أهدى سبيل إلى علمي الخليل

محمود مصطفى

مقدمات

مقدمات تقديم ... بسم الله الرحمن الرحيم 1- تقديم "أهدى سبيل" من تأليف العلامة محمود مصطفى نشأ المرحوم الفقيد في بيئة حافلة بكثير من الشخصيات البارزة في العلم والأدب، وفي الورع والتقوى والزهد، فكان لتوجيه أسرته أثر كبير في تكوين ثقافته وشخصيته وهو في نضرة الشباب وبعد أن جاوز عهد الشباب. كان ميلاده في آواخر القرن الميلادي الماضي، وما إن جاوز عهد الطفولة حتى حفظ القرآن الكريم، والتحق بالأزهر ليتزود من الثقافة الدينية بقسط موفور، ثم تركه إلى دار العلوم ليكمل فيها دراسته، وتخرج فيها عام 1912م، وهو في طليعة الخريجين، فعين مدرسًا للغة العربية بمدرسة باب الشعرية التابعة لوزارة المعارف، ثم أخذ يتقلب في وظائف التدريس إلى أن عين ناظرًا لمدرسة المعلمين بمنوف، ثم نقل إلى ميت غمر ناظرًا لمدرسة المعلمين فيها. وكان قد ذاعت حينئذ شهرته الأدبية، وازداد إنتاجه العلمي، وعرفت فيه البيئات العلمية المختلفة أستاذًا متعمقًا في شتى فروع الدراسات الأدبية، ضليعًا في ما ينشره من بحوث ويخرجه من مؤلفات، ملمًّا بمختلف مصادر الأدب العربي القديمة والحديثة. وفي عام 1931م أنشئت كليات الأزهر الثلاث، وكانت كلية اللغة العربية إحدى هذه الكليات، واختير للتدريس فيها كثير من أقطاب العلم والأدب واللغة، فكان في طليعة هؤلاء الأساتذة المختارين الأستاذ: محمود مصطفى.

درَّس الفقيد للفرق الأولى في الكلية مناهج الأدب العربي الجديد أوفَى دراسة، وألّف ثلاثة كتب علمية ضمّنَها شتى البحوث وأعمق الدراسات، في تحليل العصور الأدبية، ومكانة الأدب فيها، وأثرها على الثقافة والتراث العقلي، وترجم لكثير من أقطاب الأدب والخطابة والشعر، ولكثير من علماء اللغة والدين أوفى التراجم وأعمقها. فالكتاب الأوَّل في الأدب الإسلامي والأموي، ويقع في حوالي "أربعمائة" 400 صفحة، والثاني الأدب العباسي في حوالي "ستمائة" 600 صفحة، والثالث في الأدب الأندلسي والأدب المصري في عصر المماليك والأتراك وعصر النهضة الحديثة، ويقع في أكثر من "أربعمائة" 400 صفحة. ووُكِّل إليه فوق ذلك دراسة علم أوزان الشعر وقوافيه، فنهض بأعباء دراسته والتأليف فيه، وأخرج فيه بعد حين كتابه: أهدى سبيل. ثم خرج مع المتخرجين الأوائل من الكلية إلى الدراسة والبحث في تخصص الأستاذية بالكلية، فكان لمحاضراته التي كان يلقيها على طلابه أثر عميق في تكوين عقلياتهم وشخصياتهم العلمية والأدبية، وألقى على طلابه كثيرًا من المحاضرات في الأدب والنقد وفي العروض والقوافي، ومن هذه المحاضرات مجموعة كبيرة في الأدب الجاهلي ودراسته، ومجموعة أخرى في العروض، ودرس أمهات وأصول كتب النقد والأدب الأولى؛ كالأغاني، ومعجم الأدباء، ومعجم البلدان، وكالموازنة، والوساطة، وسواها، وكتب عنها محاضرات وافية، وعُنِيَ بأساس البلاغة للزمخشري واستخرج منه مجموعة كبيرة من الأساليب المجازية في اللغة العربية، كما عنِيَ بالكشاف للزمخشري، واستخرج الشواهد البيانية البليغة منه من آيات الذكر الحكيم، وتفسيره، وفي هذه الفترة أخرج "هبة الأيام فيما يتعلق بأبي تمام" للبديعي المتوفى سنة 1093هـ، وأخرج "المجازات النبوية" للشريف الرضي المتوفى سنة 406هـ، وطبع كتب الأدب الثلاثة التي ألفها طبعة جديدة منقحة. ثم عنِيَ في آخر حياته بالأدب المصري من الفتح العربي إلى بدء عصر

النهضة الحديثة، ودَأَبَ في إخراج مؤلف ضخم في دراسته وتحليل عصوره الأدبية العامة، وبفضل نشاطه المستمر، وجهاده المضني تمكن من تأليف أوسع مؤلف حديث في الأدب المصري إلى بدء النهضة الحديثة، وبوبه، ورتبه، وكتبه بيده، وقسمه جزأين: الأول: في الأدب المصري إلى عصر المماليك، وحجمه حوالي "ثلاثمائة" 300 صفحة، والثاني: في الأدب المصري في عصر المماليك، وحجمه في حجم الأول، وقد انتهى المرحوم الفقيد منهما قبل وفاته بليلة واحدة، وفي مطلع الليلة التي توفي فيها كان يكتب في خاتمة الكتاب، وقد قُدِّمَ هذا الكتاب الحافل في مسابقة علمية في الأدب المصري إلى وزارة المعارف بعد وفاة مؤلفه، فكافأت أهل الفقيد عليه، وستشرع في نشره لتسد به النقص الكبير الذي كان يجده كل طامح في الإلمام بالأدب المصري وعصوره الأدبية المختلفة. وفي يوم الأحد 20 أبريل سنة 1941م ألقى الفقيد محاضراته في الكلية؛ ثم استراح في مكتبتها، وخرج منها بعد الساعة الواحدة ظهرًا، وفي مساء هذا اليوم عكف على الكتابة، ليختم كتابه "الأدب المصري"، وقبل منتصف الليل بقليل شعر بتعب شديد، فترك القلم ليستريح، ولكن الألم ازداد واستدعي لإسعافه بعض الأطباء، ولكنه خَرَّ بين أيديهم صريعًا شهيدًا مضحيًا بنفسه وروحه في سبيل الرسالة التي حملها وجاهد في سبيلها، وهي رسالة العلم والثقافة والأدب. وفي أصيل يوم الاثنين 21 أبريل ائتلف عقد المشيعين له في سرادق بجوار داره، وسرنا في جنازته، تخنقنا العبرات، وتطيف بنا الذكريات، ويا لها من ذكريات، وعَبَرَ المشيعون حيّ الروضة، موطن الفقيد وحي سكناه، ومغدى طفولته، ومسرح شبابه ورجولته، إلى مسجد بعد الحي صُلِّي فيه على الفقيد الراحل، ثم حملت جثمانه الطاهر سيارة أقلته إلى مقابر العففي، فتركناه وودعناه، بعد أن شيعناه إلى مقرّه الأخير في مغرب يوم الاثنين 21 أبريل

سنة 1941م، وهكذا طويت حياة رجل كافح في سبيل الثقافة الأدبية أنبل كفاح، وحمل عبء البحث والدراسة والتأليف في شتى فروع الدراسات الأدبية، وظفر بتقدير العلماء، واحتلت شخصيته مكانها بين الخالدين، ممن خدموا الثقافة الأدبية في مختلف العصور. 2- مؤلفاته ثم لا يفوتنا أن ننوه بمؤلفات الفقيد الراحل التي ألفها قبل أن يعين أستاذًا للأدب بكلية اللغة العربية، ومن هذه المؤلفات: 1- النماذج الحديثة في تطبيق قواعد اللغة العربية. جزءان. 2- المجمل في تاريخ الأدب العربي. بالاشتراك مع أحد الأساتذة. 3- يوميات الفيلسوف القانع ترجمة من الفرنسية إلى العربية: صديق للفقيد، ثم صاغه هو بلسانه وبيانه العربي الساحر. 4- الكلمات: وهي خمسون مقالة في شتى المسائل الدينية والاجتماعية. 5- تهذيب الأدب: إنشاء، وأدب، ولغة. 6- النصوص الأدبية لطلبة البكالوريا عام 1936م. 7- البحتري الشاعر المطبوع. 8- وأخرج فوق ذلك وهو أستاذ في الكليةكتابه: "إعجام الأعلام". كما لا يفوتنا أن ننوه كذلك بجهوده وتضحياته الجليلة في ميدان النشاط العلمي والثقافي في كلية اللغة العربية، التي خدمها أجلَّ الخدمات. وننوّه فوق ذلك بمقالاته وبحوثه التي كان ينشرها في أمهات المجلات الأدبية في مصر: كالرسالة، ومجلة القضاء الشرعي، ومجلة دار العلوم، وفي كثير من الصحف اليومية: كالبلاغ، وسواه. والفقيد وإن لم يَعَانِ مشقة تعلم لغة من اللغات الأوربية، فقد عانى مشقة قراءة كل مؤلَّف حديث أو قديم، والاطلاع على ما تُرجِمَ إلى اللغة العربية من المؤلفات القيمة في الأدب وسواه، وذلك سر ثقافته الواسعة العميقة، وإنتاجه القوي الدقيق.

و"أهدى سبيل" كتاب حافل، وهو أحد مؤلفات الفقيد، ألفه عام 1936م، وسلك فيه منهجًا تطبيقيًّا سهلًا في دراسته بحور الشعر وأوزانه وقوافيه، يبدؤك بالمقدمة لينتهي بك إلى النتيجة، ويوضح لك الحكم واضعًا يدك على علله وأسبابه، ثم هو لا يفجؤك بذكر لقب علمي لم يهدكَ إليه، أو بذكر حكم لم يضع يدك على بواعثه وأسراره. وخرج الكتاب في أسلوبه الواضح، وترتيبه المتسق، وتطبيقاته الفنية الكثيرة، ودراسته التي تساير الذوق والعقل والفطرة، فكان هديةً علميةً ثمينةً قدمها الفقيد إلى الأدباء والشباب. وها هو ذا نقدمه في طبعته المنقحة المصححة إلى قراء العربية والمتزودين بثقافتها، والمتعطشين إلى دراسة عِلْمَي الخليل في أهدى سبيل. رحمة الله على مؤلفه، وسلامه على جدثه الطاهر، وروحه الكريم. محمد عبد المنعم خفاجي

مقدمة الكتاب

مقدمة الكتاب ... بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المؤلف الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي انتفعنا بالصلاة عليه في مواطن كثيرة، فاهتدينا بها بعد حيرة، وأمنا بعد خوف، وَمُكِّنَّا بعد اضطراب. وبعد ... فإن من علوم العربية الجليلة علمي العروض والقافية اللذين يتناولان الشعر العربي ضبطًا لوزنه، وتحقيقًا لقافيته، بإثبات ما أثبته لهما العرب ونفي ما نفوه عنهما. ولهذين العلمين خطرهما وعظيم شأنهما؛ لدقة مسائلهما، وكثرة الشبه فيهما، حتى لقد وقعت مخالفتهما في عهد قريب من أيام العروبة الصحيحة، فهما يشبهان النحو في دقة اعتباراته، وسهولة طروء الفساد على الملكة فيه؛ ولذلك رأينا هذين العلمين يقعان في الوضع تاليين للنحو. فإن الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري المتوفى سنة 160هـ على ما ذكره الأنباري في كتابه: نزهة الألبا في طبقات الأُدَبا، أو سنة 170هـ أو سنة 175هـ على ما ذكره القاضي ابن خلكان في كتابه: وفيات الأعيان؛ لما رأى ما اجترأ عليه الشعراء المحدثون من الجري على أوزان لم تسمع عن العرب، أو ما خانهم فيه الطبع من الخروج على الأوزان العربية بزيادة أو نقص، لما رأى الخليل ذلك هاله، فجمع العزيمة -وما أصدق عزيمته- وشحذ الخاطر -وما أرهف خاطره- واعتزل الناس في حجرة له، فجعل يقضي فيها الساعات، بل الأيام يوقع بأصابعه ويحركها وكان على علم بالنغم، حتى إنه ألف فيه كِتَابَي: النغم، والإيقاع، كما ذكره ابن النديم في فهرسته، وما زال الصبر والذكاء يواتيان الخليل حتى حصر أوزان الشعر العربي وضبط

أحوال قافيته، وأخرج للناس هذين العلمين الجليلين. والعجب من أمره -وليس في التوفيق والذكاء عجب- أنه أبرز العلمين كاملين مضبوطين مجهزين بالمصطلحات، التي لم يجد المتأخرون عنها مَعْدِلًا، وكل ما استدركه المتأخرون على الخليل1 فهو مسائل فرعية، وأمور اعتبارية لا تقدم ولا تؤخر في كون الرجل هو الأول والآخر في هذين العلمين، ولم نسمع بمثل ذلك في الأولين ولا في الآخرين، فسبحان الله واهب القوى!. ولقد عانيت العلمين طالبًا ومعلِّمًا، فوجدت فيهما استعصاء على التحصيل صرف الناس عنهما على جلالة قدرهما، والرغبة في معرفتهما، ووجدت عالم العربية الجهبذ، الواعي لدقائقها في النحو والتصريف، والبلاغة وما إليها، والأديب الراوي لقديم الشعر وحديثه، الخبير بمواضع نقده وأخبار شعرائه، والشاعر المطيل لقصائده، المعدد لأنواع قوافيه، رأيتهم إذا عرض أمر مما يتعلق بموضوع هذين العلمين كالتردد في وزن بيت أو ضبط قافية، طووا حديث ذلك يأسًا من الوصول إلى حل للمشكل الذي عرض. ولقد طال ما روَّيت في أمر هذا الاستعصاء والانصراف، فهداني الله يحسن توفيقه إلى هذه الأسباب: 1- تكثر في كتب العروض الإحالة على مجهول؛ وذلك عيب في أصول التربية؛ فإن المرء إذا كان أمام مسألة يحصلها وجب أن نمهد له مقدماتها، ونسهل سبلها، حتى يصل إلى النتيجة بيسر، ويحصل على علمها باليقين الذي لا شك معه، فأمّا إذا شغلته حين تفهيمه بالمسألة بمسائل أخرى لم يسبق له معرفتها، فقد وزعتَ فكره بين الأمرين، ونفَّرت طبعه بهذا المجهول الذي تحمله على الإقرار به. ولا بد لنا من الاستدلال على هذا العيب بضرب المثل، وإن كان سنقع فيما وقع فيه المتقدمون من الإحالة على المجهول، فإن شئتَ ألا تقع في هذه الإحالة فأخِّر قراءة هذه المقدمة حتى تنتهي من الاطلاع على كتابنا.

فمن تلك الإحالة أنك تجد في أوائل علم العروض عند ذكر أنواع الزحاف والعلة قولهم: الخبن هو: حذف الثاني الساكن كحذف ألف فاعلن وفاعلاتن وسين مستفعلن وفاء مفعولات وهو يدخل عشرة أبحر: البسيط والرجز والرمل والخفيف المنسرح والسريع والمديد والمقتضب والمجتث والمتدارك. وهكذا يمضي المؤلفون في جميع أنواع الزحاف والعلة. وتراه أيضًا قبل البدء في ذكر البحور، يقدمون بابًا عنوانه: ألقاب الأبيات، فيذكرون فيه التام والمجزوء والمشطور والمنهوك، ويعرفون التام بأنه: ما استوفى جميع أجزائه، والمجزوء: ما حذف منه عروضه وضربه، فأنت تراهم يحيلون على المجهول بذكر العروض والضرب، قبل أن يعرف المبتدئ ما هو العروض أو الضرب!!. وتراهم أيضًا يذكرون في هذا الباب المصرَّع ويعرفونه: بأنه ما غيّرت عروضه عما تستحقه لتلحق بالضرب في الوزن والروي، ولا عهد بعد للمتعلم بما تستحقه العروض. 2- وفي التأليف القديم والحديث لهذين العلمين، نجد المؤلفين قد وقفوا عند الأبيات التي استشهد بها الخليل وأصحابه لا يتعدونها، وكثير منها غير جلي، فيكون الجهل بمعناها حيلولة ما دون الأنس بها واستظهارها. ثم إن اتحادها في كل كتاب يجعل ترديد النظر في الكتب المختلفة قليل الجدوى. والقاعدة إذا اختلفت شواهدها، وتعددت صورها؛ كان ذلك أدعى إلى استقرارها في النفس. 3- تقدمت العلوم وطبقت عليها قواعد التربية الحديثة، فأعقب كل باب من أبواب النحو -مثلًا- بتطبيق على مسائله يختبر فيه العقل ويستدل على مقدار التحصيل وتثبت به الفروق بين المسائل وتجلى به غوامضها، ولقد كان عِلْمَا العروض والقافية أولى العلوم بذلك؛ ولكننا لم نجد فيهما إلا سردًا للمسائل وتوحيدًا للشواهد وإقلالًا منها، فهما لم يتَّبعا سنة الترقي التي تجلت في غيرهما من العلوم.

من أجل ذلك وضعت مؤلفي هذا متجنبًا تلك العيوب؛ فلم أتعرض في بيان أنواع الزحاف والعلل إلى ذكر البحور التي تدخلها، ولم أقدم باب: ألقاب الأبيات وأجزائها، بل ختمت به بحوث علم العروض فجاء كالحصر لكل ما قدمته موزعًا على الأبواب؛ ولهذا صار الناظر في كتابنا لا يصطدم أبدًا بمجهول يحار فيه أو يُبْهَت بمجابهته، وأكثرتُ عقب كل بحر من التطبيق عليه، وبعد كل بحرين أنشأت تطبيقًا يعمهما، وبعد كل مجموعة منها جئت بتطبيق أو أكثر يتناولها، وعقب الانتهاء من البحور كلها أحدثت تطبيقات عامة لجميع البحور على نوع من التدريج يأنس إليه الطالب، وكذلك فعلت في علم القافية، فأحدثت لها تطبيقات تثبت مصطلحاتها الكثيرة المتشابهة المتنوعة. والعجيب أن هذين العلمين يتأخران عن بقية العلوم في سُنَّةِ الرقي مع حاجتهما إليها، ولكن لعل الناس لما رأوا الخليل بن أحمد -رحمه الله- قد أتى فيهما بما لا مزيد عليه في حصر قواعدهما بهرهم ذلك منه فأصابتهم الصرفة عن الإبداع فيهما. لذلك أرى نعمة الله عليّ عظيمة بهذا التوفيق إلى تذليل هذين العلمين وتسهيل سبلهما، خصوصًا بعد أن عرفت دور العلم قدر الحاجة إليهما والفائدة المرجوة منهما، فصارا مقرَّرَي التدريس في كل معهد تدرس فيه فروع العربية في مصر: كالجامعة الأزهرية، والجامعة المصرية، ودار العلوم، ومعهد التربية. ولاشك أنَّ لهما مثل هذه العناية في الأقطار العربية الأخرى. والله الموفق للصواب، وهو حسبي ونعم الوكيل. محمود مصطفى

مدخل

مدخل حروف التقطيع ... علم العروض: مقدمتان 1- حروف التقطيع: اتفق القدماء أن يوزن الشعر بموازين مؤلفة من ألفاظ، قوامها: الفاء والعين، واللام، والنون، والميم، والسين، والتاء، وحروف العلة، وجمعها بعضهم في قوله: لمعت سيوفنا. وقد كوّنوا منها عشرة ألفاظ تسمّى التفاعيل وهي: فعولن، مفاعيلن، مفاعلتن، فاعلن، فاعلاتن، متفاعلن، مستفعلن، مفعولات، فاع لاتن، مستفع لن. وهذه الألفاظ تقابل بحروفها في الوزن حروف الكلمات الموزونة في بيت الشعر؛ فما كان متحركًا قوبل بمتحرك وما كان ساكنًا قوبل بساكن. والمعتبر في الحروف الموزونة ما ينطق به، فلو أن حرفًا ينطق به ولا يرسم في الخط وجب أن يقابَل بنظيره في الميزان؛ ككلمة: هذا، فإننا ننطق فيها بعد الهاء بألف نحذفها في الرسم، ولكننا في الوزن نقابلها بحرف ساكن وكذلك الحرف الذي يرسم في الموزون ولا ينطق به؛ لالتقاء الساكنين مثلًا، فإننا لا نقابله بحرف في الميزان، مثال ذلك: إذا وردت عبارة: هذا الذي، فإنها تقابل في الميزان بلفظ: مستفعلن، فالسين الساكنة في مقابلة الألف المحذوفة بعد الهاء، والألف الأخيرة في: هذا، وألف: الذي، لا تصوَّران في الميزان؛ لأننا لا نثبتهما في النطق، ولام الذي وإن رسمت لامًا واحدة تقابل بحرفين أولهما ساكن والثاني متحرك؛ لأننا ننطق بها على صورة الإدغام. والتنوين في الكلمة الموزونة يصور في الميزان حرفًا ساكنًا؛ لأننا ننطق به وإن كنا لا نرسمه في بعض الحالات، فكلمة: راكب، توزن بلفظ: فاعلن. ومن أجل ذلك كان للشعر عند إرادة تقطيعه "مقابلته بالألفاظ الموضوعة للميزان رسم خاص، يلاحظ فيه ما ينطق به، مع ضم كل مجموعة من

الحروف تقابل لفظًا من الميزان في صورة كلمة واحدة، مثال ذلك إذا أردنا تقطيع قول امرئ القيس: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بِسقط اللِّوى بين الدخول فحومل نصوره هكذا: قفانب ... كمنذكرى ... حبيبن ... ومنزلي ... ... بسقطل ... لوى بيند ... دخول ... فحوملي فعولن ... مفعيلن ... فعولن ... مفاعلن ... ... فعولن ... مفاعيلن ... فعول ... مفاعلن وبملاحظة تقطيع البيت نرى أننا صورنا التنوين نونًا ساكنة، وصورنا الإشباع للكسرة ياء، وكوَّنَّا البيت أجزاء قابلناها بأجزاء الميزان غير مراعين صور الكلمات الأصلية في الشعر.

الأسباب والأوتاد

2- الأسباب والأوتاد: إذا نظرت في أجزاء الميزان الشعري وجدتها تتألف من مقاطع، وقد يتكون المقطع من حرفين: متحرك فساكن، أو من متحركين، وقد يتكون من ثلاثة حروف متحركين فساكن، أو متحركين بينهما ساكن: فالجزء مستفعلن مكون من ثلاثة مقاطع: مس، تف، علن. والجزء متفاعلن مقاطعه: مت، فا، علن. والجزء فاعلاتن مقاطعه: فا، علا، تن. والجزء فعولن مقطعاه: فعو، لن، والجزء مستفع لن مقاطعه: مس، تفع، لن. والجزء فاع لاتن مقاطعه: فاع، لا، تن. ومن هنا عرفت أن تركيب: مستفعلن، غير تركيب: مستفع لن، وكذلك فاعلاتن غير فاع لاتن، فبان لك أن الحكمة في فصل مقاطع الجزأين مستفع لن، فاع لاتن؛ هي الدلالة على كيفية تكون مقاطعهما. والمقطع المكون من حرفين يمسى: سببًا، وهو خفيف إن كان الثاني من الحرفين ساكنًا مثل: فاع، من فاعلن، وفا أو تن من فاعلاتن، وإن كان الثاني من الحرفين متحركًا سُمّي السبب ثقيلًا مثل: مت، في متفاعلن. وإن تكوَّن المقطع من ثلاث أحرف سمى وتدًا، فإن كان الساكن بعد

المتحركين فهو الوتد المجموع مثل: علن، في فاعلن، وفعو في فعولن، وعلا في فاعلاتن، وإن كان الساكن بين المتحركين سُمّي وتدًا مفروقًا مثل: فاع، من فاع لا تن، و: لات، من مفعولات. وبعضهم يسمي اجتماع السببين الثقيل فالخفيف: فاصلة صغرى، مثل: متفا، في متفاعلن، واجتماع السب الثقيل فالوتد المجموع: فاصلة كبرى مثل أن تصير مستفعلن بعد حذف سينها وفائها إلى: متعلن، وقد جمع بعضهم أمثلة هذه الأنواع الستة: السبب الخفيف، السبب الثقيل، الوتد المجموع، الوتد المفروق، الفاصلة الصغرى، الفاصلة الكبرى في قوله: لم أرَ على ظهر جبل سمكةً.

تمارين

تمارين تمرين-1 ... تمرين -1 زن الكلمات الآتية بالميزان الشعري بعد كتابتها برسم التقطيع: ساجد، كريم، مستطلع، متعاظم، والدات، معاهدة، كتاب، هذا أبي. أقبل على فعل الخير، أحسن إلى هذا الرجل، لنا كتب نطالعها، هذه الموءودات ما ذنبها؟ مناصحة وإرشاد، صلاح، ما لذة العيش إلا لمن يقنع.

تمرين-2

تمرين -2 أَنْشِئ كلمات أو تعابير توازن هذه التفاعيل: فعولن، مستفعلن، مفاعيلن، فاعلاتن، مفاعلتن.

تمرين-3

تمرين -3 زن الأبيات الآتية على ما عرفت من الطريقة السابقة: ألا يا صبا نجد متى هِجت من نجد ... لقد زادني مَسراك وجدًا على وجد يا لبكر أنشروا لي كليبًا ... يا لبكر أين أين الفرارُ؟ وإذا صحوت فما أُقصِّر عن ندى ... وكما عَلِمْتَ شمائلي وتكرُّمي يعز على الأحبة بالشَّآم ... حبيب بات ممنوع القيام

تمرين-4

تمرين -4 بيِّن ما في التفاعيل الآتية من الأسباب والأوتاد والفواصل: مستفعلن، فاعلاتن، فعولن.

الزحاف والعلة

الزحاف والعلة مبحث ... الزحاف والعلة تجري على تفاعيل الميزان الشعري تغييرات: كتسكين متحرك، أو حذفه أو حذف ساكن، أو زيادته، أو حذف أكثر من حرف، أو زيادته، فهذا في مجموعه هو ما شمله اسم الزحاف والعلة وقد فرقوا بينهما: فالزحاف: كل تغيير يتناول ثواني الأسباب، ويكون بتسكين المتحرك أو حذفه، أو حذف الساكن، ففي مثل متفاعلن؛ يكون بتسكين التاء فتصير متْفاعلن وتحول إلى مستفعلن1، أو بحذفها فتصير مفاعلن، أو بتسكين التاء مع حذف الألف، فتصير متْفعلن وتحول إلى مفْتعلن، وفي فاعلن يكون بحذف الألف فتصير فعلن، وحكم الزحاف؛ أنه إذا عرض في جزء من الأجزاء لا يلزم في مقابله من أبيات القصيدة؛ فـ: فاعلن تكون في القصيدة الواحدة مرة تامة، وأخرى محذوفة الألف، وكذلك: السين، والفاء، من مستفعلن تحذفان، أو إحداهما في بيت من القصيدة، ولا يلزم ذلك في نظائرهما التي تقابلها في الوضع من بقية القصيدة. والزحاف قد يكون في التفعيلة مفردًا، وقد يكون مكَرَّرًا ويسمى حينئذ مزدوجًا فالمزدوج كحذف السين والفاء من مستفعلن. أما العلة: فتدخل على الأسباب والأوتاد، ومثالها في الأسباب حذف السبب في فعولن فتصير فعو وتحول إلى فعل، ومثالها أيضًا في مفاعلتن حذف السبب الأخير منها مع تسكين اللام في السبب الذي قبله فتصير مفاعل وتحول إلى فعولن. ومثالها في الأوتاد زيادة ساكن على الوتد في فاعلن فتصير فاعلتن وتحول إلى فاعلان، أو إسكان آخر الوتد المفروق في مفعولات فتصير

_ 1 القاعدة عند العروضيين: أنه إذا نال التفعيلة تغيير نُظر في الباقي منها فإن كان قريبًا إلى صورة تفعيلة أخرى بقي على حاله، أو إلى صورة تفعيلة أصلية، أو إلى صورة قريبة منها وسيمر بك من ذلك ما تدرك به قصدهم.

مفعولات وتحول إلى مفعولات، أو إسقاط هذا الحرف السابع فتصير مفعولا وتحول إلى مفعولن. وحكم العلل: أنها لا تقع أصالة إلا في العروض: آخر الشطر الأول، والضرب آخر الشطر الثاني، وأنها إذا عرضت لزمت؛ فلا يباح للشاعر أن يتخلَّى عنها في بقية القصيدة.

الزحاف

الزحاف مدخل ... الزحاف لكونه مختصًّا بثواني الأسباب لا تراه يتناول من التفعيلة إلا الحرف الثاني، أو الرابع، أو الخامس، أو السابع؛ فهو لا يدخل الحرف الأول بداهةً، ولا الثالث؛ لأنه لا يكون إلا أول سبب أو وتد أو ثالث وتد، ولا السادس؛ لأنه إما أول سبب أو ثاني وتد؛ وذلك لأنه لا تتوالى ثلاثة أسباب في تفعيلة واحدة، فإن جاء فيها سبب فوتد: فمجموعهما خمسة أحرف، فيكون السادس أول سبب، وإن توالى فيها سببان: كان السادس ثاني وتد. وقد علمت فيما مضى، أن الزحاف يكون مفردًا ومزدوجًا.

الزحاف المفرد

أ- الزحاف المفرد: سنتكلم عليه بحسب تعلقه بالحرف: ثانيًا، ورابعًا، وخامسًا، وسابعًا، فنقول:

في الحرف الثاني

في الحرف الثاني: إن كان متحركًا فسُكِّنَ: سُمي زحافه إضمارًا مثل: متفاعلن تصير متْفاعلن وتحول إلى مستفعلن. وإن كان متحركًا فحذف سُمي زحافه وقْصًا مثل: متفاعلن تصير مفاعلن. وإن كان ساكنًا فحذف سُمي زحافه خبنًا مثل: فاعلن، مستفعلن، مفعولات، تحذف الألف والسين والفاء فتصير: فعلن، ومتفعلن، فعولات، وتحول الأخيرتان إلى: مفاعلن، ومفاعيل.

في الحرف الرابع

في الحرف الرابع: لا يكون الرابع إلا ساكنًا، ولا يحدث له إلا حذفه، ويسمى زحافه طَيًّا مثل: مستفعلن تحذف الفاء فتصير: مستعلن وتحول إلى مفتعلن، ومثل: مفعولات تحذف الواو فتصير مفعلات، ومثل: متفاعلن تحذف ألفه، واشترطوا مع حذفهما إضمار الثاني؛ لئلا تتوالى خمسة متحركات؛ وهو ممتنع في الشعر العربي فتصير متفعلن وتحول إلى مفتعلن.

في الحرف الخامس

في الحرف الخامس: يدخله الزحاف بثلاثة اعتبارات: بحذفه ساكنًا ويسمّى قبضًا مثل: فعولن تصير فعول، ومفاعيل، تصير: مفاعلن. وبحذفه متحركًا ويسمى عقلًا مثل: مفاعلتن تحذف لامها فتصير مفاعتن وتحول إلى مفاعلن. وبتسكينه متحركًا، ويسمّى عصبًا مثل مفاعلتن تصير مفاعلْتن وتحول إلى مفاعيلن.

في الحرف السابع

في الحرف السابع: لا يدخله الزحاف إلا إذا كان ساكنًا فيحذف ويسمّى كَفًّا مثل: نون مفاعيلن فتصير مفاعيل، ومثل: نون فاعلاتن فتصير فاعلاتُ، ونون مستفعلن فتصير مستفع ل، ونون فاع لاتن فتصير فاع لاتُ.

تمارين1

تمارين1 تمرين-5 ... تمرين -5 1- اخبن التفاعيل الآتية: فاعلن. مستفعلن. مفعولات. فاعلاتن. ب- اقبض: فعولن. مفاعيلن. وكُف: مفاعيلن. فاعلاتن. ج- أدخل على التفاعيل الآتية ما يجوز إدخاله عليها من الزحاف: مستفعلن. مفعولات. مستفع لن. مفاعلتن.

تمارين-6

تمارين-6 ... تمرين -6 زن الأبيات الآتية وبين ما سلم من تفاعيلها وما جرى عليه نوع من

الزحاف مع تسمية ذلك النوع1: جعلتك في القلب لي عدَّة ... لأنك في اليد لا تجعل أرى كلَّنا يبغي الحياة لنفسه ... حريصًا عليها مستهامًا بها صَبًّا أما تَرَى الليل قَدْ ولَّت عساكره ... وأقبل الصبح في جيش له لَجَبِ

_ 1 قد يتعثر الطالب فيجمع في البيت الواحد تفاعيل لا تجتمع فيه، ولكن لا بأس بذلك، فالقصد هو مجرد التمرين، ومع ذلك يحسن بالمعلم إرشاده إلى التوفيق بين التفاعيل حتى لا يجمع منها ما لا يجتمع.

الزحاف المزدوج

الزحاف المزدوج: سُمِّي مزدوجًا لاجتماع نوعين من الزحاف المفرد في تفعيلة واحدة. وهو أربعة أنواع: 1- الْخَبْل: وهو اجتماع الخبن مع الطي، مثل: مستفعلن تحذف سينها وفاؤها فتصير مُتَعِلُن، وتحول إلى فَعَلَتُنْ، ومثل: مفعولات تحذف فاؤها وواوها فتصير مَعِلاتُ وتحول إلا فَعِلات. ولا يدخل غير هاتين التفعيلتين. 2- الْخَزْل: وهو اجتماع الإضمار مع الطي مثل: متفاعلن تسكن تاؤه وتحذف ألفه فتصير مُتفعلن وتحول إلى مفتعلن ولا يدخل غيرها. 3- الشَّكْل: وهو اجتماع الخبن والكف مثل: فاعلاتن تحذف ألفها الأولى ونونها فتصير فَعِلات. ومستفع لن تحذف سينها ونونها فتصير متفع لن ولا يدخل غيرهما. 4- النَّقْص: وهو اجتماع العَصْب مع الكف مثل: مفاعلتن تسكن لامها وتحذف نونها فتصير مفاعلْت وتحول إلى مفاعيل، وهو لا يدخل غيرها.

جداول أنواع الزحاف

جداول أنواع الزحاف ... جدول أنواع الزحاف نوع الزحاف ... تعريفه ... التفعيلة قبله ... التفعيلة بعده الإضمار ... تسكين الثاني ... متفاعلن ... مستفعلن الوقص ... حذف الثاني المتحرك ... متفاعلن ... مفاعلن الخبن ... حذف الثاني الساكن ... فاعلن. مستفعلن مفعولات ... فعلن. مفاعلن مفاعيل الطي ... حذف الرابع الساكن ... مستفعلن ... مفتعلن1 القبض ... حذف الخامس الساكن ... فعولن ... فعول العقل ... حذف الخامس المتحرك ... مفاعلتن ... مفاعلن العصب ... تسكين الخامس المتحرك ... مفاعلتن ... مفاعيلن الكف ... حذف السابع الساكن ... فاعلاتن ... فاعلات الخبل ... حذف الثاني والرابع الساكنين ... مستفعلن ... فعلتن الخزل ... إسكان الثاني وحذف الرابع ... متفاعلن ... مفتعلن الشكل ... حذف الثاني والسابع الساكنين ... فاعلاتن ... فعلات النقص ... إسكان الخامس وحذف السابع ... مفاعلتن ... مفاعيل

_ 1 يدخل الطي غير مستفعلن كما مر بك، ولكننا نكتفي بمثال، ومتفعل ذلك في غيره.

تمارين2

تمارين2 تمارين-7 ... تمرين -7 أ- بيِّن من أنواع الزحاف، مفردًا ومزدوجًا، ما يجوز جريانه على التفاعيل

الآتية، مع بيان ما تصير إليه التفعيلة وما تحول إليه: فعولن. مفاعيلن. متفاعلن. فاع لاتن. ب- بين أصل هذه التفاعيل واذكر نوع زحافها: فعول. مفاعلن. فاعلات. فعلات.

تمرين-8

تمرين -8 الأبيات الآتية تتكون من بحر أصل تفاعيله على النحو الآتي: فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن ... فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن فَزِنِ الأبيات وبَيِّن ما دخل أجزاءها من أنواع الزحاف: إلى الله أشكو وَشْكَ بَيْن وفرقة ... لها بين أحشاء المحب نُدُوبُ ثلاثون من عمري مضين فما الذي ... أؤمِّل من بعد الثلاثين من عُمري قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان ... وربع خلت آياته منذ أزمان

تمرين-9

تمرين -9 الأبيات الآتية من بحر أصل تفاعيله: مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن ... مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن فَزِن الأبيات وبين ما دخل أجزاءها من الزحاف: لا تحسب المجد تمرًا أنت آكله ... لن يبلغ المجد من لم يلعق الصَّبرا واحرّ قلباه ممن قلبه شَبِم ... ومن بجسمي وحالي عنده سقم وأمَّة كان قبح الجور يسخطها ... دهرًا فأصبح حسن العدل يرضيها

تمرين-10

تمرين -10 الأبيات التالية من بحر أصل تفاعيله: متفاعلن متفاعلن متفاعلن ... متفاعلن متفاعلن متفاعلن فَزِن هذه الأبيات عليه وبين ما جرى فيها: أو ليس من إحدى العجائب أنني ... فارقته وحييت بعد فراقه لكَ يا منازل في القلوب منازلُ ... أقفرتِ أنت وهن منك أواهلُ لِلَّهو آونة تَمُرُّ كأنَّها ... قُبَلٌ يزودها حبيب راحل

العلل

العلل مدخل ... العلل إذا رجعت إلى تعريف العلة وجدت أنها كما تكون عاملة شاملة للأسباب والأوتاد، تكون بالزيادة والنقص، ومن أجل ذلك انقسمت قسمين: علل زيادة، وعلل نقص.

علل الزيادة

أ- علل الزيادة: هي ثلاثة: 1- التَّرفيل: وهو زيادة سبب خفيف على ما آخره وتد مجموع، مثاله: فاعلن يزاد عليها: تن، فتصير فاعلنْتن وتحول إلى فاعلاتن. وكذلك متفاعلن تصير متفاعلنْتن وتحول إلى متفاعلاتن. 2- التَّذييلُ: وهو زيادة حرف ساكن على ما آخره وتد مجموع مثل: فاعلن ومتفاعلن ومستفعلن فتحول إلى فاعلان ومتفاعلان ومستفعلان بقلب نونها ألفًا وزيادة نون ساكنة بعدها. 3- التسبيغ: وهو زيادة حرف ساكن على ما آخره سبب خفيف مثل: فاعلاتن التي تحول إلى فاعلاتان، وهو لا يدخل غيرها من التفاعيل. 4- ويلحق بها الخزم، وسيأتي.

علل الحذف أو النقص

علل الحذف أو النقص: هي تسع: 1- الْحَذف: وهو إسقاط سبب خفيف من آخر التفعيلة مثل: فعولن تصير فعو، وتحول إلى فَعَلْ، ومثل: فاعلاتن تصير فاعلا وتحول إلى فاعلن. 2- القطف: وهو اجتماع الحذف مع العصب، من أنواع الزحاف، مثل: مفاعلتن تحذف منها: تن، وتسكن لامها فتصير مفاعل وتحول إلى فعولن. 3- القطع: وهو حذف ساكن الوتد المجموع مع إسكان ما قبله مثل: فاعلن، تصير فاعل وتحول إلى فعلن، أو تبقى على حالها، ومتفاعلن تصير متفاعلْ، ومستفعلن تصير مستفعل. 4- البَتْر: وهو يجمع بين الحذف والقطع ففي فعولن تحذف: لن، هذا هو الحذف، ثم تحذف الواو وتسكن العين وهذا هو القطع، فتصير فَعْ ومثاله أيضًا فاعلاتن تصير فاعل، ويصح بقاؤها على هذه الصورة أو نقلها إلى فعْلن. 5- القصر: وهو حذف ساكن السبب الخفيف وإسكان متحركه؛ مثل:

فاعلاتن تصير فاعلات، ومثل فعولن تصير فعول. 6- الْحَذَذُ: وهو حذف الوتد المجموع مثل: متفاعلن تصير: متفا، وتحول إلى فعلن. 7- الصَّلْمُ: وهو حذف الوتد المفروق مثل: مفعولات تصير مفعول وتحول إلى فعْلن. 8- الوقف: وهو إسكان السابع المتحرك مثل: مفعولاتُ تصير مفعولاتْ وتنقل إلى مفعولان. 9-الكشف: وهو حذف السابع المتحرك؛ كحذف تاء مفعولات فتصير مفعولا وتحول إلى مفعولان.

جداول علل الزيادة

جداول علل الزيادة ... جدول علل الزيادة نوع العلة ... تعريفها ... التفعيلة قبلها ... التفعيلة بعدها 1- الترفيل ... زيادة سبب خفيف على ما آخره وتد مجموع ... فاعلن متفاعلن ... فاعلاتن متفاعلاتن 2- التذييل ... زيادة حرف ساكن على ما آخره وتد مجموع ... فاعلن، متفاعلن مستفعلن ... فاعلان، متفاعلان مستفعلان 3- التسبيغ ... زيادة حرف ساكن على ما آخره سبب خفيف ... فاعلاتن ... فاعلاتن

جداول علل النقص - الحذف

جداول علل النقص - الحذف ... جدول علل النقص "الحذف" نوع العلة ... تعريفها ... التفعيلة قبلها ... التفعيلة بعدها 1- الحذف ... إسقاط السبب الخفيف من آخر الجزء ... مفاعلين فاعلاتن ... فعولن فاعلن 2- القطف ... إسكان الخامس مع حذف السبب الخفيف ... مفاعلتن ... فعولن 3- القطع ... حذف آخر الوتد المجموع مع إسكان ما قبله ... فاعلن متفاعلن ... فعلن فعلاتن

نوع العلة ... تعريفها ... التفعيلة قبلها ... التفعيلة بعدها 4- البتر ... حذف السبب الخفيف آخر الوتد المجموع مع إسكان ما قبله ... فعولن فاعلاتن ... فع فعلن 5-القصر ... حذف ساكن السبب الخفيف وإسكان متحركه ... فعولن فاعلاتن ... فعول فاعلان 6- الحذذ ... حذف الوتد المجموع ... متفاعلن ... فعلن 7- الصلم ... حذف الوتد المفروق ... مفعولات ... فعلن 8- الوقف ... إسكان السابع المتحرك ... مفعولات ... مفعولان 9- الكشف ... إسقاط السابع المتحرك ... مفعولات ... مفعولن

العلل الجارية مجرى الزحاف

العلل الجارية مجرى الزحاف تلك هي العلل التي تأخذ صفة الزحاف في عدم اللزوم، فإذا عرضت لم يجب على الشاعر التزامها؛ بل جاز له تركها والعود إلى الأصل. وتلك العلل كثيرة أغلبها لم يقع في الشعر العربي إلا نادرًا غير مقبول، لذلك نكتفي بالإشارة إليه في حاشية الكتاب1 حتى لا نطيل عليك بما لا يصادفك إلا في أقل من القليل.

_ 1 من هذه العلل: الخزم بالزاي وهو زيادة حرف إلى أربعة أحرف في صدر الشطر الأول من البيت، أو حرف أو حرفين في أول العجز وشذّ بأكثر من أربعة في أول الصدر وبأكثر من حرفين في أول العجز مثاله في الشطر الأول بحرف قول الشاعر: وكأن أبانا في أفانين وَدِقه ... كبير أناس في بجادٍ مزمَّل فكلمة كأن وزنها فعول وزيدت قبلها الواو. ومثاله بحرفين قوله: يا مطر بن ناجية بن سامة إنني ... أُجفَى وُتغلقُ دونِيَ الأبواب =

ولكن من هذه العلل علتان تكثران في الشعر العربي وتقبلان وهما: 1- التشعيت: وهو حذف أول الوتد المجموع؛ مثل فاعلاتن تحذف عينها فتصير فالاتن وتحول إلى مفعولن. ومثل فاعلن تصير فالن وتحول إلى فعلن.

_ = فقوله: "مطر بن نا"، وزنها متفاعلن، وزيد قبلها لفظ: يا. مثاله بثلاثة، قوله: لقد عَجبْتُ لقوم أسلموا بعد عزهم ... إمامَهمو للمنكرات وللغَدْر فأول الموزون في البيت كلمة عجبت، وهي على وزن فعول، ولفظ "لقد" زائد قبل ذلك. ومثاله بأربعة أحرف قوله: اشُدد حيازيمك للموت ... فإن الموت لاقيكا فأول الموزون في البيت كلمة: حيازيم، على وزن مفاعيل، وكلمة: اشدد، قبلها زائدة. ومثال الخزم في العجز بحرف قوله: كلما رابك منّي رائب ... ويعلم الجاهل مني ما علم فأول الموزون من الشطر الثاني: يعلم الجا، ووزنه فاعلاتن، والواو زائدة، ومثاله بحرفين قوله طرفة: هل تذكرون إذ نقاتلُكُم ... إذ لا يضير معدما عدمه فهذا البيت خُزِم مرتين في أول صدره لفظ هل، وأول الموزون منه: تذكرون، ووزنها فاعلات، وخزم أيضًا في أول العجز بإذ، وأول الموزون منه لا يضير ووزنها فاعلات. ومن هذه العلل أيضًا: الخرم، بالراء وهو اسم يطلق بالمعنى العام على إسقاط أول الوتد المجموع في أول شطر من البيت وتختلف أسماؤه بحسب موقعه، ولا يكون إلا في التفاعيل المبدوءة بوتد مجموع وهي: فعولن، مفاعيلن، مفاعلتن، وقد يقع فيها وحده أو يجتمع مع علة أخرى. ففي فعولن: أ- إن دخل وحده فصارت عُولن وحولت إلى فعلن فهو خرم أو ثلم. ب- وإن دخلها مع القبض فصارت عول وحولت إلى فعل فهو ثرم والجزء أثرم. وفي مفاعيلن له ثلاث صور: أ- إن دخلها وحده فصارت فاعلين وتحول إلى مفعولن فهو خرم فحسب. ب- وإن دخلها مع القبض فصارت فاعلن فهو شَتْر، والجزء إذ ذاك أشتر. ج- وإن دخلها مع الكف فصارت فاعيل وتحول إلى مفعول فهو خَرْب، والجزء إذ ذاك أخرب. وفي مفاعلتن له أربع صور: أ- إن دخلها وحده فصارت فاعلتن وتحول إلى مفتعلن فهو عضب. والجزء إذ ذاك أعضب "ويلاحظ هنا أنه سُمّي باسم آخر غير الخرم مع سلامة الجزء من غيره". ب- وإن دخلها مع العضب فصارت فاعلتن وتحول إلى مفعولن فهو قصم والجزء أقصم. ج- وإن دخلها مع العقل فصارت فاعتن وتحول إلى فاعلن فهو جَمٌّ، والجزء إذ ذاك أجمّ. د- وإن دخلها مع النقص "وهو حذف السابع مع إسكان الخامس" فصارت فاعلْت وتحول إلى مفعول، فو عقص والجزء إذ ذاك أعقص.

2- الحذف: وهو الذي مرّ بك في علل النقص، وبه تصير فعولن فعو وتحول إلى فعل. وسينكشف لك أمر هاتين العلتين حين نعرض للكلام عن البحور التي تدخلانها.

تمارين

تمارين تمرين-11 ... تمرين -11 أ- أدخل علل الزيادة على ما يمكن قبوله لها من التفاعيل الآتية: مستفعلن، فاعلن، مفعولات، فاعلاتن، فعولن. ب- قد تصير فعولن إلى: فعو، وإلى: فع، وفاعلاتن إلى: فاعل، ومفعولات إلى: مفعولا، ومتفاعلن إلى: متفا، فما أسماء العلل التي جرت عليها، وإلى ماذا تحوَّل هذه التفاعيل بعد ذلك؟

تمرين-12

تمرين -12 أ- الأبيات الآتية تتكون أصلًا على النحو الآتي: مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن ... مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن فَزِن الأبيات وبين ما جرى فيها من زحاف وعلة: أتَدري ما أرابك من يريب ... وهل ترقى إلى الفلك الخطوب وزائرتي كأن بها حياء ... فليس تزور إلا في الظَّلام ولا تُعِن العدوَّ عليّ إني ... يمينٌ إن قطعت فمن ذراعك ب- الأبيات الآتية تتكون أصلًا على النحو الآتي: مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن ... مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن فَزِنها وبين ما جرى فيها من زحاف وعلة: يا مالِ إنِّي قضت نفسي عليكَ وما ... بيني وبينك من قربى ولا رحم إلا الذي لك في قلبي خصصت به ... من المودة في سَترٍ وفي كرم لا شيء أعظم من ذنبي سوى أملي ... لحسن عفوكَ عن ذنبي وعن زللي فإن يكن ذا وذا في القدرِ قد عظُما ... فأنت أعظم من جرمي ومن أملي

ج- الأبيات الآتية تتكون أصلًا على النحو الآتي: متفاعلن متفاعلن متفاعلن ... متفاعلن متفاعلن متفاعلن فزنها وبين ما جرى فيها من زحاف وعلة: الذنب لي فيما جناه لأنني ... مكَّنْتُه من مُهجتي فتمكَّنا انظر إلى زهر الربيعْ ... والماء في بِرَك البديعْ وإذا الرياح جرت عليـ ... هـ في الذهاب وفي الرُّجوع نَثرت على بيض الصَّفَا ... ئح بيننا حَلَقَ الدروع مع ملاحظة أنه يصلح جعل العين في آخر الأبيات ساكنة ومتحركة بكسرة مشبعة.

بحور الشعر

بحور الشعر مدخل ... بحور الشعر نظر المتقدمون في الشعر العربي فاستطاعوا أن يرجعوه إلى خمسة عشر وزنًا، أو ستة عشر، على خلاف بينهم في الوزن السادس عشر؛ فالخليل بن أحمد الفراهيدي البصري واضع علم العروض وأول من تكلم فيه لم يثبت عنده هذا الوزن، ولم يصح في روايته ما جاء من الشعر عليه؛ أما الأخفش الأوسط المتوفَّى سنة 216هـ، وهو سعيد بن مسعدة تلميذ سيبويه، فإنه زاد هذا الوزن وسَمّاه المتدارك؛ لأنه تدارك به ما فات الخليل. وسبب تسميته الوزن من أوزان الشعر بحرًا أنه شبيه بالبحر، فهذا يغترف منه ولا تنتهي مادته، وبحر الشعر يورد عليه من الأمثلة ما لا حصر له، وسنتكلم على الأوزان الستة عشر إتمامًا للفائدة فنقول:

فلهذا البحر على ذلك عروض واحدة وثلاثة أضرب: 1- العروض المقبوضة مع الضرب المقبوض مثالها: وإنك للمَولى الذي بك أقتدي ... وإنك للنَّجم الذي بك أهتدي تقطيعه: وإنن ... كلمولل ... لذيب ... كأقتدي ... ... وإنن ... كلننجمل ... لذيب ... كأهتدي الوزن: فعول ... مفاعيلن ... فعول ... مفاعلن ... ... فعول ... مفاعلين ... فعول ... مفاعلن وقول الشاعر: وأنت الذي عرَّفتني طُرقَ العُلا ... وأنت الذي هدَّيتني كل مقصد وأنت الذي بلَّغتني كل غاية ... مشيت إليها فوق أعناق حُسَّدي فيا مُلْبسي النّعمى التي جلَّ قدرها ... لقد أخلقت تلك الثيابُ فجدد 2- العروض المقبوضة مع الضرب الصحيح، مثالها قول أبي فراس: أُسِرت وما صحبي بعُزْلٍ لدى الوَغى ... ولا فرسي مُهرٌ ولا ربُّهُ غَمْرُ تقطيعه: أسرت ... وما صحبي ... بعزلن ... لدلوغي ... ... ولاف ... رسيمهرن ... ولارب ... بهو غمر وزنه: فعول ... مفاعيلن ... فعولن ... مفاعلن ... ... فعول ... مفاعيلن ... فعولن ... مفاعيلن وقوله: ولكن إذا حُمَّ القضاء على امرئ ... فليس له بَرّ يقيه ولا بحر وقال أُصَيحابي الفرار أو الرَّدى ... فقلت: هما أمران أحلاهما مر ولكنني أمضي لما لا يعيبني ... وحسبك من أمرين خيرهما الأَسْرُ 3- العروض المقبوضة مع الضرب المحذوف، مثالها قول أبي فراس في سيف الدولة: أما لجميل عندكُنَّ ثوابُ ... ولا لِمسيءٍ عندكن متابُ1 تقطيعه: أمال ... جميلن عن ... دكنن ... ثوابو ... ... ولال ... مسي ئن عن ... دكنن ... متابو وزنه: فعول ... مفاعيلن ... فعولن ... فعولن ... ... فعول ... مفاعلين ... فعول ... فعولن

_ 1 يلاحظ أن العروض في هذا البيت محذوفة، ولم نقدم لك أنها تكون كذلك، ولكن اعلم أنه في بدء كل قصيدة قد توافق العروض الضرب ثم يستمر الشعر على نوع العروض التي اختارها لقصيدته، وتسمى موافقة العروض للضرب في هذه الحال التصريع، وهو غير مقبول إلا في أول القصيدة.

وقوله: إذا الْخِلّ لم يهجرك إلا ملالةً ... فليس له إلا الفراقُ عتاب إذا لم أجد من خلَّة ما أريده ... فعندي لأُخرى عزمة وركاب وليس فراق ما استطعت فإن يكن ... فراقٌ على حال فليس إياب والقبض في فعولن حسنٌ وفي مفاعيلن صالح وكَفُّ مفاعيلن قبيح عند الخليل، حسن عند الأخفش، وما أحسن تورية بعض الأندلسيين في ذلك: كففتُ عن الوصال طويلَ شوقي ... إليك وأنت للروح الخليل وكفُّك للطويل فدتك نفسي ... قبيح ليس يرضاه الخليل

البحر الطويل

1 - البحر الطويل هو: أحد أبحر ثلاثة كثر ورودها في أشعار العرب القدماء وأصل تفاعيله كما يلي: فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن ... فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن وقد ورد مستعملًا على ثلاث صور؛ لأن العروض: آخر تفعيلة في الشطر الأول لا تكون إلا مقبوضة، مفاعلن. والضرب: آخر تفعيلة في الشطر الثاني، يكون صحيحًا، مفاعيلن، ومقبوضًا مفاعلن، ومحذوفًا مفاعي، وينقل إلى فعولن، وهذه هي الأحكام اللازمة فيه، أما بقية تفاعيله فيجوز في فعولن أيًّا كان؛ القبض فعول، كما يجوز في مفاعيلن في غير العروض والضرب القبض أيضًا مفاعلن، والكف مفاعيل، ولا يجتمع عليه هذان الزحافان، فلا يقال: مفاعلُ.

البحر المديد

البحر المديد الشرح ... 2- البحر المديد أصل تفاعيله كما يلي: فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن ... فاعلاتن فاعلن فاعلاتن فاعلن لم يستعمل تامًّا، بل مجزوءًا: بحذف فاعلن الأخيرة من الشطرين فتصير، فاعلاتن الأخيرة في الشطر الأول عروضه، والأخيرة في الشطر الثاني ضربه، واستعمال هذا البحر قليل، لثقل فيه إلا العروضة الثالثة بضربيها. وأعاريضه ثلاث، وأضربه ستة، موزعة على الأعاريض. 1- العروض الأولى: صحيحة ولا يكون ضربها إلا صحيحًا مثلها، مثاله قول مهلهل: يا لبكرٍ أنشروا لي كليبًا ... يا لبكر أين أين الفرارُ؟ تقطيعه: يالبكرن ... أنشروا ... لي كليبن ... ... يا لبكر ... أين أي ... نلفرارو وزنه: فاعلاتن ... فاعلن ... فاعلاتن ... ... فاعلاتن ... فاعلن ... فاعلاتن وقوله: تلك شيبان تقول لبكر ... صرَّح الشر وبان السُّرارُ وبنو عجلٍ تقول لقيس ... وليتم اللات سيروا فساروا 2- العروض الثانية: محذوفة، تصير فيه فاعلاتن إلى فاعلن، وأضربها ثلاثة: محذوف مثلها، كقول الشاعر: اعلموا أَنِّي لكم حافظ ... شاهدًا ما كنت أو غائبًا تقطيعه: اعلموا أن ... ني لكم ... حافظن ... ... شاهدن ما ... كنت أو ... غائبا وزنه: فاعلاتن ... فاعلن ... فاعلن ... ... فاعلاتن ... فاعلن ... فاعلن أو مقصور: تصير فيه فاعلاتن إلى فاعلات وتحول إلى فاعلان، ومثاله: يا وميض البرق بين الغمام ... لا عليها بل عليك السلام

تقطيعه: يا وميضل ... برق بي ... نلغمام ... ... لا عليها ... بل على ... كسلام وزنه: فاعلاتن ... فاعلن ... فاعلان ... ... فاعلاتن ... فاعلن ... فاعلان وقوله: إن في الأحداج مقصورةً ... وجهها يهتك سِتْر الظَّلام أو أبتر: اجتمع فيه الحذف والقطع فتصير فاعلاتن فاعل، ومثاله: إنما الذّلْفَاء ياقوتَةٌ أخرجت من كيس دِهْقَان تقطيعه: إننمذذل ... فاء يا ... قوتتن ... ... أخرجت من ... كيس ده ... قاني وزنه: فاعلاتن ... فاعلن ... فاعلن ... ... فاعلاتن ... فاعلن ... فاعل 3- العروض الثالثة: محذوفة مخبونة تصير فيها فاعلاتن إلى فعِلا وتُحوَّل إلى فعِلن، ولها ضربان إما مثلها، ومثاله: للفتى عقل يعيش به ... حيث تهدِي ساقه قدمه تقطيعه: للفتى عق ... لن يعي ... شبهي ... ... حيث تهدى ... ساقهو ... قدمه وزنه: فاعلاتن ... فاعلن ... فعلن ... ... فاعلاتن ... فاعلن ... فعلن وإمّا أبتر: فتصير فيه فاعلاتن إلى فاعل وتحول إلى فعْلن بسكون العين، ومثاله: رُبَّ نار بتّ أرْمُقها ... تقضم الْهِنديَّ والغَارَا تقطيعه: ربب نارن ... بتت أر ... مقها ... ... تقضملهن ... دي ول ... غارا وزنه: فاعلاتن ... فاعلن ... فعلن ... ... فاعلتن ... فاعلن ... فعلن العروض الأولى الصحيحة يدخلها ما يدخل الحشو من الزحاف وهو: الخبن، فعلاتن، وهو حسن، والكف: فاعلات، وهو صالح، والشَّكْلُ: فعلات، وهو قبيح. وضربها لا يجوز فيه إلا الخبن، وهو حسن.

تمارين

تمارين تمرين-13 ... تمرين -13 أ- الأبيات الآتية من البحر الطويل. فزنها وبين نوع عروضها وضربها: قال الأعشى: لَعَمْري لقد لاحت عيونٌ كثيرةٌ ... إلى ضَوءِ نار بَاليفَاعِ تَحَرَّقُ تُشَبُّ لمقرورين يصطليانها ... وبات على النار النَّدَى والْمُحَلقُ وقال دِعْبل: يموت رديء الشعر من غيره أهله ... وجَيِّده يبقى وإن مات قائله وقال أوس بن حجر: إذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكد ... إليه بوجه آخر الدهر تقبل ب- زن الأبيات الآتية من البحر المديد وبين نوع عروضها وضربها: ولقد لاموا فقلت: دعوني ... إنَّ من تنهون عنه حبيب إخوتي لا تبعدوا أبدًا ... وبلى والله قد بعدوا

تمرين-14

تمرين -14 هذه الأبيات بعضها من الطويل والآخر من المديد، فزن كلًّا، وبين نوع عروضه وضربه وما طرأ على حشوه1 من التغيير مع تسميته: يا خليلي نابني سُهُدي ... لَمْ تَنَمْ عيني ولَمْ تَكَدِ كيف تَلحَاني على رجُلٍ ... آنس تلتذّه كبدي وقال أبو العتاهية: وغير بديع مَنعُ ذي البُخلِ مالَهُ ... كما بَذْلُ أهل الفضل غير بديع وقال أبو العتاهية: خير من يُرْجى ومن يَهَبُ ... ملك دانت له العرب وحقيق أن يدان له ... من أبوه للنَّبي أب وقال الشاعر: لهمدان أخلاق ودين يزينهم ... وبأس إذا لاقوا وحسن كلام فلو كنت بوَّابًا على باب جنَّةٍ ... لقلتُ لهمدان ادخلوا بسلام

_ 1 الحشو: ما عدا العروض والضرب من تفاعيل البيت.

البحر البسيط

البحر البسيط الشرح ... 3- البحر البسيط أصل تفاعيله كما يلي: مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن ... مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن وهو أحد أبحر ثلاثة كثر دورانها في الشعر العربي، ويجيء تامًّا ومجزوءًا. 1- العروض الأولى: تامَّة مخبونة، تصير فاعلن إلى فعلن ولها ضربان: الضرب الأول مثلها، كقول الشاعر: يا أيها الملك المبدي عداوتَهُ ... انظر لنفسك أي الأمر تبتدر يا أيهل ... ملكل ... مبدى عدا ... وتهو ... أنظر لنفـ ... سك أي ... يلأ مرتب ... تبتدرو مستفعلن ... فعلن ... مستفعلن ... فعلن ... مستفعلن ... فعلن ... مستفعلن ... فعلن وبعده: فإن نفستَ على الأقوام مَجدَهُمُ ... فابسط يديك فإن الخير مبتدر وقول الشاعر: يا طولَ شوقي إن كان الرحيل غَدًا ... لا فرَّق الله فيما بيننا أبدًا الضرب الثاني: مقطوع، تصير فيه فاعلن إلى فاعلْ ومثاله: وإن صخرًا لتأتم الهداة به ... كأنه عَلَم في رأسه نار 2- العروض الثانية مجزوءة صحيحة؛ أي حذفت فاعلن الأخيرة في الشطر الأول وصارت مستفعلن آخره سليمة من التغيير، ولها أضرب ثلاثة: الضرب الأول مثلها؛ ومثاله: ماذا وُقُوفي على ربع عفا ... مخلولق دارس مُستعجَمِ ماذاوقو ... في على ... ربعن عفا ... ... مخلوقن ... دارسن ... مستعجمي مستفعلن ... فاعلن ... مستفعلن ... ... مستفعلن ... فاعلن ... مستفعلن

الضرب الثاني مذيل: تصير فيه مستفعلن إلى مستفعلان ومثاله: لا تلتمس وصلة من مخلف ... ولا تكن طالبًا ما لا ينال لا تلتمس ... وصلتن ... من مخلفن ... ... ولا تكن ... طالبن ... مالا ينال مستفعلن ... فاعلن ... مستفعلن ... ... مستفعلن ... فاعلن ... مستفعلان وبعده: يا صاح قد أخلفت أسماء ما ... كانت تمنيك من حسن الوصال الضرب الثالث: مقطوع مجزوء، تصير فيه مستفعلن إلى مستفعل وتحول إلى مفعولن ومثاله: سيرو معا إنما ميعادكم ... يوم الثلاثاء بطن الوادي سيرومعن ... إننما ... ميعادكم ... ... يوم مثلا ... ثاء بط ... نلوادي مستفعلن ... فاعلن ... مستفعلن ... ... مستفعلن ... فاعلن ... مفعولن 3- العروض الثالثة: مجزوءة مقطوعة، وضربها مثلها، وتصير مستفعلن فيهما مفعولن ومثالها: ما هيَّج الشَّوق من أطلالِ ... أضحت قفارًا كَوَحْي الواحي ما هيجش ... شوق من ... أطلالي ... ... أضحت قفا ... رن كوح ... يلواحي مستفعلن ... فاعلن ... مفعولن ... ... مستفعلن ... فاعلن ... مفعولن ملاحظة: كثير من الشعراء المتأخرين خبن مفعولن في العروض والضرب الماضيين؛ فيصيران إلى فعولن. وقد سَمّوا هذا الوزن مُخَلَّع البسيط ومثاله قول الشاعر: يدير في كفه مُدامًا ... أَلَذَّ من غَفلة الرَّقيب

تقطيعه: يدير في ... كففهي ... مدامن ... ... ألذذ من ... غفلة ر ... رقيبي مستفعلن ... فاعلن ... فعولن ... ... متفعلن ... فاعلن ... فعولن وقوله أيضًا: ألْبَسني ذِلَّة العبيد ... مَنْ قَلبُه صيغ من حديد ونَمَّ طَرْفِي بما ألاقي ... من كمد دائم المزيد وقول ديك الجن: قلت له والجفون قرْحى ... قد أقرح الدمع ما يليها مالي في لوعتي شبيه ... قال وأبصرت لي شَبيهَا؟!! ويدخل هذا البحر الخبن: خماسيه وهو حسن فيه مطلقًا، وفي سباعيه وأكثر حسنه في أول الصدر، وأول العجُز. ويدخله الطي في السباعي وهو صالح، والخبل فيه، وهو قبيح، ويمكنك ملاحظة ذلك في الشواهد الكثيرة التي تمر بها.

تمارين

تمارين تمرين-15 ... تمرين -15 زن الأبيات من البحر البسيط وبين نوع العروض والقافية: مَنْ وَاثَبَ الدّهر كان الدهر قاهرَهُ ... ومَنْ شكا ظلمة قلّت نواصرُهُ شمس العداوة حتى يستقاد لهم ... وأعظم الناس أحلامًا إذا قدروا إذا أردت سلُوًّا كان ناصركم ... قلبي وما أنا من قلبي بمنتصر فأكثروا أو أقلوا من إساءتكم ... فكل ذلك محمول على القدر يا أمَّ نعمان نوِّلينا ... قد ينفع النَّائل الطَّفيف أعمامها الصيد من لؤيٍّ ... حقًّا وأخوالها ثقيف أهلًا وسهلًا بقوم زينوا حسبي ... وإن مرضت فهم أهلي وَعُوّادِي أشكو إلى الله من أمور ... تُمِرّ دهري ولا تَمُرّ

البحر الوافر

البحر الوافر الشرح ... 4- البحر الوافر أصل تفاعيله هكذا: مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن ... مفاعلتن مفاعلتن مفاعلتن ولكنه لم يرد صحيحًا أبدًا، بل لا بد من قطف عروضه فتصير مفاعلتن مفاعل وتحول إلى فعولن. وله عروضان وثلاثة أضرب: 1- العروض الأولى: مقطوعة فعولن وضربها مثلها؛ كقول أبي فراس: زماني كله غضب وعَتْبُ ... وأنت عليَّ والأيام إِلْبُ وتقطيعه: زماني كل ... لهو غضبن ... وعتبو ... ... وأنت علي ... ي ولأييا ... م إلبو مفاعلتن ... مفاعلتن ... فعولن ... ... مفاعلتن ... مفاعلتن ... فعولن وبعده: أَمِثْلي تقبل الأقوال فيه ... ومثلك يستمرُّ عليه كذب فقل ما شئت فِيّ فِلَى لسان ... مَليءٌ بالثناء عليكَ رَطْبٌ 2- والعروض الثانية: مجزوءة صحيحة ولها ضربان: الضرب الأول مثلها: ومثاله قول الوليد بن يزيد: فلست كمن يودُّك بالـ ... لسان ويكثر الحلفا وتقطيعه: فلست كمن ... يوددك بل ... ... لسان ويك ... ثر لحلفا مفاعلتن ... مفاعلتن ... ... مفاعلتن ... مفاعلتن

وقول أبو العتاهية: هي الأَيَّام والعَبرُ ... وأمر الله ينتظر أتيأس أن ترى فرجًا ... فأين الله والقدر والضرب الثاني مجزوء: مثل العروض ولكنه معصوب وتصير فيه مفاعلتن إلى مفاعلْتن وتحول إلى مفاعيلن؛ كقول الشاعر: رُقَيَّة تيمت قلبي ... فواكبدي من الحب تقطيعه: رقية تي ... يمت قلبي ... ... فواكبدي ... من لحبي مفاعلتن ... مفاعيلن ... ... مفاعلتن ... مفاعيلن وبعده: نهاني إخوتي عنها ... وما بالقلب من عتب ومثله: تهدَّدني أبو خَلَفٍ ... وعن أوتاره ناما بسيف لأبي صُفْرَ ... ة لا يقطع إبهاما كأن الورس يعلوه ... إذا ما صدره قامَا ويلاحظ أن دخول العصب في هذا البحر كثير وحسن، وقد رأيت أنَّه دخل في العروض المجزوءة في الأبيات السابقة، وهذا لا يمنع وصف صحتها؛ لأنه زحاف غير ملازم، ومثال العَصْب الذي دخل جميع حشو البيت قول الشاعر: إذا لم تستطع شيئًا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع ولهذا البيت قصة: وهي أن شخصًا طلب من الخليل أن يعلمه العروض، فأقام مدة يختلف إليه ولم يحصل شيئًا، وقد أعيا الخليل أمره، ولم ير أن يجابهه بالمنع، فقال له يومًا: قطع قول الشاعر؛ وذكر له البيت، وذكر له البيت ففهم الرجل أنه يصرفه عن طلب العروض بلطفٍ.

تمارين

تمارين تمرين-16 ... تمرين -16 زن الأبيات الآتية من البحر الوافر وبين نوع عروضها وضربها: إلى كم ذا العتاب وليس جُرْمُ ... وكم ذا الاعتذار وليس ذنب لقيناهم بأرماح طوال ... تبشِّرهم بأعمار قِصار خليل لي سأهجره ... لذنبٍ لستُ أذكرُهُ وقد كنا نقول إذا رأينا ... لذي جسم يُعدُّ وذي بيان كأنك أيها الْمُعطَى لسانًا ... وجسمًا من بنى عبد الْمَدانِ

البحر الكامل

البحر الكامل الشرح ... 5- البحر الكامل وهو البحر الثالث الذي كثر دورانه في الشعر العربي كما قال المعري، وأصل تفاعيله: متفاعلن متفاعلن متفاعلن ... متفاعلن متفاعلن متفاعلن ويستعمل تامًّا ومجزوءًا، وله ثلاث أعاريض وتسعة أضربٍ، فهو أكثر البحور أضربًا. 1- العروض الأولى: تامَّة صحيحة، ولها ثلاثة أضرب: الضرب الأول مثلها: كقول الشاعر: أحسن بدجلة والدجى متصوّبُ ... والبدر في أفق السماء مُغرِّبُ تقطيعه: أحسن بدج ... لتوددجى ... متصووبو ... ... ولبدر في ... أفق سسما ... ء مغرر بو مستفعلن ... متفاعلن ... متفاعلن ... ... مستفعلن ... متفاعلن ... متفاعلن وبعده: فكأنَّها فيه بساط أزرق ... وكأنه فيها طرازٌ مُذهبُ الضرب الثاني: مقطوع، تصير فيه متفاعلن إلى متفاعل وتحول إلى فعلاتُنْ، ومثاله قول ابن الأحنف. من ذا يعيرك عينه تبكي بها ... أرأيت عينًا للبكاء تعارُ؟ تقطيعه: من ذا يعي ... ركعينهو ... تبكي بها ... ... أرأيت عي ... نن للبكا ... ء تعارو مستفعلن ... متفاعلن ... مستفعلن ... ... متفاعلن ... مستفعلن ... فعلاتن وقبله: نزف البكاء دموع عينك فاستعر ... عينًا لغيرك دمْعُهَا مِدْرَارُ ويلاحظ في ضرب هذا البيت أنه قد أضمر فصار فعلاتن ساكنة العين، وهذا الإضمار كما علمت: زحاف فهو غير مُلْتَزَم.

الضرب الثالث: أحذ مضمر تصير فيه متفاعلن إلى متْفا وتحول إلى فعْلن ومثاله قول الحطيئة: شهد الحطيئة يوم يَلْقى ربَّهُ ... أن الوليد أحقُّ بالعذر تقطيعه: شهد الحطي ... ئة يوم يل ... قي ربهو ... ... أنن الولي ... دأحقق بل ... عذري متفاعلن ... متفاعلن ... مستفعلن ... ... مستفعلن ... متفاعلن ... فعلن 2- العروض الثانية: حذاء تصير فيها متفاعلن إلى متفا وتحول إلى فعلن بالتحريك، ولها ضربان: الضرب الأول: أحذ مثلها، ومثاله قول أبي العتاهية: الموت بين الخلق مشترك ... لا سُوقَةٌ يُبقي ولا ملك تقطيعه: الموت بي ... نلخلق مش ... تركو ... ... لا سوقتن ... يبقى ولا ... ملكو مستفعلن ... مستفعلن ... فعلن ... ... مستفعلن ... مستفعلن ... فعلن وبعده: ما ضرّ أصحاب القليل وما ... أغنى عن الأملاك ما ملكوا الضرب الثاني: أحذ مضمر، تحول فيه متفاعلن إلى فعْلن ساكنة العين؛ كقول الشاعر: وبِساكِني نَجْدٍ كَلِفْتُ وما ... يفنى بهم كَلَفِي ولا وَجْدِي تقطيعه: وبساكني ... نجدن كلف ... توما ... ... يفنى بهم ... كلفي ولا ... وجدى متفاعلن ... مستفعلن ... فعلن ... ... مستفعلن ... متفاعلن ... فعلن وبعده: لو قيس وجْدُ العاشقين إلى ... وجدى لزاد عليه ما عندي

ومثله قول زهير: عَظُمتْ ديسعتُهُ وفضَّله ... جز النواصي من بني بدر 3- العروض الثالثة مجزوءة صحيحة، ولها أربعة أضرب: الضرب الأول مجزوء صحيح مثلها؛ كقول أبي فراس: يا سيّديّ أراكما ... لا تذكران أخاكما تقطيعه: يا سيدي ... يأراكما ... ... لا تذاكرا ... نأخاكما مستفعلن ... متفاعلن ... ... مستفعلن ... متفاعلن وبعده: أوجدتما بدلًا له ... يَبْني سماءَ عُلاكُما وقول أبي العتاهية: الناس في غفلاتهم ... وَرَحَى الْمَنيّة تطحن الضرب الثاني: مجزوء مُذَيَّل تصير فيه متفاعلن إلى متفاعلان؛ كقول أبي فراس: أبنيتي لا تجزعي ... كُلّ الأنامِ إلى ذَهابِ تقطيعه: أبنيتي ... لا تجزعي ... ... كل لأنا ... م إلى ذهاب متفاعلن ... مستفعلن ... ... مستفعلن ... متفاعلان وبعده: نوّحِي علي بحسرة ... من خلف سِترك والحجاب قولي إذا كلّمتني ... فعَييت عن رد الجواب زين الشباب أبو فِرا ... س لم يمتَّع بالشباب الضرب الثالث: مجزوء مرفل، تصير فيه متفاعلن إلى متفاعلاتن ومثاله قول عقبة بن الوليد:

فإذا سُئلْتَ تقول: لا ... وإذا سألتَ تقول: هاتِ! تقطيعه: فإذا سئل ... تقوللا ... ... وإذا سأل ... تتقول هاتي متفاعلن ... متفاعلن ... ... متفاعلن ... متفاعلاتن وبعده: تأبى فعالَ الخير لا ... تُروي وأنت على الفرات أفلا تميل إلى نَعَمْ ... أو تركِ لا حتَّى الممات الضرب الرابع: مجزوء مقطوع، تصير فيه متفاعلن إلى متفاعل وتحوّل إلى فعلاتن، ومثاله: وإذا هموا ذكروا الإسا ... ءة أكثروا الحسنات تقطيعه: وإذا همو ... ذكر لإسا ... ... ءة أكثرل ... حسناتي متفاعلن ... متفاعلن ... ... متفاعلن ... فعلاتن ويدخل هذا البحر من الزحاف: الإضمار وهو حسن، والوقص وهو صالح، والخزل وهو قبيح، ويمكنك ملاحظة الإضمار كثيرًا فيما مر من الشواهد، أما الوقص فمثاله: يَذبّ عن حريمه بسيفه ... ورمحه ونبله ويَحتمي فجميع تفاعيل هذا البيت موقوصة على وزن مفاعلن التي أصلها متفاعلن فحذفت تاؤها.

تمارين

تمارين تمرين-17 ... تمرين -17 زن الأبيات الآتية من البحر الكامل وبين نوع عروضها وضربها: قال العباس بن الأحنف: راجع أحبَّتك الذين هجرتهم ... إن الْمُتيّم قلما يُتجنَّبُ إنَّ التَّجنب إنْ تطاول منكما ... دبَّ السُّلوُّ له فعز المطلَبُ

قال الشاعر: قد كنت آمل فيكُمو أملًا ... والمرء ليس بمدرك أمله ليس الفتى بمخلَّد أبدًا ... حيًّا وليس بفائت أجَلَه وقال الأسود بن يعفر: ماذا أؤمل بعد آلِ مُحرّق ... تركوا منازلهم وبعدَ إياد وقول جميل: لاحت لعينك من بثينة نار ... فدموع عينك درة وغِرارُ

تمرين-18

تمرين -18 الأبيات الآتية بعضها من الوافر والآخر من الكامل، فزن كُلًّا وبين نوع عروضه وضربه وما طرأ على حشوه: قال أبو فراس: إنَّا إذا اشتدّ الزّما ... نُ وَنابَ خَطْبٌ وادْلَهَمْ ألفَيتَ حول بُيُوتنا ... عُدَدَ الشَّجاعةِ والكرَمْ وقال إسحاق الموصلي: كان افْتتاح بلائي النظر ... فالحين سبَّبَ ذاك والقدر قد كان باب الصبر مفتتحًا ... فاليوم أغلق بابَه النَّظرُ وقال جرير: فغُضَّ الطَّرف إنك من نُميرٍ ... فلا كَعبًا بَلَغْتَ ولا كِلابَا وقال حبيب: فسوف يزيدُكم ضعَةً هجَائي ... كما وضَع الهجاءُ بني تَميم وقال الشاعر: ألا ترثي لِمُكْتَئِبٍ ... يُحبُّكَ لحمه ودمُهْ قال حسان: يُغْشَون حتَّى ما تهرُّ كلابُهم ... لا يسألون عن السَّواد الْمُقْبل

وقال الشاعر: يا ذا الذي جعل القطيعة دأبَه ... إنَّ القطيعة موضعٌ للرَّيْب إن كان وُدُّك بالطَّويّة كامنًا ... فاطلب صديقًا عالِمًا بالغَيْبِ وقال أبو فراس: لولا العَجوز بمنبحٍ ... ما خِفتُ أسبابَ المنية ولكان لي عمَّا سألـ ... ـتُ من الفِدا نفس أَبِيَّه وقال بديع الزمان: يا مُعجبًا مرح العنا ... ن يجرُّ في الخيلاء ذَيْله أقصر فإنك ميِّت ... يهدي الفناء إليك سيله وقال أمية بن أبي الصلت: إذا أثنى عليك المرء يومًا ... كفَاه من تعرُّضه الثناء

البحر الهزج

البحر الهزج الشرح ... 6- البحر الهزج أصل تفاعيله هكذا: مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن ... مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن ولكنه لا يستعمل إلا مجزوءًا فيصير على أربع تفاعيل فقط. وله عروض واحدة وضربان: العروض: مجزوءة صحيحة، ولها ضربان. الأول: مثلها؛ كقول أبي العتاهية: أيا واها لذكر اللـ ... ـه يا واها له واها وتقطيعه: أيا واهن ... لذكر للا ... ... هيا واهن ... لهو واها مفاعيلن ... مفاعيلن ... ... مفاعيلن ... مفاعيلن وبعده: لقد طيَّب ذكرُ الله ... بالتسبيح أفواها ومثاله أيضًا قوله: تعَلَّقْتَ بآمال ... طوالٍ أيّ آمال وأقبلتَ على الدنيا ... مُلحًا أيّ إقبال أيا هذا تجهز لـ ... ـفراق الأهل والمال فلا بُدَّ من الموتِ ... على حالٍ من الحالِ الضرب الثاني: مجزوء محذوف، تصير فيه مفاعيلن إلى مفاعي وتحول إلى فعولن ومثاله: وما ظهري لباغي الضيـ ... ـم بالظهر الذلول تقطيعه: وما ظهري ... لباغضضي ... ... م بظظهر ذ ... ذلولي مفاعيلن ... مفاعيلن ... ... مفاعيلن ... فعولن

ويلاحظ أن الهزج يدخله الكف كثيرًا فتصير مفاعيلن إلى مفاعيلُ، وقد اجتمع الكف في تفاعيل هذا البيت كلها ما عدا الضرب: فهذان يذودان ... وذا عنْ كَثَبٍ يَرْمِي تقطيعه: فهذان ... يذودان ... ... وذا عن ك ... ثبن يرمي مفاعيل ... مفاعيل ... ... مفاعيل ... مفاعيلن كما يلاحظ: أن مجزوء الوافر إذا عصبت جميع تفاعيله اشتبه بالهزج؛ لأن مفاعلتن فيه تصير إلى مفاعيلن. فإذا اتفق ذلك في جميع القصيدة صحَّ اعتبارها من مجزوء الوافر، أو من الهزج، ولكن حملها على الهزج أولى؛ لأنَّ هذا الوزن فيه أصليٌّ، ومثال ذلك قول الشاعر: ألا ليْلُكَ لا يذهب ... ونِيطَ الطَّرْفُ بالكوكب وهذا الصبح لا يأتي ... ولا يدنو ولا يقرب فجميع التفاعيل في البيتين على وزن مفاعيلن؛ ولا يدرى هل هي أصيلة لم يطرأ عليها ما صيرها إلى هذا الوزن أم هي معصوبُ مفاعلتن؟ والأوْلَى عدّ البيت من الهزج؛ لما ذكرنا من أنه الأصل في هذا الوزن.

بحر الرجز

بحر الرجز الشرح ... 7- بحرُ الرجز أصل تفاعيله: مستفعلن مستفعلن مستفعلن ... مستفعلن مستفعلن مستفعلن وهو يستعمل تامًّا؛ فتبقى له تفاعيله الست، ومجزوءًا، فيبقى على أربع، ومشطورًا فيبقى على ثلاث، ومنهوكًا، فيبقى على اثنتين، وتتحد أعاريضه وأضربه في الصحة، فله على ذلك أربع أعاريض وأربعة أضرب، وتزيد العروض التامة ضربًا آخر غير الصحيح، وهو المقطوع الذي تصير فيه مستفعلن إلى مستفعلْ وتحول إلى مفعولن: 1- العروض الأولى التامة وضربها التام: مثالها قول أبي دَهْبَل: أوْرَثني الْمَجْدَ أبٌ من بعدِ أبْ ... رُمحي رُدَيْنِيٌّ وسيفي الْمُسْتلبْ تقطيعه: أورثنل ... مجدأبن ... من بعدأب ... ... رمحي ردي ... نيين وسي ... فلمستلب مستعلن ... متسعلن ... مستفعلن ... ... مستفعلن ... مستفعلن ... مستفعلن وبعد: وبيضتي قَوْسَنُهَا مِنَ الذَّهب ... دِرعِي دِلاصٌ سَرْدُهَا سردٌ عَجَبْ والضرب المقطوع، كقول الشاعر: القَلْبُ مِنْها مُسْتَريْحٌ سَالِمٌ ... وَالقَلْبُ مِنِّي جاهِدٌ مَجْهُودُ وتقطيعه: القلب من ... هامستري ... حن سالمن ... ... والقلب من ... ني جاهدن ... مجهودو مستفعلن ... مستفعلن ... مستفعلن ... ... مستفعلن ... مستفعلن ... مفعولن 2- العروض الثانية: المجزوءة وضربها مثلها: قول كشاجم: والبَدرُ فوقَ دِجْلةٍ ... والصُّبْحُ لَمَّا يُشرِقِ تقطيعه: والبدر فو ... قدجلتن ... ... وصصبح لم ... ما يشرقي مستفعلن ... متفعلن ... ... مستفعلن ... مستفعلن

وبعده: كحلية من ذهب ... على رداء أزرق وقول عمر بن أبي ربيعة: فيهن هند ليتني ... ما عمّرت أُعَمِّرُ حتَّى إذا ما جاءها ... حتف أتاني القدَرُ 3- العروض الثالثة: المشطورة مع ضربها: كقول الحطيئة: الشِّعر صعب وطويل سُلَّمه إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه ذلت به إلى الحضيض قَدمه يريد أن يعربه فيعجمه 4- العروض الرابعة المنهوكة مع ضربها: كقول أم عمر بن شبة: يا بأبي يا شبّا وعاش حتَّى دبَّا شيخًا كبيرًا أخبَّا وقول أبي العتاهية: الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك إن الملك لك ملاحظة: قد يشتبه عليك البيتان من المشطور بالبيت الواحد من التام؛ لأن المشطور نصف التام، كما يشتبه عليك البيتان من المنهوك بالبيت من المجزوء؛ لأن مجموع تفاعيل بيتي المنهوك أربع، وهي تفاعيل البيت الواحد المجزوء. والذي يفرق لك بين هذه الأنواع شيئان: أولهما: أن البيت من المشطور أو المنهوك قد جرت على آخره أحكام الضرب المعروفة للرجز، كأن تراه مقطوعًا والعروض لا تكون كذلك. وثانيهما: ما نراه من التزام التقفية بين جزأي

المشطور أو المنهوك، وهو لو اعتبرته تامًّا أو مجزوءًا لم تلزم فيه هذه التقفية. تنبيه: حكى بعض العروضيين للرجز عروضًا تامّة مقطوعة وضربها مثلها، وأنشد على ذلك قول الشاعر القديم: لأَطْرُقَنَّ حصنَهم صباحًا ... وأبركَنَّ مبركَ النَّعامَه تقطيعه: لأطرقن ... نحصنهم ... صباحا ... ... وأبركن ... نمبر كن ... نعامه متفعلن ... متفعلن ... فعولن ... ... متفعلن ... متفعلن ... فعولن وفي هذا البيت ترى أنه قد دخله مع القطع الخبن. وبعضهم يسمي هذا النوع مكبولًا، كما حكوا أيضًا القطع في المشطور، وجعلوا منه قول الشاعر القديم: يا صاحبي رحلي أَقِلَّا عذلي تقطيعه: يا صاحبي ... رحلي أقل ... لا عذلي مستفعلن ... مستفعلن ... مفعولن ومنه قول طالب بن أبي طالب في غزوة بدر: يا رَبِّ إمَّا يَغْزُوَنَّ طالب ... في منقب من هذه المناقب فليكن المسلوب غير السالب ... وليكن المغلوب غير الغالب ويلاحظ أن الضرب في البيتين الأولين مخبون مع القطع فصار إلى فعولن، ولكن هذا الخبن لكونه زحافًا لم يلتزم في البيتين التاليين، ومنه أرجوزة أبي العتاهية: حسبك فيما تبتغيه القوت ... ما أكثر القوت لمن يموت وقد راق هذا الوزن الشعراء المحدثين فأكثروا منه في أراجيزهم المشطورة المزدوجة. وإذا أعدت النظر في جميع ما مر بك من أبيات هذا البحر بأعاريضه

وأضربه المختلفة وجدت أنه يكثر فيه الخبن كما يكثر الطي، وأن ذلك مقبول فيه حسن، ولكن اجتماع الزحافين: الخبن والطي، وهو المسمى خبلًا قبيح فيه، وكذلك يدخل الخبن في أعاريضه، وأضربه كلها تامَّة ومقطوعة كما رأيت، وقد ذكرنا لك أن المقطوع من المشطور إذا خبن سُمي مكبولًا. وقد أكثر الشعراء المحدثون في الأراجيز المشطورة من الازدواج وهو: أن يتحد كل بيتين في القافية كما في أرجوزة أبي العتاهية التي مرّ بك بيتان منها. وسنسرد لك جملة صالحة من أبياتها لنتبين معنى الازدواج واضحًا، قال أبو العتاهية: حسبك فيما تبتغيه القوت ... ما أكثر القوت لمن يموت الفقر فيما جاوز الكفافا ... من اتقى الله رجا وخافا هي المقادير فلُمني أو فَذر ... إن كنتُ أخطأتُ فما أخطا القدَر فكل سطر من هذه الأسطر بيتان من المشطور قد اتَّحدا في القافية ويظهر أن المحدثين لجئوا إلى ذلك تخفيفًا على أنفسهم من ثقل القافية، فتحللوا من شرط اتحادها في الشعر العربي. وما اضطرهم إلى ذلك إلا خفة وزن الرجز حتى قيل: إنه حمار الشعراء، وأنهم احتاجوا إليه في تقييد الحكمة والمثل والموعظة والقصة، وذلك كثير في كلامهم لا تطاوعهم فيه القافية الواحدة خصوصًا إذا لوحظ ضعف ملكاتهم الطارئ عليهم بكثرة الأعاجم بينهم. ومن هنا دخل العلماء فقيدوا علومهم غالبًا بالرجز المشطور المزدوج كما فعل ابن مالك صاحب الألفية.

تمارين

تمارين تمرين-19 ... تمرين -19 بعض الأبيات الآتية من الرجز وبعضها من الهزج؛ فزنها وبين نوع عروضها وضربها: قال أبو العتاهية: ألا يا طالب الدنيا ... دع الدنيا لشَانيكا وما تصنع بالدنيا ... وظِلُّ الميل يكفيكا

وقال زيد بن ضبَّة: وما إن وجد الناس ... من الأدواء كالحب لقد لَحَّ بها الإعرا ... ض والهجر بلا ذنب وقال الحطيئة: قد كنت أحيانًا شديد المعتمدْ ... وكنت ذا غَرْب على الخصم ألَدْ فوردت نفسي وما كادت تَردْ وقال أبو فراس: ما العمر ما طالت به الدهور ... العمر ما تَمّ به السرور أيّام عزِّي ونفاذ أمري ... هي التي أحسبها من عمري وقالت أم حكيم الخارجية وقد حملت على الناس في القتال: أحمل رأسًا قد سئمت حمله ... وقد مللت دهنه وغسله ألا فتى يحمل عني ثقله ولبعضهم: شُكرُ الإله نعمةٌ ... موجبة لشكره فكيف شكري بِرَّه ... وشكره من بره

تمرين عام

تمرين عام تمرين-20 ... تمرين عام على ما مضى من البحور تمرين -20 الأبيات الآتية تتردد بين الطويل والمديد والبسيط؛ فزن كلًّا بميزانه مع بيان نوع عروضه وضربه: قالوا عليك سبيل الصبر قلت لهم ... هيهات إن سبيل الصبر قد ضاقا إلى الله أشكو أنَّ في الصدر حاجة ... تمر بها الأيام وهي كما هيا يُذِلّ أعداءه عزًّا ويرفع من ... والاه فضلًا ويبقَى في العُلا أبدًا قوم هم الأنف والأذناب غيرهم ... ومن يسوِّي بأنف الناقة الذنبا من يسأل الناس يحرموه ... وسائل الله لا يخيب يُخَبِّئْنَ أطراف البنان من التقى ... ويخرجن وسْط الليل معتجزات جلَّلوني جلد جَوبٍ فقد ... جعلوا نفسي عند التَّراق ولقد لاموا فقلت: دعوني ... إن من تنهون عنه حبيب

تمرين-21

تمرين -21 الأبيات الآتية من الكامل والهزج والوافر والرجز؛ فزن كلًّا وبين نوع عروضه وضربه: رأيت الناس ينتجعون غيثًا ... فقلت لصَيْدَح: انتجعي بلالا عَانَى الغرام فراح غير مفنَّد ... وأقام بين عزيمة وتجلُّد لم تأته الأسلاب إلا عنوة ... غصبًا ويجمع للحروب عتادَها وإذا أراد الله نشر فضيلة ... طويت أتاح لها لسان حسود وكل زاد عُرضَة النفاد ... إلا التُّقَى والبر والرشاد لنا غنم نسوقها غزار ... كأن رءوس جُلّتها العصيُّ أروِّح القلب ببعض الْهَزْلِ ... تجاهلًا مني بغير جهل

بحر الرمل

بحر الرمل الشرح ... 8- بحر الرَّمل أصل تفاعيله هكذا: فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن ... فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن وهو يجيء تامًّا ومجزوءًا. وله عروضان وستة أضرب: 1- العروض الأولى: تامة محذوفة: تصير فيها فاعلاتن إلى فاعلا وتُحوَّل إلى فاعلن. ولها ثلاثة أضرب: الضرب الأول: تامٌّ صحيح، ومثاله قول عدي بن زيد: نحن كُنَّا قد علمتم قبلكم ... عُمُدَ البَيتِ وأوتادَ الإصارِ تقطيعه: نحن كننا ... قد علمتم ... قبلكم ... ... عمد لبي ... ت وأوتا ... دلإصاري فاعلاتن ... فاعلاتن ... فاعلن ... ... فعلاتن ... فعلاتن ... فعلاتن وبعده: وأبوكَ الْمَرء لم يشنأ به ... يومَ سيم الْخَسفَ مِنَّا ذو الخسار الضرب الثاني: تام محذوف مثل العروض، ومثاله قول حسان: نحن أهل العزِّ والمجد معًا ... غير أنكاس ولا ميل عُسُر تقطيعه: نحن أهلل ... عزز والمج ... دمعن ... ... غير أنكا ... سن ولامي ... لن عسر فاعلاتن ... فاعلاتن ... فعلن ... ... فاعلاتن ... فاعلاتن ... فاعلن الضرب الثالث: تام مقصور: تصير فيه فاعلاتن إلى فاعلات، وتحول إلى فاعلان ومثاله: من رآنا فليحدث نفسه ... أنه مُوفٍ على قَرنِ زوال تقطيعه: من رآنا ... فليحددث ... نفسهو ... ... أننهو مو ... فن على ... قر نزوال فاعلاتن ... فاعلاتن ... فاعلن ... ... فاعلاتن ... فاعلاتن ... فعلان

وبعده: وصروف الدهر لا يبقى لها ... وَلِمَا تأتي به صُمُّ الجبال 2- العروض الثانية: مجزوءة صحيحة ولها ثلاثة أضرب: الضرب الأول: مجزوء صحيح مثلها. ومثاله قول الوليد بن يزيد: أيما واشٍ وشَى بي ... فاملئي فاه ترابا تقطيعه: أييماوا ... شن وشى بي ... ... فاملئي فا ... هـ ترابا فاعلاتن ... فاعلاتن ... ... فاعلاتن ... فعلاتن1 الضرب الثاني: مجزوء مسبغ تصير فيه فاعلاتن إلى فاعلاتان، ومثاله قول عدي بن زيد: أيها الرَّكْبُ الْمخِبُّو ... نَ عَلَى الأرضِ الْمُجِدُّون تقطيعه: أييهر رك ... بلمخببو ... ... ن عللأر ... ضلمجددون فاعلاتن ... فاعلاتن ... ... فعلاتن ... فاعلاتان الضرب الثالث: مجزوء محذوف تصير فيه فاعلاتن إلى فاعلن، ومثاله قول الشاعر: ما لِما قرَّت به العيـ ... ـنان من هذا ثمن تقطيعه: ما لما قر ... رت بهلعي ... ... نان من ها ... ذا ثمن فاعلاتن ... فاعلاتن ... ... فعلاتن ... فاعلن ملاحظتان: الأولى: حكى بعضهم لهذا البحر عروضًا ثالثة مجزوءة محذوفة، وضربها كذلك، وجعل منه قول الشاعر: طافَ يبغي نَجوَةً ... مِنْ هَلاكٍ فَهَلَكْ

_ 1 وإذا أشبعنا حركة الهاء في "فاه" صار الضرب على وزن فاعلاتن

تقطيعه: طاف يبغى ... نجوتن ... ... من هلاكن ... فهلك فاعلاتن ... فاعلن ... ... فاعلاتن ... فعلن ويرى بعض العروضيين أن هذا البيت كله هو شطر من بحر المديد، وأنَّ كل بيتين من مثل هذا الشعر بيت واحد من المديد، وفي رأي هذا القائل يكون المديد قد ورد تامًّا. الثانية: يدخل الخبن في جميع أجزاء بحر الرمل وهو حسن. وكذلك الكَفّ: حذف السابع الساكن، فتصير فاعلاتن فاعلات، ومثاله: ليس كل من أراد حاجة ... ثم جدَّ في طلابها قضاها تقطيعه: ليس كلل ... من أراد ... حاجتن ... ... ثم جدد ... في طلاب ... هاقضاها فاعلات ... فاعلات ... فاعلن ... ... فاعلات ... فاعلات ... فاعلاتن ولكن دخول الكف فيه أقل من الخبن، وهو لا يدخل الضرب مطلقًا، بخلاف الخبن كما ترى فيما مضى.

البحر السريع

البحر السريع الشرح ... 9- البحر السريع أصل تفاعيله هكذا: مستفعلن مستفعلن مفعولات ... مستفعلن مستفعلن مفعولات وهو يستعمل تامًّا ومشطورًا. وله أربع أعاريض وستة أضرب: 1- العروض الأولى: مطويَّة مكشوفة تصير فيه مفعولات إلى مَفْعَلا وتحول إلى فاعلن. ولها ثلاثة أضرب: الضرب الأول: مطوي مكشوف مثل العروض، كقول السيد الحميري: اهبط إلى الأرض فخذ جَلْمدًا ... ثم ارمهم يا مُزْنُ بالجلمد تقطيعه: إهبط إلل ... أرض فخذ ... جلمدن ... ... تمم رمهم ... يامزن بل ... جلمدي مستفعلن ... مفتعلن ... فاعلن ... ... مستفعلن ... مستفعلن ... فاعلن الضرب الثاني: مطوي موقوف تصير فيه مفعولات إلى مفعولات وتحول إلى فاعلان، ومثاله قول أبي فراس: قدْ عَذُبَ الموت بأفواهنا ... والموت خير من مَقام الذليل تقطيعه: قد عذبل ... موت بأف ... واهنا ... ... ولموت خي ... رن من مقا ... مذ ذليل مفتعلن ... مفتعلن ... فاعلن ... ... مستفعلن ... مستفعلن ... فاعلات وبعده: إنَّا إلى الله لِما نابنا ... وفي سبيل الله خيرُ السَّبيل الضرب الثالث: أصلَم، تصير فيه: مفعولات إلى مفعو وتحول إلى فعلن بسكون العين؛ كقول الحسين بن الضحاك: إنَّ بِقَلْبي روعةً كلما ... أضمر لي قلبك هُجْرَانَا تقطيعه: إنن بقل ... بي روعتن ... كللما ... ... أضمر لي ... قلبك هج ... رانا مفتعلن ... مستفعلن ... فاعلن ... ... مفتعلن ... مفتعلن ... فعلن

وبعده: يا ليت أبدًا كاذبٌ ... فإنَّه يَصْدُقُ أحيانًا 2- العروض الثانية: مخبولة مكشوفة تصير فيها مفعولات إلى مُعَلا وتحول إلى فعلن بتحريك العين، ولها ضرب واحد مثلها؛ كقول المرقِّش: النَّشرُ مِسْكٌ والوجوه دنا ... نير وأطراف الأكفِّ عَنَمْ تقطيعه: أننشر مس ... كن ولوجو ... هدنا ... ... نيرن وأط ... رافلأ كف ... فعنم مستفعلن ... مستفعلن ... فعلن ... ... مستفعلن ... مستفعلن ... فعلن 3- العروض الثالثة: مشطورة "حذف من البيت نصفه" موقوفة تصير فيها مفعولاتُ إلى مفعولاتْ وتحوَّل إلى مفعولان وهنا تصير العروض ضربًا ومثالها: ومنزل مستوحش رَثِّ الحال تقطيعه: ومنزلن ... مستوحشن ... رثث لحال متفعلن ... مستفعلن ... مفعولان 4- العروض الرابعة: مشطورة مكشوفة تصير فيها مفعولات إلى مفعولا وتحول إلى مفعولن، ومثاله: يا صاحبي رحلي أقلَّا عذلي تقطيعه: يا صاحبي ... رحلي أقل ... لا عذلي مستفعلن ... مستفعلن ... مفعولن تنبيه: في العروض الثانية التي كان ضربها مخبولًا مكشوفًا: فعلن، يصح أن تسكن عين فعْلن؛ أي أن يصير الضرب أصلم وذلك للتخفيف، وبعد البيت الذي رويناه في العروض الثانية قوله:

ليس على طول الحياة ندمْ ... ومن وراء الموت ما تعلمْ فإن الضرب هنا كلمة: تعلم، وهي على وزن: فعلن، بسكون العين، وللشاعر أن يعود إلى أصل الضرب فعلن بالتحريك، أو يسكن كما رأيت ومن هنا يكون للعروض الثانية ضربان يصح المبادلة بينهما.

تمرين

تمرين تمرين-22 ... تمرين -22 الأبيات الآتية من بحر الرمل أو السريع، بين بحر كل، ونوع عروضه وضربه: بَرِمْتُ بالنَّاس وأخلاقهم ... فصرت أستأنس بالوحدة يا عيد ما عدتَ بمحبوب ... على مُعَنَّى القلب مكروب أيها النُّوَّام هبوا ويحكم ... فاسألوني اليوم ما طعم السهر ينضحن في حافاتها بأبوال ربَّ ركب قد أناخوا عندنا ... يشربون الخمر بالماء الزُّلال ليس من جُرمٍ ولكن غاظهم ... شَرَفِي العارض قد سد الأُفُقْ درة بحرية مكنونة ... مازَها التجار من بين الدُّرر أحسن من سبعين بيتًا هجنًا ... جَمْعُكَ معناهُنَّ في بيت ما أحوَجَ الملك إلى مطرة ... تغسلُ عنه وَضَرَ الزيت تالله ما أنطق عن كاذب ... فيك ولا أبرق عن خُلَّبِ ما الشأن في الدنيا تَغُرُّ الورَى ... الشأن فينا كيف نغتر وقال البهاء زهير: أيها النفس الشريفه ... إنما دنياك جيفه وعقول الناس في رغـ ... ـبتهم فيها سخيفه

البحر المنسرح

البحر المنسرح الشرح ... 10- البحر المنسرح أصل تفاعيله هكذا: مستفعلن مفعولات مستفعلن ... مستفعلن مفعولات مستفعلن وهو يكون تامًّا، ومنهوكًا، وله ثلاث أعاريض وثلاثة أضرب: 1- العروض الأولى: في التمام صحيحة، وضربها: مطوي تصير فيه مستفعلن إلى مستفلن وتحول مفتعلن، ومثاله: إني إذا لم يكن أخي ثقةً ... قطَّعت منه حبائل الأمل تقطيعه: إنني إذا ... لم يكن أ ... خي ثقتن ... ... قططعت ... من هو حباء ... للأملى مستفعلن ... مفعلات ... مفتعلن ... ... مفعلن ... مستفعلات ... مفتعلن ومثله قول أبي فراس: يا حسرةً ما أكاد أحملُها ... آخرها مزعج وأوَّلُها عليلة بالشآم مفردة ... بات بأيدي العدَى معللها 2- العروض الثانية: منهوكة موقوفة فيصير البيت مستفعلن مفعولات وتحول مفعولات إلى مفعولان، ومثاله: صبرًا بني عبد الدار تقطيعه: صبرن بني ... عبد ددار مستفعلن ... مفعولان 3- العروض الثالثة: منهوكة مكشوفة فيصير البيت مستفعلن مفعولن، ومثاله:

ويل امِّ سعدٍ سَعدا تقطيعه: ويل مم سع دن سعدا مستفعلن مفعولن وبعده: صرامة وجدًّا، وفارس معدّا، سد به ما سدَّا. ملاحظة: حكوا للعروض الأولى ضربًا ثانيًا مقطوعًا تصير فيه مستفعلن إلى مستفعل، وعليه قول أبي العتاهية: يضطَرِبُ الْخَوف والرجاء إذا ... حرّك موسى القضيب أو فكَّرْ تقطيعه: يضطر بل ... خوف ورر ... جاء إذا ... ... حررك مو ... سلقضيب ... أو فككر مفتعلن ... مفعلات ... مفتعلن ... ... مفتعلن ... مفعلات ... مستفعل وبعده: ما أبْين الفضْلَ في مَغِيبِ ما ... أوردَ من رأيِهِ ومَا أَصْدَرْ ومثله قوله أيضًا: عليه تاجان فوق مَفْرقه ... تاج جلال وتاج إخبات يقول للريح كلما عصفت ... هل لك يا ريح في مباراتي قالوا: وهذا الوزن المقطوع الضرب وارد عن العرب القدماء، ولكنهم لم يكثروا منه، فلمَّا جاء المولّدون استحسنوه وأكثروا منه لاتساقه وعذوبته وعليه قول ابن الرومي: لو كنْتَ يومَ الفِرِاقِ حاضرنا ... وهُنَّ يطفين لوعة الوجد لم تر إلا دموع باكية ... تَسْفَحُ من مقلة على ورد كأن تلك الدموع قَطْر ندى ... يقطر من نرجس على خدِّ ويدخل في هذا البحر الخبن والطي والخبل. والطي حَسَن حيثما وجد؛ إلا أنه ممتنع في العروض الثانية والثالثة لقرب محله من الوتد المعتل، والخبن صالح إلا في مفعولات، فإنه قبيح، والخبل قبيح ويمتنع في العروض الأولى؛ لما يؤدي إليه من توالي خمسة متحركات.

البحر الخفيف

البحر الخفيف الشرح ... 11- البحر الخفيف أصل تفاعيله هكذا: فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن ... فاعلاتن مستفع لن فاعلاتن ويجيء تامًّا ومجزوءًا. وأعاريضه ثلاث، وأضربه خمسة: 1- العروض الأولى: "في التمام" صحيحة، ولها ضربان: الضرب الأول: مثلها، كقول الشيباني: يا هلالًا يُدعَى أبوه هلالًا ... جَلَّ باريك في الوَرَى وتَعالى تقطيعه: يا هلالن ... يدعى أبو ... ههلالا ... ... جلل باري ... كفلورى ... وتعالى فاعلاتن ... مستفع لن ... فعلاتن ... ... فاعلاتن ... متفع لن ... فعلاتن أنت بدرٌ حُسْنًا وشَمْسٌ عُلُوًّا ... وحُسامٌ عزمًا وبحرٌ نوالًا الضرب الثاني: محذوف تصير فيه فاعلاتن إلى فاعلن، ومثاله: عين بَكِّي بالمسبلات أبا الحا ... رث لا تذخري على زَمَعِه تقطيعه: عين بككى ... بلمسبلا ... تأبلحا ... ... رث لاتذ ... خري على ... زمعه فاعلاتن ... مستفع لن ... فعلاتن ... ... فعلاتن ... متفع لن ... فعلن 2- العروض الثانية: في التمام محذوفة تصير فيه فاعلاتن إلى فاعلن وضربها مثلها: إن قدرنا يومًا على عامر ... ننتصف منه أو ندعه لكم تقطيعه: إن قدرنا ... يومن على ... عامرن ... ... ننتصف من ... هأوندع ... هو لكم فاعلاتن ... مستفع لن ... فاعلن ... ... فاعلاتن ... متفع لن ... فاعلن 3- العروض الثالثة: مجزوءة صحيحة، ولها ضربان: الأول مثلها ومثاله: نام صحبي ولم أنم ... من خيال بنا ألم

تقطيعه: نام صحبي ... ولم أنم ... ... منخيالن ... بنا ألم فاعلاتن ... متفع لن ... ... فاعلاتن ... متفع لن وبعده: طاف بالركب مَوْهِنًا ... بين خاخٍ إلى أَضَمْ الضرب الثاني: مجزوء مقصور مخبون تصير فيه مستفع لن إلى متفع لْ، وتحول إلى فعولن ومثاله: كل خطب إن لم تكو ... نوا غضبتم يسير تقطيعه: كلل خطبن ... إن لم تكو ... ... نو غضبتم ... يسيرو فاعلاتن ... مستفع لن ... ... فاعلاتن ... فعولن 1- تنبيه: يدخل الضرب الأول للعروض الأولى التشعيث وهو حذف أول الوتد المجموع فتصير فاعلاتن فالاتن، وتحوَّل إلى مفعولن، ومثاله: أيها الرائح الْمُجدّ ابتكارًا ... قد قضى من تِهامةَ الأوطارا تقطيعه: أييهررا ... ئحلمجد ... دبتكارا ... ... قد قضى ... من تها متل ... أوطارا فاعلاتن ... متفع لن ... فاعلاتن ... ... فاعلاتن ... متفع لن ... مفعولن وبعده: من يكن قلبه صحيحًا سليمًا ... ففؤادي بالخيف أمسى مُعَارا 2- تنبيه: قيل إن أبا العتاهية زاد في هذا البحر عروضًا مجزوءة مخبونة مقصورة؛ تصير فيها مستفع لن إلى: متفع لْ، وتحوَّل إلى فعولن، وجعل ضربها مثلها فصار البيت عنده: فاعلاتن فعولن ... فاعلاتن فعولن وعليه قوله: عُتْبُ ما للخيال ... خبريني وما لي؟

ولما قيل له. خرجت عن العروض قال: أنا سبقت العروض.

تمرين

تمرين تمرين-23 ... تمرين -23 الأبيات الآتية من الخفيف أو المنسرح، فزنها وبين نوع عروضها وضربها: ما أبالي إذا النَّوَى قَرَّبَتكم ... فدنوتم مَنْ حَلَّ أو مَنْ سَارا غربة قارظية وغرام ... عامري ومحنة علويه قد طلب الناس ما بلغت فما ... نالوا ولا قاربوا وقد جهدوا يا سَيِّدًا ما تُعَدُّ مَكْرُمَةً ... إلا وفي راحتيك أكملها هل تُحِسَّان لي رفيقًا رقيقًا ... يحفظ الود أو صديقًا صدوقا تالله أنسى مصيبتي أبدًا ... ما أسمعتني حنينها الإبل وكتب يحيى بن خالد إلى الرشيد: كلَّما مَرَّ من سُرورِك يومُ ... مَرَّ في الْحَبس مَنْ بلائي يومُ

البحر المضارع

البحر المضارع الشرح ... 12- البحر المضارع أصل تفاعيله هكذا: مفاعيلن فاع لاتن مفاعيلن ... مفاعيلن فاع لاتن مفاعيلن وهو يُجزأ وجوبًا، وله عروض واحدة صحيحة وضرب مثلها، ومثاله: دعاني إلى سعاد ... دواعي هَوَى سُعاد تقطيعه: دعاني إ ... لا سعادي ... ... دواعي هـ ... وي سعادي مفاعيل ... فاع لاتن ... ... مفاعيل ... فاع لاتن وقول الشاعر: وقد رأيت الرجال ... فما أرى مثل زيد تقطيعه: وقد رأى ... تررجال ... ... فما أرى ... مثل زيدي مفاعلن ... فاع لات ... ... مفاعلن ... فاع لاتن ويلاحظ أن مفاعيلن يجئ مرة مكفوفًا: مفاعيل، ومرة مقبوضًا: مفعلن، كما أن العروض قد تكف: فاع لات، ولكن الكف والقبض يجريان في مفاعيلن على سبيل المراقبة، إذا حصل أحدهما لم يحصل الآخر، فلا يجتمعان ولا يصح أن تخلو منهما التفعيلة فتجيء تامة، قيل: وقد وردت تامة شذوذًا، ومثال تمامها: بَنو سَعْدٍ خَيْر قومٍ ... لجارات أو مُعانِ تقطيعه: بنو سعدن ... خير قومن ... ... لجاراتن ... أو معاني مفاعيلن ... فاع لاتن ... ... مفاعيلن ... فاع لاتن والذي أورد شواهد هذا البحر هو الخليل: أمَّا الأخفش فأنكر أن يكونَ هذا الوزن من كلام العرب، وقال الزجاج: ورد، ولكنه قليل؛ حتى إنه لا يوجد منه قصيدة لعربي، وإنما يروى منه البيت والبيتان.

البحر المقتضب

البحر المقتضب الشرح ... 13- البحر المقتضب أصل تفاعيله: مفعولات مستفعلن مستفعلن ... مفعولات مستفعلن مستفعلن ولكنه لا يستعمل إلا مجزوءًا، وله عروض واحدة مطوية تصير فيها مستفعلن إلى مستعلن، وتحوَّل إلى مفتعلن وضربها مثلها، ومثال ذلك: أقبلت فلاحَ لها ... عارِضانِ كالْبَرَدِ تقطيعه: أقبلت ف ... لاح لها ... ... عارضان ... كلبردي فاعلات ... مفتعلن ... ... فاعلات ... مفتعلن ومثاله أيضًا: أتانا مبشرنا ... بالبيان والنذر تقطيعه: أتانام ... بششرنا ... ... بالبيان ... وننذري فعولات ... مفتعلن ... ... فاعلات ... مفتعلن فمفعولات في الصدر خبنت فصارت معولات، ثم حوّلت إلى فعولات، ومفعولات في العجز طويت فصارت إلى مفعولات ثم حولت إلى فاعلات. وبين الخبن والطي في مفعولات مراقبة "إذا حصل أحد الزحافين امتنع الآخر ولا يمكن سلامة التفعيلة من أحدهما". وقيل: قد تسلم التفعيلة منهما فيكون بينهما المعاقبة لا المراقبة، كما في قول القائل: لا أدعوك من بُعْدٍ ... بل أدعوك من كثب تقطيعه: لا أدعوك ... من بعدن ... ... بل أدعوك ... من كثبي فعولات ... مفتعلن ... ... مفعولات ... مفتعلن وما قاله الأخفش والزجاج في المضارع قالاه في المقتضب.

البحر المجتث

البحر المجتث الشرح ... 14- البحر المجتث أصل تفاعيله: مستفع لن فاعلاتن فاعلاتن ... مستفع لن فاعلاتن فاعلاتن وهو مجزوء وجوبًا، وله عروض واحدة صحيحة وضرب مثلها، ومثاله: هل مسعد لبكائي ... بعبرة أو دعاء تقطيعه: هل مسعدن ... لبكائي ... ... بعبرتن ... أو دعائي مستفع لن ... فعلاتن ... ... متفع لن ... فاعلاتن وقول أبي العتاهية: لا تَأَمَنِ الدَّهْرَ والبسْ ... لِكُلِّ حال لِبَاسَا وقول بشَّار: يا عبد حُلِّي كروبي ... وأسعفي وأثيبي فقد تطاول همي ... وزفرتي ونحيبي ويقع في هذا البحر الخبن في جميع أجزائه كما رأيت في البيت الذي قطعناه؛ فقد خبنت العروض كما خبن أول العجز. ويقع فيه أيضًا الكف، مثل: ما كان عَطَاؤُهنَّ إلا عِدَةَ ضمارا تقطيعه: ما كانع ... طاؤهنن ... ... إللا عد ... تن ضمارا مستفع لن ... فاعلات ... ... مستفع ل ... فاعلاتن

ووقوع الخبن والكف هنا على سبيل المعاقبة؛ فتكف مستفع لن أول الصدر بحذف نونها، فيجب بقاء ألف فاعلاتن التي بعدها: "العروض"، والعكس أن تبقى نون مستفع لن هذه فتخبن فاعلاتن "العروض"، وتكف "فاعلاتن" التي هي العروض فلا تخبن "مستفع لن" أول العجز، والعكس؛ أي تخبن مستفع لن أول العجز، فلا تكف فاعلاتن التي هي العروض1.

_ 1 وقد عرفت تعريف المعاقبة في البحر المضارع، ونزيد هنا بيانًا بها فنقول: المعاقبة: كما تكون في جزأين من تفعيلة واحدة مثل السين والفاء من "مستفعلن" كذلك تكون في جزأين كل واحد منهما في تفعيلة إلا أنهما متجاوران؛ أي يكون هذا الجزء آخر تفعيلة، والثاني أول أخرى كما في نون "مستفع لن" وألف "فاعلاتن" في هذا البحر.

ويجوز في ضرب المجتث أن يشعث "بحذف أول وتده المجموع"؛ فتصير فاعلاتن إلى فالاتن وتحول إلى مفعولن، مثل قول الشاعر: لِمَ لا يَعِي مَا أَقُولُ ... ذا السَّيّد الْمَأمولُ تقطيعه: لم لا يعي ... ما أقولو ... ... ذا سسيدل ... مأمولو مستفع لن ... فاعلاتن ... ... مستفع لن ... مفعولن وأنت تعلم أنَّ التشعيث علة تجري مجرى الزحاف، فهو غير ملتزم كما رأيت مثاله في الخفيف.

المعاقبة والمراقبة والمكانفة

المعاقبة والمراقبة والمكانفة ... ويتصور وقوع المعاقبة على ثلاث صور: الأولى: أن يزاحَفَ عجز تفعيلة ويسلم صدر التي بعدها، وهذا النوع يسمى "العجز". الثانية: أن يزاحف أول تفعيلة لسلامة عجز التي قبلها، وهذا يسمى "الصدر". الثالثة: أن تقع تفعيلة بين تفعيلتين فيزاحف صدرها لسلامة ما قبلها، ويزاحف عجزها لسلامة صدر ما بعدها، وهذا النوع يسمى: الطرفين، ويتصور هذا النوع الأخير في المديد في فاعلاتن التي هي أول العجز؛ فإن قبلها فاعلاتن وبعدها فاعلن، فألف فاعلاتن أول العجز تزاحف لسلامة نون فاعلاتن التي قبله، ونون فاعلاتن أول العجز أيضًا تزاحف لسلامة ألف فاعلن التي بعدها فتصير صورتها هكذا: فاعلاتن فاعلن فاعلاتن ... فعلات فاعلن فاعلاتن كما يتصور في الرمل إذا شكل جزؤه الثاني والخامس فتصير فاعلاتن فيهما: فعلات، فتكون مخبونة لصحة نون فاعلاتن قبلها، ومكفوفة لصحة ألف فاعلن بعدها في العروض وفاعلاتن في الضرب. ومثال ذلك قول الشاعر: إن سعدًا بطل ممارس ... صابر محتسب لما أصابه فهو مشكول في جزئه الثاني وهو: "بطلن م"، ووزنه فعلات. وكذلك جزؤه الخامس: تسبن ل، ووزنه فعلات، ويصير وزن البيت هكذا: فاعلاتن فعلات فاعلن ... فاعلاتن فعلات فاعلاتن وقد بقي من حديث المعاقبة والمراقبة "التي ذكرناها في البحر المقتضب" أن لهما ثالثًا يسمى المكانفة، وهي أن يجتمع سببان يصح سلامتهما معًا، ومزاحفتهما معًا، وسلامة أحدهما ومزاحفة الآخر مثل مستفعلن في البسيط مثلًا، ويصح أن تبقى تامة، ويصح أن تخبن ولا تطوى فتكون متفعلن، ويصح أن تخبن وتطوى فيصير متعلن.

البحر المتقارب

البحر المتقارب الشرح ... 15- البحر المتقارب أصل تفاعيله: فعولن فعولن فعولن فعولن ... فعولن فعولن فعولن فعولن وهو يستعمل تامًّا ومجزوءًا. وله عروضان وستة أضرب: 1- العروض الأولى: تامة صحيحة ولها أربعة أضرب: الضرب الأول: صحيح مثلها؛ كقول الحطيئة لعمر بن الخطاب: تحنَّن عليّ هداك المليك ... فإن لكل مقام مقالا تقطيعه: تحنن ... عليي ... هداكل ... مليكو ... فائنن ... لكلل ... مقامن ... مقالا فعولن ... فعول ... فعولن ... فعولن ... فعول ... فعول ... فعولن ... فعولن وبعده: ولا تأخذني بقولِ الوشاةِ ... فإنَّ لكلّ زمانٍ رجالا وكقول داود بن سلم: وجدناه يحمدُهُ الْمُجْتدُونَ ... ويَأبَى عَلَى العُسْر إلا ابتساما تقطيعه: وجدنا ... هيحم ... دهلمج ... تدونا ... ... ويأبى ... عللعس ... ر إللب ... تساما فعولن ... فعول ... فعولن ... فعولن ... ... فعولن ... فعولن ... فعولن ... فعولن الضرب الثاني: مقصور، تصير فيه فعولن إلى فعول بإسكان اللام، ومثاله قول أمية بن عائذ: ألا يا لقومي لطيفِ الْخَيَا ... لِ أَرَّقَ مِنْ نازحٍ ذِي دَلالْ تقطيعه: ألا يا ... لقومي ... لطيفل ... خيا ... ... لأرر ... قمننا ... زحن ذي ... دلال فعولن ... فعولن ... فعولن ... فعول ... ... فعول ... فعولن ... فعولن ... فعول

وبعده: يثني التحية بعد السلا ... م ثم يُفَدِّي بعمٍّ وخال الضرب الثالث: محذوف؛ تصير فيه فعولن إلى فعو، وتحول إلى فعل بسكون اللام، ومثاله قول بشار: أتوب إليك من السيئات ... وأستغفر الله من فعلتي تقطيعه: أتوب ... إليك ... منسسي ... يئاتي ... وأستغ ... فرللا ... همنفع ... لتي فعول ... فعول ... فعولن ... فعولن ... فعولن ... فعولن ... فعولن ... فعل ومثاله قول الأعشى: أُحبُّ أنافِتَ وقت القِطَافِ ... ووقت عصارة أعنابها الضرب الرابع: أبتر حذف منه سببه الخفيف، ثم ساكن الوتد، وسُكِّن ما قبله، فصارت فعولن إلى فَعْ بالسكون، مثل قول ابن الأحنف: فقدْ يكتمُ المرءُ أسرارَهُ ... فتظهرُ في بَعضِ أَشْعَارِهْ تقطيعه: فقديك ... تملمر ... أأسرا ... رهو ... فتظه ... رفي بع ... ضأشعا ... ره فعولن ... فعولن ... فعولن ... فعو ... فعول ... فعولن ... فعولن ... فع 2- العروض الثانية: مجزوءة محذوفة ولها ضربان: الضرب الأول: مجزوء محذوف مثل العروض؛ تصير فيه فعولن إلى فعو، وتحول إلى فعل بسكون اللام؛ مثل قول أبي فراس: وكم لي عَلَى بَلْدَتِي ... بُكاءٌ وَمُسْتَعْبَرُ تقطيعه: وكم لي ... على بل ... دتى ... ... بكاؤن ... ومستع ... برو فعولن ... فعولن ... فعل ... ... فعولن ... فعولن ... فعل

وبعده: ففي حلب عُدَّتي ... وعزي والمفخر وفي منبجٍ من رضا ... هـ أَنْفَسُ ما أَذْخَرُ الضرب الثاني: مجزوء مبتور؛ تصير فيه فعولن إلى فع بسكون العين، ومثاله: تعَفَّفْ وَلا تَبْتَئِسْ ... فمَا يُقْضَ يأتِيكا تقطيعه: تعفف ... ولا تب ... تئس ... ... فما يق ... ضيأيتي ... كا فعولن ... فعولن ... فعل ... ... فعولن ... فعولن ... فع ملاحظة: في العروض الأول التامة الصحيحة التي ضربها محذوف يكثر أن تحذف العروض فتصير كالضرب، ولعل حسن هذا إنما جاء لتمام التوازن بين الشطرين. وتجد على ذلك قصيدة الأعشى التي أولها: طلبت الصبا إذ علا المكبر ... وشاب القذال وما تُقْصر وبان الشباب بلذاته ... ومثلك في الجهل لا يعذر ولم يكد يتمم فيها العروض مع طول القصيدة إلا في بيتين أو ثلاثة مثل قوله: ولم تك من حاجتي مُكران ... ولا الغزو فيها ولا المتجر وهذا الحذف وإن كان علة إلا أنه أجري مجرى الزحاف؛ فصح وجوده والعود إلى الأصل، ومثال ذلك أيضًا قول أبي فراس: وأنت الكريم، وأنت الحليم ... وأنت العطوف، وأنت الحدب وما زلت تُسعفني بالجميل ... وتنزلني بالمكان الخصب وإنك للجبل الْمُشْمخِرْ ... رُ، لي، بل لقومك، بل للعرب وأصبحت منك فإن كانَ فَضْلٌ ... وإن كان نقضٌ فأنت السَّبب فأنت تراه في البيت الأول والثاني صحيح العروض، ثم عاد في الثالث فجعلها محذوفة، ثم رجع إلى الصِّحة في الرابع.

البحر المتدارك

البحر المتدارك الشرح ... 16- البحر المتدارَك هو البحر الذي زاده الأخفش وتدارك به على الخليل، وبعضه يسميه المحدث، والمخترع، والمتسق؛ لأن كل أجزائه على خمسة أحرف. والشقيق؛ لأنه أخو المتقارب؛ إذ كل منهما مكون من سبب خفيف ووتد مجموع، والخبب؛ لأنه إذا خبن أسرع به اللسان في النطق فأشبه خبب السير، وسمي أيضًا ركض الخيل؛ لأنه يحاكي وقع حافر الفرس على الأرض، وسُمِّي ضرب الناقوس؛ لأن الصوت الحاصل منه يشبه ذلك إذا خُبن. وأصل تفاعيله: فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن ... فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن وهو يستعمل تامًّا ومجزوءًا، وله عروضان وأربعة أضرب: 1- العروض الأولى: تامّة صحيحة ولها ضرب مثلها، ومثاله: جاءنا عامر سالِمًا صالِحًا ... بعد ما كان ما كان من عامر وتقطيعه ظاهر، ومثاله أيضًا قول سيدنا علي في تأويل دقة الناقوس حين مر براهب وهو يضربه؛ فقال لجابر بن عبد الله: أتدري ما يقول هذا الناقوس؟ فقال: الله ورسوله أعلم. قال: هو يقول: حقًّا حقًّا حقًّا حقًّا ... صدقًا صدقًا صدْقًا صدْقًا إن الدنيا قد غرتنا ... واستهوتنا واستلهتنا لسنا ندري ما قدمنا ... إلا أنَّا قد فرطنا يابن الدنيا مهلًا مهلًا ... زِنْ مَا يَأْتِي وزنًا وزنًا 2- العروض الثانية: مجزوءة صحيحة ولها ثلاثة أضرب: الضرب الأول: مثلها ومثاله: قِفْ على دارِهِم وابْكِيَنْ ... بَيْن أطْلالِها والدِّمَنْ

تقطيعه: قف على ... دارهم ... وبكين ... ... بين أط ... لا لها ... وددمن فاعلن ... فاعلن ... فاعلن ... ... فاعلن ... فاعلن ... فاعلن الضرب الثاني: مجزوء مخبون مرفل تصير فيه فاعلن إلى فعلاتن؛ ومثاله: دارُ سُعْدَى بشِحْرِ عُمَانِ ... قد كَسَاهَا البلَى الْمَلَوانِ تقطيعه: دار سع ... دي بشح ... رعماني ... ... قد كسا ... هلبلل ... ملواني فاعلن ... فاعلن ... فعلاتن ... ... فاعلن ... فاعلن ... فعلاتن ويلاحظ هنا أن العروض جاءت مرفَّلة؛ وليس ذلك فيها إلا من ناحية أن البيت مصرع؛ فالشاعر سيترك الترفيل بعد مطلع القصيدة، ويلتزم في العروض شرطها وهو الصحة. الضرب الثالث: مجزوءٌ مذيَّل تصير فيه فاعلن إلى فاعلان مثل: هذه دارهم أقفرت ... أم زبور محتها الدهور؟ تقطيعه: هاذهي ... دارهم ... أقفرت ... ... أم زبو ... رن محت ... هدد هور فاعلن ... فاعلن ... فاعلن ... ... فاعلن ... فاعلن ... فاعلان وهذا البحر كثيرًا ما تصير فيه فاعلن إلى فعلن، وقد اختلفوا في تسمية ذلك؛ فبعض يسميه تشعيثًا ويفرض أننا حذفنا أول الوتد المجموع فصارت التفعيلة فالن فحولت إلى فعلن، وبعضٌ يسميه قطعًا، ويفرض أننا حذفنا آخر الوتد المجموع وسكنّا ما قبله فصار فاعل وحُول إلى فعلن، وبعض يقول: إنه مضمر بعد الخبن، ويفرض أن فاعلن خبنت فصارت فعلن ثم أضمرت بإسكان المتحرك فصارت فعلن، ولا قيمة لهذا الخلاف وترجيح رأي على رأي. ومن ذلك قول القائل: مَا لِيَ مالٌ إلا دِرْهم ... أَوْ بِرْذَوْنِي ذاكَ الأَدْهَمْ

وقول سيدنا علي في تأويل معنى دقة الناقوس، وقد مر بك. وقد يجتمع في البيت الواحد التشعيث في تفعيلة والخبن في أخرى فيصير بعضها فعْلن والآخر فعلن كما في قول الحصري: يا لَيْلَ الصَّبِّ مَتَى غَدُهُ ... أَقِيامُ السَّاعَةِ مَوْعِدُهُ تقطيعه: يا لي ... لصصب ... بمتى ... غدهو ... أقيا ... مسسا ... عتمو ... عدهو فعلن ... فعلن ... فعلن ... فعلن ... فعلن ... فعلن ... فعلن ... فعلن

تمرين عام

تمرين عام تمرين -24 الأبيات الآتية من المجتث والمنسرح والسريع والهزج، فزن كلًّا وبين نوعَ عروضه وضربه: يا سائلي كيف تمسي ... أخو الهوى كيف يمسي أبيت والعشق قيدي ... ورقعة الأرض حبسي تعالى الله ما شاء ... وزاد الله إيماني أخشى الثمانين على أنها ... أقصى أمانيِّ وإن خفتها لا أركب البحر أخشى ... عليَّ منه المعاطب أقسم بالله وآياته ... والمرء عما قال مسئول إنَّ علي بن أبي طالب ... على التقى والخير مجبول

تمرين-25

تمرين -25 الأبيات الآتية من الوافر والخفيف والمتقارب والمتدارك والسريع؛ فزن كلًّا وبين نوع عروضه وضربه: كأنها والقُرْطُ في أذنها ... بَدْرُ الدُّجَى قد قرَّط الْمُشترِي قد كتب الحسن على وجهها ... يا أعين الناس قفي وانظري يا خليليَّ أسعداني فقد عِيـ ... ـلَ اصطباري على احتمال البَليَّه اجعل الموت نصب عينك واحذر ... غولة الدَّهر إن للدهر غُولا كساه الإله رداء الجمال ... ونور الجلال وهدى التُّقَى مضناك جفاه مرقدُهُ ... وبَكاهُ ورحَّمَ عوَّدُه حيرانُ القلبِ معذَّبُهُ ... مقروح الْجَفْنِ مسهَّدُهُ أخو حكم إذا بدأت وعادت ... حكمن بعجز لقمان الحكيم

تمرين-26

تمرين -26 الأبيات الآتية من الطويل والمديد والكامل والرمل؛ فزنها وبين نوع عروض كلٍّ منها وضربه: فَعَدْلًا فإن العدل في الحكم سيرةٌ ... بها سار في النَّاس الملوك الأساور وزعمت أني ظالم فهجرتني ... ورميت في قلبي بسهم نافذ حللت عقودًا أعجز الناس حلُّها ... وما زلت لا عَقْدي يُذَمُّ ولا حَلِّي نَدِمْتُ ندامَةَ الكسْعِيّ لَمَّا ... غدت مني مطلقة نوار ما كان ضرَّك لو مننت وربما ... مَنَّ الفتى وهو المغيظ الْمُحْنَقُ قال لي ودِّع سليمى وَدَعْها ... فأجاب القلب: لا أستطيع إنَّ بالشِّعْبِ الذي دون سَلْعٍ ... لَقتيلًا دَمُهُ ما يُطَلُّ كن عن همومك معرضًا ... وَكِلِ الأُمُورَ إلى القَضَا

تمرين-27

تمرين -27 زن الأبيات الآتية وهي من المجتث والوافر والبسيط: فإن يُقتل يزيد فقد قتلنا ... سَرَاتهم الكهول على لحاها سبحان ربِّ العلا ما كان أغفلني ... عمّا رمتني به الأيام والزمن ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح إذا غضبت عليك بنو تميم ... رأيت الناس كلَّهُمو غضابا بنو الدنيا إذا ماتوا سواءٌ ... ولو عَمَرَ الْمعَمِّر ألف عام لو كنت أملك طَرْفي ما نظرت به ... من بعد فرقتكم يومًا إلى أحد

لا والذي شق خمسي ... ما غير وجهك شمسي صدغ الحبيب وحالي ... كلاهما كالليالي قد يبعد الشيء من شيء يشابهه ... إن السماء نظير الماء في الزَّرَقِ

تمرين-28

تمرين -28 زن الأبيات الآتية واذكر اسم بحرها ونوع عروضه وضربه: قد يُدْرِكُ الْمُتأَنِّي بعضَ حاجته ... وقد يكون مع المستعجل الزلل يمضي أخوك فلا تلقى له خَلَفًا ... والمال بعد ذهاب المال مكتسب والناس همُّهُمُو الحياة ولا أرى ... طول الحياة يزيد غير خيال إذا كنت في كل الأمور معاتبًا ... صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه ليتَ هندًا أنجزتنا ما تعد ... وشفت أنفسنا مما تَجِدْ من راقب الناس مات هَمًّا ... وفاز باللَّذَّة الجسور لا تسأل المرء عن خلائقه ... في وجهه شاهد من الخبر واعجَبًا من خالد كيف لا ... يخطئ فينا مرة بالصواب ليس على الله بمستنكرٍ ... أن يجمع العالم في واحد صار جدًّا ما مزحت به ... رُبَّ جدٍّ ساقه اللعب لا تنكري عطل الكريم من الغنى ... فالسيل حرب للمكان العالي وليست فرحة الأوبات إلا ... لموقوف على ترح الوداع من سره العيد فما سرني ... بل زاد في همي وأحزاني عدوك من صديقك مستفاد ... فلا تستكثرن من الصحاب ليس الخمول بعار ... على امرئ ذي جَلال فليلة القدر تخفَى ... على جميع الليَّالي

تمرين-29

تمرين -29 زن الأبيات الآتية، وسَمِّ بحرها، وعين نوع عروضه وضربه: السيف أصدق أنباء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب ترضى السيوف به في الروع منتصرًا ... ويغضب الدين والدنيا إذا غضبا ليس الحجاب بمقصٍ عنك لي أمَلًا ... إن السماء ترجَّى حين تحتجب وأنت بمصر غايتي وقرابتي ... بها وبنو أبيك فيها بنو أبي كل يوم تبدي صروف الليالي ... خُلُقًا من أبي سعيد عجيبَا كل شعب كنتم به آل وهب ... فهو شعبي وشعب كل أديب ولقد نزعت عن الغوا ... ية لابسًا ثوب الوقار كما تبَلَّجَ فجْر فُو ... دى وانُجَلَى ليلُ العَذار

تمرين30

تمرين -30 زن الأبيات الآتية وبين ما دخلها من زحاف وعلة: إن هذا الشعر في الشعر ملكْ ... سار فهو الشمس والدنيا فلكْ أنت طورًا أمر من ناقع السم ... وطورًا أحلى من السَّلْسال وإذا خفِيتُ على العدو فعاذر ... ألا تراني مقلة عمياء متى أحصيت فضلك في كلام ... فقد أحصيت حبّات الرمال ذلَّ من يغبط الذليل بعيش ... رب عيش أخف منه الحمام قسا فالأسد تفزع في يديه ... ورَقّ فنحن نخشى أن يذوبا ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ... عدوًّا له ما من صداقته بدُّ شغلت قلبي بلحظ عيني ... إليك من حسن ذا الغناء

تمرين-31

تمرين -31 الأبيات الآتية مدورة1 وقد كتبناها إليك سطرًا واحدًا بلا فصل بين الشطرين، فافصل كل شطر على حدة، وبين الحرف الذي يقع آخر العروض والذي يقع آخر الشطر الثاني: وأعلم أني إذا ما اعتذرت إليك أراد اعتذاري اعتذارًا وقتلت الزمان علمًا فما يغرب قولًا ولا يجدد فعلا أنت يا فوق إن تُعزَّى عن الأحباب فوق الذي يعزيك عَقْلا وبألفاظكَ اهتدى فإذا عزَّاك قال الذي قُلتَ قبلا شرفٌ ينطح النجوم بروقيه وعزٌّ يقلقل الأجبالَ قعد النَّاسُ كلُّهم عن مساعيك وقامت بها القنا والنُّصول أجْفَلَ النَّاسُ عن طريق أبي المسك وذلَّت له رقاب العباد صحبَ النَّاس قبلنا ذا الزمانا وعناهم من شأنه ما عنانا رُبَّما تحسن الصنيع لياليه ولكن تكدّر الإحسانا

_ البيت المدور "كما ستعرفه بعد" هو: ما اشترك شطراه في كلمة واحدة بأن كان بعضها من الأول وبعضها من الثاني.

تمرين-32

تمرين -32 1- يخطّئون أبا تمام في وزن هذا البيت، فبين وجه الخطأ فيه: لم تنتقض عروة منه ولا قوة ... لكن أمر بني الآمال ينتقض 2- ويعيبونه في قوله: إلى الْمُفَدَّى أبي يزيد الذي ... يَضِلّ غَمْرُ الملوك في ثَمَدِه فما وجه العيب فيه بعد أن تبين مِن أيّ البحور هو؟ 3- ويعيبونه أيضًا في قوله: يقول فيسمع ويمشي فيسرع ... ويضرب في ذات الإله فيوجع

4- ويعيبونه أيضًا في قوله: هن عوادي يوسف وصواحبه ... فعزمًا فَقِدْمًا أدرك السؤل طالبه وإذا كان بعض الرواة قد رواه بالهمزة قبل كلمة هن فجعلها أهن؛ فبين بحره، واذكر هل بقي فيه العيب أم فارقه؟

تمرين-33

تمرين -33 زن الأبيات الآتية: وبين بحرها، وسَمِّ المشطور أو المجزوء أو المنهوك منها، وهي: خلّ عقلي يا مسفّهَه إن عقلي لستُ أتهمه

_ زادني لومك إصرارًا إن لي في الحب أنصارا

ملاحظات على بحور الشعر

ملاحظات على بحور الشعر البحور التي يدخلها الجزء ... ملاحظات على بحور الشعر 1- يدخل الجزء: وهو حذف تفعيلة من آخر الصدر وأخرى من آخر العجز في خمسة أبحر، ويكون واجبًا فيها وهي: المديد، المضارع، المجتث، المقتضب، الهزج. ويدخل في ثمانية على سبيل الجواز، وهي: البسيط، الكامل، الوافر، الرجز، الرمل، الخفيف، المتقارب، المتدارك. ويمتنع في ثلاثة، وهي: الطويل، والسريع، والمنسرح. ويدخل الشطر: "وهو حذف نصف البيت"، جوازًا في الرجز والسريع. ويدخل النهك: "وهو حذف ثلثي البيت"، جوازًا في الرجز والمنسرح.

تشابه الكامل الرجز والوافر

تشابه الكامل الرجز والوافر ... "2" أ- عرفت أن الرجز مؤلَّف من تفعيلة مستفعلن، وأن الكامل من تفعيلة متفاعلن، وأن الفرق بين التفعيلتين: هو سكون الحرف الثاني في مستفعلن وتحركه في متفاعلن؛ لذلك إذا وردت تفاعيل الكامل مضمرة:" ساكنة الثاني"

تشابه الوافر والهزج

تشابه الوافر والهزج ... اشتبه البحران؛ فيصح عد البيت الوارد على هذه الصورة من الرجز أو من الكامل، وإن كان عدّه من الرجز أولى لكونه ورد على الأصل، ولكن ينبغي قبل الحكم على القصيدة بأنها من هذا أو من ذاك أن تجيل النظر في جميع أبياتها، فإذا وردت فيها تفعيلة متحركة الثاني فالقصيدة من الكامل، مثال ذلك قول عنترة: فهذا البيت يصح لأول نظرة أن يعد من الرجز؛ لأن تفاعيله إني امرؤ من خير عبس مَنْصَبِي ... شَطْرِي وأحمي سائري بالْمَنْصِل كلها مضمرة، ولكن إذا نظرنا إلى قصيدته وجدنا فيها: طال الثواء على رسوم المنزل ... بين اللُّكَيك وبينَ ذات حوامِلِ

ففي هذا البيت تفاعيل وردت على أصلها؛ أي على وزن متفاعلن، وذلك نحكم بأن البيت السابق المضمر كله من الكامل لا من الرجز. ب- كذلك يشتبه مجزوء الوافر المعقول الذي تصير فيه مفاعلتن إلى مفاعلن مجزوء الرجز المخبون الذي تصير فيه مستفعلن إلى متفعلن، فإذا وجد ذلك حكم بأن البيت من الرجز؛ لأنه على اعتباره منه يكون المحذوف فيه حرفًا ساكنًا، وعلى اعتباره من الوافر يكون المحذوف حرفًا متحركًا، وحذْفُ الساكن أخف من حذف المتحرك، والحمل على الأخف أولى، ومثاله قول القائل: يذب عن حريمه ... برمحه وسيفه جـ- كذلك عرفت أن الوافر قد يجزأ فيصير: مفاعلتن مفاعلتن ... مفاعلتن مفاعلتن إذا عُصبت مفاعلتن صارت مفاعلتن وحولت إلى مفاعيلن، وإذ ذاك يشتبه بالهزج الذي هو مفاعيلن أربع مرات، وعلى ذلك إذا ورد بيت على هذه الصورة صحَّ اعتباره من مجزوء الوافر أو من الهزج، ولكن اعتباره من الهزج أولى لكون هذا الوزن فيه أصلًا. ومثال ذلك: وهذا الصبح لا يأتي ... ولا يدنو ولا يَقْرُب ولكن يلاحظ أيضًا إذا ورد البيت في القصيدة أن يجال فيها النظر، فإذا عثر على تفعيلة وردت على مفاعلتن عد البيت المجزوء من الوافر لا من الهزج.

تفصيل الكلام على التصريع

تفصيل الكلام على التصريع ... 3- قد تنظر في القصيدة فترى أن البيت الأول منها عروضًا لم يذكر لك نوعها بين أعاريض البحر الذي منه هذه القصيدة، فيشتبه عليك الأمر وتحار في تخريج هذا البيت على وزن معروف، ولكن اعلم أن هذه الشبهة العارضة لا تلبث أن تزول، إذا نظرت إلى البيت الثاني أو غيره؛ فإنك تجد العروض قد جرت على نحو معروف لها بين أعاريض هذا البحر، فأما ما كان في

البيت الأول فذلك راجع إلى التصريع وهو: إجراء العروض على حكم الضرب بمخالفتها لما تستحقه بزيادة أو نقص. وإنما فعلوا ذلك في مفتتح القصائد لِيَحْسُنَ التناسق؛ فالمخالفة بالزيادة كقول امرئ القيس: قِفَا نَبْكِ من ذِكْرى حبيب وعرفان ... وربع خَلَت آياته منذ أزمانِ فالعروض هنا هي كلمة: وعرفان، على وزن مفاعيلن، وقد عرفت أنها لا تجيء في عروض الطويل إلا مقبوضة، فهي إنما قُبلت هنا من غير قبضٍ ليحصل التشاكل بينها وبين الضرب، وهو: أزمان، على وزن مفاعيلن، ومثال ذلك أيضًا قول الشاعر: بَكرَت تَحِنُّ وما بِهَا وَجْدِي ... وأحن من وجد إلى نَجد فدُمُوعها تحيا الرياض بها ... ودموع عيني أقرحت خدي فإن العروض في البيت الأول وهي: وجدي، على وزن فعْلن بسكون العين، وأصلها متفاعلن دخلها الحذذ والإضمار، مع أن العروض كما عرفت في بحر الكامل لا يدخلها إلا الحذذ، فكان حقُّها أن تكون فعلن بتحريك العين، ولكن لما كان الإضمار مع الحذذ من شأن بعض أضرب الكامل، صح أن تشاكله العروض في أول بيت من القصيدة، ولذلك تراها في البيت بعده حذاء فقط، فالعروض فيه: ضُ بِهَا، ووزنها فعلن كما هو الأصل. ومن أمثلة التصريع بالنقص قول امرئ القيس: أجارتَنَا إنَّ الْخُطوب تنوب ... وإني مقيم ما أقام عسيب فإن العروض هنا وهي تنوب وزنها فعولن، وليس ذلك في أوزان عروض الطويل المعروفة، ولكن ذلك إنما قبل في هذا البيت لتحصل المشاكلة بين العروض والضرب في مفتتح القصيدة، ويمكنك أن تلاحظ كثيرًا من ذلك فيما سبق من البحور وما أُورد لها من شواهد وتمارين.

الأوزان الشعرية واختلاف ورودها كثرة وقلة

الأوزان الشعرية واختلاف ورودها كثرة وقلة ... 4- لاشك أن المتتبع لأوزان الشعر العربي يجدها تختلف في الورود كثرة وقلة، وقد سبق أن نقلنا عن المعري أنه يقول: "إن أكثر أشعار العرب من الطويل والبسيط والكامل"، وهذا صحيح، يدل عليه الاستقراء، وقد ذكروا أيضًا أن المديد قليل الاستعمال؛ لثقل فيه إلا عروضه الثالثة، كما ذكروا أن الزجَّاج قال عن المضارع والمقتضب إنهما قليلان جدًّا في الشعر العربي حتى إنه لا توجد قصيدة منهما لعربي، وإنما يروى منهما البيت والبيتان. كذلك بحر المتدارك قليل في القديمة، وقلّته هي التي حملت الخليل على إنكاره، وعدم عِّده بين بحور الشعر، وإثبات الأخفش له لا يدل على كثرة وروده، بل إنه تمسك ببعض شواهد صحت عنده، فهو لا ينكر ندرته. قالوا: وزعم الزجَّاج أن الضرب المسبغ لمجزوء الرمل موقوف على السماع، وأن الذي ورد منه قول الشاعر: لانَ حَتَّى لو مشى الذَّرْ ... رُ عليه كاد يدميه والذي نلاحظه في الكامل قلة ورود أمثلة العروض التامة الصحيحة مع الضرب الأحذ المضمر الذي تصير فيه متفاعلن إلى مُتْفَا بسكون التاء، وتحول إلى فعْلن، مثل قول الحطيئة: شهد الْحُطَئيةُ يوم يلقَى ربَّه ... أن الوليد أحق بالعذر ولعل قلَّته جاءت لنقص الضرب عن العروض، والأولى في آواخر الكلام أن يكون أمدّ من أوائله، ألا ترى الترفيل والتذييل والتسبيغ جاءت في الأضرب ولَمْ تأتِ في الأعاريض. كما نلاحظ في بحر الخفيف أن العروض التامة الصحيحة مع ضربها المحذوف قليلة جدًّا للسبب المتقدم؛ لأن العروض تكون فاعلاتن، والضرب فاعلن، ومثاله:

عيْنُ بكِّي بالمسْبَلات أبا الحا ... رث لا تذَخري على زمعه وقد مر البيت. في البحر المتقارب لم يجئ المجزوء منه صحيحًا كما ورد التام، بل اشترطوا فيه الحذف فصار وزنه: فعولن فعولن فعو ... فعولن فعولن فعو ولم نجد في الذوق ما كان يمنع وروده تامًّا، بل قد جربنا نغمته فوجدناها سائغة ونظمنا منه عدة أبيات كان منها: فهذا كلامٌ بليغٌ ... وهذا هراءٌ وسخفُ لنا صدر هذا المكان ... ندافع عنه الخصوما وحسْبُ الفتى صالحاتٌ ... تكون طريقَ الخلود فهذه الأبيات كلُّها من مجزوء المتقارب تامّة العروض والضرب كلاهما على وزن فعولن وهي كما ترى سائغة في الذوق، ونحن نتساءل في حَيْرة شَديدة: هل رفض العرب أن يقولوا على هذا الوزن؛ لأنه لا يلائم ذوقهم؟ أم أن استقراء الخليل ومن بعده لم يعثر بهذا الوزن في كلامهم؟ فيكون ذلك اتفاقًا غريبًا جدًّا؛ إذ رأينا أشياء فاتت الخليل فتداركها من بعده وتلافوا بفعلهم نقص استقرائه. والأعجب من كل هذا أننا لم نر أحدًا من العروضيين تنبه إلى ملاحظتنا هذه، وتساءل عن إهمال هذا الوزن مع استساغته في الذوق أو دافع عن إهماله وعلّل ذلك بما رآه. ولقد عرضتْ لنا هذه الملاحظة في وقت متأخر والكتاب يطبع فلم نجد متسعًا لبحثها، ولعلنا في فسحة من الوقت نقف على رأي تهدأ به حيرتنا: إما بأن نجد من يستدرك مثلنا هذه العروض وضربها من مجزوء المتقارب، أو ممن ينفيه ويعلّل النفي تعليلًا مقبولًا، وقد يكفينا أن نجد للقوم كلامًا في هذا شافيًا أو غير شافٍ1.

_ 1 رأيي أن موسيقى الأوزان الشعرية التي تعتمد على الخفة والسهولة لا تقبل مثل هذا الوزن: المجزوء التام، وذلك سر عدم عَدِّه من الأوزان الشعرية لهذا البحر، وسر عدم نظم العربي عليه أيضًا -"خفاجي"-.

ألقاب الأبيات

5- من الألفاظ المهمة للأبيات وأجزائها غير ما مر بك مفرقًا في مناسباته ما يأتي: أ- التقفية: وهي من ألقاب الأبيات؛ فالبيت المقفَّى: ما وافقت عروضه ضربه وزنًا وتقفية، من غير تغيير لها عمّا تستحقه من أجل إلحاقها بالضرب، فالتقفية تلتقي مع التصريع في إحداث المشاكلة بين العروض والضرب، ولكن التصريع كان بإدخال تغيير في العروض ليس من شأنها، أما التقفية فليس فيها هذا الخروج من الأصل، وإنما يتفق الوزن أصلًا ويزداد عليه الاشتراك في حرف الروي وحركته؛ كقول امرئ القيس: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللوى بين الدخول فحومل ب- التدوير: من ألقاب الأبيات، فالبيت المدور، ويقال له المداخل: هو ما اشترك شطراه في كلمة واحدة، ومثاله قول الموصلي: إنَّ ما نَوَّلتني مِنْ ... كَ وَإِنْ قلَّ كثير فكلمة منك بعضها في الشطر الأول والآخر في الشطر الثاني. جـ- ومن ألقاب الأجزاء: الحشو: وهو ما عدا العروض والضرب من تفاعيل البيت. د- والمعرَّى: هو كل ضَرْب سَلِمَ من عِلَلِ الزيادة مع جواز وقوعها فيها؛ كالترفيل والتذييل، فإنهما يدخلان مجزوء الكامل جوازًا، وكذلك مجزوء المتدارك يصحُّ أن يُرَفَّل أو يُذَيَّل. ومجزوء الرمل يصح أن يُسبغ، وقد مرّ بك كل ذلك؛ فلا داعي للإطالة بتفصيله.

الدوائر الخمس لبحور الشعر

6- الدوائر الخمس لبحور الشعر ليس في حديث هذه الدوائر شيء جديد في علم العروض، ولا هي تشتمل على قاعدة أو رأي في العلم لم يمر بك، ولكن حديثها؛ أنها من وضع الخليل، وأنها كانت في نظره وسيلة؛ لحصر مجموعة من الأوزان الشعرية في دائرة خاصة. والذي يدل على كلام علماء العروض، أن الخليل أراد بها أن يشير إلى أن لأوزان الشعر العربي نَسبًا ترجع إليه وأصولًا تضمها، وأن كل دائرة من هذه الدوائر وشيجة تفرعت عنها جملة من الأوزان؛ قد يكون فيها المستعمل الذي حصر الخليل قواعده، المهمل الذي لم ير العرب أن ينظموا عليه لِنُبُوِّ طباعهم عنه. ومهما يكن من أمر هذه الدوائر فإنها طُرْفَةٌ من طُرَف العروض، ودليل على قوة ملكة الوضع والتأليف التي امتاز بها هذا الإمام الجليل. ونستطيع أن نستدل على بدء الفكرة التي أوحت إلى الخليل أمر هذه الدوائر، فنقول: إنه نظر مثلًا إلى وزن البحر الطويل فرأى مواضع اتفاق بينه وبين المديد والبسيط في أن كلًّا منهما مؤلف من أسباب خفيفة وأوتاد مجموعة، فجرّب كيف يستخرج واحدًا من الآخر، فرأى أنه لو رتَّب أوتادَ الطويل وأسبابه على حسب ورودها في تفاعيله؛ أمكنه إذا تجاوز الوتد الأول في فعولن، وجعل يوالي ربط الأسباب بالأوتاد حتى يصل إلى حيث ابتدأ، تكوَّن له بحر المديد. ثم إذا تجاوز مبدأ المديد واستمر يوالي بين الأوتاد والأسباب اجتمع له وزنٌ مهمل. ثم إذا بدأ بأول سبب يلي بدأه السابق واستمر إلى حيث ابتدأ حصل على البحر البسيط وهكذا. وبذلك أمكنه أن يجمع كل طائفة من البحور في دائرة. وسمى دوائره هذه بأسماء هي: المختلف، والمؤتلف، والمجتلب، والمشتبه، والمتفق. 1- فدائرة المختلف: مثمَّنة التفاعيل، وهي تشتمل على خمسة أبحر منها

ثلاثة مستعملة واثنان مهملان. وهي على ترتيب وقوعها في الدائرة: الطويل، المديد، المستطيل، البسيط، الممتد. 2- دائرة المؤتلف: مُسَدَّسة التفاعيل: وتشتمل على بحرين مستعملين وهما الوافر، والكامل، وبحرٌ مهمل يسمى المتوافر: وتقع في الدائرة مرتبة كما ذكرنا. 3- دائرة المجتلب: مسدسة التفاعيل، وتشتمل على ثلاثة أبحر كلها مستعملة وهي على حسب ترتيبها في الدائرة: الهزج، الرجز، الرمل. 4- دائرة المشتبه: مسدسة التفاعيل وتشتمل على تسعة بحور: ثلاثة مهملة، وستة مستعملة، وهي على حسب ترتيبها في الدائرة: السريع، بحر مهمل، بحر آخر مهمل، المنسرح، الخفيف، المضارع، المقتضب، المجتث، بحر مهمل. 5- دائرة المتفق: مُثَمَّنة التفاعيل وتشتمل على بحرين مستعملين وهما: المتقارب والمتدارك. ويلاحظ أن الخليل كان يعدها مشتملة على بحر واحد مستعمل هو المتقارب، أما المتدارك فهو مهمل عنده كما عرفت.

علم القافية

علم القافية مدخل * ... علم القافية في الشعر العربي جزء مهم في البيت وهو آخره. ويُسمَّى هذا الجزء قافية على ما سنحدها به بعد. ويتعلق البحث في هذا العلم بحروف هذه القافية، وحركاتها، وما يجب لها من لوازم، وما يعرض من عيوب. فبحثُ القافية مهم كبحث أجزاء البيت الشعري ووزنه؛ لأن من جهل شروطها وقع في المخالفة للنهج العربي، وجاوز النسق الذي رُسم للشعر كما هدى إليه الذوق السليم.

تعريف القافية

تعريف القافية: القافية: هي الحروف التي تبدأ بمتحرك قبل أول ساكنين في آخر البيت الشعري وتكون القافية كلمة واحدة مثل: فلو نُبش المقابر عن كليب ... فيعلم بالذنائب أي زير فكلمة: زير، وساكناها هما الياء التي قبل الراء والأخرى التي بعدها الناتجة من إشباع الكسرة. وقد تكون بعض كلمة مثل قوله أيضًا: فإن يَكُ بالذنائب طال ليلي ... فقد أبكى من الليل القصير فالقافية هي حروف: صير. وقد تكون كلمتين مثل: مكر مفر مقبل مدبر معًا ... كجلمود صخر حطه السيل مِن عَلِ فالقافية كلمتا: "مِنْ عَلِ".

تمرين-1

تمرين -1 حدد حروف القافية في هذه الأبيات مع إظهار المحذوف إن كان إشباعًا لحركة: والحر من حذر الهوا ... ن يزاول الأمر الجسيما اشْتَرِ العِزَّ بِمَا بِيـ ... ـع؛ فما العز بِغَالِ وما شَرَفُ الإنسانِ إلا بنفسه ... أكان ذووه سادةً أم مواليا أي معين صَفَا عَلَى كَدَرِ الدّهـ ... ـر وأي النعيم لم يَزُلِ؟

حروف القافية

حروف القافية وإذا علمت أن القافية تكون من حروف متحركة وساكنة، فاعلم الآن أسماء هذه الحروف: 1- الرَّوِيُّ: وهو الحرف الذي بنيت عليه القصيدة وتنسب إليه فيقال: سينية ودالية وهكذا. ولا يكون هذا الحرف حرفَ مَدٍّ ولاهاءً، مثال ذلك: ألا لله دَرُّكَ من ... فَتَى قَوْمٍ إِذَا وَهَبُوا فلا يقال: إن القصيدة واوية، وإنما يقال: إنها بائية، وكذلك قول ابن ميادة: لقد سبقتك اليوم عيناك سبقة ... وأبكاكَ من عهد الشباب مَلَاعِبُه فليست الهاء حرف رويّ، وإنما هي الباء. والروي يسمى مطلقًا إن كان متحركًا كما مر، ويسمى مقيدًا إن كان ساكنًا كقول الموصلي: ألا ليلك لا يذهبْ ... ونيط الطرفُ بالكوكبْ ولحرف الروي مبحث خاص سنورده عقب هذا الفصل. 2- الوَصل: هو ما جاء بعد الروي من حرف مد أشبعت به حركة الروي أو هاء وَلِيَتِ الرّوي. وحرف المد يكون ألفًا أو ياءً أو واوًا، مثال الألف قول المجنون: ما بالُ قلبكَ يا مجنون قد خُلعَا ... في حُبِّ مَنْ لا تَرَى في نَيلِهِ طَمعا ومثال الياء قول عدي بن زيد: ألا من مُبْلِغِ النّعمان عنّي ... وقد تُهْدَى النصيحة بالمغيب فالياء في المغيب المتوَلِّدة من إشباع كسرتها هي: الوصل، وقد تقدم مثال الوصل بالواو قبل ذلك. والهاء تكون ساكنة كما مر في مثال الروي من قول ابن ميادة.

وتكون متحركة بالفتح والكسر والضم؛ مثال المفتوحة: تَمُرّ الصَّبا صفحًا بساكِنِ ذي الغَضَى ... ويَصدَعُ قَلْبِي أن يهُبّ هبوبها ومثال المكسورة: كُلُّ امرئ مصبح في أَهْلِهِ ... والموت أدنى من شراك نَعْلِهِ ومثال المضمومة: خليل لي سأهجُرُهُ ... لذنب لست أذكرُهُ 3- الخروج: هو حرف المد الذي ينشأ من إشباع حركة الوصل إن كان الوصل غير حرف مد، ومثاله الألف في هبوبها والواو في أذكره والياء في نعله في الأبيات السابقة. 4- الردف: هو حرف المد الذي يكون قبل الروي ولا فاصل بينهما؛ مثل قول ابن قيس الرقيات: قد أتانا من آل سُعدى رسول ... حَبَّذا ما يقول لي وأقول وليس بلازم اتحاد حرف الردف في القصيدة، بل يكون واوًا مرة وياء أخرى، كما في قول علقمة: طحا بك قلب في الحسان طَروبُ ... بُعَيْدَ الشباب عَصْرَ حانَ مَشيبُ 5- التأسيس: هو الألف التي يكون بينها وبين الروي حرف؛ مثل قول ابن حمديس: الطُّلولُ الدَّوارس ... فارقتها الأوانس 6- الدخيل: هو الحرف المتحرك الذي يقع بين التأسيس والروي؛ مثل: النون في كلمة: أوانس، في البيت السابق.

تمرين-2

تمرين -2 أ- عين الرَّويّ والوصل والخروج في الأبيات الآتية: وإنّ عناء أن تُفهِّم جاهلًا ... فَيحسَبَ جهلًا: أنه مِنْكَ أَفْهَمُ وأرانا كالرَّزع يحصده الدّهـ ... ـر فمن بين قائم وحصيد لا أذود الطير عن شجر ... قد بلوت المرّ من ثمره

ب- عين الأنواع السابقة مع التأسيس والردف والدخيل: وكأنَّا للموت ركب مُخِبُّو ... نَ سراع لمنهل مورود ما يبلغ الأعداء من جاهل ... ما يبلغ الجاهل من نفسه ليس من مَارَسَ الْخُطُو ... بَ كمن لم يمارس

حروف الروى

حروف الروى حروف الهجاء بالنسبة لجواز عَدِّها رويًّا أو امتناع ذلك ثلاثة أقسام: أ- الأول ما يصح أن يكون رويًّا وهو هذه الأحرف: 1- الألف الأصلية التي هي جزء من الكلمة، وتسمى المقصورة؛ كألف إذا، ومتى، ومضى، وعصى، وحبلى. 2- الياء الأصلية الساكنة المكسور ما قبلها؛ كياء القاضي وينقضي ويرتضي، ويلحق بها ياء النسب المخففة؛ مثل: مصري، وهندي. وعلى اعتبار هذه الياء رويًّا قول الشاعر: نروح ونغدو لحاجاتنا ... وحاجات من عاش لا تنقضي تموت مع المرء حاجاتُهُ ... وتبقى لنا حاجة ما بَقِي 3- الواو الأصلية الساكنة المضموم ما قبلها؛ كواو يدعو ويصفو. 4- الهاء الأصلية المتحرك ما قبلها نحو، النقه والشبه والمتشابه؛ فإن سكن ما قبل الهاء -أصيلة كانت أم زائدة- لم تكن إلا رويًّا؛ كقوله: قس بالتجارب أعقاب الأمور كما ... تقيس بالنَّعل نعلًا حين تحذوها أموالنا لذوي الميراث نجمعها ... ودورنا لخراب الموت نبنيها 5- تاء التأنيث ساكنة ومتحركة؛ مثل: قامت، وعمتي، وخالتي. 6- كاف الخطاب؛ مثل: يحبك؛ ولكن الأحسن عدم عَدِّ هذه الكاف حرف روي؛ بل يلتزم قبلها حرف؛ مثل قول الشاعر: إن أخاك الحق من كان معك ... ومن يضر نفسه لينفعك ومن إذا رَيْبُ الزمان صَدَعَكْ ... شتَّتَ فيك نفسه ليجمعك

7- الميم إذا سبقتها الهاء أو الكاف، والأحسن أيضًا في هذه لا تعد حرف روي، بل يلتزم قبلها حرف يكون هو الروي؛ مثال ذلك: لبيكما لبيكما ... هأنذا لديكما فهذه الأحرف السبعة بشروطها التي ذكرناها يصح اعتبارها رويًّا؛ فتُبنَى عليها القصيدة، ومن ذلك القصائد المقصورة؛ مثل مقصورة ابن دريد، ومنها: من ظَلَمَ الناس تَحاشَوا ظُلمَهُ ... وعَزَّ فيهم جانباه واحتفى وهم لمن لان لهم جانبه ... أظلَمُ من حيّات أنباث السَّفا والناس كلًّا إن بحثت عنهمو ... جميع أقطار البلاد والقرى عبيد ذي المال وإن لم يطمعوا ... من عمره في جرعة تشفى الصَّدا فأنت ترى أن الشاعر عَدّ الألف حرف روي؛ بدليل أنه لم يلتزم حرفًا قبلها يوحده ويجعله الروي، ولو فعل الشاعر ذلك لكان أوقع في السمع وأليق بالجرس، ولكن لا بأس بهذا التسهيل في القافية ما دام قد ورد عن العرب. ما لا يصح أن يكون رويًّا وهو: 1- الألف والواو الياء والهاء في غير الحالات السابقة. 2- التنوين بأنواعه ونون التوكيد الخفيفة. فهذه كلها لا يصح اعتبارها حرف روي، بل يجب التزام حرف قبلها يجعل رويًّا مثل قول الراجز رؤبة: وقائم الأعماق ... خاوي المخترق ج- ما لا يكون إلا رويًّا: وهو بقية حروف الهجاء.

تمرين-3

تمرين -3 أ- عين حرف الروي فيما يأتي من الأبيات: وتراه من خوف النـ ـزيل به يُرَوَّع في منامه

_ وتحوطه حرّاسه وتَذُبّ عَنْهُ كَتَائِبُه

حركات حروف القافية

حركات حروف القافية انتهينا من تسمية حروف القافية، ونقول الآن في أسماء حركات تلك الحروف. فهي: 1- المجرى: وهو حركة الروي المطلق، وقد مرت أمثلته. 2- النفاذ: حركة الوصل إذا كان هاءً؛ مثل: إذا نزل الحجاج أرضًا مريضة ... تتبع أقصى دائها فَشفَاها 3- الحذو: حركة ما قبل الردف؛ مثل: وليس رزق الفتى من لطف حيلته ... ولكن حُدودٌ بأرزاق وأقسام 4- الإشباع: حركة الدخيل؛ مثل حركة العين في فاعله في قول الشاعر: أرى الحلم في بعض المواطن ذِلَّة ... وفي بعضها عزًّا يُسَوّد فاعله 5- الرّسُّ: حركة ما قبل التأسيس؛ كحركة الفاء في قافية البيت السابق. 6- التوجيه: حركة ما قبل الروي المقيد؛ مثل: واكْذِبِ النّفسَ إذا حدّثْتَها ... إنَّ صِدقَ النفس يُزْرِي بالأَمل

تمرين-4

تمرين -4 عين القافية، ثم سم حروفها واحدًا واحدًا، ثم حركات ما هو متحرك عن هذه الحروف، في الأبيات الآتية: متى يبلغ البنيان يومًا تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

_ يشقى رجال ويشقى آخرون بهم ويسعد الله أقوامًا بأقوام

قد يجمع المال غير آكله ويأكل المال غير من جمعه

_ ويحييني إذا لاقيته وإذا يخلو له لحمي رَتَع

أنواع القافية من حيث الإطلاق والتقييد

أنواع القافية من حيث الإطلاق والتقييد الشرح ... أنواع القافية من حيث الإطلاق والتقييد القافية تسمّى مطلقة ومقيدة تبعًا لرويّها، وقد مر تعريف الروي المطلق والمقيد. أ- فالمطلقة ستة أقسام: 1- مجردة من التأسيس والردف موصولة بمد؛ كقول النابغة: ألم تأتِ أهل المشرقين رسالتي ... وأني نصيح لا يبيت على عتب 2- مجردة من التأسيس والردف موصولة بهاء؛ كقول الشاعر: تحمل أشباحنا إلى ملك ... نأخذ من ماله ومن أدبه 3- مؤسسة موصولة بمد؛ كقول الموصلي: ألا من لقلب مسلم للنوائب ... أحاطت به الأحزان من كل جانب 4- مؤسسة موصلة بهاء؛ كقول الجاهلي: هم قتلوه كي يكونوا مكانه ... كما نذرت يومًا بكسرى مرازِبُه 5- مردوفة موصولة بمد؛ كقول ابن قيس الرقيات: أنت امرؤ للحزم عندك منزل ... وللدين والإسلام منك نصيب 6- مردوفة موصولة بهاء كقول الشاعر: ألا رب ندمان عليَّ دموعه ... تفيض على الخدين سحًّا سجومها ب- والمقيدة ثلاثة أقسام: 1- مجردة؛ كقول يزيد بن معاوية: تزين النساء إذا ما بدت ... ويبهت من حسنها من نظر 2- مردوفة؛ كقول الشاعر: كل عيش صائر للزوال 3- مؤسسة؛ كقول الشاعر: لا يمنعنَّك من بغا ... ءِ الخير تعقاد التمائم

تمرين-5

تمرين -5 سَمِّ القوافي من حيث الإطلاق والتقييد فيما يأتي: فبابك ألين أبوابهم ودارك مأهولة عامِرَه

_ آبَ ليلي بِهُمومٍ وَفِكَر من حبيب هاج حزني والسهر

أسماء القافية من حيث حركاتها

أسماء القافية من حيث حركاتها سبق أن بَيّنَّا أسماء الحركات للحروف التي تشتمل عليها القافية، فسميناها: المجرى، النفاذ، إلخ ... والآن نبين أسماء القافية كلها بالنظر إلى حركات حروفها مجتمعة فهي: 1- المتكاوس: كل قافية توالت بين ساكنيها أربع حركات، كقول الشاعر: قد جَبَرَ الدِّينَ الإلهُ فَجَبَرَه وقول الحطيئة: الشعر صعب وطويل سُلَّمه ... إذا ارْتَقَى فيه الذي لا يَعْلَمُهْ زلت به إلى الحضيض قَدَمُهْ فالقافية وهي: ضيض قدمه، قد انحصر بين ساكنيها أربعة متحركات، وهذا أكثر ما يكون في الشعر العربي، ولذلك كان هذا النوع قليلًا. 2- المتراكب: كل قافية اجتمع بين ساكنيها ثلاث متحركات مثل: يا ليتني فيها جذع ... أخُبُّ فيها وأضع فالقافية: ها وأضع، توالى بين ساكنيها ثلاثة متحركات. 3- المتدارك: كل قافية اجتمع فيها بين ساكنيها متحركان، كقول الشاعر: إن ابن ميادة لباس الحلل ... أمرُّ مِنْ مُرٍّ وأَحلى من عَسل فالقافية من عسل، وبين ساكنيها متحركان فقط. 4- المتواتر: كل قافية بين ساكنيها حركة واحدة؛ كقول كثير: ومن يتتبَّع جاهدًا كل عَثْرَة ... يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب فالقافية وهي: صاحب، بين ساكنيها متحرك واحد وهو الحاء. 5- المترادف: كل قافية التقى ساكنها؛ كقول الشاعر: كلُّ حيٍّ صائر للزوالْ

عيوب القافية

عيوب القافية ومما يتعلق بحديث القافية ما يجب تجنبه فيها من عيوب احترز منها السابقون وعابوا من خانته ملكته فوقع فيها، كما وقع النابغة الذبياني مما سنذكره في حينه. وعيوب القافية سبعة: 1- الإيطاء: وهو إعادة كلمة الروي بلفظها ومعناها بدون أن يفصل بين اللفظين سبعة أبيات على الأقل، وقال الخليل: "يتحقق الإيطاء بتكرار الكلمة ولو بلفظها فقط، ومثال الإيطاء قول الشاعر: وواضع البيت في خرساء مظلمة ... تقيِّد العير لا يسري بها الساري لا يخفض الزِّرّ عن أرض ألم بها ... ولا يضل على مصباحه الساري وقد استثنوا من الإيطاء تكرار ما يستلذ ذكره، كاسم الله تعالى، واسم محمد رسوله عليه الصلاة والسلام، واسم محبوبة الشاعر التي يتيم بها. 2- التضمين: وهو تعليق قافية البيت بصدر البيت الذي بعده، وهو نوعان: قبيح، وجائز. فالأول: ما لا يتم الكلام إلا به: كجواب الشرط والقسم، وكالخبر، والفاعل، والصلة. والثاني: ما يتم الكلام بدونه: كالجار والمجرور، والنعت والاستثناء وغيرها، ومن القبيح قول النابغة: وهم وردوا الجفار على تميم ... وهم أصحاب يوم عكاظ إني شهدتُ لهم مواطن صادقات ... شهدن لهم بصدق الودِّ مِنِّي فخبر إني في البيت الأول هو جملة: شهدت في أول الثاني. ومن الجائز قول الشاعر: وما وَجْدُ أعرابية قذفت بها ... صروف النَّوى من حيث لم تَكُ ظنَّت بأكثرَ مِنِّي لوعةً غير أَنَّنِي ... أُطَامِنُ أحشائي على ما أَجَنَّت 3- الإقواء: وهو اختلاف المجرى -حركة الروى المطلق- بالضم والكسر

مثل قول النابغة الذبياني: أمن آل مية رائح أو مغتدى ... عجلان ذا زاد وغير مُزَوَّدِ زعم البوارح أنَّ رحلتنا غدًا ... وبذاك خَبّرنا الغراب الأسودُ سقط النصيف ولم ترد إسقاطه ... فتناولته واتقتنا باليدِ بمخضَّب رَخْصٍ كأن بَنَانَه ... عَنَمٌ يكاد من اللطافة يُعقدُ وكان النابغة كثيرًا ما يُقوِي في شعره، وقد أراد أهل يثرب أن يدُلُّوه من طرف خفي على خطئه، فأوحوا إلى جارية تغنيه بالأبيات السابقة، وأن تتعمد إظهار الحركات المختلفة بالضم والكسر؛ ففعلت، ففطن النابغة لشعره؛ فأصلح خطأه فجعل عجز البيت الثاني: وبذاك تنعاب الغراب الأسود، وجعل عجز الرابع: عنم على أغصانه لم يعقد، وقال: "وردت يثرب وفي شعري بعض العهدة -العيب- وصدرتُ عنها وأنا أشعر الناس". ومن الإقواء قول حسان: لا بأس بالقوم من طول ومن قِصَر ... جسم البغال وأحلام العصافيرِ كأنهم قَصَبٌ جَفَّتْ أسافِلُهُ ... مُثَقَّبٌ نفخت فيه الأعاصيرُ 4- الإصراف: وهو اختلاف المجرى بالفتح وغيره -الكسر، الضم- فمع الضم مثل قول الشاعر: أريتك إن منعت كلام يحيى ... أتمنعُني على يحيى البكاءَ ففي طرفي على يحيى سهاد ... وفي قلبي على يحيى البلاءُ ومع الكسر: ألم ترني رددت على ابن ليلى ... منيحتَهُ فَعَجِلْتُ الأداءَ وقلت لشاته لَمَّا أتتنا ... رماك الله من شاة بداءِ 5- الإكفاء: وهو اختلاف الروي بحروف متقاربة المخارج كاللام والنون في قول القائل من مشطور السريع: بنات وطَّاءٍ على خدِّ الليل ... لا يشكين عملًا ما أنقيَن

6- الإجازة: "بالزاي" وبعضهم يسميها الإجارة من الجور؛ وهي اختلاف الروي بحروف متباعدة المخارج كاللام والميم في قوله: ألا هل ترى إن لم تكن أم مالك ... بِمِلْكِ يدَي أن الكفاءَ قليلُ رأى من خليليه جَفَاءً وغلظة ... إذا قام يبتاع القَلُوصَ ذميم 7- السناد: وهو اختلاف ما يراعى قبل الروي من الحروف والحركات، ونخص السناد بحديث وحده فنقول:

أنواع السناد

أنواع السناد هي خمسة: اثنان منها متعلقان بالحروف، وثلاثة متعلقة بالحركات: 1- سناد الرِّدْف: وهو ردف أحد البيتين دون الآخر؛ كقول القائل: إذا كنت في حاجة مرسلًا ... فأرسل حكيمًا ولا توصِهِ وإن باب أمر عليك الْتوى ... فشاوِر لبيبًا ولا تَعْصِهِ فالبيت الأول مردوف بالواو، والثاني لم يردف، وجاءت العين في موضع الواو في الذي قبله. 2- سناد التأسيس: وهو تأسيس أحد البيتين دون الآخر؛ مثل قول العجاج من مشطور الرجز: يا دارَ ميَّة اسلمى ثم اسلمي ... فخندف هامة هذا العالَم فالبيت الثاني مؤسس بالألف في لفظ العالم، والأول لا تأسيس فيه، ويروى عن رؤبة بن العجاج أنه كان يقول: لغة أبي همز العالم، يريد أن يقول إن أباه لم يخطئ لأن كلمة العالم إذا كانت مهموزة فلا تأسيس فيها، وإذن فلا عيب في البيتين. 3- سناد الإشباع: وهو اختلاف حركة الدخيل بحركتين متقاربتين في الثقل كالضم والكسر؛ مثل: وهم طردوا منها بليًّا فأصبحت ... بَلِيٌ بواد من تهامة غائر وهم منعوها من قضاعة كلِّها ... ومن مضر الحمراء عند التَّغاور فالهمزة في القافية مكسورة والواو في الثانية مضمومة.

ويكون هذا السناد أيضًا بحركتين متباعدتين في الثقل؛ كالفتح مع الضم، أو الكسر؛ مثل قول الشاعر من مشطور الرجز: يا نخل ذات السِّدر والجداول ... تطاولي ما شئت أن تطاولي فالواو في الجداول مكسورة وفي تطاولي مفتوحة. وقد فرقوا بين النوعين فجعلوا الأول -وهو الاختلاف بالضم والكسر- أقل قبحًا من الثاني -وهو الاختلاف بالفتح مع الكسر أو الضم- بل إن بعضهم لا يرى في الأول عيبًا. 4- سناد الحذو: وهو اختلاف حركة ما قبل الردف بحركتين متباعدتين في النقل: الفتح والكسر، أو الفتح والضم، ومثاله: لقد ألج الخباء على جَوَارٍ ... كأنَّ عُيونَهُنَّ عيُونُ عِين كأني بين خافِيَتَيْ غُرَابٍ ... يُريدُ حمامةً في يومِ غَيْن فـ: عِين، مكسورة العين، وغين مفتوحة الغين. 5- سناد التوجيه: وهو اختلاف حركة ما قبل الروي المقيد؛ كقول رؤبة من مشطور الرجز: وقائم الأعماقِ خاوي الْمُخْتَرَقْ ... ألَّفَ شتَّى ليس بالراعي الحمِق شذَّابة عنها شَذى الرَّبع السُّحُق فالراء في: مخترق، مفتوحة، والميم في: الحمق، مكسورة، والحاء في: السحق، مضمومة. وقيل: إن الإيطاء والتضمين والسناد بجميع أنواعه مباحات للمولدين, ولكننا نرى أن بعضها هَيِّن والآخر غير مقبول. فالإيطاء لا شك محمول على العي وقلة المادة اللغوية التي هي ضرورية للشاعر، فلا ينبغي أن يدل الشاعر على قلة بضاعته بتكرار لفظ واحد بمعنى واحد في غير فاصل بينهما بسبعة أبيات على الأقل.

وأما التضمين فقد علمت أن منه الثقيل والخفيف، فإذا أبيح فلا ينبغي أن يقبل منه إلا النوع الخفيف الذي لا يشتد فيه الربط بين البيتين. وأما السناد: فإذا قيل فلا يقبل منه سناد الحذو؛ لأن فيه ثقلًا ظاهرًا. أما ما عداه فلا نرى فيه ذلك الثقل؛ ولا بأس بوقوعه في الشعر، وإن كان الأولى خلافه.

الضرورات الشعرية

الضرورات الشعرية اعتاد المؤلفون في علمي العروض والقوافي أن يختموا بحوثهم في العلمين بالكلام على الضرورات الشعرية. وقد عرفوا الضرورة بأنها: ما وقع في الشعر مما لا يجوز وقوعه في النثر، وفصلوها على ثلاثة أنواع: 1- ما كان بالزيادة مثل: أ- تنوين ما لا ينصرف؛ كقول امرئ القيس: ويوم دخلتُ الخدر خدر عنيزةٍ ... فقلت: لك الويلاتُ إنَّك مُرْجِلي ب- تنوين المنادى المبني؛ مثل: ليتَ التَّحيَّة لي فأشكرها ... مكان يا جملٌ حُيِّيتَ يا رجُل وقول الآخر: ضرَبت صدْرَهَا إلَيّ وقالت ... يا عَدِيًّا لقد وقتك الأواقي ج- مد المقصور؛ كقوله: سيغنيني الذي أغناك عني ... فلا فقر يدوم ولا غَنَاء د- زيادة حرف الإشباع كالألف في قوله: أعوذ بالله من العقراب أراد: من العقرب، فأشبع مدة الراء. وقول الآخر وقد أشبع بالياء: تنفي يداها الحصى في كل هاجرة ... نفي الدراهيم تنقاد الصياريف فالياء في الدراهيم والصياريف إشباع لحركتي الهاء والراء. 2- ما كان بالحذف؛ مثل: أ- قصر الممدود في قوله: لا بد منْ صَنْعَا وإن طالَ السَّفر ... وإن تَحَنَّى كلُّ عُودٍ ودَبَر

فكلمة: صنعا، أصلها صنعاء فقصرت، ومثل قول الشاعر: القارح العَدَّا وكل طمرَّة ... ما إن تنال يد الطويل قذالَهَا فكلمة: العدا، أصلها: العداء، فقصرت. ب- ترخيم غير المنادى مما يصلح للنداء؛ كقول الشاعر: لنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره ... طريف بن مال ليلة الجوع والخطر أراد ابن مالك فحذف الكاف. ج- ترك تنوين المنصرف؛ كقول عباس بن مرداس: وما كانَ حصنٌ ولا فارسٌ ... يفوقان مِرْدَاسَ في مَجمع فكلمة مرداس ممنوعة من الصرف وكان الصرف من حقها. وقول الآخر: طلب الأرازق بالكتائب إذ هوت ... بشبيبَ غائلة النفوس غُرور فكلمة شبيب ممنوعة من الصرف وكان الصرف من حقها. 3- ما كان بالتغيير: أ- قطع همزة الوصل؛ مثل: إذا جاوز الإثنين سرٌّ فإنه ... بِنَثٍ وتكثير الحديث قمين ب- وصل همزة القطع؛ مثل قول حاتم: أبوه أبي والأمهات امَّهاتنا ... فأنعم فذاك اليوم أهلي ومعشري فكلمة: امهاتنا، حذفت همزتها مع أنها همزة قطع، ومثل: ومن يصنع المعروف في غير أهله ... يلاقي الذي لاقى مجير امّ عامِرِ فهمزة أم وصلت مع أنها همزة قطع. جـ- فكُّ المدغم؛ كقول أبي النجم: الحمد لله العلي الأجلل ... أنت مليك الناس ربًّا فأقبل د- إدغام المفكوك؛ مثل: وكأنها بين النساء سبيكة ... تمشي بسدة بيتها فَتُعيّ

الأصل: فتعيي؛ فأدغم على خلاف الأصل. هـ- تقديم المعطوف؛ مثل: ألا يا نخلة من ذات عرق ... عليك ورحمة الله السلام و تحريك المضارع المجزوم، أو الأمر المبني على السكون بالكسر؛ لأجل الروي؛ مثل: ومثلك من كان الوسيط فؤاده ... فكلَّمه عني ولم أتكلَّمِ لو كنت أدري كم حياتي قسمتها ... وصيرت ثلثيها انتظارك فاعلم ولا نستطيع هنا أن نستقرئ جميع أمثلة الضرورة الشعرية؛ لأنها كثيرة موزعة في كتب الشعر وغيرها؛ ولكننا نذكر أنها تنقسم انقسامًا آخر من حيث القبح والقبول: قبيحة ومقبولة. فالقبيحة: ما كانت غير مألوفة الوقوع؛ كمد المقصور، ومنع المصروف، وقطع همزة الوصل، وفك الإدغام وعكسه، وتقديم المعطوف، وغيره ذلك. والمقبولة: ما كانت مألوفة الوقوع؛ كقصر الممدود، وتخفيف المشدد، وإشباع الحركة حتى يتولد منه مَدّ، وتحريك المضارع المجزوم أو الأمر المبني على السكون بالكسر، ووصل همزة القطع بشرط أن يليها ساكن؛ كبيت حاتم المتقدم. وقد ذكروا أن الضرورة بأقسامها كلها جائزة للعربي والمولَّد. قال ابن جني في الخصائص: "سألت أبا علي: هل يجوز لنا في الشعر ضرورة ما جاز للعرب؟ فقال: كما جاز لنا أن نقيس منثورنا على منثورهم فكذلك يجوز لنا أن نقيس شعرنا على شعرهم، فما أجازته الضرورة لهم أجازته لنا وما حظرته عليهم حظرته علينا، وإذا كان كذلك فما كان من أحسن ضروراتهم يكون من أحسن ضروراتنا، وما كان من أقبحها عندهم يكون من أقبحها عندنا، ومن بين ذلك يكون بين ذلك".

ما أحدثه المولدون في أوزان الشعر وقوافيه

ما أحدثه المولَّدون في أوزان الشعر وقوافيه نظر الخليل بن أحمد الفراهيدي فيما ورد عن العرب من الشعر فاستطاع أن يضبطه ويرجع أوزانه إلى خمسة عشر أصلا؛ سماها بحور الشعر، وخالفه في ذلك الأخفش فجعلها ستة عشر، وكان بحر المتدارك هو الذي نفاه الخليل وأثبته الأخفش. فكلُّ ما خرج عن الأوزان الستة عشر أو الخمسة عشر فليس بشعر عربي، وما يصاغ على غير هذه الأوزان فهو عملُ المولَّدين؛ الذين رأوا أن حصر الأوزان في هذا العدد يضيِّق عليهم مجال القول، وهم يريدون أن يجري كلامهم على الأنغام الموسيقية التي نقلتها إليهم الحضارة، وهذه لا حد لها؛ وإنما جنحوا إلى تلك الأوزان؛ لأن أذواقهم تَرَبَّتْ على إلفها واعتادت التأثر بها، ثم لأنهم يرون أن كلامًا يوقع على الأنغام الموسيقية يسهل تلحينه والغناء به، وأمر الغناء بالشعر العربي مشهور ورغبة العرب فيه خصوصًا في هذه المدنية العباسية أكيدة.

الأوزان الستة المستحدثة من عكس البحور

الأوزان الستة المستحدثة من عكس البحور * ... لذلك رأينا أن المولدين لم يطيقوا أن يلتزموا تلك الأوزان الموروثة من العرب، فأحدثوا أوزانًا أخرى، منها ستة استنبطوها من عكس دوائر البحور وهي: 1- المستطيل: وهو مقلوب الطويل، وأجزاؤه: مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن مرتين؛ كقول القائل: لقد هاج اشتياقي غرير الطرف أحور ... أُديرَ الصدغُ منه على مسك وعنبر 2- الممتد: وهو مقلوب المديد، وأجزاؤه فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن مرتين؛ كقول القائل: صاد قلبي غزال أحور ذو دلال ... كلَّما زدت حبًّا زاد مني نفورا

3- المتوافر: وهو محرَّف الرمل، وأجزاؤه: فاعلاتن فاعلاتن فاعلن مرتين، ومثاله: ما وقوفك بالكرائب في الطَّلل؟ ... ما سؤالك عن حبيبك قد رحل؟ ما أصابك يا فؤادي بعدهم؟ ... أين صبرك يا فؤادي ما فَعَل؟ 4- الْمُتَّئد: وهو مقلوب المجتث، وأجزاؤه: فاعلاتن فاعلاتن مستفع لن مرتين، وقد نظم منه بعض المولدين: كن لأخلاق التصابي مستمريًا ... ولأحوال الشباب مستحليًا 5- المنسرد: مقلوب المضارع، وأجزاؤه: "مفاعيلن مفاعيلن فاع لاتن" مرتين، وقد نظم منه بعضهم: على العقل فعوِّل في كل شان ... ودان كلّ من شئت أن تداني 6- الْمطَّرد: صورة أخرى من مقلوب المضارع، وأجزاؤه: فاع لاتن مفاعيلن مفاعيلن مرتين؛ كقول بعضهم: ما على مستهام رِيعَ بالصَّدِّ ... فاشتكى ثم أبكاني مِنَ الوجدِ ومن الأوزان التي استحدثوها ما فعله أبو العتاهية، قد ذكر أنه نظم على أوزان لا توافق ما استنبطه الخليل، إذ جلس يومًا عند قصَّار، فسمع صوت المدق، فحكى وزنه في شعر وهو: للمنون دائرا ... ت يدرن صرفها ثُمَّ ينتقيننا ... واحدًا فواحدا فلمَّا انتقد في هذا قال: أنا أكبر من العروض. ب- ومن أشهر ما استحدث غير ما تقدم الفنون السبعة؛ وهي: السلسلة، والدوبيت، والقوما، والموشح، والزجل، وكان وكان، والمواليا، "والموشحات والأزجال من اختراع الأندلسيين، وتبعهم فيه المشارقة".

1- فالسلسلة: أجزاؤه: فعلن فعلاتن مفتعلن فعلاتان، ومنه: السحر بعينيك ما تحرك أو جال ... إلا ورماني من الغرام بأوجال يا قامة غصن نشا بروضة إحسان ... أيَّان هفت نسمة الدلال به مال 2- والدوبيت: وهو وزن فارسي نسج على منواله العرب، و"دو" بالفارسية معناها اثنان؛ أي أنه مركب من بيتين، ويسميه الفرس الرباعي، ولعله لاشتماله على أربعة أشطر، وأوزانه كثيرة وأشهرها: فعلن متفاعلن فعولن فعلن، مرتين ومنه قول ابن الفارض: روحي لك يا مواصل الليل فدا ... يا مؤنس وحدتي إذا الليل هدا إن كان فراقنا الصبح بدا ... لا أسفَرَ بعد ذاك صبحٌ أبدا وهو كما ترى متحد القوافي في جميع مصاريعه، فإن اختلفت الثالثة منها سُمّي أعرج؛ مثل قول شرف الدين بن الفارض: أهوى رَشًا لي الأسى قد بعثا ... مذ عاينه تَصَبُّري ما لبثا ناديت وقد فكرت في خلقته: ... سبحانك ما خلقت هذا عبثا 3- القوما: اخترع هذا الفن البغداديون القائمون بالسحور في رمضان واسمه مأخوذ من قول بعضهم لبعض: قوما نسَّحَّر قوما، وقد شاع هذا الفن، ونظموا فيه الزهري والخمري والعتاب وسائر الأنواع، ولغته عامية ملحونة، ووزنه: مستفعلن فعلان مرتين. وأول من اخترعه أبو نقطة للخليفة الناصر، وكان يطرب له، فجعل له عليه وظيفة كل سنة، ولَمّا توفي كان ابنه ماهرًا في نظم القوما، فأراد أن يعرفه الخليفة ليجري على مفروضه فتعذر عليه ذلك إلى رمضان، ثم جمع أتباع والده ووقف أول ليلة من تحت شرفة القصر وغنى القوما بصوت رقيق، فأصغى الخليفة له وطرب، فلما أراد الانصراف قال: يا سيِّد السَّادات ... لك بالكَرَم عادات أنا ابن أبو نقطه ... تَعِش أبُويا ماتْ

فخلع عليه الخليفة وجعل له ضعف ما كان لوالده. 4- الموشحات: اخترعها الأندلسيين، وأول من نظمها منهم مُقَدَّمُ بن معافر من شعراء الأمير عبد الله بن محمد المرواني في أواخر القرن الثالث، وقد كسدت هذه الصناعة في أول الأمر حتى نشأ عبادة القزاز المتوفى سنة 423هـ فأجاد فيه، وانتقل هذا الفن إلى المشرق فنسج المشارقة على منواله، وأوزانه كثيرة منها: مستفعلن فاعل فعيل مرتين مثال: يا جيرة الأبرق اليمان ... هل لي إلى وصلكم سبيل ومنها فاعلاتن فاعلن مستفعلن فاعلن مرتين؛ مثل موشحة ابن سناء الملك المصري المتوفى سنة 608هـ: كلِّلي ... يا سُحُبُ تيجانَ الرُّبَا بالْحُلى واجعلي ... سوارك مُنْعطَفَ الجدول 5- الزجل: وقد اخترع هذا الفن بالأندلس بعد أن نضجت الموشحات وتداولها الناس بكثرة وحركت نفوس العامة فنسجوا على منوال الموشح بلغتهم الحضرية وقد كثرت أوزانه حتى قيل: "صاحب ألف وزن ليس بزجّال". وأول من اخترعه رجل يقال له: راشد ولكنه لم يظهر فيه رشاقته كما أبدع فيه بعده ابن قزمان المتوفى سنة 555هـ وهو إمام الزجّالين على الإطلاق. ومن قوله فيه: وعريش قام على دكان ... بحال رواق وأسد ابتلع ثعبان ... في غُلظِ ساق وفتح فَمُّو بحال إنسان ... فيه الفواق وانطلق يجري على الصُّفَّاح ... ولقى الصَّباح 6- كان وكان: اخترعه البغداديون، وسُمّي بذلك؛ لأنهم لم ينظموا فيه سوى الحكايات والخرافات.

فكان قائله يحكي ما كان، حتى ظهر الإمام الجوزي والواعظ شمس الدين فنظما منه الحكم والمواعظ، ويصاغ معرب بعض الألفاظ على وزن واحد وقافية واحدة ولا تكون قافيته إلا مردوفة ساكنة الآخر وقبله حرف لين ساكن، ووزنه: مستفعلن فاعلاتن ... مستفعلن مستفعلان ومثاله: قم يا مصلي تضرّع ... قبل أن يقولوا كانَ وكانْ مستفعلن فاعلاتن ... مستفعلن فَعْلان لِلْبَرِّ تَجْرِي الْجَوَارِي ... في السِّحر كالأعلام 7- المواليا: وهو من الفنون التي لا يلزم فيها مراعاة قوانين العربية، وهو من البسيط، لولا أن له أضربًا تخرجه عنه. وقد ذكروا في سبب نشأته أن الرشيد لما نكب البرامكة أمر ألا يُرْثوا بشعر، فرثتهم جارية بهذا الوزن، جعلت تنشد وتقول: يا مواليا، ليكون ذلك منجاة لها من الرشيد؛ لأنها لا ترثيهم بالشعر المنهي عنه. وهو في الاصطلاح ثلاثة أنواع: رباعي وهو ما كان أشطر بيتيه مصرعة مثل قول جارية البرامكة: يا دار أين الملوك أين الفرس ... أين الذين رعوها بالقنا والترس قالت تراهم زمم تحت الأراضي الدرس ... سكوت بعد الفصاحة ألسنتهم خرس وأعرج: وهو ما اختلف مصرع منه عن الثلاثة الباقية؛ مثل قول بعضهم في الوعظ: يا عبد ابكي على فعل المعاصي ونوح ... هم فين جدودك أبوك آدم وبعده نوحْ دنيا غرورة تجي لك في صفة مركب ... ترمي حمولها على شط البحور وتْروحْ

ونعماني: مثل قول بعضهم: الأهيف اللي بسيف اللحظ جارحنا ... بيده سقانا الطَّلا وجارحنا رمش رمي سهم قَطَّع به جوارحنا ... أهين على لوعتي في الحب يا وعدي هجره كواني وحيَّرني على وعدي ... يا خِلِّ واصل ووافي بالمنى وعدي من حر هجرك ومن نار الجوى رحنا

الإفلات من قيود القافية

الإفلات من قيود القافية إن الذي دعاهم إلى الإفلات من قيود الوزن -وهو على زعمهم ضيق الأوزان في الشعر العربي- قد دعاهم مثله إلى الإفلات من قيود القافية. ذلك بأن الشعر العربي إذا زاد المقول فيه على بيت واحد وَجَبَ أن يتحد مع الأصل في الوزن والقافية. ولم يُعهد عن العرب القدماء أنهم قالوا بيتين أو أكثر من معرض واحد إلا جاءوا بذلك من بحر واحد، وجعلوا أواخر الأبيات حرفًا واحدًا مع ما اشترطوا في هذه الأواخر من شروط مجموعها هو

علم القوافي

علم القوافي حقًّا إن هذا -إذا نظرنا إليه نظرة عامة- نراه التزامًا شديدًا لم تشترطه لغة غير العربية، فأكثر اللغات يكفي فيها شرط الوزن مع خلاف بين اللغات واللغة العربية فيما يراد بهذا الشرط أيضًا. ولكننا ننظر إلى العربية في سابق عهودها؛ فنجدها قد نهضت بجميع أغراض القول مع اشتراط الوزن والقافية، وكان أكثر كلام العرب شعرًا، ولم يعرف أن أحدًا منهم شكا من ذلك أو تبرَّم به أو حاول الخروج عليه لا في جاهلية ولا إسلام حتى كان العصر العباسي. فإذا كان بعض الشعراء في العصر العباسي قد تبرم بهذين القيدين فليس العيب عيب اللغة، ولكنه عيب من يحاول ما لا يستطيع، وهو عيب من لا يستكمل الوسائل ثم يريد الطفور إلى الغايات وما كان لنا أن نتابع هؤلاء الباغين على العربية الذين يريدون أن يتحيَّفوا جمالها من أطرافه فننادي معهم بطرح هذه القيود؛ فإنها ليست كما ظنوا قيود منع وإرهاق ولكنها حُجَزُ زينة، ومعاقد رشاقة، ونظام كأنه نظام فريد لا يحسن إلا إذا روعي فيه التناسق والتناظر. ومن أمثلة هذه المحاولة المزرية بقدر الشعر ما أنشد القاضي أبو بكر الباقلاني في كتابه الإعجاز قول بعضهم:

رُبَّ أخ كنت به مغتبطًا ... أشدّ كفِّي بعرَى صحبته تمسكًا مني بالود ولا ... أحسبه يزهد في ذِمِّي أمل ولكن هذا الناعق لم يجد من يتابعه؛ لأن الأذن لم ترتح إلى صنيعه، ولكنهم قبلوا من ذلك نوعًا سَمّوه

المزدوج

المزدوج: وهو أن يؤتى ببيتين من مشطور؛ أي بحر مقفيين وبعدهما غيرهما بقافية أخرى وهكذا، وقد احتاجوا إلى ذلك وأكثروا منه في نظم القصص الطويلة والحكم والأمثال ومسائل العلوم مما لا يراد به إلا مجرد الضبط؛ لسهولة الحفظ، وحرّموا هذا النوع أن يسمّى قصيدة مهما طال، وأول من نظم فيه بشار وأبو العتاهية ثم تتابع عليه الشعراء. ومن مزدوجة لأبي العتاهية في الحكم، وقد سماها ذات الأمثال، وله فيها أربعة آلاف مثل قوله: حسبك مما تبتغيه القوت ... ما أكثر القوت لمن يموت هي المقادير فلمني أو فذر ... إن كنت أخطأت فيما أخطا القدر إن الشباب حجة التصابي ... روائح الجنة في الشباب ومن هذا النوع ألفية ابن مالك وما على شاكلتها من متون العلوم. ومما استحدثوا في القافية أيضًا نوع يسمى

المسمط

المسمط: وهو أن يبتدئ الشاعر ببيت مصرع، ثم يأتي بأربعة أقسمة من غير قافيته، ثم يعيد قسمًا واحدًا من جنس ما ابتدأ به، وهكذا إلى آخر القصيدة، وقد نسبوا إلى امرئ القيس قوله في هذا النوع: توهَّمت من عند معالم أطلال ... عفاهن طول الدهر في الزمن الخالي مرابع من هند خلت ومصايف ... يصيح بمعناها صدى وعوازف وغيَّرها هوج الرياح العواصف ... وكلّ مسفٍّ ثُمَّ آخر رادف بأسحم من نوء السماكين مطّالي وقد يكون بأقلَّ من أربعة أقسمة وبلا بيت مصرع؛ مثل قول بعضهم:

زال هاج لي شجنا ... فبت مكابدًا حزنا عميد القلب مرتهنا ... بذكر اللهو والطرب سبتني ظبية عُطُلُ ... كأن رضابها عسل ينوء بخمرها كفل ... ثقيل روادف الحقب

المخمس

كذلك أحدثوا فيها الْمُخُمَّس: وهو أن يؤتى بخمسة أقسمة كلها من وزن القافية للأقسمة الأربعة الأولى، ويتحد القسيم الخامس مع الخامس من الأولى في القافية؛ كقول الشاعر: ورقيب يردد اللحظ ردًّا ... ليس يرضى سوى ازدياديَ بُعدَا ساحر الطّرف مذ جني الخد وردًا ... إنَّ يومًا لناظري قد تبدَّى فتملى من حسنه تكحيلا وتصدى من فحشه في اشتياق ... يمنع اللحظ من جنى واعتناق أيأس العين من لحاظ اعتناق ... قال جفني لصفوه: لا تلاقي إن بيني وبين لقياك ميلا

الخاتمة

الخاتمة مدخل ... الخاتمة تم بحمد الله ما قصدنا إليه من تحرير مسائل العلمين الجليلين، ورجاؤنا إلى الله أن يعمم النفع بكتابنا، والحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله الكرام. محمود مصطفى

إضافات أضافها للكتاب الأستاذ الدكتور عبد المنعم خفاجي

إضافات أضافها للكتاب الأستاذ الدكتور عبد المنعم خفاجي الشعر الحر * ... إضافات أضافها للكتاب: الأستاذ الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي الشعر الحر "1" كل تراثنا الشعري يتمثل في القصيد العربية العمودية، التي ورثناها عن امرئ القيس، وحسان، وجرير، والبحتري، والمتنبي، والبارودي، وشوقي وأضرابهم من الشعراء الذين أغنوا الشعر العربي، ولقّحوه بالأخيلة الطريفة، والمعاني الجديدة، والأغراض المنوعة، والأساليب العربية الأصيلة، وبالموسيقى المأثورة ذات التفاعيل الارتكازية العذبة، التي أُثِرَت عن الإمام العربي الجليل، الخليل بن أحمد، وعن نقادنا الخالدين الذين أضافوا إلى أوزانه أوزانًا أخرى شبيهة بما كشف عنه الخليل من بحور. إن كل هذا التراث الشعري الأصيل جزء من كيان القصيدة العربية، التي لا تسمى قصيدة شعرية؛ حتى تكون أبياتها من بحر شعري واحد، وحتى تلتزم فيها قافية واحدة، وإن كان شعراؤنا المعاصرون بتأثير الرغبة في التجديد، وتسهيلًا على أنفسهم من قيود الفن والتزاماته؛ أجازوا لأنفسهم أن تشتمل القصيدة على عدة أوزان؛ إذا تعددت مواقفها وأفكارها، ونظموا من ذلك بعض قصائد، من أشهرها قصيدة: الشاعر والسلطان الجائر، لإيليا أبي ماضي، وأجازوا كذلك تعدد قوافي القصيدة الواحدة مجاراةً لفن الموشحات الأندلسية، وتحرروا من سلطان القافية، وجعل الكثير منهم لكل مقطع في القصيدة قافية، إذا كان كل مقطع يمثل تيارًا فكريًّا متميزًا في القصيدة. ومع ذلك بقى للقصيدة العمودية سلطانها العظيم؛ لموسيقاها المؤثرة، ونغمها الموقَّع، وجمالها الفني الأخّاذ. والفن هو الفن لا بد فيه من القيود؛ والمثل الفرنسي السائد يقول: لا يحيا الفن بغير القيود، فمن خلال القيود

الفنية تظهر عبقرية الشاعر وموهبته الأصلية، وعمق تكوينه الفني المتميز. ومع ذلك ففي تراثنا في الشعر: نظام الأرجوزة والموشحة، وهي عكس البحور المعروفة، والأوزان التي أحدثها المولّدون، وفيه كذلك الكثير مما أضيف إلى التراث في مختلف العصور، وبخاصة في عصرنا الحديث من تنويع القافية، وتنويع للوزن في القصيدة الواحدة، مع بقاء الروح الشعري الأصيل للقصيدة، وهيكلها العربي العمودي ذي التأثير الموسيقي الرفيع. 2- وبدأت مدارسنا الجديدة تدعو إلى التجديد في القصيدة الشعرية، فدعا مطران ومدرسة أبولو إلى الشعر المرسل والشعر الحر؛ لتصبح القصيدة العربية أكثر مرونة وطواعية في يدي الشاعر، وليمكن استخدامها في الشعر القصصي والمسرحي والملحمي الطويل النفس، ولتكون أكثر تعبيرًا عن ذاتية الشاعر ومشاعره العميقة. حجج كثيرة برَّرُوا بها هذا التجديد، وإن كان شوقي قد طوع القصيدة العمودية فجعلها صالحة للشعر القصصي والمسرحي، وكذلك فعل أبو ماضي وعزيز أباظة وغيرهما؛ والقافية لم تحل بين الشعر العربي القديم والحديث وبين ظهور الملاحم فيه؛ ومن مثل ذلك قصيدة ابن المعتز المتوفى عام "296هـ"، أو ملحمته في ابن عمه الخليفة المعتضد بالله العباسي: "279-289هـ"، أو وقصيدة ابن عبد ربه الأندلسي: "ت 328هـ"، وملحمة حافظ إبراهيم العمرية، وملحمة أحمد محرم المشهورة: الإلياذة الإسلامية، وغيرها ... فالشاعر الموهوب لا تعوقه أبدًا قيود الوزن والقافية -كما يقول الدكتور أبو شادي في مقدمة ديوانه: "الينبوع". ولكن الداعين باسم التجديد، تحدثوا عن هذا التجديد، وإن لم يحددوه، ومن بينهم بعض الكلاسيكيين: كالزهاوي والرصافي، وكثير من الرومانسيين؛

كمطران وشكري والمازني وغيرهم، ودعا أحمد أمين إلى التجديد في عنصر الوزن والمعنى.

رأي الزهاوي

ورأى الزهاوي: أن القافية في القصيدة تمثل حركة النادب في نهاية كل مقطع من مقاطيع حزنه، ورأى الدكتور زكي المحاسني في كتابه: نظرات في أدبنا المعاصر، أن وحدة القافية العربية تشبه شكل البيداء العربية نفسها، التي تمتد ساحة منها وراء ساحة في تماثل كامل يشبهه سرد القصيدة العربية الجاهلية، وهناك شاعر من رواد النهضة الشعرية في فرنسا هو: لويس أرجوان، نظم بعض شعره على نهج قريب من النهج الشعري العربي، وعُدّ ذلك كشفًا جديدًا، فقسم بيته إلى مصراعين، وقَفَّاهما تقفيةً عربيةً. 3- بدأت الدعوة إلى الشعر الحر تظهر بين بعض النقاد المعاصرين؛ ومن بينهم مطران وأبو شادي، وهذه الدعوة تأثرت في أكثر الأمر بمذهب الشاعر الأمريكي: والت هوتمان، الذي هجر الأوزان في معظم شعره، كذلك لم يهتم بالقافية، ووجه جل اهتمامه إلى الإيقاع للشعر. وكان بعض الشعراء في أوربا قد شكوا في ضرورة الوزن للشعر، وإن لم يلق رأيهم ذلك أنصارًا كثيرين إلا في الولايات المتحدة وفي بلجيكا، أما في إنجلترا وفرنسا فلم يصادفوا نجاحًا يُذكر. والخروج على الوزن الشعري مع ملاحظة تنغيمات موسيقية خاصة يسمى شعرًا حرًّا عند أبي شادي والسحرتي الذي يقول: "ليس الشعر الحر ضربًا من الفوضى، بل إن له صناعة فنية تخلق إيقاعات موسيقية، وإن خالفت الإيقاعات التقليدية الموروثة. ثم صار الشعر الحر في رأي نازك الملائكة في كتابها: قضايا الشعر المعاصر، لا يطلق إلا على تنويع التفعيلات في أشطر القصيدة، ولباكثير ومحمد فريد أبي حديد وسهير القلماوي وغيرهم تجارب كثيرة تمثل أوّلية الشعر الحرّ.

وكان بعض الذين ينظمون منه يقيّدون أنفسم بالشكل الهرمي، فيبدءون البيت الأول بتفعيلة، والثاني بتفعيلتين، والثالث بثلاث، والرابع بأربع، والخامس بخمس تفاعيل، ثم يعودون في البيت بعده إلى أربع تفاعيل فثلاث فاثنتين فواحدة. ومن الشعراء الذين ينظموا الشعر الحر من يتأثرون بالطريقة القديمة فيلتزمون في أحيان كثيرة القافية كنزار والفيتوري، ومنهم من يتركها؛ كنازك، وبدر شاكر السيَّاب، والبياتي في أغلب شعرهم. وللدكتور طه حسين رأي في الشعر الجديد، عبّر عنه في أحاديث مختلفة له، نشرت في أمهات المجلات الأدبية.

رأي طه حسين

رأى طه حسين: أن النزعة إلى التجديد في الأوزان والقوافي دعوة غير منكرة، وغير جديدة؛ فقد سبق إلى التجديد شعراء من العرب ومن غير العرب؛ وإنما الجدير بالبحث في الشعر الجديد هو البحث عن توافر الأسس التي يجب أن تُراعى في الفن الشعري، والخصائص التي ينبغي أن تتحقق فيه، ولا يمكن أن نعد هذا الجديد شعرًا إلا إذا قام على تلك الأسس، وتوافرت فيه تلك الخصائص؛ فقد نشر في مجلة الأديب البيروتية عدد شهر مايو 1960 مقالًا عن الشعر الجديد أكد فيه ذلك، وجاء في خاتمة هذا المقال: فليتوكل شبابنا من الشعراء على الله ولينشئوا لنا شعرًا حرًّا أو مقيدًا، جديدًا أو حديثًا، ولكن ليكن هذا الشعر شائقًا رائعًا. ونُشر للدكتور طه من قبل رأي في مجلة الآداب البيروتية عدد فبراير عام 1975 حول الشعر الحرّ، قال فيه: إني لا أرى بهذا التجديد في أوزان الشعر وقوافيه بأسًا، ولا على الشباب المجدّدين أن ينحرفوا عن عمود الشعر فليس عمود الشعر وحيًا قد نزل من السماء، وقديمًا خالف أبو تمام عمود الشعر، وضاق به المحافظون أشدّ الضيق، وهو زعيم الشعر العربي كله غير منازع، ولست أرفض الشعر؛ لأنه انحرف عن عمود الشعر القديم، أو

خالف الأوزان التي التي أحصاها الخليل؛ وإنما أرفضه حين يقصر في أمرين: أولهما: الصدق والقوة وجمال الصور وطرافتها. وثانيهما: أن يكون عربيًّا لا يدركه فساد اللغة والإسفاف في اللفظ، وقديمًا قال أرسطو: "يجب قبل كل شيء أن تتكلم اليونانية، فلنقل: يجب قبل كل شيء أن نتكلم العربية". 4- ومن النقاد المعاصرين كثيرون رفضوا الشعر الحر؛ وللعقاد رأي في الشعر الحر، فحين رأى التجارب الجديدة من الشعر الحرّ لزميليه شكري والمازني؛ وهي أولى التجارب من الشعر الجديد، قال: "لا مكان للريب في أن القيود الصناعية ستجري وستُجرى عليها أحكام التغيير والتنقيح؛ فإن أوزاننا وقوافينا أضيق من أن تتفسح لأغراض شاعر تفتحت مغالق نفسه، وقرأ الشعر الغربي، فرأى كيف ترحب أوزانهم بالأقاصيص المطولة والأناشيد المختلفة، وكيف تلين في أيديهم القوالب الشعرية فيودعونها ما لا قدرة لشاعر عربي على وضعه في غير النثر ... ورحّب العقاد بالشعر المرسل والشعر المتعدد القوافي عند شكري والمازني ... ولكن العقاد عدل عن هذا الرأي فيما بعد، وذكر أنه هو وصديقه المازني كانا يشايعان زميليهما شكري بالرأي في إهمال القافية دون استطابة إهمال القافية بالأذن، وأنه هو نظم القصائد الكثار من شتى القوافي، ولكنه طواها كلها؛ لأنه لم يستسغها، وأشار إلى أنه يوم كتب مقدمة الجزء الأول من ديوان المازني ورحب فيها بهذه النزعات التجديدية ومنها الشعر المرسل وذلك عام 1914، كان يظنّ أن الأذن ستألفها، ولكنه إلى اليوم لا يزال ينقبض لاختلاف القوافي بين البيت والبيت عن الاسترسال في السماع، وَذَكَر أن سليقة الشعر العربي تنفير من إلغاء القافية كل النفور1.

_ 1 راجع مقدمة الجزء الأول من ديوان المازني، وص: 280، مطالعاتٌ في الكتب والحياة للعقاد، ص: 308، فصول من النقد عند العقاد تقديم محمد خليفة التونسي.

5- إن الشعر الحر لا يتقيد الشاعر فيه بنظام التفاعيل العروضية؛ إذ يتنوع فيه النغم وتتجدد التفعيلات. ولا يقيد البيت بنظام الشطرين المعروف في البيت الشعري، ونظم منه شعراء من مدرسة أبولو، وكثير من الشعراء الواقعيين والرمزيين في مصر وسوريا ولبنان والعراق، والتفعيلة العروضية هي الإناء الموسيقي للشعر الجديد ... ومن أشهر دعاته: نازك الملائكة ومصطفى السحرتي ومحمد مندور. والشعر الحر -ولا شك- تغيير كامل لنظام القصيدة الشعرية العمودية. وفيه محاولة لسَدْلِ الستار على تراثنا الشعري المأثور. إن كنّا نؤثر القصد في الحكم، والتوسط في الأمر، بحيث لا تصبح الأوزان جامدة كما يريده المحافظون وبعض شعراء الغرب؛ مثل: وردزورث، ولا يصبح الأمر فوضى كما يريده دعاة الشعر الحر وبعض شعراء الغرب مثل: كولردج. وشعراؤنا المعاصرون يمكنهم أن يجددوا في روح القصيدة الشعرية وجوهرها، كحرصهم على تمثل التجربة الشعرية كاملة في قصائدهم، وكذلك الوحدة العضوية للقصيدة، وكذلك سيرهم بالمضمون الشعري ليكون أكثر تعبيرًا عن حاجات الإنسان والمجتمع العربي وآماله؛ أما التجديد في شكل القصيدة العربية الموروث، فنحن نقبله، ولكن في أناة وبقدر، حتى لا يفجأ القراء والسامعون بما لم يألفوا، وربما لا يمت إلى قديمنا بأية صلة، ولنا أسوة بما صنع أسلافنا من ألوان التجديد في البناء الفني للقصيدة العربية. ويزيد من إيماني برأيي في الشعر الحر -وهو أنه تجديد متطرف لا يقبله الذوق العربي، ولا يتفق مع تراثنا الشعري، ولا يصلح منهجًا شعريًّا لجيلنا العربي- إن كثيرًا من الشعوبيين الحاقدين على العربية وتراثها قد حشروا

أنفسهم في زمرة الداعين إلى حركة الشعر الحر، بل المتطرفين في الدعوة إليه. والأولى بنا أن نسير في التجديد الشعري بخطوات معتدلة، وفي رفق وأناة وبقدر، بعيدين عن هذا الهدم المقصود أو غير المقصود للبناء الفني الموروث للقصيدة العربية. والبدء بالتجديد في المضمون الشعري أولى من الإقدام في تطرف على تغيير شكل القصيدة العريبة وبنائها الموروث، الذي يكاد يعصف بمقومات الروح الشعري جملةً، ويصرف أجيالنا المقبلة عن شعرنا القديم وشعرائنا القدماء، مثل أبي تمام، والبحتري، والمتنبي، والمعري، والشريف الرضي، وشوقي، وحافظ، والزهاوي، والرصافي وأضرابهم من الشعراء الخالدين.

شعر مجمع البحور

شعر مجمع البحور يقوم مجمع البحور على عدم التقيد بوزن واحد من أوزان الشعر في القصيدة الواحدة، والذين يذهبون إليه يجيزون للشاعر أن ينظم قصيدته أجزاء، كل جزء من بحر ... ويقول محمد عوض فيه1: "إنه ضرب جديد من الشعر لم يعرفه الأوائل"، وإنه هو الذي سَمّاه: مجمع البحور، وإنه يسوغ للشاعر في القصيدة الواحدة أن يجمع ما شاء من وزن إلى وزن، كان شوقي لا يلتزم وزونًا واحدًا في رواياته؛ وقد برر بعض النقاد صنيع شوقي بأنه متبع لكبار الشعراء الروائيين والقصصيين في ذلك. وهذا خطأ فإن ملحمتي هوميروس، كلتاهما من بحر واحد، وكذلك الفردوس المفقود لملتون والشاهنامة للفردوسي كلها من وزن واحد، وكثير من النقاد يقر بأنّ هذا الإكثار من الأوزان في روايات شوقي قد أفقدها قسطًا كبيرًا من الحسن. ويقول بعض النقاد: إن شوقيًّا لو أجهد نفسه، وجاء برواياته من بحر واحد وقافية واحدة؛ لقيل إنه وضع في عنق الشعر طوقًا يغلّه به1. وممن نظم من مجموع البحور إيليا أبو ماضي، وقصيدته: الشاعر والسلطان الجائر، مشهورة؛ وكذلك نظم ميخائيل نعيمة وغيره من: مجمع البحور، وللشاعر محمود غنيم قصيدة في ديوانه: ديوان غيم، من مجمع البحور. ومن مثله كذلك قصيدة: عبقر، لشفيق معلوف، والراعي لإلياس فرحات.

_ 1 العدد السابع من مجلة الرسالة المصرية.

قصيدة النثر

قصيدة النثر يسمونها قصيدة، وهي نثر خالٍ من الوزن والقافية. لقد كتب المنفلوطي، وتلاه أمين الريحاني نثرًا، قيل عنه: إنه شعر منثور، ونثر الرافعي والزيات يمكن أن يدخل في مضماره؛ ولكن هؤلاء لم يطلقوا على نثرهم اسم الشعر، أما المبتدعون اليوم فيكتبون نثرًا خليًا من الوزن والقافية ويسمونه شعرًا، ومما كتبته د. سامية الساعاتي في ديوانها: شخصي جدًّا، ومن نماذجه: يوم هويتك هويت الكتابة والنقاد ينكرون هذا الشعر ويقولون: إنه نثر، وليس له صلة بالشعر بحال.

الشعر المرسل

الشعر المرسل الشعر العربي يعتمد في موسيقاه على القافية. وبعض اللغات لا يعرف الشعر فيها القافية، والبعض تشتمل على شعر مقفى وآخر خالٍ من القافية. قد أخذ بعض المجددين يدعون إلى التحرر من القافية وإلغائها وإرسال الشعر إرسالًا، وسَمّوا ذلك شعرًا مرسلًا، ومن دعاته مطران وشكري وأبو شادي والزهاوي، وسبقهم: توفيق البكري، وكان ملتون يميل إلى إرسال الشعر، ويقول: "إن خير الشعر ما نظم بغير قافية"، وقد يبيح البعض الشعر المرسل في الملاحم وفي الشعر التمثيلي.

الشعر الشعبي أو فن الزجل

الشعر الشعبي أو فن الزَّجل وسُمّي هذا اللون من ألوان الأدب زَجلًا؛ لرفع الصوت فيه والترجيع به في الإنشاد، ويسمّى الشعر العامِّي. والأندلس بيئة الزجل الأولى كالموشح؛ وإن كان تأخر عن الموشحات في النشأة الأدبية قليلًا ... وهكذا تولّد الزجل عن الموشحات فهو نوع من الشعر العامي. وقد ذاع فن الزجل وتعددت لهجاته بتعدد الأماكن التي نشأ بها، واشتمل

على أنواع من الشعر كالغزل والوصف وكثيرا ما كان الزجل أصدق في التعبير عن النفوس من الشعر الفصيح لقربه من تعبير العامة، واشتماله على عباراتهم المألوفة، وعدم احتياجه للتكليف في الصناعة واختيار الألفاظ. ولَمّا شاع فن التوشيح في أهل الأندلس، وأخذ به الجمهور؛ لسهولته وتنميق كلامه، وترصيع أجزائه، نسجت العامة على منواله ونظموا في طريقته بلغتهم الحضرية، من غير أن يلتزموا إعرابًا، واستحدثوا فنًّا سموه: الزجل. والتزموا النظم فيه. فجاءوا فيه بالغرائب، واتسع فيه للبلاغة مجال، بحسب لغتهم المستعجمة. وأول من أبدع في هذه الطريقة الزجلية، أبو بكر بن قزمان، فلم تظهر حُلاها، ولا انسبكت معانيها، واشتهرت رشاقتها، إلا في زمانه، وتوفي عام 544هـ وهو إمام الزجالين على الإطلاق. ويقال: إن أول من اخترعه رجل يقال له راشد ... وكان لابن قزمان فضل الشهرة لتجويده، وعاصره محلف الأسود، وجاءت بعده طبقة من الزجالين: مدغليس بن جحدر، بإشبيلية، ثم أبو الحسن سهل بن مالك، ثم ابن الخطيب، والألوسي ... قال ابن سعيد عن ابن جحدر: "رأيت أزجاله مروية ببغداد، أكثر ما رأيتها بحواضر المغرب". وكان ابن قزمان نسيج وحده أدبًا وظرفًا ولوذغية وشهرة، مبرزًا في نظم الزجل. وهذه الطريقة الزجلية تتحكم فيها ألقاب البديع، وتنفسح لكثير مما يضيق سلوكه على الشاعر، وبلغ فيها ابن قزمان مبلغًا كبيرًا، فهو آيتها المعجزة، وحجتها البالغة، وفارسها العلم، والمبتدئ فيها والمتمِّم، أحرز السبق عند تسابق الأعيان، واشتمل عليه المتوكل على الله المتوفى عام 484هـ، فرقّاه إلى مجالس الملك، وخلفه في مذهبه حاج، المعروف بمدغليس صاحب الموشحات، وفي يوم كان يشرب مع ندماء ظراف، في جنة بهجة، فجاءتهم

ورقة من ثقيل يرغب في الإذن، وكان له ابن مليح فكتب إليه مدغليس: سيدي: هذا مكان لا يرى فيه بلحية ... غير تيس مصفعاني، وكان مدغليس هذا مشهور بالانطباع والصنعة في الأزجال، خليفة ابن قزمان في زمانه، وأهل الأندلس يقولون: ابن قزمان من الزجالين بمنزلة المتنبي في الشعراء، ومدغليس بمنزلة أبي تمام، بالنظر إلى الانطباع والصناعة، فابن قزمان ملتفت للمعنى ومدغليس ملتفت إلى اللفظ، وكان أدبيًّا معربًا لكلامه مثل ابن قزمان، لكنَّه لما رأى نفسه في الزجل أنجب اقتصر عليها. ومما اختاره ابن خلدون، من زجل أهل مصر القاهرة، وأحسن في اختياره كل الإحسان، قول بعضهم في ذلك العصر: هذي جراحي طريَّا ... الدما تنضح وقاتلي يا أحيما ... في الفلا يمرح قالوا: "وناخد بتارك" ... قلت: "ذا أقبح! ". وقد عمَّ فن الزجل في الأندلس؛ حتى كان العامة ينظمون فيه بطريقتهم العامة في سائر البحور الخمسة عشر. وقد قلّد المشارقة فيه الأندلسيين، فراج الزجل في كل مكان، وخاصة في مصر في العصر المملوكي، ومن أشهر الزجّالين: خلف الغباري، وبدر الدين الفرضي، وأحمد الدرويشي، وأحمد الأمشاطي الشامي 725هـ. ونشأ في المغرب امتدادًا للزجل شعر عامي سموه الأصمعيات، وشعر عامِّي في المشرق سموه الشعر البدوي.

الخليل بن أحمد وعبقرية الفكر العربي

الخليل بن أحمد وعبقرية الفكر العربي 100- 175هـ. 1- الخليل عبقري التراث العربي الإسلامي الحضاري؛ سواء التراث في القرن الثاني الهجري أو ما بعده، وقد أسس هو وتلاميذه مدرسة علمية لا تضارعها أية مدرسة في حضارات الأمم القديمة والحديثة على السواء. الخليل عبقري التراث العربي الإسلامي الحضاري؛ سواء التراث اللغوي أم النحوي أو العروضي ... ولقد كان أعجوبة زمانه في المعرفة اللغوية. لقد استطاع ذلك العقل الكبير -الذي لم يمتلك مخبرًا صوتيًا، ولا أجهزة سمعية، ولا أيّ أداة من أدوات العلم اللغوي المعاصر- أن يصل إلى ما وصل إليه من نظريات وآراء لم يستطع العلم الحديث أن يغير منها شيئًا، بل جاءت الكشوف اللغوية الحديثة مؤيدة لها. الخليل من أزد عمان، ومن مدرسته من الأزديين العمانيين: المبرِّد "285هـ"، وابن دريد "321هـ".... وقد ولد ونشأ الخليل وبدأ خطواته العلمية الأولى في عمان ... ثم غادر عمان إلى أعماق الجزيرة العربية، ثم إلى البصرة مركز العلوم اللغوية والعربية والإسلامية. ثم إلى خراسان، فالبصرة، فعمان أخيرًا، حيث استقر به المقام فيها. وفيها مات ودفن أيضًا.. كان الخليل يحج سنة ويعزو أخرى؛ ومع ذلك وضع أول معجم عرفته العرب في تاريخها، وهو كتاب العين، الذي صار أساسًا لكل الدراسات اللغوية والمعجمية إلى اليوم. ورسم الخليل القوانين التي تنظم كلام العرب، وهي المتمثلة في النحو الذي نقله سيبويه عنه في: الكتاب، ثم كشف قوانين عروض الشعر العربي،

متمثلة في دوائر العروض وفي بحور الشعر، فكشف بذلك عن موسيقى الشعر العربي وأوزانه. 2- وهكذا ولد ونشأ الخليل في وطنه عمان، وبين قبيلته الأزد. وتنقل في البوادي لكسب المعرفة باللغة، والرواية لها، والجمع لشواردها ولهجاتها. وإلى البصرة حط الرحال بين أبناء عمومته من الأزد المقيمين فيها، والذين يعملون في التجارة، ويجمعون بين ثقافة البادية وعلم الحاضرة1؛ وقيل: إنّ معظم سكان البصرة كانوا من الأزد، وبخاصة أن البصرة أصبحت المدينة التي استوطنها العلم، وكثرت فيها مدارسه، وتياراته، واتجاهاته ... ففي البصرة نشأ التصوف على يدي الحسن البصري، ونشأ التأليف في المعاجم كما نرى عند الخليل وكتابه العين، ونشأ النحو العربي ممثلًا في كتاب سيبويه2، كان الخليل سيد أهل الأدب في تصحيح القياس واستخراج مسائل النحو وتعليله، فقد كان ماهرًا في القياس، وبه علل النحو "200:2 المزهر"، ونشأ العروض والمعجميات على يدي الخليل بن أحمد. وكما أخذ الخليل عن علماء البصرة تتلمذ عليه: سيبويه والنضر بن شميل والأصمعي، وسواهم. ومن شيوخه: أبو عمرو بن العلاء، وعاصم الأحول، وسواهما ... وكان الخليل يوصف بأنه أذكى العرب3 ونقل السيوطي عن محمد بن سلام سمعت مشايخنا يقولون: لم يكن للعرب أذكى

_ 1 راجع ترجمة الخليل في نزهة الألبّا 27-30، طبقات النحويين 43-47، بغية الوعاة 1/557-561، مرآة الجنان 1/303، النجوم الزاهرة 1/311، التهذيب لابن حجر 3/163-164، شذرات الذهب 1/275، الخليل بن أحمد للدكتور مهدي المخزومي، وفيات الأعيان 2/248؛ وراجع كتاب العين تحقيق د. هادي حسن حمودي. أعلام الأدب في عصر بني أمية لخفاجي 2/152-154. 2 راجع آراء الخليل النحوية فيما نسبه سيبويه إلى أستاذه في الكتاب. وفي ضحى الإسلام 2/290 أنه هو الذي عمل النحو. 3 أعلام الأدب في عصر بني أمية للخفاجي.

من الخليل ولا أجمع1، وهو الذي اخترع علم الموسيقى العربية وجمع فيه أصناف النغم2؛ ,وهو الذي حصر أشعار العرب عن طريق أوزانها في العروض3؛ وأول من جمع اللغة العربية، وابتكر المعجم اللغوي، واهتدى إلى بعض المسائل الرياضية. وكان له حلقة في مسجد البصرة الجامع، ظلت عامرة بالدارسين والطلاب حتى وفاة الخليل. 3- وهكذا عاش الخليل يبحث ويدون نظرياته وآراءه في اللغة وعلومها.. إلى أن انتقل إلى جوار رحمة الله عز وجل. وكان الخليل شاعرًا؛ كما عاش زاهدًا في الحياة؛ يكتفي بالقليل، ويحيا للعلم، ويتفانى في خدمة طلابه وتلاميذه ويفتح أمامهم الأبواب؛ ومن علمه نهل طلابه، وتصدروا من بعده حلقات العلم في كل مكان ...

_ 1 المزهر للسيوطي 2: 249. 2 معجم الأدباء للياقوت 6: 227، الزهر1: 38، ضحى الإسلام لأحمد أمين 2: 267. 3 المزهر ا: 41، 243 بغية الوعاة للسيوطي، ويقول الزمخشري عنه: إنه ينبوع العروض "1: 479 الفائق للزمخشري ط 1945"، وروى ابن الأنباري أنه أول من حصر شعر العرب "55 طبقات الأدباء لابن الأنباري"، ويقول ابن النديم: كان الخليل أول من استخرج العروض وحصر به أشعار العرب "42 الفهرست لابن النديم"، ويذكر ذلك أيضًا ضحى الإسلام "290:2". العدد الخامس من مجلة الرسالة المصرية.

الفهرس

الفهرس الموضوع الصفحة تقديم 3 مقدمة الكتاب 9 علم العروض مقدمتان 13 1- حروف التقطيع 13 2- الأسباب والأوتاد. 14 تمارين 15 الزحاف والعلة 16 الزحاف 17 الزحاف المفرد 17 تمارين 18 الزحاف المزدوج 19 جدول أنواع الزحاف 20 تمارين 20 العلل - علل الزيادة 22 علل الحذف 22 جدول علل الزيادة 23 جدول علل النقص - الحذف 23 العلل الجارية مجرى الزحاف 24 تمارين 26 بحور الشعر 28 البحر الطويل 28

الموضوع الصفحة البحر المديد 31 تمارين 33 البحر البسيط 34 تمرين 36 البحر الوافر 37 تمرين 39 البحر الكامل 40 تمرين 44 بحر الهزج 46 بحر الرجز 48 تمرين 51 تمرين عام 53 بحر الرمل 54 البحر السريع 57 تمرين 59 البحر المنسرح 60 البحر الخفيف 62 تمرين 64 البحر المضارع 65 البحر المقتضب 66 البحر المجتث 67 المعاقبة والمراقبة والمكانفة "في الهامش" 68 البحر المتقارب 70

الموضوع الصفحة البحر المتدارك 73 تمرين عام 76 ملاحظات على بحور الشعر: 1- البحور التي يدخلها الجزء 82 2- تشابه الكامل والرجز والوافر والرجز 82 تشابه الوافر والهزج 82 3- تفصيل الكلام على التصريع 83 4- الأوزان الشعرية واختلاف ورودها كثرة وقلة. 85 5- ألقاب الأبيات 87 6- الدوائر الخمس لبحور الشعر 88 علم القافية: تعريف القافية 90 تمرين - حروف القافية 92 تمرين 93 حروف الروي 94 تمرين 96 حركات حروف القافية 97 تمرين 97 أنواع القافية من حيث الإطلاق والتقييد 99 تمرين 100 أسماء القافية من حيث حركاتها 101 عيوب القافية 102 أنواع السناد 104 الضرورات الشعرية 107 ما أحدثه المولدون في أوزان الشعر وقوافيه 110

الموضوع الصفحة الأوزان الستة المستحدثة من عكس البحور 110 الإفلات من قيود القافية 116 المزدوج 117 المسمط 117 المخمس 118 الخاتمة 118 إضافات أضافها للكتاب الأستاذ الدكتور عبد المنعم خفاجي 119

§1/1