أهداف دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

إبراهيم بن عثمان الفارس

مقدمة

مقدمة ... إهداء: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد.... إلى الذين يعرفون دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب معرفة تامة ويدركون أهدافها ويلمسون نتائجها. أهدي هذه الرسالة لتكون نبراسا لهم مع غيرها في سبيل توضيح حقيقية هذه الدعوة وأهدافها لمن لا يعرفها على حقيقتها. وإلى الذين عارضوا هذه الدعوة السلفية المباركة لسوء في الفهم أو قصور في الإدراك أو غير ذلك ... أهدي هذه الرسالة لتكون مصباحا لهم تعينهم على فهم الحق والسير في ركابه ودفع غائلة الباطل ونبذ أسبابه. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

المقدمة: أشرقت شمس القرن الثاني عشر الهجري وأكثر المسلمين في البلاد الإسلامية يعيشون في ظلمات الجهل، ويتخبطون في دياجير الظلام، الشرك بينهم منتشر، والحق عندهم مندثر، يعبدون الأصنام والأوثان، ويطوفون بالقبور والأحجار، يقدمون لها القرابين، وينذرون للجن والشياطين. فيا ليت شعري، هل عادت أيام الجاهلية الأولى بعد أن محاها محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام، أم أن الإسلام لم يدخل هذه البلاد، ولم يطأ هذه الوهاد. يقول ابن غنام: "كان أكثر المسلمين في مطلع القرن الثاني عشر الهجري قد ارتكسوا في الشرك، وارتدوا إلى الجاهلية، وانطفأ في نفوسهم نور الهدى لغلبة الجهل عليهم واستعلاء ذوي الأهواء والضلال، فنبذوا كتاب الله تعالى وراء ظهورهم واتبعوا ما وجدوا عليه آباءهم من الضلالة وقد ظنوا أن آباءهم أدرى بالحق وأعلم بطريق الصواب، فعدلوا إلى عبادة الأولياء والصالحين _ أمواتهم وأحيائهم _ يستغيثون بهم في النوازل والحوادث، ويستعينونهم على قضاء الحاجات وتفريج الشدائد، بل أن كثيرا منهم كان يرى في الجمادات كالأحجار، والأشجار، القدرة على تقديم النفع ودفع

الضرر، وقد زين لهم الشيطان أنهم ينالون بذلك ثوابا لتقربهم به إلى الله عز وجل1 في هذا الجو الموبوء بحمى الشركيات والبدع، ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ونما وترعرع، وطلب العلم من مظانه في بلدته، وفي البلاد المجاورة، وعند ما شب عن الطوق، هاله ما يرى من الشركيات العظيمة، والبدع الذميمة التي انتشرت وعمت كل قرية وبادية ومدينة، فشمر عن ساعد الجد والاجتهاد، وأعلنها مدوية بالنصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، وصبر على ما ناله من أعباء الدعوة، وما قصد به من أنواع المحنة والجفوة، لا يخشى في ذلك سطوة سلطان ظالم أو مدافعة عدو غاشم، أو لوم صديق لائم فأوذي في الله وهدد بالقتل، وحاول بعض الأعداء إغتياله في منزله، فلم يثنه ذلك عن عزمه فطرد من بلدته العيينة، فهاجر إلى الدرعية يحمل دعوته معه، لم يفتر حماسها، ولم يخب أوارها، فيسر الله أمره وفتح عليه أبوابا من الأمل بحلول التوحيد محل الشرك، والسنة محل البدعة، وذلك بالمؤازرة التاريخية بين السلطان والداعية، بين الإمامين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود، فلم يدخرا وسعا ولم يوفرا جهدا إلا بذلاه في سبيل تحقيق أهداف الدعوة، والتي دون الوصول إليها

_ 1 انظر تاريخ نجد المسمى روضة الأفكار والأفهام، حسين بن غنام، ج1 ص 10.

خرق القتاد وخوض برك الغماد، ولكن بالصبر والعزيمة والجد والمثابرة، تهون الصعاب وتسهل الحزون، وتدك الجبال، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والأمر كله لله، وهكذا كان، فقد حقق الله الأهداف، وظهرت النتائج تترا، فلم تنقض أيام الشيخ وتنصرم أعوامه إلا بعد أن قرت عينه بظهور التوحيد وإحياء السنة وإعلاء راية الجهاد. ولقد كانت الأفكار والأهداف التي سعى الشيخ إلى تحقيقها، والنتائج التي سمت نفسه للوصول إليها واضحة كل الوضوح، لا لبس فيها ولا غموض، بينها- رحمه الله تعالى – في الرسائل التي بعث بها إلى الأمراء والعلماء وعامة الناس في كل الأنحاء، موضحا فيها كل ما يتعلق بدعوته وأهدافه. وسوف أعرض هذه الأهداف عرضا موجزا مع الاستشهاد بقدر الإمكان بنصوص من كلام الشيخ تؤيد وتؤكد ما أذكره.

الهدف الأول

والأهداف الرئيسية لدعوة الشيخ ثلاثة، هي: * الهدف الأول: إيضاح عبودية المخلوق للخالق وتحقيقها. ويتمثل ذلك في الأمور الآتية: أ - الإخلاص في عبادة الله تعالى، وتخليص التوحيد مما شابه من شرك، والدعوة إلى تحقيق ذلك. يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى-: "وأما ما دعونا الناس إليه، فندعوهم إلى التوحيد الذي قال الله فيه خطابا لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 1 وقوله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} 2

_ * قبل أن تتبلور فكرة هذا الموضوع في ذهني أطلعت على بحث كتبه فضيلة الشيخ / عبد الله خياط في مجلة البحوث الإسلامية العدد الأول ص: 135 بعنوان "حركة الإصلاح الديني في القرن الثاني عشر" وقد كان لهذا البحث أثر كبير في خروج هذه الرسالة بهذه الصورة. 2 الآية 108 من سورة يوسف. 2 الآية 18من سورة الجن.

وأما ما نهينا الناس عنه فنهيناهم عن الشرك الذي قال الله فيه: {مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} 1 2 ويقول في موضوع آخر: فأعلم رحمك الله أن الذي ندين به وندعو الناس إليه إفراد الله بالدعوة وهي دين الرسل، قال الله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ} 34 ويقول رحمه الله في الرسالة الموجهة إلى عبد الله الصنعاني: "الذي ندين به عبادة الله وحده لا شريك له، والكفر بعبادة غيره ومتابعة الرسول النبي الأمي حبيب الله وصفيه من خلقه محمد صلى الله عليه وسلم. فأما عبادة الله فقال:

_ 1 الآية 72 من سورة المائدة. 2 مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، المجلد 5، الرسائل الشخصية، الرسالة 14، ص: 95. 3 الآية 83 من سورة البقرة. 4 الرسائل الشخصية، الرسالة 15، ص: 101.

{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} 1 وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} 2 وأما متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فواجب على أمته متابعة في الاعتقادات والأقوال، والأفعال، قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} 3،4 أ - إبطال التوسل بالأولياء والصالحين، ويتمثل ذلك في قطع الصلة بالقبور والمقبورين، إلا مما ندب إليه الشرع من محبة الصالحين، وأتباعهم، ومن زيادة القبور والاتعاظ بها، يقول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب في رسالة أرسلها إلى أهل المغرب: "فمعلوم ما قد عمت به البلوى من حوادث الأمور التي أعظمها الإشراك بالله والتوجه إلى الموتى وسؤالهم النصر على الأعداء وقضاء الحاجات وتفريج الكربات التي لا يقدر

_ 1 الآية 56 من سورة الذاريات. 2 الآية 36 من سورة النحل. 3 الآية 31 من سورة آل عمران. 4 الرسائل الشخصية، الرسالة 16، ص: 104- 106، بتصرف يسير.

عليها إلا رب الأرض والسموات، وكذلك التقرب إليهم بالنذور وذبح القربات، والاستغاثة بهم في كشف الشدائد وجلب الفوائد، إلى غير ذلك من أنواع العبادة التي لا تصلح إلا لله، وصرف شيء من أنواع العبادة لغير الله كصرف جميعها، لأنه سبحانه أغنى الشركاء عن الشرك، ولا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا"1. ج_ الكفر بالطواغيت والإعراض عن عبادتهم. يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "اعلم رحمك الله تعالى أن أول ما فرض الله على ابن آدم الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، والدليل قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} 2 والطواغيت كثيرة ورؤوسهم خمسة: الأول: الشيطان الداعي إلى عبادة غير الله، والدليل قوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} 3

_ 1 الرسائل الشخصية، الرسالة 17، ص:111. 2 الآية 36 من سورة النحل. 3 الآية 60 من سورة يس.

الثاني: الحاكم الجائر المغير لأحكام الله تعالى، والدليل قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً} 1 الثالث: الذي يحكم بغير ما أنزل الله، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} 2 الرابع: الذي يدعي علم الغيب من دون الله، والدليل قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً} 3 الخامس: الذي يعبد من دون الله وهو راض بالعبادة، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ

_ 1 الآية 60 من سورة النساء. 2 الآية 44 من سورة المائدة. 3 الآيتين 26، 27 من سورة الجن.

نَجْزِي الظَّالِمِينَ} 1، 2 ويقول رحمه الله في الرسالة التي بعث بها إلى عبد الله بن سحيم وعدد له فيها مجموعة من المسائل التي قرر العلماء كفر من التزمها: "وأضيف إليها مسألة سادسة وهي إفتائي بكفر شمسان وأولاده ومن شابههم وسميتهم طواغيت، وذلك لأنهم يدعون الناس إلى عبادتهم من دون الله عبادة أعظم من عبادة اللات والعزى بأضعاف، وليس في كلامي مجازفة، بل هو الحق، لأن عباد اللات والعزى يعبدونها في الرخاء ويخلصون لله في الشدة، وعبادة هؤلاء أعظم من عبادتهم إياهم في شدائد البر والبحر"3 د- طرح البدع والخرافات: يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب بعد أن ساق نصوصا لمحمد بن وضاح القرطبي في كتابه "البدع والنهي عنها" والتي تحتوي على التحذير من موالاة أهل البدع، قال: "واعلم رحمك الله أن كلامه وما يأتي من كلام أمثاله من

_ 1 الآية 29 من سورة الأنبياء. 2 مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، العقائد والآداب، ج1، مجموعة رسائل في التوحيد والإيمان، ص: 376. 3 الرسائل الشخصية، الرسالة 11، ص: 75.

السلف في معاداة أهل البدع والضلالة في ضلالة لا تخرج عن الملة، لكنهم شددوا في ذلك وحذروا منه لأمرين: الأول: غلظ البدعة في الدين في نفسها فهي عندهم أجل من الكبار ويعاملون أهلها بأغلظ مما يعاملون به أهل الكبار، كما تجد في قلوب الناس أن الرافضي عندهم ولو كان عالما عابدا أبغض وأشد ذنبا من السني المجاهر بالكبائر. الثاني: أن البدع تجر إلى الردة الصريحة كما وجد في كثير من أهل البدع 1 ويقول في رسالة أرسلها إلى عبد الله بن سحيم: "نهانا رسول الله صلي الله عليه وسلم عن البدع في دين الله ولو صحت نية فاعلها"2 ويقول كذلك في تفسيره لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} 3

_ 1 مجموعة المؤلفات، العقيدة والآداب، ج 1 كتاب مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد، ص: 315. 2 الرسائل الشخصية، الرسالة 12، ص:84 3 الآية 77 من سورة الحج.

"فو الله الذي لا إله إلا هو، إن فعل الخير إتباع ما شرع الله، وإبطال من غير حدود الله، والإنكار على من ابتدع في دين الله، هذا هو الخير المعلق به الفلاح"1 ويقول في بيان النتائج المترتبة على متبع البدع: 1- إن فعل البدع يناقض الاعتقادات الواجبة وينازع الرسل ما جاؤوا به. 2- أنها تورث في القلب نفاقا ولو كان خفيفا. 3- أنها مشقة من الكفر. 4-أنها تنقص الرغبة في السنن فيفعلها كأنها عادة ووظيفة. 5- أنها تؤدي إلى جهالة الناس بدين المرسلين وانتشار زرع الجاهلية. 6- مسارعة الطبع إلى الانحلال من ربقة الإتباع"2

الهدف الثاني

الهدف الثاني: الاهتمام بالمجتمع الإسلامي من الناحيتين التعليمية والتتظيمية وغيرها. ويتم ذلك بعدة أمور، منها:

_ 1 الرسائل الشخصية، الرسالة12، ص:85. 2 مجموعة المؤلفات، ملحق المصنفات، ص 87، بتصرف يسير.

أ - العناية بالعامة من بادية وحاضرة، من ناحية تعليمهم أصول الدين ودعوتهم إلى ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة. يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، في بعض رسائله إلى كافة المسلمين والتي بين فيها دعوته: "فإنا نبين لكم أن هذا هو الحق الذي لا ريب فيه وأن الواجب إشاعته في الناس وتعليمه النساء والرجال"1 ويقول في موضع آخر من رسالة وجهها إلى المسلمين عامة وأوضح فيها بعضا من الواجبات المتعين الالتزام بها: "وجوب إتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك البدع وإن اشتهرت بين أكثر العوام، وليعلم أن العوام محتاجون إلى كلام أهل العلم من تحقيق هذه المسائل ونقل كلام العلماء فرحم الله من نصر الله ورسوله ودينه، ولم تأخذه في الله لومة لائم.2 وفي تاريخ ابن غنام: "وكاتب الشيخ بدعوته أهل البلدان ورؤسائهم ومدعي العلم فيهم، وبقي رحمه الله يدعو إلى سبيل ربه بالحجة

_ 1 الرسائل الشخصية، الرسالة 22، ص 158. 2 الرسائل الشخصية، الرسالة 26، ص 180.

الواضحة بالموعظة الحسنة، فلم يبادر أحدا بالتكفير ولم يبدأ أحدا بالعدوان، بل توقف عن كل ذلك ورعا منه، وأملا في أن يهدي الله الضالين"1 ويقول ابن بشر: "ولما استوطن الشيخ الدرعية وكان أهلها في غاية الجهالة، ورأى ما وقعوا فيه من الشرك الأكبر والأصغر، والتهاون بالصلوات والزكاة، ورفض شعائر الإسلام، جعل يتخولهم بالتعليم والموعظة الحسنة ويفهمهم معنى لا إله إلا الله ويشرح لهم معنى الألوهية"2 ب- جمع شمل المسلمين بعد التفرق وإطفاء نيران الظلم والفتن بينهم. وقد ظهر هذا واضحا جليا عندما استتب الأمر للإمامين الجليلين، فقد انقشعت غيوم الفتن وزالت مسببات الظلم وحل السلام والوئام بين الناس، فصاروا كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. ولقد كان محمد بن عبد الوهاب رحمه الله موقنا بأن النصر سيأتيه من الله، وأن الغلبة والعزة والمنعة لمن تمسك

_ 1 روضة الأفكار والأفهام، حسين بن غنام، ج 1ص 172. 2 عنوان المجد في تاريخ نجد ج1، ص 44.

بالإسلام ودعا إليه وذلك مصداقا لقوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} 1. ولذلك نجده يقول لمحمد بن سعود عند ما التقى به لأول مرة: "وأنت ترى نجدا كلها وأقطارها أطبقت على الشرك والجهل والفرقة والاختلاف والقتال لبعضهم بعضا، فأرجوا أن تكون إماما يجتمع عليه المسلمون وذريتك من بعدك"2 ويقول عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ: "وتعاهدا – يقصد الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب – على جمع كلمة أهل نجد وإصلاح فسادهم، ولم شعثهم، لأن نجدا لم تكن في وقتهما خاضعة لإمارة واحدة يحترمها الجميع وينضوون تحت لوائها بل كانت مفككة الأجزاء كل واحد أمير بلدته وكل واحد يرى الزعيم

_ 1 الآية 55 من سورة النور. 2 عنوان المجد في تاريخ نجد ج 1، ص 42.

من في بردته، وقد أدى هذا التفرق بأهل نجد إلى الفوضى واضطراب الأمن وسفك الدماء، فعمل هذان الإمامان على جمع كلمتهم وتوحيد صفهم، كما عملا على هدايتهم، فسارا في دعوتهما، هذا بالحجة والمناظرة والبيان، وهذا بالسيف والسنان"1 ج- رفع غشاوة الجهل وكابوس التقليد: يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسالة وجهها إلى عبد الله بن عبد اللطيف ".... لست ولله الحمد أدعو إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم مثل ابن القيم والذهبي وابن كثير وغيرهم، بل أدعوا إلى الله وحده لا شريك له، وأدعو إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أوصي بها أول أمته وآخرهم وأرجو أني لا أرد الحق إذا أتاني، بل أشهد الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم كلمة من الحق لأقبلنها على الرأس والعين، ولأضربن الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقول إلا الحق...."2

_ 1 انظر دعوة الشيخ ومناصروها، ص 9. 2 الرسالة الشخصية الرسالة 37، ص 252.

ويقول كذلك في رسالة وجهها إلى أحمد البكبلي صاحب اليمن: "وأما ما ذكرتم من حقيقة الاجتهاد فنحن مقلدون الكتاب والسنة وصالح سلف الأمة، وما عليه الاعتماد من أقوال الأئمة الأربعة، أبي حنيفة النعمان بن ثابت، ومالك بن أنس، ومحمد ين إدريس، وأحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى"1 ويقول الإمام عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "ولا نستحق مرتبة الاجتهاد المطلق ولا أحد منا يدعيها، إلا أننا في بعض المسائل إذا صح لنا نص جلي من كتاب أو سنة غير منسوخ ولا مخصص ولا معارض بأقوى منه وقال به أحد الأئمة الأربعة أخذنا به وتركنا المذهب"2

_ 1 الرسائل الشخصية، الرسالة 14، ص 96. 2 الهدية السنية والتحفة النجدية، سليمان بن سحمان، ص 48.

الهدف الثالث

الهدف الثالث: إقامة دين الله بين عباد الله بالطرق الموصلة إلى ذلك ويتمثل ذلك في عدة أمور منها: أ- إعلاء كلمة الجهاد.

يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسالة بعث بها إلى عبد الله بن سويلم: "وذلك أني لا أعرف شيئا يتقرب به إلى الله أفضل من لزوم طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حال الغربة، فإن انضاف إلى ذلك الجهاد عليها للكفار والمنافقين كان ذلك تمام الإيمان" ثم يضيف قائلا: "ومن أفضل الجهاد جهاد المنافقين في زمن الغربة"1 ويقول كذلك في رسالة وجهها إلى محمد بن عيد: "ولكن قبل الكلام اعلم أني عرفت بأربع مسائل: 1_ بيان التوحيد مع أنه لم يطرق أذاب أكثر الناس. 2- بيان الشرك ولو كان في كلام من ينتسب إلى علم أو عبادة. 3- تكفير من بان له أن التوحيد هو دين الله ورسوله ثم أبغضه ونفر الناس عنه. 4- الأمر بقتال هؤلاء خاصة حتى لا تكون فتنة ويكون

_ 1 الرسائل الشخصية، الرسالة 42، ص 288.

الدين كله لله"1 ويقول ابن بشر في حوادث سنة 1157هـ: "ثم أمر الشيخ بالجهاد لمن عادى أهل التوحيد وسبه وسب أهله وحضهم عليه فامتثلوا"2 أ - الحكم بما أنزل الله: ويتضح ذلك واضحا جليا في المعاهدة التاريخية بين السلطان والداعية، وذلك حينما قال الإمام محمد بن سعود للشيخ محمد بن عبد الوهاب عند أول لقاء تم بينهما: "أبشر ببلاد خير من بلادك وبالعز والمنعة" فقال له الشيخ: "وأنا أبشرك بالعز والتمكين والنصر المبين، وهذه كلمة التوحيد التي دعت إليها الرسل كلهم، فمن تمسك بها وعمل بها ونصرها، ملك بها البلاد والعباد "3 ويضف رحمه الله الذي لا يحكم بما أنزل الله بأنه طاغوت، حينما قال إن الطواغيت كثيرة ورؤوسهم خمسة، الثالث منهم الذي يحكم بغير ما أنزل الله، والدليل قوله تعالى:

_ 1 الرسائل الشخصية، الرسالة 3، ص 25 بتصرف واختصار. 2 عنوان المجد في تاريخ نجد، ج 1، ص 45. 3 عنوان المجد في تاريخ نجد، ج 1، ص 45.

{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} 12 ج- إقامة الحدود: يقول المؤرخ ابن غنام: "ولم يزل الشيخ رحمه الله مقيما في العيينة يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويعلم الناس دينهم ويزيل ما قدر عليه من البدع ويقيم الحدود ويأمر الوالي بإقامتها، حتى جاءته امرأة من أهل العيينة زنت فأقرت على نفسها بالزنا وتكرر ذلك منها أربعا فأعرض الشيخ عنها ثم أقرت وعادت إلى الإقرار مرارا فسأل عن عقلها فأخبر بتمامه وصحته فأمهلها أياما رجاء أن ترجع عن الإقرار إلى الإنكار فلم تزل مستمرة على إقرارها بذلك فأقرت أربع مرات في أيام متواليات فأمر الشيخ رحمه الله الوالي برجمها لأنها محصنة، بأن تشد عليها ثيابها وترجم بالحجارة على الوجه المشروع، فخرج الوالي عثمان بن معمر وجماعة من المسلمين فرجموها حتى ماتت، وكان أول من رجمها عثمان نفسه، فلما ماتت أمر الشيخ أن يغسلوها وأن تكفن ويصلى عليها.

_ 1 الآية 44 من سورة المائدة. 2 انظر: مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ج 1، العقائد والآداب ص 376.

فلما جرت هذه الحادثة كثرت أقاويل أهل البدع والضلال، وطارت قلوبهم خوفا وفزعا، وانخلعت ألبابهم رهبا وجزعا، وتطاولت ألسنة العلماء عليه ينكرون ما فعل مع أنه لم يعد الحكم المشروع بالسنة والإجماع"1 د- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: لقد أمضى الشيخ محمد بن عبد الوهاب حياته كلها آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، وكان يحث على ذلك ويحض عليه ويأمر أتباعه بالحرص عليه وتنفيذه، فنجده يقول في الرسالة التي بعث بها إلى أحمد بن سويلم وثنيان بن سعود: "الإنسان لا يجوز له الإنكار إلا بعد المعرفة، فأول درجات الإنكار معرفتك أن هذا مخالف لأمر الله"2 كما يقول في رسالة موجهة إلى أهالي سدير موضحا لهم فيها شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: "أهل العلم يقولون الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يحتاج إلى ثلاث: أن يعرف ما يأمر به، وينهى عنه، ويكون رفيقا فيما يأمر به وينهى عنه، صابرا على ما جاءه من الأذى، وأنتم محتاجون للحرص على فهم هذا والعمل به، فإن

_ 1 تاريخ نجد لابن غنام، ج 1، ص 79. 2 الرسائل الشخصية، الرسالة 41، ص 284.

الخلل إنما يدخل على صاحب الدين من قلة العمل بهذا أو قلة فهمه، وأيضا يذكر العلماء أن إنكار المنكر إذا صار يحصل بسببه افتراق لم يجز إنكاره"1 ويقول مؤرخ الدعوة: "فأقام الشيخ محمد في حريملاء مع أبيه يقرأ عليه سنين إلى أن توفى أبوه سنة 1153هـ فأعلن دعوته واشتد في إنكار مظاهر الشرك والبدع وجد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبذل النصح للخاص والعام"2 ويقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن: "ثم إن شيخنا رحمه الله كان، يدعو الناس إلى الصلوات الخمس، والمحافظة عليها حيث ينادى لها، وهذا من سنن الهدى، ومعالم الدين، كما دل على ذلك الكتاب والسنة، ويأمر بالزكاة والصيام والحج، ويأمر بالمعروف ويأتيه، ويأمر الناس أن يأتوه، ويأمروا به وينهى عن المنكر ويتركه، ويأمر الناس بتركه، والنهي عنه"3

_ 1 الرسائل الشخصية، الرسالة 44، ص 296. 2 تاريخ نجد، ج 1، ص 77. 3 الرسائل المفيدة، الرسالة 74، ص 377.

فصل: في بيان عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

فصل: في بيان عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب * ... فصل: وقبل أن نختم هذه الرسالة الموجزة هذا بيان لمعتقد الشيخ محمد بن عبد الوهاب كما سطره بنفسه في رسالة وجهها إلى أهل القصيم لما سألوه عن عقيدته: قال: بسم الله الرحمن الرحيم "أشهد الله ومن حضرني من الملائكة وأشهدكم أني اعتقد ما اعتقدته الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر خيره وشره، ومن الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تطيل، بل أعتقد أن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، فلا أنفي عنه ما وصف به نفسه ولا أحرف الكلم عن مواضعه، ولا ألحد في أسمائه وآياته، ولا أكيف ولا أمثل صفاته تعالى بصفات خلقه لأنه تعالى لا سمي له ولا كفؤ له، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه فإنه سبحانه أعلم بنفسه وبغيره وأصدق قيلا

وأحسن حديثا فنزه نفسه عما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل، وعما نفاه عنه النافون من أهل التحريف والتعطيل فقال: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} 1 والفرقة الناجية وسط في باب أفعاله تعالى بين القدرية والجبرية، وهم في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية، وهم وسط في باب الإيمان والدين بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية، وهم وسط في باب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الروافض والخوارج. وأعتقد أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، وأنه تكلم به حقيقة وأنزل على عبده ورسوله وأمينه على وحيه وسفيره بينه وبين عباده نبينا محمد صلي الله عليه وسلم؛ وأومن بأن الله فعال لما يريد، ولا يكون شيء إلا بإرادته، ولا يخرج شيء عن مشيئته، وليس شيء في العالم يخرج عن تقديره ولا يصدر إلا عن تدبيره ولا محيد لأحد عن القدر المحدود ولا يتجاوز ما خط له في اللوح المسطور. وأعتقد الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلي الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت، فأومن بفتنة القبر ونعيمه، وبإعادة الأرواح إلي الأجساد، فيقوم الناس لرب العالمين حفاة عراة غرلا تدنو منهم

_ 1 الصافات الآيات:181،182.

الشمس، وتنصب الموازين وتوزن بها أعمال العباد فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون وتنشر الدواوين فآخذ كتابه بيمينه وآخذ كتابه بشماله. وأومن بحوض نبينا محمد صلي الله عليه وسلم بعرصة القيامة، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل آنيته عدد نجوم السماء من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، وأومن بأن الصراط منصوب على شفير جهنم يمر به الناس على قدر أعمالهم. وأومن بشفاعته النبي صلي الله عليه وسلم وأنه أول شافع وأول مشفع، ولا ينكر شفاعة النبي صلي الله عليه وسلم إلا أهل البدع والضلال، ولكنها لا تكون إلا من بعد الإذن والرضي كما قال تعالى: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} 1،وقال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} 2 وقال تعالي: {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} 3،وهو لا يرضي إلا التوحيد؛ ولا يأذن إلا لأهله، وأما المشركون فليس لهم من الشفاعة نصيب؛ كما قال

_ 1 الأنبياء آية:28 2 البقرة آية:255. 3 النجم آية:26.

تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} 1 وأومن بأن الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما اليوم موجودتان، وأنهما لا يفنيان؛ وأن المؤمنين يرون ربهم بأبصارهم يوم القيامة كما يرون القمر ليلة البدر لا يضامون في رؤيته. وأومن بأن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين، ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته، وأن أفضل أمته أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم علي المرتضى، ثم بقية العشرة، ثم أهل بدر ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان، ثم سائر الصحابة رضي الله عنهم. وأتولى أصحاب رسول الله عليه وسلم وأذكر محاسنهم وأترضى عنهم وأستغفر لهم وأكف عن مساويهم وأسكت عما شجر بينهم، واعتقد فضلهم عملا بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} 2 وأترضى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء وأقر بكرامات الأولياء وما لهم من المكاشفات إلا أنهم لا يستحقون من حق الله تعالى شيئا ولا يطلب مالا يقدر إلا الله ولا أشهد لأحد

_ 1 المدثر آية: 48. 2 الحشر آية:10.

من المسلمين بجنة ولا نار إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكني أرجوا للمحسن وأخاف على المسيء ولا اكفر أحدا من المسلمين بذنب، ولا أخرجه من دائرة الإسلام، وأرى الجهاد ماضيا مع كل إمام برا كان أو فاجرا وصلاة الجماعة خلفهم جائزة، والجهاد ماض منذ بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم إلى أن يقاتل أخر هذه الأمة الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله، ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة وجبت طاعته وحرم الخروج عليه، وأرى هجر أهل البدع ومباينتهم حتى يتوبوا، وأحكم عليهم بالظاهر وأكل سرائرهم إلى الله، وأعتقد أن كل محدثة في الدين بدعة. واعتقد أن الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وهو بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، وأرى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ما توجبه الشريعة المحمدية الظاهرة. فهذه عقيدة وجيزة حررتها وأنا مشتغل البال لتطلعوا على ما عندي والله ما نقول وكيل"1

_ 1 الرسائل الشخصية _ الرسالة الأولى _ ص:8.

الخاتمة

الخاتمة: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأشكره على جزيل النعم والعطيات. وبعد أن أطلعت أخي القارئ على أهداف دعوة الشيخ محمد بن الوهاب رحمه الله تعالى ومن ثم ألقيت نظرة سريعة على معتقده كما سطره بقلمه نستطيع أن نقول سويا إن الشيخ الإمام وأتباعه من بعده يدعون إلى التمسك بمنهج السلف الصالح والسير على هدي أهل السنة والجماعة سواء كان ذلك في الاعتقادات أو السلوك أو المعاملات ويتحرون الأسباب والوسائل المحققة لذلك ويفعلونها ويحرصون كل الحرص على تنفيذ أوامر هذا الدين والابتعاد عن نواهيه وهم في كل ذلك يقتدون برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام ويتأسون بسنته ويعضون عليها بالنواجد ويضربون بعرض الحائط كل ما خالفها. وفي الختام أسأل الله سبحانه وتعالى لي ولجميع المسلمين التوفيق لسلوك طريق الهداية والابتعاد عن طريق الغواية إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله عليه وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.

مراجع الرسالة

مراجع الرسالة 1- تاريخ نجد – المسمى "روضة الأفكار والأفهام لمرتاد حال الإمام وتعداد غزوات ذوي الإسلام". الشيخ / حسين غنام الأحسائي. تحقيق/ ناصر الدين الأسد. الطبعة الثالثة – 1403هـ مطابع شركة الصفحات الذهبية – الرياض. 2- دعوة الشيخ ومناصروها. عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ. 1381هـ مطبعة المدني – القاهرة. 3- الرسائل الشخصية. ضمن مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب تصحيح – صالح الفوزان ومحمد العليقي. الطبعة الأولى – 1398هـ مطابع الرياض – الرياض. 4- الرسائل المفيدة. عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ. 1977م. دار العلوم للطباعة- القاهرة.

1- العقيدة والآداب الإسلامية. ضمن مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب. تحقيق نخبة من المختصين. الطبعة الأولى 1398هـ. مطابع الرياض – الرياض. 2- عنوان المجد في تاريخ نجد. عثمان بن عبد الله بن بشر النجدي. تحقيق/ عبد الرحمن بن عبد اللطيف آل الشيخ. من مطبوعات دارة الملك عبد العزيز. الطبعة الرابعة -1402هـ مطابع دار الهلال للأوفست – الرياض. 3- ملحق المصنفات. ضمن مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب. الطبعة الأولى – 1398هـ مطابع الرياض – الرياض. 4- الهداية السنية والتحفة النجدية. مجموعة رسائل لكبار أئمة نجد وعلمائها. جمع الشيخ/ سليمان بن سحمان 1403هـ مطابع الوطن الفنية – الرياض.

§1/1