إثبات الشفاعة للذهبي

الذهبي، شمس الدين

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله الذي أنعم علينا بالطاعة، وجعلنا من أهل السنة والجماعة، وأمدنا على تقواه بالاستطاعة، ووعدنا -وهو الكريم الذي لا يخلف الميعاد- بالرحمة والعفو والمغفرة وقبول الشفاعة. وصلى الله على محمد المبعوث رحمة للعالمين بين يدي الساعة، وعلى آله وأصحابه ومن أحسن اتباعه. أما بعد، فإنا -بحمد الله- ممن من عليهم بمجانبة المبتدعة من المعتزلة والمرجئة، فلا نقول بتخليد فساق المسلمين في النار كما قالته المعتزلة والخوارج، وردوا أحاديث الرجاء، ولا نقول بسلامة المسلم

المصر عل الكبائر، كالقتل والظلم وقطع الطريق والزنا والربا أو غير ذلك كما قالته المرجئة وردت أحاديث الوعيد، بل نؤمن أن الله تعالى يخرج من النار من في قلبه أدنى وزن ذرةٍ من إيمان برحمته وكرمه وشفاعة نبيه وغير ذلك. فشفاعته لأهل الكبائر من أمته، وشفاعته نائلةٌ من مات يشهد أن لا إله إلا الله. فمن رد شفاعته ورد أحاديثها جهلاً منه، فهو ضالٌ جاهل قد ظن أنها أخبار آحاد، وليس الأمر كذلك، بل هي من المتواتر القطعي، مع ما في القرآن من ذلك. قال الله: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} ، وقال: {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} وقال: {ولا تنفع الشفعة عنده إلا لمن أذن له} ، وقال في حق الكفار: {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} . فمفهوم أن غير الكفار تنفعهم شفاعة الشافعين، فشفاعات نبينا صلى الله عليه وسلم سبعة: فأولها: شفاعته الكبرى العامة في الخلائق، الخاصة به حين يرغب الخلق إليه، فيشفع في أهل الموقف ليقضى بينهم، وذلك هو المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون.

الثانية: شفاعته إذ يسجد ويحمد ربه، ثم يقول: ((أمتي. فيقول الله له: أدخل من أمتك من لا حساب عليه الجنة من الباب الأيمن)) . والحديث في الصحيح. الثالثة: شفاعته في دخول سائر أهل الجنة الجنة، كما خرجه مسلم من طريق أنس. الرابعة: شفاعته في من دخل النار من أهل الكبائر. قال: ((فيحد لي حداً فأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة)) . إلى أن قال في الثالثة: ((يا رب، ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود)) . الخامسة: شفاعته في بعض أهل النار حتى يخفف من عذابه كما في الصحيح من حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عمه أبا طالب، فقال: ((لعله تنفعه شفاعتي، فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه دماغه)) . وفي حديث العباس، قال: يا رسول الله، إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك ويغضب لك، فهل نفعه ذلك؟ قال: ((نعم. وجدته في غمرات النار، فأخرجته إلى ضحضاح)) . روله مسلم. السادسة: شفاعته في قوم استوجبوا دخول النار بذنوبهم، فيشفع فيهم، فلا يدخلون النار ويدخلون الجنة.

فصل

السابعة: يشفع في رفع درجات أقوام وزيادة نعيمهم، كما في حديث أم سلمة أنه صلى الله عليه وسلم دعا لأبي سلمة لما قبض، فقال: ((اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين)) ، وذكر الحديث. أخرجه مسلم. فصل قال أبو الحسن الأشعري: الحق أن نبينا صلى الله عليه وسلم مخصوص من بين الأنبياء بالشفاعة في المذنبين من أمته، الذين ماتوا بلا توبة. فشفاعته للمذنبين بالتجاوز عن ذنوبهم، وللتائبين بقبول توبتهم، وللمحسنين بالزيادة في نعيمهم. فأما المعتزلة، فعندهم أن شفاعته إنما هي رفع الدرجات وزيادة الثواب فقط، قال في أصولهم الفاسدة: القول بإنفاذ الوعيد وبإحباط أعمال أهل الكبائر وبتخليدهم في النار. نعوذ بالله من البدع ومن رد النصوص المتواترة في الشفاعة. فأما الأحاديث التي لا تنحصر كثرة، فمنها:

أحاديث أنس

أحاديث أنس 1- فروى هشام عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يجمع المؤمنون، فيهتمون لذلك اليوم، ويقولون: لو استشفعنا إلى ربنا -[23]- حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم)) . وذكر الحديث بطوله، إلى أن قال: ((فيأتوني فأنطلق معهم، فأستأذن على ربي، ويؤذن لي عليه، فإذا رأيت ربي وقعت له ساجداً، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، فيقول: يا محمد، ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع. فأحمد ربي بمحامد علمنيها، ثم أحد لهم حداً فأدخلهم الجنة، ثم أرجع الثانية، فأستأذن على ربي، فأقع له ساجداً، ثم يقول: سل تعطه، فأحد لهم حداً ثانياً، فأدخلهم الجنة ثم أرجع الثالثة. فكذلك حتى أرجع، فأقول: يا رب ما بقي في النار إلا من وجب عليه الخلود)) . متفق عليه.

2- أبو عوانة: عن قتادة، عن أنس مرفوعاً: ((يجمع الناس يوم القيامة، فيهتمون لذلك، فيقولون: لو استشفعتا على ربنا عز وجل. فيأتون آدم، فيقولون: أنت أبو الناس، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته)) . وذكر الحديث نحو حديث هشام بن أبي عبد الله، وفيه: ((فيحد لي حداً، فأدخلهم الجنة)) . وزاد فيه: ((فيخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه مثقال ذرة من الخير، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وكان في قلبه ذرةٌ من خير)) . متفق عليه أيضاً.

3- حماد بن زيد: حدثنا معبد بن هلال، قال: اجتمع ناس من أهل البصرة، فذهبنا إلى أنس بن مالك ومعنا ثابتٌ البناني نسأله عن حديث الشفاعة، فأتيناه في قصره، فوافقناه يصلي الضحى، فأستاذنا عليه، فأذن لنا، فأقعد ثابتاً معه على فراشه، فقال: حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم، قال: ((إذا كان يوم -[24]- القيامة ماج الناس بعضهم في بعض، فيأتون آدم عليه السلام، فيقولون: اشفع لذريتك، فيقول: لست لها، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن عز وجل، فيأتون إبراهيم، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى؛ فإنه كليم الرحمن، فيأتون موسى فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى؛ فإنه روح الله وكلمته، فيأتون عيسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيأتوني، فأقول: أنا لها، فأنطلق فأستأذن على ربي، فيؤذن لي عليه، فيلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن، فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجداً، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يا رب، أمتي أمتي. فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرةٍ -أو قال: خردلةٍ- من إيمان، فأنطلق وأفعل، ثم أرجع فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجداً، فيقال لي: يا محمد ارفع رأسك، وسل تعط، وقل تسمع، واشفع تشفع. فأقول: يا رب، أمتي أمتي، فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة خردلة من إيمان، فأخرجهم من النار)) . فلما خرجنا من عند أنس، قلت لبعض أصحابنا: لو زرنا الحسن -وهو يومئذٍ متوارٍ- فأتيناه، فقلنا: يا أبا سعيد، جئنا من عند أخيك أنس، فلم نر مثل ما حدثنا في الشفاعة! قال: هيه، فحدثناه الحديث، فقال: لقد حدثنيه منذ عشرين سنة وهو جميعٌ، فلا أدري أنسي أم كره أن تتكلوا؟ قلنا: يا أبا سعيد، حدثنا. فضحك وقال: خلق الإنسان عجولاً! إني لم أخبركم إلا وأنا أريد أن أحدثكم. حدثني كما حدثكم، ثم قال: ((أعود في الرابعة فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر له ساجداً، فيقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع، فأقول: يا رب، ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله. فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي، لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله)) . متفق عليه. -[25]- هكذا أخرجاه. وفيه نوع اختصار -كما ترى- وانتقال من ذكر شفاعة الموقف إلى الشفاعة في عصاة المسلمين.

4- الليث بن سعد: عن ابن الهاد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إني لأول الناس تنشق عنه الأرض يوم القيامة، وأنا أول من يدخل الجنة ولا فخر. آتي باب الجنة، فآخذ بحلقها، فيقولون: من هذا؟ فأقول: محمد، فيفتحوه لي، فأدخل فإذا الجبار عز وجل مستقبلي، فأسجد له، فيقول: ارفع رأسك يا محمد، وتكلم يسمع منك، واشفع تشفع. فأقول: أمتي أمتي، فيقول: اذهب إلى أمتك، فمن وجدت في قلبه مثقال حبةٍ من شعيرة من إيمان فأدخله الجنة. فأقبل، فمن وجدت في قلبه ذلك فأدخلهم الجنة، فإذا الجبار مستقبلي، فأسجد له، فيقول: ارفع رأسك يا محمد. فأقول أمتي أمتي يا رب، فيقول: اذهب إلى أمتك، فمن وجدت في قلبه نصف شعيرة من الإيمان فأدخلهم الجنة، فأذهب فمن وجدت في قبله مثقال ذلك فأدخلتهم الجنة، فإذا الجبار مستقبلي، فأسجد له، فيقول: ارفع رأسك يا محمد، وقيل يسمع منك، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأقول: أمتي أمتي، فيقول: اذهب إلى أمتك، فمن وجدت في قلبه مثقال حبة خردلٍ من الإيمان، فأدخله الجنة، فأذهب فمن وجدت في قلبه مثقال ذلك، أدخلتهم الجنة. وفرغ ربك من حساب الناس، وأدخل من بقي من أمتي النار مع أهل النار، فيقول أهل النار: ما أغنى عنكم أنكم كنتم تعبدون الله لا تشركون به شيئاً، فيقول الجبار: فبعزتي لأعتقنهم من النار، فيرسل إليهم، فيخرجون وقد امتحشوا، -[26]- فيدخلون في نهر يقال له: نهر الحياة، فينبتون كما تنبت الحبة في غثاء السيل، ويكتب بين أعينهم: هؤلاء عتقاء الله عز وجل. فيذهب بهم، فيدخلون الجنة، فيقول لهم أهل الجنة: هؤلاء الجهنميون. فيقول الجبار عز وجل: هؤلاء عتقاء الجبار)) . هذا الحديث صحيح غريب، أخرجه أحمد في ((مسنده)) عن اثنين، عن ليث.

5- معتمر بن سليمان عن أبيه: عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل نبي قد سأل سؤالا)) -أو قال-: ((لكل نبي دعوةٌ قد دعا بها [فاستجيب] ، واختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة)) . أخرجه مسلم، والبخاري تعليقاً، فقال: قال معتمر.

6- شعبة: عن قتادة، سمع قال (¬1) : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لكل نبي -[27]- دعوة تستجاب له في أمته، وإني ذخرت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة)) . أخرجه مسلم. ¬

_ (¬1) [[هكذا في المطبوع، ولعل الصواب: سمع انساً، أو: عن أنس قال]] .

7- همام: حدثنا قتادة عن أنس مرفوعاً، قال: ((يخرج قوم من النار عندما يصيبهم منها سفعٌ فيدخلون الجنة، فيسميهم أهل الجنة الجهنميين)) . أخرجه البخاري.

8- حرب بن ميمون: حدثنا النضر بن أنس، عن أنس، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: خويدمك أنس، اشفع له يوم القيامة. قال: ((أنا فاعلٌ)) . قال: فأين أطلبك؟ قال: ((اطلبني أول ما تطلبني عند الصراط، فإن وجدتني وإلا فأنا عند الميزان، فإن وجدتني، وإلا فأنا عند حوضي، لا أخطئ هذه الثلاث مواطن)) . حرب: هو أبو الخطاب. كذا كناه في هذا الحديث بدل بن المحبر ورواه أيضاً حرمي عن ابن حفص، وهو صدوق خرج له مسلم. والحديث إسناده جيد.

9- أنس بن عياض: حدثني يوسف بن أبي ذرة الأنصاري، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من معمر [يعمر] في الإسلام أربعين سنة إلا صرف الله عنه [ثلاثة أنواع من البلاء] : الجنون والجذام والبرص، فإذا بلغ خمسين [سنة] ، لين الله عليه الحساب، فإذا بلغ الستين رزقه الله الإنابة إليه بما يحب، فإذا بلغ السبعين أحبه الله وأحبه أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين تقبل الله حسناته وتجاوز عن سيئاته، فإذا بلغ التسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ويسمى أسير الله في الأرض ويشفع في أهل بيته)) . أخبرناه محمد بن حسين القرشي، حدثنا محمد بن عماد، حدثنا ابن رفاعة، حدثنا الخلعي، حدثنا عبد الرحمن بن عمر البزاز إملاءً، حدثنا أبو الطيب الحسن بن محمد بن إبراهيم البرمكي، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا أبو ضمرة أنس بن عياض، فذكر الحديث. أخرجه أحمد في ((مسنده)) . -[29]- ويوسف، قال يحيى: لا شيء، وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به بحال.

حديث أبي بكر رضي الله عنه

حديث أبي بكر رضي الله عنه 10- النضر بن شميل: حدثنا أبو نعامة العدوي، حدثنا أبو هنيدة البراء بن نوفل، عن حذيفة، عن أبي بكر الصديق، قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فصلى الغداة، ثم جلس، حتى إذا كان من الضحى ضحك، ثم جلس مكانه إلى المغرب لا يتكلم حتى صلى العشاء الآخرة، ثم قام إلى أهله، فقال الناس لأبي بكر: سل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأنه صنع اليوم شيئاً لم يصنعه قط. قال: فسأله، فقال: نعم، عرض علي ما يكون من أمر الدنيا والآخرة، فجمع الأولون والآخرون بصعيد واحد، ففظع الناس لذلك، فانطلقوا إلى آدم، فقالوا: أنت أبو البشر ... )) . وساق الحديث، إلى أن قال: ((فأشفع لكم إلى ربكم فيأتي جبريل ربه، فيقول الله له: ائذن [له] وبشره بالجنة. قال: فينطلق به جبريل، فيخر لله ساجدا قدر جمعةٍ، ثم يقول الله: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع، واشفع تشفع، فيرفع رأسه، فإذا نظر إلى ربه، خر ساجداً قدر جمعة أخرى، فيقول الله: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع، واشفع تشفع، فيذهب ليقع ساجداً، فيأخذ جبريل بضبعيه، فيفتح الله عليه من الدعاء شيئاً لم يفتحه على بشر قط، فيقول: أي رب، جعلتني سيد ولد آدم ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض، حتى أنه ليرد علي الحوض ما بين صنعاء وأيلة. ثم يقال: ادعوا الصديقين فيشفعون، ثم يقال: ادعوا الأنبياء، فيجيء النبي معه العصابة، والنبي ومعه الخمسة والستة، -[30]- والنبي ليس معه أحد. ثم يقال: ادعوا الشهداء، فيشفعون لمن أرادوا، فإذا فعل الشهداء ذلك، قال الله: أنا أرحم الراحمين، أدخلوا جنتي من كان لا يشرك بي شيئاً. قال: فيدخلون الجنة. ثم يقول عز وجل: انظروا في النار، هل تجدون فيها من أحد عمل خيراً قط؟ فيجدون في النار رجلاً، فيقال له: هل عملت خيراً قط؟ فيقول: لا، غير أني كنت أسامح الناس في البيع، فيقول الله عز وجل: اسمحوا لعبدي كإسماحه إلى عبيدي. ثم يخرجون من النار رجلاً آخر، فيقال: هل عملت خيراً قط؟ فيقول: لا، غير أني قد أمرت ولدي إذا مت فأحرقوني [بالنار، ثم اطحنوني، حتى إذا صرت مثل الكحل، فاذهبوا إلى البحر، فاذروني] في الريح، [فوالله لا يقدر علي رب العالمين أبداً] ، فقال الله عز وجل: لم فعلت ذلك؟ قال: من مخافتك يا رب، فيقول: انظر إلى أعظم ملك ملكٍ، فإن لك مثله وعشرة أمثاله. فيقول: أتسخر بي وأنت الملك؟! قال: وذلك الذي ضحكت منه من الضحى)) . هذا حديث غريب. رواه طائفة عن النظر. وأبو نعامة: هو عمرو بن عيسى، ثقة احتج به مسلم. وأبو هنيدة: وثقه يحيى بن معين.

حديث عمران بن حصين

حديث عمران بن حصين 11- يحيى بن سعيد القطان: عن الحسن بن ذكوان، حدثنا أبو رجاء، حدثني عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يخرج [قوم] من النار بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم فيدخلون الجنة فيسمون الجهنميين)) . أخرجه البخاري.

12- محمد بن عبد الله الأنصاري: حدثنا صرد بن أبي المنازل، سمعت حبيب بن أبي فضالة المالكي، قال: لما بني هذا المسجد مسجد الجامع -قال: وعمران بن حصين جالس- ذكروا عنده الشفاعة، فقال رجل: يا أبا نجيد، إنكم لتحدثونا بأحاديث ما نجد لها أصلاً في القرآن! فغضب عمران. قال: وقرأت القرآن؟ قال: نعم، قال: وجدت فيه صلاة المغرب ثلاثاً والعشاء أربعاً؟ قال: لا، قال: فعمن أخذتم هذا الشأن؟ ألستم أخذتموه عنا، وأخذناه عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ أوجدتم في كل أربعين درهماً درهمٌ، وفي كذا وكذا شاة؟ هل وجدتم الطواف سبعاً؟ ثم قال: أسمعتم الله يقول: {ما سلككم في سقر. قالوا لم نك من المصلين. ولم نك نطعم المسكين} حتى بلغ {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} . صرد هذا لا يكاد يعرف. روى له أبو داوود في ((سننه)) ، وحبيب بن -[32]- أبي فضالة لا أعرفه.

حديث أبي موسى الأشعري

حديث أبي موسى الأشعري 13- حماد بن سلمة: حدثنا عاصم، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتاني آتٍ من ربي، فخيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة، فاخترت الشفاعة)) ، فقال معاذ: وأنا يا رسول الله، ادع الله أن يجعلنا في شفاعتك، فقال: ((أنتم ومن مات لا يشرك بالله شيئاً)) . إسناده حسن. رواه أحمد في مسنده.

14- سكين بن عبد العزيز: حدثنا يزيد الأعرج، حدثنا حمزة بن علي بن مخفر، عن أبن بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه. رواه أحمد أيضاً. -[33]- وسكين قال النسائي ليس بالقوي. وهذا الحديث شاهد لما قبله.

15- وروى نحوه نعيم بن أبي هند عن ربعي بن حراش، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم. أخرج هذا أبن ماجه.

حديث أبي بكر الثقفي

حديث أبي بكر الثقفي 16- سعيد بن زيد: سمعت أبا سليمان القصري، حدثني عقبة بن صهبان، سمعت أبا بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يحمل الناس على الصراط فيتقادع بهم جنبتا الصراط تقادع الفراش في النار، [فينجني الله برحمته من يشاء] ، ثم يؤذن للملائكة والنبيين والشهداء أن يشفعوا فيشفعون)) . وذكر الحديث. أخرجه أحمد في المسند عن عفان عنه. تفرد به عفان.

حديث أم حبيبة

حديث أم حبيبة 17- ابن ديزيل: حدثنا أبو اليمان، أخبرني شعيب، عن الزهري، حدثنا أنس، عن أم حبيبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أريت ما تلقى أمتي بعدي وسفك بعضهم دم بعضٍ، فسألته أن يوليني شفاعة فيهم ففعل)) . رواه أبو القاسم بن بشران عن نيخاب الطيبي عنه، وهو حديث غريب.

أحاديث أبي سعد الخدري

أحاديث أبي سعد الخدري 18- الليث: عن ابن الهاد، عن عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عمه أبي طالب، فقال: ((لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كفيه (¬1) يغلي به دماغه)) . متفق عليه. ¬

_ (¬1) [[هكذا في المطبوع، ولعل الصواب: كعبيه.]]

19- خالد بن عبد الله: عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن أبي سعيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، قال الله: انظروا من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجوه، فأخرجوا قد عادوا حمماً، فيلقون في نهر فينبتون)) . وذكر الحديث. رواه مسلم.

20- شعبة عن أبي مسلمة سعيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد مرفوعاً، قال: ((أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن تأخذهم النار بذنوبهم فتميتهم إماتةً، حتى إذا صاروا فحماً أذن في الشفاعة، فيجاء بهم ضبائر، فينبتون على أنهار الجنة)) . أخرجه مسلم بنحوه.

21- ابن أبي عدي: عن سليمان التيمي، عن أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعاً، قال: ((وأما أناس يريد بهم الله الرحمة، فيميتهم في النار، فيدخل عليهم الشفعاء.. ..)) الحديث. أخرجه أحمد عنه في مسنده، وإسناده حسن صحيح.

22- هشيم: عن علي بن زيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا أول شافع يوم القيامة ولا فخر)) . -[36]- إسناده حسن.

23- معمر: عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خلص المؤمنون من النار يوم القيامة، فما مجادلة أحدكم لصاحبه في الحق يكون له في الدنيا بأشد مجادلةً من المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار. قال: يقولون: ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا، فأدخلتهم النار فيقول: اذهبوا فأخرجوا من عرفتم، فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم، لا تأكل النار صورهم، فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه، ومنهم من أخذته النار إلى كعبيه، فيخرجونهم فيقولون ربنا أخرجنا من أمرتنا، ثم يقول: أخرجوا من كان في قلبه وزن دينار من الإيمان، أو من كان في قلبه وزن نصف دينار. حتى يقول: من كان في قلبه وزن ذرةٍ. قال أبو سعيد: فمن لم يصدق هذا، فليقرأ: {إن الله لا يظلم مثقال ذرةٍ وإن تك حسنةٍ يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً} الآية. قال: فيقولون: ربنا قد أخرجنا من أمرتنا، فلم يبق في النار أحدٌ فيه خير. قال: ثم يقول الله: شفعت الملائكة والأنبياء والمؤمنون، وبقي أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار، أو قال: قبضتين، ناسٌ لم يعملوا خيراً -[37]- قط، قد احترقوا حتى صاروا حمماً، فيؤتى بهم إلى ماءٍ يقال له ماء الحياة، فيصب عليهم، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، فيخرجون من أجسادهم مثل اللؤلؤ، في أعناقهم الخاتم، عتقاء الله، فيقال لهم: ادخلوا الجنة، فما تمنيتم أو رأيتم من شيءٍ، فهو لكم. قال: فيقولون: ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحداً من العالمين، فيقول: فإن لكم عندي أفضل من هذا، رضائي عنكم، فلا أسخط عليكم أبداً. هذا حديث صحيح، رواه أحمد عن عبد الرزاق عن معمر. ورواه مسلم من طريق سعيد بن أبي هلال عن زيد.

24- ابن إسحاق: حدثني عبيد الله بن المغيرة، عن سليمان بن عمرو العتواري، سمعت أبا سعيد يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يوضع الصراط بين ظهراني جهنم، عليه حسك كحسك السعدان، ثم يستجيز الناس، فناج مسلمٌ ومنكوسٌ، فإذا فرغ الله من القضاء بين العباد، يفقد المؤمنون رجالاً كانوا معهم يصلون بصلاتهم)) . وذكر الحديث بطوله، وفيه: ((ثم تشفع الأنبياء في كل من كان يشهد أن لا إله إلا الله مخلصاً، فيخرجونهم، ثم يتحين الله برحمته، فما يترك فيها عبداً في قلبه مثقال ذرةٍ من إيمانٍ [إلا أخرجه] )) . -[38]- إسناده حسن.

أحاديث أبي هريرة

أحاديث أبي هريرة 25- أبو حيان التيمي: عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بلحمٍ، فرفع إليه الذراع، وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة ثم قال: ((أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون مم ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيدٍ واحد، فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر، وتدنو الشمس، فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون وما لا يحتملون، فيقول بعض الناس لبعض: عليكم بآدم. فيأتون آدم، فيقولون له: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى [إلى] ما قد بلغنا؟ فيقول لهم آدم عليه السلام: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي. اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح. فيأتون نوحاً عليه السلام، فيقولون: يا نوح، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض، وسماك الله عبداً شكوراً، اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوةٌ دعوتها على قومي. نفسي نفسي. اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم عليه السلام. فيأتون إبراهيم، فيقولون: أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض. اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني -[39]- قد كذبت ثلاث كذبات. نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى. فيأتون موسى عليه السلام، فيقولون: يا موسى، أنت رسول الله، فضلك الله برسالاته وكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه، ألا ترى ما قد بلغنا. فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني قتلت نفساً لم أومر بقتلها. نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى عليه السلام. فيأتون عيسى، فيقولون: أنت روح الله وكلمته ألقاها الله إلى مريم وروح منه وكلمت الناس في المهد. اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه؟ فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، [ولم يذكر ذنباً] . نفسي نفسي. اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم. فيأتون محمداً فيقولون: أنت محمد رسول الله وخاتم الأنبياء، قد غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر. اشفع لنا إلى ربك. ألا ترى ما نحن فيه. فأنطلق، فآتي [تحت] العرش، فأقع ساجداً لربي، ثم يفتح [الله] علي [ويلهمني] من محامده وحسن الثناء شيئاً لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال: يا محمد، ارفع رأسك، سل تعط، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأقول: [أمتي يا رب، أمتي يا رب، أمتي يا رب] ، فيقال: يا محمد، أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب. ثم قال: والذي نفسي بيده، ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وحمير، أو كما بين مكة وبصرى)) . -[40]- متفق عليه. ورواه الترمذي وصححه، والنسائي وابن ماجه من حديث جماعة عن أبي حيان.

26- ابن عيينة: عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: ((هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحابة؟ قالوا: لا. قال: هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة؟ قالوا: لا. قال: فوالذي نفسي بيده، لا تضارون في رؤية ربكم كما لا تضارون في رؤية أحدهما، يلقى العبد ربه يوم القيامة، فيقول: أي فل: ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا، فيقول: إني أنساك كما نسيتني. [ثم يلقى الثاني، فيقول: أي فل، ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول بلى أي رب. فيقول: أفظننت أنك ملاقي؟ فيقول: لا. فيقول: فإني أنساك اليوم كما نسيتني. ثم يلقى الثالث، فيقول له مثل ذلك، فيقول: يا رب] آمنت بك -[41]- وبكتابك ورسلك وصمت وتصدقت وصليت، ويثني بخير ما استطاع، فيقول: فها هنا إذاً، فيقول: ألا نبعث عليك شاهداً، قال: فيتفكر في نفسه من الذي يشهد علي؟! قال: فيختم على فيه ويقال لفخده: انطقي، فتنطق فخده ولحمه وعظامه بعمله ما كان، وذلك ليعذر من نفسه، وذلك المنافق الذي يسخط الله عليه ويغضب عليه. وينادي منادٍ: ألا تتبع كل أمةٍ ما كانت تعبد. والشياطين والصليب يتبعهم أولياؤهم، ونبقى أيه المؤمنين ثلاثاً، فيقول ربنا عز وجل: على ما هؤلاء؟ فيقولون: نحن عباد الله المؤمنون؛ آمنا بالله ولم نشرك به شيئاً، وهذا مقامنا حتى يأتينا ربنا عز وجل. [قال: فيقول: أنا ربكم فامضوا] فينطلق حتى يأتي الجسر وعليه كلاليب من نار تخطف الناس. فعند ذلك حلت الشفاعة لهم، اللهم سلم، اللهم سلم. فإذا جاوز الجسر، فكل من أنفق زوجاً مما يملك من المال في سبيل الله فكل خزنة الجنة تدعوه: يا عبد الله، يا مسلم، هذا خيرٌ، تعال. قال أبو بكر: يا رسول الله، ذاك العبد لا توى عليه، يدع باباً ويلج آخر! فضرب على منكبه، فقال: والذي نفسي بيده، إني لأرجو أن تكون منهم. أخرجه مسلم.

27- أخبرتنا ست الأهل بنت علوان، قالت: حدثنا البهاء -[42]- عبد الرحمن، حدثنا عبيد الله بن شاتيل، حدثنا الحسين بن علي، حدثنا عبد الله بن يحيى السكري، حدثنا إسماعيل الصفار، حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، أخبرني القاسم، قال: اجتمع أبو هريرة وكعب ٌ، فجعل أبو هريرة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجعل كعب يحدث عن الكتب. فقال أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن لكل نبي دعوةً مستجابةً، وإني قد خبأت دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة)) . قال كعب: أنت سمعت هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! قال: نعم. قال: فداه أبي وأمي. أفلا أخبرك عن إبراهيم عليه السلام؟ إنه لما رأي ذبح ابنه إسحاق، قال الشيطان: إن لم أفتن هؤلاء عند هذه لم أفتنهم أبدا، فخرج إبراهيم بابنه ليذبحه، فذهب الشيطان فدخل على سارة، فقال: أين يذهب إبراهيم بابنك؟ قالت: غدا به لبعض حاجته. قال: فإنه لم يغد به لحاجة، إنما ذهب به ليذبحه، قالت: ولم يذبحه؟ قال: يزعم أن ربه أمره بذلك، قالت: قد أحسن أن يطيع ربه، فخرج الشيطان في إثرهما، فقال للغلام: أين يذهب بك أبوك؟ قال: لبعض حاجته، قال: فإنه لا يذهب بك لحاجة، ولكن يذهب بك ليذبحك، قال: ولم -[43]- يذبحني؟ قال: يزعم أن ربه أمره بذلك، قال: فوالله لإن كان الله أمره بذلك ليفعلن. قال: فيئس منه فتركه ولحق بإبراهيم، فقال: أين غدوت بابنك؟ قال: لحاجة. قال: فإنك لم تغد به لحاجة إنما غدوت به لتذبحه. قال: ولم أذبحه؟ قال: تزعم أن ربك أمرك بذلك قال: فوالله لئن كان الله أمرني بذلك لأفعلن. قال: فتركه ويئس أن يطاع، {فلما أسلما} قال معمر: {وناديناه أن يا إبراهيم. قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين} قال: وأوحى الله إلى إسحاق أن ادع، فإن لك دعوةً مستجابةً. فقال: اللهم أني أدعوك أن تستجيب لي، أيما عبدٍ من الأولين والآخرين لقيك لا يشرك بك شيئاً، أن تدخله الجنة.

28- ابن إسحاق: عن موسى بن يسار، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أمتي من يدخل الجنة بشفاعته أكثر من مضر)) . هذا حديث حسن.

29- أبو معاوية: عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً: ((لكل نبي دعوةً مستجابةً، فتجعل كل دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة ليوم القيامة)) . أخرجه مسلم. وروي مثله من طرق عدة، كلها قوية.

30- أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن وعلي بن محمد، قالا: حدثنا ابن صباح، قال: حدثنا ابن رفاعة، حدثنا الخلعي، حدثنا أبو محمد بن النحاس، حدثنا أبو الطاهر المديني، حدثنا يونس، حدثنا ابن وهب، أخبرني مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لكل نبي دعوةً، فأريد أن أختبئ دعوتي إن شاء الله شفاعة لأمتي يوم القيامة)) . أخرجه المسلم والنسائي عن يونس.

31- سليمان بن بلال وجماعة: عن عمرو بن أبي عمرو، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قلت: يا رسول الله، من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال: ((لقد ظننت أن لا يسألني عنها أحدٌ قبلك لما رأيت من حرصك على الحديث؛ شفاعتي لمن يشهد أن لا إله إلا الله)) . أخرجه البخاري.

32- ليث بن سعد: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن سالم بن أبي سالم، عن معاوية بن معتب الهذلي، عن أبي هريرة، سمعه يقول: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماذا رد إليك ربك في الشفاعة؟ فقال: ((والذي نفس محمد بيده، لقد ظننت أنك أول من يسألني عن ذلك من أمتي؛ لما رأيت من حرصك على العلم. والذي نفسي بيده لما يهمني انقصافهم على أبواب الجنة أهم عندي من تمام شفاعتي، وشفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله -[45]- مخلصاً يصدق قلبه لسانه، ولسانه قلبه)) . رواه أحمد في مسنده.

33- وكيع وجماعة: حدثنا داود بن يزيد الأودي، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} قال: الشفاعة.

34- سعيد بن أبي عروبة: عن قتادة، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أول زمرة تنجو من أمتي على ضوء القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم كأضوأ نجمٍ دري، ثم الذين يلونهم مثل ذلك، ثم تحل الشفاعة)) . إسناده قوي.

أحاديث أبي أمامة الباهلي

أحاديث أبي أمامة الباهلي 34- الفضل بن موسى: عن الحسين بن واقد، عن أبي غالب، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يدخل الجنة بشفاعة رجلٍ من أمتي أكثر من عدد مضر، ويشفع الرجل في أهل بيته، ويشفع الرجل على قدر علمه)) .

35- حريز بن عثمان: حدثنا عبد الرحمن بن ميسرة، سمعت أبا أمامة الباهلي قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليدخلن الجنة بشفاعة الرجل -ليس بنبي- مثل الحيين، أو أحد الحيين؛ ربيعة ومضر)) . هذا حديث قوي الإسناد، وشيوخ حريز ثقات، والحديث فمن عوالي الطبراني.

36- بقية: عن نمير بن يزيد القيني، عن قحافة بن ربيعة، عن أبي أمامة صدي بن عجلان، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع بعرفة: ((ألا إن كل نبي قد مضت دعوته إلا دعوتي، فإني قد ذخرتها عند ربي إلى يوم القيامة)) . وذكر الحديث. إسناده ضعيف؛ لأن نميرا ًواهٍ، وقحافة لا يعرف.

37- يحيى الوحاظي: حدثنا جميع بن ثوب، عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((نعم الرجل أنا لشرار أمتي)) . قيل: كيف أنت بخيارهم؟ قال: ((أما شرار أمتي، فيدخلهم الله الجنة بشفاعتي، -[47]- وأما خيارهم، فيدخلهم الله الجنة بأعمالهم)) . جميع منكر الحديث، لا يجوز أن يحتج به.

38- أبو طاهر السلفي: أنبأنا أبو بكر الصوفي، وأبو القاسم الربعي، قالا: أنبأنا أبو الحسن بن مخلد، حدثنا ابن السماك، حدثنا يحيى بن أبي طالب، حدثنا شبابة، حدثنا حريز بن عثمان، عن عبد الله بن ميسرة، وحبيب بن عبيد الرحبي، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل أحد الحيين: ربيعة ومضر)) . قيل: يا رسول الله، أوما ربيعة من مضر؟! قال: ((إنما أقول ما أقول)) . قال: فكان المشيخة يرون أن ذلك الرجل عثمان بن عفان. -[48]- الصواب: عبد الرحمن بن ميسرة. هذا حديث صحيح غريب.

حديث العباس

حديث العباس 39- أبو عوانة: عن عبد الملك بن عميرٍ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن العباس بن عبد المطلب، أنه قال: يا رسول الله، هل نفعت أبا طالب بشيءٍ، فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: ((نعم، هو في ضحضاح من النار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار)) . متفق عليه.

أحاديث ابن عباس

أحاديث ابن عباس 40- حماد بن سلمة: أنبأنا ثابتٌ، عن أبي عثمان النهدي، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أهون أهل النار عذاباً أبو طالب، وهو منتعل بنعلين من نار، تغلي منهما دماغه)) . حديث صحيح.

41- حماد بن سلمة: عن علي بن زيد، عن أبي نضرة، قال: سمعت ابن عباس يخطب على منبر البصرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم يكن نبي إلا له دعوةٌ تنجزها في الدنيا، وإني اختبأت دعوتي شفاعةً لأمتي -[49]- يوم القيامة، وأنا سيد ولد آدم ولا فخر، ويطول يوم القيامة على الناس ويشتد، حتى يقول بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى آدم فيشفع لنا. فيأتونه فيقولون: اشفع لنا إلى ربك فليقض بيننا، فيقول: إني لست هناك، إني خرجت من الجنة لخطيئتي، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن ائتوا نوحاً أبا البشر. فيأتون نوحاً، فيقولون: يا نوح، اشفع لنا إلى ربك فليقض بيننا، فيقول: لست هناك؛ إني دعوت دعوة أغرقت أهل الأرض، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن. فيأتون إبراهيم، فيقول: إني كذبت ثلاث كذباتٍ؛ قوله: ((إني سقيم)) وقوله: ((فعله كبيرهم هذا)) ، وقوله للملك: (إنها أختي) . قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما أراد بهن إلا عز دين الله، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن ائتوا موسى، عبداً اصطفاه الله برسالاته وكلامه. فيأتون موسى، فيقول: إني قتلت نفساً بغير نفسٍ، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن ائتوا عيسى روح الله وكلمته. فيأتون عيسى، فيقول: إني اتُخِذت إلهاً من دون الله، ولا يهمني اليوم إلا نفسي. أرأيتم لو كان متاعٌ في وعاءٍ مختومٍ، أكان يقدر على ما فيه حتى يفض الخاتم؟ فيقولون: لا. [فيقولون] : إن محمداً خاتم النبيين، وقد حضر، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني، فأقول: أنا لها حتى يأذن الله لمن يشاء ويرضى، فإذا أذن أن يقضى بين خلقه، نادى منادٍ: أين أحمد وأمته، فنحن الآخرون والأولون، فأول من يحاسب وتفرج لنا الأمم عن -[50]- طريقنا، فنمضي غراً محجلين من آثار الوضوء، فتقول الأمم: كادت هذه الأمة أن تكون أنبياء كلها. فآتي باب الجنة، فآخذ بحلقة الباب، فأقرع الباب، فيقال: من هذا؟ فأقول: محمدٌ، فيفتح، فأرى ربي عز وجل وهو على كرسيه أو سريره، فأخر له ساجداً، وأحمده بمحامد لم يحمده بها أحدٌ قبلي، فيقال: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع [لك] ، وسل تعط، واشفع تشفع. فأرفع رأسي، فأقول: يا رب، أمتي، فيقال لي: أخرج من النار من كان في قلبه من الإيمان كذا وكذا. ثم أعود الثانية وأحمده بمحامد لم يحمده بها أحدٌ كان قبلي، ولا يحمده بها أحدٌ بعدي، فيقول: يا محمد، ارفع رأسك، وقل يسمع [لك] ، وسل تعط، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، وأقول يا رب، أمتي أمتي، فيقال: أخرج من النار من كان في قلبه كذا وكذا دون ذلك. ثم أعود الثالثة، فأخر ساجداً، فأحمده)) . وذكر الحديث. رواه أحمد في مسنده عن عفان، وإسناده حسن.

42- عبد المجيد بن أبي رواد: حدثنا معمر بن راشد، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا فرغ الله من القضاء بين خلقه، أخرج كتاباً من تحت العرش، فيه: إن رحمتي سبقت غضبي وأنا أرحم الراحمين. قال: فيخرج من النار مثل أهل الجنة أو مثلي أهل الجنة، بين أعينهم: عتقاء الله من النار)) . إسناده جيد.

أحاديث ابن عمر

أحاديث ابن عمر 43- إسرائيل وأبو الأحوص: عن آدم بن علي، سمعت ابن عمر يقول: يصير الناس يوم القيامة جثىً، كل أمة ونبيها، فيجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمته، فيقولون: يا فلان، اشفع لنا لربك، بعضهم إلى بعض، حتى ينتهوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذلك اليوم الذي يبعثه الله المقام المحمود. أخرجه البخاري.

44- زياد بن خيثمة: عن النعمان بن قراد، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيرت بين الشفاعة وبين أن يدخل شطر أمتي الجنة، فاخترت الشفاعة؛ لأنها أعم وأكفى. أما إنها ليست للمؤمنين المتقين، ولكنها للمذنبين المتلوثين الخطائين)) . -[52]- كذا ساقه الحافظ عبد الغني من وجهين في حديث ابن عمر في هذا الباب، وقيل: عبد الله بن عمرو بن العاص، كما سيأتي.

45- شيبان بن فروخ: حدثنا حرب بن سريج، حدثنا أيوب السختياني، عن نافع، عن ابن عمر، قال: ما زلنا نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر، حتى سمعنا من حديث نبينا صلى الله عليه وسلم: (( {إن الله لا يغفر أن يشرك به. ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} ، وإني ادخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي يوم القيامة)) . هذا حديث حسن، فيه نكارة، تفرد به حرب، وقد وثقه ابن معين ولينه غيره.

46- ويروى عن ابن عمر من غير وجه ضعيف، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من زار قبري، وجبت له شفاعتي)) . -[53]- وقد أخرجت هذا الفصل بطرقه في مكان آخر.

أحاديث عبد الله بن عمرو

أحاديث عبد الله بن عمرو 47- أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي، حدثنا أكمل بن أبي الأزهر العلوي، أخبرنا سعيد بن البناء، قال: حدثنا محمد بن محمد الزينبي، أخبرنا محمد بن عمر الوراق، حدثنا عبد الله بن أبي داود. (ح) وأنبأنا أحمد بن سلامة، عن ابن كليب، حدثنا ابن بيان، أخبرنا ابن مخلد، حدثنا إسماعيل الصفار. قالا: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا عبد السلام بن حرب، عن زياد بن خيثمة، عن نعمان بن قراد، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيرت بين الشفاعة وبين أن يدخل شطر أمتي الجنة، فاخترت الشفاعة؛ لأنها أعم وأكفى. أترونها للمؤمنين المتقين؟ لا، ولكنها للمذنبين المتلوثين الخطائين)) .

48- عيسى بن إبراهيم العبدي -وليس بمعروف- روى عنه عبد الله بن عامر بن زرارة هذا الحديث، عن موسى الجهني، عن أبي زيد عبد الملك، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤذن لي، فأثني على الله عُمْرَ رجل قائماً سبعين سنة، ثم أثني عليه ساجداً مثل ذلك، ثم يقال لي: يا محمد، ارفع رأسك، اشفع تشفع، فأقول: يا رب، أمتي أمتي، فيقال لي: أخرج من كان في قلبه شعيرة من إيمان)) . وهو حديث منكر.

حديث عبد الله بن بسر

حديث عبد الله بن بسر 49- الأسود بن عامر: حدثنا عبد الواحد النصري، حدثني الأوزاعي، قال: مررت بجدك عبد الواحد بن عبد الله بن بسر وهو أمير على حمص، فقال لي: ألا أحدثك بحديثٍ يسرك؟ قلت: بلى، قال: حدثني أبي، قال: بينا نحن بفناء رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس، إذ خرج علينا مشرق -[55]- الوجه يتهلل، فقال: ((إن جبريل أتاني آنفاً، فبشرني أن الله أعطاني الشفاعة، وهي للمذنبين المثقلين)) . رواه الفضل بن سهل الأعرج هكذا عن شاذان.

حديث لابن مسعود

حديث لابن مسعود 50- بقية بن الوليد، حدثنا إسماعيل بن عبدٍ الكندي، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {ويزيدهم من فضله} ، قال: ((الشفاعة لمن وجبت له الشفاعة ممن صنع إليهم المعروف في الدنيا)) . -[56]- إسماعيل من شيوخ بقية الذين لا يعرفون.

حديث لابن أبي الجدعاء

حديث لابن أبي الجدعاء 51- وهيب: عن خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: ابن أبي الجدعاء، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم)) . رواه أبو داود الطيالسي في مسنده عنه، وإسناده قوي، وقد صححه الترمذي من حديث ابن علية عن خالد، وابن أبي الجدعاء -وهو عبد الله- معروف، وزاد في متن الحديث: قالوا: يا رسول الله، سواك؟ قال: ((سواي)) .

رواية جابر بن عبد الله

رواية جابر بن عبد الله 52- أبو عاصم محمد بن أبي أيوب الثقفي: حدثنا يزيد الفقير، قال: شغفني رأي الخوارج وأنا شابٌ، فخرجنا في عصابةٍ نحج، فإذا جابر بن عبد الله يحدث القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يذكر الجهنميين، فقلت: ما هذا الذي يحدثون والله يقول: {إنك من تدخل النار فقد أخزيته} ، و: {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غمٍ أعيدوا فيها} ، قال: يا بني، هل سمعت بمقام المحمود الذي -[57]- يخرج الله به من يخرج؟ ثم نعت الصراط وممر الناس عليه، وأن قوماً يخرجون من النار بعد أن كانوا فيها، وذكر الحديث. أخرجه مسلم.

53- حماد بن زيد: قلت لعمرو بن دينار: أسمعت جابراً يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله يخرج قوماً من النار بالشفاعة)) ؟ قال: نعم. اتفقا عليه.

54- زهير بن محمد: عن جعفر بن محمد، عن أبيه، حدثني جابر بن عبد الله، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((شفاعة يوم القيامة لأهل الكبائر من أمتي)) . إسناده صحيح.

55- عبد الرحمن بن أبي زياد: عن موسى بن عقبة، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((استكثروا من الإخوان، فإن لكل مؤمنٍ شفاعةً يوم القيامة)) . إسناده جيد.

56- القاسم بن الفضل الحداني: حدثني سعيد بن المهلب، قال: قال لي طلق بن حبيب: كنت أشد الناس تكذيباً بالشفاعة، حتى لقيت جابر بن عبد الله، فقرأت عليه كل آيةٍ أقدر عليها، فيها ذكر خلود النار، فقال لي: أتراك أقرأ لكتاب الله وأعلم بالسنة مني؟ قلت: لا، قال: فإن الذي قرأت هم المشركون، ولكن هؤلاء قوم أصابوا ذنوباً، فعذبوا ثم أخرجوا من النار، وأومأ بيده إلى أذنيه، فقال: صمتا إذا لم أكن سمعته -[59]- من رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ الذي تقرأه.

حديث عمر مرسل

حديث عمر مرسل 57- روي عن علقة بن مرثدٍ، عن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يدخل الجنة بشفاعة أويسٍ مثل ربيعة ومضر)) .

[حديث الحسن البصري]

[حديث الحسن البصري] 58- وصح عن الحسن البصري أنه قال: يخرج من النار بشفاعة أويس أكثر من ربيعة ومضر.

حديث عوف بن مالك الأشجعي

حديث عوف بن مالك الأشجعي 59- عبدة بن سلميان: عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي المليح الهذلي، عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فعرَّس وعرَّسنا معه، وتوسد كل إنسان منا ذراع راحلته، فقمت بعض الليل، فإذا أنا لا أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند راحلته فطلبته، فبينا أنا كذلك، إذا أنا بمعاذ بن جبل وأبي موسى قد أفزعهما ما أفزعني، فبينا نحن كذلك، إذ سمعنا هزيزاً كهزيز الرحا بأعلى الوادي، وأن النبي صلى الله عليه وسلم جاءنا فأخبرته، فقال: ((أتاني الليلة آت من ربي مخيراً بين الشفاعة وبين أن يدخل نصف أمتي الجنة، فاخترت الشفاعة)) ، فقلنا: يا رسول الله: بحق الصحبة، اجعلنا في شفاعتك، قال: ((إنكم من أهل شفاعتي)) ، وذكر الحديث، وفي آخره: ((شفاعتي لمن مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً)) . رواه سليمان ابن بنت شرحبيل الدمشقي عن سعيد بن الفضل -وهو ضعيف- عن الجريري، عن عقبة بن وساج، عن أبي المليح، عن عوف.

60- وقال الحاكم في ((المستدرك)) : حدثنا الأصم، حدثنا الربيع، حدثنا بشر بن بكر، حدثنا ابن جابر، سمعت سليم بن عامر، سمعت عوف بن مالك يقول: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلاً، فاستيقظ من الليل، وذكر الحديث، وفيه: ((خيرني ربي بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة، فاخترت الشفاعة، وهي لكل مسلم)) .

حديث عقبة بن عامر

حديث عقبة بن عامر 61- ابن وهب: أخبرني ابن أنعم، عن دخين الحجري، عن عقبة بن عامر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: ((إذا جمع الله الأولين والآخرين، فقضى بينهم)) ، فذكر الحديث، وفيه: ((حتى آتي ربي عز وجل فيشفعني)) . دخين بخاء معجمة، وابن أنعم هو عبد الرحمن بن زياد الأفريقي، -[62]- أحد الضعفاء.

62- إبراهيم بن أبي يحيى -وهو واهٍ- عن صفوان بن سليم، عن زهرة بن معبد، عن الحارث مولى عقبة بن عامر، عن مولاه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يسأل الله لي الوسيلة حلت عليه شفاعتي يوم القيامة)) .

حديث الحارث بن أقيش

حديث الحارث بن أقيش 63- حماد بن سلمة وعلي بن مسهر -واللفظ له- عن داود بن [أبي] هند، عن عبد الله بن قيس الأسدي، قال: بينا نحن ذات ليلة عند أبي بردة بن أبي موسى، إذ دخل علينا الحارث بن أقيش، وكانت له صحبة، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أمتي لمن يعظم للنار حتى يكون أحد -[63]- زواياها، وإن من أمتي لمن يدخل الله الجنة بشفاعته أكثر من مضر)) ، وفي حديث حماد، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا حديث قوي الإسناد.

حديث عبد الرحمن بن أبي عقيل الثقفي

حديث عبد الرحمن بن أبي عقيل الثقفي 64- زهير بن معاوية: حدثنا أبو خالد الأسدي، حدثنا عون بن أبي جحيفة، عن عبد الرحمن بن علقمة الثقفي، عن عبد الرحمن بن أبي عقيل، قال: انطلقنا في الوفد، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما في الناس أبغض إلينا من رجل يلج عليه، فما خرجنا من عنده حتى ما في الناس أحب إلينا من رجل دخل عليه، فقال قائل: يا رسول الله، ألا سألت ربك كملك سليمان؟ فضحك، ثم قال: ((فلعل لصاحبك عند الله أفضل من ملك سليمان، إن الله لم يبعث نبياً إلا أعطاه دعوة، فمنهم من اتخذها دنيا فأعطيها، ومنهم من دعا على قومه إذ عصوه فأهلكوا، وإن الله أعطاني دعوة اختبأتها عند ربي شفاعة لأمتي)) . -[64]- رواه مطين عن أحمد بن يونس، عن زهير. وإسناده مقارب.

حديث مصعب

حديث مصعب 65- وهب بن جرير: حدثنا أبي، سمعت عبد الملك بن عمير يحدث عن مصعب الأسلمي، قال جاء غلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني سائلك سؤالا فأعطنيه، قال: ((ما هو)) ؟ قال: تجعلني ممن تشفع له يوم القيامة، قال: ((من أمرك بهذا؟ من دلك عليه)) ؟ قال: نفسي. قال: ((فإنك ممن أشفع له يوم القيامة)) ، فانطلق الغلام جذلان، ليخبر -[65]- أهله، فقال رسول الله: ((ردوه)) . قال: فجاء كئيباً مخافة أن يكون حدث فيه شيء، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هل تسمع؟ أعني على نفسك بكثرة السجود)) .

حديث أم سلمة

حديث أم سلمة 66- موسى بن عبيدة -وهو ضعيف- عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبي عياش الزرقي، عن أنس بن مالك، عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أريت ما تعمل أمتي من بعدي، فأخرت لهم الشفاعة إلى يوم القيامة)) . رواه ابن أبي داود في كتاب البعث.

آخره والحمد لله تعالى وصلى الله على سيدنا محمدٍ وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وحسبنا الله ونعم الوكيل. تم بعون الملك الوهاب على يد أفقر الورى حسن بن محمد، عفي عنهما، في بلدة قسطنطينية.

§1/1