إجلاء الحقيقة في سيرة عائشة الصديقة
ياسين الخليفة الطيب المحجوب
المقدمة
الْمُقَدِّمَةُ الْحَمْدُ لِلَّهِ نَاصِرِ أَوْلِيَائِهِ الصَّادِقِينَ، ومُذِلِّ أَعْدَائِهِ الْكَاذِبِينَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمدٍ الصَّادِقِ الأَمِينِ، وعَلَى إِخوانِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، وأَصْحَابِهِ الْغُرِّ المَيَامِينَ، وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ. أَمَّا بَعْدُ: فإِنَّ إِشَاعَةَ مَنَاقِبِ أُمَّهَاتِ المؤمنين، وبيانَ فضْلِهن، والذَّبَ عَنْ عِرضِهِنَّ، مِن أَهَمِّ الْمُهِمَّاتِ، وَمِن أَوْجَبِ الْوَاجِبَاتِ، كَيْفَ لاَ وهنَّ زَوْجَاتُ النَّبِيِّ الكريم صلى الله عليه وسلم، وهنّ أُمهاتنا بنص القرآن: {النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} (1). ومن المَعْلومِ أَنَّ الأمَّهات لهن علينا حقوقٌ عظيمة، وواجباتٌ جسيمةٌ، فَبِرَّهُنَّ يُدْخِل الجنة، وعقوقهن يُدْخِل النار، وكان من أدنى البر أن نذكر فضائلهن، ونذب عن عرضهن. وفي هذا البحث أتناولُ سيرةَ إحدى أمهاتنا: أُمِّ المؤمنين، وحبيبةِ رسولِ ربِّ العالمين، الصديقة بنت الصديق، الطاهرة العفيفة، المبرأة من فوق سبع سماوات: عَائِشَة رضي الله عنها وأرضاها. لا يُذكرُ الطُّهرُ إلا قيلَ عَائِشَة ... رمزٌ لهُ وهوَ نورٌ في مُحيّاها نُجِلُّها نُطرِبُ الدنيا بِرَوعتها ... إذا انبرى بكلامِ السوءِ أشقاها نُرتِّلُ الوحيَ صفوًا عن طهارتِها ... ولا نُبالي بصوتٍ خاسئٍ تاها صدِّيقةٌ وابنةُ الصدِّيقِ ليس لها ... من مُشبِهٍ في الصَّبايا في مزاياها (2) ¬
كنتُ مهتمًا بسيرة زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبسيرة عَائِشَة رضي الله عنها على وجه الخصوص، ولكن بعد حادثة الإفك الحديثة الخبيثة، بدأت أقرأ عن كثب وبتأنٍ ورعايةٍ في فضائل عَائِشَة رضي الله عنها، وَطَفِقْتُ أبحث عن كل ما يختص بسيرتها ومناقبها وخصائصها، ومن ثم الرد على الشُّبُهَات المثارة حولها، حتى وقفتُ على (مسابقة أمنا عَائِشَة ملكة العفاف) التي قامت بها مؤسسة الدرر السنية، فعزمتُ على المشاركة فيها رغم كثرة الانشغالات، وتجدد الصوارف، والله المستعان، وقد سميتُ البحث: (إجلاء الحقيقة في سيرة عائشة الصديقة). وقد عملت في هذا البحث بما وسعه الجهد، وسمح به الوقت، وتوصَّل إليه الفهم المتواضع، ولا أدعي فيه الكمال فهو كغيره من جهد البشر فيه الصوابُ والخطأُ، والزيادةُ والنقصانُ، فحسبي أنَّي اجتهدتُ، فما كان فيه من صوابٍ فمن الله وحده، وما كان فيه من خطأ فمن نفسي والشيطان، والله ورسوله منه بريئان.
خطة البحث
خطة البحث قد التزمتُ في كتابة هذا البحث بالخطة الموضوعة في المسابقة مع بعض التعديل، وكانت في مقدمة، وستة فصول، وخاتمة، وفهارس، على النحو التالي: المقدمة، وتشتمل على ما يلي: o أهمية الموضوع. o دوافع الكتابة في الموضوع. o خطة البحث. o منهج البحث. o كلمة شكر. الفصل الأول: حياة أُمِّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها، وفيه ستة مباحث: المبحث الأول: اسمها ونسبها. المبحث الثاني: مولدها ونشأتها. المبحث الثالث: زواجها من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. المبحث الرابع: منزلتها عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. المبحث الخامس: منزلتها عند المؤمنين. المبحث السادس: وفاتها رضي الله عنها. الفصل الثاني: فضائل ومناقب أُمِّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها، وفيه أربعة مباحث: المبحث الأول: صفاتها الخِلْقِيَّة والخُلُقِيَّة، وفيه مطلبان: المطلب الأول: صفاتها الخِلْقِيَّة. المطلب الثاني: صفاتها الخُلُقِيَّة.
المبحث الثاني: مكانتها العلمِيَّة، وفيه ستة مطالب: المطلب الأول: أقوال العلماء في مكانتها العلمِيَّة. المطلب الثاني: علمها بالقرآن وعلومه. المطلب الثالث: علمها بالسُّنَّة النَّبوِيَّة. المطلب الرابع: علمها بالفقه والفتوى. المطلب الخامس: علمها بِاللُّغَةِ والشِّعْر. المطلب السادس: علمها بِالطِّبِّ والتَّدَاوِي. المبحث الثالث: الفضائل العامة التي شاركتْ فيها أمَّهات المؤمنين. المبحث الرابع: الفضائل التي انفردتْ بِهَا رضي الله عنها. الفصل الثالث: العلاقة الحسنة بين أُمِّ المؤمنين عَائِشَة وآل البيت، وفيه ثلاثة مباحث: المبحث الأول: العلاقة الحسنة بين عَائِشَة وعلي رضي الله عنهما. المبحث الثاني: العلاقة الحسنة بين عَائِشَة وفاطمة رضي الله عنهما. المبحث الثالث: العلاقة الحسنة بين عَائِشَة وذُرِّيَّة عليِّ وبقية آل البيت. الفصل الرابع: أباطِيل وشُبُهَات حول أُمِّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها والرَّد عليها، وفيه مبحثان: المبحث الأول: الافتراءات والأباطيل المكذوبة على عَائِشَة رضي الله عنها، وفيه سبعة مطالب: المطلب الأول: أقوال أهل العلم في كذب الرَّافِضَة. المطلب الثاني: قول الرَّافِضَة: إنَّ عَائِشَة سَقَتْ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم السُّمَّ. المطلب الثالث: قولهم إِنَّ عَائِشَة اتَّهمتْ مارية القبطية بالزِّنا فنزلت فيها
آية الإفك. المطلب الرابع: قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ تبغض عثمان وتقول: "اقتلوا نعثلاً فقد كفر". المطلب الخامس: قولهم: إِنَّ عَائِشَة مَنَعتْ من دَفْنِ الحسن بن علي عند جَدِّه. المطلب السادس: قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ تَكْذِبُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم. المطلب السابع: قولهم: إِنَّ عَائِشَة أغْضَبَتْ فاطمة حتى أبْكَتْها. المبحث الثاني: الشُّبُهَات المثارة حول أُمِّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها، وفيه سبعة مطالب: المطلب الأول: التَّحْذِير من الْوُقُوعِ في شِبَاك الشُّبُهَات. المطلب الثاني: قول الرَّافِضَة: إِنَّ عَائِشَة خَرَجَتْ لقتالِ علي رضي الله عنهما. المطلب الثالث: قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ تُبْغِضُ عليًا رضي الله عنهما. المطلب الرابع: قولهم: إِنَّ الفِتْنَة خَرجتْ من بيت عَائِشَة. المطلب الخامس: قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانت لا تحتجب من الرِّجال. المطلب السادس: قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانت تُزيِّن الجواري وتطوف بهنّ. المطلب السابع: قولهم: إنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ تُسِيءُ إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. الفصل الخامس: الفوائد والآثار الإيجابية لحادثة الإفك القديمة والحديثة، وفيه مبحثان: المبحث الأول: الفوائد والآثار الإيجابيَّة لحادثة الإفك القديمة. المبحث الثاني: الفوائد والآثار الإيجابيَّة لحادثة الإفك الحديثة.
الفصل السادس: حكم من سَبَّ أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها، وفيه مبحثان: المبحث الأول: حكم من سبَّ أُمّ المؤمنين عَائِشَة بما برَّأها الله منه. المبحث الثاني: حكم من سبَّ أُمّ المؤمنين عَائِشَة بغير ما برَّأها الله منه. الخَاتِمة، وفيها أهمُّ النتائج والتوصيات. الفهارس، وتَشْمِلُ: فهرس المصادر والمراجع. فهرس الموضوعات.
منهج البحث
منهج البحث المنهج الذي اتبعته في هذا البحث يتلخص في الآتي: أولاً: جعلتُ الآيات بين قوسين مُزهرين، هكذا: { ... }، وذكرتُ اسمَ السورة ورقم الآية في الهامش. ثانيًا: خرَّجتُ الأحاديث والآثارَ من مصادِرها الأصلية، وجعلتُها بين قوسين (هلاليين مزدوجين)، هكذا: « ... » فإن كان الحديث أو الأثر في الصحيحين اكتفيتُ بهما - إلاّ إذا كانت هناك زيادة في غيرهما - وإن كان في غيرهما خرجته من كتب السنن الأربعة، وإن لم يكن فيها خرجته من باقي الكتب التسعة، وإلا بما في كتب السُّنة الأخرى، وذلك بذكر اسم الكتاب، ثم الباب، ثم الجزء والصفحة، ثم رقم الحديث، وأما ما عدا الصحيحين والسنن، فاكتفي بالجزء والصفحة ورقم الحديث إن وجد. ثالثًا: حكمتُ على الأحاديث والآثار وبيَّنتُ درجتها، معتمدًا على أقوال العلماء في ذلك، وإن لم أجد اجتهدتُ في الحكم على الحديث، بعد النظر في إسناده، ومتنه، حسبما تقتضيه قواعد الصنعة الحديثية. رابعًا: ضبطتُ الأحاديث بالشكل ضبطًا كاملاً، حتى يتيسر فهم ألفاظ الحديث. خامسًا: ضبطتُ بالشَّكل ما يحتاج إلى ضبط مما تُشْكِلُ قراءته، ويَلْتَبِسُ نطقه. سادسًا: وثَّقتُ النقولات والأقوال وجعلتُها بين قوسين صغيرين، هكذا: " ... "، وإذا حذفت شيئًا من النص المنقول وضعتُ مكانه نقطًا هكذا: ... ، وذكرت في الحاشية اسم الكتاب والجزء والصفحة.
سابعًا: قمتُ بوضع علامات الترقيم وفصل الجمل عن بعضها بما يبين المراد منها. ثامنًا: ترجمتُ للأعلام الواردة أسماؤهم في البحث عند أول ورودها، باختصار بحيث تتضمن: نسبه ومذهبه، وبعض مؤلفاته ووفاته. تاسعًا: شرحت الكلمات الغريبة والغامضة من كتب اللغة وغريب الحديث وغيرها.
كلمة شكر
كلمة شكر ختامًا: الشكر أولاً وآخرًا لله تعالى، فبفضله تيسَّر لي إتمام هذا البحث المتواضع، فلولا توفيقه وإعانته لما تشرفتُ بالكتابة في سيرة إحدى أمهات المؤمنين، اللائي نتعبد الله ونتقرب إليه بحبهن. ثم الشكر كل الشكر لمؤسسة الدرر السَّنِيَّة على تبنِّيها لمثل هذه الأعمال العلميَّة، التي شجَّعتْ فيها عددًا كبيرًا من المسلمين على الإطلاع والبحث والكتابة في موضوع مهم، يُعَدُّ أصلاً من أصول أهل السنة والجماعة، فجزاهم الله عَنَّا وعن الإسلام خير الجزاء. والشكر أيضًا لأخي وشقيقي أبي سهل طه الزَيَّاتِي، على مساعدته لي في هذا البحث خصوصًا فصل الشُّبُهَات والافتراءات، فجزاه الله خيرًا. وشكري الخاص للوالدة العزيزة - حفظها الله وأطال عمرها في طاعته - فإنها بذلت الغالي والنفيس من أجل تربيتي وتعليمي. كما لا أنسى بالشكر زَوْجَتِي أم العباس على تَحَمُّلِها وصبرها على انشغالي بالبحث. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وكتبه ياسين الخليفة الطيب المحجوب القصيم - بريدة [email protected]
الفصل الأول حياة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
الفصل الأول حياة أُمِّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها: وفيه ستة مباحث: المبحث الأول: اسمها ونسبها. المبحث الثاني: مولدها ونشأتها. المبحث الثالث: زواجها من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. المبحث الرابع: منزلتها عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. المبحث الخامس: منزلتها عند المؤمنين. المبحث السادس: وفاتها رضي الله عنها.
المبحث الأول اسمها ونسبها
المبحث الأول اسمها ونسبها هي أمُّ المؤمنين عَائِشَة، بنتُ الإمام الأكبر، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق، (عبدِ الله) بنِ أبي قحافة (عثمانَ) بنِ عامرِ بنِ عمروِ بنِ كعبِ بنِ سعدِ بنِ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ كعبِ بنِ لؤي بن فهر بن مالك بن كنانة، أمُّ عبد الله، القرشيةُ، التَّيْمِيَّةُ، المَكِّيَّةُ، ثم المَدَنِيَّةُ، زوجةُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (1). كُنْيَتهَا: أمُّ عبد الله، كناها بها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وذلك عندما طلبت منه أن يكون لها كنية، فكناها بابن أختها أسماء، تطييبًا لخاطرها، فعن عروة عن عَائِشَة رضي الله عنها أنها قالت: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلُّ صَوَاحِبِي لَهُنَّ كُنًى، قَالَ: "فَاكْتَنِي بِابْنِكِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ" - يعني ابن اختها -، فَكَانَتْ تُدْعَى بِأُمِّ عَبْدِ اللهِ حَتَّى مَاتَتْ» (2). وأبوها: عبد الله بن أبي قُحَافَة: عثمان بنِ عامرِ بنِ عمروِ بنِ كعبِ، القُرَشِيّ، التَّيمِيّ، أبو بكر الصديق، أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الرجال، وأول الخلفاء الراشدين، ولد بمكة، ونشأ بها، وكان أحد أعاظم العرب، وسيداً من سادات قريش، ومن كبار أغْنِيائِهم، عالماً بأنساب القبائل وأخبارها وسياستها، وكان موصوفاً بالحلم والرأفة، خطيباً لسناً، وشجاعاً بطلاً. ¬
وكانت له في عصر النبوة مواقف كبيرة، فشهد الحروب، واحتمل الشدائد، وبذل الأموال، بل ودخل مع النبي صلى الله عليه وسلم الغار، كما في قوله تعالى: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (1)، وقد ووردت في فضل أبي بكر رضي الله عنه أحاديث كثيرة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلا غَيْرَ رَبِّي لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلامِ وَمَوَدَّتُهُ» (2). بُويع رضي الله عنه بالخلافة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت مدة خلافته سنتين وثلاثة أشهر ونصف شهر، وتوفي بالمدينة سنة ثلاث عشرة للهجرة، وعمره ثلاثٌ وستون سنة (3). وأمُّ عائشة: أمُّ رُوْمان، - قيل: اسمها زينب، وقيل: دعد - بنتُ عامرِ بنِ عُوَيْمِرِ بنِ عبدِ شمس ابن عَتَّابِ بن أُذَيْنَةَ بن سُبَيْعِ بن دُهْمَانَ بن حارث بن غَنْمِ بن مالك بن كِنَانَةَ (4)، وقد تزوجها أبو بكر الصديق رضي الله عنه في الجاهلية بعد أن توفى زوجها عبد الله بن الحارث الأَزْدِيّ، وقد أسلمت أم رومان في مكة، وكانت من أوائل المسلمات، وبايعت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وهاجرت مع أهل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وآل أبي بكر رضي الله عنه (5). "ويلتقي نسب عَائِشَة رضي الله عنها مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من جهة الأب في الجد السابع ¬
(مرة بن كعب) (1)، ومن جهة الأم في الجد الحادي عشر أو الثاني عشر" (2). "وأسرة السيدة عَائِشَة رضي الله عنها تنحدر من قبيلة (تيم) العربية، والتي عُرف عنها الكرم والشجاعة والنجدة، ونصرة المظلوم، وإعانة الضعيف، وقد عُهِدَ إلى أبي بكر الصديق باعتباره أحد سادتهم، بأمر تسوية الدم وأداء المغارم والديات" (3). ¬
المبحث الثاني مولدها ونشأتها
المبحث الثاني مولدها ونشأتها وُلِدَتْ أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها بمكة، بعد البعثة بأربع سنين أو خمس (1) تقريبًا (2)، فخرجت إلى الدنيا فوجدت نفسها بين أبوين كريمين مؤمنين، في بيت يدين بدين الإسلام، بل وجدت نفسها ابنة خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالدها أبو بكر الصديق رضي الله عنه أوَّل من أسلم من الرجال، وبإسلامه أسلمت زوجته أم رومان وابنتاه أسماء وعَائِشَة رضي الله عنهن، وبذلك تعد عَائِشَة رضي الله عنها من أوائل المسلمات. وكان أبواها - مع إسلامهما المتين - لهما علاقات حميمة، وصِلات وثيقة برسول الله صلى الله عليه وسلم، كما حكت ذلك بنفسها رضي الله عنها، فعن عروة بن الزبير أن عَائِشَة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: «لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إِلا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَرَفَيْ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً» (3). "وكانت لأسرة أبي بكر الصديق مكانة كبيرة قبل الإسلام، فهي من أكرم الأسر العربية وأعرقها، وبعد الإسلام تعد أسرة أبي بكر الصديق من السابقين إليه، ¬
وقد ورثت أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها الكثير من عناصر الفخار التي تميزت بها قبيلتها، كما أنها ولدت ونشأت في بيت عامر بالإسلام والإيمان - كما سبق - مما كان له الأثر الكبير والطيب عليها" (1). وقد أرضعتْ عَائِشَة رضي الله عنها زوجةُ أبي القعيس (2)، (3)، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: «اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي القُعَيْسِ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الحِجَابُ، فَقُلْتُ: لاَ آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ فِيهِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا القُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي القُعَيْسِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي القُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ، فَقَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "وَمَا مَنَعَكِ أَنْ تَأْذَنِي عَمُّكِ؟ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي القُعَيْسِ، فَقَالَ: "ائْذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ"» (4). فنشأت رضي الله عنها في أحضان هذه الأسرة المباركة، وترعرعت في بيت الصدق والإيمان، وعاشت منذ نعومة أظفارها في ظل تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، ¬
وشهدت في طفولتها أشد المراحل التي مرت بها دعوة الإسلام وما لاقاه المسلمون من الأذى والاضطهاد. فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم مع صاحبه ورفيقه أبي بكر الصديق إلى المدينة تركا أهليهما بمكة، ولما استقر بهما الحال هناك أرسل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من يحضر أهله وأهل أبي بكر، وقد تعرضت الأسرتان في طريق الهجرة لأخطار عديدة ومصاعب كثيرة، ومن ذلك ما روته عَائِشَة رضي الله عنها قالت: «قَدِمْنَا مُهَاجِرِينَ فَسَلَكْنَا فِي ثَنِيَّةٍ (1) صَعْبَةٍ، فَنَفَرَ بِي جَمَلٌ كُنْتُ عَلَيْهِ قَوِيًّا مُنْكَرًا، فَوَاللَّهِ مَا أَنْسَى قَوْلَ أُمِّي: يَا عَرِيسَةُ، فَرَكِبْتُ فِي رَأْسِهِ، فَسَمِعْتُ قَائِلاً، يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَرَاهُ أُلْقِيَ خِطَامُهُ (2)، فَأَلْقَيْتُهُ، فَقَامَ يَسْتَدِيرُ، كَأَنَّمَا إِنْسَانٌ قَائِمٌ تَحْتَهُ يُمْسِكُهُ» (3). ¬
المبحث الثالث زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم
المبحث الثالث زواجها من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تزوج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَائِشَة رضي الله عنها قبل الهجرة ببضعة عشر شهرًا في شهر شوّال، وهي ابنة ست سنوات، ودخل بها في شوّال من السنة الثانية للهجرة وهي بنت تسع سنوات، فعنها رضي الله عنها قالت: «تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِسِتِّ سِنِينَ، وَبَنَي بِي وَأَنَا بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ» (1). وقد رأى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَائِشَة رضي الله عنها في المنام قبل زواجه بها، ففي الحديث عنها رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ ثَلاثَ لَيَالٍ، جَاءَنِي بِكِ الْمَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ (2)، فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُ عَنْ وَجْهِكِ، فَإِذَا أَنْتِ هِيَ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ» (3). ثم بعد هذه الرؤيا المباركة جاءت مرحلة الخطوبة، ولقد ذكرت عَائِشَة رضي الله عنها قصة خِطبة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لها بتفاصيلها الدقيقة؛ وذلك لأنها تمثل عندها ذكريات طيبة ¬
لا تنسى، فقالت رضي الله عنها: «لَمَّا تُوُفِّيَتْ خَدِيجَة، قَالَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ الأَوْقَصِ - امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ رضي الله عنهما وَذَلِكَ بِمَكَّةَ -: أَيْ رَسُولَ اللهِ، أَلا تَتَزَوَّجُ؟ قَالَ: "وَمَنْ؟ " قَالَتْ: إِنْ شِئْتَ بِكْرًا، وَإِنْ شِئْتَ ثَيِّبًا، قَالَ: "فَمَنِ الْبِكْرُ؟ " قَالَتْ: بِنْتُ أَحَبِّ خَلْقِ اللهِ إِلَيْكَ عَائِشَة بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه، قَالَ: "وَمَنِ الثَّيِّبُ؟ " قَالَتْ: سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ بْنِ قَيْسٍ آمَنَتْ بِكَ، وَاتَّبَعَتْكَ عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ قَالَ: فَاذْهَبِي فَاذْكُرِيهِمَا عَلَيَّ قَالَتْ: فَجَاءَتْ فَدَخَلَتْ بَيْتَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فَوَجَدَتْ أُمَّ رُومَانَ أُمَّ عَائِشَة قَالَتْ: أَيْ أُمَّ رُومَانَ، مَاذَا أَدْخَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ؟ قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخْطُبُ عَلَيْهِ عَائِشَة قَالَتْ: وَدِدْتُ (1)، انْتَظِرِي أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فَإِنَّهُ آتٍ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقَالَتْ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَاذَا أَدْخَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَخْطُبُ عَلَيْهِ عَائِشَة رضي الله عنها قَالَ: وَهَلْ تَصْلُحُ لَهُ؟ إِنَّمَا هِيَ ابْنَةُ أَخِيهِ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ فَقُولِي لَهُ: أَنْتَ أَخِي فِي الإِسْلامِ، وَأَنَا أَخُوكَ وَابْنَتُكَ تَصْلُحُ لِي، فَأَتَتْ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، فَقَالَ لِخَوْلَةَ: ادْعِي لِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَهُ فَأَنْكَحَهُ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ ابْنَةُ سِتِّ سِنِينَ» (2). وتقصُّ أيضًا عَائِشَة رضي الله عنها كيف كان وصول الخبر إليها وكيف كانت مراسم ¬
الزفاف، حيث قالت: «فَأَتَتْنِي أُمُّ رُومَانَ وَأَنَا عَلَى أُرْجُوحَةٍ (1) وَمَعِي صَوَاحِبِي، فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا وَمَا أَدْرِى مَا تُرِيدُ بِي، فَأَخَذَتْ بِيَدِي فَأَوْقَفَتْنِي عَلَى الْبَابِ، فَقُلْتُ: هَهْ هَهْ (2)، حَتَّى ذَهَبَ نَفَسِي فَأَدْخَلَتْنِي بَيْتًا، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقُلْنَ: عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ (3)، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ فَغَسَلْنَ رَأْسِي وَأَصْلَحْنَنِي فَلَمْ يَرُعْنِي (4) إِلاَّ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضُحًى فَأَسْلَمْنَنِي إِلَيْهِ» (5). وتروي عَائِشَة رضي الله عنها استعدادها للزفاف وتجهيز أمها لها، فتقول: «كَانَتْ أُمِّي تُعَالِجُنِي لِلسُّمْنَةِ، تُرِيدُ أَنْ تُدْخِلَنِي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَا اسْتَقَامَ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى أَكَلْتُ الْقِثَّاءَ (6) بِالرُّطَبِ فَسَمِنْتُ كَأَحْسَنِ سِمْنَةٍ» (7). ¬
وأما في ليلية الزفاف نفسها فتولى تجهيزها أسماء بنت يزيد (1) وصاحباتها، تقول أسماء رضي الله عنها: «إِنِّي قَيَّنْتُ (2) عَائِشَة لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ جِئْتُهُ، فَدَعَوْتُهُ لِجِلْوَتِهَا (3)، فَجَاءَ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِهَا، فَأُتِيَ بِعُسِّ (4) لَبَنٍ، فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَهَا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَخَفَضَتْ رَأْسَهَا وَاسْتَحْيَتْ. قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَانْتَهَرْتُهَا وَقُلْتُ لَهَا: خُذِي مِنْ يَدِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: فَأَخَذَتْ، فَشَرِبَتْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ لَهَا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "أَعْطِي تِرْبَكِ" (5) قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَلْ خُذْهُ، فَاشْرَبْ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوِلْنِيهِ مِنْ يَدِكَ، فَأَخَذَهُ، فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوَلَنِيهِ، قَالَتْ: فَجَلَسْتُ، ثُمَّ وَضَعْتُهُ عَلَى رُكْبَتِي، ثُمَّ طَفِقْتُ أُدِيرُهُ، وَأَتْبَعُهُ بِشَفَتَيَّ لأصِيبَ مِنْهُ مَشْرَبَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم» (6). ¬
وقد أقامت عَائِشَة رضي الله عنها في صحبة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ثمانية أعوام وخمسة أشهر (1)، وتوفى صلى الله عليه وسلم وهي ابنة ثماني عشرة سنة، فعنها رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ، وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا»، وفي رواية: «وَمَاتَ عَنْهَا وَهِيَ بِنْتُ ثَمَانَ عَشْرَةَ» (2). ¬
المبحث الرابع منزلتها عند النبي صلى الله عليه وسلم
المبحث الرابع منزلتها عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان لعَائِشَة رضي الله عنها مكانة خاصة في قلب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأنها كانت ابنة صاحبه الأكبر أبي بكر الصديق، وكانت أيضًا أحب زوجاته إليه. وقد حبَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم عَائِشَة رضي الله عنها منذ صغرها، فعن حبيب مولى عروة (1) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختلف إلى بيت أبي بكر ويقول: «يَا أُمَّ رُومَانَ، اسْتَوْصِي بِعَائِشَةَ خَيْرًا وَاحْفَظِينِي فِيهَا» (2). وقد كان صلى الله عليه وسلم يُظهر حبه لعَائِشَة رضي الله عنها، ولا يخفيه، حتى إن عمرو بن العاص رضي الله عنه، سأله فقال: «أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "عَائِشَة"، قَالَ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: "أَبُوهَا"» (3). هذا الحديث فيه منقبة ظاهرة لأُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها وهي أنها كانت أحبُّ أزواج النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إليه. ¬
وقد علم جميع الناس حبَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لعَائِشَة حتى ثارت غيرة زوجاته، فعنها رضي الله عنها: أن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كن حزبين، فحزب فيه عَائِشَة وحفصة وصفية وسودة، والحزب الآخر أم سلمة وسائر نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان المسلمون قد علموا حب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعَائِشَة، فإذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أَخَّرَهَا حتى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عَائِشَة، بعث صاحب الهدية بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عَائِشَة، فكلم حزب أم سلمة فقلن لها: كلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم الناس، فيقول: من أراد أن يهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية، فليهده إليه حيث كان من بيوت نسائه، فكلمته أم سلمة بما قلن، فلم يقل لها شيئاً، فسألنها، فقالت: ما قال لي شيئاً، فقلن لها، فكلميه قالت: فكلمته حين دار إليها أيضًا، فلم يقل لها شيئا، فسألنها، فقالت: ما قال لي شيئاً، فقلن لها: كلميه حتى يكلمك، فدار إليها فكلمته، فقال لها: «لاَ تُؤْذِينِي فِي عَائِشَة فَإِنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ، إِلا عَائِشَة»، قالت: فقالت: أتوب إلى الله من أذاك يا رسول الله، ثم إنهن دَعَوْنَ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول: إن نساءك ينشدنك الله العدل في بنت أبي بكر، فكلمته فقال: «يَا بُنَيَّة أَلاَ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟»، قالت: بلى، فرجعت إليهن، فأخبرتهن، فقلن: ارجعي إليه، فأبت أن ترجع، فأرسلن زينب بنت جحش، فأتته، فأغلظت، وقالت: إن نساءك ينشدنك الله العدل في بنت ابن أبي قحافة، فرفعت صوتها حتى تناولت عَائِشَة وهي قاعدة فسبتها، حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينظر إلى عَائِشَة، هل تكلم، قال: فتكلمت عَائِشَة ترد على زينب حتى أسكتتها،
قالت: فنظر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إلى عَائِشَة، وقال: «إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ» (1). وكان صلى الله عليه وسلم يفسح لها المجال للعب، ولم يحرمها من هذه المتعة، بل إنه كان يفرح بلعبها ويضحك حتى تُرَى نواجِذه، فعنها رضي الله عنها قالت: «كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، "فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ (2) مِنْهُ، فَيُسَرِّبُهُنَّ (3) إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي"» (4). وكان صلى الله عليه وسلم دائمًا يحب أن يدخل الفرح والبهجة على قلبها، فيحملها على عاتقه لتشاهد الحبشة وهم يلعبون، فعنها قالت: «وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ عَلَى بَابِ حُجْرَتِي، وَالْحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ، فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى لَعِبِهِمْ، ثُمَّ يَقُومُ مِنْ أَجْلِي، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَنْصَرِفُ» (5). ¬
وكان صلى الله عليه وسلم من شدة حبه لها ينزل إلى رغباتها ويشاركها في لعبها، فعنها رضي الله عنها: «أَنَّهَا كَانَتْ مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، قَالَتْ: فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ عَلَى رِجْلَيَّ، فَلَمَّا حَمَلْتُ اللَّحْمَ (1) سَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي فَقَالَ: "هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ"» (2). وكان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم إذا افتقدها قال: «وَاعَرُوْسَاهُ» (3). وقد وجعت يومًا فقالت: "وارأساه" فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ» (4)، قال بدر الدين الزركشي (5) رحمه الله: "فيه إشارة للغاية في الموافقة حتى تألم بألمها فكأنه ¬
أخبرها بصدق محبته حتى واساها في الألم" (1). وكان صلى الله عليه وسلم متمسكًا بحبها حتى فارق الدنيا، ويدل على ذلك اختياره صلى الله عليه وسلم أن يمرض في بيتها، ووفاته بين سحرها ونحرها، ودفنه في بيتها. ¬
المبحث الخامس منزلتها عند المؤمنين
المبحث الخامس منزلتها عند المؤمنين أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها لها مكانة عالية في قلوب المؤمنين، من لَدُن الصحابة والتابعين إلى عصرنا هذا، ففي عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، كان المسلمون إذا كانت عند أحدهم هدية يريد أن يهديها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرها حتى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عَائِشَة، بعث صاحب الهدية بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عَائِشَة رضي الله عنها (1). وها هو ابن عباس رضي الله عنه عندما زارها في مرضها الذي ماتت فيه، قال لها: «أَنْتِ بِخَيْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَنْكِحْ بِكْرًا غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ» (2). وها هي سودة رضي الله عنها وهبت يومها لعائشة خاصة، فعن عَائِشَة رضي الله عنها: «مَا رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ فِي مِسْلاخِهَا (3) مِنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، مِنِ امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَّةٌ (4)، قَالَتْ: فَلَمَّا كَبِرَتْ، جَعَلَتْ يَوْمَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لعَائِشَة، ¬
قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ جَعَلْتُ يَوْمِي مِنْكَ لعَائِشَة، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقْسِمُ لعَائِشَة يَوْمَيْنِ، يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ» (1). وحتى الذين خاضوا في الإفك من الصحابة رضي الله عنهم، من غير قصد منهم، قد تابوا، وأحبوا عَائِشَة رضي الله عنها، بل دافعوا عنها أشد دفاع، ومن هؤلاء حسان بن ثابت رضي الله عنه، أنشد فيها شعرًا فقال: رَأَيْتُكِ وَلْيَغْفِرْ لَكِ اللَّهُ حُرَّةً ... مِنَ الْمُحْصَنَاتِ غَيْرَ ذَاتِ غَوَائِلِ حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ عَقِيلَةُ حَيٍّ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ ... كِرَامِ الْمَسَاعِي مَجْدُهُمْ غَيْرُ زَائِلِ مُهَذَّبَةٌ قَدْ طَيَّبَ اللَّهُ خِيمَهَا ... وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَبَاطِلِ فَإِنْ كُنْتُ قَدْ قُلْتُ الَّذِي قَدْ زَعَمْتُمُ ... فَلا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَيَّ أَنَامِلِي وَكَيْفَ وَوُدِّي مَا حَيِيتُ وَنُصْرَتِي ... لآلِ رَسُولِ اللَّهِ زَيْنِ الْمَحَافِلِ لَهُ رَتَبٌ عَالٍ عَلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ ... تَقَاصَرُ عَنْهُ سَوْرَةُ الْمُتَطَاوِلِ فَإِنَّ الَّذِي قَدْ قِيلَ لَيْسَ بِلائِطٍ ... وَلَكِنَّهُ قَوْلُ امْرِئٍ بِيَ مَاحِلِ (2) ¬
وكذلك التابعين كانوا يجلون عَائِشَة رضي الله عنها، فكان مسروق إذا حدث عنها قال: "حدثتني الصديقة بنت الصديق، حبيبة رسول الله المبرأة من فوق سبع سماوات" (1). وأكبر دليل على حب المؤمنين لعَائِشَة رضي الله عنها سلفًا وخلفًا، ما ألَّفَه العلماء في شأنها، فقلَّما تركوا شيئًا يتعلق بها إلاّ أفردوا فيه مصنفًا، فذكروا مناقبها ونشروا فضائلها، وردوا على أباطيل من طعن فيها، نثرًا وشعرًا. وهذه قصيدة بلسانها نظمها أبو عمران موسى بن محمد بن عبد الله الواعظ الأندلسي (2) رحمه الله فقال: ما شَانُ أُمِّ المُؤْمِنِينَ وَشَانِي ... هُدِيَ المُحِبُّ لها وضَلَّ الشَّانِي إِنِّي أَقُولُ مُبَيِّنًا عَنْ فَضْلِها ... ومُتَرْجِمًا عَنْ قَوْلِها بِلِسَانِي يا مُبْغِضِي لا تَأْتِ قَبْرَ مُحَمَّدٍ ... فالبَيْتُ بَيْتِي والمَكانُ مَكانِي إِنِّي خُصِصْتُ على نِساءِ مُحَمَّدٍ ... بِصِفاتِ بِرٍّ تَحْتَهُنَّ مَعانِي وَسَبَقْتُهُنَّ إلى الفَضَائِلِ كُلِّها ... فالسَّبْقُ سَبْقِي والعِنَانُ عِنَانِي مَرِضَ النَّبِيّ وماتَ بينَ تَرَائِبِي ... فالْيَوْمُ يَوْمِي والزَّمانُ زَمانِي ¬
زَوْجِي رَسولُ اللهِ لَمْ أَرَ غَيْرَهُ ... اللهُ زَوَّجَنِي بِهِ وحَبَانِي وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ الأَمِينُ بِصُورَتِي ... فَأَحَبَّنِي المُخْتَارُ حِينَ رَآنِي أنا بِكْرُهُ العَذْراءُ عِنْدِي سِرُّهُ ... وضَجِيعُهُ في مَنْزِلِي قَمَرانِ (1) وتَكَلَّمَ اللهُ العَظيمُ بِحُجَّتِي ... وَبَرَاءَتِي في مُحْكَمِ القُرآنِ واللهُ خَفَّرَنِي (2) وعَظَّمَ حُرْمَتِي ... وعلى لِسَانِ نَبِيِّهِ بَرَّانِي واللهُ في القُرْآنِ قَدْ لَعَنَ الذي ... بَعْدَ البَرَاءَةِ بِالقَبِيحِ رَمَانِي واللهُ وَبَّخَ مَنْ أَرادَ تَنَقُّصِي ... إفْكًا وسَبَّحَ نَفْسَهُ في شَانِي (3) إنِّي لَمُحْصَنَةُ الإزارِ بَرِيئَةٌ ... ودَلِيلُ حُسْنِ طَهَارَتِي إحْصَانِي واللهُ أَحْصَنَنِي بخاتَمِ رُسْلِهِ ... وأَذَلَّ أَهْلَ الإفْكِ والبُهتَانِ وسَمِعْتُ وَحْيَ اللهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ ... مِن جِبْرَئِيلَ ونُورُهُ يَغْشانِي أَوْحَى إلَيْهِ وَكُنْتُ تَحْتَ ثِيابِهِ ... فَحَنا عليَّ بِثَوْبِهِ خَبَّاني مَنْ ذا يُفَاخِرُني وينْكِرُ صُحْبَتِي ... ومُحَمَّدٌ في حِجْرِهِ رَبَّاني؟ وأَخَذْتُ عن أَبَوَيَّ دِينَ مُحَمَّدٍ ... وَهُما على الإسْلامِ مُصْطَحِبانِ وأبي أَقامَ الدِّينَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ ... فالنَّصْلُ نَصْلِي والسِّنانُ سِنانِي والفَخْرُ فَخْرِي والخِلاَفَةُ في أبِي ... حَسْبِي بِهَذا مَفْخَرًا وكَفانِي ¬
وأنا ابْنَةُ الصِّدِّيقِ صاحِبِ أَحْمَدٍ ... وحَبِيبِهِ في السِّرِّ والإعلانِ نَصَرَ النَّبِيّ بمالِهِ وفَعالِهِ ... وخُرُوجِهِ مَعَهُ مِن الأَوْطانِ ثانِيهِ في الغارِ الذي سَدَّ الكُوَى (1) ... بِرِدائِه ِ أَكْرِمْ بِهِ مِنْ ثانِ وَجَفَا الغِنَى حتَّى تَخَلَّلَ بالعَبَز ... هدًا وأَذْعَنَ أيَّمَا إذْعانِ وتَخَلَّلَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَةُ السَّمَا ... وأَتَتْهُ بُشرَى اللهِ بالرِّضْوانِ وَهُوَ الذي لَمْ يَخْشَ لَوْمَةَ لائِمٍ ... في قَتْلِ أَهْلِ البَغْيِ والعُدْوَانِ قَتَلَ الأُلى مَنَعوا الزَّكاةَ بِكُفْرِهِمْ ... وأَذَلَّ أَهْلَ الكُفْرِ والطُّغيانِ سَبَقَ الصَّحَابَةَ والقَرَابَةَ لِلْهُدَى ... هو شَيْخُهُمْ في الفَضْلِ والإحْسَانِ واللهِ ما اسْتَبَقُوا لِنَيْلِ فَضِيلَةٍ ... مِثْلَ اسْتِبَاقِ الخَيلِ يَومَ رِهَانِ إلاَّ وطَارَ أَبي إلى عَلْيَائِه ... فَمَكَانُهُ مِنها أَجَلُّ مَكَانِ وَيْلٌ لِعَبْدٍ خانَ آلَ مُحَمَّدٍ ... بِعَدَاوةِ الأَزْواجِ والأَخْتَانِ (2) طُُوبى لِمَنْ والى جَمَاعَةَ صَحْبِهِ ... وَيَكُونُ مِن أَحْبَابِهِ الحَسَنَانِ بَيْنَ الصَّحابَةِ والقَرابَةِ أُلْفَةٌ ... لا تَسْتَحِيلُ بِنَزْغَةِ الشَّيْطانِ هُمْ كالأَصَابِعِ في اليَدَيْنِ تَوَاصُل ... هل يَسْتَوِي كَفٌّ بِغَيرِ بَنانِ؟! حَصِرَتْ (3) صُدورُ الكافِرِينَ بِوَالِدِي ... وقُلُوبُهُمْ مُلِئَتْ مِنَ الأَضْغانِ ¬
حُبُّ البَتُولِ وَبَعْلِها لم يَخْتَلِفْ ... مِن مِلَّةِ الإسْلامِ فيهِ اثْنَانِ أَكْرِمْ بِأَرْبَعَةٍ أَئِمَّةِ شَرْعِنَا ... فَهُمُ لِبَيْتِ الدِّينِ كَالأرْكَانِ نُسِجَتْ مَوَدَّتُهُمْ سَدىً في لُحْمَةٍ ... فَبِنَاؤُها مِن أَثْبَتِ البُنْيَانِ اللهُ أَلَّفَ بَيْنَ وُدِّ قُلُوبِهِمْ ... لِيَغِيظَ كُلَّ مُنَافِقٍ طَعَّانِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمُ صَفَتْ أَخْلاقُهُمْ ... وَخَلَتْ قُلُوبُهُمُ مِنَ الشَّنَآنِ فَدُخُولُهُمْ بَيْنَ الأَحِبَّةِ كُلْفَةٌ ... وسِبَابُهُمْ سَبَبٌ إلى الحِرْمَانِ جَمَعَ الإلهُ المُسْلِمِينَ على أبي ... واسْتُبْدِلُوا مِنْ خَوْفِهِمْ بِأَمَانِ وإذا أَرَادَ اللهُ نُصْرَةَ عَبْدِهِ ... مَنْ ذا يُطِيقُ لَهُ على خِذْلانِ؟! مَنْ حَبَّنِي فَلْيَجْتَنِبْ مَنْ َسَبَّنِي ... إنْ كَانَ صَانَ مَحَبَّتِي وَرَعَانِي وإذا مُحِبِّي قَدْ أَلَظَّ (1) بِمُبْغِضِي ... فَكِلاهُمَا في البُغْضِ مُسْتَوِيَانِ إنِّي لَطَيِّبَةٌ خُلِقْتُ لِطَيِّبٍ ... ونِسَاءُ أَحْمَدَ أَطْيَبُ النِّسْوَانِ إنِّي لأُمُّ المُؤْمِنِينَ فَمَنْ أَبَى ... حُبِّي فَسَوْفَ يَبُوءُ بالخُسْرَانِ اللهُ حَبَّبَنِي لِقَلْبِ نَبِيِّهِ ... وإلى الصِّرَاطِ المُسْتَقِيمِ هَدَانِي واللهُ يُكْرِمُ مَنْ أَرَادَ كَرَامَتِي ... ويُهِينُ رَبِّي مَنْ أَرَادَ هَوَانِي واللهَ أَسْأَلُهُ زِيَادَةَ فَضْلِهِ ... وحَمِدْتُهُ شُكْرًا لِمَا أَوْلاَنِي يا مَنْ يَلُوذُ بِأَهْلِ بَيْتِ مُحَمَّدٍ ... يَرْجُو بِذلِكَ رَحْمَةَ الرَّحْمانِ (2) صِلْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ ولا تَحِدْ ... عَنَّا فَتُسْلَبَ حُلَّةَ الإيمانِ ¬
إنِّي لَصَادِقَةُ المَقَالِ كَرِيمَةٌ ... إي والذي ذَلَّتْ لَهُ الثَّقَلانِ خُذْها إليكَ فإنَّمَا هيَ رَوْضَةٌ ... مَحْفُوفَةٌ بالرَّوْحِ والرَّيْحَانِ صَلَّى الإلهُ على النَّبِيّ وآلِهِ ... فَبِهِمْ تُشَمُّ أَزَاهِرُ البُسْتَانِ (1) ونختم هذه المبحث بقول الشيخ سليمان الندوي رحمه الله: "هذه هي شخصية أُمّ المؤمنين رضي الله عنها التي اتصفت بهذه الصفات العالية وقدمت أمام أكثر من مائة مليون امرأة أسوة حسنة لحياة مثالية كاملة، ورسمت لكل من أتى بعدها أمثل الطرق وأنفعها، وذلك بمآثرها الخالدة، وعبادتها وخضوعها أمام الباري تعالى، والمُثُل الحيّة والأساليب العملية للأخلاق الشرعية شرحًا تفصيليًا، فلها المنّ والفضل من جميع النواحي الدينية والعلمية والاجتماعية على هذا العدد الهائل من صنف النساء" (2). ¬
المبحث السادس وفاتها رضي الله عنها
المبحث السادس وفاتها رضي الله عنها توفيت أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها بالمدينة النبويَّة، ليلة الثلاثاء السابع عشر من رمضان من السنة السابعة أو الثامنة أو التاسعة والخمسين للهجرة، في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه (1). وقد زارها بعض الصحابة في مرض موتها، فعن ابن أبي مليكة (2): أن ابن عباس استأذن عليها وهي مغلوبة (3)، فقالت: أخشى أن يثني عليَّ، فقيل: ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومن وجوه المسلمين، قالت: ائذنوا له، فقال: كيف تجدينك؟ قالت: بخير إن اتقيت، قال: فأنت بخير إن شاء الله، زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يتزوج بِكراً غيرك، ونزل عذرك من السماء، فلما جاء ابن الزبير قالت: جاء ابن عباس، وأثنى علي، ووددت أني كنت نسياً منسياً (4). وعند وفاتها حزن عليها أهل المدينة حزنًا شديدًا، ولما سمعت أم سلمة رضي الله عنها الصرخة على عَائِشَة أرسلت جاريتها: انظري ماذا صنعت؟ فجاءت فقالت: قد ¬
قضت (1)، فقالت: «يَرْحَمُهَا اللهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ كَانَتْ أَحَبَّ النَّاسِ كُلِّهِمْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلا أَبُوهَا» (2)، وفي رواية: «أَذْهَبَ عَنْكِ يَا عَائِشَةُ، فَمَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ نَسَمَةٌ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْكِ، - ثُمَّ قَالَتْ -: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، غَيْرَ أَبِيهَا» (3). وقال مسروق (4) رحمه الله: "لولا بعض الأمر لأقمت المناحة على أُمّ المؤمنين" (5). وقد صلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه وسط مقابر البقيع وكان يومئذٍ خليفة مروان بن الحكم أمير المدينة حينئذٍ من جهة معاوية؛ لأنه حج فاستخلف ¬
أبا هريرة، رضي الله عنه (1). ودفنت رضي الله عنها ليلاً بعد الوتر، وكان الليل مظلمًا فلم يجد المشيعون بُدّاً من أن يحملوا فيه خِرَقَاً (2) غمسوها في زيت وأشعلوا فيها النار لتضئ لهم الطريق إلى المقابر، وازدحم الناس وتجمعوا حول النعش (3)، ولم تُرَ ليلة أكثر ناسًا منها، ونزل أهل العوالي (4) إلى المدينة (5). ونزل في قبرها خمسة من آل الصديق: عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام من أختها أسماء بنت أبي بكر، والقاسم، وعبد الله ابنا أخيها محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وكان عمرها يومئذ سبعًا وستين سنة، ودفنت بالبقيع (6)، رضي الله عنها وأرضاها. ¬
الفصل الثاني فضائل ومناقب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
الفصل الثاني فضائل ومناقب أُمِّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها: وفيه أربعة مباحث: المبحث الأول: صفاتها الخِلْقِيَّة والخُلُقِيَّة. المبحث الثاني: مكانتها العلميَّة. المبحث الثالث: الفضائل العامة التي شاركتْ فيها أمهات المؤمنين. المبحث الرابع: الفضائل التي انفردتْ بِها رضي الله عنها.
المبحث الأول صفاتها الخلقية والخلقية
المبحث الأول صفاتها الخِلْقِيَّة والخُلُقِيَّة وفيه مطلبان: المطلب الأول: صفاتها الخِلْقِيَّة. المطلب الثاني: صفاتها الخُلُقِيَّة.
المطلب الأول صفاتها الخلقية
المطلب الأول صفاتها الخِلْقِيَّة كانتْ أُمُّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها امرأةً جميلةً، بيضاء مشربة بحُمْرَة؛ ولهذا يقال لها: الحميراء (1)، والعرب تطلق على الأبيض الأحمر، كراهة لاسم البياض لكونه يشبه البرص، فهي كانت رضي الله عنها بيضاء بياضًا ناعمًا مشربًا بحمرة، وهو أحسن الألوان (2). وكانت رضي الله عنها نحيلة الجسم في شبابها، ثم بمرور الأيام امتلأت وبَدُنَتْ، وحملت اللحم، وهذا ما تحكيه هي بنفسها، فقالت رضي الله عنها: «سَابَقَنِي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَسَبَقْتُهُ، فَلَبِثْنَا حَتَّى إِذَا رَهِقَنِي اللَّحْمُ سَابَقَنِي فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: "هَذِهِ بِتِلْكَ"» (3). وكانت رضي الله عنها أقرب إلى الطول في جسمها، وكان شعرها طويلاً وهي صغيرة، ¬
ثم أصابها مرض شديدٌ فتمزق معه شعرها وصار تحت المنكبين، وكان عمرها حينئذٍ ست سنين، ثم تحسَّن شعرها في الطول، فعنها رضي الله عنها قالت: «تَزَوَّجَنِي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ، فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ (1) شَعَرِي، فَوَفَى جُمَيْمَةً (2)» (3). يقول الندوي رحمه الله: "كانت عائشة رضي الله عنها من أولئك السيدات التي تنمو وترعرع بسرعة هائلة من حيث النمو الجسمي، فكانت لما بلغت التاسعة أو العاشرة من عمرها سمنت كأحسن سمنة، أما في باكورة عمرها فكانت نحيفة الجسم، خفيفة لم يغشها اللحم، ثم مالت بعد سنوات إلى شيء من السمنة، ولما كبرت بدنت ورهقها اللحم. وجملة ما يفهم من وصفها على التحقيق أن لونها كان أبيض يميل إلى الحمرة، وكانت وضيئة بهية المنظر رائعة الجمال" (4). ويدلل على جمال عائشة رضي الله عنها ووضاءَتِها، قول أُمِّ رومان لها في حادثة ¬
الإفك: «يَا بُنَيَّة هَوِّنِي عَلَى نَفْسِكِ الشَّأْنَ، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ، إِلاَّ أَكْثَرْنَ عَلَيْهَا» (1)، وفي رواية: «لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا» (2). ويدلل على ذلك أيضاً قول عمر رضي الله عنه لبنته حفصة رضي الله عنها: «لاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ هِيَ أَوْضَأَ مِنْكِ، وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ عَائِشَةَ -» (3)، وفي رواية: «لاَ يَغُرَّنَّكِ هَذِهِ الَّتِي أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا» (4). ¬
المطلب الثاني صفاتها الخلقية
المطلب الثاني صفاتها الخُلُقِيَّة إِنَّ عائشة رضي الله عنها قد احتلتْ مكانة سامية مرموقة في الأخلاق الحسنة النبيلة الرفيعة، وكان الزهد والورع والعبادة والسخاء والجود والشفقة على الناس من أهم وأكبر معالم شخصيتها رضي الله عنها. فقد تأثرت عائشة رضي الله عنها كثيراً بعبادة النبي صلى الله عليه وسلم ومنهجه فيها؛ لأنها كانت ألصق الناس به صلى الله عليه وسلم، وأكثرهم اطلاعاً على عبادته الخاصة به - عليه الصلاة والسلام -، ونقلت عائشة رضي الله عنها للناس - في الأحاديث الكثيرة التي رويت عنها - صورة كاملة لعباداته صلى الله عليه وسلم (1)، وفي ما يلي ذكر لأمهم ما تميزت به عائشة رضي الله عنها من صيام وقيام وزهد وورع: أولاً: صيامها وقيامها: كانت أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها كثيرة العبادة، قوامة دائمة التهجد (2)، صوَّامة كثيرة الصِّيام، فعن عبد الرحمن بن القاسم (3) عن أبيه (4): «أَنَّ عَائِشَة زَوْجَ النَّبِيّ ¬
صلى الله عليه وسلم كَانَتْ تَصُومُ الدَّهْرَ، وَلاَ تُفْطِرُ إِلاّ يَوْمَ أَضْحًى أَوْ يَوْمَ فِطْرٍ»، وفي رواية: «أَنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاَانَتْ تَسْرِدُ الصَّوْمَ (1)» (2). ثانيًا: كرمها وجودها: كانت عَائِشَة رضي الله عنها جوَّادةً كريمةً كثيرة الصدقات، لا يكاد يقر بيدها المال حتى تنفقه على الفقراء والمساكين، فقد باعت عَائِشَة رضي الله عنها دارًا لها بمائة ألف دينار ثم قسمت الثمن على الفقراء، فعتب عليها عبد الله بن الزبير، فعن عروة بن الزبير رضي الله عنه، قال: «كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَحَبَّ البَشَرِ إِلَى عَائِشَة بَعْدَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ أَبَرَّ النَّاسِ بِهَا، وَكَانَتْ لاَ تُمْسِكُ شَيْئًا مِمَّا جَاءَهَا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ إِلا تَصَدَّقَتْ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ عَلَى يَدَيْهَا (3)، فَقَالَتْ: "أَيُؤْخَذُ عَلَى يَدَيَّ؟!، عَلَيَّ نَذْرٌ إِنْ كَلَّمْتُهُ"، فَاسْتَشْفَعَ إِلَيْهَا بِرِجَالٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَبِأَخْوَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً فَامْتَنَعَتْ، فَقَالَ لَهُ الزُّهْرِيُّونَ (4) أَخْوَالُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ¬
بْنُ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وَالمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ: إِذَا اسْتَأْذَنَّا فَاقْتَحِم الحِجَابَ، فَفَعَلَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِعَشْرِ رِقَابٍ فَأَعْتَقَتْهُمْ، ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تُعْتِقُهُمْ حَتَّى بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ، فَقَالَتْ: "وَدِدْتُ أَنِّي جَعَلْتُ حِينَ حَلَفْتُ عَمَلاً أَعْمَلُهُ فَأَفْرُغُ مِنْهُ"» (1). وعن عروة بن الزبير أيضًا: «أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ بَعَثَ إِلَى عَائِشَة، رضي الله عنها بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَقَسَمَتْهَا حَتَّى لَمْ تَتْرُكْ مِنْهَا شَيْئًا، فَقَالَتْ بَرِيرَةُ (2): أَنْتِ صَائِمَةٌ، فَهَلا ابْتَعْتِ لَنَا بِدِرْهَمٍ لَحْمًا؟ فَقَالَتْ عَائِشَة: "لَوْ أَنِّي ذُكِّرْتُ لَفَعَلْتُ"» (3). وعنه رضي الله عنه قال: «رَأَيْتُهَا تَصَدَّقُ بِسَبْعِينَ أَلْفًا وَإِنَّهَا لَتَرْقعُ جَانِبَ دِرْعِهَا (4)» (5). ¬
وعن أم ذَرَّةَ (5) قالت: «بَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى عَائِشَة بِمَالٍ فِي غِرَارَتَيْنِ (1) يَكُونُ مِائَةَ أَلْفٍ فَدَعَتْ بِطَبَقٍ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صَائِمَةٌ، فَجَعَلَتْ تَقْسِمُ فِي النَّاسِ، قال: فلما أمست قالت: يا جارية هاتي فِطْرِي، فَقَالَتْ أُمُّ ذَرَّةَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَمَا اسْتَطَعْتِ فِيمَا أَنْفَقْتِ أَنْ تَشْتَرِيَ بِدِرْهَمٍ لَحْمًا تُفْطِرِينَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَتْ: لا تُعَنِّفِينِي (2) لَوْ كُنْتِ أَذْكَرْتِنِي لَفَعَلْتُ» (3). ثالثًا: زهدها وورعها: كانت أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها مع صيامها وقيامها وكرمها وجودها تكره أن يُثْنَي عليها وأن تُمْدح وهي تسمع، مخافة الرياء، وتقول: «يَا لَيْتَنِي كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا» (4). وكثيرًا ما كانت تتمثَّل ببيت لبيد بن ربيعة (5): ¬
وكثيرًا ما كانت تتمثَّل ببيت لبيد بن ربيعة (1): ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ ... وَبَقِيتُ فِي خَلْفٍ كَجِلْدِ الأَجْرَبِ وتقول: رحم الله لبيدًا فكيف لو رأى زماننا، وقال عروة بن الزبير: رحم الله أُمّ المؤمنين فكيف لو رأت زماننا (2). وقد عاشت أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم معيشة الكفاف، فعنها رضي الله عنها قالت: «مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ، مِنْ طَعَامِ بُرٍّ ثَلاَثَ لَيَالٍ تِبَاعًا، حَتَّى قُبِضَ» (3). ¬
وقالت أيضًا: «مَا شَبِعْتُ بَعْدَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مِنْ طَعَامٍ إِلا وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَبْكِيَ لَبَكَيْتُ، مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قُبِضَ» (1). وكانت عَائِشَة رضي الله عنها، شديدة الورع، فعن شريح بن هانئ (2) قال: «سَأَلْتُ عَائِشَة، عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ: ائْتِ عَلِيًّا فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنِّي، فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَذَكَرَ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ» (3). وعنها رضي الله عنها قالت: «كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِي الَّذِي دُفِنَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي فَأَضَعُ ثَوْبِي، وَأَقُولُ إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ، فَوَاللهِ مَا دَخَلْتُهُ إِلا وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي، حَيَاءً مِنْ عُمَرَ» (4). وفي رواية: «مَا زِلْتُ أَضَعُ خِمَارِي وَأَتَفَضَّلُ فِي ثِيَابِي فِي بَيْتِي حَتَّى دُفِنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِيهِ، فَلَمْ أَزَلْ مُتَحَفِّظَةً فِي ثِيَابِي حَتَّى بَنَيْتُ بَيْنِي وَبَيْنَ الْقُبُورِ جِدَارًا ¬
فَتَفَضَّلْتُ بَعْدُ» (1). قال الحافظ عماد الدين ابن كثير (2) رحمه الله: "ووجه هذا ما قاله شيخنا الإمام أبو الحجاج المزي (3): أن الشهداء كالأحياء في قبورهم وهذه أرفع درجة فيهم" (4). ¬
المبحث الثاني مكانتها العلمية
المبحث الثاني مكانتها العِلمِيَّة وفيه ستة مطالب: المطلب الأول: أقوال العلماء في مكانتها العِلمِيَّة. المطلب الثاني: علمها بالقرآن وعلومه. المطلب الثالث: علمها بالسُّنَّة النبوية. المطلب الرابع: علمها بالفقه والفتوى. المطلب الخامس: علمها باللُّغة والشِّعر. المطلب السادس: علمها بالطب والتَّدَاوِي.
المطلب الأول أقوال العلماء في مكانتها العلمية
المطلب الأول أقوال العلماء في مكانتها العِلمِيَّة "تَبوَّأتْ أُمُّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها مكانةً علميةً رفيعةً، جعلتها عالمة من علماء عصرها، والمرجع العلمي الأصيل الذي يرجعون إليه فيما يغمض عليهم أو يستشكل أمامهم من مسائل في القرآن والحديث والفقه، فيجدون الجواب الشافي لجميع تساؤلاتهم واستفساراتهم" (1). فكان الأكابر من الصحابة إذا أشكل عليهم الأمر في الدين استفتوها، فيجدون علمه عندها، قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: «مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثٌ قَطُّ فَسَأَلْنَا عَائِشَة إِلا وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْهُ عِلْمًا» (2). وقال مسروق رحمه الله: «لَقَدْ رَأَيْتُ الأكَابِرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَهَا عَنِ الْفَرَائِضِ» (3). وروى هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَلا بِسُنَّةٍ ¬
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلا بِشِعْرٍ، وَلا فَرِيضَةٍ مِنْ عَائِشَة رضي الله عنها» (1). وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن (2): «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- وَلا أَفْقَهَ فِي رَأْيٍ إِنِ احْتِيجَ إِلَى رَأْيِهِ، وَلا أَعْلَمَ بِآيَةٍ فِيمَا نَزَلَتْ، وَلا فَرِيضَةٍ مِنْ عَائِشَة» (3). وقال الزهري (4) رحمه الله: «لَوْ جُمِعَ عِلْمُ عَائِشَة إِلَى عِلْمِ جَمِيْعِ النِّسَاءِ، لَكَانَ عِلْمُ عَائِشَة أَفْضَلَ»، وفي رواية: «لَوْ جُمِعَ عِلْمُ نِسَاءِ هَذِهِ الأمَّةِ فِيهِنَّ أَزْوَاجُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَلِمُ عَائِشَة أَكْثَرَ مِنْ عِلْمِهِنَّ» (5). ¬
وعن محمود بن لبيد (1) قال: «كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَحْفَظْنَ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَثِيرًا وَلا مِثْلاً لعَائِشَة وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَكَانَتْ عَائِشَة تُفْتِي فِي عَهْدِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ إِلَى أَنْ مَاتَتْ، يَرْحَمُهَا اللَّهُ، وَكَانَ الأكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُمَرُ وَعُثْمَانُ بَعْدَهُ يُرْسِلانِ إِلَيْهَا فَيَسْأَلانِهَا عَنِ السُّنَنِ» (2). وعن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، قال: «كَانَتْ عَائِشَة قَدِ اسْتَقَلَّتْ بِالْفَتْوَى فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَهَلُمَّ جَرًّا إِلَى أَنْ مَاتَتْ يَرْحَمُهَا اللَّهُ، وَكُنْتُ مُلازِمًا لَهَا مَعَ بِرِّهَا بِي» (3). قال ابن كثير رحمه الله: "وقد تفردت أُمّ المؤمنين عَائِشَة بمسائل عن الصحابة لم توجد إلا عندها، وانفردت باختيارات أيضًا وردت أخبار بخلافها بنوع من التأويل" (4). ¬
المطلب الثاني علمها بالقرآن وعلومه
المطلب الثاني علمها بالقرآن وعلومه "تُعَدُّ أُمُّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها من كبار مفسري عصرها؛ ساعدها على ذلك سماعها للقرآن الكريم منذ نعومة أظافرها، قالت رضي الله عنها: «لَقَدْ أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ، {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} (1)، وَمَا نَزَلَتْ سُورَةُ البَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ إِلا وَأَنَا عِنْدَهُ» (2). وزواجها وعيشها في كَنَفِ رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلها تظفر بحضور نزول الكثير من القرآن الكريم، إذ عاشت تسع سنوات في مهبط الوحي، ولم يكن ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في لحاف امرأة من نسائه غيرها (3). وقد نزلت آيات كثيرة بسببها مثل آيات الإفك، والتيمم، ورأت كيف ينزل عليه جبريل عليه السلام بالوحي حتى إنَّها وصفت حال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حين نزوله، فقالت: «لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الوَحْيُ فِي اليَوْمِ الشَّدِيدِ البَرْدِ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ (4) وَإِنَّ جَبِينَهُ لَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا (5)» (6). ولم تكن عَائِشَة رضي الله عنها تكتفي بمجرد الحفظ، وإنما كان إذا غمض عليها شيء ¬
لا تتردد في طرحه على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لتتعرف على معاني الآيات القرآنية، ومراد الله عز وجل منها، فقد قالت عَائِشَة رضي الله عنها: «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} (1) قَالَتْ عَائِشَة: أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: "لا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لا تُقْبَلَ مِنْهُمْ {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} (2)» (3). وهذا ما جعل عَائِشَة رضي الله عنها على معرفة تامة بالقرآن الكريم، وأسباب نزوله، وموضوعاته وقضاياه، مما جعلها تقيم تفسيرها للقرآن الكريم على منهج تفسيري له أصوله الخاصة التي يعتمد عليها، ويبرز فكرها وثقافتها" (4). ¬
يقول أبو سلمة بن عبد الرحمن: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِسُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلا أَفْقَهَ فِي رَأْيٍ إِنِ احْتِيجَ إِلَى رَأْيِهِ، وَلا أَعْلَمَ بِآيَةٍ فِيمَا نَزَلَتْ، وَلا فَرِيضَةٍ مِنْ عَائِشَة» (1). ¬
المطلب الثالث علمها بالسنة النبوية
المطلب الثالث علمها بالسُّنَّة النَّبوِيَّة "قَامتْ أُمُّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها بدور كبير في رواية السنة النبوية وفي توثيقها، وتعتبر رائدة في هذا المجال؛ لقربها من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقد كانت الزوجة الشديدة اللصوق به، تسمع منه مالا يسمعه غيره، وترى من أحواله ما لا يراه غيرها، وتفهم عنه، وتسأله عما يغمض عليها، فوعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من ألف حديث شريف، روتها عنه بكل دقة وضبط وإتقان؛ ولذلك جاءت روايتها للسنة النبوية المطهرة متميزة؛ لإتيانها على السماع والقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونشأتها وترعرعها في بيت النبوة، وتحت توجيهه صلى الله عليه وسلم (1). فعن محمود بن لبيد قال: «كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَحْفَظْنَ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَثِيرًا وَلا مِثْلاً لعَائِشَة وَأُمِّ سَلَمَةَ» (2). فقد بلغت مرويات عَائِشَة رضي الله عنها عن رسول صلى الله عليه وسلم (2210) حديثًا منها (174) حديثًا متفق عليها عند الشيخين، وانفرد البخاري بـ (54) حديثًا ومسلم بـ (69) حديثًا، والباقي في الصحاح والسنن والمعاجم، والمسانيد، وقد عَدَّها ابن حزم في المرتبة الرابعة من بين الصحابة المكثرين للرواية (3) " (4). ¬
وذكرها السيوطي (1) من السبعة المكثرين في الرواية، فقال: وَالْمُكْثِرُونَ فِي رِوَايَةِ الأَثَرْ ... أَبُو هُرَيْرَةَ يَلِيهِ ابْنُ عُمَرْ وَأَنَسٌ وَالْبَحْرُ كَالْخُدْرِيِّ ... وَجَابِرٌ وَزَوْجَةُ النَّبِيِّ (2) فقوله: (وزوجة النَّبِيّ) يقصد بها عائشة رضي الله عنها. وقال الحافظ أبو حفص الْمَيَانِشِيُّ (3) رحمه الله في كتابه 'إيضاح ما لا يسع المحدث جهله': "اشتمل كتاب البخاري ومسلم على ألف حديث ومائتي حديث من الأحكام فروت عَائِشَة من جملة الكتابين مائتين ونيفاً وتسعين حديثاً لم يخرج عن الأحكام منها إلا اليسير" (4). وقال أيضًا: "وروينا بسندنا عن بَقِيّ بن مَخْلَد رضي الله عنه أنَّ عَائِشَة روت ألفين ومائتي حديث وعشرة أحاديث، والذين رووا ألوف عن رسول الله أربعة: أبو هريرة، ¬
وعبد الله بن عمرو، وأنس بن مالك، وعَائِشَة رضي الله عنهم" (1). قال ابن كثير رحمه الله وهو يتحدث عن عَائِشَة رضي الله عنها: "ولم ترو امرأة ولا رجل غير أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث بقدر روايتها رضي الله عنها" (2). ¬
المطلب الرابع علمها بالفقه والفتوى
المطلب الرابع علمها بالفِقه والفتْوى تُعَدُّ عَائِشَة رضي الله عنها بحق أفقه نساء الأمة وأعلمهن، بل أفقه وأعلم من كثير من الصحابة، قال عطاء (1) رحمه الله: «كَانَتْ عَائِشَة، أَفْقَهَ النَّاسِ وَأَعْلَمَ النَّاسِ وَأَحْسَنَ النَّاسِ رَأْيًا فِي الْعَامَّةِ» (2). وقد ذكرها الشيخ أبو إسحاق الشيرازي (3) في طبقاته في جملة فقهاء الصحابة (4)، ولما ذكر ابن حزم أسماء الصحابة الذين رويت عنهم الفتاوى في الأحكام في مزية كثرة ما نقل عنهم قدم عَائِشَة على سائر الصحابة (5). ¬
وقال الذهبي (1) رحمه الله: "لا أعلم في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، بل ولا في النساء مطلقاً، امرأة أعلم منها" (2). وقد استدركت عَائِشَة رضي الله عنها على كبار الصحابة في مسائل كثيرة، حتى صنف بعض العلماء في استدراكاتها عليهم، وممن صنف في ذلك: أبو منصور عبد المحسن بن محمد بن علي البغدادي (411 - 489هـ)، وبلغت مستدركاته خمسة وعشرين حديثًا؛ وبدر الدين الزركشي (745 - 974هـ)، في مصنفه "الإجابة لما ما استدركته عَائِشَة على الصحابة"، واستدراكاته فيه أربعة وسبعون حديثًا، نشر منها السيوطي جزءاً موجزًا بعنوان: "عين الإصابة فيما استدركته عَائِشَة على الصحابة (3) " (4). وأيضًا كانت عَائِشَة رضي الله عنها عالمة بالفتوى، وكان أكابر الصحابة إذا أشكل عليهم الأمر في الدين استفتوها فيجدون علمه عندها، قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: «مَا أَشْكَلَ عَلَيْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثٌ قَطُّ فَسَأَلْنَا عَائِشَة إِلا وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْهُ عِلْمًا» (5). وعن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، قال: «كَانَتْ عَائِشَة قَدِ اسْتَقَلَّتْ بِالْفَتْوَى ¬
فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَهَلُمَّ جَرًّا إِلَى أَنْ مَاتَتْ يَرْحَمُهَا اللَّهُ، وَكُنْتُ مُلازِمًا لَهَا مَعَ بِرِّهَا بِي» (1). وسبق قول محمود بن لبيد: «كَانَتْ عَائِشَة تُفْتِي فِي عَهْدِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ إِلَى أَنْ مَاتَتْ، يَرْحَمُهَا اللَّهُ، وَكَانَ الأكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُمَرُ وَعُثْمَانُ بَعْدَهُ يُرْسِلانِ إِلَيْهَا فَيَسْأَلانِهَا عَنِ السُّنَنِ» (2). وقد قال مسروق رحمه الله: «لَقَدْ رَأَيْتُ الأكَابِرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَهَا عَنِ الْفَرَائِضِ» (3). ¬
المطلب الخامس علمها باللغة والشعر
المطلب الخامس علمها باللُّغة والشِّعر كانت أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها على درجة عالية من الفصاحة والبلاغة، ومعرفة الشعر، فعن موسى بن طلحة قال: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَفْصَحَ مِنْ عَائِشَة» (1). "وفصاحة عَائِشَة رضي الله عنها لا يختلف فيها اثنان، فإنها كانت حافظة للشعر وترويه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسر لسماعه منها ويستزيدها منه، ومَلَكة الشعر عندها وراثية، فأبوها كان يحفظ الشعر كذلك ويصحح أوزانه، وأخوها عبد الله ينظمه، وكان لبيد أكثر من تحبه من الشعراء، وروت له نحو ألف بيت، وكانت توصى الناس أن يعلّموا أولادهم الشعر لتعذُب ألسنتهم، وما كان ينزل بها أمر إلا أنشدت فيه شعرًا. ومن فصاحتها وبلاغتها أنها إذا استثيرت يعلو كلامها ويفخم، كأنما تصدر به عن ثقافتها الأصلية وعلومها الوفيرة، فلما توفي أبوها رثته رثاءٌ يكشف عن آدابها العالية" (2)، قالت رضي الله عنها: «رَحِمَكَ اللهُ يَا أَبَتِ! لَقَدْ قُمْتَ بِالدِّينِ حِينَ وَهَى شُعَبُهُ، وَتَفَاقَمَ صَدْعُهُ، وَرَحُبَتْ جَوَانِبُهُ، وَبَغَضْتَ مَا أَصْغُوا إِلَيْهِ، وَشَمَّرَتَ فِيمَا وَنُوا عَنْهُ، وَاسْتَخْفَفْتَ مِنْ دُنْيَاكَ، مَا اسْتَوْطَنُوا، وَصَغَّرْتَ مِنْهَا مَا عَظَّمُوا، وَلَمْ تَهْضِمْ دِينَكَ، ¬
وَلَمْ تَنْسَ غَدَكَ؛ فَفَازَ عِنْدَ الْمُسَاهَمَةِ قَدْحُكَ، وَخَفَّ مِمَّا اسْتَوْزَرُوا ظَهْرَكَ، حتى قررت الرؤوس عَلَى كَوَاهِلِهَا، وَحَقَنْتَ الدِّمَاءَ فِي أَهُبِّهَا - يَعْنِي: فِي الأَجْسَادِ -؛ فَنَضَّرَ اللهُ وَجْهَكَ يَا أَبَتِ! فَلَقَدْ كُنْتَ لِلدُّنْيَا مُذِلاً بِإِدْبَارِكَ عَنْهَا، وَلِلآخِرَةِ مُعِزًّا بِإِقْبَالِكَ عَلَيْهَا، وَلَكَأَنَّ أَجَلَّ الرَّزَايَا بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رِزْؤُكَ، وَأَكْبَرُ الْمَصَائِبِ فَقْدُكَ؛ فَعَلَيْكَ سَلامُ اللهِ وَرَحْمَتُهُ، غَيْرَ قَالِيَةٍ لِحَيَاتِكَ، وَلا زَارِيَةٍ عَلَى الْقَضَاءِ فِيكَ"» (1). وروى محمد بن سيرين عن الأحنف بن قيس قال: «سَمِعْتُ خُطْبَةَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم وَالْخُلَفَاءِ وَهَلُمَّ جَرًّا إِلَى يَوْمِي هَذَا، فَمَا سَمِعْتُ الْكَلامَ مِنْ فَمِ مَخْلُوقٍ أَفْخَمَ وَلا أَحْسَنَ مِنْهُ مِنْ فِيِّ عَائِشَة رضي الله عنها» (2). وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد (3)، عن أبيه (4)، قال: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَرْوَى ¬
لِشِعْرٍ مِنْ عُرْوَةَ، فَقِيلَ لَهُ: مَا أَرْوَاكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَمَا رِوَايَتِي مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَة! مَا كَانَ يَنْزِلُ بِهَا شَيْءٌ إِلا أَنْشَدَتْ فِيهِ شِعْرًا» (1). وعن عروة بن الزبير قال: «كَانَتْ عَائِشَة أَرْوَى النَّاسِ لِلشِّعْرِ، وَكَانَتْ تُنْشِدُ قَوْلَ لَبِيدٍ: ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ ... وَبَقِيتُ فِي خَلْفٍ كَجِلْدِ الأجْرَبِ يَتَغَايَرُونَ خِيَانَةً وَمَلاذَةً ... وَيُعَابُ قَائِلُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَشْغَبِ ثُمَّ تَقُولُ: كَيْفَ بِلَبِيدٍ لَوْ أَدْرَكَ مَنْ نَحْنُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ؟» (2). وقد ساق ابن الجوزي (3) رحمه الله في فضائلها كلامًا طويلاً لها موشحًا بغرائب اللغة والفصاحة (4). ¬
المطلب السادس علمها بالطب والتداوي
المطلب السادس علمها بالطِّب والتَّدَاوِي لم تقتصر عائشة رضي الله عنها على العلوم الدِّينيَّة فحسب، بل إنها كانت على اطلاع واسع على علوم أخرى، ومن هذه العلوم علمها بالطب؛ ولهذا كان عروة بن الزبير يتملكه العجب من إحاطة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بكل هذه العلوم، فعن هشام بن عروة (1) رحمه الله قال: «كَانَ عُرْوَةُ يَقُولُ لعَائِشَة: يَا أُمَّتَاهُ، لا أَعْجَبُ مِنْ فَهْمِكِ، أَقُولُ: زَوْجَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَبِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، وَلا أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالشِّعْرِ، وَأَيَّامِ النَّاسِ، أَقُولُ ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ أَوْ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ، وَلَكِنْ أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالطِّبِّ كَيْفَ هُوَ؟ وَمِنْ أَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: فَضَرَبَتْ عَلَى مَنْكِبِهِ وَقَالَتْ: أَيْ عُرَيَّةُ (2)، "إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْقَمُ عِنْدَ آخِرِ عُمْرِهِ، أَوْ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، فَكَانَتْ تَقْدَمُ عَلَيْهِ وُفُودُ الْعَرَبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَتَنْعَتُ لَهُ الأنْعَاتَ (3)، وَكُنْتُ أُعَالِجُهَا (4) لَهُ، فَمِنْ ثَمَّ (5) "» (6). ¬
"وهذا يدل على أن عائشة رضي الله عنها لم تعتمد في تعلمها الطب على تعليم طبيب أو تدريب مدرب، إنما اعتمدت على ذكائها وقوة ملاحظتها" (1). وكان عروة يقول أيضاً: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِفِقْهٍ وَلا طِبٍّ وَلا شِعْرٍ مِنْ عَائِشَة» (2). ¬
المبحث الثالث الفضائل العامة التي شاركت فيها أمهات المؤمنين
المبحث الثالث الفضائل العامة التي شاركتْ فيها أمهات المؤمنين إِنَّ لأمهات المؤمنين من الفضائل والحرمة والتعظيم الشيء الكثير العزيز، باعتبارهنَّ زوجات لخاتم النبيين، وهن من آل بيته بلا شك، طاهرات مطهرات، طيبات مطيبات، بريئات مبرآت من كل سوء يقدح في أعراضهن وفرشهن، فالطيبات للطيبين والطيبون للطيبات، فرضي الله عنهن وأرضاهن أجمعين. وبما أَنَّ عائشة رضي الله عنها من أمهات المؤمنين، فهي تشاركهن في هذه الفضائل المشتركة بينهن، ومن الفضائل التي شاركت فيها عَائِشَة رضي الله عنها غيرها من أمهات المؤمنين الآتي: أولاً: أنهنّ من أفضل نساء العالمين على الإطلاق في الشرف والفضل وعلو المقام، كما قال تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} (1)، فحكم الله تعالى بتفضيلهن على النساء مطلقًا، ويكفي هذا شرفًا لهن، حيث جاء تفضيلهن من قبل الله عز وجل. ثانيًا: أنهن زوجات لأفضل البشر، سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلم، وهل هناك نساء، أشرف من زوجات اختارهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل اختارهن الله عز وجل له، فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا} (2). ¬
ثالثًا: أنهن أمهات المؤمنين، بنص القرآن، قال الله تعالى: {النَّبِيّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} (1)، فنزَّلهن الله تعالى منزلة الأمومة للمؤمنين، حيث جعلهن أمهات في التحريم والاحترام، والتوقير والإكرام والإعظام، بل إنه تعالى حرم على المؤمنين الزواج منهن، كما يحرم على الولد الزواج بأمه، مع أنَّ ذلك حلال مع غيرهن، فقال: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} (2). رابعًا: أنهن زوجات للنبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة؛ ويدل على ذلك نصوص كثيرة منها: 1- حديث عَائِشَة رضي الله عنها قالت: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ مِنْ أَزْوَاجِكَ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: "أَمَا إِنَّكِ مِنْهُنَّ" قَالَتْ: فَخُيِّلَ لِي أَنَّ ذَاكَ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرِي» (3)، فقوله صلى الله عليه وسلم: "أَمَا إِنَّكِ مِنْهُنَّ" يدل على أن غيرها من الأمهات في الجنة. 2- حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه، قال: «لَمَّا طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَفْصَةَ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: رَاجِعْ حَفْصَةَ فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ، وَإِنَّهَا زَوْجَتُكَ فِي الْجَنَّةِ» (4). ¬
3- قول عمَّار بن ياسر رضي الله عنه عن عَائِشَة رضي الله عنها: «أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ ابْتَلاَكُمْ لِتَتَّبِعُوهُ أَوْ إِيَّاهَا» (2)، وذلك لما خرجت عَائِشَة تطالب بدم عثمان وخرجت هناك مع طلحة وغيره، وفَقَطْع عمَّار لها بدخول الجنَّة لا يكون إلا بتوقيف. خامسًا: "أنهن اخترن الله ورسوله والدار الآخرة على الحياة الدنيا وزينتها بعد نزول آيات التخيير وهي: {يَا أَيُّهَا النَّبِيّ قُلْ لأزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً - وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} (3). فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة، وتركن الحياة الدنيا وزينتها ومتاعها، وكان هذا الاختيار صادقًا بدليل أنه لم يكن ثمة ما يرغبهن بالبقاء مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ويصبرهن على معاناة ضيق العيش معه، سوى صدق الإيمان، وحقيقة التقوى؛ ولأنَّ هذا الاختيار قائم على التقوى، استحق قبول الله عز وجل له فأكرمهن بسببه، وهذا التكريم من جهتين: 1 - منعه صلى الله عليه وسلم من الزواج عليهن. 2 - منعه صلى الله عليه وسلم من تطليق واحدةٍ منهن، ليتزوج أخرى بدلاً منها، وذلك من أجل أن يبقين له زوجات دائمات، ليس في الدنيا فحسب، وإنما في الآخرة أيضًا؛ ¬
ولذلك منع المؤمنين من التزوج بهن من بعده" (1). سادسًا: تطهيرهن من الرجس (الشرك والشيطان والأفعال الخبيثة والأخلاق الذميمة) قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (2)، وهذا بناءً على القول الذي لا يصح غيره وهو أنهن من جملة أهل البيت. سابعًا: مضاعفة الأجر لهن على الطاعات والعمل الصالح، كما في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} (3). ثامنًا: لقد شرفهن الله بتلاوة القرآن والحكمة في بيوتهن مما يدل على جلالة قدرهن ورفعتهن، قال تعالى: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} (4). وبالجملة: فهذه شذرات مقتضبة في فضائل أمهات المؤمنين، أردنا بها التنويه على عظيم فضلهن، وشموخ مقامهن، وإِلاَّ فالبحث يحتمل أكثر من ذلك، ولا يتسع المقام لما هنالك، فاللبيب تكفيه الإشارة، والحر تكفيه البشارة. ¬
المبحث الرابع الفضائل التي انفردت بها رضي الله عنها
المبحث الرابع الفضائل التي انفردتْ بِها رضي الله عنها انفردت عَائِشَة رضي الله عنها بجملة من المناقب والفضائل التي ذكرتها كتب السنة وهي كثيرة جدًا، منها: أولاً: أنَّها من أفضل النساء، كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «فَضْلُ عَائِشَة عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ (1) عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ» (2)، وحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إِلا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَة عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ» (3). ثانيًا: أنها كانت أحب الأزواج إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ويدل على ذلك دلالة واضحة، حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه حينما سأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "عَائِشَة"، قَالَ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: "أَبُوهَا"» (4)، والنصوص التي ¬
تدل على محبة النَّبِيّ صلى الله عيه وسلم لعَائِشَة رضي الله عنها كثيرة، قد سبق ذكر بعضها في المبحث الرابع: «مكانتها عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وحبه لها». ثالثًا: أنَّ أباها كان أحبُّ الرجال إلي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وأعزهم عليه، ويدل لذلك حديث عمرو بن العاص السابق، وكان أبوها أيضًا أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: «كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنهم» (1)، وفي رواية: «كُنَّا نَقُولُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيٌّ: "أَفْضَلُ أُمَّةِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ"» (2). وقد أجمع الصحابة رضي الله عنهم ومن جاء بعدهم من أهل السنة والجماعة على أن أفضل الصحابة والناس بعد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، أبو بكر (3)، قال الشافعي رحمه الله: "أجمع الصحابة وأتباعهم على أفضلية أبي بكر، ثم عمر ... " (4). وقد نقل الإجماع على أن أفضل الناس بعد النَّبِيّ هو أبو بكر الصديق جماعة ¬
من أهل العلم منهم: الإمام الشافعي (1)، وأبو طالب العشاري (2)، والنووي (3)، وشيخ الإسلام ابن تيمية (4)، والبيهقي (5)، وابن حجر (6) رحمهم الله جميعًا. رابعًا: أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بكراً غيرها، فعنها رضي الله عنها قالت: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا، وَوَجَدْتَ شَجَرةً لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فِي أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ؟ قَالَ: "فِي الَّذِي لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا" تَعْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا» (7). وقالت أيضًا في حديث طويل: «أُعْطِيتُ تِسْعًا مَا أُعْطِيَتْهَا امْرَأَةٌ إِلا مَرْيَمَ بِنْتَ عِمْرَانَ»، وفيه: «وَلَقَدْ تَزَوَّجَنِي بِكْرًا وَمَا تَزَوَّجَ بِكْرًا غَيْرِي» (8)، وفي رواية: «فِيَّ سَبْعُ ¬
خِصَالٍ لَيْسَتْ فِي أَحَدٍ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: تَزَوَّجَنِي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِكْرًا، وَلَمْ يَتَزَوَّجْ أَحَدًا مِنْ نِسَائِهِ بِكْرًا غَيْرِي» (1). خامسًا: نزول براءتها من السماء بما نسبه إليها أهل الإفك في ست عشرة آية متوالية، وَجَعْلُه قرآناً يتلى إلى يوم القيامة، وشهد الله لها بأنها من الطيبات، ووعدها بالمغفرة والرزق الكريم، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} إلى قوله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} (2). سادسًا: لم ينزل بها أمر إلا جعل الله لها منه مخرجًا وللمسلمين بركة، ومن ذلك: حادثة الإفك السابقة، فإنها قد عادت عليها وعلى المسلمين، بالخيرات والبركات، كما أثبت ذلك الله سبحانه وتعالى في كتابه، حيث قال: {لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (3). ¬
وأيضًا مما أُنزل بسببها وبركتها، آية التيمم التي كانت رحمة ورخصة للمؤمنين، فعنها رضي الله عنها: «أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلاَدَةً (1) فَهَلَكَتْ (2)، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاَةُ فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوُا النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ، إِلا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجُعِلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةٌ» (3). سابعًا: أن المَلَكُ جاء بصورتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سَرَقَةٍ من حرير، فعنها رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رَأَيْتُكِ فِي المَنَامِ يَجِيءُ بِكِ المَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَقَالَ لِي: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَكَشَفْتُ عَنْ وَجْهِكِ الثَّوْبَ فَإِذَا أَنْتِ هِيَ، فَقُلْتُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ» (4). وفي رواية: «أَنَّ جِبْرِيلَ، جَاءَ بِصُورَتِهَا فِي خِرْقَةِ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ إِلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ"» (5). ¬
ثامنًا: اختياره صلى الله عليه وسلم أن يمرض في دارها، ووفاته في بيتها، بين سحرها ونحرها، واجتماع ريقه وريقها في آخر ساعة له من الدنيا، ودفنه في بيتها، فعنها رضي الله عنها: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، يَقُولُ: "أَيْنَ أَنَا غَدًا؟، أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ " يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَة، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَة حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا، قَالَتْ عَائِشَة: فَمَاتَ فِي اليَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ، فِي بَيْتِي، فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي (1) وَسَحْرِي (2)، وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي، ثُمَّ قَالَتْ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْطَانِيهِ، فَقَضِمْتُهُ (3)، ثُمَّ مَضَغْتُهُ، فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَنَّ بِهِ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِي» (4). تاسعًا: لم يكن ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في لحاف امرأة من نسائه غيرها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُؤْذِينِي فِي عَائِشَة، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا»، وفي رواية: «فَإِنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ، إِلا ¬
عَائِشَة» (1). عاشرًا: أنَّ جبريل أرسلَ لها السَّلامَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعنها رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا: «"يَا عَائِشَ (2)، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ"، فَقُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لاَ أَرَى تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -» (3). الحادي عشر: "أنها أول من بدأها النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالتخيير عند نزول آية التخيير وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيّ قُلْ لأزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً - وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} (4). وقَرَنَ ذلك بموافقة أبويها فاختارت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن تستشيرهما فاستن بها بقية أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، فعن عَائِشَة رضي الله عنها قالت: «لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ، بَدَأَ بِي، فَقَالَ: "إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، فَلا عَلَيْكِ أَنْ لا تَعْجَلِي حَتَّى تَسْتَأْمِرِي (5) أَبَوَيْكِ"، قَالَتْ: قَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا لِيَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيّ قُلْ لأزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ ¬
الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً - وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} (1) "، قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَفِي هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فَإِنِّي أُرِيدُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ مَا فَعَلْتُ» (2) " (3). الثاني عشر: كان لها يومان وليلتان في القسم دون غيرها من أمهات المؤمنين، وذلك لما وهبتها سودة يومها وليلتها، فعن عَائِشَة رضي الله عنها: «أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لعَائِشَة، وَكَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ لعَائِشَة بِيَوْمِهَا وَيَوْمِ سَوْدَةَ» (4). الثالث عشر: أنَّها كانت من أعلم وأفقه نساء هذه الأمة، ولم تكن هنالك امرأة أكثر حديثاً منها فيما روته عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، قال الزهري رحمه الله: «لَوْ جُمِعَ عِلْمُ عَائِشَة إِلَى عِلْمِ جَمِيْعِ النِّسَاءِ، لَكَانَ عِلْمُ عَائِشَة أَفْضَلَ»، وفي رواية: «لَوْ جُمِعَ عِلْمُ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ فِيهِنَّ أَزْوَاجُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَلِمُ عَائِشَة ¬
أَكْثَرَ مِنْ عِلْمِهِنَّ» (1). وعن محمود بن لبيد قال: «كَانَ أَزْوَاجُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَحْفَظْنَ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَثِيرًا وَلا مِثْلاً لعَائِشَة وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَكَانَتْ عَائِشَة تُفْتِي فِي عَهْدِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ إِلَى أَنْ مَاتَتْ، يَرْحَمُهَا اللَّهُ، وَكَانَ الأكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُمَرُ وَعُثْمَانُ بَعْدَهُ يُرْسِلانِ إِلَيْهَا فَيَسْأَلانِهَا عَنِ السُّنَنِ» (2). وختامًا لهذه الفضائل، أسوق بعض الأبيات التي تذكر بعضًا من فضائل عَائِشَة رضي الله عنها: يقول القحطاني رحمه الله في نونيته: أكرِم بِعائِشَةَ الرِضى مِن حُرَّةٍ ... بِكرٍ مُطَهَّرَةِ الإزارِ حَصَانِ هيَ زَوجُ خَيرِ الأَنبياءِ وَبِكرُهُ ... وَعَروسُهُ من جُملَةِ النِسوانِ هي عِرسُهُ هيَ أُنسه هيَ إِلفُهُ ... هيَ حِبُّهُ صِدقًا بِلا أَدهانِ أَوَلَيسَ والِدُها يُصافي بَعلَها ... وَهُما بِروحِ اللَهِ مُؤتَلِفانِ (3) ¬
الفصل الثالث العلاقة الحسنة بين أم المؤمنين عائشة وآل البيت
الفصل الثالث العلاقة الحسنة بين أُمِّ المؤمنين عَائِشَة وآل البيت ... وفيه ثلاثة مباحث: المبحث الأول: العلاقة الحسنة بين عَائِشَة وعلي رضي الله عنهما. المبحث الثاني: العلاقة الحسنة بين عَائِشَة وفاطمة رضي الله عنهما. المبحث الثالث: العلاقة الحسنة بين عَائِشَة وذرية علي وبقية آل البيت.
المبحث الأول العلاقة الحسنة بين عائشة وعلي رضي الله عنهما
المبحث الأول العلاقة الحسنة بين عَائِشَة وعليّ رضي الله عنهما كانت علاقة عَائِشَة رضي الله عنها بعليّ رضي الله عنه قبل وفاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، علاقة حميمة، ثمّ بعد وفاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حدثت فتنة الجمل، واختلف كل من عَائِشَة وعلي رضي الله عنهما في الاجتهاد، وحصل ما حصل، ولكن بالرغم من ذلك، لم تكن العلاقة بينهما علاقة عداء وجفاء، بل إن عَائِشَة رضي الله عنها لما أرادت الخروج من البصرة - بعد انتهاء فتنة الجمل -، بعث إليها عليّ رضي الله عنه بكل ما ينبغي من مركب وزاد ومتاع وغير ذلك، وأذن لمن نجا ممن جاء في الجيش معها أن يرجع إلا أن يحب المقام، واختار لها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات، وسير معها أخاها محمد بن أبي بكر، فلما كان اليوم الذي ارتحلت فيه جاء علي فوقف على الباب وحضر الناس وخرجت من الدار في الهودج (1) فودعت الناس ودعت لهم، وقالت: «يَا بَنِيَّ لا يَعْتِبْ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ، إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَلِيٍّ فِي الْقِدَمِ إِلا مَا يَكُونُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَأَحْمَائِهَا، وَإِنَّهُ عَلَى مَعْتَبَتِي لَمِنَ الأخْيَارِ»، فقال علي رضي الله عنه: «صَدَقَتْ وَاللَّهِ مَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا إِلا ذَاكَ، وَإِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»، ثم سار علي معها مودعًا ومشيعًا أميالاً (2). ¬
فهذا الموقف من أصدق المواقف التي تبين عمق العلاقة بين علي وعَائِشَة رضي الله عنهما، ولو كانت عَائِشَة رضي الله عنها تحمل شيئًا في نفسها، لما قالت تلك المقالة، وأيضًا لو كان علي رضي الله عنه يحمل على عَائِشَة رضي الله عنها شيئًا لما أقرَّها على قولها، ولا قال هذه الكلمات التي تكتب بماء الذهب، ولا وقف معها هذا الموقف الرائع. والأعجب من ذلك أن عليًا رضي الله عنه كان يعاقب من يتكلم بكلام فيه نيل من أُمِّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها بالجلد والضرب، فقد ذكر ابن الأثير رحمه الله: "أن رجلين وقفا على باب الدار الذي نزلت فيه أُمّ المؤمنين بالبصرة فقال أحدهما: جزيت عنا أمنا عقوقًا، وقال الآخر: يا أمنا توبي فقد أخطأت - فبلغ ذلك عليًا - فبعث القعقاع بن عمرو إلى الباب فأقبل بمن كان عليه، فأحالوا على رجلين من أزد الكوفة وهما عجلان وسعد ابنا عبد الله فضربهما مائة سوط وأخرجهما من ثيابهما" (1). ويدل أيضًا على العلاقة الحسنة بين علي وعَائِشَة رضي الله عنها، ما روي عنها أنَّها كانت طلبتْ من الناس بعد مَقْتل عثمان أنْ يلزموا عليًّا ويبايعوه (2)، وقد اعترف بعضُ الشيعة بهذا الأمر (3). يقول عمر بن شَبَّه (4) رحمه الله: "أَنَّ أحداً لم ينقل أن عَائِشَة ومن معها نازعوا ¬
عليًا في الخلافة، ولا دعوا إلى أحد منهم ليولوه الخلافة، وإنما أنكرت هي ومن معها على عليِّ منعه من قتل قتلة عثمان وترك الاقتصاص منهم" (1)، مع أَنَّ علي لم يمنع من قتلة عثمان، وإنما أخر ذلك، حتى تتضح الصورة وتستقيم الأمور. ومما يدل أيضًا على العلاقة الطيبة بين عَائِشَة وعليِّ رضي الله عنهما، أن عَائِشَة رضي الله عنها كانتْ أحيانًا تُحيلُ السائل على عَلِيِّ ليجيبَه، فعن شريح بن هانئ قال: «سَأَلْتُ عَائِشَة، عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ: ائْتِ عَلِيًّا فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنِّي، فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَذَكَرَ عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ»، وفي رواية: «عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَسَلْهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» (2). وقد سأل عَائِشَة رضي الله عنها آخر، فقال: «فِي كَمْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَتْ لَهُ: سَلْ عَلِيًّا، ثُمَّ ارْجِعْ إِلَيَّ فَأَخْبِرْنِي بِالَّذِي يَقُولُ لَكَ، قَالَ: فَأَتَى عَلِيًّا فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: "فِي الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ السَّابِغِ"، فَرَجَعَ إِلَى عَائِشَة فَأَخْبَرَهَا، فَقَالَتْ: "صَدَقَ"» (3). ¬
المبحث الثاني العلاقة الحسنة بين عائشة وفاطمة رضي الله عنهما
المبحث الثاني العلاقة الحَسَنَة بين عَائِشَة وفاطمة رضي الله عنهما إِنَّ علاقة عَائِشَة بفاطمة رضي الله عنهما هي علاقة ود وحب ووئام واحترام وتقدير، ولم يَثْبت في الأحاديث الصحيحة أن واحدة منهما قد حملت شيئًا من البغض أو الكراهية تجاه الأخرى، بل أجمع أصحاب السير ورواة الأحاديث على أن الصلة بين عَائِشَة وفاطمة رضي الله عنهما كانت على أحسن ألفة، وأكمل مودة، كأسمى ما يكون من العلاقات بين الأحباء، وقد ورد في أخبار التاريخ ما يؤكد ارتباط نسيج المحبة بينهما. وهناك آثار كثيرة تُبيّن العلاقة الحسنة بين عائشة وفاطمة رضي الله عنهما، ومن ذلك: ما رواه عمرو بن دينار (1) قال: قالت عَائِشَة رضي الله عنها: «مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ فَاطِمَةَ غَيْرَ أَبِيهَا»، وفي رواية: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ أَصَدَقَ مِنْ فَاطِمَةَ غَيْرَ أَبِيهَا» (2). ¬
وأيضاً ما روت عَائِشَة بنت طلحة (1)، عن أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها، أنها قالت: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا وَدَلاَّ (2) وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللهِ فِي قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» (3). وهنا وصفتْ أُمُّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها فاطمة بصفات حميدة تبين قدرها ومنزلتها حيث أنها تشبه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم هيئةً وطريقةً وسمتًا وخلقًا. ووصفتها أيضًا بصدق اللهجة، فعن عبد الله بن الزبير، عن عَائِشَة رضي الله عنها أنها كانت إذا ذكرت فاطمة بنت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالت: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَصْدَقَ لَهْجَةً ¬
مِنْهَا، إِلا أَنْ يَكُونَ الَّذِي وَلَدَهَا» (1). وكانت فاطمة رضي الله عنها إذا جاءت إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في حاجة ولم تجده أوصت بذلك عَائِشَة رضي الله عنها، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها أَتَتِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنَ الرَّحَى، وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ، فَلَمْ تُصَادِفْهُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لعَائِشَة، فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَة ... » الحديث (2). فهذا يدل على ثقة فاطمة رضي الله عنها بعائشة رضي الله عنها، ويدل أيضًا على اهتمام عَائِشَة رضي الله عنها بتبليغ ما أوكلته إليها فاطمة رضي الله عنها. وأيضًا لما أرسل أمهاتُ المؤمنين فاطمةَ رضي الله عنها، إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم تقول: إن نساءك ينشدنك الله العدل في بنت أبي بكر، فكلمته فقال: «يَا بُنَيَّة أَلاَ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟»، قالت: بلى، فرجعت إليهن، فأخبرتهن، فقلن: ارجعي إليه، فأبت أن ترجع (3). وفي هذا تصريح واضح من فاطمة بمحبتها لعَائِشَة رضي الله عنهما. ¬
المبحث الثالث العلاقة الحسنة بين عائشة وذرية علي وبقية آل البيت
المبحث الثالث العلاقة الحسنة بين عَائِشَة وذُرِّيَّة عليِّ وبقية آل البيت كانتْ علاقة عَائِشَة رضي الله عنها، بذرية علي رضي الله عنه وبقية آل البيت، علاقة طيِّبة مِلْؤُهَا البرُّ والوفاء؛ بل روت عَائِشَة رضي الله عنها الأحاديث التي تدل على فضلهم، ومن ذلك حديث الكِساء، حيث قالت رضي الله عنها: «خَرَجَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ، مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: " {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (1)» (2). "ولم تسجل لنا كتب الأحاديث واقعة صحيحة تدل على أن عَائِشَة رضي الله عنها، تحمل شيئًا من الكراهية أو البغض في قلبها تجاه أحد من آل البيت، بل أجمع أصحاب السير على أن الصلة بين عَائِشَة رضي الله عنها وآل البيت كانت على أكمل ما ترضاه السجية الإنسانية" (3). وقد نقلتْ لنا كتبُ الشيعة أن عددًا من أئمتهم كانوا يسمون بناتهم باسم عَائِشَة، ومن هؤلاء: ¬
موسى الكاظم (1)، وعلي الهادي (2)، فلو كانت عَائِشَة رضي الله عنها تبغض وتعادي آل البيت لما سموا بناتهم باسمها. والشواهد على علاقة عَائِشَة الحسنة بآل البيت كثيرة جدًا، مبثوثة في كتب الأحاديث والتاريخ، بل وكتب الشيعة أنفسهم، ولا يتسع الوقت لحصرها وجمعها. وقد ثبت باليقين وبداهة العقول حسن الود بين عَائِشَة وبين علي وأبنائه، مع ما يعلم من ورع عَائِشَة وخوفها من ربها تعالى، ومعرفتها للحقوق والواجبات، وإنزالها للناس منازلهم. ¬
الفصل الرابع أباطيل وشبهات حول أم المؤمنين عائشة والرد عليها
الفصل الرابع أباطيل وشبهات حول أُمِّ المؤمنين عَائِشَة والرد عليها وفيه مبحثان: المبحث الأول: الافتراءات والأباطيل المكذوبة على عَائِشَة رضي الله عنها. المبحث الثاني: الشُّبُهَات المثارة حول عَائِشَة رضي الله عنها.
المبحث الأول الافتراءات والأباطيل المكذوبة على عائشة رضي الله عنها
المبحث الأول الافتراءات والأباطيل المكذوبة على عَائِشَة رضي الله عنها وفيه سبعة مطالب: المطلب الأول: أقوال أهل العلم في كذب الرَّافِضَة. المطلب الثاني: قول الرَّافِضَة: إِنَّ عَائِشَة سقت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم السُّمَّ. المطلب الثالث: قولهم: إِنَّ عَائِشَة اتَّهمت مارية القبطية بالزِّنا فنزلت فيها آية الإفك. المطلب الرابع: قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ تبغض عثمان، وتقول: "اقتلوا نعثلاً فقد كفر". المطلب الخامس: قولهم: إِنَّ عَائِشَة مَنَعتْ من دَفْنِ الحسن بن عليّ عند جَدِّه. المطلب السادس: قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانت تَكْذِبُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم. المطلب السابع: قولهم: إِنَّ عَائِشَة أغضبتْ فاطمة حتى أَبْكَتْها.
المطلب الأول أقوال أهل العلم في كذب الرافضة
المطلب الأول أقوال أهل العلم في كَذِب الرَّافِضَة من المعلوم أن الرَّافِضَة أكذب الفِرَق المنتسبة إلى الإسلام، ودينَهم مبنيٌّ على الكَذب، وأبغض الناس إليهم الصحابة، قال الإمام الشافعي (1) رحمه الله: "لم أرَ أحدًا أشْهَدَ بالزور من الرَّافِضَة" (2). وقال يزيد بن هارون (3) رحمه الله: "يَكْتُبُ عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية إلا الرَّافِضَة، فإنهم يكذبون" (4). وقال محمد بن سعيد الأصبهاني (5) رحمه الله: سمعتُ شَرِيْكًا يقول: "احْمِلِ العلمَ ¬
عن كلِّ مَن لقِيتَ إلاَّ الرَّافِضَة؛ فإنهم يضعون الحديثَ، ويتَّخِذونه دِينًا" (1). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وقد اتَّفقَ أهْلُ العلم بالنقْل والرواية والإسناد على أنَّ الرَّافِضَة أكذَبُ الطوائف، والكَذب فيهم قديمٌ؛ ولهذا كان أئمةُ الإسلام يعلمون امتيازَهم بكثرة الكَذب" (2). وأقوال العلماء في كَذِب الرافضة أشهر من أن تُذكر، وأكثر من أن تُحصر، وفيما يلي ذكر لبعض الافتراءات التي اختلقها الرَّافِضَة على أُمِّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها: ¬
المطلب الثاني قول الرافضة: إن عائشة سقت النبي صلى الله عليه وسلم السم
المطلب الثاني قول الرَّافِضَة: إنَّ عَائِشَة سقتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم السُّمَّ يقول الرَّافِضَة: إنَّ عَائِشَة وحَفْصة تآمَرَتا مع أبويهما؛ لاغتيال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فقد وضَعَتا السُّمَّ في فَمِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأنَّه ماتَ نتيجة ذلك، وسلك الرَّافِضَة في هذه الفرية مسلكين: المسلك الأول: وضع الروايات المكذوبة: فجاء في 'البرهان في تفسير القرآن' (1) لهاشم البحراني (2)، و'بحار الأنوار' (3) للمجلسي (4)، في تفسير قوله الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إلى قوله تعالى: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} (5): "قال علي بن إبراهيم القمي (6): كان سبب نزولها أن رسول الله ¬
صلى الله عليه وآله كان في بعض بيوت نسائه، وكانت مارية القبطية معه تخدمه، وكان ذات يوم في بيت حفصة، فذهبت حفصة في حاجة لها، فتناول رسول الله صلى الله عليه وآله مارية، فعلمت حفصة بذلك، فغضبت وأقبلت على رسول الله صلى الله عليه وآله، وقالت: يا رسول الله، هذا في يومي، وفي داري، وعلى فراشي! فاستحيا رسول الله صلى الله عليه وآله منها، فقال: «كفي فقد حرَّمتُ مارية على نفسي، ولا أطأها بعد هذا أبداً، وأنا أفضي إليك سرًا، فإن أنت أخبرت به فعليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين». فقالت: نعم، ما هو؟ فقال: «إن أبا بكر يلي الخلافة من بعدي، ثم من بعده عمر أبوك». فقالت: من أخبرك بهذا؟ قال: «الله أخبرني». فأخبرت حفصة عَائِشَة من يومها بذلك، وأخبرت عَائِشَة أبا بكر، فجاء أبو بكر إلى عمر، فقال له: إن عَائِشَة أخبرتني عن حفصة كذا، ولا أثق بقولها، فسل أنت حفصة، فجاء عمر إلى حفصة، فقال لها: ما هذا الذي أخبرت عنك عَائِشَة؟ فأنكرت ذلك، وقالت: ما قلت لها من ذلك شيئاً، فقال لها عمر: إن كان هذا حقّاً فأخبرينا حتى نتقدم، فاجتمع أربعة على أن يسموا رسول الله - صلى الله عليه وآله -، فنزل جبرئيل - عليه السلام - على رسول الله - صلى الله عليه وآله - بهذه السورة: {يا أَيُّهَا النَّبِيّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ} يعني: قد أباح الله لك أن تكفر عن يمينك {واللَّهُ ¬
مَوْلاكُمْ وهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ - وإِذْ أَسَرَّ النَّبِيّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ} أي أخبرت به {وأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ} يعني أظهر الله نبيه على ما أخبرت به وما هموا به من قتله {عَرَّفَ بَعْضَهُ} أي أخبرها وقال: «لم أخبرت بما أخبرتك به؟» ". وجاء في نفس الكتابين السابقين في موضع آخر: "عن عبد الصمد بن بشير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: تدرون مات النَّبِيّ صلى الله عليه وآله أو قتل؟، إن الله يقول: {أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ} فسم قبل الموت، إنهما سقتاه، فقلنا: إنهما وأبويهما شر من خلق الله" (1). ويقول ياسر الحبيب (2) في احتفاله بوفاة عَائِشَة رضي الله عنها: "ماذا أقول، وماذا أعدد أو أذكر؟ أأذكر سمَّها لرسول الله صلى الله عليه وآله وقتلها إياه؟ " (3)، فهو ¬
ينقل هذه الفرية عن أسلافه، {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} (1). المسلك الثاني: صرف معنى الأحاديث الصحيحة إلى ما يوافق هواهم: استغل الرَّافِضَة قصة سقي عَائِشَة وحفصة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الدواء في مرضه، فقالوا: سقتاه السُّمَّ، وهذا هو نص الرواية الصحيح: عن عَائِشَة رضي الله عنها، قالت: «لَدَدْنَا (2) رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ، وَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا: "لاَ تَلُدُّونِي"، قَالَ: فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةُ المَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: "أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي" قَالَ: قُلْنَا: كَرَاهِيَةٌ لِلدَّوَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاّ لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلاّ العَبَّاسَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ"» (3). وعن أسماء بنت عميس رضي الله عنها، قالت: «أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَتَشَاوَرَ نِسَاؤُهُ فِي لَدِّهِ فَلَدُّوهُ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: "مَا هَذَا؟ " فَقُلْنَا: هَذَا فِعْلُ نِسَاءٍ جِئْنَ مِنْ هَاهُنَا - وَأَشَارَ [الراوي] إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ - وَكَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فِيهِنَّ، قَالُوا: كُنَّا نَتَّهِمُ فِيكَ ذَاتَ ¬
الْجَنْبِ (1) يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "إِنَّ ذَلِكَ لَدَاءٌ مَا كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَيَقْرَفُنِي بِهِ (2) لاَ يَبْقَيَنَّ فِي هَذَا الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلاّ الْتَدَّ إِلاّ عَمُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَعْنِي الْعَبَّاسَ، قَالَ: فَلَقَدِ الْتَدَّتْ مَيْمُونَةُ يَوْمَئِذٍ وَإِنَّهَا لَصَائِمَةٌ لِعَزْمَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» (3). الرد على هذه الفرية من وجوه (4): الوجه الأول: أن القصة في مسلكهم الأول من الأباطيل المكذوبة، ومن الدَّعاوى الغريبة التي سوّد الرَّافِضَة بها كتبهم، فالرَّافِضَة إذا أرادوا أن يؤيدوا باطلهم عمدوا إلى بعض الآيات القرآنية، فاخترعوا في تفسيرها قصصًا مختلقة تُؤيِّد إفكهم، حتى يُوهموا أبناء طائفتهم، ومن يُسقطونه في حبائلهم أنّ هذا الإفك الذي زعموه قد نزلت في بيانه وتأكيده آيات القرآن الكريم، وهذا ما فعلوه في هذه الافتراءات ¬
التي أرادوا إلصاقها بخير عباد الله بعد الأنبياء والمرسلين؛ بأبي بكر وعمر، وبابنتيهما رضي الله عنهم أجمعين (1). وهذه الأكذوبة التي ذكروها في سبب نزول آيات سورة التحريم، لم أجدها في غير كتب الرَّافِضَة، والصحيح أن سبب نزول هذه الآيات كان في تحريم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم للعسل كما في الصحيح، فعن عَائِشَة رضي الله عنها قال: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَشْرَبُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَيَمْكُثُ عِنْدَهَا، فَوَاطَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ عَلَى أَيَّتُنَا دَخَلَ عَلَيْهَا فَلْتَقُلْ لَهُ: أَكَلْتَ مَغَافِيرَ، إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، قَالَ: "لاَ، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَشْرَبُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَلَنْ أَعُودَ لَهُ، وَقَدْ حَلَفْتُ، لاَ تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَدًا"» (2). وبهذا يتبين كذب وافتراء الرَّافِضَة، واختلاقهم الروايات التي توافق قصدهم السيئ، وتخدم مذهبهم الفاسد. الوجه الثاني: بالنِّسبة لقصة اللدود في المسلك الثاني، التي روتها عَائِشَة وأسماء رضي الله عنهما، وفهمها الرافضة فهماً يوافق إفكهم، أقف عندها وقفات: أولاً: أن اللَّدُود: هو الدواء الذي يُصبُّ في أحَدِ جانبي فمِ المريض (3)، فكيف عَرَف الرَّافِضَة مكوِّنات الدواء الذي وضعَتْه عَائِشَة للنبي صلى الله عليه وسلم؟! ¬
ثانياً: أنَّ مَن نقَلَ هذه الحادثة هو عَائِشَة رضي الله عنها فكيف تنقل قتْلَها لنبيِّها، وزوجها، وحبيبها صلى الله عليه وسلم؟! ثالثاً: السُّم الذي وضعتْه اليهوديَّة في الطعام الذي قُدِّم للنبي صلى الله عليه وسلم كُشِفَ أمرُه من الله تعالى وأخبرتِ الشاة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنّها مسمومة، فلماذا لم يحصل معه صلى الله عليه وسلم الأمر نفسه في السُّمِّ الذي وضعته عَائِشَة في فمه؟! رابعًا: لم يُعطَ الدواءُ للنبي صلى الله عليه وسلم من غير عِلّة، بل أُعطِيَه مِن مَرضٍ ألَم به. خامسًا: لم يُعطَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الدواء إلاَّ بعد أن تشاورَ نساؤه رضي الله عنهنَّ في ذلك الإعطاء. سادسًا: لا ننكر أن يكون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مات بأثَر السُّم! لكن أيُّ سُمٍّ هذا؟ إنَّه السُّم الذي وضعتْه اليهوديَّة للنبيِّ صلى الله عليه وسلم في طعام دَعَتْه لأكْله عندها، وقد لفَظَ صلى الله عليه وسلم اللُّقمة؛ لإخبار الله تعالى بوجود السُّم في الطعام، فأخبرَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في آخر أيامه أنّه يجد أثرَ تلك اللُّقمة على بَدَنه، ومِن هنا قال مَن قال من سلف هذه الأُمة: إنَّ الله تعالى جمع له بين النبوَّة والشهادة. سابعًا: من الواضح في الرواية أنَّ نساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يفْهَمنَ مِن نَهْي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعدم لَدِّه أنَّه نهْي شرعي، بل فهِموا أنَّه من كراهية المريض للدواء، وفَهْمُهم هذا ليس بمستنكرٍ في الظاهر، وقد صرَّحوا بأنهم وإن لم يكنْ لهم عذرٌ عند النَّبِيّ، صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّ الأصْلَ هو الاستجابة لأمرِه، صلى الله عليه وسلم قد أخطؤوا في تشخيص دَائه صلى الله عليه وسلم لذا فقد ناوَلوه دواءً لا يُناسب عِلَّته. قال ابن حجر رحمه الله: "وإنَّما أنْكَرَ التداوي؛ لأنه كان غير ملائم لدائه؛ لأنهم ظنّوا أنَّ به "ذات الْجَنْب"، فداووه بما يلائمها، ولم يكنْ به ذلك؛ كما هو ظاهر في
سياق الخبر كما ترى" (1). وأخيراً أقول: إن سلوك الرَّافِضَة في افتراءاتهم وشبهاتهم أكثر من مسلك، دليلٌ واضحٌ على كذبهم وتدليسهم. ¬
المطلب الثالث قولهم: إن عائشة اتهمت مارية القبطية بالزنا فنزلت فيها آية الإفك
المطلب الثالث قولهم: إِنَّ عَائِشَة اتَّهمتْ مارية القبطية بالزِّنا فنزلتْ فيها آية الإفك والرَّافِضَة لهم في تقرير هذه الشُّبْهَة عدة مسالك: المسلك الأول: التشكيك في قصة الإفك، وإنكار براءة عَائِشَة رضي الله عنها: "وقد أنكر جَمعٌ من الشيعة ذلك زاعمين أنّ هذا من قول العامّة - يعنون أهل السنة - إذ رواية أهل السنةّ عندهم مردودة بالإجماع، بل إنّهم يرون أيضًا أن الخبر إذا جاء متناقضًا عن واحدٍ من أئمّتهم من طريقين، وافق أحدهما مذهب أهل السنّة: يُترك الخبر الموافق لمذهب أهل السنّة لاحتمال خروجه على التقية (1)، وعلى هذا: فقد أنكر جمعٌ من الشيعة - كما تقدّم - نزول آيات سورة النّور في تبرئة عَائِشَة؛ لأنّ ذلك من قول أهل السنّة. أما هم: فيرون أنّ هذه الآيات نزلت في براءة مارية القبطية ممّا رمته بها عَائِشَة رضي الله عنها؛ كما تقدّمت مزاعمهم في هذا. وقد حاول بعض الشيعة المعاصرين التشكيك في قصّة الإفك، ومن هؤلاء المشككين: جعفر مرتضى الحسينيّ صاحب كتاب 'حديث الإفك'، والذي ألّف كتابه هذا بغرض نَقْض حديث الإفك؛ فقد حاول من أوّل صفحات هذا الكتاب، إلى آخر صفحاته، ردّ حديث الإفك بشتى الوسائل والحجج؛ من طعنٍ في رواة أهل السنةّ، إلى زعمٍ بتناقض هذا الحديث واضطرابه، أو دعوى ضعف السند دون بيان سبب الضعف، أو غير ذلك من الافتراءات (2). ¬
وممّن أنكر قصّة الإفك أيضًا هاشم معروف الحسيني في كتابه 'سيرة الأئمة الاثني عشر' (1)، وغيرهما. والرد على هذه الفرية: أنَّ إنكار الرَّافِضَة لبراءة عَائِشَة رضي الله عنها والتشكيك في قصة الإفك يتعارض مع إقرار جمعٍ كبيرٍ من علمائهم، واعترافهم بأنّ اللَّه سبحانه وتعالى قد برّأ عَائِشَة رضي الله عنها ممّا نُسب إليها من الإفك، وبأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جلد من جاء به، واستشهدوا بقصّة الإفك على وجود العداوة بين عليّ رضي الله عنه وعَائِشَة رضي الله عنها، وبأنهّا أي العداوة ظهرت منذ ذلك الحين (2) " (3). بل إِنَّ بعضَ أئمتهم يؤكد أَنَّ براءة عَائِشَة رضي الله عنها أمرٌ متواترٌ علم بالضرورة، وإنكاره إنكار للضروري. فيقول ابن أبي الحديد (4): "وقوم من الشيعة زعموا أن الآيات التي في سورة النور لم تنزل فيها وإنما أنزلت في مارية القبطية وما قذفت به مع الأسود القبطي، وجحدهم ¬
لإنزال ذلك في عَائِشَة جحد لما يعلم ضرورة من الأخبار المتواترة" (1). ونجد أيضًا أَنَّ ابن أبي الحديد نفسه في موضعٍ آخر يثبت براءة عَائِشَة رضي الله عنها حيث يقول: "وقُذِفَتْ عَائِشَة في أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفوان بن المعطل السلمي، والقصة مشهورة؛ فأنزل الله - تعالى - براءتها في قرآنٍ يُتْلَى وَيُنْقَل، وَجُلِدَ قاذفوها الحد" (2). المسلك الثاني: استغلال روايات ضعيفة منكرة وقعت في كتب أهل السنة: ومن المعروف أنَّ من مسالك الرَّافِضَة في تقرير شبهاتهم وافتراءاتهم أنهم يعمدون إلى رواية ضعيفة منكرة أو موضوعة وردت في كتب أهل السنة، فيوردونها مؤكدين بها ما يقولونه، ثم يلزمون أهل السنة بها. وفي هذه الفرية بالذات عمد بعضهم إلى روايةٍ ضعيفة جدًا، بل باطلة وردت في كتب أهل السنة، ويتصدر هذا التيار المدعو عبد الحسين الرافضي في كتابه 'المراجعات'. وهذه هي الرواية التي يستندون إليها: فعن عَائِشَة رضي الله عنها قالت: «أُهْدِيَتْ مَارِيَةُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهَا ابْنُ عَمٍّ لَهَا، قَالَتْ: فَوَقَعَ عَلَيْهَا وَقْعَةً فَاسْتَمَرَّتْ حَامِلاً، قَالَتْ: فَعَزَلَهَا عِنْدَ ابْنِ عَمِّهَا، قَالَتْ: فَقَالَ أَهْلُ الإِفْكِ وَالزُّورِ: مِنْ حَاجَتِهِ إِلَى الْوَلَدِ ادَّعَى وَلَدَ غَيْرِهِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ قَلِيلَةَ اللَّبَنِ فَابْتَاعَتْ لَهُ ضَائِنَةَ لَبُونٍ فَكَانَ يُغَذَّى بِلَبَنِهَا، فَحَسُنَ عَلَيْهِ لَحْمُهُ، قَالَتْ عَائِشَة رضي الله عنها: فَدُخِلَ بِهِ عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: كَيْفَ تَرَيْنَ؟ فَقُلْتُ: مَنْ غُذِّيَ بِلَحْمِ الضَّأْنِ يَحْسُنُ لَحْمُهُ، قَالَ: وَلاَ الشَّبَهُ قَالَتْ: ¬
فَحَمَلَنِي مَا يَحْمِلُ النِّسَاءَ مِنَ الْغَيْرَةِ أَنْ قُلْتُ: مَا أَرَى شَبَهًا، قَالَتْ: وَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا يَقُولُ النَّاسُ فَقَالَ لِعَلِيٍّ: خُذْ هَذَا السَّيْفَ فَانْطَلِقْ فَاضْرِبْ عُنُقَ ابْنِ عَمِّ مَارِيَةَ حَيْثُ وَجَدْتَهُ، قَالَتْ: فَانْطَلَقَ فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ عَلَى نَخْلَةٍ يَخْتَرِفُ رُطَبًا قَالَ: فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى عَلِيٍّ وَمَعَهُ السَّيْفُ اسْتَقْبَلَتْهُ رِعْدَةٌ قَالَ: فَسَقَطَتِ الْخِرْقَةُ، فَإِذَا هُوَ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ مَا لِلرِّجَالِ شَيْءٌ مَمْسُوحٌ» (1). فنجد أَنَّ هذه الرواية قد استغلها عبد الحسين الشيعي في "مراجعاته" أسوأ استغلال، واتكأ عليها في اتهامه للسيدة عَائِشَة في خُلُقِها ودينها، فقال: "وحسبك مثالاً لهذا ما أيدته - نزولاً على حكم العاطفة - من إفك أهل الزور إذ قالوا - بهتانًا وعدوانًا - في السيدة مارية وولدها عليه السلام ما قالوا، حتى برأهما الله عز وجل من ظلمهم براءة - على يد أمير المؤمنين - محسوسة ملموسة! {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا} (2)! " (3). وعلق على هذا بقوله:"من أراد تفصيل هذه المصيبة؛ فليراجع أحوال السيدة مارية رضي الله عنها في (ص 39) من الجزء الرابع من 'المستدرك' للحاكم، أو من 'تلخيصه' للذهبي"!. يشير بذلك إلى هذا الحديث المنكر، وأنه لم يكتف في الاعتماد عليه - مع ضعفه الشديد - بل إنه زاد على ذلك أنه لم يسق لفظه؛ تدليسًا على الناس ¬
وتضليلاً؛ فإنه لو فعل وساق اللفظ؛ لتبين منه لكل من كان له لب ودين أن عَائِشَة بريئة مما نسب إليها في هذا الحديث المنكر من القول - براءتها مما اتهمها به المنافقون؛ فبرأها الله تعالى بقرآن يتلى -، آمن الشيعة بذلك أم كفروا، عامل الله الكذابين والمؤيدين لهم بما يستحقون! وإنا لله وإنا إليه راجعون. ثم إن الحديث؛ أخرجه ابن شاهين أيضًا من طريق سليمان بن أرقم عن الزهري به؛ كما في 'الإصابة' (1) للحافظ العسقلاني؛ وقال: "وسليمان ضعيف" (2). والجواب على هذا الكلام من وجوه: أولاً: هذه الرواية باطلة وضعيفة جدًا لا يجوز الاحتجاج بها أبدًا: فالحديث من رواية سليمان بن أرقم، والأئمة متفقون على تضعيفه (3)، بل هو ضعيف جدًا. ولظهور ضعف هذا الحديث فقد سكت عنه الحاكم في 'مستدركه' - على تساهله في التصحيح -، وكذلك سكت عنه الذهبي في 'تلخيصه عليه'، وقد أورد هذا الحديث الشيخ الألباني في كتابه 'السلسلة الضعيفة' (4): وقال: "ضعيف جدًا". ثانيًا: أَنَّ الحديث أصله صحيح ثابت، وليس فيه هذه الزيادات المنكرة: وهذه الزيادات زادها ابن الأرقم على الحديث، وهذا إِنْ دل على شيءٍ إنما ¬
يدل على أنه سيء الحفظ جدًا، أو أنه يتعمد الكذب والزيادة؛ لهوى في نفسه، ثم يحتج بها أهل الأهواء! وأما الرواية الصحيحة في ذلك فهي عند مسلم من حديث أنس رضي الله عنه: «أَنَّ رَجُلاً كَانَ يُتَّهَمُ بِأُمِّ إِبْرَاهِيمَ وَلَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِىٍّ: اذْهَبْ فَاضْرِبْ عُنُقَهُ. فَأَتَاهُ عَلِيٌّ، فَإِذَا هُوَ فِي رَكِيٍّ يَتَبَرَّدُ فِيهَا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: اخْرُجْ. فَنَاوَلَهُ يَدَهُ، فَأَخْرَجَهُ، فَإِذَا هُوَ مَجْبُوبٌ لَيْسَ لَهُ ذَكَرٌ، فَكَفَّ عَلِىٌّ عَنْهُ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَمَجْبُوبٌ مَا لَهُ ذَكَرٌ» (1). المسلك الثالث: إدخالهم زيادات منحولة على النص الصحيح ليتمموا بها فريتهم: إِنَّ من الأمور التي يتفنن فيها الرَّافِضَة أنهم يعمدون إلى روايةٍ صحيحةٍ، ثم يدخلون عليها زياداتٍ تفسد النص؛ ليسوِّغوا بذلك ما يريدونه من كذبٍ وافتراءٍ ودسٍّ، وقد يجعلون هذه الرواية المكذوبة سببًا لنزول آيةٍ في كتاب الله تعالى ليتم لهم إتقان التلبيس والتضليل. فقد ذكر علي بن إبراهيم القُمِّي في 'تفسيره' (2)، في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (3) قال: إن ¬
العامة رووا أنها نزلت في عَائِشَة، وما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة، وأما الخاصة فإنهم رووا أنها نزلت في مارية القبطية، وما رمتها به عَائِشَة. ثم روى علي بن إبراهيم القُمِّي بسنده قال: "لما مات إبراهيم بن رسول الله - صلى الله عليه وآله - حزن عليه حزنًا شديدًا، فقالت عَائِشَة: ما الذي يحزنك عليه؟ فما هو إلا ابن جُرَيْح ... " (1). فهذه الرواية هي رواية صحيحة ثابتة - عند الرَّافِضَة السبئيين -، ولذلك يعتمدون عليها أيما اعتماد، وقد صرح كبار علمائهم بصحة هذه الرواية. فهذا المفيد - وهو من كبار علمائهم - يُؤكِّد أنّ هذه الروايات صحيحة ومسلَّمة عند الشيعة، فيقول: "خبر افتراء عَائِشَة على مارية القبطية خبٌر صحيحٌ مسلَّمٌ عند الشيعة" (2)، فالخبر إذًا صحيح مسلَّمٌ (3). وقد روى الرَّافِضَة أيضًا هذه القصة في تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (4). قال علي بن إبراهيم القُمِّي في "تفسيره' (5): "إنها نزلت في مارية القبطية أم ¬
إبراهيم، وكان سبب ذلك أن عَائِشَة قالت لرسول الله - صلى الله عليه وآله -: إن إبراهيم ليس هو منك، وإنما هو من جريح القبطي، فإنه يدخل إليها في كل يوم، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وآله -، وقال لأمير المؤمنين - عليه السلام -: خذ هذا السيف وأتني برأس جريح ... "، إلى أن قال: "فأنزل الله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} الآية (1) " (2). وتأكيدًا لما ذكرناه آنفًا من مسلك الرَّافِضَة في إدخال زيادات فاسدة على نصوص صحيحة نورد في هذا المقام روايةً صحيحةً في كتب أهل السنة، ونرى كيف شوهها الرَّافِضَة، وغيروا فيها: روى الطَّحَاوي من طريق: عبد الرحمن بن صالح الأزدي الكوفي، والبزار وأبو نُعَيْم، وابن عساكر، والضياء المقدسي من طريق: أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني، كلهم من طريق: يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن إبراهيم بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده علي بن أبي طالب قال: «كَانَ قَدْ تَجَرَّؤُوا (وفي رواية: كَثُرَ أو أُكْثِرَ) عَلَى مَارِيَةَ فِي قِبْطِيٍّ ابْنِ عَمٍّ لَهَا كَانَ يَزُورُهَا، وَيَخْتَلِفُ إِلَيْهَا، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: خُذْ هَذَا السَّيْفَ فَانْطَلِقْ، فَإِنْ وَجَدْتَهُ عِنْدَهَا فَاقْتُلْهُ، ... » الحديث (3). ¬
وليس في هذا الحديث ذكر لعَائِشَة، فلينظر المنصف المتبع للحق كيف غير الرَّافِضَة في هذه الرواية ودسوا فيها الدسائس؟، فالرواية الصحيحة التي بهذا السياق وردت في المنافقين وليست في عَائِشَة رضي الله عنها. فالمنافقون هم الذين كانوا يشيعون الأخبار الكاذبة عن مارية برأها الله، يفعلون ذلك طعناً في رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فعل رأس النفاق عبد الله بن أُبي بعائشة قبلها وقد برأها الله، والذي يؤمن برسول الله ويحترمه لا يجعل زوجاته بين قاذفة ومقذوفة لاسيما بعد ما نزلت براءة عَائِشَة في قرآن يتلى في مشارق الأرض ومغاربها إلى يوم القيامة، ويؤمن ببراءتها وفضلها ومكانتها وما أنزل في شأنها من قرآن كل مؤمن، ولا يقدح فيها إلا كل زنديق حاقد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أسرته وأصحابه (1). ¬
المطلب الرابع قولهم: إن عائشة رضي الله عنهاانت تبغض عثمان وتقول: "اقتلوا نعثلا فقد كفر"
المطلب الرابع قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانت تبغض عثمان وتقول: "اقتلوا نعثلاً (1) فقد كفر" استدل الرَّافِضَة على بغض عَائِشَة لعثمان، وأمره بقتله بما أورده سيف بن عمر (2) في كتابه 'الفتنة ووقعة الجمل' عن عَائِشَة رضي الله عنها لما انتهت إلى سرف راجعة في طريقها إلى مكة، لقيها عبد بن أم كلاب - وهو عبد بن أبي سلمة، ينسب إلى أمه - فقالت له: مهيم (3)؟ قال: قتلوا عثمان رضي الله عنه، فمكثوا ثمانيا، قالت: ثم صنعوا ماذا؟ قال: أخذها أهل المدينة بالاجتماع، فجازت بهم الأمور إلى خير مجاز، اجتمعوا على علي بن أبي طالب فقالت: والله ليت أن هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لصاحبك! ردوني ردوني، فانصرفت إلى مكة وهي تقول: قتل والله عثمان مظلومًا، والله لأطلبن بدمه، فقال لها ابن أم كلاب: ولم؟ فو الله إن أول من أمال حرفه لأنت! ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلاً فقد كفر، قالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي الأخير خير من قولي الأول ... فانصرفت إلى مكة فنزلت على باب ¬
المسجد فقصدت للحجر، فسترت واجتمع إليها الناس، فقالت: يا أيها الناس، إن عثمان قتل مظلومًا، ووالله لأطلبن بدمه" (1). والرد على هذا الفرية من وجوه: أولاً: إِنَّ هذا الخبر مكذوب وموضوع لا يصح وذلك للآتي: 1 - الخبر من رواية: سيف بن عمر الأسدي التميمي، قال عنه يحيى بن معين: "ضعيف" (2)، وقال مرة أخرى عنه: "فلس خير منه" (3)، وقال أبو حاتم: "متروك الحديث" (4)، وقال أبو داود: ليس بشيء" (5)، وقال النسائي: "ضعيف" (6)، وقال ابن عدي: "بعض أحاديثه مشهورة وعامتها منكرة لم يتابع عليها، وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق" (7). وقال ابن حبان: "يروى الموضوعات عن الأثبات، ... وكان سيف يضع الحديث وكان قد اتهم بالزندقة" (8)، وقال الدَّارَقُطْنِي: "متروك" (9). ¬
2 - والحديث من رواية: نصر بن مزاحم العطار، أبي الفضل المنقري، الكُوفِيّ، سكن بغداد. وذكره الدَّارَقُطْنِيّ في الضعفاء والمتروكين (1). وقال أبو الفتح محمّد بن الحسين الحافِظ: "نصر بن مُزَاحِم غال في مذهبه، غير محمود في حديثه" (2)، قال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: "نصر بن مُزَاحِم العَطَّار كان زائغًا عن الحق مائلاً" (3)، قال الخطيب البغدادي: "قُلْتُ: أراد بذلك غلوه في الرفض (4)، وقَالَ صالح بن مُحَمَّد: "نصر بن مُزَاحِم رَوَى عن الضعفاء أحاديث مناكير" (5). وقال العقيلي: "شيعي في حديثه اضطراب وخطأ كثير" (6)، وقال أبو خيثمة: "كان كذابًا" (7)، وقال أبو حاتم: "واهي الحديث، متروك" (8). وقال العجلي: "كان رافضيًا غاليًا ... ليس بثقة ولا مأمون" (9). وذكر له ابن عدي أحاديث وقال: "هذه وغيرهما من أحاديث غالبها ¬
غير محفوظ" (1). وقال عنه ابن حجر والذهبي: "رافضي جلد، تركوه" (2). وقال ياقوت الحموي: "نصر بن مزاحم أبو الفضل المنقري الكوفي: كان عارفًا بالتاريخ والأخبار، وهو شيعي من الغلاة جلد في ذلك ... واتهمه جماعة من المحدّثين بالكذب، وضعّفه آخرون" (3). 3 - إِنَّ وجود هذا الخبر في بعض كتب أهل السنة لا يجعله حجةٌ عليهم وذلك لأسباب: أولها: إِنَّ هذا الخبر لم يرد في أمهات كتب أهل السنة المسندة المعتمدة كالصحيحين والسنن الأربعة، ونحو ذلك من الكتب المشهورة. ثانيها: هذا الخبر ورد في كتب التاريخ التي تجمع الأخبار غثها وسمينها، ومن المعلوم أن رواة الأخبار يهتمون في الغالب بالجمع دون التمحيص. ثالثها: إِنَّ هذا الخبر قد ورد مسندًا في بعض الكتب التاريخية كتاريخ الطبري، ومن القواعد المعروفة عند أهل الحديث أن من أسند فقد أحال، ومن أسند فقد برئت ذمته. رابعها: إِنَّ أهل السنة لم يسكتوا عن هذه الأخبار وإنما نقدوها وبينوا ضعفها ووهائها: ¬
قال الألوسي (1) رحمه الله: "وما زعمته الشيعة من أنها رضي الله تعالى عنها كانت هي التي تحرض الناس على قتل عثمان وتقول: اقتلوا نعثلاً فقد فجر ... كذب لا أصل له وهو من مفتريات ابن قتيبة وابن أعثم الكوفي والسمساطي وكانوا مشهورين بالكذب والافتراء" (2). خامسها: أنّ الأئمة وأهل الصنعة الحديثية متفقون على أن صاحب البدعة إذا روى حديثاً يوافق بدعته، فإنه لا يقبل، فهذا الراوي نصر بن مزاحم، رافضي غالٍ، روى هذه الرواية المكذوبة، التي تؤيد مذهبه الباطل، فهي مردودة عليه. ثانيًا: أَنَّ ما جاء في مثل هذه الروايات بعيد كل البعد أن يصدر من أُمّ المؤمنين عَائِشَة في حق الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنهما، وذلك للآتي: أولاً: كان موقف عَائِشَة شديدًا ضد الذين قتلوا عثمان وكانت تطالب بالقصاص من قتلته، وقد روت لنا كتب التاريخ ذلك، فلما أُخْبِرَتْ بمقتل عثمان رضي الله عنه قالت: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الْغَوْغَاءَ مِنْ أَهْلِ الأمْصَارِ وَأَهْلِ الْمِيَاهِ وَعَبِيدِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ اجْتَمَعُوا عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الْمَقْتُولِ ظُلْمًا بِالأمْسِ، وَنَقَمُوا عَلَيْهِ اسْتِعْمَالَ مَنْ حَدَثَتْ سِنُّهُ، وَقَدِ اسْتُعْمِلَ أَمْثَالُهُمْ قَبْلَهُ، وَمَوَاضِعَ مِنَ الْحِمَى حَمَاهَا لَهُمْ، فَتَابَعَهُمْ وَنَزَعَ لَهُمْ عَنْهَا. فَلَمَّا لَمْ يَجِدُوا حُجَّةً وَلا عُذْرًا بَادَرُوا بِالْعُدْوَانِ فَسَفَكُوا الدَّمَ الْحَرَامَ وَاسْتَحَلُّوا الْبَلَدَ الْحَرَامَ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَأَخَذُوا الْمَالَ الْحَرَامَ، وَاللَّهِ لَإِصْبَعٌ مِنْ عُثْمَانَ ¬
خَيْرٌ مِنْ طِبَاقِ الأرْضِ أَمْثَالِهِمْ! وَوَاللَّهِ، لَوْ أَنَّ الَّذِي اعْتَدَوْا بِهِ عَلَيْهِ كَانَ ذَنْبًا لَخَلَصَ مِنْهُ كَمَا يَخْلُصُ الذَّهَبُ مِنْ خَبَثِهِ أَوِ الثَّوْبُ مِنْ دَرَنِهِ إِذْ مَاصُوهُ كَمَا يُمَاصُ الثَّوْبُ بِالْمَاءِ، أَيْ يُغْسَلُ» (1). ثانياً: أَنَّ السيدة عَائِشَة رضي الله عنها قد روت عدة أحاديث عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في فضائل عن عثمان رضي الله عنه، وهي معروفة مشهورة، ومنها: ما روياه عَائِشَة وعثمان رضي الله عنهما: «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى فِرَاشِهِ، لابِسٌ مِرْطَ عَائِشَة، فَأَذِنَ لأبِي بَكْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ، فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَقَضَى إِلَيْهِ حَاجَتَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ، قَالَ عُثْمَانُ: ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَجَلَسَ، وَقَالَ لعَائِشَة: "اجْمَعِي عَلَيْكِ ثِيَابَكِ" فَقَضَيْتُ إِلَيْهِ حَاجَتِي، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَقَالَتْ عَائِشَة: يَا رَسُولَ اللهِ مَالِي لَمْ أَرَكَ فَزِعْتَ لأبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ رضي الله عنهما، كَمَا فَزِعْتَ لِعُثْمَانَ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ، وَإِنِّي خَشِيتُ، إِنْ أَذِنْتُ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، أَنْ لا يَبْلُغَ إِلَيَّ فِي حَاجَتِهِ"». ونكتفي بهذا القدر، وإِلاَّ فالأحاديث التي روتها عَائِشَة في فضائل عثمان رضي الله عنهما كثيرة، ولكن أردنا فقط التمثيل على ما ذكرناه من رواية عَائِشَة لفضائل عثمان رضي الله عنه. ¬
المطلب الخامس قولهم: إن عائشة منعت من دفن الحسن بن علي عند جده
المطلب الخامس قولهم: إنَّ عَائِشَة مَنَعتْ من دَفْنِ الحسن بن عليّ عند جَدِّه يرى الرافضة أَنَّ عائشة منعت من دفن الحسين بن علىّ عند جده النبي صلى الله عليه وسلم؛ لبغضها للحسن، وعداوتها لآل البيت. فروى الكليني في 'الكافي': بسنده عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: "لَمَّا حضر الحسن بن علي عليه السلام الوفاة قال للحسين عليه السلام: يا أخي، إني أوصيك بوصية فاحفظها: إذا أنا مِتُّ، فهيئني، ثم وجهني إلى رسول الله صلى الله عليه وآله؛ لأحدث به عهدًا، ثم اصرفني إلى أمي عليها السلام، ثم رُدَّنِي فادفني بالبقيع واعلم أنه سيصيبني من عَائِشَة ما يعلم الله والناس صنيعها وعداوتها لله ولرسوله، وعداوتها لنا أهل البيت، فلما قُبِضَ الحسن عليه السلام وَوُضِعَ على السرير، ثم انطلقوا به إلى مصلى رسول الله صلى الله عليه وآله الذي كان يصلي فيه على الجنائز، فصلى عليه الحسين عليه السلام وحُمِلَ وأُدْخِلَ إلى المسجد، فلما أُوقِفَ على قبر رسول الله صلى الله عليه وآله، ذهب ذو العوينين إلى عَائِشَة، فقال لها: إنهم قد أقبلوا بالحسن ليدفنوه مع النَّبِيّ صلى الله عليه وآله، فخرجت مبادرة على بغلٍ بسرجٍ، فكانت أول امرأة ركبت في الإسلام سرجًا، فقالت: نَحُّوا ابنكم عن بيتي؛ فإنه لا يدفن في بيتي ويهتك على رسول الله حجابه. فقال لها الحسين عليه السلام: قديمًا هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله صلى الله عليه وآله؛ أدخلت عليه بيته من لا يحب قربه، وإن الله سائلك عن ذلك يا عَائِشَة" (1). ¬
وهذه الرواية من أكمل وأشهر الروايات التي أوردها الرَّافِضَة في كتبهم لتأكيد هذه الفرية، وثمة روايات أخرى ضربنا عنها صفحًا. والجواب عن هذه الفرية كالتالي: أولاً: هذه الرواية مكذوبة موضوعة باطلة لا تصح بحالٍ: ويتضح هذا من وجوهٍ: أ- إسناد هذه الرواية باطل لا يثبت: فهذه الرواية قد ضعفها علماء الشيعة أنفسهم في كتبهم المعروفة المشهورة: قال المازندراني (1) - شارحًا لرواية الكليني في "الكافي"-: "قوله: (علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح)، قال الكليني وعدة من أصحابنا: بكر بن صالح مشترك بين مجهول يروي عن أبي جعفر - عليه السلام - وبين ضعيف وهو بكر بن صالح الرازي يروي عن الكاظم - عليه السلام - فإن كان المراد به الأول فالسند الأول مسند مع احتمال الإرسال؛ لأن رواية إبراهيم ابن هاشم عمن يروي عن الباقر - عليه السلام - بلا واسطة بعيد جدًا، وإن كان المراد به الثاني كما ¬
هو الظاهر لأن إبراهيم بن هاشم يروي عنه فالسند مرسل أو مربوط بالسند الثاني مع احتمال أن يكون هو والأول واحدًا كما صرح به بعض أصحاب الرجال، فتأمل! " (1). ب- التناقضات الواردة في هذه الرواية مقارنةً بالروايات الأخرى مما يدلل على وهائها جميعها: "أمّا الروايات التي أوردها الشيعة: فإنهّا كلّها على اختلافها لم يروها إلا اّلشيعة. ورغم تضافرهم على روايتها، إلا أّنّه حصل فيها تناقض شديد يدلّ على كونها مكذوبة من أصلها" (2). ج - الروايات تبطل من خلال نقد متونها ونقدها من الداخل: "من عادة الشيعة حين اختراعهم للأكاذيب، واختلاقهم للإفك أن يجعلوا مع الكلمات الكاذبة الكثيرة كلمةً واحدةً صادقة، كي يُوهموا السّذج بأنَّ ما اخترعوه ثابت، وما اختلقوه صادق. وتراهم أيضًا حينما يُريدون توجيه أحد المطاعن إلى شخصٍ يُبغضونه يعمدون إلى رواية ثابتة ذُكر فيها هذا الشخص بخير، فيقلبونها عليه، ويذكرونه فيها بشرّ. وهذه طريقة مردة الجنّ من مسترقي السمع، وأوليائهم من شياطين الإنس، يجعلون مع الكلمة الصادقة الوحيدة مائة كذبة، حتى يقول الساذج عنهم: قد صدقوا في تلك الكلمة. ¬
فقصّة موت الحسن رضي الله عنه، واستئذان أخيه الحسين من عَائِشَة بأن، يُدفن عند جدّه ثابتة في كتب أهل السنّة، أمّا ممانعة الصدّيقة، وركوبها على بغل، وخروجها إلى الناّس، وغير ذلك من الترّهات: فكلّه إفك غير مقبول، يأباه ويرفضه ذوو العقول" (1). ومما يضاف إلى نقد المتن أَنَّ هذه الرواية تحتوي على زيادة منكرة، تخالف قول الشيعة والسنة: فـ"ادّعاؤهم أنّ عَائِشَة - رضي الله عنها- هي أوّل من ركب السُّروج، دعوة كاذبة، ورغم كذبها من أصلها، فإنّه يُوجد ما ينقضها في كتب القوم أنفسهم فقد رووا أنّ فاطمة - رضي الله عنها- ركبت بغلةً في يوم عرسها (2)، وأنّ عليًّا أركبها على حمارٍ ودار بها على بيوت المهاجرين والأنصار يدعوهم إلى نصرته لمّا بويع لأبي بكر بالخلافة (3)؛ على حدّ زعم الشيعة. فكيف يقول الشيعة بعد هذا: إنّ عَائِشَة رضي الله عنها هي أوّل من ركب بغلاً، أو أوّل من ركبت السروج؟! " (4). ثانيًا: إِنَّ بعض عقلاء الشيعة أكدوا سماح عَائِشَة للحسن بالدفن وجعلوا ذلك من مناقبها: فروى أبو الفرج الأصبهاني بسنده: "إن الحسن بن علي أرسل إلى عَائِشَة أن ¬
تأذن له أن يدفن مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقالت: نعم، ما كان بقى إلا موضع قبر واحد، فلما سمعت بذلك بنو أمية اشتملوا بالسلاح هم وبنو هاشم للقتال، وقالت بنو أمية: والله لا يدفن مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أبدًا، فبلغ ذلك الحسن فأرسل إلى أهله أما إذا كان هذا فلا حاجة لي فيه ادفنوني إلى جانب أمي فاطمة، فدفن إلى جنب أمه فاطمة عليها السلام" (1). قال أبو الفرج الأصبهاني: "قال يحيى بن الحسن: وسمعت علي بن طاهر بن زيد يقول: لما أرادوا دفنه ركبت عَائِشَة بغلاً، واستنفرت بني أمية مروان بن الحكم، ومن كان هناك منهم ومن حشمهم، وهو القائل: "فيومًا على بغل ويومًا على جمل" (2). قال ابن أبي الحديد- مناقشًا لهذه الرواية-: "قلت: وليس في رواية يحيى بن الحسن ما يؤخذ على عَائِشَة لأنه لم يرو أنها استنفرت الناس لما ركبت البغل وإنما المستنفرون هم بنو أمية ويجوز أن تكون عَائِشَة ركبت لتسكين الفتنة لاسيما وقد روي عنها أنه لما طلب منها الدفن قالت نعم فهذه الحال والقصة منقبة من مناقب عَائِشَة" (3). ثالثًا: أَنَّ المنع من جهة عَائِشَة لو ثبت فهو محمولٌ على المنع بعد السماح وذلك بعد أن رأت رفض بني أمية واستعدادهم لقتال بني هاشم، فمنعت من باب سد الفتنة وخوف سفك الدماء لا أنها منعت ابتداءً. ¬
وهذا الكلام تجسده الرواية الآتية: فعن هشام بن عروة عن أبيه قال: "قال الحسن حين حضرته الوفاة: أدفنوني عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلاَّ أن تخافوا أن يكون في ذلك شر، فإن خفتم الشر فادفنوني عند أمي، وتوفي فلما أرادوا دفنه أبى ذلك مروان وقال: لا، يدفن عثمان في حش كوكب، ويدفن الحسن هاهنا. فاجتمع بنو هاشم وبنو أمية، فأعان هؤلاء قوم وهؤلاء قوم، وجاءوا بالسلاح، فقال أبو هريرة لمروان: يا مروان أتمنع الحسن أن يدفن في هذا الموضع وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له ولأخيه حسين: هما سيدا شباب أهل الجنة ... فلما رأت عَائِشَة السلاح والرجال، وخافت أن يعظم الشر بينهم، وتسفك الدماء قالت: البيت بيتي؛ ولا آذن أن يُدْفَنَ فيه أحد، وقال محمد بن علي لأخيه: يا أخي إنه لو أوصى أن يدفن لدفناه أو نموت قبل ذلك، ولكنه قد استثنى فقال: إلا أن تخافوا الشر، فأي شر أشد مما ترى؟ فدفن بالبقيع إلى جنب أمه" (1). ويؤيد ذلك أَنَّ الصحابة مع أنهم في أول الأمر كانوا مع موقف عَائِشَة في السماح للحسن بالدفن إلا أنهم لما رأوا الفتنة أمروا الحسين أن ينفذ وصية أخيه في حقن الدماء ودفنه بالبقيع، وكان هذا موقف أبي هريرة رضي الله عنه (2)، وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما (3). رابعًا: أَنَّ هذه الأخبار باطلة متنًا؛ لأنها تعارض روايات صحيحة صريحة توضح سماح عَائِشَة وترحيبها بدفن الحسن مع جده صلى الله عليه وسلم، وإيثارها له، بل قالت لأخيه الحسين لمّا استأذنها في دفن الحسن رضي الله عنه: "نعم، بقي موضع قبر واحد، قد ¬
كنت أحب أن أدفن فيه، وأنا أؤثرك به" (1). ¬
المطلب السادس قولهم: إن عائشة رضي الله عنهاانت تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم
المطلب السادس قولهم: إنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ تَكْذِبُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم يزعم الرَّافِضَة أَنَّ ما روته أمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها من الأحاديث عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا يقبل؛ لأنّ روايتها فاسدة، ولأنهّا كانت تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الصدوق: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى قال: حدثني محمد بن زكريا قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه قال: سمعت جعفر بن محمد - عليهما السلام - يقول: "ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله أبو هريرة، وأنس بن مالك، وامرأة (1) " (2). والمرأة التي ذكرها الرَّافِضَة في خبرهم هذا، وادَّعوا أنهّا كانت تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعنون بها أمنا عَائِشَة رضي الله عنها، ويؤكد ذلك ما ذُكر في كتبهم: فجاء في 'بحار الأنوار'، - بعد ذكر الخبر المكذوب السابق -: يعني عَائِشَة (3). وفسرها صاحب "بحار الأنوار" أيضاً في موضعٍ آخر: فقال: "وامرأة (عَائِشَة) " (4)، فوضع كلمة "عَائِشَة" بين قوسين. وأورد التستري إحدى روايات عَائِشَة الْمُخَرَّجَة في "الصحيحين"، وعلّق عليها ¬
بقوله: "وأقول: رواية عَائِشَة رضي الله عنهاخلافة أبيها فاسدة" (1). وقال المجلسي - عن عَائِشَة رضي الله عنها في معرض كلام له على بعض مروياتها -: "وهي امرأة لم تثبت لها العصمة بالاتفاق، وتوثيقها محل الخلاف بيننا وبين المخالفين، وسيأتي في أخبارنا من ذمها والقدح فيها، وأنها كانت ممن يكذب على رسول الله - صلى الله عليه وآله - ما فيه كفاية للمستبصر" (2). وقال ياسر الحبيب الرافضي المعاصر - وهو يتحدث عن مساوئ عَائِشَة على زعمه -: "أأذكر كذبها على رسول الله بآلاف الأحاديث، التي شوهت سمعة رسول الله، وفتحت باب المطاعن على شخصية النَّبِيّ الأقدس - صلى الله عليه وآله -؟ (3) " (4). الرد على هذه الفرية: وجواباً على هذه الفرية أقول مستعيناً بالله تعالى: إِنَّ الرد عليها من وجوه: الأول: هذا الخبر وما شاكله من الأخبار الباطلة والمكذوبة على أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها. فهذا الحديث مردودٌ لا يحتج به عند أهل السنة وعند الشيعة: ¬
فبالنسبة لأهل السنة: فهم لا يعتدون بروايات الرَّافِضَة، ولا بأسانيدهم، لأن غالب أسانيد الرَّافِضَة أسانيد ملفقة مختلقة، وإن سلمت من التلفيق فرجالها إما كذابون أو متروكون أو مجاهيل، هذا من ناحية الإسناد. ومن ناحية المتن: فهو متنٌ يعارض المتواتر المجمع عليه بين المسلمين - إلا من لا يعبأ بخلافه - من توثيق عَائِشَة؛ لأنها صحابية، ومن زوجات النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، ومن أمهات المؤمنين. ولذلك فهي عند أهل السنة، بل وعند جميع المسلمين متجاوزة للقنطرة، وبالتالي لا تحتاج إلى توثيقٍ من أحد من الناس؛ لأن الله زكاها ورسوله صلى الله عليه وسلم أيضاً زكاها، وهذا أمر معلومٌ من الدين بالضرورة. وأما بالنسبة لوجهة نظر الشيعة: فهذا الحديث ضعيفٌ مردودٌ أيضاً؛ لأن هذا الإسناد فيه: جعفر بن محمد بن عمارة الكندي، وهو مجهول عند الرَّافِضَة. فجعفر هذا أهمل ذكره علماء الجرح والتعديل عند الشيعة، فلم يذكروه لا بجرحٍ ولا توثيق؛ ولذلك فهو مجهول كما ذكرنا، وقد قال فيه علي النمازي الشاهرودي الشيعي: "لم يذكروه" (1). الثاني: إبهام اسم المرأة في هذه الرواية يدل على بطلان هذه الفرية من وجهين: الوجه الأول: الرواية لم تنص على اسم عَائِشَة، وإنما ذكرت امرأة نكرة، فلفظ رواية الرَّافِضَة لخبرهم كما مر معنا كالتالي: "ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله أبو هريرة، وأنس بن مالك، وامرأة"، فنجد أَنَّ الراوي قد أبهم اسم المرأة، ولم يصرح به. ¬
الوجه الثاني: إذا كان المقصود بالمرأة عَائِشَة، فلماذا أُخْفِيَ اسمها، ولم يُصَرَّح به؟؛ لأنه قد يقول لنا قائل من الرَّافِضَة: المقصود بالمرأة المبهمة عَائِشَة، وقد فسرها بذلك صاحب "بحار الأنوار"، وغيره. فنقول له: إذا كان المقصود بالمرأة عَائِشَة، فلماذا لم يصرح باسمها صراحةً؟ فلا يستطيع أن يجيب. فنقول له حينئذٍ: هذا أكبر دليل على شك المفتري في فريته، وعجزه عن تقريرها، وضعفه أمام جمهور المسلمين، ولو كان يعتقد أن ذلك حقاً لصرح به، فإن قال الرافضي: أخفى الراوي اسم عَائِشَة تقيةً، كما قال: الفضل بن شاذان الأزدي: "أقول: المراد بالمرأة ظاهر، ولم يسمها تقيةً" (1). فنقول له: حسناً، ولكن لماذا عمل بالتقية في اسم عَائِشَة، ولم يعمل به في اسمي أبي هريرة، وأنس بن مالك؟ فلا يستطيع الجواب، فإن سكت الرافضي بعد ذلك علمنا قدرة الله في تبرئة عَائِشَة. وإن قال: عندي جواب: وهو أنه أخفى اسم عَائِشَة دون أبي هريرة وأنس بن مالك لأنها زوجة النَّبِيّ وأحب زوجاته إليه، وبنت أبي بكر، قلنا له: الله أكبر، هذا ما كنا نبغِ، فهذا أكبر دليل على كذبكم، وبراءتها. الثالث: أم سلمة تصف عَائِشَة بأنها صادقة باعتراف الشيعة أنفسهم: قال المجلسي - ناقلاً عن أبي نُعَيْم -: «وبإسناده عن أبي عبد الله الجدلي قال: دخلت على عَائِشَة فسألتها عن هذه الآية فقالت: ائت أم سلمة، ثم أتيت فأخبرتها بقول عَائِشَة، فقال: صَدقَتْ، في بيتي نزلت هذه الآية على رسول الله ¬
صلى الله عليه وسلم، فقال: من يدعو لي عليّاً وفاطمة وابنيهما؟» الحديث (1). فإذا كانت هذه أُمّ المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، وهي من المعدلين عند الشيعة، بل ومن آل البيت عندهم، قد حكمت على أختها عَائِشَة بالعدالة والثقة والصدق، في الرواية التي نقلها الشيعة، واحتجوا بها، فلماذا يستنكفون عن تعديلها؟. ¬
المطلب السابع قولهم: إن عائشة أغضبت فاطمة حتى أبكتها
المطلب السابع قولهم: إِنَّ عَائِشَة أغْضَبَتْ فاطمة حتى أَبْكَتْها يدَّعي الرافضة أَنَّ عائشة أغضبت فاطمة رضي الله عنهما؛ وذلك لبغض عائشة لها ولآل البيت. فقال الصدوق: "حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن خالد قال: حدثني أبو علي الواسطي، عن عبد الله بن عصمة، عن يحيى بن عبد الله، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: "دخل رسول الله - صلى الله عليه وآله - منزله، فإذا عَائِشَة مقبلة على فاطمة تصايحها، وهي تقول: والله يا بنت خديجة، ما ترين إلا أن لأمك علينا فضلاً، وأي فضل كان لها علينا ما هي إِلاَّ كبعضنا، فسمعت مقالتها فاطمة، فلما رأت فاطمة رسول الله - صلى الله عليه وآله - بكت، فقال لها: ما يبكيك يا بنت محمد؟ قالت: ذَكَرَتْ أمي فَتَنَقَّصَتْهَا، فبكيتُ، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وآله -، ثم قال: مَهْ يا حميراء، فإن الله - تبارك وتعالى - بارك في الولود الودود، وإن خديجة - رحمها الله - ولدت مني طاهراً، وهو عبد الله، وهو المطهر، وولدت مني القاسم، وفاطمة، ورُقَيَّة، وأم كلثوم، وزينب، وأنت ممن أعقم الله رَحِمَهُ، فلم تلدي شيئاً" (1). وقال ياسر الحبيب: "أأذكر إيذاءها لسيدة نساء العالمين - صلوات الله عليها - ¬
حتى أبكتها؟ " (1). أولاً: هذه الرواية مكذوبة ومن تلبيسات الرَّافِضَة، وهي مردودة عند أهل السنة وعند الشيعة: أما عند أهل السنة فالأمر واضح: لأنهم لا يعتدون بمرويات الرَّافِضَة، وقد تقدم ذلك مراراً فأغنى عن إعادته هاهنا. وأما عند الشيعة: فإن الإسناد ضعيف فيه مجهولان: الأول: عبد الله بن عصمة. قال على النمازي الشاهرودي: "عبد الله بن عصمة: لم يذكروه" (2). والثاني: أبو علي الواسطي: قال محمد الجواهري: "أبو علي الواسطي: مجهول - روى روايتين في 'الكافي'" (3). وقال عنه غلام رضا عرفانيان: "أبو علي الواسطي: لم يُذْكَرْ بشيء" (4). ثانياً: أَنَّ ما يوجد من عَائِشَة رضي الله عنها تجاه فاطمة رضي الله عنها هو المحبة والثناء الحسن، فهناك جملة من الأحاديث التي روتها عَائِشَة رضي الله عنها في فضل فاطمة رضي الله عنها والثناء عليها، ومن ذلك: 1 - ما جاء عن عمرو بن دينار قال: قالت عَائِشَة رضي الله عنها: «مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ ¬
فَاطِمَةَ غَيْرَ أَبِيهَا»، وفي رواية: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ أَصَدَقَ مِنْ فَاطِمَةَ غَيْرَ أَبِيهَا» (1). 2 - ما روته عَائِشَة بنت طلحة، عن عَائِشَة رضي الله عنها، أنها قالت: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا وَدَلاّ وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللهِ فِي قِيَامِه وَقُعُودِه مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» (2). 3 - ما رواه عبد الله بن الزبير، عن عَائِشَة رضي الله عنها أنها كانت إذا ذكرت فاطمة بنت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قالت: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْهَا إِلا أَنْ يَكُونَ الَّذِي وَلَدَهَا» (3). وهذه الأحاديث وغيرها تُبيِّن مدى محبة عَائِشَة لفاطمة رضي الله عنهما، فكيف يقال: إنها تبغضها؟!. وقد كتب جعفر الهادي الشيعي كتاباً بعنوان: 'السيدة فاطمة الزهراء على لسان عَائِشَة زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله' جمع فيه أربعين روايةً في فضل فاطمة روتها عَائِشَة رضي الله عنها. فكيف روت عَائِشَة هذه الروايات في فضائل فاطمة وهي تبغضها؟ وكيف روت هذه الروايات الكثيرة في فضائلها حتى حدا برجلٍ شيعي أن يكتب مصنفاً مستقلاً في مناقب فاطمة التي روتها عَائِشَة فقط؟، والحق ما شهدت به الأعداء. أقول: سبحان الله إن الشر إذا تمحض فسوف يحمل عواقب فنائه في نفسه، وكما يقال: من فمك أدينك، والاعتراف سيد الأدلة، وقد شهدوا على أنفسهم. ¬
المبحث الثاني الشبهات المثارة حول عائشة رضي الله عنها
المبحث الثاني الشُّبُهَات المثارة حول عَائِشَة رضي الله عنها وفيه سبعة مطالب: المطلب الأول: التَّحْذِير من الْوُقُوعِ في شِبَاك الشُّبُهَات. المطلب الثاني: قول الرَّافِضَة: إِنَّ عَائِشَة خرجتْ لقتال علي رضي الله عنهما. المطلب الثالث: قولهم: إنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانت تُبْغِضُ عليًا رضي الله عنهما. المطلب الرابع: قولهم: إِنَّ الفِتنة خرجتْ من بيت عَائِشَة. المطلب الخامس: قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ لا تَحتَجِب من الرِّجال. الطلب السادس: قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ تُزيِّن الجواري وتطوف بهنّ. المطلب السابع: قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ تُسِيء إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
المطلب الأول التحذير من الوقوع في شباك الشبهات
المطلب الأول التَّحْذِير من الْوُقُوعِ في شِبَاك الشُّبُهَات قبل الحديث عن التحذير من الوقوع في الشُّبُهَات يَجْدُر بي أن أُعَرِّفَ بالشُّبْهَة لغةً، واصطلاحًا. فالشُّبْهَة في اللغة هي: الالتباس والاختلاط، وشُبِّهَ عليه الأَمْرُ تَشْبيهًا: لُبِّسَ عليه، وجمعها شُبَه وشُبُهات (1). وفي الاصطلاح: التباس الحق بالباطل واختلاطه حتى لا يتبيَّن (2)، وقال بعضهم: هي ما يشبه الثابت وليس بثابت (3)، وقد عرفها ابن القيم (4) رحمه الله فقال: "الشُّبْهَة: وَارِد يرد على الْقلب يحول بَينه وَبَين انكشاف الحق" (5). والشُّبُهَات أحد نوعي الفتن التي ترد على القلوب؛ لأن القلب ترد عليه فتنتان: فتنة الشُّبْهَة، وفتنة الشهوة، وفتنة الشُّبْهَة أخطر؛ لأنها إذا تمكنت في القلب قلَّ أن ينجو منها أحد؛ وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله: "الْقلب يتوارده ¬
جيشان من الْبَاطِل جَيش شهوات الغي، وجيش شُبُهَات الْبَاطِل، فأيما قلب صغا إليها وركن إليها تشربها وامتلأ بهَا، فينضح لِسَانه وجوارحه بموجبها، فَإِن اشرب شُبُهَات الْبَاطِل تَفَجَّرَتْ على لِسَانه الشكوك والشُّبُهَات والإيرادات، فيظن الْجَاهِل أن ذَلِك لسعة علمه وَإِنَّمَا ذَلِك من عدم علمه ويقينه" (1). وقال أيضًا: "قال لي شيخُ الإسلام وقد جعلتُ أُورِدُ عليه إيرادًا بعد إيراد : لا تجعلْ قلبَك للإيرادات والشُّبُهَات مثل السفنجة فيتشربَها، فلا ينضح إلا بِها، ولكنِ اجعلْه كالزجاجة المصمتة، تمرُّ الشُّبُهَات بظاهرِها ولا تستقرُّ فيها، فيراها بصفائه، ويدفعُها بصلابته، وإلاَّ فإذا أَشْرَبْتَ قلبَك كُلَّ شُبهةٍ تمرُّ عليها، صارَ مقرًّا للشُّبهات، - أو كما قال -، فما أعلمُ أنِّي انتفعتُ بوصيَّة في دَفْع الشُّبُهَات كانتفاعي بذلك" (2). ولما كانت الشُّبُهَات بهذه الخطورة كان السلف رحمهم الله يحرصون على البعد عنها وعن المجالس التي تورد فيها الشُّبُهَات، جاء في كتاب السنة لعبد الله بن أحمد، وغيره: "دخل رجلان من أصحاب الأهواء على محمد بن سيرين فقالا: يا أبا بكر نحدثك بحديث قال: لا، قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب الله عز وجل، قال: لا، لتقومان عني أو لأقومن، قال: فقام الرجلان فخرجا، فقال بعض القوم: يا أبا بكر ما كان عليك أن يقرأا آية من كتاب الله عز وجل؟، فقال محمد بن سيرين: إني خشيت أن يقرأا آية عليَّ فيحرفانها فيقر ذلك في قلبي" (3). ¬
لهذا يجب على كل مسلم أن يصون دينه عن الشُّبُهَات، فلا يستمع إليها، ولا يجلس في المجالس التي تورد فيها، لأننا مأمورون باجتناب مواطن الفتن، خصوصًا فتن الشُّبُهَات؛ لأن الشبه خطافة. وأعداء الإسلام يعملون ليل نهار من أجل الكيد لهذا الدين وأهله، وكان من كيدهم نصب الشُّبُهَات ليصطادوا ضعفاء العلم والبصيرة من المسلمين؛ لأن سبب الشُّبْهَة أحد أمرين: قلة في العلم أو ضعف في البصيرة، أما من كان على علم راسخ وبصيرة نجا من الشُّبُهَات. ومن الذين عُرفوا بالشُّبُهَات وتخصصوا فيها الرَّافِضَة، فإنهم ينسجون الشُّبُهَات الدنية، ليطعنوا في الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وكان تركيزهم على أمهات المؤمنين، وبالأخص عَائِشَة رضي الله عنها، فإنهم أكثروا فيها الشُّبُهَات، ووجهوا نحوها الطعنات، ولكن علماء أهل السنة لهم بالمرصاد، فعرفوا كيدهم، وكشفوا أمرهم، فما من شبهة صغيرة أو كبيرة إلا وتناولها أهل السنة بالرد والإبطال، {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (1). وفي المطالب الآتية عرض لأشهر الشُّبُهَات والرد عليها، وبيان بطلانها، {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (2). ¬
المطلب الثاني قول الرافضة: إن عائشة خرجت لقتال علي رضي الله عنهما
المطلب الثاني قول الرَّافِضَة: إنّ عَائِشَة خرجتْ لقتالِ عليّ رضي الله عنهما يقول الرَّافِضَة: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنها خرجت لتقاتل علياً رضي الله عنه ظلماً وعدواناً، واستدلوا على ذلك بحديث نسبوه إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «تُقَاتِلِينَ عَلِيًّا وَأَنْتِ ظَالِمَةٌ لَهُ». واستدلوا برواية أخرى ذكرها المجلسي في 'بحار الأنوار' عن الصادق - عليه السلام - عن آبائه عليهم السلام في خبر الطير: "أنه جاء علي - عليه السلام - مرتين فردته عَائِشَة رضي الله عنها فلما دخل في الثالثة وأخبر النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله - به قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وآله: أبيت إلا أن يكون الأمر هكذا يا حميراء ما حملك على هذا؟ قالت: يا رسول الله اشتهيت أن يكون أبي أن يأكل من الطير. فقال لها: ما هو أول ضغن (1) بينك وبين علي وقد وقفت على ما في قلبك لعلك إنشاء الله تعالى لتقاتلينه!! فقالت: يا رسول الله، وتكون النساء يقاتلن الرجال؟ فقال لها: يا عَائِشَة، إنك لتقاتلين علياً ويصحبك ويدعوك إلى هذا نفر من أهل بيتي وأصحابي فيحملونك عليه وليكونن في قتالك أمر يتحدَّث به الأولون والآخرون ... " (2). الرد على هذه الشُّبْهَة: أولاً: هذه الروايات باطلة مكذوبة ومن وضع الرَّافِضَة، فكلّ هذه الأخبار التي ¬
ساقوها، ونسبوها كذباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تُعرف في شيء من كتب العلم المعتمدة، وليس لها أسانيد معروفة، وهي بالموضوعات أشبه منها بالأحاديث الصحيحة، بل هي كذبٌ قطعاً" (1). قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما الحديث الذي رواه وهو قوله لها: «تُقَاتِلِينَ عَلِيًّا وَأَنْتِ ظَالِمَةٌ لَهُ» فهذا لا يعرف في شيء من كتب العلم المعتمدة، ولا له إسناد معروف وهو بالموضوعات المكذوبات أشبه منه الأحاديث، بل هو كذب قطعاً" (2). ثانياً: المعروف والموقن به من موقف عَائِشَة رضي الله عنها ومن معها أنهم خرجوا للإصلاح لا القتال، "فإن عَائِشَة رضي الله عنها لم تقاتل ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت لقصد الإصلاح بين المسلمين، وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، فلم يكن للصحابة قصدٌ في الاقتتال يوم الجمل، ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم، فإنه لما تراسل عليّ وطلحة والزبير، وقصدوا الاتفاق على المصلحة، وأنهم إذا تمكنوا طلبوا قتلة عثمان أهل الفتنة، وكان عليّ غير راضٍ بقتل عثمان ولا معيناً عليه، كما كان يحلف فيقول: والله ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله، وهو الصادق البار في يمينه، فخشي القتلة، فحملوا على عسكر طلحة والزبير، فظن طلحة والزبير أن علياً حمل عليهم، فحملوا دفعاً عن أنفسهم، فظن عليّ أنهم حملوا عليه، فحمل دفعاً عن نفسه، فوقعت الفتنة بغير اختيارهم، وعَائِشَة رضي الله عنها كانت راكبة: لا ¬
قاتلت، ولا أمرت بالقتال، هكذا ذكره غير واحد من أهل المعرفة بالأخبار" (1). ويتضح كون عَائِشَة رضي الله عنها خرجت للإصلاح من خلال النقاط التالية: أولاً: أن عَائِشَة رضي الله عنها تقول بلسانها: إنها خرجت للإصلاح، فروى الطبري بإسناده قال: «فَخَرَجَ الْقَعْقَاعُ حَتَّى قَدِمَ الْبَصْرَةَ، فَبَدَأَ بِعَائِشَةَ رضي الله عنها فَسَلَّمَ عَلَيْهَا، وَقَالَ: أَيْ أُمَّهْ، مَا أَشْخَصَكِ وَمَا أَقْدَمَكِ هَذِهِ الْبَلْدَةَ؟ قَالَتْ: أَيْ بُنَيَّ، إِصْلاحٌ بَيْنَ النَّاسِ ... » (2). ثانياً: أنّ عَائِشَة رضي الله عنها كتبت بأنها ما خرجت إِلاَّ للإصلاح، فروى ابن حبان في 'كتاب الثقات': «وَقدم زيد بْن صوحان من عِنْد عَائِشَة مَعَه كِتَابَانِ من عَائِشَة إِلَى أبي مُوسَى وَالِي الْكُوفَة وَإِذا فِي كل كتاب مِنْهُمَا بِسم اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم، من عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ إِلَى عَبْد اللَّه بْن قيس الأشْعَرِيّ، سَلام عَلَيْك، فَإِنِّي أَحْمَد إِلَيْك اللَّه الَّذِي لاَ إِلَه إِلاّ هُوَ، أما بعد: فَإِنَّهُ قد كَانَ من قتل عُثْمَان مَا قد علمت، وَقد خرجت مصلحَة بَين النَّاس، فَمر من قبلك بالقرار فِي مَنَازِلهمْ وَالرِّضَا بالعافية حَتَّى يَأْتِيهم مَا يحبونَ من صَلاَح أَمر الْمُسلمين، فَإِن قتلة عُثْمَان فارقوا الْجَمَاعَة وَأَحلُّوا بِأَنْفسِهِم الْبَوَار» (3). ثالثاً: أن عَائِشَة رضي الله عنها وقَّعت على الصلح، فجاء في كتب السِّير: «كَانَ القتال يَوْمَئِذٍ فِي صدر النهار مع طَلْحَة وَالزُّبَيْر، فانهزم الناس وعَائِشَة رضي الله عنها توقع الصلح» (4). ¬
وفي الختام نخلص إلى أن عَائِشَة رضي الله عنها لم تخرج لقتال على ولم تخرج لمنازعته في الخلافة، وإنما خرجت بقصد الإصلاح. يقول ابن حزم رحمه الله: "وأما أُمّ المؤمنين والزبير وطلحة رضي الله عنهم ومن كان معهم فما أبطلوا قط إمامة علي، ولا طعنوا فيها ولا ذكروا فيه جرحة تحطه عن الإمامة، ولا أحدثوا إمامة أخرى، ولا جددوا بيعة لغيره، هذا ما لا يقدر أن يدعيه أحد بوجه من الوجوه، بل يقطع كل ذي علم على أن كل ذلك لم يكن، فإن كان لا شك في كل هذا فقد صح صحة ضرورية لا إشكال فيها أنهم لم يمضوا إلى البصرة لحرب علي، ولا خلافاً عليه ولا نقضاً لبيعته، ولو أرادوا ذلك لأحدثوا بيعة غير بيعته هذا ما لا يشك فيه أحد ولا ينكره أحد، فصح أنهم إنما نهضوا إلى البصرة لسد الفتق الحادث في الإسلام من قتل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ظلماً" (1). وقال ابن حجر رحمه الله: "ولم يكن قصدهم القتال، لكن لما انتشبت الحرب، لم يكن لمن معها بد من المقاتلة، ... ولم ينقل أن عَائِشَة رضي الله عنها ومن معها نازعوا علياً في الخلافة ولا دعوا إلى أحد منهم ليولوه الخلافة وإنما أنكرت هي ومن معها على عليّ منعه من قتل قتلة عثمان وترك الاقتصاص منهم، وكان عليّ ينتظر من أولياء عثمان أن يتحاكموا إليه، فإذا ثبت على أحد بعينه أنه ممن قتل عثمان اقتص منه، فاختلفوا بحسب ذلك وخشي من نسب إليهم القتل أن يصطلحوا على قتلهم فأنشبوا الحرب بينهم إلى أن كان ما كان" (2). ¬
المطلب الثالث قولهم: إن عائشة رضي الله عنهاانت تبغض عليا رضي الله عنهما
المطلب الثالث قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ تُبْغِضُ عليًا رضي الله عنهما استدل الرَّافِضَة على بغض عَائِشَة لعلي بما جاء عن عَائِشَة رضي الله عنها قالت: «مَرِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَاسْتَأْذَنَ نِسَاءَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ رَسُولُ صلى الله عليه وسلم مُعْتَمِدًا عَلَى الْعَبَّاسِ، وَعَلَى رَجُلٍ آخَرَ، وَرِجْلاهُ تَخُطَّانِ فِي الأرْضِ، وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتَدْرِي مَنْ ذَلِكَ الرَّجُلُ؟ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَلَكِنَّ عَائِشَة لا تَطِيبُ له نَفْسًا» (1). قال الرَّافِضَة: وكانت لا تحب عليًا ولا ترضى له خيرًا ولا تذكر اسمه على لسانها (2). والرواية المشهورة والتي ليس فيها هذا الكلام جاءت عن عَائِشَة رضي الله عنها قالت: «لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ فَخَرَجَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاهُ فِي الأرْضِ، بَيْنَ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ، قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللهِ بِالَّذِي قَالَتْ عَائِشَة: فَقَالَ لِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ: "هَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الْآخَرُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَة؟ " قَالَ: قُلْتُ: لا. ¬
قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ: "هُوَ عَلِيٌّ"» (1). والجواب عن هذه الشُّبْهَة من وجوه: أولاً: هذه الزيادة شاذة لا تصح: "فإعراض الشيخين عن هذه الزيادة، وعدم اتفاق أصحاب الزهري عليها يجعل في القلب منها شيء. فسفيان وعقيل وشعيب لم يذكروها في الحديث، وذكرها معمر ورواها ابن المبارك عن معمر ويونس جمعهما في حديث واحد وقد أعرض الشيخان عن الزيادة مع روايتهما للحديث من طريق ابن المبارك عن معمر، زد على هذا أن موسى بن أبي عَائِشَة لم يتابع الزهري على هذه الزيادة. كذلك ممن حدث به عن الزهري بغير الزيادة: إبراهيم بن سعد وهو في الطبقات (2) قبل الحديث محل السؤال مباشرة، وقد روى البيهقي في الدلائل (3) الحديث من مغازي ابن إسحاق برواية يونس بن بكير (وهو طريق ابن حجر للمغازي) فرواه ابن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن الزهري وليس فيه هذه اللفظة، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث. ورواه بن إسحاق عن الزهري بغير واسطة بدون تلك اللفظة أيضًا، وهذا عند أبي يعلى (4) وإسناده جيد وصرح ابن إسحاق بالتحديث، فصار من روى الحديث ¬
بغير الزيادة سفيان بن عيينة وشعيب وعقيل وإبراهيم بن سعد ويعقوب بن عتبة وابن إسحاق وتفرد بالزيادة معمر. وقد أخرج الشيخان الحديث واتفقا على الإعراض عن تلك الزيادة مع أنهما يروياها من طريق معمر، فلعل هذه اللفظة لا تصح في الحديث" (1)؛ ولذلك فقد مال بعض طلبة العلم المعاصرين إلى شذوذ هذه الرواية (2). ثانياً: على فرض صحة الرواية، فإن هذه مسألة تعتري البشر جميعًا حتى بين أفراد الأسرة الواحدة كغضبة أخ من أخيه أو أخته أو أمه فيفارق اسمه فقط وهذه أيضًا عادة عند العرب, فكانت أمنا عَائِشَة تقسم: (ورب محمد) حال رضاها مع النَّبِيّ, فإن كان هناك شيء قالت: "ورب إبراهيم" فلما أخبرها النَّبِيّ بمعرفته ذلك قالت: (لا أفارق إلا اسمك) (3) " (4). يقول الزرقاني (5) في تعليقه على هذه الرواية: "وذلك لما جبل عليه الطبع ¬
البشري، فلا إزراء في ذلك عليها ولا على عليّ - رضي الله عنهما ... " (1). فربّما وجدتْ عائشة رضي الله عنها في نفسها شيئاً عن علي رضي الله عنه في أمرٍ من الأمور، كطبيعة البَّشر، وتوافق مع ذلك الموقف، ولكن من المحال أن يكون حقداً مستمراً، وعداءً لا يزول، بل ذلك من أبعد الأشياء عن عائشة رضي الله عنها، فإنها لم تحمل على الذين خاضوا في الإفك، مع أن ذلك كان من أشدِّ المصائب عليها، فكان نصيب الخائضين من عَائِشَة رضي الله عنها العفو والصفح، حتى إنّها كانت تُنافح عنهم إذا ذكرهم أحدٌ أمامها بسوء. فهذا حسّان بن ثابت رضي الله عنه كان من الخائضين في الإفك، وكان ممّن أكثر في رمي عَائِشَة رضي الله عنها، ومع ذلك لم تحقد عليه الصدّيقة رضي الله عنها، بل كانت تنهى عن سبِّه أو الإساءة إليه، ففي الصحيحين أنّها قالت لعروة بن الزبير لمّا أخذ يسبهّ: «لاَ تَسُبَّهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» (2)، وقالت لمسروق نحوًا من هذا الكلام. أفُيعقل أن تُقّدر مواقف حسّان مع النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فتغُضي عن إساءته البالغة إليها، ولا تُقِّدر مواقف أمير المؤمنين علي رضي الله عنه مع النَّبِيّ، وبلاءه الحسن معه، وجهاده في سبيل إعلاء كلمة الله عز وجل؟!. إنّ من درس أخلاقها رضي الله عنها، واطّلع على مناقبها، يعلم مدى عفوها وصفحها عن كثير من الهنات التي صدرت عن أشخاص أبلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
دون بلاء عليّ رضي الله عنه ويُدرك أنّ ما بينها وبين عليّ رضي الله عنه كما بين الأحماء؛ كما أخبرت رضي الله عنها بذلك، وصدّقها عليّ رضي الله عنه في قولها" (1). رابعًا: أَنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانت تحب عليًا، وتكن له كل تقديرٍ واحترام، وقد ذكرتُ ذلك في المبحث الأول من الفصل الثالث: «العلاقة الحسنة بين عَائِشَة وآل البيت رضي لله عنهم»، فليرجع إليه. ¬
المطلب الرابع قولهم: إن الفتنة خرجت من بيت عائشة
المطلب الرابع قولهم: إِنَّ الفِتْنَة خرجتْ من بيت عَائِشَة يزعم الشيعة الرَّافِضَة الاثنا عشرية أنّ عَائِشَة رضي الله عنها هي مصدر الفتنة وسببها، وقد استدلّوا على زعمهم هذا بحديثٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه عنه ابن عمر رضي الله عنهما، وقد ورد هذا الحديث في كتب أهل السنة بروايتين: الأولى: في صحيح البخاري من حديث عبد الله رضي الله عنه قال: «قَامَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا، فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَة، فَقَالَ: هُنَا الفِتْنَةُ - ثَلاَثًا - مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ» (1). والثانية: روايةٍ لمسلم: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْتِ عَائِشَة، فَقَالَ: رَأْسُ الْكُفْرِ مِنْ هَاهُنَا، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ - يَعْنِي الْمَشْرِقَ-» (2). وقد استدلّوا على زعمهم هذا بعبارة: «فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَة»، في الرواية الأولى، وبعبارة: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْتِ عَائِشَة، فَقَالَ: رَأْسُ الْكُفْرِ مِنْ هَاهُنَا»، في الرواية الثانية؛ ليستنتجوا من ذلك أَنَّ مقصد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمات: أَنَّ الفتنة تخرج من بيت عَائِشَة رضي الله عنها، فهي - على زعمهم - مصدر الفتنة ومنبعها (3). ¬
الرد على هذه الشُّبْهَة: أولاً: مقصود النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من الحديث أن منشأ الفتن من جهة المشرق لا بيت عَائِشَة، "فإنّ روايات هذا الحديث كلّها متفقة على أنّ جهة الفتنة هي جهة المشرق بالنسبة لمقام النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة، ولا عبرة لذكر المكان الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه هذا الحديث؛ سواء كان قاله على منبره، أو أمام بيت زوجه حفصة، أو عند خروجه من بيت زوجه عَائِشَة، أو وهو مشرفٌ على أطم (1) من آطام المدينة، أو غير ذلك؛ كما ذكرت ذلك الروايات الصحيحة. ووجود بيت عَائِشَة رضي الله عنها بينه وبين المشرق في بعض الروايات لا يعني أنهّا رضي الله عنها المقصودة بقوله عليه صلى الله عليه وسلم: «هَا هُنَا الفِتْنَةُ». وَذِكْر المكان أو الزمان لا يُؤثّر على فَهْم الحديث، ولا يُوجِدُ فيه تعارضًا أو تضاربًا؛ لأنّه ليس هو المقصود بيانه في الحديث، وإنّما المقصود بيان أنّ جهة الفتنة إنّما هي جهة المشرق، وعلى هذا اتّفاق كافّة أهل العلم بالحديث" (2). وقد جاء ما يؤكد ذلك في رواياتٍ كثيرةٍ متوافرة متكاثرة عن ابن عمر ¬
رضي الله عنهما، بعضها يذكر الشرق، وبعضها يوضح أن المراد بذلك العراق، وسنقتصر على بعض هذه الروايات، واللبيب تكفيه الإشارة: 1 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُشِيرُ إِلَى المَشْرِقِ فَقَالَ: هَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا، إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا: مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ» (1). 2 - وفي روايةٍ أخرى عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا عِنْدَ بَابِ عَائِشَة: فَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، فَقَالَ: الْفِتْنَةُ هَاهُنَا، حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ» (2). 3 - وفي روايةٍ أخرى عنه أيضًا: قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يُشِيرُ بِيَدِهِ يَؤُمُّ الْعِرَاقَ: هَا، إِنَّ الْفِتْنَةَ هَاهُنَا، هَا، إِنَّ الْفِتْنَةَ هَاهُنَا، - ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ» (3). ثانيًا: قول الرَّافِضَة: أشار إلى بيت عَائِشَة فهذا كذب وزور وبهتان لم يرد في شيءٍ من طرق هذا الحديث، وإنما ورد أشار نحو بيت عَائِشَة: وقد تولى كبر هذا التلبيس رجلان من الرَّافِضَة: أحدهما: عبد الحسين في ¬
'كتاب المراجعات' (1)، والثاني: التيجاني السماوي في كتابه 'فسألوا أهل الذكر'. وقد تصدى أهل السنة لصنيعهما الباطل، فأما الأول عبد الحسين فقد رد عليه الشيخ الألباني بقوله: "عقد عبد الحسين الشيعي المتعصب في كتابه 'المراجعات' (2) فصولاً عدة في الطعن فيها وتكذيبها في حديثها، ورميها بكل واقعة، بكل جرأة وقلة حياء، مستندًا في ذلك إلى الأحاديث الضعيفة والموضوعة، .. مع تحريفه للأحاديث الصحيحة، وتحميلها من المعاني ما لا تحتمل كهذا الحديث الصحيح، فإنه حمله - فض فوه وشلت يداه - على السيدة عَائِشَة رضي الله عنها زاعماً أنها هي الفتنة المذكورة في الحديث {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا} (3)، معتمدًا في ذلك على الروايتين المتقدمتين: الأولى: رواية البخاري: «فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَة»، والأخرى: رواية مسلم: «خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَيْتِ عَائِشَة، فَقَالَ: "رَأْسُ الْكُفْرِ مِنْ هَاهُنَا»، فأوهم صاحب 'المراجعات' بأن الإشارة الكريمة إنما هي إلى مسكن عَائِشَة ذاته، وأن المقصود بالفتنة هي عَائِشَة نفسها!. والجواب: أن هذا هو صنيع اليهود الذين يحرفون الكلم من بعد مواضعه، فإن قوله في الرواية الأولى: «فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَة»، قد فهمه الشيعي كما لو كان النص بلفظ: "فأشار إلى مسكن عَائِشَة"! فقوله: "نحو" دون "إلى" نص ¬
قاطع في إبطال مقصوده الباطل، ولاسيما أن أكثر الروايات صرحت بأنه أشار إلى المشرق. وفي بعضها العراق، والواقع التاريخي يشهد لذلك. وأما رواية عكرمة فهي شاذة كما سبق، ولو قيل بصحتها، فهي مختصرة جدًا اختصارًا مخلاً، استغله الشيعي استغلالاً مرًا، كما يدل عليه مجموع روايات الحديث، فالمعنى: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عَائِشَة رضي الله عنها، فصلى الفجر، ثم قام خطيبًا إلى جنب المنبر وفي رواية: «عِنْدَ بَابِ عَائِشَة» فاستقبل مطلع الشمس، فأشار بيده، نحو المشرق، وفي رواية للبخاري: «فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَة»، وفي أخرى لأحمد: «يُشِيرُ بِيَدِهِ يَؤُمُّ الْعِرَاقَ». فإذا أمعن المنصف المتجرد عن الهوى في هذا المجموع قطع ببطلان ما رمى إليه الشيعي من الطعن في السيدة عَائِشَة رضي الله عنها، عامله الله بما يستحق" (1). وفي الرواية الصحيحة الثابتة في البخاري - والتي ذكرناها آنفًا - عن عبد الله رضي الله عنه قال: «قَامَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا، فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَة، فَقَالَ: هُنَا الفِتْنَةُ - ثَلاَثًا - مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ» (2). وأما الثاني: وهو التيجاني السماوي فقد رد عليه الرحيلي، فقال: "قول الراوي: «فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَة» على أن الإشارة كانت لبيت عَائِشَة وأنها سبب الفتنة، والحديث لا يدل على هذا بأي وجه من الوجوه، وهذه العبارة لا تحتمل هذا الفهم عند من له أدنى معرفة بمقاصد الكلام. ¬
فان الراوي قال: «أَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَة» أي جهة مسكن عَائِشَة، ومسكن عَائِشَة رضي الله عنها يقع شرقي مسجد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فالإشارة إلى جهة المسكن وهو (المشرق) لا إلى المسكن، ولو كانت الإشارة إلى المسكن لقال: (أشار إلى مسكن عَائِشَة) ولم يقل: (إلى جهة مسكن عَائِشَة) والفرق بين التعبيرين واضح وجلي" (1). ثالثًا: أَنَّ نفس الدليل الذي استدلوا به يمكن أن يقلبه عليهم أعدائهم من النواصب: قال الشيخ عبد القادر صوفي: "أمّا استدلال الشيعة بإشارته صلى الله عليه وسلم جهة بيت عَائِشَة رضي الله عنها، مع قوله: «الفِتْنَة هَا هُنَا» على أنّ عَائِشَة رضي الله عنها مصدرُ الفتنة، فاستدلال باطلٌ يردّه أنّه صلى الله عليه وسلم كان واقفًا على منبره الذي يقع غرب بيوت أزواجه رضي الله عنهنّ، وغرب بيت ابنته فاطمة رضي الله عنها؛ حيث كانت البيوت كلّها عن يمين المنبر في جهة الشرق، وهو أمرٌ لا يقبل جدالاً أو مراءً. فكما سوَّغ الرَّافِضَة لأنفسهم أن يفسّروا جهة المشرق ببيت عَائِشَة رضي الله عنها، قدُ يسّوغ النواصب أن يُفسّروا الجهة ببيت فاطمة رضي الله عنها، وهذا حَمَقٌ من الطائفتين" (2). رابعًا: إِنَّ الطعن في بيت عَائِشَة هو طعن في النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم؛ فبيت عَائِشَة هو بيت النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وبه دُفِنَ: وهذا الأمر واضح وضوح الشمس في رابعة النهار؛ لأنه متفقٌ عليه بين السنة ¬
والشيعة؛ ولذلك لا يحتاج إلى تقرير: وَلَيْسَ يَصِحُّ فِي اْلأَذْهَانِ شَيْءٌ ... إِذَا احْتَاجَ النَّهَارُ إِلَى دَليلِ ويلزم الرَّافِضَة أَنْ يطعنوا في النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم؛ لأن الطعن في بيته ملازمٌ للطعن فيه، فتأمل!. ورحم الله الإمام أبا الوفا ابن عقيل الحنبلي (1) رحمه الله حيث يقول: "انظر كيف اختار لمرضه بيت البنت، واختار لموضعه من الصلاة الأب، فما هذه الغفلة المستحوذة على قلوب الرَّافِضَة عن هذا الفضل والمنزلة التي لا تكاد تخفى عن البهيم فضلاً عن الناطق؟ " (2). ¬
المطلب الخامس قولهم: إن عائشة رضي الله عنهاانت لا تحتجب من الرجال
المطلب الخامس قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ لا تَحْتَجِب من الرِّجال يزعم الرَّافِضَة أَنَّ عَائِشَة رضي الله عنها كانت لا تَحْتَجِب من الرِّجال؛ فيقول أحدُهم: "من غير المناسب أن تتوضأ وتغسل يديها وخديها ووجهها وأذنيها أمام الناس كما في سنن النسائي، ... كما ليس من المناسب أن تَغْتسِل أمام الرِّجال" (1)، وذكَرَ حديث اغتسال عَائِشَة في الصحيحين وغيرهما. وشبهة هذا القائل وأمثاله من إخوانه الرَّافِضَة الحديثان التاليان: الحديث الأول: ما رواه النسائي من طريق عبد الملك بن مروان بن الحارث قال: أخبرني أبو عبد الله سالم سبلان قال: «وَكَانَتْ عَائِشَة تَسْتَعْجِبُ بِأَمَانَتِهِ، وَتَسْتَأْجِرُهُ فَأَرَتْنِي كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ، فَتَمَضْمَضَتْ وَاسْتَنْثَرَتْ ثَلاثًا، وَغَسَلَتْ وَجْهَهَا ثَلاثًا، ثُمَّ غَسَلَتْ يَدَهَا الْيُمْنَى ثَلاثًا وَالْيُسْرَى ثَلاثًا، وَوَضَعَتْ يَدَهَا فِي مُقَدَّمِ رَأْسِهَا، ثُمَّ مَسَحَتْ رَأْسَهَا مَسْحَةً وَاحِدَةً إِلَى مُؤَخَّرِهِ، ثُمَّ أَمَرَّتْ يَدَهَا بِأُذُنَيْهَا، ثُمَّ مَرَّتْ عَلَى الْخَدَّيْنِ. قَالَ سَالِمٌ: كُنْتُ آتِيهَا مُكَاتَبًا مَا تَخْتَفِي مِنِّي، فَتَجْلِسُ بَيْنَ يَدَيَّ وَتَتَحَدَّثُ مَعِي حَتَّى جِئْتُهَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقُلْتُ: ادْعِي لِي بِالْبَرَكَةِ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: أَعْتَقَنِي اللَّهُ. قَالَتْ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، وَأَرْخَتِ الْحِجَابَ دُونِي، فَلَمْ أَرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ» (2). ¬
الحديث الثاني: ما رواه الشيخان من طريق أبي بكر بن حفص قال: سمعت أبا سلمة، يقول: «دَخَلْتُ أَنَا وَأَخُو عَائِشَة عَلَى عَائِشَة، فَسَأَلَهَا أَخُوهَا عَنْ غُسْلِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فَدَعَتْ بِإِنَاءٍ نَحْوًا مِنْ صَاعٍ، فَاغْتَسَلَتْ، وَأَفَاضَتْ عَلَى رَأْسِهَا، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا حِجَابٌ» (1). الجواب عن هذه الشُّبْهَة: الحديث الأول حديث النسائي: ليس فيه عدم احتجاب عَائِشَة رضي الله عنها عن الرجال، فأبو عبد الله سالم سبلان مولى من موالي عَائِشَة رضي الله عنها، والمولى يجوز له النظر إلى سيِّدته، وعَائِشَة رضي الله عنها كانت فقيهة، لا يخفى عليها هذا الأمر؛ ولهذا لما أُعتق أرخت دونه الحجاب كما في الحديث: «وَأَرْخَتِ الْحِجَابَ دُونِي، فَلَمْ أَرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ»، والشواهد من السنة على ذلك كثيرة: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَتَى فَاطِمَةَ بِعَبْدٍ كَانَ قَدْ وَهَبَهُ لَهَا، قَالَ: وَعَلَى فَاطِمَةَ رضي الله عنها ثَوْبٌ، إِذَا قَنَّعَتْ بِهِ رَأْسَهَا لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْهَا، وَإِذَا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَيْهَا لَمْ يَبْلُغْ رَأْسَهَا، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم مَا تَلْقَى قَالَ: "إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ ¬
بَأْسٌ، إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلامُكِ"» (1). وكثير من علماء السنة يجوزون رؤية العبد لسيدته، فقد جاء في شرح خليل: "ولعبد بلا شرك ومكاتب وغدين نظر شعر السيدة - يعني أن العبد الوغد أي القبيح المنظر - يجوز له أن ينظر إلى شعر سيدته، وبقية أطرافها التي ينظرها محرمها والخلوة بها على ما شهره ابن ناجي بشرط أن يكون كاملاً لها" (2). وجاء في حواشي الشرواني: "رأيت الشارح في شرح الإرشاد صرح بحل نظر سيد المشتركة أو المبعضة لما عدا ما بين سرتها وركبتها" (3). وقال ابن قدامة رحمه الله وهو يتحدث عن هذه المسألة: "قال الشافعي هو - أي العبد - محرم لها - أي السيدة - وحكاه بعض أصحابنا عن أحمد؛ لأنه يباح له النظر إليها فكان محرمًا لها كذي رحمها" (4). والرَّافِضَة أنفسهم، يقولون: إن المرأة لا يجب أن تَحْتَجِب من العبد إلا أن يؤدي ما يعتقه، فقد قال يوسف البحراني في 'الحدائق الناضرة': "عن معاوية بن عمار بسندين أحدهما صحيح والآخر حسن في قوة الصحيح، "قال: قلت لأبي ¬
عبد الله عليه السلام: المملوك يرى شعر مولاته وساقها؟ قال: لا بأس "، وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح والموثق، بأبان بن عثمان "قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المملوك يرى شعر مولاته؟ قال: لا بأس" (1). وقد قال بذلك كثير من علمائهم (2)، وهو واضح في جواز عدم الاحتجاب من المكاتب قبل أن يصير عنده ما يؤدي مكاتبته. وعليه فلا متمسك للرافضة في هذه الشُّبْهَة، وكتبهم ترد عليهم، وشهد شاهدٌ من أهلها. وأما الحديث الثاني: المتفق عليه، فليس فيه أيضًا ما يدل على عدم احتجاب عَائِشَة رضي الله عنها عن الرجال، فأبو سلمة راوي الحديث هو: عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ابن أخت عَائِشَة من الرضاعة أرضعته أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فعَائِشَة خالته، والآخر هو أخو عَائِشَة من الرضاعة كما في الحديث، فكلا الرجلين من محارم عَائِشَة رضي الله عنها. قال القاضي عياض (3) رحمه الله: "ظاهر الحديث أنهما رأيا عملها في رأسها ¬
وأعلى جسدها مما يحل لذي المحرم النظر فيه إلى ذات المحرم، وأحدهما - كما قال - كان أخوها من الرضاعة، قيل: إن اسمه عبد الله بن يزيد، وكان أبو سلمة ابن أختها من الرضاعة أرضعته أم كلثوم بنت أبى بكر" (1)، فالحديث ليس فيه متمسَّك للرافضة كسابقه، والله تعالى أعلم. ¬
المطلب السادس قولهم: إن عائشة رضي الله عنهاانت تزين الجواري وتطوف بهن
المطلب السادس قولهم: إنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانت تُزيِّن الجواري وتطوف بهنّ يقول الرَّافِضَة: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنها شوّفت (1) (أي زيّنت) جارية وطافت بها وقالت: لعلنا نصطاد بها شباب قريش، أرادوا بذلك معنى باطلاً يسيء إلى عرض النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم. وشبهتهم في ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: قال: حدثنا وكيع، عن العلاء بن عبد الكريم اليَامِيِّ, عن عمار بن عمران - رجل من زيد الله -، عن امرأة منهم، عن عَائِشَة: «أَنَّهَا شَوَّفَتْ جَارِيَةً وَطَافَتْ بِهَا، وَقَالَتْ: "لَعَلَّنَا نَتَصَيد بِهَا شَبَابَ قُرَيْشٍ"» (2). الرد على هذه الشُّبْهَة: يرد على هذه الشُّبْهَة من وجهين: الوجه الأول: أَنَّ الرواية قامت على مجهول، ألا وهو المرأة التي حدثت بهذه الحادثة، وهذا عند علماء الحديث من أضعف الأسانيد. وأيضاً عمار بن عمران قال عنه الذهبي: "لا يصح حديثه، ذكره البخاري في ¬
الضعفاء" (1)، وأقره ابن حجر في اللسان (2). فالرواية إذاً فيها مجهول وضعيف، فلا يصح الاحتجاج بها، هذا من حيث الرواية. الوجه الثاني: على فرض صحة الرواية؛ فيمكن أن يقال: إن هذا عرف شائع عندهم لا غرابة فيه، فالتشويف بالجارية: هو تزيين ما يحلّ إظهاره منها وهو وجهها، وإلباسها الملابس الجميلة في أعين الخاطب أو من يريد شراءها، من باب عرض السلعة على مشتريها؛ ولهذا أورد ابن أبي شيبة الأثر في بابين بنفس السند: الأول: باب: "ما قالوا في الجارية تشوف ويطاف بها"، والباب الثاني: "باب: في تزيين السلعة"، وبذا تسقط هذه الشُّبْهَة من أساسها رواية ودراية (3). ¬
الطلب السابع قولهم: إن عائشة رضي الله عنهاانت تسيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم
الطلب السابع قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ تُسِيء إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَزْعُم الرافضة أَنَّ عَائِشَة رضي الله عنها كانتْ تُسِيء إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فيقول التجاني: "وقد أساءت عَائِشَة إلى رسول الله كثيرًا وجرعته القصص ولكن النَّبِيّ رؤوف رحيم وأخلاقه عالية وصبره عميق، وكان كثيرًا ما يقول لها ألبسك شيطانك يا عَائِشَة وكثيرا ما كان يأسى لتهديد الله لها" (1). الرد على هذه الشُّبْهَة: قال عثمان خميس: "قوله قد أساءت عَائِشَة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً كذب تشهد به كتب أهل السنة التي تبيِّن أَنّ أحبّ الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عَائِشَة (2)، وكان الناس لا يهدون له إلا في بيت عَائِشَة (3)، وكانت لها من دون سائر أمهات المؤمنين ليلتان وأما كتب الشيعة فغير موثوق بها، فإن الكذب فيها كثير وخير مثال على كثرة كذبهم هذا الكتاب وأمثاله من مؤلفات التيجاني وغيره، وكذا قوله: (كثيرا ما يقول لها ألبسك شيطانك، وكثيراً ما كان يأسى لتهديد الله لها) كله كذب لا يستحي منه كاذبه" (4). فقول التجاني: "كثيرًا ما يقول لها ألبسك شيطانك يا عَائِشَة"، إشارة إلى ما في صحيح مسلم عن عروة بن الزبير: «أَنَّ عَائِشَة زَوْجَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، حَدَّثَتْهُ أَنَّ ¬
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلاً، قَالَتْ: فَغِرْتُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ، فَقَالَ: "مَا لَكِ؟ يَا عَائِشَة أَغِرْتِ؟ " فَقُلْتُ: وَمَا لِي لا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ" قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوْ مَعِيَ شَيْطَانٌ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ قَالَ: "نَعَمْ" قُلْتُ: وَمَعَكَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: "نَعَمْ، وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ"» (1). وجاء الحديث بألفاظ كثيرة أغلبها لا تصح (2). وسياق الحديث يأبى الطعن بعائشة؛ لأن مناسبة الحديث الغيرة عليه صلى الله عليه وسلم، وليس تعمد إيذائه كما يكذب التيجاني (3)، "بل إن هذه الغيرة نابعة من شدة حبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنها لا تتصور أن يزاحمها في حبه أحد من النساء" (4). "وعَائِشَة رضي الله عنها لا ندعي تجردها من البشرية وترفعها عن فطرة الأنثى فهي كغيرها من النساء في ذلك، وغيرتها رضي الله عنها لم تكن لتتغلغل في أعماقها، بل كانت تقف عند الحدود التي تقضي بها قواعد الدين والعدل، ولعل ما يبين لنا ذلك ما روي من صور الوفاق الرائع بين الضرائر، وتفانيهن في إرضاء زوجهن رسول الله صلى الله عليه وسلم" (5). ¬
الفصل الخامس الفوائد والآثار الإيجابية لحادثة الإفك القديمة والحديثة
الفصل الخامس الفوائد والآثار الإِيجابِيَّة لحادثة الإفك القديمة والحديثة وفيه مبحثان: المبحث الأول: الفوائد والآثار الإِيجابِيَّة لحادثة الإفك القديمة. المبحث الثاني: الفوائد والآثار الإِيجابِيَّة لحادثة الإفك الحديثة.
المبحث الأول الفوائد والآثار الإيجابية لحادثة الإفك القديمة
المبحث الأول الفوائد والآثار الإِيجابِيَّة لحادثة الإفك القديمة لا شك أن حادثة الإفك فيها من الفوائد والآثار الإيجابية الكثير، كيف لا وقد أخبر الله تعالى أن فيها خيرًا للمؤمنين، حيث قال: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (1)، فمن أصْدَقُ من الله حديثًا، ومن أصْدَقُ من الله قيلاً. فاقتضت حكمة الله أن يخرج الخير من ثنايا الشر، وكم من أمور ظاهرها الشر وهي تحمل في طياتها الخير الكثير، قال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (2)، وقال تعالى: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (3). وقد ذكر أهل العلم أمورًا كثيرة ظهرت فيها الخيرية في هذه الحادثة، من أهمها ما يلي (4): ¬
أولاً: أن حادثة الإفك أظهرت فضل عَائِشَة رضي الله عنها، وذلك بتبرئتها بقرآن يتلى إلى قيام الساعة، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ} الآية (1)؛ ولذلك كانت رضي الله عنها تفخر بأن الله برأها من فوق سبع سماوات؛ فلولا هذا الابتلاء ما عرفت الأمة مكانة عَائِشَة رضي الله عنها وأرضاها. ثانيًا: الابتلاء، حيث ابتلى اللهُ رسولَه صلى الله عليه وآله وسلم كما ابتلى عَائِشَة وابتلى صفوان بن المعطل فخرجوا من البلاء كالذهب الخالص، والابتلاء خير؛ لأن فيه رفع درجات، والجزاء والأجر العظيم لأسرتي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق على صبرهما وقوة تحملهما وصدق إيمانهما. ثالثًا: أن المؤمنين تعلموا بسبب هذه الحادثة، كثيرًا من الآداب الإسلامية السامية، كالحرص على سمعة المؤمنين، وعلى حسن الظن فيما بينهم، كما في قوله تعالى: {لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ} (2). وأيضًا: وجوب التثبت من الأقوال قبل نشرها، والتأكد من صحتها، كما في قوله تعالى: {وَلَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ ¬
هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} (1). وكذلك: النهي عن إشاعة الفاحشة بين المؤمنين، كما في قوله تعالى: {وإِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونٌَ} (2). وأيضًا: الحث على النفقة على الأقارب وإن أساءوا، كما في قوله تعالى: {وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَّغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (3). رابعًا: بيان فضل الله على المؤمنين ورأفته بهم، كما في قوله تعالى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (4). وأيضًا: غيرته تعالى على عباده المؤمنين الصادقين، ودفاعه عنهم، وتهديده لمن يرميهم بالفحشاء باللعن في الدنيا والآخرة، كما في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ ¬
عَظِيمٌ} الآيات (1). خامسًا: أن حادثة الإفك أثبتت بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه لا يعلم الغيب، حيث عاش الرسول صلى الله عليه وسلم تلك المحنة شهرًا كاملاً وهو لا يعلم شيئًا عن حقيقة الأمر، بل صار يستشير ويسأل أصحابه عن عَائِشَة، وصدق الله حيث قال: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (2)، وفي هذا رد على الطوائف المبتدعة التي تقول: إِنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ليس بشرًا، وتدعي أيضًا أنه يعلم الغيب. سادسًا: أن هذه المحنة أظهرت المنافقين المندسين في صفوف المؤمنين، فتأتي المحن، وتأتي الفتن؛ لتظهر ما تكنه الصدور من نفاق، ولتظهر ما تكنه القلوب من حقد على الإِسلام وأهله، فظهر النفاق، وظهرت عصابة النفاق. سابعًا: أن دعاة الإسلام - المنتمين لهذا الدين بإخلاص وصدق - مستهدفون ومعرضون للاتهام، ولإشاعة الشائعات، وإلصاق التهم بهم؛ فالطعن في الأشراف والأطهار، هي سنة الناقمين الحاقدين، فهذه مريم بنت عمران رُمِيَت في عرضها بهتاناً وزوراً، فبرأها الله من ذلك، قال تعالى: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ ¬
الْقَانِتِينَ} (1)، وكذلك يوسف عليه السلام فإنه رُمي في عرضه فبرأه الله تعالى من ذلك. وكم قرأنا وكم سمعنا أن دعاة صادقين وعلماء أجلاء اتهموا في أعراضهم، ولكن إرادة الله سبحانه وتعالى قاضية أن يمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين، فما يدور الزمان إلا ويبرئ الله تعالى ساحة الأبرياء من أوليائه، ويأخذ الذين تولوا كبر الإثم والجريمة أخذ عزيز مقتدر. ¬
المبحث الثاني الفوائد والآثار الإيجابية لحادثة الإفك الحديثة
المبحث الثاني الفوائد والآثار الإِيجابِيَّة لحادثة الإفك الحديثة إنَّ العصبة التي تناولت بيت النبوة الطاهر الكريم وشككت فيه، موجودة كما وجدت في زمان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، فإلى يومنا هذا نجد من يرمي أُمّ المؤمنين عَائِشَة بالفحش وغيره من الافتراءات، بعد أن برأها الله من تلك التُّهَم الكاذبة الملفقة، فعادوا إلى ما نهى الله عن العودة إليه، {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (1)، والهدف في السابق والحاضر واحد، وهو النيل من الإسلام والطعن في أهله، ولكن الإفك الحديث أخطر وأشد من القديم؛ لأنه جاء بعد نزول القرآن بالبراءة، والنهي عن عدم العودة إليه، فأبى هؤلاء إلا أن يكذبوا بالقرآن، ويعودوا إلى ما نهى الله عنه. فمع نزول البراءة من السماء، والثناء من الله، نجد أناسًا امتلأت قلوبهم كفرًا، ونفاقًا، وخبثًا يحرّفون الكلم عن مواضعه، ويطعنون في أشرف عرض، وأشرف امرأة! يفرّقون بذلك بين المسلمين، ويثيرون الفتنة بينهم، ويتجرّأون على الله ورسوله تحت ستار حبّهم لآل البيت عليهم السلام، وآل البيت منهم براء. يفسدون على الناس دينهم، وعقيدتهم، وإسلامهم. وكما أن حادثة الإفك في السابق جاءت وفي طياتها الخير الكثير، فكذلك الإفك الحديث لم يخلُ من فوائد وآثار إيجابية، بل حوى الخير والبشرى، والفضل ¬
والبركة {لاَ تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} (1)، فلما ثارت الهجمة على أمنا عَائِشَة رضي الله عنها وتجدد الإفك من جديد، جاءت الفوائد والآثار الطيبة مصاحبة لهذه الفتنة، وفي ما يلي ذكر لأهم هذه الفوائد والآثار: أولاً: من أعظَمِ الخيرِ في هذهِ الحادثة؛ ما تكشّفَ للناسِ جميعًا من حقيقةِ دينِ هؤلاءِ الروافضِ وأخلاقِهم، وما ظهرَ للجميعِ من قُبحِ فعالِهم، وسوء ما تخفيهِ قلُوبُهم من الحقدِ السافرِ على أمّهاتِ المؤمنينَ رضيَ اللهُ تعالى عنهُنّ، وبانَ عداؤُهم الذي يُبطنونهُ لأهلِ السُّنة، وظهرت تقيتهم. ثانيًا: في هذهِ الحادثة رسالةٌ صريحةٌ إلى دعاةِ التقاربِ والتلميعِ لمذهبِ التشيُّع، فقد أتَت على بُنْيانهم من القواعد، وبينت فشل واستحالة ما يدعون إليه، وأنى لهم أن يجمعوا بين الحق والباطل، وما مثلهم إلا كمثل مَن ينشُدُ في الماءِ جذوةَ نار، أومَن يطلبُ من السّرابِ إرواءً لظمئه. ثالثًا: من عظيم برَكات هذهِ الحادثة؛ تداعي الكثير من علماءِ أهلِ السُّنة ودُعاتهم إلى تبيانِ خطورةِ التشيُّع وسوءِ آثاره، وتوارُد بعض وسائلِ الإعلامِ الهادفة من مواقع الانترنيت والقنوات المتخصِّصة في فضحِ الرَّافِضَة توارُدًا محمودًا على إنتاج الكثير من البحوثِ والبرامج الوثائقية التي تكشِفُ ضلالَ التشيُّعِ وفسَاده، وشاءَ اللهُ أن يكونَ الحديثُ عن خطَر الرَّافِضَة مثارَ اِهتمامِ الكثيرِ من العامةِ في البيوتاتِ والطرقاتِ والأسواقِ وأماكنِ العمل والاِجتماعات، وهذا - بحمدِ الله - خيرٌ عظيمٌ عميم، سهّل من مهمّةِ المصلِحينَ المختصِّينَ والمنشغلينَ بخطورةِ هذا الجانب، ¬
ولا يحيقُ المكرُ السيِّئُ إلا بأهلهِ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين. رابعًا: من الجميل في هذهِ الحادثة؛ التأثيرِ الإيجابيّ على كثير من عامّةِ الشيعةِ وعقلاءهم، وإزالة الغشاوة عن عيون كثير من المخدوعين، فقد سمِعنا أن كثيرًا منهم رجَعَ إلى منهج أهل السنة، وأدركَ خطورة ما كانَ عليه، وخطورة ما عليهِ الشيعة من الحقدِ على الخلفاءِ الراشدينَ وعلى أمّهاتِ المؤمنينَ، وهذا واللهِ من الخيرِ الذي نشكُرُ الله عليه (1). خامسًا: قيام أهل السنة بحملة إعلامية قوية تُبيِّن فضائل ومناقب الصحابة رضي الله عنهم، وخصوصًا أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، وكان التركيز الأكثر على أُمِّنا عَائِشَة رضي الله عنها، فصارت خطب الجمعة موجهة لذلك الغرض، وكثير من وسائل الإعلام المرئية، والمسموعة والمقروءة، توجهت لنفس الهدف، وحسبك بهذا بركة. سادسًا: اهتمام بعض العلماء وطلبة العلم - خصوصًا في الآونة الأخيرة -، بجمع الشُّبُهَات المثارة حول أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها، وغيرها من أمهات المؤمنين والصحابة الكرام والأئمة الأعلام، وتفنيد هذه الشُّبُهَات، والرد على الأباطيل والافتراءات المكذوبة عليهم، جزاهم الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء. سابعًا: تبني بعض المؤسسات الخيرية، والمنظمات الطوعية، والمواقع الإسلامية، مسابقات في سيرة أمهات المؤمنين وغيرهن من الصحابة - رضي الله عن الجميع -، ومن ذلك مؤسسة الدُّرَر السَّنِيَّة التي تبنَّتْ مسابقة عالمية بعنوان: "أمنا عَائِشَة ¬
ملكة العفاف"، وهذا البحث أحد البحوث المقدمة لهذه المسابقة، فجزاهم الله خيرًا. ثامنًا: تدافع الأدباء والشعراء من كافة أنحاء المعمورة للدفاع عن أُمِّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها، وهجاء من سبها، وقد وقفت على كثيرٍ من القصائد التي جادت بها قرائحهم، ومن ذلك ما يلي: قصيدة للشاعر حسين بن أحمد النجمي (1)، جاءت في واحد وأربعين بيتاً، مطلعها: تبا لها تلك الكلاب النابحة ... فاحت نتانتهم بأقبح رائحةْ قد أخرجوا أحقادهم وضلالهم ... وتقصدوا تلك الرزان الصالحةْ أمي وأُمّ المؤمنين جميعهم ... زوج النَّبِيّ وحبه والناصحةْ لا تحسبوا شرا شرارة إفكهم ... هي بالثواب من المهيمن رابحة خسئت وخابت ألسن طعنت بها ... كان الجدير بأن تقوم منافحة ما شوهوها بل تزيد نصاعة ... ووجوههم بالذل أمست كالحة قد برأ الرحمن عرض نبيه ... من أكبش للصخر أضحت ناطحةْ هلك النفاق ورأسه لكنه ... وجد الإساءة بالتشيع سانحة إن التشيع والنفاق كعملة ... وجهان فيها بالقبائح طافحة فأتى الخبيث يزيح عن وجه الخنا ... ويسوق فريته بأنتن جارحة فعدوا على العرض الحرام وأطلقوا ... تلك السهام الغادرات الجارحة فالله قد مدح الصحابة بالهدى ... والآي في السور الكريمة صادحة ¬
ومكذب القرآن ينشر فكره ... بالزيف في قصص التفاهة قادحة والسنة الغراء تظهر فضلهم ... فأكفهم ليد الحبيب مصافحة نصروا الهدى بذلوا الدماء وأزهقت ... أرواحهم لله عنه مكافحة أيجيء في هذا الزمان منافق ... متزعما بالحقد أتفه لائحة جاءت من ابن سلول تحمل فكره ... في أبشع الصور الخبيثة واضحة أماه أزعجني وأشعل في دمي ... نارا من الألم المؤرق لافحه ما صك في أذني من الزيف الذي ... نقلته شاشات مساء البارحة وأختم بقصيدة طويلة نظمها: أبو سهل طه بن الطيب بن المحجوب الزَّيَّاتي (1)، جاءت في ثمانين بيتاً، أنقل منها مقتطفات: الْحَمْدُ للهِ الْمَلِيكِ الْقَادِرِ ... رَبٍّ عَظِيمٍ مَالِكٍ دَيَّانِ ثُمَّ الصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيّ مُحَمَّدٍ ... مَا نَاحَ قُمْرِيٌّ عَلَى اْلأَغْصَانِ وَالصَّحْبِ وَاْلآلِ الْكِرَامِ خِصَالِهِمْ ... وَكَذَاكَ زَوْجَاتٍ رُزِقْنَ جِنَانِ وَعَلَى جَمِيعِ السَّالِكِينَ سَبِيلَهُمْ ... حَتَّى تَشِيبَ مَفَارِقُ الْوِلْدَانِ إِنَّ الرَّوَافِضَ أَوْغَلُوا فِي غَيِّهِمْ ... وَتَتَايَعُوا فِي الظُّلْمِ وَالشَّنَآنِ تَرَكُوا التَّقِيَّةَ أَظْهَرُوا كُفْرَانَهُمْ ... بِالطَّعْنِ فِي زَوْجِ النَّبِيّ الْعَدْنَانِي - - - ¬
هَذَا الْخَبِيثُ وَقَدْ تَجَاسَرَ مُعْلِنًا ... لِلْكُفْرِ بَعْدَ بَرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي سَبِّ عَائِشَة اْلأَبِيَّةِ أُمِّنَا ... وَالطَّعْنِ فِيهَا بِتُهْمَةِ الْبُهْتَانِ أَتَسُبُّ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مُكَذِّبًا ... لِلَّهِ ثُمَّ رَسُولِهِ الرَّبَّانِي؟ وَتُنَاقِضُ اْلإِجْمَاعَ أَمْرًا وَاضِحًا؟ ... فَالْكُفْرُ فِيكَ وَمِنْكَ يَا شَيْطَانِ فَالْقَدْحُ فِيهَا مُلاَزِمٌ لِلطَّعْنِ فِي ... شَخْصِ النَّبِيّ وَعِرْضِهِ الْمُنْصَانِ لَوْ كُنْتَ تُؤْمِنُ بِالْكِتَابِ مُصَدِّقًا ... خُذْ آيَةَ التَّطْهِيرِ دُونَ تَوَانِ فَالرَّجْسُ أَمْرٌ ذَاهِبٌ عَنْ أَهْلِهِ ... جَاءَ التَّطَهُّرُ دُونَمَا نُكْرَانِ أَزْوَاجُ هَذَا الُمُجْتَبَى مِنْ آلِهِ ... صَلَّى اْلإِلَهُ عَلَيْهِ فِي اْلأَكْوَانِ فِي آيَةِ اْلأَحْزَابِ جَاءَ سِيَاقُهَا ... يُعْطِي اللَّبَيبَ قَرِينَةَ الْبُرْهَانِ سَبَبُ النُّزُولِ الْقَطْعِي فِي تَحْقِيقِهِ ... جَاءَ الْمُبَاهِلُ مُهْلِكٌ لِلْجَانِي إِنْ لَمْ يَكُنْ أَزْوَاجُهُ مِنْ أَهْلِهِ ... قُلْ لِي بِرَبِّكَ هَلْ يَصِحُّ لِسَانِ؟ - - - يَا شِيعَةَ الرَّفْضِ الطُّغَاة تَبَاعَدُوا ... عَنْ كُلِّ كُفْرٍ يَسْحَقُ اْلإِيمَانِ كَذَّبْتُمُ الْقُرْآنَ كُفْرًا وَادَّعَيْـ ... ـتُمْ فِيهِ تَحْرِيفًا كَذَا نُقْصَانِ وَالسُّنُّةُ الْغَرَّاءُ لاَ مَعْنَى لَهَا ... هَذَا الْبُخَارِي وَصِنْوَهُ هَذَيَانِ كَفَّرْتُمُ الصَّحْبَ الْكِرَامَ صَرَاحَةً ... فِي رِدَّةِ الشَّيْخَيْنِ قُلْ عُثْمَانِ لَمْ يَنْجُ مِنْ تِلْكَ الضَّغِينَةِ وَاحِدٌ ... إِلاَّ ثَلاَثَةُ أَوْ يَكُونُوا ثَمَانِ
ويقول في براءة عَائِشَة رضي الله عنها: فَاللهُ بَرَّأَهَا وَعَظَّمَّ شَأْنَهَا ... فِي عَشْرِ آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ فِي سُورَةِ النُّورِ الْكَرِيمَةِ مُعْلِنًا ... عَنْ طُهْرِهَا وَعَفَافِهَا الْمُزْدَانِ قَدْ صَانَهَا الْمَوْلَى الْكَرِيمُ وَخَصَّهَا ... بِخَصَائِصٍ مَشْدُودَةِ اْلأَرْكَانِ فَشَهَادَةُ التَّنْزِيلِ جَاءَ خِطَابُهَا ... فِي اْلآيِيِ نَقْرَؤُهَا بِكُلِّ زَمَانِ هِيَ حَبَّةُ الْعِقْدِ الْفَرِيدِ ِلأَنَّهَا ... بِكْرٌ تُفَاخِرُ فِيهِ فِي الْقَمَرَانِ وَأَحَبُّ زَوْجٍ لِلنَّبِيِّ بِلاَ مِرَاء ... مَنْ ذَا يُوَازِي الْجَوْهَرَ الرَّنَانِ زَوْجُ النَّبِيّ تُحِبُّهُ وَيُحِبُّهَا ... قَدْ غَابَ عَنْهَا يُفِيضُ بِالرِّضْوَانِ مَاتَ النَّبِيّ وَرَأْسُهُ فِي سَحْرِهَا ... فِي يَوْمِهَا الْمَعْقُودِ بِالرُّجْحَانِ قَدْ كَانَ دَفْنُ رَسُولِنَا فِي بَيْتِهَا ... فَكَفَاهَا فَضْلاً بُقْعَةُ اْلأَكْفَانِ رِيقُ النَّبِيّ وَرِيقُهَا امْتَزَجَا مَعًا ... فَالْمُسْتَحِيلُ تَبَاعُدِ الْمَاءَانِ حَازَتْ عُلُومًا قَدْ تَقَاصَرَ دُونَهَا ... جُلُّ الرِّجَالِ وَخَاضَتِ الْبَحْرَانِ أَمَّا الْفَصَاحَةُ فَهْيَ تَمْلِكُ سِرَّهَا ... قَدْ فَاقَتِ الْعُرْبَ الْقُدَامَى مَعَانِي وَرِوَايَةُ اْلآثَارِ أَصْلُ كَلاَمِهَا ... لاَ لَنْ تُدَانِيهَا النِّسَاء لاَءَانِ هِيَ خَيْرُ هَذَا الْجَمْعِ مِنْ زَوْجَاتِهِ ... مَنْ مَاتَ عَنْهُنَّ الرَّسُولُ الْحَانِي وفي الختام أقول: هذه ثمانٍ من الفوائد والآثار الإيجابية لحادثة الإفك الحديثة، وما هي إلا غيض من فيض وقليل من كثير، إذ المقام لا يتسع لذكر أكثر من ذلك.
الفصل السادس حكم من سب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
الفصل السادس حكم مَنْ سَبَّ أُمَّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها وفيه مبحثان: المبحث الأول: حكم من سَبَّ أُمَّ المؤمنين عَائِشَة بما برأها الله منه. المبحث الثاني: حكم من سَبَّ أُمَّ المؤمنين عَائِشَة بغير ما برأها الله منه.
المبحث الأول حكم من سب أم المؤمنين عائشة بما برأها الله منه
المبحث الأول حكم من سَبَّ أُمَّ المؤمنين عَائِشَة بما برَّأَها الله منه قدْ أجْمَع علماءُ الإسلام قاطبةً مِن أهل السُّنَّة والجماعة على أنَّ مَن سبَّ أمَّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها ورَماها بما برَّأها الله منه أنه كافِرٌ. قال الإمام مالك (1) رحمه الله: "مَن سَبَّ أبا بكرٍ وعُمرَ جُلِد، ومَن سَبَّ عَائِشَة قُتِل، قيل له: لِمَ يقتلُ في عَائِشَة؟ قال مالك: فمَن رماها فقدْ خالَفَ القرآن، ومَن خالف القرآنَ قُتِل" (2). وقال ابن القاسم (3) في روايته، عن مالك: "لأن الله تعالى يقول: {يَعِظُكُمْ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ} (4)، فمن عاد لمثله فقد كفر" (5). ¬
قال ابنُ حزْم (1) رحمه الله: "قول مالك هاهنا صحيحٌ، وهي رِدَّة تامَّة، وتكذيبٌ لله تعالى في قَطْعِه ببراءتها" (2). وقال أبو بكر ابنُ زياد النيسابوريُّ (3) رحمه الله: "سَمعتُ القاسمَ بنَ محمَّد يقول لإسماعيلَ ابن إسحاقَ: أُتِي المأمون في (الرَّقة) برَجلين شَتَم أحدُهما فاطمةَ، والآخَرُ عَائِشَة، فأمَر بقَتْل الذي شتَم فاطمةَ وترَك الآخَر، فقال إسماعيلُ: ما حُكْمُهما إلاَّ أن يُقتلاَ؛ لأنَّ الذي شتَم عَائِشَة ردَّ القرآن" (4). قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية (5) رحمه الله تعقيبًا عليه: "وعلى هذا مضَتْ سِيرةُ ¬
أهل الفِقه والعِلم مِن أهل البيت وغيرِهم" (1). وقالَ ابنُ العربيِّ (2) رحمه الله: "كلُّ مَن سبَّها بما برَّأها الله منه فهو مُكذِّب لله، ومَن كذَّب الله فهو كافِر" (3). وقال ابن قُدامة (4) رحمه الله: "فمَن قذَفها بما بَرَّأها الله منه فقدْ كفَر بالله العظيم" (5). وقال النوويُّ (6) رحمه الله: "براءةُ عَائِشَة رضي الله عنها مِنَ الإفْك، وهي براءةٌ قطعية بنصِّ القرآن العزيز، فلو تَشكَّك فيها إنسانٌ - والعياذ بالله - صار كافرًا مرتدًّا ¬
بإجماعِ المسلمين" (1). وقال ابن كثير رحمه الله عند قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} الآيات (2): "قد أجمع العلماء - رحمهم الله - قاطبة على أن مَنْ سَبَّها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية، فإنه كافر؛ لأنه معاند للقرآن، وفي بقية أمهات المؤمنين قولان: أصحهما أنهن كهي، والله أعلم" (3). وقال ابنُ القيِّم رحمه الله: "واتَّفقتِ الأُمَّة على كُفْر قاذفِها" (4). وقال القاضي أبو يعلى (5) رحمه الله: "من قذف عَائِشَة بما برأها الله منه كفر بلا خلاف وقد حكى الإجماع على هذا غير واحد وصرح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم" (6). وقال ابن أبي موسى رحمه الله (7): "ومن رمى عَائِشَة رضي الله عنها بما برأها الله منه فقد ¬
مرق من الدين ولم ينعقد له نكاح على مسلمة" (1). وقال بدر الدين الزركشي رحمه الله: "من قذفها فقد كفر لتصريح القرآن الكريم ببراءتها" (2). وبعد عرض أقوال العلماء السابقة يمكن تلخيص حججهم على كفر من رمى أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنهما، وهي كما يلي: أولاً: أن في سبها تكذيبًا للقرآن الذي شهد ببراءتها، وتكذيب ما جاء به القرآن كفر (3). ثانيًا: إن في ذلك إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لأن قذف المرأة أذى لزوجها (4)، والنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم زوج لعَائِشَة وكانت من أحب النساء إليه، والدليل على تأذيه من ذلك، قوله في هذه الحادثة: «يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي» (5)، وإيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم كفر بالإجماع (6). ¬
ثالثًا: أن الطعن بها رضي الله عنها فيه تنقيص برسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث رضيها أن تكون زوجة له وأبقاها على ذلك حتى مات، فيلزم من طعنهم أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ديوثًا يرضى الفساد في أهله، وقد قال الله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ} (1)، قال ابن كثير رحمه الله: "أي ما كان الله ليجعل عَائِشَة زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيبة، لأنه أطيب من كل طيب من البشر، ولو كانت خبيثة لما صلحت له شرعاً ولا قدراً، ولهذا قال تعالى: {أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} (2) أي عما يقوله أهل الإفك والعدوان" (3). ¬
المبحث الثاني حكم من سب أم المؤمنين عائشة بغير ما برأها الله منه
المبحث الثاني حكم من سَبَّ أُمَّ المؤمنين عَائِشَة بغير ما برَّأَها الله منه عَائِشَة رضي الله عنها من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، وهن داخلات في عموم الصحابة رضي الله عنهم؛ لأنهن منهم، وكل ما جاء في تحريم سب الصحابة من آيات قرآنية وأحاديث نبوية فإن ذلك يشملهن. والعلماء رحمهم الله لم يختلفوا في تحريم سبَّ الصحابة، ومجمعون على أن من فعل ذلك فقد ارتكب كبيرة من الكبائر، وجريمة من الجرائم، ولكن اختلفوا في إطلاق لفظ الكفر على من سبّهم، فبعض العلماء يرى التفصيل في ذلك؛ لأن السّب عندهم يكون على أحوال، فهناك من يسب الصحابة أو جمهورهم، سبًّا يقدح في دينهم وعدالتهم، ومنهم من يسبهم سبًّا لا يقدح في عدالتهم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأما من سبهم سبًا لا يقدح في عدالتهم ولا في دينهم مثل وصف بعضهم بالبخل أو الجبن أو قلة العلم أو عدم الزهد ونحو ذلك، فهذا هو الذي يستحق التأديب والتعزير ولا نحكم بكفره بمجرد ذلك وعلى هذا يحمل كلام من لم يكفرهم من أهل العلم، وأما من لعن وقبح مطلقاً فهذا محل الخلاف فيهم لتردد الأمر بين لعن الغيظ ولعن الاعتقاد" (1). وقد ذهب جمع من العلماء، إلى كفر من سبَّ الصحابة، وذلك لما يلي (2): أولاً: لأنَّ في سب الصحابة رضي الله عنهم تكذيبًا للقرآن الكريم، وإنكارًا لما تضمنته ¬
آيات القرآن من تزكيتهم والثناء عليهم، قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإحْسَانٍ - رضي الله عنهم - وَرَضُوا عَنْهُ} (1)، قال سفيان بن عيينة رحمه الله وغيره من السلف:"إن الله عاتب الخلق جميعهم في نبيه إلا أبا بكر، وقال: من أنكر صحبة أبي بكر فهو كافر، لأنه كذَّب القرآن" (2). ثانيًا: لأن سبهم يستلزم نسبة الجهل إلى الله تعالى، أو العبث في تلك النصوص الكثيرة التي تقرر الثناء على الصحابة، قال شيخ الإسلام بن تيمية: "ومن زعم أنَّ الصحابة ارتدوا بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا نفرًا قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفسًا، أو إنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضًا في كفره؛ لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم. بل من يشكك في كفر مثل هذا؟ فإنَّ كفره متعين، فإنَّ مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق، وأن هذه الآية التي هي: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (3)، وخيرها هو القرن الأول، كان عامتهم كفارًا، أو فساقًا، ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم، وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام" (4). ثالثًا: لأن سب الصحابة فيه تنقصًّا وأذى للرسول؛ والوقوع فيما نهى عنه، ¬
فهم أصحابه الذين رباهم وزكاهم، وقد نهى عن سبهم فقال: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ» (1). رابعًا: لأن سبهم طعن في الدين، وهدم لأصله، وإبطال للشريعة؛ لأنهم هم نقلة الدين، فإذا طعن فيهم انعدم النقل المأمون للدين، قال القرطبي رحمه الله: "فمن نقص واحدًا منهم أو طعن عليه في روايته فقد ردّ على الله رَبِّ العالمين، وأبطل شرائع المسلمين؛ قال الله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أشداء عَلَى الْكُفَّارِ} الآية (2). وقال تعالى: {لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} (3)، إلى غير ذلك من الآي التي تضمنت الثناء عليهم، والشهادةَ لهم بالصدق والفلاح؛ قال الله تعالى: {رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ} (4) " (5). وأختم هذه المبحث ببعض أقوال العلماء في تكفير من سبّ الصحابة رضي الله عنهم: قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله: "الذي يشتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬
ليس له سهم، أو قال: نصيب في الإسلام" (1). فهذا فيمن شتم فكيف فيمن كفَّرهم وأخرجهم من الإسلام كما قالت الشيعة الروافض في حق جمهور الصحابة ومنهم أبو بكر وعمر رضي الله عن الجميع، والذي ليس له نصيب في الإسلام خارج عن الإسلام، فكل مؤمن له سهم ونصيب في الإسلام، والذي ليس له سهم ولا نصيب من الإسلام ليس من أهل الإسلام. وقال هشام بن عمار (2): "سمعت مالكًا يقول: من سب أبا بكر وعمر، قتل، ومن سب عَائِشَة رضي الله عنها، قتل، لأن الله تعالى يقول فيها: {يعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (3)، فمن رماها فقد خالف القرآن، ومن خالف القرآن قتل" (4). وقال ابن كثير رحمه الله عند تفسيره قول الله تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإنجيل كَزَرْعٍ ¬
أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (1): "ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك في رواية عنه تكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة - رضوان الله عليهم، قال: لأنهم يغيظونهم ومن غاظ الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر لهذه الآية. ووافقه طائفة من العلماء رضي الله عنهم على ذلك، والأحاديث في فضل الصحابة رضي الله عنهم والنهي عن التعرض لهم بمساءة كثيرة، ويكفيهم ثناء الله عليهم ورضاه عنهم" (2). وذكر الألوسي رحمه الله في تفسيره آية سورة الفتح السابقة أنَّ الإمام مالكًا قد ذهب إلى تكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ووافقه كثير من العلماء. وأنه ذُكر عند مالك رجل ينتقص الصحابة فقرأ مالك هذه الآية فقال: من أصبح من الناس في قلبه غيظ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية، ويعلم تكفير الرَّافِضَة بخصوصهم (3). وقال ابن أبي يعلى (4) رحمه الله: "والرَّافِضَة وهم الذين يتبرؤون من أصحاب ¬
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسبونهم وينتقصونهم ... وليست الرَّافِضَة من الإسلام في شيء" (1). وقال أبو يعلى أَيضًا: "الذي عليه الفقهاء في سب الصحابة إن كان مستحلاً لذلك كفر، وإن لم يكن مستحلاً فسق ولم يكفر، وقد قطع طائفة من الفقهاء من أهل الكوفة وغيرهم وسئل عمن شتم أبا بكر قال كافر قيل يصلى عليه قال لا" (2). وقال ابن طاهر البغدادي (3) رحمه الله:"الإمامية الذين كفّروا خيار الصحابة ... فإنا نكفرهم، ولا تجوز الصلاة عليهم عندنا، ولا الصلاة خلفهم" (4). وقال ابن حجر الهيتمي (5) رحمه الله:"وأما تكفير أبي بكر ونظرائه ممن شهد لهم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالجنة، فلم يتكلم فيها أصحاب الشافعي، والذي أراه الكفر ¬
فيها قطعًا" (1). وسئل الإمام أحمد بن حنبل (2) رحمه الله عمن يشتم الصحابة فقال "أخشى عليه الكفر". ثم قال:"من شتم أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا نأمن قد مرق من الدين" (3). وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل (4) رحمه الله: "سألت أبي عن رجل شتم رجلاً من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فقال: ما أراه على الإسلام" (5). قال أبو زرعة الرازي (6) رحمه الله: "إِذا رَأَيْت الرجل ينتقص أحداً من أَصْحَاب ¬
رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَاعْلَم أَنه زنديق" (1). قال عبد الكريم السمعاني (2) رحمه الله:"اجتمعت الأمة على تكفير الإمامية، لأنهم يعتقدون تضليل الصحابة، وينكرون إجماعهم وينسبونهم إلى ما لا يليق بهم" (3). فإذا كان هذا في مجَرَّدِ الصحبة، فكيف بأُمِّ المؤمنين، وزوجة رسول ربِّ العالمين! ¬
الخاتمة
الخاتمة الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على المبعوث بالآيات البينات نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وأزواجه الطاهرات، وبعد: فقد طوف هذا البحث في آفاق سيرة أُمِّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها، وذُكِر فيه أهم الأباطيل والشُّبُهَات. ويجدر بي في نهاية هذا البحث أنْ أبيّن أهم ما توصلتُ إليه من نتائج وأهم التوصيات التي أراها تستحق الذكر. أولاً: النتائج: قد تبين لي في ثنايا هذا البحث ما يلي: 1) أن عَائِشَة رضي الله عنها نشأة في بيت علم وإيمان، وتربت في أحضان أبوين فاضلين. 2) أنها رضي الله عنها كانت من أحب الناس إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بلا خلاف. 3) أنها رضي الله عنها فاقت كثيرًا من الصحابة في العلم والفضل والفصاحة. 4) أنها رضي الله عنها قدوة للنساء في العلم والورع والعبادة والتضحية مع الزوج في جميع الأمور. 5) أن علاقة عَائِشَة رضي الله عنها بعلي بن أبي طالب، وفاطمة الزهراء وذريتهما وغيرهم من أئمة آل البيت علاقة حميمة يسودها التحابب والتوادد. 6) أن الأباطيل والافتراءات المكذوبة على أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها نابعة من حسد أعدائها لها على مكانتها ومكانة والدها عند النَّبِيّ صلى الله وسلم. 7) إن حادثة الإفك قديمًا وحديثًا كانت سببًا لبيان ونشر فضائل ومناقب
ثانيا: التوصيات:
عَائِشَة رضي الله عنها. ثانيًا: التوصيات: من أهم التوصيات التي أوصي بها ما يلي: 1) مزيد الاهتمام بجانب سيرة أمهات المؤمنين وغيرهن من أعلام المسلمين في المناهج التعليمية، وغيرها. 2) عقد المسابقات في سيرة أمهات المؤمنين وبيان فضلهن خصوصًا اللاتي أثيرت حولهن شبهات أسوة بمسابقة مؤسسة الدرر السَّنِيَّة. 3) تعليم الأطفال منذ الصغر سيرة أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، لينشأوا على حبهن وتعظيمهن منذ نعومة أظافرهم وحتى يقتدوا بهديهن. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
الفهارس
الفهارس وتشمل: فهرس المصادر والمراجع. فهرس الموضوعات.
فهرس المصادر والمراجع
فهرس المصادر والمراجع أولاً: المصادر والمراجع السُّنِّيَّةُ: 1) القرآن الكريم. 2) إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة، لأبي العباس أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ)، تحقيق: دار المشكاة للبحث العلمي بإشراف أبي تميم ياسر بن إبراهيم، نشر: دار الوطن للنشر الرياض، الطبعة الأولى، 1420هـ 1999م. 3) الآثار، لأبي يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد، الأنصاري (ت:182هـ)، تحقيق: أبي الوفا، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت. 4) الإجابة لما استدركته عَائِشَة على الصحابة، لأبي عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي الشافعي (ت:794هـ)، تحقيق وتخريج: د. رفعت فوزي عبد المطلب، نشر: مكتبة الخانجي القاهرة، الطبعة الأولى، 1421هـ - 2001م. 5) الآحاد والمثاني، لأبي بكر بن أبي عاصم وهو أحمد بن عمرو الشيباني (ت:287هـ)، تحقيق: د. باسم فيصل أحمد الجوابرة، نشر: دار الراية - الرياض، الطبعة الأولى، 1411هـ 1991م. 6) الأحاديث المختارة، لضياء الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي (ت:643هـ)، دراسة وتحقيق: الدكتور عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، نشر: دار خضر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، الطبعة الثالثة، 1420هـ - 2000م. 7) أحاديث يحتج بها الشيعة؛ لعبد الرحمن محمد سعيد دمشقية، كتاب
إلكتروني، على شبكة الدفاع عن السنة: www.dd-sunnah.net. 8) أحكام القرآن، لمحمد بن عبد الله أبي بكر بن العربي المالكي (ت:543هـ)، راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلَّق عليه: محمد عبد القادر عطا، نشر: دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، الطبعة الثالثة، 1424هـ - 2003م. 9) أحوال الرجال، لإبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدي الجوزجاني (ت:259هـ)، تحقيق: عبد العليم عبد العظيم البَستوي، نشر: حديث اكادمي فيصل آباد، باكستان. 10) آداب الزفاف في السنة المطهرة، لأبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي، الألباني (ت:1420هـ)، نشر: دار السلام، 1423هـ - 2002م. 11) الآداب، لأحمد بن الحسين بن علي البيهقي (ت:458هـ)، اعتنى به: أبو عبد الله السعيد المندوه، نشر: مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1408هـ - 1988م. 12) الأدب المفرد، لمحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، (ت:256هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، نشر: دار البشائر الإسلامية - بيروت، الطبعة الثالثة 1409هـ - 1989م. 13) إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، لمحمد ناصر الدين الألباني (ت:1420هـ)، إشراف: زهير الشاويش، نشر: المكتب الإسلامي - بيروت، الطبعة الثانية 1405هـ - 1985م. 14) الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (ت:463هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي، نشر: دار الجيل - بيروت، الطبعة الأولى، 1412هـ - 1992م.
15) أُسد الغابة في معرفة الصحابة، لعلي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (ت:630هـ) تحقيق: علي محمد معوض - عادل أحمد عبد الموجود، نشر: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1415هـ - 1994م. 16) الإصابة في تمييز الصحابة، لأبي الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (ت:852هـ)، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلى محمد معوض، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى 1415هـ. 17) الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد، لأحمد بن الحسين بن علي، أبي بكر البيهقي (ت:458هـ)، تحقيق: أحمد عصام الكاتب، نشر: دار الآفاق الجديدة - بيروت، الطبعة الأولى 1401هـ. 18) الأعلام، لخير الدين بن محمود بن محمد بن علي بن فارس، الزركلي الدمشقي (ت:1396هـ)، نشر: دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة عشر - أيار - مايو 2002م. 19) أعيان العصر وأعوان النصر، لصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (ت:764هـ)، تحقيق: د. علي أبي زيد، وآخرين، نشر: دار الفكر المعاصر، بيروت - لبنان، دار الفكر، دمشق - سوريا، الطبعة الأولى، 1418هـ - 1998م. 20) إكمال الإكمال، لمحمد بن عبد الغني بن أبي بكر بن شجاع، ابن نقطة (ت:629هـ)، تحقيق: د. عبد القيوم عبد رب النَّبِيّ، نشر: جامعة أم القرى - مكة المكرمة، الطبعة الأولى 1410هـ. 21) إكمال المعلم بفوائد مسلم لأبي الفضل القاضي عياض بن موسى بن عياض اليحصبي (ت:544هـ)، تحقيق: د. يحيى إسماعيل، نشر: دار الوفاء
للطباعة والنشر والتوزيع، المنصورة - مصر، الطبعة الأولى، 1419هـ - 1998م. 22) الإكمال، لأبي المحاسن محمد بن علي بن الحسن بن حمزة الحسيني (ت:765هـ)، تحقيق: د عبد المعطي أمين قلعجي، نشر: منشورات جامعة الدراسات الإسلامية، كراتشي - باكستان. 23) ألفية السيوطي في علم الحديث، لعبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (ت:911هـ)، صححه وشرحه: الأستاذ أحمد محمد شاكر، نشر: المكتبة العلمية. 24) أمالي ابن بشران، لعبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشْران (ت:430هـ)، تحقيق: أحمد بن سليمان، نشر: دار الوطن للنشر - الرياض، الطبعة الأولى، 1420هـ - 1999م. 25) الأمالي في آثار الصحابة، لأبي بكر عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري اليماني الصنعاني (ت:211هـ)، تحقيق: مجدي السيد إبراهيم، نشر: مكتبة القرآن - القاهرة. 26) الإمامة والرد على الرَّافِضَة، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني (ت:430هـ)، حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه: الدكتور علي بن محمد بن ناصر الفقيهي، نشر: مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1407هـ - 1987م. 27) إنباه الرواة على أنباه النحاة، لجمال الدين أبي الحسن علي بن يوسف القفطي (ت:646هـ)، نشر: المكتبة العنصرية، بيروت، الطبعة الأولى، 1424هـ. 28) الانتصار لكتاب العزيز الجبار ولأصحاب محمد الأخيار على أعدائهم
الأشرار، لربيع بن هادي عمير المدخلي، نشر: مجالس الهدى للإنتاج والتوزيع، الجزائر - العاصمة، الطبعة الأولى. 29) الانتصار للصحب والآل من افتراءات السماوي الضال، لإبراهيم بن عامر بن عليّ الرّحيلي، نشر: مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، الطبعة الثالثة، 1423هـ - 2003م. 30) أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء، لقاسم بن عبد الله بن أمير القونوي (ت:978هـ)، تحقيق: يحيى حسن مراد، نشر: دار الكتب العلمية، الطبعة 1424هـ. 31) البخلاء، لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (ت:463هـ)، بعناية: بسام عبد الوهاب الجابي، نشر: الجفان والجابي، دار ابن حزم، الطبعة الأولى 1421هـ - 2000م. 32) البدء والتاريخ، للمطهر بن طاهر المقدسي (ت:355هـ)، نشر: مكتبة الثقافة الدينية، بور سعيد. 33) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، لعلاء الدين، أبي بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني الحنفي (ت:587هـ)، نشر: دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية، 1406هـ - 1986م. 34) البداية والنهاية، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (ت:774هـ)، نشر: دار الفكر، عام النشر: 1407هـ - 1986م. 35) البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، لمحمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني (ت:1250هـ)، نشر: دار المعرفة - بيروت. 36) البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير، لابن الملقن
سراج الدين أبي حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي (ت: 804هـ)، تحقيق: مصطفى أبو الغيط وآخرين، نشر: دار الهجرة للنشر والتوزيع - الرياض-السعودية، الطبعة الأولى، 1425هـ -2004م. 37) بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث بن أبي أسامة (ت: 282هـ)، لنور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (ت:807هـ)، تحقيق: د. حسين أحمد صالح الباكري، نشر: مركز خدمة السنة والسيرة النبوية المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1413هـ - 1992م. 38) بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس، لأحمد بن يحيى بن أحمد بن عميرة، أبي جعفر الضبي (ت:599هـ)، نشر: دار الكاتب العربي - القاهرة، عام النشر: 1967م. 39) تاج العروس من جواهر القاموس، لمحمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبي الفيض، الملقّب بمرتضى، الزَّبيدي (ت:1205هـ)، تحقيق: مجموعة من المحققين، نشر: دار الهداية. 40) تاريخ ابن خلدون، لعبد الرحمن بن محمد بن محمد، ابن خلدون (ت:808هـ)، تحقيق: خليل شحادة، نشر: دار الفكر - بيروت، الطبعة الثانية، 1408هـ - 1988م. 41) تاريخ ابن معين (رواية الدوري)، لأبي زكريا يحيى بن معين بن عون البغدادي (ت:233هـ)، تحقيق: د. أحمد محمد نور سيف، نشر: مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي - مكة المكرمة، الطبعة الأولى، 1399هـ - 1979م. 42) تاريخ أصبهان، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني (ت:430هـ)، تحقيق: سيد كسروي حسن، نشر: دار الكتب العلمية -
بيروت، الطبعة الأولى 1410هـ-1990م. 43) تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، لشمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (ت:748هـ)، تحقيق: عمر عبد السلام التدمري، نشر: دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثانية، 1413هـ - 1993م. 44) التاريخ الأوسط، لمحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبي عبد الله (ت:256هـ)، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، نشر: دار الوعي , مكتبة دار التراث - حلب , القاهرة، الطبعة الأولى، 1397هـ - 1977م. 45) تاريخ الخلفاء الراشدين الفتوحات والإنجازات السياسية، لدكتور محمد سهيل طقوش، نشر: دار النفائس، الطبعة الأولى 1424هـ - 2003م. 46) تاريخ الخلفاء، لعبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (ت:911هـ)، تحقيق: حمدي الدمرداش، نشر: مكتبة نزار مصطفى الباز، الطبعة الأولى: 1425هـ - 2004م. 47) تاريخ الطبري، لمحمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب، أبي جعفر الطبري (ت:310هـ)، نشر: دار التراث - بيروت، الطبعة الثانية - 1387هـ. 48) التاريخ الكبير، لأبي بكر أحمد بن أبي خيثمة (ت:279هـ)، تحقيق: صلاح بن فتحي هلال، نشر: الفاروق الحديثة للطباعة والنشر - القاهرة، الطبعة الأولى، 1427هـ - 2006م. 49) التاريخ الكبير، لمحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري (ت:256هـ)، الطبعة دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن، طبع تحت مراقبة: محمد عبد المعيد خان. 50) تاريخ المدينة، لعمر بن شبة بن عبيدة بن ريطة النميري (ت:262هـ)،
تحقيق: فهيم محمد شلتوت، طبع على نفقة: السيد حبيب محمود أحمد - جدة، عام النشر: 1399هـ. 51) تاريخ بغداد، لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (ت:463هـ)، تحقيق: الدكتور بشار عواد معروف، نشر: دار الغرب الإسلامي - بيروت، الطبعة الأولى 1422هـ - 2002م. 52) تاريخ خليفة بن خياط، لأبي عمرو خليفة بن خياط بن خليفة (ت:240هـ)، تحقيق: د. أكرم ضياء العمري، نشر: دار القلم , مؤسسة الرسالة - دمشق - بيروت، الطبعة الثانية 1397هـ. 53) تاريخ دمشق، لعلي بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر (ت:571هـ)، تحقيق: عمرو بن غرامة العمروي، نشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1415هـ - 1995م. 54) تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، لعبد الرحمن بن حسن الجبرتي المؤرخ (ت:1237هـ)، نشر: دار الجيل بيروت. 55) التبصرة، لجمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت:597هـ)، نشر: دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1406هـ - 1986م. 56) التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة، لمحمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي (ت:902هـ)، نشر: الكتب العلميه، بيروت -لبنان، الطبعة الاولى، 1414هـ - 1993م. 57) تحفة المحتاج في شرح المنهاج، لأحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي، راجعه وصححه لجنة من العلماء، نشر: المكتبة التجارية الكبرى بمصر لصاحبها مصطفى محمد، الطبعة بدون طبعة، عام النشر: 1357هـ - 1983م.
58) تراجم سيدات بيت النبوة رضي الله عنهن، لعَائِشَة عبد الرحمن بنت الشاطئ، نشر دار الريان للتراث - القاهرة الطبعة الأولى: 1407هـ - 1987م. 59) ترتيب المدارك وتقريب المسالك، للقاضي عياض بن موسى اليحصبي (ت:544هـ)، تحقيق: محمد بن شريفة، نشر: مطبعة فضالة - المحمدية، المغرب، الطبعة الأولى. 60) تفسير الراغب الأصفهاني، لحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى (ت:502هـ)، تحقيق ودراسة: د. محمد عبد العزيز بسيوني، نشر: كلية الآداب - جامعة طنطا، الطبعة الأولى: 1420هـ - 1999م. 61) تفسير القرآن العظيم، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي (ت:774هـ)، تحقيق: سامي بن محمد سلامة، نشر: دار طيبة للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 1420هـ - 1999م. 62) تفسير أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها، لعبد الله أبي السعود بدر، نشر: دار عالم الكتب - الرياض، الطبعة الأولى: 1416هـ - 1996م. 63) تقريب التهذيب، لأبي الفضل أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني (ت:852هـ)، تحقيق: محمد عوامة، نشر: دار الرشيد - سوريا، الطبعة الأولى، 1406هـ - 1986م. 64) تمام المنة في التعليق على فقه السنة، لمحمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي الألباني (ت:1420هـ)، نشر: دار الراية، الطبعة: الخامسة. 65) التمهيد والبيان في مقتل الشهيد عثمان، لمحمد بن يحيى بن محمد بن يحيى الأندلسي (ت:741هـ)، تحقيق: د. محمود يوسف زايد، نشر: دار الثقافة - الدوحة - قطر، الطبعة الأولى 1405هـ.
66) تهذيب الأسماء واللغات، لأبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (ت:676هـ)، عنيت بنشره وتصحيحه والتعليق عليه ومقابلة أصوله: شركة العلماء بمساعدة إدارة الطباعة المنيرية، يطلب من: دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان. 67) تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ليوسف بن عبد الرحمن بن يوسف المزي (ت:742هـ)، تحقيق: د. بشار عواد معروف، نشر: مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الأولى، 1400هـ - 1980م. 68) تهذيب اللغة، لمحمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبي منصور (ت:370هـ)، تحقيق: محمد عوض مرعب، نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الأولى، 2001م. 69) الثقات، لمحمد بن حبان بن أحمد بن حبان البُستي (ت:354هـ)، طبع بإعانة: وزارة المعارف للحكومة العالية الهندية، تحت مراقبة: د. محمد عبد المعيد خان، نشر: دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند، الطبعة الأولى، 1393 هـ - 1973م. 70) الجامع (منشور ملحق بمصنف عبد الرزاق)، لمعمر بن أبي عمرو راشد، أبي عروة البصري، نزيل اليمن (ت:153هـ)، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، نشر: المجلس العلمي بباكستان، وتوزيع المكتب الإسلامي ببيروت، الطبعة الثانية، 1403هـ. 71) جامع التحصيل في أحكام المراسيل، لصلاح الدين أبي سعيد خليل بن كيكلدي بن عبد الله الدمشقي العلائي (ت:761هـ)، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، نشر: عالم الكتب - بيروت، الطبعة الثانية، 1407هـ - 1986م.
72) الجامع في الحديث، لأبي محمد عبد الله بن وهب بن مسلم المصري القرشي (ت:197هـ)، تحقيق: د مصطفى حسن حسين محمد أبي الخير، نشر: دار ابن الجوزي - الرياض، الطبعة الأولى 1416هـ - 1995م. 73) الجامع لأحكام القرآن، لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (ت:671هـ)، تحقيق: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، الناشر: دار الكتب المصرية القاهرة، الطبعة: الثانية، 1384هـ 1964م. 74) الجرح والتعديل، لأبي محمد عبد الرحمن بن محمد الرازي ابن أبي حاتم (ت:327هـ)، نشر: طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية - بحيدر آباد الدكن - الهند، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الأولى، 1271هـ - 1952م. 75) جمل من أنساب الأشراف، لأحمد بن يحيى بن جابر البَلاَذُري (ت:279هـ)، تحقيق: سهيل زكار ورياض الزركلي، نشر: دار الفكر - بيروت، الطبعة الأولى، 1417هـ - 1996م. 76) جمهرة اللغة، لأبي بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (ت:321هـ)، تحقيق: رمزي منير بعلبكي، نشر: دار العلم للملايين - بيروت، الطبعة الأولى، 1987م. 77) جوامع السيرة، لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (ت:456هـ)، تحقيق: إحسان عباس، نشر: دار المعارف - مصر، الطبعة 1، 1900م. 78) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، لمحمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي المالكي (ت:1230هـ)، نشر: دار الفكر، الطبعة بدون طبعة وبدون تاريخ.
79) حبيبة الحبيب أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها، لصالح بن محمد العطا، الطبعة الأولى: 1429هـ - 2008م. 80) الحصون المنيعة في براءة عَائِشَة الصديقة باتفاق أهل السنة والشيعة، للشيخ محمد عارف بن أحمد بن سعيد المنير الحسيني الدمشقي (1342هـ) تحقيق: يوسف أحمد، نشر دار الكتب العلمية - بيروت لبنان الطبعة الأولى: 1425هـ - 2004م. 81) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن مهران الأصبهاني (ت:430هـ)، نشر: السعادة - بجوار محافظة مصر، 1394هـ - 1974م. 82) الحنائيات (فوائد الحنائي)، لأبي القاسم الحسين بن محمد الحِنَّائِي (ت:459هـ)، تخريج: النخشبي، تحقيق: خالد رزق محمد، نشر: أضواء السلف، الطبعة الأولى، 1428هـ - 2007م. 83) حياة عَائِشَة أُمّ المؤمنين رضي الله عنها لمحمود شلبي نشر دار الجيل، الطبعة الأولى: 1418هـ - 1998م. 84) الدر المنثور في طبقات ربات الخدور، لزينب بنت علي بن حسين بن عبيد الله (ت:1332هـ)، نشر: المطبعة الكبرى الأميرية - مصر، الطبعة الأولى، 1312هـ. 85) درر الحكام شرح غرر الأحكام، المؤلف: محمد بن فرامرز بن علي الشهير بملا أو منلا أو المولى خسرو (ت:885هـ)، نشر: دار إحياء الكتب العربية، الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ. 86) الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، لأبي الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (ت:852هـ)، تحقيق: محمد عبد المعيد
ضان، نشر: مجلس دائرة المعارف العثمانية - صيدر اباد - الهند، الطبعة الثانية، 1392هـ - 1972م. 87) دلائل النبوة، لأحمد بن الحسين بن علي أبي بكر البيهقي (ت:458هـ)، تحقيق: د. عبد المعطي قلعجي، نشر: دار الكتب العلمية، دار الريان للتراث، الطبعة الأولى - 1408هـ - 1988م. 88) الدلائل في غريب الحديث، لقاسم بن ثابت بن حزم العوفي السرقسطي (ت:302هـ)، تحقيق: د. محمد بن عبد الله القناص، نشر: مكتبة العبيكان، الرياض، الطبعة الأولى، 1422هـ - 2001م. 89) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج، لعبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (ت:911هـ)، حقق أصله، وعلق عليه: أبي اسحق الحويني الأثري، نشر: دار ابن عفان للنشر والتوزيع - المملكة العربية السعودية - الخبر، الطبعة الأولى، 1416هـ - 1996م. 90) رد المحتار على الدر المختار، لابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز الحنفي (ت:1252هـ)، الناشر: دار الفكر-بيروت، الطبعة: الثانية، 1412هـ - 1992م. 91) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، لشهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي (ت:1270هـ)، تحقيق: علي عبد الباري عطية، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى، 1415هـ. 92) الرياض النضرة في مناقب العشرة، لأبي العباس، أحمد بن عبد الله بن محمد، محب الدين الطبري (ت:694هـ)، نشر: دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية. 93) زاد المعاد في هدي خير العباد، لمحمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس
الدين ابن قيم الجوزية (ت:751هـ)، نشر: مؤسسة الرسالة، بيروت - مكتبة المنار الإسلامية - الكويت، الطبعة السابعة والعشرون , 1415هـ - 1994م. 94) الزاهر في معاني كلمات الناس، محمد بن القاسم بن محمد بن بشار، أبي بكر الأنباري (ت:328هـ)، تحقيق: د. حاتم صالح الضامن، نشر: مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الأولى، 1412هـ - 1992م. 95) الزهد، لأبي داود سليمان بن الأشعث السَِّجِسْتاني (ت:275هـ)، تحقيق: أبي تميم ياسر بن ابراهيم بن محمد، وأبي بلال غنيم بن عباس بن غنيم، نشر: دار المشكاة للنشر والتوزيع، حلوان، الطبعة الأولى، 1414هـ - 1993م. 96) الزهد والرقائق، لأبي عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي، التركي ثم المرْوزي (ت:181هـ)، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت. 97) زواج السيدة عَائِشَة ومشروعية الزواج المبكر والرد على منكري ذلك، لخليل إبراهيم ملا خاطر الطبعة الأولى: 1405هـ. 98) سؤالات أبي عبيد الآجري أبا داود في الجرح والتعديل، لأبي داود سليمان بن الأشعث السِّجِسْتاني (ت:275هـ)، تحقيق: محمد علي قاسم العمري، نشر: عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى 1403هـ - 1983م. 99) سؤالات البرقاني للدارقطني، لأحمد بن محمد بن أحمد بن غالب، المعروف بالبرقاني (ت:425هـ)، تحقيق: عبد الرحيم محمد أحمد القشقري، نشر: كتب خانه جميلي - لاهور، باكستان، الطبعة الأولى، 1404هـ
100) سلسلة الأحاديث الصحيحة، لأبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي الألباني (ت:1420هـ)، نشر: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع - الرياض، الطبعة الأولى. 101) سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة، لأبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين، بن الحاج نوح بن نجاتي بن آدم، الأشقودري الألباني (ت:1420هـ)، نشر: دار المعارف، الرياض - الممكلة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1412هـ - 1992م. 102) سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي، لعبد الملك بن حسين بن عبد الملك العصامي المكي (ت:1111هـ)، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود - علي محمد معوض، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى، 1419هـ - 1998م. 103) السنة، لأبي بكر أحمد بن محمد بن هارون بن يزيد الخَلَّال البغدادي الحنبلي (ت:311هـ)، تحقيق: د. عطية الزهراني، نشر: دار الراية - الرياض، الطبعة الأولى، 1410هـ - 1989م. 104) السنة، لأبي بكر بن أبي عاصم وهو أحمد بن عمرو بن الضحاك الشيباني (ت:287هـ)، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، نشر: المكتب الإسلامي - بيروت، الطبعة الأولى 1400هـ. 105) سنن ابن ماجه، لابن ماجة أبي عبد الله محمد بن يزيد القزويني (ت:273هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، نشر: دار إحياء الكتب العربية - فيصل عيسى البابي الحلبي. 106) سنن أبي داود، لأبي داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي السَِّجِسْتاني (ت:275هـ)، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، نشر:
المكتبة العصرية، صيدا - بيروت. 107) سنن الترمذي، لمحمد بن عيسى بن سَوْرة، أبي عيسى الترمذي، (ت:279هـ)، تحقيق وتعليق: أحمد محمد شاكر، نشر: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي - مصر، الطبعة الثانية، 1395هـ - 1975م. 108) السنن الكبرى، لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي، النسائي (ت:303هـ)، تحقيق: حسن عبد المنعم شلبي، نشر: مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الأولى 1421هـ - 2001م. 109) السنن الكبرى، لأحمد بن الحسين بن علي أبي بكر البيهقي (ت:458هـ)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، نشر: دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الثالثة، 1424هـ - 2003م. 110) سنن النسائي، أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الشهير بـ (النسائي)، حكم على أحاديثه وآثاره وعلّق عليه: العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني، اعتنى به: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، الطبعة الثالثة، مكتبة المعارف، الرياض، 1429هـ - 2008م. 111) سنن سعيد بن منصور، لأبي عثمان سعيد بن منصور بن شعبة (ت:227هـ)، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، نشر: الدار السلفية - الهند، الطبعة الأولى 1403هـ - 1982م. 112) السيدة عَائِشَة أُمّ المؤمنين رضي الله عنها للعلامة سليمان الندوي تحقيق: محمد حافظ الندوي نشر دار القلم - دمشق، الطبعة الخامسة: 1424هـ - 2003م. 113) السيدة عَائِشَة أُمّ المؤمنين وعالمة الإسلام، لعبد الحميد محمود طهماز، نشر
دار القلم - دمشق، الطبعة الخامسة، 1415هـ - 1994م. 114) السيدة عَائِشَة وتوثيقها للسنة، لجيهان رفعت فوزى، نشر مكتبة الخانجى - القاهرة، الطبعة الأولى، 1421هـ - 2001م. 115) سير أعلام النبلاء، لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي، (ت:748هـ) تحقيق: مجموعة من المحققين، نشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، 1405هـ - 1985م. 116) سيرة ابن إسحاق، لمحمد بن إسحاق بن يسار المطلبي بالولاء، المدني (ت:151هـ)، تحقيق: سهيل زكار، نشر: دار الفكر - بيروت، الطبعة الأولى 1398هـ - 1978م. 117) السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث، للدكتور: علي محمد الصلابي، نشر: دار المعرفة، بيروت لبنان. 118) السيرة النبوية وأخبار الخلفاء، لمحمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ، أبي حاتم، البُستي (ت:354هـ)، صحّحه، وعلق عليه: الحافظ السيد عزيز بك وجماعة من العلماء، نشر: الكتب الثقافية - بيروت، الطبعة الثالثة، 1417هـ. 119) شبهات حول الصحابة والرد عليها (أُمّ المؤمنين عَائِشَة)، لشيخ الإسلام ابن تيمية (728هـ)، تحقيق: محمد مال الله نشر مكتبة ابن تيمية، الطبعة الأولى، 1410هـ - 1989م. 120) شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لعبد الحي بن أحمد بن محمد ابن العماد العَكري الحنبلي، أبي الفلاح (ت:1089هـ)، تحقيق: محمود الأرناؤوط، خرج أحاديثه: عبد القادر الأرناؤوط، نشر: دار ابن كثير، دمشق - بيروت، الطبعة الأولى، 1406هـ - 1986م.
121) شذى الياسمين في فضائل أمهات المؤمنين، إعداد مركز البحوث والدراسات، مبرة الآل والأصحاب الكويت، الطبعة الثانية: 1427هـ 2006م. 122) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، لأبي القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي اللالكائي (ت:418هـ)، تحقيق: أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي، نشر: دار طيبة - السعودية، الطبعة الثامنة، 1423هـ - 2003م. 123) شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، لمحمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني المالكي (ت:1122هـ)، نشر: دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1417هـ - 1996م. 124) شرح السنة، أبي محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (ت:516هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط - محمد زهير الشاويش، نشر: المكتب الإسلامي - دمشق، بيروت، الطبعة الثانية، 1403هـ - 1983م. 125) شرح مختصر خليل، لمحمد بن عبد الله الخرشي المالكي أبي عبد الله (ت:1101هـ)، نشر: دار الفكر للطباعة - بيروت، الطبعة بدون طبعة وبدون تاريخ. 126) شرح مشكل الآثار، لأبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي (ت:321هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، نشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1415هـ - 1994م. 127) الشريعة، لأبي بكر محمد بن الحسين الآجُرِّيُّ (ت:360هـ)، تحقيق: الدكتور عبد الله بن عمر بن سليمان الدميجي، نشر: دار الوطن - الرياض -
السعودية، الطبعة الثانية 1420هـ - 1999م. 128) شعب الإيمان، لأحمد بن الحسين بن علي أبي بكر البيهقي (ت:458هـ)، حققه وراجع نصوصه وخرج أحاديثه: د. عبد العلي عبد الحميد حامد، أشرف على تحقيقه وتخريج أحاديثه: مختار أحمد الندوي، نشر: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع بالرياض بالتعاون مع الدار السلفية ببومباي بالهند، الطبعة الأولى، 1423هـ - 2003م. 129) الشفا بتعريف حقوق المصطفى، لعياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي، أبي الفضل (ت:544هـ)، نشر: دار الفيحاء - عمان، الطبعة الثانية - 1407هـ. 130) الشهادة الزكية في ثناء الأئمة على ابن تيمية، لمرعي بن يوسف بن أبى بكر بن أحمد الكرمي المقدسي الحنبلي (ت:1033هـ)، تحقيق: نجم عبد الرحمن خلف، نشر: دار الفرقان , مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الأولى، 1404هـ. 131) الصارم المسلول على شاتم الرسول، لتقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (ت:728هـ)، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، نشر: الحرس الوطني السعودي، المملكة العربية السعودية. 132) الصاعقة في نسف أباطيل وافتراءات الشيعة على أُمّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها مع دفع الكذب المبين عن أمهات المؤمنين، لعبد القادر بن محمد عطا صوفي، نشر: دار أضواء السلف الطبعة الأولى: 1425هـ - 2004م. 133) الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية، لأبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي (ت:393هـ)، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، نشر: دار العلم
للملايين - بيروت، الطبعة الرابعة 1407هـ - 1987م. 134) صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، لمحمد بن حبان بن أحمد بن حبان البُستي (ت:354هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، نشر: مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الثانية 1414هـ - 1993م. 135) صحيح الأدب المفرد للإمام البخاري، لمحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، أبي عبد الله (ت:256هـ)، حقق أحاديثه وعلق عليه: محمد ناصر الدين الألباني، نشر: دار الصديق للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة، 1418هـ - 1997م. 136) صحيح مسلم؛ لمسلم بن الحجاج أبي الحسن القشيري (ت:261هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت. 137) الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة، لأحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي (ت:974هـ)، تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الله التركي - كامل محمد الخراط، نشر: مؤسسة الرسالة - لبنان، الطبعة الأولى، 1417هـ - 1997م. 138) الصيام، لأبي بكر جعفر بن محمد بن الحسن بن المُسْتَفاض الفِرْيابِي (ت: 301هـ)، تحقيق: عبد الوكيل الندوي، نشر: الدار السلفية - بومباي، الطبعة الأولى، 1412هـ. 139) الضعفاء الكبير، لأبي جعفر محمد بن عمرو العقيلي (ت:322هـ)، تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي، نشر: دار المكتبة العلمية - بيروت، الطبعة الأولى، 1404هـ - 1984م. 140) الضعفاء والمتروكون، لأبي الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار البغدادي الدارقطني (ت:385هـ)، تحقيق: د.
عبد الرحيم محمد القشقري، نشر: مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، العدد 63 - 64، رجب - ذو الحجة 1404هـ. 141) الضعفاء والمتروكون، لأحمد بن شعيب بن علي الخراساني، النسائي (ت:303هـ)، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، نشر: دار الوعي - حلب، الطبعة: الأولى، 1396هـ. 142) الضعفاء والمتروكون، لجمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي (ت:597هـ)، تحقيق: عبد الله القاضي، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى، 1406هـ. 143) ضعيف الأدب المفرد، للإمام البخاري (ت:256هـ)، حقق أحاديثه وعلق عليه: محمد ناصر الدين الألباني، نشر: دار الصديق للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة، 1419هـ - 1998م. 144) طبقات الحفاظ، لعبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (ت:911هـ)، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى، 1403هـ. 145) طبقات الحنابلة، لأبي الحسين ابن أبي يعلى، محمد بن محمد (ت:526هـ)، تحقيق: محمد حامد الفقي، نشر: دار المعرفة - بيروت. 146) طبقات الشافعية الكبرى، لتاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي (ت:771هـ)، تحقيق: د. محمود محمد الطناحي د. عبد الفتاح محمد الحلو، نشر: هجر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، 1413هـ. 147) طبقات الشافعية، لأبي بكر بن أحمد بن محمد ابن قاضي شهبة (ت:851هـ)، تحقيق: د. الحافظ عبد العليم خان، دار النشر: عالم الكتب - بيروت، الطبعة الأولى، 1407هـ.
148) طبقات الشافعيين، لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي (ت:774هـ)، تحقيق: د أحمد عمر هاشم، ود محمد زينهم محمد عزب، نشر: مكتبة الثقافة الدينية، 1413هـ - 1993م. 149) طبقات الفقهاء، لأبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي (ت:476هـ)، هذبهُ: محمد بن مكرم ابن منظور (ت:711هـ)، تحقيق: إحسان عباس، نشر: دار الرائد العربي، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1970م. 150) الطبقات الكبرى، لمحمد بن سعد بن منيع المعروف بابن سعد (ت:230هـ)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، نشر: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1410هـ - 1990م. 151) طبقات المفسرين، لأحمد بن محمد الأدنه وي، تحقيق: سليمان بن صالح الخزي، نشر: مكتبة العلوم والحكم - السعودية، الطبعة الأولى، 1417هـ - 1997م. 152) طبقات النسابين، لبكر بن عبد الله أبي زيد (ت:1429هـ)، نشر: دار الرشد، الرياض، الطبعة الأولى، 1407هـ - 1987م. 153) عَائِشَة رضي الله عنها معلمة الرجال والأجيال؛ لمحمد علي قطب نشر مكتبة القرآن. 154) العبر في خبر من غبر، لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت:748هـ)، تحقيق: أبي هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت. 155) العلل الواردة في الأحاديث النبوية، لأبي الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني (ت:385هـ)، تحقيق وتخريج: محفوظ الرحمن زين الله السلفي، نشر: دار طيبة - الرياض، الطبعة الأولى 1405هـ - 1985م.
156) عمدة القاري شرح صحيح البخاري، لمحمود بن أحمد بن موسى بدر الدين، العيني (ت:855هـ)، نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت. 157) عين الإصابة في استدراك عائشة على الصحابة، لجلال الدين السيوطي، تحقيق: عبد الله محمد الدرويش، نشر: مكتبة العلم - القاهرة، بدون طبعة، 1409هـ - 1988م. 158) غريب الحديث، المؤلف: أبي عُبيد القاسم بن سلاّم بن عبد الله الهروي (ت:224هـ)، تحقيق: د. محمد عبد المعيد خان، نشر: مطبعة دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد - الدكن، الطبعة الأولى، 1384هـ - 1964م. 159) غريب الحديث، لإبراهيم بن إسحاق الحربي أبي إسحاق (ت:285)، تحقيق: د. سليمان إبراهيم محمد العايد، نشر: جامعة أم القرى - مكة المكرمة، الطبعة الأولى، 1405هـ. 160) غريب الحديث، لحمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي الخطابي (ت: 388هـ)، تحقيق: عبد الكريم إبراهيم الغرباوي, نشر: دار الفكر، الطبعة 1402هـ - 1982م. 161) غريب الحديث، لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت:276هـ)، تحقيق: د. عبد الله الجبوري، نشر: مطبعة العاني - بغداد، الطبعة الأولى، 1397هـ. 162) غريب الحديث، لجمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت:597هـ)، تحقيق: الدكتور عبد المعطي أمين القلعجي، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1405هـ - 1985م.
163) الفائق في غريب الحديث والأثر، لأبي القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري (ت:538هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي - محمد أبي الفضل إبراهيم، نشر: دار المعرفة - لبنان، الطبعة الثانية. 164) فتاوى السبكي، لأبي الحسن تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي (ت:756هـ)، نشر: دار المعارف. 165) الفتح الأنعم في براءة عَائِشَة ومريم، للشيخ علي أحمد العال الطهطاوي نشر دار الكتب العلمية - بيروت لبنان الطبعة الأولى: 1426هـ - 2005م 166) فتح الباري شرح صحيح البخاري، لأحمد بن علي بن حجر أبي الفضل العسقلاني الشافعي، نشر: دار المعرفة - بيروت، 1379م، رقمه: محمد فؤاد عبد الباقي، أشرف على طبعه: محب الدين الخطيب، علق عليه: عبد العزيز بن عبد الله بن باز. 167) الفتنة ووقعة الجمل، لسيف بن عمر الأسيدي التَّمِيمي (ت:200هـ)، تحقيق: أحمد راتب عرموش، نشر: دار النفائس، الطبعة السابعة 1413هـ - 1993م. 168) الفرق بين الفرق وبيان الفرقة الناجية، لعبد القاهر بن طاهر بن محمد بن عبد الله البغدادي (ت:429هـ)، نشر: دار الآفاق الجديدة - بيروت، الطبعة الثانية، 1977م. 169) فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، لمحمد بن علي بن الفتح بن محمد بن علي أبي طالب، ابن العشاري الحنبلي (ت:451هـ)، تحقيق: عمرو عبد المنعم، نشر: دار الصحابة للتراث بطنطا، الطبعة الأولى 1413هـ - 1993م.
170) فضائل الصحابة، لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (ت:241هـ)، تحقيق: د. وصي الله محمد عباس، نشر: مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الأولى، 1403هـ - 1983م. 171) فضائل عثمان بن عفان رضي الله عنه، لأبي عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (ت:290هـ)، دراسة وتحقيق: أبي مصعب طلعت بن فؤاد الحلواني، نشر: دار ماجد عسيري، السعودية، الطبعة الأولى، 1421هـ - 2000م. 172) فهرس الفهارس والأثبات، لمحمد عَبْد الحَيّ بن عبد الكبير ابن محمد الحسني الإدريسي، عبد الحي الكتاني (ت:1382هـ)، تحقيق: إحسان عباس، نشر: دار الغرب الإسلامي - بيروت. 173) فهرسة ابن خير الإشبيلي، لأبي بكر محمد بن خير بن عمر بن خليفة اللمتوني الأموي الإشبيلي (ت:575هـ)، تحقيق: محمد فؤاد منصور، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1419هـ-1998م. 174) فوات الوفيات، لمحمد بن شاكر بن أحمد بن عبد الرحمن بن شاكر بن هارون بن شاكر (ت:764هـ)، تحقيق: إحسان عباس، نشر: دار صادر - بيروت، الطبعة الأولى. 175) القاموس المحيط، لمجد الدين أبي طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادى (ت:817هـ)، تحقيق: مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، بإشراف: محمد نعيم العرقسُوسي، نشر: مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، الطبعة الثامنة، 1426هـ - 2005م. 176) القصيدة النُّونية، لأبي محمد عبد الله بن محمد الأندلسي القحطاني، تحقيق: عبد العزيز بن محمد الجربوع، نشر دار الذكرى، مطبعة دار طيبة - الرياض،
الطبعة الأولى، 1426هـ. 177) الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت:748هـ)، تحقيق: محمد عوامة أحمد، نشر: دار القبلة للثقافة الإسلامية مؤسسة علوم القرآن، جدة. 178) الكامل في التاريخ، لأبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (ت:630هـ)، تحقيق: عمر عبد السلام تدمري، نشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1417هـ - 1997م. 179) الكامل في ضعفاء الرجال، لأبي أحمد بن عدي الجرجاني (ت:365هـ)، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود - علي محمد معوض، شارك في تحقيقه: عبد الفتاح أبي سنة، نشر: الكتب العلمية - بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1418هـ1997م. 180) كتاب أصول الدين، لجمال الدين أحمد بن محمد بن سعيد الغزنوي الحنفي (ت:593هـ)، تحقيق: الدكتور عمر وفيق الداعوق، نشر: دار البشائر الإسلامية - بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1419هـ - 1998م. 181) كتاب التعريفات، لعلي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني (ت:816هـ)، ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراف نشر، نشر: دار الكتب العلمية بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1403هـ - 1983م. 182) كتاب العين، لأبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري (ت:170هـ)، تحقيق: د مهدي المخزومي، د إبراهيم السامرائي، نشر: دار ومكتبة الهلال. 183) كتاب الفتن، لأبي عبد الله نعيم بن حماد بن معاوية الخزاعي المروزي
(ت:228هـ)، تحقيق: سمير أمين الزهيري، نشر: مكتبة التوحيد - القاهرة، الطبعة الأولى، 1412هـ. 184) كتاب القدر، لأبي بكر جعفر بن محمد بن الحسن الفِرْيابِي (ت:301هـ)، تحقيق: عبد الله بن حمد المنصور، نشر: أضواء السلف - السعودية، الطبعة الأولى، 1418هـ - 1997م. 185) كشف المشكل من حديث الصحيحين، لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت:597هـ)، تحقيق: علي حسين البواب، نشر: دار الوطن - الرياض. 186) المصنف في الأحاديث والآثار، لأبي بكر بن أبي شيبة، عبد الله بن محمد (ت:235هـ)، تحقيق: كمال يوسف الحوت، نشر: مكتبة الرشد - الرياض، الطبعة الأولى 1409هـ. 187) الكنى والأسماء، لأبي بِشْر محمد بن أحمد الدولابي (ت:310هـ)، تحقيق: أبي قتيبة نظر محمد الفاريابي، نشر: دار ابن حزم - بيروت- لبنان، الطبعة الأولى، 1421هـ - 2000م. 188) لسان العرب، لمحمد بن مكرم بن على، أبي الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الإفريقي (ت:711هـ)، نشر: دار صادر - بيروت، الطبعة الثالثة - 1414هـ. 189) لسان الميزان، لأبي الفضل أحمد بن علي بن محمد بن حجر العسقلاني (ت:852هـ)، تحقيق: دائرة المعرف النظامية - الهند، نشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات بيروت - لبنان، الطبعة الثانية، 1390هـ - 1971م. 190) لمعة الاعتقاد، لأبي محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة
المقدسي (ت:620هـ)، نشر: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد - المملكة العربية السعودية، الطبعة الثانية، 1420هـ - 2000م. 191) لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية، لشمس الدين، أبي العون محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي (ت:1188هـ)، نشر: مؤسسة الخافقين ومكتبتها - دمشق، الطبعة الثانية - 1402هـ - 1982 م. 192) المتمنين، لأبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد ابن أبي الدنيا (ت:281هـ)، تحقيق: محمد خير رمضان يوسف، نشر: دار ابن حزم - بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1418هـ - 1997م. 193) المجالسة وجواهر العلم، لأبي بكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي (المتوفى: 333هـ)، تحقيق: أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، نشر: جمعية التربية الإسلامية (البحرين - أم الحصم)، دار ابن حزم (بيروت - لبنان)، تاريخ النشر 1419هـ. 194) المجتبى من السنن (السنن الصغرى للنسائي)، لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي الخراساني، النسائي (ت:303هـ)، تحقيق: عبد الفتاح أبي غدة، نشر: مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب، الطبعة الثانية، 1406هـ - 1986م. 195) المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين، لمحمد بن حبان بن أحمد بن حبان البُستي (ت:354هـ)، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، نشر: دار الوعي - حلب، الطبعة الأولى 1396هـ. 196) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، لنور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (ت:807هـ)، تحقيق: حسام الدين القدسي، نشر: مكتبة القدسي -
القاهرة، عام النشر: 1414هـ، 1994م. 197) المحلى بالآثار، لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي القرطبي الظاهري (ت:456هـ)، نشر: دار الفكر - بيروت، الطبعة بدون طبعة وبدون تاريخ. 198) مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان، لأبي محمد عفيف الدين عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان اليافعي (ت: 768هـ)، وضع حواشيه: خليل المنصور، نشر: دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1417هـ - 1997م. 199) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، لعلي بن (سلطان) محمد، أبي الحسن نور الدين الملا القاري (ت:1014هـ)، نشر: دار الفكر، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى 1422هـ - 2002م. 200) مرويات أُمّ المؤمنين عَائِشَة في التفسير، لسعود بن عبد الله الفنيسان، نشر مكتبة التوبة - الرياض، الطبعة، 1413هـ - 1992م. 201) المستدرك على الصحيحين، لأبي عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه (ت:405هـ)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت، الطبعة الأولى، 1411 - 1990م. 202) مسند أبي داود الطيالسي، لأبي داود سليمان بن داود الطيالسي (ت:204هـ)، تحقيق: الدكتور محمد بن عبد المحسن التركي، نشر: دار هجر - مصر، الطبعة الأولى، 1419هـ - 1999م. 203) مسند أبي يعلى، لأبي يعلى أحمد بن علي بن المثُنى الموصلي (ت:307هـ)، تحقيق: حسين سليم أسد، نشر: دار المأمون للتراث - دمشق، الطبعة الأولى، 1404هـ - 1984م.
204) مسند إسحاق بن راهويه، لأبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم الحنظلي ابن راهويه (ت:238هـ)، تحقيق: د. عبد الغفور بن عبد الحق البلوشي، نشر: مكتبة الإيمان - المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1412 - 1991م. 205) مسند الإمام أبي حنيفة رواية أبي نعيم، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت:430هـ)، تحقيق: نظر محمد الفاريابي، نشر: مكتبة الكوثر - الرياض، الطبعة الأولى 1415هـ. 206) مسند الإمام أحمد بن حنبل، لأبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني (ت:241هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون، إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي، نشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، 1421هـ - 2001م. 207) مسند البزار (البحر الزخار)، لأبي بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار (ت:292هـ)، تحقيق: محفوظ الرحمن زين الله، نشر: مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1988م. 208) مسند الحميدي، أبي بكر عبد الله بن الزبير بن عيسى الحميدي (ت:219هـ)، تحقيق وتخريج: حسن سليم أسد الدَّارَانيّ، نشر: دار السقا، دمشق - سوريا، الطبعة الأولى 1996م. 209) سنن الدارمي، لعبد الله بن عبد الرحمن بن الفضل بن بَهرام بن عبد الصمد الدارمي، التميمي السمرقندي (ت:255هـ)، تحقيق: حسين سليم أسد الداراني، نشر: دار المغني للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى، 1412هـ - 2000م. 210) مسند الشاميين، لسليمان بن أحمد بن أيوب، أبي القاسم الطبراني
(ت:360هـ)، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، نشر: مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الأولى، 1405هـ - 1984م. 211) مسند الموطأ، لعبد الرحمن بن عبد الله بن محمد الجَوْهَرِيُّ (ت:381هـ)، تحقيق: لطفي بن محمد الصغير، طه بن علي بُوسريح، نشر: دار الغرب الإسلامي - بيروت، الطبعة الأولى، 1997م. 212) مشارق الأنوار على صحاح الآثار، لعياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي، أبي الفضل (ت:544هـ)، دار النشر: المكتبة العتيقة ودار التراث. 213) مشاهير علماء الأمصار وأعلام فقهاء الأقطار، لمحمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، أبي حاتم، البُستي (ت:354هـ)، حققه ووثقه وعلق عليه: مرزوق على ابراهيم، نشر: دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع - المنصورة، الطبعة الأولى 1411هـ - 1991م. 214) مشكاة المصابيح، لمحمد بن عبد الله الخطيب العمري، التبريزي (ت:741هـ)، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، نشر: المكتب الإسلامي - بيروت، الطبعة الثالثة، 1985م. 215) المصنف في الأحاديث والآثار، لأبي بكر بن أبي شيبة، عبد الله بن محمد بن إبراهيم (ت:235هـ)، تحقيق: كمال يوسف الحوت، نشر: مكتبة الرشد - الرياض، الطبعة الأولى، 1409هـ. 216) المصنف، لأبي بكر عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري اليماني الصنعاني (ت:211هـ)، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، نشر: المكتب الإسلامي - بيروت، الطبعة الثانية، 1403هـ. 217) المعارف، لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (ت:276هـ)،
تحقيق: ثروت عكاشة، نشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، الطبعة الثانية، 1992م. 218) معاني القرآن وإعرابه، المؤلف: إبراهيم بن السري بن سهل، أبي إسحاق الزجاج (ت:311هـ)، نشر: عالم الكتب - بيروت، الطبعة الأولى 1408هـ - 1988م. 219) معجم الأدباء، لشهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي (ت:626هـ)، تحقيق: إحسان عباس، نشر: دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، 1414هـ - 1993م. 220) المعجم الأوسط، لسليمان بن أحمد بن أيوب، أبي القاسم الطبراني (ت:360هـ)، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد , عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، نشر: دار الحرمين - القاهرة. 221) معجم الشيوخ، لمحمد بن أحمد بن جُمَيْع الصيداوي (ت:402هـ)، تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمري، نشر: مؤسسة الرسالة , دار الإيمان - بيروت, طرابلس، الطبعة الأولى 1405هـ. 222) معجم الصحابة، لأبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي (المتوفى: 317هـ)، تحقيق: محمد الأمين بن محمد الجكني، نشر: مكتبة دار البيان - الكويت، الطبعة الأولى، 1421هـ - 2000م. 223) المعجم الكبير، لسليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير، أبي القاسم الطبراني (ت:360هـ)، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، دار النشر: مكتبة ابن تيمية - القاهرة، الطبعة الثانية. 224) معجم المؤلفين، لعمر بن رضا بن محمد راغب بن عبد الغني كحالة الدمشق (ت:1408هـ)، نشر: مكتبة المثنى - بيروت، دار إحياء التراث
العربي بيروت. 225) المعجم الوسيط، لمجمع اللغة العربية بالقاهرة، مجموعة من المؤلفين، نشر: دار الدعوة. 226) معجم لغة الفقهاء، لمحمد رواس قلعجي - حامد صادق قنيبي، نشر: دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية، 1408هـ - 1988م. 227) معجم مقاييس اللغة، لأحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبي الحسين (ت:395هـ)، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، نشر: دار الفكر، عام النشر: 1399هـ - 1979م. 228) معرفة السنن والآثار، لأحمد بن الحسين بن علي، أبي بكر البيهقي (ت:458هـ)، تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي، نشرون: جامعة الدراسات الإسلامية (كراتشي - باكستان)، دار قتيبة (دمشق - بيروت)، دار الوعي (حلب - دمشق)، الطبعة الأولى، 1412هـ - 1991م. 229) معرفة الصحابة، لأبي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الأصبهاني (ت:430هـ)، حقيق: عادل بن يوسف العزازي، نشر: دار الوطن للنشر - الرياض، الطبعة الأولى 1419هـ - 1998م. 230) المعين في طبقات المحدثين، لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت:748هـ)، تحقيق: د. همام عبد الرحيم سعيد، نشر: دار الفرقان - عمان - الأردن، الطبعة الأولى، 1404هـ 231) مغاني الأخيار في شرح أسامي رجال معاني الآثار، لأبي محمد محمود بن أحمد بن موسى بن الحنفي بدر الدين العيني (ت: 855هـ)، تحقيق: محمد حسن محمد حسن إسماعيل، نشر: دار الكتب العلمية، بيروت لبنان،
الطبعة الأولى، 1427هـ - 2006م. 232) المغرب في ترتيب المعرب، لناصر بن عبد السيد أبى المكارم، برهان الدين الخوارزمي المُطَرِّزِىّ (ت:610هـ)، نشر: دار الكتاب العربي، الطبعة بدون طبعة وبدون تاريخ. 233) المغني عن حمل الأسفار في الأسفار، في تخريج ما في الإحياء من الأخبار (مطبوع بهامش إحياء علوم الدين)، لزين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي (ت:806هـ)، نشر: دار ابن حزم، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1426هـ - 2005م. 234) مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، لمحمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (ت:751هـ)، نشر: دار الكتب العلمية - بيروت. 235) مقاتل الطالبيين، لعلي بن الحسين بن محمد بن أحمد أبي الفرج الأصبهاني (ت:356هـ)، تحقيق: السيد أحمد صقر، نشر: دار المعرفة، بيروت. 236) المنار المنيف في الصحيح والضعيف، لمحمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (ت:751هـ)، تحقيق: عبد الفتاح أبي غدة، نشر: مكتبة المطبوعات الإسلامية، حلب، الطبعة الأولى، 1390هـ-1970م. 237) المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، لجمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (ت:597هـ)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، مصطفى عبد القادر عطا، نشر: دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1412هـ - 1992م. 238) منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية، لتقي الدين أبي العباس
أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني (ت:728هـ)، تحقيق: محمد رشاد سالم، نشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة الأولى، 1406هـ - 1986م. 239) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، لأبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (ت:676هـ)، نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الثانية، 1392هـ. 240) المواهب اللدنية بالمنح المحمدية، لأحمد بن محمد بن أبى بكر بن عبد الملك القسطلاني القتيبي المصري، أبي العباس، شهاب الدين (ت:923هـ)، نشر: المكتبة التوفيقية، القاهرة - مصر. 241) الموسوعة الفقهية الكويتية، صادر عن: وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية - الكويت، مطابع دار الصفوة - مصر: الطبعة الأولى، (من 1404 - 1427هـ). 242) موسوعة أُمّ المؤمنين عَائِشَة بنت أبي بكر، لعبد المنعم الحفني، نشر: مكتبة مدبولي، الطبعة الأولى: 1423هـ - 2003م. 243) موسوعة فقة عَائِشَة أُمّ المؤمنين حياتها وفقهها، لسعيد فايز الدخيل تقديم: محمد رواس قلعة جي نشر دار النفائس، الطبعة الأولى: 1409هـ - 1989م. 244) ميزان الاعتدال في نقد الرجال، لشمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن قَايْماز الذهبي (ت:748هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي، نشر: دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1382هـ - 1963م. 245) النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، ليوسف بن تغري بردي بن عبد الله
ثانيا: المصادر والمراجع الشيعية:
الحنفي، أبي المحاسن (ت:874هـ)، نشر: وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دار الكتب، مصر. 246) نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، لشهاب الدين أحمد بن محمد التلمساني (ت:1041هـ)، تحقيق: إحسان عباس، نشر: دار صادر - بيروت - لبنان ص. ب 10، الطبعة، 1 - 1997م. 247) النهاية في غريب الحديث والأثر، للمبارك بن محمد بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم الشيباني الجزري ابن الأثير (ت:606هـ)، تحقيق: طاهر أحمد الزاوى - محمود محمد الطناحي، نشر: المكتبة العلمية - بيروت، 1399هـ - 1979م. 248) الوافي بالوفيات، لصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (ت:764هـ)، تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، نشر: دار إحياء التراث - بيروت، عام النشر: 1420هـ - 2000م. 249) وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، لأبي العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر ابن خلكان الإربلي (ت:681هـ)، تحقيق: إحسان عباس، نشر: دار صادر - بيروت. ثانياً: المصادر والمراجع الشِّيعِيَّة: 1) الاحتجاج للطبرسي، تعليق وملاحظات: السيد محمد باقر الخرسان، دار النعمان للطباعة والنشر النجف، 1386هـ 1966م. 2) إحقاق الحق، لنور الله التستري، المطبعة المرتضوية في النجف العراق، 1273هـ، طبعة حجرية منسوخة بخط أبي القاسم الخوانساري. 3) إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، قم، الطبعة الأولى، ربيع الأول 1417هـ.
4) إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب، لعلي اليزدي، مؤسسة مطبوعاتي حق بين، قم - إيران، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت لبنان، الطبعة الرابعة، 1397هـ - 1977م. 5) الأنوار البهية، لعباس القمي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، ِقُمْ، الطبعة الأولى، 1417هـ. 6) الإيضاح للفضل بن شاذان الأزدي، مؤسسة انتشارات الطبعة الأولى 1351هـ. 7) بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، محمد باقر المجلسيى، مؤسسة الوفاء، بيروت لبنان، الطبعة الثانية، 1403هـ 1983م. 8) البرهان في تفسير القرآن، للسيد هاشم الحسيني البحراني، تحقيق قسم الدراسات الإسلامية مؤسسة البعثة، قم. 9) تفسير نور الثقلين للحويزي، تصحيح وتعليق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي، مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع قم، الطبعة الرابعة، 1412هـ 1370م. 10) تلخيص الشافي، لمحمد بن الحسن الطوسي، ط حجرية مكتوبة بخط اليد، نسخها: مير أبو القاسم بن مير محمد صادق الخوانساري، فرغ من نسخها في شهر رجب سنة 1301هـ، طهران إيران. 11) تنقيح المقال في علم الرجال لعبد الله المامقاني، طبعة حجرية منسوخة بخط اليد. 12) جامع أحاديث الشيعة للبروجردي، المطبعة العلمية قم. 13) الجمل أو النصرة في حرب البصرة للمفيد، منشورات مكتبة الداوري، قم -
إيران، الطبعة الثالثة. 14) جواهر التاريخ لعلي الكوراني العاملي، الطبعة الأولى، 1426هـ. 15) الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة، ليوسف البحراني (ت:1186هـ)، نشر: مؤسسة النشر الإسلامي (التابعة) لجماعة المدرسين بقم (إيران). 16) حديث الإفك لجعفر مرتضى الحسيني العاملي، طبع مؤسسة البيادر للطباعة، مزرعة الضهر، الشوف لبنان، الناشر: دار التعارف للمطبوعات، بيروت لبنان، 1400هـ 1980م. 17) حديث الإفك، لجعفر مرتضى الحسيني العاملي، طبع مؤسسة البيادر للطباعة، مزرعة الضهر، الشوف لبنان، الناشر: دار التعارف للمطبوعات، بيروت لبنان، 1400هـ 1980م. 18) خلاصة المواجهة لأحمد حسين يعقوب، بخط المؤلف: لا توجد معلومات هوية الكتاب. 19) الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة لصدر الدين علي خان الشيرازي الحسيني، قدم له: محمد صادق بحر العلوم، منشورات مكتبة بصيرتي، قم، 1397هـ. 20) دفاع من وحي الشريعة ضمن دائرة السنة والشيعة لحسين الرجا، مؤسسة الإمامة للتحقيق والنشر، بيروت لبنان، مؤسسة السيدة زينب بيروت لبنان الطبعة الأولى،1421هـ 2000م. 21) رسالة فيما أشكل من خبر مارية القبطية، للمفيد، منشورات مكتبة دار الكتب التجارية، النجف العراق. 22) السبعة من السلف لمرتضى الحسيني الفيروز آبادي، الناشر: مكتبة الفيروز آبادي، قم - إيران.
23) السقيفة، لسليم بن قيس الكوفي الهلالي العامري، منشورات دار الفنون للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت لبنان، 1400هـ 1980م. 24) سيرة الأئمة الاثني عشر لهاشم معروف الحسيني، دار القلم، بيروت لبنان، الطبعة الثالثة،1981م. 25) شرح أصول الكافي، لمحمد صالح أحمد المازندراني، مع تعليقات: الميرزا أبو الحسن الشعراني، ضبط وتصحيح: السيد علي عاشور، دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع بيروت لبنان، الطبعة الأولى،1421هـ 2000م. 26) شرح نهج البلاغة، لعبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد، أبو حامد، عز الدين، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، نشر: دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي وشركاه. 27) الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم، لأبي محمد علي بن يونس العاملي النباطي البياضي، صححه وعلق عليه: محمد الباقر البهبوتي، مطبعة الحيدري، نشر المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية، الطبعة الأولى، 1384هـ. 28) الصوارم المهرقة في نقض الصواعق المحرقة للتستري، عني بتصحيحه: جلال الدين الحسيني، طبع كتاب جان خانة. شركة سهامي، إيران، الطبعة الأولى، 1367هـ. 29) الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف لابن طاوس، مطبعة الخيام، قم إيران، 1400هـ. 30) عقائد الإمامية الاثني عشرية لإبراهيم الموسوي الزنجاني، مؤسسة الوفاء، بيروت لبنان، 1402هـ 1982م. 31) الغدير للأميني، عني بنشره الحاج حسن إيراني، صاحب دار الكتاب العربي،
نشر دار الكتاب العربي، بيروت لبنان، الطبعة الرابعة، 1397هـ 1977م. 32) فاسألوا أهل الذكر للدكتور محمد التيجاني، مؤسسة الفجر، لندن. 33) الفصول المهمة في تأليف الأمة لعبد الحسين شرف الدين الموسوي، دار الزهراء، بيروت لبنان، الطبعة السابعة، 1397هـ 1977م. 34) في ظلال التشيع لهاشم معروف الحسيني، مؤسسة الوفاء، بيروت لبنان، الطبعة الأولى، 1403هـ 1983م. 35) الكافي: (الأصول، والفروع، والروضة) للكليني، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، دار الكتب الإسلامية طهران، الطبعة الخامسة. 36) كشف الجاني محمد التيجاني لعثمان بن محمد آل خميس الناصري أبو محمد التميمي، الكتاب مرقم آلياً غير موافق للمطبوع. 37) كشف الغمة في معرفة الأئمة لأبي الحسن علي بن عيسى ابن أبي الفتح الأربلي، علق عليه: هاشم الرسولي المحلاتي، طبع: المطبعة العلمية، قم إيران، الناشر: مكتبة بني هاشم، تبريز إيران، 1381هـ. 38) الكشكول فيما جرى على آل الرسول لحيدر بن علي العبيدي الحسيني الآملي، مطبعة أمير، قم إيران، منشورات الرضى، قم، إيران، الطبعة الثانية، 1372هـ. 39) مدينة المعاجز لهاشم البحراني، مؤسسة المعارف الإسلامية قم إيران، الطبعة الأولى،1413هـ. 40) مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول لمحمد باقر المجلسي، تصحيح وتعليق: هاشم الرسولي المحلاتي، وجعفر الحسيني وآخرين، نشر: دار الكتب الإسلامية. طهران.
41) المراجعات للموسوي، بتحقيق حسين علي راضي، طبعة مطبعة حسام، طبعة جديدة. 42) مستدرك وسائل الشيعة للنوري الطبرسي، طبعة حجرية بخط اليد، إيران، تصوير مكتبة دار الخلافة، طهران إيران، 1318هـ. 43) مستدركات علم رجال الحديث لعلي النمازي الشاهرودي، حيدري طهران، الطبعة الأولى. 44) مستمسك العروة الوثقى لمحسن الحكيم، منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي، قم إيران، طبعة أفست عن الطبعة الرابعة مطبعة الآداب النجف 1391هـ. 45) مستند الشيعة للنراقي، تحقيق: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، قم، الطبعة الأولى، ربيع الأول 1415هـ. 46) معالم المدرستين للسيد مرتضى العسكري، مؤسسة النعمان للطباعة والنشر والتوزيع بيروت لبنان، 1410هـ 1990م. 47) معجم رجال الحديث، وتفصيل طبقات الرواة، لأبي القاسم الموسوي الخوئي، الطبعة الخامسة، طبعة منقحة ومزيدة، السنة 1413هـ - 1992م. 48) منار الهدى في النصّ على إمامة الأئمة الاثني عشر لعلي البحراني، حققه وعلق عليه: عبد الزهراء الخطيب، دار المنتظر، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1405هـ 1985م. 49) مناقب آل أبي طالب لمحمد بن علي بن شهر آشوب، المطبعة العلمية، قم إيران، مؤسسة انتشارات علامة. 50) مواقف الشيعة للأحمدي الميانجي، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم، الطبعة الأولى، رجب، 1416هـ.
51) نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت لعلي بن عبدالعالي العاملي الكركي، مخطوط يوجد في مكتبة رضا، برامبور - الهند، تحمل الرقم 1998. 52) الوافي، للفيض الكاشاني محمد محسن بن الشاه مرتضى، تحقيق: ضياء الدين الحسيني الأصفهاني، نشر: مكتبة الإمام أمير المؤمنين علي، أصفهان - إيران، الطبعة الأولى، 1406هـ. 53) وسائل الشيعة، للحر العاملي، تصحيح: عبد الرحمن الرباقي الشيرازي، دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان.
فهرس الموضوعات
فهرس الموضوعات الموضوع ... الصفحة الْمُقَدِّمَةُ ... 5 خطة البحث ... 7 منهج البحث ... 11 كلمة شكر ... 13 الفصل الأول: حياة أُمِّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها ... 15 المبحث الأول: اسمها ونسبها ... 17 المبحث الثاني: مولدها ونشأتها ... 21 المبحث الثالث: زواجها من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ... 25 المبحث الرابع: منزلتها عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ... 31 المبحث الخامس: منزلتها عند المؤمنين ... 37 المبحث السادس: وفاتها رضي الله عنها ... 45 الفصل الثاني: فضائل ومناقب أُمِّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها ... 49 المبحث الأول: صفاتها الخِلْقِيَّة والخُلُقِيَّة ... 51 المطلب الأول: صفاتها الخِلْقِيَّة ... 53
المطلب الثاني: صفاتها الخُلُقِيَّة ... 56 المبحث الثاني: مكانتها العِلمِيَّة ... 63 المطلب الأول: أقوال العلماء في مكانتها العِلمِيَّة ... 65 المطلب الثاني: علمها بالقرآن وعلومه ... 68 المطلب الثالث: علمها بالسُّنَّة النَّبوِيَّة ... 71 المطلب الرابع: علمها بالفِقه والفتْوى ... 74 المطلب الخامس: علمها باللُّغة والشِّعر ... 77 المطلب السادس: علمها بالطِّب والتَّدَاوِي ... 80 المبحث الثالث: الفضائل العامة التي شاركتْ فيها أمهات المؤمنين ... 83 المبحث الرابع: الفضائل التي انفردتْ بِها رضي الله عنها ... 87 الفصل الثالث: العلاقة الحسنة بين أُمِّ المؤمنين عَائِشَة وآل البيت ... 97 المبحث الأول: العلاقة الحسنة بين عَائِشَة وعليّ رضي الله عنهما ... 99 المبحث الثاني: العلاقة الحَسَنَة بين عَائِشَة وفاطمة رضي الله عنهما ... 103 المبحث الثالث: العلاقة الحسنة بين عَائِشَة وذُرِّيَّة عليِّ وبقية آل البيت ... 107 الفصل الرابع: أباطيل وشبهات حول أُمِّ المؤمنين عَائِشَة والرد عليها ... 109 المبحث الأول: الافتراءات والأباطيل المكذوبة على عَائِشَة رضي الله عنها ... 111
المطلب الأول: أقوال أهل العلم في كَذِب الرَّافِضَة ... 113 المطلب الثاني: قول الرَّافِضَة: إنَّ عَائِشَة سقتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم السُّمَّ ... 115 المطلب الثالث: قولهم: إِنَّ عَائِشَة اتَّهمتْ مارية القبطية بالزِّنا فنزلتْ فيها آية الإفك ... 123 المطلب الرابع: قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانت تبغض عثمان وتقول: "اقتلوا نعثلاً فقد كفر" ... 132 المطلب الخامس: قولهم: إنَّ عَائِشَة مَنَعتْ من دَفْنِ الحسن بن عليّ عند جَدِّه ... 138 المطلب السادس: قولهم: إنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ تَكْذِبُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم ... 145 المطلب السابع: قولهم: إِنَّ عَائِشَة أغْضَبَتْ فاطمة حتى أَبْكَتْها ... 150 المبحث الثاني: الشُّبُهَات المثارة حول عَائِشَة رضي الله عنها ... 153 المطلب الأول: التَّحْذِير من الْوُقُوعِ في شِبَاك الشُّبُهَات ... 155 المطلب الثاني: قول الرَّافِضَة: إنّ عَائِشَة خرجتْ لقتالِ عليّ رضي الله عنهما ... 158 المطلب الثالث: قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ تُبْغِضُ عليًا رضي الله عنهما ... 162 المطلب الرابع: قولهم: إِنَّ الفِتْنَة خرجتْ من بيت عَائِشَة ... 167 المطلب الخامس: قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ لا تَحْتَجِب من الرِّجال ... 174 المطلب السادس: قولهم: إنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانت تُزيِّن الجواري وتطوف بهنّ ... 179 الطلب السابع: قولهم: إِنَّ عَائِشَة رضي الله عنهاانتْ تُسِيء إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ... 181
الفصل الخامس: الفوائد والآثار الإِيجابِيَّة لحادثة الإفك القديمة والحديثة ... 183 المبحث الأول: الفوائد والآثار الإِيجابِيَّة لحادثة الإفك القديمة ... 185 المبحث الثاني: الفوائد والآثار الإِيجابِيَّة لحادثة الإفك الحديثة ... 191 الفصل السادس: حكم مَنْ سَبَّ أُمَّ المؤمنين عَائِشَة رضي الله عنها ... 199 المبحث الأول: حكم من سَبَّ أُمَّ المؤمنين عَائِشَة بما برَّأَها الله منه ... 201 المبحث الثاني: حكم من سَبَّ أُمَّ المؤمنين عَائِشَة بغير ما برَّأَها الله منه ... 207 الخاتمة ... 215 الفهارس ... 217 فهرس المصادر والمراجع ... 219 أولاً: المصادر والمراجع السُّنِّيَّةُ ... 219 ثانياً: المصادر والمراجع الشِّيعِيَّة ... 254 فهرس الموضوعات ... 261