إخبار أهل الرسوخ في الفقه والتحديث بمقدار المنسوخ من الحديث

ابن الجوزي

مقدمة المؤلف

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة المؤلف الْحَمْدُ للَّهِ الْعَظِيمِ فِي مَجْدِهِ، الْكَرِيمِ فِي رِفْدِهِ، الْمُتَفَرِّدِ بِتَقْلِيبِ قَلْبِ عَبْدِهِ، الْمُبْتَلِي بِالشَّيْءِ وَضِدِّهِ. أَحْمَدُهُ عَلَى حَمْدِهِ، وَأُصَلِّي عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَجُنْدِهِ وَأُسَلِّمُ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. وَبَعْدُ: فَإِنِّي لَمَّا رَأَيْتُ تَخْلِيطَ الْقُدَمَاءِ فِي عِلْمِ نَاسِخِ الْقُرْآنِ وَمَنْسُوخِهِ، جَمَعْتُ فِيهِ كِتَابًا مُهَذَّبًا عَنْ زَلَلِهِمْ سَلِيمًا عَنْ خَطَلِهِمْ، يُبَيِّنُ عوَارَ مَذْهَبِهِمْ، وَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ كُتُبِهِمْ، ثُمَّ اخْتَصَرْتُ مِنْهُ جُزْءًا لَطِيفًا لِلْحِفْظِ يَجْمَعُ عُيُونَهُ، وَيُحَصِّلُ مَضْمُونَهُ. ثُمَّ رَأَيْتُ تَخْلِيطَهُمْ فِي عِلْمِ نَاسِخِ الْحَدِيثِ وَمَنْسُوخِهِ. فَأَلَّفْتُ فِيهِ كِتَابًا عَلَى نَحْوِ مَا وَصَفْتُ فِي الْفَنِّ الأَوَّلِ، إِلا أَنَّهُ احْتَوَى عَلَى ذِكْرِ كَثِيرٍ مِنْ أَغْلاطِهِمْ، فَطَالَ. فَرَأَيْتُ أَنْ أُفْرِدَ فِي هَذَا الْكِتَابِ قَدْرَ مَا صَحَّ نَسْخُهُ أَوِ احْتُمِلَ، وَأَعْرِضُ عَمَّا لا وَجْهٌ لِنَسْخِهِ وَلا احْتِمَالٌ. فَمَنْ سَمِعَ بِخَبَرٍ يُدَّعَى عَلَيْهِ النَّسْخُ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَلْيَعْلَمْ وُهِيَّ تِلْكَ الدَّعْوَى. وَهَا أَنَا أَذْكُرُ ذَلِكَ عَارِيًا عَنِ الأَسَانِيدِ

لِيَكُونَ عُجَالَةَ الْحَافِظِ، وَقَدْ تَدَبَّرْتُهُ، فَإِذَا بِهِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

الحديث الأول

الحديث الأول رَوَى حُذَيْفَةُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ وَهُوَ قَائِمٌ. وَرَوَى جَابِرٌ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ قَائِمًا.

وَقَدِ ادَّعَى قَوْمٌ نَسْخَ الأَوَّلِ بِالثَّانِي وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، بَلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَجْهٌ، فَإِنَّ نَهْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبَوْلِ قَائِمًا لِئَلا يَعُودَ رَشَاشُهُ عَلَى الْبَائِلِ.

الحديث الثاني

وَلِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَّهُ لِمَرَضٍ مَنَعَهُ مِنَ الْقُعُودِ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ اسْتَشْفَى بِذَلِكَ مِنْ مَرَضٍ وَالْعَرَبُ تَسْتَشْفِي بِالْبَوْلِ قَائِمًا. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الْقُعُودِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لِكَثْرَةِ النَّجَاسَةِ، فَكَأَنَّهُ بَالَ مِنْ عُلُوٍّ إِلَى سُفْلٍ. الحديث الثاني رَوَى أَبُو أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ، وَلا تَسْتَدْبِرُوهَا.

وَرَوَى جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ نَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ أَوْ نَسْتَقْبِلَهَا بِفُرُوجِنَا، ثُمَّ رَأَيْتُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ يَبُولُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ. وَقَدْ ظَنَّ جَمَاعَةٌ نَسْخَ الأَوَّلِ بِالثَّانِي، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلِ الأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ كَانَ فِي الصَّحَرَاءِ، وَالثَّانِي عَلَى مَا كَانَ فِي الْبُنْيَانِ.

الحديث الثالث

الحديث الثالث رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ فَقَالَ: أَلا اسْتَمْتَعْتُمْ بِجِلْدِهَا، فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ. فَقَالَ: إِنَّمَا حُرِّمَ أَكْلُهَا.

وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ، قَالَ: أَتَانَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرٍ أَنْ لا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلا عَصَبٍ. قَالَ الأَثْرَمُ: كَأَنَّهُ نَاسِخٌ لِلأَوَّلِ، أَلا تَرَاهُ يَقُولُ قَبْلَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَهْرٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ الإِبَاحَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِيَوْمٍ. وَالإِهَابُ: اسْمٌ لِلْجِلْدِ قَبْلَ الدِّبَاغِ. وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ

الحديث الرابع

مُضْطَرِبٌ جِدًّا وَلا يُقَاوَمُ بِهِ الأَوَّلُ؛ لأَنَّهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. الحديث الرابع رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: تَوَضَّئُوا مِمَّا أَنْضَجَتِ النَّارُ. وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ كَتِفًا ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.

قَالَ جَابِرٌ: آخِرُ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ. وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى النَّسْخِ.

الحديث الخامس

وَقَدْ رَوَى عِكْرَاشٌ: أَنَّهُ أَكَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَصْعَةً مِنْ ثَرِيدٍ ثُمَّ أُتِيَ بِمَاءٍ فَغَسَلَ يَدَهُ وَفَمَهُ، وَمَسَحَ بِوَجْهِهِ، وَقَالَ يَا عِكْرَاشُ: هَذَا الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ. الحديث الخامس رَوَى طَلْقُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلا قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَيَتَوَضَّأُ أَحَدُنَا

إِذَا مَسَّ ذَكَرَهُ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: هَلْ هُوَ إِلا بَضْعَةٌ مِنْكَ، أَوْ مِنْ جَسَدِكَ. وَقَدْ رَوَى عُمَرُ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو أَيُّوبَ، وَزَيْدُ بْنُ خَالِدٍ الْجُهَنِيُّ، وَجَابِرٌ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةُ، وَأُمُّ حَبِيبَةَ،

الحديث السادس

وَبُسْرَةُ: أَنَّ النَّبِيَّ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ. وَفِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ: مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ. وَقَدِ ادَّعَى قَوْمٌ نَسْخَ حَدِيثِ طَلْقٍ بِهَذَا وَعَلَّلُوا بِأَنَّ طَلْقًا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يُؤَسِّسُونَ الْمَسْجِدَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ أَسْلَمَ مُتَأَخِّرًا وَهُوَ قَوْلٌ مُحْتَمِلٌ لِلنَّسْخِ. الحديث السادس رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ

قَالَ: الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ. هَذَا الْحَدِيثُ كَانَ مَعْمُولا بِهِ فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ ثُمَّ نُسِخَ. قَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: إِذَا جَاوَزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ وَجَبَ الْغُسْلُ.

الحديث السابع

الحديث السابع رَوَى أَبُو سَعِيدٍ يَبْلُغُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ. وَقَدِ ادَّعَى قَوْمٌ نَسْخَهُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: مَنْ تَوَضَّأَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ. وَفِي هَذَا ضَعْفٌ. لأَنَّ الْحَدِيثَ الأَوَّلَ أَقْوَى، وَإِنَّمَا تَأَوَّلَهُ قَوْمٌ مِنْهُمُ

الحديث الثامن

الْخَطَّابِيُّ فَقَالُوا فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاجِبٌ أَيْ: لازِمٌ مِنْ بَابِ الاسْتِحْسَانِ كَمَا تَقُولُ: حَقُّكَ عَلَيَّ وَاجِبٌ. الحديث الثامن رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الصَّلاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ. وَرَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: مَا دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ

الْعَصْرِ قَطُّ إِلا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. الْحَدِيثُ الأَوَّلُ فِي الصَّحِيحَيْنِ. قَالَ الأَثْرَمُ: وَحَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا خَطَأٌ، وَوَجْهُ كَوْنِهِ خَطَأٌ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ فَشَغَلَهُ قَوْمٌ فَصَلاهَا تَعْنِي بَعْدَ الْعَصْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْصُوصًا بِجَوَازِ الصَّلاةِ فِي الأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنِ

الصَّلاةِ فِيهَا، كَمَا خَصَّ بِجَوَازِ الْوِصَالِ.

الحديث التاسع

الحديث التاسع رَوَى وَائِلُ بْنُ حُجْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَضَعُ يَدَيْهِ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِذَا رَكَعَ. وَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُنَّا نَفْعَلُ ذَلِكَ ثُمَّ أُمِرْنَا بِالرُّكَبِ. فَهَذَا صَرِيحٌ فِي الإِخْبَارِ بِالنَّسْخِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الحديث العاشر

الحديث العاشر رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُصَلِّي فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلامَ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ نَأْتِيَ أَرْضَ الْحَبَشَةِ يَعْنِي وَهُوَ فِي الصَّلاةِ فَلَمَّا قَدِمْنَا سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا: إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ وَإِنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ أَنْ لا يُتَكَلَّمَ فِي الصَّلاةِ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِي النَّسْخِ.

الحديث الحادي عشر

الحديث الحادي عشر رَوَى أَبُو سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا رَأَيْتُمُ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا لَهَا. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا مَرَّةً فَلَمَّا نُهِيَ انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ

الحديث الثاني عشر

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فَقُمْنَا وَقَعَدَ فَقَعَدْنَا. وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ الْقِيَامِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُمْكِنُ الْجَمْعَ، فَيُقَالُ: الْقِيَامُ لَهَا مُسْتَحَبٌّ. وَالْجُلُوسُ جَائِزٌ، فَلا نَسْخٌ. الحديث الثاني عشر رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَدْرَكَهُ الصُّبْحُ وَهُوَ جُنُبٌ فَلا صَوْمَ لَهُ.

فَلَمَّا بَلَغَ هَذَا عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا فَيَقُومُ فَيَغْتَسِلُ وَيَخْرُجُ وَالْمَاءُ يَتَحَدَّرُ عَلَى جِلْدِهِ فَيَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ هَذَا قَدْ كَانَ فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ ثُمَّ نُسِخَ بِمَا ذَكَرْنَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ إِشَارَةً إِلَى مَنْ يُجْنِبُ مِنَ الْجِمَاعِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالإِمْسَاكِ وَلا يُعْتَدُّ لَهُ بِصَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ.

الحديث الثالث عشر

الحديث الثالث عشر رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَبُو زَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَشَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ، وَثَوْبَانُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو سَعِيدٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَعَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ. عَنِ النَّبِيِّ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ. وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ثَلاثٌ لا يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ: الْقَيْءُ، وَالْحُلُمُ، وَالْحِجَامَةُ ".

وَرَوَى أَنَسٌ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ، فَقَالَ: أَفْطَرَ هَذَانِ. ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ، الأَحَادِيثَ.

الحديث الرابع عشر

الأَوَّلُ: أَثْبَتُ مِنْ هَذَيْنِ، وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ يَرْوِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى ضَعْفِهِ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ يَرْوِيهِ خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْبَجَلِيُّ فَلَوْ صَحَّ كَانَ صَرِيحًا فِي النَّسْخِ، غَيْرَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ طَعَنَ فِي خَالِدٍ. وَقَالَ: لَهُ أَحَادِيثُ مَنَاكِيرُ. الحديث الرابع عشر رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. وَرَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ صَامَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ فَرِيضَةُ رَمَضَانَ تُرِكَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَهُ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ كَانَ وَاجِبًا فَنُسِخَ.

الحديث الخامس عشر

الحديث الخامس عشر رَوَى سَبْرَةُ الْجُهَنِيُّ، قَالَ: أَذِنَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُتْعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ مَكَّةَ حَتَّى حَرَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ مِنَ النِّسَاءِ، ثُمَّ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ مُتْعَةَ النِّسَاءِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُفَارِقْهُ، وَلا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ يَوْمَ خَيْبَرَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: الأَحَادِيثُ مُتَّفِقَةٌ عَلَى نَسْخِ الْمُتْعَةِ، إِلا أَنَّ الأَوَائِلَ تَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ التَّحْرِيمِ بِمَكَّةَ. وَحَدِيثُ عَلِيٍّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِخَيْبَرَ وَهُوَ مُقَدَّمٌ لِثَلاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَحَدِيثُ سَبْرَةَ مِنْ أَفْرَادِ

مُسْلِمٍ. وَالثَّانِي: أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَعْلَمُ بِأَحْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِهِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ أَثْبَتُ تَقْدِيمًا فِي الزَّمَانِ لِمَا خَفِيَ عَلَى غَيْرِهِ، وَكَأَنَّهُمُ اسْتَعْمَلُوا عِنْدَ فَتْحِ مَكَّةَ مَا كَانُوا يَبِيحُونَهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِالنَّاسِ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ فَنَهَاهُمْ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ خَفِيَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِهَا مُدَّةً حَتَّى نَهَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: اسْتَمْتَعْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الحديث السادس عشر

حَتَّى نَهَانَا عَنْهُ عُمَرُ فِي شَأْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ. الحديث السادس عشر رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُؤْكَلَ لَحْمُ الأَضَاحِي بَعْدَ ثَلاثٍ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا أَنْ نَحْبِسَهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَأْكُلَ وَنَدَّخِرَ.

الحديث السابع عشر

الحديث السابع عشر قَدْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْمُزَفَّتِ، وَالنَّقِيرِ. وَصَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنِ الأَوْعِيَةِ

الحديث الثامن عشر

فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ وَلا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا. وَهَذَا دَلِيلُ النَّسْخِ. الحديث الثامن عشر رَوَى أَبُو سَعِيدٍ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لا تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئًا إِلا الْقُرْآنَ فَمَنْ كَتَبَ عَنِّي شَيْئًا فَلْيَمْحُهُ. وَرَوَى أَنَسٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابِ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: نَهَى فِي أَوَّلِ الأَمْرِ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّ السُّنَنَ

الحديث التاسع عشر

تَكْثُرُ فَيَفُوتُ الْحِفْظُ أَجَازَ الْكِتَابَةَ. الحديث التاسع عشر قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ. وَقَدْ رَوَى الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ: أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَبِيتُونَ فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ

الحديث العشرون

وَذَرَارِيهِمْ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هُمْ مِنْهُمْ. وَكَانَ الزُّهْرِيُّ إِذَا حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ، يَقُولُ: هَذَا مَنْسُوخٌ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ بِصَحِيحٍ، وَإِنَّمَا النَّهْيُ عَنْ تَعَمُّدِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ بِالْقَتْلِ، وَحَدِيثُ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ فِيمَا لَمْ يُتَعَمَّدْ فَلا تَنَاقُضَ بَيْنَهُمَا. الحديث العشرون رَوَى بُرَيْدَةُ: أَنَّ رَجُلا كَذَبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ رَجُلا، فَقَالَ: إِنْ وَجَدْتَهُ حَيًّا فَاقْتُلْهُ، وَإِنْ وَجَدْتَهُ مَيِّتًا فَحَرِّقْهُ فَانْطَلَقَ فَوَجَدَهُ قَدْ مَاتَ فَحَرَّقَهُ بِالنَّارِ. وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً، فَقَالَ: إِنْ وَجَدْتُمْ هَبَّارَ بْنَ الأَسْوَدِ، فَاجْعَلُوهُ بَيْنَ حُزْمَتَيْ حَطَبٍ وَاحْرِقُوهُ بِالنَّارِ، ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: لا تُعَذِّبُوا بِالنَّارِ، لا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلا رَبُّ النَّارِ.

الحديث الحادي والعشرون

الحديث الحادي والعشرون رَوَى عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلامُ، قَالَ: أَهْدَى كِسْرَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبِلَ مِنْهُ، وَأَهْدَى لَهُ قَيْصَرُ فَقَبِلَ مِنْهُ، وَأَهْدَتْ لَهُ الْمُلُوكُ فَقَبِلَ مِنْهَا. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ أُكَيْدِرَ دَوْمَةَ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبًا. وَرَوَى كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا أَقْبَلُ

هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ. وَفِي حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حَمَّارٍ أَنَّهُ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةً وَهُوَ مُشْرِكٌ فَرَدَّهَا، وَقَالَ: إِنَّا لا نَقْبَلُ زَبْدَ الْمُشْرِكِينَ، زَبْدُهُمْ: عَطَايَاهُمْ. وَفِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ أَحَادِيثَ الْقَبُولِ أَثْبَتُ، وَفِي حَدِيثِ عِيَاضٍ إِرْسَالٌ. وَالثَّانِي: أَنَّ حَدِيثَ عِيَاضٍ مُتَقَدِّمٌ، وَحَدِيثَ الأُكَيْدِرِ فِي آخِرِ الأَمْرِ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ قَبِلَ الْهَدِيَّةَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ دُونَ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَعِيَاضٌ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَيَبْقَى عَلَيْنَا أَنْ يُقَالَ:

كَيْفَ قَبِلَ مِنْ كِسْرَى؟ وَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْحَدِيثَ يَرْوِيهِ ثُوَيْرُ بْنُ أَبِي فَاخِتَةَ وَلَيْسَ بِثِقَةٍ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْقَبُولُ مَنْسُوخًا فِي حَقِّ مَنْ لا كِتَابَ لَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. هَذَا جَمِيعُ مَا فِي الأَحَادِيثِ مِنَ الْمَنْسُوخِ وَالْمُحْتَمِلِ لِلنَّسْخِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. تَمَّ كِتَابُ الرُّسُوخِ فِي عِلْمِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ.

§1/1