذَا وهي آثار أجمع أهل الأرض أنه لا مثل لَهَا فِي إقليم من الأقاليم فأما مَا كَانَ قبل الطوفان فجهل خبره وبقي أثره مثل الأهرام والبرابي والمغائر المنحوتة فِي جبال الإقليم إِلَى غير ذَلِكَ من الآثار الموجودة وأما بعد الطوفان فقد صار أهل الإقليم أخلاطاً من الأمم قبطي ورومي ويوناني وعمليقي إِلاَّ أن الغلبة والكثرة للقبط وإنما خفي عَلَى الناس أنسابهم فاقتصر من التعريف بهم عَلَى نسبتهم إِلَى وضعهم من بلد مصر وحد بلاد مصر فِي الطول من برقة الَّتِي فِي جنوب البحر الرومي إِلَى أيلة من ساحل الخليج من بحر الحبشة والزنج والهند والصين ومسافة ذَلِكَ قريب من أربعين يوماً

وحدها فِي العرض من مدينة أسوان الَّتِي بأعلى نيل مصر وَمَا سامتها من أرض الصعيد الأعلى المتاخم لأرض النوبة إِلَى مدينة رشيد وَمَا حاذاها من مساقط النيل فِي البحر الرومي وَمَا اتصل بذلك ومسافته قريب من ثلاثين يوماً وَكَانَ أهل مصر فِي سالف الزمان صابئة تعبد الأصنام وتدبر الهياكل ثُمَّ تنصرت عند ظهور دين النصرانية وَلَمْ تزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن فتحها المسلمون فأسلم بعضهم وبقي سائرهم عَلَى دينهم أهل ذمة إِلَى اليوم وَكَانَ لقدماء أهل مصر الذين كانوا قبل الطوفان عناية بأنواع العلم وبحث عَلَى غوامض الحكم وكانوا يرون أنه كَانَ فِي عالم الكون والفساد قبل نوع الإنسان أنواع كثيرة من الحيوانات عَلَى صور غريبة وتراكيب شاذة ثُمَّ كَانَ نوع الإنسان تغلب عَلَى تِلْكَ الأنواع حَتَّى أفنى أكثرها وشرد بقيتها إِلَى القفار والفلوات فمنهم الغيلان والسعالى وأمثال ذَلِكَ وذلك مما ذكره عنهم الوصيفي فِي تاريخه المؤلف فِي أخبارهم وزعم جماعة من العلماء أن جميع العلوم الَّتِي ظهرت قبل الطوفان إنما صدرت عن هرمس الأول الساكن لصعيد مصر الأعلى وهو الَّذِي يسميه العبرانيون أخنوخ النبي بن يادر بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم هو إدريس النبي صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا تقدم ذكر فِي أول الكتاب وقالوا أه أول من تكلم فِي الجواهر العلوية والحركات النجومية وأول من بنى الهياكل ومجد الله فِيهَا وأول من نظر فِي علم الطب وألف لأهل زمانه قصائد موزونة فِي الأشياء الأرضية والسماوية وقالوا أنه أول من أنذر بالطوفان ورأى أن آفة سماوية تلحق الأرض من الماء والنار فخاف ذهاب العلم ودروس الصنائع فبنى الأهرام والبرابي فِي صعيد مصر الأعلى وصور فِيهَا جميع الصناعات والآلات ورسم فِيهَا صفات العلوم حرصاً منه عَلَى تخليدها لمن بعده خيفة أن يذهب رسمها من العالم والله أعلم. وَكَانَ بمصر بعد الطوفان علماء بضروب الفلسفة من العلوم الرياضية والطبيعية والإلهية وخاصة علم الطلسمات والنيرانجيات والمرائي المحرقة والكيمياء وغير ذَلِكَ وَكَانَتْ دار العلم والملك بمصر فِي قديم الدهر مدينة منف وهي بالقبطية مافة وهي عَلَى اثني عشر ميلاً من الفسطاط فلما بنى الإسكندر مدينة الإسكندرية رغب الناس فِي عمارتها لحسن هوائها وطيب مائها فكانت دار الحكمة بمصر إِلَى أن تغلب عَلَيْهَا المسلمون واختط عمرو ابن

العاص عَلَى نيل مصر مدينته المعروفة بقسطاط مصر فانسرب أهل مصر وغيرهم من العرب وغيرهم إِلَى سكناها فصارت قاعدة مصر من ذَلِكَ الوقت إِلَى اليوم ولهرمس هَذَا الَّذِي قدمنا ذكره كلام فِي صناعة الكيمياء يخرج فِيهَا إِلَى عمل الزجاج والغضار وقال المصريون أن اسقلبيادس الَّذِي يعظم أمره يونان كَانَ تلميذاً لهرمس المصري هَذَا وأنه رحل إِلَى مصر من بلاد يونان واستفاد منه مَا استفاد ثُمَّ عاد إِلَى بلاد يونان فزاده غرائب مَا أتى بِهِ من العلوم الَّتِي لا يعلمونها فعظموه وحكوا عنه حكايات فِيهَا شناعات واستحلالات تهويلاً لأمره وتعظيماً لقدره عَلَى مَا ورد بعضه فِي أخباره فِي حرف الألف. وَلَهُ من التصانيف المأثورة عنه. كتاب عرض مفتاح النجوم الأول. كتاب مفتاح النجوم الثاني. كتاب تسيير الكواكب. كتاب قسمة تحويل سني المواليد عَلَى درجة درجة. كتاب المكتوم فِي أسرار النجوم المسمى قضيب الذهب ونقلت عن صحف هرمس المثلث بالحكمة نبذ هي من مقالته إِلَى تلميذه طاطي عَلَى سبيل سؤال وجواب بينهما وهي عَلَى غير نظام وولاه لأن الأصل كَانَ بالياً مفرقاً. هلال بن إبراهيم بن زهرون أبو الحسين الصابي الحراني الطبيب نزيل بغداد وهذا هو والد أبي إسحاق إبراهيم بن هلال الصابي الكاتب وَكَانَ هلال هَذَا طبيباً حاذقاً عاقلاً صالح العلاج متفنناً خدم الناس بصناعته وتقدم عند أجلاء بغداد وخالطهم بصناعته قال أبو إسحاق إبراهيم بن هلال هَذَا رأيت أبا الحسين والدي فِي يوم من أيام خدمته لتوزون وَقَدْ خلع عَلَيْهِ وحمله عَلَى بغل حسن بمركب ثقيل ووصله بخمسة آلاف درهم وهو مع ذَلِكَ مشغول القلب منقسم الفكر فقلت لَهُ مَا لي أراك يَا سيدي مهموماً ويجب أن تكون فِي مثل هَذَا اليوم مسروراً فقال يَا بني هَذَا الرجل يعني توزون جاهل يضع الأشياء فِي غير موضعها ولست أفرح بما يأتيني منه من جملة عن غير معرفة أتدري مَا سبب هَذِهِ الخلعة قلت لا قال سقيته دواء مسهلاً فجاف عَلَيْهِ وسحجه وقام عدة مجالس دماً عبيطا حَتَّى تداركته بما أزال ذَلِكَ عنه وكفى المحذور فِيهِ فاعتقد بجهله أن فِي خروج ذَلِكَ الدم صلاحاً لَهُ ولست آمن أن يستشعر فِي السوء من غير استحقاق فتلحقني منه الأذية وكذلك كَانَتْ حاله معه من بعد. هرقل النجار حكيم بابلي أحد السبعة.

حرف الواو في أسماء الحكماء

حرف الواو فِي أسماء الحكماء ويحن بن رستم أبو سهل الكوهي المنجم فاضل كامل عالم بعلم الهيئة وصنعة آلات الأرصاد فِي تقدم الدولة البويهية والأيام العضدية وبعدها ولما حضر شرف الدولة إِلَى بغداد عند إخراج أخيه صمصام الدولة بن عضد الدولة من لذلك بالعراق واستولى عَلَيْهِ أمر فِي سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة وتقدم برصد الكواكب السبعة فِي مسيرها وتنقلها فِي بروجها عَلَى مثل مَا كَانَ المأمون فعله فِي أيامه وعول أبي سهل يجن بن رستم الكوهي فِي القيام بذلك وَكَانَ حسن المعرفة بالهندسة وعلم الهيئة متقدماً فيهما إِلَى الغاية المتناهية فبنى بيتاً فِي دار المملكة فِي آخر البستان مما يلي باب الحطابين وأحكم أساسه وقواعده لئلا يضطرب بنيانه أَوْ يجلس شيء من حيطانه وعمل فِيهِ آلات استخرجها ورصد مَا كتب بِهِ محضران أخذت فيهما خطوط الحاضرين بما شهدوا واتفقوا عَلَيْهِ وهذه نسخة المحضر الأول. بسم الله الرحمن الرحيم .. اجتمع من ثبت خطه وشهادته فِي أسفل هَذَا الكتاب من القضاة ووجوه أهل العلم والكتاب والمنجمين والمهندسين بموضع الرصد الشرقي الميمون عظم الله بركته وسعادته فِي البستان من دار مولانا الملك السيد الأجل المنصور وولي النعم شاهنشاه شرف الدولة وزين الملة أطال الله بقاه وأدام عزه وتأييده وسلطانه وتمكينه بالجانب الشرقي من مدينة السلام فِي يوم السبت لليلتين بقيتا من صفر سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة وهو اليوم السادس عشر من حزيران سنة

ونسخة المحضر الثاني

ألف ومائتين وتسع وتسعين للإسكندر وزرا نيران من ماء خرداد سنة سبع وخمسين وثلاثمائة لبزدجرد فتقرر الأمر فيما شاهدوه من الآلة الَّتِي أخبر عنها أبو سهل ويجن بن رستم الكوهي عَلَى أن دلت عَلَى صحة مدخل الشمس رأس السرطان بعد مضي ساعة واحدة معتدلة سواء من الليلة الماضية الَّتِي صباحها المذكور فِي صدر هَذَا الكتاب واتفقوا جميعاً عَلَى التيقن لذلك والثقة بِهِ بعد أن سلم جميع من حضر من المنجمين والمهندسين وغيرهم ممن لَهُ تعلق بهذه الصناعة وخبرة بِهَا تسليماً لا خلاف فِيهِ بينهم أن هَذِهِ الآلة جليلة الخطر بديعة المعنى محكمة الصنعة واضحة الدلالة زائدة فِي التدقيق عَلَى جميع الآلات الَّتِي عرفت وعهدت وأنه قَدْ وصل بِهَا إِلَى أبعد الغايات فِي الأمر المرصود والغرض المقصود وأدى الرصد بِهَا إِلَى أن يكون بعد سمت الرأس من مدار رأس السرطان سبع درج وخمسين دقيقة وأن يكون الميل الأعظم الَّذِي هو غاية بعد منطقة فلك البروج عن دائر معدل النهار ثلاثاً وعشرين درجة وإحدى وخمسين دقيقة وثانية وأن يكون عرض الموضع الَّذِي تقدم ذكره ووقع الرصد فِيهِ كذا وكذا وذلك هو ارتفاع قطب معدل النهار عن أفق هَذَا الموضع وحسبنا الله ونعم الوكيل. ونسخة المحضر الثاني بسم الله الرحمن الرحيم .. ثُمَّ اجتمع فِي ثوم الثلاثاء لثلاث ليال خلون من جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة وهو روز سهريور من مهرماء سنة سبع وخمسين وثلاثمائة أيزدجرد والثامن عشر من أيلول سنة ألف ومائتين وتسع واسعين للإسكندر جماعة ممن ثبت خطه من القضاة والشهود المنجمين والمهندسين وأهل العلم بالهندسة والهيئة بحضرة الآلة المقدم ذكرها فِي صدر هَذَا الكتاب عَلَى أن رصدوا مدخل الشمس رأس الميزان بهذه الآلة وَكَانَ ذَلِكَ بعد مضي أربع ساعات من اليوم المقدم ذكره وهو يوم الثلاثاء فليكتب كل واحد منهم خطه بصحة مَا حضره وشاهده من ذَلِكَ فِي التاريخ وحسبنا الله ونعم الوكيل أسماء من كَانَ حاضراً لذلك وكتب خطه آخر هذين المحضرين القاضي أبو بكر بن صبر القاضي أبو الحسن الخوزي أبو إسحاق إبراهيم بن هلال أبو سعد الفضل بن بولس النصراني الشيرازي أبو سهل ويجن بن رستم صاحب

الرصد أبو الوفاء محمد بن محمد الحاسب أبو حامد أحمد بن محمد الصاغاني صاحب الاصطرلاب أبو الحسن محمد بن بن محمد السامري أبو الحسن المغربي ومن تصانيف أبي سهل ويجن بن رستم السائرة فِي الأمصار عَلَى تمادي الإعصار كتاب مراكز الاكر لَمْ يتممه كتاب الأصول عَلَى تحريكات إقليدس لَمْ يتممه كتاب البركار التام مقالتان. كتاب مراكز الدوائر عَلَى الخطوط من طريق التحليل دون التركيب. كتاب صنعة الاصطرلاب بالبراهين مقالتان. كتاب إخراج الخطين عَلَى نسبة. كتاب الدوائر المتماسة من طريق التحليل. كتاب الزيادات عَلَى أرشميدس فِي المقالة الثانية كتاب استخراج ضلع المسبع فِي الدائرة.

حرف الياء في أسماء الحكماء

حرف الياء فِي أسماء الحكماء يحيى النحوي المصري الإسكندراني تلميذ شاواري كَانَ أسقفاً فِي كنيسة الإسكندرية بمصر ويعتقد مذهب النصارى اليعقوبية ثُمَّ رجع عما يعتقده النصارى فِي التثليث لما قرأ كتب الحكمة واستحال عنده جعل الواحد ثلاثة والثلاثة واحداً ولما تحققت الأساقفة بمصر رجوعه عز عليهم ذَلِكَ فاجتمعوا إِلَيْهِ وناظروه فغلب وزيف طريقه فعز عليهم جهله واستعطفوه وآنسوه وسألوه الرجوع عما هو عَلَيْهِ وترك إظهار مَا تحققه وناظرهم فلم يرجع فأسقطوه عن المنزلة الَّتِي هو فِيهَا بعد خطوب جرت وعاش إِلَى أن فتح عمرو بن العاص مصر والإسكندرية ودخل عَلَى عمرو وَقَدْ عرق موضعه من العلم واعتقاده وَمَا جرى لَهُ مع النصارى لأكرمه عمرو ورأى لَهُ موضعاً وسمع كلامه فِي أبطال التثليث فأعجبه وسمع كلامه أيضاً فِي انقضاء الدهر لفتن بِهِ وشاهد من حججه المنطقية وسمع من ألفاظه الفلسفية الَّتِي لَمْ تكن للعرب بِهَا أنسة مَا هاله وَكَانَ عمرو عاقلاً حسن الاستماع صحيح الفكر فلازمه وَكَانَ لا يكاد يفارقه ثُمَّ قال لَهُ يحيى يوماً إنك قَدْ أحطت بحواصل الإسكندرية وختمت عَلَى كل الأصناف الموجودة بِهَا فأما مَا لَكَ بِهِ انتفاع فلا أعارضك فِيهِ وأما لا نفع لكم بِهِ فنحن أولى بِهِ فأمر بالإفراج عنه فقال لَهُ عمرو وَمَا الَّذِي تحتاج اله قل كتب الحكمة فِي الخزائن الملوكية وَقَدْ أوقعت الحوطة عَلَيْهَا ونحن محتاجون إليها ولا نفع لكم بِهَا فقال لَهُ ومن جمع هَذِهِ الكتب وَمَا قصتها فقال لَهُ يحيى أن بطلماؤس فيلادلفوس من ملوك الإسكندرية لما ملك حبب إِلَيْهِ العلم والعلماء وفحص عن كتب العلم وأمر بجميعها وأفرد لَهَا خزائن فجمعت وولى أمرها رجلاً يعرف بزميرة وتقدم إِلَيْهِ بالاجتهاد فِي جميعها وتحصيلها والمبالغة فِي أثمانها وترغيب

تجارها فِي نقلها ففعل ذَلِكَ فاجتمع من ذَلِكَ فِي مدة أربعة وخمسون ألف كتاب ومائة وعشرون كتاباً ولما علم الملك باجتماعها وتحقق عدتها قال لزميرة أثرى بقي فِي الأرض من كتب العلوم مَا لَمْ يكن عندنا فقال لَهُ زميرة قَدْ بقي فِي الدنيا شيء كثير فِي السند والهند وفارس وجرجان والأرمان وبابل والموصل وعند الروم فعجب الملك من ذَلِكَ وقال لَهُ دم عَلَى التحصيل فلم يزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن مات الملك وهذه الكتب لَمْ تزل محروسة محفوظة يراعيها كل من يلي الأمر من الملوك واتباعهم إِلَى وقتنا هَذَا فاستكبر عمرو مَا ذكره يحيى وعجب منه وقال لا يمكنني أن آمر فِيهَا بأمر إِلاَّ بعد استئذان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وكتب إِلَى عمر وعرفه قول يحيى الَّذِي ذكرناه واستأذنه مَا الَّذِي يصنع فِيهَا فورد عَلَيْهِ كتاب عمر يقول فِيهِ وأما الكتب الَّتِي ذكرناه واستأذنه مَا الَّذِي يصنع فِيهَا فورد عَلَيْهِ كتاب عمر يقول فِيهِ وأما الكتب الَّتِي ذكرتها فإن كَانَ فِيهَا مَا يوافق كتاب الله ففي كتاب الله عنه غني وإن كَانَ فِيهَا مَا يخالف كتاب الله فلا حاجة إليها فقدم بإعدامها فشرع عمرو بن العاص فِي تفرقتها عَلَى حمامات الإسكندرية وأحرقها فِي مواقدها وكرت عدة الحمامات يومئذ وأنسيتها وذكروا أنها استنفدت فِي مدة ستة أشهر فاسمع مَا جرى واعجب. وَكَانَ يحيى النحوي كثير التصانيف صنف فِي شرح كتب أرسطوطالس مَا تقدم ذكره عند ذكر كتبه فِي أول الكتاب وَلَهُ بعد لَكَ. كتاب الرد عَلَى برقلس القائل بالدهر ستة عشر مقالة. كتاب فِي أن كل جسم متناه وموته منتهاه مقالة واحدة. كتاب الرد عَلَى أرسطوطاليس ست مقالات. كتاب تفسير مابل لأرسكوطاليس. كتاب الرد عَلَى نسطورس. كتاب يرد فِيهِ عَلَى قوم لا يعرفون مقالتان. كتاب مثل الأول مقالة وكتبه فِي تفسير كتب جالينوس تكر فِي ترجمة جالينوس .. وذكر يحيى النحوي فِي المقالة الرابعة عند فسرها من كتاب السماع الطبيعي لأرسطوطاليس وتكلم فِي الزمان فضرب مثالاً قال فِيهِ مثل سلتنا هَذِهِ وهي فِي سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة لدقلطيانوس القبطي. وذكر عبيد الله بن جبرائيل بن عبيد الله بن بختيشوع الطبيب أن اسم يحيى ثامسطيوس قال وَكَانَ قوياً فِي علم النحو والمنطق والفلسفة ولا يلحق بهؤلاء الأطباء يعني الإسكندرانيين المشهورين وهم انقيلاؤس واصطفن

وجاسيوس ومارينوس وهم الدين رتبوا الكتب وقيل نقلاؤس غير انقلاؤس قال وإن كَانَ عني يحبى قَدْ فسر كتباً كثيرة من الطبيات فلقوته فِي الفلسفة ألحق بالفلاسفة لأنه أحد الفلاسفة المذكورين فِي وقته وسبب قوته فِي الفلسفة هو أنه كَانَ ملاحاً يعبر الناس فِي سفينته وَكَانَ يحب العلم كثيراً فإذا عبر معه قوم من دار العلم والدرس الَّذِي كَانَ بجزيرة الإسكندرية يتحاورون فيما مضى لهم من النظر ويتفاوضونه فيسمعه تهش نفسه للعلم فلما قوي رأيه فِي طلب العلم فكر فِي نفسه وقال قَدْ بلغت نيفاً وأربعين سنة وَمَا ارتضت بشيء ولا عرفت غير صناعة الملاحة فكيف يمكنني أن أتعرض لشيء من العلوم وفيما هو يفكر إذ رأى نملة قَدْ حملت نواة ثمرة وهي دائبة تصعد بِهَا فوقعت منها فعادت وأخذتها وَلَمْ تزل تجاهد مراراً حَتَّى بلغت بالمجاهدة غرضها إِذَا كَانَ هَذَا الحيوان الضعيف قَدْ بلغ غرضه بالمجاهدة والمناصبة فبالحري أن أبلغ غرضي بالمجاهدة فخرج من وقته وباع سفينته ولزم دار العلم وبدأ يتعلم النحو واللغة والمنطق فبرع فِي هَذِهِ الأمور لأنه أول مَا ابتدأ بِهَا فنسب إليها واشتهر بِهَا ووضع كتباً كثيرة منها تفاسير وغيرها. يحيى بن أبي منصور المنجم المأموني رجل فاضل فِي هَذَا الشأن كبير القدر إذ ذَاكَ مكين المكان اتصل بالمأمون أمير المؤمنين وتقدم عنده بصناعة النجوم وتسيير الكواكب وَلَما عزم المأمون عَلَى رصد الكواكب تقدم إِلَى يحيى هَذَا وإلى جماعة ترد أسماؤهم فِي حروفهم وأمرهم بالرصد وإصلاح آلاته ففعلوا ذَلِكَ بالشماسية ببغداد وجبل قاسيون بدمشق وذلك فِي سنة خمس عشرة وست عشرة وسبع عشرة ومائتين وبطل الأمر بموت المأمون فِي شهور سنة ثماني عشرة ومائتين وتوفي يحيى بن أبي منصور ببلد الروم وَلَهُ من التصانيف. كتاب الزيج الممتحن نسختان. كتاب العمل لسدس ساعة فِي الارتفاع بمدينة السلام قال أبو معشر أخبرني محمد بن موسى المنجم الجليس وَلَيْسَ

بالخوارزمي قال حدثني يحيى بن أبي منصور قال دخلت إِلَى المأمون وعنده جماعة من المنجمين وعنده رجل يدعي النبوة وَقَدْ دعا لَهُ المأمون بالعصا وَلَمْ تحضر بعد ونحن لا نعلم فقال لي ولمن حضر من المنجمين اذهبوا وخذوا الطالع لدعوى رجل فِي شيء يدعيه وعرفوني مَا يدل عَلَيْهِ الفلك من صدقه وكذبه وَلَمْ يعلمنا المأمون أنه متنبئ قال فجئنا إِلَى بعض تِلْكَ الصحون فأحكمنا أمر الطالع وصورنا موضع الشمس والقمر فِي دقيقة واحدة وسهم السعادة وسهم الغيب فِي دقيقة واحدة مع دقيقة الطالع والطالع الجدي والمشتري فِي السنبلة ينظر إِلَيْهِ والزهرة وعطارد فِي العقرب ينظران إِلَيْهِ فقال كل من حضر من القوم مَا يدعيه صحيح وأنا ساكت فقال لي المأمون مَا قلت أنت فقلت هو فِي طلب تصحيحه وَلَهُ حجة زهرية عطاردية وتصحيح الَّذِي يدعيه لا يتم لَهُ ولا ينتظم فقال لي من أَيْنَ قلت قلت لأن صحة الدعاوي من المشتري ومن تثليث الشمس وتسديسها إِذَا كَانَتْ الشمس غير منحوسة وهذا الطالع يخالفه لأنه هبوط المشتري والمشتري ينظر إِلَيْهِ نظر موافقة إِلاَّ أنه كاره لهذا البرج والبرج كاره لَهُ فلا يتم التصديق والتصحيح والذي قال من حجة عطاردية زهرية إنما هو ضرب من التخمين والتزويق والخداع يتعجب منه ويستحب فقال لي المأمون أنت لله درك ثُمَّ قال أتدرون من الرجل قلنا لا قال هَذَا يدعي النبوة فقلت يَا أمير المؤمنين أمعه شيء يحتج بِهِ فسأله فقال نعم معي خاتم ذو فصين ألبسه فلا يتغير مني شيء يحتج بِهِ ويلبسه غيري فيضحك ولا يتمالك من الضحك حَتَّى ينزعه ومعي قلم شامي آخذه وأكتب بِهِ ويأخذه غيري فلا ينطلق أصبعه فقلت يَا سيدي هَذِهِ الزهرة وعطارد قَدْ عملا عملهما فأمره المأمون فعمل مَا ادعاه فقلنا هَذَا ضرب من الطلسمات فما زال بِهِ المأمون أياماً كثيرة حَتَّى أقر وتبرأ من دعوى النبوة ووصف الحيلة الَّتِي احتالها فِي الخاتم والقلم فوهب لَهُ ألف دينار فلقيناه بعد ذَلِكَ فإذا هو أعلم الناس بعلم التنجيم وهو من كبراء أصحاب عبد الله بن السري. قال أبو معشر وهو الَّذِي عمل طلسم الخنافس فِي دور كثيرة من دور بغداد قال أبو لو كنت مكان القوم لقلت أشياء ذهبت عليهم كنت أقول الدعوى باطلة لأن البرج منقلب والمشتري فِي الوبال والقمر فِي المحاق والكوكبان الناظران فِي برج كذاب وهو العقرب.

يحيى بن إسحاق الطبيب الأندلسي أحد وزراء عبد الرحمن الناصر من بني أمية المستولين عَلَى الأندلس وَكَانَ إسحاق أبو يحيى نصرانياً طبيباً صانعاً بيده مشهوراً فِي أيام الأمير عبد الله وَكَانَ يحيى هَذَا ولده بصيراً زكياً فِي العلاج صانعاً بيده واستوزره عبد الرحمن الناصر وولاه الولايات الجليلة بعد إسلامه ونال عنده حظوة وألف فِي الطب كناشاً فِي خمسة أسفار يسمى الإبريسم ذهب فِيهِ مذهب الروم بحكم أن هَذَا النوع لَمْ يكن استقر بالأندلس ولا اشتهر شهرته الآن .. وروى راو أنه رآه قاعداً عَلَى باب داره يوماً إذ أقبل رجل بدوي عَلَى حمار وهو يصيح ويقول أدركوني وكلموا الوزير بسببي فخرج وقال للرجل مَا بك فقال أَيُّها الوزير ورم فِي إحليل أيري ومنعني البول منذ أيام كثيرة وأنا فِي حد الموت فقال اكشف عنه ففعل فإذا هو وارم فقال لرجل كَانَ مع العليل أطلب حجراً أملس فطلبه وأتى بِهِ الوزير فقال ضعه فِي كفك وضع عَلَيْهِ الإحليل فلما تمكن إحليل الرجل من الحجر جمع الرجل يده وضربه عَلَى الإحليل ضربة غمي عَلَى الرجل منها ثُمَّ اندفع الصديد يجري فما استوى بالرجل جرى الصديد والدم حَتَّى فتح عينيه ثُمَّ جعل يبول فِي أثر ذَلِكَ فقال لَهُ اذهب فقد برئت من علتك وأنت رجل عابث واقعت بهيمة فِي دبرها فصادفت شعيرة لحجت فِي عين الإحليل فورم وَقَدْ خرجت فِي الصديد فقال لَهُ الرجل بلى فعلت فأقر وهذا يدل عَلَى حدس صحيح وقريحة صادقة. يحيى بن سعيد بن ماري أبو العباس الطبيب النصراني المعروف بالمسيحي صاحب المقامات الستين عالم بالطب والأدب يطلب بمدينة البصرة فِي زماننا أدركنا من روى عنه فممن روى عنه ممن أدركناه أبو حامد محمد بن محمد بن حامد بن آلة الأصفهاني العماد رحمه الله ورأينا من الرواة عنه البصري المعلم الحصني وَكَانَ يروى عنه مقاماته وَكَانَ للمسيحي هَذَا معرفة

بالأدب صادقة وربما امتدح بالشعر إجلاء الواردين عَلَى البصرة وَكَانَ أصله من الطيب من موضع يقال لَهُ الدوير وَكَانَ فاضلاً فِي علم الأوائل وعلم العربية والشعر يرتزق بالطب والإنشاء وصنف المقامات الستين وأحسن فِيهَا وَكَانَ أبوه قَدْ تنقل عن الدوير إِلَى البصرة وأولد ولده هَذَا بِهَا وتوفي أبو العباس يحيى بن سعيد بالبصرة لعشر بقين من شهر رمضان سنة تسع وثمانين وخمسمائة ومن شعره فِي الشيب: نفرت هند من طلائع شيبي ... واعترتها سآمة عن وجومي هكذا عادة الشياطين ينفر ... ن إِذَا مَا بدت نجوم الرجوم يحيى بن عدي بن حميد بن زكريا المنطقي أبو زكريا نزيل بغداد إِلَيْهِ انتهت رئاسة أهل المنطق فِي زمانه قرأ عل أبي بشر متي بن يونس وَعَلَى أبي نصر محمد بن محمد بن طرخان الفارابي وَعَلَى جماعة فِي وقتهم وَكَانَ نصرانياً يعقوبي النحلة وَكَانَ ملازماً للنسخ بيده كتب الكثير من كل فن وَكَانَ يكتب خطاً قاعداً بيناً وعاتبه بعض معارفه عَلَى ملازمة النسخ والقعود لَهُ من أي شيء تعجب أمن بصري وقعودي لقد نسخت بخطي نسختين من التفسير للطبري وحملتهما إِلَى ملوك الأطراف وَقَدْ كتبت من كتب المتكلمين مَا لا يحصى ولعهدي بنفسي وأنا أكتب فِي اليوم والليلة مائة ورقة أَوْ أقل. ولع من التصانيف فِي التفاسير والنقول. كتاب نقض حجج القائلين بأن الأفعال خلق الله واكتساباً للعبد. وكتاب تفسير طوبيقاً لأرسطوطاليس. كتاب مقالة فِي البحوث الخمسة عن الرؤوس الثمانية. كتاب فِي تبيين الفضل بَيْنَ صناعتي المنطق الفلسفي والنحو العربي. كتاب فِي فضل صناعة المنطق وكتاب هداية من تاه إِلَى سبيل النجاة. كتاب فِي تبيين أن للعدد والإضافة ذاتين موجودتين فِي الأعداد. مقالة فِي استخراج العدد المضمر. مقالة فِي ثلاث بحوث غير المتناهي. تعليق آخر فِي ذَلِكَ. مقالة فِي أن كل متصل إنما ينقسم

إِلَى منفصل. كتاب جواب يحيى بن عدي عن فصل من كتاب أبي الحبش النحوي فيما ظنه أن العدد غير متناهٍ. مقالة فِي الكلام فِي أن الأفعال خلق الله واكتساب العبادة كتاب أجوبة بشر اليهودي عن مسائله. شرح مقالة الإسكندر فِي الفرق بَيْنَ الجنس والمادة. مقالة فِي أن حرارة النار ليست جوهراً للنار مقالة فِي غير المتناهي مقالة فِي الرد عَلَى من قال بأن الأجسام مجلبة عَلَى طريق الجدل. تفسير فصل فِي المقالة الثامنة من السماع الطبيعي لأرسطوطاليس. مقالة فِي من لَيْسَ شيء موجود غير متناهٍ لا عدداً ولا عظماً مقالة فِي تزييف قول القائلين بتركيب الأجسام من أجزاء لا تتجزأ مقالة فِي تبيين ضلالة من يعتقد أن علم الباري بالأمور قبل وجودها. تعليق آخر فِي هَذَا المعنى مقالة فِي أن الكم لَيْسَ فِيهِ تضاد. مقالة فِي أن القطر غير مشارك للضلع عدة مسائل فِي كتاب ايساغوجي. مقالة فِي أن الشخص اسم مشترك. مقالة فِي الكل والأجزاء. تفسير الألف الصغرى من كتب أرسطوطاليس فيما بعد الطبيعة. مقالة فِي الحاجة إِلَى معرفة ماهيات الجنس والفصل والنوع والخاصة والعرض فِي معرفة البرهان مقالة فِي الموجودات. مقالة فِي أن كل متصل ينقسم إِلَى أشياء ينقسم دائماً بغير نهاية. كتاب إثبات طبيعة الممكن وأقوى الحجج عَلَى ذَلِكَ والتنبيه عَلَى فسادها. مقالة التوحيد. مقالة فِي أن المقولات عشرة لا أقل لا أكثر. مقالة فِي أن العرض لَيْسَ هو جنساً للتسع المقولات العرضية. مقالة فِي تبيين وجود الأمور العامية. قول فِي الجزء الَّذِي لا يتجزأ. تعاليق عدة فِي معاٍ كثيرة. قول فِيهِ تفسير أشياء ذكرها عند ذكره فل صناعة المنطق. تعاليق عدة عنه عن أبي بشر متي فِي أمور جرت بينهما فِي المنطق. مقالة فِي قسمة الأجناس الستة الَّتِي لن يقسمها أرسطوطاليس إِلَى أجناسها المتوسطة وأنواعها وأشخاصها. مقالة فِي البحوث العلمية الأربعة عن أصناف الموجود الثلاثة الإلهي والطبيعي والمنطقي. مقالة فِي نهج السبيل إِلَى تحليل القياسات. كتاب الشبهة فِي إبطال الممكن. جواب الدارمي وأبي السن المتكلم عن المسألة فِي إبطال الممكن. مقالة بَيْنَه وبين إبراهيم بن عدي الكاتب ومناقضة فِي أن الجسم جوهر وعرض. مقالة فِي جواب إبراهيم ابم عدي الكاتب. رسالة كتبها لأبي بكر الآدمي العطار فِي تحقق من اعتقاد الحكماء بعد النظر والتحقيق .. مات الشيخ أبو زكريا يحيى بن عدي بن حميد بن زكرياء الفيلسوف يوم

الخميس لتسع بقين من ذي الحجة سنة أربع وستين وثلاثمائة للهجرة وهو الثالث عشر من آب سنة ألف ومائتين وخمس وثمانين للإسكدر ودان فِي بيعة القطيعة ببغداد وَكَانَ عمره إحدى وثمانين سنة شمسية ورأيت فِي بعض التعاليق بخط من يعني بهذا الشأن وفات كَانَتْ فِي اليوم المقدم ذكره من الشهر المقدم ذكره من سنة ثلاث وستين وثلاثمائة. يحيى بن علي بن يحيى المنجم كَانَ هَذَا فاضلاً عالماً بعلوم الأوائل قيماً بعلوم الآداب لَهُ فِي كل ذَلِكَ الغاية القصوى نادم الخلفاء وخالط الأجلاء بأدبه وأخرى بأصالة نسبه فإن لَهُ أسلافاً فِي هَذِهِ الفنون سادة قادة مات فِي ليلة يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة بقيت من هر ربيع الآخر سنة ثلاثمائة. يحيى بن التلميذ الحكيم معتمد الملك النصراني طبيب الدولة العباسية فِي زمانه ويستشار برأيه وَلَهُ الفضل الوافر والأدب الغزير والمعرفة الكاملة واتفقت لَهُ سعادة جد حَتَّى كسب الأموال وعاش إِلَى آخر عهد المستظهر بالله فِي حدود سنة اثنتي عشرة وخمسمائة وَلَهُ شعر شريف وقصد فِي المعاني لطيف فمما قاله فِي دار بناها سيف الدولة صدقة ووقعت النار فِيهَا: يَا بانياً دار العلى مليتها ... لتزيدها شرفاً عَلَى كيوان علمت بأنك إنما شيدتها ... للمجد والإفضال والإحسان فقفت عوائدك الكرام وسابقت ... تستقبل الأضياف بالنيران وَلَهُ فِي الغزل: فراقك عندي فراق الحياة ... فلا تجهرن عَلَى مدنف علقتك كالنار فِي شمعها ... فما أن تفارق أَوْ تنطفي وَلَهُ أيضاً: بدا إلينا أرج القادم ... فبرد الغلة من هائم يحيى بن سهل السديد أبو بشر المنجم التكريتي كَانَ هَذَا الرجل من أهل تكريت وَكَانَ عالماً بالنجوم وتسييرها وأحكامها مصيباً فيما يعانيه من

ذَلِكَ مشتهراً بِهِ كثير الرحلة إِلَى بغداد والاجتماع برؤوسها ومقدمي أهل الدولة ولهم معه مذاكرات ومحاورات وَكَانَ هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابي كثير المذاكرة لَهُ والأخ عنه فِي تاريخه حكايات جرت بتكريت سكوناً إِلَى صحة روايته وَلَمْ يزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن قتله أبو المنيع قراوش العقيلي أمير الموصل وإنما ينضاف إليها. يحيى بن عيسى بن جزلة أبو علي الطبيب البغدادي النصراني كَانَ رجلاً نصرانياً طبيباً ببغداد قَدْ قرأ الطب عَلَى نصارى الكرخ الَّذِين كانوا فِي زمانه وأراد قراءة المنطق فلم يكن فِي النصارى المذكورين فِي ذَلِكَ الوقت من يقوم بهذا الشأن وذكر لَهُ أبو علي ابن الوليد شيخ المعتزلة فِي ذَلِكَ الأوان ووصف بأنه عالم بعلم الكلام ومعرفة الألفاظ المنطقية فلازمه لقراءة المنطق فلم يزل ابن الوليد يدعوه إِلَى الإسلام ويشرح لَهُ الدلالات الواضحة ويبين لَهُ البراهين حَتَّى استجاب وأسلم وعلم بإسلامه القاضي أبو عبد الله الدامغاني قاضي القضاة يومئذ فسر بإسلامه وَقَدْ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ خدمة بالطب فقربه وأدناه ورفع فِي محله بأن استخدمه فِي كتابة السجلات بَيْنَ يديه وَكَانَ مع اشتغاله بذلك يطب أهل محلته وسائر معارفه بغير أجرة ولا جملة بل احتساباً ومروة ويحمل إليهم الأدوية بغير عوض ولما مرض مرض موته وقف كتبه فِي مشهد الإمام أبو حنيفة مات ابن جزلة فِي سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ومن مشاهير تصانيفه. كتاب المنهاج فِي الأغذية. كتاب الأدوية. كتاب تقويم الأبدان مجدول. يعقوب بن إسحاق بن الصباح بن عمران بن إسماعيل بن محمد بن الأشعث بن قيس بن معدي كرب بن معاوية بن جبلة بن عدي بن

ربيعة بن معاوية الأكبر ابن الحارث الأصغر بن معاوية بن الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرقع بن كندة بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كيلان ابن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان أبو يوسف الكندي المشتهر فِي الملة الإسلامية بالتبحر فِي فنون الحكمة اليونانية والفارسية والهندية متخصص بأحكام النجوم وأحكام سائر العلوم فيلسوف العرب وأحد أبناء ملوكها وكان أبو إسحاق بن الصباح أميراً عَلَى الكوفة للمهدي والرشيد وَكَانَ جده الأشعث بن قيس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وَكَانَ قبل ذَلِكَ ملكاً عَلَى جميع كندة وَكَانَ أبوه قيس بن معدي كرب ملكاً عَلَى جميع كندة أيضاً عظيم الشأن وهو الَّذِي مدحه أعشى قيس بقصائده الأربع الطوال الَّتِي أولهن الأولى لعمرك مَا طول هَذَا الزمن الثانية رحلت سمية غدوة أجمالها والثالثة أأزمعت من آل ليلى ابتكارا والرابعة أتهجر غانية أن تسلم وكان أبوه معدي كرب بن معاوية ملكاً عَلَى بني الحارث أصغر بن معاوية فِي حضر موت وكان أبوه معاوية بن جبلة ملكاً بحضر موت أيضاً عَلَى بتي الحارث الأصغر وَكَانَ معاوية بن الحارث الأكبر وأبوه الحارث وأبو معاوية وأبوه ثور ملوكاً عَلَى معد بالمنقر واليمامة والبحرين وَلَمْ يكن فِي الإسلام من اشتهر عند الناس بمعاناة علوم الفلسفة حَتَّى سموه فيلسوفاً غير يعقوب هَذَا وَلَهُ فِي أكثر العلوم تآليف مشهورة من المصنفات الطوال ومن الرسائل القصار جملة متعددة يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى وَكَانَ مع تبحره فِي العلم يأتي بما يصنفه مقصراً فيذكر مرة حججاً غير قطعية ويأتي مرة بأقاويل خطابية وأقاويل شعرية وأهمل صناعة التحليل الَّتِي لا تتحرر وقواعد المنطق إِلاَّ بِهَا فإن يكن جهلها فهو نقص عظيم وإن يكن ضمن بِهَا فليس ذَلِكَ من شيم العلماء وأما صناعة التركيب الَّتِي قصدها فِي تواليفه غلا ينتفع بِهَا إِلاَّ المنتهي الَّذِي هو فِي غنى عنها بتبحره فِي هَذَا النوع .. قال ابن جلجل الأندلسي في كتابه يعقوب بن الصباح الكندي كَانَ شريف الأصل بصرياً وَكَانَ جده ولي الولايات لبني هاشم ونزل البصرة وضيعته

هناك وانتقل إِلَى بغداد وهنالك تأدب وَكَانَ عالماً بالطب والفلسفة وعلم الحساب والمنطق وتأليف اللحون والهندسة وطبائع الإعداد والهيئة وَلَهُ تواليف كثيرة فِي فنون من العلم وخدم الملوك مباشرة بالأدب وترجم من كتب الفلسفة الكثير وأوسح منها المشكل ولخص المستصعب العويص وَلَهُ فِي التوحيد. كتاب عَلَى سبيل أصحاب المنطق فِي سلوك مراتب الزمان لَمْ يسبقه إِلَى مثله أحد وَلَهُ. كتاب فِي إثبات النبوة عَلَى تِلْكَ السبيل وَلَهُ. كتاب سماه تسهيل سبل الفضائل فِي آداب النفس وَلَهُ. كتاب فِي معرفة الأقاليم المعمورة وغيرها وَلَهُ رسائل فِي ضروب من العلوم أسماء مصنفاته عدد مَا أمكن حصره وبالله التوفيق كتبه الفلسفيات. كتاب الفلسفة الأولى فيما دون الطبيعيات والتوحيد. كتاب فِي الفلسفة الداخلة. كتاب فِي أنه لا تنال الفلسفة إِلاَّ بعلم الرياضة. كتاب الحث عَلَى تعلم الفلسفة. كتاب فِي قصد أرسطوطاليس فِي المقالات. كتاب ترتيب كتب أرسطوطاليس. كتاب فِي مقياسه العلمي. كتاب أقسام العلم الإلهي. كتاب ماهية العلم وأقسامه. كتاب فِي أن أفعال الباري كلها عدل. كتاب فِي ماهية الشيء الَّذِي لا نهاية لَهُ. رسالة فِي الإبانة بأنه لا يجوز أن يكون جرم العالم بلا نهاية. كتاب فِي الفاعلة والمنفعلة مع الطبيعيات. كتاب فِي اعتبارات الجوامع الفكرية. كتاب فِي مسائل سئل عنها فِي منفعة الرياضات. كتاب فِي بحث المدعي أن الأشياء الطبيعية تفعل فعلاً واحداً بإيجاب الخلقة. كتاب فِي الرفق فِي الصناعات. كتاب فِي قسمة القانون. رسالة فِي ماهية العقل. رسالة فِي رسم رقاع إِلَى الخلفاء والوزراء. كتبه المنطقيات. كتاب المدخل المنطقي المستوفي. كتاب المدخل المختصر. كتاب المقولات العشر. كتاب فِي الإبانة عن قول بطليموس فِي أول المجسطي حاكياً عن أرسطوطاليس فِي أنالوطيقا. كتاب فِي الاحتراس عن خدع السوفسطائية. كتاب فِي البرهان المنطقي. رسالته فِي الأصوات الخمسة. رسالته فِي سمع الكيان. رسالة فِي آلة مخرجة للجوامع. كتبه الحسابيات رسالته فِي المدخل إِلَى الارثماطيقي. رسالته فِي الحساب الهندي. رسالته فِي الأعداد الَّتِي ذكرها أفلاطون فِي كتاب السياسة. كتاب فِي تأليف الأعداد. رسالته فِي التوحيد من جهة العدد. رسالته فِي

استخراج الخبيئ والتضمير. رسالته فِي الزجر والفأل من جهة العدد. رسالته فِي الخطوط والضرب بعدد الشعير. رسالته فِي الكمية المضافة. رسالته فِي النسب الزمانية. رسالته فِي الحيل العددية وعلم إضمارها. كتبه الكريات. رسالته فِي أن العالم وكل مَا فِيهِ كروي. رسالته فِي أن العناصر الأولى والجرم الأقصى كروية. رسالته فِي أن الكرة أعظم الأشكال الجرمية. رسالته فِي الكريات. رسالته فِي عمل السمت عَلَى كرة. رسالته فِي أن سطح ماء البحر كروي. رسالته فِي تسطيح الكرة. رسالته فِي عمل الحلق الست واستعمالها. كتبه الموسيقيات. رسالته الكبرى فِي التأليف. كتاب ترتيب النغم. كتاب المدخل إِلَى الموسيقى. رسالته فِي الإيقاع. رسالته فِي الأخبار عن صناعة الموسيقى. كتاب فِي خبر صناعة الشعراء. كتبه النجوميات. رسالته فِي أن رؤية الهلال لا تضبط بالتحقيق وإنما القول فِيهِ بالتقريب. رسالته فِي السؤال عن أحوال الكواكب. رسالته فِي كيفيات نجومية. رسالته فِي مطرح الشعاع. رسالته فِي الفصلين. رسالته فيما ينسب إِلَيْهِ كل بلد من البلدان من برج أَوْ كوكب. رسالته فيما سئل عنه من شرح مَا عرض لَهُ الاختلاف فِي صور المواليد. رسالته فِي تصحيح عمل نمو دارات المواليد. رسالته فِي أعمار الناس فِي الزمن القديم وخلافها فِي هَذَا الزمن. رسالته فِي رجوع الكواكب. رسالة فِي اختلاف الأشخاص العالية. رسالة فِي سرعة مَا يرى من حركة الكواكب فِي الأفق وإبطائها كلما علت. رسالة فِي فصل مَا بَيْنَ السنين. رسالة فِي الوضاع النجومية. رسالته فِي علل القوى المنسوبة إِلَى الأشخاص العالية. رسالته فِي علل أحداث الجو. رسالة فِي علة أن بعض الأماكن لا تمطر. كتبه الهندسيات. كتاب أغراض كتاب إقليدس. كتاب اصطلاح إقليدس. كتاب اختلاف المناظر. كتاب اختلاف مناظر المرآة. كتاب فِي عمل شكل الموسطين. كتاب فِي تقريب وتر الدائرة. كتاب فِي تقريب وتر السبع. كتاب مساحة إيوان. كتاب تقسيم المثلث والمربع. كتاب كَيْفَ تعمل دائرة مساوية لسطح اسطوانة مفروضة. رسالته فِي شروق الكواكب وغروبها. كتاب قسمة الدائرة بثلاثة أقسام. رسالته فِي اصطلاح المقالة الرابعة عشر والخامسة عشر

من كتاب إقليدس. كتاب البراهين المساحية. كتاب تصحيح قول ابسقلاؤس فِي المطالع. كتاب صنعة الاصطرلاب. كتاب استخراج خط نصف النهار وسمت القبلة. كتاب عمل الرخامة بالهندسة. كتاب عمل الساعات عَلَى صفيحة تنصب عَلَى السطح الموازي الأفق خير من غيرها. رسالة فِي استخراج الساعات عَلَى نصف كرة بالهندسة. كتاب السواتح. كتاب الفلكيات كتاب فِي امتناع مساحة الفلك الأقصى. كتاب فِي ام طبيعة الفلك مخالفة لطبائع العناصر وأنها خامسة. كتاب ظاهريات الفلك. كتاب فِي العالم الأقصى. كتاب فِي سجود الجرم الأقصى لبارئه. كتاب فِي أنه لا يجوز أن يكون جرم العالم بلا نهاية. كتاب امتناع الجرم الأقصى من الاستحالة. كتاب فِي الصور. كتاب فِي المناظر الفلكية. كتاب فِي صناعة بطليموس الفلكية. كتاب فِي تناهي جرم العالم. كتاب فِي ماهية الفلك واللون اللازوردي المحسوس من جهة السماء. كتاب ماهية الجرم الحامل بطباعه للألوان من العناصر الأربعة. كتاب فِي البرهان عَلَى الجسم الساتر وماهية الأضواء والإظلام. كتبه الطبيات كتاب الطب الروحاني. كتاب الطب البقراطي. كتاب فِي الغذاء والدواء. كتاب الأبخرة المصلحة للجو من الأوباء. كتاب الأدوية المشفية من الروائح المؤذية. كتاب اشفية السموم. كتاب فِي بحارين الأمراض. كتاب نفس العضو الرئيس من الإنسان. كتاب كيفية الدماغ. كتاب فِي علة الجذام كفانا الله شرها. كتاب فِي عضة الكلب الكَلِب كفانا الله شرها. كتاب فِي وجع المعدة والنقرس. كتاب فِي الأعراض الحادثة من البلغم وموت الفجأة. رسالته إِلَى رجل فِي علة شكاها إِلَيْهِ. كتاب فِي أقسام الحيات. كتاب فِي أجساد الحيوان إِذَا فسدت. كتاب علاج الطحال. كتاب فِي قدر منفعة صناعة الطب. كتاب فِي صنعة أطعمة من غير عناصرها. كتاب فِي تغير الأطعمة. كتاب فِي القراباذين. كتبه الإحكاميات. كتاب تقدمة المعرفة بالأشخاص العلية. كتاب رسائله الثلاث فِي صناعة الأحكام. كتاب مدخل الأحكام عَلَى المسائل. كتاب فِي دلائل التحسين فِي برج السرطان. كتاب فِي منفعة الاختيارات. كتاب فِي منفعة

صناعة الأحكام ومن المسمي منجماً بالاستحقاق. كتاب حدود المواليد. كتاب تحويل سني العالم. كتاب الاستدلال بالكسوفات عَلَى حوادث الجو. كتبه الجدليات. كتاب الرد عَلَى المنانية. كتاب الرد عَلَى التنوية. كتاب الاحتراس عن خدع السوفسطائة. كتاب نقض مسائل الملحدين. كتاب تثبيت الرسل عليهم السلام. كتاب فِي إثبات الفاعل الحق الأول والفاعل الثاني بالمجاز. كتاب فِي الأجرام والرد عَلَى من تكلم فِي أمرها. كتاب فِي أن بَيْنَ الحركة الطبيعية والعرضية سكون. كتاب فِي الجسم وأن لا ساكن ولا متحرك فِي أول إبداعه. كتاب فِي التوحيدات. كتاب فِي جواهر الأجسام. كتاب القول فِي أوائل الأجسام كتاب فِي الجزء الَّذِي لا يتجزأ. كتاب فِي افتراق الملل فِي التوحيد وأنهم مجمعون عَلَى التوحيد وكل قَدْ خالف صاحبه. كتاب البرهان. كتابه النفسيات. كتاب فِي أن النفس جوهر بسيط غير دائر. كتاب فِي ماهية الإنسان والعضو والرئيس منه. كتاب قيماً للنفس ذكره وهي فِي عالم العقل قبل كونها فِي عالم الحس. كتاب اجتماع الفلاسفة عَلَى الرموز. كتاب فِي علة النوم والرؤيا وَمَا تأمر بِهِ النفس. كتبه السياسات رسالته فِي الرئاسة. كتاب تسهيل سبل الفضائل. كتاب دفع الأحزان. رسالته فِي الأخلاق. رسالته فِي سياسة العامة. رسالته فِي التنبيه عَلَى الفضائل. كتاب فِي فضيلة سقراط. كتاب فِي ألفاظ سقراط. كتاب فِي المحاورة بَيْنَ سقراط وأرسوايس. كتاب فيما جرى بَيْنَ سقراط والحرانيين. رسالته فِي خبر موت سقراط. كتاب خبر العقل. كتبه الإحداثيات. كتاب العلة الفاعلة القريبة للسكون والفساد. كتاب العلة فِي النار والهواء والماء والأرض عناصر الكائنات الفاسدات كتاب فِي اختلاف الأزمنة الَّتِي تظهر فِيهَا قوى الكيفيات الأربع الأولى. كتاب فِي ماهية الزمان والحين والدهر. كتاب فِي العلة الَّتِي لَهَا يبرد أعلا الجو ويسمى كوكباً. كتاب فِي الكوكب الَّذِي يظهر أياماً ويضمحل. كتاب فِي كوكب الذؤابة. كتاب فِي علة برد أيام العجوز. كتاب فِي علة الضباب. كتاب فيما رصد من الأثر العظيم فِي سنة اثنتين وعشرين ومائتين للهجرة. كتبه الإبعاديات. كتاب الآلة الَّتِي يستخرج بِهَا الأبعاد والأجرام. كتاب

فِي أبعاد مسافات الأقاليم. كتاب فِي المساكن. كتاب فِي أبعاد الأجرام. كتاب السكون فِي الربع المسكون. كتاب فِي استخراج بعد مركز القمر من الأرض. كتاب فِي عمل آلة يعرف بِهَا بُعْد المعاينات. كتاب معرفة أبعاد قلل الجبال. كتبه التقدميات. كتاب أسرار تقدمة المعرفة. كتاب تقدمة المعرفة بالأحداث. كتاب فِي تقدمة الخبر. كتاب فِي تقدمة المعرفة بالاستدلال بالأشخاص السماوية. كتبه الأنواعيات. كتاب أنواع الجواهر الثمينة. كتاب فِي أنواع الحجارة. كتاب فيما يصبغ فيعطي لوناً. كتاب فِي أنواع السيوف والحديد. كتاب فيما يطرح عَلَى الحديد والسيوف حَتَّى لا تتثلم ولا تكل. كتاب الطائر الأنسي. كتاب فِي تمويج الحمام. كتاب فِي الطرح عَلَى البيض. كتاب فِي أنواع النحل وكرائمه. كتاب فِي عمل القمقم الصباح. كتاب كيمياء العطر. رسالته فِي العطر وأنواعه. كتابه فِي صنعة الأطعمة وعناصرها. كتاب فِي الأسماء المعارة. كتاب التنبيه عَلَى خدع الكيميائيين. كتاب فِي الأثرين المحسوسين فِي الماء. كتاب فِي المد والجزر. كتاب أركان الحيل. رسالة فِي الأجرام الغائصة فِي الماء. كتاب فِي الأجرام الهابطة. كتاب فِي عمل المرايا المحرقة. رسالة فِي المرآة. كتاب اللفظ وهو ثلاثة أجزاء. كتاب فِي الحشرات. كتاب فِي حدوث الرياح فِي باطن الأرض المحدثة كثرة الزلازل. كتاب فِي جواب أربعة عشر مسألة طبيعيات سألها بعض إخوانه. كتاب الجواب عَن ثلاث مسائل سئل عنها. كتاب فِي علة الرغد والبرق والثلج والصواعق والمطر. كتاب فِي فضل المتفلسف بالسكوت. كتاب فِي إبطال دعوى من يدعي صنعة الذهب والفضة. كتاب فِي أن علة اختلاف الأشخاص العلويات ليست الكيفيات الأولى كما هي عَلَى فِيهَا تحتها. كتاب فِي الخيل والبيطرة. وَكَانَ لَهُ من التلاميذ والوراقين جماعة منهم حسنويه ونفطويه وسلمويه ورحمويه ومن تلاميذه أحمد بن الطيب .. وَقَدْ ذكروا من عجيب مَا يحكى عن يعقوب بن إسحاق الكندي هَذَا أنه كَانَ فِي جواره رجل من كبار التجار موسع عَلَيْهِ فِي تجارته وَكَانَ لَهُ ابن قَدْ كفاه أمر بيعه وضبط دخله وخرجه وَكَانَ ذَلِكَ التاجر كثير الإزراء عَلَى الكندي والطعن عَلَيْهِ مدمناً لتعكيره والإغراء بِهِ فعرض لابنه سكتة فجأة فورد

عَلَيْهِ من ذَلِكَ مَا أذهله وبقي لا يدري مَا الَّذِي فِي أيدي الناس وَمَا لهم عَلَيْهِ مع مَا دخله من الجزع عَلَى ابنه فلم يدع بمدينة السلام طبيباً إِلاَّ ركب إِلَيْهِ واستركبه لينظر ابنه ويشير عَلَيْهِ من أمره بعلاج فلم يجبه كثير من الأطباء لكبر العلة وخطرها إِلَى الحضور معه ومن أجابه منهم فلم يجد عنده كبير غناء فقيل لَهُ أنت فِي جوار فيلسوف زمانه وأعلم الناس بعلاج هَذِهِ العلة فلو قصدته لوجدت عنده مَا تحب فدعته الضرورة إِلَى أن تحمل عَلَى الكندي بأحد إخوانه فثقل عَلَيْهِ فِي الحضور فأجاب وصار إِلَى منزل التاجر فلما رأى ابنه وأخذ مجسه أمر بأن يحضر إِلَيْهِ من تلاميذه فِي علم الموسيقى من قَدْ أنعم الحذق بضرب العود وعرف الطرائق المحزنة والمزعجة والمقوية للقلوب والنفوس فحضر إِلَيْهِ منهم أربعة نفر فأمرهم أن يديموا الضرب عند رأسه وأن يأخذوا فِي طريفة أوقفهم عَلَيْهَا وأراهم مواقع النغم بِهَا من أصابعهم عَلَى الدساتين وثقلها فلو يزالوا يضربون فِي تِلْكَ الطريقة والكندي آخذ مجس الغلام وهو فِي خلال ذَلِكَ يمتد نفسه ويقوى نبضه ويراجع إِلَيْهِ نفسه شيئاً بعد شيء إِلَى أن تحرك ثُمَّ جلس وتكلم وأولئك يضربون فِي تِلْكَ الطريقة دائماً لا يفترون فقال الكندي لأبيه سل ابنك عم علم مَا تحتاج إِلَى علمه ممالك وعليك وأثبته فجعل الرجل يسأله وهو يخبره ويكتب شيئاً بعد شيء فلما أتى عَلَى جميع مَا يحتاج إِلَيْهِ غفل الضاربون عن تِلْكَ الطريقة الَّتِي كانوا يضربونها وفتروا فعاد الصبي إِلَى الحال الأولى وغشيه السكات فسأله أبوه أن يأمرهم بمعاودة ما كانوا يضربون بِهِ فقال هيهات إنما كَانَتْ صبابة قَدْ بقيت من حياته ولا يمكن فِيهَا مَا جرى ولا سبيل لي ولا لأحد من البشر إِلَى الزيادة فِي مدة من قَدْ انقطعت مدته إذ قَدْ استوفي العطية والقسم الَّذِي قسم الله لَهُ. قال أبو معشر وَكَانَتْ عَلَى يعقوب بن إسحاق أنه كَانَ فِي ركبته خام وَكَانَ يشرب لَهُ الشراب العتيق فيصلح فتاب من الشراب وشرب شراب العسل فلم تنفتح لَهُ أفواه العروق وَلَمْ يصل إِلَى أعماق البدن وأسافله شيء من حرارته فقوي الخام فأوجع العصب وجعاً شديداً حَتَّى تأتى ذَلِكَ الوجع إِلَى الرأس والدماغ فمات الرجل لأن الأعصاب أصلها من الدماغ. يعقوب بن طارق المنجم كَانَ مشهوراً بَيْنَ أهل هَذِهِ الصناعة

مذكوراً من فاضلهم وَلَهُ تصانيف جياد فِي هَذَا النوع منها. كتاب تقطيع كردجات الجيب. كتاب مَا ارتفع من قوس نصف النهار. كتاب الزيج محلول من السند هند درجة درجة. كتاب علم الفلك. كتاب علم الدول. يعقوب بن محمد الحاسب المصيصي أبو يوسف مشتهر الذكر فِي وقته عالم بصناعة الحساب متصدر لإفادتها مصنف فِيهَا التصانيف المفيدة. يعقوب بن ماهان السيرافي طبيب مشهور دل عَلَيْهِ تصنيفه اللطيف وهو كتاب السفر والحضر. يعقوب بن صقلان النصراني المقدسي المشرقي الملكي مولده بالقدس الشريف وبه قرأ شيئاً من الحكمة والطب عَلَى رجل يعرف بالفيلسوف الأنطاكي نزيل القدس وَكَانَ هَذَا قَدْ شد أشياء من علوم الأوائل بأنطاكية وغيرها واستوطن القدس وجعل داره بِهَا شكل كنيسة وتبتل للعبادة واقرأ العلوم إِلَى حدود سنة ثمانين وخمسمائة وقرأ عَلَيْهِ يعقوب هَذَا شيئاً من أوائل هَذِهِ الصناعة والنصارى المشرقيون فِي القدس أصلهم من أرض البلقاء وعمان وعرفوا بالمشرقين لأنهم من شرقي القدس ولما استوطن القدس منهم من استوطنه سكنوا محلة هي شرقي القدس تعرف المشارقة وأقام يعقوب هَذَا بالقدس عَلَى حالته فِي مباشرة البيمارستان إِلَى أن ملكه الملك المعظم عيسى ابن الملك العادل أبو بكر بن محمد بن أيوب فاختص بِهِ وَلَمْ يكن عالماً وإنما كَانَ حسن المعالجة بالتجربة البيمارستانية ولسادة كَانَتْ لَهُ ثُمَّ نقله الملك المعظم إِلَى دمشق وأقام يعقوب فِي دمشق وارتفعت عنده حاله وكثر ماله وأدركه نقرس ووجع مفاصل أقعده عن الحركة حَتَّى قيل أن المعظم كَانَ إِذَا احتاج إِلَيْهِ فِي أمر مرضه استدعاه فِي محفة تحمل بَيْنَ الرجال وَلَمْ يزل عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن مات المعظم صاحبه ومات هو بعده بقليل فِي حدود سنة ست وعشرين وستمائة بدمشق.

يوحنا بن البطريق الترجمان مولى المأمون كَانَ أميناً عَلَى الترجمة حسن التأدية للمعاني ألكن اللسان فِي العربية وَكَانَتْ الفلسفة أغلب عَلَيْهِ من الطب وهو تولى ترجمة كتب أرسطوطاليس خاصة وترجم من كتب بقراط مثل حنين وغيره. يوحنا القس وهو يوحنا بن يوسف بن الحارث بن البطريق القس كَانَ عالماً فِي وقته متصدراً لإفادة كتب إقليدس وغيره من كتب الهندسة وَلَهُ نقل من اليوناني وَكَانَ فاضلاً وَلَهُ تصانيف. يوحنا بن سرافيون كَانَ فِي صدر الدولة وجميع مَا ألفه سرياني وَقَدْ نقل كتاباه فِي الطب إِلَى العربي وهما كتاب الكناش الكبير اثنتا عشر مقالة. وكتاب الكناش الصغير سبع مقالات. يوحنا بن ماسويه كَانَ نصرانياً سريانياً فِي أيام هارون الرشيد وولاه الرشيد ترجمة الكتب الطبية القديمة لما وجدها بأنقرة وعمورية وسائر بلاد الروم حين افتتحها المسلمون وسبوا سبيها ووضعه أميناً عَلَى الترجمة ورتب لَهُ كتاباً حذاقاً يكتبون بَيْنَ يديه وخدم الرشيد والأمين والمأمون ومن بعدهم من الخلفاء إِلَى أيام المتوكل وَكَانَ ملوك بني هاشم لا يتناولون شيئاً من أطعمتهم إِلاَّ بحضرته وَكَانَ يقف عَلَى رؤوسهم ومعه البراني بالجوارشات الهاضمة المسخنة الطابخة المقوية للحرارة الغريزية فِي الشتاء وَفِي الصيف بالأشربة الباردة الطابخة المقوية والمعاجين وَكَانَ معظماً ببغداد جليل المقدار وَلَهُ تصانيف جميلة منها. كتاب البرهان يشتمل عَلَى ثلاثين كتاباً. وكتابه المعروف بالبصيرة. وكتاب التمام والكمال. وكتاب الحميات. وكتاب

الأغذية. وكتاب الفصد والحجامة. وكتاب المشجر كناش لَهُ قدر. وكتاب الجذام شريف. كتاب إصلاح الأغذية. كتاب الرجحان فِي المعدة. كتاب النجح كناش صغير للمأمون. كتاب الأدوية المسهلة. كتاب الكامل. كتاب الحمام. كتاب الإسهال. كتاب علاج الصداع. كتاب السدور والدوار. كتاب لم امتنع الأطباء من علاج الحوامل فِي بعض شهور حملهن. كتاب محن الطبيب. كتاب الصوت والبحة. كتاب مجسة العروق. كتاب ماء الشعير. كتاب المرة السوداء. كتاب علاج النساء اللواتي لا يحملن. كتاب السواك والسنونات. كتاب إصلاح الأدوية المسهلة. كتاب القولنج. كتاب التشريح .. وذكر محمد بن إسحاق النديم فِي كتابه يوحنا بن ماسويه فقال هو أبو زكريا يوحنا بن ماسويه كَانَ فاضلاً متقدماً عند الملوك عالماً مصنفاً خدم المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل قرأت بخط الحكيمي قال عبث ابن حمدون النديم بابن ماسويه بحضرة المتوكل فقال لَهُ ابن ماسويه لو كَانَ مَا كَانَ فيك من الجهل عقل ثُمَّ قسم عَلَى مائة خنفساء لكانت كل واحدة منهن أسفل من أرسطوطاليس وتوفي يوحنا ابن ماسويه فِي أيام المتوكل وَكَانَ فِي حياته يعقد مجلساً للنظر ويعمر ذَلِكَ المجلس بعلم هَذَا الشأن أتم عمارة ويجري فِيهِ من كل نوع من العلوم القديمة بأحسن عبارة واجتمع إِلَيْهِ أهل العلوم والأدب وَكَانَ يدرس ويجتمع إِلَيْهِ تلاميذ كثيرون وذكر يوسف الطبيب المنجم قال عدت جبرائيل بن بختيشوع بالعلث فِي سنة خمس عشرة ومائتين وَقَدْ كَانَ خرج مع المأمون فِي تِلْكَ السنة حين نزل المأمون من دير النساء فوجدت عنده يوحنا بن ماسويه وهو يناظره فِي علة وجبرائيل يحسن استماعه وإجابته ووصفه ودعا جبرائيل بتحويل سنته وسألني النظر فِيهِ وإخباره بما يدل عَلَيْهِ الحساب فنهض يوحنا عند ابتدائي بالنظر فِي التحويل فلما خرج من الحراقة قال لي جبرائيل ليست بك حاجة إِلَى النظر فِي التحويل لأني أحفظ جميع قولك وقول غيرك فِي هَذِهِ السنة وإنما أردت بدفعي التحويل إليك لينهض يوحنا فأسألك عن شيء بلغني عنه وَقَدْ ينهض فأسألك بالله وبحق الله هل سمعت يوحنا قط يقول أنه أعلم من جالينوس بالطب فجلفت لَهُ أني مَا سمعته قَدْ يدعي ذَلِكَ فما انقضى كلامنا حَتَّى رأينا الحراقات تنحدر

إِلَى مدينة السلام وانحدر المأمون فِي ذَلِكَ اليوم وكان يوم الخميس ووافينا مدينة السلام غداة يوم السبت ودخل الناس كلهم مدينة السلام فقابل يوسف واجتمعت ويوحنا بن ماسويه عند أبي العباس بن الرشيد عند موافاة المأمون فسألني عن عهدي بجبرائيل بن بختيشوع فأعلمته أني لَمْ أره بعد اجتماعنا بالعلث ثُمَّ قلت لَهُ قَدْ سمعت عنده فيك قولاً فقال مَاذَا فقلت لَهُ بلغه أنك تقول انك اعلم من جالينوس بالطب فقال على من ادعى عَلَى هَذَا لعنة الله مَا صدق مؤدي هَذَا الخبر ولا بر فسرى ذَلِكَ من قوله مَا كان فِي قلبي وأعلمته أني أزيل عن قلب جبرائيل مَا تأدى إِلَيْهِ من الخبر الأول فقال لي افعل لشدتك الله وقرر عنده مَا أقول وهو مَا كنت أقوله فحرف المؤدي فسألته عنه فقال غنما قلت لو أن بقراط وجالينوس عاشا إِلَى أن يسمعا قولي فِي الطب وصفائي لسألا ربهما أن يبدل لهما جميع حواسهما من البصر والشم واللمس والذوق حساً سمعياً يضيفونه إِلَى مَا معهما من حس السمع ليسمعا حكمتي ووصفي فأسألك بالله لما أديت هَذَا القول عني فاستعفيت من إلقاء هَذَا الخبر عنه فلم يهفني فأديت إِلَى جبرائيل وَقَدْ كَانَ اصطح فِي ذَلِكَ اليوم مفرقاً من علته فداخله من الغيظ والضجر مَا تخوفت عَلَيْهِ من النكسة وأقبل تدعو علي نفسه ويقول هَذَا جزاء من وضع الصنجة فِي غير موضعها وهذا جزاء من اصطنع السفل وأدخل فِي مثل هَذِهِ الصناعة الشريفة من لَيْسَ من أهلها ثُمَّ قال ألا عرفت السبب فِي يوحنا بن ماسويه وأبيه فأخبرته أني لا أعرفه فقال لي الرشيد امرني باتخاذ بيمارستان فأحضرت دهشتك من بيمارستان جند يسابور لأقلد فِي البيمارستان الَّذِي أمر الرشيد باتخاذه فامتنع من ذَلِكَ وذكر أنه لَيْسَ للسلطان عنده أرزاق جارية عَلَيْهِ وإنما يقوم فِي بيمارستان جند يسابور وميخائيل بن أخيه حسبة وتحمل على بطيماثيوس الجاثليق فِي إعفائه وإعفاء ابن أخيه فأعفيتهما فقال لي أما إذَا أعفيتني فإني أهدي إليك هدية ذات قدر يحسن بك قبولها وتكثر منفعتها لَكَ فِي البيمارستان فسألته عن الهدية فقال أن صبياً ممن كَانَ يدق الأدوية عندنا ممن لا يعرف لَهُ أب ولا قرابة أقام فِي البيمارستان أربعين سنة وَقَدْ بلغ الخمسين سنة أَوْ جاوزها وهو لا يقرأ حرفاً واحداً بلسان من الألسنة إِلاَّ أنه قَدْ عرف الأدواء داء فداء وَمَا يعالج بِهِ أهل كل داء وهو أعلم خلق الله بانتقاء الأدوية واختيار جيدها وتقى رديها وأنا أهديه إليك فاضممه إِلَى من أحببت من

تلامذتك ثُمَّ قلد تلميذك البيمارستان فإن أموره تحسن عَلَى أحسن مخارجها فقلت لَهُ قَدْ قبلت وانصرف دهشتك إِلَى بلده وأنفذ إليّ رجلاً فدخل إليَّ فِي زي الرهبان فكشفته فوجدته عَلَى مَا حكى لي عنه وسألته التسمي لي فأخبرني أن اسمه ماسويه وَكَانَ المنزل الَّذِي ينزله ماسويه يبعد عن منزلي ويقرب من منزل داود بن سرافيون وَكَانَتْ فِي داود دعابة وبطالة وَكَانَ فِي ماسويه ضعف من ضعف السفل يستطيبه كل بطال فما مضي بماسويه إِلاَّ يسير حَتَّى صار إلي وَقَدْ غير زيه ولبس الثياب البيض فسألته عن خبره فأعلمني أنه قَدْ عشق جارية لداود بن سرافيون صقلبية يقال لَهَا رسالة وسألني ابتياعها فابتعتها بستمائة درهم ووهبتها لَهُ فأولدها يوحنا وأخاه ثُمَّ رعيت لماسويه ابتياعي لَهُ رسالة وطلبه منها النسل وصيرت ولده كأنهم ولد قرابة لي وعنيت برفع أقدارهم وتقديرهم عَلَى أبناء أشراف أهل هَذِهِ الصناعة وعلمائهم ثُمَّ وثبت ليوحنا وهو غلام المرتبة الشريفة ووليته البيمارستان وجعلته رئيس تلاميذي فكانت مثوبتي منه هَذِهِ الدعوى الَّتِي لا يسمع أحد بِهَا إِلاَّ قذف من خرجه ونوه باسمه وأطلق لسانه بما انطلق بِهِ ولمثل مَا خرج إِلَيْهِ هَذِهِ السفلة كَانَتْ تِلْكَ الأعاجم تمنع الناس من الانتقال عن صناعات آبائهم وتحظر ذَلِكَ غاية الحظر والله المستعان .. وأجرى سلمويه بن بنان المتطبب للمعتصم والخصيص بِهِ ذكر يوحنا بن ماسويه فأطنب فِي ذكره ووصفه ثُمَّ قال فِي أثناء ذَلِكَ يوحنا آفة من الآفات عَلَى من اتخذه لنفسه واعتمد عَلَى علاجه وكثرة حفظه للكتب وحسن شرحه مما يوقع الناس فِي المكروه من علاجه ثُمَّ قال سلمويه أول الطب معرفة مقدار الداء حَتَّى يعالج مَا يحتاج إِلَيْهِ من العلاج ويوحنا أجهل خلق الله بمقدار الداء والدواء جميعاً أن رأى محروراً عالجه من الأدوية الباردة والأغذية المفرطة البرد بما يزيل عنه تِلْكَ الحرارة ويعقب معدته وبدنه بدراً يحتاج فِيهِ إِلَى المعالجة بالأدوية والأغذية الجارة ثُمَّ يفعل فِي ذَلِكَ مفعله فِي العلة الأولى من الإفراط ليزول عنه البرد ويعتل من حرارة مفرطة فصاحبه أبداً عليل إما من حرارة وإما من برودة والأبدان تضعف عن احتمال هَذَا التدبير وإنما الغرض فِي اتخاذ الناس المتطببين حفظ صحتهم فِي أيام الصحة وخدمة طبائعهم فِي ألام العلة ويوحنا لجهله بمقادير العلل والعلاج غير قائم بهذين البابين ومن لَمْ يقم بهما فليس بمتطبب ..

وَكَانَتْ فِي يوحنا دعابة شديدة بحضرة من يحضره لأجلها فِي الأكثر وَكَانَ فِي ضيق الصدر وشدة الحدة عَلَى أكثر مما كَانَ عَلَيْهِ جبرائيل بن بختيشوع وكانت الحدة تخرج من جبرائيل ألفاظاً مضحكة وَكَانَ أطيب مَا يكون مجلس يوحنا فِي وقت نظره فِي قوارير البول فما حفظ من نوادره أن امرأة أتته فقالت لَهُ أن فلانة وفلانة وفلاناً يقرؤون عَلَيْكَ السلام فقال لَهَا أنا بأسماء أهل قسطنطينية وعمورية أعلم مني بأسماء هؤلاء الذين سميتهم يولك حَتَّى انظر لَكَ فِيهِ. أنا بأسماء أهل قسطنطينية وعمورية أعلم مني بأسماء هؤلاء الذين سميتهم يولك حَتَّى انظر لَكَ فِيهِ. ومن نوادره أن رجلاً شكا إِلَيْهِ علة كَانَ شفاؤه منها الفصد فأشار عَلَيْهِ بِهِ فقال لَهُ لَمْ أعتد الفصد فقال لَهُ يوحنا ولا أحسب أحداً اعتاده فِي بطن أمه وكذلك لَمْ تعتد العلة قبل أن تعتل وَقَدْ حدثت بك فاختر مَا شئت .. وشكا إِلَيْهِ رجل جرباً قَدْ أضربه فأمره بفصد الكحل فِي يده اليمنى فأعلمه أنه قَدْ فعل فأمره بفصد الكحل فِي اليد اليسرى فذكر انه فعل فأمره بشرب المطبوخ فقال قَدْ فعلت فأمره بشرب الاصطيخيقون فاعلمه أنه فد فعل فقال لَهُ لَمْ يبق شيء مما أمر بِهِ المتطببون إِلاَّ وَقَدْ ذكرت أنك عملته وَقَدْ بقي شيء لَمْ يذكره بقراط ولا جالينوس وَقَدْ رأيناه يعمل عَلَى التجارب كثيراً فاستعمله فإني أرجو أن ينجح علاجك إن شاء الله تعالى فسأله عما هو فقال ابتع زوجي قراطيس وقطعهما رقاعاً صغاراً واكتب فِي كل رقعة رحم الله من دعا لمبتل بالعافية وألق نصفها فِي المسجد الجامع الشرقي بمدينة السلام والنصف فِي المسجد الغربي وفرقها فِي مجالس الناس يوم الجمعة فإني أرجو أن ينفعك الدعاء إذَا لَمْ ينفعك الدواء. وصار إِلَيْهِ قسيس من الكنيسة الَّتِي يتقرب بِهَا يوحنا وقال قَدْ فسدت عَلَى معدتي فقال لَهُ يوحنا استعمل جوارش الخوزي فقال لَهُ قَدْ فعلت فقال فاستعنل الكموني قال قَدْ استعملت منه أرطالاً فأمره باستعمال القداذيقون فقال قَدْ شربت منه جرة فقال لَهُ استعمل المروسيا قال لَهُ قَدْ فعلت وأكثرت فغضب يوحنا وقال لَهُ إن أردت أن تبرأ فاسلم فإن الإسلام يصلح المعدة. ز وعاتبه النصارى عَلَى اتخاذ الجواري وقالوا خالفت ديننا وأنت شماس فإما كنت علا سنتنا واقتصرت عَلَى امرأة واحدة وكنت شماساً لنا وإما

أخرجت نفسك عن الشماسية واتخذت مَا بدا لَكَ عن الجواري فقال لهم إنما أمرنا فِي موضع واحد أن لا نتخذ امرأتين ولا ثوبين فمن جمل الجاثليق العاض بظر أمه أن يتخذ عشرين ثوباً من يوحنا الشقي فِي اتخاذ أربع جوار فقولوا لجاثليقكم أن يلزم قوانين دينه حَتَّى تلزم معه فإن خالف خالفناه .. وَكَانَ بختيشوع بن جبرائيل يداعب يوحنا كثيراً فقال لَهُ يوماً فِي مجلس إبراهيم بن المهدي وهم فِي معسكر المعتصم بالمدائن فِي سنة عشرين ومائتين أنت أبا زكريا أخي ابن أبي فقال يوحنا لإبراهيم بن المهدي أشهد عَلَى إقراره لأقاسمنه ميراثه من أبيه فقال لَهُ بختيشوع أن أولاد الزنا لا يرثون ولا يورثون وَقَدْ حكم دين الإسلام للعاهر بالحجر فانقطع يوحنا وَلَمْ يحر جواباً .. وحدث أحمد بن هارون الشرابي بمصر أن المتوكل عَلَى الله فِي خلافة الواثق أن يوحنا بن ماسويه كَانَ مع الواثق عَلَى دكان فِي دجلة وَكَانَ مع الواثق قصبة فِيهَا شص وَقَدْ ألقاها فِي دجلة ليصيد بِهَا السمك فحرم الصيد فالتفت إِلَى يوحنا وَكَانَ عَلَى يمينه وقال قم يَا مشؤوم عن يميني فقال يوحنا يَا أمير المدمنين لا تتكلم بمحال يوحنا بن ماسويه الخوزي وأمه رسالة الصقلبية المبتاعة بثمانمائة درهم قَدْ أقبلت بِهِ السعادة إِلَى أن صار نديم الخلفاء وسميرهم وعشيرهم وحتى غمرته الدنيا فنال منها مَا لَمْ يبلغه أمله فمن أعظم المحال أن يكون هَذَا مشؤوماً ولكن إن أحب أمير المؤمنين أن أخبره بالمشؤوم من هو أخبرته فقال من هو فقال من ولده أربع خلفاء ثُمَّ ساق الله إِلَيْهِ الخلافة فترك خلافته وقصورها وقعد فِي دكان مقدار عشرين ذراعاً فِي مثلها فِي وسط الدجلة لا يأمن عصف الريح عَلَيْهِ فتغرقه ثُمَّ تشبه بأفقر قوم فِي الدنيا وشرهم وهم صيادو السمك قال المتوكل فرأيت الكلام ق نجع فِيهِ إِلاَّ أنه أمسك لمكاني فقال الواثق عقيب هَذَا القول بيوحنا وهو عَلَى ذَلِكَ الدكان يَا يوحنا ألا أعجبك من خلة قال وَمَا هي قال غن الصياد ليطلب الصيد مقدار ساعة فيصيد من السمك مَا يساوي ديناراً وَمَا أشبه ذَلِكَ وأنا أقعد منذ غدوة إِلَى الليل فلا أصيد مَا يساوي درهماً فقال لَهُ يوحنا أمير المؤمنين وضع التعجب فِي غير موضعه أن الله جعل رزق الصيادين من صيد السمك فرزقه يأتيه لأنه قوته وقوت عياله ورزق أمير المؤمنين بالخلافة فهو فِي غنى عن أن يرزق بشيء من

السمك فلو كَانَ رزقه من الصيد لوافاه مثل مَا يوافي الصياد. وَكَانَتْ ليوحنا جارية رومية وَكَانَ يأتيها ويعزل عنها فحبلت ثُمَّ ولدت منه جارية لَيْسَ لَهَا إِلاَّ رجل واحدة وهي اليسرى وأذن واحدة وهي اليمنى فقال لَهُ بعض الجماعة ألست كنت تعزل عن هَذِهِ الجارية فقال من العزل حدثت البلية لأني عزلت ثُمَّ عاودت الجماع قبل أن أبول فبقي فِي ذكري شيء من المني فلما عاودت الجماع صارت تِلْكَ الفضلة إِلَى الرحم فقبلها وَلَمْ يكن فِي الفضلة مَا يملأ القالب فخرج الولد ناقصاً وسمع هَذَا القول جماعة من المتطببين فكلهم صوب قوله غير الطيفوري فإنه قال الَّذِي أولد جارية الكشحان بغض غلمانه وهذا القول لَيْسَ بشيء .. واعتل فِي أول سنة سبع عشرة ومائتين صالح بن شيخ بن عميرة بن حيان بن سراقة الأسدي علة مخوفة قال إبراهيم ابن المهدي فأثبته عائداً فوجدته قَدْ أفرق بعض الإفراق فدارت بيننا أحاديث كَانَ منها أن عميرة جده أصيب بأخ لَهُ من أبويه وَلَمْ يخلف ولداً فعظمت عَلَيْهِ المصيبة ثُمَّ ظهر حبل جارية كَانَتْ لَهُ وولدت أنثى بعد وفاته فسرى عن عميرة بعض مَا كَانَ دخله من الغم وحولها إِلَى منزله وقدمها عَلَى ذكور ولده وإناثهم إِلَى أن ترعرعت فرغب لَهَا فِي كفء يزوجها منه وَكَانَ لا يخطبها أحد إِلَيْهِ إِلاَّ فرغ نفسه للتفتيش عن حسبه ثُمَّ التفتيش عن أخلاقه وَكَانَ بعض من نزع إليها خاطباً ابن عم خالد بن صفوان بن الأهتم التميمي وَكَانَ عميرة عارفاً بنسب الفتى فقال لَهُ يَا بني أما نسبك فلست احتاج إِلَى التفتيش عنه وإنك لكفء لابنة أخي من الشرف ولكنه لا سبيل إِلَى عقدة إِلَى ابنتي دون معرفتي بأخلاق من أعقد لَهُ فإن سهل عَلَيْكَ المقام عندي فِي داري سنة أكشف فِيهَا أخلاقك كما أكشف أخلاق غيرك فأقم فِي الرحب والسعة وغن لَمْ يسهل عَلَيْكَ فانصرف إِلَى أهلك فقد أمرنا بتجهيزك وحمل جميع مَا تحتاج إِلَيْهِ معك فاختار الفتى الإقامة قال صالح بن شيخ فحدثني أبي عن جدي أنه كَانَ لا يبيت إِلاَّ أتاه عن ذَلِكَ الرجل أخلاق متناقضة فواصف لَهُ بأحسن الأمور وواصف بأسمحها فاضطره تناقض أخباره إِلَى التكذيب بكلها فكتب إِلَى خالد أما بعد فإن فلاناً قدم علينا خاطباً لابنة أخيك فلانة بنت فلان فإن كَانَتْ أخلاقه تشاكل حسبه فقيه الرغبة لزوجته والحظ لولي عقد نكاحه فإن رأيت أن تشير عليَّ بما ترى العمل بِهِ فِي ابن عمك وابنة أخيك وأن المستشار مؤتمن فعلت إن شاء الله فكتب إِلَيْهِ خالد قَدْ فهمت كتابك كَانَ أبو ابن عمي هَذَا أحسن أهلي خلقاً وأسمجهم خلقاً وأحسنهم عمن أساء بِهِ صفحاً وأسخاهم كفاً إِلاَّ أنه مبتلي بالدمامة وسماجة الخلق وَكَانَتْ أمه من أحسن خلق الله وجهاً إِلاَّ أنها من سوء الخلق والبخل وقلة العقل عَلَى مَا لا أعرف أحداً عَلَى مثله وابن عمي هَذَا فقد تقبل من أبويه مساويهما وَلَمْ يتقبل شيئاً من محاسنهما فإن رغبت فِي تزويجه عَلَى مَا شرحت لَكَ من خبره فأنت وذلك وغن كرهت رجوت الله بخير لبنت أخينا إن شاء الله قال صالح فلما قرأ جدي الكتاب أمر بإعداد طعام للرجل وحمله عَلَى ناقة مهرية ووكل بِهِ من أخرجه من الكوفة قال إبراهيم فأعجبني وحفظته وَكَانَ اجتيازي فِي منصرفي من عند صالح بن شيخ عَلَى دار هارون ابن إسماعيل بن منصور فدخلت عَلَيْهِ مسلماً وصادفت عنده ابن ماسويه فسألني هارون عن خبري وعمن لقيت فحدثته بمكاني عند صالح فقال قَدْ كنت فِي معادن الأحاديث الطيبة الحسان وسألني هل حفظت عنه حديثاً فحدثته بهذا الحديث فقال يوحنا عَلَيْهِ وعليه إن لَمْ يكن شبه هَذَا الحديث بحديثي وحديث ابني أني بليت بطول الوجه وارتفاع قحف الرأس وعرض الجبين وزرقة العين ورزقت ذكاء وحفظاً لكل مَا يدور فِي مسامعي وَكَانَتْ ابنة الطيفوري زوجتي أمه أحسن أنثى رأيتها وسمعت بِهَا إِلاَّ أنها كانت ورعاء بلهاء لا تعقل مما تقول ولا تفهم مَا يقال لَهَا فتقبل ابنها مسامجها جميعاً وَلَمْ يرزق شيئاً من محاسننا ولولا كثرة فضول السلطان ودخوله فيما لا يعنيه لشرحت ابني ذا حيا مثل مَا كَانَ جالينوس يشرح الناس والقرود فكنت أعرف بتشريحه الأسباب الَّتِي كَانَتْ لَهَا بلادته وأريح الدنيا من خلقته وأكسب أهلها بما أضع فِي كتابي من صنعة تركيب بدنه ومجاري عروقه وأوراده وأعصابه علماً ولكن السلطان يمنع من ذَلِكَ وَكَانَ الشيخ أبو الحسن يوسف الطبيب حاضراً فقال يوحنا وكأني بأبي الحسن يوسف قَدْ حدث الطيفوري وولده بهذا الحديث فألفى لنا شراً ومنازعات ليضحك مما يقع بيننا وَكَانَ الأمر عَلَى مَا توهم وَكَانَ اسم ولد يوحنا من ابنة الطيفوري ماسويه باسم جده وَكَانَ ولداً منحوساً أبله قليل الفطنة وَكَانَ يوحنا يظهر حباً لَهُ متاقاة لجده الطيفوري ويبطن خلاف ذَلِكَ مما ظهر عَلَى لسانه فِي هَذَا المجلس المذكور واتفق أن اعتل ماسويه بن يوحنا بن ماسويه بعد الحديث المتقدم بليال قلائل وَقَدْ ورد رسول المعتصم من دمشق أيام كَانَ بِهَا مع المأمون فِي أشخاص يوحنا بن ماسويه إليه فرأى يوحنا فصد ماسويه ولده ورأى الطيفوري جده لأمه وابناه زكريا ودانيال خلاف مَا رأى يوحنا والده ففصد يوحنا وخرج من ذَلِكَ اليوم إِلَى الشام ومات ماسويه بن يوحنا فِي الثالث من خروج أبيه فكان الطيفوري جده وولداه يحلفون بالله فِي جنازته أن يوحنا تعمد قتله ويستدلون بما حكاه لهم أبو الحسن يوسف من كلامه فِي منزل هارون بن إسماعيل. منه وَكَانَ لا يخطبها أحد إِلَيْهِ إِلاَّ فرغ نفسه للتفتيش عن حسبه ثُمَّ التفتيش عن أخلاقه وَكَانَ بعض من نزع إليها خاطباً ابن عم خالد بن صفوان بن الأهتم التميمي وَكَانَ عميرة عارفاً بنسب الفتى فقال لَهُ يَا بني أما نسبك فلست احتاج إِلَى التفتيش عنه وإنك لكفء لابنة أخي من الشرف ولكنه لا سبيل إِلَى عقدة إِلَى ابنتي دون معرفتي بأخلاق من أعقد لَهُ فإن سهل عَلَيْكَ المقام عندي فِي داري سنة أكشف فِيهَا أخلاقك كما أكشف أخلاق غيرك فأقم فِي الرحب والسعة وغن لَمْ يسهل عَلَيْكَ فانصرف إِلَى أهلك فقد أمرنا بتجهيزك وحمل جميع مَا تحتاج إِلَيْهِ معك فاختار الفتى الإقامة قال صالح بن شيخ فحدثني أبي عن جدي أنه كَانَ لا يبيت إِلاَّ أتاه عن ذَلِكَ الرجل أخلاق متناقضة فواصف لَهُ بأحسن الأمور وواصف بأسمحها فاضطره تناقض أخباره إِلَى التكذيب بكلها فكتب إِلَى خالد أما بعد فإن فلاناً قدم علينا خاطباً لابنة أخيك فلانة بنت فلان فإن كَانَتْ أخلاقه تشاكل حسبه فقيه الرغبة لزوجته والحظ لولي عقد نكاحه فإن رأيت أن تشير عليَّ بما ترى العمل بِهِ فِي ابن عمك وابنة أخيك وأن المستشار

مؤتمن فعلت إن شاء الله فكتب إِلَيْهِ خالد قَدْ فهمت كتابك كَانَ أبو ابن عمي هَذَا أحسن أهلي خلقاً وأسمجهم خلقاً وأحسنهم عمن أساء بِهِ صفحاً وأسخاهم كفاً إِلاَّ أنه مبتلي بالدمامة وسماجة الخلق وَكَانَتْ أمه من أحسن خلق الله وجهاً إِلاَّ أنها من سوء الخلق والبخل وقلة العقل عَلَى مَا لا أعرف أحداً عَلَى مثله وابن عمي هَذَا فقد تقبل من أبويه مساويهما وَلَمْ يتقبل شيئاً من محاسنهما فإن رغبت فِي تزويجه عَلَى مَا شرحت لَكَ من خبره فأنت وذلك وغن كرهت رجوت الله بخير لبنت أخينا إن شاء الله قال صالح فلما قرأ جدي الكتاب أمر بإعداد طعام للرجل وحمله عَلَى ناقة مهرية ووكل بِهِ من أخرجه من الكوفة قال إبراهيم فأعجبني وحفظته وَكَانَ اجتيازي فِي منصرفي من عند صالح بن شيخ عَلَى دار هارون ابن إسماعيل بن منصور فدخلت عَلَيْهِ مسلماً وصادفت عنده ابن ماسويه فسألني هارون عن خبري وعمن لقيت فحدثته بمكاني عند صالح فقال قَدْ كنت فِي معادن الأحاديث الطيبة الحسان وسألني هل حفظت عنه حديثاً فحدثته بهذا الحديث فقال يوحنا عَلَيْهِ وعليه إن لَمْ يكن شبه هَذَا الحديث بحديثي وحديث ابني أني بليت بطول الوجه وارتفاع قحف الرأس وعرض الجبين وزرقة العين ورزقت ذكاء وحفظاً لكل مَا يدور فِي مسامعي وَكَانَتْ ابنة الطيفوري زوجتي أمه أحسن أنثى رأيتها وسمعت بِهَا إِلاَّ أنها كانت ورعاء بلهاء لا تعقل مما تقول ولا تفهم مَا يقال لَهَا فتقبل ابنها مسامجها جميعاً وَلَمْ يرزق شيئاً من محاسننا ولولا كثرة فضول السلطان ودخوله فيما لا يعنيه لشرحت ابني ذا حيا مثل مَا كَانَ جالينوس يشرح الناس والقرود فكنت أعرف بتشريحه الأسباب الَّتِي كَانَتْ لَهَا بلادته وأريح الدنيا من خلقته وأكسب أهلها بما أضع فِي كتابي من صنعة تركيب بدنه ومجاري عروقه وأوراده وأعصابه علماً ولكن السلطان يمنع من ذَلِكَ وَكَانَ الشيخ أبو الحسن يوسف الطبيب حاضراً فقال يوحنا وكأني بأبي الحسن يوسف قَدْ حدث الطيفوري وولده بهذا الحديث فألفى لنا شراً ومنازعات ليضحك مما يقع بيننا وَكَانَ الأمر عَلَى مَا توهم وَكَانَ اسم ولد يوحنا من ابنة الطيفوري ماسويه باسم جده وَكَانَ ولداً منحوساً أبله قليل الفطنة وَكَانَ يوحنا يظهر حباً لَهُ متاقاة لجده الطيفوري

ويبطن خلاف ذَلِكَ مما ظهر عَلَى لسانه فِي هَذَا المجلس المذكور واتفق أن اعتل ماسويه بن يوحنا بن ماسويه بعد الحديث المتقدم بليال قلائل وَقَدْ ورد رسول المعتصم من دمشق أيام كَانَ بِهَا مع المأمون فِي أشخاص يوحنا بن ماسويه إليه فرأى يوحنا فصد ماسويه ولده ورأى الطيفوري جده لأمه وابناه زكريا ودانيال خلاف مَا رأى يوحنا والده ففصد يوحنا وخرج من ذَلِكَ اليوم إِلَى الشام ومات ماسويه بن يوحنا فِي الثالث من خروج أبيه فكان الطيفوري جده وولداه يحلفون بالله فِي جنازته أن يوحنا تعمد قتله ويستدلون بما حكاه لهم أبو الحسن يوسف من كلامه فِي منزل هارون بن إسماعيل. يوسف الهروي كَانَ منجماً مشهوراً فِي زمانه ولع تصانيف فِي أمر الحدثان سماه. كتاب الرزق النجومي نحو ثلاثمائة ورقة. يوسف الساهر الطبيب ويعرف بالقس كَانَ طبيباً فِي أيام المكتفي مشهور الذكر مكباً عَلَى الطلب كثير الاجتهاد فِي تحصيل الفوائد وسمي الساهر لأنه كَانَ لا ينام من الليل إِلاَّ قليلاً وكان يقول النوم نظير الموت والطبيب يجتهد فِي أسيب الحياة ويفيدها غيره فلم يتعجل الموت وإنما ينال من النوم مَا يحصل منه راحة الجسم وهو مقدار ثلاث ساعات أَوْ أزيد قليلاً فكان ينام ذَلِكَ المقدار ثُمَّ يسهر فِي طلب العلم واستثارته من فرائضه ومن تصانيفه. كتاب الكناش وقيل إنما سمي الساهر لأن سرطاناً كَانَ فِي مقدم رأسه فكان يمنعه النوم فلقب الساهر من أجل ذَلِكَ وإذا تأمل متأمل كناشه رأى فِيهِ أشياء تدل عَلَى أنه كَانَ بِهِ هَذَا المرض. يوسف بن يحيى بن إسحاق السبتي المغربي أبو الحجاج نزيل حلب وهو فِي سبتة يعرف بابن سمعون وهو جد العاشر أَوْ التاسع هَذَا كَانَ طبيباً من أهل فاس من أرض المغرب مدينة بسواحل البحر الرومي كبيرة جامعة وَكَانَ أبوه بِهَا يعاني بعض الحرف السوقية وقرأ يوسف هَذَا الحكمة ببلاده فساد فِيهَا وعانى شيئاً من علوم الرياضة وأجادها وَكَانَتْ حاضرة عَلَى ذهنه عند المحاضرة ولما ألزم اليهود والنصارى فِي تِلْكَ البلاد بالإسلام أَوْ الجلاء كتم دينه وتحيل عند إمكانه من الحركة فِي الانتقال إِلَى الإقليم المصري وثم لَهُ ذَلِكَ فارتحل بماله ووصل إِلَى مصر واجتمع بموسى بن ميمون القرطبي رئيس

اليهود بمصر وقرأ عَلَيْهِ شيئاً وأقام عنده مدة قريبة وسأله إصلاح هيئة ابن أفلح الأندلسي فإنها صحبته من سبتة فاجتمع هو وموسى عَلَى إصلاحها وتحريرها وخرج من مصر إِلَى الشام ونزل حلب وأقام بِهَا مدة وتزوج إِلَى رجل من يهود حلب يعرف بأبي العلاء الكاتب مارذكاً وسافر عن حلب تاجراً إِلَى العراق ودخل الهند وعاد سالماً وأثرى حاله ثُمَّ ترك السفر وأخذ فِي البحارة واشترى ملكاً قريباً وقصده الناس للاستفادة منه فأقرأ جماعة من المقيمين والواردين وخدم فِي أطباء الخاص فِي الدولة الظاهرية بحلب وَكَانَ ذكياً حاد الخاطر وَكَانَتْ بيننا مودة طالت مدتها وَقَدْ شكا إليّ يوماً أمره وقال لي ابنتان وأخشى عليهما من مشاركة السلطان لهما فِي الميراث وأود أن يكون لي ولد ذكر فذكرت لَهُ شيئاً منقولاً من أقوال بعض الحكماء فِي التحيل عَلَى طلب الولد الذكر عند النكاح فقال أريد عمل ذَلِكَ وَكَانَ قَدْ تزوج امرأة أخرى غير الأولى بحكم موت الأولى وبعد مدة أخرى أنها قَدْ علقت وقال قَدْ فعلت مَا قلته لي ثُمَّ إنها كما شاء الله ولدت لَهُ ولداً ذكراً فجاءني وَقَدْ طار مسروراً ثُمَّ بعد ثُمَّ بعد مدة بلغني أن أم الولد أدخلته الحمام وأكثرت عَلَيْهِ الماء الحار فهلك فأدركه لذَلِكَ أمر مزعج ولما اجتمعت بِهِ معزياً لَهُ هونت عَلَيْهِ مَا جرى وقلت لَهُ اصبر وراجع العمل ففعل وعلقت فجاءته بولد وسماه عبد الباقي وعاش ثُمَّ إنه ترك مَا قلته لَهُ فعلقت وجاءته بابنة فلام نفسه عَلَى ترك مَا ذكرته لَهُ وعاود بعد مدة فعل ذَلِكَ فجاءته بذكر فقال لا أنكر بهذا صحة مَا يقال بالتجربة فقد استقر هَذَا عندي حَتَّى لا أنكره وقلت لَهُ يوماً إن كَانَ للنفس بفاء تعقل بِهِ حال الموجودات من خارج بعد الموت فعاهدني عَلَى أن تأتيني أن مت قبلي وأتيك أن مت قبلك فقال نعم ووصيته أن لا يغفل ومات أقام سنتين ثُمَّ رأيته فِي النوم وهو قاعد فِي عرصة مسجد من خارجه فِي حظيرة لَهُ وعليه ثياب جدد بيض من التصيفي فقلت لَهُ يَا حكيم ألست قررت معك أن تأتيني لتخبرني بما لقيت فضحك وأدار وجهه فأمسكته بيدي وقلت لا بن أن تقول لي مَاذَا لقيت وكيف الحال بعد الموت فقال لي الكلي لحق بالكل وبقي الجزئي فِي الجزء ففهمت عنه فِي حاله كأنه أشار إِلَى أن النفس الكلية عادت إِلَى عالم الكل والجسد الجزئي بقي بالجزء وهو المركز الأرضي فتعجبت بعد الاستيقاظ من لطيف إشارته نسأل الله العفو عند العود إِلَى الباري سبحانه جل وعز وأقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة الموت اللهم الرفيق

الأعلى وتوفي الحكيم بحلب فِي العشرة الأول من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وستمائة. يونيوس الحكيم هَذَا حكيم يوناني مشهور فِي وقته ذكره المصنفون فِي طبهم وقيل أنه كَانَ يدع عصير العنب فِي الآنية حَتَّى يغلي ويرمي بزبده ويسكن ثُمَّ يجمل فِي كل جرة تسعة وثلاثين رطلاً شراباً ورطلاً واحداً من البصل المشقق المشكوك فِي خيط يغمسه فِيهِ إِلَى أن يكاد يبلغ قراره ثُمَّ يشده فِي عنق الجرة وبطينها ولا يفتح إِلاَّ وقت الحاجة إِلَى شربه. يونس الحراني الطبيب نزيل الأندلس رحل من المشرق إِلَى المغرب ونزل الأندلس فِي أيام الأمير محمد الأموي المستولي عَلَى تِلْكَ الديار وأدخل إِلَى الأندلس معجوناً كَانَتْ السقية منه بخمسين ديناراً لأوجاع الجوف فكسب بِهِ مالاً فاجتمع خمسة من الأطباء وجمعوا خمسين ديناراً واشتروا سقية من ذَلِكَ الدواء وانفرد كل واحد منهم بجزء يشمه ويكتب مَا تأدى إِلَيْهِ منه بحدسه واجتمعوا واتفقوا عَلَى مَا حد سوء وكتبوا ذَلِكَ ثُمَّ نهضوا إِلَيْهِ وقالوا نفعك الله بهذا الدواء الَّذِي انفردت بِهِ ونحن أطباء اشترينا منه منك سقية وفعلنا كذا وكذا فإن يكن مَا تأدى إلينا حقاً فقد أصبت وإلا فأشركنا فِي عمله فقد انتفعت بِهِ واستعرض كتابهم وقال مَا عدمتم من أدويته دواءاً ولكنكم لَمْ تصيبوا تعديل أوزانه وهو الدواء المعروف بالمغيث الكبير فأشركهم فِي عمله وعرف حينئذ بالأندلس ورأيت هَذِهِ الحكاية بخط الحكيم المستنصر الأموي المستولي عَلَى الأندلس وَكَانَ فهماً ذكياً عالماً بأخبار الناس أحد ملوك بني أمية هناك وجرت لَهُ بالأندلس حكاية أخرى وهو أنه وجد فِي صفة دواء يؤخذ من التفا كذا وكذا فلم يعرف النقا فأتي إِلَيْهِ بالصفة وقيل لَهُ عندك التفا فقال نعم فقيل بكم زنة درهمين فقال بعشرة دنانير فلما أخذ الذهب أخرج إليهم الحرف فقيل لَهُ هَذَا الحرف ونحن نعرفه فقال لهم لَمْ أبع منكم الدواء العقار وإنما بعت تفسير الاسم وولداه أحمد وعمر هما اللذان رحلا إِلَى المشرق وأخذا عن ثابت بن سنان وأمثاله وابن وصيف الكحال. يزيد بن أبي يزيد بن يوحنا بن خالد ويعرف بيزيد بور هَذَا متطبب للمأمون وَكَانَ فِيهِ فضل وعلم مداراة للمريض وخدم إبراهيم بن المهدي بالطب.

الكنى في أسماء الحكماء

الكنى فِي أسماء الحكماء أبو جعفر بن أحمد بن عبد الله ولد حبش كَانَ عالماً بالهيئة قيماً بِهَا خبيراً بصناعة الآلات وَلَهُ من التصنيف. كتاب الاسطرلاب المسطح. أبو جعفر الخازن كنيته هَذِهِ اشتهر من اسمه عجمي النسبة خبير بالحساب والهندسة والتسيير عالم بالأرصاد والعمل بِهَا مذكور بهذا النوع فِي زمانه وَلَهُ تصانيف منها. كتاب زيج الصفائح وهو أجل كتاب وأجمل مصنف فِي هَذَا النوع. كتاب المسائل العددية. أبو الحسن بن سنان الطبيب هَذَا طبيب كَانَ معاصراً لأبي الحسن الحراني المقدم ذكره ورفيقاً لع تقدم فِي الدولة البويهية وقبلها وَكَانَ طبيباً عالماً خبيراً بهي المنظر والمخبر لَهُ إصابات مذكورة وولده أبو الفرج طبيب وابن ابنه طبيب. أبو الحسن بن أبي الفرج بن أبي الحسن بن سنان طبيب فاضل فِي زمانه لا يقصر عن طبقة جده أبي الحسن بن سنان بل كَانَ أوحد زمانه فِي صناعته وَلَهُ ذكر وشهرة وعلو قدر ونباهة. أبو الحسن تلميذ سنان كَانَ طبيباً ببغداد قرأ عَلَى سنان بن ثابت وتقدم فِي الطب وعرف لبن الأطباء تلميذ سنان وَكَانَ بطب ببغداد فِي أيام بني بويه وَلَهُ ذكر وتقدم وجودة وعلاج وتوفي ببغداد فِي يوم الاثنين الثالث من جمادى الآخرة سنة سبع وثمانين وثلاثمائة. أبو الحسن بن سنان الصابئ غير من تقدم ذكره من الجماعة بهذه الكنية وهذا الاسم وثابت بن قرة جده هَذَا من أولاد الصابئة ومن البيت المشهور فِي الطب وهم آل سنان وَكَانَ هَذَا موجوداً فِي حدود سنة تسع وثلاثين وأربعمائة ببغداد وَكَانَ ساعوراً فِي البيمارستان وَلَهُ إصابات فِي الطب وتقدمة المعرفة والتوفيق فِي العلاج عجيبة وَلَمْ يكن بالمقصر فِي صناعته عن مرتبة أسلافه من آبائه وأجداده ونسبائه قال أخوه أبو الفضل ابن سنان مرضت فِي سنة تسع وثلاثين وأربعمائة

وَكَانَ قَدْ حدث فِي تِلْكَ السنة أمراض كثيرة وورباء عظيم فِي الدنيا وبلغت إِلَى حد الموت وَكَانَ أخي أبو الحسن بن سنان لا يكلمني ولا يدخل عَلي ولهؤلاء الصابئة من سوء الأخلاق ومعاداة الأهل بعضهم بعضاً مَا لا يكون عَلَيْهِ أحد غيرهم حَتَّى لا يرى منهم اثنان متفقين ولا مجتمعين بل يسعى بعضهم فِي بعض ويقبح كل واحد عَلَى الآخر بكل مَا يجد إِلَيْهِ السبيل قال فحكيت حالي لَهُ وَمَا انتهيت إِلَيْهِ فجاءني وأنا بحيث لا أعقل بِهِ ولا بقي عندي ولا فِي مطمع فلما رآني تقدم بذبح دجاجة وأن يستوي منها كبدها وأطعمتيها وبات عندي أسبوعاً إِلَى أن تماثلت وبرأت ثُمَّ انقطع عني وأنا مسرور بسلامتي عَلَى يده وبرجوعه أي وعوده عن هجراني وتقبيحي فلما برأت مضيت إِلَيْهِ أتعكز عَلَى يد إنسان لأشكره وأسلم عَلَيْهِ فلما عرف ذَلِكَ لَمْ يفتح لي وأطلع عَلَى من روشن فِي داره وقال لي أبا الفضل ارجع إِلَى دارك ولا تعد إلي فقد عدنا إِلَى مَا كنا عَلَيْهِ من المهاجرة قال فرجعت منكسراً وَمَا دخل إلي ولا دخلت إِلَيْهِ مدة حياته .. وحكى غرس النعمة محمد بن الرئيس أبي الحسن هلال بن المحسن ابن إبراهيم الصابئ قال كَانَ والدي اعتل فِي المحرم فِي سنة ست وثلاثين وأربعمائة علة صحبة وَكَانَ أبو الحسن بن سنان جارياً عَلَى عادته فِي هجراته فراسلته وسألته الحضور فوعد وأخلف ومضت إِلَيْهِ نسوة من أهله وأهلنا قبحوا عَلَيْهِ مَا فعله وهو يعد ويخلف والرئيس أبو الحسن يزيد فِي مرضه إِلَى الحد الَّذِي غاص وَلَمْ يعقل وبقي كذلك عشرين يوماً فِي النزع وقام بكسر طارعة خيش كَانَ فِيهَا وإلى أبواب عرضي يروم قلعها وذكر النساء أن ذَلِكَ نوع من النزع يعرفنه ويعهدنه ويعدن عن الدار وتركته واشتغلن بالعلم والبكاء عَلَيْهِ وخرجت إِلَى دار الرجال وجلست جلوس التعزية وإذا بِهِ قَدْ دخل علينا وَكَانَ عندي جماعة من أصدقائنا فبقي داهشاً وقال لِم مات فقالوا هو فِي ذَلِكَ فقلت يَا أبا الحسن مات جالينوس رعاش الناس بعده وأما الرجل فميت وَمَا بنا إِلَى رؤيتك ومشاهدتك من حاجة فلم يجبني ونهض فدخل إِلَيْهِ ورآه وصاح بي إِلَيْهِ وقال دع عنك هَذَا الكلام الفارغ وأحضر من الغلمان من يمسكه ويصرعه ففعلنا ذَلِكَ وصاح بِهِ يَا سيدنا يا أبا الحسن أنا أبو الحسن بن سنان وَمَا

بك بأس ولو كَانَ بك بأس مَا رأيتني عندك فساعدنا عَلَى الدواء وأراد بذلك تقوية فلبه فمد يده إِلَيْهِ وتشبث بِهِ وقال مَا لَمْ يفهم لأن لسانه ثقل وأخذ مجسه فلم يجده وأخذه من كعبه فقال أريد كبد دجاجة مشوية ومزورة وخبزاً فأحضر ذَلِكَ وأطعمه الكبد ثُمَّ قال أردة كمثرات زرجوناً وتفاحة فإن وجدتم ذاك كَانَ صالحاً وكنا ننزل فِي باب المراتب فأنفذت غلاماً إِلَى الجانب الغربي يلتمس ذَاكَ من الكرخ فحين خرج إِلَى باب الدار رأى مركبين لطيفين فيهما الكمثرى والتفاح المطلوبان وأنه لَمْ يكن بيع منهما شيء ولا بلغ إِلَى حد البيع وإنما أهديت إِلَى أبي عبد الله المردوسي وَكَانَ فِي جوارنا أطرافاً لَهُ بِهَا فاتفق من السعادة مصادفتنا لَهَا فعرف الغلام من حمل إِلَيْهِ ذَلِكَ فأنفذ منهما شيئاً وأطعمه كمثراة وتفاحة جعلهما فِي مَاء الورد أولاً وتركه إِلَى وسط النهار وأطعمه خبزاً بمزورة وهو صالح الحال منذ أكل الكبد المشوية ورجع مجسه ونبضه وسكن مما لحقه ونحن قَدْ دهشنا مما اتفق وجري والنساء يقبلن رأس ابن سنان ومنهن من تقبل رجله ثُمَّ قال هؤلاء الأطباء يغدون إليكم ويروحون يأخذون دنانيركم مَا يقولون لكم فِي هَذَا المرض وبأي شيء يطبونكم فقلت أما قولهم فهو أسقوه مَا أردتم فما بقي منه شيء يرجى وأما علاجهم فإن أحدهم سقاه شربة مسهلة فِي ليلة السابع لقال يكفي هَذَا وهو أصل مَا لحقكم فإن شغل الطبيعة فِي ليلة البحران بدواء مسهل وجرها ودفعها عن التمييز البحراني ومنعها فاختلط الرجل فقلت كذا كَانَ فإنه منذ تِلْكَ الليلة اختلط وغاص لقال لي اعلم يَا سيدي أنني مَا تأخرت عنه إِلاَّ علماً بأنني لا أخاف عَلَيْهِ إِلَى يومنا هَذَا والقطع الَّذِي عَلَيْهِ فِي مولده فالليلة هو ولما تعلق قلبي بِهَا جثت فِيهَا فإما أن يموت وإما أن يصبح معافى لا مرض بِهِ قلت فما علامة السلامة وقال أن ينام الليلة ولا يقلق فإن نام أنبهه سحراً حَتَّى يكلمك ويحدثك ويعقل عَلَيْكَ وأخرجه بالغداة يمشي إِلَى الدار من العرضي ويجلس ويشرب ماء الشعير من يده وإن قلق لَمْ يعش الليلة وجلس عنده لا يأكل ولا يشرب إِلَى العتمة فلما دخل الليل سكن الرئيس من القلق ونام فقال الطبيب لي قم أقر الله عينك فقد برئ وأطلب شيئاً نأكل فأكلنا ونمنا عنده وهو نائم نوماً طبيعياً والطبيب بوصي كل من هناك بأن يوقظوه نصف الليل ويعلمنا صحة قوله فوالله لقد نام الجميع إِلَى السحر فلم يحسوا بشيء إِلاَّ بالعليل بأبي الحسن يَا أبا الحسن بلسان ثقيل وكلام عليل فوقعت البشائر وانتبهت والطبيب فأملى علينا مناماً رآه فقال رأيت الشريف المرتضي أبا القاسم الموسوي نقيب العلويين وَكَانَ حياً فِي الوقت وَقَدْ رثى الرئيس بقصيدة عينية لما بلغه وقوع اليأس منه لما كَانَ فِي نفسه منه وكأنه وأولاده وخلقاً عظيماً قاصدون مقابر قريش وَقَدْ وقع فِي نفسي أن القيامة قَدْ قامت فعدلت إِلَى المرتضى وجلست عنده وجاءه أبو عبد الله ولده فسارع بشيء فقال هاته ففلان منا فأحضره جاماً حلواً وأكلنا ثُمَّ نهض فركب وقال قدموا لَهُ مَا يركب ومضى الناس جميعهم ومعه حَتَّى لَمْ يبق غيري وأنا أطلب شيئاً أركبه فما رأيته وسمعت صائحاً يصيح ورائي النجاة النجاة فأثبتنا المنام وهنأناه بالسلامة وخرج باكراً بنفسه إلى الدار وجلس عَلَى سرير فِي وسطها وشرب ماء الشعير بيده كما قال الطبيب إِلاَّ أنه بقي مدة لا يعرف الدار ويقول يَا أيا الحسن أي دار هَذِهِ من دورنا وأنا أبين لَهُ وأشره وهو لا يعرف ولا يفهم ولا يتحقق وصلنا غدوة تِلْكَ الليلة أبو الفتح منصور بن محمد بن المقدر المتكلم النحوي الأصفهاني متعرفاً لأخباره فقال لَهُ رأيت يَا سيدنا البارحة فِي المنام وكأني عابراً إِلَيْكَ وأنا مشغول القلب بك إنساناً يقول لي إِلَى أَيْنَ تمضي فقلت إِلَى فلان فهو عَلَى صورة من المرض فقال لي قل لَهُ أكتب فِي تاريخك وتقويمك ولد هلال بن المحسن بن إبراهيم بن هلال فِي يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا يومنا ذَاكَ وعاش إِلَى شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وتوفي بعد الجماعة الَّتِي كَانَتْ فِي تِلْكَ الحال من الأصدقاء والأطباء والرؤساء والكبراء والعلماء الذين كانوا متألمين متحسرين عَلَيْهِ وجلين لمفارقته وتوفي المرتضى ورثاه أبو الحسن بقصيدة عينية. ي هَذَا وهو أصل مَا لحقكم فإن شغل الطبيعة فِي ليلة البحران بدواء مسهل وجرها ودفعها عن التمييز البحراني ومنعها فاختلط الرجل فقلت كذا كَانَ فإنه منذ تِلْكَ الليلة اختلط وغاص لقال لي اعلم يَا سيدي أنني مَا تأخرت عنه إِلاَّ علماً بأنني لا أخاف عَلَيْهِ إِلَى يومنا هَذَا والقطع الَّذِي عَلَيْهِ فِي مولده فالليلة هو ولما تعلق قلبي بِهَا جثت فِيهَا فإما أن يموت وإما أن يصبح معافى لا مرض بِهِ قلت فما علامة السلامة وقال أن ينام الليلة ولا يقلق فإن نام أنبهه سحراً حَتَّى يكلمك ويحدثك ويعقل عَلَيْكَ وأخرجه بالغداة يمشي إِلَى الدار من العرضي ويجلس ويشرب ماء الشعير من يده وإن قلق لَمْ يعش الليلة وجلس عنده لا يأكل ولا يشرب إِلَى العتمة فلما دخل الليل سكن الرئيس من القلق ونام فقال الطبيب لي قم أقر الله عينك فقد برئ وأطلب شيئاً نأكل فأكلنا ونمنا عنده وهو نائم نوماً طبيعياً والطبيب بوصي كل من هناك بأن

يوقظوه نصف الليل ويعلمنا صحة قوله فوالله لقد نام الجميع إِلَى السحر فلم يحسوا بشيء إِلاَّ بالعليل بأبي الحسن يَا أبا الحسن بلسان ثقيل وكلام عليل فوقعت البشائر وانتبهت والطبيب فأملى علينا مناماً رآه فقال رأيت الشريف المرتضي أبا القاسم الموسوي نقيب العلويين وَكَانَ حياً فِي الوقت وَقَدْ رثى الرئيس بقصيدة عينية لما بلغه وقوع اليأس منه لما كَانَ فِي نفسه منه وكأنه وأولاده وخلقاً عظيماً قاصدون مقابر قريش وَقَدْ وقع فِي نفسي أن القيامة قَدْ قامت فعدلت إِلَى المرتضى وجلست عنده وجاءه أبو عبد الله ولده فسارع بشيء فقال هاته ففلان منا فأحضره جاماً حلواً وأكلنا ثُمَّ نهض فركب وقال قدموا لَهُ مَا يركب ومضى الناس جميعهم ومعه حَتَّى لَمْ يبق غيري وأنا أطلب شيئاً أركبه فما رأيته وسمعت صائحاً يصيح ورائي النجاة النجاة فأثبتنا المنام وهنأناه بالسلامة وخرج باكراً بنفسه إلى الدار وجلس عَلَى سرير فِي وسطها وشرب ماء الشعير بيده كما قال الطبيب إِلاَّ أنه بقي مدة لا يعرف الدار ويقول يَا أيا الحسن أي دار هَذِهِ من دورنا وأنا أبين لَهُ وأشره وهو لا يعرف ولا يفهم ولا يتحقق وصلنا غدوة تِلْكَ الليلة أبو الفتح منصور بن محمد بن المقدر المتكلم النحوي الأصفهاني متعرفاً لأخباره فقال لَهُ رأيت يَا سيدنا البارحة فِي المنام وكأني عابراً إِلَيْكَ وأنا مشغول القلب بك إنساناً يقول لي إِلَى أَيْنَ تمضي فقلت إِلَى فلان فهو عَلَى صورة من المرض فقال لي قل لَهُ أكتب فِي تاريخك وتقويمك ولد هلال بن المحسن بن إبراهيم بن هلال فِي يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا يومنا ذَاكَ وعاش إِلَى شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وتوفي بعد الجماعة الَّتِي كَانَتْ فِي تِلْكَ الحال من الأصدقاء والأطباء والرؤساء والكبراء والعلماء الذين كانوا متألمين متحسرين عَلَيْهِ وجلين لمفارقته وتوفي المرتضى ورثاه أبو الحسن بقصيدة عينية. أبو الحسن بن غسان الطبيب البصري هَذَا رجل طبيب من أهل البصرة يعلم الطب ويشارك فِي علم الأوائل وخدم بصناعته ملوك بني بويه عَلَى الخصوص عضد الدولة فناخسرو وَكَانَ لأبي الحسن هَذَا أدب متوفر وشعر حسن فمما قاله لعضد الدولة عند مسيره إِلَى بغداد: يسوس الممالك رأى الملك ... ويحفظها السيد المحتنك فيا عضد الدولة أنهض لَهَا ... فقد ضيعت بَيْنَ ششٍ وبك

وذاك لأن عز الدولة بختيار الَّذِي أخذ عضد الدولة الأمر منه كَانَ لهجاً بلعب النرد ومن شعر أبي الحسن أيضاً فِي بختيار الَّذِي أخرجه عضد الدولة عن العراق يهجوه ويستهجن عزمه ويستضعفه: أقلم عَلَى الأهواز سبعين لسلة ... يدبر أمر الملك حَتَّى تدمرا يدبر أمراً كَانَ أوله عمي ... وأوسطه بلوى وآخره خرا أبو الحسن بن دنخا الطبيب الكاتب هَذَا طبيب مشهور مذكور من أطباء الخاص فِي الأيام البويهية وَكَانَ يصحب الملك بهاء الدولة بن عضد الدولة فِي أسفاره ويتولى أمر البصرة كتابة واشتهر بالكتابة. أبو الحسن البصري الكحال من أهل البصرة كَانَ قيماً بنوع الكحل خبيراً بِهِ مشهور الذكر فِي الإحسان بمعاناته تقدم فِي الدولة البويهية ومات فِي حدود سنة تسع وعشرين وأربعمائة. أبو الحسين بن كشكرايا المعروف بتلميذ سنان طبيب مشهور ببغداد لَهُ فطنة ومعرفة بهذا الشأن ولما عمر عضد الدولة البيمارستان المنسوب إِلَيْهِ ببغداد جمع إِلَيْهِ جماعة من الأطباء منهم أبو الحسين بن كشكرايا هَذَا وَقَدْ كَانَ قبل حصوله بالبيمارستان فِي خدمة الأمير سيف الدولة وَلَهُ كناشان أحدهما يعرف بالحاوي والآخر باسم من وضعه لَهُ وَكَانَ كثير الكلام يحب أن يخجل الأطباء بالمساءلة وَكَانَ لَهُ أخ راهب وَلَهُ خقنة تنفع من من قيام الأغراس والمواد الحادة يعرف بصاحب الحقنة. أبو الحسين بن تفاح الجرائحي مشهور فِي علم الجرائح اختاره عضد الدولة للمقام بالبيمارستان ببغداد عندما عمره وجعله رفيقاً لأبي الحسن الجرائحي وَكَانَ كل واحد منهما موصوفاً بالحذق فِي الصناعة. أبو حزب الطبيب ويقال لَهُ أبو الحارث كَانَ هَذَا طبيب الأمير مسعود بن محمود ابن سبكتسكين صاحب خراسان وغزنة وَكَانَ عارفاً بهذا الشأن لَهُ تقدم وقرب من الجناب المسعودي ولما جلس بالملك قر خزاد بن مسعود قتل أبا حرب الطبيب هَذَا لفضوله فِي أمر عبد الرشيد بن محمود قبله وذلك فِي سنة أربع وأربعين وأربعمائة. أبو الحكم الطبيب الدمشقي هَذَا طبيب من أهل دمشق كَانَ فِي أول الإسلام وهو جد عيسى بن الحكم الطبيب فِي أوائل الدولة العباسية

وَقَدْ مر ذكره مع ذكر ابنه الحكم. أبو الحكم المغربي الأندلسي الحكيم المرسي نزيل دمشق هو الحكيم الأديب تاج الحكماء أبو الحكم عبد الله بن مظفر بن عبد الله المرسي قرأ علوم الأوائل فأجاد وبحر فِي الآداب فأحسن وزاد وطاف فِي الآفاق غرباً وشرقاً وعرافاً وعمر بالأدب نوعاً ونفق أسواقاً ولما دخل العراق وهو مجهول لا يعرف رأى فِي بعض تطوافه بأزقة بغداد رجلاً جالساً عَلَى باب تشعر بالرئاسة لساكنها وبين يديه شاب يقرأ عَلَيْهِ شيئاً من كتاب إقليدس فقرب منهما أبو الحكم ووقف ليسمع فإذا المعلم يهذي بما لا يعلم فرد عَلَيْهِ خطأه وبين غلطه وعلم الشاب الحقيقة فِي الرد فاستوقف أبا الحكم إِلَى أن يعود ودخل الدار وخرج يستدعي أبا الحكم دون المعلم فدخل إلى دار سرية فلقي والد الشاب وهو أحد أمراء الدولة فأحسن ملتقاه ثُمَّ سأله ملازمة ولده فأجاب واطلعه من حكمته عَلَى فصل الخطاب واشتهر ذكر أبي الحكم فقصده الطلبة وارتفع قدره وفيمن قرأ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ العصر النجم بن السري بن الصلاح المشهور المذكور ثُمَّ أنه بعد ذَلِكَ صحب العزيز أبا نصر أحمد بن حامد بن محمد آلة الأصفهاني فجعله طبيب المارستان الَّذِي كَانَ يحمل فِي العسكر السلطاني عَلَى أربعين جملاً وَكَانَ القاضي بن المرخم يحيى بن سعيد الَّذِي صار أقضى القضاة فِي الأيام المقتفية ببغداد طبيباً فِي هَذَا المارستان المذكور المحمول وقصاداً وَكَانَ أبو الحكم يشاركه ويعاني إصلاح مفرداته فِي التركيب والاختيار وَكَانَ كثير الهزل والمزاح شديد المجون والارتياح ولما جرى عَلَى العزيز مَا جرى كره العراق وفارق عَلَى نية قصد المغرب فلما حل بظاهر دمشق سير غلاماً لَهُ ليبتاع منها مَا يأكلونه فِي يومهم وأصحبه نزراً يكفي رجلين فعاد الغلام ومعه شواء وفاكهة وحلواً وفقاع وثلج فنظر أبو الحكم إِلَى مَا جاء بِهِ وقال لَهُ عند استكثاره أوجدت أحادً من معارفاً فقال لا وإنما ابتعت هَذَا بما كَانَ معي وبقيت منه هَذِهِ البقية فقال أبو الحكم هَذَا بلد لا يحل لذي عقل أن يتعداه ودخل وارتاد منزلاً يسكنه وفتح دكان عطار يبيع العطر ويطب وأقام عَلَى ذَلِكَ

إِلَى أن أتاه أجله وَقَدْ ذكر محمد بن محمد بن حامد فقال أبو الحكم حكم لَهُ بالحكمة العدل وَلَمْ يمنعه حكم حكمته عن الجري فِي ميدان الهزل والجمع فِي نظمه السخيف بَيْنَ الأبريسم والغزل بل مزج السخف بيم الأبريسم والغزل بل مزج السخف بالظرف وَلَمْ يتكلف مكابدة النقد والصرف فخلط المدح بالهجو وشاب الكسر بالصفو ونظمه فِي وقته سلس وللقلوب مختلس وهزله كثير وديوانه مشهور. أبو بزرة الحاسب هَذَا رجل كَانَ ببغداد وَكَانَ قيماً بعلم الحساب وطرقه وملحه وإخراج خواصه ونوادره وَلَهُ فِيهِ تصانيف واستنباطات توفي ببغداد فِي السابع والعشرين من صفر سنة ثمان وتسعين ومائتين. أبو بكر بن الصائغ المعروف بابن باجة عالم بعلوم الأوائل وهو فِي الآداب فاضل لَمْ يبلغ أحد درجته من أهل عصره فِي مصره وَلَهُ تصانيف فِي الرياضيات والمنطق والهندسة أربى فِيهَا عَلَى المتقدمين إِلاَّ أنه كَانَ يتمسك بالسياسة المدنية وينحرف بالأوامر الشرعية استوزره أبو بكر يحيى بن تاشفين مدة عشرين سنة وَكَانَ يشارك الأطباء فِي صناعتهم فحسدوه وقتلوه مسموماً حين كادوه وَكَانَتْ وفاته فِي سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة وَكَانَ أبو الفتح بن خاقان الغرناطي مؤلف كتاب قلائد العقيان قَدْ أرسل إِلَيْهِ يطلب شيئاً من شعره ليورده فِي كتابه فغالطه أحنقته عَلَيْهِ فذكره ذكراً قبيحاً فِي كتابه. أبو الخير بن أبي الفرج بن أبي الخير الطبيب النصراني هَذَا طبيب جرائحي عالم بصناعته مشهور من أهل بغداد المقيمين بِهَا المباشرين لأهلها كَانَ مولده فِي سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وتوفي فِي الثاني عشر من ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. أبو الخير الجرائحي خبير قيم بِهِ مشهور الصناعة فِيهِ اختاره عضد الدولة للبيمارستان الَّذِي عمره ببغداد عَلَى الجسر بالجانب الغربي. أبو داود اليهودي المنجم العراقي هَذَا منجم كَانَ ببغداد قتل

سنة ثلاثمائة وَلَهُ يد مبسوطة فِي علم الحدثان والأخبار الكائنات وَقَدْ سلم لَهُ هَذِهِ الصناعة وحكوا أقواله وانتظروا وقوع مَا يشير بِهِ. أبو سعيد اليمامي نزيل البصرة عالم بعلوم الأوائل قيم بالطب والنجوم بعد مبرزاً فِيهَا تقدم فِي الدولة البويهية ومات مَا بَيْنَ سنة إحدى وعشرين وأربعمائة وستة وثلاثين. أبو سعيد الأرجائي الطبيب هَذَا رجل طبيب فارسي من مدينة أرجان معروف بهذا الشأن خدم فِي الدولة البويهية ملوكها ومماليكها وحضر فِي صحبتهم إِلَى بغداد واشتهر بصناعته وَلَمْ يزل مقيماً فِي خدمتهم إِلَى أن توفي فِي أيام بهاء الدين بن عضد الدولة ببغداد فِي يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من جمادى الأولى فِي سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. أبو سعيد عمر بن أبي الوفاء البوزجاني لَهُ يد فِي علوم الأوائل والحساب والهندسة وصنف فِي ذ لَكَ. كتاب مطالع العلوم للمتعلمين نحو ستمائة ورقة. أبو سهل الأرجاني الطبيب هَذَا طبيب من أهل أرجان من بلاد فارس وَكَانَ طبيباً مجداً حسن العبارة والإشارة مذكوراً مشهوراً فِي الدولة البويهية خدم ملوكها سفراً وحضراً وحضر إِلَى بغداد فِي صحبتهم وجرت لَهُ نبوة فِي شهور ثماني عشر وأربعمائة فقبض عَلَيْهِ واستنفدت بالمصادرة أمواله وأملاكه. أبو سهل المسيحي المتطبب هَذَا طبيب منطقي فاضل عالم بعلوم الأوائل مذكور فِي بلده كَانَ بخراسان متقدماً عند سلطانها وَكَانَ فاضلاً فِي صناعته وَلَهُ كناش يعرف بالمائة مقالة مذكور مشهور مات فِي سن الكهولة وَقَدْ استكمل أربعين سنة.

أبو سهل بن نوبخت فارسي منجم حاذق خبير باقتران الكواكب وحوادثها وَكَانَ نوبخت أبوه منجماً أيضاً فاضلاً يصحب المنصور فلما ضعف نوبخت عن الصحبة قال لَهُ المنصور أحضر ولدك ليقوم مقامك فسير ولده أبا سهل فلما أدخلت عَلَى المنصور ومثلت بَيْنَ يديه قال لي تسم لأمير المؤمنين فقلت اسمي خرشاذماه طيماذاه مابازاردباد خسروا نهشاه فقال لي المنصور كل مَا ذكرت فهو اسمك قال قلت نعم فتبسم المنصور ثُمَّ قال أبوك شيئاً فاختر من إحدى خلتين إما أن أقتصر بك من كل مَا ذكرت عَلَى طيماذ وإما أن أجعل لَكَ كنية تقوم مقام الاسم وهو أبو سهل فقال أبو سهل قَدْ رضيت بالكنية فتثبتت كنيته وبطل اسمه. أبو عثمان الدمشقي هو ابن يعقوب من أهل دمشق أحد النقلة المجيدين وَكَانَ منقطعاً إِلَى علي بن عيسى ولع تصانيف فِي الطب. أبو علي بن أبي قرة كَانَ منجم العلوي الخارج بالبصرة وَكَانَ منجماً لا حظ لَهُ فِي الأحكام وله من الكتب. كتاب العلة فِي كسوف الشمس والقمر عمله للموفق. أبو العينين الصيمري كَانَ يعلم النجامة ويتكلم فِيهَا وَكَانَ متهماً بالإغارة عَلَى تصانيف الناس يأخذها ويدعيها لنفسه فمن تصانيفه. كتاب المواليد. كتاب المدخل إِلَى علم النجوم. أبو عبد الله القلانسي المنجم كَانَ هَذَا الرجل منجماً بارعاً حكاماً لَهُ حظ فِي سهم الغيب وَكَانَ العزيز ساكن القصر يسكن إِلَى اختياره فتقدم بذلك تقدماً كبيراً وارتفعت منزلته عَلَى أبناء جنسه توفي فِي ربيع الأول من سنة ست وثمانين وثلاثمائة. أبو علي المهندس المصري كَانَ بمصر قيماً بعلم الهندسة موجوداً فِي سنة ثلاثين وخمسمائة وكان فاضلاً فِيهِ أدب وَلَهُ شعر تلوح عَلَيْهِ الهندسة فمن شعره: تقسم قلبي فِي محبة معشر ... بكل فتى منهم هواي منوط

كَانَ فؤادي مركز وهم لَهُ ... محيط وأهوائي لديه خطوط وله أيضاً: إقليدس العلم الَّذِي تحوي بِهِ ... مَا فِي السماء معاً وَفِي الآفاق تزكو فوائده عَلَى اتفاقه ... يَا حبذا ذاك عَلَى الاتفاق هو سلم وكأنما أشكاله ... درج إِلَى العلياء للطراق ترقى بِهِ النفس الشريفة مرتقى ... أكرم بذاك المرتقى والراقي وعلق فِي آخر عمره جارية تعذر وصوله إليها فمات. أبو العلاء الطبيب هَذَا طبيب كَانَ فِي الدولة البويهية يصحب ملوكها فِي السفر والحضر ولما مرض سلطان الدولة بشيراز فِي شوال سنة خمس عشرة وأربعمائة مرضته الَّتِي توفي فِيهَا وذلك انه شرب أياماً متوالية فعارضه فِي حلقه سيبه بالخناق وأشير عَلَيْهِ بالفصد وقطع الشرب فلم يفعل وزاد مَا عنده حَتَّى ضاق مبلعه وضعف صوته وعرف الأوحد أبو محمد صاحبه خبره فأنفذ إِلَيْهِ أبو العلاء الطبيب هَذَا فلما شاهده حين عن فصده وقال لا أفعل إِلاَّ عند حضور الأوحد فِي أثناء المراجعات وَمَا تصرم فِيهَا من الساعات مات سلطان الدولة. أبو علي بن السمح المنطقي العراقي كَانَ فاضلاً فِي صناعة المنطق فيماً بِهَا مقصوداً فِي إفادتها شارحاً لغوامضها وَلَهُ شروح جميلة منقولة من كتب أرسطوطاليس اشتهر ذكرها وظهر عَلَى الطلبة أثرها وتوفي فِي جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة وأربعمائة. أبو علي بن سملى الطبيب كَانَ هَذَا طبيباً فاضلاً فِي العلاج وتركيب الأدوية الكبار البيمارستانية ووفق فِي ذَلِكَ وهو الَّذِي ركب الجوارش التكيني ركبه لتكين صاحبه. أبو علي بن أبي الخير مسيحي بن العطار النصراني النيلي الأصل البغدادي المولد والمنشأ وَقَدْ تقدم ذكر أبيه مسيحي فِي حرف الميم وقرأ ولده

هَذَا شيئاً من الطب وتقدم فِي زمن أبيه بسمعته وجاهه وجعل ساعوراً بالبيمارستان وَكَانَ يسير إِلَى كبار الأمراء إذَا مرضوا فِي جهة من الجهات وَكَانَ مع ذَلِكَ متبدداً غير منضبط وَكَانَ جاء أبيه يستره فلما مات أبوه زال مَا كان يحترم لجله ولازم هو مَا كَانَ عَلَيْهِ من قلة التحفظ فِي أمر دينه ودنياه واتفق أن كَانَ عَلَى بعض مسراته إذ كبس فِي ليلة الجمعة حادي عشر شهر ربيع الأول من سنة سبع عشرة وستمائة وعنده امرأة من الخواطئ المسلمات تعرف بسب شرف فلما قبض عَلَيْهِ قرأ عَلَى جماعة من الخواطيء المسلمات أنهن كن يأتينه لأجل دنياه من جملتهن امرأة تعرف ببنت الجيش الركا بدار واسمها اشتياق وَكَانَ زوجة ابن التجاري صاحب المخزن أو أولاده فخرجت الأوامر بالقبض عَلَى النساء اللواتي ذكرهن فقبض عليهن وأودعن سجن الطرارات ثُمَّ رسم بإهلاك ابن مسيحي ففدى نفسه بستة آلاف دينار وأظهر فِيهَا بيع ذخائره وكتب أبيه. أبو علي بن سينا الشيخ الرئيس وإنما ذكرته ها هنا لأن كنيته أشهر من اسمه سأله رجل من تلاميذه عن خبره فأملي عَلَيْهِ مَا سطره عنه وهو انه قال أن أبي كَانَ رجلاً من أهل بلخ وانتقل منها إِلَى بخارى فِي أيام فِي أيام نوم بن منصور واشتغل بالتصرف وتولى العمل فِي أثناء أيامه بقرية يقال لَهَا خرميشن من ضياع بخارى وهي من أمهات القرى وبقربها يقال لَهَا افشنة وتزوج أمي منها بِهَا وقطن بِهَا وولدت منها وولد أخي ثُمَّ انتقلنا إِلَى بخارى وأحضرت معلم القرآن ومعلم الأدب حَتَّى كَانَ يقضي مني العجب وَكَانَ أبي ممن أجاب داعي المصريين ويعد من الإسماعيلية وَقَدْ سمع منهم ذكر النفس والعقل عَلَى الوجه الَّذِي يقولونه ويعرفونه هم وكذلك أخي

وكانا ربما تذاكرا بينهما وأنا أسمع منهما وأدرك مَا يقولانه وابتدءا يدعوانني أيضاً ويجريان عَلَى لشانهما ذكر الفلسفة والهندسة وحساب الهند واخذ والدي يوجهني إِلَى رجل كَانَ يبيع البقل ويقوم بحساب الهند حَتَّى أتعلم منه ثُمَّ جاء إِلَى بخارى أبو عبد الله الناتلي وَكَانَ يدعي الفلسفة وأنزله إِلَى دارنا رجاء تعلمي منه وقبل قدومه كتب اشتغل بالفقه والتردد فِيهِ إِلَى إسماعيل الزاهد وكنت من خيرة السائلين وَقَدْ ألفت طرق المطالبة ووجوه الاعتراض عَلَى الوجه الَّذِي جرت عادة القوم بِهِ ثُمَّ ابتدأت بكتاب ايساغوجي عَلَى الناتلي ولما ذكر لي حد الجلس أنه هو المقول عَلَى كثيرين مختلفين بالنوع فِي جواب مَا هو فأخذت فِي تحقيق هَذَا الحد بما لَمْ يسمع بمثله وتعجب مني كل العجب وحذر والدي من شغلي بغير العلم وَكَانَ أي مسألة قالها أتصورها خيراً منه حَتَّى قرأت ظواهر المنطق عَلَيْهِ وأما دقائقه فلم يكن عنده منها خبر ثُمَّ أخذت أقرأ الكتب عَلَى نفسي وأطالع الشروح حَتَّى أحكمت علم المنطق وكذلك كتاب إقليدس فقرأت من أوله خمسة أشكال أَوْ ستة عَلَيْهِ ثُمَّ توليت حل بقية الكتاب بأسره ثُمَّ انتقلت إلى المجسطي ولما فرغت من مقدماته وانتهيت إِلَى الأشكال الهندسية قال لي الناتلي تول قراءتها وحلها بنفسك ثُمَّ اعرض علي مَا تقرأه لأبين لَكَ صوابه من خطأه وَمَا كَانَ الرجل يقول بالكتاب وأخذت أحل ذَلِكَ الكتاب فكم من شكل مشكل مَا عرفه إِلاَّ وقت مَا عرضته عَلَيْهِ وفهمته إياه ثُمَّ فارقني الناتلي متوجهاً إِلَى كركاتج واشتغلت أنا بتحصيل الكتب من الفصوص والشروح من الطبيعي والإلهي وصارت أبواب العلوم تنفتح علي ثُمَّ رغبت فِي علم الطب وصرت أقرأ الكتب المصنفة فِيهِ وعلم الطب لَيْسَ من العلوم الصعبة فلا جرم أنني برزت فِيهِ فِي أقل مدة حَتَّى بدأ فضلاء الطب يقرؤون عَلَى علم الطب وتعهدت المرضى فانفتح عَلَي من أبواب المعالجات المقتبسة من التجربة بِهِ مَا لا يوصف وأنا مع ذَلِكَ أختلف إِلَى الفقه وأناظر بِهِ وأنا فِي هَذَا الوقت من أبناء ست عشرة سنة ثن توفرت عَلَى القراءة سنة ونصفاً فأعدت قراءة المنطق وجميع أجزاء الفلسفة وَفِي هَذِهِ المدة مَا تمن ليلة واحدة بطولها ولا اشتغلت فِي النهار

بغيره وجمعت بَيْنَ يدي ظهوراً فكل حجة كنت أنظر فِيهَا أثبت مقدمات قياسه ورتبتها فِي لَكَ الظهور ثُمَّ نظرت فيما عساها تنتج وراعيت شروط مقدماته حَتَّى تحقق لي حقيقة تِلْكَ المسألة وكلما كنت أتحير فِي مسألة أَوْ لَمْ أكن أظفر بالحد الأوسط فِي قياس ترددت إِلَى الجامع وصليت وابتهلت إِلَى مبدع الكل حَتَّى فتح لي المنغلق منه ويسر المتعسر وكنت أرجع بالليل إِلَى داري وأضع السراج بَيْنَ يدي واشتغل بالقراءة والكتابة فمهما غلبني النوم أَوْ شعرت بضعف عدلت إِلَى شرب قدح من الشراب ريثما تعود إِلَى قوتي ثُمَّ أرجع إِلَى القراءة ومتى أخذني أدنى نوم أحلم بتلك المسألة بعينها حَتَّى أن كثيراً من المسائل اتضح لي وجوهها فِي المنام وَلَمْ أزل كذلك حَتَّى استحكم معي جميع العلوم ووقفت عَلَيْهَا بحسب الإمكان الإنساني وكل مَا علمته فِي ذَلِكَ الوقت فهو كما علمته الآن لَمْ أزدد فِيهِ إِلَى اليوم حَتَّى أحكمت علم المنطق والطبيعي والرياضي ثُمَّ عدت إِلَى العلم الإلهي وقرأت كتاب مَا بعد الطبيعة فما كنت أفهم مَا فِيهِ والتبس عَلَى غرض واضعه حَتَّى أعدت قراءته أربعين مرة وصار لي محفوظاً وأنا مع ذَلِكَ لا أفهمه ولا المقصود بِهِ وآيست من نفسي وقلت هَذَا كتاب لا سبيل إِلَى فهمه وإذا أنا فِي يوم من الأيام حضرت وقت العصر فِي الوراقين وبيد دلال مجلد ينادى عَلَيْهِ فعرضه عَلَى فردته رد متبرم معتقد أن لا فائدة فِي هَذَا العلم فقال لي اشتر مني هَذَا فإنه رخيص أبيعكه بثلاثة دراهم وصاحبه محتاج إِلَى ثمنه فاشتريته فإذا هو كتاب لأبي نصر الفارابي فِي أغراض كتاب مَا بعد الطبيعة فرجعت إِلَى بيتي وأسرعت قراءتي فانفتح علي فِي الوقت أغراض ذَلِكَ الكتاب بسبب أنه قَدْ صار لي عَلَى ظهر القلب وفرحت بذلك وتصدقت ثاني يومه بشيء كثير عَلَى الفقراء شكراً لله تعالى وَكَانَ سلطان بخاري فِي ذَلِكَ الوقت نوح بن منصور واتفق لَهُ مرض حار فِيهِ الأطباء وَكَانَ اسمي اشتهر بينهم بالتوفر عَلَى القراءة فأجروا ذكرى بَيْنَ يديه وسألوه إحضاري فحضرت وشاركتهم فِي مداواته وتوسمت بخدمته فسألته يوماً الإذن لي فِي دخول دار كتبهم ومطالعتها وقراءة مَا فِيهَا من كتب الطب فأذن لي فدخلت داراً ذات بيوت كثيرة فِي كل بيت صناديق كتب منضدة بعضها عَلَى بعض فِي بيت كتب العربية والشعر وَفِي آخر الفقه وكذلك فِي كل بيت كتب علم مفرد وطالعت فهرست كتب الأوائل وطلبت مَا احتجت إِلَيْهِ ورأت من الكتب مَا لا يقع اسمه إِلَى كثير من الناس قط ولا رأيته قط ولا رأيته أيضاً من بعد قرأت تِلْكَ الكتب وظهرت فوائدها وعرفت مرتبة كل رجل فِي علمه فلما بلغت ثمان عشرة سنة من عمري فرفعت من هَذِهِ العلوم كلها وكتب وكنت إذ ذَاكَ للعلم أحفظ ولكنه اليوم معي أنضج وإلا فالعلم واحد لَمْ يتجدد لي بعده شيء وَكَانَ فِي جواري رجل سيقال لَهُ أبو الحس الروضي فسألني أن أؤلف لَهُ كتاباً جامعاً فِي هَذَا العلم فصنفت لَهُ المجموع وسميته بِهِ وأتيت فِيهِ عَلَى سائر العلوم سوى الرياضي ولي إذ ذَاكَ إحدى وعشرون سنة من عمري وَكَانَ فِي جواري أيضاً رجل يقال لَهُ أبو بكر البرقي خوارزمي المولد فقيه النفس متوحد فِي الفقه والتفسير والزهد مائل إِلَى هَذِهِ العلوم فسألني شرح الكتب لَهُ فصنفت لَهُ. كتاب الحاصل والمحصول فِي قريب من عشرين مجلدة وصنفت لَهُ فِي الأخلاق كتاباً سميته. كتاب البر والإثم وهذان الكتابان لا يوجدان إِلاَّ عنده فلم يعرفهما أحد ينتسخ منهما ثُمَّ مات والدي وتصوفت فِي الأحوال وتقلدت شيئاً من أعمال السلطان ودعتني الضرورة إِلَى الارتحال عن بخارى والانتقال إِلَى كركاتج وَكَانَ أبو الحسين السهلي النحب لهذه العلوم بِهَا وزيراً وقدمت إِلَى الأمير بِهَا وهو عَلي بن المأمون وكنت عَلَى زي الفقهاء إذ ذَاكَ بطليسان وتحت الحك وأثبتوا إِلَى مشاهرة دارة تقوم بكفاية مثلي ثُمَّ دعت الضرورة إِلَى الانتقال إِلَى فسا ومنها إِلَى بارود ومنها إِلَى طوس ومنها إِلَى شقان ومنها إِلَى سمنقال ومنها إِلَى جاجرم رأس حد خراسان ومنها إِلَى جرجان وكل قصدي الأمير قابوس فاتفق فِي أثناء هَذَا أخذ قابوس وحبسه فِي بعض القلاع وموته هناك ثُمَّ مضيت إِلَى دهستان ومرضت بِهَا مرضاً صعباً وعدت إِلَى جرجان واتصل أبو عبيد الجوزجاني بي وأنشأت فِي حالي قصيدة فِيهَا بيت القائل: ود بِهِ وآيست من نفسي وقلت هَذَا كتاب لا سبيل إِلَى فهمه وإذا أنا فِي يوم من الأيام حضرت وقت العصر فِي الوراقين وبيد دلال مجلد ينادى عَلَيْهِ فعرضه عَلَى فردته رد متبرم معتقد أن لا فائدة فِي هَذَا العلم فقال لي اشتر مني هَذَا فإنه رخيص أبيعكه بثلاثة دراهم وصاحبه محتاج إِلَى ثمنه فاشتريته فإذا هو كتاب لأبي نصر الفارابي فِي أغراض كتاب مَا بعد الطبيعة فرجعت إِلَى بيتي وأسرعت قراءتي فانفتح علي فِي الوقت أغراض ذَلِكَ الكتاب بسبب أنه قَدْ صار لي عَلَى ظهر القلب وفرحت بذلك وتصدقت ثاني يومه بشيء كثير عَلَى الفقراء شكراً لله تعالى وَكَانَ سلطان بخاري فِي ذَلِكَ الوقت نوح بن منصور واتفق لَهُ مرض حار فِيهِ الأطباء وَكَانَ اسمي اشتهر بينهم بالتوفر عَلَى القراءة فأجروا ذكرى بَيْنَ يديه وسألوه إحضاري فحضرت وشاركتهم فِي مداواته وتوسمت بخدمته فسألته يوماً الإذن لي فِي دخول دار كتبهم ومطالعتها وقراءة مَا فِيهَا من كتب الطب فأذن لي فدخلت داراً ذات بيوت كثيرة فِي كل بيت صناديق كتب منضدة بعضها عَلَى بعض فِي بيت كتب العربية والشعر وَفِي آخر الفقه وكذلك فِي كل بيت

كتب علم مفرد وطالعت فهرست كتب الأوائل وطلبت مَا احتجت إِلَيْهِ ورأت من الكتب مَا لا يقع اسمه إِلَى كثير من الناس قط ولا رأيته قط ولا رأيته أيضاً من بعد قرأت تِلْكَ الكتب وظهرت فوائدها وعرفت مرتبة كل رجل فِي علمه فلما بلغت ثمان عشرة سنة من عمري فرفعت من هَذِهِ العلوم كلها وكتب وكنت إذ ذَاكَ للعلم أحفظ ولكنه اليوم معي أنضج وإلا فالعلم واحد لَمْ يتجدد لي بعده شيء وَكَانَ فِي جواري رجل سيقال لَهُ أبو الحس الروضي فسألني أن أؤلف لَهُ كتاباً جامعاً فِي هَذَا العلم فصنفت لَهُ المجموع وسميته بِهِ وأتيت فِيهِ عَلَى سائر العلوم سوى الرياضي ولي إذ ذَاكَ إحدى وعشرون سنة من عمري وَكَانَ فِي جواري أيضاً رجل يقال لَهُ أبو بكر البرقي خوارزمي المولد فقيه النفس متوحد فِي الفقه والتفسير والزهد مائل إِلَى هَذِهِ العلوم فسألني شرح الكتب لَهُ فصنفت لَهُ. كتاب الحاصل والمحصول فِي قريب من عشرين مجلدة وصنفت لَهُ فِي الأخلاق كتاباً سميته. كتاب البر والإثم وهذان الكتابان لا يوجدان إِلاَّ عنده فلم يعرفهما أحد ينتسخ منهما ثُمَّ مات والدي وتصوفت فِي الأحوال وتقلدت شيئاً من أعمال السلطان ودعتني الضرورة إِلَى الارتحال عن بخارى والانتقال إِلَى كركاتج وَكَانَ أبو الحسين السهلي النحب لهذه العلوم بِهَا وزيراً وقدمت إِلَى الأمير بِهَا وهو عَلي بن المأمون وكنت عَلَى زي الفقهاء إذ ذَاكَ بطليسان وتحت الحك وأثبتوا إِلَى مشاهرة دارة تقوم بكفاية مثلي ثُمَّ دعت الضرورة إِلَى الانتقال إِلَى فسا ومنها إِلَى بارود ومنها إِلَى طوس ومنها إِلَى شقان ومنها إِلَى سمنقال ومنها إِلَى جاجرم رأس حد خراسان ومنها إِلَى جرجان وكل قصدي الأمير قابوس فاتفق فِي أثناء هَذَا أخذ قابوس وحبسه فِي بعض القلاع وموته هناك ثُمَّ مضيت إِلَى دهستان ومرضت بِهَا مرضاً صعباً وعدت إِلَى جرجان واتصل أبو عبيد الجوزجاني بي وأنشأت فِي حالي قصيدة فِيهَا بيت القائل: فأعظمت فليس مصر واسمي ... لما غلا ثمني عدمت المشتري قال أبو عبيد الجوزجاني صاحب الشيخ الرئيس إِلَى ها هنا انتهى مَا حكاه الشيخ عن نفسه .. قال ومن هَذَا الموضع اذكر أنا مَا شاهدته من أحواله فِي حال صحبتي

لَهُ وإلى حين انقضاء مدته والله الموفق قال كَانَ بجرجان رجل يقال لَهُ أبو محمد الشيرازي بحب هَذِهِ العلوم وَقَدْ اشترى للشيخ داراً فِي جواره وأنزله بِهَا وأنا أختلف إِلَيْهِ كل يوم أقرأ المجسطي وأستملي المنطق فأملي عَلَى المختصر الأوسط فِي المنطق وصنف لأبي محمد الشيرازي. كتاب المبدأ والمعاد. وكتاب الأرصاد الكلية وصنف هناك كتباً كثيرة كالأول القانون ومختصر المجسطي وكثيراً من الرسائل ثُمَّ صنف فِي أرض الجبل بقية كتبه وهذا فهرست جميع كتبه. كتاب المجموع مجلدة. كتاب الحاصل والمحصول عشرون مجلدة. كتاب البر والإثم مجلدتان. كتاب الشفاء ثماني عشرة مجلدة. كتاب القانون أربع عشر مجلدة. كتاب الأرصاد الكلية مجلدة. كتاب الإنصاف عشرون مجلدة. كتاب النجاة ثلاث مجلدات. الهداية مجلدة. كتاب الإشارات مجلدة. كتاب المختصر الأوسط مجلدة. كتاب العلائي مجلدة. كتاب القولنج مجلدة. كتاب لسان العرب عشر مجلدات. كتاب الأدوية القلبية مجلدة. كتاب الموجز مجلدة. نقض الحكمة المشرقية مجلدة. كتاب بيان ذوات الجهة مجلدة. كتاب المعاد مجلدة. كتاب المبدأ والمعاد مجلدة. كتاب المباحثات مجلدة. ومن رسائله رسالة القضاء والقدر. الآلة الرصدية. غرض قاطيغورياس. المنطق بالشعر. القضاء فِي العظمة والحكمة. رسالة فِي الحروف. تعقب المواضع الجدلية. مختصر إقليدس مختصر بالعجمية. الحدود. الأجرام السماوية. الإشارة إِلَى علم المنطق. أقسام الحكمة. النهاية واللانهاية عهد كتبه لنفسه محيي بن يقظان. فِي أن أبعاد الجسم غير ذاتية لَهُ. الكلام فِي الهندبا. وَلَهُ خطبة فِي أنه لا يجوز أن يكون شيء واحد جوهراً وعرضاً فِي أن علم زيد غير علم عمرو. رسائل لَهُ إخوانية وسلطانية. رسائل فِي مسائل جرت بينه وبين بعض الفضلاء. كتاب الحواشي. كتاب عَلَى القانون ثُمَّ انتقل الشيخ الرئيس إِلَى الري واتصل بخدمة السيدة وابنها مجد الدولة وعرفوه بسبب كتب وصلت معه تتضمن تعريف قدره وَكَانَ يمجد الدولة إذ ذَاكَ غلبة السوداء فاشتغل بمداواته ونف هناك كتاب المعاد وأقام بِهَا إِلَى قصد شمس الدولة بعد قتل هلال بن بدر بن حسنويه وهزيمة عسكر بغداد ثُمَّ اتفقت أسباب أوجبت الضرورة لَهَا خروجه إِلَى قزوين ومنها إِلَى همذان واتصاله

بخدمة كذباتويه والنظر فِي أسبابها ثُمَّ اتفق معرفة شمس الدولة وإحضاره مجلسه بسبب قولنج كَانَ قَدْ أصابه وعالجه حَتَّى شفاه الله تعالى وفاز من ذَلِكَ المجلس بخلع كثيرة وعاد إِلَى داره بعد مَا أقام هناك أربعين يوماً بلياليها وصار من ندماء الأمير ثُمَّ اتفق نهوض الأمير إِلَى قرميسين لحرب عناز وخرج الشيخ فِي خدمته ثُمَّ توجه نحو همذان منهزماً راجعاً ثُمَّ سألوه تقلد الوزارة فتقلدها ثُمَّ اتفق تشويش العسكر عَلَيْهِ وإشفاقهم منه عَلَى أنفسهم فكبسوا داره وأخذوه إِلَى الحبس وأغاروا عَلَى أسبابه وأخذوا جميع مَا كَانَ يملكه وساموا الأمير قتله فامتنع منه وعدل إِلَى نفيه عن الدولة طلباً لمرضاتهم فتوارى فِي دار الشيخ أبي سعد بن دخدوك أربعين يوماً فعاود الأمير شمس الدولة علة القولنج وطلب الشيخ فحضر مجلسه واعتذر الأمير إِلَيْهِ بكل الاعتذار فاشتغل بمعالجته وأقام عنده مكرماً مبجلاً وأعيدت إِلَيْهِ الوزارة ثانياً قال أبو عبيد الجوزجاني ثُمَّ سألته أنا شرح كتب أرسطوطاليس فذكر أنه لا فراغ لَهُ إِلَى ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الوقت ولكن قال إِن رضيت مني تصنيف كتاب أورد فِيهِ مَا صح عندي من هَذِهِ العلوم بلا مناظرة مع المخالفين ولا اشتغال بالرد عليهم فعلت ذَلِكَ فرضيت بِهِ فابتدأ بالطبيعيات من كتاب الشفاء وَكَانَ قَدْ صنف الكتاب الأول من القانون وَكَانَ يجتمع كل ليلة فِي داره طلبة العلم وكنت أقرأ من الشفاء نوبة وَكَانَ يقرأ غيري من القانون نوبة فإذا فرغنا حضر المغنون عَلَى اختلاف طبقاتهم وعبي مجلس الشراب بآلاته وكنا نشتغل بع وَكَانَ التدريس بالليل لعدم الفراغ بالنهار خدمة للأمير فقضينا عَلَى ذَلِكَ زمناً ثُمَّ نوجه شمس الدولة إِلَى طارم لحرب الأمير بِهَا وعاودته علة القولنج قرب ذَلِكَ الموضع واشتدت علته وانضاف إِلَى ذَلِكَ أمراض أخر جليها سوء تدبيره وقلة القبول من الشيخ وخاف العسكر وفاته فرجعوا بِهِ طالبين همذان فِي المهد فتوفي فِي الطريق ثُمَّ بويع ابن شمس الدولة وطلبوا أن يستوزر الشيخ فأبى عليهم وكاتب علاء الدولة سراً يطلب خدمته والمصير إِلَيْهِ والانضمام إِلَى جانبه وقام فِي دار أبي غالب العطار متوارياً وطلبت من إتمام كتاب الشفاه فاستحضر أبا غالب وطلب الكاغد والمحبرة فأحضرهما وكتب الشيخ فِي قريب من عشرين جزءاً إلى الثمن بخطه رؤوس المسائل وبقي فِيهِ يومين حَتَّى كتب رؤوس المسائل كلها بلا كتاب يحضره ولا أصل يرجع إِلَيْهِ بل من حفظه وعن ظهر قلبه ثُمَّ ترك الشيخ تِلْكَ الأجزاء بَيْنَ يديه وأخذ الكاغد فكان ينظر فِي كل مسألة ويكتب شرحها فكان يكتب فِي كل يوم خمسين ورقة حَتَّى أتى عَلَى جميع الطبيعيات والإلهيات مَا خلا كتابي الحيوان والنبات وابتدأ بالمنطق وكتب منه جزء ثن اتهمه تاج الملك بمكاتبته علاء الدولة فأنكر عَلَيْهِ ذَلِكَ وحث فِي طلبه فدل عَلَيْهِ بعض أعدائه فأخذوه وأدوه إِلَى قلعة يقال لَهَا فردجان وأنشأ هناك قصيدة فِيهَا: ت علته وانضاف إِلَى ذَلِكَ أمراض أخر جليها سوء تدبيره وقلة القبول من الشيخ وخاف العسكر وفاته فرجعوا بِهِ طالبين همذان فِي المهد فتوفي فِي الطريق ثُمَّ بويع ابن شمس الدولة وطلبوا أن يستوزر الشيخ فأبى عليهم وكاتب علاء الدولة سراً يطلب خدمته والمصير إِلَيْهِ والانضمام إِلَى جانبه وقام فِي دار أبي غالب العطار متوارياً وطلبت من إتمام كتاب الشفاه فاستحضر أبا غالب وطلب الكاغد والمحبرة فأحضرهما وكتب الشيخ فِي قريب من عشرين جزءاً إلى الثمن بخطه رؤوس المسائل وبقي فِيهِ يومين حَتَّى كتب رؤوس المسائل كلها بلا كتاب يحضره ولا أصل يرجع إِلَيْهِ بل من حفظه وعن ظهر قلبه

ثُمَّ ترك الشيخ تِلْكَ الأجزاء بَيْنَ يديه وأخذ الكاغد فكان ينظر فِي كل مسألة ويكتب شرحها فكان يكتب فِي كل يوم خمسين ورقة حَتَّى أتى عَلَى جميع الطبيعيات والإلهيات مَا خلا كتابي الحيوان والنبات وابتدأ بالمنطق وكتب منه جزء ثن اتهمه تاج الملك بمكاتبته علاء الدولة فأنكر عَلَيْهِ ذَلِكَ وحث فِي طلبه فدل عَلَيْهِ بعض أعدائه فأخذوه وأدوه إِلَى قلعة يقال لَهَا فردجان وأنشأ هناك قصيدة فِيهَا: دخولي باليقين كما تراه ... وكل الشيخ فِي أمر الخروج وبقي فِيهَا أربعة أشهر ثُمَّ قصد علاء الدولة همذان وأخذها وانهزم تاج الملك ومر إِلَى تِلْكَ القلعة بعينها ثُمَّ رجع علاء الدولة همذان وعاد تاج الملك وابن شمس الدولة إِلَى همذان وحملوا معهم الشيخ إِلَى همذان ونزل فِي دار العلوي واشتغل هناك بتصنيف المنطق من كتاب الشفاء وَكَانَ قَدْ صنف بالقلعة. كتاب الهداية ورسالة حي بن يقظان. وكتاب القولنج وأما الأدوية القلبية فإنما صنفها أول وروده إِلَى همذان وَكَانَ تقضي عَلَى هَذَا وملن وتاج الملك فِي أثناء هَذَا يمنيه بمواعيد جميلة ثُمَّ عن للشيخ التوجه إِلَى أصفهان فخرج متنكراً وأنا وأخوه وغلامان معه فِي زي الصوفية إِلَى أن وصلنا إِلَى طبران عَلَى باب أصفهان بعد أن قاسينا شدائد فِي الطريق فاستقبله الأصدقاء أصدقاء الشيخ ندماء الأمير علاء الدولة وخواصه وحمل إِلَيْهِ الثياب والمراكب الخاصة وأنزل فِي محلة يقال لَهَا كون كنبذ فِي دار عبد الله بابا وفيها من الآلات والفرش مَا يحتاج إِلَيْهِ فصادف فِي مجلسه الإكرام والإعزاز الَّذِي يستحقه مثله ثُمَّ رسم الأمير علاء الدولة ليالي الجمعات مجلس النظر بَيْنَ يديه بحضرة سائر العلماء عَلَى اختلاف طبقاتهم والشيخ أبو علي من جملتهم فما كَانَ يطاق فِي شيء من العلوم واشتغل بأصفهان بتتميم كتاب الشفاء وفرغ من المنطق والمجسطي وَكَانَ قَدْ اختصر إقليدس والارثماطيقي والموسيقى وأورد فِي كل كتاب من الرياضيات زيادات رأى أن الحاجة إِلَيْهَا داعية إما ف المجسطي فأورد عشرة أشكال فِي اختلاف النظر وأورد فِي آخر المجسطي فِي علم الهيئة أشياء لَمْ يسبق إِلَيْهَا وأورد فِي إقليدس شبهاً وَفِي الارثماطيقي خواص حسنة وَفِي الموسيقى مسائل غفل عنها الأولون وتم الكتاب المعروف بالشفاء مَا خلا كتابي النبات واليوان فإنه صنفهما فِي السنة الَّتِي توجه فِيهَا علاء الدولة إِلَى

سابور خواست فِي الطريق وصنف أيضاً فِي الطريق. كتاب النجاة واختص بعلاء الدولة وصار من ندمائه إِلَى أن عزم علاء الدولة عَلَى قصد همذان وخرج الشيخ فِي الصحبة فجرى ليلة بَيْنَ يدي علاء الدولة ذكر الخلل الحاصل فِي التقاويم المعمولة بحسب الأرصاد القديمة فأمر الأمير الشيخ بالاشتغال برصد الكواكب وأطلق لَهُ من الأموال مَا يحتاج إِلَيْهِ وابتدأ الشيخ بِهِ وولاني اتخاذ آلاتها واستخدام صناعها حَتَّى ظهر كثير من المسائل وَكَانَ يقع الخلل فِي أمر الرصد لكثرة الأسفار وعوائقها وصنف الشيخ بأصفهان. كتاب العلائي قال وَكَانَ من عجائب أمر الشيخ أني صحبته وخدمته خمساً وعشرين سنة فما رأيته إِذَا وقع لَهُ كتاب مجدد ينظر فه عَلَى الولاء بل كَانَ يقصد المواضع الصعبة منه والمسائل المشكلة فينظر مَا قاله مصنفه فِيهَا فيتبين مرتبته فِي العلم ودرجته فِي الفهم وَكَانَ الشيخ جالساً يوماً من الأيام بَيْنَ يدي الأمير وأبو منصور الجبان حاضر فجرى فِي اللغة مسألة تكلم الشيخ فِيهَا بما حضره فالتفت الشيخ أبو منصور إِلَى الشيخ يقول إنك فيلسوف وحكيم ولكن لَمْ تقرأ من اللغة مَا رضي كلامك فِيهَا فاستنكف الشيخ من هَذَا الكلام وتوفر عَلَى درس كتب اللغة ثلاث سنين واستدعي بكتب تهذيب اللغة من بلاد خراسان من تصنيف أبي منصور الأزهري فبلغ الشيخ فِي اللغة طبقة فلما يتفق مثلها وأنشأ ثلاث قصائد ضمنها ألفاظاً غريبة فِي اللغة وكتب ثلاثة كتب أحدها عَلَى طريقة ابن العميد والثاني عَلَى طريقة الصاحب والثالث عَلَى طريقة الصابي وأمر بتجليدها وأخلاق جلدها ثُمَّ أوعز إِلَى الأمير بعرض تِلْكَ المجلدة عَلَى أبي منصور الجبان وذكر أنا ظفرنا بهذه المجلدة فِي الصحراء وقت الصيد فيجب أن تتفقدها وتقول لَنَا مَا فِيهَا أبو منصور وأشكل عَلَيْهِ كثير مما فِيهَا فقال الشيخ كل مَا تجهله من هَذَا الكتاب فهو مذكور فِي الموضع الفلاني من كتب اللغة وذكر لَهُ كتباً معروفة فِي اللغة كَانَ الشيخ حفظ تِلْكَ الألفاظ منها وَكَانَ أبو منصور مجازفاً فيما يورده من اللغة غير ثقة فِيهَا ففطن أبو منصور أن تِلْكَ الرسائل من تصنيف الشيخ وأن الَّذِي حمله عَلَيْهِ مَا جبهه بِهِ فِي ذَلِكَ اليوم فتنصل واعتذر إِلَيْهِ ثُمَّ صنف الشيخ فِي اللغة كتاباً سماه بلسان العرب لَمْ يصنف فِي اللغة

مثله وَلَمْ ينقله إِلَى البياض حَتَّى توفي فبقي عَلَى مسودته لا يهتدي أحد إِلَى ترتيبه وَكَانَ قَدْ حصل للشيخ تجارب كثيرة فيما باشره من المعالجات عزم عَلَى تدوينها فِي كتاب القانون وَكَانَ قَدْ علقها عَلَى أجزاء فضاعت قبل تمام كتاب القانون من ذَلِكَ أنه صدع يوماً فتصور إِن مادة تريد النزول إِلَى حجاب رأسه وأنه لا يأمن ورماً يحصل فِيهِ فأمر بإحضار ثلج كثير ودقه ولفه فِي خرقة وتغطية رأسه بِهَا ففعل ذَلِكَ حَتَّى قوي الموضع وامتنع عن قبول تِلْكَ المادة وعوفي ومن ذَلِكَ أن امرأة مسلولة بخوارزم أمرها أن لا تتناول شيئاً من الأدوية سوى جلنجبين السكر حَتَّى تناولت عَلَى الأيام مقدار مائة من وشقيت المرأة وَكَانَ الشيخ قَدْ صنف بجرجان المختصر الأصغر فِي المنطق وهو الَّذِي وضعه بعد ذَلِكَ فِي أول النجاة ووقعت نسخة إِلَى شيراز فنظر فِيهَا جماعة من أهل العلم هناك فوقعت علم الشبه فِي مسائل منها فكتبوها عَلَى جزء وَكَانَ القاضي بشيراز من جملة القوم فأنفذ بالجزء إِلَى أبي القاسم الكرماني صاحب إبراهيم بن بابا الديلمي المشتغل بعلم الباطن وأضاف إِلَيْهِ كتاباً إِلَى الشيخ أبي القاسم وأنفذهما عَلَى يدي ركابي قاصد وسأله عرض الجزء عَلَى الشيخ واستنجاز أجوبته فِيهِ وإذا الشيخ أبو القاسم دخل عَلَى الشيخ عند اصفرار الشمس فِي يوم صائف وعرض عَلَيْهِ الكتاب والجزء فقرأ الكتاب ورده عَلَيْهِ وترك الجزء بَيْنَ يديه وهو ينظر فِيهِ والناس يتحدثون ثُمَّ خرج أبو القاسم وأمرني الشيخ بإحضار البياض وقطع أجزاء منه فشددت لَهُ خمسة أجزاء كل واحد عشرة أوراق بالربع الفرعوني وصلينا العشاء وَقَدْ الشمع وأمر بإحضار الشراب وأجلسني وأخاه وأمر بمناولة الشراب وابتدأ هو بجواب تِلْكَ المسائل وَكَانَ يكتب ويشرب إِلَى نصف الليل حَتَّى غلبني وأخاه النوم فأمرنا بالانصراف فعند الصباح قرع الباب فإذا رسول الشيخ يستحضرني فحضرته وهو عَلَى المصلى وبين يديه الأجزاء الخمسة فقال وسربها إِلَى الشيخ أبي القاسم الكرماني وقل لَهُ استعجلت فِي الإجابة عنها لئلا يتعوق الركابي فلما حملته إِلَيْهِ تعجب كل العجب وصرف القيج وأعلمهم بهذه الحالة وصار هَذَا الحديث تاريخاً بَيْنَ الناس ووضع فِي حال المرصد آلات مَا سبق إليها وصنف فِيهَا رسالة بقيت أنا ثماني سنين مشغولاً بالرصد وَكَانَ غرضي يتبين مَا يحكيه

بطليموس عن نفسه فِي الأرصاد حَتَّى بان لي بعضها قال وصنف الشيخ كتاب الإنصاف وَفِي اليوم الَّذِي قدم فِيهِ السلطان مسعود إِلَى أصفهان نهب عسكره رحل الشيخ وَكَانَ الكتاب فِي جملته وَمَا وقف لَهُ عَلَى أثر وَكَانَ الشيخ قوي القوي كلها وَكَانَتْ قوة المجامعة من قواه الشهوانية أقوى وأغلب وَكَانَ كثيراً مَا يشتغل بِهِ فأثر فِي مزاجه وَكَانَ الشيخ يعتمد عَلَى قوة مزاجه حَتَّى صار أمره فِي السنة الَّتِي حارب فِيهَا علاء الدولة أسير فراش عَلَى باب الكرخ إِلَى أن أخذ الشيخ قولنج ولحرصه عَلَى برئه إشفاقاً من هزيمة يدفع إِلَيْهَا ولا يتأنى لَهُ المسير فِيهَا مع المرض حقن نفسه فِي يوم واحد ثماني مرات فتفرج بعض أمعائه وظهر بِهِ سحج وأحوج إِلَى المسير مع علاء الدولة فأسرعوا نحو إيذج فظهر بِهِ هناك الضرع الَّذِي قَدْ يتبع القولنج ومع ذَلِكَ كَانَ يدبر نفسه ويحقن نفسه لأجل السحج ولبقية القولنج فأمر يوماً باتخاذ دانفين من بزر الكرفس فِي جملة مَا يحقن بِهِ وخلطه بِهَا طلباً لكسر ربح القولنج بِهِ ففصد بعض الأطباء الَّذِي كَانَ يتقدم هو إِلَيْهِ بمعالجته وطرح من بزر الكرفس خمس دوالق لست أدري أعمداً فعله أم خطأ لأني لَمْ أكن معه فازداد السحج بِهِ من حدة ذَلِكَ البزر وَكَانَ يتناول مثروذ يطوس لأجل الصرع فقام بعض غلمانه وطرح شيئاً كثيراً من الأفيون فيبه وناوله إياه فأكله وَكَانَ سبب ذَلِكَ خيانتهم من مال كثير من خزانته فتمنوا هلاكه ليأمنوا عاقبة أفعالهم ونقل الشيخ كما هو إِلَى أصفهان فاشتغل بتدبير نفسه وَكَانَ من الضعف بحيث لا يقدر عَلَى القيام فلم يزل يعالج نفسه حَتَّى قدر عَلَى المشي وحضر مجلس علاء الدولة لكنه مع ذَلِكَ لا يتحفظ ويكثر التخليط فِي أمر المجامعة وَلَمْ يبرأ من العلة كل البرء فكان ينتكس ويبرأ كل وقت ثُمَّ قصد علاء الدولة همذان وسار معه الشيخ فعاودته فِي الطريق تِلْكَ العلة إِلَى أن وصل إِلَى همذان وعلم أن قوته قَدْ سقطت وأنها لا تقى يدفع المرض فأهمل مداواة نفسه وأخذ يقول المدبر الَّذِي كَانَ يدبرني قَدْ عجز عن التدبير والآن فلا تنفع المعالجة وبقي عَلَى هَذَا أياماً ثُمَّ انتقل إِلَى جوار بِهِ ودفن بهمذان وَكَانَ عمره ثمانياً وخمسين سنة وكان موته فِي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. ق تِلْكَ العلة إِلَى أن وصل إِلَى همذان وعلم أن قوته قَدْ سقطت وأنها لا تقى يدفع المرض فأهمل مداواة نفسه وأخذ يقول المدبر الَّذِي كَانَ يدبرني قَدْ عجز عن التدبير والآن فلا تنفع المعالجة وبقي عَلَى هَذَا أياماً ثُمَّ انتقل إِلَى جوار بِهِ ودفن بهمذان وَكَانَ عمره ثمانياً وخمسين سنة وكان موته فِي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة. أبو الفضل بن يامين اليهودي الحلبي المعروف بالشريطي من يهود حلب قرأ عَلَى شرف الدين الطوسي عند وروده إِلَى حلب وَكَانَ الشرف

مع أحكامه لعلم الرياضة يحكم أشياء أخر من أصول الحكمة فأخذ هَذَا اليهودي عنه أطرافاً من علوم القوم أحكم منها علم العدد وعلم حل الزيج وتسيير المواليد وعملها وشارك فِي غير ذَلِكَ مشاركة غير مفيدة وَكَانَ يعاني فِي أول أمره جر الشريط وَكَانَ محفواً من اليهود وربما عانى شيئاً من الطب لأوساط الناس ثُمَّ غلبت عَلَيْهِ السوداء فأفسدت منه محا النخيل ومات فِي شهور سنة أربع وستمائة وَلَمْ يخلف وارثاً. أبو الفضل الخازمي المنجم نزيل بغداد كَانَ هَذَا رجلاً منجماً ببغداد يتكلم فِي الأحكام النجومية ويقلده الناس فيما يقول ويدعي أكثر مما يعلم ولما اجتمعت الكواكب السبعة فِي برج الميزان فِي سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة وحكم فِي قرانها بأنه يحدث هواء شديد يهلك العامر وَمَا فِيهِ من الناس ولهج بذلك فِي سائر أقطار الأرض واهتم العالم بذلك ووافقه كل من سمع قوله من منجمي الأقطار وَلَمْ يخالفه غير رجل يعرف بشرف الدولة العسقلاني نزيل مصر فإنه كَانَ دقيق النظر ووجد فِي اقتران الكواكب والمكافأة مَا يدفع ضرر بعضها عن بعض وقال ذَلِكَ وضمن عَلَى نفسه أن يكون الأمر عَلَى خلافه وشرط أن يكون تِلْكَ الليلة الَّتِي أنذروا بوقوع الهواء فِيهَا لا يهب فِيهَا نسيم واهتم الناس بعمل السراديب فِي البلاد السهلية والمغائر فِي البلاد الجبلية ليتقوا بذلك الرياح العاصفة فلما كَانَ ذَلِكَ اليوم الموعود كَانَ الزمان صيفاً واشتد الحر وَلَمْ يصب نسيم وَلَمْ يظهر مما قالوه شيء فخزي المنجمون وامتحنوا من كذبهم فِي إنذارهم ووبخهم الناس وسبوا أكثرهم وقال الشعراء فِي ذَلِكَ أشعاراً كثيرة فمنهم أبو الغنائم محمد بن المعلم الواسطي قال فِي الخازمي المنجم هَذَا: قل لأبي الفضل قول نعترف ... مضى جماد وجاءنا رجب وَمَا جرت زعزع كما حكموا ... ولا بدا كوكب لَهُ ذنب ملا ولا أظلمت ذكاء ولا ... أبدت أذى من ورائها الشهب يقضي عَلَيْهَا من لَيْسَ يعلم مَا ... يقضي عَلَيْهِ هَذَا هو العجب فرامِ بتقويمك الفرات والاصطر ... لاب خير من صفره الخشب قَدْ بان كذب المنجمين وَفِي ... أي مقال قالوا فما كذبوا مدبر الأمر واحد لَيْسَ للس ... بعة فِي كل حادث سبب

لا المشتري سالم ولا زحل ... باقٍ ولا زهرة ولا قطب تبارك الله حصحص الحق وان ... جاب الثمارى وزالت الريب فليبطل المدعون مَا وصفوا ... فِي كتبهم ولتحرق الكتب أبو الفرج بن أبي الحسن بن سنان حاله فِي الطب كحال أبيه فِي الإصابة وعلو الذكر والتقدم وهو والد أبي الحسن المقدم ذكره وولد أبي الحسن بن سنان. أبو الفتوج نجم الدين بن السري المعروف بابن الصلاح سميساطي الأصل بغدادي العلم قرأ علم المنطق وأحكم الرياضة وعاتي الطب وتقدم فِي فنه وبرع وسلم إِلَيْهِ الجماعة مَا أحكمه من هَذَا الفن وخرج من بغداد وقدم إِلَى نور الدين محمود بن زنكي رضي الله عنه فأكرمه واحترمه ونزل دمشق عَلَى أوفر منزلة وأجل مرتبة وأدرك بِهَا أبا الحكم الطبيب الشاعر المغربي وقال للجماعة هَذَا أبو الحكم شيخي وأول من قرأت عَلَيْهِ علم الرياضة ببغداد فقال لَهُ أبو الحكم ألا إنني الآن يجب أن أقرأ عليم مَا قرأته علي فإنك أحكمته بصادق فكرك وأنا فقد أنسته وَكَانَتْ أصوله محققة محكمة وحواشيه عَلَى الكتب فِي غاية الجودة تقداً وتحقيقاً وهو من بيت كبير فِي العلم والأصل وتوفي إِلَى رحمة الله فِي دمشق فِي آخر سنة ثمان وأربعين وخمسمائة. أبو القاسم الرقي المنجم هَذَا رجل كَانَ من أهل الرقة يعرف النجامة ويقوم بالأحكام ويعلم علم الحوادث ويتحقق بحل الزيج وعلم الهيئة صحب الأمير سيف الدولة عَلَى ابن عبد الله بن حمدان وخدمه واختص بِهِ وحضر مجالس أنه قال ابن نصر الكاتب فِي كتاب المفاوضة حدثني أبو القاسم الرقي منجم الأمير سيف الدولة قال دخلت بغداد أيام عضد الدولة وَقَدْ لبست الطيلسان وتشاغلت بالمنجر عن النجوم قال فاجتزن يوماً بسوق الوراقين وإذا بأبي القاسم القصري جالساً فِي دكان وهو يقوّم فوقفت انظر مَا يعمل فرفع

رأسه وقال انصرف عافاك الله لَيْسَ هنا شيء تفهمه قال فجلست حينئذ وتأملته فإذا بِهِ يقوم المشتري هكذا قال أَوْ غيره من الكواكب فلما شارف الفراغ منه قلت لم فعلت هَذَا وأحوجت نفسك إِلَى عملين وضربين كنت غنياً عنهما قال فأي شيء كنت أفعل قلت تفعل كذا وكذا وَقَدْ خرج مَا تريد ثُمَّ نهضت مسرعاً فقام ولحقني وعلق بي وقبل رأسي واعتذر وقال أسأت العشرة وعجلت وسألني عن اسمي فأعلمته فعرفني بالذكر واستدل عَلَى داري وصار يقصدني ويسألني عن شكوك تعترضه فأفيده إياها واستكثر مني وصار صديقاً وخليلاً. أبو قريش طبيب المهدي وهذا رجل يعرف بعيسى الصيدلاني وَلَمْ يذكر هَذَا فِي جملة الأطباء لأنه كَانَ ماهراً بالصناعة أَوْ ممن يحب أن يلحق الأجلاء من أهل هَذَا الشأن وإنما يذكر لظريف خبره وَمَا فِيهِ من العبرة وحسن الاتفاق أن هَذَا الرجل اعني أبا قريش كَانَ صيدلانياً ضعيف الحال جداً فتشكت حظية للمهدي وتقدمت إِلَى جاريتها بأن تخرج القارورة إِلَى طبيب غريب لا يعرفها وَكَانَ أبو قريش بالقرب من قصر المهدي فلما وقع نظر الجارية عَلَيْهِ أرته القارورة فقال لمن هَذَا الماء فقالت لامرأة ضعيفة فقال بل لملكة عظيمة الشأن وهي حبلى بملك وَكَانَ هَذَا القول منه عَلَى سبيل الرزق فانصرفت الجارية من عنده وأخبرت الحظية بما سمعته منه ففرحت بما سمعت فرحاً شديداً وقالت ينبغي أن تضعي علامة عَلَى ذكائه حَتَّى إذا صح قوله اتخذناه طبيباً لنا وبعد مدة ظهر الحبل وفرح بِهِ المعدي فرحاً شديداً فأنفذت الحظية إِلَى أبي قريش خلعتين فاخرتين وثلاثمائة دينار وقالت استعن بهذا عَلَى أمرك فإن صح مَا قلته استصحبناك فعجب أبو قريش ومن ذَلِكَ وقال هَذَا من عند الله جل وعز لأنني مَا قلته للجارية إِلاَّ وَقَدْ كَانَ هاجساً من غير أصل ولما ولدت الحظية وهي الخيزران موسى الهادي سر المهدي بِهِ سروراً عظيماً وحدثته جاريته بالحديث فاستدعي أبا قريش وخاطبه فلم يجد عنده علماً بالصناعة إِلاَّ شيئاً يسيراً من علم الصيدلة إِلاَّ أنه اتخذه طبيباً لما جرى منه واستخصه وأكرمه إِلاَّ كرام التام وحظي عنده ولما مرض موسى الهادي جمع الأطباء المتقدمين وهم أبو قريش عيسى وعبد الله وهو الطيفوري وداود بن سرافيون أخو يوحنا صاحب الكناش وَكَانَ سرافيون طبيباً من أهل باجرمي وخرج ولداه طبيبين فاضلين ولما اشتد بِهِ المرض قال لهم أنتم تأكلون أموالي وجوائزي وَفِي وقت الشدة تتغافلون عني

فقال لَهُ أبو قريش علينا الاجتهاد والله يهب السلامة فاغتاظ من هَذَا فقال لَهُ الربيع قَدْ وصف لنا بنهر صرصر طبيب ماهر يقال لَهُ يشوع بن نصر فأمر بإحضاره وبفتل هؤلاء المجتمعين فلم يفعل الربيع ذَلِكَ لعلمه باختلاط عقله من شدة المرض بل أرسل إِلَى نهر صرصر وأحضر المتكبب ولما أدخل إِلَى أمير المؤمنين قال لَهُ رأيت القارورة قال نعم يَا أمير المؤمنين هو ذا أعمل لَكَ دواء تأخذه وإذا كَانَ عَلَى تسع ساعات تبرأ وتخلص وخرج من عنده وقال للأطباء لا تشغلوا قلوبكم فِي هَذَا اليوم تنصرفون إِلَى منازلكم وَكَانَ الهادي قَدْ أمر لَهُ بعشرة آلاف درهم لبتاع لَهُ بِهَا الدواء فأخذها وسيرها إِلَى بيته وأحضر أدوية وجمع الأطباء بالقرب من موضع الهادي وقال لهم دقوا حَتَّى يسمع ويسكن فإنكم فِي آخر النهار تتخلصون وكل ساعة يدعو بِهِ الهادي ويسأله عن الدواء فيقول هو ذا تسمع صوت الدق فيسكت ولما كَانَ بعد تسع ساعات مات وتخلص الأطباء .. ومن أخبار أبي قريش هَذَا مَا رواه يوسف بن إبراهيم ابن عيسى بن الحكم المتطبب قال لحم عيسى بن جعفر المنصور وكثر لحمه حَتَّى كاد يأتي عَلَى نفسه وأن الرشيد اغتم لذلك غماً شديداً وأمر المتطببين بمعالجته وكل منهم دفه أن يعرف فِي هَذَا حيلة وأن عيسى المعروف بأبي قريش سار إِلَى الرشيد وقال هل أن ابن عمك رزق معدة صحيحة وبدناً قابلاً للغذاء وجميع أموره جارية بما يحب والأبدان متى لَمْ تخلط عَلَى أصحابها طبائعهم وأحوالهم فتنال أبدانهم العلل فِي بعض الأوقات والغموم فِي بعضها والمكاره فِي وقت لَمْ يؤمن عَلَى أصحابها زيادة اللحم حَتَّى تضعف عن حمله العظام ويعجز فعل النفس وتبطل قوة الدماغ وهو يؤدي إِلَى عدم الحياة وابن عمك إن لَمْ تظهر التجني عَلَيْهِ أَوْ لَمْ تقصده بما يغمه من حيازة مال أَوْ أخذ عزيز من خدمه لَمْ يؤمن تزيد هَذَا اللحم حَتَّى يهلك نفسه فقال الرشيد لَهُ أنا أعلم أن الَّذِي ذكرت صحيح لا ريب فِيهِ غير أنه لا حيلة عندي فِي التغير لَهُ أَوْ غمه بما ينهك جسمه فإن كَانَتْ عندك حيلة فِي أمرها فاعملها فإني أكافئك متى رأيت لحمه انحط بعشرة آلاف دينار وآخذ لَكَ منه مثله فقال أبو قريش عندي حيلة فِي مائة إِلاَّ أني أخاف أن يعجل علي فليوجه معي أمير المؤمنين خادماً جليلاً من خدمه حَتَّى يمنعه من العجلة بقتلي ففعل الرشيد ذَلِكَ فلما دخل عَلَى عيسى بن جعفر أخذ ينبضه وأعلمه انه يحتاج أن يجس نبضه ثلاثة أيام قبل أن يذكر العلاج فانصرف وعاد إِلَيْهِ يومين آخرين وفعل بِهِ مثل ذَلِكَ وقال يه فِي اليوم الثالث أن الوصية أعز الله الأمير مباركة وهي غير مقدمة ولا مؤخرة وأرى أن الأمير يعهد فإن لَمْ يحدث حادث قبل أربعين يوماً عالجته بعلاج يبرأ فِي ثلاثة أيام ونهض من عنده وَقَدْ أودع قلبه من الحزن مَا امتنع معه من أكثر القرار والنوم واستتر أبو قريش خوفاً من إعلام الرشيد لعيسى بن جعفر بتدبيره فيفسد مَا بناه فلم تمض الأربعون يوماً إِلاَّ وَقَدْ انحطت منطقته خمس بشيزكان فلما كَانَ اليوم الأربعون صار أبو قريش إِلَى الرشيد وأعلمه أنه لا يشك فِي نقصان بدن ابن عمه وسأله الركوب إِلَيْهِ فركب الرشيد ودخل معه أبو قريش فلما رآه عيسى قال للرشيد أطلق لي يَا أمير المؤمنين قتل هَذَا الكافر فقد قتلني وأحضر منطقته وشدها وقال يَا أمير المؤمنين قَدْ نقص بدني هَذَا القدر بما أدخل عَلَى قلبي من الاستشعار المردي فسجد الرشيد شكراً لله تعالى وقال يَا بن عن إن أبا قريش رد عَلَيْكَ الحياة ونعم مَا احتال وَقَدْ أمرت لَهُ بعشرة آلاف دينار فأعطه من عندك مثلها ففعل عيسى بن جعفر ذَلِكَ وانصرف أبو قريش بعشرين ألف دينار .. ومن اخباره مَا رواه العباس بن علي بن المهدي أن الرشيد كَانَ قَدْ اتخذ جامعاً فِي بستان أم موسى وأمر إخوته وأهل بيته بحضوره فِي كل جمعة ليتولى الصلاة بهم فحضر الرشيد يوماً فِي ذَلِكَ البستان وحضر والدي عَلَى العادة هناك وَكَانَ يوماً شديد الحر وصلى فِي الجامع مع الرشيد وانصرف إِلَى دار لَهُ بسوق يحيى فأكسبه حر ذَلِكَ اليوم صداعاً كاد يذهب بصره فأحضر لَهُ جميع أطباء مدينة السلام وكان أحد من حضر أبا قريش هَذَا فرآهم وَقَدْ اجتمعوا للمناظرة فقال لَيْسَ يتفق لكم رأي حَتَّى يذهب بصر هَذَا ثُمَّ دعا بدهن بنفسج وماء ورد وخل خمر وجعلها فِي مضربة وضربها عَلَى راحته حَتَّى اختلط الجميع ووضعها عَلَى وسط رأسه وأمره بالصبر عَلَيْهِ حَتَّى ينشفه الرأس ثُمَّ زاده راحة أخرى فلما فعل ذَلِكَ ثلاث مرات سكن الصداع وعوفي وانصرف الأطباء وَقَدْ خجلوا منه .. ومن أخباره أن إبراهيم بن المهدي اعتل بالرقة من أعمال الجزيرة مع الرشيد علة صعبة فأمر الرشيد بإحضاره إِلَى والدته بمدينة السلام وَكَانَ بختيشوع حد بختيشوع الثاني يزاوله ويتولى علاجه ثُمَّ قدم الرشيد إِلَى مدينة السلام ومعه عيسى أبو قريش فأتي أبو قريش بن المهدي عائداً فرأى العلة قَدْ أذهبت لحمه وإذا ذابت شحمه فأصارته إِلَى اليأس من نفسه وَكَانَ أعظم مَا عَلَيْهِ فِي علته شدة الحمية قال إبراهيم فقال لي عيسى وحق المهدي لأعالجنك غداً علاجاً يكون فِيهِ برؤك قبل خروجي من عندك ثُمَّ دعا بالقهرمان بعد خروجه من عنده وقال لا تدع بمدينة السلام أسمن من ثلاثة فراريج كسكرية تذبحها الساعة وتعلقها فِي ريشها حَتَّى آمرك فِيهَا بأمري فِي غد إن شاء الله قال إبراهيم ثُمَّ بكر إِلَى أبو قريش عيسى ومعه ثلاث بطيخات رامشية قَدْ بردها فِي الثلج فِي ليلة ذَلِكَ اليوم ثُمَّ دعا بسكين فقطع لي من إحدى البطيخات قطعة ثُمَّ قال لي كل هَذِهِ القطعة فأعلمته أن بختيشوع يحميني من رائحة البطيخ فقال لي لذلك طالت علتك كل فإنه لا بأس عَلَيْكَ قال فأكلت القطعة بالتذاذ مني لَهَا ثُمَّ أمرني بالأكل فلم أزل آكل حَتَّى استوفيت بطيختين ثُمَّ قطع من الثالثة قطعة وقال جميع مَا أكلت للذة فكل هَذِهِ القطعة للعلاج فأكلتها بتكره فقطع لي أخرى وأومأ إِلَى الغلمان بإحضار الطشت فذرعني القيء فأحسبني تقيأت أربعة أضعاف مَا أكلت من البطيخ وكل ذَلِكَ مرة صفراء ثُمَّ أغمي عليَّ بعد ذَلِكَ وغلب عليَّ العرق فلم أزل فِي عرق متصل إِلَى أن صلى الظهر ثُمَّ انتبهت وَمَا أعقل جوعاً فدعوت بشيء آكله فأحضرني الفراريج وَقَدْ طبخ لي منها سكباجاً أجادها وأطلبها فأكلت منها حَتَّى تضلعت ونمت بعد أكلي إياها إِلَى آخر وقت العصر ثُمَّ قمت وَمَا أجد منت العلة إِلاَّ قليلاً ولا كثيراً فاتصل بي البرء وَمَا عادت لَكَ العلة من ذَلِكَ اليوم. جعفر أخذ ينبضه وأعلمه انه يحتاج أن يجس نبضه ثلاثة أيام قبل أن يذكر العلاج فانصرف وعاد إِلَيْهِ يومين آخرين وفعل بِهِ مثل ذَلِكَ وقال له فِي اليوم

الثالث أن الوصية أعز الله الأمير مباركة وهي غير مقدمة ولا مؤخرة وأرى أن الأمير يعهد فإن لَمْ يحدث حادث قبل أربعين يوماً عالجته بعلاج يبرأ فِي ثلاثة أيام ونهض من عنده وَقَدْ أودع قلبه من الحزن مَا امتنع معه من أكثر القرار والنوم واستتر أبو قريش خوفاً من إعلام الرشيد لعيسى بن جعفر بتدبيره فيفسد مَا بناه فلم تمض الأربعون يوماً إِلاَّ وَقَدْ انحطت منطقته خمس بشيزكان فلما كَانَ اليوم الأربعون صار أبو قريش إِلَى الرشيد وأعلمه أنه لا يشك فِي نقصان بدن ابن عمه وسأله الركوب إِلَيْهِ فركب الرشيد ودخل معه أبو قريش فلما رآه عيسى قال للرشيد أطلق لي يَا أمير المؤمنين قتل هَذَا الكافر فقد قتلني وأحضر منطقته وشدها وقال يَا أمير المؤمنين قَدْ نقص بدني هَذَا القدر بما أدخل عَلَى قلبي من الاستشعار المردي فسجد الرشيد شكراً لله تعالى وقال يَا بن عن إن أبا قريش رد عَلَيْكَ الحياة ونعم مَا احتال وَقَدْ أمرت لَهُ بعشرة آلاف دينار فأعطه من عندك مثلها ففعل عيسى بن جعفر ذَلِكَ وانصرف أبو قريش بعشرين ألف دينار .. ومن اخباره مَا رواه العباس بن علي بن المهدي أن الرشيد كَانَ قَدْ اتخذ جامعاً فِي بستان أم موسى وأمر إخوته وأهل بيته بحضوره فِي كل جمعة ليتولى الصلاة بهم فحضر الرشيد يوماً فِي ذَلِكَ البستان وحضر والدي عَلَى العادة هناك وَكَانَ يوماً شديد الحر وصلى فِي الجامع مع الرشيد وانصرف إِلَى دار لَهُ بسوق يحيى فأكسبه حر ذَلِكَ اليوم صداعاً كاد يذهب بصره فأحضر لَهُ جميع أطباء مدينة السلام وكان أحد من حضر أبا قريش هَذَا فرآهم وَقَدْ اجتمعوا للمناظرة فقال لَيْسَ يتفق لكم رأي حَتَّى يذهب بصر هَذَا ثُمَّ دعا بدهن بنفسج وماء ورد وخل خمر وجعلها فِي مضربة وضربها عَلَى راحته حَتَّى اختلط الجميع ووضعها عَلَى وسط رأسه وأمره بالصبر عَلَيْهِ حَتَّى ينشفه الرأس ثُمَّ زاده راحة أخرى فلما فعل ذَلِكَ ثلاث مرات سكن الصداع وعوفي وانصرف الأطباء وَقَدْ خجلوا منه .. ومن أخباره أن إبراهيم بن المهدي اعتل بالرقة من أعمال الجزيرة مع الرشيد علة صعبة فأمر الرشيد بإحضاره إِلَى والدته بمدينة السلام وَكَانَ بختيشوع حد بختيشوع الثاني يزاوله ويتولى علاجه ثُمَّ قدم الرشيد إِلَى مدينة السلام ومعه عيسى أبو قريش فأتي أبو قريش بن المهدي عائداً فرأى العلة قَدْ أذهبت لحمه وإذا ذابت شحمه فأصارته إِلَى اليأس من نفسه وَكَانَ أعظم مَا عَلَيْهِ فِي علته شدة الحمية قال إبراهيم فقال لي عيسى وحق المهدي لأعالجنك غداً علاجاً يكون فِيهِ برؤك قبل خروجي من عندك ثُمَّ دعا

بالقهرمان بعد خروجه من عنده وقال لا تدع بمدينة السلام أسمن من ثلاثة فراريج كسكرية تذبحها الساعة وتعلقها فِي ريشها حَتَّى آمرك فِيهَا بأمري فِي غد إن شاء الله قال إبراهيم ثُمَّ بكر إِلَى أبو قريش عيسى ومعه ثلاث بطيخات رامشية قَدْ بردها فِي الثلج فِي ليلة ذَلِكَ اليوم ثُمَّ دعا بسكين فقطع لي من إحدى البطيخات قطعة ثُمَّ قال لي كل هَذِهِ القطعة فأعلمته أن بختيشوع يحميني من رائحة البطيخ فقال لي لذلك طالت علتك كل فإنه لا بأس عَلَيْكَ قال فأكلت القطعة بالتذاذ مني لَهَا ثُمَّ أمرني بالأكل فلم أزل آكل حَتَّى استوفيت بطيختين ثُمَّ قطع من الثالثة قطعة وقال جميع مَا أكلت للذة فكل هَذِهِ القطعة للعلاج فأكلتها بتكره فقطع لي أخرى وأومأ إِلَى الغلمان بإحضار الطشت فذرعني القيء فأحسبني تقيأت أربعة أضعاف مَا أكلت من البطيخ وكل ذَلِكَ مرة صفراء ثُمَّ أغمي عليَّ بعد ذَلِكَ وغلب عليَّ العرق فلم أزل فِي عرق متصل إِلَى أن صلى الظهر ثُمَّ انتبهت وَمَا أعقل جوعاً فدعوت بشيء آكله فأحضرني الفراريج وَقَدْ طبخ لي منها سكباجاً أجادها وأطلبها فأكلت منها حَتَّى تضلعت ونمت بعد أكلي إياها إِلَى آخر وقت العصر ثُمَّ قمت وَمَا أجد منت العلة إِلاَّ قليلاً ولا كثيراً فاتصل بي البرء وَمَا عادت لَكَ العلة من ذَلِكَ اليوم. أبو مخلد بن بختيشوع الطبيب النصراني هَذَا طبيب من البيت المذكور طب وتصرف فِي هَذِهِ الصناعة ببغداد وعرف بهذا الشأن وَكَانَ مبارك المباشرة وعمر طويلاً وهو محمود الطريقة سالم الجانب وتوفي ببغداد فِي يوم الأحد النصف من جمادى الأولى سنة سبع عشرة وأربعمائة. أبو يحيى المروروزي ويقال لَهُ المروزي أيضاً هَذَا رجل قرأ عَلَيْهِ أبو بشر متي بن بولس وكان فاضلاً ولكنه كَانَ سريانياً وجميع مَا لَهُ فِي المنطق وغيره بالسريانية وَكَانَ طبيباً بمدينة السلام. أبو يحيى المروزي غير الأول كَانَ طبيباً مذكوراً عالماً بالهندسة مشهوراً فِي وقته ببغداد. أبو يعقوب الهوازي كَانَ طبيباً مذكوراً عالماً بهذا الشأن وهو من جملة الأطباء الذين أمر بجمعهم عضد الدولة عند عمارة البيمارستان ببغداد وجعله من جملة المرتبين فِيهِ للطب وَلَهُ مقالة فِي السكنجبين البروزي وَكَانَ خبيراً جميل الطريقة.

الأبناء في أسماء الحكماء

الأبناء فِي أسماء الحكماء ابن أبي رمثة كَانَ طبيباً عالماً بصناعة اليد وَكَانَ فِي زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى خاتم النبوة وظنه ألماً فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم دعني أعالجه فإني رفيق الصنعة فقال رسول الله أنت طبيب والرفيق الله. ابن وصيف كَانَ طبيباً ببغداد فِي حدود سنة خمسين وثلاثمائة وَكَانَ خبيراً بطب العين قيماً بِهِ لَمْ يكن فِي زمانه أعلم منه أخذ الناس عنه ذَلِكَ ورحل إِلَيْهِ من الأقطار فممن رحل إِلَيْهِ من الأندلس أحمد بن يونس الحراني الأندلسي وأخوه قال أحمد بن يونس هَذَا حضرت بَيْنَ يدي ابن وصيف وَقَدْ أحضر سبعة أنفس لقدح أعينهم وَفِي جملتهم رجل من أهل خراسان وأقعده بَيْنَ يديه ونظر إِلَى عينيه فرأى ماء تهيأ للقدح فساومه عَلَى ذَلِكَ واتفق معه عَلَى ثمانين درهماً وحلف أنه لا يملك غيرها فلما حلف الرجل اطمأن وضعه إِلَى نفسه فوقعت يده عَلَى عضده فوجد فِيهَا نطاقاً صغيراً فِيهِ دنانير فقال لَهُ ابن وصيف مَا هَذَا فتلوي فقال لَهُ ابن وصف قَدْ حلفت بالله وأنت حانث وترجو رجوع بصرك إِلَيْكَ والله لا أعالجك إذ خادعت ربط فطلب إِلَيْهِ فأبي أن يقدحه وصرف إِلَيْهِ الثمانين درهماً. ابن سيمويه اليهودي كَانَ معروفاً بهذا الشأن وَلَهُ فِيهِ تصانيف منها. كتاب المدخل إِلَى علم النجوم. كتاب الأمطار. ابن أبي رافع كَانَ فاضلاً وَلَهُ من الكتب. كتاب اختلاف الطوالع. ابن أبي حية المنجم البغدادي هَذَا رجل كَانَ تلميذاً لجعفر بن

المكتفي آخذاً عنه قائماً بعلمه ملازماً لَهُ وَكَانَ جعفر بن المكتفي من القائمين بهذه العلوم. ابن مندويه الأصفهاني هَذَا لَهُ كناش مليح فِي الطب حلو الكلام وَكَانَ من البيوت الأجلاء ولما عمر عضد الدولة فناخسرو البيمارستان ببغداد جمع إِلَيْهِ الأطباء من كل موضع فاجتمع إِلَيْهِ أربعة وعشرون وهو واحد منهم فيما قيل والله أعلم وَكَانَ فِي ابن مندويه أدب وفضل وَلَهُ كتاب فِي الشعر والشعراء كبير حسن الوصف وقيل هو لأبيه واسم ابن مندويه هَذَا أحمد بن عبد الرحمن بن مندويه أبو علي وَكَانَ أبوه من البلغاء فِي زمانه يقوم باللغة والنحو والشعر وأبو علي ولده هَذَا أديب شاعر طبيب وَلَهُ فِي الطب عدة تصانيف منها. كتاب نقض الجاحظ فِي نقضه للطب. كتاب الجامع الكبير. كتاب الأغذية. كتاب الطبيخ. كتاب المغيث فِي الطب. كتاب الكافي فِي الطب وَلَهُ عدة رسائل طبية إِلَى أهل أصفهان يتداولونها. ابن مقشر هَذَا طبيب مصري كَانَ يطبب مولانا الحاكم وهو من أطباء الخاصة بالديار المصرية لَهُ يد فِي المباشرة والمعالجة وَلَمْ يشتهر عنه علم فِي هَذَا الشأن ولا ظهر لَهُ تصنيف وبلغ مع هَذَا أعلى المنازل وأسناها ولما مرض ابن مقشر عاده الحاكم بنفسه ولما مات أسف عَلَيْهِ وأطلق لمخلفيه مالاً جزيلاً وافراً وَكَانَ فِي حياته واسع الحال. ابن اللجاج طبيب مذكور وَكَانَ فِي زمن المنصور من بني العباس ولما حج المنصور حجته التي مات فِيهَا كَانَ فِي صحبته من المتطببين ابن اللجاج هَذَا ومن المنجمين أبو سهل بن نوبخت. ابن ديلم النصراني الطبيب البغدادي كَانَ هَذَا الرجل طيباً فِي دار السلطان فِي الأيام المعتضدية وقبلها وبعدها وَكَانَ موجوداً ببغداد فِي حدود سنة ثلاثمائة وَلَهُ علو قدر وسمو ذكر جودة معاناة ونال بصناعته دنيا واسعة وأظهر التجمل العظيم والرفاهية الزائدة. ابن فلبذي المنجم الصابئ البعلبكي كَانَ يصحب الإخشيد محمد بن طغج وَلَمْ يكن مجيداً فِي الحساب النجومي عَلَى مَا يقوله أهل زمنه وإنما كَانَ جيد الرزق لَهُ حظ فِي سهم الغيث عَلَى ما يقوله المنجمون فِي أمثاله. ابن أبي طاهر هَذَا رجل كَانَ يعاني الأحكام النجومية ببغداد وَكَانَ

لَهُ حظ فِي سهم الغيب يصدق بِهِ فيما يقوله عَلَى الأكثر. ابن العجم طبيب منجم خبير بعلوم الأوائل مذكور فِي الدولة البويهية مشهور فِي بلاد فارس والبصرة فِي العراق مرتزق بالطب مقدم فِيهِ حسن المعالجة مات فِي حدود سنة ثلاثين وأربعمائة. ابن السنبدي هَذَا رجل كَانَ بمصر وهو من أهل المعرفة والعلم والخبرة بعمل الاصطرلاب والحركات وَقَدْ رأينا من عمله آلات حسنة الوضع فِي شكلها صحيحة التخطيط فِي بابها قال ابن السنبدي كَانَ الوزير أبو القاسم علي بن أحمد الجرجاني تقدم فِي سنة خمس وثلاثين وأربعمائة قبل وفاته باعتبار خزانة الكتب بالقاهرة وان يعمل لَهَا فهرست وبرم مَا أخلق من جلودها وانفذ القاضي أبا عبد الله القضاعي وابن خلف الوراق ليتوليا ذَلِكَ وحضر القصر وحضرت لأشاهد مَا يتعلق بصناعتي فرأيت من كتب النجوم والهندسة والفلسفة خاصة ستة آلاف وخمسمائة جزء وكرة نحاس من عمل بطليموس وعليها مكتوب حملت هَذِهِ الكرة من الأمير خالد بن يزيد بن معاوية وتأملنا مَا مضي من زمانها فكان ألفاً ومائتين وخمسين سنة وكرة أخرى من عمل أبي الحسين الصوفي للملك عضد الدولة وزنها ثلاثة آلاف درهم قَدْ اشتريت بثلاثة آلاف دينار. بنو موسى بن شاكر أصحاب كتاب حيل بني موسى قَدْ مر ذكرهم فِي ترجمة أبيهم وَقَدْ رأيت أن أذكر قطعة من مجموع أخبارهم فِي هَذَا الموضع من الأبناء فأنهم لا يعرفون إِلاَّ ببني موسى وأشهر مَا بنسب إليهم الكتاب المعروف بحيل بني موسى وهم محمد وأحمد والحسن ويعرف أولادهم من بعدهم ببني المنجم وَكَانَ والدهم موسى بن شاكر يصحب المأمون والمأمون يرغي حقه فِي أولاده هؤلاء المذكورين وَلَمْ يكن موسى والدهم من أهل العلم والأدب بل كَانَ فِي حداثته حرامياً يقطع الطريق ويتزيى بزي الجند وَكَانَ شجاعاً

مجرباً وَكَانَ يصلي العتمة مع جيرانه فِي المسجد ثُمَّ يخرج فيقطع الطريق عَلَى فراسخ كثيرة من طريق خراسان ويركب عَلَى فرس لَهُ أشقر ويشد عَلَى يديه ورجليه خرقاً بيضاً ليظن من يراه بالليل أنه محجل ويغير زيه ويتلثم وَكَانَ لَهُ جاسوس يأتيه بخبر من يخرج ومعه مال وربما لقي الجماعة وقاومهم وغلبهم وينصرف من ليلته فيصلي الصبح مع الجماعة فِي المسجد فلما كثر فعله واشتهر اتهم فشهد لَهُ الجماعة بملازمة الصلاة معهم فِي أول الليل وآخره فاشتبه ثُمَّ إنه تاب ومات وخلف هؤلاء الأولاد الثلاثة صغاراً فوصى بهم المأمون إسحاق بن إبراهيم المصغي وأثبتهم مع يحيى بن أبي منصور فِي بيت الحكمة وَكَانَتْ كتبه ترد من بلاد الروم إلى إسحاق بأن يراعيهم ويوصيه بهم ويسأل عن أخبارهم حَتَّى قال جعلني المأمون لأولاد موسى بن شاكر وَكَانَتْ حالتهم رثة رقيقة وأرزاقهم قليلة عَلَى أن أرزاق أصحاب المأمون كلهم كَانَتْ قليلة عَلَى رسم أهل خراسان فخرج بنو موسى بن شاكر نهاية فِي علومهم وَكَانَ أكبرهم وأجلهم أبو جعفر محمد وَكَانَ وافر الحظ من الهندسة والنجوم عالماً بإقليدس والمجسطي وجمع كتب النجوم والهندسة والعدد والمنطق وَكَانَ حريصاً عَلَيْهَا قبل الخدمة يكد نفسه فِيهَا ويصبر وصار من وجوه القواد إِلَى أن غلب الأتراك عَلَى الدولة وذهبت دولة أهل خراسان وانتقلت إِلَى العراق فعلت منزلته واتسع حاله إِلَى أن كَانَ مدخوله فِي كل سنة بالحضرة وفارس ودمشق ونحوها نحو أربعمائة ألف دينار ومدخول أحمد أخيه نحو سبعين ألف دينار وَكَانَ أحمد دون أخيه فِي العلم إِلاَّ صناعة الحيل فإنه قَدْ فتح لَهُ مَا لَمْ يفتح مثله لأخيه محمد ولا لغيره من القدماء المتحققين بالحيل مثل أبرن وغيره وَكَانَ الحسن وهو الثالث منفرداً بالهندسة وَلَهُ طبع عجيب فِيهَا لا يدانيه أحد علم كل مَا علم بطبعه وَلَمْ يقرأ من كتب الهندسة إِلاَّ ست مقالات من كتاب إقليدس فِي الأصول فقط وهي أقل من نصف الكتاب ولكن ذكره كَانَ عجيباً وتخيله كَانَ قوياً حَتَّى حدث نفسه باستخراج مسائل لَمْ يستخرجها أحد من الأولين كقسمة الزاوية بثلاثة أقسم متساوية وطرح خطين بَيْنَ خطين ذوي نوال عَلَى نسبه فكان يحللها ويردها إِلَى المسائل الآخر ولا ينتهي إِلَى آخر

أمرها لأنها قَدْ أعيت الأولين فكان يروض فكره فِيهَا حَتَّى أنه حكى عن نفسه أنه يغرق فِي الفكر فِي مجلس فِيهِ جماعة فلا يسمع مَا يقولون ولا يحس بِهِ وهذا قَدْ يعرض لأصحاب الهندسة قال ولقد فكرت يوماً فأطلت ثُمَّ قطعت الفكر لما غرقت فِيهِ فرأيت الدنيا قَدْ أظلمت فِي عيني وَكَانَ مغشي علي أَوْ أنا فِي حلم وسأل الحسن هَذَا بحضرة المأمون يوماً المروزي وَكَانَ جيد العلم بكتاب إقليدس والمجسطي فقط وَلَمْ يكن لَهُ فكر يستخرج بِهِ شيئاً من المسائل الهندسية فدعاه الحسن بن موسى إِلَى أن يلقي عَلَيْهِ مسألة ويلقي هو عَلَى الحسن مسألة وَلَمْ يكن المروزي من رجاله فقال المروزي يَا أمير المؤمنين أنه لَمْ يقرأ من كتاب إقليدس إِلاَّ ست مقالات وَكَانَ عند المأمون أن من لَمْ يقرأ هَذَا الكتاب لا يعد مهندساً البتة فالتفت المأمون إِلَى الحسن غير مصدق للمروزي وسأله عن دعواه كالمنكر فقال والله يَا أمير المؤمنين لَوْ استخرجت الكذب لأنكرت قوله ودعوت إِلَى المحنة لأنه لَمْ يكن يسألني عن شكل من أشكال المقالات الَّتِي لن أقرأها إِلاَّ استخرجت بفكري وأتيته بِهِ وَلَمْ يكن يضرني أني لَمْ أقرأها إذ كَانَتْ هَذِهِ قوتي فِي الهندسة ولا تنفعه قراءته لَهَا إذ كَانَ من الضعف فِيهَا بحيث لَمْ تغنه قراءته فِي أصغر مسألة من الهندسة فإنه لا يحسن أن يستخرجها فقال لَهُ المأمون مَا أدفع قولك ولكني مَا أعذرك ومحلك من الهندسة محلك أن يبلغ بك الكسل أن لا تقرأه كله وهو أصل الهندسة بمنزلة حروف اب ت ث للكلام والكتابة. مأمون مَا أدفع قولك ولكني مَا أعذرك ومحلك من الهندسة محلك أن يبلغ بك الكسل أن لا تقرأه كله وهو أصل الهندسة بمنزلة حروف اب ت ث للكلام والكتابة. ابن رضوان المصري واسمه علي بن رضوان بن علي بن جعفر الطبيب كَانَ عالم مصر فِي أوانه فِي الأيام المستنصرية فِي وسط المائة الخامسة وَكَانَ فِي أول أمره منجماً يعقد عَلَى الطريق ويرتزق لا بطريق التحقيق كعادة المنجمين ثُمَّ قرأ شيئاً من الطب وشيئاً من المنطق وكان من المغلقين لا المحققين وَلَمْ يكن حسن المنظر ولا الهيئة ومع هَذَا تتلمذ لَهُ جماعة من الطلبة وأخذوا عنه وسار ذكره وصنف كتباً لَمْ تكن غاية فِي بليها بل هي مختطفة ملتقطة مبتكرة مستنبطة ولابن بطلان معه مجالس ومحاورات وسؤالات وَقَدْ ذكرت بعضها فِي أخبار ابن بطلان

ورأيت لابن رضوان كتاباً فِي أحكام النجوم شرح فِيهِ الأربعة لبطليموس لَمْ يأت فِيهِ بكبير ورأيت لَهُ كتاباً فِي ترتيب كتب جالينوس فِي الطب وكيف نوع قراءتها عند أخذها حام فِيهِ حول كلام الإسكندرانيين فأما تلاميذه فقد كانوا ينقلون عنه من التعاليل الطبية والأقاويل النجومية والألفاظ المنطقية مَا يضحك منه إن صدق النقلة وَلَمْ يزل ابن رضوان بمصر متصدراً لإفادة مَا هو موسوم بِهِ من هَذِهِ الأنواع العلمية إِلَى أن توفي حدود سنة ستين وأربعمائة وَكَانَ ابن رضوان يكتب خطأ متوسطاً من خطوط الحكماء جالساً مبين الحروف رأيت بخطه مقالة الحسن بن الحسن بن الهيثم فِي ضوء القمر قَدْ شكله تشكيلاً حسناً صحيحاً يدل عَلَى شجره فِي هَذَا الشأن وكتب فِي آخره وكتبه علي بن رضوان بن جعفر الطبيب لنفسه وَكَانَ الفراغ منها فِي اليوم الجمعة النصف من شعبان سنة 422 للهجرة النبوية وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وَعَلَى آله وصحبه وسلم .. تم الكتاب والحمد لله أولاً وآخراً.

§1/1